مجلة المستقل-عدد العاشر

Page 1

‫الطريق إلى جرمة‬ ‫وداعًا سيد الحمام‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد العاشر ‪ -‬األحد ‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫ت‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫«المقاتلة» !‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫يستغنون عن خدمات‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫«اإلخوان»‬

‫إيرادا‬

‫ت‬

‫بناء الدولة وإشكال ّيات ما بعد احلرب‬

‫اإلخوان يصادرون مستقبل الدولة الليبية‬

‫لو حسم اجليش املعركة فال داعي للحوار‬


‫‪02‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬


‫‪03‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫كاريكاتير‬

‫داعشيــــــات‬


‫‪04‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫احملتويات‬ ‫‪10‬‬

‫في هذا العدد‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪28‬‬

‫بناء الدولة وإشكاليّات ما بعد الحرب‬

‫ما هي اإلشكاليات املتوقعة في ليبيا بعد انتهاء‬ ‫احلرب على اإلرهاب؟ وماذا يقع على رأس األولويات‬ ‫القادمة بالنسبة للشعب الليبي؟ األستاذ حسن‬ ‫طاطاناكي يجيب على هذا السؤال في مقاله‬ ‫األسبوعي‪.‬‬

‫اإلخوان يصادرون المستقبل السياسي‬ ‫للدولة الليبية‬

‫التعديالت الدستورية أمر وارد في دولة لها دستور‪..‬‬ ‫ولكن ماذا عن تعديل دستوري في «دولة» لم تكتب‬ ‫دستورها بعد‪ ..‬ما هي خدعة األخوان املسلمني‬ ‫القادمة؟‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫أحمد وطني‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬

‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫اإلخوان يستغنون عن خدمات المقاتلة‬

‫يرى الكاتب عمر الكدي بأن قرار املؤمتر العام املنتهية‬ ‫واليته بإقالة صنيعته عمر احلاسي يندرج ضمن خطة‬ ‫اإلخوان املسلمني اجلديدة للتضحية باجلماعة الليبية‬ ‫املقاتلة بعد أن استخدموها في مترير مخططاتهم‪.‬‬

‫لو حسم الجيش المعركة‪ ..‬ال داعي للحوار‬

‫حوار ساخن جتريه املستقل مع الباحث‬ ‫االستراتيجي واخلبير السياسي الدكتور عبدالله‬ ‫العثامنة الذي يحذر من تهميش اجليش في ما‬ ‫يسمى باحلوار الوطني وينصح مجلس النواب‬ ‫بإصدار قانون العفو العام‪.‬‬

‫داعشلوجيا اليهود‬

‫يستمر الكاتب عبدالواحد حركات في حتليل‬ ‫ظاهرة داعش عبر الرجوع إلى منابتها األولى‬ ‫في التاريخ‪ ..‬في هذا العدد يتطرق إلى قدماء‬ ‫اليهود ومحاكمات املسيح ويكشف عن عالقة هذا‬ ‫التاريخي بالظاهرة الراهنة‪.‬‬

‫النبي الذي كان يعرف أن الطريق طويل‬ ‫إلى فلسطين‬ ‫سر اللقاء مع وليد النمر الذي اكتشف براء‬ ‫اخلطيب أنه هو القائد الفلسطيني أبو علي إياد‪..‬‬ ‫تفاصيل مثيرة يرويها الكاتب عن أيلول األسود من‬ ‫خالل «حكاية الفتى الذي كنته»‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬عبدالناصر محجوب ‪ -‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب ‪ -‬مكتب القاهرة ‪ -‬شيراتون‪ ،‬مربع ‪ ،1177‬مقابل األكادميية‬ ‫العربية للعلوم ‪ -‬مكتب طرابلس‪ :‬عبداحلكيم الدرباشي ‪ -‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬وليد الزريبي ‪ -‬الفاييت‪،‬‬ ‫‪ 35‬نهج مصر‪ ،‬تونس ‪ -‬مكتب الدار البيضاء‪ :‬محمد احلاج ‪ 69 -‬شارع الوحدة األفريقية‪.‬‬


‫‪32‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪68‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫تغطيات من زوايا مختلفة لألحداث الساخنة‬ ‫التي جتري في ليبيا اآلن‪ ..‬رمبا تتنوع التحليالت‪،‬‬ ‫وتختلف وجهات النظر‪ ،‬وتتعارض رغبات‬ ‫الصحفيني‪ ..‬ولكن املوضوع الرئيسي لهذا امللف‬ ‫هو‪ ..‬فقط ليبيا‪.‬‬

‫استراتيجيات التفرد األمريكي‬

‫يفسر‬ ‫ما عالقة املفاهيم األخالقية بالقوة‬ ‫ّ‬ ‫كمحدد ّ‬ ‫السلوك السياسي الدولي وأهدافه ووسائله؟ في ظل‬ ‫رؤية واقعية تستند على ما هو كائن‪ ..‬يواصل الباحث‬ ‫تناول هذه املسألة ويناقش التحديات اخلارجية التي‬ ‫تواجه التفرد األمريكي‪.‬‬

‫المرجعية األوروأمريكية لتناقضات التدويل المالي‬

‫العوملة املالية تعني تدويل املدخرات القومية‬ ‫لتصب في أوعية املراكز املالية الكبرى ويجري‬ ‫إعادة تدويرها في شكل قروض لبلدان العالم‬ ‫الثالث‪ ..‬د‪ .‬محمد الساعدي يواصل عرض هذا‬ ‫امللف‪.‬‬

‫وداع ًا‪ ..‬سيد الحمام‬

‫ملف عن الراحل الفنان فتحي العريبي تنشره‬ ‫املستقل يتضمن حوار ًا غير منشور مع الفقيد‬ ‫الذي اعتكف منذ منتصف السبعينات في خلوته‬ ‫املعروفة بـ»عش احلمامة» على ممارسة الفن‬ ‫والكتابة‪.‬‬

‫أحداث مثيرة تتنافى مع قوانين‬ ‫الفيزياء‬

‫أدى املمثل الراحل بول ووكر دورا في آخر فيلم من‬ ‫سيعرض‬ ‫سلسلة أفالم «فاست آند فيوريوس»‪ ،‬والذي ُ‬ ‫قريب ًا في صاالت السينما – إال أن الفيلم قد يجعلك‬ ‫تصاب مبا يعرف بدوار ركوب السيارات‪ ،‬كما يقول الناقد‬ ‫السينمائي نيكوالس باربر‪.‬‬

‫الطريق إلى جرمة‬

‫في عهد اإلمبراطور الليبي املولد (سبتيموس‬ ‫سيفيروس) نشطت التجارة وبلغت جرمة أعلى‬ ‫درجات ازدهارها في القرنني الثاني والثالث‬ ‫تتعدد مصادره ولكنه يتمحور‬ ‫امليالديني‪ ..‬ملف ثري‬ ‫ّ‬ ‫حول هذه احلضارة املفقودة‪ ..‬عاصمة الصحرا‬ ‫الكبرى منذ األزل‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫القرابة بني الثقافي والسياسي‪،‬‬ ‫احلرب بينهما أيض ًا‪ ،‬لها تاريخ‬ ‫طويل‪ ..‬رمبا هي التاريخ نفسه‪،‬‬ ‫جدل متصل بني احللم والواقع‪،‬‬ ‫بني القابلية والضرورة‪ ،‬وبني‬ ‫املشاركة واالستئثار‪.‬‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 10 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫االستعداد للمرحلة القادمة‬

‫وإشكاليات‬ ‫ّ‬ ‫بناء الدولة‬ ‫ما بعد الحرب‬ ‫عندما ثار الليبيون على الطغيان لم يتو ّقعوا ألحد من أبنائهم أن‬ ‫ينساق وراء التيارات املتط ّرفة واملتز ّمتة‪ ..‬كانوا يخوضون حرباً‬ ‫من أجل استعادة بالدهم وإعادة بنائها‪ ،‬وكانوا يقاتلون في جبهة‬ ‫واحدة‪ ..‬متضامنني ومتحدين‪ ،‬وبذلوا أثناء ذلك الغالي والنفيس‬ ‫من دمائهم وأبنائهم‪ .‬وعندما اعتقد اجلميع أن البالد قد حت ّررت‪،‬‬ ‫وأن املواطنني أصبحوا سادة أنفسهم‪ ،‬وأن بإمكانهم اختيار طريق‬ ‫دميقراطي يع ّوضون به ما فاتهم ط��وال عقود طويلة‪ ..‬عندما‬ ‫حدث ذلك اكتشفوا أنهم قد دخلوا نفقاً مظلماً ال يعرفون نهايته‪،‬‬ ‫ورأوا عدداً من التنظيمات واألف��راد يقفزون إلى واجهة املشهد‬ ‫يدعون أنهم أحق بليبيا من الليبيني أنفسهم‪.‬‬ ‫وهم ّ‬ ‫حاول الليبيون أن يعتمدوا على األسلوب الدميقراطي الذي طاملا‬ ‫حلموا به‪ ،‬وعندما حان موعد االنتخابات التشريعية التي ستضع‬ ‫أمام الناس برملاناً منتخباً منهم‪ ،‬اختار الناخبون مجلساً متوازناً‬ ‫غير جهوي أو مؤدلج‪.‬‬ ‫كان تنظيم اإلخوان الذي بسط سيطرته سابقاً على املؤمتر العام‬ ‫بعدد من اخلدع واحليل قد مني في االنتخابات بهزمية فادحة‬ ‫فأصبح يتحينّ الفرص للعودة إلى واجهة املشهد‪ ،‬واختار التوقيت‬ ‫املناسب ليعلن انقالبه على الشرعية‪ ،‬وليلغي اختيار الليبيني وكأنه‬ ‫أحق من جميع الليبيني بالسيطرة على احلكم‪ ،‬ولو بقوة السالح‪.‬‬ ‫هكذا حتالف ه��ذا التنظيم مع جميع امل��ارق�ين اخل��ارج�ين على‬

‫الشرعية‪ ،‬بل وم ّهد الطريق أمام تنظيمات إرهابية أخرى وافدة‬ ‫جاءت من خارج ليبيا‪ ،‬وفتح على الليبيني أكثر من جبهة‪ ،‬وبعد أن‬ ‫كانوا يقفون في حربهم السابقة ضد الطغيان في جبهة واحدة‪،‬‬ ‫أصبح أمامهم عدة جبهات مشتعلة في نفس الوقت‪.‬‬ ‫إن احلقيقة التي يجب أن يعرفها اجلميع هي أن معظم اجلبهات‬ ‫ّ‬ ‫مخطط اإلخوان لتشتيت جهود‬ ‫احلالية مفتعل ٌة وهي تندرج ضمن‬ ‫الليبيني وإقحامهم ف��ي ح��رب اس�ت�ن��زاف سياسية واجتماعية‬ ‫واقتصادية‪ ،‬وليس هناك ‪.‬‬ ‫هناك جبهة واحدة حقيقية بني جميع هذه اجلبهات وهي التي‬ ‫يقوم فيها اجليش مبحاربة اإلرهابيني واخلارجني عن شرعية‬ ‫ال��دول��ة‪ ،‬وه��ي ح��رب ستنتهي بكل تأكيد بانتصار الليبيني على‬ ‫أعدائهم‪ ،‬وعودة ليبيا بلداً آمناً مستقراً‪.‬‬ ‫حرب اجليش الليبي‪ ،‬ومن خلفه الشعب‪ ،‬على اإلرهاب هي حرب‬ ‫متواصلة‪ ،‬وهي حتقق تق ّدماً مستمراً‪ ،‬وليس أمام الليبيني إال أن‬ ‫يعدوا العدة ملستقبل يتخلّصون فيه من إشكاليات ما بعد احلرب‬ ‫ّ‬ ‫دون أن يسمحوا لها بأن تترك فيهم أثراً قد ال ينتهي بسهولة إذا‬ ‫ما مت إهماله والسكوت عليه‪.‬‬ ‫فما هي هذه اإلشكاليات املتوقعة‪.‬‬ ‫السنوات احلالية التي يعيشها الليبيون اآلن ستترك أثراً واضحاً‬ ‫دون شك على هذا الشعب‪ ،‬فما م ّر على ليبيا خالل هذه السنوات‬


‫قد ال تنتهي آث��اره بسهولة ما لم يكن املواطنون متيقّظني إلى‬ ‫احللول التي يستطيعون بها معاجلة ما سيطرأ على احلياة العامة‬ ‫من حت ّوالت‪.‬‬ ‫إننا نتحدث عن اخل��روج من األزم��ة‪ ،‬وتسوية األوض��اع بأسرع‬ ‫وقت‪ ،‬ولكننا نهمل صورة املستقبل مبا يحمله من تفاصيل تتولّد‬ ‫عن التفاعالت احلالية‪ .‬وعلى رأس األولويات القادمة للشعب‬ ‫الليبي سوف نواجه عدة إشكاليات تقتضي من اجلميع أن يتحلوا‬ ‫بالصبر واحلكمة ملعاجلتها‪ .‬من هذه اإلشكاليات‪:‬‬ ‫‪ -1‬نبذ العنف بجميع أشكاله‬ ‫ميضي الليبيون اآلن في طريق ال عودة عنه وهو محاربة اإلرهاب‬ ‫وتطهير البالد من أطياف اإلجرام وتشكيالته املسلحة مهما كان‬ ‫الثمن‪ .‬والليبيون شعب مثابر وعنيد‪ ،‬ويستطيع اخلروج من حربه‬ ‫هذه منتصراً‪ ،‬ولكن علينا أن نضع أمام أعيننا قائمة من األولويات‬ ‫التي يجب أن نعاجلها أوالً حتى ال ندخل في دوامة أخرى أثناء‬ ‫بناء الدولة وإعادة تأسيسها‪.‬‬ ‫إن انتصار الشعب الليبي على أع��دائ��ه من اخل ��وارج واملارقني‬ ‫يستوجب من جميع الفعاليات السياسية من كيانات وأح��زاب‬ ‫وأفراد مستقلني‪ ،‬أي جميع من تنطبق عليه شروط املشاركة في‬ ‫ينص على‬ ‫العملية السياسية‪ ،‬أن يلتزموا مبيثاق ش��رف وطني‬ ‫ّ‬ ‫أي من األساليب غير السلم ّية ملمارسة العمل‬ ‫عدم اللجوء إلى ٍ ّ‬ ‫السياسي‪ ،‬أو توجيه الناخبني بطرق غير دميقراطية‪ ،‬أو إقصاء‬ ‫اخلصوم السياسيني بطريقة أخرى غير التنافس السلمي‪.‬‬ ‫‪ -2‬نبذا استغالل الدين سياسي ًا‬ ‫لقد ك��ان استغالل العقيدة اإلسالمية لتحقيق م��آرب سياسية‬ ‫الغرض منها السيطرة على احلكم‪ ،‬سم ًة ب��ارزة ألكثر من حزب‬ ‫أنتجه تنظيم اإلخوان املسلمني في ليبيا‪ ،‬ولع ّل أول أسباب حالة‬ ‫الفوضى التي تعيشها البالد اآلن هي وجود األحزاب والتنظيمات‬ ‫التي تتخذ الدين ستاراً ملا ترتكبه من أعمال إجرامية ال يق ّرها‬ ‫دي��ن أو أخ�لاق‪ ،‬ألن التجربة أثبتت أنها األكثر قابلية ملمارسة‬ ‫العنف واالعتماد على األساليب غير السلم ّية لتحقيق املكاسب‪.‬‬ ‫من هنا يجب أن يُحظر عمل األحزاب السياسية التي تتستّر وراء‬

‫الدين أو تتخذه ذريعة النتهاك احلقوق‪ ،‬وعلى األخ��ص تنظيم‬ ‫اإلخ��وان ال��ذي لم يتو ّرع عن ممارسة ال ّدجل واخل��داع وإشاعة‬ ‫الفتنة واستخدام القوة‪ ..‬ولكن جميع الليبيني اآلن قد اكتشفوا‬ ‫أالعيب هذا التنظيم ولن يسمحوا ألحد من اإلخوان أن يستمر‬ ‫في تضليلهم باسم الدين‪.‬‬ ‫‪ -3‬رأب الصدع االجتماعي‬ ‫لقد تع ّرض املجتمع إلى متزّقات اجتماعية كبرى مت ّثلت في تهجير‬ ‫مدن بأكملها‪ ،‬وقصف مدن أخرى‪ ،‬وتأجيج الفتنة والصراع بني‬ ‫أكثر من مدينة‪ ..‬وهذا مظهر آخر من مظاهر احلرب األهلية‬ ‫الصامتة التي حدثت في ليبيا‪ ،‬وعودة املجتمع الليبي إلى توا ّده‬ ‫وتراحمه مرهون برأب هذا الصدع اخلطير في بنية املجتمع‪ ،‬ولن‬ ‫يكون ذلك ممكناً إال باالعتراف بحقوق اآلخرين من خالل حتكيم‬ ‫العقالء من القوم لنشر ال�ه��دوء وبسط الطمأنينة بني الناس‪،‬‬ ‫واملهجرين إلى ديارهمـ‪،‬‬ ‫وإق��رار احل��ق‪ ..‬وع��ودة جميع النازحني‬ ‫ّ‬ ‫وتعويضهم ع ّما تع ّرضوا له من ظروف مأساوية قاسية‪.‬‬ ‫النمطية‬ ‫‪ -4‬العودة إلى احلياة‬ ‫ّ‬ ‫رابع هذه اإلشكاليات هو قدرة الليبيني على العودة إلى ما نعرفه‬ ‫باحلياة النمط ّية التي ال مفاجآت فيها‪ ،‬وليست عرض ًة للتحوالت‬ ‫غير املتوقعة‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬احلياة املستق ّرة سياسياً واقتصادياً‬ ‫واجتماعياً‪.‬‬ ‫منطية مستقرة‬ ‫حياة‬ ‫��ى‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫الليبيني‬ ‫��ودة‬ ‫ع‬ ‫على‬ ‫وي��ت��رتّ ��ب‬ ‫ّ‬ ‫تفعيل م��ا مت تعطيله م��ن م��ؤس��س��ات تعليمية وصحية‬ ‫وإدارية وقانونية ‪ ..‬إلخ‪ .‬أي عودة الدولة بأكملها إلى حياة‬ ‫واملدنية‪.‬‬ ‫يسودها القانون وتغلب عليها مظاهر احلضارة‬ ‫ّ‬


‫‪088‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون ليبية‬

‫التعديل الدستوري الثـــامن‬

‫اإلخوان‬

‫يصــادرون المســـــ‬ ‫السياسي للدولــــــــ‬


‫التعديالت الدستورية أمر وارد بالنسبة جلميع الدساتير‪..‬‬ ‫ما لم يكن ذل��ك غير متاح دستوري ًا‪ .‬ه��ذه ليست أحجية‬ ‫على ك��ل ح��ال‪ ،‬وميكننا أن جن��د لها ش��واه��د كثيرة‪ ،‬ولكن‬ ‫السؤال هنا يتعلّق بالتعديالت الدستورية في حالة عدم‬ ‫وجود دستور‪ ..‬هذه هي األحجية الليبية بامتياز‪.‬‬

‫عبدالعزيز املكي‬

‫ـــــــتقبل‬ ‫ــــة الليبية‬

‫تقول األخبار أن رئيس حزب العدالة والبناء املنبثق عن التنظيم الدولي‬ ‫املشبوه لإلخوان املسلمني خاطب مؤخراً رئيس بعثة األمم املتحدة في‬ ‫ليبيا املدعو برنالدينو ليون بتحصني االنتقال السياسي من الطعن‬ ‫أمام القضاء‪.‬‬ ‫واقترح رئيس حزب العدالة والبناء ‪ ،‬أن يتم تعديل اإلعالن الدستوري‬ ‫بحيث يضيف به املؤمتر الوطني (املنتهية واليته) ماد ًة يتم االتفاق‬ ‫عليها بني األطراف‪ ،‬ويصدرها وف ًقا حلكم الدائرة الدستورية لضمان‬ ‫عدم الطعن فيها مستقب ً‬ ‫ال أم��ام القضاء‪ ،‬مشي ًرا إلى أ ّن��ه في حالة‬ ‫إص��رار البرملان على أحقيته في ه��ذا اإلج��راء فال ب��أس أن يكرر‬ ‫اإلجراء ذاته‪ .‬بحسب نص الرسالة التي نشرها احلزب على صفحته‬ ‫الرسمية على فيسبوك‪.‬‬ ‫وبني صوان أنه بعد استالم رئيس بعثة األمم املتحدة في ليبيا نسخة‬ ‫التعديل الثامن لإلعالن الدستوري من املؤمتر الوطني العام أو من‬ ‫املؤمتر الوطني العام والبرملان معاً‪ ،‬يقوم بتحديد موعد ليتم نقل‬ ‫السلطة رسمياً إلى السلطات اجلديدة‪.‬‬ ‫وطلب رئيس احلزب بعد اإلجراءات السابقة إقامة احتفالية رسمية‪،‬‬ ‫يحضرها كل من أعضاء املؤمتر الوطني العام وأع�ض��اء البرملان‪،‬‬ ‫وممثلون عن الدول الصديقة‪ ،‬وقادة الثوار واملجالس البلدية‪ ،‬وتقوم‬ ‫السلطات اجلديدة باستالم السلطة طبقاً للتعديل الثامن‪ ،‬مؤكدا على‬ ‫أن يتم قسم اليمني الدستورية أمام رئيس احملكمة العليا‪.‬‬ ‫إلى هنا انتهى اخلبر الذي تداولته الصحف واملواقع نق ً‬ ‫ال عن موقع‬ ‫حزب العدالة والبناء على الفيسبوك‪ .‬السؤال األول الذي نعود به إلى‬ ‫مقدمة هذا املقال يقول‪:‬‬ ‫> ما املعنى العام لإلعالن الدستوري؟‬ ‫لن نخوض في تفاصيل مواد اإلعالن‪ ،‬ولكننا نريد من اجلميع التفكير‬ ‫ف��ي اإلط ��ار ال�ع��ام ال��ذي ميكننا فيه تصنيف ظهور ه��ذا اإلع�لان‪.‬‬ ‫أي بعبارة أخ��رى‪ :‬معرفة األث��ر احملتمل له على إع��ادة بناء الدولة‬ ‫وتنظيمها‪ .‬هل هو يتض ّمن روحاً للتأسيس على مدى طويل‪ ،‬اي هل‬ ‫يتّصف بالسمة العامة للدساتير الدائمة؟ أم أنه إعالن مؤقت‪ ،‬ملرحلة‬ ‫مؤقتة‪ ،‬الغرض منها التمهيد التباع دستور دائم بتم االستفتاء عليه‪،‬‬ ‫ويُعتمد من صاحب الشرعية املطلقة والوحيدة‪ ،‬اي الشعب الليبي؟‬ ‫بناء على ذلك‪ ..‬هل يجوز «متطيط» هذا اإلعالن زمنياً؟ و»تكييف»‬ ‫م��واده قانونياً؟ وتعديلها حسب الظروف الراهنة مبا يتناسب مع‬ ‫أصحاب املصلحة‪ ..‬أياً كانوا؟‬ ‫لقد ظهر ه��ذا اإلع�لان عقب ما يعرف بـ»حترير طرابلس»‪ ،‬وكان‬ ‫الغرض الوحيد منه هو «تهيئة» املناخ السياسي العام للتغيير الدستوري‬ ‫املقبل‪ ،‬أي إعداد الفعاليات السياسية‪ ،‬وعلى رأسها املواطنني الليبيني‬ ‫باعتبارهم ناخبني‪ ،‬ملرحلة سياسية جديدة يكونون فيها قادرين على‬ ‫إدارة دولتهم بطريقة دميقراطية سلم ّية دون تدخّ ل من أحد أو إكراه‪،‬‬ ‫بل مبنتهى احلرية التي تفترضها الدميقراطية كممارسة خالية من‬


‫‪10‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون ليبية‬

‫اإلعالن الدستوري كان الغرض منه هو تهيئة‬ ‫املناخ السياسي العام للتغيير الدستوري املقبل‬ ‫اإلعالن الدستوري انتهت صالحيته مبجرد‬ ‫انتخاب مجلس النواب‬ ‫إدامة اإلعالن الدستوري خدعة سمجة وانحطاط‬ ‫سياسي مي ّثل املدعو ص ّوان أكثر أمثلتها سخف ًا‬ ‫اإلقصاء أو االستئثار‬ ‫أو االحتكار‪.‬‬ ‫ه��ذا هو اإلط��ار العام‬ ‫ل�لإع�لان ال��دس �ت��وري‬ ‫– زمنياً وموضوعياً‬ ‫– أم� � � ��ا أن ت� �ل ��وك‬ ‫أل �س �ن��ة ال �س �ي��اس �ي�ين‬ ‫م � ��واد ه� ��ذا اإلع �ل�ان‬ ‫«تفصلها» حسب‬ ‫لكي‬ ‫ّ‬ ‫املقاسات التي تراها‬ ‫هي‪ ،‬مع «العمى» عن‬ ‫رؤي��ة ال �ص��ورة العامة‬ ‫التي يوجد فيها هذا‬ ‫اإلعالن‪ ،‬فتلك مأساة‬ ‫‪‎‬بشير الكبتي‪ ،‬مرشد عام‬ ‫ت� ّ‬ ‫�دل على قصر رؤية‬ ‫األخوان الليبيني‬ ‫ّ‬ ‫النخبة السياسية احلالية في ليبيا‪ ،‬أو تدل بشكل آخر على مماريتها‬ ‫ألالعيب وحيل تريد بها توظيف النص الوحيد ال��ذي يُطلق عليه‬ ‫اسم «نص دستوري» لكي تواصل تش ّبثها الغريب بالسلطة وسعارها‬ ‫املرضي مبمارسة احلكم‪ ،‬رغماً عن اجلميع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لقد ظهر اإلعالن الدستوري ليع ّبر عن فترة مؤقتة تنتهي في زمن‬ ‫النص عليه‪ ،‬أي إنه ببساطة إع�لان «منهي الصالحية»‪،‬‬ ‫مح ّدد مت‬ ‫ّ‬ ‫أما أن يتم متديد الفترة اإلنتقالية دون حتديد‪ ،‬وأن يتم – بالتالي >‬ ‫إدامة اإلعالن نفسه‪ ،‬فهذه خدعة سمجة فيها من احلماقة والعبث‬ ‫والالمسؤولية بقدر ما فيها من «االنحطاط السياسي» الذي مي ّثل‬ ‫تصريح رئيس حزب العدالة والبناء اإلخ��وان‪ ،‬املدعو محمد صوان‪،‬‬ ‫أكثر أمثلته سخفاً‪.‬‬ ‫اإلعالن الدستوري انتهت صالحيته مبج ّرد انتخاب مجلس الن ّواب‪..‬‬ ‫هذه هي املفارقة التي يحاول املؤمتر العام املنتهي الصالحية أن يضع‬ ‫فيها الشعب الليبي وذلك بـ»متطيط» اإلعالن لكي يتمكن من جديد‬ ‫من إعادة إحياء املؤمتر في حد ذاته‪ ..‬ما هذا اخلبل؟!‬ ‫لنمضي إل��ى س��ؤال آخ��ر‪ :‬ما معنى أن يتم االحتكام إل��ى تعديالت‬ ‫مقترحة على إعالن منتهي الصالحية؟‬ ‫إن ذلك يعني متاماً أن يستمع البعض إلى أعضاء املؤمتر املنتهي‬

‫الصالحية وكأنهم على‬ ‫قيد احل�ي��اة سياسياً‪.‬‬ ‫ف� ��إذا ُوج� ��د ف �ع� ً‬ ‫لا من‬ ‫ي �ص �ي��خ ال� �س� �م ��ع ل�ه��م‬ ‫فهو إم��ا إنسان يعيش‬ ‫ف ��ي زم���ن م �ط �ل��ق‪ ،‬وال‬ ‫ي�س�ت�ط�ي��ع ب��ال �ت��ال��ي أن‬ ‫ي��ف��ص��ل ب�ي��ن األم� ��س‬ ‫واليوم‪ ،‬وهذا هو احل ّد‬ ‫األدن� � � ��ى ف� ��ي م �ع��رف��ة‬ ‫ال��زم��ن وال�ت�ط��ور‪ ،‬وإم��ا‬ ‫أن��ه «م�ع�ت��وه» ال ي��دري‬ ‫شيئاً عن تط ّور احلياة‬ ‫ليون السياسية في ليبيا‪.‬‬ ‫‪‎‬صوان‬ ‫االحتكام إلى تعديالت‬ ‫مقترحة على إعالن منتهي الصالحية يعني أيضاً أن تنظيم اإلخوان‬ ‫املسلمني عبر أداته احلزبية (العدالة والبناء) – الذي استطاع بانقالبه‬ ‫على الشرعية أن يبقى في واجهة املشهد – استطاع إقناع ممثل األمم‬ ‫املتحدة (املدعو ليون) بأنه العب أساسي يستطيع متثيل نسبة لها وزنها‬ ‫من الناخبني الليبيني‪ ..‬ال أدري من هو األكثر احتياالً‪ :‬أهي األمم املتحدة‬ ‫التي تريد لتنظيم اإلخوان – بضغط من الواليات املتحدة – أن يكونوا‬ ‫على رأس النخبة السياسية في ليبيا؟ أم هم اإلخوان أنفسهم الذين‬ ‫يريدون استغالل الدعم األمريكي ليتخلّصوا من خصومهم السياسيني؟!‬ ‫لنقل أن ك ّل طرف أكثر احتياالً من اآلخر‪ ،‬ولنبحث عن إجابة شافية‬ ‫ملستقبل الليبيني مبعزل عن هذه األالعيب القذرة‪.‬‬ ‫الليبيون اآلن أم��ام مفترق ط��رق حقيقي‪ ..‬إم��ا أن يقوموا بتزكية‬ ‫مخرجات احل��وار‪ ،‬وهي مخرجات رديئة سوف جت ّر عليهم الوبال‪،‬‬ ‫أكثر مما ج ّرت عليهم جرائم اإلخ��وان حتى اآلن‪ ،‬وإما أن يُسمعوا‬ ‫العالم صوتهم‪.‬‬ ‫فليكن لهم صوتهم اخل��اص بعيداً عن استدراجات اإلخ��وان لهم‪.‬‬ ‫ليدركوا – قبل فوات األوان – أن اللعبة التي يج ّرهم إليها اإلخوان‬ ‫هي مج ّرد لعب بأوراق تالفة‪ ،‬منتهية الصالحية‪:‬‬ ‫> اإلعالن الدستوري = منتهي الصالحية‪.‬‬


‫‪‎‬املؤمتر خالي الوفاض!‬

‫‪‎‬هل يصبح الليبيون هنودا حمر؟‬

‫> املؤمتر العام = منتهي الصالحية‪.‬‬ ‫> تنظيم اإلخوان الدولي = منتهي الصالحية‪.‬‬ ‫أوراق انتهت صالحيتها‪ ،‬وتداولها سوف يخلّف أعراضاً جديدة لدولة‬ ‫انتهت صالحيتها‪ ..‬ألن الدولة التي يعمل اإلخوان على إعادة إحيائها‬ ‫فع ً‬ ‫ال هي الدولة التي اعتادوا على رؤيتها طوال ‪ 40‬عاماً دون أن ينالوا‬ ‫منها‪ ..‬بعبارة أخرى أقرب إلى التحليل النفسي‪ :‬اإلخوان يتماهون في‬ ‫دولة القذافي‪ ،‬ألنهم يريدون لتنظيمهم أن يتبوأ على س ّدة احلكم دون‬ ‫منازع‪ ..‬إنهم في احلقيقة يرون في الطاغية مثالهم األعلى‪.‬‬ ‫«التماهي» ال��ذي أحت � ّدث عنه عقدة مرض ّية معروفة‪ ،‬ميكنها أن‬ ‫تصيب الفرد‪ ،‬وميكنها أن تصيب املجموعة أيضاً‪ ،‬فما بالك بحزب‬ ‫مثل اإلخوان املسلمني؟ إنه يتماهى في الدكتاتوريات التي أعلن أنه‬ ‫يناضل ض ّدها‪..‬‬ ‫اإلخوان املسلمون تنظيم دولي يعتمد على االستئثار واالحتكار‪ ،‬بغض‬ ‫النظر عن الشعارات اجلوفاء التي ير ّددها أعضاؤه‪ ،‬وميكن للجميع‬ ‫أن يراجع أدبيات هذا احلزب ليتع ّرف عن كثب على بنيته العجيبة‪..‬‬ ‫وعلى تاريخه املفعم بالشرور‪.‬‬

‫عندما نشأ هذا التنظيم للمرة األول��ى في مصر سنة ‪ 1928‬كان‬ ‫املرشد العام للجماعة يعتبر رئيساً لها‪ ،‬وي��رأس في نفس الوقت‬ ‫جهازي السلطة فيها وهما مكتب اإلرش��اد العام ومجلس الشورى‬ ‫العام‪ ،‬أي ما يعرف بالسلطتني التشريعية والتنفيذية‪ ..‬هذه الرغبة في‬ ‫االحتكار واالستئثار لم تغادر تنظيم اإلخوان حتى اليوم‪.‬‬ ‫في األربعينيات من القرن العشرين جلأ ثالثة أشخاص منتمني‬ ‫ل�لإخ��وان املسلمني امل�ص��ري�ين متهمني مب�ح��اول��ة اغ�ت�ي��ال محمود‬ ‫النقراشي‪ ،‬وزير داخلية مصر آنذاك‪ ،‬إلى ليبيا طالبني اللجوء عند‬ ‫األمير إدريس أمير برقة فآواهم ورفض تسليمهم للحكومة املصرية‬ ‫التي كانت تالحق اإلخوان املسلمني‪ ..‬هؤالء هم الذين كانوا أساس‬ ‫تشكيل تنظيم اإلخوان املسلمني في ليبيا‪ ..‬إنهم يعودون إلى فئة ضالّة‬ ‫ال تعرف غير االغتيال واملكر واخلديعة‪.‬‬ ‫تنظيم هذه ج��ذوره‪ ..‬كيف يتو ّقع منه أحد أن يقود بالداً غني ًة مثل‬ ‫ليبيا إلى ب ّر األمان‪.‬‬ ‫تخيلوا معي أن ليبيا يحكمها اإلخوان املسلمون‪ ..‬ماذا سيعني ذلك؟‬ ‫أوالً‪ :‬حتويل ليبيا إلى بؤرة لإلرهاب في العالم‪ ،‬جتتمع فيها جميع‬ ‫تنظيمات وأطياف املتطرفني واملتزمتني‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬حتويل ليبيا إلى أكبر داعم لإلرهاب في العالم بتطويع مواردها‬ ‫الطبيعية ومصادر الثراء فيها لرغبات قادة تلك التنظيمات واألطياف‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬حتويل الليبيني إلى رع ّية بائسة في دولة إخوانية جائرة‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬االستعداد بعد ذلك النقالب األمم املتحدة على هذه احلكومة‬ ‫وتدخلها لالنتهاء منها مبباركة العالم أجمع‪.‬‬ ‫الليبيون اآلن في ليبيا هم أقل من ‪ 4‬ماليني نسمة‪ ،‬بعد أن غادر قرابة‬ ‫مهجراً‪ ..‬هذا من جانب أول‪ .‬الواليات‬ ‫نصف عدد السكان نازحاً أو ّ‬ ‫تأسست ‪ -‬بعد تدخل األوروبيني ‪ -‬على جثث عشرات املاليني‬ ‫املتحدة ّ‬ ‫من الهنود احلمر‪ ،‬استغرق األمر ثالثني عقداً من السنوات‪ ..‬هذا على‬ ‫اجلانب اآلخر‪ .‬إذا انتهى األمر بتدخّ ل ملحمي تقوم به الدول الكبرى‬ ‫إلنقاذ ليبيا فإن األمر سينتهي في أقل من ثالثة أشهر‪ ..‬أقول لكم‪:‬‬ ‫إذا سيطر األخوان املسلمون على ليبيا فعلى الليبيني أن يع ّدوا الع ّدة‬ ‫منذ اآلن لكي يصبحوا «هنود حمر القرن الواحد والعشرين»‪ ..‬انتهت‬ ‫الرسالة‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫عين من ال يملك من ال يستحق‪ ..‬ثم أقاله‬ ‫ّ‬

‫اإلخوان يستغنون عن خدمات المقاتلة‬

‫عمر الكدي‬

‫أقال املؤمتر الوطني العام املنتهية واليته رئيس حكومة «اإلنقاذ‬ ‫الوطني» عمر احلاسي‪ ،‬وحاول احلاسي في البداية االستقواء‬ ‫بـ»الثوار» للتصدي للقرار‪ ،‬إال أنه وافق أخيرا على مضض‪ ،‬وسلم‬ ‫م�ه��ام�ه��ه ل�ن��ائ�ب��ه األول خليفة‬ ‫ال��غ��وي��ل امل� �ص ��رات ��ي‪ ،‬ب��ال��رغ��م‬ ‫م��ن م �ح��اول��ة ال �ب �ع��ض ع��رق�ل��ة‬ ‫القرار‪ ،‬حيث وردت أنباء عن‬ ‫اقتحام مجموعة مسلحة ملقر‬ ‫امل��ؤمت��ر‪ ،‬كما سمع إط�لاق نار‬ ‫داخ��ل املقر ل��م يسفر ع��ن أي‬ ‫إصابات‪.‬‬ ‫وال �ق��راءة املتانية لهذا القرار‬ ‫ت�ك�ش��ف أن ج �م��اع��ة اإلخ���وان‬ ‫املسلمني هم من كانوا خلفه‪،‬‬ ‫ع� �ن ��دم ��ا ق� � � ��رروا ال �ت �ض �ح �ي��ة‬ ‫باجلماعة اإلسالمية املقاتلة‪،‬‬ ‫بعد أن استخدموها في مترير‬

‫مخططاتهم‪ ،‬وبالرغم من املناصب الرفيعة التي توالها زعماء‬ ‫املقاتلة ومن بينها رئاسة الوزراء‪ ،‬ووزارة الدفاع التي كان يشغلها‬ ‫خالد الشريف‪ ،‬ووزارة رعاية أسر الشهداء واجلرحى التي كان‬ ‫وكيلها مفتاح ال��دوادي‪ ،‬إال أن‬ ‫تنظيم اإلخوان املتمرس متكن‬ ‫أخيرا من ازاحتهم‪ ،‬واستغالل‬ ‫م��راه�ق�ت�ه��م ال�س�ي��اس�ي��ة وع��دم‬ ‫نضجهم ف��ي ال�ظ�ه��ور مبظهر‬ ‫احلكيم‪.‬‬ ‫اس� �ت� �غ ��ل اإلخ� � � � ��وان أخ� �ط ��اء‬ ‫احل��اس��ي ال �ع��دي��دة الس�ق��اط��ه‬ ‫م �ت��ى م ��ا رأوا أن ذل� ��ك ف��ي‬ ‫مصلحتهم‪ ،‬وخ��اص��ة عندما‬ ‫أص �ب��ح حليفهم ال �ق��دمي عبأ‬ ‫ثقيال‪ ،‬م��ن خ�لال تصريحاته‬ ‫الغبية التي مجد فيها جماعة‬ ‫أن � �ص� ��ار ال� �ش ��ري� �ع ��ة وت �ن �ظ �ي��م‬

‫اإلخوان يقررون التضحية باجلماعة املقاتلة‬ ‫بعد أن استخدموها في مترير مخططاتهم‬ ‫هناك أطراف في مصراتة ماتزال تضع كل‬ ‫بيضها في سلة اإلخوان‬


‫االستغناء عن خدمات املقاتلة‬

‫داعش‪ ،‬والتي عاد فيها عشرين عاما إلى الوراء‪ ،‬عندما اشترك‬ ‫مع آخرين في الهجوم على أح��د مستشفيات بنغازي‪ ،‬إلنقاذ‬ ‫أحد أعضاء اجلماعة اإلسالمية املقاتلة‪ ،‬الذي أصيب عندما‬ ‫ك� ��ان ي� �ح ��اول س ��رق ��ة س� �ي ��ارة‪،‬‬ ‫ونقل إل��ى املستشفى لعالجه‪،‬‬ ‫وهو ما أجبر القائد امليداني‬ ‫على إتخاذ قرار الهجوم على‬ ‫املستشفى مبجموعة ترتدي‬ ‫م�ل�اب ��س ع �س �ك��ري��ة ك� ��ان م��ن‬ ‫ب�ي�ن�ه��م ع �م��ر احل ��اس ��ي‪ ،‬وه��و‬ ‫م��ا أدى إل ��ى ت�ف�ج��ر امل �ع��ارك‬ ‫ب�ين املقاتلة وال�ن�ظ��ام السابق‬ ‫قبل أن تستعد املقاتلة بشكل‬ ‫كامل‪ ،‬ودفع احلاسي ثمن ذلك‬ ‫بعد القبض عليه وسجنه عدة‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫ه��ل ك ��ان ه �ن��اك ض�غ��ط دول��ي‬

‫للتخلص من احلاسي وخاصة من رئيس بعثة األمم املتحدة للدعم‬ ‫في ليبيا برناردينو ليون؟ قد يكون ذلك ولكن األهم هو براعة‬ ‫اإلخوان في استغالل الوقت‪ ،‬فقد جاء القرار قبل أيام قليلة من‬ ‫تسمية رئيس حكومة الوفاق‬ ‫الوطني ونائبيه‪ ،‬وكأن اإلخوان‬ ‫وه� � ��م ي� �ض� �ح ��ون ب ��احل ��اس ��ي‬ ‫ي �ط �ل �ب��ون ت� �ن ��ازال مم��اث�ل�ا من‬ ‫مجلس النواب‪ ،‬بالرغم من أن‬ ‫احلاسي غير محسوب عليهم‪،‬‬ ‫كما أن خليفة احلاسي خليفة‬ ‫ال�غ��وي��ل م��ن م��دي�ن��ة م�ص��رات��ه‪،‬‬ ‫وه � �ك� ��ذا ي� �ص� �ط ��اد اإلخ� � ��وان‬ ‫عصفورين بحجر واحد‪ ،‬فقد‬ ‫أرض ��وا أط��راف��ا ف��ي مصراته‬ ‫ال ت��زال تضع ك��ل بيضها في‬ ‫سلة اإلخ ��وان‪ ،‬وق��دم��وا تنازال‬ ‫لم يقدمه مجلس النواب بعد‪،‬‬

‫زعماء اإلخوان هم من أقنع النظام السابق‬ ‫باحلوار مع املقاتلة في السجن‬ ‫هل كان هناك ضغط من ليون للتخلص من‬ ‫احلاسي ؟!‬


‫‪14‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫عمر احلاسي‬

‫برناردينو ليون‬

‫من املهم لوفد مجلس النواب في « احلوار‬ ‫الوطني « أن ال يدخل في نقاش مع اإلخوان‬ ‫قطر تكتشف مؤخر ًا أن عبد احلكيم بلحاج‬ ‫رهان خاسر‬ ‫سفهاء مصراته يقودونها إلى ورطة حقيقية‬ ‫اإلخوان واملقاتلة ال عالقة لهم باألجندة‬ ‫الوطنية‬

‫وظهروا مبظهر العقالء أمام ليون‪.‬‬ ‫إقالة احلاسي تعني أيضا بالرغم من املناورة اإلخوانية ظهور‬ ‫تصدع كبير في معسكر اإلسالميني‪ ،‬فقد خسرت املقاتلة تقريبا‬ ‫كل ش��يء‪ ،‬وه��م الذين يدينون ل�لإخ��وان بالكثير من اخلدمات‪،‬‬ ‫فزعماء اإلخوان هم من أقنع النظام السابق باحلوار مع املقاتلة‬ ‫في السجن‪ ،‬وتولى علي الصالبي ه��ذه املهمة‪ ،‬عندما قادهم‬ ‫بسالسة إلى املراجعة الشهيرة والتي أدت إلى اإلفراج عنهم قبل‬ ‫أشهر من قيام ثورة فبراير‪ ،‬وبتلك املراجعة ظهر اإلخ��وان مرة‬ ‫أخ��رى مبظهر احلكماء العقالء الذين يعرفون مصلحة النظام‬ ‫أكثر منه‪ ،‬عندما كانوا يراهنون على مشروع الغد‪ ،‬وذك��ر لي‬ ‫أحد زعماءهم في املنفى أنهم إذا كانوا ال يستطيعون إسقاط‬ ‫القذافي‪ ،‬سيربون أبنه على يديهم ليحققوا من خالله ما يريدون‪،‬‬ ‫وقال إنهم سيكتفون بتولي الوزارات الفاشلة مثل التعليم والصحة‬ ‫ليصعدوا إلى السلطة بتأني ودأب‪.‬‬ ‫يدرك اإلخ��وان أن قطر تراجعت عن رهانها على اإلخ��وان بعد‬ ‫أن اقتنع األمريكان بأنهم يسيرون في طريق مسدود‪ ،‬وخاصة‬ ‫بعد وصول السيسي إلى السلطة في مصر‪ ،‬وفشل حركة النهضة‬


‫الواقع الكارثي في ليبيا تسبب فيه املؤمتر العام‬

‫في تونس بالفوز في االنتخابات التشريعية والرئاسية‪ ،‬وهو ما‬ ‫جعل الرئيس أوباما يقرراإلفراج عن املساعدات األمريكية ملصر‬ ‫التي كانت مجمدة‪ ،‬كما أن دعم أمريكا حلملة «عاصفة احلزم»‬ ‫واش�ت��راك قطر في احلملة يؤكد ذل��ك‪ ،‬كما أن قطر اكتشفت‬ ‫م��ؤخ��را أن ع�ب��د احل�ك�ي��م ب��احل��اج ره ��ان خ��اس��ر فقطعت عنه‬ ‫املساعدات‪ ،‬ولم يبق له إال اجلزائر التي تقدره بسبب خدماته‬ ‫األمنية‪ ،‬وخاصة بعد أن سلم املخابرات اجلزائرية كل االرشيف‬ ‫األمني الذي وجده في طرابلس بعد سقوط نظام القذافي‪ ،‬مبا‬ ‫في ذلك االرشيف اخلاص بجماعته‪ ،‬ومع الوقت حتول باحلاج‬ ‫إلى رجل أعمال تقدر أمواله مبئات املاليني‪ ،‬وهو يعلم أن حزبه‬ ‫لن يكون ممثال في أي برملان ليبي‪ ،‬وبالتالي سيراهن على املال‬ ‫وعلى شركاته التي تتناسيل كل يوم‪.‬‬ ‫حسنا فعل مجلس النواب عندما دان العملية االنتحارية على‬ ‫جسر السدادة‪ ،‬والتي قتل فيها خمسة أشخاص وأصيب خمسة‬ ‫وع �ش��رون‪ ،‬واأله ��م أن ي��رس��ل املجلس واحل�ك��وم��ة املؤقتة وف��دا‬ ‫مشتركا إلى مصراته لتقدمي التعزية‪ ،‬واألكثر أهمية أن يتنازل‬ ‫مجلس النواب ملصراته ويلبي كل مطالبهم‪ ،‬بل أن يقدم لها شيكا‬

‫على بياض‪ ،‬وسيكون العائد مجزيا‪ ،‬وه��و ع��ودة مصراته إلى‬ ‫الصف الوطني‪ ،‬وإلغاء التحالف بني مصراته واإلخوان‪ ،‬وعندها‬ ‫سيصبح فجر ليبيا مجرد مجموعة م��ن الصعاليك سيقضي‬ ‫عليهم شباب األحياء في يوم واحد‪.‬‬ ‫من املهم لوفد مجلس النواب في احلوار الوطني أن ال يدخل في‬ ‫نقاش مع اإلخ��وان‪ ،‬ومن حسن احلظ أن العالقة ودية جدا بني‬ ‫وفد مجلس النواب ووفد مصراته‪ ،‬بينما العالقة غير ودية بني‬ ‫وفد املجلس ووفد املؤمتر الوطني‪ ،‬حتى أنهم يتحاشون املصافحة‬ ‫أو حتى إلقاء التحية من بعيد‪ ،‬وفي مقابل مناورة اإلخوان بإقالة‬ ‫احلاسي لصالح مصراته‪ ،‬من األفضل لعقالء مجلس النواب أن‬ ‫يطلبوا من وفد مصراته في احلوار الوطني تسمية رئيس حكومة‬ ‫الوفاق الوطني‪ ،‬وأن يكتفي املجلس بتسمية نائبيه‪ ،‬فاللعبة كلها‬ ‫تتمحور حول من يكسب مصراته‪ ،‬التي تشتت قواتها بني سرت‬ ‫واجل�ن��وب وال�غ��رب‪ ،‬والتي قادها سفهاؤها إل��ى ورط��ة حقيقية‪،‬‬ ‫والعاقل من ميد ي��ده باملساعدة عندما ي��رى حليف الوطن في‬ ‫ورطة‪ ،‬ألن اإلخ��وان واملقاتلة ال عالقة لهم بأجندة وطنية‪ ،‬وهم‬ ‫طارئون على أي حال‪ ،‬بينما مصراته هي سرة الوطن‪.‬‬


‫‪016‬‬ ‫‪16‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫حوار‬

‫الباحث االستراتيجي والخبير السياسي الدكتورعبداللــــــــــــــــــ‬

‫لو حسم الجيش المعركــــــ‬ ‫حوار وعدسة‪ :‬علي خويلد‬ ‫املستقل‪ :‬يحسب لكم أنكم م��ن املتابعني الدقيقني‬ ‫جلوالت ما يسمى «باحلوار الوطني» ‪ ..‬إلى أين ميضي‬ ‫ه��ذا احل����وار‪ ..‬وه��ل تتوقع جناحه ف��ي حلحلة األزم��ة‬ ‫الليبية ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬إجماالً يسمى حواراً‪ ,‬ولكن طريقة سيره وآلياته وأطرافه‬ ‫جميعها فيها نوع من االستنقاص‪ ,‬وبالتالي لكي تكتمل املكونات التي‬ ‫تعتبر الداعم احلقيقي للحوارالبد أن يكون الهدف واضحاً وتشارك‬ ‫في احلوار كل األطراف مبا فيهم أطراف النظام السابق واملهجرين‬ ‫والنازحني والبرملان واملؤمتر‪ ,‬رغم لدي حتفظ على البرملان واحلكومة‬ ‫الليبية الن السلطة الشرعية دائماً تكون متابعة للحوار ال ان تكون‬ ‫طرفاً فيه‪ ,‬واحلوار له مسلمات وأدبيات ومتطلبات وثوابت واضحة‬ ‫للوثيقة احلوارية والضمانات باإلضافة جلدولة زمنية ومكانية ونتائج‬ ‫آنية والحقة‪ ،‬اعتقد إذا اتفقنا على هذه االشياء بدون وجود أجندات‬ ‫خفية وسوء نية ستتحقق نتائج إيجابية في احلوار ويكون حوارا فعلياً‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هناك من يرى بأن سقف املطالب لن يظل‬

‫ثابتا ف��ي احل���وار ‪ ..‬وستظل مسألة رف��ع��ه أو خفضه‬ ‫مرهونة بالتغيرات العسكرية امليدانية على األرض ‪ ..‬إلى‬ ‫أي مدى تتفق مع هذا الرأي ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬يبدو أن االطراف ك ً‬ ‫ال يترصد باألخر ويتكهن بأنه ليس‬ ‫هناك حسن نية للطرح‪ ,‬وعليه فإن اجليش الليبي إصبعه على الزناد‬ ‫وكذلك الطرف األخ��ر على نفس احلالة وكأنهم يعملون بطريقة‬ ‫احملافظة على أكثر قدر من املساحة اجلغرافية‪ ,‬والسيطرة امليدانية‬ ‫هي أكبر فرصة لرفع سقف املطالب وحتقيق النقاط في املسألة‬ ‫التفاوضية‪ ,‬مبعنى أن املسار السياسي ذاهب في خطه‪ ،‬ومن يحاول‬ ‫احلصول على أكثر أهداف لصاحله كان بها وإال اخليار العسكري ال‬ ‫يزال أمر مفتوحاً أمام الطرفني‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬حكومة على رأسها إخواني أو حكومة يقودها التكنوقراط‬ ‫‪ ..‬فمن يدفع باجتاه األولى‪ ،‬ومن يس ّوق للثانية ؟‬ ‫العثامنة ‪ :‬من خالل ما شهدناه في احلكومات السابقة كان حرص‬ ‫تيار اإلس�لام السياسي إجماالً ه��و السيطرة على أكبر ع��دد من‬


‫سواء على الفضائيات أو على صفحات املواقع واجلرائد يحسب للباحث االستراتيجي واخلبير السياسي د‪ .‬عبد‬ ‫الله العثامنة انحيازه الصريح للوطن‪ ،‬ودعمه الفكري ملشروع بناء الدولة املدنية الدميقراطية في ليبيا‪ ،‬ولعله‬ ‫من القالئل الذين يقدمون في كل مداخلة متلفزة حول الشأن احمللي آراء وحتاليل سياسية ناضجة تنطلق من‬ ‫فهم دقيق لألزمة الليبية‪ ،‬وما ميور داخلها من جتاذبات وصراعات ‪.‬‬ ‫قبل أيام أصدر مجلس النواب قراراَ بتعيينه مستشار ًا سياسيا لوفد املجلس املشارك في حوار الصخيرات‪ ،‬وكانت‬ ‫الفرصة مناسبة لدعوته إلى لقاء مع املستقل الستجالء الكثير من احلقائق التي رمبا تكون غائبة عن عيون‬ ‫الليبيني حول ما يدور داخل األبواب املغلقة‪ ،‬وما يسعى الغرب لتحقيقه من خالل ذلك احلوار‪.‬‬ ‫العثامنة‪ ،‬كعادته‪ ،‬كان دقيق ًا في إجاباته عن أسئلتنا التي لم تخرج في مجملها عن الشأن الليبي‪ ،‬وما يثقل‬ ‫به من ملفات ساخنة‪ ،‬يقف على رأسها ملف اإلرهاب الذي يرى العثامنة أن الغرب مازال ينظر إليه في ليبيا‬ ‫بطريقة مغايرة عن نظرته للعراق مثالً ‪.،‬‬ ‫في مفتتح اللقاء سجل الدكتور عبد الله العثامنة حتفظه على مشاركة مجلس النواب في احلوار حتت دعوى‬ ‫أن السلطة الشرعية دائم ًا تكون متابعة للحوار ال أن تكون طرفا فيه‪ ،‬لكنه عاد ليؤكد بأن املجلس لو لم يقم‬ ‫بتقدمي تنازالت جريئة لوضع في قفص االتهام‪ ،‬ومع ذلك يرى العثامنة أن اجليش لو حسم املعركة فلن تكون‬ ‫هناك ض��رورة للحوار ‪ ،‬ورمب��ا‪ ،‬حسب قوله‪ ،‬سيبدأ عندئذ مسار اإلص�لاح بدعوة األط��راف املهزومة واملنكسرة‬ ‫للمشاركة في العملية السياسية ‪.‬‬ ‫تفسر على أكثر من‬ ‫قد‬ ‫التي‬ ‫األجنبية‬ ‫اإلصطالحات‬ ‫إلى‬ ‫الفتا‬ ‫احلوار‬ ‫في‬ ‫اجليش‬ ‫العثامنة حذر من تهميش‬ ‫ّ‬ ‫وجه عند وضعها في أي اتفاق قد يتم التوصل إليه مطالب ًا األمم املتحدة باعتماد اللغة العربية في أية وثيقة‬ ‫تخرج من احلوار‪ . .‬وفي جانب متصل انتقد تواجد السفيرة األمريكية ديبورا في جوالت احلوار بجنيف واملغرب‬ ‫واصفا حضورها بالتدخل السافروالسخيف أيضا ‪.‬‬ ‫قضايا عديدة أثارها العثامنة في اللقاء‪ ،‬بعضها يتعلق بسعي تيار اإلسالم السياسي للسيطرة على الوزارات‬ ‫السيادية رغم فشلهم في إدارة الدولة‪ ،‬وبعضها اآلخر يتعلق بالغرب وإصراره على جتميع اجلماعات اإلرهابية‬ ‫في املنطقة العربية بعيدا عن دوله‪ ،‬لهذا يرى أن اجلامعة العربية هي األكثر فهما للحالة الليبية أما الغرب فال‬ ‫خير في جنواهم بحسب قوله ‪.‬‬ ‫ما ميكن التوقف عنده بني سطور اللقاء أن العثامنة يعتبر املكون االجتماعي القبلي في ليبيا هو احلل ‪! ..‬‬

‫ــــــــــــــــه العثامنة يرى الحل في المكون االجتماعي القبلي‪:‬‬

‫ــــــــة‪ ..‬ال داعي للحوار‬ ‫مواقع السلطة أي الوزارات السيادية ولكنهم فشلوا في إدارة الدولة‬ ‫ومؤسساتها‪ ,‬وعليه اآلن االجت��اه حلكومة التكنوقراط أو حكومة‬ ‫الكفاءات التي فيها متثيل ملكونات الشعب وأصحاب اخلبرة والقدرة‬ ‫العلمية ‪ ..‬اعتقد أن ه��ذا هو‬ ‫اخليار األقرب إلعادة بناء الدولة‬ ‫وض���خ احل� �ي ��اة م ��ن ج��دي��د في‬ ‫مؤسساتها‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م���ا مصلحة‬ ‫أم��ري��ك��ا وب��ري��ط��ان��ي��ا في‬ ‫فرض اإلخوان على احلياة‬ ‫السياسيةالليبية؟‬ ‫العثامنة‪ :‬املصلحة ليست‬ ‫في األخوان بوجه التحديد‪ ,‬رغم‬ ‫أن ال�غ��رب مييل بشكل رئيسي‬ ‫جلماعة االخوان املسلمني‪ ,‬ولكن‬

‫السؤال ماذا يريد الغرب من هذه اجلماعات؟ وماذا نريد نحن من‬ ‫الغرب؟ ‪ ...‬الواضح أن الغرب يريد من جماعات األخوان موطن قدم‬ ‫في املنطقة يصطبغ بالصفة اإلستراتيجية‪ ,‬ويريد أيضاً منهم مصالح‬ ‫اقتصادية وعلى رأسها النفط‬ ‫والغاز‪ ,‬باإلضافة لقيادات سامعة‬ ‫وم�ط�ي�ع��ة ل �ه��م ت�ن�ف��ذ آوام��ره��م‬ ‫وتعليماتهم‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل هناك لبس‬ ‫ل���دى األمم امل��ت��ح��دة في‬ ‫فهم خريطة اإلره��اب في‬ ‫ل��ي��ب��ي��ا‪ ،‬ومل�����اذا ي��ب��ق��ى بند‬ ‫م��ك��اف��ح��ة اإلره���������اب من‬ ‫البنود الثانوية في احلوار‬ ‫حتى اآلن؟‬ ‫العثامنة‪ :‬كل الغرب يعرف بأن‬

‫السيطرة امليدانية هي أكبر فرصة لرفع سقف‬ ‫املطالب وحتقيق النقاط في التفاوض‬

‫من املؤمتر االقليمي األول‬


‫‪18‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫حوار‬ ‫آراء وحتاليل في الشأن الليبي مباشرة على الفضائيات‬

‫هناك إرهاباً وتطرفاً والفكرة واضحة لهم جيداً‪ ,‬ولكن بالصورة التي‬ ‫يريد هو أن يراها‪ ,‬بينما نحن ال نستطيع أن نوصل ونوضح الصورة‬ ‫التي نريد الغرب أن يعرفها‪ ,‬مبعني أننا لم ننقل املعلومة أو الصورة‬ ‫الدقيقة بأن هناك إرهاباً وتطرفاً في مناطقنا إلى أن أصبح الغرب‬ ‫يرى األمور من خالل عينه هو وليس من خالل أعيننا نحن‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬تقصد ب��أن ال��غ��رب على دراي���ة كاملة بكل‬ ‫مايحدث من إرهاب ولكن يغض البصر؟‬ ‫العثامنة‪ :‬طبعاً ‪ ..‬وحتى من مصلحتهم وجود مثل هذه اجلماعات‬ ‫االره��اب �ي��ة بعيدة ع��ن موطنهم‬ ‫ودي � � ��اره � � ��م ح� �ت���ى ال ت �ش �ه��د‬ ‫بلدانهم توتراً أمنياً أو عمليات‬ ‫مسلحة وت �ف �ج �ي��رات‪ ,‬و ولعل‬ ‫حرص الغرب على جتميع تلك‬ ‫اجل�م��اع��ات اإلره��اب�ي��ة بطريقة‬ ‫دبلوماسية وسياسية في املنطقة‬ ‫العربية يأتي في إط��ار حتويلها‬ ‫إل� ��ى م �ن��اط��ق ح��اض �ن��ة أو ما‬ ‫يعرف باملناطق املطورة رقم ‪2‬‬ ‫البعيدة عن احلاضنة االساسية‬ ‫أو امل �ص �ن��ع ل��ه��ذه اجل �م��اع��ات‬ ‫االرهابية‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ل��م ي��ذك��ر اسم‬ ‫اجل���ي���ش ال��ل��ي��ب��ي ف���ي كل‬ ‫ال����وث����ائ����ق امل����س����رب����ة م��ن‬ ‫احلوار ‪ ..‬هل هناك توجه‬ ‫ن��ح��و ت��ه��م��ي��ش اجل��ي��ش‪،‬‬ ‫ورمب��������ا ح����ت����ى إق���ص���ائ���ه‬ ‫م���ن ال��ت��رت��ي��ب��ات األم��ن��ي��ة‬ ‫اجلديدة؟‬ ‫العثامنة‪ :‬ال يخلو األم��ر من‬

‫هذه النية‪ ,‬ولهذا السبب طالبت بضرورة أن يحدد اخلطاب بالنص‬ ‫العربي وهو النص أو االتفاق الذي نعود إليه كحجة في حالة النزاع أو‬ ‫االختالف الن املصطلحات مابني اللغة العربية واالجنليزية مختلفة‪,‬‬ ‫فمث ً‬ ‫ال باللغة االجنليزية ‪ Military forces‬اي القوات العسكرية‬ ‫عندما نترجمها بالليبي هي القوات املسلحة بينما في ليبيا هي ليست‬ ‫قوات مسلحة فهو جيش وطني‪ ,‬وهناك مليشيات مسلحة أخرى‪,‬‬ ‫فاألمم املتحدة البد أن حتدد اللغة التي سيتعارف عليها بأن تكون‬ ‫اللغة األس��اس والبد ان تكون اللغة العربية هي لغة النص املكتوب‬ ‫واللغات األخرى تكون مكملة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬االس��ت��اذ حسن‬ ‫ط���اط���ان���اك���ي ط���ال���ب في‬ ‫إحدى مقالته املنشورة في‬ ‫املستقل بإجراء استفتاء‬ ‫حول قبول أو رفض الشعب‬ ‫الليبي مشاركة التنظيمات‬ ‫اإلره����اب����ي����ة ف����ي امل��ش��ه��د‬ ‫السياسي‪ ،‬على أن يجرى‬ ‫ه������ذا االس���ت���ف���ت���اء حت��ت‬ ‫إش��راف املنظمات الدولية‬ ‫‪ ..‬إذا ج���رى ت��س��وي��ق ه��ذا‬ ‫املقترح على نطاق واسع ‪..‬‬ ‫هل سيسبب إحراجا لألمم‬ ‫املتحدة والدول الكبرى؟‬ ‫العثامنة‪ :‬أن��ا ل��م أط�ل��ع على‬ ‫املقالة‪ ،‬لكن ال��واض��ح ال أعتقد‬ ‫بأن الشعب يحتاج الستفتاء في‬ ‫مجال االره��اب والتطرف فعلى‬ ‫م�س�ت��وى ال �ق��اع��دة االجتماعية‬ ‫يعتبر االرهاب والتطرف والعنف‬ ‫كلها اشياء مرفوضة وباألخص‬

‫تيار اإلسالم السياسي كان مستحوذا على الوزارات‬ ‫السيادية ‪ ..‬لكنه فشل في إدارة الدولة‬ ‫من مصلحة الغرب وجود اجلماعات اإلرهابية‬ ‫بعيدة عن دوله ‪ ..‬وجتميعها في املنطقة العربية‬ ‫هناك نية لتهميش اجليش ‪ ..‬والدليل عبارة‬ ‫‪ Military forces‬وماذا تعني في اللغة العربية‬

‫الغرب يريد من جماعة اإلخوان موطن قدم‬ ‫في املنطقة‬


‫االره��اب املمنهج ال��ذي متارسه اجلماعات املتأسلمة والتي تدعي‬ ‫اإلسالم واإلسالم منها براء ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬أال ترى أن هناك إزدواجية في تعاطي املجتمع‬ ‫ال��دول��ي مع قضية اإلره���اب ‪ ..‬في ال��ع��راق مثال يوجد‬ ‫حتالف دولي حملاربة داعش ‪ ..‬وباملقابل تظهر بني الفينة‬ ‫وسع‬ ‫واألخرى بيانات استنكار ضد اجليش الليبي كلما ّ‬ ‫من عملياته ضد التنظيمات اإلرهابية؟‬ ‫العثامنة‪ :‬لهذا قلت في السابق نحن نريد أن نوضح ماذا نطلب‬ ‫من الغرب‪ ,‬فالغرب يرانا بعينه ولهذا السبب نريده ان يرانا بأعيننا‬ ‫نحن ومبعلوماتنا باإلضافة إلى أن الغرب لم يدفع ضريبة مثلما‬ ‫ندفعها نحن بدماء ابنائنا واقتصادنا وبنيتنا التحتية‪ ,‬لذلك لن يشعر‬ ‫بك املجتمع الغربي رغم انه يعلم بأن هناك إرهاباً وتطرفاً ولكن ال‬ ‫يستطيع بان يخوض حرباً بالنيابة عن الشعب االمريكي في ليبيا‬ ‫وه��ذه مسألة بعيدة ج��داً إال في حالة وص��ول اإلره��اب إلى أرضه‬ ‫فحينها يتحول املجتمع الدولي ويضرب بيد من حديد ضد هذه‬ ‫التنظيمات االرهابية‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬الغرب تشغله في ليبيا حاليا‪ ،‬كما يتداول‬ ‫في اإلع�لام‪ ،‬قضية مت��دد داع��ش‪ ،‬وقضية الهجرة غير‬ ‫الشرعية‪ ،‬لكن في الواقع ال توجد دالئل موثوقة على أنه‬ ‫فعال مهتم بهاتني القضيتني ‪ ..‬ما تعليقكم ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬ازدواجية املعايير واضحة حتى من خالل سؤالك‪ ,‬وكذلك‬ ‫تعاطفهم مع امللف السوري واليمني والعراقي‪ ,‬ففي العراق فتحت‬ ‫امللفات وأصبحت على صفيح ساخن‪ ,‬والغرب بكل قوته العسكرية‬ ‫والتكنولوجية وأسلحته الذكية املتطورة ذات التحكم عن بُعد يعرف‬ ‫مكان وجود هذه اجلماعات وعندما أراد أن يقبض على قياداتها‬ ‫بشكل فردي استطاع فعل ذلك‪ ,‬وهذا يوضع وجود االزدواجية‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ص����در م��ؤخ��را‬ ‫من رئاسة مجلس النواب‬ ‫ق�������رار ب��ت��ع��ي��ي��ن��ك��م رف��ق��ة‬ ‫أخرين كمستشارين لوفد‬ ‫املجلس املشارك في حوار‬ ‫ال���ص���خ���ي���رات ‪ ..‬م��اه��ي‬ ‫طبيعة مهمتكم وحدودها‬ ‫حسب ما أبلغتم ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬أن��ا لم يأخذ رأيي‬ ‫ف��ي ب��داي��ة األم ��ر ول�ك��ن عندما‬ ‫ص��در ال�ق��رار من السيد رئيس‬ ‫ال��ب��رمل��ان ال �ل �ي �ب��ي وه� ��و سلطة‬ ‫ش��رع �ي��ة ق��ائ �م��ة وط �ل��ب ال �ع��ون‬ ‫ب��االس�ت�ش��ارة والنصيحة قبلت‬ ‫ه ��ذا ال� �ق ��رار‪ ,‬وال�ن�ص�ي�ح��ة من‬ ‫الدين كما أن الواجب الشرعي‬ ‫واالجتماعي ان نقدم للمؤسسة‬ ‫الشرعية القائمة ما حتتاجه من‬ ‫مشورة ونصيحة مرتبطة باإلنتاج‬ ‫الفكري والذهني والتخطيطي‬ ‫حتى ندعم مسار احل��وار أوالً‪,‬‬ ‫وتدعم سير العملية السياسية‬ ‫بشكل سلمي وان�س�ي��اب��ي حتى‬

‫يتحقق االستقرار والتنمية التي ستعود على كل الليبيني بالنفع دون‬ ‫استثناء‪ ,‬وبالتالي حتى إن قبلنا هذه الوظيفة فهي من أجل شعبنا‬ ‫وبالدنا ألنها واجب شرعي ووطني ونسأل الله التوفيق فيما نقوم به‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل تتفق مع رأي النائب بوبكر بعيرة الذي‬ ‫صرح به مؤخرا لوسائل اإلعالم ‪ :‬بأنه ال حاجة الستمرار‬ ‫احلوار إذا مت حترير طرابلس ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬هو منطقياً إذا ُحسم اجليش الليبي املعركة عسكرياً‬ ‫ودعم السلطة التشريعية والتنفيذية سواء في طرابلس او بنغازي‬ ‫واج �ت��ث االره � ��اب ورم � ��وزه فال‬ ‫اع �ت �ق��د ب� ��أن ه� �ن ��اك ض� ��روري‬ ‫للحوار‪ ,‬ورمبا يأخذ األمر مساراً‬ ‫أخ��ر غير مسار احل��وار ويكون‬ ‫مسار االص�لاح ودع��وة أط��راف‬ ‫م��ه��زوم��ة وم �ن �ك �س��رة ت �ش��ارك‬ ‫ف��ي العملية السياسية ألن من‬ ‫حقها امل �ش��ارك��ة وف ��ق ال�ق��ان��ون‬ ‫األس��اس��ي‪ ,‬وكذلك االبتعاد عن‬ ‫ثقافة االقصاء والتهميش‪ ,‬فلو‬ ‫حسم اجليش املعركة فال داعي‬ ‫للحوار ألن احلوار عاد ًة يكون بني‬ ‫اطراف متنازعة‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ال��ب��ع��ض ي��رى‬ ‫ب���أن مجلس ال��ن��واب قدم‬ ‫ت��ن��ازالت كبيرة م��اك��ان له‬ ‫أن ي��ق��دم عليها ل��و عرف‬ ‫قيمة ورق��ة الشرعية التي‬ ‫امتلكها ع��ب��ر ال��ص��ن��دوق‬ ‫االنتخابي ‪ ..‬فيما يذهب‬ ‫البعض اآلخ��ر إلى انتقاد‬ ‫وف��د املجلس لسوء أدائ��ه‬ ‫في جوالت احلوار ‪ ..‬كيف‬

‫الغرب مازال يرانا بعينه ‪ ..‬ولم ننجح في تغيير‬ ‫رؤيته لنا باملعلومات الدقيقة‬

‫قبلت وظيفة مستشار لدى وفد مجلس النواب املشارك‬ ‫في احلوار ألن قرارها صادر عن السلطة الشرعية‬ ‫مسار اإلصالح يبدأ بدعوة األطراف املهزومة‬ ‫واملنكسرة للمشاركة في العملية السياسية‬

‫لو لم يقم مجلس النواب بخطوات تنازلية لوضع‬ ‫في قفص االتهام‬


‫‪020‬‬ ‫‪20‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫حوار‬

‫تقرأ هذين الرأيني؟‬ ‫العثامنة‪ :‬اعتقد بأن حتى اخلطوات اجلريئة والوطنية التي قام بها‬ ‫مجلس النواب رغم انها تُعد تنازالً نوعاً ما إال انها كانت واجبة على‬ ‫املجلس ان يقوم بها‪ ,‬وإن لم يفعلها لكان في قفص االتهام وانه عطل‬ ‫العملية احلوارية وانه ال يريد احلل ومتمسك بالسلطة مبفرده‪ ,‬ولكنه‬ ‫ذهب إلى جنيف ثم طلبت فجر ليبيا وقسورة واملؤمتر الوطني املنتهية‬ ‫واليته شرعاً وقانوناً أن يكون احلوار داخلياً في مدينة مثل اجدابيا‬ ‫أو النوفلية أو بني وليد واتضح بأن احلوار سيكون في مدينة غدامس‬ ‫التي حسبت جغرافياً ضمن اإلطار املتحكمة فيه فجر ليبيا واملؤمتر‬ ‫منتهي الصالحية ولم يأت لقاء غدامس بجديد وكأنها مراوغة من‬ ‫املؤمتر الوطني حتى يحقق سيطرة عسكرية على األرض‪ ,‬ومن وجهة‬ ‫نظري مجلس النواب استنفذ وقدم كل ماينبغي ان يقدمه كخطوات‬ ‫تنازلية بالقدر الذي الميس بشرعية البرملان أو بثوابت وحدة التراب‬ ‫وبأن ليبيا دولة مدنية‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل األط��راف املوجودة في ح��وار الصخيرات‬ ‫ال��رئ��ي��س��ي‪ ،‬أو األط�����راف‬ ‫األخ��������رى امل�����وج�����ودة ف��ي‬ ‫احل��وارات املساندة في كل‬ ‫م���ن اجل���زائ���ر وب��روك��س��ل‪،‬‬ ‫هي فعال متثل كل أطياف‬ ‫الشعب الليبي‪ ،‬ولها ثقلها‬ ‫ال��س��ي��اس��ي واالج��ت��م��اع��ي‬ ‫ال����ك����ب����ي����ر ب���ي��ن ص���ف���وف‬ ‫املواطنني ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬ه��ذه األط��راف لها‬ ‫أثقال نسبية ولكن طبعاً ال متثل‬ ‫ك��ل اط �ي��اف امل�ج�ت�م��ع‪ ,‬والزال ��ت‬ ‫هناك مكونات لم تلتحق بعملية‬ ‫احل��وار ألن احل��وار له مسارات‬ ‫وم��راح��ل ع��دي��دة‪ ,‬ون�ح��ن بدأنا‬ ‫خ� �ط ��و ًة خ� �ط ��وة وض �م �م �ن��ا كل‬ ‫األط � � ��راف ب��ش��رط أن يحقق‬ ‫هذا احلوار املصلحة اجلماعية‬ ‫واإلرادة الوطنية فحينها يصبح‬ ‫احل � ��وار إي �ج��اب �ي �اً واس �ت �ش��اري �اً‬ ‫وتناصحياً وليس حواراً إقصائياً‬ ‫وتهميشياً‪ ,‬يخدم طرفاً واح��داً‬ ‫ف �ق��ط‪ ،‬وه ��و ال���ذي ميتلك ق��وة‬

‫السالح مثلما هو موجود حالياً من قِ بل املؤمتر الوطني ومليشيات فجر‬ ‫ليبيا وغيرهم من اجلماعات األخرى مثل تيار االسالم السياسي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬لنترك احل��وار جانبا‪ ،‬ونسأل بصراحة ‪ ..‬هل‬ ‫حان الوقت لكي يصدر مجلس النواب ق��رار ًا أو قانون‬ ‫العفو العام ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬أنا نصحت بذلك ألن جتربة العفو العام ليست مقتصرة‬ ‫على التجربة الليبية فقط‪ ,‬فلو شاهدنا التجارب السابقة التي م ّر‬ ‫بها العالم بداية من جنوب افريقيا لوجدنا ماذا سيحقق قرار العفو‬ ‫العام في ليبيا؟ وفي تصوري العفو العام مثل قانون العزل السياسي‬ ‫عندما مت إلغاؤه أش��رك ق��درات وخبرات في العمل النوعي سواء‬ ‫أكان سياسياً أو اجتماعياً أو وظيفياً‪ ,‬واعتقد أن قرار العفو سيزيد‬ ‫املؤسسة العسكرية قوة نوعية وعددية باعتبار أن هناك من ُحسب‬ ‫على اجليش السابق او الكتائب العسكرية وأنه اشترك في عمليات‬ ‫ضد املدنيني كما يدعي البعض‪ ,‬باإلضافة لفتح فرصة للكثيرين قد‬ ‫يكون لفقت لهم تهم باطلة وكيدية الستبعادهم من املشهد‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ك����ان مجلس‬ ‫ال��ن��واب شجاعا ف��ي ق��راره‬ ‫بتجميد ال��ع��م��ل بقانون‬ ‫ال���ع���زل ال���س���ي���اس���ي‪ ،‬لكن‬ ‫ب��امل��ق��اب��ل ل����م ي��ظ��ه��ر أي‬ ‫استثمار سياسي حقيقي‬ ‫لذلك القرار؟‬ ‫ال��ع��ث��ام��ن��ة‪ :‬ه ��ذا ال� �ق ��رار هو‬ ‫ال �غ��اء ق��ان��ون ال �ع��زل السياسي‬ ‫وليس جتميده فهناك فرق في‬ ‫املسميات كما أن هناك استثماراً‬ ‫لهذا القرار ورمبا يكون منظوراً‬ ‫للبعض أو ال فهذه قضية أخرى‬ ‫وأن��ا كباحث أك��ادمي��ي أرى بأن‬ ‫اشياء كثيرة حتققت بإلغاء قانون‬ ‫العزل السياسي وخير دليل بأنه‬ ‫اآلن يعمل ملشاركة اجلميع في‬ ‫ليبيا التي هي للجميع ولن تكون‬ ‫إال كذلك‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م���ا األس���ب���اب‬ ‫التي حتول حتى اآلن دون‬ ‫إجن���از م��ش��روع املصاحلة‬ ‫الوطنية؟‬

‫لعبة خلط األوراق من تدبير خارجي ‪..‬‬ ‫واجلماعات اإلرهابية تغ ّير منهجيتها وسلوكها‬ ‫بأوامر من بعض الدول‬ ‫احلوار يصبح إيجابي ًا عندما يحقق املصلحة‬ ‫اجلماعية ويع ّبر عن اإلرادة الوطنية‬

‫الفارون من السجون محل استثمار للجماعات‬ ‫اإلرهابية ‪ ..‬ونظرية اجلزاء والدفع املادي تلعب‬ ‫دور ًا عند البعض‬


‫العثامنة‪ :‬أوالً الصراعات األثنية ليست بالسهلة واجلروح عميقة‬ ‫باإلضافة للغة االنتقام التي قامت بها بعض املناطق ال تغتفر بهذه‬ ‫السهولة‪ ,‬وعليه تبدأ مجموعة محاوالت من اج��ل االص�لاح ذات‬ ‫البني‪ ,‬اما ان نرتضي جميعنا بالعدالة التصاحلية أو نرتضي العدالة‬ ‫القضائية‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬بدأت تتصاعد في ليبيا اآلن لعبة خلط األوراق‬ ‫‪ ..‬وأكبر مثال ماتقوم به فجر ليبيا التي حتاول إظهار‬ ‫نفسها على أنها تنظيم معتدل‪ ،‬يحارب اإلرهاب ‪ ..‬من‬ ‫املستفيد من هذه اللعبة ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬الش��ك ب��أن املدبر الرئيسي خارجي س��واء ك��ان على‬ ‫املستوى اإلقليمي ف��ي بعض ال ��دول العربية مثل قطر أو على‬ ‫مستوى ال��دول األجنبية األخ��رى مثل تركيا وال��والي��ات املتحدة‬ ‫األمريكية وهم يعرفون كيف يدبرون لهذه اجلماعات‪ ,‬وهم يتلقون‬ ‫األوام��ر لتغيير منهجيتهم وسلوكهم وان يقدموا أنفسهم وكأنهم‬ ‫ه��م م��ن يقف ض��د اإلره ��اب والتطرف ب��دالً م��ن أن يكونوا أهل‬ ‫اإلره���اب‪ ,‬ولكن رغ��م اختالف‬ ‫األدوار واألشكال ال ت��زال هذه‬ ‫اجلماعات متارس نفس الدور‬ ‫وت�ع�م��ل ض��د االرادة الوطنية‬ ‫وامل��ؤس�س��ة الشرعية واجليش‬ ‫ال�ل�ي�ب��ي وض ��د أم ��ن واس �ت �ق��رار‬ ‫ال ��دول ��ة‪ ,‬ف �ه��م ي�س�ت�ه��دف��ون كل‬ ‫ضباط اجليش واألم��ن ورجال‬ ‫األعمال والسياسة واإلعالميني‬ ‫ولهم مشروع على أسلمة الدولة‬ ‫بطريقة ما أو أخونتها‪.‬‬ ‫امل����س����ت����ق����ل‪ :‬مب���ع���ن���ى أن‬ ‫اإلخ������وان ه���م م���ن أف��س��د‬ ‫احلياة السياسية في ليبيا‬ ‫‪ ..‬وه���م م��ن ي��ق��ف��ون وراء‬ ‫تنامي ظاهرة اإلرهاب ؟‬ ‫ال��ع��ث��ام��ن��ة‪ :‬ع �ل��ى األق� ��ل هم‬ ‫ال� �ط ��رف األب� � ��رز ف ��ي العملية‬ ‫ال�س�ي��اس�ي��ة ف��ي ليبيا وخ��اص � ًة‬ ‫اس �ت �ح��واذه��م ع �ل��ى ال� � ��وزارات‬ ‫ال�س�ي��ادي��ة ف��ي ال��دول��ة‪ ,‬أم��ا من‬ ‫يقف وراء تنامي اإلره ��اب هم‬ ‫أط � ��راف ع��دي��دة ول �ك��ن ه�ن��اك‬

‫مجموعة كبيرة جاءت باملجاملة او مبا يسمى املغرر بهم عندما وجدوا‬ ‫اجلماعات احلاضنة واملنظمة وأصبحوا يستقطبون الشباب الذين ال‬ ‫ميلكون املال الكافي للعيش بالشكل الذي يريدونه‪ ,‬باإلضافة هناك‬ ‫عدد كبير جداً من املجرمني الفارين من السجون وعددهم ‪ 16‬الف‬ ‫سجني تقريباً وهم أيضاً محل استثمار لهذه اجلماعات‪ ,‬وأصبحت‬ ‫نظرية اجلزاء والدفع املادي تلعب دوراً كبيراً عند البعض‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬كباحث استراتيجي ال يبني رؤيته على املتغير‬ ‫السياسي الظرفي ‪ ..‬م��ا ال��ذي حتتاجه ليبيا حتى‬ ‫تخرج من هذا النفق ؟‬ ‫العثامنة‪ :‬ليبيا حتتاج من املجتمع الدولي أو بعض الدول الغربية‬ ‫املتدخلة في ش��ؤون الغير أن ترفع يدها عن ليبيا‪ ,‬فمث ً‬ ‫ال ما هو‬ ‫الداعي واملطلب للسيدة ديبورا ان جندها مطلة برأسها ثالثاً في‬ ‫حوار جنيف واملغرب وليبيا ومالطا وغيرها من األماكن التي يكون‬ ‫ال سافراً وسخيفاً‬ ‫فيها احلوار بني ليبي وليبي؟ وهذا يعتبر تدخ ً‬ ‫ج��داً‪ ,‬واعتقد بأن املكون االجتماعي والقبلي في ليبيا هو احلل‬ ‫وي�ك��ون ف��ي ال��داخ��ل ول�ي��س في‬ ‫اخل�� � ��ارج‪ ,‬وإذا ك ��ان ��ت ه �ن��اك‬ ‫ضرورة إليجاد إطار في احلوار‬ ‫ف�لاب��د أن ي �ك��ون ه ��ذا االط ��ار‬ ‫عربي وهو جامعة الدول العربية‬ ‫ال�ب�ي�ئ��ة األك �ث��ر ف�ه�م�اً وت�لائ�م�اً‬ ‫م��ع احل��ال��ة الليبية‪ ,‬ام��ا الغرب‬ ‫ف��ال�ص��ورة وازدواج� �ي ��ة املعايير‬ ‫اصبحت واض �ح��ة ويصرحون‬ ‫وي��ت��ح��ف��ظ��ون م� �ت ��ي ي� �ش ��اؤون‬ ‫وبالتالي ال خير في جنواهم ولن‬ ‫جند املطمئن من الغرب‪.‬‬ ‫ك �م��ا ات��وق��ع ب ��أن ال �ب��رمل��ان ب��دأ‬ ‫يعمل بعقلية جيدة اآلن وعزز‬ ‫خطواته الشعبية وهو في ٍ‬ ‫حتد‬ ‫خطير وأم��ام محك في الفترة‬ ‫الزمنية املتبقية وماذا يستطيع‬ ‫أن يصدر من ق��رارات وقوانني‬ ‫من شأنها أن تعزز التناغم مع‬ ‫الشارع الليبي وفي نفس الوقت‬ ‫التوافق مع كل القوى الوطنية‬ ‫وإي�ج��اد حكومة ك�ف��اءات تخدم‬ ‫وتبني ليبيا‪.‬‬

‫نصحت مجلس النواب بإصدار قانون العفو العام ولو‬ ‫صدر سيزيد املؤسسة العسكرية قوة نوعية وعددية‬ ‫في مشروع املصاحلة الوطنية إما أن نرتضي‬ ‫بالعدالة التصاحلية أو العدالة القضائية‬

‫اعتبر تواجد ديبورا في حوار جنيف واملغرب‬ ‫تدخال سافر ًا وسخيف ًا جدا‬

‫اجلامعة العربية هي األكثر فهم ًا للحالة الليبية ‪..‬‬ ‫والغرب ال خير في جنواهم‬


‫‪22‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫قبل أن أنسى‬

‫موتى عقد البيع !!‬

‫بقلم‪ :‬الصديق بودوارة‬ ‫الزمان ‪ :‬ده ُر محنة ٍ وأيام اضطراب ‪.‬‬ ‫املكان ‪ :‬الكوفة ‪ ،‬وأمير املؤمنني «علي ابن ابي طالب» يص ّرف‬ ‫أمور أيامه ويجلس بني الناس ‪.‬‬ ‫احلدث ‪ :‬عابر كما مير السحاب ‪ ،‬لكن املعنى غائ ٌر كما يفعل حد‬ ‫سكني بيد موتور حاقد ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫هذا هو ملخص احلكاية ‪ ،‬وهامشها الضئيل ‪ ،‬لكن املنت يتحسس‬ ‫رقابنا اآلن ‪ ،‬ويجعلنا منعن في استطالع السحاب العابر ‪ ،‬حتى ال‬ ‫يستبد برقابنا حد السكني ‪.‬‬ ‫إن رج ً‬ ‫ال من أهل الكوفة يشتري داراً من أحد مواطنيها ‪ ،‬ويذهب‬ ‫االثنان إلى « علي بن أبي طالب « أمير املؤمنني ‪ ،‬ليكتبا بينهما‬ ‫عقد البيع ‪ ،‬ففي ذل��ك الزمن لم يكن يكفيك أن تصبح أميراً‬ ‫للمؤمنني حتى تتحكم بكل شيء ‪ ،‬بل كان عليك أن تصبح « محرر‬ ‫عقود « أيضاً ‪.‬‬ ‫يدخل االثنان على «أمير املؤمنني» فيكتب بينهما العقد‪ ،‬لكنه‬ ‫ٍ‬ ‫بصيغة تختلف ‪ ،‬إنه يوجه لنا نحن اخلطاب‪،‬‬ ‫يختار أن يكون العقد‬ ‫نحن الذين نعيش اآلن على بعد ألف سنة من تلك احلادثة ‪ ،‬نقرأ‬ ‫صيغة العقد القدمي ‪ ،‬ثم ننهمر في احليرة واخلوف معاً ‪ ،‬احليرة‬ ‫من الذي يحدث ‪ ،‬واخلوف من ما قد تأتي به احلوادث ‪ ،‬فما بالنا‬ ‫نرجتف هلعاً وال بيع وال شراء ‪ ،‬وملاذا تخيفنا صيغة عقد كتبه‬ ‫«محرر عقود» مات منذ ألف سنة من اآلن ؟‬ ‫أحياناً نحتاج للقراءة كي نكتب كل شيء ‪ ،‬فلنقرأ معاً ما ُكتب منذ‬ ‫ألف سنة أو يزيد ‪.‬‬ ‫إن «أمير املؤمنني» يكتب النص اآلتي في عقد البيع ‪:‬‬ ‫ميت م��ن ميت‪ ،‬داراً ف��ي بلد املذنبني وسكة‬ ‫«ه��ذا م��ا اش�ت��رى‬ ‫ٌ‬ ‫الغافلني‪ ،‬احلد األول ينتهي إلى املوت ‪ ،‬والثاني إلى القبر‪ ،‬والثالث‬ ‫إلى احلساب ‪ ،‬والرابع ‪ ،‬أما إلى اجلنة وأما إلى النار»‪.‬‬ ‫هذه هي صيغة العقد الذي شبع موتاً منذ ألف ٍ‬ ‫سنة أو يزيد‪ ،‬فما‬ ‫هي عالقة عقد بيع بني مواطنني في الكوفة‪ ،‬بالنظام السابق‬ ‫وباملجلس االنتقالي وباملؤمتر الوطني وبهيئة صياغة الدستور‬ ‫ومبجلس النواب وباحلكومة املؤقتة في ليبيا؟‬ ‫ٍ‬ ‫سحابة عابرة‬ ‫إن التاريخ ال يعرف حدوداً للمعرفة ‪ ،‬وال يفرق بني‬ ‫وال عني ماء مقيمة ‪ ،‬مادام االثنان يتبرعان بقطرة املاء ملن يشعر‬

‫بالعطش ‪ ،‬فلنقرأ العقد بعيداً عن تصنع الكهنة وجتهم العمائم ‪،‬‬ ‫لنمعن أكثر في االستزادة من املعرفة ‪ ،‬ولنتوجه بالشكر إلى محرر‬ ‫العقود الذي أخبرنا الكثير عن ليبيا ‪ ،‬رغم أنه لم يزرها في حياته‪،‬‬ ‫ورمبا لم يسمع بها أيضاً‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت» ‪ ،‬شدتني ه��ذه العبارة حتى حتسست‬ ‫ٌ‬ ‫معالم املشهد الليبي املرتسم أخباراً عاجلة وابتسامات مذيعات‬ ‫فاتنات‪ ،‬وفواصل إعالنية عابرة‪ ،‬وبث مباشر ‪ ,‬وصيحات مقاتلني‪،‬‬ ‫وتصريحات ساسة متناقضني‪ ،‬ولغة خطاب حادةٍ كشفرة حالقة‪،‬‬ ‫وص��ور وج��وه غي ّبها ال��رص��اص أو االق �ص��اء أو التجني‪ ،‬وسير‬ ‫ٍ‬ ‫حكومات ُشكلت على عجل وفشلت على أقل من مهلها‪ ،‬وصندوق‬ ‫اقتراع لم ينتج سوى الفشلة بامتياز‪ ،‬وهياكل حكومية آيلة للسقوط‬ ‫قبل أن يكتمل البناء‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت» ‪ ،‬هل كان «علي بن أبي طالب» يقصدنا‬ ‫وهو يكتب عقد البيع ذاك ؟ ال أحد يدري‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت» ‪ ،‬كثر املوتى يا أمير املؤمنني‪ ،‬فهل تسمح‬ ‫ٌ‬ ‫لنا اآلن باملزيد من الشكوى ؟ لعل سحابك العابر يسقينا ببعض‬ ‫اليقني ولو بعد ألف ٍ‬ ‫سنة من انتقالك إلى رحمة الله‪.‬‬ ‫ميت يشتري من ميت»‪..‬‬ ‫« ٌ‬ ‫كان ميتنا األول هو نظام سابق ‪ ،‬قتلناه نحن أم قتل نفسه ؟ ال‬ ‫أحد يدري‪ ،‬قتلته ثورة شعب أم ربيع مستورد أم مؤامرة عاملية؟‬ ‫تعددت االحتماالت وكثر احملللون والناشطون والباحثون‪ ،‬وتناسلت‬ ‫عالمات االستفهام حتى امتألت بها الصدور‪ ،‬وتضاربت وجهات‬ ‫النظر باحلجة وال �س�لاح م�ع�اً ‪ ،‬لكن اجل ��واب ل��م يستيقظ في‬ ‫صدورنا بعد‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت»‪..‬‬ ‫وكان ميتنا الثاني هو مجلس انتقالي جاءت به الضرورة ‪ ،‬ونفخت‬ ‫فيه ثقة الناس روحاً كانت تتجدد كل مطلع شمس‪ ،‬لكننا اكتشفنا‬ ‫مع األيام أنه عابر كالسحاب البعيد ‪ ،‬غير أن السحاب قد يتكرم‬ ‫أحياناً باملطر‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت» ‪..‬‬ ‫وكان ميتنا الثالث هو «املؤمتر الوطني العام» الذي اشترى املنزل‬ ‫من سابقه ‪ ،‬ومع الوقت رأينا كم هو جثة هامدة هذا املؤمتر ‪ ،‬غير‬


‫أن اجلثث ال تُدفع باملقبرة إلى هاوية االفالس ‪ ،‬وغير أن اجلثث‬ ‫ال تنتج احلكومات الفاشلة ‪ ،‬وغير أن اجلثث ال تستدعي املصائب‬ ‫إلى أبواب القبور ‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت»‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫وكان ميتنا الرابع هو هيئة صياغة الدستور‪ ،‬وهو امليت األكثر‬ ‫ب�لاد ًة بني املوتى ‪ ،‬واألكثر صمتاً ‪ ،‬واألكثر غموضاً ‪ ،‬لكنه ليس‬ ‫األقل موتاً بطبيعة احلال ‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت»‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫وكان ميتنا اخلامس هو «مجلس النواب» ‪ ،‬ولالنصاف فقد ولد‬ ‫عامراً باحلياة ‪ ،‬وولد شاباً يضج باحلركة‪ ،‬لكن الواقع فاجأنا بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬فهل تعرفون كيف فاجأنا واقع مجلس النواب أيها السادة ؟‬ ‫السياسة كبيرة‪ ،‬لكن الساسة صغار‪ ،‬واللعبة شاسعة‪ ،‬لكن ذهن‬ ‫الالعبني ضيق‪ ،‬واللغة غنية‪ ،‬لكن األلسن كانت خالي ًة من احلروف‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت»‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫وكان ميتنا السادس هو «احلكومة املؤقتة» ‪ ،‬فهل سمعت يوماً يا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شخصية وضعف أداء‬ ‫بحكومة تعاني من انفصام‬ ‫«أمير املؤمنني»‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عظمة في نفس الوقت ؟‬ ‫اضطهاد وجنون‬ ‫وعقدة‬ ‫«ميت يشتري من ميت»‪..‬‬ ‫هذا هو لسان حالنا اآلن ‪ ،‬وكأن ليبيا أصبحت بنداً في ٍ‬ ‫عقد كتبه‬ ‫عقود بدرجة «أمير مؤمنني» منذ ألف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سنة أو يزيد ‪ ،‬فهل‬ ‫محرر‬ ‫سمع «علي أبن أبي طالب» شيئاً عن ليبيا قبل أن يكتب العقد؟‬ ‫«ميت يشتري من ميت»‪..‬‬ ‫املصيبة هي أننا الزلنا منكن املوتى من شراء البيوت ‪ ،‬وال زلنا‬ ‫نذعن للفاشلني كي يتربعوا على مراكز ال�ق��رار‪ ،‬وال زلنا نبعث‬ ‫بالوفود اخلطأ إلى املكان اخلطأ ‪ ،‬ثم جنلس بعد ذلك في انتظار‬ ‫الصواب‪.‬‬ ‫لكن الصواب لن يطرق بابنا أيها السادة ‪ ،‬إن احلل ال يطرق بابك‪،‬‬ ‫ألن املنطق يقتضي أن تطرق أنت باب احلل‪ ،‬وإذا فعلها احلل ذات‬ ‫مر ًة وطرق بابك املوصد ‪ ،‬فكن على ثقة بأنه لم يفعل ذلك لسواد‬ ‫عينيك ‪ ،‬بل ألن القدر بجاللة قدره طلب منه ذلك ‪ ،‬والقدر عادة‬ ‫ال يكرر طلبه هذا مرتني‪.‬‬ ‫لكن الليبي بطبيعته مواطن متطلب‪ ،‬وهو مواطن كسول أيضاً‪،‬‬

‫وهو ايضاً مواطن حالم‪ ،‬ال يكف عن تخيل احلوريات الفاتنات‬ ‫وهو يطرقن بابه في الليل‪ ،‬بعد أن تنام زوجته‪ ،‬ليقدمن له احلل‬ ‫طبق من ٍ‬ ‫متعة خالصة‪ ،‬مع كوب من خمر اجلنة‪ ،‬وملعقة من‬ ‫على ٍ‬ ‫نهر العسل املجاور لقصره هناك ‪.‬‬ ‫إن الليبي ال يريد أن يف ّرط في شيء يا «أمير املؤمنني»‪ ،‬إنه يريد‬ ‫وطناً غنياً‬ ‫ٍ‬ ‫بساسة فقراء‪ ،‬ويريد خزين ًة عامر ًة بانفاق خرافي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وي��ري��د روات ��ب مجزية بوظائف وهمية‪ ،‬وي��ري��د اخ�ت�لاس�ا نافذ‬ ‫البصيرة بقانون يعاني من ضعف البصر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫استعداد‬ ‫هذا هو «عقد بيع» الليبي يا «أمير املؤمنني» فهل أنت على‬ ‫لكتابته اآلن ؟ فإذا أعلنت موافقتك على فضائيات هذا العصر‪،‬‬ ‫فإن ستة ماليني ليبي على استعداد للحضور إلى مجلسك من يوم‬ ‫الغد ليوقعوا على كافة البنود‪ ،‬غير عابئني باحلدود املذكورة في‬ ‫عقدك القدمي‪.‬‬ ‫هذا هو «عقد بيع» الليبي يا «أمير املؤمنني»‪ ،‬ميت يشتري من‬ ‫ميت ‪ ،‬كثر علينا املوتى ‪ ،‬وتشابه املوتى علينا كما تشابه البقر‬ ‫على قوم موسى ذات يوم‪.‬‬ ‫«ميت يشتري من ميت»‪ ،‬هل كنت تقصدنا يا «أمير املؤمنني» وأنت‬ ‫تكتب عقد البيع ذاك؟ وهل سمعت شيئاً عن ليبيا قبل أن تكتب‬ ‫العقد ؟!! ال أحد يدري‪.‬‬


‫‪24‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫داعشلوجيا‬

‫«داعشلوجيــــ‬


‫األحبار اجلدد امتداد إليدلوجية العداء لآلخر‬

‫نسف حقائق التقادم ‪ ,‬وإع��ادة‬ ‫هندسة التاريخ من وجهة نظر‬ ‫املهزوم ‪ ,‬أو جتريد املنتصر من‬ ‫ً‬ ‫عمال‬ ‫ه��االت��ه غير امل��ؤك��دة يعد‬ ‫ج��ن��ون��ي� ًا ون��زق � ًا غ��ي��ر م��ح��م��ود ‪,‬‬ ‫ولكنه مطلب ض���روري وه��دف‬ ‫خفي لكل تغيير حدث مذ كانت‬ ‫اخلليقة إلي يوم البعث ‪!!..‬‬ ‫كل الثورات « احملمودة واملذمومة‬ ‫« مت��ث��ل ح����االت ق��ل��ب ل��ط��اول��ة‬ ‫الواقع بشكل مميز ‪!..‬‬ ‫كانت األجيال الوارثة لشريعة‬ ‫«موسى ‪ -‬عليه ال��س�لام» حتكم‬ ‫قبضتها ع��ل��ى ال���رق���اب بعدما‬ ‫خ����اض����ت ح��������روب ال���ت���أس���ي���س‬ ‫وصاغت هويتها على مدى قرون‬ ‫طويلة ‪ ,‬وعاشت فترات متناوبة‬ ‫بني الرخاء والعسر ‪ ,‬وبني القوة‬ ‫والضعف ‪ ,‬وبني صعود وهبوط‬ ‫كعادة الدول ‪ ..‬وقد ساهم الزمن‬ ‫واالن����غ��ل�اق ال��ث��ق��اف��ي ل��ق��دم��اء‬ ‫اليهود في ترسيخ أيدلوجيات‬ ‫العداء لآلخر والعنف كوسيلة‬ ‫للبقاء والتعبير عن الوجود ‪!..‬‬

‫عبدالواحد حركات‬

‫ـــــــو اليهود»‬


‫‪26‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫داعشلوجيا‬

‫كل الثورات «احملمودة واملذمومة» متثل حاالت‬ ‫قلب لطاولة الواقع‬ ‫ٍ‬

‫االنغالق الثقافي لقدماء اليهود ساهم في ترسيخ‬ ‫أيدلوجيات العداء لآلخر‬ ‫املسيح أوقع هزائم عقائدية كبيرة بأحبار وكهان‬ ‫معبد اليهود‬ ‫ومعدة‬ ‫الداعشلوجيا املفترسة كانت متوثبة ّ‬ ‫لإليقاع باملسيح ومحاصرته‬ ‫اإلدانة للجميع تنبع من رؤى وقناعات‬ ‫الداعشلوجيني وال حتتاج إلى منطق‬

‫بعد زمن ‪ ..‬وبعدما أصبحت اليهودية هوية والعنف والعداء منهج‪ ,‬جاءت‬ ‫« مرمي بنت عمران « عالمة فارقة في زمن ومكان مثخم باملرارات‬ ‫والعقد والهوس ‪ ,‬ومسكون باضطرابات ورفض معلن للنبي «زكريا‬ ‫ عليه السالم» ‪ ,‬وجهابذة نفاق مدثرين بشريعة وت��وراة « موسى »‬‫التي حرفوها ‪ ,‬وأخرجوها بعد سني تيههم بصيغة مطابقة لهواجسهم‬ ‫ورؤاهم وعقدهم ‪!..‬‬ ‫جاءت « مرمي « وكفلها « زكريا » وأحاط بهما العداء واألعداء من بني‬ ‫اسرائيل ‪ ..‬وظلت سنوات طويلة عاكفة على محبة ربها وعبادته ‪ ,‬فلما‬ ‫جاءتها البشارة وحبلت ازداد عداء اليهود لها واتهموها بالبغي ‪ ,‬ولكنها‬ ‫ظلت صابرة حتى امتت حملها ووضعت « املسيح ‪/‬عليه السالم « وسط‬ ‫غضب واحتقان اليهود وحنقهم‪!..‬‬ ‫يعلم اليهود جيداً حقيقة « املسيح « وقدومه ‪ ,‬ولكنهم بعدما مات عنهم‬ ‫« موسى « بالتيه ‪ ,‬وقادهم « يوشع « إلي بيت املقدس واسسوا دولتهم ‪,‬‬ ‫وصارت للكهان واالحبار واملعبد سلطة موازية ومشاركة لسلطة قيصر‬ ‫روما ‪ ,‬لم يشاؤوا أو يرغبوا بقدوم نبي جديد مصحح لشريعة « موسى‬ ‫« ‪ ,‬وبعدما أحاطوا حياتهم بالطقوس والتابوهات وانغمسوا في الرذيلة‬ ‫والفساد بات وجودهم وهويتهم كأمة مصاغة وفق التعاليم احملرفة ال‬ ‫يحتمل أي تغيير أو تصويب ‪!.‬‬ ‫مجتمع اليهود الذي استقبل « املسيح « موسوماً بثقافات العنف والعداء‬ ‫‪ ,‬ومسلحاً باخلرافات املقدسة التي ترسبت خالل عقود وسنوات‬ ‫امتدت من زمن « موسى « وسني التيه حتى مولد املسيح « ‪1220-‬‬ ‫‪ 1400‬سنة « ‪ ..‬ولقد كانت والزال��ت تلك الطقوس وامل�ع��ارف التي‬ ‫تأسست على التوراة بعد حتريفها وانبتقت منها‪ ,‬املنبع االساسي لكل‬ ‫املقدسات واملرجع األول للتاريخ ‪ ,‬ولعل التوراة التي سكب بها يهود جيل‬ ‫التيه وما بعد التيه بعض أمانيهم ورؤاهم وعقدهم حددت توجه الفكر‬ ‫‪ ,‬وشكلت أهم أنوية األيدلوجيات اإلنسانية وأسست قواعد الالهوت‬ ‫وحكمت منط وتصور عالقة اإلنسان « املخلوق « بربه « اخلالق « ‪!!...‬‬ ‫بال ريب ‪ ..‬التوراة متثل الدستور العقائدي االول جلميع الديانات‬ ‫االبراهيمية « السماوية « ‪ ..‬ولكن ‪!...‬‬ ‫ظهور « املسيح « شكل صدمة الحبار اليهود ’ ودليل إلهي على اقترافهم‬ ‫للرذيلة وتشويههم لشريعة « موسى « ‪ ,‬وابتعادهم عن الله الذي أحسن‬ ‫إليهم وأعزهم ‪ ,‬واخرجهم من التيه ‪ ,‬ومكن لهم في االرض ‪ ,‬واحتجاج «‬ ‫املسيح « على افعالهم ومواجهته لهم مت بأمر الله وتأييده ‪ ,‬وكانت حجج‬ ‫املسيح وأفعاله وما جاء به مخيبة لليهود وطاعنة في افتراءاتهم على‬ ‫الله وعلى عباده من عامة الشعب اليهودي ومن األمم األخرى ‪ ..‬فقد‬ ‫أوقع املسيح هزائم عقائدية كبيرة باحبار وكهان معبد اليهود ‪ ,‬وسلبـهم‬ ‫قداستهم الزائفة وأحدث تغييراً كبيراً في مجتمعهم وسحب من حتت‬ ‫أرجلهم بساط السلطة ‪!!...‬‬ ‫كان « املسيح « عطوفاً محباً للخلق منتمياً إلي البسطاء واملطحونني‬ ‫داخ��ل مجتمع اليهود ‪ ,‬وكانت عالنيته وص��دق قوله وبيان حججه‬ ‫ومعجزاته قاهرة ملكائد اأاحبار ومفحمة لهم ‪ ,‬وكانت منقذة للبسطاء‬ ‫من سياط الكهنة ومحاكمهم بشكل جمع على « املسيح « العديد من‬ ‫املريدين واألحباء ‪ ,‬وحشد له األع��داء واملعارضني من أحبار معبد‬ ‫اليهود وخدامهم ‪ ,‬وباتت معركة السلطة محتمة على ساحة املعتقد‬ ‫والشريعة ب��دواف��ع ومحركات وج��ودي��ة للطرفني ‪ ,‬فانتصر املسيح‬ ‫بالسالم في مواقف ومواقع كثيرة ‪ ,‬ودخل معبد اليهود يقود اجلموع‬ ‫الهاتفة بسلطانه ‪ ,‬فطرد الذين يبيعون ويشترون داخل املعبد وقلب‬ ‫مناضد صيارفة النقود وهز مجتمع اليهود بهذا االنتصار الكبير ‪!..‬‬ ‫الداعشلوجيا املفترسة بكامل عتادها كانت متوثبة ومعدة لاليقاع‬ ‫باملسيح ومحاصرته وادانته‪ ’،‬والداعشلوجيون من أحبار وكهان معبد‬


‫اليهود يتقنون صناعة الوهم وتزييف احلقائق ومدربون على التحالف‬ ‫مع أي شيطان يضمن لهم حتقيق أهدافهم وميدهم مبا يقهر عدوهم‬ ‫‪ ..‬وكانت حقيقة الداعشلوجيا تتجلى كسموم ومضادات قاتلة للحقيقة‬ ‫ومناصرة للظالم ومعول هدم منهجها العنف واإلقصاء ‪!...‬‬ ‫احتشد أعداء املسيح الداعشلوجيون وصادقتهم وحالفتهم اخليانة‬ ‫وانضم لهم الغاسقون ‪ ..‬وأعد كل شيئ للقضاء على املسيح وطمس‬ ‫النور ومكافحة احلقيقة واالنتصار للخداع ‪ ,‬وحتتم على الطرفني «‬ ‫املسيح والداعشلوجيون « خوض معركة اخيرة ‪ ,‬ك ً‬ ‫ال وفق قناعاته‬ ‫ومعتقداته ويقينه ‪!..‬‬ ‫افتتحت خيانة « يهوذا االسخريوطي « املعركة فوشى باملسيح مقابل‬ ‫ثالثني قطعة فضية ‪ ,‬ودلهم عليه واخذ احبار اليهود وخدامهم وجند‬ ‫الرومان إلى البستان وبقبلة سلمه لهم ‪ ,‬وكان كل شيئ معد إلدانة‬ ‫املسيح من قبل الداعشلوجيني في محكمة صورية رخيصة غير‬ ‫نزيهة محشوة بكل بُـنى ومفردات الداعشلوجيا امللوثة ‪ ,‬وبعد ضرب‬ ‫املسيح في البستان من قبل متعصب متشيطن أخ��ذوه مقيداً إلي‬ ‫كهنتهم « حنانيا وقيافا « فحكموا عليه باملوت كعادة الداعشلوجيني‬ ‫‪ ,‬وألنه األخر واملعارض واملختلف ملبادئهم ورؤاهم كانوا مجتهدين في‬ ‫إقصائه والقضاء عليه ’ فحاكموه بعد منتصف الليل رغم مخالفة ذلك‬ ‫لعقائدهم وطقوسهم ‪ ,‬وأقروا بتجديفه على الله ‪ ,‬وكان وفق شريعتهم‬ ‫احملرفة كذلك ‪ ,‬ألنهم لم يصدقوا نبوته ولم يؤمنوا برسالته ولم يقتنعوا‬ ‫مبعجزاته ‪ ,‬كانوا صماً ال يبصرون مسلحني بالظالم في وجه النور‬ ‫وبالعنف في وجه السالم وبالضالل والزيف ضد احلق واحلقيقة ‪!..‬‬ ‫إسقاط موقف كهان اليهود وأحبار « السنهدرين‪ /‬مجمع أحبار اليهود‬ ‫« على واقع اليوم ‪ ,‬وتفحص تفاصيل مكائدهم ومواقفهم يوضح جلوء‬ ‫أصحاب عقيدة العنف ومنهج اإلقصاء األعمى على التجاهل الكامل‬ ‫ملبادئ شرائع الله ‪ ,‬وتغافلهم عن أي حق أو حقيقة ال تطابق أهواءهم‬ ‫وال تنبثق من معتقداتهم أو تالئم تفاسيرهم ‪ ,‬فاإلدانة للجميع تنبع‬ ‫من رؤى وقناعات الداعشلوجيني وال حتتاج الي منطق ‪ ,‬ومحاكماتهم‬ ‫واداناتهم تنطلق وتعمل وجتري وتتم في الظالم املادي واملعنوي ‪ ,‬فوراثة‬ ‫الظالم مسألة وجودية للداعشلوجيني عبر الزمن واحلضارات ‪!!..‬‬ ‫يجب أن نركن حلقائق أساسية ومطلقة ‪ ..‬وكما أن سراج النور ومنبع‬ ‫الديانات واحد فإن ما يحدث من تشويه للمعتقدات وما يطرأ على‬ ‫مناهجها متناقل ومتوارث ال ميكن جتاهل ارتباطه واستمراره في‬ ‫االمم ‪ ..‬ولعل الداعشلوجيا « بجميع تفاصيلها « تعد مرحلة عمرية‬ ‫أو حضارية للعقائد متر بها االمم في فصل أو موسم فكري وجودي‬ ‫محدد ‪!!! ..‬‬ ‫أراد داعشلوجيو اليهود جترمي املسيح أمام سلطات الرومان فاتهموه‬ ‫مبنع إعطاء اجلزية لقيصر روما ‪ ,‬وأنه يعتقد أنه ملك اليهود ويشكل‬ ‫تهديداً لسلطة روما ‪ ,‬وصاحوا أمام احلاكم الروماني « بيالطس «‬ ‫مطالبني بصلبه ‪ ,‬ودفعوه إلي املوافقة وحتقيق مطلبــهم بعدما اصدر‬ ‫بحقه أحبار هم حكم املوت ‪ ,‬واتفقوا على أن هالك رجل واحد من‬ ‫الشعب أفضل من هالك األمة ‪ ..‬هذا ألنهم رأوا في وجودهم وبقاء‬ ‫سلطتهم بقاء األمة ‪!..‬‬ ‫احملاكمات الست التي متت بحق املسيح بعد الثانية صباحاً وقبل‬ ‫منتصف اليوم وإدانته ‪ ,‬هدفت ملنع نور احلقيقة من التسرب إلي‬ ‫قلوب العوام وسعت جاهدة لقتل التغيير والتصحيح واغتياله في املسيح‬ ‫‪ ,‬بعدما رصدوا له صفات االخر املناقض املخرب عدو األمة ‪ ..‬وصار‬ ‫هذا ديدن الداعشلوجيا مذ ذاك احلني ‪!..‬‬ ‫الوهم والتلوث العقائدي الذي اسس له ورسخ جيل اليهود اخلارج من‬ ‫التيه ‪ ,‬وأدجلة شعب اليهود وكل من اعتنق ديانة « موسى « عليه ‪ ,‬كان‬

‫الناصرة‪ ..‬أين ولد املسيح‬ ‫قورينا ‪ ..‬كانت حاضرة في تاريخ املسيح‬

‫متر‬ ‫الداعشلوجيا ّ‬ ‫تعد «مرحلة حضارية» للعقائد ّ‬ ‫بها األمم في موسم فكري وجودي محدد‬ ‫احملاكمات الست كان هدفها قتل التغيير‬ ‫والتصحيح‬ ‫محاكمات املسيح متثل جزء ًا أساسي ًا من‬ ‫الداعشلوجيا الغازية لألمم‬ ‫والزال يشكل محرك املعارك العقائدية واحلروب املقدسة املعلنة باسم‬ ‫الدين ‪ ..‬والزلنا حتى اليوم نشعر بظالل أحبار « السنهدرين «الذين‬ ‫حاكموا املسيح ‪ ,‬والزال لالسخريوطي ولبيالطس ورثة يفعلون فعلهم‬ ‫ويخوضون معركتهم ‪!!...‬‬ ‫أحداث محاكمة « املسيح « الدينية التي اقامها االحبار والكهان وخدامهم‬ ‫جتاوزت املكان ‪ ,‬وعبرت الزمان ‪,‬وألقت بظاللها على العالم ‪ ,‬وقد انتقل‬ ‫تأثيرها سريعاً مع احلواريني إلي أماكن كثيرة ‪ ,‬وحضور الليبيني لذاك‬ ‫احلدث الرهيب عالمة فارقة في التاريخ ‪ ,‬فوجود «مرقس وسمعان «‬ ‫أبناء قورينا ‪ ,‬ومشاركة « سمعان القوريني « في حمل صليب املسيح‬ ‫يدلل على وجود الليبيون وتالحمهم مع ذاك املجتمع الذي ظهر فيه‬ ‫املسيح ‪ ,‬وهي حقيقة وارف��ة ألقت بظاللها على أرض ليبيا ودست‬ ‫تأثيراتها في فكر املنطقة احمليطة بالقدس ‪!!...‬‬ ‫أعتقد أن محاكمات املسيح متثل جزءاً أساسياً من الداعشلوجيا الغازية‬ ‫لالمم ‪ ..‬وأن رواسبها تسربت عبر الفكر والزمن ووجدت لها ورثة مهيئني‬ ‫ومتحفزين حلمل أعبائها والقتال باسمها وحتت شعاراتها وراياتها ‪..‬‬ ‫وكان املسيحيون ورثتها الالحقني ملؤسسيها من بني اسرائيل‪!!...‬‬


‫‪28‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شنو اجلو‬

‫براء الخطيب‬

‫النبي الذي كان يعرف‬ ‫أن الطريق طويل‬ ‫إلى فلسطين‬ ‫كنت أجلس هذه املرة ‪ -‬وأنا أحمل على كاهلي خمس وستني سنة‬ ‫– أتابع على شاشة التليفزيون الفيلم الوثائقي «مروح على مصر»‬ ‫عن املصريني العاملني ب��األردن وما هي إال حلظات حتى بدأت‬ ‫أنسحب داخل كهف ذكرياتي‪ ،‬فيفتح العشق مغاليقه‪ ،‬واجتاحتني‬ ‫مالمح 'الفتى الذي كنته»‪ ،‬وكنت قد خلفت وطني – مصر ‪ -‬خلف‬ ‫ظهري‪ ،‬وحملتني السفينة إلى ميناء العقبة‪ :‬كان يومها «الفتى‬ ‫الذي كنته»‪ ،‬مجندا في اجليش وقد تخطى سنه الثانية والعشرين‬ ‫من العمر بشهرين وبعد عودة اجليش من اليمن كان في سيناء‪،‬‬ ‫وحلت النكسة‪ ،‬وانسحب مع املنسحبني يشعر بعار ال مزيد عليه‪،‬‬ ‫وانخرط في مظاهرات الطلبة الذين كانوا يتظاهرون مطالبني‬

‫مبحاكمة كبار ضباط الطيران املسؤولني عن النكسة‪ ،‬وقبض عليه‬ ‫وأودع السجن متهيدا حملاكمته محاكمة عسكرية بصفته مجندا‬ ‫متغيبا عن وحدته‪ ،‬وبعد شهرين أفرجوا عنه‪ ،‬فهرب من جيش‬ ‫مهزوم لن يحارب‪ ،‬فالحقته أجهزة األمن وسخريات أبيه الذي‬ ‫كان يعتبره فاشال في الدراسة واحلياة وأنه قد أصبح عالة عليه‬ ‫وخطرا على أخوته الثمانية اآلخرين‪ ،‬فكان البد عليه أن يرحل‪،‬‬ ‫واستطاع «الفتى الذي كنته» احلصول على «جواز سفر» مزور في‬ ‫مقابل مبلغ من املال كانت أمي قد اختصرته من مصروفات البيت‬ ‫التي كانت تطعم بها أبناءها الثمانية اآلخرين‪ ،‬كان «جواز السفر»‬ ‫املزور ال يحمل اسمي احلقيقي بل اسما اختاره لي املزور لشاب في‬


‫إربد ‪ ..‬مشهد عام‬

‫سني كان قد حصل على اإلعفاء النهائي من التجنيد‪ ،‬واستطعت‬ ‫مغادرة مصر احملروسة على ظهر عبارة بحرية إلى ميناء 'العقبة'‬ ‫باألردن‪ ،‬ووصلت إلى «العقبة» ومنها إلى «عمان» الرحيمة حيث‬ ‫دلني بعض الناس الطيبني على وسط املدينة ألجد لنفسي عمال‬ ‫أقتات منه‪ ،‬وإل��ى ج��وار ج��دار «املسجد احلسيني» تعرف على‬ ‫«كايد» بائع اجلرائد الذي أصبح فيما بعد أول صديق حقيقي‬ ‫في غربته بالرغم من أنه كان‬ ‫ي�ك�ب��ره ب�ع�ش��رة أع���وام تقريبا‪،‬‬ ‫واص �ط �ح��ب «ك ��اي ��د» األردن� ��ي‬ ‫صديقه «الفتى» امل�ص��ري إلى‬ ‫مقهى في مواجهة املكان الذي‬ ‫كان يتخذه «كايد» مركزا لبيع‬ ‫ج� ��رائ� ��ده ف ��ي ن��اص �ي��ة ش ��ارع‬ ‫اس�م��ه «ب�س�م��ان» وك ��ان املقهى‬ ‫يحمل ف��وق مدخله الفتة كتب‬ ‫عليها «مقهى اجلامعة العربية»‬ ‫ويذيع األغاني املصرية بصوت‬ ‫ع��ال للمطربني أمثال «محمد‬ ‫رشدي» و»عبد احلليم حافظ»‬ ‫و»ف��ري��د األط� ��رش» م��ن جهاز‬ ‫التسجيل‪ ،‬لكن «عم أبو محمد‬ ‫الهنداوي» املشرف على املقهى‬ ‫دائما ما يخفض ص��وت «فهد‬ ‫ب� �ل��ان» وه � ��و ي ��زع ��ق ب �ص��وت��ه‬ ‫اجلهوري مغنيا «واشرح لها» أو‬

‫«ركبنا على احلصان» أو «يا ساملة»‪ ،‬وبالذات في أوق��ات اآلذان‬ ‫الذي كان يأتي من املسجد احلسيني ‪ ،‬قضى «الفتى الذي كنته»‬ ‫أيامه يعمل في نظافة املقهى ويعاون النادل في تقدمي «األرجيلة»‬ ‫والطلبات للزبائن نظير خمسة عشر دي�ن��ارا شهريا باإلضافة‬ ‫للسماح له باملبيت مجانا في املقهى‪ ،‬حيث ك��ان ينام ف��وق كنبة‬ ‫خشبية فرشت فوقها سجادة سميكة‪ ،‬وفي النهار كان «الفتى»‬ ‫يقوم بتوصيل «املشروبات» إلى‬ ‫محالت اإلليكترونات التي تبيع‬ ‫أجهزة الراديو والكاسيت أو إلى‬ ‫مشاغل األحذية و'الكندرجية'‬ ‫م� �ث ��ل امل��ع��ل��م�ي�ن «ع� ��اش� ��وري»‬ ‫و»ب� ��وغ� ��وص» أو «احمل �م �ص��ة»‬ ‫ال�ت��ي ك��ان��ت ف��ي م��دخ��ل «طلعة‬ ‫قبرطاي» الذي يتفرع من شارع‬ ‫«بسمان» حيث كان يشتري منها‬ ‫في ليلة أجازته بخمسة قروش‬ ‫ك��ام �ل��ة ق��رط��اس��ا م ��ن ال�ب�ن��دق‬ ‫امل �ق �ش��ر أو ال �ف �س �ت��ق ق �ب��ل أن‬ ‫يدخل سينما «رغدان» القريبة‬ ‫من املقهى والتي ك��ان يفضلها‬ ‫عن سينما «بسمان» ألنها كانت‬ ‫تعرض األف�لام الهندية املليئة‬ ‫بالرقص والراقصات واألغاني‬ ‫باألحلان ذات اإليقاعات التي‬ ‫كانت ترقص احلجر ورمبا‬

‫عندما شاهدت فيلم « مروح على مصر»‬ ‫أجتاحتني مالمح «الفتى الذي كنته»‬

‫هرب من جيش مهزوم ال يحارب ‪ ..‬فالحقته‬ ‫أجهزة األمن وسخريات أبيه‬

‫ـأكتشف الفتى بعد مدة قصيرة أن وليد النمر كان‬ ‫هو القائد الفلسطيني أبو علي أياد‬


‫‪30‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شنو اجلو‬ ‫عمان في الستينات‬

‫قلعة عجلون‬

‫حركة التحرير الوطني الفلسطيني‬

‫كان «الفتى» بعد خروجه من سينما «رغدان» يدخل من باب «بار‬ ‫الكيت ك��ات» ليخطف له زجاجة بيرة ساقعة كانت تكلفه سبعة‬ ‫قروش مع طبق من الترمس قبل أن يذهب إلى النوم فوق الدكة‬ ‫اخلشبية في مقهى «جامعة الدول العربية»‪ ،‬وفي حلظة مفصلية‬ ‫في حياة «الفتى» أشبه بلحظات القدر في التراجيديات اليونانية‬ ‫طلب «عم أبو محمد هنداوي» من «الفتى» أن يحمل صينية كبيرة‬ ‫من النحاس األصفر عليها كمية كبيرة من «املنسف» بقطع اللحم‬ ‫ال�ش�ه�ي��ة وأن ي��ذه��ب ب �ه��ا إل��ى‬ ‫املطبعة املوجودة على الدرج في‬ ‫«طلعة ق�ب��رط��اي» وال�ت��ي كانت‬ ‫تطبع بعض اجل��رائ��د‪ ،‬وطلب‬ ‫«ع��م أب��و محمد» م��ن «الفتى»‬ ‫تسليم صينية املنسف لصديقه‬ ‫ضيف الشعب األردن��ي الكرمي‬ ‫القائد الفلسطيني «وليد» الذي‬ ‫حضر للمطبعة اليوم‪ ،‬وإبالغه‬ ‫ب��أن صينية املنسف ه��ذه من‬ ‫بيت احلاج «زريقات» حتية له‪،‬‬ ‫وحمل «الفتى» صينية املنسف‬ ‫وتقابل مع القائد الفلسطيني‬ ‫«ول� �ي ��د» وع� ��رف «ال��ف��ت��ى» أن‬ ‫ال��ق��ائ��د ال �ف �ل �س �ط �ي �ن��ي ي�ك�ب��ره‬ ‫بسبعة أع ��وام وأن��ه ق��د حضر‬ ‫اليوم للمطبعة لتسلم األع��داد‬ ‫ال��ت��ي مت ط�ب�ع�ه��ا م ��ن ج��ري��دة‬ ‫«ف �ت��ح» ال�ت��ي ت�ص��دره��ا «حركة‬ ‫التحرير الوطني الفلسطيني»‬ ‫وك � ��ان ص��دي �ق��ه «ك���اي���د» ب��ائ��ع‬ ‫اجل��رائ��د ه �ن��اك‪ ،‬ح�ي��ث سلمه‬ ‫القائد «وليد» مئتني نسخة من‬ ‫اجلريدة لتوزيعها وتقاضى منه‬

‫مبلغ مئة وعشرين قرشا عدا ونقدا‪ ،‬ومن هذا اليوم وبعد عدة‬ ‫لقاءات مع القائد «وليد» وحوارات مطولة وحكايات عن «فلسطني»‬ ‫و»مصر» واعتراف من «الفتى» للقائد الفلسطيني بحقيقته وجواز‬ ‫سفره املزور واسمه احلقيقي‪ ،‬من هذا اليوم لم يفارق «الفتى» األخ‬ ‫'وليد منر» الفدائي الفلسطيني الذي اكتشف «الفتى» بعد مدة‬ ‫قصيرة أنه القائد الفلسطيني «أبو علي إياد»‪ :‬لم يعد بعد ذلك إلى‬ ‫'مقهى جامعة الدول العربية' وحمل «الكالشينكوف» وسكن في‬ ‫«مخيم الوحدات» في بيت «أم‬ ‫رزق» مع مجموعة من الشباب‬ ‫في مثل سنه كان أقربهم إليه‬ ‫«أن�س��ي اليمني» ال��ذي ل��م يكن‬ ‫هذا اسمه احلقيقي فقد كان‬ ‫اسمه «عائض» لكن القائد «أبو‬ ‫على إي��اد» ه��و م��ن منحه هذا‬ ‫االس ��م‪ ،‬أخ��ذ منه األخ القائد‬ ‫«أبو علي» جواز سفره املصري‬ ‫املزور‪ -‬فاحتفظ ببطاقة الهوية‬ ‫املصرية التي كانت حتمل اسمه‬ ‫احلقيقي وكان قد حملها معه‬ ‫م��ن مصر م��ع مفاتيح بيتهم‪-‬‬ ‫وأع �ط��اه بطاقة ه��وي��ة ص��ادرة‬ ‫من «الكفاح املسلح الفلسطيني»‬ ‫عليها صورته حتمل تصريحا‬ ‫دائ� �م���ا وك� � ��ان أق� � ��وى م���ن ك��ل‬ ‫بطاقات الهوية (حتى األردنية)‬ ‫و»هشام املصري» اسما منحه‬ ‫له «أب��و على إي��اد»‪ ،‬كما منحه‬ ‫خمسة وثالثني دينارا راتبا في‬ ‫الشهر وتعاهدا‪ -‬على كتاب الله‬ ‫ورغيف خبز وكالشينكوف‪ -‬أال‬ ‫يتحدث مع أي مخلوق‪ ،‬أو كائن‬

‫كانت البطاقة الصادرة عن «الكفاح املسلح‬ ‫الفلسطيني» أقوى من البطاقة األردنية‬

‫أنسي اليمني مات في الطريق ‪ ..‬واجلندي سائق‬ ‫السيارة أوصلهم إلى مدافن الدحداح‬

‫قال له الرائد مخلوف أنهم أستطاعوا احلصول له‬ ‫على وثيقة سفرمن السفارة املصرية‬ ‫املر ؟!! ‪ ..‬وكل شىء‬ ‫هل كنت أنت الفتى اليابس ّ‬ ‫ينتهي إ ّال الطريق الطويل إلى فلسطني يا أبا علي‬


‫املسجد األقصى‬

‫من كان عما يراه أو يسمعه منذ هذه اللحظة وإلى أن ميوت إال‬ ‫إذا أمره قائده «أبو علي إياد»‪ ،‬وبعد شهرين نقله «أبو علي إياد»‬ ‫ومعه صديقه «أنسي اليمني» في سيارته إلى «عجلون» فلم يعد‬ ‫إلى «عمان» بعدها أب��دا‪ ،‬حيث وضع قدميه على أول «الطريق‬ ‫الطويل إلى فلسطني» كما أكد له قائده «وليد منر» املعروف باسم‬ ‫«أبو علي إياد»‪ ،‬واندلعت املعارك الضارية بني القوات الفلسطينية‬ ‫في «عجلون» وقوات كبيرة ومن جهات متعددة من الفرقة الثانية‬ ‫للجيش األردني التي كانت متشط كل شبر في اجلبال واملرتفعات‬ ‫واملنخفضات والقرى حول «عجلون» فانتقلت جماعته إلى قرية‬ ‫اسمها «احلصن» ومنها إلى بلدة «إربد» بعد أن حتولت «احلصن»‬ ‫إل��ى جحيم كانت تشتعل فيه األش �ج��ار العتيقة‪ ،‬ول��م يعد يرى‬ ‫«وليد»‪ ،‬وعرف بعد يومني من زمالئه أن «أبو علي» يقود القوات‬ ‫باجتاه حدود سورية التي قد يدخلونها‪ ،‬لكن «الفتى» اكتشف أن‬ ‫بعض القوات السورية قد أتت لتنقذهم من جحيم الفرقة الثانية‬ ‫األردنية‪ ،‬ولكن صديقه احلبيب «أنسي اليمني» كان قد أصيب‬ ‫في بطنه إصابة بالغة‪ ،‬وفجأة يظهر «أب��و علي» كنبي أو مالك‬ ‫هبط من السماء ليدله على النجاة من هذا اجلحيم‪ ،‬شاهد القائد‬ ‫«ول �ي��د» وه��و يستوقف س �ي��ارة نقل‬ ‫جنود سورية وأم��رن��ا بوضع «أنسي‬ ‫اليمني» فيها‪ ،‬وطلب من «الفتى» أن‬ ‫يركب معه ويصاحبه مع مجموعة من‬ ‫زمالئه لتوصيله إلى املستشفى‪ ،‬ولم‬ ‫يكن يعرف أين تكون هذه املستشفى‪،‬‬ ‫إال أنه وصل إلى «الشام»‪ ،‬وعـــــرف‬ ‫أن «الشام» هذه هي مدينة «دمشق»‬ ‫التي دخلوها والشمس قد بدأت في‬ ‫الغروب‪ ، ،‬وكان «أنسي اليمني» قد‬ ‫مات في الطريق‪ ،‬وأوصلهم اجلندي‬ ‫س��ائ��ق ال�س�ي��ارة إل��ى م��داف��ن اسمها‬ ‫«مدافن ال��دح��داح» في نهاية شارع‬ ‫اسمه «ش��ارع األم��وي» عندما يلتقى‬

‫بشارع اسمه «شارع بغداد»‪ ،‬وأنزلهم من السيارة‪ ،‬واشترك معهم‬ ‫في دفن «أنسي اليمني» حيث كان هو الوحيد الذي كان يبكي‪،‬‬ ‫وبعدها أوصله السائق مع زمالئه إل��ى معسكر صغير للجيش‬ ‫السوري قريبا من منطقة سمعتهم يقولون عنها «قصر الشعب»‪،‬‬ ‫أتوا لهم بالطعام واملالبس وكان الرائد «مخلوف» الذي استقبلهم‬ ‫كما لو كان أحد املالئكة‪ ،‬وحكى له «الفتى» كل شيئ عن نفسه‬ ‫وعن اسمه احلقيقي وعن هروبه من اجليش‪ ،‬وكان سيدي الرائد‬ ‫«مخلوف» يضحك كثيرا من حكايته‪ ،‬وبعد حوارات معه مع بعض‬ ‫الضباط السوريني اآلخرين‪ ،‬وقال له الرائد «مخلوف» أنهم قد‬ ‫استطاعوا احلصول له على وثيقة سفر من السفارة املصرية‬ ‫وأركبوه الطائرة عائدا إلى مصر‪.‬‬ ‫كان الفيلم الوثائقي 'مروح على مصر' يتمم اكتماله على شاشة‬ ‫التليفزيون‪ ،‬وكنت أنا الكهل الذي كان يتابع «الفتى الذي كنته» في‬ ‫ذاكرتي‪ :‬هل كنت أنت «الفتي» اليابس املر؟ وكل شيء ينتهي إال‬ ‫«الطريق الطويل إلى فلسطني» يا أبا علي‪ ،‬ومتتد بيننا لهفات‬ ‫الغياب‪ ،‬وه��ا هو «الفتى ال��ذي كنته» وق��د ق��رر بعد أربعني سنة‬ ‫أن يحنث بعهده معك يا أبا علي‪ ،‬وها هو يعود ضائعا كضياع‬ ‫«الطريق الطويل إلى فلسطني» من‬ ‫حتت قدميه‪ ،‬ولم يتبق إال طيفك يا‬ ‫أب��ا على‪ ،‬تأتيني عيناك النافذتني‬ ‫وأسمع صوتك ضاحكا‪« :‬لم أر أحدا‬ ‫أبو أياد‬ ‫يرتدي مالبس مجعلكة مثلك»‪ ،‬ولم‬ ‫علي‬ ‫أك��ن أع ��رف معنى كلمة 'مجعلكة'‬ ‫لكني كنت أحب سماعها منك فأنت‬ ‫من أعطاني معان الكلمات‪ ،‬وأنت من‬ ‫أعطاني اسمي‪ ،‬وقد طال السفر يا‬ ‫أبا علي‪ ،‬وطال الطريق إلى فلسطني‬ ‫أكثر أكثر وأكثر وما زلت أرى وجهك‬ ‫ف��ي ك��ل وج ��وه األط �ف��ال وأن ��ت كنت‬ ‫كالنبي الوحيد ال��ذي كان يعرف أن‬ ‫الطريق طويل إلى فلسطني‪.‬‬


‫‪032‬‬ ‫‪32‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ليبيا‪ ..‬تصدير للخام لحساب الحكومة الشرعية‬ ‫أبوظبي ‪ -‬سكاي نيوز عربي‪:‬‬ ‫قال رئيس املؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا‪ ،‬املبروك بوسيف‪ ،‬لـسكاي‬ ‫نيوز عربية‪ ،‬إن احلكومة طالبت املؤسسة ببدء تصدير النفط‪ ،‬وتوريد‬ ‫ال�ع��ائ��دات امل��ال�ي��ة حل�س��اب ج��دي��د خ��اص باملؤسسة الوطنية‪ ،‬التابعة‬ ‫للحكومة الشرعية»‪.‬‬ ‫وقال بوسيف إن احلكومة الليبية‪ ،‬التي تتخذ من البيضاء مقرا لها‪،‬‬ ‫قررت في جلستها املاضية تكليف املؤسسة الوطنية للنفط بفتح حساب‬ ‫خاص بها إليداع إيرادات النفط الليبي‪.‬‬ ‫وأضاف أن هذه اإليرادات ستحال ملصرف ليبيا املركزي التابع للحكومة‬ ‫الشرعية مبدينة البيضاء‪ ،‬برئاسة علي احلبري»‪.‬‬ ‫وأوضح رئيس املؤسسة الوطنية للنفط أنه جار التنسيق مع الشركات‬

‫املتعاقدة مع الدولة الليبية لتلتزم بتحويل اإليرادات إلى هذا احلساب‪.‬‬ ‫وقال «تتجاوب هذه الشركات عن طريق تعاملها مع احلكومة الشرعية التي‬ ‫تعترف دول العالم بها‪ ،‬وبالتالي فإن هذه الشركات ملزمة قانونا بالتعامل‬ ‫مع احلكومة الشرعية»‪ .‬مشيرا أنه «سيكون جاهزا خالل أسبوعني»‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق باملكاتب اجلديدة التي سيتم افتتاحها في دول غربية‪ ،‬قال‬ ‫بوسيف لـسكاي نيوز عربية‪« :‬املكاتب كانت موجودة في السابق‪ ،‬في‬ ‫أملانيا وبريطانيا‪ ،‬وتتركز مهمتها على تسهيل عمل الشركات النفطية‬ ‫ف��ي مساعدتها على اس�ت�ي��راد م��ا حتتاجه لتسيير أعمالها م��ن قطع‬ ‫غيار أو عمالة»‪.‬كما ستساهم ه��ذه املكاتب أيضا في إب��رام صفقات‬ ‫ومبادلة منتجات اخلام الليبي مبنتجات مكررة أخرى من الوقود لتوفير‬ ‫االحتياجات املطلوبة في البالد‪.‬‬

‫عودة ‪ 36‬ألف مصري عبر منفذ السلوم من ليبيا‬ ‫منذ توجيه الضربة الجوية إلى «داعش»‬

‫مصريون في منفذ السلوم‬

‫كتب‪ :‬أحمد سباق‬ ‫ال �ش��روق املصرية ‪ :‬ق��ال ال �ل��واء عناني حسن ح �م��ودة‪ ،‬مدير أمن‬ ‫مطروح‪ ،‬إن «عدد املصريني العائدين من ليبيا عبر منفذ السلوم‬ ‫البري منذ منتصف فبراير املاضي بلغ ‪ 36‬ألف عامل مصري‪ ،‬فيما‬ ‫متكنت قوات حرس احلدود من محاولة هجرة غير شرعية لـ‪126‬‬ ‫بينهم ‪ 5‬سودادنيني»‪.‬‬ ‫وأوضح مدير أمن مطروح‪ ،‬أن «‪ 121‬مواطنًا مصر ًيا مقيمني في‬ ‫محافظات القاهرة واإلسكندرية واجليزة والبحيرة والفيوم واملنيا‬ ‫وس��وه��اج وكفر الشيخ والغربية والشرقية وبني سويف وأسيوط‬ ‫والقليوبية‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 5‬مواطنني من دولة السودان مت ضبطهم‬ ‫على ثالث دفعات أثناء محاولتهم التسلل إلى ليبيا عبر ال��دروب‬ ‫الصحراوية الرابطة بني حدود البلدين في جنوب السلوم»‪.‬‬ ‫وبلغ عدد املصريني العائدين من ليبيا عبر منذ السلوم البري منذ‬ ‫قيام القوات املسلحة‪ ،‬بتوجيه ضربة جوية إلى معاقل تنظيم داعش‬ ‫اإلرهابي في مدينة درنة‪ 35980 ،‬عامال مصر ًيا‪.‬‬


‫الدايري‪ :‬الوضع في ليبيا‬ ‫شديد الصعوبة وننتظر تفعيل نداء الرئيس السيسي‬ ‫أخبار ليبيا ‪:‬‬ ‫اكد وزير اخلارجية الليبي “محمد الدايري” أن الوضع في ليبيا شديد‬ ‫الصعوبة‪ ،‬في ظل تعرض البالد في الفترة األخيرة لهجمات قوية من‬ ‫ما بات يعرف بتنظيم الدولة اإلسالمية‪ ،‬سبقتها هجمات من ما يسمى‬ ‫تنظيم أنصار الشريعة ال��ذي ك��ان ينتشر في بقاع كثيرة في الداخل‬ ‫أبرزها مدن مثل درنة وبنغازي وصبراتة وسرت منذ عام ‪.2012‬‬ ‫وأش��ار “الدايري” في ح��واره إل��ى صحيفة “األهرام” املصرية الذي‬ ‫نشرته األحد قبل املاضي ‪ ،‬إلى أن ليبيا عانت من فراغ مؤسساتي‪ ،‬و كان‬ ‫هناك اجتاه قوى لدى بعض القوى السياسية لفرض” فيتو” على إعادة‬ ‫إنشاء اجليش_الليبي والشرطة‪ ،‬كما مت التركيز ما بني عامي ‪ 2012‬و‬ ‫‪ 2014‬على إنشاء ما سمي بالدروع واللجان األمنية‪ ،‬وهي هياكل موازية‬ ‫صاحبة القول الفصل في املجال األمني والعسكري على األرض‪.‬‬ ‫ولفت ” الدايري ” إلى أن “أمن ليبيا من أمن مصر والعكس”‪ ،‬وأكبر‬ ‫دليل هو ما حدث بعد مقتل ‪ 21‬مصريا على يد ما بات يعرف بتنظيم‬ ‫الدولة اإلسالمية‪ ،‬ورد اجليش املصري االنتقامي‪ ،‬إال أن ما بات يعرف‬ ‫بتنظيم الدولة اإلسالمية‪ ،‬قامت بعد ذلك باغتيال ‪ 40‬ليبيا وخلفت‬ ‫هجمات التنظيم ‪ 120‬جريحا في ح��ادث القبة‪ ،‬انتقاما من ضربات‬ ‫اجليش املصري‪ ،‬ولم يندد املؤمتر الوطني الليبي أو يقوم بواجب العزاء‬ ‫إال بعد ‪ 24‬ساعة من احلادث “ومعروف السبب”‪ ،‬مضيفا أن اخلطر‬ ‫ال��ذي ميثله ما بات يعرف بتنظيم الدولة اإلسالمية وباقي املنظمات‬ ‫الليبية‪ ،‬يهدد ليبيا ودول اجلوار وأوروبا‪.‬‬ ‫وأضاف ” الدايري” لقد طلبنا من مجلس الوزراء العرب للمرة الثانية‬ ‫رفع القيود عن تسليح اجليش_الليبي‪ ،‬وذهبنا مبشروع قرار مع مصر‬

‫محمد الدايري‬

‫تقدمت به األردن إلى مجلس األمن بهذا الشأن‪ ،‬معظم الدول العربية‬ ‫وافقت على قرار التسليح باستثناء قطر التي حتفظت‪ ،‬واجلزائر التي‬ ‫كان لها عدة تساؤالت‪.‬‬ ‫وأوضح ” الدايري ” أن احلكومة احلالية تتمتع بالصبر نظرا لتأكدها‬ ‫من خيوط املؤامرة التي حتاك على الوطن ولكن ” للصبر حدود”‪ ،‬ننتظر‬ ‫تفعيل نداء الرئيس “عبد الفتاح السيسي” اخلاص بإنشاء قوة عربية‬ ‫مشتركة ملكافحة اإلرهاب‪.‬‬

‫دبلوماسية ليبية تطالب بمساعدة عسكرية لمواجهة‬ ‫داعش وتحذر من أي تدخل أمريكي في ليبيا‬ ‫البوابة ‪:‬‬ ‫أع��رب��ت القائمة ب��أع�م��ال ال�س�ف��ارة الليبية ف��ي واش�ن�ط��ن ‪ ،‬وف��اء‬ ‫بوقعيقيص ‪ ،‬عن رغبة بالدها في احلصول على دعم قتالي الحتواء‬ ‫بزوغ جنم تنظيم داعش في ليبيا ‪ ..‬رافضة بشدة فكرة شن أي حملة‬ ‫جوية أو برية تقودها الواليات املتحدة هناك‪ ،‬مؤكدة أن ذلك لن يزيد‬ ‫األمر إال سوءا إذ أن ذلك سيجلب مزيدا من اجلهاديني األجانب‬ ‫إلى األراضي الليبية‪ .‬وفي اعتراف مبدى ضعف نتائج احلملة التي‬ ‫تقودها الواليات املتحدة ضد داعش في سوريا والعراق‪ ،‬حذرت وفاء‬ ‫بوقعيقيص من مغبة تكرار هذه االستراتيجية في ليبيا؛ بحجة أن‬ ‫ذلك سيجتذب مزيدا من املقاتلني األجانب إلى هناك‪.‬‬ ‫وقالت في ‪ -‬تصريحات بثتها صحيفة «واشنطن تاميز» األمريكية‬ ‫على موقعها اإللكتروني ‪ « -‬ال نريد أن تكون ليبيا أرضا يقصدها‬ ‫اجلهاديون من كل حدب وصوب» ‪ ،‬وأشارت إلى وجود نحو ‪ 5‬آالف‬ ‫مقاتل متحالف مع تنظيم داعش على األراضي الليبية‪.‬‬ ‫وأعربت الدبلوماسية الليبية عن استيائها من تقاعس واشنطن‬ ‫إزاء دعم احلكومة الليبية‪ ،‬الشرعية املنتخبة دميقراطيا ‪ ،‬خالل‬ ‫مساعيها الرامية إلى احتواء مقاتلي التنظيم املتشدد ‪ ،‬وأوضحت‬ ‫أن احلكومة الليبية في حاجة ملحة إلى تدريبات وبرامج عسكرية‬ ‫وتبادل للمعلومات املخابراتية املناهضة لإلرهاب من قبل الغرب‪..‬‬ ‫مؤكدة أن هذا هو الدعم الذي حتتاجه ليبيا بالفعل‪.‬‬

‫السفيرة وفاء بوقعيقيص‬


‫‪034‬‬ ‫‪34‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ليبيا تخطط لتصدير‬ ‫‪ 5‬ماليين برميل نفط من ميناء الحريقة‬ ‫املصريون ‪:‬‬ ‫قال الناطق الرسمي باسم شركة اخلليج العربي للنفط «أجوكو» الليبية‪،‬‬ ‫عمران الزوي‪ ،‬إن ميناء احلريقة (شرق البالد) الذى تتولى الشركة إدارته‬ ‫سيصدر ‪ 5‬ماليني برميل من النفط خالل شهر أبريل‪ .‬وأضاف الزوى‬ ‫فى تصريحات لوكالة األناضول ‪ ،‬أنه سيجري تصدير هذه الكميات من‬ ‫النفط عبر ‪ 9‬ناقالت وفقا جلداول التسويق اخلارجي املعدة لدى الشركة‪،‬‬ ‫مقارنة بـ ‪ 5.3‬مليون برميل مت تصديرهم على مدار شهر مارس‪ .‬وأوضح‬ ‫الزوى أنه جرى حتميل ناقلة نفط من ميناء احلريقة‪ ،‬سعتها مليون برميل‬ ‫من النفط اخلام ومتوجهة إلى الصني فى مطلع األسبوع املاضي‪ .‬وتعتبر‬ ‫شركة اخلليج العربي للنفط من كبريات الشركة النفطية اململوكة بالكامل‬ ‫ملؤسسة النفط الليبية وتدير ‪ 8‬حقول نفطية وميناء لتصدير النفط اخلام‬ ‫ومصفاتني لتكرير النفط ويتجاوز إنتاجها من النفط اخلام أكثر من ‪400‬‬ ‫ألف برميل يوميا‪ .‬وقال الناطق باسم شركة اخلليج العربي‪ ،‬إن الشركة‬ ‫تنوى رفع إنتاجها من احلقول الثمانية التابعة لها من ‪ 280‬ألف برميل‬ ‫يوميا إلى ‪ 350‬ألف برميل يوميا خالل األيام القادمة‪ .‬وأشار إلى أن إنتاج‬

‫حقلي املسلة والسرير اللذين يضخان النفط إلى ميناء احلريقة يبلغ حاليا‬ ‫‪ 260‬ألف برميل يوميا‪ .‬وق��ال الناطق الرسمي باسم املؤسسة الوطنية‬ ‫للنفط الليبية‪ ،‬محمد احلرارى يوم اخلميس املاضي إن إنتاج بالده من‬ ‫النفط بلغ ‪ 560‬ألف برميل يوميا‪ ،‬وهو ما يقل عن نصف معدالت اإلنتاج‬ ‫قبل سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي في ‪ 2011‬حيث بلغت‬ ‫‪ 1.5‬مليون برميل يوميا‪ .‬وقال ما شاء الله الزوي وزير النفط‪ ،‬في ما يسمى‬ ‫بحكومة اإلنقاذ الوطني الليبية (املنبثقة عن املؤمتر الوطني العام املنتهية‬ ‫واليته)‪ ،‬فى تصريحات صحفية سابقة‪ ،‬إن إنتاج ليبيا من النفط سيرتفع‬ ‫إلى ‪ 800‬ألف في الربع الثاني من العام احلالي‪ ،‬ومن ثم إلى مليون في‬ ‫الربع الثالث و‪ 1.350‬مليون في الربع الرابع‪ ،‬في حالة وجود استقرار‬ ‫سياسي وتوقف الصراعات املُسلحة واالحتجاجات في املوانئ واحلقول‬ ‫النفطية‪ .‬ولدى ليبيا أكبر مخزون للنفط في أفريقيا‪ ،‬وتعتمد على إيراداته‬ ‫في متويل أكثر من ‪ 95%‬من خزانة الدولة‪ ،‬ومتول منها بشكل رئيسي‬ ‫رواتب املوظفني احلكوميني‪ ،‬ونفقات دعم السلع األساسية والوقود‪ ،‬وكذلك‬ ‫عدد من اخلدمات الرئيسية مثل العالج املجاني في املستشفيات‪.‬‬

‫«داعش» ينشر صورة منفذ عملية بوابة «السدادة»‬ ‫الدستور‪:‬‬ ‫نشر تنظيم «داع ��ش» ف��ي ليبيا‪ ،‬ص��ور منفّذ‬ ‫عملية تفجير ب��واب��ة «جسر ال �س��دادة» جنوب‬ ‫شرق مدينة مصراتة الليبية‪ ،‬والتي أسفرت عن‬ ‫مقتل خمسة أشخاص وإصابة ‪ 25‬آخرين‪.‬‬ ‫وق��ال التنظيم على حساباته مبوقع التواصل‬ ‫االجتماعي «تويتر» ‪ ،‬إن «أبو دجانة السوداني»‪،‬‬ ‫نفذ العملية بشاحنة محملة بـ «‪ »8‬أطنان من‬ ‫املتفجرات‪ ،‬كما نشر التنظيم صورة قال إ ّنها‬ ‫حلظة تفجير بوابة جسر السدادة‪.‬‬

‫أبودجالة السوداني‬


‫حصون القذافي في ليبيا‪..‬‬ ‫سوق للحيوانات ومكب‬ ‫للنفايات!‬ ‫فرانس ‪: 24‬‬ ‫وحدها قطع من البالط األخضر تدل على أن البيت األشهر ملعمر القذافي‬ ‫كان قائما في هذا املكان قبل أن حتيل الثورة معظم أبنية مجمع باب العزيزية‬ ‫في طرابلس إلى ركام‪ ،‬وحصونه في مناطق أخرى إلى سوق للحيوانات‪..‬‬ ‫ومكب للنفايات‪.‬‬ ‫البيت الذي قصفته طائرات أمريكية في العام ‪ 1986‬اختفى متاما وبقيت‬ ‫أجزاء فقط من أرضيته اخلضراء‪ .‬أمامه آثار السراديب واألنفاق التي تقول‬ ‫روايات سكان العاصمة الليبية أنها كانت تصله باملطارات والثكنات ووسط‬ ‫املدينة‪ .‬وحتى نصب القبضة الذهبية التي تسحق طائرة أمريكية أمام «بيت‬ ‫الصمود» الذي ظل يحمل آثار الغارات عليه‪ ،‬أزيل من مكانه ونقل إلى مدينة‬ ‫مصراتة الواقعة شرق طرابلس والتي تعرضت حلصار طويل أثناء الثورة‪.‬‬ ‫وقال عادل محمد فارينة مدير العالقات العامة واإلعالم في وزارة السياحة‬ ‫في ما يسمى بحكومة اإلنقاذ «كان هذا املوقع رمزا حلقبة القذافي واليوم‬ ‫دمر هذا الرمز‪ .‬مت هدمه وسوي باألرض»‪.‬‬ ‫وأضاف «لم يكن معقوال أن يتحول هذا املنزل إلى متحف ألنه ال ميكن أن‬ ‫نقيم متحفا حلقبة سوداء كهذه‪ .‬قد نذكرها بفقرة بسيطة في بعض املراجع‬ ‫والكتب‪ ،‬لكن أن يبقى كما هو‪ ،‬فال»‪.‬‬ ‫قرار بتحويل باب العزيزية إلى منتزه!‬ ‫وليس معلوما التاريخ احملدد لتدمير هذا املنزل الذي كان يستقبل القذافي‬ ‫ضيوفه فيه‪ .‬لكن السلطات أمرت في آب‪/‬أغسطس ‪ 2012‬ببدء هدم أبنية‬ ‫املجمع معلنة عن نيتها حتويل حصن باب العزيزية الواقع في جنوب العاصمة‬ ‫واملقام على مساحة نحو ستة كيلومترات مربعة‪ ،‬إلى منتزه‪.‬‬ ‫وتعطل املشروع بعدما تدفق عشرات الالجئني إلى املجمع واحتلوا ما تبقى‬ ‫من أبنيته القليلة‪.‬‬ ‫ويدخل السكان عبر بوابة صغيرة إلى جانب املدخل الرئيسي السابق للمجمع‬ ‫ويركن بعضهم سياراتهم أمام املواقع التي يقيمون فيها‪ ..‬وهناك آخرون‬ ‫ينشرون مالبسهم املبللة على نوافذ هذه املواقع وشرفاتها‪.‬‬ ‫وكتبت على جدران ما تبقى من األبنية أسماء كتائب الثوار التي دخلت باب‬ ‫العزيزية وأسماء مقاتلني قتلوا خالل مواجهتهم قوات القذافي‪ ،‬إلى جانب‬ ‫شعارات مناهضة له بينها «أين أنت يا مؤلف كتاب االفتراء»‪ ،‬في إشارة إلى‬ ‫«الكتاب األخضر»‪.‬‬ ‫كيف بنى القذافي حصن العزيزية!‬ ‫في العام ‪ 1969‬عقب االنقالب الذي حمله إلى السلطة‪ ،‬أقام القذافي في‬ ‫منطقة باب العزيزية وبدأ يتوسع في حصنه‪ .‬وقد قام بهدم منازل مجاورة‬ ‫ملقر إقامته وألغى طرقا كانت متر بالقرب منه‪.‬‬ ‫وأحيط املجمع الذي كان يضم معسكرات وخيم استقبال ومقرات سياسية‬ ‫ومنازل للقذافي‪ ،‬بثالثة أسوار اسمنتية أولها سور رئيسي على الطريق العام‬ ‫طلي باألخضر وامتد على مسافة نحو ‪ 7300‬متر ولم تكن تبرز منه سوى‬ ‫أبراج املراقبة‪ .‬وقد استبدل اليوم بسور حديدي أبيض‪.‬‬ ‫في بنغازي‪ ..‬سوق للحيوانات في مقر القذافي!‬ ‫ويقول حسن ال��ذي يعمل سائقا في طرابلس «كانت الناس تخاف حتى‬ ‫أن تنظر إلى السور خشية أن يجري اعتقالها وتتجنب كذلك السير على‬ ‫الرصيف املوازي له»‪.‬‬ ‫ولم يطل التدمير أو التخريب بيت القذافي في طرابلس فقط‪ ،‬بل أن منازل‬ ‫الرجل الذي حكم ليبيا ألربعة عقود بيد من حديد قبل أن يقتل في الثورة‪،‬‬

‫مقار ومكبات‬ ‫من داخل باب العزيزية‬

‫واجهت املصير نفسه في أماكن أخرى وبينها مقره في سبها جنوبا ومنزله‬ ‫قرب مدينة شحات األثرية شرقا والذي ال يزال يحافظ على بعض معامله‪.‬‬ ‫وفي بنغازي على بعد نحو ألف كلم شرق طرابلس‪ ،‬أقامت مجموعة من‬ ‫التجار سوقا للحيوانات في مقر القذافي ال��ذي كان يعرف باسم «كتيبة‬ ‫الفضيل بو عمر» وميتد على حوالي عشرة هكتارات‪.‬‬ ‫وتنتشر في السوق أقفاص الطيور واحلمام وتعرض في صفوف يقف خلفها‬ ‫جتارها وأمامها الفضوليون واملشترون الذين يتنافسون في احلصول على‬ ‫الطيور والقطط والكالب بأسعار تتخطى أحيانا مئات الدوالرات‪.‬‬ ‫رسالة إلى حكام ليبيا اجلدد!‬ ‫وكما حدث في مجمع باب العزيزية‪ ،‬استقرت عائالت الجئة في بعض املقار‬ ‫داخل املعسكر الذي يعود إلى فترة االحتالل اإليطالي‪.‬‬ ‫ويقول محمد سليمان (‪ 43‬عاما) أمام مجموعة من األطفال وسيارة متهالكة‬ ‫«كنا نحلم بحياة أفضل عقب سقوط سلطان القذافي‪ ،‬لكن ها نحن نعيش‬ ‫على أنقاضه»‪.‬‬ ‫وأضاف «هذه رسالة قوية نوجهها إلى حكام ليبيا اجلدد‪ .‬لو منح القذافي‬ ‫الليبيني حرية وكرامة ومستوى معيشة الئقا ملا سقط عرشه وصرنا نحن‬ ‫هنا»‪.‬‬ ‫وأعيد في املجمع افتتاح شارع كان مقفال منذ الثمانينات ليربط بني شمال‬ ‫املدينة وجنوبها كأطول شارع في بنغازي على امتداد نحو ‪ 5‬كلم‪ ،‬ويحمل اسم‬ ‫الزعيم املصري الراحل جمال عبد الناصر‪.‬‬ ‫بيت القذافي مقر ألنصار الشريعة!‬ ‫أما بيت القذافي الشخصي داخل املجمع‪ ،‬فاحتلته في أوائل العام ‪2012‬‬ ‫جماعة «أنصار الشريعة» املوالية لتنظيم القاعدة وجعلت منه مقرا رئيسا لها‬ ‫إذ أنه يقع داخل سور محاط بأبنية سكنية ال واجهة خلفية أو نوافذ لها‪.‬‬ ‫لكن هذا البيت مت هدمه وتسويته باألرض في احلملة الثانية التي أطلقها‬ ‫في ‪15‬أكتوبر املاضي الفريق أول ركن خليفة حفتر الستعادة مدينة بنغازي‬ ‫من أيدي جماعات متشددة‪ ،‬وقد أزيل متاما‪ ،‬وباتت أطرافه مكبات للنفايات‬ ‫التي يتم حرقها يوميا‪.‬‬ ‫ويقول علي املصراتي وهو مير بالقرب من املقر «هذا املكان ال يليق به إال أن‬ ‫يكون مكبا للنفايات ملا حمله خالل فترة قامتة السواد من ذكريات أليمة»‪.‬‬


‫‪36‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫سفينة حربية تنقذ‬ ‫‪ 300‬مهاجر غير شرعي قبالة سواحل ليبيا‬ ‫القاهرة‪« :‬الشرق األوسط أونالين»‬ ‫ق��ام��ت سفينة ح��رب�ي��ة آي�س�ل�ن��دي��ة (ال�س�ب��ت)‬ ‫بإنقاذ أكثر من ‪ 300‬مهاجر غير شرعي من‬ ‫‪ 13‬جنسية مختلفة‪ ،‬وذلك في مضيق صقلية‬ ‫قبالة سواحل ليبيا‪ ،‬كما أفادت وسائل إعالم‬ ‫إيطالية‪.‬‬ ‫وأوض � � � �ح� � � ��ت امل � � � �ص� � � ��ادر أن ال� �س� �ف� �ي� �ن ��ة‬ ‫«الندهيلغيسغاسالن» رست مساء (السبت)‬ ‫في مرفأ بوزالو في صقلية وعلى متنها ‪318‬‬ ‫مهاجرا بينهم ‪ 14‬قاصرا و‪ 13‬ام��رأة بينهن‬ ‫خمس حوامل نقلن إلى املستشفى‪ .‬وأضافت‬ ‫أن الشرطة اإليطالية تقوم بالتحقق من هويات‬ ‫‪ 8‬مهربني تونسيني مفترضني‪.‬‬ ‫وب �ح �س��ب وس ��ائ ��ل اإلع �ل��ام اإلي �ط��ال �ي��ة ف��إن‬ ‫املهاجرين أتوا من ‪ 13‬بلدا هي السودان وغانا‬ ‫واملغرب ومالي وموريتانيا والسنغال وباكستان‬ ‫ونيجيريا وسوريا وفلسطني وإريتريا والهند‬ ‫وتونس‪.‬‬ ‫ومت��ث��ل ل�ي�ب�ي��ا م�ن�ط�ق��ة ج� ��ذب ل �ل �ه �ج��رة غير‬ ‫ال�ش��رع�ي��ة‪ ،‬نتيجة ت��ده��ور األوض� ��اع األمنية‬ ‫هناك‪ ،‬فبحسب آخر إحصاء للمنظمة الدولية‬

‫للهجرة أجريت في ختام عام ‪ ،2012‬فإن نحو‬ ‫مليون مهاجر م��ن ال��وط��ن العربي ي�ن��زح إلى‬ ‫ليبيا‪ ،‬باإلضافة إلى إعالن األمم املتحدة أن‬

‫نحو ‪ 30‬ألف مهاجر غير شرعي نزحوا إلى‬ ‫ليبيا بني مارس وأغسطس ‪ ،2013‬مبعدل ‪5‬‬ ‫آالف مهاجر شهريا‪.‬‬

‫مصطفى بكرى مهاجم ًا «هيكل»‪:‬‬ ‫ضرب عناصر «داعش» فى ليبيا لم يكن قرصنة‬

‫بكري‬ ‫هيكل‬

‫اليوم السابع «كتب إسالم عبد الونيس»‬ ‫انتقد الكاتب الصحفى مصطفى بكرى‪ ،‬التصريحات اإلعالمية التى‬ ‫ادل��ى بها الكاتب الكبير محمد حسنني هيكل م��ع اإلع�لام�ي��ة مليس‬ ‫احلديدى‪ ،‬وال��ذى أكد خاللها أنه كان يتمنى أن تقوم مصر بإخطار‬ ‫مجلس األم��ن قبل توجيه الضربة اجلوية ملعاقل «داع��ش» فى ليبيا‪.‬‬ ‫وهاجم مصطفى بكرى عبر صفحته على موقع التواصل االجتماعى‬ ‫«تويتر» حديث هيكل قائ ً‬ ‫ال‪« :‬الضربة التى وجهتها مصر لم تكن ضد‬ ‫ليبيا‪ ،‬ولكنها كانت ضد عناصر تنظيم (داعش) اإلرهابى التى قتلت ‪21‬‬ ‫مصر ًيا وذبحتهم بدم بارد»‪ .‬وأوضح أن الضربة اجلوية املصرية متت‬ ‫بالتنسيق مع احلكومة الشرعية فى ليبيا‪ ،‬ولم تكن قرصنة أو هجوم‬ ‫جرى من خلف ظهر احلكومة الشرعية فى ليبيا‪ ..‬وتابع‪« :‬مصر عندما‬ ‫وجهت ضربتها كانت ضمن إط��ار حق الدفاع الشرعى من اإلخطار‬ ‫اإلرهابية التى تهدد األمن القومى املصرى‪ ،‬وهو حق مشروع أقرت به‬ ‫املاده ‪ 51‬من ميثاق األمم املتحدة»‪ .‬وواصل تغريداته بالقول‪« :‬مصر لم‬ ‫تكن احلالة الوحيدة فى هذا األمر‪ ..‬فهناك دول عديدة وآخرها الدول‬ ‫املشاركة فى العملية العسكرية (عاصفة احلزم)‪ ،‬التى لم حتصل على‬ ‫قرار من مجلس األمن‪ ،‬ولكنها حتركت تلبية لنداء احلكومة الشرعية‬ ‫فى اليمن وحماية األمن القومى العربى»‪.‬‬


‫اتفاق بين مصر وليبيا لتأمين‬ ‫عبور الشاحنات واألفراد‬ ‫العربية نت ـ أشرف عبداحلميد ‪:‬‬ ‫وقعت مصر وليبيا اتفاقاً رسمياً يضمن تأمني عبور ودخ��ول‬ ‫الشاحنات املصرية حتى منطقة «مساعد» الليبية‪ ،‬وإعادة تشغيل‬ ‫حركة منفذ السلوم بشكل جزئي أمام األفراد‪.‬‬ ‫وق��ال مصدر م�س��ؤول مبحافظة م�ط��روح املصرية ال��واق�ع��ة على‬ ‫احل���دود الليبية ل �ـ»ال �ع��رب �ي��ة‪.‬ن��ت» إن��ه مت��ت امل��واف �ق��ة ع�ل��ى عبور‬ ‫املصريني املتزوجني من ليبيات‪ ،‬والليبيني املتزوجني من مصريات‬ ‫وأبنائهم حتقيقاً لالستقرار األسري ومراعاة للظروف االنسانية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬باإلضافة إلى التصديق على مرور جميع احلاالت‬ ‫امل��رض�ي��ة م��ع تعظيم قيمة األم ��ن ف��ي ك��اف��ة اإلج � ��راءات م��راع��اة‬ ‫للظروف االستثنائية في مصر وليبيا‪.‬‬ ‫كما مت االتفاق على دخول الشاحنات املصرية حتى منطقة مساعد‬ ‫الليبية والسماح لألفراد باملرور من منفذ السلوم إلى املنفذ الليبي‬ ‫سيراً على األق��دام دون استقالل للسيارات ومن خالل ترتيبات‬

‫أمنية معينة‪.‬‬ ‫وقال إن محافظ مطروح‪ ،‬اللواء عالء أبوزيد‪ ،‬سيقوم بزيارة ملنفذ‬ ‫«مساعد» البري في ليبيا بعد أسبوعني مبرافقة األجهزة األمنية‬ ‫للوقوف على مدى استعداد املنفذ الليبي‪ ،‬واستقباله للشاحنات‬ ‫املصرية وتفقد منظومة اإلجراءات التي مت االتفاق عليها‪ ,‬مؤكداً‬ ‫على تقدمي مصر لكافة الدعم سواء من صيانة معدات وأجهزة‪ ،‬أو‬ ‫توفير العمالة الالزمة لعمل املنفذ الليبي‪.‬‬ ‫وأوض��ح أن��ه على م��دار يومني من املباحثات والتشاور مع الوفد‬ ‫الليبي وبحث أوجه التعاون بني البلدين‪ ،‬مت توقيع محضر االتفاق‪،‬‬ ‫مؤكداً أن إعادة فتح منفذ السلوم وعبور الشاحنات إلى ليبيا يخدم‬ ‫مصالح ‪ 10‬آالف مصري وعائالتهم‪ ،‬وي�ح��رك احملفظة املالية‬ ‫للصادرات املصرية بعائد تقدر قيمته ‪ 4‬مليارات جنيه من خالل‬ ‫عبور يومي ملا بني ‪ 400‬إلى ‪ 600‬شاحنة مصرية‪ ،‬ويعيد احلياة‬ ‫لـ‪ 200‬شركة شحن مصرية‪.‬‬

‫محافظ مطروح يكرم أحد أعيان مدينة أجدابيا‬ ‫لدوره في حل مشاكل المصريين‬ ‫االقتصادي العربي ‪:‬‬ ‫ك��رم م�ح��اف��ظ م��دي�ن��ة م �ط��روح امل�ص��ري��ة ”‬ ‫عالء أبو زيد “‪ ،‬أحد أعيان مدينة أجدابيا‬ ‫الليبية ” بوحلفاية على بوحلفاية ” وإهدائه‬ ‫درع احملافظة وشكره على جهوده وتعاونه‬ ‫م��ع اجل��ان��ب امل��ص��ري ف��ي ح��ل ك�ث�ي��ر من‬ ‫املشكالت داخل األراضي الليبية ‪.‬‬ ‫ج��اء ذل��ك خ�لال استقبال احمل��اف��ظ ل �ـ ”‬ ‫بوحلفاية ” مبكتبه بحضور أعيان مطروح‬ ‫وه ��م‪ ،‬ال�ش�ي��خ ” ع�ب��د اجل�ل�ي��ل العلواني”‬ ‫وال �ش �ي��خ ” ف�ت�ح��ي ب��و ع �ب��ود ” ‪ .‬بحسب‬ ‫ص�ح�ي�ف��ة ال��ي��وم ال �س��اب��ع امل �ص��ري��ة ‪.‬وأك ��د‬ ‫احمل��اف��ظ خ�ل�ال ال �ل �ق��اء ع�ل��ى دع ��م مصر‬ ‫الستقرار ليبيا‪ ،‬وال��وق��وف بجانب الشعب‬ ‫الليبي مع حتقيق مصالح اجلانبني املصري‬ ‫والليبي أمنيا واقتصاديا‪ ،‬مبشاركة األجهزة‬ ‫األم�ن�ي��ة والشعبية والتنفيذية مبحافظة‬ ‫مطروح‪.‬‬ ‫اجل��دي��ر ب��ال��ذك��ر أن م��ن امل�ش��اك��ل العديدة‬ ‫التي قام ” بوحلفاية ” بحلها مع اجلانب‬ ‫املصري‪ ،‬مشكلة اإلف��راج عن سائقي عدد‬ ‫من الشاحنات املصرية التي مت احتجازها‬ ‫في ليبيا العام املاضي بالتعاون مع قبيلتي‬ ‫املغاربة والزوية بليبيا‪.‬‬

‫محافظ مطروح‬


‫‪38‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون دولية‬

‫م��ا مي� ّ�ي��ز ال��ظ��اه��رة السياسية ال��دول��ي��ة الراهنة‬ ‫���رداء ق��ان��ون��ي وأخ�لاق��ي‪،‬‬ ‫ه��و م��ح��اول��ة تغليفها ب�‬ ‫ٍ‬ ‫واالن��ط�لاق بها من قيم إنسانية سامية حتظى‬ ‫بالقبول العام‪ ،‬كاحلق واحلرية وامل��س��اواة‪ ،‬ولكن‬ ‫إلى أي مدى ميثّ ل هذا «الغالف» جزء ًا من حقيقة‬ ‫ال��ظ��اه��رة السياسية ال��دول��ي��ة؟ وم��ا ع�لاق��ة هذه‬ ‫يفسر السلوك‬ ‫كمحدد‬ ‫املفاهيم األخالقية بالقوة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياسي الدولي وأهدافه ووسائله؟ في ظل رؤية‬ ‫واقعية تستند على ما هو كائن‪ ..‬يواصل الباحث‬ ‫تناول هذين املصدرين للتحديات اخلارجية التي‬ ‫تواجه التفرد األمريكي وفق ًا ملا يلي‪:‬‬

‫خالد احلراري‬

‫أ ) القوى اإلقليمية والدولية املنافسة للقوة األمريكية‬ ‫متثل أورب��ا املوحدة أحد أهم هذه القوى املتحدية للهيمنة والتف ّرد‬ ‫األمريكي‪ ،‬فقبل خمسني عاماً كان الدافع وراء قيام السوق األوربية‬ ‫املشتركة هو محاولة أوربا اخلروج من حتت وطأة ‪-‬الواليات املتحدة‬ ‫املسيطرة على السوق العاملية‪ ،‬بداي ًة برغبتها في شراء محاصيلها‬ ‫الزراعية بسعر منخفض‪ ،‬وتطورات الفكرة وتبلوره حتى صارت احتاداً‬ ‫أوربياً اقتصادياً ضخماً ومتيناً بإطالق اليورو كعملة موحدة وباتساعه‬ ‫في الفترة األخيرة ليضم دوالً من أوربا الشرقية‪ ،‬عندها بدأت الدعوات‬ ‫ترتفع ليس فقط (أوربا‪ -‬السوق) بل (أوربا‪ -‬القوة) وهو ما ع ّبر عنه‬ ‫الرئيس الفرنسي جاك شيراك في يونيو عام ‪ 1996‬بقوله‪« :‬إن أوربا‬ ‫ينبغي أن تؤكد مج ّدداً أنها ستكون أحد أكبر (العناصر الفاعلة) في‬ ‫العالم‪ ،‬وعليها ترسيخ السالم واألمن في أراضيها إلى جانب بناء أمن‬ ‫أوربي جديد وحلف أطلسي جديد وفسح املجال لروسيا في منظمة‬ ‫األمن األوربي‪ ،‬وأن عليها أن تشارك في إرساء األمن العام والشامل‬

‫تحليل الظاهرة‬ ‫السياسية الدولية‬ ‫من خالل مفهوم‬ ‫القوة‬ ‫(‪)3-3‬‬

‫استراتيجيـــــ‬

‫كما ميلي عليها ذلك تاريخها ويفرضه عليها كرسالة»(‪.)1‬‬ ‫واليوم ال ي��زال حلم أورب��ا العظمى ي��راود الكثيرين من ق��ادة القارة‬ ‫العجوز‪ ،‬ولكن بشكل أكثر حت ّدياً‪ ،‬ألن الصياغات املعاصرة لهذا احللم‬ ‫تضعه في مواجهة صرحية مع الهيمنة األمريكية‪ ،‬ويتم ّثل احللم‬ ‫األوربي في االنطالق باملشروع االقتصادي باجتاه مشروع سياسي‬ ‫متكامل‪ ،‬بداي ًة من توسيع االحتاد األوربي ليشمل كامل القارة األوربية‪،‬‬ ‫فالقادة األوربيون يؤمنون بأن االحتاد األورب��ي ينبغي أن يضم كافة‬ ‫ال��دول األوربية‪ ،‬وأن العدد السابق ل��دول االحت��اد هو اختزال مخل‬ ‫للواقع األورب��ي‪ ،‬ومن ثم يرحبون بكل الطلبات اجلديدة لالنضمام‬ ‫لالحتاد األورب��ي‪ ،‬وبالفعل فقد شهدت السنوات األخيرة انضمام‬ ‫عدد كبير من دول أوربا الشرقية إلى االحتاد‪ ،‬وبدأ القادة األوربيون‬ ‫يفكرون – بل ويتخذون خطوات عملية – في اجتاه إعطاء اتفاقية‬ ‫مارسترخت روحاً جديدة‪ ،‬سيما في إطار الوحدة السياسية بتحديد‬ ‫املوحدة ألوربا‪ ،‬ومن ثم السياسة األمنية‬ ‫مفهوم السياسة اخلارجية‬ ‫ّ‬


‫ــــــات التفرد األمريكي‬ ‫الواليات املتحدة ومواصلة البحث عن استثناءات دولية للتسلّح‬

‫والدفاعية املشتركة(‪.)2‬‬ ‫خطوات أخ��رى في إط��ار املشروع السياسي املتكامل ألورب��ا مت ّثلت‬ ‫في اقتراح مشروع الدستور األورب��ي املوحد وعرضه على برملانات‬ ‫الدول األعضاء واالستفتاء عليه إلق��راره‪ ،‬كما أن من بني اخلطوات‬ ‫في هذا االجتاه هو بحث عالقة االحتاد األوربي باحتاد دول غرب‬ ‫أوربا الذي تأسس منذ ‪ 1957‬باعتباره التنظيم الذي ميتلك نظرياً‬ ‫البناء السياسي ألوربا‪ ،‬وإن كان في املقابل ال ميتلك الذراع األمنية‬ ‫والعسكرية لهذا البناء‪ ،‬وإذا كانت أوربا من خالل هذا اخلطوات قد‬ ‫قطعت شوطاً ال بأس به على صعيد االندماج في مجاالت العدل‬ ‫والشؤون الداخلية إال أنها لم تزل بعيدة نوعاً ما عن احلديث بصوت‬ ‫واحد في املجاالت السياسية والعسكرية‪ ،‬لكن الطريق ال يزال مفتوحاً‬ ‫أمام أوربا لتحقيق حلمها‪ ،‬وقادة أوربا عازمون على مواصلة الطريق‬ ‫اقتناعاً بأن (امل��ارد األمريكي) لن تتقلّص طموحاته إال بطموحات‬ ‫أخرى على الطرف املنافس(‪.)3‬‬

‫ف��ي اجل��ان��ب اآلخ��ر هناك ال�ص�ين‪ ،‬العمالق البشري واالقتصادي‬ ‫والنووي الضخم في أسيا‪ ،‬والتي في انطالقتها االقتصادية والسياسية‬ ‫على املسرح الدولي حتاول أن تنتقم لإلهانة التي أصابتها في القرن‬ ‫املاضي عندما التقت بالغرب‪ ،‬فالصني‪ -‬بحكم التوجه األيديولوجي في‬ ‫تاريخها احلديث كانت اخلصم الذي يعمل له ألف حساب من جانب‬ ‫دول املعسكر الغربي والواليات املتحدة‪ ،‬وفي محاولة لألخيرة لضرب‬ ‫عدوها اللدود – االحتاد السوفيتي – سعت إلى مديد العون والصداقة‬ ‫إلى الصني في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن املاضي حتى‬ ‫جنحت في الوصول إلى تطبيع العالقات معها منذ عام ‪ ،1979‬بل‬ ‫إلى أبعد من ذلك استغلت الصني كمصدر للمعلومات عن اجليش‬ ‫السوفيتي خالل السبعينيات ووصل الود بني الصني والواليات املتحدة‬ ‫إلى عرض فكرة إقامة (خط أحمر) حتسباً ملواجهة أي هجوم عسكري‬ ‫سوفيتي على الصني(‪ ،)4‬لكن احلال تبدلت‪ ،‬فالواليات املتحدة التي‬ ‫كانت تبذل الغالي والرخيص إرضا ًء للصني أصبحت ال ترى فيها سوى‬


‫‪40‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون دولية‬

‫خصماً عنيداً تتحينّ الفرصة تلو األخرى الستفزازه وإشعاره بضعفه‬ ‫أمام قوتها وجبروتها في ظل واقع التف ّرد والهيمنة األمريكية بعد انتهاء‬ ‫تتعجل اللحظة التي ينتهي‬ ‫احلرب الباردة‪ ،‬كما أن الصني في املقابل ّ‬ ‫فهيا كابوس التفرد األمريكي‪ ،‬وبني دفتي العداوة املعلنة واخلفية من‬ ‫ناحية‪ ،‬وانتظار تغ ّير األوض��اع الدولية في املستقبل من جهة أخرى‬ ‫يحتدم الصراع ويحمى وطيسه بني الطرفني في صور باتت مكشوفة‬ ‫وملموسة في كثير من املواقف‪ ،‬كان أكثرها وضوحاً املعارضة الشديدة‬ ‫للحرب األمريكية على العراق في العام ‪ 2003‬وتهديد الصني (إلى‬ ‫جانب فرنسا وروسيا) باستكمال‬ ‫ح ��ق ال �ن �ق��ض مل �ن��ع أم��ري �ك��ا من‬ ‫احل�ص��ول على إذن م��ن مجلس‬ ‫األم��ن يعطي الشرعية حلربها‬ ‫على ن�ظ��ام ص ��دام حسني(‪،)5‬‬ ‫وفي موقف آخر ظهر احلماس‬ ‫الصيني الشديد ل��والدة العملة‬ ‫األوربية امل ّوحدة (اليورو) والتي‬ ‫بدت كأنها طوق النجاة من سطوة‬ ‫ال ��دوالر األمريكي وب��داي��ة العد‬ ‫التنازلي للهيمنة التي ميارسها‬ ‫ع�ل��ى االق �ت �ص��اد ال �ع��امل��ي‪ ،‬وف��ي‬ ‫موقف ثالث استشعرت الواليات‬ ‫امل �ت �ح��دة أن امل �ن��اف �س��ة احل ��ادة‬ ‫ب�ي�ن�ه��ا وب �ي�ن ال� �ص�ي�ن م��رش�ح��ه‬ ‫للتصاعد في املستقبل املنظور‬ ‫مت ّثل هذه امل��رة في الفكرة التي‬ ‫طرحها رئيس ال ��وزراء الروسي‬ ‫السابق (برمياكوف) في إقامة‬ ‫(مثلت اس�ت��رات�ي�ج��ي) يضم كل‬ ‫من روسيا والصني والهند‪ ،‬وهذا‬ ‫املثلث اجلديد يقلق –بال شك‪-‬‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وتكمن خطورته‬

‫بوتن وعودة احلرب الباردة‬

‫في آن أطرافه دول نوويه تستند إلى قاعدة بشرية تتجاوز مليارين من‬ ‫البشر ومتتد على مساحة تزيد على نصف القارة األسيوية(‪.)6‬‬ ‫روسيا التي تعيد كتابة تاريخها اجلديد كدولة (أم��ة) تعيش اليوم‬ ‫طموحاً لعمل شيء شبيه باالحتاد الفرنسي الذي أعلنه ديغول عام‬ ‫‪ 1958‬بشأن املستعمرات الفرنسية القدمية في أفريقيا‪ ،‬فروسيا بعد‬ ‫انهيار االحتاد السوفيتي وانزياح الغطاء الشيوعي عنها متر مبرحلة‬ ‫البحث عن قيم وتوازنات جديدة وضرورية‪ ،‬فبرغم املتاعب اجلمة‬ ‫التي عاشها االقتصاد الروسي بعد انهيار االحتاد السوفيتي واالنتقال‬ ‫باملجتمع ال��روس��ي إل��ى (التحرر‬ ‫االقتصادي) إال أن مق ّومات القوة‬ ‫الروسية في بعدها االقتصادي‬ ‫وف��ي بعدها العسكري (روسيا‬ ‫ه��ي ال�ت��ي ورث ��ت ال �ق��وة ال�ن��ووي��ة‬ ‫السوفيتية السابقة) وفي بعدها‬ ‫السياسي (متتلك ح��ق النقض‬ ‫في مجلس األم��ن) الزال��ت قابلة‬ ‫للتوظيف والوجود كقوة عظمى‬ ‫على الساحة السياسية الدولية‬ ‫التحسن والتعافي‬ ‫خ��اص � ًة م��ع‬ ‫ّ‬ ‫ال � ��ذي ب� ��دأ ي �ص �ي��ب االق �ت �ص��اد‬ ‫الروسي بعد مرور فترة من الزمن‬ ‫على ب��داي��ة النهج االق�ت�ص��ادي‬ ‫اجل��دي��د‪ ،‬األم���ر ال���ذي انعكس‬ ‫ف��ي ش �ك��ل م��واق��ف وس �ي��اس��ات‬ ‫تعكس إحساس روسيا باستعادة‬ ‫دوره� ��ا ع�ل��ى ال �س��اح��ة ال��دول�ي��ة‬ ‫شيئاً فشيئاً(‪ ،)7‬ول�ع��ل إع�لان‬ ‫الرئيس الروسي (فالدميربوتن)‬ ‫ف��ي خطابه ال�س�ن��وي ع��ن حالة‬ ‫االحت ��اد أم��ام ال�ب��رمل��ان الروسي‬ ‫(مجلس الدوما) بتاريخ ‪ 26‬أبريل‬

‫اتساع دائرة األطراف الدولية املالكة للسالح‬ ‫النووي نوع من التحدي حملاوالت الهيمنة‬ ‫األمريكية‬

‫الصني هي اخلصم الذي يعمل له ألف حساب من‬ ‫جانب دول املعسكر الغربي والواليات املتحدة‬ ‫الصني عمالق بشري واقتصادي ونووي ضخم‬ ‫يحاول أن ينتقم لإلهانة التي أصابته عندما‬ ‫التقى بالغرب‬


‫روسيا تعيد تنظيم أولوياتها العسكرية‬

‫‪ 2007‬عن جتميد العمل باتفاقية األسلحة التقليدية في أوربا‪ ،‬التي‬ ‫كانت قد وق ّعت بني كل من االحتاد السوفيتي السابق وحلف الناتو عام‬ ‫‪ 1990‬وأعيد تأكيدها وتعزيزها بني االحت��اد الروسي وحلف الناتو‬ ‫عام ‪ 1999‬والتي تقضي بتقليص نشر الصواريخ في أوربا (الشرقية‬ ‫والغربية) والتي قطعت فيها روسيا خطوات كبيرة على صعيد التنفيذ‬ ‫العملي لبنودها بسبب قيام حلف الناتو (الواليات املتحدة) بنشر عدد‬ ‫محدود من الصواريخ في الدول التي انضمت أخيراً للحلف (بولندا‪،‬‬ ‫تشيكيا) بحجة مواجهة اخلطر اإليراني!!‪ ،‬باإلضافة إلى لهجة خطابه‬ ‫املتش ّددة جتاه الواليات املتحدة‬ ‫وحلف الناتو واتهامه لهما بخلق‬ ‫ظ���روف ع���ودة احل���رب ال �ب��اردة‬ ‫م��ن ج��دي��د‪ ،‬وتأكيده على ق��درة‬ ‫روسيا على املواجهة والتصدي‬ ‫لكل احمل ��اوالت التي من شأنها‬ ‫تهديد أمنها واستقرارها خاصة‬ ‫في ظل تطاول الواليات املتحدة‬ ‫وال� ��دول األورب �ي��ة الغربية على‬ ‫زع��زع��ة االس �ت �ق��رار السياسي‬ ‫والتدخل املباشر لفرض رؤيتها‬ ‫على النظم السياسية في الدول‬ ‫احمليطة وامل�ج��اورة لروسيا‪ ،‬في‬ ‫إش� ��ارة إل ��ى ال�ت��دخ��ل األم��ري�ك��ي‬ ‫واألورب��ي في الصراع السياسي‬ ‫في الفترة األخيرة في أكرانيا‪،‬‬ ‫فلعل هذا املوقف الروسي وما قد‬ ‫ينتج عنه من تداعيات مستقبلية‬ ‫مي ّثل رغبة روسية صريحة في‬ ‫اس �ت �ع��ادة دوره� ��ا ال �ف��اع��ل على‬ ‫املسرح السياسي الدولي(‪.)8‬‬ ‫أما اليابان فإن الوثبة الصناعية‬ ‫التي حققتها بنجاح والتي تعتبر‬

‫اجلسر امل��ؤدي إلى القوة جعلتها تولد وتنشأ ب��روح جديدة من بني‬ ‫أنقاض احلرب العاملية الثانية‪ ،‬وبرغم األزمة التي عصفت باقتصادها‬ ‫في أوائ��ل التسعينيات من القرن املاضي إال أنها استعادة مكانتها‬ ‫بسرعة في الفترة األخيرة لتلعب قوتها االقتصادية دوراً مهماً في‬ ‫الساحة السياسية الدولية في زمن صار فيه واضحاً أن الغلبة والدور‬ ‫األكبر سيكون للقوة االقتصادية‪ ،‬وبالرغم من استمرار اليابان عسكرياً‬ ‫وسياسياً كتابع محكوم بالسيطرة األمريكية إال أن اإلرهاصات الداخلية‬ ‫الدافعة باجتاه إعادة النظر في الدستور الياباني وفك االرتباط األمني‬ ‫والسياسي ب��ال��والي��ات املتحدة‪،‬‬ ‫وطموحها في أن تصبح عضواً‬ ‫دائ �م �اً ف��ي مجلس األم ��ن‪ ،‬أم��ور‬ ‫رمب ��ا ت��رش�ح�ه��ا ل� ��دور سياسي‬ ‫مختلف في املرحلة القادمة على‬ ‫الساحة السياسية الدولية(‪.)9‬‬ ‫العمالق الهندي الذي بدأ صحوته‬ ‫في جزء من أسيا قوة أخرى من‬ ‫القوى اإلقليمية املرشحة للوجود‬ ‫الفاعل على الساحة السياسية‬ ‫ال��دول �ي��ة خ��اص��ة وأن �ه��ا ص��ارت‬ ‫متتلك السالح النووي وشهدت‬ ‫منواً اقتصادياً (زراعياً) أوصلها‬ ‫إل ��ى االك �ت �ف��اء ال ��ذات ��ي غ��ذائ �ي �اً‬ ‫برغم عدد سكانها الهائل والذي‬ ‫قارب املليار نسمة باإلضافة إلى‬ ‫خبرتها في الساحة الدولية من‬ ‫خالل الدور الذي كانت قد لعبته‬ ‫خالل اخلمسينيات والستينيات‬ ‫من القرن املاضي في إطار حركة‬ ‫عدم االنحياز(‪.)10‬‬ ‫من الواضح والثابت أن األمريكي‬ ‫(أي شيء أمريكي) أصبح يعكس‬

‫الواليات املتحدة التي كانت تبذل الغالي‬ ‫إرضاء للصني أصبحت ال ترى فيها‬ ‫والرخيص ً‬ ‫سوى خصم ًا عنيد ًا تتحينّ الفرصة تلو األخرى‬ ‫الستفزازه وإشعاره بضعفه أمام قوتها وجبروتها‬ ‫محاوالت تعريف اإلرهاب التي انطلقت من‬ ‫اعتباره منط ًا من السلوك وفق ًا لنظريات‬ ‫األنثربولوجيا انتهت إلى استحالة االتفاق على‬ ‫تعريفه أو حتى على إطار عام للتعريف‬


‫‪42‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون دولية‬

‫صورة الشيء الكريه في عيون شعوب العالم‪ ،‬وأن الهدف والرسالة التي‬ ‫يتفق حولها اجلميع أن صفحة االنفراد األمريكي بالقرار الدولي يجب‬ ‫أن تطوي اليوم قبل الغد‪.‬‬ ‫ب) اإلرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل‬ ‫استعصى على الباحثني والسياسيني على حد س��واء االتفاق حول‬ ‫تعريف واحد لإلرهاب‪ ،‬بل ودفعت صعوبة تعريف اإلرهاب بالبعض‬ ‫إلى االكتفاء بوصف خصائص اإلره��اب واإلرهابيني‪ ،‬أما محاوالت‬ ‫تعريف اإلره��اب التي انطلقت من أسبابه أو من سيكولوجيته أو‬ ‫باعتباره ن��وع�اً م��ن احل��رب أو منطاً م��ن السلوك وف�ق�اً لنظريات‬ ‫األنثربولوجيا االجتماعية‪ ،‬أو جزءاً من املفهوم القدمي لإلستراتيجية‬ ‫فقد انتهت إلى استحالة االتفاق على تعريفه أو حتى على إطار عام‬ ‫للتعريف(‪.)11‬‬ ‫ما يعنينا في هذا الصدد هو الرؤية والفهم األمريكي لظاهرة اإلرهاب‬ ‫ال��دول��ي وال �ت��ي اتضحت معاملها‬ ‫ب �ص��ورة جلية ب�ع��د أح� ��داث ‪11‬‬ ‫سبتمبر ‪ 2001‬واملتمثلة في‬ ‫اعتبار أي نوع من النشاط املسلح‬ ‫ال ��ذي ينطلق م��ن أف ��راد أو من‬ ‫جماعات أو من دول ويستهدف‬ ‫إحل��اق الضرر باألمن واملصالح‬ ‫األم��ري �ك �ي��ة أو أم� ��ن وم �ص��ال��ح‬ ‫حلفاءها وإتباعها نشاطاً إرهابياً‬ ‫في وجهة النظر األمريكية‪.‬‬ ‫إذا كان اإلرهاب كظاهرة تاريخية‬ ‫قد اكتسب طابعاً إجرامياً استناداً‬ ‫إلى دوافع ومبررات القيام بالفعل‬ ‫اإلره���اب���ي م ��ن ق �ب��ل ج�م��اع��ات‬ ‫إجرامية كعصابات املافيا وما‬ ‫في حكمها‪ ،‬فإن اإلرهاب الراهن‬ ‫في الواقع الدولي وال��ذي أصبح‬ ‫يش ّكل ظاهرة سياسية تفرض‬ ‫نفسها ع�ل��ى ف�ع��ال�ي��ات النظام‬ ‫الدولي‪ ،‬قد ابتعد إلى حد كبير‬ ‫عن الطابع اإلجرامي من منظور‬ ‫األسباب والدوافع ليكتسب من‬ ‫ه��ذا املنظور طابعه السياسي‬ ‫(ي�ب�ق��ى اإلره � ��اب ك�ف�ع��ل يحمل‬ ‫ط��اب �ع �اً إج��رام��ي��اً س � ��وا ًء كانت‬ ‫دوافعه سياسيه أو غير ذلك من‬ ‫الدوافع)(*)‪.‬‬ ‫بالنظر إلى الواقع الدولي الراهن‬ ‫ميكن اإلق� ��رار ب��أن م��ا تواجهه‬ ‫ال���والي���ات امل �ت �ح��دة األم��ري�ك�ي��ة‬ ‫وي �ش � ّك��ل حت��دي �اً أله��داف �ه��ا في‬ ‫السيطرة والهيمنة على العالم هو‬ ‫إرهاب ينطلق من دوافع سياسية‬

‫محكومة أساساً بالفعل والفعل املضاد‪ :‬الفعل السياسي األمريكي‬ ‫الذي انتهج التسلط والهيمنة وفرض القيم األمريكية (الغربية عموماً)‬ ‫في الدميقراطية والرؤية حلقوق اإلنسان وفرض النظام االقتصادي‬ ‫الذي يحقق املصالح والهيمنة الرأسمالية ويفرض مزيداً من التخلف‬ ‫والفقر على شعوب عالم اجلنوب وسياسة ازدواجية املعايير والكيل‬ ‫مبكيالني(‪ ،)12‬وكل هذه األنواع من السياسات األمريكية بعد انتهاء‬ ‫مرحلة احلرب الباردة‪ ،‬وفي غياب الكابح لهذا االندفاع األمريكي‬ ‫ملمارسة سياسة القوة وفرض كل القيم والوصول إلى كل األهداف‬ ‫من خاللها‪ ،‬هو ال��ذي ولّ��د الفعل املضاد املتمثل في مقاومة الفعل‬ ‫األمريكي مبا يتاح من وسائل املقاومة والتصدي‪ ،‬حيث لم يعد متاحاً‬ ‫في ظل هذا الواقع الدولي التصدي للفعل األمريكي بذات األساليب‬ ‫التي كانت تعتمد على الردع والتوازن ووضوح أطراف القوة املتصارعة‪،‬‬ ‫فإن طبيعة النظام الدولي القائم وطبيعة توزيع القوة فيه هو الذي حتّم‬ ‫ظهور هذا الشكل من القوة التي ستصدى للقوة (املنفردة في العالم)‬ ‫وبوضع يستمر فيه الصراع بني‬ ‫القوتني «تختفي هنا احلسابات‬ ‫التقليدية للقوة» دون أي احتمال‬ ‫إلمكانية حسم الصراع لصالح أي‬ ‫من الطرفني –في رأي الباحث‪-‬‬ ‫ط��امل��ا اس �ت �م��رت آل �ي��ة ال �ص��راع‬ ‫معتمدة على الفعل األمريكي‬ ‫املستند على ال �ق��وة العسكرية‬ ‫بالدرجة األولى ملواجهة الطرف‬ ‫اآلخر من جهة ومن جهة أخرى‬ ‫على رد الفعل (اإلرهابي) املستند‬ ‫على املقاومة باملثل ومبا يتاح له‬ ‫من إمكانيات القوة‪ ،‬ومبحصلة‬ ‫قوامها عجز الطرف األول عن‬ ‫الوصول إلى حتقيق أهدافه في‬ ‫السيطرة والهيمنة التامة على‬ ‫الشأن العاملي وعجزه عن حتقيق‬ ‫(األمن) الذي ينشده‪ ،‬واستمرار‬ ‫بقاء الطرف الثاني في الساحة‬ ‫وقدرته على االستمرار في الفعل‬ ‫امل �ض��اد‪ ،‬خ��اص��ة إذا مت�ك��ن من‬ ‫امتالك أسلحة الدمار الشامل‬ ‫وأرغم على استخدامها‪.‬‬ ‫بشكل مختصر وس��ري��ع ميكن‬ ‫التعرض لألسباب التي جعلت‬ ‫(ال�ظ��اه��رة اإلره��اب�ي��ة) مرتبطة‬ ‫بشكل كبير باإلسالم واحلركات‬ ‫اإلسالمية من جهة وباملنطقة‬ ‫العربية ومنطقة الشرق األوسط‬ ‫عموماً من الناحية اجلغرافية‬ ‫ليمكن القول‪ :‬إن الواقع الدولي‬ ‫ب �ع��د ان �ت �ه��اء احل � ��رب ال� �ب ��اردة‬ ‫وانهيار نظام القطبية الثنائية‬

‫جمد العمل باتفاقية‬ ‫الرئيس الروسي فالدمير بوتن ّ‬ ‫متشددة جتاه‬ ‫األسلحة التقليدية في أوربا ولهجته ّ‬ ‫الواليات املتحدة وحلف الناتو التهامه لهما بخلق‬ ‫ظروف عودة احلرب الباردة من جديد‬ ‫اليابان مستمرة عسكري ًا وسياسي ًا كتابع محكوم‬ ‫بالسيطرة األمريكية إال أن إرهاصاتها الداخلية‬ ‫تدفع باجتاه إعادة النظر في الدستور الياباني وفك‬ ‫االرتباط األمني والسياسي بالواليات املتحدة‬


‫وانفراد الواليات املتحدة بالقوة العسكرية والسياسية في العالم‬ ‫جعل من هذه املنطقة (جغرافياً وثقافياً) الهدف األول لسياسات‬ ‫الهيمنة والتسلط األمريكي انطالقاً من تعارض القيم األمريكية (في‬ ‫السياسة واالقتصاد واالجتماع) مع منظومة القيم في هذه املنطقة‬ ‫وبالتالي فإن فرض األول��ى سينتج بالضرورة مقاومة من الثانية‪،‬‬ ‫وكذلك ارتباط املصالح األمريكية املباشرة (النفط‪ ،‬وجود إسرائيل)‬ ‫بهذه املنطقة جعلها هدفاً للسياسة األمريكية املتمثلة في محاولة‬ ‫السيطرة على نفط الشرق األوسط من جهة وانحيازها التام لصالح‬ ‫إسرائيل وعدم رغبتها في الوصول إلى حل عادل وشامل للصراع‬ ‫العربي اإلسرائيلي‪ ،‬كل هذه األسباب جعلت من املنطقة بؤرة اهتمام‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية وساحة نشاطها األساسية بعد انتهاء‬ ‫احلرب الباردة وبالتالي ساحة الصراع األساسية في ظل النظام‬ ‫الدولي اجلديد(‪.)13‬‬ ‫من جانب آخر ميثل اتساع دائرة األطراف الدولية املالكة للسالح النووي‬ ‫حتدي آخر حملاوالت الهيمنة والسيطرة األمريكية‪ ،‬ال يخفي أن انهيار‬ ‫االحتاد السوفيتي السابق وتسرب (العلماء وامل��واد) زاد من احتمال‬ ‫امتالك دول أو جماعات إلمكانيات التسلح النووي‪ ،‬ويكفي اإلشارة‬ ‫إلى أن دولتني أعلنتا رسمياً امتالكهما للسالح النووي هما الباكستان‬ ‫وكوريا الشمالية بعد انتهاء احلرب الباردة‪ ،‬واالحتمال ال يزال قائماً في‬ ‫متكن دول أخرى من إنتاج السالح النووي‪ ،‬ولعل الضغوط القائمة حالياً‬ ‫على إيران وبرنامجها النووي تعكس التخوف األمريكي والغربي من‬ ‫اكتساب هذه الدولة عضوية النادي النووي في ظل نظامها السياسي‬ ‫املعادي ألمريكا وتوجهاتها‪ ،‬وال يخفى على أحد التغيرات التي طرأت‬ ‫على السياسة األمريكية جتاه كل من الباكستان وكوريا الشمالية بعد‬ ‫إعالن كل منهما عن سالحها النووي‪ ،‬ففي احلالة األول��ى حرصت‬ ‫الواليات املتحدة على بقاء واستمرار الباكستان ونظامها السياسي‬ ‫تسير في الفلك األمريكي من خالل سياسة املساعدات والدعم املالي‬ ‫والتواجد العسكري املباشر في شكل قواعد عسكرية‪ ،‬بل واعتبارها‬ ‫احلليف الرئيسي في احلرب على حركة طالبان وتنظيم القاعدة في‬ ‫أفغانستان(‪.)14‬‬ ‫وف��ي احلالة الثانية تغيرت اللهجة األمريكية –فجأة‪ -‬جت��اه كوريا‬ ‫الشمالية مبجرد أن أعلنت عن إنتاجها للقنبلة النووية‪ ،‬وبدأت معها‬ ‫نوع من احلوار املعتمد على اإلغراءات والعروض االقتصادية واملالية‬ ‫للحد من تنامي برنامجها النووي وتوسعه‪ ،‬وصار التعامل معها كطرف‬ ‫لم يعد ع��دواً ل��دوداً –كما كان قبل قليل‪ -‬عندما اعتبرت في نظر‬ ‫أمريكا أحد دول محور الشر الثالث(‪.)15‬‬

‫هوامش‬

‫الصني تواصل تضخيم ترسانتها النووية‬

‫(‪ )1‬نقالً عن سعيد الالوندي‪ ،‬القرن احلادي والعشرون‪ ...‬هل يكون‬ ‫أمريكياً؟ (مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.125‬‬ ‫(‪ )2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.140‬‬ ‫(‪ )3‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.147‬‬ ‫(‪ )4‬محمد سعد أبو عامود (العالقات األمريكية الصينية)‪ ،‬السياسة‬ ‫الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،145‬يوليو‪ ،)2001 ،‬ص‪.98‬‬ ‫(‪ )5‬عمر املبروك سباقه‪ ،‬الهيمنة األمريكية في ظل النظام العاملي‬ ‫اجلديد‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪( ،‬أكادميية الدراسات العليا‪:‬‬ ‫طرابلس‪ ،)2004-2003 ،‬ص‪.57‬‬ ‫(‪ )6‬سعيد الالوندي‪ ،‬القرن احلادي والعشرون‪ ...‬هل يكون أمريكاً‪،‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص ‪.158 157-‬‬ ‫(‪ )7‬نفس املصدر السابق‪ ،‬ص‪.160‬‬ ‫(‪ )8‬قناة اجلزيرة اإلخبارية‪ ،‬برنامج حصاد اليوم‪.2007/4/26 ،‬‬ ‫(‪ )9‬عبد اخل��ال��ق عبد ال��ل��ه‪« ،‬النظام العاملي اجل��دي��د‪ ...‬احلقائق‬ ‫واألوهام»‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،124‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.50‬‬ ‫(‪ )10‬سعيد الالوندي‪ ،‬القرن احلادي والعشرون‪ ...‬هل يكون أمريكياً؟‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.131‬‬ ‫(‪ )11‬عبد الله األشعل‪« ،‬مستقبل احلملة األمريكية ملكافحة اإلرهاب‬ ‫في ضوء االجتاهات الدولية احلديثة»‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪،159‬‬ ‫(يناير‪ ،)2005 ،‬ص‪.27‬‬ ‫() اإلرهاب كفعل (إجرامي) ينطلق من دوافع ومبررات سياسية (قد‬ ‫تكون عادلة) ال يختلف في رأي الباحث عن (احلرب) كفعل إجرامي‬ ‫املجرد من األسباب واملبررات‪ ،‬ومبا يعني أن‬ ‫باملنظور األخالقي للفعل‬ ‫ّ‬ ‫هذا الفعل –في احلالني‪ :‬اإلرهاب واحلرب‪ -‬قد يكون (غير إجرامي)‬ ‫باملنظور األخالقي عندما تكون دوافعه ومبرراته عادله ومشروعة‪،‬‬ ‫ميز –إلى حد ما‪ -‬بني احلرب‬ ‫وإذا كان الفكر السياسي احلديث قد ّ‬ ‫العادلة واحلرب العدوانية واحلرب املشروعة واحلرب غير املشروعة‪،‬‬ ‫فإنه سيصل يوم ًا ما –من خالل نفس الطريق‪( -‬البحث في األسباب‬ ‫وال��دواف��ع) –إلى التفريق بني اإلره��اب كظاهرة إجرامية ‪-‬وه��و أمر‬ ‫يخص القانون‪ -‬وبني اإلرهاب كنوع من الدفاع الشرعي عن القضايا‬ ‫العادلة ورد العدوان‪ ،‬وهو ما يخص السياسة ومبا ال يختلف كثير ًا عن‬ ‫التعامل مع ظاهرة احلرب‪ ....‬الباحث‪.‬‬ ‫(‪ )12‬البشير على املبروك‪ ،‬العالم في مواجهة اإلرهاب الدولي‪ ،‬رسالة‬ ‫ماجستير غير منشورة‪( ،‬طرابلس‪ :‬أكادميية الدراسات العليا‪،)2006 ،‬‬ ‫ص‪.108‬‬ ‫(‪ )13‬السيد أمني شلبي‪« ،‬اإلره���اب الدولي‪ ،‬املصادر واإلشكاليات»‪،‬‬ ‫السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،162‬أكتوبر‪ ،)2005 ،‬ص‪.‬ص ‪.127-126‬‬ ‫(‪ )14‬محمد عبد السالم‪« ،‬األسلحة النووية وعالم القرن احلادي‬ ‫والعشرون»‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،161‬يوليو ‪ ،)2005‬ص‪.233‬‬ ‫(‪ )15‬أحمد ديابن‪« ،‬املوقف األمريكي من القوى التورية الناشئة»‪،‬‬ ‫السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،162‬أكتوبر‪ ،)2005 ،‬ص‪.212‬‬


‫‪44‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون اقتصادية‬

‫ثروات الشعوب‬ ‫في دوامة االستثمارات‬ ‫العالمية‬

‫المرجعية‬ ‫األوروأمريكية‬ ‫لتناقضات التدويل‬ ‫المالي‬ ‫ال شك أن تزايد درجة االندماج والتداخل املالي بني معظم دول العالم‬ ‫(بشقيه املتقدم واملتخلف) سوف يترتب عليه ذوبان (احلدود اجلغرافية)‬ ‫القائمة بني البلدان وتآكل مفهوم (السيادة القومية) للدول‪ ،‬وهكذا مع‬ ‫اتساع وتعميق عمليات االن��دم��اج املالي من خ�لال امل��ص��ارف والبورصات‬ ‫وأسواق النقد سوف تفقد السلطات املالية والنقدية والوطنية سيطرتها‬ ‫على أدوات السياسة االقتصادية احمللية‪ ،‬وعلى مقدراتها االقتصادية في‬ ‫العالم بشكل ال يعبأ باحلدود اجلغرافية والسيادات الوطنية‪.‬‬

‫محمد الساعدي *‬


‫بالرغم من إدعاءات العدالة تبقى الواليات املتحدة هي األكثر تناقض ًا‬

‫تناقضات العوملة‬ ‫أ‪ .‬العوملة املالية‬ ‫هناك ما يسمى (بالعوملة املالية) حيث جتري عملية (تدويل) املدخرات‬ ‫القومية لتصب في أوعية املراكز املالية الكبرى ليجري إعادة تدويلها‬ ‫في شكل قروض لبلدان العالم الثالث التي تعاني قصوراً في األموال‬ ‫الالزمة لتمويل برامجها االستثمارية وخططها اإلمنائية وينطبق هذا‬ ‫بشكل خاص على الوطن العربي‪ ،‬حيث يتم إي��داع وتوظيف اجلانب‬ ‫األكبر من الفوائض املالية للمؤسسات احلكومية في (دول الفائض)‬ ‫النفطية ومدخرات األفراد (دول العجز) غير النفطية في أسواق املال‬ ‫واملصارف الكبرى في الوقت الذي كانت تتراكم وتتصاعد املديونيات‬ ‫اخل��ارج �ي��ة للعديد م��ن البلدان‬ ‫العربية‪ ،‬وفي ظل هذه التطورات‬ ‫يتم تعزيز الهيمنة املالية للبلدان‬ ‫الرأسمالية املتقدمة على حركة‬ ‫املدخرات في جميع أرجاء العالم‬ ‫ويفقد راس ��م السياسة احمللي‬ ‫سيطرته التدريجية على تلك‬ ‫امل��دخ��رات احمللية ال�ت��ي جتري‬ ‫(دول��رت �ه��ا) ه��روب �اً م��ن العمالت‬ ‫احمللية املتآكلة وسعياً وراء ما‬ ‫يعتقد البعض أن��ه واح��ة األم��ان‬ ‫واالستقرار‪ ،‬وأيا كانت األسباب‬ ‫االقتصادية والسياسية التي تدفع‬ ‫إلى هذا النمط من السلوك فإن‬ ‫ال��واق��ع األل�ي��م يتمثل باستنزاف‬ ‫(ال �ط��اق��ة االدخ� ��اري� ��ة احمل�ل�ي��ة)‬

‫وبالتالي إدمان القروض واملساعدات األجنبية في ظل عالقات مالية‬ ‫تتسم باالندماج والتداخل بني أطراف غير متكافئة‪.‬‬ ‫ب‪ .‬االنفصام بني االقتصاد العيني واملالي‬ ‫من جانب آخر فإن أحد التناقضات الرئيسية التي حتكم تطور النظام‬ ‫االقتصادي العاملي عند نهاية القرن العشرين وبداية القرن احلادي‬ ‫والعشرين تتمثل في تلك (االنفصالية) املتزايدة بني حركة (االقتصاد‬ ‫العيني) (أي تدفق السلع املادية واخلدمات احلقيقية) من ناحية وحركة‬ ‫(االقتصاد املالي) أي معدل دوران العمالت وأمناط التوظيفات املالية‪،‬‬ ‫وقد رافق عمليات االجتار املتزايد في العمالت ارتفاع معدالت إقراض‬ ‫األموال قصيرة األجل من جانب البلدان الرأسمالية املتقدمة بحثا عن‬ ‫العائد األعلى خارج نطاق اقتصاديات تلك البلدان‪ ،‬نظراً النخفاض‬ ‫العائد والربحية على االستثمارات‬ ‫العينية احلقيقة في بلدان العالم‬ ‫األول وه� ��ذا ي� ��ؤدي ب� ��دوره إل��ى‬ ‫املزيد من (هشاشة) النظام املالي‬ ‫ال��دول��ي ال��راه��ن وارت �ف��اع درج��ة‬ ‫(ع���دم ال �ت��أك��د) وامل �خ��اط��رة في‬ ‫أسواق املال العاملية‪ ،‬وإلى الفشل‬ ‫املتزايد لصندوق النقد الدولي في‬ ‫حتقيق االستقرار النقدي واملالي‬ ‫على الصعيد املالي‪.‬‬ ‫وق ��د أدى ك��ل ذل ��ك إل ��ى صعود‬ ‫وان� �ت� �ش���ار (ث� �ق ��اف ��ة امل��ض��ارب��ة‬ ‫وال�س�م�س��رة امل��ال �ي��ة) م��ن خ�لال‬ ‫بورصات األوراق املالية العريقة‬ ‫والناشئة على السواء مع اتساع‬ ‫وانتشار أدوات مالية جديدة‪،‬‬

‫العوملة املالية تعني تدويل املدخرات القومية‬ ‫لتصب في أوعية املراكز املالية الكبرى ويجري‬ ‫إعادة تدويرها في شكل قروض لبلدان العالم‬ ‫الثالث التي تعاني قصور ًا في متويل استثماراتها‬ ‫وخططها اإلمنائية‬


‫‪46‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون اقتصادية‬

‫ومن ثم أصبح تكوين األموال والثروات حتكمه (لعبة احلظ واملصادفة)‬ ‫أكثر مما حتكمه اعتبارات منو اإلنتاجية احلقيقية والتراكم الرأسمالي‬ ‫احلقيقي على نحو ما كان يحدث في إطار رأسمالية القرن التاسع‬ ‫عشر ومعظم عقود القرن العشرين‪.‬‬ ‫ج‪ .‬الهشاشة وعدم االستقرار‬ ‫وفي ضوء كل هذا فإننا جند أن هناك اعترافاً متزايداً في أوساط‬ ‫كبار أساتذة االقتصاد واملتحكمني في املؤسسات املالية الدولية بأن‬ ‫النظام املالي ال��دول��ي يعاني من‬ ‫درجة متزايدة من الهشاشة وعدم‬ ‫االستقرار في ظل العوملة املتزايدة‬ ‫ألسواق املال والعمالت‪ ،‬كما أنه‬ ‫يفتقد إلى القواعد املنظمة التي‬ ‫حتكم سلوك املضاربني املاليني‬ ‫وش ��رك ��ات ال �س �م �س��رة ال��دول �ي��ة‬ ‫مبا يحقق مزيدا من الشفافية‬ ‫وض �ب��ط ح��رك��ة رؤوس األم ��وال‬ ‫قصيرة األجل (سريعة التداول)‬ ‫حماية ملسيرة التنمية والتقدم في‬ ‫بلدان العالم النامي‪.‬‬ ‫وهكذا فإن هناك ضرورة ملحة‬ ‫(خ��اص��ة م��ن وج�ه��ة نظر بلدان‬ ‫اجل� �ن ��وب) ل��وض��ع إط� ��ار جديد‬ ‫وقواعد سلوك تتالءم مع تطورات‬

‫واقع عالم املال اجلديد لضمان حد أدنى من االستقرار ومحاصرة آثار‬ ‫املضاربات املالية ودخول العديد من البورصات الناشئة دائرة (التدويل‬ ‫امل��ال��ي) وذل��ك حتى ميكن التخفيف من ح��دة الصدمات اخلارجية‬ ‫والذعر املالي الذي يؤثر على أداء األسواق املختلفة‪ ،‬ويعصف ببعض‬ ‫مكونات االقتصاد احلقيقي في بلدان العالم النامي‪ ،‬ويكاد يتوافق رأي‬ ‫كبار االقتصاديني في العالم على ضرورة البحث عن (حلول جادة) لهذه‬ ‫املشكلة ألنها متثل أحد مخاطر العوملة والتحرير والتدويل املالي املبكر‬ ‫ألسواق املال الناشئة‪.‬‬ ‫د‪ .‬ال��ف��ج��وة ب�ي�ن اإلن���ت���اج‬ ‫والتوزيع‬ ‫إن القضية اجلوهرية سوف تظل‬ ‫تتمثل ف��ي م��دى ك �ف��اءة النظام‬ ‫املالي املعولم ملساندة عملية النمو‬ ‫والتنمية في بلدان اجلنوب والعالم‬ ‫النامي التي انفتحت مؤخراً على‬ ‫السوق العاملي وحررت بورصاتها‬ ‫وح�س��اب رأس امل��ال لديها على‬ ‫أمل أن تستفيد من بعض مكاسب‬ ‫وثمار العوملة‪ ،‬ولكن قد يحدث‬ ‫العكس متاماً في نفس الوقت‪،‬‬ ‫فإن هناك تناقضاً رئيسياً سوف‬ ‫يحكم مسار رأسمالية بوابات‬ ‫القرن احل��ادي والعشرين وهو‪:‬‬

‫رافق عمليات االجتار املتزايد في العمالت‬ ‫ارتفاع معدالت إقراض األموال قصيرة األجل‬ ‫من جانب البلدان الرأسمالية املتقدمة بحث ًا‬ ‫عن العائد األعلى خارج نطاق اقتصاديات‬ ‫تلك البلدان‬


‫العوملة املالية وظفت ثروات الشعوب دون أن يستفيد منها أصحاب الثروات‬

‫التناقض بني تلك القدرة الهائلة على اإلنتاج وتنوع املعروض من السلع‬ ‫واخلدمات بفضل منجزات التكنولوجيا احلديثة من ناحية‪ ،‬وقصور‬ ‫الطلب الكلي على هذه املنتجات نتيجة ارتفاع معدالت البطالة وسوء‬ ‫توزيع الدخل بني فئات املجتمع األخرى‪.‬‬ ‫هـ‪ .‬زيادة حجم البطالة‬ ‫في ظل التغيرات احلادثة في أمناط تقسيم العمل وأساليب تنظيم‬ ‫اإلنتاج بفضل ثورة االتصاالت واملعلومات هناك اعتراف متزايد بأننا‬ ‫ن�ش�ه��د ن�ه��اي��ة ع�ص��ر (ال�ت��وظ��ف‬ ‫الكامل) (الوظائف الدائمة) التي‬ ‫ت��ؤم��ن ال��ن��اس م��ن خ ��وف وقلق‬ ‫املستقبل‪.‬‬ ‫وأن م�ع�ظ��م أف � ��راد ق���وة العمل‬ ‫باستثناء (النخبة فائقة املهارة)‬ ‫سوف يتقلبون بني التوظف غير‬ ‫ال �ك��ام��ل وال �ب �ط��ال��ة امل�ف�ت��وح��ة أو‬ ‫املقنعة لفترات قد تطول أو تقصر‬ ‫وي�ق��اب��ل ه��ذا ت��راج��ع وانسحاب‬ ‫مؤسسات (الدولة) من العديد من‬ ‫وظائفها االجتماعية واالقتصادية‬ ‫وت �ق �ل��ص م� �ظ�ل�ات ال �ت��أم �ي �ن��ات‬ ‫واألم��ان االجتماعي‪ ،‬وهكذا فإن‬ ‫تفاقم هذا التناقص قد يقود إلى‬ ‫ظهور (الطاقات العاطلة) وغير‬

‫املستغلة وبالتالي يضعف امليل نحو االستثمار اجلديد حتى عندما‬ ‫يحدث (النمو االقتصادي) دون زي��ادة حجم التوظف‪ ،‬ال سيما في‬ ‫مجتمعات مثل مجتمعاتنا فإن األزمات االقتصادية سوف تتفاقم‪.‬‬ ‫واختالل التوازنات القائمة‪.‬‬ ‫وفقاً لهذه الرؤية فإن الفجوة املتزايدة بني معدالت منو (العرض الكلي)‬ ‫ومعدالت منو تركيبه (الطلب الكلي) في معظم األس��واق أو بعضها‬ ‫داخل االقتصاد الوطني‪ ،‬أو على صعيد االقتصاد العاملي في مجمله‬ ‫سوف تقود إلى أزمات اقتصادية‬ ‫واجتماعية من طراز جديد ولن‬ ‫تكون (رأسمالية القرن احلادي‬ ‫وال� �ع� �ش ��ري ��ن) ب �ل�ا ت �ن��اق �ض��ات‬ ‫واحتكاكات على نحو م��ا ذهب‬ ‫إليه بعض املفكرون‪.‬‬ ‫وه � �ك� ��ذا ي �ت �ض��ح أن اخ� �ت�ل�ال‬ ‫ال� �ت ��وازن ��ات ب�ي�ن (امل� � � ��ادي) أو‬ ‫اإلن �ت��اج��ي (واالج��ت��م��اع��ي) أو‬ ‫ال� �ت ��وزي� �ع ��ي ي �ش �ك��ل ال �ت �ن��اق��ض‬ ‫ال��رئ �ي �س��ي ال���ذي س ��وف يحكم‬ ‫م �س �ي��رة ال �ت �ط��ور ال��رأس �م��ال��ي‬ ‫احل ��دي ��ث ف ��ي ظ ��ل االع �ت �م��اد‬ ‫املطلق على آليات السوق وتآكل‬ ‫دولة الرفاه «ولكن يظل التناقض‬ ‫(الذي سبق احلديث عنه) أال‬

‫هناك ضرورة ملحة من وجهة نظر بلدان اجلنوب‬ ‫لوضع قواعد تتالءم مع تطورات واقع عالم املال‬ ‫لضمان حد أدنى من االستقرار ومحاصرة آثار‬ ‫املضاربات املالية ودخول العديد من البورصات‬ ‫الناشئة دائرة التدويل املالي‬


‫‪48‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫شؤون اقتصادية‬

‫وه��و‪ :‬االنفصالية املتزايدة بني (االقتصاد العيني) (واالقتصاد‬ ‫املالي) في بنية االقتصاد الرأسمالي العاملي»‪.‬‬ ‫املرجعية األورو – أمريكية‬ ‫إن مكمن اخلطورة في عملية العوملة تتمثل في كونها تستمد مرجعيتها‬ ‫من تصورات وممارسات أورو‪ -‬أمريكية‪ ،‬أو باألحرى أمريكية‪ ،‬مما‬ ‫يعني أنها ليست نتاجاً لتفاعالت بني احلضارات واملذاهب املختلفة‬ ‫على مستوى العالم أجمع‪ ،‬وهو ما يؤدي بدوره إلى تنميط العالم بشكل‬ ‫معني يتيح للقوى العاملية املسيطرة أن تتحكم في العديد من الفعاليات‬ ‫العاملية سواء السياسية أو االقتصادية على النحو التالي‪:‬‬ ‫إن شهادة ميالد وبقاء دول العالم الثالث بحدودها الراهنة هي شهادة‬ ‫غربية متمثلة في ركن االعتراف (الدولي) وبدون هذه الشهادة لم يكتب‬ ‫لكثير من هذه الدول البقاء‪ ،‬فمازلنا نتحدث عن دولة الصومال ودولة‬ ‫ليبريا مثال رغم انهياريهما‪ ،‬ألنه لم يتم سحب االعتراف من أي منهما‬ ‫وفي املقابل لم يتم االعتراف بجمهورية أرض الصومال التي مت إعالنها‬ ‫في مايو ‪ 1990‬م‪ ،‬رغم أنها كانت تنطوى على كل أركان الدولة في‬ ‫ذلك الوقت‪.‬‬ ‫وبصرف النظر عن ال ��دالالت وامل��واق��ف السياسية احمليطة بدولة‬ ‫الصومال ورؤى القوى اإلقليمية املجاورة لها بهذا اخلصوص فإن‬ ‫مجرد ع��دم اعتراف الغرب بها‬ ‫جعلها مجهولة النسب والهوية‪.‬‬ ‫كذلك ف��إن ش�ه��ادة حسن سيرة‬ ‫وس�ل��وك دول العالم الثالث هي‬ ‫ش �ه��ادة غ��رب�ي��ة أي �ض �اً‪ ،‬ذل ��ك إن‬ ‫س�ل��وك ه��ذه ال� ��دول ف��ي املجال‬ ‫السياسي يُق ّيم على أساس مدى‬ ‫التزامها بالدميقراطية ومببادئ‬ ‫حقوق اإلن �س��ان وم��ن ث��م تصدر‬ ‫ال �ش �ه��ادة م�ع�ب��رة ع��ن ك ��ون ه��ذه‬ ‫ال��دول حسنة السلوك أم سيئة‬ ‫السلوك وإرهابية‪.‬‬ ‫وال�ل�اف ��ت ل�ل�ن�ظ��ر ه �ن��ا أن ه��ذه‬ ‫املعايير ال تطبق على كل احلاالت‬ ‫مبعايير عادلة‪ ،‬فهناك ازدواجية‬ ‫في التعامل وفي املعايير ومتنح‬ ‫ه��ذه ال�ش�ه��ادة اخل��اص��ة بحسن‬ ‫السلوك ملن يرعى تلك املصالح‬ ‫األورو‪-‬أم��ري�ك�ي��ة بصرف النظر‬ ‫ع���ن م � ��دى ال� �ت ��زام� �ه ��ا ب �ح �ق��وق‬ ‫اإلن �س��ان‪ ،‬أم��ا ال��دول التي ترفع‬ ‫م��رج �ع �ي��ة أخ � ��رى س � ��واء ك��ان��ت‬ ‫(إسالمية أو قومية أو غير ذلك)‬ ‫فتوصف باإلرهاب بحكم كونها‬ ‫ت�ت�ص��ادم م��ع مقتضيات عملية‬ ‫العوملة أو املصالح الغربية ولعل‬ ‫منوذجي إسرائيل والعراق خير‬

‫تعبير كأمثلة الزدواجية املعايير الدولية‪.‬‬ ‫كما أن تقييم سلوك دول العالم الثالث وشعوبه في امليدان االقتصادي‬ ‫يرتكز إلى نفس املرجعية فلكي حتصل الدول على قروض من صندوق‬ ‫النقد الدولي‪ ،‬يحتاج األمر إلى شهادة حسن سير وسلوك يصدرها‬ ‫الصندوق لتكسب هذه الدولة أو تلك املصداقية أمام الدائنني‪ ،‬الدوليني‬ ‫ولكي تسمح لسلعة منتجة محلياً بالتصدير إلى األس��واق األوروبية‬ ‫واألمريكية البد لهذه السلعة من أن تفي بشروط املستهلك األوروبي‬ ‫واألمريكي وأحياناً يتطلب األمر احلصول على شهادة (األيزو) مثال‬ ‫لتكون هذه السلعة محل ثقة‪.‬‬ ‫فضال عن أن تقييم سلوك وثقافات شعوب العالم الثالث يرتكن لذات‬ ‫املرجعية ذلك أن سلوكهم وثقافتهم (باملفهوم الواسع للثقافة) متخلفة‬ ‫وبدائية وهمجية وبربرية ووحشية وإرهابية‪ ...‬إلخ «فلباسهم ومأكلهم‬ ‫متخلف وغير عملي‪ ،‬ومعتقداتهم حتض على التخلف بل واإلرهاب‬ ‫ولغاتهم ال تستجيب ملقتضيات العلم احلديث»‪.‬‬ ‫املشكالت املرتبطة بظاهرة العوملة‬ ‫على الرغم من التطور الهائل الذي بلغه املجتمع العاملي وهو يخطو‬ ‫خطوات سريعة نحو عصر العوملة فإنه سيتعرض لكثير من التداعيات‬ ‫واآلث��ار السلبية واملشاكل غير املسبوقة والتي ترتبط بصفة خاصة‬ ‫ب��ال �ق �ي��م وامل � �ب� ��ادئ واأله� � ��داف‬ ‫املشتركة التي يرتكز عليها بنيان‬ ‫العالقات االجتماعية والسياسية‬ ‫واالقتصادية للمجتمع العاملي‪.‬‬ ‫ول�ع��ل م��ن أه��م ه��ذه التداعيات‬ ‫وأخ �ط��ره��ا ش��أن �اً ت��آك��ل س�ي��ادة‬ ‫ال� ��دول� ��ة ال� � ��ذي ي �ع �ت �ب��ر احمل���ور‬ ‫الرئيسي لسائر القيم واملبادئ‬ ‫األساسية للمجتمع املعاصر‪ ،‬فقد‬ ‫أدت ظ��اه��رة العوملة إل��ى تفكك‬ ‫س�ل�ط��ة احل �ك��م ال �ت��ي أصبحت‬ ‫مت ��ارس على مستويني آخرين‬ ‫إلى جانب املستوى القومي وهما‪:‬‬ ‫املستوى احمللي واملستوى فوق‬ ‫األممى أو الدولي‪.‬‬ ‫ف��امل�لاح��ظ أن���ه ق ��د من ��ت على‬ ‫املستوى احمللي بعض العالقات‬ ‫وال��رواب��ط امل�ب��اش��رة عبر ال��دول‬ ‫بني السلطات واألجهزة احمللية‬ ‫التي تتخذ العديد من املبادرات‬ ‫ال�س�ي��اس�ي��ة م �ت �ج��اوزة ف��ي ذل��ك‬ ‫احلكومات املركزية فعلى سبيل‬ ‫امل �ث��ال‪ :‬هناك بعض املقاطعات‬ ‫الكندية والصينية وكذلك بعض‬ ‫ال��والي��ات األمريكية لها بعثات‬ ‫دبلوماسية ف��ي اخل ��ارج وتعمل‬ ‫في استقالل نسبي عن سفارتها‬

‫أصبح تكوين األموال والثروات حتكمه لعبة‬ ‫احلظ واملصادفة أكثر مما حتكمه اعتبارات منو‬ ‫اإلنتاجية والتراكم الرأسمالي احلقيقي‬

‫في ظل تناقضات التدويل املالي هناك اعتراف متزايد‬ ‫بأننا نشهد نهاية عصر التوظف الكامل أو الوظائف‬ ‫تؤمن الناس من خوف وقلق املستقبل‬ ‫الدائمة التي ّ‬ ‫هناك ازدواجية في املعايير متنح مبوجبها‬ ‫شهادة حسن سيرة وسلوك ملن يرعى املصالح‬ ‫األوروأمريكية بصرف النظر عن مدى التزامه‬ ‫بحقوق اإلنسان‬


‫من املشاهد املؤذية في املدن األمريكية‬

‫القومية‪ ،‬وفي أوروبا يوجد حوالي خمسني حكومة إقليمية في سبع‬ ‫عشرة دولة لها عالقات مباشرة مع نظيراتها من خالل مجلس املناطق‬ ‫األوروبية وجلنة االحتاد األوروبي للمناطق احمللية‪.‬‬ ‫وعلى مستوى البلديات كذلك تقوم بعض السلطات احمللية فيها عبر‬ ‫السيادات القومية بوضع السياسات اخلاصة بشؤون كثيرة مثل احلد‬ ‫من التلوث ومنع اجلرمية ونزع السالح والتعاون في مشروعات التنمية‪،‬‬ ‫وهذا االجتاه ليس غريباً وخاصة فيما يتعلق باملراكز احلضارية الكبرى‬ ‫حيث جند أن التدفقات الرأسمالية العاملية وشبكات االتصاالت غالباً ما‬ ‫تربط املدن العاملية مثل‪ :‬سنغافورة وفرانكفورت مع بعضها بعضاً في‬ ‫عالقات متارس من خاللها اختصاصات خارج نطاق السلطات القومية‪.‬‬ ‫وعلى املستوى الدولي أو فوق األممي يالحظ أن كثيراً من اختصاصات‬ ‫الدولة قد انتقلت إلى السلطات أو الهيئات الدولية فقد منت أجهزة‬ ‫تنظيمية بني حكومات الدول بدرجة هائلة نتيجة للعوملة في كل مكان‬ ‫من العالم‪ ،‬وم��ن أب��رز ه��ذه األج�ه��زة بعض املنظمات مثل‪ :‬االحت��اد‬ ‫األوروب��ي ال��ذي أص��در حتى اآلن عشرين ألف الئحة تلتزم بها دول‬ ‫االحتاد‪.‬‬ ‫وفي مجال السياسة االقتصادية تقوم منظمة التعاون االقتصادي‬ ‫والتنمية منذ الستينات بإصدار توجيهات للدول واألعضاء بشأن كثير‬ ‫من املسائل مثل‪ :‬تخفيض مخصصات دول��ة الرفاهية وخلق فرص‬ ‫العمل واحلد من سلطات الهيئات متعددة اجلنسيات‬ ‫كما أن األمم ق��د تعاظم دوره ��ا ف��ي القيام بأعمال التنسيق بني‬ ‫احلكومات في كثير من املجاالت‪ ،‬وذلك بصفة خاصة داخل اللجان‬ ‫التابعة للمنظمة الدولية‪ .‬ولعل من أكثر الهيئات الدولية تدخ ً‬ ‫ال في‬ ‫اختصاصات ال��دول كل من‪ :‬صندوق النقد الدولي والبنك الدولي‪،‬‬ ‫اللذان كثيراً ما يلزمان الدول ببعض االلتزامات املالية ملواجهة ما تعانيه‬ ‫من نقص السيوله النقدية‪ ،‬وقد يلجآن في بعض احلاالت إلى إرسال‬ ‫مندوبني لهما إلى بعض الدول ملمارسة الرقابة على وزارات املالية فيها‪.‬‬ ‫وفض ً‬ ‫ال عن ذلك فإن منظمة التجارة العاملية التي أنشئت عام ‪1995‬‬ ‫م والتي تُعد أقوى ما أفرزته ظاهرة العوملة من الهيئات الدولية تباشر‬ ‫مدى واسعاً من األنشطة الرقابية والقضائية في مواجهة اخلالفات‬ ‫واملشكالت التجارية العديدة التي تنشب بني الدول‪.‬‬ ‫وباإلضافة إل��ى هذين املستوىين الرسميني من مستويات احلكم‬

‫يوحد مستوى آخ��ر غير رسمي وه��و حكومة ق��وى السوق العاملي‪،‬‬ ‫فليست كل القواعد التي حتكم العالم اليوم في عصر العوملة نابعة من‬ ‫السلطات الرسمية‪ ،‬ولكن األسواق أيضاً أخذت تلعب دوراً هاماً في‬ ‫تنظيم االقتصاد العاملي وهي تتدخل غالباً حيث تتخلف أجهزة الدولة‬ ‫واملنظمات العاملية‪ ،‬فبالنسبة لسوق األوراق املالية مثال يقوم االحتاد‬ ‫الدولي ملبادالت األوراق املالية واجلمعية الدولية ألس��واق السندات‬ ‫بتحديد القواعد املنظمة لهذه املبادالت كما تقوم البنوك التجارية‬ ‫مببادرات هامة في إدارة األزم��ات املالية في ال��دول التي تعاني من‬ ‫مشكلة املديونية اخلارجية منذ عام ‪ 1982‬م‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى فإن مبادرات القطاع اخلاص تؤدي دوراً فعاالً في‬ ‫عالم املال واالقتصاد واالستثمار والتنمية وخلق فرص العمل ليس على‬ ‫املستوى الوطني فحسب ولكن أيضاً على املستوى العاملي‪.‬‬ ‫ويالحظ مما تقدم أن الدولة في ظل العوملة لم تعد فاع ً‬ ‫ال موحداً ال‬ ‫يتجزأ ولكن يوجد إلى جانبها مجموعة من األجهزة والقوى الداخلية‬ ‫واخلارجية التي تسيطر على عملية صنع القرار‪ ،‬مما يعنى تقلص‬ ‫وانكماش مبدأ السيادة الذي كان يقصد به أن الدولة متارس سلطة‬ ‫شاملة ومتسعة بحيث ميكنها مباشرة كافة االختصاصات من جميع‬ ‫األنواع في مختلف أرجاء إقليم الوطن‪ ،‬ويتفرع عن ذلك نتيجة هامة‬ ‫تتصل بالدميقراطية ومآلها في عصر العوملة‪.‬‬ ‫فإذا كانت الدميقراطية مهما اختلفت صورها تعني حكم الشعب وأنه‬ ‫هو وحده صاحب احلق في صنع القرار فإن عوملة املجتمع الدولي‬ ‫أفضت إلى حجب إرادات الشعوب التي أصبح دوره��ا قاصراً على‬ ‫اختيار الهيئة احلاكمة‪ ،‬بينما يتعاظم ال��دور الذي تلعبه قوى السوق‬ ‫في صنع جميع القرارات املتعلقة بحركة التدفقات الرأسمالية وأوجه‬ ‫االستثمار وشئون املال وتوفير فرص العمل وغير ذلك من أوجه النشاط‬ ‫االقتصادي واالجتماعي الذي متسك بخيوطه جماعات املستثمرين‬ ‫واجلمعيات العمومية حلملة األسهم والسندات ومجالس إدارتها «فمن‬ ‫ينتمون في الغالب إلى هيئات أو مؤسسات هم من خارج الوطن‪ ،‬وهكذا‬ ‫فإن ما يقع في أسواق املال في واشنطن أو كواالالمبور من أحداث يؤثر‬ ‫على مثيالتها في كل من لندن وباريس وطوكيو والقاهرة»‪.‬‬ ‫( ) د‪ .‬محمد الساعدي رئيس جامعة سرت سابقاً‪.‬‬

‫*‬


‫‪50‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫القومي‬ ‫للترجمة‬ ‫يصدر أول‬ ‫رواية معربة‬ ‫«روبنصن‬ ‫كروزى»‬ ‫إبراهيم سليمان‬ ‫صدر حدي ًثا عن املركز‬ ‫القومي للترجمة‪ ،‬رواية‬ ‫حتت عنوان «روبنصن‬ ‫كروزى» تأليف دانييل‬ ‫ديفو‪ ،‬وتقدمي خيرى‬ ‫دومة‪ ،‬ضمن ‪ 9‬إصدارات‬ ‫جديده في سلسلة ميراث‬ ‫الترجمة‪.‬‬ ‫يعتبر العمل أول رواية‬ ‫معربة صدرت في العام‬ ‫‪ 1935‬وهناك العديد من‬ ‫التساؤالت التي جتيب‬ ‫عنها مقدمة الكتاب‪ ،‬حول‬ ‫أن تكون هذه الرواية أول‬ ‫رواية تترجم إلى العربية‪،‬‬ ‫وما موقع هذا الكتاب بني‬ ‫الكتب األولى واملترجمة أو‬ ‫حتى املطبوعة بالعربية‪،‬‬ ‫ومن قام بترجمة الكتاب‬ ‫وطباعته‪ ،‬وماذا فعل‬ ‫املترجم املجهول بالنص‬ ‫اإلجنليزى في أوائل‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬فال‬ ‫أحد يعرف على وجه‬ ‫احلقيقة الظروف التي‬ ‫أحاطت بترجمة هذه‬ ‫الرواية ونشرها‪ ،‬وال من‬ ‫قام بالترجمة‪ ،‬كل ما‬ ‫نعرفه يقينا هو ما تقوله‬ ‫صفحة العنوان املنشورة‬ ‫في مالطا عام ‪.1835‬‬

‫ثقافة‬

‫مشهد من رسالة إلى الدميقراطية‬

‫«عفوا أبي» في القاهرة‪..‬‬ ‫وهيرديموي السابع عشر في رمضان‬

‫انتهى الفنان املسرحي عزالدين‬ ‫م� �ح� �م ��د م� ��ن أع�� �م� ��ال امل ��ون� �ت ��اج‬ ‫للعمل ال�ت�ل�ف��زي��ون��ي « رس��ال��ة ال��ي‬ ‫الدميقراطية « مع الفنان القدير‬ ‫ب ��اس ��ط اجل � � ��ارد‪ ,‬وم� ��ن احمل�ت�م��ل‬ ‫سيكون ع��رض العمل خ�لال شهر‬ ‫رمضان املبارك ولم يؤكد عزالدين‬ ‫إلى اآلن عن القناة التي ستبث هذا‬ ‫ال�ع�م��ل‪ ,‬وم��ن ج��ان��ب أخ��ر يستعد‬ ‫ال �ف �ن��ان ع��زال��دي��ن ل�ل�م�ش��ارك��ة في‬ ‫مهرجان املسرح العربي بالقاهرة‬ ‫مبسرحية « عفوا أبي « من تأليف‬ ‫ال�ك��ات��ب ال��راح��ل «ع�ل��ي اجلهاني»‬ ‫ومتثيل الفنان «ب��اس��ط اجل ��ارد»‪,‬‬ ‫وه��و ع�م��ل (م �ي �ل��ودرام��ا) ‪ ..‬ومن‬ ‫احملتمل عرض فيلم «عرس النار»‬ ‫خ�لال االي��ام القليلة القادمة في‬ ‫مدينة بنغازي‪ ,‬باإلضافة الستعداد‬ ‫ف��ري��ق ال �ع �م��ل ل �ت �ص��وي��ر مسلسل‬ ‫ك��وم��ي��دي ب��ع��ن��وان (ه��ي��ردمي��وي‬ ‫السابع عشر) لعرضه خالل شهر‬ ‫رمضان املبارك‪.‬‬

‫املصدر ‪ :‬البوابة‬

‫الفنان عزالدين محمد‬

‫الفنان عبدالباسط اجلارد‬


‫األزبكية ‪ ..‬جامعة الفقراء‬

‫النسخة السادسة من «أزبكية عمان» لبيع الكتب‬

‫‪ 70‬ألف كتاب بين مستعمل وجديد‬ ‫انطلقت في العاصمة األردنية عمان خالل األيام القليلة املاضية النسخة السادسة من معرض‬ ‫«أزبكية عمان» لبيع الكتب‪ ،‬وسط اقبال شعبي الفت‪ ،‬على رؤية وشراء محتويات األزبكية البالغة ‪70‬‬ ‫ألف كتاب‪ ،‬بني مستعمل وجديد‪ .‬وفي تصريح لـ األناضول‪ ،‬قال ممدوح العبادي‪ ،‬وهو عمدة أسبق‬ ‫للعاصمة عمان‪ ،‬إن «استنساخ جتربة سور األزبكية في العاصمة املصرية القاهرة ونقلها إلى عمان‪،‬‬ ‫خطوة رائدة باجتاه نشر الوعي الثقافي لدى عموم الناس‪ ،‬وفسح املجال أمامهم لشراء الكتب بسعر‬ ‫زهيد‪ ».‬وأضاف العبادي أن «بيع الكتب مبا هي عليه من أسعار زهيدة ومبا توفره أمانة العاصمة‬ ‫عمان من أماكن لعرض الكتب‪ ،‬جتسد الرسالة احلقيقة والسامية لوظيفة ومهام مسؤولي العاصمة‬ ‫بنشر الوعي بني سكان املدينة»‪ .‬من جهته قال األديب والشاعر غازي الذيبة وهو أحد اثنني قاما‬ ‫بنقل جتربة األزبكية إلى األردن إن «املعرض احلالي في نسخته السادسة يتضمن ‪ 5000‬عنوان‪ ،‬بـ‬ ‫‪ 70‬ألف نسخة مت شراؤها من مصر ولبنان ودور النشر األردنية‪ ،‬وهو يعد بذلك املعرض األضخم‬ ‫منذ نقل جتربة سور األزبكية من القاهرة إلى ع ّمان العام ‪ ».2011‬وحول أسعار الكتب‪ ،‬أوضح الذيبة‪:‬‬ ‫«تبدأ من (‪ 10‬قروش أردنية)» ما يعادل نحو ربع دوالر أمريكي‪ ،‬و»تصل في حدها األعلى إلى ‪15‬‬ ‫دينار أردن��ي»‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 22‬دوالر أمريكي‪ .‬بدوره قال حسني ياسني املؤسس الثاني لألزبكية‬ ‫إن املعرض احلالي حمل عنوان «القراءة كرامة» في إشارة لـ «معركة الكرامة بني اجليش األردني‬ ‫واإلسرائيلي سنة ‪ 1968‬وتصادف ذكراها في ‪ 21‬مارس املاضي‪ .‬وأوضح ياسني لـ»األناضول» أن‬ ‫«نسخة األزبكية لهذا العام تضم عناوين بعض االصدارات احلديثة لعدد من كتاب أردنيني وعرب‬ ‫وعامليني‪ ،‬وكتب جديدة تناسب مختلف الفئات العمرية ومختلف ألوان الثقافة واملعرفة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫مسرح دمى األطفال تقدم خالله عروض فنية لألطفال‪ ،‬كما يقام على هامش املعرض حفالت توقيع‬ ‫ملجموعة من االصدارات اجلديدة لعدد من الكتاب والشعراء األردنيني»‪ .‬وقال ياسني إن «األزبكية‬ ‫تشمل على ركن يتاح فيه للقارئ اختيار مجموعة كتب يقدر ثمنها بنفسه‪ ،‬بحيث تساعده بالبدء في‬ ‫تأسيس مكتبة منزلية بسعر مناسب‪ ،‬وال ميكن أن تسمح له باملغادرة إال راضياً بالسعر الذي يختاره‬ ‫ولو باملجان»‪.‬‬ ‫وكان العام ‪ ،2011‬شهد انطالقة أزبكية ع ّمان‪ ،‬حني الحظ الشاعر والكاتب غازي الذيبه‪ ،‬والناشط‬ ‫الثقافي حسني ياسني‪ ،‬أن لدى الشباب األردني نهم نحو القراءة‪ ،‬لكن تواجههم مشكلة ارتفاع سعر‬ ‫الكتاب وعدم تنوع مضامينه‪ ،‬فقررا أن يستنسخا في العاصمة األردنية عمان جتربة سور األزبكية‬ ‫في العاصمة املصرية القاهرة‪ ،‬حيث تبيع «أزبكية عمان» الكتب املستعملة واجلديدة بأسعار زهيدة‪.‬‬ ‫وكان الذيبة أوضح في تصريحات سابقة لـ»األناضول» أن الشكل احلالي لـ»أزبكية عمان» ليس هو‬ ‫ما بدأت به‪ ،‬فبعد ثورات الربيع العربي(في ‪ ،)2011‬وجد أن هناك حاجة للقراءة لدى جيل الشباب‬ ‫األردني‪ ،‬وبدأ برفقة صديقه حسني‪ ،‬ببسطة (مكان عرض مفتوح) ثم حتولت النواة إلى مكتبة باسم‬ ‫أزبكية عمان في منطقة الدوار الثالث بالعاصمة تبيع الكتب بأسعار زهيدة‪« ،‬سواء كانت مستعملة‬ ‫أو جديدة‪ ،‬وتركز في مضمونها على الفكر التنويري بهدف رفع مستوى وعي الشباب وتزويدهم‬ ‫بكتب بعيدة عن التطرف»‪ .‬واندلعت شرارة ما ي ُعرف إعالميا بـ»الربيع العربي» في ‪ 17‬ديسمبر‪/‬‬ ‫عام ‪ 2010‬بتونس‪ ،‬وهي ثورات امتدت إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا‪ ،‬ودول عربية أخرى‪ ،‬وقادت‬ ‫إلى اإلطاحة بعدة حكام‪ ،‬حتت وطأة غضب شعبي جراء أوضاع سياسية واقتصادية متردية‪ .‬وبينما‬ ‫«أزبكية القاهرة» موجودة طيلة العام في مكان محدد وسط العاصمة املصرية عبر حوالي مائة‬ ‫«كشك حديدي» لبيع الكتب‪ ،‬فإن القائمني على «أزبكية عمان «‪ ،‬ومبرور السنني‪ ،‬أدخلوا تعديالت‬ ‫على النسخة األردنية‪ .‬وأوضح الذيبه هذه االختالفات قائال‪« :‬نقيم نسخة كبيرة سنويا من األزبكية‬ ‫في إحدى الساحات العاصمة تضم ما ال يقل عن ‪ 18‬ألف كتاب‪ ،‬وهذا العام ارتفعت بشكل مسبوق لـ‬ ‫‪ 70‬الف كتب كما نعرض الكتب عبر بسطات صغيرة في اجلامعات مبتوسط ما بني ثالثة إلى خمسة‬ ‫آالف كتاب‪ ،‬وعليه فإن أزبكيتنا متنقلة‪ ،‬وليست ثابتة كسور أزبكية مصر‪ .‬إال أن مكتبتنا وسط عمان‬ ‫حتمل اسم أزبكية عمان‪ ،‬ومساحتها ‪ 80‬م‪ ،2‬ونطلق اعداد النسخ على الفعاليات الكبيرة فقط‪ ،‬اما‬ ‫ما نعرضه في اجلامعات ال نعلن عنه بوصفه نسخة من االزبكية‪ ،‬وهذا العام كانت النسخة السادسة‪،‬‬ ‫إذ انطلقت االولى العام ‪ ،2011‬والثانية ‪ 2012‬ونسختني عام ‪ 2013‬واخلامسة ‪.2014‬‬ ‫ويبقى السؤال ‪ ..‬هل سنشاهد في ليبيا استنساخا لهذه التجربة الثقافية الهامة ؟!!‬

‫«تجليات سرد‬ ‫الحياة»‪ ..‬كتاب يعيد‬ ‫االعتبار لـ محفوظ‬ ‫ص ��در ح��دي � ًث��ا‪ ،‬ض�م��ن إص�� ��دارات سلسلة‬ ‫كتابات نقدية‪ ،‬التي تقدمها الهيئة العامة‬ ‫لقصور الثقافة مبصر‪ ،‬كتاب «جتليات سرد‬ ‫احل�ي��اة‪ :‬ق ��راءة ف��ى أدب جنيب محفوظ»‪،‬‬ ‫للناقد وال ��روائ ��ي محمد عطية محمود‪،‬‬ ‫بغالف للفنانة الدكتورة هند سمير‪ ،‬قدمته‬ ‫بلوحة للفنان جمال قطب‪.‬‬ ‫ف��ي ك�ت��اب��ه اجل��دي��د ي �ح��اول محمد عطية‬ ‫م�ح�م��ود إع� ��ادة االع �ت �ب��ار ألدب محفوظ‬ ‫القصصي‪ ،‬ال��ذي ظلمه النقاد‪ ،‬باعتراف‬ ‫األديب العاملي ذاته‪ ،‬لذا يعد الكتاب واحدًا‬ ‫من تلك القراءات املتواصلة الواعية‪ ،‬التي‬ ‫حت� ��اول اس �ت �ج�لاب ال �غ��ال��ي وال�ن�ف�ي��س من‬ ‫إبداعات محفوظ القصصية‪ ،‬والتي يحرض‬ ‫الباحث على ضرورة تواصلها وعدم توقفها‪،‬‬ ‫ان�ط�لا ًق��ا م��ن كونها خ�ط� ً‬ ‫�وط��ا م�ت��وازي��ة مع‬ ‫خطوط إبداع محفوظ الروائي الفارق‪.‬‬ ‫ويحاول الناقد عبر فصول كتابه البحث فيما‬ ‫أسماه “سرد احلياة”‪ ،‬منطل ًقا من فرضية‬ ‫أن اإلب��داع القصصي لدى جنيب محفوظ‬ ‫ينشغل ب��احل �ي��اة‪ ،‬وت�ت�ج�س��د ف�ي��ه ص��وره��ا‬ ‫املتعددة‪.‬‬ ‫يلفت نظرك كلمة الغالف‪ ،‬التي قال فيها‬ ‫امل��ؤل��ف‪ :‬ينشغل اإلب ��داع القصصي لنجيب‬ ‫محفوظ ب��احل�ي��اة‪ ،‬وتتجسد فيه صورها‬ ‫املتعددة‪ ،‬فهو يعالج منها مستويات إبداعية‬ ‫متدرجة منذ بدايات إبداعه‪ ،‬وتب ًعا للمرحلة‬ ‫اجلمالية واحلالة السائدة في إبداعه بصورة‬ ‫عامة‪ ،‬بحيث توجد احلياة دائ ًما ومترادفاتها‬ ‫ومضاداتها‪ ،‬فمن احلياة ينبثق امل��وت‪ ،‬ومن‬ ‫املوت تنبثق احلياة‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬البديل‬


‫‪52‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫ثقافة‬

‫اإلصدار السادس عن مجلة املستقل كان هذه املرة ديوان ًا شعري ًا للشاعر عمر‬ ‫الكدي‪ ،‬والذي سبق أن صدر له ديوان «بالد حتبها وتزدريك» وهو عبارة عن‬ ‫أربع مجموعات شعرية في كتاب واحد وقد أصدرته وزارة الثقافة واملجتمع‬ ‫املدني سنة ‪.2013‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫«منفى»‪..‬‬

‫تأريخ الشعر بالشعر‬ ‫الديوان الذي بني أيدينا اآلن احتوته ‪91‬‬ ‫صفحة من القطع املتوسط وهو اإلصدار‬ ‫األدبي األول ملجلة املستقل والذي قد تتلوه‬ ‫إصدارات أدبية أخرى‪.‬‬ ‫وكما اعتدنا في األعداد السابقة أن نقدم‬ ‫ع��رض �اً م��وج��زاً للكتب ال�ت��ي ت�ص��در عن‬ ‫مجلة املستقل‪ ..‬أجد نفسي اآلن مضطرا‬ ‫لتقدمي ع��رض لنص أدب��ي إب��داع��ي رغم‬ ‫قناعتي الشخصية أن اإلب ��داع ال يفسر‬ ‫وال يحتاج إلى تقدمي خاصة الشعر‪ ،‬لذا‬ ‫سنحاول هنا أن نعطي حملة سريعة عن‬ ‫ه��ذا ال�ك�ت��اب دون اخل��وض ف��ي تفاصيل‬ ‫معقدة لنترك لذائقة م��ن يقرأ ال��دي��وان‬ ‫ال�ت�ف��اع��ل م�ع��ه ك�ن��ص إب��داع��ي وف��ق رؤي��ة‬ ‫القارئ الشخصية‪.‬‬ ‫عنون الشاعر ديوانه بكلمة واح��دة وهى‬ ‫(منفى) وهو عنوان القصيدة األول��ى في‬ ‫ال ��دي ��وان‪ ،‬وه ��ي ق�ص�ي��دة واح� ��دة طويلة‬ ‫احتوتها ‪ 63‬صفحة من ال��دي��وان‪ ..‬ومن‬ ‫خ�لال العنوان نستطيع أن نتعرف على‬ ‫اجل��و العام لقصيدة املنفى والتي حاول‬ ‫الشاعر فيها أن يضعنا في جتربة الغربة‬ ‫التي عاشاها ألكثر من عشر سنوات في‬ ‫هولندا حيث حاول الشاعر أن يسرد لنا‬ ‫بنفس ش�ع��ري تفاصيل ه��ذا املنفى بني‬ ‫معسكرات الالجئني في هولندا والعمل‬

‫في املطاعم وطريقة تفاعله وإحساسه‬ ‫بكل ما يحيط به‪.‬‬ ‫لو حاولنا أن نستخلص التيمات التي عمل‬ ‫عليها الشاعر في نصه سنجدها كما يلي‪:‬‬ ‫> هولندا كمكان وكمجتمع وكثقافة حيث‬ ‫جند مجموعة من املقاطع التقريرية في‬ ‫وص��ف األم��اك��ن واألش �ي��اء ال�ع�لاق��ات في‬ ‫هولندا‪.‬‬ ‫> احل��ن�ي�ن إل� ��ى ال ��وط ��ن ح �ي��ث ي�س�ت��ذك��ر‬ ‫الشاعر في مقاطع أخرى أماكن وشخوص‬ ‫وذكريات من وطنه‪.‬‬ ‫> بني هولندا وليبيا الوطن يضعنا الشاعر‬ ‫في قصيدته منفى في أجواء من املقارنة‬ ‫ب�ين املكانني وب�ين مشاعره وإحساساته‬ ‫املتضاربة جت��اه املكانيني متبعا أحيانا‬

‫أس �ل��وب إب� ��راز ال �ض��د ب��ال�ض��د (اخل �ض��ار‬ ‫مقابل التصحر ـ احل��ري��ة مقابل القمع)‬ ‫وأحيانا بإبراز أوجه التشابه بني املكانني‬ ‫مما يستدعي أحاسيس قدمية في مكان‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫> س��رد متصل لفترة ح�ي��اة ال�ش��اع��ر في‬ ‫هولندا وس��رد لبعض املواقف التي مرت‬ ‫به أثناء فترة االغتراب بها‪.‬‬ ‫وكوجهة نظر شخصية في قصيدة املنفى‬ ‫وه��ى وجهة نظر غير ملزمة ألح��د فقد‬ ‫نوهت سابقا أن تقبلنا للنص الشعري هو‬ ‫متلق آلخر‪ ..‬إال أنني أرى‬ ‫أمر يختلف من ٍ‬ ‫أن الشاعر في نصه املنفى قد ابتعد عن‬ ‫الشاعرية كثيرا في محاولته للتأريخ لفترة‬ ‫املنفى حيث وقع النص في مواقع كثيرة‬ ‫في فخ السرد والتقريرية التي بالضرورة‬ ‫تضعف احلالة الشعرية وه��و ما تنبه له‬ ‫الكاتب ف��ي قصيدة املنفى نفسها حيث‬ ‫يقول في صفحة ‪:38‬‬ ‫رمبا لهذا مات في قلبك الشعر‬ ‫واستيقظ من غفوته السرد‬ ‫وهنا أرى أن الشاعر قد ظلم جتربة املنفى‬ ‫في هولندا مبحاولة ثوتيقها كنص شعري‬ ‫بينما ل��و توجه لكتابتها وتدوينها كنص‬ ‫روائي لكانت جتربة زاخرة ومثيرة وممتعة‬ ‫ل �ل �ق��راءة‪ ..‬وذل��ك ل�ك��ون الشعر ال يحتمل‬


‫اإلطناب ويعتمد على التكثيف واالختصار‬ ‫بينما ال��رواي��ة وال�س��رد يحتمل التفاصيل‬ ‫والغوص في الذات أكثر من الشعر‪ ..‬ولكن‬ ‫دون أن أك��ون متجنيا على النص فأنه ال‬ ‫يخلو من بعض النفحات الشعرية اجلميلة‬ ‫القادرة على انتزاع آهة إعجاب منك بني‬ ‫احلني واآلخر‪..‬‬ ‫باقي الديوان جاء فيه أربع نصوص أخرى‬ ‫وتظهر فيهن ش��اع��ري��ة ال�ش��اع��ر العالية‬ ‫بشكل أكثر وضوحا وجماال وذل��ك لكون‬ ‫ال�ش��اع��ر اش�ت�غ��ل ف�ي�ه��ا ب�ع�ي��دا ع��ن حالة‬ ‫املنفى وإمن��ا اشتغل شعرا ألج��ل الشعر‬ ‫وفي محاولة لتأريخ الشعر بالشعر حيث‬ ‫استنطق الشاعر أربعة شعراء من الشعراء‬ ‫العرب مطال على قصائد مشهورة لهم‪،‬‬ ‫ومتفاعال مع سيرتهم الذاتية وما وصلنا‬ ‫م��ن ح�ي��ات�ه��م وت��اري �خ �ه��م ح �ي��ث ت�ت��داخ��ل‬ ‫نصوصه مع بعض األبيات الشعرية لهؤالء‬ ‫الشعراء‪.‬‬ ‫النص األول ك��ان بعنوان «بحر األط�لال»‬ ‫وهو يتناول حياة وقصائد الشاعر امرئ‬ ‫القيس والنص الثاني بعنوان «بحر احلياة»‬ ‫ع��ن الشاعر أب��ي ن ��واس‪ ،‬وال�ن��ص الثالث‬

‫بعنوان «بحر الكبرياء» عن الشاعر أبي‬ ‫الطيب املتنبي‪ ،‬والنص الرابع «بحرالظالم»‬ ‫عن الشاعر أبي العالء املعري‪.‬‬ ‫وك� � ��ون ال� �ش ��اع ��ر اش��ت��غ��ل ع��ل��ى ش��ع��راء‬ ‫مخضرمني ال يختلف اثنان على منجزهم‬ ‫في تاريخ الشعر العربي‪ ،‬فإننا نالحظ أن‬ ‫الشعرية في ه��ذه النصوص كانت عالية‬ ‫جداً‪ ..‬وفي نظري أن هذه النصوص حتتاج‬ ‫للقراءة واالستمتاع وال حتتاج إلى إى شرح‬ ‫أو تفسير ولعلى لن أقول عنها إال أنها إعادة‬ ‫تصدير لهؤالء الشعراء وحياتهم ونصوصهم‬ ‫بروح جديدة وعصرية وكأنى بالشاعر في‬ ‫مجمل ه��ذه النصوص يستقري لنا ما لم‬ ‫يقله هؤالء الشعراء في نصوصهم وكأنهم‬ ‫ينطق بلسان حالهم ويضع نفسه مكان كل‬ ‫واحد منهم في ويتلمس اوجه التناص بينه‬ ‫وبينهم ف��ي حياتهم وحياته فحني عنون‬ ‫الم ��رئ القيس ببحر األط�ل�ال ك��ان كأنه‬ ‫يستعيد ذك��ري��ات ام��رئ القيس وذكرياته‬ ‫الشخصية ليبكى ش��اع��رن��ا على أطالله‬ ‫كبكاء امرئ القيس على أطالله‪.‬‬ ‫وحني أعطى عنوان بحر احلياة ألبينواس‬ ‫فهو يشير إلى فلسفة أبي نواس الظاهرة‬

‫في حياته واملتمثلة في التمسك باحلياة‬ ‫وال�ت�م�ت��ع مبباهجها ف��ي م��واج �ه��ة امل��وت‬ ‫وال��دم��ار وه��و م��ا أسقطه ال�ش��اع��ر علي‬ ‫حالته نفسها‪.‬‬ ‫ب�ح��ر ال�ك�ب��ري��اء ع��ن أب��ي ال�ط�ي��ب املتنبي‬ ‫استغله الشاعر كمدخل للتمسك بقيمه‬ ‫وك��رام�ت��ه وليمنح انسانيته وم��واق�ف��ه في‬ ‫احلياة حقها من االحتفاء والتبجيل ولعلى‬ ‫اج��زم أن ه��ذا ال�ن��ص ق��د أره��ق الشاعر‬ ‫كثيراً وذلك خلصوصية أبي الطيب املتنبئ‬ ‫نفسه وتباين مواقفه في حياته وغ��زارة‬ ‫شعره وت �ف��رده وك��ون��ه ع��اش حياة زاخ��رة‬ ‫بالتجارب والصعوبات حتى مات مقتوال‬ ‫لبيت شعر قاله‪.‬‬ ‫أب��و العالء املعري ره�ين احملبسني ـ بيته‬ ‫والعمى ـ استحق عنوان بحر الظالم والذي‬ ‫بقدر ما كان شاعرا كان فيلسوفا كان هو‬ ‫النص ال��راب��ع ف��ي ه��ذه النصوص وال��ذي‬ ‫تلمس فيه الشاعر تواضع املعري وفلسفته‬ ‫وزه� ��ده ون �ظ��رت��ه إل ��ى ال �ع��ال��م م��ن ح��ول��ه‬ ‫وبصيرته النافذة رغم فقدان البصر‪.‬‬ ‫املالحظ في جل النصوص التي تستدعي‬ ‫الشعراء أنه أخرجها علي لسان الشعراء‬ ‫املذكورين أنفسهم وليس مخاطبا لهم أو‬ ‫مستحضرا لشخوصهم ليجعلك تقرأ‬ ‫ال �ن �ص��وص ك��أن��ك ت�س�ت�م��ع إل ��ي ال�ش��اع��ر‬ ‫األصلي خاصة وانه طعم قصائده بأبيات‬ ‫شعرية كاملة لهؤالء الشعراء‪.‬‬ ‫خ�ت��ام�اً أرج ��و أن أك ��ون ق��د ق��دم��ت حملة‬ ‫مختصرة ع��ن دي ��وان املنفى ول��م أرد أن‬ ‫تكون نقدا ب��أي شكل من األش�ك��ال فأنا‬ ‫لست ناقدا بقدر ما أن��ا ق��ارئ‪ ..‬والنقد‬ ‫األدب��ي علم قائم بذاته له أهله وأعالمه‬ ‫املتخصصني فيه وأمتنى أن أطالع يوما‬ ‫م��ا نقدا لهذا ال��دي��وان يكون إض��اف��ة لي‬ ‫وللقارئ كوني أعتبر ديوان املنفى جديراً‬ ‫بالبحث والنقد كونه إض��اف��ة إل��ي مكتبة‬ ‫الشعر الليبي الزاخر بالعديد من األسماء‬ ‫ال�ه��ام��ة وال �ت��ي رمب��ا ل��م ت��أخ��ذ حقها من‬ ‫البحث والدراسة‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪54‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫ملف‬

‫عندما يرحل مبدع المالمح وملك التفاصيل‬

‫وداع ًا‪..‬‬

‫سيد الحمام‬


‫رغم امللح في ترابها‬ ‫تلقى هواها عذب ‪.‬‬ ‫وغ���م ال��ق��س��اوة ف أرض��ه��ا‬ ‫وف ناسها‬ ‫بس البلح يقعد متر ‪..‬‬ ‫ومحاله ‪ ،‬لو يبقى رطب !!‬ ‫‪ ..‬ل��م أج��د أروع م��ن هذا‬ ‫البوح املدهش للمبدع «سالم العالم» ألب��دأ به هذه‬ ‫األنشودة املغرقة في احلزن ‪ ،‬ونحن نضع ورد ًة وعدسة‬ ‫�اس على قبر «فتحي العريبي»‬ ‫تصوير وحفنة إح��س� ٍ‬ ‫ملك احلمام وسيد مالمح االنفعال الهادئ ‪ ،‬وأخير ًا ‪،‬‬ ‫فقيد ليبيا الكبير ‪ ،‬الذي أطفأ برحيله املفاجئ ضوء ًا‬ ‫كنا بأمس احلاجة إليه ‪.‬‬ ‫رغ��م امللح ال��ذي ميأل صدورنا اآلن ‪ ،‬ورغ��م قسوة كل‬ ‫ما يحيط بنا ‪ ،‬ورغم جتهم مالمح اجلغرافيا والبشر‬ ‫حد سواء ‪.‬‬ ‫على ٍ‬ ‫رغم كل هذا الرماد من حولنا ‪ ،‬فقد كنا على األقل‬ ‫نستعير عدستك اي��ه��ا ال��رائ��ع لنلون ال��س��واد ‪ ،‬وكنا‬ ‫نستعني ب��إح��س��اس��ك اجل����ارف ل��ن��ه��دئ روع امل��خ��اوف‬ ‫والظنون ‪ ،‬كنا نلجأ إلى « عش احلمامة « يا فتحي ‪،‬‬ ‫لكي ال تفتك بنا مخالب الصقور ‪.‬‬ ‫رغ���م م����رارة احل��ن��ظ��ل ‪ ،‬ك��ن��ا ن��ت��ذوق ح��ل�اوة ال��ت��م��ر ‪،‬‬ ‫((ومحاله لو يبقى رطب)) على رأي صديقي الصاخب‬ ‫«سالم العالم»‪.‬‬ ‫كانت إطاللة عدستك كفيلةً بأن حتول مرارة حنظل‬ ‫األيام إلى عذوبة سكر رطب «سالم العالم» الذي خبرنا‬ ‫عنه في قصائده الرائعات‪.‬‬

‫الصديق بودوارة‬

‫(( الفنان – يا صديقي – وغير الفنان ه��ؤالء جميعا ينتظرهم‬ ‫مصير حزين تراهم اآلن في ه��ذه احلياة يتزاحمون علي بهرج‬ ‫الظهور واملناصب الالمعة والغالبية العظمي منذ أق��دم العصور‬ ‫تتصارع وتتقاتل علي الرغيف املر ‪ ،‬وفي أوقات الفراغ يتثاءبون في‬ ‫وجوه بعضهم البعض كالسكارى وما هم بسكارى واملعايير األدبية‬ ‫والفنية املعترف بها حتى اآلن تنحصر في شكل ومضمون األثر‬ ‫اإلبداعي وقدرة هذا اإلبداع علي الصمود في وجه الزمن وحاالت‬ ‫النسيان ودواعي التجاهل ‪ ،‬وسواء كان هذا اإلنسان الفنان من وزن‬ ‫وقيمة الشاعر اخلالد احلبيب ‪ ( :‬نزار قباني ) أو كان من الناس‬ ‫العاديني كجارنا الطيب املغفور له – أحميدة ماليطة – فإن الفنان‬ ‫وغير الفنان وبني بني سوف يرحلون جميعا إلى ما نسميه مجازا‬ ‫(املثوى األخير ) ويذوبون في التراب ‪.‬ويبقي من آثارهم في الذاكرة‬ ‫اجلماعية ما ينفع الناس ‪)) .‬‬ ‫ها أنت تضع أصبعك على اجلرح ‪ ،‬وتروي لنا حكايتك قبل أن تنتهي‬ ‫احلكاية بعشرين سنة على األقل ‪.‬‬ ‫ها أنت تكتب عن « املثوى األخير» ‪ ،‬وتخبرنا أن الواحد منا « يذوب‬ ‫في التراب « لكنه يستطيع أن يتحدى غياب جسده بحضور إبداعه‬ ‫‪ ،‬فهل كنت تعرف بالسر الدفني أم أن عدستك العميقة أخبرتك‬ ‫بكل شيء ؟‬ ‫منذ خمسني عاماً بدأ « فتحي العريبي « مشواره مع العدسة ‪،‬‬ ‫وكانت صحيفة «احلقيقة» مهداً ملصور صحفي ميلك ذائقة فنان‬ ‫أصيل ‪.‬‬ ‫ثم ك��ان االجت��اه إل��ى التصوير السينمائي كمدير لقسم التصوير‬ ‫السينمائي واملعامل الفنية وغرف التوليف في التلفزيون الليبي بعد‬ ‫افتتاحه في عام ‪ 1968‬م‪.‬‬ ‫إن عني االبداع تتفتح اآلن ‪ ،‬وعذوبة اخللق تبدأ في االنسياب ‪ ،‬فهل‬ ‫بنهر يرجع إلى الوراء ؟‬ ‫سمعتم ٍ‬


‫‪56‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫ملف‬

‫(( كان بيتنا يعج بالضيوف الكثر من أبناء وبنات عمومتي ‪ ،‬وكان‬ ‫بيتنا من البيوت القليلة في كل أنحاء املدينة الذي يتواجد به مذياع‬ ‫وجهاز جرامفون ضخم وأسطوانات بالستيكية سوداء كثيرة ألم‬ ‫كلثوم وعبد الوهاب واسمهان وغيرهم من مطربي ذلك الزمان ولك‬ ‫أن تتخيل مثل هذا في أوائل اخلمسينيات من القرن العشرين في‬ ‫مدينة خرجت لتوها من أهوال احلرب العاملية الثانية‪)).‬‬ ‫�س��ر لنا « فتحي العريبي « ف��ي ح ��واره م��ع «ج��اب��ر نور‬ ‫ه �ك��ذا ف� ّ‬ ‫فسر لنا سر‬ ‫‪،‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫عام‬ ‫«الشاهد»‬ ‫مجلة‬ ‫نشرته‬ ‫الذي‬ ‫سلطان»‬ ‫ّ‬ ‫ولعه بالتفاصيل ‪ ،‬وباملالمح ‪ ،‬وسر عشقه للكلمة واللحن ‪ ،‬إن هذا‬ ‫اخلليط املدهش يبدأ مبكراً في تشكيل شخصية مصور فوتوغراف‬ ‫مبشاعر عازف موسيقى ‪ ،‬وفنان تشكيلي بإحساس أديب متمكن ‪.‬‬ ‫(( كنت مولعا بفن الرسم في مدرسة النهضة االبتدائية بشارع‬ ‫شهداء آل جعودة مبنطقة سيدي أخريبيش وكان مدرس هذه املادة‬ ‫مينحني بعض اهتماماته وتوجيهاته في حدود ما توفر لدي من‬ ‫استيعاب في ذل��ك العمر وب��دال من االستمرار في هواية الرسم‬ ‫حتولت إلي املوسيقي وانتظمت فعال في مدرسة صغيرة لتعليم‬ ‫العزف علي آلة العود كان يديرها امللحن الراحل األستاذ مصطفي‬ ‫املستيري في حي ‪ -‬فندق بن غربال القريب من حي سوق احلشيش‬ ‫‪)).‬‬ ‫هكذا وصف « العريبي « في حواره مع « جابر نور» مراحل عشقه‬ ‫للرسم ‪ ،‬وولعه بالعزف على الوتر ‪.‬‬ ‫كان املصور يلتقط مالمح الوجوه بأنامل رسام ‪ ،‬ويقرأها بدراية‬ ‫أديب ‪ ،‬كم هي مفجعة خسارتنا فيك يا « فتحي العريبي « ‪ ،‬وكم‬ ‫حتتاجك تقاطيعنا اآلن ‪.‬‬ ‫(( أن��ا ال��ذي أختزل في لقطاته الفضاءات الهاربة وسالم طيور‬ ‫احلمام ))‬ ‫هكذا وصفت نفسك ‪ ،‬ولم تكن مبالغاً ‪ ،‬ففي حوارك مع « جميل‬ ‫حمادة « الذي نشرته صحيفة الشمس عام ‪ ، 1999‬كنت مسترس ً‬ ‫ال‬ ‫في السرد ‪ ،‬وكنا نتابع ما تتفوه به بشغف ‪ ،‬وكانت وجوه العابرين‬ ‫تتوق لتصافحها عدستك اخلالقة ‪ ،‬رمبا ألن رماد التعب يحتاج إلى‬ ‫أصابع مبدع لكي يصبح الرماد ذهباً في نهاية املطاف ‪.‬‬

‫جوائز في التصوير الضوئي‬ ‫(‪ -)1‬أفضل إنتاج فوتوغرافي لعام ‪ - 1986‬من مجلة ‪ ( :‬فن‬ ‫التصوير‪ ) ‬في بيروت‪ ‬‬ ‫(‪ -)2‬جائزة الذهبية عن محور الطفولة ‪ -‬معرض نيسان الثاني‬ ‫للصورة‪ ‬العربية في بغداد‪ ‬عام ‪ 1990‬‬ ‫(‪ -)3‬جائزة الدولة التقديرية‪ ‬للفنون واآلداب لسنة‪ - 1999 ‬لدوره‬ ‫الريادي في فن‪ ‬التصوير‪ ‬‬ ‫(‪ -)4‬شهادة ودرع تكرمي لدوره الصحفي الريادي ‪ ،‬من قبل الهيأة‬ ‫العامة للصحافة‪2010 - ‬‬ ‫وهو تكرمي يحدث ألول مرة في تاريخ الصحافة الليبية‪. ‬‬ ‫هذه جوائزك كما وردت في «عش احلمامة» ‪ ،‬ذلك الذي هجرته‬ ‫اآلن ‪ ،‬وصار خالياً إال من جوائز افتقدت وجود صاحبها ‪.‬‬ ‫الكتب التي أعدها في السينما والتصوير الضوئي‬ ‫(‪ -)1‬املتفرج الوحيد ( سينما ‪ 95 +‬صورة فوتوغرافية ) بنغازي عام‬ ‫‪ - 1975‬منشورات مجلة ‪ :‬جيل ورسالة ‪ -‬الكشفية ‪ -‬اإلصدار‪ ‬رقم‬ ‫‪15‬‬ ‫(‪ -)2‬الدليل إل��ى فن ال�ص��ورة والتشكيل – ع��ام ‪ - 1998‬ال��دار‬ ‫اجلماهيرية‪ – ‬مصراته‬ ‫(‪ -)3‬دليل أج �ه��زة ال�ت�ص��وي��ر ال�ض��وئ��ي ‪ -‬ع��ام ‪ - 1998‬ال��دار‬ ‫اجلماهيرية‪ – ‬مصراته‬ ‫(‪ -)4‬تاريخ التصوير الصحفي في ساحات القتال‪ – ‬عام ‪- 1998‬‬ ‫الدار اجلماهيرية – مصراته‬ ‫(‪ -)5‬العني الثالثة ( أساليب ومناهج في التصوير الضوئي عند‬ ‫أشهر املصورين في العالم ) سرت عام ‪ – 2005‬مجلس الثقافة‬ ‫العام‪ ‬‬ ‫(‪ -)6‬الدليل امليسر للتصوير بالكاميرا الرقمية – طرابلس عام‬ ‫‪ 2010‬املؤسسة العامة للثقافة‬ ‫(‪ -)7‬كما ل��ه ك�ت��اب ح��ول القضية الفلسطينية م��وج��ه للفتيان‬ ‫والفتيات‪ - ‬عنوانه ‪ ( :‬البعد الثاني للقضية )‪ ‬‬ ‫‪ ‬منشورات عام ‪ - 1984‬املنشأة العامة للنشر‪ ‬والتوزيع واإلعالن‬


‫متحف الصورة الليبية‬

‫بنغازي ‪1968‬‬

‫– طرابلس‬ ‫وهذه اصداراتك ‪ ،‬مؤرخ ومصور وباحث وكاتب ‪ ،‬أي كنز من املعرفة‬ ‫وضعناه في القبر ومضينا ؟ وأي مكتبة متكاملة من الفن واريناها‬ ‫التراب ؟‬ ‫كتب وص���ور وأخ���رج سلسلة م��ن األف�ل�ام السينمائية‬ ‫القصيرة ‪mm 16‬‬ ‫(‪ -)1‬مجرد أحالم ‪1971 -‬‬ ‫(‪ -)2‬دقات الساعة ‪1972 -‬‬ ‫(‪ -)3‬األطفال أطفال ‪1972 -‬‬ ‫(‪ -)4‬اخللية والعسل ‪1973 -‬‬ ‫(‪ -)5‬العودة إلى بيسان ‪1974 -‬‬ ‫(‪ -)6‬احملاضرة – ‪1975‬‬ ‫أعد وأخرج البرامج – املرئية ‪ -‬التالية‬ ‫(‪ -)1‬حياتنا اجلديدة‪ – ‬وثائقي ‪1970‬‬ ‫(‪ -)2‬طريق البناء ‪ -‬وثائقي ‪1971‬‬ ‫(‪ -)3‬أغاني احلياة‪ - ‬موسيقي ‪ 1973‬‬ ‫(‪ -)4‬ألوان – منوعات ‪1974‬‬ ‫(‪ -)5‬عارفني ومش عارفني ‪ -‬لألطفال‪ 1975 ‬‬ ‫(‪ -)6‬قوس قزح‪ -‬ثقافي ‪1985‬‬

‫(‪ -)7‬أبعاد مرئية ‪ -‬ثقافي‪1987‬‬ ‫أع��د وأخ���رج ل�لإذاع��ة املسموعة مجموعة كبيرة من‬ ‫البرامج‪ ‬الثقافية منها‬ ‫(‪ -)1‬شريط تسجيل (‪ ) 1985 – 1981‬أسبوعي في ‪ 30‬دقيقة‬ ‫– ‪ 150‬حلقة‬ ‫ونال من خالل‪ ‬بعض‪ ‬حلقاته اخلاصة بالتصوير شهادة أفضل إنتاج‬ ‫فوتوغرافي‪ ‬لعام ‪ 1986‬‬ ‫تقدمي‪ ‬ابنته آمال العريبي وآخرون‬ ‫(‪ -)2‬أبعاد‪ ‬تشكيلية ( إلذاعة بنغازي احمللية ) سنة ‪ - 1997‬يومي‬ ‫في ‪ 15‬دقيقة‪ 65 – ‬حلقة ‪ -‬إخراج ‪ :‬نبيل‪ ‬العريبي‬ ‫سيرةٌ غنية ‪ ،‬ال تتوقف عن إدهاشنا ‪ ،‬والهمس لنا مبلحمة مبدع‬ ‫واثق اخلطى ‪ ،‬متوهج احلضور ‪ ،‬مبد ٌع كنا نطمئن ملجرد إحساسنا‬ ‫بوجوده في املشهد الفني والثقافي الليبي ‪.‬‬ ‫كنا نشعر أن اخلير فينا لم ميت بعد ‪ ،‬وأن االبتكار لم يترجل عن‬ ‫صهوة ج��واده اجلامح ‪ ،‬وأن الرماد لم يزل محاصراً بألوان فنان‬ ‫كبير ال يجنح لإلحباط ‪ ،‬كنا نتحسس تقاطيع مالمح البشر بعدسة‬ ‫« فتحي العريبي « فيولد فينا األمل من جديد ‪.‬‬ ‫الدراسة والدورات الفنية التخصصية‬ ‫(‪ -)1‬أُوفد في شهر يونيو من عام‪ 1969 ‬في دورة فنية للتصوير‬


‫‪58‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫ملف‬

‫السينمائي واملونتاج إلى أملانيا‪ ‬مبدينة ميونخ لدي شركة ‪ :‬أري‬ ‫–‪. ARRI ‬‬ ‫(‪ -)2‬دورة فنية في اإلخ��راج التلفزيوني وكتابة السيناريو ‪ -‬لدي‬ ‫شركة‪ : ‬فيز ن�ي��وز –‪ -Visnews ‬لندن‪ - 1978 ) ‬وحتصل‬ ‫في‪ ‬نهاية الدورة علي الترتيب األول بفيلمه التسجيلي – احلياة في‬ ‫الشمع‪ ‬وموضوعه متحف ( الشمع في لندن )‬ ‫(‪ -)3‬دورة متقدمة باملركز العربي للتدريب اإلذاع��ي والتلفزيوني‬ ‫بدمشق ‪ 1988‬في كتابة السيناريو ‪ -‬نال علي أثرها‪ ‬شهادة بتقدير‬ ‫‪ :‬ممتاز ‪ -‬عن كتابة سيناريو ‪ :‬الوردة احلمراء ‪ -‬بطله صبي‪ ‬ملسح‬ ‫األحذية في الشوارع‬ ‫العني الفاحصة ‪ ،‬تلك التي جتولت خ��ارج الوطن ‪ ،‬وجالت خارج‬ ‫احل ��دود ‪ ،‬وش��اه��دت كيف تنتشي ح �ض��ارة البشر بقيم العدل‬ ‫والتسامح واخللق ‪.‬‬ ‫تلك العني التي خزنت تفاصيل احلياة الغربية وحللتها واستنبطت‬ ‫معان جديرة بالتأمل ‪ ،‬تلك العني النادرة تغمض عينيها اآلن ‪.‬‬ ‫منها ٍ‬ ‫أليس مؤملاً أن تغمض لنا هذه العني ؟‬

‫مع نزار قباني‬ ‫مع عبدالفتاح رياض‬

‫أنشطة ثقافية أخري‬ ‫(‪ -)1‬مجلة الثقافة العربية ( شهرية ) بنغازي ‪ -‬زاوية‪ : ‬فضاءات‬ ‫ في الفنون التشكيلية‬‫(‪ -)2‬مجلة اإلذاع��ة ( شهرية ) طرابلس ‪ -‬زاوية‪ ( ‬أدبيات الفن‬ ‫التشكيلي‪ ‬‬ ‫(‪ -)3‬صحيفة اجلماهيرية ( يومية ) طرابلس ‪ -‬امللف‪ ‬الثقافي‬ ‫وامللف الفني‬ ‫(‪ -)4‬صحيفة الشمس ( يومية ) طرابلس‬ ‫(‪ -)5‬كما كتب وصور العديد من املقاالت والتحقيقات املصورة في‬ ‫املجالت‪ : ‬البيت ‪ -‬املرايا – ال‪ ‬‬ ‫وكذلك في‪ ‬صحف ‪ :‬الفاحت – الزحف األخضر‪ – ‬أخبار بنغازي ‪-‬‬ ‫املؤمتر‪ – ‬املجال‪ ‬‬ ‫(‪ -)6‬كما نشرت له‪ ‬مقاالت فنية وتشكيلية في صحيفة ( أخبار‬ ‫األدب ) القاهرية ومجلة ( فن التصوير ) في بيروت‪.‬‬ ‫(‪ )7‬قام بتدريس مادة ( اإلعداد اإلذاعي واملرئي ) بجامعة قاريونس‬ ‫بكلية اآلداب‪ - ‬قسم اإلعالم عام ‪ 1985‬‬ ‫وكذلك تدريس مادة التصوير الضوئي بثانوية الفنون واإلعالم‪ ‬في‬ ‫بنغازي عام ‪.1997‬‬ ‫هذا الركن بالذات أذكره جيداً ‪ ،‬وأتذكره مراراً ‪ ،‬لم نكن نترك عدداً‬ ‫من مجالتنا أو صحفنا دون أن نبحث بشغف عن آخر ما أبدعته‬ ‫أحاسيس « فتحي العريبي» ‪.‬‬ ‫كانت أعماله تضمر لنا الدهشة في مفارق الصفحات ‪ ،‬وكنا نترقب‬ ‫ما يبوح به في الزوايا املتناثرة هنا وهناك ‪ ،‬وكلما انتهينا من مطالعة‬ ‫انتاج جديد له ‪ ،‬كنا نترقب املزيد ‪.‬‬ ‫الروابط والنقابات والنوادي التي يحمل عضويتها‬ ‫(‪ -)1‬رابطة األدباء والكتاب الليبيني‪ – ‬بنغازي‬ ‫(‪ -)2‬الرابطة‪ ‬العامة للفنانني الليبيني – بنغازي‬

‫(‪ -)3‬النقابة العامة للمصورين والرسامني‪ ‬واخلطاطني – بنغازي‪ ‬‬ ‫(‪ -)4‬نقابة الصحفيني – بنغازي‬ ‫(‪ -)5‬نادي الكاميرا‪ – ‬لندن‬ ‫(‪ -)6‬اجلمعية املالطية للتصوير – فالييتا‬ ‫(‪ -)7‬نادي فن التصوير‪ – ‬دمشق‬ ‫(‪ -)8‬اجلمعية العراقية للتصوير – بغداد‬ ‫(‪ -)9‬نادي الكاميرا ( اتيليه‪ ‬اإلسكندرية ) اإلسكندرية‬ ‫(‪ -)10‬صالون مصر للتصوير – القاهرة‬ ‫عن هذه اجلزئية بالذات ‪ ،‬كتب « العريبي « في مدونته سطراً‬ ‫جديراً بالتأمل ‪:‬‬ ‫(( وهو يرى أنها ليس لها أي تأثير جدير بالذكر في مسيرته الفنية‬ ‫أو أنها ذات مواقف ذات قيمة معنوية ))‬ ‫أذك��ر أن��ي ابتسمت وأن��ا أق��رأ له ه��ذا السطر املشحون ‪ ،‬فاملبدع‬ ‫احلقيقي يهرب دائماً من القيود ويتحاشى االرتهان ‪.‬‬ ‫وامل�ب��دع احلقيقي ال يعبأ باألختام واألرق ��ام اإلش��اري��ة وملفات «‬ ‫الكينت « املنتفخة أوداجها تقاريراً وجداوالً ومواعيد ‪.‬‬ ‫امل�ب��دع احلقيقي جناح يحلق ‪ ،‬وبصيرة تنفذ ‪ ،‬وبصر يتأمل ‪،‬‬ ‫وإحساس يجرف أمامه كل شيء ‪.‬‬ ‫هكذا كنت يا سيد احلمام ‪ ،‬وهكذا سنظل نذكرك ما بقى لنا في‬ ‫هذه الدنيا ذكر ‪.‬‬


‫مع نبيل وآمال‬

‫مخطوطاته غير املنشورة‬ ‫(‪ -)1‬هديل احلمامة البيضاء ‪ :‬دراسة أدبية وتشكيلية‬ ‫(‪ -)2‬فضاءات تشكيلية ‪ :‬قراءات في الفن التشكيلي‬ ‫(‪ -)3‬دولة النساء ‪ :‬مبدعات عربيات في األدب والفن ( متاح ككتاب‬ ‫إلكتروني في مجلة كراسي )‬ ‫(‪ -)4‬السيدة فيروز ‪ :‬حمل��ات من سيرتها الفنية ومختارات من‬ ‫أغانيها وصورها النادرة ( متاح أيضا ككتاب إلكتروني في مجلة‬ ‫كراسي )‬ ‫(‪ -)5‬العني في أغنية السيدة أم كلثوم – كلمات األغاني التي غنتها‬ ‫عن العني مع ذكر املؤلفني وامللحنني ‪ ‬لهذه األغاني‪.‬‬ ‫هنا ‪ ،‬للواجب كلمة ‪ ،‬ولإلحساس بقيمة املبدع رأي ‪ ،‬وهنا بالذات‬ ‫أمتنى أن نقرأ معاً هذه الكنوز وأن منكن أجيالنا القادمة من قراءتها‪.‬‬ ‫ال لشيء ‪ ،‬فقط ‪ ،‬لنخبر الدنيا أن ليبيا ليست وطناً للحرب والدمار ‪،‬‬ ‫وأن ليبيا ليست مجرد ساحة حرب سوداء يركض فيها القتلة ‪ ،‬وأن‬ ‫ليبيا ليست قبراً هائل احلجم ال يضم إليه سوى اجلثث املتفحمة ‪.‬‬ ‫أليس كذلك يا سيد احلمام ؟‬ ‫مرسم‪ ‬عش احلمامة‬ ‫ف ��ي خ��ري��ف ال� �ع ��ام ‪ .. 1990‬ت���رك ن �ه��ائ �ي��ا ال �ع �م��ل ال��وظ�ي�ف��ي‬

‫الرسمي‪ ‬بالدولة ليتفرغ لتنظيم أرشيفه املصور الضخم‪ ‬واالنصراف‬ ‫كليا إلعماله الفنية اخلاصة‪ ‬مركزا نشاطه علي التصوير الضوئي‬ ‫وتطويره‪ ‬والقيام بالتصميم‪ ‬الفني للملصقات وأغلفة الكتب وفنون‬ ‫اجلرافيك من خالل احلاسب اآللي في مرسمه‪ ‬الذي يسميه منذ‬ ‫عام ‪ 1975‬باسم ‪ :‬عش احلمامة‬ ‫وله مبدأ في الفن هو ‪ :‬الفن للحب‬ ‫الذي أخذ من ‪ :‬الفن للفن ‪ -‬الشكل‬ ‫ومن الفن للحياة – املضمون‪.‬‬ ‫هذا ما كتبه « العريبي « مختتما به سيرته الذاتية ‪..‬‬ ‫(( في خريف العام ‪ ، )) 1990‬ملاذا يظل اخلريف دائماً فص ً‬ ‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫خريف وخريف‪،‬‬ ‫تتساقط فيه األوراق ؟ وبأي عزمية سنواجه ألف‬ ‫تفننت جميعها ف��ي ح��رم��ان أش�ج��ارن��ا م��ن خ�ي��رة أوراق �ه��ا التي‬ ‫تساقطت؟‬ ‫وأي عمر الزلنا منلك في رصيد أعمارنا يا « فتحي العريبي‬ ‫« ونحن نطفيء مبوتك اليوم ض��وءا ج��دي��داً ك��ان يؤنس وحشة‬ ‫صدورنا في هذا الظالم ؟‬ ‫وكيف سيحلم « العالم « بعد اآلن بعذوبة الهواء رغم ملوحة التراب‬ ‫إحساس سيصف لنا مذاق التمر ‪ ،‬ذلك الذي « محاله ‪،‬‬ ‫؟ وبأي‬ ‫ٍ‬ ‫لو يبقى رطب « ؟!‬ ‫هل متلك لنا جواباً بعد رحيلك عنا اآلن يا سيد احلمام ؟!!‬


‫‪60‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫ملف‬

‫المستقل تفرج عن حوار مع الفنان الراحل ظل‬ ‫سنواتٍ حبيسَ األدراج‪:‬‬

‫أكثر الصور حاليا‬ ‫مكانهــــا الطبيعي‬ ‫محرقة النفايات‬ ‫حاوره ‪ :‬عبدالرحمن سالمة‬

‫الكاتب والفنان فتحى العريبي متخصص ف��ي فنون الكاميرا‬ ‫واجل��راف��ي��ك وال�ت�ص�م�ي��م وال� �ك ��والج ‪ ،‬ول ��د ف��ي ح��ي ال �ص��اب��ري‬ ‫ببنغازي وكان مولعاً في مطلع شبابه بالتصوير ‪ ..‬عمل مصورا‬ ‫في احلقيقة وكذلك في مجلتي اإلذاع��ة وليبيا احلديثة ‪ ،‬كما‬ ‫أتقن التصوير السينمائي لألفالم اإلخبارية والتسجيلية بوزارة‬ ‫اإلعالم كمندوب ملجلة اجلريدة املصورة في مدينة بنغازي ‪ ،‬وهو‬ ‫مؤسس أول قسم تصوير سينمائي حني افتتاح التلفزيون الليبي ‪،‬‬ ‫وخطف األضواء منذ الوهلة األولى فأوفد في دورة فنية للتصوير‬ ‫السينمائي واملونتاج إلى مدينة موينخ األملانية وأقام عدة معارض‬ ‫للتصوير الضوئي داخل ليبيا وخارجها مثل أثينا وروما وفاليتا‬ ‫وباريس و لندن و لستر وكذلك بعض العواصم العربية مثل دمشق‬ ‫وبغداد واإلسكندرية وقاهرة املعز ‪ ،‬وحتصل على جوائز كثيرة في‬

‫التصوير الضوئي من بينها مشاهدة أفضل إنتاج فوتغرافي في‬ ‫مجلة فن التصوير في بيروت كذلك اجلائزة الذهبية عن محور‬ ‫الطفولة وهو معرض نيسان الثاني للصورة العربية في العاصمة‬ ‫العراقية بغداد ‪ ..‬أيضا نال العديد من اجلوائز التقديرية في‬ ‫الفنون واألدب لدوره الريادي في فن التصوير‪ ،‬كما ألف وأعد‬ ‫ع��دداً م��ن الكتب ف��ي السينما والتصوير الضؤيى منها كتاب‬ ‫املتفرج الوحيد سينما وه��و من منشورات مجلة جيل وكذلك‬ ‫رسالة كشفية وأيضاً كتاب الدليل إلى فن الصورة والتشكيل عن‬ ‫الدار اجلماهيرية مبصراته التي طبعت له أيضاً كتاب دليل أجهزة‬ ‫التصوير الضوئي وأيضاً تاريخ التصوير الصحفي في ساحات‬ ‫القتال و كتاب البعد الثانى للقضية وهو موجه للفتيان والفتيات‬ ‫من منشورات املنشأة العامة للنشر والتوزيع واإلعالم بطرابلس‬


‫ول��ه أيضا كتاب مصور بعنوان العني الثالثة ‪ ،‬وم��ن مخطوطاته‬ ‫هديل احلمامة البيضاء دراس��ة أدبية وتشكيلية وكذلك صوت‬ ‫الريح وله كتاب اآلخرون وأنا وهو سيره ذاتيه له ‪ ،‬املميز فتحي‬ ‫العريبي عمل في اإلخراج اإلذاعي والتلفزيونى واالذاعه املسموعة‬ ‫‪،‬وكتب وصور وأخرج سلسلة من األفالم السينمائية القصيرة مثل‬ ‫مجرد أحالم ودقات الساعة‪ ،‬واألطفال أطفال‪ ،‬واخللية والعسل‪،‬‬ ‫والعودة إلى بيان ‪ ..‬فتحى العريبي أعد وأخرج العديد من البرامج‬ ‫مثل ‪ :‬حياتنا اجل��دي��دة برنامج وث��ائ�ق��ى‪ ،‬وط��ري��ق البناء أيضا‬ ‫وثائق‪ ،‬وأغاني احلياة موسيقي‪،‬‬ ‫وبرنامج ألوان منوعات‪ ،‬وبرنامج‬ ‫عارفني وموش عارفني لألطفال‬ ‫وال �ك �ت��اب ال �ث �ق��اف��ي ق ��وس ق��زح‬ ‫وكذلك أبعاد مرئية وه��و اآلخر‬ ‫ك �ت��اب ث�ق��اف��ي ك�م��ا أع ��د وأخ ��رج‬ ‫للمسموعه مجموعة كبيرة من‬ ‫ال �ب��رام��ج الثقافية ك�م��ا حضر‬ ‫العديد من الدورات وكذلك درس‬ ‫العديد من الفنون في تخصصه‬ ‫من بينها دورة فنية في اإلخراج‬ ‫ال�ت�ل�ف��زي��ون��ي وك �ت��اب��ة ال�س�ي�ن��اري��و‬ ‫بلندن لدى شركة فيننيوز وحصل‬ ‫ف��ي نهاية ال���دورة على الترتيب‬ ‫األول عن فلمه التسجيلي احلياة‬ ‫ف��ي ال�ش�م��ع وم��وض��وع��ه متحف‬ ‫الشمع في لندن ‪ ،‬أيضا حضر دورة متقدمة في كتابة السيناريو‬ ‫باملركز العربى للتدريب االذاع��ى والتلفزيونى بدمشق نال على‬ ‫إثرها شهادة بتقدير ممتاز عن كتابة سيناريو ال��وردة احلمراء‬ ‫وبطله صبى ميسح األحذية في الشوارع والفنان فتحى العريبى‬ ‫له أنشطة ثقافية أخرى فهو يكتب ويصور بشكل دائم ومنتظم‬ ‫في كبريات الصحف واملجالت الليبية من بينها مجلة الثقافة‬ ‫العربية وله فيها زاوية فضاءات في الفنون التشكيلية كذلك مجلة‬ ‫اإلذاع��ة‪ ،‬وله فيها زاوية أدبيات الفن التشكيلي ‪ ،‬أيضا صحف‬ ‫اجلماهيرية و الشمس و الفنان فتحي العريبي كتب العديد من‬ ‫التحقيقات املصورة في املجالت مثل مجلة املرايا ومجلة ال و‬ ‫كذلك في صحف وأخبار بنغازي ونشرت له أخبار فنية وتشكيلية‬ ‫في صحيفة أخبار األدب القاهرية وأيضا مجلة فن التصوير في‬ ‫لبنان ‪.‬‬ ‫قام بتدريس مادة اإلع��داد اإلذاع��ي واملرئي بجامعة قار يونس‬ ‫بكلية اآلداب قسم اإلعالم عام ‪ 1985‬وكذلك قام بتدريس مادة‬ ‫التصوير الضوئي بثانوية اإلعالم ببنغازي عام ‪.1997‬‬ ‫الفنان فتحي العريبي له العديد من العضويات العديد من الروابط‬ ‫والنقابات وال �ن��وادي من بينها رابطة األدب��اء والكتاب الليبيني‬ ‫بنغازي والرابطة العامة للصحفيني أيضا بنغازي وكذلك الرابطة‬ ‫العامة للفنانني بنغازي وأيضا النقابة العامة للمصورين والرسامني‬ ‫واخلطاطني بنغازي ‪.‬‬ ‫الفنان فتحي هو عضو بنادي الكاميرا بلندن وأيضا هو عضو في‬ ‫اجلمعية املالطية للتصوير في فآليتا وجمعية فن التصوير في‬ ‫دمشق واجلمعية العراقية للتصوير بغداد وأيضا نادي الكاميرا‬

‫العريبي كما رسمه العباني‬

‫باإلسكندرية وكذلك عضو بصالون مصر للتصوير‪.‬‬ ‫الفنان فتحي العريبي متفرغ حاليا ألعماله الفنية اخلاصة ونشاطه‬ ‫منصب على التصوير الضوئي و تصميم امللصقات وأغلفة الكتب‬ ‫وتصوير اجلرافيك باحلاسب اآللي في مرسمه الذي يسميه منذ‬ ‫ع��ام ‪ 1975‬باسم عش احلمامة ‪ ،‬فتحي العريبي فنان وكاتب‬ ‫ومصور جميل التقيته وكان لي معه هذا احلوار‪..‬‬

‫فتحي العريبي مع اإلب���داع ‪ ..‬من هم الذين وقفوا‬ ‫معك في بداية مشوارك؟‬ ‫العريبي‪ ( :‬زوجتي ‪ -‬ضي احلوش ) وقفت معي ومع فني وما‬ ‫تزال ‪ ،‬وهي أول من يشاهد أعمالي ودائما متدني باملالحظات‬ ‫الدقيقة التي تسهم ع��ادة في تهذيب العمل وتشذيبه قبل أن‬ ‫يعرض علي اآلخرين ‪.‬‬ ‫حدثنا عن عش احلمامة؟‬ ‫العريبي‪ :‬عش احلمامة عبارة عن م�لاذ وخلوة فنية ومعتزل‬ ‫شخصي للقراءة والتحصيل الثقافي أتاحت لي هذه اخللوة فرصة‬ ‫إعداد جميع أنشطتي الفنية واألدبية والثقافية سواء الكتب منها‬ ‫مثل ‪ :‬املتفرج الوحيد عام ‪ 1975‬و البعد الثاني للقضية عام ‪1984‬‬ ‫وكذلك البرامج املسموعة وفي مقدمتها برنامج ‪ :‬شريط تسجيل‪،‬‬


‫‪62‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫ملف‬

‫وسلسلة من األفالم السينمائية التجريبية القصيرة ‪ :‬مجرد أحالم‬ ‫ دقات الساعة ‪ -‬األطفال أطفال ‪ -‬العودة إلى بيسان ‪ -‬اخللية‬‫والعسل ‪ -‬واحمل��اض��رة ‪ -‬املأخوذ عن مقالة اجتماعية للصادق‬ ‫النيهوم بعنوان ‪ :‬والله باملجان ‪ -‬إضافة إلى مجموعة من البرامج‬ ‫املرئية في حلقات أسبوعية ‪:‬‬ ‫ألوان ‪ -‬أغاني احلياة ‪ -‬قوس‬ ‫قزح ‪ -‬أبعاد مرئية‬ ‫ومي�ك�ن��ك ف�ت��ح ال��راب��ط التالي‬ ‫وفيه م��ا يكفي للتعريف بهذا‬ ‫العش ‪:‬‬ ‫‪HYPERLINK «http://‬‬ ‫‪www.kraassi.com/‬‬ ‫‪esh.htm» http://www.‬‬ ‫‪kraassi.com/esh.htm‬‬ ‫أس��س��ت م��ج��ل��ة ك���راس���ي ‪،‬‬ ‫ملاذا الكراسي بالذات؟‬ ‫ال���ع���ري���ب���ي‪ :‬م �ج �ل��ة ك��راس��ي‬ ‫أول مجلة إلكترونية لها سبق‬ ‫الريادة في اللغة العربية وفي‬ ‫جميع لغات العالم املتخصصة‬ ‫ف��ي أدب �ي��ات وف �ن��ون ال�ك��راس��ي‬ ‫‪ .‬أم��ا مل ��اذا ك��راس��ي ف��اجل��واب‬ ‫يطول ويكفي أن أحيلك إلي ما‬ ‫قاله الناقد والفنان التشكيلي‬ ‫الكويتي القدير في املجلة وهي‬

‫ما تزال مجرد فكرة فقد قال في العدد األول الذي صدر بتاريخ‬ ‫‪ 15‬أبريل ‪ 2005‬ما نصه ‪:‬‬ ‫كم من مجلة متخصصة بدأت وأمام ناشريها آالف احملاور وتالل‪ ‬‬ ‫من املواد املتنوعة‪ ،‬ومن حيث بدأت انتهت! فما بالكم مبجلة ال‬ ‫تكتب وال تتحدث وال تتعاطى‬ ‫سوى مع « الكراسي »‪.‬‬ ‫م��ج��ل��ة م��س��اح��ت��ه��ا ال �ل �غ��وي��ة‬ ‫والبصرية تعتمد فقط على «‬ ‫مفردة » واحدة فقط ! مفردة‬ ‫ك��ل م��ا حت�م�ل��ه م��ن ص�ف��ة هي‬ ‫أرب�ع��ة أرج��ل‪ ،‬ومقعد‪ ،‬ومسند‬ ‫ل�ل�ظ�ه��ر‪ ،‬وف ��ي ب �ع��ض األح �ي��ان‬ ‫يستغنى عن هذا املسند‪ ،‬وفي‬ ‫م �ج��االت أخ ��رى يستغني عن‬ ‫املقعد ويستبدل بـ «خازوق »‪.‬‬ ‫وكتبت له مبا معناه « إن اخلطوة‬ ‫التي يريد أن يقدم عليها هي‬ ‫خطوة في « ف��راغ «‪ .‬لكن رده‬ ‫ح��م��ل ل� ��ي ع ��زم ��ا وت �ص �م �ي �م��ا‬ ‫إلجناز مشروعه املبتكر ‪ ..‬وال‬ ‫بد من إطالق مجلة « كراسي‬ ‫« وب��ال�ف�ع��ل ظ �ه��رت « ك��راس��ي‬ ‫« بنسختها ال�ت�ج��ري�ب�ي��ة على‬ ‫الشبكة اإللكترونية‪ ،‬وأيقنت‬ ‫ب��أن « ك��راس��ي « ستكون عمل‬

‫«زوجتي ‪ -‬ضي احلوش» وقفت معي ومع فني‬ ‫وما تزال‬ ‫عش احلمامة مالذ وخلوة فنية ومعتزل‬ ‫شخصي للقراءة والتحصيل الثقافي‬ ‫التصوير فن ال يتعاطي مع التمنيات‬

‫اإلبداع أن تصور مبا تؤمن به وحتبه ‪ ..‬وتؤمن‬ ‫مبا حتب وتصوره‬


‫حميد وفتحي وعقيلة العريبي‬

‫امرأة في لندن‬

‫امرأة من القاهرة‬

‫إبداعي عربي مميز‪.‬‬ ‫وقال عنها د ‪ .‬عمر محمد بن يونس ‪ -‬رئيس اجلمعية العربية‬ ‫لقانون اإلنترنت بتاريخ أول نوفمبر ‪ : 2007‬األف�ك��ار ال��واردة‬ ‫في أع��داد هذه املجلة جديرة باالحترام‪ .‬وجديرة بالتقدير ‪.‬‬ ‫ورمب��ا من املناسب القول هنا‬ ‫أن يكون من الباحثني الشباب‬ ‫من يتعرض حملتوى هذا املجلة‬ ‫كتطبيق في دراس��ات اإلع�لام‬ ‫االلكتروني والرقمي ‪.‬‬ ‫وال يتسع احلوار هنا كي أسرد‬ ‫عليك كل ما قيل ويقال يوميا‬ ‫عن مجلة كراسي ‪.‬‬ ‫م����ا ه����ى ال�����ص�����ورة ال��ت��ي‬ ‫يتمنى فتحي العريبي أن‬ ‫يلتقطها هذا العام ؟‬ ‫العريبي‪ :‬فن التصوير فن ال‬ ‫يتعاطي مع التمنيات فالصورة‬ ‫هنا تأتي من تلقاء نفسها لغاية‬ ‫عدسة الكاميرا ‪ ،‬وق��د تبحث‬ ‫ع�ن�ه��ا وت�ن�ت�ظ��ره��ا ط��وي�لا وال‬ ‫تأتي أبدا ‪ .‬هذا ولقد صورت‬ ‫كثيرا ولم أتعب وكأني حديث‬ ‫العهد بفن التصوير‪.‬‬ ‫ه��ل م���ازال���ت م���رمي تبوح‬ ‫بأسرارها ؟‬

‫امرأة في بيروت‬

‫العريبي‪ :‬مرمي شخصية افتراضية ‪ ..‬المرأة افتراضية ‪ .‬امرأة‬ ‫تعيش في مخيلتي كرجل ‪ .‬وهي أكثر شجاعة وقدرة علي البوح‬ ‫من أية امرأة ليبية واقعية ‪ ،‬وبوح مرمي متواصل ومستمر و نحن‬ ‫( مرمي وأنا ) سوف نحقق كتابا مشتركا يجمع بني البوح الهامس‬ ‫من م��رمي وال�ص��ورة التعبيرية‬ ‫مني ‪.‬‬ ‫كيف ترى املشهد الثقافي‬ ‫الليبي هذه األيام ؟‬ ‫العريبي‪ :‬نعم !! ماذا تقول ؟‬ ‫مش ‪ ..‬هد ‪ ..‬شنو ‪ ..‬أين لم‬ ‫أره ‪ .‬أين هو ؟ ثم ماذا ثقافي !‬ ‫ٍ‬ ‫صاف‬ ‫يبدو أنك صحفي عقله‬ ‫‪.‬‬ ‫الصورة البهية للمؤسسة‬ ‫ال���ع���ام���ة ل��ل��ث��ق��اف��ة كيف‬ ‫ت���ك���ون م�لام��ح��ه��ا داخ���ل‬ ‫الكادر في نظرك ؟‬ ‫العريبي‪ :‬ل��ي جت��رب��ة مريرة‬ ‫حول تأسيس (متحف الصورة‬ ‫الليبية) في بنغازي واألخ أمني‬ ‫املؤسسة احلالي مذ كان أمينا‬ ‫عاما للثقافة وعدني بإقامته‬ ‫والزلت أنتظر األخ األمني في‬ ‫أن يحقق وعده لي ‪.‬‬ ‫ماذا تعني لك آلة‬

‫أكثر الصور حاليا غير مهمة ومكانها الطبيعي‬ ‫احملرقة العامة للنفايات‬

‫املصورون الشباب أنصحهم بالعمل مبكرا ومن اآلن‬ ‫في البحث عن ( شغلة توكل عيش )‬ ‫ال حياة ملن تكتب أو تصور أو تنشر علي النت‬

‫كراسي أول مجلة إلكترونية لها سبق الريادة في‬ ‫اللغة العربية‬


‫‪64‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫ملف‬

‫بشير زعبية ومحمود البوسيفي في خلوة «عش احلمامة» ‪1989‬‬

‫التصوير ؟‬ ‫العريبي‪ :‬كانت تعني‪.‬‬ ‫هناك من حاول أن يرسم بعض صورك دون اإلشارة‬ ‫إل��ى صاحب ال��ص��ور فهل‬ ‫ن��ح��ن ب��ح��اج��ة اآلن إل��ي‬ ‫ق��وان�ين خ��اص��ة بامللكية‬ ‫الفكرية وحفظ احلقوق‬ ‫للمبدعني ؟‬ ‫ال��ع��ري��ب��ي‪ :‬دع م� ��ن ي��رس��م‬ ‫يرسم وات��رك من يسطو علي‬ ‫ج�ه��د اآلخ��ري��ن يسطو ‪ ..‬أن��ا‬ ‫ب �ح��اج��ة ف �ق��ط ل �ش �ع��اع شمس‬ ‫ح��ارة يدخل من نافذة غرفة‬ ‫نومي ويحط علي سريري من‬ ‫دون أن متر بيني وبينه سحابة‬ ‫ثقيلة وحتجبه عني ‪.‬‬ ‫ش��ه��دت ال��ف��ت��رة األخ��ي��رة‬ ‫طفرة في عالم التصوير‬ ‫وانتشرت آالت التصوير‬ ‫الديجتال وأصبح بسهولة‬ ‫ال��ص��ح��ف��ي ي��س��ت��ط��ي��ع أن‬ ‫ي��ت��اب��ع احل���دث ب��ال��ص��ورة‬ ‫دون االعتماد على مصور‬ ‫معتمد ومتخصص فهل‬ ‫ف����ي ن���ظ���رك ه�����ذه ح��ال��ة‬ ‫صحية ؟‬

‫العريبي‪ :‬ما يحدث ال يطال التصوير وحده بل استسهال لكل‬ ‫شئ تقريبا مبا في ذلك الكتابة ‪.‬‬ ‫لديك مجموعة من املخطوطات حدثنا عنها؟‬ ‫ال��ع��ري��ب��ي‪ :‬ع �ن��دي ع ��دد من‬ ‫امل �خ �ط��وط��ات م �ن �ه��ا ‪ :‬ه��دي��ل‬ ‫احل�م��ام��ة البيضاء – السيدة‬ ‫فيروز ‪ -‬مرمي تبوح بأسرارها‬ ‫– العني ف��ي أغنية السيدة أم‬ ‫كلثوم ‪ ,,‬و فضاءات تشكيلية ‪.‬‬ ‫ما هو وجه اإلبداع في فن‬ ‫التصوير ؟‬ ‫ال��ع��ري��ب��ي‪ :‬اإلب� � ��داع ه ��و أن‬ ‫ت��ص��ور مب ��ا ت��ؤم��ن ب ��ه وحت�ب��ه‬ ‫وتؤمن مبا حتب وتصوره ‪.‬‬ ‫هناك آالف الصور املهمة‬ ‫م���وج���ودة ل���دى ع���دد من‬ ‫امل��ص��وري��ن ه��ل ف��ي رأي��ك‬ ‫من الضروري وضعها في‬ ‫معرض دائم على مستوى‬ ‫ليبيا ؟‬ ‫العريبي‪ :‬أكثر الصور حاليا‬ ‫غير مهمة ومكانها الطبيعي‬ ‫احملرقة العامة للنفايات ‪.‬‬ ‫ك����ي����ف ت���ق���ي���م ال�����ص�����ورة‬ ‫ال��ص��ح��ف��ي��ة ف��ي صحفنا‬ ‫الرسمية واحمللية ؟‬

‫مرمي شخصية افتراضية تعيش في مخيلتي‬ ‫كرجل‬ ‫أين هو املشهد الثقافي الليبي ‪ ..‬لم أره !!‬

‫في زمني عشت تألق النيهوم عن قرب ‪ ..‬وفي زمن‬ ‫«السواق إلى صحفي والزمار إلى وكيل‬ ‫أبني حتول ّ‬ ‫ّ‬ ‫إعالنات واملنافق إلى سفير فوق العادة‬ ‫َلي جتربة مريرة مع تأسيس متحف الصورة‬ ‫الليبية‬


‫مع بعض املثقفني فى مرسمه «عش احلمامة»‬

‫في السادسة من عمره‬

‫في احتفال الشرطة ببنغازي عام ‪1967‬‬

‫العريبي‪ :‬ال�ص��واب أن تقول كيف تقيم‬ ‫الصحافة الليبية أوال ‪.‬‬ ‫ماذا تنصح املصورين الشباب ؟‬ ‫العريبي‪ :‬امل �ص��ورون الشباب أنصحهم‬ ‫بالعمل مبكرا ومن اآلن في البحث عن (‬ ‫شغلة – توكل عيش ) فهم في معظمهم‬ ‫دخالء علي فن التصوير مبا فيهم أنا منذ‬ ‫عشرات السنني ‪.‬‬ ‫هل ترى في املصور أحمد العريبي‬ ‫شباب الفنان فتحي العريبي ؟ وهل‬ ‫هناك مبدعون آخرون من أبنائك ؟‬ ‫العريبي‪ :‬زمن شبابي ‪ ..‬غير زمن شباب‬ ‫أحمد كمصور صحفي ‪ ..‬وزمن أبني نبيل‬ ‫كمخرج تلفزي كنت أوفر حظا منهما ‪ .‬أني‬ ‫عشت زم��ن وتألق ال�ص��ادق النيهوم عن ق��رب وع��ن ق��رب شديد‬ ‫جدا ‪ .‬في زمن أحمد ونبيل علي حد سواء ( السواق ) ينقلب إلي‬ ‫محرر صحفي و(الزمار ) إلي وكيل إعالنات واحلجال إلي ( كذا )‬ ‫واملنافق إلي سفير فوق العادة ( السرية منها واملكشوفة ) ‪.‬‬ ‫ما هو جديد الكاتب واملصور فتحي العريبي ؟‬

‫العريبي‪ :‬ال ‪ ..‬جديد يذكر ‪ ..‬األحالم القدمية عالها الصدأ‬ ‫‪ ..‬واألحباط يستأنس بالياٍ س ‪ .‬ومجاري الصرف الصحي خنقت‬ ‫البحر ( املعفن ) أمام بصر وسمع مؤسسات حماية البيئة ‪.‬‬ ‫كلمة أخيرة‬ ‫ال حياة ملن تكتب أو تصور أو تنشر علي النت ‪.‬‬


‫‪66‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫سينما‬

‫أدى املمثل الراحل «بول ووكر» دورا في آخر فيلم من سلسلة‬ ‫سيعرض قريب ًا في‬ ‫أف�لام «فاست آند فيوريوس»‪ ،‬وال��ذي ُ‬ ‫ص���االت السينما – إال أن الفيلم ق��د يجعلك ت��ص��اب مبا‬ ‫يعرف بدوار ركوب السيارات‪ ،‬كما يقول الناقد السينمائي‬ ‫نيكوالس باربر‪.‬‬

‫‪‎‬املخرج جيل جرولكس‬

‫برغم كل الدمار‪..‬‬ ‫الممثلون متأنقون دائم ًا‬

‫‪7‬‬

‫فاست آند فيوريوس‬

‫‪‎‬بول ووكر‬

‫فيلم أخرق وأحداث مثيرة‬ ‫تتنافى مع قوانيــــــــــن الفيزياء‬

‫رمبا يكون مالئماً ألي فيلم أن تظهر فيه سيارات عديدة مسرعة تصدر‬ ‫صخباً عاليا عند استدارتها فجأة‪ .‬لكن هذا الفيلم ال يتوقف أبداً عن‬ ‫إظهار السيارات وهي تنحرف بتهور‪ ،‬ويقودها أشخاص متقلبو املزاج‪.‬‬ ‫بينما تستريح في مكانك لتشاهد فيلماً مثيرا ذا أحداث متسارعة‪ ،‬يخرج‬ ‫إلينا شخص ما في الفيلم ليلقي موعظة رزينة عن أهمية العائلة‪.‬‬ ‫ثم‪ ،‬وفي اللحظة التي تظن فيها أن الفيلم ليس في احلقيقة إال فيلماً‬ ‫متزناً يحكي قصة حياة واقعية‪ ،‬يظهر شخص ما وه��و يقود سيارة‬ ‫أسقطت من طائرة‪ ،‬لتهبط على طريق جبلية تقع آالف األقدام أسفل‬ ‫منها‪ ،‬وبكل سالم وأمان‪.‬‬ ‫وعندما تتقبل األمر وكأنه لقطة من أحد أفالم الرسوم املتحركة‪ ،‬مع‬ ‫إضافة وشم الى أجساد البعض‪ ،‬يذ ّكرك مشهد كئيب من الفيلم بأن‬ ‫أحد جنومه (بول ووكر) قد فارق احلياة بينما ال يزال الفيلم قيد اإلنتاج‪.‬‬ ‫تتمايل املشاهد مع بشكل مفرط‪ ،‬حتى إن بعض املشاهدين سيشعرون‬ ‫وكأن أحداً ارتطم بهم بسيارته من اخللف‪.‬‬ ‫كان أول فيلم من هذه السلسلة‪ ،‬والذي أنتج عام ‪ ،2001‬معقوالً نسبياً؛ إذ‬

‫دارت قصته حول عميل من مكتب التحقيقات الفيدرالي (يؤي دوره املمثل‬ ‫بول ووكر) في مهمة سرية لكشف عصابة جتري بطريقة غير قانونية‬ ‫سباقا للسيارات في شوارع املدينة‪.‬‬ ‫لكن كل فيلم الحق في هذه السلسلة كان أكثر جنوناً وسخفاً مما قبله‪.‬‬ ‫واآلن وصلنا إلى مرحلة نرى فيها ذلك الفيلم وهو يقدم خليطاً ما بني‬ ‫فيلم «مهمة مستحيلة» لـ»توم ك��روز» وفيلم «املُستهلَكون» لـ»سيلفستر‬ ‫ستالون»‪.‬‬ ‫فمثل «مهمة مستحيلة – ب��روت��وك��ول الشبح»‪ ،‬يظهر فيلمنا حماقة‬ ‫جتسسية مبستوى عاملي وبتقنية عالية‪ ،‬تضم الكثير م��ن عمليات‬ ‫القرصنة بالكمبيوتر‪ ،‬وناطحات السحاب بدولة االمارات العربية املتحدة‪.‬‬ ‫ومثل فيلم «املستهلَكون»‪ ،‬يتضمن الفيلم أصدقاء حمقى لهم أياد خفيفة‬ ‫تضغط على زن��اد مسدساتهم وبنادقهم اآلل�ي��ة‪ :‬في ه��ذا الفيلم من‬ ‫السلسلة‪ ،‬ينضم «كيرت راس��ل» و «توني جا» و «جيسن ستاثام» (وهو‬ ‫من «املستهلَكني»)‪ ،‬إلى قائمة أصحاب العضالت‪ ،‬التي تشمل أيضاً «فان‬ ‫ديزل» و «دوين جونسن» و «ميشيل رودريغز»‪.‬‬


‫االحتفال بجيل جرولكس‬ ‫عاما‬ ‫حتتفل األوس���اط الفنية الفرنسية بذكرى م��رور ‪ً 20‬‬ ‫ع��ل��ى رح��ي��ل رائ����د س��ي��ن��م��ا ال���واق���ع ال��ك��ن��دي��ة امل���خ���رج جيل‬ ‫ً‬ ‫صندوقا‬ ‫جرولكس (‪ )1995 - 1941‬فتصدر له بهذه املناسبة‬ ‫ً‬ ‫مزخرفا يحتوى على شرائط أفالم أخرجها فى الستينيات‪.‬‬ ‫والصندوق به ستة أف�لام من أشهرها فيلم «الع��ب التنس»‬ ‫وفيلم «ال��ق��ف��ازات ال��ذه��ب��ي��ة»‪ ،‬وفيلم «ال���دردش���ة» وه��ي كلها‬ ‫تعكس احلياة اليومية فى كندا‪.‬‬ ‫���دا من صناع السينما في إقليم كيبك‬ ‫ويعد جرولكس واح ً‬ ‫الكندي وتشتمل أفالمه على مجموعة معقدة من الصور‬ ‫احل��ي��اة اليومية مب��ا فيها م��ن قلق وأغ���ان وم��وس��ي��ق��ى‪ .‬وك��ان‬ ‫امل��ج��ل��س ال��وط��ن��ي للفيلم ق��د ت��ع��اق��د م��ع��ه الع��ت��ب��اره العني‬ ‫الصريحة للحركة الفنية السينمائية التي ظهرت في ‪.1956‬‬

‫وباجلمع بني هذين الفيلمني املتميزين‪ ،‬ستحصل على فيلم مسرف‬ ‫في سخافته‪ ،‬وميكنه أن يكون محاكاة ساخرة لتجاوزات املراهقني في‬ ‫هوليوود‪ .‬وتتضمن الغالبية العظمى من احلوار في الفيلم شعارات ملفتولي‬ ‫العضالت‪ ،‬مالئمة للقطات ومشاهد إعالنية مقتضبة عن الفيلم‪.‬‬ ‫فالشخصيات من الذكور يتميزون بعضالت ذراعني يخجل منها بطل فيلم‬ ‫«الهيكل»؛ أما الشخصيات من اإلناث فجرى عادة تصويرها مبستوى‬ ‫بتبختر‪ .‬أما حبكة الرواية فتسبب الصداع‬ ‫معني و ُه ّن يبتعدن عن الكاميرا‬ ‫ٍ‬ ‫بغبائها‪ ،‬بداية من املشهد االفتتاحي‪.‬‬ ‫لكن أكثر ما جتده أخرقاً في هذا الفيلم هو مشاهد األح��داث املثيرة‬ ‫املولّدة بأجهزة الكمبيوتر‪ ،‬والتي تنافي جميعها كل قوانني الفيزياء‪ .‬فنرى‪،‬‬ ‫مراراً وتكراراً‪ ،‬سيارات حتطم جدراناً زجاجية‪ ،‬ويثقبها الرصاص املنهال‬ ‫بسرع جنونية‪ ،‬ومع ذلك يبدو سائقوها في‬ ‫عليها‪ ،‬وتسقط نحو األسفل‬ ‫ٍ‬ ‫مظهر جيد‪ ،‬وهم متأنقون على الدوام‪.‬‬ ‫وما يُالحظ بشكل أكثر هو عدم تأثر أي من املا ّرة األبرياء بكل التدمير‬ ‫الذي يحدث‪ .‬وفي اخلامتة املليئة باالنفجارات القوية‪ ،‬تتم تسوية معظم‬ ‫مدينة «لوس أجنليس» ب��األرض‪ ،‬لكن يبدو أن أح��داً ما كان ذا بصيرة‬ ‫كافية ليخلي املدينة من ساكنيها في الوقت املناسب‪.‬‬ ‫احلاجة إلى السرعة‬ ‫تتحطم املباني بشكل غير منطقي وبدون تبعات‪ ،‬وال يؤدي ذلك إلى شيء‪.‬‬ ‫ويسوق بطل الفيلم «ديزل» سيارته عبر حافة جبل‪ ،‬ليطل علينا من أسفله‬ ‫بدون أي خدوش‪.‬‬

‫وعندما نرى ذل��ك‪ ،‬سنفترض أنه حتى لو ح��اول غ��زاة من كوكب آخر‬ ‫طمس معالم كرتنا األرضية‪ ،‬فان هذا البطل سينجو منها ساملاً وبدون أية‬ ‫إصابات‪( .‬رمبا علينا أن نتطلع إلى ذلك في اجلز الثامن من ذلك الفيلم)‪.‬‬ ‫إذا كنت منحازاً إلى ما هو بعيد عن األخالق‪ ،‬وفوضى الهوس باستعمال‬ ‫السيارات‪ ،‬فان فيلم «فيوريوس ‪ »7‬يلبي الطلب ب��دون شك‪ .‬تتسارع‬ ‫املقاطع املؤثرة لتتبعها مقاطع مؤثرة أخرى تتجاوز احلدود‪ ،‬وبسرعات‬ ‫جنونية للسيارات‪ .‬أما احليوية املبهجة للحركات فتكاد تكون للتعويض‬ ‫عن عدم املنطقية فيها‪.‬‬ ‫ومع ذل��ك‪ ،‬تكمن العقبة اخلفية في أن الفيلم ال يرضى بكونه خياالً‬ ‫ٌ‬ ‫ومفرط بأشراره ومآثره‪ .‬إذ يص ّر الفيلم على كونه‬ ‫يخدر الذهن‪،‬‬ ‫جامحاً ّ‬ ‫يقدم مواعظ وجدانية عن الصداقة والقيم العائلية أيضاً‪.‬‬ ‫ومثل فيلم «املستهلَكون» وتتماته‪ ،‬يُصرف ج ّل وقت الفيلم على إظهار‬ ‫العنف بشكل تافه‪ ،‬أما املتبقي من وقته فيظهر عاطفية البطل وعالقاته‬ ‫احلميمة‪ .‬ويتم التعامل مع وفاة أحد أف��راد العصابة وكأن ذلك ميثل‬ ‫جرمية مفجعة بحق اإلنسانية‪.‬‬ ‫وكلما حتدثت الشخصية التي ميثلها «ووكر» مع زوجته (تقوم بدورها‬ ‫يوردانا بروستر)‪ ،‬فإن الكالم املتبادل بينهما يبدو وكأنه بني شخصني‬ ‫تظن أنه مت تشخيص‬ ‫مهووسني‪ ،‬ويبدو مثيراً للغثيان أيضا‪ ،‬حتى أنك ّ‬ ‫إصابته مبرض عضال‪.‬‬ ‫ويحكي لنا الفيلم مراراً بأنه ال ينبغي علينا أن نأخذ أي شيء فيه على‬ ‫محمل اجل� ّ�د‪ .‬ولكنه في نفس الوقت يظل يخبرنا أنه ينبغي علينا أن‬ ‫نعتبره ج ّدياً وحقيقيا‪.‬‬ ‫تظهر هذه التقلبات متنافرة مبا فيه الكفاية في كل الظروف‪ ،‬لكنها‬ ‫مؤملة بشكل خاص في أعقاب مصرع «ووك��ر» في ح��ادث سيارة عام‬ ‫‪ .2013‬فقد أعيد كتابة سيناريو الفيلم‪ ،‬ومت تركيب صور مختلفة في‬ ‫املشاهد التي ظهر فيها بحيث يصبح الفيلم مبثابة توديع عاطفي للممثل‬ ‫وشخصيته في الفيلم‪.‬‬ ‫وبينما نرى إشارات متكررة إلى وفاته بأشكال مخيفة‪ ،‬فإن لها بالتأكيد‬ ‫تأثيراتها املنشودة‪ .‬في العرض االفتتاحي الذي حضرته‪ ،‬جعلت املؤثرات‬ ‫رج��االً كباراً ميسحون قطرات الدموع من أعينهم خالل ذلك ال��وداع‬ ‫النهائي‪.‬‬ ‫إال أنه ليس هناك مف ّر من املفارقة الكريهة مع مصرع «ووكر» في سيارة‬ ‫«بورش» بسرعة تفوق ضعف السرعة املسموح بها‪.‬‬ ‫الفيلم الذي يقدم وداعا وإجالال‬ ‫كما ال ميكن إنكار الرياء الظاهر في‬ ‫ٍ‬ ‫لنجم سينمائي الق��ى حتفه نتيجة قيادة خطرة لسيارته‪ ،‬وف��ي نفس‬ ‫الوقت يعرض مهزلة تظهر تأكيد شخص ما على أن أن القيادة اخلطرة‬ ‫للسيارات ليست محفوفة باملخاطر‪ ،‬مثلها مثل من مجرد لعبة القفز‪.‬‬ ‫من املؤكد أن فيلم «فيوريوس ‪ »7‬هو أكثر أفالم هذه السلسلة ربحاً‪ .‬لكن‬ ‫لو فكرت ملياً في الفيلم‪ ،‬فإنه سيسبب لك دواراً عند قيادة سيارتك‪.‬‬


‫‪68‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫يواصل مختار اجل��دال رحلته االستكشافية‪ ،‬منقّ ب ًا في‬ ‫املنسية‪ ،‬البلد ال��ذي‬ ‫ذاك���رة ال��ص��ح��راء‪ ،‬باحث ًا ع��ن جرمة‬ ‫ّ‬ ‫م��رك��ز ًا ل��ل��ح��ض��ارات ال��ق��دمي��ة قبل أن يطأ ال��روم��ان شمال‬ ‫دمروا قرطاج‪ ..‬يقال‬ ‫إفريقيا‪ ..‬لقد ُد ّمر الرومان جرمة كما ّ‬ ‫أنهم أض��رم��وا النار في أحيائها ومبانيها‪ ..‬ثم غ���ادروا إلى‬ ‫صبراتة إلقامة احتفال رسمي حضره مندوب شخصي عن‬ ‫اإلمبراطور‪ ..‬ولكن قراءات أخرى من غير املؤرخني الرومان‬ ‫تقول العكس! لقد طرد اجلرمنت الرومان من الصحراء‪،‬‬ ‫املتوسط‪ ..‬إن‬ ‫ثم حلقوا بهم حتى سواحل البحر األبيض‬ ‫ّ‬ ‫أسرار التاريخ القدمي لم تنته بعد‪.‬‬

‫بني الصحراء ووادي اآلجال‬ ‫تويوه بوابة قبرعون‬

‫في عهد اإلمبراطور الليبي املولد «سيبتيموس سيفيروس» نشطت‬ ‫التجارة وبلغت جرمة أعلى درج��ات ازدهارها في القرنني الثاني‬ ‫والثالث امليالديني‬ ‫**‬ ‫تتمثل أه��م املواقع األثرية مبدينة جرمة في جبل زنككرة الذي‬ ‫تنحدر حافة قمته الشمالية إلى أسفل على شكل حائط نقش عليه‬ ‫اجلرمنتيون القدماء مجموعة من النقوش والرسومات التي تظهر‬

‫الطريق‬ ‫إلى جرمة‬ ‫مختار اجلدال‬

‫بين الصحراء ووادي اآلجال‬

‫تويوه بوابــــــ‬


‫ــــــة قبرعون‬


‫‪70‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫تعتبر بحيرة قبرعون التي تقع في وادي اآلجال في الصحراء الكبرى‬ ‫الليبية‪ ،‬مقصداً سياحياً هاماً‪ ،‬من صفاتها أنه ال أحد يغرق فيها‪ ،‬ألن‬ ‫كل شيء يطفو على سطحها بسبب امللوحة الشديدة‪ ،‬وهي محاطة‬ ‫بالنخيل والرمال من كل ناحية‪ ،‬وعمقها ‪ 7.1‬متر تقريباً‪ ،‬وتتميز أيضا‬ ‫مبياهها الساخنة جدا‪ ،‬وتعتبر قبرعون واحة تبعد حوالي ‪ 45‬كيلومتر‬ ‫إلى الشمال من قرية تكركيبة‪ ،‬وهي أق��رب نقطة سكنية من واحة‬ ‫قبرعون‪.‬‬ ‫تكركيبة‪ ،‬قرية جنوب ليبيا تقع ضمن مناطق وادي اآلجال ويبلغ عدد‬ ‫سكانها ألفني نسمة تقريباً‪ ،‬وتعتبر تكركيبة املدخل الرئيسي لبحيرة‬ ‫قبرعون السياحية وتوجد عدة شركات تهتم بهذا املجال في تكركيبة‬ ‫حيث تنظم الرحالت السياحية إلى بحيرة قبرعون ومنها املقر السياحي‬ ‫البحيرات اخلمس ومن املعالم املهمة في هذه القرية املسجد القدمي‬ ‫قام ببنائه رجال القرية حيث قاموا ببناء هذا املسجد على أنقاض قلعة‬ ‫قدمية وهو مسجد صغير يوجد به العديد من االقواس اجلميلة وبعض‬ ‫الزخارف‪ ،‬غير أن عوامل الطبيعة أثرت كثيرا على هذا املسجد‪.‬‬ ‫> عرفت تكركيبة منذ زمن قدمي حيث تطور اسمها على تالث مراحل‪:‬‬ ‫تكره طيبة ثم تكره كيبة ثم تكركيبة‪ .‬حيث االسم األول يرجع لصانعة‬ ‫التمر املعجون‪ ..‬وتدعى (طيبه) حيث اشتهرت القرية بكثرة نخيلها‬ ‫وكان أهالي بعض القبائل القدمية يدعون الثمر املعجون (تكره) فاطلقوا‬ ‫على القرية تكره طيبة ثم حرف االسم من قبل بعض الوافدين اجلدد‪.‬‬ ‫> كانت مقر اإلدارة الغربية ململكة أوالد امحمد الفاسي ويقدر عمر‬ ‫هذه القرية أكثر من ‪ 600‬سنة وتوجد بها معالم أثرية قد دفنت أثر‬ ‫زحف الرمال في اجلهة الشمالية منها لم يتم اكتشافها إلى اآلن‪ ،‬اما‬ ‫املنطقة التي انتقل منها االهالي إثر السيول في الستينات فهي اآلن‬ ‫معرضة للدمار لعدم ترميمها أو االهتمام بها من قبل الدولة والسكان‪.‬‬ ‫في قرية تكركيبة باجلنوب الليبي ولد الشيخ اجلليل محمد أحمد‬ ‫ال��زروق بن محمد يوسف بشير ( ‪1995 - 1937‬م ) درس مبحل‬

‫في عهد اإلمبراطور الليبي املولد «سيبتيموس‬ ‫سيفيروس» نشطت التجارة وبلغت جرمة أعلى درجات‬ ‫ازدهارها في القرنني الثاني والثالث امليالديني‬

‫إقامته على شيخه أحمد الدردير احلضيري الذي ينتمي إلى أسرة‬ ‫احلضيري املعروفة مبدينة سبها وشيخ الزاوية القادرية(‪ )1‬بها وأمام‬ ‫وخطيب جامع التركي‪ ،‬وعندما انتقل الشيخ احلضيري إل��ى قرية‬ ‫الرقيبة انتقل معه الشيخ محمد الزروق ليستكمل تعليمه في أصول‬ ‫قراءة القرآن الكرمي كما أخذ عنه أصول التصوف‪.‬‬ ‫تعلم أحكام علم امليراث والفقه املالكي على يد شيخه احلسني ولد‬ ‫العزيز من موريتانيا الذي الزمه سنوات طويلة كما تعلم األحكام على‬ ‫يد الشيخ بون أحمد كابر وهو موريتاني أيضاً‪.‬‬ ‫اشتغل في بداية حياته العملية مبحلة اجلديد مبدينة سبها في مهنة‬ ‫املشرف على توزيع مياه الشرب على األحياء السكنية باملنطقة ثم تعلم‬ ‫التجارة وعاد إلى مسقط رأسه بقرية تكركيبة حيث أفتتح مح ً‬ ‫ال لتجارة‬ ‫املواد الغذائية وفي األثناء كان مداوماً على تعلم القران وأصول الفقه‪.‬‬ ‫عند إلغاء التجارة في منتصف السبعينيات من القرن العشرين عينّ‬ ‫مختاراً للمحلة التي كانت تشمل قرى قراقرة والفجيج وقبرعون ومندرة‬ ‫وهي محاذية لقرية تكركيبة وقد عرف عنه احلكمة والتروي في حل‬ ‫النزاعات بني املتخاصمني خاصة في النزاعات حول األراضي والوفاق‬ ‫في مواضيع الزواج والطالق‪.‬‬ ‫عني مديراً ملدرسة تكركيبة القرآنية حتى مت إلغاء التعليم الديني عام‬ ‫‪1985‬م وقد تعلم على يديه العديد من طالب العلم مبنطقته وكان مثاالً‬ ‫للمعلم املثابر خاصة فيما تعلمه من علم‬ ‫امليراث والفقه املالكي «كان الشيخ مهيباً‬ ‫ذو شخصية قوية وك��ان عطوفاً يحتوى‬ ‫طالبه بعطفه فهو األب بكل معنى الكلمة‬ ‫يشتد حني تكون الشدة الزمة ويلني حني‬ ‫يكون اللني الزماً وهذه الصفة قل أن يتميز‬ ‫بها أحد مثله وكان عفيفاً غاية التعفف»‪.‬‬ ‫وقد تخرج على يديه في العصر احلديث‬ ‫أع��داد كبيرة من تالميذه فال يحصون‬ ‫عدداً‪ ،‬ألنه سبح في غمار تدريس القرآن الكرمي وتفسيره سبحاً طوي ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫ومن لي بحصر البحر والبحر زاخر‬ ‫ومن لي بإحصاء احلصى والكواكب (‪)2‬‬ ‫وكان من بني طالبه الذين أصبحوا معلمني للقرآن باملنطقة الدكتور‬ ‫ع�ب��دال�ق��ادر أب��و غ���رارة ون�ص��ر ومحمد ال�ب�ك��اي وأب�ن��ائ��ه البرزجني‬ ‫والبوصيري‪ .‬‬ ‫احتفظ في بيته بالقرية مبكتبة ثرية احتوت أمهات الكتب في علوم‬

‫تتمثل أهم املواقع األثرية مبدينة جرمة في جبل زنككرة الذي تنحدر حافة‬ ‫قمته الشمالية إلى أسفل على شكل حائط نقش عليه اجلرمنتيون القدماء‬ ‫مجموعة من النقوش والرسومات التي تظهر مظاهر من حياتهم املختلفة‬ ‫زائر جرمة ميكنه مشاهدة اآلثار اإلسالمية بها إلى جانب آثار‬ ‫ومقابر اجلرمنت القدمية التي شيدت على هيئة أهرامات ومسالت‬


‫القرآن والفقه والتصوف واللغة العربية وال��دراس��ات اإلسالمية‪ ،‬له‬ ‫من األبناء أربع وهم البرزجني واملناوي والبصيري وعبدالقادر ولهذه‬ ‫األسماء معان في علوم التصوف‪ .‬توفي يوم اجلمعة املوافق ‪/7 /27‬‬ ‫‪1995‬م‪.‬‬

‫بقايا وأطالل‬

‫جرمة في «معجم آمون»‬

‫‪ -1‬جرمة‪ ،‬غرمة‪ ،‬گرمة ‪Garma‬‬ ‫تأسست كمدينة‬ ‫عاصمة الغرمنت ‪ّ ،Garaments‬‬ ‫ه��ي أش��ب��ه بعاصمة ال��ص��ح��راء الكبرى منذ القرن‬ ‫الثالث ق‪.‬م‪ .‬يليها – كما ّ‬ ‫التتبع األثري – ثالثة‬ ‫دل‬ ‫ّ‬ ‫أحزمة من ال��واح��ات تقع بني املرتفعات الشمالية‬ ‫للحمادة احلمراء وبحر الرمال املمتد من أوب��اري‬ ‫حتى مرزق حيث انتشرت قراهم في وادي الشاطئ‬ ‫ف��ي الشمال ووادي اآلج���ال ووادي ب��رج��وج وم��رزق‬ ‫ومنخفض زويلة في اجلنوب‪.‬‬ ‫وقد نشأت عالقات جتارية وطيدة بني غرمة وبني‬ ‫مدن الشمال القرطاجية وبني قورينا في الشمال‬ ‫الشرقي‪ ،‬ورمب��ا مع مصر‪ ،‬إال أن األدل��ة التاريخية‬ ‫واألث��ري��ة تعوز ال���رأي األخ��ي��ر‪ .‬وك��ان��ت ت��ص ّ��در امللح‬ ‫وريش النعام وعاج الفيل واألحجار الكرمية‪ ،‬وتبيع‬ ‫العبيد الذين تأسرهم من دواخل إفريقيا‪ .‬وقد مت‬ ‫العثور على أكثر من أربعني ألف قبر ومائة ضريح‬ ‫بالقرب م��ن غرمة مم��ا ي��دل على اتساعها وع��دد‬ ‫سكانها الكبير‪ .‬وال نعرف الكثير عن أسماء قبائل‬ ‫أسست‬ ‫الغرمنت التي ُيعتقد أنها كانت كثيرةً وأنها ّ‬ ‫م��دن�� ًا وق���رى أخ���رى متصلة ب��غ��رم��ة‪ ،‬وه���ذه املسألة‬ ‫يتم ترجيحها‬ ‫تتداولها التخمينات اآلن‪ ،‬دون أن ّ‬ ‫بشكل قطعي‪ .‬لكن الثابت أن هذه القبائل كانت في‬ ‫أرج��اء ف��زّ ان احلالية (غرمة‪ ،‬وادي اآلج��ال‪ ،‬وادي‬ ‫الشاطئ‪ ،‬م��رزق‪ ).. ،‬وكانت مسيطرة على امتداد‬ ‫الطرق الصحراوية‪ .‬وي��رد اس��م آخ��ر للداللة على‬ ‫الغرمنت ه��و ‪َ Gamphasantes‬‬ ‫(غ ْ��م��فَ ��زَ انْ��ت��س)‪،‬‬ ‫ونعثر في هذا االسم على اسم فزّ ان ‪ ،Phasan‬إال‬ ‫محق ً‬ ‫قة بعد بشكل‬ ‫أن الصلة بني االسمني ليست‬ ‫َّ‬ ‫نهائي‪.‬‬ ‫وقد ذكر غرمة هيرودوت (‪ )174 :4‬وسترابو (‪:5 :2‬‬ ‫‪ )33‬و(‪ )33 :17‬وبليني (‪ )38 ،36 ،26 :5‬و(‪)209 :6‬‬ ‫و(‪ )142 :8‬وبطليموس (‪ )5 4- :8 :1‬و(‪ )2 :10‬و(‪:4‬‬ ‫‪ )6‬وكوريبوس (‪ .)198 :6‬أما في العصر احلديث‬ ‫فإن غرمة (ينطقها الليبيون اآلن بصيغة َج ْر َمة)‬ ‫كانت آهلة بالسكان حتى ‪ 1936‬عندما انتشر فيها‬ ‫فهجرت متام ًا‪ ،‬وحتولت من جديد‬ ‫م��رض املالريا ُ‬ ‫إلى أطالل كما نرى اآلن‪.‬‬

‫جرمة األثرية نشأت في القرن الثامن ق‪.‬م‬ ‫وعلى مسافة غير بعيدة من تكركيبة جتد مدينة جرمة‪ ،‬تعتبر جرمة‬ ‫األثرية إحدى الشواهد واآلثار الدالة على تاريخ الليبيني القدماء في‬ ‫ليبيا وتعود اصل تسمية جرمة إلى قبائل اجلرمنت التي سكنت املنطقة‬ ‫واستطاعوا بجرأتهم وشجاعتهم وما ميلكون من خيول وعربات وسالح‬ ‫اختراق الصحراء وصد هجمات الغزاة الرومان القادمة من الشمال‬ ‫على ساحل البحر املتوسط‪.‬‬ ‫ولم تقم بينهم والرومان أي عالقات سلمية إال في عهد اإلمبراطور‬ ‫الليبي املولد «سيبتيموس سيفيروس» في القرن الثاني امليالدي حيث‬ ‫نشطت التجارة وبلغت جرمة أعلى درجات ازدهارها في القرنني الثاني‬ ‫والثالث امليالديني‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن اإلش��ارة التاريخية األول��ى للجرمنت كانت من قبل‬ ‫املؤرخ هيردوتس في القرن اخلامس قبل امليالد إال أن ظهور الدالئل‬ ‫األولى لالستقرار البشرى في جبل زنككرة الذي يعتبر أقدم مستقر‬ ‫لهم فيه تعود للقرن الثامن قبل امليالد وتتمثل املواقع األثرية مبدينة‬ ‫جرمة في جبل زنككرة الذي تنحدر حافة قمته الشمالية إلى أسفل‬ ‫على شكل حائط نقش عليه اجلرمنتيون القدماء مجموعة من النقوش‬ ‫والرسومات التي تظهر مظاهر من حياتهم املختلفة‪.‬‬ ‫إضافة إلى الضريح الذي توجد حوله مقبرة كبرى حتتوى على العديد‬ ‫من القبور الدائرية التي يوجد عليها موائد القربان وشواهد على شكل‬ ‫قرون وعلى شكل كف اليد وتعد املقبرة امللكية الواقعة جنوبي جرمة‬ ‫القدمية وأط�لال املدينة التي تبدو في شكل بيضاوي يحيط به من‬ ‫اخلارج خندق يليه بقايا سور مبنى من الطني من أهم املعالم السياحية‬ ‫باملنطقة‪ ،‬وقد مت الكشف عن بقايا مدينة جرمة الشهيرة عاصمة‬ ‫اجلرمنت حتت املدينة اإلسالمية التي حتمل االسم نفسه‪.‬‬ ‫افتتح بالقرب من جرمة متحف يضم العديد من األقسام منها قسم‬ ‫ما قبل التاريخ وقسم تاريخ جرمة والقسم اإلسالمي وقسم املقتنيات‬ ‫الشعبية‪ ،‬وإضافة لإلمكانيات األثرية والتاريخية فان منطقة جرمة‬ ‫متتلك مقومات اجلذب السياحي الطبيعية التي تتمثل أساسا في تنوع‬ ‫الظواهر الطبيعية حيث توجد في املنطقة املجاورة لها ثالثة أنواع من‬ ‫التضاريس هي بحر الرمال في الشمال‪ ،‬الواحات على امتداد ‪150‬‬ ‫ك‪.‬م شرقا وغربا واألخدود الصخري والهضبة الصخرية (احلمادة)‬ ‫جنوبا‪.‬‬ ‫والزائر جلرمة ميكنه مشاهدة اآلث��ار اإلسالمية بها إلى جانب آثار‬ ‫ومقابر اجلرمنت القدمية التي شيدت على هيئة أهرامات ومسالت‪.‬‬ ‫كما ميكنه مشاهدة املتحف الذي يضم مقتنيات عديدة متثل مختلف‬ ‫احلضارات التي مرت بها هذه املدينة‪.‬‬ ‫هوامش‬

‫> محمد أحمد الزروق بن محمد‪ .‬عالم وشيخ صوفي‪.‬‬ ‫(‪ )1‬األبيات للشيخ ابن جزئ الغرناطي من قصيدته في مدح اجلناب النبوي‬ ‫الشريف‪.‬‬ ‫(‪ )2‬الطريقة القادرية في ليبيا يرجع دخولها الي اصول بعيدة وحسب ما توفر لدي‬ ‫من معلومات انها من ايام الشيخ عبد القادر اجليالني قدس الله روحه الذي مر‬ ‫بجنوب ليبيا وحتديدا مبنطقة سمنوا اثناء سياحته رضي الله عنه ثم مبرور سيدي‬ ‫ابي مدين الغوث اثناء رجوعه وصارت فترات فتور وانكماش للطريقة ثم اعيد‬ ‫احياؤها عن طريق سيدي االمني العالم الذي كان تلميذه االمام االكبر سيدي علي‬ ‫سيالة الذي كان له فضل احياء الطريقة ثم حصلت فترة فتور فقام سيدي رجب‬ ‫الزائدي بإعطاء االجازة لسيدي االمني عوض البيجو الذي سلمته مشيخة القادرية‬ ‫في بغداد االجازة املطلقة في اعطاء االوراد واالذكار في الطريقة القادرية واصبح‬ ‫بهذا شيخ الطريقة القادرية في ليبيا ثم بعد انتقاله الي الرفيق االعلى استلم ابنه‬ ‫الشيخ مفتاح االمني البيجو امد الله في عمره مشيخة الطريقة وقام الشيخ مفتاح‬ ‫رضي الله عنه بجهود جبارة ألحياء الطريقة فأسس العديد من الزوايا‪.‬‬


‫‪72‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫جرمنت‪ ،‬غرمنت (گرمنت) ‪Garamantes‬‬ ‫سكان جنوب ليبيا القدامى‪ ،‬عاصمتهم غرمة (ينطقها‬ ‫ال��ب��ع��ض‪ :‬ج��رم��ة)‪ .‬ومت��ي��ل ال��ب��ح��وث األث��ري��ة ال��ت��ي أجريت‬ ‫على بقايا القبور إل��ى القول ب��أن الغرمنت كانوا ينتمون‬ ‫إل��ى أرب��ع مجموعات ساللية‪ :‬إثنان منها بيضاء وواح��دة‬ ‫زجن��ي��ة وال��راب��ع��ة م��زي��ج م��ن ه���ذه ال���س�ل�االت‪( .‬مب���ا يشبه‬ ‫النسيج االجتماعي احلالي لبالد شنقيط ‪ -‬موريتانيا)‪.‬‬ ‫سكن الغرمنت الواحات وغرسوا أشجار النخيل واستأنسوا‬ ‫احل���ص���ان‪ ،‬ون��ظ��م��وا ال��ق��واف��ل ال��ت��ج��اري��ة ال��ت��ي ك��ان��ت تعبر‬ ‫الصحراء الكبرى إلى ما يليها من أراض وممالك إفريقية‪،‬‬ ‫وكانوا يسيطرون على منطقة واسعة من ليبيا متتد من‬ ‫ً‬ ‫شماال وجبال أك��اك��وس وت���درارت غرب ًا‬ ‫احل��م��ادة احل��م��راء‬ ‫وجبال تبستي جنوب ًا وجبال العوينات وواح���ات الكفرة‬ ‫ش��رق�� ًا‪ .‬سماهم ه��ي��رودوت ف��ي ال��ك��ت��اب ال��راب��ع (‪)174 : 4‬‬ ‫ً‬ ‫قائال أنهم يبعدون مسيرة‬ ‫باسمهم (غرامنتس) ووصفهم‬ ‫عشرة أي��ام عن أوجلة‪ ،‬وأنهم يغرسون النخيل ويقتاتون‬ ‫ملحي تكثر فيه الينابيع‪.‬‬ ‫على ال��ت��م��ور‪ ،‬بالقرب م��ن ت��ل‬ ‫ّ‬ ‫تردد بني‬ ‫وكان هيرودوت أول من أشار إلى الغرمنت إال أنه ّ‬ ‫وصفهم بالقوة واملنعة واس��ت��خ��دام ال��ع��رب��ات التي جترها‬ ‫اجلياد‪ ،‬وبني البدائية والتوحش وعدم امتالك أية أسحلة‬ ‫يدافعون بها عن أنفسهم‪ ،‬وحتاشي االختالط باآلخرين‪،‬‬ ‫��ردد يشي باختالف املصادر التي سمع منها‬ ‫وهو بالطبع ت ّ‬ ‫ونقل عنها‪ ،‬إذ من الثابت أنه لم يزرهم‪ ،‬بالرغم من زيارته‬ ‫ملصر وقورينا‪ .‬كما ذكر أنهم كانوا يقومون بأسر املكتهفني‬ ‫‪ Troglodae‬أي سكان الكهوف‪ ،‬مبطارتهم بعرباتهم التي‬ ‫جترها أربعة خيول ألن أولئك املكتهفني «ك��ان��وا سريعي‬ ‫حد يفوق التصور»‪ .‬وكانوا يقيمون إلى اجلنوب‬ ‫العدو إلى ّ‬ ‫من مواطن النسامون‪ ،‬الذين يقع املكا غربهم حتى ساحل‬ ‫البحر‪ .‬وقد أشار سترابو (‪ )19 : 3 : 17‬إلى أن بالد الغرمنت‬ ‫هي التي يؤتى منها باحلجر القرطاجي (العقيق األحمر)‪،‬‬ ‫وأن موطنهم يبعد عن األثيوبيني الذين يعيشون على‬ ‫ساحل احمليط تسعة أو عشرة أيام‪.‬‬ ‫وبالرغم من العالقة التجارية الوطيدة التي نشأت بني‬ ‫الغرمنت والقرطاجيني والقورينيني إال أن الرومان كانوا‬ ‫أع���داء أل���داء لهم وبعد سلسلة م��ن امل��ع��ارك ب�ين الطرفني‬ ‫انتصر عليهم كورنيليوس ب��ال��ب��وس سنة ‪ 19‬ق‪.‬م‪ .‬وق��ام‬ ‫ال��روم��ان بعد ذل��ك بنصب سلسلة م��ن ال��ق�لاع على أط��راف‬ ‫الصحراء‪ ،‬أشبه بعالمات احل��دود امل��زودة بنقاط مراقبة‬ ‫متقدمة‪ ،‬فعمل الغرمنت على مهاجمتها وإزالتها‪ ،‬إلى أن‬ ‫ً‬ ‫حملة قادها أغسطس حيث قامت فرقته‬ ‫ج ّ��رد ال��روم��ان‬ ‫الصحراوية مبهاجمة مدينة غرمة وتدميرها وإحراقها‬ ‫سنة ‪15‬م‪ .‬وه��و احل���دث ال���ذي أق���ام ل��ه اح��ت��ف ً‬ ‫��اال ع��ام�� ًا في‬ ‫م��دي��ن��ة ص��ب��رات��ة‪ ،‬ألن دم����ار غ��رم��ة ك���ان ي��ع��ن��ي بالنسبة‬ ‫للرومان بسط حدود امبراطوريتهم إلى أقاصي الصحراء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سجاال بينهم إل��ى أن ق��ام الغرمنت‬ ‫وق��د استمرت احل��رب‬ ‫مبساعدة أهالي لبدة وأويا على الثورة ضد روما في عهد‬ ‫فسباسيان ‪ Vespasian‬سنة ‪69‬م‪ .‬ومثلما ه��و األم��ر مع‬

‫قرطاج بعد تدميرها وإحراقها‪ ،‬استطاعت غرمة النهوض‬ ‫من جديد‪ ،‬وممارسة دوره��ا التجاري القدمي ‪ -‬وإن بشكل‬ ‫أق���ل ‪ -‬إل���ى أن ن��زل��ت ق����وات ال���ون���دال ع��ل��ى س��واح��ل امل��دن‬ ‫(الهجانة) للدفاع‬ ‫اجلمالة‬ ‫الثالث (أوي��ا)‪ ،‬فتشكّ لت فرقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وامل��ق��اوم��ة‪ ،‬وق��د ضمت ه��ذه الفرقة (ان��ظ��ر‪ :‬ك��اب��اون) عدة‬ ‫قبائل ليبية كان الغرمنت من بينها‪ ،‬باإلضافة إلى لواتة‬ ‫ومزاتة‪ .‬إال أن النهاية الفعلية ملدينة الغرمنت كانت عند‬ ‫ظ��ه��ور جماعات ال��دون��ات��ي�ين‪ ،‬وه��م أت��ب��اع م��ذه��ب مسيحي‬ ‫التعصب‪ ،‬وقد اجتهوا جنوب ًا ‪ -‬بعد أن عاثوا فساد ًا‬ ‫شديد‬ ‫ّ‬ ‫في الشمال ‪ -‬فأغاروا على الغرمنت في مدينتهم ودمروها‬ ‫متام ًا‪ .‬وهكذا فإن الغرمنت القدامى (فينيقيو الصحراء‬ ‫كما يوصفون‪ ،‬وهم أسالف الطوارق احلاليني) بعد ضياع‬ ‫مملكتهم ومدنهم انتشروا في الصحراء على شكل قبائل‬ ‫متفرقة‪ ،‬وظلوا هكذا‪ ،‬حتى قدوم طالئع الفتح اإلسالمي‬ ‫في القرن السابع‪.‬‬


‫رحلة ماترنوس‬

‫توجه جوليوس ماترنوس ‪ Julius Maternus‬من لبدة إل��ى غرمة مستغرق ًا عشرين ي��وم�� ًا‪ ،‬وراف��ق��ه امللك‬ ‫الغرمنتي في رحلة استغرقت أربعة أشهر إلى أراضي أغيسمبا ‪« Agisymba‬حيث يوجد الكركدن»‪ .‬يذكر‬ ‫أن النقود التي سكّ ت في عهد دميتيان ‪ Domitian‬حوالي ‪ 92‬م حملت صورة الكركدن‪ ،‬ويعتمد هذا التاريخ‬ ‫تقريبي ًا للرحلة‪.‬‬

‫‪‎‬قريبا من بحيرة قبرعون‬ ‫‪‎‬جانب من البحيرة‬


‫‪74‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫جرمة‪..‬‬

‫العـــودة‬ ‫إلى اإلرث المفقود‬


‫‪‎‬جرمة‬


‫‪76‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫ال زلنا نستطلع أطالل حضارة أهل الصحراء‪ ..‬صحبة رفيقي‪..‬‬ ‫أنصت لسرديته الطويلة عن املكان والزمان وتاريخ من عبروا‬ ‫وغبروا‪ ..‬كانوا هنا عندما كانت هذه األودية واملرتفعات التي‬ ‫حتيط بنا سفوح خضراء‪ ..‬كان ذلك في العصور الوسيطة‪..‬‬ ‫جرمة كانت العاصمة‪ ..‬وها هي آثار ما تبقى من أساسات العمران‬ ‫وقد طمرتها الرمال‪ ..‬وهي تعود بنا إلى القرن األول امليالدي‪..‬‬ ‫شاهدا يتحدث عن جرأة أهلها وقدرتهم على اختراق الصحراء‬ ‫وش��ج��اع��ت��ه��م ال���ن���ادرة ف���ي ال��ت��ص��دي‬ ‫للغزاة‪ ..‬قاوموا الزحف الرماني القادم‬ ‫من الشمال‪ ..‬ومتكنوا مجتمعني من‬ ‫ال��وص��ول إل��ى أب���واب لبدة سنة ‪70‬م‪.‬‬ ‫ولم تقم عالقات سلمية مع الرومان‬ ‫إال ف���ي ع��ه��د اإلم���ب���راط���ور الليبي‬ ‫األصل (سيبتيموس سيفيروس) في‬ ‫القرن الثاني امليالدي‪ ،‬حيث نشطت‬ ‫التجارة وبلغت جرمة أوج إزدهارها في القرنني الثاني والثالث‬ ‫امليالديني‪.‬‬

‫امتد سلطان جرمة ليشمل االمتداد الصحراوي املعروف‬ ‫حالي ًا بإقليم فزان‬

‫آثار املدافن اجلرمنتية على امتداد وادي اآلجال ووادي الشاطئ واملناطق احمليطة بزويلة ومرزق وغدوه‬ ‫ووادي برجوج إلى غدامس وتاسيلي الهجار ومرتفعات أدرار ايفوغاس وحتى احلدود احلالية للنيجر‬ ‫تشير إلى االنتشار السكاني واالنتعاش العمراني القدمي في الصحراء‪.‬‬

‫شكلت جرمة نقطة عبور وتوافد‪ ،‬ومحطة مهمة لتجارة القوافل‪ ..‬وامتد‬ ‫سلطانها ليشمل االمتداد الصحراوي املعروف حاليا بإقليم فزان‪ ..‬آثار‬ ‫املدافن اجلرمنية املكتشفة أخيرا على امتداد وادي اآلجال‪ ..‬ووادي‬ ‫الشاطئ واملناطق احمليطة بزويلة ومرزق وغدوه ووادي برجوج‪ ،‬إلى‬ ‫غدامس وتاسيلي الهجار ومرتفعات أدرار ايفوغاس وحتى احلدود‬ ‫احلالية للنيجر‪ .‬تشير إلى االنتشار السكاني وانتعاش العمران باملكان‪.‬‬ ‫(أهرامات احلطية) (املقابر امللكية) و( مقابر أبو درنه)‪ .‬تتوجها شكل‬ ‫راحة اليد (خميسة) تتقدمها موائد قربان حجرية‪.‬‬ ‫شيء من حديث رفيقي وما أسعفه به حديث املؤرخني‪ ..‬حتدث املؤرخ‬ ‫اليوناني الشهير هيرودوت (‪ 434 – 484‬ق‪ .‬م) في كتاباته عن القبائل‬ ‫الليبية القدمية فذكر قبيلة اجلرمنت التي كانت تستوطن منطقة فزان‬ ‫وبالتحديد منطقة جبل زنككرا حيث تقع على قمة اجلبل أقدم اآلثار‬ ‫اجلرمنتية التي ُعثر عليها حتى اآلن‪.‬‬ ‫لم يتوقف رفيقي وهو يحكي سرديته عن ذكر حادثة عاصرها مؤخراً‬ ‫أثناء محاولة إعادة اكتشاف املكان‪ ..‬فقد عثر أثناء حفر إحدى املدافن‬ ‫على خواء وبه صحيفة حديثة العهد صدرت عام ‪1967‬م‪ ..‬وهو هنا ال‬ ‫يستبعد أن احلفرية تعرضت للسرقة من قبل فرنسيني‪ ..‬إذ الصحيفة‬ ‫فرنسية اللغة‪ .‬لكن ما يقلق حسب قوله أن املكان ظل مهجوراً ألربع‬ ‫عقود تلت‪ ،‬وكم كانت األمنيات ترنو إلى حتقق األمل واحللم في األخذ‬ ‫بتوصيات املؤمتر األول للتاريخ (جامعة قار يونس)‪ ..‬والذي يعد أكبر‬ ‫جتمع لبحاث ومهتمني‪ ،‬واألوفر قيمة علمية من كل ما تاله‪ ..‬لقد رميت‬ ‫تلك التوصيات ومالحظات الباحثني في مهب الريح ومكب الزمن‪.‬‬ ‫ذكرني بها وكأنه يحفظها عن ظهر قلب‪ ..‬املؤرخ طه باقر‪ .‬يقول ‪« :‬إن‬ ‫مهد األنواع البشرية القدمية التي ظهرت في أوائل العصر احلجري‬ ‫القدمي في إفريقيا وال سيما في املناطق االستوائية وشبه االستوائية‬ ‫منها‪ ..‬وإن اجلنس األسود هو أصل األجناس األخ��رى»‪ .‬ولكونه من‬ ‫اجلنس عينه‪ ،‬قدرت ملا اختار أن يذكرني بهذه أوال‪ ،‬وكأنه يريد أن‬ ‫يقول أن اجلنس األسود أصل األجناس‪ ..‬أو أن هنا آثار أقدام اإلنسان‬ ‫األول الذي وطأ األرض‪ ..‬كما يضيف ما نبه إليه الباحث عينه باملؤمتر‬ ‫املذكور‪« ..‬لعل أهرامات فزان في احليطة واخلرانق تشير يوما إلى‬ ‫صلة بأولئك املرويني‪ ،‬وكان ملوكهم يدفنون في أهرامات‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يؤكد مرة أخرى ضرورة االهتمام بفزان والواحات من ناحية البحث‬ ‫األثرى‪ ..‬يجب أن نتجه ببحثنا نحو الصحراء‪ ،‬وفي فزان ذاتها حيث‬ ‫كان اجلرمنت أكبر القبائل الليبية وقد كانوا مستقرين يزرعون وديانهم‬ ‫– مثل وادى اآلجال ووادى الشاطى – وقد تركوا لنا الكثير من رسومهم‬

‫هل قام الفرنس ّيون بنهب مدافن جرمة في ستينيات‬ ‫القرن العشرين؟‬ ‫املؤرخ طه باقر‪ :‬اجلنس األسود هو أصل األجناس األخرى ومواطنهم‬ ‫هي مهد األنواع البشرية القدمية التي ظهرت في أوائل العصر احلجري‬ ‫القدمي في إفريقيا‬


‫يظهر من الصور امللونة في جبال أكاكوس أن أولئك الرعاة‪ ..‬بلغوا مرتبة رفيعة في فن الرسم وميكن أن‬ ‫نعتبر الرسوم املوجودة بأنها أرقى مرحلة وصل إليها فن الرسم لدى الرعاة‪ ..‬إن عصر النهضة اجلرمنتية‬ ‫قد أنتج فن ًا رفيع ًا بلغ أقصى حدود الرقي واإلتقان‪.‬‬ ‫سليمان أيوب‬ ‫‪‎‬فزان‬

‫أهرامات فزان في احليطة واخلرانق تشير إلى صلة‬ ‫باملرويني الذين كانوا يدفنون ملوكهم في أهرامات‬

‫استقرار الشمال واملناطق الساحلية رهني باستقرار‬ ‫وأمن اجلنوب‬ ‫‪‎‬جرمة‬

‫الصخرية صوروا فيها الكثير من نواحي حياتهم»‪ .‬وهو االهتمام الذي‬ ‫لم يحدث‪ ..‬فاملؤمتر عقد عام ‪ 1967‬بكلية اآلداب جامعة بنغازي‪..‬‬ ‫وبعد سنتان كان العسكر قد فعلوا فعلتهم‪.‬‬ ‫أيضا ما أشار إليه املؤرخ سليمان أيوب‪ ..‬من أن «االمبروطور سبتميوس‬ ‫سيفورس‪ ..‬ملا انتقل إلى إفريقيا واستقر بها عمد أوال إلى تغير نظام‬ ‫الدفاع بشكل يضمن للوالية أمنها وسالمتها من خطر أهالي املناطق‬ ‫الداخلية خاصة قبيلتي النساميني واجلرامنت اللتني متيالن دوما إلى‬ ‫مزاولة احلروب وغزو املدن الساحلية‪ ..‬وقد استمرت الغزوات إلى عهد‬ ‫اإلسكندر سويرس الذي عمل على تهجيرهم أو أجالئهم عن أراضيهم‬ ‫فاضطروا إلى التوجه نحو اجلنوب حيث تسكن القبائل الزجنية‪ ،‬غير‬ ‫أنهم متكنوا فيما بعد من تأسيس دولة غانا القدمية»‪ ..‬ولعله هنا أراد‬ ‫أن يوجه إلى أن استقرار الشمال واملناطق الساحلية رهني باستقرار‬ ‫وأم��ن اجلنوب‪ ..‬ويستذكر أيضا إح��دى ملخصات الباحث عن دور‬ ‫اجلرمنت عندما يقول‪« :‬لعب اجلرمنت في تاريخ الصحراء الكبرى‬ ‫نفس الدور الذي لعبه الفنيقيون في تاريخ البحر األبيض املتوسط‪،‬‬ ‫فكان لهم الفضل في متدين الشعوب األفريقية املوجودة إلي اجلنوب‬ ‫منهم وذلك عن طريق إدخال علوم ومعارف العالم املتحضر إليهم كما‬ ‫كان لهم الفضل أيضا في تعريف كتاب الرومان وغيرهم بعالم إفريقيا‬ ‫الواقع للجنوب من الصحراء الكبرى‪ ،‬وإمدادهم باملعلومات التي دونها‬ ‫جغرافيو العالم الروماني في كتبهم‪ .‬فكان لهذه الكتابات فضل كبير‬ ‫في إرشاد الرحالة األوروبيني خالل عصر الكشوف اجلغرافية بالقارة‬ ‫اإلفريقية»‪.‬‬ ‫لقد كانت جولة ممتعة عادت بنا إلى زمن ولى‪ ،‬وحواديث من عبروا‪..‬‬ ‫رحلة عكس اجتاه الزمن‪ ..‬وسردية أشبه بسيمفونية مفقودة احتفظ‬ ‫بها هذا احلفيد الذي ال يزال يصر على البقاء هنا‪ ..‬حتى وان غار‬ ‫الزمن والتصحر على املكان‪ ،‬وأجهزت عوامل التعرية والرمال على ما‬ ‫بقى من أطالل‪ ..‬بكل ما حملت من آهآت وزفرات جعلت من رفيقي‬ ‫يتحدث وكأنه يشكو داء عضال‪ ..‬أو مغص ألم به‪ ..‬ال أخفي لقد نالني‬ ‫الكثير مما ناله‪.‬‬


‫‪78‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫جرمة القدمية‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫جرمة القدمية بناها اجلرمنتيون في القرن األول للميالد‬ ‫كعاصمة لدولتهم‪ ،‬وتعد من أهم وأق��دم الشواهد واآلث��ار‬ ‫في ليبيا الدالة عن تاريخ الليبيني القدماء‪.‬‬ ‫اكتشفت م��ؤخ��را بقايا مدينة جرمة الشهيرة‪ ،‬عاصمة‬ ‫اجلرمنتيني حت��ت املدينة اإلس�لام��ي��ة ال��ت��ي حتمل نفس‬ ‫االسم والتي كانت تعد محطة مهمة لتجار القوافل‪ .‬حيث‬ ‫ك��ان��ت مدينة ج��رم��ة ع��ام��رة عندما فتحها املسلمون في‬ ‫القرن السابع امليالدي‪.‬‬ ‫وي��دل العدد الهائل من امل��داف��ن اجلرمنتية املكتشفة في‬ ‫وادي احلياة على أنهم كانوا كثيرين‪ .‬كما كشفت مواقع‬ ‫جرمنتية أخ��رى ف��ي مناطق متسعة تشمل كذلك وادي‬ ‫الشاطىء واملناطق احمليطة بزويلة وم��رزق وغ��دوه ووادي‬ ‫برجوج‪ .‬وهذا يدل على االنتشار السكاني كما يدل على‬ ‫انتعاش الزراعة في منطقة متسعة من اجلنوب‪.‬‬ ‫غير أن أغلب املعلومات األث��ري��ة املتوفرة تخص املدافن‬

‫بقايا وأطالل‬

‫اجلرمنتية التي كان بعضها على شكل (أهرامات احلطية)‬ ‫والبعض اآلخر على هيئة قباب تستند على قواعد مربعة‬ ‫(املقابر امللكية) ومقابر أبو درنه‪.‬‬ ‫وتتميز القبور اجلرمنتية بأن لها شواهد على شكل راحة‬ ‫اليد (خميسة) تتقدمها موائد قربان حجرية‪ .‬وتتراوح‬ ‫ه���ذه ال��ش��واه��د ف��ي احل��ج��م م��ن الصغير ال���ذي ال يتعدى‬ ‫ارتفاعه ‪ 50‬سم إلى شواهد ضخمة ترتفع ملترين‪.‬‬ ‫وق��د حت��دث امل���ؤرخ اليوناني الشهير ه��ي��رودوت ( ‪– 484‬‬ ‫‪ 434‬ق ‪ .‬م ) ف��ي كتاباته ع��ن القبائل الليبية القدمية‬ ‫فذكر قبيلة اجلرمنت التي كانت تستوطن منطقة فزان‬ ‫وب��ال��ت��ح��دي��د منطقة ج��ب��ل زن��ك��ك��را ح��ي��ث ت��ق��ع ع��ل��ى قمة‬ ‫اجلبل أقدم اآلثار اجلرمنتية التي ُعثر عليها حتى اآلن‪.‬‬ ‫وتتمثل تلك اآلثـار في وج��ود بقايا قرية محصنة كـانت‬ ‫م��س��ك��ون��ة ف��ي ال��ف��ت��رة ب�ين س��ن��ة ‪ 900‬ق‪.‬م‪ ،‬وال���ق���رن األول‬ ‫امليالدي‪.‬‬


‫جرمة‬

‫كمـا أن اجلرمنت يعدون األكثر خبرة في اختراق الصحراء‬ ‫واملناطــق اجلنوبية مم��ا جعلهم ينفردون بالقدرة على‬ ‫اصطياد الفيلة وال����زراف وال��ن��ع��ام ال��ت��ي ك��ان��ت تغطي تلك‬ ‫املناطق ‪ ،‬مستعملني عربات جترها اخليول‪ ،‬وأفاد بوجود‬ ‫ط��ري��ق للعربات اجلرمنتية عبر ال��ص��ح��راء إل��ى غدامس‬ ‫ً‬ ‫وصوال إلى النيجر احلالية‪.‬‬ ‫وتاسيلي‬ ‫وت��دل النقوش وال��رس��وم على الصخور التي اكتشفت في‬ ‫تلك املناطق على صحـة تقرير هيرودوت عن مرور املركبات‬ ‫اجلرمنتية عبر الصحراء و إن كانت مساراتها غير معروفة‬ ‫بالتفصيل‪.‬‬ ‫وق��د ق��اوم اجلرمنت نفوذ ال��روم��ان بالتحالف مع القبائل‬ ‫الليبية األخ����رى وك��ان��ت االن��ت��ص��ارات ال��ت��ي أح���رزوه���ا في‬ ‫أوائل القرن األول امليالدي قد شجعتهم على الوصول إلى‬ ‫السواحل وتهديد ال��روم��ان على مشارف امل��دن التي كانوا‬ ‫يقطنونها‪ ،‬ففي سنة ‪ 70‬م وع��ل��ى أث��ر وف���اة اإلم��ب��راط��ور‬

‫فسياسيان قام سكان أويا (طرابلس) مبؤازرة اجلرمنتيني‬ ‫باملقاومة معهم وق��د وصلت جيوشهما إل��ى مشارف لبدة‪،‬‬ ‫ولم تتوطد العالقات السليمة إال في العهد الالحق وذلك‬ ‫عندما تولى مقاليد احلكم في الدولة الرومانية اإلمبراطور‬ ‫سبتيميوس سيفيروس فأمنت الطرق وازده��رت التجارة‬ ‫ب�ين ج��رم��ة ول��ب��دة وغ��ي��ره��ا م��ن امل���دن واس��ت��م��رت األوض���اع‬ ‫كذلك ط��وال القرن الثاني والثالث امليالديني حيث بلغت‬ ‫جرمة أوج ازده��اره��ا وتشمل اآلث���ار احلالية املتبقية من‬ ‫جرمة القدمية‪ ،‬والتي تقع على مقربة من مدينة جرمة‬ ‫احلالية على بقايا السورالقدمي وبعض القاعات واملنازل‪.‬‬ ‫ويالحظ أن مكونات البناء في معظم املباني من الطوب‬ ‫اللبني املجفف املستعمل في إعادة جملة من املواد األولية‬ ‫املتوفرة باملنطقة‪ ،‬وم��ن أه��م املعالم بها مجموعة املقابر‬ ‫الرئيسية وم��ن بينها ال��ض��ري��ح الهيكلي امل��ع��روف (بقصر‬ ‫وطوط) ا ُملشيد بحجارة مربعة‪.‬‬


‫‪80‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫حملة كلورنيلوس بالبوس سنة ‪ 19‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫لم يعثر بفزان على أيى أثر يدل على وصول الرومان في‬ ‫ه��ذا التاريخ املبكر إل��ى ف��زان كذلك لم يوجد بالصحراء‬ ‫أى نصب ت��ذك��اري أو نقش أو أي ش��يء مم��ا اع��ت��اد ال��روم��ان‬ ‫أن يخلدوا به انتصاراتهم في البالد املفتوحة‪ .‬كما وان‬ ‫النصوص الرومانية تشير إلى أن اجلرمنت كانوا يحاربون‬

‫بعد مرور أقل من مائة سنة من حملة بالبوس على ساحل‬ ‫طرابلس‪ .‬وال ميكن أن يعقل ذلك األمر إن لم يكن اجلرمنت‬ ‫قد طردوا الرومان من فزان أوأل‪.‬‬ ‫سليمان ايوب‬

‫أهرامات جرمة‬

‫اسسوا مملكة غانا‬ ‫الليبيون القدماء ّ‬

‫ملا انتقل اإلم��ب��روط��ور سبتميوس سفيروس إل��ى إفريقيا‬ ‫واستقر بها عمد أوال إلى تغير نظام الدفاع بشكل يضمن‬ ‫للوالية أمنها وسالمتها من خطر أهالى املناطق الداخلية‬ ‫خاصة قبيلتي النسامون واجلرمنت اللتني متيالن دوما‬ ‫إلى مزاولة احل��روب وغزو املدن الساحلية‪ ..‬وقد استمرت‬

‫قلعة غات‬

‫ال���غ���زوات إل���ى ع��ه��د االس��ك��ن��در س��وي��رس ال���ذى ع��م��ل على‬ ‫تهجيرهم أو إجالئهم عن أراضيهم فاضطروا إلى التوجه‬ ‫نحو اجل��ن��وب حيث تسكن القبائل ال��زجن��ي��ة‪ ،‬غير أنهم‬ ‫متكنوا فيما بعد من تأسيس دولة غانا القدمية‪.‬‬ ‫رمضان قديد‬


‫الفزانية‬ ‫ّ‬ ‫مملكة جرمة‬ ‫ومملكة مروى السودانية‬ ‫البروفيسور الراحل‪ :‬أسامة عبدالرحمن‬ ‫تصف املصادر اليونانية والرومانية عموماً اجلرمنت طبقاً لسلسلة‬ ‫جد محدودة من الكتابات النمطية عن سكان الصحراء وفق منظور‬ ‫مفترض‪ .‬النعوت املستخدمة لوصف اجلرمنت تبني املشكلة بصورة‬ ‫واضحة‪.‬‬ ‫فاجلرمنت يوصفون بأنهم‪ :‬عديدين‪ ،‬ومتوحشني‪ ،‬وقساة‪ ،‬ويسكنون‬ ‫العشش‪ ،‬ومتفرقني‪ ،‬ومختلطني‪ ،‬وبال قانون‪ ،‬يتلقون اجلزية‪ ،‬وخفيفي‬ ‫التسليح‪ ،‬وقطاع طرق‪ ،‬وسود البشرة‪ .‬وهناك إشارات للزراعة وأشجار‬ ‫النخيل‪ ،‬لكن تلك تتراجع إلى اخللفية في مواجهة الروايات املتكررة‬ ‫لقصة هيرودوت عن أبقار اجلرمنت ذات القرون التى تبلغ طوالً يفرض‬ ‫عليها أن ترعي احلشائش وهى تسير إلى اخللف (هيرودوت‪ ،‬التواريخ‪،‬‬ ‫الكتاب الرابع‪ ،‬ص‪ ،125 .‬الفقرة ‪ .)183‬من السجل الكتابي املتراكم‬ ‫ميكن للواحد أن يستنتج بأن اجلرمنت كانوا قبيلة بدوية شبه مترحلة‪،‬‬ ‫مع قليل اهتمامات بالزراعة‪.‬‬ ‫اآلن أصبحت إشكالية املدنية اجلرمية في فزان‪ ،‬والتي شغلت جزءاً‬ ‫كبيراً من جنوب ليبيا في فترة معاصرة بصورة عامة لإلمبراطورية‬ ‫الرومانية‪ ،‬حتتل مكانة تزداد أهمية في املجادلة الدائرة حول الزراعة‬ ‫واملدنية في الصحراء الوسطى‪ .‬متثل البينة الهائلة للتكيف اإلنساني‬ ‫مع ظروف الصحراء والتطور املبكر للواحات املروية في هذا اجلزء‬ ‫من الصحراء‪ ،‬أهمية كبيرة لدراسة احلالة هذه (انظر‪Barker and‬‬ ‫‪ 2000 Gilbertson‬بالنسبة للموضوعات العامة احمليطة بعلم آثار‬ ‫الصحارى)‪ .‬يفرض اجلفاف الشديد في ف��زان حتديات هائلة أمام‬ ‫اإلقامة اإلنسانية‪ ،‬ويطرح السؤال عن الكيفية التى متكن بها اجلرمنت‬ ‫والسكان الالحقون من ممارسة الزراعة املستقرة في املنطقة‪ .‬كشفت‬ ‫األع �م��ال امليدانية ال�ت��ى أج��راه��ا اإلي�ط��ال�ي��ون ف��ي ثالثينيات القرن‬ ‫املنصرم‪ ،‬ودانليز‪ ،‬وأي��وب في ستينيات وسبعينيات القرن املنصرم‬ ‫شيئاً من مدنية اجلرمنت‪ ،‬لكنها تركت العديد من األسئلة املتعلقة‬ ‫باقتصادهم بال إجابة ‪Ayoub;1951 Pace, Sergi and Caputo‬‬ ‫‪ .1989.id ;1970 Daniels;1967‬أصبحت تلك املشكلة اآلن حتت‬ ‫املجهر بفعل أعمال االستكشاف واملسح والتنقيب اآلثارية األخيرة التى‬ ‫تشير إلى أن نهوض الدولة اجلرمية‪ ،‬من بدايتها في القرن السادس‬ ‫ق‪.‬م‪ .‬حتى قمة ازدهارها في القرن امليالدي الثالث‪ ،‬تُعلم رقياً هائ ً‬ ‫ال في‬ ‫التنظيم السياسي واالجتماعي‪-‬االقتصادي لفزان‪ .‬حقيقة فإن العديد‬ ‫من النقاط الزالت غامضة‪ ،‬بأمل أن يتم توضيحها مع تقدم عمليات‬ ‫البحث اآلثاري اجلارية في املنطقة‪ .‬لكن يبدو من الواضح اآلن كيف‬ ‫كانت الدولة اجلرمية مختلفة ومبدعة إذا ما قورنت باألشكال السابقة‬ ‫للتكتل االجتماعي في املنطقة نفسها‪ .‬إذا أشرنا إلى املظاهر األساسية‪،‬‬ ‫فإن الصحراء الوسطى قدمت للمرة األول��ى بينة دال��ة على التمدن‪،‬‬ ‫وعلى متركز السلطة السياسية‪ ،‬وعلى كنوز ثروات الفتة لالنتباه (في‬ ‫اجلبانات امللكية)‪ ،‬وعلى استغالل زراعي مكثف للواحات‪ ،‬وعلى التجارة‬ ‫بعيدة املدى‪ ،‬وعلى صناعة املعدن (احلديد)‪ ،‬وعلى استخدام الكتابة‪.‬‬ ‫عندما يتم وضع تلك اإلجنازات في منظور متكامل صحيح فإنه سوف‬

‫تتضح احلاجة إلعادة تقييم لتاريخ املنطقة قائم على بذل املزيد من‬ ‫اجلهد البحثي امليداني وعلى جتميع املعطيات ووضعها في محتواها‬ ‫التاريخي املناسب‪.‬‬ ‫من بني اإلشكاالت التاريخية العديدة التى يتوجب علينا حلها (أو على‬ ‫األقل حتديدها) في هذا احملتوى‪ ،‬سأفرز إشكاليتني منها ‪ :‬إشكالية‬ ‫التقنية املتوفرة ملثل هذا النهوض الهائل لدولة معقدة في قلب الصحراء؛‬ ‫وإشكالية األسباب التى أدت إلى زوالها املفاجئ‪ .‬حالياً منتلك فقط بينة‬ ‫استنتاجية بني يدينا‪ ،‬لكنه ال يجوز القول بأن الوقت الزال مبكراً إلثارة‬ ‫النقاش‪ ،‬جزئياً بغرض توجيه مجال البحث امليداني إلى أهداف أكثر‬ ‫حتديداً‪.‬‬ ‫بالنسبة لإلشكالية األول ��ى‪ ،‬حت��دي��داً التطبيق التقني‪ ،‬ف��إن السمات‬ ‫لي‪-‬‬ ‫األساسية هي الفجارات واإلبل‪ .‬يبدو واضحاً‪ -‬على األقل بالنسبة ّ‬ ‫أن الزيادة املفاجئة في السكان وكثافتهم في وادي اآلجال (حول جرمة)‬ ‫وفي وادي تنزوفت (حول غات) ال ميكن لها أن تكون قد حدثت بدون‬ ‫إدخال البستنة القائمة على قاعدة أشجار النخيل والري (حتديداً نظام‬ ‫الفجارة)‪ .‬لدى إع��ادة تركيب التغيرات التقنية والدميوغرافية كبيرة‬ ‫احلجم‪ ،‬علينا أن نتبنى منظوراً أكثر اتساعاً‪ .‬حالياً‪ ،‬فإن التفاوت بني‬ ‫االستغالل الرعوي واجلرمي للمنطقة مدهش للغاية‪ ،‬رغم أن االنتقال‬ ‫كان تدريجياً وحتتوى أمن��اط اإلقامة الرعوية املتأخرة على سمات‬ ‫سوف تسود لدى اجلرمنت‪.‬‬ ‫خالل الفترة الطويلة (حوالي ‪10.000‬إلى ‪ 3000‬سنة مضت)‪ ،‬عندما‬ ‫نتج عن الظروف االيكولوجية في فزان نوع من السافانا كافية إلعالة كم‬ ‫كبير من األبقار واألغنام‪ ،‬جرى استغالل املنطقة عن طريق مجموعات‬ ‫صغيرة تتحرك بني اجلبال والسهول‪ ،‬على ضفاف البحيرات والبرك‪،‬‬ ‫مع معسكرات فصلية (للمزيد من التفاصيل انظر‪ :‬أسامة النور‪.)2004‬‬ ‫أث��ر االقتصاد ال��رع��وي على مجمل املنطقة (م��ن ودي��ان اجلبال إلى‬ ‫السهول املنفتحة) بطريقة متجانسة‪ .‬خالل املرحلة الرعوية املتأخرة‪،‬‬ ‫عندما أخذ املناخ في التدهور (أساساً بني‪ 5000‬و‪3000‬سنة مضت)‪،‬‬ ‫بدأت مواقع اإلقامة الرعوية تتمركز حول قاع األودي��ة (مع الواحات‬ ‫املمتزجة بها) وفي اجلبال‪ ،‬وهجرت العروق‪ .‬عندما اكتملت عملية‬ ‫التصحر‪ ،‬أصبحت اإلقامة اإلنسانية متمركزة في ال��واح��ات النواة‪،‬‬ ‫ومت حتول كامل في النظام السابق‪ :‬إقامة متمركزة بدالً عن منتشرة؛‬ ‫البستنة زائد التجارة بدالً عن الرعاوة‪ .‬ال ميكننا أن نتصور أن هذا‬ ‫النظام اجلديد برز إلى الوجود ب��دون أو قبل إدخ��ال تقنيات زراعية‬ ‫وجتارية جديدة‪ .‬هنا‪ ،‬فإن معرفتنا ال ميكن وصفها بأكثر من كونها‬ ‫متنافرة‪ .‬أشجار النخيل ترجع مبوثوقية إلى وقت مبكر من األلفية‬ ‫األولى؛ إدخال نظام الفجارة في حوالي القرن السادس ق‪.‬م‪ .‬يظل أمراً‬ ‫قاب ً‬ ‫ال للنقاش؛ وإدخال اإلبل يفترض أنه أعقب ذلك التاريخ (السنوات‬ ‫كل‪ ،‬خالل فترات أوج ازدهارهم‬ ‫اخلتامية لأللفية األولى ق‪.‬م‪ .).‬على ٍ‬ ‫(القرون األول‪-‬الثالث امليالدية) امتلك اجلرمنت كل األدوات الالزمة‬ ‫لفرض سيطرتهم على الصحراء‪ .‬لكني أعتقد بأن وفرة األدوات هذه ال‬


‫‪82‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫ب َّد وأنها وجدت خالل املراحل املبكرة لتطور الدولة اجلرمية في القرن‬ ‫السادس ق‪.‬م‪ .‬أعترف بأن املعطيات املناسبة غير كافية في الوقت‬ ‫الراهن‪ ،‬لكن هذه مشكلة بينة مفقودة وليست بينة عكسية‪.‬‬ ‫رك��زت أعمال املسح والتنقيب اآلث��اري��ة التى ق��ام ماتنجلي بتنفيذها‬ ‫ف��ي وادي اآلج ��ال‪ ،‬وه��و ال ��وادي ال��وس��ط م��ن ح��زام ال��واح��ات الثالث‬ ‫األساسية التى تؤلف ف��زان‪ ،‬واملعروفة بكونها قلب أرض اجلرمنت‬ ‫وتضم عاصمتهم في مدينة جرمة‪ ،‬جاراما سابقاً (‪Mattingly et‬‬ ‫‪ ،2003 .al‬لتركيب أكثر شمولية)‪ .‬عرفت جرمة منذ أعمال التنقيب‬ ‫التى أجريت في ستينيات القرن املنصرم باحتوائها على املباني ذات‬ ‫األساسات احلجرية التى ترجع إلى تاريخ روماني‪ .1967 Ayoub‬على‬ ‫مدى خمس سنوات‪ ،‬قام فريق ماتنجلي بالتنقيب في ما يبدو معبداً‬ ‫مجاوراً هنا‪ ،‬متتبعاً املوقع احلضري بدءاً من آخر أطوار السكن فيه‬ ‫في بدايات القرن العشرين امليالدي انتها ًء ببدايات املوقع في حوالي‬ ‫‪ 300‬سنة ق‪.‬م‪( .‬ملراجعة التقارير املبدئية ألعمال التنقيب انظر‪:‬‬ ‫‪.id ;1999 .1998a, id .id ;1998 .id ;1997.Mattingly et al‬‬ ‫‪.)2003 .2000a; id .id ;2000‬‬ ‫في وق��ت متوافق مع أعمال التنقيب‪ ،‬أج��رى ماتنجلي كذلك أعمال‬ ‫مسح آثاري في وادي اآلجال‪ ،‬والتي ألقت الضوء على السر الغامض‬ ‫ملواقع اإلقامة اجلرمية‪ ،‬والتي ظل مشكوكاً فيها مع اجلبانات العديدة‬ ‫الهائلة على امتداد جرف السلسلة اجلبلية‪ .‬يشير الكشف عن العديد‬ ‫من مواقع اإلقامة في مركز الوادي التى تعود إلى تاريخ جرمي‪ ،‬واملؤلفة‬ ‫من قرى نووية وأيضاً على األقل من موقعني حضريني إضافيني‪ ،‬إلى‬ ‫أن تقديرات أعداد السكان اجلرمنت قد حتتاج إلى مراجعة تنحى نحو‬ ‫الزيادة ‪2000c; .2000b: id .2000a; id .id ;2000 Liverani‬‬ ‫‪ .2001 Edwards ;2000 Mattingly‬ويقدر ماتنجلي بأن احلد‬ ‫األقصى للسكان تراوح بني‪ 50/100‬ألف نسمة‪ .‬تثير هذه التقديرات‬ ‫إشكالية أساسية تتعلق بالكيفية التى وفرت بها املجتمعات الصحراوية‬ ‫العديدة الغذاء لنفسها‪.‬‬ ‫توفر بقايا املئات من قنوات الري حتت األرضية بال شك جزءاً من مفتاح‬ ‫اإلجابة‪ .‬هذا النوع من النظام منتشر عبر العالم في األراضي اجلافة‪،‬‬ ‫ويظهر حتت مسميات مختلفة‪ :‬فجارة‪ ،‬وقناة‪ ،‬وفلج ومسميات أخرى‬ ‫‪ .1992 Balland ;1979 Goblot ;1958 Cressey‬يصف ماتنجلي‬ ‫الفجارة بأنها ‪“ ..‬قناة حتت األرض تسد املياه اجلوفية (حنفية)‪ ،‬عادة‬ ‫في منحدر تل أو في منطقة السفح‪ ،‬وتقود امل��اء إل��ى سطح األرض‬ ‫بعيداً أسفل التل عن طريق نفق قليل االنحناء‪ .‬السمة التى متيز تشييد‬ ‫الفجارة أن النفق ال يكون أفقياً من طرف التل‪ ،‬لكن‪ ،‬بدالً عن ذلك‪،‬‬ ‫حتفر ممرات عمودية (أشبه بالبئر) على بعد مسافات محددة وحتفر‬ ‫األنفاق مبسافات قصيرة بني قاع ممرين‪ .‬تسمح املمرات بإزالة األوساخ‬ ‫وتهوية النفق أثناء أعمال احلفر‪ ،‬وتسمح لعدد من فرق احلفر العمل في‬ ‫وقت متزامن‪ ،‬وتسمح الحقاً بإجراء عمليات الصيانة وعمليات تنظيف‬ ‫األنفاق‪ .‬الردمي املستخرج من املمرات واألنفاق يكوم حول فم مداخل‬ ‫املمرات‪ ،‬خالقاً خط جد متميز من احللقات” ‪.2003:37 Matingly‬‬ ‫أحصى ماتنجلي وجود ‪ 600‬فجارة حالياً في فزان‪ ،‬اشتملت على حفر‬ ‫أكثر من مائة ألف ممر يبلغ عمق الواحد منها في حاالت أربعني متراً‬ ‫ومع إجمالي قنوات متتد إلى عدة آالف الكيلومترات‪ .‬ورغم أنه يصعب‬ ‫حتديد تاريخ دقيق ومؤكد لها فإن هناك بينة تشير إلى أنها ترجع في‬ ‫األساس لفترة اجلرمنت؛ وواضح أنها وفرت إمكانية الزراعة الواسعة‬ ‫واملمتدة ملنطقة الوديان والواحات‪ .‬فقد جنحت أعمال التنقيب في وادي‬ ‫اآلجال في الكشف عن بقايا نباتية والتي ميكن مواجهتها مبعطيات‬ ‫املصادر التاريخية‪.‬‬ ‫تشير البينة النباتية املتحصل عليها من مشروع فزان وكذلك أعمال‬ ‫التنقيب البريطانية األسبق في ف��زان بوضوح إلى الطبيعة الزراعية‬ ‫لالقتصاد اجلرمي‪ .‬فمنذ األلفية األولى املبكرة توجد بينة وفيرة من‬ ‫زنككرا تشير إلى زراعة أشجار النخيل املروية‪ ،‬وقمح اخلبز‪ ،‬والشعير‪،‬‬ ‫وكرمة العنب‪ ،‬وشجرة التني ‪Daniels ;1992 van der Veen‬‬

‫‪ .58-1989:56‬كل احملاصيل املزروعة كانت حتتاج إلى ري‪ .‬يبدو أنه‬ ‫بحلول األزمان اجلرمية املتأخرة أضيفت محاصيل ثانوية أخرى مثل‬ ‫الدخن والذرة السكرية احتماالً ‪.35-2000:233 .Mattingly et al‬‬ ‫كشف هام آخر في وادي اآلجال هو أن اجلرمنت احتفظوا باخلنازير‬ ‫جنباً إلى جنب مع اخل��راف‪ ،‬واملاعز‪ ،‬والكالب‪ ،‬واألب�ق��ار‪ ،‬واحلمير‪،‬‬ ‫واخليول‪ ،‬واجلمال‪ .‬ويبدو أن احليوانات قامت ب��دور متزايد ثانوي‬ ‫مقارنة بالزراعة في املجتمع اجلرمي‪ .‬يتجلى ذلك بوضوح في نظام‬ ‫الري بالفجارات‪.‬‬ ‫تتكون طبقة الصخر املائي املستغلة حلفر اآلبار في وادي اآلجال من‬ ‫رمال ايولية تغطي طبقة طني غير منفذة للماء فقط حتت أمتار قليلة‬ ‫من السطح (مترين حول جرمة‪ ،‬حتى ‪15‬متر في فجاية والقرية)‪ .‬في‬ ‫قدم منحدر احلمادة حتتوي الترسبات الطميية على ماء‪ ،‬وفي عمق‬ ‫أكبر توجد طبقات صخور مائية في حجر جيري وحجر رملي صدعي‪.‬‬ ‫كانت تلك الصخور املائية في أسفل املنحدر هي التى نقرتها أنظمة‬ ‫الفجارات بهدف توفير املياه املنحدرة إلى أنظمة احلقول في وسط‬ ‫الوادي األسفل‪.‬‬ ‫رغم الصعوبات في التأريخ‪ ،‬وفرت األعمال امليدانية اجلارية حالياً في‬ ‫وادي اآلجال عدداً من املؤشرات لتأريخ الفجارات مما دفع ماتنجلي‬ ‫لالستنتاج بأن فجارات وادي اآلجال شيدت بعد أن توقف استخدام‬ ‫اجلبانات غير احلاملة للفخار‪ ،‬لكن إما قبل أو أثناء فترة استخدام‬ ‫اجلبانات املتجمعة بكثافة املؤرخة بالفترة من القرن الثاني ق‪.‬م‪ .‬حتى‬ ‫القرن الرابع امليالدي‪ .‬ميكن أن تكون الفجارات سابقة تاريخياً لتلك‬ ‫اجلبانات والتي قد يكون مكانها أختير في هذه احلالة بحيث يتم جتنب‬ ‫الفجارات‪ ،‬أو أن تكون حفرت عندما كان الناس ال يزالون يدفنون في‬ ‫اجلبانات املتجمعة‪ ،‬والتي مت بالتالي احترامها‪ .‬هذا باإلضافة إلى موقع‬ ‫إقامة مت الكشف عنه في فجاية (مع فخار مؤرخ بالقرون األول‪-‬الرابع‬ ‫امليالدية) من فوق ردمي فجارة ومواقد مجروفة من املوقع املقطوع في‬ ‫الضفة‪ .‬توفر هذه اإلقامة تاريخاً بدئياً لهذه الفجارة‪ ،‬التى ال ميكن‪،‬‬ ‫على األقل‪ ،‬أن تكون تالية للقرن الرابع امليالدي وقد تكون أقدم بكثير‪.‬‬ ‫وي��رى ماتنجلي بصورة أكثر عمومية‪ ،‬ب��أن هناك ارت�ب��اط لتجمعات‬ ‫الفجارة ونقاط ظهورها مع املواقع اجلرمية في أرضية الوادي‪ .‬ورغم‬ ‫وجود بعض االرتباطات املتداخلة للفجارات مبواضع القصور أو أية‬ ‫إقامة ما بعد جرمية (وهى نقطة سبق أن أشار إليها كلتسيش وبايرد‬ ‫‪ ،)80-73 :1969 Klitzsch and Baird‬فإن هذا مشهود بدرجة‬ ‫أقل من االرتباط املتداخل بني اإلقامة اجلرمية ومواقع اجلبانات؛‬ ‫وإلى الغرب من أوباري في تفارات وتني ابوندا توجد فجارات وجبانات‬ ‫جرمية‪ ،‬لكن أعمال املسح التى ق��ام بها قسم ال��دراس��ات التاريخية‬ ‫بجامعة سبها لم تكشف عن وجود لقصور أو أية إقامة ما بعد جرمية‬ ‫(أنظر ‪ :‬أسامة عبدالرحمن النور‪)2004a‬؛ بل وكشفت املتابعة امليدانية‬ ‫للعديد من القصور اإلسالمية أنها قد أعقبت عموماً اإلقامات اجلرمية‬ ‫في املواضع نفسها‪ ،‬وهو ما قد يشير في اعتقادي إلى إمكانية أن تكون‬ ‫بعض القصور اإلسالمية قد ورثت فجارات فاعلة موجودة سلفاً‪.‬‬ ‫العديد من النقوش باألبجدية الليبية‪ /‬التيفناغ يبدو ارتباطها مبمرات‬ ‫الفجارة بالقرب من منبع العديد من الفجارات‪ .‬ورغ��م وج��ود نقوش‬ ‫أبجدية ليبية‪ /‬تيفناغ ومناظر ف��ن صخري ف��ي ع��دد م��ن الصخور‬ ‫الضخمة حول منحدر جتاليت‪ ،‬فإن النقوش القريبة من الفجارات‬ ‫توجد ليس على مسافة بعيدة من األخيرة‪ .‬ب��دالً‪ ،‬فإنها على صخور‬ ‫معنى مرتبطاً‬ ‫مجاورة مباشرة ملمرات الفجارة‪ ،‬بالتالي ال ب َّد أن حتمل‬ ‫ً‬ ‫بالفجارات‪ .‬لكن هذه الفرضية قد تطرح تفسيراً يظل غامضاً إذ من‬ ‫احملتمل أن تكون تلك النقوش تسجل أسماء الناس الذين اشتركوا في‬ ‫عملية تشييد الفجارات وصيانتها‪ ،‬أو أسماء املالكني للفجارات‪ .‬لسوء‬ ‫الطالع أنني لم أمتكن بعد من تأريخ تلك النقوش‪ .‬تظهر األبجدية الليبية‬ ‫في النقوش على األقل منذ القرن الثاني ق‪.‬م‪ ،.‬والزالت مستخدمة اليوم‬ ‫لتسجيل اللغة الطارقية متاهاغ‪ ،‬ويعرف اخلط اليوم بـ تيفناغ‪ .‬الزالت‬ ‫دراسة نقوش التيفناغ في طورها اجلنيني‪.‬‬


‫‪‎‬تويوه‬ ‫هناك عناصر أخرى تدعم تاريخاً قبل روماني إلدخال الفجارات إلى‬ ‫ف��زان‪ .‬فمن املعروف أن أعمال التنقيب اآلث��اري التى نفذها شارلس‬ ‫دانيلز في الستينيات والسبعينيات من القرن املنصرم كانت قد كشفت‬ ‫عن بقايا قمح‪ ،‬وعنب‪ ،‬وتني‪ ،‬ومتر‪ ،‬سوياً مع نباتات شملت الكرفس‪،‬‬ ‫والشمارة‪ ،‬وعشبة توابل في محتويات تؤرخ بالقرن التاسع حتى القرن‬ ‫الرابع ق‪.‬م‪ .‬في قلعة زنكيكرا التلية ‪.39-1992:7 van der Veen‬‬ ‫ومبا أن املناخ كان في كل االحتماالت جافاً للغاية في األلفية األولى‬ ‫السابقة للميالد مبا ال يساعد في منو تلك احملاصيل بدون ري‪ ،‬ومبا‬ ‫أن التواريخ من ترسبات احلجر اجليري في قدم املنحدر تشير إلى‬ ‫أن العيون هنا قد جفت‪ ،‬فإن ذلك ميثل بينة دالة على وجود نوع من‬ ‫ال��ري االصطناعي في ف��زان في الفترة اجلرمية املبكرة‪ .‬يدعم ذلك‬ ‫االرت�ب��اط��ات املكانية لتجمعات ال�ف�ج��ارات م��ع اإلق��ام��ة اجلرمية في‬ ‫أرضية الواحات‪ ،‬ورمبا أيضاً مع اجلبانات اجلرمية في قدم املنحدر‪.‬‬ ‫بصورة أكثر عمومية‪ ،‬يشير اكتشاف أعداد املواقع اجلرمية ضمنياً إلى‬ ‫مستويات سكانية كبيرة مدعومة بزراعة مستقرة‪ ،‬وستبدو الفجارات‬ ‫ضرورية للحفاظ على تلك املستويات من السكان‪.‬‬ ‫احملصلة الكلية‪ ،‬أنه من املؤكد أن الفجارات أدخلت إلى فزان فيما قبل‬ ‫القرن الرابع امليالدي‪ ،‬وهناك حالة قوية لتأريخ إدخال تقنية الفجارة‬ ‫مبرحلة التمدن اجلرمية املبكرة في القرون اخلتامية السابقة للميالد‬ ‫قبل تطوير صالت جتارية وثيقة مع روما‪ .‬ليس من الضروري النظر‬ ‫إلى اإلمبراطورية الرومانية مصدراً جاء منه نظام الري بالفجارات؛‬ ‫استخدمت الفجارات في صحراء مصر الغربية منذ على األقل النصف‬ ‫الثاني للقرن اخلامس ق‪.‬م‪ ،.‬في الفترة األخمينية‪ .‬ثبتت الدراسات‬ ‫األخ�ي��رة في ال��واح��ة اخل��ارج��ة أن أنظمة “القناة” هناك ت��ؤرخ بعهد‬ ‫ارتاكيركس األول (‪ 426-466‬سنة ق‪.‬م‪ :).‬تشمل هذه البينة املنشئات‬ ‫األخمينية التى بنيت من فوق تالل تشييد “القناة” ومع مواد من أعمال‬ ‫الصيانة املتعاقبة موضوعة إلى جانبها‪ ،‬وأوستراكا دميوطيقية تشير‬ ‫إلى توزيع املياه ‪ .2001 Wuttmann‬آخذين في احلسبان الصالت‬ ‫الثقافية والتجارية بني مصر وفزان منذ أزمان مبكرة‪ ،‬يصبح محتم ً‬ ‫ال‬ ‫إلى حد بعيد أن تكون الفجارات قد أدخلت إلى فزان من مصر خالل‬ ‫النصف الثاني من األلفية األولى السابقة للميالد‪.‬‬ ‫التدليل على أن الفجارات في وادي اآلج��ال ت��ؤرخ بأزمان اجلرمنت‬ ‫ميكننا من طرح عدد من االستنتاجات حول املجتمع اجلرمي‪ .‬إنها‬ ‫تفسر الكيفية التى متكن بها اجلرمنت من استغالل وادي اآلج��ال‪،‬‬ ‫وأيضاً وادي البرجوج‪ ،‬وواح��ة م��رزق واحلفرة‪ .‬كانت الفجارات هي‬ ‫القاعدة الهيدرولوجية للمدنية اجلرمية‪ ،‬ومكنت من نشوء زراعة كبيرة‬ ‫مستقرة إلعالة أعداد كبيرة من سكان هذه املنطقة اجلافة‪ .‬كان إدخال‬ ‫تقنية الفجارة وال شك عنصراً هاماً في ظهور دولة جرمية موحدة‪ ،‬مما‬ ‫يسمح بري مناطق أوسع وخلق فائض زراعي أكبر‪ ،‬وظهور متطلبات‬

‫تعتمد على اقتناء الرقيق‪.‬‬ ‫ما هو نوع التنظيمات االجتماعية التى كانت مطلوبة لبناء الفجارات‬ ‫وصيانتها؟ واضح أن العمل املدخل في بناء الفجارات وصيانتها أكثر‬ ‫بكثير من مجرد إهماله‪ .‬قدر لو ‪Lô‬أن فجارة متتد ألربعة كيلومترات‪،‬‬ ‫مع متوسط عمق ممر ‪ 13‬متراً مبسافات ‪ 10‬متر تفصل بني املمر‬ ‫والذي يليه‪ ،‬تتطلب ‪48.000‬رج��ل ‪ 168 :1953 Lô‬الـ ‪550‬فجارة في‬ ‫وادي اآلجال وحده قد يكون تشييدها استهلك طاقات ‪ 73.000‬رجل‬ ‫يعملون يومياً على مدي عام (أو فريق مؤلف من ‪1000‬شخص‪ ،‬على‬ ‫مدى ‪ 73‬سنة)‪ .‬صيانة قنوات الفجارة يختلف كثيراً طبقاً جليولوجية‬ ‫املكان‪ ،‬رغم أن أرقاماً من تابلباال في اجلزائر تقترح مئات اآلالف من‬ ‫سالل الرمل وم��واد أخ��رى يتوجب إخراجها سنوياً من داخ��ل فجارة‬ ‫واحدة ‪.104 :1969 Champault‬‬ ‫بينما كانت هناك طرق مختلفة لتنظيم العمل في بناء الفجارة‪ ،‬بدءاً‬ ‫من حفاري القنوات املتخصصني أو ما يسمون بـ الـ “موكاني” في‬ ‫ف��ارس‪ ،‬والذين يشكلون طبقتهم اخلاصة‪ ،‬انتها ًء بحفاري فجارات‬ ‫الواحات اجلزائرية من األرق��اء‪ ،‬فإن فرضية قابلة للدراسة قد تؤكد‬ ‫بناء الفجارات اجلرمية في فزان باستخدام العمل العبودي‪ .‬فاجلرمنت‬ ‫اصطادوا بال جدال التروجلوديت اإلثيوبيني منذ أزمان مبكرة‪ ،‬غالباً‬ ‫الستخدامهم عبيداً (هيرودوت‪ ،‬الكتاب الرابع)‪ .‬كانت املتاجرة بالرقيق‬ ‫وال شك مركباً هاماً في جتارة اجلرمنت وترحالهم عبر الصحراء وقد‬ ‫تكون أيضاً عنصراً يفسر كمية البضائع الرومانية املستوردة في فزان‬ ‫‪.2000b Liverani‬‬ ‫إن طريق القوافل التي وصفها ه �ي��رودوت‪ ،‬تؤكد على أن السمات‬ ‫األساسية للتجارة عبر الصحراوية‪ ،‬كما هي معروفة من املصادر‬ ‫القروسطية‪ ،‬وج��دت منذ القرن السادس ق‪.‬م‪ :.‬مراحل يومية تبلغ‬ ‫حوالي ‪ 50‬كلم‪ ،‬وسلسلة ‪10‬مراحل من واحة إلى التى تليها‪ .‬إذا كان‬ ‫مثل هذا الترتيب موجود في القرن السادس ق‪.‬م‪ ،.‬فإنه وبال شك وجد‬ ‫في فترة القرون األول‪-‬الرابع امليالدي‪ .‬كانت اململكة اجلرمية الواقعة‬ ‫في قلب شبكة الطرق الصحراوية‪ ،‬في موضع يسمح لها بالقيام بوظيفة‬ ‫الوكيل املركزي ملجمل املنظومة‪ ،‬أو على األقل جلزء كبير منها‪ .‬وقد‬ ‫أدت مملكة جرمة ذلك ال��دور‪ ،‬ليس بطريقة مفككة‪ ،‬كمركب “قبلي”‬ ‫لرعاة وقطاع طرق‪ ،‬كما اعتقد والزال الكثيرون من دارسي تاريخ العالم‬ ‫القدمي‪ ،‬ولكن عبر خطوط ثابتة لدولة مركزية مستقرة‪ .‬الثروات املكنوزة‬ ‫في اجلبانات امللكية في جرمة هي النتاج اخلتامي لتجارة منظمة نقلت‬ ‫امللح من الصحراء إلى احلزام السوداني‪ ،‬وجلبت الذهب والرقيق من‬ ‫احل��زام السوداني إلى ساحل البحر األبيض املتوسط‪ ،‬وأخيراً زيت‬ ‫الزيتون والسلع الترفية من املصنوعات احلرفية املتقدمة من البحر‬ ‫األبيض املتوسط إلى قلب الصحراء‪.‬‬ ‫يقودنا هذا إلى دور التجارة عابرة الصحراء التى مثلت مرتكزاً أساسياً‬


‫‪84‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫بالنسبة للمدنية اجلرمية‪ .‬هذا األمر الزال بالطبع يحتاج إلى جتميع بينة‬ ‫أشد “قوة”‪ ،‬لكن يبدو واضحاً من أعمال التنقيب التى أجرتها البعثة‬ ‫اإليطالية الليبية املشتركة في موقع أغرام نظاريف‪ ،‬وموقع الفيويت‪،‬‬ ‫وممر ارالرالرن باألكاكوس؛ وأعمال املسح اآلث��اري التى نفذها قسم‬ ‫الدراسات التاريخية بجامعة سبها (أسامة عبدالرحمن النور‪)2004a‬‬ ‫أن احلد اجلنوبي ململكة جرمة قد مت تنظيمه وفق إج��راءات حتكم‬ ‫إقليمي ص��ارم��ة‪ :‬حصون‪ ،‬وق�لاع‪ ،‬ومم��رات جبلية وف��رت كلها إدارة‬ ‫منتظمة للتجارة بعيدة املدى‪ ،‬من أجل التحكم والضرائب‪ ،‬وأيضاً من‬ ‫أجل توفير الدعم اللوجستي الالزم واإلمدادات للقوافل‪.‬‬ ‫يقع حصن أغرام نظاريف في نقطة إستراتيجية مرتفعة ‪ :‬من خلفه واحة‬ ‫البركت‪ ،‬ويواجه وادي تنزوفت – املمر اإلجباري بني سلسلتي التاسيلي‬ ‫واألكاكوس املتوازيتني – ممر يقود من فزان جنوباً باالجتاه العام إلى‬ ‫حوض التشاد‪ .‬مزيد من الطرق تلتقي أيضاً في املنطقة نفسها‪ :‬طريق‬ ‫تقود جنوب‪-‬غرب (عبر التاسيلي) باالجتاه العام إلى منحنى النيجر‪،‬‬ ‫وأخرى تقود شرقاً (عبر األكاكوس) باجتاه منطقة مرزق‪ .‬خالل ألفيات‬ ‫طويلة من التجارة الصحراوية‪ ،‬ظلت واحة غات‪ ،‬في قلب وادي تنزوفت‪،‬‬ ‫واحدة من أهم النقاط املفتاحية في مجمل شبكة طرق القوافل‪ .‬علمت‬ ‫الطريق املتجهة جنوباً‪ ،‬باالجتاه العام حلوض التشاد‪ ،‬بوجود أطالل‬ ‫قلعة دائرية‪ ،‬حوالي‪20‬كلم‪ .‬إلى اجلنوب من أغرام نظاريف‪ ،‬مشابهة من‬ ‫حيث البناء والفخار ملوقع أغرام نظاريف واحتماالً ما ترجع إلى األفق‬ ‫الكرونولوجى والوظيفي نفسه‪ .‬الطريق التى تعبر تاسيلي باجتاه جانيت‬ ‫مباشرة‪ ،‬والتي تقود في النهاية إل��ى منحنى النيجر‪ ،‬علمت مبباني‬ ‫حجرية كبيرة أسفل قرية الفيويت احلالية‪ .‬حفرية جتريبية بدأت في‬ ‫‪ ،2001‬وأجري تنقيب كامل في موسم ‪ :2002‬ميكن تأريخ املوقع بثقة‬ ‫بالقرن األول ق‪.‬م‪ ،.‬بالتالي فإنه أقدم من أغرام نظاريف‪ ،‬لكنه هو اآلخر‬ ‫يرجع للفترة اجلرمية الكالسيكية‪ .‬ال يشكل مثل هذا التاريخ مصدراً‬ ‫للدهشة‪ :‬معروف جيداً أن الطريق من غات إلى جانيت ُعلمت بتمركز‬ ‫كثيف للنقوش الصخرية مع تصوير للخيول واملركبات اجلرمية‪ .‬مع‬ ‫ذلك فإن قرية الفيويت كانت ذات خصائص اقامة زراعية أكثر منها‬ ‫محطة جتارية‪ .‬أما بالنسبة للطرق عبر األكاكوس‪ ،‬فإن تلك من املمكن‬ ‫التعرف عليها آثارياً في املمرات اجلبلية‪ .‬واحد من تلك املمرات‪ ،‬ممر‬ ‫ارالرالرن‪ُ ،‬علم في الواقع بنقش طويل باللغة الليبية القدمية وهو نقش‬ ‫أهم من مجرد النقوش القصيرة من نوع “أنا” بزيادة االسم الشخصي‪.‬‬ ‫املمر كان الزال مستخدماً في األزمان احلديثة من قبل قوافل اجلمال‬ ‫املخترقة لألكاكوس بهدف توفير يوم كامل في الرحلة من غات إلى‬ ‫مرزق‪ .‬وعلمت طريق النهاية السفلى ملمر آخر‪ ،‬ممر أغالشم‪ ،‬مبدفن‬ ‫تلي ملكي (أو لزعيم) نقب فيه دي ليرنيا وأثبت أن تاريخه جرمي‪.‬‬ ‫جتدر اإلش��ارة إلى أن مدفن أغالشم هو الوحيد في مجمل املنطقة‬ ‫ومنعزل وال يرتبط بأي موقع إقامة‪ :‬مؤشر إضافي‪ ،‬كما يلمح إلى ذلك‬ ‫دي ليرنيا‪ ،‬لوظيفته معلماً حدودياً‪ ،‬غالباً من قبل أسرة زعماء سيطروا‬ ‫بشكل ما على معابر اجلبال‪.‬‬ ‫فيما وراء األكاكوس‪ ،‬باجتاه مرزق‪ ،‬مت التحكم في طرق القوافل عن‬ ‫طريق قالع احتلت مواقع إستراتيجية‪ .‬واح��دة من تلك القالع (غير‬ ‫بعيدة عن معسكر عويس) مت تسجيلها في العمل املسحي األخير الذى‬ ‫أج��راه قسم الدراسات التاريخية بجامعة سبها (أسامة عبدالرحمن‬ ‫النور‪ .)2004a‬تضم القلعة املربعة قرية‪ ،‬وتقع في ملتقى وادي‪ .‬التاريخ‬ ‫املبدئي لها (على أساس تيبولوجية البناء والفخار السطحي) ينتمي إلى‬ ‫أفق أغرام نظاريف نفسه (القرن امليالدي الثالث)؛ تاريخ أكثر دقة ميكن‬ ‫طرحه بعد أعمال التنقيب املزمعة‪.‬‬ ‫ما تكشف عنه أعمال االستكشاف والتنقيب اجلارية هو نوع من “الالمي‬ ‫اجلرمي”‪ ،‬غير املختلف كثيراً عن “الالمي الروماني” املؤسس أيضاً‬ ‫على نظام قالع تقام في مواقع إستراتيجية وتتحكم في جتارة القوافل‪.‬‬ ‫النظامان كانا قيد االستخدام في القرنني امليالديني الثالث والرابع‪،‬‬ ‫عندما بلغت كل من اإلمبراطورية الرومانية ومملكة جرمة قمة قوتهما‬ ‫وامتداداتهما اإلقليمية‪ .‬قد يكون ممكناً االفتراض بأن الالمي اجلرمي‬

‫أنشئ على قاعدة النموذج الذى وفره الرومان؛ ومع ذلك فإن التاريخ‬ ‫النسبي الدقيق للنظامني يحتاج للمزيد من الدراسة‪ ،‬وذلك الختبار‬ ‫الفرضية املعاكسة‪ ،‬حتديداً بأن الالمي الروماني قد تأثر بنموذج القالع‬ ‫ونقاط التفتيش الصحراوية املتطورة حينها في املنطقة اجلرمية‪.‬‬ ‫التشابه بني حصن أغرام نظاريف و”القرى التلية” غير املنقب فيها في‬ ‫منطقة الالمي الروماني فيما قبل الصحراء الفت لالنتباه‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لإلشكالية الثانية‪ ،‬حتديداً انهيار اململكة املتمركزة في فزان‪،‬‬ ‫فإنه من املعروف جيداً أن ذلك لم يكن حدثاً منعزالً‪ ،‬لكنه اتبع املسار‬ ‫نفسه الذى ميز انهيار املنطقة املضمنة داخل الالمي الروماني؛ وأن‬ ‫ذروة اململكة اجلرمية معاصر لإلمبراطورية الرومانية‪ .‬هذا التطابق‬ ‫بني الظروف السياسية في قلب الصحراء وفي ساحل البحر األبيض‬ ‫املتوسط ميكن أن يجلي نفسه في املرحلة التكوينية أيضاً‪ ،‬عندما‬ ‫سار التنظيم األولي للجرميني موازياً لتأسيس املستعمرات الفينيقية‬ ‫واإلغريقية على ساحل ليبيا‪ .‬بالطبع فإننا نتحدث عن نهوض وانهيار‬ ‫أكثر السمات تباهياً‪ :‬املعمار الصروحي‪ ،‬الدولة املركزية‪ ،‬والسيطرة‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬والكنوز اجلنائزية وما إلى ذل��ك‪ .‬ميكنني حتى تصور أن‬ ‫إجمالي عدد السكان ظل إلى حد كبير غير متأثر بهذا التغير‪ ،‬رغم‬ ‫أنهم اختلفوا من حيث اجلوهر االجتماعي‪-‬السياسي؛ وأن جزءاً من‬ ‫النشاطات التجارية قد يكون استمر بعد االنهيار‪ ،‬ليكتسب دافعاً‬ ‫ج��دي��داً بعد ق��رون قليلة الحقة عبر تنظيم قبلي (مشيخات)· أكثر‬ ‫منه تنظيم دولة‪ .‬الشئ نفسه يصدق بالنسبة للقطاع اجلنوبي للتجارة‬ ‫عبر الصحراوية‪ ،‬حتديداً الشريط الساحلي‪-‬السوداني‪ :‬لكن في هذه‬ ‫احلالة ال ميكن مقارنة املعرفة اآلثارية الراهنة مع القطاع البحر أبيضي‬ ‫متوسطي‪ .‬مع ذلك‪ ،‬ميكننا أن نشير في كل من منحنى النيجر وفي‬ ‫منطقة تشاد إلى نهوض بدئي للصالت الصحراوية في حوالي منتصف‬ ‫األلفية األولى السابقة للميالد‪.‬‬ ‫ميكننا اآلن اإلق��رار بأن نهوض التجارة عبر الصحراوية في القرن‬ ‫السادس ق‪.‬م‪ .‬اعتمد على وجود مشيخات أو دويالت مبكرة في فزان‪،‬‬ ‫وكذلك على وجود مستعمرات جتارية في الطرف البحر متوسطي‪،‬‬ ‫واحتماالً أيضاً على نوع من تنظيم اجتماعي‪-‬سياسي جنيني في مناطق‬ ‫الساحل الصحراوي‪ .‬كذلك يجوز لنا اإلقرار بأن أوج التجارة كان عندما‬ ‫استطاعت الدولة اجلرمية املركزية التفاعل مع اإلمبراطورية الرومانية‬ ‫على ساحل البحر املتوسط ومع دولة غانا املبكرة (والدويالت املشابهة)‬ ‫في منطقة الساحل الصحراوي‪ ،‬بل حتى أن التنظيم السياسي “القوي”‬ ‫ك��ان أشبه بتقليد لإلمبراطورية الرومانية‪ .‬عند ه��ذه النقطة علينا‬ ‫االعتراف أيضاً بأن انهيار الدولة اجلرمية “القوية” قد يكون ببساطة‬ ‫بفعل انهيار اإلمبراطورية الرومانية وتدهور التجارة عبر الصحراوية‬ ‫التى اعتمدت على وجود األسواق البحر ابيضية املتوسطية‪ .‬كالعادة‪،‬‬ ‫فإن اإلمبراطوريات تولد هوامش لها‪ ،‬وال بد وأن ينهارا معاً‪.‬‬ ‫مبا أن هذه الورقة طرحت هدفاً محدداً وهو حتليل املعطيات اآلثارية‬ ‫األخيرة املستخلصة من األعمال امليدانية اجلارية حالياً في صحراء‬ ‫فزان‪ ،‬فإن نقاط أساسية تصلح أساساً لدراسة مقارنة أكثر اتساعاً‬ ‫بني مملكة مروي في وادي النيل السوداني وبني مملكة جرمة الفزانية‬ ‫ميكن اإلشارة إليها هنا‪.‬‬ ‫إذا كان االقتصاد اجلرمي اعتمد قاعدة له‪ ،‬إلى جانب التجارة بعيدة‬ ‫اآلف ��اق‪ ،‬ال��زراع��ة امل��روي��ة اصطناعياً في وادي اآلج ��ال‪ ،‬ف��إن ممالك‬ ‫السودان النيلية ال تظهر بينة دال��ة على تطور شبكة ري اصطناعي‬ ‫معقدة‪ ،‬بل ويجوز القول ب��أن مملكة م��روي رك��زت إل��ى جانب زراع��ة‬ ‫الرقع احمل��دودة على ضفتي النيل على ال��زراع��ة املطرية في السهل‬ ‫املمتدة للجزيرة املروية‪ ،‬وعلى استغالل الوديان دون إنشاء نظام لري‬ ‫اصطناعي‪.‬‬ ‫تشابه أكبر ميكن تتبعه في مجال النشاطات التجارية ودوره��ا في‬ ‫نشؤ مدنية جرمة ومدنيات وادي النيل السوداني‪ .‬فمن املعروف‬ ‫أنه ومع انبالج فجر املدنية املصرية الفرعونية سعي املصريون إلى‬ ‫احلصول على سلعة هامة متثلت في الذهب املتوفر بكثرة في أجزاء‬


‫كثيرة من السودان (أرض ك��وش)‪ ،‬مع أن استخراجه تطلب جهوداً‬ ‫مضنية‪ .‬ومع أن الذهب كان سلعة ذات أهمية كبيرة في أزمان سابقة‬ ‫للمملكة املصرية احلديثة‪ ،‬فإنه وفي عصر هذه األخيرة تصاعدت‬ ‫عملية استغالل مناجم الذهب في السودان‪ ،‬ويبدو أن هذه السلعة‬ ‫كانت واح��داً من املبررات األساسية لالستعمار املصري للسودان‪.‬‬ ‫جاء “ذهب الواوات” من التالل إلى الشرق من األطراف الشمالية‬ ‫للسودان القدمي (النوبة السفلى) حيث مت الوصول إليها أساساً عن‬ ‫طريق وادي العالقي الذى يتجه إلى اجلنوب الشرقي من احملرقة‬ ‫على النيل (للمزيد عن املناطق الغنية بالذهب انظر ‪Vercoutter :‬‬ ‫‪ )1959‬إلى تالل البحر األحمر البعيدة‪ .‬إلى اجلنوب من اجلندل‬ ‫الثاني‪ ،‬كانت املناطق الغنية بالذهب أقرب إلى النيل حيث استخرج‬ ‫“ذهب كوش” واستخدمت الطريق النيلية إل��ى حمل ه��ذه السلعة‬ ‫إلى مصر‪ .‬رغم أنه كانت هناك تقلبات في حجم الذهب املصدر‬ ‫إل��ى مصر من ال�س��ودان ف��إن التجارة ظلت مستمرة طيلة األزم��ان‬ ‫الفرعونية ويحتمل أن الذهب كان من بني السلع األساسية التى تاجر‬ ‫فيها املرويون القتناء بضائع عديدة ذات أصل شمالي والتي وجدت‬ ‫في املدافن امللكية (قائمة حتليلية قدمها توروك ‪.)1989 Tőrők‬‬ ‫يبدو محتم ً‬ ‫ال أن سيطرة البطاملة طالت األطراف الشمالية للسودان‬ ‫القدمي‪ ،‬وذل��ك بهدف السيطرة على ذهب تالل البحر األحمر عن‬ ‫طريق الطرق نفسها التى فتحها فراعنة اململكة املصرية احلديثة‪.‬‬ ‫ال نعلم الكثير عن مدى تأثير اإلجالء املصري بنهاية اململكة احلديثة‬ ‫ونشوء اململكة السودانية في نبتة على التجارة النيلية – مع أن‬ ‫االرتباط السياسي بني البلدين خالل األس��رة السودانية اخلامسة‬ ‫والعشرين احلاكمة في مصر‪ ،‬في الغالب ما يكون قد جعل الطرق‬ ‫التجارية مفتوحة‪ ،‬ورغم أننا ال جند في النصوص املصرية البينة‬ ‫نفسها لسلع أفريقية في مصر‪ ،‬ومبا أن الكثير منها كان ضرورياً‬ ‫لطقوس املعابد فإنها ال ميكن أن تكون ق��د توقفت كلياً‪ .‬السلع‬ ‫املصرية ظلت توجد في السودان‪ ،‬على األقل بالنسبة للجزء املبكر‬ ‫من احلكم النبتي‪ .‬مع حتول اإلقامة امللكية إلى مروي‪ ،‬فإن حجماً‬ ‫قلي ً‬ ‫ال من التجارة ميكن مشاهدته آثارياً لكن تلك قد ال تكون هي‬ ‫ال�ص��ورة احلقيقية للوضع ويبدو أن األط��راف الشمالية للسودان‬ ‫القدمي قد هجرت متاماً‪.‬‬ ‫إعادة تواصل التجارة تتجلى في األزمان البطلمية عندما أعيد افتتاح‬ ‫الطرق إلى مناجم الذهب في تالل البحر األحمر‪ .‬في الوقت نفسه‬ ‫نشط الطرق النيلية التجارية على امتداد العصر امل��روي‪ .‬الطريق‬ ‫النيلي مع بعض الطرق األرضية‪ ،‬ال ب َّد وقد بقي كما كان عليه األمر‬ ‫في األزمان الفرعونية لكنه مد إلى اجلنوب بتحول مركز السودان‬ ‫التجاري إلى العاصمة في م��روي‪ .‬هذا الطريق املطول جنوباً إلى‬ ‫مروي ال ب َّد وأنه استفاد من إمكانية عبور البيوضة‪ .‬موقع مدينة‬ ‫مروي‪ ،‬الذى كان قد وجد منذ منتصف القرن الثامن ق‪.‬م‪ ،.‬قد يكون‬ ‫استفاد من هذا الطريق‪ ،‬الذى يسير تقريباً عكس النيل‪ ،‬إلى جانب‬ ‫وصوله إلى األودية اخلصبة التى ترويها األمطار في الضفة الشرقية‬ ‫بإمكانياتها الزراعية الهائلة ‪ .25-24 :1989 Shinnie‬قد يشير‬ ‫ذلك أيضاً إلى التحول جنوباً للوصول إلى منطقة السلع األفريقية‬ ‫التى حتتاجها مصر ‪ ،35 :1988 Adams‬إما بفعل تغير مناخي‬ ‫طفيف أو بفعل االستغالل الفائض للموارد الطبيعية‪ .‬خالل هذه‬ ‫الفترة توجد بينة واف��رة للواردات من مصر واألج��زاء األخ��رى من‬ ‫العالم األبيضي املتوسطي‪ .‬في األطراف الشمالية للسودان القدمي‪،‬‬ ‫حيث كان احلصول على السلع املصرية أيسر‪ ،‬فإن أعداداً من تلك‬ ‫السلع مت العثور عليها‪ ،‬حسب كلمات آدم��ز ” على األق��ل وجدت‬ ‫بعض السلع املستوردة مدفونة تقريباً في كل مقبرة مروية في النوبة‬ ‫السفلى” ‪ .1988:28 Adams‬بعيداً إلى اجلنوب حتى مروي وجدت‬ ‫العديد من السلع األبيضية املتوسطية واملصرية األصل في املدافن‬ ‫امللكية‪.‬‬ ‫من احملتمل أن كرمة لم تكن مجرد نقطة اتصال بالنسبة لوادي النيل‪،‬‬ ‫لكن اململكة كانت أيضاً ملتقى طرق بني الصحراء الشرقية والصحراء‬ ‫الغربية‪ .‬أعمال املسح التى نفذتها البعثة األملانية في الصحراء‬ ‫الشرقية‪ ،‬بخاصة في وادي هور ووادي شو‪ ،‬دللت على صالت وثيقة‬ ‫بني الفخار املميز لهما وبني فخار وادي النيل‪ .‬ويشير الفن الصخري‬ ‫إلى صالت أخرى مع صيادي الصحراء‪ .‬وتظهر ايقونيتهم عالقة جد‬ ‫مقنعة ببعض النماذج الرمزية للمجموعة املسماة “النوبية الثالثة”‬

‫وكرمة‪ .‬هنا علينا أن نذكر اكتشاف أق��راص ري��ش النعام امللحقة‬ ‫برؤوس اخلراف والتي رسبت في مقابر كرمة‪ .‬تلك الزخارف‪ ،‬التى‬ ‫أكملت في حاالت بقالدات من اخلرز‪ ،‬تذكرنا باخلراف ذات “قرص‬ ‫الشمس” والتي متيز الصور الصحراوية بشدة‪.‬‬ ‫كانت مروي‪ ،‬الواقعة جنوبي الصحراء‪ ،‬منفتحة أيضاً على التجارة‬ ‫في اجتاهات أخرى‪ ،‬ورغم شح البينة املباشرة‪ ،‬طاملا أنها كانت تصهر‬ ‫احلديد والنحاس‪ ،‬وتصنع الفخار والزجاج إلى جانب سلع أخرى مبا‬ ‫في ذلك املجوهراتالذهبية ‪ ،1982 Shinnie and Kense‬فإنه في‬ ‫الغالب ما نشطت احلركة التجارية في اجتاهات أخرى باإلضافة‬ ‫إلى الشمال‪ .‬املعلومات عن الطرق التى اتبعها املرويون أو الشكل‬ ‫الذى نظمت به جتارتهم الزالت بعد مبدئية لكنه باإلضافة إلى طريق‬ ‫البيوضة وامتداداته‪ ،‬أساساً عن طريق النهر إلى مصر‪ ،‬فإن طريقاً‬ ‫مؤكدة أخرى‪ ،‬أصبحت معروفة جيداً في األزمان الالحقة‪ ،‬سارت‬ ‫من النيل إلى البحر األحمر حيث كان البطاملة ناشطني في اقتناء‬ ‫األف�ي��ال ‪ .10-4 :1989 Burstein‬كما ويحتمل أن تكون طريق‬ ‫أخرى انطلقت غرباً مع الوديان إلى كردفان ودارف��ور‪ ،‬حيث جلبت‬ ‫من هناك العديد من السلع الترفية النادرة‪ .‬باملثل قد تكون طريق‬ ‫سارت مبحاذاة نهر عطبرة إلى الهضبة اإلثيوبية‪ ،‬حيث نشأت في‬ ‫القرون األخيرة السابقة للميالد مملكة أكسوم‪ .‬مت الكشف عن القليل‬ ‫فقط من املوضوعات املروية في أكسوم أو العكس‪ ،‬رغم أن عملة‪،‬‬ ‫ونقشني وجرافيتي في جدران هرم ملكي معروفة‪ ،‬لكنه كما يشير‬ ‫شيني ‪ 56-52 :1967 Shinnie‬فإنه طاملا أن جيش عيزانا سار في‬ ‫هذه الطريق من الهضبة إلى النيل في منتصف القرن الرابع امليالدي‬ ‫فلماذا ال يكون التجار قد استخدموها في فترات أسبق‪.‬‬ ‫مسألة تفكك مملكة مروي يلمح إلى أوجه تشابه كبير مع األسباب‬ ‫التى أفضت إل��ى زوال مملكة جرمة م��ع أن ه��ذا األخ�ي��ر ال ميكن‬ ‫رسمه مبوثوقية‪ ،‬لكنه م��ن احملتمل أن مملكة ج��رم��ة‪ ،‬مثلها مثل‬ ‫نظيرتها املروية‪ ،‬تشظت إلى عدد من الوحدات اإلقليمية األصغر‪.‬‬ ‫في احلقيقة فإنه وبعد أزم��ة القرن الرابع استمرت التجارة عبر‬ ‫الصحراوية‪ ،‬لكنها لم تعد تعتمد على وجود سلطة دولة مركزية قوية‬ ‫في قلب الصحراء‪ .‬بدالً أصبحت معتمدة على وكاالت قبلية‪ ،‬أكثر‬ ‫تفككاً من السابق‪ ،‬ووجدت تكيفاً أفضل (“أفضل” لكونه أقل تكلفة)‬ ‫لبيئة الصحراء‪ .‬فقدان السيادة اإلقليمية للدولة اجلرمية قد يكون‬ ‫ترك تأثيراً على إم��دادات الرقيق وعمليات التجارة الصحراوية‪.‬‬ ‫بالنسبة ملروى فإن األسباب الكامنة التى أدت إلى بداية انهيارها‬ ‫ميكن رؤيتها في حتول الطرق التجارية من النيل إلى البحر األحمر‬ ‫فمنذ بداية القرن امليالدي األول‪ ،‬وظهور مملكة أكسوم منافساً في‬ ‫التجارة عبر البحر األح�م��ر‪ ،‬وأزم��ة اإلمبراطورية الرومانية التى‬ ‫عانت من قلة الطلب على املنتجات املروية‪ ،‬وأخيراً عرقلة البليميني‬ ‫النوباديني لطرق القوافل‪ ،‬كل تلك العوامل تكاتفت لتؤدى في نهاية‬ ‫املطاف إلى عزلة اململكة عن عالم البحر األبيض املتوسط وإلى بداية‬ ‫انهيارها االقتصادي‪ .‬هذا باإلضافة إلى عامل آخر يشير إليه بعض‬ ‫الباحثني وهو التغير الذى أصاب املناخ في هذا العصر مما أدى إلى‬ ‫تدنى منسوب هطول األمطار وبالتالي إلى تقليص الرقعة املزروعة‬ ‫وجفاف املراعى‪ .‬هذا العامل األخير كان فاع ً‬ ‫ال ب��دوره في تدهور‬ ‫مملكة جرمة وانهيارها حيث أن مشكلة انخفاض طبقات الصخور‬ ‫املائية ميكن أن تكون تضاعفت بفعل صعوبة إضافية متثلت في‬ ‫ضعف القيادة السياسية التى أصبحت عاجزة عن توفير األعداد‬ ‫الالزمة من الرقيق للمحافظة على أنظمة ريها احليوية‪ .‬احلل املبدئي‬ ‫للجرميني ملشكلة كيفية زراعة الصحراء شملت االستخدام العبقري‬ ‫ملصادر املياه اجلوفية واالستغالل املكثف للقوة العاملة‪ .‬الظروف‬ ‫ما بعد اجلرمية شهدت تدنياً نسبياً للزارعة الفزانية مما يشير‬ ‫إلى الظروف الهيدرولوجية املتبدلة وإلى درجة استغالل أقل لقوة‬ ‫العمل اإلنساني‪ .‬منتلك اآلن بفضل البينة التى يجلبها إلى الضوء‬ ‫ماورو كرمياشي واخلاصة باجلانب البيئي للمسار املنحنى نفسه‪.‬‬ ‫فاملخطط الدندروكرونولوجي من أشجار السيبرس من تاسيلي (كما‬ ‫مت حفظها في بعض األبواب اخلشبية القدمية في غات)يشير إلى أن‬ ‫نهوض الدولة اجلرمية استفاد من الظروف املناخية املالئمة نسبياً؛‬ ‫لكن تدهورها تبع التصحر اخلتامي للمنطقة وزوال جتارة الرقيق‪،‬‬ ‫واستنزاف إنتاج الذهب في حوض النيجر األعلى‪ ،‬وأخيراً االحتالل‬ ‫االستعماري األوربي للمالك السودانية‪.‬‬


‫‪086‬‬ ‫‪86‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫تقنية‬

‫أبل ووتش في إصدارها األول‬

‫ساعة ذكية لالتصال وتداول‬ ‫الصور وكتابة الرسائل‬ ‫أص�� ��درت أب� ��ل أح� ��دث م�ن�ت�ج��ات�ه��ا (أب ��ل‬ ‫واوتش)‪ ،‬والتي سوف تكون متاحة للشراء‬ ‫في ‪ 24‬أبريل‪ ،‬وهي نسخة خاصة جديدة‬ ‫من الساعات الذكية‪.‬‬ ‫ه ��ذه ال �س��اع��ة ل�ه��ا ال �ع��دي��د م��ن امل �ي��زات‪،‬‬ ‫ح�ي��ث ميكنك م�ث�لا ال ��رد ع�ل��ى امل�ك��امل��ات‬ ‫الهاتفية والرسائل النصية على معصمك‪.‬‬ ‫امل� �ي ��زات األخ� ��رى ال �ت��ي مي �ك��ن أن ت�ك��ون‬ ‫مفيدة‪ ،‬مثل (سيري) املساعدة الصوتية‪،‬‬ ‫وميزة التقومي هي مفيدة للحصول على‬ ‫املعلومات واحلفاظ على اجلدول الزمني‬ ‫اخلاص بك دائما في متناول يدك‪ .‬فإنه‬ ‫ميكن أيضا بتتبع سجالت اللياقة البدنية‬ ‫اخلاص بك‪ ،‬مثال عدد السعرات احلرارية‬ ‫ال�ت��ي حت��رق أث �ن��اء التمرين وغ�ي��ره��ا من‬ ‫املمزات‪.‬‬ ‫ميكنك أيضا حتميل العديد من التطبيقات‬ ‫من متجر أبل اخلاص بك إلى آبل واوتش‪.‬‬

‫وت �ش �م��ل ه ��ذه ال�ت�ط�ب�ي�ق��ات امل�س�ت�ه��دف��ة‪،‬‬ ‫وسيتي بنك‪ ،‬وحتى إينستاجرام‪ .‬تخيل‬ ‫نشر ص��ورة إينستاجرام م��ن معصمك‪.‬‬ ‫م��رح �ب �اً ب �ك��م ف��ي ال��ق��رن الـ‪ ..21‬جيل‬ ‫غرندايزر لم يكن يتوقع هذا‪.‬‬ ‫ميزة أخرى بالطبع وهي أن الشكل العام‬ ‫لساعة أبل ووتش هو متاما مثل أي ساعة‬ ‫أخرى قدمية‪.‬‬ ‫وتأتي ابل ووتش في ثالثة مناذج مختلفة‪:‬‬ ‫أب��ل ووت��ش الرياضية‪ ،‬وأب��ل ووت��ش‪ ،‬وأبل‬

‫ووت� ��ش (ادي� �ش���ن)‪ .‬وق ��د ق��دم��ت ك��ل من‬ ‫هذه النماذج لتكون متناغمة مع آي فون‬ ‫اخل��اص ب��ك‪ ،‬حيث تعمل بسالسة معه‪،‬‬ ‫كما أنها تعمل مع طريقة الدفع من أبل‪.‬‬ ‫أب��ل ووت ��ش ال��ري��اض�ي��ة ت��أت��ي ف��ي خمسة‬ ‫أل��وان األخضر املشرق واألبيض واألزرق‬ ‫وال� ��وردي واألس� ��ود‪ .‬وال �ش��اش��ة ت��أت��ي في‬ ‫حجمني‪-38‬مم أو ‪42‬مم وهي ذات وجه‬ ‫م��ن األل��وم �ن �ي��وم‪ .‬أم��ا السعر فهو ‪38‬مم‬ ‫‪ 349‬دوالر‪ ،‬وبالنسبة لـ ‪42‬مم فهو ‪399‬‬ ‫دوالر‪ .‬وهي ساعة لشخص دائم احلركة‪،‬‬ ‫وشريط معصمها مصنوع من السيليكون‬ ‫وخفيف الوزن‪.‬‬ ‫سعر أبل ووتش يبدأ من ‪ 599‬دوالر وميكن‬ ‫أن يصل إلى ‪749‬دوالر‪ .‬ولديها‬ ‫ال�ع��دي��د م��ن األمن ��اط لالختيار‬ ‫بدءا من سوار الفضة إلى سوار‬ ‫اجل �ل��د‪ .‬وه��ي أغ�ل��ى بكثير من‬ ‫أبل ووتش الرياضية‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فإنها تأتي م��زودة بالكثير من‬ ‫اخليارات بشكل أكثر عصرية‪.‬‬ ‫أب��ل ووت��ش (ادش ��ن ك��ادي�لاك)‪،‬‬ ‫وت��أت��ي ه��ذه ال�س��اع��ة ف��ي أل��وان‬ ‫ذهبية أو وردي��ة أوصفراء (‪18‬‬ ‫ق� �ي ��راط) ول �ه��ا أس � ��ورة ج�ل��دي��ة‬ ‫بيضاء أو سوداء‪ .‬ويتكون زجاج‬ ‫العرض تك توك‪.‬‬ ‫لقد أصدرت أبل أحدث منتجات‬ ‫(أبل واوتش) هذه يوم ‪ 9‬مارس‪،‬‬ ‫وسوف تكون متاحة للشراء في‬ ‫‪ 24‬أبريل‪.‬‬


‫فيسايل‪..‬‬

‫كوب يخبرك ماذا ومتى تشرب؟‬

‫كشفت شركة سان فرانسيسكو ‪ Mark One‬عن كوب يستطيع‬ ‫حتليل أي مشروب‪.‬‬ ‫‪ Vessyl‬هو اسم الكوب‪ ،‬وميكنه أن يتعرف على السوائل من تلقاء‬ ‫نفسه‪ ،‬ويُظهر الكوب إن كان جسمك جاف في حاجة على املزيد من‬ ‫املاء‪ ،‬كما يخبرك عن عدد السعرات احلرارية التي تستهلكها‪ ،‬ويوفر‬ ‫لك إحصاءات عن املشروبات اخلاصة بك‪.‬‬ ‫إن ه��ذا اجل �ه��از اجل��دي��د م��ن ش��رك��ة «م ��ارك ون» وم�ق��ره��ا سان‬ ‫فرانسيسكو‪ ،‬وي��دع��ى ‪ ،Vessyl‬وي �ه��دف إنتاجه إل��ى أن تكون‬ ‫التكنولوجيا التي يحتاجها اإلنسان بشكل يومي‬ ‫موجودة في كوب واحد‪ .‬كما يتعرف على السوائل‬ ‫ويح ّدد تركيبتها الكيميائية‪.‬‬ ‫ويأتي هذا الكوب في ثالثة ألوان‪ :‬أبيض ورمادي أو‬ ‫أسود‪ .‬وسيتوفر هذا اجلهاز بسعر ‪ 199‬دوالر من‬ ‫موقع ‪ ،Vessyl‬على أن يبدأ شحنه للمشتري في‬ ‫آخر هذا العام ‪.2015‬‬ ‫يتكون الكوب من مادة تشبه الزجاج‪ ،‬ويحمل (‪385‬‬ ‫مل) من السوائل‪ ،‬وعندما يتم سكب املشروبات سواء‬ ‫عصير البرتقال أو النبيذ‪ ،‬فإنه يظهر نصاً على‬ ‫جانبه يكشف للمستخدم طبيعة الشراب الذي يوجد‬ ‫به‪ .‬كما أن غطاء الكأس مانع للتسرب‪ ،‬ويتكون داخله‬

‫من مادة غير الصقة‪ ،‬مما يجعله سهل التنظيف وفقاً للشركة‪.‬‬ ‫في أسفل هذا الكوب جهاز يعطي للكوب مزاياه ووظائفه الذكية‪،‬‬ ‫على الرغم من ذلك تبقى كيفية عمل هذا الكوب سر حتتفظ به‬ ‫شركة ‪ .Mark One‬والتكنولوجيا التي متكن في الكأس تدرك ما‬ ‫هو السائل الذي بالداخل من آالف أنواع املشروبات‪.‬‬ ‫الكوب أيضاً باستطاعته أن يتعرف على احملتوى واملركب الكيميائي‬ ‫للمشروب‪ ،‬وبالتالي فهو ق��ادر على يعرف بالضبط ما هو الذي‬ ‫تضعه في جسمك‪ .‬وميكن بعد ذلك أن يُطلب من الكوب عرض‬ ‫مجموعة معينة من البيانات للمساعدة على حتقيق‬ ‫أهداف معينة‪ ،‬مثل فقدان الوزن أو تنظيم مستوى‬ ‫الكافيني في جسمك‪.‬‬ ‫وعندما ميتلئ الكوب فإنه يضيء إضاءة جانبية‪،‬‬ ‫وهناك شريط مائي شفاف على جانب الكوب يدعا‬ ‫(برامي) يتيح لك معرفة ما إذا كان جسمك يحتاج‬ ‫إلى شرب السوائل أم ال‪.‬‬ ‫يشحن هذا الكوب السلكياً وتدوم بطاريته أسبوعاً من‬ ‫شحن يستمر لـ‪ 60‬دقيقة متصلة‪ .‬كما يتصل اجلهاز‬ ‫أيضا بالتطبيقات األإلكترونية عبر البلوتوث عن‬ ‫طريق هواتف أبل واندرويد‪ ،‬حيث ميكنك احلصول‬ ‫على حتليل وبيانات مفصلة ملا بداخل الكوب‪.‬‬


‫‪088‬‬ ‫‪88‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫تقنية‬

‫استطالع ‪2015‬‬

‫ّ‬ ‫المصنعون الثالثة األوائل في عالم‬ ‫الحواسيب المحمولة‬ ‫األول‪ :‬أبل ‪Apple‬‬ ‫امل�ل��ك ب�لا م �ن��ازع‪ ،‬واح���دة م��ن أكبر‬ ‫ال� �ع�ل�ام ��ات ال��ت��ج��اري��ة ل�ل�ك�م�ب�ي��وت��ر‬ ‫احملمول ملدة ست سنوات وال تزال‬ ‫أبل في القمة‪ ،‬أبل حتتفظ باملكانة‬ ‫رق��م ‪ 1‬ف��ي استطالع ه��ذا ال�ع��ام‪ .‬و‬ ‫األس�ب��اب وراء ذل��ك تكمن في رضا‬ ‫املستخدمني إذ أن أبل تتصدر جميع‬ ‫الشركات األخرى في هذه الناحية‪.‬‬ ‫و في الدعم الفني هي أيضا ممتازة‪،‬‬ ‫وك���ذل���ك ج�� ��ودة ل���وح���ات امل �ف��ات �ي��ح‬ ‫ووس � ��ادات ال �ل �م��س‪ ،‬و ل�ي��س هنالك‬ ‫منازع لها في مجال جودة الصوت‬ ‫والبرامج التي تأتي مع أجهزة أبل‬ ‫مسبقاً‪ .‬على افتراض لديك امليزانية‬ ‫جلهاز أب��ل ألن منتجات أب��ل غالية‬ ‫ج��داً وأس�ع��اره��ا تفوق م��ا ستحصل‬ ‫عليه من مواصفات‪ ،‬ميكنك شراء‬ ‫ج �ه��از ب�ن�ف��س م��واص �ف��ات أب ��ل لكن‬ ‫بنصف السعر!!‬

‫الثاني‪ِ :‬دل ‪Dell‬‬ ‫شركة دِ ل قفزت إل��ى املركز الثاني‪ ،‬فقد ك��ان صعود دِ ل خ�لال العام املاضي ش��يء يثير‬ ‫اإلعجاب‪ .‬أخذت الشركة املركز األول في فئات االبتكار‪ ،‬القيمة واالختيار‪ .‬ومستواها في‬ ‫الدعم الفني ممتاز جداً ويفوق تقريباً جميع شركات احلاسب اآللي األخرى‪ ،‬التي تشير كلها‬ ‫إلى سبب تصدر هذه العالمة التجارية املركز الثاني لهذا العام‪.‬‬


‫> > ارتفعت مبيعات احلواسب اآللية‬ ‫ف��ي ف �ت��رة ال �س��ت أش �ه��ر امل��اض�ي��ة بني‬ ‫ش��ري �ح��ة ال�لاع �ب�ين ألن ‪NVIDIA‬‬ ‫أص�� ��درت ن ��وع� �اً ج ��دي ��داً م ��ن ك ��روت‬ ‫الشاشة ذات تقنية ‪ ،Maxwell‬وهذه‬ ‫ال�ت�ق�ن�ي��ة ق��رب��ت ال �ه��ام��ش ب�ين أج�ه��زة‬ ‫ال��دس �ك �ت��وب واألج� �ه ��زة احمل �م��ول��ة من‬ ‫ناحية القوة‪ ،‬وكذلك هي أرخ��ص من‬ ‫اإلصدار القدمي‪ ،‬وتستهلك طاقة أقل‬ ‫مما يجعلها مثالية لألجهزة احملمولة‪.‬‬

‫زرٌّ يختصر عليك الذهاب‬ ‫إلى السوبرماركت‬ ‫تختبر األمازون خدمة جديدة تسمح للعمالء أن يطلبوا على الفور بعض األدوات املنزلية‬ ‫مثل منظفات الغسيل أو شفرات احلالقة‪.‬‬ ‫طريقة عمل هذا املنتج عبارة عن أزرار حتتوي على مادة الثقة مت ّكن من تثبيتها في أقرب‬ ‫مكان في املتناول مثل آلة الغسيل أو احلمام أو املطبخ‪ ،‬وبالضغط على الزر‪ ،‬ينبه العمالء‬ ‫أنظمة أم��ازون من خالل خدمة ال��واي فاي‪ ،‬وسوف توفر له شركة أم��ازون املنتج الذي‬ ‫يريده في غضون بضعة أيام‪.‬‬ ‫أما في حالة تغيير االختيار أو الرأي فإن الشركة‬ ‫تضع خطوة تأكيدية لإلرسال‪ ،‬فبمجرد الضغط‬ ‫على الزر للمرة األولى يحصل العمالء على تنبيه‬ ‫من خالل هواتفهم‪ ،‬وميكنهم إلغاء الطلب إذا ما‬ ‫غيروا رأيهم باخلصوص‪ ..‬على أن يكون أمام‬ ‫العمالء فترة ‪ 30‬دقيقة للقيام بذلك‪.‬‬ ‫هذه اخلدمة اجلديدة تقدمها أمازون لألعضاء‬ ‫املشتركني في الواليات املتحدة‪ ،‬وهم يستطيعون‬ ‫احل �ص��ول ع�ل��ى ه��ذه األزرار م �ج��ان �اً‪ ..‬أم��ا في‬ ‫اململكة املتحدة فقد مت اإلعالن عن موعد إطالق هذه اخلدمة‪ ،‬ولكن ال يزال األمر غير‬ ‫معروف في بقية أنحاء العالم‪.‬‬ ‫وبالطبع فإن قائمة اخلدمات محدودة بعدد من السلع واملواد االستهالكية‪ ،‬وقد اتفقت‬ ‫أمازون مع بعض العالمات التجارية االستهالكية مثل أدوات احلالقة‪ ،‬أو منتجات األجبان‪،‬‬ ‫أو العطور والصابون‪ ،‬وعدد آخر من املنتجات‪ ،‬على أن يطلب كل زر ما هو مكتوب عليه‪ ،‬و‬ ‫خالل إنشاء هذه اخلدمة سوف يح ّدد العمالء الكميات أو األحجام التي يرغبون احلصول‬ ‫عليها كل مرة يضغطون فيها على األزرار‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬اتش بي ‪HP‬‬ ‫ارتفع ‪ HP‬في الترتيب لهذا العام من‬ ‫املركز الرابع إلى املركز الثالث‪ .‬تصميمات‬ ‫ه ��ذه ال �ش��رك��ة أي �ض��ا تعتبر ف��ي القمة‪،‬‬ ‫وكذلك جودة الصوت‪ .‬لزبائن الكمبيوتر‬ ‫احملمول‪ HP ،‬لديها مجموعة كبيرة من‬ ‫األسعار واألمناط والتشكيالت لالختيار‬ ‫من بينها‪ ،‬وعندما تتخذ ق��رارك‪ ..‬ميكن‬ ‫أن تثق في نوعية الدعم التقني وجودة‬ ‫املنتج‪.‬‬


‫‪90‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫رياضة‬

‫الكرة الحديدية الليبية‪ ..‬إلى أين؟!‬

‫الدعم غائب‪ ..‬واألندية تشكو‪ ..‬واألمن أكبر عائق‬ ‫يعد دخ��ول لعبة الكرة احلديدية إل��ى ليبيا حديثا نسبيا مقارنة مع‬ ‫جيرانها‪ ،‬لكن نتائجها كانت متميزة‪ ،‬ومساحة انتشارها أفقيا آخذة‬ ‫في التوسع‪ ،‬ما ينبيء بتوفر الفرصة الختيار عناصر موهوبة قادرة‬ ‫على متثيل ليبيا في البطوالت العربية واإلفريقية وال��دول�ي��ة‪ ،‬وفي‬ ‫الفترة األخيرة اختير رئيس االحتاد الليبي للعبة محمد أميمة ضمن‬ ‫اللجنة املعاونة لالحتاد العربي للكرة احلديدية‪ ،‬كما أختير نائب رئيس‬ ‫االحتاد أبومدين جمعة الزليطني نائبا لرئيس االحتاد األفريقي للرافا‬ ‫وعضوا باللجنة املعاونة لالحتاد العربي للعبة‪ ،‬واألمني العام لالحتاد‬ ‫محمود محمد الطويل مت اختياره كعضو باالحتاد األفريقي‪ ،‬وعضو‬ ‫بلجنة الدراسات والتطوير باالحتاد الدولي‬ ‫للكرة احلديدية ‪ ..‬مبعنى أن هناك ثالثة‬ ‫كفاءات ليبية متكنت من حجز مواقع لها‬ ‫في االحتادات العربية واألفريقية والدولية‪،‬‬ ‫لكن السؤال الذي يدور على ألسنة ممارسي‬ ‫ومحبي اللعبة اليوم هو ‪ :‬أين االهتمام بهذه‬ ‫اللعبة الوليدة ؟!‬ ‫األمني العام لالحتاد الليبي للكرة احلديدية‬ ‫محمود محمد الطويل ي��رى أن احت��اده‬ ‫ي �ع��ان��ي م �ث��ل ب��اق��ي االحت � � ��ادات م��ن قلة‬ ‫اإلمكانات والدعم املادي‪ ،‬وضعف التواصل‬ ‫بني األندية واالحتاد العام في ظل الظروف‬ ‫الصعبة ال�ت��ي تعيشها ليبيا ح��ال�ي�اً‪ ،‬لكن‬

‫رغم كل ذلك هناك أنشطة تقوم بها األندية في مناطقها‪ ،‬ونتائج تلك‬ ‫األنشطة تصل إلى االحتاد العام تباعاً‪.‬‬ ‫وب�ح�س��ب ل �ق��اء ص�ح�ف��ي س��اب��ق م��ع ال�ط��وي��ل أج��رت��ه ب��واب��ة ال��وس��ط‬ ‫اإللكترونية‪ ،‬يوجد ‪ 14‬ناديا مدروجاً على قائمة نشاطها الرياضي لعبة‬ ‫الكرة احلديدية‪ ،‬واألندية هي ‪:‬‬ ‫الصمود غدامس واإلخاء هون والصقور طبرق والهالل طبرق واألندلس‬ ‫مبساعد واألهلي املصراتي واألفريقي درنة والشروق الزنتان وجنوم‬ ‫قرقارش وسيدي سليم والشباب العربي والشباب الوحدوي وطارق بن‬ ‫زياد والطالئع راقدالني‪ ،‬ويصل عدد الرياضيني املسجلني في االحتاد‬ ‫حال ًيا ‪ 273‬رياض ًيا»‪.‬‬ ‫الكالم على ال��ورق ال يحتاج س��وى قليل‬ ‫من احلبر أو ملس أزرار الكمبيوتر‪ ،‬فما‬ ‫هو موجود على الواقع ال ينبىء بأن هناك‬ ‫نشاطاً جديا لهذه اللعبة هذه األيام ‪ ،‬حتى‬ ‫أن إعالن جلنة املسابقات بإحتاد اللعبة‬ ‫مؤخراً عن انطالق مرحلة الذهاب لبطولة‬ ‫ليبيا للكرة احلديدية يومي اجلمعة والسبت‬ ‫‪ 25‬و‪ 26‬أبريل اجل��اري قد ال يتحقق في‬ ‫م��وع��ده ف��ي ظ��ل تباعد ال��ري��اض�ي�ين عن‬ ‫أنديتهم‪ ،‬وغ�ي��اب ال��دع��م امل���ادي‪ ،‬وت��ردي‬ ‫احلالة األمنية التي باتت العائق األكبر أمام‬ ‫عودة النشاط الرياضي إجماال ‪.‬‬


‫ملاذا لم حتسم مشاركة زعبية‬

‫فريق االحتاد‬

‫االتحاد يهدي‬ ‫ميموزا ورقة‬ ‫الترشح‬ ‫الحسابات الخاطئة‬ ‫في مباراة المنزه‬ ‫في العدد الثامن من املستقل كتبنا حتت‬ ‫عنوان « االحتاد يواجه األفيال في تونس‬ ‫« الكلمات التالية ‪:‬‬ ‫«م�خ�ط��ىء م��ن ي�ق��ول ب��أن امل �ب��اراة سهلة‪،‬‬ ‫ويبني حساباته على نتيجة التعادل في‬ ‫ملعب اخلصم‪ ،‬فميموزا‪ ،‬كما يعلم متتبعو‬ ‫الكرة األفريقية‪ ،‬صاحب مدرسة عريقة‪،‬‬ ‫يكفي أنها خ ّرجت الظاهرة الكروية يايا‬ ‫توريه‪ ،‬وه��و يحتفظ بسجل حافل وكبير‬ ‫ف��ي امل�ش��ارك��ات األفريقية‪ ،‬وليس صعبا‬ ‫ع�ل�ي��ه ان��ت��زاع ورق���ة ال �ت��رش��ح إل ��ى دوري‬ ‫املجموعات إذا قابله االحتاد متكئاً فقط‬ ‫على نتيجة ال��ذه��اب‪ ،‬ولكم أن تراجعوا‬ ‫أيضا نتائج الفريق خ��ارج ملعبه لتدركوا‬ ‫هذه احلقيقة ‪« .‬‬ ‫ما حذرنا منه‪ ،‬وقع فيه االحتاد بسهولة‪،‬‬ ‫وفرط في فرصة‪ ،‬قد ال تأتيه مجدداً على‬ ‫ذات الطبق‪ ،‬فبالعودة إلى مجريات مباراة‬ ‫املنزه‪ ،‬يتبينّ للرائي واملتابع أن االحتاد كان‬ ‫مبقدوره طوي صفحة املباراة بعد الدقيقة‬ ‫ال�س��اب�ع��ة‪ ،‬عندما جن��ح مهاجمه الشاب‬ ‫محمد الترهوني في خطف ه��دف رائع‬ ‫بعد مجهود فردي داخل مربع العمليات‪،‬‬ ‫لكن الفرنسي لوشنتير الذي يفترض أنه‬ ‫ق��د ق��رأ كتاب أسيك ميموزا جيدا بعد‬ ‫مباراة الذهاب‪ ،‬ترك احلبل على الغارب‬ ‫كما يقال‪ ،‬ولم يسارع إلى تأمني خطوطه‬ ‫اخللفية‪ ،‬وق�ف��ل امل�س��اح��ات أم ��ام العبي‬

‫لوشنتير‬ ‫أخفق في قراءة‬ ‫مباراة املنزه‬

‫ميموزا حتى يحافظ على هدف السبق‪،‬‬ ‫وك �م��ا ت ��ردد ع�ل��ى أل�س�ن��ة ب�ع��ض احملللني‬ ‫ال��ري��اض �ي�ين ع �ق��ب امل � �ب� ��اراة‪ ،‬ك� ��ان على‬ ‫لوشنتير االستعانة بخطة احلافلة التي‬ ‫يعمل بها مدربون كبار كمورينيو البرتغالي‬ ‫ل�ع�م��ل ط ��وق دف��اع��ي ي �ت �ك��ون م��ن ثمانية‬ ‫العبني‪ ،‬واالعتماد على الهجمات العكسية‬ ‫السريعة‪ ،‬خاصة وأنه ميلك العبني شبان‬ ‫قادرين على تنفيذ هذه املهمة ‪.‬‬ ‫الرد العاجي‬ ‫كما نوهنا ف��ي أكثر م��ن م��رة ب��أن أسيك‬ ‫ميموزا ليس من الفرق الصغيرة التي إذا‬ ‫ماجنحت في هز شباكها بداية املباراة‬ ‫َ‬ ‫يرتبك الع�ب��وه��ا‪ ،‬وتهتز خطوطها‪ ،‬وقد‬ ‫ال تعود إل��ى امل �ب��اراة ‪ ،‬ب��ل ه��و م��ن الفرق‬ ‫التي تتمتع بخبرة واسعة في التعامل مع‬ ‫املباريات الكبيرة‪ ،‬لهذا لم يكن غريبا على‬ ‫الفريق نزوعه إل��ى الهجوم بعد الهدف‪،‬‬ ‫وجن ��اح الع �ب��ه ري �ف��و م��ان �س��اه ف��ي خطف‬ ‫هدف التعادل عبر تسديدة من ركلة حرة‬ ‫في الدقيقة ‪ 17‬أي بعد عشر دقائق فقط‬ ‫م��ن تسجيل االحت ��اد لهدف اليتيم‪ ،‬لكن‬ ‫الغريب فعال أن ال يحسب االحتاديون رد‬ ‫فعل العاجيني‪ ،‬وال يتوقعون انتفاضتهم‬ ‫الهجومية السريعة‪ ،‬ففي كرة القدم ينبغي‬ ‫عليك‪ ،‬وأنت تواجه فريقا كبيرا أن حتسب‬ ‫ردات فعله خ�لال الثانية‪ ،‬ول�ي��س خالل‬

‫الدقائق كما يوصي خبراء التدريب‪.‬‬ ‫ومع ذلك كان أمام االحتاد أكثر من فرصة‬ ‫ل�ل�ت�ع��وي��ض‪ ،‬وأه �م �ه��ا رك �ل��ة اجل� ��زاء ال�ت��ي‬ ‫أضاعها مهاجمه بوشناف في الدقيقة ‪76‬‬ ‫أي قبل أن يسجل ميموزا هدفه الثاني‬ ‫وينهي آم��ال االحت��اد في الترشح ل��دوري‬ ‫املجموعات في كأس الكونفدرالية ‪.‬‬ ‫ع�م��وم��ا خ �س��ارة م��ب��اراة أو اخل� ��روج من‬ ‫الكونفدرالية ال يعني نهاية املطاف لالحتاد‬ ‫ال� ��ذي ن �ع �ت��رف ب��أن��ه ي �ض��م ب�ي�ن صفوفه‬ ‫العبني ق��ادري��ن على اإلض��اف��ة‪ ،‬ومغازلة‬ ‫النتائج اجل�ي��دة‪ ،‬فقط إذا ع��رف اجلهاز‬ ‫ال �ف �ن��ي ك �ي��ف ي��وظ��ف ق� ��درات ال�لاع �ب��ون‬ ‫الشبان من بينهم‪ ،‬ومينحهم الفرصة كاملة‬ ‫في اللعب ‪ ،‬فكل من شاهد املباراة يتساءل‬ ‫عن سر اإلبقاء على مهاجم بطىء‪ ،‬وإن‬ ‫كان يتمتع ببنان ق��وي‪ ،‬في مباراة حتتاج‬ ‫إلى مهاجمني سريعني قادرين على إرهاق‬ ‫مدافعي ميموزا‪ ،‬وتخفيف الضغط على‬ ‫مدافعي االحتاد ‪.‬‬ ‫أخيرا ‪ ..‬حظا أوفر لالحتاد في البطوالت‬ ‫القادمة‪ ،‬وعلى إدارته التفكير منذ اآلن في‬ ‫حلحلة املشاكل املالية والصحية والقانونية‬ ‫التي حتاصر بعض جن��وم الفريق‪ ،‬وعلى‬ ‫رأس �ه��م امل�ه��اج��م محمد زعبية ال ��ذي لم‬ ‫يستطع املشاركة في أي من اللقاءات التي‬ ‫لعبها االحتاد في نطاق كأس الكونفدرالية‬ ‫بسبب عدم قيده في القائمة األفريقية ‪.‬‬


‫‪92‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫رياضة‬

‫الريال أم فرنسا‬ ‫هل سيتولى زين الدين زيدان مهمة تدريب ريال مدريد أم املنتخب الفرنسي ؟!‬ ‫س��ؤال بدأ يتردد بقوة في األوس��اط الكروية األوروب��ي��ة ‪ ..‬البعض يرحج أن يخلف‬ ‫زي��دان اإليطالي أنشيلوتي في قيادة النادي امللكي بعد تتالي سقطات األخير في‬ ‫الدوري‪ ،‬وارتفاع منسوب الغضب اجلماهيري ضده‪ ،‬فيما يرى البعض اآلخر أن زيزو‬ ‫سيختار قيادة الديوك الفرنسية خاصة إذا ما أخفق املدري دي شامب في نيل بطولة‬ ‫أورويا التي ستقام على األراضي الفرنسية صيف العام املقبل‪.‬‬ ‫لكن أيهما يشكل أفضلية عند هذا النجم الذائع الصيت ‪ :‬الريال أم فرنسا ؟!!‬

‫يدرب فرنسا أم الريال‬

‫األسطورة‬

‫زيدان‬ ‫بحسب تصريحات الالعب األخيرة لقناة «كنال بلوس» األسبانية‪،‬‬ ‫فإن فكرة توليه اإلشراف على الريال املوسم القادم ال تلقى قبوال‬ ‫عنده حالياً في ظل اعتراف زيزو نفسه بعدم جاهزيته للتصدي‬ ‫لهذه املهمة‪ ،‬وأنه يرغب في تعلم املزيد من فنون التدريب‪ ،‬ومعرفة‬ ‫الكثير من خباياه وأسراره‪ ،‬مؤثراً التفرغ لقيادة فريق شباب الريال‪،‬‬ ‫وقضاء فترة أطول معه‪ ،‬باملقابل أثارت تصريحات آخرى منسوبة له‬ ‫قلق مدرب املنتخب الفرنسي دي شامب عندما نقلت جريدة «آس»‬

‫األسبانية عنه قوله «بالتأكيد أنا مهتم يتدريب الريال‪ ،‬لكن اآلن‬ ‫لديهم مدرب ممتاز‪ ،‬وأنا مازال أمامي طريق طويل للتعلم»‬ ‫وأضاف ‪ :‬سأكون واضحاً‪ ،‬هدفي األهم الذي أسعى إليه هو تدريب‬ ‫املنتخب الفرنسي‪.‬‬ ‫خطوة لإلثارة‬ ‫أق��دم زي��ن الدين زي��دان قبل فترة وجيزة على زي��ارة ن��ادي بايرن‬


‫نظرة دائمة إلى األبعد‬

‫ميونيخ األملاني رفقة زميليه السابقني في منتخب الديوك‪ ،‬كلوك‬ ‫ماكليلي وويلي سانيول وعدة العبني آخرين لعمل معايشة مع الفريق‬ ‫البافاري ورؤية طريقة إدارة بيب جوارديوال للفريق واالستفادة من‬ ‫خبراته‪.‬‬ ‫تلك اخلطوة أث��ارت حفيظة بعض مشجعي ري��ال مدريد‪ ،‬الذين‬ ‫انتقدوا ذهاب اسطورتهم للتعلم من مدرب سابق لبرشلونة‪ ،‬فيما‬ ‫كانت لديه خيارات عديدة للتوجه إليها‪.‬‬

‫في اجلانب املقابل أخذت بعض جماهير برشلونة جانباً مشابه‬ ‫لهذه التعليقات‪ ،‬موجهني رسائل إلى منافسهم التقليدي ريال مدريد‬ ‫مفادها بأن مدربكم احملتمل في املستقبل أتى للتعلم من أساليب‬ ‫مدرب كتالوني ليدرب بها فريقكم األبيض‪.‬‬ ‫املفارقة هنا‪ ،‬أن بيب جوارديوال ذاته قام بخطوة أخرى مشابهة بعد‬ ‫اعتزاله كرة القدم عندما ذهب لرؤية عمل كارلو انشيلوتي حني كان‬ ‫يدرب ميالن اإليطالي‪ ،‬وهي بالتأكيد خطوة طبيعية يحتاجها كل‬


‫‪94‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫رياضة‬

‫هدفه األهم هوتدريب املنتخب‬ ‫الفرنسي ‪ ..‬وليس تدريب ريال‬ ‫مدريد بحسب تصريح له‬ ‫زيارته األخيرة لبايرن ميونيخ‬ ‫تثير استياء اجلماهير املدريدية‬ ‫زيدان يتعلم من جوارديوال ‪..‬‬ ‫والثاني يتعلم من أنشليوتي‬ ‫نادي «كان» شهد بداية مسيرته‬ ‫االحترافية ‪ ..‬ونادي الريال آخر‬ ‫محطاته االحترافية‬ ‫مع السيدة العجوز حقق بطولة‬ ‫الدوري ‪ ..‬وأخفق في احلصول على‬ ‫كأس أبطال أوروبا‬

‫الكرة تعشق قدمه‬


‫ترويض مثير للكرة‬

‫إجناز وإخفاق مع السيدة العجوز‬

‫دي شامب قلق من تصريحات زيدان األخيرة‬

‫أنشليوتي ‪ ..‬هل يترك مكانه لزيدان‬

‫سيرة األسطورة‬ ‫زين الدين زي��دان (بالفرنسية‪ )Zinédine Zidane :‬ولد في‬ ‫(‪ 23‬يونيو ‪ 1972‬في مرسيليا) ‪ ،‬وهو من أصول جزائرية‪ ،‬هاجر‬ ‫وال��داه «إسماعيل ومليكة اللذان ينتميان الي منطقة القبائل في‬ ‫شمال اجلزائر في عام ‪ 1953‬إلى فرنسا ‪ .‬وقد استقرا في املناطق‬ ‫الشمالية ملدينة بابري و سانت دينيس‪.‬‬ ‫في منتصف ‪ 1960‬انتقال إلى الضاحية الشمالية من مرسيليا‪،‬‬ ‫وف��ي ‪ 23‬يونيو ع��ام ‪ ،1972‬ول��د زي��ن الدين زي ��دان‪ .‬ك��ان أصغر‬ ‫أشقائه اخلمسة‪ .‬بداية زي��دان مع ك��رة القدم كانت مبكرة جداَ‬ ‫وحتديداً في سن اخلامسة عندما كان يلعب مع أطفال احلي على‬ ‫ملعب من الترتان مساحته ال تتعدى‪ . 12×80‬بعدها انضم الي‬ ‫ناشئي نادي كان والذي بدأ معه مسيرتة الكروية االحترافية ‪.‬‬ ‫بدأ زين الدين زي��دان مسيرته الكروية مع كان الفرنسي في عام‬ ‫‪ ،1988‬وبقى مع الفريق حتى عام ‪ 1992‬الذي شهد انتقاله إلى‬ ‫نادي بوردو الفرنسي‪ ،‬حيث فاز معه بكأس إنترتوتو في عام ‪،1995‬‬ ‫كما حصل معه على املركز الثاني في كأس االحتاد األوروب��ي في‬ ‫موسم ‪.1999‬‬ ‫لينهي بعدها مسيرة احترافه الداخلية وتبدا مسيرة االحتراف‬ ‫اخلارجية مع نادي يوفنتوس‪.‬‬ ‫في يوفنتوس كان زيدان أحد أفضل الالعبني لدى كارلو أنشيلوتي‬ ‫رفقة الفرنسي اآلخر ديدييه ديشامب وألساندرو دل بييرو وإدغار‬ ‫ديفيدز‪ ،‬وقد توج مع السيدة العجوز ببطولة الدوري في مناسبتني‪،‬‬ ‫ووصل إلى نهائيني متتاليني في بطولة دوري أبطال أوروب��ا‪ ،‬لكنه‬ ‫خسر في املرتني‪،‬‬ ‫في عام ‪ 2001‬انتقل إلى نادي ريال مدريد اإلسباني في صفقة‬ ‫هي األكبر في تاريخ كرة القدم وقتها حيث دفع أنذاك نادي ريال‬

‫مدرب مستجد للتعلم ولكن من يراها من منظور مدريدي برشلوني‬ ‫وخالفه لن يقتنع بذلك أبدا !!‪..‬‬ ‫مع ذلك استثارت خطوة زيدان‪ ،‬وقبله غوارديوال امليديا الرياضية‬ ‫التي وجدت فيها مساحات كافية الستمالة القراء واإلعالن‪ ،‬وزيادة‬ ‫مداخيلها‪.‬‬ ‫من هو زين الدين زيدان الذي مازالت األض��واء تطارده حتى بعد‬ ‫اعتزاله‪ ،‬ومالذي ميكن أن يضيفه في مجال التدريب حتي يحفّز‬ ‫أندية ومنتخبات على اصطياده ‪.‬‬ ‫حصاد السيرة الذاتية لهذا الالعب الفذ الذي يلقب باإلسطورة‬ ‫ملىء باإلجنازات واجلوائز‪ ،‬وإذا ماتيسر لنا في هذه العجالة إبراز‬ ‫أهم احملطات في سيرته الرياضية‪ ،‬فيمكن اللجوء إلى الويكيبيديا‬ ‫واستنباط التالي ‪:‬‬


‫‪96‬‬

‫األحد‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريـل‪2015‬‬ ‫‪ 12‬أبريل‬ ‫العدد العاشر‬

‫رياضة‬

‫الكبار الثالثة بيليه مارادونا زيدان‬

‫مدريد ‪ 75.6‬مليون يورو لكي تنتقل اجلوهرة اجلزائرية الفرنسية‬ ‫إلى صفوفهم ‪.‬‬ ‫وفي املوسم األول لزيدان مع الفريق قادهم إلى الفوز بدوري أبطال‬ ‫أوروبا بعد أن تغلب الفريق على نادي باير ليفركوزن األملاني بهدف‬ ‫خيالي لزيزو في إستاد هامبدن بارك في غالسغو في استكلندا ‪..‬‬ ‫وفي املوسم الثاني حقق بطولة الدوري األسباني‪.‬‬ ‫في ‪ 7‬مايو ‪ 2006‬لعب زين الدين زيدان آخر مباراة له في ملعب‬ ‫ن��ادي ري��ال مدريد سانتياغو برنابيو‪ ،‬وكانت امل�ب��اراة أم��ام نادي‬ ‫فياريال اإلسباني‪ ،‬وقد انتهت بالتعادل ‪ ،3-3‬و سجل زيدان حينها‬ ‫الهدف الثاني للريال ‪ ..‬وفي نهاية املباراة تبادل زيدان القميص مع‬ ‫خوان رومان ريكيلمي‪.‬‬ ‫لعب زيدان أول مباراة دولية له مرتديا قميص املنتخب الفرنسي‬ ‫في ‪ 17‬أغسطس ‪ 1994‬أمام املنتخب التشيكي ‪ ،‬وقد دخل في‬ ‫الدقيقة ‪ 63‬من زمن املباراة كبديل‪ ،‬وكان فريقه متأخرا بنتيجة‬ ‫‪ ، 2-0‬لكن زيدان سجل هدفني لتنتهي املباراة بالتعادل ‪.2-2‬‬ ‫ك��ان م��درب منتخب فرنسا إمي��ي جاكيه وق�ت��ذاك يبني خططه‬ ‫حول العب ن��ادي مانشستر يونايتد ايريك كانتونا‪ ،‬ولكن كانتونا‬ ‫حصل على إيقاف ملدة سنة كاملة وذلك بسبب ضربه ملشجع‪ ،‬لذلك‬ ‫اضطر املدرب أن يغير من خطة الفريق ويضع زيدان كصانع ألعاب‪،‬‬ ‫وبالرغم من االنتقادات التي تعرض لها الفريق إال أن الفرنسيني‬ ‫وصلوا إلى الدور النصف نهائي في كأس األمم األوروبية لكرة القدم‬ ‫‪ ،1996‬وخسروا أمام منتخب التشيك بركالت اجلزاء الترجيحية‪.‬‬ ‫كان زيدان عضوا في منتخب فرنسا الفائز بكأس العالم لكرة القدم‬ ‫‪ ..1998‬في املباراة الثانية لـ منتخب بالده في البطولة تلقى الكرت‬ ‫األحمر وتعرض لإليقاف ملدة مباراتني بعد ضربه العب منتخب‬ ‫السعودية فؤاد أنور‪ ،‬لكن في النهائي أمام منتخب البرازيل‪ ،‬سجل‬ ‫زي��دان هدفني ب��ال��رأس ليقود فرنسا للفوز على البرازيل ‪،0-3‬‬ ‫والظفر بكأس العالم لكرة القدم للمرة األولى في تاريخها‬ ‫ساعد زيدان فريقه في كأس األمم األوروبية لكرة القدم ‪2000‬‬ ‫على الوصول إلى املباراة النهائية‪ ،‬وقد سجل هدفا من ركلة حرة‬

‫في دور الثمانية أمام منتخب إسبانيا‪ ،‬وسجل الهدف الذهبي أمام‬ ‫منتخب البرتغال في دور النصف نهائي‪ ،‬وفي النهائي فاز منتخب‬ ‫فرنسا على منتخب إيطاليا‪ ،‬وبذلك أصبحت فرنسا أول منتخب‬ ‫أوروبي يفوز بكأس العالم لكرة القدم وبعدها مباشرة بكأس األمم‬ ‫األوروبية لكرة القدم‪ ،‬محققا بذلك أيضاً املركز األول في تصنيف‬ ‫الفيفا العاملي للمنتخبات‪.‬‬ ‫في كأس األمم األوروبية لكرة القدم ‪ ،2004‬بدأ منتخب فرنسا‬ ‫بداية قوية‪ ،‬حيث فازعلى منتخب إجنلترا بعد أن سجل زي��دان‬ ‫هدفني األول من ركلة حرة والثاني من ضربة جزاء‪ ،‬ولكن الفريق‬ ‫خسر في الدور ثمن النهائي أمام منتخب اليونان الذي توج بلقب‬ ‫البطولة فيما بعد‪ ،‬وفي ‪ 12‬أغسطس ‪ ،2004‬قرر زين الدين زيدان‬ ‫أن يعتزل اللعب على املستوى الدولي‪.‬‬ ‫ف ��ي ‪ 3‬أغ �س �ط��س ‪ 2005‬ع� ��اد زي�� ��دان إل� ��ى ال �ل �ع��ب دول� �ي ��ا مع‬ ‫املنتخب‪،‬الفرنسي بعد معاناة األخير في تصفيات التأهل إلى‬ ‫املونديال‪ ،‬وجنح الفرنسيون بوجوده في التأهل إلى كأس العالم‬ ‫‪ ،2006‬لكنه في ‪ 25‬أبريل ‪ 2006‬أعلن بأنه سيعتزل كرة القدم‬ ‫بعد النهائيات مباشرة‬ ‫في املباراة الثانية من كأس العالم لكرة القدم ‪ 2006‬أمام منتخب‬ ‫كوريا اجلنوبية‪ ،‬حصل زيدان في آخر الشوط الثاني على بطاقة‬ ‫صفراء‪ ،‬وقد كانت هذه البطاقة هي الثانية له في البطولة‪ ،‬مما أدى‬ ‫إلى إيقافه في املباراة الثالثة أمام منتخب توغو‪.‬‬ ‫وفي الدور الثاني لعب أمام منتخب أسبانيا‪ ،‬واستطاع أن يسجل‬ ‫هدفا ويصنع هدفا آخر لتفوز فرنسا ‪ ،1-3‬وفي دور الثمانية‪،‬‬ ‫لعب منتخب فرنسا مع منتخب البرازيل‪ ،‬واستطاعت فرنسا الفوز‬ ‫على حامل لقب مونديال ‪ 2002‬بهدف لتيري هنري من صنع‬ ‫زي��دان ال��ذي اختير وقتها رجل املباراة‪ ،‬وفي مباراة دور األربعة‬ ‫أمام منتخب البرتغال‪ ،‬سجل زيدان هدفا من ركلة جزاء في مرمى‬ ‫احلارس البرتغالي ريكاردو ليقود فرنسا إلى التأهل إلى نهائي كأس‬ ‫العالم لكرة القدم‪.‬‬ ‫في ‪ 9‬يوليو لعب زي��دان مباراته النهائية الثانية في كأس العالم‪،‬‬


‫ودع املالعب أمام فياريال ‪ ..‬وأهدى قميصه إلى األرجنتيني ريكلمي‬ ‫جاكيه يبني خططه على زيدان بعد إيقاف كانتونا‬ ‫بقيادة زيزو حصلت فرنسا على الثنائية العاملية والقارية في ظرف عامني‬ ‫ماتيرازي يعترف بإهانته لزيدان بعد النطحة الشهيرة‬

‫هل حان موعد تدريب الكبار؟‬ ‫نطحة نهائي ‪2006‬‬

‫وكانت آخر مباراة في مسيرته الكروية‪ ..‬سجل هدفا في الدقيقة‬ ‫السابعة من زمن املباراة من ركلة جزاء‪،‬ليصبح أحد أربعة العبني‬ ‫سجلوا أهدافاً في نهائيني مختلفني لـ كأس العالم واضعا اسمه مع‬ ‫بيليه وبول بريتنر وفافا‪.‬‬ ‫النطحة الشهيرة‬ ‫في الدقيقة ‪ 110‬في الشوط الثاني االضافي من زمن املباراة حصل‬ ‫زيدان على بطاقة حمراء بعد أن قام بنطح املدافع اإليطالي ماركو‬ ‫ماتيرازي‪ ،‬وقد تبادل الالعبان قبل حصول احلادثة ببضعة ثواني‬ ‫بعض الكلمات اجلارحة‪ ،‬وب��دأت املشادة عندما سحب ماتيرازي‬ ‫قميص زي��دان‪ ،‬الذي رأى في ذلك فرصة الستفزازه موجها إليه‬ ‫تلك الكلمات ‪ :‬ال تقلق سأعطيك القميص بعد نهاية املباراة‪ ،‬فقام‬ ‫ماتيرازي بالرد عليه وقال ‪ :‬ال أريد القميص بل أريد أختك‪،...‬‬ ‫تراجع زي��دان‪ ،‬وس��دد ضربة برأسه على صدر ماتيرازي أوقعته‬ ‫أرضا‪ ،‬ولكن احلكم هوراسيو أليزوندو لم ير الواقعة‪ ،‬وقد اعتمد‬ ‫في قراره على ما أخبره به احلكم الرابع لويس ميدينا كونتاليخو ‪.‬‬ ‫اعترف ماتيرازي بأنه أهان زيدان‪ ،‬باملقابل اعتذر زيدان لألطفال‬ ‫الذين شاهدوه ولكنه رفض أن يعتذر ملاتيراتزي‪.‬‬ ‫بعد املباراة‪ ،‬قام الرئيس الفرنسي أن��ذاك جاك شيراك بتكرمي‬ ‫زي��دان كبطل قومي‪ ،‬وق��ال شيراك ب��أن الهجوم على زي��دان غير‬ ‫منطقي‪ ،‬وأن فعلته مبررة‪ ،‬فيما أرسل رئيس اجلزائر عبد العزيز‬ ‫بوتفليقة رسالة إلى زيدان يسانده فيها‪.‬‬ ‫قام االحتاد الدولي لكرة القدم بفتح حتقيق في احلادثة‪ ،‬خالصا إلى‬ ‫أن الطريقة التي طرد فيها زيدان كانت قانونية‪ ،‬وأسكت املنتقدين‬ ‫الذي كانوا يقولون بأن احلكم الرابع لويس ميدينا كونتاليخو قد‬ ‫رأى احلادثة عبر التلفاز‪ ،‬وغ��رم الفيفا ماركو ماتيرازي ‪5000‬‬ ‫فرنك سويسري وإيقاف ملدة مباراتني دوليتني‪ ،‬فيما غرم زيدان‬ ‫‪ 7500‬فرنك سويسري وإيقاف ملدة ثالثة مباريات دولية‪ .‬لكن قرار‬ ‫اإليقاف عن اللعب لم يؤثر على زيدان ألنه قرر اعتزال لعب الكرة‬ ‫نهائياً‪.‬‬

‫اإلنجازات الشخصية‬ ‫> جائزة احتاد كرة القدم األروبي ‪,‬ألفضل وسط ميدان‬ ‫‪1997/1998‬‬ ‫> ثالث أفضل العب بالعالم ‪1997‬‬ ‫> جائزة أفضل العب في العالم لكرة القدم عام ‪1998‬‬ ‫> أفضل العب بالعالم ملجلة ‪ World Soccer‬عام ‪1998‬‬ ‫> الكرة الذهبية ‪1998‬‬ ‫> جائزة أفضل العب في العالم لكرة القدم عام ‪2000‬‬ ‫> اختياره في قائمة أفضل ‪ 125‬العب حي في مارس ‪.2004‬‬ ‫> العب العام إلحتاد كرة القدم األوروبي ‪2001/2002‬‬ ‫> ثاني أفضل العب بالعالم عام ‪2002‬‬ ‫> جائزة أفضل العب في العالم لكرة القدم عام ‪2003‬‬ ‫> ثاني أفضل العب بالعالم ‪2006‬‬ ‫> الكرة الذهبية عام ‪2006‬‬ ‫> أفضل العب أوروبي خلمسني سنة ما بني عامي ‪ 1954‬إلى‬ ‫‪2004‬‬ ‫> أفضل العب في كأس العالم ‪2006‬‬ ‫> أحد أفضل العبي خط الوسط جلمعية اإلحتاد العاملي‬ ‫للمحترفني ‪2006 ,2005‬‬ ‫> جائزة ‪ Onze‬ألفضل أول العبي أوروبا ‪2001 ,2000 ,1998‬‬ ‫> جائزة ‪ Onze‬ألفضل ثاني العبي أوروبا ‪2003 ,2002 ,1997‬‬ ‫> جائزة ‪ Onze‬ألفضل ثالث العبي أوروبا ‪1999‬‬ ‫> أفضل العب لبطولة احتاد كرة القدم األوربية ‪2000‬‬ ‫> أحد العبي جنوم العالم للفيفا ‪2006 ,1998‬‬ ‫> أفضل العب جلمعية اإلحتاد العاملي للمحترفني ‪,2001‬‬ ‫‪2003 ,2002‬‬ ‫> الشخصية القومية في فرنسا ‪1998‬‬ ‫> ثاني الترتيب في أكثر الشخصيات تأثيرا في فرنسا‬


‫‪98‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬

‫على سطح األرض‬

‫الثقافي والسياسي‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫القرابة بني الثقافي والسياسي‪ ،‬احلرب بينهما أيضاً‪ ،‬لها تاريخ‬ ‫طويل‪ ..‬رمبا هي التاريخ نفسه‪ ،‬أعني ذلك اجل��دل املتصل بني‬ ‫احللم والواقع‪ ،‬بني القابلية والضرورة‪ ،‬وبني املشاركة واالستئثار‪..‬‬ ‫إذا أخذنا الفارابي مثاالً‪ ،‬لكونه أحد أهم مثقفي العرب ونظرنا في‬ ‫جتربته‪ ،‬سوف نؤخذ لطبيعة املفارقة التي عاشها‪ ،‬هذه املفارقة‬ ‫تتك ّرر اليوم في صيغة حديثة‪ ،‬ولكن جوهرها ظ ّل واحداً ألن ما‬ ‫تنبني عليه من عناصر ظ ّل كما هو دون أن يتغير‪.‬‬ ‫ك��ان الفارابي مثقفاً ذا نظرية سياسية‪ ،‬ألّ��ف كتاب «السياسة‬ ‫املدن ّية» و»آراء أهل املدينة الفاضلة» لكن هذه النظرية لم تتحول‬ ‫إلى أيديولوجيا‪ ،‬ألن هذا احلقل كان احتكاراً للفكر اإلسالمي‪ ،‬أو‬ ‫أطيافه كالفكر االعتزالي – مث ً‬ ‫ال – الذي حت ّول إلى أيديولوجيا‬ ‫منظراً‬ ‫قمع ّية عندما تبنّته السلطة‪ ..‬لكن بقدر ما كان الفارابي ّ‬ ‫بقدر ما كان ابن خلدون عملياً‪ ..‬أعني أن الفرق بني مشروعيهما‬ ‫كان فرقاً بني فهم كل منهما لسوس اجلموع وتأسيس اجلمهوريات‪،‬‬ ‫ك��ان ف��رق�اً ب�ين ال ��درس النظري الفلسفي وب�ين ال ��درس العملي‬ ‫البرغماتي في العلوم السياسية‪ .‬لألسف لم ّ‬ ‫يوظف العرب أفكار‬ ‫مثل هؤالء الر ّواد‪ ،‬وجلأوا (كما في حقول أخرى) إلى نقل التجارب‬ ‫الغربية التي حاولوا إعادة توليدها ثم اكتشفوا أن حملها كاذب‪.‬‬ ‫الفارابي يتحدث عن «مدينة األحرار» أو «مدينة اجلماع ّية» هذه‬ ‫التسمية جذر ّية جداً عندما تصدر عنه‪ ،‬إنه يتح ّدث عن مجتمع‬ ‫ح ّر أولى خصائصه أن «أهله متساوون» يقول‪« :‬تكون سنّتهم أن‬ ‫ال‪ ،‬ويكون أهلها أحراراً‬ ‫ال فضل إلنسان على إنسان في شيء أص ً‬ ‫يعملون ما شاؤا‪ ،‬وال يكون ألحد على أحد منهم وال من غيرهم‬ ‫سلطان إال أن يعمل ما ت��زول به حر ّيتهم»‪ ،‬وأق��دم صيغة عربية‬ ‫للدميقراطية هي ما يقوله عن ه��ذه املدينة اجلماعية‪ ،‬مدينة‬ ‫األحرار‪« :‬يكون من يرأسهم إمنا يرأسهم بإرادة املرؤوسني‪ ،‬ويكون‬ ‫رؤساؤهم على هوى امل��رؤوس�ين‪ ،‬وإذا استُقصي أمرهم لم يكن‬ ‫فيهم في احلقيقة ال رئيس وال مرؤوس»‪ .‬وفي كلمة حاسمة يقول‪:‬‬ ‫«ليس هناك أحد أولى بالرئاسة من أح��د»‪ .‬هذا ليس حلماً من‬ ‫مثقف عربي بالتعددية الليبرالية‪ ،‬بل رؤية لها أصالتها في ثقافتنا‬ ‫منذ أن كان العالم هو الشرق دون غيره‪ ،‬منذ أن لم يكن الغرب‬ ‫سوى جغرافيا قص ّية غير إنسانية بعد‪ ،‬أتعرف أن الفارابي وصف‬ ‫األوروبيني الذين يسكنون أقاصي الشمال بـ»البهائم اإلنسية» ألنه‬ ‫لم ير فيهم ما يؤهلهم لبلوغ مرتبة اإلنسان الكامل‪ ،‬وأوصى بأال‬ ‫نُعاملهم إال كما نعامل «احليوانات الضارة»‪.‬‬ ‫>>>‬ ‫تخ ّيلوا معي أن الفارابي ال��ذي أل��ف كتابه في السياسة املدنية‬ ‫عام ‪940‬م تقريباً أصبح حاكماً‪ .‬إنهمامه بالتنظير للدولة وسوس‬

‫اجلموع يخفي رغبة جامحة في السلطة‪ ..‬نعرف أن��ه جنا من‬ ‫تهمة الزندقة وجنت كتبه من احلرق مبعجزة اجترحها هو ولم‬ ‫تأت مصادفة‪ ،‬لقد واجه السلطة باستيعاب أنانيتها وامتصاص‬ ‫عنفها‪ ..‬أعتقد أن حت ّول الفارابي إلى رئيس جلمهوريته الفاضلة‬ ‫ك ��ان سيتكشف ع��ن أح ��د اح �ت �م��ال�ين‪ :‬األول أن ي �ع �زّز نظريته‬ ‫الدميقراطية بتقدمي مثالها الواقعي‪ ،‬أي أن يقيم مدينة األحرار‪،‬‬ ‫دول��ة اجلموع‪ ،‬التي ّ‬ ‫بشر بها‪ ،‬أما االحتمال الثاني فهو أن يرث‬ ‫عاهات احلكم‪ ..‬وأن تغلب عليه شهوة السلطة كأي ديكتاتور‪ ،‬رمبا‬ ‫أعتى من بقية املستب ّدين ألنه كان يدرك ماذا يعني أن تكون املدينة‬ ‫فاسد ًة وأن يكون رأسها فاسقاً‪ ،‬ثم ألنه كان األدرى باملثالب التي‬ ‫تؤخذ على احلكومة‪ ،‬فإنه سيبادر إلى قمع الناقدين واملعارضني‬ ‫بطرق ال يستطيع غيره تخ ّيلها‪.‬‬ ‫مثقف اليوم‪ ،‬أعني املثقف احلقيقي‪ ،‬ال حامل الوعي الزائف‪،‬‬ ‫متوحد ابن باجة‪ ،‬عليه أن يقبل املواجهة‪ ،‬كما عليه أن‬ ‫أقرب إلى‬ ‫ّ‬ ‫يعترف بحدود عمله ومحدوديته‪ ،‬عليه أن ينجز جزءا من مشروع‬ ‫احلرية في العالم بأسلوبه وطريقته‪ ،‬بانحيازه وال حياديته‪ ،‬بتبنيه‬ ‫ثقافة إنسانية ترى إلى هذه القضية كك ّل متصل األجزاء‪ ،‬وترى‬ ‫إلى عمل املثقف كجزئية ضمن هذا الكل‪ ،‬أعني كجزئية ال معنى‬ ‫لها خارج محيطها االجتماعي‪.‬‬ ‫لكن مثل هذا االختيار ليس أبدياً‪ ،‬ليس النضال‪ ،‬وليست املجاهدة‬ ‫قدراً أبد ّياً‪ ،‬إذا حتققت تلك اللحظة‪ ،‬إذا انتصرت احلرية‪ ،‬سوف‬ ‫تصبح الثقافة محض ترف‪ ،‬هذا ما ذهب إليه ابن باجة في «تدبير‬ ‫املتوحد» عندما قال‪« :‬متى كانت املدينة كاملة تسقط منفعة هذا‬ ‫ّ‬ ‫ال �ق��ول»‪ .‬وأن��ا م��ن ال��ذي��ن يعتقدون أن كمال املدينة س��وف ينقل‬ ‫الثقافة اإلنسانية إل��ى مستوى جديد‪ ،‬ال يعود فيه الهدف‪ ،‬أو‬ ‫املنفعة بتعبير ابن باجة‪ ،‬مقتصراً على إجناز األفضل في الواقع‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ثمة آفاق أخرى رمبا يعتبر التفكير فيها اآلن ضرباً‬ ‫من اخليال‪.‬‬ ‫لقد ش ّكلت جتارب عظيمة في التاريخ العربي (الفارابي‪ ،‬خلدون‪،‬‬ ‫باجة‪ )... ،‬مالمح وفضاء العمل وممكناته لكل من يريد أن ينه ّم‬ ‫ببلوغ الكمال املدني‪ ،‬وبعبارة أخرى بكل من يسعى من املثقفني‬ ‫إلى إجناز حكومة «نق ّية»‪ ..‬تاريخنا العربي قفز على هذه التجارب‬ ‫الفكرية‪ ،‬ومثلما هو تاريخ احلكم في العالم‪ ،‬فإنه يفتقر اآلن إلى‬ ‫ّ‬ ‫يتكشف سوى عن أمثلة‬ ‫أي نوع من هذا النقاء‪ ،‬تاريخ السلطة ال‬ ‫لالستبداد واالحتكار والظلم‪ ،‬وجميع العاهات املستدمية األخرى‪.‬‬ ‫بكلمة واحدة‪ ،‬املثقف العربي هو ُر ّبان سفينة النجاة‪ ،‬لكنه إذا ما‬ ‫وصل بسفينته إلى اليابسة فعليه أن يترك اآلخرين‪ ،‬أي الراحلون‬ ‫ّ‬ ‫يتوطنون‪.‬‬ ‫معه على هذه السفينة‪ ،‬يقررون أية جهة من الشاطئ‬


‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب «سؤال الكيان»‬

‫تأليف‪ :‬د‪.‬عبد المنعم المحجوب‬

‫‪5‬‬

‫‪10‬‬


‫‪100‬‬

‫األحد‬ ‫‪ 12‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫العدد العاشر‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.