مجلة المستقل-العدد التاسع

Page 1

‫البحث عن الغابة المتحجرة‬ ‫إفريقيا والتحديات الدولية‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد التاسع ‪ -‬األحد ‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ياجا‬

‫إيرا‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫«الحوثيّون»‬ ‫و«فجر ليبيا»‬

‫إيرادا‬

‫ت‬

‫احملاصصة تعني إلغاء سيادة الشعب‬

‫هل يتحفّ ز العرب ملالحقة اإلرهابيني؟‬

‫دعم الشرعية يعني دعم مجلس النواب‬

‫وجهــان لعملــة واحــدة‬


‫‪02‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬


‫‪03‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫كاريكاتير‬


‫‪04‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫احملتويات‬ ‫‪09‬‬

‫في هذا العدد‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫أحمد وطني‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬

‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪28‬‬

‫المحاصصة تعني إلغاء سيادة الشعب‬

‫هل ُيعقل أن يسمح الليبيون ألعدائهم من اإلخوان‬ ‫وصنيعتهم من التشكيالت املسلحة أن يحكموهم‬ ‫بأمر من ممثل األمم املتحدة؟ هذا ما يجيب عنه‬ ‫األستاذ حسن طاطاناكي‪.‬‬

‫«الحوثيون» و«فجر ليبيا» وجهان لعملة‬ ‫واحدة‬

‫أكثر من قاسم مشترك يجمع بني «حوثيي اليمن»‬ ‫و»فجر ليبيا»‪ ..‬تنظيمان مسلّحان تسببا في الكثير‬ ‫من املآسي ملواطني دولتيهما‪ ..‬قواسم كثيرة‪ ،‬فهل تكون‬ ‫النهاية مشتركة أيض ًا؟!‬

‫دعم الشرعية يعني دعم مجلس النواب‬

‫لقاء في مدينة البيضاء مع مهدى وردميى نائب رئيس‬ ‫الهيئة العامة للطوارئ واألزمات ورئيس جلنة جرحى‬ ‫اجلنوب باجليش الليبي‪.‬‬

‫الحوثيون في طرابلس‬

‫يرى عمر الكدي أن ثمة تشابها كبيرا بني‬ ‫التطورات في ليبيا واليمن‪ ..‬التنظيمان استهدفا‬ ‫العاصمة وزحفت قوات كل منهما على صنعاء‬ ‫وطرابلس‪ ..‬ماذا بعد؟!‬

‫يومان من أجل ليبيا‬

‫الكاتب العربي براء اخلطيب يستهل سلسلة‬ ‫مقاالته التي خص بها املستقل بتجربته في ليبيا‬ ‫مرا‬ ‫كاشف ًا عن تفاصيل يومني وحدثني كبيرين ّ‬ ‫به‪.‬‬

‫عاصفة الحزم‬

‫عملية عسكرية عربية مشتركة استبقت نهاية‬ ‫سوداء متوقعة للشعب اليمني تنذر باالنقسام‬ ‫ومزيد تدهور األوضاع في ظل سيطرة وتقدم‬ ‫التنظيم احلوثي‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬عبدالناصر محجوب ‪ -‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب ‪ -‬مكتب القاهرة ‪ -‬شيراتون‪ ،‬مربع ‪ ،1177‬مقابل األكادميية‬ ‫العربية للعلوم ‪ -‬مكتب طرابلس‪ :‬عبداحلكيم الدرباشي ‪ -‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬وليد الزريبي ‪ -‬الفاييت‪،‬‬ ‫‪ 35‬نهج مصر‪ ،‬تونس ‪ -‬مكتب الدار البيضاء‪ :‬محمد احلاج ‪ 69 -‬شارع الوحدة األفريقية‪.‬‬


‫‪36‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪72‬‬

‫تنوء إفريقيا بعبء النزاعات واألمراض والديون‬ ‫ويعيش أكثر من ‪ %40‬من سكانها حتت خط الفقر‪..‬‬ ‫ومشهد الالجئني الفارين من الفقر إلى سواحل‬ ‫ثراء ينذر باخلطر‪.‬‬ ‫القارات األخرى األكثر‬ ‫ً‬

‫استراتيجيات الفرد األمريكي‬

‫الواليات املتحدة األمريكية تبدو من الداخل متعبة‬ ‫ومهزومة وغير قادرة على السيطرة على شؤونها‬ ‫ومصيرها في مواجهة املخدرات والبطالة واجلرمية‬ ‫وانخفاض اإلنتاجية وتدني التعليم والصحة‪.‬‬

‫«بنات اهلل» تثير حفيظة المتزمتين في طرابلس‬

‫القراءة املتزمتة لرواية رائعة عنوانه «بنات الله»‬ ‫تغلق مكتبة الفرجاني بعد مصادرة بعض كتبها‪،‬‬ ‫واقتياد املوظف الذي يديرها للتحقيق معه مرتني‬ ‫من قبل شيوخ دينيني‪.‬‬

‫الغابة المتحجرة‬

‫مختار اجلدال يرحل بنا في هذا العدد إلى غات‬ ‫وأكاكوس‪ ..‬يجوب بنا وديان الصحراء وشعابها‬ ‫باحث ًا عن الواحات القدمية واجلديدة‪ ..‬ومنقب ًا‬ ‫عن مسارات القوافل التاريخية‪.‬‬

‫مدينة يحتضنها البحر وتعانقها‬ ‫الصحراء‬

‫كانت طبرق مسرح ًا عاملي ًا ومحط أنظار الدنيا‬ ‫عندما حتدى العالم بعضه بعضا في حروب‬ ‫ً‬ ‫أطالال‪ ..‬ذهبوا‬ ‫دامية على أرضها‪ ..‬أصبح حتديهم‬ ‫وبقيت طبرق كما هي‪.‬‬

‫السنوسية ولدت في مستغانم‪..‬‬ ‫وترعرعت في الحجاز‪ ..‬وأناخت رحلها‬ ‫في الجغبوب الهادئة‬

‫اجلغبوب بلدة ليبية جنوب شرق مدينة طبرق‬ ‫بحوالي ‪ 286‬كم‪ ،‬كانت ميدان ًا لنشاط احلركة‬ ‫السنوسية‪ ..‬إحدى أشهر احلركات الصوفية‬ ‫اإلصالحية في العصر احلديث ‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫ً‬ ‫مثاال للنخبة‬ ‫كان أبوليوس‬ ‫األفريقية التي استطاعت أن تكون‬ ‫في قلب الفعل الثقافي في واليات‬ ‫اإلمبراطورية الرومانية في شمال‬ ‫أفريقيا‪ ..‬مزدوج اللسان‪ ،‬مزدوج‬ ‫الثقافة‪.‬‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 10 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫الغائبون عن حوار الطرشان‬

‫المحاصصة السياسية تعني‬ ‫إلغاء سيادة الشعب‬ ‫مت حشر األزمة الليبية في زاوية احلوار‪ ،‬وكأن األزمة هي خالف‬ ‫سياسي بني أطراف متساوية‪ ..‬أو كأنّ األطراف املتحاورة اآلن‬ ‫برعاية األمم املتحدة متلك فع ً‬ ‫ال احلق في أن تنوب عن جميع‬ ‫أبناء ليبيا ومواطنيها‪.‬‬ ‫نصبهم وكي ً‬ ‫ال‬ ‫إن املتحاورين يتحدثون باسم الدولة الليبية‪ ..‬فمن ّ‬ ‫عاماً عن قرارات الليبيني السيادية لكي يتحدثوا باسم الشعب؟‬ ‫ثم أين هو هذا الشعب الذي يتحدثون باسمه؟ وهؤالء املتحاورون‬ ‫دون غيرهم كانوا وراء مأساة قرابة نصف عدد سكان ليبيا‪..‬‬ ‫مهجر ون��ازح وسجني وم �ش � َّرد‪ ..‬أم��ا البقية‬ ‫الذين أصبحوا بني‬ ‫ّ‬ ‫الباقية التي تقع في نطاق سيطرتهم فإنها تلتزم الصمت خوفاً‬ ‫على حياتها بعد أن سيطرت العصابات اإلرهابية على العاصمة‬ ‫وما جاورها غرباً‪.‬‬ ‫ماذا جرى لكي يعترف ممثل األمم املتحدة بهؤالء الذين انقلبوا‬ ‫ونصبوا أنفسهم وكالء عن ليبيا؟‬ ‫على الشرعية ّ‬ ‫لقد ذكرنا سابقاً أن ممثل األمم املتحدة ال يعي طبيعة األوضاع‬ ‫في ليبيا على حقيقتها‪ ..‬وانه ميضي في املسار اخلطأ عندما‬ ‫يعطي لإلخوان املسلمني «وزناً سياسياً»‪ ،‬وكأنّ اإلخوان يع ّبرون‬ ‫فع ً‬ ‫ال عن آمال الليبيني وآالمهم‪ ،‬ال عن تنظيمهم الدولي‪ ..‬إن ما‬ ‫يحدث هو نوع من «الكوميديا السوداء» التي تضع اجلالد متحدثاً‬ ‫باسم الضح ّية!‪.‬‬

‫ولكن ما يجهله برناردينو ليون يعرفه الليبيون حق املعرفة‪.‬‬ ‫لقد ح��اول اإلخ��وان املسلمون – الذين يفرضون أنفسهم اآلن‬ ‫على أجندة احلوار– أن يستولوا على حكم ليبيا وأن يقيموا دولة‬ ‫ألعضائهم املشتتني في العالم بكل الطرق‪.‬‬ ‫عندما وج ��دوا أن العالم يشاهد ال�ت�ح� ّول السياسي ف��ي ليبيا‬ ‫رضخوا لقواعد اللعبة االنتخابية فحققوا فيها بعض احلظ ألنهم‬ ‫استطاعوا خديعة الناخبني باحلديث عن القيم الدينية وكأنهم‬ ‫أوصياء على الدين‪ ،‬وعندما عرف الناخبون حقيقتهم أسقطوهم‬ ‫من اعتبارهم ففشلوا فش ً‬ ‫ال ذريعاً في االنتخابات التشريعية‪.‬‬ ‫في املرحلة الثانية أب��ان اإلخ��وان عن وجههم احلقيقي فقاموا‬ ‫باالنقالب على الشرعية‪ ،‬ولكي يدافعوا عن انقالبهم بقوة السالح‬ ‫ق��ام��وا ب��إط�لاق تشكيالت مسلّحة أطلقوا عليها اس��م ال��دروع‪،‬‬ ‫ثم م ّهدوا خل��روج تشكيل مسلّح آخر على أسس قبلية وجهوية‬ ‫اسمه «فجر ليبيا»‪ ،‬وأفسحوا أمامهم املجال قت ً‬ ‫ال ونهباً وتخريباً‪،‬‬ ‫ولكي يحكم تنظيم اإلخوان املسلمني سيطرته سمح للتنظيمات‬ ‫اإلرهابية مثل داعش وفلول القاعدة بأن يتواجدوا في أكثر من‬ ‫مدينة وقرية ليبية‪.‬‬ ‫لقد ج ّرب تنظيم اإلخوان االنخراط في العمل السياسي الليبي‬ ‫لفترة قصيرة ج��داً‪ ،‬ولكن معظم جتربتهم في ليبيا تتلخّ ص في‬ ‫االنقالب على الشرعية وممارسة العنف‪ ..‬وها هم اآلن – بدعم‬


‫محددة مثل قطر وتركيا – يجلسون على طاولة احلوار‬ ‫من دول‬ ‫ّ‬ ‫من أجل الوصول إلى «حكومة وفاق» يضمنون بها استمرارهم‪.‬‬ ‫ه��ذا هو ما ح��دث أيها البرناردينو ل�ي��ون‪ ..‬وه��ذا هو ما يسعى‬ ‫الليبيون أن تفهمه لكي ال تستمر في املسار اخلطأ‪.‬‬ ‫إن حوار الطرشان الذي مازالت جلساته تعقد من حني إلى آخر‬ ‫– إضافة إلى الفهم اخلاطئ لطبيعة األوضاع في ليبيا – كل ذلك‬ ‫سيؤدي إلى محاصصة سياس ّية قذرة تعتمد قبل كل شيء على‬ ‫إلغاء حق الليبيني في االختيار‪ ..‬وكأنهم ال وجود لهم‪ .‬فهل يعرف‬ ‫ممثل األمم املتحدة أنه بذلك ينطبق عليه القول الشائع‪« :‬أعطى‬ ‫من ال ميلك ملن ال يستحق»؟‬ ‫هذه هي اجلرمية التي يقودنا إليها احلوار اآلن‪ ..‬فال ليون ميلك‬ ‫احلق في إفساح املجال لتنظيم اإلخوان لكي يسيطروا على ليبيا‬ ‫ويكونوا بدي ً‬ ‫ال عن الليبيني أنفسهم‪ ..‬وال اإلخ��وان يستحقّون أن‬ ‫يكونوا جزءا من احلياة السياسية في ليبيا‪ ..‬هذه هي احلقيقة‬ ‫التي ال مراء فيها‪.‬‬ ‫إننا قد نسأل أنفسنا عن موقف الشعب الليبي‪ ..‬أين هو في ظل‬ ‫هذه الظروف احلالكة؟ ملاذا ال يعلن عن موقفه بكل قوة؟ ملاذا لم‬ ‫ويؤجج النار حتت أق��دام العصابات اإلرهابية‬ ‫يتظاهر ويعتصم‬ ‫ّ‬ ‫التي تسيطر على جزء من أرضه‪ ،‬وتسعى إلى مصادرة مصيره‬ ‫إلى األبد؟‬ ‫لقد ق��اوم الليبيون وبذلوا الغالي والنفيس من دمائهم وأبنائهم‬ ‫عندما كانت احلرب مباشرة بني جبهتني فقط‪ :‬جبهة الطغيان‬ ‫وجبهة احلرية‪ ،‬أما اآلن فإن هناك أكثر من جبهة يعتبر الكثير‬ ‫منها جبهات «مفتعلة» لتشتيت جهود الليبيني وإقحامهم في حرب‬ ‫ّ‬ ‫مخطط إخواني‬ ‫استنزاف سياسية واجتماعية واقتصادية‪ ..‬وهو‬ ‫يتم تنفيذه باستغالل أصالة الليبيني وصدقهم‪.‬‬ ‫إذا عدنا إلى ال��وراء قلي ً‬ ‫ال جند أن الليبيني كانوا يعتقدون إبان‬ ‫الثورة أنهم حت � ّرروا من الطغيان واالستبداد متطلعني إلى بناء‬ ‫دولة جديدة على أسس قومية‪ ،‬أي أنهم لم يف ّكروا آنذاك أن شرور‬ ‫الطغيان ميكن أن تأتي بأكثر من شكل وبأكثر من أسلوب‪.‬‬ ‫كانت جتربتهم األولى هي مواجهة الطغيان في أكثر أشكاله بدائية‬

‫ووضوحاً‪ ،‬أما اآلن فإنهم يواجهون طغياناً أكثر قدرة على التخفّي‬ ‫والتل ّبس بألف شكل وشكل‪ ..‬هذه املرة يواجه الليبيون طغاة من‬ ‫نوع جديد لم يعرفوهم في تاريخهم السياسي احلديث‪ ..‬إنهم‬ ‫طغاة يتسترون باسم الدين أحياناً‪ ،‬وباسم الدميقراطية أحياناً‬ ‫أخرى‪ ..‬وكلما خسر هؤالء الطغاة معركة من معاركهم استطاعوا‬ ‫أن يغيروا م��ن وجوههم وأزي��ائ�ه��م‪ ،‬وأن يخرجوا على الليبيني‬ ‫بخدعة جديدة‪ ..‬وآخر هذه اخلدع هي «حكومة التوافق» التي‬ ‫يسعى احلوار إلى إقناع العالم بها‪.‬‬ ‫فماذا تعني حكومة التوافق حرفياً؟‬ ‫إنها تعني أن يرضخ الليبيون إلى محاصصة سياس ّية يتم فيها‬ ‫تقاسم السلطة مع األعداء‪ ..‬نعم‪ ،‬هذه هي النتيجة التي تلوح في‬ ‫األفق‪ ..‬ما لم يكن لليبيني شأن آخر يفرضون فيه كلمتهم‪.‬‬ ‫إذ هل يُعقل أن يسمح الليبيون ألعدائهم من اإلخوان وصنيعتهم‬ ‫من التشكيالت املسلحة (س��واء املصنّعة محلياً أو ال��واف��دة) أن‬ ‫حتكمهم بأمر من ممثل األمم املتحدة؟‬ ‫كيف سيُحاكم اإلرهاب ّيون؟ و َمن سيقتص من مرتكبي اجلرائم؟‬ ‫ماذا عن دمار ٍ‬ ‫دولة بأكملها؟ و َمن سيُدان على ما مت نهبه وتدميره؟‬ ‫هل يعتقد أح ٌد من الليبيني أن التغاضي ع ّما سبق‪ ،‬وأن استمرار‬ ‫وجود تنظيم اإلخوان في املشهد العام‪ ..‬سوف يحقّق هدنة دائمة‪،‬‬ ‫ويصل بالدولة الليبية إلى ب ّر األمان؟‬ ‫اإلج��اب��ة باختصار هي أن التاريخ السياسي احلديث قد‬ ‫أث��ب��ت دائ��م�� ًا أن تنظيم اإلخ���وان ه��و رأس ال��ش��رور ف��ي كل‬ ‫مكان ُوجد فيه‪ ،‬والنتيجة التي علينا أن نخلص إليها هي‬ ‫ً‬ ‫آمنة ما لم ينزاح عن كاهلها شرور‬ ‫حرة‬ ‫أن ليبيا لن تعيش ّ‬ ‫رعية‬ ‫وجعلهم‬ ‫الليبيني‬ ‫تغييب‬ ‫يعني‬ ‫اإلخوان‪ ..‬فوجودهم‬ ‫ّ‬ ‫بائسة في دولة إخوانية جائرة >‬


‫‪8‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون ليبية‬

‫القوات العربية المشتركة‬ ‫واألزمة الليبية‬

‫«الحوثيــــون»‬ ‫و«فجر ليبيــــــــا»‬ ‫وجهان لعملة واحدة‬ ‫اجلامعة العربية‪ ..‬هل حان وقت احلسم؟‬

‫أكثر من قاسم مشترك يجمع بني «حوثيي اليمن»‬ ‫و»ف��ج��ر ل��ي��ب��ي��ا»‪ ..‬إنهما تنظيمان مسلّحان انطلق‬ ‫كل منهما من مدينة م��ح� ّ�ددة‪ ،‬واستطاعا أن يعقدا‬ ‫حتالفات قبلية أسفرت عن انتساب بعض القبائل‬ ‫إلى قواتهما‪ ،‬وتسببا في الكثير من املآسي ملواطني‬ ‫دولتيهما‪ ،‬وأثارا دول اجلوار‪ ..‬قواسم كثيرة‪ ،‬فهل تكون‬ ‫النهاية مشتركة أيضاً؟!‬

‫عبدالعزيز املكي‬

‫ما الفرق بني احلوثيني وفجر ليبيا؟‬

‫ذكر البيان اخلتامي للقمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ املصرية‬ ‫أن القادة العرب وافقوا على إنشاء قوة عربية مشتركة ملواجهة التحديات‬ ‫وصيانة األمن القومي العربي‪ ،‬وش ّدد على أن األمن القومي العربي يواجه‬ ‫تهديدات متعددة األبعاد‪ ،‬مؤكداً على أهمية التضامن العربي ملواجهة‬ ‫التحديات‪ ،‬وعلى رأسها اإلرهاب والعدوان اخلارجي‪.‬‬ ‫املتابع ال يفصل بالطبع بني ما يجري في جنوب اجلزيرة العربية (أي‬ ‫عاصفة احل��زم) وبني هذا البيان‪ ،‬بل أن األمني العام للجامعة حت ّدث‬ ‫موجهاً دعوته للمقاتلني احلوثيني‪ ،‬الذين استولوا‬ ‫مباشر ًة باسم اجلميع ّ‬ ‫على أج��زاء كبيرة من اليمن‪ ،‬إلى التوقف عن سعيهم لالستيالء على‬ ‫السلطة وتسليم أسلحتهم‪.‬‬ ‫لقد انتهى املجتمعون إلى االتفاق على جدول زمني يضع القوة العربية‬ ‫املشتركة التي أقرتها القمة قيد العمل بشكل مباشر‪ ،‬حيث سيتم تشكيلها‬ ‫في غضون ‪ 4‬أشهر قادمة‪ ،‬مع حتديد مكوناتها وطريقة عملها‪ ،‬أي إنها‬ ‫ستتدخل في حالة تعرض بلد عربي لإلرهاب أو العتداء خارجي‪..‬‬ ‫والنتيجة األولى ألثر ذلك على مجريات األحداث هو بالطبع استمرار‬ ‫وتواصل عمليات العاصفة في اليمن حتى إنهاء االنقالب احلوثي‪.‬‬ ‫الربط بني قمة شرم الشيخ وعاصفة احلزم يجعلنا نتابع كذلك ما يجري‬ ‫على الساحة الليبية حيث تستعر األزمة دون أن تتأ ّثر مبا يفعله على مسار‬ ‫آخر برناردينو ليون الذي تبدو األمم املتحدة من خالله – وبشكل غريب‬ ‫متناقض – مص ّرة على أن احلل السياسي في ليبيا قابل للتحقّق‪.‬‬ ‫إذا ما تركنا املسار التفاوضي جانباً‪ ،‬فإننا سنجد أن الوضع ال يكاد‬ ‫يختلف بني اليمن وليبيا اللتان سيطر فيهما تنظيمان مسلحان متطرفان‬ ‫على جزء كبير من البالد‪ ،‬أي «احلوثيون» و»فجر ليبيا»‪.‬‬ ‫التنظيمان يجمع بينهما أكثر من قاسم مشترك‪ ،‬فهما – كل على طريقته‬ ‫وبأسلوبه – قاما باخلطوات نفسها مع اختالف املكان‪:‬‬ ‫> االنقالب على الشرعية‪.‬‬ ‫> التحالف مع دول أجنبية‪.‬‬ ‫> تشتيت املشهد السياسي العام‪.‬‬ ‫> عرقلة احللول السياسية‪.‬‬ ‫> نهب املوارد العامة‪.‬‬ ‫> بث الرعب بني األهالي‪.‬‬ ‫> تهجير الس ّكان وتخريب مدنهم‪.‬‬


‫فجر ليبيا‬

‫باعتبارها جيشاً‪ ،‬فإن قوات التنظيم الليبي عملت على «تذويب» املواجهة‬ ‫هذا اخلليط من احلروب واملآسي واملؤامرات واجلرائم السياسية هو‬ ‫العسكرية وإضفاء طابع اجتماعي عليها من خالل عقد حتالفات قبلية‬ ‫التركة الوحيدة التي ستلحق باسم كل من «حوثيي اليمن» و«فجر ليبيا»‬ ‫في الغرب واجلنوب بحيث تبدو كما لو كانت تأييداً مدنياً – مسلّحاً‬ ‫بعد أن تنتهي األزمة احلالية في صنعاء وطرابلس‪.‬‬ ‫لوجود فجر ليبيا والرضا بسيطرتها ونفوذها‪.‬‬ ‫ما الذي مينع الدول العربية – إذن – خاصة بعد اتفاقها للمرة األولى‬ ‫تبدو هذه الصورة خادع ًة جداً ملن يراها من خارج ليبيا‪ ،‬ولعل مسرحية‬ ‫في التاريخ العربي احلديث على جدول زمني إلطالق القوة املشتركة‬ ‫احلوار التي يبدو ليون سعيداً بإدارتها ليست آخر األمر إال انعكاس ساذج‬ ‫والبدء في االستعانة بها حلل األزمات واإلشكاليات الداخلية في كل دولة‬ ‫ملا يريد اإلخوان املسلمني تسويقه عن األوضاع في ليبيا‪ ..‬بالطبع نحن‬ ‫عربية‪ ..‬ما الذي مينعها من إطالق عاصفة أخرى أشبه بعاصفة احلزم‪،‬‬ ‫ال نهمل أطماع ال��دول اخلارجية ورغبتها في رؤية أجنداتها اخلاصة‬ ‫لوضع ح ّد نهائي لألزمة الليبية؟‬ ‫متحقّقة على األرض الليبية!‪.‬‬ ‫قد يبدو الكثيرون متفقني معي على القواسم املشتركة بني اجلماعتني‬ ‫وعودة إلى القمة التي جاءت هذه املرة مختلف ًة‪ ،‬وتستثير الروح القومية‬ ‫املسلحتني في كل من ليبيا واليمن‪ ،‬ولكن هناك فارق جوهري يجعل من‬ ‫كل من يف ّكر في معاجلة اإلشكالية يتر ّوى قلي ً‬ ‫بعد أن كاد العرب يفقدون قدرتهم على رؤية ما حتت أقدامهم‪ ،‬إذ البد أن‬ ‫ال‪.‬‬ ‫األماني قد راودت رئيس احلكومة الليبية املؤقتة الثني أثناء انعقاد القمة‬ ‫احلوثيون باإلمكان حصرهم جغرافياً‪ ،‬فهم انطلقوا من صعدة‪ ،‬كما‬ ‫متمنياً أن يرى دوراً فعاالً للقوة العربية‬ ‫انطلقت فجر ليبيا م��ن م�ص��رات��ة‪ ،‬وهم‬ ‫املشتركة ف��ي ليبيا على غ��رار عاصفة‬ ‫يتلقون دعماً عسكرياً من إيران‪ ،‬كما يتلقى‬ ‫احل ��زم‪ ،‬فهو ق��د أك��د أن ال �ق��ادة العرب‬ ‫التنظيم الليبي دعما ُ عسكرياً من قطر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اتخذوا قرارا جريئا عندما أدركوا خطورة‬ ‫وتركيا وال�س��ودان‪ ،‬واحلوثيون مسؤولون‬ ‫عن تشريد وتهجير أكثر من نصف مليون خليط من احلروب واملآسي واملؤامرات واجلرائم‬ ‫ال��واق��ع باليمن‪ ،‬وق��ام��وا بتنفيذ عملية‬ ‫العاصفة‪ ،‬مشيراً إل��ى أن ليبيا ستتقدم‬ ‫نسمة من املواطنني اليمنيني‪ ،‬والتنظيم‬ ‫الليبي مسؤول كذلك عن تهجير وتشريد السياسية هو التركة الوحيدة التي ستلحق باسم بطلب جلامعة ال ��دول العربية للتدخل‬ ‫عربياً في ليبيا إلعادة الشرعية‪ .‬فاليمن‬ ‫مئات اآلالف م��ن امل��واط�ن�ين الليبيني‪..‬‬ ‫كل من «حوثيي اليمن» و»فجر ليبيا»‬ ‫– بعبارته ‪« -‬ي�ع��ان��ى م��ن نفس مشاكل‬ ‫واحلوثيون يأمترون بتعاليم املتد ّين حسني‬ ‫احلوثي الذي قتلته القوات احلكومية عام سيتم تشكيل القوة العربية املشتركة في غضون ليبيا‪ ،‬حيث تنتشر اجلماعات املسلحة‪،‬‬ ‫وال ميكن املوافقة على التدخل في اليمن‬ ‫‪ ،2004‬وفجر ليبيا تأمتر كذلك بالصادق‬ ‫الغرياني ال��ذي ل��م يُقتل ب�ع��د‪ ..‬وأخ�ي��راً ‪ 4‬أشهر قادمة‪ ..‬فما هو دورها املتوقع في ليبيا؟‬ ‫لدعم الشرعية دون املوافقة على حسم‬ ‫املوقف في ليبيا»‪.‬‬ ‫ف��إن ال�ط��رف األول يسعى إل��ى السلطة‬ ‫مشاركة رئيس أركان اجليش الليبي في‬ ‫والسيطرة على حكم اليمن ولو كان ذلك‬ ‫قرار قمة شرم الشيخ بتشكيل قوة مشتركة‬ ‫اجتماع رؤساء أركان العرب لتشكيل القوة‬ ‫على جثث اليمنيني جميعاً‪ ،‬وهو السعار‬ ‫ملواجهة اإلرهاب الذي ّ‬ ‫تتعرض له الدول العربية العربية املشتركة‪ ،‬س��وف تكون – دون‬ ‫نفسه الذي يأسر التنظيم الليبي‪.‬‬ ‫شك – خطوة تاريخية مهمة إلعادة ليبيا‬ ‫القواسم‬ ‫هناك فارق جوهري يجاور هذه‬ ‫يضع ليبيا على رأس أولويات التدخل‬ ‫إلى الصف العربي الذي افتقدته لثالث‬ ‫املشتركة‪ ،‬فبقدر من أن ق��وات التنظيم‬ ‫سنوات‪ ،‬أما أسئلة التدخّ ل فال شك أن‬ ‫احلوثي تتح ّرك في شكل ف��رق وسرايا‬ ‫إجاباتها ستكون مختلفة بعض الشيء‪.‬‬ ‫ع�س�ك��ري��ة مسلحة وت��خ��وض معاركها‬


‫‪10‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون ليبية‬

‫مهدى وردميى أحد الوجوه البارزة في محيط مجلس النواب‪ ،‬وهو من الشخصيات القيادية لقبائل التبو ‪-‬‬ ‫تخرج في جامعة لندن كلية امربيل كولج عام ‪،1997‬‬ ‫املبرزين‪ ،‬وقد‬ ‫منطقة القطرون‪ .‬كما يعد أحد األطباء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متخصص ًا في أمراض اجلهاز التنفسي‪.‬‬ ‫تقلد وردميي عدة مناصب في مجال اختصاصه باجلنوب وباألخص في منطقة فزان‪ ،‬فكان رئيس ًا ألقسام‬ ‫الباطنة بكلية الطب بجامعة سبها ‪ 98‬إلى ‪ ،2002‬ورئيس ًا لقسم الباطنة مبستشفى سبها ‪ ،2010‬ورئيس ًا‬ ‫للجنة العالج باخلارج على مستوى فزان‪ ،‬ووكيالً سابق ًا لوزارة الصحة من ‪ 2011‬الى ‪ ،2013‬وهو في الوقت‬ ‫احلالي نائب رئيس الهيئة العامة للطوارئ واألزمات ورئيس جلنة جرحى اجلنوب باجليش الليبي‪.‬‬ ‫أجرى معه هذا احلوار في مدينة البيضاء عبدالله لنب رئيس حترير مجلة «تبو» الشهرية الصادرة عن مركز‬ ‫وخص املستقل بهذا احلوار الذي ُينشر بالتزامن في‬ ‫الدراسات التباوية برعاية الهيئة العامة للثقافة واآلثار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املجلتني معاً‪.‬‬

‫حاوره‪ :‬عبدالله لنب‬

‫دكتور مهدي ورديمي‬ ‫نائب رئيس الهيئة العامة للطوارئ واألزمات‬

‫دعم الشرعية يعني دعم مجلس‬ ‫النواب ويعني تلقائي ًا دعم قيادة‬ ‫الجيش الليبي‬ ‫لنعرف القراء أو ً‬ ‫ال على طبيعة عملكم في الهيئة!‬ ‫لنب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وردمي���ي‪ :‬هئية ال �ط��وارئ واألزم���ات مستحدثة وتتبع لرئاسة‬ ‫ال��وزراء ومهام عملها معاجلة وحل كافة األزم��ات واملختنقات‪..‬‬ ‫علي سبيل املثال أزمة النازحني ومراقبة أوضاعهم وتقدمي حلول‬ ‫مباشرة لهم‪ ،‬والعمل على توفير املستلزمات الطبية للمستشفيات‪،‬‬ ‫ومعاجلة أوضاع املرضى واجلرحى‪.‬‬ ‫هذا باختصار هو برنامج هئية ال�ط��وارئ‪ ..‬فطبيعة عملنا هي‬ ‫تذليل الصعاب ومعاجلة املختنقات وكل ذلك بالتنسيق مع الوزراء‪.‬‬ ‫لنب‪:‬ما قراءتك اخلاصة لألوضاع التي متر بها البالد‬ ‫حالياً؟‬ ‫وردمي��ي‪ :‬أدع��و كافة الليبيني إل��ى تغليب مصلحة الوطن فوق‬ ‫كل املصالح الضيقة والنعرات القبيلة والتعصب الدينى والقبلي‬ ‫واجلهوى‪ ،‬والتجرد من كل التيارات الضيقة‪ ..‬فنحن منر مبرحلة‬

‫حرجة وصعبة جداً وفى غاية اخلطورة‪ ،‬وهي مرحلة استثنائية‬ ‫يجب االنتباه إلى تفاعالته وتطوراتها‪.‬‬ ‫علينا العمل على احليلولة دون متزيق البالد وخلق مناخ صحي‬ ‫وجيد للتعايش معاً‪ ،‬أي جميع مكونات املجتمع الليبي‪.‬‬ ‫لنب‪:‬كيف تنظر إلى دور اجليش الليبي اآلن؟‬ ‫وردمي��ي‪ :‬أدع��م بناء جيش ق��وى يقف على مسافة واح��دة من‬ ‫اجلميع يستطيع حماية الوطن ومحاربة اإلره��اب بقوة وتأمني‬ ‫حدود البالد‪.‬‬ ‫البد لليبيني جميعاً من دعم الشرعية املمثلة في البرملان لقيادة‬ ‫ال�ب�لاد‪ ،‬فهذا هو اختيارهم ال��ذي قاموا بانتخابه أم��ام العالم‪،‬‬ ‫وال بد كذلك من دعم حفتر لقيادة اجليش‪ ،‬فهو املكلّف بذلك‬ ‫من البرملان‪ ،‬أي أنه مكلّف بذلك من ن� ّواب الشعب الليبي الذي‬ ‫اختارهم عن طريق انتخاب دميقراطي‪.‬‬


‫د مهدي وردميي‬

‫لنب‪:‬ماذا عن الوضع في اجلنوب الليبي؟‬ ‫وردميي‪ :‬اجلنوب أوضاعه سئية ومنسية‪ ..‬وهو يعيش حالة من‬ ‫تفاقم األزمات بصورة مخيفة‪ ،‬فالطرق البرية غير آمنة‪ ،‬وينقصها‬ ‫الكثير والكثير‪.‬‬ ‫عملنا في الفترة السابقة على‬ ‫توصيل األدوية وبصعوبة بالغة‬ ‫متكنا من توصيلها عن طريق‬ ‫م�ط��ار حقل الفيل وذل��ك عبر‬ ‫طائرات عسكرية‪ ..‬كما عملنا‬ ‫ونعمل ب �ص��ورة مستمرة على‬ ‫نقل اجلرحى من اجليش في‬ ‫اجلنوب عن طريق مطار حقل‬ ‫الفيل‪.‬‬ ‫اجل� �ن���وب ي��ع��ان��ى م���ن ج�م�ي��ع‬ ‫األزم� � ��ات‪ ،‬أزم� ��ة ط��اق��ة أزم��ة‬ ‫مستلزمات طبية‪ ..‬وهناك اآلن‬ ‫م��وض��وع قيد ال��دراس��ة يهدف‬ ‫إلى تزويد اجلنوب بالوقود عن‬ ‫طريق اجلو‪.‬‬ ‫لنب‪:‬ما دور التبو في هذه‬ ‫املرحلة؟‬ ‫وردمي���ي‪ :‬نحن التبو كمكون‬ ‫ثقافي في هذا الوطن املمزق‬ ‫يجب علينا أن نلعب دورا مهما‬ ‫ف ��ي احل �ي �ل��ول��ة دون امل �س��اس‬ ‫بوحدة التراب وأن ندعم حوار‬ ‫امل �ص��احل��ة ال��وط �ن �ي��ة الشاملة‬ ‫للوصول إلى بر األم��ان وندعو‬ ‫إلى التعايش بسلمية مع جميع‬ ‫املكونات‪.‬‬ ‫ك��إن لقبائل ال�ت�ب��و دورا مهما‬ ‫وب��ارزاً في ‪ 2011‬وكانت هذه‬ ‫ال �ق �ب��ائ��ل ص��م��ام األم� � ��ان في‬ ‫اجل�ن��وب وليبيا كافة ف��ي تلك‬

‫الفترة‪ ،‬ووميكننا اآلن لعب دور هام في استقرار البالد وتقريب‬ ‫وجهات النظر‪.‬‬ ‫كمكون‬ ‫لنب‪:‬ما تعريفكم للثقافة التباوية في ليبيا‬ ‫ّ‬ ‫تاريخي أصيل؟‬ ‫وردميي‪ :‬الثقافة التباوية من‬ ‫أع��رق وأق��دم الثقافات الليبية‬ ‫ون �ح��ن كتبو وج�م�ي��ع املثقفني‬ ‫ال �ل �ب �ي �ب�ين ي��ج��ب ع �ل �ي �ن��ا ب��ذل‬ ‫ق� �ص ��ارى ج �ه��دن��ا للمحافظة‬ ‫عليها وترسيخها ونقلها إلى‬ ‫األج� �ي ��ال ال �ق��ادم��ة وذل� ��ك عن‬ ‫ط ��ري ��ق إق� ��ام� ��ة امل��ه��رج��ان��ات‬ ‫والندوات بصفة مستمرة‪.‬‬ ‫ل�بن‪:‬م��ا رأي���ك ف��ي مجلة‬ ‫تبو؟‬ ‫وردمي����ي‪ :‬م�ج�ل��ة ت�ب��و جميلة‬ ‫ج ��داً‪ ،‬وق��وي��ة‪ ،‬وتبعث الفرحة‬ ‫ف��ي ق�ل��وب�ن��ا‪ ،‬وه��ي حت �ت��اج إل��ى‬ ‫دعم شعبي أكبر وثقافي وذلك‬ ‫ع�ب��ر ال �ت��واص��ل م��ع امل�ج�ل��ة من‬ ‫جميع املثقفني واملساهمة في‬ ‫إخراجها ومدها باملعلومات‪.‬‬ ‫كما نأمل ترجمة مجلة تبو إلى‬ ‫ال �ل �غ��ات احل �ي��ة ألن املخاطبة‬ ‫ليس للتبو فقط بل لكل الشعوب‬ ‫للتعريف بجزء مهم من اإلرث‬ ‫الثقافى الليبي األصيل املتجذر‬ ‫في هذا الوطن‪.‬‬ ‫لنب‪:‬هل من كلمة أخيرة‬ ‫في هذا اللقاء السريع؟‬ ‫وردمي���ي‪ :‬ش�ك��راً لكم‪ ،‬ولهيئة‬ ‫حت��ري��ر م�ج�ل��ة «ت��ب��و» وأمت �ن��ى‬ ‫لهم كل التوفيق‪ ..‬وليحفظ الله‬ ‫ليبيا‪.‬‬

‫طبيعة عمل هئية الطوارئ واألزمات هي تذليل‬ ‫الصعاب ومعاجلة املختنقات بالتنسيق مع الوزراء‬

‫هناك موضوع قيد الدراسة يهدف إلى تزويد اجلنوب‬ ‫بالوقود عن طريق اجلو‬ ‫ليبيا متر اآلن مبرحلة حرجة فى غاية اخلطورة‬ ‫وهي مرحلة استثنائية يجب االنتباه إلى‬ ‫تفاعالتها وتطوراتها‬ ‫الثقافة التباوية من أعرق وأقدم الثقافات الليبية‬ ‫ويجب علينا بذل قصارى جهدنا للمحافظة عليها‬ ‫وترسيخها ونقلها إلى األجيال القادمة‬ ‫ندعو إلى التعايش بسلمية مع جميع املكونات‬ ‫الثقافية للمجتمع الليبي‬


‫‪12‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫هل ترفع عاصفة الحزم حظر استيراد السالح للجيش الليبي؟!‬

‫الحوثيون في طرابلس!!‬ ‫عمر الكدي‬

‫قبيلة حاشد التي ينتمي إليها صالح‪ ،‬بالرغم من أن��ه دخ��ل مع‬ ‫ثمة تشابه كبير بني التطورات في ليبيا واليمن بعد تفجر ثورتيهما‪،‬‬ ‫احلوثيني ستة حروب عندما كان رئيسا للبالد‪ ،‬وهو بذلك يقامر‬ ‫ففي البلدين انقلبت ق��وة ساهمت ف��ي ال �ث��ورة واس�ت��ول��ت على‬ ‫بكل ش��يء مبا في ذل��ك ما حصده في امل �ب��ادرة اخلليجية التي‬ ‫السلطة‪ ،‬فقبل أن تصل قوات احلوثيني إلى صنعاء‪ ،‬وصلت قوات‬ ‫اتفق عليها جميع اليمنيني‪ ،‬والتي ضمنت له العفو الشامل‪ ،‬كما‬ ‫فجر ليبيا إلى طرابلس واستولت عليها‪ ،‬وإذا كان الرئيس اليمني‬ ‫ضمنت له أمواله املنهوبة من اخلزينة العامة‪ ،‬ولكن ما فات صالح‬ ‫املنتخب عبد ربه منصور هادي قد جلأ إلى عدن‪ ،‬فالبرملان الليبي‬ ‫هو فهمه للعالقات الدولية في أقليم ساخن تتغير فيه الوالءات‬ ‫املنتخب جلأ إلى مدينة طبرق‪ ،‬بينما جلأت حكومته الشرعية إلى‬ ‫بسرعة‪.‬‬ ‫مدينة البيضاء‪.‬‬ ‫في البداية حاولت السعودية إجهاض ال�ث��ورة اليمنية‪ ،‬فهي ال‬ ‫لن يستطيع احلوثيون االستيالء على كل هذه املدن لو لم يتلقوا‬ ‫ترغب في ظهور كيان دميقراطي على ح��دوده��ا اجلنوبية‪ ،‬بل‬ ‫مساعدة حاسمة من الرئيس املخلوع علي عبد الله صالح‪ ،‬الذي‬ ‫أنها ساعدت حتى احلوثيني‪ ،‬وبعد سقوط النظام السابق دعمت‬ ‫أنشأ جيشا عائليا يقوده أبناؤه‪ ،‬وأخوته وأبناء أخوته‪ ،‬ومتكن‬ ‫صالح الذي كان ال يزال ميلك عدة أوراق من بينها اجليش وقوات‬ ‫باملال املسروق من شراء والء بعض القبائل وكل الضباط واجلنود‬ ‫األمن‪ ،‬وعندما متدد احلوثيون‬ ‫الذين بقوا معه‪ ،‬فال يعقل أن‬ ‫وأصبحوا على أبواب عدن غير‬ ‫تنتصر طائفة تشكل فقط ‪2%‬‬ ‫السعوديون نظرتهم واعتبروا‬ ‫من سكان اليمن على الطائفة‬ ‫أن اليمن سقطت بيد إي��ران‪،‬‬ ‫ال �س �ن �ي��ة ال��ت��ي ت �ش �ك��ل ‪ 70%‬ال يعقل أن تنتصر طائفة تشكل ‪ % 2‬على طائفة‬ ‫مثلما س�ق��ط ال �ع��راق وه��ي ال‬ ‫م ��ن س� �ك ��ان ال � �ب �ل�اد‪ ،‬وم�ع�ظ��م‬ ‫تشكل ‪ % 70‬من سكان اليمن‬ ‫ترغب أن تكون بني شقي رحى‪،‬‬ ‫التقارير تؤكد أن نسبة الطائفة‬ ‫وفجاءة ظهرت عاصفة احلزم‬ ‫ال��زي��دي��ة ف��ي اليمن تصل إلى‬ ‫‪ ،25%‬ولكن الطائفة الزيدية تشابه كبير بني قوات احلوثيني وقوات فجر ليبيا‬ ‫التي شاركت فيها حتى قطر‪،‬‬ ‫وب ��دأت ت�ل��وح ف��ي األف��ق بداية‬ ‫اجلارودية القريبة من املذهب‬ ‫االثنا عشري املعتمد في إيران احلركة احلوثية ال ميكنها أن تلعب دور حزب الله‬ ‫نهاية احلركة احلوثية‪ ،‬التي ال‬ ‫ميكنها أن تلعب دور حزب الله‬ ‫تشكل فقط ‪ 2%‬وه ��ؤالء هم‬ ‫في اليمن‬ ‫في اليمن‪.‬‬ ‫احل��وث�ي��ون نسبة إل��ى املؤسس‬ ‫قوات فجر ليبيا تدمر املطار وحتتل العاصمة‬ ‫ث�م��ة ع ��دة ت��ط��ورات مي�ك��ن أن‬ ‫حسني احلوثي‪ ،‬الذي قتل عام‬ ‫تنعكس إيجابيا على ليبيا بعد‬ ‫‪ 2004‬في صعدة‪.‬‬ ‫عاصفة احل ��زم‪ ،‬وخ��اص��ة في‬ ‫تواطأ علي عبد الله صالح مع‬ ‫القمة العربية ب�ش��رم الشيخ‪،‬‬ ‫احلوثيني حتى عندما هاجم‬ ‫أول �ه��ا مطالبة القمة املجتمع‬ ‫حلفاؤه اجلدد وأعداؤه القدماء‬


‫احلوثيون ينقلبون على الشرعية ويحتلون صنعاء‬

‫قراراته حتتاج إلى قوة عسكرية تتولى حمايتها‪ ،‬واجليش الليبي ال‬ ‫ال��دول��ي ب��رف��ع احل�ظ��ر ع��ن اس�ت�ي��راد اجل�ي��ش الليبي لألسلحة‪،‬‬ ‫يستطيع ذلك اآلن‪ ،‬وقد تتولى القوة العربية املشتركة هذه املهمة‬ ‫وض��رورة االلتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وسالمة أراضيها‬ ‫باإلضافة إلى قوات من األمم املتحدة‪.‬‬ ‫وع��دم التدخل في شئونها الداخلية‪ ،‬واحلفاظ على استقاللها‬ ‫وبالرغم من رفض اجلزائر املساهمة عسكريا في القوة العربية‬ ‫السياسي‪ ،‬وااللتزام باحلوار الشامل بني القوى السياسية النابذة‬ ‫املشتركة إال أنها ستدعم القوة لوجستيا وماليا‪ ،‬وهو ما يؤكد أن‬ ‫للعنف والتطرف‪ ،‬ودع��م العملية السياسية حتت رعاية مبعوث‬ ‫التملص من هذه القوة ي��زداد صعوبة كل ي��وم‪ ،‬خاصة وأن هذه‬ ‫األمم املتحدة إل��ى ليبيا‪ ،‬ومنع تدفق ال�س�لاح بحرا وج��وا إلى‬ ‫القوة قد تضمن استقرار األنظمة احلاكمة‪ ،‬وعد قيام ثورات في‬ ‫التنظيمات املتطرفة في ليبيا‪ ،‬وبالرغم من التحفظ القطري على‬ ‫املستقبل املنظور‪ ،‬وستكون أشبه بقوات درع اجلزيرة التي تدخلت‬ ‫القرار والتفسير اجلزائري له‪ ،‬إال أن من يحارب احلوثيني في‬ ‫عسكريا في البحرين‪.‬‬ ‫اليمن ال ميكنه أن يغض الطرف عن نظرائهم في ليبيا‪.‬‬ ‫من املهم في هذه املرحلة الدقيقة أن يفهم عقالء مصراته‬ ‫ستستفيد ليبيا كثيرا من قرار تشكيل قوة عربية مشتركة صدر‬ ‫أن كل خطوة أصبحت بحساب‪ ،‬وإذا رفعت مصراته يدها‬ ‫عن القمة العربية‪ ،‬وق��د تكون ليبيا مرشحة بعد اليمن لتدخل‬ ‫من فجر ليبيا سينهار الفجر‬ ‫ه��ذه ال �ق��وة‪ ،‬وح�ت��ى ل��و خرجت‬ ‫ق �ب��ل ح �ل��ول ال �ف �ج��ر‪ ،‬ول��دي�ه��ا‬ ‫قطر من هذه القوة فإن وجود‬ ‫ف��ر ص��ة ذ ه �ب �ي��ة ل �ل �ع��ودة إل��ى‬ ‫بقية ال ��دول العربية ف��ي هذه‬ ‫القوة سيسهم في نزع السالح من يحارب احلوثيني في اليمن ال ميكنه غض الطرف عن ا ل �ص��ف ا ل��و ط �ن��ي‪ ،‬م��ن خ�لال‬ ‫التخلي على قوات فجر ليبيا‬ ‫من املليشيات في ليبيا‪ ،‬ولكن‬ ‫نظرائهم في ليبيا‬ ‫و خ��ا ص��ة ا ل �ك �ت��ائ��ب ال�ص�غ�ي��رة‬ ‫التطورات على األرض قد تعفي‬ ‫ف ��ي ط ��را ب� �ل ��س‪ ،‬وأي� �ض ��ا م��ن‬ ‫ليبيا من تدخل القوات العربية‬ ‫املشتركة‪ ،‬وخاصة بعد الوصل صالح يقامر مبا حصده في املبادرة اخلليجية ‪ ..‬ويفوته‬ ‫خ�لال قتالها لتنظيم داع��ش‬ ‫في سرت‪ ،‬وهي ورقة ستبقي‬ ‫إلى اتفاق ينتهي النزاع املسلح‬ ‫فهم العالقات الدولية في أقليم ساخن‬ ‫قوات مصراته ضمن اجليش‬ ‫في الهالل النفطي‪ ،‬وانسحاب‬ ‫ا ل��و ط��ن��ي‪ ،‬ف �ك��ل م ��ن ي �ح��ارب‬ ‫قوات مصراته إلى سرت‪ ،‬كما‬ ‫عاصفة احلزم‬ ‫اإلرهاب هو جزء من اجليش‬ ‫أن ال ��وص ��ول إل���ى ات� �ف ��اق في‬ ‫ا جل�� ��د ي�� ��د‪ ،‬وإذا اخ � �ت� ��ارت‬ ‫احل��وار الوطني بالصخيرات‪،‬‬ ‫م� �ص ��را ت ��ه م � �س� ��ارا م �خ��ال �ف��ا‬ ‫وتشكيل حكومة وف��اق وطني‬ ‫ستقامر مبستقبلها وبكل ما‬ ‫تتولى ف��رض األم��ن في البالد‬ ‫غنمته‪ ،‬فعندها ستصبح هي‬ ‫بداية من العاصمة طرابلس‪،‬‬ ‫حوثيو ليبيا‪.‬‬ ‫وحتى تستطيع احلكومة فرض‬


‫‪14‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شنو اجلو‬

‫بنغازي ‪ ..‬رباية الذايح‬

‫يومان‬

‫ليبيا‬

‫من‬

‫أجل‬

‫براء الخطيب‬

‫خمس م��دن عربية الح��د لعشقي لها وألهلها‪ :‬عمان‪ ،‬وبغداد‪،‬‬ ‫ودم �ش��ق‪ ،‬وب �ي��روت‪ ،‬وب�ن�غ��ازي‪ ،‬ك��ل امل�ي��ادي��ن وال �ش��وارع‪ ،‬احل��واري‬ ‫واألزق��ة‪ ،‬الطلعات والنزالت‪ ،‬األزق��ة وال��زواري��ب‪ ،‬بيت بيت‪ ،‬زنقة‬ ‫زنقة‪ ،‬دار دار‪ ،‬ولكني هنا – ومنذ البداية – سوف أعلن انحيازي‬ ‫التام وعشقي بال حدود ملدينة «يوسبيريديس» التي هي «برنيق»‬ ‫اإلغريقية التي هي «بنغازي» احلالية‪ ،‬بنغازي اجلميلة‪ ،‬لؤلؤة‬ ‫املتوسط‪ ،‬و»رباية الذايح»‪ :‬بيت من ال بيت له‪ ،‬وأي بني آدم ميكنه‬ ‫العيش فيها‪ ،‬ليبيا كان أو غير ليبي‪ ،‬مدينة «الصادق النيهوم»‪:‬‬ ‫صاحب « األديان املقارنة» و»الذي يأتي والذي ال يأتي» و»العودة‬ ‫احمل��زن��ة للبحر»‪ ،‬و»م��ن مكة إل��ي ه�ن��ا»‪ ،‬و»ف��رس��ان ب�لا معركة»‬ ‫و»احليوانات»‪ ،‬و»صوت الناس» و»محنة ثقافة م��زورة»‪ ،‬بنغازي‪،‬‬ ‫مدينة «بنت الوطن» التي هي «خديجة اجلهمي» اإلذاعية الليبية‪،‬‬ ‫من أوائل املدافعات عن حقوق املرأة في ليبيا‪ ،‬من أهم رائدات‬ ‫املطالبة بحقوق املرأة مند فترة االستعمار اإليطالي رئيسة حترير‬ ‫«مجلة البيت» في أوائ��ل الستينات‪ ،‬مؤسسة «مجلة األم��ل» أول‬ ‫مجلة ليبية لألطفال‪ ،‬وه��ي م��ن ساهمت ف��ي تأسيس االحت��اد‬ ‫النسائي الليبي وترأسته‪ ،‬وكانت قد كتبت في صغرها رسالة‬ ‫باإليطالية وأرسلتها إلي زعيم إيطاليا الفاشي «موسيليني» قالت‬ ‫له فيها «أنا معجبة بك كونك تريد أن توحد بالدك‪ ،‬لكن احتاللك‬ ‫لبالدي غير صحيح‪ ،‬والبد أن تفكر كثيرا كي تترك ليبيا ألهلها‬ ‫وتخرج منها‪ ،‬وإال سيأتي يوم سيكون جحيما على إيطاليا»‪ ،‬بنغازي‬ ‫املناضلة‪ ،‬مهد ثورة ‪ 17‬فبراير املجيدة‪ ،‬مدينة أصدقائي الشهداء‪:‬‬ ‫«محمد نبوس» و»مفتاح بو زي��د» ال��ذي قتله اإلخ��وان املسلمون‪،‬‬ ‫بينما كان يهم بركن سيارته أمام إحدى املكتبات في شارع جمال‬ ‫عبد الناصر في وسط بنغازي مت اغتياله بثالث رصاصات من‬

‫قبل شخصني يستقالن سيارة حيث ترجل مطلق الرصاص منها‪،‬‬ ‫لتستقر الرصاصات في رأسه وبطنه ويده وليهرب اجلناة‪ ،‬وكان‬ ‫«مفتاح بو زيد» قد ظهر في أحد البرامج احلوارية التلفزيونية‬ ‫قبل يوم من وفاته وانتقد املجموعات اإلسالمية املتطرفة في‬ ‫ب�لاده‪ ،‬وبالرغم من أن أي جهة لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن‬ ‫اجل��رمي��ة إال أن االت �ه��ام��ات ت�ط��ال اإلره��اب �ي�ين اإلس�لام�ي�ين من‬ ‫جماعات «أنصار الشريعة» التابعة للقاعدة والذين اقترفوا جرائم‬ ‫قتل مماثلة طالت قضاة وصحفيني وعسكريني وناشطني مدنيني‬ ‫وصديقي «عبد السالم املسماري» الذي اغتاله نفس قتلة «مفتاح»‬ ‫م��ن حلفاء اإلخ���وان املسلمني أم��ام مسجد «ب��وغ��ول��ة» ف��ي حي‬ ‫«البركة» بعد خروجه من صالة اجلمعة في شهر رمضان‪« ،‬عبد‬ ‫السالم املسماري» صديقي الذي أكلنا معا سندويتشات الفاصوليا‬ ‫والتونة وأمضينا معا ساعات الليل الطويلة في شوارع بنغازي وهو‬ ‫يحكي لي عن «املسامير»‪ ،‬قبيلته وهو يضحك ساردا سلساله من‬ ‫«سيدي مسمار» املرابط ال��ذي خلف «سيدي ن��وح» وع��ددا من‬ ‫األبناء من زوجته الليبية‪ ،‬وخلف «سيدي عبد اجلواد» من «رزقة»‬ ‫زوجتة املغربية‪ ،‬وصديقي «عبد احلفيظ غوقة» احملامي نائب‬ ‫رئيس املجلس الوطني االنتقالي الليبي واملتحدث الرسمي باسمه‬ ‫ونقيب محامي ليبيا في احتاد احملامني العرب وكان أثناء ثورة ‪17‬‬ ‫فبراير هو الوجه اإلعالمي للمجلس الوطني االنتقالي وهو جنل‬ ‫السياسي والدبلوماسي الليبي «عبد القادر غوقة» أمني املؤمتر‬ ‫القومي العربي وهو املفكر العروبي احملترم الذي كان سفيرا لليبيا‬ ‫في مصر في منتصف السبعينات حيث تعرفنا عليه ومعه الكاتب‬ ‫والصحفي الليبي صديقنا احملترم «محمود البوسيفي»‪ ،‬وال بد‬ ‫لي هنا من التوضيح بكل وضوح وصدق مع النفس ومعك عزيزي‬


‫عاصمة الثورة‬

‫القارئ طاملا ذكرت اسم صديقي «محمود البوسيفي» أن أذكر هنا‬ ‫أني وإن كنت قد انضممت للثورة ضد القذافي عن قناعة تامة‬ ‫برغبة الشعب الليبي في التخلص من «الطاغية» وأنا كنت أكرهه‬ ‫على املستوى الشخصي غير أني ال ألوم على أصدقائي الذين كانوا‬ ‫يعملون بالقرب من القذافي وتركوه وانضموا إلى ثورة شعبهم ضد‬ ‫«الطاغية» الذي كانوا قريبني جدا منه معللني – وهم صادقون‬ ‫– موقفهم بتخليهم عن «الطاغية» أنهم لم يكونوا مسؤولني عن‬ ‫أي قرار من قراراته ألن كل األمور صغيرها وكبيرها كانت تتم‬ ‫بقرارات منه هو شخصيا‪ ،‬وبنفس املقياس فأنا ال أستطيع أن‬ ‫ألوم على أصدقائي الذين لم يتخلوا عن «القذافي» حتى النهاية‬ ‫ملوقفهم الشهم من رجل ظلوا طوال حكمه وهم قريبون منه ألنهم‬ ‫أيضا لم يكونوا مسؤولني عن أي قرار من قراراته وفضلوا الوفاء‬ ‫لشخصه ولم يتخلوا عنه‪ ،‬وإذا كان للمدن املعشوقة أبواب ومفاتيح‬ ‫للدخول إليها فإن للمدن املعشوقة في القلب والوجدان والذاكرة‬ ‫أيام ال يستطيع الزمن محوها من القلب أو الوجدان أو الذاكرة‪،‬‬ ‫وتصبح للمدن املعشوقة أي��ام نعيش على ذك��راه��ا وجتسد في‬ ‫ال��وج��دان جوهر ه��ذه امل��دن وسببا أوليا لعشقها‪ ،‬فما أن يذكر‬ ‫اسم املدينة املعشوقة حتى تندفع ذكرى هذه األي��ام لتجسد لنا‬ ‫عشقنا‪ ،‬ويومان لليبيا في قلبي‪ ،‬اليوم األول‪ :‬كان في شهر تشرين‬ ‫االول‪/‬أكتوبر من عام ‪ 1978‬حيث كنت ضمن الوفد اإلعالمي‬ ‫ملنظمة التحرير الفلسطينية إلى ليبيا‪ ،‬حيث كنت في تلك األيام‬ ‫ضمن طاقم احملررين في وكالة األنباء الفلسطينية «وفا»‪ ،‬وكانت‬ ‫طرابلس وقتها متهمة بخطف اإلم��ام الشيعي «موسى الصدر»‪،‬‬ ‫الذي كان قد وصل إلى طرابلس بتاريخ ‪ 25‬آب‪/‬أغسطس ‪1978‬‬ ‫يرافقه الشيخ «محمد يعقوب» والصحافي «عباس بدر الدين»‪،‬‬

‫في زي��ارة رسمية‪ ،‬وأق��ام��وا في فندق الشاطئ بطرابلس‪ ،‬وكان‬ ‫«االم��ام ال�ص��در» قد أعلن قبل مغادرته لبنان‪ ،‬أن��ه مسافر إلى‬ ‫ليبيا من أجل عقد اجتماع مع العقيد معمر القذافي‪ ،‬ثم أعلنت‬ ‫السلطة الليبية بتاريخ ‪ 28‬آب‪/‬أغسطس ‪ 1978‬أنهم سافروا من‬ ‫طرابلس مساء يوم ‪ 31‬آب‪/‬أغسطس ‪ 1978‬إلى ايطاليا على‬ ‫منت طائرة اخلطوط اجلوية اإليطالية‪ ،‬في هذه الظروف كنت‬ ‫قادما من بيروت إلى ليبيا وكان الوفد اإلعالمي مرافقا للزعيم‬ ‫الراحل «ياسر عرفات»‪ ،‬وكنا نقيم في فندق «ليبيا» على البحر في‬ ‫الطابق السادس‪ ،‬وعرفنا أن السيد «صادق املهدي» رئيس اجلبهة‬ ‫الوطنية السودانية مقيم في الطابق الثامن في نفس الفندق‪ ،‬في‬ ‫اليوم التالي لوجودنا في الفندق فوجئت باألخ «بركي» وهو أحد‬ ‫املرافقني للوفد اإلعالمي يسأل عني حتديدا‪ ،‬وعندما تقابلت‬ ‫معه قال لي‪‹ :‬أنت مطلوب باالسم في مكتب السيد «عبدالسالم‬ ‫جلود»‪ ،‬وكان «جلود» هو الرجل الثاني في ليبيا وال أستطيع أن‬ ‫أنكر أنه قد اجتاحتني بعض الرهبة‪ ،‬وحاولت أن أعرف السبب‬ ‫من «بركي»‪ ،‬لكنه أصر على أنه ال يعرف وأن علي أن أنتظره في‬ ‫بهو الفندق في متام الساعة السابعة مساء فقد حتدد لي موعد‬ ‫املقابلة مع األخ «جلود» في السابعة والنصف‪ ،‬وعندما صحبني‬ ‫إلى مكتب «جلود» وجاءت الساعة السابعة والنصف‪ ،‬قيل لي بأنه‬ ‫علي أن أنتظر ما ال يقل عن ساعة‪ ،‬فالسيد «جلود» في لقاء‬ ‫خاص مع السيد «حسني املدير» سفير ليبيا في الكويت‪ ،‬ومرت‬ ‫ساعة ثم ساعة ولم تبد أية عالمة على دخولي مكتبه‪ ،‬وامتزج‬ ‫إحساسي بالرهبة الذي كان يتملكني بإحساس باإلهانة‪ ،‬فطلبت‬ ‫من مدير املكتب (وكان برتبة رائد) أن يتكرم بتحديد موعد غدا‪،‬‬


‫‪16‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شنو اجلو‬

‫بنت الوطن خذيجة اجلهمي‬

‫الشاعر الفلسطيني معني بسيسو‬

‫فرفض موضحا في تهذيب شديد بأن األمر ليس في يده وأن علي‬ ‫االنتظار‪ ،‬نسيت الوقت والزمن واملكان وازداد إحساسي باملهانة‬ ‫وقد اختلط مبشاعر متباينة من احلنق والغضب كنت أسيطر عليها‬ ‫مبزيد من اإلحساس ب��اإلذالل‪ ،‬لكن عندما دخلت مكتب «جلود»‬ ‫ابتلعت كل هذه املشاعر في قسوة مما زاد إحساسي باملهانة‪،‬‬ ‫قابلني «جلود» متجهما ولم يد ُعني للجلوس‪ ،‬وقال بسرعة وبلهجة‬ ‫كنت أحاول تفهمها بصعوبة‪ ،‬ان الزعيم «ياسر عرفات» رشحني‬ ‫باالسم لهم إلجراء حوار مع األخ العقيد القائد‪ ،‬وانه يتحتم علي‬ ‫أن أمر على مكتبه غدا في الساعة السابعة مساء‪ ،‬ويتحتم علي‬ ‫كذلك أن أبحث لي عن «بدلة»‬ ‫كاملة ب��دال م��ن ه��ذه املالبس‬ ‫ال��ت��ي أرت ��دي� �ه ��ا‪ ،‬خ��رج��ت من‬ ‫مكتب «ج�ل��ود» وكانت الساعة‬ ‫العاشرة والنصف وكنت أشعر‬ ‫بكراهية شديدة لعبد السالم‬ ‫جلود ظلّت تالزمني حتى اليوم‪،‬‬ ‫وع �ن��دم��ا ع� ��دت إل� ��ى ال �ف �ن��دق‬ ‫وج ��دت ال �ش��اع��ر الفلسطيني‬ ‫الكبير «معني بسيسو» غاضبا‬ ‫ألنه لم يجد «املشروب» املفضل‬ ‫ل��دي��ه ف��ي ال�ف�ن��دق ألن��ه ممنوع‬ ‫ب�ق��رار م��ن «األخ العقيد قائد‬ ‫ث��ورة ال�ف��احت» كما قالوا له في‬ ‫ال�ف�ن��دق‪ ،‬وإذ بالزعيم «ياسر‬ ‫ع��رف��ات» ي��زورن��ا ف��ي الفندق‬ ‫الذي نقيم فيه لالطمئنان علينا‬ ‫(وكانت هذه هي عادته دائما)‬ ‫وك� ��ان م �ع��ه ال��دك��ت��ور «ش��وق��ي‬ ‫العمري» أو األخ الدكتور «أبو‬ ‫مكسيم» كما كنا نناديه‪ ،‬وانفرد‬ ‫بي «أبو مكسيم» وأخذ يناقش‬

‫معي (أو هكذا ق��ال ل��ي) احمل��اور الرئيسية التي س��وف أتناولها‬ ‫مع «األخ العقيد قائد ث��ورة ال�ف��احت»‪ ،‬وأحسست أن��ه يكاد ميلي‬ ‫علي توجيهات خاصة فازداد حنقي‪ ،‬لكني لم أستطع ابتالع هذا‬ ‫احلنق في هذه املرة وأقسمت للشاعر الكبير «معني بسيسو» أني‬ ‫سوف أجري احلوار مع «األخ العقيد قائد ثورة الفاحت» بطريقتي‪،‬‬ ‫فضحك «معني» وق��ال لي بأال آخذ كالم «شوقي العمري» على‬ ‫محمل اجلد‪ ،‬لكني سوف أعرض نفسي للخطر لو لم ألتزم مبا‬ ‫يريد «القذافي» أن يقوله‪ ،‬حتى ولو كان ذما في «ياسر عرفات»‬ ‫نفسه‪ .‬في املوعد احملدد متاما أدخلوني إلى مكان يشبه مالعب‬ ‫كرة القدم‪ ،‬كله «جنيلة» خضراء‬ ‫مستوية وجميلة املنظر‪ ،‬وفي‬ ‫آخره خيمة كبيرة‪ ،‬وكان «األخ‬ ‫ال�ع�ق�ي��د ق��ائ��د ال� �ث ��ورة» يجلس‬ ‫وأم��ام��ه ط�ب��ق ك�ب�ي��ر ب��ه بعض‬ ‫ح�ب��ات ال�ب��رت�ق��ال‪ ،‬وك ��ان لقاؤه‬ ‫أك�ث��ر بساطة م��ن ل�ق��اء جلود‪،‬‬ ‫ف�ق��د وق��ف خ�ل��ف مكتبه وه��و‬ ‫يصافحني ثم دعاني للجلوس‬ ‫قائال‪« :‬قعمز»‪ ،‬فقعمزت على‬ ‫م�ق�ع��د ف��ي م��واج �ه �ت��ه‪ ،‬ف��أش��ار‬ ‫إل� ��ى ط �ب��ق ال��ب��رت��ق��ال وق� ��ال‪:‬‬ ‫«ه��ذا برتقال بدمو»‪ ،‬وضحك‬ ‫وه��و ي�ق��ول‪« :‬ه��ذا ه��و أكثر ما‬ ‫أحبه في مصر» ثم تابع‪« :‬أنت‬ ‫مصري‪ ،‬عرفات يريد أن يقول‬ ‫لنا أنه عروبي مثلنا»‪ ،‬وضحك‬ ‫ضحكة صافية ه��ادئ��ة‪ ،‬وراح‬ ‫يحكي عن عشقه لكتابة القصة‬ ‫ال�ق�ص�ي��رة‪ ،‬وان ��ه يفكر بكتابة‬ ‫رواية ليبية إيطالية‪ ،‬لكنه سوف‬ ‫يبدأ ف��ي كتابتها عندما يعثر‬

‫أقسمت للشاعر معني بسيسو بأني سوف أجري‬ ‫احلوار مع العقيد بطريقتي‬ ‫في اليوم الثاني الندالع االحتجاجات قررت‬ ‫السفر إلى ليبيا ‪ ..‬وعالقتي بثوار فبراير بدأت‬ ‫منذ مبيتي في فندق اجلمل‬

‫كف يدي حتى أسرعت خارج ًا من باب‬ ‫ما أن ترك ّ‬ ‫اخليمة دون أن أوجه له سؤا ًال واحد ًا‬


‫الشهيد مفتاح بوزيد‬

‫أعلن انحيازي التام وعشقي بال حدود ملدينة‬ ‫«يوسبيريديس»‬ ‫خذيجة اجلهمي مخاطبة موسيليني‪ :‬إحتاللك‬ ‫لبالدي غير صحيح‬ ‫كنت أشعر بكراهية شديدة لعبدالسالم جلود‬ ‫ظلت تالزمني حتى اليوم‬ ‫على عنوان لها‪ ،‬وحتدث «األخ العقيد قائد ثورة الفاحت» كثيرا عن‬ ‫اإلع�لام وكيفية كتابة اخلبر الصحافي واختيار العنوان املالئم‬ ‫للخبر‪ ،‬وكيفية تطوير اإلع�لام العربي والثقافة العربية‪ ،‬وكيفية‬ ‫النهوض ب��األدب العربي‪ ،‬وأنهى املقابلة التي استمرت أربعني‬ ‫دقيقة بأنه قد أعطاني «أه��م ح��وار» أعطاه لصحافي إكراما‬ ‫لألخ «ياسر عرفات» قائد الثورة الفلسطينية التي يجب عليها أن‬ ‫تستلهم جتربة ومبادئ ثورة الفاحت‪ ،‬ووقف خلف مكتبه فاردا كف‬ ‫يده ملصافحتي فأسرعت مبصافحته وقد انحنيت قليال لألمام‪،‬‬ ‫فاحتفظ بكف يدي في يده للحظات كنت أشعر فيها مبزيج من‬ ‫اخلوف واإلعجاب والكراهية‪ ،‬وما أن ترك كف يدي حتى أسرعت‬ ‫خارجا من باب اخليمة دون أن أوجه له سؤاال واحدا‪.‬‬ ‫أما اليوم الثاني‪ :‬فقد كان هو اليوم الثاني الندالع االحتجاجات‬ ‫ضد «الطاغية» في مدينة «بنغازي» في بدايات قيام الثورة في‬ ‫ليبيا‪ ،‬وفي تلك اللحظة قررت السفر إلي ليبيا‪ ،‬تركت أصدقائي‬ ‫وناسي وذهبت إل��ي البيت حتى أجهز نفسي للسفر إل��ي ليبيا‪،‬‬ ‫خرجت عند الفجر‪ ،‬ركبت س�ي��ارة أج��رة حتى ال�س�ل��وم‪ ،‬دخلت‬ ‫اجلمارك املصرية فاعترضوا علي سفري‪ ،‬بقيت أربع ساعات‬ ‫أناقش ضابط األمن عن ضرورة ذهابي إلي ليبيا ألري أصدقائي‪،‬‬ ‫إلي ان سمحوا لي وأعطوني تأشيرة الدخول إلي ليبيا‪ ،‬ذهبت إلي‬ ‫مدينة «مساعد» لم يكن احد علي احلدود‪ ،‬في تلك الليلة استولي‬ ‫ثوار السابع عشر من فبراير علي احلدود املصرية الليبية‪ ،‬ولم‬ ‫يوجد أي جندي يتبع النظام القذافي‪ ،‬و أوصلني الشباب الذين‬ ‫علي احلدود حتى أمساعد‪ ،‬كان احد الشباب عرفت اسمه فيما‬ ‫بعد «عزا لدين الدلح» هو من أوصلني إلي فندق في مدخل مدينة‬ ‫«مساعد» اسمه «فندق اجلمل « حيث كان مضاء باللون األخضر‪،‬‬ ‫وفي اليوم التالي ركبت مع الشباب وأوصلوني إلي البيضاء ومنها‬ ‫إلي بنغازي‪ ،‬وهكذا بدأت عالقتي بثوار السابع عشر من فبراير‬ ‫والتي أرجو من الله – عزيزي القارئ – أن أمتكن من حكايتها‬ ‫بالتفصيل عن أيام الثورة في بنغازي‪ ،‬أما اليوم فشنو جوك يا‬ ‫بنغازي؟‬ ‫الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات‬


‫‪18‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫الحكومة الليبية تطالب بتدخل عربي إلعادة الشرعية في ليبيا‬

‫عبدالله الثني‬

‫ليبيا‪ ..‬الميليشيات تجند الشباب‬ ‫إجباري ًا في طرابلس‬ ‫العربية‪.‬نت ‪ -‬محمد العربي‬ ‫أفاد شهود عيان من مدينة الزاوية غرب العاصمة بأن ميليشيات فجر ليبيا أطلقت حملة جتنيد إجباري‬ ‫في أوساط األهالي ‪ .‬وقال الشهود لــ»العربية‪.‬نت» إن امليليشيات التي يقودها أبو عبيدة الزاوي جتول في‬ ‫أرجاء املدينة وتطلق الرصاص في الهواء إلرهاب األحياء باملدينة املوالية للجيش‪.‬‬ ‫وأكدوا أن منافذ املدينة خصوصا اجلنوبية والغربية أقفلت بسواتر ترابية‪ .‬ويأتي التوتر األمني باملدينة‬ ‫بعد قصف صاروخي من قبل اجليش الليبي ملواقع للميليشيات داخل املدينة أدى إلى أضرار مادية بليغة‬ ‫ومقتل أربعة من أفراد امليليشيات وجرح عدد آخرين‪ .‬وبحسب ذات الشهود‪ ،‬فإن اجليش الليبي بات‬ ‫على مقربة كيلومترات من املدينة جنوبا‪ ،‬حيث تدور االشتباكات في منطقة بئر عسل أول إحياء املدينة‬ ‫اجلنوبية‪.‬‬ ‫إلى ذلك اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة طيلة ليلة البارحة « األحد املوافق ‪ 29‬مارس « بني شباب أحياء‬ ‫فشلوم زاوية الدهماني بالعاصمة طرابلس وميليشيات الردع التي يقودها عبدالرؤوف كاره إثر اعتقال‬ ‫األخيرة لشاب من حي زاوية الدهماني مساء أمس األحد‪ .‬وأكد أهالي حي فشلوم مقتل شابني من‬ ‫املنطقة خالل االشتباكات التي لم تتوقف واضطرت امليليشيات إلى التقهقر خارج احليني‪.‬‬ ‫والتزال صباح االثنني « ‪ 30‬مارس «بوابات تفتيش وسيارات مسلحة تنتشر في أغلب طرقات ومنافذ‬ ‫املدينة وسط ارتباك كبير في صفوف ميليشيات فجر ليبيا‪ ،‬خصوصا بعد توارد األنباء عن تكامل‬ ‫استعداد اجليش الليبي‪ ،‬وانتظاره ألوامر رئاسة األركان لبدء عملية حترير العاصمة‪.‬‬

‫ال�ي��وم السابع املصرية ‪:‬أك��د‬ ‫رئ� �ي ��س احل� �ك ��وم ��ة ال �ل �ي �ب �ي��ة‬ ‫امل��ؤق�ت��ة عبد ال�ل��ه ال�ث�ن��ى‪ ،‬أن‬ ‫القادة العرب اتخذوا ق��را ًرا‬ ‫جري ًئا عندما أدركوا خطورة‬ ‫الواقع باليمن‪ ،‬وقاموا بتنفيذ‬ ‫ع�م�ل�ي��ة «ع��اص �ف��ة احل� ��زم»‪،‬‬ ‫مشي ًرا إلى أن ليبيا ستتقدم‬ ‫بطلب جلامعة الدول العربية‬ ‫ل �ل �ت��دخ��ل ع��رب �ي��ا ف ��ى ليبيا‬ ‫إلع���ادة ال�ش��رع�ي��ة‪ .‬وأض��اف‬ ‫ال � �ث � �ن� ��ى ف�� ��ى ت� �ص ��ري� �ح ��ات‬ ‫صحفية‪ ،‬أن ق ��رارات القمة‬ ‫ال �ع��رب �ي��ة ال��ت��ى ع��ق��دت فى‬ ‫شرم الشيخ تصب فى صالح‬ ‫ال�ش�ع��ب ال�ل�ي�ب��ى‪ ،‬وت��اب��ع «إن‬ ‫اليمن يعانى من نفس مشاكل‬ ‫ليبيا‪ ،‬حيث تنتشر اجلماعات‬ ‫املسلحة‪ ،‬وال ميكن املوافقة‬ ‫على التدخل فى اليمن لدعم‬ ‫الشرعية وال ي��واف�ق��ون على‬ ‫ق���رارات بحسم امل��وق��ف فى‬ ‫ليبيا»‪ ،‬الف� ًت��ا إل��ى أن هناك‬ ‫مجموعة من ال��دول العربية‬ ‫ت �ق��ف إل� ��ى ج��ان��ب ال�ق�ض�ي��ة‬ ‫ال�ل�ي�ب�ي��ة م �ن��ذ ال��ب��داي��ة مثل‬ ‫مصر والسعودية واإلم��ارات‬ ‫واألردن‪ .‬وأوض��ح الثنى‪ ،‬أن‬ ‫رئيس أرك��ان اجليش الليبى‬ ‫سيشارك فى اجتماع رؤساء‬ ‫أرك��ان العرب لتشكيل القوة‬ ‫ال �ع��رب �ي��ة امل �ش �ت��رك��ة‪ ،‬وق���ال‪:‬‬ ‫«باإلمكانيات املتاحة لدينا‬ ‫سنكون داعمني لهذه القوة»‪.‬‬ ‫ي��ذك��ر أن ال �ب �ي��ان اخل�ت��ام��ى‬ ‫للقمة العربية فى مصر فى‬ ‫دورتها الـ‪ 26‬الصادر األحد‬ ‫امل��واف��ق ‪ 29‬م��ارس املاضي‪،‬‬ ‫دع� ��ا ف ��ى ال �ف �ق��رة اخل��اص��ة‬ ‫‏بليبيا إل� ��ى ت��ق��دمي ال��دع��م‬ ‫ال �س �ي��اس��ى وامل � ��ادى ال�ك��ام��ل‬ ‫للحكومة الشرعية في ‏ليبيا‪،‬‬ ‫ودعم اجليش الوطنى‪‬‬.‬‬


‫محمد الدايري‬

‫الدايري يحذر من تكرار‬ ‫سيناريو اليمن في ليبيا‬ ‫ليبيا ‪ : 24‬حذر وزي��ر اخلارجية الليبي “محمد الدايري”‪ ،‬من‬ ‫ت��ده��ور األوض���اع األم�ن�ي��ة والسياسية ف��ي ليبيا‪ ،‬خ�لال الفترة‬ ‫احلالية‪ ،‬مما يهدد بتكرار سيناريو اليمن مرة أخرى في ليبيا‪.‬‬ ‫وقال الدايري‪“ :‬األوضاع في ليبيا تتدهور بشكل مستمر‪ ،‬مما‬ ‫قد يتسبب في تكرار نفس السيناريو اليمني في ليبيا‪ ،‬ويحدث‬ ‫انقالبَا على الشرعية”‪ .‬وأضاف الدايري “حصلنا على وعد من‬ ‫األم�ين العام جلامعة ال��دول العربية‪ ،‬بدعم الشرعية في ليبيا‪،‬‬ ‫بكافة الوسائل املتاحة‪ ،‬وإن كان احلل الدبلوماسي يأتي في املقام‬ ‫متاحا بشكل محدود‪ ،‬وف ًقا‬ ‫األول‪ ،‬وسيكون التدخل العسكري‬ ‫ً‬ ‫آلخر التطورات على األرض”‪.‬‬ ‫وتابع الدايري “اجلماعات املتطرفة في ليبيا‪ ،‬وخاصة ما بات‬

‫يعرف بتنظيم ال��دول��ة اإلسالمية‪ ،‬تريد االستيالء على احلكم‬ ‫في البالد‪ ،‬ونطلب من مجلس األمن أن يرفع احلظر املفروض‬ ‫على اجليش الليبي‪ ،‬ويسمح لنا بشراء سالح‪ ،‬للقضاء على هذه‬ ‫اجلماعات املتطرفة”‪.‬‬

‫مروان يونس يحمل الدولة مسؤولية‬ ‫منع بناء كنيسة ضحايا ليبيا‬ ‫موقع مصر العربية‪ :‬أدان مروان يونس‪ ،‬عضو الهيئة العليا حلزب احلركة الوطنية‪،‬‬ ‫تراخي احلكومة في تطبيق القانون جتاه من أسماهم املتطرفني الذين مينعون بناء كنيسة‬ ‫شهداء داعش ليبيا‪.‬‬ ‫وقال في بيان نشره عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل االجتماعي «فيس بوك»‪:‬‬ ‫«بيان بخصوص وقف بناء كنيسة شهداء قرية العور ( شهداء داعش بليبيا)»‪.‬‬ ‫وتابع في البيان‪« :‬ان ما يحدث بقرية العور من تراخي في تطبيق إرادة القانون و قرار‬ ‫الرئيس لبناء كنيسة باسم شهداء ليبيا و ذلك في مواجهة مجموعات متطرفة تدعي أنها‬ ‫دينية و لكن في باطن األمر هي مجموعات حتمل أفكارا ارهابية أمرا بألغ اخلطورة ‪.».‬‬ ‫وأردف‪« :‬ف�ح�ي��اد ال��دول��ة عن‬ ‫القيام بدورها و حتولها لدور‬ ‫الناصح و املرشد او الوسيط او‬ ‫املفاوض بدال من كونها ممثال‬ ‫للقانون و إرادته أمرا خطيرا و‬ ‫ردة عن دور السلطة و هو كيف‬ ‫تكون الدولة غائبة أمام سلفيي‬ ‫قرية الهوى ‪ ،‬كيف تقف السلطة‬ ‫متفرجة علي رفض بناء كنيسة‬ ‫تكرميا ألبنائها ش�ه��داء ليبيا‬ ‫ب��ال��دس �ت��ور ‪ ،‬ف �م��ع االح� �ت ��رام‬ ‫جلميع االطراف فال ردة عن مبدأ املواطنة و هو املبدأ املؤسس حلقوق املواطنني بالدستور‬ ‫والقانون كما لن نقبل في يوم من األيام أن تتسامح دولة يونيو مع إنفاذ القانون في صالح فئة‬ ‫ضد فئة أخرى أو تتفاوض مع املتطرفني أو تتوقف عن القيام بدورها وإنفاذ القانون كدولة‬ ‫قوية ذات سيادة ‪ .»....‬واستطرد‪« :‬و لتلك االسباب نطلب من الدولة املصرية ووزارة الداخلية‬ ‫حتمل مسؤوليتهم جتاه اخوتنا مسيحي الصعيد و التعامل مع املتظاهرين الراغبني في عدم‬ ‫إنفاذ القانون باملثل ألي مظاهرة خارجة عن القانون و منه بسط نفوذ الدولة و الذي كان غائبا‬ ‫منذ سنوات و منه أيضا وضع حدا للتطرف املقيت أساس اإلرهاب و هو الذي الزال متغلغا‬ ‫بالصعيد بال مواجهة حقيقية سواء فكرية أو دينية أو حتي أمنية ‪.»...‬‬

‫متحدث «كرامة ليبيا»‪:‬‬

‫واصلنا االشتباكات‬ ‫لفرض األمن‬ ‫بوابة األهرام‪ :‬صرح املتحدث باسم‬ ‫ق���وات عملية «ك��رام��ة ل�ي�ب�ي��ا» ال��رائ��د‬ ‫محمد احلجازي‪ ،‬بأن القوات واصلت‬ ‫اشتباكاتها مع اجلماعات املسلحة في‬ ‫ليبيا ف��ي محاولة الستعادة السيطرة‬ ‫على املدن التي تقطنها‪ ،‬وفرض األمن‬ ‫واالستقرار‪.‬‬ ‫وأض�� ��اف احل� �ج���ازي – ف ��ي ت�ص��ري��ح‬ ‫صحفي ل��ه األح��د امل��واف��ق ‪ 29‬م��ارس‬ ‫– أن ال� �ق ��وات اس �ت �ط��اع��ت حت��ري��ر ‪3‬‬ ‫مصريني من يد اإلرهابيني في ليبيا‪،‬‬ ‫إث��ر اش�ت�ب��اك��ات وق�ع��ت م��ع اجلماعات‬ ‫املسلحة‪ ،‬مشي ًرا إل��ى توقعه مشاركة‬ ‫ال �ق��وة ال�ع��رب�ي��ة امل �ش �ت��رك��ة‪ ،‬ال �ت��ي متت‬ ‫امل��واف �ق��ة ع�ل��ى تشكيلها خ�ل�ال القمة‬ ‫العربية‪ ،‬في العمليات العسكرية على‬ ‫األراضي الليبية‪ ،‬لدعم الشرعية هناك‬ ‫والقضاء على التواجد الداعشي‪.‬‬ ‫يذكر أن جنود من الهندسة العسكرية‬ ‫ب�ق��وات اجليش الليبي‪ ،‬أطلقوا س��راح‬ ‫ثالثة عمال مصريني محتجزين لدى‬ ‫اجلماعات املسلحة مبنطقة الصابري‬ ‫في مدينة بنغازي‪.‬‬


‫‪20‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫«ليبيا»‪ ..‬المستنقع الذى أغرق «قطر»‬

‫عبد احلكيم بلحاج‬

‫الوطن املصرية ‪ :‬تواصل الوطن املصرية نشر‬ ‫كتاب «قطر والربيع العربى» لـلخبير البريطاني‬ ‫«ك��ري �س �ت �ي��ان ك��وت��س أورل��ي��خ��س��ن» ‪ ..‬وف��ي‬ ‫استعراضها للفصل ال��ذي يكشف فيه املؤلف‬ ‫الدور القطري املشبوه في ليبيا‪ ،‬ونشرته األحد‬ ‫املوافق ‪ 29‬مارس‪ ،‬نقتطف هذه الفقرات‬ ‫بلحاج والصالبي‬ ‫أقامت قطر عدة روابط اقتصادية فى ليبيا‪ ،‬بدأت‬ ‫بشراء بنك قطر الوطنى لـ‪ 49%‬من أسهم بنك‬ ‫ليبيا للتجارة والتنمية‪ ،‬ومن املعروف أن بنك قطر‬ ‫الوطنى مملوك بنسبة ‪ 50%‬لهيئة االستثمار‬ ‫القطرية التى كان يديرها حمد بن جاسم فى‬ ‫فترة االضطرابات الليبية بوصفه رئيساً ملجلس‬ ‫إدارتها‪ .‬إال أن االستثمار االقتصادى القطرى فى‬ ‫ليبيا‪ ،‬كان الوجه الظاهر فقط لتدخل السياسة‬ ‫القطرية فيها فى مرحلة ما بعد القذافى‪ ،‬كان‬ ‫هناك جانب آخر أكثر غموضاً‪ ،‬متثل فى تلك‬ ‫العالقات الوثيقة التى أقامتها قطر مع قيادات‬ ‫امليليشيات اإلسالمية املسلحة فى ليبيا‪ ،‬كان‬ ‫على رأسهم «عبداحلكيم بلحاج»‪ ،‬قائد املجلس‬ ‫العسكرى السابق ل�ث��وار طرابلس‪ ،‬وإسماعيل‬ ‫وعلى الصالبى‪ ،‬كان عبداحلكيم بلحاج قائداً‬ ‫إسالمياً سابقاً‪ ،‬أعادته املخابرات األمريكية‬ ‫إلى ليبيا فى ‪ ،2004‬أما على الصالبى‪ ،‬فكان‬ ‫يقيم فى منفاه فى قطر قبل عودته إلى ليبيا بعد‬ ‫اإلطاحة بنظام القذافى فى ‪ ،2011‬ليصبح أكثر‬ ‫الشيوخ نفوذاً فيها‪ ،‬فيما تولى أخوه إسماعيل‬ ‫قيادة واحدة من أقوى امليليشيات القتالية التابعة‬ ‫للثوار فى ليبيا‪ ،‬وأكثرها تلقياً للدعم‪ ،‬وهى كتيبة‬ ‫«راف الله السحاتى‪.‬‬ ‫التقرير األسود‬ ‫في أكتوبر ‪ ،2011‬نشرت صحيفة وول ستريت‬ ‫جورنال األمريكية تقريراً أكثر س��واداً يظهر‬ ‫م��دى ال �ت��ورط العسكرى ال�ق�ط��رى ف��ى ليبيا‪،‬‬ ‫كان التقرير يتناول اجتماعاً لقيادات الكتائب‬

‫علي الصالبي‬

‫الليبية ف��ى ط��راب �ل��س ف��ى ‪ 11‬سبتمبر من‬ ‫العام نفسه‪ ،‬بعد ‪ 3‬أسابيع من سقوط املدينة‬ ‫ف��ى أي��دى ال �ث��وار املعارضني لنظام القذافى‪،‬‬ ‫اجتمع قادة امليليشيات الليبية املتفرقة بهدف‬ ‫التوصل الجتماع لتشكيل جبهة موحدة تقضى‬ ‫على مت��زق وتشتت قوتهم فى مرحلة ما بعد‬ ‫القذافى‪ ،‬ومبجرد اقترابهم من االتفاق على‬ ‫صيغة للوحدة‪ ،‬دخل رجالن‪ ،‬أحدهما هو رجل‬ ‫قطر فى ليبيا عبداحلكيم بلحاج‪ ،‬واتهم قيادات‬ ‫امليليشيات الليبية مبحاولة استبعاده‪ ،‬ومن خلفه‬ ‫وق��ف رئيس األرك���ان القطرى حمد ب��ن على‬ ‫العطية‪ ،‬األمر الذى كان مفاجأة للجميع»‪.‬‬ ‫السقوط املدوي‬ ‫ظهر سقوط قطر املدوى فى ليبيا واضحاً فى‬ ‫أول انتخابات تشريعية مت إجراؤها فى البالد‬ ‫بعد إسقاط القذافى فى يوليو ‪ .2012‬كان الكل‬ ‫يتوقع أن يحقق حزب «الوطن» اإلسالمى الذى‬ ‫يرأسه عبداحلكيم بلحاج‪ ،‬املدعوم من قطر‪،‬‬ ‫نتائج كاسحة ف��ى االنتخابات ف��ى ظ��ل تفوق‬ ‫حركة النهضة اإلخوانية فى تونس املجاورة‪،‬‬ ‫ووصول اإلخوان حلكم مصر‪ ،‬واملثير أن حزب‬ ‫«الوطن» اختار لنفسه نفس ألوان العلم القطرى‬ ‫لتكون شعاراً له‪ ،‬األمر الذى أضاف مزيداً من‬ ‫الشكوك حول الدور القطرى فى ليبيا‪ ،‬خاصة‬ ‫ب�ع��د أن أن �ف��ق احل���زب ب�س�خ��اء ع�ل��ى دعايته‬ ‫االنتخابية فى طرابلس‪ ،‬إال أن املفاجأة كانت‬ ‫فى حصول احلزب على مقعد واحد فقط فى‬ ‫البرملان املنتخب‪ ،‬م��ع فشل بلحاج نفسه فى‬ ‫احلصول على مقعد فيه‪ ،‬األم��ر ال��ذى كشف‬ ‫عن أن عالقته مع قطر كان لها دور فى رفض‬ ‫الناخبني لبرنامجه‬ ‫العجز القطري‬ ‫أصبح واضحاً أن قطر قد فشلت فى حتويل‬ ‫املكاسب قصيرة املدى التى حققتها فى ليبيا‬ ‫ب��إس�ق��اط ال �ق��ذاف��ى‪ ،‬إل��ى تأثير ون �ف��وذ طويل‬

‫أمير قطر املتقاعد‬

‫امل��دى فيها‪ .‬كان هذا يرجع فى جزء منه إلى‬ ‫صعوبة حتويل القرارات الشخصية لقادة قطر‬ ‫إلى واقع عملى يظهر فى عمل مؤسسات على‬ ‫األرض‪ ،‬كما كان يرجع أيضاً إلى عجز قطر عن‬ ‫مراقبة ومتابعة وتقييم تنفيذ أى اتفاقيات تتم‬ ‫بوساطة قطرية كما حدث لكل مبادرات قطر‬ ‫السابقة بني الفرقاء فى لبنان أو دارف��ور‪ ،‬أو‪،‬‬ ‫كما قال أحد مراقبى الشأن القطرى أنفسهم‬ ‫فى ديسمبر ‪« :2011‬قطر ال متلك القدرة على‬ ‫أن تتولى قضية باتساع وتشعب وتعقد ليبيا فى‬ ‫مرحلتهااالنتقالية‬ ‫القلق األمريكي‬ ‫العالم لم يكن ينظر بعني الرضا إل��ى التدخل‬ ‫ال�ق�ط��رى ف��ى ليبيا‪ ،‬حتى أن أم��ري�ك��ا شعرت‬ ‫ب��ال�ق�ل��ق م �ب �ك��راً ج� ��داً م��ن ش�ح�ن��ات األسلحة‬ ‫القطرية املتدفقة للميليشيات فى ليبيا دون‬ ‫رقابة تذكر على املصير واألي��دى التى تنتهى‬ ‫إليها هذه األسلحة‪ ،‬وعلى الرغم من أن إدارة‬ ‫أوباما كانت قد شجعت قطر فى البداية على‬ ‫تقدمي ال�س�لاح للمتمردين‪ ،‬ف��إن قتل السفير‬ ‫األمريكى كريستوفر ستيفنز ف��ى ليبيا على‬ ‫أيدى ميليشيات إسالمية‪ ،‬جعل القضية تأخذ‬ ‫منحى آخر‪ ،‬وهو ما جعل أوباما يوضح لألمير‬ ‫القطرى خالل زيارته للبيت األبيض فى ‪،2011‬‬ ‫أن واشنطن حتتاج للشفافية بالنسبة ملا تقوم‬ ‫به قطر فى ليبيا‪ ،‬أو كما قال املستشار السابق‬ ‫ل��وزارة اخلارجية األمريكية «فالى نصر»‪ :‬لكى‬ ‫نعرف بدقة ما الذى يحدث فى ليبيا‪ ،‬والدور‬ ‫الذى تقوم به قطر‪ ،‬ال بد أن تكون لدينا أجهزة‬ ‫مخابرات ومعلومات تعمل على األرض‪ ،‬وأن‬ ‫تكون لديك خبرة كافية فى ذلك املجال‪ ،‬أما لو‬ ‫ظل أحد يعتمد على دولة ال متلك تلك املقومات‬ ‫للقيام بتلك املهمة فى ليبيا‪ ،‬فإن هذا يعنى أنه‬ ‫يسير فى املنطقة على غير هدى»‪.‬‬ ‫بتصرف عن الوطن املصرية‬


‫مجلس األمن يعتمد‬ ‫القرار العربي حول‬ ‫مواجهة االٍرهاب‬ ‫في ليبيا‬ ‫راديو ‪ :sputnik‬اعتمد مجلس األمن الدولي‬ ‫باإلجماع‪ ،‬السبت املوافق ‪ 28‬م��ارس‪ ،‬مشروع‬ ‫القرار العربي حول ليبيا‪ ،‬الذي يطالب الدول‬ ‫أعضاء األمم املتحدة أن حتارب بكافة الوسائل‪،‬‬ ‫وبالتنسيق م��ع احلكومة الليبية‪ ،‬التهديدات‬ ‫ال�ن��اجت��ة ع��ن األع �م��ال اإلره��اب �ي��ة ف��ي ليبيا‪.‬‬ ‫وه��ذا ال�ق��رار‪ ،‬ال��ذي ص��در حتت رق��م ‪،2214‬‬ ‫يدين جميع األعمال اإلرهابية التي يرتكبها‬ ‫تنظيم داعش واجلماعات التي تدين له الوالء‬ ‫كأنصار الشريعة‪ ،‬وسائر األف��راد واجلماعات‬ ‫واملؤسسات والكيانات املرتبطة بتنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫التي تنشط في ليبيا‪ ،‬ويشدد في هذا الصدد‬ ‫على اتباع نهجاً شام ً‬ ‫ال ملكافحة تلك األعمال‪.‬‬ ‫واعتمد مجلس األمن ق��راراً ثانياً حمل الرقم‬ ‫‪ ،2213‬يوصي بتمديد والية بعثة األمم املتحدة‬ ‫في ليبيا (أونسميل) حتى ‪ 15‬سبتمبر القادم‬ ‫وب �ح �س��ب ب �ي��ان وزارة اخل��ارج �ي��ة امل�ص��ري��ة‬ ‫بخصوص القرار الدولي الصادر صباح األحد‬ ‫حول ليبيا‪ ،‬فإن القرار‪« ،‬يؤكد الشرعية القانونية‬ ‫الدولية للتدابير القوية التي اتخذتها مصر ضد‬ ‫تنظيم داعش في ليبيا»‪.‬‬ ‫وذكر املتحدث باسم وزارة اخلارجية املصرية‬ ‫بدر عبد العاطي ان القرار يتضمن عدداً من‬ ‫األبعاد وامل�ق��ررات الهامة فيما يتصل بجهود‬ ‫مكافحة اإلرهاب في ليبيا‪ ،‬فألول مرة يعتمد‬ ‫مجلساألمن قرارا مستقال بشأن مكافحة خطر‬ ‫اإلرهاب في ليبيا باعتباره تهديداً للسلم واألمن‬ ‫الدوليني‪ ،‬وسلم وأمن دول املنطقة واجلوار‪.‬‬ ‫كما يعد أول قرار ملجلس األمن يتناول تنظيم‬ ‫«داعش» باإلسم ‪،‬ككيان إرهابي يتواجد ويعمل‬ ‫في األراضي الليبية‪.‬‬ ‫أما فيما يتصل بتخفيف القيود املفروضة على‬ ‫تسليح اجليش الليبي‪ ،‬فقد طالب القرار جلنة‬ ‫العقوبات املشرفة على تنظيم توريد السالح‬ ‫إل��ى ليبيا‪ ،‬بسرعة البت في طلبات التسليح‬ ‫املقدمة من احلكومة الليبية‪ ،‬لتمكينها من تأمني‬ ‫احتياجاتها من السالح ملكافحة خطر اإلرهاب‪،‬‬ ‫وذلك بعد أن كانت اللجنة متاطل في الطلبات‬ ‫املقدمة من احلكومة الشرعية‪.‬‬ ‫واستناداً على ذلك‪ ،‬يكون املجتمع الدولي قد‬ ‫أقر‪ ،‬ومن الناحية القانونية‪ ،‬بتواجد التنظيم في‬ ‫ليبيا‪ ،‬كما هو احلال في كل من العراق وسوريا‪.‬‬

‫األمم املتحدة مازالت ترفض تسليح اجليش الليبي‬

‫مجلس األمن يرفض‬ ‫باإلجماع رفع حظر تصدير‬ ‫السالح إلى ليبيا‬ ‫بي بي سي العربية ‪ :‬وافق مجلس األمن باإلجماع على قرار باستمرار حظر‬ ‫تصدير األسلحة إلى ليبيا‪.‬‬ ‫وتقول احلكومة الليبية‪ ،‬املعترف بها دوليا‪ ،‬إن حظر السالح يضر بقدراتها الدفاعية‬ ‫في مواجهة انتشار تنظيم «الدولة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫وحث القرار جلنة العقوبات على ليبيا التابعة لألمم املتحدة أن تدرس على وجه‬ ‫السرعة طلب احلكومة الليبية باستثناء بعض األسلحة من احلظر‪.‬‬ ‫وكانت ليبيا ومصر قد طلبتا بإحلاح الشهر املاضي بالدعم الدولي مبا في ذلك‬ ‫رفع حظر السالح بعد أن كشف تسجيل فيديو إلعدام ‪ 21‬قبطيا مصريا عن وجود‬ ‫تنظيم «الدولة اإلسالمية» في ليبيا‪.‬‬ ‫وقال أعضاء مجلس األمن إنهم يخشون تسرب األسلحة إلى اجلماعات املسلحة‬ ‫العديدة في ليبيا املقسمة بني سيطرة حكومتني‪ ،‬إحداهما تدعمها امليليشيات‬ ‫اإلسالمية في طرابلس واألخرى حتظى باعتراف دولي في شرقي البالد‪.‬‬ ‫وك��ان ثمانية أعضاء – من بني ‪ 15‬عضوا ‪ -‬في مجلس األم��ن قد أوق�ف��وا طلبا‬ ‫ليبيا بعشرات من الطائرات املقاتلة‪ ،‬والدبابات‪ ،‬وأسلحة أخرى قالت احلكومة إنها‬ ‫حتتاجها بشدة‪.‬‬ ‫وك��ان تقرير حديث خلبراء في األمم املتحدة قد قال إن ليبيا ليس لديها القدرة‬ ‫إطالقا على السيطرة على تسرب األسلحة‪.‬‬ ‫كما وافق املجلس باإلجماع على قرار مبد مهمة األمم املتحدة في ليبيا ملدة ستة‬ ‫أشهر‪ .‬وطالب املجلس بوقف فوري إلطالق النار وحث جميع األطراف على االشتراك‬ ‫في جهود السالم التي تقودها األمم املتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية‪.‬‬ ‫وكانت ليبيا قد دخلت في حالة من الفوضى منذ عام ‪ 2011‬بعد قتل الزعيم الليبي‬ ‫السابق معمر القذافي بعد تدخل قوات الناتو في البالد‪.‬‬ ‫وأدى الصراع على السلطة والقتال العنيف بني امليليشيات املختلفة إلى توسع تنظيم‬ ‫«الدولة االسالمية»‪ .‬والتزال مفاوضات السالم بني‬ ‫األطراف املختلفة بعيدة عن التوصل إلى حل‬ ‫لألزمة في البالد‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫الديمقراطية‪ ..‬بنت نعش العرب!!‬

‫بقلم‪ :‬الصديق بودوارة‬ ‫في كتاب « أدب الدنيا والدين « للماوردي ‪ ،‬بيتان يستوقفانك ‪،‬‬ ‫ويجبرانك على التمهل والتأمل وإعادة النظر ‪:‬‬ ‫أصهار إذا ُحم َد ِ‬ ‫(( لكل أبي ٍ‬ ‫الصه ُر‬ ‫بنت يراعي شئونها ‪ ..‬ثالث ُة‬ ‫ٍ‬ ‫فبع ٌل يراعيها ‪ِ ،‬‬ ‫وخد ٌر يُكنها ‪ ..‬وقب ٌر يواريها ‪ ،‬وأفضلها القب ُر ))‬ ‫البيتان لعبد الله بن طاهر ‪ ،‬وقد أوردهما «امل ��اوردي» لغير ما‬ ‫أوردتهما في مقالتي هذه ‪ ،‬ولكن املعنى ال يعترف عاد ًة بجغرافيا‬ ‫اللفظ ‪ ،‬وال يعبأ دائماً مببنى الهياكل القائمة ‪.‬‬ ‫املبنى هنا أن «القبر» هو جنة البنت ‪ ،‬وه��و معنى موغ ٌل في‬ ‫البشاعة والتحيز معاً ‪ ،‬لكن املعنى يتجاوز مبناه بألف درج��ة ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ومعضلة لم يسمع بها «‬ ‫هم نعاني وطأته هذه األيام ‪،‬‬ ‫ليصل إلى ٍ‬ ‫املاوردي» قبل أن ميوت ‪.‬‬ ‫إن املعنى يقول بالدميقراطية اجلثة ‪ ،‬الدميقراطية التي جهزنا لها‬ ‫قبرها قبل أن تولد ‪ ،‬الدميقراطية شبيهة «بنات نعش» ‪ ،‬اللواتي‬ ‫قرر العرب في موروثهم العتيد أن يقرنوا قول العادة بفعل االعتياد‬ ‫‪ ،‬فجعلوا كلمة « البنات « قرينة كلمة « النعش» ‪ ،‬في عودة غير‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بشعة مفادها‬ ‫بحكمة‬ ‫مظفرة ملعنى بيت « بن طاهر « الذي انتهى‬ ‫‪ (( :‬قب ٌر يواريها ‪ ،‬وأفضلها القب ُر )) ‪ ،‬فهل أخبركم شيئاً عن «‬ ‫بنات نعش « ؟‬ ‫« بنات نعش « ‪ ،‬هن جنو ٌم سبعة ‪ ،‬كانت العرب تستأنس بهن في‬ ‫العصر الذي وصفناه ظلماً باجلاهلي ‪ ،‬وقد جعلوهن مبثابة أسرة‬ ‫أسطورية تسكن السماء وتلتحف الغيوم ‪ ،‬وتتألف من « بنات نعش‬ ‫الكبرى « ‪ ،‬وهو ما يعرف بالدب األكبر ‪ ،‬ثم « بنات نعش الصغرى‬ ‫« ‪ ،‬وهو ما يعرف بالدب األصغر ‪.‬‬ ‫لقد قرن العرب البنات هنا بالنعش ‪ ،‬فهل خطر ألولئك احلاملون‬ ‫الكبار أن أبنائهم سيقرنون ذات يوم الدميقراطية بالقبر ‪ ،‬لتصبح‬ ‫الدميقراطية مبثابة بنت نعش العرب ؟‬ ‫الدميقراطية بنت نعش العرب ‪ ،‬لكنها حلمهم األزلي أيضاً ‪ ،‬فكيف‬ ‫نعش ال يليق به ؟ أم‬ ‫تُقد ُم أم ٌة كاملة على دفن حلمها العظيم في ٍ‬ ‫أن شرط دوام األحالم العظيمة يكمن في أن ال تتحقق لكي تبقى‬ ‫جدير ًة باسمها العظيم ؟ أم أن احلاملني العرب كانوا قد سلكوا إلى‬ ‫حلمهم ذلك الطريق اخلطأ ‪ ،‬فقادهم الطريق اخلطأ إلى القبر‬

‫الصحيح ؟ ال أحد يعرف ‪ ،‬لكن القليل من التأمل قد يصلح الكثير‬ ‫من األخطاء ‪ .‬لنتأمل إذا لعلنا نصل إلى نتيجة ‪.‬‬ ‫طيلة العقود التي مضت كانت الدميقراطية حلماً للنخبة والشارع‬ ‫على ٍ‬ ‫حد سواء ‪ ،‬وكان الشعراء العظام قد وج��دوا قضيتهم في‬ ‫املطالبة بالكنز املفقود ‪ ،‬إلى حد أن عمالقة بحجم «نزار قباني‬ ‫« و « أحمد مطر» و « مظفر النواب» ‪ ،‬كانوا قد بنوا مجدهم‬ ‫الشعري على أساس حلمهم بالدميقراطية وتنديدهم باالستبداد‬ ‫‪ ،‬لقد كان السواد األعظم من العرب يذرعون شوارع الكالم بحثاً‬ ‫عن «السندريلال» الدميقراطية ‪ ،‬لكن أحداً منهم لم يكن يعرف‬ ‫من مالمح السندريلال الغائبة سوى رقم حذائها القدمي ‪ ،‬إنك لن‬ ‫تستطيع أن جتد السندريللال مبجرد معرفتك برقم حذائها إال في‬ ‫األساطير القدمية فقط ‪.‬‬ ‫في العدد ‪ 35‬من مجلة «الناقد» ‪ ،‬عدد مايو ‪ 1991‬م‪ .‬نعثر على‬ ‫هذا النص لنزار قباني ‪:‬‬ ‫(( أصواتنا مكتومة ‪..‬‬ ‫شفاهنا مختومة ‪..‬‬ ‫شعوبنا ليست سوى أصفار ‪.‬‬ ‫إن اجلنون وحده يصنع في بالدنا القرار ‪)) .‬‬ ‫إلى هنا انتهى االقتباس ‪ ،‬ومن جدوى االقتباس أن ال ينتهي من‬ ‫استنطاق النص ‪ ،‬لكن نص «نزار» لن يدلي لنا باملزيد إذا سألناه‬ ‫عن احل��ل العملي الناجع املنطقي ‪ ،‬ال��ذي يصمد لواقع الشارع‬ ‫والتاريخ معاً ‪ ،‬احل��ل ال��ذي يغادر منصات االلقاء في القاعات‬ ‫املخملية املزدانة بعشاق الشعر وجميالت املقاعد األمامية ‪ ،‬إلى‬ ‫حيث شوارع املمارسة العملية والتعايش اليومي املعتاد ‪.‬‬ ‫هنا ‪ ،‬وعند هذه النقطة بالذات ‪ ،‬أؤك��د لكم ‪ ،‬لو سألنا «ن��زار»‬ ‫وجمهوره معاً أن يتفضال بتفاصيل ع�لاج م��أس��اة « األص��وات‬ ‫املكتومة والشفاه املختومة « فإننا لن نسمع الكثير باستثناء املزيد‬ ‫من الشعر من «نزار» ‪ ،‬واملزيد من التصفيق من القاعة املكتضة‬ ‫باجلمهور‪. .‬‬ ‫في الواقع لم يكن ثمة حل ‪ ،‬وعلى امتداد ساحة القمع الشاسعة‬ ‫‪ ،‬كان اجلميع يشكو االستبداد ‪ ،‬وكانت السجون متضع املزيد من‬ ‫روادها كل يوم ‪.‬‬


‫هل خطر ألولئك احلاملني الكبار أن أبناءهم سيقرنون‬ ‫يوم الدميقراطية بالقبر‬ ‫ذات ٍ‬ ‫كانت الشكوى ‪ ،‬وك��ان النضال وكانت املقاومة ‪ ،‬وك��ان هاجس‬ ‫االرت�ق��اء إل��ى «جنة الدميقراطية « حلماً يداعب سجناء ال��رأي‬ ‫ٍ‬ ‫عنوان‬ ‫ٍ‬ ‫بحاجة إلى‬ ‫املخضبة مالمح وجههم بالدم ‪ ،‬لكن احللم كان‬ ‫للوصول إليه ‪ ،‬وإلى ٍ‬ ‫لغة للتفاهم معه ‪ ،‬وإلى تاريخ مشترك للتعايش‬ ‫مع تفاصيله ‪ ،‬وإلى قدرةٍ على ممارسته إذا ما مت اللقاء به في‬ ‫نهاية املطاف ‪.‬‬ ‫في الواقع ‪ ،‬كان املاليني يستمتعون باحللم ‪ ،‬لكن أح��داً لم يكن‬ ‫ميلك تصوراً واضحاً عن كيفية االستمتاع مبمارسته إذا كف عن‬ ‫كونه حلماً ذات يوم ‪.‬‬ ‫عقود طويلة مرت ‪ ،‬واستبداد عتيد انقضى ‪ ،‬وكلما كان القمع‬ ‫يوغل في إحكام قبضته ‪ ،‬كلما كان االب��داع يتفنن في االبتكار‬ ‫واخللق ‪ ،‬فكانت مرحلة الشعراء العظام ‪ ،‬والفن العظيم ‪ ،‬واملالحم‬ ‫الرائعات ‪ ،‬إن تلك املرحلة املشحونة تنتج تناقضاً عصياً على‬ ‫الفهم ‪ ،‬إذ أن غياب احلرية السياسية كان يصاحبه دائماً حضور‬ ‫االب��داع متمث ً‬ ‫ال في الرمز وشعر الرفض وأدب املقاومة وأغنية‬ ‫التحريض ‪ ،‬لقد ك��ان احللم بالدميقراطية يركض نحو وجهة‬ ‫واح��دة ‪ ،‬لكن اجلميع كانوا مشغولني بالركض دون أن يسأل‬ ‫أحدهم عن صواب االجتاه ‪.‬‬ ‫واآلن ‪ ،‬هانحن نعيش مرحل ًة تختلف ‪ ،‬فقد انتهت الديكتاتوريات‬ ‫العتيدة ‪ ،‬وتهاوت صروح الرأي الواحد ‪ ،‬وسقطت نظرية « احلاكم‬ ‫باسمه « ‪ ،‬لكنك لو أحييت « مظفر النواب» من موته وقدمت به‬ ‫إل��ى العراق اآلن ‪ ،‬وف��ي صحبته « أحمد مطر» ‪ ،‬فلن يجداً ما‬ ‫يتفوهان به ‪ ،‬ورمبا سيطلبان منك أن تعود بهما على وجه السرعة‬ ‫إلى القبر ‪ ،‬لعل املوت ينقذهما من مأزق التعبير عما ال يستطيعان‬ ‫التعبير عنه ‪.‬‬ ‫واآلن ‪ ،‬ها هو استبداد الفرد يسقط ‪ ،‬وهاهو احللم القدمي يتأملنا‬ ‫من بعيد ‪ ،‬وهاهي « الدميقراطية» املنشودة تفتح لنا الباب إذ‬ ‫طرقناه ‪ ،‬لكن اللقاء كان ب��ارداً إلى ٍ‬ ‫حد ال يُصدق ‪ ،‬ولغة احلوار‬ ‫كانت تختلف ‪ ،‬لقد كنا الضيوف اخلطأ في املنزل اخلطأ ‪ ،‬فال‬ ‫هذه الدميقراطية تعرفنا ‪ ،‬وال نحن منت لها بصلة ‪ ،‬فليس في‬ ‫تاريخنا برملان والصندوق انتخاب وال أحزاب ‪ ،‬وليس في موورثنا‬ ‫وال في جيناتنا الوراثية سحب الثقة وال مجتمع مدني ‪ ،‬وليست‬

‫كان السواد األعظم من العرب يذرعون شوارع الكالم‬ ‫بحث ًا عن «السندريلال»‬

‫ـوقعنا فجأة في أسر جتربة صندوق انتخاب فاشل لم‬ ‫ينتج لنا سوى اخلراب املستعجل‬ ‫هربنا من سجن استبداد الفرد إلى معتقل‬ ‫استبداد املجاميع‬

‫كتل وهياكل‬ ‫من مالمح حضارتنا القدمية أن يتشتت الوالء بني ٍ‬ ‫مستوردة على عجل ‪ ،‬إننا نرتدي ثوباً لم يُصنع لنا من األساس ‪،‬‬ ‫تاريخ لم يكن آباؤنا ميتلكونه ‪ ،‬لهذا وقعنا فجأة في‬ ‫وندعي وراثة‬ ‫ٍ‬ ‫انتخاب فاشل لم ينتج لنا سوى « اخلراب‬ ‫أسر جتربة صندوق‬ ‫ٍ‬ ‫املستعجل « ‪ ،‬وخضنا جت��ارب انتخابية كانت نواجتها أصفاراً‬ ‫كبيرة بجميع املقاييس ‪ ،‬وهربنا من سجن استبداد الفرد إلى‬ ‫معتقل استبداد املجاميع ‪.‬‬ ‫إننا جنر الدميقراطية من شعر راسها إلى القبر مباشر ًة هذه املرة‬ ‫‪ ،‬وكأنها تلك البنت القدمية التي ّ‬ ‫خلص « عبد الله بن طاهر «‬ ‫مأساتها ذات يوم بعجز بيته الرائع ‪:‬‬ ‫(( وقب ٌر يواريها ‪ ،‬وأفضلها القب ُر ))‬ ‫ختاماً ‪ ،‬هل صار علينا أن نعترف اآلن بأننا ال نعرف من مالمح‬ ‫السندريلال الغائبة سوى رقم حذائها القدمي ؟ وإننا لن نستطيع أن‬ ‫جند السندريللال مبجرد معرفتنا برقم حذائها إال في األساطير‬ ‫القدمية فقط ‪ .‬أليس كذلك ؟‬


‫‪24‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫داعش ‪ ..‬جذورها في اليهودية واملسيحية بالعقول‬

‫جذور الفكر التائه في الزمن القديم‬

‫داعشلوجيا‬ ‫ف��ك��ر ال���دواع���ش «داع��ش��ل��وج��ي��ا» ل��ي��س غ��ري��ب� ًا وال‬ ‫ج���دي���داً‪ ..‬فقد ت��ك��رر ب���األمم وحت���ور وجت��ل��ي بني‬ ‫البشر على ف��ت��رات منقطعة م��ن ال��ت��اري��خ‪ ،‬وأن‬ ‫اختلفت جتلياته وأثوابه ومظهره‪ ،‬إال أن جوهره‬ ‫ظ���ل م��ح��ت��ف��ظ� ًا ب����ذات ال��ب��ن��ى وم��ت��م��ح��ور ًا على‬ ‫ذات االف��ك��ار‪ ،‬ومعتنق ًا ل��ذات العقائد والقواعد‪،‬‬ ‫ومتمسك ًا بنفس النهج واإلسلوب‪!!..‬‬

‫عبدالواحد حركات‬

‫ولد موسى بن عمران عليه السالم في مصر «يقولون يوم السبت ‪5-‬‬ ‫سبتمبر‪ 1278 -‬أو ‪ 1265‬قبل امليالد ‪ -‬في قرية قنتير مبدينة فاقوس‬ ‫في محافظة الشرقية بدلتا مصر»‪ ..‬وعاش في كنف فرعون رمسيس‬ ‫الثاني‪ /‬األسرة الفرعونية التاسعة عشر‪ ،‬متمتعاً بنفوذه حتى قتل رج ً‬ ‫ال‬ ‫بوكزة‪ ..‬وفر من مصر إلى مدين حيث وجد النبي العربي شعيب فتروج‬ ‫صفورا بنت شعيب‪ ،‬واق��ام مبدين حتى كلمه الله وكلفه بالعودة الي‬ ‫فرعون‪ ،‬ودعوته الي عبادة الله والسماح لبني اسرائيل بعبادته‪ ،‬فجمع‬ ‫موسى أهله وعاد ملصر‪ ،‬ليفعل بصبحة أخيه هارون ما أمره الله به‪،‬‬ ‫وكلما «فعل كالم» فرعون فاتهمهما بالسحر‪ ،‬وواعدهم وسحرته بلقاء‬ ‫أول مواجهة يوم الزينة (عيد الربيع) ‪ 6‬ابريل ‪ 1225‬قبل امليالد والناس‬ ‫حضور‪ ..‬وكانت مواجهة حاسمة وهزمية مذلة للفرعون‪ ،‬ظلت آثارها‬ ‫عالقة بتراث الفراعنة ومصورة بنقوش آثارهم‪ ،‬إال أن الفرعون تكبر‬ ‫وكابر‪ ،‬وكانت لـ»فرعون» ــه جولة أخرى مع عصا موسى التي بضربتها‬ ‫حولت النهر إلى ٍدم ٍآن ولم يؤمن‪ ..‬فكانت النقمة اإللهية جزا ًء‪!...‬‬ ‫تسلسلت على فرعون وقومه كبائر املصائب‪ ..‬فهاجمت جموع الضفادع‬ ‫البيوت وغزت مملكة فرعون واجتاجتها‪ ،‬ولم يجد بداً من الرضوخ‬ ‫«الكاذب» ملوسى ليكف بالء الضفادع فرضخ‪ ..‬وبرغم موت الضفادع‬ ‫نكث فرعون عهده‪ ،‬ودخل وقومه دهاليز عذابات دنيوية من البعوض إلي‬ ‫الذباب إلى موت املواشي والغبار واملطر والبرد وأسراب جراد وظالم‬ ‫دامس مدلهم «ليل طويل طويل طويل»‪ ،‬وضربة قاسمة أماتت االبكار‪،‬‬ ‫وأجبرت الفرعون على الرضوخ التام ملطالب موسى‪ ،‬فكان الفصح وكان‬ ‫اخلروج ألكثر من ‪ 144000‬إنسان يقودهم موسى باجتاه اخلالص‪!.‬‬


‫أطفال اليهود يتدربون على السالح‬

‫حلقهم فرعون وأدركهم‪ ،‬وكان البحر أمامهم وفرعون وجنودهم وراءهم‬ ‫واليقني احلق لنبي مخلص معهم وبني ظهرانيهم‪ ،‬فشق موسى البحر‬ ‫ومنحهم النجاة ومنح فرعون وجنوده الغرق بيوم عاشوراء (‪ 1224‬قبل‬ ‫امليالد)‪ ،‬ورغم جناة بنو اسرائيل وبلوغهم مأمنهم على شاطئ بحر‬ ‫يقابله شاطئ اخر قذفت عليه جثة الفرعون رمسيس الثاني‪ ..‬إال أن‬ ‫لعقدهم جتليات سرعان ما افضت بهم إلى تيه عظيم وطويل‪!!..‬‬ ‫جنا بنو اسرائيل من فرعون وعلقوا بشباك السامري وغوايته‪ ،‬بعدما‬ ‫غاب عنهم موسى أربعني ليلة‪ ،‬فرجعوا لعبادة عجل من ذهب‪ ،‬ولقوا‬ ‫غضب نبيهم وغضب الله‪ ،‬وساروا مكللني باخلزي‪ ،‬حتى أشرفوا على‬ ‫الكنعانني بأرضهم فبعثوا أثنى عشر نقيباً ليأتوا بخبر سكان املدينة‬ ‫ويتجسسوا‪ ،‬فلقيهم من اجلبارين عوج بن عناق‪ ،‬ولم يخرجوا من عنده‬ ‫أحياء إال برجاء زوجته‪ ..‬وعادوا إلى قومهم منكسرين وجلني‪ ،‬وألقوا‬ ‫في قلوبهم الرعب وأخافوهم من قتال اجلبارين فقعدوا‪ ،‬وقالوا لنبيهم‬ ‫(موسى) لن نقاتل معك فأغضبوه فدعا عليهم بالتيه‪ ..‬وتاهوا بأرض‬ ‫سيناء أربعني عام‪!!..‬‬ ‫مات في التيه موسى عليه السالم‪ ..‬يقولون – كان ميشي مع فتاه يوشع‬ ‫بن نون فأقبلت عليهم ريح س��وداء أخافت يوشع واستلت موسى من‬ ‫قميصه واخذته‪ ،‬ولم يبق مع يوشع إال قميص النبي‪ ،‬الذي دفع بني‬ ‫إسرائيل للشك فيه واتهامه بقتل موسى‪ ،‬لوال أن عرفهم الله أنه رفع‬ ‫موسى عليه السالم وأماته‪!! ..‬‬ ‫أعوام التيه أخذت بني اسرائيل واحداً تلو اآلخر‪ ..‬وأخذت هارون وعدد‬ ‫من النقباء‪ ..‬ولقد أخذ التيه أنفس جيل كامل‪ ،‬عاش مبصر وعايش‬

‫الذل وانكسر آالف املرات حتت سياط املهانة وجترع العبودية وأتقنها‬ ‫حد التوحد‪ ،‬جيل عاجز عن التغيير مرهون لعقائد و نستالوجيات‬ ‫مقيدة ومجرثمة بالعجز والقصور‪ ،‬مشدودة لذاكرة زمن الضعف والذل‬ ‫والدونية واخلنوع إلرادة اآلخر القوى املتجبر‪!!..‬‬ ‫التائهون‪ ..‬اختاروا مصيرهم وشكلوا مستقبلهم وفق معطيات ومعارف‬ ‫وادراكات مرتكزة الي وجودهم السابق كعبيد مستباحني ونسائهم من‬ ‫الفرعون وأمته‪ ..‬وبرغم وجود موسى‪ /‬املخلص ومعايشتهم له‪ ،‬ورؤيتهم‬ ‫للمعجزات الواحدة تلو األخ��رى‪ ،‬وبرغم تأييد الله املتجلي وسطوع‬ ‫احلقيقة‪ ،‬إال أن ظالمهم الداخلي وشخصياتهم امل�ه��زوزة املسكونة‬ ‫واملؤسسة على الضعف‪ ،‬وعقد النقص التي كانت حتركهم وتدفعهم إلى‬ ‫مقاومة التغيير وقبوله ومساكنته‪ ،‬جعلتهم يركنون الي مصير الضعفاء‬ ‫ويقنعون بالتيه في الصحراء‪ ،‬ويعيشون «موتى وجود « يتوسلون من نبيهم‬ ‫الذي كان قائد خالصهم وزعيم رحلتهم األكل والشرب‪ ،‬ومقتضيات‬ ‫حياة الدواب بعدما رفضوا حياة االنسان واحلرية الواعية‪ ،‬وامتنعوا عن‬ ‫قبول وجودهم اجلديد انحيازاً إلي وجودهم القدمي‪!..‬‬ ‫ماذا حدث؟ وملاذا؟‬ ‫املدمنون لفرعنة الفرعون واملرهونون للضعف من بني إسرائيل لم‬ ‫يستوعبوا حضور موسى ‪ /‬املخلص‪ ،‬ولم يكونوا مبستوى التغيير الذي‬ ‫أحدثه حضوره كـ»نبي»‪ ،‬تدعمه قوة إلهية تفوق قوة الفرعون «إله الضعفاء‬ ‫املتجسد قهراً»‪ ،‬وقيدتهم رواس��ب نشأتهم في بيئة مذلة‪ ،‬ووراثتهم‬ ‫للضعف والفقر والعبودية‪ ،‬وفقدهم لبواعث قوى التغيير وصناعته‪ ،‬ولم‬ ‫ميتلكوا وعي ميكنهم من تلقف املعجزات وأخذها والتحزب لها‪ ،‬بشكل‬


‫‪26‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫رمسيس الثاني‬

‫يحدث في ذواتهم تغيير داخلي «نفساني»‪ ،‬ويستبدل قناعاتهم وأمناط‬ ‫تفكيرهم الضعيفة «وليدة حياة الضعف» بقناعات جديدة باعثة للقوة‬ ‫تناسب التغيير ومتاشي مراحله وتستكمله لتحقيق اهدافه السامية‪!!..‬‬ ‫املخلص موسى لم يكن منتمياً إلي بيئة الضعف التي ألفها بنو اسرائيل‪،‬‬ ‫ك��ان المنتمياً لنمط اف�ك��اره��م وقناعاتهم وليست ب��ه ذات رواس��ب‬ ‫عبوديتهم‪ ،‬ولعل اختالف بيئة نشأته وتفاصيل حياته بكنف الفرعون‪،‬‬ ‫والتركيب املتجانس لشخصيته وتآلف قوته اجلسدية وسمرته وقوته‬ ‫النفسية ونقاء سريرته‪ ،‬وهروبه واغترابه في مدين‪ ..‬وكذا قوة جتربته‬ ‫الروحانية في واد طوى‪ ،‬صقلته وأهلته مبنة من الله واختيار وتأييد‬ ‫ملواجهة الفرعون وإحداث التغيير بجماعة أدمنت الضعف واستطابت‬ ‫العبودية ‪ 430‬سنة‪!..‬‬ ‫موسى فكرياً ينتمي إل��ي الفرعون‪ ،‬وجينياً ينتمي إل��ى االسرائليني‬ ‫الضعفاء العبيد‪!..‬‬ ‫الفرعون رأى في موسى ند وع��دو مكافئ‪ ،‬إلمتالكه السحر «قوة‬ ‫ال �ف��راع �ن��ة» وب��راع �ت��ه بالكيمياء‪،‬‬ ‫فالتزم اجتاهه مبواجهة صريحة‬ ‫ون ��دي ��ة م� �ض ��ادة ب �ط��ري �ق��ة م ��ا‪..‬‬ ‫ورأى االسرائليون العبيد موسى‬ ‫مجرد عبد مختلف قلي ً‬ ‫ال يفوقهم‬ ‫ب��أش��ي��اء‪ ،‬ول �ك �ن��ه ي�ن�ت�م��ي إل�ي�ه��م‬ ‫ويتساوى معهم في املنزلة‪ ،‬ولم‬ ‫يكونوا أص�ح��اب م�ش��روع مضاد‬ ‫لعبوديتهم‪ ،‬وال راغبني في تغيير‬ ‫واقعهم املعتاد وامل��وروث واملؤدلج‬ ‫منذ عقود طويلة‪ ،‬مما اجبرهم‬ ‫وس��اق�ه��م إلت �خ��اذ م��وق��ف سلبي‬ ‫اجتاهه والتعلق به كأمل ضعيف‬ ‫لم ينل االقتناع الكافي ليوطن بهم‬ ‫احلماسة ويحملهم على مجاراة‬ ‫اخلوارق واملعجزات االلهية‪ ،‬التي‬ ‫ج��اءت على يد موسى أو بعصاه‬ ‫لصاحلهم‪!!...‬‬

‫موسى رجل أحيا أمة ميتة‪ ..‬ولكنها ظلت طريحة فراش املوت برغبتها‬ ‫فماتت وجودياً‪!!..‬‬ ‫جيل اخلروج االسرائيلي كان عاجزاً روحياً ونفسياً عن تلقف عطاءات الله‬ ‫ومنحه اجلزيلة‪ ،‬وكان ممانعاً للتغيير ومقاوماً له‪ ..‬وظل متمسكاً بخنوعه‬ ‫وذله حتى نال غضب الله وعقابه ومات وأمات نبيه املخلص بالتيه‪ ..‬جيل‬ ‫جعل من خالصه متاهة ونهاية وجود ونهاية تاريخ فعلية‪ ..‬ولكن‪!!..‬‬ ‫اجليل التائه فقد تواصله مع الزمن‪ ،‬ووقف على تخوم ذاكرة العبودية ملئ‬ ‫بالعقد النفسية محطم‪ ،‬وكان معزول حضارياً مفرغ من الوجود القيمي‬ ‫في بيئة قاحلة عاجزة عن كل شيئ عدا التأمل والروحانية واليأس‪،‬‬ ‫بيئة طبيعية واجتماعية قاسية مليئة مبوجبات اخللق االسطوري‬ ‫والكفر بالسلف املنعدم والبحث عن ثقوب االمل لعبور التيه إلي احلياة‬ ‫والوجود‪ ..‬بيئة كانت محورها وثقافتها وقوتها موسى وتوراته‪!!..‬‬ ‫التائهون لم يفعلوا شيئاً عدا حفظ تعاليم موسى وحتريفها بصياغتها‬ ‫وف��ق أمانيهم وحت��ت سلطان عقدهم ونرجسيتهم ال�س��اذج��ة ومن‬ ‫منطلق حقدهم على ماضيهم‬ ‫وم�ض�ط�ه��دي�ه��م‪ ،‬ف�ت��رس�خ��ت في‬ ‫االذه��ان ثقافة الوحدة واالنعزال‬ ‫وال �ت �ض �خ��م ال� ��وج� ��ودي وأش��ي��اء‬ ‫مرضية كثيرة‪ ،‬صارت مع الزمن‬ ‫هوية ألولئك التائهون في سيناء‬ ‫طوعاً واختياراً بعدما خالفوا أمر‬ ‫نبيهم وجحدوا عطاء الله ومنته‪!..‬‬ ‫جيل ما بعد التائهني لم يجد ما‬ ‫يتلقفه س��وى أحاديث أسطورية‬ ‫عن العناءات واملعجزات وهوية‬ ‫مجتمعية مفخخة بالعداء لآلخر‬ ‫ال�غ�ي��ر منتمي‪ ،‬إن ه ��ذه ال �ب��ذرة‬ ‫األيدلوجية السيكولوجية الفاسدة‬ ‫صنعت املستقبل ودامت فيه حتى‬ ‫اليوم‪!!..‬‬ ‫م� ��ات ج �ي��ل ال �ت �ي��ه وج�� ��اء جيل‬ ‫آخ��ر ق��ادر على صناعة التغيير‬

‫الالمنتمون يدمرون االنتماء‪ ..‬والدنيويون‬ ‫يسجنون الديانات‪ ..‬واملرابون يرثون البؤس‪!!..‬‬ ‫داعش ذات أصول موروثة عن املسيحية الوارثة‬ ‫لليهودية‪!!..‬‬

‫فكر ّ‬ ‫مفخخ بالنرجسية والعنف في مجتمع خانع‬ ‫مصفح ضد احلوار‬


‫ماذا وراء الشمعدان؟‬

‫رسم تخيلي لشق البحر وجناة قوم موسى‬

‫وحتقيق أه��داف موسى‪ /‬زعيم اخل�ل�اص‪ ..‬جيل أسرائيلي منعزل‬ ‫مشحون بطاقات العداء وناقم على وجوده البائس في صحاري التيه‪،‬‬ ‫جيل يريد اخلالص ومستعد نفسياً وروحياً لدفع ثمن تذاكره وصعود‬ ‫مراكبه باجتاه األمل واحلياة‪ ،‬جيل لم تكن له نستالوجية مرضية أو‬ ‫ذاكرة مسيجة بأسالك العبودية منتصبة لتلقي سياط القهر واالذالل‪،‬‬ ‫ومتجرد من مخاوف الوقوع باحلرية والءات الوجود احلقيقي‪ ..‬جيل‬ ‫هويته مقولبة في قناعات وطقوس الوجود الضروري على حساب وجود‬ ‫اآلخر وفوقه‪ ،‬وبدعاوى االنتماء لله والتمثيل إلرادته واالصطفاء منه‬ ‫بشواهد ودالئل ماضية فصلت عن زمنها وجذورها وسكبت بقوالب‬ ‫حاضر مستمر إلضفاء الشرعية على أسس هوية ذاك اجليل القوي‬ ‫العابر للتيه مكانياً ونفسياً امللتحف بشريعة موسى والتوراة «الدين»‬ ‫واملتدثر باالنتماء إلي الله‪!!...‬‬ ‫أؤلئك العابرون للتيه دخلوا األرض املقدسة‪ ،‬وأسسوا دولتهم الدينية‬ ‫وقيدوا اجلميع إلي توراتهم واجبروهم على قبولها كمنهج حياة وقانون‪..‬‬ ‫وبرعوا بالتقادم في صقل هويتهم‪،‬‬ ‫وفرضها وجنحوا في تكوين نخب‬ ‫متسلطة ومتحدثة بالتوراة في آناء‬ ‫اجل��زاء وال�ع�ق��اب‪ ..‬حتى صارت‬ ‫لهم مرجعيات دينية وحاخامات‬ ‫وكنيست تقدس وت�ق��دس رواده‬ ‫منطقياً‪ ،‬وص��ار ل�ل�ت��وراة حجاب‬ ‫ول� �ـ»م���وس���ى» ورث � ��ة ول�ش��ري�ع�ت��ه‬ ‫م �ش��رع�ين‪ ،‬فحكمتهم تفاصيل‬ ‫هويتهم وط�ق��وس�ه��م وأك��اذي�ب�ه��م‬ ‫مب�م��ارس��ة موجباتها حتى ضد‬ ‫ضعاف وفقراء الشعب اليهودي‪،‬‬ ‫وخاضوا مراحل جتارب ومعارك‬ ‫بناء ال��دول��ة م��ع داوود وسليمان‬ ‫«عليهما السالم»‪!!..‬‬ ‫رغ��م دخ��ول روم��ا ملسرح الوجود‬ ‫وقضائها على دول��ة اليهود‪ ،‬ظل‬ ‫اليهود بداخلها يهويتهم وحتت‬

‫سلطة حاخاماتهم وكنيستهم‪ ..‬وازدادوا متسكاً بجوهر عدائهم لآلخر‬ ‫املختلف والغير منتمي لشريعتهم‪!!..‬‬ ‫عقد التفوق التي امتاز بها اليهود مذ عبروا التيه بتوراتهم وعيشهم‬ ‫وسط األخر‪ ،‬انتج ثقافة البغضاء وفكر العنف واالزدراء ودعم النرجسية‬ ‫ووطن للعزلة الفكرية وممانعة احلوار أو مراجعة التابوهات واالفكار‬ ‫املقدسة بالوراثة‪ ،‬وانتج أفظع تصور عن اآلخر املختلف «املسخ» عدو‬ ‫اليهود أي عدو الله‪ ،‬واملباح للقتل واالغتصاب والتعذيب واحملروم من‬ ‫احلقوق واملساواة لفقدانه االنتماء البيولوجي إلسرائيل والعقائدي‬ ‫لشريعة موسى‪ ..‬هذه كانت أولى بذور وجتليات الـ»داعشلوجيا» في‬ ‫الزمن القدمي‪!!...‬‬ ‫بعد « موسى ‪ /‬عليه السالم « وفي شعب اليهود وب��األرض املقدسة‬ ‫وعلى فترة منه قد تقارب « ‪ 1220‬الي ‪ 1400‬سنة « بعث « عيسى ابن‬ ‫مرمي ‪ /‬عليهما السالم «‪ ..‬جاء عيسى املسيح مصححاً لشريعة موسى‬ ‫التي عبثت بها أجيال اليهود املتعاقبة وحولت توارتها إلي سفر هوية‬ ‫دنيوية‪! ..‬‬ ‫ح � �ض� ��ر ع� �ي� �س ��ى ف��اس �ت �ق �ب �ل��ه‬ ‫الداعشلوجيون اليهود‪ ،‬وقاوموا‬ ‫بهويتهم وق��واه��م التغيير ال��ذي‬ ‫ج��اء به عيسى املسيح‪ ..‬ووقعوا‬ ‫ب��ذات عقد أسالفهم «التائهون‬ ‫القدامى»‪ ،‬وعجزوا فكرياً وروحياً‬ ‫ع ��ن اس �ت �ي �ع��اب وج�� ��ود عيسى‬ ‫املسيح املخلص لهم من شيطنتهم‬ ‫املتلبسة بالقداسة‪!!..‬‬ ‫لقد كان على عيسى‪ /‬عليه السالم‬ ‫أن يواجه فكر مفخخ بالنرجسية‬ ‫والعنف والعداء املدعي للقداسة‬ ‫في مجتمع خانع وخاضع وداجن‬ ‫ومصفح ضد احلوار‪ ..‬واجه فئة‬ ‫«داعشلوجية» متسلطة ومتحالفة‬ ‫مع القوى السيادية املتمثلة في‬ ‫روما‪!!!..‬‬

‫موسى فكريا ينتمي إلى الفرعون ‪ ..‬وجينيا‬ ‫ينتمي إلى اإلسرائيليني الضعفاء‬

‫كان على عيسى مواجهة فئة « داعشلوجية»‬ ‫متسلطة ومتحالفة مع القوى السيادية في روما‬ ‫التائهون لم يفعلوا شيئ ًا سوى حفظ تعاليم‬ ‫موسى وحتريفها‬


‫‪28‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون عربية‬

‫صرح بأن سيطرة احلوثيني على عدن‪ ،‬يعني سيطرة إيران‬ ‫كان وزير اخلارجية اليمني‪ ،‬رياض ياسني‪ ،‬قد‬ ‫ّ‬ ‫على اليمن‪ .‬مؤكد ًا بأن إيران تساعد احلوثيني منذ وقت بعيد لكن األمر تزايد في الفترة األخيرة‪ ،‬وأن‬ ‫هناك خيانات من بعض الضباط التابعني للرئيس السابق علي عبد الله صالح‪ ،‬الذي يحاول العودة إلى‬ ‫للحكم مرة أخرى‪.‬‬ ‫هذا التصريح لم يكن جديداً‪ ،‬ولكنه جاء قبيل اكتمال ترتيبات «عاصفة احلزم» التي أرادت بها السعودية‬ ‫والدول العربية املشاركة‪ ..‬أن تضع حد ًا للنزيف الدامي في خاصرة الوطن العربي‪.‬‬

‫عاصفة الحزم‬

‫عملية عسكرية تضرب أوكار الحــــــــــ‬ ‫ّ‬ ‫يتحفز العرب اآلن لمالحقة التنظيــــــــــ‬


‫ذكرني تصريح وزير اخلارجية اليمني مبا كان الدكتور هاني الناظر‪،‬‬ ‫رئيس املركز القومي للبحوث السابق‪ ،‬قد قاله عندما كتب إن اكتمال‬ ‫سيطرة احلوثيني على مقاليد األمور في اليمن تعني ببساطة أن‬ ‫أبواب جهنم قد ُفتحت على مصراعيها في هذا البلد البائس‪.‬‬ ‫حيث سيعاني الشعب اليمني لألسف الشديد كثيراً من أيام وسنوات‬ ‫صعبة مليئة بالعنف واإلرهاب والقتل العشوائي والتي ستنتهي في‬ ‫النهاية بتقسيم اليمن إلي دويلتني أو ثالثة‪.‬‬ ‫عاصفة احلزم استبقت هذه النهاية السوداء‪ ..‬ففي إطار عملية‬ ‫«عاصفة احلزم» واصلت املقاتالت اجلوية شن هجوماتها املتمثلة‬ ‫في غارات جديدة على معسكرات احلوثيني وقوات احلرس املوالية‬ ‫للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في العاصمة صنعاء‪.‬‬ ‫وذك��رت مواقع إعالمية مينية‪ ،‬أن الغارات استهدفت معسكرات‬ ‫قوات احلرس‪ ،‬إلى جانب منازل كبار مسؤولي اليمن وبينهم الرئيس‬ ‫اليمني صالح وأقاربه‪ ،‬والقوات اخلاصة املوالية‪ ،‬ودار الرئاسة‪.‬‬ ‫وحسب ذات املصادر‪ ،‬سمع دوي انفجارات عنيفة نتيجة الغارات‬ ‫املكثفة‪ ،‬في اجلهة الشمالية من العاصمة صنعاء‪ ،‬حيث مقرات‬ ‫جماعة احل��وث��ي ومعسكرات اجل�ي��ش‪ ،‬وبينها ق��اع��دة الديلمي‬ ‫اجلوية ومعسكرات الفرقة األول��ى م��درع سابقا والتي تتخذها‬ ‫جماعة احلوثي مقرا لقياداتها‪ ،‬فضال عن تبة اخلرافي التابعة‬

‫للحرس اجلمهوري‪.‬‬ ‫وتواصل املضادات اجلوية إطالق نيران كثيفة في سماء العاصمة‬ ‫صنعاء التي تشهد أعنف الغارات وأكثفها‪.‬‬ ‫وأف��اد املراسلون ب��أن ق��وات حتالف عاصفة احل��زم التي تقودها‬ ‫السعودية نفذت ضربات جوية على مواقع احل��رس اجلمهوري‬ ‫املوالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح‪ ،‬في محيط جبل‬ ‫نقم وجبل الصمع في محيط صنعاء وأرحب شمال العاصمة‪ ،‬كما‬ ‫استهدفت الضربات معسكرات تابعة للحوثيني في صعدة‪.‬‬ ‫وت�ه��دف عملية «عاصفة احل ��زم» حسب البيان اخلليجي‪ ،‬إلى‬ ‫حماية احلكومة الشرعية في اليمن من املسلحني احلوثيني‪ ،‬حيث‬ ‫تقوم قوات جوية خليجية بقصف مواقعهم في اليمن‪ ،‬وأوضحت‬ ‫السعودية أن احلملة ضد احلوثيني تستند إلى ميثاقي األمم املتحدة‬ ‫واجلامعة العربية مشددة على أن العملية ستشمل جميع األراضي‬ ‫اليمنية‪.‬‬ ‫وكان املتحدث باسم «عاصفة احلزم»‪ ،‬أعلن أن العملية التي يشنها‬ ‫التحالف العربي مستمرة إلى أن حتقق «أهدافها»‪ ،‬مؤكدا أنه «ال‬ ‫تخطيط حالياً لعمليات برية» في هذا البلد‪.‬‬ ‫وتشكل حتالف إقليمي يضم إلى جانب السعودية اإلمارات وقطر‬ ‫والبحرين والكويت‪ ،‬باإلضافة إلى مصر واملغرب واألردن‪ ،‬بهدف‬

‫وتؤمن وحدة اليمن فهل‬ ‫ّ‬ ‫ـــــــــــوثيين‬ ‫ـــــــــــمات اإلرهابية المس ّلحة؟‬


‫‪30‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون عربية‬

‫الدول املشاركة والداعمة وحجم القوات‬

‫بدأت العملية العسكرية «عاصفة احلزم» بالضربات اجلوية األولى‬ ‫التي وجهتها الطائرات السعودية ملعاقل جماعة احلوثي باليمن‪،‬‬ ‫وتشارك دول اخلليج العربي – ما عدا ُعمان – في عمليات القصف‪،‬‬ ‫كما حتضر دول أخرى في العملية التي من املنتظر أن يزيد حجم‬ ‫القوات والدول املشاركة مع استمرارها‪.‬‬ ‫املشاركة املعلنة في العملية حتى اآلن ‪ 185‬طائرة‬ ‫وبلغ إجمالي‬ ‫َ‬

‫مقاتلة‪ ،‬بينها م��ائ��ة م��ن السعودية ال��ت��ي حتشد أي��ض��ا ‪ 150‬ألف‬ ‫م��ق��ات��ل ووح�����دات ب��ح��ري��ة ع��ل��ى اس��ت��ع��داد للمشاركة إذا ت��ط��ورت‬ ‫العملية العسكرية‪ .‬وشاركت باملوجة األول��ى من الهجوم – إضافة‬ ‫إل��ى السعودية – كل من اإلم���ارات بثالثني مقاتلة‪ ،‬والكويت بـ‪15‬‬ ‫والبحرين بـ‪ ،15‬بينما شاركت قطر بعشر طائرات‪ ،‬واألردن بست‬ ‫طائرات‪ ،‬وكذلك املغرب بست طائرات‪ ،‬والسودان بثالث طائرات‪.‬‬

‫قطع الطريق على إيران‬

‫ميثّ ل الهدف األساسي للعملية العسكرية‬ ‫«ع��اص��ف��ة احل������زم»‪ ،‬ع����زل ال��ي��م��ن وك��اف��ة‬ ‫موانية وم��ط��ارات��ه بحريا وج��وي��ا‪ ،‬وقطع‬ ‫ك��اف��ة خ��ط��وط اإلم������داد ب�ي�ن احل��وث��ي�ين‬ ‫امل���ت���م���ردي���ن وإي���������ران‪ ،‬ال���ت���ي ت���دع���م تلك‬ ‫امل��ل��ي��ش��ي��ات ب��ال��س�لاح ال��ل�ازم ع��ب��ر امل��وان��ئ‬ ‫والقواعد احلربية بشكل مباشر‪ ،‬إلثارة‬ ‫ال��ف��وض��ى وع����دم االس��ت��ق��رار ف��ي منطقة‬ ‫اخلليج العربي بالكامل‪ ،‬وحتقيق األطماع‬ ‫اإليرانية في املنطقة‪.‬‬ ‫وأوضحت مصادر أن الضربات اجلوية التي‬ ‫نفذتها اململكة العربية السعودية مبعاونة‬ ‫دول اخلليج كان لها نتائج إيجابية مؤثرة‪،‬‬ ‫خاصة وأنها دمرت القواعد اجلوية التي‬ ‫كان يستخدمها احلوثيني لتلقى الدعم‬ ‫اإليراني القادم من بحر العرب‪ ،‬مؤكدة أن‬ ‫إي��ران كانت تخطط إلدارة تلك القواعد‬ ‫اجل��وي��ة م��ن خ�لال طياريها للعبث بأمن‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫وأش����ارت امل��ص��ادر إل��ى أن تدمير القواعد‬ ‫اجل����وي����ة ال��ي��م��ي��ن��ة ال���ت���ي ك���ان���ت تخضع‬ ‫لسيطرة احلوثيني‪ ،‬أمر في غاية األهمية‪،‬‬ ‫وأف����ق����د امل��ل��ي��ش��ي��ات امل��س��ل��ح��ة االت���ص���ال‬ ‫ب��اجل��ان��ب اإلي��ران��ي ال���ذي ي��زوده��ا بشكل‬ ‫م��ب��اش��ر ب��ال��س�لاح ال��ل��ازم ل��ب��ق��اء امل��ع��رك��ة‪،‬‬ ‫والعناصر امل��درب��ة ال��ق��ادرة على التحرك‬ ‫وال��ت��ع��ام��ل م���ع امل����واق����ف‪ ،‬ب���اإلض���اف���ة إل��ى‬ ‫التخطيط واملتابعة للعمليات‪ ،‬واالتصال‬ ‫الدائم إلدارة املشهد العبثي‪ ،‬الذى استمر‬ ‫في اليمن طوال األشهر املاضية‪ .‬الهدف من‬ ‫العملية عزل اليمن بحريا وجويا وقطع‬ ‫خ��ط��وط اإلم����داد ب�ين احل��وث��ي�ين وإي���ران‬ ‫وأكدت املصادر أن القوات املصرية املشاركة‬ ‫سيكون لها دور محدد وواض���ح م��ن خالل‬ ‫ع���دة م��ه��ام أول��ه��ا تنفيذ عملية احل��ص��ار‬ ‫البحري وتأمني املوانئ اليمنية أمام بحر‬ ‫العرب وحفظ السالم نظرا المتالك مصر‬ ‫ق��ط��ع ووح�����دات ب��ح��ري��ة م��ت��ط��ورة ق���ادرة‬ ‫على فرض وحتقيق السيطرة فى منطقة‬ ‫البحر األحمر‪ ،‬ولها قدرات نيرانية مؤثرة‪،‬‬ ‫جتعلها أق���وى ق���وات بحرية ف��ي منطقة‬ ‫الشرق األوس��ط بالكامل‪ ،‬من حيث عدد‬ ‫الوحدات املوجودة لديها‪ ،‬وكفاءتها‪ ،‬إلى‬

‫انفجار بعدن‬

‫جانب األطقم الفنية املدربة على درجة‬ ‫عالية جدا من االحترافية والقدرة على‬ ‫التعامل مع األزمات والطوارئ‪.‬‬ ‫وأوض����ح����ت امل����ص����ادر أن ال����ق����وات اجل��وي��ة‬ ‫امل����ص����ري����ة س�������وف ت�����ش�����ارك ف�����ي ت��ف��ي��ذ‬ ‫الضربات اجلوية ومعاونة اململكة العربية‬ ‫السعودية‪ ،‬على تدمير مواقع حتصينات‬ ‫العناصر احلوثية‪ ،‬وخطوط اإلمداد‪ ،‬التي‬ ‫تأتيها م��ن اجل��ان��ب اإلي��ران��ي‪ ،‬مشيرة إلى‬ ‫أن املقاتالت املصرية لديها قدرات عالية‬ ‫جدا على إدارة املعارك اجلوية ليال ونهارا‬ ‫وق�����ادرة ع��ل��ى امل���ن���اورة وت��دم��ي��ر األه����داف‬ ‫ب��دق��ة ع��ال��ي��ة ج����دا‪ ،‬ان��ط�لاق�� ًا م���ن ق���درة‬ ‫ال��ط��ي��اري��ن امل��ص��ري�ين على تنفيذ أعمال‬ ‫اإلغارة والهجوم اجلوى مبستويات عالية‬ ‫من الدقة والكفاءة‪.‬‬ ‫وأك�����دت امل���ص���ادر أن م��ص��ر ق���د ي��ك��ون لها‬ ‫دور آخ�����ر إل�����ى ج���ان���ب ال���ق���ت���ال ال��ب��ح��رى‬ ‫واجل��وى إلى صفوف دول اخلليج العربى‪،‬‬ ‫يتمثل ف��ى إع���داد اخل��ط��ط والتقديرات‬ ‫االستراتيجية والتكتيكات العسكرية‪،‬‬ ‫وع��م��ل��ي��ات ال��ه��ج��وم وت��وق��ي��ت��ات التنفيذ‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى املعلومات االستخباراتية‪،‬‬ ‫امل��ت��ع��ل��ق��ة ب���ق���درات احل��وث��ي�ين ف��ى اليمن‬ ‫ونوعية األسلحة املوجودة لديهم ومدى‬ ‫سيطرتهم على األقاليم اليمنية‪.‬‬ ‫وأض���اف���ت امل���ص���ادر إن ال���ق���وات امل��س��ل��ح��ة‬ ‫امل���ص���ري���ة ل���دي���ه���ا ت��ك��ت��ي��ك��ات ع��س��ك��ري��ة‬

‫وخ��ط��ط ج��اه��زة تتعلق ب��ك��اف��ة امل��ن��اط��ق‬ ‫وامل������دن ال��ي��م��ن��ي��ة‪ ،‬ان���ط�ل�اق���ا م���ن احل���رب‬ ‫الطويلة التى شاركت فيها مصر باليمن‬ ‫خالل حقبة الستينات من القرن املاضى‪،‬‬ ‫ووصلت قواتها املوجودة فى اليمن خالل‬ ‫ت��ل��ك ال��ف��ت��رة ألك��ث��ر م��ن ‪ 60‬أل���ف مقاتل‪،‬‬ ‫وت��ع��رف ج��ي��دا طبيعة األرض اجلبلية‬ ‫وامل���ن���اط���ق ال����وع����رة وال�����ودي�����ان ال��ض��ي��ق��ة‬ ‫واألخ��������وار‪ ،‬امل��ن��ت��ش��رة ف���ى ك���اف���ة أق��ال��ي��م‬ ‫اليمن‪ .‬احل��ل��ول تفاوضية قريبا وأك��دت‬ ‫امل��ص��ادر أن معركة «ع��اص��ف��ة احل����زم» لن‬ ‫تطول كثيرا خاصة م��ع تنفيذ عمليات‬ ‫احل����ص����ار ال���ب���ح���رى واجل��������وى ل�لأق��ال��ي��م‬ ‫اليمنية‪ ،‬خالل األيام املقبلة‪ ،‬األمر الذى‬ ‫ق��د ي��ق��ود امل��وق��ف إل���ى ح��ل��ول تفاوضية‬ ‫ب�ين أب��ن��اء اليمن وال��وص��ول إل��ى مصاحلة‬ ‫شاملة‪ ،‬تقضى باحترام الرئيس الشرعى‬ ‫للبالد‪ ،‬وعدم السماح للملشيات املسلحة‬ ‫بالسيطرة على املوقف‪ ،‬أو إشاعة الفوضى‬ ‫فى البالد‪ ،‬وتدمير مؤسساتها‪ ،‬موضحة‬ ‫أن دول اخلليج والقوات املشاركة من دول‬ ‫عربية ال تستهدف م��ن احل���رب ال��دائ��رة‬ ‫تدمير اليمن أو قتل امل��واط��ن�ين هناك‪،‬‬ ‫وإمنا تستهدف فرض سياسة على األرض‬ ‫مفادها أن األيادى اخلارجية العابثة فى‬ ‫أمن منطقة اخلليج عليها أن تتراجع‪ ،‬فى‬ ‫ظل وجود قوات عربية قوية وقادرة على‬ ‫التعامل مع املوقف مبنتهى القوة واحلزم‪.‬‬


‫األمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي في غرفة عمليات عملية «عاصفة احلزم»‬

‫تنفيذ العملية العسكرية «عاصفة احلزم» ضد احلوثيني‪.‬‬ ‫وكان املتحدث العسكري باسم «عاصفة احلزم»‪ ،‬أحمد عسيري‪ ،‬قد‬ ‫صرح قائ ً‬ ‫ال أن القوات املشتركة متكنت من تدمير كامل األهداف‬ ‫في ‪ 15‬دقيقة مضيفاً أن العملية أجنزت األهداف املطلوبة‪.‬‬ ‫وأفاد املتحدث العسكري أن العملية مستمرة حتى حتقيق األهداف‬ ‫كافة واستعادة الشرعية اليمنية‪ ،‬مؤكدا أن «عاصفة احلزم» هدفها‬ ‫دعم الشعب اليمني والتخلص من احلوثيني املتمردين‪.‬‬ ‫وصرح أحمد عسيري أن التنسيق والعمل مستمر مع جميع األطراف‬ ‫وأنه ال مكان ملن يريد تقدمي الدعم جلماعة احلوثي‪.‬‬ ‫وأك��د املتحدث العسكري أن القصف اجل��وي أله ��داف ومعاقل‬ ‫احلوثيني دمر آليات وعتادا عسكريا سيطر عليه احلوثيون‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى قواعد عسكرية كانت حتت سيطرته‪ ،‬مشيرا إلى أنه مت التعامل‬ ‫مع التقدم احلوثي على احلدود مع السعودية حسبما يتطلبه األمر‪.‬‬ ‫وصرح قائ ً‬ ‫ال أنه ال يوجد تدخل بري حتى اآلن‪ ،‬مضيفا أن القوات‬ ‫في أمت اجلهوزية ألي طارئ‪.‬‬ ‫بدء العملية العسكرية «عاصفة احلزم»‬ ‫بدأت العملية العسكرية ضد احلوثيني بعد إعالن امللك السعودي‬ ‫سلمان بن عبدالعزيز انطالق عملية «عاصفة احلزم» منتصف ليلة‬ ‫اخلميس ‪ 26‬مارس‪.‬‬ ‫وأعلنت السعودية التي تقود العمليات أن ‪ 10‬دول من بينها دول‬ ‫اخلليج تشارك في العملية العسكرية‪.‬‬ ‫وبعد انطالق الطلعات اجلوية ضد مواقع احلوثيني أعلنت الرياض‬ ‫أجواء اليمن منطقة محظورة‪.‬‬ ‫وأوض�ح��ت مصادر عسكرية سعودية أن قواتها اجلوية قصفت‬ ‫مواقع احلوثيني في العاصمة اليمنية صنعاء فجر اخلميس‪.‬‬ ‫وم��ن جانبها ذك��رت تقارير إعالمية أن ‪ 4‬ب��وارج حربية مصرية‬ ‫عبرت قناة السويس‪ ،‬متجهة إلى اليمن دعما للعملية العسكرية التي‬ ‫تقودها اململكة العربية السعودية ضد احلوثيني‪.‬‬

‫وأفادت مصادر مصرية في قناة السويس أن ‪ 4‬بوارج دخلت قناة‬ ‫السويس لتواصل سيرها نحو عدن جنوب اليمن في وقت الحق من‬ ‫اليوم ذاته‪ ،‬مؤكدا أنها ستشارك في التحالف العسكري الذي تقوده‬ ‫السعودية لضرب مواقع احلوثيني في اليمن‪.‬‬ ‫يذكر أن السعودية تشارك بـ ‪ 100‬مقاتلة واإلم��ارات بـ ‪ 30‬وقطر‬ ‫بـ‪ 10‬طائرات والكويت بـ ‪ 15‬مقاتلة فيما أرسلت البحرين ‪15‬‬ ‫مقاتلة‪ ،‬أما األردن فتساهم بـ ‪ 6‬مقاتالت و‪ 6‬مقاتالت من املغرب‬ ‫و‪ 3‬من السودان وتشارك مصر وباكستان بسفن حربية إلى جانب‬ ‫املقاتالت‪.‬‬ ‫الغارات استهدفت معاقل احلوثيني‬ ‫في أول إعالن لها‪ ،‬قالت القوات السعودية إنها متكنت من تدمير‬ ‫الدفاعات اجلوية للحوثيني‪ ،‬مشيرة إلى أن األجواء اليمنية أصبحت‬ ‫حتت سيطرتها‪ .‬وفي وقت الحق متكنت مقاتالت التحالف بقيادة‬ ‫السعودية من تدمير قاعدة الديلمي التي يسيطر عليها احلوثيون‬ ‫مبا في ذلك تدمير مقاتالتهم احلربية وبعض الصواريخ‪.‬‬ ‫كما استهدفت املقاتالت منطقة صعدة‪ ،‬أب��رز معاقل احلوثيني‬ ‫باإلضافة إلى العديد من القواعد العسكرية واملواقع التابعة لهم في‬ ‫جميع أنحاء اليمن‪ .‬وقال مسؤول عسكري سعودي كبير إن بالده ال‬ ‫تستثني العمل البري ضد احلوثيني في اليمن‪.‬‬ ‫مواقف مؤيدة واألنصار يعارضون‬ ‫أعلنت كل من مصر واألردن واملغرب وباكستان والسودان مشاركتها‬ ‫في العملية العسكرية‪.‬‬ ‫وف��ي ال��وق��ت نفسه ش�ه��دت العاصمة صنعاء م�ظ��اه��رات مؤيدة‬ ‫جلماعة احلوثيني‪ ،‬ومناوئة للضربات اجلوية التي تقودها السعودية‬ ‫ضد معاقل اجلماعة في اليمن‪.‬‬ ‫وردد املتظاهرون شعارات «املوت ألمريكا وإسرائيل» وهم يرفعون‬ ‫أعالماً مينية وأعالماً جماعة «أنصار الله» احلوثية‪.‬‬


‫‪32‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون عربية‬

‫رد إيراني على «عاصفة احلزم»‬

‫قالت وكالة أنباء رويترز‪ ،‬إن اخلارجية اإليرانية تدين العملية‬ ‫العسكرية في اليمن‪ ،‬والتي حتمل اسم عاصفة احلزم‪ ،‬وتابعت‪:‬‬ ‫جدا يتناقض مع القانون‬ ‫توجيه ضربات لليمن‬ حترك خطير ً‬ ‫ال����دول����ي‪ .‬ووص��ف��ت وس��ائ��ل اإلع��ل�ام اإلي��ران��ي��ة ال��رس��م��ي��ة ي��وم‬ ‫اخلميس العملية العسكرية التي تنفذها السعودية وحلفاء‬

‫«باكستان» تغير موقفها من «عاصفة احلزم»‬

‫كانت اململكة العربية السعودية قد أعلنت‬ ‫مشاركة باكستان ف��ي حتالف الشرعية‬ ‫باليمن‪ ،‬حتت مسمى عاصفة احلزم‪ ،‬إال أن‬ ‫وزير الدفاع الباكستاني خواجه عاصف‪،‬‬ ‫ق��ال عقب ذل��ك أن ق��وات ب�لاده لم تتخذ‬ ‫قرار املشاركة حتى اآلن مع قوات التحالف‬

‫من دول خليجية عربية باليمن بأنها «اعتداءات مدعومة من‬ ‫الواليات املتحدة»‪ .‬وع��رض التلفزيون الرسمي لقطات لبعض‬ ‫األضرار وعشرات اجلثث وبعض اجلرحى وقال إن «عددا كبيرا‬ ‫م��ن امل��واط��ن�ين اليمنيني ق��ت��ل��وا ف��ي االع���ت���داءات امل��دع��وم��ة من‬ ‫الواليات املتحدة في اليمن»‪.‬‬

‫العربي «عاصفة احلزم»ضد اليمن‪ ،‬الفتا‬ ‫أنه لم يعد بذلك»‪.‬‬ ‫فيما اع��ت��رف ع��اص��ف ل��دى مثوله اليوم‬ ‫أم����ام ال��ب��رمل��ان ال��ب��اك��س��ت��ان��ي‪ ،‬أن ف��ي ح��ال‬ ‫تعرض األراضي السعودية ألية تهديدات‬ ‫سندافع عنها بكل قوة مهما كلف األمر‪،‬‬

‫لكنه أضاف أن أي إرس��ال للقوات يجب أن‬ ‫ميرر أوال عبر البرملان‪.‬‬ ‫وكان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف‬ ‫قد صرح سابق ًا أن أي تهديد تتعرض له‬ ‫األراضي السعودية سيواجه بكل قوة من‬ ‫جانب باكستان‪.‬‬

‫نصرالله‪ :‬ما الذي جرى حتى هبت العاصفة؟‬

‫حسن نصر الله زعيم حزب الله‬

‫وص���ف أم�ي�ن ع���ام ح���زب ال��ل��ه اللبناني ح��س��ن ن��ص��رال��ل��ه العملية‬ ‫العسكرية في اليمن ضد احلوثيني بالعدوان على اليمن‪.‬‬ ‫وقال نصرالله في كلمة متلفزة إن هدف «عاصفة احل��زم» أكبر‬ ‫من إع��ادة ه��ادي إل��ى احلكم في اليمن‪ ،‬مشددا على أن «ك��ل من‬ ‫يرضى باحلرب على اليمن فهو شريك فيها»‪.‬‬ ‫وأك��د أن السياسة اخلارجية السعودية لم حتقق أي جناحات‬ ‫خالل السنوات املاضية‪ ،‬مضيف ًا «نرفض حجج السعودية التي‬ ‫شنت على أساسها احلرب في اليمن»‪.‬‬ ‫وأش���ار نصرالله إل��ى أن «ه��ن��اك مشاكل أمنية كبيرة ف��ي اليمن‬ ‫م��ن داع���ش إل��ى ال��ق��اع��دة إل��ى األوض���اع املعيشية واالجتماعية‬ ‫والسياسية»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬ما الذي جرى حتى هبت‪ ..‬ومتى حصلت عاصفة احلزم‬ ‫وبدأنا نشاهد إرادة عربية وحزم ًا عربي ًا‪ ،‬في حني أننا على مدى‬ ‫عقود وفلسطني وشعبها يكابد مصائب الكيان الصهيوني»‪.‬‬ ‫وتابع نصرالله‪« :‬كنا نحلم بهبة أو نسمة حزم عربية‪ ،‬سواء جتاه‬ ‫فلسطني أو جتاه اجتياح لبنان‪ ،‬أو في احلرب األخيرة على غزة‬ ‫حيث دمرت آالف البيوت فيها»‪.‬‬

‫صالح يدعو إلى استئناف احلوار‬ ‫دع��ا الرئيس اليمني السابق علي عبد‬ ‫الله صالح‪ ،‬إلى وقف العمليات العسكرية‬ ‫واستئناف احلوار بني أطراف األزمة في‬ ‫بالده‪.‬‬ ‫وق���ال ص��ال��ح‪ ،‬وه���و رئ��ي��س ح���زب امل��ؤمت��ر‬ ‫الشعبي ال��ع��ام‪ ،‬ف��ي بيان إن��ه يدعو إلى‬ ‫وق���ف «م��ت��زام��ن» للعمليات العسكرية‬ ‫للتحالف ال���ذي ت��ق��وده ال��س��ع��ودي��ة من‬ ‫جهة والعمليات العسكرية للحوثيني‬ ‫وم��ن «مليشيات ه��ادي» (يعني الرئيس‬ ‫ال��ي��م��ن��ي ع��ب��د رب����ه م��ن��ص��ور) وت��ن��ظ��ي��م‬ ‫ال���ق���اع���دة‪ ،‬م���ن أج����ل اس��ت��ئ��ن��اف احل����وار‬ ‫برعاية األمم املتحدة ف��ي اإلم����ارات أو‬ ‫في أي من مقرات األمم املتحدة‪.‬‬

‫‪‎‬الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح‬


‫‪‎‬هل أحبطت عاصفة احلزم خطة إيرانية للتدخل العسكري باليمن؟‬

‫‪‎‬وزير اخلارجية اليمني رياض ياسني‬

‫املتحدث باسم عاصفة احلزم العميد أحمد عسيري‬ ‫عبد امللك احلوثي‬ ‫‪‎‬األمني العام لألمم املتحدة بان كي مون‬

‫من جهتها أعلنت القاهرة دعمها للعملية العسكرية وللحكومة‬ ‫الشرعية في اليمن وقالت إن العملية تأتي استجابة لطلب الرئيس‬ ‫الشرعي لليمن ومن منطلق مسؤولياتها جتاه األمن القومي العربي‪.‬‬ ‫وأض��اف��ت أنها ترفض التدهور الشديد في األوض��اع السياسية‬ ‫واألمنية في اليمن‪ ،‬وم��ا شهدته من انقضاض على املؤسسات‬ ‫الشرعية وانتشار ألعمال العنف واإلرهاب‪.‬‬ ‫وتشارك مصر بوحدات بحرية وعناصر من القوات اجلوية وذلك‬ ‫تصديقا لقرار رئيس اجلمهورية‪ ،‬ال��ذى يقضى مبشاركة جوية‬ ‫وبحرية من القوات املسلحة املصرية في األزمة اليمنية‪ ،‬استجابة‬ ‫لنداء الشعب اليمنى الشقيق‪ ،‬وانحيازا للشرعية‪.‬‬ ‫كما أرسلت أرسلت باكستان وفداً رفيع املستوى إلى اململكة العربية‬ ‫السعودية لبحث إمكانية املشاركة في التدخل العسكري في اليمن‬ ‫بقيادة الرياض‪ ،‬متوعدة برد قوي على أي ع��دوان ضد حليفتها‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫وذكرت وكالة األنباء السعودية الرسمية‪ ،‬أن باكستان من بني البلدان‬ ‫التي أعربت عن رغبتها في املشاركة في عملية «عاصفة احلزم»‬ ‫العسكرية في اليمن‪.‬‬ ‫وفي وقت سابق صرح املتحدث باسم وزارة اخلارجية الباكستانية‬ ‫تسنيم أسلم‪ ،‬أن باكستان قدمت مقترحا للسلطات في الرياض‬ ‫للمشاركة في العملية العسكرية دعما للرئيس اليمني عبد ربه‬ ‫منصور هادي‪.‬‬


‫‪34‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون عربية‬

‫الست األولى في عملية «عاصفة احلزم»‬ ‫الساعات‬ ‫ّ‬

‫‪ 1:41‬ص��ب��اح�� ًا‪ :‬بيان ملجلس ال��ت��ع��اون اخلليجي يعلن االستجابة‬ ‫لطلب ال��رئ��ي��س اليمني ب����ـ»ردع احل��وث��ي�ين» وال��س��ع��ودي��ة تعلن بدء‬ ‫عملية عسكرية ضد احلوثيني‪.‬‬ ‫‪ 1:46‬صباح ًا‪ :‬سفير السعودية في واشنطن في مؤمتر صحفي‬ ‫يعلن أن العملية العسكرية في اليمن تشارك فيها ‪ 10‬دول عربية‬ ‫بينها ‪ 5‬خليجية‪.‬‬ ‫‪ 1:50‬صباح ًا‪ :‬بيان لدول اخلليج العربي دون سلطنة عمان‪ :‬قررت‬ ‫دول��ن��ا االستجابة لطلب الرئيس عبدربه منصور ه��ادي حلماية‬ ‫اليمن وشعبه العزيز من عدوان امليليشيات احلوثية التي كانت وال‬ ‫ت��زال أداة في يد قوى خارجية لم تكف عن العبث بأمن واستقرار‬ ‫اليمن الشقيق‪.‬‬ ‫‪ 1:53‬صباح ًا‪ :‬سماع دوي انفجارات في صنعاء تستهدف مواقع‬ ‫عسكرية حوثية‪.‬‬ ‫‪ 1:57‬ص��ب��اح�� ًا‪ :‬مصر تدعم سياسي ًا وعسكري ًا خطوة االئتالف‬ ‫الداعم للحكومة الشرعية في اليمن (بيان للخارجية املصرية)‪.‬‬ ‫‪ 2:00‬صباح ًا‪ :‬شهود عيان‪ :‬انفجارات عنيفة في قاعدة الديلمي‬ ‫العسكرية الواقعة حتت سيطرة احلوثيني بصنعاء وقصف جوي‬ ‫على قاعدة العند العسكرية التي تخضع للحوثيني مبحافظة حلج‬ ‫جنوب البالد‪.‬‬ ‫‪ 2:6‬صباح ًا‪ :‬امللك سلمان وجه ببدء عملية «عاصفة احلزم» في‬ ‫اليمن عند الـ ‪ 12‬بتوقيت الرياض‪.‬‬ ‫‪ 2:10‬صباح ًا‪ :‬عملية «عاصفة احلزم» تعلن أجواء اليمن منطقة‬ ‫محظورة‪.‬‬ ‫‪ 2:21‬صباح ًا‪ :‬السعودية ترحب مبشاركة املجتمع الدولي بعملية‬ ‫«عاصفة احلزم» في اليمن‪.‬‬ ‫‪ 2:29‬صباح ًا‪ :‬وزير الدفاع السعودي األمير محمد بن سلمان حذر‬ ‫أحمد على ص��ال��ح‪ ،‬جن��ل الرئيس اليمني ال��س��اب��ق‪ ،‬م��ن التقدم إلى‬ ‫عدن‪.‬‬ ‫‪ 3:3‬ص��ب��اح�� ًا‪ :‬ال��ق��وات السعودية ت��دم��ر غ��رف��ة العملية املشتركة‬ ‫للحوثيني في صنعاء‪.‬‬ ‫‪ 3:22‬صباح ًا‪ :‬وزير اخلارجية اليمني رياض ياسني في تصريحات‪:‬‬ ‫ال��ض��رب��ات اجل��وي��ة مستمرة حتى ينسحب احل��وث��ي��ون م��ن صنعاء‬ ‫واملؤسسات الشرعية‪.‬‬ ‫‪ 3:26‬صباح ًا‪ :‬قصف جوي يستهدف املنطقة العسكرية السادسة‬ ‫في قلب صنعاء وقصف معسكرات موالية للرئيس اليمني السابق‬ ‫وجنله في جنوب العاصمة‪.‬‬ ‫‪ 3:38‬صباح ًا‪ :‬القصف اجلوي السعودي يستهدف قاعدة الديلمي‬ ‫والشرطة العسكرية والقصر الرئاسي والفرقة امل��درع��ة وال��ق��وات‬ ‫اخلاصة بصنعاء‪.‬‬ ‫‪ 4:22‬صباح ًا‪ :‬أوباما وافق على دعم لوجستي واستخباراتي لدول‬ ‫مجلس التعاون اخلليجي في عملياتها العسكرية في اليمن‪.‬‬

‫‪ 4:52‬صباح ًا‪ :‬دوي انفجارات في مديرية مران في صعدة معقل‬ ‫احلوثيني شمالي اليمن‪.‬‬ ‫‪ 5:13‬ص��ب��اح�� ًا‪ :‬ال��س��ع��ودي��ة‪ :‬وص���ول ‪ 30‬ط��ائ��رة م��ق��ات��ل��ة إم��ارات��ي��ة‬ ‫للمشاركة في عملية «عاصفة احلزم» في اليمن‪.‬‬ ‫‪ 5:20‬صباح ًا‪ :‬اإلمارات تشارك بـ‪ 30‬مقاتلة والكويت بـ ‪ 15‬والبحرين‬ ‫بـ ‪ 15‬و قطر بـ ‪ 10‬واألردن بـ ‪ 6‬مقاتالت في عملية «عاصفة احلزم»‬ ‫في اليمن‪.‬‬ ‫‪ 5:40‬صباح ًا‪ :‬السعودية تشارك بـ‪ 100‬طائرة و‪ 150‬ألف مقاتل‬ ‫ووح���دات بحرية ف��ي «عاصفة احل���زم» وم��ص��ر وباكستان واألردن‬ ‫والسودان تبدي استعدادها للمشاركة البرية‪.‬‬ ‫‪ 5:55‬ص��ب��اح�� ًا‪ :‬امل��غ��رب ي��ش��ارك ف��ي عملية «ع��اص��ف��ة احل���زم» بـ‪6‬‬ ‫طائرات مقاتلة والسودان بـ‪.3‬‬ ‫‪ 6:00‬صباح ًا‪ :‬مصر تشارك بطائرات وسفن حربية في «عاصفة‬ ‫احلزم»‪.‬‬ ‫‪ 6:30‬صباح ًا‪« :‬بن نايف» ووزير الدفاع السعودي في غرفة عمليات‬ ‫«عاصفة احلزم»‪.‬‬ ‫‪ 7:15‬صباح ًا‪ :‬األسطول الغربي السعودي يفرض حظرا في البحر‬ ‫األحمر وباب املندب‪.‬‬ ‫‪ 7:30‬ص��ب��اح�� ًا‪ :‬رئ��ي��س اليمن يشكر مصر واخل��ل��ي��ج على الضربة‬ ‫العسكرية ضد احلوثيني‪.‬‬

‫تسابقت ال���دول العربية واإلس�لام��ي��ة لالنضمام وامل��ش��ارك��ة في‬ ‫عملية عاصفة احل��زم‪ ،‬منذ إع�لان السعودية انطالق العملية‬ ‫ال��ت��ي ت��ش��ارك ف��ي مقدمتها ال����دول اخلليجية‪ ،‬ض��د االن��ق�لاب‬ ‫احل���وث���ي ف���ي ال��ي��م��ن‪ .‬وب��ع��د م����رور ال��س��اع��ات األول�����ى الن��ط�لاق‬ ‫العملية‪ ،‬أكدت كل من مصر وباكستان واألردن والسودان واملغرب‪،‬‬ ‫انضمامها لقافلة ال��دول املشاركة في عملية إع��ادة الشرعية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها السعودية واإلمارات وقطر والبحرين والكويت‪.‬‬ ‫إيران‪:‬‬ ‫تتالت في الساعات األخ��ي��رة من اإلع�لان عن العملية مواقف‬ ‫ثالث دول رافضة لهذه العملية‪ ،‬بدأت بالتصريحات اإليرانية‪،‬‬ ‫التي «استنكرت» العملية وطالبت بوقفها فوراً‪ ،‬علم ًا بأنها الداعم‬ ‫األول مليليشيات احلوثي‪ ،‬املسبب الرئيسي للفوضى باليمن‪.‬‬ ‫وقالت املتحدثة باسم اخلارجية اإليرانية مرضية أفخم اليوم‬ ‫ً‬ ‫انتهاكا لسالمة‬ ‫اخلميس في بيان لها‪« :‬ال تعد ه��ذه الهجمات‬ ‫خطيرا للغاية»‪.‬‬ ‫تطورا‬ ‫األراضي اليمنية فحسب‪ ،‬ولكنها متثل‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫سوريا‪:‬‬ ‫وحلقت سوريا بحليفتها إيران معلنة رفضها ملا أسمته «عدوان ًا‬ ‫س��اف��راً» على اليمن‪ ،‬وص��رح��ت الوكالة الرسمية سانا ف��ي خبر‬ ‫رئ��ي��س ع��ل��ى م��وق��ع��ه��ا‪ ،‬ع��ن م��وق��ف س��وري��ا ح��ي��ث ق��ال��ت‪« :‬شنت‬ ‫طائرات حربية تابعة ل��دول خليجية في وقت مبكر من صباح‬ ‫ال��ي��وم ع��دوان�� ًا ج��وي�� ًا س��اف��ر ًا على اليمن ي��ق��وده نظام آل سعود‪،‬‬ ‫مستهدفة مطار العاصمة صنعاء وقاعدة الديلمي اجلوية في‬ ‫مدرسة احلرس اجلمهوري ومقر قيادة احلرس اجلمهوري سابقً ا‬ ‫ومقر الفرقة األولى مدرع سابقً ا»‪.‬‬ ‫روسيا‪:‬‬ ‫وجاء االستنكار الثالث من الدولة الداعمة للدولتني السابقتني‬ ‫وه��ي روسيا‪ ،‬حيث دع��ت موسكو إل��ى وق��ف «األع��م��ال القتالية»‬ ‫وعرضت املساهمة في تسوية األزمة اليمنية‪ ،‬وأعربت موسكو‬ ‫عن استعدادها للمساهمة في تسوية األزمة اليمنية مبا يحفظ‬ ‫سيادة اليمن ووحدة أراضيه‪.‬‬

‫ثالث دول فقط عارضت «عاصفة احلزم»‬


‫ل��وزارة اخلارجية العراقية األط��راف اليمنية للجلوس إلى طاولة‬ ‫احلوار‪.‬‬ ‫وجاء في البيان «نظرا للتطورات األخيرة في اجلمهورية العربية‬ ‫اليمنية وتدخل قوات عسكرية من قبل دول مجلس التعاون اخلليجي‬ ‫ودول عربية أخرى‪ ،‬وانطالقا من موقف جمهورية العراق احلريص‬ ‫على دعوة جميع األطراف إلى احلوار وحتكيم لغة العقل واملصلحة‬ ‫اليمنية للحفاظ على وحدة اليمن وسيادته‪ ،‬تعرب وزارة اخلارجية‬ ‫العراقية عن قلقها إزاء التدخل العسكري في الشأن اليمني‪ ،‬والذي‬ ‫من شأنه أن يؤدي إلى تعقيد األوضاع في اليمن أكثر من السابق‬ ‫ولن يسمح بتبني احللول السياسية في الظروف القائمة»‪« ..‬إن‬ ‫موقفنا هو نبذ استخدام القوة‪ ،‬ودعوة األط��راف كافة إلى جتاوز‬ ‫خالفاتها من خالل احلوار»‪.‬‬ ‫أول املعارضني ك��ان – بالطبع – إي��ران التي دان رئيسها حسن‬ ‫روحاني التدخل العسكري للتحالف الدولي بزعامة السعودية في‬ ‫اليمن‪.‬‬ ‫وكان نائب وزير اخلارجية اإليراني حسني أمير عبداالهيان في‬ ‫وقت سابق قد أدلى بتصريح مماثل‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال إن طهران تدين «التدخل‬ ‫األجنبي في ش��ؤون اليمن من قبل أي��ة دول��ة أكانت هي إي��ران أو‬ ‫العربية السعودية أو الواليات املتحدة»‪.‬‬

‫انفوجراف من جريدة املصرى اليوم‬

‫والتقى رئيس ال��وزراء ن��واز شريف مع مستشاره األمني‪ ،‬سرتاج‬ ‫عزيز‪ ،‬ووزير الدفاع‪ ،‬خواجة آصف‪ ،‬ورئيس اجليش القوي رحيل‬ ‫شريف وقائد اجليش اجلديد الهواء سهيل أمان ملناقشة الوضع‬ ‫في اليمن‪ ،‬وقد خلص االجتماع إلى أن أي تهديد لسالمة أراضي‬ ‫اململكة العربية السعودية سترد عليه إسالم آباد بحزم‪.‬‬ ‫وأ ّك��د األردن مشاركته في «عاصفة احل��زم» لدعم الشرعية في‬ ‫اليمن‪ .‬وأش��ار إل��ى أن عمان تدعم أم��ن واستقرار اليمن وتثمن‬ ‫العالقات التاريخية بني األردن ودول اخلليج وفي مقدمتها اململكة‬ ‫العربية السعودية‪.‬‬ ‫هذا وأصدرت الدول اخلليجية بياناً مشتركاً ذكرت فيه أن كال من‬ ‫اململكة العربية السعودية ودولة اإلم��ارات العربية املتحدة ومملكة‬ ‫البحرين ودول��ة قطر ودول��ة الكويت تابعت «بألم كبير وقلق بالغ‬ ‫تطورات األحداث اخلطيرة في اجلمهورية اليمنية والتي زعزعت‬ ‫أمن اليمن واستقراره جراء االنقالب الذي نفذته املليشيات احلوثية‬ ‫على الشرعية»‪.‬‬ ‫وأشار البيان إلى أن ذلك «أصبح يشكل تهديدا كبيرا ألمن املنطقة‬ ‫واستقرارها وتهديدا للسلم واألمن الدولي» وعليه – يضيف البيان‪:‬‬ ‫«سارعت دولنا إلى بذل كافة اجلهود للوقوف إلى جانب الشعب‬ ‫اليمني الشقيق في محاوالته استرجاع أمنه واستقراره من خالل‬ ‫البناء على العملية السياسية التي أطلقتها املبادرة اخلليجية وآليتها‬ ‫التنفيذية وحلماية املنطقة من تداعيات هذا االنقالب»‪.‬‬ ‫العراق ب��دوره عبر عن قلقه من التطورات في اليمن‪ ،‬ودع��ا بيان‬

‫موقف األمم املتحدة‬ ‫أما األمم املتحدة فإنها اتخذت موقفاً متزامناً بني القبول بالعاصفة‬ ‫وفتح املجال أمام اجلنوحللحوار‪ ،‬فقد دعا األمني العام للمنظمة‬ ‫الدولية ب��ان ك��ي م��ون ال��دول املشاركة ف��ي عملية عسكرية ضد‬ ‫احلوثيني في اليمن إلى ضمان حماية املدنيني والتمسك بالقانون‬ ‫الدولي اإلنساني‪ .‬كما أع��رب بعد ذلك مباشرة عن اقتناعه بأن‬ ‫املفاوضات السلمية تبقى سبيال وحيدا لتسوية األزمة اليمنية على‬ ‫الرغم من التصعيد األخير‪ ،‬معيدا إلى األذه��ان أن مجلس األمن‬ ‫الدولي أصدر بيانا ‪ 22‬مارس‪ ،‬دعا فيه «جميع األطراف والدول‬ ‫األعضاء في منظمة األمم املتحدة إلى االمتناع عن أي خطوات من‬ ‫شأنها تقويض وحدة اليمن وسيادته واستقالله وسالمة أراضيه»‪.‬‬ ‫وقال فرحان حق‪ ،‬املتحدث باسم األمني العام للمنظمة‪ ،‬إن بان كي‬ ‫مون «أحيط علما» ببدء العربية السعودية وعدد من الدول األخرى‬ ‫عمليات عسكرية في اليمن تلبية لطلب حكومته‪ .‬مع ذلك فقد تهرب‬ ‫املتحدث عن اجلواب هل يعتبر هذه التصرفات متناقضة مع موقف‬ ‫األمم املتحدة وتوصيات مجلس األمن الدولي‪.‬‬ ‫موقف الواليات املتحدة‬ ‫ال��والي��ات املتحدة حيث ي��واص��ل البيت األب�ي��ض اإلع�ل�ان ع��ن أن‬ ‫واشنطن تعتبر العملية السياسية طريقا وحيدة حلل «األزمة الليبية»‬ ‫بصورة نهائية‪ ،‬ذكرت – في تصريح لوزارة اخلارجية – بأنها في‬ ‫املرحلة احلالية تدعم العملية العسكرية في اليمن‪ .‬وأوضحت الوزارة‬ ‫أن واشنطن تشاطر الرياض قلقها إزاء تطور األوضاع في اليمن‪.‬‬ ‫كما أكدت اخلارجية األمريكية‪ ،‬على لسان املتحدث باسمها جيف‬ ‫راتكي‪ ،‬نية الواليات املتحدة تقدمي دعم لوجستي للدول املشاركة في‬ ‫العمليات العسكرية في اليمن‪.‬‬ ‫هذا وأفاد الدبلوماسي األمريكي بأن القادة السعوديني تشاوروا مع‬ ‫الواليات املتحدة قبل أن إعطاء أوامر بشن العمليات العسكرية ضد‬ ‫املتمردين في اليمن‪ .‬وفي أول تصريح له بعد الغارات اجلوية اتهم‬ ‫عبد امللك احلوثي زعيم جماعة «أنصار الله» في كلمة تلفزيونية‬ ‫ال��دول املشاركة في عملية «عاصفة احل��زم» العسكرية بـ»اخليانة‬ ‫والعمالة وبأنها أدوات الواليات املتحدة األمريكية»‪ .‬كما وصف‬ ‫العملية العسكرية بـ»مشروع تأمري وتدميري لليمن»‪.‬‬


‫‪36‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون دولية‬

‫متثل إفريقيا نسبة ‪ 1%‬فقط من جتارة العالم رغم أنها موطن ‪ 10%‬من سكانه‬ ‫ومصدر من ‪ 40% 30-‬من موارده الطبيعية‪ ،‬لكنها تنوء بعبء النزاعات واألمراض‬ ‫وال��ف��ق��ر وال��دي��ون كما يعيش أك��ث��ر م��ن ‪ 40%‬م��ن سكانها حت��ت خ��ط الفقر كما‬ ‫انخفض مستوى العمر إلى ما يقرب من ‪ 40‬عام ًا ويعود ذلك بدرجة كبيرة إلى‬ ‫ً‬ ‫فضال عن ذلك فسوف تؤدي عملية التهميش هذه التي تواجه‬ ‫انتشار األم��راض‪،‬‬ ‫إفريقيا إلى انتقال وهجرة كبيرة للسكان ليس فقط داخل القارة ولكن أيض ًا مشهد‬ ‫ثراء‪.‬‬ ‫الالجئني الفارين من الفقر إلى سواحل القارات األخرى األكثر‬ ‫ً‬

‫محمد الساعدي *‬

‫إفريقيا والتحديات الدولية‬

‫فشل سياسات التنمية‬ ‫يهدّد أمن واستقرار القارة‬


‫مانديال‪ ..‬رمز استعاد جوهر الدميقراطية االجتماعية‬

‫يحددوا رؤيتهم ملا ينبغي‬ ‫على األفارقة أن ّ‬ ‫أن تكون عليه قارتهم وما هو مسارها في ظل‬ ‫املتغيرات الدولية واإلقليمية الدائرة حولها‬ ‫مفهوم الدميقراطية يقتضي التخطيط‬ ‫لتدعيم العالقة بني أنظمة احلكم ومشاريع‬ ‫التنمية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وتدعيم أواصر الوحدة‬ ‫والتعاون والتكامل من جهة أخرى‬

‫القارة السمراء ليست بال مستقبل‪ ..‬بل نكون صائبني إذا قلنا العكس‬ ‫متاماً‪ .‬فهي تعد سوقاً هامة وإن لم تنله يد التطوير بعد «وكذلك فإن‬ ‫لديها الكثير الذي ميكن أن تساهم به في االقتصاد العاملي من مهارات‬ ‫خالقة ومواهب وث��روات معدنية واألراض��ي الشاسعة التي ميكن أن‬ ‫تقدم الغذاء لباقي دول العالم وتعداد سكاني ميكن أن يرفع من رصيد‬ ‫املوارد البشرية املتناقص في العالم املتقدم»‪)1( .‬‬ ‫على أننا إذا أردنا أن نرسم صورة واقعية إلفريقيا تتبوأ فيها مكانتها‬ ‫في هذا القرن‪ ،‬البد وأن يحدد األفارقة رؤيتهم أوالً ملا ينبغي أن تكون‬ ‫عليه وما هو هدفنا في ظل كافة املتغيرات الدولية واإلقليمية الدائرة‬ ‫حولها‪ ،‬بداية نحدد أهم وأبرز التحديات التي تواجه إفريقيا ومسيرتها‬ ‫السياسية كالتالي‪:‬‬ ‫• التحدي االقتصادي‪ :‬من حيث فشل مناذج سياسات التنمية املتبعة‬ ‫وتعتر برامج التكيف الهيكلي‪.‬‬ ‫• حتدي األمن واالستقرار‪ :‬ويتمثل ذلك في الصراعات املمتدة وتصاعد‬ ‫احلروب األهلية وامتداد اخلالفات اإلثنية (العرقية) وما يرتبط بذلك‬ ‫من ضرورة التحديث‪.‬‬ ‫• حتدي املجتمع املدني‪ :‬والذي يرتبط بالدميقراطية ودور مؤسسات‬ ‫املجتمع املدني‪.‬‬ ‫• حت��دي العالقات املدنية العسكرية‪ :‬وإمكانية حت��ول العسكريون‬ ‫األفارقة ليصبحوا مسيسون‪ ،‬ولعل من هذه األمثلة مناذج نيجيريا‪،‬‬


‫‪38‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون دولية‬

‫الفوراق الطبقية أول مشاكل األفارقة التي تركها االستعمار الغربي‬

‫السودان‪ ...‬إلخ‪ ،‬هذا وتذكرنا هذه اجلزئية بحجم اإلنفاق العسكري‬ ‫في إفريقيا وتضخمه‪ ،‬حيث تبلغ تدفقات السالح إلى إفريقيا مليارات‬ ‫الدوالرات كل عام‪.‬‬ ‫إن آفاق املستقبل عدة سيناريوهات قام املفكرون بطرحها لعل من‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫• العودة إلى فترة الستينيات أو السير على هدى منط القرن التاسع عشر‬ ‫أو العودة إلى مفهوم االعتماد على الذات والدميقراطية االجتماعية وهو‬ ‫ما يقتضي ضرورة التخطيط لها كاآلتي‪:‬‬ ‫• تدعيم العالقة بني الدميقراطية والتنمية‪.‬‬ ‫• وضع أسس احلكم الصالح‪.‬‬ ‫• تدعيم أواصر الوحدة والتعاون والتكامل‪.‬‬ ‫• حتديد أسس العالقة بني الشؤون الداخلية واخلارجية‪.‬‬ ‫ولهذا يقتضي لتنفيذ هذا املخطط عدت متطلبات لعل أهمها‪:‬‬ ‫«إعادة بناء الدولة اإلفريقية على أسس جديدة جنباً إلى جنب مع العمل‬ ‫على إعادة تخطيط استراتيجيات التنمية االقتصادية بشكل جاد»‪)2( .‬‬ ‫• فمستقبل إفريقيا يعتمد بشكل‬ ‫واض � ��ح وص ��ري ��ح ع �ل��ى التنمية‬ ‫االقتصادية وهذا يقتضي سواء‬ ‫من احلكومات أو رجال األعمال‬ ‫ف��ي داخ ��ل ال �ق��ارة وخ��ارج�ه��ا أن‬ ‫ينهضوا باالستثمار خاصة في‬ ‫مجال التنمية الصناعية املعتمدة‬ ‫على القطاع اخلاص وهو يتطلب‬ ‫أكثر من مجرد بناء املشروعات‬ ‫الصناعية في دول العالم الثالث‬ ‫األمر الذي يعني تشجيع مبادرات‬ ‫املقاولني ورجال األعمال احملليني‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن قيام املنظمات غير‬ ‫احلكومية بهذا الفعل من خالل‬

‫تنمية الصناعات الصغيرة وب��ذل استثمار أكبر في هذا املجال مع‬ ‫دعمها بجهد أكبر ميكن أن يحسن مستوى معيشة جميع األفارقة‪.‬‬ ‫• يتطلب األمر أيضا تطبيق سياسات جتارية حتسن تنمية وتطوير‬ ‫اإلمكانيات الكامنة في القارة اإلفريقية خاصة في مجال امل��وارد‬ ‫الطبيعية والبشرية‪ ...‬إلخ والسيما إن الشروط التجارة والتي اضطرت‬ ‫الدول للوجود ولذا ينبغي أن تقدم السياسات التجارية شروطاً أفضل‬ ‫للدول التي تنتج سلعاً أولية وتستخرج املعادن دون أن جتري عليها‬ ‫عمليات صناعية‪.‬‬ ‫• ينبغي أيضا االستثمار في تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت فهذا‬ ‫هو أهم مجال وميكن أن يربح أكثر بالنسبة للمدى البعيد خاصة أن‬ ‫إفريقيا هي أقل القارات اتصاالً فيما بينها بحكم التراث االستعماري‬ ‫الذي قوض االتصال بني الدول اإلفريقية وأبقى عليه فقط مع حكام‬ ‫املستعمرين السابقني‪ ،‬هذا بينما تستطيع تكنولوجيا املعلومات املساعدة‬ ‫في تكامل دول إفريقيا على الصعيد الداخلي وتسهيل التجارة والتنمية‬ ‫في القارة وكذلك سوف تربط إفريقيا بشكل أفضل باالقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫• م��ن امل�م�ك��ن ف��ي ن�ف��س ال��وق��ت‬ ‫اس �ت �خ��دام إل��غ��اء ال ��دي ��ون كنوع‬ ‫من االستثمار خاصة وأن دول‬ ‫إفريقيا تئن حتت وط��أة الديون‬ ‫التي ال ميكن سدادها بحيث يزيد‬ ‫مبلغ خدمة الديون اخلارجية على‬ ‫امل�ب�ل��غ امل�خ�ص��ص ل�لإن�ف��اق على‬ ‫التعليم في ثالثني دولة إفريقية‬ ‫وميكن أن تتم عملية إلغاء الديون‬ ‫بطريقة تضمن أن تصبح املبالغ‬ ‫اجل��دي��دة امل�ت��اح��ة تستخدم في‬ ‫ال��وف��اء ب��احل��اج��ات ال �ض��روري��ة‪،‬‬ ‫وت��س��ت��ط��ي��ع امل� �ن� �ظ� �م ��ات غ�ي��ر‬ ‫احلكومية العاملة على املستوى‬

‫إعادة بناء إفريقيا يتط ّلب اعتماد أسس‬ ‫جديدة جنب ًا إلى جنب مع العمل على إعادة‬ ‫تخطيط استراتيجيات التنمية االقتصادية‬ ‫بشكل جاد‬


‫استقالالت الدول اإلفريقية‬

‫الداخلي أن تلعب دوراً هاماً في تأكيد أن املجتمع املدني له صوت في‬ ‫الكيفية التي جتعل إلغاء الديون يعود باخلير على الطبقات األكثر فقراً‪.‬‬ ‫• وأخيراً حتتاج إفريقيا بشكل أساسي إلى السالم واألم��ن «وال��ذي‬ ‫ساهم افتقادها ضمن بعض العوامل األخرى في بؤس القارة اإلفريقية‬ ‫وعدم استقرارها فال شك أن استمرار احلروب األهلية في بؤر التوتر‬ ‫العديدة بالقارة ميثل استنزافاً مستمراً ملوارد إفريقيا الطبيعية سواء‬ ‫من البترول أو املعادن أو املاس أو املواد األخ��رى‪ ،‬وتقف حائ ً‬ ‫ال أمام‬ ‫االستثمار الذي يتطلب أيضا جهوداً شاقة ومشاركة من اجلميع»‪)3( .‬‬ ‫ورغم أن إفريقيا تخشي املستقبل إلى حد كبير إال أن هناك الكثير‬ ‫من اآلمال والتوقعات الطيبة سواء نحو تعزيز املجتمع املدني وتوفير‬ ‫اإلمكانيات الدميقراطية أو نحو التجرد من الصفة العسكرية امللتصقة‬ ‫بها وتوظيف اجليش في احلياة املدنية أو إع��ادة توجيه السياسة‬ ‫االقتصادية في إفريقيا واالجتاه سواء نحو التكتل اإلقليمي أو التعاون‬ ‫مع الفعاليات واملؤسسات االقتصادية الدولية والدول املانحة‪ ،‬وأخيراً‬ ‫إعادة بناء البنية الدولية املناسبة لنمو الدميقراطية في إفريقيا وذلك‬ ‫بواسطة إصالح االقتصاد العاملي‬ ‫م��ن ج��ان��ب وال �ن �ظ��ام السياسي‬ ‫العاملي من جانب آخر‪.‬‬ ‫خ �ي��م ع �ل��ى ال��ع��ال��م ف ��ي ن�ه��اي��ة‬ ‫ال �ق��رن ال�ع�ش��ري��ن خ�ط��ر األزم ��ة‬ ‫االق�ت�ص��ادي��ة إذ ان �ه��ارت أسعار‬ ‫العمالت واألسهم بصورة مخيفة‬ ‫إلى درجة أن خرج األخصائيون‬ ‫ووسائل اإلعالم ينذرون بالتضخم‬ ‫والبطالة على نطاق كل العالم‪.‬‬ ‫وظهرت قبل هذه األزم��ة نظرية‬ ‫اج�ت�م��اع�ي��ة ت��دع��ى أن أط ��راف‬ ‫العالم قد تداخلت إلى درجة أن‬ ‫األحداث االقتصادية والسياسية‬

‫في أي بقعة في العالم تؤثرفي البقية الباقية من الكرة االرضية وأن‬ ‫الظاهرة البشرية املسماة بالعوملة هي التي تقرر مصير البشرية جمعاء‬ ‫إلى درجة أن احلكومات واملؤسسات العاملية كهيئة األمم املتحدة ال‬ ‫تستطيع التأثير جدياً على سير األح��داث االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والسياسية في يومنا هذا‪.‬‬ ‫إن أهم أثر للعوملة في رأي الكتاب واملهتمني هو الدميقراطية احلديثة‬ ‫واجلانب السياسي للعوملة وهو جانب احلرية والدميقراطية «وهو‬ ‫جانب دفعت من أجله شعوب العالم باختالف مناذجهاً ثمناً غالياً من‬ ‫دماء أبناءها وال تزال تدفع كل يوم ضريبة دم جديدة من أجل إحقاقها‬ ‫وإن كانت تقاس مبعايير عصرها فإنها في عصرنا احلاضر أخذت‬ ‫بعداً كونياً بعداً يرتبط بحقوق اإلنسان كإنسان وبعداً يرتبط مبستقبل‬ ‫اإلنسان كإنسان»‪)4( .‬‬ ‫إن الدميقراطية احل��رة لم تعد مجرد شعارات زائفة ميكن إرج��اء‬ ‫تطبيقها أو ميكن ت��زوي��ر إرادة الشعوب فيها ب��ل أصبحت حتمية‬ ‫فرضية من حتميات احلياة الكرمية‪« ،‬لقد أث��ارت العوملة الكثير من‬ ‫األسئلة وأث��ارت كل كوامن الفكر‬ ‫بشأن والدة مرحلة كونية جديدة‬ ‫مرحلة نتساءل عن معنى السيادة‬ ‫القومية»‪)5( .‬‬ ‫م ��اذا نتعلم م��ن جت��رب��ة جنوب‬ ‫إفريقيا في الدميقراطية ؟‬ ‫أو ً‬ ‫ال‪« :‬إن الدميقراطية احلديثة‬ ‫التي عرفت مطبقة بأروع أشكالها‬ ‫في هذا البلد املظلوم»‪)6( .‬‬ ‫ث��ان��ي �اً‪ :‬إن ال �ن �ظ��ام السياسي‬ ‫امل�ط�ب��ق اآلن ف��ي أي ��ة بقعة في‬ ‫العالم خاضع إلرادة الشركات‬ ‫العمالقة ومن خلفها احلكومات‬ ‫االستعمارية الغربية وأن استبدال‬

‫عندما تكون احلكومات قوية وخاضعة‬ ‫للمساءلة الدميقراطية في الوقت نفسه‬ ‫تستطيع وضع قواعد وقوانني تؤدي السوق‬ ‫على أساسها دورها االجتماعي اإلنتاجي‬


‫‪40‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫إفريقيا مائدة العالم‬

‫شؤون دولية‬

‫كلمة االستعمار بالعوملة لم يغير هذه احلقيقة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن على الذين يعشقون الدميقراطية وكأنها فكرة ميكن تطبيقها‬ ‫أن يعيدوا النظر في املوضوع ويوحدوا جهودهم مع جهود كافة الشعوب‬ ‫املظلومة مثل إفريقيا اجلنوبية حملاربة االستعمار الرأسمالي‪ ،‬علينا أن‬ ‫نحارب النظريات االستسالمية واالنهزامية واخلنوع واملساومة‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬إن نظرية محاربة االستعمار العاملي قبل حتقيق الدميقراطية‪،‬‬ ‫لم تعد عتيقة وبالية بل أنها مازالت هي النظرية التي يجب تطبيقها‬ ‫وأن الرضوخ للدعاية االستعمارية الكاذبة حول النظام العاملي اجلديد‬ ‫الذي يبشر بالدميقراطية احلديثة وأن هيئة األمم املتحدة ستنفذ يوماً‬ ‫قرارات مجلس األمن وتبعث مراقبيها ليؤكدوا على إجراء (االنتخابات‬ ‫احل��رة) ه��ذا لن ينقذ الشعوب من آالمها بل يعرقل مسيرتها نحو‬ ‫اإلنعتاق السياسي واالقتصادي‪.‬‬ ‫شروط فعالية السوق للمصلحة العامة‪:‬‬ ‫السوق مؤسسة بشرية مهمة ونافعة هدفها تلبية تلك احلاجات املالئمة‬ ‫لها والتي أنشئت من أجلها وتستهدف اقتصاديات السوق على األرجح‬ ‫خدمة مصالح الناس في عالم احلياة حينما‪:‬‬ ‫• تعمل كمالحق مكملة القتصاديات نشطة لألسرة واملجتمع احمللي‬ ‫والتي تدعم قيم التعاون واملساهمة والثقة وااللتزام املتبادل‪.‬‬ ‫• تكون أوالً وأساساً محلية الطابع وتضاف إليها دون أن تتوقف عليها‬ ‫ع�ل�اق ��ات جت ��اري ��ة م ��ع محليات‬ ‫بعيدة‪.‬‬ ‫• تكون ملكية رأس امل��ال ملكية‬ ‫م �ح �ل �ي��ة وح �ي��ن ت� �ك ��ون غ��ال�ب�ي��ة‬ ‫األن�ش�ط��ة ال�ت�ج��اري��ة واإلنتاجية‬ ‫أنشطة مشروعة صغيرة‪.‬‬ ‫• تتولى حكومات قوية خاضعة‬ ‫للمساءلة ال��دمي�ق��راط�ي��ة وض��ع‬ ‫وف��رض القواعد والقوانني التي‬ ‫تؤدي السوق على أساسها دورها‬ ‫االجتماعي اإلنتاجي‪.‬‬ ‫• يتوفر مجتمع مدني قوي ونشط‬ ‫سياسياً وي�ك��ون ل��ه ح��ق مساءلة‬ ‫احلكومة وفقاً للمصلحة العامة‬ ‫على النحو احمل ��دد للمواطنني‬ ‫امللتزمني‪.‬‬ ‫«وإذا ل��م حت�ق��ق ه��ذه ال �ش��روط‬ ‫تكون السوق مهيأة للعمل بطرق‬ ‫م�ن��اق�ض��ة للمصلحة ال�ب�ش��ري��ة‬ ‫والطبيعية وتنوع السوق املعوملة‬ ‫إل��ى إلغاء جميع ه��ذه الشروط‪،‬‬

‫ونتيجة عجز اجتماعي مهول وأداء سيء للوظيفة االجتماعية على نحو‬ ‫ما يعاني العالم اآلن»‪)7( .‬‬ ‫ولقد حان الوقت لكي نتجاوز منوذجاً اقتصادياً يعيش أسير متطلبات‬ ‫وشروط عالم املال‪ ،‬إن مستقبل البشرية رهن االهتداء إلى أساليب‬ ‫عمل أكثر شمولية في معاجلة الفقر والبطالة والتفكك االجتماعي‪.‬‬ ‫وطبيعى إن هذه األساليب سوف تعطى األولوية للوفاء باحلاجات‬ ‫األساسية‪ ،‬واستا عدة مواثيق والتزامات املجتمع احمللى‪ ،‬وعالج كوكب‬ ‫األرض من أمراضه‪.‬‬ ‫السياسة األمريكية جتاه إفريقيا‪:‬‬ ‫ميكننا القول أنه بالرغم من التباين في السياسة األمريكية في إفريقيا‬ ‫من فترة ألخ��رى وما بني دول��ة وأخ��رى إال أنها ت��درك األهمية التي‬ ‫تشكلها إفريقيا بالنسبة ملصاحلها‪ ،‬وال ميكننا استغراب هذا التباين‬ ‫إذا علمنا أن الواليات املتحدة قد تأثرت بكونها جديدة في هذه القارة‬ ‫املجهولة ففي الفترة التي سبقت احلرب الباردة كانت النظرة األمريكية‬ ‫جتاه إفريقيا عبر املنظار األوروب��ي والذين كانوا من جانبهم سعداء‬ ‫بوجود الواليات املتحدة خارج القارة‪.‬‬ ‫هذا الغياب للتواجد األمريكي في القارة كان له انعكاسه على املعرفة‬ ‫األمريكية بالقارة متثل بنقص املعرفة واخلبرة والتي برزت آثارها فيما‬ ‫بعد حني غاب الوسيط األوروبي عن العالقة األمريكية اإلفريقية‪.‬‬ ‫واضطرت الواليات املتحدة في‬ ‫بداية النصف الثاني من القرن‬ ‫العشرين في ولوج القارة في إطار‬ ‫محاولتها اح �ت��واء امل��د األحمر‬ ‫الشيوعي‪.‬‬ ‫والعالقات األمريكية في صورتها‬ ‫اجلديدة تقوم على أسس جديدة‬ ‫ترتكز على ض��خ االستثمارات‬ ‫وحتسني العالقات التجارية في‬ ‫املقام األول وزي ��ادة التعاون في‬ ‫امل �ج��االت ال��زراع �ي��ة والثقافية‪،‬‬ ‫إضافة إلى الصحة والتكنولوجية‬ ‫العلمية االقتصادية وال عجب في‬ ‫أن نرى أمريكا تسعى إلى تعزيز‬ ‫عالقاتها التجارية مع إفريقيا في‬ ‫عالم متعدد القطبية االقتصادية‬ ‫في مسعى منها لتعزيز موقعها‬ ‫االقتصادي في العالم‪.‬‬ ‫أض� � ��ف إل� � ��ى ذل� � ��ك اإلش� � � ��ادة‬ ‫األمريكية املستمرة بالتحوالت‬ ‫الدميقراطية واالقتصادية في‬

‫استمرار احلروب األهلية في بؤر التوتر العديدة‬ ‫بالقارة ميثل استنزاف ًا مستمر ًا للموارد الطبيعية‬ ‫ويقف حائ ًال أمام االستثمار الذي يتطلب جهود ًا‬ ‫شاقة ومشاركة من اجلميع‬ ‫طبيعة الدولة في إفريقيا وانسحاقها أمام‬ ‫التحديات الدولية تفاقم مشكلة الهوية في‬ ‫إفريقيا‬


‫األفارقة يستعيدون تقاليد اآلباء االقتصادية‬

‫إفريقيا ودلك ملا له من انعكاسات على املصالح األمريكية وتتمثل‬ ‫االنعكاسات في‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬إنه يعمل على حتفيز فرص التجارة األمريكية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إن ظهور حكومات دميقراطية ومستقرة مينح الواليات املتحدة‬ ‫شركاء مسئولني ميكنها إثارة القضايا الدولية معهم‪.‬‬ ‫وخالصة القول‪:‬‬ ‫إن القارة اإلفريقية وفي خضم التحوالت التي شهدها العالم قد‬ ‫شهدت نفسها تغيرات كانت مصحوبة باهتمام أمريكي مباشر‬ ‫حلماية مصاحلها‪ ،‬وفي سبيل حماية مصاحلها وحتقيق أهدافها‬ ‫جلأت الواليات املتحدة إلى أدوات املعونات االقتصادية واألدوات‬ ‫العلمية التكنولوجية إضافة إلى الدبلوماسية‪.‬‬ ‫ب‪ .‬في مجال الثقافة واإلعالم‬ ‫العالقة بني العوملة والهوية الثقافية في إفريقيا‪:‬‬ ‫هناك من يرى أن العوملة الثقافية واالقتصادية ستؤدي إلى حدوث‬ ‫مزيد من التفكك والتناحر الثقافي فيما بني املجتمعات وداخ��ل‬ ‫املجتمع الواحد‪ ،‬وفي حني يرى أنصار الرأي القائل إن الثقافة الكونية‬ ‫التي ستنشرها العوملة ستؤدي لضعف الشعور بالهوية الثقافية احمللية‬ ‫لتحل محلها هوية عاملية‪ ،‬فإن أنصار الرأي الثاني يرون أن إشكالية‬ ‫الهوية الثقافية ستنفجر بصورة غير مسبوقة‬ ‫«وال��واق��ع امل�ع��اش يؤكد صحة موقع ال��رأي الثاني فقد شهدت‬ ‫ال�س�ن��وات ال�ع�ش��رة األخ �ي��رة ان ��دالع كثير م��ن ال �ن��زاع��ات اإلثنية‬ ‫واحلروب األهلية»‪)8( .‬‬ ‫وتعد ال�ق��ارة اإلفريقية م��ن أكثر ق��ارات العالم معاناة م��ن العوملة‬ ‫وبالتحديد العوملة االقتصادية خاصة أنها على مر تاريخها تعاني‬ ‫من عديد من املشكالت بعضها مرتبط بالتركيبية اإلثنية وبعضها‬ ‫األخر مرتبط بوضعها في النظام االقتصادي العاملي كطرف يتعرض‬ ‫الستغالل واستنزاف منظم لثرواته اخلام قبل االستقالل وبعده‪.‬‬ ‫وخالصة القول‪:‬‬ ‫تعد ال �ق��ارة اإلف��ري�ق�ي��ة م��ن أكثر‬ ‫ق��ارات العالم معاناة من مشكلة‬ ‫الهوية وذل��ك بفعل التقسيمات‬ ‫االس �ت �ع �م��اري��ة ل �ل �ح��دود‪ ،‬وال �ت��ي‬ ‫ل��م ت��راع أي تقسيمات أثنية أو‬ ‫لغوية أو دينية‪ ،‬فكل ما كان يهم‬ ‫االستعمار هو حتقيق مصاحله‬ ‫االقتصادية والسياسية ولذلك‬ ‫ش �ه��دت إف��ري�ق�ي��ا ظ��اه��رة ت��وزع‬ ‫القبيلة أو العنصر الواحد على‬ ‫ع��دد من ال��دول‪ ،‬وهكذا عاشت‬ ‫إفريقيا منذ االستقالل وحتى‬ ‫وقتنا الراهن تعاني من مشكلة‬

‫االندماج أو التكامل الوطني‪ ،‬كما شهدت عديداً من أعراض الهوية‬ ‫غير املستقرة والتي تتنازعها عديد من االنتماءات األولية والثانوية معاً‪.‬‬ ‫وقد جاءت العوملة بتجلياتها وأدواتها املختلفة لتفجر أزمة الهوية في‬ ‫القارة اإلفريقية فلم يكن سبب تفجر أزمة الهوية في إفريقيا خاصة‬ ‫جنوب الصحراء هو العوملة الثقافية بأدواتها االتصالية‪ ،‬ولكنها العوملة‬ ‫االقتصادية والتي بدأت إرهاصاتها حتت مسميات تطبيق برامج‬ ‫اإلصالح االقتصادي والتكيف الهيكلي ثم فتح احلدود لالستثمارات‬ ‫والسلع وغيرها من محاوالت إدماج اقتصاديات القارة في النظام‬ ‫الرأسمالي العاملي‪.‬‬ ‫وك��ان امل��أم��ول من تبنى سياسات املؤسسات املالية الدولية سواء‬ ‫صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي هو أنعاش االقتصاديات‬ ‫اإلفريقية وإخراجها من أزمتها‪ ،‬ولكن ما حدث كان العكس متاماً‪،‬‬ ‫فقد تعرضت االقتصاديات اإلفريقية لتدمير هائل‪ ،‬كما انتشر الفقر‬ ‫والبطالة في شتى ربوع القارة‪.‬‬ ‫وهكذا تكاتفت التركة الثقيلة ملشكلة الهوية والكامنة في طبيعة املجتمع‬ ‫اإلفريقي‪ ،‬وطبيعة الدولة مع جتليات العوملة االقتصادية لتفجر مشكلة‬ ‫الهوية اإلفريقية‪.‬‬ ‫هوامش‬

‫*‬

‫( ) د‪ .‬محمد الساعدي رئيس جامعة سرت سابقاً‪.‬‬ ‫(‪ )1‬مقال بقلم‪ :‬ويلفرد م�لاي‪ ،‬صحيفة هيرالد تريبيون الدولية‪،‬‬ ‫‪ 2000.01.25‬م‪.‬‬ ‫(‪ )2‬عبدالرحمن حمدي‪ .‬إفريقيا والقرن الواحد والعشرين‪ .‬رؤية‬ ‫مستقبلية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سلسلة بحوث سياسية (‪ )115‬مركز البحوث‬ ‫والدراسات السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة يونيه ‪ 1997‬م ص ‪.36‬‬ ‫(‪ )3‬مقال بقلم ويلفرد م�لاي‪ ،‬صحيفة هيرالد تريبيون الدولية‪،‬‬ ‫مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪ )4‬اخلضري محسن أحمد‪ .‬العوملة االجتياحية‪ .‬القاهرة‪ ،‬مجموعة‬ ‫النيل العربية‪ 2001 ،‬م‪ ،‬ص ص‬ ‫‪.34-33‬‬ ‫(‪ )5‬اخلضري محسن أحمد‪ ،‬ا‬ ‫امل��رج��ع السابق نفسه‪ ،‬ص ‪-34‬‬ ‫‪.35‬‬ ‫(‪ )6‬م���ج���ي���د ك����م����ال‪ .‬ال���ع���ومل���ة‬ ‫وال��دمي��ق��راط��ي��ة‪ .‬ال��ق��اه��رة‪ ،‬دار‬ ‫احل��ك��م��ة‪ ،‬س��ن��ة ‪ ،2000‬ص ص‬ ‫‪135-134‬‬ ‫(‪ )7‬داف��ي��دس��ي ك��ورت�ين‪ .‬العوملة‬ ‫واملجتمع املدني‪ .‬ترجمة شوقي‬ ‫ج�ل�ال‪ ،‬ال��ق��اه��رة م��ص��ر‪ ،‬املكتبة‬ ‫األكادميية‪ 1999 ،‬م‪ ،‬ص ‪37‬‬ ‫(‪ )8‬عدلي هويدا‪.‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫ص ‪185‬‬

‫مستقبل إفريقيا يعتمد بشكل واضح وصريح على‬ ‫التنمية الصناعية املعتمدة على القطاع اخلاص‬ ‫ويتطلب مبادرات املقاولني ورجال األعمال احملليني‬ ‫فض ًال عن قيام املنظمات غير احلكومية‬


‫‪42‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون دولية‬

‫م��ا مي� ّ�ي��ز ال��ظ��اه��رة السياسية ال��دول��ي��ة الراهنة‬ ‫��رداء قانوني وأخ�لاق��ي‪،‬‬ ‫ه��و محاولة تغليفها ب�‬ ‫ٍ‬ ‫واالنطالق بها من قيم إنسانية سامية حتظى‬ ‫بالقبول العام‪ ،‬كاحلق واحلرية واملساواة‪ ،‬ولكن‬ ‫إل���ى أي م���دى مي��ثّ ��ل ه���ذا «ال���غ�ل�اف» ج����زء ًا من‬ ‫حقيقة الظاهرة السياسية الدولية؟ وما عالقة‬ ‫يفسر‬ ‫كمحدد‬ ‫ه��ذه املفاهيم األخالقية بالقوة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السلوك السياسي الدولي وأهدافه ووسائله؟ في‬ ‫ظل رؤية واقعية تستند على ما هو كائن‪.‬‬

‫التفرد األمريكي على املستوى الداخلي‬ ‫حتديات‬ ‫ّ‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية التي يعتقد العالم اخلارجي أنها قوية كل القوة‬ ‫وعظيمة كل العظمة‪ ،‬تبدو من الداخل متعبة ومهزومة وغير قادرة على‬ ‫السيطرة على شؤونها ومصيرها‪ ،‬فالواليات املتحدة التي انتصرت في‬ ‫احلرب الباردة تبدو كأنها تخسر حرباً داخلية في مواجهة املخدرات‬ ‫والبطالة واجلرمية وانخفاض اإلنتاجية وتدني التعليم والصحة‪.‬‬ ‫تؤكد كل األرقام والبيانات الرسمية واقع التراجع األمريكي الذي يعيشه‬ ‫الداخل األمريكي يومياً‪ ،‬ويدرك جانباً كبيراً منه العالم اخلارجي‪ ،‬فعلى‬ ‫الصعيد االقتصادي أصبحت الواليات املتحدة تستهلك أكثر مما تنتج‬ ‫وتستورد من اخلارج أكثر مما تص ّدر إليه‪ ،‬وأصبح األمريكيون في الواقع‬ ‫(يبيعون بلدهم) لكي يحافظوا– وقتاً أطول – على عاداتهم في املعيشة‬

‫خالد احلراري‬

‫تحليل الظواهر الدولية من خالل مفهوم القوة‬

‫استراتيجيات التفـــــــ‬


‫واالستهالك‪)1( .‬‬ ‫منذ العام ‪ 1971‬بدأ امليزان التجاري ألمريكا يسجل عجزاً جتارياً ازداد‬ ‫اتساعاً خالل العشرين سنة التالية‪ ،‬كما أن اإلنتاجية في االقتصاد‬ ‫األمريكي التي كانت تبلغ نحو ‪ %2.5‬إل��ى ‪ %3‬في العام ب��دأت هي‬ ‫األخرى منذ أوائل السبعينيات طريقها نحو االنحدار حتى وصلت إلى‬ ‫ماال يتجاوز ‪ %1‬سنوياً خالل الثمانينيات من القرن العشرين‪ ،‬برغم حالة‬ ‫النمو االستثنائي التي شهدها االقتصاد األمريكي خالل عقد التسعينيات‬ ‫إال أن االقتصاد األمريكي استمر يعاني من أكبر عجز مالي في العالم‬ ‫سجل أعلى‬ ‫والذي بلغ في العام ‪ 1992‬حوالي ‪ 400‬مليار دوالر‪ ،‬كما ّ‬ ‫حاالت إفالس في تاريخ الواليات املتحدة والتي بلغت حوالي ‪ 700‬حالة‬ ‫إفالس خالل العام ‪ ،)2(1992‬مما جعل بعض االقتصاديني يرى أن‬

‫ـــــرد األمريكي‬

‫(‪)3-2‬‬


‫‪44‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون دولية‬

‫إجمالي ديون الواليات املتحدة أصبح يزيد‬ ‫على ثالثة آالف مليار دوالر‪ ،‬أي ما يعادل‬ ‫مرة ونصف ضعف إجمالي الديون املترتبة‬ ‫على كل الدول األخرى في العالم‬ ‫مشكالت االقتصاد األمريكي لن تتقلّص وتنخفض وأن األمر سيزداد‬ ‫سوا ًء بسبب املنافسة احلادة من اقتصاديات دولية أخرى تشهد نحواً‬ ‫متسارعاً ومتصاعداً وبسبب املنافسة التي بدأ يفرضها (اليورو) على‬ ‫ال��دوالر في استقطاب املدخرات الدولية (‪ .)3‬تشير األرق��ام والبيانات‬ ‫االقتصادية كذلك إلى أن إجمالي ديون الواليات املتحدة قد جتاوز كل‬ ‫األرقام القياسية بعد أن أصبح يزيد على ثالثة آالف مليار دوالر‪ ،‬أي ما‬ ‫يعادل مرة ونصف ضعف إجمالي الديون املترتبة على كل الدول األخرى‬ ‫في العالم‪ ،‬وأن عدد العاطلني عن العمل بلغ ما نسبته ‪ 8%‬من إجمالي‬ ‫القوة العاملة (‪.)4‬‬ ‫أم��ا الفقر فقد اتسعت رقعته في املجتمع األمريكي حيث بلغ عدد‬ ‫األمريكيني الذين يعيشون حتت خط الفقر حوالي ‪ 33.6‬مليون أمريكي‬ ‫في عام ‪( 1995‬أغلبهم من السود بالطبع)‪ ،‬وكان أغلبهم ضحية ما عرف‬ ‫ب»الثورة الصناعية الثالثة» التي استبدلت اليد العاملة البشرية باآللة على‬ ‫نطاق واسع ترتب عنه إلغاء الوظائف املتعلقة باأليدي العاملة غير املؤهلة‬ ‫تأهي ً‬ ‫ال علمياً وتقنياً (‪.)5‬‬ ‫انعكس الوضع االقتصادي الصعب على تزايد حدة األزمات املجتمعية‬ ‫وتدهور الواقع االجتماعي في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬فمعدالت‬ ‫العنف هي األكثر ارتفاعاً عنها في أي مكان آخر في العالم‪ ،‬واألمريكيون‬ ‫هم أكثر شعوب األرض امتالكاً للسالح‪ ،‬حيث ميتلك األمريكيون كأفراد‬ ‫نحو ‪ 60‬مليون مسدس و ‪ 120‬مليون بندقية وحتصد هذه األسلحة‬ ‫ما يقرب من ‪ 19‬ألف قتيل سنوياً‪ ،‬خاصة خالل الثالثة عقود األخيرة‪،‬‬

‫باإلضافة إلى أن الواليات املتحدة حتتل املرتبة األول��ى في استهالك‬ ‫الكحول (اخل �م��ور) ف��ي ال�ع��ال��م‪ ،‬وه��ي األول ��ى م��ن حيث اإلدم ��ان على‬ ‫املخدرات وتستهلك ما نسبته ‪ %80‬من إجمالي املخدرات في العالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫متقطع أو بشكل‬ ‫ويتعاطي ‪ %60‬من الشباب األمريكي املخدرات بشكل‬ ‫مدمن‪ ،‬وتقدر اخلسائر املترتبة على االقتصاد األمريكي عن االستعمال‬ ‫املك ّثف للمخدرات بحوالي ‪ 60‬مليار دوالر سنوياً‪ ،‬كما ترتب عن واقع‬ ‫العنف واجلرمية في أمريكا حدوث تص ّدع أخالقي وأسرى واجتماعي‬ ‫مت ّثل في ارتفاع ملحوظ في حاالت الطالق‪ ،‬وأصبحت الواليات املتحدة‬ ‫الدولة األولى في العالم من حيث عدد األسر األحادية (األسرة امل ّكونة من‬ ‫أم وأطفالها‪ ،‬أو من أب وأطفال فقط)‪ ،‬وارتفاع مؤشر حاالت االغتصاب‬ ‫حيث أن ما نسبته ‪ %21‬من النساء األمريكيات يتعرضن لالغتصاب‪،‬‬ ‫وهذا التفكك األسري واالجتماعي من شأنه أن يضخ املزيد من حاالت‬ ‫االنحراف والعنف في املجتمع األمريكي‪ ،‬ويؤدي بالتالي إلى تنامي ظواهر‬ ‫اجلرمية املختلفة من قتل وسرقة واع�ت��داء واغتصاب وغ��ش لتمتلئ‬ ‫السجون باملجرمني والذين بلغ عددهم عام ‪ 1991‬ثالثة ماليني سجني‪،‬‬ ‫في حني بلغ عدد الذين صدرت ضدهم أحكام باإلعدام عام ‪،1995‬‬ ‫‪ 3054‬منهم ‪ 1275‬من السود (‪.)6‬‬ ‫يذكر روجيه غ��ارودي أن كل مظاهر التدهور واالنهيار في املجتمع‬ ‫األمريكي يأتي من منطلق (السوق) الذي يأخذ شكل (الدين) دون أن‬ ‫يجرؤ أحد على تسميته بذلك‪ ،‬حيث كل القيم اإلنسانية حت ّولت مبقتضى‬ ‫هذا املنطق إلى قيم جتارية محضة‪ ،‬قابلة للبيع والشراء‪ ،‬مبا فيها قيم‬


‫رياح التحوالت تواصل عصفها بالواليات املتحدة‬

‫يهدد أمنها‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية ترى أن كل ما ّ‬ ‫يهدد أمن العالم بأسره‬ ‫القومي ّ‬

‫الفكر والفن والضمير (‪.)7‬‬ ‫جانب آخر من األزمة االجتماعية‬ ‫التي يعيشها املجتمع األمريكي‬ ‫مت� � ّث ��ل ف� ��ي ت� ��ده� ��ور اخل ��دم ��ات‬ ‫االجتماعية في مجاالت الصحة‬ ‫والتعليم‪.‬‬ ‫على الصعيد الصحي ورغ��م أن‬ ‫ال��والي��ات املتحدة الزال ��ت الدولة‬ ‫األول� � ��ى ف ��ي ال��ع��ال��م ف ��ي ال�ط��ب‬ ‫والتقنيات الطبية إال أنها تتأخر‬ ‫ك �ث �ي��راً ف ��ي امل� �ج ��االت الصحية‬ ‫األول�ي��ة عن كل ال��دول الصناعية‬ ‫مب��ا ف��ي ذل��ك ال�ي��اب��ان واستراليا‬ ‫وكندا والعديد من الدول األوربية‪،‬‬ ‫وه��ي حتتل املرتبة ‪ 15‬من حيث‬ ‫م�ع��دل عمر ال �ف��رد وال ��ذي يعتبر‬ ‫مؤشراً مهماً من مؤشرات التقدم‬ ‫والرفاهية االجتماعية‪ ،‬مع العلم‬ ‫أن�ه��ا ك��ان��ت حتتل امل��رت�ب��ة األول��ى‬ ‫عاملياً في معدل عمر الفرد خالل‬ ‫عقد السبعينيات من القرن املاضي‬ ‫مم��ا ي��دل��ل على درج ��ة االن �ح��دار‬ ‫والتراجع في ال��واق��ع االجتماعي‬ ‫األمريكي واخلدمات املرتبطة به‪،‬‬ ‫وه��ي ال��دول��ة الوحيدة م��ن ال��دول‬ ‫الصناعية املتقدمة التي تفتقد‬ ‫إلى برنامج وطني للرعاية الصحية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬وانعكس غياب هذا‬ ‫البرنامج في شكل ارتفاع خطير في معدل وفيات األطفال الرضع‪ ،‬مما‬ ‫جعل البعض يتحدث عن «عاملثالثيه»‪ ،‬داخل املجتمع األمريكي‪ ،‬كما أن‬ ‫تراجع األوضاع الصحية جعلها الدولة األولى في العالم من حيث عدد‬ ‫املصابني بالسرطان واإليدز وأمراض القلب (أربعة من كل عشر رجال‬ ‫وثالث من كل عشرة نساء مصابون بالسرطان في أمريكا وفقاً لبيانات‬ ‫تتعلق بالعام ‪.)8( )1995‬‬ ‫على صعيد التعليم يبدو التراجع أكثر داللة‪ ،‬فقد انتهى الزمن الذي كانت‬ ‫الواليات املتحدة فيه الدولة األولى في التعليم العالي‪ ،‬وكان فيه التعليم‬ ‫احلديث هو مصدر قوة الدولة األبرز والنموذج الذي تسعى دول العالم‬ ‫إلى محاكاته‪ ،‬وحل زمن أصبحت فيه األمة األمريكية (أمة في خطر‬ ‫بفعل عدو حقيقي هو النظام التعليمي األمريكي والذي هو أخطر من كل‬ ‫أعداءها اخلارجيني)‪ ،‬كما أشار إلى ذلك تقرير التعليم الذي رفع للرئيس‬ ‫األمريكي في أوائل التسعينيات‪ ،‬فالواليات املتحدة تعاني من أعلى نسبة‬ ‫للتسرب بني الدول املتقدمة‪ ،‬ويوجد بها ‪ 23‬مليون أمريكي ال يعرفون‬ ‫القراءة والكتابة باإلضافة إلى ‪ 40‬مليون آخرين يقرؤون بصعوبة وال‬ ‫يجيدون الكتابة أص ً‬ ‫ال‪ ،‬وتراجعت الواليات املتحدة إلى الدولة رقم ‪ 17‬من‬ ‫حيث اإلنفاق على التعليم‪ ،‬كما تراجعت إلى الدولة رقم ‪ 29‬من حيث عدد‬ ‫العلماء والفنيني والهندسيني بالنسبة إلى إجمالي السكان‪ ،‬ويكفي اإلشارة‬ ‫إلى أن معدل العلماء في اليابان يساوي ‪ 16‬ضعفاً للمعدل األمريكي (‪.)9‬‬ ‫إن أزمات التعليم والصحة في أمريكا ليست فقط مؤشراً على التراجع‬ ‫الراهن بقدر ما هي مؤشراً على تراجعها في املستقبل في ظل معطيات‬

‫راه��ن��ة ال ي �ب��دو م��ن خ�لال �ه��ا أن‬ ‫ال� ��والي� ��ات امل �ت �ح��دة ق�� ��ادرة على‬ ‫مواجهة هذه األزمات‪.‬‬ ‫م�ش�ك�ل��ة أخ � ��رى ت��ره��ق أم��ري �ك��ا‬ ‫وتشدها إلى األسفل‪ ،‬وهي مشكلة‬ ‫التعددية العرقية والثقافية‪ ،‬والتي‬ ‫تستمد أهميتها وخطورتها –في‬ ‫آن واحد‪ -‬من النسبة العددية لغير‬ ‫البيض (‪ 51‬مليوناً) أم��ا البيض‬ ‫فيبلغ عددهم حسب إحصاء عام‬ ‫‪ 1990‬حوالي (‪ 199.7‬مليون)‪،‬‬ ‫وت��رج��ع ه��ذه التركيبة السكانية‬ ‫للمجتمع األم��ري �ك��ي إل ��ى حركة‬ ‫الهجرة باجتاه العالم اجلديد منذ‬ ‫أن مت اكتشاف األمريكيتني خالل‬ ‫نهاية القرن اخلامس عشر والتي‬ ‫تواصلت عبر القرون التالية وكانت‬ ‫في أغلبها هجرات اجنلوسكسونية‬ ‫خاصة إلى أمريكا الشمالية مما‬ ‫رسخ للوجود اإلجنليزي في القارة‬ ‫ّ‬ ‫الشمالية التي اعتبرت جزءاً هاماً‬ ‫من املستعمرات اإلجنليزية لقرون‬ ‫ع��دي��دة‪ ،‬وخ�ل�ال النصف الثاني‬ ‫م��ن ال �ق��رن ال �ت��اس��ع ع�ش��ر ب��دأت‬ ‫جماعات أخرى من أوربا الالتينية‬ ‫واالسكندنافية تشد الرحال إلى‬ ‫أمريكا ك��ان من بينها ع��دد كبير‬ ‫من اليهود‪ ،‬باإلضافة إلى جماعات‬ ‫أخرى جاءت من أسيا ومن أفريقيا لتتركز بشكل كبير في جنوب الواليات‬ ‫املتحدة كعبيد في املزارع األمريكية وعمال في مجاالت البناء والسكك‬ ‫احلديدية‪ ،‬وفي الفترة من العشرينيات إلى الستينيات من القرن املاضي‬ ‫كانت الهجرة محدودة بسبب ما عرف بقانون عام ‪ 1921‬والذي أعطى‬ ‫لكل دولة حصة من املهاجرين ال تزيد على ‪ %3‬من عدد سكانها‪ ،‬إال‬ ‫أن ما عرف بقانون (سامبسون روبدنو) سنة ‪ 1965‬وال��ذي سمح بلم‬ ‫شتات العائالت باإلضافة إلى ما عرف خالل نفس الفترة بقانون (كيندي‬ ‫موريسون) أديا إلى صعود جديد في الهجرة‪ ،‬وكان طبيعياً أن يصبح‬ ‫املجتمع األمريكي مع هجرة كثيفة كهذه مسرحاً لتع ّددية عرقية وثقافية‬ ‫شديدة التن ّوع واالختالف‪ ،‬وكانت النتيجة التصارع بني هذه اجلماعات‬ ‫في إطار إثبات اله ّوية والدفاع عن حقوقها ومتيزّها‪ ،‬وفي ذات الوقت‬ ‫الذي يرى فيه البعض أن قضايا التع ّددية العرقية عبارة عن قنبلة موقوتة‬ ‫ستنفجر حتماً داخل املجتمع األمريكي ويدعو إلى جتميد الهجرة حتى‬ ‫ال تتفاقم قضايا التعددية‪ ،‬فإن البعض اآلخر يرى فيها داللة على الثراء‬ ‫الذي ينسجم مع صورة أمريكا في القرن احلادي والعشرين (‪.)10‬‬ ‫النظام السياسي األمريكي ومن خالل مفردات العملية السياسية جزء‬ ‫آخر من منظومة التراجع األمريكي حيث سلطة التأثير األساسية على‬ ‫العملية السياسية هي امل��ال من خ�لال االنتخابات ومتويل احلمالت‬ ‫االنتخابية ومن خالل جماعات الضغط‪ ،‬فعدد املشاركني في االنتخابات‬ ‫في تناقص مستمر حيث سجلت االنتخابات الرئاسية في العام ‪1996‬‬ ‫مشاركة ال تزيد عن ‪ %50‬من الناخبني‪ ،‬وانعكس ذلك في حدوث عدم‬

‫للتجسيم في طرف دولي‬ ‫خطر اإلرهاب غير قابل ّ‬ ‫محدد واحتماالت نشاطه وظهوره متسعة مكان ًا وزمان ًا‬ ‫ّ‬ ‫والقضاء عليه وإخماده لن يكون متأتي ًا باالعتماد‬ ‫التام على التعامل العسكري معه‬ ‫عدد العاطلني عن العمل في الواليات املتحدة بلغ ما‬ ‫نسبته ‪ %8‬من إجمالي القوى العاملة‬

‫رغم أن الواليات املتحدة على الصعيد الصحي الزالت‬ ‫الدولة األولى في العالم إال أنها تتأخر كثير ًا في‬ ‫مجاالت الصحة األولية عن اليابان واستراليا وكندا‬ ‫والعديد من الدول األوربية‬


‫‪46‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫شؤون دولية‬

‫ممارسة سياسات دولية وفرض القبول بها على اآلخرين (كأمر واقع)‬ ‫ت��وازن ملصلحة بعض الطبقات على حساب األخ��رى‪ ،‬وقد ترتب على‬ ‫دون احلاجة إلى الشرعية الدولية (‪ ،)12‬وفي املرحلة الثالثة والتي بدأت‬ ‫فضيحة ووترجيت ع��ام ‪ 1974‬ص��دور ع��دد من القوانني التي تنظم‬ ‫فيها الواليات املتحدة باإلحساس بأن سياساتها (املنفردة) واملعتمدة‬ ‫احلمالت االنتخابية ومتويلها‪ ،‬إال أن عدد من هذه القوانني قد ج ّمد‬ ‫بشكل مطلق على القوة العسكرية قد أخفقت في ال��وص��ول بها إلى‬ ‫واستمرت الهبات التي تقدم لألحزاب السياسية هبات ال سقف لها‪،‬‬ ‫حتقيق األهداف التي ترجوها في السيطرة على العالم وتصريف شؤونه‬ ‫وتبني أن ‪ %70‬من متويل احلمالت االنتخابية يأتي من الشركات الكبرى‬ ‫بإخفاقها العسكري الواضح في أفغانستان والعراق وفشلها في القضاء‬ ‫في الواليات املتحدة وتكون النتيجة أن سلطة تأثير األموال تطرد سلطة‬ ‫على اإلرهاب كظاهرة ته ّدد األمن واملصالح األمريكية بالدرجة األولى‬ ‫تأثير الناخبني‪ ،‬أم��ا جماعات الضغط فهي املسيطرة على كل شيء‬ ‫وجتتاح العالم بفعل السياسات األمريكية بالدرجة الثانية‪ ،‬حيث لم تتمكن‬ ‫في السياسة األمريكية سيما أن وجودها وجود رسمي ينظمه قانون‬ ‫–بعد مرور أكثر من خمس سنوات حتى اآلن على بداية إعالن احلرب‬ ‫منذ عام ‪ ،1946‬وهي جماعات تعمل حلساب مصاحلها اخلاصة من‬ ‫الشاملة واملك ّثفة على اإلرهاب‪ -‬من حتقيق جناحات تذكر في احلد من‬ ‫خالل التأثير على القوانني والقرارات احلكومية‪ ،‬وقد بلغ عدد جماعات‬ ‫خطر اإلرهاب ومن احتمال انبعاثه في كثير من بقاع العالم ضد السياسة‬ ‫الضغط املسجلة رسمياً ع��ام ‪ 7400 ،1996‬جماعة ضغط متثل‬ ‫واملصالح األمريكية‪ ،‬وبالدرجة التي تعكس اإلحساس باألمن لدى اإلدارة‬ ‫املؤسسات الكبرى والصغرى واملتوسطة والصناعية والزراعية والتجارية‪،‬‬ ‫األمريكية ومواطنيها وحلفاءها وإتباعها‪ ،‬وتعكس تغيراً في األوضاع‬ ‫وهذه املؤسسات هي التي مت ّول جماعات الضغط بهدف حتقيق املكاسب‬ ‫السياسية واالجتماعية في املناطق املؤهلة للنشاط اإلرهابي حسب‬ ‫ملصلحتها (‪.)11‬‬ ‫التص ّور األمريكي‪ ،‬فبدأت الواليات املتحدة مرحلة جديدة من سياسات‬ ‫الهيمنة والتف ّرد تعتمد هذه املرة على إستراتيجية تأخذ في االعتبار واقع‬ ‫للتفرد األمريكي‪:‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬التحديات اخلارجية‬ ‫ّ‬ ‫املعارضة الشديدة لسياساتها خاصة من قبل احللفاء اإلستراتيجيني‬ ‫بعد أن أوش��ك العقد الثاني على نهايته في تاريخ مرحلة جديدة من‬ ‫التقليديني لها‪ ،‬ومبا يعني إعادة بناء التحالف األوربي األمريكي بشكل‬ ‫العالقات الدولية انفردت فيها الواليات املتحدة بالسيطرة شبه التامة‬ ‫أكبر متاسكاً بعد أن كشفت اخلالفات األوربية األمريكية حول احلرب‬ ‫على الشؤون الدولية‪ ،‬ميكن للباحث أن يالحظ أن التف ّرد األمريكي‬ ‫في العراق في العام ‪ 2003‬هشاشة التحالف بني ضفتي األطلسي من‬ ‫بالشؤون الدولية مر بثالثة مراحل خالل ما انقضى من عمر النظام‬ ‫خالل معارضه كل من (أملانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬بلجيكا) بشكل صريح لهذه احلرب‪،‬‬ ‫الدولي اجلديد‪ ،‬فكان في مرحلته األول��ى محاول ًة للهيمنة والسيطرة‬ ‫فبدأت اإلستراتيجية األمريكية العمل أوالً على رأب الصدع الذي حدث‬ ‫املستندة إلى القوة العسكرية كمح ّدد لقواعد التعامل الدولي‪ ،‬مع جتاهل‬ ‫وجتديد التقارب األورب��ي األمريكي والعمل على رس��م سياسات من‬ ‫كبير ملا ميكن أن تلعبه مصادر القوة األخرى من دور في حتديد قواعد‬ ‫شأنها إرض��اء احلليف األورب��ي وأخذ وجهة نظره بعني االعتبار‪ ،‬وفي‬ ‫اللعبة الدولية‪ ،‬وحتت ستار ومظلة (الشرعية الدولية) كمدخل للقبول‬ ‫هذا السياق ش ّدد (ب��وش) في خطابه األسبوعي (‪ 10‬فبراير ‪)2005‬‬ ‫بالسياسات األمريكية بعد انتهاء مرحلة احلرب الباردة وفي ظل تطلّع‬ ‫على أهمية الروابط ومتانتها بني الواليات املتحدة وحليفاتها على الطرف‬ ‫عاملي ألن يكون التنظيم الدولي هو اإلطار األمثل للعالقات الدولية ويكون‬ ‫اآلخر من احمليط األطلسي حيث أكد على القول‪« :‬إن علينا العمل معاً‬ ‫األمن اجلماعي هو األسلوب األمثل لتحقيق السلم واألمن الدوليني‪ ،‬إال أن‬ ‫ل�لإف��ادة م��ن ال�ف��رص��ة التاريخية‬ ‫سياسات الواليات املتحدة خالل‬ ‫املاثلة أمامنا اآلن‪ ،‬فالقادة على‬ ‫تلك املرحلة سرعان ما انكشفت‬ ‫جانبي األطلسي يدركون أن اآلمال‬ ‫لتشير إل��ى اجت ��اه معاكس لتلك‬ ‫بسالم العالم تعتمد على استمرار‬ ‫التطلعات ولتع ّبر بشكل صريح‬ ‫وح� ��دة ال� ��دول احل� ��رة‪ ،‬ف�ن�ح��ن ال‬ ‫ع��ن رغ�ب��ة أمريكية ف��ي الهيمنة‬ ‫نقبل ص��ورة كاريكاتورية هزلية‬ ‫والسيطرة على العالم من منطلق‬ ‫زائ�ف��ة تفرق بيننا وتقسم العالم‬ ‫تعظيم املكاسب وحتقيق املصلحة‬ ‫الغربي إلى واليات متحدة مثالية‬ ‫القومية األمريكية دون أي هدف‬ ‫وأوربا هازئة‪ ،‬فأمريكا وأوروبا هي‬ ‫آخر سواها‪ ،‬وفي املرحلة الثانية‬ ‫أعمدة العالم احلر‪ ،‬فنحن نشترك‬ ‫والتي ب��دأت بوضوح مع أح��داث‬ ‫في ذات اإلمي��ان باحلرية ونعمل‬ ‫‪ 11‬سبتمبر ‪ ،2001‬مب��ا مثلّته‬ ‫معاً عبر العالم لتحقيق مصاحلنا‬ ‫من تهديد واضح لألمن واملصالح‬ ‫املشتركة وقيمنا املشتركة» (‪.)13‬‬ ‫األم��ري�ك�ي��ة –استمرت ال��والي��ات‬ ‫ومع سيطرة الدميقراطيني على‬ ‫امل �ت �ح��دة ف��ي س �ي��اس��ات الهيمنة‬ ‫األغلبية في الكونغرس األمريكي‬ ‫والسيطرة العاملية املستندة على‬ ‫وت��ص��اع��د امل� ��واق� ��ف امل �ع��ارض��ة‬ ‫القوة العسكرية املدفوعة هذه املرة‬ ‫الرسام كما تصور دفاع أمريكا عن نفسها للسياسة األمريكية ف��ي الداخل‬ ‫بشرعية الدفاع عن النفس والدفاع‬ ‫واخل � ��ارج وف ��ي ظ��ل اإلخ �ف��اق��ات‬ ‫ع ��ن امل��ص��ال��ح األم��ري �ك �ي��ة دون‬ ‫الواضحة لها بدأ نوع من التراجع‬ ‫احلاجة إل��ى التستر خلف شعار‬ ‫عن االندفاع احلاد باجتاه سياسة‬ ‫(الشرعية الدولية) في ظل اعتقاد‬ ‫القوة‪ ،‬وهو ما بدأ واضحاً –مث ً‬ ‫ال‪-‬‬ ‫�رس��خ خ�ل�ال امل��رح �ل��ة السابقة‬ ‫ت� ّ‬ ‫ف��ي ش�ك��ل ن�ف��س أط ��ول ن��وع �اً ما‬ ‫بأن الواليات املتحدة ق��ادرة على‬

‫اتسعت رقعة الفقر في املجتمع األمريكي حيث بلغ‬ ‫عدد الذين يعيشون حتت خط الفقر حوالي ‪33.6‬‬ ‫مليون أمريكي أغلبهم من السود بالطبع‬

‫الواليات املتحدة تواجه حتديات خارجية كبرى‬ ‫بسبب سياستها وبرامجها في السيطرة على‬ ‫والتفرد به‬ ‫العالم‬ ‫ّ‬


‫اخلطر الذي يتهدد املصالح األمريكية واألمن‬ ‫األمريكي يتمثل اآلن في ظاهرة اإلرهاب وارتباط‬ ‫النشاط اإلرهابي باحلركات األصولية وخاصة‬ ‫اإلسالمية من جهة وتزايد عدد األطراف الدولية‬ ‫التي متتلك أو تسعى إلى امتالك أسلحة الدمار‬ ‫الشامل وخاصة األسلحة النووية‬

‫–مقارنة باملرحلة السابقة‪ -‬في التعامل مع امللف النووي اإليراني‪ ،‬كل‬ ‫ذلك ال يلغي استمرار اعتقاد الواليات املتحدة بتف ّردها وباجتاه سياستها‬ ‫نحو الهيمنة والسيطرة على الشأن العاملي‪ ،‬وأن األمر ال يتعلّق باألهداف‬ ‫بقدر ما يتعلّق باألساليب والسياسات التي فرضت الظروف الراهنة على‬ ‫الواليات املتحدة ض��رورة تغييرها وتنسيقها مبا يؤدي إلى التعامل مع‬ ‫التحديات الدولية القائمة في وجه هيمنتها وتفردها‪.‬‬ ‫خالل الفترة التي انقضت من عمر النظام الدولي اجلديد ومع اختالف‬ ‫املراحل والصور التي ميزّت سياسة الهيمنة األمريكية كانت الواليات‬ ‫املتحدة تواجه جملة من التحديات اخلارجية لسياستها وبرامجها في‬ ‫السيطرة على العالم والتف ّرد به‪ ،‬وقد جاءت هذه التحديات من مصدرين‬ ‫أساسيني‪:‬‬ ‫أولهما‪ :‬القوى اإلقليمية الصاعدة على الساحة السياسية الدولية من‬ ‫خالل ما حتظى به من مقومات قوة – ليست بالضرورة ووضع قواعد‬ ‫اللعبة السياسة الدولية‪ ،‬ومبا يش ّكل منافساً وكابحاً إلمكانيات القوة‬ ‫األمريكية وال يتيح لها االنفراد املطلق بالعالم والتص ّرف في شؤونه دون‬ ‫أي قيد‪.‬‬ ‫وثانيهما‪ :‬طبيعة اخلطر الذي يتهدد املصالح األمريكية واألمن األمريكي‬ ‫(أو األمن العاملي كما تراه أمريكا) واملتمثل في ظاهرة اإلرهاب وارتباط‬ ‫النشاط اإلرهابي باحلركات األصولية وخاصة اإلسالمية من جهة‪،‬‬ ‫وتزايد عدد األطراف الدولية التي متتلك أو تسعى إلى امتالك أسلحة‬ ‫الدمار الشامل وخاصة األسلحة النووية‪ ،‬حيث هذا اخلطر –وخاصة‬ ‫للتجسيم في طرف دولي مح ّدد واحتماالت‬ ‫في شكله األول‪ -‬غير قابل ّ‬ ‫نشاطه وظهوره متسعة مكاناً وزماناً‪ ،‬والقضاء عليه وإخماده لن يكون‬ ‫متأتياً –في املرحلة القادمة ‪ -‬باالعتماد التام على التعامل العسكري معه‪.‬‬

‫هوامش‪:‬‬

‫(‪ )1‬سعيد ال�لاون��دي‪ ،‬القرن احل��ادي والعشرون‪ ..‬هل يكون أمريكياً‪،‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫(‪ )2‬عبد اخلالق عبد الله «النظام العاملي اجلديد‪ ...‬احلقائق واألوهام»‪،‬‬ ‫السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،124‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.44‬‬ ‫(‪ )3‬سعيد ال�لاون��دي‪ ،‬القرن احل��ادي والعشرون‪ ...‬هل يكون أمريكياً‪،‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫(‪ )4‬عبد اخلالق عبد الله‪( ،‬النظام العاملي اجلديد‪ ...‬احلقائق واألوهام)‪،‬‬ ‫السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،124‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.44‬‬ ‫(‪ )5‬سعيد ال�لاون��دي‪ ،‬القرن احل��ادي والعشرون‪ ...‬هل يكون أمريكياً‪،‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.68‬‬ ‫(‪ )6‬عبد اخلالق عبد الله‪« ،‬النظام العاملي اجلديد‪ ...‬احلقائق واألوهام»‪،‬‬ ‫السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،124‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.45‬‬ ‫(‪ )7‬روجيه غارودي‪ ،‬اإلرهاب الغربي‪ ،‬اجلزء الثاني‪ ،‬تعريب عبد املسيح‬ ‫فلبي (القاهرة‪ :‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،)2004 ،‬ص‪.11‬‬ ‫(‪ )8‬عبد اخلالق عبد الله‪( ،‬النظام العاملي اجلديد‪ ...‬احلقائق واألوهام)‪،‬‬ ‫السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،124‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.45‬‬ ‫(‪ )9‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص‪.46-45‬‬ ‫(‪ )10‬سعدي الالوندي‪ ،‬القرن احلادي والعشرون‪ ...‬هل يكون أمريكيا‪،‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص ‪.72 ،71 ،70‬‬ ‫(‪ )11‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحات من ‪ 73‬إلى ‪.75‬‬ ‫(‪ )12‬والتر‪.‬راسل ميد‪ ،‬السياسة اخلارجية األمريكية وكيف غيرت العالم‪،‬‬ ‫ترجمة نشوى ماهر (مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.119‬‬ ‫(‪ )13‬نق ً‬ ‫ال عن‪ ،‬عصام عبد الشافي‪« ،‬السياسة اخلارجية األمريكية‪:‬‬ ‫قضايا وإشكاليات)‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،160‬مرجع سبق ذكره)‪،‬‬ ‫ص‪.158‬‬


‫‪48‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫ثقافة‬

‫الدنقلي يجهز ديوانه‬ ‫الجديد للمستقل‬ ‫بعد مشاركته الناجحة األخيرة في املهرجان العربي اخلامس للزجل‬ ‫بأزمور املغربية‪ ،‬واحتفاء األوساط الثقافية هناك بتجربته املتميزة في‬ ‫الشعر احملكي‪ ،‬يعكف حاليا الشاعر احلساس محمد الدنقلي على‬ ‫جتهيز ديوانه اجلديد للنشر‪ ..‬وفي اتصال هاتفي مع «املستقل» عبر‬ ‫الدنقلي عن رغبته في تولي املجلة طباعة ديوانه‪ ،‬مثنيا في الوقت نفسه‬ ‫على مشروعها الوطني الهادف إلى إصدار كتاب كل اسبوع يرافق كل‬ ‫عدد جديد من املستقل‪ .‬يشار هنا إلى أن مجلة املستقل استقبلت خالل‬ ‫األيام املاضية عددا من املخطوطات لكتاب ليبيني نذكر منها‪:‬‬ ‫> مخطوط «الدولة البيزنطية في ضوء إصداراتها القانونية» للباحثة‬ ‫خيرية حفالش‪.‬‬ ‫> مخطوط «املسلمون والتقدم ـ مل��اذا التخلف في بالد املسلمني»‬ ‫للدكتور محمد الشحومي‪.‬‬ ‫> مخطوط «خربشات على جدار الدولة» للكاتب عيسى عبدالقيوم‪.‬‬

‫تويتر تطلق أسبوع المتاحف‬ ‫أُس ��دل ال�س�ت��ار قبل أي ��ام على « م�ب��ادرة‬ ‫أس �ب��وع امل �ت��اح��ف» ال �ت��ي أطلقتها خدمة‬ ‫تويتر خالل الفترة مابني ‪ 23‬ـ ‪ 29‬مارس‬ ‫امل��اض��ي‪ ،‬وشملت ‪ 2000‬متحفا في ‪58‬‬ ‫بلدا‪ ،‬وذلك للترويج للمؤسسات الثقافية ‪.‬‬ ‫ق��ائ �م��ة امل� �ب���ادرة اش �ت �م �ل��ت ع �ل��ى أس �م��اء‬ ‫كبيرة وعريقة في دنيا املتاحف‪ ،‬كاللوفر‬ ‫ف��ي ب��اري��س‪ ،‬ومتحف ال�ف��ن احل��دي��ث في‬

‫نيويورك‪ ،‬واملتحف الوطني في كانبيرا‪،‬‬ ‫وبفضل هاشتاغ «م�ي��وزي��وم ( أي أسبوع‬ ‫املتاحف) متكن مديرو املتاحف وال��زوار‬ ‫م��ن ن�ش��ر رس��ائ��ل ق�ص�ي��رة ع��ن امل �ع��ارض‬ ‫اجل��اري��ة في العالم أجمع‪ ،‬وال��دخ��ول في‬ ‫ح� � ��وارات واخ� �ت� �ب ��ارات امل� �ع ��ارف خ��اص��ة‬ ‫للمبتدئينومحبي الفن والثقافة‪.‬‬ ‫تعد دورة العام ‪ 2015‬من أسبوع املتاحف‬

‫هي الثانية من هذا القبيل‪ ،‬وهي عاملية‬ ‫ومجانية ومفتوحة للجميع‪ .‬وستسجل‬ ‫بالكامل وحتفظ حتى ال�ع��ام ‪ 2035‬في‬ ‫م�ت�ح��ف ف��ي ب ��اري ��س‪« ،‬ل �ت �ق��دم ل�لأج�ي��ال‬ ‫املقبلة»‪ ،‬وفق «تويتر»‪ .‬وفي العام ‪،2014‬‬ ‫شارك أكثر من ‪ 630‬متحفاً أوروبياً في‬ ‫ال��دورة األولى التي مت في سياقها تداول‬ ‫أكثر من ‪ 260‬ألف تغريدة‪.‬‬


‫تزامناً مع املوسم املسرحي املتمثل بأيام‬ ‫ال�ش��ارق��ة املسرحية ف��ي دورت �ه��ا اخلامسة‬ ‫والعشرين أص��درت دائ��رة الثقافة واإلعالم‬ ‫بالشارقة”قسم الدراسات والبحوث”سبعة‬ ‫عناوين جديدة في هذا املجال ‪.‬‬ ‫تتنوع موضوعات هذه الكتب متناولة أكثر‬ ‫من جانب في فنون املسرح‪ ،‬وج��اء الكتاب‬ ‫األول حول جائزة الشارقة للتأليف املسرحي‬ ‫‪ 2014‬الذي أحتوى على النصوص املسرحية‬ ‫الفائزة باجلائزة وهي “لص وامرأة وحيدة”‬ ‫ل�ب��اس�م��ة يونس‪”،‬الدكتور عنتر” ملرعي‬ ‫احلليان‪”،‬بروفة” حملمد جمعة سعيد‪”،‬التاج‬ ‫والقحفية” حملمد صالح‪”،‬احلياة اآلن”‬ ‫لفاطمة املزروعي‪.‬‬ ‫أم��ا اخلمسة عناوين األخ� ��رى‪ ،‬فتضمنت‬ ‫شكل دراسات مسرحية‪ ،‬الكتاب األول حمل‬ ‫عنوان”العنف والفوضى املنظمة” للدكتور‬ ‫فاضل سوداني الذي حتدث فيه عن مسرح‬ ‫شكسبير في ثالثة أب��واب “سقطة البطل‬ ‫الشكسبيري في الفوضى‪ ،‬أحالم شكسبيرية‬ ‫في الفضاء البصري‪،‬رؤى شعرية و بصرية‬ ‫عن أبطال شكسبير”‪.‬‬ ‫و العنوان الثاني “املونتاج السينمائي في‬ ‫العرض املسرحي ” للدكتور عباس عبدالغني‬

‫سبعة إصدارات‬ ‫مسرحية مع‬ ‫أيام الشارقة‬ ‫ج��اء أي �ض �اً على شكل دراس� ��ات مسرحية‬ ‫واحتوى على بابني‪ ،‬تضمن الباب األول فصلني‬ ‫هما “تقنيات الصورة السينمائية” والفصل‬ ‫الثاني كان عن “تطور السينوغرافيا”‪ ،‬والباب‬ ‫الثاني احتوى على ثالثة فصول هي “املونتاج‬

‫السينمائي في عرض هبوط املالئكة‪ ،‬املادة‬ ‫الفيلمية في عرض املتنبي إلبراهيم جالل‪،‬‬ ‫توظيف الفيلم السينمائي في مسرحية ليلة‬ ‫دفن املمثلة جيم”‪.‬‬ ‫أما الكتاب الثالث فقد حمل عنوان “أوراق‬ ‫مسرحية” للكاتب جنيب عبدالله الشامسي‬ ‫وج� ��اء م�ض�م��ون��ة ف��ي أرب �ع��ة ف �ص��ول وه��ي‬ ‫“املسرح اإلسالمي‪ ..‬الواقع واملنتظر ‪ ،‬املسرح‬ ‫العربي ب�ين حقيقة ال��واق��ع واستحقاقات‬ ‫املستقبل‪،‬الثقافة الوطنية والهوية اإلماراتية‪،‬‬ ‫احلركة املسرحية ب��اإلم��ارات وأهمية دعم‬ ‫املؤسسات الثقافية لها”‪.‬‬ ‫وجاء الكتاب الرابع بعنوان املسرح املدرسي‬ ‫للدكتور عبداإلله عبدالقادر الذي أتخذ من‬ ‫دول��ة اإلم��ارات منوذجاً لدراسته املسرحية‬ ‫وحت��دث فيه عن البعد التاريخي للمسرح‬ ‫املدرسي في اإلم ��ارات وأهميته ومسرحة‬ ‫املناهج وال�ت��راث‪ ،‬كما ضم الكتاب مالحق‬ ‫أك��ادمي �ي��ة وم�لاح��ق ص��ور أي �ض �اً‪ .‬العنوان‬ ‫اخل��ام��س “نص اخلشية” للكاتب أحمد‬ ‫امل��اج��د و حت��دث فية ع��ن النص املسرحي‬ ‫بشكل ع��ام عنصر ث��اب��ت‪.‬م��ن اإلص���دارات‬ ‫أيضا كتاب “خذ األرض” وه��و عبارة عن‬ ‫نصوص مسرحية للكاتب صالح كرامة‪.‬‬

‫الكارو والمرسيدس والحداثة المنقوصة‬ ‫«ال�ك��ارو وامل��رس�ي��دس‪ ..‬حداثة لم تكتمل» ‪..‬‬ ‫كتاب للباحثة الدكتورة هبة شريف صدر قبل‬ ‫نحو شهرين ي�ح��اول تتبع مسيرة التحديث‬ ‫الرسمية املصرية والنتائج الواقعية لعملية‬ ‫التحديث هذه على األرض مع التركيز الشديد‬ ‫على املشهد الثقافي في مصر‪.‬‬ ‫تقول الكاتبة في مقدمة الكتاب إن املجتمع‬ ‫ف��ي مصر ل��م يصبح مجتمعا حديثا متاما‬ ‫رغم أن به العديد من الناس الذي يتحدثون‬ ‫اللغات األجنبية ويقودون السيارات ويجيدون‬ ‫ال �ت �ع��ام��ل م ��ع ك ��ل م �ك �ت �س �ب��ات امل�ج�ت�م�ع��ات‬ ‫احلديثة‪« ..‬مجتمع ما زال لم يتخط متاما‬ ‫ط��ور املجتمعات التقليدية‪ ..‬مجتمع مهجن‬ ‫بني احلديث والقدمي‪ ..‬أو هو حديث «حداثة‬ ‫منقوصة» لم تكتمل كل أركانها بعد‪».‬‬ ‫هذه هي الفكرة الرئيسية في هذا الكتاب الذي يتناول أيضا فكرة‬ ‫احلداثة املنقوصة وانعكاساتها على املشهد الثقافي في نخبته‪ .‬ويعرض‬ ‫للحالة الثقافية في البالد بالقول إن مصر بها العديد من املثقفني‬ ‫ولكنهم عاجزون عن التقدم باملجتمع نحو احلداثة‪ ،‬ومصر بها العديد‬ ‫من املؤسسات والكيانات الثقافية مثلها مثل أي دولة متقدمة في العالم‪.‬‬ ‫ويسأل «ملاذا لم تتحول مصر إلى دولة حديثة فعال؟»‬ ‫ت��رى الكاتبة أن العبور إل��ى احلداثة هو أس��اس الصراع الدائر في‬ ‫مصر اآلن‪« .‬صراع ثقافي شرس بني القدمي واجلديد أي بني التراث‬ ‫واحلداثة بلغة املثقفني‪».‬‬

‫تقول الكاتبة هبة شريف وهي أستاذ سابق في‬ ‫األدب األملاني بجامعة القاهرة إنه عبر التاريخ‬ ‫سارت عمليات التحديث «بطريقة غير منظمة‬ ‫إلى حد كبير واعتمدت على أسلوب أقرب إلى‬ ‫التجريب العشوائي‪ ..‬وكان اختيار قيم احلداثة‬ ‫وفرضها انتقائيا إلى حد كبير وفقا لألهواء‬ ‫السياسية للحكام‪».‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الكتاب صغير في حجمه‬ ‫( ‪ 109‬صفحات) وهو من القطع الصغير إال‬ ‫أن الكاتبة تناقش التطور التاريخي لتجليات‬ ‫م �ح��اوالت التحديث وت��رس��م ص ��ورا دقيقة‬ ‫مصحوبة بأمثلة واقعية ملا آل إليه املشهد بعد‬ ‫كل ما مر على مصر‪.‬‬ ‫وت��ؤك��د الكاتبة ف��ي كتابها ال �ص��ادر ع��ن دار‬ ‫سالمة للنشر والتوزيع أن إتاحة الفنون بجميع‬ ‫أنواعها هو أساس حرية االختيار فكل جماعة أو مجموعة من البشر‬ ‫تختار من املعروض ما يالئم ذائقتها ويالئم احتياجاتها‪ .‬فاجلمهور‬ ‫ليس مجموعة واح��دة وليس كتلة واح��دة ميكن تشكيلها طبقا لذوق‬ ‫النخبة‪.‬‬ ‫وتختم الكاتبة كتابها الشيق بالتساؤل‪ :‬هل يعد ه��ذا مؤشرا على‬ ‫أن املجتمع املصري ال يناسبه شكل احلداثة كما هي موجودة في‬ ‫مجتمعاتها؟ أم أن احلداثة هي شكل من أشكال التطور اإلنساني العام‬ ‫ميكن حتققها في مجتمعات مختلفة شرط حتقق شروطها كلها وشرط‬ ‫أن تكون احلداثة هي النتاج الطبيعي لتطور هذا املجتمع وحركته؟‬


‫‪50‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫ثقافة‬

‫مكتبة «الفرجاني» تقفل أبوابها‬

‫«بنات اهلل» تثير‬ ‫المتطرفين‬ ‫حفيظة‬ ‫ّ‬ ‫في طرابلس‬

‫أقفلت مؤخراً مكتبة الفرجاني أبوابها في مدينة طرابلس بعد‬ ‫أن داهمتها عناصر الشرطة اجلنائية مدججة بالسالح وعبثت‬ ‫مبحتوياتها‪ ،‬وص ��ادرت بعض كتبها‪ ،‬واق �ت��ادت امل��وظ��ف ال��ذي‬ ‫يديرها للتحقيق معه مرتني من قبل شيوخ دينيني‪ ،‬إث��ر بالغ‬ ‫ضد املكتبة لبيعها رواية «بنات الله» للكاتب‬ ‫من أحد املواطنني ّ‬ ‫التركي ندمي غورسيل‪.‬‬ ‫وقد تض ّمن البالغ أن العمل التركي يسيء إلى ال��ذات اإللهية‬ ‫بتوظيفه ألصنام اجلاهلية املعروفة ببنات الله «الالت والعزى‬ ‫وم�ن��اة» كخلفية تاريخية ل�ل��رواي��ة‪ ،‬وذل��ك اع�ت�م��اداً على عنوان‬ ‫الكتاب‪ ،‬دون قراءة احملتوى وفهمه‪.‬‬ ‫قال سمير الفرجاني‪ ،‬صاحب املكتبة‪« :‬ال أختلف مع أي جهة‬ ‫سيادية تأتي للتحقيق في أي شيء بخصوص املكتبة‪ ،‬وأعلم أن‬ ‫قدومهم جاء بدافع الغيرة على الدين‪ ،‬وأن حسن الن ّية متوفر‪،‬‬ ‫لكن لم يكن ينبغي لطريقة احلضور إلى املكتبة أن تكون بهذا‬ ‫األس�ل��وب‪ .‬نحن ننشر ونبيع كتباً‪ ،‬وليس مخدرات أو أسلحة‪،‬‬ ‫فلماذا املسدس والبندقية والقنبلة واألصفاد»‪.‬‬ ‫وح��ول إغ�لاق املكتبة أب��واب�ه��ا‪ ،‬أض��اف الفرجاني‪« :‬ل��م أغلقها‬ ‫بسبب مصادرة كتاب أو منعه‪ ،‬هذه األشياء حتدث دائماً مع كل‬ ‫دور النشر واملكتبات‪ ،‬وال نستسلم لها نصرة للكتاب والكاتب‪،‬‬ ‫بل أغلقت املكتبة بسبب نقص‬ ‫في العمالة فقط!»‪.‬‬ ‫املعروف أن رواية «بنات الله»‬ ‫ل �ن��دمي غ��ورس�ي��ل (دار امل��دى)‬ ‫ُط �ب �ع��ت وب �ي �ع��ت م �ن��ذ س �ن��وات‬ ‫في البالد‪ ،‬وكذلك في معرض‬ ‫الكتاب السابق في ليبيا‪ ،‬ولم‬

‫يحدث أن تعرضت إلى أي انتقاد‪ .‬وهي للمؤلف التركي ندمي‬ ‫غورسيل الذي ولد سنة ‪ ،1951‬وله مؤلفات تناهز الثالثني ما‬ ‫بني رواية وأقصوصة وحكايات أسفار ومحاوالت‪.‬‬ ‫تبدو هذه الرواية الرائعة كأنها سيرة ذاتية‪ .‬فعبر طرح األسئلة‬ ‫ح��ول املفاصل اإلشكالية ف��ي ت��اري��خ إس�لام ال��دع��وة واإلس�لام‬ ‫امل�ع��اص��ر‪ ،‬يتساءل ن��دمي غورسيل ع��ن اإلمي��ان وع��ن إشكاالت‬ ‫اإلسالم وعن تركيا احلديثة وعالقتها بتاريخها الذي كانت فيه‬ ‫مق ّر اخلالفة اإلسالمية‪.‬‬ ‫بعد م��وت أبيه يعيش احلفيد ف��ي َك�نَ��ف ج� ّ�ده وج� ّ�دت��ه‪ .‬اجل� ّ�د‪،‬‬ ‫احملامي‪ ،‬وال��ذي كان ضابطاً في اجليش التركي‪ ،‬كان مسلماً‬ ‫تق ّياً سعى جاهداً لغرس مبادئ اإلسالم في ذهن حفيده‪ .‬لكن‬ ‫جدته النابعة من‬ ‫هذا احلفيد الذي تأ ّثر بأفكار ج ّده وحكايات ّ‬ ‫التقليد التركي‪ ،‬اكتشف أن احلياة التي يعيشها في مرحلة ما‬ ‫بعد اخلالفة ال تتطابق مع احلكايات اجلميلة عن حياة مح ّمد‬ ‫وتطرح عليه تساؤالت عن العالقة بالدين وعن تاريخ هذا الدين‬ ‫وعن اإلسالم بني مرحلة حياة مح ّمد وحياة املسلمني اليوم‪.‬‬ ‫مل����اذا وك��ي��ف ان��ت��ص��ر م��ح��م��د واس��ت��ط��اع حت��ط��ي��م أص��ن��ام‬ ‫اجلاهل ّية‪ ،‬التي ك��ان املك ّيون وال��ب��دو يعبدونها ويطلقون‬ ‫عليها تسمية «بنات الله»؟‬ ‫مل���اذا خ ��اض اجل �ي��ش ال�ت��رك��ي‬ ‫ال�ق�ت��ال ض��د مسلمني آخرين‬ ‫ف���ي م� � ّك ��ة وامل���دي� �ن���ة‪ ،‬ال �ل �ت�ين‬ ‫يقدسونهما؟‬ ‫هكذا يبني هذا احلفيد عاملاً‬ ‫من األفكار قوامه الصراع بني‬ ‫اخلير والش ّر‪.‬‬

‫سمير الفرجاني‪ :‬نحن ننشر ونبيع كتب ًا‪ ..‬وليس‬ ‫مخدرات أو أسلحة‪ ..‬فلماذا املسدس والبندقية‬ ‫والقنبلة واألصفاد؟‬


‫عبدالرحمن مطر يكشف عن « سرابه البري»‬ ‫�ري»‬ ‫�راب ب � ّ‬ ‫ص���درت م��ؤخ��راً رواي� ��ة «س � � ٌ‬ ‫للكاتب ال�س��وري عبدالرحمن مطر‪ ،‬عن‬ ‫دار ج��داول للنشر والترجمة والتوزيع –‬ ‫بيروت‪ .‬وهي العمل الروائي األول الذي‬ ‫يصدر للمؤلف‪ ،‬وكتبه من داخ��ل السجن‬ ‫السياسي‪ ،‬وتعتبر عم ً‬ ‫ال مضافاً إلى أدب‬ ‫السجون في املكتبة العربية‪.‬‬ ‫تتناول الرواية حياة السجن‪ ،‬بكل ما فيها‬ ‫من مكابدات ومعاناة‪ .‬وتركز على أربع‬ ‫مسائل أساسية هي‪« :‬التعذيب – القهر‬ ‫– احل��رم��ان – ان �ت �ه��اك ح �ق��وق اإلن �س��ان‬ ‫وحرياته»‪.‬‬ ‫وذل��ك عبر تقسيم النص إلى زمنني‪ :‬من‬ ‫االعتقال إلى احلكم‪ ،‬والثاني فترة السجن‬ ‫املؤبد‪ ،‬في جزءين و‪ 38‬فصال‪ .‬كما تتناول‬ ‫بعض حمل��ات من أح��داث الربيع العربي‪،‬‬ ‫ال��ذي م �زّق س�ط��وة ال�ط�غ��اة‪ ،‬رغ��م فداحة‬ ‫اخلراب وعظمة التضحيات‪.‬‬ ‫تدور أحداث الرواية‪ ،‬في مكان محدد هو‬

‫السجن‪ ،‬وإن تعددت أماكن االعتقال‪ .‬من‬ ‫دون أن تغفل التداعيات املتصلة باحلياة‬ ‫العامة‪ ،‬واملجتمع الذي تتناوله‪.‬‬ ‫ع��ام��ر عبدالله ‪ ،‬ك��ات��ب وص�ح��اف��ي‪ ،‬يتم‬ ‫اع �ت �ق��ال��ه م ��ن ال� �ش���ارع‪ ،‬وس���ط ال �ن �ه��ار‪،‬‬ ‫ألس� �ب ��اب س �ي��اس �ي��ة‪ ،‬ل �ي �ت �ع��رض ب�ع��ده��ا‬ ‫لشتى أن��واع التعذيب وال�ق�ه��ر‪ ،‬على يد‬ ‫احمل�ق�ق�ين‪ ،‬ث��م يخضع حمل��اك�م��ة ص��وري��ة‬ ‫غير عادلة‪ ،‬ليجد نفسه وسط املجرمني‬ ‫اجلنائيني كعقوبة مضاعفة‪ ،‬يقضيها في‬ ‫ع��ذاب��ات احل��رم��ان م��ن احل��ري��ة واألس��رة‬ ‫والعدالة‪ ..‬وغيرها‪ ،‬إضافة إلى أساليب‬ ‫القهر املادية واملعنوية‪ ،‬التي يستخدمها‬ ‫السجان‪ ،‬مثل االنتهاكات البشعة آلدمية‬ ‫ال �س �ج�ين‪ ،‬وح���االت ال�ق�ه��ر واالغ �ت �ص��اب‬ ‫واجل�� �ن� ��ون‪ ،‬ال� �ت ��ي ي��ت��ع��رض��ون ل��ه��ا ف��ي‬ ‫املعتقالت والسجون‪ .‬يظل عامر عبدالله‬ ‫الشخصية احملورية‪ ،‬وفي كل فصل ثمة‬ ‫شخصيات يضيفها إلى احلدث الروائي‪،‬‬

‫لتسرد ص��ورة م��ن احل�ي��اة امل � ّرة واملهينة‬ ‫ال�ت��ي يعيشها ال�س�ج�ين‪ ،‬ف��ي ظ��ل القهر‬ ‫واالس�ت�ب��داد م��ن جهة‪ ،‬واجل�ه��ل وامل��رض‬ ‫والرذيلة من جهة ثانية‪ .‬يرى املؤلف هذا‬ ‫العمل‪ ،‬شهادة حية على جتربة عاشها‬ ‫خلف القضبان‪ ،‬كتبها داخ��ل األس��وار‪،‬‬ ‫وجنح في تهريبها ورقة‪ ..‬ورقة‪ .‬والعمل‬ ‫أيضاً شهادة تفضح القمع واالستبداد‬ ‫ال ��ذي مت��ارس��ه األن�ظ�م��ة ال��دي�ك�ت��ات��وري��ة‪،‬‬ ‫خاصة سوريا وليبيا‪.‬‬ ‫ي��ذك��ر أن امل��ؤل��ف ك��ات��ب سياسي وشاعر‬ ‫سوري‪ ،‬جاه َر مبعارضته للنظام السوري‬ ‫منذ أواخ��ر السبعينيات‪ ،‬فدفع ثمن ذلك‬ ‫ف��ات��ورة باهظة م��ن امل�لاح�ق��ة واالع�ت�ق��ال‬ ‫والسجن والتشرد‪.‬‬ ‫صدرت له عدة كتب منها‪« :‬أوراق املطر»‬ ‫نصوص شعرية ‪ 1998-‬دمشق الرباط‪.‬‬ ‫و «وردة املساء» نصوص شعرية ‪– 2000‬‬ ‫دمشق‪/‬الرباط‪.‬‬


‫‪52‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫ثقافة‬

‫اإلصدار الثامن الذي سنتناوله اليوم من إصدارات مجلة املستقل هو ديوان‬ ‫شعر باللهجة العامية الليبية (الشعر احملكي) للشاعر سالم العالم بعنوان‬ ‫جو ْك» وهو عنوان ألحد الدواوين بالنص‪ ..‬وقد سبق أن صدر للشاعر‬ ‫«على ّ‬ ‫مجموعة من الدواوين الشعرية في هذا املجال وهي‪ :‬أنا والليل خوت‪ ،‬ابتسمي‪،‬‬ ‫خريف الريح‪ ،‬أرقص ألم‪ ،‬محكيات‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫على جوّكْ‬

‫البحث عن نص خاص‬

‫الشعر ال ُيشرح‬ ‫تضمن الديوان ‪ 23‬قصيدة احتوتها ‪125‬‬ ‫صفحة من القطع املتوسط وقد سبق وأن‬ ‫أش��رت ف��ي كتابة سابقة إل��ى أن الشعر‬ ‫ال يُشرح بل هو حالة إبداعية تستوجب‬ ‫التفاعل معها ك � ٌل حسب ذائقته ورؤيته‬ ‫اخلاصة‪ ،‬ولعل الشعر احملكي الليبي من‬ ‫أكثر أصناف الشعر التي اختلف الناس‬ ‫حولها في ليبيا‪ ،‬وذلك لكونه أدخل للمشهد‬ ‫الشعري الليبي مصطلحاً جديداً مثيراً‬ ‫للجدل وه��و مصطلح «الشعر احملكي»‪،‬‬ ‫ولكونه خرج علينا فجاءة مع بداية األلفية‬ ‫اجلديدة وحقق انتشاراً واسعاً مما خلق‬ ‫له مؤيدين كثيرين ومعارضني أكثر‪ ..‬لذلك‬ ‫ارتأينا هنا ومبناسبة صدور الديوان الذي‬ ‫بني أيدينا أن نقدم حملة عن هذه الظاهرة‬ ‫الشعرية ث��م نستعرض بشكل س��ري��ع ما‬ ‫جاء في الديوان من نصوص‪ ،‬وهو األمر‬ ‫ال��ذي أراه رمبا يهم املتتبع والقارئ أكثر‬ ‫من النصوص نفسها والتي يسهل على كل‬ ‫منا قراءتها واستيعابها خاصة وأنها كتبت‬ ‫بلهجة بيضاء دون أن تفقد هويتها الليبية‪.‬‬ ‫سيرة احملكية الليبية‬ ‫الشك أن ظاهرة الشعر احملكي في ليبيا‬

‫تلفت االنتباه إليها بسبب بزوغها فجأة‬ ‫دون س��اب��ق إن� ��ذار وان �ت �ش��اره��ا بسرعة‬ ‫وبغزارة داخل ليبيا وخارجها‪ ..‬األمر الذي‬ ‫ي��دع��ون��ا لتسليط ال �ض��وء عليها وضعها‬ ‫حتت املجهر ملعرفة أسرارها وتطوراتها‪.‬‬ ‫إن املتابع للحراك الشعري الليبي يعرف‬ ‫مدى سطوة وانتشار الشعر الشعبي في‬ ‫ليبيا وامتداده عبر هذه املساحة الشاسعة‬ ‫وت��وغ��ل��ه ف ��ي ت��رك �ي��ب ال �ب �ن �ي��ة ال�ث�ق��اف�ي��ة‬ ‫واالج�ت�م��اع�ي��ة الليبية م��ع ت �ط��ور واض��ح‬ ‫للشعر الغنائي الليبي ف��ي الثمانينيات‬ ‫التسعينيات م��ن ال �ق��رن امل��اض��ي‪ ..‬ولكن‬

‫مع بداية القرن الواحد والعشرين ظهر‬ ‫مجموعة من الشباب الذين يكتبون شك ً‬ ‫ال‬ ‫مغايراً من الشعر باللهجة العامية الليبية‬ ‫يختلف في تراكيبه وصوره ومفرداته عن‬ ‫الشعر الشعبي والشعر الغنائي املسيطرين‬ ‫على الساحة الشعرية في جانبها العامي‬ ‫(ب�ع�ي��داً ع� ّم��ا يتم ت��داول��ه باللغة العربيد‬ ‫الفصيحة) حقق ه��ؤالء الشباب انتشارا‬ ‫واس �ع��ا ف��ي ك��ل ليبيا ول �ق��وا استحساناً‬ ‫من العديد من األوس��اط الثقافية بينما‬ ‫انتهج البعض األخ��ر جانب احل��ذر وعدم‬ ‫االقتناع أم��ام ه��ذا امل��ول��ود اجلديد ولكن‬


‫نشرها حتى اآلن؟‪.‬‬

‫إقبال الناس على قصائدهم وأشعارهم‬ ‫وحت�م��س مجموعة م��ن األدب���اء والكتاب‬ ‫ال��ذي��ن ينتهجون الفصحى كلغة للتعبير‬ ‫ع��ن إبداعهم ساهم ف��ي انتشار قصائد‬ ‫ه ��ؤالء ال �ش �ب��اب ك��ال �ن��ار ف��ي ال�ه�ش�ي��م في‬ ‫أغ�ل��ب ليبيا م��ع اس �ت �م��رار ال�ت��رح�ي��ب من‬ ‫ال�ب�ع��ض واالس �ت �ه �ج��ان م��ن ال�ب�ع��ض حيث‬ ‫حتركوا بشكل واع وومنهج قاموا بإحياء‬ ‫العديد من األمسيات الشعرية في اغلب‬ ‫مدن سواء بشكل جماعي أو فرادى وذلك‬ ‫لكسب التأييد وحتقيق االنتشار‪.‬‬ ‫مطلوبون في كل مكان‬ ‫أص�ب��ح ش �ع��راء احمل�ك��ي ف��ي زم��ن قياسي‬ ‫من ال��وج��وه واألص ��وات التي تبحث عنها‬ ‫ال �ص �ح��ف وامل� �ج�ل�ات وال��ق��ن��وات امل��رئ�ي��ة‬ ‫وامل �س �م��وع��ة الليبية وف ��ي غ�ض��ن خمس‬ ‫سنوات فقط متكنوا من نشر مجموعة‬ ‫م��ن اإلص� ��دارات لقصائدهم وأشعارهم‬ ‫التي أطلقوا عليها تسمية الشعر احملكي‪..‬‬ ‫ومن مت حتركوا عربيا لتستقبلهم عواصم‬ ‫ومدن عربية كثيرة إلقامة أمسيات شعرية‬ ‫لهم من املغرب إلى اجلزائر وتونس ومصر‬

‫وسوريا ولبنان وألردن واإلم ��ارات وقطر‬ ‫وسلطنة عمان ليصبحوا رقماً مهما في‬ ‫معادلة الشعر العامي في الوطن العربي‬ ‫ب��اخ�ت�لاف تسمياته وي��ذك��ر أن الشعراء‬ ‫ال��ذي��ن ك��ان��ت ل �ه��م ال ��ري ��ادة وال �س �ب��ق في‬ ‫حتقيق هذا املنجز في ليبيا هم‪ :‬الصيد‬ ‫الرقيعي‪ ،‬محمد الدنقلي‪ ،‬سالم العالم‪..‬‬ ‫ثم التحق بهم عبداملنعم الفليليح‪ ..‬وتبعه‬ ‫آخرون حتى أصبح اآلن هناك العديد من‬ ‫الشعراء ينهجون هذا النهج‪.‬‬ ‫هذا الديوان‬ ‫ه��ذا م��ا جن��ده ف��ي مطلع ال��دي��وان حيث‬ ‫جند الشاعر يهدي ديوانه إلى أصدقاءه‬ ‫ال�ش�ع��راء ال��ذي��ن ش��ارك��وه مغامرة الشعر‬ ‫احمل �ك��ي وب��ال�ن�ظ��ر إل��ى ق�ص��ائ��د ال��دي��وان‬ ‫س �ن�لاح��ظ أن ال �ش��اع��ر م�ه�ت��م بالتوثيق‬ ‫ال��زم��ان��ي وامل�ك��ان��ي لنصوصه حيث ذيل‬ ‫كل قصيدة بتاريخ ومكان كتابتها وسنرى‬ ‫أن قصائد ال��دي��وان ق��د كتبت كلها في‬ ‫ال�ف�ت��رة م��ن ‪ 2006‬وح�ت��ى نهاية ‪2010‬‬ ‫مما يجعلنا نطرح سؤاال عن سبب تأخر‬

‫نفس قصير‬ ‫سنالحظ أيضا أن نفس الشاعر قصير‬ ‫وغابت النصوص الطويلة التي اعتدنا عليها‬ ‫في الشعر احملكي‪ ..‬ودون أن نخوض في‬ ‫تفاصيل النصوص ألت��رك لقارئ الديوان‬ ‫أن يتفاعل معها كيفما يشاء أود أن أشير‬ ‫هنا أن هناك بعض النصوص التي انتهجت‬ ‫املباشرة في الطرح واعتمدت على الضغظ‬ ‫على مكامن الوجع لدى املتلقي مما أضعف‬ ‫شاعريتها مثل نص (مش مسموح ‪ -‬البالد‬ ‫تنحب ‪ -‬امل��راي��ا ‪ -‬نحنا احل �ي��اة) مقابل‬ ‫نصوص احتملت مقدارا اكثر من الشاعرية‬ ‫مثل (ي��ا تغيب يا تريحني – يا حلو – يا‬ ‫ح��ب م��اب��ا ينتسي ‪ -‬غ�ي�ب��وب��ة) ون�ص��وص‬ ‫حملت نفسا غنائيا عاليا مثل (على جوك‬ ‫ عندك علم ‪ -‬حضور) مع محاولة لكتابة‬‫نص نثري بالعامية وهذا ماجنده في نص‬ ‫انتحار والذي اقرب مايكون الى نص فصيح‬ ‫من نص عامي‪ ..‬في املجمل فإن نصوص‬ ‫ال��دي��وان تتخذ اشكاال مختلفة وايقاعات‬ ‫مختلفة ول�ي�س��ت ف��ي ن�س��ق واح���د كأني‬ ‫بالشاعر ميارس التجريب بحثا عن نصه‬ ‫اخلاص مع مالحظة حضور ذات الشاعر‬ ‫بصورة بارزة في اغلب نصوصه‪ ..‬مع تناول‬ ‫للتفاصيل الصغيرة واليومية في نصوص‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫إضافة جديدة‬ ‫ختاما سنعتبر ال��دي��وان إض��اف��ة جديدة‬ ‫ملكتبة الشعر احملكي وسيظل كغيره من‬ ‫ال��دواوي��ن ال�ت��ي ص��درت ف��ي ه��ذا املجال‬ ‫سيتقبله البعض وسيرفضه البعض اآلخر‬ ‫ويبقى للمتلقى حرية التعاطي معه بعيدا‬ ‫عن أي تقييمات قد نضعها الغرض منها‬ ‫ليس النقد بقدر م��ا ه��و تسليط الضوء‬ ‫على إصدار جديد‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪54‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫حوار‬

‫الفنان الشاب واصف الخويلدي‬ ‫يستغرب استمرار التجاهل الحكومي للفن‬

‫الدراما الليبية سلعة رمضانية‬ ‫مسرحية اقتلني لو سمحت‬

‫لوحة الرومان و املسلمني و صراع من أجل األرض في أحد األعمال املسرحية‬


‫مسرحية ولد يتيم مع فنية املكياج نعيمة هويدي‬

‫من مسرحية امليت احلى‬

‫القرار الصارم في حق نفسي أتخذته في‬ ‫ملتقى املدينة للمواهب‬

‫ليس كل إنسان فنان‪ ,‬فهناك الكثير من البشر ال ميلكون‬ ‫صفة املبدعني‪ ,‬خصوص ًا لو حتدثنا عن فن التمثيل‬ ‫سنجد ب��أن امل��ه��ارة التي تستخدم ف��ي ه��ذا ال��ن��وع من‬ ‫الفنون تختلف كلي ًا عن غيرها من فنوناألداء ‪ ..‬فليس‬ ‫باستطاعة أي إنسان التمثيل أو إقناع من هو أمامه على‬ ‫أن ما يقدمه هو صورة طبق األصل عن الواقع إال من‬ ‫يحمل أفكار ًا بعيدة عن التقليد ومبتكرة‪ ،‬ويعيش خيا ً‬ ‫ال‬ ‫وإحساس ًا يفوقان تصور العاديني‪ ,‬فالفن موهبة تأتي من‬ ‫الله وتستمر باملثابرة والتجارب واإلصرار على تطويرها‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا العدد من مجلة املستقل خصصنا املساحة‬ ‫الفنية ملمثل طموح استطاع إب��راز موهبته من خالل‬ ‫إمي��ان��ه ب���أن ال��ف��ن رس��ال��ة إنسانية ت��ه��دف إل���ى السمو‬ ‫بالبشر وال���رق���ي بأحاسيسهم جت���اه ال��وط��ن واحل��ب‬ ‫واخلير واجلمال‪ ,‬ولعلنا وجدنا فيه بعض الصفات التي‬ ‫حتدثنا عنها سلفاً‪ ،‬وهو الفنان الشاب «واصف محمد‬ ‫اخلويلدي» من مواليد ‪ 1988‬متحصل على دبلوم عالي‬ ‫فنون مرئية قسم السيناريو واإلخراج ‪ ..‬بدأ حياته الفنية‬ ‫من خالل إحدى املنتديات الصيفية ضمن مجموعة من‬ ‫أصدقائه وشارك معهم العديد من االعمال املسرحية‬ ‫واملناشط الثقافية في مختلف مدن ليبيا‪ ,‬ومن خالل‬ ‫تلك املشاركات رأى في نفسه بأنه يستطيع أن يقدم‬ ‫شيئ ًا في مجال املسرح‪ ,‬وب��دأ ه��ذا الطموح يكبر معه‬ ‫مبساندة وتشجيع بعض الفنانني وإقحامه في بعض‬ ‫األعمال املسرحية وكان ند ًا لهذا التحدي‪ ,‬حيث شارك‬ ‫في املهرجان الوطني للمسرح في عدة دورات وكان مميز ًا‬ ‫من بني املشاركني خصوص ًا من هم في جيله‪ ,‬كما أتيحت‬ ‫له فرصة اخلوض في مجال أخر من مجاالت الفن وهو‬ ‫الدراما عن طريق املخرج الراحل «محمد مختار» من‬ ‫خالل مسلسل «العمارة» والذي كان أول جتربة درامية‬ ‫له‪ ،‬فتحت املجال أمامه لتكرار احملاولة‪ ,‬فبعد العمارة‬ ‫شارك في العديد من املسلسالت واملنوعات األخرى منها‬ ‫(كل يوم حكاية ‪ -‬النصيب ‪-‬ليبيات ‪ -‬طراطيش كالم ‪-‬‬ ‫ماعندكش عندي ‪ -‬ابتسامات مرئية ‪ -‬فوبيا ‪ -‬دراجنوف‬ ‫ عطية كونان‪ -‬فيلم البشير وال��وزي��ر) باإلضافة إلى‬‫بعض االع��م��ال الغنائية االستعراضية وك���ان أبرزها‬ ‫«ملحمة قورينا» و «الشمس ربان السفينة» ‪ ..‬كما حتصل‬ ‫على جوائز وشهائد تقدير عن العديد من األعمال ولعل‬ ‫آخرها جائزة أفضل ممثل دور أول في مهرجان جائزة‬ ‫(طرابلس سبتيموس لإلبداع الفني) لسنة ‪.2012‬‬

‫حوار‪ :‬علي خويلد‬

‫الشباب يحاولون إحياء املسرح حتى ولو كان‬ ‫عن طريق املجهود اخلاص‬

‫والدي أول من دعمني ‪ ..‬وأحمد إبراهيم أهم‬ ‫شخصية تأثرت بها‬ ‫مهرجان ليالي طرابلس اعتبره خطوة مهمة‬ ‫في مسيرة املسرح‬ ‫أنا مؤمن بأن في داخل كل ممثل مخرج‬

‫فرد بالقول‬ ‫طالبنا الوزير احلبيب المني بدعم املسرح ّ‬ ‫« واحد مشنوق ‪ ..‬وواحد باله في احللوى»‬ ‫املستقل‪ :‬لنتعرف أكثر على واص��ف اخلويلدي كيف بدأ‬ ‫مشواره الفني؟ وماهي أصعب اللحظات التي اعترضت‬ ‫طريقه في البدايات‪ ،‬وجعلته يشعر إم��ا ب��اإلص��رار على‬ ‫االستمرار وإما الفشل والتوقف؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬كانت بدايتي من خالل النادي الصيفي «ملتقى املدينة‬ ‫للمواهب» مبنطقة بسوق اجلمعة‪ ,‬وك��ان ب��ه العديد م��ن النشاطات‬ ‫الرياضية والثقافية املختلفة مثل الرسم واملوسيقى واملسرح وفنون الدفاع‬ ‫عن النفس وكرة القدم‪ ,‬وبصراحة كان ميولي من بني كل هذه النشاطات‬ ‫هو املسرح ‪ ..‬التحقت بفريق التمثيل وشاركت معهم في العديد من‬ ‫املسرحيات واألنشطة‪ ,‬وكان لي الشرف باملشاركة في مهرجان مسرحي‬ ‫على مستوى ليبيا مخصص للنوادي الصيفية واملنتديات‪ ,‬ومن ذلك الوقت‬ ‫زاد عشقي للمسرح وأحببته ورأيت في نفسي بإمكاني أن أقدم شيئاً في‬ ‫هذا املجال مستقب ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫أما اللحظات الصعبة التي شعرت بها في بداياتي وجعلتني أمام اتخاذ‬ ‫قرار صارم في حق نفسي‪ ،‬إما االستمرار في التمثيل أو التوقف جاءت‬ ‫في تلك الفترة التي كنت فيها في النادي ولم تكن هناك استمرارية في‬ ‫تقدمي االعمال املسرحية بشكل منتظم واملشاركة كانت مقتصرة في‬ ‫مواسم الصيف فقط ‪ ..‬أي مهرجان واحد في السنة وأحياناً كل سنتني‪،‬‬ ‫وهذا ما جعل قراري هو االستمرار واإلصرار على املواصلة‪ ,‬فاملسرح‬ ‫كان والزال يعاني من حالة الركود وعدم االستمرارية‪ ,‬ورغم هذا نحن‬


‫‪56‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫حوار‬

‫يتسلم جائزة سبتيموس ‪ 2012‬أفضل ممثل دور أول‬

‫جائزة سبتيموس أعطتني الدافع للتقدم وإعادة حساباتي‬

‫الشباب نحاول أحياءه و لو باملجهود اخلاص‪ ،‬فاملسرح أستاذ الشعوب ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬جميعنا نعلم بأن املسرح من أصعب أنواع الفنون‬ ‫وأخطرها‪ ,‬فمن دفعك للصعود على الركح؟ ومن الشخصية‬ ‫املسرحية التي تأثرت بها ؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬اعتبر املسرح هو األكثر تعبيراً عن احلياة االنسانية‪,‬‬ ‫ويختلف عن بقية الفنون األخرى‪ ،‬فاملسرح فكر وإبداع‪ ،‬وألن وراء احلركة‬ ‫والفعل افكار ومواقف تتصارع مع ّبرة عن صراعات فكرية اجتماعية‬ ‫وسياسية وأيضاً ثقافية‪ ,‬فالعمل املسرحي عندما يكون مباشراً أمام‬ ‫اجلمهور اعتقد بأنه أصدق في رسالته رغم صعوبة األداء لعدم وجود‬ ‫التكرار في املشهد‪ ,‬واخلطأ في املسرح يُحسب وال يُعاد‪.‬‬ ‫لي في احلركة املسرحية‬ ‫أما فيما يتعلق مبن ساندني وكان الداعم األول ّ‬ ‫هو وال��دي حفظه الله‪ ,‬باإلضافة إلى العديد من املخرجني واملمثلني‬ ‫أبرزهم الفنان «خالد ابوشرود» والفنان «أحمد ابراهيم» والفنان املرحوم‬ ‫«محمد العالقي» و غيرهم الكثير ‪ ..‬ولكن يبقى الفنان القدير «أحمد‬ ‫ابراهيم» هو الشخصية األكثر تأثيراً بالنسبة لي في مجال املسرح‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬حدثنا ع��ن األع��م��ال املسرحية ال��ت��ي شاركت‬ ‫فيها‪ ،‬وما هو العمل الذي تشعر بأنه ترك أثر ًا طيب ًا لدى‬ ‫اجلمهور ؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬شاركت في العديد من التظاهرات واملهرجانات الوطنية‬ ‫منها املهرجان الوطني التاسع للمسرح الذي اقيم في مدينة طرابلس‪،‬‬ ‫وك��ان��ت م�ش��ارك�ت��ي م��ن خ�ل�ال مسرحية‬ ‫«ال �ه��ذي��ان»‪ ,‬وامل�ه��رج��ان الوطني العاشر‬ ‫مبسرحية «ان�ت�ح��ار رائ��د ال�ف�ض��اء» في‬ ‫مدينة بنغازي‪ ,‬وكذلك املهرجان احلادي‬ ‫عشر باجلبل االخضر مبسرحية «حلمه‬ ‫إي ��ه وح�ل�م��ه ال»‪ ,‬ب��اإلض��اف��ة ملشاركتي‬ ‫مبسرحية للطفل ف��ي امل�ه��رج��ان األول‬ ‫للطفل الليبي والذي اقيم مبدينة بنغازي‬ ‫س�ن��ة ‪ ,2010‬وأي��ض��اً ك ��ان ل��ي نصيب‬ ‫امل �ش��ارك��ة ف��ي امل �ه��رج��ان��ات اجلامعية‬ ‫وامل�ع��اه��د العليا وحتصلت على جائزة‬ ‫أفضل ممثل دور أول من خالل مسرحية‬ ‫«اقتلني ل��و سمحت» سنة ‪ ,2011‬إلى‬ ‫جانب بعض املشاركات في التظاهرات‬ ‫اخلاصة باملنتديات والنوادي الرياضية‬

‫مع الفنانة التونسية سهير بن عمارة في عمل دراجنوف‬

‫والثقافية‪ ,‬وال أنسى مهرجان ليالي طرابلس املسرحية ال��ذي اعتبره‬ ‫خطوة مهمة جداً في مسيرة املسرح الليبي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬كان لك بعض املشاركات في «أوبريتات غنائية»؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬نعم ‪ ..‬شاركت في أُوبريت «أغنية للوطن» عن طرابلس‬ ‫بإشراف أمانة الثقافة واإلعالم سنة ‪ 2007‬مبناسبة طرابلس عاصمة‬ ‫الثقافة اإلسالمية‪ ,‬وكذلك في أوبريت‬ ‫اخ��ر بعنوان « الشمس رب��ان السفينة «‬ ‫أيضاً برعاية امانة الثقافة واإلع�ل�ام ‪,‬‬ ‫باإلضافة ملشاركتي صحبة بعض الفنانني‬ ‫الليبيني ف��ي «ملحمة قورينا اخل��ال��دة»‬ ‫‪ 2010‬والتي تتحدث عن تاريخ ليبيا في‬ ‫اجلهاد‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬إلى أي مدى يستطيع‬ ‫املسرح بوضعه الراهن أن يعكس‬ ‫هموم وآم���ال امل��واط��ن واملجتمع‬ ‫بشكل عام؟‬ ‫اخل��وي��ل��دي‪ :‬مثلما ذك ��رت قبل قليل‬ ‫املسرح ال يزال يعاني من تهميش وعدم‬ ‫االهتمام وزاد هذا التهميش ما بعد ثورة‬ ‫السابع عشر من فبراير‪ ,‬فوزراء الثقافة‬

‫عبر العمارة أحببت العمل الدرامي ‪..‬‬ ‫والفضل يعود للراحل محمد مختار‬ ‫«دراجنوف» نقلة فريدة في عالم‬ ‫الدراما التلفزيونية‬


‫عمل دراجنوف‬

‫من مسلسل دراجنوف‬

‫لقطة من مسلسل فوبيا‬

‫لم يعطوا للمسرح اي أهمية منذ استالم مهامهم‪ ,‬ومر على هذه احلكومة‬ ‫‪ 4‬وزراء وال يوجد واحدا منهم يحمل في داخله حب املسرح‪ ,‬بل بالعكس‬ ‫أصروا علي تهميشه جميعاً‪ ,‬ففي فترة الوزير «حبيب األمني» عندما كان‬ ‫ُمكلفاً باحلقيبة الثقافية اجتمع بنا كمجموعة من املسرحيني وطالبناه في‬ ‫االجتماع بدعم املسرح و لو بأبسط االمكانيات وكان رده حرفياً (واحد‬ ‫مشنوق وواح��د باله في احللوى) ‪ ..‬فهل‬ ‫تنتظر من وزير يرد بهذه الطريقة ان يدعم‬ ‫املسرح ؟ لألسف هذا أبسط دليل على‬ ‫أن��ه ال يعلم ب��أن املسرح استاذ الشعوب‬ ‫وهو مرآة الوطن واملواطن وال يدرك بأنه‬ ‫لو أعطأ للمسرح سيأخذ شعباً مثقفاً‬ ‫ومتعلماً قادراً على بناء دولته‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬برأيك ما أهم األسماء‬ ‫ال���ت���ي خ���دم���ت امل����س����رح ال��ل��ي��ب��ي‬ ‫وأسهمت في تنشيطه وتطويره ؟‬ ‫من جيل الشباب اقصد؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬هناك العديد من األسماء‬ ‫من جيل الشباب لها بصمة في املسرح‬ ‫الليبي وبذلت مجهودات كبيرة وساهمت‬ ‫في تطوير احلركة الفنية وإحياء املسرح‬

‫بإمكانيات بسيطة جداً‪ ,‬منهم في طرابلس الفنان خالد درويش ومصطفى‬ ‫الشيخ وإبراهيم املرغني وعصام الزنتاني‪ ,‬وكذلك الفنان هيثم درباش‬ ‫وم��راد العرفي من مدينة بنغازي‪ ,‬وم��ن أجدابيا الفنان الرائع بلقاسم‬ ‫ادريس‪ ,‬باإلضافة لبعض األسماء األخرى التي ال أتذكرها األن ولكن لهم‬ ‫أعمال مميزة ستبقى مسجلة في أرشيف املسرح الليبي‪ ,‬ولهم مني كل‬ ‫التقدير واالحترام‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما نالحظه في األعمال الفنية سواء املسرحية‬ ‫أو ال��درام��ا أوالسينما وحتى األغنية هناك ت��داخ��ل في‬ ‫التخصصات‪ ،‬فالفنان املسرحي أحيان ًا يكون ممثالً وأحيان ًا‬ ‫معد ًا وحتى املطرب يكتب ويلحن لنفسه‬ ‫مؤلف ًا أو مخرج ًا أو ّ‬ ‫فلماذا هذا التداخل؟ وهل تؤمن بالتخصص الفني؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬اإلبداع ال يقتصر على جانب معني أو تخصص ما‪ ,‬فاإلبداع‬ ‫فضاءات مفتوحة ال نهاية لها‪ ,‬وأنا مؤمن‬ ‫بأن في داخ��ل كل ممثل مخرج وأحياناً‬ ‫تتغلب النفس اإلخ��راج�ي��ة عند املمثل‪,‬‬ ‫وكذلك األمر في داخل كل مخرج ممثل‪,‬‬ ‫وهذا املخرج قد يستطيع أن يقف أمام‬ ‫الكاميرات ويستمر ورمب��ا يكون ناجحاً‬ ‫أكثر في التمثيل‪ ,‬فكثير من املخرجني‬ ‫حت��ول��وا إل��ى ممثلني خ��اص� ًة ف��ي مجال‬ ‫السينما العربية بعدما سيطر املمثل الذي‬ ‫في داخلهم علي املخرج ال��ذي يحتويهم‬ ‫‪ ..‬واعتقد نفس احلالة التي تكون عند‬ ‫املطرب‪ ,‬فأغلب املطربني لديهم القدرة‬ ‫على التلحني خصوصاً لو كانت كلمات‬ ‫االغنية من تأليفهم‪ ,‬ألن إحساس الكاتب‬ ‫أحياناً لن يكون مثل احساس امللحن ولهذا‬

‫علي االختيار والتقييم ساختار‬ ‫لو فرض ّ‬ ‫ليبيات ودراجنوف‬ ‫فشل الدراما احمللية يعود إلى االعتماد‬ ‫الكامل على انتاج الدولة‬


‫‪58‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫حوار‬ ‫عمل فوبيا‬

‫من مسلسل ليبيات‬

‫أربع وزراء مروا على احلكومة ال يوجد من‬ ‫يحب املسرح‬ ‫بينهم وزير ّ‬ ‫مسلسل كل يوم حكاية‬

‫يلجأ بعض املطربني للكتابة والتلحني ألنفسهم‪.‬‬ ‫ورغم ذلك أنا عن نفسي ضد هذا التداخل‪ ,‬فعلى الفنان السير في طريق‬ ‫معني واإلبداع في جانب واحد فقط‪ ,‬الن التداخل في التخصصات أحياناً‬ ‫يجعل الفنان مشتت االفكار وقليل العطاء لفنه وجلمهوره‬ ‫املستقل‪« :‬العمارة» مسلسل ليبي ك��ان اول ظهور لك في‬ ‫الدراما الليبية من خالله‪ ,‬كيف تصف تلك التجربة؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬بالفعل كان مسلسل العمارة أول جتربة درامية لي بفضل‬ ‫مخرج العمل رحمه الله «محمد مختار» الذي أتاح لي فرصة املشاركة‬ ‫واعتبرها جتربة رائعة جداً وال استهني بها‪ ,‬ألن العمل كان يضم أغلب‬ ‫جنوم وعمالقة الفن الليبي‪ ,‬وحينها شعرت برهبة وارتباك أمامهم ولكن‬ ‫احلمد لله بفضل توجيهاتهم ونصائحهم استطعت التغلب على هذا‬ ‫اخلوف ومرت التجربة بنجاح وحققنا نسبة مشاهدة كبيرة‪ ,‬وعبر مسلسل‬ ‫«العمارة» أحببت عمل الدراما ومنه كانت االنطالقة لواصف‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ماذا اضاف لك هذا املسلسل؟‬ ‫لي حب الدراما وحب العمل وكيف تستفيد من‬ ‫اخلويلدي‪ :‬أض��اف ّ‬ ‫أصحاب اخلبرة‪ ,‬وأنا اعتز بهذا املسلسل جداً ألنه كان انطالقتي األولى‬ ‫في مجال الدراما وفتح أمامي آفاقاً أخرى في مجال الفن‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬كل يوم حكاية والنصيب وليبيات وعطية كونان‪,‬‬ ‫كل هذه املسلسالت شاركت فيها بأدوار رئيسية‪ ,‬ماهو العمل‬ ‫ال��ذي تعتبره األق��رب إليك؟وهل بني تلك املسلسالت ما‬ ‫ندمت على املشاركة فيه؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬بالنسبة ل»عطية كونان» هذا العمل كان من إخراجي وهو‬ ‫أول جتربة أخوضها في مجال اإلخ��راج املرئي وكان من تأليف «فتحي‬

‫القابسي»‪ ,‬أما أعمال «كل يوم حكاية» و«النصيب» و«ليبيات» كانت مشاركتي‬ ‫فيها بالتمثيل وأعتز بها كأعمال تلفزيونية مع زمالئي الفنانني‪ ,‬واعتبر‬ ‫أقربها إلى قلبي هي سلسلة «ليبيات» للمخرج الرائع «مؤيد الزابطية»‪.‬‬ ‫احلمد لله لم ان��دم يوماً على مشاركتي في أي عمل من األعمال التي‬ ‫شاركت فيها‪ ,‬بل بالعكس اعتبر نفسي راضياً كل الرضا عن نفسي في كل‬ ‫ما قدمت من أعمال ويكفيني رضا اجلمهور وحبهم لهذه االعمال‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬لم نذكر عمل «دراجنوف» من ضمن املسلسالت ألن‬ ‫ثمة من يقول بأنه عمل منوع واليندرج حتت فئة املسلسالت!‬ ‫فكيف تراه أنت باعتبارك جزء ًا منه؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬مسلسل دراجنوف عمل درامي بحث‪ ،‬واعتبره نقلة فريدة‬ ‫من نوعها في عالم الدراما التلفزيونية الليبية ألنه يسرد حقبة من تاريخ‬ ‫ليبيا‪ ،‬فهو من االعمال التى القت صدى جيداً محلياً وعربياً‪ ,‬وأمتنى في‬ ‫األعمال القادمة أن تكون بنفس مستوى «دراجنوف» أو أقوى من حيث‬ ‫النص واإلمكانيات والدعم االنتاجي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬يقول البعض بأن فوبيا ودراجنوف عمالن جاءا‬ ‫بشكل ومضمون واحد؟ فما رأيك؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬عمل فوبيا كان سلسلة متنوعة من خالل حلقات منفصلة‬ ‫عن بعضها البعض دون تسلسل في األحداث‪ ,‬وكانت حتتوي على الكوميديا‬ ‫السوداء الساخرة وتعتمد على سرعة القطع في اللقطات وترتيب املشاهد‬ ‫على عكس «دراجنوف» فهو مسلسل يحكي عن أحداث مرت بها ليبيا في‬ ‫فترة من الفترات وبشكل منطقي وبعيد عن الكوميديا وبأحداث متسلسلة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬مابني الدراما واملنوعات‪ ,‬أين وجد واصف نفسه؟‬ ‫وما هو العمل الذي يعتبره بصمة في حياته الفنية؟‬


‫سأقوم بإخراج عمل منوع سيعرض في رمضان‬

‫عمل استعراضي غنائي عن الوطن‬

‫مللحمة قرورينا مع الفنان انور البلعزي‬

‫التداخل في التخصصات يجعل الفنان مشتت‬ ‫األفكار قليل العطاء لفنه وجمهوره‬

‫أثناء تصوير مسلسل كل يوم حكاية‬

‫اخلويلدي‪ :‬أحياناً أجد نفسي في الدراما‪ ،‬وأحياناً في املنوعات‪ ،‬وهذا‬ ‫إلي من قبل املخرج‪ ,‬وهناك العديد من‬ ‫يعتمد على الشخصية املسندة ّ‬ ‫األعمال التي اعتبرها بصمة جيدة في حياتي الفنية ولكن لو فُرض علي‬ ‫االختيار والتقييم من بني كل االعمال ساختار «ليبيات» و «دراجنوف»‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬بعض الفنانني يقولون بأن تقاعس القطاع العام‬ ‫عن املشاركة في العملية االنتاجية أدى إلى غياب وتردي‬ ‫الدراما الليبية؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬اعتقد أن فشل وتردي الدراما في ليبيا يعود إلى االعتماد‬ ‫الكامل على انتاج الدولة‪ ،‬أي القطاع العام وبعض القنوات اإلعالمية‪،‬‬ ‫وغياب القطاع اخلاص وشركات االنتاج أدى إلى عدم وجود دراما فعلية‬ ‫أو إنتاج قوي مثل ما نشاهده في بعض الدول العربية مثل مصر وسوريا‬ ‫وبعض دول اخلليج‪ ,‬فإلى اآلن لم يُخلق سوق حقيقي للدراما اليبية‪ ,‬بل‬ ‫تعتبر سلعه تستهلك في أيام شهر رمضان فقط‪.‬‬ ‫فلو أردنا إجناح الدراما في ليبيا‪ ،‬البد من اجلهات احلكومية أن تس ّهل‬ ‫إج��راءات التراخيص لشركات االنتاج الفني ودعمها إلنتاج العديد من‬ ‫االعمال الدرامية والفنية بشكل عام وخلق سوق انتاجي على االقل يكون‬ ‫محلياً مبدئياً‪.‬‬ ‫من من املخرجني الشباب تعتبره امتداد ًا جليل‬ ‫املستقل‪ْ :‬‬ ‫عمالقة االخراج الليبي؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬هناك الكثير من املخرجني الشباب الذين اخرجوا عدة‬ ‫أعمال سواء في الدراما أو املسرح أو املنوعات وكانت لهم رؤية ممتازة‬ ‫في اإلخراج أذكر منهم خالد أبو شرود وإبراهيم املرغني وعادل أبوليفة‬ ‫ومصطفى الشيخ ومؤيد الزابطية وأسامة رزق‪ ,‬فجميعهم اعتبرهم امتداداً‬

‫لعمالقة اإلخراج في ليبيا وسيكونون يوماً ما في صفوف املبدعني أمثال‬ ‫خالد الشيخي وامل��رح��وم محمد مختار وعبدالله ال��زروق وغيرهم من‬ ‫املبدعني‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬حتصلت على جائزة أفضل ممثل دور أول من‬ ‫خالل جائزة طرابلس سبتيموس لسنة ‪ ,2012‬ماذا اضاف‬ ‫لك هذا التتويج؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬اضاف لي الكثير ‪ ..‬فهذا التتويج اعتبره اخلطوة األولى‬ ‫في جناحي‪ ,‬وأعطاني حافزا ودعماً كبيراً للتقدم وصقل موهبتي وإعادة‬ ‫حساباتي لكي أكون أفضل في أعمال أخرى وأكثر متيزاً‪ ,‬وأشكر القائمني‬ ‫على جائزة سبتيموس وجلنة التحكيم على هذه الثقة التي منحوني إياها‬ ‫وأشكر اجلمهور الذي يساندني دائماً فلواله لن استطيع االستمرار‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ماذا لديك من أعمال فنية في الفترة القادمة؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬رغم حالة الركود التي مير بها املسرح والتلفزيون إال أننا‬ ‫نحاول االستمرار وتقدمي ما باستطاعتنا للجمهور‪ ,‬فالفترة القادمة سأقوم‬ ‫بإخراج عمل منوع جديد سيعرض في شهر رمضان املبارك‪ ,‬باإلضافة‬ ‫لبعض األعمال األخرى التي أكون فيها ممث ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬رسالة أخيرة نفسح لك املجال لبعثها‪ ..‬ملن تريد‬ ‫إيصالها وماذا تقول فيها؟‬ ‫اخلويلدي‪ :‬رسالتي األخيرة أمتنى أن يكون الرجل املناسب في املكان‬ ‫املناسب بعيداً عن الوساطة وامل�ج��ام�لات‪ ,‬وأمتنى من وزارة الثقافة‬ ‫االهتمام باملسرح وإعطائه مثل باقي املجاالت‪ ,‬وبالرغم من األلم واملعاناة‬ ‫التى يعيشها شعبنا إال إننا نرى (مابعد الضيق إال الفرج) وأمتنى ان نُقدم‬ ‫فناً لبالدنا نرتقي به لتكون في طالئع الدول املتقدمة‪.‬‬


‫‪60‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫رحلة‬

‫مختار اجلدال يرحل بنا في هذا العدد إلى غات‪ ..‬يجوب بنا وديان الصحراء وشعابها باحث ًا‬ ‫عن الواحات القدمية واجلديدة‪ ..‬ومنقب ًا عن مسارات القوافل التاريخية التي مخرت عباب‬ ‫متحجرة لم تدخل ترد في‬ ‫الصحراء لتربط الشمال باجلنوب‪ ..‬في األثناء جند أمامنا غابة‬ ‫ّ‬ ‫أي من البرامج السياحية السابقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫«حقيقة‪ ..‬تنقصنا التجربة في التسويق السياحي‪ ،‬لذا علينا أن نستعني‬ ‫يقول لنا اجل ّ��دال‪:‬‬ ‫مبن لديه اخلبرة والدراية واملعرفة بخفايا التسويق والدعاية للمشروعات السياحية‪ ،‬فليبيا‬ ‫غنية جد ًا مبوروث ثقافي جميل يتمثل في آثار األولني املنتشرة في ربوع البالد»‪.‬‬

‫املختار اجلدال‬

‫في الطريق إلى‬ ‫أكاكوس بحث ًا عن‬ ‫الغابة المتحجرة‬

‫يوميات في غات‬

‫‪ ..‬واحة‬ ‫ليبيا األخيرة‬


‫تآدرارات آكاكوس إلى الشرق من غات حتمي املدينة من مهاجمة‬ ‫الرمال‪ .‬غات املدينة التي تقع في اجلنوب الغربي من ليبيا هي‬ ‫احللقة اجلنوبية األخيرة من مجموع الواحات املنتشرة في وسط‬ ‫الصحراء الكبرى‪ ،‬فهي تقع إلى اجلنوب الغربي من غدامس‪ ،‬وإلى‬ ‫الغرب من سبها‪ ،‬وم��رزق‪ ،‬حيث تبعد‬ ‫عن األولى مسافة ‪ 582‬كم وعن الثانية‬ ‫مسافة ‪ 600‬كم‪ ،‬وعن الثالثة مبسافة‬ ‫‪585‬كم‪ ،‬كما تبعد عن طرابلس مسافة‬ ‫‪ 1360‬كم‪ ،‬وتقع إلى الشمال الشرقي‬ ‫م��ن «ج ��ان ��ت» مب�س��اف��ة ‪ 80‬ك��م على‬ ‫احلدود اجلزائرية‪ ،‬وجانت هذه واحة‬ ‫ج ّماء في األراضي اجلزائرية‪.‬‬ ‫غات ذات موقع مرتفع نسبياً‪ ،‬إذ أنها‬ ‫تقع على سفح جبل كوكمن الذي يصل‬ ‫ارتفاعه إلى ‪ 667‬متراً‪ ،‬ويبلغ ارتفاع‬ ‫املوضع الذي تقع عليه غات ‪ 640‬متراً‬ ‫ع��ن سطح البحر وف��ى ش��رق املدينة‬ ‫تقوم ج��دران جبلية عالية هى جبال‬ ‫أكاكوس ويبلغ ارتفاعها ‪ 1400‬متراً‪،‬‬ ‫وه��ى سلسلة جبلية تقع في اجلنوب‬ ‫الغربي من فزان وغ��ات‪ ،‬ويعتبر جبل‬ ‫كوكمن أحدها‪ ،‬وهو ذو شكل مستطيل‬ ‫يتجه أطول أضالعه من الشمال نحو‬ ‫اجلنوب‪.‬‬ ‫اس��م اك��اك��وس مأخوذ من اس��م يطلق‬ ‫على الطرف املواجه لغات وتنزوفت‬ ‫م��ن ه��ذه الكتلة الصخرية اجلبلية‪،‬‬ ‫ويظهر شكل جبال اك��اك��وس بوضوح‬

‫‪‎‬اجلدال يعاين رسومات األسالف‬

‫من جهة سردليس التي تبدو ذات لون رم��ادي وتبرز منها رؤوس‬ ‫كثيرة ويقطعها عدد كبير من الوديان‪.‬‬ ‫وغات مثلها مثل أي واحة أو قرية أو مدينة وجدت في الصحراء‪،‬‬ ‫فاملاء كان أساس وجودها‪ ،‬مهما اختلفت الروايات في تسمية غات‬ ‫بهذا االسم‪ ،‬وقد أورد أحد الباحثني‪،‬‬ ‫العديد من الروايات التي حتكي قصة‬ ‫نشأة مدينة غات‪ ،‬وكلها تدور حول نبع‬ ‫املاء فجأة فظهرت العني وقامت عليها‬ ‫املدينة‪.‬‬ ‫ك��ان��ت غ��ات ف��ي ال�ق��رن التاسع عشر‬ ‫مدينة صغيرة نسبياً إذا م��ا قيست‬ ‫ب��امل��راك��ز ال�ص�ح��راوي��ة األخ� ��رى‪ ،‬مثل‬ ‫غ ��دام ��س وم � � ��رزق‪ ،‬ف��غ��ات ت �ع��د من‬ ‫ضمن م��دن األس ��واق الصحراوية أو‬ ‫«م� ��دن جت� ��ارة ال �ق��واف��ل» وه ��ي س��وق‬ ‫للتبادل التجاري ملا تقوم به من دور‬ ‫كبير في الربط بني املناطق املختلفة‬ ‫من خالل مرور القوافل التجارية بها‬ ‫باعتبارها سوقاً ومحطة مهمة للتجارة‬ ‫الصحراوية‪.‬‬ ‫ويوجد حولها سور لم يكن حصيناً‪ ،‬وال‬ ‫يفي بغرض الدفاع عن املدينة‪ ،‬ولكنه‬ ‫بالرغم من ذلك فإنه كان كافياً لصد‬ ‫اع �ت��داءات بعض القبائل عن املدينة‬ ‫والتي يقول األهالي أنها كانت حتدث‬ ‫من التبو والطوارق‪.‬‬ ‫كما يوجد باملدينة ع��دد من األب��واب‬ ‫وهى الباب الشمالي‪ :‬ويطلق عليه باب‬

‫تعد مخزن ًا‬ ‫كانت غات قدمي ًا ّ‬ ‫جتاري ًا عظيم ًا للسودان‬ ‫وأفريقيا الوسطي‬

‫غات تبعد عن طرابلس‬ ‫‪ 1360‬كم‪ ..‬وتبعد عن جانت‬ ‫اجلزائرية ‪ 80‬كم‬

‫أساطير املاء حتيط بنشأة غات‬ ‫مثل أي واحة أو قرية أو مدينة‬ ‫وجدت في الصحراء‬


‫‪62‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫رحلة‬

‫اخلير‪ ،‬والباب الشرقي‪ :‬وهو باب كاللة‪ ،‬والباب اجلنوبي‪ :‬وهوباب‬ ‫تْفِ فْغات‪ ،‬والبابا لغربي‪ :‬وهو باب متلغات‪.‬‬ ‫وأصل سكان غات القدماء هجرات قدمت من املغرب األقصى‪ ،‬أما‬ ‫أكثر سكانها فهم عناصر مختلفة من العتارة والتوارق‪ ،‬وأهل توات‬ ‫األنصار‪ ،‬وأهل توات املهاجرين املقيمني في تونني والغدامسيني‪.‬‬ ‫وكانت غات تعد مخزناً جتارياً عظيماً للسودان وأفريقيا الوسطي‪،‬‬ ‫وه��ى تقع على طريق القوافل ذهاباً وإي��اب�اً بني طرابلس الغرب‬ ‫والسودان ومتبكتو‪ ،‬وأكثر أهلها من الطوارق ميضون كل أوقاتهم‬ ‫في التجارة‪ ،‬وكانت مركزاً عسكرياً في عهد الرومان وتعرف باسم‬ ‫«أوبيدومديرابسا»‪.‬‬ ‫عندما تخرج من غات متجهاً جنوباً تقابلك مدينة صغير أقرب‬ ‫للقرية تدعى البركت بعد أن تكون قد تركت على ميينك قرية تسمى‬ ‫الفيوت‪ ،‬في الطريق بعد البركت جتد إيسني (تبيبت) وهي قرية‬ ‫صغيرة تتكون من مجموعة املباني مسجد ومدرسة ومساكن حتت‬ ‫األنشاء‪.‬‬ ‫ينتصب بالقرب من إيسني النصب التذكاري ملعركة إيسني التي‬ ‫جرت بني القوات الفرنسية وجبهة التحرير اجلزائرية مبساندة من‬ ‫اجليش والشرطة الليبية كان ذلك عام ‪1957‬م والزالت آثار تلك‬ ‫املعركة قائمة بالقرب من النصب التذكاري للمعركة متمث ً‬ ‫ال في بقايا‬ ‫السيارات الفرنسية‪.‬‬ ‫إلى اجلنوب من إيسني تصل آبالول وتعني الطلحة الكبيرة مجموعة‬ ‫من األسر التي تقطن بيوت مختلفة التصاميم فمنها البناء بالطوب‬ ‫األسمنتي ومنها البناء باألحجار املصفوفة بنظام‪ ،‬ومنها املبنية‬ ‫بجريد النخيل ونبات السبط‪.‬‬ ‫في آبالول اليوم السابع ملوكب زف��اف جاء من أوب��اري‪ ،‬وجدناهم‬ ‫مجتمعني في زاوي��ة تعليم القرآن‪ ،‬شهدنا االحتفال وتع ّرفنا على‬ ‫العادات والتقاليد‪ ،‬ثم تناولنا وجبة إفطار تارويت التقليدية وهم من‬ ‫اللحم وامللوخية (ب��ازي��ن)‪ ..‬كان لزاماً‬ ‫علينا أن نشارك مضيفينا األحتفال‬ ‫باجللوس لتناول التارويت‪.‬‬ ‫وأن��ت متجه نحو اجلنوب جتد بوابة‬ ‫احلدود الليبية اجلزائرية وعلى مسافة‬ ‫كيلومترات منها جتد البوابة املقابلة‬ ‫ل�ه��ا م��ن ن��اح�ي��ة احل� ��دود اجل��زائ��ري��ة‬ ‫وهنا البد لك أن تنعطف إلى اجلنوب‬ ‫الشرقي متتبعاً لشريط احلدود عبر‬ ‫وادي (أوفسجع)‪.‬‬ ‫بعد ‪ 70‬كيلومتر من نقطة احلدود تلك‬ ‫جتد بوابة تخرخوري ثمانية أشخاص‬ ‫يتقاضى كل منهم ‪ 750‬دينار ينعدم‬ ‫عندهم أبسط سبل الرغبة في بقائهم‬ ‫هناك ولكنهم يدفعهم للبقاء هناك‬ ‫إصرارهم على حب الوطن‪.‬‬ ‫بعد أن تبادلنا قلي ً‬ ‫ال من احلديث مع‬ ‫أف��راد احلراسة في بوابة تخرخوري‬ ‫وح�م�ل��ون��ا وص��اي��اه��م ل � ��وزارة ال��دف��اع‬ ‫ورئاسة أركان حرس احلدود‪ ،‬واصلنا‬ ‫التوغل نحو اجلنوب الشرقي نسير‬ ‫وس��ط ال ��وادي ال��ذي حتيط ب��ه جبال‬ ‫شاهقة في العلو تراها وكانها سياج‬ ‫حت�م��ي ال �ع��اب��ر ل �ه��ذا ال � ��وادي‪ ،‬وتسمع‬

‫‪‎‬الغابة املتحجرة‬

‫‪‎‬احلاج محمد علي‬

‫صدى هدير محركات السيارات ال تقطعه إال نظراتنا نحو تلك‬ ‫اجلبال أو عندما ترى الطيور وهي تغادر آماكنها عندما يقترب‬ ‫الضجيج‪.‬‬ ‫دليلنا في الرحلة يدعى عيسى يعمل‬ ‫مرشد سياحي منذ وقت طويل‪ ،‬ولد‬ ‫بتلك األودي��ة وع��اش فيها ج��زء كبير‬ ‫م��ن ش�ب��اب��ه‪ ،‬عيسى يخبر جغرافية‬ ‫املكان جيداً ويعرف أسماء تلك األودية‬ ‫ويعرف سكان تلك األودية‪ ،‬ورافق في‬ ‫فترات طويلة موري في تنقيبه عن آثار‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫مررنا في الطريق بقوس «آفازاجار»‬ ‫وه��و ق��وس بارتفاع شاهق يصل إلى‬ ‫أك �ث��ر م��ن ث�لاث�ين م��ت��راً أك �ب��ر ق��وس‬ ‫طبيعي في أفريقيا‪ ،‬تتبعنا خطوات‬ ‫موري نحو اكتشاف وان موهجاج وعاد‬ ‫بناء اخليال إلى موت موهجاج وكيف‬ ‫دفن في هذا املكان لتساعده الطبيعة‬ ‫للبقاء محنطاً طيلة ثمانية آالف عام‪..‬‬ ‫أًو أن سكان املكان كانوا فع ً‬ ‫ال يعرفون‬ ‫معنى التحنيط وتقنياته!‬ ‫في الطريق إلى وادي أنشال مررنا على‬ ‫بئر ماء يؤمه الرعاة ليسقوا ماشيتهم‬ ‫بالقرب من البئر صفت أحجار على‬ ‫ش�ك��ل م��رب��ع ل�ت�ك��ون م�س�ج��داً للمكان‬ ‫تقام فيه الصلوات‪ ،‬وبالقرب من البئر‬ ‫واملسجد ينتصب متثال شكلته الطبيعة‬

‫أبواب غات على االجتاهات األربع‪( ..‬الشمال)‬ ‫باب اخلير‪( ،‬الشرق) باب كاللة‪( ،‬اجلنوب) باب‬ ‫ت ِْف ْفغات‪( ،‬الغرب) باب متلغات‬ ‫سكان غات القدماء قدموا من املغرب األقصى‪،‬‬ ‫وأكثر سكانها من العتارة والتوارق‪ ،‬وأهل توات‬ ‫األنصار‪ ،‬وأهل توات املهاجرين‪ ،‬والغدامسيني‬

‫أفراد احلراسة في بوابة‬ ‫حملونا وصاياهم لوزارة‬ ‫تخرخوري ّ‬ ‫الدفاع ورئاسة أركان حرس احلدود‬


‫‪‎‬هنا بنى موري كوخه‬

‫‪‎‬كوخ يليق بقيلولة الرحالة‬

‫ونحتته الرياح لشيخ كبير السن يجلس وينظر إلى الشرق أسميناه‬ ‫«وان موهجاج آكاكوس» هذا الشكل يشبه إلى حد كبير أبو الهول‪.‬‬ ‫قرر الرفاق شراء جدي من أحد الرعاة أجتهنا نحو ذلك الراعي في‬ ‫أحد األودية التي تتفرع عن الوادي الكبير أنشال وأشترينا اجلدي‪،‬‬ ‫وبعد املسير ملسافة ربع ساعة تقريباً وصلنا املكان الذي أختاره‬ ‫دليلنا احلاج عيسى لتناول وجبة الغذاء‪ ،‬في الطريق التقينا أحمد‬ ‫أحد سكان الوادي‪.‬‬ ‫تشتهر املنطقة بكهوفها القدمية‪ ،‬كما توجد بها مجموعة املنحوتات‬ ‫نتيجة الرياح واللوحات املرسومة على الصخر‪ ..‬أعلنت تآدرارت‬ ‫آكاكوس موقع للتراث العاملي عام ‪ 1973‬م من قبل اليونسكو ألهمية‬ ‫هذه اللوحات واملنحوتات والتي يعود تاريخ بعضها إلى ‪20000‬‬ ‫سنة‪ ،‬والتي تعكس ثقافة وطبيعة التغيرات في املنطقة‪ ،‬اللوحات‬ ‫واملنحوتات ه��ي حل�ي��وان��ات أصبحت منقرضة ف��ي ب�لادن��ا‪ ،‬مثل‬ ‫الزرافة والفيلة والنعام‪ ،‬وأيضا مجموعة من الناس واخليول‪ ،‬وصور‬

‫رجال جتسد احلياة املختلفة لإلنسان الذي عاش في املكان قبل‬ ‫اآلف السنني‪.‬‬ ‫بعد تناول وجبة الغذاء املكرونة الليبية «املبكبكة» التي أعدها أبوبكر‬ ‫وعلي‪ ،‬ثم توجهنا إلى قوس «تنخلجة» وهذا القوس ليس بارتفاع‬ ‫عال مثل سابقه ولكن مساحته املظللة أكبر‪ ،‬بتنا قريباً من القوس‪،‬‬ ‫أعد لنا عيسى «خبزامللة»‪.‬‬ ‫في الصباح استيقظنا قبل الشروق وتناولنا وجبة االفطار املكونة‬ ‫من خبز امللة واجلنب والشاي وانطلقنا باجتاه الشمال‪.‬‬ ‫في صباح اليوم التالي قادنا دليلنا إلى مكان غريب نشاهده ألول‬ ‫مرة «الغابة املتحجرة» وهي عبارة عن أعمدة وأخشاب ممدة على‬ ‫األرض ومتحجرة يبدو إن املكان كان غابة فع ً‬ ‫ال منذ آالف السنني‬ ‫وم��ع م��رور الوقت حتجرت األخ�ش��اب وحافظت على املكان فلم‬ ‫تغادره! ونتيجة للحرارة املرتفعة فقد أسودت األحجار‪.‬‬ ‫وبعد مسير بني األودية ملدة ساعة وجدنا أنفسنا في موقع «وانتابو»‬ ‫ثم «وامن��وه�ج��اج» ثم «أم��رك��ا» ثم «س��راغ��ن» وه��ي مواقع محمية‬ ‫مبوجب قوانني اآلثار‪ ،‬ولكنها – في ما يبدو – لم تستطع حمايتها‪..‬‬ ‫وقبل هذه املواقع كنا في «تيناكفوت» «وتينانيون»‪ ،‬وهي حتتوي على‬ ‫رسوم ورموز تؤرخ ملرحلة من تاريخ هذه البالد‪.‬‬ ‫بعد جولة طويلة أخذت كل اليوم كنا قد تناولنا الغذاء في وادي‬ ‫«تينللن» وذبحنا ج��دي ج��دي��د ل��م ن�ت��اول منه س��وى الكبدة التي‬ ‫يشويها التوارق بلفها ببعض الشحم‪ ،‬في املساء قررنا املبيت في‬ ‫وادي بالقرب من رمال «وانكازا» يطلق عليه وادي تالواوت‪ ..‬ورمال‬ ‫«وانكازا» تفصل بني جبال تادرارت آكاكوس وأدهان مرزق‪.‬‬ ‫في صباح اليوم التالي انطلقنا نحو «االصبع» وهوعبارةعن حجارة‬ ‫مرتفعة تشبه إبهام اليد عندما توقفه ثم موقع احلجارة التي تشبه‬ ‫كثيراً أبوالهول‪ ،‬في الطريق إل��ى العوينات مررنا مبزرعة وسط‬ ‫الصحراء لصاحبها محمد علي هذه املزرعة عبارة عن جنة وسط‬


‫‪64‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫رحلة‬

‫‪‎‬جمال تلجأ إلى الظل هرب ًا من القيظ‬

‫أطلقنا اسم ًا على متثال شكلته الطبيعة ونحتته الرياح‬ ‫على شكل شيخ كبير السن يجلس وينظر إلى الشرق‬ ‫ممددة على‬ ‫الغابة املتحجرة أعمدة وأخشاب‬ ‫متحجرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫األرض‪ ..‬هذا املكان كان غابة فع ًال منذ آالف السنني ومع‬ ‫مرور الوقت حتجرت األخشاب واسودت األحجار‬ ‫الصحراء‪.‬‬ ‫حتتوي املزرعة على أن��واع مختلفة من أشجار الفاكهة والنخيل‬ ‫والزيتون وتزرع بالبرسيم «القضب» وجدناه يصنع احلجارة بالطني‬ ‫ويعمل بها محمد علي مع أفراد أسرته معاً‪ ،‬وتقوم مزرعته تقوم‬ ‫على بئر ارتوازي فوار يخرج منه املاء الساخن بدون محرك ويبرد‬ ‫املاء عندما يجري في الساقية التي صنعها بنفسه‪.‬‬ ‫قبل أن ندخل منطقة العوينات وجدنا زريبة فبروزيو موري باحث‬ ‫اآلثاراأليطالي الذي عاش في املنطقة قرابة خمسني عاماً قضاها‬

‫‪‎‬عبث وتخريب أهوج‬


‫‪‎‬أثر خالد يقاوم الزمن‬

‫احلجرية‪ ..‬تتأنسن‬ ‫‪‎‬الطبيعة‬ ‫ّ‬

‫غات في معجم آمون‬

‫(‪ )1‬رابسا ‪Rabsa‬‬ ‫اسم بلدة ذكرها بليني األكبر (‪ )5 : 5‬أثناء حديثه‬ ‫ً‬ ‫قائال أنه حمل في‬ ‫عن حملة كورنيليوس بالبوس‬ ‫موكب نصره «أسماء وصور األجناس واملدن» وجعل‬ ‫��رج��ح أن‬ ‫راب��س��ا بعد بلدة ِن ِ��ت��ب��روم ‪ .Nitibrum‬وي ّ‬ ‫رابسا هي غات احلالية‪.‬‬ ‫(‪ )2‬حفل امللح‬ ‫طقس احتفالي ذو أص��ول قدمية ُع��رف ف��ي غات‬ ‫‪( Ghat‬أقصى جنوب ليبيا) حيث ك��ان األهالي‬ ‫محدد من السنة يشاهدون الفتيات وهن‬ ‫في يوم‬ ‫ّ‬ ‫ي��رت��دي��ن أج��م��ل ال��ث��ي��اب وي��ت��زي ّ��ن ب��أح��س��ن احل��ل��ي‪،‬‬ ‫وتتسلّح كل فتاة منهن بعصا أو سوط أو ما يشبه‬ ‫ذل��ك‪ ،‬ثم ينقسمن إل��ى مجموعتني‪ ،‬وف��ي توقيت‬ ‫كأنهن‬ ‫يؤدين حركات راقصة عنيفة‬ ‫ّ‬ ‫متّ فق عليه ّ‬ ‫يشتبكن في حرب ضروس‪ ،‬وفي نهاية هذا الطقس‬ ‫تقوم أكبر العجائز سن ًا مبساعدة أخريات بفحص‬ ‫عذرية كل فتاة من املجموعتني‪ .‬وقد جرت عادة‬ ‫األه��ال��ي على إق��ام��ة ه��ذا الطقس االحتفالي في‬ ‫السابع والعشرين من رمضان من كل سنة‪ ،‬إلى أن‬ ‫أوقفته السلطات الليبية سنة ‪.1954‬‬ ‫ويعود هذا الطقس االحتفالي إلى قبيلة أوس التي‬ ‫روى هيرودوت في تاريخه (‪ )180 : 4‬عن فتياتها‬ ‫أن��ه��ن ك���ن ي��ن��ق��س��م��ن إل����ى م��ج��م��وع��ت�ين وي��ت��ق��ات��ل��ن‬ ‫ب��ال��ع��ص��ي واحل���ج���ارة‪ ،‬وأن��ه��ن ي��ق��م��ن ب��ه��ذا الطقس‬ ‫ت��ك��رمي�� ًا ل�لإل��ه��ة أث��ي��ن��ا (وي��ع��ن��ي‪ :‬ت��ان��ي��ت)‪ ،‬وك��ان��ت‬ ‫عقوبة الفتاة التي تفقد عذريتها في هذه القبيلة‬ ‫حسب رواي��ت��ه هي امل��وت‪ .‬أم��ا إقامة حفل امللح في‬ ‫السابع والعشرين م��ن رم��ض��ان فالعتقاد غالبية‬ ‫املقدسة‪،‬‬ ‫املسلمني بأن هذه الليلة هي «ليلة القدر»‬ ‫ّ‬ ‫املوجه إلى تانيت‬ ‫والتفاق املعتقد الديني القدمي‬ ‫ّ‬ ‫مع املعتقد اإلسالمي في العذرية والعفّ ة‪.‬‬

‫‪‎‬اجلدال ورفاقه‬

‫‪‎‬في مزرعة محمد‬

‫في البحث والتنقيب توجها بكشفه عن وان موهجاج الطفلة املومياء‬ ‫التي يبلغ عمرها قرابة ثمانية اآلف سنة ‪.‬‬ ‫دخلنا العوينات قرية صغيرة ونظيفة جميلة وسط الصحراء في‬ ‫طرف آكاكوس الشمالي عند الطرف الغربي من وادي اآلجال وعلى‬ ‫بعد مائة كيلومتر تقريباً من غات ومائتي كيلومتر من أوباري مركز‬ ‫الوادي‪.‬‬ ‫تناولنا وجبة الغذاء في مشروع تهالة الزراعي هذا املشروع الذي‬ ‫يتكون من مائتني وخمسني مزرعة مت توزيعها من قبل الدولة‪،‬‬ ‫وحتتوي كل مزرعة منها على بئر ومسكن الئق‪.‬‬ ‫عند الرابعة مسا ًء توجهنا إلى املطار‪ ..‬وانتهت رحلتنا‪.‬‬


‫‪66‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫سياحة‬

‫عل يجدها‬ ‫الرائي لها من ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تتأهب لإلبحار‬ ‫كسفينة عمالقة‬

‫طبرق‪...‬‬

‫مدينة يحتضنها البحر‬ ‫وتعانقها الصحراء‬


‫طبرق ع��روس تستحم في بحر لج وتنعم ب��دفء صحراء‬ ‫تخضبت رم��ال��ه��ا ب��دم��اء رج��ال��ه��ا ال��ذي��ن ذادوا عنها وع��ن‬ ‫الوطن‪ ،‬كما أنها كانت مسرح ًا عاملي ًا ومحط أنظار الدنيا‬ ‫عندما حتدى العالم بعضه بعضا فأصبح اليوم حتديهم‬ ‫ً‬ ‫أطالال وبقيت طبرق كما هي‪ ،‬شامخة تطال عنان السماء‪،‬‬ ‫وعصية على من يحاول لي عنقها‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬عبدالرحمن سالمة‬

‫جتري حتت طبرق عروق من األودية تنبض‬ ‫باحلياة ويحتضنها البحر ويضمها من ثالث جهات‬

‫هى بوابة ليبيا الشرقية وأصل تسميتها ألنها جغرافياً تقابل مدينة‬ ‫قدمية في جزيرة كريت‪ ،‬طبرق موغلة في التاريخ فهي شيدت‬ ‫قبل مجئ اإلغريق إليها في سنة ‪ 630‬قبل امليالد وإل��ى جانب‬ ‫اإلغريق استهوت كذلك الرومان فاستوطنوها وحضارتهم الزالت‬ ‫شاهدة عليهم كأرضية الفسيفساء والتي متثل «أورن ��وس» وهو‬ ‫يعزف على قيثارته والطيور تصغي إليه ناهيك عن آثار ملدينة حتت‬ ‫مياه بحر عني الغزالة والتي كانت تسمى «باتراخوس» وكذلك سور‬ ‫«جوستنيان» واملطل على ميناء طبرق البحري من ناحية الشمال‪،‬‬ ‫وطبرق مبا حباها الله من إمكانيات فرضت نفسها عاصمة إلقليم‬ ‫مارماريكا املمتد حتى اإلسكندرية‪ ،‬كما أن املسلمني جعلوا مينائها‬ ‫مركزاً لنشر اإلسالم‪ ،‬مدينة استراتيجية استهوت كثيراً من الذين‬ ‫عرفوا أهميتها وقيمتها من الناحية اجلغرافية خصوصاً الذين‬ ‫يتطلعون للسيطرة على شمال أفريقيا فقد س��ارع إليها األت��راك‬ ‫العثمانيون قبل أن يتنازلوا عنها عنوة إليطاليا مبوجب اتفاقية‬ ‫بيع في س��وق نخاسة رخيص في ل��وزان ع��ام ‪ 1912‬لكنها برغم‬ ‫وضاعة هذه الصفقة بقيت طبرق حرة عصية على كل املستعمرين‬ ‫الذين تعاقبوا عليها وكسرت أنوفهم ومرغتها في التراب بداية من‬ ‫أولى معارك اجلهاد ضد املستعمر اإليطالي الذي أرادت إحدى‬


‫‪68‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫سياحة‬

‫كتائبه احتالل قصر الناظورة املشرف على ميناء طبرق وسميت‬ ‫هذه املعركة الناظورة حتت قيادة الشيخ املبري ياسني سنة ‪1911‬‬ ‫بنواحيها وسطرت أيضاً على أرضها معارك كبيرة يفتخر بها‬ ‫الليبيون منها‪ :‬معركة سقيفة طبرق‪ ،‬معركة وادي ب��وذوه‪ ،‬معركة‬ ‫املفصل‪ ،‬معركة احلصون اجلديدة‪ ،‬معركة وادي العودة‪ ،‬معركة‬ ‫رأس املدور‪ ،‬معركة وادي السهل معركة سيدي داوود‪ ،‬وغيرها من‬ ‫املعارك‪ ،‬ولعل الذين حاولوا دخولها وفقدوا رجالهم هنا على أرضها‬ ‫يعلمون علم اليقني أنها مدينة استثنائية في كل شئ‪.‬‬ ‫طبرق كانت غرفة عمليات أثناء احل��رب العاملية الثانية ودهاليز‬ ‫هذه الغرفة الزال��ت باقية إلى اآلن من خالل أنفاق متعرجة في‬ ‫قلبها وتنساب في أطرافها لتؤكد أهميتها‪ ،‬كما استغلت في احلرب‬ ‫من قبل املتحاربني‪ ،‬كذلك كانت حت��وي مقر إقامة القائد رومل‬ ‫الرئيسي ومخبئه الذي كان يدير منه املعارك العاملية الثانية في‬ ‫شمال أفريقيا‪ ،‬وعلى أرضها دارت معارك عاملية طاحنة‪ ،‬فمعارك‬ ‫طبرق مهمة خالل احلرب العاملية الثانية‪ ،‬ومن شواهدها‪:‬‬ ‫املقبرة األملانية والتي تعرف بالقلعة ويقال أن سكون العالم كله‬ ‫داخل هذه القلعة احلصينة وتضم هذه املقبرة رفات حوالي ‪7000‬‬ ‫جندي أملاني‪ ،‬أيضاً املقبرة الفرنسية والتي تضم رفات حوالي ‪200‬‬ ‫جندي من الفرنسيني‪ ،‬كذلك مقبرة طبرق احلربية والتي تعرف‬ ‫مبقبرة (كومنولث) وتضم رفات حوالي ‪ 2479‬جندي من احللفاء‬ ‫وأغلبهم من االستراليني‪ ،‬أيضاً مقبرة عكرمة احلربية(ايت بريد)‬ ‫جسرالفرسان وتضم رفات ‪ 3649‬جندي من احللفاء معظمهم من‬ ‫اإلجنليز وجنوب أفريقيا ونيوزيلندا‪ ،‬وهذه املقابر يقصدها كثير‬ ‫من السواح األجانب وخصوصاً من الدول التي كانت طرفاً في هذه‬ ‫املعارك‪.‬‬


‫كانت طبرق غرفة عمليات أثناء احلرب العاملية‬ ‫الثانية ودهاليز هذه الغرفة ال زالت باقية إلى اآلن‬ ‫من خالل أنفاق متعرجة حتت سطح األرض‬

‫ومن القرى املجاورة لطبرق جنزور مسقط رأس شيخ الشهداء‬ ‫عمر املختار الذي ضرب أروع األمثلة في البطولة ورفاقه األشاوس‪،‬‬ ‫ومنها أيضاً دارت أولى معارك اجلهاد ضد الغزو اإليطالي في سنة‬ ‫‪ 1911‬عندما داف��ع رجالها عنها ليسطروا أروع األمثلة ويكبدوا‬ ‫العدو خسائر فادحة في معركة الناظورة وعندها أيقنت إيطاليا أن‬ ‫هذا البلد أقوى منها وعليها أن تفكر في صنع قوة خرافية ألنها‬ ‫حتارب من يحرصون على املوت كحرصهم على احلياة‪،‬‬ ‫طبرق حية وجتري في عروقها أودي��ة تنبض باحلياة مثل وديان‪:‬‬ ‫العودة‪ ،‬طبيرق‪ ،‬بوكرمييسة‪ ،‬الثماد‪ ،‬الوعير‪ ،‬أمريرة‪ ،‬بالقمل‪ ،‬السهل‪،‬‬ ‫ب��وق �ش��اط��ة‪ ،‬امل��ق��اري��ن‪ ،‬أم اقحيقيح‪،‬‬ ‫بوالشوماني‪ ،‬وغيرها من الوديان العامرة‬ ‫والتي تشتم فيها رائحة طبرق الزكية‪،‬‬ ‫طبرق املدينة يحتضنها البحر ويضمها‬ ‫م��ن ث�لاث ج�ه��ات‪ ،‬كما يوجد بها عدة‬ ‫مصائف منها مصيف السالم أو ما كان‬ ‫يعرف مبصيف (سان جورج)‪ ،‬ومصيف‬ ‫ال �ل �ي��دو‪ ،‬وم�ص�ي��ف ال��غ��وص‪ ،‬ومصيف‬ ‫العودة‪ ،‬ومصيف اطبيرق‪ ،‬ومصيف راس‬ ‫بياض‪ ،‬ومصيف الكورنيش‪ ،‬ومصيف السهل‪ ،‬وغيرها من املصائف‬ ‫داخ��ل وف��ي محيط املدينة وه��ى من أجمل الشواطئ في العالم‪،‬‬ ‫والرائي لها من عل يراها كسفينة عمالقة تقف على أعتاب التاريخ‪.‬‬ ‫طبرق مدينة يعرف أهميتها القاصي والداني فمينائها البحري‬ ‫الطبيعي هو من أهم املوانئ في العالم‪ ،‬كما حتتضن ميناء مرسى‬ ‫احلريقة النفطي وميناء رصيف شركة البريقة وميناء األت��راك‬ ‫للصيد السمك يوجد بهذه املدينة ميناء جتاري كبير املساحة وجميع‬

‫على أرضها سطر الليبيون معارك كبيرة يفتخرون بها‪ :‬سقيفة‬ ‫طبرق‪ ،‬وادي بوذوه‪ ،‬املفصل‪ ،‬احلصون اجلديدة‪ ،‬وادي العودة‪،‬‬ ‫رأس املدور‪ ،‬وادي السهل سيدي داوود‪ ،‬وغيرها من املعارك‬ ‫املقبرة األملانية تعرف بالقلعة ويقال أننا‬ ‫جند سكون العالم كله في هذا املكان‬


‫‪70‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫سياحة‬

‫هذه املوانئ تقع داخل أو وسط املدينة‪.‬‬ ‫طبرق احتضنها البحر وعانقتها الصحراء‪ ،‬فالصحراء قلما تلتقي‬ ‫البحر لكنها طبرق جامعة األصالة وبوابة اخلير فهي تشتهر بزراعة‪.‬‬ ‫التني‪ .‬وأيضاً زراعة البطيخ األخضر أو ما يعرف « بالدالع الطبرقي‬ ‫« وتشتهر أيضاً بزراعة الشمام وكذلك زراعة العنب‪ ،‬وزراعة الرمان‬ ‫وزراعة التني الهندي‪ ،‬وزراعة القمح والشعير‪ .‬إضافة إلى الزراعة‬ ‫البعلية من اخلضروات بأنواعها‪ ،‬كما تنبت بصحرائها األعشاب‬ ‫البرية‪ .‬كالزعتر‪ ،‬وال�ب��اب��وجن‪ .‬واألزه��ار‬ ‫البرية ونبات الفطر بأنواعه املختلفة‬ ‫وخصوصاً « القمحي «‬ ‫كما يعشق سكانها الصيد وكثير منهم‬ ‫يحترفونه‪ ،‬فإن أداروا ظهورهم للبحر‬ ‫س �ي �ط��اردون األران� ��ب ال�ب��ري��ة وال�ط�ي��ور‬ ‫كاليمام أو احلمام البري املهاجر واألوز وطائر النغاق وكذلك الطيور‬ ‫الصغيرة مبا يسمى بالشحيم واحلجل والبجع‪ .‬والتي يصطادونها‬ ‫ببنادق الصيد وكذلك عن طريق الشباك‪ ،‬وإن أداروا ظهورهم‬ ‫للصحراء فإن البحر سيكون مصدر رزق لهم وأيضاً ميارس فيه‬ ‫هوايتهم الصطياد األسماك بأنواعها عن طريق مراكب الصيد‬ ‫بالشباك فبحرها يشتهر بكثرة األسماك ومبختلف أنواعها‪.‬‬ ‫في ستينات القرن املاضي الغزالن كانت تسرح ومترح في نواحيها‪،‬‬ ‫كما كانت ومازالت تشتهر طبرق برياضة وهواية صيد الصقور‬ ‫والشواهني ولعل أشهر صيادي الصقور العرب الصياد رسالن‬ ‫احلبوني من مدينة طبرق وغيره من الصيادين والذين توارثوا هذه‬ ‫الهواية جي ً‬ ‫ال بعد جيل‪.‬‬ ‫مدينة طبرق هي مدينة الثقافة وال�ت��راث‪ ،‬طبرق تفتخر بتراثها‬ ‫األصيل وعاداتها وتقاليدها والتي تشتم فيها روح الوطن سواء في‬ ‫األفراح أو األتراح أو في كل املناسبات االجتماعية والتي يربطها‬ ‫النسيج القبلي بشئ من االحترام واإلب��داع واألصالة‪ ،‬كما تشتهر‬ ‫بالغناء الشعبي والذي يتوارثه شعراؤها ومبدعوها من جيل إلى جيل‬ ‫حتى يومنا هذا‪ ،‬شعراء طبرق الشعبيني تتلون قصائدهم وتقطر‬ ‫جزالة وعذوبة‪ ،‬والذين كان لهم دوراً كبيراً في حركة اجلهاد بالكلمة‬ ‫ولعل من أبرز القصائد التي أرخت ملراحل من اجلهاد الليبي قصيدة‬ ‫« ما بي مرض غير دار العقيلة « للشاعر رجب بوحويش والتي يقول‬ ‫في مطلعها ‪:‬‬ ‫ما بي مرض غير دار العقيلة وبعد اجلفا من البالد الوصيلة‬ ‫وم��ن شعراء املدينة الشعبيني أيضا الشاعر هاشم بواخلطابية‬ ‫صاحب قصيدة البير وه��ى من روائ��ع الشعر الشعبي على هيأة‬ ‫تساؤالت للبيرعن محبوبته وردود وأجوبة من هذا البير والذي‬ ‫احلياة بداخله ومن هذه القصيدة نذكر‪:‬‬ ‫سوال النبي يا بير ما ورداتك ودلت سوالفها على جاالتك‬ ‫الشاعر ‪:‬‬ ‫سوال النبي يا بير ما وردنك بناويت كي لون الغزلة جنك‬ ‫ونا صغير ومعاهن وهن يسقنك ومجن ايديهن في شراب قناتك‬ ‫يرقن غراضي وين ما يرعنك ويخطر عليهن صوب في غياتك‬ ‫البير ‪:‬‬ ‫واجد جـــــــــــــــــــــــــــاني بناويت وقرونهن طوال مثاني‬ ‫عللهن مردع كيف حيط الباني وفيهن اللي غرا بنار نهار أماتك‬ ‫ياك تنتصح وتسيب هاملعاني وتخفف على ذنبك نهار أماتك‬ ‫طبرق خرج من رحمها املسرح الليبي بعد أن استقبلت الفنان محمد‬ ‫عبد الهادي ف��ور عودته من بيروت ليتحصل على أول ترخيص‬ ‫بإنشاء فرقة مسرحية في مدينة طبرق أطلق عليها فرقة هواة‬

‫كانت طبرق مسرح ًا عاملي ًا ومحط أنظار الدنيا‬ ‫عندما حتدى العالم بعضه بعض ًا‬

‫جنزور من القرى املجاورة لطبرق وهي مسقط رأس شيخ الشهداء‬ ‫عمر املختار الذي ضرب أروع األمثلة في البطولة والفداء‬ ‫كما كانت ومازالت تشتهر برياضة الصقور‬ ‫والشواهني وهي هواية متوارثة جي ًال عن جيل‬

‫التمثيل عام ‪ 1926‬لتكون هي مهد املسرح في ليبيا‪ ،‬فهي مدينة‬ ‫الفن ومدينة املسرح ولعل ذلك يبدو واضحاً في عيون زائريها الذين‬ ‫يقعون أسرى لهدوئها وجلمالها ولسحرها‪ ،‬ريادة فنية‪ ،‬وكذلك ريادة‬ ‫رياضية فالفن والرياضة وجها اإلبداع في طبرق فمثلما كانت هي‬ ‫الرائدة في الوقوف على خشبة أبي الفنون كانت رائدة أيضاً في‬ ‫مداعبة كرة القدم لتنطلق كرة القدم الليبية هنا من طبرق عام‬ ‫‪ 1922‬عندما أسس أول ن��ادي رياضي باسم ن��ادي طبرق لتعتلي‬ ‫أيضاً سلم الريادة الليبية في تأسيس األندية الليبية للعبة الشعبية‬ ‫األولى‪.‬‬ ‫طبرق هي مدينة احلكي اجلميل ويضرب بها املثل ويقال «حكاء‬ ‫طبرقي « وطبرق حتوي الكثير من املجموعات القصصية والتي‬ ‫جت��اوزت اخلمسة عشر مجموعة قصصية مطبوعة ناهيك عن‬ ‫جملة من املخطوطات‪.‬‬ ‫كما يوجد باملدينة متحف يحوي العديد من املقتنيات الشعبية‬ ‫وك��ذل��ك املقتنيات احلربية والعسكرية ال�ش��اه��دة على حضارة‬ ‫وعراقة طبرق‪ ،‬كما حتتضن املدينة آالف من الكتب موجودة في‬ ‫مركز طبرق الثقافي والذي يعتبر مبثابة نافذة املدينة الثقافية‬ ‫والذي بدأت وزارة الثقافة منذ شهور في نفخ الروح فيه بصيانة‬ ‫شاملة لكي يعود من جديد الحتضان املبدعني واملثقفني‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى املكتبة العامة‪.‬‬ ‫كما تعانق صحرائها الطائرة األمريكية (الليدي بي قود) والتي فقدت‬ ‫فترة من الزمن ليتم اكتشافها بعد سنوات أنها احتضنت صحراء‬ ‫طبرق بعد أن كتب طاقمها وصاياهم ووضعوها في زجاجات فارغة‬ ‫بعد أن فرغ صبرهم في التمسك بآخر رمق في احلياة‪.‬‬ ‫وم��ن ن��واح��ي طبرق منطقة ال�ب��ردي التي تتميز بشاطئ جميل‬ ‫ومبوقع رائ��ع كما أنها حتتضن غرفة اجلندي البريطاني جون‬ ‫ب��رل وه��و مسئول الشفرة أو الالسلكي خ�لال احل��رب العاملية‬ ‫التي جرت معظم أحداثها على األراضي الليبية‪،‬والتي صور في‬ ‫جزئها العلوي حياة العالم قبل احلرب العاملية مبا فيها من اللهو‬ ‫واملوسيقى والطعام واملشروبات‪ ,‬وكذلك بعض الصحف والعمالت‬


‫طبرق في معجم آمون‬

‫أنتيبرغوس ‪ : Anti-Pyrgos‬االس��م ال��ق��دمي ملدينة‬ ‫طبرق (أنطبرقس)‪ .‬سميت كذلك ألنها تقابل جزيرة‬ ‫برغوس اإلغريقية‪ .‬ميناء إغريقي ثم روماني‪ ،‬وكانت‬ ‫ذات حتصينات ان��دث��رت آث��اره��ا ول��م يبق منها شيء‬ ‫يذكر‪.‬‬

‫شهدت طبرق ظهور أول فرقة للتمثيل املسرحي‬ ‫سنة ‪ّ 1926‬أسسها الفنان محمد عبد الهادي فور‬ ‫عودته من بيروت فكانت مهد املسرح في ليبيا‬

‫‪ ,‬ويصور اجلزء السفلي من الصور القتل والدمار ومالمح البؤس‬ ‫على وجوه البشر واجلماجم املبعثرة في كل مكان أثناء مرحلة‬ ‫احلرب ‪ ,‬كما نشير أيضا أن املبنى في األصل تركي بدليل البالط‬ ‫املوجود أسفل البالط االيطالي بحوالى ‪ 50‬سم ومت اكتشاف نفق‬ ‫يصل البحر إم��ام اجلهة الشمالية للمبنى واكتشاف أيضا رسم‬ ‫ألشخاص آخرين داخل املبنى لم يتم التعرف عليهم حاليا‪.‬‬ ‫هذا جزء يسير في عالم ري��ادة وأصالة وتاريخ وحضارة طبرق‪،‬‬ ‫وأختم ه��ذا احلديث بقصيدة في وص��ف طبرق للشاعر محمد‬ ‫احلصادي ‪:‬‬ ‫ث� �غ ��ر ل� �ط� �ب ��رق ح� �س� �ن ��ه رب� � ��ان� � ��ي م��ت��ب��س��م ب � ��األم � ��ن ل� �ل ��رب ��ان‬ ‫م �ت��وس��ط ف ��ي أب �ي��ض م��ت��وس��ط ب�ي�ن امل �ض��اي��ق ج ��ل رب ب��ان��ي‬ ‫ل�ب��واخ��ر ال��روم��ان أض �ح��ى م �ع �ق� ً‬ ‫لا ت��رس��و ب��ه وم��واخ��ر ال�ي��ون��ان‬ ‫بيض اجل��واري حني يطغى أبيض جتري إليه سريعة اخلفقان‬ ‫ف�ي�ج�ي��ره��ا ب��ول��وج��ه م��ن��ظ��وم��ة ف ��ي ج��ي��ده ك ��ال ��در وامل ��رج ��ان‬ ‫ف �ك��أن �ه��ا ف ��ي ال �ل �ي��ل وه� ��ى م� ��راك� ��ب ب��ال �ك �ه��رب��اء ك��وك��ب ك �ي��وان‬

‫جنحت وما جنحت به فلك رس��ت فكأنه اجل��ودي في الطوفان‬ ‫ف��اجل��أ لطبرق أي�ه��ا امل�ل�اح إن خفت ال ��ردى تظفر بنيل أم��ان‬ ‫م�ي�ن��ا جت�ي��ر ال�لاج �ئ�ين أم �ي �ن��ة م��ن وص �ل��ة األم � ��واج وال�ط�غ�ي��ان‬ ‫كانت على حصن قدمي قد وه��ى أخذت عليه ط��وارق احلدثان‬ ‫م��ن س��ال��ف اإلغ��ري��ق وال��روم��ان‬ ‫فبحاله ينبيك ع��ن س �ك��ان��ه‬ ‫ل��و تنطق اآلث ��ار ي��وم�اً أخ �ب��رت بشديد بطش ال��ده��ر باإلنسان‬ ‫أم�س��ى خ�ل�اء م��ا ب��ه م��ن س��اك��ن إال فصائل م��ن بني العربان‬ ‫جت� �ت ��ازه ط � ��وراً وط� � ��وراً ت��رت��ق��ي أف �ع��ال �ه��م ل �س �ق��ائ��ف ال�ب�ط�ن��ان‬ ‫ح��ت��ى ب��ن��ت ت��رك��ي��ة مل���ا أت � � ��ت ق� �ص���راً ب���ه جل��م��اي��ة األوط� � ��ان‬ ‫ف �ب �ن��وا ح��وال �ي��ه وأض� �ح ��ى ق ��ري ��ة م �ع �م��ورة ب��ال �ن��اس وال �ب �ن �ي��ان‬ ‫ومت��دن��ت ف��زه��ت ب�ش�ك��ل م��دي �ن��ة ع�ص��ري��ة م��ن أج �م��ل ال�ب�ل��دان‬ ‫طيب ال �ه��واء بها وطبيعي وك ��م ل�ل�أرض م��ن أث��ر على السكان‬ ‫إن��ي رأي��ت بها أف��اض��ل س� ��ادة يتقارعون على ق��رى الضيفان‬ ‫م� ��ن ك� ��ل م � �ق� ��وال أري� � ��ب ش � ��اع � ��ر راو أدي� � ��ب ك ��ات ��ب ف �ن��ان‬ ‫ف �ت �ي��ان ف ��ن ب���ارع���ون ك ��أن� �ه ��م زه� ��ر ت� ��رى ف ��ي ط��ال��ع امل��ي��زان‬


‫‪72‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫استرداد التاريخ وذكرى اآلباء‬

‫السنوسية‬

‫ولدت في مستغانم‪..‬‬ ‫ترعرعت‬ ‫في الحجــــاز‪..‬‬

‫وأناخت رحلها في‬ ‫الجغبوب الهادئة‬



‫‪74‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫ما الذي مييز‬ ‫السنوسية عن غيرها؟‬

‫الرحلة من مستغامن إلى اجلغبوب هي رحلة من احلاضرة إلى‬ ‫البادية‪ ،‬هي أشبه بعودة التاريخ إلى حصن حصني‪ ،‬مينح املرء‬ ‫قدرة فائقة على أن يتج ّرد من حطام الدنيا ليتطلع إلى اخللود‪.‬‬ ‫اجلغبوب بلدة ليبية جنوب ش��رق مدينة طبرق بحوالي ‪286‬‬ ‫كم وتتبعها إداري �اً‪ ،‬تتميز اجلغبوب بوجود بعض البحيرات التي‬ ‫تضفي عليها طابعا جمي ً‬ ‫ال من حيث وجود مسطحات املاء وسط‬ ‫رمال الصحراء‪.‬‬ ‫تأسست اجلغبوب حوالي ع��ام ‪ 1851‬كمركز ديني‪ ،‬وه��ي ذات‬ ‫تاريخ عريق في نشر اإلسالم‪ ،‬وقد تعلم بها كثير من املجاهدين‬ ‫الليبيني على رأسهم أحمد الشريف وعمر املختار‪.‬‬ ‫منذ تأسيسها في عام ‪1851‬م كانت مركزاً دعوياً هاماً للحركة‬ ‫اإلصالحية التي أسسها الشيخ محمد بن علي السنوسي (جد‬ ‫امللك إدريس السنوسي)‪ ،‬كذلك متيزت اجلغبوب منذ تأسيسها‬ ‫بتخريج عدد كبير من حفظة القرآن الكرمي والذين كانوا يحفظون‬ ‫القرآن على ق��راءة اإلم��ام نافع من رواي��ة اإلم��ام ورش وكما هو‬ ‫معلوم فإن باقي أنحاء ليبيا يتم حتفيظ القرآن على رواية اإلمام‬ ‫قالون إال في بعض مناطق الواحات‪.‬‬ ‫يسكن مدينة اجلغبوب خليط من مختلف القبائل الليبية‪ ،‬يبلغ‬ ‫عددهم حوالي ‪ 2,768‬نسمة‪ .‬ويشتغل ج��زء كبير من السكان‬ ‫بالزراعة ومن أهمها زراعة النخيل واألعالف اخلضراء‪.‬‬

‫«وحتى الكتاب اإليطاليون اضطروا إلى االعتراف بأن‬ ‫السنوسية فعلت الكثير ألج��ل شعب ب��رق��ة‪ ،‬والبدو‬ ‫يذكرون بامتنان ‪ -‬وكثير ًا ما سمعتهم يصرحون بذلك‬ ‫ مختلف احلسنات األدبية والثقافية التي جاءتهم‬‫بها الطريقة‪.‬‬ ‫وإذا ك��ان��وا ق��د ان��ح��ط��وا اآلن ع��ن امل��ق��اي��ي��س الدينية‬ ‫واألدبية التي رفعت الطريقة السنوسية قسم ًا منهم‬ ‫إليها فإمنا يرجع ذلك إلى اخلمود الفعلي لتعاليمها‬ ‫أثناء ذلك الصراع الطويل مع لاليطاليني‪.‬‬ ‫ك��ان��ت السنوسية ه��ي الطريقة ال��وح��ي��ـ��دة ف��ي برقة‬ ‫ال��ق��ادرة على أن تغدو حركة سياسية‪ .‬ول��ذا جندها‬ ‫ال��ط��ري��ق��ة ال��وح��ي��دة ال��ت��ي أث����ارت ش��ك��وك اسطنبول‬ ‫وعداوة روما‪ .‬وهنا يجوز لنا أن نتساءل‪ :‬ما هو الشيء‬ ‫الذي ميز السنوسية عن الطرق األخرى في البالد؟‬ ‫بريتشارد ‪ -‬كتاب‪ :‬سنوسيو برقة‬


‫في تاريخ السنوسي الكبير‬ ‫درنة‪ :‬يوسف عبد الهادي‬ ‫عرفت السنوسية بأنها حركة دع��وي��ة إسالمية سنية منهجها‬ ‫اإلصالح صوفية املالمح نشأت فى بدايات القرن التاسع عشر‬ ‫امليالدى و حتديدا فى الثالثينيات منه‪ .‬وليس من املبالغة القول‬ ‫بأنه ال ميكن وصف االنحدار الفكري والسياسي الذي كان يعيشه‬ ‫العالم االسالمي آنذاك حني كان العلماء املسلمني يفزعون ملجرد‬ ‫سماعهم كلمة «التجديد» أو «فتح باب االجتهاد»‪.‬‬ ‫أسسها السيد محمد بن على السنوسى أو السنوسى الكبير كما‬ ‫يعرف في كتب التاريخ والذي درج أهل برقة على تسميته بابن‬ ‫السنوسى‪.‬‬ ‫ولد في الثاني عشر من ربيع األول سنة ‪ 1202‬هجريه املوافق‬ ‫الثاني والعشرون من شهر ديسمبر سنة ‪ 1787‬في محلة الواسطة‬ ‫بوادي الشلف فى مستغامن من أعمال وهران باجلزائر في أسرة‬ ‫السنوسي التي اشتهرت بعراقة النسب من قبيلة األط��رش آل‬ ‫ّ‬ ‫خطاب وقد عرف منذ صباه بالذكاء والورع والعلم الغزير‪ ،‬وكان‬ ‫ذلك يعتبر حلية بجملة ألصله النبيل‪.‬‬ ‫في حوالي عام ‪ 1220‬هجرية ران ذلك العالم الشاب‪ ،‬وقد بلغ‬ ‫الثمانية عشرة سنه وبعد أن أخذ عن كل علماء مستغامن ومازونه‪،‬‬ ‫ببصره إلى دار العلم «فاس» حيث جامعة القرويني الشهيرة‪ .‬هناك‬ ‫أخذ عن كل علماء فاس وهم ال يحصون‪ ،‬حتى أنه قال في معرض‬ ‫حديثه عن ارحتاله منها‪« :‬لم نعد جند فيها من لم نأخذ عنه»‪،‬‬ ‫وعبر عن العلوم التي أتقنها بقوله‪« :‬تعلمنا خمسني علما ما سئلنا‬ ‫في عمرنا كله سوى عن ثمانية عشر منها فقط»‪ .‬ويبدو أن ذلك‬ ‫أهله إلى أن يتصدى للتدريس فى جامع القرويني الكبير‪.‬‬ ‫هو ما ّ‬ ‫وبعد أن التهم ما في بطون الكتب املوجودة في خزائنه‪ٍ .‬ورسالة‬ ‫امل�ن�ه��ل ال���روي ال��رائ��ق وك��ذل��ك ال�ش�م��وس ال �ش��ارق��ة م�ث�لا‪ ،‬وهما‬ ‫فهرستان ألفهما السنوسي في أسانيد بعض العلوم الدينية التي‬ ‫تلقاها‪ ،‬يدالن على حجم ما يختزنه عقله‪.‬‬ ‫لقد جهر ابن السنوسي بتصوفه وهو وان كان متصوفا بطبيعته‬ ‫وبيئته بل زاد إلى أن أخذ عن جل علماء املتصوفة في ذلك الوقت‬ ‫وتلقى معظم أسانيد طرقهم (وذلك قبل لقائه بشيخه بن إدريس)‪،‬‬ ‫ولكنه أكسب كما يقول الدجانى (صوفيته هو طابع السنة وجلمها‬ ‫بحدود الشرع واكسب فقهه طابع الروحية املتألقة)‪.‬‬ ‫غادر ابن السنوسى فاس فى سنة ‪ 1235‬هجرية بعد أن تعددت‬ ‫أسباب مغادرته لها‪ ،‬ولعل جتنب االصطدام بالسلطة أثناء فتنة‬ ‫تورط فيها علماء املدينة أدت إلى خلع سلطانها هو أهمها‪ ،‬عائدا‬


‫‪76‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫إلى اجلزائر وبعد أن طاف ثالث سنوات في مدن وقرى اجلنوب‬ ‫اجلزائري قفل عائداً إلى بلده مستغامن ثم إلى جهة قسطنطينة‬ ‫وك��ان عمره ال يتجاوز الرابعة والثالثني حني بنى أول زاوي��ة له‬ ‫هناك في منطقة تسمى «أوالد نايل» قام فيها بالوعظ والتعليم‪.‬‬ ‫فى عام ‪1238‬هجرية قرر السنوسي االرحتال إلى مكة‪ .‬وال شك‬ ‫في أنه حقا كما يقول بريتشارد كان منوذجاً حياً من املعلمني‬ ‫الكبار في أيامه‪ ..‬شمولي النظرة‪ ،‬شديد احلرص في احملافظة‬ ‫على القداسة‪ ،‬واكتساب العلم أكثر مما كان رج ً‬ ‫ال تقوده امللهيات‬ ‫الدنيوية واملطامح‪.‬‬ ‫غ��ادر اجلزائر إل��ى تونس ثم طرابلس فبرقة إل��ى القاهرة التي‬ ‫وصلها عام ‪ 1239‬هجرية أي في سنة ‪ 1824‬وفى هذه السنة‬ ‫التي قضاها مسافرا كسب قلوب الكثيرين وتعرف إلى العديد من‬ ‫الشخصيات والقبائل والعائالت‪ ،‬في ما عرف بعد ذلك بليبيا‪،‬‬ ‫والتي استقبلته عند عودته فيما بعد استقباال حافال‪.‬‬ ‫ما من شك في أن اطالع ابن السنوسي على حال املسلمني في‬ ‫بلده والبالد التي مر بها أثار قلقه واهتمامه ولن تستغرب هذا‬ ‫القول إذا علمت انه عبر عن أمله حني كان ال يزال صبيا في بلده‬ ‫مستغامن إلى أحد شيوخه من تأخر حال املسلمني فكيف هو إذا‬ ‫مر ببادية برقة التي وصفها احد العلماء املغاربة بقوله‪( :‬مررنا‬ ‫باجلبل األخضر قبل قدوم الشيخ السنوسى إليه فلم جند فيه‬ ‫من يحسن قراءة الفاحتة)‪ ،‬وحيث لم يكن هناك مسجدا واحدا‬ ‫فى املسافة مابني اإلسكندرية إلى درنة أو في ما بني درنة إلى‬ ‫بنغازي‪ ..‬فضال عن معرفة ساكني تلك املناطق مباهية صالة‬ ‫اجلمعة مثال أو العدة الشرعية للطالق والوفاة حينها كان الناس‬ ‫يقطعون املسافات الشاسعة يبحثون عمن يقرأ لهم خطابا مرسال‪.‬‬ ‫بل إن إحدى زوايا برقة فيما بعد فصلت بالطالق فى عشرات‬ ‫هن تزوجن أخوانهن من الرضاعة‬ ‫من الزيجات لزوجات ثبت أ ّن ّ‬ ‫و»العياشى» في رحلته التي سماها «ماء املوائد» يصف حال برقة‬ ‫الذي لم يختلف كثيرا عن حالها إبان وصول بن السنوسي إليها‬ ‫ويعزز قولنا هذا عن إحساس السنوسي الصحيح بذلك احلاضر‬ ‫وتطلعه إلى تغييره قيمة النتاج املادي واألثر الذى أحدثته طريقته‬ ‫فى تلك املناطق فيما بعد‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى رحلته تلك فانه وملا تبني له أن بغيته ليست فى قاهرة‬ ‫املعز وبعد قرابة عام قضاه غ��ادر األزه��ر وك��ان قد تصدى فيه‬ ‫للتدريس‪ .‬فهو كما أسلفنا كان قصد مكة أصال والتي وصلها في‬ ‫سنة ‪ 1240‬هجرية املوافق للعام ‪.1825‬‬ ‫ومن اجلدير بالذكر فإنه وفى نطاق نشر رسالته التجديدية قد‬ ‫أثار حفيظة جل علماء املالكية فى األزه��ر وعلى رأسهم الشيخ‬ ‫«عليش» حني طرح بعض االجتهادات الفقهية التي تتعلق بالصالة‬ ‫فى «املذهب املالكي» خالف فيها اإلمام مالك أو صحح ما نسب‬ ‫إليه وقد جمعها فيما بعد في كتابه «البغية» واملطلع على هذا‬ ‫السفر ي��درك م��دى ق��درة بن السنوسي على سبر غ��ور املسائل‬ ‫االجتهادية‪.‬‬ ‫وف��ى مكة مهوى أفئدة املؤمنني و محط رح��ال العلماء وملتقى‬ ‫االجت��اه��ات الفكرية واملذهبية اإلسالمية التقى بن السنوسي‬ ‫بالعديد من العلماء الذين اخذ عنهم أو أج��ازوه وك��ان أشهرهم‬ ‫ضالته املنشودة السيد احمد بن إدري��س امللقب بأبى العباس‬ ‫العرائشى نسبة إلى العرائش بتطوان املغرب‪.‬‬

‫جغبوب‬

‫امللك إدريس‬


‫‪‎‬اجلغبوب ‪1919‬‬

‫‪‎‬اجلغبوب القدمية‬

‫وبعيدا عن اإلطالة في سرد ووصف تلك العالقة التى كانت بني‬ ‫ابن السنوسى وشيخه السيد احمد بن إدريس ومنزلته عنده فان‬ ‫املرء ليعجب مما وعظ به الشيخ تالميذه بعد وصول ابن السنوسى‬ ‫إليه بخمسة عشر يوما فقط _قائال‪« :‬أما ولدنا السيد محمد‬ ‫بن على السنوسى فنحن أمرناه أن يدل اخللق على الله و يجذب‬ ‫الطالبني إلى الله‪ .‬إياكم ثم إياكم من كل ما يقطعكم عن صحبته‬ ‫فانه النائب عنا قد اختاره الله لذلك وقد طلب منا مرارا أن جنعل‬ ‫ذلك ملن يقوم به غيره فلم نرى من فيه املصلحة إال هو ولو علم‬ ‫الناس منزلته وعلو مقامه عند الله لتزاحموا على بابه ليروا وجهه‬ ‫فانه قليل رجاله فى زماننا هذا والناس جاهلون قدره ويؤذونه‬ ‫فإياكم ثم إياكم من أذيته‪ .‬فان من أذاه أخذ من حيث ال يشعر‪...‬‬ ‫ال��خ»‪ .‬وسرعان ما يزول ذلك التعجب حني يطلع على ما أجنزه‬ ‫السنوسى وأبرزه إلى حيز الوجود فيما بعد‪.‬‬ ‫وفى هذه الفترة بنى بن السنوسي أول زاوية له فى احلجاز وهى‬ ‫زاوي��ة جبل أبى قبيس مبكة وال شك أن احلادثة املشهورة التي‬ ‫حدثت له مع شريف مكة وانتهت باعتذار الشريف إليه وعرض‬ ‫كل مساعدة يطلبها ابن السنوسي في البناء ‪ -‬ولكن ابن السنوسي‬

‫اكتفى باالعتذار املتقدم واإلذن له فقط بالبناء ‪ -‬ساهمت أيضا‬ ‫في تعزيز هالة القداسة التى أحاطت‪.‬‬ ‫وقد بقيت هذه الزاوية بل وكافة زواياه حتى بعد احتالل الوهابيني‬ ‫للحجاز وسيطرتهم على أرجاء جزيرة العرب ولعل ذلك يعود إلى‬ ‫أن هذه الزوايا ال تعدو عن كونها مساجد للصالة ومراكز للدعوة‬ ‫والذكر‪.‬‬ ‫وجدير بالذكر أن السيد احمد بن إدري��س ارحت��ل من مكة إلى‬ ‫«صبيا العسير» وان ابن السنوسي تبع أستاذه زائرا‪ .‬ثم ما لبث أن‬ ‫عاد قافال‪ .‬ومما روى عن أحمد بن إدريس وهو فى صبيا قوله‬ ‫«بوجود ابن السنوسى مبكة ما كأننا فارقناها»‪.‬‬ ‫أضحت زاوي��ة أبى قبيس فى مقصدا للعلماء ومركزا للطريقة‬ ‫السنوسية باحلجاز والتى ما لبث أن تأسس بعدها العديد من‬ ‫الزوايا فى اجلزيرة العربية بلغ عددها بضع وعشرون زاوية‪ .‬يقول‬ ‫بريتشارد‪ :‬ومن املفيد جداً أن نشير إلى أن السنوسية نالت مقاماً‬ ‫رفيعاً في اجلزء الغربي من جزيرة العرب شبيهاً بذلك املقام الذي‬ ‫نالته في برقة‪.‬‬ ‫وينقل بريتشارد أيضا عن العالم الهولندي سنوك هوركروجني‪،‬‬ ‫املستعرب الذي قضى سنة في غرب جزيرة العرب بني ‪-1884‬‬ ‫‪ ،1885‬قوله ‪( :‬أم��ا في مقاطعات احلجاز التي تسكنها قبائل‬ ‫حرب وغيرها من األعراب فإن السنوسية حتظي بأرفع التقدير‪،‬‬ ‫نظراً ألن دعوتها العملية قد جنحت إلى حد بعيد في أن جتلب‬ ‫أبناء الصحراء الذين ينفرون من كل سلطة كما أنهم بعيدون جداً‬ ‫عن اإلسالم الصحيح ‪ ،‬وضمتهم حتت زعامتها)‪.‬‬ ‫ويضيف بريتشارد قوله‪( :‬ونحن ال نضيف جديداً عندما نقول‬ ‫ال عظيماً وأن عمل حياته كان اجنازاً‬ ‫أن ابن السنوسى كان رج ً‬ ‫ً‬ ‫رائعاً‪ .‬أما شخصه فقد ذكر عارفوه أنه كان رجال طواال‪ ،‬ذا مظهر‬ ‫متميز‪ ،‬متكلماً فصيحاً ومعلماً حكيما وميكن تقدير شخصيته‬ ‫الدينية من حقيقة أن الكثير من اجلزائريني والتونسيني واملغاربة‬ ‫قد استحوذت عليهم تعاليمه وأسرتهم قدرته حتى أنهم تركوا‬ ‫أهلهم وأوطانهم وتبعوه في رحالته‪ ،‬وأطاعوا أمره حني وجههم‬ ‫كمبشرين إل��ى أراض ج��دي��دة؛ وك��ذل��ك ف��ي احلقيقة أن ب��دو‬ ‫شبه جزيرة العرب وليبيا‪ ،‬وهم قوم متحفظون قليلو االكتراث‬ ‫باآلخرين‪ ،‬قد تقبلوه كمرشد لهم في الناحيتني الروحية والزمنية‪.‬‬ ‫لقد كان عقل ابن السنوسى كما ع ّرفه بريتشارد عق ً‬ ‫ال تبشيريا‪،‬‬ ‫وكانت الطريقة التي أنشأها طريقة تبشيرية)‪.‬‬ ‫ول�ل�ح��ق ف��ان ل�ه��ذا ال �ق��ول م��ا ي �ع��ززه فمثال ح��دث أن أج ��از اب��ن‬ ‫السنوسى محمد شريف بن صالح شقيق سلطان واداى ‪ -‬وكان‬ ‫ق��د ق��دم إليه زائ��را ف��ى مكة خ�لال موسم احل��ج ‪ -‬ف��ى اعتناق‬ ‫الطريقة السنوسية ووجهه لنشر اإلسالم فى بر السودان األوسط‬ ‫وبالفعل خلف محمد شريف هذا شقيقه فى حكم وداى ولعب‬ ‫دورا هاما فى ما بعد‪.‬‬ ‫لقد كان ابن السنوسي يرى أن األقاليم الوثنية فى أفريقيا مكانا‬ ‫مناسبا لهداية سكانها إلى اإلس�لام لذا فان أع��دادا هائلة من‬ ‫الوثنيني خلف الصحراء الكبرى والذين اعتنقوا اإلس�لام خالل‬ ‫املراحل التالية من نشاط السنوسية هو دليل دام��غ على انه ال‬ ‫ميكن فهم السنوسية إال على أنها طريقة دعوية تبشيرية‪.‬‬ ‫وان ك��ان األم��ر كذلك فانه الب��د الب��ن السنوسى أن ينزعج من‬ ‫اح�ت�لال الفرنسيني للجزائر ال��ذي ح��دث خ�لال إقامته األول��ى‬ ‫مبكة‪ .‬وقد يكون هذا من األسباب التى دعته الى أن يقرر مغادرة‬


‫‪78‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫مكة قاصدا العودة إلى اجلزائر في والتي لم يستطع دخولها‪.‬‬ ‫لقد قدم احد املندوبني الفرنسيني من القاهرة في ذلك الوقت‬ ‫تقريرا يصف فيه السنوسي بأنه «أخطر شخص» على التوسع‬ ‫األوروب��ي املنتظر واملستعرض لكتاب الرحالة «هنرى دوفرييه»‬ ‫عن السنوسي والذى نشرته اجلمعية اجلغرافية في باريس سنة‬ ‫‪ 1884‬يدرك مدى العداء الذى يكنه الفرنسيون للسنوسية والذي‬ ‫ابتدأ مع نشاط بن السنوسي االعالمي ضدهم في مكة والفتوى‬ ‫التي أفتاها هناك ضد غزو اجلزائر معارضا فيها بعض العلماء‬ ‫الذين كان لهم رأى مخالف فى ذلك االحتالل والذي كان السبب‬ ‫في محاولة الفرنسيني القبض عليه فى قابس بتونس والتى قفل‬ ‫منها إلى طرابلس ليجد حشدا من علمائها قد جتمعوا عند الوالي‬ ‫التركي على أشقر باشا بعد أن حرضه أحدهم ضده ولعل اعتذار‬ ‫الوالي له بعد مناظرة علمية ج��رت وطلبه االنضمام فى سلك‬ ‫الطريقة السنوسية هو أيضا ما ساهم في ذياع صيته فى تلك‬ ‫األرجاء وليعود إلى برقة وكما يقول هو إثر «رؤيا» ٍ رآها ليؤسس‬ ‫أولى زواياه في ليبيا‪.‬‬ ‫إن القول بأن السنوسى كان متصوفا زاه��دا وأنه لم يقع أسيرا‬ ‫للدنيويات له ما يعززه وال أدل على ذلك من أنه وفى ذروة متكنه‬ ‫من مظاهر النفوذ املتمثلة فى اجلاه واألتباع املخلصني وبعد أن‬ ‫دانت له برقة وما جاورها وفى نفس الوقت الذي كان فيه والى‬ ‫طرابلس العثماني من شيعته فانه ال يقرر مثال البقاء فى بساتني‬ ‫إحدى زواياه ذات الظل الوارف والثمار اليانعة في اجلبل األخضر‬ ‫بل يطلب التوجه إلى واحة غير مقطونة‪ ،‬ماؤها مر وطقسها حار‪،‬‬ ‫إنها اجلغبوب التي لم تكن مكاناً يصلح حلياة فخمة فالسنوسي‬ ‫يٍ درك أنه لم يقضى تلك السنوات الطويلة من حياته في السفر‬ ‫على ظهور اجلمال البطيئة من أجل الراحة بل من أجل الدعوة‬ ‫إلى الله وحتقيقا آلماله الضخمة فى الرفع من شأن مجتمعه‬ ‫االسالمي وحمايته‪ ،‬ولقد برزت اجلغبوب التي كانت في واقعها‬ ‫مجتمعاً للعلم واالعتكاف‪ ،‬كما بزرت أهميتها في تاريخ السنوسية‬ ‫ب ��روزاً عظيماً‪ ،‬هنا وحت��ت إش��راف السنوسي شخصياً وإدارة‬ ‫تالميذه البعيدين عن االقتتال في سبيل الدنيويات‪ ،‬استطاع‬ ‫السنوسي أن ي��درب ق��ادة املستقبل لطريقته فى عاصمة زواي��اه‬ ‫اخلارجة عن نطاق النفوذ القبلي كان هو الذي يعني شيوخ الزوايا‬ ‫فينتقيهم من بني تالميذه ويحذرهم حني يبعثهم من قبول ما يقدم‬ ‫إليهم من هدايا ولو كانت من «اللحم» أو»اللنب غير املمخوض»‬ ‫أثناء أدائهم ملهماتهم التى يوجههم إليها وحدث مرة أن أعاد أحد‬ ‫ه��ؤالء الشيوخ بشياه أهديت إليه ليعيد كل منها ال��ى مضارب‬ ‫القبيلة التى أهدتها‪.‬‬ ‫إذا فهاهم جميع بدو برقة ومنطقة سرت ومعظم بدو الصحراء‬ ‫الغربية في مصر قد تقبلوا السنوسية والتى لم تلجأ البتة إلى‬ ‫القوة لتسند أعمالها التبشيرية بل عن طريق اإلقناع الهادئ إلى‬ ‫فهم أوفى ملعتقدات ومعاني اإلسالم ‪ .‬فكانت مبادئها الرئيسية‬ ‫ببساطة‪ ،‬هي‪ :‬أن تفتعل اخلير وتتجنب الشر‪ ،‬إذا‪ :‬لم يبق في‬ ‫هذه املناطق واحدة لم تنشأ فيها زاوية لها لقد قدمت السنوسية‬ ‫الرمز الوطني للقبائل وساهمت القبائل فيها عن طريق زوايا تلك‬ ‫القبائل‪.‬‬ ‫إن اجتماع تنظيم ع��ام مع متثيل يقبل بوجود ال��والءات القبلية‬ ‫ويسخر تلك ال��والءات من أجل ترسيخ الشعور الديني هو الذي‬ ‫زود الطريقة بأساسات ثابتة كما أدى إل��ى إع��ادة ال�ت��وازن في‬

‫االنقسامية القبلية ‪.‬أى أن السنوسي ناغم العالقة بني زواي��ا‬ ‫طريقته والتكوين القبلي للبالد مع حصر رئاسات هذه الزوايا‬ ‫فى العلماء من اإلخوان السنوسيني من خارج ذلك التكوين وهو‬ ‫ما أدى إلى دوام االحترام من تلك القبائل جتاه هذه الرئاسات‪،‬‬ ‫بل وحتى في مدن برقة نالت السنوسية نفس األهمية وانتسب‬ ‫اليها كثير من أبناء الطبقات املختلفة فى تلك املدن‪ ،‬ففى درنة‬ ‫وبنغازي مثال لم يتخلف اح��د من مواطنيهما عن زي��ارة الشيخ‬ ‫السنوسي حني وفد وأقام فيهم بعض الوقت ‪ .‬لقد كانت الزوايا‬ ‫ف��ي واقعها كما يقول بريتشارد‪( :‬م ��دارس‪ ،‬ومحطات قوافل‪،‬‬ ‫ومراكز جتارية‪ ،‬ومراكز اجتماعية‪ ،‬وحصوناً‪ ،‬ومحاكم‪ ،‬ومصارف‬ ‫نقدية‪ ،‬ومستودعات‪ ،‬ومأواي للفقراء‪ ،‬ومواطن حمى‪ ،‬ومدافن‪ ،‬كل‬ ‫ذلك إلى كونها قنوات يسير فيها نهر البركة الربانية‪ .‬واحلق كما‬ ‫يقول‪ :‬أن هذه الزوايا كانت مراكز للثقافة واألمن في بلد متوحش‬


‫السنوسية جتمع الدين‬ ‫والدنيا في طريقة واحدة‬ ‫ووس��ط ق��وم شرسني‪ ،‬كما أنها نقاط مستقرة في بلد ك��ان كل‬ ‫شيء فيه يتحرك‪ .‬إن مضرب خيام البدو موطن قد تدق أوتاده‬ ‫في أي مكان‪ .‬أما الزاوية فهي ثابتة ومع الزاوية أهلوها‪ .‬لكن أي‬ ‫حسنات التي أكسبتها الزوايا للبدو؟ لقد بينها السنوسي الكبير‬ ‫في رسالة إلى إحدى القبائل وملخصها أن البدو وأطفالهم يجدون‬ ‫من يلقنهم دينهم ومبادئ اإلسالم على يدي رجال متفقهني أتقياء‬ ‫‪ ،‬كما ميكنهم أن ينالوا فرصة عبادة الله في مسجد‪ ،‬ثم أنهم‬ ‫بإحسانهم إلى زواياهم سيكسبون أنفسهم الثواب املقابل فيما‬ ‫بعد)‪.‬‬ ‫لقد وطد السنوسى نفسه كمصلح ديني واجتماعي هدفه فى ذلك‬ ‫إحياء اإلميان ورفع ثقافته البدو الكافرين تقريباً واألميني متاماً‬ ‫وتوجيه سلوكهم نحو مقاصد اخلير والفضيلة تبعه فى سيرته‬ ‫تلك املصلح العظيم ابنه السيد املهدي السنوسي ليتجاوز عدد‬ ‫مراكز الدعوة املائة وأربعون زاوية فى تلك املدة الوجيزة من عمر‬ ‫احلركة السنوسية والتى حني غزا الفرنسيون زواياها فى تشاد‬ ‫وان��زل االيطاليون قواتهم بعد ذلك على السواحل كان للتنظيم‬ ‫العجيب لإلخوان السنوسيني ‪ -‬الذين قد متكنوا من إبقاء منظمة‬ ‫طريقتهم متماسكة‪ ،‬وقد تسنى لهم ذلك بفضل تنظيم تلك الزوايا‬ ‫وال��ذى دأب السنوسي على إع��داده مسبقا ‪ -‬ال��دور الكبير فى‬ ‫مقاومة تلك االعتداءات وال عجب فالسنوسي نبه أتباعه صراحة‬ ‫ومرارا عن الغزو الصليبي القادم‪ ،‬ولم تأنف قبائل برقة البيضاء‬ ‫مثال من أن يرأس السوداني قجة أكبر أدوارها اجلهادية وال قبائل‬ ‫احلرابى رئاسة عمر املختار املرابط لها فى ذلك اجلهاد بفضل‬ ‫انتمائهما للسنوسية وامتثال رجال تلك القبائل لتعاليمها‪.‬‬ ‫إن س�ي��رة اإلم ��ام السنوسي وأث ��ره ي ��دالن على إح�س��اس��ه بنبل‬ ‫املسئولية وخطرها ‪ ،‬ومامن شك فى أنه كان يشعر بقدرته على‬ ‫األختيار وأنه أيضا كان مستعدا لتنفيذ اختياراته وان املتمعن فى‬ ‫قصته ال ميكن له إال التسليم بأنه كان « أمة فى رجل «‪.‬‬ ‫وبالتحقيق واالس�ت�ن�ت��اج وب�ن�ظ��رة شاملة ت�ت�ج��اوز حصر النظر‬ ‫فى اجلزئيات لنشوء تلك األح��داث وتطورها فانك سوف ترى‬ ‫أن السنوسية أصبحت فى الواقع مرحلة من تاريخ ليبيا شئنا‬ ‫أم أبينا إن لم نقل أن والدة الكيان الليبي احلديث قد خرجت‬ ‫مبتوالياتها وتتابع أحداثها من عباءة السنوسية سواء متثل ذلك‬ ‫فى شخص السنوسي الكبير أو فى شخوص خلفائه من بعده‬ ‫(املهدي وأحمد الشريف ثم إدري��س) وس��واء حدث ذلك بالرضا‬ ‫املطلق أوباألضطرار‪.‬‬ ‫وان كان ذلك الزمن قد مضى ولن يعود فان هذا ال يعد مسوغا‬ ‫أو مبررا لكتمانه أو القفز عليه إذ كيف يتسنى لنا أن نطلب من‬ ‫الغير أن يشكر لنا ما نبذل ألجله من جهد فى الوقت ال��ذى لم‬ ‫نحترم نحن ما بذله الغير من أجلنا‪ .‬وبعيدا عن التشيع املغرض‬ ‫املدفوع بعوامل التعاطف اجلهوى أوالسياسي نقول وباختصار‪ :‬إن‬ ‫هذه األحداث لم تكتب فى مخيالتنا فقط بل حفرت أحرفها فى‬ ‫صفحات ذلك التاريخ‪.‬‬

‫كتب (كاسبر كوليسمو) وزير املستعمرات االيطالية‬ ‫في تقرير تقدم به ملجلس ال��ن��واب االيطالي يقول‪:‬‬ ‫(ل��ق��د وج��دن��ا أنفسنا ف��ي ب��رق��ة أم���ام منظمة قوية‬ ‫متماسكة وأع��ن��ي ب��ذل��ك ال��س��ن��وس��ي��ة‪ ،‬وه���ي طريقة‬ ‫إسالمية تأسست في النصف األول من القرن التاسع‬ ‫عشر‪ ،‬طريقة أشعرية املعتقد مالكية امل��ذه��ب ذات‬ ‫ج���ذور عميقة ف��ي امل��واق��ع ال��ت��ي ت��ق��وم فيها أماكنها‬ ‫املقدسة (اجلغبوب) مركزها الرئيسي و(الكفرة) أما‬ ‫أغراضها فليست دينية فحسب بل سياسية وزمنية‬ ‫وخاصة جتارية وزراعية‪ .‬وال تنفي تعاليمها التمتع‬ ‫بنعم احلياة الدنيوية وتتداخل في احلياة السياسية‬ ‫واالجتماعية للبالد حتى األنسجة الدقيقة‪ .‬وتضمر‬ ‫ميوال واضحة إلنشاء دولة نظامية متتص بالتدريج‬ ‫املزيد من األراضي بواسطة شبكة كثيفة من األخوان‬ ‫وال���زواي���ا ذات األم��ل�اك اخل��اص��ة‪ ،‬وامل��وظ��ف�ين (ش��ي��وخ‬ ‫الزوايا) وجتهز في الوقت ذاته السرايا من أجل متكني‬ ‫الوجود اإلسالمي ضد الوثنيني واالحتالل االوروبي‬ ‫على السواء‪.‬‬ ‫وق��د جتلي نشاطها ف��ي تعمير مناطق واس��ع��ة ج��د ًا‬ ‫بإنشاء مراكز سكنية جديدة وحفر اآلب��ار وتأسيس‬ ‫املالجئ والزوايا لغرض تنشيط طرق القوافل اجلديدة‬ ‫املمتدة عبر األراضي الصحراوية‪ ،‬وتأسست بناء على‬ ‫ذلك‪ ،‬اجلغبوب‪ ،‬والكفرة‪ .. ،‬إلخ‪ ،‬كطرق للقوافل التي‬ ‫تربط بينها وبني دواخ��ل السودان ‪ .‬والسنوسية هي‬ ‫ظاهرة دينية واجتماعية وتشكل باإلضافة إلى ذلك‬ ‫التنظيم احلقيقي الوحيد في برقة للمحافظة على‬ ‫املصالح الروحية مبا ميليه القرآن الكرمي والشريعة‬ ‫اإلس�لام��ي��ة م��ع املصالح الدنيوية األخ���رى كالتجارة‬ ‫واألم��ن على ط��رق القوافل‪ ،‬وحيث أن ايطاليا حتتل‬ ‫منطقة ساحلية واس��ع��ة وال ت���زال ال���دواخ���ل بعيدة‬ ‫عن رقابتنا‪ ،‬لذلك فقد ظهرت ج��دوى إتباع سياسة‬ ‫حكيمة تعطي الدليل على قوتنا بإقامة تنظيم قوي‬ ‫في كل منطقة يتم احتاللها استهدافا لربط عالقات‬ ‫مع القبائل التي يغلب عليها االنتماء إلى السنوسية) ‪.‬‬ ‫من تقرير وزير املستعمرات االيطالي‬


‫‪80‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫هذا ملجأ الناس في آخر الزمان‬ ‫حين يرفع الحنش األسود رأسه من البحر‬ ‫مقتطفات من كتاب‪ :‬السنوسيون في برقة ‪ -‬تأليف‪ :‬ايفانز بريتشارد ‪ -‬ترجمة‪ :‬عمر الديراوي أبو حجلة‬ ‫السنوسية طريقة من طرق الصوفية‪ ،‬أو الدراويش‪ ،‬كما يطلق عليهم‬ ‫أحياناً‪ .‬وأصحابها من جماعة أهل السنّة‪ ،‬وهذا يعني أنهم في معتقدهم‬ ‫وأخالقياتهم إمنا يعتنقون القرآن الكرمي وسنة رسوله‪ ،‬وهي مجموعة من‬ ‫األحاديث التي تدور حول حياة وعادات الرسول الكرمي‪ ،‬الذي يتوجب‬ ‫على املؤمنني أن يتخذوا أفعاله مثاالً يقتدون به في جميع األمور‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫السنوسية طريقة سنية محضة‪ ،‬وهي ليست طائفة مذهبية بل (أخوية)‪.‬‬ ‫ولقد عجز خصوم مؤسسها على الدوام عن أن يقنعوا أي شخص عادي‬ ‫بأن صاحبها مهتم بالزندقة‪ ،‬رغم محاولتهم ذلك؛ بل أنهم في أمور طفيفة‬ ‫جداً قد استطاعوا اتهامه باالبتعاد عن املذهب املالكي‪.‬‬ ‫صوفيتها معهودة ومتقشفة‪ ،‬فها هم الوهابيون‪ ،‬أولئك النقدة الصارمون‬ ‫للطوائف والطرق اإلسالمية األخرى – ال يجدون أنها بدعة‪ ،‬والبدعة في‬ ‫نظرهم تبلغ حد الكفر‪ .‬لذا كانت السنوسية هي الطريقة الوحيدة التي‬ ‫تسامحوا مع وجودها في احلجاز من بني الطرق الصوفية ‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫كان السنوسي الكبير وخلفاؤه يعارضون بكل شدة ممارسة املساعدات‬ ‫اخلارجية للوصول إلى هذا الهدف‪ ،‬مثل املواكب‪ ،‬واملوسيقى‪ ،‬وحركات‬ ‫اجلسم التي تخلق نوبات تشنجية‪ ،‬وإنفاذ آالت حادة في أجزاء البدن‪.‬‬ ‫ومثل هذه الوسائل التي تستعملها طرق أخرى‪ ،‬وإمنا سلكوا طريقاً وسطاً‬ ‫بني األشراقية‪ ،‬أو احلدسية‪ ،‬مدرسة كبـار املؤلقني الصوفيني‪ ،‬وبني‬ ‫العقالنية‪ ،‬أو املدرسة الفكرية‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإن السيد أحمد الشريف‪ ،‬السنوسي الكبير‪ ،‬يذكر في كتابته‪،‬‬ ‫كما يشير إلى ذلك مورينو ‪ ،Moreno‬ما يحض فيه إتباع الطريقة على‬ ‫عدم االبتعاد عن العقل‪ ،‬إذ إن الغرض الرئيسي للسنوسية هو‪ :‬جعل‬ ‫الرجل مسلماً صاحلاً أكثر من جعله زاه��داً جيداً‪ .‬فالزهد «الصالح»‬ ‫شيء ينضاف إلى اإلميان احلنيف واألخالق احلسنة ‪ ،‬وليس بدي ً‬ ‫ال لهما‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫وص��ل السيد االم��ام محمد ب��ن علي السنوسي ال��ى اجلغابيب (وه��و‬ ‫مسمي يطلق على املنطقة) والتحق باخوانه الذين سبق وأرسلهم الى‬ ‫هناك وأجابهم على تساؤلهم بأن من أسباب اختياره لهذه املنطقة كونها‬ ‫ستصلح ملجأ للناس في أخر الزمان (كما عبر عن ذل��ك) حني يرفع‬ ‫احلنش األسود رأسه من جهة البحر‪ ،‬وإمنا قصد بعبارة احلنش األسود‬ ‫القادم من الشمال هو بأن هناك غزوا للبالد اإلسالمية سيكون منطلقه‬ ‫دول أوروبا وأن هذا سيكون بعد وقوع حرب عظمى‪.‬‬ ‫وهذه من فتوحاته التي يتحدث بها بني احلني واألخ��ر والتي ال ميلك‬ ‫املرء إال أن يصدقها أو أن ينتظر وقوعها ملصداقية املتحدث أوال ولوقوع‬

‫‪‎‬في الطريق إلى اجلغبوب‬

‫كثير مما تنبأ به ثانيا مثل ما حدث في موضوع غزو النابلتان (الطليان)‬ ‫لليبيا وربطهم بغالهم في زاوية البيضاء وأيضا بأنه سينبش قبره في أخر‬ ‫الزمان وغيره‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫اجلدير بالذكر أن من األسباب احلقيقية واآلنية الختيار السيد بن‬ ‫السنوسي لهذه البقعة هو ما عبر عنه هو بقوله (كثرت علينا الناس‬ ‫ومرادنا تأسيس زاوية في محل ال يأتينا فيه إال من يطلب العلم صادقا)‪،‬‬ ‫وأيضا فان هذا املكان يخرج عن نطاق النفوذ القبلي وهو ما سيمنح‬ ‫رئاسة الطريقة استقاللية ستفتقدها لو متركزت في وسط برقة‪.‬‬ ‫ومما يورده املؤرخون واحملللون هو أن السنوسي امنا أراد بذلك أيضا‬ ‫االبتعاد عن أعني االتراك وان كان يحتفظ معهم بعالقات ودية‪ ،‬وهذا‬ ‫أيضا من األسباب احلقيقية فعال إذا علمنا أنه سبق وأن نصح ولده‬ ‫اإلم��ام العظيم (السيد امل�ه��دي) ب��أن يتوغل جنوبا إ هو لم يأمن في‬ ‫اجلغبوب‪ ،‬وبالفعل فقد انتقل السيد املهدي بعد ستة وثالثني عاما فجأة‬ ‫إلى الكفرة وبعد أن توالت على اجلغبوب البعثات اجلاسوسية املتنكرة في‬


‫زي املستكشفني لسبر غور السيد املهدي الذي قض مضاجع دول أوروبا‬ ‫وفى مقدمتها فرنسا الى احلد الذي طلبت فيه من السلطان العثماني‬ ‫استدعاءه وفرض اإلقامة اجلبرية عليه في القسطنطينية‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫لم يكـن السنوسي الكبير عاملاً ومؤلفاً بارزاً فحسـب بل كان مغرماً بالكتب‬ ‫أيضاً‪ .‬لذا جنده ميتلك مكتبة طيبة حتـوى ثمانية آالف مجلد معظمها‬ ‫تصانيف في الشريعة اإلسالمية والفقه والصوفية والفلسفة والتاريـخ‬ ‫والتفسير والشعـر والفلك والتنجيم‪.‬‬ ‫وكان حواليه الكثير من الرجال األكفـاء الذين ينتفعون بهذه املكتبة احلقة‬ ‫والواقع أنه كان من العسير على املرء أن يجد في العالم اإلسالمي آنذاك‬ ‫‪ ،‬عدا القاهرة‪ ،‬حلقة من متدراسي العلم خيـراً من هذه‪.‬‬ ‫كان الشعر أحد الفنون املترقية في الواحة‪ ،‬وقـد حدثني األعراب أنه بلغ‬ ‫مستوى عالياً من السمو‪ ،‬وها هو الشيخ محمد عثمان (يقصد محمد‬ ‫عثمان احلشائشي الرحالة التونسي املعروف)‪ ،‬وهو نفسه شاعر‪ ،‬يكتب‬ ‫أن املرء يلقى في جغبوب «رجـال أدب بارزين تكسف منظوماتهم أشعار‬ ‫شعراء العراق واألندلس»‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫لقد تركزت جماعة الطريقة حول اجلامعة‪ .‬وكانت في واقعها مجتمعاً‬ ‫جامعياً تقريبياً‪ ،‬كما بزرت أهميتها في تاريخ السنوسية بروزاً عظيماً‪..‬‬ ‫هنا ‪ ،‬وحتت إشراف السنوسي الكبير شخصياً وإدارة تالميذه البعيدين‬ ‫عن االقتتال في سبيل الدنيويات‪ ،‬استطاع السنوسي الكبير أن يدرب‬ ‫قادة املستقبل لطريقته اجلديدة‪ .‬كان هو الذي يعني شيوخ زوايا طريقته‬ ‫فينتقيهم من بني حلقته اخلاصة من تالميذه‪ ،‬أولئك الذين رافقه الكثير‬ ‫منهم من اجلزائر وأقطار املغرب األخرى في رحالته إلى اجلزيرة العربية‬ ‫قاصداً إياها وخارجاً منها‪ .‬ولقد وجد الشيخ في «برقة» بنية قبلية من‬ ‫نوع بسيط ميكن أن تبنى فوقها منظمة تبشيرية لكنه يعسر بناؤها من‬ ‫أفرادها‪ .‬فكان من حسن حظه أنه جلب منظمته معه‪ :‬جماعة من األتباع‬ ‫املخلصني الذين جرب والءهم في كثير من التقلبات‪ .‬وهنا تنبغي اإلشارة‬ ‫إلى أن خلصاء السنوسية هؤالء كانوا غرباء في نظر بدو برقة‪ ،‬كيف ال‬ ‫وهم ال تربطهم بهم عالقات القرابة‪ ،‬فوقفوا خارج النظام القبلي ولم‬ ‫ينغمسوا في العصبيات القدمية وال املنازعات املالزمة ملجتمع بدوي‪.‬‬ ‫كانت املنظمة التبشيرية‪ ،‬أعني الطريقة السنوسية‪ ،‬منفصلة عن النظام‬ ‫القبلي‪ ،‬وبفضل متركزها في واحة جغبوب القصية منع السنوسي الكبير‬ ‫التصاقها بأي قبيلة أو قطاع من أهل البـالد‪.‬‬ ‫وهو ما يتوقع أن يحصل لو متركزت في وسط برقة‪ .‬وكما سيتضح‬ ‫لنـا في فصول الحقة‪ ،‬كان ارتباط القبائل بالزوايا احمللية في أرضها ‪،‬‬ ‫وارتباط شيوخ تلك الزوايا بزعيم الطريقة – هما العاملني اللذين أجنحا‬ ‫الطريقة كمنظمة تبشيرية‪ ،‬ومكتناها بالتالي من أن تغدو قوة سياسية‬ ‫فيما بعد)‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫نحن ال نضيف جديداً عندما نقول أن السيد محمد بن على السنوسي‬ ‫كان رج ً‬ ‫ال عظيماً وأن عمل حياته كان اجنازاً رائعاً‪ .‬أما شخصه فقد‬ ‫ذكر عارفوه أن��ه‪ :‬كان رجال ط��واالً‪ ،‬ذا مظهر متميز‪ ،‬متكلماً فصيحاً‬ ‫ومعلماً حكيما‪ .‬وميكن تقدير شخصيته الدينية من حقيقة أن الكثير من‬ ‫اجلزائريني والتونسيني واملغاربة قد استحوذت عليهم تعاليمه وأسرتهم‬ ‫قدرته حتى أنهم تركوا أوطانهم وتبعوه في رحالته‪ ،‬وأطاعوا أمره حني‬ ‫وجههم كمبشرين إلى أراض جديدة؛ وكذلك في احلقيقة أن بدو شبه‬ ‫جزيرة العرب وليبيا‪ ،‬وهم قوم متحفظون قليلو االكتراث باآلخرين‪ ،‬قد‬ ‫تقبلوه كمرشد لهم في الناحيتني الروحية والزمنية‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫كان السنوسي الكبير منوذجاً حياً من املعلمني الكبار في أيامه‪ :‬شمولي‬ ‫النظرة وشديد احلرص في احملافظة على القداسة واكتساب العلم أكثر‬ ‫منه رج ً‬ ‫ال تقوده امللهيات الدنيوية واملطامح ‪.‬‬

‫ملتقى املسارات بني الشرق‬ ‫والغرب واجلنوب‬

‫قدر لها أن تصبح‬ ‫كانت جغبوب هي تلك الواحة التي ّ‬ ‫م��رك��ز ًا للطريقة السنوسية وم��ه��د ًا جلامعة إسالمية‬ ‫ه��ي الثانية ف��ي أفريقيا بعد األزه���ر‪ .‬ول��م تكن حتى‬ ‫‪ ،1856‬حني اتخذها السنوسي الكبير مقر ًا ل��ه‪ ،‬إال‬ ‫واح��ة غير مقطونة‪ ،‬ماؤها مالح وكبريتي‪ ،‬وال يكاد‬ ‫يكفي إال ل��ري مساحة صغيرة من البساتني‪ .‬إنها لم‬ ‫تكن مكان ًا يصلح حلياة فخمة وإن ب��دت مناسبة من‬ ‫جهة صحيحة ‪ ،‬فعلى النقيض من واح��ة سيوة كانت‬ ‫اجلغبوب خالية من املالريا‪ .‬وأهم من ذلك أنها كانت‬ ‫تتمتع مب��زاي��ا سياسية معينة ‪ ،‬ف��ه��ي خ���ارج قبضة‬ ‫األتـراك‪ ،‬واالفرنسيني‪ ،‬واحلكومات املصرية‪ ،‬كما أنها‬ ‫على طريق احلج الرئيسي القادم من شمال أفريقيا‬ ‫الغربي عبر مصر إلى مكة‪ .‬وهذه الطريق تقاطع في‬ ‫اجلغبوب طريق ًا جتارية أخرى من ساحل البحر إلى‬ ‫الصحراء إل��ى ال��س��ودان‪ .‬ه��ذا ع�لاوة على أن��ه ملا كانت‬ ‫برقة شبه جزيرة فإن اجلغبوب هي النقطة املتوسطة‬ ‫التي ميكنه أن يختارها علي بعد متساو تقريب ًا عن‬ ‫زوايا طريقته في برقة‪ ،‬وطرابلس‪ ،‬وللصحراء الغربية‬ ‫في مصر‪ ،‬وإقليم السودان‪.‬‬

‫مريدو السنوسية يطالبون الدولة‬ ‫بإعادة بناء الزاوية باجلغبوب‬

‫ناشد أهالي وأعيان الطريقة السنوسية باجلغبوب‬ ‫بعودة بناء ال��زاوي��ة السنوسية إل��ي سابق عدها ومت‬ ‫ت��ص��م��ي��م من����وذج ه��ن��دس��ي ل��ب��ن��اء ال���زاوي���ة واح��ي��ائ��ه��ا‬ ‫كمركز كبير لتعليم الفقه والشرع كما كان في السابق‬ ‫عندما بنها االمام محمد بن علي السنوسي ألتباعه‬ ‫ومريديه‪،‬وجعل منها جنة بعد أن كانت واحة صغيرة‪.‬‬ ‫وذك��ر رئيس مكتب اإلع�لام بالفرع البلدي اجلغبوب‬ ‫أن اإلمام محمد السنوسي انشأ مدرسة دينية كبيرة‬ ‫قوامها مكتبة من ثمانية آالف مخطوط فيها كتب‬ ‫الفقه والشرع واحلديث والتاريخ والتفسير‪.‬‬ ‫وأض��اف محمد أن عماد ال��زاوي��ة ك��ان أولئك التالميذ‬ ‫املخلصون الذين رافقوا السنوسي في دراسته وأسفاره‬ ‫كان فيها ثالث مائه طالب يعدون اإلع��داد الصحيح‬ ‫ليكونوا دعاة هداية وحملة نور اإلسالم إلي املناطق‬ ‫التي أراد السنوسي الكبير أن ينشر فيها هدى اإلسالم‬ ‫وك���ان ي��ش��رف على ك��ل ه��ذه األم���ور إش��راف�� ًا شخصي ًا‬ ‫مباشر ًا ليتأكد من أن كل رجل أعد على خير سبيل‪،‬‬ ‫قبل أن يوكل إليه القيام مبهمته‪.‬‬


‫‪82‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫‪ 3‬مليون مسلم كانوا يتبعون الطريقة السنوسية شرق ًا وغرب ًا وجنوب ًا‬ ‫في سنة ‪ 1270‬هجرية أسس السيد ابن علي في اجلغبوب‬ ‫ال��زاوي��ة ال��ت��ي أصبحت بعد ذل��ك م��رك��ز ال��ع��ل��وم وال��ع��رف��ان‬ ‫للطائفة السنوسية‪.‬‬ ‫لم يكن اختياره اجلغبوب اعتباط ًا أو اتفاقا وإمنا نظر في‬ ‫اختياره هذا بعني احلكمة والروية فقد قصد بانتخابها أن‬ ‫تكون مركز ًا للتوفيق بني قبائل الصحراء املختلفة ونشر‬ ‫راي��ة السالم بينهم جميعا وقد جاء في خطابه املتقدم‬ ‫إل��ى أه��ل واج��ن��ج��ه وه��م م��ن ال��س��ود (ي��ا أه��ل واج��ن��ج��ه أنا‬ ‫نريد أن ننشر السالم بينكم وبني األعراب الذين يغيرون‬ ‫على بالدكم ويستعبدون أوالدكم ويبتزون أموالكم وأننا‬ ‫بعملنا ه��ذا نقوم مبا أم��ر اللّه به في كتابه العزيز حيث‬ ‫ق��ال سبحانه وتعالى (وأن‬ ‫ط����ائ����ف����ت����ان م�����ن امل���ؤم���ن�ي�ن‬ ‫اقتتلوا فأصلحوا بينهما)‪.‬‬ ‫وي��ق��ول ع��ز وج���ل‪( :‬فأتقوا‬ ‫ال��لّ��ه وأص��ل��ح��وا ذات بينكم‬ ‫وأط��ي��ع��وا ال���لّ���ه ورس���ول���ه أن‬ ‫كنتم مؤمنني)‪.‬‬ ‫وك�����ان�����ت ج���غ���ب���وب م����رك����ز ًا‬ ‫أح���س���ن اخ���ت���ي���اره وص��احل��ا‬ ‫ألغ�������راض�������ه ف�����ه�����ي وس�����ط‬ ‫ق��ب��ائ��ل ف��ي ال��ش��رق وال��غ��رب‬ ‫ك���ان ال��ن��زاع بينها مستمرا‬ ‫وم����ن ث���م أم���ك���ن ال��س��ن��وس��ي‬ ‫ال��ك��ب��ي��ر أن ي��ب��س��ط ن��ف��وذه‬ ‫على املتنازعني وأن يصلح‬ ‫ذات بينهم كما أم��ر بذلك‬ ‫الرسول‪.‬‬ ‫وليست جغبوب من الوجهة‬ ‫ال��ع��م��ل��ي��ة ن��اح��ي��ة ت��ص��ل��ح أن‬ ‫تكون مركزا علميا أو دينيا‬ ‫كما فكر السنوسي الكبير‬ ‫ألن����ه����ا ل���ي���س���ت ف����ي خ��ص��ب‬ ‫ال��واح��ات أن ص��ح أن تسمى‬ ‫واح���ة ف��إن النخيل فيها قليل وامل���اء غير ع��ذب والتربة‬ ‫مستعصية على الزراعة‪ .‬ولكن مركزها السياسي ال نزاع‬ ‫ف��ي ص�لاح��ه ول��ذل��ك ات��خ��ذه��ا م��ق��را ل��ه ب���دون ت���ردد وق��د‬ ‫انقطعت فعال بعد إقامته هناك تلك اإلغارات التي كانت‬ ‫مستمرة ب�ين قبائل ال��ش��رق وال��غ��رب وك���ان ل��ه الفضل في‬ ‫إيقافها ولم يقتصر نفوذه على تلك النواحي بل تعداها‬ ‫إلى قبائل برقة فقضى على ما كان بينها من عداء قائم‬ ‫من قدمي الزمان‪.‬‬ ‫وع��اش السيد اب��ن علي ست سنني بعد أن اتخذ جغبوب‬ ‫مقامه‪ .‬وم��د نفوذه شرقا وغربا حتى دعته إل��ى الكفرة‬ ‫قبيلة (زوى) ‪ -‬التي اشتهر رجالها بقطاع طريق برقة‬ ‫وك��ان��وا م��ع��روف�ين ب�ين ال��ع��رب ب��أن��ه��م ال ي��خ��اف��ون ال��لّ��ه وال‬ ‫يخشون ال��ن��اس‪ -‬وه��ي مركزهم امل��ه��م وسألته أن يؤسس‬ ‫زاوي����ة ل��ه ه��ن��اك وق���د رض���وا أن ي��ق��ف��وا اإلغ�����ارات والنهب‬

‫ومهاجمة القبائل األخرى وعرضوا عليه ثلث أمالكهم في‬ ‫الكفرة إذا رضى بأن يوفد إليهم أحد إخوانه ينشئ بينهم‬ ‫زاوي���ة ينشر فيها تعاليمه ويعلم أب��ن��اءه��م‪ .‬ول��م يتمكن‬ ‫السيد من الذهاب بنفسه فأرسل أحد مشاهير األخوان‬ ‫وه���و س��ي��دي ع��م��ر أب���و ح���واء ف��أس��س زاوي����ة ف��ي (ج���وف)‬ ‫بالكفرة‪ .‬وب��دأ ينشر تعاليم السنوسي الكبير بني أهالي‬ ‫قبيلة (زوى)‪ .‬وأرسل السنوسي إخوانا آخرين إلى جهات‬ ‫أخرى من صحراء ليبيا ولم ميت حتى أصبح جميع البدو‬ ‫املقيمني على حدود مصر الغربية وفي جميع نواحي برقة‬ ‫وطرابلس تالميذه وأتباعه‪ .‬وقد مات سنة ‪ 1276‬هجرية‬ ‫في الرابعة والسبعني من عمره ودفن في القبر الذي تظله‬ ‫القبة الشهيرة باجلغبوب‪.‬‬ ‫وخ��ل��ف ال��س��ن��وس��ي الكبير‬ ‫ول��ده سيدي محمد املهدي‬ ‫وك���ان ف��ي ال��س��ادس��ة عشرة‬ ‫م��ن عمره عند م��وت أبيه‪.‬‬ ‫���������وي م�����رك�����زه ب�ين‬ ‫وق�������د ق ّ‬ ‫السنوسيني على الرغم من‬ ‫حداثة سنه عامالن مهمان‬ ‫أولهما إن��ه ك��ان ف��ي مجلس‬ ‫أبيه وأراد االن��ص��راف فقام‬ ‫أب�����وه وأص���ل���ح وض����ع ح���ذاء‬ ‫امل���ه���دي ب��ن��ف��س��ه وك�����ان قد‬ ‫خلعه قبل أن يدخل على‬ ‫أبيه ‪-‬وف��ي ذلك ما فيه من‬ ‫املهابة والتواضع‪ -‬ثم التفت‬ ‫بعد ذلك إلى جلسائه وقال‬ ‫(أش���ه���دوا أي��ه��ا احل��ض��ور أن‬ ‫ابن علي أصلح بنفسه وضع‬ ‫ح���ذاء ول���ده امل��ه��دي)‪ .‬وقد‬ ‫ف��ه��م ال���ن���اس س��اع��ت��ئ��ذ إن��ه‬ ‫أراد بذلك أن يشعرهم بأن‬ ‫الولد لن يخلف أب��اه فقط‬ ‫ب���ل ي��ق��وم ب��ع��ده أي���ض��� ًا في‬ ‫صالحه وتقواه‪ .‬أما العامل اآلخر فهو إنه جاء في بعض‬ ‫األنباء القدمية أن املهدي املنتظر الذي يرفع لواء اإلسالم‬ ‫ف��ي ن��ه��اي��ة ال��ع��ال��م ي��ص��ل س��ن ال��ب��ل��وغ ف��ي غ���رة م��ح��رم سنة‬ ‫‪ 1300‬هجرية وإن يكون من آب أسمه محمد وأم سمها‬ ‫فاطمة وقد جمع املهدي في نفسه كل الصفات التي قيل‬ ‫إنها وردت في أحد كتبهم ولذلك مت اختياره خلفا لكبير‬ ‫السنوسيني‪.‬‬ ‫وانتشرت زوايا السنوسيني حتى صارت عند بلوغ السيد‬ ‫امل��ه��دي ثمانية وث�لاث�ين زاوي���ة ف��ي ب��رق��ة وثماني عشرة‬ ‫في طرابلس وتناثرت غيرها في بقاع أفريقيا الشمالية‬ ‫ولم تخل مصر من نحو عشرين زاوية‪ .‬وقد قدر احملصون‬ ‫أن ع��دد م��ن ان��ض��م لطائفة السنوسيني وأق���ر بالزعامة‬ ‫الدينية للمهدي عندما خلف أباه كان يتراوح بني مليون‬ ‫ونصف مليون وثالثة ماليني‪.‬‬


‫مكتبة اجلغبوب‬ ‫كانت مكتبة اجلغبوب التي يعود تأسيسها إلى السيد املهدي‬ ‫السنوسي حتتوي على آالف الكتب املطبوعة وزهاء ‪1070‬‬ ‫مخطوط في مختلف العلوم تتراوح أزمنتها من عشرات‬ ‫إلى مئات السنني‪ ،‬منها ما اشتراه اإلمام بن السنوسي نفسه‬ ‫أو نسخه بيده ومنها م��ا ُحمل إليه بواسطة (ال��س��فّ ��ارة)‬ ‫من خريجي معهده‪ ،‬وهم فريق من الطلبة النجباء كانت‬ ‫مهمتهم ال��س��ف��ر بحثا ع��ن امل��خ��ط��وط��ات وجلبها ش���راء أو‬ ‫نسخا‪ ،‬وج��ل املخطوطات املنهوبة إن ل��م يكن كلها ال بد‬ ‫أن جتد فيه تهميشا أو توقيف ًا بخط األمام بن السنوسي‬ ‫رح��م��ه ال��ل��ه‪ ،‬ومعظمها وض���ع عليه ختمه «ف��ي��ض الفتح‬ ‫القدوسي السيد محمد بن السيد علي أبن السنوسي»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مثال مخطوط ألب��ي عبد الله‬ ‫من بني ه��ذه املخطوطات‬ ‫محمد بن محمد بن عبد الله املغربي بعنوان «كتاب البذور‬ ‫في تراجم الكتب»‪ ،‬وكتاب «مجمع البحرين» تأليف الشيخ‬ ‫القتني‪ ،‬وكتاب «عارضة احل��وذي» الب��ن العربي‪ ،‬و»رحلة‬ ‫العياشي» في مجلد واحد‪ ،‬و»شرح للشيخ الدليمي الشهير‬ ‫بالوزازي علي الزقاق»‪ ،‬و»فتوى الشيخ على التسولي عن‬ ‫حكم من دخل حتت الذمة الكافرة»‪ ،‬وفتوى أبي عبد الله‬ ‫بن قطية عن «سؤال في حكم الهجرة من األرض التي تغلب‬ ‫عليها الكافر»‪ ،‬وكتاب «إج�لاء اليهود الفاجرة» الب��ن أبي‬ ‫الرجال‪ ،‬و»صرف الهمة في حتقيق معنى الذمة»‪ ،‬و»النصف‬ ‫األول من الذخيرة» للقرافي‪ ،‬و»عيون البصائر على األشباه‬ ‫والنظائر» في الفقه احلنفي‪ ،‬وفيها مخطوطات متعددة‬ ‫للشيخ زروق‪ ،‬ومخطوطة «طرد الضوال والهمل عن الكروع‬ ‫في حياض مسائل من العمل» لعبد الله بن إبراهيم العلوي‪،‬‬ ‫وه��و بخط الشيخ محمد األم�ين املختار ب��ن سيد األم�ين‬ ‫وكتاب «األمالي» لثعلب‪ ،‬ومخطوطة تتضمن اجل��واب عن‬ ‫خمسة أسئلة ألب��ي احل��س�ين ب��ن عبد ال��س��ت��ار ال��ب��غ��دادي‬ ‫اخلضار نزيل احلجاز على سبيل املجاز‪ ..‬ومن املخطوطات‬ ‫املعتنى بها «ال��درر املرصعة» بأخبار أعيان درع��ة لسيدي‬ ‫محمد بن موسى بن محمد الناصري الدرعي‪ ...‬ومجموع‬ ‫مخطوطات يتضمن بعض تأليف سيدي أحمد بن إدريس‬ ‫كرسالته «كيمياء اليقني» وتفسيره للضحى وس���ورة ألم‬ ‫نشرح ول��س��ورة التني وال��زي��ت��ون وش��رح��ه حلديث «املعرفة‬ ‫رأس مالي»‪ ،‬ورسالة تاريخية من العصر العباسي للنساخ‬ ‫الواسطى أنشأها إلى خليفة بغداد امللقب بالناصر لدين‬ ‫ال��ل��ه أح��م��د ب��ن احل��س��ن‪ ...‬وه��ن��اك مجموعة مخطوطات‬

‫‪‎‬مكتبة اجلغبوب‬

‫طبية ككتاب «األدوي����ة امل��ف��ردة» للغافقي‪ ،‬وق��د اكتشفه‬ ‫بطرابلس و»كنز العلوم وال��در املنظوم» في فن الطب وقد‬ ‫اختصر في خمسة أب��واب‪ ،‬وبه تعليقات وتوقيعات وذات‬ ‫صلة كبيرة بالطب احلديث‪ ..‬وقد خيط مع هذا الكتاب‬ ‫ً‬ ‫فصال‬ ‫آخر في الطب فيه عشرة مقاالت وثالثة وسبعون‬ ‫كان منها فصل خاص بعالج الهزال وع�لاج البدنة أيض ًا‪..‬‬ ‫وهناك كتاب ثالث آخر في الطب أسمه «اإلعالم» لعلي بن‬ ‫الصادق العبادي نسبا اجلبالي لقب ًا‪ ..‬وكتاب «الداء والدواء»‬ ‫البن القيم‪ ،‬و»ريحانة وزهرة احلياة الدنيا» لشهاب الدين‬ ‫اخل��ف��اج��ي‪ ،‬وك��ت��اب «ل��ب��اب األل���ب���اب» ف��ي حت��ري��ر األن��س��اب‬ ‫حملمد ب��ن أحمد ال��ت��وات��ي‪ ،‬ه��ذا إل��ى ع��دد م��ن املؤلفات في‬ ‫التوقيت وأدوات���ه‪ :‬األس��ط��رالب‪ ،‬أنصاف ال��دوائ��ر‪ ،‬امل��زاول‪..‬‬ ‫ودي���وان الشيخ سيدي ح��م��دون ب��ن احل���اج‪ ..‬ومخطوطات‬ ‫لكتب حمل��ي ال��دي��ن ب��ن ال��ع��رب��ي‪ ..‬ومجموع بعنوان أسانيد‬ ‫املغاربة فهرست أب��ن غ��ازي‪ ،‬والشيخ عبد القادر والكوهن‬ ‫وبن س��ودة والبناني‪ ،‬ومخطوطات للصحاح جميعها‪ ،‬ومن‬ ‫محتويات املكتبة مجموعة من املصاحف واألج��زاء التي‬ ‫نسخت بخط جميل باإلضافة إل��ى نسخة م��ن اإلجنيل‬ ‫طبعت بباريس عام ‪1837‬م‪ ،‬وكذلك مخطوطات من تأليف‬ ‫ابن السنوسي نفسه والتي لم تطبع مثل‪« :‬هداية الوسيلة‬ ‫ف��ي إت��ب��اع ص��اح��ب ال��وس��ي��ل��ة»‪ ،‬و»ش����ذور ال��ذه��ب ف��ي محض‬ ‫محقق النسب»‪ ،‬و»إزاحة األكنة في العمل بالقران والسنة»‪،‬‬ ‫و»البحث في مسألتي القبض والتقليد»‪ ،‬و»طواعن األسنة‬ ‫في طاعني أهل السنة‪ ،‬وغيرها من الكنوز‪.‬‬

‫اسم ذو نفوذ‬

‫كان سير األمور في برقة يختلف عن مجرى نظيره‬ ‫في والية طرابلس‪ ،‬حيث ال مفر للمحلة التي تهزم إال‬ ‫االستسالم‪ ،‬بينما تتمتع املقاومة في برقة بتنظيم‬ ‫ممتاز‪ ،‬فلألدوار عنوان واحد‪ ،‬ورجالها يتحركون‬ ‫وهم يرفعون علم ًا واحداً‪ ،‬ويلهجون باسم مازال‬ ‫يتمتع بنفوذ وسحر كبيرين عند هؤالء األهالي إنه‬ ‫«السنوسية»‪.‬‬ ‫املؤرخ االيطالي اجنيلو ديل بوكا‬

‫‪‎‬املؤرخ االيطالي‬ ‫اجنيلو بوكا‬


‫‪84‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫مومياء اجلغبوب‬ ‫تتميز اجلغبوب معلم ًا ديني ًا وسياحي ًا متنوع ًا‪ ،‬وتتميز‬ ‫بوجود بعض البحيرات واملقابر‪ ،‬وحتتوي املقابر املوجودة‬ ‫في الواحة على عدد من املومياوات والتي أيضا تختلف‬ ‫في بعضها البعض في طريقة حتنيطها ودفنها‪.‬‬ ‫وق��د أف��اد رئيس قسم اإلع�لام بالفرع البلدي اجلغبوب‬ ‫ي��س��ري م��ح��م��د‪ ،‬أن اخل��ط��ر األك���ب���ر ال����ذي ي���واج���ه واح���ة‬ ‫اجلغبوب هو استمرار التخريب والتعدي على هذه املقابر‬ ‫وفقدها القيمة التاريخية‪.‬‬ ‫وأض��اف أن��ه م��ن الصعب دراس��ة اآلث��ار بعد العبث بها وال‬ ‫يزال األمر مبكر ًا في السيطرة على هذه املقابر‪ ،‬الفت ًا إلى‬ ‫أن بعض املقابر أصبحت مكشوفة للعيان والزائرين وميكن‬ ‫الوصول إلى الهياكل العظمية وتصويرها والعبث بها حتى‬ ‫أصبحت في خطر من اجلميع‪.‬‬ ‫وأش��ار رئيس قسم اإلع�لام بالفرع البلدي اجلغبوب إلى‬ ‫أنه بالرغم من الصرخات الدائمة من سكان الواحة إلى‬ ‫املهتمني باآلثار للمحافظة على هذا اإلرث القومي الهام‪،‬‬ ‫إال أن ال��دول��ة الليبية وامل��ن��ظ��م��ات ال��دول��ي��ة ل��م تتخذ أي‬ ‫إجراء بخصوص هذه الواحة أو احملافظة عليها‪.‬‬ ‫وك��ان��ت أول إش����ارة ل��وج��ود م��وم��ي��اء ف��ي اجل��غ��ب��وب ج��اءت‬ ‫مما كتبه ريتشارد جودتشايلد (كان رئيسا ملراقبة آثار‬ ‫املنطقة الشرقية ‪ )1967-1954‬ف��ي الكتاب ال��ذي نشر‬ ‫بعد وفاته (دراس��ات ليبية) ويتحدث عن تاريخ الكشف‬ ‫األثري‪ ،‬وقد حتدث فيه عن االيطالي جاسبارو اوليفيريو‬ ‫(رئيس آثار املنطقة الشرقية ‪ 1935-1921‬تقريب ًا) حيث‬

‫‪‎‬مدافن تاريخية تتعلرض للتخريب‬

‫أش��ار إلى أن اوليفيريو ارحت��ل إلى اجلغبوب عندما سمع‬ ‫عن وجود مومياء بها وانه نقلها عائدا بها إلى شحات إال‬ ‫أن املومياء ضاعت ولم تنشر عليها أية معلومات‪ ،‬وكانت‬ ‫ه��ذه أول مومياء يعثر عليها ف��ي اجلغبوب‪ ،‬كما تنبغي‬ ‫اإلش��ارة إلى وجود رحالة وجتار في القرن السادس عشر‬ ‫حتصلوا على مومياء قالوا أن مصدرها الصحراء الغربية‬ ‫ف��ي مصر رمب��ا تكون مصدرها سيوة أو اجلغبوب عندما‬ ‫ش��اع��ت أخ��ب��ار ف��ي أوروب���ا أن امل��وم��ي��اء م��ص��در ل��ع�لاج بعض‬ ‫األمراض‪ ،‬لذا رغب التجار في اقتناء املومياوات املصرية‬


‫‪‎‬من البحيرات امللحية‬

‫‪‎‬املسلة‪ ..‬النخلة الوحيدة على بحيرة فرديغه امللحية‬

‫ونهبوا منها الكثير‪.‬‬ ‫أم��ا قصة م��وم��ي��اء اجل��غ��ب��وب احل��ال��ي��ة فقد ب���دأت القصة‬ ‫ع��ن��دم��ا ت��وج��ه ط��ل�اب ق��س��م اجل��غ��راف��ي��ا ب��ك��ل��ي��ة االداب‬ ‫ب��ج��ام��ع��ة ق���اري���ون���س ف���ي م��ن��ت��ص��ف ت��س��ع��ي��ن��ي��ات ال��ق��رن‬ ‫العشرين لتطبيق ال��دراس��ة احلقلية ال��ت��ي تخصهم في‬ ‫واحة اجلغبوب‪ ،‬وعندما كانوا هناك يبدو انهم حتصلوا‬ ‫على بعض اللقى األث��ري��ة في بعض املقابر املنحوتة في‬ ‫الصخر وانتشرت االخبار بني الطالب و االساتذة و سمعنا‬ ‫نحن بها ف��ي قسم االث��ار كما ان مراقبة االث��ار بشحات‬

‫وصلتها هذه االخبار وهي كانت مهتمة باجلغبوب ايضا‬ ‫الن هذه املنطقة كانت تتبعها اداريا وفنيا ‪ ،‬واهتم قسم‬ ‫االثار مبنطقة اجلغبوب و تنادى مجموعة منه للذهاب‬ ‫الى هناك ومعاينة البقايا االثرية في اجلغبوب ‪ ،‬ودعمت‬ ‫اجلامعة هذه املجموعة وزامدتهم بسيارة طاوية نقلتهم‬ ‫الى هناك ‪ ،‬وفي اجلغبوب وجدنا ان مراقبة اثار شحات‬ ‫ت��ق��وم ب��ح��ف��رات او تنظيف لبعض امل��ق��اب��ر امل��ن��ح��وت��ة في‬ ‫الصخر ب��رئ��اس��ة م��راق��ب االث���ار و رئ��ي��س ال��ش��ؤون الفنية‬ ‫بتلك املراقبة و رئيس مكتب اثار طبرق وغيرهم ‪ ،‬وعند‬ ‫وصولنا ك��ان آخ��ر ي��وم ف��ي احل��ف��ري��ات التي متخضت عن‬ ‫العثور على بعض اللقى و على ثالث مومياوات اثنان منها‬ ‫لبالغني واخ���رى لطفل وفقا حلجمهما ‪ ،‬وات��ذك��ر ان��ه في‬ ‫تلك الليلة اقترحت على فريق العمل ان يقوموا بتصوير‬ ‫تلك امل��وم��ي��اوات عن طريق اشعة اك��س التي س��وف تظهر‬ ‫املومياء من الداخل ‪ ،‬ولتنفيذ هذا االقتراح توجه بعضنا‬ ‫مع رئيس مكتب اثار طبرق الذي حمل املومياء الصغيرة‬ ‫ال��ى ال��ع��ي��ادة الصحية ف��ي اجل��غ��ب��وب ال��ذي��ن واف��ق��وا على‬ ‫تصويرها ‪ ،‬وقد اظهرت الصور ان املومياء لطفلة ترتدي‬ ‫عقد في رقبتها وخامت في يدها‪.‬‬ ‫وق���د ن��ق��ل��ت امل��وم��ي��اء ع���ام ‪ 2005‬إل���ى اي��ط��ال��ي��ا الج���راء‬ ‫التحليالت عليها و قد أعيدت بعد أرب��ع سنوات حيث‬ ‫تناقلت وسائل اإلعالم أخبار عودتها في ‪2009 /1 /29‬‬ ‫بهذا اخلبر‪:‬‬ ‫« أع��ي��دت أول م��ن أم��س م��وم��ي��اء اجل��غ��ب��وب إل��ى متحف‬ ‫ال���س���راي���ا احل���م���راء ب��ط��راب��ل��س ب��ع��د أن أج���ري���ت عليها‬ ‫ال��ت��ح��ال��ي��ل وال����دراس����ات ال�ل�ازم���ة ف���ي إي��ط��ال��ي��ا‪ .‬ون��ق��ل��ت‬ ‫صحيفة العرب أون الين عن مصدر في مصلحة اآلثار‬ ‫ال��ل��ي��ب��ي��ة ق��ول��ه إن ه���ذه امل��وم��ي��اء ال��ت��ي ع��ث��ر ع��ل��ي��ه��ا في‬ ‫ال��ص��ح��راء الليبية منذ بضع س��ن��وات يعود عمرها إلى‬ ‫أكثر من ‪ 1800‬عام أي في الفترة الرومانية التي متيزت‬ ‫بوجود ثقافات مختلفة في منطقة اجلغبوب واملتمثلة‬ ‫في احلضارات الرومانية واملصرية واإلغريقية‪.‬‬ ‫وأش�����ارت ال���دراس���ات ال��ع��ل��م��ي��ة ال��ت��ي أج���ري���ت ع��ل��ى ه��ذه‬ ‫امل��وم��ي��اء إل��ى أن��ه��ا ت��ع��ود إل��ى طفلة تبلغ م��ن العمر سبع‬ ‫س��ن��وات وأن ع��م��ل��ي��ة حت��ن��ي��ط��ه��ا وح��ف��ظ��ه��ا اخ��ت��ل��ف��ت عن‬ ‫التحنيط املصري ال��ذي ك��ان س��ائ��د ًا في املنطقة خالل‬ ‫تلك الفترة‪.‬‬ ‫ووج���د م��ع ه���ذه امل��وم��ي��اء ب��ع��ض امل��ق��ت��ن��ي��ات اجل��ن��ائ��زي��ة‬ ‫مثل خ��امت فضي وق��رط�ين وع��ق��د يتكون م��ن ‪ 78‬خ��رزة‬ ‫جميعها من الزجاج امللون‪ .‬يشار إلى أن عملية حتليل‬ ‫ودراس����ة ه��ذه امل��وم��ي��اء اس��ت��غ��رق أك��ث��ر م��ن أرب���ع س��ن��وات‬ ‫شملت الدراسات االنتروبوجلية واإلنسانية والتشريح‬ ‫في متحف روما االنتروبولوجي»‪.‬‬ ‫وه���ك���ذا ان��ت��ه��ت ق��ص��ة م��وم��ي��اء اجل��غ��ب��وب ب��ع��رض��ه��ا في‬ ‫متحف ال��س��راي احل��م��راء‪ ،‬ول��ك��ن م��ن ال��ض��روري توجيه‬ ‫االن��ت��ب��اه إل��ى إج���راء ح��ف��ري��ات علمية إلن��ق��اذ املخلفات‬ ‫األثرية في اجلغبوب التي من املؤكد أن مقابرها حتوي‬ ‫م��زي��دا م��ن امل��وم��ي��اوات ولقى أخ��رى ستلقى ال��ض��وء على‬ ‫تاريخ هذه املنطقة وآثارها‪.‬‬


‫‪86‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫تقنية‬

‫غاالكسي اس‪6‬‬ ‫جديد مع بعض المحاكاة‬ ‫مساحة مجانية إضافية قدرها ‪ 100‬غيغا على تطبيق مايكروسوفت‬ ‫السحابي «وان درايف» ملدة عامني كاملني‬ ‫بعد انتظار تصحبه إثارة إعالنية متواصلة أصبح في إمكاننا اقتناء اإلصدار‬ ‫اجلديد من سامسونغ اس ‪ 6‬الذي جاء استكماالً لسلسة ‪ S‬الشهيرة التي‬ ‫بدأتها الشركة منذ عدة سنوات‪ ،‬فقد أطلقت سامسوجن على مشروع تطوير‬ ‫جاالكسى إس ‪ 6‬اسم ‪ ،Project zero‬والهدف دعم الهاتف اجلديد بشاشة‬ ‫‪ ،QHD‬تعرض الصورة بدقة ‪ 1,440 × 2,560‬بكسل‪.‬‬ ‫أعلنت سامسونغ عن هاتفها اجلديد في اليوم األول من شهر م��ارس‪،‬‬ ‫في معرض الكونغرس موبايل في مدينة برشلونة االسبانية‪ ،‬وسوف يبدأ‬ ‫طرحه للبيع على نطاق عاملي في يوم ‪ 10‬أبريل القادم‪ ..‬اجلميع تر ّقبوا هذا‬ ‫اإلصدار اجلديد‪ ..‬ولكن بعضهم حتدث منذ البداية عن عيوب ومآخذ‪.‬‬ ‫املواصفات العتادية‬ ‫املواصفات العتادية الكاملة لهاتف سامسونغ تتمثل في معالج ثُماني النواة‬ ‫مبعمارية ‪ 64‬بت مصنوع بتقنية ‪ 14‬نانومتر‪ ،‬لم يتم حتديد ط��رازه‪ ،‬لكنه‬ ‫أسرع بنسبة ‪ 50%‬من معالج هاتف العام املاضي‪.‬‬ ‫في حني أن شاشة الهاتف بقياس ‪ 5.1‬بوصة بدقة ‪ QHD‬من نوع ‪Super‬‬ ‫‪ AMOLED‬بكثافة ‪ 577‬بيكسل في البوصة تتميز بإمكانية رؤية خارجية‬ ‫عالية ووضعية خافتة بشكل كبير للقراءة الليلية‪.‬‬ ‫الكاميرا‬ ‫يحمل الهاتف كاميرا خلفية كبيرة بدقة ‪ 20‬ميغابيكسل مع مثبت بصري‬ ‫وإمكانية التصوير بتقنية ‪ HDR‬في الوقت احلقيقي‪ ،‬باإلضافة إلى متيز‬ ‫جاالكسى إس ‪ 6‬بنفس مستشعر الكاميرا املوجود في هاتف جاالكسى نوت‬ ‫‪ 4‬مع دقة كاميرا تبلغ ‪ 16‬أو ‪ 20‬ميجا بيكسل وكاميرا أمامية بدقة ‪ 5‬ميجا‬ ‫بكسل‪.‬‬ ‫على الرغم من أن الكاميرا بارزة كثيراً من اجلزء اخللفي من الهاتف‪ ،‬إال‬ ‫أن اإلعدادات القادمة معها جتعلكم تتغاضون عن ذلك‪ ،‬فهي بدقة ‪ 16‬ميجا‬ ‫بايت‪ ،‬مع خصائص تثبيت الصورة البصرية ‪ .OIS‬كذلك ميكنكم استخدام‬ ‫الكاميرا األمامية – ‪ 5‬ميغا بيكسل – مع االختصارات اجلديدة‪.‬‬ ‫املساحة التخزينية‬ ‫هذا وتخلت سامسوجن عن املساحة التخزينية سعة ‪ 16‬جيجا بيت‪ ،‬حيث‬ ‫وفرت الهاتف بذاكرة داخلية بثالث مساحات تخزينية هي ‪ 32‬و‪ 64‬و‪128‬‬ ‫غيغابايت‪ ،‬في حني يُشغّل اجلهاز بطارية بسعة ‪ 2550‬ميلي أمبير مع دعم‬ ‫مدمج للشحن الالسلكي وميزة الشحن السريع التي تتيح استخدام الهاتف‬

‫ألربع ساعات بعد ‪ 10‬دقائق من الشحن‪ .‬باإلضافة إلى معالج ‪Exynos‬‬ ‫‪ 7420‬ورام ‪ ،GB 3‬ويعمل بنظام أندرويد اجلديد ‪.5.0‬‬ ‫النحافة‬ ‫هاتف اس أنحف من اس ‪ 6.8( 5‬مم) مع حواف أنحف عن السابق‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإن شاشته القادمة مقاس ‪ 5.1‬بوصة تبدو مناسبة متاما مع هذا احلجم‬ ‫املضغوط‪ .‬الشاشة أيضاً من نوع ‪ QHD 2560 × 1440‬بيكسل‪ ،‬مع كثافة‬ ‫عرض أكثر من ‪ 500‬بيكسل – ‪ .- ppi 577‬لذلك إذا وجدمت الهاتف وكأنها‬ ‫يشرق في املساء عليكم أال تتفاجؤوا من ذلك وال من ألوانه املبهجة‪.‬‬ ‫ماسح البصمة‬ ‫في اجلزء اخللفي من غاالكسي إس ‪ 6‬جند ماسح البصمة‪ .‬وإلى جانب‬ ‫ذلك‪ ،‬يتشابه اجلزء السفلي كثي ًرا من هاتف آيفون ‪ .6‬وبالفعل مت حتسني‬ ‫مستشعر البصمة‪ ،‬لذلك لن نحتاج بعد اآلن إلى الضغط على زر الصفحة‬ ‫الرئيسية‪ ،‬لكن مجرد ملسه يعتبر كافياً‪ ،‬كما هو احلال في ماسح البصمة لدى‬ ‫اآليفون‪ ،‬خال ًفا ملاسح البصمة املوجود في غاالكسي إس ‪.5‬‬ ‫املعالج‬ ‫معالج إكزاينوس ‪ 64‬بت ثماني النواة (‪ 2.1‬جيجا هرتز رباعي النواة ‪1.5 +‬‬ ‫جيجا هرتز رباعي النواة)‪ ،‬مدعو ًما بـ ‪ 3‬جيجا بايت من ذاك��رة الوصول‬ ‫العشوائي‪ ،‬ويأتي مع ثالثة خيارات للسعة الداخلية‪ 128/64/32 :‬جيجا‬ ‫تقدم سامسونغ ً‬ ‫أيضا ‪ 115‬جيجا بايت من املساحة التخزينية على ون‬ ‫بايت‪ّ ِ .‬‬ ‫درايف ملدة عامني مجا ًنا‪.‬‬ ‫البطارية والشاحن الالسلكي‬ ‫ألول مرة‪ ،‬يعمل هاتف غاالكسي إس ‪ 6‬بشاحن السلكي‪ .‬وعند احلديث عن‬ ‫البطارية‪ ،‬اختارت سامسونغ أن يحمل الهاتف اجلديد بطارية سعتها ‪2550‬‬ ‫مللي أمبير‪ ،‬لكن – وف ًقا ملا ذكرته سامسونغ – فإن ‪ 10‬دقائق شحن = ‪4‬‬ ‫ساعات من االستخدام‪.‬‬ ‫خدمة باي سامسونغ‬ ‫كما تعتزم سامسونغ إط�لاق خدمة ‪ Samsung Pay‬للدفع اإللكتروني‬ ‫مع الهاتف‪ ،‬وهي خدمة متوافقة مع ‪ 90%‬من طرفيات الدفع اإللكتروني‬ ‫املغناطيسية أو تلك التي تعتمد على شرائح االتصال قريب املدى ‪.NFC‬‬


‫تصميم خارجي من املعدن والزجاج مقاوم‬ ‫للخدوش والصدمات‬

‫من انتقادات املستخدمني‪ :‬غير مقاوم للماء‬ ‫وال تتم توسعة ذاكرته عبر بطاقة خارجية‬ ‫وبطاريته غير قابلة لإلزالة‬

‫غاالكسي اس ‪ 6‬إيدج‬ ‫لم يختلف غاالكسي اس ‪ 6‬إي��دج كثيراً عن غاالكسي اس ‪ ،6‬باستثناء‬ ‫التصميم‪ .‬فاملواصفات والعتاد الداخلي واح��دة دون اختالف‪ ،‬رمبا كانت‬ ‫البطارية فقط ذات سعة أكبر قليلاً – ‪ 2600‬مللي أمبير – وشاشته منحنية‬ ‫من اجلانبني‪.‬‬ ‫وحتمل شاشة اس ‪ 6‬إيدج عدداً قلي ً‬ ‫ال من املميزات اإلضافية األخرى‪ ،‬مبا‬ ‫في ذلك ميزة اإلضاءة ‪ ،edge lighting‬واملنبه الليلي ‪ ،night clock‬في‬ ‫حني توجد بعض املميزات في غاالكسي نوت إيدج‪ ،‬وبالتالي ليست جديدة‬ ‫علينا‪.‬‬ ‫كما تسمح لكم ميزة ‪ People Edge‬بإجراء اختصارات جلهات االتصال‬ ‫األكثر استخداماً‪ ،‬ولكن ال ميكنكم تخصيصها وفق ما تريدون‪.‬‬ ‫أ َّما ميزة ‪ Edge light‬فهي تستخدم إضاءة معينة حلواف الهاتف اعتماداً‬ ‫على اإلع��دادات اخلاصة من قِ َبلكم‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬إذا اخترمت اللون‬ ‫ال��وردي لرقم الوالدة‪ ،‬سيضيء اللون ال��وردي عندما تتصل الوالدة عليكم‪،‬‬ ‫ميزة سهلة وذكية‪.‬‬ ‫الشكل العام‬ ‫جاء جسم هاتف غاالكسي اس ‪ 6‬مصنوعاً من الزجاج واملعدن‪ ،‬وهوفي اللون‬ ‫األبيض‪ ،‬واألسود‪ ،‬والذهبي‪ ،‬والبالتيني‪ ،‬واألخضر‪.‬‬ ‫الهاتف الذهبي‬ ‫قدمت شركة ‪ Goldgenie‬نسخة مطلية بالذهب ال ��وردي من هاتف‬ ‫غاالكسي اس ‪ ،6‬وطرحته للحجز املسبق على موقع الشركة الرسمي‪.‬‬ ‫يبدأ سعر النسخة اخلاصة من الهاتف من سعر ‪ 2475‬دوالر‪ ،‬وفق املوقع‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫االتفاق مع مايكروسوفت‬ ‫في أح��دث صفقات شركات التقنية في العالم‪ ،‬أعلنت الشركة الكورية‬ ‫سامسونغ عن وصولها التفاق مع عمالق التقنية مايكروسوفت بشأن تسويق‬ ‫هاتف الشركة اجلديد غاالكسي اس ‪.6‬‬ ‫ويقضي االتفاق مبنح كل مشتر لهاتف اس ‪( 6‬و اس ‪ 6‬اي��دج)‪ ،‬مساحة‬ ‫مجانية إضافية قدرها ‪ 100‬جيجا‪ ،‬على تطبيق مايكروسوفت السحابي‪،‬‬ ‫وان دراي ��ف‪ .‬وسيتم منح ه��ذه املساحة املجانية لكل من يشتري هاتف‬ ‫سامسونغ اجلديد‪ ،‬ملدة عامني كاملني‪.‬‬

‫اس‪ 6‬آكتيف‬ ‫اتبعت سامسونغ سياسة إطالق هواتف لظروف العمل الشاقة من أحدث‬ ‫هواتف سلسلة غالكسي اس منذ إطالق الهاتف غالكسي اس ‪ 4‬أكتيف في‬ ‫عام ‪ ،2013‬ثم تبعته بإطالق الهاتف غالكسي اس ‪ 5‬أكتيف عام ‪2014‬‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫وتعتزم شركة سامسوجن إطالق نسخة من هاتفها الذكي اجلديد‪ ،‬غالكسي‬ ‫اس ‪ ،Galaxy S6‬مالئمة للعمل في الظروف القاسية‪ ،‬والتي سيطلق عليها‬ ‫اسم غالكسي اس ‪ 6‬أكتيف ‪.Galaxy S6 Active‬‬ ‫وأشار مصدر في سامسوجن إلى أن الهاتف غالكسي اس ‪ 6‬أكتيف سيزود‬ ‫بأبرز مواصفات غالكسي اس ‪ ،6‬إال أنه سيفتقد ملستشعر البصمة وحساس‬ ‫قياس ضربات القلب‪ ،‬ويأتي بكاميرا خلفية بدقة أقل من ‪ 16‬ميجابكسل‪.‬‬ ‫وأض��اف املصدر‪ ،‬حسب ما جاء على موقع ‪ ،Reddit‬أن الهاتف الذكي‬ ‫اجلديد سيكون مصمماً ملقاومة املاء والغبار على عكس هاتفي غالكسي‬ ‫اس ‪ 6‬وغالكسي اس ‪ 6‬إيدج‪ ،‬كما سيكون مزودا بإمكانية إضافة بطاقة‬ ‫ذاكرة خارجية‪.‬‬ ‫وأك��د امل�ص��در أن الهاتف سيأتي كذلك ببطارية يمُ كن إزالتها م��ن قبل‬ ‫املستخدم‪ ،‬وأزرار حتكم فعلية أسفل شاشته‪ ،‬وتصميم شبيه إلى حد كبير‬ ‫بهاتف غالكسي إكس كوفر ‪ Galaxy Xcover 3 3‬الذي مت إطالقه في‬ ‫وقت سابق خالل شهر مارس‪.‬‬ ‫وكانت سامسوجن قد تخلت عن مميزات مقاومة امل��اء‪ ،‬وتوسعة الذاكرة‬ ‫عبر بطاقة خارجية‪ ،‬والبطارية القابلة لإلزالة‪ ،‬في أحدث هواتفها بسلسلة‬ ‫غالكسي اس بسبب تصميم هيكلهما اخلارجي‪ ،‬وال��ذي يأتي من الزجاج‬ ‫املقاوم للخدوش والصدمات واملعدن‪.‬‬ ‫انتقادات‬ ‫سامسوجن غاالكسي إس ‪ ،6‬وغاالكسي إس ‪ 6‬إيدج أتيا مبواصفات منها ما‬ ‫كنَّا متوقعاً‪ ،‬ومنها ما هو دون ذلك‪ ..‬وبشكل عام فإن املآخذ ليست كبيرة‪.‬‬ ‫فتصميم غاالكسي اس ‪ 6‬لم يختلف عن غاالكسي اس ‪ 5‬كثيراً‪ ،‬بل هو أقرب‬ ‫لتصميم غاالكسي اس ‪ 5‬مع إطار معدني‪ ،‬باإلضافة إلى أنه ّ‬ ‫مغطى بزجاج‬ ‫غوريال ‪ .4‬كما أن الكاميرا جاحظة من الهاتف‪.‬‬ ‫وهاتف اس‪ 6‬على عكس التوقعات جاء غير مضاد للماء‪ .‬كما أنه ليس لديه‬ ‫منفذ لبطاقة ‪ ،microSD‬وال ميكنكم نزع اللوحة اخللفية للهاتف‪.‬‬ ‫أخيراً‪ ..‬فإنه في شكله العام يشبه إكسبيريا زد ‪ ،3‬وآيفون ‪ ،6‬وآيفون ‪6‬‬ ‫بلس‪ ..‬دون إضافات «إبداعية»‪.‬‬


‫‪88‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫تقنية‬

‫ماك بوك الجديد‬

‫األكثر نحافة‪ ..‬وال يحتاج إلى مراوح‬

‫أعلنت شركة أبل األمريكية عن كمبيوتر محمول جديد‪ ،‬حتت اسم‬ ‫«ماك بوك» بالتزامن مع إطالق ساعتها أبل وتش‪ .‬اجلهاز اجلديد‬ ‫يأتي بشاشة من قياس ‪ 12‬بوصة بدقة الريتينا ‪2304x1440‬‬ ‫بيكسل وكثافة بكسالت ‪ 226‬بكسل في البوصة وتستهلك طاقة‬ ‫أقل وسمكها أنحف حيث يبلغ ‪ 0.88‬ملم ويعتبر أنحف ماك بوك‬ ‫أنتجته أبل فهو يأتي بسماكة ‪ 13.1‬ملم وهو أنحف ‪ 24%‬من‬ ‫ماك بوك آير بينما وزنه ‪ 2‬باوند أي أقل من كيلوجرام‪.‬‬ ‫استخدمت أبل طريقة جديدة في تطوير لوحة املفاتيح اخلاصة‬ ‫باحلاسب احملمول اجلديد‪ ،‬تدعى ‪butterfly mechanism‬‬ ‫وهي ستجعل األزرار اجلديدة أكثر استقراراً‬ ‫بـ ‪ 4‬م��رات‪ ،‬وأيضاً حتتاج مساحة أقل‪،‬‬ ‫وه ��ي ب��ال�ت��ال��ي أن �ح��ف ‪ 40%‬م��ع نظام‬ ‫إضاءة جديد للخلفية بحيث هناك ضوء‬ ‫‪ LED‬لكل زر‪.‬‬ ‫لوحة بأربع حساسات‬ ‫وميلك احلاسب لوحة «ت��راك ب��اد» ملسية‪،‬‬ ‫مزودة بتقنية ‪ ،Force Touch‬والتي تعتمد‬ ‫على ‪ 4‬حساسات قادرة على حتسس قوة الضغطات‬ ‫عليها‪ ،‬وتنفيذ أمر مختلف بناء على قوة الضغطة‪.‬‬ ‫واستخدمت آبل معاجلات إنتل من فئة كور ام وحتديداً معالج‬ ‫‪ Broadwell‬ثنائي النوى بتردد ‪ 1.3‬غيغاهرتز مع تقنية توربو‬ ‫ميكنه أن يعطي أداء حتى ‪ 2.9‬غيغاهرتز والذي يأتي بدقة تصنيع‬ ‫‪ 14‬نانومتر‪.‬‬ ‫األهم في هذا اجلهاز أن معاجلة ال يحتاج لتبريد فهو أول ماك‬ ‫بوك بدون مراوح‪.‬‬ ‫الذاكرة العشوائية‬ ‫الذاكرة العشوائية للجهاز ‪ 8‬غيغابايت‪ ،‬وزود احلاسب اجلديد‬ ‫كذلك ببطارية ق��ادرة على الصمود حتى ‪ 9‬ساعات من تصفح‬ ‫اإلنترنت السلكيا‪ ،‬أو ‪ 10‬ساعات من تشغيل األف�لام املتواصل‬ ‫باستخدام خدمة آيتونز‪.‬‬ ‫منفذ مزدوج االجتاه‬ ‫وعن منافذ اجلهاز فقد استخدمت آبل منفذ ‪ USB-C‬احلديث‬ ‫وهو بحجم أصغر وقابل لإلنعكاس أي ميكنك تركيب الكبل بأي‬ ‫اجتاه أردت وطبعاً هناك منفذ واحد ميكن استخدامه لكل من‬ ‫الشاشة و‪ HDMI‬و‪ VGA‬والطاقة أيضاً‪.‬‬ ‫تقاليد األلوان‬ ‫احلاسب ‪ MacBook‬اجلديد يُطرح بثالثة أل��وان هم الفضي‬ ‫والرمادي والذهبي‪ ،‬وبذاكرة تخزين داخلية تبدأ من ‪ 256‬غيغابايت‪،‬‬

‫ويطرح‬ ‫مبقابل يبدأ‬ ‫م� ��ن ‪ 1299‬دوالر‪،‬‬ ‫ويصل إلى ‪ 1599‬دوالرا مبعالج‬ ‫أسرع وسعة تخزين مضاعفة‪.‬‬ ‫مواصفات الشاشة والوضوح‬ ‫أوض��ح نائب رئيس آب��ل فيل شيلر‪ ،‬أن كمبيوتر ‪MacBook‬‬ ‫اجلديد ميلك شاشة بقياس ‪ 12‬بوصة من نوع ريتينا ‪،Retina‬‬ ‫بدرجة وضوح تبلغ ‪ 2304×1440‬بكسل‪.‬‬ ‫وأضاف شيلر خالل احلدث أن الشاشة التي يبلغ ُسمكها ‪0.88‬‬ ‫ملم‪ ،‬هي األنحف بني جميع كمبيوترات آبل احملمولة‪ ،‬كما طورت‬ ‫لتقلل من استهالك الطاقة بنسبة ‪ % 30‬من اإلصدارات السابقة‪.‬‬ ‫اخلفّ ة والنحافة‬ ‫وأكد شيلر أن كمبيوتر ‪ MacBook‬اجلديد يأتي بوزن خفيف‬ ‫وسمك ال يتجاوز ‪ 13.1‬ملم‪،‬‬ ‫ال يتجاوز ‪ 2‬باوند (‪ 907.9‬غراماً)‪ُ ،‬‬ ‫مما يجعله ‪ % 24‬أنحف من كمبيوتر «ماك بوك آير»‪ .‬وأوضح أن‬ ‫الطريقة اجلديدة جتعل األزرار ‪ 40%‬أنحف‪ ،‬كما حتسن وتسهل‬ ‫من جتربة الكتابة على لوحة املفاتيح‪.‬‬ ‫وميلك الكمبيوتر لوحة «ت��راك باد» ‪ ،trackpad‬م��زودة بأربعة‬ ‫حساسات قادرة على تنفيذ األمر بناء على قوة الضغطة‪.‬‬


‫فيل شيلر‬

‫أداء حتى ‪ 2.9‬غيغاهرتز‬ ‫ماك بوك يعطي ً‬ ‫بدقة تصنيع ‪ 14‬نانومتر‬ ‫معالج ال يحتاج للتبريد فهو أول ماك بوك‬ ‫بدون مراوح‬

‫ماك بوك بلوحة «تراك باد» مزودة بأربعة حساسات قادرة على تنفيذ األمر بناء على قوة الضغطة‬ ‫شاشة ‪ 12‬بوصة من نوع ريتينا بدرجة وضوح تبلغ ‪ 2304×1440‬بكسل‬


‫‪090‬‬ ‫‪90‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫رياضة‬

‫اليوم‪ ..‬قرعة تصفيات الشان‬

‫منتخبنا يغط «في سابع حلمة»‬

‫اليوم ـ األحد‪ ،‬املوافق ‪ 5‬أبريل‪ ،‬جترى في‬ ‫القاهرة عملية سحب القرعة للمنتخبات‬ ‫الثالثة « ليبيا‪ ،‬تونس‪ ،‬واملغرب» املشاركة‬ ‫ف��ي تصفيات ال�ت��أه��ل ل�ن�ه��ائ�ي��ات بطولة‬ ‫أفريقيا لالعبني احملليني «كأس الشان»‬ ‫‪ ..‬وستشمل القرعة جدول املباريات التي‬ ‫ستقام من مرحلتني ذهاب وإياب ‪.‬‬ ‫ستقتصر املنافسة على احلضور العربي‬ ‫في النهائيات على ث�لاث منتخبات بعد‬ ‫اعتذار تونس واجل��زائ��ر‪ ،‬وبحسب موقع‬ ‫االحت��اد األف��ري�ق��ي‪ ،‬ستنطلق التصفيات‬ ‫بداية من التاسع عشر من يونيو املقبل‪،‬‬ ‫وستستمر حتى الثالثني من أغسطس‪،‬‬ ‫فيما ستقام النهائيات مبالعب روان��دا‬ ‫خالل الفترة من السادس عشر من يناير‬ ‫إلى السابع من فبراير ‪. 2016‬‬ ‫ال �ف �ت��رة امل�ت�ب�ق�ي��ة ع �ل��ى دخ� ��ول منتخبنا‬ ‫التصفيات ال تتجاوز الشهرين والنصف‪،‬‬ ‫وال يلوح ف��ي األف��ق أن هناك جدية من‬ ‫من احتاد كرة القدم إلعداد وجتهيز فريق‬ ‫ق��وي ق ��ادر ع�ل��ى اق �ت�لاع ورق ��ة ال�ت��رش��ح‪،‬‬ ‫فمسألة بقاء أو رحيل امل��درب األسباني‬ ‫كليمنتي ل��م حت�س��م ب �ع��د‪ ،‬وم��ا ص��رح به‬ ‫رئيس احتاد الكرة أنورالطشاني مؤخرا‬ ‫حول عجز االحتاد عن تسديد مستحقات‬ ‫كليمنتي املتراكمة‪ ،‬والتفكير جديا في‬ ‫إنهاء االرت�ب��اط معه بصورة ودي��ة‪ ،‬يضع‬ ‫أل��ف اس�ت�ف�ه��ام أم ��ام املنتخب وإمكانية‬ ‫م�ش��ارك�ت��ه ف��ي ال�ت�ص�ف�ي��ات أص�ل�ا‪ ،‬فمن‬ ‫هو امل��درب البديل ال��ذي سيقبل مغامرة‬ ‫اإلشراف على منتخب لم يتسن له التجمع‬ ‫ولو ملرة واح��دة منذ اخل��روج املهني أمام‬ ‫رواندا في التصفيات املؤهلة للكان‪ ،‬والتي‬ ‫أق�ي�م��ت بغينيا االس�ت��وائ�ي��ة مطلع ال�ع��ام‬ ‫اجل ��اري‪ ،‬وم��ن ه��و امل��درب املقامر ال��ذي‬ ‫سيقود منتخبا تبعثر العبوه‪ ،‬بعضهم ركن‬ ‫إلى الراحة في غياب ال��دوري‪ ،‬وبعضهم‬ ‫اآلخ��ر ك��ان محظوظا ف��ي امل�ش��ارك��ة مع‬ ‫أن��دي�ت�ه��م بتصفيات األن��دي��ة األف��ري�ق�ي��ة‬ ‫كالعبي االحتاد واألهلي بطرابلس ‪.‬‬

‫كليمنتي ‪ ..‬هل سيستمر مع املنتخب أم ال؟‬

‫الرسالة الصريحة التي تقتضي الضرورة‬ ‫توجيهها إلى احتادنا املوقر في يوم سحب‬ ‫القرعة هي ‪ :‬إذا كانت الظروف القاهرة‬ ‫التي متر بها الكرة الوطنية ه��ذه األي��ام‬ ‫حتول دون إع��داد منتخب ق��وي‪ ،‬ال بأس‬

‫من االعتذار حتى وإن جاء في اللحظات‬ ‫األخ�ي��رة‪ ،‬ألننا نعتقد ب��أن زم��ن املشاركة‬ ‫ولى‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫ألجل املشاركة فقط قد ّ‬ ‫منتخبنا كان بطل النسخة الثالثة األخيرة‬ ‫من هذه البطولة التي أقيمت على مالعب‬

‫نشنوش كان بطال في النسخة املاضية‬


‫العبون من منتخب الشباب شاركو ا في البطولة املاضية‬

‫جنوب أفريقيا مطلع العام املاضي‪ ،‬أما‬ ‫إذا رأى احت��اد ال�ك��رة ف��ي نفسه ال�ق��درة‬ ‫على جتاوز تلك الظروف‪ ،‬وآثر املشاركة‬ ‫ع�ل��ى االن �س �ح��اب حت��ت دع ��وى ال�ت��واج��د‬ ‫في املناسبات اإلقليمية والدولية‪ ،‬وعدم‬

‫تغييب ليبيا في محفل رياضي قاري بدأ‬ ‫يلفت اهتمام الوسط الرياضي واإلعالمي‪،‬‬ ‫فعليه إذن أن يعلن عن برنامجه إلعداد‬ ‫املنتخب فور انقضاء القرعة‪ ،‬وأول نقطة‬ ‫ف��ي البرنامج ه��ي حسم قضية امل��درب‪،‬‬

‫مباراة سابقة بني شباب ليبيا وشباب تونس‬

‫ف��إذا كانت النية تتجة إلى فك االرتباط‬ ‫مع كليمنتي‪ ،‬يجب التصريح باسم املدرب‬ ‫البديل‪ ،‬أم��ا إذا ك��ان التوجه يذهب إلى‬ ‫اإلبقاء على املدرب احلالي‪ ،‬ينبغي أيضا‬ ‫إخ�ب��ار اجلميع بفحوى االت �ف��اق اجلديد‬ ‫مع كليمنتي‪،‬وإتاحة الفرصة له للحديث‬ ‫عن خطته لتجهيز املنتخب للتصفيات‪،‬‬ ‫مقرونة مبواعيد التجمعات والتحضيرات‬ ‫واملعسكرات اخلارجية‪.‬‬ ‫إن زم��ن الشهرين والنصف ال يعد زمنا‬ ‫كافيا إلع ��داد منتخب س�ي�ق��ارع فريقني‬ ‫لهما ب��اع ط��وي��ل ف��ي ه��ذه اللعبة‪ ،‬وهما‬ ‫ت��ون��س وامل �غ��رب‪ ،‬وم��ع ذل��ك إذا استثمر‬ ‫احت � ��اد ال � �ك� ��رة ال��ف��ت��رة امل �ت �ب �ق �ي��ة ع�ل��ى‬ ‫ان �ط�لاق التصفيات ف��ي إق��ام��ة معسكر‬ ‫ط��وي��ل للمنتخب تتخلله م �ب��اري��ات ودي��ة‬ ‫مع منخبات أو فرق أفريقية قوية‪ ،‬رمبا‬ ‫يستطيع تعويض التأخير في االستعداد‪،‬‬ ‫وت� ��دارك ال �ن��واق��ص ف��ي ال�ت��أه�ي��ل الفني‬ ‫والبدني لالعبني‪.‬‬ ‫أخيرا ‪ ..‬كل امل��ؤش��رات ترحج مشاركة‬ ‫املنتخب في تصفيات الشان‪ ،‬وأن قرار‬ ‫االعتذار غير وارد‪ ،‬لكن باملقابل ال يظهر‬ ‫على السطح حتى اآلن ما يفيد بوجود‬ ‫برنامج أو خطة لتجهيز منتخب الليبيني‪.‬‬


‫‪092‬‬ ‫‪92‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫رياضة‬

‫محمد صالح ‪ ..‬وهاجس التألق‬

‫العالمة الفارقة في سوق االنتقاالت الصيفية المقبلة‬

‫االستغناء عن خدمات الكبار‬

‫أين هي قواعد اللعب النظيف‬

‫في متابعتنا لكالسيكو» الكامب نو»‬ ‫بني برشلونة وري��ال مدريد بالعدد‬ ‫امل��اض��ي‪ ،‬ك��ان التعليق على ص��ورة‬ ‫احل��ارس امل��دري��دي هو «كاسياس ‪..‬‬ ‫جنهز‬ ‫هل يغادر ال��ري��ال ؟!» ونحن‬ ‫ّ‬ ‫مل�����واد ه����ذا ال���ع���دد ل��ف��ت ان��ت��ب��اه��ن��ا‬ ‫خبر استعداد أيكر كاسياس حلزم‬ ‫أمتعته من أجل الرحيل عن ملعب‬ ‫س��ان��ت��ي��اج��و ب��رن��اب��ي��و خ��ل�ال ف��ت��رة‬ ‫االنتقاالت الصيفية القادمة‪.‬‬


‫ميسي يبقى أم يرحل؟‬

‫القديس كاسياس‬ ‫وفقا لشبكة (‪ ،)ESPN‬فإن كاسياس أتخذ اخلطوات األولى‬ ‫لترك النادي امللكي في الصيف بعد تعرضه ملوجة انتقادات من‬ ‫(السواد االعظم) جلماهير ريال مدريد خالل الفترة املاضية‪،‬‬ ‫بسبب تراجع أدائه واستقبال شباكه للعديد من االهداف السهلة‬ ‫فضال عن اخطائه الساذجة في التعامل مع ال�ك��رة‪ ،‬وفقدانه‬ ‫حلساسية التعامل مع التسديدات الزاحفة التي كان إلى وقت‬ ‫ق��ري��ب أح��د احل ��راس األب�ط��ال‬ ‫ف��ي ص��ده��ا‪ ،‬ودل �ل��وا على ذلك‬ ‫ب��إخ �ف��اق��ه ف ��ي م �ن��ع ت �س��دي��دة‬ ‫سواريز من معانقة مرماه‪.‬‬ ‫س �ي �ب��دأ احل� ��ارس ص��اح��ب ال �ـ‬ ‫(‪ 33‬ع��ام��ا) رحلة البحث عن‬ ‫ف ��ري ��ق ج ��دي ��د خ �ل�ال ال �ف �ت��رة‬ ‫امل�ق�ب�ل��ة‪ ،‬واالت��ف��اق ع�ل��ى كامل‬ ‫ال�ت�ف��اص�ي��ل امل��ال �ي��ة م��ع ال�ف��رق‬ ‫ال� ��راغ � �ب� ��ة ب���احل� �ص���ول ع �ل��ى‬ ‫خدمات (القديس) كاسياس‪.‬‬ ‫بعد ‪ 16‬عاما قضاها كاسياس‬ ‫مع ريال مدريد‪ ،‬وحمى خاللها‬ ‫ع��ري��ن امليرينغي بكل بسالة‪،‬‬

‫سيجد اي�ك��ر نفسه خ��ارج اس ��وار قلعة سانتياجو برنابيو في‬ ‫الصيف املقبل‪.‬‬ ‫ري��ال مدريد‪ ،‬بطل اوروب��ا ‪ 10‬م��رات‪ ،‬استشعر خطورة املوقف‬ ‫باقتراب رحيل كاسياس ع��ن صفوف فريقه‪ ،‬حيث ب��دأ يفكر‬ ‫بحارس جديد قادر على حماية املرمى رغم وجود الكوستاريكي‬ ‫كيلور نافاس الذي لم يخض سوى ‪ 8‬مباريات حتت قيادة املدرب‬ ‫االيطالي كارلو انشيلوتي‪.‬‬ ‫وي�ع�ت�ب��ر االس �ب��ان��ي دي�ف�ي��د دي‬ ‫خيا حارس مانشستر يونايتد‬ ‫االجن �ل �ي��زي األق � ��رب خل�لاف��ة‬ ‫كاسياس‪ ،‬رغم وجود تسريبات‬ ‫عن رحيل التشيكي بيتر تشيك‬ ‫امل��رت�ق��ب ال��ى قلعة سانتياجو‬ ‫بعدما منحه املدرب البرتغالي‬ ‫جوزيه مورينيو الضوء االخضر‬ ‫الختيار وجهته املقبلة مكافأة‬ ‫على جهوده في حماية عرين‬ ‫البلوز ملدة ‪ 11‬عاما‪.‬‬ ‫كاسياس‪ ،‬بطل العالم في العام‬ ‫‪ 2010‬وأح ��د أف �ض��ل ح��راس‬ ‫املرمى في القارة االوروبية‪،‬‬

‫ـكاسياس يتخذ اخلطوات األولى ملغادرة القلعة‬ ‫امللكية ‪ ..‬والنادي القادم غير معروف‬ ‫الريال يستشعر خطورة املوقف ويضع عين ًا‬ ‫على ديفيد دي خيا‬


‫‪94‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫رياضة‬

‫خضيرة سيرحل باملجان‬

‫ب��دأ سقوطه عندما ك��ان (السبيشال وان) مشرفا على تدريب‬ ‫ري��ال م��دري��د‪ ،‬حيث عمد مورينيو على إش ��راك دييغو لوبيز‪،‬‬ ‫الذي انتقل الى ميالن االيطالي صيف العام املاضي‪ ،‬من أجل‬ ‫صناعة حارس قادر على تعويض غياب كاسياس‪ ،‬ولكن عاطفة‬ ‫اجلماهير واإلدارة وقفت امام مشروع مورينيو لتبدأ اخلالفات‬ ‫خلف الكواليس‪ ،‬وتنتهي برجوع مورينيو مجدداً إل��ى أجنلترا‪،‬‬ ‫وعودة كاسياس للدفاع عن العرين املدريدي حتت قيادة اإليطالي‬ ‫أنشليوتي ‪.‬‬ ‫اجلريح دي ماريا‬ ‫الفرق بني الالعب األرجنتيني دي ماريا والالعب األسباني أيكر‬ ‫كاسياس أن األول مت االستغناء عن خدماته في ري��ال مدريد‬ ‫وه��و ف��ي ع��ز تألقه‪ ،‬وذه��ب إل��ى مغامرة ج��دي��دة على املالعب‬ ‫اإلجن�ل�ي��زي��ة‪ ،‬بينما ال�ث��ان��ي ظ��ل احتياطيا خ�لال ف�ت��رة إش��راف‬ ‫مارينيو على الفريق امللكي‪ ،‬ولم‬ ‫يتم التفريط فيه ‪.‬‬ ‫أم��ا اليوم فال مجال للحديث‬ ‫ع� ��ن ه � ��ذا ال� � �ف � ��ارق ف� ��ي ظ��ل‬ ‫ال� �ت���راج���ع امل� �خ� �ي ��ف مل �س �ت��وى‬ ‫ال�ل�اع� �ب�ي�ن‪ ،‬وحت� �ف ��ز إدارت� � ��ي‬ ‫مانشستر والريال على إطالق‬ ‫سراحهما‪.‬‬ ‫ب��رش �ل��ون��ة ف �ت��ح م ��ؤخ ��را خط‬ ‫ال � �ت � �ف� ��اوض م � ��ع م��ان �ش �س �ت��ر‬ ‫يونايتيد ألجل الفوز بخدمات‬ ‫دي م��اري��ا م�ق��اب��ل م �ب��ادل��ة مع‬ ‫ج��ن��اح��ه ب � �ي� ��درو‪ ،‬وم � ��ا رش��ح‬ ‫ح ��ول ه ��ذه ال�ص�ف�ق��ة املرتقبة‬

‫حتى اآلن يرجح احتمالية ذهاب الالعب األرجنتيني إلى القلعة‬ ‫الكتالونية خاصة وأن الهولندي فان غال مدرب املانشستر بات‬ ‫غير راض على أداء الالعب ‪.‬‬ ‫إذا أصبح اجلريح دي ماريا العبا برشلونيا في املوسم املقبل‪،‬‬ ‫رمب��ا سيجد الفرصة مناسبة لالنتقام م��ن إدارة ال��ري��ال التي‬ ‫أج�ب��رت��ه ع�ل��ى ال��رح �ي��ل‪ ،‬ول��م يشفع ع�ن��ده��ا ت��أل�ق��ه ال�لاف��ت في‬ ‫الدوري وبطولة األندية األوروبية‪ ،‬وسيجد الوقت للرد على فان‬ ‫غال بقدمه اليسرى الساحرة التي لم يعرف امل��درب الهولندي‬ ‫استثمارها في تهيئة الفرص السانحة للتسجيل أو في فتح اللعب‬ ‫بالطول والعرض كما يقال ‪.‬‬ ‫قضيتا كاسياس ودي ماريا تقودنا إلى فتح نقاش حول رحيل‬ ‫الالعبني‪ ،‬وانسحابهم من أنديتهم دون جتديد لعقودهم أو حتت‬ ‫ضغط اقتراب نهايتها‪ ،‬ولعلنا في حالة أخرى مازلنا نتذكر انتظار‬ ‫ميسي فترة طويلة لكي يجدد ع�ق��ده‪ ،‬وم��ع ذل��ك باتت مسألة‬ ‫انتقال الالعبني حتت اإلك��راه‬ ‫أو اإلغواء في عالم كرة القدم‬ ‫من املسائل الطبيعية في ظل‬ ‫حتول النجوم إلى سلعة جتارية‬ ‫خ ��اض� �ع ��ة ل� �ق ��وان�ي�ن ال� �ع ��رض‬ ‫والطلب ‪.‬‬

‫مورينيو مينح التشيكي بيتر تشيك الضوء‬ ‫األخضر الختيار الوجهة املقبلة‬ ‫برشلونة يفتح خط التفاوض الساخن مع‬ ‫مانشستر من أجل عيون اجلريح دي ماريا‬

‫أسماء باملجان‬ ‫ومن املتوقع أن يرحل في هذا‬ ‫ال �ص �ي��ف ع ��دة أس��م��اء ك�ب�ي��رة‬ ‫مجاناً‪ ،‬على رأسهم البرازيلي‬ ‫دانييل ألفيس واالملاني سامي‬ ‫خ �ض �ي��رة‪ ،‬ك �م��ا أن االس �ب��ان��ي‬ ‫دي�ف�ي��د دي خ�ي��ا واالجن �ل �ي��زي‬


‫كاسياس يستعد للرحيل املر‬

‫رحيم ستيرلينج قد يرحالن حتت ضغط اقتراب نهاية عقدهم‪،‬‬ ‫وهناك كالم عن رغبة االرجنتيني تيفيز باستخدام املبرر ذاته‬ ‫للعودة إلى بوكا جونيورز‪.‬‬ ‫فلماذا أصبح جتديد عقود الالعبني أكثر تعقيداً؟‬ ‫قوانني اللعب النظيف‬ ‫أه��م مبررمينع بعض األن��دي��ة من فتح خزائنها من أج��ل بعض‬ ‫الالعبني‪ ،‬يتمثل في قوانني اللعب املالي النظيف‪ ،‬فأكبر األندية‬ ‫مثل برشلونة ومانشستر يونايتد وتشلسي وريال مدريد‪ ،‬حتقق‬ ‫هامش رب��ح ضئيل‪ ،‬ورف��ع أج��ر الع��ب ثم آخ��ر‪ ،‬قد يدخلهم في‬ ‫الدائرة احلمراء التي يضطرون بعدها للتخلي عن بعض األسماء‬ ‫لتصحيح احلسابات‪.‬‬ ‫رف��ع األج ��ور بشكل كبير‪ ،‬سيخلق ص�ع��وب��ات مستقبلية أيضاً‬ ‫بالتخلص من الالعبني‪ ،‬مثلما حدث مع عدد من العبي مانشستر‬ ‫سيتي وعلى رأسهم أديبايور‪،‬‬ ‫ول ��وي ��س ن��ان��ي م ��ع م��ان�ش�س�ت��ر‬ ‫ي��ون��اي �ت��د‪ ،‬ف��ال �ن��ادي سيضطر‬ ‫أن يدفع ج��زء من أج��ره حتى‬ ‫ع �ن��دم��ا ي �ق��رر االس �ت �غ �ن��اء عن‬ ‫الالعب‪.‬‬ ‫الضغط اإلعالمي‬ ‫كلما ج��دد الع��ب عقده بأجر‬ ‫كبير‪ ،‬يبدأ احل��دي��ث إعالمياً‬ ‫ع�� ��ن غ � �ض� ��ب ل � � ��دى الع� �ب�ي�ن‬ ‫آخرين يقتربون منه باملستوى‪،‬‬ ‫ويطالبون بالتالي في أحقيتهم‬ ‫برفع أجورهم‪.‬‬

‫كما أن رفع أجر العب‪ ،‬يزيد من توقعات الالعبني األخرين برفع‬ ‫أجورهم ‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال ساهم التعاقد مع غاريث بيل في ريال مدريد‬ ‫برفع املطالب املالية ألنخيل دي ماريا وسيرجيو راموس‪ ،‬واحلال‬ ‫ينسحب على برشلونة الذي أضطر لرفع أجر ميسي بعد التعاقد‬ ‫مع نيمار‪ ،‬وكل ما سبق خلق بعض الفوضى‪.‬‬ ‫سيطرة الوكالء‬ ‫وك�لاء أع�م��ال الالعبني حت��ول��وا مل��ا يشبه السماسرة م��ع زي��ادة‬ ‫قوتهم‪ ،‬فما فعله خورخي مينديز الصيف املاضي من نقل العبني‬ ‫إلى هنا أو هناك‪ ،‬لم يكن مبعثه حتقيق أه��داف رياضية بقدر‬ ‫ما كان يسعى لتحقيق أهداف جتارية لصاحله وصالح موكليه‪.‬‬ ‫وكيل األعمال‪ ،‬يفاوض من أجله ومن أجل العبه‪ ،‬يفاوض على‬ ‫نسبته التي قد تصل في بعض عقود النجوم إلى ‪ 6‬أو ‪ 7‬مليون‬ ‫يورو‪ ،‬مما يضع النادي في مواجهة طرفني‪ ،‬وليس طرفاً واحداً‪،‬‬ ‫وهذا الوكيل يستطيع احلديث‬ ‫م���ع أن���دي���ة أخ� � ��رى م���ن دون‬ ‫مخالفة قانونية مثبتة‪ ،‬فيأتي‬ ‫بعرض أقوى ينافس به العرض‬ ‫الذي ال تلتقي فيه مصلحته مع‬ ‫النادي احلالي لالعب‪.‬‬

‫أسماء كبيرة سترحل باملجان على رأسها‬ ‫دانييل ألفيس وسامي خضيرة‬

‫قضية «تصحيح احلسابات» حتاصر برشلونة‬ ‫ومانشستر وتشلسي والريال‬

‫سعر الالعبني‬ ‫م��ع ارت �ف��اع أس �ع��ار ال�لاع�ب�ين‪،‬‬ ‫ل ��درج ��ة ب� ��ات ف �ي �ه��ا ال�ل�اع��ب‬ ‫ال �ع��ادي ت��زي��د تكلفته ع��ن ‪15‬‬ ‫مليون ي��ورو‪ ،‬ب��ات منطقياً أن‬ ‫يغري ٍ‬ ‫ناد العباً ال ميلكه بأجر‬ ‫أعلى‪ ،‬لغايات احلصول عليه‬


‫‪96‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 5‬أبريل‬ ‫العدد التاسع‬

‫رياضة‬

‫اجلريح دي ماريا يفكر في تصفية احلسابات‬

‫في ظروف معينة جتعل سعره أقل‪.‬‬ ‫احلالة األوضح هذه األيام ما يحدث مع ديفيد دي خيا حارس‬ ‫مانشستر يونايتد‪ ،‬فاملتبقي على عقد الالعب موسم واحد فقط‪،‬‬ ‫مما سيضطر مانشستر يونايتد لبيعه في الصيف احلالي‪ ،‬حتى‬ ‫ال يخسره مجاناً املوسم املقبل‪،‬‬ ‫وفي ذلك خسارة جلزء مهم من‬ ‫ق�ي�م�ت��ه‪ ،‬س�ي�ق��وم ري ��ال م��دري��د‬ ‫ب��اس��ت��خ��دام ج� ��زء م ��ن ف ��ارق‬ ‫القيمة هذا لتقدميه على شكل‬ ‫أج ��ر مم�ي��ز ل�لاع��ب ف��ي إط��ار‬ ‫العرض احملفّز‪.‬‬

‫واحلق في تقرير مصيره ‪.‬‬ ‫كان الكالم دوماً عن اإلخالص للنادي وعدم الرحيل عنه‪ ،‬لكن‬ ‫ح��االت استغناء األن��دي��ة ع��ن جنومها عندما يتقدمون بالعمر‬ ‫أو ينخفض مستواهم‪ ،‬وتركهم م��ن دون عقود ت�ك��ررت‪ ،‬وب��ات‬ ‫الالعب مدركاً بأن العالقة مع‬ ‫النادي تقوم على املصلحة وأن‬ ‫املفاهيم العاطفية األخ��رى لم‬ ‫يعد لها وجود‪.‬‬ ‫ه� ��ذا امل � �ب� ��دأ‪ ،‬ج �ع��ل ال�لاع��ب‬ ‫ي �ف��اوض ن��ادي��ه بالتركيز على‬ ‫مصلحته بعيداً عن أي ابتزاز‬ ‫عاطفي‪ ،‬فإذا تعذر عليه مثال‬ ‫االنتقال إلى ناد آخر‪ ،‬سيلح في‬ ‫طلب إعارته حتى اليبقى رهني‬ ‫مقاعد البدالء‪ ،‬مثلما حدث مع‬ ‫املصري املتألق محمد صالح‬ ‫الذي منذ إعارته إلى فيورنتينا‬ ‫اإليطالي‪.‬‬

‫اإلعالم يشعل احلرب في بورصة الالعبني ‪..‬‬ ‫ويدخل األندية في دوامة البحث عن تسوية‬

‫مبدأ املصلحة‬ ‫ب� �ع ��د س � �ن� ��وات ط ��وي� �ل ��ة ع �ل��ى‬ ‫اس �ت �غ�لال األن ��دي ��ة ل�لاع �ب�ين‪،‬‬ ‫ظهرما يعرف بقانون بوسمان‬ ‫كنقطة حت ��ول م�ه�م��ة‪ ،‬منحت‬ ‫ال�ل�اع ��ب ب �ع �ض �اً م ��ن احل��ري��ة‬

‫وكيل الالعب بات الرقم الصعب في سوق‬ ‫االنتقاالت‬


‫ألفيس سينسى برشلونة‬

‫الطائر املهاجر سيحط الرحال في البلد األم‬

‫وهو يثبت لآلخرين وعلى رأسهم مدربه السابق في تشلسي أنه‬ ‫صفقة رابحة‪ ،‬وال ينبغي ركنه على دكة االحتياط‪ ،‬واملثل ينطبق‬ ‫على زميله املخضرم ملبارد الذي ذهب لتمثيل مانشستر سيتي‬ ‫غ��رمي تسلسي في ال��دوري م��ؤث��راً مصلحته على ماعداها‪ ،‬بل‬ ‫أن ذات املبرر سينسحب أيضا‬ ‫على امل��درب مارينيو ال��ذي لم‬ ‫يطق موجة االحتجاجات على‬ ‫فكره في تطبيق مبدأ املداورة‬ ‫ب�ين احل��ارس�ي�ن‪ ،‬ف��آث��ر ال�ع��ودة‬ ‫إلى بيته القدمي تشلسي ‪.‬‬ ‫ولكن رغ��م كل ما أث��رن��اه حول‬ ‫قضية رح�ي��ل ال�لاع�ب�ين تبقى‬ ‫هناك حزمة من األسئلة تنتظر‬ ‫اإلجابة‬ ‫> ه� ��ل ح� �س ��م ف� �ع�ل�ا ق ��ان ��ون‬ ‫ب ��وس� �م ��ان ق �ض �ي��ة اس �ت �غ�لال‬ ‫الالعبني ؟‬ ‫> ه ��ل ق ��وان�ي�ن ال �ف �ي �ف��ا فيما‬

‫يخص حتديد العالقة بني الالعب وال�ن��ادي حتقق ال�ت��وازن بني‬ ‫مصلحتي الطرفني ؟‬ ‫> وكيل الالعب أو السمسار ال��ذي أصبح حاليا الرقم الصعب‬ ‫في عقود الالعبني ‪ ..‬ملاذا يغيب بشكل واضح في لوائح وقوانني‬ ‫الفيفا‪ ،‬و يظهر فقط كشكل‬ ‫ع��ائ��م ال ت��وج��د م��واد صريحة‬ ‫في قوانني الكرة تبني طبيعة‬ ‫عمله واحلدود اإلدارية واملالية‬ ‫التي ال ينبغى أن يتجاوزها أو‬ ‫يقفز فوقها ؟‬ ‫> أخيرا‪ ..‬من ينصف األندية‬ ‫ال �ص �غ �ي��رة ال �ت��ي م� ��ازال ينظر‬ ‫إليها فقط كمحطة الكتشاف‬ ‫املوهوبني وإعدادهم للتصدير‬ ‫مقابل أموال هزيلة إذا قورنت‬ ‫ب�ت�ل��ك األم � ��وال ال �ك �ب �ي��رة ال�ت��ي‬ ‫جتنيها األندية السمينة في كل‬ ‫صفقة بيع ‪.‬‬

‫عمولة الوكيل في أوروبا تصل أحيان ًا إلى ‪7‬‬ ‫مليون يورو‬ ‫هل منح قانون بوسمان الالعبني حقوقهم‬ ‫كاملة ؟!‬


‫‪98‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬

‫على سطح األرض‬

‫َّ‬ ‫المتحول‬ ‫أبو ْلُيوسْ ( أو )‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫«لقد شعرت حق ًا بنعمة احلرية»‬ ‫أبوليـ ـ ـ ــوس‬ ‫يع ّد أبوليوس مثاالً للنخبة األفريقية التي استطاعت أن تكون في قلب‬ ‫الفعل الثقافي في واليات االمبراطورية الرومانية في شمال أفريقيا‪،‬‬ ‫وفي مدن املتوسط الشمالية‪ .‬كان م��زدوج اللسان‪ ،‬م��زدوج الثقافة‪،‬‬ ‫وبارعاً في التوفيق بينهما‪ ،‬مفتخراً أنه سواء تعلق األمر مبلحمة أو‬ ‫مأساة أو ملهاة أو مقطوعة ساخرة أو أهجية أو لغز أو أحجية أو‬ ‫قصة أو خطبة أو محاورة فلسفية‪« :‬فإني ألنهض باألمر كله على‬ ‫السواء باللسان اليوناني أو الالتيني بنفس اإلقبال والوثوق وبنفس‬ ‫اجل ّد وبنفس الطراز واألسلوب»‪.‬‬ ‫وقف ذات يوم في قرطاج محاضراً‪« :‬أمبيدوقل ‪ Empedocle‬ينظم‬ ‫القصائد‪ ،‬وأفالطون يصنّف احمل��اورات‪ ،‬وسقراط يضع األناشيد‪،‬‬ ‫وأبيكارمس ‪ Epicharmes‬يصنّف مشاهد التمثيل اإلميائي‪،‬‬ ‫وكسينوفون يؤلف القصص التاريخية‪ ،‬وقراتاس ‪Crates‬‬ ‫يصنع األهاجي‪ ،‬أما صاحبكم أبوليوس‪ ،‬فهو يجمع كل‬ ‫هذه األصناف ويتعامل مع ربات الفنون التسع»‪.‬‬ ‫لقد تعامل أب��ول�ي��وس ال ك��روم��ان��ي‪ ،‬وال كيوناني‪ ،‬بل‬ ‫كفيلسوف متوسطي‪ ،‬ارحتل وتنقل بني مدن املاء األربعة‪:‬‬ ‫قرطاج‪ ،‬وأويا‪ ،‬وأثينا‪ ،‬وروما‪ ،‬وله في كل منها متثال أو‬ ‫نقش أو ص��ورة‪ ،‬وله في كل منها محاضرة‪ ،‬أو ح��وار‪ ،‬أو‬ ‫كتاب‪ ،‬وله في كل منها متّبع أو مش ّكك أو غير مبال‪ .‬فكل‬ ‫منها ت ّدعيه لنفسها‪ ،‬كإبن لها‪ ،‬وكعلم من أعالمها‪ ،‬بل أن‬ ‫أويا عندما حاكمته بتهمة السحر‪ ،‬وبعد أن استمعت إلى‬ ‫مرافعته الشهيرة‪ ،‬عادت فاعتذرت منه وكرمته بكل ما‬ ‫كانت تعرف من صنوف التكرمي واالجالل‪.‬‬ ‫ولد أبوليوس في مادوروس‪ ،‬سنة ‪ ،125‬وهي املدينة‬ ‫النوميدية التي تدعى اآلن «أم � ��دوروش» بوالية‬ ‫قسنطينة اجلزائرية‪ ،‬على مقربة من تونس‪ ،‬والتي‬ ‫تأسست في القرن الثالث قبل امليالد‪.‬‬ ‫و»يكتنف الغموض أحقاباً طويلة من حياة أبوليوس‪ ،‬ألنه‬ ‫ال يسلط األضواء في مؤلفاته إال على فترات منها‪ ،‬وال جند في غير‬ ‫ملفاته بدي ً‬ ‫ال يورد أخباره‪ ،‬باستثناء ما يورده أوغسطني من طفيف‬ ‫األخبار»(‪ )1‬ما جعل مؤرخي سيرته يعمدون إلى تأويل كتاباته بسحبها‬ ‫على حياته وما تعرض له من أح��داث‪ ،‬وخاصة كتاب «التحوالت»‪،‬‬ ‫الذي يعتبر مصدراً رئيسياً لفهم رحلته الدينية‪ ،‬فمن املعروف أنه تلقى‬ ‫تعليمه الفلسفي على يد معلمني أفالطونيني‪ ،‬فقرأ كتبهم‪ ،‬وشرح متون‬ ‫املدرسة األفالطونية‪ ،‬في زمن كانت فيه هذه املدرسة قد أصابها‬ ‫من اجلمود واالتباع ّية ما جعلها تتحول إلى ترديد جملة من املبادئ‬ ‫مبسط لقواعد تختلط فيها فلسفة أفالطون بتيارات‬ ‫واالكتفاء بتلقني ّ‬ ‫رومانية يغلب عليها التد ّين والتص ّوف‪ ،‬وقد أثر ذلك في نفس أبوليوس‬ ‫بشكل لم يكن متوقعاً‪ّ ،‬‬ ‫فوطن نفسه على الوصول إلى مرتبة كهنوتية‬ ‫عالية ميتزج فيها الديني باملديني‪ ،‬وكان أن «حّ��ول تعلّقه بالفلسفة‬

‫إلى شغف باملسائل الدينية‪ ،‬ودفعه هذا الشغف املقترن مبيله إلى‬ ‫الترحال والسفر‪ ،‬وبحرصه على االكتشاف واالطالع عن كثب‪ ،‬إلى‬ ‫زيارة البقاع واملعالم الشهيرة‪ ،‬فقضى السنني في التج ّول باألماكن التي‬ ‫اقترن ذكرها بأخبار السحر وعالم الغيب‪ ،‬ومن بينها بالد تساليا التي‬ ‫اشتهرت بالسحر والشعوذة‪ ..‬وجزر بحر إيجي‪ ،‬حيث تردد بدون شك‬ ‫على معبد ال ّربة اإلغريقية الكبرى هيرا‪ ،‬بجزيرة ساموس‪ ،‬كما ّ‬ ‫يدل‬ ‫على ذلك وصفه لهذا املعبد في إحدى محاضراته التي ألقاها مبسرح‬ ‫قرطاج»(‪.)2‬‬ ‫وإلى جانب بحثه في التص ّوف‪ ،‬ودعوته إلى اإللهة املصرية إيزيس‪،‬‬ ‫التي جعل منها «القوة الفريدة التي يجلها العالم بأسره في أشكال‬ ‫متعددة»‪ ،‬مارس أبوليوس الطب‪ ،‬فكان يجري جتارب في التشريح‬ ‫على أنواع غريبة من أسماك املتوسط‪ ،‬وهو ما أخذته محكمة صبراتة‬ ‫كقرينة إثبات قدمها خصومه‪ ،‬الذين كانوا بالطبع يهدفون من وراء‬ ‫إثبات تهمة السحر عليه‪ ،‬أن يستحوذوا على ثروة زوجته‬ ‫الطرابلسية‪ ،‬بودنتيال‪ ،‬كي ال تؤول إليه‪ ،‬إال أن أبوليوس‪،‬‬ ‫وكان في ذلك الوقت الثالثني من عمره تقريباً‪ ،‬كان قد‬ ‫أع ّد للمحاكمة «مرافعة صبراتة» ساخراً من خصومه‬ ‫ال هيئة القضاء حيناً آخ��ر‪ ،‬أو مسترس ً‬ ‫حيناً‪ ،‬مج ً‬ ‫ال‬ ‫ببراعة في شرح أساليب التجربة العلمية في الطب‬ ‫أو الفيزياء أو البصريات‪ ،‬مح ّوالً االتهام إلى عمل‬ ‫صادر عن جهل وانعدام معرفة‪ ،‬وجاع ً‬ ‫ال مرافعته‬ ‫إلى واحدة من أشهر القطع األدبية في تاريخ أفريقيا‬ ‫الرومانية‪.‬‬ ‫بعد أويا‪ ،‬وجتربتها التي كادت تودي بحياته‪ ،‬وتلك عقوبة‬ ‫ممارسة السحر حسب القانون الروماني‪ ،‬عاد أبوليوس‬ ‫إلى قرطاج‪ ،‬وقد سبقته إليها شهرته فيلسوفاً‪ ،‬وطبيباً‪،‬‬ ‫وشاعراً‪ ،‬و‪ ..‬ساحراً أيضاً‪ ،‬إذ يبدو أن قرطاج كانت‬ ‫أكثر تساه ً‬ ‫ال مع ممارسة السحر من باقي الواليات‬ ‫األفريقية‪ .‬وفي قرطاج انتظمت محاضراته وخطبه‬ ‫األدبية والفلسفية في مسرح املدينة‪ ،‬والتفت حوله‬ ‫النخبة القرطاجية‪ ،‬فأعطته حافزاً جديداً خلوض مشروعه‬ ‫املديني والديني القدمي‪ ،‬مشروع «الكاهن األكبر» الراعي ملجلس‬ ‫الوالية‪ ،‬واملسؤول عن إقامة الشعائر والطقوس العامة‪ ،‬وخاصة تلك‬ ‫املوجهة لتبجيل االمبراطور‪ ،‬نيابة عن جميع مدن الوالية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا انصرف إلى كهانة معبد اإلله أسقليبيوس‪ ،‬املعبد الذي اختلطت‬ ‫فيه مشاعر األهالي بني الت ّوجه إلى هذا اإلله وبني التوجه إلى إلههم‬ ‫الفينيقي‪ -‬القرطاجي القدمي أشمون‪ ،‬فأقيمت لعبادته الطقوس‬ ‫والشعائر في املعبد املقام على ربوة بيرصا األولى‪ ،‬الربوة التي شهدت‬ ‫ميالد املدينة‪ ،‬وشهدت هذه املرة غياب أبوليوس الذي لم يعرف أحد‬ ‫وأرج��ح أنه بعد أن بلغ ذرى املجد التي ج ّد‬ ‫نهايته بعد سنة ‪،164‬‬ ‫ّ‬ ‫للوصول إليها‪ ،‬آثر اإلن��زواء متعبداً متأم ً‬ ‫ال‪ ،‬منقطعاً عن الدنيا إلى‬ ‫عقائد وأفكار رمبا لم يعرف أحد عنها شيئاً‪ ،‬ألن أبوليوس نفسه لم‬ ‫يكتب أو يتحدث عنها‪ ،‬وحدها سيرته املكتظة بالتح ّوالت تشي بذلك‪.‬‬


‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب «موسوعة الجهل النسبي»‬ ‫مقــــــــــــاالت‬

‫تأليف‪ :‬الصديق بودوارة‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬

‫‪9‬‬


‫‪100‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 5‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد التاسع‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.