مجلة المستقل-العدد السادس عشر

Page 1

‫العصر الذهبي‬ ‫للفصل السابع‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد السادس عشر ‪ -‬األحد ‪ 24‬مايو ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫حتى ال ينه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار اجلدار األخير‬

‫حگايات من زمن فبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراير‬ ‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫ت‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫لصوص التغيير‬


‫‪02‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬


‫‪03‬‬

‫‪‎‬داعشيات‬

‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪16‬‬

‫في هذا العدد‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫طارق مصباح علي‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬

‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪30‬‬

‫حتى ال ينهار الجدار األخير‬

‫خالصة لقاءاته مع شيوخ وأعيان القبائل ورؤيته لدورهم‬ ‫في استقرار ليبيا ينقلها لنا حسن طاطاناكي في هذا املقال‪،‬‬ ‫مؤكد ًا أنهم أكثر وعي ًا وحرص ًا على الوطن من القيادات‬ ‫والنخب السياسية املوجودة اآلن على الساحة‪.‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫مازال الشأن الليبي يلقى اهتمام ًا متزايد ًا من اإلعالم‬ ‫العربي والغربي‪ ..‬في هذا العدد نستعرض عددا من‬ ‫العناوين من بينها تقارير حول قيام داعش بتهريب‬ ‫مسلحيها إلى أوروبا في قوارب املهاجرين‪ ،‬واستيالء فجر‬ ‫ليبيا على وقود صواريخ سكود‪ ،‬واتهامات ألوباما بقتل‬ ‫السفير األمريكي في بنغازي‪.‬‬

‫حكايات من زمن فبراير‬

‫عندما خرج مختار اجلدال من مدينته قاصد ًا مدينة‬ ‫بنغازي لم يدر بخلده أن يصبح عضو ًا في املجلس‬ ‫الوطني االنتقالي أو أن يصطدم بجماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني ويكتشف مؤامراتهم مبكراً‪ ...‬وتالحقت‬ ‫األحداث‪.‬‬

‫لصوص التغيير‬

‫يغوص الكاتب عبد الواحد حركات في تفاصيل‬ ‫املشروع الثيوقراطي بالشرق األوسط كاشف ًا‬ ‫باخلصوص مكائد اإلخوان في ليبيا من أجل‬ ‫السيطرة على احلكم‪.‬‬

‫التونسي أبو سياف يلقى حتفه‬

‫تفاصيل العملية النوعية املفاجئة التي نفذتها‬ ‫قوات أمريكية في سوريا للقضاء على إرهابي‬ ‫يعتبر أحد كبار قياديي تنظيم داعش في عملية‬ ‫عسكرية برية‪ ،‬قامت بتنفيذها وحدة خاصة من‬ ‫اجليش األمريكي‪.‬‬

‫صاحب الحمير يستدرحني للتشيّع!‬

‫يستعيد الكاتب براء اخلطيب في ذكرياته عن‬ ‫حرب اليمن تفاصيل واقعة حز رأس الضابط‬ ‫األجنبي وواقعة قيام الدليل رضوان باستدراجه‬ ‫العتناق املذهب الزيدي‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب‪ .‬هاتف‪ - 0925242135 – 0925783941 :‬مكتب القاهرة ‪ -‬شيراتون‪ ،‬مربع‬ ‫‪ ،1177‬مقابل األكادميية العربية للعلوم‪ ،‬هاتف‪ - 019057782 :‬مكتب طرابلس‪ :‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة اخلارجية‬ ‫‪ -‬مكتب تونس‪ :‬الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬هاتف‪ - 21902022 :‬مكتب املغرب‪ 69 :‬شارع الوحدة االفريقية‪ ،‬هاتف‪662869513 :‬‬


‫‪36‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪76‬‬

‫العصر الذهبي للفصل السابع‬

‫طرأت على دور األمم املتحدة عدة تغيرات‬ ‫تلمسها من خالل دورها إزاء أبرز القضايا‬ ‫ميكن ّ‬ ‫واألحداث التي واجهت النظام الدولي‪ ..‬األمر الذي‬ ‫قاد إلى عصر ذهبي ملجلس األمن بتكرار تفعيل‬ ‫الفصل السابع‪.‬‬

‫وصفات دولية معدّة مسبق ًا‬

‫عملية تشكيل طبيعة العوملة وسرعتها تنتقص بعض‬ ‫أشكال سيادة الدولة‪ ..‬وتنفتح حلبات جديدة للقوة‬ ‫واملنافسة‪ ..‬وتنتهي العملية بأدوار تؤديها الشركات‬ ‫متعددة اجلنسيات‪ ..‬فهل تتالءم الوصفات املعدة مسبق ًا‬ ‫مع اجلميع؟‬

‫حق األربعاء‬

‫ال عالقة ما بني عنوان هذه الصفحة‪ ،‬وبني «حديث األربعاء»‬ ‫ذلك الصالون األدبي الذي ابتدعه طه حسني في خمسينيات‬ ‫القرن املاضي‪ ..‬هذا الركن يتصفّ ح ذاكرتنا الشعبية بهدوء‬ ‫وحنني‪.‬‬

‫أوديب الخائب‬ ‫صدر مؤخرا كتاب هام من تأليف محمد عبد‬ ‫املطلب الهوني بعنوان‪ :‬سيف القذافي‪ ..‬مكر‬ ‫السياسة وسخرية األقدار‪ ،‬ننشر هنا اجلزء األول‬ ‫من التقدمي الذي أعدته رجاء بن سالمة لهذا‬ ‫الكتاب‪.‬‬

‫الجارد‪ :‬السيناريو االحترافي مفقود‬ ‫في ليبيا‬

‫الفنان الشامل عبد الباسط اجلارد في حوار‬ ‫مطول مع املستقل يتهم وزير الثقافة السابق‬ ‫بإجهاض مشروع املصاحلة بني الفنانني‪ ،‬ويعترف‬ ‫بوجود أزمة نص‪ ،‬محمال اجلميع مسؤولية غياب‬ ‫الدراما الليبية‪.‬‬

‫احفر في السماء تصنع مئذنة‬

‫غات ترتوي من أبار بعضها عميق وبعضها قريب‬ ‫جداً‪ ،‬وتنتشر فيها مساجد قد ال يعرفها سوى‬ ‫األهالي أنفسهم ألن عمرها هو عمر أبنية ومساكن‬ ‫غات القدمية‪ ..‬أهالي غات منذ القدم حفروا األرض‬ ‫فصنعوا آبار ًا يرتوون منها في الصحراء‪ ..‬وحفروا‬ ‫السماء فصنعوا مآذن يتصلون بها مع الله‪.‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫الغرب في املخيال الشرقي صورة‬ ‫تشكّ لت من تضاعيف أسطورية‪،‬‬ ‫في زمن كان نصيب األسطورة‬ ‫فيه ّ‬ ‫كل اللغة‪ .‬مدينة النحاس هي‬ ‫حكاية من ألف ليلة وليلة‪ ،‬وهي‬ ‫تفصح عن تشكّ ل مخيلة العرب‬ ‫إزاء الغرب‪.‬‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 5 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫شيوخ وأعيان القبائل الليبية‬

‫حتى ال ينهار الجدار األخير‬ ‫لقاءاتي السابقة مع شيوخ وأعيان القبائل أثبتت لي أنهم أكثر‬ ‫وع �ي �اً وح��رص �اً على ال��وط��ن م��ن ال �ق �ي��ادات وال�ن�خ��ب السياسية‬ ‫املوجودة اآلن على الساحة‪ .‬فشيوخ وأعيان القبائل يتعاملون –‬ ‫إلى حد كبير – مع واقع األزمة التي مت ّر بها البالد وما يتعلّق‬ ‫بها من قضايا راهنة باعتبارهم مسؤولني مسؤولية مباشرة عن‬ ‫جميع أبناء قبائلهم وعشائرهم الذين ينظرون لهم كآباء حريصني‬ ‫على مصلحة أبنائهم وأمنهم واستقرارهم‪.‬‬ ‫شيوخ القبائل وأعيانها ال يتحدثون باسم حزب أو تنظيم‪ ،‬وال‬ ‫ينطلقون في رؤيتهم للقضايا العامة من أيديولوجيا سياسية‬ ‫مع ّينة‪ ..‬ولكنهم معن ّيون أوالً وأخيراً بالعمل على استتباب الهدوء‬ ‫بني القبائل وح ّل خالفاتها والوصول بجميع املشاكل العالقة إلى‬ ‫وس��ط تنال رض��ا جميع األط��راف‪ ،‬وه��م يتحركون في ذل��ك من‬ ‫واقعهم االجتماعي دون وصاية من أحد‪ ،‬ودون تنفيذ ألي أجندة‬ ‫مهما كانت‪.‬‬ ‫لهذه األسباب فإن إعادة الدور املفقود لهؤالء الشيوخ واألعيان‬ ‫هو اخلطوة األولى التي يجب أن نبدأ بها إعادة ترتيب املعطيات‬ ‫واألولويات في ليبيا‪.‬‬ ‫إننا ال نطالب ب��دور سياسي لشيوخ القبائل‪ ،‬بقدر ما نقول أن‬ ‫املطلوب اآلن هو إفساح املجال لهم لكي يقوموا بالتصرف مبا‬ ‫متليه عليهم األعراف والتقاليد التي ال يختلف عليها اثنان من‬ ‫أبناء القبائل لضمان استتباب األمن والهدوء في جميع أنحاء‬ ‫ليبيا‪ ،‬فمن يبقى خ��ارج ه��ذا اإلط��ار بالتالي سيكون إم��ا أحد‬ ‫تقض مضجع الليبيني اآلن‪ ،‬أو‬ ‫أعضاء التنظيمات اإلرهابية التي‬ ‫ّ‬

‫يكون رافضاً ومناوئاً جلهود استقرار البالد وأمنها‪.‬‬ ‫لقد أتاح لي لقائي بهم أثناء مؤمتر إشهار مؤسسة «العدالة أوالً»‬ ‫التأكيد على ال��دور احليوي امله ّم ال��ذي يضطلعون به في ظل‬ ‫الظروف احلرجة التي متر بها البالد اآلن‪ ،‬فوجودهم على رأس‬ ‫املكونات االجتماعية الليبية مي ّهد أيضاً لعودة القرار السياسي‬ ‫إلى الشعب الليبي من خالل آليات دميقراطية متّفق عليها وغير‬ ‫قابلة للنقض من طرف فرد أو تنظيم أو غير ذلك‪.‬‬ ‫في ه��ذا املؤمتر كانت كلمتهم بهذا اخلصوص واضحة جل ّية‪،‬‬ ‫حيث عبروا عن التزامهم القطعي بانضمامهم شخصياً – ومن‬ ‫ورائهم أبناء قبائلهم – إلى الوقوف صفاً واح��داً ضد مرتكبي‬ ‫اجلرائم اإلرهابية أو انتهاك حقوق املدنيني‪ .‬يقول النص الذي‬


‫و ّق�ع��وا عليه جميعاً بكل وض��وح‪« :‬نحن احل��اض��رون في مؤمتر‬ ‫تدشني مؤسسة «العدالة أوالً» نيابة عن عموم القبائل قد قطعنا‬ ‫على أنفسنا أن نلتزم نحن وكافة أبناء قبائلنا بعدم ارتكاب جرائم‬ ‫ضد اإلنسانية أو جرائم حرب ضد املدنيني أو التشجيع عليها أو‬ ‫التواطؤ في ارتكابها»‪.‬‬ ‫إن العودة إلى القبيلة وحتكيم التقاليد واألع��راف االجتماعية‬ ‫لضمان األم��ن واالس �ت �ق��رار ب�ين امل��واط�ن�ين ه��و اخل�ط��وة األول��ى‬ ‫التي يجب علينا أن نفكر فيها بشكل ج��اد ألن ه��ذه اخلطوة‬ ‫هي الضمان الوحيد لنجاح الدعوات واملبادرات التي تسعى من‬ ‫أجل تنقية البالد وتطهيرها من ظاهرة اإلره��اب واجلماعات‬ ‫اإلرهابية‪.‬‬ ‫عندما تكون القبائل الليبية متآلف ًة في ما بينها‪ ،‬وعندما تتفق‬ ‫على أن تتناسى أحقاد األمس وخالفات اليوم‪ ،‬فإنها بذلك تكون‬ ‫حتصن كياناتها االجتماعية ضد االختراقات‬ ‫ق��ادرة على أن‬ ‫ّ‬ ‫التي تستهدف التغرير بأبنائها واستقطابهم على يد جماعات‬ ‫اإلرهاب وتنظيماته‪.‬‬ ‫إن حماية املجتمع من كارثة ظواهر اإلرهاب التي ال يبيحها الدين‬ ‫وال يق ّرها املجتمع تبدأ من القبائل‪ ،‬وجتني ثمارها القبائل أيضاً‪،‬‬ ‫والتمدن يبقى حتى اآلن‬ ‫فاملجتمع الليبي رغم ا ّدعاءات احلداثة‬ ‫ّ‬

‫مجتمعاً قبلياً عشائرياً‪ ..‬وإلى القبائل يعود القول الفصل في‬ ‫جميع ما يتع ّرض له املجتمع من أحداث‪.‬‬ ‫أما النخب السياسية فإنها تتبع أهواءها‪ ..‬وهي تدافع عن مصالح‬ ‫أحزابها وتنظيماتها وحتالفاتها‪ ،‬وجتعل املجتمع والدولة بذلك في‬ ‫مرتبة متأخرة من اهتماماتها‪ ،‬على العكس متاماً من القبائل التي‬ ‫رمبا ال تكون معن ّية بالقضايا السياسية واالستراتيجية‪ ،‬وحتصر‬ ‫معظم اهتمامها بأبنائها‪ ،‬ولكن املجتمع الليبي آخر األم��ر هو‬ ‫مجموع هذه القبائل والعشائر والعائالت‪ ..‬فإذا عملت كل قبيلة‬ ‫على مستوى أبنائها واكتفت بتحصينهم وسالمتهم فإن املجتمع‬ ‫توصل إلى ضمان أمنه واستقراره وسالمته‪.‬‬ ‫ككل يكون بذلك قد ّ‬ ‫ه��ذه هي معادلة ال��دور القبلي بكل بساطة‪ ..‬إننا ال ندعو إلى‬ ‫االعتماد املطلق على القبيلة‪ ،‬أو إلى إعطاء القبائل دوراً ال يتواءم‬ ‫مع تكوينها وبنيتها‪ ،‬كما ال ندعو إلى إقحام الشيوخ واألعيان في‬ ‫خضم العمل السياسي العام‪ ،‬ولكننا نقول للجميع‪ :‬إن القبيلة‬ ‫هي احلصن االجتماعي الذي يجب أن يبقى صامداً ألنه آخر‬ ‫حصن يلجأ إليه األف��راد إذا أرادوا ضمان أمنهم وحياتهم‪..‬‬ ‫وبعبارة أخرى‪ :‬بالنسبة لليبيني جميعاً تعتبر القبيلة هي «اجلدار‬ ‫األخ�ي��ر» ال��ذي ال يجب السماح بانهياره ألن ذل��ك يعني انهيار‬ ‫البالد وحت ّولها إلى غابة مبعنى الكلمة‪.‬‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫«الخليج العربي للنفط الليبية»‪:‬‬

‫شركة في شرق ليبيا تنتج ‪ 270‬ألف برميل يوميا‬

‫فقد إيرادات النفط يشعل أزمة مالية عامة‬

‫الشرق األوسط ‪ :‬قال متحدث باسم شركة اخلليج العربي للنفط الليبية‬ ‫أمس األحد‪ ،‬إن «الشركة الوطنية التي تعمل في شرق ليبيا عضو منظمة‬ ‫أوبك تنتج نحو ‪ 270‬ألف برميل يوميا من النفط اخلام وذلك دون تغيير‬ ‫عن مستوى إنتاجها قبل أسبوع»‪ .‬وأضاف أن «ميناء احلريقة لتصدير‬ ‫اخلام وحقلي النفط املغذيني السرير واملسلة يعملون بصورة طبيعية»‪.‬‬ ‫كان امليناء الواقع مبدينة طبرق في شرق ليبيا قد أغلق عدة مرات هذا‬ ‫العام بسبب االحتجاجات وتفجير خط أنابيب‪.‬‬ ‫وشركة اخلليج العربي جزء من املؤسسة الوطنية للنفط التي تسيطر على‬ ‫قطاع النفط والغاز في ليبيا‪ .‬لكن إم��دادات النفط إلى ميناء الزويتينة‬ ‫الواقع في شرق البالد أيضا ما زالت متوقفة بسبب احتجاجات للمطالبة‬ ‫بفرص العمل حسبما ذكر مسؤول آخر بقطاع النفط‪.‬‬ ‫وأبلغ مصدر في القطاع «رويترز» أن غلق عدة حقول نفطية في أنحاء‬ ‫ليبيا قلص إنتاج البالد من اخلام إلى ما بني ‪ 380‬و‪ 400‬ألف برميل‬ ‫يوميا‪ .‬وكانت ليبيا تضخ ما يصل إلى ‪ 1.6‬مليون برميل يوميا في ‪2010‬‬ ‫أي قبل اإلطاحة بحكم معمر القذافي‪.‬‬ ‫وأشعل فقد إيرادات النفط فتيل أزمة مالية عامة وأجبر البنك املركزي‬ ‫على استخدام ربع احتياطياته من النقد األجنبي حسبما تظهره البيانات‬ ‫الرسمية‪.‬‬

‫ليبيا‪ :‬مسلحو داعش يهربون إلى أوروبا في قوارب المهاجرين‬ ‫ب��ي ب��ي س��ي ‪ :‬أك��د م �س��ؤول ليبي ف��ي سياق‬ ‫حتقيق استقصائي أج��رت��ه ب��ي ب��ي س��ي أن‬ ‫مسلحي تنظيم الدولة داعش يتم تهريبهم إلى‬ ‫أوروب��ا بوساطة عصابات تهريب املهاجرين‬ ‫غير الشرعيني في البحر املتوسط‪.‬‬ ‫وق���ال ع �ب��د ال �ب��اس��ط ه� ��ارون امل �س �ت �ش��ار في‬ ‫احلكومة الليبية املعترف بها دوليا إن املهربني‬ ‫يُ�خ �ب �ئ��ون امل �س �ل �ح�ين ف ��ي ال� �ق���وارب املمتلئة‬ ‫باملهاجرين ‪ ،،‬ويقول بعض املهربني في ليبيا إن‬

‫تنظيم الدولة اإلسالمية يسمح لهم مبواصلة‬ ‫عملهم في تهريب املهاجرين مقابل احلصول‬ ‫على نسبة خمسني باملئة م��ن األم ��وال التي‬ ‫يحصلون عليها‪.‬‬ ‫وك��ان��ت وك��ال��ة احل ��دود األوروب �ي��ة ح��ذرت في‬ ‫وقت سابق هذا العام من أن مقاتلني أجانب‬ ‫يستخدمون طرق تهريب غير تقليدية للوصول‬ ‫إلى أوروبا‪.‬‬ ‫وقد قدمت املفوضية األوربية خطة جديدة‬

‫مل��واج�ه��ة أزم ��ة ت��دف��ق امل�ه��اج��ري��ن إل��ى ب�ل��دان‬ ‫االحتاد األوربي‪ ،‬مبا فيها مقترح مثير للجدل‬ ‫بشأن توزيع املهاجرين على شكل حصص بني‬ ‫دول االحتاد ‪ ،،‬وحتث املفوضية دول االحتاد‬ ‫األوربي على التعاون في حتمل عبء مواجهة‬ ‫أزم��ة الالجئني ‪ ،،‬وت��واج��ه إيطاليا واليونان‬ ‫زيادة كبيرة في عدد املهاجرين القادمني عبر‬ ‫البحر امل�ت��وس��ط‪ ،‬وتكافح ال��دول�ت��ان م��ن أجل‬ ‫التغلب على هذه املشكلة‪.‬‬ ‫داعش يتاجر في البشر والدماء‬


‫«فجر ليبيا» تستولي على وقود‬ ‫صواريخ سكود‬ ‫سكاي نيوز‪ :‬اقتحمت ميليشيات ليبية مسلحة‪ ،‬منضوية حتت مظلة قوات «فجر‬ ‫ليبيا»‪ ،‬معسكراً تابعاً للجيش الوطني‪ ،‬واستولت على كميات م��ن وق��ود خاصة‬ ‫بصواريخ سكود‪ ،‬وفقاً لتقارير ليبية محلية‪.‬‬ ‫وأشارت التقارير إلى قيام عناصر مسلحة تعرف مبيليشيات هيتم التاجوري باقتحام‬ ‫املعسكر ‪ ،101‬وقتلوا العديد من أفراد اجليش الليبي قبل عدة أسابيع‪ ،‬واستولوا‬ ‫على الوقود اخلاص بصواريخ سكود‪ ،‬حيث قاموا بنقله إلى معسكر هيثم التاجوري‬ ‫في منطقة البيفي بالعاصمة طرابلس‪.‬‬ ‫وأوضحت املصادر أنه مت نقل الوقود من معسكر الدعم الكيماوي اخلاضع لسيطرة‬ ‫الكتيبة ‪ 101‬سابقاً إلى مقر «معسكر النعام»‪ ،‬التابع لهيثم التاجوري‪ ،‬حيث تتواجد‬ ‫صواريخ سكود‪ ،‬التي يصل مداها إلى ‪ 400‬كيلومتر‪ ،‬دون وقود منذ سنوات‪.‬‬ ‫وأظهرت صور باألقمار الصناعية التقطت مؤخراً ملعسكر «النعام» انتشار صواريخ‬ ‫سكود أمام املخازن في املعسكر وفي أماكن مفتوحة وحتت األشجار‪.‬‬ ‫وإذا متكنت هذه امليليشيات من تشغيل صواريخ سكود‪ ،‬فإنه سيكون بإمكانها قصف‬ ‫مناطق مثل مدينة الزنتان ومطار الوطية ومناطق أخرى في محيط ‪ 400‬كيلومتر‬ ‫خاضعة لسيطرة اجليش الليبي‪.‬‬ ‫يذكر أن ميليشيات التاجوري كانت قد اختطفت قائد املعسكر ‪ 101‬عبدالله ساسي‪،‬‬ ‫وبعد أسبوع عثر على جثته في مدينة تاجوراء‪ ،‬بالقرب من العاصمة طرابلس‪.‬‬

‫ملتقى نسوي يطالب بإيواء النازحين‬ ‫في مساكن الئقة‬ ‫أخبار ليبيا ‪ : 24‬طالب ملتقى حرائر ليبيا باملنطقة الشرقية الذي عقد مؤخرا‬ ‫مبدينة املرج بأيواء النازحني في مساكن الئقة بهم ‪.‬‬ ‫وأوصى امللتقى الذي شهد حضور عضوتي مجلس النواب سلطنة مسعود و منى‬ ‫الغيثي بالضغط على احلكومة املؤقتة لزيادة دعم النازحني ‪ ،‬و طالب مجلس النواب‬ ‫الليبي بتفعيل قرار عودة املهجرين في الداخل و اخلارج ‪.‬‬ ‫كما شدد امللتقى على ض��رورة زي��ادة عدد املراكز الصحية و خاصة في القرى و‬ ‫املناطق البعيدة و توفير اإلمكانيات لها ‪.‬‬ ‫وأعلنت رئيس مجلس حرائر ليبيا فوزية الفرجاني في تصريح خاص ألخبار ليبيا‬ ‫‪ 24‬إن اإلجتماع مخصص لفروع املجلس على مستوى املنطقة الشرقية ملناقشة‬ ‫كيفية معاجلة األوضاع املتردية للنازحني و خاصة مع اقتراب شهر رمضان و كذلك‬ ‫دعم القوات املسلحة و األجهزة االمنية التي “تكافح االرهاب بكل شجاعة”‪.‬‬ ‫و أضافت الفرجاني أن اجتماعات أخرى ستعقد في بعض مدن املنطقة الشرقية‬ ‫متهيداً لعقد اجتماع عام لكل الفروع على مستوى ليبيا خالل شهر يونيو القادم‬ ‫متى تتوقف ظاهرة النزوح ؟‬

‫حفتر‪ :‬مجلس األمن‬ ‫رفض تسليح الجيش بهدف‬ ‫التدخل في شؤون ليبيا‬ ‫البوابة‪ :‬قال القائد العام للجيش الليبي الفريق أول ركن‬ ‫خليفة حفتر إن مجلس األمن الدولي رفض تسليح اجليش‬ ‫بهدف التدخل في شؤون ليبيا‪.‬‬ ‫ج��اء ذل��ك في كلمة القاها حفتر مبناسبة م��رور ع��ام على‬ ‫انطالق عملية الكرامة‪ ،‬بحسب “بوابة الوسط ” االخبارية‬ ‫الليبية‪.‬‬ ‫ون��وه حفتر إل��ى أن��ه “رغم تقاعس ق��ادة ال��دول امل��ؤث��رة في‬ ‫مجلس األمن وحرماننا من التسليح حملاربة اإلرهاب املوجود‬ ‫في ليبيا‪ ،‬علهم في ذلك يجدون ألنفسهم مبر ًرا لتدخلهم في‬ ‫شؤوننا وفرض إرادتهم علينا‪ ،‬لكن عملية الكرامة أثبتت أنها‬ ‫قادرة على ضبط األمن والسيطرة على املوقف”‪.‬‬ ‫وأش��ار القائد العام للجيش إل��ى أن عملية الكرامة قامت‬ ‫“لوضع حد للمنظمات اإلرهابية وامليليشيات املسلحة التي‬ ‫خططت للشر ب��رداء الدين‪ ،‬الذين استخفوا ب��إرادة الشعب‬ ‫واستغلوا ثقة املواطن الساعي إلى العيش الكرمي فتصدروا‬ ‫مشهد السياسة واحلكم‪ ،‬وباختراق الصفوف سيطروا على‬ ‫مقاعد احلكم وتوهموا أنهم باستخدام التهديد والترهيب‬ ‫ميكنهم أن يسيطروا على ليبيا”‪.‬‬ ‫وأك��د القائد العام للجيش أن مدينة بنغازي “تستعد ليوم‬ ‫احلسم القريب” ‪ ،‬مشي ًرا إلى أنه “وبعد أن قضت الكرامة‬ ‫على قيادات اإلرهاب ورؤوس الفتنة منهم‪ ،‬واتخاذهم األهالي‬ ‫دروعا بشرية ودعم بعض الدول املتآمرة على الشعب الليبي‬ ‫ً‬ ‫لهم‪ ،‬إال أن النفر القليل املختبئ في األحياء واألزقة‪ ،‬ويرمون‬ ‫قذائف الهاون على بيوت اآلمنني بعد أن اشتد اخلناق عليهم‬ ‫وضاقت كل حيلهم على أرض الواقع ستطالهم بإذن الله بنادق‬ ‫جنودنا فر ًدا فر ًدا ليدفعوا حياتهم البائسة”‪.‬‬ ‫وقال حفتر ألهالي بنغازي “أبشروا يا أهل بنغازي بالنصر‬ ‫املبني”‪ ،‬ودعا النازحني منها إلى االستعداد للعودة إلى بيوتهم‬ ‫“برعاية قواتكم املسلحة ورج��ال الشرطة واألم��ن وه��و يوم‬ ‫قريب”‪.‬‬ ‫وأك ��د أن ق ��وات اجل�ي��ش “ستنتقم ألط �ف��ال ب�ن�غ��ازي الذين‬ ‫سقطوا ج��راء استهداف األحياء املدنية بقذائف الهاون”‪،‬‬ ‫وق��ال إن “ردنا سيكون ن��ا ًرا حامية حترق أجسادهم النتنة‬ ‫مما يتوهمون‪ ،‬ولن تتوقف نيران قواتنا املسلحة ولن يهدأ‬ ‫هدير مدافعها إال بعد حترير درنة وسرت وإجدابيا والنوفلية‬ ‫وصبراتة من الدواعش”‪.‬‬ ‫وقدم حفتر في ختام كلمته الشكر إلى كل من مصر واألردن‬ ‫ّ‬ ‫والسعودية واإلم��ارات على مساعدتهم ليبيا‪ ،‬ودعا بالرحمة‬ ‫“لشهداء ال�ك��رام��ة وال�ش�ف��اء ال�ع��اج��ل جل��رح��اه��ا‪ .‬كما ق � َّدم‬ ‫الشكر لكل القبائل الليبية الشريفة التي قدمت الدعم املادي‬ ‫واملعنوي للجيش ولعملية الكرامة”‪.‬‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬ ‫أوباما قتل سفير أمريكا فى ليبيا بناء على طلب مرسى‬

‫مساهل‪:‬‬ ‫أمن الجزائر‬ ‫وتونس من‬ ‫استقرار ليبيا‬ ‫ب����واب����ة ال����وس����ط ‪ -‬ع��ب��دال��رح��م��ن‬ ‫أميني‪ :‬أك��د وزي��ر ال�ش��ؤون املغاربية‬ ‫واألفريقية والتعاون الدولي اجلزائري‬ ‫عبد القادر مساهل وجود تنسيق كامل‬ ‫ملساعدة ليبيا أمن ًيا وسياس ًيا‪.‬‬ ‫وأشار مساهل في تصريح للصحفيني‬ ‫ع�ل��ى ه��ام��ش استقباله ك��ات��ب ال��دول��ة‬ ‫ال �ت��ون �س��ي م �ك �ل��ف ال� �ش���ؤون ال �ع��رب �ي��ة‬ ‫واألفريقية تهامي عبدولي‪ ،‬الذي يزور‬ ‫اجلزائر العاصمة رفقة رئيس احلكومة‬ ‫احلبيب الصيد األحد املاضي أنه مت‬ ‫ال�ت�ط��رق «إل ��ى األوض� ��اع ف��ي املنطقة‬ ‫وباخلصوص الوضع في ليبيا كجيران‬ ‫لهذه الدولة الشقيقة»‪.‬‬ ‫وتابع ال��وزي��ر اجل��زائ��ري‪« :‬نحن نعمل‬ ‫ع �ل��ى اس �ت �ق��رار ه ��ذا ال �ب �ل��د الشقيق‬ ‫ورؤيتنا رؤية واح��دة‪ ،‬ونعمل في إطار‬ ‫ح ��ل س �ل �م��ي وس �ي��اس��ي ل�ل�أزم ��ة ال�ت��ي‬ ‫تعيشها ليبيا الشقيقة»‪.‬‬ ‫وأع � ��رب م �س��اه��ل ع��ن أم ��ل اجل��زائ��ر‬ ‫وت��ون��س ف��ي أن ي �ت��م وب��رع��اي��ة األمم‬ ‫امل��ت��ح��دة «ت �ن �ص �ي��ب ح �ك��وم��ة وط�ن�ي��ة‬ ‫توافقية ف��ي ليبيا حتى تكون مرحلة‬ ‫أول���ى إلع� ��ادة االس �ت �ق��رار ال �ت��ام لهذا‬ ‫البلد»‪.‬‬ ‫وف� ��ي ه� ��ذا ال� �ش ��أن اع �ت �ب��ر م �س��اه��ل‬ ‫أن «س�لام��ة وأم���ن اجل��زائ��ر وت��ون��س‬ ‫مرتبطان باستقرار ليبيا»‪ ،‬بينما أكد‬ ‫وج ��ود تنسيق ك��ام��ل م��ا ب�ين اجل��زائ��ر‬ ‫وتونس لتأمني احلدود املشتركة‪.‬‬

‫ب��واب��ة ال��وف��د ‪ -‬مليس ال��ش��رق��اوي‪ :‬أك��دت صحيفة «ب��راف��دا»‬ ‫الروسية أن مقتل السفير األمريكى فى ليبيا كريستوفر ستيفنز‬ ‫وثالثة دبلوماسيني أمريكيني أثناء التوترات فى عام ‪ ،2012‬مت‬ ‫مبؤامرة ش��ارك فيها الرئيس ب��اراك اوباما ومخابراته إلرض��اء‬ ‫جماعة االخوان املسلمني والرئيس املعزول محمد مرسى‪.‬‬ ‫وق��ال��ت الصحيفة أن الرئيس األم��ري�ك��ى ب ��اراك أوب��ام��ا دب��ر مع‬ ‫املخابرات االمريكية حادث خطف السفير بتقدمي تسهيالت غير‬ ‫مباشرة جلماعة األخوان املسلمني وتنظيمات متشددة أخرى فى‬ ‫ليبيا ‪ ،‬حتى ميكنه تلبية طلب محمد مرسى باإلفراج عن الشيخ‬ ‫عمر عبد الرحمن احملتجز فى امريكا ‪ ،‬مقابل اإلفراج عن السفير‬ ‫ومساعديه‪.‬‬ ‫وأضافت الصحيفة أن اخلطة لم تتم وفقا ملا أرادت��ه املخابرات‬ ‫االمريكية ‪ ،‬حيث لقى السفير مصرعه مع ثالثة من مساعديه‪.‬‬ ‫وبعد فشل املؤامرة ‪ ،‬أدعت اإلدارة االمريكية أن حادث القتل كان‬ ‫نتيجة للتوتر ال��ذى شهدته ليبيا فى تلك الفترة بسبب تصاعد‬ ‫عمليات امليليشيات واإلسالميني‪.‬‬ ‫من جانب آخر اعترف مدير اإلستخبارات الوطنية فى أمريكا أن‬ ‫احلادث كان مدبرا و احلكومة كانت على علم به وأن أوباما نفسه‬ ‫هو ال��ذى دب��ر احل��ادث‪ ،‬ولكن لسبب آخ��ر وه��و معاقبة السفير‬ ‫األمريكى لدوره فى توريد األسلحة إلى اإلسالميني فى ليبيا‪.‬‬

‫أوباما‬

‫مرسي‬

‫بريطانيا تعتزم إرسال ‪ 200‬من مشاة البحرية‬ ‫لمواجهة المهاجرين في ليبيا‬ ‫ذي صاندي أكسبرس ‪ :‬أعلنت بريطانيا األحد املاضي ‪ ،‬عزمها إرسال ‪ 200‬من مشاة البحرية امللكية‬ ‫إلى البحر املتوسط‪ ،‬وذلك ملكافحة عصابات تهريب املهاجرين في ليبيا‪.‬‬ ‫وذكرت صحيفة «ذي صانداي اكسبريس»‪ ،‬أن هذه اخلطوة‪ ،‬التي قد تشهد قيادة اململكة املتحدة لعملية‬ ‫متعددة اجلنسيات أمام سواحل شمال أفريقيا‪ ،‬تأتي وسط تقارير عن أن تنظيم داعش اإلرهابي يستخدم‬ ‫أزمة الالجئني لتهريب املقاتلني إلى بريطانيا وأوروبا‪.‬‬ ‫وأشارت الصحيفة الى أن دور اململكة املتحدة في هذا احلصار يوصف بأنه «مقايضة» إلصرار رئيس‬ ‫الوزراء‪ ،‬ديفيد كاميرون‪ ،‬بعدم قبول بريطانيا للمهاجرين الفارين من ليبيا ألوروبا‪.‬‬ ‫واكدت «أن الضغوط تتزايد على «داوننج ستريت» من إيطاليا وفرنسا وأملانيا لقبول ما يصل إلى ‪ 25‬ألف‬ ‫مهاجر من شمال أفريقيا‪ ،‬مع وصول األزمة اإلنسانية ألقصى مدى لها‪ ،‬مع غرق اآلالف في مياه املتوسط‬ ‫أثناء محاولتهم الوصول الى الشواطىء األوروبية‪.‬‬ ‫كان كاميرون قد أعلن الشهر املاضي أن بريطانيا ستشارك في تلك العمليات «لسحق جتار البشر»‬ ‫واملساعدة في استقرار املنطقة‬ ‫وحاول نحو ‪ 60‬ألف شخص الوصول إلى أوروبا خالل العام اجلاري بحسب تقديرات األمم املتحدة‪.‬‬ ‫جنود من البحرية البريطانية‬


‫ليبيا‪ ..‬نقص الذخيرة يعيق تقدم الجيش في المنطقة الغربية‬ ‫قناة العربية ‪ :‬حلت السبت املوافق ‪ 16‬مايو‬ ‫الذكرى السنوية األولى النطالق عملية الكرامة‬ ‫ف��ي ليبيا ب�ق�ي��ادة ال�ف��ري��ق أول خليفة حفتر‪.‬‬ ‫واستطاعت قوات اجليش الليبي‪ ،‬خالل العام‬ ‫املاضي‪ ،‬السيطرة على معظم بنغازي والتقدم‬ ‫نحو العاصمة طرابلس‪ ،‬في ظل حظر تصدير‬ ‫السالح الذي يفرضه املجتمع الدولي على ليبيا‬ ‫وع�ج��ز اإلم� ��دادات العسكرية ال�ت��ي يحتاجها‬ ‫اجل�ي��ش ال��وط�ن��ي ف��ي ح��رب��ه ض��د اجلماعات‬ ‫املتطرفة‪.‬‬ ‫وف��ي أب��ري��ل امل��اض��ي وصلت ال��وح��دات التابعة‬ ‫للجيش الوطني إلى مشارف العاصمة مسيطرة‬ ‫على منطقة العزيزية وعدد من مناطق ورشفانة‪،‬‬ ‫التي ال تبعد س��وى ‪ 30‬كيلومتراً جنوب غرب‬ ‫طرابلس‪ .‬وقبل أسابيع قليلة اشتبك اجليش مع‬ ‫ميليشيات «فجر ليبيا» في منطقة تاجوراء شرق‬ ‫العاصمة‪ ،‬كما وصل إلى بوابة مدينة غريان‪ ،‬إال‬ ‫أن نقص الذخيرة الي��زال يعيق تقدم اجليش‬ ‫ويقف أم��ام سيطرته على املنطقة الغربية من‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫وق�ب��ل أس �ب��وع هاجمت فجر ليبيا باألسلحة‬ ‫الثقيلة على قاعدة الوطية اجلوية التي تبعد‬ ‫نحو ‪ 140‬كيلومترا جنوب غربي طرابلس‪.‬‬ ‫غير أن غرفة عمليات اجليش الليبي باملنطقة‬ ‫الغربية أك��دت أن ك��ل احمل ��اور حت��ت سيطرة‬

‫اجليش الليبي مازال يواجه اإلرهاب رغم حظر السالح‬ ‫اجليش والقوات املساندة له‪.‬‬ ‫م��ن جهته أك��د ال�ق��ائ��د ال �ع��ام للجيش الليبي‪،‬‬ ‫الفريق أول خليفة حفتر‪ ،‬أن تقدم اجليش في‬ ‫طرابلس سيؤدي للسيطرة على منافذ خروج‬ ‫زوارق املهاجرين‪ ،‬ما قد يحد من أزمة الهجرة‬

‫غير الشرعية التي تؤرق القارة األوروبية‪.‬‬ ‫كما أوضح الفريق حفتر أن ليبيا ليست بحاجة‬ ‫إلى حتالف دولي حملاربة التطرف‪ ،‬مشدداً على‬ ‫أن حصول اجليش على السالح كاف ملكافحة‬ ‫اإلرهاب بل والقضاء عليه‪.‬‬

‫إحباط تسلل ‪ 68‬شخصا من ‪ 10‬محافظات إلى ليبيا عن طريق سيوة‬ ‫ال��ي��وم السابع ‪ -‬حسن مشالى‪:‬‬ ‫مت �ك �ن��ت ق� � ��وات ح � ��رس احل � ��دود‬ ‫بسيوة‪ ،‬من إحباط تسلل ‪ 68‬من‬ ‫‪ 10‬م�ح��اف�ظ��ات مختلفة‪ ،‬وإل �ق��اء‬ ‫ال �ق �ب��ض ع�ل�ي�ه��م أث �ن��اء محاولتهم‬ ‫م�غ��ادرة البالد إل��ى ليبيا‪ ،‬بطريقة‬ ‫غير شرعية عن طريق سيوة ‪.‬‬ ‫ق ��ال م��دي��ر أم ��ن م� �ط ��روح‪ ،‬ال �ل��واء‬ ‫ال�ع�ن��ان��ى ح �م��ودة‪ ،‬ف��ى تصريحات‬ ‫صحفية‪ : ،‬إن قسم شرطة سيوة‬ ‫تسلم ‪ 68‬متهما‪ ،‬متهيدا لعرضهم‬ ‫ع�ل��ى ال�ن�ي��اب��ة امل�خ�ت�ص��ة‪ ،‬وه��م ‪41‬‬ ‫م��ن املنيا و‪ 7‬م��ن بنى س��وي��ف و‪6‬‬ ‫م��ن ال�ف�ي��وم و‪ 4‬م��ن الدقهلية و‪2‬‬ ‫م��ن ال�ب�ح�ي��رة و‪ 2‬م��ن دم �ي��اط و‪2‬‬ ‫م��ن امل�ن��وف�ي��ة و‪ 2‬م��ن ق�ن��ا و‪ 1‬من‬ ‫ال�ش��رق�ي��ة و‪ 1‬م��ن س��وه��اج‪ ،‬وذل��ك‬ ‫عقب إل�ق��اء القبض عليهم‪ ،‬أثناء‬ ‫محاولة مغادرتهم البالد بطريقة‬ ‫غير شرعية إل��ى اجل��ان��ب الليبى‪،‬‬ ‫عبر الدروب الصحراوية بسيوة ‪.‬‬

‫قوات حرس احلدود املصرية‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫وزير إعالم ليبيا ‪:‬‬

‫األزهر الشريف‬ ‫مرجعيتنا في‬ ‫مواجهة اإلرهاب‬ ‫صحيفة ص���دى‪ :‬ق��ال وزي��ر اإلع�ل�ام الليبي‪ ،‬عمر‬ ‫القويري‪ ،‬إن األزهر الشريف هو املرجعية األساسية‬ ‫للشعب الليبي منذ ‪ 1000‬عام‪ ،‬مشيرا إلى أن املناهج‬ ‫الدراسية في بالده مبواد األزهر الشريف‪.‬‬ ‫وأض ��اف ال��وزي��ر الليبي ف��ي تصريحات لـ»صحيفة‬ ‫ص ��دى»‪ ،‬ال �ي��وم األح ��د‪ ،‬أن ه�ن��اك م��ؤس�س��ات دينية‬ ‫وسيطة تستطيع دع��م الفكر املعتدل ف��ي مواجهة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬منها جامعة الزيتونة في تونس‪ ،‬واجلامعة‬ ‫األسمرية في ليبيا‪ ،‬وجامعة القرويني في املغرب‪.‬‬ ‫وأوضح «القويري» أن «مواجهة اإلره��اب حتتاج إلى‬ ‫الفكر والعصا‪ ،‬وهنا يبرز اجلانب األمني في مواجهة‬ ‫جماعات اإلرهاب‪ ،‬بعدما بدأت تروج للفكر املتطرف‬ ‫بني الشباب العربي‪ ،‬الذي يعد وقودا لهذه اجلماعات‬ ‫املتطرفة»‪.‬‬ ‫وت��اب��ع‪« :‬ث� ��وار ليبيا اآلن أص �ب �ح��وا ص���ورة ج��دي��دة‬ ‫م��ن معمر ال �ق��ذاف��ي‪ ،‬م��ن خ�لال مم��ارس��ة اإلق�ص��اء‬ ‫واالضطهاد واستخدام السجون السرية واالعتقاالت‪،‬‬ ‫فكل القيم التي خرج املثقفون ضد القذافي لكسرها‬ ‫وإنهائها أعيدت بصورة جديدة‪ ،‬وبالتالي الب��د من‬ ‫متييز الثائر احلقيقي الذي يحمل فكرا يريد تغيير‬ ‫املجتمع»‪.‬‬ ‫واس�ت�ك�م��ل ال ��وزي ��ر‪« :‬امل�ج�ت�م��ع ال�ل�ي�ب��ي أص �ب��ح أكثر‬ ‫ديكتاتورية في داخل نطاقته الصغيرة على املستوى‬ ‫األسري‪ ،‬على الرغم من أنه يثور على قيم االستبداد‬ ‫التي ميارسها احلكم ضده ‪.‬‬

‫عربي ‪ :21‬دقت منظمة العفو الدولية‪،‬‬ ‫«أم �ن �س �ت��ي»‪ ،‬ن��اق��وس اخل �ط��ر جت ��اه ما‬ ‫ي�ت�ع��رض ل��ه ال�لاج �ئ��ون وامل �ه��اج��رون في‬ ‫شتى أنحاء ليبيا من خطر االغتصاب‪،‬‬ ‫والتعذيب‪ ،‬واالختطاف من أجل الفدية‬ ‫على أيدي املتاجرين بالبشر واملهربني»‪.‬‬ ‫وحت��دث��ت منظمة ال �ع �ف��و ال��دول �ي��ة‪ ،‬في‬ ‫ت�ق��ري��ر ن�ش��رت��ه األرب� �ع ��اء‪ ،‬ع��ن «أش �ك��ال‬ ‫االس�ت�غ�لال املختلفة على أي��دي أرب��اب‬ ‫عملهم‪ ،‬واالضطهاد الديني وغير ذلك‬ ‫م��ن االن�ت�ه��اك��ات على أي ��دي اجلماعات‬ ‫املسلحة والعصابات اإلجرامية»‪.‬‬ ‫وكشف التقرير‪ ،‬ال�ص��ادر بعنوان «ليبيا‬ ‫حتفل بالقسوة‪ :‬قصص عن االختطاف‬ ‫والعنف اجلنسي وس��وء املعاملة يرويها‬ ‫مهاجرون والج �ئ��ون»‪ ،‬عن األه��وال التي‬ ‫يتعرض لها ال�لاج�ئ��ون وامل �ه��اج��رون في‬ ‫ليبيا واحملنة التي يعيشونها»‪.‬‬ ‫وأوض � ��ح ال �ت �ق��ري��ر ال� ��ذي اط �ل �ع��ت عليه‬ ‫صحيفة «عربي‪ ،»21‬أن «هاته األه��وال‬ ‫اض �ط��رت كثيرين منهم إل��ى امل�خ��اط��رة‬ ‫بحياتهم في رح�لات محفوفة باخلطر‬ ‫لعبور البحر في محاولة يائسة للوصول‬ ‫إلى مالذ في أوروبا»‪.‬‬ ‫وق��ال فيليب ل��وث��ر‪ ،‬م��دي��ر قسم الشرق‬ ‫األوس� ��ط وش �م��ال أف��ري�ق�ي��ا ف��ي منظمة‬ ‫ال�ع�ف��و ال��دول �ي��ة‪ ،‬إن «ال��ظ��روف امل��روع��ة‬ ‫التي يعيش فيها املهاجرون‪ ،‬بالتظافر مع‬ ‫تفشي انعدام القانون والنزاعات املسلحة‬ ‫املستعرة في البالد‪ ،‬تبني م��دى خطورة‬ ‫احلياة في ليبيا اليوم»‪.‬‬ ‫وأوض� � ��ح‪ ،‬ف�ي�ل�ي��ب ل ��وث ��ر‪ ،‬أن ال�لاج �ئ�ين‬ ‫«مضطرون‪ ،‬مع غياب أية طرق قانونية‬ ‫للهرب طلبا للسالمة‪ ،‬إلى وضع حياتهم‬ ‫ف��ي أي��دي مهربني يبتزونهم‪ ،‬ويسيئون‬ ‫معاملتهم‪ ،‬ويعتدون عليهم بقسوة»‪.‬‬ ‫واستطرد فيليب لوثر قائال‪« :‬لقد وقف‬ ‫املجتمع الدولي يتفرج وليبيا تنزلق إلى‬ ‫ح��ال��ة م��ن ال�ف��وض��ى منذ ان�ت�ه��اء احلملة‬ ‫ال�ع�س�ك��ري��ة ال �ت��ي ق ��ام ب�ه��ا ح�ل��ف شمال‬ ‫األطلسي عام ‪ ،2011‬وبذلك سمح فعليا‬ ‫للمليشيات واجل �م��اع��ات املسلحة ب��أن‬ ‫تعيث في األرض فسادا»‪.‬‬ ‫وح�م��ل ل��وث��ر‪« ،‬زع �م��اء ال�ع��ال��م جانبا من‬ ‫امل� �س ��ؤول� �ي ��ة»‪ ،‬داع� �ي ��ا إل� ��ى اإلس��ت��ع��داد‬ ‫«للتصدي للعواقب‪ ،‬وم��ن بينها ارت�ف��اع‬ ‫أعداد الالجئني واملهاجرين الفارين من‬ ‫النزاع واستشراء االنتهاكات في ليبيا‪.‬‬ ‫ويُعد طالبو اللجوء واملهاجرون من بني‬ ‫أض�ع��ف ال�ف�ئ��ات ف��ي ليبيا وينبغي عدم‬ ‫جتاهل محنتهم»‪.‬‬ ‫وت �ع��د ل�ي�ب�ي��ا وج �ه��ة وم �ع �ب��را ع �ل��ى م��دى‬

‫منظمة العفو الدوليــــــــــــــــــــــــ‬

‫أمنستي‪ :‬الالجئــــــــــــــــــــ‬ ‫سنوات لالجئني واملهاجرين الهاربني من‬ ‫الفقر‪ ،‬أو ال�ن��زاع��ات‪ ،‬أو االضطهاد في‬ ‫بلدان جنوب الصحراء اإلفريقية وبلدان‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬ويأتي الكثيرون إلى ليبيا‬ ‫آملني في الوصول إلى أوروبا‪.‬‬ ‫وم� ��ع ت �ف �ش��ي ان� �ع���دام ال� �ق ��ان ��ون وخ �ط��ر‬ ‫اجلماعات املسلحة زادات املخاطر التي‬ ‫ي�ت�ع��رض��ون ل �ه��ا‪ ،‬األم ��ر ال ��ذي دف��ع حتى‬ ‫التجمعات املستقرة من املهاجرين الذين‬ ‫يعيشون ويعملون في ليبيا منذ سنوات‬ ‫إلى الهرب إلى أوروبا بالقوارب‪.‬‬ ‫ورص� � ��د ت� �ق ��ري ��ر «أم� �ن� �س� �ت ��ي»‪ ،‬ح� ��االت‬ ‫لـ»االضطهاد الديني» من خالل «تعرض‬ ‫امل�س�ي�ح�ي�ين امل �ه��اج��ري��ن وال�لاج �ئ�ين في‬ ‫ل �ي �ب �ي��ا‪ ،‬ع �ل��ى وج���ه اخل� �ص ��وص‪ ،‬خلطر‬ ‫االنتهاكات على أيدي اجلماعات املسلحة‬ ‫التي تسعى إلى فرض تفسيرها اخلاص‬ ‫للشريعة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫وتابع التقرير؛ فقد «اختُطف أشخاص‬ ‫م��ن نيجيريا وإري�ت��ري��ا وإثيوبيا ومصر‪،‬‬ ‫وت�ع��رض��وا للمضايقة وللتعذيب وللقتل‬ ‫بشكل غير مشروع بسبب دينهم‪ .‬وفي‬ ‫أح� ��دث ه ��ذه ال��وق��ائ��ع‪ ،‬ق �ت��ل م��ا ال يقل‬


‫مهاجرون باتوا عرضة للقتل والتعذيب واالبتزاز على أيدي املليشيات‬

‫ــــــــــــــــــــــــة تدق ناقوس الخطر حول ليبيا‬

‫ـــــــــــــون في ليبيا ضحايا القتل واالغتصاب‬ ‫ع��ن ‪ 49‬مسيحيا‪ ،‬معظمهم م��ن مصر‬ ‫وإريتريا‪ ،‬بقطع رؤوسهم أو إطالق النار‬ ‫عليهم في ث�لاث عمليات قتل جماعية‬ ‫دون م�ح��اك�م��ة‪ ،‬ادع ��ت امل�س��ؤول�ي��ة عنها‬ ‫اجلماعة التي تطلق على نفسها اسم‬ ‫تنظيم الدولة»‪.‬‬ ‫وأض� ��اف ال�ت�ق��ري��ر‪« ،‬ي��واج��ه امل�ه��اج��رون‬ ‫وال�لاج�ئ��ون عمليات اختطاف وتعذيب‬ ‫وسلب واع�ت��داء بدني على نطاق واسع‬ ‫على أيدي عصابات إجرامية وعصابات‬ ‫مهربي البشر‪ ،‬وكثيراً ما تقع مثل هذه‬ ‫العمليات على حدود ليبيا اجلنوبية وعلى‬ ‫طول طرق التهريب املؤدية إلى السواحل‬ ‫الليبية»‪.‬‬ ‫«كما يتعرض املهاجرون والالجئون من‬ ‫بلدان جنوب الصحراء اإلفريقية‪ ،‬وبينهم‬ ‫أط�ف��ال ب��دون ذوي �ه��م‪ ،‬لالختطاف بغية‬ ‫احل�ص��ول على ف��دي��ة‪ ،‬وذل��ك على طول‬ ‫ط��رق التهريب امل�م�ت��دة جت��اه السواحل‬ ‫الليبية» يسجل التقرير‪.‬‬ ‫وأفاد أن «املختطفني يتعرضون للتعذيب‬ ‫وغ� �ي ��ره م ��ن ض� ��روب امل �ع��ام �ل��ة ال�س�ي�ئ��ة‬ ‫إلج��ب��اره��م وإج� �ب ��ار أه �ل �ه��م ع �ل��ى دف��ع‬

‫فدية‪ .‬أما أولئك الذين يعجزون عن دفع‬ ‫الفدية فيتعرضون لالستغالل‪ ،‬وكثيراً‬ ‫ما يُحتجزون كعبيد من الناحية الفعلية‪،‬‬ ‫حيث يُ�ج�ب��رون على العمل ب��دون أج��ر‪،‬‬ ‫ويتعرضون العتداءات بدنية وللسرقة»‪.‬‬ ‫و»ي �ل �ج��أ امل �ه��رب��ون ف��ي ب �ع��ض األح �ي��ان‬ ‫إل��ى تسليم امل�ه��اج��ري��ن وال�لاج �ئ�ين إل��ى‬ ‫ع�ص��اب��ات إج��رام�ي��ة مب�ج��رد أن يعبروا‬ ‫احل ��دود ف��ي مناطق ص�ح��راوي��ة أو في‬ ‫م ��دن ال �ع �ب��ور ال �ك �ب��رى ع�ل��ى ط ��ول ط��رق‬ ‫ال �ه �ج��رة‪ ،‬مثل مدينة سبها ف��ي جنوب‬ ‫غرب البالد ومدينة أجدابيا الساحلية‬ ‫في شرق ليبيا»‪.‬‬ ‫وبخصوص النساء ق��ال التقرير‪« :‬أم��ا‬ ‫النساء‪ ،‬وخاصة من يسافرن مبفردهن‬ ‫أو ب � ��دون رج� � ��ال‪ ،‬ف �ي �ت �ع��رض��ن خلطر‬ ‫االغتصاب واإليذاء اجلنسي على أيدي‬ ‫املهربني وال�ع�ص��اب��ات اإلج��رام �ي��ة‪ ،‬وفي‬ ‫بعض احل� ��االت‪ ،‬جتبر ال�ن�س��اء‪ ،‬الالتي‬ ‫يختطفن على ط��رق التهريب ويعجزن‬ ‫عن دف��ع الفدية‪ ،‬على ممارسة اجلنس‬ ‫باإلكراه مقابل اإلفراج عنهن أو السماح‬ ‫لهن مبواصلة سفرهن»‪.‬‬

‫السيسي يدعو‬ ‫إلى وقف مد‬ ‫الجماعات اإلرهابية‬ ‫في ليبيا بالمال‬ ‫والسالح‬ ‫روس��ي��ا ال��ي��وم ‪ :‬ق��ال ال��رئ�ي��س امل�ص��ري عبد الفتاح‬ ‫السيسي اخلميس ‪ 14‬مايو‪/‬أيار إنه يتعني وقف مد‬ ‫اجلماعات اإلرهابية في ليبيا باملال والسالح من أجل‬ ‫توفير مناخ مالئم لتحقيق األمن واالستقرار ‪.‬‬ ‫ج��اء ذل��ك خ�لال استقبال السيسي مبعوث الرئيس‬ ‫ال �ت �ش��ادي محمد ص��ال��ح ال�ن�ظ�ي��ف‪ ،‬وب�ح�ض��ور وزي��ر‬ ‫اخلارجية املصري سامح شكري‪.‬‬ ‫وأشار املتحدث باسم رئاسة اجلمهورية عالء يوسف‬ ‫إلى أنه «مت خالل اللقاء استعراض آخر املستجدات‬ ‫ب �ش��أن األوض�� ��اع ف��ي ل�ي�ب�ي��ا‪ ،‬و ن� � � َّوه ال�س�ي�س��ي إل��ى‬ ‫انعكاسات تردي األوضاع األمنية سلباً على منطقتي‬ ‫الشرق األوسط والساحل اإلفريقي»‪.‬‬ ‫ون�ق��ل امل�ت�ح��دث ع��ن السيسي ت��أك�ي��ده «ع�ل��ى أهمية‬ ‫دعم مؤسسات الدولة الليبية املتمثلة في احلكومة‬ ‫والبرملان املنتخب واجليش الوطني»‪ ،‬الفتا إل��ى أن‬ ‫وقف إمدادات املال والسالح لـ»اجلماعات اإلرهابية‬ ‫واملتطرفة امل��وج��ودة ف��ي ليبيا» يتيح «امل�ن��اخ املالئم‬ ‫لتحقيق األمن واالستقرار وعودة الدولة الليبية‪.‬‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪...‬‬

‫حكايات‬ ‫من زمن‬ ‫فبراير‬

‫«سيرة ذاتية»‬ ‫(الجزء األول)‬ ‫ع��ن��دم��ا خ���رج���ت م���ن م��دي��ن��ت��ي ق���اص���د ًا‬ ‫مدينة ال��ث��ورة بنغازي ل��م ي��در بخلدي‬ ‫أن أص��ب��ح ع���ض���و ًا ف���ي امل��ج��ل��س ال��وط��ن��ي‬ ‫االن���ت���ق���ال���ي أو أن اص����ط����دم ب��ج��م��اع��ة‬ ‫اإلخ���وان املسلمني وأكتشف مؤامراتهم‬ ‫م��ب��ك��راً‪ ،‬وع��ن��دم��ا ص��رخ��ت ع��ب��ر وس��ائ��ل‬ ‫اإلع�ل�ام منبه ًا مل��ا ي��ج��ري‪ ،‬ل��م يسمعني‬ ‫أحد فقد كانت الناس منتشية بانتصار‬ ‫ال��ث��ورة وع��ن��دم��ا اس��ت��ف��اق ال��ب��ع��ض كانت‬ ‫وسرقت الثورة‪.‬‬ ‫الواقعة قد استحكمت ُ‬

‫مختار اجلدال‬



‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪...‬‬

‫ع �ل��ى خ�ل�ف�ي��ة م�ش�ه��د ال �ت �ه��ام ال��ن��ار جل �س��د ال �ت��ون �س��ي «م�ح�م��د‬ ‫البوعزيزي» مبدينة سيدي أبو زي��د‪ ،‬اشتعلت السنة اللهب في‬ ‫كل «تونس»‪ ،‬وانقشع الدخان مع ف��رار الرئيس «بن علي» رغم‬ ‫محاولته األخيرة اليائسة استرضاء شعبه‪.‬‬ ‫كان ذلك إيذانا بانطالق ثورات ما عرف «ربيع احلرية والكرامة»‬ ‫ولم يكتمل الشهر األول من العام التالي إال وقد أجبر «حسني‬ ‫مبارك» حتت إصرار شعبي‪،‬على تخليه عن السلطة في مصر‪.‬‬ ‫لقد فقد «معمر القذافي» جناحيه اللذين طاملا ع��ول عليهما‬ ‫في حفظ توازنه على كرسي حكم الليبيني‪ ،‬وهبت رياح التغيير‪،‬‬ ‫ن��داءات��ه‪ ،‬إلثناء الشعبني‪ ،‬التونسي واملصري ع ّما ذهبا إليه لم‬ ‫جتد نفعاً‪.‬‬ ‫ب��ادر النظام خلطوة ظن أنه يستبق بها ما صار وشيك الوقوع‬ ‫في ليبيا‪ ،‬فأعتقل «فتحي تربل»‪ ،‬محامي أس��ر ضحايا سجن‬ ‫أبوسليم في الرابع عشر من فبراير ببنغازي‪ ،‬ولكنها كانت مبثابة‬ ‫القشة التي قصمت ظهر البعير‪ ،‬والشرارة التي أشعلت الثورة‬ ‫قبل موعدها ببضعة أيام‪.‬‬ ‫الدعوات التي انتشرت ملياً على صفحات التواصل االجتماعي‬ ‫بشبكة االنترنت‪ ،‬كانت قد حددت السابع عشر من فبراير لعام‬ ‫ألفني وأح��د عشر‪ ،‬موعداً للتظاهر في وجه النظام‪ ،‬ف��إذا بها‬ ‫تندلع في اخلامس عشر منه‪ ،‬وكانت نواتها بضع عشرات من‬ ‫موكلي «تربل» أمام مقر اعتقاله مبديرية األمن‪ ،‬ثم ما لبثت كرة‬ ‫الثلج أن تدحرجت لتصبح كرة من لهب اجتاحت بنغازي كلها‪،‬‬ ‫واستعاد الليبيون علم استقاللهم املجيد‪ ،‬وشعار دولتهم الوطنية‬ ‫األولى‪.‬‬ ‫دع��وة للشباب الليبيني‪ ،‬من رواد الشبكة العنكبوتية‪ ،‬للتظاهر‬ ‫في السابع عشر من فبراير‪ ،‬كانت في ظاهرها إلحياء الذكرى‬ ‫اخل��ام�س��ة ل�ش�ه��داء قمع ال�ن�ظ��ام للمتظاهرين أم��ام القنصلية‬ ‫االيطالية‪ ،‬نصرة للرسول الكرمي «محمد» عليه الصالة والسالم‪،‬‬ ‫لقد أسموها صفحة «السابع عشر من فبراير‪ ..‬لنجعله يوما‬ ‫للغضب»‪ ،‬ولكن صداها جت��اوز التوقع في الداخل‪ ،‬واستجابت‬ ‫لها ق��وى املعارضة الوطنية ف��ي اخل��ارج ب��إص��داره��ا بياناً في‬ ‫الرابع عشر من فبراير حمل توقيع مائتني وثالثة عشر شخصية‬ ‫نضالية في املهجر‪ ،‬مؤيدين حق الليبيني في التظاهر السلمي‬ ‫ومطالبني «القدافي» بالتنحي‪.‬‬ ‫جند النظام ما أسماه «اجليش االلكتروني»‪ ،‬حملاربة وتعطيل‬ ‫مواقع الشباب الغاضب‪ ،‬وتضليل املتصفحني عنها ولكن الثورة‬ ‫في ليبيا‪ ،‬كانت قد انسلخت عن الواقع االفتراضي واندمجت‬ ‫في حركة اجلماهير‪.‬‬ ‫حفل يوم السادس عشر من فبراير باألحداث‪ ،‬وصارت مدينة‬ ‫البيضاء واج �ه��ة امل�ش�ه��د‪ ،‬بسيطرة ال �ن��اس م��ن اجلنسني ومن‬ ‫مختلف األعمار‪ ،‬على الشارع‪ ،‬وتكرر املشهد في طبرق ولكن‬ ‫بنغازي استعادت األضواء‪ ،‬مبهاجمة اجلموع ملعسكر كتيبة األمن‬ ‫«الفضيل بوعم « حيث مقر أق��وى كتائب النظام ف��ي املنطقة‬ ‫الشرقية‪ ،‬ول��م تلبث تلك القلعة احلصينة أن سقطت وسط‬

‫صفحات التواصل االجتماعي حددت السابع‬ ‫عشر من فبراير موعد ًا للتظاهر في وجه النظام‬ ‫فإذا بها تندلع في اخلامس عشر‬ ‫فقد معمر القذافي جناحيه اللذين طاملا عول‬ ‫عليهما في حفظ توازنه على كرسي احلكم‪..‬‬ ‫وهبت رياح التغيير‬ ‫«اجليش االلكتروني» كان لتعطيل مواقع الشباب‬ ‫الغاضب‪ ..‬ولكن الثورة انسلخت عن الواقع‬ ‫االفتراضي واندمجت في حركة اجلماهير‬ ‫تضحيات بطولية لشباب عزل‪ ،‬وبدأت ليبيا يومها‪ ،‬تغرق في بحر‬ ‫من دماء أبناءها‪ ،‬ما حثّ كتيبة الصاعقة على أن تنشق عن إمرة‬ ‫اجليش وينظم أفرادها ضباطاً وجنوداً جلموع الثائرين‪ ،‬وفي‬ ‫غضون أيام ثالثة بدأ املشهد غير قابل للتصديق‪ ،‬لقد خرجت‬ ‫املنطقة الشرقية من ليبيا‪ ،‬بكاملها عن سيطرت النظام‪ ،‬وتعلقت‬ ‫قلوب الليبيني بساحة محكمة بنغازي‪ ،‬وصار يطلق عليها ساحة‬ ‫التحرير‪.‬‬


‫ُغصت الساحة بحشود لم تألفها‪ ،‬واجتمعت بها مشاعر شتى‬ ‫م�لأه��ا األم ��ل وال �ف��رح‪ ،‬ون �ش��وة االن �ت �ص��ار‪ ،‬ول��م تخل أي �ض �اً من‬ ‫هواجس اخلوف والترقب‪ ،‬فتالقت بها سواعد الشباب‪ ،‬تظهر‬ ‫القوة والعزم‪ ،‬وألسنة الشيب تلهج بالدعاء‪.‬‬ ‫كان النظام قد ع ّول على آلة قمعه أن تدخل الرهبة إلى النفوس‪،‬‬ ‫ففوجئ بانتصار ال��دم على السيف‪ ،‬وانكفاء زخ��ات الرصاص‬ ‫أم��ام الصدور العارية‪ ،‬مت تتالت األنباء تصعقه من كل جانب‪،‬‬ ‫لقد اتسعت خارطة التظاهر فشملت مناطق «الزنتان» و»نالوت»‬ ‫و»ال��رح �ي �ب��ات» وام �ت��دت إل��ى م��ا وراء جبل نفوسة حتى سبها‬ ‫وترافقت معها مدن الساحل الغربي من «زوارة» حتى «مصراته»‬ ‫م��روراً بـ»صبراته «و «صرمان» و»الزاوية «‪ ،‬وكان العشرون من‬ ‫فبراير هو املوعد مع «طرابلس» وغير بعيد عن قلعة القدافي‬ ‫احلصينة (ب��اب العزيزية)‪ ..‬ك��ان القاسم املشترك للهتاف هو‬ ‫«الشعب يريد إسقاط النظام» واإلطاحة برموزه‪ ،‬وبالرغم من‬ ‫كل ما كان يعتمل في الصدور من غضب عارم إزاء ما اقترفته‬ ‫كتائب النظام من جرائم بشعة في حق أشقائهم بشرق البالد‪،‬‬ ‫إال أن االلتزام بالقواعد احلضارية للتعبير السلمي كان عالياً‬ ‫بشكل ملفت‪.‬‬ ‫في احلادي والعشرين من فبراير خرج سيف القدافي علي شاشة‬ ‫التلفزيون يتوعد الليبيني‪ ...‬كان أول رد يصدر عن النظام‪ ،‬وفي‬ ‫ثنايا تهديد االبن ال لبس فيه مطامع توريث سلس للسلطة وفي‬ ‫اليوم التالي جاء رأس النظام‪ ،‬نفسه مبا هو أس��وأ‪ ...‬لقد هدد‬ ‫ووعد‪ ،‬فيما كان الليبيون ينهالون عليه‪ ،‬عبر الشاشات بالنعال‬

‫واألح��ذي��ة‪ ،‬وج��اء رده��م األق��وى مبزيد التظاهر والهتاف‪ ..‬لقد‬ ‫تأكد متاماً أن الليبيني قد كسروا قيود اخلوف‪ ،‬وسكن أرواحهم‬ ‫مطلب احلرية‪.‬‬ ‫قبل اكتمال األسبوع األول على انطالق شرارة الثورة في ليبيا‪،‬‬ ‫ص��ارت أح��داث�ه��ا املتسارعة ف��ي شتى املناطق م��ادة إعالمية‪،‬‬ ‫ملختلف وسائل تناقل األخبار عبر العالم‪ ،‬وقدم الليبيون بالداخل‬ ‫عوناً كبيراً في مدها باملواد املصورة وبأخبار احلراك الداخلي‪..‬‬ ‫واستمع العالم للخبر عبر قناة «اجل��زي��رة» الفضائية عندما‬ ‫حسمت أمرها عشية اجلمعة ‪ 18‬فبراير‪.‬‬ ‫شباب وطنيون مثل محمد نبوس واملئات‪ ،‬جعلوا أخبار الثورة‬ ‫وسيل املقاطع املصورة ال ينقطع رغم كل التعتيم اإلعالمي الذي‬ ‫س��ارع النظام لفرضه حول حقيقة ما يجري في ليبيا‪ ،‬بل كان‬ ‫يأتي باجلديد يومياً‪ ،‬ومن خاللها عرف الليبيون بانشقاق املئات‬ ‫من املسئولني والضباط‪.‬‬ ‫تزايدت وتيرة االنشقاقات عن النظام‪ ،‬فشملت ستة سفراء في‬ ‫مختلف عواصم العالم‪ ،‬دفعة واحدة‪ ،‬أما إبراهيم الدباشي فقد‬ ‫أعلن انشقاق كامل البعثة الليبية لدى األمم املتحدة ثم أحدث‬ ‫رئيس البعثة عبدالرحمن شلقم‪ ،‬مفاجأة أقوى في كلمته الشهيرة‬ ‫مبجلس األمن في السادس والعشرين من فبراير‪.‬‬ ‫كلمة شلقم امل��ؤث��رة فكت ش�ف��رة التصويت ف��ي مجلس األم��ن‬ ‫ف��أص��در‪ ،‬ال�ق��رار رق��م أل��ف وتسعمائة وسبعني‪ ،‬وقضى بفرض‬ ‫عقوبات على نظام معمر القذافي شملت حضر تزويده بالسالح‪،‬‬ ‫وإحالة ملف جرائمه حملكمة اجلنايات الدولية‪ ،‬وكانت اجلامعة‬


‫‪18‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪...‬‬

‫العربية قد قررت جتميد عضوية ليبيا بها‪ ،‬خالل اجتماعها يوم‬ ‫الثالث والعشرين من شهر فبراير‪ ،‬فيما تصاعدت ردود الفعل‬ ‫الدولية امل�ن��ددة مبا ك��ان يرتكبه النظام بحق الشعب‪ ،‬فقررت‬ ‫سويسرا جتميد أرصدته لديها‪ ،‬وبضغوط فرنسية‪ ،‬اتخذ االحتاد‬ ‫األوربي إجراءات عقابية مماثلة‪ ،‬وصار الثوار مطالبون بتنظيم‬ ‫حتركهم السياسي على نحو أكثر إحكاماً‪.‬‬ ‫في اخلامس من م��ارس مت تأسيس املجلس الوطني االنتقالي‬ ‫برئاسة املستشار مصطفى عبداجلليل وعضوية شخصيات‬

‫وطنية‪ ،‬وتكليف مكتبه التنفيذي‪ ،‬برئاسة محمود جبريل‪ ،‬وشرع‬ ‫في بلورة رأي عام دولي ينحاز كليا للثورة في ليبيا‪.‬‬ ‫متسك القذافي بخيار‪ ،‬أما أن يحكم أو يقاتل‪ ،‬كان منسجماً مع‬ ‫طبيعته املجبولة على االنتقام‪.‬‬ ‫لم يأل النظام جهداً‪ ،‬ولم يترك رأسه حيلة الستعادة اإلمساك‬ ‫بخناق الليبيني‪ ،‬بعد إفالتهم من قبضة سلطته‪ ،‬وك��ان القاسم‬ ‫امل�ش�ت��رك ل�ك��ل م��ا ب��ذل��ه‪ ،‬دائ �م��ا ه��و ق��وة ال�ق�ت��ل‪ ،‬واإلف� ��راط في‬ ‫استخدامه‪.‬‬


‫حتركت بوارج حربية أمريكية وفرنسية‬ ‫وبريطانية واتخذت مواقعها فصارت قوات النظام‬ ‫وحتصيناته صيد ًا سه ًال للمقاتالت والصواريخ‬ ‫نزح عشرات اآلالف من األطفال والنساء‬ ‫والشيوخ الذين حتولت بيوتهم إلى ركام‬ ‫جراء القصف‬

‫جنائز الشهداء بنغازي يوم ‪ 20‬فبراير‬

‫خالل النصف األول من شهر مارس‪ ،‬طور النظام هجومه املضاد‬ ‫على مواقع متركز الثوار‪ ،‬لقد بدأت فصول حرب شرسة تدور‬ ‫رحاها في ليبيا‪.‬‬ ‫كانت مجموعات الشباب الثائر باملنطقة الشرقية‪ ،‬ومبا غنموه‬ ‫من أسلحة الكتائب األمنية‪ ،‬معززين بشيء من اخلبرة القتالية‬ ‫لكتيبة الصاعقة التي انظمت للثورة‪ ،‬وق��در من التنظيم‪ ،‬حتت‬ ‫ق�ي��ادة ال �ل��واء عبدالفتاح يونس وم��دف��وع�ين بنشوة النصر‪ ،‬قد‬ ‫متكنوا من الزحف غرباً حتى قبل سرت بنحو ستني كيلومتر‪.‬‬

‫حتولت احلرب إلى قتال شوارع داخل املدن فبات‬ ‫يصعب على القوات الدولية التدخل خشية ارتفاع‬ ‫عدد الضحايا‬ ‫أما في الغرب الليبي‪ ،‬فكانت كلمة الثوار هي العليا في كل جبل‬ ‫نفوسة تقريباً‪ ،‬إضافة للمدن الساحلية زوارة والزاوية ومصراته‪،‬‬ ‫وبرغم القبضة األمنية على طرابلس إال أن أحياءها لم تعرف‬ ‫الهدوء منذ انتفاضتها الكبرى في العشرين من فبراير‪ ،‬وصارت‬ ‫تاجوراء وسوق اجلمعة وفشلوم‪ ،‬وغيرها‪ ،‬غير قابلة للترويض‪،‬‬ ‫حتى مع ما سال بها من دماء وشيعته من شهداء‪.‬‬ ‫كان القدافي يسابق الزمن للقضاء على الثورة والثوار‪ ..‬فاخرج‬ ‫آخر ما في جعبته «سالح الطيران»‪ ،‬لقد أمر سالح اجلو بشن‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪...‬‬

‫غارات على جتمعات الثوار بعد أن عجزت القذائف الصاروخية‬ ‫ع��ن زحزحتهم م��ن م��واق�ع�ه��م‪ ..‬ول�ك��ن امل�ف��اج��أة أن ال�ع��دي��د من‬ ‫الطيارين لم ميتثلوا لألوامر‪ ،‬وهبط اثنان منهم مبطار مالطا‪،‬‬ ‫لقد رفضا املشاركة في قتل أشقائهم الليبيني‪.‬‬ ‫كان إدخال السالح اجلوي في حرب النظام على الشعب‪ ،‬مؤشرا‬ ‫على ب��دء تعرض الليبيني حل��رب إب ��ادة‪ ،‬فعقد مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي اجتماعا في السابع من مارس‪ ،‬طالب فيه بحضر جوي‬ ‫في ليبيا‪ ،‬وتبنت اجلامعة العربية ذات املطلب في الثاني عشر‬ ‫من الشهر ذاته‪.‬‬ ‫بنغازي كانت هي محط أنظار النظام‪ ،‬فهي مهد الثورة‪ ،‬وعصب‬ ‫تأجيجها‪ ،‬وخط الدفاع األخير األكثر حتصينا‪ ،‬وكثافة سكانية‪،‬‬ ‫فجعلها الهدف الرئيس لهجومه املضاد‪ ،‬وصار ميهد لذلك بتأمني‬ ‫خطوطه اخللفية‪ ،‬ب��دءاً من استعادة السيطرة على الزاوية ثم‬ ‫زوارة وضرب حصاراً خانقاً على مصراته وإشعال الزنتان وبقية‬ ‫مدن جبل نفوسة بحمم ال تنقطع من قصفه الصاروخي‪ ،‬ما خلف‬ ‫مشاهد مرعبة للدمار‪ .‬وتعاظمت‪ ،‬مع وحشية حرب النظام على‬ ‫الشعب‪ ،‬قوافل اجلرحى والشهداء‪.‬‬ ‫حتى منتصف م ��ارس‪ ،‬ك��ان��ت ق��وات النظام ق��د حققت تقدماً‬ ‫كاسحاً على حساب الثوار باملنطقة الشرقية فاستعادة السيطرة‬ ‫على «رأس النوف» و «بن جواد» و»البريقة» وتقدمت إلى اجدابيا‬ ‫حيث دارت معارك عنيفة‪ ،‬واضطر الثوار حتت وطأة نيران قوات‬ ‫النظام‪ ،‬للتراجع إلى بنغازي‪.‬‬ ‫عند اجدابيا حشد النظام أكبر جتمع لقواته‪ ،‬ولكن الثوار لم‬ ‫يكن لهم قبل بالقوة الضاربة التي أخذت طريقها نحو بنغازي‪،‬‬ ‫لقد كان رت ً‬ ‫ال بطول ستني كيلومتر‪ ،‬ويتوفر على مختلف أصناف‬ ‫ال��دروع واآلليات وبآمرة كبار ضباط كتائب النظام‪ ،‬وب��ات يوم‬ ‫مذبحة بنغازي وشيكا‪.‬‬ ‫في السادس عشر من مارس‪ ،‬بدا النظام وكأنه يتهيأ لتتويج حفلة‬ ‫عرسه الدموي‪ ،‬باكتساح بنغازي‪ ،‬وبدأ سيف القدافي‪ ،‬منتشياً‬ ‫وهو يصرح لشبكة يورونيوز بأن األمر برمته سينتهي في غضون‬ ‫ثمان وأربعني ساعة‪.‬‬ ‫في السابع عشر من م��ارس حتركت ق��وات النظام من اجدابيا‬ ‫صوب بنغازي‪ ،‬لقد صارت املدينة‪ ،‬وسكانها‪ ،‬ومصير ثورة الشعب‬ ‫الليبي‪ ،‬على محك بضع ساعات فقط‪ ...‬لقد ساد وجل شديد‪،‬‬ ‫ودب الفزع في القلوب‪ ،‬وك��ان على املجلس االنتقالي‪ ،‬ومكتبه‬ ‫التنفيذي‪ ،‬وكل الرجال الذين آمنوا بالوطن والشعب‪ ،‬وخاطروا‬ ‫بأرواحهم وذويهم‪ ،‬أن يقامروا بآخر األوراق في حلبة السياسة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫مت حث مجلس اآلمن على االنعقاد‪ ،‬فانعقد ليلة الثامن عشر من‬ ‫مارس وأصدر قراره رقم ألف وتسعمائة وثالثة وسبعني بفرض‬ ‫حظر جوي على ليبيا‪ ،‬واتخاذ ما يلزم حلماية املدنيني‪ .‬وفي فجر‬ ‫التاسع عشر منه خرجت من مطار بنينة في بنغازي طائرات مت‬ ‫جتهيزها على عجل ملهاجمة الرتل وهو في طريقة إلى بنغازي‪،‬‬ ‫وقاوم الطيارين حتى اخلامسة مساء ذلك اليوم عندما شن سرب‬

‫رئيس البعثة الليبية لدى األمم املتحدة‬ ‫عبدالرحمن شلقم أطلق مفاجأته الشهيرة في‬ ‫السادس والعشرين من فبراير‬ ‫حتى منتصف مارس كانت قوات النظام قد‬ ‫حققت تقدم ًا كاسح ًا على حساب الثوار‬ ‫باملنطقة الشرقية‬ ‫شن سرب من عشرين طائرة حربية فرنسية‬ ‫هجمات على قوات النظام التي باتت على‬ ‫مداخل بنغازي‬ ‫من عشرين طائرة حربية فرنسية هجمات على ق��وات النظام‬ ‫التي باتت على مداخل بنغازي وتقصف طالئعها وعشوائيا‪،‬‬ ‫وس��ط املدينة وأحيائها الغربية‪ ،‬لقد أنقذ التدخل العسكري‬ ‫للمجتمع الدولي سكان بنغازي من فاجعة إنسانية رهيبة‪.‬‬ ‫مبوجب القرار األممي رقم ألف وتسعمائة وثالثة وسبعني كانت‬ ‫ب��وارج حربية أمريكية وفرنسية وبريطانية ق��د حتركت نحو‬ ‫البحر املتوسط‪ ،‬واتخذت مواقعها قبالة الشاطئ الليبي‪ ،‬وصارت‬


‫ق��وات النظام وحتصيناته ص�ي��داً سه ً‬ ‫ال للمقاتالت الفرنسية‬ ‫والبريطانية‪ ،‬ولصواريخ توماهوك األمريكية‪ ،‬ومت تدمير عتاد‬ ‫دفع الشعب الليبي ثمنه مبليارات الدوالرات ولكن القذافي وجهه‬ ‫لصدور أبناءه‪.‬‬ ‫تنفس الليبيون الصعداء‪ ،‬فقد مت انقاد بنغازي‪ ،‬وكتب للثورة‬ ‫أن تواصل تأجيجها‪ ،‬فتعالت هتافات الفرح في ساحة التحرير‬ ‫باملدينة‪ ،‬وعاودت سرايا الثوار تقدمها غرباً‪ ،‬انطالقاً من بنغازي‬ ‫فوصلت حتى «بن جواد» من دون مقاومة‪ ،‬واستجمع الثوار في‬ ‫مصراته ملقاومة أش��د بسالة‪ ،‬ولكن احلاجة كانت ملحة جداً‬ ‫للسالح‪ ،‬ولتدريب الثوار على القتال‪.‬‬ ‫توافد على معسكرات تدريب الثوار‪ ،‬شباب من مختلف مناطق‬ ‫ليبيا‪ ،‬وحتى من بلدان الهجرة‪ ،‬كان منهم من يتجشم عناء السفر‬ ‫ب��را إل��ى تونس ثم يغادر ج��وا إل��ى القاهرة ليعود ب��را إل��ى ليبيا‬ ‫لينخرط في تدريب مكثف لبضعة أي��ام أو أسابيع في نواحي‬ ‫املنطقة الشرقية‪ ،‬وكان منهم من يخوض عباب البحر أو مسالك‬ ‫ودروب خطرة ليصل إلى معسكرات التدريب باملدن احملررة بجبل‬ ‫نفوسة‪.‬‬ ‫كانت مناطق اجلبل تعاني من حصار محكم سبب عوزا في املاء‬ ‫والغداء والدواء‪ ،‬وكان البد من أيجاد منفذ آمن إلى تونس فبدأ‬ ‫العمل على حترير معبر وازن‪ ،‬ومبساعدة املنظمات وجمعيات‬ ‫العمل اإلنساني الدولية‪ ،‬أقامت األمم املتحدة مخيمات إليواء‬ ‫الالجئني الليبيني بتونس‪.‬‬ ‫لقد نزح عشرات اآلالف من األطفال والنساء والشيوخ الذين‬ ‫حت��ول��ت بيوتهم إل��ى رك ��ام ج ��راء قصف كتائب ال�ن�ظ��ام للمدن‬ ‫الثائرة في غرب ليبيا‪ ،‬والذين ضاق بهم العيش جراء التضييق‪،‬‬

‫واملداهمة‪ ،‬وقطع اإلمدادات بالغداء‪ ،‬وصعوبة الوصول للمشافي‪،‬‬ ‫وانقطاع الكهرباء‪ ،‬وعاد الليبيون في عام ألفني وأحد عشر‪ ،‬إلى‬ ‫ضنك أيام عيش أجدادهم حتت وطأة االحتالل االيطالي قبل‬ ‫مائة عام‪.‬‬ ‫في أبريل وص��ل عبداالله اخلطيب إل��ى طرابلس‪ ،‬كانت األمم‬ ‫املتحدة قد كلفته مبعوثا لها‪ ،‬لبذل مساع بشأن حل األزمة في‬ ‫ليبيا‪ ،‬وبرغم تصاعد أص��وات املجتمع الدولي املطالبة برحيل‬ ‫القدافي إال انه كان يعتقد أن يتم ذلك بطريقة سلمية‪ ،‬لتجنيب‬ ‫ليبيا مزيد الضحايا والدمار‪ ،‬وفي العاشرة من الشهر وصل وفد‬ ‫االحتاد األفريقي برئاسة الرئيس املوريتاني وعضوية عدد من‬ ‫الرؤساء‪ ،‬وكان من بينهم رئيس جنوب إفريقيا‪ ،‬جاكوب زوما‪ ،‬في‬ ‫مسعى مماثل ولكن القذافي متسك بالبقاء على رأس السلطة‪.‬‬ ‫في منتصف أبريل جدد وزراء خارجية االحتاد األوربي املطالبة‬ ‫برحيل القذافي‪ ،‬وعلى خلفية الدعم السياسي الذي تلقاه املجلس‬ ‫االنتقالي املؤقت مبؤمتر «ال��دوح��ة» شرع رئيسه وأعضاؤه في‬ ‫القيام بتحرك دولي واسع‪ ،‬فزار املستشار مصطفى عبداجلليل‬ ‫ايطاليا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬واستقبل محمود جبريل وعلي‬ ‫العيساوي بعديد العواصم‪ ،‬وص��ارت اعترافات ال��دول باملجلس‬ ‫في مسيرة متوازية مع إعالنها بفقد النظام شرعيته‪.‬‬ ‫ح��ول النظام حربه على الشعب إل��ى قتال ش��وارع داخ��ل امل��دن‪،‬‬ ‫فبات يصعب على القوات الدولية التدخل خشية ارتفاع عدد‬ ‫الضحايا‪ ،‬وص��ار الليبيون‪ ،‬وحدهم‪ ،‬في مواجهة آل��ة عسكرية‬ ‫أصابها اجلنون‪ ،‬وال تخل من شراسة‪ ،‬ولكن املوازين بدأت تنقلب‬ ‫جلهة كفة الثوار بجبل نفوسة‪ ،‬فقد متكنوا من السيطرة على‬ ‫معبر وازن‪.‬‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫داعشلوجيا‬

‫لصوص التغيير!!‬ ‫كره ًا ‪ ..‬نعايش إنسانية رخيصة متبلدة ومصفحة‬ ‫بجاهلية صماء ‪!!..‬‬ ‫األيدلوجيات امللوثة التي أدم��ن الليبيون تعاطيها‪,‬‬ ‫أس�����ف�����رت ع�����ن ن���������زوات وم�����ي�����ول م���ف���ج���ع���ة ل��ت��دم��ي��ر‬ ‫مجتمعهم وإفنائه بطرائق بدائية رهيبة‪ ,‬وضمن‬ ‫مشاريع سلطوية غير ناضجة وال منتمية‪ ,‬احتل‬ ‫الثيوقراطيون واجهتها وجرجروا الوطن وأهله إلي‬ ‫م���آزق وح����روب ف��اس��دة وغ��ي��ر م���ب���ررة‪ ,‬ن��زع��ت اليقني‬ ‫ونشرت بتعنت مشهد املغيب على اخلارطة‪!..‬‬ ‫عصي‪ ,‬بعدما أدى الفراغ‬ ‫بات تشريح الواقع الليبي‬ ‫ٌ‬ ‫للجوء اعمي‬ ‫السياسي وال��ف��زع من التغيير املفاجئ‬ ‫ٍ‬ ‫إلي كل قدمي وكل موروث وكل سالف‪ ,‬بحجة املعرفة‬ ‫واملصداقية واألمن والنقاء‪ ,‬وبدوافع نفسية ودوافع‬ ‫سلطوية مرتكزة على ميراث املاضي‪ ,‬وفتافيت تاريخ‬ ‫ملغم باألكاذيب والزيف‪ ,‬وبدافع ثقافة اجتماعية‬ ‫جنوعية جوهرها تقديس األفراد ومجانية التعظيم‪,‬‬ ‫واإلذع�����ان ال��س��ل��س ل��ـ��ـ»ج��ي��رون��ت��وق��راط��ي��ة»م��ن��ق��ط��ع��ة‬ ‫ومناقضة لكل متطلبات التغيير وأدواته ‪!..‬‬

‫عبدالواحد حركات‬ ‫بدأت بالبوعزيزي وانتهت في أحضان الثيوقراطيني‬

‫اعتاد التاريخ مخالفة الطريق املرسوم له‪!..‬‬ ‫اجلموع التي خرجت في الشوارع التونسية مطالبة بإسقاط نظام‬ ‫«زين العابدين بن علي»‪ ,‬حملت مطالب احلياة الكرمية‪ ,‬وصرخت‬ ‫بكل عنفوان من اجل إنهاء العسف وإيقاف االستبداد ودميقرطة‬ ‫احلكم وحتسني فرص العيش والتنمية‪ ,‬وكانت تلك اجلموع بعيدة‬ ‫كل البعد عن أي مخططات أيدلوجية أو مشروعات حكم سلطوية‪,‬‬ ‫فتركت براءتها وبساطتها ساللم خلفية متاحة لفئات طالب السلطة‬ ‫وأصحاب األيدلوجيات واملصالح‪ ,‬فاعتالها الثيوقراطيون خلسة‬ ‫ليظهروا جنوماً على ركح التغيير‪ ,‬وأبطاالً مناضلني ضد عسف‬ ‫وجور نظام أُتفق «بضم الهمزة» على فساده‪!..‬‬ ‫البادرة التونسية كانت مفاجأة‪ ,‬فما مييز املجتمع التونسي من مدنية‬ ‫واعية‪ ,‬وانقطاع فكري عن التعصب ومناجمه القبلية والطائفية‪,‬‬ ‫وتفوق التونسيني في إدارة معيشتهم ورقى تعليمهم وجودته‪ ,‬وصدق‬ ‫توح أو تحُ ِضر لسطوة مشروع ثيولوجي‬ ‫ثورتهم ونقاء افتتاحيتها‪ ,‬لم ِ‬


‫اإلخوان تسللوا إلى الثورة في غفلة من الشعب‬

‫املالمح‪ ,‬ولم يكن ملجموعات الثيوقراطيني أي فرصة للقفز في‬ ‫مراكب التغيير‪ ,‬لوال ارتفاع مد وروح الوطنية‪ ,‬ومجانية الثقة واالقتناع‬ ‫التي وهبتها اجلموع التونسية لزعماء الثيوقراطيني املؤدجلني على‬ ‫املناهج اإلسالموية‪ ,‬وكل العائدين من القالع األوروبية بعد زمن نفي‬ ‫أو فرار من بطش النظام املنكسر‪!..‬‬ ‫هيأ حزب «التجمع الدستوري الدميقراطي» تونس لالنتفاضة‪,‬‬ ‫وشحذ الهمم وأح��رق ك��ل اجل�س��ور التي تصله بالكادحني‪ ,‬فقد‬ ‫مثل استحواذه على احلكم وإماتة احلياة السياسية‪ ,‬مرحلة سيئة‬ ‫ومحبطة عاشتها تونس على مختلف الصعد‪ ,‬وك��ان االستثمار‬ ‫السيئ حلالة املواطن التونسي‪ ,‬والفساد الكبير وع��دم الشفافية‬ ‫عوامل داعمة للتغيير‪ ,‬ف��األوس��اط التونسية مت��ور وتتحفز لقلب‬ ‫نظام «بن علي « منذ سنوات‪ ,‬وك��ان اشتعال جسد «البوعزيزي»‬ ‫قطرة أخيرة أفاضت الكأس‪ ,‬وأطلقت العنان للجموع لتخرج معلنة‬ ‫سخطها ورفضها للنظام‪ ,‬فاستجاب التونسيون في ساعات قليلة ملا‬

‫حدث في «سيدي بوزيد»‪ ,‬واشتعلت تونس غضباً ونقمة وصراخاً‬ ‫حتى فر «بن علي» وترك البالد ‪!!.‬‬ ‫لم تكن الثيولوجيا مكثفة في فضاء احلياة التونسية أو بأوساطها‬ ‫النخبوية‪ ,‬ول��م يكن للثيوقراطيني وج��ود حقيقي محسوس على‬ ‫خارطة التغيير في بدايته‪ ,‬ولكنهم استطاعوا ومبجرد سقوط نظام‬ ‫«بن علي» التسرب للتغيير واحتكاره والسيطرة على حركته الداخلية‪,‬‬ ‫وكان رجوع «راشد الغنوشي» من حاضنته «لندن» بعد الثورة رجوعاً‬ ‫«خميني» الطقوس والتفاصيل‪ ,‬فحول «حركة النهضة» التي كانت‬ ‫مبعدة عن العمل السياسي إلي حزب سياسي‪ ,‬سرعان ما شكل‬ ‫أغلبية في االنتخابات التشريعية‪ ,‬وكونت مع حزبي املؤمتر من أجل‬ ‫اجلمهورية و التكتل الدميقراطي من أجل العمل حتالف «الترويكا»‪,‬‬ ‫وصارت شريكة في احلكم وتيار مؤثر في صناعة مستقبل تونس‬ ‫على املدى البعيد‪!..‬‬ ‫الثيوقراطيون في تونس لم يكونوا مبعزل عن ثيوقراطيي العرب‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫داعشلوجيا‬ ‫األيدلوجيات امللوثة التي أدمن الليبيون تعاطيها أسفرت‬ ‫عن نزوات وميول مفجعة لتدمير مجتمعهم‬ ‫اعتلى الثيوقراطيون املشهد التونسي خلسة ليظهروا‬ ‫فاسد‬ ‫جنوما على ركح التغيير وأبطاال مناضلني ضد نظام ٍ‬

‫الغنوشي ‪ ..‬وجه أمام اإلعالم ووجه آخر في السياسة‬

‫املشروع الثيوقراطي في الشرق األوسط يبرهن على‬ ‫وجود جماعة اإلخوان كأمبراطورية افتراضية ال‬ ‫ينقصها غير األرض إلقامة مشروعها السلطوي‬ ‫انكسار جماعة اإلخوان في معقلها مبصر وخسارتها‬ ‫الكبيرة لرصيدها الشعبي هزّ املشهد الثيوقراطي‬ ‫باملنطقة العربية بأسرها‬

‫أمير املقاتلة بلحاج ‪ ..‬ولعبة التمويه باللباس العصري‬

‫وثيوقراطيي اإلسالم في الشرق األوسط وفي أوروبا‪ ,‬ووجود حركة‬ ‫النهضة كظل محلي جلماعة اإلخ��وان املسلمني‪ ,‬وعضوية «راشد‬ ‫الغنوشي» مبكتب اإلرش��اد العام العاملي جلماعة اإلخ��وان يوحي‬ ‫بترابط املشروع الثيوقراطي في منطقة الشرق األوسط‪ ,‬ويبرهن‬ ‫على حقيقة وجود جماعة اإلخوان املسلمني كإمبراطورية ثيوقراطية‬ ‫افتراضية ال ينقصها غير األرض إلقامة مشروعها السلطوي‪,‬‬ ‫وإعالن اخلالفة وتسمية الوالة على األمصار واألقطار‪!..‬‬ ‫الظهور املفاجئ للثيوقراطيني في تونس‪ ,‬وتكاملهم وتالحمهم‬ ‫املباشر مع ثيوقراطيي مصر وثيوقراطيي ليبيا‪ ,‬وتعسكرهم كفصيل‬ ‫منعزل وفئة منقطعة عن مجتمعاتها ومتصلة مع أجزائها بالدول‬ ‫والقارات‪ ,‬جعل من إسقاط الديكتاتوريات مشروع إقامة للخالفة‬ ‫اإلسالمية‪ ,‬وجمع اإلمكانات والعتاد لفرض الهوية الثيوقراطية على‬ ‫الشمال اإلفريقي‪ ,‬واستثمرت جماعة اإلخ��وان املسلمني أحداث‬ ‫التغيير‪ ,‬ومن خالل قياداتها احمللية في كل قطر انتزعت السلطة‬ ‫أو فرضت وصايتها عليها‪ ,‬مستغلة املوروث السيئ للديكتاتوريات‬ ‫ال�ت��ي أش��اع��ت ال�ف�س��اد‪ ,‬ومنحت جماعاتها األول�ي�ج��ارك�ي��ة حرية‬ ‫التصرف مبقدرات الشعوب واستغاللها‪ ,‬وأباحت الظلم واالنتهاكات‬ ‫وطمس النخب وتفريغها بالسجن أو النفي أو بالتدجني‪ ,‬بطريقة‬ ‫خدمت مصالح الثيوقراطيني ومكنتهم م��ن تفريغ املجتمعات‪,‬‬ ‫بإتباع سياسات التفريق والتخوين‪ ,‬بعدما جعلوا من مآسيهم التي‬ ‫عايشوها بسبب الديكتاتوريات «أقمصة عثمان» املؤدية للسلطة‬ ‫واملشرعة خلالفتهم‪!..‬‬ ‫انكسار جماعة اإلخ��وان املسلمني في معقلها مبصر‪ ,‬وخسارتها‬ ‫املفجعة لرصيدها الشعبي‪ ,‬ه��ز املشهد الثيوقراطي باملنطقة‬ ‫العربية بأسرها‪ ,‬وحاصر حلم اجلماعة في إقامة خالفتها‪ ,‬ولكنه‬

‫ثيوقراطيو ليبيا أخفقوا في ضمان استمرارهم‬ ‫بالسلطة وانقلبت عليهم أسحارهم وأصبحوا في مواجهة‬ ‫أغلب فئات الشعب‬ ‫دعم ظالل الثيوقراطية في ليبيا‪ ,‬وحولها إلي دار خالفة بديلة‬ ‫عن مصر‪ ,‬وأصبح لـــ»الصادق الغرياني» و»علي الصالبي» أدوار‬ ‫أساسية في مشروع اخلالفة‪ ,‬وبات حزب العدالة والبناء مبفرداته‬ ‫اإلسالموية‪ ,‬وحزب الوطن بزعامة «عبد احلكيم بلحاج» محركات‬ ‫أساسية ملشروع اخلالفة‪ ,‬وقد رافق انكسار األخوان حتول كبير في‬ ‫سياستهم جتاه الغرب‪ ,‬وحتول آخر في سياسة تعاملهم مع شعوب‬ ‫املنطقة‪ ,‬وتراجع ملحوظ لزعامات تصدرت مشهد التغيير‪ ,‬وأعلنت‬ ‫متيزها ونبوغها وتفوقها بفضل انتمائها جلماعة األخوان‪ ,‬حينما‬ ‫كانت خيوط اللعبة بيدها ومقاعد السلطة حتتها‪ ,‬واتضح التغيير‬ ‫في النموذج التركي‪ ,‬الذي كان وال يزال املثال واألصل الذي يهتف به‬ ‫ثيوقراطيو تونس وليبيا‪!..‬‬ ‫األحداث واأليام كشفت آالعيب ثيوقراطيو ليبيا‪ ,‬وفضحتهم أفعالهم‬ ‫العلنية واخلفية‪ ,‬ورغم نضجهم السياسي مقارنة باجلموع الليبية‪,‬‬ ‫وبرغم عمق منهجهم املستورد وقدمه‪ ,‬إال أنهم أخفقوا في ضمان‬ ‫استمرارهم في السلطة‪ ,‬وانقلبت عليهم أسحارهم وطفت مكائدهم‬ ‫ودسائسهم على السطح‪ ,‬وأصبحوا في مواجهة حقيقية ومباشرة‬ ‫مع اغلب فئات املجتمع‪ ,‬الذي أعلنوا مراراً وتكراراً انسالخهم عنه‪,‬‬ ‫واحتقارهم لفئاته املناقضة واملعارضة ملشروعهم‪ ,‬وباتوا مع حليفهم‬ ‫األساسي في لعبة السياسة «محمود جبريل» وحتالفه‪ ,‬على طرفي‬ ‫النقيض بعدما استعرت بينهم احل��روب الكالمية‪ ,‬وحتولت إلي‬


‫أحمد معيتيق ‪..‬‬ ‫كان مكيدة إخوانية‬

‫الثيوقراطيون الليبيون فرضوا سلطتهم على املجلس‬ ‫االنتقالي ودبروا حادثة اغتيال عبد الفتاح يونس ونفذوها‬ ‫كان رجوع الغنوشي من حاضنته لندن رجوع ًا «خميني»‬ ‫الطقوس والتفاصيل!‬

‫الصادق الغرياني ‪ ..‬فتاوى حصرية حلساب الثيوقراطيني‬

‫تأسيس األحزاب خدعة أولى أرادها الثيوقراطيون‬ ‫وشاركهم بها محمود جبريل لتالقي املصالح‬ ‫حتول املفتي إلى « أوربانوس» عتيد وحتولت احلكومة‬ ‫إلى جارية خلدمة سلطة الثيوقراطيني‬ ‫أفظع مكائد اإلخوان في ليبيا متثل في اختيار حكومة‬ ‫أحمد معيتيق وإلغائها‬

‫علي الصالبي ‪ ..‬أحد الثيوقراطيني الليبيني البارزين‬

‫لعنات بأروقة حربهم الباردة‪ ,‬وقتال في شوارع املدائن الليبية‪!..‬‬ ‫الثيوقراطيون الليبيون فرضوا سلطتهم على املجلس االنتقالي‪,‬‬ ‫ودب��روا حادثة اغتيال «عبدالفتاح يونس» ونفذوها‪ ,‬وكانوا طوال‬ ‫أحداث احلرب يكرسون وجودهم بالسلطة‪ ,‬ويجمعون املال والعتاد‬ ‫واألسلحة‪ ,‬ويخوضون معركتهم املختلفة عن معركة باقي الشعب‪,‬‬ ‫وحاملا سقط نظام القذافي حملوا السلطة املتمثلة في املجلس‬ ‫االنتقالي على تبني مشروعهم‪ ,‬ومنحهم فرصة الوجود الشرعي‬ ‫والقانوني لالنقضاض على السلطة بطريقة منطقية‪ ,‬فاصدر‬ ‫املجلس االنتقالي قانون تأسيس األحزاب‪ ,‬ووهبهم امليالد السياسي‬ ‫املعترف به‪!..‬‬ ‫تأسيس األحزاب خدعة أولى أرادها الثيوقراطيون وشاركهم بها‬ ‫«محمود جبريل»لتالقي املصالح‪ ,‬وبرغم تصريح «مصطفى عبد‬ ‫اجلليل» يوم «‪ 19‬مايو ‪ »2012‬باستبعاد تكوين األح��زاب‪ ,‬إال أن‬ ‫مجريات اللعبة السياسية فرضت العكس‪ ,‬وأجبرت الليبيني على‬ ‫ابتالع طعم انتخابات هزلية خاضتها أحزاب وهمية لم يبلغ عمرها‬ ‫شهرين‪ ,‬وقابل األكثرية الظاهرية لتحالف القوى أكثرية حقيقية‬ ‫للثيوقراطيني‪ ,‬ومتثلت املكيدة في املرشحني املستقلني الذين وصلوا‬ ‫ف��رادى ‪ ,‬وحتولوا داخل جسد السلطة «املؤمتر الوطني» إلي كتل‬ ‫ومعسكرات‪ ,‬وتلبدت غيوم الثيوقراطية فحجبت عن الليبيني كل‬ ‫احلقائق وحولتهم إلي رعية بلهاء بهائمية‪ ,‬وكرست السلطة خلدمة‬ ‫مشروعات الثيوقراطيني احمللية واإلقليمية‪ ,‬وحت��ول املفتي إلي‬ ‫«أورب��ان��وس» عتيد‪ ,‬وحتولت احلكومة إل��ي جارية خلدمة سلطة‬ ‫الثيوقراطيني‪ ,‬وتتالت غرائب وفظائع األقوال واألفعال حتى نفذ‬ ‫صبر الشعب‪ ,‬وأعلن سخطه ورفضه لوجود األخ��وان وسلطتهم‪,‬‬ ‫فخرج عليهم وحتول إلي ضحية لشراستهم ‪!..‬‬

‫أثمن غايات الثيوقراطيني الليبيني هو تشريع وجودهم‬ ‫وضمان مشاركتهم في السلطة وال يطرحون بديال لها‬ ‫سوى شتات الوطن ودماره‬ ‫إن أفظع مكائد األخوان في ليبيا متثل في اختيار حكومة «احمد‬ ‫معتيق» وإلغائها‪ ,‬فالرضوخ السلس حلكم القضاء بعدم شرعيتها‬ ‫كان مكيدة‪ ,‬وحتضير جلرمية وطنية كاملة مدبرة إلدخال ليبيا في‬ ‫دوامة الفوضى‪ ,‬وبرغم مصادقة املؤمتر الوطني وقبوله ملقترحات‬ ‫جلنة فبراير‪ ,‬وضمها لإلعالن الدستوري‪ ,‬إال أن النوايا املبيتة‬ ‫لوضع البرملان حتت وصاية مليشيات األخ��وان‪ ,‬وإقرار الدستور‬ ‫وفق رؤاهم كانت جلية‪ ,‬وعندما أخفقوا في حتقيق نواياهم‪ ,‬ألقوا‬ ‫بحكومة «أحمد معتيق « كطعم سام‪ ,‬وجعلوا من القضاء الذي‬ ‫حكم بإلغائها حجة على الشعب الليبي وعلى البرملان املنتخب‪,‬‬ ‫فقبول حكم القضاء بشأن حكومة» معتيق» يجبر اجلميع على‬ ‫قبول حكمه بشأن مشروعية البرملان‪ ,‬مما أت��اح لهم التساوي‬ ‫مع البرملان في غياب الشرعية ظاهرياً‪ ,‬ومنحهم فرصة احلوار‬ ‫واالس�ت�م��رار كسلطة بديلة ع��ن ال �ف��راغ‪ ,‬وص��ار لوجودهم قيمة‬ ‫وملطالبهم حجة‪ ,‬واستثمروا حالة اللبس في خلق نزاع مسلح يهدد‬ ‫الوطن باالنقسام‪!..‬‬ ‫إن أثمن غايات الثيوقراطيني الليبيني بجميع فئاتهم ومسمياتهم‬ ‫هو تشريع وجودهم‪ ,‬وضمان مشاركتهم في السلطة التشريعية‬ ‫والتنفيذية‪ ,‬وتأتي براءتهم مما اقترفوا كنتيجة ضمنية لشراكتهم‪,‬‬ ‫واجتهادهم احلالي على جميع الصعد يرمي إلي حتقيق هذه الغاية‪,‬‬ ‫وال يطرحون بدي ً‬ ‫ال لها سوى شتات الوطن ودماره‪!..‬‬


‫‪26‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫المغتسلة‬ ‫ُ‬ ‫الصديق بودوارة‬ ‫العصر العباسي ‪ ،‬وب�غ��داد العتيدة تضج ح�ي��ا ًة وحيوية ومت��وج‬ ‫باالزدهار من كل جنس ولون واجتاه ‪ ،‬ومتتليء باآلراء والثقافات‬ ‫واملذاهب ‪ ،‬وتنساب في أزقتها جموع البشر من كل بالد الدنيا‬ ‫‪ ،‬ويزدحم فيها كل شيء ‪ ،‬لكن «ابو نواس» يقتطع خلياله ضيع ًة‬ ‫ساحرة متخلياً عن ما سواها ألهل بغداد ‪ ،‬مبدعاً معنى احتجنا‬ ‫إليه بعد ألف ومئتي سنة من موته ‪ ،‬لعل معنى أبي نواس يعبر عن‬ ‫ما عجزنا عنه اآلن ‪.‬‬ ‫بإسم يليق‬ ‫«أبو نواس»‪ ،‬يبد ُع أبياتاً من ذهب ‪ ،‬سماها النقاد بعده‬ ‫ٍ‬ ‫بها ‪ ،‬إنهم يطلقون عليها اسماً مثيراً للجدل ‪ ،‬يسمونها «املغتسلة»‬ ‫‪ ،‬ويبتعدون بنا بعض الشيء عن رائعة «ابن النحوي» الشهيرة ‪،‬‬ ‫«املنفرجة» ‪ ،‬لعلنا نستدل باملوعظة أن الطريق الى الفرج سيكون‬ ‫سالكاً فقط اذا قادنا إليه احلياء ‪.‬‬ ‫إن «أبا نواس» يلمح بطرف عينه مشهداً يستفز شاعريته العظيمة‬ ‫‪ ،‬فيصور املشهد بعدسة فائقة اجلودة ‪ ،‬قبل أن يُبدع الغرب في‬ ‫صنع الكاميرات ‪ ،‬ليشركنا معه في إثم التلصص ‪ ،‬لكنه مينحنا‬ ‫باملقابل كنزاً نحن بأمس احلاجة إليه اآلن ‪ ،‬لعلنا نصف حاالً يؤرق‬ ‫منامنا ‪ ،‬بينما يتمتع أبو نواس بنومه الطويل ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫جارية تستحم ‪ ،‬فيصف ما‬ ‫إن الشاعر املدهش يتلصص على‬ ‫يراه ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فرط احلياء ))‬ ‫القميص لصب ماء ‪ ..‬فو ّرد وجهها‬ ‫عنها‬ ‫نضت‬ ‫((‬ ‫َ‬ ‫هذا ما أريده اآلن ‪ ،‬فهل ينبغي لي أن أشكر « أبي نواس « ؟ أم‬ ‫علي أن أدخل اآلن في صلب املوضوع ؟‬ ‫يتوجب ّ‬ ‫« احلياء» ‪ ،‬ذلك اإلحساس الذي راود جارية أبي نواس منذ ألف‬ ‫سنة ‪ ،‬ملاذا ال يراودنا اآلن ‪ ،‬ونحن نصنع ما صنع بأنفسنا ووطننا‬ ‫ومستقبل أجيالنا بعد مئات السنني ؟‬ ‫أمل‬ ‫حياءُ جارية «أبي نواس» ‪ ،‬ما أحوجنا إليك اآلن ‪ ،‬فهل من ٍ‬ ‫يدلنا عليك ؟ لعلنا نتوقف عن ما نحن فيه ؟‬ ‫«مغتسلة» أبي ن��واس ‪ ،‬ال تشبهنا في شيء ‪ ،‬إنها فقط تغتسل‬ ‫مثلنا ‪ ،‬فعل االغتسال هو وحده املشترك بيننا ‪ ،‬لكنها تغتسل باملاء‬ ‫الطاهر النظيف ‪ ،‬بينما نغتسل نحن باألثم الدنس املدنس ‪ ،‬ما‬ ‫أبعد الفارق بني اغتسال واغتسال ‪.‬‬ ‫ثمة فارق آخر بني املشهدين ‪ ،‬هناك اخلجل ‪ ،‬مغتسلة أبي نواس‬

‫تشعر باخلجل ‪ ،‬لكننا لم نعد نشعر بشيء ‪.‬‬ ‫ال خجل فيما نفعله اآلن ‪ ،‬كلنا حتولنا الى طغاة مقتدرين ‪ ،‬حتى‬ ‫اإليدلوجيا التي اعتنقها البعض منا ‪ ،‬بدل أن تطهرهم االيدلوجيا‬ ‫‪ ،‬دنسوها هم ‪ ،‬وبدل أن ترتقي بهم مباديء االنتماء إلى منهج‬ ‫بعينه ‪ ،‬قاموا هم بالنزول إلى هذه املباديء إلى حضيض املمارسة‬ ‫الوحشية ملفهوم السيطرة واالجتياح ‪ ،‬فتحول أتباع االيديولوجيا‬ ‫إلى قطعان غير مروضة تنبت لها األنياب وتتربص على أطراف‬ ‫أصابعها املخالب ‪.‬‬ ‫هذا عن «ذئاب الشوارع « املؤدجلة ‪ ،‬فماذا عن مهندمي السياسة‬ ‫وباعة الكالم املنمق ؟ هل يطلبون هم أيضاً العون من مغتسلة أبي‬ ‫نواس ؟ تلك التي و ّرد وجهها فرط احلياء منذ ألف سنة أو يزيد ؟‬ ‫نعم ‪ ،‬اعتقد أن اجلواب هنا بنعم كبيرة ‪ ،‬فال حياء عند ٍ‬ ‫أحد اآلن‬ ‫‪ ،‬ألن الساسة املبتدئون باعوا ماء احلياء بال تردد ‪ ،‬وبكل خيبة‬ ‫األمل نقلت لنا الفضائيات جلسات اجتماعات بيزنطية لنزاعات‬ ‫مجالس احلكومات املتعاقبة السورية ‪،‬وه��م ينتخبون الرؤساء‬ ‫ويتنازعون مناصب أعضاء التشكيالت السياسية ‪،‬بينما يحصد‬ ‫املوت الفقراء في مدن الشام املنكوبة ‪.‬‬ ‫وشاهدنا اليمن تُقاد إلى اخلراب بينما أصبع «عبدامللك احلوثي»‬ ‫تتجول بني وجوه املشاهدين مهدد ًة متوعدة ‪ ،‬وبينما يناور «عبدالله‬ ‫صالح» ويخادع ويخدع ‪ ،‬في الوقت الذي ميضغ فيه البؤساء في‬ ‫صعدة وعدن وصنعاء القات والظلم والفقر والعوز ‪.‬‬ ‫وه��ا نحن في ليبيا ‪،‬نتأمل جحافل النشطاء السياسني ووج��وه‬ ‫وزراء املناصب السيادية ‪ ،‬ونواب الشعب ‪ ،‬وأعضاء جلنة الدستور‬ ‫بوضع في منتهى‬ ‫‪ ،‬وهم ميارسون سياس ًة متمهلة خجولة ‪ ،‬التعبأ‬ ‫ٍ‬ ‫الصعوبة وبشر يفقدون معالم بشريتهم كل يوم ‪.‬‬ ‫وبعيداً عن اتهامات الغرب بالتآمر ‪ ،‬ها نحن نتآمر على أنفسنا‬ ‫‪ ،‬من سوريا الى اليمن مروراً بليبيا ‪ ،‬نحن نتآمر على وجوهنا ‪،‬‬ ‫ونتآمر على منازلنا ‪ ،‬ونتآمر على حدودنا ‪ ،‬ونتآمر على موارد‬ ‫ثروتنا ‪ ،‬ونتآمر على بنية بالدنا التحتية ‪ ،‬ونتآمر على بقاء دولنا‬ ‫من األساس ‪.‬‬ ‫إننا نتآمر على كل ما يتعلق بنا ‪ ،‬لكننا لم نشعر بعد بذرةٍ من ذلك‬ ‫اخلجل الذي شعرت به جارية أبي نواس ذات يوم ‪.‬‬


‫لكن الغرب ايضاً يتآمر ‪ ،‬ويستنفر الدنيا من أجل ٍ‬ ‫قطة عالقة‬ ‫في أعلى شجرة ‪ ،‬لكنه ينام عميقاً قبل أن يتحرك من أجل آالف‬ ‫البشر الذين يحصدهم الرصاص ‪.‬‬ ‫يصدر لنا املوت ذبحاً لكي ينام قيلولته هادئاً خالي البال‬ ‫الغرب‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬ويجهز لنا السالح لكي ال تتوقف عندنا احلروب ‪ ،‬ويصدر لنا‬ ‫الذخيرة بأرخص األسعار لكي ال تتوقف مصانعه عن العمل ‪ ،‬وال‬ ‫يهمه بعد ذلك كم جث ًة ستمتليء بها شوارعنا ‪ ،‬مادامت خزائنه‬ ‫قد امتألت باملليارات ‪.‬‬ ‫الغرب أيضاً ال يشعر باخلجل يا جارية أبي نواس القدمية ‪ .‬فمن‬ ‫غيرك يشعر به اآلن ؟‬ ‫هذا هو حالنا مع اخلجل ‪ ،‬لكن مشهد أبي نواس مع جاريته لم‬ ‫ينته بعد ‪ ،‬إنه يواصل سرد تفاصيل ما يراه ‪ ،‬فكيف هو مشهد‬ ‫أبي نواس ؟‬ ‫ليل ‪ ..‬وظل املاءُ يقطر فوق ماءِ ))‬ ‫(( فغاب الصبح منها حتت ٍ‬ ‫هذا ما سمح لي املعقول باجتزاءه من هذه األبيات ‪ ،‬لكني وجدت‬ ‫ما ميألني بالوجع في هذا البيت بالذات ‪.‬‬ ‫أن يغيب الصبح حتت ليل ‪ ،‬أن يتمطى الظالم بسواده ليحجب‬ ‫نور الفجر ‪ ،‬ويرمي بالشمس املنيرة إلى حيث ال يراها أحد ‪ ،‬فإذا‬ ‫استمتع أبو نواس بهذا املشهد في زمانه فإننا ال نشعر جتاهه اآلن‬ ‫اال باحلزن ميزق فينا كل شيء ‪.‬‬ ‫أن يغيب صبحنا اآلن ‪ ،‬أن ميأل العبث شوارعنا ‪ ،‬وأن تتشوه‬ ‫بالقسوة صدور الرجال ‪ ،‬وأن تزدهر في تواريخنا مواسم البشاعة‬ ‫والقبح ‪ ،‬وأن يتلوث حاضرنا بكل هذا الدم ‪ ،‬وأن يصبح املوت‬ ‫سه ً‬ ‫ال ومباحاً ومشروعاً وفي متناول يد اجلميع ‪.‬‬ ‫املوت ليس فعل انتاج وحركة ‪ ،‬إنه فعل سكينة وعدم ‪ ،‬كل انسان‬ ‫ميكنه أن يضع حداً حلياته هو أو حياة غيره ‪،‬ليس في املوت ابداع‬ ‫‪ ،‬وليس في املوت ابتكار ‪ ،‬لهذا ‪ ،‬فإن البشاعة كلها تكمن في أن‬ ‫يصبح إنتاج املوت هو كل ما جنيده ‪ ،‬وأن تصبح ثقافة الكراهية‬ ‫هي كل نتاج مصانع أفكارنا اآلن ‪.‬‬ ‫املوت ليس فعل حركة وجتدد ‪ ،‬ما يصنع االبتكار والتجدد واحلركة‬ ‫هو فعل احلياة ‪ ،‬هو أن ننتج األفكار ‪ ،‬وأن نصنع التجدد ‪ ،‬وأن‬ ‫نبني األوطان وننشيء الدول ‪ ،‬ال أن نهدمها بال حساب ‪.‬‬

‫هذه هي املوعظة ‪ ،‬وهذا هو الصبح الذي ينبغي أن ال يغيب حتت‬ ‫الليل ‪ ،‬وهذا هو املعنى الذي ال يجوز لنا أن نقتله ظلماً وعدواناً‬ ‫بحجة التغيير واحلرية واالنعتاق ‪.‬‬ ‫فصوره شاعر‬ ‫عري قدمي ‪ ،‬مارسته جارية حسناء منذ ألف سنة ‪ّ ،‬‬ ‫مدهش كما هو ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فرط احلياء ))‬ ‫القميص لصب ماء ‪ ..‬فو ّرد وجهها‬ ‫(( نضت عنها‬ ‫َ‬ ‫وعري حديث ‪ ،‬منارسه نحن اآلن ‪ ،‬ولكن بال دهشة أبي نواس ‪،‬‬ ‫وبال خجل نحس به ‪.‬‬ ‫معان نشاهد اآلن عريها ‪ ،‬متاماً كما شاهد أبو نواس عري‬ ‫كلها ٍ‬ ‫جاريته احلسناء ذات يوم ـ غير أنها أحست باخلجل فورد احلياء‬ ‫وجهها ‪ ،‬بل أن��ه ش� ّدد على أن��ه احلياء في أش��د حاالته بعد أن‬ ‫وصفه بفرط احلياء ‪ ،‬بينما نصر نحن على عرينا الفاضح من‬ ‫قيم االنتماء الى مجرد وطن ‪ ،‬متاماً كما تعرت ذات يوم جارية ابي‬ ‫نواس ‪ ،‬ولكن ‪ ،‬دون أن نشعر مثلها باحلياء !!‬


‫‪28‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫نشرت شبكة سى إن إن اإلخبارية األمريكية عبر موقعها اإللكترونى‪ ،‬تفاصيل حول العملية النوعية املفاجئة التي‬ ‫نفذتها قوات أمريكية خاصة األسبوع املاضي في سوريا‪.‬‬ ‫وصفت الشبكة العملية بأنها «صفعة قوية» لتنظيم داعش اإلرهابي‪ ،‬والتي مبوجبها أعلنت اإلدارة األمريكية عن مقتل‬ ‫أحد كبار قياديي التنظيم في عملية عسكرية برية‪ ،‬قامت بتنفيذها وحدة خاصة من اجليش األمريكي‪.‬‬

‫‪ CNN‬نشرت تفاصيل‬ ‫العملية النوعية‬

‫التونسي‬

‫أبوسياف‬

‫يلقى حتفه‬

‫وبحسب املعلومات التي نشرتها ‪ ،CNN‬فإن العملية كانت تستهدف‬ ‫اعتقال القيادي في داعش (أبو سياف)‪ ،‬أحد أبرز املسئولني عن إدارة‬ ‫املوارد املالية للتنظيم‪ ،‬إال أنها انتهت مبقتله ونحو ‪ 10‬مسلحني آخرين‪.‬‬ ‫وأكدت أن العملية أمر بتنفيذها وزير الدفاع األمريكي‪ ،‬أشتون كارتر‪،‬‬ ‫بنا ًء على تعليمات من الرئيس ب��اراك أوباما‪ ،‬متت قيادتها من قبل‬ ‫مجموعة تابعة لقوات «دلتا»‪ ،‬تضم ما يزيد على ‪ 20‬عنصراً‪ ،‬وشارك‬ ‫فى تنفيذها أكثر من ‪ 100‬فرد من مختلف الوحدات القتالية‪ ،‬مبا فيهم‬ ‫الطيارين الذين تولوا عملية اإلنزال‪.‬‬ ‫وأك��دت أن القوة املهاجمة متكنت من اقتحام املبنى‪ ،‬وقامت بقتل‬ ‫املسلحني دون امل �س��اس ب��أي م��ن األط �ف��ال أو ال�ن�س��اء ال��ذي��ن كانوا‬ ‫متواجدين داخل املبنى‪ ،‬ولفتت إلى أن «أبو سياف» ُقتل أثناء مقاومته‬ ‫حملاولة اعتقاله‪ ،‬وحاول االقتراب من القوات‪ ،‬ولم يُعرف على الفور ما‬ ‫إذا كان يرتدى سترة ناسفة أم ال‪.‬‬ ‫وكان «املرصد السوري حلقوق اإلنسان» قد أعلن أن حصيلة قتلى‬ ‫تنظيم «داعش» ارتفع إلى ‪ 32‬قتي ً‬ ‫ال‪ ،‬بينهم أربعة قياديني‪ ،‬جراء قصف‬ ‫لطائرات «التحالف» وعملية إنزال نفذتها قوات أميركية خاصة في‬ ‫األسبوع املاضي‪ ،‬في حقل العمر النفطي القريب من بلدة البصيرة في‬ ‫ريف دير الزور الشرقي‪.‬‬ ‫وكانت وزارة الدفاع األميركية (البنتاغون) كشفت أن قوات أميركية‬ ‫خاصة نفذت عملية إنزال في شرق سوريا‪ ،‬أدت إلى مقتل القيادي في‬ ‫تنظيم «داعش»‪ ،‬أبو سياف‪ ،‬واعتقال زوجته وحترير أسيرة أيزيدية‪.‬‬ ‫وق��ال وزي��ر ال��دف��اع األم�ي��رك��ي آش�ت��ون ك��ارت��ر ف��ي ب�ي��ان أن «ال�ق��وات‬ ‫األميركية قتلت خالل عملية نفذت ليل اجلمعة ‪ -‬السبت قيادياً كبيراً‬ ‫في تنظيم الدولة اإلسالمية‪ ،‬وألقت القبض على زوجته في شرق‬ ‫سوريا»‪ ،‬موضحاً أن «القيادي هو أبو سياف‪ ،‬الذي ساهم في إدارة‬ ‫عمليات عسكرية وأخرى لتهريب النفط لصالح التنظيم املتطرف‪ ،‬وقد‬ ‫قتل خالل العملية في تبادل إلطالق النار مع القوات األميركية»‪.‬‬

‫‪‎‬أبو سياف التونسي‬

‫املرصد السوري حلقوق اإلنسان ّ‬ ‫يؤكد مقتل ‪ 19‬من‬ ‫أعضاء داعش ‪ 12‬منهم من األجانب‬ ‫القوات األميركية نفذت العملية في منطقة العمر‬ ‫شرق سوريا وهي ليست متواجدة في العراق‬ ‫املتحدثة باسم مجلس األمن القومي األميركي‪:‬‬ ‫نظام األسد ليس شريك ًا وما ينبغي له‬ ‫متكنت القوة املهاجمة من اقتحام املبنى وقامت بقتل‬ ‫املسلحني دون املساس بأي من األطفال أو النساء‬ ‫يشتبه في أن زوجة أبو سياف كانت تلعب دور ًا مهم ًا‬ ‫في أعمال التنظيم اإلرهابية‬


‫‪‎‬القوات األمريكية انتقلت إلى منطقة العمر ونفذت العملية‬

‫وأضاف بيان وزارة الدفاع األميركية أن «زوجة أبو سياف يشتبه في‬ ‫أنها كانت تلعب دوراً مهماً في أعمال التنظيم اإلرهابية‪ ،‬وفي تواطئها‬ ‫في استعباد املرأة األيزيدية التي مت إنقاذها»‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬أكد البيت األبيض أن الرئيس باراك أوباما «أمر بتنفيذ‬ ‫الغارة التي قتل فيها أبو سياف»‪ ،‬مشيراً أيضاً إلى «اعتقال زوجته‬ ‫وإيداعها حجزاً عسكرياً في العراق»‪.‬‬ ‫وأوضحت املتحدثة باسم «مجلس األمن القومي» األميركي برناديت‬ ‫ميهان أن «القوات األميركية التي نفذت العملية ليست متواجدة في‬ ‫العراق‪ ،‬وال تتخذه مقراً لها‪ ،‬وأن العملية نفذت في منطقة العمر شرق‬ ‫سوريا»‪.‬‬ ‫وأضافت ميهان أن «الرئيس أوباما أجاز العملية بناء لتوصية من فريقه‬ ‫األمني القومي‪ ،‬وفور متكننا من تكوين معلومات استخبارية كافية‪،‬‬ ‫وثقتنا من أن املهمة سوف تنجز بنجاح»‪ ،‬الفتة أيضاً إلى أن «العملية‬ ‫حصلت على موافقة تامة من قبل السلطات العراقية»‪.‬‬ ‫ولفتت ميهان إلى انه «لم يتم إبالغ احلكومة السورية مسبقاً‪ ،‬ولم ينسق‬ ‫معها» بشأن الغارة التي أدت إلى مقتل أبو سياف‪.‬‬ ‫وفي هذا الشأن‪ ،‬أضافت «حذرنا نظام األسد من التدخل في جهودنا‬ ‫املتواصلة ضد تنظيم الدولة اإلسالمية في سوريا‪ .‬نظام األسد ليس‬ ‫شريكاً‪ ،‬وال ميكن أن يكون شريكاً في القتال ضد التنظيم»‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬قال مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه أن «العملية‬ ‫األميركية التي نفذت أدت إلى مقتل نحو ‪ 10‬مقاتلني من تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬باإلضافة إلى أبو سياف»‪.‬‬ ‫وذكر مسؤول أميركي آخر أن «أبو سياف هو مواطن تونسي»‪ ،‬مضيفاً‬ ‫أن «واشنطن أبلغت احلكومة التونسية بالعملية بعد تنفيذها»‪.‬‬ ‫وينفذ «التحالف الدولي» بقيادة الواليات املتحدة غارات بانتظام ضد‬ ‫أهداف لـ»داعش» في سوريا‪ ،‬ولكنها املرة الثانية التي تقوم فيها القوات‬ ‫األميركية بعملية إنزال برية‪ .‬وكانت العملية األولى متت إلنقاذ رهائن‬ ‫أميركيني لدى التنظيم املتطرف‪ ،‬ولكنها باءت بالفشل‪.‬‬ ‫يذكر أن وسائل إعالم سورية كانت أعلنت في وقت سابق أن اجليش‬ ‫السوري «قتل قيادياً في تنظيم داعش مسؤوالً عن الشؤون النفطية‪،‬‬ ‫كما قتل ‪ 40‬آخرين‪ ،‬في عملية نفذها في محافظة دير الزور الشرقية»‪.‬‬ ‫وأعلن التلفزيون السوري الرسمي في خبر عاجل «مقتل ما يسمى‬ ‫وزير النفط في تنظيم داعش اإلرهابي املدعو أبو التيم السعودي مع‬ ‫‪ 40‬من أفراد مجموعته في عملية نوعية لوحدة من قواتنا في حقل‬ ‫العمر النفطي»‪.‬‬ ‫ب��دوره‪ ،‬أكد املرصد السوري حلقوق اإلنسان مقتل «حوالي ‪ 19‬من‬

‫أعضاء تنظيم ال��دول��ة اإلسالمية في ضربة جوية في حقل العمر‬ ‫النفطي»‪ ،‬مشيراً إلى أن «‪ 12‬من القتلى هم من األجانب»‪.‬‬ ‫ولكن الحقاً‪ ،‬أعلن املرصد أن «التقرير الذي بثه التلفزيون الرسمي‬ ‫ال�س��وري وأف��اد ب��أن اجليش ال�س��وري قتل قيادياً في تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية خاطئ‪ ،‬وإنه نسب للجيش الفضل في غارة نفذتها قوات‬ ‫أميركية»‪.‬‬ ‫وقال مدير املرصد رامي عبد الرحمن إن «الغارة التي استهدفت حق ً‬ ‫ال‬ ‫نفطياً في محافظة دير الزور في شرق سوريا هي نفسها التي قال‬ ‫مسؤولون أميركيون إن قوات خاصة أميركية نفذتها»‪.‬‬ ‫هذا وقد أ ّكد‬ ‫مسؤول أمريكي أن القيادي في تنظيم «الدولة اإلسالمية»‪ ،‬املُلقب «أبو‬ ‫سياف»‪ ،‬الذي ُقتل في عملية نفذتها وحدة من القوات اخلاصة في‬ ‫عمق األراضي السورية‪ ،‬كان يحمل اجلنسية التونسية‪.‬‬ ‫وقال املصدر‪ ،‬الذي طلب عدم الكشف عن هويته‪« :‬لقد قمنا بإبالغ‬ ‫احلكومة التونسية بشأن العملية»‪ ،‬التي جرى تنفيذها في أحد احلقول‬ ‫النفطية بالقرب من مدينة «دير الزور»‪ ،‬شرقي سوريا‪ ،‬وأسفرت عن‬ ‫مقتل ‪ 10‬على األق��ل من مسلحي التنظيم املتشدد املعروف باسم‬ ‫«داعش»‪.‬‬ ‫و ُقتل أبو سياف‪ ،‬والذي لم يُعرف اسمه احلقيقي على الفور‪ ،‬خالل‬ ‫العملية التي كانت تستهدف اعتقاله‪ ،‬أثناء تبادل إلطالق النار بني‬ ‫مسلحني من تنظيم داعش وعناصر الوحدة األمريكية منفذة العملية‪،‬‬ ‫والتي عاد جميع أفرادها ساملني‪ ،‬بحسب ما أكد الوزير األمريكي‪.‬‬ ‫وأضاف كارتر أن أبو سياف كان أحد املشاركني في قيادة العمليات‬ ‫العسكرية لتنظيم داعش‪ ،‬كما كان له دور في إدارة العمليات املالية‬ ‫للتنظيم‪ ،‬كما أن زوجته‪ ،‬التي تُلقب بـ»أم سياف»‪ ،‬والتي اعتقلت خالل‬ ‫العملية ومت نقلها إلى العراق‪ ،‬كان لها دور هي األخرى ضمن قيادة‬ ‫التنظيم‪.‬‬ ‫وم��ن ال�ن��ادر أن تقوم ال�ق��وات األمريكية بعملية إن��زال جنود داخ��ل‬ ‫األراضي السورية كما فعلت في هذه العملية‪ ،‬ففى عام ‪ 2014‬حاولت‬ ‫فرقة كوماندوس أمريكية إنقاذ الصحافي األمريكي جيمس فولى من‬ ‫أيدي مسلحي داعش في سوريا‪ ،‬إال أن العملية فشلت‪ .‬وتعتبر هذه‬ ‫العملية األولى من نوعها التي تستهدف مسئوال في تنظيم الدولة عبر‬ ‫قوات تنزل على األرض‪ ،‬وقد يكون القيادي ساهم بحسب البنتاجون‬ ‫بشكل مباشر فى العمليات العسكرية للتنظيم وفى تهريب النفط‪،‬‬ ‫علماً أن التنظيم يسعى إلى استكمال سيطرته على مدينة الرمادي‬ ‫االستراتيجية في محافظة األنبار العراقية‪.‬‬


‫‪30‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن «‪»5‬‬

‫صاحب الحمير‬ ‫يستدرجني للتشيع!!‬ ‫براء الخطيب‬ ‫فال أقسم باليوم املشهود‪ ،‬ووالد ومولود‪ ،‬هذه مملكة عرضة للوشاة‪،‬‬ ‫واملخاوف الشاحبة‪ ،‬والهفوات املثيرة‪ ،‬ورموز اجلمر‪ ،‬فاسجد واقترب‬ ‫من جبل التيتمان‪ ،‬وما أدراك ما التيتمان‪ ،‬فال أقسم باليوم املشهود‪،‬‬ ‫وي��وم تقتل اجلنود‪ ،‬هذه حدائق من امل��اء‪ ،‬وسماء من احلجر‪ ،‬وريح‬ ‫ساخنة‪ ،‬وعراء مهاجر‪ ،‬فاسجد واقترب‪ ،‬فال أقسم باليوم املشهود‪،‬‬ ‫هذه سحابات مفتونة بالريح واملطر وقمم جبل النبي شعيب‪ ،‬وما أدراك‬ ‫ما جبل النبي شعيب‪ ،‬والرمل املشتعل‪ ،‬فل ّوح للنوارس املسافرة‪ ،‬واإلبل‬ ‫العطشى‪ ،‬سوف يغدو املدى مباركا‪ ،‬فاسجد واقترب‪ ،‬فوق أرض احليمة‬ ‫الداخلة‪ ،‬وما أدراك ما احليمة الداخلة‪ ،‬إنها عاصفة رب اجلنود‪ ،‬فوق‬ ‫أرض اليمن السعيد‪ ،‬وما أدراك ما‬ ‫اليمن السعيد‪.‬‬ ‫ع �ب��ر ال �ق �ن �ط��رة ال �ف��اص �ل��ة بني‬ ‫ع��ال��م وع ��ال ��م حت � ��اول األق � ��دام‬ ‫ال �ف��رار ب��اجت��اه مستقبل متعدد‬ ‫االحتماالت بشكل غامض‪ ،‬تتم‬ ‫مبادلة السنني العشرين لعمري‬ ‫باملطر‪ ،‬واللهفات املضمخة بسحر‬ ‫ال�س�ق��وط ف��ي امل �ل��ذات املتاحة‪،‬‬ ‫أق�ب�ل��ت األي� ��ام ففتحت ص��دري‬ ‫وفردت ذراعي الستقبال املغامرة‬ ‫واحللم كعاشق جديد ب��دأ يهتز‬ ‫في الريح في محاولة السترداد‬ ‫مستقبل ك��ان ي �ل��وح ف��ي األف��ق‪،‬‬ ‫ألخ �ط��و خ �ط��وات��ي األول � ��ى نحو‬ ‫البطولة املزيفة املد ّماة ومطاردة‬

‫الرموز املراوغة التي تصنع املجد‪ ،‬رابضا على حدود الوطن واملعرفة‪.‬‬ ‫تتساقط خطاى بحثا عن زمن مفتقد‪ ،‬وينتهي األفق في وهج الشمس‬ ‫وب��رودة ضوء القمر فوق امل��اء‪ ،‬يخلّف املساء زحمة الطريق ومتوت‬ ‫رغبات وتلتهب رغبات‪ ،‬تغرق األجساد في جلة الشهوات التي تقطر‬ ‫بالوجع واحلنني؛ فمن يسأل املواجع عن تاريخها؟ ومن يجرؤ على‬ ‫محاكمة التواريخ التي ترسمها دموع احملاصرين في الهلع والرغبة غير‬ ‫املرئية في اخلالص؟ ومن الذي رأى السحب الصيفية تنشب أظفارها‬ ‫في أجساد بعضها فال يسيل منها املطر؛ فيختفي الدم في عروقها‬ ‫ويحل مكانه النزق والبكاء؟ كل األص��وات تتالشى إال صوت الرهبة‬ ‫املتخلق ف��ي اجل�س��د بعيدا عن‬ ‫الوطن وشوارع اإلسكندرية‪ ،‬وكل‬ ‫الذكريات تتداخل في انكسارات‬ ‫الروح فوق جبال اليمن السعيد‪،‬‬ ‫فيأتي احللم صلبا عصيا على‬ ‫االحتمال والتصديق‪.‬يا ألطاف‬ ‫الله‪ ،‬ما ال��ذي أت��ى بي إل��ى هنا؟‬ ‫أي عروبة تلك التي تقتل أبناءها؟‬ ‫تتبعك الليالي املشتعلة بالفشل‬ ‫وال�ش�ه��وة واألي���ام امل�ج�ه��دة‪ ،‬وها‬ ‫هو القتل فوق قمم اجلبال يتوج‬ ‫كفاحي الكسول للحصول على‬ ‫الثانوية العامة‪ ،‬يقود خطاي قدر‬ ‫ال ي��رح��م‪ ،‬ت ��ذوي‪ -‬ف��ي وج��دان��ي‬ ‫الليلة‪ -‬كل حلظات الشهوة بني‬ ‫أح �ض��ان «ش� ��دوى» راق �ص��ة ب��ار‬

‫عبر القنطرة الفاصلة بني عالم وعالم حتاول‬ ‫األقدام الفرار باجتاه مستقبل متعدد‬ ‫االحتماالت بشكل غامض‬

‫كل األصوات تتالشى إ ّال صوت الرغبة املتخلق في‬ ‫اجلسد بعيد ًا عن الوطن وشوارع اإلسكندرية‬


‫كنا على مقربة من صنعاء‬

‫الربح البسيط‪ ،‬تبهت‪ -‬في وجداني الليلة‪ -‬مالمح امرأة حي األنفوشي‪،‬‬ ‫«سميحة أم حسن» زوجة صول البوليس في «كراكون األنفوشي»‪ ،‬متأل‬ ‫الرؤيا‪ -‬اآلن‪ -‬عيني بوجه «سعاد الفولي» التي حولتها أحضان الرجال‬ ‫والقوادين إلى «شدوى»‪ ،‬يسري رعب خفي في ركبتي فترتعشان بالفزع‪،‬‬ ‫تذوي شوارع «اإلسكندرية» في خيالي‪ ،‬وها أنا في غربة كئيبة وحدي‪،‬‬ ‫أنظر في هذه اللحظة ملقدمة طابور احلمير‪ ،‬رأيت احلمار الذي يحمل‬ ‫الصول «عبد اللطيف» في املقدمة وحده ولم يكن «رضوان العزي» اليمني‬ ‫هو الذي يسحب مقود احلمار‪ ،‬بل كان احلمار يقود الطابور وحده كمن‬ ‫يعرف طريقه الذي اعتاد عليه بني صخور وممرات جبل «التيتمان»‬ ‫آالف السنني‪ ،‬عندما التفت خلفي‬ ‫مستطلعا موقع احل�م��ار األخير‬ ‫ال��ذي يحمل ف��وق ظهره ضابط‬ ‫امل��رت��زق��ة ف��رمب��ا ك��ان «رض���وان»‬ ‫يتفقده؛ رأيت ظهر احلمار خال‪،‬‬ ‫ل��م ي�ك��ن ض��اب��ط امل��رت��زق��ة ف��وق‬ ‫ظهره بل رأيته بأم عيني ممددا‬ ‫على ظ�ه��ره ف��وق األرض وق��دم‬ ‫«رض��وان العزي» تدوس باحلذاء‬ ‫امليري الثقيل فوق ص��دره‪ ،‬وبأم‬ ‫عينيي رأي ��ت «رض� ��وان» يقبض‬ ‫بيده على اخلنجر وه��و ينحني‬ ‫وي��ذب��ح ض��اب��ط امل��رت��زق��ة‪ ،‬قطع‬ ‫«رض��وان» رقبة الضابط وفصل‬ ‫رأسه عن جسده وقذفها من فوق‬ ‫اجلبل وع��اد إل��ى جسد ضابط‬

‫املرتزقة وفك أزرار سترته وبعد حلظات كان قد انتزع حزاما عريضا‬ ‫من حول خصر الضابط ثم خلع حزامه وربط حزام ضابط املرتزقة‬ ‫حول جسده ثم لف حزامه هو فوق حزام الضابط ليخفيه‪ ،‬ثم جذب‬ ‫جسد ضابط املرتزقة وألقى به من فوق اجلبل ثم هرول باجتاه طابور‬ ‫احلمير وتخطاني دون كلمة واحدة‪ ،‬وحتى دون أن ينظر إلي ولو حتى‬ ‫ليتأكد إن كنت قد رأيته أم ال‪ ،‬حتى وصل إلي احلمار ال��ذي يحمل‬ ‫الصول «عبد اللطيف» في املقدمة متجها به إلى أسفل اجلبل فيما‬ ‫بدأ صوته اخلشن الدافئ يعلو تدريجيا بالغناء بلهجته اليمنية اللطيفة‪:‬‬ ‫»غائب سنني‪ ..‬قالوا السنة وصوله‪ /‬الله يصيب من كان سبب رحيله‪/‬‬‫ك��م اذك� ��ره ف�ـ��ي سهرتـه ومقيله‬ ‫‪ /‬وادي ال�ض�ب��اب م ��اؤك غزير‬ ‫س ّكاب‪ /‬نصه مطر ‪،‬نصه دموع‬ ‫األحباب‪ /‬يا أخي الصغير شعد‬ ‫لك على أبي‪ /‬قلله يزوجني ومو‬ ‫يشابي‪ /‬كعوب ص��دري حرقوا‬ ‫ثيابي‪ /‬وجهي ذرة بيضاء خيار‬ ‫ص��راب��ي‪ /‬وادي الضباب م��اءك‬ ‫غزير س ّكاب‪ /‬نصه مطر‪ ،‬نصه‬ ‫دموع األحباب»‪.‬‬ ‫والسحاب املسافر فوق الهضاب‬ ‫ل�لأف��ق‪ ،‬وال �غ �ي��وم حتبس املطر‪،‬‬ ‫والشجر‪ ،‬وملوحة في خضرة ورق‬ ‫ال�ق��ات العتيق ك��ال��ورق‪ ،‬واألي��دي‬ ‫املبتلة ب��ال�ع��رق‪ ،‬وال� �ب ��ارود ال��ذي‬ ‫اح��ت��رق‪ ،‬وال� �ط ��رق‪ ،‬وم ��ا أدراك‬

‫من يجرؤ على محاكمة التواريخ التي ترسمها‬ ‫دموع احملاصرين في الهلع والرغبة غير املرئية‬ ‫في اخلالص‬ ‫بي إلى هنا ‪ ..‬أي‬ ‫يا ألطاف الله ‪ ..‬ما الذي أتى ّ‬ ‫عروبة تلك التي تقتل أبناءها ؟!!‬


‫‪32‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫ماذا ربحت مصر من حرب اليمن ؟‬

‫والطرق‪ ،‬طرق وعرة مكتئبة يسيح عليها دم القرابني لشيطان الشهوات‬ ‫املظلمة‪ ،‬والشهوات‪ ،‬شهوات مؤجلة‪ ،‬وأجل قريب‪ ،‬والقرب من املخاوف‬ ‫الفجة‪ ،‬وفجاجة الذكريات املتربة‪ ،‬والغيوم‪ ،‬غيوم الصباحات الثقيلة‬ ‫ترحل باجتاه الوطن‪ ،‬والعناء‪ ،‬عناء مباغت يسكن الضلوع الواهنة‪،‬‬ ‫والعشق‪ ،‬عشق مقيم يهاجم القلب الكسير‪ ،‬وردهات الوجع دون فسحة‬ ‫للبكاء‪ ،‬واجلراح‪ ،‬جراح مرحتلة بال قرار معلوم‪ ،‬واللهيب‪ ،‬لهيب الشمس‬ ‫الفاجرة‪ ،‬والبالدة‪ ،‬بالدة أغصان الشجر الذليل‪.‬‬ ‫ميتلئ اجلسد بشهوات محرمة‪ ،‬وميتلئ القلب برجفات اخلوف مما‬ ‫سوف تأتي به األي��ام‪ ،‬ومتتلئ ال��روح بالطيوف وتتخطى حاجز جرح‬ ‫الكبرياء‪ ،‬تأتي الريح املسافرة بالسحاب واملطر‪ ،‬تولد األحالم بالتخطي‪-‬‬ ‫العذب‪ -‬لأللم وجرح الكبرياء عندما تبزغ احتماالت املستقبل من بطن‬ ‫املاضي املهني واحلاضر الغامض‪ ،‬الشهوة احملرمة بالشهوة احملرمة‪،‬‬ ‫والعذاب بالعذاب‪ ،‬والضرب في ال��روح بالضرب في ال��روح‪ ،‬تنفجر‬ ‫اللذة من مقتل األرواح‪ ،‬إذا وقعت الواقعة وطارت العصافير املنهكة‬ ‫تفجرت اجلبال بالسحاب احملترق واحترقت الوجوه بالكآبة‪ ،‬فإذا ابتلت‬ ‫اجلبال مباء السحب وانطلقت اخليول املسنة من حظائر القتل احملتم‬ ‫فوق أرض اليمن التعيس‪ ،‬تنكرت محطات القطارات أللوانها القدمية‬ ‫وحتتم علي السفر‪ ،‬وإذا اندفع احلنني املر من معقله وطالتني الوحشة‬ ‫الفاجرة جاءني الزمن يرسم الثقوب على قمم اجلبال وقالع السفن‪،‬‬ ‫تذبل ال��وج��وه واحل�ق��ول أيضا حتترق‪ ،‬حت��دث املعجزات‪ ،‬ويستبدل‬ ‫الشهداء أعضاءهم املقطعة غدرا بأجنحة يطيرون بها مع املالئكة في‬ ‫اجلنة‪ ،‬مباركة بدمائهم أرحام األمهات وأغشية البكارة للبنات‪ ،‬حتبل‬ ‫الكلمات الراعشة بالسكون والصبوات‪ ،‬تبتل أردان األرض بالدم‪ ،‬تنبت‬ ‫الوحشة بني جداول املاء احلجرية والوطن البعيد‪ ،‬يبارك الدم املشتعل‬ ‫منابت النخيل املتفجر بني عظام اجلبال‪ ،‬ومتنح أغصان شجر «السدر»‬

‫لألطفال أرجوحة الغضب‪.‬‬ ‫كان مقر قيادة السرية األولى في دار واسعة رحل عنها سكانها ألنهم‬ ‫كانوا من «الزيدية» أتباع «اإلمام البدر» فاحتلت القوات املصرية بعض‬ ‫الدور التي رحل عنها أصحابها‪ ،‬ووزعت قيادة الكتيبة بعض الدور في‬ ‫قرية «اللكمة» على قادة السرايا كمقر للقيادة‪ ،‬وعندما دخلت الدار‬ ‫جذب نظري صورة ورقية باأللوان الداكنة لوجوه ثالثة رجال يشبهون‬ ‫بعضهم إلى حد كبير والحظت أن كال منهم واسع العينني حاد املالمح‬ ‫مفتول الشارب‪ ،‬كانت العينان الواسعتان مكحلتني ومحاطتني باللون‬ ‫األس��ود فيما كان يغلب على الصورة اللون األخضر الداكن‪ ،‬كانت‬ ‫هناك بعض الكلمات املكتوبة حتت كل وجه من الوجوه الثالثة‪ ،‬دققت‬ ‫النظر محاوال قراءة الكلمات املكتوبة حتت الوجه الذي على ميني‬ ‫علي عليه السالم وال سيف‬ ‫الصورة فقرأت الكلمات‪« :‬ال فارس إال ّ‬ ‫إال ذو الفقار»‪ ،‬وكان مكتوب حتت الوجه الذي يتوسط الوجهني‪« :‬‬ ‫العباس أبو الفضل بن علي‪ ،‬قمر بني هاشم عليه السالم»‪ ،‬أما الوجه‬ ‫املوجود على اليسار فقد كتب حتته‪« :‬حضرت حسني بن على سيد‬ ‫الشهداء عليه السالم» والحظت أن حرف التاء في كلمة «حضرة» قد‬ ‫كتب بالتاء املفتوحة‪ ،‬وكتب حتت هذه العبارة كالم مكتوب باألحرف‬ ‫العربية لكني لم أفهمه‪ ،‬فقرأت هذه الكلمات بصعوبة‪« :‬نورى كه هــه‬ ‫كزخاموش مني ثود» ونقلتها حرفيا في ورقة كنت أحتفظ بها في‬ ‫جيبي كتبت فيها بعض العناوين‪ ،‬وقد عرف بعد ذلك عندما سألت‬ ‫«رض��وان» عن معناها أنها مكتوبة باللغة الفارسية‪ ،‬فيما كان ضوء‬ ‫أحمر قان يختلط بصفرة فاقعة ينسكب في الصورة على الوجوه‬ ‫الثالثة املرسومة بنعومة غير عادية‪ ،‬عندما الحظ «رضوان العزي»‬ ‫اجنذابي إلى الصورة اقترب مني ووضع يده على كتفي وقال‪:‬‬ ‫‪»-‬سوف أشرح لك األمر بعد أن تنام وترتاح»‪.‬‬


‫رأيت اخلنجر اليمني وسيلة حلز الرؤوس أيضا‬

‫ملا كانت حالتي ليست خطرة طلب مني أفراد‬ ‫اخلدمات الطبية معاونتهم في أعمال النظافة‬ ‫بعنبر املصابني‬ ‫عندما عدت إلى مقر السرية انتابني شك عميق‬ ‫بأن رضوان كان يستدرجني للتش ّيع‬

‫قررت احلذر والتعامل مع حكايات رضوان بصفتها‬ ‫مجرد حكايات شعبية ال دخل لها بالدين‬ ‫والعقيدة‬ ‫أشرت لرضوان على الصورة وسألته‪:‬‬ ‫»من هؤالء الثالثة؟»‬‫ابتسم لي ورد في هدوء‪:‬‬ ‫» ه��ذا سيدنا علي بن أب��ي طالب عليه السالم وول��داه سيدي‬‫العباس أبو الفضل وسيدي احلسني عليهما السالم‪ ،‬أنت تعرف‬

‫اإلمام البدر يتوسط عبدالناصر والقوتلي‬

‫القراءة فاقرأ املكتوب حتت كل منهم»‪.‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫»لقد قرأته لكني لم أص��دق‪ ،‬أع��رف أن السنّة وأن��ا من السنة‪،‬‬‫يحرمون رسم صور أهل البيت عليهم السالم وكذلك الصحابة‬ ‫عليهم رضوان الله»‪.‬‬ ‫في هدوء قال‪:‬‬ ‫لكنا هنا في اليمن‪ ،‬وأغلب الناس من الشيعة الزيدية الذين ال‬ ‫يحرمون صورهم مع أننا مسلمون وأنتم السنة مسلمون»‪ .‬تساءلت‪:‬‬ ‫»وما الفرق بني الشيعة والسنة؟»‬‫اقترب «رضوان» مني ولف ذراعه في أخوة حول كتفي وهمس‪:‬‬ ‫»ال تتعجل األمر‪ ،‬سوف تعرف كل شيء في الوقت املناسب»‪.‬‬‫قلت‪:‬‬ ‫»أنا ال أعرف أن لسيدنا على ولدا غير احلسن واحلسني وها‬‫أنت تقول أن له ابن ثالث هو سيدك العباس أبو الفضل‪ ،‬فكيف‬ ‫يكون ذلك؟»‬ ‫رد «رضوان»‪:‬‬ ‫»سيدي العباس الفضل هو بن أمير املؤمنني عليه السالم‪ ،‬وأخو‬‫احلسني سيد الشهداء عليه السالم وحامل لوائه يوم عاشوراء‪،‬‬ ‫لكن م��ن زوج�ت��ه الثانية أم البنني فاطمة بنت ح��زام ب��ن خالد‬ ‫الكالبية‪ ،‬دعنا اآلن من الكالم في مثل هذه األمور‪ ،‬سوف تعرف‬ ‫كل شيء في حينه‪ ،‬الصبر جميل»‪.‬‬ ‫انقبض قلبي لثوان فكرت فيها أن «رض��وان» يدبر لي أمرا ما‪ ،‬لكني‬ ‫سرعان ما أبعدت هواجسي وأنا لم أقتنع في قرارة نفسي‪ ،‬فأنا كنت‬ ‫أعرف من جتاربي أن الصبر ليس جميال‪ ،‬كما أن الصبر مر‪ .‬طبعا لم‬ ‫أقتنع ولم أصدق على اإلطالق طوال عمري بأن الصبر جميل‪ ،‬ورمبا‬


‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫مينيون ينتمون للطائفة الزيدية‬

‫يكون هذا االقتناع قد اختلط بإحساسي بأنني أدخل عاملا غريبا منذ‬ ‫اليوم‪ :‬عاملا مليئا بالطقوس الغريبة ومفعما بأحاسيس غامضة‪ ،‬وعندما‬ ‫طلب مني أف��راد اخلدمات الطبية أن أبقى في هذه ال��دار مع بقية‬ ‫املصابني حتت املالحظة فقد حقنوني بحقنة ثانية وطلبوا مني الراحة‬ ‫ملدة يوم واحد‪ ،‬وعندما دخلت الغرفة الرئيسية في الدار وجدتها واسعة‬ ‫وأشبه بعنبر مرضى صغير في املستشفى األميري فقد كان بعض‬ ‫اجلنود املصابني بإصابات مختلفة يخضعون للعالج فمنهم من كانت‬ ‫حالته خطرة ومنهم من كانت حالته ليست خطرة‪ ،‬وملا كانت حالتي‬ ‫ليست خطرة‪ ،‬كما أنني كنت أستطيع احلركة بسهولة دون أي إحساس‬ ‫باأللم فقد طلب مني أف��راد اخلدمات الطبية مبعاونتهم في أعمال‬ ‫النظافة في عنبر املصابني سواء في تنظيف العنبر من بقايا املصابني‬ ‫أو حتى في مساعدة املصابني أنفسهم في تنظيف أنفسهم أو تنظيف‬ ‫القروانات واملعالق واألكواب التي يستخدمونها في مأكلهم ومشربهم‪.‬‬ ‫مر اليوم األول لبقائي في هذه ال��دار دون أن أرى «رض��وان العزي‬ ‫البكاري»‪ ،‬لكني في اليوم التالي رأيته يدخل من باب الدار وقد غير‬ ‫مالبسه التي كان يرتديها كما أنه بدا أكثر نظافة وقد خلع احلذاء‬ ‫امليري الذي كان ينتعله وبدله بصندل جلدي‪ ،‬فبدا لون قدميه فاحتا‬ ‫ع ��ن ل���ون ب �ش��رت��ه ك �م��ا أن���ه ك��ان‬ ‫يرتدي جاكيت صوفي كاروهات‬ ‫وق ��د غ�ط��ى كتفيه ب �ش��ال عليه‬ ‫نقوش جميلة‪ ،‬والحظ «رضوان»‬ ‫ت �ف �ح �ص��ي مل�ل�اب��س��ه ال�ن�ظ�ي�ف��ة‬ ‫وللصندل ف��ي قدميه؛ فابتسم‬ ‫وأمسك بطرف الشال وقال‪:‬‬ ‫»ه��ذا الشال طرزته لي أختي‬‫ف��اط�م��ة ف�ه��ي م��اه��رة ج ��دا في‬ ‫التطريز‪ ،‬كما أن ه��ذه اجلنبية‬ ‫ج� ��دي� ��دة مت ��ام ��ا ف� �ق ��د غ �ي��رت‬ ‫القرن القدمي بقرن من الفضة‬ ‫اخلالصة‪ ،‬وهذا السنطل مستورد‬ ‫من عمان»‪.‬‬ ‫بدا منظر «رضوان» أنيقا باملعوز‬ ‫اجلديد ال��ذي لفه على خصره‬

‫وتركه ليتدلى إلى ما حتت ركبتيه وقد اكتشفت للحظة في نفسي‬ ‫أنني لم أعد أستغرب هذا الزي بل ومرت علي حلظة أخرى متنيت‬ ‫فيها أن أرى نفسي في املرآة وأنا أرتدي هذا «املعوز» وهذه «اجلنبية»‬ ‫التي يرتديها «رضوان» فابتسمت‪ ،‬الحظ «رضوان» ابتسامتي فابتسم‬ ‫بدوره وقال‪:‬‬ ‫»ه��ل م��ا زل��ت ت��ري��د أن ت�ع��رف م��ن ه��و سيدنا الفضل أم أنك‬‫تراجعت في رغبتك؟»‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫» بالعكس لقد ازداد شوقي للمعرفة أكثر»‪.‬‬‫بدت راحة خفية على مالمح «رضوان» كما لو كان يخشى تراجعي‬ ‫عن معرفتي بسيده «الفضل»‪ ،‬جذبني في رقة من ذراعي باجتاه‬ ‫باب الدار وهو يقول‪:‬‬ ‫»ل��ن تندم‪ ،‬ها أن��ا أق��ول لك أن��ك لن تندم‪ ،‬فراسة اليمني في‬‫الرجال ال تخيب أحيانا وفراستي في املصريني ال تخيب أبدا‪،‬‬ ‫تذكر كلماتي جيدا‪ ،‬لن تندم»‪.‬‬ ‫خرجنا م��ن ال��دار وابتعدنا عنها حتي وصلنا إل��ى الطريق الرئيسي‬ ‫فاقترب «رض ��وان» من دبابة مصرية كانت تقف على جانب الطريق‬ ‫وص��اف��ح اجل �ن��دي ق��ائ��د ال��دب��اب��ة‬ ‫فيما بدا أنهما يعرفان بعضهما‪،‬‬ ‫وصافحته أنا أيضا ثم سرنا في‬ ‫طريقنا حتى وصلنا حضن جبل‬ ‫«التيتمان» فجلسنا حتت شجرة‬ ‫«س ��در» ب��دا عليها أنها موجودة‬ ‫منذ آالف السنني‪ ،‬وبدأ «رضوان»‬ ‫يحدثني ع��ن «ال�ع�ب��اس الفضل»‪،‬‬ ‫أصغيت له بكل جوارحي‪ ،‬وكانت‬ ‫مشاعري مختلطة بني التصديق‬ ‫وعدم التصديق‪ ،‬لكن مع استمراره‬ ‫ف ��ي احل ��دي ��ث ك��ان��ت ق�ش�ع��ري��رة‬ ‫خفيفة تنتابني‪ ،‬وفوجئت برغبة‬ ‫ملحة في البكاء‪ ،‬وعندما وجدت‬ ‫«رض � ��وان» يبكي أث �ن��اء حكاياته‬ ‫الغريبة تشجعت وأطلقت رغبتي‬

‫طرق وعرة مكتئبة يسيح عليها دم القرابني‬ ‫لشيطان الشهوات املظلمة‬

‫كان مقر قيادة السرية األولى في دار واسعة رحل‬ ‫عنها سكانها ألنهم كانوا من «الزيدية» أتباع‬ ‫اإلمام البدر‬


‫اإلسكندرية البعيدة كان صوتها ينبض مع دقات قلبي‬

‫هكذا كان يعامل املرتزقة األجانب اليمنيني‬

‫في البكاء من محبسها‪ :‬حكي لي «رض��وان» عن سيدنا «علي بن أبي‬ ‫طالب» وعن خديعته في خالفة رس��ول الله‪ ،‬وحكي لي عن «احلسن»‬ ‫و»احلسني» و»كربالء» وكيف كانت معركة «كربالء»‪ ،‬وعرفت ألول مرة‬ ‫في حياتي أن سيدنا «الفضل العباس بن علي» هو ابن أمير املؤمنني عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وأخو «احلسن» و»احلسني» سيد الشهداء عليه السالم وحامل‬ ‫لوائه يوم عاشوراء ‪ ،‬وأمه هي أم املؤمنني «فاطمة الكالبية»‪ ،‬وقد تزوجها‬ ‫سيدنا «علي» عليه السالم بعد استشهاد «فاطمة الزهراء» عليها السالم‪،‬‬ ‫وهو أكبر أبناء أم البنني األربعة الذين استشهدوا في «كربالء» بني يدي‬ ‫«احلسني» عليه السالم‪ ،‬وعند استشهاد أمير املؤمنني سيدنا «علي» عليه‬ ‫السالم كان سيدنا «الفضل» في الرابعة عشرة من عمره‪ ،‬وفي «كربالء»‬ ‫كان له من العمر أرب��ع وثالثني سنة وهو «قمر بني هاشم»‪ ،‬و»ساقي‬ ‫العطشى»‪ ،‬و»ساقي خيام األطفال والعيال» و»حامل ل��واء احلسني»‪،‬‬ ‫و»حامل الراية»‪ ،‬و»أبو القربة»‪ ،‬و»العبد الصالح»‪ ،‬و»باب احلوائج» وله‬ ‫غيرها من األسماء املقدسة ووصف لي «رضوان» في خشوع وإعجاب ال‬ ‫مزيد عليه شكل «الفضل» وأنه كان طويل القامة جميل الصورة‪ ،‬وال نظير‬ ‫له في الشجاعة‪ ،‬وقد سمي باسم «قمر بني هاشم» حلسنه وجماله‪ ،‬وهو‬ ‫حامل لواء «احلسني» يوم العاشر‪ ،‬وكان يتولى في مخيم أخيه إضافة إلى‬ ‫جلب املاء‪ ،‬حراسة اخليام واالهتمام‬ ‫بأمن عيال سيدنا «احلسني» عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وأن االستقرار ظل يسود‬ ‫اخليام ما دام هو على قيد احلياة‬ ‫وفي «يوم عاشوراء» استشهد أخوة‬ ‫«العباس» الثالثة قبله‪ ،‬ومل��ا جاء‬ ‫«ال �ف �ض��ل» إل��ى أخ�ي��ه «احل�س�ين»‬ ‫طالبا األذن للبروز إل��ى امل�ي��دان‪،‬‬ ‫أم��ره أخ��وه بجلب امل��اء لألطفال‬ ‫ال �ع �ط �ش��ى ف ��ي اخل � �ي� ��ام‪ ،‬ف �س��ار‬ ‫«ال �ف �ض��ل» ن�ح��و «ال� �ف ��رات» وم�لأ‬ ‫القربة‪ ،‬وعند العودة للخيام اشتبك‬ ‫مع جيش العدو الذي يحاصر املاء‪،‬‬ ‫وقطعت ي��داه‪ ،‬واستشهد هناك‪،‬‬ ‫وقبل هذا كان قد برز للقتال ع ّدة‬ ‫م��رات إل��ى جانب سيد الشهداء‬

‫وقاتل جيش «يزيد»‪ ،‬وكان «العباس» عليه السالم مظهراً ورمزاً لإليثار‬ ‫والوفاء والتفاني‪ ،‬ملا دخل «الفرات» كان في غاية العطش لكنه لم يشرب‬ ‫املاء بسبب عطش أخيه «احلسني»‪ ،‬وبكى «رضوان» بحرقة‪ ،‬وبكيت معه‬ ‫عندما قال بأن استشهاد «العباس» ترك مرارة وأملا في قلب «احلسني»‪،‬‬ ‫وملا سار «احلسني» إلى مكان مقتله ووقف عند رأسه قال قولته الطافحة‬ ‫باأللم واألسى‪« :‬اآلن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عد ّوي» وبقى‬ ‫جسد «العباس» الطاهر إلى جانب «نهر العلقمي» فيما رجع «احلسني»‬ ‫إلى اخليام وأخبر أهل البيت مبصرعه‪ ،‬ودفن «الفضل»‪ -‬حني دفنت‬ ‫أجساد أهل البيت‪ -‬في نفس ذلك املوضع‪ ،‬وبقيت إلى اليوم مسافة‬ ‫فاصلة بني مرقد «العباس» ومرقد «احلسني» عليهما السالم وعلى كل‬ ‫من يزور مرقده أن يقول‪« :‬السالم عليك أ ّيها العبد الصالح املطيع لله‬ ‫ولرسوله وألمير املؤمنني واحلسن واحلسني وأشهد أنك مضيت على ما‬ ‫مضى عليه البدريون واملجاهدون في سبيل الله‪ ،‬املناصحون في جهاد‬ ‫أعدائه‪ ،‬املبالغني في نصرة أوليائه»‪ .‬وجذب «رضوان» نفسا عميقا وهو‬ ‫ميسح دموعه وقال‪ :‬رحم الله سيدنا العباس فلقد قاتل األعداء وفدا‬ ‫أخاه بنفسه حتى قطعت ذراعاه‪ ،‬فأبدله الله عن ذراعيه جناحني يطير‬ ‫بهما مع املالئكة في اجلنة كما جعل له عنده منزلة يغبطه عليها جميع‬ ‫الشهداء يوم القيامة‪ ،‬فالسالم على‬ ‫سيدنا الفضل العباس ب��ن أمير‬ ‫املؤمنني‪ ،‬امل��واس��ي أخ��اه احلسني‬ ‫بنفسه وروح���ه‪ ،‬اآلخ��ذ ل�غ��ده من‬ ‫أمسه‪ ،‬الفادي له الواقي‪ ،‬الساعي‬ ‫إليه مبائه‪ ،‬املقطوعة يداه»‪.‬‬ ‫وعندما ع��دت إل��ى مقر السرية‬ ‫ف� �ك ��رت ف ��ي ك ��ل م ��ا ح� �ك ��اه لي‬ ‫«رضوان العزي البكاري» وانتابني‬ ‫ش��ك عميق ب��أن «رض� ��وان» كان‬ ‫ي�س�ت��درج�ن��ي ل�ل�ت�ش�ي��ع‪ ،‬وق ��ررت‬ ‫أن أك��ون ح��ذرا وأن أتعامل بعد‬ ‫ذلك مع حكاياته املؤثرة بصفتها‬ ‫مجرد حكايات شعبية ال دخل لها‬ ‫بالدين والعقيدة‪ ،‬لكني لم أفقد‬ ‫حلظة واحدة إعجابي به‪.‬‬

‫بأم عيني رأيت رضوان يذبح الضابط املرتزق‬ ‫فاص ًال رأسه عن جسده !!‬

‫عندما دخلت الدار جذب نظري صورة ورقية‬ ‫باأللوان الداكنة لوجوه ثالثة رجال يشبهون‬ ‫حد كبير‬ ‫بعضهم إلى ٍ‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫تلمسها م��ن خالل‬ ‫ط���رأت على دور األمم املتحدة ع��دة تغيرات ميكن ّ‬ ‫الدور الذي قامت به األمم املتحدة ومجلس األمن بها جتاه أبرز القضايا‬ ‫واألحداث التي واجهت النظام الدولي اجلديد في بداية نشأته وكان من‬ ‫أهمها على سبيل املثال‪:‬‬

‫خالد احلراري‬

‫األمم المتحدة‬ ‫بين السلطة األدبية والقدرة التنفيذية‬

‫العصر الذهبـــــــــــ‬


‫ــــي للفصل السابع‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫توزيع العضوية في املجلس غير عادل ومرفوض‬

‫‪ 1‬التغيرات التي طرأت على الدور املناط مبجلس األمن في ظل‬‫أحداث حرب اخلليج الثانية عام ‪ ،1991‬حيث لم تكن املنظمة‬ ‫الدولية خالل فترة احلرب الباردة متتلك أكثر من سلطة أدبية‬ ‫وليس قدرة تنفيذية‪ ،‬لذلك لم يكن ممكناً خالل مرحلة احلرب‬ ‫الباردة اتخاذ قرارات تستند إلى الفصل السابع من امليثاق حيث‬ ‫كان كل قطب يتجنب إحراج خصمه في تلك الفترة املضطربة‬ ‫ف��ي العالقات ال��دول�ي��ة‪ ،‬فلم تصدر ع��ن مجلس األم��ن ق��رارات‬ ‫تستند إلى الفصل السابع منذ احمل��اوالت الفاضلة التي َسعت‬ ‫إل��ى إص��دار ق��رارات تستند إل��ى الفصل السابع خ�لال احلرب‬ ‫الكورية ع��ام ‪ ،1950‬إال أن ح��رب اخلليج ع��ام ‪ 1991‬شهدت‬ ‫كثافة في صدور قرارات عن مجلس األمن مستندة إلى الفصل‬ ‫السابع‪ ،‬حيث صدر بخصوص‬ ‫األزم��ة حوالي ‪ 12‬ق��راراً بدأت‬ ‫ب� ��إدان� ��ة االح � �ت �ل�ال ال �ع��راق��ي‬ ‫للكويت وانتهت باإلذن للقوات‬ ‫املتحالفة مع احلكومة الكويتية‬ ‫ات �خ��اذ ال �ت��داب �ي��ر ال �ت��ي ت��راه��ا‬ ‫لفرض تنفيذ ق��رارات مجلس‬ ‫األمن(‪ ،)1‬وك� ��ان ذل ��ك يعني‬ ‫شيئني األول‪ :‬ازدي��اد الفاعلية‬ ‫ال�ظ��اه��ري��ة ملجلس األم ��ن في‬ ‫ال �ت �ع��ام��ل م ��ع ق �ض��اي��ا ال�س�ل��م‬ ‫واألم � ��ن ال��دول��ي�ي�ن‪ ،‬وال �ث��ان��ي‪:‬‬ ‫تسجيل سابقة دولية في اإلذن‬ ‫ألط��راف دولية باتخاذ تدابير‬ ‫ع �س �ك��ري��ة ض ��د دول � ��ة أخ ��رى‬ ‫دون أن ت �ك��ون ه��ذه التدابير‬

‫العسكرية حتت اإلشراف املباشر ملجلس األمن وحتت علم األمم‬ ‫املتحدة وبقيادتها (كما ينص امليثاق من خالل ما يعرف بلجنة‬ ‫سجل خرقاً مليثاق األمم املتحدة (اعتبره البعض‬ ‫األرك��ان) ومبا ّ‬ ‫نوعاً من التطوير العملي للميثاق)‪)2(.‬‬ ‫منذ ذلك الوقت لم يقتصر تفعيل الفصل السابع من امليثاق على‬ ‫األزمة العراقية الكويتية بل تعداها إلى التعامل مع أزمات أخرى‬ ‫شهدها الواقع الدولي في بداية التسعينيات من القرن املاضي‬ ‫املهددة للسلم واألمن الدوليني‪،‬‬ ‫وإدخالها قسراً ضمن القضايا‬ ‫ّ‬ ‫وبالتالي تطبيق الفصل السابع عليها ومن بينها قضية لوكربي‪،‬‬ ‫واحل��رب األهلية الصومالية‪ ،‬ومشكلة البوسنة والهرسك‪ ،‬وقد‬ ‫طرح التعامل الدولي مع هذه األزم��ات مفهوماً جديداً للتداول‬ ‫وال �ت �ح �ل �ي��ل م ��ع ب ��داي ��ة ال �ق��رن‬ ‫احل��ال��ي وص ��ار م��وض��وع جدل‬ ‫ون� �ق ��اش ك �ب �ي��ر‪ ،‬وه� ��و م�ف�ه��وم‬ ‫«الشرعية الدولية»‪)3(.‬‬ ‫‪ 2‬كمثال آخ��ر عقد ف��ي ‪31‬‬‫يناير عام ‪ 1992‬مؤمتر القمة‬ ‫ل �ل��دول األع��ض��اء ف��ي مجلس‬ ‫األمن‪ ،‬وقد أصدرت هذه القمة‬ ‫ب �ي��ان �اً ت��اري �خ �ي��ا وض ��ع م �ب��ادئ‬ ‫عامة في مجلس األمن متثلت‬ ‫في رفض األيديولوجيات ونبذ‬ ‫اإلره ��اب ال��دول��ي وتقوية دور‬ ‫األمم امل�ت�ح��دة والدبلوماسية‬ ‫الوقائية‪ ،‬وفيما يتعلق بتقوية‬ ‫دور األمم املتحدة فقد تضمن‬ ‫ال �ب �ي��ان ت�ط��وي��ر م�ف�ه��وم السلم‬

‫أصبح الفصل السابع هو اخليار النظري األول في‬ ‫جميع األزمات الدولية‬

‫حرب اخلليج ّأدت إلى كثافة صدور قرارات عن‬ ‫مجلس األمن تستند إلى الفصل السابع فصدر ‪12‬‬ ‫قرار ًا بشأنها فقط‬


‫ورل الواليات املتحدة في الصومال قلبي‬ ‫الفصل السابع ّ‬

‫مت تفعيل الفصل السابع ‪ 12‬مرة في حرب اخلليج‬

‫الفصل السابع ورط الواليات املتجدة في الصومال‬

‫واألم��ن الدوليني من خ�لال إع��ادة تفسير العوامل التي تشكل‬ ‫تهديدا للسلم واألمن الدوليني باعتبار أن خطر النزاعات املسلحة‬ ‫لم يعد هو مصدر التهديد الوحيد للدول في املجتمع الدولي‪،‬‬ ‫وإمنا صار هناك مصادر غير عسكرية للتهديد بسبب حالة عدم‬ ‫االستقرار الدولي في املجاالت االقتصادية واالجتماعية والبيئية‪،‬‬ ‫كما تطورت مهام حفظ السالم لتأخذ طابع العمليات الفعلية في‬ ‫النزاعات القائمة في عدد من بقاع العالم من خالل قوات حفظ‬ ‫السالم التابعة لألمم املتحدة‪ ،‬وازداد الطلب علي خدمات قوات‬ ‫األمم املتحدة في ميادين حفظ السالم‪ ،‬ولوحظ امتدادها بشكل‬ ‫موسع في عدد كبير من الدول باإلضافة إلي تنوع مهامها ومبا‬ ‫ّ‬ ‫شمل اإلش��راف علي االنتخابات والتحقق من نزاهتها وازدي��اد‬ ‫ع��دد ال��دول املشاركة في هذه‬ ‫القوات(‪.)3‬‬ ‫ك� �م ��ا ت �ع �ت �م��د ال��دب �ل��وم��اس �ي��ة‬ ‫ال��وق��ائ�ي��ة ع�ل��ي رص��د ب��داي��ات‬ ‫ال��ت��و ّت��ر وح��ص��ر ال� �ن ��زاع قبل‬ ‫م ��ول ��ده‪ ،‬ب �ح �ي��ث ي �ت��ول��ى م�ه��ام‬ ‫الدبلوماسية الوقائية األم�ين‬ ‫العام ل�لأمم املتحدة شخصيا‬ ‫أو ي�ك�ل��ف م��ن ي� ��راه م��ن ك�ب��ار‬ ‫امل��وظ��ف�ي�ن ال ��دول� �ي�ي�ن أو عن‬ ‫ط ��ري ��ق ال� ��وك� ��االت وال��ب��رام��ج‬ ‫امل��ت��خ��ص��ص��ة‪ ،‬أو ب��واس��ط��ة‬ ‫م �ج �ل��س األم � ��ن أو اجل�م�ع�ي��ة‬ ‫العامة أو املنظمات اإلقليمية‬ ‫بالتعاون مع األمم املتحدة‪)4(.‬‬ ‫‪ 3-‬ف��ي امل�ث��ال الثالث ن��رى أن‬

‫بعض النشاطات الدولية التي شهدها ال��واق��ع ال��دول��ي الراهن‬ ‫مثلّت ما يشير إلى محاوالت تفعيل الدور املناط باملنظمة الدولية‬ ‫باجتاه التصدي بشكل (قانوني) للقلق العاملي حيال الكثير من‬ ‫القضايا التي تواجه اإلنسانية ومتثلت أبرز هذه النشاطات في‪:‬‬ ‫أ) الدعوات املتكررة إلصالح األمم املتحدة وتعديل امليثاق مبا‬ ‫يخدم الواقع الدولي الراهن ويحقّق شيئاً من العدالة الدولية‬ ‫كهدف أسمى للبشرية‪.‬‬ ‫ب) التركيز على قضايا (غير عسكرية) ومحاولة إعطاءها مكاناً‬ ‫بارزاً في االهتمام الدولي بها‪ ،‬وخاصة القضايا املتعلقة بالبيئة‬ ‫واألوبئة واألمراض ومكافحة اجلرمية املنظمة واملخدرات‪.‬‬ ‫ج) تأسيس بعض األجهزة الدولية اجلديدة في محاولة إلرساء‬ ‫ب �ع��د أخ�ل�اق ��ي ع��امل��ي ي��وج��ب‬ ‫االلتزام به في مواجهة قضايا‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ويتمثل أهمها‬ ‫ف��ي إق� ��رار ال �ن �ظ��ام األس��اس��ي‬ ‫للمحكمة اجلنائية الدولية في‬ ‫روما عام ‪)5(.1998‬‬

‫أصبح مفهوم الشرعية الدولية متداو ًال بشكل غير‬ ‫مسبوق في بداية القرن الواحد والعشرين‬ ‫الهدف من الدبلوماسية الوقائية هو رفض‬ ‫األيديولوجيات ونبذ اإلرهاب الدولي وتقوية دور‬ ‫األمم املتحدة‬

‫تفسير التغيرات‬ ‫ن �ف �ت��رض أن ه���ذه ال �ت �غ �ي��رات‬ ‫امل�ل�ح��وظ��ة ع�ل��ى ال���دور امل�ن��اط‬ ‫باملنظمة ال��دول�ي��ة ال تعدو أن‬ ‫ت� �ك ��ون م� �ج ��رد ال ��وج ��ه اآلخ ��ر‬ ‫ل�ل�ت�غ�ي��رات ال �ت��ي ط� ��رأت على‬ ‫ت � ��وازن ال��ق��وى وت��وزي �ع �ه��ا في‬ ‫ظ��ل ال��واق��ع ال��دول��ي ال��راه��ن‪،‬‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫األساس السيادي للمنظمة الدولية ما زال مفقود ًا‬

‫وإلثبات هذه الفرضية باإلمكان القول‪ :‬إن القرارات التي اتخذها‬ ‫مجلس األمن استناداً إلى الفصل السابع من امليثاق جتاه أزمة‬ ‫اخلليج الثانية واحلرب األهلية في الصومال ومشكلة البوسنة‬ ‫والهرسك مث ً‬ ‫ال عكست بشكل واض��ح حقيقة توزيع القوة في‬ ‫الواقع الدولي الراهن‪ ،‬خاصة على صعيد القوة العسكرية التي‬ ‫انفردت بها الواليات املتحدة األمريكية في ظل النظام الدولي‬ ‫اجلديد‪ ،‬واختالف طبيعة الصراع الدولي (العسكري) في هذا‬ ‫النظام‪ ،‬والذي حت ّولت ساحته من املواجهة بني القوتني العظميني‬ ‫النوويتني إل��ى املواجهة ب�ين ال�ط��رف املتف ّرد بالقوة العسكرية‬ ‫من جهة وبني كافة مصادر اخلطر التي مت ّثل تهديداً للمصالح‬ ‫األمريكية وترفض القبول بهيمنتها‪ ،‬واألمر ال يحتاج إلى توضيح‬ ‫للمصالح األمريكية املباشرة املرتبطة مبنطقة اخلليج العربي‪،‬‬ ‫ومنطقة ال�ق��رن األف��ري�ق��ي‪ ،‬والساحة األورب �ي��ة ومنطقة الشرق‬ ‫األوس��ط‪ ،‬هذا باإلضافة إلى اإلستراتيجية األمريكية اجلديدة‬ ‫القائمة على فرض القيم األمريكية (السياسية‪ ،‬االقتصادية‪،‬‬ ‫االجتماعية) كعمود ف�ق��ري للمصلحة األم��ري�ك�ي��ة‪ ،‬وف��ي إط��ار‬

‫إستراتيجية الهيمنة ومن أجل تأكيدها كان التعامل األمريكي‬ ‫مع املنظمة الدولية ومجلس األمن بها باعتبار أن األمم املتحدة‬ ‫تقدم الغطاء القانوني خلدمة املصالح احليوية األمريكية‪ ،‬ومبا‬ ‫جعل منها أداة خلدمة متطلبات اإلستراتيجية األمريكية‪ ،‬وبذلك‬ ‫متكنت الواليات املتحدة األمريكية وحلفاءها من استصدار ما‬ ‫تشاء من قرارات من خالل مجلس األمن وانبرت لتنفيذها نياب ًة‬ ‫يجسد االنتقائية‬ ‫عنه في كثير من األحيان‪ ،‬خرفاً للميثاق ومبا‬ ‫ّ‬ ‫وسياسية الكيل مبكيالني‪ ،‬األم��ر ال��ذي ال يشير إلى أي فعالية‬ ‫حقيقة لألمم املتحدة ومجلس األمن بها سوى أنها مجرد أداة‬ ‫في يد السياسة اخلارجية األمريكية تستكمل بها حلقة الهيمنة‬ ‫لتكون من جهة ذات طابع شرعي دولي‪ ،‬ومن جهة أخرى مبا ال‬ ‫يبقى املنظمة الدولية ذاتها خارج دائرة الهيمنة‪.‬‬ ‫لقد ارتفع صوت الدعوات التي تطالب بإصالح األمم املتحدة‬ ‫وتوسيع اختصاصات مجلس األم��ن وتوسيع صالحيات األمني‬ ‫العام ل�لأمم املتحدة مت ّثل هي األخ��رى تعبيراً عن تغيرات في‬ ‫واقع توزيع القوة‪ ،‬فمجلس األمن بصورته احلالية لم يعد يعكس‬


‫تراجع دور األمم املتحدة جعل مجلس األمن شبه مستقل‬

‫التوازن اجلديد للقوة ال��ذي تأثر بظهور قوى اقتصادية كبرى‬ ‫كاليابان وأملانيا وتطلعات دول كبرى على الصعيد اإلقليمي تريد‬ ‫أن تلعب دوراً أكثر أهمية‪ ،‬ومن ثم تنصب فكرة إدخال إصالحات‬ ‫على األمم املتحدة على توسيع العضوية مبجلس األم��ن ومنح‬ ‫أطراف دولية أخرى العضوية الدائمة وحق االعتراض (الفيتو)‬ ‫دون أن تتجه ‪-‬كما يفترض‪ -‬إلى إدخ��ال إصالحات على نظام‬ ‫عمل اجلمعية العامة وإع�ط��اءه��ا سلطات وص�لاح�ي��ات أوس��ع‬ ‫�س��د التمثيل احلقيقي ألمم األرض من‬ ‫وأق ��وى باعتبارها جت� ّ‬ ‫متساو‪ ،‬ومبا يؤ ّكد روح امليثاق‬ ‫خالل عضوية كل الدول بها بشكل‬ ‫ٍ‬ ‫املستند على مبدأ املساواة بني كافة األطراف(‪.)6‬‬ ‫يجسد بيان قمة مجلس األم��ن في ‪ 1992‬في مبادئه األربعة‬ ‫ّ‬ ‫ال �ت��ي ط��رح�ه��ا ت�ع�ب�ي��راً واض��ح��اً ع��ن هيمنة ال ��والي ��ات امل�ت�ح��دة‬ ‫األمريكية ومحاولتها توظيف مجلس األم��ن خلدمة مصاحلها‬ ‫واستراتيجياتها‪ ،‬فمبدأ رف��ض األيديولوجيات ونبذ اإلره��اب‬ ‫كأساس للعالقات الدولية يعني توفير األس��اس القانوني لقيام‬ ‫الواليات املتحدة وحلفاءها مبعاداة أي حركة أو نظام له توجهات‬

‫عقائدية مغايرة‪ ،‬ومحاولة لفرض قيم ومفاهيم الواليات املتحدة‬ ‫وحلفائها القائمة على أن «ال�ت��اري��خ ق��د انتهى» وأن��ه ال مجال‬ ‫للخروج على األيديولوجية الوحيدة املسموح بتعاطيها وتبينها‬ ‫كمنهج في احلياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫كما أن تقوية ال��دور املناط ب��األمم املتحدة ومجلس األم��ن بها‬ ‫وبقدر ما يشير إلى تفعيل وتنشيط هذه املنظمة األممية بحيث‬ ‫ال تكون أسيرة طرف واحد ميلي إرادته عليها‪ ،‬فإن واقع األمر‬ ‫يس ّير في االجت��اه املعاكس لهذا الهدف‪ ،‬ألن ال��والي��ات املتحدة‬ ‫استطاعت أن جتعل من مجلس األم��ن ق��وة إضافية لها تخدم‬ ‫أهدافها في الهيمنة والنفوذ‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر فإن ما يؤ ّيد حقيقة أن هذه التغيرات لم تتجاوز‬ ‫كونها ت�غ�ي��رات مترتبة على ت�غ�ي��رات ت��وزي��ع ال�ق��وة ال��دول�ي��ة هو‬ ‫استمرار ذات األسس التي بني عليها التنظيم الدولي مبا يعكس‬ ‫ذات الدور له في ظاهرة الصراع الدولي كأحد أشكال الترجمة‬ ‫والتعبير عن توزيع القوة حيث‪:‬‬ ‫• األس��اس السيادي للمنظمة الدولية ما زال مفقوداً وسيادة‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫ألسباب عديدة ترضخ األمم املتحدة لسيطرة الواليات املتحدة‬

‫الدول ال زالت أعلى من سيادة املنظمة الدولية‪ ،‬وبالتالي ال سلطة‬ ‫للمنظمة الدولية إال بالقدر الذي تشاءه الدول‪ ،‬وخاصة الكبرى‬ ‫منها‪ ،‬ومبا يتوافق مع مصاحلها وينسجم مع أهدافها‪ ،‬ومبا ال‬ ‫يجعل منها طرفاً محايداً في اللعبة الدولية(‪.)7‬‬ ‫• إن تنفيذ ال�ق��رارات ال�ص��ادرة عن املنظمة الدولية والهيئات‬ ‫ال �ت��اب �ع��ة ل �ه��ا غ �ي��ر مم �ك��ن إال‬ ‫إذا رغ �ب��ت األط� ��راف ال��دول�ي��ة‬ ‫الكبرى تنفيذها ووظ�ف��ت لها‬ ‫اإلمكانيات الالزمة إذا رأت أن‬ ‫في ذلك خدمة ملصاحلها‪ ،‬وإذا‬ ‫كان الواقع الدولي الراهن قد‬ ‫شهد تنفيذاً لبعض القرارات‬ ‫ال� �ص ��ادرة ع��ن م�ج�ل��س األم��ن‬ ‫فألن ذلك لم يكن متاحاً خالل‬ ‫فترة ص��راع القطبية الثنائية‬ ‫احل��اد‪ ،‬وص��ار متاحاً وممكناً‬ ‫في ظل التوزيع الراهن للقوة‪.‬‬ ‫• ال دمي��ق��راط��ي��ة ال�ت�ن�ظ�ي��م‬ ‫الدولي الزالت قائمة من حيث‬ ‫التوزيع غير ال�ع��ادل للعضوية‬ ‫واملعبر عنه من خالل مجلس‬

‫األمن مع استمرار اجلمعية العامة مجرد منبر إعالمي للتعبير‬ ‫عن املشاعر دون أي سلطة حقيقة ق��ادرة على الفعل الدولي‪،‬‬ ‫وكذلك من خالل دكتاتورية القوى العظمى في حتديد اجلانب‬ ‫امل��وض��وع��ي ف��ي سلطة األمم املتحدة باختيار قضايا م�ح� ّددة‬ ‫محددة واالستناد إلى مفاهيم وقواعد‬ ‫واستعمال أدوات وأساليب‬ ‫ّ‬ ‫مح ّددة غير مسموح باخلروج‬ ‫عنها‪.‬‬ ‫إن ما يبدو من اتساع لنطاق‬ ‫ال� �ت� �ع ��اون ال���دول���ي م ��ن خ�لال‬ ‫كثافة االتفاقيات واملعاهدات‬ ‫وال�� �ب� ��رام� ��ج ال� ��دول � �ي� ��ة ال��ت��ي‬ ‫عنيت بالقضايا االجتماعية‬ ‫واالق� �ت� �ص���ادي���ة واإلن��س��ان��ي��ة‬ ‫وال�ب�ي�ئ�ي��ة ي�ش�ي��ر إل ��ى أن ه��ذا‬ ‫التعاون هو في حقيقته صيغة‬ ‫ج��دي��دة ل �ل �ص��راع ال��دول��ي من‬ ‫أج��ل ال �ق��وة ف��رض�ت��ه الطبيعة‬ ‫اجل���دي���دة مل �ف �ه��وم ال� �ق ��وة في‬ ‫ال��واق��ع ال��راه��ن وال�ت��ي ص��ارت‬ ‫م��ض��ام��ي��ن��ه��ا االق� �ت� �ص���ادي���ة‬ ‫واحل �ض��اري��ة وال�ث�ق��اف�ي��ة أكثر‬

‫مجلس األمن اجترح سابقة دولية تأذن ألطراف دولية‬ ‫باتخاذ تدابير عسكرية ضد دول أخرى دون أن تكون‬ ‫حتت اإلشراف األمم املتحدة كما ينص امليثاق‬ ‫محاولة إرساء بعد أخالقي عاملي جديد لقضايا‬ ‫حقوق اإلنسان فرض ظهور أجهزة دولية جديدة‬


‫حرب الصومال ازدادت اشتعاال بعد التدخل الدولي‬

‫حضوراً من املضمون االستراتيجي (العسكري) الذي كان يعطي‬ ‫بعداً تصادمياً واض�ح�اً للصراع وال��ذي ص��ار اليوم يحمل بعد‬ ‫تعاونياً‪.‬‬ ‫نخلص هنا إلى أن املضمون النظامي للظاهرة السياسية الدولية‬ ‫مضموناً ليس غائباً ف��ي ظ��ل النظام ال��دول��ي اجل��دي��د إال أنه‬ ‫مرتبط بشكل كامل باملضامني‬ ‫األخ� ��رى ل�ل�ظ��اه��رة السياسية‬ ‫ال��دول �ي��ة وم� ّ‬ ‫�وظ �ف �اً خلدمتها‪،‬‬ ‫فهو موظف خلدمة الظاهرة‬ ‫السياسية الدولية مبضمونها‬ ‫االس� �ت���رات� �ي� �ج���ي م� ��ن خ�ل�ال‬ ‫حتكم الطرف الدولي املتف ّرد‬ ‫ب��ال�ق��وة العسكرية وصياغتها‬ ‫ل��ه مب��ا ي �ع � ّب��ر ع��ن مصاحلها‬ ‫ورؤي� �ت� �ه ��ا‪ ،‬وم ��وظ ��ف خل��دم��ة‬ ‫املضامني احلضارية والثقافية‬ ‫واالق� � �ت� � �ص � ��ادي � ��ة ل� �ل� �ظ ��اه ��رة‬ ‫السياسية ال��دول�ي��ة م��ن خالل‬ ‫تنظيم ظاهرة التعاون الدولي‬ ‫املك ّثف في املجاالت املختلفة‬ ‫مع التحصني بصمامات أمان‬

‫متعددة خلدمة أهداف ومصالح األطراف الدولية وفقاً ملعادالت‬ ‫توزيع القوة مبختلف قطبياتها‪.‬‬

‫هوامش‪:‬‬ ‫(‪ )1‬عبد الواحد الناصر‪ ،‬خصائص الدول في محيط العالقات الدولية‪،‬‬ ‫ص‪.‬ص ‪.309 - 306‬‬ ‫(‪ )2‬مارسيل سيرل‪ ،‬أزم��ة اخلليج‬ ‫والنظام العاملي اجلديد‪ ،‬ترجمة‬ ‫ح��س��ن ن��اف��ع‪ ،‬ال��ق��اه��رة‪ :‬م��رك��ز بن‬ ‫خلدون للدراسات‪ ،‬ص‪.109‬‬ ‫(‪ )3‬سعد حقي ت��وف��ي��ق‪ ،‬النظام‬ ‫الدولي اجلديد‪ ،‬ص‪.‬ص‪.46 45-‬‬ ‫(‪ )4‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬ ‫(‪ )5‬أحمد فتحي س��رور‪ ،‬نظرات‬ ‫في عالم متغير‪ ،‬ص‪.116‬‬ ‫(‪ )6‬ظ����ه����رت أص���������وات ع���دي���دة‬ ‫ت���ط���ال���ب ب�����إدخ�����ال اإلص��ل�اح����ات‬ ‫ع��ل��ى األمم امل���ت���ح���دة م���ن خ�لال‬ ‫إص��ل��اح اجل��م��ع��ي��ة ال��ع��ام��ة ل�لأمم‬ ‫املتحدة باعتبارها برملان العالم‬ ‫وإعطاءها سلطة التشريع شأنها‬ ‫شأن أي برملان في بلد دميقراطي‬ ‫وإع���ط���اء م��ج��ل��س األم����ن «سلطة‬ ‫تنفيذية»‪.‬‬ ‫(‪ )7‬ع��ب��د ال��ق��ادر محمد فهمي‪،‬‬ ‫النظام السياسي الدولي‪ ،‬ص‪.117‬‬

‫مجلس األمن بصورته احلالية لم يعد يعكس‬ ‫التوازن اجلديد للقوة بفعل ظهور قوى اقتصادية‬ ‫كبرى وتطلعات دول أخرى للعب دور جديد‬

‫سيادة بعض الدول ال زالت أعلى من سيادة املنظمة‬ ‫الدولية‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫ّ‬ ‫معدة مسبق ًا‬ ‫وصفات دولية‬

‫المؤسسات االقتصادية‬ ‫وصورة المستقبـــــــــــــــــــ‬ ‫محمد الساعدي *‬

‫تدخل الدول واألسواق وغيرها من العوامل في عملية‬ ‫تشكل طبيعة العوملة وسرعتها‪ ،‬وبينما تنتقص بعض‬ ‫أشكال سيادة الدولة (مثل ما يتعلق بالسيادة النقدية‬ ‫الرسمية) فإن حلبات جديدة للقوة واملنافسة تنفتح‬ ‫وتشمل هذه احللبات املنظمات اإلقليمية والهيئات‬ ‫ال��دول��ي��ة وال��ت��ن��اف��س ب�ين ال��ع��م�لات‪ ،‬وف��ي ال��وق��ت ذات��ه‬


‫ــــــــل الغامضة‬ ‫ال يغير ال��ن��ظ��ام ال��دول��ي م��ا تفعله ال���دول وال��ش��رك��ات‬ ‫والبشر وحسب‪ ،‬بل يغير كذلك الطريقة التي يرون‬ ‫بها أنفسهم وما يريدونه‪« ،‬دون أن ي��ؤدي إلى تقارب‬ ‫كوني ففي حالة الشركات متعددة اجلنسيات تقوم‬ ‫ال��ش��رك��ات بعمل ح��س��اب��ات م��ع��ق��دة م��ت��ع��ددة ال��ظ�لال‬ ‫بشأن كيفية التنظيم ومكان اإلنتاج»‪)1(.‬‬

‫اإلنترنت وحتويل العالم إلى سوق دون حدود‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫تعمق اليأس االجتماعي‬ ‫الوصفات االقتصادية السيئة ّ‬

‫في حالة الشعوب تندمج اجلماعات واملجتمعات بشكل أوثق‬ ‫في العالم الذي يحدده الغرب‪ ،‬بينما حتدد جماعات ومجتمعات‬ ‫غيرها هويات وقيما بديلة وتدعو لها وفي املجال السياسي بينما‬ ‫تفقد الدول والشركات وغيرها من الكيانات الفاعلة االستقالل‬ ‫في بعض املجاالت فهي تكسب نفوذا في غيرها‪ ،‬إال أن املكاسب‬ ‫واخلسائر ليست مقسمة بالتساوي بني الدول القوية والضعيفة‪،‬‬ ‫وعلى املستوى الدولي قد تزيد العوملة إلى حد كبير من متكني تلك‬ ‫الدول التي شكلت العوملة في املقام األول حيث تعزّز قدرتها على‬ ‫تنظيم أثرها احلالي‪.‬‬ ‫ال ش��ك أن حكومات ال��دول ال�ي��وم أصبحت أكثر هشاشة أم��ام‬ ‫اجتياح مؤسسات العوملة وتعاظم سطوتها ودروها الذي متارسه‬ ‫من أجل أن جتعل االقتصاد العاملي أكثر انفتاحاً وترابطاً وأكثر‬ ‫استقراراً وانضباطاً متجاوزة في ذلك احلدود السياسية للدول‪.‬‬ ‫وال غرو أن األمم املتحدة قد لعبت دوراً رئيسياً في تأكيد أهمية‬ ‫العوملة وأهمية اإلع��داد لوحدة العالم وأهمية إيجاد شكل من‬ ‫أشكال الفوقية فوق الدول واحلكومات خاصة في أوقات األزمات‪،‬‬ ‫وأهمية أن تتنازل الدول واحلكومات عن جزء من سيادتها لصالح‬ ‫آليات أكبر وبشكل يتسع ليشمل جميع دول العالم وليشكل فيما‬ ‫بعد حكومة العوملة‪ ..‬إذ استطاعت األمم املتحدة منذ إنشائها عام‬ ‫‪1945‬م ومنظماتها التابعة لها أن تهيئ الفكر اإلنساني احلديث‬ ‫لتقبل فكرة احلكومة العاملية والسوق الواحدة املتسعة‪.‬‬

‫وخير دليل على كالمنا هذا ما مارسه كل من املجلس االقتصادي‬ ‫واالجتماعي التابع لألمم املتحدة والوكاالت التابعة لها واالتفاقية‬ ‫العامة للتعريفة والتجارة ومؤمتر األمم املتحدة للتجارة والتنمية‪.‬‬ ‫وتقوم بعملية العوملة وتشرف عليها ثالث مؤسسات دولية تقوم‬ ‫بإرساء قواعد وبنيات هيكل العوملة وتشرف على تكوين البنية‬ ‫التحتية األساسية لها وهي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬م���ن���ظ���م���ة ال����ت����ج����ارة ال���ع���امل���ي���ة ‪World Trade‬‬ ‫‪Organization‬‬ ‫وهي أخطر مؤسسات العوملة ومتارس دوراً رئيسياً في حتقيقهاً‬ ‫وحتويل االقتصاديات احمللية املغلقة على ذاتها إلى اقتصاديات‬ ‫مفتوحة مدمجة فعلياً في االقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫ومنظمة التجارة العاملية في احلقيقة وليدة عام ‪1945‬م‪ ،‬وقد‬ ‫نشطت في إيجاد وتأسيس مجموعة القواعد اإلرتكازية الداعمة‬ ‫حلرية التجارة وفي تنمية الروابط التي توحد األس��واق العاملية‬ ‫وبخاصة في مجال تطوير التشريعات وتوحيدها والسعي املباشر‬ ‫نحو جعل األسواق الدولية املختلفة للدول األعضاء سوقاً واحدة‬ ‫موحدة‪.‬‬ ‫لقد أصبحت منظمة التجارة العاملية أح��د الركائز األساسية‬ ‫في نظام العوملة وعلى اجلميع أن يعي حقيقة قوتها باعتبارها‬ ‫املشرفة الرئيسية على نظام التجارة في النظام العاملي اجلديد‪.‬‬


‫انتهاكات الغات ّأدت إلى كوارث اقتصادية دولية‬

‫ول �ق��د ح �ل��ت م�ن�ظ�م��ة ال �ت �ج��ارة‬ ‫العاملية ‪ WT0‬محل االتفاقية‬ ‫ال �ع��ام��ة ل�ل�ت�ع��ري�ف��ات وال �ت �ج��ارة‬ ‫وال �ت��ي أن�ش�ئ��ت ع ��ام ‪ 1948‬م‬ ‫كاتفاق متعدد األطراف وتضع‬ ‫وتنظم إطار عاما في التجارة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫وأص��ب��ح��ت م �ن �ظ �م��ة ال �ت �ج��ارة‬ ‫العاملية هي املنظمة الرئيسية‬ ‫املسئولة عند تنفيذ العوملة على‬ ‫املستوى التجاري واالقتصادي‬ ‫وتشارك املنظمة بنحو ‪95%‬‬ ‫من التجارة الدولية وهي تضم‬ ‫‪ 160‬دولة عضو‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫‪ 24‬دولة مراقبة‪.‬‬ ‫وق��د وض�ع��ت منظمة التجارة‬ ‫العاملية مجموعة من القواعد‬ ‫وال�ق��وان�ين ال�ت��ي تلتزم بها ال ��دول األع �ض��اء ف��ي م�ج��ال التجارة‬ ‫الدولية للسلع واخلدمات واألفكار وحتدد حقوق والتزامات الدول‬ ‫األعضاء في إطار عام واسع ومتعدد األطراف‪« .‬وأسهمت منظمة‬ ‫التجارة العاملية ف��ي تأكيد تيار العوملة وتأكيد عوملة األس��واق‬

‫اجتاه الدول إلى االستفادة من‬ ‫مزاياها التنافسية وفي الوقت‬ ‫نفسه االعتماد على األس��واق‬ ‫اخل��ارج �ي��ة وزي�� ��ادة مساهمة‬ ‫القطاع الدولي في اقتصادها»‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫وت�س�ع��ى املنظمة ج��اه��دة إل��ى‬ ‫إزال� � ��ة احل� ��واج� ��ز اجل �م��رك �ي��ة‬ ‫التي تقف أم��ام حركة التجارة‬ ‫س��واء في السلع أو اخلدمات‬ ‫أو األف �ك��ار م��ن أج��ل تأسيس‬ ‫ق ��واع ��د ال �ت �خ �ص��ص وت�ق�س�ي��م‬ ‫العمل الدولي مبا يخدم رفاهية‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫جدير بالذكر هنا ونحن في هذا‬ ‫امل�ق��ام أن نعرض لقوى العوملة‬ ‫على هذا املستوى‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫• الدول الرأسمالية املتقدمة وميكن التعبير عنها مبجموعة الدول‬ ‫الصناعية السبع ‪ :G 7‬الواليات املتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا‬ ‫وكندا وأملانيا وإيطاليا باإلضافة إلى اليابان‪.‬‬ ‫• الشركات عابرة اجلنسيات ومتارس قدرتها من خالل االستثمار‬

‫حكومات الدول اليوم أصبحت أكثر هشاشة‬ ‫أمام اجتياح مؤسسات العوملة ودورها في جعل‬ ‫االقتصاد العاملي أكثر انفتاح ًا وترابط ًا‬

‫األمم املتحدة لعبت دور ًا رئيسي ًا في تنازل الدول‬ ‫واحلكومات عن جزء من سيادتها لصالح آليات‬ ‫تتسع لتشمل جميع دول العالم‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫أعالم أعضاء منظمة التجارة العاملية‬

‫األجنبي املباشر على اختالف صوره وآلياته‪.‬‬ ‫• املنظمات االقتصادية الدولية الرسمية متعددة األطراف‪.‬‬ ‫• بعض املنظمات الدولية غير احلكومية أو األهلية ومتارس دوراً‬ ‫متزايد األهمية خاصة منذ مطلع التسعينات‪.‬‬ ‫أما بخصوص القوى املضادة للعوملة ‪Anti Globalization‬‬ ‫ف��إن�ه��ا تتمثل ف��ي ف�ع��ال�ي��ات انطلقت م��ن عقالها ب�ع��د التغيير‬ ‫الدراماتيكي في هيكلية النظام الدولي عام ‪1991‬م‪ ،‬على إثر‬ ‫ان�ف��راط عقد الكتلة السوفيتية وم��ا حولها في أورب��ا الشرقية‬ ‫والوسطي والبلقان وأثر انفراط ما تبقى من عقد النظام العربي‬ ‫الرسمي بعد حرب اخلليج الثانية عام ‪1991‬م جنباً إلى جنب مع‬ ‫تفكك البني االجتماعية والسياسية والعسكرية التي كانت تبدو‬ ‫مستقرة في إفريقيا جنوب الصحراء ألسباب متعددة بعضها‬ ‫خارجي وبعضها داخلي‪.‬‬ ‫وتتمثل القوى املضادة للعوملة ضمن ه��ذا اإلط��ار في احلركات‬ ‫ذات االنتماء الضيق أو األصغر وقد أخذت هذه احلركات صورة‬ ‫التمردات والهبات العرقية والقبلية والطائفية والدينية واحلروب‬ ‫والفنت األهلية والقالقل املمتدة على امتداد اإلقليم الفرعي أو‬ ‫اإلقليم كله‪.‬‬ ‫أما عن قوى العوملة املضادة فإنها من صنفني‪:‬‬ ‫> الصنف األول اعتبر من قبيل رد الفعل من داخل العوملة ويتمثل‬ ‫في اجلرمية الدولية املنظمة وتشمل بصفة خاصة العصابات‬ ‫الدولية الكبرى لتهريب املخدرات واألم��وال على النطاق الدولي‬

‫متعددة األطراف إنها مبثابة عوملة مضادة سلبية‪.‬‬ ‫> وأما الصنف الثاني «فإنه ميثل رد الفعل من خارج العوملة ويعبر‬ ‫عن العوملة املضادة اإليجابية ويقصد به محاولة فرض صيغة‬ ‫املشاركة اإليجابية واملقاومة النسبية وذلك من خالل املشاركة‬ ‫اإليجابية في تقاسم التكنولوجيا العاملية»‪)3(.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬صندوق النقد الدولي‬ ‫أنشئ هذا الصندوق في يوليو عام ‪1944‬م وعقدت جلسته األولى‬ ‫في الثامن من مارس عام ‪1946‬م‪ .‬ووظيفة هذا الصندوق هي‬ ‫دعم استقرار أسعار الصرف واحملافظة على التدابير املنظمة‬ ‫للصرف بني الدول األعضاء وإزالة القيود املفروضة على الصرف‬ ‫األجنبي والتي تعوق منو التجارة الدولية وبث الثقة بني الدول‬ ‫األعضاء من خالل جعل موارد الصندوق ميسورة لها بضمانات‬ ‫مناسبة وللصندوق وظائف أخرى منها‪:‬‬ ‫ ت�ق��دمي امل�ع��ون��ة الفنية ع��ن ط��ري��ق تخصيص بعض موظفيه‬‫وإرسالهم لعدد من الدول لفترات تتراوح بني بضعة أسابيع إلى‬ ‫أكثر من عام وذلك بغرض تقدمي النصائح الفنية في العديد من‬ ‫املشكالت وفي رسم السياسات النقدية واملالية وإع��داد تشريع‬ ‫للبنك املركزي واملساهمة في تنفيذ البرامج املتعلقة بالتسهيالت‬ ‫التي وافق عليها الصندوق للدول املعنية‪.‬‬ ‫> تقدمي برامج تدريبية متقدمة حيث إنشئ الصندوق معهداً‬ ‫للتدريب في مايو ‪1964‬م‪.‬‬


‫تظاهرة ضد منظمة التجارة العاملية‬

‫> التنسيق الفعال ما بني نشاط الصندوق ونشاط البنك الدولي‬ ‫خلدمة االقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫وك��ان��ت وص��اي��ة ص�ن��دوق النقد والبنك ال��دول�ي�ين ك��األت��ي‪« :‬نفذ‬ ‫برنامجا اقتصاديا جديدا ونحن سنقوم مبساعدتك»‪ )4(.‬وهذا‬ ‫البرنامج اجلديد يعد شرطاً من أجل ضمان القرض السريع من‬ ‫املجموعة الدولية املانحة‪.‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬البنك الدولي‬ ‫وه��و أح��د مؤسسات «بريتون وودز» التي وقعت في يوليو عام‬ ‫‪1944‬م وأنشئ هذا البنك عام ‪1945‬م ولقد جاء إنشاء البنك‬ ‫الدولي حلاجة ماسة إلى رأس مال وذل��ك لتمويل أعمال إعادة‬ ‫البناء والتعمير ملا دمرته احلرب العاملية الثانية وتنمية اقتصاديات‬ ‫الدول املختلفة ومن ثم أعطى البنك حق منح أو ضمان القروض‬ ‫التي تقدم ملشروعات حتقيق أغراضه‪.‬‬ ‫وميثل البنك قمة التعاون ب�ين رأس امل��ال اخل��اص ورأس امل��ال‬ ‫احلكومي ال�ع��ام ف��ي م�ج��ال االستثمار ال��دول��ي وب��اإلض��اف��ة إلى‬ ‫عمليات اإلق ��راض وض�م��ان ال �ق��روض ف��إن البنك ي�ق��وم بتقدمي‬ ‫العديد من اخلدمات أهمها‪:‬‬ ‫أ‪ .‬تقدمي املعونة الفنية للدول األعضاء اقتصادياً‪.‬‬ ‫ب‪ .‬تشجيع االستثمار اخلاص وما يضمن منو وتوسيع القطاع‬ ‫اخلاص‪.‬‬ ‫ج‪ .‬فض املنازعات املالية بني ال��دول األعضاء وتدريب موظفي‬

‫الدول األعضاء على إدارة عمليات التنمية ويضم البنك الدولي‬ ‫املؤسسات الثالثة اآلتية‪:‬‬ ‫> البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪.‬‬ ‫> الرابطة الدولية للتنمية‪.‬‬ ‫> مؤسسة التمويل الدولية‪.‬‬ ‫ويقدم البنك الدولي قروضه إلى الدول النامية التي بلغت مرحلة‬ ‫متقدمة من النمو االقتصادي في حني أن الرابطة الدولية للتنمية‬ ‫التي تأسست عام ‪1960‬م تعمل على تقدمي املساعدات لذات‬ ‫األغراض التي يستهدفها البنك الدولي ولكن مع االهتمام األكبر‬ ‫بالدول األكثر فقراً وبشروط متويل أيسر وأقل تكلفة‪.‬‬ ‫أم��ا مؤسسة التمويل الدولية وال�ت��ي أنشئت ع��ام ‪1956‬م فأن‬ ‫هدفها دعم التنمية االقتصادية في البالد األقل منواً من خالل‬ ‫التركيز على تشجيع النمو في القطاع اخلاص ومساعدتها في‬ ‫مجال تعبئة رؤوس األموال احمللية واألجنبية لهذا الهدف‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى فإن الشركات واملشروعات متارس دورها الكامل‬ ‫في حتقيق العوملة باعتبارها املستفيد الرئيسي منها واملتمتع‬ ‫الرئيسي بخيراتها سواء ما هو متصل باحلصول على مستلزمات‬ ‫تشغيلها أو بنظام التشغيل أو بأسواق تصريف منتجاتها‪.‬‬ ‫وقد عملت الشركات على التوسع في دعم عملية العوملة وتولت‬ ‫كثير منها قيادة عملية التعولم واستخدام األساليب األكثر ابتكاراً‬ ‫في دعم جهود التعولم‪.‬‬ ‫لقد ق��ام��ت ال �ش��رك��ات س ��واء ك��ان��ت عاملية ال�ن�ش��اط أو متعددة‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫اجلنسيات أو متعددة القوميات أو شركات كونية أو شركات فوق‬ ‫القومية بأحداث تغييرات هائلة من أجل العوملة شملت اآلتي‪:‬‬ ‫> زيادة االعتماد املتبادل داخلياً وخارجياً بني املشروع والسوق‬ ‫الدولي‪ ،‬ومعامالت التصدير واالستيراد من وإلى السوق‪.‬‬ ‫> زي��ادة استقطاب املشروعات للرؤى اإلبتكارية ليس من أجل‬ ‫األسواق احمللية ولكن لألسواق العاملية‬ ‫> زيادة انفتاح املشروعات على األسواق العاملية‪.‬‬ ‫وم��ن ث��م فقد أص�ب��ح م��ن امل��أل��وف أن يعمل ف��ي ال�ش��رك��ة عمال‬ ‫مختلفي اجلنسية ومختلفي الثقافة ومختلفي األص��ول العرقية‬ ‫ومختلفي اجلنس والدين واللغة إ ن مؤسسات العوملة ال تقتصر‬ ‫فقط على اجلانب االقتصادي ولكنها متتد إل��ى جوانب أخرى‬ ‫أهمها‪ -:‬اجلانب املعلوماتى اإلتصالى وهو جانب شديد األهمية‬ ‫وبالغ األثر‪ ،‬والذي من خالله تتدافع تيارات العوملة ومن خالله‬ ‫أيضاً يصبح العالم يعيش بهوية واح��دة وجنسية واح��دة وبدون‬ ‫حدود أو فواصل‪.‬‬ ‫إن مفهوم العوملة ووح��دة العالم تتأكد كل حلظة بفعل األدوات‬ ‫املعلوماتية احلديثة وهى و إن كانت حديثة العهد إال أنها أكثر‬ ‫تأثيراً وفاعلية وأقوى وأكثر انتشاراً‪.‬‬ ‫وتدعم العوملة عوامل رئيسية ذات قوة تأثيرية هائلة‪ ،‬تدفع إلي‬ ‫املزيد من التعولم وهي متلك قوة الفعل والتأثير وقوة رد الفعل‬ ‫وهذا هو ما يجعلنا نتعرض لها بإيجاز على النحو التالي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬شبكة اإلنترنت‬ ‫متارس هذه الشبكة دورها الرئيسي في توحيد العالم‪ ،‬وفي زيادة‬ ‫ترابطه واتصاله وفي حتقيق عناصر الفورية واحلضور واإلتاحة‪،‬‬ ‫«وهي شبكة ال تخضع لسيطرة أحد‪ ،‬وهي تطور الطرق والوسائل‬ ‫التي يتواصل بها الناس ويتعاملون بها مع املعرفة وتبادل السلع‬ ‫واخل��دم��ات واألف�ك��ار وم��ا يتصل بحياتهم احل��اض��رة‪ ،‬وم��ا يتعلق‬ ‫أيضا مبستقبلهم»‪)5(.‬‬ ‫إن اإلنترنت شبكة حتتوي على مجموعات من شبكات الكمبيوتر‬ ‫ذات القدرات الفائقة على نقل‬ ‫املعلومات وحفظها وحتديثها‬ ‫وه���ي ش �ب �ك��ات م �ن �ت �ش��رة على‬ ‫مستوى جميع مناطق العالم‪،‬‬ ‫وه � ��ي ت �ت �ي��ح ك ��اف ��ة امل� �ع ��ارف‬ ‫اإلن �س��ان �ي��ة وأص �ب �ح��ت م��راك��ز‬ ‫اإلنترنت قادرة على التخاطب‬ ‫فيما بينها‪ ،‬وأن تقوم بتداول‬ ‫وت� �غ ��ذي ��ة ذات� �ه���ا ب��امل �ع �ل��وم��ات‬ ‫وحت��دي��ه��ا وت��ط��وي��ره��ا ب ��دون‬ ‫حدود‪.‬‬ ‫ه��ذا وق��د أدت ن�ظ��م ال�ف��وري��ة‬ ‫واإلت��اح��ة إل��ى ت��وف�ي��ر م�ص��ادر‬ ‫وم� � � � ��وارد ه ��ائ� �ل ��ة ل �ل �ب �ي��ان��ات‬ ‫وامل�ع�ل��وم��ات تنقل م��ن خاللها‬ ‫كل من الطالب واملعلم والباحث‬ ‫واملثقف واملتعامل واملستخدم‬

‫تظاهرة أخرى ضد منظمة التجارة العاملية‬

‫للشبكة إل��ى أف��اق واسعة وش��دي��دة الرحابة وأكثر تنوعاً تزخر‬ ‫باملعلومات والبيانات املختلفة‪.‬‬ ‫ونتيجة ل�ه��ذا كله استطاعت ال�ش��رك��ات وامل��ؤس �س��ات أن تغزو‬ ‫ع��ال��م اإلن�ت��رن��ت وان تقيم وتنشر م��واق��ع وصفحات لها بشكل‬ ‫دائم ومستمر‪ ،‬ومع زي��ادة حجم كل موقع وبتطوره يضاف إليها‬ ‫اجلديد واستطاعت الشركات بل والدول أن تقيم معارض دائمة‬ ‫ومستمر ومع زيادة حجم كل املوقع وبتطوره يضاف إليها اجلديد‪،‬‬ ‫واستطاعت الشركات بل والدول أن تقيم معارض دائمة تعرض‬ ‫فيها منتجاتها وبشكل فعال ومن خالل هذه املواقع تتم عمليات‬ ‫البيع والشراء‪.‬‬ ‫وأحدث ذلك انقالبا كبيراً في‬ ‫ال �ع��ال��م ح �ي��ث ت�لاش��ت ح ��دود‬ ‫الزمان وفواصل املكان وأصبح‬ ‫من املمكن ألي إنسان في أي‬ ‫مكان‪ ،‬وفي أي وقت أن يتعامل‬ ‫مع املشروعات والشركات ذات‬ ‫املواقع على الشبكة‪ ،‬وأن يجري‬ ‫م�ع��ام�لات��ه م�ع�ه��ا ب�ي�ع��ا وش ��راء‬ ‫ن� �ق ��دا وآج �ل��ا وق� ��د س��اع��دت‬ ‫ش�ب�ك��ة اإلن �ت��رن��ت ع �ل��ى زي ��ادة‬ ‫اإلح�س��اس بالعوملة ف��ي مجال‬ ‫عقد الصفقات وعلى ازدي��اد‬ ‫اعتماد رج��ال األعمال عليها‪،‬‬ ‫نظرا ملا تتيحه لهم من بيانات‬ ‫وم�ع�ل��وم��ات ف�ض�لا ع��ن ت��زاي��د‬ ‫عدد العاملني بها‬

‫الوضع في العام الثالث برمته يبعث على اليأس‬ ‫االجتماعي وغياب الصورة املستقبلية مقارنة مبا‬ ‫يحدث في العالم‬

‫ثالث مؤسسات دولية تقوم بإرساء قواعد وبنيات‬ ‫هيكل العوملة وتشرف على تكوين البنية التحتية‬ ‫األساسية‬


‫سي ان ان أكثر األدوات أهمية للوصفات الدولية املعدة مسبقا‬

‫هذا وقد تزايد االعتماد على شبكة اإلنترنت واتسع ليشمل‪:‬‬ ‫> مبيعات األوراق املالية‪.‬‬ ‫> مبيعات البحوث والدراسات واملعلومات من مراكز املعلومات‪.‬‬ ‫> العمليات البنكية واملصرفية‪.‬‬ ‫ويتكون اقتصاد اإلنترنت من أربعة مستويات رئيسية هي‪:‬‬ ‫املستوى األول‪ :‬البنية الرئيسية للشبكة ويصل إجمالي دخلها‬ ‫إلى ‪ 115‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫املستوى الثاني‪ :‬التطبيقات والبرامج املستخدمة في الشبكة‬ ‫ويصل إجمالي دخلها السنوي إلى ما يزيد عن ‪ 56.3‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫املستوى الثالث‪ :‬الوسائط وعمليات تقدمي خدمة الشبكة ويصل‬ ‫إجمالي دخلها السنوي إلى ما يزيد عن ‪ 58.2‬مليار دوالر‬ ‫املستوى الرابع‪« :‬التجارة اإللكترونية والتي يبلغ دخلها السنوي‬ ‫حالياً ما يزيد عن‪ 101.9‬مليار دوالر سنوياً»‪)6(.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬التجارة اإللكترونية‬ ‫لقد استطاعت التجارة اإللكترونية جذب مئات املاليني إليها‪،‬‬ ‫ووج��د فيها كل منهم مآربه وأه��داف��ه ووسيلة للتعايش وإشباع‬ ‫احتياجاته ورغ�ب��ات��ه وأصبحت ال�ت�ج��ارة اإللكترونية متلك من‬ ‫الوسائل العصرية ما يساعد على اختصار وقت وتفعيل الزمن‬ ‫وتيسير اإلجناز‪.‬‬ ‫لقد فتحت التجارة اإللكترونية آف��اق��ا ج��دي��دة أم��ام املعامالت‬ ‫الدولية وأصبح يسيراً على أي إنسان في أي مكان في العالم وفي‬ ‫أي وقت من األوقات القيام بها والتعامل معها وبأي شكل وبأي‬ ‫حجم ولقد جنحت التجارة اإللكترونية في إث��راء العالم وزي��ادة‬ ‫رفاهيته وزيادة اإلحساس بوحدته وفي الوقت نفسه زيادة نفعية‬ ‫تيار العوملة‪.‬‬

‫وف��ي التجارة اإللكترونية ال تذهب أن��ت إل��ى العالم بل جتد أن‬ ‫التجارة اإللكترونية تأتي بالعالم كله إليك «تأتي بكل إبداعات‬ ‫البشرية بكل األشكال وبكل األل��وان واألحجام وال��رؤى وفي كل‬ ‫األوق���ات وم��ن مختلف األم��اك��ن وم��ن امل�ت��وق��ع أن تنمو التجارة‬ ‫اإللكترونية من ثمانية مليارات دوالر ع��ام ‪ 1997‬م إل��ى ‪327‬‬ ‫مليار عام ‪ 2002‬م وسيترتب على ذلك ازدياد إحساس اإلنسان‬ ‫والشعوب بالعوملة وبالسوق العاملية الواحدة «‪)7(.‬‬ ‫دور املؤسسات العاملية‬ ‫ت��ؤدي املؤسسات العاملية دوراً مهما ف��ي عملية إع��ادة هيكلية‬ ‫االقتصاديات الوطنية ويكون كل من صادق على اتفاقية ‪GATT‬‬ ‫(االتفاقية العاملية للتعريفة والتجارة) وتأسيس منظمة التجارة‬ ‫العاملية ‪ WTO‬في عام ‪1995‬م إطار لتطوير النظام االقتصادي‬ ‫العاملي‪ ،‬إن مهمة منظمة التجارة العاملية تنطوي على تنظيم التجارة‬ ‫العاملية ملنفعة املصارف الدولية والشركات متعددة اجلنسية «أما‬ ‫اجلات ‪ GATT‬فإنها تنتهك احلقوق السياسية للشعوب وبشكل‬ ‫خاص في ميادين االستثمار األجنبي والشؤون التحتية وحقوق‬ ‫امللكية الفكرية»‪)8(.‬‬ ‫ويوجد تقسيم ثالثي جديد للسلطة يرتكز على التعاون الوثيق‬ ‫ب�ين ص�ن��دوق النقد والبنك الدوليني ومنظمة التجارة العاملية‬ ‫لغرض مراقبة السياسات االقتصادية للدول النامية‪ ،‬أما العالقة‬ ‫بني املؤسسات املوجودة في واشنطن وبني احلكومات الوطنية‬ ‫فقد ح��ددت ف��ي ض��وء ن�ظ��ام ال�ت�ج��ارة اجل��دي��د ال��ذي ظهر بعد‬ ‫تأسيس منظمة التجارة العاملية في عام ‪ 1995‬م ولم يعد فرض‬ ‫الوصفات السياسية التي يقدمها كل من صندوق النقد والبنك‬ ‫ال��دول�ي�ين يعتمد فقط على اتفاقيات ال �ق��روض على املستوى‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫الوطني «التي لم تكن اتفاقيات‬ ‫موجبة االل �ت��زام قانونياً»‪)9(.‬‬ ‫ألن الكثير من فقرات برنامج‬ ‫التكييف الهيكلي (‪ )SAP‬على‬ ‫سبيل امل �ث��ال حت��ري��ر ال�ت�ج��ارة‬ ‫ونظام االستثمار األجنبي قد‬ ‫أدخلت وبشكل دائم في فقرات‬ ‫اتفاقية منظمة التجارة العاملية‬ ‫وأن ه ��ذه ال �ف �ق��رات تستخدم‬ ‫كقاعدة للتحكم بالدول وفرض‬ ‫ال �ش��روط عليها وف��ق القانون‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫وصفة صندوق‬ ‫النقد الدولي‬ ‫ل�ق��د طبقت وف��ي وق��ت واح��د‬ ‫ه� � ��ذه ال� ��وص � �ف� ��ة امل �ت �ض �م �ن��ة‬ ‫التقشف بامليزانية وتخفيض‬ ‫قيمة العملة وحت��ري��ر التجارة‬ ‫وبيع امللكية العامة إلى القطاع‬ ‫اخلاص في أكثر من مائة بلد‬ ‫مدين‪.‬‬ ‫وه �ك��ذا ف �ق��دت ه ��ذه ال �ب �ل��دان‬ ‫سيادتها االقتصادية وسطرتها‬ ‫ع� �ل���ى ال� �س� �ي���اس���ة ال� �ن� �ق ��دي ��ة‬ ‫وال �ض��ري �ب �ي��ة وأع� �ي ��د تنظيم‬ ‫مصارفها امل��رك��زي��ة ووزارات �ه��ا‬ ‫امل��ال��ي��ة ب��ال �ت��واط��ؤ دائ� �م ��ا مع‬ ‫البيروقراطية احمللية وألغيت‬ ‫م��ؤس �س��ات �ه��ا وأق� �ي� �م ��ت ف�ي�ه��ا‬ ‫وصاية اقتصادية وكونت فيها‬ ‫املؤسسات املالية الدولية « حكومة موازية مترفعة على املجتمع‬ ‫املدني‪ .‬أما البلدان التي لم تقبل بأهداف وغايات صندوق النقد‬ ‫الدولي فقد وضعت في القائمة السوداء‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن برنامج التكييف الهيكلي قد مت تبنيه باسم‬ ‫الدميقراطية وما يسمى بحسن اإلدارة ‪Good Governance‬‬ ‫«إال أنه يستلزم دعم اجلهاز األمني الداخلي فالقمع السياسي‬ ‫وبالتواطؤ مع أفراد النخبة في العالم الثالث يدعم ما يوازيه من‬ ‫عمليات القمع االقتصادي»‪)10(.‬‬ ‫إن حسن اإلدارة وال��دف��اع ع��ن االن�ت�خ��اب��ات م�ت�ع��ددة األح ��زاب‬ ‫تعد شروطاً إضافية مفروضة من املانحني والدائنني‪ ،‬فطبيعة‬ ‫اإلصالحات االقتصادية نفسها مازالت متنع تطبيق الدميقراطية‬ ‫احلقيقية‪.‬‬ ‫إن ال�ت�ك�ي�ي��ف ال�ه�ي�ك�ل��ي ي�ش�ج��ع ع �ل��ى ق �ي��ام امل��ؤس �س��ات امل��زي�ف��ة‬ ‫والدميقراطية البرملانية الوهمية التي تقوم بدورها برعاية عملية‬ ‫إعادة الهيكلة االقتصادية‪.‬‬ ‫إن الوضع في العام الثالث برمته يبعث على اليأس االجتماعي‬

‫حسن اإلدارة يعتمد على تكامل األدوار‬

‫القوى املضادة للعوملة متثلت في صورة متردات‬ ‫وهبات عرقية ودينية وحروب وفنت أهلية‬

‫التقسيم الثالثي للسلطة يرتكز على التعاون‬ ‫الوثيق بني صندوق النقد والبنك الدوليني‬ ‫ومنظمة التجارة العاملية لغرض مراقبة السياسات‬ ‫االقتصادية للدول النامية‬

‫وغ��ي��اب ال� �ص ��ورة املستقبلية‬ ‫وف�ي�م��ا ي�خ��ص ال�س�ك��ان ال��ذي��ن‬ ‫أص��اب �ه��م ال �ف �ق��ر ب�س�ب��ب لعبة‬ ‫ال� �ت ��أث� �ي ��رات امل��ت��ب��ادل��ة ل �ق��وى‬ ‫ال��س��وق وي�ت�م�ث��ل ه ��ذا ال��وض��ع‬ ‫ب��ال�ق�م��ع ال �ش��دي��د للتظاهرات‬ ‫واالح�ت�ج��اج��ات الشعبية التي‬ ‫ك ��ان ��ت جت � ��ري ض� ��د ب��رن��ام��ج‬ ‫التكييف الهيكلي ففي (تونس)‬ ‫ق� ��ام ال��ش��ب��ان ال �ع��اط �ل��ون عن‬ ‫ال�ع�م��ل ف��ي ك��ان��ون ال �ث��ان��ي من‬ ‫عام ‪ 1984‬م بأكبر تظاهرات‬ ‫احتجاجية ض��د زي ��ادة أسعار‬ ‫املواد الغذائية‬ ‫« أم� ��ا ن �ي �ج �ي��ري��ا ف �ق��د أدت‬ ‫تظاهرات الطلبة ع��ام ‪1989‬‬ ‫م ض� ��د ب���رن���ام���ج ال �ت �ك �ي �ي��ف‬ ‫الهيكلي إل��ى أن يغلق مجلس‬ ‫القوات املسلحة ست جامعات‬ ‫ف��ي ال �ب�لاد وف��ي ع��ام ‪1990‬م‬ ‫ح� ��دث ف ��ي امل� �غ ��رب إض� ��راب‬ ‫ع��ام وت �ظ��اه��رات شعبية ضد‬ ‫إصالحات احلكومة التي جرت‬ ‫حت��ت رع��اي��ة ص��ن��دوق ال�ن�ق��د‬ ‫الدولي»‪)11(.‬‬

‫قوة املنظمات اجلماهيرية‬ ‫(غير احلكومية)‬ ‫وهي تلك املنظمات التي تعمل‬ ‫ف ��ي م� �ج ��ال امل �ج �ت �م��ع امل��دن��ي‬ ‫خ� ��اص� ��ة ف� ��ي م � �ج� ��ال ح �ق��وق‬ ‫اإلنسان وخاصة وأن هذا الدور له ثالث محاور متداخلة وهي‪:‬‬ ‫احملور األول أو الدائرة األولى‪ :‬الدائرة احمللية‬ ‫وه��ي ت�ل��ك ال��دائ��رة املتعلقة باملنطقة ال�ت��ي ت�ق��ع فيها املنظمة‬ ‫اجلماهيرية أو اجلمعية األهلية والتي يعيش فيها أعضاؤها ومن‬ ‫ثم فإنها متارس الدور الرئيسي في تثقيف اجلماهير في املنطقة‬ ‫وتزويدهم بالبيانات واملعارف الرئيسية وفقاً لألهداف اخلاصة‬ ‫باملنظمة وتعمل في الوقت نفسه على تأكيد مفاهيم احلقوق‬ ‫اإلنسانية املشروعة التي يجب أن حتترم وأن تراعى من جانب‬ ‫الدول واحلكومات‪.‬‬ ‫احملور الثاني أو الدائرة الثانية‪ :‬الدائرة أو احملور اإلقليمي‬ ‫وهي بداية اخلروج عن حدود الدولة إلى حدود التجمعات الدولية‬ ‫والتي تضم املنظمات غير احلكومية في أكثر من دولة ومن ثم‬ ‫ممارسة تأثيرها من أجل حقوق اإلنسان وحتسني أوضاعه على‬ ‫املستوى اإلقليمي وتشكل أدوات ضغط على احلكومات من أجل‬ ‫احترام حقوق اإلنسان ومن أجل دعم اجتاهات العاملية والعوملة‪.‬‬ ‫احملور الثالث أو الدائرة الثالثة الدائرة أو احملور العاملي‬


‫البنك الدولي ميثل تعاون رأس املال اخلاص ورأس املال احلكومي‬

‫وهو أهم احملاور الرئيسية التي تعمل املنظمات غير احلكومية‬ ‫على استغالله من خ�لال اجتماعات األمم املتحدة ومنظماتها‬ ‫التابعة ومن خاللها يتأكد مفهوم العوملة ومفهوم الكونية ومفهوم‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫التغطية اإلعالمية احلكومية‬ ‫إن املتابع ملا تقوم به شبكات ‪ MBC‬و ‪CNN‬اإلعالمية مث ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وما حتققه من وظيفة اتصالية كبرى تنقل من خاللها األحداث‬ ‫ال�ف��وري��ة إل��ى أي مكان ف��ي العالم وجعل املشاهد لها يعايشها‬ ‫معايشة العني واإلحساس والرأي وقد صارت العوملة اإلعالمية‬ ‫واقعاً ملموساً ومعاشاً‪.‬‬ ‫إن ه��ذا النموذج ليس الوحيد بل أن هناك من��اذج أخ��رى كثيرة‬ ‫مماثلة وكلها جميعاً تعمل في خدمة تعميق العوملة وتوسيع مداها‬ ‫وتقوية تيارها اجلارف لقد أصبح العالم بفضل التغطية اإلعالمية‬ ‫مجرد قرية صغيرة ومن ثم يزداد الشعور بالعوملة‪.‬‬ ‫شبكة االتصاالت العاملية‬ ‫إن التطور املتصاعد في تقنية االتصاالت العاملية وتطور أنظمة‬ ‫الشبكات وال��دوائ��ر الفائقة واستخدام أنظمة الهواتف النقالة‬ ‫واالتصاالت اخللوية باألقمار الصناعية مباشرة «كل هذا وغيره‬ ‫قد أت��اح ق��درة هائلة على جعل سكان العالم باختالف أماكنهم‬ ‫مرتبطون ببعضهم البعض إلى الدرجة التي أزالت اخلصوصية‬ ‫وأزلت حواجز املكان وأزال��ت فواصل الزمان وقضت على معنى‬

‫املسافة الزمنية واملكانية بني أطراف االتصال في أي وقت وفي‬ ‫أي مكان في العالم»‪)12(.‬‬ ‫إن اجلهد املعرفي العميق الذي تدفع إليه عمليات االتصال الكوني‬ ‫يعمق اإلحساس بتعاظم العوملة من الداخل وبالوحدة الكونية‪.‬‬ ‫هوامش‪:‬‬ ‫( ) د‪ .‬محمد الساعدي‪ :‬رئيس جامعة سرت سابق ًا‪.‬‬ ‫*‬ ‫‪ 1‬جنير وودز‪ .‬االقتصاد السياسي للعوملة‪ .‬ترجمة‪ :‬أحمد محمود‪،‬‬‫القاهرة‪ ،‬للمجلس األعلى للثقافة‪ ،2003 ،‬ص ‪26‬‬ ‫‪ 2‬امليثالي عبد اإلله صالح‪ .‬الوطن العربي والنظام العاملي اجلديد‪.‬‬‫طرابلس ليبيا‪ ،‬دراسة منشورة مبجلة (دراسات العدد الثاني والثالث)‬ ‫سبتمبر ‪1999‬‬ ‫‪ .3‬شفيع محمد‪ .‬االقتصاد السياسي للعوملة‪ .‬القاهرة‪ ،‬عن (كتاب‬‫املؤمتر السنوي األول للدراسات املصرية اإلفريقية) ‪ ،2002‬ص ‪34‬‬ ‫‪ 4‬ميشل شوشو دوفسكس‪ ،‬عوملة الفقر‪ ،‬ترجمة‪ :‬جعفر على حسني‪،‬‬‫بغداد‪ ،‬دار احلكمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2001 ،‬ص ‪287‬‬ ‫‪ 5‬الساعدي محمد إمحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪93‬‬‫‪ 6‬خضيري محسن أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،84‬وانظر أيض ًا‪ :‬صالح‬‫الدين اجلروشي‪ .‬ترسيخ الدميقراطية‪( .‬مقالة مبجلة العربي العدد‬ ‫‪ ،)465‬الكويت‪ ،‬أغسطس ‪ 1997‬م‪.‬‬ ‫‪ 7‬خضيري محسن أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪85‬‬‫‪ 8‬ميشل شوسودوفسكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪45‬‬‫‪ 9‬ميشل شوسودوفسكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪45‬‬‫‪ 10‬ميشل شوسودوفسكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪46‬‬‫‪ 11‬ميشل شوسودوفسكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪46‬‬‫‪ 12-‬الساعدي محمد إمحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪96‬‬


‫‪54‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫حقوق الطفل في دستور يصنعه اآلباء‬ ‫متابعة‪ :‬عبدالرحمن سالمة‬ ‫التأمت في األيام القليلة املاضية مبدينة طبرق ورشة عمل حتت‬ ‫عنوان‪ :‬حقوق الطفل في دستور يصنعه لهم اآلباء‪ ،‬حتت إشراف‬ ‫منظمة نهضة شباب ليبيا وبالتعاون مع املنظمة الليبية الدولية‬ ‫للطفولة وجمعية أنا ليبي اخليرية‪.‬‬ ‫استمرت ورشة العمل مدة يومني ألقيت خاللهما العديد من أوراق‬ ‫العمل التي تناولت الطفل الليبي وحقوقه كاملة من خالل الدستور‬ ‫الليبي املرتقب‪ ،‬وشارك فيها العديد من املهتمني واملتخصصني‬

‫باملدينة‪ ،‬وش��ارك في اليوم اخلتامي لهذه الورشة عضو مجلس‬ ‫ال�ن��واب ورئ�ي��س جلنة امل��رأة والطفل السيدة سلطنة املسماري‬ ‫وعضو املجلس البلدي طبرق السيدة فريحة الدرهاب كما قام‬ ‫عضو جلنة الستني لصياغة الدستور الليبي السيد حمزة عبدربه‬ ‫مبداخلة مسموعة مباشرة من داخل قبة البرملان بالبيضاء والتي‬ ‫حتتضن جلسات جلنة الستني‪ ،‬وقرأ على اجلميع الفقرات املتعلقة‬ ‫بالطفل ذوي االحتياجات من خالل املسودة التي ستعرض على‬ ‫الليبيني‪ ،‬وطلب من املشاركني مناقشتها وغيرها من القضايا‬ ‫املتعلقة بالطفل لعرضها على جلنة الستني‪.‬‬

‫من يتحدث باسم اإلسالم؟‬ ‫دعا كل من أستاذ األديان والعالقات الدولية والدراسات اإلسالمية‬ ‫األمريكي جون إسبوزيتو وداليا مجاهد الباحثة املصرية األمريكية‬ ‫في شئون اإلسالم واألدي��ان الغرب للتروي قبل إصدار األحكام‬ ‫على املسلمني‪ ،‬في كتابهما اجلديد «من يتحدث باسم اإلسالم؟‪-‬‬ ‫كيف يفكر حقاً أكثر من مليار مسلم؟»‪.‬‬ ‫يؤكد املؤلفان في هذا الكتاب أن املسلمني كغيرهم من الناس‬ ‫متنوعي امل �ي��ول واالجت��اه��ات‪ ،‬لهم قيمهم وأف �ك��اره��م‪ ،‬مييل‬ ‫بعضهم للخير بينما يجد البعض اآلخر في العنف وسيلة في‬ ‫التعبير عن وج��وده‪ ،‬الفتني إلى أن التطرف ليس صفة من‬ ‫صفات املسلمني وإمنا اجتاها فضله بعضهم‪.‬‬ ‫وذكر املؤلفان في كتابهما أن هناك صورة مشوشة مغلوطة‬ ‫مت تعميمها عن اإلسالم في الغرب باعتبارهم أعضاء في‬ ‫جماعات إرهابية يتحينون الفرص لإليقاع بضحاياهم‬ ‫ال�غ��رب�ي�ين‪ ،‬وإن ل��م يستطيعوا ب�س��ط ن�ف��وذه��م ب��اخل��ارج‬ ‫سيلجؤون لقهر املرأة الضحية األقرب دائماً‪.‬‬


‫عمر القويري‬

‫ليبيا ومصر‪..‬‬ ‫مصير مشترك‬

‫في جعبة رمضان القادم‪..‬‬

‫«الصورة المقلوبة عدلها»‬ ‫كتب‪ :‬علي خويلد‬ ‫بدأ املخرج محمد بلعم تصوير العمل الرمضاني املن ّوع (الصورة املقلوبة عدلها)‪ ،‬من‬ ‫تأليف الفنان صالح األحمر‪ ،‬حيث سيقوم بدور البطولة ك ً‬ ‫ال من الفنان محمد بن يوسف‬ ‫والفنانة زبيدة قاسم والفنان عبداملجيد امليساوي ومصطفى الشيخ وعبدالسالم التريكي‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى بعض الشباب منهم حسام الطابوني وفاحت املصراتي وحفيظ الطيرة وليلى‬ ‫سالم وإنصاف وعبد املعطي الوصيف وأشرف صبري‪ ..‬العمل من ‪ 15‬حلقة ويأتي في‬ ‫قالب اجتماعي كوميدي وفي كل حلقة موضوع معني يتحدث عن الشباب وعدم شعورهم‬ ‫باملسؤولية‪.‬‬ ‫«الصورة املقلوبة عدلها» يتم تصويره في مدينة طرابلس بالتعاون مع شركة الرنيم الليبية‬ ‫التونسية للخدمات اإلعالمية‪.‬‬

‫ن�ظ�م��ت وك��ال��ة أن �ب��اء ال �ش��رق األوس ��ط‬ ‫ن ��دوة ب�ع�ن��وان «ليبيا وم �ص��ر‪ ..‬مصير‬ ‫مشترك»‪ ،‬بحضور رئيس الهيئة العامة‬ ‫لإلعالم والثقافة واآلثار‪ ،‬عمر القويري‪،‬‬ ‫ورئ�ي��س مجلس إدارة حت��ري��ر الوكالة‪،‬‬ ‫ع�لاء حيدر‪ ،‬ضمن محور أساسي هو‬ ‫العالقات الليبية املصرية وتأثيرها على‬ ‫احلاضر واملستقبل في ظل التحديات‬ ‫التي تواجه البلدين‪ ،‬وذلك على خلفية‬ ‫العمليات اإلره��اب�ي��ة التي تقع ف��ي كال‬ ‫البلدين‪ ،‬وارتباط الواقع األمني الليبي‬ ‫بالواقع األمني املصري والعكس‪ ،‬في‬ ‫ظل املتغيرات التي حتدث في املنطقة‬ ‫العربية‪.‬‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫حق األربعاء‬

‫محمد عقيلة العمامي‬ ‫ال عالقة ما بني عنوان هذه الصفحة‪ ،‬التي قد تكون عموداً‪،‬‬ ‫وبني «حديث األربعاء» ذلك الصالون األدبي الذي ابتدعه األديب‬ ‫الدكتور طه حسني في خمسينيات القرن املاضي‪ ،‬والذي ُجمعت‬ ‫مواضيعه في كتب ما تزال مراجع أدبية هامة‪.‬‬ ‫ولكن أطفال زمن ليبيا اجلميل يعرفون معني «مصطلح» حق‬ ‫األرب �ع��اء‪ ،‬ال��ذي ننطقه (ح��ق ل��رب�ح��ه)‪ ،‬ف��إل��ى م��ا بعد منتصف‬ ‫ستينيات ال�ق��رن امل��اض��ي‪ ،‬ك��ان��ت خ�ل��وة ج��ام��ع (س�ي��دي محمد)‬ ‫بشارع نبوس في بنغازي‪ ،‬مبثابة فصل دراسي‪ ،‬كالروضة التي‬ ‫تسبق مرحلة التعليم االب�ت��دائ��ي‪ ..‬وك��ان إم��ام املسجد (الفقي‬ ‫الم�ين)‪ ،‬هو معلم الفصل‪ ،‬أو مبعني أدق‪ُ ،‬محفظ القرآن لهم‪:‬‬ ‫قراءة وكتابة؛ فحفظ الطفل جلزء ع ّم‪ ،‬مث ً‬ ‫ال‪ ،‬يعني أن املتلقي‬ ‫ق��ادر على ال �ق��راءة والكتابة‪ ،‬ال�ش��يء ال��ذي يجعله يتفوق على‬ ‫أقرانه ممن جاءوا إلى املدرسة من دون املرور على خلوة اجلامع‬ ‫وجتربة لسعات العصا املصقولة من غصن الزيتونة وقسوة حبل‬ ‫(الفلقة)‪ .‬ولقد فلح أولئك الذين حفظوا القرآن مبكرا في إتقان‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬وتنامت لديهم ملكة االستظهار‪ ،‬ولعل صديقنا‬ ‫األديب الراحل خليفة الفاخري خير دليل على ذلك‪ ،‬فهو الذي لم‬ ‫يجتز مرحلة التعليم الثانوي‪ ،‬وقد متكن‪ ،‬بفضل حفظه للقرآن‪،‬‬ ‫من تطوير لغته العربية‪ ،‬ليغدو الحقا في مصاف املتخصصني‬ ‫املتمكنني م��ن قواعدها وآداب �ه��ا‪ ،‬أم��ا ق��درت��ه على االستظهار‬ ‫فيشهد عليها رفقائه‪ ،‬الذين أٌمتعهم ليال طويلة مبا كان يلقيه‬ ‫عليهم من دواوين كاملة من أشعار البياتي‪ ،‬ونزار قباني‪ ،‬وبدر‬ ‫شاكر السياب‪ ،‬ناهيك عن الشعر العربي القدمي‪ ،‬س ّيما روائع‬ ‫املتنبي!‪.‬‬ ‫كانت دروس ال ُكتّاب ُمؤسس ًة على رغبة املتلقي وص��دق أداء‬ ‫(الفقيه) املُعلم‪ ،‬مقابل أتعاب بسيطة‪ ،‬تكون في الغالب عينية‪،‬‬ ‫يُحضرها أطفال الكتّاب معهم يوم األربعاء‪ ،‬ومن هنا جاء مصطلح‬ ‫(حق لربحه)‪ ،‬الذي يتكون‪ ،‬في الغالب‪ ،‬من بيض الدجاج‪ ،‬الذي‬ ‫كان في ذلك الزمن يسرح باتساع شوارعنا القدمية‪ ،‬وعندما‬ ‫ال يتوفر البيض‪ ،‬فإن املصنوعات الغذائية املنزلية كالهريسة‪،‬‬

‫والزميتا‪ ،‬والقديد‪ ،‬والبخور‪ ،‬أو اللنب والزبد والتمر في مواسم‬ ‫توفرها حتل محله‪ .‬غير أنه للقرش – بل وحتى نصف القرش‬ ‫النحاسي الكبير املصكوك بصورة رأس امللك محمد إدري��س‬ ‫السنوسي ‪ -‬رحمة الله ‪ -‬وقع أكثر قبوالً عند الفقي‪ ،‬حتى أنه‬ ‫يتبسم ملن يضعه في يده!!‬ ‫ح��ق األرب��ع��اء‪ ،‬ه��و باختصار ش��دي��د أت �ع��اب امل�ع�ل��م‪ ،‬حقه على‬ ‫تالميذه مقابل خدماته‪ .‬لهذا السبب اخترت هذا العنوان لعمود‬ ‫اسبوعي انتظمت في كتابته قرابة أربع سنوات‪ ،‬انتقيت منها‬ ‫مجموعة لكتاب كاد أن يصدر بالعنوان نفسه‪ ،‬لوال النفق املظلم‬ ‫الذي أدخلونا فيه!‬ ‫من ه��ذه املقاالت ما هو مجرد ذك��ري��ات‪ ،‬ومنها مقاالت همها‬ ‫مرحلة تأسيس دول ��ة ليبيا السنوسية‪ ،‬ال�ت��ي اسقطها نظام‬ ‫القذافي متخذاً من شعارات كانت أح�لام جيل الستينيات ‪-‬‬ ‫حرية‪ ،‬اشتراكية‪ ،‬وحدة ‪ -‬وسيلته في تأييده إلى أن بانت نوياه‬ ‫احلقيقية‪ ،‬فسقط نظامه القمعي‪.‬‬ ‫على‪ ،‬فقد كنت‪ ،‬وما زلت‪ ،‬مقتنعا‬ ‫حق األربعاء فرض مستحق ّ‬ ‫بأنني مدين لهذا الوطن الذي علمني رواده قيمة احلرف‪ ،‬متاماً‬ ‫مثلما علمني شهداء ث��ورة ‪ 17‬فبراير معني االنتماء‪ ،‬وامل��وت‬ ‫دونه‪ ،‬وأنا أريد أن أدفع ضريبة انتمائي لهذا الوطن‪ ،‬ولكن لم‬ ‫يعد مبقدوري‪ ،‬وقد جتاوزت عقدي السابع‪ ،‬سوى اجللوس من‬ ‫األف�ج��ار‪ ،‬مبقعد مريح‪ ،‬والتنقل بني نوافذ العالم أتابع أخبار‬ ‫بلدي احلبيب‪ ،‬محاوالً تلمس طريقنا الذي صار ضبابياً جداَ!‬ ‫كل ما في األمر أريدكم ‪ -‬يا أصدقائي ‪ -‬أن تعتبروا مقاالتي‬ ‫ه��ذه‪ ،‬وكأنها (ح�ج��اب��ات) فقهاء ال�ن��واي��ا احلسنة‪ ،‬مثل الفقيه‬ ‫االمني‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬وليس فقهاء أقواس الفندق البلدي في ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬الذين كانوا يكتبون حجاب القبول واحملبة مقابل خمسة‬ ‫قروش كاملة! وكيفما يكون األمر‪ ،‬وعلى الرغم من انه ال شأن‬ ‫لألحجبة بعالج األمراض الفسيولوجية‪ ،‬وال القبول واحملبة‪ ،‬فإن‬ ‫الناس‪ ،‬في ذلك الزمن‪ ،‬وبسبب اجلهل الكافر والفقر املقيت‪،‬‬ ‫جلأوا إليها! ويبدو أنها جنحت‪ ،‬على األقل في مسألة القبول‬


‫واحملبة!! فالنوايا الطيبة تساعد‪ ،‬من دون شك‪ ،‬على اجتياز‬ ‫األزم��ات‪ .‬ونحن في أزمة حقيقية! فأرجو ملا أقوله لكم‪ ،‬قبوال‬ ‫ومحبة‪ ..‬من أجل ليبيا العظيمة‪.‬‬ ‫مقاالتي ستكون أشكاالً‪ :‬منها السيرة الذاتية‪ ،‬ومنها الومضات‪،‬‬ ‫والقصص القصيرة‪ ،‬والنقد األدبي‪ ،‬وقراءات في كتب تستحق‪،‬‬ ‫وبالطبع ما أستطيع تقدميه من شموع قد تعني إنارة الطريق‪،‬‬ ‫فاقبلوها مني مثلما كان الفقي المني رحمه الله يقبل من طالبه‬ ‫ما يقدمونه له من حقوقه؛ كان رحمه الله يستقبلنا‪ ،‬على غير‬ ‫عادته‪ ،‬بابتسامة رض��ا وامتنان مما جعلنا نتسابق في تقدمي‬ ‫اجل�ي��د ل��ه ف��ي االس �ب��وع ال�ت��ال��ي! ك��ان وق��وف الطفل منا أمامه‬ ‫لتسميع ما يتعني حفظه من قرآن كرمي غالبا ال ينتهي من دون‬ ‫نظرة متوعدة نحو الفلقة املعلقة في صدر صحن الكتّاب!‬ ‫تعجبت‪ ،‬منذ صغري‪ ،‬مِ ن هذا الذي ابتكر الفلقة؟! كيف‬ ‫ولطاملا‬ ‫ٌ‬ ‫خطرت له فكرتها البسيطة اجلهنمية‪ ،‬فما أن يتمكن حبلها من‬ ‫توثيق قدميك‪ ،‬تعجز حتى أن تبصق على من يعذبوك‪ :‬ال االثنان‬ ‫اللذان يحكمان توثيق ساقيك بحبلها ويظال ممسكني بطرفيها‪،‬‬ ‫وال أول �ئ��ك ال��ذي��ن ي�ت�ن��اوب��ون ع�ل��ى ج�ل��د ق��دم�ي��ك ب��ال�ع�ص��ي‪ ،‬أو‬ ‫خراطيم املياه‪ ..‬أو أسالك الكهرباء‪ .‬وعندما ينتهون من مهمتهم‬ ‫ويتركونك طليقا‪ ،‬يندر أن جتد من يتعاطف معك‪ ،‬فيشاركك‬ ‫هول العذاب ال��ذي م��ررت به‪ ،‬فال أثر لكمدات وال كسور‪ .‬كل‬ ‫آثار اجلرمية مخفية بني بطن قدميك واألرض! والفلقة تعني‪،‬‬ ‫باختصار شديد‪ ،‬انفتاح أبواب جهنم‪ ،‬من االجتاهات كلها‪ ،‬على‬ ‫قدميك املعلقتني في الهواء‪ ،‬فيما ينعم ظهرك بطراوة البالط‪..‬‬ ‫وهذا‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬الوجه املغاير لدعوة عجوز تساعدها في‬ ‫عبور الطريق حامال لها صرتها الثقيلة‪ ،‬التي ال لزوم لها‪ ،‬فتبتهل‬ ‫أن يضع الله يديك في اجلنة‪ ،‬ولكن من دون أن حتدد أين يكون‬ ‫بقية جسدك ّ! الفلقة تعني قدميك في جهنم‪ ،‬وباقي جسدك ال‬ ‫يهم أين يكون؟ ألن إحساسك بالعذاب يتركز في قدميك فقط!‬ ‫كنت أظ��ن أن الفلقة ابتكار تركي م��ن أي��ام ال��دول��ة العثمانية‪،‬‬ ‫ولكنني لم أجد مرجعا تاريخيا يقرر ذلك‪ ،‬فالتعذيب في العصر‬

‫العثماني تخصص في اخل��وازي��ق كتلك التي نصبها السلطان‬ ‫سليم األول وأجلس مناوئيه عليها في ساحات دمشق! أقدم ما‬ ‫وجدته عنها يعود إلى التاريخ الروماني‪ ،‬فقد كانت وسيلتهم فى‬ ‫تربية عبيدهم‪ ،‬مثلما كان العثمانيون يخصون عبيدهم لتربيتهم‪،‬‬ ‫وأيضا خدمة حرميهم! غير أن أورب�ي��ي ال�ق��رون الوسطي هم‬ ‫بالفعل من طور الفلقة‪ .‬ولعل متاحف فرنسا وبريطانيا – مث ً‬ ‫ال‬ ‫– حتوي أشكاالً من أدوات التعذيب تبرأ منها إبليس نفسه!!‬ ‫والعجيب أن�ه��ا ابتكرت بنوايا طيبة هدفها أن ي�ت��وب الكفرة‬ ‫ويعودون لدين التسامح الذي بشر به املسيح عليه السالم‪ .‬وفلقة‬ ‫(جامع سيدي محمد) دهنت بزيت الزيتون‪ ،‬وزينت بخرق ملونة‪،‬‬ ‫وعلقت لتحتل صدر اخللوة‪ ،‬وبنية طيبة! لتذكر األطفال بالسور‬ ‫التي يتعني حفظها وتسميعها في اليوم التالي‪.‬‬


‫‪58‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫اإلصدار الرابع عشر من سلسلة إصدارات مجلة املستقل كان كتاب (أصحاب املغيب) للكاتب‬ ‫والقاص الليبي سالم الهنداوي وقد جاء الكتاب في ‪ 155‬صفحة من القطع املتوسط‪ ..‬وتضمن‬ ‫الكتاب اثنان وثالثني عنوان ًا كتبت خالل عشرين عام ًا تقريب ًا من الفترة من ‪ 1988‬وحتى‬ ‫‪ 2009‬م‪ ..‬هذه النصوص التي تقع في منطقة وسطى بني القصة واملقالة متيزت بروح سرد‬ ‫عالية ولغة شاعرية متوهجة متيزت بها كتابات سالم الهنداوي‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫أصحاب المغيب‬

‫نصوص مشبعة بالحنين تحتفي بالصداقة والحب‬

‫في كتاب «أصحاب املغيب» يستدعي سالم‬ ‫الهندواي أماكن وشخوصاً وم��واق��ف من‬ ‫ذاكرة مشبعة باحلنني‪ ..‬حيث د ّون الهنداوي‬ ‫ف��ي نصوصه أح��اس�ي��س وم�ش��اع��ر وروئ‬ ‫متعددة اجتاحت روح��ه ف��ي زمنها وحني‬ ‫ن�ق��رأه��ا اآلن نحس أن ه��ذه األحاسيس‬ ‫واملشاعر ال زالت حتتفظ بطزاجتها‪ ..‬ولعل‬ ‫مرد ذلك إلى األسلوب الرشيق في الكتابة‬ ‫الذي سطر به الهنداوي نصوص الكتاب‪.‬‬ ‫يقول الهنداوي في بداية كتابه حتت عنوان‬ ‫«عودة ال��زورق الغريب» (صفحة ‪ )8‬عندما‬ ‫عدت مصحوبا بالرؤى وحدي‪ ،‬كانت مدينة‬ ‫البيضاء ف��ي ض�ب��اب تلك الليلة تذكرني‬ ‫ب��ال�ع��واص��م ال�ت��ي أض���اءت مصابيحها في‬ ‫انتظار الغرباء وقد عادوا لتوهم من البحر‪.‬‬ ‫غير أن الليل الذي تبدل إلى قمصان شفيفة‬ ‫برائحة تلك األسفار‪ ،‬جعلني بني ألبوم الصور‬ ‫أطالع الذكريات بني وجوه بعيدة‪ ،‬ترحل في‬ ‫الليل إلى السهاد من شدة التعب‪ .‬تعبرني في‬ ‫التعب بتلك الضحكات‪ .‬تختارني من دون‬ ‫األصدقاء للفوز بها على مشارف الصباح‪،‬‬ ‫حيث يعتريني البرد وقد خرجت مليئا بتلك‬ ‫الصور‪ ..‬وبتلك الذكريات‪.»!..‬‬ ‫يتجول سالم الهنداوي في صفحات كتابه‬ ‫ب�ين العديد م��ن ال��دول وامل��دن والعواصم‬

‫سالم الهنداوي‬

‫فتارة جنده في قبرص يعمل كصحفي مع‬ ‫مجموعة من األدب��اء اللبنانيني والعرب‪..‬‬ ‫ي �ق��ول ال� �ه� �ن ��داوي‪« :‬ك��ان��ت ق �ب��رص أث �ن��اء‬ ‫األح� ��داث ف��ي لبنان وفلسطني محطتنا‬ ‫األكيدة وفضاءنا املمكن الذي أنشأنا منه‬ ‫أولى إصدارات صحافة املهجر التي أرست‬ ‫دعائم لغة جديدة في الصحافة العربية‪،‬‬ ‫خاطبت بوعيها التنويري عقل املستفهم‬ ‫ال� ��ذي ك ��اد ي�ف�ق��د ح��ري �ت��ه وراء صحافة‬

‫م��ؤس �س��ات ال �ن �ظ��ام ال �ع��رب��ي ال �ت��ي خابت‬ ‫وخسرت الرهان أثناء تلك املرحلة املهمة‬ ‫من تاريخ النضال العربي وسقطت أمام‬ ‫األع��داد األول��ى لصحف ومجالت السؤال‬ ‫ال �ع��رب��ي‪ .‬ف�ك��ان امل �ك��ان ال�ق�ب��رص��ي مبعناه‬ ‫االستثنائي ف��ي ذل��ك ال��زم��ن ه��و العالمة‬ ‫الفارقة في حياتنا الثقافية والصحفية»‪.‬‬ ‫(ص ‪)137‬‬ ‫وت��ارة يكون في القاهرة يعاني صعوبات‬ ‫الكتابة فيها عندما تضيء ليلها للعاشقني‬ ‫واحلاملني‪ ..‬وجنده في املغرب يتناقش حول‬ ‫ذاك��رة املكان في ال��رواي��ة العربية وأهمية‬ ‫امل� ��دن ال �ع��رب �ي��ة ال �ق��دمي��ة‪ ،‬م ��دن ال��روائ��ح‬ ‫املشتهاة التي تشب فيها الذاكرة والفوضى‬ ‫األول� ��ى م��ع احمل �س��وس وه��ي ال �ت��ي تشكل‬ ‫ذاكرتنا وشهدت منو الشخصية العربية‬ ‫الشعبية بحاالت جوعها وفقرها‪.‬‬ ‫أم ��ا دم��ش��ق‪ ..‬ف�ي�ط��ل ع�ل�ي��ك م��ن ك�ت��اب��ات‬ ‫الهنداوي في ه��ذا الكتاب جبل قاسيون‬ ‫وسوق احلميدية ويستذكر الهنداوي عالقته‬ ‫الوطيدة بالشاعر الكبير (محمد املاغوط)‬ ‫وخالفه مع دريد حلام والذي بسببه توقف‬ ‫م��ا ي �ع��رف ب��امل �س��رح ال�س�ي��اس��ي ويتحدث‬ ‫ال�ه�ن��داوي ف��ي كتابه ع��ن امل��اغ��وط قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫«لقد أصبح امل��اغ��وط ال��ذي كانت أوراق��ه‬


‫تترع بالكثير من الهوامش السياسية‪ ،‬هي‬ ‫ذخيرته احلية التي كان يطلقها بال منازع‬ ‫ـ حريصا على خطواته وحريصاً على قلمه‬ ‫ونوتة أوراق��ه ال يعيد كتابة مقالته وإمنا‬ ‫يتأخر في كتابتها‪ .‬ال يكتب سوى الكلمة‬ ‫التي تخرج من رؤيته وال تعود‪ .‬تبوح العبارة‬ ‫عنده بأسرارها الواثقة كقصيدة‪ ،‬وكأنه‬ ‫ينهل من ينابيع خلت من املاء ومن الوافدين‬ ‫إليها‪ ،‬يحفر في أرض ال يراها أحد سواه‪،‬‬ ‫بعينني تلمعان في بريق الرؤية‪ ،‬كأنه صقر‬ ‫ال�ك�لام ال��ذي ال يشيخ وإن كثرت مواسم‬ ‫الصيد في الصحافة العربية»‪( .‬ص‪)25‬‬ ‫ومثلما خصص صفحات طويلة للحديث‬ ‫ع��ن امل��اغ��وط ف�ق��د ورد ف��ي ك�ت��اب��ه م�ق��االً‬ ‫خ��اص �اً ب �ع �ن��وان (م �ح �م��ود دروي� � ��ش‪ ..‬من‬ ‫منفى إل��ى منفى) خصصه لرثاء صديقه‬ ‫الشاعر محمود درويش بلغة شعرية عالية‬ ‫مستحضراً كتابات الشاعر ومستدعياً‬ ‫عالقتهما معاً‪.‬‬ ‫ضمن ترحال الكاتب مير بنا في محطات‬ ‫س��ري�ع��ة ع�ل��ى روم���ا وب��وداب �س��ت ووارس���و‬ ‫م �س �ت��ذك��راً ح� ��االت م��ن احل �ن�ين وال��وج��د‬ ‫وقصص احلب القدمية‪.‬‬ ‫أم��ا بيروت فقد ك��ان لها احلضور األكبر‬

‫ف��ي ك�ت��اب أص �ح��اب املغيب حيث ظهرت‬ ‫كعنوان ملجموعة من املقاالت مثل (توقيت‬ ‫ب �ي��روت‪ ،‬ب�ي��روت امل �س��اء‪ ،‬رص�ي��ف ب�ي��روت‪،‬‬ ‫تكريس الدميقراطية في املقهى السياسي‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،‬ضاحية الشمال واجلنوب‪ ،‬بيروت‬ ‫آخر الليل) وفي أغلب هذه العناوين يعود‬ ‫بنا الكاتب إل��ى أج��واء بيروت في أعقاب‬ ‫احل ��رب األه�ل�ي��ة اللبنانية وع ��ودة احلياة‬ ‫إلى مقاهيها وحاناتها وشوراعها واحتفاء‬ ‫ال�ل�ب�ن��ان�ي�ين ب��احل �ي��اة ومت�س�ك�ه��م ب�ه��ا رغ��م‬ ‫استمرار عادة إغالق املقاهي مع الغروب‬ ‫تأثراً بأجواء احلرب‪ ..‬ويتجول الكاتب في‬ ‫ش��وارع بيروت ومعاملها من ش��ارع احلمرا‬ ‫إلى الروشة والروضة وجونيا ويستحضر‬ ‫أصدقاءه من الكتاب والفنانني والرسامني‬ ‫ليس بأسمائهم فقط ولكن بأرواحهم أيضا‬ ‫وضحكاتهم يقول الكاتب‪« :‬فأثناء احلرب‬ ‫أنتصر اللبنانيون على جراحهم بالسعادة مع‬ ‫األمل في بيروت الظالم التي كانت تضئ‬ ‫مع القصف العشوائي‪ ،‬وبنهاية احلرب رمم‬ ‫اللبنانيون بيتهم بالكثير من األم��ل‪ ،‬فكان‬ ‫التفاؤل دائ�م�اً يسبقهم إل��ى ص��ورة لبنان‬ ‫النموذجية وسط اليأس العربي الضارب‬ ‫ف��ي األع� �م ��اق‪ ،‬وك ��ان األج �م��ل ف��ي عقلية‬

‫اللبناني مبحيطه العربي‪ ،‬أنه يدرك األزمة‬ ‫وظروفها وال يراهن على املستحيل‪ .‬فتكفيه‬ ‫قضية واحدة هي وجوده في املكان وتأكيده‬ ‫على حريته في محيطه»‪( .‬ص‪)122‬‬ ‫وفي ظل هذا كله يظهر في مقاالت الكاتب‬ ‫اهتمامه بالقضية الفلسطينية وب��أزم��ة‬ ‫األمة العربية ونكساتها املستمرة والتردي‬ ‫في حال الثقافة العربية حيث يقول‪« :‬هذه‬ ‫األمة اخلؤون التي ضحكت علينا وقالت أن‬ ‫ثمة حرب ستقتلنا‪ ،‬وأن الغد أس��ود علينا‬ ‫وأن احلب بيننا مستحيل‪ ،‬وأننا لن نلتقي‬ ‫كي نناقش ونفتش عن حاجتنا في املقهى‬ ‫أو السينما أو في احلدائق العامة مادامت‬ ‫إس��رائ �ي��ل تشغل ال �ض �ف��اف الفلسطينية‬ ‫ومادامت أمريكا تقيم بيننا وتلقي بحذائها‬ ‫صوب اجلغرافيا البليدة»‪( .‬ص ‪)66‬‬ ‫ورغ��م ه��ذا يظل الكاتب ي��راود حلمه بأن‬ ‫يلتقي حبيبته ف��ي ع��ال��م تختفي فيه كل‬ ‫ه��ذه األزم ��ات «ف��أي ش��وق يبعثه في هذا‬ ‫اللقاء وقد انتهت باملرة مشكلة فلسطني‪،‬‬ ‫ومشكلة االي��دز‪ ،‬ومشكلة الضغظ العربي‬ ‫املتأصل‪ .‬فاإلنسان قعيد هذه اجلغرافيا‬ ‫البليدة‪ ،‬ال ميلك غير احللم‪ ..‬احللم بطقس‬ ‫جديد غير ملوث بنشرات األخبار املرئية‬ ‫وامل �س �م��وع��ة‪ ،‬احل �ل��م ب�ط�ق��س ج��دي��د فيه‬ ‫النشرات تستهل بأسعار ال��ورود وبأسعار‬ ‫كتب األشعار والروايات‪ ،‬وبأسعار التفاح‪.‬‬ ‫طقس جديد للورد والعصافير وإعالنات‬ ‫األطفال»‪( .‬ص‪)68‬‬ ‫الزال الكتاب يزخر مبواضيع أخرى عديدة‬ ‫تستحق القراءة منها كتابات هي أحاديث‬ ‫من النفس للنفس‪ ،‬وحلظات خاصة للكاتب‬ ‫مع هواجسه وأحزانه‪ ،‬وذكريات من طفولته‬ ‫وحياته بها الكثير م��ن الشفافية والبوح‬ ‫اجلميل‪.‬‬ ‫والكتاب مبجمله احتفاء بالصداقة واحلب‪،‬‬ ‫وخاصة هذه الصداقة واحلب الذي يجمع‬ ‫أص �ح��اب القلم وأص �ح��اب ال�ه��م ال��واح��د‪،‬‬ ‫ويؤكد أن هذا الوجع هو الذي يجمعنا وان‬ ‫رفقاء احلرف هو رفقاء في السالح‪.‬‬ ‫ولعل اختيار الكاتب لعنوان (أصحاب املغيب‬ ‫ـ كتابات في الغربة) كان يقصد به أن مغيب‬ ‫األصحاب الذين شاركوك هم الكتابة أو‬ ‫غيابهم بسبب ظ��روف ع��دي��دة و مختلفة‬ ‫يضعك في غربة من نوع آخر وهي غربة‬ ‫الكتابة في غيابهم‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫أوديب الخائب‬

‫(‪)2-1‬‬

‫تقديم كتاب‪:‬‬

‫«سيف القذافي‪ ..‬مكر السياسة وسخرية األقدار»‬

‫لمحمد عبد المطلب الهوني‬

‫رجاء بن سالمة‬ ‫للدكتور محمد عبد املطلب‬ ‫ص��در مؤخرا كتاب ه��ام ّ‬ ‫الهوني بعنوان «سيف القذافي ‪ :‬مكر السياسة وسخرية‬ ‫األقدار» عن دار مدارك للنّ شر‪ .‬ننشر في ما يلي تقدمي‬ ‫الدكتورة رجاء بن سالمة‪.‬‬ ‫��زوج ّأم��ه‪ ،‬وأصبح‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫يعلم‪،‬‬ ‫ال‬ ‫قتل أودي��ب أب��اه من حيث‬ ‫ّ‬ ‫ثم استفاق على عبث األقدار به‪ ،‬ففقأ عينيه‪.‬‬ ‫ملك ًا‪ّ .‬‬ ‫ّأما سيف اإلسالم ّ‬ ‫افي فلم يقتل أباه رغم صراعه‬ ‫القذ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الطويل معه‪ ،‬ولم يصبح ملكا وال رئيسا‪ ،‬واستفاق على‬ ‫أصابع يده اليمنى املقطوعة‪ ،‬بعد أن انتقل من وضع‬ ‫الوريث إلى وضع ّ‬ ‫السجني ال��ذي سيحاكم‬ ‫الطريد ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫على خيبته وتخييبه لآلمال‪.‬‬

‫لقد قرئ األدب دائماً مبنظار الس ّياسة والتّاريخ‪ ،‬حرصاً من دارسيه على ر ّد‬ ‫اخليالي في الواقع‪ ،‬من باب التّكفير ربمّ ا عن‬ ‫الهزل إلى اجل ّد‪ ،‬وعلى تنزيل‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫السياسة‬ ‫ونقرأ‬ ‫اآلية‪،‬‬ ‫نعكس‬ ‫ال‬ ‫فلماذا‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫االهتمام بنشاط ذي طبيعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫قصة رجل‬ ‫اتي في ّ‬ ‫ّفسي وال ّذ ّ‬ ‫مبنظار األدب‪ ،‬وملاذا ال نهت ّم بالنّفس وال ّذات‪ ،‬وبالن ّ‬ ‫ُحكم عليه أن يكون سياس ّياً يؤمن بال ّدميقراط ّية‪ ،‬وأن يكون في الوقت نفسه‬ ‫الصفحات‬ ‫ابناً آلخر مجانني احلكم في تاريخنا املعاصر؟ اقترحنا في هذه ّ‬ ‫السياس ّية‪ ،‬دون ا ّدعاء اإلملام واالستفاضة‪ ،‬أو‬ ‫قراءة أدب ّية نفس ّية لهذه احلالة ّ‬ ‫ا ّدعاء تقدمي مفتاح وحيد لفهم هذه ّ‬ ‫الشخص ّية الفريدة من نوعها‪.‬‬ ‫لقد ذكر مؤلّف هذا الكتاب الذي بني يدي القارئ التّراجيديا صراحة في‬ ‫توطئته فقال‪“ :‬ربمّ ا كان بنيامني بربر‪ Benjamin Barber‬في تصريحه‬ ‫لوكالة رويترز بتاريخ ‪ 2012 04- 11-‬األكثر د ّقة عندما قال إ ّن سيرة سيف‬ ‫هي تراجيديا حتتاج إلى سوفوكليس أو إسخيلوس جديد لكتابتها”‪.‬‬ ‫اإلعالمي‬ ‫فكيف تذكر التّراجيديا في خبر تورده وكالة أنباء؟ وكيف ميزج‬ ‫ّ‬ ‫ّراجيدي‬ ‫السحيق؟ ث ّم أال يكون الوعي الت‬ ‫ّ‬ ‫اخلبر باألسطورة‪ ،‬واحلاضر باملاضي ّ‬ ‫األساسي لكتابته؟‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫واحمل‬ ‫الكتاب‪،‬‬ ‫األساسي لوضع املؤلّف لهذا‬ ‫ال ّدافع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إ ّن عقدة األودي��ب كما فهمها سيغموند فرويد تعني امتزاج مشاعر الكره‬ ‫واحلب إزاء الوالد أو الوالدة‪ ،‬وتعني سعي االبن ال ّ‬ ‫شعوري إلى تأكيد كيانه‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأخذ صورة األب أو مكانته أو مكانه‪ ،‬على نحو متفاوت بني األف��راد في‬ ‫واحلب‪ ،‬ومقادير ّ‬ ‫الشعور بال ّذنب‪ ،‬ومدى‬ ‫مدى ح ّدة االزدواج‪ ،‬ومقادير الكره‬ ‫ّ‬ ‫بقاء هذه العالقة التّنافس ّية بعد جتاوز مرحلتي ّ‬ ‫وجتسد‬ ‫الطفولة واملراهقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كاريكاتوري‪ ،‬بحيث يصل‬ ‫البشري على نحو‬ ‫أسطورة امللك أوديب هذا الواقع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكره إلى القتل‪ ،‬ويصل التّنافس على األ ّم إلى الزّواج‪ ،‬ويصل ّ‬ ‫الشعور بال ّذنب‬ ‫إلى سمل العينني‪ .‬فمن سمات التّراجيديا ح ّدة املشاعر‪ ،‬وجري البطل فيها‬ ‫إلى الكارثة من حيث ال يدري‪ ،‬فيخ ّيل إلينا أ ّن األقدار تسخر منه أو تعبث به‪.‬‬ ‫ولكم تر ّددت لفظة األقدار في هذا الكتاب‪ ،‬ال س ّيما في آخر فصوله‪ ،‬ولكم بدا‬ ‫لي دور الكاتب شبيهاً بدور اجلوقة التي توقف ال ّدراما في التّراجيديا لتعلّق‬ ‫على أفعال البطل وترى ما ال يراه‪ ،‬أو دور الكاهن تيريزياس‪ّ ،‬‬ ‫يفك طالسم‬ ‫األحالم‪ ،‬ويطلق النّبوءات‪.‬‬ ‫ح ّدثنا الكاتب الكاهن عن مرارة فوات األوان وعن مأساو ّية الفرصة األخيرة‬


‫محمد عبد املطلب الهوني‬

‫الضائعة‪ ،‬فق ّدم لنا مرافعته “أمام محكمة القدر” قبل أن يحصل احملظور‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫“وطلبت من أحد ّ‬ ‫الشباب أن يأتي بورقة وقلم ألضع عليها العناوين ال ّرئيس ّية‬ ‫التي يجب أن يتض ّمنها خطابه‪ .‬وجاءني أحد ّ‬ ‫الشباب‪ ،‬ويدعى فتحي الغة‪،‬‬ ‫بورقة وقلم‪ ،‬وأخذت أحت ّدث إلى سيف وأد ّون النّقاط ال ّرئيس ّية التي أجملها‬ ‫في ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1‬إدانة العنف الذي وقع في املنطقة ّ‬‫الشرق ّية‪ ،‬وإعالن احلداد مل ّدة أسبوع‪،‬‬ ‫الضحايا‪.‬‬ ‫وتنكيس العلم على ك ّل مباني ال ّدولة‪ ،‬وتعزية أهالي ّ‬ ‫‪ 2‬تشكيل جلنة من املستشارين من القضاة‪ ،‬مشهود لهم بالنّزاهة‪ ،‬ملباشرة‬‫التّحقيق في هذه األحداث‪ ،‬وتع ّهد ال ّدولة بتطبيق القانون‪ ،‬ومعاقبة املتو ّرطني‪،‬‬ ‫السياس ّية واألمن ّية‪.‬‬ ‫أ ّياً كان مستوى مراكزهم ّ‬ ‫‪ 3‬اإلع�لان عن انعقاد مؤمتر ّ‬‫الشعب العا ّم خ�لال أسبوع للتّصديق على‬ ‫ال ّدستور ال ّدائم‪ ،‬وإصدار قانون اإلدارة احمللّ ّية والقوانني ّ‬ ‫ملؤسسات‬ ‫املنظمة ّ‬ ‫املدني‪.‬‬ ‫املجتمع‬ ‫ّ‬ ‫‪ 4‬إعالن القبض على البغدادي احملمودي رئيس مجلس ال��وزراء‪ ،‬والوزراء‬‫األكثر فساداً‪ ،‬ورؤس��اء ّ‬ ‫واملؤسسات العا ّمة الفاسدين‪ ،‬والتّع ّهد‬ ‫الشركات‬ ‫ّ‬ ‫باسترجاع األم��وال املنهوبة إلى اخلزينة العا ّمة‪ ،‬وتقدمي ك ّل الفاسدين إلى‬ ‫العدالة‪.‬‬ ‫‪ 5‬اإلعالن عن تشكيل حكومة نزيهة ووطن ّية‪ ،‬واقترحت عليه أن يكون ال ّدكتور‬‫محمود جبريل رئيساً لها‪.‬‬ ‫‪ 6‬إعطاء احلقّ ّ‬‫الليبي للتظاهر سلم ّياً بال عنف أو استفزاز‪.‬‬ ‫للشباب‬ ‫ّ‬ ‫كما طلبت منه أن يتّفق مع أبيه قبل اخلطاب على اإلعالن بإيقاف العمل‬ ‫االقتصادي‪.‬‬ ‫بأحكام ك ّل املقوالت التي وردت في الكتاب األخضر حل ّل املشكل‬ ‫ّ‬ ‫الساعة تقترب من ال ّثالثة صباحاً‪ .‬وكنت منهكاً بعد ذلك اليوم العصيب‪.‬‬ ‫كانت ّ‬ ‫وبعد أن انتهيت من هذه النّصائح التي كانت مبثابة مرافعة أمام محكمة القدر‪،‬‬ ‫ر ّد سيف بكلمة واحدة‪ :‬ولكنّها آخر طلقة‪ .‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬ويجب أن تطلقها فوراً‪،‬‬ ‫وإ ّال أصبح الوقت عد ّواً آخر ال ميكن التّح ّكم به‪ .‬بدا لي مقتنعاً بك ّل ما قلت‪.‬‬ ‫خسر الكاتب هذه املرافعة‪ ،‬وخسر سيف اإلسالم ّ‬ ‫الطلقة األخيرة‪ .‬وانفتح باب‬ ‫طلقات ال ّرصاص على مصراعيه‪ ،‬وسالت دماء اللّيب ّيني‪ .‬هل كان بإمكانه أن‬ ‫يربح هذه ّ‬ ‫الطلقة‪ ،‬وأن تنصت محكمة القدر إلى مرافعة املستشار؟‬

‫فقد ك��ان خطاب سيف اإلس�ل�ام يوم‬ ‫‪ 20‬ف�ب��راي��ر ‪ 2011‬ص��ادم �اً للمؤلّف‬ ‫وللجميع‪ .‬أذكر أ ّننا كنّا متس ّمرين في‬ ‫تونس أمام التّلفاز‪ ،‬مستغربني انحياز‬ ‫سيف اإلس�لام التّا ّم إلى وال��ده وتبنّيه‬ ‫خطاب العداء واالحتقار‪“ :‬وفي وقت‬ ‫متأخّ ر‪ ،‬رأي��ت سيفاً على التّلفاز في‬ ‫بدلة أنيقة‪ ،‬يتح ّدث إلى ّ‬ ‫يبي‪.‬‬ ‫الشعب اللّ ّ‬ ‫كانت حلظات رهيبة‪ّ ،‬‬ ‫خط فيها القدر‬ ‫مستقبل شعب ومصير وط ��ن‪ .‬كانت‬ ‫كلمات مرعبة‪ ،‬أشبه بطلقات املدافع‬ ‫ال�ع�ش��وائ� ّي��ة ع�ل��ى س � ّك��ان آم �ن�ين‪ .‬ك��ان‬ ‫خطاباً ك��ارث� ّي�اً يتح ّدى إرادة ّ‬ ‫الشباب‬ ‫ال ّثائر‪ ،‬ويستف ّز كرامتهم‪ .‬ك��ان حديثاً‬

‫ينضح بسفه الق ّوة واستقالة العقل”‪.‬‬ ‫الضا ّل إلى مملكة أوهام‬ ‫كان هذا اخلطاب نوعاً من اإلعالن عن عودة االبن ّ‬ ‫األب بعد القطيعة مع أحالم اإلصالح‪ .‬فكان ر ّد املؤلّف على هذه القطيعة‬ ‫افي في رسالة مفتوحة نشرها يوم‬ ‫بإعالن قطيعته مع سيف اإلسالم الق ّذ ّ‬ ‫‪ 12‬مارس ‪ ،2011‬أدان فيها انقالب سيف على مبادئه وح ّمله فيها مسؤول ّية‬ ‫انضمامه إلى قتلة ّ‬ ‫يبي املنتفض‪ ،‬وأدان فيها ربمّ ا تضييع سيف لتلك‬ ‫الشباب اللّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫كنت نظيفاً خارج هذا النّظام باألمس القريب‪ ،‬وها‬ ‫الطلقة األخيرة‪“ :‬نعم‪ ،‬لقد َ‬ ‫أنت اليوم تلبس جلباب أبيك املتّسخ بفعل أربعة عقود من العمل في مذابح‬ ‫ومسالخ ال ّدكتاتور ّية وورش القمع والعسف الذي كنت تنتقده‪ ...‬يا خليبة‬ ‫املسعى! لقد ح ّددت مصيرك‪ ،‬وها نحن على مفترق ّ‬ ‫الطرق في هذه األ ّيام‬ ‫العصيبة من تاريخ ليبيا تتح ّدد مصائرنا وترمي بنا األقدار ك ّ‬ ‫ال في سبيله”‪.‬‬ ‫كان ال ب ّد من هذه القطيعة ليب ّرئ الكاتب ساحته من دماء اللّيب ّيني بعد أن يئس‬ ‫من إمكان اإلرسال بخطاب مفتوح إلى ّ‬ ‫وميتص غضبه‪،‬‬ ‫يبي يطمئنه‬ ‫ّ‬ ‫الشعب اللّ ّ‬ ‫دموي‪.‬‬ ‫غير‬ ‫دميقراطي‬ ‫وربمّ ا يضع البالد على س ّكة انتقال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن ملاذا اختار سيف اإلسالم لنفسه ولبالده أسوأ مصير‪ :‬لم يطلق ّ‬ ‫الطلقة‬ ‫األخيرة الفاحتة إلمكان ّية سيناريو عمل ّية سياس ّية‪ ،‬ولم ينض ّم إلى اجلماهير‬ ‫الغاضبة‪ ،‬ولم يغادر البالد؟ جرى إلى ما ال حتمد عقباه‪ ،‬ولم ين ُج من القتل‬ ‫إ ّال بأعجوبة‪.‬‬ ‫إ ّن من أه ّم سمات التّراجيديا أن يكون البطل غير آثم وغير بريء في الوقت‬ ‫نفسه‪ .‬إ ّنه صاحب “عثرة” يس ّميها أرسطو ‪ ،hamartia‬ويقول كيركغارد في‬ ‫توضيحها في كتابه “عودة الت‬ ‫احلقيقي في التّراجيديا‬ ‫ّراجيدي”‪“ :‬العقاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّراجيدي يقتضي عنصر ب ��راءة‪ .‬العقاب‬ ‫يقتضي عنصر خطأ‪ ،‬واألل��م الت‬ ‫ّ‬ ‫ّراجيدي يريد عنصر ظلمة”‬ ‫ّراجيدي يريد عنصر شفاف ّية‪ ،‬واألل��م الت‬ ‫الت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تراجيدي إ ّال وقد التبس فيه اخلير ّ‬ ‫بالش ّر‪ ،‬وكانت‬ ‫(ص‪ .)118‬ال يوجد مصير‬ ‫ّ‬ ‫عاقبة البطل مزيجاً من عقاب اآلثمني وألم األبرياء‪ ،‬وامت ّدت ظالل حقيقته‬ ‫األخالقي‬ ‫الفريدة على حقائق النّاس لتظهر عسر اجل��زم‪ ،‬وعسر احلكم‬ ‫ّ‬ ‫القاطع‪ ،‬إ ّال إذا كنّا في محكمة فقهاء القسوة‪.‬‬ ‫ما الذي جرى حتّى يجري طائر سيف اإلسالم بغير ما أراد هو وما أراده َمن‬ ‫السبب بطل العجب‪ .‬وقد عمل الكاتب على إبطال العجب‪،‬‬ ‫حوله؟ إذا اتّضح ّ‬ ‫فكان كالن ّ​ّساج املمسك بخيوط متشابكة يحاول فرزها ومتييز بعضها عن‬ ‫بعض قبل ض ّمها ووضعها على نول الكتاب‪ .‬ولكنّه بهذا العمل املتأ ّني على‬ ‫السبب وإبطال العجب انتقل من الغضب على سيف اإلسالم إلى التّأ ّمل‬ ‫فهم ّ‬ ‫املرير في مصيره‪ ،‬فنقلنا من اخلطإ املدان إلى العثرة احمل ّيرة‪ ،‬وفتح بذلك باب‬ ‫السيرة “خارج املدح والقدح”‪.‬‬ ‫الت‬ ‫ّ‬ ‫ّراجيدي‪ ،‬واختار أن تكون هذه ّ‬ ‫كيف كان سيف ال بريئاً وال آثماً‪ ،‬أو بريئاً وآثماً؟ وكيف بقي منتزعاً بني أوهام‬ ‫والده وأحالمه هو؟ وكيف أضاع نفسه عندما وجد أباه أو عاد إليه؟‬

‫(يتبع)‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫شهدت مدينة غرناطة اإلسبانية مطلع األسبوع املنصرم (‪28‬‬ ‫أبريل ‪ )2015‬حفل اإلعالن عن تأسيس وافتتاح مشروع معرفي‬ ‫علمي جديد هو «كرسي دراس��ات احلضارة اإلسالمية وجتديد‬ ‫الفكر ال��دي��ن��ي»‪ ،‬ال���ذي اش��ت��رك��ت ف��ي تأسيسه ك���أول ك��رس��ي من‬ ‫نوعه‪ ،‬كل من مؤسسة «مؤمنون بال حدود للدراسات واألبحاث»‬ ‫واملؤسسة األوروبية العربية للدراسات العليا‪ ،‬وجامعة غرناطة‬ ‫اإلسبانية العريقة‪ ،‬كمحتضنة ملجاالت البحث والدراسات‪ ،‬والتي‬ ‫سيضطلع بها الكرسي في توثيق أواصر التعاون والتالقح الفكري‬ ‫والثقافي‪.‬‬

‫كرسي دراسات الحضـــــــ‬

‫مبادرة لالعتدال والوسطيــــــ‬


‫ـــــارة اإلسالمية بغرناطة‬

‫التطرف الديني‬ ‫ــــــــــــة ونبذ‬ ‫ّ‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬ ‫اإلميان الديني نفسه»‪ ،‬مؤكداً «أنه ال يوجد انحراف أكثر تناقضاً‬ ‫في مجال احلضارات اإلنسانية من ذاك الذي يستخدم اإلميان‬ ‫الديني من أجل تبرير احلرب»‪ ،‬مشيرا إلى ضرورة رعاية إسبانيا‬ ‫«لكل اتفاق بينها وبني املغرب من شأنه أن يعزز التعايش»‪ ،‬ومشددا‬ ‫في الوقت ذات��ه‪ ،‬على ض��رورة تخصيص إسبانيا في خضم هذه‬ ‫ال�ف�ت��رات ال�ت��ي ت�ع��رف تنامي ت�ي��ار اإلس�ل�ام ال��رادي�ك��ال��ي‪ ،‬دعمها‬ ‫واهتمامها الكامل لتونس وامل �غ��رب‪ .‬كما أك��د ف��ي كلمته أيضا‪،‬‬ ‫أنّ «تونس هي البوابة والطريق األس��اس» لهذا االجت��اه‪ ،‬إذ إنها‬ ‫البلد األول ذو األغلبية اإلسالمية الذي ط ّور دستوراً بخصائص‬ ‫دميقراطية‪ .‬في حني أن املغرب بدوره‪ ،‬يخطو خطوات مهمة نحو‬ ‫ضمان حقوق اإلنسان‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإنه ليس هناك بلد أفضل من‬ ‫إسبانيا لدعم بلدان املغرب العربي في هذا االجتاه‪.‬‬

‫ع ��رف ح�ف��ل اإلع �ل�ان ع��ن اف �ت �ت��اح «ك��رس��ي دراس� ��ات احل �ض��ارة‬ ‫اإلسالمية وجتديد الفكر الديني» حضور عدد كبير من شخصيات‬ ‫عالم الفكر والثقافة والبحث العلمي من إسبانيا والعالم العربي‪،‬‬ ‫كان على رأسهم كل من رئيس الوزراء اإلسباني السابق «خوصي‬ ‫لويس ثباتيرو»‪ ،‬والدكتور يونس قنديل‪ ،‬رئيس مجلس أمناء مؤسسة‬ ‫مؤمنون بال حدود للدراسات واألبحاث‪ ،‬والدكتور «فرانسيسكو‬ ‫لودييرو»‪ ،‬رئيس جامعة غرناطة‪ ،‬والدكتورة «إينماكوالدا ماريرو»‪،‬‬ ‫األمينة التنفيذية للمؤسسة األوروبية العربية للدراسات العليا‪،‬‬ ‫و»تيريزا خيمينيس بلشيس»‪ ،‬نائبة رئيس برملان األندلس‪ ،‬والدكتور‬ ‫محمد محجوب‪ ،‬وعمداء كليات كل من كلية الفلسفة واآلداب‪،‬‬ ‫وكلية العلوم السياسية واالجتماعية‪ ،‬وكلية علوم التربية‪ ،‬وكلية‬ ‫الترجمة‪ ،‬وكلية علوم اإلع�لام‬ ‫واالت �ص��ال‪ ،‬وكلية احل�ق��وق في‬ ‫ج��ام��ع��ة غ ��رن ��اط ��ة‪ ،‬وم ��دي ��رو‬ ‫امل �ع��اه��د وال��ك��راس��ي العلمية‬ ‫ومسؤولو فرق البحث في العلوم‬ ‫اإلن �س��ان �ي��ة واالج �ت �م��اع �ي��ة في‬ ‫اجلامعة‪.‬‬ ‫ثاباتيرو‪ :‬منوذج تونس‬ ‫واملغرب فعال حملاربة‬ ‫اإلسالم الراديكالي‬ ‫وأوضح رئيس الوزراء اإلسباني‬ ‫ال � �س� ��اب� ��ق‪« ،‬خ� ��وص� ��ي ل��وي��س‬ ‫ث��اب��ات�ي��رو» ف��ي كلمته مبناسبة‬ ‫ال �ل �ق��اء‪ ،‬أن «ال�ت�ع�ص��ب الديني‬ ‫ي�ج��ب م�ح��ارب�ت��ه ان �ط�لاق �اً من‬

‫كرسي غرناطة ومجلس األديان من أجل السلم‬ ‫كما اعتبر ثاباتيرو‪ ،‬في كلمته التي استأثرت باهتمام عدد كبير من‬ ‫الصحف ووسائل اإلعالم اإلسبانية ووكاالت األنباء‪ ،‬التي غطت‬ ‫فعاليات حفل افتتاح الكرسي بشكل واسع‪ ،‬أن «كرسي دراسات‬ ‫احلضارة اإلسالمية وجتديد الفكر الديني» فرصة ثمينة لفتح‬ ‫آفاق جديدة أمام مبادرة حتالف احلضارات التي اقترحها على‬ ‫املجتمع الدولي‪ ،‬وتبنتها األمم املتحدة في وقت سابق»‪ ،‬موضحا‬ ‫أن «املعرفة والثقافة قوة ناعمة ضرورية في عاملنا املعاصر‪ ،‬لتغيير‬ ‫ال�ص��ور النمطية وترسيخ قيم السلم والتعايش‪ ،‬خصوصا وأن‬ ‫غرناطة قامت على مر تاريخها بدور جوهري في التفاعل اخلالق‬ ‫بني أتباع األديان والثقافات»‪ .‬كما ذكر ثاباتيرو في حديثه أيضا‪،‬‬ ‫بأن «آالف الكلمات اإلسبانية مشتقة من اللغة العربية»‪ ،‬وأضاف‬ ‫قائال‪« :‬كان للثقافة اإلسالمية ألقها وازدهارها‪ ،‬ونحن منتوج لها‬ ‫بشكل أو بآخر‪ ،‬فكثير من القيم اإلنسانية التي حتث على التعايش‬ ‫ورثناها من الثقافة اإلسالمية‪ ،‬ومن املهم أن يأتي كرسي دراسات‬ ‫احلضارة اإلسالمية‪ ،‬ليرسخ ثقافة السلم والتعايش وليجدد هذا‬ ‫التفكير وهذا التواصل والتالقي في مسار التالقح بني الثقافتني‬ ‫اإلسالمية والغربية»‪.‬‬ ‫وخ� �ت ��م ث��اب��ات��ي��رو م �ح��اض��رت��ه‬ ‫بالتأكيد على أهمية اإلق ��رار‬ ‫ب��ال�ت�ع��ددي��ة ال��دي�ن�ي��ة والثقافية‬ ‫ب��وص �ف �ه �م��ا م � �ص� ��دري غ �ن��ى‪،‬‬ ‫وب � �ض� ��رورة اح � �ت� ��رام األدي � ��ان‬ ‫واملعتقدات باعتبار ذلك مطلبا‬ ‫إن �س��ان �ي��ا‪ ،‬داع� �ي ��ا إل� ��ى إن �ش��اء‬ ‫«م��ج��ل��س ل �ل�أدي� ��ان م���ن أج��ل‬ ‫السلم» في إطار األمم املتحدة‪،‬‬ ‫تكون مهمته نزع الشرعية عن‬ ‫ك ��ل ع �ن��ف ب��اس��م ال ��دي ��ن‪ ،‬من‬ ‫خالل إبراز القيم املشتركة بني‬ ‫األدي� ��ان‪ ،‬معتبرا أن التط ّرف‬ ‫ال دي��ن ل��ه‪ ،‬وأن السلم يرتبط‬ ‫بالدين‪ ،‬ومشددا‬ ‫ارتباطا وثيقا ِ ّ‬ ‫على أن التط ّرف الديني ميكن‬

‫مؤسسة مؤمنون بال حدود ترسخ قيم التالقح‬ ‫الثقافي عبر كرسي لدراسات احلضارة اإلسالمية‬ ‫بغرناطة‬

‫ثاباتيرو‪ :‬ال بد إلسبانيا من رعاية كل اتفاق بينها‬ ‫وبني املغرب من شأنه أن يعزز التعايش‬


‫مواجهته من خالل الدين نفسه‪ ،‬وذلك عبر إب��راز القيم الدينية‬ ‫السامية التي توسع مساحات املشترك اإلنساني‪ ،‬وتعزز التقارب‬ ‫بني الشعوب والثقافات‪ ،‬وهنا‪ ،‬يضيف ثاباتيرو‪ ،‬تكمن احلاجة إلى‬ ‫«كرسي دراسات احلضارة اإلسالمية وجتديد الفكر الديني»‪.‬‬ ‫كرسي غرناطة تأكيد لتاريخ إسالمي غربي مشترك‬ ‫واتفق املتدخلون في حفل االفتتاح أن الهدف من إنشاء هذا الكرسي‪،‬‬ ‫في قلب جامعة غرناطة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى حوالي ‪5‬‬ ‫قرون‪ ،‬لم يأت مبحض الصدفة‪،‬‬ ‫ولكن ألن سعي املؤسسني جاء‬ ‫ليتجه نحو إبراز القيم السامية‬ ‫للحضارة اإلسالمية وإسهامها‬ ‫املتميز ف��ي مسيرة احل�ض��ارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وف��ي جتديد الفكر‬ ‫ال ��دي� �ن ��ي ع ��ام ��ة واإلس �ل�ام� ��ي‬ ‫خ��اص��ة‪ ،‬وف ��ي إب � ��راز ال �ت��اري��خ‬ ‫املشترك والقيم املشتركة بني‬ ‫الثقافتني اإلسالمية والغربية‪،‬‬ ‫ت �ع��زي��زاً لقيم ال �س�لام وال �ع��دل‬ ‫واالعتدال والوسطية والتعايش‬ ‫والتسامح واحل���وار ب�ين أتباع‬ ‫األدي��ان والثقافات على أساس‬ ‫االح � �ت� ��رام امل� �ت� �ب ��ادل وت �ع��زي��ز‬ ‫املشترك اإلنساني‪ ،‬والتي تعتبر‬ ‫إسبانيا أحد أبرز وأهم وجوهه‬ ‫وجتلياته‪.‬‬ ‫كما أن تأسيس ه��ذا الكرسي‬ ‫اخل ��اص ب��دراس��ات احل �ض��ارة‬

‫اإلسالمية وجتديد الفكر الديني‪ ،‬يهدف أيضا إلى خلق وسيلة‬ ‫فاعلة للتحاور والتحليل املوضوعيني من خ�لال البحث العلمي‬ ‫والتعليم العالي ونشر املعارف ونقل التجارب الناجحة؛ وجعله كذلك‬ ‫مرجعاً علمياً واستشارياً لدى اجلامعات واملؤسسات األوروبية‬ ‫واإليبيروالتينية في كل ما يتعلق بدراسات احلضارة اإلسالمية‬ ‫واستراتيجيات بناء التعايش والتسامح واالع�ت��راف مبشروعية‬ ‫االخ�ت�لاف واستثماره في ترسيخ قيم التعدد الثقافي‪ ،‬وتغيير‬ ‫الصور النمطية املتبادلة‪ ،‬ونبذ‬ ‫التطرف والعنف باسم الدين أو‬ ‫العرق أو اللون‪ ،‬وتأسيس فضاء‬ ‫إلح��داث شبكات موضوعاتية‬ ‫للخبراء واملفكرين والباحثني‬ ‫ذوي ال� �ص� �ي ��ت ال� �ع���امل���ي م��ن‬ ‫اجلامعات األوروبية واألمريكية‬ ‫والعربية‪ ،‬إسهاماً في ترسيخ‬ ‫قيم وشروط التعاون والتضامن‬ ‫والتعايش السلمي بني الشعوب‪،‬‬ ‫في إطار التنوع الديني والتعدد‬ ‫ال �ث �ق��اف��ي م ��ن خ �ل�ال احل� ��وار‬ ‫ال��دي��ن��ي وال �ت �ج��دي��د ال �ف �ك��ري‬ ‫والدراسات العلمية‪.‬‬

‫ثاباتيرو‪ :‬تونس هي البوابة والطريق األساس‬ ‫حملاربة الفكر الراديكالي‪ ،‬إذ إنها البلد األول‬ ‫طور دستور ًا‬ ‫ذو األغلبية اإلسالمية الذي ّ‬ ‫بخصائص دميقراطية‬ ‫يونس قنديل‪ :‬تأسيس كرسي غرناطة‬ ‫مبادرة مهمة تنهل من معني العلم واالعتدال‬ ‫والوسطية والتالقح الثقافي‬

‫مبادرة لالعتدال‬ ‫والوسطية والتالقح‬ ‫الثقافي‬ ‫وق ��د ص�ب��ت م��داخ �ل��ة ال��دك�ت��ور‬ ‫ي��ون��س ق�ن��دي��ل‪ ،‬رئ�ي��س مجلس‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫أمناء مؤسسة «مؤمنون بال حدود للدراسات واألبحاث»‪ ،‬الشريك‬ ‫األساسي في رعاية الكرسي‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬حيث أكد في كلمته‬ ‫بأن «إنشاء كرسي دراس��ات احلضارة اإلسالمية وجتديد الفكر‬ ‫الديني» مبادرة مهمة تنهل من معني العلم واالعتدال والوسطية‬ ‫وال�ت�لاق��ح الثقافي‪ ،‬ول��ذل��ك وج��ب استثمارها ف��ي بناء التعايش‬ ‫والتسامح واالعتراف مبشروعية االختالف‪ ،‬واستثماره في ترسيخ‬ ‫قيم التعدد الثقافي‪ ،‬وتغيير الصور النمطية املتبادلة بني الشعوب‬ ‫والثقافات‪ ،‬مشيراً إلى فضل الشرق في التأسيس للفكر األوروبي‬ ‫والفلسفة األوروب�ي��ة‪ ،‬ومؤكداً أن اإلس�لام جزء من أوروب��ا بحكم‬ ‫تاريخه وموروثه وبحكم الواقع‪ ،‬مشدداً على أن انفتاح اإلسالم‬ ‫على العصر‪ ،‬يجعله حاضنة وخزانا روحيا يوجه اإلنسان نحو‬ ‫السلم واحملبة والتعايش مع اآلخرين‪.‬‬ ‫وأض��اف الدكتور قنديل أن «السلم قيمة سامية كفيلة بتحقيق‬ ‫االعتراف املشترك من أجل إشعاع حقيقي يواجه نزعتي التط ّرف‬ ‫واإلسالموفوبيا اللتني تغذي كل منهما األخ��رى‪ ،‬داعيا إلى تبني‬ ‫مقاربات تنأى عن أطروحات الصدام بني الثقافات‪ ،‬وجتعل املعرفة‬ ‫واحلوار والتواصل مفاتيح للتعاون من أجل إيجاد حلول مشتركة‬ ‫ملشاكل العالم املشتركة بعيدا عن الثنائيات الصراعية احلدية‪،‬‬ ‫مشيراً إل��ى رمزية غرناطة واألن��دل��س في ه��ذا اإلط��ار‪ ،‬باعتبار‬ ‫دوره�م��ا التاريخي في إب��داع أح��د أرق��ى من��اذج التعايش الديني‬ ‫والتالقح الثقافي بني الثقافتني اإلسالمية والغربية‪.‬‬ ‫تعارف مؤسس على املعرفة‬ ‫نوه رئيس جامعة غرناطة‪ ،‬الدكتور «فرانسيسكو لودييرو»‪ ،‬بدوره‬ ‫بأهمية إنشاء «كرسي دراسات احلضارة اإلسالمية وجتديد الفكر‬ ‫الديني»‪ ،‬في كلمته‪ ،‬الفتاً االنتباه إلى أن «اجلامعة تعقد عليه آماال‬ ‫كبيرة في ربط الصلة بني املفكرين واألساتذة والباحثني والطلبة‬

‫ملد جسور التعاون العلمي ودراسة‬ ‫من اجلامعات العربية واألوروبية ّ‬ ‫السبل الكفيلة بجعل الدين مؤسسا للتسامح والتعايش‪ ،‬وليس‬ ‫عنصرا للتفرقة والتصادم‪ ،‬مشيراً إلى أهمية اشتغال الكرسي على‬ ‫التعريف باحلضارة اإلسالمية ودورها في تاريخ األندلس وإسبانيا‪،‬‬ ‫ومؤكداً أن الكرسي يهدف إلى املساهمة في ترسيخ قيم وشروط‬ ‫التعاون والتضامن والتعايش السلمي بني الشعوب في إطار التنوع‬ ‫الديني والتعدد الثقافي‪ ،‬من خالل احلوار الديني والتجديد الفكري‬ ‫والدراسات العلمية الكفيلة بتجاوز أزمة اجلهل باآلخر والتأسيس‬ ‫لتعارف مؤسس على املعرفة»‪.‬‬ ‫التعليم ونشر املعارف‬ ‫فيما خصصت الدكتورة إمن��اك��والدا م��ا ّري��رو‪ ،‬األمينة التنفيذية‬ ‫للمؤسسة األوروبية العربية للدراسات العليا‪ ،‬حديثها عن الكرسي‬ ‫باإلشارة إلى أن «املؤسسة‪ ،‬بصفتها اجلهة احملتضنة للكرسي‪،‬‬ ‫ضفتي املتوسط‪،‬‬ ‫وباعتبارها منبرا للحوار والتعاون العلمي بني‬ ‫ْ‬ ‫ستسعى مع شركائها إلى جعل هذا الكرسي العلمي فضاء إلحداث‬ ‫شبكات موضوعاتية للمفكرين واخلبراء والباحثني ذوي الصيت‬ ‫العاملي من اجلامعات العربية واألوروبية واألمريكية‪ ،‬إسهاماً من‬ ‫«كرسي دراسات احلضارة اإلسالمية وجتديد الفكر الديني» في‬ ‫خلق وسائل فاعلة للتحاور والتحليل املوضوعيني من خالل البحث‬ ‫العلمي والتعليم‪ ،‬ونشر املعارف ونقل التجارب الناجحة‪ ،‬من خالل‬ ‫صياغة برنامج للدراسات العليا في مجال احلوار الديني والتواصل‬ ‫احلضاري‪ ،‬موجه إلى الطلبة الباحثني من أوروبا والعالم العربي‪،‬‬ ‫تفعيال لدور اجلامعات ومعاهد الدراسات العليا في إنتاج املعرفة‬ ‫وترويجها مبا يكفل تعزيز السلم والتعايش واحلوار واالعتدال بني‬ ‫أتباع األديان والثقافات‪ ،‬وتقوية احلضور األكادميي في مناقشة‬ ‫املوضوعات العلمية والفكرية في الفضاءين العربي واألوروبي»‪.‬‬


‫أهداف الكرسي وبرامجه‬ ‫جدير بالذكر أن م�ج��االت العمل التي سيشتغل عليها «كرسي‬ ‫دراس��ات احل�ض��ارة اإلسالمية وجتديد الفكر الديني» ستتركز‬ ‫على التعليم العالي والتكوين‪ ،‬والبحث العلمي‪ ،‬ونقل املعارف ونشر‬ ‫التجارب اجل�ي��دة‪ ،‬والترجمة من العربية إل��ى اللغات األوروب�ي��ة‪،‬‬ ‫وم��ن اللغات األوروب �ي��ة إل��ى اللغة العربية‪ ،‬كما سيقدم الكرسي‬ ‫عدة برامج علمية أخرى‪ ،‬كما ستنظم في إطاره مؤمترات دولية‬ ‫وندوات علمية ولقاءات رفيعة املستوى بني اخلبراء واملتخصصني‪،‬‬ ‫وعدد من الدورات التدريبية وسمينيرات أكادميية وحلقات علمية‪،‬‬ ‫كما ستنطلق مع بداية برامجه دبلوم دراس��ات عليا متخصصة‬ ‫في التكوين والبحث في قضايا اإلس�لام واحل�ض��ارة اإلسالمية‬ ‫واإلس�لام��وف��وب �ي��ا‪ ،‬وم��اس�ت��ر «ال ��دراس ��ات اإلس�لام �ي��ة وال�ت��واص��ل‬ ‫احل �ض��اري»‪ ،‬كذلك ستنطلق بالتوازي مع ه��ذه البرامج‪ ،‬برامج‬ ‫أخرى ستهتم بإعداد ونشر وترجمة كتب ودراسات وتقارير علمية‪،‬‬ ‫وتكوين بعثات علمية وإقامات أكادميية‪ ،‬وإص��دار مجلة علمية‬ ‫مح ّكمة ستحمل اس��م مجلة «دراس ��ات متوسطية»‪ ،‬وسيستفيد‬ ‫من أنشطة هذا الكرسي‪ ،‬عدد من الطلبة والباحثني واألساتذة‪،‬‬ ‫وكذلك عدد من الصحفيني والسياسيني واألطر العليا والعاملني‬ ‫في املجتمع املدني‪ ،‬الذي ستخصص لهم مجموعة من األنشطة‬ ‫العلمية والثقافية اخلاصة مبجاالت اشتغالهم‪.‬‬ ‫شركاء مؤمنون بال حدود في كرسي غرناطة‬ ‫ل�ل�إش ��ارة‪ ،‬ف �ش��رك��اء م��ؤس�س��ة «م��ؤم �ن��ون ب�لا ح���دود ل �ل��دراس��ات‬ ‫واألبحاث» في إنشاء هذا الكرسي‪ ،‬لهم تاريخ طويل وجتربة رائدة‬ ‫في مجاالت الثقافة واملعرفة‪ ،‬حيث «املؤسسة األوروبية العربية‬ ‫ل�ل��دراس��ات العليا»‪ ،‬وه��ي مؤسسة أوروب �ي��ة‪ ،‬تأسست مبقتضى‬ ‫قرار صادر عن البرملان األوروبي سنة ‪ ،1984‬وذلك بهدف خلق‬ ‫فضاء علمي للحوار والتعاون‬ ‫األورع��رب��ي‪ ،‬وتعزيز العالقات‬ ‫الثقافية والعلمية واالقتصادية‬ ‫م��ن خ�لال تشجيع ال��دراس��ات‬ ‫وال � �ب � �ح� ��وث ون� �ش���ر امل� �ع���ارف‬ ‫العلمية التي تنتجها اجلامعات‬ ‫وم��راك��ز ال �ب �ح��وث‪ ،‬وك ��ذا نشر‬ ‫األفكار والتجارب والتعاون بني‬ ‫الباحثني واملثقفني واملبدعني‪،‬‬ ‫وإقامة شبكة للتواصل والتبادل‬ ‫بينهم‪ .‬وتضم املؤسسة هيئات‬ ‫ع �ل �م �ي��ة م���ن ب �ي �ن �ه��ا امل ��درس ��ة‬ ‫العربية األوروبية العليا لإلدارة‪،‬‬ ‫ال�ت��ي تعمل على اإلس �ه��ام في‬ ‫التنمية االقتصادية في البلدان‬ ‫ال �ع��رب �ي��ة‪ ،‬وت �ش �ج �ي��ع ال �ت �ع��اون‬ ‫العربي األوروب ��ي عبر برنامج‬ ‫تكوين في اإلدارة العليا لألطر‬ ‫العليا وامل��دي��ري��ن التنفيذيني‪،‬‬ ‫وهي ثمرة تعاون بني املفوضية‬

‫األوروبية ووزارتي اخلارجية والتربية والعلوم في إسبانيا‪.‬‬ ‫أما جامعة غرناطة‪ ،‬فهي جامعة أوروبية عريقة ميتد تاريخها إلى‬ ‫حوالي خمسة قرون‪ ،‬حيث تأسست سنة ‪ ،1531‬ويتجاوز عدد‬ ‫طلبتها اليوم أكثر من ‪ 70‬ألف طالب‪ ،‬وقد حصلت اجلامعة على‬ ‫جائزة من االحتاد األوروبي كأول جامعة أوروبية حتظى بإقبال‬ ‫الطلبة من كل دول العالم‪ ،‬كما أنها تعتبر اجلامعة األوروبية‬ ‫األول��ى من حيث ع��دد الطلبة األج��ان��ب‪ ،‬من أوروب ��ا‪ ،‬أمريكا‪،‬‬ ‫آس �ي��ا‪ ،‬إف��ري �ق �ي��ا وأس �ت��رال �ي��ا‪،‬‬ ‫واجل��ام �ع��ة األوروب� �ي ��ة األول��ى‬ ‫م��ن حيث ع��دد طلبة برامج‬ ‫ال�ت�ب��ادل ال��دول��ي إي��راس�م��وس‬ ‫(‪ ،)Erasmus‬حيث يسجل‬ ‫فيها س �ن��وي �اً أك �ث��ر م��ن ألفي‬ ‫‪ 2000‬طالب م��ن اجلامعات‬ ‫األوروب� � �ي � ��ة ف���ي إط�� ��ار ه��ذا‬ ‫البرنامج‪ ،‬األمر الذي يجعلها‬ ‫تصنف كأفضل وجهة مفضلة‬ ‫للطالب األوروبيني‪.‬‬ ‫ح��ازت اجلامعة على الشهادة‬ ‫واالع �ت��راف ال��دول��ي‪ ،‬كما أنها‬ ‫اجلامعة اإلسبانية األول��ى من‬ ‫حيث ع��دد الطلبة املسلمني‪،‬‬ ‫وحت �ت �ض��ن اجل��ام �ع��ة ك��راس��ي‬ ‫ع�ل�م�ي��ة م �ه �م��ة؛ م�ن�ه��ا ك��راس��ي‬ ‫اليونسكو وك��راس��ي املفوضية‬ ‫األوروب� �ي���ة‪ ،‬وك��رس��ي مؤسسة‬ ‫البابطني للدراسات العربية‪.‬‬

‫فرانسيسكو لودييرو‪ :‬تعقد جامعة غرناطة آماال‬ ‫كبيرة على هذا الكرسي لربط الصلة بني املفكرين‬ ‫واألساتذة والباحثني ّملد جسور التعاون العلمي‪،‬‬ ‫بجعل الدين مؤسسا للتسامح والتعايش‬

‫سيشتغل كرسي دراسات احلضارة اإلسالمية‬ ‫على التعليم العالي والتكوين‪ ،‬ونقل املعارف ونشر‬ ‫التجارب اجليدة‪ ،‬والترجمة من العربية إلى اللغات‬ ‫األوروبية‪ ،‬والعكس‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬


‫الفنان «عبدالباسط الجارد»‬ ‫يتهم وزير الثقافة السابق بإجهاض مشروع‬ ‫المصالحة بين الفنانين‬

‫السيناريو‬ ‫االحترافي مفقود‬ ‫في ليبيا‬

‫ضيف املستقل الفني في هذا العدد هو الكاتب واملمثل القدير «عبدالباسط اجلارد» الذي إلتقيناه في حوار مطول‬ ‫يحكي فيه عن مسيرته الفنية وبعض الظروف التي مر بها طيلة ال ـ ‪ 43‬سنة من العمل في املجال الفني ‪ ..‬عبدالباسط‬ ‫ويحسب لنا القصور في ذكر أهم مراحل‬ ‫افسحنا له املجال ليعرفنا أكثر عن نفسه فرمبا النعطيه حقه في التقدمي ُ‬ ‫حياته الفنية‪ ,‬لذلك أردنا ان نستمع إليه لنتعرف عليه اكثر‪.‬‬ ‫أنا عبدالباسط مصطفى عبدالكرمي اجلارد ولدت في مدينة بنغازي في ‪ 1960-1-1‬في حي الكيش سابق ًا‪ ,‬وانتقلت‬ ‫ملدينة اجدابيا وعمري ‪ 9‬سنوات ‪ ..‬التحقت باحلركة الكشفية في سنة ‪ 1969‬ومنها كانت تنمو معي موهبة الفن‬ ‫والتمثيل واملشاركة في املسابقات خصوص ًا وأن احلركة الكشفية حركة تعبوية وكانت من مؤسسات املجتمع املدني‬ ‫الناجحة ج��د ًا في ليبيا في تلك الفترة‪ ,‬وب��دأ حبي للفن يكبر يوم ًا بعد يوم من خالل املناشط املدرسية التي‬ ‫نفتقدها منذ سنوات‪ ,‬فالكثير من الوجوه الفنية الالمعة هي من إفرازات النشاط املدرسي واملهرجانات في تلك‬ ‫ً‬ ‫خاصة في فترة السبعينيات والثمانينيات ‪ ..‬وفي سنة ‪ 1973‬التحقت بفرقة شابة في مدينة اجدابيا‪,‬‬ ‫الفترة‪,‬‬ ‫وهي فرقة «اجليل الصاعد» وكل اعضاء الفرقة كانوا من صغار السن وأعمارهم من العشرسنوات إلى العشرين‬ ‫سنة‪ ,‬وكانت فرقة هواة يقودها محمد عبدالسالم اجلالي واملرحوم املخرج الطاهر الشريف‪ ,‬وكنا في تلك الفترة‬ ‫لكل منا فقرة من‬ ‫النعتمد على النصوص املسرحية بل كان كل مانقدمه عبارة عن ارجتال من املخرج‪ ,‬وكان يقدم ٍ‬ ‫تأليفه ونؤديها‪ ,‬وبعدها يجمع كل الفقرات ويخرج بها مسرحية متكاملة‪ ,‬وكانت اول مشاركة لي في مسرحية‬ ‫متكاملة من ثالثة فصول كانت سنة ‪ 1973‬وعمري ‪ 13‬سنة بعنوان (توبة املذنب) ‪ ..‬وبعدها توالت االعمال‪,‬‬ ‫وفي سنة ‪ 1974‬قدمت مسرحية (من أجل الوطن) كانت في حفل افتتاح مسرح إجدابيا‪ ,‬وهذا التاريخ لديه‬ ‫أود اإلفصاح عنها وهي أن سنة ‪ 1974‬عندما افتتح هذا املسرح قدمت مسرحية‬ ‫مفارقة مهمة في حياتي ّ‬ ‫(من اجل وطن) وهو ال يزال موجود ًا في مدينة إجدابيا‪ ,‬ومت صيانته سنة ‪ 2014‬من قبل وزارة الثقافة ومت‬ ‫افتتاحه في حفل رسمي وقدمت فيه مسرحية «الصايبه» وبهذا شهد مسرح اجدابيا مسيرة ‪ 40‬سنة في‬ ‫مجالي املسرحي‪ ,‬فقد كنت حاضر ًا في افتتاحه بعد إنشائه وحاضرا في افتتاحه بعد ترميمه وصيانته‪,‬‬ ‫وهذا يؤكد املسيرة املتكاملة للمسرح التي لم أتوقف عنها‪ ،‬كما بدأت في الكتابة ألول عمل مسرحي سنة‬ ‫‪ 1979‬بعنوان «بريدان ترجمان» وبعدها كتبت املسرحية الشهيرة التي من خاللها عرفني الكثيرون في‬ ‫ليبيا وهي مسرحية «مقعد بال خسارة» ومت عرضها في مهرجان النهر الصناعي في مدينة بنغازي‪,‬‬ ‫وكانت مبشاركة ‪ 40‬عمل مسرحي علي مستوي ليبيا‪ ,‬وكان عرضنا من آخر العروض التي قدمت‪ ,‬حيث‬ ‫كان مسك ختام املهرجان وحتصلنا علي جائزة مالية كبيرة من خالل النص واإلخراج‪.‬‬

‫حوار وعدسة‪ :‬علي خويلد‬


‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫حريص على تقدمي تاريخ وطنه عبر الدراما‬

‫املستقل‪ :‬بالتأكيد ك��ل ه��ذا امل��ش��وار وراءه شخص داع��م‬ ‫ومشجع لك ؟‬ ‫اجلارد‪ :‬أوالً األصدقاء هم من كانوا الداعم األول الستمراري‪,‬‬ ‫خصوصا من كانوا معي في بداياتي‪ ,‬منهم مدير أحد املدارس‬ ‫التي درست فيها فترة اإلعدادية والذي كان معجباً جدا بأدائي‬ ‫الفني‪ ,‬خصوصاً بأنني كنت من الطلبة املتميزين في الدراسة‪,‬‬ ‫حيث أتذكر بأنه كانت هناك احتفالية في مدينة طرابلس تخص‬ ‫الطلبة األوائ��ل علي مستوي ليبيا‪ ,‬بحيث يكون من كل منطقة‬

‫عشرة أوائل يحضرون هذه االحتفالية‪ ,‬وعندما حضرت اللجنة‬ ‫ملدينة اجدابيا وطلبوا الطلبة األوائ ��ل وأن��ا ل��م أك��ن م��ن ضمن‬ ‫الذين مت اختيارهم‪ ,‬ولكن اللجنة قامت باجتماع‪ ,‬واتفقوا علي‬ ‫أن يكون من ضمن العشرة األوائل طالب او طالبني من الناشطني‬ ‫واملوهوبني في املجال الفني‪ ,‬فتم اختياري مع هؤالء وشاركت في‬ ‫االحتفالية و حتصلت علي ثالث جوائز‪ ,‬منها املوسيقي والتمثيل‬ ‫وجائزة القيادة اجليدة خلمس مجموعات مدرسية‪ ,‬بينما الطلبة‬ ‫األوائل لم يتحصلوا علي اي نوع من اجلوائز‪ ,‬وهذا يعني أن الفن‬ ‫والهواية واإلبداع هي اشياء تخلق مع االنسان‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ت��ق��ص��د ب���أن ال��ت��م��ث��ي��ل أس��اس��ه امل��وه��ب��ة ول��ي��س‬ ‫الدراسة؟‬ ‫اجلارد‪ :‬طبعاً بالتأكيد ‪ ..‬عندما يكون املمثل جيداً فهذه غريزة‬ ‫من الله‪ ,‬وال ميكن أن يكون املمثل ممث ً‬ ‫ال إن لم تكن لديه املوهبة‬ ‫مهما درس وتعلم‪ ,‬ولكن مع املوهبة تكون الدراسة لزيادة املعرفة‬ ‫وتعلم بعض األشياء التي من شأنها دعمك في عملك كممثل‪,‬‬ ‫وجيلنا لألسف لم ي��درس التمثيل لعدم وج��ود املعاهد في تلك‬ ‫الفترة‪ ,‬ول��م يكن هناك س��وى معهد فقط في مدينة طرابلس‪,‬‬ ‫ومن الصعب علي سكان املنطقة الشرقية السفر لطرابلس لبعد‬ ‫املسافة وعدم وجود سكن‪ ,‬باإلضافة لألسر واألهالي كانوا غير‬ ‫متقبلني ومشجعني لفكرة أن يدخل ابنهم ملعهد موسيقي أو‬ ‫متثيل‪ ,‬ولكن باجتهاداتنا وإصرارنا علي االستمرار وحبنا للفن‬ ‫استطعنا ان نشتري الكتب الفنية لزيادة ثقافتنا‪ ,‬وكنا نحضر‬ ‫بعض األعمال املسرحية لإلطالع علي أداء الفنانني خصوصاً‬ ‫في مدينة طرابلس‪ ,‬حيث كنت متأثرا جدا باملسرح في طرابلس‬ ‫وكنت أحياناً أخرج من إجدابيا واجته إلي العاصمة فقط حلضور‬ ‫عمل مسرحي‪ ,‬وكل هذه االشياء ّ‬ ‫منت لدينا حب الفن وجعلتنا‬ ‫جنتهد ونقدم األعمال باستمرار‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م��ت��ي خ����رج اجل�����ارد م���ن إط����ار امل��وه��ب��ة ودخ���ل‬ ‫االحترافية؟‬ ‫اجلارد‪ :‬في الفترة األخيرة عندما أسست شركة «مركز البدوية‬ ‫للخدمات اإلعالمية» سنة ‪ 2000‬وقدمت من خاللها مجموعة‬ ‫أعمال كبيرة للتلفزيون واملسرح‪ ,‬ومن هنا شعرت بأنني فعال‬ ‫دخلت مرحلة أخري وهذه أصبحت هي مهنتي وليس لدي عمل‬ ‫إال في املجال الفني‪ ,‬فاالحتراف يعتبر هو اإلتقان في عملك‪,‬‬ ‫خصوصا بأنني ال اتقاضي مرتباً من أي جهة في الدولة‬ ‫املستقل‪ :‬م��ن امل��س��رح ل��ل��درام��ا للمنوعات ه��ذه تنقالت ال‬ ‫يجيدها إال احمل��ت��رف��ون فأيها تفضل م��ن ب�ين تلك ان��واع‬


‫اثناء تصوير عمل بدوي‬

‫اجلارد مع الشاعر مفتاح بوعريقيب‬

‫قبل ك��ل املنوعات العربية‪ ,‬باإلضافة ملنوعة «مكتب مفتوح»‪,‬‬ ‫الفنون؟‬ ‫وكذلك سلسلة «البسباسي» الشهيرة التي تعتبر من أروع املنوعات‬ ‫اجلارد‪ :‬في احلقيقة أجد نفسي في املسرح دائماً وأفضله عن‬ ‫الليبية املسموعة وتاريخ انطالقها قدمي ج��داً‪ ,‬كما أن اللهجة‬ ‫كل الفنون األخ��رى‪ ,‬ألنه أستاذ الشعوب وخصوصا وأن نتيجة‬ ‫الليبية سهلة الفهم عند الكثير من الدول العربية عكس اللهجات‬ ‫تفاعل اجلمهور ونقدهم السلبي أو اإليجابي تأؤخذ مباشرة‬ ‫االخ��رى‪ ,‬وأرى بأن اجلميع غياب الدراما الليبية مشارك فيه‬ ‫أثناء وبعد العرض‪ ,‬بينما في التلفزيون تدخل علي العمل العديد‬ ‫بداية من تقوقع الفنان م��رورا بسياسة الدولة في تلك الفترة‬ ‫من األشياء والتعديالت واإلعادة للمشاهد واملونتاج وغيرها من‬ ‫وتكبيلها للعناصر الفنية ومحاربة النجومية مهما قدمت من‬ ‫الكماليات ومع ذلك تتعرض للنقد من بعض األشخاص‪ ,‬ولكن في‬ ‫أعمال جيدة‪ ,‬وأبسط مثال عندما أريد تقدمي سيرتي الذاتية‬ ‫املسرح تأخذ نتيجه فورية وتشعر بأنك فعال قدمت شيئا للناس‪.‬‬ ‫ألي جهة يقولون أنت قدمت كل هذه االعمال فلماذا ال يعرفك‬ ‫املستقل ‪ :‬برأيك ما السبب الرئيسي في اختفاء الدراما في‬ ‫الليبيون؟ ‪ ..‬كما أن من ضمن‬ ‫ليبيا ؟‬ ‫أسباب غياب الدراما هو عدم‬ ‫اجل���������ارد‪ :‬م �ج �م��وع��ة ع��وام��ل‬ ‫إعطاء الفرصة لتقدمي أعمال‬ ‫ش ��ارك ��ت ف ��ي ت��أخ��ر ال ��درام ��ا‬ ‫أخ��رى واالك�ت�ف��اء بعمل واح��د‬ ‫الليبية‪ ,‬رغ��م أن ليبيا كانت‬ ‫سنوياً‪ ,‬بينما من املفترض أن‬ ‫ب��داي��ات��ه��ا م��وف �ق��ة ج � ��داً ف��ي الكثير من الوجوه الفنية الالمعة هي من إفرازات‬ ‫نعمل علي األقل عشرة أعمال‬ ‫ال � � ��درام � � ��ا‪ ,‬خ � �ص� ��وص � �اً وأن‬ ‫النشاط املدرسي‬ ‫في السنة الواحدة‪ ,‬باإلضافة‬ ‫التلفزيون الليبي ثاني تلفزيون‬ ‫ل � �غ � �ي� ��اب ش � ��رك � ��ات االن�� �ت� ��اج‬ ‫عربي بعد التلفزيون املصري‪,‬‬ ‫كان عمري ‪ 13‬سنة عندما شاركت في مسرحية‬ ‫اخل��اص��ة‪ ,‬وع��دم قناعة راس‬ ‫حيث كان اول دخول للتلفزيون‬ ‫املال الليبي بالعمل الفني‪.‬‬ ‫في ليبيا سنة ‪ 1964‬وقبل كل‬ ‫متكاملة بعنوان «توبة املذنب»‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م��ا السبب لعدم‬ ‫ال��دول العربية االخ ��رى‪ ،‬ففي‬ ‫ق���ن���اع���ة رؤوس األم��������وال‬ ‫بداية السبعينات كانت هناك‬ ‫«بريدان ترجمان» أول جتاربي في الكتابة‬ ‫بالفن؟‬ ‫مسلسالت كبيرة خ��اص��ة في‬ ‫اجل����ارد‪ :‬املشكلة ان أغلبهم‬ ‫مدينة طرابلس‪ ,‬وكانت‬ ‫رائعة املسرحية ‪ ..‬و«مقعد بال خسارة» هي املسرحية التي‬ ‫غ �ي��ر م��ؤم �ن�ين ب��ال �ف��ن وه �ن��اك‬ ‫وأصبحت ه�ن��اك نهضة فنية‬ ‫قصة حدثت بيني وب�ين رجل‬ ‫وبدأ املمثلون يصورون أعمالهم‬ ‫عرفني بها اجلمهور‬ ‫أعمال ليبي وقلت له بأن لدي‬ ‫ف ��ي ال� �ي ��ون ��ان وب� �ع ��ض ال� ��دول‬ ‫عمل فني ل��و قدمته ل�لإذاع��ة‬ ‫األخرى‪ ,‬ولكن لألسف‬ ‫ولسبب حتصلت في مهرجان طالبي بطرابلس على ثالث‬ ‫س �ت �ش �ت��ري��ه م��ن��ي ب �ث�لاث �م��ائ��ة‬ ‫ما في الدولة ولتوجهات معينة‬ ‫الف دينار وأن��ا علي يقني مبا‬ ‫مت إيقاف هذه النهضة الفنية جوائز بينما الطلبة األوائل لم يتحصلوا على أي‬ ‫اق��دم��ه‪ ,‬وه��ذا العمل لو أردت‬ ‫ومحاربتها ومت الضغط عليها‬ ‫نوع من اجلوائز‬ ‫تنفيذه س�ي�ص��رف عليه مائه‬ ‫ووقف حتى الدورات اخلارجية‬ ‫ٍ‬ ‫وخمسون ال��ف دي�ن��ار تقريباً‪,‬‬ ‫للممثلني‪.‬‬ ‫ف��ل��و أع �ط �ي �ت �ن��ي ه � ��ذا امل �ب �ل��غ‬ ‫ف �م �ث�ل ً�ا امل� �ن ��وع ��ات ال �ع��رب �ي��ة كنت متأثر ًا جد ًا باملسرح في طرابلس ‪ ..‬وأحيان ًا كنت‬ ‫سأصور العمل كام ً‬ ‫ال وأسوقه‬ ‫الشهيرة مثل «طاش ما طاش‬ ‫أجته للعاصمة من أجل حضور عمل مسرحي فقط‬ ‫ب�ث�لاث�م��ائ��ة ال ��ف دي �ن��ار خ�لال‬ ‫وم ��راي ��ا»ه ��ذه م �ن��وع��ات نحن‬ ‫س �ت��ة أش� �ه ��ر‪ ,‬مب �ع �ن��ي ص��اف��ي‬ ‫سبقناها ف��ي امل��اض��ي بدليل‬ ‫أرب��اح��ه م��ائ��ة وخ�م�س��ون ال��ف‬ ‫منوعة «ال�س��وس» التي جاءت‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫اجلميع مسؤول عن غياب الدراما الليبية‬ ‫دينار والتي لن تكسبها خ�لال ه��ذه الفترة البسيطة‪ ,‬فقال لي‬ ‫أنا لست ضد إعطائك هذا املبلغ ولكن في حالة جتارتك تكون‬ ‫في السيراميك او إطارات السيارات او الدواجن او غيرها من‬ ‫التجارة األخ��رى وق��ال حرفياً «مش مستعد انحط فلوسي في‬ ‫متثيلية» ولألسف هذه ثقافة راس املال الليبي ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬بعض الفنانني عرفناهم جن��وم��ا ف��ي أدواره���م‬ ‫وقمة في األداء بينما نراهم أحيان ًا بأدوار تشعرنا بأنهم‬ ‫يعملون ألجل امل��ال فقط‪ ,‬فهل اخللل في الفنان أم يعود‬ ‫إلى ضعف النص؟‬ ‫اجلارد‪ :‬العمل أو املشروع في السوق مثلما يقال «عرض وطلب»‬ ‫ونحن ليس لدينا العرض والطلب‪ ,‬فأحياناً جتد نفسك جالساً‬ ‫بدون عمل وعندما يعرض عليك أي عمل لو قبلت به ستشتغل‬ ‫ويشاهدك الناس وإن لم تقبله ستجد نفسك في نفس املكان‬ ‫ال��ذي جتلس فيه‪ ,‬ورغ��م ذل��ك هناك فنانون يرفضون األعمال‬ ‫ألنهم يرونها ليست متماشية مع شخصياتهم ورمبا تسيء لهم‬ ‫إن قبلوها‪ ,‬وفي املقابل هناك غيرهم يقبلون لغرض العمل ولعدم‬ ‫وجود العروض امامهم‪ ,‬وجتدهم يخرجون بأي شخصية حتى‬ ‫وإن كانت ال تتماشى مع سنهم او بنيتهم او حتى (الكاريزمة‬ ‫متعهم)‪ ,‬وه��ذا يرجع أيضاً إل��ى النصوص التي الزال��ت ركيكة‬ ‫وضعيفة وليست في املستوى والزلنا نعاني من أزمة النص‪.‬‬ ‫من مسرحية عفوا أبي‬ ‫املستقل‪ :‬ولكن هناك ُكتاب جيدون ولهم أفكار جميلة‬ ‫الدراما فن البد أن يكون من يعمل فيه متعلم لكل خلفياته وعلى‬ ‫جداً؟‬ ‫دراية تامة بهذا املجال‪.‬‬ ‫اجلارد‪ :‬بالتأكيد لدينا ُكتاب قادرون على كتابة املواضيع الدرامية‬ ‫املستقل‪ :‬وماذا عن التمثيل ؟‬ ‫بشكل ممتاز‪ ,‬ولكن السينارست الذي سيحول هذه القصص إلى‬ ‫اجلارد‪ :‬التمثيل ليست له عالقة‪ ,‬فالتمثيل في املسرح مثل التمثيل‬ ‫مشاهد متسلسلة لتصويرها اليزال مفقودا في ليبيا‪ ,‬واحلرفية‬ ‫في التلفزيون أو السينما فكالهما يعتبر متثيال‪ ,‬ويجمعهم نص‬ ‫في هذه النقطة بالذات قليلة ج��داً‪ ,‬باإلضافة ملن سينفذ هذا‬ ‫تقرأه وحتفظه وتقوم بتمثيله‪ ,‬ولكن الفارق هو املخرج الذي‬ ‫العمل وه��و امل �خ��رج‪ ,‬فلألسف م��ع اح�ت��رام��ي لبعض املخرجني‬ ‫ينقل من احلالة إل��ى األخ��رى‪,‬‬ ‫ال �ل �ي �ب �ي�ين ف��أغ �ل �ب �ه��م ي�ع�ت�ب��رون‬ ‫فهناك بعض املخرجني يهتمون‬ ‫مخرجني أخبار في االذاع��ات‬ ‫ب��ال��ش��اش��ة ف��ق��ط والي �ه �م �ه��م‬ ‫خ �ص��وص �اً ال �ت��ي الي��وج��د بها‬ ‫مايقدمه املمثل من أداء‪ ,‬حتى‬ ‫ب��رام��ج‪ ,‬فإما أن يكون مخرج‬ ‫ن�ش��رة أخ�ب��ار أو م�خ��رج حفلة بعد تأسيس شركة البدوية أدركت أن املجال الفني هو‬ ‫وإن أخ �ط��أ ف��ي ال� ��دور أو لم‬ ‫يقدم بالشكل املطلوب‪ ,‬فمث ً‬ ‫ال‬ ‫من حفالت القذافي أو مخرج‬ ‫مهنتي وعملي الوحيد‬ ‫ال ينبههم بأنه يصور في عمل‬ ‫جللسات امل��ؤمت��رات الشعبية‪,‬‬ ‫ب ��دوي ق��دمي وال وج ��ود ملمثل‬ ‫وي��أت��ي بعدها يريد أن يخرج‬ ‫للدراما !! فكيف لهذا املخرج أجد نفسي في املسرح وأفضله عن كل الفنون األخرى يلبس س��اع��ة ي��د ف��ي املشهد‪,‬‬ ‫أو هاتف نقال أو غيرها من‬ ‫أن يعمل في اخراج املسلسالت‬ ‫األشياء التي التقبل أن تكون‬ ‫وه��و ليس لديه أبسط خلفية سبقنا املنوعات الشهيرة مثل «طاش ما طاش» و«مرايا»‬ ‫في العمل‪ ,‬ومثلما ذكرت جند‬ ‫عن الدراما؟ وكذلك الطواقم‬ ‫والشاهد على ذلك مسلسل السوس ومكتب مفتوح‬ ‫امل�خ��رج همه الوحيد الشاشة‬ ‫الفنية مثل امل�ص��وري��ن وفنيي‬ ‫واإلض� � ��اءة ف �ق��ط ول �ي��س أداء‬ ‫اإلض�� ��اءة وال��دي��ك��ور وال�ت�ن�ك��ر‬ ‫املمثلني‪ ,‬متناسياً بأن املشاهد‬ ‫وغ�ي��ره��م م��ن ال�ف�ن�ي�ين‪ ,‬فعمل‬


‫مشاركة متميزة في مهرجان املسرح العربي بالقاهرة مؤخرا‬

‫وغيرها من األعمال التي التسعفني الذاكرة لذكرها اآلن ولكن‬ ‫تبقى مسرحية «مقعد بال خسارة» هي أقدم مسرحية عرفني‬ ‫من خاللها الناس‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬وفي الدراما واملنوعات؟‬ ‫اجل��ارد‪ :‬أغلب األعمال الدرامية التي قدمتها هي من تأليفي‬ ‫مثل مسلسل (ال��رح�ي��ل امل�ن�س��ي‪-‬ه�لال وق�م��رة‪-‬غ�ف�ي��ر ال�ك��اف‪-‬‬ ‫الهجيج‪-‬ايام الكيش‪-‬إشارة في مفترق العمر‪-‬اقلب الصفحة)‬ ‫أداء الفت‬ ‫وغيرها م��ن األع �م��ال األخ ��رى‪ ,‬كما عملت ف��ي امل�ن��وع��ات مثل‬ ‫«احملطة» مع الفنان صالح األبيض و»مقالب بيتزا» مع الفنان‬ ‫واع بكل ما يشاهده على الشاشة‪.‬‬ ‫أصبح ٍ‬ ‫ميلود العمروني و»أكاذيب» مع الفنان صالح الشيخي ورافع جنم‬ ‫املستقل‪ :‬ال��ع��ام امل��اض��ي ق��دم��ت عمل «مناشير» بطريقة‬ ‫ومحمد ال�ص��ادق‪ ,‬باالضافة لبعض األش��رط��ة التلفزيونية مثل‬ ‫الكروما وهذه جتربة جديد لك فهل تراها ناجحة؟‬ ‫«زهرة الصبار» و «امللف األزرق»‪.‬‬ ‫اجلارد‪ :‬دائماً أقول بأننا نريد أن نعمل‪ ,‬وليس ألننا نريد املال‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م��س��ل��س��ل «ال��رح��ي��ل امل��ن��س��ي» ُع����رض ‪ 17‬سنة‬ ‫بالعكس‪ ,‬نحن نعمل لكي نصلح م��ن أخطائنا ونتعلم‪ ,‬وعمل‬ ‫م��ت��ت��ال��ي��ة‪ ,‬ف��ه��ل ك���ان م��وض��وع ال��ع��م��ل ه��و ال��س��ب��ب ف��ي نيل‬ ‫«مناشير» قد يكون الشخص الفني اشتغله بطريقة بدائية‪ ,‬ولكن‬ ‫املسلسل هذا النصيب العالي من العروض‬ ‫نحن نريد ان نشتغل على «الكروما» التي لم نعمل عليها في‬ ‫اجل��ارد‪ :‬فع ً‬ ‫ال هو العمل الوحيد الذي عرض ‪ 17‬سنة متتالية‪,‬‬ ‫السابق وض��روري من جتربتها‪ ,‬وقبلنا بأن جن��ازف لكي نتعلم‪,‬‬ ‫ولكن ليس ألنه األفضل من بني األعمال‪ ,‬ولكن هو عمل بدوي‬ ‫وقلت للشخص الفني بأن الناس ستعتمد على الكوميديا التي‬ ‫تاريخي يتحدث عن مناسبة معينة وهي ذكرى املنفيني يوم ‪26‬‬ ‫أقدمها للناس‪ ,‬و(أنت اخدم الكروما وبعدها نشوف) أين وقعت‬ ‫أكتوبر وكانت تعرض الــ ‪ 30‬حلقة في يوم واحد اي ‪ 3‬ساعات‬ ‫اخطاؤنا ونقبل وجهات نظر األخرين لكي نستفيد منها في‬ ‫متتالية وأنا بصراحة دائماً افتخر بهذا املسلسل‪.‬‬ ‫األعمال القادمة‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ل��ن��أت��ي م���ن بعد‬ ‫امل����س����ت����ق����ل‪ :‬ن�����ع�����ود ق���ل ً‬ ‫���ي�ل�ا‬ ‫س�����ن�����ة ‪ 2011‬ك�������م ع���م���ل‬ ‫ألعمالك املسرحية وما هو‬ ‫قدمته؟‬ ‫األفضل بينها؟‬ ‫اجل�������ارد‪ :‬ق��دم �ن��ا م ��ا ي �ق��ارب‬ ‫اجل����ارد‪ :‬ق��دم��ت ح��وال��ي ‪26‬‬ ‫لي «مش مستعد نحط فلوسي ‪ 17‬عمال فنيا وأخ �ي��راً كانت‬ ‫ع �م�لا م�س��رح�ي��ا م�ن�ه��ا (ت��وب��ة رجل أعمال ليبي قال ّ‬ ‫م �س��رح �ي��ة ع� �ف���واً أب� ��ي ال �ت��ي‬ ‫امل ��ذن ��ب‪-‬م� �ط� �ع ��م ال� �س� �ع ��ادة‪-‬‬ ‫في متثيلية»‬ ‫عرضت ف��ي مهرجان املسرح‬ ‫م� �ج ��ان�ي�ن ف� ��ي ع� �ي ��ادة‪-‬ل� �ي ��ش‬ ‫العربي بالقاهرة يوم ‪ 30‬أبريل‬ ‫ي � ��ا زه � � ��اوي‪-‬ال � � ��دف � � ��ن ف� ��وق‬ ‫األرض‪-‬م��ج��ن��ون ف��ي امل��ري��خ‪ -‬النصوص مازالت ركيكة وضعيفة ‪ ..‬ونعاني من أزمة نص‬ ‫‪.2015‬‬ ‫امل���س���ت���ق���ل‪ :‬ل���ن���ق���ف ق��ل ً‬ ‫��ي�لا‬ ‫ب ��ري ��دان ت��رج �م��ان‪-‬م �ق �ع��د بال‬ ‫عند مسرحية «عفو ًا أبي»‬ ‫خسارة‪-‬قيس ومغلية‪-‬أضرب‬ ‫نعمل لكي نصلح من أخطائنا ونتعلم ‪ ..‬و»مناشير»‬ ‫حدثنا عن هذا العمل وعن‬ ‫خ �ل��ص‪-‬ف �ن��دق ب��وش �ن��ة‪-‬س��وك‬ ‫في دوك‪-‬ع�ين العقل‪-‬احلوش مجازفة وجتربة في تقدمي الكوميديا بتقنية الكروما‬ ‫مشاركتك ب��ه ف��ي مهرجان‬ ‫عربي كبير؟‬ ‫ح��وش�ك��م‪-‬ال�ن��اس س��واء‪-‬ج��واز‬ ‫اجل������������ارد‪ :‬ات� �ص� �ل���ت إدارة‬ ‫ع �ق��ال‪-‬ال �ص��اب �ي��ا‪-‬ع �ف��واً أب��ي)‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫من مسرحية ‪ -‬الصابية‬

‫حتدثنا عنها لن نوفي حقها في الوصف خصوصاً نحن الفنانني‪,‬‬ ‫املهرجان باألستاذ عزالدين املهدي أثناء تصويرنا عمل «رسالة‬ ‫فهي كانت مدينة اإللهام لكل فنان سواء من طبيعتها وشوارعها‬ ‫إلى الدميقراطية» في مدينة البيضاء‪ ,‬وقال لي بأن لديه نص‬ ‫وأهلها‪ ,‬ولدينا فيها العديد من االص��دق��اء وال��زم�لاء الفنانني‬ ‫للكاتب امل��رح��وم «علي اجلهاني» بعنوان «ع�ف��واً أب��ي» ويعتمد‬ ‫ً‬ ‫خصوصا في املسرح‪ ,‬امثال الفنان «منصور سرقيوة» والفنان‬ ‫على ممثل واحد وما رأيك بأن تطلع على هذا النص؟ أخذته‬ ‫«ف��رج ب��در» و «ناجي عبداللطيف» و «س�لام شليمبو» و «رافع‬ ‫وقرأته وأعجبت بفكرة العمل‪ ,‬وقلت له فكرة العمل جيدة ولكن‬ ‫القاضي» واملرحومة «مرمي اجلنزوري» و «جنلة األمني» والكثير‬ ‫م��ا رأي��ك ف��ي تغيير بعض األش �ي��اء‪ ,‬وم�ح��اول��ة توظيف القصة‬ ‫من املبدعني ‪ ..‬ودرنة كانت دائماً حاضرة في كل األعمال الفنية‬ ‫حسب األحداث احلالية التي متر بها البالد‪ ,‬ويبقى اسم املؤلف‬ ‫سواء املسرح او التلفزيون وفي املهرجانات داخل وخارج ليبيا‪,‬‬ ‫والعنوان كما هما‪ ,‬خصوصاً وأن املرحوم «علي اجلهاني» توفى‬ ‫ولألسف اخر ما كنا نتوقعه هو ما يحدث في مدينة درنة األن‪,‬‬ ‫في سنة ‪ 2007‬أي قبل ثورة فبراير ‪ 2011‬وحتى لو كان حيا‬ ‫فعندما نتحدث عن درنة هناك الم ووجع داخل كل فنان ومواطن‬ ‫الشتغل املوضوع بنفس الطريقة‪ ,‬فلم ميانع املخرج عزالدين‬ ‫ليبي‪ ,‬ونسأل الله ان يتم الفرج قريباً على اهلها وفنها وتاريخها‬ ‫املهدي وقمت باإلعداد للقصة واشعر بأننا وفقنا فيما اخترناه‪,‬‬ ‫وحضارتها وتنعم هذه املدينة باألمن واالستقرار‪.‬‬ ‫واستغرقت فترة التدريبات ‪ 10‬اي��ام فقط واجلميع يعلم بأن‬ ‫املستقل‪ :‬أربع سنوات واليزال هناك خالف فيما بينكم‬ ‫املونودراما حتتاج ملجهود كبير‪ ,‬واحلمدلله ُعرضت في املهرجان‬ ‫ك��ف��ن��ان�ين ب��س��ب��ب ت��وج��ه��ات‬ ‫وكانت ناجحة بحضور العديد‬ ‫ف���ك���ري���ة وس���ي���اس���ي���ة ع��ن��د‬ ‫من الفنانني العرب وكنت سعيد‬ ‫ج��داً بهذه املشاركة خصوصاً‬ ‫ال���ب���ع���ض‪ ,‬مل�������اذا ل����م ن��ش��ه��د‬ ‫مصاحلة فنية تدعون لها‬ ‫وأنها املشاركة األول��ى لي في‬ ‫أن��ت��م ك��ب��ار الفنانني‪ ،‬والتي‬ ‫ال�ق��اه��رة كممثل ع�ل��ى خشبة قدمت ‪ 26‬عمال مسرحيا ‪ ..‬وأغلب األعمال الدرامية‬ ‫اعتقد بأنها ستساهم في‬ ‫املسرح‪ ,‬وكانت اللهجة الليبية‬ ‫التي قدمتها من تأليفي‬ ‫ح���ل ال��ع��دي��د م���ن ال��ق��ض��اي��ا‬ ‫م�ف�ه��وم��ة ج ��داً اث �ن��اء ال�ع��رض‬ ‫في املجتمع؟‬ ‫وال � �ك� ��ل اس� �ت ��وع ��ب م ��وض ��وع‬ ‫امل�س��رح�ي��ة وم��ا ه��ي ال��رس��ال��ة عشرة أيام فقط كانت التدريبات على مسرحية «عفوا‬ ‫اجل�����ارد‪ :‬ه ��ذه ال �ف �ك��رة كانت‬ ‫ال �ت��ي اردت ان أوص �ل �ه��ا من أبي» وكنت سعيدا بأول مشاركة في القاهرة كممثل على مطروحة فيما سبق‪ ,‬وامتنى‬ ‫في ه��ذا احل��وار أن تُكتب كل‬ ‫خالل املسرح‪.‬‬ ‫خشبة املسرح‬ ‫تفاصيل هذا املوضوع و سبق‬ ‫املستقل‪ :‬مدينة درنة التي‬ ‫وأن ق ��دم ��ت ت � �ص� ��وراً ك��ام�لا‬ ‫ُفتح ستار املسرح فيها منذ‬ ‫لوزير الثقافة السابق «حبيب‬ ‫مئة سنة واليوم تكاد تنتهي الرحيل املنسي يتحدث عن املنفيني ‪ ..‬وحلقات املسلسل‬ ‫األم�ين» ورف��ض ه��ذا املشروع‬ ‫حتى احلياة في شوارعها ‪..‬‬ ‫الثالثون كانت تعرض في يوم واحد‬ ‫ن �ه��ائ �ي �اً ألن� ��ه راف � ��ض ل �ف �ك��رة‬ ‫كيف تصف درنة فيالدلفيا‬ ‫امل �ص��احل��ة ال��وط �ن �ي��ة أس��اس �اً‬ ‫‪ 1805‬اليوم؟‬ ‫س��واء املصاحلة ب�ين الفنانني‬ ‫اجل�����ارد‪ :‬م��دي �ن��ة درن���ة مهما‬


‫مع الفنان صالح الشيخي‬

‫من أعماله املسرحية‬

‫مع بعض األصدقاء والفنانني‬

‫مع نص عفوا أبي‬

‫وعمل تاريخي كوميدي بعنوان «هاردميوس السابع عشر» وهو‬ ‫أو حتى بني الليبيني عام ًة‪ ,‬فهذا الشخص اليريد مصاحلة ابناء‬ ‫جاهز كنص ويحتاج للتنفيذ‪.‬‬ ‫الشعب الواحد والرجاء نقل هذا الكالم كما هو وعلى مسؤوليتي‬ ‫املستقل‪ :‬رسالتان ‪ :‬األول��ى شكر والثانية ل��وم وعتاب ملن‬ ‫التامة‪.‬‬ ‫ترسلهما؟‬ ‫املستقل‪ :‬ولكن ما مصلحة حبيب في غياب املصاحلة؟‬ ‫اجل���ارد‪ :‬رس��ال��ة ال�ل��وم وال�ع�ت��اب أرسلها لكل الشباب الليبيني‬ ‫اجلارد‪ :‬أنا قدمت له مشروعا كبيرا يجمع كل الفنانني الليبيني‬ ‫الذين نُعول عليهم كثيراً لبناء الدولة‪ ,‬بالرغم أن كل ماحدث‬ ‫في كل املجاالت الفنية للمصاحلة‪ ,‬باإلضافة لعرض مسرحي‬ ‫�آس سببه الشباب‪ ,‬ف��اآلن أصبح الشباب غير‬ ‫متكامل يكون في مدينة اجدابيا يشارك فيه كل الفُرقاء‪ ,‬وكانت‬ ‫في ليبيا من م� ٍ‬ ‫قابل للنصيحة من كبار السن وال يحترمهم‪ ,‬ولألسف خرجوا‬ ‫إجدابيا في تلك الفترة من املدن اآلمنة‪ ,‬ولكن «حبيب األمني»‬ ‫علينا وجوه عبر الشاشات وفي البوابات األمنية وفي الشوارع ال‬ ‫رفض هذا املشروع بشكل نهائي‪ ,‬فلألسف الشديد املسئولني‬ ‫ندري من أين جاءت! فال تقدير للمشايخ وكبار السن وال احترام‬ ‫في ليبيا تنقصهم الثقافة‪ ,‬فمشكلة ليبيا ليست الشعب وإمنا‬ ‫للغير‪ ,‬ومنهم من يحاول حتى تغيير مفهوم الدولة‪ ,‬ورسالتي لهم‬ ‫في احلكومات بدليل خالل اربعة سنوات تشكلت ‪ 5‬حكومات‬ ‫بأن يتجهوا للعلم وللثقافة وان يتركوا مشاكل الدولة لل ُعقالء‬ ‫وجميعها فاشلة‪ ,‬واألن لدينا حكومتان وبرملانان وفي كل قطاع‬ ‫خصوصاً بأننا الزلنا نحتكم لل ُعرف‪.‬‬ ‫لدينا وزي���ران وكلهم ل��م يستطيعوا ح��ل ول��و ج��زء بسيط من‬ ‫أم � ��ا رس���ال���ة ال��ش��ك��ر أب �ع �ث �ه��ا‬ ‫امل�ش��اك��ل ال�ت��ي مت��ر ب�ه��ا ال�ب�لاد‬ ‫ألسرتي التي صبرت وحتملت‬ ‫وأولها املصاحلة بني الليبيني‪.‬‬ ‫معي كل هذا العناء‪ ,‬وتنقالت‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م���اذا ل��دي��ك من‬ ‫االق� ��ام� ��ة م���ن ط ��راب� �ل ��س إل��ى‬ ‫أعمال في شهر رمضان؟‬ ‫إج��داب �ي��ا إل��ى ب�ن�غ��ازي ث��م إل��ى‬ ‫اجل��������ارد‪ :‬ي��ت��م اآلن جت�ه�ي��ز‬ ‫البسباسي من أروع املنوعات الليبية املسموعة‬ ‫ال �ب �ي �ض��اء ورج ��وع� �اً ل�ب�ن�غ��ازي‪,‬‬ ‫م�س�ل�س��ل ل�ش�ه��ر رم��ض��ان من‬ ‫‪ 15‬ح�ل�ق��ة ب �ع �ن��وان «ع �ل��ى من عندما نتحدث عن درنة هناك ألم ووجع داخل كل فنان والزلنا نازحني بسبب احلروب‬ ‫باإلضافة للظروف االجتماعية‬ ‫ت�خ�ط��ر»‪ ,‬م��ن تأليفي وبطولة‬ ‫التي منر بها في بعض األحيان‬ ‫ف�ض�ي��ل ب��وع�ج�ي�ل��ة وم�ج�م��وع��ة‬ ‫على الشباب االجتاه للعلم والثقافة وترك مشاكل‬ ‫إسوة بالعائالت الليبية األخرى‪,‬‬ ‫م��ن الفنانني وسيتم تصويره‬ ‫وفي سبيل الفن أسرتي تعبت‬ ‫ف� ��ي ال�� �ق� ��اه� ��رة‪ ,‬ب ��اإلض ��اف ��ة‬ ‫الدولة للعقالء‬ ‫جداً وتستحق الشكر والتقدير‪,‬‬ ‫ل��ب��رن��ام��ج «مل� ��ة ه� �ل ��ي» ل �ق �ن��اة‬ ‫كما اشكر كل الفنانني الليبيني‬ ‫وطن الكرامة‪ ,‬وكذلك‬ ‫برنامج مشكلة ليبيا في احلكومات الفاشلة وليس في الشعب‬ ‫خ�ص��وص�اً م��ن يعمل ف��ي هذه‬ ‫م �س �م��وع ‪ 30‬ح �ل �ق��ة ب �ع �ن��وان‬ ‫ال�ظ��روف الصعبة‪ ,‬الن الفنان‬ ‫«كالم احلق وجاع» مع الفنانة‬ ‫«عبير الترهوني»‪ ,‬كما قدمت أجهز لرمضان ‪ 15‬حلقة حتت عنوان «على من تخطر»‬ ‫ايضاً مقاتل بالكلمة وبوجوده‬ ‫على ال�ش��اش��ات وعلى املسرح‬ ‫مجموعة م��ن األع �م��ال لقناة‬ ‫من أجل النهوض بالوطن‪.‬‬ ‫ليبيا أوالً منها «وزارة األحالم»‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫غات‬

‫وشقيقاتها‬

‫احفر في األرض تصنع بئراً‪ ..‬احــــــــــ‬


‫قال األديب الراحل الصادق النيهوم‪« :‬احفر في األرض تصنع بئراً‪ ..‬احفر في السماء تصنع مئذنة»‪،‬‬ ‫هذه تقريب ًا هي ص��ورة غات التي ترتوي من أب��ار بعضها عميق وبعضها قريب ج��داً‪ ،‬وتنتشر فيها‬ ‫مساجد قد ال يعرفها سوى األهالي أنفسهم ألن عمرها هو عمر أبنية ومساكن غات القدمية‪.‬‬ ‫أهالي غات منذ القدم «حفروا األرض» فصنعوا آبار ًا يرتوون منها في الصحراء‪ ..‬و»حفروا السماء»‬ ‫فصنعوا مآذن يتصلون بها مع الله‪.‬‬

‫ــــــــــــــفر في السماء تصنع مئذنة‬


‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫تقع غات مدينة في صحراء الليبية الغربية على مشارف احلدود‬ ‫الليبية اجلزائرية‪ ،‬وتتبع املدينة محافظة غات‪ ،‬وهي عاصمتها‬ ‫وبها مطار للرحالت الداخلية‪.‬‬ ‫وموقع غ��ات املميز جعلها إل��ى اجلنوب الغربي من م��دن سبها‬ ‫وم���رزق‪ ،‬حيث تبعد ع��ن سبها مسافة ‪ 600‬ك�ل��م‪ ،‬وع��ن م��رزق‬ ‫‪585‬كم‪ ،‬كما تبعد عن طرابلس مسافة ‪1360‬كلم‪ ،‬وعن مدينة‬ ‫غدامس مسافة ‪582‬كلم‪ ،‬وعن واحة جانت باجلزائر ‪ 80‬كلم‪.‬‬ ‫سكان املدينة من الطوارق‪ ،‬بعضهم أمازيغ ويتكلمون األمازيغية‬ ‫نطقاً وكتابة بواسطة حروف التيفيناغ‪ ،‬والباقي يتحدثون العربية‬ ‫وقليل منهم يتحدثون بلغة الهوسا ألن أصولهم تنحدر من نيجيريا‬ ‫والنيجر‪ .‬وهي في مجموعها مكونة من عدد من القرى أهمها‬ ‫ايسني والفيوت‪.‬‬ ‫اختلفت اآلراء حول التسمية فمن الناس من قال أنها من الغيث‪،‬‬ ‫أي أنها تغيث املسافر في الصحراء وتؤمن له الزاد واملاء‪ ،‬ومنهم‬ ‫من قال أنها مسماة على اسم ولي صالح وهو غوث حيث كان‬ ‫يسكن املدينة وعندما مات سميت املدينة باسمه‪ ،‬وال يزال قبره‬ ‫في املدينة القدمية بغات والتسمية الثانية هي األرجح لدى سكان‬ ‫غات‪.‬‬ ‫في املدينة قلعة تركية قدمية‪ ،‬وهي محاطة بجبال أكاكوس من‬ ‫الناحية الشرقية وبها عدد من القرى التابعة لها ومن الناحية‬ ‫اجلنوبية منها وعلى بعد ‪ 100‬كلم تقريباً توجد سلسلة جبال‬ ‫تاسيلي التي حتتوي على أقدم النقوش األثرية والتي تعود إلى‬ ‫سبعة آالف سنة قبل امليالد‪ ،‬وتعتبر تلك املنطقة من أكبر املتاحف‬ ‫الطبيعية في هذا املجال‪.‬‬ ‫كانت املدينة قدمياً طريقاً للقوافل التجارية وكانت مرتبطة مبدينة‬ ‫تنبكتو في قلب الصحراء الكبرى ارتباطاً وثيقاً‪.‬‬ ‫وتعد غات من ضمن مدن األس��واق الصحراوية أو مدن جتارة‬ ‫القوافل‪ ،‬وهي سوق للتبادل التجاري ملا تقوم به من دور كبير في‬ ‫الربط بني املناطق الصحراوية املترامية األط��راف‪ ..‬كما يوجد‬ ‫باملدينة عدداً من األبواب وهى الباب الشمالي‪ :‬ويطلق عليه باب‬ ‫اخلير‪ ،‬والباب الشرقي‪ :‬وهو باب كاللة‪ ،‬والباب اجلنوبي‪ :‬وهو‬ ‫باب تفغات‪ ،‬والباب الغربي‪ :‬وهو باب متلغات‪.‬‬

‫غات (رابسا) في معجم آمون‬

‫رابسا ‪ Rabsa‬اسم بلدة ذكرها بليني األكبر (‪)5 : 5‬‬ ‫ً‬ ‫قائال أنه‬ ‫أثناء حديثه عن حملة كورنيليوس بالبوس‬ ‫حمل في موكب نصره «أسماء وصور األجناس واملدن»‬ ‫يرجح‬ ‫وج��ع��ل راب��س��ا بعد ب��ل��دة ِن ِ��ت��ب��روم ‪ّ .Nitibrum‬‬ ‫البعض أنه غات احلالية‪.‬‬


‫‪‎‬غات القدمية‬


‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫كاف اجلنون‬

‫ويبلغ ع��دد س��ك��ان غ��ات ‪ 32‬أل��ف نسمة تقريب ًا‪ ،‬وبها‬ ‫خمس محالت (البركت ‪ -‬غات املدنية – الفيوت ‪ -‬تهاال‬ ‫العوينات) وترى من الشرق للمدينة على طول ‪200‬كم‬‫وأك��ث��ر سلسل ج��ب��ال أك���اك���وس‪ ،‬وق���د ع��ث��ر فيها أق��دم‬ ‫مومياء في العالم واسمها مومياء (وان موهوجاج)‪ ،‬كما‬ ‫تتميز غات بطبيعتها اجلغرافية حيث الوديان والرمال‬ ‫الذهبية واجلبال التي حتدها من جميع اجتاهاتها‪.‬‬ ‫وعلى بعد ‪35‬كم عن غات و‪25‬كم عن تهاال يقع جبل‬ ‫«كاف اجلنون»‪ ،‬الذي يعني اسمه كهف اجلن‪.‬‬ ‫وتبدأ سلسلة اجلبال من مدينة أوباري مرور ًا مبدينة‬ ‫غات وحتى اجلزائر أي قرابة ‪ 600‬كم‪ ،‬وقد أطلق اسم‬ ‫كاف اجلنون على هذا املكان لكثرة القصص التي يرويها‬ ‫سكان غات مشيرين إلى انه يعيش الكثير من كائنات‬ ‫اجلن في هذه اجلبال‪.‬‬

‫وديان ورمال ذهبية وجبال من جميع االجتاهات‪..‬‬ ‫مرحب ًا بكم في غات‬ ‫غات كانت طريق ًا للقوافل التجارية من وإلى تنبكتو‬ ‫في قلب الصحراء الكبرى‬ ‫أبواب غات القدمية هي الشمالي (باب اخلير)‪ ،‬والشرقي‬ ‫(باب كاللة)‪ ،‬واجلنوبي (باب تفغات)‪ ،‬والغربي (باب متلغات)‬

‫واحة الزيغن‪ ..‬شقيقة غات‬ ‫الزيغن ه��ي إح���دى واح���ات ف���زان‪ ،‬وت��ق��ع ف��ي أح��ض��ان الصحراء‬ ‫بالطرف الشمالي لوادي البوانيس الذي يشمل أيض ًا مناطق سبها‬ ‫وسمنو ومتنهنت إلى اجلنوب‪.‬‬ ‫تعتبر واحة الزيغن شقيقة مباشرة لواحة غات ألنها كانت تليها‬ ‫على مسار القوافل العابرة للصحراء والقادمة من الشمال إلى‬ ‫تتعرج غرب ًا‪ ،‬وتتوسط‬ ‫اجلنوب ومن اجلنوب إلى الشمال‪ ،‬قبل أن ّ‬ ‫املسافة بني ودي��ان الشاطئ وم��رزق‪ ،‬وتفصلها عن زويلة ومتسة‬ ‫اللتان متثالن الطرف الشمالي لوادي مرزق ‪ 130‬كلم‪ ،‬وعن مناطق‬ ‫اشكده وقيره وبراك الطرف الشرقي لوادي الشاطي ‪ 50‬كلم‪ .‬كما‬ ‫إنها على مسافة ‪ 75‬كلم عن مدينة سبها حاضرة اإلقليم إلى‬ ‫اجلنوب‪ .‬وفي الشمال حيث واح��ة اجلفرة على بعد ‪ 300‬كلم‪.‬‬ ‫والفقها شمال شرق مبسافة‪ 130‬كلم‪ .‬وقد منحتها حالة التواصل‬ ‫مع كل هذه املناطق املترامية أشبه ما يكون ببوابة الصحراء أو‬ ‫بداية الطريق إلى اجلنوب حيث فزان وبالد السودان (أفريقيا‬ ‫السمراء)‪ .‬في واحة الزيغن تتوسط القرية غابات النخيل التي‬ ‫تنتشر في مساحات شاسعة وممتدة إلى مئات السنني حيث شكل‬ ‫التمر إلى جانب احلبوب الغداء الرئيسي والطابع املميز للنشاط‬ ‫االقتصادي‪ ،‬إضافة إلى الرعي الذي تيسر مهمته توافر الكأل من‬ ‫عشب «العقول» و»الضمران» التي تغطي هي األخرى مساحات‬ ‫مناسبة للرعي‪ ،‬وإن لم تكن تثنى األهالي عن التوجه شما ً‬ ‫ال‬ ‫نحو مناطق سرت والهروج في حاالت الندرة‪ ،‬لنفس املهمة ولهمة‬ ‫املقايضة مبنتجات تلك املناطق‪ .‬بني الصخور والكتل اجلبلية‬ ‫ذات اللون األسود الغالب والتي تهدي لك بني احلني واآلخر حتفة‬ ‫من املتحجرات النباتية أو احليوانية‪ ،‬وبني الكثبان الرملية التي‬ ‫هي أشبه باألمواج وقد توقفت في بحر الرمال‪ ،‬ترى همس ًا يؤيد‬

‫الفرضية القائلة بأن رمل الصحراء من إنتاج البحر‪ ..‬ومهما كان‬ ‫أكيد ًا أن املاء قد أوجد الكثبان في الصحراء‪ ،‬فانه أكيد أيض ًا أن‬ ‫الرياح هي التي منحتها شكلها اخلارجي ومنحتها لقبها‪ :‬عرق‪ ،‬أو‬ ‫سيف‪ ،‬أو خشم‪ .‬بني هذا وذاك‪ ..‬وحيث ال يبقى لك إال الصوت‬ ‫البعيد لألشياء غير احمل��دودة‪ ..‬تقف شجرة النخيل‪ ..‬الوصفة‬ ‫هبةالطبيعةللحياةفيالصحراء‪..‬تصارعقسوةالطبيعةلترسم‬ ‫دورة التناغم بني احلياة واملوت‪ ،‬في لوحة ربانية رائعة اجلمال‪،‬‬ ‫ميلؤها الوفاق والتنافر‪ ،‬فاللون األخضر لون األمل واحلياة في‬ ‫طلع النخيل يداعب كثبان الرمال وقفر املاء‪.‬‬ ‫ال ش���يء أك��ث��ر وق��ع��ا ف��ي النفس م��ن ذل���ك الصمت ال���ذي يغلف‬ ‫الصحراء‪ ..‬حق ًا إذا كانت الدهشة أول املعرفة فالصحراء هي‬ ‫الدهشةبعينها‪.‬‬


‫‪‎‬بحيرة قبر عون‬

‫قال بليني األكبر أن كورنيليوس بالبوس حمل في‬ ‫موكب نصره «أسماء وصور األجناس واملدن» وكانت‬ ‫رابسا (غات) من بينها‬ ‫كاف اجلنون (أو كهف اجلن) َمكنَ ز‬ ‫للحكايات واألساطير‬ ‫ال شيء أكثر وقع ًا في النفس من‬ ‫الصمت الذي يغ ّلف الصحراء‬

‫قبرعون‬

‫قبر عون شقيقة أخرى لواحة غات‪ ..‬وهيتقع في عمق‬ ‫الصحراء الليبية باجلنوب‪ ،‬يطوقها حزام من أشجار‬ ‫النخيل‪ ،‬وتعانقها الكثبان الرملية من جميع النواحى‪.‬‬ ‫مياهها شديدة امللوحة‪ ،‬وإل��ى جانب البحيرة وألمتار‬ ‫م��ح��دوده فقط ميكنك احلفر باليد لترتوي م��ن ماء‬ ‫عذب فرات‪ .‬لذا فهي تعد من معالم اجلذب السياحي‬ ‫املهمة في ليبيا حيث يقصدها آالف السياح سنوي ًا ومن‬ ‫جميع أنحاء العالم‪.‬‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫إذا كانت الدهشة أول املعرفة‪..‬‬ ‫فالصحراء هي الدهشة بعينها‬ ‫جبال أكاكوس ووادي البرجوج وجبل العوينات‬ ‫واألودية اجلافة اجلنوبية للحمادة احلمراء أهم‬ ‫مناطق فنون ما قبل التاريخ في ليبيا‬

‫أكاكوس‬ ‫وأبناؤه األودية‬



‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫تقع سلسلة جبال أكاكوس‪ ،‬أو تدرارت أكاكوس كما يطلق عليها‬ ‫سكان أهل املنطقة الطوارق‪ ،‬في الصحراء الليبية شرق مدينة‬ ‫غات‪ ،‬ومتتد شماالً مع احلدود اجلزائرية ملسافة ‪ 100‬كم لترتبط‬ ‫مع سلسلة جبال تاسيلي ناجر‪.‬‬ ‫م��ا مييز ه��ذه السلسلة م��ن اجل�ب��ال ه��و تنوع املناظر الطبيعية‬ ‫فالكثبان الرملية امللونة واملمرات الضيقة واألق��واس والصخور‬ ‫املعزولة البارزة من الرمال واملنحوتة بأشكال غريبة ترتفع وهي‬ ‫متآكلة جداً وكأنها أطالل مدن قدمية مهجورة‪ ..‬كل هذا بفعل‬ ‫قوة الرياح فقط‪.‬‬ ‫أما األودية العميقة بني تضاريس هذه اجلبال فما هي إال عناصر‬ ‫لوحة فنية تأسر الزائر لتلك البقعة الصحراوية املترامية األطراف‬ ‫و البالغة مساحتها ‪ 250‬كم مربع‪.‬‬ ‫لقد بدأت فترة اجلفاف التي نعيشها اآلن منذ حوالي عشرة آالف‬ ‫عام‪ ،‬حيث بدأت األنهار تنضب والبحيرات إما تنفق أو تهاجر‪.‬‬ ‫وتستند معرفتنا عن العصر احلجري والقدمي األوسط ( ‪.000‬‬ ‫‪ ) 50 .000 35‬في ليبيا ‪ ،‬على ما قدمته لنا بعض احلفريات‬‫املنهجية من معلومات وأدوات ترجع هذه الفترة ‪ ،‬وما عثر عليه‪،‬‬ ‫ك��ان نتيجة لعمليات املسح األولية (ملتقطات سطحية)‪ .‬ويدل‬ ‫الظهور املبكر ووفرة األدوات احلجرية الهاللية الدقيقة‪ ،‬وحجر‬ ‫الرحى في مناطق شاسعة من الصحراء الليبية العظيمة‪ ،‬على‬ ‫أن الزراعة بدأت قبل أن تبدأ موجة اجلفاف احلديثة التي أدت‬ ‫إلى ظهور الصحراء بشكلها وصورتها التي نعهدها اليوم‪ ،‬كما أن‬ ‫الرسوم والنقوش على الصخور‪ ،‬تلك نطالعها في مناطق مختلفة‬ ‫من املنطقة اجلنوبية ‪ ،‬تدلنا وبوضوح تام‪ ،‬على أن تربية املاشية‬ ‫كانت حرفة أساسية لبعض السكان في العصر احلجرى‪.‬‬ ‫إن مناطق جبال أكاكوس ووادي البرجوج وجبل العوينات واألودية‬ ‫اجلافة اجلنوبية للحمادة احلمراء هي من أهم مناطق فنون ما‬ ‫قبل التاريخ في ليبيا إذ أن هذه الرسوم وهذه اللوحات النقشية‬

‫أكاكوس في معجم آمون‬

‫س��ل��س��ل��ة ج��ب��ل��ي��ة ف���ي اجل���ن���وب ال��ش��رق��ي م���ن اجل��زائ��ر‬ ‫واجل��ن��وب الغربي م��ن ليبيا (ج��ن��وب ف���زان)‪ ،‬وه��ي في‬ ‫الطرف الشرقي من جبال تسيلي قبالة مدينة غات‪.‬‬ ‫تنتشر ف��ي أرج��ائ��ه��ا رس���وم صخرية ت��ع��ود إل��ى العصر‬ ‫احلجري‪ ،‬ويعتقد أن هذه املنطقة كانت مأهولة طيلة‬ ‫آالف من السنني قبل امليالد‪ .‬مت تقسيمها إلى خمسة‬ ‫أدوار رئيسية هي‪:‬‬ ‫> ال����دور األول وي��ش��م��ل ال���رس���وم ال��ص��خ��ري��ة ال��ك��ام��دة‬ ‫التي تعود إلى مرحلة الصيادين‪ ،‬وهو دور احليوانات‬ ‫االستوائية مثل الفيلة وال��زراف وأف��راس النهر ووحاد‬ ‫ال��ق��رون‪ ،‬وت��ع��ود أش��ك��ال ه��ذا ال���دور إل��ى م��ا قبل األل��ف‬ ‫الثامنة ق‪.‬م‪.‬‬ ‫> الدور الثاني ويشمل الرسوم امللونة (مرحلة الرؤوس‬ ‫املستديرة)‪ ،‬وهي ترجع غالب ًا إلى األلف الثامنة ق‪.‬م‪.‬‬

‫واحملفورة في احلجر تعكس عدة أساليب فنية ترجع إلى فترات‬ ‫زمنية متباينة وب��دراس��ة ه��ذه األساليب الفنية ونوعية األل��وان‬ ‫وطريقة النقش واألماكن التي مت رسمها أو نقشها متكن العلماء‬ ‫املختصون من تعيني أدوار وحتديد أزمان هذه الفنون ‪.‬‬ ‫وما أن نغادر أكاكوس للعودة باجتاه الشمال حتى نلمح على مييننا‬ ‫وشمالنا وسط السهوب واجلبال الوعرة رعاة اإلبل يقتفون أثر‬ ‫املرعى في ما تبقى من الغطاء النباتي الذي أنهكه اتساع رقعة‬ ‫التصحر واملناخ املتطرف‪ ..‬قليل من األعشاب الشوكية املتناثرة‪..‬‬ ‫شجيرات الطلع‪ ..‬واحلاد وحطب الرفاة‪.‬‬

‫> ال��دور الثالث‪ :‬ويشمل الرسوم امللونة التي تعود إلى‬ ‫عصر الرعاة‪ ،‬ويبتدئ من العصر املطير األول إلى عصر‬ ‫اجلفاف‪ ،‬أي من نهاية األلف السادسة ق‪.‬م‪ .‬إلى نهاية‬ ‫األلف الثالثة ق‪.‬م‪.‬‬ ‫> ال���دور ال��راب��ع وه��و العصر ال��ذي ظهر فيه احلصان‪،‬‬ ‫وتظهر في هذا الدور أحصنة جتر عربات‪ ،‬وقدر زمنه‬ ‫بني ألفني وألف وخمسمائة ق‪.‬م‪.‬‬ ‫> ال��دور اخلامس وه��و العصر ال��ذي ظهر فيه اجلمل‪،‬‬ ‫وفي هذا الدور خبت األساليب الفنية وطرق التلوين‪،‬‬ ‫ويعتقد أن اجلفاف قد‬ ‫ويقدر زمنه باألف األولى ق‪.‬م‪ُ .‬‬ ‫ع ّ��م الصحراء‪ ،‬في زم��ن ه��ذا ال��دور‪ ،‬وك��ان معظم سكان‬ ‫الصحراء قد هاجروا إم��ا إل��ى دلتا النيل والصعيد‪ ،‬أو‬ ‫ب��اجت��اه ال��س��واح��ل وج��ب��ال األط��ل��س‪ ،‬وحت��ول��ت البقية‬ ‫مر العصور إلى رعاة صحراويني‪.‬‬ ‫الباقية منهم على ّ‬


‫حفل امللح طقس احتفالي تس ّلل من أزمنة‬ ‫ما قبل التاريخ وانتهى في القرن العشرين‬

‫حفل امللح‬ ‫طقس احتفالي ذو أص���ول ق��دمي��ة ُع���رف ف��ي غ��ات ‪Ghat‬‬ ‫محدد‬ ‫(أقصى جنوب ليبيا) حيث ك��ان األه��ال��ي في ي��وم‬ ‫ّ‬ ‫من السنة يشاهدون الفتيات وهن يرتدين أجمل الثياب‬ ‫ويتزين بأحسن احل��ل��ي‪ ،‬وتتسلّح ك��ل فتاة منهن بعصا أو‬ ‫ّ‬ ‫سوط أو ما يشبه ذلك‪ ،‬ثم ينقسمن إلى مجموعتني‪ ،‬وفي‬ ‫كأنهن‬ ‫يؤدين حركات راقصة عنيفة‬ ‫ّ‬ ‫توقيت متّ فق عليه ّ‬ ‫يشتبكن في حرب ض��روس‪ ،‬وفي نهاية هذا الطقس تقوم‬ ‫أكبر العجائز سن ًا مبساعدة أخريات بفحص عذرية كل‬ ‫فتاة من املجموعتني‪ .‬وقد جرت عادة األهالي على إقامة‬ ‫هذا الطقس االحتفالي في السابع والعشرين من رمضان‬ ‫من كل سنة‪ ،‬إلى أن أوقفته السلطات الليبية سنة ‪.1954‬‬ ‫ويعود ه��ذا الطقس االحتفالي إل��ى قبيلة أوس التي روى‬ ‫ه��ي��رودوت ف��ي ت��اري��خ��ه (‪ )180 : 4‬ع��ن فتياتها أن��ه��ن كن‬ ‫ينقسمن إل��ى مجموعتني ويتقاتلن بالعصي واحل��ج��ارة‪،‬‬ ‫وأنهن يقمن بهذا الطقس تكرمي ًا لإللهة أثينا (تانيت)‪،‬‬ ‫وكانت عقوبة الفتاة التي تفقد عذريتها في هذه القبيلة‬ ‫حسب رواي��ت��ه هي امل��وت‪ .‬أم��ا إقامة حفل امللح في السابع‬

‫‪‎‬أوركسترا فولكلورية‬

‫والعشرين من رمضان فالعتقاد غالبية املسلمني بأن هذه‬ ‫املقدسة‪ ،‬والتفاق املعتقد الديني‬ ‫الليلة هي «ليلة القدر»‬ ‫ّ‬ ‫املوجه إلى تانيت مع املعتقد اإلسالمي في احلفاظ‬ ‫القدمي‬ ‫ّ‬ ‫على عذرية الفتاة‪.‬‬ ‫(املصدر‪ :‬معجم آمون)‬


‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫سينما‬

‫«أمي»‬

‫‪‎‬موريتي فى فيلم أمي‬

‫‪ ..‬فيلم يدعو إلى حوار عميق‬ ‫ناني موريتي ينعى أوروبا‬

‫ميثل املخرج اإليطالي ناني موريتي طليعة مجموعة من األسماء اإليطالية التي متثل العصر اجلديد للسينما اإليطالية‪،‬‬ ‫بعد أجيال من املبدعني الكبار ضمت مجموعة من األسماء الكبيرة‪ ،‬مثل دي سيكا وانطونيوني وفاسكونتي واألخوين‬ ‫تافياني وروسوليني وغيرهم من قامات السينما اإليطالية التي رسخت حضور السينما اإليطالية التي عرفت بالواقعية‬ ‫اجلديدة‪.‬‬

‫عبدالستار ناجي‬

‫ومن اجليل التالي يأتي اسم ناني موريتي الذي قدم للسينما العديد من‬ ‫التحف السينمائية الهامة ومنها على سبيل املثال فيلم «غرفة االبن»‬ ‫عام ‪ 2001‬والذي نال عنه «السعفة الذهبية» ملهرجان كان السينمائي‬ ‫الدولي وكذلك أفالم «باملبا روزا» وغيرها‪.‬‬ ‫وفي فيلمه اجلديد «أمي» يذهب إلى كم من ال��دالالت الفكرية التي‬ ‫متارس اإلسقاط على املرحلة الراهنة من تاريخ أوروبا بل إنه يرسل‬ ‫بيانا شديد اللهجة وكأنه ينعى أوروبا‪.‬‬ ‫تعالوا نتابع تلك احلكاية البسيطة والسهلة ولكنها تأخذنا إلى كم من‬

‫القضايا التي حتتاج إلى العرض والتحليل والعمق في التعامل‪ .‬فنحن‬ ‫أمام «أم» تعيش أيامها األخيرة في إحدى املستشفيات‪ .‬ابنتها تعمل‬ ‫مخرجة وتدير فيلما يناقش قضايا العمال والبطالة أمام رجل أعمال‬ ‫يقوم بدوره املمثل األميركي ذو األصول اإليطالية جون تورتورو الذي‬ ‫يبقى طيلة الفيلم وهو يتقمص شخصية املمثل املتعجرف الذي يريد‬ ‫لألمور أن تسير على هواه‪.‬‬ ‫أم��ا االب��ن األكبر‪ ،‬شقيق املخرجة‪ ،‬يعيش أيامه األخيرة في العمل‬ ‫والرغبة في التقاعد‪ .‬وهناك أيضاً احلفيدة وهي ابنه املخرجة التي‬


‫‪‎‬العالقة بني اجلدة واحلفيدة‬

‫‪‎‬جون تارتورو في الفيلم‬

‫تعاني من مشكلة كبيرة في التعامل مع اللغة الالتينية‪.‬‬ ‫كل تلك الشخصيات تظل تتمحور حول تلك األم الطاعنة والتي تعاني‬ ‫من اإلعياء واملرض والتعب وعدم املقدرة على التنفس خصوصاً بعد‬ ‫أن تتدهور حالتها الصحية بشكل يدعو األطباء للقيام بعمل فتحة في‬ ‫الرقبة للتنفس‪.‬‬ ‫وه�ك��ذا متضي األح� ��داث‪ ..‬األم تتدهور صحتها‪ .‬االب�ن��ة املخرجة‬ ‫حتى وهي حتاول البقاء بالقرب من والدتها تبقى مشغولة بالتصوير‬ ‫واملشاكل التي يتسبب بها املمثل األميركي في فيلمها‪.‬‬ ‫وهكذا األمر مع األخ الباحث عن التقاعد بعد مشوار طويل من العمل‬ ‫والتعب‪ .‬بينما االبنة ال تبدو حتمل أي عالقة مع اللغة الالتينية وهي‬ ‫اللغة املشتركة واألساسية للتفكير األوروبي املشترك‪.‬‬ ‫كل شيء عند ناني موريتي يسير وفق كتابة درامية عالية املستوى بعيداً‬ ‫عن املباشرة ضمن صيغ دالالت رمزية عالية تؤكد بأننا أمام كاتب‬ ‫محترف ومخرج يجيد حرفته ويعمل على تعميق الدالالت مشهد بعد‬ ‫آخر ومحطة بعد أخرى‪ ،‬عبر سينما هي الواقعية املفرطة وهي احلياة‬ ‫بكل تفاصيلها وإن ظلت الدالالت تذهب بعيداً حينما نفكك الرموز‪.‬‬ ‫بدور األم تدهشنا النجمة اإليطالية القديرة جوليا الزرياني‪ ،‬وبدور‬ ‫االبنة املخرجة مارغريتا بيي‪ ،‬أم��ا دور األخ فجسده ناني موريتي‬ ‫نفسه وهو أمر يقوم به في جميع أعماله باإلضافة إلى جون تورتورو‬ ‫الذي قدم شخصية املمثل األميركي في الفيلم‪ ،‬والذي تبدو دالالته‬ ‫في الفيلم صريحة وواضحة نتيجة املمارسات التي تقوم بها أوروبا‬ ‫وتتحمل نتائجها أوروبا بكاملها‪.‬‬ ‫سينما تدعو املشاهد إلى احل��وار وهو ح��وار عميق يحتاج إلى فهم‬ ‫حقيقي للظروف املوضوعية التي تعيشها أوروب��ا وإيطاليا على وجه‬ ‫اخلصوص وما يحصل في إيطاليا هو بال أدنى شك تكرار ملا يحدث‬ ‫في جميع ال��دول األوروب �ي��ة من أزم��ات اقتصادية وبطالة ومشاكل‬ ‫النقابات والعمالة‪ ،‬باإلضافة طبعاً إلى احلضور األميركي الذي يقدمه‬ ‫ناني موريتي وكأنه يختصر كل األمور بشخصية املمثل الذي ال يزال‬ ‫يعيش وهم النجومية والقوة والشهرة‪.‬‬ ‫فيلم «أمي» لإليطالي ناني موريتي ليس من تلك النوعية من األفالم‬ ‫التي تفارقك حينما تغادر الصالة بل إنه يذهب إلى الذاكرة وإلى الذات‬ ‫للحوار والتحليل واالستنتاج‪.‬‬ ‫وهنا سنكون عندها أم��ام فيلم ومخرج ينعى أوروب��ا ويعلن موتها‪،‬‬ ‫مشيرين إلى أن موريتي كان أول مخرج في العالم أشار إلى أن البابا‬ ‫السابق سوف يستقيل من خالل فيلمه الكبير «أصبح لدينا بابا» الذي‬ ‫قدمه عام ‪ ،2011‬قبيل عام ونصف من استقالة البابا السابق واختيار‬ ‫البابا اجلديد فرانسيس األول‪.‬‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬

‫سامسونغ‬ ‫تزيح الستار عن غالكسي‬ ‫نوت ‪ 5‬إيدج‬ ‫تعتزم شركة سامسونغ إجراء تغيير في خططها إلطالق الهواتف هذا العام‪،‬‬ ‫بالكشف عن هاتف ذكي جديد بشاشة منحنية اجلانبني‪ ،‬وذلك إلى جانب‬ ‫إص��دار اجليل الثاني من هاتف غالكسي نوت إي��دج‪ ،‬وهو بشاشة منحنية‬ ‫على كال جانبيه‪.‬‬ ‫وأشار تقرير‪ ،‬نشره موقع ‪ Etnews‬الكوري اجلنوبي‪ ،‬إلى أن جناح هاتف‬ ‫غالكسي إس ‪ 6‬إيدج وعدد طلبات الشراء الكبير وغير املتوقع دفع سامسونغ‬ ‫إل��ى أخ��ذ ق��رار بطرح هاتف ذك��ي جديد يحمل شاشة منحنية على كال‬ ‫اجلانبني خالل الشهور القليلة املقبلة في األسواق‪.‬‬ ‫وكان الطلب الكبير على هاتف غالكسي إس ‪ 6‬إيدج قد أجبر سامسونغ على‬ ‫زيادة حجم إنتاجه من مليون هاتف في الشهر إلى ثالثة ماليني هاتف في‬ ‫الشهر‪ ،‬كما تعتزم الشركة‪ ،‬حسب املوقع الكوري اجلنوبي‪ ،‬زيادة اإلنتاج ليصل‬ ‫إلى ‪ 10‬ماليني هاتف قبل نهاية العام اجلاري‪.‬‬ ‫وأضاف التقرير أن الكشف عن الهاتف الذكي اجلديد ذو الشاشة املنحنية‬ ‫على اجلانبني تق ّرر قبل إزاحة الستار عن إصدار اجليل الثاني من هاتف‬ ‫غالكسي نوت إيدج‪ ،‬وهو اإلصدار املزمع تقدميه حتت اسم غالكسي نوت ‪5‬‬ ‫إيدج‪ ،‬وذلك دون أن يوضح موعد محدد إلطالق أي من الهاتفني‪.‬‬ ‫وش � ّدد التقرير على أن سامسونغ ب��دأت خالل الفترة املاضية في إدخال‬ ‫تقنيات جديدة إلى مصانعها لتعالج أي مشاكل قد تعرقل إنتاج كميات كبيرة‬ ‫من الشاشات منحنية اجلانبني‪ ،‬وذلك لضمان تلبية أي طلبات على هواتفها‬ ‫التي ستحمل تلك النوعية من الشاشات عند إطالقها في وقت الحق هذا‬ ‫العام‪.‬‬ ‫يذكر أن من املتوقع أن تكشف سامسونغ عن اجليل اجلديد في سلسلة‬ ‫غالكسي نوت‪ ،‬ومن بينها هاتف غالكسي نوت ‪ 5‬إيدج‪ ،‬على هامش معرض‬ ‫‪ IFA‬التقني‪ ،‬املنتظر انعقاده في مدينة برلني األملانية خالل الفترة ما بني‬ ‫الرابع والتاسع من سبتمبر القادم‪.‬‬

‫جديد خدمة‬ ‫التراسل الفوري‪..‬‬ ‫واتسأب‬ ‫وصل التحديث اجلديد لتصميم خدمة التراسل الفوري‬ ‫الشهيرة «واتساب» لنظام التشغيل «أندرويد» إلى متجر‬ ‫«غوغل ب�لاي» اخل��اص بالنظام‪ ،‬وذل��ك بعد نحو شهر‬ ‫من ظهوره‪.‬‬ ‫وكان تطبيق اخلدمة على نظام التشغيل التابع لشركة‬ ‫غوغل قد حصل في ‪ 14‬أبريل املاضي قد حصل على‬ ‫حتديث جديد يقدم واجهات جديدة متطورة تعتمد‬ ‫على أس�ل��وب تصميم «ماتيريال دي��زاي��ن ‪Material‬‬ ‫‪ « Design‬الذي اعتمدته غوغل منذ إصدار «أندرويد‬ ‫‪ 5.0‬لوليبوب»‪.‬‬ ‫ويجلب التحديث اجلديد واجهات مختلفة عن السابق‬ ‫وتعتمد على تغيير األل ��وان‪ ،‬باإلضافة إل��ى مجموعة‬ ‫جديدة كلياً من األيقونات التي حتاكي أسلوب التصميم‬ ‫اجلديد‪ ،‬وكذلك مؤثرات حركية متطورة‪.‬‬ ‫يُذكر أن اإلصدار اجلديد الذي يحمل الرقم ‪2.12.84‬‬ ‫ال ي �ق��دم أي م �ي��زات مختلفة ع��ن امل��وج��ودة س��اب�ق�اً‪،‬‬ ‫باستثناء التغييرات اخلاصة بالتصميم‪.‬‬ ‫يُشار إلى أن تطبيق التراسل الفوري «واتساب» اململوك‬ ‫لشركة «فيسبوك» أصبح أحد أكثر تطبيقات التراسل‬ ‫الفوري شعبية مع أكثر من ‪ 800‬مليون مستخدم نشط‬ ‫شهرياً‪ ،‬وفق ما أعلن مؤسس التطبيق‪ ،‬جان كوم‪ ،‬في‬ ‫‪ 17‬أبريل املاضي‪.‬‬ ‫وميكن ملستخدمي اإلص��دار ‪ 2.1‬وم��ا ف��وق من نظام‬ ‫التشغيل «أندرويد» تنزيل التحديث اجلديد من متجر‬ ‫«غوغل بالي»‪.‬‬


‫ألول مرة‪..‬‬

‫غوغل تختبر‬ ‫سياراتها ذاتية‬ ‫القيادة على‬ ‫الطرق العامة‬ ‫كانت سيارات الروبوت اخلاصة بغوغل قد تعرضت لبعض حوادث السير‬ ‫أثناء االخ�ت�ب��ارات‪ ،‬ولكن شركة غوغل حصلت على تصريح باستخدام‬ ‫سياراتها ذاتية القيادة املهيأة ألغراض خاصة على الطرق العامة‪ .‬وسوف‬ ‫يُختبر عدد من تلك السيارات هذا الصيف على الطرق العامة في محيط‬ ‫ماوننت فيو بوالية كاليفورنيا األمريكية‪ ،‬حيث يوجد مقر شركة التكنولوجيا‬ ‫العمالقة‪.‬‬ ‫وكانت قيادة تلك السيارات تقتصر على مضامير جتريبية مع حظر سيرها‬ ‫مع السيارات العادية على الطرق العامة حتى احلصول على ذلك التصريح‪.‬‬ ‫وكانت غوغل قد اختبرت بعض السيارات ذاتية القيادة على طرق عامة‪،‬‬ ‫املعدلة من سيارات لكزس‬ ‫لكنها اقتصرت في التجربة على ال�ط��رازات‬ ‫ّ‬ ‫متعددة األغراض‪.‬‬ ‫ولن تكون السيارة أثناء السير على الطرق العامة ذاتية القيادة بشكل كامل‪،‬‬ ‫إذ يستقلها سائقون بغرض التدخل للتحكم في السيارة إذا اقتضت احلاجة‪.‬‬ ‫وقال جاميي وايدو‪ ،‬مهندس النظم مبشروع القيادة الذاتية‪ ،‬في فيديو نُشر‬ ‫مع بيان الشركة بهذا الشأن‪ ،‬إن «كل حلظة كانت متر‪ ،‬كنا نتقدم نحو إطالق‬ ‫السيارات على الطرق العامة حتى نتعلم املزيد منها‪».‬‬ ‫وفي نهاية املطاف‪ ،‬لن تكون السيارات ذاتية القيادة مزودة بعجلة قيادة أو‬ ‫غيرها من أدوات التحكم‪ ،‬لكن السيارات املقرر استخدامها في االختبارات‬ ‫مزودة بآليات حتكم ميكن عزلها‪.‬‬ ‫وميثل تسيير سيارات الروبوت اخلاصة بغوغل على الطرق العامة خطوة‬ ‫نحو التحول إل��ى القيادة الذاتية ‪،‬وخ�لال االختبارات‪ ،‬ستكون السرعة‬ ‫القصوى لهذه السيارات ‪ 40‬كيلومترا في الساعة‪.‬‬ ‫وفي إطار االستعدادات للظهور األول في الطرق العامة‪ ،‬مرت السيارات‬ ‫بسلسلة من اختبارات القدرة والتحمل‪ ،‬حسبما يوضح واي��دو‪ .‬وقطعت‬ ‫كل سيارة آالف الكيلومترات أسبوعيا في املضامير التجريبية التي يشبه‬ ‫بعضها الشوارع والطرق السريعة في كاليفورنيا‪.‬‬ ‫ومن شأن اختالط السيارات ذاتية القيادة بالسيارات العادية في ظروف‬ ‫املرور الطبيعية أن يساعد مهندسي غوغل على تنقيح برمجيات القيادة‬ ‫الذاتية ملواكبة الكثير من املواقف التي لم تواجهها السيارات ذاتية القيادة‬ ‫من قبل في املضامير التجريبية‪ ،‬وفقا ملا كتبه رئيس امل�ش��روع كريس‬ ‫أورمسون في تدوينة‪.‬‬ ‫وأض��اف أورمسون أن «خ��روج تلك السيارات إلى الطرق العامة وتفاعل‬ ‫الناس معها ومالحظة أدائها في الشوارع أمر هام جدا‪ .‬واألكثر أهمية‬ ‫أنها اخلطوة الالزمة جلعل تلك السيارات تقود نفسها (بشكل نهائي في‬ ‫الطرق العامة)‪».‬‬ ‫وباإلضافة إلى هذا‪ ،‬فإن االختبار على الطرق العامة سوف يتيح لغوغل‬ ‫التعرف على كيفية تفاعل الناس مع السيارات ذاتية القيادة‪ ،‬بحسب‬ ‫أورمسون‪.‬‬ ‫وتشير أرقام نشرتها غوغل في األسبوع املنصرم إلى أن أربعة من كل ‪48‬‬ ‫سيارة خاضت اختبار القيادة على الطرق العامة في كاليفورنيا تعرضت‬ ‫حلادث سير على مدار األشهر الثمانية األخيرة‪.‬‬ ‫وقال القائمون على تصنيع هذه السيارات ‪ -‬في غوغل وشركة ديلفي لقطع‬ ‫الغيار ‪ -‬إن ح��وادث االصطدام كانت ناجمة عن أخطاء بشرية لقائدي‬ ‫السيارات األخرى‪.‬‬

‫وكانت املركبات املستخدمة في تلك االختبارات نسخا معدلة من سيارات‬ ‫لكزس الرياضية متعددة األغراض‪ ،‬وليس السيارات ذاتية القيادة نفسها‪.‬‬ ‫وقد جاء اإلعالن عن بدء االختبارات على الطرق العامة بعد أيام من كشف‬ ‫غوغل عن نسخة جتريبية من سيارتها ذاتية القيادة‪.‬‬ ‫ويحرز مشروع القيادة الذاتية تقدما ملحوظا يوحي ب��أن زم��ن القايدة‬ ‫البشرية قد أشرف على االنتهاء‪ .‬إال أن األمر ليس بهذه البساطة‪.‬‬ ‫أظهرت غوغل أن السيارات ذاتية القيادة اخلاصة بها ميكنها السير ذاتيا‬ ‫على طرق واضحة املعالم يسهل توقع مسارها‪ ،‬أما بالنسبة لفوضى وسط‬ ‫املدينة وساعات الذروة‪ ،‬فمازال أمرا بعيد املنال‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬ما الذي ميكن أن يحدث حال وقوع حادث سير لتلك السيارات؟‬ ‫هذا هو أحد األسئلة املثارة حول املسؤولية القانونية عن قيادة السيارات‬ ‫وحول مدى إمكانية حتديث قوانني املرور لألخذ في االعتبار السيارات‬ ‫بدون سائق‪.‬‬ ‫بالرغم من هذا فإن تكنولوجيا القيادة الذاتية أصبحت واقعاً‪ .‬فقد ط ّور‬ ‫العديد من صانعي السيارات برامج بحثية خاصة‪ .‬وينتشر األسواق اليوم‬ ‫عدد من السيارات املزودة بأنظمة مثل صف السيارة الذاتي والتكيف الذاتي‬ ‫مع الطريق والتوقف التلقائي في حالة الطوارئ‪.‬‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬من املرجح أن يكون االنتقال إلى نظام القيادة الذاتية تدريجيا‪،‬‬ ‫مع تراجع أهمية العنصر البشري خلف عجلة القيادة مبرور الوقت‪ .‬ومع أن‬ ‫سيارات «غوغل» تتمتع بقيادة ذاتية وبأدوات سالمة جد متطورة‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫ال مينعها من التعرض للحوادث‪ ،‬غير أن اخلطأ ليس منّها‪ ،‬بحسب «غوغل»‪.‬‬ ‫وتسير حاليا أكثر من ‪ 20‬سيارة من هذا الطراز على طرقات كاليفورنيا‪،‬‬ ‫وقد تعرضت هذه املركبات لـ ‪ 11‬حادث سير بسيطا منذ انطالق املشروع‬ ‫قبل ست سنوات‪ ،‬لكنها لم تكن يوما السبب في أي من االصطدامات هذه‪،‬‬ ‫بحسب كريس أورمسون رئيس برنامج السيارات املستقلة في «غوغل»‪.‬‬ ‫وهو شرح على مدونة املجموعة «تعرضنا لالصطدام من اخللف ‪ 7‬مرات‪،‬‬ ‫ال سيما عند التوقف وفق إشارات السير‪ .‬وتعرضنا لضربات جانبية من‬ ‫قبل سيارات لم تتوقف عند اإلشارة احلمراء»‪ ،‬ولم يصب أحد بجروح في‬ ‫هذه احلوادث‪.‬‬ ‫وكان في تلك السيارات جميعها سائق على سبيل االحتياط حلل املشاكل‬ ‫التي قد تطرأ خالل الرحلة‪ .‬وقطعت السيارات مسافة إجمالية قدرها ‪2,7‬‬ ‫مليون كيلومتر‪ ،‬بحسب «غوغل»‪ ،‬أغلبيتها في املدينة‪.‬‬ ‫ولفت أورمسون إلى أنه حتى مع «برمجيات وأجهزة استشعار ميكنها رصد‬ ‫احلاالت الصعبة والتفاعل معها أسرع من البشر‪ ،‬سيتعذر على سياراتنا في‬ ‫بعض األحيان مواجهة مشاكل السرعة واملسافات‪ .‬وهي ستتعرض حلوادث‬ ‫أحيانا ملجرد وقوفها عند إشارة التوقف»‪.‬‬ ‫وأض��اف أن «جميع التجارب التي خضناها كانت جد مفيدة ملشروعنا‪.‬‬ ‫وجمعنا بيانات مفصلة تسمح لنا بالتعمق في كل حادثة الستخالص العبر‪،‬‬ ‫حتى لو لم يكن الذنب ذنبنا»‪.‬‬ ‫وكانت جمعية املستهلكني «كونسيومر ووتشدوغ» قد دعت «غوغل» إلى نشر‬ ‫املعلومات عن احل��وادث التي تعرضت لها سياراتها في كاليفورنيا‪ ،‬لكي‬ ‫يأخذ اجلمهور فكرة عن هذه التقنية ويقرر بنفسه مدى مصداقيتها‪..‬‬ ‫وتعتبر السلطات في كاليفورنيا تقارير حوادث السير سرية وهي ال تفصح‬ ‫عن تفاصيلها‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫تلفزيون موزيال بنظام فايرفكس‬ ‫أعلنت شركة موزيال عن توافر أولى أجهزة التلفاز العاملة بنظامها‬ ‫فايرفوكس في أوروبا‪ ،‬وهي األجهزة التي قامت بتصنيعها شركة‬ ‫باناسونيك‪ ،‬على أن تتوافر في جميع أنحاء العالم خالل األشهر‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫وشرعت باناسونيك في التعاون مع موزيال‪ ،‬منذ حوالي سنة‪ ،‬من‬ ‫أجل اعتماد نظام فايرفوكس كنظام تشغيل أساسي في ستة من‬ ‫أجهزة التلفاز الذكية خاصتها‪ ،‬وهم ‪ CR850‬و‪CR730‬‬ ‫و‪ CX800‬و‪ CX750‬و‪ CX700‬و‪.CX68‬‬ ‫واعتبرت موزيال بأن أجهزة التلفاز الذكية اجلديدة‪ ،‬العاملة بنظام‬ ‫التشغيل خاصتها‪ ،‬مثالية لتشغيل تطبيقات الويب باعتبار أنها‬

‫مبنية على منصة مفتوحة ترتكز على تقنية ‪.HTML5‬‬ ‫وقال مساهيرو شيندا‪ ،‬مدير وحدة أجهزة التلفاز في باناسونيك‪،‬‬ ‫بأن اعتماد نظام فايرفوكس في تصنيع أجهزة تلفاز ذكية سمح‬ ‫لهم بتطوير واجهة مستخدم قابلة للتخصيص وأكثر توافقا مع‬ ‫رغبات العمالء‪.‬‬ ‫وك��ان��ت باناسونيك ق��د كشفت ع��ن تلفزيوناتها الذكية بنظام‬ ‫فايرفوكس ألول مرة شهر يناير املاضي‪.‬‬ ‫يذكر أن العديد من الشركات كانت قد سبقت موزيال في مجال‬ ‫التلفزيونات الذكية‪ ،‬وتتوافر في الوقت احلالي منصات منافسة‬ ‫لنظام فايرفوكس‪ ،‬ومنها نظام تايزن ونظام أندرويد تي في‪.‬‬


‫فوتو فوكس‪..‬‬ ‫بمساحات أقل!‬

‫هوواي تطوّر معالجاتها‬ ‫وتختار اسم كيرين‬ ‫تعكف شركة هواوي الصينية على تطوير نظام تشغيل لألجهزة الذكية خاص بها‪ ،‬وذلك بهدف خفض‬ ‫اعتمادها على نظام أندرويد عند إطالق أجهزة ذكية جديدة‪ ،‬وبشكل خاص الهواتف‪ ،‬مستقب ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫وكشف تقرير إخباري صيني أن جهود هواوي لتطوير نظام تشغيل األجهزة الذكية خاصتها بدأت منذ ‪3‬‬ ‫أعوام‪ ،‬في إطار خطة الشركة لالعتماد على نفسها بشكل كبير فيما يتعلق مبكونات أجهزتها‪.‬‬ ‫وتطور ه��واوي بنفسها معاجلات لألجهزة الذكية حتت اسم كيرين ‪ ،Kirin‬عبر شركة هاي سيليكون‬ ‫‪ HiSilicon‬اململوكة لها‪ ،‬وهي املعاجلات املدعوم بها عدد كبير من أجهزتها سواء الهواتف أو احلواسب‬ ‫اللوحية‪.‬‬ ‫وأشار التقرير‪ ،‬الذي نشره موقع ‪ ،Gizmochina‬إلى أن هواوي قد تختار نفس اسم سلسلة معاجلاتها‬ ‫عند تسمية نظام تشغيل األجهزة الذكية اجلديد خاصتها‪ ،‬ليخرج باسم كيرين أو إس ‪.Kirin OS‬‬ ‫وأضاف التقرير أن هواوي تطور النظام اجلديد ليعمل بشكل خاص مع معاجلتها‪ ،‬وذلك على الرغم من‬ ‫اعتماد الشركة في بعض من أجهزتها على عدة معاجلات من شركات منافسة‪ ،‬مثل معاجلات سنابدراجون‬ ‫من كوالكوم‪ ،‬ومعاجلات ميدياتك‪.‬‬ ‫وإلى ذلك‪ ،‬ينتظر أن تعتمد هواوي على معالج سنابدراجون ‪ 810‬في تصنيع إصدار جديد من هواتف‬ ‫نيكسوس لصالح شركة غوغل‪ ،‬وذلك حسب ما أكد تقرير إخباري آخر‪.‬‬ ‫وأوضح تقرير‪ ،‬أبرزه موقع ‪ mydrivers‬الصيني‪ ،‬أن هواوي جتهز حاليا إلصدار من هواتف نيكسوس‬ ‫قائم على أحد النسخ التجريبية التي طورت خصيصا ألجل هاتف الشركة الصينية اللوحي املنتظر ‪Mate‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫وأكد التقرير أن هواوي تنوي تزويد نسختها من هواتف نيكسوس بشاشة قياس ‪ 5.7‬بوصة ودرجة وضوح‬ ‫‪ 2560 × 1440‬بكسل‪ ،‬وهيكل مصنوع من مواد عالية اجلودة‪ ،‬ومنها املعدن والزجاج املقاوم للصدمات‪.‬‬ ‫يذكر أن هواوي لم تكشف بعد عن هاتفها ‪ ،Mate 8‬واملتوقع إزاحة الستار عنه شهر يونيو املقبل‪ ،‬كما لم‬ ‫تكشف كذلك عن أي مواعيد أو معلومات رسمية حول عملية إطالقها لهاتف جديد في سلسلة نيكسوس‬ ‫لصالح غوغل‪.‬‬

‫تستهلك الصور ومقاطع الفيديو‬ ‫ج��زءاً كبيراً من مساحة التخزين‬ ‫داخ� ��ل األج� �ه ��زة ال��ذك �ي��ة بفضل‬ ‫ال ��دق ��ة ال �ع��ال �ي��ة‪ ،‬ال��ت��ي ت��وف��ره��ا‬ ‫كاميرات ه��ذه األج�ه��زة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫كثيراً ما يجد املستخدم نفسه من‬ ‫دون مساحة تكفي لتشغيل اجلهاز‬ ‫بشكل سلس حتى‪.‬‬ ‫ل��ذا مي�ك��ن للمستخدمني جتربة‬ ‫ت �ط �ب �ي��ق ‪ FotoFox‬امل �ج��ان��ي‬ ‫وامل� � �ت � ��وف � ��ر ألج� � �ه � ��زة»آي� � �ف � ��ون»‬ ‫و»أن� ��دروي� ��د»‪ ،‬وال� ��ذي م��ن خالله‬ ‫ميكن التقاط الصور أو تسجيل‬ ‫مقاطع الفيديو مبساحة ال تتعدى‬ ‫‪ 10%‬ف �ق��ط م��ن امل �س��اح��ة ال�ت��ي‬ ‫تستهلكها ت�ط�ب�ي�ق��ات ال�ت�ص��وي��ر‬ ‫االفتراضية‪.‬‬ ‫كل ما يحتاجه املستخدم هو تثبيت‬ ‫التطبيق واس�ت�خ��دام��ه للتصوير‪،‬‬ ‫حيث تعمل أدوات الضغط بشكل‬ ‫ف��وري للحصول على أفضل دقة‬ ‫ممكنة مع مساحة قليلة جداً‪.‬‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪ 10‬مايو ‪2015‬‬ ‫‪24‬‬

‫رياضة‬

‫موسم بال ألقاب ‪ ..‬ورحيل وارد‬

‫صاحب المقعد‬ ‫الذهبي‬

‫هل سيبقى اإليطالي كارلو انشليوتي مدرب ًا لريال مدريد املوسم املقبل أم سيرحل ؟‬ ‫سؤال مازال يشغل األوساط الكروية األوروبية حتى كتابة هذه األسطر ‪ ..‬البعض يرى أن مستقبل اإليطالي في‬ ‫الريال بات موضع شك بعد خروج فريقه من الدور النصف نهائي في كأس أبطال أوروبا مؤخرا على يد السيدة‬ ‫العجوز «يوفنتوس» وضياع لقب الليغا األسبانية بعد احلسم البرشلوني األحد املاضي بفضل لدغة البرغوث‬ ‫األرحنتيني ميسي في شباك أتليتكو مدريد‪ ،‬فيما يذهب البعض األخر إلى تأكيد بقاء املدرب في النادي امللكي‬ ‫وقيادته رفاق رونالدو عاما أخر معززا تأكيده على م��اورد في الصحف املوثوقة‪ ،‬وما رشح من أخبار حول قيام‬ ‫انشليوتي قبل أيام بالتفاوض مع العبني جدد ألجل ضمهم إلى الريال ‪.‬‬



‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬ ‫أكثر من نصف جماهير الريال تصوت لبقائه في‬ ‫القلعة البيضاء‬ ‫الذين يدافعون عن فكرة رحيله يحملونه املسؤولية‬ ‫في خروج الريال دون القاب هذا املوسم‬ ‫خبراء يسائلون أنشليوتي ‪ :‬ملاذا تقدم أداء خياليا‬ ‫في الشوط األول ‪ ..‬وتفشل في الشوط الثاني‬ ‫جلب السالم للفريق األبيض ‪ ..‬وأحرز البطولة‬ ‫العاشرة ‪ ..‬لكنه عجز عن فك لغز اليوفنتوس‬ ‫خمس أخطاء كارثية يقع فيها صاحب اإلجنازات‬ ‫املدوية مع السيدة العجوز‬

‫‪‎‬هادىء وذكي في خطابه اإلعالمي‬

‫حسب استفتاء قامت به صحيفة «آس» االسبانية الشهيرة ‪ ،‬صوت‬ ‫أكثر من ‪ 63.2%‬من جماهير الريال لصالح استمرار املدرب اإليطالي‬ ‫مع فريقهم خالل املوسم املقبل‪ ،‬وهو رقم لم يكن يتوقعه أحداً‪ ،‬وقد‬ ‫شكل مفاجأة للمدير الرياضي بوتراغينو الذي يرجح القريبون من‬ ‫مركز القرار في القلعة امللكية قبوله فكرة رحيل أنشليوتي بعد إنهاء‬ ‫األخير املوسم احلالي دون ألقاب ‪.‬‬ ‫ولعل هذا املدرب الذي جلب البطولة األوروبية العاشرة للريال في‬ ‫املوسم املاضي ال يحظى بدعم اجلماهير فقط‪ ،‬بل أن العبي الفريق‬ ‫يريدون مواصلته‪ ،‬حيث عبر كل من كروس‪ ،‬مارسيلو‪ ،‬بيبي‪ ،‬رونالدو‬ ‫وجاريث بيل بشكل مباشر أو غير مباشر عن رغبتهم في مواصلة‬ ‫أنشيلوتي مع الريال لسنة إضافية على األقل‪.‬‬ ‫لكن الذين يدافعون عن فكرة رحيل املدرب يرون أن حتميل املسؤولية‬ ‫كاملة على عاتق أنشيلوتي ال يعد ظاملاً البتة‪ ،‬فهناك من املبررات ما‬ ‫يكفي لقفل ملفه في الريال‪ ،‬فإذا ما مت استعراض وضعية الفريق بعد‬ ‫انتهاء النصف األول من املوسم سيتحقق كل متابع بأن الريال كان‬ ‫قريباً من حتقيق موسم تاريخي آخر‪ .‬لكن كيف تغير احلال وملاذا‬ ‫أنشيلوتي هو امللوم ؟‬ ‫تصدر الدوري ل‪ 16‬جولة متتالية بفارق مريح عن أقرب املالحقني‪،‬‬ ‫وقد كان حال برشلونة اليسر عدو أو صديق وكانت التوقعات أن يكون‬ ‫الريال في وضعية البرسا احلالية في نهاية املوسم ال العكس ‪ ،‬لكن‬ ‫تفريط ريال مدريد بالصدارة وتراخيه أعطى األمل والثقة لغرميه‬ ‫والتي كانت كافية لينقلب حاله ويضعه على أعتاب موسم تاريخي‬ ‫يضرب به تاريخ الريال في مقتل إذا متكن من حصد سداسية ثانية‬ ‫في حني يعجز الريال عن حصد الثالثية!‬ ‫ولن يقال أنه كان فش ً‬ ‫ال تاماً فقد استطاع الريال اإلنتصار في مالعب‬ ‫مهمة أو أمام بعض اخلصوم الكبار‪ ،‬لكن فريق بحجم النادي األبيض‬

‫يتوقع منه أكثر من ذلك خاصة انه كان يقدم أدا ًء خيالياً في الشوط‬ ‫األول ويتراجع في الثاني الذي يعد شوط املدربني‪ ،‬وقد تكرر فشل‬ ‫أنشيلوتي بعدم القدرة على تغيير املجريات خالله‪.‬‬ ‫نقطة اإلصابات واإلرهاق البدني يعتبرها دعاة رحيل املدرب مثيرة‬ ‫للسخرية حيث أنها سبب هجوم كل وسائل اإلعالم على أنشليوتي‬ ‫إلفراطه في امل��داورة في النصف األول‪ ،‬وهي اآلن سبب مصائب‬ ‫أنشيلوتي إلهماله اياها‪ .‬وقد تكون اإلصابات مسألة حظ ال حول‬ ‫ألنشيلوتي بها وال قوة‪ ،‬لكن تهميش العناصر الشابة أدى لقلة مردودها‬ ‫وقت احلاجة‪ ،‬فيشاهد مثال أيارمندي وف��اران وكوينتراو وخيسيه‬ ‫ونافاس في تراجع بسبب قلة الثقة وعدم اإلعتماد عليهم‪ ،‬في حني‬ ‫يحظى موراتا في اليوفنتوس بالتألق بعد هروبه من جدران اإلحتياط‬ ‫البيضاء‪ ،‬مما يضع الريال في موضع اتهام لسعيه لشراء النجوم بدل‬ ‫اإللتفات نحو الوجوه الشابة املتوفرة وتطويرها وصقل موهبتها‪.‬‬ ‫و كانت الفرصة متاحة أمام أنشليوتي لتعزيز الصفوف كما يجب في‬ ‫امليركاتو الشتوي لكن لم يتم استغالل الفرصة بعناد غريب‪ ،‬واكتفى‬ ‫باألسماء األساسية املتواجدة بالرغم من أن لعنة اإلصابات هاجمت‬ ‫الفريق من بداية املوسم‪.‬‬ ‫قد تكون أهم ميزات أنشيلوتي أنه كان جالب السالم للفريق األبيض‪،‬‬ ‫لكن الب��د من االع�ت��راف أن السالم والتوحد بني الالعبني مرهون‬ ‫باألمل وحتقيق األلقاب ‪ ،‬أما اإلختبار احلقيقي فيكون في اللحظات‬ ‫الصعبة الشبيهة بوضعية الريال احلالية‪ ،‬فأين دور صانع السالم اآلن؟‬ ‫سؤال يتردد على ألسنة مؤيدي فكرة الذين يرون أن الريال بات اليوم‬ ‫في حاجة إلى قائد حقيقي ينتشله من هذه املرحلة ويرتب صفوفه‬ ‫للموسم القادم‪.‬‬ ‫ضربة اليوفنتوس‬ ‫اخل��روج على يد اليوفنتوس في كأس األبطال جعل أنشليوتي في‬


‫‪‎‬سيموني من أكبر الداعمني لبقائه في الريال‬

‫سيموني ‪ :‬أنشليوتي مدرب كبير ويعرف كيف يس ّير‬ ‫غرفة مالبسه‬ ‫شبكة الكونفندسيال األسبانية تكشف عن ثالثة‬ ‫أسباب ترجح بقاء أنشليوتي في الريال‬ ‫هل سيرحل إلى بالد الضباب مدربا للمان سيتي أم‬ ‫سيعود إليطاليا لتكرار اإلجناز مع امليالن ؟‬ ‫لعب مع روما ‪ 171‬لقاء في ثمان مواسم سجل خاللها‬ ‫‪ 12‬هدفا‬ ‫في امليالن حصد األلقاب وبات الالعب الذي يأبى‬ ‫املدرب وضعه خارج التشكيلة الساسية‬

‫‪‎‬مع رونالدو‬

‫موقف سقوط اجلمل الذي كثرت حوله السكاكني‪ ،‬فاألخطاء التي‬ ‫أرتكبها في مباراتي الذهاب واألي��اب كانت في حجم الكارثة كما‬ ‫يصفها خبراء الكرة‪ ،‬ونستذكر هنا األخطاء اخلمسة التي وقع فيها‬ ‫انشليوتي بحسب ما جاء في مواقع الكرة املوثوقة ‪.‬‬ ‫‪ -1‬تبديل وحيد يتيم‬ ‫ال يستطيع أحد تفهم احلالة الغريبة في إجراء تبديل وحيد طوال‬ ‫املباراة‪ ،‬علما بأن يوفنتوس سجل التقدم في الذهاب والتعادل في‬ ‫اإلي��اب في وق��ت مبكر من زم��ن الشوط الثاني‪ ،‬وك��ان أم��ام امل��درب‬ ‫انشيلوتي فرصة إجراء التبديالت ولكن لم يشاهد ذلك‪ ،‬وكأنه عاجز‬ ‫عن التفكير في أي حل مناسب‪.‬‬ ‫فضال عن ذلك سنحت للملكي في الذهاب واإلياب فرصة اخلروج‬ ‫بنتيجة أفضل بعد التعادل ‪ 1-1‬ذهابا والتقدم ‪1-‬صفر إيابا‪ ،‬بيد أن‬ ‫انشيلوتي لم يجر أي تبديل يوضح رغبته في احملافظة على النتيجة‪،‬‬ ‫خصوصا وهو يشاهد سيطرة اليوفي على منطقة وسط امللعب في‬ ‫كلتا املباراتني‪.‬‬ ‫‪ -2‬احلالة البدنية للفريق‬ ‫تظهر مسؤولية املدرب عندما يطفو تراجع املستوى البدني للفريق‬ ‫خصوصا في الشوط الثاني‪ ،‬وقد ظهر التراجع واضحاً وبشكل معلن‬ ‫لكافة العبي الفريق امللكي خصوصا بني جماهيرهم في سنتياغو‬ ‫بيرنابيو‪.‬‬ ‫ري��ال م��دري��د ك��ان وبسبب سياسة انشيلوتي ف��ي حصر خياراته‬ ‫مبجموعة ثابتة من الالعبني‪ ،‬جعلت الفريق يدفع الثمن غاليا في‬ ‫آخر املوسم‪ ،‬حيث لم ميتلك الالعبني القدرة على رد الفعل خالل‬ ‫املباربات القوية والتي خسرها ريال مدريد كلها تقريبا خصوصا في‬ ‫الليغا وكأس امللك‪.‬‬ ‫‪ -3‬إخراج بنزمية رغم احلاجة للتسجيل‬

‫عندما خ��اض ري��ال مدريد مباراة الذهاب في تورينو ب��رر اجلميع‬ ‫النشيلوتي عدم االعتماد على مهاجمني في التشكيل األساسي وترك‬ ‫كريستيانو رون��ال��دو وحيدا في املقدمة‪ ،‬وال��زج باملهاجم املكسيكي‬ ‫تشيتشاريتو في وقت متأخر من عمر املباراة‪.‬‬ ‫ولكن في مباراة العودة شارك العائد من اإلصابة كرمي بنزمية في‬ ‫التشكيل األساسي وق��دم مستوى مميزا وش��ارك في كل الهجمات‬ ‫تقريبا‪ ،‬ولكن الغريب هو أن الفريق عندما احتاج العودة بالنتيجة بعد‬ ‫تعادل اليوفي قام انشيلوتي باخراجه واشراك تشيتشاريتو دون وجود‬ ‫أي طموح أو رغبة في املغامرة‪.‬‬ ‫‪ -4‬االعتماد العقيم على بيل‬ ‫ط��وال املوسم احلالي وغاريث بيل يعاني من انخفاض واض��ح في‬ ‫املستوى ويرتكب الكثير م��ن األخ �ط��اء‪ ،‬ورغ��م ذل��ك ظ��ل بيل العبا‬ ‫اساسيا في تشكيلة انشيلوتي ولم يغادرها إال عندما يخرج مصابا‪،‬‬ ‫وفي مباراتي اليوفي كان الالعب الويلزي في أسوء حاالته ومع ذلك‬ ‫لعب ‪ 85‬دقيقة في الذهاب و‪ 90‬دقيقة في اإلي��اب‪ ،‬وك��ان املدرب‬ ‫االيطالي مصمما على تدمير الالعب والفريق معا‪.‬‬ ‫‪ -5‬خط الوسط الكارثي‬ ‫بدون الكرواتي لوكا مودريتش الكل يعلم أن ريال مدريد يعاني في خط‬ ‫الوسط‪ ،‬ولكن أيضا بدون فكر مدرب مبدع أيضا فإن املعاناة تزيد‪.‬‬ ‫قام ريال مدريد بشراء البرازيلي لوكاس سيلفا ولكن لم يشاهد على‬ ‫أرض امللعب إال في م��رات ن��ادرة ج��دا‪ ،‬رغ��م حاجة الفريق لتعزيز‬ ‫قدراته الدفاعية من وسط امللعب‪ ،‬ومع وجود ايرامندي على مقاعد‬ ‫البدالء‪ ،‬لم يفكر انشيلوتي نهائيا في تأمني ملعبه عند التقدم في‬ ‫النتيجة سواء في الذهاب أو اإلي��اب‪ ،‬وقد ظهر واضحا أن كل من‬ ‫ايسكو وكروس يعانيان من اإلرهاق البدني وغير قادرين على إضافة‬ ‫الكثير للجانب الدفاعي‪.‬‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫دفاع سيموني‬ ‫دييجو سيميوني م��درب أتليتكو مدريد ك��ان من املمكن أن مينح‬ ‫صديقه أنشليوتي ج��رع��ة صغيرة م��ن األم ��ل ل��و جن��ح ف��ي إيقاف‬ ‫اإلعصار البرشلوني على ملعبه وخطف من الكتالونيني الثالث نقاط‬ ‫التي ستؤجل احلسم إلى اجلولة األخيرة‪ ،‬وإذذاك رمبا يتبخر فارق‬ ‫النقطة بني الريال وبرشلونة‪ ،‬ويكسب أنشليوتي الرهان األخير‪ ،‬لكن‬ ‫سيموني وقع هو األخر ضحية بني أقدام مواطنه ميسي وفقد لذة‬ ‫االنتصار على ملعبه‪ ،‬ولم يتبق أمامه سوى دعم زميله اإليطالي «كارلو‬ ‫أنشيلوتي»‬ ‫ال��ذي قال في تصريحات صحفية عنه ‪« :‬أنشيلوتي م��درب كبير‬ ‫ويعرف جيدًا كيف يُس ّير غرفة مالبسه‪ .‬من الواضح أن ريال مدريد‬ ‫سيكون اخلاسر األكبر إن تركه يرحل‪ ،‬فهو بالنسبة لي شخص مهم‬ ‫ج�دًا في مشروعهم‪ .‬لقد متكن خالل فترته في الريال من تكوين‬ ‫مجموعة مميزة»‬ ‫كلمات سيموني في حق أنشليوتي رمبا حفزت شبكة الكونفندسيال‬ ‫االسبانية للكشف عن ثالثة أسباب جتعل من بقاء أنشليوتي في‬ ‫الريال أمرا محتوما ‪ ..‬واألسباب هي ‪:‬‬ ‫> الدعم الذي يجده املدرب من قبل جماهير النادي والالعبني ‪.‬‬ ‫> الهدوء ال��ذي خلقه كارلو انشيلوتي في غرفة خلع املالبس ومع‬ ‫اإلعالم ‪.‬‬ ‫> تقبل انشيلوتي لالنتقادات و خبراته الكبيرة التي ميكن من خاللها‬ ‫انتشال ريال مدريد من كبوته احلالية‬ ‫استعراض مغاير‬ ‫على غير استعراضاتنا السابقة حول العبني ومدربني كبار تركوا‬ ‫بصمات هامة ف��ي املستطيل األخ�ض��ر ج��اءت امل��ادة املصاغة عن‬ ‫أنشليوتي في هذا العدد مختلفة عن سابقاتها‪ ،‬إذ تركزت السطور‬ ‫املكتوبة حول مستقبل هذا املدرب مع الفريق امللكي األبيض‪ ،‬وهو‬ ‫باملناسبة مازال محور حديث الصحافة األوروبية التي مازالت تخبرنا‬ ‫تارة بأن أنشليوتي سيرحل إلى بالد الضباب ملتحقا بكتيبة مانشستر‬ ‫سيتي في املوسم القادم‪ ،‬وتارة اخرى تسرب لنا خبرا مفاده أنه سيعود‬ ‫لوطنه مدربا للميالن‪ ،‬وت��ارة ثالثة تؤكد لنا أنه باق مع الريال‪ ،‬وهو‬ ‫مشغول حاليا بإعادة ترميم الفريق والتفاوض مع العبني جدد لتدعيم‬ ‫خطي الدفاع والوسط وحارس املرمى ‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن بقاء انشليوتي أو رحيله‪ ،‬يبقى هذا املدرب رقما‬ ‫صعبا في كرة القدم‪ ،‬وهناك من الشواهد مايكفي لوضع أنشليوتي‬ ‫على رأس قائمة املدربني املطلوبني ألندية العيار الثقيل ‪.‬‬ ‫ولعل من املناسب هنا الرجوع إلى إضبارته الشخصية للتدليل على‬ ‫هذه احلقيقة ‪.‬‬ ‫رفيق اإلجنازات‬ ‫كارلو أنشيلوتي (‪ )CARLO ANCELOTTI‬من مواليد ‪10‬‬ ‫يونيو ‪ 1959‬في رجولو مبقاطعة ريدجو إميليا اإليطالية ‪.‬‬ ‫بدأ مسيرته مع كرة القدم في عام ‪ 1976‬في نادي بارما‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪ 1979‬انتقل انشلوتي إل��ى ن��ادي روم��ا امل��وس��م األول محققا أول��ى‬ ‫البطوالت حيث فاز مع الفريق ببطولة كأس إيطاليا موسم ‪ 1979‬ـ‬ ‫‪ 1980‬ولعب في ذلك املوسم ‪ 27‬لقاء حقق ‪ 3‬أهداف خاللها‪.‬‬ ‫في موسمه الثاني حقق كأس إيطاليا مع فرقة الذئاب من جديد‬ ‫ولعب في ذلك املوسم ‪ 29‬لقاء أحرز خاللها هدفني‪ . .‬في موسمه‬ ‫الثالث (‪ )1982–1981‬لم يلعب سوى ‪ 5‬لقاءات‪ ،‬ولم يحقق أي هدف‬

‫‪‎‬عندما كان العبا مهما في امليالن‬

‫وكان موسما سيئا لروما الذي لم ينل فيه اي لقب ‪.‬‬ ‫املوسم الرابـع ‪ 1983–1982‬لم يكن موسما بسيطا لالعب الوسط‬ ‫أنشيليوتي فها هو يحقق مع روما بطولة الدوري اإليطالي املمتاز وهو‬ ‫اإلجناز األبرز له مع الفريق ‪.‬‬ ‫املوسم اخلامس ‪ 1984 - 1983‬وص��ل الفريق إل��ى نهائي دوري‬ ‫األبطال متباريا مع نادي ليفربول وقدم حينها روما أداء رائعا ولكنه‬ ‫خسر بركالت الترجيح محتال الوصافة األوروبية و في ذلك املوسم‬ ‫ايضا حقق الفريق كأس إيطاليا وقد لعب أنشيلوتي ‪ 9‬لقاءات فقط‬ ‫دون أن يسجل أي هدف شخصي‪.‬‬ ‫املوسم السادس ‪ 1985 - 1984‬لعب أنشيلوتي ‪ 22‬لقـاء وأحرز‬ ‫‪ 3‬أهداف ولم يحقق روما أي لقب‪ ،‬أما املوسم السابع وقبل األخير‬ ‫ألنشيلوتي مع الذئاب حقق فريق العاصمة من جديد كأس إيطاليا‬ ‫ولعب أنشيلوتي ‪ 29‬لقاء دون إحراز أي هدف‪.‬‬ ‫في املوسم األخير ‪ 1987-1986‬م لعب أنشيليوتي ‪ 27‬لقاء وأحرز‬ ‫هدفني‪ .‬ليكون مجموع املباريات التي لعبها ‪ 171‬لقاء مع روما في‬ ‫ثمان مواسم سجل خاللها ‪ 12‬هدفا‪ .‬وكانت تلك نهاية فترة في‬ ‫مسيرة أنشيلوتي لتبدأ مسيرة عظمى في ميالن حيث فاز بالعديد‬ ‫من األلقاب‪.‬‬ ‫عندما استلم أريغو ساكي زمام األمور في امليالن عام ‪ 1987‬بعد‬ ‫طلب من السيد سيلفيو برلسكوني قام بغربلة كاملة في الفرقة‬ ‫اإليطالية احلمراء‪ .‬فأحضر النجوم وعمل بخطط جعلت من الفريق‬ ‫امليالني في ذلك الوقت من أفضل الفرق في التاريخ بشهادة الفيفا ‪.‬‬ ‫أحضر امل��درب أنشيلوتي النجمني الهولنديني ماركو ف��ان باسنت‬ ‫وفرانك ريكارد ناهيك عن وج��ود فرانكو باريزي وباولو مالديني‬ ‫وروب �ي��رت��و دون ��ادون ��ي ورود خ��ول�ي��ت وغ �ي��ره��م‪ .‬م�ن��ذ امل��وس��م األول‬ ‫ألنشيلوتي في امليالن وفي وج��ود تلك الكوكبة النادرة بدأ الفريق‬ ‫في حصد األلقاب املتوالية ‪ .‬في املوسم األول ‪ 1988 1987-‬م‬ ‫أحرز الدوري اإليطالي املمتاز تاركا خلفه نابولي بقيادة أسطورة الكرة‬ ‫العاملية األرجنتيني دييغو مارادونا ‪ ..‬كما حقق الفريق كأس السوبر‬ ‫اإليطالي من أمام سامبدوريا ‪ ..‬لعب ذلك املوسم أنشيلوتي ‪ 27‬لقـاء‬ ‫وسجل فيها هدفني ‪..‬املوسم الثاني « ‪ 1989-1988‬م « بدأت الفرقة‬ ‫امليالنية تعطي االستحقاقات العاملية اهتماما أكبر بعد أن حصد‬ ‫الفريق الكالتشيو بتميز في موسم ساكي األول‪ ..‬ففي الكالتشيو حقق‬ ‫املركز الثالث ولكنه حقق البطولة األكبر وهي دوري أبطال أوروبا أمام‬ ‫ستيوا بوخارست و برباعية ‪.‬‬ ‫ما ميز أنشيلوتي أنه من الالعبني الذين ال يفرط بهم املدرب أبدا‬ ‫ال باستبدال وال بتغييب عن التشكيلة األساسية وعرف عنه ثبات‬ ‫املستوى والتميز في األداء الشمولي في منطقة الوسط‪ .‬لعب ذلك‬


‫املوسم أنشيلوتي ‪ 28‬لقاء وسجل هدفني ‪.‬‬ ‫باإلجمال ابن الـ ‪ 30‬عاما يصل لـ املوسم الثالث مع امليالن « ‪-1989‬‬ ‫‪ 1990‬م « ‪ ..‬مرة أخرى الفريق يبهر وميتع ‪.‬بداية في الكالتشيو حقق‬ ‫الوصافة بفارق نقطتني فقط عن نابولي املتصدر كما حقق الفريق‬ ‫وصافة كأس إيطاليا لكرة القدم من أمام يوفنتوس ‪.‬لم يكتف الفريق‬ ‫مبا لديـه بل حقق دوري أبطال أوروب��ا من جديد بعد انتصاره امام‬ ‫بنفيكا ولم يكتف أيضا بذلك بل حقق كأس السوبر األوروب��ي وفي‬ ‫كأس العالم لألندية انتصر أمام أتلتيكو الكولومبي ليصبح بطال للعالم‬ ‫‪.‬لعب أنشليوتي ذلك املوسم ‪ 24‬لقاء و سجل ‪ 3‬أهداف ‪.‬‬ ‫املوسم الرابع وقبل األخير ألنشيلوتي كالعب « ‪ 1991 – 1990‬م «‬ ‫‪ ..‬بدايـة في الكالتشيو حقق الفريق الوصافة بعد سامبدوريا بفارق ‪5‬‬ ‫نقاط وهي الوصافة التي تكررت من جديد‪ .‬ولكن الفريق من جديد‬ ‫يعلن بأنه بطل العالم للسنة الثانية على التوالي أمام أوليمبكا من‬ ‫الباراجوي كما يحقق كأس السوبر‪.‬‬ ‫لعب أنشليوتي في ذلك املوسم ‪ 21‬لقاء وسجل هدفا وحيدا ‪ .‬وكانت‬ ‫تلك الفترة هي أفضل فترة في تاريخ أنشيلوتي كالعب‪.‬‬ ‫املوسم األخير « ‪1992 – 1991‬م « ‪.‬يصل إلى ميالنو مدرب جديد‬ ‫وه��و املخضرم فابيو كابيلو خلفا ألري�غ��و س��اك��ي‪ .‬ك��ان آخ��ر موسم‬ ‫ألنشيلوتي ختاما كاملسك فبعد أن ك��ان أول موسم له يحقق فيه‬ ‫الكالتشيو لم يرض إال أن يختتم مسيرته بلقب الكالتشيو مجددا‪.‬‬ ‫حينها وص��ل أنشليوتي الالعب إل��ى سن ال�ـ ‪ .33‬لعب في موسمه‬ ‫األخير ‪ 12‬لقاء سجل فيها هدفني‪ ،‬منهيا تلك املسيرة الناجحة‬ ‫مع ميالن ‪ ..‬ليكون إجمال ما لعب مع ميالن ‪ 112‬لقاء سجل فيها‬ ‫‪ 10‬أهداف‪ .‬ويسطر أسمه كالعب من أجنح الالعبني على خارطة‬ ‫امليالن احلمراء‬ ‫بعد اعتزاله لكرة القدم‪ ،‬توجه إلى مهنه التدريب‪ ،‬وقد درب في‬ ‫بدايته نادي ريجيانا وصعد به إلی الدرجة االولى‪ ،‬وفي عام ‪1996‬‬ ‫انتقل إلى تدريب نادي بارما وحقق املركز الثاني خلف يوفنتوس‬ ‫بثالثة نقاط ‪ ،‬أما في موسمه الثاني فقد أكتفى باملركز السادس‬ ‫‪ ،‬وف��ي ع��ام ‪ 1999‬انتقل لتدريب ن��ادي يوفنتوس خلفا للمدرب‬ ‫مارتشيلو ليبي ولم يحالفه احلظ في موسمني متتالني واصطدم‬ ‫بنادي التسيو التاريخي وأصبح وصيفه بفارق نقطة ‪،‬اما في موسمه‬ ‫الثاني أحتل الوصافة أيضا خلف روما كابيلو بفارق نقطتني فقط‬ ‫وحقق بطولة كأس إنترتوتو ‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2001‬انتقل إلى تدريب إيه سي ميالن‪ ،‬وفي أول مواسمه‬ ‫مع إيه سي ميالن‪ ،‬قاد الفريق للعودة إلى البطوالت األوروبية‪ ،‬حيث‬ ‫متكن من احلصول على املركز الرابع في كأس اإلحتاد األوروبي‪،‬‬ ‫وفي املوسم الذي تاله دعم الفريق بالعبي خط الوسط أندريا بيرلو‬ ‫وروي كوستا‪ ،‬وفي ذلك الوقت كان املهاجمان أندريه شيفشينكو‬ ‫وفيليبو إنزاغي يعيشان أفضل فتراتهما‪ ،‬مما ساعد إيه سي ميالن‬ ‫على الفوز بكأس إيطاليا ودوري أبطال أوروبا‪ ،‬وقد جلب العب خط‬ ‫الوسط البرازيلي كاكا إلى إيه سي ميالن‪ ،‬مما أدى إلى زيادة حظوظه‬ ‫في الدوري احمللي‪ ،‬و استطاع أن يفوز بالدوري في ذلك املوسم‪ ,‬بعد‬ ‫ذلك قاده للفوز بدوري أبطال أوروبا مرة أخرى باإلضافة إلى كأس‬ ‫السوبر األروبي و بطولة العالم لألندية عام ‪. 2007‬‬ ‫في ‪ 2009‬انتقل إلى تدريب ن��ادي تشيلسي اإلنكليزي و حقق في‬ ‫أولى مواسمه مع الفريق ثنائية الدوري والكأس ألول مرة في تاريخ‬ ‫نادي تشيلسي‬ ‫اجته من نادي تشيلسي إلى باريس سان جيرمان وقاده إلى حتقيق‬ ‫الدوري الفرنسي‪ ,‬وإلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا‬

‫بعد جناحه مع باريس سان جيرمان و حصده الدوري الفرنسي‪ ،‬طلبه‬ ‫رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز ‪ .‬وقد كان بيريز يحلم بالتعاقد‬ ‫مع أنشيلوتي منذ فترة طويلة‪ ,‬وفي أول مواسمه قاد ريال مدريد‬ ‫لتحقيق لقبه العاشر في بطولة دوري ابطال أوروب��ا ‪2014/2013‬‬ ‫وكأس ملك أسبانيا ‪ 2014/2013‬وبدأ موسمه الثاني بتحقيق كأس‬ ‫السوبر األوروب��ي موسم ‪ 2015/2014‬وأيضاً الفوز بكأس العالم‬ ‫لألندية موسم ‪2015/2014‬‬ ‫إجنازاته‬

‫العب‬ ‫روما‬ ‫> الدوري اإليطالي املمتاز (‪1982 : )1‬ـ ‪83‬‬ ‫> كأس إيطاليا (‪–1985 ,84–1983 ,81–1980 ,80–1979 :)4‬‬ ‫‪86‬‬ ‫ميالن‬ ‫> دوري أبطال أوروبا (‪90–1989 ,89–1988 :)2‬‬ ‫> كأس السوبر األوروبي (‪1990 ,1989 :)2‬‬ ‫> الدوري اإليطالي املمتاز (‪92-1991 , 88-1987: )2‬‬ ‫> كأس السوبر اإليطالي (‪1988 : )1‬‬ ‫> كأس اإلنتركونتيننتال (‪1989، 1990 : )2‬‬ ‫مدرب‬ ‫يوفنتوس‬ ‫> كأس انترتوتو (‪1999 : )1‬‬ ‫إيه سي ميالن‬ ‫> الدوري اإليطالي املمتاز (‪04-2003 : )1‬‬ ‫> كأس إيطاليا (‪03-2002 : )1‬‬ ‫> كأس السوبر اإليطالي (‪2004 : )1‬‬ ‫> دوري أبطال أوروبا (‪2007 ، 2003 : )2‬‬ ‫> كأس السوبر األوروبي (‪2007 ، 2003 : )2‬‬ ‫> كأس العالم لألندية (‪2007 : )1‬‬ ‫تشيلسي‬ ‫> الدوري اإلجنليزي املمتاز (‪10-2009 : )1‬‬ ‫> كأس االحتاد اإلجنليزي (‪10-2009 : )1‬‬ ‫> الدرع اخليرية (‪2010 : )1‬‬ ‫باريس سان جيرمان‬ ‫> دوري الدرجة األولى (‪13-2012 :)1‬‬ ‫ريال مدريد‬ ‫> ‪:‬كأس ملك إسبانيا (‪14-2013 :)1‬‬ ‫> دوري أبطال أوروبا (‪14-2013 :)1‬‬ ‫> كأس السوبر األوروبي (‪2014 :)1‬‬ ‫> كأس العالم لألندية (‪2014 : )1‬‬ ‫إجنازات فردية‬ ‫> أفضل مدرب في الدوري اإليطالي ‪2004,2001 :‬‬ ‫> جائزة املقعد الذهبي ‪2004,2003 :‬‬ ‫> أفضل مدرب في الدوري الفرنسي ‪2013 :‬‬ ‫> م ��درب ال�ش�ه��ر ف��ي اجن �ل �ت��را (‪ : )4‬ن��وف�م�ب��ر ‪,2009‬اغسطس‬ ‫‪,2010‬مارس ‪,2011‬ابريل‪2011‬‬ ‫> أفضل مدرب في أوروبا ‪2003 :‬‬ ‫> أفضل مدرب في العالم ‪2007 :‬‬ ‫> مدرب العام ‪ 2003‬مجلة (‪)WORLD SOCCER‬‬


‫‪98‬‬

‫على سطح األرض‬

‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬

‫مدينة النحاس‬ ‫(‪)2 – 1‬‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫الغرب في املخيال الشرقي صورة تش ّكلت من تضاعيف أسطورية‪،‬‬ ‫في زمن كان نصيب األسطورة فيه ك ّل اللغة‪.‬‬ ‫�اض عاشته اآللهة‬ ‫ك��ان يُ��رى إل��ى ه��ذه ال �ص��ورة ال ك�ج��زء م��ن م� ٍ‬ ‫واألبطال فقط‪ ،‬بل كجزء من املستقبل أيضاً‪ ،‬فضرورتها كانت‬ ‫تتجاوز اإلميان إلى استشفاف املصير‪.‬‬ ‫عندما كان البحر املتوسط مجاالً فينيقياً‪ ،‬مفتوحاً وخالياً تقريباً‬ ‫من مظاهر الصراع‪ ،‬أطلق الفينيقيون اسم « َم ُحورمي» على القبائل‬ ‫املتوطنة فيما يعرف اآلن باملغرب األقصى‪ ،‬وتعني الكلمة «سكان‬ ‫الغرب» أو «الغربيني» وهي ذاتها الكلمة التي حورت في الالتينية‬ ‫إل��ى « َم � � ْوري» ومنها انتقلت إلى‬ ‫ال��ل��غ��ات احل��دي��ث��ة ف ��ي أش �ك��ال‬ ‫متقاربة‪.‬‬ ‫ك��ان احمل ��ورمي أب�ع��د م��ن عرفهم‬ ‫الفينيقيون في اجتاه الغرب على‬ ‫امتداد ساحل املتوسط‪ ،‬ولم يكن‬ ‫أم��ام �ه��م ف��ي االجت� ��اه ن�ف�س��ه إال‬ ‫األطلسي‪ .‬وم��ذاك ك��ان مفهوماً‬ ‫بدائياً يتشكل كمرادف للمجهول‬ ‫والالنهائي واملستحيل‪ ،‬حتى أن‬ ‫أولئك الرواد األوائل‪ ،‬وهم سادة‬ ‫املجازفة واإلبحار‪ ،‬أحجموا عن‬ ‫خوض تلك اللّجة‪.‬‬ ‫العرب بدورهم وضعوا تخريطاً‬ ‫ج� ��دي� ��داً ل��ل��ع��ال��م‪ ،‬وج� �ع� �ل ��وا م��ن‬ ‫إحدى عواصمهم الثقافية «سرة‬ ‫األرض»‪ ،‬وفي تصور شامل للعالم‬ ‫املعروف جند في «أحسن التقاومي‬ ‫ف��ي معرفة األق��ال�ي��م» للمقدسي‬ ‫(‪1000‬م) إدع��ا ًء حاسماً لم يكن‬ ‫ليُترك عرضة للجدل‪ ،‬يقول‪« :‬لم‬ ‫يبق إقليم إال وقد دخلناه‪ ،‬وأقل‬ ‫س�ب��ب إال وع��رف �ن��اه»‪ ،‬وم��ع ذل��ك‬ ‫وق��ف ال�ع��رب أم��ام اللجة نفسها‬ ‫وأطلقوا عليه اسم بحر الظلمات‪،‬‬ ‫وهو وصف أقدم من اللغة العربية‬ ‫احل��ال�ي��ة ف��ي اس�ت�ن��اده إل��ى ت��راث‬ ‫األوائ��ل في االستكشاف وارتياد‬ ‫مناطق مجهولة لم يكن يشملها‬

‫تصورهم ع ّما وراء تخوم العالم املأهول (األويكومني) القدمي‪ ،‬وهو‬ ‫ما انعكس دائماً ليس على رؤيتهم للعالم واألشياء‪ ،‬وعلى أدواتهم‬ ‫في األقيسة اجلغرافية فقط‪ ،‬بل وعلى أدائهم األدبي ومخيلتهم‪.‬‬ ‫نعثر في حكايات أل��ف ليلة وليلة‪ ،‬التي ساهمت فيما بعد في‬ ‫تطوير نزعة السفر إلى الشرق واالفتتان به‪ ،‬وبعث االستشراق‪،‬‬ ‫على وصف مثير للغرب املتخ َّيل‪ .‬فبعد توهان شهر في البحر إلى‬ ‫الغرب من صقلية تصل بعثة للخليفة م��روان بن عبدامللك إلى‬ ‫مدينة النحاس املطلسمة‪ .‬إنها مدينة أم��وات حتكمها «مومياء»‬ ‫ويحرسها رجالن آليان أحدهما أبيض واآلخر أسود‪.‬‬ ‫ك��ان الغرب في املتخيل العربي‬ ‫مدينة غرائبية‪ ،‬خارج اجلغرافيا‪،‬‬ ‫وال تتيح لنا أية خريطة الوصول‬ ‫إل �ي �ه��ا‪ ،‬رمب ��ا ال �ت��وه��ان وارت��ي��اد‬ ‫امل�ج�ه��ول وال �ض�لال ب�لا بوصلة‬ ‫ق��د ي�ض�ع�ن��ا أم��ام �ه��ا ذات ي��وم‪،‬‬ ‫وه��ي أي �ض �اً م��دي�ن��ة ب�لا أب ��واب‪،‬‬ ‫وتبثّ نوعاً من اخلداع البصري‪،‬‬ ‫فكل من يتسلق أسوارها لينظر‬ ‫داخ �ل �ه��ا ي�ل�م��ح ن��س��ا ًء ج�م�ي�لات‬ ‫مي��رح��ن ف��ي ال �ب �ح��ر‪ ،‬ل �ك��ن ه��ذه‬ ‫ال�ص��ورة قاتلة‪ ،‬وك��ل من يتل ّبسه‬ ‫ه��ذا الوهم سيدفع حياته ف��وراً‬ ‫ثمناً لنزوته اجلاهلة‪ .‬الب��د إذن‬ ‫م��ن م�ع��رف��ة ال�ط��ري�ق��ة ال��وح�ي��دة‬ ‫ل��ل��دخ��ول إل� ��ى امل ��دي� �ن ��ة‪ ،‬وه ��ذه‬ ‫الطريقة الب��د أن مت��ر بالقدرة‬ ‫على ال�ت�ح��دث ب�ع��دة أل�س��ن لفك‬ ‫شفرة الدخول وحتليل «كوداتها»‬ ‫ت �ل�اف � �ي � �اً ل��ل��م��ص��ي��ر امل� �م� �ي ��ت‪،‬‬ ‫ول�لاس�ت�ف��ادة مم��ا تكنزه املدينة‬ ‫من ثروات‪.‬‬ ‫لكن مدينة الغرب كانت في نفس‬ ‫الوقت مكاناً ال نصل إليه إال بعد‬ ‫أن تكون آثارنا قد امنحت‪ ،‬وقبل‬ ‫ذلك نكون قد أقصينا كل صلة‬ ‫لنا بالعالم وامل�ع��رف��ة املعتادين‪،‬‬ ‫كأننا لم نوجد من قبل‪.‬‬ ‫(يتبع)‬



‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪16‬‬ ‫‪ 24‬مايو ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.