مجلة المستقل-العدد الثاني

Page 1

‫الليبية المقاتلة‪..‬‬ ‫من كابول إلى طرابلس‬

‫نهب الذاكرة‬ ‫وتشويه الهو ّية‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد الثاني ‪ -‬األحد ‪ 15‬فبراير ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫متى تصدر مذكرات القبض على القتلة؟‬ ‫ملاذا صار الليبيون شعب ًا من النازحني؟‬ ‫صراع احلمقى على طرابلس !!‬

‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫ياجا‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫ي‬ ‫اجا‬ ‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ت‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫هل يقبل الليبيون‬ ‫القبعات الزرق؟!‬


‫‪02‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬


‫‪03‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثانى‬

‫كاريكاتير‬

‫ريشة الفنان الراحل‪ :‬محمد الزواوي‬


‫‪04‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫احملتويات‬ ‫‪02‬‬

‫في هذا العدد‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫محمد نوري‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫أحمد وطني‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬

‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬

‫متى تصدر مذكرات القبض على‬ ‫القتلة‬

‫تسربت‬ ‫ظواهر جديدة وأطياف وتشكيالت إرهابية ّ‬ ‫لتجهض مشروع بناء الدولة في ليبيا‪ ..‬األستاذ‬ ‫ً‬ ‫سؤاال أساسي ًا‬ ‫حسن طاطاناكي يطرح أمام اجلميع‬ ‫عن إجراءات إيقاف ومحاكمة هذه األطياف‪.‬‬

‫الليبية المقاتلة‪ ..‬من كابول إلى طرابلس‬

‫عادت اجلماعة من كابول إلى طرابلس بحث ًا‬ ‫عن «مشروع» سياسي لها بعد أن انتهى املشروع‬ ‫«اجلهادي»‪ ..‬ولكن الواجهة احلزبية التي اتخذتها‬ ‫باءت بالفشل‪.‬‬

‫ملفات ساخنة في ملتقى الدستور‬

‫أوراق علمية وبحوث جادة حتاول أن تتلمس معالم‬ ‫الدستور الراهنة في ملتقى حول الدستور الليبي‬ ‫تعقده جمعية ليبيا احلرة اخليرية‪.‬‬

‫هل يقبل الليبيون القبعات الزرق؟‬

‫الليبيون يختلفون أيديولوجي ًا ألول مرة في‬ ‫تاريخهم السياسي احلديث‪ ..‬وطاملا أن ليبيا كيان‬ ‫ويتعمق أكثر مما‬ ‫هش االن فإن االختالف سزداد‬ ‫ّ‬ ‫هو متوقع‪.‬‬

‫لماذ أصبح الليبيون شعب ًا من النازحين؟‬

‫يرى الكاتب أن هناك َمن تسلّل ولبس هيئة الثوار‬ ‫بعد قرارات مشؤومة وأموال مشبوهة وهم من‬ ‫يتسببون بالكوارث التي يعانيها الليبيون اآلن‪.‬‬

‫صراع الحمقى على طرابلس‬

‫بني الوالء للظواهري (القاعدة) والوالء للبغدادي‬ ‫(داعش) يتم تدمير طرابلس اآلن‪ ..‬كورنثيا كانت‬ ‫بداية الصراع‪ ،‬والليبيون يخشون ما هو قادم‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬عبدالناصر محجوب ‪ -‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب ‪ -‬مكتب القاهرة ‪ -‬شيراتون‪ ،‬مربع ‪ ،1177‬مقابل األكادميية‬ ‫العربية للعلوم ‪ -‬مكتب طرابلس‪ :‬عبداحلكيم الدرباشي ‪ -‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬وليد الزريبي ‪-‬‬ ‫الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس ‪ -‬مكتب الدار البيضاء‪ :‬محمد احلاج ‪ 69 -‬شارع الوحدة األفريقية‪.‬‬


‫‪24‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪42‬‬

‫فيلم أمريكي طويل‬

‫بريجنسكي وقف باكي ًا يذرف الدموع متأثّ ر ًا مبعاناة‬ ‫املسلمني في أفغانستان‪ ،‬ويتحدث عن اإلسالم‪ ..‬إنه‬ ‫ً‬ ‫فعال فيلم أمريكي طويل‪.‬‬

‫من يتالعب بالجهادين؟‬

‫أشخاص طبيعيون يتحولون إلى قتلة وذباحني‪..‬‬ ‫من يفعل ذلك بعقولهم؟‪..‬ال يبدو هذا السؤال‬ ‫صعب ًا إذا فكرنا في وكالة املخابرات األمريكية‬ ‫وإسرائيل‪.‬‬

‫األلم واألمل‬

‫تقرير صادم عن ثروات العالم‪ ,‬منظمة أوكسفام‬ ‫ملكافحة الفقر تتحدث عن «امتالك كل شيء»‬ ‫لدى حفنة ضئيلة‪ ..‬وعن «فقدان كل شيء» لدى‬ ‫الغالبية العظمى‪.‬‬

‫إلى تنجانيقا شدّت «الفاو» رحالها‬

‫هي ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم‬ ‫من حيث احلجم‪ ،‬والثانية من حيث العمق‪،‬‬ ‫على ضفافها نشأ مشروع ملنظمة األمم املتحدة‬ ‫لألغذية والزراعة ‪ FAO‬لتزويد مجتمعات الصيد‬ ‫الصغيرة باألدوات واملعرفة‬

‫نهب الذاكرة وتشويه الهويّة‬

‫مسلسل مستمر‪ ..‬دمروا متثال الغزالة ومتثال‬ ‫عمر املختار‪ ،‬رمبا غد ًا سينهبون متحف السرايا‬ ‫احلمراء‪ ،‬ونصب فليني‪ ،‬ولوحات أكاكوس‪ ..،‬إلخ‪،‬‬ ‫طاملا السكوت واإلهمال هو رد الفعل الوحيد‪.‬‬

‫معرض القاهرة الدولي للكتاب كالكيت‬ ‫‪.. 64‬لقطة عامة‪ ..‬زووم إن‬

‫‪ 70‬مليون كتاب و‪ 47‬دولة مشاركة و‪ 850‬دار نشر‪،‬‬ ‫هذه هي حصيلة الدورة ‪ 64‬ملعرض القاهرة الدولي‬ ‫للكتاب الذي يقام منذ ‪ 46‬عام ًا‪ ،‬وهو األقدم في‬ ‫الوطن العربي‬

‫‪66‬‬

‫على سطح األرض‬

‫مفهوم األصولية مفهوم إشكالي‬ ‫حيز كبير من التداول‬ ‫يسيطر على ّ‬ ‫الثقافي العربي احلالي‪ .‬إنه ينتقل من‬ ‫ربك‪.‬‬ ‫الوضوح الصارم إلى الغموض ا ُمل ِ‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 2.5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 5 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 2.5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 15 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 8 :‬رياالت‪ ،‬الكويت‪600 ،‬‬ ‫فلس‪ ،‬البحرين‪ 700 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 8 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 700 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 100 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 60 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 2000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 1.25 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ :‬دوالر ونصف‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫حتى ال يدخل الليبيون في دوّامة الثأر واالنتقام‬

‫متى تصدر مذكرات القبض على القتلة؟!‬ ‫تع ّرضت ليبيا – مثل كل الدول التي مت ّر مبرحلة انتقالية – إلى أوضاع‬ ‫من الفوضى والنزاعات السياسية‪ ،‬وظهرت فيها عدة مشاريع نظرية‬ ‫إلعادة البناء وترميم املوجود‪ ،‬وبينما كان الليبيون ميضون في مسار‬ ‫جديد ويتل ّمسون طريقهم نحو بناء دولة دميقراطية ح ّرة‪ ،‬مستق ّرة‪،‬‬ ‫تستعيد كيانها‪ ،‬وتسودها املؤسسات ّ‬ ‫وينظمها القانون‪ ..‬بدأت تتس ّرب‬ ‫بينهم ظواهر جديدة لم يحتكوا بها من قبل‪ ،‬حيث ظهرت في ليبيا‬ ‫جماعات وتشكيالت إرهابية مسلّحة بعضها كان محلياً‪ ،‬وبعضها كان‬ ‫وافداً‪ ،‬وبعضها كان مختلطاً‪.‬‬ ‫الليبيون الذين كانت بالدهم تنتقل من مرحلة إلى أخرى لم ينتبهوا‬ ‫في البداية إلى اخلطر احملدق بدولتهم‪ ،‬واعتقدت األغلبية العظمى‬ ‫منهم أن هذه املكونات اجلديدة سوف تكون جزءا من دولة دميقراطية‬ ‫َ‬ ‫شرط أن يلتزم‬ ‫يسودها التن ّوع والقبول باآلخر مهما كان اختالفه‪،‬‬ ‫اجلميع مببدأ احلرية والتعايش مع اآلخرين في ظل مناخ دميقراطي‬ ‫سلمي‪.‬‬ ‫لم تكد السنة األول��ى بعد ‪ 2011‬متضي‪ ،‬حتى ظهرت ص��ورة هذه‬ ‫املكونات أكثر وضوحاً‪ ،‬وبدأت حتت ّل مكاناً بارزاً في املشهد السياسي‬ ‫الليبي‪ ..‬كانت تتمثل في‪:‬‬ ‫> اإلرهابيني واملطلوبني للعدالة الباحثني عن موطأ قدم لهم يحميهم‬ ‫من املالحقة‪.‬‬ ‫> شذاذ اآلفاق واملرتزقة الباحثني عن حروب جديدة يعيشون عليها‬ ‫ويقتاتون منها‪.‬‬ ‫> املهووسني بالسلطة ودع��اة االستئثار واالح�ت�ك��ار الراغبني في‬ ‫السيطرة على احلكم‪.‬‬ ‫> امل��راه �ق�ين س�ي��اس�ي�اً وال �ف��ارغ�ين م��ن ه���واة ال �ظ �ه��ور اإلع�لام��ي‬ ‫واالستعراض‪.‬‬

‫> املصابني بالنوستاجليا السياسية من املنادين بعودة النظام القدمي‪.‬‬ ‫هذه الظواهر نشأت مثل النبتة الطفيلية أو مثل الطحالب التي تؤذي‬ ‫غيرها‪ ،‬فهي ليست قادرة على العيش مبفردها‪ ،‬وهي ال تترك النباتات‬ ‫الفارعة ذات األصل الثابت تنمو بشكل سليم‪.‬‬ ‫بدأت اجلماعات اإلرهابية باستثمار الفوضى أوالً‪ ،‬فقامت بتأجيج‬ ‫الفنت والتشكيك في إمكانية البناء‪ ،‬وكان معظمها يرفع شعاراً مخادعاً‬ ‫هم اإلسالم السياسي‪ ،‬الذي حظي في بداية األمر بقبول البعض ثم‬ ‫سرعان ما ّ‬ ‫تكشف وجهه احلقيقي‪ ،‬فهذه اجلماعات ال تتخذ اإلسالم‬ ‫إال واجه ًة لها‪ ،‬بينما هي حتتكم إلى قواعد دموية بشعة ال ترعى إ ّال‬ ‫وال ذ ّم��ة‪ ،‬وال تقيم وزن�اً لإلسالم أو املثُل أو األخ�لاق‪ ..‬بل هي على‬ ‫استعداد ألن تنصب مشنقة أو تشعل محرقة لكل من يعارضها‪.‬‬ ‫اآلن‪ ..‬وبعد أن م� ّر الليبيون بتجارب مريرة وقاسية‪ ،‬عانوا فيها‬ ‫األم ّرين‪ ،‬فإنه يطرحون – وبقوة – سؤاالً ال بد من اإلجابة عليه‪ :‬متى‬ ‫تتم محاكمة القتلة‪ ،‬وإيقافهم أمام العدالة؟‬ ‫إن صحائف االتهام كثيرة‪ ،‬واألدل��ة قاطعة‪ ،‬وما زال العالم يشاهد‬ ‫املجرمني وهم يواصلون تنفيذ مخططاتهم اإلجرامية‪:‬‬ ‫‪ -1‬املؤمتر املنحل متهم بتدمير الدولة والعبث مبقدراتها‪ ،‬ومتكني‬ ‫اإلرهابيني من احتالل العاصمة‪ ،‬وتدمير بني وليد وقتل وأسر سكانها‪،‬‬ ‫والسكوت عن تهجير سكان تاورغاء وتدمير مدينتهم‪ ،‬والتعاون مع‬ ‫دول خارجية والسماح لها بالتدخل مثل قطر وتركيا والسودان‪.‬‬ ‫‪ -2‬جماعة اإلخوان املسلمني الليبيني – الذين هم جزء من التنظيم‬ ‫الدولي لإلخوان – متهمة باالنقالب على الشرعية والتآمر للسيطرة‬ ‫على احلكم في ليبيا‪ ،‬وتسهيل دخ��ول أطياف من القاعدة وداعش‬ ‫وتشكيل فرق مسلحة غير شرعية وموازية للجيش الليبي‪.‬‬ ‫‪ -3‬فجر ليبيا متهمة بتدمير امل�ط��ار العاملي وإع��اث��ة الفساد في‬


‫طرابلس‪ ،‬وقصف ورشفانة وتهجير أهاليها‪ ،‬وإره��اب سكان املدن‬ ‫والقرى في املنطقة الغربية‪ ،‬ومحاولة السيطرة على احلكم بالقوة‪.‬‬ ‫‪ -4‬تنظيم أنصار الشريعة متهم بتنفيذ مخطط داعش للسيطرة على‬ ‫شرق ليبيا‪ ،‬وتنظيم فرق اغتياالت طالت قادة اجليش الليبي ورموز‬ ‫مدنية أخرى‪.‬‬ ‫‪ -5‬طائفة شورى الثوار متهمة بالتواطؤ مع القاعدة وداعش واإلخوان‬ ‫للسيطرة على احلكم‪.‬‬ ‫‪ -6‬فلول القاعدة متهمة بالسيطرة على مدينة صبراته وجتيير البيئة‬ ‫االجتماعية الرخوة ملساندة فجر ليبيا واإلخوان‪.‬‬ ‫إن جميع هذه التشكيالت مهما اختلفت أسماؤها قد احت��دت في‬ ‫مصلحة واحدة هي الوصول إلى حكم ليبيا عن طريق الدم وإشاعة‬ ‫الفوضى وإعاثة الفساد‪ ،‬وقد تسبب حتالفها هذا في ارتكاب أبشع‬ ‫اجلرائم واعتماد سياسة األرض احملروقة والتصفيات اجلماعية‬ ‫املباشرة للسيطرة بقوة السالح على أكبر قدر من األرض الليبية حتى‬ ‫تكتسب ورقة رابحة الستخدامها في التفاوض أمام الشعب الليبي‪،‬‬ ‫ولكي تدعم موقفها أمام أنظار العالم‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫يردده الليبيون هو‪ :‬ملاذا لم يعمد مجلس النواب‬ ‫السؤال الذي ّ‬ ‫حتى اآلن إلى إصدار مذكرات القبض على هؤالء املجرمني؟‬ ‫إننا ال نريد تبرير هذا التأخير‪ ،‬ولكن هذا املجلس – باعتباره هو‬ ‫املم ّثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي – تشوب إجراءاته ومستويات‬ ‫أدائه بعض البطء وعدم احلسم‪ ،‬ألنه استلم ترك ًة ثقيلة من املؤمتر‬ ‫العام املنحل الذي ح ّول البالد إلى خراب بفعل تواطئه وعدم وطنيته‬ ‫ونظرته القاصرة إلدارة الدولة‪.‬‬ ‫م��اذا على الليبيني أن يفعوا إذن؟ وكيف يدعمون شرعية مجلس‬ ‫النواب؟‬ ‫إن األعمال العدوانية التي يقوم بها اخلوارج واملرتزقة ومن تواطأ معهم‬ ‫في الداخل هي أعمال ذات صفة عسكرية‪ ،‬أي إنها ليست سياسية‬ ‫محضة‪ ،‬ويجب بالتالي مواجهتها بردود من جنسها وطبيعتها‪ ،‬فليبيا‬ ‫اآلن دولة في حالة ط��وارئ‪ ،‬ويجب أن يط ّبق فيها قانون الطوارئ‪،‬‬ ‫امللحة التي يجب اتخاذها هي أن يقوم مجلس النواب‬ ‫واخلطوة األولى ّ‬ ‫بإعادة تنظيم اجلهاز القضائي للدولة‪ ،‬وما يستتبعه ذلك من إجراءات‬ ‫جديدة تناسب حالة الطوارئ التي تعيشها البالد‪ ،‬وعلى رأس ذلك‬ ‫االستعانة بكل من‪:‬‬ ‫> القضاة املدنيني املعروفني بنزاهتهم وشرفهم املهني‪.‬‬ ‫> وكالء النيابة‪.‬‬ ‫> احملامني األفراد املستقلني‪.‬‬ ‫> أعضاء الشرطة القضائية‪.‬‬ ‫على أن تتم االستعانة بهم لتفعيل احملاكم العسكرية من خالل وزارة‬

‫الدفاع‪ ،‬وحتت إشراف مجلس النواب‪ ،‬للنظر على وجه السرعة في‬ ‫القضايا امللحة وإصدار األحكام التي تناسبها‪ ،‬وال يجب أن يُفهم من‬ ‫ذلك العودة إلى احملاكم االستثنائية أو اصطناع محكمة على غرار‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة لعمل‬ ‫احملكمة الثورية سيئة الصيت‪ ،‬بل العودة إلى اللوائح‬ ‫احملكمة العسكرية‪ ،‬بشكل علني‪ ،‬أي بقضاة ووكالء نيابة ومحامني‬ ‫من اجليش الليبي‪ ،‬مع االستعانة بقضاة ووكالء نيابة ومحامني من‬ ‫القضاء املدني‪ ..‬األمر الذي سيحمي البالد مستقب ً‬ ‫ال من الدخول في‬ ‫د ّوامة الثارات وعمليات االنتقام وتنفيذ اجلزاءات التي ينص عليها‬ ‫العرف االجتماعي‪.‬‬ ‫إن أي مدني ان�ض� ّم دون إك ��راه إل��ى إح��دى التشكيالت اإلرهابية‬ ‫املسلحة‪ ،‬وأصبح جندياً في سراياها وكتائبها‪ ،‬قد أسقط عن نفسه‬ ‫تلقائياً حقوقه املدن ّية‪ ..‬وإن أي مدني تو ّرط في عمل مسلّح مضاد‪،‬‬ ‫أو ساهم أو عاون اإلرهابيني على تنفيذ أعمالهم اإلجرامية‪ ،‬أو قام‬ ‫بتنفيذ أوامرهم – عن وعي ومعرفة مسبقة – يكون قد صنّف نفسه‬ ‫بنفسه على الطرف املعادي للشعب الليبي‪ ،‬وأصبح بذلك منقلباً على‬ ‫الشرعية‪ ،‬وخائناً للدولة الليبية‪ ،‬ويجب أن تتم محاكمته على الفور‬ ‫باستنفار جهاز القضاء املدني والعسكري الذي يجب أن يعمل في هذه‬ ‫املرحلة كجهاز واحد من أجهزة الدولة الليبية‪.‬‬ ‫هذا هو املبدأ الذي يجب أن يتبناه الليبيون جميعاً – شعباً ومجلساً‬ ‫وجيشاً – وللتمهيد إلق��رار هذا املبدأ يترتب على وزارة الدفاع أن‬ ‫تف ّعل اآلن احملكمة العسكرية التابعة لها‪ ،‬وأن تصدر بياناً عاماً حت ّدد‬ ‫فيه جميع اجلرائم التي تقع حتت طائلة لوائحها القانونية‪ ،‬سواء قام‬ ‫بها ونفّذها على األرض الليبية عسكريون أو مدن ّيون‪ ،‬من الليبيني أو‬ ‫من غيرهم‪.‬‬ ‫إن دور اجليش الليبي ليس مقتصراً في هذه املرحلة على اجلبهات‬ ‫العسكرية في قتاله ضد فلول اإلرهابيني واخلوارج بل ميتد إلى أكثر‬ ‫من ذلك‪ ..‬إنه ميتد إلى دعم عوامل االستقرار واملساهمة في البناء‪،‬‬ ‫وحماية الشعب الذي التحم مع قواته املسلحة إلنقاذ ما ميكن إنقاذه‪،‬‬ ‫وتخليص بالده من فلول اإلرهابيني وأطيافهم‪ ،‬وتطهير البالد من ك ّل‬ ‫ما يعوق نهوضها واستقرارها وتق ّدمها‪.‬‬ ‫إن جهود جميع الوطنيني (مدنيني وعسكرين) يجب أن تنتقل من إنقاذ‬ ‫ما هو موجود في ليبيا إلى ترميم وجود الليبيني أنفسهم‪ ..‬فما م ّر‬ ‫ببالدنا حتى اآلن هو أحد أكبر الكوارث التي شهدتها دول العالم في‬ ‫العصر احلديث‪ ،‬وإذا ما نظرنا إلى حجم هذه الكارثة سوف يصيبنا‬ ‫مساو له‬ ‫اليأس واإلحباط‪ ،‬ومع ذلك – وفقاً لقاعدة لكل فعل رد فعل‬ ‫ٍ‬ ‫في احلجم ومضاد في االجتاه – فإننا على ثقة كبيرة بأن الليبيني‬ ‫بقدر ما كانوا أه ً‬ ‫ال لتح ّمل اآلالم وتك ّبد املعاناة فإنهم مقبلون على‬ ‫تأسيس مجتمعهم على أسس قومية صلبة‪ ،‬وبناء دولة دميقراطية ال‬ ‫مكان فيها لالستبداد أو االستئثار أو االحتكار أو اإلقصاء‪.‬‬


‫‪08‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫شؤون ليبية‬

‫الليبية المقاتلة‪..‬‬ ‫من كابول إلى طرابلس‬

‫الذئب العائد‬ ‫يزرع خالياه النائمة ويغفو‬


‫كان عبداحلكيم باحلاج شخص ًا مغمور ًا غير معروف لدى‬ ‫الليبيني‪ ،‬ومع اقتراب نهاية أحداث ‪ ،2011‬مت تقدميه للمرة‬ ‫األول��ى علن ًا في قناة اجل��زي��رة القطرية باعتباره «قائد‬ ‫ثوار طرابلس» وكانت تلك هي الصفة التي «ابتكرتها» قناة‬ ‫اجلزيرة وأطلقتها عليه‪.‬‬ ‫لم يكن أحد يعرف باحلاج قبل ذلك‪ ..‬رمبا باستثناء أجهزة‬ ‫األمن الليبية‪.‬‬

‫عالقة الليبيني بكابول متتد إلى عدة عقود‪ ..‬كانت دعوة «اجلهاد» التي أطلقها مقاتلو أفغانستان قد القت‬ ‫قبو ً‬ ‫تسرب الشباب الليبيون من املرافئ اجلوية والبحرية والبرية ضمن‬ ‫ال شعبي ًا من طرف العرب‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫ّ‬ ‫طوائف أخرى ليلتحقوا بـ»إخوتهم» في اجلهاد‪.‬‬

‫منصور عمارة‬

‫م��ا ح��دث بعد ذل��ك ك��ان قصة متو ّقعة م��ن اجل�م�ي��ع‪ ..‬لقد عاد‬ ‫املجاهدون ضد االحت��اد السوفييتي السابق ليكونوا مجاهدين‬ ‫ضد حكوماتهم‪ ..‬وعلى الفور مت تصنيفهم باعتبارهم إرهابيني‬ ‫يقومون بأعمال مضادة ألمن الدولة مبا يستوجب تطبيق عقوبة‬ ‫اخليانة العظمى عليهم‪ ..‬اجلماعة الليبية املقاتلة كانت بدايتها في‬ ‫أفغانستان ضمن هذه الطوائف‪.‬‬ ‫حلم الزواوي‬ ‫تعود جذور اجلماعة اإلسالمية املقاتلة في ليبيا إلى سنة ‪1980‬‬ ‫عندما استطاع جهادي يدعى عوض الزواوي (وهو قريب للفنان‬ ‫الراحل محمد ال��زواوي) أن يش ّكل حركة مناوئة للنظام احلاكم‪،‬‬ ‫نصبوه أميراً عليهم‪ .‬وكاد وجود‬ ‫وجمع حوله بعض الشباب الذين ّ‬ ‫هذه املجموعة ينتهي في بداية تك ّونها لعدم وجود مصدر كاف‬ ‫للتمويل‪.‬‬

‫لم متض إال سنوات قليلة حتى استطاعت وكالة املخابرات األمريكية‬ ‫‪ CIA‬في منتصف الثمانينات استقطاب عوض ال��زواوي الباحث‬ ‫عن دور استثنائي وذلك «إلنشاء مختبر في ليبيا لتجنيد املقاتلني‬ ‫وإرسالهم للجهاد في أفغانستان»‪ ،‬هكذا تغيرت معادلة الدعوة عند‬ ‫هذه املجموعة من الشباب‪ ،‬وبدالً من أن تستهدف النظام احلاكم‪،‬‬ ‫أصبحت تبحث ع ّمن يستطيع تلبية «نداء اجلهاد» في بالد اإلسالم‪.‬‬ ‫مر منتصف الثمانينات بسرعة‪ ،‬واستطاعت املجموعة الوليد البدء‬ ‫منذ ‪ 1986‬في تدريب الشباب املقاتلني من الليبيني في مخيمات‬ ‫أطلق عليها اسم سلمان الفارسي في باكستان‪ ،‬وذلك بتمويل من‬ ‫امللياردير السعودي األصل أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫كان الشباب الليبيون مقربون جداَ من بن الدن‪ ،‬وعندما انتقل إلى‬ ‫السودان تبعه رفاقه الليبيون‪ ،‬ليتم جتميعهم في معسكر خاص بهم‪،‬‬ ‫تلقوا فيه تدريبات مكثفة أهلتهم عام ‪ 1988‬لالنتقال إلى أفغانستان‬


‫‪10‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫شؤون ليبية‬

‫للمشاركة في القتال‪.‬‬ ‫كان حلم الزواوي هو ان يصبح أميراً جهادياً في ليبيا‪ ،‬ورمبا الدول‬ ‫املجاورة لها‪ ،‬ولكن طموحات بن الدن لزعامة العالم اإلسالمي فتحت‬ ‫يوسع من دائرة طموحاته هو اآلخر‪ ،‬فأصبح أقل‬ ‫أمامه املجال لكي ّ‬ ‫حرصاً على اتخاذ ما يكفي من احتياطات ضد األجهزة األمنية التي‬ ‫كانت تراقبه‪ ،‬ولم يعد يبالي بسالمته الشخصية في عدة مواقف‪.‬‬ ‫في ‪ 1989‬تفجرت األوضاع في ليبيا‪ ،‬مما أدى إلى حملة اعتقاالت‬ ‫واسعة‪ ،‬ومت القبض على ال��زواوي من قبل عناصر األم��ن الليبي‪،‬‬ ‫وهكذا اتخذت مجموعته خطوة إلى الوراء واختفت في أوساطها‬ ‫االجتماعية في انتظار فرصة أخرى للظهور من جديد‪ ..‬وسقط‬ ‫حلم إمارة عوض الزواوي‪.‬‬ ‫جماعة املهشهش‬ ‫ما أن مت القبض على األمير املؤسس (ال��زواوي) حتى بادر محمد‬ ‫املهشهش إلى اإلعالن ضمن صفوف اجلهاديني املناوئني للنظام عن‬ ‫تأسيس «حركة الشهداء اإلسالمية»‪ ،‬وهي حركة سوف تضم معظم‬ ‫من سيُعرفون الحقاً باسم اجلماعة املقاتلة‪.‬‬ ‫بعد ذلك بسنتني (أي في عام ‪ )1992‬ومع عودة الهدوء النسبي‬ ‫للوضع العام في ليبيا واصلت جماعة املهشهش محاوالتها الدؤوبة‬ ‫الستقطاب املزيد من العناصر‪ ،‬مع تكتّمها الشديد ومحافظتها على‬ ‫السر ّية الكاملة‪ ،‬وكان معظم أفراد اجلماعة – الذين لم يتلقوا تدريباً‬ ‫قتالياً دقيقاً – على استعداد خلوض ما يُطلَب منهم من مغامرا‬ ‫«باسم الدين»‪.‬‬ ‫لم تنتظر اجلماعة طوي ً‬ ‫ال‪ ،‬ففي عام ‪ 1994‬ق ّرر أسامة بن الدن أن‬ ‫يح ّول «جهاده» إلى الوطن العربي بعد ان كادت مه ّمته أن تنتهي في‬ ‫أفغانستان‪ ،‬حسب ما هو مق ّرر لها من املخابرات األمريكية‪ ،‬وهكذا‬ ‫أعد بن الدن مجموعة من املقاتلني الليبيني التي كانت ترافقه‪ ،‬مع‬ ‫ّ‬ ‫من يختارون من اخللية النائمة في امل��دن والقرى الليبية‪ ،‬لهدف‬ ‫محدد هو‪ :‬اغتيال معمر القذافي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والدة الليبية املقاتلة‬ ‫فشلت محاولة اغتيال القذافي‪ ،‬األم��ر ال��ذي أع��اد ترتيب قواعد‬ ‫اللعبة بالنسبة للمناوئني له‪ ..‬إذ لم يتبق أمامهم سوى اإلعالن عن‬ ‫اسمهم‪ ،‬وحتصني كيانهم‪ .‬هكذا تراجع «األخوة» خطوة أخرى إلى‬ ‫الوراء‪ ،‬وتستروا بني األهالي إلى أن متكنوا من جتميع أنفسهم في‬ ‫مدينة درنة اجلبلية‪ ،‬وتدريجياً ق ّرروا أن «يجاهروا» أي أن يعلنوا‬ ‫جهاراً عن أنفسهم ومطالبهم‪ ،‬ومنذ ‪ 18‬أكتوبر‪ 1995‬أصبح يتر ّدد‬ ‫بني األنباء غير الرسمية أن هناك مناوئني للنظام يتجمعون في‬ ‫اجلبل األخضر‪ ،‬بينما واصلت إذاعة اجلماهيرية التنديد بـ»الكالب‬ ‫الضال» دون أن حت ّدد موقعهم أو هويتهم‪.‬‬ ‫في ه��ذه األثناء قامت املجموعة املعتصمة باجلبل بتمرير اسم‬ ‫«املجموعة اإلسالمية املقاتلة ف��ي ليبيا» إل��ى األخ �ب��ار‪ ،‬وظهرت‬ ‫اجلماعة إل��ى العلن في مدينة درن��ة‪ ،‬األم��ر ال��ذي اسقط في يد‬ ‫أجهزة األمن الليبية فبدأت عدداً من عمليات املداهمة واملواجهة‪،‬‬ ‫لتنتهي هذه العمليات املفاجئة مبقتل واعتقال عدد كبير من األفراد‪،‬‬ ‫وكان منهم صالح عبد السيد (امللقب بأبي يحيى) وسعد الفرجاني‬ ‫(املكنى وحيد)‪ ،‬وتدريجياً أصبح الوجود املسلح لهذه اجلماعة في‬ ‫حكم املنتهي مع عام ‪ ..1999‬لقد كانت ضربات أجهزة األمن الليبي‬ ‫مفاجئة وخاطفة‪ ،‬ولكن هذه لم تكن نهاية احلكاية‪.‬‬ ‫حرب العصابات اجلبلية‬ ‫أعادت اجلماعة الليبية تشكيل نفسها‪ ،‬وقامت من جديد بتفعيل‬ ‫محدد وهو القضاء على رأس النظام‪،‬‬ ‫خالياها النائمة مع هدف‬ ‫ّ‬

‫جذور اجلماعة الليبية اإلسالمية املقاتلة‬ ‫تعود إلى عام ‪ 1980‬و‪ CIA‬تستقطب‬ ‫مؤسسها األول‬ ‫ما السر الذي أفضى به باحلاج إلى املخابرات‬ ‫البريطانية داخل سجن «بوسليم»؟!‬ ‫أقوى الضربات التي وجهت إلى اجلماعة كانت‬ ‫على يد اللواء الراحل عبدالفتاح يونس‬ ‫أبو الليث يوسع قاعدة االستقطاب في اجلماعة‬ ‫ويسقط شرط اجلنسية الليبية‪ ..‬ويطلب من‬ ‫أعضاء اجلماعة االنضمام إلى القاعدة‬ ‫وفي عام ‪ 1996‬نفّذت اجلماعة محاولة جديدة الغتيال القذافي‬ ‫في مسقط رأسه (سرت)‪ ،‬وفشلت هذه احملاولة منجديد‪ ،‬وخالل‬ ‫السنتني التني تلتا حاولت املجموعة اغتياله ‪ 3‬مرات أخرى‪ ،‬باءت‬ ‫جميعها بالفشل‪ ،‬ولم يعد أمامها سوى طريق واح��د هو اإلعالن‬ ‫عن كيانها ومحاولة حتصني نفسها‪ ،‬وهكذا بدأت احلرب املباشرة‬ ‫املعروفة باسم «حرب العصابات اجلبلية»‪.‬‬ ‫ول��م تكن ه��ذه اجلماعة حتظى بقبول الليبيني (النظام الرسمي‬ ‫والشعبي على حد سواء) فتألّب عليها اجلميع‪ ،‬وطالبوا بإنهائها‪،‬‬ ‫وكانت أق��وى الضربات التي ُو ّجهت إليها هي تلك التي ق��ام بها‬ ‫اجليش الليبي بقيادة اللواء الراحل عبدالفتاح يونس الذي أشرف‬ ‫على حملة مر ّكزة للقضاء عليها‪ ،‬ولدعم هذه اخلطوة أمام الرأي‬ ‫العام – احمللي والدولي – أصدر القضاء الليبي مذكرة اعتقال‬ ‫ألسامة بن الدن نشرت منذ ‪ 1998‬عبر اإلنتربول‪ ،‬ما يعني ضمناً أن‬ ‫اجليش الليبي أصبح يقاتل صفوف القاعدة في شرق ليبيا‪.‬‬ ‫املخابرات البريطانية على اخلط‬ ‫في العام نفسه (‪ُ )1998‬قتل صالح فتحي بن سليمان (املكنى بأبي‬ ‫عبد الرحمن احلطاب) وهو مؤسس وقيادي باجلماعة‪ ،‬وأثار اغتياله‬ ‫عدة مراقبني ليتس ّرب النبأ إلى وكاالت األنباء بأن االستخبارات‬ ‫اخلارجية البريطانية (كما يذكر ديفيد شيلر ‪ -‬وكالة مكافحة‬


‫الشهيد اللواء عبدالفتاح يونس‬

‫التجسس) كانت قد م ّولت اجلماعة اإلسالمية الليبية املقاتلة للقيام‬ ‫مبحاولة اغتيال القذافي بقيمة ‪ 100.000‬جنيه استرليني‪ ..‬وأصبح‬ ‫اخلبر بني مؤيد للقذافي بحكم صحة هذا اخلبر‪ ،‬وبني مناوئ له‬ ‫بحكم مترير هذه الذريعة‪ ،‬وأصدرت اجلماعة فوراً بياناً ّ‬ ‫مت متريره‬ ‫إلى وكاالت األنباء نفت فيه ضلوعها في أي عالقة مع املخابرات‬ ‫البريطانية الغتيال القذافي‪ ،‬وأن محاوالتها كانت تتم مبحض‬ ‫إرادتها دون إيعاز من أحد‪-.‬‬ ‫في ذلك الوقت‪ ،‬كانت ليبيا الدولة الوحيدة في العالم التي تبحث على‬ ‫أسامة بن الدن الذي كان ال يزال ينعم رسمياً بالدعم السياسي في‬ ‫الواليات املتحدة على الرغم من أنه اعترض على عملية «عاصفة‬ ‫الصحراء» األمريكية في العراق‪.‬‬ ‫اجلناح السوداني املهيض‬ ‫كان جزء من اجلماعة الليبية املقاتلة يواصل تدريبه في السودان‪،‬‬ ‫ويستقبل أعضاء ج��دد‪ ،‬ولكن حتت ضغط طرابلس‪ ،‬قام حسن‬ ‫فشدوا رحالهم من‬ ‫الترابي بطرد املقاتلني الليبيني من السودان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جديد إلى أفغانستان حيث أقاموا هناك مخيم الشهيد الشيخ أبو‬ ‫يحيى في شمال كابول‪ ..‬لقد أرادت جكومة السودان اإلخوانية‬ ‫أن تدعم «إخوتها» ولكن كلمة طرابلس كانت األق��وى‪ ،‬ولم جتد‬ ‫اخلرطوم إال االنصياع لهذه الكلمة‪ ..‬وبدأت التداعيات‪ .‬مارست‬ ‫طرابلس سلسلة من الضغوط الدولية من شأنها أن جت ّرم هذه‬ ‫اجلماعة‪.‬‬ ‫في صيف ‪ 2001‬فشلت مفاوضات برلني بني الواليات املتحدة‬ ‫وحركة طالبان فيما يتعلق بخط أنابيب عبر أفغانستان بعد أن‬ ‫فرض املال عمر سيطرته املباشرة‪ ،‬فانقلبت الواليات املتحدة من‬ ‫دور املفاوض املؤقت إلى التأكيد على دور العدو الشرس لطالبان‬ ‫من واالها من التنظيمات اجلهادية العربية واإلسالمية‪ ،‬وكانت‬ ‫الليبية املقاتلة على رأس القائمة‪.‬‬ ‫في ‪ 6‬أكتوبر ‪ 2001‬مت تسجيل اجلماعة اإلسالمية الليبية املقاتلة‬ ‫على الئحة املنظمات اإلرهابية بقرار‪ 1267‬ملجلس األمن لألمم‬ ‫املتحدة و ال تزال ُمسجلة ليومنا هذا‪.‬‬ ‫في ‪ 8‬ديسمبر ‪ 2004‬مت تسجيل اجلماعة اإلسالمية الليبية‬ ‫املقاتلة على قائمة املنظمات اإلرهابية من قبل وزارة اخلارجية‬ ‫األمريكية وال تزال ُمسجلة ليومنا هذا‪.‬‬ ‫في ‪ 10‬أكتوبر ‪ ،2005‬منعت وزارة الداخلية البريطانية وجود‬ ‫اجلماعة اإلسالمية املقاتلة الليبية على أراضيها‪ ،‬وهذا اإلجراء‬ ‫ال يزال ساري املفعول‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 7‬فبراير ‪ ،2006‬ات�خ��ذت منظمة األمم املتحدة عقوبات‬ ‫ضد خمسة من أعضاء اجلماعة اإلسالمية املقاتلة الليبية وأربع‬ ‫ش��رك��ات مرتبطة بها وال�ت��ي تستمر ممارساتها على األراض��ي‬ ‫البريطانية حتت حماية االستخبارات اخلارجية البريطانية‪.‬‬

‫أمين الظواهري‬

‫أبو الليث الليبي‬

‫باحلاج‪ ..‬الذئب احملنّ ك‬ ‫أمام اإلدانات اجلديدة‪ ،‬واملالحقة الدولية ألعضاء الليبية املقاتلة‪،‬‬ ‫بدأت اجلماعة تعيد ترتيب قواعدها للمرة الثالثة‪ ،‬وحتاول اخلروج‬ ‫من مأزقها الشامل‪ ،‬ولكن ترتيباتها اجلديدة هذه لم تكن كافية كما‬ ‫يبدو‪.‬‬ ‫كان وجه جديد من الشباب الليبيني قد متكن من تسلّم منصب‬ ‫القيادة في هيكلية اجلماعة‪ .‬كان مغموراً نكرة‪ ،‬اسمه عبد احلكيم‬ ‫باحلاج‪ ،‬ولكن األح��داث أبانت عن أن ه��ذا الشاب غير املعروف‬ ‫سوف يضطلع بأخطر وآخر مراحل هذا الكيان اجلهادي املدان‬ ‫محلياً وإقليمياً ودولياً‪.‬‬ ‫ُعرف باحلاج على مستوى عام في ‪ 6‬مارس ‪ 2004‬عندما اعتقل‬ ‫في ماليزيا‪ ،‬وك��ان قبل ذلك قد ح��ارب في أفغانستان إلى جانب‬ ‫أسامة بن الدن وفي العراق‪.‬‬ ‫بعد القبض عليه نُقل باحلاج إلى سجن س ّري لوكالة االستخبارات‬ ‫األمريكية ف��ي تايالند‪ ،‬وه�ن��اك خضع للتحقيق‪ ،‬ليُنقل بعدذلك‬ ‫إل��ى ليبيا إث��ر اتفاق بني ال��والي��ات املتحدة وليبيا‪ ،‬وف��ي سجن أبو‬ ‫سليم تعرض للتحقيق من جديد‪ ،‬ولكن هذه املرة على يد عمالء‬ ‫بريطانيني‪ ،‬فاالستخبارات البريطانية اخلارجية حتى ذلك الوقت‬


‫‪12‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫شؤون ليبية‬

‫كانت «تلعب على احلبلني»‪.‬‬ ‫ال أح��د يعرف م��اذا أس � ّر ال��ذئ��ب احمل� ّن��ك ب��احل��اج لالستخبارات‬ ‫البريطانية آنذاك‪ ،‬ولكن اجلميع سيعرفون في ما بعد أن االجنليز‬ ‫لم يكن لديهم في احلقيقة أي مانع من وجود جماعة مقاتلة في‬ ‫ليبية أو في غيرها ما دامت قابلة للتوظيف واالستغالل‪.‬‬ ‫مشروع غريب‪ ..‬وممكن‬ ‫خالل عامني من لقاء البريطانيني باملدعو باحلاج في سجن أبو‬ ‫سليم قامت وكاالت االستخبارات الغربية بتنظيم اجتماع في لندن‬ ‫ملعارضني ليبيني وتشكيل «املؤمتر الوطني للمعارضة الليبية» من‬ ‫خ�لال ثالثة فصائل ه��ي‪ :‬جماعة اإلخ ��وان املسلمون‪ ،‬أصدقاء‬ ‫السنوسي‪ ،‬واجلماعة اإلسالمية الليبية املقاتلة‪.‬‬ ‫صدر عن االجتماع الذي عقد في ‪ 26‬يونيو ‪ 2005‬بيان انتهى إلى‬ ‫ثالثة أهداف‪:‬‬ ‫‪ -1‬اإلطاحة مبعمر القذافي‪.‬‬ ‫‪ -2‬ممارسة السلطة ملدة عام حتت اسم «املجلس الوطني االنتقالي»‪.‬‬ ‫‪ -3‬استعادة النظام امللكي الدستوري لعام ‪ ،1951‬وجعل اإلسالم‬ ‫دين الدولة‪.‬‬ ‫أبوالليث األممي‬ ‫في الشهر التالي (يوليو ‪ )2005‬كان أبو الليث الليبي قد جنح في‬ ‫الفرار من سجن مشدد احلراسة بباغرام (أفغانستان) ليصبح‬ ‫واحداً من قادة تنظيم القاعدة‪ ،‬ثم طلب مباشرة من مقاتلي اجلماعة‬ ‫اإلسالمية الليبية املقاتلة االنضمام إلى تنظيم القاعدة في العراق‪،‬‬ ‫أعضاء اجلماعة الذين كانوا مشتتني في أكثر من مكان وجدوا أن‬ ‫هذه الدعو مناسبة لهم لكي يتحدوا من جديد‪ ،‬وتدريجياً بدؤوا‬ ‫يفدون إل��ى العراق حتى أصبحت أغلبية االنتحاريني في تنظيم‬ ‫وس��ع قاعدة‬ ‫ال�ق��اع��دة ال�ع��راق��ي م��ن الليبيني‪ ،‬وك��ان أبوالليث ق��د ّ‬ ‫االستقطاب غلى اجلماعة فلم تعد اجلنسية الليبية شرطاً لها‪،‬‬ ‫وأصبحت جنسيات أعضاء «الليبية املقاتلة» تزيد على أكثر من‬ ‫‪ 10‬جنسيات مختلفة‪.‬‬ ‫أعادت اجلماعة تفعيل قدراتها القتالية‪ ،‬وقامت في فبراير ‪2007‬‬ ‫بقيادة أبو الليث نفسه هجوماً ضد قاعدة بارغام التي كان من‬ ‫املتوقع أن يزورها نائب الرئيس األمريكي ديك تشيني‪.‬‬ ‫الليبية تقبل شروط بن الدن‬ ‫ووسعت من دائرة أعضائها كان‬ ‫عندما التحقت اجلماعة بالعراق ّ‬ ‫ابوالليث الليبي يش ّكل خطراً على قيادة القاعدة‪ ،‬فهو شخص‬ ‫ُعرف بتطلعاته القيادية‪ ،‬ورغبته في زعامة تنظيم إسالمي كبير‪،‬‬ ‫من هنا بدأت محاوالت بن الدن الستقطاب أبي الليث ليعلن والءه‬ ‫وبيعته لألمير األوحد‪ ،‬وكان أبو الليث قد اشترط على بن الدن‬ ‫أن يعلن أنه يقبله باعتباره خليفة له‪ ،‬إال أن بن الدن ر ّد بأن أمين‬ ‫الظواهري هو خليفته أمام املسلمني‪ ،‬وأن احلل الوحيد هو أن‬ ‫يكون أبو الليث خليفة للظواهري‪ ،‬أي أن يكون أبو الليث خليفة‬ ‫خليفة األمير‪ ..‬ووافق أبو الليث‪ .‬وفي ‪ 3‬نوفمبر ‪ 2007‬أعلن أمين‬ ‫الظواهري في تسجيل صوتي بث على اإلنترنت انضمام حركة‬ ‫«اجلماعة الليبية املقاتلة» إلى شبكة القاعدة بزعامة أسامة بن‬ ‫الدن‪.‬‬ ‫في هذه األثناء كانت وكالة االستخبارات األمريكية تواصل العمل‬ ‫ليل نهار لوضع حد لرموز تنظيم القاعدة الذي خرج عن السيطرة‪،‬‬ ‫ول��م تنته احلكاية حتى أواخ��ر يناير ‪ 2008‬عندما استطاعت‬ ‫الوكالة قتله في غارة طائرة بدون طيار في وزيرستان‪.‬‬ ‫الليبية املقاتلة تفاوض سيف اإلسالم‬

‫«الذئب» يعود إلى ليبيا على منت طائرة‬ ‫عسكرية قطرية في املشهد األخير‪..‬‬ ‫واجلزيرة تقدمه كقائد لثوار طرابلس‬ ‫اجلماعة الليبية املقاتلة على الئحة املنظمات‬ ‫اإلرهابية منذ العام ‪ 2001‬وحتى اآلن‬ ‫الدخول مع النظام السابق في صفقة كان‬ ‫نتيجته خروج أغلب أعضاء اجلماعة من السجن‬ ‫اجلماعة تؤسس حزب الوطن بدعم قطري‪..‬‬ ‫وتفشل في احلصول على التعاطف الشعبي‬ ‫الذين يتذكرون سيف اإلسالم القذافي يعرفون أنه كان «ودوداً»‬ ‫مع أعدائه‪ ..‬لعله لهذا السبب استطاع أن يكسب الكثير منهم‪،‬‬ ‫ولعله لهذا السبب ايضاً حظي مبوافقة أبيه لالستمرار في القيام‬ ‫بأدوار قيادية‪.‬‬ ‫بني ‪ 2010 2008-‬قام سيف مبفاوضة اجلماعة الليبية املقاتلة‪،‬‬ ‫وك��ان مم ّثلها آن��ذاك قيادي التنظيم نعمان بن عثمان‪ ،‬وجرت‬ ‫املفاوضات بالتنسيق مع اإلخواني علي الصالبي‪ ،‬وكان الهدف‬ ‫األول هو «عقد هدنة» مع النظام‪.‬‬ ‫رأى نعمان أن احلل مع نظام القذافي الذي أصبح يحظى بقدر‬ ‫كبير من قبول وتعاطف دول العالم في حربه ضد اجلهاديني من‬ ‫تنظيم القاعدة اإلسالمي وحلفائه احمللني هو أن يقوم التنظيم‬ ‫مبهادنته‪ ،‬وهكذا نشرت اجلماعة وثيقة مطولة بعنوان «دراسات‬ ‫تصحيحية في مفاهيم اجلهاد واحلسبة واحلكم على الناس»‬ ‫تعترف من خاللها بأنها أخطأت في الدعوة إل��ى اجلهاد ضد‬ ‫إخوانهم املسلمني في بلد مسلم‪.‬‬ ‫بعد هذه االتفاق على هذه الهدنة مت العفو على ثالث دفعات على‬ ‫جميع أعضاء تنظيم القاعدة ومت تسريحهم بشرط واح��د هو‬ ‫التخلي عن العنف والتعهد كتابياً بذلك‪ .‬ومن بني ‪ 1800‬مقاتل‪،‬‬ ‫رفض االتفاق أكثر من ‪ 100‬وفضلوا البقاء في السجن‪.‬‬ ‫فضل بعد إط�لاق سراحه أن‬ ‫عبداحلكيم باحلاج امللقب بالذئب ّ‬ ‫يرحل إلى قطر‪.‬‬


‫أسامة بن الدن‬

‫دعم إضافي‬ ‫ع��ام ‪ 2011‬بعد أن ُفتحت مكاتب استقدام متطوعني ج��دد مت‬ ‫تقدم أكثر من ‪ 1500‬مقاتل‬ ‫إغراؤهم باملال‪ ،‬في ماليزيا وباكستان‪ّ ،‬‬ ‫للجهاد في ليبيا وسوريا واليمن‪ .‬وفي غضون أسابيع استطاع تنظيم‬ ‫القاعدة الذي لم يكن سوى مجموعة صغيرة على وشك املوت إعداد‬ ‫أكثر من ‪ 10.000‬رجل‪ .‬وكان توظيفهم كمرتزقة هو األرخص في‬ ‫سوق اإلرهاب في العالم‪.‬‬ ‫ومن بني هؤالء «املتطوعني» اجلدد بدأ اإلعداد لتسريب فرق من‬ ‫املقاتلني لكي تضطلع بدور ريئيسي في أحداث «الربيع العربي»‪..‬‬ ‫ولم ميض وقت طويل حتى انتقلت األحداث بعد تونس ومصر إلى‬ ‫ليبيا‪.‬‬ ‫صعود احلصادي‬ ‫في ‪ 17‬فبراير ‪ّ 2011‬‬ ‫نظم «املؤمتر الوطني للمعارضة الليبية»‬ ‫ما أطلق عليه «ي��وم غضب» في بنغازي بالتزامن مع االنتفاضة‬ ‫اجلماهيرية التي اجتاحت مدينة بنغازي‪.‬‬ ‫في ‪ 23‬فبراير‪ ،‬أعلن «اإلم ��ام» عبد الكرمي احل�ص��ادي تأسيس‬ ‫اإلمارة اإلسالمية في درنة املدينة التي ينتمي لها معظم املقاتلني‬ ‫االنتحاريني لتنظيم القاعدة في العراق‪.‬‬ ‫كان احلصادي من أقدم أعضاء اجلماعة اإلسالمية املقاتلة الليبية‬ ‫وكان قد ُع ّرض لتعذيب من قبل الواليات املتحدة في غوانتانامو‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ونظم األمير احلصادي جيشه الذي بدأ ببضع عشرات من املقاتلني‬ ‫ليضم أكثر من ألف عضو تقريباً‪ .‬وأعرب اجلنرال كارتر هام قائد‬ ‫أفريكوم املنسق لعملية احللفاء في ليبيا عن قلقه بشأن وجود‬ ‫مقاتلي القاعدة في صفوف ثوار ‪ 17‬فبراير معترضاً بأن الذين‬ ‫ُطلب منه أن يدافع عنهم هم الذين قتلوا اجلنود األمريكيني في‬ ‫أفغانستان وفي العراق‪ .‬وفجأة استُبعد هذا اجلنرال – بضغط من‬ ‫فرنسا – من مهمته ونُقلت إلى حلف الناتو‪.‬‬ ‫وفي كل مناطق برقة «احمل ّررة» كان رجال تنظيم القاعدة ينشرون‬ ‫الرعب وينفذون املجازر ويقومون بالتعذيب‪ ،‬وتخصصوا في قطع‬ ‫رقاب املولني للقذافي‪ ،‬وانتزاع األعني وقطع أثداء النساء املتبرجات‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حلف شمال‬ ‫وق��د اته َم محامي ال��دول��ة آن��ذاك مارسيل سكالدي‬ ‫األطلسي «بالتواطؤ في جرائم احلرب»‪.‬‬ ‫عودة الذئب‬ ‫في ‪ 1‬مايو ‪ 2011‬أعلن باراك أوباما بأنه مت في بابوتاباد (باكستان)‬ ‫على يد الكوماندوس السادس من القوات البحرية القضاء على أسامة‬ ‫بن الدن الذي كان غائباً عن األنظار منذ حوالي ‪ 10‬سنوات‪ .‬بهذا مت‬ ‫إغالق ملف تنظيم القاعدة وجتميل صورة املقاتلني مرة أخرى كحلفاء‬ ‫للواليات املتحدة األمريكية مثل أي��ام ح��روب أفغانستان والبوسنة‬ ‫والشيشان وكوسوفو‪.‬‬ ‫في ‪ 6‬أغسطس ‪ 2011‬مات جميع أعضاء الكوماندوس السادس من‬

‫عبداحلكيم احلصادي‬

‫أبو يحي الليبي‬

‫القوات البحرية األمريكية في سقوط مروحيتهم‪.‬‬ ‫في األثناء عاد عبد احلكيم بلحاج‪ ،‬امللقب بالذئب‪ ،‬إلى ليبيا في طائرة‬ ‫عسكرية قطر ّية مع بداية تدخل حلف شمال األطلسي في ليبيا‪،‬‬ ‫وتولى قيادة رجال القاعدة في جبل نفوسة‪ .‬يقول ابن عبد الفتاح‬ ‫يونس بأنه هو من تكفل يوم ‪ 28‬يوليو ‪ 2011‬بقتل عدوه القدمي الذي‬ ‫أصبح القائد العسكري للمجلس الوطني االنتقالي‪.‬‬ ‫بعد سقوط طرابلس ش��ارك عبد احلكيم بلحاج في فتح بوابات‬ ‫سجن بوسليم واإلفراج عن آخر املقاتلني من تنظيم القاعدة الذين مت‬ ‫اعتقالهم‪ ،‬وكانت قناة اجلزيرة القطرية في األثناء قد ق ّدمته باعتباره‬ ‫«قائد الثوار» بالرغم من أنه التحق باألحداث في «املشهد» األخير‪،‬‬ ‫ولم يكن له أو ملجموعته دور فعلي في تصاعد هذه األحداث وصوالً‬ ‫إلى إخالء باب العزيزية الذي وقع في أيدي الثوار بسهولة لعدو وجود‬ ‫قوات حقيقية فيه‪ ،‬ومع ذلك حتدث باحلاج بأنه قام بقيادة «قوات‬ ‫الثوار» على خط اجلبهة األمامية ليحقق النصر في العاصمة! وهو‬ ‫األمر الذي يع ّده الثوار «محض افتراء»‪.‬‬ ‫مت تعيني باحلاج قائداً للمجلس العسكري ملدينة طرابلس‪ .‬وطالب‬ ‫باعتذار من وكالة املخابرات األمريكية والبريطانية ملا عاناه من إساءة‬ ‫معاملة في املاضي‪ ،‬وأخيراً قام املجلس الوطني االنتقالي بتكليفه‬ ‫باإلشراف على تشكيل اجليش الليبي اجلديد الذي حت ّول إلى دروع‬ ‫ومليشيات رديفة حتت سيطرة اإلخوان املسلمني‪.‬‬ ‫ولكي يعيد باحلاج ترتيب نفسه وجماعته ملرحلة مقبلة‪ ،‬قام بدعم من‬ ‫قطر بتأسيس حزب الوطن ليدخل املشهد السياسي بصفته رئيس‬ ‫حزب‪ ،‬وما زال كذلك‪ ،‬ولكنه لم يحظ بأي تعاطف من الليبيني الذين‬ ‫امتنعوا عن اإلدالء له بأصواتهم في التجارب االنتخابية السابقة‪.‬‬ ‫دروب متعددة‬ ‫انفرط عقد اجلماعة الليبية املقاتلة منذ زم��ن‪ ،‬ولكن فلول هذه‬ ‫اجلماعة اتخذت أكثر من مسار‪:‬‬ ‫> منهم من استقال فعلياً وعاد إلى احلياة املدن ّية في ليبيا أو في‬ ‫اخلارج‪.‬‬ ‫ال مسلحاً‬ ‫> الغالبية التحقت بحزب الوطن الليبي‪ ،‬لتك ّون بذلك تشكي ً‬ ‫موارباً لهذا احلزب‪.‬‬ ‫> منهم من التحق بالتشكيالت املسلحة بغض النظر عن انتمائها‬ ‫(قاعدة‪ ،‬داعش‪ ،‬شورى‪.)... ،‬‬ ‫إن الليبية املقاتلة اآلن أشبه باخللية النائمة في ليبيا في انتظار‬ ‫ف��رص��ة س��ان�ح��ة ل�لان�ق�ض��اض م��ن ج��دي��د‪ ،‬ول �ك��ن م��ع رف ��ع سقف‬ ‫األهداف‪ ..‬وعلى رأسها الوصول إلى السلطة وحكم ليبيا‪ ..‬سياسياً‬ ‫أو عسكرياً‪ ،‬باالنتخاب أو باالنقضاض‪ ،‬وهذه اجلماعة ال تتوانى –‬ ‫آخر األمر – عن دعم أو تزكية أو حتى االشتراك مع غيرها من‬ ‫اجلماعات املسلحة طاملا أن مثل هذا التحالف سيتيح لها العودة‬ ‫بقوة‪ ،‬وإن تغ ّيرت واجهة دخولها إلى املشهد الوطني‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫شؤون ليبية‬

‫متى ينجز الدستور ويعرض على االستفتاء الشعبي ؟!‬ ‫سؤال ملح لم يعد مقتصر ًا على النخب السياسية والثقافية ‪ ،‬وإمنا‬ ‫تعداها إلى قطاعات الشعب املختلفة التي تتطلع بشغف إلى هذا‬ ‫االستحقاق التاريخي الذي كان على رأس أهداف انتفاضتها ضد‬ ‫النظام السابق ‪.‬‬

‫لقاء الساسة والقانونين والمثقفين حول‬ ‫االستحقاق األول‬

‫ملفات ساخنة في ملتقى‬ ‫الدستور الليبي‬ ‫لم يكن يدور في خلد أي ليبي أن حضور « السيد األعلى « كما‬ ‫وصفه أرسطو‪ ،‬يحتاج إلى كل هذه املشقات الكبرى‪ ،‬وإلى كل هذه‬ ‫الدماء ‪ ،‬لكن أمام تسرب اجلماعات املتطرفة وأصحاب األجندات‬ ‫إلى املشهد السياسي في غفلة من الليبيني‪ ،‬باتت الفوضى هي‬ ‫املهيمنة‪ ،‬وصار السالح هو اللغة السائدة حتى أصبح البحث عن‬ ‫مالذ آمن هو الهاجس األول للمواطن واملسؤول على السواء ‪ ،‬فهل‬ ‫ينجز وعد الدستور‪ ،‬وينتقل الليبيون من « املرحلة االنتقالية « إلى‬ ‫املرحلة الدائمة التي ينعمون فيها باالستقرار والبناء في ظل دستور‬ ‫ينظم شؤون حياتهم السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬ويبينّ‬ ‫لهم ما لديهم من حقوق وما عليهم من واجبات ‪.‬‬ ‫س��ؤال ملح آخ��ر ستبدو اإلج��اب��ة عليه متعذرة طاملا ل��م يسيطر‬ ‫اجليش على فوضى السالح ‪ ،‬ويتم حل كافة املليشيات العسكرية‪،‬‬ ‫ولكن إل��ى أن يستتب األم��ن ‪ ،‬ويتحقق االس�ت�ق��رار ال��ذي يضمن‬ ‫للمواطن الذهاب إلى صندوق االقتراع دون شعور بأدنى خوف‪،‬‬ ‫ويُستفتى على الدستور وهو مطمئن على أن صوته سيذهب إلى‬ ‫وثيقة مقدسة ال يستطيع أي كان أن يضرب بها حرض احلائط ‪،‬‬ ‫ماذا يريد الليبيون في الدستوراجلديد ؟‬ ‫س��ؤال ثالث ه��ام تتطلب اإلجابة عنه الدخول في ما ميكن أن‬ ‫نطلق عليه « الورشة الثقافية الدائمة « وإلى حني موعد االستفتاء‪،‬‬ ‫فاألمية الدستورية الناجمة عن فترة الغياب الطويل عن املمارسة‬ ‫الدميقراطية ترغم املواطن العادي واملثقف على االنخراط في‬ ‫ح��وار جاد يبدأ بتحديد املباديء واملفاهيم الدستورية ‪ ،‬وينتهي‬ ‫بالوقوف على املعاني وال��دالالت السياسية والقانونية لكل مادة‬ ‫وفقرة في الدستور ‪.‬‬ ‫جمعية ليبيا احلرة لألعمال اخليرية كانت من املبادرين إلى هذا‬ ‫احلوار عندما دعت مختلف الشرائح من أساتذة قانون وسياسيني‬ ‫وطالب وموظفني من اجلنسني إلى ورشة عمل أطلقت عليها «‬

‫اجليش والشرطة على رأس قائمة النقاش‬ ‫ما حدود العالقة بني السلطة القضائية‬ ‫واحملكمة الدستورية العليا‬ ‫ما هوالنظام املالي املناسب لليبيا ‪ ..‬وما هو‬ ‫االرتباط بني الشريعة والدستور‬ ‫حوارات وأوراق علمية وتوصيات في اخلتام‬ ‫ملتقى حول الدستور الليبي « ‪.‬‬ ‫تقول منسقة امللتقى اإلعالمية مبروكة املسماري عن هذا امللتقى‬ ‫ال��ذي انطلقت فاعلياته اجلمعة امل��اض�ي��ة ف��ي ف�ن��دق موفنبيك‬ ‫بالقاهرة « هدفنا من امللتقى هو خلق حالة حوار منتجة بني فئات‬ ‫الشعب حول الدستور‪ ،‬وكان من الضروري دعوة أعضاء من جلنة‬


‫الستني لالستماع واملشاركة في النقاش وتبادل وجهات النظر في‬ ‫مواد هامة ومصيرية ال بد من تبصير الناس بها قبل كتابتها في‬ ‫الدستور النهائي الذي يعرض على االستفتاء ‪.‬‬ ‫وتؤكد األخ��ت مبروكة في حديثها للمستقل بأن األوراق العلمية‬ ‫املقدمة في امللتقى ستغطي تقريباً كافة األبواب التي يحتويها أي‬ ‫دستور مبرزة باخلصوص أهم احملاور التي ستغطيها تلك األوراق‬ ‫وهي‬ ‫> شكل الدولة واملقومات األساسية‬ ‫> الشريعة والدستور‬ ‫> الهيئات الدستورية املستقلة‬ ‫> السلطة القضائية واحملكمة الدستورية العليا‬ ‫> احلكم احمللي‬ ‫> احلقوق واحلريات‬ ‫> التدابير االنتقالية‬ ‫> النظام املالي والثروات الطبيعية‬ ‫> اجليش والشرطة‬ ‫ولفتت املسماري إل��ى أن النقاشات واحل ��وارات التي سيشهدها‬ ‫امللتقى‪ ،‬سوف تتمخض عنها توصيات ‪ ،‬سيتم تقدميها إلى جلنة‬ ‫الستني لالستئناس بها‪ ،‬وال أقول إدراجها‪ ،‬عندما تراجع املسودة‬ ‫النهائية للدستور‬ ‫مبروكة املسماري بدت متفائلة بنجاح امللتقى في ظل وجود نخبة‬ ‫من القانونيني األكفاء والسياسيني واملاليني واملثقفني املطلعني على‬ ‫جتارب دستورية كثيرة ‪ ،‬دون أن تنسى تذكيرنا باحلضور النسائي‬ ‫الالفت الذي ستكون مشاركته جد هامة بحسب تعبيرها ‪.‬‬ ‫املستقل تنشر البرنامج العام للملتقى مع التنويه بأن العدد قد دفع‬ ‫به إلى الطباعة قبل يوم اجلمعة ‪ ،‬ولم يصلنا ما يفيد بوجود تعديل‬ ‫أو اعتذار أي من األسماء املدعوة‬ ‫وتعد قراءها الكرام مبتابعة امللتقى وتقدمي عرض تفصيلى شامل‬ ‫ألهم مادار فيه من نقاشات وحوارات ‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫شؤون ليبية‬

‫‪‎‬مؤمتر جنيف‬

‫شهدت اجلولة الثانية من جلسات احلوار الوطني في جنيف أجواء إيجابية بني الفرقاء الليبيني‪ ،‬واندهش‬ ‫موظفو األمم املتحدة وهم يشاهدون الفرقاء يحتضنون بعضهم‪ ،‬فتجربة هؤالء املوظفني في أزمات بورندي‬ ‫وراون��دا والكونغو ويوغسالفيا السابقة أجبرتهم على الفصل بني الفرقاء‪ ،‬نظرا للعداوة الشديدة بينهم‬ ‫وصعوبة إجراء حوار هاديء بني ممثلي فصائل قاتلوا بعضهم بضراوة‪ ،‬وارتكبوا ضد بعض مذابح مروعة‪.‬‬

‫عمر الكدي‬

‫حوار بين مكونات كيان هش‬

‫هل يقبل الليبيـــــون‬ ‫القبعات الزرق ؟!‬


‫‪‎‬عبدالله الثني‬

‫من املؤمتر الوطني‪ ،‬يعارضون عودة املؤمتر‬ ‫يبدو أن مكونات الكيانات الهشة متيل إلى‬ ‫لالنعقاد‪ ،‬م��ع أرب�ع��ة ممثلني ع��ن مصراته‪،‬‬ ‫ال �ق �ت��ال ح�ي�ن��ا‪ ،‬ث��م جت�ل��س وحت �س��م خالفها‬ ‫واتفق الطرفان على العديد من القرارات‬ ‫بسرعة شديدة‪ ،‬واليبقى من ضراوة املعارك‬ ‫من بينها تشكيل حكومة لم يحدد بعد ما إذا‬ ‫إال احلكايات التي تتناقلها األجيال‪ ،‬أو أبيات‬ ‫كانت حكومة أزمة أم حكومة وحدة وطنية‪،‬‬ ‫قصائد شعبية متجد إحدى القبائل‬ ‫وتهجو الكيانات الهشة متيل إلى القتال وحتسم‬ ‫ولكن اتفق على أن يكون رئيس احلكومة من‬ ‫أخرى‪ ،‬هذا ما رايناه في أفغانستان عندما‬ ‫التكنوقراط وشخصية ليست مثيرة للجدل‪،‬‬ ‫اجتمع شيوخ اللوياجركا‪ ،‬فانتهى اخلالف‬ ‫خالفاتها بسرعة شديدة‬ ‫وهو ما يعني استبعاد كل الشخصيات التي‬ ‫بسرعة بني البشتون واألذريني وبقية أعراق‬ ‫ظ�ه��رت على امل �س��رح السياسي منذ ث��ورة‬ ‫أفغانستان‪.‬‬ ‫الليبيون يختلفون ألول مرة‬ ‫فبراير‪.‬‬ ‫وطاملا أن ليبيا من الكيانات الهشة فتمثيل‬ ‫وإذا التئم احلوار يوم الثالثاء في غدامس‬ ‫التيارات السياسية في احل��وار سيزيد من‬ ‫إيدلوجي ًا بعد مقدم اإلخوان‬ ‫ك�م��ا ه��و م�ت��وق��ع فسيحضره مم�ث�ل��ون عن‬ ‫تعميق اخلالف‪ ،‬فألول مرة يختلف الليبيون‬ ‫امل��ؤمت��ر ال��وط�ن��ي‪ ،‬ول�ك��ن ل��ن يجلسوا وجها‬ ‫ايديولوجيا‪ ،‬فاخلالفات السابقة غلب عليها اخلالف بني مجلس النواب واملؤمتر الوطني‬ ‫ل��وج��ه م��ع ب�ق�ي��ة امل �ت �ح��اوري��ن‪ ،‬وه ��و ش��رط‬ ‫اخل�لاف اجل�ه��وي والقبلي‪ ،‬قبل أن يظهر‬ ‫لن يحل حتى في مكة‬ ‫أص��ر عليه مجلس ال�ن��واب‪ ،‬ويأتي احل��وار‬ ‫اإلخ��وان املسلمون قادمني من مصر‪ ،‬وقبل‬ ‫ب �ع��د ف �ش��ل ج�م�ي��ع األط � ��راف ف��ي حتقيق‬ ‫أن تفتح املدارس واجلامعات وتأتي احلداثة‬ ‫جميع أه��داف �ه��م‪ ،‬فقد فشلت فجر ليبيا‬ ‫بحياء وهي تسير ملتحفة في شوارع ليبيا‪.‬‬ ‫عندما جتتمع القبائل تسقط‬ ‫ف��ي كسر شوكة ال��زن�ت��ان وجيش القبائل‪،‬‬ ‫اخل �ل��اف ب�ي�ن م �ج �ل��س ال� �ن���واب وامل��ؤمت��ر‬ ‫اإليدلوجيا وال تبقى إال املصالح‬ ‫وتورطت باالبتعاد عن مصادر امداداتها‪،‬‬ ‫الوطني خالف عبثي‪ ،‬لن يحل في جنيف أو‬ ‫كما فشلت مصراته ف��ي اح�ت�لال موانيء‬ ‫في غدامس أو حتى في مكة‪ ،‬ف��إذا متكن‬ ‫الهالل النفطي‪ ،‬في حني فشل حفتر في‬ ‫مسلحو فجر ليبيا من الضغط على الدائرة‬ ‫حسم املعركة في بنغازي ودرنة‪ ،‬ورمبا كان‬ ‫الدستورية باحملكمة العليا لتقبل الطعن في‬ ‫سيرفض احلوار لو حسم معركته العسكرية مبكرا‪ ،‬وإذا كان يتلقى‬ ‫مقررات جلنة فبراير‪ ،‬بإمكان خصومهم أص��دار ق��رار من احملكمة‬ ‫دعما كبيرا من العواقير وبعض قبائل برقة إال أن بعض القبائل‬ ‫االبتدائية في البيضاء بانعدام قرار الدائرة الدستورية‪ ،‬وسيستمر هذا‬ ‫األخرى ال ترحب به ومن بينها املغاربة‪ ،‬التي يشكل أبناؤها معظم‬ ‫التطاحن القضائي إلى ما النهاية بينما البالد على شفا هاوية بال قعر‪.‬‬ ‫حرس املنشآت النفطية‪ ،‬كما أن خالفه مع رئيس احلكومة عبد الله‬ ‫ف�ك��رة دع��وة املجالس البلدية للحوار ت�ب��دو صائبة أك�ث��ر م��ن دع��وة‬ ‫الثني لم يعد خافيا على أحد‪ ،‬ومن الواضح أن سيناريو السيسي‬ ‫املجلس وامل��ؤمت��ر‪ ،‬ألن املجالس البلدية منتخبة‪ ،‬وه��ي في احلقيقة‬ ‫أصبح أبعد ما يكون عن حفتر‪.‬‬ ‫متثل القبائل باستثناء املدن الكبرى‪ ،‬وخاصة طرابلس وبنغازي‪ ،‬وفي‬ ‫ومثلما يتوقف املقامر عن املقامرة عندما يخسر جميع أمواله‪ ،‬يتوجه‬ ‫بعض املناطق ميثل املجلس البلدي أكثر من قبيلة عاشت بسالم في‬ ‫الليبيون إلى احلوار بعد أن انهكتهم احلرب‪ ،‬وقلبت حياتهم رأسا على‬ ‫حيزها اجلغرافي‪ ،‬ولكن في تقديري األهم هو دعوة القبائل للحوار‪،‬‬ ‫عقب‪ ،‬فاألمن مفقود في معظم مناطق ليبيا‪ ،‬واخلدمات متردية‪،‬‬ ‫عندها سيظهر بسهولة املخالف لالجماع الوطني‪ ،‬وبالرغم من مقاالتي‬ ‫واحلكومتان مفلستان‪ ،‬ومجلس النواب مفلس‪ ،‬وحفتر يعاني من نقص‬ ‫السابقة عن القبلية وخاصة عندما كنت في ليبيا‪ ،‬إال أن هشاشة‬ ‫في الذخائر‪ ،‬كما تعاني فجر ليبيا من نقص في الذخائر‪ ،‬ويبدو أن‬ ‫الكيان جتبرني على البحث عن أمنت ما في هذا الكيان الهش وهو‬ ‫الدول الكبرى عمدت إلى جتفيف الذخائر واألموال من الليبيني حتى‬ ‫القبائل بكل تاكيد‪.‬‬ ‫يجبروا على اجللوس للحوار‪.‬‬ ‫ليس ب��ال�ض��رورة أن ت��دع��ى القبائل إل��ى ح��وار جنيف أو غ��دام��س‪،‬‬ ‫لعبت األمم املتحدة الدور األكبر في استقالل ليبيا‪ ،‬حتى سميت ليبيا‬ ‫وإمنا تدعى إلى حوار مواز له‪ ،‬وعندما جتتمع القبائل تسقط فورا‬ ‫بطفل األمم املتحدة‪ ،‬ألنها أول دولة تنال استقاللها عن طريق املنظمة‬ ‫االيديولوجيا وال تبقى إال املصالح‪ ،‬وستطالب قبائل برقة بنظام ال‬ ‫األممية‪ ،‬وها هي مرة أخرى تعتمد على األمم املتحدة للخروج من‬ ‫وجود فيه لشبهة املركزية‪ ،‬كما ستطالب بحصة في النفط لتنميتها‪ ،‬في‬ ‫عنق الزجاجة‪ ،‬ولكن كل نتائج احلوار ستكون في مهب الريح‪ ،‬ما لم‬ ‫حني ستطالب مصراته بعفو عام عن كل ما جرى بعد ‪ 17‬فبراير‪ ،‬مما‬ ‫تسندها ضمانات دولية‪ ،‬بحيث يتولى مجلس األمن الدولي معاقبة كل‬ ‫سيدفع ورشفانة وترهونة والصيعان والنوايل وورفلة للمطالبة بعفو‬ ‫من يرفض احلوار أو نتائجه‪ ،‬وقد حتتاج ليبيا إلى قوات أممية على‬ ‫عام يشمل حتى ما قبل ثورة فبراير‪ ،‬وإذا رأت ورشفانة وجيش القبائل‬ ‫األرض لتتمكن من فرض نتائج احلوار‪ ،‬فهل سيقبل الليبيون بالقبعات‬ ‫والزنتان مصراته تتنازل فسيبادلونها التنازالت‪.‬‬ ‫الزرق هذه املرة‪ ،‬بعد أن رفضوها وهم يقاتلون كتائب القذافي؟‬ ‫حتى اآلن يجري احلوار بني أعضاء مجلس النواب وأعضاء سابقني‬


‫‪18‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫عندما حت��رك الليبيون كموجة واح���دة على طول‬ ‫البالد وعرضها كانوا ينشدون أمالً في حياة كرمية‬ ‫وحلم ًا ب��دول��ة مدنية حديثة مستأنسني ف��ي ذلك‬ ‫ببالدهم وثرواتها الطائلة‪.‬‬ ‫وعندما خرج عليهم رأس النظام بكل ذلك العنفوان‬ ‫جنحت أالعيبه الترهيبية حلد كبير تراجع غالبية‬ ‫ال��ن��اس ف��ي ك��ل امل��ن��اط��ق وامل����دن ال��ت��ي وق��ع��ت حتت‬ ‫سيطرته وجنوده‪ ،‬حتى بتنا نفقد األم��ل في جناح‬ ‫الثورة والتغلب على نظامه‪ ،‬والحت في األفق عدة‬ ‫سيناريوهات كان من املمكن أن تؤدي بالليبيني إلى‬ ‫الغرق في أنهار وأوحال من الدماء ليس لها آخر لوال‬ ‫لطف الله الذي قلب الشر على أعقابه‪.‬‬

‫عبدالناصر محجوب‬

‫هذا الحلم‬ ‫الذي فسد‬

‫لماذا أصبح الليبيون شعب ًا من النازحين؟!‬

‫ما أن دخل شهر رمضان حتى كانت الكفة متيل بوضوح وبكل قوة نحو‬ ‫حترير البالد ووحدتها ‪ -‬إن كنا نذكر ‪ -‬ومن وراء املتوقع حتول ذلك االجتاه‬ ‫الذي يدعو إلى حترير البالد وحرية العباد ورفع الظلم عن الشعب الليبي‬ ‫وبناء الدولة التي تضمن العدل واملساواة والوحدة دون تهميش أو انتهاك‬ ‫وانتقام‪ ..‬من وراء كل ذلك وغيره الكثير من دعوات احلرية واالستهداء‬ ‫بالله والقضاء على الفساد بكل صنوفه انقلب كل شي! ‪ ..‬رمبا يبدو األمر‬ ‫وكأن ثوار ‪ 17‬فبراير قد ارتدوا عن أهداف وآمال وأحالم الثورة والشعب‬ ‫مبجرد أن أصبحت لديهم القوة املسلحة لفرض أجوائهم جرياً وراء مصالح‬ ‫وأحقاد وأمراض‪.‬‬ ‫بدال من البدء في البناء الدولة ومؤسساتها التي كانت مغتصبة ومتهالكة‬ ‫طيلة عقود‪ ،‬ألقى أولئك األوغاد مبصلحة الوطن والشعب وراء ظهورهم‬ ‫وحتت أقدامهم‪ ،‬وبدأت مسيرة التنكيل والتهجير واالنتهاك متارس ضد‬ ‫الشعب الليبي بطريقة وبشاعة لم يشهدها الليبيون منذ مآسي االحتالل‬ ‫االيطالي‪ ،‬وأخذ املظلوم بجريرة الظالم‪ ،‬بل وفي كثير من األحيان والشواهد‬ ‫ترك الظالم والقاتل يرتع ويقتل كل شي‪ ،‬وازداد املظلوم رزحا حتت رزح‪.‬‬ ‫كنا قد قلنا أن األمر يبدو وكأن ثوار ‪ 17‬فبراير قد ارتدوا عن أهداف وآمال‬ ‫الثورة والشعب‪ ،‬ولكن احلقيقة التي أضحت جلية أمام كل الثوار الصادقني‬ ‫أن من تسلّل ولبس هيئة الثوار بعد التحرير وبعد ال�ق��رارات املشؤومة‬ ‫واملكافآت املالية املشبوهة هم من قاموا ويقومون بكل هذه األفعال التي‬ ‫يتع ّرق منها اجلبني ويستحي العار أن يسميها‪.‬‬

‫من كارثة إلى أخرى لم يجد الليبيون سوى الهجرة‬ ‫والنزوح تاركني أرضهم وأمالكهم لطغمة فاش ّية جديدة‬ ‫ارتد ثوار فبراير عن أهداف وآمال وأحالم الناس‬ ‫هل ّ‬ ‫لضمان مصاحلهم اخلاصة وتصفية أحقادهم؟‬ ‫هناك َمن تس ّلل ولبس هيئة الثوار بعد قرارات مشؤومة‬ ‫وأموال مشبوهة وهم من يتسببون بالكوارث التي يعانيها‬ ‫الليبيون اآلن‬


‫بدال من بناء دولة كانت متهالكة طيلة‬ ‫عقود بدأت مسيرة التنكيل والتهجير‬ ‫واالنتهاك ضد الشعب الليبي‬ ‫متطرف وأغلبها‬ ‫بعض املليشيات ساذج وبعضها مؤدلج وبعضها ّ‬

‫يستغل شباب ًا صغار السن والعقل سيطروا بهم على الدولة ونهبوا‬ ‫ثرواتها وعاثوا في األرض فساد ًا‬

‫ولكي يزداد األجيج وتزداد سيطرتهم كان البد من استمرار الثورة وخطابها‬ ‫واالستمرار في خلق أعدائها ومطاردتهم حتى أصبحت تهمة األزالم جاهزة‬ ‫بل وتزداد سخونة ورعونة كلما عارضهم عارض من القوى احلية‪ ،‬وأصبح‬ ‫الشارع الليبي حتكمه مليشيات تشكلت بعد التحرير وعجت بصنوف أوفر‬ ‫وأبشع من الفساد واخلطف والتعذيب والقتل والتهجير واالنتهاك‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى كثير وعجيج من التواجهات والتقاتالت باألسلحة الثقيلة واخلفيفة‬ ‫ألسباب فارغة‪ ،‬ورمبا بال سبب أحيانا‪ ،‬وحتولت بعض املدن والقرى إلى‬ ‫أطالل وخرابات وحتول السكان من مواطنني إلى ما بني مهجرين بالغصب‬ ‫واالغتصاب في داخل البالد وإلى خارجها أو نازحني نائني بأهاليهم عن‬ ‫نيران حرب التحرير التي بدأت من جديد وكأن الزمن يرجع‪ ..‬أو‪ ..‬أنه يدور‪.‬‬ ‫احلصيلة‪ ..‬أصبح الليبيون يرزحون حتت سيطرة مليشيات بعضها ساذج‬ ‫وبعضها مؤدلج أو متط ّرف‪ ،‬وغيرها جت ّر وتستعمل وتستغل شباباً صغار‬ ‫السن والعقل سيطروا بهم على الدولة ونهبوا ثرواتها وممتلكاتها وعاثوا في‬ ‫األرض فسادا على فساد‪ ،‬خدم ًة ألهواء وأطماع وترهات طغمة فاسدة ال‬ ‫تريد لهذه البالد شيئا سوى تفتيتها وإركاعها‪ ،‬وهاجر جراء هذه األعمال‬ ‫والفواجع كثير من الناس ورحلوا في الداخل واخلارج لتزداد أعداد الليبيني‬ ‫املهجرين والنازحني منذ أح��داث الثورة يوما بعد يوم وكارثة بعد أخرى‬ ‫ّ‬ ‫وتفاوتت األرقام وازدادت تفاوتاً وتكاثرت املآسي واألزمات وأصبح عدوا‬ ‫لثورة فبراير كل من يحاول أن يصلح أو يبني أو حتى يتكلم‪ ...‬يا لهذا احللم‬ ‫الذي فسد‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫شؤون ليبية‬

‫بني الوالء للظواهري والوالء للبغدادي يتم تدمير‬ ‫طرابلس اآلن‪ ..‬فبعد أن شهدت املدينة في الفترة‬ ‫األخ��ي��رة سلسلة من الهجمات بسيارات مفخخة‬ ‫وعمليات إط�لاق رص��اص وخطف واغتيال ها هي‬ ‫تستيقظ ع��ل��ى أص����وات ان��ف��ج��ار اس��ت��ه��دف فندق‬ ‫كورنثيا ال��ذي يقع في قلب العاصمة ويعتبر أحد‬ ‫أكبر أبنيتها‪.‬‬

‫عبدالله الطياري‬

‫الحرب بين داعش والقاعدة‬

‫صراع الحمقى‬ ‫على طرابلس‬



‫‪22‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫شؤون ليبية‬

‫انفجار أمام فندق كورنتيا‬ ‫قتل تسعة أش�خ��اص‪ ،‬بينهم أج��ان��ب‪ ،‬على األق��ل في هجوم انتحاري‬ ‫استهدف فندق كورنثيا‪ ،‬وتبنى تنظيم داع��ش (ف��رع ليبيا) العملية‬ ‫االنتحارية التي أطلق عليها اسم «غزوة أبو أنس الليبي»‪ ،‬فيما يبدو أنه‬ ‫رداً على وفاة أبو أنس الليبي أثناء سجنه في الواليات املتحدة‪ ،‬ووفقاً‬ ‫ملصادرنا فإن املهاجمني قد فجروا أنفسهم داخل الفندق‪.‬‬ ‫وأك��دت املصادر سقوط تسعة قتلى على األق��ل‪ ،‬من بينهم رجلي أمن‪،‬‬ ‫أثناء تبادل إطالق النار‪ ،‬وكان من بني القتلى أميركي وفرنسي وفيليبينيان‬ ‫وكوري جنوبي‪ ،‬كما أشارت األنباء إلى القبض على أحد املنفذين (الذين‬ ‫كانوا يرتدون واقيات ضد الرصاص) بينما جنح الرهائن في اخلروج من‬ ‫فجر أربعة مسلحني أنفسهم في الطابق الواحد والعشرين‬ ‫الفندق‪ ،‬بينما ّ‬ ‫أثناء محاصرتهم من قبل رجال األمن‪.‬‬ ‫رسالةعمليةكورنثيا‬ ‫أعلن داعش (والية طرابلس) وهو تنظيم ما يعرف بالدولة اإلسالمية‬ ‫رسمياً مسؤوليته عن عملية التفجير‪ ،‬وقال في بيان له‪« :‬إن اثنني من‬ ‫أبطال اخلالفة نفذوا عملية استهداف الفندق بسيارة مفخخة أسفرت‬ ‫عن مقتل ثالثة‪ ،‬فضلاً عن احتجاز رهائن من قبل التنظيم داخل الفندق»‪،‬‬ ‫ثم برر التنظيم العملية الحتواء الفندق على «بعثات دبلوماسية وشركات‬ ‫أمنية غير مسلمة وكافرة» واصفاً إياهم بالصليبيني‪ ،‬كما سارع إلى نشر‬ ‫صور على مواقعه االلكترونية تؤكد وصول أعضائه إلى قلب العاصمة‬ ‫الليبية في الوقت الذي بدأت فيه اجلولة اجلولة الثانية من مفاوضات‬ ‫جنيف‪ ،‬ولع ّل الرسالة واضحة جداً‪ :‬فداعش ليبيا غير معنية باحلوار‬ ‫ال��ذي يبدو أنه سيحقّق بعض النتائج‪ ،‬ومع هذه الواقعة فإن أطراف‬ ‫الصراع ومعادالته مقبلة على التغ ّير خالل األيام القادمة‪.‬‬ ‫مت تنفيذ العملية انتقاماً للمدعو «أبو أنس الليبي» – كما أعلنت داعش –‬ ‫وهو قيادي في تنظيم القاعدة كان متهما باملشاركة في تفجير سفارتي‬ ‫الواليات املتحدة في إفريقيا في ‪ ،1998‬وقد أعلنت وفاته في الثالث من‬ ‫شهر يناير اجلاري في مستشفى في نيويورك قبل أيام من بدء محاكمته‬ ‫في قضية تفجير سفارتي الواليات املتحدة في إفريقيا عام ‪.1998‬‬ ‫وكان أبو أنس (اسمه احلقيقي نزيه عبداحلميد الرقيعي وعمره ‪50‬‬ ‫عاماً) على الئحة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي ‪ )FBI‬ألهم‬ ‫املطلوبني‪ ،‬حيث اعتقله عناصر من القوات األميركية اخلاصة في عملية‬ ‫نفذت في أكتوبر ‪ 2013‬حيث اختطف من أمام منزله بطرابلس‪.‬‬ ‫احلرب على جبهة مفتوحة‬ ‫الصراع بني تنظيم القاعدة الذي يدين بالوالء اآلن للظواهري وهو خليفة‬ ‫بن الدن‪ ،‬وبني تنظيم داعش الذي يدين بالوالء للبغدادي‪ ،‬وهو قاعدي‬

‫سابق منشق وغير معروف األصل‪ ،‬بدأ يأخذ صورة واضحة منذ فترة‬ ‫ليست طويلة‪ ،‬ولع ّل اجلزائر كانت أولى حلبات الصراع بينهما‪ ،‬بعد أن بدأ‬ ‫داعش إرسال تابعيه لتأسيس «والية اجلزائر اإلسالمية»‪.‬‬ ‫استتبع إعالن الوالية اجلديدة تكفير قياديي القاعدة في بالد املغرب‬ ‫اإلسالمي الذين رفضوا مبايعة البغدادي‪ ،‬فرد تنظيم القاعدة على هذا‬ ‫التصريح بإرسال توجيهات إلى فروعه منها اجلزائر إلى مقاطعة داعش‪.‬‬ ‫عمل داعش بعد هذا املوقف إلى اإلعالن عن أنه حصل «بصفة رسمية»‬ ‫على مبايعة القاعدة في اجلزائر ضمن ‪ 5‬مبايعات أخرى كانت تابعة‬ ‫للقاعدة‪ ،‬وهي جند اخلالفة في اجلزائر‪ ،‬وأنصار الشريعة في تونس‪،‬‬ ‫وأنصار بيت املقدس في مصر‪ ،‬وأنصار الشريعة في ليبيا‪ .‬مع اإلعالن‬ ‫عن أن رفض مبايعة داعش يستتبع تكفير الرافضني أينما كانوا‪.‬‬ ‫زعيم القاعدة في بالد املغرب اإلسالمي عبد املالك دروكدال‪ ،‬باالتفاق‬ ‫مع زعيم القاعدة أمين الظواهري‪ ،‬واصل تنديده بداعش ورفض اخلالفة‬ ‫متوعداً بالنيل من اخلونة‪ ،‬أي القاعديني‬ ‫مع إعادة مبايعة الظواهري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الذين انحازوا إلى داعش‪.‬‬ ‫البغدادي من جهته ر ّد في خطبة له‪« :‬إلى سيوف التوحيد في ليبيا وتونس‬ ‫واجلزائر واملغرب‪ ،‬يا صناديد اجلهاد يا أحفاد موسى وعقبة وطارق وابن‬ ‫تاشفني‪ ،‬ال خير فيكم إذا سلمتم البالد لبني علمان وفيكم عني تطرف‪،‬‬ ‫كال فأنتم اخلير واخلير لكم‪ ،‬نعم فكل ساحة جهاد وأنتم وقودها ومددها‬ ‫ومن قاداتها‪ ،‬داعيا من يصفهم بـ»جنوده» إلى «إشعال األرض نارا وتفجير‬ ‫براكني اجلهاد في كل مكان»‪ .‬لقد أعلن الطرفان احلرب بينهما بينهما‪،‬‬ ‫أما جبهات القتا فهي جبهات مفتوحة وتشمل بالطبع عواصم املغرب‬ ‫العربي بدون استثناء‪.‬‬ ‫تدمر طرابلس‬ ‫حرب احلمقى ّ‬ ‫كانت الصفة املالزمة لداعش والقاعدة هي اإلره��اب‪ ،‬أما بعد إعالن‬ ‫احلرب على بعضهما البعض فإن الصفة املالزمة ستكون حتماً‪ :‬الغباء‬ ‫واحل ْمق‪ .‬ماذا عن اإلسالم؟ لسان حال الدواعش والقاعديني ي ّرد على‬ ‫اجلميع‪ :‬فليذهب اإلس�لام إل��ى اجلحيم إذا ك��ان ذل��ك يعني اإلخ�لال‬ ‫باملبايعة!‪.‬‬ ‫في طرابلس يحاول تنظيم داعش االستفراد بالزعامة في ليبيا وفرض‬ ‫سيطرته على مؤسسات الدولة واملنشآت احليوية‪ ،‬وذلك باجتثاث ك ّل‬ ‫خاصة إذا‬ ‫من يقف أمامه ويحول دون حتقيق أهدافه االستراتيجية‬ ‫ّ‬ ‫تعلّق األمر بتنظيم آخر له أتباعه واملوالون له من كتائب ومجموعات‬ ‫إرهابية‪ ،‬على رأسها القاعدة‪ ،‬ويليها اإلخوان املسلمني وأذرعه العسكرية‬ ‫مثل تنظيم «فجر ليبيا»‪.‬‬


‫تنظيم داعش يراود األمازيغ‬ ‫دع����ا ف����رع ت��ن��ظ��ي��م داع�����ش ف���ي ط��راب��ل��س‪،‬‬ ‫األمازيغ الطوارق في كل من ليبيا واجلزائر‬ ‫وشمال مالي‪ ،‬لاللتحاق بالتنظيم ومبايعة‬ ‫أبوبكر البغدادي‪.‬‬ ‫ج��اء ذل��ك ف��ي تسجيل باللغة األمازيغية‬ ‫منسوب ملقاتلني من التنظيم نشرته مواقع‬ ‫جهادية‪ ،‬على مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫حتت عنوان «رسالة إلى إخواننا املوحدين»‪،‬‬ ‫وبدأ التسجيل بعبارة «فيديو إلعالم والية‬ ‫طرابلس التابعة لدولة اخلالفة (داعش)»‪.‬‬ ‫وق���ال أح���د ه���ؤالء امل��ق��ات��ل�ين ال���ذي يسمي‬ ‫نفسه أبوسليمان الطارقي‪« :‬هذه رسالة إلى‬ ‫إخواننا في كل مكان سواء في ليبيا أو مالي‬ ‫أو اجلزائر‪ ،‬آن األوان يا إخواتي لكي نبايع‬ ‫دول���ة اخل�لاف��ة‪ ،‬ألن ه���ذه ال��دول��ة تختلف‬ ‫حقيقة عما يقوله الناس عنها»‪.‬‬

‫هكذا ف ّوض البغدادي تابعيه في ليبيا واملوالني له الحتواء تنظيم أنصار‬ ‫الشريعة في بنغازي‪ ،‬ومحاولة تطويعه بغرض إضعاف القاعدة وضرب‬ ‫أنصارها‪ ،‬وزادت حدة االحتقان بني داعش والقاعدة بعد مقتل محمد‬ ‫علي الزهاوي‪ ،‬أمير تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا‪ ،‬الذي كان يعتزم‬ ‫إعالن مبايعته لداعش‪ ،‬لوال مقتله أواخر العام املاضي‪.‬‬ ‫ودخل تنظيم جند اخلالفة على ّ‬ ‫خط الصراع حيث أرسل برقية إلى‬ ‫البغدادي تضمنت ما أسماه التنظيم «االنحرافات العقدية لتنظيم أنصار‬ ‫الشريعة بعد مقتل الزهاوي»‪.‬‬ ‫تؤكد املصادر األمنية أن تنظيم القاعدة في املغرب اإلسالمي‪ ،‬يشهد‬ ‫حالة مترد يقودها عدد من أمراء التنظيم‪ ،‬ضد عبداملالك درودكال من‬ ‫أجل إزاحته‪ ،‬كما يشهد انشقاقات واسعة قد تؤدي القتتال داخلي ألن‬ ‫مجموعة كبيرة من املنشقني بايعت «خليفة» الدولة اإلسالمية‪.‬‬ ‫واملعلوم أن تنظيم القاعدة أعلن رفضه الصريح خلالفة البغدادي وللدولة‬

‫اإلسالمية العتبارات ع ّدة لع ّل أبرزها كما يراها خبراء ومراقبون‪ ،‬هي أ ّن‬ ‫الظواهري لم يتوقع أن يت ّم مبايعة خليفة للمسلمني غيره باعتباره شيخ‬ ‫املجاهدين وأميرهم واحلامل للمشروع اإلسالمي بعد أسامة بن الدن‪.‬‬ ‫والسبب الثاني يعود إلى العزلة السياسية واجلهادية للقاعدة خاصة بعد‬ ‫ظهور العديد من التنظيمات اإلسالمية املوازية لها والتي تتبنى أطروحات‬ ‫املوحدين وظهور سياسة التحالفات‬ ‫مخالفة‪ّ ،‬‬ ‫مما أ ّدى إلى تص ّدع وحدة ّ‬ ‫بني التنظيمات اجلهادية‪.‬‬ ‫وبقدر ما شكلت االنشقاقات املتتالية في صفوف قاعدة املغرب اإلسالمي‬ ‫لصالح داعش‪ ،‬ضربات قاصمة لظهر أمير التنظيم‪ ،‬عبداملالك درودكال‪،‬‬ ‫الذي أكد وفاءه للقائد املرجعي للقاعدة‪ ،‬بقدر ما شكلت املسألة هاجسا‬ ‫أمنيا حقيقيا لدول املغرب العربي‪ ،‬خاصة وأن تنظيم داعش قد ّ‬ ‫حط‬ ‫رحاله على األراضي الليبية منذ فترة ليساهم في تأجيج املخاوف من‬ ‫إمكانية تنفيذه لهجمات إرهابية ض ّد بعض دول اجلوار‪.‬‬


‫‪24‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫وجهة نظر‬

‫فيلم أمريكي طويل*‬ ‫جاء شتاء العام ‪ 1979‬قاسيا على أفغانستان‪ ,‬حيث تهاطلت الثلوج بغزارة ثقيلة لم‬ ‫تعرفها البالد منذ عقود‪ ,‬متزامنة مع جناح خطة أمريكية سرية الستدراج الدب الروسي‬ ‫الى املستنقع األفغاني املجاور للمياه الدافئة التى يحلم الروس منذ رحيل القياصرة‬ ‫‪ 1917‬بالسيطرة عليها أقترابا من حتقيق مشروع أوراسيا ( أوروب��ا وآسيا ) فى مواجهة‬ ‫املشروع الرأسمالي‪.‬‬

‫محمود البوسيفي‬

‫‪m_albosifi@aol.com‬‬

‫وقف زبينغيو بريجنسكي مستشار مجلس األمن القومي األمريكي‬ ‫فى إدارة جيمي كارتر في مطلع العام ‪ 1980‬ي��ذرف الدموع فى‬ ‫بيشاور الباكستانية ( كان يحكم الباكستان حينذاك اجلنرال ضياء‬ ‫احلق ) وهو يسرح البصر على أمتداد حدودها مع أفغانستان معربا‬ ‫عن شديد تأثره البالغ ملعاناة الشعب األفغاني املسلم حتت األحتالل‬ ‫السوفياتي األحلادي ‪ ..‬وحتدث عن األسالم وكأنه أمام مسجد وعن‬ ‫املسلمني وكأنه من أحفاد صالح الدين‪.‬‬

‫(‪)3-1‬‬

‫في السابع من مايو ‪ 1250‬رحل امللك ( لويس التاسع ) رحل من‬ ‫ميناء دمياط ‪ ,‬بعد شهر من األعتقال ب��دار أبن لقمان باملنصورة‬ ‫عقب خسارته احلربية على ضفافها ‪.‬وبعد تقدمي فدية ضخمة له‬ ‫ولزوجته وأبنه الذي ولد أثناء األعتقال وجلنده تقدر بعشرة ماليني‬ ‫من الفرنكات الفرنسية‪ ,‬اتاحت له فترة األعتقال التفكير العميق في‬ ‫أسباب الهزمية التى مني بها ‪ ,‬وخلص امللك الى تعليقات عرفت‬ ‫بوصية لويس التاسع منها على سبيل املثال ما نصه (( اذا أردمت‬


‫بريجنسكي يتحدث عن اإلسالم كأنه‬ ‫إمام مسجد ‪ ..‬وعن املسلمني كأنه من‬ ‫أحفاد صالح الدين‬

‫صوب مجتمع أكبر من قبل األمم املتطورة‬ ‫أن تهزموا املسلمني فال تقاتلوهم بالسالح‬ ‫واملتقدمة‪ ,‬من خالل عدد من الروابط غير‬ ‫وح���ده‪ ,‬فقد هزمتم أم��ام�ه��م ف��ي معركة‬ ‫املباشرة باالضافة الى جتديدات متطورة‬ ‫السالح‪ .‬ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي‬ ‫تتسق مع السيادة القومية ‪ ..‬وبالرغم من‬ ‫مكمن قوتهم ))‪.‬‬ ‫"إذا أردمت أن تهزموا املسلمني‬ ‫أن هدف تشكيل مجتمع من األمم املتقدمة‬ ‫أدعو القارئ الكرمي الى التفاعل معي فى‬ ‫حاربوهم في عقيدتهم"‬ ‫هو أقل طموحا من هدف احلكومة العاملية‬ ‫ربط األحداث ولضم مفاصلها وصوال الى‬ ‫املوحدة ولكنه األكثر امكانية ‪.‬‬ ‫قراءة مشتركة تقودنا الى بناء وعي ال يتوكأ‬ ‫‪ ..‬من وصية لويس التاسع‬ ‫ك��ان بريجنسكي يقول دائما بعدم جدوى‬ ‫فقط على األعتقاد بنظرية ( املؤامرة ) ولكن‬ ‫احل� ��رب امل �ب��اش��رة م��ع ال �س��وف �ي��ات ال��ذي��ن‬ ‫ملواجهتها معرفيا وتأسيس ما ميكن وصفه أمريكا جتلس على مقاعد املتفرجني بعد‬ ‫يعتبرهم العدو األول للغرب ‪ .‬وقام بالتنظير‬ ‫مبصفحات الهوية التى ال حتتقر اآلخر وال‬ ‫جناحها في خلق حتديات تواجه الدب‬ ‫فى املواجهة الى خلق حتديات تواجه الدب‬ ‫تستجيب لضغوطه السياسية واالقتصادية‬ ‫الروسي على األط��راف وأن تكتفى أمريكا‬ ‫الخ ‪ ..‬هوية منفتحة بقدر أعتزازها مبكونها‬ ‫الروسي على األطراف‬ ‫بالدعم اللوجستي والسياسي واألعالمي‬ ‫املرجعي‪ .‬وأتابع معك أيها القارئ الكرمي ‪..‬‬ ‫وهي جالسة على مقاعد املتفرجني ‪ ,‬كان‬ ‫خصصت‬ ‫قليلة هي الكتب واملتابعات‬ ‫التىبيلدربيرغ) خروج السوفيات من أفغانستان كان األب‬ ‫ي��درك أن ال��روس هم من صد أكبر ثالث‬ ‫للبحث فى كنه وماهية ( نادي‬ ‫وهو أحد املراكز املغلقة والتى تبحث بشكل الشرعي لظهور نقابة تضامن البولندية‬ ‫موجات تدميرية ( التتار ‪ ,‬نابليون ‪ ,‬هتلر )‬ ‫وأن أية حرب مباشرة معهم ستكبد الطرف‬ ‫سري متاما فى شؤون العالم‪ ,‬من بني هذه‬ ‫الكتب ما أصدره األمريكي دانييل استولني اللجنة الثالثية في نادي بيلدربيرغ تنحت‬ ‫اآلخ ��ر خسائر ال ميكن حت��دي��د أرقامها‬ ‫الفلكية ‪ ..‬ومن هنا بدأ األستدراج الى جبال‬ ‫فى النصف األول من األلفية الثالثة ( القصة‬ ‫مصطلح الفوضى اخلالقة وتترك مهمة‬ ‫ك��اب��ول وك�ه��وف قندهار وأن �ف��اق ت��ورا ب��ورا‬ ‫احلقيقية لنادي بيلدربيرغ) و أردفه بالكتاب‬ ‫تسويقه لكونداليزا رايس‬ ‫ليبدأ مسلسل التراجع األنهياري فى أحتاد‬ ‫الثاني ( أسرار نادي بيلدربيرغ)‪ ..‬ويخلص‬ ‫اجلمهوريات السوفياتية ‪.‬‬ ‫الكاتب فى متابعاته الى أن النادي وألكثر‬ ‫ومباشرة حتول النظام العلماني فى ايران‬ ‫من (( خمسني عاما من األجتماعات ـ يعقد‬ ‫الى نظام أسالمي ‪ .‬وجنحت خطة أستدراج‬ ‫أجتماعا سنويا وميكن اجتماعني أضطرارا‬ ‫صدام حسني للصدام مع النظام اجلديد فى‬ ‫ـ ولم يحصل أن تسربت ولو معلومة واحدة‬ ‫طهران ‪ ,‬وقبلها أتفاقية كامب ديفيد وتسهيل‬ ‫حول املواضيع والقرارات التى جرى أتخاذها‬ ‫السادات للجماعات األسالمية اخلروج من‬ ‫‪ .‬ولكن املراقب لألحداث وتطورها عقب‬ ‫ال�ظ�لام ال��ى ال�ن��ور ملساعدته ف��ى أجتثاث‬ ‫كل أجتماع يقود دائما لالستنتاج الذي ثبتت‬ ‫ال�ن��اص��ري�ين وال �ي �س��ار ب��وج��ه ع ��ام وأنتهت‬ ‫صحته فى معظم األحيان ))‪ ..‬ومنذ فترة‬ ‫مب�ص��رع��ه ع�ل��ى أي� ��دى م��ن أطلقهم على‬ ‫أنشأ النادي موقعا على الشبكة العنكبوتية‬ ‫الناس ‪ ..‬خ��روج السوفيات من أفغانستان‬ ‫يجمل بعض امل��واض�ي��ع التى يستعرضها‬ ‫( ‪ )1989-1988‬كان األب الشرعي لظهور‬ ‫في لقاءاته ‪ ..‬ومن بينها الدميقراطية في‬ ‫نقابة تضامن البولندية التى قادها عامل‬ ‫ال�ش��رق األوس ��ط ‪ .‬والتحديات الداخلية‬ ‫الكهرباء ليخ فاونسا فى ميناء غدانسك‬ ‫ف��ى الصني ‪ ,‬االق�ت�ص��ادي��ات الطالعة بني‬ ‫البولندي وجناحها في أسقاط حكم حزب‬ ‫املسؤليات والوظائف‪ ,‬التطور التقني في‬ ‫( العمال ) ‪ ,‬لتكر السبحة في باقي دول املنظومة الشرقية وتتداعى‬ ‫األقتصاد الغربي جمود أو وعود ‪ ,‬حتديات األحتاد األوروبي ‪ ,‬روسيا‬ ‫للسقوط فى متظهر عصري للعبة الدومينو‪.‬‬ ‫بوتني ‪..‬عودة القلق ‪.‬‬ ‫ك��ان بريجنسكي من األعضاء الفاعلني فى ن��ادي بيلدربيرغ ومن‬ ‫يتشكل أعضاء النادي من بعض رؤساء الدول (في أوروب��ا وأمريكا‬ ‫املؤسسني للجنة الثالثية التى نحتت مصطلح الفوضى اخلالقة‬ ‫الشمالية) وبعض رؤساء الوزارات ووزراء املالية واألقتصاد ورؤساء‬ ‫الذي سوقته كونداليزا رايس فى ‪ 2005‬بهدف أشاعة الدمقراطية‬ ‫الشركات وامل �ص��ارف العمالقة وع��دد م��ن اجل �ن��راالت واخل�ب��راء‬ ‫وحقوق األنسان الخ الخ من شعارات عملت الواليات املتحدة عبر‬ ‫واألختصاصيني فى مجاالت مختلفة ‪ ,‬وه��و حكر على األوربيني‬ ‫شبكة منظمات التدريب على تأمني مجموعات كبيرة من شباب‬ ‫واألمريكان فقط ‪ ..‬وفي ‪ 1973‬أعلن رئيس مصرف تشيس مانهاتن‬ ‫الوطن العربي للحصول على تدريب كاف ملواجهة األستبداد وتكريس‬ ‫ديفيد روكلفر بأستشارة ضاغطة زبينغيو بريجنسكي تشكيل ما‬ ‫الدمقراطية وهو ما أنتج ما يعرف بالربيع العربي ‪.‬‬ ‫يعرف ب((اللجنة الثالثية)) _ أمريكا ‪ .‬أوروبا ‪ .‬اليابان _ وحدد‬ ‫بريجنسكي أه��داف اللجنة بأنها في تنفيذ خطط وبرامج مجلس‬ ‫في العدد القادم أتابع معك أيها القارئ ملحمة اخلراب التى‬ ‫العالقات اخلارجية ( األمريكي ) خللق احلكومة العاملية املوحدة أو‬ ‫أبتكرتها أمريكا للسيطرة على العالم ‪ ..‬حتى وهو على حافة‬ ‫ما أصطلح على تسمية جنينه الفكري بالعوملة ‪ ..‬ويقول فى هذا‬ ‫الدمار ‪.‬‬ ‫الصدد في كتابه دور أمريكا في عصر التكنولوجيا األلكترونية ‪ :‬ان‬ ‫فيلم أمريكي طويل ‪ :‬مسرحية للفنان زياد رحباني‬ ‫اعالن سيادة السلطة القومية لم يعد مفهوما أو مقبوال ‪ ,‬التحرك‬

‫*‬


‫‪26‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫تقارير‬ ‫العقيدة الدينية أخطر أدوات التالعب بالعقول‬

‫كيف يتحول أشخاص طبيعيون فجأة إلى ذ ّباحني؟ يعود تييري ميسان مرة ثانية إلى هذه الظاهرة التي لم‬ ‫يتوقف منذ ثالثة عشر عاما عن إدانتها‪ :‬بعض اجلهاديني ليسوا تكفيريني‪ ،‬أومرتزقة‪ ،‬لكن متت «تهيئتهم»‬ ‫بطريقة جعلت منهم قتلة‪.‬‬

‫تييري ميسان ( شبكة فولتير) ‪ -‬ترجمة‪ :‬سعيد هالل الشريفي‬

‫‪..‬ومن يتالعب‬ ‫كيف َ‬ ‫بالجهاديين؟‬


‫سي‪.‬آي‪ .‬إيه واجليش األمريكي من أوائل املنفذين‬ ‫لبحوث حتويل البشر الطبيعيني إلى قتلة وانتحاريني‬ ‫باراك أوباما مينع نشر نتائج التحقيق الذي أجراه‬ ‫الكونغرس حول جرائم املخابرات األمريكية‬ ‫جتارب التالعب بالعقول انتقلت من‬ ‫الواليات املتحدة إلى إسرائيل‬ ‫أكد وزير الدفاع الفرنسي‪ ،‬جان ايف لودريان معلومات أوردتها‬ ‫إذاع� ��ة ف��رن�س��ا ال��دول �ي��ة ع��ن ع �ش��رات م��ن اجل �ن��ود الفرنسيني‬ ‫«ال �ق��دام��ى» ال��ذي��ن ي�ق��ات�ل��ون ح��ال�ي��ا إل��ى ج��ان��ب امل�ج��اه��دي��ن في‬ ‫تنظيم داعش‪ ،‬وذكر أيضا أنها حالة نادرة جدا؟!‪.‬‬ ‫ف��ي ه ��ذه احل��ال��ة ك �م��ا ف��ي ك��ل احل� ��االت ال �س��اب �ق��ة‪ ،‬ك ��ان جميع‬ ‫العسكريني الفرنسيني املتورطني مع اجلهاديني إم��ا مرتزقة أو‬ ‫أعضاء في اإلدارة العامة لألمن اخل��ارج��ي‪ .‬وك��ان بوسع الوزير‬ ‫إج��راء «حتقيق إداري» ح��ول جتنيد اجل�ه��ادي�ين داخ��ل هاتني‬ ‫الوحدتني العسكريتني‪ ..‬لكنه لم يفعل‪.‬‬ ‫من جانبنا‪ ،‬فإننا نؤكد أن هؤالء اجلنود «القدامى» لم يعودوا‬ ‫يخضعون لسلطة وزارة ال��دف��اع‪ ،‬مل ��اذا؟ ألن�ه��م مكلفون مبهمة‬ ‫محددة من قصر االليزيه (بناء على طلب صريح من اجلنرال‬ ‫بنوا بيغا رئيس هيئة أركان رئيس اجلمهورية)‪.‬‬ ‫ه ��ذه ه��ي احل�ق�ي�ق��ة‪ ،‬ف�ف��ي ش�ه��ر ‪-‬ف �ب��راي��ر ‪ 2012‬أل �ق��ي القبض‬ ‫على ‪ 19‬عسكري فرنسي بينما كانوا ي��درب��ون املجاهدين في‬ ‫«اجل�ي��ش ال �س��وري احل ��ر»‪ .‬وق��د مت اإلف ��راج عنهم على دفعتني‬ ‫ك�ج��زء م��ن ات�ف��اق سياسي ُأب ��رم م��ع س��ارك��وزي إب��ان حت��ري��ر بابا‬ ‫عمر حيث أقامت فيه فرنسا إم��ارة إسالمية‪ .‬أما اجلديد الذي‬ ‫يعد سابقة فهو أن يأتي األميرال ادوار غيو رئيس هيئة أركان‬ ‫اجليوش الفرنسية بنفسه إلى نقطة احلدود بني سورية ولبنان‬ ‫ليستقبل الدفعة األولى من السجناء املفرج عنهم‪ ،‬مدعيا أنهم‬ ‫جنود سابقون من الفيلق األجنبي (راجع أيض ًا العدد السابق من‬ ‫املستقل للمزيد من املعلومات حول الفيلق األجنبي)‪.‬‬

‫ف�ج��أة أص�ي��ب ال �ق��ادة األوروب� �ي ��ون ب��ال��رع��ب ل��دى اكتشافهم أع��داد‬ ‫اجل�ه��ادي�ين ال��ذي��ن أنتجتهم سياساتهم ف��ي ب�ل��دان�ه��م‪ ،‬إض��اف��ة إلى‬ ‫حجم اجل��رائ��م التي يرتكبونها‪ .‬مع ذل��ك‪ ،‬ارتفعت أص��وات في كل‬ ‫من بريطانيا وفرنسا مطالبة مبعرفة كيف ميكن ألشخاص‪ ،‬كانوا‬ ‫محبوبني في محيطهم‪ ،‬أن يذهبوا هكذا فجأة إلى سورية أو العراق‪،‬‬ ‫ويتحولوا هناك إلى ذ ّباحني؟‪.‬‬ ‫هذه األصوات تتحدث عن عمليات «تالعب بالعقول» دون الذهاب في‬ ‫غالب األحيان إلى املسببات‪ :‬ألنه في حال اإلقرار بخضوع اجلهاديني‬ ‫األوروبيني في الوقت احلالي لعمليات «تالعب بعقولهم»‪ ،‬هذا يعني‬ ‫أن ثمة جهاديني آخرين مت التالعب بعقولهم أيضا خالل الثالثة عشر‬ ‫سنة املاضية‪ ،‬مما يقتضي مراجعة قناعاتهم بكل ما سبق‪.‬‬

‫كانت س��ي‪.‬آي‪ .‬إيه‪ ،‬واجليش األمريكي من أوائ��ل املنفذين للبحوث‬ ‫املتعلقة بتحويل البشر الطبيعيني إلى قتلة‪ ،‬حتت اسم رمزي‪ :‬مشروع‬ ‫شاتر (‪ ،)1953 - 1947‬وآخران حتت اسم مشروع بلوبيرد ومشروع‬ ‫أرتيشوك (‪ )1953 - 1951‬وأخيرا مشروع مكولترا (‪.)73 - 1953‬‬ ‫هذه البرامج التي أدارها علماء نازيون في الواليات املتحدة‪ ،‬توصلوا‬ ‫إل��ى اكتشافات ف��ي آث��ار التنومي املغناطيسي‪ ،‬واحل��رم��ان احلسي‪،‬‬ ‫واالع �ت��داء اجل�ن�س��ي‪ ،‬وامل��خ��درات‪ ،‬فضال ع��ن أش�ك��ال م�ت�ع��ددة من‬ ‫التعذيب‪.‬‬ ‫كانت األبحاث تهدف إلى اإلجابة على السؤال التالي‪ :‬هل بوسعنا‬ ‫السيطرة على شخص إل��ى درج��ة جتعله ينفذ ك��ل م��ا يطلب منه‪،‬‬ ‫حتى لو كان األمر ضد إرادته‪ ،‬مبا فيها القوانني األساسية للطبيعة‪،‬‬ ‫كاحلفاظ على النفس؟‪.‬‬ ‫مت إتالف جزء كبير من سجالت هذه األنشطة عام ‪ 1973‬بأمر من‬ ‫مدير سي‪.‬آي‪.‬إيه‪ ،‬ريتشارد هيلمز‪.‬‬ ‫مع ذل��ك‪ ،‬فإن جلنة التحقيق في مجلس الشيوخ برئاسة السناتور‬ ‫فرانك تشارش‪ ،‬وكذلك أعمال مدير آخر لوكالة سي‪.‬آي‪.‬إيه‪ ،‬األميرال‬ ‫ستانسفيلد تورنر‪ ،‬كشفت أن أكثر من ‪ 30‬جامعة شاركت في هذه‬ ‫األب�ح��اث التي ضمت أكثر م��ن ‪ 150‬مشروعا جتريبيا منفصال‪.‬‬ ‫أجريت هذه البحوث في الواليات املتحدة‪ ،‬وفي الدول األعضاء في‬ ‫حلف شمال األطلسي‪ ،‬من دون علم شعوب تلك البلدان‪.‬‬ ‫وفقا لسجالت سي‪.‬آي‪.‬إيه املتوفرة مؤخرا‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬فقد‬ ‫أجرت الوكالة عام ‪ 1951‬جتربة «تكييف» في قرية فرنسية تدعى‬ ‫بون سانت اسبري‪ ،‬دون علم سكانها‪ .‬عمدوا إلى نثر مادة كيميائية‬ ‫(ل‪.‬اس‪.‬دي)‪ ،‬بواسطة مبخرة‪ ،‬نتج عنها حدوث جنون جماعي في‬ ‫القرية‪ ،‬أودى خالل بضع ساعات بحياة سبعة أشخاص‪ ،‬و‪ 32‬حالة‬ ‫مرضية ال رجوع فيها‪.‬‬ ‫بوسعنا االعتقاد اآلن بأنه قد مت إجراء حتسينات على هذه التقنية‬ ‫لدى تطبيقها في مدينة الرقة بشكل سمح بتحويل سكان هذه املدينة‬ ‫إلى مجموعة قادرة على سحق أبناء جلدتها حتت قدميها‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ ،1973‬أوقفت ال��والي��ات املتحدة ه��ذا الصنف من األبحاث‪،‬‬ ‫أو باألحرى حولتها إلسرائيل‪ .‬ولم تستأنفها إال عام ‪ ،2001‬حتت‬ ‫إش��راف البروفسور مارتن سيليغمان‪ ،‬بعد أن أقامت لهذا الغرض‬ ‫معسكر اكس‪ -‬راي في غوانتانامو‪.‬‬ ‫لم يكن الهدف من اللجوء لهذا الصنف من التعذيب‪ ،‬جعل فئران‬ ‫مختبراتهم تعترف مبا لم تقترف‪ ،‬بل تلقينهم اعترافات خيالية‬ ‫يتبنونها بكل اعتزاز‪.‬‬ ‫ال ي ��زال ال��رئ�ي��س أوب��ام��ا مينع نشر نتيجة التحقيق ال ��ذي أج��راه‬ ‫الكونغرس حول هذه اجلرائم‪.‬‬ ‫مت توثيق هذه الوقائع على نطاق واسع‪ ،‬بشكل دخلت فيه عمق الثقافة‬ ‫الشعبية‪ ،‬وأدت إلى إنتاج كميات كبيرة من أعمال اخليال العلمي‪ ،‬في‬ ‫التلفزيون كما في السينما األمريكية‪.‬‬ ‫إذا كنا نسلم بأن هذه التجارب قد أدت إلى بعض النتائج‪ ،‬يجب أن‬ ‫نقر بالتالي أنه بوسع الواليات املتحدة واسرائيل «تكييف» أشخاص‬ ‫طبيعيني‪ ،‬بجعلهم‪ ،‬ال ميارسون القتل فحسب‪ ،‬بل ينفذون هجومات‬ ‫انتحارية أيضا‪.‬‬ ‫( ) نشر هذا المقال بموجب رخصة المشاع‬ ‫اإلبداعي (‪.)CBY-NC-ND‬‬


‫‪28‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫اقتصاد‬

‫بين الغني والفقير‪ ..‬الهوّة تزداد‪:‬‬

‫األلم واألمل‬ ‫في تقرير صادم عن ثروات العالم‬


‫ن�ش��رت منظمة أوك�س�ف��ام البريطانية اخل�ي��ري��ة ملكافحة‬ ‫الفقر تقرير ًا بعنوان «ال�ث��روة‪ :‬امتالك كل ش��يء وه��ل من‬ ‫مزيد»‪ ..‬تؤكد فيه أن ثروة األثرياء زادت من ‪ 44%‬في عام‬ ‫‪ 2009‬إلى ‪ 48%‬في عام ‪ ،2014‬ومن املتوقع أن تتخطى‬ ‫اخلمسني في املئة سنة ‪.2016‬‬

‫إياد بن علي‬

‫حفنة األثرياء حول العالم يزدادون ثراء‪،‬‬ ‫وسيمتلكون أكثر مما يتمكن كل البشر من جمعه‬ ‫ثروة أغنى ‪ 80‬شخص ًا في العالم سنة ‪ 2014‬كانت‬ ‫تعادل ما لدى ثالثة ونصف مليار إنسان‬

‫‪iyadbenali@gmail.com‬‬

‫وكشفت املنظمة أن التفاوت في توزيع ثروات العالم سيؤدي إلى‬ ‫احتكار ‪ 1%‬من السكان لنصف ثروات الكرة األرضية في العام‬ ‫املقبل‪ ،‬وأوضحت أن ث��روة أغنى ‪ 80‬ف��ردا في العالم تعادل ما‬ ‫ميلكه النصف األفقر من إجمالي سكان العالم أي نحو ‪ 3.5‬مليار‬ ‫شخص‪ ،‬وأن أعضاء هذه النخبة الدولية كانوا ميلكون في العام‬ ‫‪ 2014‬ما معدله ‪ 2.7‬مليون دوالر للبالغ الواحد‪.‬‬ ‫ونوه القائمون على التقرير إلى أنه في حال تواصلت وتيرة جني‬ ‫األموال من قِ بل األثرياء على النحو ذاته‪ ،‬فإن ذلك سيعني حتكم‬ ‫هؤالء بأكثر من ‪ 50%‬من ثروات العالم في عام ‪.2016‬‬ ‫في هذا الصدد صرحت املديرة التنفيذية للمنظمة اخليرية‪ ،‬التي‬ ‫تتناوب على رئاسة املنتدى االقتصادي في دافوس ويني بيانييما‬ ‫بأن تفاقم عدم املساواة يعرقل مكافحة الفقر‪ ،‬وقالت‪« :‬حجم‬ ‫التفاوت العاملي كبير جدا‪ ،‬فالهوة بني أثرى األثرياء وبقية السكان‬ ‫تتسع بسرعة»‪ ،‬وتساءلت‪« :‬هل نريد حقا أن نعيش في عالم ميلك‬ ‫‪ 1%‬منه ما يزيد على ما منلكه نحن مجتمعني؟»‪ .‬وأضافت‪:‬‬ ‫«ال�ف�ش��ل ف��ي ح��ل ال �ت �ف��اوت سيعيد احل ��رب ع�ل��ى ال�ف�ق��ر ع�ق��ودا‬ ‫إل��ى ال��وراء‪ .‬الفقراء يتضررون مرتني من تفاقم ع��دم املساواة‪،‬‬ ‫سيحصلون على نصيب أقل من كعكة النمو االقتصادي‪ .‬وألن‬ ‫التفاوت احلاد يضر النمو ستكون الكعكة املتاحة للتقسيم أصغر»‪.‬‬ ‫هذا وكان املسؤولون في أوسكفام قد أفادوا بأنه سوف يدعون‬ ‫إلى التحرك ملكافحة زيادة انعدام املساواة خالل اجتماع دافوس‪،‬‬ ‫مع اإلشارة إلى التهرب الضريبي للشركات‪ ،‬وضرورة حتقيق تقدم‬ ‫للتوصل إلى اتفاق عاملي بشأن تغير املناخ كذلك‪.‬‬ ‫«أوكسفام» دعت الدول إلى اعتماد خطة للحد من هذا التفاوت‪،‬‬ ‫من خ�لال مكافحة التهرب الضريبي وتعزيز اخل��دم��ات العامة‬ ‫املجانية وفرض مزيد من الضرائب على رأس املال وليس على‬ ‫األجور‪ ،‬فضال عن وضع حد أدنى لألجور واعتماد نظام ضمان‬ ‫اجتماعي ألفقر الفقراء‪.‬‬ ‫وحذرت بيانواميا من أن االرتفاع الكبير فى عدم املساواة يعرقل‬ ‫املعركة ضد الفقر العاملي فى الوقت الذى يوجد فيه شخص من‬ ‫بني كل تسعة أشخاص ال يجد ما يكفى لطعامه‪ ،‬بينما يعيش أكثر‬ ‫من مليار شخص بأقل من دوالر وربع يوم ًيا‪.‬‬ ‫وودع��ت أوكسفام فى تقريرها إلى إج��راء عاجل من أجل وقف‬ ‫هذا املد املتصاعد من عدم املساواة‪ ،‬بد ًءا من حملة على التهرب‬ ‫الضريبي من قبل الشركات والضغط إلح��راز تقدم نحو اتفاق‬


‫‪30‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫اقتصاد‬

‫ف��ى سنة واح ��دة فقط (‪ )2010‬انتقل م��ن ال��دول‬ ‫الفقيرة إلى الدول الغنية حوالي تريليونني و‪100‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬مقسمة كما يلي‪:‬‬ ‫‪ 900‬مليار من خ�لال سياسة تسعير السلع التي‬ ‫ت�ب�ي�ع�ه��ا ال �ش��رك��ات احمل �م �ي��ة ب �ق��وان�ين االس�ت�ث�م��ار‬ ‫األج �ن �ب��ي وال��ت��ي ت�س�ت�ف�ي��د م��ن ت�غ�ي��ر س �ع��ر نفس‬ ‫السلعة من بلد إلى آخر‪.‬‬ ‫‪ 500‬مليار دوالر عن طريق عوملة التجارة احلرة‬ ‫املتحيزة للدول الغنية‪.‬‬ ‫‪ 600‬مليار دوالر تدفعها ال��دول الفقيرة خلدمة‬ ‫ديونها للدول الغنية‪.‬‬ ‫وتعنى هذه التريليونات أن الدول الغنية تأخذ كل‬ ‫عام من فقراء العالم ‪ 10%‬من كل ما تنتجه الـ ‪167‬‬ ‫دولة نامية‪ ،‬أي تأخذ ما يساوى ‪ 8‬أضعاف ما تنتجه‬ ‫بلد مثل مصر ذات الـ ‪ 90‬مليون نسمة! أي أن على ما‬ ‫ال يقل عن ‪ 700‬مليون إنسان من البلدان النامية أن‬ ‫يعملوا ويكدوا سنة كاملة ليدفعوا للغرب الفاتورة‬ ‫السنوية لالستعمار اجلديد الذي يرتدى ثوب ما‬ ‫يسمى بالعوملة‪.‬‬ ‫عاملى حول التغيير املناخى‪.‬‬ ‫وتقول وينى بيانواميا‪ ،‬املدير التنفيذى للمنظمة‪« :‬ف��ي األشهر‬ ‫الـ‪ 12‬امل��اض�ي��ة‪ ،‬رأي�ن��ا ق��ادة العالم ب ��د ًءا م��ن الرئيس األمريكى‬ ‫باراك أوباما حتى مديرة صندوق النقد الدولي كريستني الغارد‬ ‫يتحدثون بشكل أكبر عن معاجلة التفاوت الشديد‪ ،‬إال أننا ال نزال‬ ‫ننتظر كثير منهم ليسير على نفس الدرب‪ ،‬وقد حان الوقت لينظر‬ ‫قادتنا في املصالح الشخصية لألقوياء والتي تقف في طريق عالم‬ ‫أكثر عدالً وازدهاراً»‪.‬‬ ‫ويبدو أن أوكسفام حتاول من خالل هذه التقارير أنها كانت حتاول‬ ‫أن تخبر املجتمعني في داف��وس مبدى اتساع الهوة بني األغنياء‬ ‫والفقراء في العالم وتستجديهم للتقليل من سرعة اتساع هذه‬ ‫الفجوة‪.‬‬ ‫وقد يكون ذلك مجدياً مع بعض زعماء العالم الثالث املهمومني‬ ‫بالفعل مبشاكل الفقر والعدالة االجتماعية فى بالدهم‪ ،‬ولكن‬ ‫هل جتد مثل هذه التقارير صدى لدى كبار الرأسماليني وأغنى‬ ‫أغنياء وزعماء الغرب‪ ،‬ولدى من يتبنون ويسعون لتطبيق مزيد من‬ ‫سياسات الليبرالية املتوحشة لتحقيق مزيد من األرباح والثروات؟‬ ‫هل من املمكن لهذه التقارير أن جتد صدى لدى هؤالء إذا كانت‬ ‫زي��ادة الفقر واتساع الهوة بني الغني والفقر هما نتيجة مباشرة‬

‫الدول الغربية تأخذ كل عام ‪ 10%‬من‬ ‫كل ما تنتجه ‪ 167‬دولة نامية في العالم‬ ‫ثروة الدول الغنية ستزيد ‪ 100‬مرة عن‬ ‫ثروة الدول الفقيرة عام ‪2015‬‬


‫منذ ‪ 200‬ع��ام‪ ،‬أي ف��ي أوائ��ل العهد االستعماري‪،‬‬ ‫ك��ان��ت ث ��روة ال ��دول الغنية (االس�ت�ع�م��اري��ة) متثل‬ ‫ستعمرة)‪،‬‬ ‫ثالثة أضعاف ث��روة ال��دول الفقيرة (ا ُمل‬ ‫َ‬ ‫وب �ع��د ‪ 160‬س�ن��ة وف ��ى ب��داي��ة س�ب�ع�ي�ن�ي��ات ال�ق��رن‬ ‫املاضي‪ ،‬أي في نهاية فترة االستعمار القدمي‪ ،‬ومع‬ ‫ضعف حركات التحرر الوطني‪ ،‬وصلت هذه النسبة‬ ‫إل��ى ‪ 35‬ض�ع�ف� ًا‪ ،‬ول�ك��ن بعد أرب�ع��ة ع�ق��ود فقط من‬ ‫تطبيق عوملة الليبرالية املتوحشة‪ ،‬في عام ‪،2010‬‬ ‫قفزت هذه النسبة إلى ‪ 80‬ضعف ًا‪ ،‬وباستمرار هذا‬ ‫املعدل تكون ثروة الدول الغنية قد زادت ‪ 100‬مرة‬ ‫عن ثروة الدول الفقيرة عام ‪.2015‬‬

‫ثروة أغنى ‪ 80‬شخص ًا في العالم سنة ‪ 2014‬كانت‬ ‫تعادل ما لدى ثالثة ونصف مليار إنسان‪ ،‬بعد أن‬ ‫كان يستأثر بهذا النصيب ما يقرب من ‪ 400‬شخص‬ ‫عام ‪ ،2010‬أى أن الثروة الفلكية ألغنى ‪ 80‬نفر ًا في‬ ‫العالم ق��د تضاعفت ع��دة م��رات ف��ي غ�ض��ون أرب��ع‬ ‫سنوات فقط‪.‬‬

‫للسياسات الليبرالية املتوحشة والتي تؤدى ملزيد من اكتناز الثروات‬ ‫في يد قلة قليلة من الرأسماليني وتعمل على إزالة أي حواجز قد‬ ‫تضعها دول العالم الثالث لالحتفاظ بالثروة فى بلدانها‪ ،‬وبذلك‬ ‫تسرع وتسهل م��ن ان�ت��زاع ونقل ث��روات العالم الفقير إل��ى دول‬ ‫االستعمار القدمي فى الغرب‪ ،‬وبالتالي حتافظ على بقاء العالم‬ ‫الثالث تابعاً ومتخلفا وحتافظ على العوملة في شكلها احلالي‪.‬‬ ‫غير أن تقرير أوكسفام لم يوضح أن اكتناز الثروات واالستقطاب‬ ‫بني الدول الساعية للنمو (الفقيرة) ودول الغرب (الغنية) مستمر‬ ‫باطراد من عهد االستعمار القدمي‪ ،‬وأن معدالته تضاعفت منذ أن‬ ‫فرضت عوملة الليبرالية املتوحشة على العالم‪.‬‬


‫‪32‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫بيئة‬

‫ب���ورون���دي ه��ي ج��م��ه��وري��ة صغيرة‬ ‫ف���ي وس����ط ق�����ارة أف��ري��ق��ي��ا‪ ،‬وه��ي‬ ‫دول�����ة داخ���ل���ي���ة ال س���واح���ل ل��ه��ا‪،‬‬ ‫وت���ق���ع ض��م��ن ه��ض��ب��ة ال��ب��ح��ي��رات‬ ‫ف��ي وس���ط أف��ري��ق��ي��ا‪ ،‬ف��ي شمالها‬ ‫روان���دا‪ ،‬وشرقها وجنوبها تنزانيا‬ ‫وف����ي غ��رب��ه��ا زائ���ي���ر‪ ،‬وت��ط��ل على‬ ‫القسم الغربي الشمالي من بحيرة‬ ‫تنجانيقا حيث تسير حدودها مع‬ ‫زائير‪.‬‬

‫إلى تنجانيقا‪..‬‬

‫شدّت «الفاو» رحالها‬ ‫مشروع تجفيف األسماك‬ ‫ورفع نوعية الحياة في إفريقيا‬



‫‪34‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫بيئة‬

‫تطل العاصمة ب��وج�م�ب��ورا على بحيرة‬ ‫تنجانيقا ح��وال��ي ‪ 600‬كم‪ 2‬م��ن امل�ي��اه‬ ‫ال��ع��ذب��ة‪ ،‬وب��ه��ا م ��ن األح� �ي ��اء اجل�م�ي�ل��ة‬ ‫وال� �ش���وارع ال �ف �س �ي �ح��ة‪ ،‬وال� �س ��وق ال��ذي‬ ‫ي�س�م��ى ب��ال �س��واح �ل �ي��ة (س��وك��ون��ي) جتد‬ ‫ب��ه ك��ل م��ا ت��ري��د م��ن مصنوعات محلية‬ ‫إال ال�ب�ض��ائ��ع امل �س �ت��وردة واخل �ض��روات‬ ‫واألس �م��اك ال�ط��ازج��ة م��ن البحيرة إلى‬ ‫ال� �س ��وق م��ب��اش��رة‪ ،‬ي �ب �ل��غ ت� �ع ��داد س�ك��ان‬ ‫العاصمة ح��وال��ي ‪ 3,300,000‬نسمة‪،‬‬ ‫يدين معظم السكان باملسيحية ونسبة‬ ‫املسلمون ما بني ‪ 15%‬إلى ‪ 20%‬وبها‬ ‫جالية عربية أسهمت في تطور البالد‬ ‫ال� �ش ��رق أف��ري �ق �ي��ة وال ن �ن �س��ى اجل��ال �ي��ة‬ ‫اآلسيوية‪.‬‬ ‫تشير التقديرات إلى أن بحيرة تنجانيقا‬ ‫هي ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في‬ ‫ال�ع��ال��م م��ن حيث احل �ج��م‪ ،‬وال�ث��ان�ي��ة من‬ ‫حيث العمق‪ ،‬في كلتا احلالتني‪ ،‬هي بعد‬ ‫بحيرة بايكال في سيبيريا‪ ،‬بل هي أيضا‬ ‫أطول بحيرة للمياه العذبة في العالم‪.‬‬ ‫تنقسم البحيرة بني أربع دول – تنزانيا‪،‬‬ ‫وجمهورية الكونغو‪ ،‬وبوروندي‪ ،‬وزامبيا‪،‬‬ ‫مع تنزانيا (‪ )46٪‬وجمهورية الكونغو‬ ‫ال��دمي��ق��راط��ي��ة (‪ )40٪‬ال� �ت ��ي مت�ت�ل��ك‬ ‫األغلبية من البحيرة‪.‬‬ ‫وت�ق��ع بحيرة تنجانيقا داخ��ل املتصدع‬ ‫ألبرتني‪ ،‬الفرع الغربي من املتصدع في‬ ‫ش��رق أفريقيا‪ ،‬ويقتصر م��ن قبل على‬ ‫اجلدران اجلبلية في الوادي‪.‬‬ ‫وهي أكبر بحيرة للمتصدع في أفريقيا‬ ‫وثاني أكبر بحيرة من حيث احلجم في‬ ‫العالم‪ ،‬وم��ن أعمق بحيرة في أفريقيا‬ ‫وحت �م��ل ح�ج��م أك �ب��ر م��ن امل �ي��اه ال�ع��ذب��ة‪.‬‬ ‫فهي متتد لـ‪ 676‬ك��م (‪ 420‬م�ي��ل) في‬ ‫اجت��اه وامل�ت��وس�ط��ات ‪ 50‬ك��م (‪ 31‬ميل)‬ ‫في العرض بني الشمال واجلنوب‪.‬‬ ‫وت �غ �ط��ي ال �ب �ح �ي��رة ‪ 900.32‬كم‪ ،2‬مع‬ ‫ال �ش��اط��ئ م��ن ‪ 828.1‬ك��م‪ ،‬ي�ع�ن��ي عمق‬ ‫‪ 570‬م�ت��ر وأق �ص��ى ع�م��ق ‪ 470.1‬متر‬ ‫(ف� ��ي احل � ��وض ال��ش��م��ال��ي)‪ ،‬ك �م��ا إن �ه��ا‬ ‫حتمل ما يقدر بنحو ‪ 900.18‬كيلو متر‬ ‫مكعب‪ .‬ول��دي�ه��ا متوسط درج��ة ح��رارة‬ ‫سطح األرض ‪ 25‬درجة مئوية‪.‬‬ ‫كيف جتفّ ف الفاو‬

‫شرعت منظمة الفاو مبشروع أولي‬ ‫صغير في قرية مافوغو برفوف‬ ‫منخفضة التكلفة يستطيع‬ ‫املواطنون الفقراء اقتناءها‬ ‫الحظ السكان أن أولى نتائج هذه‬ ‫التجربة الذكية هي تقليص زمن‬ ‫العمل من ثالثة أيام إلى ثماني‬ ‫ساعات فقط‬ ‫يقول الصيادون‪ :‬إنتاجنا من‬ ‫األسماك أصبح جيد النوعية بال‬ ‫حصى أو حجارة صغيرة‪ ،‬وأن الزبائن‬ ‫لم يعودوا يشكون من تناول أسماك‬ ‫محتوية على حبات من الرمل‬ ‫مت��خّ ��ض م�ش��روع ملنظمة األمم املتحدة‬ ‫ل�ل�أغ ��ذي ��ة وال� ��زراع� ��ة ‪ FAO‬ل �ت��زوي��د‬ ‫مجتمعات ال�ص�ي��د ال�ص�غ�ي��رة ب ��األدوات‬ ‫وال � ��دراي � ��ة ل �ت �ج �ف �ي��ف األس � �م� ��اك ع�ل��ى‬ ‫رف��وف بسيطة ب��دالً م��ن فرشها أرض �اً‬ ‫فوق الرمل‪ ،‬عن تغيير مثير في نوعية‬ ‫احلياة بامتداد شواطئ بحيرة تنغانيقا‬ ‫في بوروندي وحولها‪.‬‬ ‫وق��د درج ��ت ال�ن�س��اء ت�ق�ل�ي��دي�اً ف��ي ه��ذه‬ ‫امل �ن��اط��ق ع �ل��ى جت�ف�ي��ف م �ص �ي��ده��ن من‬ ‫األس� �م ��اك ال �ف �ض �ي��ة ال �ص �غ �ي��رة األش �ب��ه‬ ‫ب��ال��س��ردي��ن‪ ،‬ب �ف��رش �ه��ا أرض� � �اً ل�ت�ص�ب��ح‬ ‫طعاماً سه ً‬ ‫ال للحيوانات العابرة وعرضة‬ ‫للدوس والتلوث‪ .‬وخالل موسم األمطار‪،‬‬ ‫تتعرض للتعفن أو ت��ؤول إلى االجن��راف‬ ‫م��ع ج��ري��ان م�ي��اه امل �ط��ر‪ .‬وف��ي املجموع‬

‫ال �ع��ام‪ ،‬ك��ان يفقد ن�ح��و ‪ 15‬ب��امل��ائ��ة من‬ ‫م�ص�ي��د األس �م��اك ع�ل��ى ه��ذا ال�ن�ح��و أو‬ ‫يفسد أثناء عملية التجفيف‪.‬‬ ‫وب��ال�ت�ع��اون م��ع هيئة ب��ورون��دي ملصايد‬ ‫األسماك وتربية األحياء املائية‪ ،‬شرعت‬ ‫منظمة ف��او مب �ش��روع أول��ي صغير في‬ ‫ق��ري��ة «م��اف��وغ��و» ق �ب��ل ع �ش��ر س �ن��وات‪،‬‬ ‫بنصب ‪ 48‬رف��اً منخفض التكلفة من‬ ‫ِش�ب��اك األس�ل�اك املعدنية املعلقة على‬ ‫ارتفاع متر فوق سطح األرض‪ ،‬وتقدمي‬ ‫التدريب وتوزيع املنشورات حول كيفية‬ ‫بناء هذه األرفف‪.‬‬ ‫وما لبث أن الحظ السكان مدى الفوائد‪،‬‬ ‫مع تقليل الوقت املطلوب للتجفيف من‬ ‫ث�لاث��ة أي ��ام إل��ى ث�م��ان��ي س��اع��ات فقط‪،‬‬ ‫مما يعني أن املنتجني أضحى بوسعهم‬ ‫جتفيف دف �ع��ات م�ت�ع��ددة م��ن األس�م��اك‬ ‫ف��ي ال��ي��وم ال ��واح ��د‪ ،‬ووض� ��ع األس �م��اك‬ ‫ب�ع�ي��داً ع��ن م�ت�ن��اول احل �ي��وان��ات‪ ،‬فض ً‬ ‫ال‬ ‫عن إمكانية تغطية األرف��ف إن سقطت‬ ‫أمطار منعاً للتلف‪.‬‬ ‫وي�ق��ول مجففو األس �م��اك‪ ،‬أن «إنتاجنا‬ ‫م��ن األس�م��اك أصبح جيد النوعية بال‬ ‫ح �ص��ى أو ح� �ج ��ارة ص��غ��ي��رة‪ ،‬وي �ج��ري‬ ‫ال�ت�ج�ف�ي��ف اآلن ف��ي ظ���روف ص�ح�ي��ة»‪،‬‬ ‫مضيفني أن «الزبائن لم يعدوا يشكون‬ ‫اآلن م��ن ت �ن��اول أس �م��اك م�ح�ت��وي��ة على‬ ‫حبات من الرمل»‪.‬‬ ‫انتشار مذهل‬ ‫وس���رع���ان م ��ا ان��ت��ش��رت أن� �ب ��اء أرف ��ف‬ ‫ال �ت �ج �ف �ي��ف ك ��ال� �ن ��ار ف���ي ال �ه �ش �ي��م ب�ين‬ ‫مجتمعات ال�ص�ي��د‪ ،‬وان�ف�ج��ر استخدام‬ ‫األرف� ��ف ع �ل��ى ط ��ول ش��واط��ئ ال�ب�ح�ي��رة‬ ‫ل�ت�ت�س��ع امل �س��اح��ة امل�خ�ص�ص��ة لتجفيف‬ ‫األسماك بالقرب من قرية «مافوغو»‪،‬‬ ‫م��ن ف ��دان واح ��د ف��ي ع��ام ‪ 2004‬إل��ى‬ ‫خ �م �س��ة ف� ��دادي� ��ن ال � �ي� ��وم‪ ،‬وزاد ع��دد‬ ‫امل �ج �ف �ف�ين ف ��ي ج �م �ي��ع م ��واق ��ع ال�ص�ي��د‬ ‫ال��رس �م �ي��ة ع �ل��ى ط ��ول ش��واط��ئ ب�ح�ي��رة‬ ‫تنغانيقا من ‪ 500‬إلى أكثر من ‪.2000‬‬ ‫وب �ي �ن �م��ا ان �خ �ف �ض��ت ك �م �ي��ة ال �ف��اق��د من‬ ‫األسماك بسبب عدم كفاية ممارسات‬ ‫ال �ت �ج �ف �ي��ف‪ ،‬مب��ق��دار ال �ن �ص��ف حتسنت‬ ‫نوعية األسماك املجففة لترتفع أسعار‬ ‫بيعها مبا يتجاوز الضعف‪ ،‬مما بلغ ما‬


‫ي�ع��ادل ‪ 2.5‬دوالر أمريكي للكيلوغرام‬ ‫في عام ‪ 2004‬إلى ما يعادل ‪ 6‬دوالرات‬ ‫للكغم في ‪.2013‬‬ ‫وق��ال��ت إح ��دى امل �ج �ف �ف��ات ال �ت��ي أن�ح��ت‬ ‫السالح جانباً كمتمردة سياسية سابقاً‪،‬‬ ‫«أصبح بإمكاني االعتناء بطفلي بفضل‬ ‫تداول األسماك»‪ ،‬وهو «النشاط الوحيد‬ ‫الذي يوفر لي لقمة العيش»‪.‬‬ ‫وبفضل تقنية التجفيف اجلديدة لم يعد‬ ‫ثمة حاجة إل��ى الكدح اليومي بالنسبة‬ ‫للمجففات من النساء‪ ،‬اللواتي اعتدن‬ ‫ع�ل��ى االن �ح �ن��اء ل �ف��رش امل�ص�ي��د ك��ل ي��وم‬ ‫ومرة أخرى لقلب األسماك على جانبها‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫وسرعان ما بدأت تنتشر أيضاً عمليات‬ ‫جتارية صغرى لتوفير مواد صنع لألرفف‬ ‫وإنتاجها‪ ،‬مما ساعد على حتسني سبل‬ ‫املعيشة في صفوف مجتمعات الصيد‬ ‫والنهوض باالقتصادات احمللية‪.‬‬ ‫وبفضل هذه األرفف تسمح فترة احلفظ‬ ‫األط��ول لألسماك املجففة بنقل املنتج‬ ‫من ن��وع محلي يعرف باسم «ن��داغ��اال»‪،‬‬

‫ويحتوي على نسبة عالية من البروتني‬ ‫ليس فقط داخلياً بل وأيضاً إلى أسواق‬ ‫عابرة للحدود وإقليمية‪ ،‬وبذا املساهمة‬ ‫ف��ي تغذية املجتمعات احمللية البعيدة‬ ‫عن مصادر األسماك الطازجة‪.‬‬ ‫في الوقت ذات��ه‪ ،‬ف��إن زي��ادة العرض لم‬ ‫تلق ضغوطاً تذكر على موارد البحيرة‪،‬‬ ‫ح �ي��ث ظ �ل��ت ك �م �ي��ات م�ص�ي��د األس �م��اك‬ ‫املستحصلة من البحيرة مستقرة نسبياً‪.‬‬ ‫وت��ق��ول اخل �ب �ي��رة ي �ف �ي��ت دي ��ي ع� ��وادي‪،‬‬ ‫م �س��ؤول��ة ال �ص �ن��اع��ات ال �س �م �ك �ي��ة ل��دى‬

‫«فاو»‪ ،‬أن «الشيء غير العادي هو كيف‬ ‫خلق ه��ذا امل �ش��روع الضئيل تأثير كرة‬ ‫الثلج امل�ت��دح��رج��ة املتنامية م��ن ع� ٍ�ل‪...‬‬ ‫بامتداد شواطئ البحيرة»‪ ،‬مضيفة «أن‬ ‫م��ن ال �ن��ادر اآلن م �ش��اه��دة أي جتفيف‬ ‫ي �ج��رى أرض� �اً ل�لأس �م��اك؛ وإن ل��م يكن‬ ‫بوسع املجففني تدبير األرفف السلكية‬ ‫اقتصادياً فأنهم يرجتلون بصنعها من‬ ‫اخل �ش��ب وش �ب��اك ال �ص �ي��د‪ .‬وب ��ل وح�ت��ى‬ ‫مجتمعات الصيد في البلدان املجاورة‬ ‫أخ ��ذت حت ��ذو ت�ق�ن�ي��ة أرف ��ف التجفيف‬ ‫املعلقة»‪.‬‬ ‫الطريق إلى األمام‬ ‫واس� �ت� �ح ��دث أس� �ل ��وب «ف � ��او» ل�ت�ج�ف�ي��ف‬ ‫األس�م��اك تغييرات أخ��رى ه��ام��ة‪ .‬ففي‬ ‫ع��ام ‪ ،2004‬ك��ان ن�ح��و ‪ 80‬ب��امل��ائ��ة من‬ ‫املجففني ن �س��اء‪ ،‬واآلن يشكل ال��رج��ال‬ ‫حصة م�ت��زاي��دة حت��رص على املشاركة‬ ‫في تلك املشروعات املربحة‪ ،‬وتتراوح‬ ‫نسبتهم اليوم بني ‪ 30‬و‪ 40‬باملائة‪.‬‬ ‫وأض��اف��ت خبيرة «ف ��او»‪ ،‬أن «احلكومة‬ ‫ب��ذل��ت ج� �ه ��وداً ض�خ�م��ة ل �ض �م��ان تهيئة‬


‫‪36‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫بيئة‬

‫األراضي وإقامة أرفف التجفيف‪ ،‬لكنها‬ ‫أدرك��ت أن من األهمية مبكان مساعدة‬ ‫النساء حت��دي��داً‪ ،‬م��ن خ�لال مخططات‬ ‫ال �ق��روض ال�ص�غ�ي��رة ب�ح�ي��ث ال ي�ض��ررن‬ ‫إل ��ى اخل� ��روج م��ن احل �ل �ب��ة م��ع اح �ت��دام‬ ‫املنافسة»‪.‬‬ ‫وإذ أحدثت األرفف فرقاً محسوساً في‬ ‫احليلولة دون فاقد األسماك أو تلفها‪،‬‬

‫لم تنفك األمطار والغيوم تسبب بعض‬ ‫خسائر ما بعد احلصاد حتى اآلن‪.‬‬ ‫وبني احللول املمكنة لهذه املشكلة تبرز‬ ‫إم�ك��ان�ي��ة اس �ت �خ��دام امل�ج�ف�ف��ات املشغلة‬ ‫ب��ال�ط��اق��ة الشمسية‪ ،‬وجت�ف�ي��ف السمك‬ ‫ب��ال �ت��دخ�ي�ن ب �ت �ق �ن �ي��ة «ف� � ��او» ل�ل�م�ع��اجل��ة‬ ‫«‪ »FTT‬امل� �ع ��روف ��ة ب ��اس ��م (‪FAO-‬‬ ‫‪ ،)Thiaroye processing‬ال�ت��ي‬

‫ط ِ ّبقت فعلياً ل��دى العديد م��ن البلدان‬ ‫اإلف��ري�ق�ي��ة مب��ا ف��ي ذل��ك ك��وت دي �ف��وار‪،‬‬ ‫وت�ن��زان�ي��ا‪ ،‬وت��وغ��و‪ .‬وه �ن��اك س�ب��ل بديلة‬ ‫الس� �ت� �خ ��دام األس� �م ��اك ال��ت��ي ال مي�ك��ن‬ ‫جتفيفها‪ ،‬على هيئة منتجات مصنوعة‬ ‫م ��ن األس� �م���اك ال� �ط ��ازج ��ة ذات ق�ي�م��ة‬ ‫مضافة‪ ،‬مثل نقانق األسماك‪.‬‬ ‫وال يتسنى لنحو ‪ 60‬باملائة من سكان‬


‫بوروندي‪ ،‬حيث ب��ادرت «ف��او» بخطوات‬ ‫هذا املشروع مبكراً‪ ،‬احلصول على ما‬ ‫يكفيهم م��ن ال�ب��روت�ين إل��ى ه��ذا ال�ي��وم؛‬ ‫وامل� �ع� �ت ��زم أن ت� �ط ��رح ق��ض��اي��ا حت�س�ين‬ ‫التغذية ف��ي إفريقيا واملناطق األخ��رى‬ ‫على بساط البحث الشامل خالل املؤمتر‬ ‫الدولي الثاني للتغذية (‪ )ICN2‬الذي‬ ‫سيقوم على عقده ك�لا منظمة «ف��او»‪،‬‬ ‫وم�ن�ظ�م��ة ال �ص �ح��ة ال �ع��امل �ي��ة «‪»WHO‬‬ ‫في نوفمبر|تشرين الثاني ع��ام ‪2014‬‬ ‫بالعاصمة اإليطالية‪.‬‬ ‫في تلك األث�ن��اء‪ ،‬تواصل منظمة «ف��او»‬ ‫ال �ت��روي��ج الس �ت �خ��دام «أرف ��ف التجفيف‬ ‫املعلقة» في بلدان أخرى من القارة مبا‬ ‫في ذلك كينيا‪ ،‬وأوغندا‪ ،‬وزامبيا وحيث‬ ‫أدى جناح هذه التقنية حتى اآلن إلنتاج‬ ‫أس�م��اك مجففة إل��ى تصدير املنتجات‬ ‫بسهولة وبيعها في زمبابوي‪ ،‬وروان��دا‪،‬‬ ‫وجمهورية الكونغو الدميقراطية‪.‬‬


‫‪38‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫ثقافة‬

‫العنف‬ ‫والرواية العربية‬ ‫في ندوة مغاربية‬ ‫بالتعاون مع دار سحر للنشر واملندوبية اجلهوية للثقافة بجندوبة‬ ‫وادارة م�ع��رض ت��ون��س ال��دول��ي للكتاب ّ‬ ‫تنظم جمعية املهرجان‬ ‫املغاربي للفكر واالب��داع بجندوبة التي يرأسها االستاذ محمد‬ ‫صالح الرصاع يومي ‪ 5‬و‪ 6‬أبريل القادم مبدينة عني دراهم ندوة‬ ‫مغاربية بعنوان «العنف والرواية العربية»‪.‬‬ ‫أع� ّ�د األستاذ مبروك املناعي ورق��ة عمل متهيداً لهذه الندوة جاء‬ ‫فيها‪« :‬إن مسألة العنف كانت وال تزال من أبرز موضوعات األدب‬ ‫عموما واألدب السردي خصوصا‪ ،‬واملالحظ أن الرواية تعتبر من‬ ‫أهم أجناس االدب السردي وأقدرها على استيعاب هذه الظاهرة‬ ‫وجتسيمها ليكون املنطلق في هذه الندوة هو محاولة االجابة عن‬ ‫سؤال‪ :‬كيف يتجلّى العنف في األدب الروائي؟ لتنفتح اإلجابة مبدئيا‬ ‫ومنهجيا على ثنائية تتعلّق بدراسة العنف الذي تتض ّمنه الرواية من‬ ‫جهة والعنف الذي يصنعه خطابها من جهة أخرى ومن ث ّمة ينفتح أفق‬ ‫هذه الندوة على مظهرين أساسيني أ ّولهما العنف باعتباره موضوعا‬ ‫أو مادة غرضية تش ّكل محتوى للرواية يتّسم بالغنى والتن ّوع إذ يتجلّى‬ ‫في العنف الفردي‪ ،‬والعنف اجلماعي‪ ،‬والعنف الطبيعي‪ ،‬والعنف‬ ‫الصناعي‪ ،‬والعنف املادي‪ ،‬والعنف املعنوي‪ ،‬والعنف اجلسدي‪ ،‬والعنف‬

‫اللفظي‪ ،‬والعنف االجتماعي‪ ،‬والعنف السياسي وااليديولوجي‪،‬‬ ‫املقدس‪ ،‬والعنف املد ّنس‪ .. ،‬إلى غير ذلك مما تشحن به‬ ‫والعنف‬ ‫ّ‬ ‫مما ميكن أن نسميه «كتابة العنف»‪.‬‬ ‫الرواية أو حتاكيه و ّ‬ ‫تبحث ه��ذه ال�ن��دوة في موضوع العنف في األدب غير الروائي‬ ‫من خالل الشعر‪،‬املثل أو احلكاية املثلية‪ ،‬واخلطابة‪ ،‬واملقامات‪،‬‬ ‫باإلضافة إل��ى كتابة العنف باعتباره موضوعا للرواية‪ ،‬وتبحث‬ ‫أيضا ف��ي عنف الكتابة باعتباره أسلوبا وخطابا روائ �ي��ا‪ ،‬ومن‬ ‫املنتظر خالل هذه الندوة أن تدلي الروائيات والروائيون مسعودة‬ ‫بوبكر‪ ،‬آم��ال مختار‪ ،‬محمد آي��ت ميهوب‪ ،‬جلول عزونة‪ ،‬فتحي‬ ‫اجلميل‪ ،‬الهادي التيمومي بشهاداتهم الروائية عن املوضوع الذي‬ ‫يقدم حوله االستاذ أحمد القاسمي مداخلة بعنوان «رجال وحوش‬ ‫ّ‬ ‫ونساء فواكه»‪ :‬قراءة في استعارات اخلبز احلافي للمغربي محمد‬ ‫شكري وأنساقها التصورية»‪.‬‬ ‫كما ت�ق� ّ�دم االس �ت��اذة اجلامعية باملعهد العالي للعلوم االنسانية‬ ‫بجندوبة هاجر ح ّراثي مداخلة بعنوان «العنف في رواي��ة ذاكرة‬ ‫اجل�س��د ألح�ل�ام مستغامني»‪ ،‬وي �ق � ّدم ال��دك�ت��ور م��راد الضويوي‬ ‫مداخلة بعنوان «العنف في مناذج من القصص القرآني»‪.‬‬

‫الحداثة ويقظة المقدس‬ ‫ً‬ ‫صنارة بين أصابع الكاتب‬ ‫يصبح القلم‬ ‫في كتابه «احل��داث��ة ويقظة املقدس»‪،‬‬ ‫الصادر حديثاً عن دار بيسان‪ ،‬يقلب‬ ‫أحمد زي��ن الدين أول��ى قواعد املنهج‬ ‫االن �ث��روب��ول��وج��ي ف�ي�ت�م� ّك��ن م��ن ت�ق��دمي‬ ‫قراءة ناجحة ملجتمعاتنا من داخلها‪.‬‬ ‫يتوزع الكتاب على ثالثة محاور رئيسة‪،‬‬ ‫وحتت كل محور تنضوي عناوين عدة‪،‬‬ ‫يصلح ك��ل واح��د منها أن يتحول إلى‬ ‫مفصلة ومع ّمقة‪ ،‬نظراً‬ ‫محور أبحاث‬ ‫ّ‬ ‫إل��ى حساسيته ومالمسته للكثير من‬

‫األب �ع��اد ف��ي مجتمعنا ك�م��ا يظهر لنا‬ ‫«م� �ش���رط» ال��ك��ات��ب خ �ل�ال ت�ش��ري�ح��ه‬ ‫لواقعنا‪.‬‬ ‫في احمل��ور االول‪ ،‬أمن��اط وسلوكيات‪،‬‬ ‫ح��دي��ث ع��ن وق��ائ��ع تهيمن على عقلنا‬ ‫املجتمعي وتترك بصماتها على كثير‬ ‫من مناحي حياتنا‪ ،‬مثل‪ :‬زينة اجلسد‪،‬‬ ‫امل� �ق ��ام ��ات ال��دي��ن��ي��ة وال �ط �ق��وس �ي��ات‬ ‫املتعددة‪.‬‬ ‫في احمل��ور الثاني‪ ،‬أفكار ومراجعات‪،‬‬


‫فنون مصرية‬ ‫«فنون مصرية» مجلة فصلية للفنون الرفيعة‪،‬‬ ‫تصدرها وزارة الثقافة امل�ص��ري��ة‪ ،‬وي��رأس‬ ‫حتريرها منير عامر‪ .‬ص��درت م��ؤخ��راً في‬ ‫ع��دده��ا ال�ث��ال��ث واألرب� �ع�ي�ن‪ .‬م��ن محتويات‬ ‫هذا العدد‪« :‬عودة الروح‪ ..‬املسرح القومي‪،:‬‬ ‫و«امل �س�لات املصرية ب�ين ال��رم��زي��ة الدينية‬ ‫والتشكيالت العمرانية»‪ ،‬و«أهرامات الفراعنة‬ ‫أبناء خوفو في أبو رواش واجليزة»‪ ،‬و«اإلفتتاح‬ ‫اجل��زئ��ي ملتحف ال�ف��ن امل �ص��ري احل��دي��ث»‪،‬‬ ‫و«الفيل األزرق‪ ..‬حداثة العودة إلى األصول»‪.‬‬

‫المرأة في عصر‬ ‫الديمقراطية‬ ‫صدر مؤخراً املرأة في عصر الدميقراطية ‪ -‬بحث‬ ‫حر في تأييد حقوق املرأة»‪ ،‬من تأليف إسماعيل‬ ‫مظهر‪ ،‬وهي طبعة جديدة من الكتاب صادرة عن‬ ‫الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة‪.‬‬ ‫يقول املؤلف‪« :‬لم تكن املرأة في العصور القدمية‬ ‫أقل أثراً منها في العصور احلديثة‪ ،‬ولم تكن املرأة‬ ‫في العصور القدمية أقل أث��راً منها في العصور‬ ‫املتأخرة؛ فالقبائل البدائية‪ ،‬وبخاصة تلك التي‬ ‫اتخذت عادات البدو في االرحتال من مكان إلى‬ ‫مكان‪ ،‬واجلماعات التي عاشت بالصيد‪ ،‬والعشائر‬ ‫التي اتخذت من سالحها وعضالتها وسيلة للعيش‬ ‫واحلياة والضرب في مناكب األرض‪ ،‬كل هؤالء‬ ‫يدينون للمرأة بالكثير من أمور دنياهم»‪.‬‬ ‫ينقسم الكتاب إلى قسمني‪ :‬القسم األول‪ :‬تطور‬ ‫مشكلة امل��رأة في العالم الغربي‪ ،‬والقسم الثاني‪:‬‬ ‫حقائق واضحة في تطورنا االجتماعي‪.‬‬

‫ق���راءات محكمة ف��ي ع��دد م��ن املؤلفات‬ ‫واألب��ح��اث ال �ت��ي ت �خ��دم م �ش��روع ال�ك�ت��اب‬ ‫ال � �ع� ��ام‪ ،‬وه� ��ي مل �ج �م��وع��ة م ��ن امل �ف �ك��ري��ن‬ ‫واملؤلفني املعروفني‪.‬‬ ‫وفي احمل��ور الثالث‪ ،‬أطياف‪ ،‬عناوين قد‬ ‫ت�ب��دو للوهلة األول ��ى م�ت�ف��رق��ة‪ :‬االح�ل�ام‪،‬‬ ‫ال�ق�ه��وة‪ ،‬ال�ت�ل�ف��زي��ون‪ ...‬لكن قلم الباحث‬ ‫يتح ّول هنا الى ما يشبه «الصنارة» التي‬ ‫تشبك هذه العناوين مع بعضها البعض ثم‬ ‫«تلحمها» باحملور العام للكتاب بحنكة‪.‬‬

‫الهالل بين المثقف‬ ‫والطاغية‬ ‫صدر مؤخراً العدد ‪ 1463‬من مجلة الهالل الثقافية الشهرية التي تصدرها دار‬ ‫الهالل بالقاهرة‪.‬‬ ‫ضمن موضوعات هذا العدد الذي جاء ملفه بعنوان «املثقف والطاغية»‪ ،‬كتب‬ ‫سعد القرش «املثقف والطاغية‪ :‬مواجهة أم غزل غير عفيف؟»‪ ،‬وكتب د‪ .‬أحمد‬ ‫اخل �م �ي �س��ي «ال ��وع ��ي‬ ‫ال� � �ف� � �ن � ��ي وال� � ��وع� � ��ي‬ ‫ال �س �ي��اس��ي»‪ ،‬وألس�ع��د‬ ‫اجل� � � � �ب � � � ��وري ن� �ق���رأ‬ ‫«املثقف بعد أن تغذى‬ ‫بتربة االستبداد»‪ ،‬أما‬ ‫د‪ .‬ج���ورج ج �ح��ا فقد‬ ‫ك� �ت ��ب «ف� � ��ي ال �ب �ح��ث‬ ‫ع��ن فولتير ع��رب��ي»‪..‬‬ ‫وج� � � � ��اءت م �س��اه �م��ة‬ ‫د‪ .‬ح � �س� ��ن ي ��وس ��ف‬ ‫ط��ه ب �ع �ن��وان «امل�ث�ق��ف‬ ‫والطاغية والشعب‪..‬‬ ‫موت السؤال»‪.‬‬ ‫م� � � ��ن م�� ��وض�� ��وع�� ��ات‬ ‫امللف أي�ض�اً‪« :‬املثقف‬ ‫والسلطة بني التناقض‬ ‫وال� �ت� �ح ��ال ��ف» خل�ل�ي��ل‬ ‫ك�ل�ف��ت‪ ،‬و»ف���ي أهمية‬ ‫ال�ت�م�ي�ي��ز ب�ي�ن املثقف‬ ‫وامل � �ه � �ن� ��ي» ل �س�ل�ام��ة‬ ‫ك � �ي � �ل� ��ة‪ ،‬و»امل � �ث � �ق� ��ف‬ ‫واالس��ت��ب��داد‪ ..‬ج��ذور‬ ‫وث��م��ار» ل�ع��اص��م عبد‬ ‫احملسن‪ ،‬و»هل املثقف فرع في شجرة االستبداد» ملصطفى نور الدين‪.‬‬ ‫وكانت قضية العدد حول «مذبحة شارلي إبدو وفتيل صدام احلضارات»‪ ..‬بينما‬ ‫التقت املجلة في حوارها الشهري بسليمان فياض‪.‬‬


‫‪40‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫ثقافة‬

‫من العراق إل��ى اليمن إل��ى ليبيا‪ ..‬مسلسل تدمير الذاكرة‬ ‫وت�ش��وي��ه ال�ه��وي��ة الثقافية م��ا زال م�س�ت�م��راً‪ ..‬لقد دم��روا‬ ‫مت�ث��ال ال�غ��زال��ة واحل�س�ن��اء ومت �ث��ال ع�م��ر امل�خ�ت��ار‪ ،‬وق��ري�ب� ًا‬ ‫سوف ينهبون ويدمرون متحف السرايا احلمراء‪ ،‬ونصب‬ ‫فليني‪ ،‬ولوحات أكاكوس‪ ..،‬إلخ‪ .‬ولسوف يتصاعد مسلسل‬ ‫التخريب طاملا السكوت واإلهمال هو رد الفعل الوحيد‪.‬‬

‫نهب الذاكرة‬ ‫وتشويه الهوية‬

‫الغزالة والحسناء‬

‫هل تعودان إلى طرابلس؟‬ ‫‪..‬مـــــــاذا عن عمر المختار أيض ًا؟‬

‫هيئة الثقافة‪ ..‬بيان إدانة‬

‫في خضم التجاذب السياسي واألوض��اع املتقلّبة بطرابلس استيقظت‬ ‫املدينة على فاجعة اختفاء متثال الغزالة واحلسناء من قلبها‪ ،‬األمر الذي‬ ‫أثار بلبلة الشارع والعامة واملدونني واملثقّفني ومعظم األوساط املُهتمة‬ ‫بالتراث الليبي واآلثار القدمية على حد سواء‪.‬‬ ‫وجاء حادث االختفاء بعد أن أُصيب التمثال فيما سبق بقذيفة آر‬ ‫أحدث‬ ‫بي جي أثناء سيطرة قوات «فجر ليبيا» على طرابلس‪ ،‬مما ّ‬ ‫فيه ثقباً كبيراً ‪.‬‬ ‫لقد شهدت طرابلس ومدن ليبية أخرى عدة عمليات استهدفت‬ ‫معالم دينية وأضرحة على أيدي جماعات متطرفة‪ ،‬وفي تصعيد‬ ‫لعمليات التخريب هذه بدأت أيدي التخريب تطال كل ما هو أثري‬ ‫ألسباب تافهة ال تن ّم إال عن عقل محدود ضيق األفق ملؤه الغباء‬ ‫وعدم القدرة على اإلدراك‪.‬‬ ‫إن ليبيا بلد غني باملوروث الثقافي واإلنساني إذ حتوي عدة مناطق‬ ‫في غرب البالد وشرقها على آث��ار للحضارات الفينيقية واإلغريقية‬ ‫والرومانية واإلسالمية‪ ،‬ولكن هذه املكانز التاريخية العظيمة تتعرض‬ ‫يوماً بعد يوم لتخريب متع ّمد اعتقاداً من املخربني بأنهم بذلك ينقذون‬ ‫عقيدتهم‪ ..‬وهو اعتقاد ضحل ال معنى له‪.‬‬ ‫وكان األنباء قد أعلنت أيضاً أن مجهولني استولوا على متثال يجسد‬ ‫شخصية شيخ الشهداء عمر املختار وهو ميتطي صهوة ج��واده وكان‬ ‫موضوعا أمام مقر املجلس البلدي ملنطقة املاية على الطريق الساحلي‬ ‫غرب العاصمة الليبية طرابلس‪.‬‬ ‫وق��ال م�س��ؤول ال��ذي طلب ع��دم ذك��ر اسمه إن «التمثال اختفى في‬ ‫ظروف غامضة مماثلة للظروف التي اختفى على إثرها متثال «الغزالة‬


‫امليدان بعد اقتالع متثال الغزالة‬

‫متثال الغزالة بعد قصفه بقذيفة آ ربي جي‬ ‫واحلسناء» الذي يعتبر من أهم معالم طرابلس‪.‬‬ ‫وكانت الهيئة العامة للثقافة واإلعالم قد ن ّددت بإزالة املعلم التاريخي‬ ‫«الغزالة واحلسناء» وقالت في بيان لها‪« :‬إن هذه األعمال املتخلفة تدل‬ ‫على ضيق أفق من قام بها وسواد فكره وتصحر ثقافته وأن تواجدهم‬ ‫يشكل خطرا على ليبيا»‪.‬‬ ‫وأضافت إن التمثال يعد «تراثا إنسانيا ال ينبغي املساس به» ‪ ،‬داعية‬ ‫املجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو والشعب الليبي للعمل على «حماية هذا‬ ‫التراث اإلنساني من الذين ال تاريخ وال حضارة لهم»‪.‬‬ ‫كما ذكرت أن «الظالميني واملتطرفني واإلرهابيني» حاولوا أكثر من مرة‬ ‫العبث مبعلم الغزالة واحلسناء ولم يفلحوا إال أنهم جنحوا هذه املرة‬ ‫مستغلني غياب الدولة وسلطتها على العاصمة»‪.‬‬ ‫وميدان الغزالة أو نافورة الغزالة واحلسناء كما يعرف في طرابلس‪ ،‬هو‬ ‫ميدان صغير فيه نافورة يتوسطها التمثال الذي ميثل مشهداً فنياً المرأة‬ ‫متسك بجرة وتعانق غزالة‪.‬‬ ‫وقد صمم النافورة فنان إيطالي يدعى أجنلو فانيتي مطلع ثالثينيات‬ ‫القرن العشرين إبان االحتالل اإليطالي لليبيا‪ ،‬علماً أن احلادث سبقته‬ ‫عدة تهديدات إذ تعرض التمثال في وقت سابق الستهداف بصاروخ‬ ‫أر بي جي محدثاً ثقباً في مجسم احلسناء الشهر املاضي إضافة إلى‬ ‫تهديدات بإزالته من قبل جماعات متطرفة في العام ‪.2012‬‬


‫‪42‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫ثقافة‬

‫‪ 70‬مليون كتاب و‪ 47‬دولة مشاركة و‪ 850‬دار نشر‪ ،‬هذه هي حصيلة الدورة ‪ 64‬ملعرض القاهرة‬ ‫الدولي للكتاب‪ ،‬الذي ال يتجاوز سعر دخوله ما يعادل العشرة سنتات‪ .‬وال يعتبر املعرض‬ ‫الذي يقام منذ ‪ 46‬عام ًا‪ ،‬األقدم فحسب في الوطن العربي بل إنه ثاني أكبر معرض كتاب‬ ‫في العالم بأكمله‪ ،‬إذ يبلغ عدد زواره نحو املليون‪ .‬وتستمر فعاليات هذه الدورة حتى ‪12‬‬ ‫فبراير اجلاري‪ ..‬علما أن املعرض توقف في السنوات الـ ‪ 4‬األخيرة‪ ..‬هذه الدورة حتمل اسم‬ ‫اإلمام محمد عبده (‪ ،)1905 1849-‬وذلك «باعتباره رائد الدعوة للوسطية اإلسالمية التي‬ ‫نتمنى أن تسود مرة أخرى»‪ ،‬حسب وصف رئيس الهيئة املصرية العامة للكتاب‪.‬‬

‫معرض القاهرة الدولي للكتاب‬

‫كالكيت ‪64‬‬

‫لقطة عامة‪ ..‬زووم إن‪..‬‬

‫بدأت عمليات بيع الكتب في معرض القاهرة الدولي للكتاب منذ‬ ‫افتتاحه وذلك على العكس من نظام عمل معظم معارض الكتب‬ ‫في العالم‪ .‬فدور النشر تبدأ في نقل صناديق الكتب إلى أجنحة‬ ‫وصاالت املعرض على أمل بيعها خالل أيام املعرض الستة عشر‪،‬‬ ‫السيما وأن ما يصل إل��ى ‪ 80%‬من مبيعات بعض دور النشر‬ ‫السنوية تعتمد على معرض الكتاب‪ .‬وميثل املعرض في الوقت‬ ‫نفسه مصدر مبيعات مهم لدور النشر العربية‪.‬‬ ‫ضيف شرف متميز‬ ‫توافد آالف الزوار طيلة أيام املعرض حتى اآلن على جناح اململكة‬

‫السعودية‪ ،‬ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب في هذه‬ ‫الدورة‪.‬‬ ‫رئيس الهيئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬د‪ .‬أحمد مجاهد‪ ،‬ص ّرح‬ ‫قائ ً‬ ‫ال‪ :‬إن اإلقبال الكبير على اجلناح السعودي يعود إلى وجود‬ ‫عدد كبير من الكتب واإلصدارات املتميزة واملؤلفات احلديثة في‬ ‫الدين والعلوم واألدب وغيرها‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن تنوع دور النشر وتعدد‬ ‫اجلامعات السعودية املشاركة التي أصبح لها حضور قوي عربياً‬ ‫ودولياً‪.‬‬ ‫ويعتبر اجلناح السعودي هو األكثر متيزاً بني الدول املشاركة في‬


‫املعرض‪ ،‬حيث يضم ‪ 70‬ناشراً سعودياً من بني ‪ 250‬ناشراً عربياً‬ ‫في املعرض‪ ،‬مما يجسد حجم وعمق ثقافة اململكة ودوره��ا في‬ ‫تعزيز ودعم الثقافة اإلسالمية والعربية‪.‬‬ ‫أشار مجاهد إلى الثراء الثقافي واألدب��ي الذي يظهر من خالل‬ ‫األنشطة الثقافية املصاحبة ملشاركة جناح اململكة في معرض‬ ‫الكتاب والتفاعل اجلماهيري ال��واض��ح مع ه��ذه األنشطة‪ ،‬مما‬ ‫يجعل اململكة لكل ذل��ك تستحق أن تكون ضيف ش��رف معرض‬ ‫الكتاب هذا العام‪.‬‬ ‫ون��وه رئيس الهيئة املصرية العامة للكتاب إل��ى التعاون اجل��اري‬ ‫لتفعيل مشروع ثقافي مشترك بني اململكة ومصر‪ ،‬لتطوير الكتاب‬ ‫العربي‪ ،‬باإلضافة إلى تفعيل النشاط الثقافي بني البلدين ليمتد‬ ‫طوال العام وال يقتصر فقط على املشاركة في معرضي القاهرة‬ ‫والرياض الدوليني للكتاب‪.‬‬ ‫وضيف قدمي يعود‬ ‫كما تشارك روسيا في هذه الدورة بإعادة‬ ‫إحياء واحدة من أبرز الفعاليات الثقافية‬ ‫ف��ي ال �ش��رق األوس � ��ط‪ ،‬وق ��د ض��م ال��وف��د‬ ‫ال��روس��ي مجموعة م��ن ال�ك�ت��اب واألدب ��اء‬ ‫واملستشرقني‪ ،‬م��ن ب�ين ممثلي ‪ 26‬بلدا‬ ‫يحضرون في الدورة احلالية‪ ،‬التي يشارك‬ ‫فيها كذلك ما يزيد عن ‪ 840‬دار نشر من‬ ‫مختلف أرجاء العالم‪.‬‬

‫يقع جناح روسيا في املعرض بجانب ضيف الشرف للدورة احلالية‪،‬‬ ‫اململكة العربية السعودية‪ ،‬ومن بني أعضاء الوفد الروسي كاتبة‬ ‫قصص األطفال ناتالي كورتوغ‪ ،‬واملستشرق‪ ،‬املستعرب فالدميير‬ ‫بيلياكوف‪ ،‬ال��ذي يلفت االن�ت�ب��اه إل��ى أن��ه «ح�ين نتبادل أط��راف‬ ‫احلديث مع ممثلي الطبقة املثقفة هنا‪ ،‬فإننا نسمعهم يقولون‬ ‫بضرورة التصدي املشترك للغزو الثقافي الغربي‪ ،‬واألمريكي في‬ ‫مقدمته‪ ،‬ولتحقيق هذا الهدف ينبغي أن تكون هناك عملية ترجمة‬ ‫متبادلة لألدب»‪.‬‬ ‫وتشمل مشاركة الوفد الروسي في ال��دورة احلالية طرح العديد‬ ‫من القضايا امللحة للنقاش على موائد مستديرة‪ ،‬وإحياء حلقات‬ ‫نقاش حول العالقات الروسية املصرية‪ ،‬وكذلك إلقاء محاضرات‬ ‫وإقامة ورش عمل‪.‬‬ ‫حملة مكافحة التزوير‬ ‫وشهدت هذه الدورة حمالت مكثفة ملكافحة تزوير الكتب حيث‬ ‫أعلن احتاد الناشرين املصريني‪ ،‬أنه في‬ ‫إط��ار مكافحة ال�ت��زوي��ر ب��امل�ع��رض قامت‬ ‫جل�ن��ة مكافحة ال �ت��زوي��ر ال�ت��اب�ع��ة ملباحث‬ ‫املصنفات بحمالت مكثفة داخل املعرض‪.‬‬ ‫وأك� ��د ف ��ي ب �ي��ان رس� �م ��ي‪ ،‬أن احل �م�لات‬ ‫أس�ف��رت ع��ن ضبط مجموعة م��ن الكتب‬ ‫امل�� ��زورة ومت حت��ري��ر احمل��اض��ر ال�لازم��ة‬ ‫وإح��ال�ت�ه��ا إل��ى ال�ن�ي��اب��ة املختصة الت�خ��اذ‬ ‫د‪ .‬أحمد مجاهد‬


‫‪44‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫ثقافة‬

‫كان هناك ‪ 850‬ناشرا‪ ..‬منهم ‪50‬ناشرا أجنبيا و‪250‬‬ ‫ناشرا عربيا و‪ 550‬ناشرا مصريا وألول مرة شاركت ‪4‬‬ ‫دول أفريقية‬

‫اإلجراءات القانونية الالزمة‪ ،‬وكان من ضمن دور النشر التي مت‬ ‫إغالق أجنحتها باملعرض (دار اجلمل – دار القمرى‪ )..‬وبعض‬ ‫املشاركني في سور األزبكية‪.‬‬ ‫أضاف البيان‪ :‬قامت جلنة مكافحة التزوير وهى إحدى اللجان‬ ‫النوعية باالحتاد بإخطار الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة‬ ‫املصرية العامة للكتاب ال��ذي قام بإغالق تلك األجنحة تنفيذا‬ ‫لالئحة االشتراك باملعرض التي مت إقرارها في اجتماع اللجنة‬ ‫التنفيذية للمعرض‪.‬‬ ‫حفل توقيع يتحول إلى تظاهرة نسائية‬ ‫وفي أحد أضخم التجمعات التي شهدها املعرض جتمع عدد كبير‬ ‫من الشباب والفتيات بداخل املقهى الثقافي في أرض املعارض‬ ‫بالقاهرة وحوله‪ ،‬في محاولة لتوقيع كتاب «حبيبتي» ملطرب الراب‬ ‫أحمد ثروت‪.‬‬ ‫واستمر حفل التوقيع ألكثر من ‪ 4‬ساعات‪،‬‬ ‫م��ا ب�ين ان�ت�ظ��ار ال �ك��ات��ب‪ ،‬وت��أخ��ر وص��ول‬ ‫ال�ك�ت��اب‪ ..‬وم��ع ت��زاي��د األع ��داد وال�ت��داف��ع‬ ‫تساقطت ح��االت اإلغ�م��اء ب�ين الفتيات‪.‬‬ ‫واختلف املشهد بشكل متباين ما بني كونه‬ ‫حفل توقيع كتاب‪ ،‬إلى كونه تظاهرة من‬ ‫قبل معجبني‪ ،‬إلى حشود شبابية في حفل‬ ‫غنائي في ساحة مفتوحة حتت السماء‪..‬‬

‫هذا املشهد الذي لم يره املقهى الثقافي تقريبا منذ ليالي الشعر‬ ‫والغناء للشعراء الكبار مثل املبدع عبد الرحمن األبنودي‪.‬‬ ‫وي��ذك��ر أن الكتاب ص��درت الطبعة األول��ى منه م��ع ب��داي��ة اليوم‬ ‫األول ملعرض الكتاب‪ ،‬ولكن ف��ي حفل التوقيع‪ ،‬كانت دار دون‬ ‫للنشر والتوزيع تقوم بطرح الطبعة الرابعة من كتاب «حبيبتي»‬ ‫الذي يعرض فيه ثروت ‪ 4‬رسائل إلى أمه وشقيقته وابنته وزوجته‬ ‫املستقبليتني؛ ثم إلى بالده مصر‪.‬‬ ‫ويعتبر ثروت من أشهر فناني فرق األندرغرواند (الفن املستقل)‬ ‫املصرية‪ ،‬وبدأ بالظهور منذ عام ‪ ،2009‬إال أن شهرته الغنائية‬ ‫انطلقت مع بشائر ثورة يناير في عام ‪ 2011‬حني تعاون مع فريق‬ ‫«كايروكي» والفنان هاني ع��ادل‪ ،‬وه��و من فريق «وس��ط البلد»‪،‬‬ ‫وتشاركوا في أغنية «بحلم» التي تعبر عن ثورة يناير‪ .‬في الوقت‬ ‫ذات��ه‪ ،‬أص��در ث��روت دي��وان��ه الشعري األول»أج��ن��دة»‪ ،‬ال��ذي كتب‬ ‫ع�ل��ى غ�لاف��ه «م��ح��اوالت ش �ع��ري��ة»‪ ،‬وق��ام‬ ‫فيه بتدوين أح��داث الثورة على املستوى‬ ‫السياسي واإلنساني‪.‬‬ ‫القرضاوي (آوت)‬ ‫أجبر جمهور الر ّواد أكبر دار نشر مصرية‬ ‫خاصة‪ ،‬هي دار «ال�ش��روق» في أول أيام‬ ‫امل� �ع ��رض ع �ل��ى س �ح��ب ك �ت��اب�ين ل�ي��وس��ف‬ ‫القرضاوي‪ ،‬الداعية املصري‪ -‬القطري‪،‬‬ ‫القرضاوي‬


‫بدعوى أن «كتبه تصنع عشرات اإلرهابيني»‪ ،‬وفق تعليق بعض‬ ‫اإلعالميني‪.‬‬ ‫وعلى الفور‪ ،‬أصدرت وزارة الثقافة املصرية بياناً أكدت فيه أنه ال‬ ‫علم لها بأن «الشروق» عرضت هذين الكتابني ضمن ما تعرضه‪.‬‬ ‫والحظ البيان نفسه أن «اجلمهور الوطني الواعي رفض أن يكون‬ ‫لهذا الرجل (القرضاوي) الذي يناصب مصر وشعبها وجيشها‬ ‫العداء‪ ،‬كتب داخل املعرض‪ ،‬واستنكر أن يتعكر صفو هذا العرس‬ ‫الثقافي مبثل هذه الكتب التي استفزت مشاعر اجلماهير وأثارت‬ ‫حفيظتهم»‪.‬‬ ‫وع�ق��ب ذل��ك‪ ،‬أك��دت الهيئة امل�ص��ري��ة ال�ع��ام��ة للكتاب‪ ،‬ف��ي بيان‬ ‫صحافي‪ ،‬عن توفر كتب املفكر الراحل فرج فودة‪ ،‬في جناحها‪،‬‬ ‫علماً أن ف��ودة اغتيل على أي��دي أص��ول�ي�ين ع��ام ‪ 1992‬عقب‬ ‫مناظرة مع الداعية محمد الغزالي ضمن أنشطة دورة معرض‬ ‫ال�ق��اه��رة للكتاب ال�ت��ي أقيمت ف��ي أوائ��ل‬ ‫ال�ع��ام نفسه‪ .‬وف��ي تلك األث�ن��اء ك��ان كثير‬ ‫من زوار املعرض‪ ،‬الذين يزيد عددهم عن‬ ‫‪ 100‬ألف زائر يومياً‪ ،‬وفق إحصاء رسمي‪،‬‬ ‫يتحدثون عن كتب املركز القومي املصري‬ ‫للترجمة التي تباع بجنيه واحد للتخلص‬ ‫م��ن تكدسها امل�ض�ط��رد ف��ي امل �خ��ازن‪ ،‬ما‬ ‫أث��ار مالحظات ف��ي ش��أن ج��دوى النشر‬

‫احلكومي‪ ،‬ال��ذي ب��ات‪ ،‬في ضوء تلك الواقعة وغيرها‪« ،‬معرق ً‬ ‫ال‬ ‫للمنافسة مع ما تنتجه دور النشر اخلاصة»‪.‬‬ ‫أدونيس محاضر ًا‬ ‫«نحو خطاب ديني جديد»‪ ،‬هو عنوان اللقاء الذي جمع الشاعر‬ ‫أدونيس وجمهوراً كبيراً‪ ،‬ضمن األنشطة الثقافية املصاحبة لدورة‬ ‫املعرض‪.‬‬ ‫عاد أدونيس بهذا اللقاء إلى جمهور ثاني أكبر معرض للكتاب‬ ‫في العالم‪ ،‬بعد غياب دام نحو عقدين‪ ،‬ليطرح أفكاراً‪« ،‬غرضها‬ ‫خلق حوار ال إيجاد حلول»‪ ،‬على حد تعبيره‪ .‬فيما اعترض أحد‬ ‫احلضور‪ ،‬وهو موظف في وزارة الثقافة املصرية‪ ،‬وفق تقدميه‬ ‫لنفسه‪ ،‬على تصدي مفكر «ال ديني»‪ ،‬لطرح رؤى تتعلق بتجديد‬ ‫اخلطاب الديني‪.‬‬ ‫ق��دم رئيس الهيئة العامة للكتاب‪ ،‬الشاعر أدونيس بقوله‪« :‬إن‬ ‫أدونيس اعتاد أن يُطل علينا من ُشرفتني‪،‬‬ ‫األول��ى هي شرفة الشعر‪ ،‬فصحيح لدينا‬ ‫ش �ع��راء ك �ب��ار ح�م�ل��وا م�ش��اع��ل ال �ن��ور في‬ ‫الشعر العربي احلديث‪ ،‬لكن يبقى أدونيس‬ ‫هو األكثر تأثيراً‪ ،‬فقد ترك بصمة واضحة‬ ‫في تاريخ الشعر العربي ال يضاهيه فيها‬ ‫أحد‪ ،‬أما ُ‬ ‫الشرفة الثانية التي يُطل علينا‬ ‫من خاللها‪ ،‬فهي ُشرفة التجديد الفكري‪،‬‬ ‫أدونيس‬


‫‪46‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫ثقافة‬

‫الذي يتأمل شؤون الثقافة العربية كلها»‪.‬‬ ‫وعرض أدونيس لـ «مشروع إصالح» مكون‬ ‫من نقاط أربع‪« ،‬النقطة األولى تتمثل في‬ ‫احلاجة إل��ى قطيعة كاملة مع ال�ق��راءات‬ ‫السائدة للدين التي حتول الدين الذي هو‬ ‫رحمة ومحبة وسعادة للبشرية إلى عنف‪.‬‬ ‫والنقطة الثانية‪ :‬إذا كنا نرغب في تغير‬ ‫السلطة واملجتمع معاً‪ ،‬فيجب أن ننشئ‬ ‫جبهة علمانية على مستوى العالم العربي‬ ‫تعمل على إع��ادة ق��راءة امل��وروث وتؤسس‬ ‫ملجتمع جديد قائم على املعرفة والفكر املتجدد‪.‬‬ ‫والنقطة الثالثة‪ :‬علينا أن نحرر ثقافتنا من القيود املفروضة عليها‪.‬‬ ‫والنقطة الرابعة هي الدميوقراطية التي ال مفر منها‪ ،‬فمن دونها‬ ‫ال حرية وال حقوق وال م�س��اواة‪ ،‬فاملواطنة القائمة على علمنة‬ ‫املؤسسات هي ما يستحق أن نناضل من أجله»‪.‬‬ ‫الغيطاني سبعيني ًا‬ ‫وشهد املعرض لقا ًء مع الكاتب املصري جمال الغيطاني ملناسبة‬ ‫بلوغه السبعني‪ ،‬اختتمه بالقول إن «التجربة الصوفية هي من‬ ‫أعظم التجارب التي أنتجتها احلضارة اإلسالمية»‪ ،‬مضيفاً أنها‬

‫جت��رب��ة إنسانية ل��ذل��ك تتماس كثيراً مع‬ ‫اآلداب العاملية مثل أشعار رامبو‪.‬‬ ‫وخ�ل��ص ص��اح��ب رواي ��ة «ال��زي�ن��ي ب��رك��ات»‬ ‫إل��ى أن «التجربة الصوفية ه��ي االجت��اه‬ ‫اإلس�ل�ام ��ي ال��وح �ي��د ال� ��ذي يستطيع أن‬ ‫ي�ح��ارب الفكر املتشدد ال��ذي يقف وراء‬ ‫اإلره���اب ال ��ذي يشهده املجتمع العربي‬ ‫حالياً»‪.‬‬ ‫الغيطاني‬ ‫لقطة بعيدة عامة‬ ‫كان من الالفت هذا العام وجود جنسيات‬ ‫كثيرة ب�ين زوار امل �ع��رض غالبيتهم م��ن إن��دون�ي�س�ي��ا‪ ،‬وماليزيا‪،‬‬ ‫ونيجيريا‪ ،‬وموريتانيا‪ ،‬الذين يدرسون في جامعة األزه��ر‪ .‬وقد‬ ‫وجد القراء من مختلف اجلنسيات هذا العام ما يشبع نهمهم من‬ ‫عناوين؛ حيث شاركت ‪ 26‬دولة من مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وألول‬ ‫مرة شاركت ‪ 4‬دول أفريقية‪ ،‬مبشاركة ‪ 850‬ناشرا‪ ،‬منهم‪50 :‬‬ ‫ناشرا أجنبيا‪ ،‬و‪ 250‬ناشرا عربيا‪ ،‬و‪ 550‬ناشرا مصريا‪ ،‬مما‬ ‫أعطى تنوعا محمودا‪.‬‬ ‫أمام جناح سور األزبكية الذي يضم باعة الكتب القدمية‪ ،‬تتراص‬ ‫أطنان من الكتب واملجلدات في مختلف املجاالت واملراجع العلمية‬


‫والتعليمية تعلوها الفتات ورقية بـ‪ 5‬جنيهات‪ ،‬و‪ 10‬جنيهات و‪20‬‬ ‫جنيها‪ ،‬في انتظار من يفوز بها‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬أقامت وزارة الثقافة املصرية جناحا مخصصا‬ ‫إلصدارتها املختلفة بتخفيضات ألكثر من ‪ 50‬في املائة‪ ،‬وهو‬ ‫م��ا الق��ى إق�ب��اال كبيرا م��ن اجلمهور وس��اه��م ف��ي نفاد كثير من‬ ‫الكتب املتميزة‪ .‬وك��ان م��ن أب��رز امل�ع��روض��ات‪ :‬األع �م��ال الكاملة‬ ‫لرفاعة الطهطاوي التي تباع بـ‪10‬‬ ‫جنيهات‪ ،‬وموسوعة مصر القدمية‬ ‫بـ‪ 10‬جنيهات‪ ،‬ومجلد أطلس بـ‪40‬‬ ‫جنيها‪ ،‬وع ��دد كبير م��ن ال�ك�ت��ب في‬ ‫النقد واألدب واملسرح والشعر والفن‬ ‫التشكيلي‪ ،‬سعر أي منها جنيه واحد‪.‬‬ ‫وش �ه��د امل��ع��رض ه ��ذا ال��ع��ام أي�ض��ا‬ ‫م �ش��ارك��ة ع ��دد ك �ب �ي��ر م��ن امل�ث�ق�ف�ين‬ ‫واألدباء والكتاب في حفالت التوقيع‬ ‫والندوات واللقاءات اليومية‪ ،‬مما أعطى زخما للمعرض وجذب‬ ‫ع��ددا كبيرا من اجلمهور‪ .‬وانصب النشاط الثقافي للمعرض‬ ‫على النقاش حول الوجوه املتعددة لإلرهاب‪ ،‬وجتديد اخلطاب‬ ‫ال��دي �ن��ي‪ ،‬وم�ن��اق�ش��ات للكتب ال �ت��ي ص ��درت ف��ي ه��ذا ال �ص��دد‪،‬‬

‫ومنها‪« :‬اإلره��اب‪ ..‬بذوره وبثوره» تألیف‪ :‬د‪ .‬هشام احلديدي‪،‬‬ ‫و»اإلطاحة بحكم املرشد» تألیف‪ :‬د‪ .‬خلیل كلفت‪ ،‬و»اقتصادیات‬ ‫جماعة اإلخ ��وان ف��ي مصر وال�ع��ال��م» ت��أل�ی��ف‪ :‬د‪ .‬عبد اخلالق‬ ‫فاروق‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫ك�م��ا ك��ان الف�ت��ا تعمد دور ال�ن�ش��ر ع�ل��ى وض��ع ال��رواي��ات التي‬ ‫تتحدث عن صعود التيار الديني أو الكتب اخلاصة باإلسالم‬ ‫ال ��وس� �ط ��ي‪ ،‬واإلس� �ل��ام ال �س �ي��اس��ي‪،‬‬ ‫وال��ف��ك��ر ال �ع �ل �م��ان��ي‪ ،‬واجل��م��اع��ات‬ ‫اإلره��اب �ي��ة وال�ف�ك��ر ال�ت�ك�ف�ي��ري‪ ،‬في‬ ‫واجهة العناوين التي حتاصر الزائر‬ ‫ف��ي معظم األجنحة‪ .‬وك��ان أبرزها‬ ‫كتب املفكر ال��راح��ل د‪ .‬ف��رج ف��ودة‬ ‫«ن �ك��ون أو ال ن �ك��ون»‪ ،‬و»اإلره� ��اب»‪،‬‬ ‫و»ال� �ن���ذي���ر»‪ ،‬و»امل� �ل� �ع���وب»‪ ،‬و»ق �ب��ل‬ ‫السقوط»‪ ،‬و»حوار حول العلمانية»‪،‬‬ ‫و»احلقيقة الغائبة»‪ ،‬التي طرحتها الهيئة العامة للكتاب‪.‬‬ ‫وعلى عكس املتوقع‪ ،‬لم تختف من املعرض دور النشر الدينية أو‬ ‫التي تنتمي للتيار اإلسالمي‪ ،‬فهي موجودة مبطبوعاتها بجوار‬ ‫خيمة أملانيا‪ ،‬إال أن اإلقبال عليها كان أقل من دور النشر األخرى‪.‬‬

‫لم تختف دور النشر الدينية أو التي‬ ‫تنتمي للتيار اإلسالمي ولكنها فقدت‬ ‫الكثير من الرواج واإلقبال‬


‫‪48‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫سياحة‬

‫صبراتة‪..‬‬

‫َْ‬ ‫مك َنز تاريخي‬ ‫ومحجّ سياحي محاصر‬ ‫إعداد‪ :‬خيري الشريف‬ ‫بالرغم م��ن ك��ل م��ا يتواتر م��ن ليبيا م��ن ص��ور قامتة فإن‬ ‫للتاريخ دائم ًا صورته املشرقة‪ ..‬فهي البلد الذي يحتضن‬ ‫آث� ��ار ع���دة ح� �ض ��ارات ت ��وال ��ت ع �ل��ى ت ��راب ��ه م ��ن فينيقية‬ ‫ً‬ ‫فضال ع��ن آث��ار سكانه‬ ‫وإغريقية وروم��ان�ي��ة وإس�لام�ي��ة‪،‬‬ ‫األصليني من بربر وطوارق‪.‬‬ ‫لقد مثلت ليبيا حلقة ربط بني إفريقيا وأوروبا عبر‬ ‫مراحل مختلفة من التاريخ‪ ،‬وتدل شواهد ورسوم‬ ‫نحتت ف��ي ال �ص �خ��ور ع�ل��ى آث ��ار ل�لإن �س��ان في‬ ‫ليبيا موغلة في القدم تعود إلى ما قبل‬ ‫تدوين التاريخ‪ .‬ومن بني هذه املكانز‬ ‫التاريخية والتي تبدو محاصرةً اآلن‬ ‫ال بد للمرء أن يذكر مدينة صبراتة‪.‬‬



‫‪50‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫سياحة‬

‫املوقع اجلغرافي‬ ‫تقع صبراتة على بعد ‪ 67‬كم غرب العاصمة الليبية طرابلس‪ ،‬على‬ ‫ساحل البحر املتوسط‪ ،‬وهي كبقية املدن األثرية على الساحل الليبي‬ ‫الذي ميتاز بجمال بديع خالب‪ ،‬فشواطئه قليلة التعاريج نسبياً‪ ،‬وإذا‬ ‫تتبعنا األراضي الساحلية التي متتد على حدود البحر جندها تنحرف‬ ‫في اجتاه اجلنوب حتى يصل هذا االنحراف أشده في املنطقة التي‬ ‫أقيمت عليها مدينة صبراتة وم��ن ثم ف��إن الشاطئ ينحرف اجتاه‬ ‫الشمال حتى يصل إلى مدينة زوارة وهذا يشكل خليجاً صغيراً على‬ ‫هيئة جتويف منفرج الزاوية‪ ،‬وجند أن األساسات الفينيقية املكتشفة‬ ‫أقل ارتفاعاً من نظريتها الرومانية والبيزنطية وعلى وجه العموم فإن‬ ‫املدينة كانت والشك مرتفعة نسبياً عن سطح البحر وحاجب شاطئها‬ ‫العلى في بعض أجزائه‪.‬‬ ‫عودة إلى القدم‬ ‫اس��م صبراتة اليوم ال يشمل املدينة األث��ري��ة القدمية فحسب؛ بل‬ ‫إنه يشمل املدينة احلديثة أيضاً إضافة إلى كل املنطقة املمتدة من‬ ‫زوارة غرباً‪ ،‬وصرمان شرقاً‪ ،‬واجلبل الغربي جنوباً‪ ،‬وحتدها منطقة‬ ‫العجيالت من اجلنوب الغربي‪.‬‬ ‫أسسها الفينيقيون وتعود إعادة إنشائها إلى مطلع األلف األولى قبل‬ ‫امليالد‪ ،‬في الفترة التي تلت إقامة املستوطنات الفينيقية األولى في‬ ‫الشمال اإلفريقي والتي على رأسها مدينتا قرطاج وعتيقة (أوتيكا)‬ ‫في تونس‪.‬‬ ‫وصبراتة واح��دة من املدن الثالث التي ضمت إليها قدمياً أراضي‬ ‫اجلزء الغربي الشمالي من ليبيا‪ ،‬والذي أطلق عليه قدماء اليونان اسم‬ ‫(تريبوليس) أى إقليم املدن الثالث كما أطلقوا عليه اسم (اميبوريا)‬ ‫أي املراكز التجارية حيث كانت بقيت هذه املدن الثالث املشار إليها‬ ‫من أنشط األس��واق واملوانئ التجارية الليبية الفينيقية (البونيقية)‬ ‫وذلك حتى انهيار احلكم القرطاجي وقيام الدولة النوميدية ومتكن‬ ‫الرومان من بسط نفوذهم ال��ذي واج��ه مقاومة عنيفة من الليبيني‬ ‫النوميديني أسوة باستبسال البونيقيني‪.‬‬ ‫وعلى إثر احلرب األهلية الرومانية التي امتدت آثارها إلى الشمال‬ ‫االفريقي وانتصار يوليوس قيصر على خصمه بومبي في موقعة‬ ‫(ت��اي �س��وس) أس�س��ت ال��والي��ة اإلف��ري�ق�ي��ة ال�ت��ي ضمت إليها أراض��ي‬ ‫المبوريا وذلك سنة ‪46‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫وترجع أطالل املدينة احلالية في معظمها إلى القرنيني األول والثاني‬ ‫من تأسيس اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬حيث مت جتديد بناء املعابد‬ ‫البونيقية السابقة واحمليطة بساحة السوق (الفورم) وااليوان القضائي‬ ‫(البازيليكا) واملجلس البلدي (الكوريا) في القرن الرابع امليالدي‪.‬‬ ‫وازدهرت املدينة خالل فترة حكم االمبراطوريني انطونيوس بيوس‬ ‫وماركوس اوريليوس (‪ )180-138‬للنشاط التجاري فيها وليس بسبب‬ ‫األعمال الزراعية فأرض الضواحي احمليطة بها تعد أقل خصوبة ‪.‬‬ ‫يؤكد ذلك مقر وكالء جتار صبراتة‪ ،‬الذي مت العثور عليه في مرفأ‬ ‫(أوستيا) القدمي على الساحل القريب من مدينة روما‪ ،‬حيث تزدان‬ ‫قائمة املقر املذكور بفسيفساء‪ ..‬صور الفيل‪ ..‬وقد استنتج من هذا أن‬ ‫جتارة صبراتة الرئيسية كانت تقوم على تصدير العاج واملنتجات ذات‬ ‫السمعة اإلفريقية األخرى وذلك عن طريق فزان وغدامس‪.‬‬ ‫إزدهار سويري‬ ‫وظل البلد مزدهرا طوال القرن الثالث امليالدي إلى عهد األباطرة‬ ‫السويريني (أبناء لبدة الكبرى) في أواسط القرن الرابع امليالدي حتى‬ ‫وقع زلزال‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن غزوات السلب والنهب والتخريب التي قامت‬ ‫بها بعض قبائل األوستوريني‪.‬‬ ‫وتسترد املدينة مكانتها السابقة في فترات الحقة وذلك حتى مجيء‬

‫قبائل الوندال التي اجتاحت الشمال اإلفريقي واستهدفت صبراتة‬ ‫تخريباً واحتالالً سنة (‪ )455‬شأنها شأن بقية املدن االفريقية في‬ ‫تلك احلقبة‪ ،‬وظلت املدينة مهملة إلى أن احتلها اجليش البيزنطي‬ ‫ثانية سنة (‪.)533‬‬ ‫وفي عهد االمبراطور جستينان الذي استمر في حكم إلى سنة ‪،565‬‬ ‫أعيد حتصني القسم األقدم من املدينة املجاور للميناء وذلك بانشأء‬ ‫واقامة سور بأبراج‪ ،‬كذلك شيدت فيها كنيسة غطيت أرضية بهوها‬ ‫بالفسيفساء ( نقلت األرضية الفسيفسائية إلى طرابلس عام ‪1931‬‬ ‫وهي محفوظة اآلن بقائمة خاصة باملتحف)‪.‬‬ ‫ومت في هذه الفترة أيضا بناء مساكن جديدة وعبدت الطرق التي‬ ‫تتخللها على أنقاض املباني السالف ذكرها مبستوى يعلو ‪ 4-3‬اقدام‬ ‫ف��وق املستوى القدمي كما يالحظ من قطاع التنقيب الواقع داخل‬ ‫الباب البيزنطي في اجلهة اليمنى منه مباشرة‪.‬‬


‫من منحوتات صبراتة األثرية‬


‫‪52‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫سياحة‬

‫ورحالون‬ ‫آثار ّ‬ ‫حظيت آثار صبراتة باهتمام ال ّرحالني واآلثاريني في مختلف األزمنة‪،‬‬ ‫صفها جميع الكتّاب األوروبيني الذين قاموا بزيارتها في القرن‬ ‫وقد َو َ‬ ‫التّاسع عشر‪ ،‬مثل بارت الذي حت ّدث عن املسرح واألعمدة واألقواس‪.‬‬ ‫وقد رأى أيضاً رصيف امليناء ومتثالني من ال ّرخام‪ ،‬أحدهما المرأة‬ ‫ذات جسم متناسق‪.‬‬ ‫كما وصفها ال ّرحالة فون مالتزان ووصف املسرح الدائري والتّماثيل‬ ‫وامليناء وبعض األبنية البيزنط ّية املتأخّ رة‪.‬‬ ‫التنقيب وإعادة االكتشاف‬ ‫مع االحتالل اإليطالي لليبيا عام ‪ ،1911‬ق ّررت احلكومة اإليطالية‬ ‫تكليف ٍ‬ ‫بعثة م��ن كبار امل��ؤ ّرخ�ين وعلماء اآلث��ار بالبحث ع��ن اآلث��ار‬ ‫ال ّرومانية بصبراته وغيرها من املُدن اللّيبية‪ .‬وبدأت احلفائر املُك ّثفة‬ ‫بصبراته من سنة ‪ 1923‬إلى ‪.1936‬‬ ‫في عام ‪ ،1923‬شرع بأعمال التنقيب واحلفر في مدينة صبراتة‬ ‫وألول مرة واستمرت هذه األشغال حتى عام ‪ ،1936‬حيث مت خالل‬ ‫هذه املدة الكشف عن نصف مساحة املدينة القدمية تقريبا مبا في‬ ‫ذلك املباني العامة وعدد من املساكن و الشوارع‪ ،‬ومن بني املنشآت‬ ‫املهمة التي مت العثور عليها في تلك اآلونة مسرح صبراتة‪.‬‬ ‫وفي اخلمسينيات‪ ،‬استؤنفت أعمال احلفر والتنقيب واتسع نطاقها‬ ‫فشمل القسم الغربي من املدينة والكائن جنوب السور البيزنطي‪ ،‬حيث‬ ‫اكتشف حي سكني يرجع للفترة األول��ى من تأسيس اإلمبراطورية‬ ‫الرومانية ويتميز هذا األثر املعماري البونيقي بطابعه الليبي الواضح‪.‬‬ ‫معمار املدينة‬ ‫استخدمت ف��ي بناء املباني الرئيسية ف��ي صبراتة ح�ج��ارة رملية‬ ‫شديدة القابلية للتفتت قطعت من محاجر على املنحدرات اجلنوبية‬ ‫من السلسلة الساحلية وملنع السطوح املكشوفة من احلجر من التآكل‬ ‫والتفتت‪ ،‬فقد غطيت بطبقة سميكة من اجلص األبيض الصلب الذي‬ ‫ميكن تشكيله وطالؤه لتحقيق التفاصيل النهائية املطلوبة على تيجان‬ ‫األعمدة وأعمال النحت‪.‬‬ ‫ويظهر الرخام في صبراتة بشكل متزايد ابتداء من القرن الثاني‬ ‫فصاعداً ولكنه ال يستخدم بإسراف كما في لبدة‪ .‬وفي الواقع أن‬ ‫االقتصاد في استخدامه ميكن أن يكتشف حتى في املباني العامة‬ ‫الهامة مثل معبد الفورم اجلنوبي ومعبد أنطوني‪ .‬حيث اقتصرت‬ ‫زينة الرخام فيها على الواجهة األمامية أما اجلوانب واخللفية فقد‬ ‫اكتفى باجلص‪.‬‬ ‫معالم املدينة‬ ‫كشفت احل�ف��ري��ات ف��ي ص�ب��رات��ة ع��ن وج��ود ع��دد كبير م��ن امل�ن��ازل‬ ‫اخلاصة‪ .‬خالفاً ملا حدث في لبدة‪ ،‬مما يساعد على تكوين فكرة‬ ‫واضحة عن حياة املواطنني املنزلية‪ .‬فهذه املنازل غالباً ما تكون وفقاً‬ ‫ملخطط ضيق ولكن ما تبقى من آثارها واملتمثل في وجود آثار ساللم‬ ‫بدل على أن الكثير منها كان يتألف من طابقني على األقل‪ .‬والعديد‬ ‫منها كان لها صهاريج حتت الطابق األرضي تتجمع فيها مياة األمطار‬ ‫الساقطة على السطح‪.‬‬ ‫وتشيع في املنازل زخرفة األرضيات بالفسيفساء‪ .‬وتغطية اجلدران‬ ‫ال��داخ�ل�ي��ة غالبا بزينة م��ن األل���وان على اجل��ص‪ .‬وم��ا زال��ت بعض‬ ‫الزخارف والفسيفساء قائمة في مكانها‪ .‬ولكن أفضلها قد نقل إلى‬ ‫املتحف املجاور‪ ،‬ويحتوي املتحف أيضاً على مجموعة ضخمة من‬ ‫األشياء الصغيرة املستعملة في املنازل في احلياة اليومية مثل األواني‬ ‫الفخارية والزجاجية والبرونزية وما شابهها‪ .‬ومن أهم معالم املجينة‬ ‫األثرية‪:‬‬ ‫> الفوروم‬

‫السوق العامة‪ ،‬وهي مركز احلياة في املدينة‪ ،‬وكانت عبارة عن ساحة‬ ‫واسعة غير مسقوفة وعادة ال تدخلها العربات‪ ،‬والسوق العامة باملدينة‬ ‫كانت يحيط بها املعابد الرئيسية والتي كانت مكرسة لبعض اآللهة‬ ‫واألب��اط��رة‪ ،‬وحتيط بها أيضا املباني احلكومية العامة واحلوانيت‬ ‫وكانت مقر االقتراع ومنبرا للخطباء‪.‬‬ ‫> املجلس البلدي‬ ‫جرى بناء هذا املجلس في آخر القرن امليالدي الرابع وقد أقيم البناء‬ ‫على أنقاض بناء سابق‪ ،‬ويتكون املجلس من قاعة مستطيلة الشكل‬ ‫وميكن الوصول إلى قاعة املجلس مباشرة عن طريق الفورم خالل‬ ‫بابني في اجلانب اجلنوبي أحدهما بوسط اجل��دار والثاني بقرب‬ ‫الركن اجلنوبي الغربي‪.‬‬ ‫> البازيليكا (دار العدالة)‬ ‫بناء مسقوف للوقاية من الشمس واملطر وكانت باإلضافة إلى إنها دار‬ ‫للعدالة كانت مكانا للمزايدات التجارية وقد كان يسمح لعامة الشعب‬ ‫بدخولها والتسلية باالستماع للمحاكمات واملساومات بني التجار أو‬ ‫االستماع إلى احملاضرات العامة‪.‬‬ ‫> احلمامات العامة‬ ‫احلمامات مبدينة صبراتة صغيرة احلجم باملقارنة مع احلمامات‬ ‫الكبرى في روما ولبدة الكبرى وأكبرها بصبراتة تعرف باسم حمامات‬ ‫البحر نظراً لقرب هذه احلمامات من البحر وألنها بنيت من أحجار‬ ‫رملية فقد تالشت معظم اجل��دران‪ .‬وحمامات املسرح والتي ميكن‬ ‫الوصول لها عن طريق شارع (الديكومانوس) إلى الشرق من معبد‬ ‫هرقل‪ .‬وتوجد بقايا حمامات صغيرة تعرف باسم حمامات اوقيانوس‬ ‫وبها غرفة كبيرة البد إنها كانت حماما باردا (فريجيداريوم) أو دافئاً‬ ‫(تبيداريوم)‪.‬‬ ‫املعبد األنطوني‬ ‫يقع هذا املعبد على الضلع الشرقي من الساحة التي تقع إلى الشمال‬ ‫من معبد الفورم اجلنوبي‪ .‬ويعتبر املعبد األنطوني املعبد الوحيد الذي‬ ‫كرست عبادته إلمبراطور روماني وقد مت العثور بداخله على العديد‬ ‫من اآلثار كالكتابات ورؤوس بعض التماثيل‪.‬‬


‫مع زوال الحصار عن المدينة‬ ‫سوف تعود صبراتة بشاطئها‬ ‫الرملي الذي تطل عليه غابات‬ ‫الصنوبر إلى واجهة المشهد‬ ‫السياحي‬ ‫كانت تجارة صبراتة الرئيسية‬ ‫تقوم على تصدير العاج‬ ‫ومنتجات إفريقية ألخرى عن‬ ‫طريق فزان وغدامس‬ ‫تشيع في المنازل زخارف‬ ‫األرضيات بالفسيفساء والجدران‬ ‫الداخلية المغطاة بزينة من‬ ‫األلوان على الجص‬

‫معبد ليبرباتر‬ ‫يقع من الناحية الشرقية من الفورم‪ ،‬ويرجع تاريخه إلى أواخر القرن‬ ‫األول امليالدي‪ .‬وقد كان بهوه محاطاً بأعمدة حرة ستة منها على‬ ‫النهايتني‪ ،‬وثمانية على اجلانبني وأعمدة هذا املعبد التي أعيد نصب‬ ‫بعضها في اجلهة اجلنوبية هي من النوع الكورنثي‪.‬‬ ‫معبد اإلله هرقل‬ ‫هذا املعبد يقع في أول مبنى على ميني شارع (الديكومانوس) في‬ ‫منطقة احلي اجلديد مبدينة صبراتة‪ .‬وتدل الكتابة على انه يرجع‬ ‫إلى سنة ‪ 186‬م‪ .‬ويالحظ انه لم يبق منه اآلن سوى أساسه‪ ،‬وهو‬ ‫مشيد على أنقاض معبد صغير وكان يحيط به فناء مستطيل معمد‬ ‫له مدخل تذكاري من نهايته الشرقية‪.‬‬ ‫معبد سيرابيس‬ ‫يقع هذا املعبد في الركن الشمالي الغربي من الفورم وهو يخص اإلله‬ ‫سيرابيس‪ .‬وهذا املعبد هو من أقدم معابد صبراتة الرومانية ويرتفع‬ ‫فناؤه املستطيل عن مستوى الشوارع املجاورة‪ ،‬كما إن جانبه الشرقي‬ ‫كانت به ثالث مداخل تواجه مقدمة املعبد‪.‬‬ ‫السياحة احملاصرة‬ ‫مثل بقية املدن األثرية والسياحية في ليبيا فإن صبراتة اآلن تعتبر‬ ‫مدينة محاصرة‪ ،‬فعلياً ومجازياً‪ ،‬فالغرباء ال يأمنون على أنفسهم‬ ‫عندما يزورونها‪ ،‬وقد ُس ّجلت أكثر من حالة اغتيال لز ّوار أوروبيني‬ ‫بالقرب منها‪ ،‬كما إن املدينة بشكل عام تعتبر منطقة لالشتباكات‬ ‫التي تدور من حني إلى آخر بني مليشيا فجر ليبيا وحلفائها من بقايا‬ ‫أنصار القاعدة الذين يتخذون من مدينة صبراتة مقراً لهم‪ ،‬وبني‬ ‫قوات اجليش الليبي الذي يسانده األهالي‪ ،‬ويتمركز جنوباً‪.‬‬ ‫في كل األح ��وال‪ ..‬فإننا ال منلك إال أن نواصل التعريف مبكانزنا‬ ‫األثرية والسياحية مدركني متاماً بأن ما يحيط بها اآلن من ظروف‬ ‫عصيبة إمنا هو حال مؤقت سوف يزول يوماً ما‪ ،‬ومع زواله سوف‬ ‫تعود مدينة صبراتة بشاطئها الرملي على البحر األبيض املتوسط‬ ‫ال��ذي تطل عليه غابات الصنوبر إلى واجهة املشهد السياحي في‬ ‫ليبيا اجلميلة‪.‬‬


‫‪54‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫سينما‬

‫أميريكان سنايبر ‪ ،AMERICAN SNIPER‬فيلم شركة وارن��ر ب��روس‪،‬‬ ‫‪ ،AMERICAN SNIPER‬من إخ��راج كلينت إيستوود وتأليف جيسون‬ ‫هول‪ .‬احتل الفيلم صدارة شباك التذاكر‪ ،‬وهو مرشح لست جوائز أكادميية‪،‬‬ ‫من ضمنها جائزة أحسن فيلم‪ ...‬هناك اآلن وجهان لهذا الفيلم‪ ،‬األول‬ ‫مضيء‪ ،‬والثاني معتم‪ ،‬شديد السواد‪.‬‬

‫أميريكان سنايبر‪..‬‬

‫اإلسالموفوبيا إذا تغلغلت في هوليوود‬ ‫حقق ه��ذا الفلم‪ ،‬احل��اص��ل على ترشيحات‬ ‫عديدة لألوسكار‪ ،‬إي��رادات بلغت ‪ 200‬مليون‬ ‫دوالر في مبيعات شباك التذاكر األميركي بعد‬ ‫‪ 10‬أيام فقط من إطالقه في دور العرض‪.‬‬ ‫بعد حتطيمه لألرقام القياسية في أول عطلة‬ ‫نهاية أس�ب��وع م��ن إط�لاق��ه‪ ،‬استمر اجلمهور‬ ‫في اإلقبال على دور العرض العادية وقاعات‬ ‫‪ IMAX‬التي تعرض فيلم كلينت إيستوود‬ ‫حيث حقق الفيلم نحو ‪ 64.4‬مليون دوالر في‬ ‫عطلة نهاية األس�ب��وع األخ �ي��رة‪ ،‬ليسجل أقل‬ ‫نسبة انخفاض لفيلم حقق افتتاحه أكبر من‬ ‫‪ 85‬مليون دوالر‪ ،‬ذلك باإلضافة إلى عطلتي‬ ‫نهاية أس �ب��وع استغرقتا ‪ 3‬و‪ 4‬أي���ام‪ ،‬لتصل‬ ‫إي��رادات الفيلم إلى ‪ 200.1‬مليون دوالر‪ ،‬وال‬ ‫تزال في تزايد حتى اآلن‪.‬‬

‫يعتبر فيلم ‪ American Sniper‬حاليا هو‬ ‫الفيلم األكثر حتقيقا ل�لإي��رادات في مسيرة‬ ‫كلينت إيستوود الطويلة على املستوى احمللي‪،‬‬ ‫وه��و ف��ي طريقه ليكون كذلك على املستوى‬ ‫العاملي أيضا‪.‬‬ ‫ه��ذا هو الوجه املضيء للفيلم‪ ..‬هناك وجه‬ ‫مظلم‪ ،‬قامت‪ ،‬شديد السواد أيضاً‪.‬‬ ‫طالبت منظمة أمريكية عربية معنية باحلقوق‬ ‫امل��دن �ي��ة‪ ،‬احمل ��رج إي �س �ت��وود‪ ،‬وامل�م�ث��ل ب��رادل��ي‬ ‫كوبر‪ ،‬بأن يستنكرا لغة الكراهية املوجهة ضد‬ ‫األمريكيني العرب واملسلمني التي اعتمدها‬ ‫الفيلم ال��ذي يتناول دور قناص أمريكي في‬ ‫حرب العراق‪.‬‬ ‫قالت اللجنة العربية األمريكية ملكافحة التمييز‪،‬‬ ‫في رسالة إلى إيستوود وكوبر‪ ،‬إن أعضاءها‬

‫أصبحوا هدفا «لتهديدات عنيفة» قبل أيام‬ ‫من العرض العام للفيلم‪ .‬وقالت إنها تعمل مع‬ ‫مكتب التحقيقات االحت��ادي والشرطة لتقييم‬ ‫التهديدات‪.‬‬ ‫يحكي الفيلم قصة كريس كيل اجلندي الراحل‬ ‫م��ن ق��وة العمليات اخل��اص��ة التابعة للبحرية‬ ‫األمريكية في العراق‪ ،‬وقتل كيل ‪ 160‬هدفا‬ ‫في العراق وهو عدد يعتبر األعلى في التاريخ‬ ‫العسكري األمريكي‪.‬‬ ‫يعتقد كثيرون أن الفيلم يحاول إظهار كيل الذي‬ ‫وصف املسلمني في مذكراته بأنهم «همجيون»‬ ‫في صورة حسنة‪ ،‬وأن الفيلم ميجد احلرب‪.‬‬ ‫وك��ان أمريكي ساخط من قدامى احملاربني‬ ‫قد قتل كيل بالرصاص بالقرب من منزله في‬ ‫تكساس في أوائل العام ‪.2013‬‬


‫كلينت إيستوود إذا كان ثم ًال!‬ ‫ميجد احلرب ويصف‬ ‫فيلم ّ‬ ‫املسلمني بأنهم «همج ّيون»‬ ‫قال سامر خلف‪ ،‬رئيس اللجنة‪ :‬ال معنى للدعوة‬ ‫ملقاطعة الفيلم‪ ،‬نظرا لنجاحه من حيث مبيعات‬ ‫التذاكر‪ .‬وأضاف‪« :‬الناس ستشاهد الفيلم‪ ،‬إذا‬ ‫قاطعناه فلن يتسبب ذلك إال في إقبال الناس‬ ‫على مشاهدته بشكل أكبر”‪ .‬وأوض��ح خلف‬ ‫الذي لم يشاهد الفيلم‪ ،‬بأن البيانات العامة من‬ ‫إيستوود وكوبر وتهدئة التوترات‪ ،‬من املمكن أن‬ ‫تبعث برسالة مفادها أن «العرب أمريكيون وأن‬ ‫املسلمني أمريكيون»‪ ،‬هذا ولم يتسن االتصال‬ ‫باملتحدثني باسم إيستوود أو كوبر للتعليق‪.‬‬ ‫ميشال أوباما تدافع عن الفيلم‬

‫دافعت السيدة األول��ى في الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫ميشال أوب��ام��ا‪ ،‬ع��ن فيلم أميريكان سنايبر‬ ‫م �ع �ت �ب��رة أن� ��ه جن ��ح ف ��ي جت �س �ي��د امل �ش��اع��ر‬ ‫ال�ت��ي ت���راود الكثير م��ن اجل �ن��ود األميركيني‬ ‫وعائالتهم‪ .‬وقالت في خطاب ألقته في مقر‬ ‫جمعية «ناشونل جيوغرافيك سوساييتي» في‬ ‫واشنطن‪« :‬تسنت لي فرصة مشاهدة فيلم‬ ‫‪ American sniper‬ه��ذا األس�ب��وع خالل‬ ‫رحلة سفر طويلة قمنا بها إلى الهند»‪ ،‬منوه ًة‬ ‫«بوصف معقد ومؤثر جلندي سابق وعائلته»‪.‬‬ ‫وصرحت السيدة األميركية األولى «ال يخفى‬ ‫علي أن البعض انتقد الفيلم‪ ،‬لكنه في نظري‬ ‫يتطرق إلى مجموعة من املشاعر والتجارب‬ ‫سمعتها شخصياً من عائالت اجلنود خالل‬ ‫السنوات األخيرة»‪.‬‬ ‫وأك� ��دت أن ال�ف�ي�ل��م «ي� ��روي ق�ص�ص�اً مؤملة‬ ‫سمعتها‪ ،‬وخيارات صعبة واجهت يومياً اجلنود‬ ‫واجلنديات»‪.‬‬


‫‪56‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫فن‬

‫«ميلود العمروني» رجل الكهرباء واإلدارة‪ ،‬الذي ارتبط اسمه باملسرح والتلفزيون وليس كموظف بالشركة‬ ‫العامة للكهرباء‪ ,‬يحب املسرح ويعشق الضحك وتتلبسه روح الفكاهة‪ ،‬استطاع الدخول لعالم التمثيل وخطف‬ ‫وأعد عشرات األعمال املسرحية‬ ‫االنظار من بني مئات املمثلني خصوص ًا في املسرح الكوميدي ‪ ..‬أخرج وألف‬ ‫ّ‬ ‫والبرامج التلفزيونية التي شكلت إضافة حقيقية للمكتبة املسرحية واإلذاعة الليبية بشقيها املسموع واملرئي‬ ‫‪ ..‬شارك في العديد من املسرحيات الفكاهية وكان جنم العروض فيها منها مسرحية «نوارة ‪ -‬أصل وصورة ‪-‬‬ ‫خرف يا شعيب ‪ -‬عروس البحر ‪ -‬املستشفى ‪ -‬جيش حميدة الدولي‬ ‫شيع‬ ‫الناس سواء ‪ -‬قالك‬ ‫ولعلي ‪ّ -‬‬ ‫وطي ‪ّ -‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ طواجني ريا وسكينة» وغيرها من املسرحيات التي القت استحسان اجلمهور الليبي والعربي‪ ,‬كما حتصل‬‫على العديد من اجلوائز داخل ليبيا وخارجها لعل اخرها جائزة افضل ممثل لعام ‪ 2013‬في مهرجان طرابلس‬ ‫سبتيموس في طبعته الثانية‪.‬‬

‫حوار وتصوير‪ :‬علي خويلد‬

‫صائد االبتسامة ميلود العمروني ينقل هموم‬ ‫الفن الليبي للمستقل‬

‫أنا ضد محاكمة الفنان‬


‫املستقل ‪ :‬مباذا ينشغل حالي ًا الفنان ميلود العمروني؟‬ ‫العمروني ‪ :‬أول انشغالي هو مايحدث في مدينة بنغازي وليبيا بشكل‬ ‫عام وأمتنى أن يع ّم األمن واآلمان على الشعب الليبي ونبدأ في بناء‬ ‫دولتنا ومؤسساتنا‪ ،‬ثانياً لدي نص مسرحي (فريق األحالم) وهو‬ ‫عمل يتحدث عن حلم الشباب الرياضيني في اللعب بدالً من الفرق‬ ‫األوروبية الى هذا الفريق وبطريقة كوميدية وسيكون في الفترة‬ ‫القريبة القادمة فور سيطرة اجليش الليبي على كامل مدينة بنغازي‬ ‫وبسط األم��ن في املنطقة‪ ,‬باإلضافة النتهائي من كتابة مسلسل‬ ‫«عيش احلب» من تأليفي وإخ��راج االستاذ «مفتاح ب��ادي» ويتكون‬ ‫من ‪ 15‬حلقة وسيعرض في شهر رمضان املبارك ويتحدث العمل‬ ‫عن حب الله والوالدين وحب الوطن مبشاركة جنوم من الفنانني‬ ‫باإلضافة ملساهمة بعض الوجوه الشابة اجلديدة في عالم التمثيل‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬برنامج «جاري يا جاري» جتربة مغاربية ناجحة‪,‬‬ ‫ً‬ ‫قليال عنها؟‬ ‫حدثنا‬ ‫العمروني ‪« :‬ج��اري ي��ا ج ��اري» برنامج ف��ي اململكة املغربية مع‬ ‫قناة “ميديا ‪ 1‬وهو برنامج مغاربي يضم مجموعة من الفنانني‬ ‫واإلعالميني من ليبيا وتونس واملغرب واجلزائر وموريتانيا‪ ،‬ومت‬ ‫تسجيل ‪ 60‬حلقة منه‪ ،‬ومن احملتمل سيكون هناك ‪ 40‬حلقة أخرى‬ ‫سيتم تسجيلها الفترة القادمة‪ ,‬وفي كل حلقة فكرة مختلفة ومن‬ ‫ضمن تلك األفكار التي يتم تصويرها هي الزواج في دول املغرب‬ ‫املغربي باإلضافة لظاهرة تقييد األحوال (التقصقيص) وغيرها من‬ ‫املواضيع األخرى‪ ،‬ومعي في البرنامج مجموعة من الفنانني املغاربة‬ ‫منهم املمثلة “سليمة عبادة” من اجلزائر‪ ،‬واإلعالمية واملدونة من‬ ‫جمهورية تونس السيدة “إميان”‪ ،‬ومن موريتانيا دكتور القانون‬ ‫“صاو مامادو”‪ ،‬باإلضافة لشابني ممُ ثلني في الكوميديا من املغرب‬ ‫وهما “يوسف القصير” و”حمزة الفياللي”‪ ،‬إل��ى جانب املذيعة‬ ‫املعروفة “كوثر” التي سبق وأن عرفها اجلمهور من خالل قناة‬ ‫نسمة التونسية‪ .. ،‬وهذا البرنامج يتم تسجيله بواقع أربع حلقات‬ ‫في كل شهر‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬صدر لك مؤخر ًا كتاب عن املسرح‬ ‫العمروني ‪ :‬نعم ‪ ..‬الكتاب بعنوان «اليوم العاملي للمسرح في ذاكرة‬ ‫بنغازي» وصدر متزامناً مع املناسبة‪ ،‬أحتدث فيه عن املسيرة الفنية‬ ‫ملسرح الشرق الليبي وتاريخ املسرح الليبي واحتفال مدينة بنغازي‬ ‫بهذا اليوم في ظل الظروف الصعبة التي متر بها البالد وعدم وجود‬ ‫اإلمكانيات واملقومات والبنية التحتية التي تساعد على العمل أو‬ ‫إلحياء مناسبة مثل هذه املناسبة‪ ,‬إال أن بنغازي واجهت كل الصعاب‬ ‫والظروف واحتفلت بهذا اليوم بأقل اإلمكانيات مبشاركة العديد من‬ ‫الفنانني واملثقفني واإلعالميني ولنثبت للعالم بان الفن الميوت مهما‬ ‫حصل وحبنا وعشقنا للمسرح الحدود له‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬كيف تقيم الساحة املسرحية ف��ي ليبيا؟ وهل‬ ‫هناك ضرورة لتفعيل الفن الرابع لتسليط الضوء على بعض‬ ‫القضايا املهمة في بناء الدولة؟‬ ‫العمروني ‪ :‬اآلن هناك معاهد تُدرس الفن املسرحي‪ ،‬ولم يعد هناك‬ ‫أشخاص مثلنا من ميثلون باملجان ودون أي مقابل‪ ،‬ويصبرون من‬ ‫أجل العمل املسرحي للرفع بالفن الليبي‪ ،‬وضرورة وجود ليبيا في كل‬ ‫احملافل الفنية اخلارجية ‪ ..‬فنحن في السابق كنا نذهب للمشاركة‬

‫فور سيطرة اجليش على كامل بنغازي سأشرع‬ ‫في عرض « فريق األحالم‬ ‫« التقصقيص » أحدى الظواهر التي‬ ‫نرصدها في برنامج‬ ‫«جاري ياجاري»‬ ‫النظرة املادية ستربك مسيرة اجليل اجلديد‬ ‫‪ 15‬تقرير ًا أمنيا ضد مسرحية «املستشفى»‬ ‫تطوع بكتابتها بعض الفنانني‬ ‫في املهرجانات الفنية على حسابنا اخلاص دون انتظار أي دعم من‬ ‫الدولة‪ ،‬رغم أننا كنا نتعرض للمساءلة عن كيفية مشاركتنا دون علم‬ ‫الدولة‪ ،‬ومن أعطانا اإلذن بذلك‪ ،‬وغيرها من األسئلة والتحقيقات‪،‬‬ ‫وأعتقد بأن اجليل اجلديد اآلن له مطلق احلرية بأن يشارك في كل‬ ‫احملافل ويثبت وجوده‪ ،‬ولكن في غياب املهرجان املدرسي واملعاهد‬ ‫املسرحية و األكادمييات التي تُعلم وتُصقل مواهب هذا الفن‬ ‫يصبح من الصعب تقييم الفن الليبي حالياً‪ ،‬خصوصاً في ظل صعود‬ ‫النظرة املادية التي تقود بعض املمثلني ‪ ،‬باإلضافة لطلب بعضهم‬


‫‪58‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫فن‬

‫أدوار البطولة وأين سيكون اسمه مكتوباً‪ ،‬وهذه إشكالية قد يواجهها‬ ‫اجليل اجلديد وقد تؤثر سلباً على احلركة الفنية ‪ ..‬فنحن كنا ال‬ ‫نعير اهتماماً لكل هذه األم��ور‪ ،‬فهمنا الوحيد أن منثل ونعمل من‬ ‫أجل الفن ومن أجل ليبيا‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬نفهم من ذلك لكي نحافظ على موروثنا املسرحي‬ ‫وم�ش��ارك��ات�ن��ا الفاعلة ب�ين ال ��دول ض ��رورة وج ��ود املرجعية‬ ‫أمثالكم؟‬ ‫العمروني ‪ :‬اجليل املخضرم والواعي مبفهوم الفن من املفترض‬ ‫أال يترك الساحة حتى وإن هاجرها الكثيرون‪ ،‬ألنه مرجعية للجيل‬ ‫اجلديد ال��ذي سيستمد طاقته منه ويتعلم كيف يثبت خطواته‬ ‫على قاعدة فنية صحيحة‪ ،‬ولألسف هناك بعض الفنانني ابتعدوا‬ ‫لظروف خاصة بهم بعد الثورة‪ ،‬واعتقدوا بأنهم اشتغلوا مع النظام‬ ‫السابق‪ ،‬مع أن من عمل كان يعمل ألجل ليبيا وليس ألجل أفراد‪،‬‬ ‫وحتى إن قدمنا أشياء في السابق كانت من أجل أن نخرج ونثبت‬ ‫وجودنا ويشاهدنا الناس‪ ،‬ويسمع أبناؤنا لهجتنا‪ ،‬فمن العيب أن نفتح‬ ‫قنواتنا ونشاهد األعمال املصرية واخلليجية واألردنية والسورية‬ ‫وهي قنوات ليبية وال يكون لدينا نصيب فيها من العرض واملشاهدة‪،‬‬ ‫وهذا ما كان يتبعه النظام السابق الذي كان محارباً ماهراً للفن‬ ‫الليبي‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬ق��دم��ت ال�ع��دي��د م��ن األع �م��ال اجل��ري�ئ��ة في‬ ‫السابق والتي انتقدت فيها نظام ُ‬ ‫احلكم لعل أبرزها‬ ‫مسرحية املستشفى وخ� ّ�رف يا شعيب‪ ،‬كيف تعاطى‬ ‫األمن مع تلك األعمال ؟‬ ‫العمروني ‪ :‬في احلقيقة كان هناك مجموعة فنانني من‬ ‫املتطوعني وأحياناً زم�لاء‪ ،‬يقومون بكتابة تقارير ضدي‬ ‫وهذا باعتراف من اجلهات األمنية التي طلبت التحقيق‬ ‫معي بنا ًء على معلومات تلقتها من أح��د الزمالء وتقول‬ ‫بأنها ليس لديها العلم باملسرحية لوال وشاية الزميل فالن‬ ‫وه��ذا ه��و امل��ؤس��ف ف��ي امل��وض��وع‪ ،‬فأكثر املسرحيات التي‬ ‫ُقدمت ضدها تقارير هي مسرحية “خرف يا‬ ‫شعيب” و”شيع وطي” و”املستشفى” واألخيرة‬ ‫وصل عدد التقارير فيها إلى ‪ 15‬تقريراً من‬ ‫مدينة بنغازي‪ ،‬ولكن الله سبحانه وتعالى‬ ‫هو احلافظ من ه��ؤالء‪ ،‬واستطعت الرد‬ ‫على كل األسئلة التي وجهت لي من‬ ‫اجلهات األمنية وأولها اتهامي‬ ‫بأنني كثير ال�ك�لام وأنتقد‬ ‫ال�ن�ظ��ام ف��ي املسرحيات‬ ‫التي أقدمها‪ ،‬وكان ردي‬ ‫ل �ه��م ب��أن �ن��ا ف ��ي عصر‬ ‫احل��ري��ات‪ ،‬وه ��ذا ال��وت��ر‬ ‫ال ��ذي لعبت عليه معهم‬ ‫ألنهم كانوا يدعون احلرية‪،‬‬ ‫وقلت لو لم أحتدث اآلن فمتى‬ ‫سأحتدث؟ فاتهموني بأنني ُمستغل من‬ ‫قِ بل املعارضة الليبية في اخلارج‪ ،‬وحينها‬ ‫قلت لهم ملاذا لم تستغلوني أنتم؟ فالعمل‬

‫الذي قدمته كان لكم وليس للمعارضة‪ ،‬وهذا احلوار الذي حصل‬ ‫بيني وبينهم‪ ،‬وكان وجهة نظري مقنعة بالنسبة لهم‪ ،‬وأقاموا لي‬ ‫حفل عشاء مع مبلغ مالي بقيمة ‪ 1000‬دينار‪ ،‬وبعدها رجعت للبيت‬ ‫وعرفت بأن املسرحية البد من عرضها ألنه لو مت إيقافها سيتم في‬ ‫كل مرة إيقاف عمل معني‪ ،‬واحلمدلله مررنا العروض وحاولنا من‬ ‫خاللها توعية الناس والسعي لإلصالح‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬كيف تفسر ما فعله أولئك الزمالء؟‬ ‫العمروني ‪ :‬النفس أم��ارة بالسوء‪ ،‬فقد يكون ذلك الفعل من باب‬ ‫الغيرة‪ ،‬أو يعتقدون بأنهم قد يحصلون على مكانة في الدولة‪ ،‬وكل‬ ‫شخص وتفكيره‪ ،‬ولكن احلقيقة نحن لم نكن نشكل خطراً على‬ ‫الدولة مثلما اعتقد البعض منهم‪ ،‬فلو كانت الدولة تتابع ما نقدمه‬ ‫من نقد لها في املسرح واهتمت بالصحة والتعليم والشباب رمبا لم‬ ‫تكن هناك ثورة‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬البعض من الفنانني طالب بالتحقيق مع زمالئهم‬ ‫ال�ف�ن��ان�ين ال��ذي��ن ع�م�ل��وا ف��ي ق �ن��اة اجل�م��اه�ي��ري��ة والليبية‬ ‫والشبابية‪ ،‬بينما البعض اآلخر طالب بإعدام عدد منهم‪،‬‬ ‫أنت كزميل لهم مباذا ترد؟‬ ‫العمروني ‪ :‬أنا لدي وجهة نظر خاصة بي‪ ،‬ودائما أق��ول الفنان‬ ‫ال تأخذ منه كل شيء ألنه إعالمي‪ ،‬فأنا أحياناً أخرج‬ ‫أحت��دث ع��ن قصة ح��ب رومانسية‪ ،‬وف��ي الوقت‬ ‫ال��ذي ل��دي فيه منزل وزوج ��ة وأب �ن��اء‪ ،‬ولست‬ ‫بحاجة لهذا احلب‪ ،‬ولكن أنا ممثل أؤدي رسالة‬ ‫كتبها إنسان وأخرجها إنسان وأنا من يجسد‬ ‫فحواها‪ ،‬فحينها أحاول أن أتقن هذا العمل‬ ‫باعتباري ممث ً‬ ‫ال بالدرجة األولى‪ ،‬ومهنتي باب‬ ‫رزق بالدرجة الثانية‪ ،‬فهؤالء الناس أحياناً‬ ‫يقولون أشعاراً ال يحسون بها أو يقولون أشيا ًء‬ ‫ق��د ت�ك��ون حت��ت الضغط النفسي أو امل��ادي‪،‬‬ ‫وهذا ينطبق حتى على املطربني فنجد بعضهم‬ ‫يغني لشخص معني‪ ،‬وه��ذه يعتبرها‬ ‫فرصة بالنسبة له ليخرج على‬ ‫الشاشة وي��راه آالف الناس‬ ‫‪ ..‬ونحن أيضاً كنا نشارك‬ ‫بعروض في مهرجان يسمى‬ ‫مبهرجان النهر الصناعي‬ ‫العظيم‪ ،‬ولكن لم يكن هدفنا‬ ‫هو النهر العظيم بل هدفنا‬ ‫هو العرض للجمهور وتوصيل‬ ‫رسالة فنية للناس‪ ،‬باإلضافة‬ ‫ملهرجان الفاحت أيضاً شاركنا‬ ‫ف�ي��ه ب �ه��دف التمثيل واخل���روج‬ ‫للجمهور بأعمالنا‪ ،‬ونُشعر الشارع‬ ‫الليبي بأننا على تواصل معه‪ ،‬وكنا‬ ‫نستغل في كل تلك املناسبات إلقامة‬ ‫املهرجانات املسرحية وورش العمل‪.‬‬ ‫وبصراحة الفنانون الذين خرجوا في‬ ‫فترة ال�ث��ورة على القنوات أس��اؤوا‬


‫ألنفسهم قبل أن يسيئوا للدولة‪ ،‬وأن��ا على يقني بأنهم نادمون‬ ‫على فعلتهم‪ ،‬ولكن لو وضعت نفسي في مكانهم وكنت محاصراً‬ ‫في طرابلس مثلما كانوا محاصرين لرمبا قلت أكثر وأخطر منهم‪،‬‬ ‫فالبد أن نضع أنفسنا ف��ي مكانهم ونحس بإحساس اآلخرين‬ ‫لنحسم املوقف‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬لو قابلتهم هل تتحدث معهم وكأن شيئ ًا لم يكن؟‬ ‫العمروني ‪ :‬عادي جداً‪ ..‬لو قابلتهم أصافحهم وأعانقهم وأحتدث‬ ‫معهم فهم في نهاية األمر ليبيون حتى وإن أخطأوا‪ ،‬فاخلطأ وارد‬ ‫من أي إنسان‪ ،‬ولكن تظل قناعات األشخاص في النظام وكأنها كرة‬ ‫قدم‪ ،‬وكل مشجع يريد فريقاً معيناً‪ ،‬واختالف وجهات النظر ال‬ ‫يفسد للود قضية‪ ،‬ونحن نعتبرها من باب الدميقراطية‪ ،‬هم أحرار‬ ‫في قناعاتهم واجتاهاتهم‪ ،‬وهذا طبعاً فيما ال يتعارض مع مصالح‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬هل تعتقد بأن غيابهم يؤثر سلب ًا على احلركة‬ ‫الفنية؟ أم أن احلركة مستمرة بهم أو بغيرهم؟‬ ‫االعمروني ‪ :‬الفن ال يتأثر أو يقف بغياب فنان معني‪ ،‬فالكثير‬ ‫من عمالقة الفن الليبي الذين كانوا مدرسة للمسرح والدراما‬ ‫ق��دغ��ادروا الدنيا وانتقلوا إل��ى رحمة الله‪ ،‬ومنهم من اعتزل‬ ‫ولكن العجلة الفنية ال تزال مستمرة لم تتوقف‪ ،‬ف��والدة الفن‬ ‫دائ�م�اً مستمرة ب��والدة األج �ي��ال‪ ،‬ولكن لألمانة ه��ؤالء الناس‬ ‫يكتسبون من اخلبرة الفنية التي تساهم في البناء الفني‪ ،‬وكان‬ ‫باإلمكان االستفادة من جتربتهم‪ ،‬ولكن وقوعهم في هذا املأزق‬ ‫الذي ال يحسدون عليه قد أساءوا ألنفسهم بالدرجة األولى‪،‬‬ ‫وتعتبر خسارة للفن‪ ،‬وحتى بوجود اجليل اآلخر سنحتاج لفترة‬ ‫من السنوات الكتساب خبرة هؤالء الناس‪ ،‬ولهذا قلت في بداية‬ ‫احلديث ض��رورة وج��ود املعاهد والكليات لتعليم أص��ول الفن‬ ‫الصحيحة‪ ،‬وضرورة عودة املهرجان املدرسي الكتشاف مواهب‬ ‫تغطي العجز الفني امل��وج��ود‪ ،‬ولكن ال يوجد أح��د يحل محل‬

‫حفل عشاء ومبلغ ألف دينار بعد التحقيق األمني‬ ‫لو تابعت الدولة مانقدمه من نقد لها وأهتمت بالصحة‬ ‫والتعليم والشباب رمبا لم تكن هناك ثورة‬ ‫لو كنت محاصر ًا في طرابلس لرمبا قلت كالم ًا‬ ‫أخطر من كالم الفنانني احملسوبني على النظام‬ ‫اآلخ��ر‪ ،‬وال يوجد شخص يقول ل��و غبت ع��ن احل��رك��ة الفنية‬ ‫ستقف‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬بإجابة صريحة مع أو ضد محاكمة هؤالء؟‬ ‫العمروني ‪ :‬ال نحاكمهم ‪ ..‬فهؤالء فنانون والفنان بشر يخطئ‬ ‫ويصيب‪ ،‬فأحياناً م��ا يقوله ليس رأي��ه وإمن��ا ه��و رأي القناة أو‬ ‫الصحيفة أو جهة معينة‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬مباذا تتفاءل لنختم احلوار؟‬ ‫العمروني نحن مسلمون وأهل ُسنة وحثنا نبينا على التفاؤل‪ ,‬ولهذا‬ ‫أدعو الشعب الليبي وليس انا فقط للتفاؤل وأن يزيحوا العبوس الذي‬ ‫على وجوههم‪ ،‬وأن يبتعدوا عن بعض األلفاظ فالشعب السوداني‬ ‫رغم الفقر والهم جتده يردد “الله كرمي” بينما الشعب الليبي يردد‬ ‫“الله غالب” مع أن السودانيني أفقر من الشعب الليبي‪ ،‬فلماذا ال‬ ‫نضع التفاؤل دائماً نصب أعيننا!‪.‬‬


‫‪60‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫رياضة‬

‫ل��ع��ب األه��ل��ي ب��ط��راب��ل��س ‪ 21‬م���ب���اراة ودي���ة ف��ي إط��ار‬ ‫استعداداته املكثفة خلوض الدور التمهيدي لبطولة‬ ‫كأس أفريقيا لألندية البطلة‪ .‬كانت أول مباراة ودية‬ ‫مع فريق الترسانة بتاريخ ‪ 2014 /11/9‬وانتهت بفوز‬ ‫األهلي بنتيجة ‪3‬ـ‪ 2‬فيما كانت آخر مع فريق أنسيس‬ ‫األرميني وانتهت ه��ي األخ���رى بفوز األه��ل��ي ‪ ،‬ولكن‬ ‫بحصيلة وافرة من األهداف بلغت ثمانية‪ ،‬جاء اللقاء‬ ‫في ختام معسكر الفريق اخلارجي مبدينة أنطاليا‬ ‫التركية مساء اجلمعة قبل املاضية‬

‫هل ينجح في تخطي‬ ‫عتبة سموحة ؟!‬

‫أهلي طرابلس‬

‫يدخل البطولة األفريقية بذخيرة الوديات‬


‫‪‎‬جائزة أفضل جمهور رياضي لنادي عربي‬

‫ال�لاف��ت هنا أن تلك امل �ب��اري��ات ال��ودي��ة أج��راه��ا ال�ف��ري��ق في‬ ‫ظرف ثالثة أشهر فقط‪ ،‬ما يشي بأن مدرب األهلي اجلديد‬ ‫الهولندي رودي كرول لم يكن يهدف خللق حالة اإلنسجام بني‬ ‫الالعبني داخ��ل امليدان فحسب ‪ ،‬وإمن��ا كان يرمي إلى إعادة‬ ‫احلساسية إلى أقدامهم بعد فترة التوقف اإلجبارية الطويلة‪،‬‬ ‫والوقوف بصورة مباشرة على املستوى الفني واللياقي لالعبني‬ ‫احملليني أو الوافدين اجلدد على حد سواء ‪.‬‬ ‫ه��ذا امل ��درب ال��ذي خبر ال�ك��رة العربية ع��ن ق��رب‪ ،‬وك��ان��ت له‬ ‫جت��ارب مرضية ن��وع��ا م��ا م��ع املنتخبني امل �ص��ري والتونسي‪،‬‬ ‫وأندية الزمالك والترجي والصفاقسي يصطدم اليوم بطموح‬ ‫ن��اد يطلق عليه مشجعوه لقب ال��زع�ي��م‪ ،‬وي��رن��و أح�ب��اب��ه إلى‬ ‫معانقة الكأس األفريقية التي كان الفريق قاب قوسني أو أدنى‬ ‫من الظفر بها ل��وال ذل��ك ال�ق��رار السياسي ال��ذي أرغمه على‬ ‫اإلنسحاب أمام األهلى املصري في النهائي األفريقي‬

‫حدث ذلك قبل ثالثني عاما تقريباً عندما كان األهلي يزخر‬ ‫ب�لاع�ب�ين ك �ب��ار م��ن ط�ي�ن��ة احل���ارس ال �ع �م�لاق م�ص�ب��اح شنقب‬ ‫واملعداني وصولة واجلهاني والقاضي ورضا عطية وغيرهم‪،‬‬ ‫وعندما كان يقوده املدرب القدير الهاشمي البهلول الذي كاد‬ ‫أن يصل باملنتخب الوطني إلى مونديال املكسيك عام ‪1986‬‬ ‫لوال التعثر في احملطة األخيرة بالتصفيات املؤهلة أمام املغرب‬ ‫‪.‬‬ ‫لسنا ف��ي موقف املقارنة ب�ين العبي األم��س وال�ي��وم‪ ،‬وم��ا إذا‬ ‫كان بوبكر بن إبراهيم أكثر حساسية في التهديف من محمد‬ ‫الغنودي أو أن رضا عطية أقدر على تدوير اللعب وتنويعه من‬ ‫محمد عيسى أو أن شنقب يجيد الذوذ عن مرماه أفضل من‬ ‫نشنوش‪ ،‬لكن عشاق الكرة الليبيني الذين مازال يحدوهم األمل‬ ‫في حصول ن� ٍ�اد ليبي على لقب أفريقي‪ ،‬ول��م تغادر ذاكرتهم‬ ‫ص ��والت وج� ��والت األه �ل��ي ال�س��اب�ق��ة ف��ي امل�لاع��ب األف��ري�ق�ي��ة‬


‫‪62‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫رياضة‬

‫‪‎‬التشكيلة التي لعب بها األهلي آخر مباراة ودية‬

‫ق��د يصابون بصدمة كبيرة إذا م��ا فشل الفريق احل��ال��ي في‬ ‫التقدم في املشوار األفريقي خاصة بعد دعم الفريق بالعبني‬ ‫م�ح�ت��رف�ين‪ ،‬وم ��درب ع��امل��ي وت��وف�ي��رامل�ع�س�ك��رات االس�ت�ع��دادي��ة‬ ‫اخلارجية ‪ ،‬والتي كان آخرها معسكر إنطاليا بتركيا ‪.‬‬ ‫مباراة التمهيد‬ ‫لعب األه�ل��ي اجلمعة امل��اض�ي��ة م�ب��ارات��ه األول ��ى أم��ام سموحة‬ ‫املصري بالعاصمة التونسية‪ ،‬وتعذر علينا متابعتها ورصد‬ ‫تفاصيلها وكواليسها بحكم أن العدد قد ذهب إلى الطباعة‬ ‫قيل موعد املباراة بيومني‪ ،‬وبغض النظر عن النتيجة التي آلت‬ ‫إليها املباراة‪ ،‬يبقى األهلي في الوضع الصعب طاملا لم يستأنف‬ ‫الدوري العام‪ ،‬ولم تتوفر السيولة املالية الدائمة التي تضمن له‬ ‫احملافظة على جهوزية الفريق‪.،‬‬ ‫ستبدو املبررات املقدمة التي بسببها مت تأجيل ال��دوري إلى‬

‫أجل غير مسمى مقنعة لدى أغلب عشاق الكرة‪ ،‬فالعاصمة‬ ‫ماتزال مختطفة من قبل املليشيات املسلحة‪ ،‬واملواطنون هناك‬ ‫يعيشون في حالة رع��ب وخ��وف شديدين بعد تنامي ظاهرة‬ ‫اخلطف واحلرابة واالغتيال‪ ،‬ووصول الدواعش إلى الشوارع‬ ‫الرئيسية ومرافق الدولة األمر الذي ينذر بعزوف اجلماهير‬ ‫عن متابعة املباريات حتى أم��ام شاشات املقاهي خشية من‬ ‫تعرض تلك األمكنة إلى عمليات تفخيخ وتفجير ‪ ،‬ولعل حادثة‬ ‫فندق كورنثيا ليست ببعيدة عن األذهان ‪.‬‬ ‫األه�ل��ي يتطلع مثل بقية األن��دي��ة الليبية إل��ى كشط اإلره��اب‬ ‫من اخلارطة الليبية‪ ،‬وعودة املؤسسات احلكومية واألهلية إلى‬ ‫العاصمة‪ ،‬حتى يستأنف الدوري في أجواء آمنة‪ ،‬ويحتفل كل‬ ‫مشجع بفوز فريقه على طريقته ‪ ،‬وهو مطمئن إلى أن األمان‬ ‫ع ّم كل شبر من أرض الوطن‪.‬‬


‫«السبيشل ون»‬

‫يبحث عن المتاعب واأللقاب واألضواء‬ ‫مدرب يعمل بطريقة تلفزيون الواقع‬


‫‪64‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫رياضة‬

‫بات املدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مادة خصبة للصحف اجلادة والصفراء على السواء‪ ،‬وقلما تنتهي جولة من‬ ‫الدوري اإلجنليزي دون أن جتد خبر ًا أو تقرير ًا عن هذا املدرب املثير للجدل‪ ،‬والذي حتول إلى ما يشبه الظاهرة‬ ‫ليس على البساط األخضر فحسب‪ ،‬وإمنا تعدى ذلك إلى حياته الشخصية التي اعتاد تلوينها باإلثارة‪ ،‬وإضفاء‬ ‫الطابع الدرامي على دقائقها‪ ،‬ورسم سيناريوهات لها تقترب من برامج تلفزيون الواقع ‪.‬‬ ‫سبب موافقته على حضور املؤمتر الصحفي بالقول « تعرفون‬ ‫ال جدال على أن ظمأ مورينيو للشهرة واألضواء هو ما يدفعه إلى‬ ‫ملاذا أنا هنا‪ ،‬ال تتوقعوا أني سعيد جدا كوني هنا» ووجه كالمه‬ ‫القيام بأفعال غريبة‪ ،‬والتمسك مبقولة «خالف تعرف « حتى ال‬ ‫ألح��د الصحفيني احل��اض��ري��ن «إذا أردت‪ ،‬ميكنك جعل لغة‬ ‫يأتي الظل أمامه‪ ،‬وإذا م ّرت مباراة دون يأتي بحركات سينمائية‬ ‫الصمت صاخبة جدا‪ ،‬ألن اجلميع يعرف سبب صمتي»‪.‬‬ ‫تستثير عدسات التصوير‪ ،‬أو يتلفظ بكلمات جانحة تثير لواقط‬ ‫الصوت وأق�لام الصحفيني‪ ،‬فإنه يبادر هو إلى اإلع�لام مطلقاً‬ ‫ورمى مورينيو غريب األطوار الكرة في ملعب الصحفني عندما‬ ‫ق��ال لهم «إذا كنت أن��ا شخصيا صحفيا فسأفهم م��ن صمتي‬ ‫التصريحات النارية واحملرجة أيضاً لآلخرين ‪.‬‬ ‫الكثير من الكالم املعبر»‪ .‬لكن الرجل املسكون بالثرثرة لم يقو‬ ‫ب��األم��س طالب اإلحت��اد الفرنسي بتقدمي رس��ال��ة شكر ل��ه ألنه‬ ‫على مالزمة الصمت طويال ‪ ،‬حيث ّه��ب في وج��وه منافسيه‬ ‫أعاد اكتشاف املدافعني الفرنسيني كورت زوما ورافاييل فاران‬ ‫متخذا لوائح اللعب املالي النظيف ذريعة هذه املرة لشن هجوم‬ ‫اللذين يشرف على تدريبهما في فريق تشلسي‪ ،‬وقال للصحفيني‬ ‫م �س �ت �ت��رع �ل��ى م�ن��اف��س‬ ‫ب���أن م� ��درب امل�ن�ت�خ��ب‬ ‫ال � �ب � �ل� ��وز ف� ��ي ب �ط��ول��ة‬ ‫ال� �ف ��رن� �س ��ي دي ��دي� �ي ��ه‬ ‫ش��ام��ب ب� ��ات س �ع �ي��داً‬ ‫الدوري ‪.‬‬ ‫واق� � � �ت�� � ��رح م� �ت� �ص ��در‬ ‫ل��ل��غ��اي��ة ب� �ع ��د وص� ��ول‬ ‫ال�� � ��دوري اإلجن��ل��ي��زي‬ ‫ال�ل�اع� �ب�ي�ن إل � ��ى ه ��ذا‬ ‫حاليا معاقبة األندية‬ ‫املستوى العالي ‪.‬‬ ‫ال �ت��ي ت�ن�ت�ه��ك ال �ل��وائ��ح‬ ‫ه� ��ذه ال��ع��ب��ارة سببت‬ ‫امل��ال �ي��ة ب�خ�ص��م نقاط‬ ‫إحراجاً كبيرا لشامب‪،‬‬ ‫م� ��ن رص� �ي ��ده ��ا ح�ت��ى‬ ‫ورأى ال��ص��ح��ف��ي��ون‬ ‫ال ت�ف��وز ب��األل�ق��اب في‬ ‫ح �ي �ن �ه��ا أن م��وري �ن �ي��و‬ ‫إش���ارة ضمنية للمان‬ ‫ك��ان يقصد النيل من‬ ‫س �ي �ت��ي ال�� ��ذي خ�ط��ف‬ ‫امل� � � � ��درب ال� �ف ��رن� �س ��ي‬ ‫ب��ط��ول��ة ال� � � ��دوري م��ن‬ ‫والتشكيك في قدراته‬ ‫ت� �ش� �ي� �ل� �س ��ي امل� ��وس� ��م‬ ‫ب�ع��د ال �ن �ج��اح��ات التي‬ ‫املاضي‬ ‫ح �ق �ق �ه��ا م���ع م�ن�ت�خ��ب‬ ‫‪‎‬مورينيو ‪ ..‬حب الظهور هاجسه األول واألخير‬ ‫يشار هنا إلى أن املان‬ ‫ب �ل��اده ف ��ي م��ون��دي��ال‬ ‫سيتي ال��ذي سيواجه‬ ‫البرازيل ‪.‬‬ ‫تشيلسي في دور الستة‬ ‫قبل هذا التصريح شن‬ ‫ع �ش��ر ل � ��دوري أب �ط��ال‬ ‫مورينيو هجوما الذعا‬ ‫أوروبا تعرض في فترة‬ ‫على ح�ك��ام ال �ك��رة في‬ ‫س��اب �ق��ة إل ��ى غ��رام��ات‬ ‫أجنلترا متهما أياهم‬ ‫م ��ال� �ي ��ة ض� �خ� �م ��ة م��ن‬ ‫ب��ال�ت��أم��ر ع�ل��ى فريقه‪،‬‬ ‫قبل االحت��اد األوروب��ي‬ ‫وإيقاف مسيرة حصده‬ ‫ل �ك��رة ال �ق��دم « يويفا»‬ ‫ل�ل�ن�ت��ائ��ج ال �ب��اه��رة في‬ ‫وصلت إلى ‪ 49‬مليون‬ ‫ال�ب��رمي�ي��رل�ي��ج‪ ،‬وك��ان��ت‬ ‫جنيه أسترليني بسبب‬ ‫ن �ت �ي �ج��ة جت� � ��رأه ع�ل��ى‬ ‫اإلنفاق العشوائي ‪.‬‬ ‫احلكام تغرميه ب «‪25‬‬ ‫البعض وقف إلى جانب مورينيو في هذه املطالبة‪ ،‬لكن‬ ‫ألف جنيه أسترليني ‪.‬‬ ‫البعض اآلخر رفض أن تأتي على لسان هذا املدرب الذي‬ ‫في نهاية الشهر املاضي انتهك قواعد االحتاد اإلجنليزي‬ ‫اعتاد رمي اآلخرين باحلجارة دون أن يتذكر للحظة واحدة‬ ‫لكرة القدم عندما رفض احلديث مع الصحافة قبل وبعد‬ ‫أن بيته من زجاج‬ ‫مبارة فريقه مع مانشسترستي التي انتهت بالتعادل اإليجابي «‪1‬ـ‬ ‫فمن هو جوزيه ماريو دوس سانتوس مورينيو فيليكس (‪José‬‬ ‫‪ »1‬وكانت أيضاً العقوبة في انتظاره ‪ ،‬لكن في مباراته مع أستون‬ ‫‪ )Mário dos Santos Mourinho Félix‬؟‬ ‫فيال قطع مورينيو صيامه عن الصحافة‪ ،‬وأجاب الصحفيني عن‬

‫طالب الفرنسيني بتقدمي رسالة شكر ‪ ..‬وأحرج شامب‬ ‫باحلديث عن زوما وفاران‬ ‫الهجوم على احلكام والتهكم عليهم عادة درج عليها‬ ‫سواء فاز فريقه أو خسر‬


‫لغة الصمت الصاخبة رسالته‬ ‫األخيرة للصحفيني‬ ‫‪ ..‬والثرثرة رسالته الدائمة‬ ‫لإلعالم‬ ‫ضرب املان سيتي حتت‬ ‫احلزام بذريعة اإلنفاق‬ ‫العشوائي‬

‫هو جنل البرتغالي فيليكس مورينيهو ال��ذي كان حارساً ملرمى‬ ‫بالينينسيس البرتغالي وف�ي�ت��وري��ا سيتوبال دي‪.‬ى ‪ ،‬ول��د عام‬ ‫‪1963‬م في مدينة شطوبر بالبرتغال‪ ،‬بدأ حياته الكروية كالعب‪،‬‬ ‫ثم عمل مدرباً لفرق الشباب عام ‪1990‬م في أندية إستريليا‬ ‫أن ��دورا وفيتوريا ستوبال‪ ،‬ث��م أصبح مترجماً مل��درب برشلونة‬ ‫السابق “السير بوبي روبسون” الذي اكتسب الكثير من خبراته‬ ‫التدريبية من خ�لال العمل معه في أندية “سبورتنج لشبونة”‬ ‫و”بورتو”‪ ,‬و”برشلونة”‪.‬‬ ‫اقتحم جوزيه مورينيو ألول مرة مجال التدريب كمدرب أول مع‬ ‫فريق “بينفيكا” عام ‪2000‬م‪ ،‬ثم انتقل لتدريب فريق “ليريا”‬ ‫خالل الفترة (‪ )2002 2001-‬حيث قدم أدا ًء متميزاً رشحه‬ ‫لتبوء مكانة بارزة بني املدربني في ذلك الوقت‪ ،‬وفى عام ‪2002‬م‬ ‫عاد إلى فريق “بورتو” مرة أخرى ولكنه عاد كمدرب أول‪ ،‬ليحقق‬ ‫بطولة الدوري البرتغالي وكأس البرتغال واالحتاد األوربي‪ ,‬وفي‬ ‫العام الذي يليه قاد بورتو للدوري للمرة الثانية على التوالي‪ ،‬ثم‬ ‫إلى حتقيق بطولة دوري أبطال أوروبا‪ ,‬وحصل في ذلك العام على‬ ‫لقب أفضل مدرب‪.‬‬ ‫انتقل مورينيو إلى تدريب نادي “تشيلسى” وفى أول موسمني له‬ ‫مع الفريق حقق الدوري وكأس اجنلترا‪ ،‬ولكنه رحل عن الفريق‬

‫نتيجة لكثره خالفاته مع اإلدارة‪ ،‬لينضم إلى “انتر ميالن” عام‬ ‫‪2008‬م ول�ـ�م��دة ث�لاث س �ن��وات‪ ،‬وف��ى أول م��وس��م ل��ه حقق لقب‬ ‫ال��دوري االيطالي‪ ،‬وفي املوسم الثاني حقق مع الفريق الثالثية‬ ‫التاريخية بفوزه ببطولة ال��دوري والكأس ودوري أبطال أوروبا‪،‬‬ ‫وفى ‪ 27‬مايو ‪2010‬م بدأ مورينيو تدريب الفريق األسباني “ريال‬ ‫مدريد”‪ ،‬ثم ما لبث أن عاد إلى تدريب البلوز بعد أن حصل مع‬ ‫الفريق امللكي على بطولة ال��دوري ع��ام ‪ 2012‬وك��أس السوبر‬ ‫وقبلها على كأس أسبانيا عام ‪2011‬‬ ‫نال جوزيه مورينيو العديد من األلقاب حيث حصل على لقب‬ ‫أف�ض��ل م��درب أوروب ��ي موسمي (‪– 2003 , -2003 2002‬‬ ‫‪ ،)2004‬وعلى لقب م��درب ال�ع��ام باجنلترا موسمي ( ‪2004‬‬ ‫ ‪ ،)2006 – 2005 , 2005‬باإلضافة إلى لقب أفضل مدرب‬‫في العالم موسمي ( ‪ 2004‬و ‪،)2005‬كما دخل موسوعة جينيس‬ ‫لألرقام القياسية بعدم اخلسارة على أرضه وبني جماهيره خالل‬ ‫الفترة ( من‪ 2002‬حتى ‪.)2011-04-02‬‬ ‫لقب مورينهو ب(السبيشل ون) أو الفريد من نوعه‪ ،‬وذلك ألنه‬ ‫قاد نادي بورتو من بني كبار أندية أوروبا ليفوز ب‪،‬دوري أبطال‬ ‫أوروب��ا‪ ،‬ثم انتقل إلى نادي تشلسي اللندني وحصل معهم على‬ ‫بطولتي دوري متتاليتني بعد ‪ 50‬سنة عجاف دون بطوالت ‪.‬‬


‫‪66‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬

‫على سطح األرض‬

‫األصولية‪..‬‬

‫مفهوم غامض شديد الوضوح‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫مفهوم األصولية مفهوم إشكالي يسيطر على ح ّيز كبير من‬ ‫التداول الثقافي العربي احلالي‪ .‬إنه ينتقل من الوضوح الصارم‬ ‫إلى الغموض املُربِك‪.‬‬ ‫في اإلسالم واملسيحية واليهودية وأديان أخرى يشير التوظيف‬ ‫اإلع�لام��ي ملصطلح األص��ول�ي��ة إل��ى األج�ن�ح��ة األك �ث��ر محافظة‬ ‫ٍ‬ ‫وتقليدية ف��ي ه��ذه األدي���ان‪ .‬على سبيل امل�ث��ال ف��إن األصولية‬ ‫امل�س�ي�ح�ي��ة ت��وص��ف ع���ادة ب��أن�ه��ا اجل �ن��اح احمل��اف��ظ لإلجنيلية‬ ‫‪ Evangelicalism‬التي تعتبر ب��دوره��ا جناحاً محافظاً في‬ ‫البروتستانتية‪.‬‬ ‫األصوليون املسلمون واملسيحيون واليهود يرون القرآن والتوراة‬ ‫واإلجنيل هي كلمات الله املوحى بها‪ ،‬وهم يؤمنون بعصمتها‬ ‫وينزّهونها عن اخلطأ‪ ،‬كما يرفضون جميعاً املقاربات احلديثة‬ ‫املقدسة وثائق تاريخية‪ .‬هذا الفهم‬ ‫التي ترى في هذه النصوص‬ ‫ّ‬ ‫األولي للنص املق ّدس هو املنشأ احلقيقي لألصولية‪.‬‬ ‫في ال�ش��رق‪ ،‬لم تكن كلمة أصولي تثير حفيظة املسلمني في‬ ‫متعصب‬ ‫بداية القرن العشرين‪ ،‬رمبا كان وص��ف‪ :‬متز ّمت أو‬ ‫ّ‬ ‫أكثر استخداماً للداللة على املغاالة في التد ّين وتفسير احلياة‬ ‫والتاريخ بالعودة املفرطة إلى الديني والغيبي‪ .‬بينما كانت كلمة‬ ‫أصولي ال تنصرف سوى إلى وصف األصل امل��رادف للفطرة‪،‬‬ ‫أو – حتديداً وضمن مجال أضيق – اإلشارة إلى علم أصول‬ ‫ال��دي��ن‪ ،‬أو ك��وص��ف سلبي ل�لإش��ارة إل��ى‪ :‬التحجر ف��ي تفسير‬ ‫النصوص الرئيسية‪ ،‬أو االلتزام بحرف ّية النص ورفض االجتهاد‬ ‫التأويلي‪.‬‬ ‫أم��ا ف��ي ال��دراس��ات ال�غ��رب�ي��ة احل��ال�ي��ة ال�ت��ي ت�ت�ن��اول ال�ظ��اه��رة‬ ‫اإلسالمية فإن االصطالح ينصرف اآلن إلى داللتني مرتبطتني‬ ‫ببعضهما البعض (‪ :)1‬قابل ّية العنف (ال �ف��ردي واجلماعي)‬ ‫للدفاع عن املوقف الديني‪ )2( .‬توظيف الدين سياسياً للوصول‬ ‫إل��ى ال��دول��ة اإلس�لام �ي��ة‪ .‬ومي�ي��ل امل�ت��ز ّم�ت��ون منهم إل��ى ربطها‬ ‫بظواهر العنف‪ ،‬وإننا لعلى يقني من أن هذا التوظيف السلبي‬ ‫سيتفاقم خاصة في وسائل اإلع�لام إلى الدرجة التي تندمج‬ ‫فيها احلدود الداللية لديهم بشكل سلبي‪ ،‬بني كلمات كثيرة على‬ ‫رأسها اإلسالم‪ ،‬األصولية‪ ،‬اإلرهاب‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وكيفما كان تصنيف هذه الكلمة في طبقاتها وتشضياتها‬ ‫العديدة‪ ،‬فإن األصولية ليست َعلَماً على طيْ ٍف إسالمي دون‬ ‫آخر‪ ،‬وميكننا حتت اسمها أن جنمع جميع األطياف اإلسالمية‬ ‫مهما اختلفت مشاربها‪ ،‬وتباينت رؤاها‪ ،‬وتناقضت دعواتها‪.‬‬

‫لنم ّيز بني اإلسالم والتأسلم‪ ،‬إن األو َل دعوةٌ‪ ،‬والثاني إدعاء‪ ،‬األول‬ ‫نص واحد‬ ‫مطلقٌ‪ ،‬والثاني‬ ‫نسبي‪ ،‬وفي األول ميكن أن نتحدث عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحيد هو القرآن‪ ،‬أما في الثاني فإن ال ّنز َْعات عديدةٌ ال حصر‬ ‫لها‪ّ ٍ ،‬‬ ‫نصه الذي ينافح به عن دعواه‪ ،‬أو باألحرى ا ّدعاءه‪..‬‬ ‫ولكل ّ‬ ‫إضفاءٍ‬ ‫لصفة الدين على ما ليس من‬ ‫إن األصولية كونها عمل ّية‬ ‫الدين في شيء ال ميكن نسبتها هنا إال إلى التأسلم‪ ،‬إلى اإل ّدعاء‪،‬‬ ‫إلى الدنيا‪ ،‬ال إلى الدين‪.‬‬ ‫لنف ّكر في جانب آخر من األصولية في العالم‪ .‬إنها صف ٌة ال ينفرد‬ ‫بها املتأسلمون‪ ،‬فنحن جندها في جميع األدي��ان بال استثناء‪،‬‬ ‫وجندها في األيديولوجيات القدمية واملعاصرة‪ ،‬وال غرابة في‬ ‫أن تواصل األصولية ترحالها إلى املستقبل‪ ،‬فتأخذ ز ّياً جديداً‬ ‫وأسماء جديدة كما فعلت دائماً‪ ..‬هذا إذا اكتفينا بر ّد جذورها‬ ‫إل��ى ذل��ك امليْل ال��ذي يبدو ج��زءاً مكوناً وأساسياً من مك ّونات‬ ‫النفس البشرية‪ ،‬أعني التر ّدد الطبيعي بني التقليد والتجديد‪،‬‬ ‫بني احملافظة والتح ّرر‪ ،‬بني اإلتباع واإلبداع‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫ً‬ ‫إلى أي مدى ميكن لإلسالم أن يكون سياسة؟ أو‪ :‬إلى أي مدى‬ ‫ميكن للسياسة أن تكون ديناً؟ أو‪ :‬إلى أي مدى ميكن للعقيدة‬ ‫أن تتواطأ مع املدينة‪ ،‬ولكنها تبقى‪ ،‬بالرغم من تداول وتفعيل‬ ‫وتغ ّير احلياة‪ ،‬عقيد ًة فوق التاريخ؟‬ ‫أسئلة أخرى‪ ،‬ميكن لكل منا أن يضعها‪ ،‬وفق وجهته في تداول‬ ‫معني باإلجابة على السؤال‪ :‬ما العالقة‬ ‫املسألة‪ ..‬شخصياً أنا‬ ‫ّ‬ ‫التي ميكن رصدها بني الدين والتاريخ من جهة‪ ،‬وبني الدين‬ ‫واملجتمع من جهة أخرى؟‬ ‫نحن كيفما أعدنا تدوير السؤال سنجد أن املجتمع والتاريخ‬ ‫ال‪ ،‬حق ً‬ ‫ال مقاب ً‬ ‫يقفان في احلقل نفسه‪ ،‬بينما جند للدين حق ً‬ ‫ال‬ ‫مس ّوراً باسم العقيدة التي ال تبديل فيها‪ ،‬وهو حقل يتّصل اآلن‬ ‫باألسطورة واملخ ّيلة وال وعي الشعوب واجلماهير‪ ،‬أكثر مما هو‬ ‫متّصل بالراهن ّية‪.‬‬ ‫من هذا السؤال األساسي تتشعب أسئلة أخ��رى‪ ،‬لع ّل أهمها‪:‬‬ ‫كيف ميكن للعرب (واملسلمني) أن يحققوا أدا ًء تفاعلياً مع‬ ‫التاريخ‪ ،‬محافظني في الوقت نفسه على عقيدتهم املُقيمة فوق‬ ‫التاريخ؟‬ ‫أيها األخوة‪ ..‬إن اخلطل املفاهيمي هو أول سوء التقدير‪ ،‬وسوء‬ ‫الفهم‪ ،‬وه��و ب��دءُ منزلق احل��وار إل��ى واح��دة من هاويتني‪ :‬إما‬ ‫الصمم‪ ..‬ما الفرق؟‬ ‫الضجيج‪ ،‬وإما ّ‬


‫مع العدد القادم‪:‬‬

‫خاليا نائمة‬

‫تأليف‪ :‬محمود البوسيفي‬


‫‪68‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 15‬فبراير‪2015‬‬ ‫العدد الثاني‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.