مجلة المستقل-العدد السابع عشر

Page 1

‫مالحقة مجرمي الحرب‬ ‫وتصفية جيوب اإلرهاب‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد السابع عشر ‪ -‬األحد ‪ 31‬مايو ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫صنّ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع األزمة في ليبيا‬

‫القصائد السياسية متوت بانتهاء آخر حرف فيها‬ ‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫ت‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫ألغـام‬ ‫ما بعد الحرب!!‬


‫‪02‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬


‫‪03‬‬

‫‪‎‬داعشيات‬

‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪17‬‬

‫في هذا العدد‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪28‬‬

‫ألغام ما بعد الحرب!!‬

‫في مقالته األسبوعية يوجه األستاذ حسن طاطاناكي‬ ‫سؤا ً‬ ‫ال لليبيني جميع ًا يتعلّق بعودة اجلنود الشباب إلى‬ ‫ديارهم عندما يكونون مضطرين إلى بدء حياتهم من‬ ‫الصفر‪ ..‬ماذا ميكن أن يحدث آنذاك؟‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫مازال املشهد الليبي بتفاعالته السياسية والقانونية‬ ‫والعسكريةيستقطباهتمامالصحافةالعربية‬ ‫والعاملية‪ ..‬في هذا العدد نطالع مقالة هامة نشرتها اليوم‬ ‫السابع املصرية حول مؤسسة العدالة أوال‪ ،‬ونقرأ تقارير‬ ‫ملفتة عن داعش في ليبيا‪.‬‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫طارق مصباح علي‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬ ‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫حكايات من زمن فبراير‬

‫يواصل الكاتب مختار اجلدال سرد سيرة فبراير‬ ‫مستعرضا في احللقة الثانية تفاعالت املشهد احلربي‪،‬‬ ‫ووصول الثوار إلى طرابلس التي يضع أمام حتريرها‬ ‫ثالثة أسئلة هامة‪.‬‬

‫صنّاع األزمة في ليبيا‬

‫يرى الكاتب عبد الواحد حركات أن الصراع في‬ ‫ليبيا لم يحدث بغتة‪ ،‬وإمنا كان مخطط ًا له من‬ ‫قبل اإلخوان الذين حاولوا منذ البداية السيطرة‬ ‫على السلطتني‪ :‬التشريعية والتنفيذية معتبرا‬ ‫أن منوذجهم على الصالبي يجسد أفظع مناذج‬ ‫امليكافيللية املخبوءة في منهج اجلماعة‪.‬‬

‫ليبيا وأسماء المرقش‬

‫ما املشترك بني عالقة الشاعر املرقش األكبر‬ ‫مبحبوبته أسماء‪ ،‬وعالقة الليبيني بليبيا‪ ..‬سؤال‬ ‫يضع له الكاتب الصديق بودوارة إجابة صادمة ال‬ ‫تخلو من لغته الساخرة املشحونة باإلسقاطات‬ ‫السياسية‪.‬‬

‫عندما أطعم اليمنيون الدبابة!‬

‫في احللقة السادسة من جتربته الشخصية في‬ ‫حرب اليمن ينقل لنا الكاتب براء اخلطيب موقفا‬ ‫طريفا‪ ،‬وموقفا أخر سعيدا مرا به في موقع‬ ‫كتيبته بجبل التيتمان ‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب‪ .‬هاتف‪ - 0925242135 – 0925783941 :‬مكتب القاهرة ‪ -‬مساكن شيراتون‪،‬‬ ‫مربع ‪ ،1177‬عمارة ‪ ،3‬مقابل األكادميية العربية للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬هاتف‪ - 0222679219 :‬مكتب طرابلس‪ :‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة‬ ‫اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬هاتف‪ - 21902022 :‬مكتب املغرب‪ 69 :‬شارع الوحدة االفريقية‪ ،‬هاتف‪662869513 :‬‬


‫‪32‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪80‬‬

‫ماذا وراء األكمة؟!‬

‫قطبية العالم األحادية والثنائية‪ ،‬وغيرها‬ ‫من «مشاريع األقطاب»‪ ،‬ليست نتاج ًا للهيمنة‬ ‫العسكرية بل هي اجتماع عدة مقومات تتيح‬ ‫لدولة – قطب ما أن يرفع صوته عالي ًا على في‬ ‫كل مكان‪ ..‬األستاذ خالد احلراري يحلّل هذه‬ ‫املقومات‪.‬‬

‫ملء الفراغ‬ ‫دفاعاتُ الهويّة‪ ..‬وحربُ ِ‬

‫التنميط الثقافي هو أحد أشد أشكال العوملة الثقافية‬ ‫التي ال تعني احلوار والتالقح بني الثقافات واحلضارات‬ ‫املختلفة‪ ،‬بل هي هجوم كاسح واحد ال يدع مجاال‬ ‫لالختيار بني الصالح والطالح الدكتور محمد الساعدي‬ ‫يرصد موقف «أمنا إفريقيا» في هذا اخلضم‪.‬‬

‫نوارس النفايات‬

‫يتقسط منها‬ ‫الكاتب محمد العمامي يعود إلى ذاكرة صيفية‬ ‫ّ‬ ‫مواقف وأحداث عاصرها الراحل خليفة الفاخري‪ ،‬عندما كان‬ ‫ينسحب من بني أصدقائه‪ ،‬ليكتب نصوصه الرائعة‪.‬‬

‫القصائد السياسية تموت بانتهاء آخر‬ ‫حرف فيها‬ ‫حوار في مدينة احلوامد باجلبل الغربي مع‬ ‫الشاعر والباحث ضو علي ربيع حول ذاكرة ليبيا‬ ‫التاريخية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وحديث‬ ‫حول وشائج التاريخ العربي االجتماعي في الوطن‬ ‫العربي ‪.‬‬

‫القرضاب‪ :‬اللحن خط أحمر‬

‫يتوقف ا ُملوسيقي عبدالسالم القرضاب في حواره‬ ‫مع املستقل عند أهم احملطات في جتاربه مع‬ ‫العزف والتلحني‪ ،‬وال ينسى التنويه عن اجلائزة‬ ‫الكبيرة التي سرقت منه‪.‬‬

‫المدينة العذراء‬

‫تسافر املستقل هذا العدد إلى مدينة الزنتان التي‬ ‫لنتعرف على إحدى مدن‬ ‫تسمى باملدينة العذراء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلبل الغربي التي تعتبر ثاني جتمع حضري من‬ ‫حيث الكثافة السكانية بعد مدينة غريان وتاريخها‬ ‫العريق‪.‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫اجلزء الثاني من «مدينة‬ ‫النحاس»‪ ..‬تلك احلكاية التي‬ ‫ّ‬ ‫تلخص رؤية الشرق للغرب‪ ..‬صورة‬ ‫سبقت زمنها بأكثر مما فعل أي‬ ‫تصور آخر للمدن املفقودة‪.‬‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 5 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫الشباب‪ ..‬مشكلة التوطين وضرورات التنمية‬

‫ألغام ما بعد الحرب!!‬ ‫عندما يعود اجلندي الشاب إلى مسقط رأسه ليبحث عن أسرته‬ ‫وأبيه وأم��ه وأخوته‪ ..‬قد يتفاجأ بأن بيته مهجور‪ ،‬وأن أسرته‬ ‫نزحت إلى مكان آخر‪ ..‬وقد يجد بيته مه ّدماً‪ ..‬وسوف يكون بال‬ ‫دخل يعينه على بدء حياته من جديد‪ ..‬إلى آخر هذه االحتماالت‪،‬‬ ‫وسيكون على ذلك اجلندي الشاب في كل األحوال أن يعيد بناء‬ ‫حياته من الصفر‪.‬‬ ‫الشعب الليبي طلب من شبابه أن يصبحوا جنوداً‪ ،‬وأن يخوضوا‬ ‫حرباً ضروساً ضد اإلرهاب‪ ،‬فالتحقوا بصفوف اجليش وقاموا‬ ‫وطني مق ّدس لكي يحموا األسر‬ ‫– وم��ا زال��وا يقومون – ب��دور‬ ‫ّ‬ ‫والعائالت الليبية‪ ،‬ولكي ينقذوا بالدهم من براثن اإلرهابيني‬ ‫الذين عاثوا في األرض فساداً‪.‬‬ ‫ولقيامهم بهذه املهام القتالية ف��إن اجلميع يقفون أمامهم بكل‬ ‫ملحة ال بد من التفكير فيها‬ ‫إج�لال وإكبار‪ ،‬ولكننا أم��ام أسئلة ّ‬ ‫والبحث عن إجابات واقع ّية ومجدية لها‪:‬‬ ‫> ماذا أعددنا للشباب في مرحلة ما بعد احلرب؟‬ ‫املهدمة ووجدوا أمامهم الفراغ واخلراب‪..‬‬ ‫> إذا عادوا إلى بيوتهم ّ‬ ‫ماذا سيحدث آنذاك؟‬ ‫> كيف نعالج األضرار املادية والنفسية قدر اإلمكان؟‬ ‫> كيف جنعل من شبابنا بعد هذه احلرب ركناً أساسياً في إعادة‬ ‫البناء وتنمية البالد؟‬ ‫ه��ذه األسئلة – وغيرها – تن ّبه اجلميع إل��ى ض��رورة التفكير‬ ‫استباقياً وعلى مدى بعيد في مستقبل أبناء ليبيا وم��دى قدرة‬ ‫الدولة على استيعابهم واحتضانهم بعد التجارب املريرة التي م ّروا‬

‫بها نياب ًة عن الشعب بأسره‪.‬‬ ‫إن ما أخشاه في واقع األمر هو أن يتم إهمال التفكير في هذه‬ ‫القضية‪ ،‬وأن نتركها للمستجدات دون إع��داد مسبق‪ ،‬فتتحول‬ ‫بذلك من مج ّرد احتمال إلى كارثة حقيقية‪.‬‬ ‫ما لم يتم االستعداد لهذه املرحلة – مرحلة ما بعد احلرب – فإننا‬ ‫قد جند أن األوان قد فات للتفكير في هذه القضية ومعاجلتها‪،‬‬ ‫فماذا سيحدث آنذاك؟‬ ‫س��وف ي�ت�ك��رر ال�س�ي�ن��اري��و ال�س��اب��ق وس ��وف ي�ت��م اس�ت�ن�س��اخ حالة‬ ‫املليشيات مجدداً‪ ،‬فأولئك الشباب الذين يقاتلون اآلن مع اجليش‬ ‫ضد اجلماعات اإلرهابية‪ ..‬يعودون وه��م مسلّحون دون عمل‪،‬‬ ‫دون برنامج مح ّدد الستيعابهم‪ ،‬ودون أن يجدوا من يحتضنهم‬ ‫ويسعى من أجل تأمني مستقبلهم وتعويضهم – معنوياً ومادياً –‬ ‫عن سنوات من املعاناة وبذل اجلهد في سبيل القضية الوطنية‪،‬‬ ‫وعند ذل��ك س��وف يواجه اجلميع كارثة أخ��رى إذا لم يتم وضع‬ ‫برنامج متكامل المتصاص اآلثار السلبية ملرحلة ما بعد احلرب‬ ‫التي حتيط بهؤالء الشباب‪.‬‬ ‫من هذا اجلانب نقول أن احلل الوحيد لتدارك املرحلة املقبلة‬ ‫هي ضرورة إشراك هؤالء الشباب في برنامج التنمية والبناء منذ‬ ‫البداية‪ ،‬أي علينا التفكير في أن املسار الصحيح الذي يستوعب‬ ‫هذه املشاكل املؤجلة هو املسار الذي تتزامن فيه معركة البناء مع‬ ‫معركة القضاء على اإلره��اب‪ ،‬وعلى احلكومة املؤقتة‪ ،‬بإشراف‬ ‫مباشر من مجلس ال�ن��واب‪ ،‬أن تبدأ منذ اآلن في وض��ع خطط‬ ‫تكاملية جتمع بني اجل��دوى االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أي بني‬


‫إعادة البناء واستيعاب جميع الشباب الليبيني الذين شتتهم األزمة‬ ‫بني مقاتل في صفوف اجليش وبني نازح وشريد‪.‬‬ ‫بهذه الطريقة االستباقية يكون الليبيون قد ضمنوا عودة أبنائهم‬ ‫واحتضانهم اجتماعياً ووظيفياً‪ ،‬وضمنوا إنقاذهم من أن يكونوا‬ ‫عال ًة على مجتمعهم أو سبباً في إشكالية جديدة قد تؤدي إلى ما‬ ‫ال حتمد عقباه‪.‬‬ ‫في األحياء احملررة في جميع املدن الليبية ينبغي أن تبدأ عملية‬ ‫البناء حتى يحس كل مواطن بأن هناك دولة ال تقف على األطالل‬ ‫بعد أن أصابها اخلراب والدمار جراء املعارك واحلروب املتتالية‪،‬‬ ‫بل دول��ة تسعى الستعادة عافية ال��وط��ن‪ ،‬وتنهض به من جديد‬ ‫بسواعد أبنائه وه ّمتهم وتوجيههم إيجابياً ليكونوا هم أول من‬ ‫يساهم في بناء الوطن بعد أن تولوا مهمة حمايته والدفاع عنه‬ ‫وتطهيره من اإلرهاب‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذه األح�ي��اء احمل��ررة سيكون من ال�ض��روري ترميم وإع��ادة‬ ‫مراكز الشرطة إلى عملها‪ ،‬فمراكز الشرطة في املدن هي األداة‬ ‫التي حتمي احمليط احمللي للحي أو املدينة‪ ،‬مثلما أن اجليش هو‬ ‫األداة التي حتمي احمليط الوطني للبالد بأكملها‪.‬‬ ‫أما األحياء التي تقع خارج إطار املدن الليبية فال ننسى أن الدور‬ ‫األول يقع على عاتق القبيلة‪ ،‬فالقبيلة حاضنة اجتماعية تستطيع أن‬ ‫حتمي أبناءها وأن توفر لهم الوقاية من االستقطاب والتغرير الذي‬ ‫متارسه جماعات املتطرفني واإلرهابيني التي تس ّربت إلى عمق‬ ‫املجتمع الليبي في ظل ما شهده من فراغ سياسي وما عاناه من‬ ‫أزمات قاتلة‪ .‬ال فرق في ذلك بني استقطاب الشباب وصغار السن‬

‫للجرمية واخلروج عن القانون‪ ،‬وبني استقطابهم للتطرف واإلرهاب‪.‬‬ ‫إذن‪ ..‬مثلما يواصل الشعب الليبي اآلن السير قدماً لكي يرتّب‬ ‫ش��ؤون��ه ال��داخ�ل�ي��ة وه��و ي �خ��وض ح��رب��ه األخ �ي��رة ض��د اإلره ��اب‬ ‫وال�ت�ط� ّرف املقيت ويط ّهر ب�لاده م��ن فلول املرتزقة ووأص�ح��اب‬ ‫العقيدة الفاسدة‪ ،‬فإنه يستطيع كذلك تأمني مستقبل أبنائه الذين‬ ‫سيخرجون منتصرين في هذه احلرب وذلك باحلفاظ عليهم من‬ ‫الوقوع في فخّ الفراغ أو الشعور بإنكار اجلميل‪ ،‬وحتصينهم من‬ ‫اآلثار السلبية ملرحلة ما بعد احلرب‪.‬‬ ‫أوجه هذه الكلمات إلى اجلميع‪ ..‬مواطنني وساسة‪،‬‬ ‫لقد أردت أن ّ‬ ‫لكي ي�ت��دارك��وا املرحلة ال�ق��ادم��ة بشكل استباقي يتض ّمن رؤي��ة‬ ‫َّ‬ ‫ومخطط لها بعناية وحكمة وحرص على‬ ‫استراتيجية مدروس ًة‬ ‫املصلحة العامة لليبيا وشعبها وأبنائها‪.‬‬ ‫بهذا الشكل يستطيع الليبيون أن يواصلوا حترير أنفسهم‪ ،‬وحترير‬ ‫بالدهم‪ ،‬وضمان مستقبل شبابهم‪ ..‬ال سبيل آخر للحفاظ على‬ ‫ذلك بدون التفكير في املستقبل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يخططوا ملا بعدها‪ ،‬أرادوا‬ ‫لقد قام الليبيون بالثورة ولكنهم لم‬ ‫احلرية دون أن يسألوا أنفسهم سؤاالً رئيسياً‪ :‬وماذا بعد؟‬ ‫ها أنتم اآلن أح��رار‪ ،‬ولكن املعارك تتوالى على ليبيا‪ ،‬واملرتزقة‬ ‫الوافدون عليكم بأفكار وعناصر وتنظيمات من اخل��ارج قاموا‬ ‫بالتغرير بأبنائكم‪ ،‬تدعمهم دول مثل قطر وتركيا لتحقيق مآربها‬ ‫اخلاصة في شمال إفريقيا‪ ،‬قطر تطمع في استغالل موقعكم‬ ‫االستراتيجي وثرواتكم الطائلة‪ ،‬وتركيا حتلم أن تستعيد أمجاد‬ ‫اإلمبراطورية العثمانية الغازية‪ ..‬فانظروا ما أنتم فاعلون!!!‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫مؤسسة العدالة أو ً‬ ‫ال‪:‬‬

‫مالحقة مجرمي الحرب وتصفيـــــــــ‬ ‫في عموده اإلسبوعي بجريدة اليوم السابع املصرية نشر‬ ‫الكاتب الكبير براء اخلطيب مقاال حتدث فيه عن مؤسسة‬ ‫العدالة أوال‪ ،‬وأهمية اإلعالن عنها في هذا التوقيت الذي‬ ‫بات فيه اإلره��اب يكاد يخنق ليبيا‪ ،‬ناقال بإمانة وإيجاز‬ ‫غير مخل تلك التصريحات الهامة التي رافقت تدشني هذه‬ ‫املؤسسة القانونية على أرض احملروسة مصر‪.‬‬ ‫ألهمية املقال نعيد نشره كامال على صفحات املستقل ‪:‬‬ ‫براء اخلطيب ـ اليوم السابع‪:‬‬ ‫على أرض احملروسة وقفت األغلبية املعتبرة من شيوخ القبائل الليبية‬ ‫واألعيان وأعضاء مجلس النواب واحملامني والنشطاء احلقوقيني‬ ‫ليعلنوا أن اإلخوان املسلمني لن ميروا للحكم على أجساد الليبيني‪،‬‬ ‫ومن على شاطئ النيل فى عاصمة احملروسة أعلن شيوخ القبائل‬ ‫الليبية احل��رب القانونية على أجنحة «فجر ليبيا» اإلرهابية من‬ ‫«داع��ش» و«أن�ص��ار الشريعة» و«غرفة عمليات ث��وار ‪ 17‬فبراير»‪،‬‬ ‫وج��اء مع شيوخ القبائل الليبية «لويس مورينيو أوكامبو» رئيس‬ ‫محكمة اجلنايات الدولية السابق‪ ،‬ووزي��ر العدل الليبى «املبروك‬ ‫قريرة» ليعقدوا مؤمترا صحفيا حاشدا حتت راية مؤسسة «العدالة‬ ‫أوال» الليبية التى أسسها ويرأسها املثقف الليبى «حسن طاطاناكى»‬ ‫رئيس مجلس إدارة مجلة «املستقل» الليبية التى تصدر من مصر‬ ‫مبستواها الراقى الذي تعجز كل وزارات الثقافة فى الوطن العربى‬ ‫عن إصدار مجلة ثقافية سياسية تضاهيها فى املستوى‪ ،‬إنها أرض‬ ‫احملروسة التى حتتضن العرب وكل مقاومى اإلره��اب على أرض‬ ‫العرب‪ ،‬كما يقول «حسن طاطاناكى» الذى يحمل فى وجدانه عشقا‬ ‫حقيقيا ملصر ولشعب مصر‪ ،‬وقال لى شخصيا إنه لم يكن من املمكن‬ ‫أن يعلن عن قيام مؤسسة «العدالة أوال» إال من على شاطئ نيل‬ ‫مصر‪ ،‬وهو الذى دعا رئيس محكمة اجلنايات الدولية السابق بغرض‬ ‫التعاون معه فى ملف مكافحة اإلره��اب‪ ،‬ولم يخيب «أوكامبو» ظن‬ ‫«طاطاناكى» فيصرح لوسائل اإلعالم املصرية والعاملية التى حضرت‬ ‫فى بهو الفندق بأنه س��وف يضع كل خبراته حتت تصرف أبناء‬ ‫الشعب الليبى‪ ،‬وسوف يعمل على تبصيرهم بكيفية املطالبة القانونية‬ ‫بحقوقهم من مرتكبى جرائم احلرب‪ ،‬ومن املتهمني فى قضايا القتل‬ ‫والتعذيب واختطاف الصحفيني الليبيني‪ ،‬بعد أن أكد له مشايخ‬

‫محاسبة مجرمي احلرب واإلرهابيني مطلب شعبي‬

‫القبائل الليبية حرصهم على احملاسبة القانونية العادلة للتنظيمات‬ ‫اإلرهابية بداية من «داعش» و«القاعدة» إلى «فجر ليبيا» و«أنصار‬ ‫الشريعة»‪ ،‬فأكد لهم «أوكامبو» أنه سيتعاون مع مؤسسة «العدالة‬ ‫أوال» ومع وزارة العدل الليبية والنائب العام الليبى واضعا خبرته فى‬ ‫جمع القرائن واألدلة وفحص الوثائق حتت تصرف اجلهاز القضائى‬ ‫الليبى‪ ،‬حتى تتمكن ليبيا من محاسبة اإلرهابيني على جرائمهم ضد‬ ‫الشعب الليبى‪ ،‬ال سيما وأن «أوكامبو» يرأس مكتب محاماة شهير فى‬ ‫«نيويورك» ويقوم بعمل األبحاث القانونية بجامعة هارفارد األمريكية‪،‬‬ ‫وفى نفس توقيت مؤمتر «العدالة أوال» كان جتمع ليبى آخر فى مقر‬ ‫«احتاد الصحفيني العرب» على أرض مصر مبناسبة اليوم العاملى‬ ‫حلرية الصحافة‪ ،‬حيث عقدت مجموعة معتبرة من الصحفيني‬

‫أوكامبو‬


‫ـــــــــة جيوب اإلرهاب‬ ‫حسن طاطاناكي‬

‫الكاتب ينوه بإعالن الغالبية املعتبرة‬ ‫من شيوخ القبائل احلرب القانونية على‬ ‫أجنحة اإلرهاب في ليبيا حتت مظلة‬ ‫مؤسسة العدالة أوال‬ ‫شيوخ القبائل ينحازون للعدالة‬

‫الليبيني خ��ارج ليبيا اجتماعا تأسيسيا الحت��اد الصحفيني‬ ‫الليبيني باخلارج من أجل ضمان حق التعبير‪ ،‬ورفع الظلم ووقف‬ ‫االغتياالت والتعذيب واالنتهاكات التى تشهدها ليبيا والتى طالت‬ ‫عددا من الصحفيني واإلعالميني‪ ،‬ومت انتخاب الكاتب الصحفى‬ ‫الليبى الكبير «محمود البوسيفى» رئيسا لالحتاد‪ ،‬وهو واحد‬ ‫من العرب عشاق مصر احلقيقيني‪ ،‬وقد لفت نظر‬ ‫اجلميع فى كلمته إلى أن فكرة تأسيس «احتاد‬ ‫الصحفيني الليبيني فى اخلارج» ولدت منذ‬ ‫عدة أشهر‪ ،‬حيث جرى العمل على إنشاء‬ ‫ه ��ذا ال�ك�ي��ان الصحفى كجسم واح��د‬ ‫يجمع كل الصحفيني املقيمني خارج‬ ‫ليبيا‪ ،‬سواء من كانوا فى البالد العربية‬ ‫أو األوروب �ي��ة أو فى أى بلد من بالد‬ ‫العالم وإع��ادة االعتبار لتصنيف كلمة‬ ‫«الصحفى» أو «اإلعالمى» التى يطلقها‬ ‫الكثيرون على أنفسهم وهم ليسوا كذلك‪،‬‬ ‫ووضح «البوسيفى» أهمية وجود مثل هذا‬ ‫الكيان للدفاع عن الصحفيني والنظر إلى‬ ‫احتياجاتهم ومتثيلهم فى كل املؤمترات واحملافل‬ ‫الدولية واإلقليمية‪ ،‬وإص ��دار بطاقات صحفية لهم‬ ‫تثبت هويتهم كصحفيني‪ ،‬باإلضافة إلى أن هذا االحتاد سوف‬ ‫يعمل على توثيق كل اجلرائم واالنتهاكات التى حتدث فى حق‬ ‫الصحفيني واإلعالميني‪ ..‬إنها مصر التى تلملم شظايا األشقاء‬ ‫العرب من عشاقها‪.‬‬

‫إشادة مبستوى مجلة املستقل ‪ ..‬والكاتب‬ ‫يرى أن وزارات الثقافة في الوطن العربي‬ ‫عجزت عن إصدار مجلة سياسية ثقافية‬ ‫تضاهيها في املستوى‬ ‫لم يخيب أوكامبو ظن طاطاناكي فيصرح‬ ‫لوسائل اإلعالم املصرية والعاملية التي حضرت‬ ‫في بهو الفندق بأنه سوف يضع كل خبراته‬ ‫القانونية حتت تصرف الشعب الليبي‬ ‫مشائخ القبائل الليبية يؤكدون ألوكامبو‬ ‫حرصهم على احملاسبة القانونية العادلة‬ ‫للتنظيمات اإلرهابية بداية من داعش‬ ‫والقاعدة إلى فجر ليبيا‬ ‫حسن طاطاناكي يقول لى شخصيا إنه لم‬ ‫يكن من املمكن أن يعلن عن قيام مؤسسة‬ ‫«العدالة أوال» إال من على شاطئ نيل مصر‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫إتحاد الصحفيين العرب يطالب‬ ‫بإطالق سراح التليسي وزمالئه الصحفيين‬ ‫وكاالت‪:‬‬ ‫دع��ا اإلحت��اد العام للصحفيني العرب إل��ى إط�لاق سراح‬ ‫نقيب الصحفيني الليبيني السابق ورئيس اإلحتاد سابقا‬ ‫عاشور التليسي فورا وتوفير املناخ املالئم لرعايته صحيا‬ ‫بعد ورود إف��ادات مؤكدة لألمانة العامة لإلحتاد عن‬ ‫تعرض التليسي ملشاكل صحية داخل املعتقل‪ ،‬كما دعا‬ ‫اإلحت��اد إل��ى إط�لاق س��راح الكاتبة الصحفية فوزية‬ ‫شالبي والصحفي إمحمد دنقو واملدون معز بانون‪.‬‬ ‫وجاء في البيان الذي أصدره اإلحتاد بتاريخ ‪5 / 19‬‬ ‫‪ 2015‬وحتصلت املستقل على نسخة منه ما يلي‬ ‫‪ :‬تتابع األمانة العامة لالحتاد العام للصحفيني‬ ‫العرب بقلق عميق تردي احلالة الصحية لالستاذ‬ ‫ع��اش��ور التليسي نقيب الصحفيني الليبيني‬ ‫السابق ورئيس االحتاد سابقا املعتقل منذ ‪21‬‬ ‫‪ 2015 / 3 /‬بواسطة جماعة مسلحة في‬ ‫منطقة (العامرية) غرب طرابلس‬ ‫وتلقت األمانة العامة إف��ادات تؤكد تعرض‬ ‫ال �س �ت��اذ التليسي مل�ش��اك��ل ص�ح�ي��ة داخ��ل‬ ‫املعتقل‪ ،‬مبا يشكل خطراً على حياته‪.‬‬ ‫تدعو األمانة العامة إل��ى إط�لاق سراح‬ ‫ال��زم �ي��ل ف� ��وراً وت��وف �ي��ر امل��ن��اخ امل�لائ��م‬ ‫ل��رع��اي�ت��ه ص�ح�ي�اً‪ ،‬ك�م��ا ت��دع��و األم��ان��ة‬ ‫العامة ـ وهي تتابع األوضاع املأساوية‬ ‫في ليبيا واالنعكاس السلبي لها على‬ ‫أوض��اع الصحفيني وحرية التعبير‬ ‫ـ إلط�لاق س��راح األس�ت��اذة الكاتبة‬ ‫الصحفية فوزية شالبي واألستاذ‬ ‫إمحمد دنقو واملد ّون معز بانون‬ ‫ال��ذي��ن يقبعون ف��ي املعتقالت‬ ‫دون جريرة أو محاكمة عادلة‬ ‫وت� �ش� �ي ��ر األم�� ��ان�� ��ة ال� �ع ��ام ��ة‬ ‫ل�ل�إحت ��اد ف ��ي ه� ��ذا ال �ش��أن‬ ‫للبيان املشترك بني اإلحتاد‬ ‫العام للصحفيني العرب واإلحت��اد الدولي‬ ‫للصحفيني ال�ص��ادر في ‪ 2015 / 4 / 16‬وللخطاب‬ ‫املشترك الذي ّ‬ ‫مت توجيهه للمشاركني في حوار الصخيرات والدعوة‬ ‫إلط�ل�اق س��راح ع��اش��ور التليسي وجميع ال��زم�لاء الصحفيني الليبيني املعتقلني‬ ‫واملختطفني‪.‬‬ ‫ويدعو اإلحتاد العام للصحفيني العرب كافة منظمات حقوق اإلنسان واملنظمات اإلعالمية‬ ‫الدولية إلى الضغط على السلطات الليبية لسرعة إطالق سراح كافة الصحفيني الليبيني‬ ‫املعتقلني دون أي ذنب ارتكبوه سوى قيامهم باداء واجبهم لكشف احلقائق أمام الشعب الليبي‪.‬‬

‫نسخة‬

‫البيان‬


‫موكب السفير‬ ‫األوكراني في ليبيا‬ ‫يتعرض لعملية‬ ‫سطو‬

‫التنظيمات اإلرهابية في ليبيا تعتمد على املقاتلني األجانب‬

‫تزايد أعداد البريطانيين‬ ‫المتوجهين إلى تنظيم‬ ‫«الدولة اإلسالمية» في ليبيا‬

‫روسيا اليوم ‪:‬‬ ‫ذكرت مصادر استخباراتية تزايد أعداد البريطانيني املتوجهني عبر الطريق البري‬ ‫جنوبا نحو ليبيا من خالل إيطاليا وتونس لالنضمام إلى تنظيم «الدولة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫ونقلت صحيفة «‪ »the guardian‬السبت ‪ 23‬مايو‪/‬أيار عن مصادر في االستخبارات‬ ‫البريطانية أنه في الوقت الذي يحاول عشرات اآلالف من املهاجرين غير الشرعيني‬ ‫عبور املتوسط في اجتاه إيطاليا‪ ،‬يتوجه «جهاديون» بريطانيون عكس هذا الطريق نحو‬ ‫ليبيا ويفلتون من الرقابة األمنية‪.‬‬ ‫وأشارت الصحيفة إلى أن ليبيا تعد هدفا مفضال للبريطانيني املجندين من قبل تنظيم‬ ‫«الدولة اإلسالمية» والراغبني في االلتحاق به في سوريا‪ ،‬وذلك لتزايد نفوذ التنظيم في‬ ‫هذا البلد املضطرب الذي وصفته بأنه ثالث أكبر معقل للتنظيم‪ ،‬الفتة إلى أن عناصر‬ ‫ه��ذا التنظيم متكنوا مؤخرا من السيطرة على مدينة س��رت‪ ،‬مسقط رأس العقيد‬ ‫القذافي بعد أن هزموا القوات التابعة حلكومة طرابلس‪.‬‬ ‫ونقلت «‪ »the guardian‬عن مصدر استخباراتي قوله «نشاهد بشكل متزايد طريقا‬ ‫عبر البحر املتوسط إل��ى ليبيا‪ ،‬وه��و يترسخ‪ ،‬وه��م حني يصلون إل��ى هناك يجدون‬ ‫الرعاية‪ ،‬وميكنك تتبع بعضهم من خالل ‪ Facebook‬وهم في طريقهم عبر إيطاليا»‪.‬‬ ‫و تطرقت الصحيفة إلى استخدام اإلرهابيني لتطبيقات مجانية للرسائل عبر الهاتف‬ ‫احملمول تتيح لهم تبادل رسائل مشفرة يصعب رصدها‪.‬‬ ‫ونقلت «‪ »the guardian‬في هذا الصدد عن احلكومة البريطانية قولها‪ :‬إن هذه‬ ‫التطورات تؤكد أن الشرطة وأجهزة األم��ن «عاجزة عن» تعقب اإلرهابيني‪ ،‬مشيرة‬ ‫إلى قول وزي��رة الداخلية البريطانية تيريزا م��اي‪« :‬إن التغيرات السريعة في مجال‬ ‫التكنولوجيا‪ ،‬وبشكل خاص األهمية املتزايدة لالتصاالت عبر اإلنترنت‪ ،‬تعني أن بيانات‬ ‫االتصاالت غير متاحة دائما عند الضرورة»‪.‬‬

‫العربية ـ نت ‪ -‬محمد العرب‪:‬‬ ‫تعرض موكب السفير األوك��ران��ي بليبيا‪ ،‬ميكا‬ ‫ن��اه��ورن��ي‪ ،‬إل��ى عملية س�ط��و غ��رب��ي العاصمة‬ ‫ط��راب�ل��س‪ ،‬اجلمعة قبل املاضية ‪ ،‬أث�ن��اء توجه‬ ‫موكبه إلى تونس‪.‬‬ ‫وبحسب مصادر محلية‪ ،‬فإن اشتباكات اندلعت‬ ‫أمس بني قوات اجليش وقوات ميليشيات فجر‬ ‫ليبيا باملنطقة الواقعة بني طرابلس وال��زاوي��ة‪،‬‬ ‫حيث قامت ميليشيات مبحاولة للتقدم باجتاه‬ ‫امل �ن��اط��ق ال �ت��ي يسيطر عليها اجل �ي��ش جنوب‬ ‫الطريق الساحلي‪.‬‬ ‫ورجحت املصادر أن امليليشيات هي من تعرضت‬ ‫للسفير األوكراني حيث أعلنت ميليشيات فرجان‬ ‫جنزور في وقت الحق من مساء أمس عثورها‬ ‫على سيارة السفير‪.‬‬ ‫وبحسب بيان كتيبة فرسان جنزور فإن السفير‬ ‫تعرض للضرب وسرقت منه أمواال بقيمة ‪1500‬‬ ‫دوالر‪ ،‬إضافة جل��وازات سفر وهواتف وأجهزة‬ ‫كمبيوتر‪.‬‬ ‫ول��م ي�ص��در ح�ت��ى اللحظة أي ت�ص��ري��ح رسمي‬ ‫م��ن ج��ان��ب دول��ة أوك��ران�ي��ا ب�ش��أن ح��ال��ة السفير‬ ‫ومرافقيه‪.‬‬ ‫يشار إلى أن العاصمة طرابلس ومدن غرب ليبيا‬ ‫التي تسيطر عليها امليليشيات منذ أغسطس‬ ‫م��ن ال �ع��ام امل��اض��ي‪ ،‬ش�ه��دت ع��دة أع �م��ال عنف‬ ‫وخطف وقتل طالت مقرات السفارات والبعثات‬ ‫الدبلوماسية‪.‬‬

‫السطو املسلح ينتشر في طرابلس في‬ ‫ظل حكم املليشيات‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫مصر تستضيف اجتماعا لدول جوار ليبيا ‪ 7‬يونيو‬ ‫مصر العربية ‪:‬‬ ‫أعلن عبد القادر مساهل وزير‬ ‫ال� �ش ��ؤون امل �غ��ارب �ي��ة واالحت� ��اد‬ ‫اإلف��ري �ق��ي واجل��ام �ع��ة العربية‬ ‫اجل��زائ��ري‪ ،‬ال�ي��وم األح��د‪ ،‬عن‬ ‫اج �ت �م��اع ث�لاث��ي ب�ين اجل��زائ��ر‬ ‫وم �ص��ر وإي�ط��ال�ي��ا ش�ه��ر يونيو‬ ‫القادم بالقاهرة لبحث األزمة‬ ‫الليبية‪.‬‬ ‫وجاء ذلك في تصريح ملساهل‬ ‫ع�ق��ب م�ب��اح�ث��ات أج��راه��ا مع‬ ‫وزير اخلارجية املصري سامح‬ ‫ش� �ك ��ري ال�� ��ذي ي�� ��زور ال��ب�ل�اد‬ ‫ونقلتها اإلذاعة احلكومية‪.‬‬ ‫وقال الوزير اجلزائري «سيكون‬ ‫ل� �ن ��ا ي � ��وم ‪ 7‬ي ��ون� �ي ��و اج �ت �م��اع‬ ‫بالقاهرة بني مصر واجلزائر‬ ‫وإيطاليا للتطرق لألوضاع في‬ ‫منطقتنا وباخلصوص الوضع‬ ‫في ليبيا»‪.‬‬ ‫وس��ي��ع��د اإلج� �ت� �م���اع‪ ،‬ال �ث��ان��ي‬ ‫م��ن ن��وع��ه‪ ،‬ح�ي��ث استضافت‬ ‫إيطاليا اجتماعا ثالثيا وزاريا‬ ‫ضم وزير اخلارجية اإليطالي‪،‬‬ ‫ب ��اول ��و ج �ب �ن �ت �ي �ل��ون��ى‪ ،‬ون �ظ �ي��ره‬ ‫املصرى سامح شكرى‪ ،‬ووزير‬ ‫ال �ش��ؤون املغاربية واألفريقية‬ ‫فى احلكومة اجلزائرية عبد‬ ‫القادر مساهل‪ ،‬في شهر أبريل‬ ‫املاضي‪ ،‬وذلك بهدف حتقيق‬ ‫ال �ت �ق��ارب ف��ي وج �ه��ات النظر‬ ‫بخصوص األزمة الليبية‪.‬‬ ‫ول���م ي �ع��ط م �س��اه��ل تفاصيل‬ ‫ح��ول امللفات التي سيناقشها‬ ‫اإلجتماع لكنه قال «لقد اتفقنا‬ ‫ع �ل��ى ض � ��رورة ال�ت�ن�س�ي��ق على‬ ‫امل�س�ت��وى ال�س�ي��اس��ي واألم �ن��ي‪،‬‬ ‫ألن مصير ليبيا هو مصير دور‬ ‫اجلوار»‪.‬‬ ‫وتابع «لدينا رؤية مشتركة حول‬

‫احلل السياسي (للوضع بليبيا)‬ ‫وكذا بالنسبة ملكافحة اإلرهاب‬ ‫ومسألة الهجرة السرية»‪.‬‬ ‫ون �ق �ل��ت اإلذاع � � ��ة احل �ك��وم �ي��ة‬ ‫اجلزائرية عن وزير اخلارجية‬ ‫املصري‪ ،‬سامح شكري‪ ،‬قوله‬ ‫«ك ��ان ه�ن��اك ات �ف��اق ع�ل��ى ب��ذل‬ ‫امل��زي��د م��ن ال �ت �ع��اون وتنسيق‬ ‫املواقف ومتابعة األوض��اع في‬ ‫ليبيا و تطوراتها مع دعم جهود‬ ‫التسوية وإقامة حكومة الوحدة‬ ‫ال��وط�ن�ي��ة‪ ،‬وف �ق��ا للجهد ال��ذي‬ ‫ي�ب��ذل��ه امل �ب �ع��وث األمم ��ي بهذا‬ ‫البلد برناردينو ليون»‬ ‫وتابع «اللقاء الثالثي املرتقب‬ ‫سامح شكري ال��ذي م��ن امل��زم��ع أن حتتضنه‬ ‫ال� �ع ��اص� �م ��ة امل� �ص ��ري ��ة ي�ص��ب‬ ‫ف��ي خ��ان��ة م��واص �ل��ة التنسيق‬ ‫وال �ت �ع��اون ل�لإس�ه��ام اإلي�ج��اب��ي‬ ‫ف ��ي ح ��ل ال �ق �ض��اي��ا امل��رت�ب�ط��ة‬ ‫باألوضاع في ليبيا سواء فيما‬ ‫يتعلق مبكافحة اإلره� ��اب أو‬ ‫الهجرة غير الشرعية»‪.‬‬ ‫وتعاني ليبيا صراعا سياسيا‬ ‫وم �ي��دان �ي��ا ب�ي�ن ق��وت�ين األول ��ى‬ ‫ميثلها مجلس النواب املنعقد‬ ‫ف��ي طبرق (ش��رق) واحلكومة‬ ‫املنبثقة ع�ن��ه ورئ��اس��ة أرك ��ان‬ ‫باولو جينتيلوني اجل��ي��ش ال��ت��اب��ع ل��ه��ا‪ ،‬م�ق��اب��ل‬ ‫امل ��ؤمت ��ر ال��وط��ن��ي ال� �ع ��ام في‬ ‫ط��راب��ل��س وح��ك��وم��ة اإلن� �ق ��اذ‬ ‫املنبثقة عنه وق��وات عسكرية‬ ‫وشبه عسكرية تابعة له‪.‬‬ ‫كما ب��ات��ت ليبيا متثل تهديدا‬ ‫جلوارها األوروب��ي عبر البحر‬ ‫املتوسط بسبب الهجرة غير‬ ‫ال� �ش ��رع� �ي ��ة ف� ��ي ظ� ��ل ض�ع��ف‬ ‫سيطرة ال��دول��ة على احل��دود‬ ‫واملنافذ‪.‬‬

‫عبد القادر مساهل‬


‫جبرائيل‪:‬‬ ‫أمريكا مولت‬ ‫«داعش» لذبح‬ ‫أقباط مصر‬ ‫استعراض داعشي في درنة‬ ‫في ليبيا‬ ‫محلل أمني‪:‬‬ ‫بوابة الوفد ‪ -‬فادي الصاوي ‪:‬‬ ‫أدان امل �س �ت �ش��ار جن �ي��ب‬ ‫حلقوقج�ب�اإلن��رائس��ي��ل�ان‪ ،‬رئ�ي�تقرير�س الحل الوحيد ألزمة ليبيا هو‬ ‫املنظمة املصرية‬ ‫الكوجنرس األمريكي‪ ،‬الذي يزعم اضطهاد‬ ‫التدخل العسكري العربي‬ ‫املسيحيني في مصر‪.‬‬

‫وأك� ��د رف �ض��ه ت��دخ��ل أم��ري �ك��ا ف��ي ش��ؤون‬ ‫األق �ب��اط داخ��ل م�ص��ر‪ ،‬وق��ال إن «أمريكا‬ ‫سبب ذبح األقباط في العالم‪ ،‬و هي املمولة‬ ‫لداعش الذي ذبح ‪ 21‬قبط ًيا في ليبيا»‪.‬‬ ‫وأض� � ��اف ج��ب��رائ��ي��ل‪ ،‬خ �ل�ال ح� � ��واره مع‬ ‫اإلع�لام �ي��ة روال خ��رس��ا‪ ،‬م�ق��دم��ة برنامج‬ ‫«وم��اذا بعد» املذاع على قناة «‪ »LTC‬أن‬ ‫موضحا أن‬ ‫أمريكا أكبر دول��ة عنصرية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الدولة بحاجة إلى حالة من االسقرار وفي‬ ‫انتظار االستحقاق القادم بالبرملان املقبل‪،‬‬ ‫متمن ًيا م��ن ال��رئ�ي��س إص���دار ق��ان��ون دور‬ ‫العبادة دون انتظار انعقاد البرملان‪.‬‬ ‫م��ن ج��ان �ب��ه‪ ،‬ق ��ال احمل��ام��ي ن�ب�ي��ل غ�ب��ري��ال‬ ‫«رئيس منظمة «نور الشمس للتنمية وحقوق‬ ‫اإلنسان»‪ ،‬إن البد أن ترد وزارة اخلارجية‬ ‫بقوة على تدخل الكوجنرس األمريكي في‬ ‫شؤون األقباط في مصر‪.‬‬

‫جنيب جبرائيل‬

‫بوابة الوسط ‪:‬‬ ‫يرى احمللل األمني البريطاني ريتشارد غالوستيان أ َّن ائتال ًفا عرب ًّيا في ليبيا على غرار‬ ‫اليمن هو احلل الوحيد‪.‬‬ ‫وقال في مقاله مبوقع «تاميز أوف مالطا»‪ ،‬السبت املوافق ‪ 24‬مايو ‪« :‬بدالً عن انتظار‬ ‫احللول‪ ،‬تقوم مصر والدول العربية واإلقليمية مبناقشة تكوين ائتالف إلنقاذ ليبيا على‬ ‫غرار االئتالف العربي في اليمن‪ ،‬هدفه القضاء على تنظيم داعش»‪.‬‬ ‫ولفت الكاتب إلى أ َّن التح ّ ُرك املصري قد يكون بدعوة من احلكومة املعترف بها دول ًّيا‪،‬‬ ‫وفي حالة املوافقة سيتق َّدم االئتالف إلى مدينة سرت‪ ،‬معقل «داعش»‪ ،‬ثم التوجه إلى‬ ‫درنة وبنغازي‪.‬‬ ‫ورأى اخلبير األمني في اجتماع القبائل الليبية في القاهرة‪« ،‬دليل نفاد صبر مصر‬ ‫والدول اإلقليمية من جناح احلوار الذي ترعاه األمم املتحدة‪ ،‬للوصول إلى اتفاق سالم‬ ‫بني الفصائل‪ ،‬ووعود التح ّ ُرك األوروبي التي تصطدم بالتأجيل»‪ ..‬وأضاف‪« :‬بينما ينتظر‬ ‫االحتاد األوروب��ي شه ًرا أو أكثر التخاذ القرار‪ ،‬ال ميكن ملصر االنتظار أكثر من ذلك‪،‬‬ ‫متشددين في سيناء»‪.‬‬ ‫خاصة مع استمرار تدفق األسلحة من ليبيا إلى‬ ‫ِّ‬ ‫الهجرة غير الشرعية‬ ‫وي��رى الكاتب أ َّن ال��دول األوروبية ال تريد االعتراف ب��دور حكومة طرابلس في أزمة‬ ‫الهجرة غير الشرعية وأزمة وجود «داع��ش» داخل املدن الليبية‪ ،‬الفتًا إلى قيام بعض‬ ‫األطراف في «فجر ليبيا» بإمداد التنظيم باألسلحة واملقاتلني‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن السيطرة على‬ ‫الشواطئ الغربية للدولة‪ ،‬التي يتم استخدامها في عمليات الهجرة‪.‬‬ ‫وذكر أ َّن «فجر ليبيا» يرون في أزمة الهجرة فرصة مناسبة للتقرب من الغرب‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫«يخلقون األزمة ثم يتظاهرون بحلها لكسب ود تلك الدول»‪.‬‬ ‫ائتالف عربي‬ ‫ونظ ًرا لذلك‪ ،‬يعتقد الكاتب أن «وجود ائتالف عربي بقيادة مصرية يقوم بتدخل عسكري‬ ‫في ليبيا هو احلل الوحيد رغم خطورته‪ ،‬وهو احلل الواقعي املتاح حال ًّيا»‪.‬‬ ‫وعن اخلطط األوروبية ملواجهة أزمة الهجرة غير الشرعية‪ ،‬قال غالوستيان‪« :‬إن الدول‬ ‫األوروبية ك َمن يدفن رأسه في الرمال»‪ ،‬وال تتعد تلك اخلطط كونها وعيدًا وتهديدات‬ ‫فقط‪ ،‬تدل على رفض اعتراف تلك الدول بأ َّن االزمة الليبية تطلب حلوالً أكثر حز ًما‪.‬‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫تنظيم داعش يهدد بنسف المعالم التاريخية في ليبيا‬ ‫الشرق األوسط ‪-‬عبدالستار حتيت‪:‬‬ ‫ليس مصدر املشكلة التي تواجه اآلثار التاريخية في ليبيا تنظيم داعش فقط‪،‬‬ ‫بل الكثير من اجلماعات والتيارات األخرى ذات األفكار املتشددة التي تدور‬ ‫في فلك هذا التنظيم‪ ،‬أو تستغل فتاواه ألغراض جتارية‪ .‬يقول الدكتور أحمد‬ ‫حسني‪ ،‬رئيس مصلحة اآلثار الليبية‪ ،‬في مقابلة مع «الشرق األوسط» أثناء‬ ‫زيارته للقاهرة‪ ،‬إن املصلحة اضطرت التخاذ العديد من اإلجراءات ملواجهة‬ ‫احتمال استهداف املتطرفني للمعالم التاريخية كما حدث في العراق وسوريا‬ ‫وغيرهما على يد هذا التنظيم خالل الفترة املاضية‪ ،‬ومن بني هذه اإلجراءات‬ ‫إخفاء القطع األثرية النادرة‪ ،‬وزيادة قوات احلراسة على املدن القدمية‪.‬‬ ‫تولت جماعة اإلخوان في ليبيا احلكم من عام ‪ 2012‬إلى مطلع عام ‪،2014‬‬ ‫وبدال من تأسيس دولة مبؤسسات مسؤولة عن مختلف القطاعات‪ ،‬ومنها‬ ‫اآلثار‪ ،‬اجتهت اجتاها آخر منحازا لتقوية الكتائب وامليليشيات اخلاصة بعد‬ ‫أن انتهت من محاربة نظام العقيد الراحل معمر القذافي‪ .‬ووقفت اجلماعة‬ ‫ضد محاوالت عودة اجليش الوطني الليبي للعمل‪ ،‬وبهذا أعطت ما يشبه‬ ‫الضوء األخضر للمسلحني لكي يثيروا الفوضى في البالد‪.‬‬ ‫يوجد في هذا البلد النفطي شاسع املساحة موظفون مخضرمون يعملون‬ ‫في مصلحة اآلثار‪ ،‬التي تأسست ألول مرة في عهد االحتالل اإليطالي عام‬ ‫‪ ،1914‬حتت اسم «إدارة اآلثار وتنظيم احلفريات»‪ ،‬بينما ظهر االسم الرسمي‬ ‫«مصلحة اآلثار» املعمول به حاليا منذ عام ‪ ،1953‬أي ما بعد االستقالل‪.‬‬ ‫حتى قبل ظهور اسم «داع��ش» في ليبيا كان املتطرفون قد ب��دأوا يدركون‬ ‫أهمية القطع األث��ري��ة ال �ن��ادرة‪« ..‬يفتون ب��أن ه��ذه الشواهد الرومانية أو‬ ‫البيزنطية حرام‪ ،‬ويفجرونها ويأخذون ما فيها لبيعه للسماسرة»‪ ،‬كما يقول‬ ‫أح��د العسكريني الليبيني‪ .‬يضيف أن بعض امليليشيات كانت تستهدف‬ ‫باألساس مواقع األسلحة واآلث��ار‪ ،‬وتستولي عليها‪ .‬لكنه يشير إلى أنه بعد‬ ‫ظهور «داع��ش» في عدة مدن ليبية‪ ،‬ومنها درن��ة وس��رت وصبراتة‪ ،‬أصبح‬ ‫التنظيم ينظر لآلثار كمصدر بديل للحصول على األموال‪ ،‬خاصة عقب فشله‬ ‫في السيطرة على آبار النفط‪.‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬يقول الدكتور صالح الدين عبد الكرمي‪ ،‬املستشار في اجليش‬ ‫الليبي‪ ،‬لـ«الشرق األوسط» خالل زيارته للقاهرة‪ ،‬إن املخاطر في ليبيا «هي‬ ‫على كل األصعدة»‪ ،‬ولكن تظل اآلثار وكل ما هو تراث إنساني في ليبيا عرضة‬ ‫للخطر إذا ما استطاعت هذه العصابات اإلرهابية من الدواعش وحلفائهم‬ ‫من أدعياء الدين اجلديد الوصول للمخزون الثقافي للشعب الليبي‪ ،‬والذي‬ ‫يتمثل في املدن األثرية القدمية‪ ،‬مثل مدن لبدة وصبراتة وشحات وسوسة‬ ‫وتوكرة وجرزة وغيرها‪.‬‬ ‫ويشير إلى أن الفتوحات اإلسالمية حني دخلت شمال أفريقيا حافظت على‬ ‫هذا التراث اإلنساني‪ ،‬ولم تستهدفه بالتدمير كما فعل الدواعش اآلن في‬ ‫العراق وسوريا‪ .‬ويقول إنه خالل الشهور املاضية جرى بالفعل استهداف‬ ‫مناطق تضم مقابر تاريخية وجرى مسحها من على األرض‪ ،‬منها «زوايا‬ ‫سنوسية»‪ ،‬وموقع «عبد السالم األسمر» في بلدة زلينت‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫استهداف مساجد قدمية في طرابلس وغيرها‪.‬‬ ‫منذ وقت مبكر من حكم املتطرفني‪ ،‬حيث كان «اإلخ��وان» ومعهم اجلماعة‬ ‫الليبية املقاتلة (املوالية لتنظيم القاعدة)‪ ،‬يسيطرون على القرار احلكومي‪،‬‬ ‫أدرك موظفو اآلث��ار وج��ود خطر على القطع ال�ن��ادرة والعمالت الذهبية‬ ‫واملصوغات واملخطوطات التاريخية‪ ،‬وغيرها من احملفوظات الثمينة‪ .‬خالل‬ ‫وجود هذه احلكومة في السلطة بدأ الكثير من موظفي مصلحة اآلثار في‬ ‫التذمر من اإلهمال‪ ،‬وبدأوا في ذلك الوقت‪ ،‬أي في أواخر ‪ ،2013‬تنظيم‬ ‫االحتجاجات‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وبعد مضي نحو عام ونصف العام‪ ،‬يبدو أن اخلطر زاد عن السابق بعد‬ ‫أن رصدت أجهزة أمنية ليبية خططا من جانب تنظيم داعش الستهداف‬

‫اآلثار سواء النسف بالديناميت أو بالسرقة‪ ،‬وقام بتنفيذ بعضها بالفعل خاصة‬ ‫في درنة وسرت‪ .‬وتوجد آثار تعود لفترات تاريخية مختلفة‪ ،‬لكن العجيب في‬ ‫األمر هو قيام املتطرفني خالل الفترة األخيرة بتوجيه معاول الهدم إلى املعالم‬ ‫التاريخية اإلسالمية وتفجير زواي��ا سنوسية ومساجد عثمانية وأضرحة‬ ‫لشخصيات كان لها صيت قبل ‪ 700‬عام‪ .‬ودمر املتطرفون مواقع ترتبط‬ ‫بشخصيات تاريخية لها مكانة‪ .‬ومن بني ما جرى هدمه وتفجيره واالعتداء‬ ‫عليه منطقة «زويلة»‪.‬‬ ‫يقول الدكتور حسني‪ ،‬الذي تولى رئاسة مصلحة اآلث��ار في بالده في ظل‬ ‫الظروف الصعبة التي متر بها‪ ،‬إن خارطة اآلثار في ليبيا كبيرة ومتشعبة‪.‬‬ ‫ويرجع تاريخ بعضها إلى آالف السنني‪ ،‬وهي تتنوع ما بني حضارات ما قبل‬ ‫التاريخ‪ ،‬وحضارات العصر البرونزي واحلضارة اإلغريقية والرومانية في‬ ‫شرق ليبيا‪ ،‬واحلضارة الفينيقية والرومانية في الغرب‪ ،‬باإلضافة إلى حضارة‬ ‫األمازيغ والقبائل في عموم البالد‪ ،‬إلى جانب حضارات العصر اإلسالمي‬ ‫التي متتد على كامل رقعة ليبيا‪ ..‬وبالتالي ليبيا كنز حضاري منذ آالف السنني‬ ‫حتى اليوم‪.‬‬ ‫وشجعت فتاوى املتطرفني‪ ،‬وعلى رأسهم تنظيم داعش ضد اآلثار في ليبيا‪،‬‬ ‫العديد من أصحاب املصالح االقتصادية والتجارية على مسح مواقع تاريخية‬ ‫من على وجه األرض واستخدام مكانها في إقامة مبان جديدة أو محال‬ ‫جتارية أو حتى في الزراعة‪ .‬وعما إذا كان لديه مخاوف من أن يقوم «داعش»‬ ‫بتكرار جتربة ما حدث في العرق من هدم لآلثار في ليبيا على نطاق واسع‪،‬‬ ‫يؤكد الدكتور حسني قائال‪« :‬نعم بكل تأكيد‪ ..‬اآلثار في ليبيا مهددة بشكل‬ ‫قوي‪ ،‬ونخشى من أن يحدث لها مثل ما حدث لآلثار في العراق في ظل تردي‬ ‫الوضع األمني وفي ظل تراخي املجتمع الدولي عن دعم اجليش الوطني‬ ‫واحلكومة الشرعية»‪.‬‬ ‫وبعد حلظة من الصمت والتفكير في املأساة التي متر بها ب�لاده‪ ،‬ومنها‬ ‫اخلطر الذي يواجه ما فيها من معالم تاريخية‪ ،‬يقول رئيس مصلحة اآلثار‬ ‫الليبية‪« :‬إذا قام املتطرفون بتدمير املوروث الثقافي‪ ،‬فستكون خسارة كبيرة‬ ‫ليس للشعب الليبي فقط‪ ،‬ولكن للعالم‪ .‬وهذا سيأتي ضمن خسارة كبيرة‪..‬‬ ‫خسارة الوطن ومعه التراث الليبي واإلنساني»‪.‬‬ ‫عقب استيالء املتطرفني من جماعة اإلخوان وغيرها على طرابلس قاموا‬ ‫بتنصيب مقاتل ليبي سابق في سوريا يدعى مهدي احلاراتي‪ ،‬وهو من قياديي‬ ‫اجلماعة الليبية املقاتلة‪ ،‬ليكون عميدا لبلدية العاصمة‪ .‬في عهده اختفى‬ ‫متثال «الغزالة واحلسناء» الشهير من أحد أهم ميادين العاصمة‪ .‬جرى األمر‬ ‫كاآلتي‪ :‬أحضر مجموعة من املتطرفني شاحنة وربطوا التمثال الذي يعود‬ ‫تاريخه ملئات السنني بحبل حتى نزعوه من مكانه ثم نقلوه إلى جهة مجهولة‪.‬‬ ‫استهدف متطرفون آخرون مجموعة من املباني التي تعود للعهد العثماني‬ ‫في طرابلس‪ ،‬منها مسجد أحمد باشا القره مانلي‪ ،‬ومسجد شايب العني‪،‬‬ ‫ومدرسة عثمان باشا‪ ،‬وغيرها‪ .‬وبعد عدة أيام جرى تفجير مقر قدمي لشيخ‬ ‫يدعى علي امليرغني في وسط العاصمة‪ .‬بينما كانت معاول الهدم ومعدات‬ ‫التفجير والسرقة مستمرة في عدد من املدن األخ��رى‪ .‬ويضيف املسؤول‬ ‫العسكري الذي حتدث شريطة عدم ذكر اسمه أن «املتطرفني أنفسهم الذين‬ ‫كانوا يعتدون على اآلثار أصبحوا إما ضمن (داعش) أو من املوالني له في‬ ‫اخلفاء‪ ..‬يوجد خطر حقيقي من هؤالء‪ ،‬خاصة في مدن طرابلس وبنغازي‬ ‫وسوسة وشحات»‪.‬‬ ‫وتقول مصادر أمنية ليبية إن أكثر من عشرين موقعا أثريا تعرضت إما‬ ‫للتجريف والهدم‪ ،‬أو السرقة‪ ،‬خاصة في املناطق التي ينشط فيها املتطرفون‪.‬‬ ‫ومن بني اآلثار التي تعرضت للسرقة في الفترة األخيرة مجموعة من األواني‬ ‫الفخارية جرى السطو عليها من متحف السلطان الذي يقع في نطاق مدينة‬ ‫سرت‪ ،‬وهي مدينة يسيطر عليها تنظيم داعش في شمال وسط البالد‪ .‬كما‬


‫آثار ليبيا حتت التهديد بالنسف‬ ‫تعرض متحفا «سوسة» و«شحات» في شرق ليبيا للسرقة عدة مرات‪ ،‬ومن‬ ‫أوان ترجع لعصور قدمية ولوحات من الفسيفساء‪.‬‬ ‫بني املسروقات ٍ‬ ‫السلطات األمنية الليبية حتقق في اختفاء قطعة أثرية من مدينة شحات‬ ‫القريبة من مدينة البيضاء مقر احلكومة الشرعية‪ ،‬وهي عبارة عن متثال‬ ‫نادر يبلغ ثمنه نحو خمسة ماليني دوالر‪ ،‬يعتقد أنه جرى تهريبه إلى بريطانيا‬ ‫بأوراق مزيفة عبر تونس وتركيا‪ .‬كما جتري التحقيقات في مالبسات بيع‬ ‫مخطوطات أثرية ليبية في مالطا‪ .‬بينما متكن املتطرفون بالفعل من تدمير‬ ‫لوحات فنية يعود تاريخها لنحو عشرة آالف عام‪ ،‬في منطقة جبلية تسمى‬ ‫«أكاكوس» في جنوب ليبيا‪.‬‬ ‫اشترك الدكتور حسني مع ممثلي دول أخ��رى باملنطقة‪ ،‬منها السعودية‬ ‫ومصر‪ ،‬في ملتقى عقد في القاهرة األسبوع املاضي‪ ،‬يهدف حلماية اآلثار‬ ‫التي تتعرض خلطر االعتداء عليها من اجلماعات املتطرفة‪ ،‬خاصة بعد هدم‬ ‫آثار في العراق وسوريا‪ ،‬على يد «داعش»‪ ،‬منها مدينة منرود التاريخية‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫«أردنا أن نطلق جرس إنذار للعالم‪ ،‬لكي يأخذ معنا خطوة إلى األمام حلماية‬ ‫املوروث الثقافي الذي هو جزء من املوروث العاملي‪ ،‬وبالتالي املسؤولية عن‬ ‫حمايته مسؤولية تضامنية من العالم أجمع»‪.‬‬ ‫وعما إذا كانت هناك وع��ود من املجتمع الدولي حلماية اآلث��ار في ليبيا‪،‬‬ ‫يقول الدكتور حسني‪« :‬إن موضوع الدعم الدولي لليبيا في هذا املجال‪ ،‬في‬ ‫احلقيقة‪ ،‬لم يتبلور بعد بشكل كامل‪ .‬حتى برامج اليونيسكو (منظمة األمم‬ ‫املتحدة للتربية والعلوم والثقافة) في ليبيا هي ممولة بتمويل ذاتي من حصة‬ ‫ليبيا في هذه املنظمة الدولية‪ ،‬ويُصرف منها على برامج التدريب في ليبيا»‪.‬‬ ‫ويوجه رئيس مصلحة اآلثار الليبية اللوم للبعثات األجنبية واملؤسسات الدولية‬ ‫التي يقول إنها «استفادت كثيرا من امل��وروث الثقافي في ليبيا من خالل‬ ‫الدراسات واألبحاث التي قامت بها في السابق‪ ..‬واليوم لم نر منها شيئا‬ ‫يذكر‪ ،‬باستثناء البعثة (األثرية) األميركية»‪.‬‬ ‫يجد العديد من املسؤولني الدوليني صعوبة في الدخول إلى ليبيا بسبب‬ ‫ال��وض��ع األم �ن��ي امل �ت��ده��ور‪ .‬ق�ب��ل ع��دة أي ��ام اض�ط��ر أح��د ممثلي منظمة‬ ‫اليونيسكو لالجتماع مع أط��راف من مصلحة اآلث��ار الليبية لكن في دولة‬ ‫تونس املجاورة‪ .‬يقول مبعوث املنظمة‪ ،‬مايكل كروفت‪ ،‬في تصريحات له من‬ ‫تونس‪ ،‬إن اليونيسكو اطلعت على ما تقوم به مصلحة اآلثار الليبية من جهود‬ ‫حلماية املعالم التاريخية‪ ،‬مشيرا إلى ضرورة التنسيق قبل عقد أي لقاءات‬ ‫على مستوى دولي بهذا الشأن‪ ،‬وذلك للتعرف على كيفية حماية اآلثار من‬

‫االعتداءات والتهديدات‪.‬‬ ‫خالل جولة قامت بها «الشرق األوسط» في وقت سابق في بعض املدن الليبية‬ ‫لوحظ أن هناك من يستغل فتاوى «داع��ش» واملتطرفني ضد اآلث��ار‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدم مبان قدمية مثل املباني اإليطالية والتركية التي يتراوح عمرها بني مائة‬ ‫سنة وثالثمائة سنة أو أكثر‪ ،‬وبناء أبراج سكنية جديدة محلها‪ .‬يقول الدكتور‬ ‫حسني إن «هذا موضوع مقلق بالنسبة لنا في مصلحة اآلثار وفي جهاز حماية‬ ‫املدن التاريخية»‪.‬‬ ‫يضيف أن ليبيا فيها نوعان من الدواعش‪« ..‬أصحاب الفكر املتطرف الذين ال‬ ‫يؤمنون بالتاريخ وال باحلضارة‪ ،‬وبالتالي االعتداء على اآلثار يعد من واجبات‬ ‫هذا النوع من الدواعش‪ .‬أما النوع الثاني فهم أولئك األثرياء أصحاب املنافع‬ ‫املادية ممن ال تعني لهم القيمة التراثية أي شيء وبالتالي يسعون وراء املكاسب‬ ‫املادية‪ .‬فهؤالء أيضا يستغلون الفوضى ويعملون على إزالة املباني األثرية‬ ‫واملواقع التاريخية»‪.‬‬ ‫الدكتور حسني يتابع موضحا أن هناك الكثير من املستوطنات التاريخية التي‬ ‫جرى جتريفها على أيدي مواطنني ولألسف هم ليبيون‪« ..‬جرفوا هذه املواقع‬ ‫واستحدثوا مخططات سكنية‪ .‬ونحن نعمل كل ما نستطيع حلماية هذه‬ ‫املواقع‪ ،‬لكن هشاشة الوضع األمني في ليبيا تفرض واقعا غير الذي نريده»‪.‬‬ ‫وعن اإلجراءات التي اتخذتها مصلحة اآلثار ملواجهة اخلطر احملتمل‪ ،‬يقول‬ ‫الدكتور حسني‪« :‬في احلقيقة هناك تخوف من شيئني‪ ..‬األول هو املباني‬ ‫التاريخية واملواقع األثرية‪ ،‬وهذه بطبيعة احلال ال ميكن نقلها‪ ،‬أما القطع‬ ‫األثرية التي حتويها املخازن واملتاحف فنحن اآلن نعمل على خطة لتأمينها‬ ‫أمنيا وتخزين القطع الثمينة في مخازن آمنة إذا قدرنا الله سبحانه وتعالي‬ ‫على ذلك‪ ،‬ونعتمد اعتمادا كليا على اجليش الليبي في تأمني هذه اآلثار»‪.‬‬ ‫لكنه يضيف موضحا أن «اجليش الليبي يحتاج إل��ى دع��م من املؤسسات‬ ‫الدولية التي تهتم بالتراث للضغط على حكوماتها من أجل دعم اجليش‪ ،‬ورفع‬ ‫احلظر عن تسليحه‪ .‬نحن من جانبنا قمنا بكل اإلجراءات املتعارف عليها بني‬ ‫األثريني في حماية وتسجيل وتوثيق وتغليف القطع األثرية‪ .‬ما ننتظره اآلن‬ ‫هو الدعم الدولي للحماية داخل املتاحف وحماية املباني األثرية أو من خالل‬ ‫برامج التوعية أو برامج احلفظ واحلماية والتدخل وقت األزمات واحلروب‪،‬‬ ‫وهذه البرامج سيكون هناك تدريب عليها في وقت قريب جدا‪ ،‬وبهذا نكون‬ ‫كليبيني أكملنا ما هو مطلوب منا جتاه حماية اآلثار‪ ،‬والباقي ننتظره من العالم‬ ‫اخلارجي»‪.‬‬


‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪...‬‬


‫حكايات‬ ‫من زمن‬ ‫فبراير‬

‫«سيرة ذاتية»‬ ‫(الجزء الثاني)‬ ‫عندما خرجت من مدينتي قاصد ًا مدينة‬ ‫ال��ث��ورة ب��ن��غ��ازي ل��م ي��در بخلدي أن أصبح‬ ‫ع��ض��و ًا ف��ي املجلس ال��وط��ن��ي االن��ت��ق��ال��ي أو‬ ‫أن اص��ط��دم ب��ج��م��اع��ة اإلخ����وان املسلمني‬ ‫وأك��ت��ش��ف م���ؤام���رات���ه���م م��ب��ك��ر ًا ‪ ،‬وع��ن��دم��ا‬ ‫ص��رخ��ت ع��ب��ر وس���ائ���ل اإلع��ل��ام م��ن��ب��ه�� ًا ملا‬ ‫يجري‪ ،‬لم يسمعني أحد فقد كانت الناس‬ ‫منتشية بانتصار الثورة وعندما استفاق‬ ‫ال��ب��ع��ض ك���ان���ت ال���واق���ع���ة ق���د اس��ت��ح��ك��م��ت‬ ‫وسرقت الثورة ‪...‬‬

‫املختار اجلدال‬


‫‪18‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪...‬‬

‫حتولت ليبيا إلى مأمت ال ينفض جمعه ‪،‬وصار عدد الشهداء يحصى‬ ‫مبتوالية هندسية ‪،‬وكتب على آالف اجلرحى إعاقات أبدية‪ ،‬لقد‬ ‫بدى املشهد اإلنساني في ليبيا متسما ببؤس اليتامى‪ ،‬وبكاء الثكالى‬ ‫وحرقة األمهات‪..‬‬ ‫واصل الثوار الليبيون الصمود‪ ،‬متخذين إستراتيجية جديدة قوامها‬ ‫التركيز على دع��م صمود مصراته وتطوير العمليات القتالية‪،‬‬ ‫انطالقا من جبل نفوسة ذي امليزات الطبوغرافية للثوار‪ ،‬وملد‬ ‫اجلبهات ب��زاد بشري نوعي مت تركيز معسكرات تدريب بنالوت‬ ‫‪،‬وجادو والزنتان ومتهيد مهابط للطائرات التي بدأت تفد محملة‬ ‫بالسالح والذخيرة واملؤن‪..‬‬ ‫‪ ..‬املهابط ‪ ،‬واملطارات امليدانية بجبل نفوسة ‪،‬كانت حال مبتكرا‬ ‫جت��اوز به الثوار معضلة وص��ول السالح والذخائر واملساعدات‬

‫األخرى ‪،‬أما مبصراته فكان البحر هو جسر التواصل الوحيد‪.‬‬ ‫لقد كان صمود مصراته ملحمة بطولية رائعة ‪،‬وضرب الليبيون‪،‬‬ ‫بها‪ ،‬أمثلة جليلة للتضحية والفداء وحيث مت إحكام احلصار على‬ ‫املدينة من جهات البر الثالث‪ ،‬خاض الثوار جلة البحر فجلبت‬ ‫ج��راف��ات صيد السمك امل��ؤن وال�غ��داء وال ��دواء وأجلت اجلرحى‬ ‫‪،‬ونقلت شحنات السالح‪.‬‬ ‫أما في اجلنوب الليبي ‪،‬ورغم شدة قبضة النظام ‪،‬فقد كان ثواره‬ ‫يسيطرون على بعض املواقع ‪،‬فيما آخرون يحشدون الهمم ليوم‬ ‫قريب‪...‬‬ ‫‪ ..‬راهن القدافي على شق اللحمة الوطنية للمجتمع الليبي‪ ،‬وعمل‬ ‫النظام على إذكاء حالة من االستقطاب القبلي بتنظيم اجتماعات‬ ‫ملا ُسمي جتمع قبائل طوق طرابلس‪ ،‬ومت التركيز على قبائل بعينها‬


‫من أروع متظهرات ثورة السابع عشر من فبراير‬ ‫هو ما كشف عنه الليبيون من تآزر وإخاء في‬ ‫وجه احملنة‬ ‫أضفى االعتراف الدولي الواسع واملبكر باملجلس‬ ‫االنتقالي القدر الالزم من الشرعية على حتركاته‬ ‫وجهوده الدبلوماسية‬

‫ساحة احلرية ـ بنغازي‬

‫إلحكام إصابة الضربات اجلوية أهدافها متّ بناء‬ ‫منظومة اتصال متطورة بني القيادات العسكرية‬ ‫للثوار وغرفة العمليات املركزية حللف النيتو‬

‫في غرب وشرق العاصمة ‪.‬‬ ‫رغ��م انصياع البعض لتوجيهات النظام ‪،‬خوفا أو طمعا‪ ،‬إال إن‬ ‫النسيج االجتماعي الليبي اظهر متاسكا أش��د ‪،‬ب��ل إن من أروع‬ ‫متظهرات ثورة السابع عشر من فبراير هو ما كشف عنه الليبيون‬ ‫من تآزر وإخاء في وجه احملنة‪ ،‬فارتفعت فسيفساء االنتماء الضيق‪،‬‬ ‫واللون ‪،‬واللسان عن كيانها احمللي‪ ،‬إلى كونها األسمى‪ ،‬وبرغم أن‬ ‫سبها ومرزق ‪،‬وغيرهما من مناطق اجلنوب ‪ ،‬حينذاك كانت أكثر‬ ‫أمنا‪ ،‬إال إن قاطنيها لم يدخروا جهدا في مد كل عون‪ ،‬ومساعدة‬ ‫لقاطني الشمال‪ ،‬ومبا في ذلك تقدمي السالح الذي كانت شحناته‬ ‫تهرب سرا من السودان‪.‬‬ ‫‪ ..‬منذ انطالقتها ‪،‬وفي شكلها االحتجاجي األول‪ ،‬أتخذت ثورة‬ ‫السابع عشر من فبراير طابع املشاركة الشعبية الشاملة‪ ،‬لقد‬ ‫حت��ادث األج�ي��ال كلها في اجلبهات والتظاهر واالعتصام وفي‬ ‫إطالق هتافات التنديد‪ ،‬وصيحات الفرح‪ ،‬وآهات األلم واحلزن‪،‬‬ ‫أما خطوطهم اخللفية فقد ضمت الذكور واإلناث على السواء ‪.‬‬ ‫لقد كان ملوقف املرأة الليبية ‪،‬وبشتى أدوارها الفاعلة ‪ ،‬في الدعم‬ ‫وشد األزر‪ ،‬ابلغ األثر في تأجيج الثورة ‪،‬وفي مواصلة املسيرة ‪،‬‬ ‫وفي حتقيقها النصر‪.‬‬ ‫‪ ..‬شريحة أخ��رى م��ن الليبيني كانت لها أيضا م��واق��ف بطولية‬ ‫مشرفة ‪ ،‬إنهم أولئك اجلنود وضباط الصف والضباط من مختلف‬ ‫الرتب ‪،‬الذين انحازوا للوطن والثورة ‪،‬فآثروا االنخراط في جبهات‬ ‫القتال ومعسكرات تدريب الثوار‪.‬‬ ‫‪ ..‬كانت ال��والي��ات املتحدة األمريكية قد تولت قيادة العمليات‬ ‫في أسابيعها األول��ى ‪،‬ث��م تركتها ملنظمة حلف شمال األطلسي‬ ‫«النيتو» وإلحكام إصابة الضربات اجلوية أهدافها احمل��ددة‪ ،‬مت‬ ‫بناء منظومة اتصال متطورة بني القيادات العسكرية للثوار وغرفة‬ ‫العمليات املركزية لقوات حلف النيتو وجرى التنسيق بني الطرفني‬ ‫خطوة بخطوة ‪،‬منعا حلدوث أخطاء قد تؤدي بحياة أبرياء‪.‬‬ ‫لم يتمكن النظام من صد أي هجوم للقوات الدولية‪ ،‬أو الرد على‬ ‫غاراتها‪ ،‬وكل ما أمكنه فعله ‪،‬هو حتريض املوالني له في حركة‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪...‬‬

‫بنغازي ‪25‬فبراير‬

‫اللجان الثورية‪ ،‬على مهاجمة السفارات العربية واألجنبية بطرابلس‬ ‫‪،‬التي كانت بلدانها قد ناصرت الثورة ‪.‬‬ ‫‪ ..‬وفي محاولة للضغط‪ ،‬على أوروب��ا‪ ،‬قام بتشجيع الهجرة غير‬ ‫الشرعية إليها بالتيسير على املهاجرين األفارقة على نحو خاص‬ ‫ركوب البحر انطالقا مما كان قد ضل حتت سيطرته من موانئ‪.‬‬ ‫كان العالم يعرف جيدا عبث النظام‪ ،‬ويعرف أن الشعب الليبي في‬ ‫أمس احلاجة للمساعدة ليتخلص منه ومن نظامه اجلائر‪،‬‬ ‫لم يتأخر املجتمع الدولي عن دعم الليبيني وإسناد ث��ورة السابع‬ ‫عشر من فبراير‪ ،‬ف ُعقدت العديد من امللتقيات وامل��ؤمت��رات في‬ ‫الدوحة ودبي وروما وباريس ولندن ‪،‬و ُكرست على نحو صرف‪ ،‬لشد‬ ‫أزر الليبيني ‪،‬وتأكيد التعاطف معهم ‪ ،‬وأضفى االعتراف الدولي‬ ‫الواسع ‪،‬واملبكر باملجلس االنتقالي ‪،‬القدر الالزم من الشرعية على‬ ‫حتركاته ‪،‬وجهوده الدبلوماسية وبرغم كون حظر تزويد النظام‬ ‫بالسالح لم يؤثر كثيرا في حجم ترسانته‪ ،‬إال إن جتميد أرصدته‬ ‫وأصوله املالية ‪،‬حرمه من مقدرات مهمة كان ميكن أن متول حملته‬ ‫على شعبه‪.‬‬ ‫‪ ..‬بحلول شهر يونيو ‪،‬ك��ان قد مضى أكثر من شهرين على بدء‬ ‫حملة القوات الدولية ضد األهداف العسكرية للنظام ‪،‬ولكن شوكة‬ ‫النظام كانت ما تزال تدمي قلوب الليبيني وأجسادهم ‪،‬واألسوأ من‬ ‫ذلك أن تصريحات صدرت في األثناء ‪،‬عن وزير الدفاع البريطاني‬ ‫‪،‬ولم يذهب فيها بعيدا عنه ‪،‬وزير الدفاع الفرنسي‪ ،‬بدت مشككة‬ ‫في قدرة الثوار على حسم املعركة ‪،‬بينما تراجع موقف عمر موسى‬ ‫عما ك��ان عليه من حتمس للربيع الليبي‪ ،‬وأعلن رئيس ال��وزراء‬

‫االيطالي عن نيته وقف تقدمي الدعم اللوجستي لقوات التحالف‬ ‫الدولي‪..‬‬ ‫ميض وقتا طويال حتى وضع الثوار ٍ‬ ‫حد للغط الكواليس ‪،‬مبا‬ ‫لم‬ ‫َ‬ ‫صنعوه في عمق احل��دث‪ ،‬لقد توجت مدينة مصراته صمودها‬ ‫بتحررها متاما من جيوب عساكر النظام ‪،‬وصار ثوارها يدحرون‬ ‫الكتائب إلى خارج أريافها ‪،‬وفي جبل نفوسة بدأت رحلة النزول‬ ‫إلى الساحل ‪،‬بعد أن مت تطهير قدم اجلبل بتحرير الغزايا واجلوش‬ ‫وتيجي وبئر عياد وبئر الغنم‪..‬‬ ‫بالنسبة للثوار ‪،‬ك��ان الهدف واضحا ‪،‬وك��ل الطرق التي تدارسوا‬ ‫قطعها ‪،‬كانت تفضي إلى طرابلس‪ ،‬كان القدافي قد متترس بداخل‬ ‫العاصمة ‪،‬وك��ان��ت صفوة قواته املسماة كتيبة «امحمد « بإمرة‬ ‫«البراني أشكال» هي من يتولى السيطرة األمنية على املدينة‪،‬‬ ‫ويحرس حركته‪ ،‬ولذا كان البد من خطة ما جلعل طرابلس تنتفض‬ ‫من الداخل ‪..‬فبدأ تزويد ثوارها بالسالح‪ ،‬وصارت شحناته تنقل‬ ‫سراً عبر البحر‪ ،‬وإلى األيدي والسواعد التي كانت تتحرق لساعة‬ ‫الصفر‪.‬‬ ‫وفي األثناء ونشوة التقدم واالنتصار حتدث الكارثة اغتيال رئيس‬ ‫ارك��ان ق��وات ال�ث��وار ال�ل��واء عبدالفتاح يونس أختفى من املشهد‬ ‫بسرعة البرق ‪ ،‬أتهام واستدعاء للتحقيق بعد تواطؤ ثم تصفية‬ ‫بالقتل الشنيع وإخفاء اجلثث مع مرافقيه ‪.‬‬ ‫ويعجز اجلميع عن تفسير احلدث اجللل املجلس الوطني االنتقالي‬ ‫ومكتبه التنفيذي ي �ب��رران مل��ا ح��دث باستحياء ‪ ،‬االم ��ر محير‬ ‫ومستهجن ‪ ،‬ويتوقف الزمن في اللحظة التي أعلن فيها عن التأكد‬


‫تصريحات صدرت في األثناء عن وزير الدفاع‬ ‫البريطاني ووزير الدفاع الفرنسي بدت مشككة في‬ ‫قدرة الثوار على حسم املعركة‬ ‫املجلس االنتقالي ومكتبه التنفيذي يبرران كارثة‬ ‫اغتيال عبدالفتاح يونس باستحياء‬ ‫اشتدت ضربات القوات الدوليةملواقع النظام‬ ‫العسكرية حول طرابلس وبدأ الثوار في ليبيا‬ ‫يصوغون تصوراتهم اخلاصة ملا ينبغي أن يكون‬ ‫عليه الوطن من غير القذافي‬ ‫حتى يومنا هذا ال يزال ذلك اليوم غامضا ولم‬ ‫تعرف حقيقته بعد ‪ ..‬كيف ُفتحت طرابلس‬ ‫‪ ..‬من الذي فتحها ‪ ..‬وملاذا أنهارت كتيبة األمن‬ ‫بتلك السرعة ؟!!‬

‫من مقتل رئيس االركان ومرافقيه وجاري البحث عن اجلثث ‪.‬‬ ‫وبعد موكب جنائزي مهيب‪ ،‬تنحاز قبيلة العبيدات للوطن وتتحرك‬ ‫عجلة الزمن ‪ ،‬لتستمر الثورة ويزيد االلتحام من شذوتها ويتحرك‬ ‫الثوار لتحقيق اخليار الوحيد االنتصار والثأر للشهيد وتصدح‬ ‫حناجر الليبيني بساحة التحرير حترض شباب العاصمة لتحريرها‪،‬‬ ‫وثوار مصراته يستكملون سيطرتهم على أريافها ‪ ،‬وصدى تكبيرات‬ ‫الثوار الزاحفني من جبل نفوسة تتردد في ردهات باب العزيزية‬ ‫‪،‬كل ذلك كان له وقع الصاعقة على القذافي ‪،‬فتحول إلى مجرد‬ ‫ظاهرة صوتية وباتت ن��داءات��ه للماليني املزعومة بالزحف على‬ ‫املناطق احملررة ‪،‬دليال دامغا على انسالخه متاما عن الواقع ‪..‬‬ ‫في مؤمتر اسطنبول ‪،‬قرر أصدقاء الشعب الليبي‪ ،‬في الرابع عشر‬ ‫من يوليو دعمه مبزيد العون امل��ادي واملعنوي‪ ،‬فاشتدت ضربات‬ ‫القوات الدولية ملواقع النظام العسكرية حول طرابلس وبدأ الثوار‬ ‫في ليبيا يصوغون تصوراتهم اخلاصة ملا ينبغي أن يكون عليه‬ ‫الوطن من غير القذافي‪.‬‬ ‫مع مطلع شهر أغسطس ‪،‬بات نظام القذافي في الرمق األخير من‬ ‫جذوته‪ ،‬وحتول إلى مجرد صورة على شاشة التلفزيون الرسمي‪،‬‬ ‫في احل��ادي عشر من أغسطس‪ ،‬بدأت ملحمة حترير طرابلس‪،‬‬ ‫وشرعت سرايا الثوار املتجمعني باجلبل في الزحف نحوها عبر‬ ‫ثالث محاور‪ ،‬محور صبراته ‪،‬محور الزاوية ومحور سواني بن آدم‬ ‫‪،‬بينما بدأ ثوار مصراته زحفهم من اجلهة الشرقية ‪،‬وفي غضون‬ ‫خمسة أيام فقط كان حصار طرابلس من جميع اجلهات ‪،‬قد بات‬ ‫محكما‪.‬‬ ‫كانت قبضة الثوار على العاصمة‪ ،‬أشد قوة من أن تفلتها أوهام‬ ‫القذافي ‪،‬ولكن البغدادي احملمودي كان ما يزال يسبح في بحيرة‬ ‫الوهم ذاتها ‪،‬ويجدف ضد التيار‪.‬‬ ‫العشرون من أغسطس لعام ألفني وأحد عشر‪ ،‬وافق العشرين من‬ ‫شهر رمضان املبارك‪ ،‬ككل املسلمني في العالم درج الليبيون على‬ ‫االحتفال بهذا التاريخ كذكرى متجددة لفتح مكة ولكن االحتفال في‬ ‫طرابلس ليلتها كان بنكهة مغايرة‪..‬‬ ‫لقد ارتفعت احلناجر بالتهليل والتكبير ‪،‬في املساجد‪ ،‬وفي البيوت‬ ‫‪،‬وفي األزق��ة والشوارع على السواء‪ ،‬حلظة أذان املغرب ‪ ،‬وحتى‬ ‫يومنا هذا الي��زال ذلك اليوم غامضاً ولم تعرف حقيقته بعد ‪..‬‬ ‫كيف فتحت طرابلس ؟ ومن الذي فتحها ؟ وملاذا انهارت كتيبة األمن‬ ‫بتلك السرعة ؟ ولكن سيجيب التاريخ يوما عن هذه التساؤالت‪...‬‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫امليكافيلليون اجلدد‪..‬‬

‫األزم��ة الليبية أزم��ة وع��ي وتكافل ب��األس��اس‪ ..‬وأزم��ة‬ ‫مدنية عميقة‪!..‬‬ ‫األزم���ة الليبية مشرعة على جميع االح��ت��م��االت ‪..‬‬ ‫تبع ًا لتعدد االجت��اه��ات الفكروية «اإليديولوجية‪/‬‬ ‫أدل���وج���ة» وال��ث��ق��اف��وي��ة وال��ب��راغ��م��ات��ي��ة وال��ف��ردان��ي��ة ‪,‬‬ ‫فتعملق إح��س��اس األف���راد ب��ذوات��ه��م وت��وف��ر إمكانات‬ ‫فائقة ورهيبة للتعبير عن وجودهم بشكل محسوس‬ ‫ومؤثر ‪ ,‬مقارنة بحجمهم الطبيعي ومجتمعهم يشكل‬ ‫بعد َا أضافي ومحرج لالزمة‪ ,‬ويعد التمسك الفاشي‬ ‫ل�لأف��راد بتحقيق فرديتهم ومصاحلهم وقهر الوطن‬ ‫أشد العوامل تأثير ًا في أحداث األزمة‪!..‬‬

‫عبدالواحد حركات‬

‫ّ‬ ‫صناع األزمــــــ‬ ‫ليبيا القارة مساحة وثروة قزم حضاري مجافي للمدنية‪ ,‬حتتكره فلسفة‬ ‫بدائية مفخخة وحتتجزه بزمن وثقافة القبيلة والعائلة والزعامة‪ ,‬حيث‬ ‫تتآلف املتناقضات وتزداد سطوة األفراد « املستأسدين السادة»‪ ,‬ويزداد‬ ‫تأثيرهم وتأثير رؤاهم ومواقفهم حسب مصاحلهم ومواقعهم من األزمة‪,‬‬ ‫وتتبدى لالزمة ص��ورة اجتماعية مختصرة لعدد ضئيل من األف��راد‬ ‫ذوي السطوة االجتماعية الالعبني والعابثني بفرديتهم على استقرار‬ ‫الوطن‪!!...‬‬ ‫لعل الفردانية أبشع وأعنف أوجه األزمة الليبية وأعقدها‪ ..‬ومتثل األس‬ ‫واألساس لتضاءل أخالقيات الصراع واستعار العنف وبدائية أساليبه‪,‬‬ ‫واحملفز األول لكل االنتهاكات الصارخة لكرامة اإلنسان واستقرار‬ ‫اإلخوان يلجأون إلى ميكافيللي‬


‫ثيوقراطيو ليبيا رفضهم الشعب‬

‫ـــة في ليبيا‬ ‫ال��وط��ن‪ ..‬ف��األف��راد املدججون باملطامع والطامحون للسلطة خاضوا‬ ‫ص��راع السلطة بأساليبهم البدائية‪ ,‬ول��م يستطيعوا أن يفلتوا فكرياً‬ ‫وسياسياً من بيئتهم الفكروية املتدنية حضارياً‪ ,‬ولم يستطيعوا اإلفالت‬ ‫من رك��ام عزلتهم االجتماعية التي يعيشونها قسراً بسبب انخفاض‬ ‫الكثافة السكانية واتساع املساحة‪ ,‬فالليبيون اعتادوا وأتقنوا العيش‬ ‫في مجموعات اجتماعية صغيرة ذات أمناط ثقافوية موروثة مسيجة‬ ‫بالقداسة‪ ,‬أدت إلي حشرهم في التغيير وإدارة بعضهم له من ذات‬ ‫منطلقات بيئاتهم الضيقة‪ ,‬فارتدوا به إلي زمن مدائن اإلغريق وسكبوا‬ ‫ذاكرتهم وأسطورياتهم املفبركة على أرصفة التغيير وساحاته‪ ,‬وأشعلوا‬ ‫الصراخ والصياح «الديكي» لالستحواذ على التغيير واحتكاره ووسمه‬

‫بالقبائلية قسراَ‪!...‬‬ ‫الوعي والوعي املضاد املقتل «النقطة األضعف واألكثر حساسية وتأثراً‬ ‫وتأثيراً» والسالح‪!..‬‬ ‫ليبيا مجتمع أف��راد ‪ ..‬والفزع من التغيير ال��ذي عايشه األف��راد «ذوي‬ ‫السطوة» أجلأهم كرهاً إلي اإلنغراس « البراغماتي» في رمال العشيرة‬ ‫وامل��وروث والقدمي‪ ,‬وأطلق العنان لسحب صفات األف��راد وثورجيتهم‬ ‫وانتمائهم للتغيير أو معارضتهم له على مفردات بيئاتهم االجتماعية‪,‬‬ ‫وباتت الكيمياء االجتماعية هي ذاتها كيمياء التغيير‪ ,‬وأمست القضايا‬ ‫االجتماعية «قدمية أو ج��دي��دة» قضايا التغيير ومنغصاته‪ ,‬ومنافذ‬ ‫وض� ��رورات السلم االجتماعي‪ ,‬ه��ي ذات�ه��ا منافذ وض� ��رورات السلم‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫امليكافيلليون اجلدد‪..‬‬

‫الذراع السياسية لإلخوان‬

‫محمد صوان‬

‫السياسي والسلم املعاكس واملضاد للحرب والعنف‪!..‬‬ ‫حالة االستقرار املقتطع االفتراضي والهش التي عايشها الليبيون فترة‬ ‫املجلس االنتقالي‪ ,‬ارتكزت واعتمدت على عاملي اخلوف واالنتماء‪,‬‬ ‫والتمثيل االجتماعي لليبيني في املجلس االنتقالي وفق مبدأ األسبقية‬ ‫الثورية‪ ,‬أو العالقات الفردية «الشخصية»‪ ,‬أوجد نوعاً من القبول لدى‬ ‫اغلب الليبيني»البسطاء‪/‬غير ذوي السطوة» لفترة‪ ,‬ولكنه عاد ليشعل‬ ‫األرض ويحدث رد فعل متذبذب «رفضاً وقبوالً» بعد انتقال املجلس‬ ‫االنتقالي لطرابلس وإعالن التحرير‪ ,‬وبدء تكوين النظام البديل وهيكلة‬ ‫املؤسسات وحمل أعباء السلطة‪ ,‬وقتئذ بدأت املفاضلة والتمييز بني‬ ‫التغييريني «رواد التغيير» وفق انتماءاتهم االجتماعية‪ ..‬وحجبت الرؤية‬ ‫عن البسطاء لتشكيل قناع اجتماعي للتغيير‪ ,‬ومت حتويل التغيير إلي‬ ‫مالحم قبائلية‪ ,‬وعاد الليبيون رويداً رويداً إلي املاضي‪ ,‬وبعثوا في العظام‬ ‫املهترئة احلياة‪ ,‬وانشدوا العزلة معزوفة للبقاء‪!..‬‬ ‫الصراع ‪ ..‬لم يحدث بغتة‪ ..‬بل جعلوه يحدث‪ ..‬و أرادوه بعمق ‪!!..‬‬ ‫قد يكون اغتيال «عبد الفتاح يونس» بداية العنف الثيوقراطي ضد‬ ‫اخلصوم‪ ,‬أو يكون الوعي املتفوق لقيادات اإلخوان في ليبيا حملهم على‬ ‫افتتاح مبكر للحرب السياسية‪ ,‬وتوجيه انتقادات حادة ومباشرة ألعضاء‬ ‫املكتب التنفيذي‪ ,‬وبدء مرحلة الصراع وإشعاله بأيدي علي الصالبي‬ ‫وسليمان بغطوس»املراقب العام جلماعة اإلخ��وان املسلمني في ليبيا‬ ‫أنذاك « ‪,‬وقد مثلت الفتاوى املؤدجلة وامللوثة للمفتي «الصادق الغرياني»‪,‬‬ ‫إعالناً صريحا حلرب مقدسة على حزب حتالف القوى الوطنية باعتباره‬ ‫مناصراً لليبرالية «الكافرة»‪ ,‬وارتفعت شعارات العداء للتعبير عن رغبات‬ ‫الثيوقراطيني املتمثلني بجماعة اإلخوان في السلطة وإتباعهم لسياسة‬ ‫التكفير كوسيلة إلقصاء اخلصوم السياسيني‪!...‬‬ ‫بال ريب‪ ..‬املهارة السياسية جلماعة األخوان املسلمني الليبية لم تأتي‬ ‫فتحاً إلهياً أو هبة ربانية‪ ,‬بل جاءت نتيجة اختالطات سابقة وتدريبات‬ ‫على األراض��ي األفغانية ضمن مقاتلي تنظيم القاعدة ‪ ,‬حيث تشرب‬ ‫أغ�ل��ب اإلس�لام��وي��ون الليبيون فكر اجل �ه��اد ومنهج إق��ام��ة اخلالفة‬ ‫وترسيم اإلسالم كسلطة سياسية من الزعماء اإلسالمويون املتواجدين‬ ‫بأفغانستان أثناء وبعد اجلهاد ضد القوات السوفيتية‪ ,‬وكذلك نتيجة‬ ‫التواصل املباشر والتخطيط املشترك واالمتزاج املؤسساتي والعملي مع‬ ‫جماعة األخوان «األم» في مصر‪ ,‬وشكل وصول جماعة اإلخوان للسلطة‬ ‫في مصر وتولي «محمد مرسي» للرئاسة دافعاً إضافيا ‪ ,‬فتح شهية‬ ‫قيادات جماعة اإلخ��وان الليبية للسلطة‪ ,‬ودفعهم إلي تسريع اخلطى‬ ‫حليازة السلطة وفرض مشروعهم من خاللها‪ ,‬ووطنوا ألعضاء اجلماعة‬ ‫في السلطات التشريعية والتنفيذية وأغلب املؤسسات احليوية واملصرف‬ ‫املركزي‪ ,‬لضمان سيطرتهم على منابع القرار وحتكمهم فيه‪ ,‬وقد كانت‬ ‫مساعي جماعة األخ��وان مركزة على جلنة صياغة الدستور‪ ,‬لدسترة‬ ‫أحالمهم وأمانيهم وحتويل ليبيا دستورياً إلي دولة ثيوقراطية سجينة في‬ ‫جلباب اجلماعة ورهينة ملنهجها‪!..‬‬

‫بلحاج كان رفقة الصالبي يديران غرفة عمليات‬ ‫إخوان ليبيا من تونس‬

‫الصادق الغرياني مازال مستمرا في إصدار الفتاوى املؤدجلة‬

‫يعتبر «علي الصالبي»املنظر وامل�ب��رم��ج لتحركات جماعة األخ��وان‬ ‫املسلمني الليبية‪ ,‬وقد كانت لتحركاته وامتزاجه املريب مبشروع الغد‬ ‫‪ ,‬وانضمامه إلدارة مؤسسة القذافي وتفاعله الصريح مع مشروع الغد‬ ‫والتحاقه به ‪ .‬نتائج باهرة بالنسبة للجماعة‪ ,‬إذ ساهم بشكل أساسي‬ ‫في اإلفراج عن مجموعات كبيرة من أعضاء اجلماعة املعتقلني بسجن‬ ‫أبي سليم‪ ,‬وقد جعل من املفاوضات بني اجلماعة ونظام القذافي نقطة‬ ‫انقالب حقيقة في أيدلوجيا النظام العنيفة ضد اجلماعة‪ ,‬وكذلك في‬ ‫أيدلوجيا اجلماعة ضد النظام أيضاً‪ ,‬وأحدث حالة هدنة حسنة سرعان‬ ‫ما حتولت إل��ي وف��اق ضمني ح��ول اإلص�لاح والتغيير‪ ,‬وك��ان لرضوخ‬ ‫اجلماعة متمثلة بأعضائها املعتقلني ملقترح املراجعات وتنفيذه‪ ,‬أثر‬ ‫كبير في عودتها ومشاركتها في إدارة التغيير عبر بعض أعضائها الغير‬ ‫متشددين‪ ,‬وقد عاش «علي الصالبي» وصالت عناق طويلة مع نظام‬ ‫القذافي‪ ,‬جعلته موضع ثقة و ُمنحت له املزايا والهبات‪ ,‬فسمح النظام‬ ‫بطباعة بعض مؤلفاته ونشرها وتوزيعها‪!..‬‬ ‫لقد ح��اول «علي الصالبي» االنشقاق عن جماعة األخ��وان و تشكيل‬ ‫جماعة داخلية متصاحلة مع النظام‪ ,‬وكان ألطروحاته ونقاشاته وقتئذ‬ ‫نقاد ومعارضني م��ن أع�ض��اء جماعة اإلخ ��وان داخ��ل ليبيا «املنطقة‬ ‫الشرقية» وخارجها «أفغانستان» ‪ ,‬وقد اعتبرت بعض الفرق والفصائل‬ ‫اإلسالمية أفعاله مناقضة ملنهج اجلماعة وأسلوبه مطعن في سلوكها‪,‬‬ ‫وقد شكلت املراجعات التي كان عرابها وإمامها نقطة حتول بالنسبة‬


‫اإلخوان أول املستفيدين من اغتيال عبدالفتاح يونس‬

‫الصالبي ‪ ..‬ولعبة االنشقاق‬

‫القذافي‪ ,‬وأصبح وجود «عبد احلكيم بلحاج» وظهوره كزعيم ثوري وقائد‬ ‫لإلسالميني الليبيني‪ ,‬والزالت اآلراء واالختالفات حول تلك املراجعات‬ ‫لثوار طرابلس أمر واقع أذعن له اجلميع ‪!..‬‬ ‫وض ��رورة االل�ت��زام بها أو نقضها محور ن��زاع ومبعث شقاق بالنسبة‬ ‫املعارك اإلعالمية التي نسقها «علي الصالبي « وخاضها مبجموعته‬ ‫لإلسالميني‪ ,‬ورغ��م انضمام « علي الصالبي» لالنتفاضة ضد نظام‬ ‫املتصاحلة مع نظام القذافي كانت م��دب��رة‪ ,‬وكانت الوسيلة األس��رع‬ ‫القذافي‪ ,‬وظهوره على الفضائيات العربية وأحادثيه املعارضة لنظام‬ ‫واألجن��ع واألده��ى لتبرئته وحشره ومجموعته داخ��ل الصراع الهادف‬ ‫القذافي والداعية إلسقاطه‪ ,‬إال أن دوره معدوم في احلراك احلقيقي‬ ‫إلسقاط النظام‪ ,‬وفور انتهاء املعركة املسلحة افتتح «علي الصالبي»‬ ‫الذي أنطلق في بنغازي والبيضاء‪ ,‬ولم يكن له أي دور في النشاطات‬ ‫معركته السياسية ضد خصومه ‪!..‬‬ ‫السياسية التي خاضها املجلس االنتقالي للحصول على االعترافات‬ ‫الرؤى واألفعال الفردية التي اقترفها «علي الصالبي» فعلت فعلتها‪ ,‬وغيرت‬ ‫الدولية وضمان الدعم واملساندة‪ ,‬ولم يشأ «علي الصالبي» أن يكون‬ ‫مسار أح��دث التغيير‪ ,‬ووسمته بسمة إسالموية‪ ,‬وك��ان لوعي جماعة‬ ‫عضواً باملجلس لرغباته االنفصالية املبيتة‪!..‬‬ ‫األخ� � ��وان امل �س �ل �م�ين ب�ت�ض��اري��س‬ ‫وس ��ط األح � ��داث وأث��ن��اء احل��رب‬ ‫وتفاصيل اللعبة السياسية دور‬ ‫في البريقة ورأس األنوف‪ ..‬أحتذ‬ ‫كبير ف��ي الهيمنة‪ ,‬ول�ع��ل ارت�ف��اع‬ ‫اخل �ل�اف ب�ين «ع �ل��ي ال�ص�لاب��ي»‬ ‫عدد أعضائها من «‪»1000‬عضو‬ ‫واغ �ل��ب األع �ض��اء ال�ف��اع�ل�ين في‬ ‫يعد التمسك الفاشي لألفراد بتحقيق مصاحلهم أشد‬ ‫ّ‬ ‫ف� ��ي «‪ »2011‬إل � ��ي م� ��ا ي �ف��وق‬ ‫املجلس االنتقالي‪ ,‬و تسبب في‬ ‫العوامل تأثير ًا في أحداث األزمة‬ ‫«‪ »100000‬ف��ي «‪»2014‬حسب‬ ‫انشقاق اإلسالميني وانسالخهم‬ ‫تصريحات «محمد ص��وان» دليل‬ ‫ع��ن ق �ي��ادة املسلحني ال �ت��ي ك��ان‬ ‫يرأسها «عبد الفتاح يونس»‪ ,‬ومت الفردانية أبشع أوجه األزمة الليبية ‪ ..‬ومتثل األساس في‬ ‫على امتالكها إلمكانيات أضافية‪,‬‬ ‫تضاءل أخالقيات الصراع‬ ‫وح �ي��ازت �ه��ا مل �ع �ط �ي��ات وس�ل�ط��ات‬ ‫تكوين غرفة إلدارة العمليات في‬ ‫وإم �ك��ان��ات اس�ت�ق�ط��اب متفوقة‪,‬‬ ‫تونس خاصة باجلماعة ومن تبعها‬ ‫م��ن اإلس�لام��وي�ين يرأسها «علي الفزع من التغيير الذي عايشه ذوو السطوة أجلأهم كرها إلى‬ ‫ولعل الصورة الظاهرية اخلادعة‬ ‫مل �ش��روع اجل�م��اع��ة وحتكمها في‬ ‫الصالبي وعبد احلكيم بلحاج»‪,‬‬ ‫االنغراس في رمال العشيرة واملوروث القدمي‬ ‫مفاصل ال��دول��ة وم��وارده��ا سبب‬ ‫وق���د ن �ش��ط اس �ت �خ��دام أع �ض��اء‬ ‫نفوذها وسطوتها‪ ,‬باإلضافة إلي‬ ‫جماعة اإلخ��وان مبدينة الزنتان‪,‬‬ ‫بعد انتقال املجلس االنتقالي إلى طرابلس بدأت املفاضلة‬ ‫انتماء قياداتها السياسيني «علي‬ ‫وتكوين كتائب منفصلة وموازية‬ ‫والتمييز بني رواد التغيير وفق انتماءاتهم االجتماعية‬ ‫الصالبي ومحمد ص��وان» ملنطقة‬ ‫تديرها الغرفة املشكلة بتونس‪,‬‬ ‫وبعد اغتيال « عبد الفتاح يونس» م ّثلت الفتاوى املؤدجلة وامللوثة للصادق الغرياني إعالنا صريحا واحدة ‪ ,‬وكذلك للسلبية املعتادة من‬ ‫العوام حيال مصيرهم ومستقبل‬ ‫تغير امل��س��ار‪ ,‬وأذع� ��ن «محمود‬ ‫حلرب مقدسة على حزب التحالف‬ ‫وطنهم أعظم وأفظع تأثير‪!..‬‬ ‫جبريل» للواقع االنقسامي الذي‬ ‫يجسد «ع�ل��ي ال �ص�لاب��ي» أفظع‬ ‫ف��رض��ه «ع�ل��ي ال �ص�لاب��ي» بشأن‬ ‫ع�م�ل�ي��ة حت��ري��ر ط��راب �ل��س‪ ,‬وق��د كانت مساعي اإلخوان مركزة على جلنة صياغة الدستور بغية من��اذج امليكافيللية املخبوءة في‬ ‫ات� �ض ��ح أن ال �ت �ج �ه �ي��زات ك��ان��ت حتويل ليبيا إلى دولة ثيوقراطية سجينة في جلباب اجلماعة م�ن�ه��ج ج �م��اع��ة األخ� � ��وان‪ ,‬وتعد‬ ‫تنقالته وتلبسه املتكرر مبواقف‬ ‫منفصلة‪ ,‬وأن املجموعات التي‬ ‫ي��دي��ره��ا «ع �ل��ي ال�ص�لاب��ي وعبد عاش الصالبي وصالت عناق طويلة مع نظام القذافي جعلته‬ ‫مناقضة للجماعة‪ ,‬وابتعاده عن‬ ‫قضاياها وصمته املريب حيالها‬ ‫احلكيم بلحاج» جتهزت مبيزانية‬ ‫موضع ثقة ومنحت له املزايا والهبات‬ ‫خ��ط��وات جت�ه�ي��زي��ة الن�ش�ق��اق��ه‪,‬‬ ‫منفصلة‪ ,‬وأن مهمتها كانت بسط‬ ‫وتكوين جماعة مغايرة مستعدة‬ ‫السيطرة على مدينة طرابلس‪,‬‬ ‫أذعن محمود جبريل للواقع االنقسامي الذي فرضه علي‬ ‫خل� ��وض امل � �ع� ��ارك ال �س �ي��اس �ي��ة‪,‬‬ ‫بعد ف��راغ كتائب ال��زن�ت��ان وث��وار‬ ‫الصالبي بشأن عملية حترير طرابلس‬ ‫ومستعدة التخاذ مواقف مختلفة‬ ‫ط��راب �ل��س وم �ج �م��وع��ات «م�ه��دي‬ ‫ح � �ي� ��ال م� ��وض� ��وع� ��ات اجل� �ه ��اد‬ ‫احل ��اراث ��ي» م��ن دخ� ��ول معسكر‬ ‫واإلرهاب‪!..‬‬ ‫باب العزيزة وهزمية قوات نظام‬


‫‪26‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫ليبيا وأسماء المرقش‬ ‫الصديق بودوارة‬ ‫« فما بالي أفي ويُخان عهدي ‪ ..‬وما بالي أُصا ُد وال أصي ُد «‬ ‫يقول لنا التاريخ البعيد إن شاعراً اسمه «املرقش األكبر» كان‬ ‫يعشق امرأ ًة اسمها « أسماء» ‪،‬بينما يقول الليبيون إنهم يعشقون‬ ‫«ليبيا» ‪ ،‬لكن املر ّقش يرفع اسم محبوبته إلى النجوم بينما يخسف‬ ‫الليبيون مبعشوقتهم األرض ‪.‬‬ ‫هكذا األمر ‪..‬‬ ‫رج ٌل واحد يعلّم ماليني البشر درساً في العشق ‪ ،‬ويفتح لهم فص ً‬ ‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫مدرسة كبيرة اسمها مدرسة االنتماء ‪ ،‬فهل تسمحون لي اآلن‬ ‫في‬ ‫أن أخبركم شيئاً عن «املر ّقش األكبر» ؟‬ ‫هو « عمرو بن سعد بن مالك» ‪ ،‬من قبيلة بكر‪ ،‬كان شاعراً فح ً‬ ‫ال‬ ‫يطيعه احلرف ‪ ،‬وتُسل ُم له اللغة زمامها ‪ ،‬وقد تورط في محنة‬ ‫ٍ‬ ‫ورطة أكبر من أن تُقحم نفسك وتاريخك في‬ ‫العشق ‪ ،‬وهل من‬ ‫متاهة العشق ؟‬ ‫لقد عشق «امل��ر ّق��ش» ابنة عمه أسماء ‪ ،‬كما عشقنا نحن أمنا‬ ‫الكبيرة احلنون «ليبيا» ‪ ،‬غير أن الرجل كان أكثر صدقاً منا في‬ ‫عشقه ‪.‬‬ ‫عشقها «املرقش» ‪ ،‬غير أن «أسماء» ‪ ،‬وكعادة كل قصص الغرام‬ ‫الناجحة ‪ ،‬لم يُكتب لها أن تصبح زوجته ‪ ،‬بل انصاعت الى فراش‬ ‫رجل آخر طلب جسدها من ابيها مستغ ً‬ ‫سفر‬ ‫ال غياب املرقش في ٍ‬ ‫طويل لياتي لها باملهر ‪.‬‬ ‫في هذه احلالة يصبح التعبير الصحيح هو ان الرجل طلب «جسد»‬ ‫املرأة ‪ ،‬لكن العرب الزالوا يقولون تأدباً إنه « طلب يدها « ‪.‬‬ ‫لن أت��ورط في ه��ذه التفاصيل ‪ ،‬بل سأمعن في السرد وأتوغل‬ ‫في املقارنة ‪ ،‬لعلي أعود في نهاية املطاف مبا يشفي من الغليل‬ ‫بعضه ‪.‬‬ ‫يرحل «املرقش» في طلب مهر حبيبته ‪ ،‬بينما نتفنن نحن اآلن في‬ ‫«التهام» مهرها ‪ ،‬حبيبتنا األثيرة تلك ‪ ،‬نستنزف مواردها ‪ ،‬وننهل‬ ‫من ماء عينيها ‪ ،‬ونشبع حتى التخمة من خيرها الوفير ‪ ،‬دون أن‬ ‫نتحرك من مكاننا خطوة واحدة ‪ ،‬إن «املرقش» يفوقنا عشقنا ايها‬ ‫السادة بألف وخمسمئة عام كاملة غير أننا لم ننتبه بعد ‪.‬‬ ‫ويعود «املرقش» من سفره ‪ ،‬ليجد أن حبيبته قد انتقلت الى فراش‬

‫رجل غريب لم يعشق يوماً‪ ،‬ولم يكتب شعراً في عيون حبيبته ‪،‬‬ ‫ولم يسهر ساع ًة رملي ًة واحدة في انتظار موعدها اخلفي ‪ ،‬إنه‬ ‫فقط جمع ماله في كيس من اجللد وقصد خيمة أبيها البعيدة‬ ‫‪ ،‬واشترى منه جسداً مترعاً باملفاتن مقابل قيمة نقدية متفق‬ ‫عليها ‪ ،‬ثم استأجر ضمير املجتمع النائم ليسمي عملية الشراء‬ ‫هذه بأنها حفل زواج شرعي ال تنقصه األختام وال تعوزه األوراق‬ ‫الرسمية ‪.‬‬ ‫إن عادة بيع أجساد النساء في تاريخ العرب تشبه متاماً عادتهم‬ ‫في بيع األوطان املسكوت عن تاريخ بيعها وتفاصيله ‪ ،‬فال شيء‬ ‫سيتعرض لهتك ستره مادام الثمن سرياً والبيع آمناً والربح هائ ً‬ ‫ال‬ ‫بجميع املقاييس ‪.‬‬ ‫بكيس من اجللد محشو بالعملة الذهبية ‪،‬‬ ‫باع والد «أسماء» ابنته‬ ‫ٍ‬ ‫ليرجع «املرقش» ليجد نفسه بال حبيبة ‪ ،‬وبعنا نحن ليبيا بكيس‬ ‫أسطوري بشع ‪ ،‬محشو بالضجيج والقادمني من اخل��ارج وقادة‬ ‫امليليشيات وزع�م��اء األح ��زاب الوهمية وكهنة ال��دي��ن العابسني‬ ‫وق �ن��وات الفضاء البائسة وف�ي��دي��وه��ات العنف والعنف املضاد‬ ‫واجلماعات اخلارجة عن الزمن وماليني النشطاء السياسيني‬ ‫واحملللني االستراتيجيني والنساء املتجهمات في منظمات املجتمع‬ ‫املدني وحفنة من كتبة الدستور البطيء وصفحات التويتر وحزمة‬ ‫مشبوهة من مناشير الفيسبوك العابثة ‪.‬‬ ‫لقد باع والد «أسماء» ابنته بثمن أغلى من الثمن الذي بعنا به ليبيا‬ ‫أيها السادة ‪ ،‬لكنه مات دون أن يعلم مبدى أرباحه من الصفقة‬ ‫‪ ،‬كما سنموت نحن قبل أن نعرف مدى بشاعة خسارتنا التي ال‬ ‫تُقدر بثمن ‪.‬‬ ‫ويعود «املرقش» ‪ ،‬ليجد خيم ًة خالي ًة من العشيقة ‪ ،‬كما عدنا نحن‬ ‫خال من احملبة ‪ ،‬لكنه ال يستسلم لواقع‬ ‫ذات يوم لنفاجأ‬ ‫بوطن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سفر طويلة سعياً وراءها ‪ « ،‬أسماء «‬ ‫احلال مثلنا ‪ ،‬بل يبدأ رحلة ٍ‬ ‫‪ ،‬حبيبة عمره وفاحتة درسه البعيد ‪ ،‬وفي رحلته هذه يخونه زوج‬ ‫أخته ‪ ،‬وتخونه أخته ‪ ،‬ويغدر به أقرب الناس إليه ‪ ،‬وال يترفق به‬ ‫سوى راعي غنم عابر ليوصله إلى خيمة محبوبته مريضاً يعاني‬ ‫سكرات املوت ‪ ،‬فتقوم على تطبيبه والعناية به حتى يُسلم روحه‬


‫بني يديها ‪ .‬وهو ينشد أبياته املذهلة مصوراً واقع احلال ‪:‬‬ ‫« فما بالي أفي ويُخان عهدي ‪ ..‬وما بالي أُصا ُد وال أصي ُد «‬ ‫وال ينسى أن يفتتح ابياته الرائعات بنكهة أيامه كلها ‪:‬‬ ‫«سرى لي ً‬ ‫ال خيا ٌل من سليمى ‪ ..‬فأ ّرقني وأصحابي هجو ُد «‬ ‫يلبس « املرقش « هنا ثوب الوطن ‪ ،‬ويخلع عنه رداء املواطن ‪ ،‬إنه‬ ‫يذكرني بليبيا ‪ ،‬وكأني أسمعها تنشد معه بحرقة ‪:‬‬ ‫« فما بالي أفي ويُخان عهدي ‪ ..‬وما بالي أُصا ُد وال أصي ُد «‬ ‫وكأني بها تشكو رداءة حال عشاقها الذين توفي بعهودهم فتمنحهم‬ ‫ضرعها يسقيهم احلليب ‪ ،‬فيغدرون بها ليمنحوها خالفاً ميزق‬ ‫قلب ال يخفق لغير الضجيج ‪.‬‬ ‫الضرع ‪ ،‬ويخاطبونها بلسان ٍ‬ ‫كان هذا هو حال املرقش منذ ألف وخمسمئة ٍ‬ ‫سنة مضت ‪ ،‬فكيف‬ ‫هو حالنا اآلن ؟‬ ‫إننا نلعب اللعبة اخلطرة القدمية ‪ ،‬نبيع جسداً ‪ ،‬ونسمي عملية‬ ‫البيع هذه «طلب يد «‪ ،‬ومنعن في اخلداع ‪ ،‬فنشتري من الغرب‬ ‫حمل دره��م دميقراطية ‪ ،‬وتوابل من منظمات مجتمع مدني ‪،‬‬ ‫وعيدان قرنفل من أحزاب باهتة اللون ‪ ،‬وفكراً مستورداً عدمي‬ ‫الرائحة كأزهار البالستيك ‪ ،‬وحزم ًة من أيديولوجيا ال عالقة لنا‬ ‫قريب أو بعيد ‪ ،‬ثم نخلط هذا كله في معصرة «مولينكس»‬ ‫بها من‬ ‫ٍ‬ ‫مستوردة بدورها ‪ ،‬لنشرب بعدها سائ ً‬ ‫ال هجيناً قد يحتمل أن‬ ‫نطلق عليه أي اسم ‪ ،‬إال أنه الوطن ‪.‬‬ ‫خطأ تاريخي ‪ ،‬نزيده بشاع ًة بعجز «تاريخي» أيضاً عن احلوار‬ ‫بصيغة حضارية تليق باسم ليبيا على األقل ‪.‬‬ ‫إننا منعن في السقوط ‪ ،‬لكن دوي سقوطنا ال يسمع به أحد ‪.‬‬ ‫دوي سقوطنا ال يسمع به أحد ‪ ،‬ولن يسمع به أحد أيها السادة ‪،‬‬ ‫وذلك ألن العالم مشغول اآلن بنهائي «الشمبيونزليج « ‪ ،‬ومشغول‬ ‫باختراع اآلي�ف��ون ‪ ، 6‬واجل��االك�س��ي ‪ ، 6‬ومشغول بأبحاث عن‬ ‫امكانية احلياة على املريخ ‪ ،‬ومشغول بجوائز نوبل في األدب‬ ‫والعلوم واالقتصاد ‪.‬‬ ‫إن العالم يعيش حياته احلقيقية املمتعة اخلالقة فيما ننشغل‬ ‫نحن ومعنا « أمة العرب فداك العربي « ‪ ،‬بعدد قتلى احلوثيني‬ ‫في اليمن واألطفال املشوهني في سوريا واألرقام املريعة لتدني‬

‫االقتصاد في ليبيا ‪ ،‬والرؤوس املذبوحة على امتداد محاور القتال‬ ‫من احمليط على اخلليج ‪.‬‬ ‫ال أحد ينجح في االمتحان اآلن ‪ ،‬وإذا كانت هناك مرتبة شرف‬ ‫للفشل ـ فأن العرب يستحقونها بال أدنى تردد ‪.‬‬ ‫ه��ذا هو املشهد من «جوجل اي��رث» ‪ ،‬فهل أع��ود بكم في نهاية‬ ‫املقالة إلى سطح األرض ؟‬ ‫حسناً ‪ ،‬قبل أن أغادركم أريد أن أخبركم بشيء ‪ ،‬وأن أقول لكم إن‬ ‫«املرقش» ميوت في نهاية القصة ‪ ،‬لكنه يعثر على حبيبته قبل أن‬ ‫ميوت ‪ ،‬ونحن ‪ ،‬وكعادة كل الكائنات ‪ ،‬سنموت في نهاية احلكاية ‪،‬‬ ‫فهل سنعثر على ليبيا قبل أن منوت ؟‬ ‫شخصياً ‪ ،‬ال أدري ‪ ،‬ولكن ‪ ،‬اسألوا «املرقش األكبر « فلعله يعرف‬ ‫اجلواب ‪.‬‬


‫‪28‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن (‪)6‬‬

‫عندما أطعم اليمنيون‬ ‫الدبابة!!‬ ‫براء الخطيب‬ ‫وقف «رضوان العزي» مستعدا مستعدا ملغادرة املكان وهو يهمس‪:‬‬ ‫«نحن نعيش في كربالء الثانية»‪.‬‬ ‫قال ذلك ثم مشى صامتا باجتاه العودة ومشيت إلى جواره صامتا‬ ‫كما لو كانت حكاية سيدي «الفضل» قد ذابت في روحي وامتزجت‬ ‫بدمائي‪ ،‬يا ألطاف الله أدركينا‪ ،‬اآلن تسمع أحزان كل من ماتوا‬ ‫غ��درا‪ ،‬اآلن أحزانهم تنتهي ثم تبدأ متعة البكاء‪ ،‬تبتل قمصانهم‬ ‫بالندى وال��دم‪ ،‬فأينا ش��رب األل��م يا سيدي «الفضل» وم��اذا بعد‬ ‫العطش يا حسني؟ وحني يتحجر املاء في عيون األطفال يتوارثه‬ ‫اجلدود واآلباء مرارة بطعم النار في القلوب‪ ،‬وتغلق القلوب أقفالها‬ ‫على العطش املقيم واملاء دون رأسك يا حسني‪ ،‬يفصل بني رأسك‬ ‫وبني اجلنة بئر ماء‪ ،‬تبتل روحك‪ -‬اآلن‪ -‬بدموع األطفال يا سيدي‬ ‫«الفضل» فتموت فرحا كاألمل املستحيل‪ ،‬سيان طعم املوت واجلنة‪،‬‬ ‫وف ��ي ك��ل م ��اء ق�م��ر وعصافير‬ ‫مسافرة‪ ،‬وأن��ت‪ -‬اآلن‪ -‬تقتفي‬ ‫أث� � ��ر ك� ��ل ال��ع��ط��ش��ى ف� ��ي ك��ل‬ ‫ال��زم��ان‪ ،‬وف��ي ه��ذه اللحظات‬ ‫قطع «رض� ��وان» حبل الصمت‬ ‫بيننا ومد ذراعه وتأبطني وهو‬ ‫يهمس‪:‬‬ ‫»لقد حدثت املعجزة»‪.‬‬‫لم أفهم معنى كالمه فسألته‪:‬‬ ‫»أية معجزة؟»‬‫قال‪:‬‬ ‫»ع �ن��دم��ا اس�ت�م��ع ال��رج��ل إل��ى‬‫ح� �ك ��اي ��ة ق� �ط ��ع ي�� ��دي س �ي��دي‬

‫العباس الفضل وقتل سيدنا احلسني وإخوته عليهم السالم فبكى‬ ‫فإن املعجزة حتدث له‪ ،‬وأنت بكيت مبشاعر صادقة‪ ،‬فحدثت لك‬ ‫املعجزة»‪.‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫»وهل البكاء معجزة؟»‪.‬‬‫قال‪:‬‬ ‫»بكاؤك هو بشائر حلول معجزة احلسني في حياتك‪ ،‬وسوف‬‫حتدث لك معجزة يبقى أثرها معك ما دمت حيا‪ ،‬فقد أدخلك‬ ‫الله معجزات احلسني‪ ،‬فترقب حدوث املعجزة التي سوف تغير‬ ‫حياتك»‪.‬‬ ‫طبعا أن��ا ل��م أأخ��ذ ك�لام «رض ��وان» بالنسبة حل��دوث املعجزات‬ ‫مأخذ اجلد ألنه بالتأكيد كان يحاول تخفيف تأثير حكايته عن‬ ‫اس�ت�ش�ه��اد احل �س�ين وال�ع�ب��اس‬ ‫وع� ��اش� ��وراء وك� ��رب �ل�اء‪ ،‬ورمب ��ا‬ ‫ك��ان ي��ري��د مكافأتي لتصديق‬ ‫حكاياته وأن تصديقي وتأثري‬ ‫ب �ح �ك��اي��ات��ه ل��ن ي��ذه��ب س��دى‪،‬‬ ‫ول� �ك ��ن ك� ��ان ش� �ع ��ور ب��ال��ره �ب��ة‬ ‫والتصديق بأن سيدنا «الفضل»‬ ‫قد أبدله الله في اجلنة ذراعيه‬ ‫امل �ق �ط��وع�ين ب �ج �ن��اح�ين يطير‬ ‫بهما بني املالئكة فيما كان وجه‬ ‫«الفضل» كما رسم في الصورة‬ ‫مي�لأ األف ��ق ف��ي داخ �ل��ي‪ ،‬لكنه‬ ‫ك��ان وجها م��ن اللحم املدمي‪،‬‬

‫حني يتحجر املاء في عيون األطفال يتوارثه‬ ‫اجلدود واآلباء مرار ًة بطعم النار في القلوب‬

‫خاطبني النقيب قائ ًال ‪ :‬أدخلتك هذه اإلصابة‬ ‫اخلفيفة في قائمة أبطال حرب اليمن‬


‫وعندما وصلنا إلى مقر القيادة وقبل دخولنا الدار قال «رضوان»‬ ‫بأنه سوف يذهب إلطعام حميره وأنه لن يتغيب عني كثيرا‪ ،‬فقلت‬ ‫له أني سوف أبقى في انتظاره ولن أذه��ب ألي مكان‪ ،‬انصرف‬ ‫«رض��وان» ومبجرد دخولي من ب��اب ال��دار أخبرني أح��د اجلنود‬ ‫أن سيادة النقيب «فتحي عبد املقصود» قائد السرية األولى كان‬ ‫يسأل عني ويتحتم علي اآلن مقابلته‪ ،‬متلكني اخلوف من الغضب‬ ‫احملتمل لقائد السرية لغيابي‪ ،‬وبدأت في جتهيز ما سوف أبرر به‬ ‫غيابي عن مقر القيادة لكني فوجئت بسيادة النقيب قائد السرية‬ ‫يخرج من غرفة مكتبه مسرعا كمن يريد أن يلحق بأحد ما‪ ،‬لكنه‬ ‫توقف أمامي وسألني‪:‬‬ ‫»هل أنت براء عبد الرءوف محمد اخلطيب؟‬‫أديت التحية العسكرية ووقفت انتباه وقلت‪:‬‬ ‫»متام يا فندم»‪.‬‬‫تفحصني س �ي��ادة النقيب في‬ ‫هدوء للحظات ثم قال‪:‬‬ ‫»يبدو أن إصابتك خفيفة يا‬‫جندي»‪.‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫»نعم يا فندم»‪.‬‬‫ابتسم وقال‪:‬‬ ‫»ومع ذلك فقد أدخلتك هذه‬‫اإلص��اب��ة اخلفيفة ف��ي قائمة‬ ‫أب �ط��ال ح ��رب ال �ي �م��ن‪ ،‬جاءتنا‬ ‫إش��ارة من قيادة الكتيبة بأنك‬ ‫متقدم المتحان الثانوية العامة‬

‫هذا العام‪ ،‬فهل أنت مستعد؟»‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫»متام يا فندم‪ ،‬ليس معي كتب ولم أذاكر يا فندم»‪.‬‬‫ضحك سيادة النقيب وقال‪:‬‬ ‫»وم ��ع ذل��ك س��وف تنجح‪ ،‬س��وف ت�ك��ون ه�ن��اك جلنة امتحانات‬‫الثانوية العامة لكل املجندين املصريني في اليمن وسوف يكون مقر‬ ‫جلنة امتحانات في مقر قيادة الفرقة في صنعاء في اليوم السادس‬ ‫من شهر مايو القادم وتنتهي االمتحانات في اليوم الثامن عشر من‬ ‫شهر مايو‪ ،‬نحن اليوم في التاسع والعشرين من شهر أبريل‪ ،‬أي‬ ‫أنك سوف متنح أجازة من اليوم حتى اليوم الثامن عشر من شهر‬ ‫مايو‪ ،‬تصريح أجازتك جاهز وميكنك تسلمه من قيادة فصيلتك»‪.‬‬ ‫لم أكن أتصور أن تسعة أيام كافية ألن أذاكر كل املواد الدراسية التي‬ ‫فشلت فيها ملدة ثالث سنوات‪،‬‬ ‫كما أنه لم يكن معي أي كتاب‬ ‫من كتب هذه امل��واد‪ ،‬فانتابتني‬ ‫ح��ال��ة ق��دمي��ة م ��ن اإلح �س��اس‬ ‫بالفشل املقيم لكني قررت طرد‬ ‫ه��ذه املشاعر‪ ،‬ووج��دت نفسي‬ ‫أسخر من فكرة املعجزة التي‬ ‫كان «رضوان» قد حدثني عنها‪،‬‬ ‫فها هي املعجزة حتدث ويتحدد‬ ‫ل ��ي م ��وع ��دا ل ��دخ ��ول ام �ت �ح��ان‬ ‫الثانوية العامة‪ ،‬لكنها معجزة‬ ‫عقيمة وال ف��ائ��دة منها فليس‬ ‫عندي أية فكرة عن أية مادة من‬

‫لم أكن أتصور أن تسعة أيام كافية ألن أذاكر كل‬ ‫املواد الدراسية التي فشلت فيها ملدة ثالث سنوات‬ ‫في كل ماءٍ قمر وعصافير مسافرة ‪ ..‬وأنت ـ اآلن ـ‬ ‫تقتفي أثر كل العطشى في كل الزمان‬


‫‪30‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫األطفال كانوا أيضا وقودا لتلك احلرب‬

‫املواد التي سوف أمتحن فيها بل ليس عندي أي كتاب وحتى لو كان‬ ‫عندي كل الكتب لكل املواد فليس عندي الوقت الالزم للمذاكرة فلم‬ ‫يتبق على يوم االمتحان إال تسعة أيام بالتمام والكمال‪ ،‬وليس من‬ ‫املعقول أن أفلح في مدة تسعة أيام فيما فشلت فيه في مدة ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬انسحبت خارجا من الدار دون أن أعرف وجهة محددة‬ ‫أجته إليها وأنا أحسب عدد األيام التي تتكون منها ثالث سنوات‬ ‫فلم أتوصل إلى نتيجة فانتابتني حالة من الزهق فقررت أن أصعد‬ ‫اجلبل قاصدا مقر فصيلتي للتشاور مع زميلي «بوشي» في األمر‪،‬‬ ‫لم أنتبه لنفسي إال عندما فاجأني اجلندي قائد الدبابة املصرية‬ ‫التي اتخذت موقعها بجانب الطريق وهو يسألني‪:‬‬ ‫»ملاذا تكلم نفسك يا دفعة؟»‬‫تنبهت إلى أنني كنت أحتدث بصوت مسموع عندما وصلت إلى‬ ‫الطريق األسفلتي كما أنني فوجئت بسؤال اجلندي قائد الدبابة‬ ‫فقد أخرجني من حالة التفكير التي كنت فيها فأسرعت بالرد‪:‬‬ ‫ «قليل من املشاغل والله يا دفعة»‪.‬‬‫سألني‪:‬‬ ‫ «من أية سرية؟»‬‫ «الفصيلة الثالثة في السرية األولى»‪.‬‬‫مد يده مصافحا‪:‬‬ ‫ «أن � ��ا أخ � ��وك م �ف �ت��اح ف �ت��وح‬‫الضمراني‪ ،‬اللواء األول مدرعات‬ ‫ومن تال منوفية»‪.‬‬ ‫صافحته‪:‬‬ ‫ «براء عبد الرءوف اخلطيب‪،‬‬‫السرية األولى في الكتيبة ‪500‬‬ ‫ال�ل��واء ‪ 118‬مشاة وم��ن محرم‬ ‫بك في اسكندرية»‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ «رأي �ت��ك م��ع ال��دل�ي��ل اليمني‬‫وأن�ت�م��ا تهبطان م��ن التيتمان‬ ‫فاستنتجت أنك من املصابني‪،‬‬

‫ألف سالمة عليك يا بو اسكندر»‪.‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫ «إنها إصابة ليست بالغة في فخذي‪ ،‬مجرد جرح غائر بالسونكي»‪.‬‬‫لم أكمل كالمي فقد لفت نظر «مفتاح» بعض من األهالي اليمنيني‬ ‫واليمنيات قادمني باجتاهنا على البعد وه��م يحملون السالل‪،‬‬ ‫أسرع «مفتاح» بجذبني من ذراعي ويوقفني بجوار الدبابة وأشار‬ ‫لي بالصمت واملتابعة‪ ،‬ابتعد عن الدبابة عدة خطوات وهو يرفع يده‬ ‫ملوحا لألهالي اليمنيني صائحا‪:‬‬ ‫ «يا أهال ومرحبا بأهل اليمن الكرام‪ ،‬الدابة في انتظاركم على‬‫حلم بطنها بعد عودتكم املباركة من سوق قرية حبيل اجللب»‪.‬‬ ‫لوح له بعض الرجال وقال واحد منهم‪:‬‬ ‫ «والله لو ماتت هذه الدبة احلديد املسكينة فإنها لن متوت بقنابل‬‫رجال اإلمام البدر لكنها سوف متوت من جتويعك لها»‪.‬‬ ‫رفع «مفتاح» صوته عاليا حتى يسمعه اجلميع‪:‬‬ ‫ «سوف أدخل إليها ألوقظها من نومها لتتناول غدائها من أيديكم‬‫الكرمية»‪.‬‬ ‫وقال رجل ثان‪:‬‬ ‫أنت يا مفتاح تأكل أكل هذه الدابة املسكينة ودائما ما تقول أنها‬ ‫جائعة‪ ،‬أنا لم أر هذه الدابة أبدا إال جائعة»‬ ‫غمز لي «مفتاح» بعينه اليسرى‬ ‫غ�م��زة ذات م�غ��زي وه��و يدخل‬ ‫وي�ج�ل��س خ�ل��ف م �ق��ود ال��دب��اب��ة‬ ‫مم�س�ك��ا بعجلة رف ��ع م��اس��ورة‬ ‫امل��دف��ع وه��و ي��دي��ره��ا ف��ي رق��ة‬ ‫وبطء واستمتاع ظاهر فتهبط‬ ‫م���اس���ورة امل ��دف ��ع ال �ك �ب �ي��ر من‬ ‫األعلى إلى أسفل في انسيابية‪،‬‬ ‫وق��د كنت أعتقد ف��ي البداية‬ ‫أن كل هذا الكالم املتبادل بني‬ ‫«مفتاح الضمراني» واأله��ال��ي‬ ‫ح��ول إطعام الدبابة ما هو إال‬

‫بعد أن ينتهي اليمنيون الكرماء من إطعام‬ ‫«الدبابة احلديد» يدير الضمراني عجلة رفع‬ ‫ماسورة املدفع إلى أعلى ويفتح كتلة الترباس حيث‬ ‫تسقط كل الثمرات في حجره‬


‫القات فقط لم يجلبه اليمنيون للدبة احلديد‬

‫وجوه مينية لم تغب عن ذاكرتي‬

‫مجرد مزاح‪ ،‬لكني عندما رأيت ماسورة مدفع الدبابة تهبط في‬ ‫بطء إلى أن تصل إلى مستوى أذرع األهالي‪ ،‬فقد رأيت األهالي‬ ‫وقد سارع بعضهم للمساهمة في إطعام «الدبة احلديد» اجلائعة‪:‬‬ ‫منهم من أخ��رج من سلته بعض حبات الطماطم وألقمها فوهة‬ ‫املدفع‪ ،‬ومنهم من أطعم «الدبة» بعض ثمار اجلوافة أو اخليار‬ ‫أو البصل األخضر‪ ،‬وبعد أن ينتهي اليمنيون الكرماء من إطعام‬ ‫«الدبة احلديد» بوضع بعض مما أتوا به من السوق في «الزلومة‬ ‫احلديد» فأن «مفتاح الضمراني» يدير عجلة رفع ماسورة املدفع‬ ‫إلى أعلى ويفتح كتلة الترباس حيث تسقط كل الثمرات في حجره‪،‬‬ ‫بعد انصراف األهالي تركت «مفتاح الضمراني» يحصي غنيمته‬ ‫وبدأت في صعود جبل «التيتمان» من نفس املكان الذي جئت منه‬ ‫مع «رضوان» فاتخذت طريقي إلى أعلى حيث موقع سيرتنا خالل‬ ‫املمر الذي مهدته أقدام البشر واحلمير بني صخور اجلبل‪.‬‬ ‫قابلني زميلي ودفعتي «بوشي» بجلبة معلنا فرحه برؤيتي أسير‬ ‫على قدمي مرة أخ��رى بعد أن عم املوقع خبرا مؤكدا عن قطع‬ ‫ساقي األمي��ن‪ ،‬واحتضنني «سمير الطوبجي» باكيا‪ ،‬وصافحني‬ ‫«شوقي نادر» بحرارة وقال بأن حضرة الضابط «أسامة األدور» قد‬ ‫علم بتواجدي في املوقع وهو يطلبني فورا على أن أمر على الصول‬ ‫«عبد اللطيف» أوال‪ ،‬وعندما دخلت على الصول «عبد اللطيف»‬ ‫خ �ي �م �ت��ه ص��اف��ح��ن��ي ب� �ح���رارة‬ ‫وه �ن��أن��ي ع�ل��ى س�لام�ت��ي وعلى‬ ‫جناحي في االمتحان وحصولي‬ ‫على الثانوية العامة‪ ،‬متلكتني‬ ‫الدهشة من كالم الصول «عبد‬ ‫اللطيف» وقلت له أني لم أدخل‬ ‫االمتحان بعد وأنني قد عرفت‬ ‫أن امتحانات الثانوية العامة‬ ‫س ��وف ت �ك��ون ف��ي أول الشهر‬ ‫ال �ق��ادم‪ ،‬ضحك ال �ص��ول «عبد‬ ‫اللطيف» وقال بأنه لم يسبق وأن‬ ‫رسب أي جندي دخل امتحان‬

‫الثانوية العامة في اليمن‪ ،‬القوات املسلحة املصرية تراعي مصلحة‬ ‫اجلنود األبطال الذين يرفعون العلم املصري دفاعا عن ثورة اليمن‪،‬‬ ‫وقال بأن كل اجلنود الذين سوف يدخلون االمتحان سوف ينجحون‬ ‫بدون أن يفتح أحدهم كتابا واحدا‪ ،‬فاجليش املصري يعرف كيف‬ ‫يكافئ أبطاله اجلنود‪ ،‬ثم أعطاني الصول «عبد اللطيف» تصريح‬ ‫األجازة الذي وقع عليه قائد الفصيلة املالزم «أسامة األدور» وكانت‬ ‫مدة األجازة تسعة عشر يوما تبدأ من اليوم أي اعتبارا من اليوم‬ ‫التاسع والعشرين من شهر إبريل وحتى اليوم الثامن عشر من شهر‬ ‫مايو القادم‪ ،‬وطلب مني الصول «عبد اللطيف» أن أمر على حضرة‬ ‫الضابط «أسامة األدور» في خيمة قيادة الفصيلة حتى يحدد لي‬ ‫مكان إقامتي أثناء األج��ازة التي سوف أقضيها في مذاكرة كل‬ ‫م��واد االمتحان‪ ،‬وعندما دخلت على حضرة الضابط «أسامة»‬ ‫فوجئت بوجود «رض��وان» يجلس على األرض في مواجهته وهو‬ ‫يبتسم لي في مودة ظاهرة‪ ،‬اندفعت إلى ذاكرتي كلمات «رضوان»‬ ‫عن ح��دوث املعجزة في حياتي التي ك��ان قد بشرني بها ببركة‬ ‫سيدي «الفضل» لكني أبعدت التفكير في حدوث املعجزة وأديت‬ ‫التحية العسكرية حلضرة الضابط «أسامة األدور» الذي أكد على‬ ‫جناحي في االمتحان وحصولي‪-‬إن شاء الله‪ -‬على شهادة الثانوية‬ ‫العامة قبل رجوعي إلى الوطن‪ ،‬وقال كالما كثيرا ومشجعا مثل‬ ‫أننا أبناء جيل واحد وأنه مهتم‬ ‫ج��دا بنجاحي ف��ي االم�ت�ح��ان‪،‬‬ ‫وأخ �ب��رن��ي ب ��أن «رض�� ��وان» قد‬ ‫ع��رض استضافتي ف��ي بيتهم‬ ‫في قرية «حبيل اجللب» طوال‬ ‫م ��دة أج ��ازت ��ي ح �ت��ى أستطيع‬ ‫أن أراج ��ع جميع امل ��واد ب��ل أن‬ ‫«رضوان» يحتفظ بجميع الكتب‬ ‫امل� �ق ��ررة ع �ل��ى ال �ق �س��م األدب���ي‬ ‫للثانوية العامة من العام املاضي‬ ‫ح�ي��ث أن ��ه ك ��ان ق��د استضاف‬ ‫أحد اجلنود في العام املاضي‪.‬‬

‫قال واحد منهم ‪:‬‬ ‫«والله لو ماتت هذه الدبة احلديد املسكينة فإنها‬ ‫لن متوت بقنابل رجال اإلمام البدر لكنها سوف‬ ‫متوت من جتويعك لها»‬


‫‪32‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫قطبية النظــــــــــ‬ ‫ماذا وراء األكمة؟!‬

‫هل انتهى حقاً النظام السياسي الدولي الذي كان سائداً منذ نهاية‬ ‫احلرب العاملية الثانية؟‬ ‫هل تقف البشرية اآلن على أعتاب نظام دولي مختلف؟‬ ‫هل ميثل وضع العالم نظاماً دولياً جديداً؟‬ ‫يقر البعض بواقعية ظهور وقيام النظام الدولي اجلديد‪ ،‬حيث‬ ‫ط ّبقت أسسه ومبادئه بشكل واضح في حرب اخلليج الثانية(‪،)1‬‬ ‫هذا إذا مت االستناد إلى وجهة نظر مورتن كابالن في مسألة بقاء‬ ‫النظام الدولي وانهياره‪ ،‬والتي ترى في أن هذه املسألة ترجع إلى‬ ‫التفاوت في القدرات العسكرية واالقتصادية والتقنية واحلضارية‬ ‫بني األطراف الرئيسية في النسق أو النظام‪ ،‬فإنه ال خالف في‬

‫أن التغ ّير قد حصل‪ ،‬وأن التفاوت في القدرات صار واقعاً ملموساً‬ ‫بعد انهيار الطرف الثاني في معادلة القطبية الثنائية في النظام‬ ‫الدولي السابق‪ ،‬وانحساره كقوة اقتصادية وعسكرية وبالتالي‬ ‫سياسية في مواجهة الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫فريق آخر من الباحثني والسياسيني ينكر وال يق ّر بوجود نظام‬ ‫عاملي جديد‪ ،‬ويرى أن هذا الشعار‪( :‬نظام عاملي جديد) ما هو‬ ‫إال حجة واهية لتبرير العدوان والتسلّط على الشعوب الضعيفة‪،‬‬ ‫وإن مضمون هذا الشعار ليس إال تزييفاً للواقع وخداعاً للذات‪،‬‬ ‫ذلك ألن التغيرات الكبرى التي شهدها العالم ما هي إال تغيرات‬ ‫في شكل ومضمون التفاعالت الدولية بني دول الشمال فقط‪ ،‬مع‬


‫التفرد‬ ‫حرب من أجل‬ ‫ّ‬ ‫بقيادة العالم‪ ..‬ولكن إلى أين؟‬

‫عودة روسيا إلى املسرح الدولي بقوة ارتبطت بإصرار‬ ‫قيصر الكرملني ورغبته اجل��ارف��ة لكي تتبوأ روسيا‬ ‫ال��ك��ب��رى م��ق��ام وم��ك��ان االحت���اد ال��س��اب��ق‪ ،‬وه��و يستغل‬ ‫جميع املواقف واألحداث اإلقليمية إلعادة الكرملني‬ ‫إل��ى سابق عهده‪ ،‬مستفيد ًا من جميع احل��االت التي‬ ‫تشهد فيها األحادية القطبية األميركية تراجع ًا أو‬ ‫انتكاس ًا‪.‬‬ ‫ال��والي��ات املتحدة ب��دوره��ا مفعمة بالكبرياء وت��رى‬ ‫أن مكانتها األول��ى في العالم تستند إلى عدة عوامل‬ ‫مجتمعة وتعمل بطريقة احلزمة القوية الواحدة‪،‬‬ ‫عسكري ًا واقتصادي ًا وسياسي ًا وتكنولوجي ًا‪ ،‬وأنها على‬ ‫العكس من «مشاريع األق��ط��اب» األخ��رى التي تعمل‬ ‫مقوماتها بشكل منفرد ال يتيح لها رفع صوتها على‬ ‫جوقة البيت األبيض املسموعة في كل مكان‪.‬‬

‫ـــــــــام الدولي‪..‬‬ ‫خالد احلراري‬

‫استمرار أسس وقواعد النظام القدمي التي حتكم العالقات بني‬ ‫الشمال واجلنوب‪ ،‬وأن مضمون النظام (املزعوم) ما زال يعتمد‬ ‫على معيار ت��وازن��ات القوى واملصالح بني القوى املسيطرة في‬ ‫النظام الدولي والذي صار في املرحلة احلالية أمريكياً في املقام‬ ‫األول‪ ،‬وأوربياً في املقام الثاني‪ ،‬وتستخدم في سياقه (الشرعية‬ ‫الدولية) كغطاء إلعادة صياغة املبادئ القدمية في ثوب جديد‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫بينما يرى آخرون أن النظام الدولي اجلديد نظام لم يزل في طور‬ ‫التكوين والبلورة‪ ،‬وإن معامله وأسسه لم تستقر بعد وذلك استناداً‬ ‫على مجموعة من املعطيات‪)3(:‬‬ ‫> إن فكرة األح��ادي��ة القطبية فكرة م��ا زال��ت ت��واج��ه بالرفض‬ ‫والالقبول‪ ،‬ليس فقط من طرف القوى (الضعيفة) في الساحة‬ ‫الدولية والتي ال تعني لها األح��ادي��ة القطبية إال واق��ع الهيمنة‬ ‫والسيطرة ومزيداً من الضعف والتخلف‪ ،‬بل من قبل قوى دولية‬ ‫كبيرة ومهمة في العالم مثل الصني واليابان وأملانيا وفرنسا والهند‪.‬‬ ‫> إن الكلفة االقتصادية لصراع االستنزاف خالل مرحلة احلرب‬

‫الباردة والتي أدت إلى انهيار أحد الطرفني (االحتاد السوفيتي)‬ ‫البد أن تنعكس أيضاً خالل املرحلة الالحقة على الطرف اآلخر‪،‬‬ ‫مما سيجعل الواليات املتحدة األمريكية عاجزة عن القيام باألدوار‬ ‫املتص ّورة لها كقوة منفردة في العالم‪ ،‬كما أن تصحيح األوضاع‬ ‫االقتصادية الغربية عموماً وإخراجها من حالة الركود كلفة ال‬ ‫ميكن لالقتصاد األمريكي أن يتحملها كثمن مقابل الدور القيادي‬ ‫للواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انحصار‬ ‫ه��ذا ال��دور القيادي بضعف ال�ق��درة التأثيرية للواليات املتحدة‬ ‫األمريكية على دول أوربا الغربية وبشكل تدريجي‪.‬‬ ‫> إن انهيار النظام الدولي (السابق) لم يكن بفعل القوة العسكرية‬ ‫كما درجت عليه العادة في تاريخ العالقات الدولية في التحول من‬ ‫نسق دولي إلى نسق دولي جديد‪ ،‬وبالتالي فإن انفراد الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية بالتف ّوق في القوة العسكرية لن يكون املعطى‬ ‫األساسي في هيكلية النظام الدولي اجلديد‪ ،‬فاملعطيات األخرى‬ ‫للقوة االقتصادية واحلضارية ستلعب دوراً أكثر أهمية من القوة‬ ‫يرشح‬ ‫العسكرية في تكوين معالم النظام الدولي اجلديد الذي‬ ‫ّ‬


‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫قوى دولية متميزّة على الصعيد االقتصادي واحلضاري لتلعب‬ ‫أدوراً رئيسية في النظام الدولي (ال��ذي في طور التكوين)‪ ،‬مما‬ ‫يعني أن التف ّرد بالنسبة للواليات املتحدة األمريكية لن يكون سوى‬ ‫عسكرياً على املدى القصير‪ ،‬واقتصادياً على املدى األقصر‪ ،‬ومن‬ ‫ثم انحصار حالة القطبية األحادية التي تبدو أبرز مالمح النظام‬ ‫الدولي اجلديد في مرحلة تبلوره لصالح صيغة أخرى من األرجح‬ ‫أن تكون تعددية قطبية‪.‬‬ ‫وفي محاولة لتقييم هذه اآلراء الثالثة ميكن القول‪ :‬من منظور‬ ‫واقعي يعني مبا هو كائن فعلياً‪ ،‬فإنه من غير املمكن جتاهل‬ ‫حقيقة التحوالت (الكبرى) التي شهدها الواقع الدولي بعد انهيار‬ ‫االحتاد السوفيتي وانتهاء مرحلة احلرب الباردة‪ ،‬خاصة وأن هذه‬

‫التحوالت متت على مستوى القمة وبني القوى السياسية الرئيسية‬ ‫في النظام الدولي‪ ،‬وأن هذه التحوالت كانت بنيو ّية وقيمية في‬ ‫النظام ال��دول��ي ال��ذي ك��ان قائماً على القطبية الثنائية‪ ،‬لتؤشر‬ ‫في بداياتها باجتاه توازن املصالح القائم على فرضية الشراكة‬ ‫والتعاون ب��دالً من املنافسة واملواجهة كبديل عن ت��وازن القوى‬ ‫التقليدي‪ ،‬على الرغم من أن توازن املصالح البد أن يعكس على‬ ‫أرض الواقع التوازن في القوة‪.‬‬ ‫من الناحية البنيو ّية ب��دأت مالمح بنية جديدة لهيكلية النظام‬ ‫الدولي في شكل سيطرة أحادية على املسرح الدولي ورثت بشكل‬ ‫مباشر البنية الثنائية التي كانت أساس هيكلية النظام الدولي في‬ ‫مرحلته السابقة‪ ،‬أما من الناحية القيمية فإن انهيار نظام القطبية‬


‫الثنائية وانتهاء مرحلة احلرب الباردة مبا كانت تعنيه من مضمون‬ ‫أيديولوجي لظاهرة ال�ص��راع ال��دول��ي‪ ،‬وم��ا ك��ان في جعبتها من‬ ‫أدوات لهذا الصراع اعتمدت بشكل أساسي على القوة العسكرية‬ ‫حلدة هذا‬ ‫ومحدد‬ ‫كمحدد لألطراف الرئيسية للصراع‬ ‫النووية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصراع وش ّدته‪ ،‬وما تبع التغي ّر في هذا املضمون للنظام الدولي‬ ‫م��ن ت��داع�ي��ات وانعكاسات كانت جميعها تشير إل��ى أن الواقع‬ ‫الدولي كان بالفعل يشهد نقلة نوعية في اجلانب القيمي ملجموعة‬ ‫التفاعالت والعالقات بني الوحدات الدولية‪ ،‬ومن ثم تغ ّيراً في‬ ‫مضمون (املنتظم) الذي يحكم هذه العالقات والتفاعالت‪.‬‬ ‫لكن هل كان هذا التغيير إيجابياً أم انتكاسياً؟‬ ‫إن املالمح االنتكاسية لهذا التغيير في واقع النظام الدولي هي‬

‫أسلوب الصني‪ ..‬النفوذ االقتصادي املدعوم عسكريا‬

‫ال�ت��ي دف�ع��ت بالبعض إل��ى رف��ض ف�ك��رة النظام ال��دول��ي اجلديد‬ ‫باعتباره ليس أكثر م��ن ص��ورة أخ��رى وج��دي��دة للنظام الدولي‬ ‫الفوضوي الذي ساد العالم منذ انتهاء احلرب العاملية الثانية حني‬ ‫اقترن مصير العالم بحقيقة التوازن بني القطبني وأصبح أسير‬ ‫قرارات وسياسات الدولتني العظميني اللتني ما انفكتا تستغالن‬ ‫الظروف الدولية لغرض إرادتيهما على بقية دول العالم وفقاً‬ ‫ملعادلة التوازن‪)4(.‬‬ ‫وبالتالي لن يكون ه��ذا النظام البديل نظاماً ع��ادالً كما يدعي‬ ‫املسوقون وال��داع��ون ل��ه‪« ..‬عصر ج��دي��د‪ ..‬أكثر حيوية‪ ..‬وأكثر‬ ‫قوة في البحث عن السالم‪ ،‬عصر تستطيع فيه دول العالم شرقاً‬ ‫وغرباً‪ ،‬شماالً وجنوباً أن تتقدم وتعيش في وئام‪ ..‬عالم مختلف‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫انهيار النظام الدولي (السابق) لم يكن بفعل القوة‬ ‫العسكرية كما درجت عليه العادة في التحول من‬ ‫نسق دولي إلى نسق دولي جديد‬ ‫افتقاد النموذج الصحيح إلدارة األزمات الدولية‬ ‫يذكي جذوة التأزم الدولي ويفتح أزمات إقليمية‬ ‫متعددة‬ ‫ّ‬ ‫واقع انفراد الواليات املتحدة األمريكية بالسيطرة‬ ‫على العالم ال يعني نظام ًا محكم ًا مهيمن ًا عليه من قبل‬ ‫طرف واحد بل يحمل في جوفه احتماالت كثيرة لبروز‬ ‫قوى أخرى حتسن التعامل مع املعطيات اجلديدة‬

‫عن الذي عرفناه‪ ،‬عالم يحل فيه القانون محل شرعية الغاب‪ ،‬عالم‬ ‫تعترف فيه األمم باملسؤولية املشتركة من أجل احلرية والعدالة‪،‬‬ ‫عالم يحترم فيه القوي حقوق الضعيف»‪)5(.‬‬ ‫تتجسد أيضاً من‬ ‫ويؤكد أصحاب هذا الرأي في أن االنتكاسية‬ ‫ّ‬ ‫خ�لال من��ط التغيير‪ ،‬فالنظام ال��دول��ي ل��م يأتي م��رة واح ��دة‪ ،‬بل‬ ‫مر بسلسلة من التبدالت غلب عليها طابع التحديث والتجديد‬ ‫واإلضافة‪ ،‬وإن التغيير ال يكون مق ّوضاً ملا سبقه بل نتيجة حلالة‬ ‫طبيعية تبعاً لتطور األشياء‪ ،‬بيد أن التغير الذي حصل في الواقع‬ ‫الدولي كان تغييراً فجائياً وجذرياً ومتسارعاً‪ ،‬ومبا ال ميث ّل تغييراً‬ ‫روتينياً وفقاً لطبيعة التغيرات الكبرى في املجتمع اإلنساني‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن «النظام الدولي اجلديد» لم يطرح كمفهوم جديد‬ ‫في الساحة السياسية الدولية ناجت عن جهد بحثي أو فكري بقدر‬ ‫ما ع ّبر عن رؤية سياسية وتوصيف سياسي ورمبا استراتيجي‬ ‫للواقع الدولي بعد حقيقة انهيار نظام القطبية الثنائية‪ ،‬وكان‬ ‫الزعماء والقادة السياسيون هم أصحاب الفضل في طرح هذا‬ ‫املفهوم للتداول‪.‬‬ ‫إن امل ّعبرين عن الرؤية االنتكاسية حلقيقة التعبيرات والتحوالت‬ ‫التي عرفها العالم خالل العقد األخير من القرن املاضي وبقدر ما‬ ‫يعترفون بحقيقة حدوث هذه التغييرات فإنهم في أحسن األحوال‬ ‫ال ي��رون فيها س��وى مرحلة ص �ي��رورة وان�ت�ق��ال تتأرجح خاللها‬ ‫األوض��اع الدولية وتتسم بالفوضى من حيث عدم وج��ود قواعد‬

‫تترسخ بعد أمناط ثابتة حتكم‬ ‫التحول‪ ،‬ولم‬ ‫واضحة إلدارة هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫السلوك ال��دول��ي‪ ،‬وأن واق��ع ان�ف��راد ال��والي��ات املتحدة األمريكية‬ ‫بالسيطرة على العالم ال يعني نظاماً محكماً مهيمناً عليه من قبل‬ ‫طرف واحد‪ ،‬وإمنا يحمل في جوفه احتماالت كثيرة لبروز قوى‬ ‫أخرى حتسن التعامل مع املعطيات اجلديدة‪ ،‬حيث أن الطموح‬ ‫األمريكي في زعامة النظام ال��دول��ي لم يكن ق��ادراً على تقدمي‬ ‫تقسيم مح ّدد وواضح للمسؤوليات الدولية التي تعاني من ضبابية‬ ‫املفسرة‬ ‫تصل في بعض األحيان إلى الفوضى‪ ،‬في غياب اآلليات‬ ‫ّ‬ ‫واملعاجلة واحمل ّددة إلدارة األزمات الدولية‪ ،‬حيث كان العالم في‬ ‫محددة سهلة إلدارة األزمات‪،‬‬ ‫ظل الثنائية القطبية يتمتع بآليات‬ ‫ّ‬ ‫وكان لها الفضل في شيء من االستقرار حتقق خالل تلك الفترة‪.‬‬ ‫إن افتقاد النموذج الصحيح إلدارة األزمات الدولية سيذكي جذوة‬ ‫التأزم الدولي ويفتح أزم��ات إقليمية متع ّددة مبا ميثل متنفساً‬ ‫للقوى العاملية خوفاً من انفجارات مباشرة على املستوى العاملي‪،‬‬ ‫مما سيعني آجاالً أو عاج ً‬ ‫ال‪- ،‬حسب وجهة النظر االنتكاسية‪-‬‬ ‫األصح‬ ‫تدمير العالم مادامت أمريكا تريد السيادة املنفردة أو على‬ ‫ّ‬ ‫الهيمنة‪)6(.‬‬ ‫بقدر ما يعب ّر أصحاب الرؤية االنتكاسية في التغيير الذي حصل‬ ‫في ال��واق��ع ال��دول��ي عن مخاوف حقيقية متس الهدف األسمى‬ ‫للبشرية (السالم واألمن العاملي) في ضوء الواقع الدولي الراهن‪،‬‬ ‫فإنه من زاوي��ة أخ��رى ميكن اعتبارهم (مثاليون) يتص ّورون أن‬


‫اليابان‪ ..‬واملراقبة عن بعد!‬

‫أسلوب الصني‪ ..‬النفوذ االقتصادي املدعوم عسكريا‬

‫اجليش الفرنسي واحلروب املزدوجة‬

‫النظام الدولي اجلديد‪ ،‬أو باألحرى البديل‪ ،‬يجب أن يكون نظاماً‬ ‫دولياً عادالً يتحقق فيه السلم واألمن والتقدم للبشرية‪ ،‬ومن ثم ال‬ ‫ميكن اعتبار وجهة نظرهم القاضية برفض فكرة قيام نظام دولي‬ ‫جسدت تغ ّيراً‬ ‫جديد ذات قيمة من الناحية العلمية الواقعية التي َّ‬ ‫في الواقع الدولي وانتها ًء لنظام دولي سابق‪ ،‬خاصة وإن وجهة‬ ‫النظر تلك جاءت مبثابة ردة الفعل (املثالية) على واقع غير عادل‬ ‫وغير منصف بدأت تبرز مالمحه‪.‬‬ ‫كما أن وجهة النظر التي ترى في الواقع الدولي الراهن مجرد‬ ‫مرحلة انتقالية بني نظام دول��ي ق��دمي (ثنائي القطبية) ونظام‬ ‫دولي جديد (سيتحقّق الحقاً) يدفع املنظرون له باجتاه قطبية‬ ‫تعددية حتل محل القطبية األحادية التي س��ادت وب��رزت خالل‬ ‫املرحلة االنتقالية‪ ،‬هي وجهة نظر ك��ان من املمكن القبول بها‬ ‫خالل السنوات القليلة التي أعقبت بداية التغيرات في النظام‬ ‫الدولي‪ ،‬ولكن مع مرور فترة من الزمن قاربت العقدين حتى اآلن‬ ‫يصير نعت هذا الوضع بأنه وضع انتقالي أو مرحلي فيه شيء‬ ‫من املغالطة‪ ،‬فالتحوالت االنتقالية واملرحلية تكون عادة مبساحات‬ ‫زمنية أضيق‪ ،‬وأيضاً فإنه بافتراض اكتمال هذه املرحلة االنتقالية‬ ‫واالن�ت�ه��اء إل��ى نظام دول��ي جديد (متعدد األق �ط��اب كما يتوقع‬ ‫الكثيرون) خ�لال فترة زمنية ال تتجاوز الربع ق��رن مث ً‬ ‫ال‪ ،‬فإنه‬ ‫سيكون من اإلجحاف نعت هذه الفترة الزمنية (باملرحلة االنتقالية)‬ ‫من عمر النظام الدولي‪ ،‬ليس فقط من منطلق مساحتها الزمنية‬

‫فحسب بل اعتماداً على مغايرتها التامة لواقع دولي سبقها وواقع‬ ‫دولي سيأتي بعدها من حيث بنية الواقع الدولي ومضمونه وآليات‬ ‫عمله وفواعله وقواه الرئيسية وغير الرئيسية‪ ،‬ومن ثم ليس خطأ‬ ‫اعتبار هذه الفترة نظاماً سياسياً دولياً يحكم واقعاً دولياً مغايراً‬ ‫ملا سبقه وما سيأتي بعده‪.‬‬ ‫تفسر في‬ ‫وملّ��ا ك��ان النظام الدولي يع ّرف باعتباره نظام حركة ّ‬ ‫إط��اره كافة األح��داث والعالقات الدولية وتنتظم فيه وح��دات‬ ‫سياسية تدخل في تفاعالت متصلة ومستمرة في صيغة فعل‬ ‫ورد فعل ومبا ميثل نسقاً ‪ System‬من التفاعالت والعالقات‬ ‫تتم ّيز بالوضوح واالستمرارية بني عدة قوى تك ّون في مجموعها‬ ‫يجسد واقعة مادية معاشة بغض النظر‬ ‫بنية النظام وهيكله‪ ،‬ومبا‬ ‫ّ‬ ‫عن حالة الثبات واالستقرار‪ ،‬حيث االستقرار ليس شرطاً لوجود‬ ‫النظام‪ ،‬فاالستقرار أو لالستقرار ميكن أن يكون وصفاً حلالة‬ ‫النظام‪ ،‬لكنه ال يعتبر عام ً‬ ‫ال مق ّرراً لوجود النظام من عدمه‪ ،‬كما‬ ‫ال يشترط في قيام نظام سياسي دولي تو ّفر حالة (الشرعية) لهذا‬ ‫النظام‪ ،‬فالنظام شيء والشرعية شيء أخر(‪ ،)7‬فإن حقيقة وجود‬ ‫نظام دولي جديد خالل الفترة التي أعقبت انتهاء مرحلة احلرب‬ ‫الباردة ومن خالل مجموعة التغيرات التي أصابت الواقع الدولي‬ ‫بانت قائمة‪ ،‬لكن السؤال يبقى قائماً‪ :‬هل ميكن أن ننعت هذا‬ ‫النظام الدولي اجلديد بأنه نظام أحادي القطبية؟‬ ‫مبدئياً ميكن االعتراف باألحادية القطبية من منظور عسكري‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫الطموح األمريكي في زعامة النظام الدولي لم يعد قادر ًا‬ ‫محدد وواضح للمسؤوليات الدولية التي‬ ‫على تقدمي تقسيم ّ‬ ‫تعاني من ضبابية تصل في بعض األحيان إلى الفوضى‬ ‫األحادية القطبية قد تكون من منظور عسكري استراتيجي‬ ‫أما من املنظور االقتصادي أو احلضاري والثقافي فإن القطبية‬ ‫تأخذ صور ًا أخرى هي حتم ًا ليست أحادية‬ ‫الكلفة االقتصادية العالية في صراع االستنزاف هي‬ ‫التي أدت إلى انهيار أحد طرفي احلرب الباردة‬ ‫تفسر األحداث والعالقات‬ ‫حركة النظام الدولي ّ‬ ‫تكون في‬ ‫الدولية في تفاعالتها املتصلة بني عدة قوى ّ‬ ‫مجموعها بنية النظام وهيكله‬ ‫استراتيجي‪ ،‬أما من منظور اقتصادي أو حضاري وثقافي فإن‬ ‫القطبية ميكن أن تأخذ ص��وراً أخرى هي حتماً ليست أحادية‪،‬‬ ‫وه��ذا التداخل بني األحادية القطبية (العسكرية) وبني الصور‬ ‫األخرى للقطبية االقتصادية واحلضارية والثقافية هو أصدق ما‬ ‫ميكن أن ننعت به النظام الدولي الراهن في ضوء ق��راءة عابرة‬ ‫وسريعة لفعاليات الواقع الدولي منذ انهيار جدار برلني وحتى‬ ‫االجتياح األمريكي للعراق مروراً بانهيار برج التجارة العاملية في‬ ‫نيويورك‪ ،‬ومبا يشير إلى تن ّوع في النتائج املترتّبة عن الفعل املع ّبر‬ ‫عن القوة عسكرياً واقتصادياً وحضارياً‪.‬‬ ‫هوامش وإحاالت‬

‫‪ -1‬انظر في ذلك مصطفى عبد الله خشيم‪ ،‬موسوعة علم العالقات الدولية‪،‬‬ ‫ص‪.156‬‬ ‫‪ -2‬منعم عمار‪« ،‬النظام الدولي اجلديد (قراءة في التغيير االنتكاسي)» في أثر‬ ‫املتغيرات الدولية‪ :‬رؤية مستقبلية»‪ ،1995 ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪ -3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫‪ -4‬محمد األطرش‪« ،‬تطور النظام الدولي»‪ ،‬املستقبل العربي‪ ،‬العدد‪( 171 :‬يناير‬ ‫‪ ،)1994‬ص‪.29‬‬ ‫‪ -5‬مقتطف من كلمة للرئيس األمريكي األسبق جورج بوش األب في سبتمبر‬ ‫‪ ،1990‬أثناء أزمة اخلليج‪ ،‬نق ً‬ ‫ال عن املرجع السابق‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫‪ -6‬منعم عمار‪ ،‬ص‪.39‬‬ ‫‪ -7‬عبد القادر محمد فهمي‪ ،‬النظام السياسي الدولي‪ ،‬ص‪.16‬‬


‫احلرب الباردة انتهت ألسباب اقتصادية وليست عسكرية‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أفريقيات‬

‫الهوية‪ ..‬وحــــــــــ‬ ‫دفاعات‬ ‫ّ‬


‫التنميط الثقافي هو أحد أشد أشكال العوملة الثقافية التي‬ ‫ال تعني احلوار والتالقح بني الثقافات واحلضارات املختلفة‬ ‫وإمكانية األخذ والعطاء إلى ما هو أرقى وأسمى – وهو ما‬ ‫يسعى إليه ذوو البصائر والعقالء في كل مكان‪ ،‬بل إننا ال‬ ‫نرى سوى هجوم كاسح واحد ال يدع مجاال لالختيار بني‬ ‫الصالح والطالح منها‪ ،‬فما تريده هو هيمنة ثقافة معينة‬ ‫على غيرها من الثقافات األخرى‪.‬‬ ‫إن األمر يقتضي وقفة جادة أمام التحديات التي تفرضها‬ ‫ال��ع��ومل��ة الثقافية كونها تتعلق ليس بحاضرنا فقط بل‬ ‫ومستقبل أجيالنا أيضا المتداد تأثيرها في وعي األجيال‬ ‫ال��ق��ادم��ة‪ .‬ف��ك��ي��ف مي��ك��ن م��واج��ه��ة ه���ذه ال��ت��ح��دي��ات بأقل‬ ‫اخلسائر املمكنة؟‬

‫أمنا‬ ‫ّ‬ ‫إفريـــقيا‪..‬‬ ‫محمد الساعدي‬

‫رئيس جامعة سرت سابق ًا‬

‫ـــــــــــــربُ ملءِ الفراغ‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أفريقيات‬

‫فيما يلي نشير إل��ى بعض ال��وس��ائ��ل ال�ت��ي ميكن م��ن خاللها‬ ‫التصدي لتحديات العوملة الثقافية‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬االس����ت����خ����دام ال�����واع�����ي ل��ل��ت��ق��ن��ي��ات االت���ص���ال���ي���ة‬ ‫واإلعالمية احلديثة‬ ‫يزخر عصرنا احلاضر ب��أدوات متعددة لالتصال بلغت ذروة‬ ‫ال��رق��ي وال�ت�ط��ور‪ ،‬م��ن البث الفضائي ال��ذي يغطي ك��ل أرج��اء‬ ‫املعمورة‪ ،‬وشبكة اإلنترنت التي أصبحت متاحة أمام اجلميع‬ ‫ب��إم�ك��ان�ي��ات�ه��ا غ�ي��ر امل�ت�ن��اه�ي��ة ب��اإلض��اف��ة إل��ى وك ��االت األن �ب��اء‬ ‫والصحف واملجالت والكتب‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫ويشهد العالم ثروة الوسائط املعلوماتية‪ ،‬من خالل ما يعرف‬ ‫بطريق املعلومات السريع ‪ .Information Highway‬إن‬ ‫هذه األدوات والوسائل والتقنيات هي أجهزة محايدة في يد‬ ‫البشر‪ ،‬أي مجرد قالب ميكن ملؤه بكل مفيد وخير‪ ،‬وميكن‬ ‫باملقابل أن ميتلئ بكل قبح وشر‪.‬‬ ‫ومن املمكن أن تؤدي هذه األدوات خدمات جليلة للمجتمعات‬ ‫كوسائل للتعليم والتثقيف والتنوير والتربية‪ ،‬وفي نفس الوقت‬ ‫من املمكن أن تكون أداة هدم وتقويض لدعائم هذا املجتمع‪،‬‬ ‫وب��اإلم�ك��ان جعل ه��ذه األدوات وس��ائ��ل مل��د اجل�س��ور للتواصل‬ ‫واحلوار بني الثقافات املختلفة‪ ،‬ومن املمكن أيضا أن تصبح‬ ‫أداة سيطرة وإمالء وفرص وإقصاء واكتساح لثقافة الغير‪ ،‬أو‬ ‫وسيلة لبلبلة وتشويه وخلخلة قيمهم وثقافتهم‪.‬‬ ‫إن من األهمية مبكان التوجه الواعي إلى االستغالل األمثل‬ ‫ألج �ه��زة االت �ص��ال امل �ت��وف��رة ل��دي�ن��ا‪ ،‬م��ن خ�ل�ال ح�س��ن اخ�ت�ي��ار‬ ‫واقعها‪ ،‬الثقافية واإلعالمية التي يتم بثها في هذه األجهزة‬ ‫اإلع�لام�ي��ة‪ ،‬واالرت �ق��اء مبضمون ال�ب��رام��ج ال�ت��ي يتم عرضها‪،‬‬ ‫بحيث تلبي حاجات الناس املختلفة‪ ،‬وتثرى عقولهم وترتقي‬ ‫بأفكارهم‪ ،‬ال أن تهبط بثقافتهم ووعيهم وقيمهم وتكرس قيم‬ ‫اإلسفاف والتفاهة واملباالة‪.‬‬ ‫ك�م��ا ي�ج��ب حت��دي��د ن�س�ب��ة ب��ث امل� ��واد األج�ن�ب�ي��ة ف��ي وس��ائ�ل�ه��ا‬ ‫اإلع�لام �ي��ة – ك��أف��ارق��ة – ف��امل��واد اإلع�لام �ي��ة األج�ن�ب�ي��ة هي‬ ‫باإلمكان التحكم عبر عن ثقافته وقيمه‪ ،‬وف��ي أغلبها مواد‬ ‫ترفيهية ال حتمل أي��ة قيم أو معان إيجابية‪ ،‬وال يعني ذلك‬ ‫املقاطعة الكاملة لكل ما هو أجنبي بل الواجب اختيار املواد‬ ‫املناسبة ال�ت��ي ال ت�ت�ع��ارض م��ع قيمنا ومبادئنا وحت�م��ل قيما‬ ‫إيجابية ومعارف وعلوما أو ترفيها بريئاً بعيداً عن اإلسفاف‬ ‫واإلثارة‪.‬‬ ‫وأيضاً التوعية مبخاطر بعض املواد اإلعالمية األجنبية ففي‬ ‫زمن البث الفضائي الواسع النطاق لم يعد باإلمكان التحكم‬ ‫مبا يبث وما ال يبث‪ ،‬حيث يأتي ذلك البث من خ��ارج حدود‬ ‫ال ��دول‪ ،‬وال يبقى م��ن م�ج��ال أمامنا س��وى التوعية مبخاطر‬ ‫بعض امل��واد التي تبثها القنوات األجنبية من خ�لال التوعية‬ ‫الدينية‪ ،‬والتربية األسرية‪ ،‬والتوعية في املؤسسات التعليمية‬ ‫واألجهزة اإلعالمية‪ ،‬ومن املهم لتجنب مخاطر البث األجنبي‬ ‫أن ترقى برامجنا إلى املستوى الذي ميكن لها منافسة البرامج‬ ‫األجنبية‪ ،‬وتغنى األفراد عن التطلع إلى تلك البرامج‪.‬‬

‫لم يعد باإلمكان التحكم مبا يبث وما ال يبث وليس‬ ‫أمامنا سوى التوعية مبخاطر بعض املواد وآثارها‬ ‫السلبية على الهوية الثقافية‬ ‫من املهم جد ًا تعليم اللغات األجنبية‪ ..‬ولكن ليس‬ ‫على حساب اللغة األم‬ ‫كل فرد هو ثمرة ما يتلقاه في املؤسسات التربوية‬ ‫والتعليمية في املجتمع‪ ،‬من األسرة إلى املدرسة إلى‬ ‫اجلامعة إلى أجهزة اإلعالم‬


‫إعادة هيكلة النظام التعليمي ضرورة ملحة‬

‫ثانيا‪ :‬االهتمام باإلنتاج الثقافي واإلعالمي للهوية‬ ‫مت� ّي��ز عصرنا احل��اض��ر ب��وف��رة اإلن �ت��اج الثقافي واإلع�لام��ي‪،‬‬ ‫وتعدد أشكاله‪ ،‬املقروء‪ ،‬واملسموع واملرئي‪ ،‬بل تواجه القارة‬ ‫اإلف��ري�ق�ي��ة ال �ي��وم ف��ي ظ��ل ظ��روف ال�ع��ومل��ة و حت��دي اإلغ��راق‬ ‫الثقافي واإلعالمي‪ ،‬مبا يعنيه ذلك من طمس تدريجي لهوية‬ ‫األمم وثقافتها اخلاصة وإحالل ثقافة أخرى بديلة محلها‪.‬‬ ‫إن مواجهة هذا الطوفان من املواد الثقافية مبختلف أشكالها‬ ‫ل��ن يتأتى إال م��ن خ�لال توفير ال�ب��دي��ل امل�ن��اف��س لتلك امل��واد‬ ‫األج�ن�ب�ي��ة وال ��ذي ي�ح�م��ل م�ض�م��ون ثقافتنا وم�لام��ح هويتنا‪،‬‬ ‫ويسهم في رقي وتقدم األمة والتعبير عن واقعها وأحالمها‬ ‫وتعلقاتها في املستقبل‪.‬‬ ‫إن التقدم املطرد في وسائل االتصال يفرض علينا حتديات‬ ‫كبيرة في كيفية استغاللها واالستفادة من اإلمكانيات الهائلة‬ ‫التي توفرها‪ ،‬فإذا تراجعنا عن القيام بهذا الدور قام غيرنا‬ ‫به‪ ،‬ومأل الفراغ على النحو الذي يريده‪ ،‬وفي سبيل ذلك يجب‬ ‫القيام مبا يلي‪:‬‬ ‫> تشجيع إن�ش��اء مؤسسات وش��رك��ات كبرى إلن�ت��اج البرامج‬ ‫الثقافية واإلعالمية املرئية (السينمائية والتلفزيونية) تكون‬ ‫ق ��ادرة على اإلن �ت��اج املتميز ش�ك� ً‬ ‫لا وم�ض�م��ون�اً‪ ،‬وال �ق��ادر على‬ ‫منافسة امل�ن�ت��ج األج �ن �ب��ي‪ ،‬مستفيدة م��ن التقنيات احلديثة‬ ‫واملتطورة في هذا املجال‪ ،‬وعلى أن تركز نشاطها في تناول‬ ‫قضايا املجتمع احليوية دون تزييف‪.‬‬

‫> تشجيع إنشاء شركات كبرى إلنتاج برامج احلاسوب‪ ،‬حيث‬ ‫ال حدود ألفق هذه البرامج التطبيقية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واملعرفية‪،‬‬ ‫والعلمية التي ميكن إنتاجها‪.‬‬ ‫> تشجيع إقامة دور صحفية كبرى لديها القدرة على امتالك‬ ‫التقنيات امل�ت�ط��ورة ف��ي ال�ط�ب��اع��ة‪ ،‬وال �ت��وزي��ع‪ ،‬وت��وف�ي��ر ال�ك��ادر‬ ‫ال �ك��فء‪ ،‬وش�ب�ك��ة م��راس �ل�ين متكنها م��ن م�ن��اف�س��ة غ�ي��ره��ا من‬ ‫الصحف األجنبية لتمكني ال�ق��ارئ من احلصول على مبتغاة‬ ‫من صحفه الوطنية وتغنيه عن اللجوء إلى الصحف األجنبية‪،‬‬ ‫وميكن إقامة مثل هذه الدور الكبرى باندماج الدور الصحفية‬ ‫القائمة في قليل من الدور الكبرى‪.‬‬ ‫> تشجيع إقامة دور نشر كبرى قادرة على امتالك التقنيات‬ ‫املتطورة في الطباعة والتوزيع على أوسع نطاق على غرار دور‬ ‫النشر الغربية الكبرى‪.‬‬ ‫> اتخاذ تدابير عملية إليصال الكتاب املقروء إلى قارئه بسعر‬ ‫مناسب‪ ،‬ويقتضي األم��ر مساهمة الدولة في هذا األم��ر من‬ ‫خالل القيام بشراء حقوق النشر لسلسلة من الكتب وبخاصة‬ ‫ما يعرف بأمهات املراجع في مختلف العلوم والفنون‪ ،‬ونشرها‬ ‫ب�ع��د ذل��ك ب��ال�س�ع��ر امل�ن��اس��ب ال ��ذي مي�ك��ن ألص �ح��اب ال��دخ��ول‬ ‫احملدودة احلصول عليها‪.‬‬ ‫> سعي ألن يكون لنا وج��ود مؤثر على شبكة اإلنترنت التي‬ ‫أصبحت مصدرا هاما للمعرفة والعلم والتقنية والثقافة‪ ،‬وال‬ ‫يزال إسهامنا فيها ضئيال للغاية األمر الذي يضطر الباحث‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أفريقيات‬

‫معه إلى هجر املواقع العربية و االجتاه للمواقع األجنبية‪.‬‬ ‫ث��ال��ث��ا‪ :‬إق��ام��ة منظومة تعليمية ت��واك��ب ال��ع��ص��ر وتلبي‬ ‫الطموحات‬ ‫إن مواجهة حتديات العوملة‪ ،‬وحتجيم آثارها السلبية‪ ،‬وعلى‬ ‫وج��ه اخل �ص��وص ال�ع��ومل��ة ال�ث�ق��اف�ي��ة‪ ،‬م��ره��ون ب��ام�ت�لاك أف��راد‬ ‫امل�ج�ت�م��ع ح�ص��ان��ة ذات �ي��ة ف��ي أن�ف�س�ه��م‪ ،‬متكنهم م��ن التفاعل‬ ‫اإليجابي مع الظاهرة وتسخيرها ملصلحتهم‪.‬‬ ‫إن بناء الفرد يبدأ أوال من األسرة‪ ،‬حيث يتلقى أولى معارفه‪،‬‬ ‫ويعمر عقله ووجدانه مبجموعة من القيم واملبادئ واملعتقدات‬ ‫الواجب التمسك بها‪ ،‬ثم يأتي بعد ذلك دور اجلهاز التعليمي‪،‬‬ ‫ح�ي��ث يستكمل إع ��داده ال�ت��رب��وي وال�ع�ل�م��ي‪ ،‬ويتلقى امل�ع��ارف‬ ‫النوعية املتعددة‪ ،‬ويكتمل وعيه بقيم اجلماعة وروح األم��ة‪،‬‬ ‫فالفرد في النهاية هو ثمرة ما تلقاه في املؤسسات التربوية‬ ‫والتعليمية في املجتمع‪ ،‬من األسرة إلى املدرسة إلى اجلامعة‬ ‫إلى جانب األجهزة اإلعالمية‪.‬‬ ‫وت�ب��دو احل��اج��ة م��اس��ة لدينا إل��ى تأكيد وتعميق دور األس��رة‬ ‫ال�ت��رب��وي‪ ،‬وإع��ادة النظر ف��ي املناهج العلمية وتطويرها مبا‬ ‫يالئم ظروف العصر‪ ،‬وإيالء االهتمام بإعداد املعلم الكفء‪،‬‬ ‫واالستفادة من التقنية املتطورة في املجال التربوي وإع��ادة‬ ‫هيكلية ال�ن�ظ��ام التعليمي‪ ،‬مب��ا ي�ت��واف��ق م��ع ظ��روف املجتمع‬ ‫اإلفريقي وحاجاته وهذه هي أهم الواجبات التي يجب القيام‬ ‫بها‪:‬‬ ‫‪ -1‬التأكيد على دور األسرة التربوي‬ ‫األس��رة ه��ي احلاضنة األول��ى لقيم وثقافة وت��راث املجتمع‪،‬‬ ‫وعن طريقها تتوراث األجيال خصائص األمة وتتشرب قيمها‬ ‫وثقافتها وأسلوب حياتها وأمناط سلوكها‪ ،‬وإذا ما غاب دور‬ ‫األسرة أو قصرت في أداء مهمتها في تنشئة األجيال ومدهم‬ ‫بالزاد املناسب الذي يضمن لهم احلصانة الذاتية في أنفسهم‬ ‫وف�ق��ا لقيم وم �ب��ادئ األم ��ة‪ ،‬ف��إن ج�ه��ات أخ��رى ستقوم ب��أداء‬ ‫هذا الدور على النحو الذي تريده هي دون ضابط أو رقيب‪،‬‬ ‫كالقنوات الفضائية وشبكة اإلنترنت‪ ،‬إلى جانب رفاق السوء‬ ‫في الشوارع‪.‬‬ ‫إن ق �ي��ام األس ��رة ب��ال��دور امل�ط�ل��وب م�ن�ه��ا ره�ي�ن بتمتع اآلب��اء‬ ‫بقدر من العلم واملعرفة والثقافة‪ ،‬يؤهلهم للقيام بهذا الدور‬ ‫املناسب‪ ،‬وقبل ذل��ك الوعي بأهمية ال��دور ال��ذي يقومون به‬ ‫جت��اه أب�ن��ائ�ه��م‪ ،‬وق��درت �ه��م ع�ل��ى جتسيد ال�س�ل��وك ال �ق��ومي في‬ ‫حياتهم ليكونوا ق��دوة صاحلة ألبنائهم‪ ،‬وامل��وازن��ة بني واجبا‬ ‫تهم في توفير أسباب احلياة املادية املترفة ألبنائهم‪ ،‬و واجبا‬ ‫تهم في تربية أبنائهم ورعايتهم‪.‬‬ ‫‪ -2‬إعادة النظر في املناهج التعليمية وحتديثها بصورة‬ ‫مستمر ة‬ ‫األم��ر امل�ف�ت��رض ف��ي امل�ن��اه��ج التعليمية أن ت�ك��ون ق��ادرة على‬ ‫مد الطالب خالل مراحل التعليم املتعددة القدر املناسب من‬ ‫املعارف والقيم التي تؤهله خلوض معترك احلياة العملية بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬والقيام بدوره في احلياة على أكمل وجه‪.‬‬

‫على األفارقة االستفادة من التقنية املتطورة في‬ ‫املجال التربوي وإعادة هيكلة أنظمتهم التعليمية‬ ‫مبا يتوافق مع ظروف املجتمع اإلفريقي وحاجاته‬ ‫العوملة الثقافية تتعلق ليس بحاضرنا فقط بل‬ ‫ومستقبل أجيالنا أيض ًا‬ ‫تقنية املعلومات واالتصاالت توفر إمكانيات جيدة‬ ‫لتحسني جودة التعليم بتكلفة منخفضة ومن املهم‬ ‫االستفادة من أقصى ما توفره من إمكانيات‬


‫إيالء االهتمام بإعداد املعلم الكفء‬

‫لتميز هوية القارة‬ ‫املعمار اإلفريقي مظهر ّ‬

‫فهل تقوم مناهجنا التعليمية في إفريقيا بهذه املهمة املناطة؟‬ ‫اإلجابة لألسف إن أوض��اع مناهجنا الدراسية ال تلبي احلد‬ ‫األدنى من الطموح‪ ،‬فهي متخلفة دائما عن التطورات املستجدة‬ ‫في كل العلوم‪ ،‬ومع سرعة التقدم العلمي يزاد الفجوة بيننا‬ ‫وبني عصرنا‪ ،‬فيبدو أننا نعيش عصرا آخر غير العصر الذي‬ ‫تعيشه األمم األخرى املتطورة‪« ،‬وال يبدو أن هناك رؤية شاملة‬ ‫أو فلسفة تعليمية تقف وراء إعداد هذه املناهج‪ :‬حتدد الهدف‬ ‫من هذه املناهج‪ ،‬وحتدد اإلطار العام لها‪ ،‬واملعارف التي يجب‬ ‫أن يتضمنها املنهج الدراسي في مراحل التعليم املتعددة‪ ،‬و‬ ‫يتضح ذلك من خالل غياب التناسق واالنسجام بني مناهج‬ ‫السنوات الدراسية في السلم التعليمي‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والتغيير‬ ‫املتسرع للمناهج»‪.‬‬ ‫ك�م��ا أن ه��ذه امل�ن��اه��ج ت�س�ي��ر ع�ل��ى أس �ل��وب ال�ت�ل�ق�ين‪ ،‬وت�ك��رس‬

‫اخلمول الذهني‪ ،‬وال حتفز الذهن للتفكير واالبتكار‪ ،‬واإلبداع‬ ‫والتفاعل مع الواقع والبيئة احمليطة‪ ،‬إل��ى جانب ما حتتويه‬ ‫ه��ذه املناهج م��ن مضامني تافهة أو غير مفيدة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى األسلوب الردئ في عرض املادة‪ ،‬وغير املتناسب مع سن‬ ‫الطالب‪.‬‬ ‫والنتيجة الطبيعية لهذا الوضع هي تلك املخرجات الهزيلة‬ ‫واملشوهة ملؤسساتنا التعليمية‪ ،‬التي تبقى شاهدة على احلال‪،‬‬ ‫ومع أنه ال توجد لدينا كأفارقة معايير قياسية وطنية لتقييم‬ ‫أداء مؤسساتنا التعليمية وهذا تقصير كبير وخلل آخر في‬ ‫منظومتنا التعليمية‪ ،‬ومعلم من معالم تخلفنا إال أن أداء تلك‬ ‫املخرجات كما أشرنا هو التجسيد العملي للواقع املتخلف‪.‬‬ ‫إن حسن إعداد املناهج الدراسية هو اخلطوة األولى لإلصالح‬ ‫التعليمي‪ ،‬وإع��داد املناهج له معايير علمية يجب مراعاتها‬ ‫ومنها‪:‬‬ ‫> أن يأتي املنهج الدراسي وفق رؤية شاملة أي فلسفة عليا‬ ‫تستهدف إيصال أفكار وقيم ومفاهيم وعلوم محددة إلى ذهن‬ ‫الطالب اجلامعي‪.‬قيم معتقدات املجتمع و احتياجته‪.‬‬ ‫> أن ي�ت��م حت��دي��د إط ��ار ع��ام ل�ل�م�ع��ارف وال �ع �ل��وم ال �ت��ي يجب‬ ‫أن يحصل عليها الطالب خ�لال سنواالتعليمية املمتدة من‬ ‫األساس إلى اجلامعي‪.‬‬ ‫> يتم تقسيم ه��ذه امل�ع��ارف إل��ى أج��زاء مناسبة‪ ،‬ت��درس كل‬ ‫منها في سنة دراسية وفق السلم التعليمي‪ ،‬ويراعي في هذا‬ ‫التقسيم مناسبة املادة لكل مرحلة دراسية وسنية‪.‬‬ ‫> أن يتم ع��رض امل��ادة العلمية بأسلوب مناسب‪ ،‬ف��ي قالب‬ ‫يالئم املرحلة السنية للطالب‪ ،‬ويحقق الغرض منه‪.‬‬ ‫> أن ت�ك��رس ه��ذه امل�ن��اه��ج األس �ل��وب ال�ع�ق�لان��ي ف��ي التفكير‬ ‫بالتدريب على االس�ت�ق��راء و االستنباط والتحليل واملقارنة‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أفريقيات‬

‫األسرة هي احلاضنة األولى لقيم وثقافة‬ ‫وتراث املجتمع وعن طريقها تتوراث األجيال‬ ‫خصائص األمة وتتشرب قيمها وثقافتها‬ ‫وأسلوب حياتها وأمناط سلوكها‬

‫ورب��ط النتائج بأسبابها‪ ،‬وتشجع على البحث العلمي وحب‬ ‫اإلطالع‪ ،‬وتنمي روح االبتكار‪ ،‬وتفسح املجال للتفكير واإلبداع‪،‬‬ ‫والتفاعل بني الطالب ومعلمهم‪ ،‬وال يكتفي فقط بالتلقني من‬ ‫طرف‪ ،‬واحلفظ فقط من الطرف اآلخر‪.‬‬ ‫> أن يتم تطوير املناهج وتعديلها وفقا للتطورات العلمية‬ ‫السريعة واملتالحقة ووف�ق��ا ملقاييس أداء مخرجات التعليم‬ ‫مبراحله املختلفة‪.‬‬ ‫‪ -3‬االهتمام بإعداد املعلم الكفء‬ ‫املعلم الكفء هو حجر الزاوية في العملية التعليمية‪ ،‬ومهما‬ ‫بلغ االهتمام باملناهج وثم إعدادها على أفضل وجه فإن غياب‬ ‫املعلم ال�ك��فء يهدر ك��ل جهد يبذل ف��ي إع��داد ه��ذه املناهج‪،‬‬ ‫فاملعلم الكفء هو وحده القادر على بث الروح في هذه املناهج‬ ‫وفك رموزها وجتسيد معارفها في أذهان الطالب‪.‬‬ ‫إن أح��وال املعلمني املزرية في كثير من األقطار اإلفريقية‪،‬‬ ‫بجوانبها املختلفة ال تبشر بخير من أولها إلى أخرها‪ ،‬فعندما‬ ‫يبدأ املعلم ف��ي م��زاول��ة مهنته يفاجأ باملرتب املتدني ال��ذي‬ ‫سيحصل عليه والذي ال يفي في أغلب األحيان باحلد األدنى‬ ‫من املتطلبات األساسية للحياة اإلنسانية‪ ،‬فيكون مضطرا إلى‬ ‫البحث عن عمل آخر لتحسني دخله ملواجهة تلك املتطلبات‪،‬‬ ‫وك��ل ذل��ك على ح�س��اب قيامه ب ��دوره األس��اس��ي كمعلم وهل‬ ‫ننتظر من مثل هذا اإلنسان اإلبداع في مجال عمله التربوي‪،‬‬ ‫ونأمتنه على أبنائنا ومستقبلنا ؟‬ ‫إن من املهام العاجلة التي تنتظرنا‪ :‬إع��ادة االعتبار للمعلم‬ ‫ولهذه املهنة النبيلة‪ ،‬إذا ما أردنا أن نضمن مستقبال أفضل‬ ‫ألبنائنا وحلياتنا وملجتمعنا‪ ،‬وهذا األمر يتطلب‪:‬‬ ‫أ‪ .‬إعادة النظر في فهمنا لهذه املهنة اجلليلة‪ ،‬وإعادة االعتبار‬ ‫للمعلم الذي نأمتنه على مستقبل أبنائنا وهو مستقبل األمة‬ ‫كلها ‪.‬‬ ‫ب‪ .‬وضع اشتراطات خاصة ملن يريد االلتحاق بكليات التربية‬ ‫وإعداد املعلمني‪ ،‬بحيث ال يتم القبول فيها إال للمؤهلني ملثل‬ ‫هذه املهمة اجلليلة‪.‬‬ ‫ج‪ .‬إعادة النظر في مناهج التدريس في كليات التربية وإعداد‬

‫املعلمني وفقا للمهام الكبيرة التي تنتظر خريجي هذه الكليات‪،‬‬ ‫د‪ .‬االهتمام بالتدريب العلمي في الكلية‪ ،‬بحيث يصبح املتخرج‬ ‫مؤهال متاما عند تخرجه ملمارسة عمله‪.‬‬ ‫ه �ـ‪ .‬اعتماد املرتبات املناسبة للمعلمني‪ ،‬بحيث مينح املعلم‬ ‫املرتب ال��ذي يكفل له توفير متطلباته اإلنسانية وميكنه من‬ ‫احلياة الكرمية‪.‬‬ ‫و‪ .‬تنظيم دورات إعادة تأهيل للمعلمني أثناء خدمتهم لتنشيط‬ ‫معلوماتهم وإيصال كل جديد إليهم‪.‬‬ ‫‪ -4‬االس �ت �ف��ادة م��ن ال�ت�ق�ن�ي��ة امل �ت �ق��دم��ة ف��ي امل �ج��ال ال �ت��رب��وي‬ ‫و ا لتعليمي‬ ‫تزخر حضارة العصر ب��أدوات ووسائل تعليمية عديدة ميكن‬


‫العوملة تستبدل الهوية اإلفريقية بأخرى هجني‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أفريقيات‬

‫أوضاع املناهج الدراسية في إفريقيا ال تلبي‬ ‫احلد األدنى من الطموح فهي متخلفة دائما عن‬ ‫التطورات املستجدة في كل العلوم والفجوة تزداد‬ ‫بيننا وبني عصرنا‬

‫سؤال الهوية في إفريقيا ما زال قائما‪1‬‬

‫املجايلة من أسباب حتصني الهوية‬


‫االس �ت �ف��ادة م�ن�ه��ا‪ ،‬ي�ق��ف ع�ل��ى رأس �ه��ا احل��اس��وب ال ��ذي يوفر‬ ‫إمكانيات هائلة ميكن االستفادة منها في املجال التعليمي‪،‬‬ ‫وع��ن طريق استخدام الوسائط املتعددة ‪Multi-Media‬‬ ‫وال�ب��رام��ج التفاعلية واالس�ت�ف��ادة أيضا م��ن شبكة املعلومات‬ ‫العاملية (اإلنترنت) وإلى جانب االستفادة من أجهزة الفيديو‬ ‫والتلفزيون‬ ‫إن ت�ق�ن�ي��ة امل �ع �ل��وم��ات واالت� �ص ��االت ت��وف��ر إم �ك��ان �ي��ات ج��دي��دة‬ ‫لتحسني جودة التعليم بتكلفة منخفضة ومن املهم االستفادة‬ ‫من أقصى ما توفره من إمكانيات‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬االهتمام باللغة العربية واللغات اإلفريقية‬ ‫في ظل مناخ العوملة ت��زداد معاناة األف��ارق��ة للغاتهم‪ ،‬ومنها‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة ع�ل��ى سبيل امل �ث��ال‪ ،‬فليست ال�ل�غ��ة أداة للتواصل‬ ‫بني أف��راد األم��ة ووسيلة لترجمة ما ي��دور في‬ ‫أذهانهم إلى معان في الواقع احملسوس‪،‬‬ ‫لكن أهميتها تتجاوز ذل��ك في كونها‬ ‫ح��اض��ن��ة ث��ق��اف��ة األم�� ��ة وق �ي �م �ه��ا‬ ‫وتراثها و تاريخها كله‪.‬‬ ‫وهى عنوان األمة واجلامع‬ ‫ل �ع �ن��اص��ر ه��وي �ت �ه��ا‪ ،‬وم��ن‬ ‫أهم الروابط اجلامعة‬

‫واملوحدة األمة ويجب التأكيد على أننا ال نعادي تعلم اللغات‬ ‫األجنبية‪ ،‬بل على العكس من ذلك متاما‪ ،‬فمن املهم جدا تعلم‬ ‫اللغات األجنبية‪ ،‬وخاصة اللغات ذات األهمية في عصرنا‬ ‫كاإلجنليزية والفرنسية واألملانية‪ ،‬ولكن يجب أن يتم تعليمها‬ ‫كلغة إض��اف�ي��ة ال أن ي�ت��م ال�ع�ل��وم ب�ه��ا‪ ،‬وأال ي�ك��ون تعلم اللغة‬ ‫األجنبية على حساب اللغة األم‪.‬‬ ‫يجب علينا إعادة النظر في مناهج تدريس اللغات اإلفريقية‬ ‫واالهتمام بالترجمة إلى اللغات اإلفريقية‪ ،‬ومنها إلى اللغات‬ ‫األجنبية‪ .‬إن واقع الترجمة إلى اللغات اإلفريقية دليل على‬ ‫مدى تخلفنا نظراً إلى قلة ما يتم ترجمته‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬القضاء على األمية‬ ‫إن األمية املتفشية في املجتمعات اإلفريقية حتمل مخاطر جمة على‬ ‫هذه املجتمعات في جميع جوانب احلياة‪ ،‬وهي الشك‬ ‫من عوامل نقص مناعة مجتمعاتنا أمام حتديات‬ ‫العوملة‪ ،‬وبخاصة فيما يتعلق بآثارها الثقافية‬ ‫و االجتماعية‪ ،‬وإن الفرد اجلاهل ستقل‬ ‫قدرته بكل تأكيد على فهم أخطار‬ ‫ما يلقى عليه من م��واد إعالمية‬ ‫وثقافية وال يستطيع أن مييز‬ ‫بني الصالح والطالح منها‪.‬‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار‬ ‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪15‬‬

‫يوزع هذا الكتاب مجان ًا‬ ‫مع العدد ( ‪ )10‬من مجلة املستقل‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬


‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬ ‫‪16‬‬

‫‪17‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب «زغاريد ودموع» (من حياة النجوع)‬ ‫تأليف‪ :‬فرج عبد الحميد المسماري‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حق األربعاء‬

‫نوارس النفايات‬ ‫محمد عقيلة العمامي‬ ‫لم يخطر ببالي أن الراحل خليفة الفاخري‪ ،‬عندما كان ينسحب‬ ‫من بيننا‪ ،‬تلك األماسي‪ ،‬كان يكتب نصا من أروع نصوصه!‬ ‫مي��ر علي بعيد العصر‬ ‫ك��ان الصيف ف��ي أواخ ��ره‪ ،‬عندما ك��ان ّ‬ ‫لنذهب إلى (البنكينة)‪.‬‬ ‫هناك يتوافد األصدقاء ويتحلقون حول الرياس‪ .‬أحد غاوون‬ ‫صيد السمك يعد الشاي‪ ،‬فيما يشرع منعليه الدور في تنظيف‬ ‫وتتبيل ما ينتقيه من سمك طازج لوجبة العشاء‪ :‬غالبا ما يعد‬ ‫الرايس بليقه رز باحلوت‪ ،‬والرايس عبدالله عصمان طبيخة‬ ‫بصل‪ ,‬ال��ري��اس املراحيم عبدالله زي��و ح��رامي��ي‪ ،‬عيسى الفالح‬ ‫مكرونه‪ ،‬سالم الزليتني كلمار محشي‪ ،‬محمد ق��ارون مقليات‪،‬‬ ‫خليفه الفالح طبيخة كرشة فروج‪ ،‬الكعوار حساء بالقندوفلي‪..‬‬ ‫أو دشيشه‪ ،‬وأحيانا فته‪ ..‬م��أك��والت بحرية أساسها أطباقنا‬ ‫الشعبية التي لم تغب عني نكهاتها أب��دا! قبيل مغيب الشمس‬ ‫بقليل ينسل (جنقي)‪ ،‬يجلس على حافة الرصيف يدلي قدمية‬ ‫في املاء‪ ،‬يغيب عنا متاما‪ ،‬ويظل لزمن قد يطول او يقص‪ ،‬يدخن‬ ‫بشراهة‪ .‬لم يخطر ببالي أن��ه‪ ،‬حينها‪ ،‬ك��ان يراقب «ال�ن��وارس»‬ ‫ول��م يخطر ببالي أن��ه يكتب‪ ،‬ف��ي مخيلته‪ ،‬نصا رم��زي��ا عنها‪.‬‬ ‫وعندما م��ررت عليه صباح يوم مفعم بتهاليل الشتاء‪ ،‬قدم لي‬ ‫نص (النوارس) مكتوب بخطه اجلميل‪ .‬قراءته فيما كنا نحتسى‬ ‫عقبت‪:‬‬ ‫قهوتنا الصباحية ثم‬ ‫ُ‬ ‫ «رائع يا جنقي‪ ..‬رائع‪ ،‬لم أقر في حياتي نصا رمزيا مكثفا‬‫بهذا اجلمال!»‪.‬‬ ‫ال أريد تناوله‪ ،‬فلقد تناوله العديد من النقاد‪ ،‬وإمنا أريد فقط‪،‬‬ ‫أن اقتبس فقرات‪ ،‬أريدها مدخال ملوضوع عن هذه املخلوقات‬ ‫العجيبة‪( .‬في العيادة‪ ،‬يقول الفاخري ‪ -‬الرجل األبيض الشعر ‪-‬‬ ‫مخاطبا الطفل الذي جلس بجانبه‪:‬‬ ‫‪ ...‬ولكن هل تعرف ال�ن��وارس؟ إنها تلك الطيور البيضاء التي‬ ‫جتدها دائ�م�اً على الشاطئ‪ .‬أن��ت بالتأكيد تستطيع أن تقلد‬ ‫صوتها‪ ،‬اسمع‪ :‬واك‪ ..‬واك‪ ..‬واك!!‬ ‫وإذ ظل اجلالسون بالقاعة يبتسمون ممتلئني مبشاعر االحترام‬

‫وال��ود جت��اه ال��رج��ل األب�ي��ض الشعر ال��ذي منح ك��ل وق�ت��ه لذلك‬ ‫الطفل‪ ،‬أطلق الطفل صوتاً مشابهاً متاماً لصياح النوارس‪.‬‬ ‫حتمس الرجل األبيض الشعر قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫رائع‪ ..‬رائع‪ ،‬قلها من جديد‪.‬‬ ‫واك‪..‬واك‪ ..‬واك!!!‬ ‫عظيم‪ .‬أنت تعرف اآلن كيف تصيح النوارس‪.‬‬ ‫تساءل الطفل‪:‬‬ ‫ ولكن ملاذا تصيح هكذا؟‬‫>>>>>‬

‫ال��ذي��ن يقومون بخدمة تنظيف األس �م��اك‪ ،‬ي��رم��ون بالزعانف‪،‬‬ ‫والقشور‪ ،‬وأحشاء األسماك في البحر‪ ،‬فيما تهبط النوارس‬ ‫م��ن ع�ل�ي��ائ�ه��ا‪ ،‬وت�ل�ت�ق��ط ب�ع��ض ت�ل��ك ال �ف �ض�لات ف��ور رم�ي�ه��ا في‬ ‫البحر‪ ،‬موالية الصياح‪« :‬واك‪ ..‬واك‪ ..‬واك» وهي تصيح هكذا‬ ‫ألنها تركت الطيران والتحليق على امتداد السواحل الذهبية‪،‬‬ ‫واصطياد األسماك الفضية‪ ،‬وظلت تهيم فوق مرفأ الصيادين‪،‬‬ ‫وتعيش على النفايات!‬ ‫ دعني‪ ،‬فقط‪ ،‬أسمع منك تقليد صياحها مرة أخرى‪.‬‬‫ فرد الطفل جناحيه‪ ..‬وصاح‪« :‬واك‪ ..‬واك‪ ..‬واك!!»‪.‬‬‫كان الرمز واضحا وبليغا‪ ،‬وحتدثنا عن النص‪ ،‬وبنائه السردي‪..‬‬ ‫وجماله واذك��ر أن��ي حدثته ع��ن معلومة مفادها أن الكوريني‬ ‫يكتبون همومهم على الطائرات الورقية‪ ،‬وعندما يطلقونها حتلق‬ ‫عاليا يقطعون خيطها لكي ترحل همومهم مع الريح‪ ...‬وأخبرته‬ ‫أنه فعل الشيء نفسهولكن من خالل هذا الطائر اجلميل‪.‬‬ ‫هذا الطائر‪ ،‬الذي أعرف متاما‪ ،‬أنني عرفت اسمه من كتابات‬ ‫صادق النيهوم‪ ،‬الذي ربط نصاعة البياض بلونه!‬ ‫أس��راب ال �ن��وارس اجلميلة‪ ،‬التي تشبه نتف ال��ري��ش البيضاء‪،‬‬ ‫تشكل مع زرقة السماء اللوحة الرمزية ألفق البحر‪ ،‬وللحرية‬ ‫واالنعتاق‪ .‬ولكن هناك عجائب ومتناقضات بني جمالها وبني‬ ‫سلوكها‪ ،‬ال��ذي يشبه إلى حد كبير سلوك «أنواعا من البشر»‬ ‫صرنا نتعرف على مناذج منهم كل يوم!‬


‫ال �ن��وارس ك��ائ�ن��ات ق��وي��ة ص�م��دت ف��ي م�ع��رك��ة ال �ب �ق��اء‪ ،‬فتعودت‬ ‫مجموعات منها االعتماد على اليابسة‪ ،‬إذ تعيش على ما تقتاته‬ ‫من نفايات البشر! تاركة معاناة صراع األنواع وافتراس بعضها‬ ‫البعض! فتلك التي تعتمد على «الفتات والنفايات والقشور»‬ ‫ل��م يعد تستهويها س��راط�ين البحر وق��واق�ع��ه واس�م��اك��ه فأكوام‬ ‫املخلفات ال حتتاج إل��ى ص��راع شديد لنيل احلصة منها! فكم‬ ‫من الكالب يراها املرء مستلقية بالقرب من أكوام القمامة‪ ،‬تنال‬ ‫منها غايتها ثم تنقلب مباعدة بني قوائمها‪ ،‬في اقرب ظل مدلية‬ ‫لسانها من دون أن تتأثر بالروائح التي تزكم أنوف اخلنازير!‬ ‫ومعرفة ما تلتهمه النوارس يشوه بالتأكيد صورتها اجلمالية‪،‬‬ ‫فمعدتها الفوالذية تهضم كل شيء‪ ،‬نباتيا كان‪ ،‬ام حيوانيا من‬ ‫البر أو البحر‪ .‬منقار النورس فاغر وقوي‪،‬واملريء ضخم ويشكل‬ ‫ثلث وزنه‪ ،‬ولقد شوهد نورس يطير في الفضاء متدليا من فمه‬ ‫القائمتان اخللفيتان ألرنب سيء احلظ!‬ ‫والغريب أن النوارس التي تعيش على النفايات تلقي بيضا أكثر‬ ‫من تلك التي مازالت مرتبطة بسواحل البحر‪ ،‬والغريب أيضا أن‬ ‫السلطة في جتمعات النوارس هرمية ذكورية‪ ،‬واألكثر غرابة أن‬ ‫ذكر النورس يفني حياته مع أنثى وأحدة! حتى تلك التي صارت‬ ‫تعيش على النفايات‪ ..‬وهذا فقط ما تختلف فيه مع بعض أنواع‬ ‫بشر بالدنا الذين يعيشون على النفايات‪ ،‬التي ما أن يشبعوا‬ ‫منهاحتى ينطلقوا نحو اإلناث لينالوا منها حصتهم كاملة!‬ ‫عجب!‬ ‫ْ‬


‫‪54‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫اإلصدار اخلامس عشر من سلسلة اصدارات مجلة املستقل والتي تصدر عن املنظمة الليبية‬ ‫للصحافة وحيادية املعلومات حمل عنوانا جديدا للكاتب والصحفي الليبي عبدالواحد‬ ‫حركات أبوبكر وهو كتاب «داعشلوجيا» والذي تضمنته ‪ 186‬صفحة من القطع املتوسط‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫داعشلوجيا‬ ‫ومنذ البداية يطالعك العنوان الذي نحته الكاتب‬ ‫م��ن مصطلح داع��ش وه��ي مختصر ملسمى‬ ‫(الدولة االسالمية في العراق والشام) وبهذا‬ ‫يكون الكاتب قد نحت لنا مصطلحا جديدا‬ ‫يواكب هذه الظاهرة اجلديدة الذي اجتاحت‬ ‫البالد العربية واالسالمية‪ ..‬وال يخفى على‬ ‫أحد أن مصطلح (داعش‪..‬لوجيا) ميكن لنا‬ ‫ترجمته إلى علم داعش أو العلم الداعشي‪..‬‬ ‫وكأني بالكاتب هنا ال يقصد مجرد توصيف‬ ‫ظاهرة جديدة‪ ،‬بل يهدف إلى تذكيرنا إلى بأن‬ ‫هذه الظاهرة لها فكرها ومنظريها وقوانينها‬ ‫وقواعدها وممارساتها وجتلياتها على ارض‬ ‫ال��واق��ع وأن�ه��ا تستوجب ال��دح��ض واملواجهة‬ ‫بالعلم وبفكر مضاد يفنذها ويكشف عيوبها‪.‬‬ ‫كما نتلمس من خالل الكتاب اهتمام الكاتب‬ ‫بابتكار مصطلحات جديدة مثل الطورابوريون‬ ‫نسبة ال��ى منطقة ط��وراب��ورا في افغانستان‪،‬‬ ‫والديوبندية نسبة لقرية ديوبند الهندية‪ ،‬والذي‬ ‫كون فيها املال عمر تشكيالت تنظيم طالبان‬ ‫األولى‪ ..‬وبالعودة ملصطلح داعشلوجيا سنجد‬ ‫ان املصطلح ظهر ل��ذا الكاتب ف��ي املقاالت‬ ‫الربعة األخيرة في الكتاب وهي مقاالت كتبت‬ ‫حديثاً وعنونت كالتالي‪:‬‬ ‫ـ ج ��ذور ال��داع�ش�ل��وج�ي��ا‪ ..‬معتقدات وأس��س‬ ‫وتطور االرتكاس ‪.‬‬ ‫ـ اليهود حاكمو املسيح باسم الشريعة مبباركة‬ ‫روما‪.‬‬ ‫ـ الداعشلوجيا في محاكم التفتيش‪.‬‬ ‫ـ اجليل الداعشلوجي الثالث‪ ..‬واألخير‪.‬‬ ‫ومن خال العناوين نستطيع أن نفهم ما الذي‬ ‫حاول الكاتب أن يقوله لنا من خالل مصطلح‬ ‫داعشلوجيا‪ ..‬حيث حاول أن يعطي للمفهوم‬

‫عبدالواحد حركات‬

‫بعدا فكريا في تاريخ األديان السماوية‪ ،‬وكيف‬ ‫أن هذا الفكر تربى في حضن الديانة اليهودية‬ ‫على يد حاخاماتها يقول الكاتب في صفحة‬ ‫‪« :143‬عقد التفوق التي امتاز بها اليهود مذ‬ ‫عبروا التيه بتوراتهم وعيشهم وسط اآلخر‪،‬‬ ‫أنتج ثقافة البغضاء وفكر العنف واالزدراء‬ ‫ودعم النرجسية ووطن للعزلة الفكرية وممانعة‬ ‫احلوار أو مراجعة التابوهات واألفكار املقدسة‬ ‫ب��ال��وراث��ة‪ ،‬وأن �ت��ج أف �ض��ع ت �ص��ور ع��ن اآلخ��ر‬ ‫املختلف املسخ عدو اليهود أي عدو الله‪ ،‬واملباح‬ ‫للقتل واالغ�ت�ص��اب والتعذيب واحمل ��روم من‬ ‫احلقوق واملساواة لفقدانه االنتماء البيولوجي‬ ‫إلسرائيل والعقائدي لشريعة ملوسى‪ ..‬هذه‬ ‫كانت أول��ى ب��ذور وجتليات الدعشلوجيا في‬ ‫الزمن القدمي!»‪.‬‬ ‫ويستشهد الكاتب لذلك مبا واج��ه به أحبار‬ ‫اليهود نبي الله عيسى عليه السالم واضطهاده‬

‫ومحاكمته وصلبه‪ ..‬لينتقل بعد ذلك إلى حتول‬ ‫ه��ذا الفكر للديانة املسيحية ليصل بنا إلى‬ ‫محاكم التفتيش في اوربا في القرن السادس‬ ‫عشر ض��د اص �ح��اب ال��دي��ان��ات االخ ��رى من‬ ‫غير املسيحية وخاصة املسلمني‪ ،‬ليصل بنا‬ ‫في مقاله األخير إل��ى اجليل الداعشلوجي‬ ‫الثالث واألخير وهم أتباع الديانة احملمدية‬ ‫ابتداء من ظهور أبي األعلى امل��ودودي مفتتح‬ ‫الداعشلوجيا احملمدية الفعلي ـ كما يقول‬ ‫الكاتب ـ مرورا مبوت أسامة بن الدن ووصوال‬ ‫إلى الوقت احلالي‪.‬‬ ‫ورغ��م جهد الكاتب في رص��د ه��ذه الظاهرة‬ ‫ع �ل��ى م ��ر ال ��زم ��ن وض �م��ن م �س �ي��رة األدي� ��ان‬ ‫االبراهيمية محلال للتاريخ ومتتابعا ألحداثه‬ ‫في ما يشبه البحث العلمي التاريخي إال أنه‬ ‫اغفل ادراج مصادر ومراجع داعمة لوجهة‬ ‫نظره في امل��وض��وع وان ك��ان ه��ذا ال ينتقص‬ ‫من حتليله وقراءته الشخصية واملعمقة للتاريخ‬ ‫وتواصله معه‪.‬‬ ‫أما عن باقي الكتاب فهو عبارة عن مجموعة‬ ‫من املقاالت بلغ عددها ‪ 34‬مقاال كتبت كلها‬ ‫خالل السنوات األربعة األخيرة وسبق أن نشر‬ ‫أغلبها في صحف ومجالت مختلفة‪.‬‬ ‫ويتضح م��ن أغ�ل��ب م �ق��االت ال�ك�ت��اب اهتمام‬ ‫الكاتب بالشأن الليبي ومتابعته الدقيقة له‬ ‫ودراس�ت��ه املتعمقة لتمظهرات األزم��ة وفهمه‬ ‫لتشعبات املجتمع الليبي وحتليله ألبعاد األزمة‬ ‫الليبية الداخلية واخلارجية‪ ..‬حيث يتطرق‬ ‫بالعرض والتحليل للعديد من النقاط التي يرى‬ ‫أنها من مسببات األزمة الليبية في السنوات‬ ‫األربع األخيرة مثل‪:‬‬ ‫ـ تشكيل األح� ��زاب السياسية ق�ب��ل ص��دور‬


‫الدستور ـ تصارع األط�ي��اف السياسية التي‬ ‫ت �ع��ان��ي م ��ن ح��ال��ة م��راه �ق��ة س�ي��اس�ي��ة على‬ ‫السلطة واستئثارها وتبديدها لثروة املجتمع‬ ‫ـ تشكيل الكتائب واملليشيات املسلحة على‬ ‫أس ��اس مناطقي أو ع�ق��ائ��دي أو مصلحي ـ‬ ‫سوء أداء املجلس الوطني االنتقالي واملؤمتر‬ ‫الوطني العام مما ادخل البالد في حالة من‬ ‫الفوضى وإصدارهم ملجموعة من القرارات‬ ‫اخلاطئة ـ تخبط االع�ل�ام الليبي واإلس��راع‬ ‫بفتح الفضاءات االعالمية في غياب الكوادر‬ ‫والكفاءات واملشاريع الوطنية‪ ،‬مما أدي إلي‬ ‫ان �ف�لات اإلع�ل�ام وحت��ول��ه إل��ى إع�ل�ام مطبل‬ ‫ـ انتشار ال�س�لاح ف��ي غياب ال��وع��ي واستمر‬ ‫النخب الثقافية في ممارسة سياسة التطبيل‬ ‫ـ ان�ت�ش��ار ال�ف�س��اد وامل �ت��اج��رة ب�ق��وت الليبيني‬ ‫وأرواحهم‪ ..‬غياب الشفافية واملصداقية في‬ ‫احلكومات املتعاقبة على ليبيا ـ سيطرة العقلية‬ ‫القبلية والعشائرية على العقلية املدنية ‪.‬‬ ‫طبعا ه��ذا مختصر لبعض اس �ب��اب االزم��ة‬ ‫وليست كلها فالكاتب يفيض في شرح وحتليل‬ ‫العديد من النقاط املهمة التي ال يتسع املجال‬ ‫لذكرها كلها ولكن نالحظ ان الكاتب عمد‬ ‫ف��ي اغلب مقاالته ال��ى اب��راز ال��دور الفردي‬ ‫الشخاص كانوا محركات لالزمة وصانعني لها‬ ‫في احيان كثيرة ‪..‬‬ ‫ورغ� ��م ان ال �ك��ات��ب ي �ط��رح ل �ن��ا ال �ع��دي��د من‬

‫االشكاليات التي تعيق عودة ليبيا الى وضعها‬ ‫الطبيعي وتنهي حالة االقتتال بني االخوة اال‬ ‫ان��ه اليتركنا جنتر ه��ذه االشكاليات دون ان‬ ‫يقترح لنا حلوال لها ‪ ..‬بل على العكس فال تخلو‬ ‫مقالة من رؤي واه��داف وغ��اي��ات مستقبلية‬ ‫يقترحها الكاتب للعبور من هذا النفق املظلم‬ ‫والوصول الى مجتمع العدل واملساواة ودولة‬ ‫النظام وسيادة القانون ‪ ،‬ولعل مقاله (امالءات‬ ‫ال�ش��ارع علي البرملان الليبي) يعتبر مسودة‬ ‫مشروع لبداية تفكيك االزم��ة حيث اورد فيه‬ ‫الكاتب مجموعة من النقاط العملية التي يرى‬ ‫ان من الواجب على البرملان اتخاذها ملعاجلة‬ ‫اخطاء املاضي والبدء في طريق املستقبل‪.‬‬ ‫وف��ي مقال (طرقنا امل �س��دودة) دع��ى الكاتب‬ ‫صراحة لعودة امللكية الى ليبيا واعتماد دستور‬ ‫‪ 1951‬كحل للخروج من االزمة بعد ان سدت‬ ‫السبل امامنا اليجاد حل لها ‪.‬‬ ‫وال يتناسى الكاتب ان يسلط مجهره على‬ ‫م�ش�ك�ل��ة ت���اورغ���اء وظ � ��روف امل �س��اج�ين في‬ ‫السجون الليبية املختلفة‪ ..‬وال يغفل ان يتعرض‬ ‫بالنقد والتحليل لدور مبعوثي االمم املتحدة الى‬ ‫ليبيا من ايان الى دمتري الي ليون وبالضرورة‬ ‫التعرض لدور املجتمع الدولي وخاصة امريكا‬ ‫في تعميق حدة االزمة الليبية ‪ ..‬كما ال يفوته‬ ‫عقد مقارنات بني اح��داث ليبيا ولبنان وبني‬ ‫احداث ليبيا االن وليبيا في الفترة من ‪1911‬‬

‫وحتى ‪..1935‬‬ ‫الكتاب ملئ باملقاالت الشيقة والهامة واملكتوبة‬ ‫بإحساس عالي بقيمة الوطن وتزخر املقاالت‬ ‫بالتحاليل العميقة واجلريئة لالزمة الليبية‬ ‫خصوصا وللوضع العربي بشكل عام وتتجلى‬ ‫فيه ثقافة الكاتب العالية ومتابعته الدقيقة‬ ‫ويظهر ذلك في تداوله للمصطلحات العلمية‬ ‫والفلسفية بشكل كبير وفي مكانها الصحيح‬ ‫ول��م تكن حشوا او استعراضا لالمكانيات‬ ‫اللغوية بل ان اللغة العالية عند الكاتب ساهمت‬ ‫في طرح افكار عديدة في مساحات قصيرة‬ ‫لذلك فالكتاب يحتاج الى ق��راءة متأنية حتى‬ ‫يتمكن القارئ من االمل��ام بكل م��اورد فيه من‬ ‫افكار ومواضيع وحتليالت ورؤى ‪..‬‬ ‫والننا ال نستطيع في هذه السطور املختصرة‬ ‫وهذا العرض السريع ان نلم بكل مافي الكتاب‬ ‫من مواضيع مما سيهضم حق الكتاب والكاتب‬ ‫بالتأكيد ‪ ..‬اال ان ذلك ال مينعنا من القول‬ ‫من ان املهتم بالشأن الليبي سيجد فيه شرحا‬ ‫عميقا لكل ابعاد االزمة الليبية خالل السنوات‬ ‫االخ �ي��رة وأن الكاتب ق��د ك��ان متابعا امينا‬ ‫للوضع الليبي حتى وان اختلف بعضنا معه‬ ‫في ال��رأي ‪ ..‬لهذا ادع��و اجلميع ال��ى قراءته‬ ‫واالستفادة منه ‪..‬‬ ‫وختاما احببت ان انهي هذا العرض لكتاب‬ ‫داعشلوجيا للكاتب عبد الواحد حركات أبوبكر‬ ‫مبقطع م��ن مقالة (أج�ن��دة س�لام) ص ‪19-‬‬ ‫‪ ..20‬لعلها جتد آذانا صاغية‪:‬‬ ‫«سطوة السالح وسلطة املال مبررها تكاسل‬ ‫رواد الفكر واملثقفني ع��ن استكمال دوره��م‬ ‫برصانة واجتهاد وتشردهم في قفار الصمت‬ ‫وتنازلهم عن حقهم في ريادة الثورة التي كانوا‬ ‫شعلتها االول ��ى قبل أن ت�ق��وى االي ��دي على‬ ‫امتشاق السالح عنوة ‪..‬وامتالكنا للبذرة الطيبة‬ ‫واالصيلة التي طمرها الطمع والثأر واجلشع‬ ‫والتكبر والتقليد وال�ع��داء ل��دى أغلب شركاء‬ ‫السلطة ومصارعيها في ليبيا يهبنا االمل في‬ ‫تغيير حال الشارع الليبي ومنع نزيف الدم فيه‬ ‫بأسلوب انساني مستمد من خصال أكرم خلق‬ ‫الله محمد عليه السالم ‪ ..‬وألننا طيبون وعتادنا‬ ‫الكلمة الطيبة أدع��و كل الكتاب والصحفيني‬ ‫واالعالميني في ليبيا الى تخصيص نتاجهم‬ ‫الفكري واملوضوعي لنصرة السالم والتبشير‬ ‫باأللفة والصلح والتسامح واعالن هذه االيام‬ ‫اياما للسالم الوطني ومتهيدا لسالم اعظم‬ ‫واكثر روعة مستبشرين بالطيبة التي اودعها‬ ‫الله في قلوب عباده وبشهر رمضان الكرمي‬ ‫‪ ..‬وبكلمات النور وآيات الرحمة ‪ ..‬لنكن دعاة‬ ‫سالم أليام أن لم نستطع أن نكون كذلك طوال‬ ‫الوقت‪.»..‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار ثقافي‬

‫ضو ربيع‪:‬‬ ‫تراثنا واحدٌ‪ ..‬هويتنا مشتركة‬ ‫بالرغم من دويالت الكرتون‬

‫القصائد السياسية‬ ‫تموت بانتهــــــــــــــــــ‬


‫الشاعر والباحث ضو علي ربيع (مواليد احلوامد‬ ‫‪1964‬م) يحمل معه أينما ذه��ب‪ ،‬وحيثما ك��ان‪،‬‬ ‫ذاك��رة ليبيا التاريخية واالجتماعية والثقافية‪،‬‬ ‫���داً‪،‬‬ ‫ف��ه��و إل���ى ك��ون��ه ش���اع���ر ًا ُم��ج��ي��داً‪ ،‬وب��اح��ث�� ًا ُم���ج ّ‬ ‫وناقد ًا مرموق ًا لألدب الشعبي والتراث‪ ..‬هو أيضاً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وتأويال بوشائج‬ ‫ومعرفة‬ ‫مدقق يحيط علم ًا‬ ‫مؤرخ‬ ‫ّ‬ ‫ال��ت��اري��خ ال��ع��رب��ي االج��ت��م��اع��ي ف��ي ال��وط��ن العربي‬ ‫بشكل عام‪ ،‬واإلقليم املغاربي بشكل خاص‪.‬‬ ‫شارك ضو ربيع في الكثير من الفعاليات الثقافية‬ ‫ومتيز على ال���دوام بآرائه‬ ‫داخ��ل ليبيا وخارجها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحت��ل��ي�لات��ه امل���ه ّ���م���ة‪ ،‬وق����د ص����در ل���ه ال��ع��دي��د من‬ ‫املؤلفات‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ محمد عبد الرحمن احلامدى (دراسة وحتقيق‪،‬‬‫‪ – 2000‬طرابلس)‪.‬‬ ‫ أشواق بدوية (‪ – 2004‬اجلزائر)‪.‬‬‫ دي���وان أم�ين ع��ون لبز (ج��م��ع وت��ق��دمي‪– 2005 ،‬‬‫طرابلس)‪.‬‬ ‫ك��م��ا ص���در ع��ن��ه ك��ت��اب «ب�ي�ن ج��ي��ل�ين»‪ ،‬وه���و ح��وار‬ ‫مطول أجراه معه مع الشاعر والكاتب وليد الزريبى‬ ‫ّ‬ ‫في تونس سنة ‪ ..2010‬التقته مجلة املستقل في‬ ‫ربوع اجلبل الغربي مبدينة احلوامد وكان لنا معه‬ ‫هذا احلوار‪:‬‬

‫املستقل‪ :‬أستاذ ضو ربيع‪ ..‬مل��اذا ظلت إلى اليوم القصيدة‬ ‫البدوية هي املهيمنة على املشهد الشعري الشعبي‪ ..‬رغم‬ ‫التغير االجتماعي الكبير الذي طرأ على املجتمع الليبي‬ ‫منذ اكتشاف وتسويق النفط‪ ..‬وانتقال معظم السكان إلى‬ ‫املدن؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬بالنسبة للقصيدة الشعبية البدوية ليست مرتبطة بنمط‬ ‫احلياة والتغيير االجتماعي بل هي مرتبطة بالذهنية‪ ،‬فالشعب‬ ‫الليبي ال ميكن تقسيمه إلى حضر وبدو مبفهوم السوسولوجيا‬ ‫السكاني االجتماعي ف��ي ب�ل��دان أخ��رى‪ ،‬إذ أن��ه يعتبر بالكامل‬ ‫شعباً شبه بدوي‪ ،‬فهو مث ً‬ ‫ال ال توجد لديه ثقافة البحر‪ ،‬أو أدب‬ ‫البحر‪ ،‬وكذلك املرأة جندها إلى تسعينيات القرن العشرين الزالت‬ ‫متمسكة بزيها التقليدي في بعض أحياء العاصمة طرابلس‪.‬‬ ‫أما القصيدة الغنائية فقد ارتبطت بالطرب واآلالت املوسيقية‬ ‫والفن احملترف‪.‬‬ ‫في تاريخ ليبيا احلديث ومنذ مائة سنة تقريبا لعبت القصيدة‬ ‫البدوية دوراً ناقداً والتجأت إل��ى معادلها الرمزي في مختلف‬ ‫العهود السياسية‪ ،‬وما لم تقله اجلريدة أو اإلذاعة أو الكاتب من‬ ‫نقد للسلطة السياسية قالته القصيدة البدوية وشاعرها بعفويته‬ ‫وعفويتها‪ ،‬بل أصبحت بدي ً‬ ‫ال للمعارضة األدبية والسياسية‪ ،‬ومن‬ ‫هنا استمدت قوتها من معارضتها لإلعالم الرسمي‪ ،‬ألن في ليبيا‬ ‫إعالم تعبوي رسمي وصحافة موالية منذ نشوء الدولة الليبية إلى‬ ‫اآلن في الداخل‪ ،‬وهذا اإلعالم املقروء واملسموع واملرئي يتحكم‬ ‫فيه التمويل والتوجيه أما القصيدة البدوية فال‪ ..‬هذا من الناحية‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫من الناحية الثقافية واألدبية حافظت القصيدة البدوية (الزجل)‬ ‫على أشكالها الفنية وإيقاعاتها من «مجرودة» و»طبيلة» و»موقف»‬ ‫و»قسيم» و»أب��و رجيلة»‪ ،‬وحصل لها تطور في املضمون ودخلت‬ ‫فيها أحيانا اللغة الثالثة السلسة‪ .‬هذا التطور في املضمون جعلها‬ ‫تستمر ولها جمهورها العريض ولم تستطيع منافستها ال قصيدة‬ ‫النثر وال العمودي‪ ،‬ألنها تتكلم بلغة الطفولة ال��دارج��ة‪ ،‬فنجد‬ ‫بها املشاركة الوجدانية ثم إن التغيير االجتماعي منذ اكتشاف‬ ‫النفط في ليبيا كان تغييراً مظهري شكلي في منط احلياة‪ ،‬ولم‬ ‫يكن تغييراً في الذهنية أو في السلوك‪ ،‬مما جعل هذه القصيدة‬ ‫تستخدم نفس أغراضها من فخر وغ��زل وم��دح بنفس املعايير‬ ‫وأحيانا املفردات البدوية البحتة في الدارجة الليبية‪.‬‬

‫ـــــــاء آخر حرف فيها‬


‫‪58‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار ثقافي‬

‫جرت محاوالت للشعر (احملكي)‪ ،‬ولكنها لم حتظ بشعبية كبيرة‬ ‫لدى املتلقي‪ ،‬ولم تكون بدي ً‬ ‫ال للقصيدة البدوية املعاصرة‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ال��ق��ص��ي��دة الشعبية ف��ي امل��ن��ط��ق��ة ال��غ��رب��ي��ة من‬ ‫ليبيا متيل في كثير من مفرداتها وتعابيرها وأوزانها إلى‬ ‫القصيدة في اجلنوب التونسي‪ ،‬فيما القصيدة في املنطقة‬ ‫الشرقية تتقارب مع مثيلتها في الصحراء الغربية ملصر‪..‬‬ ‫ما تفسير ذلك؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬القصيدة الشعبية في غرب ليبيا تتطابق وزناً ومضموناً‬ ‫مع مثيلتها في جنوب تونس وشرق اجلزائر في واد سوف وورقلة‬ ‫وبسكرة مث ً‬ ‫ال‪ .‬وحتمل نفس املفردات والشكل‪.‬‬ ‫قصيدة الشرق الليبي التي ينطبق عليها نفس البنى مع مناطق‬ ‫العربان في الصحراء الغربية والبحيرة مث ً‬ ‫ال في مصر‪ ،‬وهي‬ ‫متقاربة م��ع بعضها م��ع اخ �ت�لاف أس �ل��وب ال��وص��ف وامل �ف��ردات‬ ‫القليلة وبعض األوزان املختلفة‪ ،‬وهذا نتيجة اختالط كل منطقة‬ ‫مبا جاورها والهجرات املتبادلة واألصول الواحدة‪ ،‬ألنها امتداد‬ ‫لبعضها البعض‪ ..‬نفس العائالت والقبائل على طرفي احلدود‪،‬‬ ‫ونفس املسميات من الناحية األنثربولوجية‪ .‬هي عنصر بشري‬ ‫واح��د أغلبه يرجع إلى ثقافة قبائل هالل وسليم العربية‪ ،‬ففي‬ ‫الشرق عشيرة هيب‪ ،‬أم��ا في الغرب ع��وف وذب��اب‪ ،‬وه��ي نفس‬ ‫البطون والتفرعات‪ ،‬وانقسمت هذه املجموعات البشرية أينما‬ ‫التقت الرايات األجنبية على طرفي احلدود الوهمية في الشرق‬ ‫والغرب‪ ،‬والرايات هي األجنليزية وااليطالية والفرنسية قسمت‬ ‫القبيلة الواحدة والشعب الواحد‪ ،‬ومن خالل الدراسات النقدية‬ ‫جن��د مي ً‬ ‫ال ف��ي ك��ل منطقة نحو األخ ��رى‪ ،‬ص��وب مصر وتونس‪،‬‬ ‫ألنها نفس العنصر كما ذكرنا‪ ،‬وهذه املناطق هي امتداد للعنصر‬ ‫البشري احمللي في اجلارتني الشقيقتني‪ ،‬فـ»احلولي» أو «اجلرد»‬ ‫ينتهي في خط قفصة‪ ،‬قابس‪ ،‬ويوجد أيضاً في محافظات مصر‬ ‫الغربية بنفس الطاقية والكبوس‪ ،‬حسب املسميات في مصر‪،‬‬ ‫وه��ذا ال يعني التفرقة بني العرب‪ ،‬ولكن من ناحية تتبع اإلنتاج‬ ‫الشعري ال��دارج وامل �ف��ردات اتضح ذل��ك في القصيدة واملالبس‬ ‫وال�ع��ادات ومن��ط العيش مع اختالفات طفيفة في شكل وإيقاع‬ ‫وطريقة األداء بني إقليم وآخر في الوطن العربي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬يعاب على القصيدة الشعبية عدم استفادتها من‬ ‫م��وروث األم��ث��ال الشعبية‪ ..‬فقلما جند في مدنوة الشعر‬ ‫حكمية وترتكز على األمثال‪ ..‬ما تفسير‬ ‫الشعبي قصائد‬ ‫ّ‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ض��و رب��ي��ع‪ :‬بالعكس القصيدة الشعبية الزجلية استفادت من‬ ‫امل� ��وروث الشعبي ف��ي ك��ل مراحلها ال��زم�ن�ي��ة‪ ،‬وخ��اص��ة األم�ث��ال‬ ‫الشعبية‪ ،‬والزالت قصائد سيدي قنانة أو عبد املطلب اجلماعي‬ ‫في القرن التاسع عشر حتمل احلكمة واألمثال‪ ،‬بل حتولت بعض‬ ‫األبيات الشعرية إلى أمثال دائمة مثل‪:‬‬ ‫‪ 1‬اللي يشبحك بالعني ما توميله مطراح مالك فيه ما متشيله‬‫في الضيق ما تلقاش‬ ‫‪ 2‬في الواسعة لصحاب يا ما منهم‬‫واحد منهم‬ ‫ال يعتد الشاعر الشعبي إال إذا قال قصيدة فيها شيء من احلكمة‬ ‫أو حتمل مثال أي انه يستنبط شيء ما جديد على مستوى األمثال‬ ‫والقصائد الزجلية في كل مجاالتها‪ ،‬وهي حتمل معادل موضوعي‬

‫نأمل من الله أن يحفظ ليبيا وأن يعود‬ ‫إلى الشعر زمنه‬ ‫منني العمار يجيك يا وطن شيخاتك خدم‬ ‫أمام املعاناة اليومية للمواطن من انقطاع‬ ‫الكهرباء والغاز والبنزين ونقص اخلدمات‬ ‫وصعوبة احلياة فإنه لن يستمع إلى‬ ‫«طبيلة» أو غيرها‬ ‫القصيدة النضالية هي قصيدة املعاناة احلقيقة‬ ‫وهي قصيدة صادقة‬ ‫وسائل االتصال واإلعالم ساهمت في ترسيخ‬ ‫ثقافة السمعي ‪ -‬البصري للقصيدة الشعبية‬ ‫قصيدة «ما بي مرض» هي «جيرونيكا» ليبيا‪،‬‬ ‫وهي رسالة إلى العالم عن معاناة الليبيني إبان‬ ‫االحتالل اإليطالي‬

‫في قراءتها خاصة الرمزية منها وبقيت شاهداً وانعكاساً ملراحل‬ ‫زمنية مختلفة سجلها مبدعون في نظرتهم في احلياة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬م��ا زال��ت القصيدة الشعبية حتى اآلن قصيدة‬ ‫شفوية وال يتم التعامل معها كنص أدب���ي‪ ..‬كيف ميكن‬ ‫تطويع الشعر الشعبي نظري ًا ملفهوم النص األدبي؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬القصيدة الشعبية الشفوية إما مسموعة وغير مقروءة‬ ‫لدى الغالبية‪ ،‬وذلك نتيجة أن ثقافة املتلقني ثقافة سمعية وليست‬ ‫مقروءة‪ ،‬وهي تنتقل مشافهة بالتواتر‪ ،‬ونحن شعوب تستمع للنص‬


‫األغنية لم تفسد الشعر الزجلي بل أعادت‬ ‫إنتاجه موسيقي ًا وأعطته آفاق ًا أخرى جديدة‬ ‫«املرسكاوي» ساهم في نشر وغناء الشعر‬ ‫الزجلي من خالل فرق التراث في كل‬ ‫أنحاء ليبيا‬

‫الشعبي ال تقرأه كنص أدبي مكتوب‪ ،‬وقد ساهمت وسائل االتصال‬ ‫واإلعالم أيضاً في ترسيخ ثقافة االستماع أو السمعي البصري‬ ‫للقصيدة الشعبية عبر محطات اإلذاع���ة وأش��رط��ة الكاسيت‬ ‫والسيدي الخ‪ ...‬واملهرجانات‪ ،‬وكذلك حفالت األفراح واملناسبات‬ ‫األخ��رى مع مالحظة انتشار رسائل عبر الهواتف كقراءة خالل‬ ‫السنوات املاضية‪.‬‬ ‫أما كيف ميكن تطويع الزجل كنص أدبي شعبي‪ ،‬فهناك التجربة‬ ‫اجلزائرية في مناهج اجلامعة يدرس الطالب أدباً شعبياً وشعراً‬

‫شعبياً‪ ،‬وكذلك الدراسة اخلاصة بالقصيدة في املنهج الدراسي‪،‬‬ ‫أما املطبوعات الليبية فقد كانت تنشر نصوصاً بالفصحى وال‬ ‫تنشر الزجل عدا محاوالت بسيطة في صحف املناطق أو صحيفة‬ ‫(املأثور) املتوقفة حالياً واملتخصصة في الزجل سابقاً‪ ،‬مع إهمال‬ ‫احملاضرات والندوات التي تتناول األدب الشعبي بكافة فروعه إال‬ ‫القليل منه‪ ،‬وال نالحظ دراسة أو تفكيكاً لقصيدة قدمية أو حديثة‬ ‫بتطبيق املعايير النقدية عليها‪ ..‬ثم إن زج��ال ليبيا ال��ذي يجب‬ ‫التعامل معه كأديب لم يخرج إلى اآلن من طور القصيدة الزجلية‬


‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار ثقافي‬

‫لتصبح نصاً متكام ً‬ ‫ال يحمل هموم الوطن في ظروفه احلالية‪،‬‬ ‫مثلما حصل في أقطار أخ��رى‪ ..‬فؤاد جنم أو األبنودي أو بيرم‬ ‫التونسي مث ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫املستقل‪ُ :‬يعرف عن الشعر الشعبي تفاعله مع األح��داث‬ ‫والتطورات‪ ..‬ولكننا جند هذه الظاهرة قد تضاءلت كثير ًا‬ ‫ّ‬ ‫في السنوات األربع املاضية‪ ..‬كيف تفسر ذلك؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬سبب االضمحالل واضح ألن املجتمع الليبي مير بفترة‬ ‫عصيبة طيلة السنوات األربعة هنالك حرب ضروس (أهلية)‪.‬‬ ‫فصار الشيب عيباً ملن يشيب‬ ‫أرض توارثها شعوب‬ ‫وم��ن آث��ار احل��روب آث��ار سيئة غير صحية‪ ،‬سياسية اجتماعية‬ ‫ثقافية نفسية‪ ،‬وهذا التراجع ليس في الزجل فقط‪ ..‬أين الرواية‬ ‫القصة القصيرة والكتابة االحتفاليات؟ ‪ ...‬أصبحت ج��زءاً من‬ ‫املاضي‪ ،‬وكذلك أغلب فحول الشعر وأساطينه مارسوا الصمت‪،‬‬ ‫وازده��ر اآلن الشعر التراجيدي الرمزي‪ .‬هناك خوف من قول‬ ‫احلقيقة في الصحافة الورقية التي هاجرت وغادرت‪ ..‬ال توجد‬ ‫اآلن صحف إال في مدينة أو اثنتني وحتمل لوناً واحداً‪ ،‬أما الباقي‬ ‫فيتلقى إما عبر االنترنت أو رسائل النقال أبياتاً قد تكون موجهة‬ ‫سياسياً‪ ،‬ثم ماذا سيقول املبدع في وضع أصبح الهجاء بني مدينة‬ ‫وأخرى أو جهة أو منطقة أو إقليم مثلما تفعل املدافع والطائرات‬ ‫في حرب املدن ضد بعضها‪ ..‬إذا كيف تزداد النصوص اإلبداعية‬ ‫في ه��ذا اجل��و اخلانق ال��ذي أدى إل��ى إنتاج املبدع الزومبي في‬ ‫املشهد الليبي الواضح‪ ،‬حيث ال طريق في هذه الفوضى العبثية‪...‬‬ ‫إما املسرح أو املتحف‪ ،‬حيث يتحول املبدع إلى مهرج أو متثال‪.‬‬ ‫في املاضي كان هنالك تشجيع للشعراء ومسابقات وأندية للشعر‬ ‫في كل منطقة إال إن هذه احلرب لم تترك شيئاً‪ ،‬وهذه نتائجها‬ ‫فضربت النخبة الثقافية بالكامل‪ ،‬وليس الزجل وحده‪ ،‬في عمل‬

‫ممنهج لفرض رؤية أحادية ذات لون واحد‪ ،‬ونرى بعد ذلك بعض‬ ‫املرتزقة ف��ي املشهد الزجلي مي��دح قبائل قطر م�ث� ً‬ ‫لا‪ ،‬ث��م م��اذا‬ ‫ستقول؟‬ ‫أم��ام الشعب املهجر النازح في الداخل واخل��ارج يتفاعل الزجل‬ ‫لتسجيل وتوثيق هذه األح��داث‪ ،‬وهو موجود حالياً‪ ،‬أما الهجاء‬ ‫وال�ف�تن فإنها ليست م��ن مصلحة القصيدة وال ال��وط��ن‪ ،‬وه��ذه‬ ‫املسببات واملعاناة اليومية للمواطن من انقطاع الكهرباء والغاز‬ ‫والبنزين ونقص اخلدمات وصعوبة احلياة‪ ،‬فانه لم يستمع إلى‬ ‫«طبيلة» أو غيرها‪ ..‬نأمل من الله أن يحفظ ليبيا ويعود إلى الشعر‬ ‫زمنه‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ب��ع��ض ال��ق��ص��ائ��د الشعبية ح��م��ل ص��ف��ة ال��ت��أري��خ‬ ‫(ك��ق��ص��ي��دة‪ :‬م���ا ب���ي م���رض غ��ي��ر دار ال��ع��ق��ي��ل��ة) وب��امل��ق��اب��ل‬ ‫وق��ع غيرها ف��ي أس��ر األي��دي��ول��وج��ي��ا وال��س��ي��اس��ة‪ ..‬برأيك‬ ‫م��ت��ى نطلق ع��ل��ى ال��ق��ص��ي��دة الشعبية مصطلح القصيدة‬ ‫التاريخية؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬قصيدة ما بي مرض أرخت ملرحلة وحدث في تاريخ‬ ‫ليبيا وهو معتقل (العقيلة) وسبق وقد قلت في حوار (بني جيلني)‬ ‫مع الكاتب (وليد الزريبي) بيكاسو رسم (جيرونيكا) التي كانت‬ ‫رسالة إلى العالم وفي فترة متقاربة قبل احلرب األهلية األسبانية‬ ‫رس��م رج��ب بوحويش ش��يء كانت فضاعته أكبر مما تع ّبر عنه‬ ‫(اجل�ي��رون�ي�ك��ا) ب�ع�ن��وان «م��ا ب��ي م��رض غير دار العقيلة‪ ،:‬وهي‬ ‫قصيدة وطنية قيلت عن معاناة شعب وليس عن قبيلة أو قرية‪،‬‬ ‫ولم متجد فردا بطال بل للجموع ولهذا بقيت صورة تراجيدية في‬ ‫الذاكرة اجلمعية بداخل ليبيا و خارجها في دول اجل��وار و هي‬ ‫إدانة شديدة لفضاعة الفاشية أوان أوج قوتها ضد شعب صغير‬ ‫أعزل مت سجنه داخل أرضه جماعياً للنيل من روح املقاومة لديه‬


‫وكسر إرادته بتهمة التمرد ضد دول جاءت لتنشر القيم واحلضارة‬ ‫املدنية التي كم ارتكب باسمها حتى اليوم‪.‬‬ ‫غير ه��ذه القصائد وقعت في أس��ر السياسة وامل��دح والتمجيد‬ ‫والقدح أما قصيدة األيدلوجيا فال أعتقد وجودها في ليبيا بل‬ ‫ما هو موجود هو قصائد سياسية متوت بانتهاء آخر حرف فيها‬ ‫ألنها ليست عفوية‪ ،‬بل مصطنعة في أغلبها‪ ،‬وقيلت للتكسب‪ .‬أما‬ ‫قصائد حركة اجلهاد واملقاومة والتغني بالوطن فهي الزلت حتمل‬ ‫وهج حلضاتها النها قيلت فوق صهوات اجلياد و اخلنادق و ليس‬ ‫الفنادق أما القصيدة النضاليه هي قصيدة املعاناة احلقيقة وعلي‬ ‫القصيدة ان تكون صادقة حتي تكون لها مصداقية للمتلقى‪.‬‬ ‫مثل قصائد عديدة قيلت في فترات زمنية مختلفة في ليبيا‬ ‫خاصة أبان مرحلة اجلهاد ضد الغزو إليطالي ومرحلة ما بعد‬ ‫احل��رب العاملية الثانية وفي بالد املهجر حيث حملت الشوق و‬ ‫احلنني وي��وج��د ف��ي ذل��ك الكثير م��ن االس�م��اء ف��ي سماء الشعر‬ ‫الشعبي الذين أرخوا للمقاومة الليبية ضد االستعمار و هؤالء هم‬ ‫اصحاب القصائد التاريخية‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬درجت العادة في الوسط الشعري أن تبدأ امللحمة‬ ‫ببيت مفرد (رأس بيت) ثم يتناوب الشعراء على اإلضافة‬ ‫إلى هذا البيت‪ ...‬هل كانت لك مشاركات شبيهة؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬امللحمة املشتركة بني مجموعة من الشعراء ومن خالل‬ ‫التجربة الشخصية شاركت في ملحمة (مازلت نا هنا) التي شارك‬ ‫فيها ع��دد كبير من الشعراء وه��ي بداية من الشاعر بوعجيلة‬ ‫عبد السالم من مدينة اجدابيا‪ ،‬وكذلك ملحمة (جيناك ياريحة‬ ‫صمايل هلنا) والتي ضمت فيها مجموعة من الشعراء وهي كانت‬ ‫مخاطبة أثناء زيارة للحاجة (فجرة محمد سوف) أنذاك وبعض‬ ‫من املشاركات و مراسالت أخرى‪..‬‬

‫املستقل‪ :‬ما اآلفاق التي منحتها األغنية للشعر الشعبي؟‬ ‫يتردد على بعض األلسنة أن األغنية «أفسدت»‬ ‫وهل كما‬ ‫ّ‬ ‫الشعر الشعبي؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬األغنية أعطت الشاعر الشعبي انتشاراً أكبر خاصة‬ ‫في األغاني الشعبية التي قامت بتلحني بعض القصائد واعطائها‬ ‫احلان شعبية بل أدت إلى انتشار األغنية الليبية امللحنة خارج ليبيا‬ ‫خاصة في نهاية الثمانينات وما بعدها‪ ،‬ومن املعلوم أن املوسيقى‬ ‫هي الفن التجريدي اخلالص‪ ،‬وإذا أضفنا إليها الشعر أصبحت‬ ‫أغنية‪ ،‬وهي تتركب من االثنني والشعر ينقسم إلى غنائي وزجلي‪.‬‬ ‫في الفترة املشار إليها مت تلحني الزجل واستخدامه بشكل غنائي‬ ‫مما أنتج أغاني ذات إيقاعات شعبية تراثية وجدانية أبرزها لدى‬ ‫الفنان محمد حسن والراحلة ذك��رى محمد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬وه��ي كلمات‬ ‫قام مؤلفيها ومغنيها بنقل القصيدة الشعبية إلى مصاف األغنية‬ ‫التي انتشرت خارج ليبيا‪ ،‬وإن األغنية لم تفسد الشعر الزجلي بل‬ ‫أعادت إنتاجه موسيقياً وأعطته آفاقاً أخرى جديدة وخرجت به‬ ‫من دائرة احمللية إلى العربية و ساهم الفن الشعبي (املرسكاوي)‬ ‫في نشر وغناء الشعر الزجلي وكذلك فعلت فرق التراث في كل‬ ‫أنحاء ليبيا‪.‬‬ ‫وقد كانت لي جتربة مميزة مع الفنان صالح الفيتوري و فرقة‬ ‫شباب الزنتان وهي فرقة ذات أحلان تراثية بدوية حيث مت إنتاج‬ ‫ألبوم غنائي تراثي سنة ‪2010‬م ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل ميكن احلديث عن نقاط التقاء بني القصيدة‬ ‫في كل من ليبيا وتونس واجلزائر واملغرب‪ ..‬هل نستطيع‬ ‫احلديث عن قصيدة شعبية مغاربية؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬نعم هناك الكثير من نقاط االلتقاء سواء علي املستوى‬ ‫املغاربي أو العربي ب��ل أج��زم ب��أن ال��وزن الهاللي ف��ي ليبيا هو‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار ثقافي‬

‫نفس الوزن النبطي في الشرق العربي‪ ،‬أما مغاربياً فهي قصيدة‬ ‫شعبية مغاربية سواء في رموزها املعروفة (سيدي قنانه‪ ،‬أحمد‬ ‫مالك‪ ،‬بن كريو‪ ،‬عبدالرحمن املجدوب‪ ،‬عبدالرحمن احلامدي‪،‬‬ ‫أحمد البرغوثي‪ ،‬الزرهوني) فإن إنتاج هؤالء العباقرة واحد في‬ ‫األغراض أو اجلماليات أو الكناية أو التشبيه و االستعارة أيضا‬ ‫من نفس عناصر البيئة‪ ،‬وهي تلتقي في شتى أغراضها سواء غزل‬ ‫أو رث��اء‪ ،‬وإخوانيات‪ ،‬وفخر ووطنيات‪ ،‬وهي متقاربة من ناحية‬ ‫املفردات واألوزان سواء كان اسمها شعبية أو زجلية أو ملحون أو‬ ‫حسانية وكلها نبعت من الزجل اآلتي من األندلس والذي طوره‬ ‫بني هالل وسليم وهو مثل املوشح والذي هو واحد أيضا‪ ،‬كذلك‬ ‫الزجل الذي ال تخضع قصيدته إلى حركات اإلعراب والصرف و‬ ‫يقال باللغة الدارجة (العامية) ألن منبعه من األندلس نتيجة وجود‬ ‫شعب مزدوج اللغة آنذاك‪.‬‬ ‫وتتشابه بحورها وإيقاعاتها ولك مث ً‬ ‫ال يقول فالحو جبال األوراس‬ ‫(الشاوية) في ثورة نوفمبر ‪1954‬م‪.‬‬ ‫‪ 1‬منني ثاروا أوالد العربية ‪ ....‬والقو جيوش الروم‬‫وفي تونس‪:‬‬ ‫‪ 2‬اخلمسة اللي حلقوا باجلرة ‪ ....‬وملك املوت ايراجي‬‫وفي ليبيا‪:‬‬ ‫‪ 3‬عمر فارس بنداق اهاللي ‪ ....‬وصيته في كل مكان‬‫هذه بداية القصائد الثالثة نفس اإليقاع نفس التفعيلة يفهم ذلك‬ ‫املختصون بالدراسات في هذا املجال‪ ،‬أما اجلماليات فهي كثيرة‬ ‫خاصة في الغزل وامل��راس�لات امل��وج��ودة منذ القدم بني شعراء‬ ‫املغرب العربي ليست جديدة والقصيدة املغاربية هي مشاركة‬ ‫وجدانية نتيجة وحدة التراث واللغة والتفكير والتاريخ غصبا عن‬ ‫دويالت الكرتون املنتجة من سايكس بيكو التفكيكية من احمليط‬ ‫إلي اخلليج‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬باستثناء ما صدر عن جامعة بنغازي (قاريونس)‬ ‫تفسر عزوف اجلامعات‬ ‫للدكتور محمد الساحلي‪ ..‬مباذا‬ ‫ّ‬ ‫الليبية عن دراسة الشعر الشعبي؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬مجلد الشعر الشعبي ‪ 2,1‬صدر من جامعة قاريونس‬ ‫التي ق��ام طالبها في سبعينيات القرن املاضي علي شكر فرق‬ ‫بحثية وهو جتميع و توثيق جيد قامت به اجلامعة آنذاك ‪ ،‬و لكنها‬ ‫لم تستمر ومن املهتمني بذلك كان الدكتور علي الساحلي الذي‬ ‫اهتم بهذا اجلانب آنذاك‪.‬‬ ‫أما باقي اجلامعات الليبية فإنها لم تهتم بذلك سواء من ناحية‬ ‫تدريسه في بعض األق�س��ام أو توثيقه خاصة أن��ه يحمل تاريخ‬ ‫سياسي واجتماعي وهو انعكاس لتاريخ املجتمع الليبي في فترات‬ ‫لم يكن توثيق املقروء واملسموع واملرئي متوفراً‪ ،‬وبقيت القصيدة‬ ‫امل�ت��وات��رة شفاهياً حتمل ف��ي مضمونها م��ا حصل م��ن تطورات‬ ‫وأحدث داخل املجتمع الليبي‪.‬‬ ‫بالرغم من وجود محاوالت فردية للتجميع و التوثيق لكنها تبقي‬ ‫قاصرة الن ذلك يحتاج الي مؤسسات بالنسبة لتراثها الذي مازال‬ ‫بكراً ومن ابرز تلك املؤسسات اجلامعات التي عزفت عن ذلك‬ ‫واعتبرته ال يدخل في صميم عملها من خالل البحوث أو توجيه‬ ‫الرسائل واملشاريع الدراسية لتوثيقه وإدخاله في املناهج‪ ،‬واعتبر‬ ‫هذا التراث ثانوياً وجانبياً في الدراسات والبحوث‪ ،‬كما اعتبره‬

‫القصيدة البدوية حافظت على أشكالها الفنية‬ ‫وإيقاعاتها من مجرودة وطبيلة وموقف وقسيم‬ ‫وأبو رجيلة‪ ..‬وحصل لها تطور في املضمون‬ ‫قصائد حركة اجلهاد واملقاومة والتغني بالوطن‬ ‫الزالت حتمل وهج حلظاتها األولى‬

‫البعض بأنه ال يرتقي للوثيقة التاريخية‪.‬‬ ‫مع عدم وجود أقسام متخصصة في اجلامعات مثل ما هو موجود‬ ‫في دول أخرى‪ ...‬اجلامعة في ليبيا ترى انه ليس من اختصاصها‪،‬‬ ‫وأن دورها ال يدخل في اختصاصات األدب والفلكلور‪ ،‬وترك ذلك‬ ‫ألفراد هواة وإدارات في الوزارات غير مختصة مما أدى إلى ضياع‬ ‫الكثير منه و البد من قيام مؤسسات علمية تضع برنامج الحتواء هذا‬ ‫اإلرث احلضاري خاصة أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن‬ ‫(االنثربولوجيا) في عالم اليوم مع توفر وسهولة و سائل التوثيق‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬القاص أحمد يوسف عقيلة يرى في دراسة له أن‬ ‫هناك تقارب بني أغاني العلم وقصائد الهايكو الياباني‪..‬‬ ‫هل تتفق معه؟‬


‫احلولي أو اجلرد ينتهي في خط قفصة –‬ ‫قابس‪ ..‬والطاقية أو الكبوس في محافظات‬ ‫مصر الغربية‪ ..‬ليبيا هي امتداد عربي‬ ‫«التبراع» في الساقية احلمراء ووادي‬ ‫الذهب هو «غناوة العلم» في ليبيا‬

‫ضو ربيع‪ :‬من نقاط االلتقاء بني (الهايكو) الياباني وغناوة ال ّعلم‬ ‫هو التكثيف‪ ،‬أي مقاطع محددة بسطر واحد أحياناً‪ ،‬أي البالغة‬ ‫في ما قل ودل‪ ،‬ولكن ظ��روف النشأة واخلصوصية لكل منهما‬ ‫مختلفة وذلك ألن غناوة ال ّعلم نشأت في بيئة بدوية مع نشؤ األدب‬ ‫الشعبي في ليبيا و هي أقصر بيت شفاهي غير مكتوب مثلها مثل‬ ‫الشتاوة القريبة منها أيضاً‪.‬‬ ‫وأغنية ال ّعلم لها أغراض عدة‪ ،‬منها إنها تلقى خلف األبل واألغنام‬ ‫أو أمام جمع من الناس في األفراح أو في القتال‪ ،‬وأهم ميدان لها‬ ‫في األفراح وهي حتمل في مضمونها مدلوالت وتعبيرات‪ ،‬وهي‬ ‫مجموعة كلمات سهلة احلفظ والنطق‪ ،‬والبد أن تتبعها شتاوة‪.‬‬ ‫وحت��دث غناوة ال ّعلم في األف��راح مشاركة بني شاعرين أو أكثر‬

‫وتسمي (املشايلة) ولها شروطها فهي حتدث في باب (موضوع)‬ ‫واحد يسمي (الفاهق) إلي أن يتم االنتقال إلي آخر‪ .‬والفاهق هو‬ ‫شعور يتم معه املشاركة الوجدانية باألساس من املتلقى وتنقسم‬ ‫إلى عدة أبواب‪.‬‬ ‫‪ 1‬امل��ره��ون‪( :‬م��ره��ون ك��ي سريبه جبت منقوص ع��رف قالوا‬‫دمايتي)‪.‬‬ ‫‪2‬الياس‪ :‬هو عدو للعشاق (عقاب الغالء ياسات تصير هذي مو‬‫خاطر علي)‪.‬‬ ‫‪3‬الديار‪ :‬وهي (االطالل) أو األوهام بالدارجة‪.‬‬‫‪ 4‬العني‪ :‬أي أن العني هي التي تعشق و تبكي و تسهر‪.‬‬‫‪ 5-‬القدمي ‪ :‬احلبيب األول واألقدم‪.‬‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار ثقافي‬

‫سفح اجلبل الغربي حيث مدينة احلوامد بلد الشاعر‬

‫‪6‬الليل‪ :‬للمناجاة‪.‬‬‫‪7‬األقسام‪ :‬أي املقادير وأن اإلنسان مس ّير‪.‬‬‫‪8‬النار‪ :‬حني اإلحساس بالغدر مث ً‬‫ال‪.‬‬ ‫‪ 9‬لوالف‪ :‬العشاق‪.‬‬‫ويستمر الغناء في باب واحد إلى أن تأتي (قفلة) لالنتقال إلى باب‬ ‫آخر‪ ..‬أذن ال يصح أن يكون الباب في املرهون و يأتي الشاعر آخر‬ ‫ويرد في باب الديار إلى أن يتم االنتقال‪.‬‬ ‫إذاً غناوة ال ّعلم هي نوع من كلمات محددة حتمل في مضمونها‬ ‫رؤية فلسفية أحيانا‪ ،‬وهي تعبير جياش مقتضب عما يختلج داخل‬ ‫اإلنسان البدوي في شرق ليبيا حيث ترعرعت وهي حتتاج إلى‬ ‫أن تخرج من محليتها إلى أفاقها العربي نحو العاملية ألنها متتاز‬ ‫باحلكمة واالقتضاب والبالغة‪ ،‬وسهولة احلفظ‪ ،‬على فكرة هناك‬ ‫فن شبيه لها يتكون من بيت واحد يسمى (التبراع) في الساقية‬ ‫احلمراء ووادي الذهب تقوله النساء فقط‪.‬‬ ‫أما الهايكو فإنه يستمد فلسفته من مذهب (الزن) البوذي التأملي‬ ‫برغم نفي بعض شعراء الهايكو لذلك وكثيراً ما قال رهبان بوذيني‬ ‫قصائد هايكو ‪.‬‬ ‫يلتقي الهايكو في االقتضاب مع غناوة ال ّعلم وهو قد خرج من‬ ‫اليابان نحو العاملية ويُكتب سطراً واحد أو ثالث أسطر حسب‬ ‫اللغة في كلمات محددة ويختلف عن ال ّعلم بأنه دائماً في حالة‬ ‫مضارع‪ ،‬ونشأ الهايكو من أشكال شعرية يابانية سابقة (هايكاي)‬ ‫و(هوكو) وقد بدأ في منتصف القرن السابع عشر ميالدي ثم ذاع‬ ‫فيما بعد عاملياً وقصيدته مرتبة بنظام ‪ 5 – 7 – 5‬من سبعة‬ ‫عشر مقطعاً بلغته األصلية وم��ن شروطها تضمنها لفصل من‬ ‫فصول السنة‪ ،‬أو اسم حيوان أو نبات أو ظاهرة طبيعية‪ ،‬وأشهر‬ ‫قصيدة هايكو قصيدة الضفدعة لصاحبها ماتسو باتشو (‪1644‬‬ ‫– ‪1694‬م)‪.‬‬ ‫بركة قدمية‬ ‫تقفز بها ضفدعة‬ ‫صوت املاء‬ ‫أما هوساي اوزاكي (‪1926 1885-‬م)‬ ‫وراء الضباب‬

‫صوت املاء‬ ‫سأذهب هناك‬ ‫ه��ذه نبذة بسيطة ع��ن أوج��ه التقارب واالخ �ت�لاف ب�ين قصيدة‬ ‫الهايكو املكتوبة وقصيدة ال ّعلم الشفهية‪ ،‬وأخيراً يبقى بيت شيخ‬ ‫الشهداء عمر املختار أجمل مقطع هايكو وه��و يقول‪( :‬أج��واد‬ ‫راكبني اخليل على وطنا ما مناينوا)‪ ..‬وكذلك بيت ال ّعلم اخلالد‬ ‫الذي قيل في خمسينيات القرن العشرين (منني العمار يجيك يا‬ ‫وطن شيخاتك خدم)‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬استاذ ضو ربيع في ختام لقائنا ه��ذا تبقى في‬ ‫جعبتنا س��ؤال أخير عن «املرصد الثقافي االجتماعي»‪..‬‬ ‫ون��رج��و أن حت��ي��ط ال��ق��راء ع��ل��م�� ًا ب��ن��ب��ذة ع��ن ه���ذا امل��رص��د‬ ‫وأهدافه!‬ ‫ضوربيع‪ :‬باختصار‪ ..‬هو مؤسسة تضم كوكبة من علماء اآلثار‬ ‫والتاريخ واللسانيات في الوطن العربي استشعرت خطورة ما‬ ‫يدور من توظيف في هذه املجاالت في برنامج تفكيكي ذو تفسير‬ ‫أحادي مركزي غربي للظواهر التي لها عالقة بوجود اإلنسان في‬ ‫هذه املنطقة اجليوسياسية (الوطن العربي)‪.‬‬ ‫تعمل هذه الكوكبة على استخراج التناقضات التي تؤدي إلى إعادة‬ ‫صياغة عقل اإلنسان ليتم احتالله‪ ،‬ويقوم املرصد بالتنبيه على‬ ‫ذلك‪ ،‬ونحن نؤكد على أن خندق الثقافة هو خندقنا األخير الذي‬ ‫نحافظ به على هوية ومستقبل وشخصية هذه األمة‪.‬‬ ‫لقد مت التنادي بني مجموعة من املثقفني العرب لتوحيد اجلهود‬ ‫عبر هذا املرصد‪ ،‬من خالل أسماء معروفة من مفكرين وعلماء‬ ‫أج�ل�اء‪ ،‬وك�ن��ت متابعاً ل�ه��ذا امل��رص��د ف��ي رئ��اس�ت��ه‪ ،‬وك ��ان دوري‬ ‫ولست أفضلهم في تخصصاتهم املختلفة‪ .‬بل‬ ‫التواصل معهم‬ ‫ُ‬ ‫تقريباً أصغرهم من الناحية العمرية‪ ،‬وشرف لي أن أكون بني هذه‬ ‫الطليعة من فرسان القلم املدافعني عن املد احلضاري التاريخي‬ ‫للعروبة واإلس�لام‪ ،‬وال زلنا بصدد إع��ادة استمرار عمل املرصد‬ ‫– بعد تو ّقفه في الفترة املاضية نتيجة األح��داث التي شهدتها‬ ‫ليبيا – وذلك بفضل جهود اخليرين من هذه األمة‪ ،‬وأود أن أشير‬ ‫إلى جهد الدكتور عبد املنعم احملجوب في مجال حلقة اللغات‬ ‫اآلفروأسيوية‪ ،‬وعبر جهده الدؤوب لكشف ما يكمن وراء التسليم‬


‫ما زلت نا هنا‬

‫مشاركة الشاعر ضو ربيع في امللحمة التي شارك فيها عدد كبير من الشعراء‬ ‫الليبيني‪ ،‬وكانت بدايتها من شاعر اجدابيا أبوعجيلة عبد السالم‬ ‫م������������������ازل������������������ت ن������������������ا ه������ن������ـ������ـ������ـ������ـ������ـ������ا‬ ‫م��ازل��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ت زى زم�����ان‬ ‫وان��ش��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د ع���ل ّ���ي���ا ال����ت����رك و ال��ط��ل��ي��ان‬ ‫ع���رب���ى (س���ل���ي���م���ى) ن��س��ب��ة ال��ع��رب��ـ��ـ��ان‬ ‫ق���������داش ج�����اي�����ب ب����ط����ل م�����ن ف����رس����ان‬ ‫والزل������������ت (ح����������امت ط��������ي) وال������ري������ان‬ ‫ك�����رمي ف����ى ب���ي���وت���ى دامي������ة ال��ض��ي��ف��ان‬ ‫ش��رق��ي امل��دي��ن��ة وف���ي ج��ب��ل (غ�����زوان)‬ ‫وم������ازال ج����دي (ص���خ���ر) ف���ي ال���ودي���ان‬ ‫(ص����خ����ر) ال����ن����دى رك������اب ع ال��ش��ع��ن��ان‬ ‫ان�����ى م����ن ه�����زم (ال����������روم) و (ال���ي���ون���ان‬ ‫ان��ى م��ن خطم زى السهم ف��ي البطنان‬ ‫وم���������ازل���������ت (ي������������������������ازوزام) ي����اس����ن����ان‬ ‫وم������ا ان���ط���ي���ع غ���ي���ر واح�������د ال���رح���م���ان‬ ‫وم������������ازال ت����اري����خ����ى ن���ظ���ي���ف اي����ب����ان‬ ‫ال�����ل�����ي ن������اره������م ف������ي رق����اب����ه����ا م����ي����زان‬ ‫ال���ل���ي ع���ق���ده���م م����ا ي��ح��ك��م��ه س��ل��ط��ان‬ ‫م����ث����ي����ل ال����ل����ي����وث����ه ي������زدم������و زدم��������ان‬ ‫ه��ف��ي��ف ع��ق��ده��م وامل�����وت ك��ي��ف اجل���ان‬ ‫ن���ع���ط���ي���ك م�����ن ت�����اري�����خ ف�����ي االوط��������ان‬ ‫ن��ق��ش��و ف����ي ص�����در ال����ده����ر ف����ي ودي�����ان‬ ‫وك���ت���ب���و ب����ح����رف ال����ذه����ب ك������ان وك����ان‬ ‫وق���ع���دت ق���ص���ورى ال��ش��ام��خ��ة شمخان‬ ‫وك��ي��ف ه��رم (خ��وف��و) ف��ى االث���ار بيان‬ ‫ان���ى م���ن ج�����ذوري (م��ض��ر ب���ن ع��دن��ان)‬ ‫ب�����ن ع���ك���رم���ة ب�����ن ق���ي���س ب�����ن ع���ي�ل�ان‬ ‫ع������رب (واق) ع�����ز ال����ب����ل وال����زغ����ب����ان‬ ‫حت������ت ال����ق����ط����ف م����ي����ع����اده����م م����اب����ان‬ ‫ق������رب ح�����و ج���اي���ب���ه���م ق���ف���ل (ف��������زان)‬ ‫ص������م������ات������ات������ه������م ب����������دره����������ا م�����ل�����ي�����ان‬ ‫اص������ق������وره ج����������وارح ح����امي����ه ح����وم����ان‬ ‫ف��ى (ب����رداى) ف��ى (ف��اي��ا) ق��دا ال��ص��وان‬ ‫ش������ال������و رس�������ال�������ة ج�����ي�����ل ف�������ى ل�����زم�����ان‬ ‫ف������وق م����ن ظ����ه����ور اخل����ي����ل ف����ى ل��ف��ت��ان‬ ‫وك�������ل ج����ي����ل س����ل����م ج����ي����ل ب���ال���ن���ع���ت���ان‬ ‫ي����ع����زو ال����ف����رس وال���ب���ن���دق���ه وال����ض����أن‬

‫‪ ...‬وم�������ازل�������ت ي������ا زوزام ك����ي����ف ان����ا‬ ‫‪ ...‬ي���وم ال���وغ���ى راك����ب ع��ل��ى ال��ط��رب��ان‬ ‫‪ ...‬اينبوك على عقد االج��واد اعداء‬ ‫‪ ...‬سليل مجد (زيد اخليل) والفلحاء‬ ‫‪ ...‬م��ش��اه��ي��ر ص��ن��ع��و ف���ى ب�����رور ث��ن��اء‬ ‫‪ ...‬ال ن���ف���رق احل����اي����ل م����ن ال���ع���ش���راء‬ ‫‪ ...‬ف��ي ال����رأس ولاّ ق��ب��ل ف��ي (ت��ي��م��اء)‬ ‫‪ ...‬م����ازل����ت ع���رب���ى م����ن ق�����دمي س����واء‬ ‫‪ ...‬ونحفظ مراثي جدتي (اخلنساء)‬ ‫‪( ...‬وم��ع��اوي��ة) بالسيف ف��ي البطحاء‬ ‫‪ ...‬ان�����ى م���ن���و ه����د ع������روش ل��ل��خ��ل��ف��اء‬ ‫‪ ...‬ان��ى من نشر االس�لام فى الصحراء‬ ‫‪ ...‬ش��دي��د ع ال���زم���ان ان���ق���ول دمي����ه ال‬ ‫‪ ...‬وم�������ا ن����رك����ع اال ل����ي����ه ك�����ل ص��ل�اة‬ ‫‪ ...‬ي��ح��ك��ى ع��ل��ى االج������واد وال��ع��ظ��م��اء‬ ‫‪ ...‬ف��ي ل��ي��س��ار م��ع��روف��ات ف��ي ال��ب��ي��داء‬ ‫‪ ...‬ف��ي��ه ( ق��رس��ي��ان��ى) ح���ار وي���ن لفاء‬ ‫‪ ...‬ص��ه��ي��ل خيلهم م��ع��روف ف��ي لنباء‬ ‫‪ ...‬ال��ي��اج��وك م��ا ع��ن��دك ه���روب خفاء‬ ‫‪ ...‬اي��ن��ب��ي��ك م���ا ض��ي��ه��م ال���ي���وم م��ض��اء‬ ‫‪ ...‬ق�����دو ال����������زرارة ق����اع����دة االس���م���اء‬ ‫‪ ...‬ل�����ي�����ام ت����ب����ن����ى وال��������ده��������ور ف���ن���اء‬ ‫‪ ...‬ك��ي��ف م���ا ش��م��خ (ب���ل���ه���ول) ه���و ان��ا‬ ‫‪ ...‬يضحك ع��ل��ى االل���ي���اش ب��أس��ت��ه��زاء‬ ‫‪ ...‬ان����ى (ح�����رب ب���ن وش�����اح ب���ن ب��ه��ث��اء‬ ‫‪ ...‬ب����ن م���ض���ر) ن����ا الزل������ت ع����ل خل��ط��أ‬ ‫‪ ...‬أوالد م���ن ت��ق��ف��وا ق��ب��ل راح ث���راء‬ ‫‪ ...‬رد (ال����ع����ق����ي����ل����ه) واردي�����������ن امل�����اء‬ ‫‪ ...‬ف������وق احل����ن����ون����ه ش���اي���ل�ي�ن غ�����ذاء‬ ‫‪ ...‬اي���در م��ن ام���ات اش��م��ال ف��ي��ه صفاء‬ ‫‪ ...‬م�������ازال ي���وق���د جن��م��ه��م م����ا ط��ف��اء‬ ‫‪ ...‬وضربو قدا (اخلرطوم) و (البتراء)‬ ‫‪ ...‬لهيب نارهم فى الغرب فى شرقاء‬ ‫‪ ...‬وت���ع���رف م���ش���ارب ن���اره���م االن�����واء‬ ‫‪ ...‬أس����ي����اد ال���������ودوده وال���������ودود دواء‬ ‫‪ ...‬وب��ي��ت ال��ش��ع��ر و ال��ش��ع��ر وال��ش��ع��راء‬

‫بنتائج الدراسات والنظريات اللسانية الغربية‪ ،‬بداية بكتاب (ما‬ ‫قبل اللغة) إلى إيجاد معادل مكتوب (للفونيم) الصوتي بلغة قبيلة‬ ‫التبو بحرفها القرآني املنمط (أبجد ه��وز) وال��ذي يعتبر ب��ادرة‬ ‫علمية تأثيلية جديدة قام بها مشكوراً‪ ،‬وتظل جهود علماء آخرين‬ ‫على رأسهم العالمة األثري محمد بهجت القبيسي‪ ،‬والدكتور نائل‬ ‫حنون‪ ،‬والعميد محمد علي م��اذون‪ ،‬وآخرين في املغرب الغربي‬ ‫وجنوب اجلزيرة‪ ،‬وسيظل املرصد مستمراً بعون الله إلى أن يؤدي‬ ‫رسالته العلمية في استجالء احلقائق والتاريخ وكتابته باحليادية‬ ‫األكادميية لهذه املنطقة وتأثيراتها واشعاعها على العالم من خالل‬ ‫الوثائق والنقوش واملخطوطات والتراث الالمادي وتاريخ العشائر‬ ‫العربية بالكامل والتي هي في معركة تدوينية غاب عنها التوثيق‬ ‫العلمي من ُذ سقوط غرناطة حتى اليوم‪.‬‬ ‫لنعرج على آخر األنشطة والفعاليات الثقافية‬ ‫املستقل‪:‬‬ ‫ّ‬

‫يختلف «الهايكو» الياباني عن‬ ‫«الع َلم» الليبي في أنه دائم ًا في‬ ‫َ‬ ‫حالة مضارع‬ ‫أجمل قصيدة هايكو ‪ -‬علم ليبية‬ ‫ما قاله الشيخ الشهيد عمر املختار‪:‬‬ ‫أجواد راكبني اخليل على وطنا ما‬ ‫مناينوا‬

‫التي شاركت بها مؤخراً؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬مشاركتي في األنشطة الثقافية قليلة باستثناء إشرافي‬ ‫العام على إصدار مجلة «لسان العرب» وهي شهرية تعنى باللغة‬ ‫والثقافة والتاريخ‪ ،‬باإلضافة إلى املشاركة في محافل وأمسيات‬ ‫أدبية وتراثية‪ ،‬مع بعض اللقاءات مع برامج إذاعية مسموعة حول‬ ‫التراث‪.‬‬ ‫امل���س���ت���ق���ل‪ :‬وآخ�������ر م���ش���اري���ع���ك ع���ل���ى م���س���ت���وى ال��ك��ت��اب��ة‬ ‫واإلصدارات؟‬ ‫ضو ربيع‪ :‬أق��وم بجمع بعض القصائد لطباعتها‪ ،‬وأعمل على‬ ‫االنتهاء من بعض ال��دراس��ات ح��ول ال�ت��راث اللليبي واملغاربي‪..‬‬ ‫ويطيب لي في ختام لقائكم هذا أن أشكر مجلة املستقل على‬ ‫إتاحة هذه الفرصة للحديث إلى القراء‪ ،‬وأمتنى لكم مزيداً من‬ ‫التألق واإلبداع‪.‬‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫أوديب الخائب‬

‫(‪)2-2‬‬

‫تقديم كتاب‪:‬‬

‫«سيف القذافي‪ ..‬مكر السياسة وسخرية األقدار»‬

‫لمحمد عبد المطلب الهوني‬

‫رجاء بن سالمة‬ ‫للدكتور محمد عبد املطلب الهوني‬ ‫صدر مؤخرا كتاب هام ّ‬ ‫بعنوان «سيف القذافي ‪ :‬مكر السياسة وسخرية األق��دار»‬ ‫عن دار مدارك للنّ شر‪ .‬هنا اجلزء الثاني واألخير من تقدمي‬ ‫الدكتورة رجاء بن سالمة‪.‬‬ ‫عبر عنه‬ ‫ك��ان التّ ناقض ب�ين «ال��ق��ائ��د» واب��ن��ه ك��ب��ي��راً‪ .‬وق��د ّ‬ ‫الكاتب بقوله‪« :‬لقد وضع (سيف اإلسالم) في سلّة حياته‬ ‫ّ‬ ‫ميقراطية بدل‬ ‫الد‬ ‫كل العناوين املتناقضة مع عناوين والده‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ظرية الثّ الثة التي حتتكر فيها‬ ‫اللي‬ ‫برالية بدل النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّ سلّط‪ّ ،‬‬ ‫كل شيء باسم ّ‬ ‫الدولة ّ‬ ‫اإلسالميني مبن في‬ ‫الشعب‪ ،‬استرضاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذلك أولئك الذين حاولوا اغتيال أبيه‪ ،‬التّ قارب مع النّ خب‬ ‫املثقّ فة التي ك��ان يحتقرها وال���ده‪ ،‬اإلعجاب بالغرب بدل‬ ‫ورية‪،‬‬ ‫اتّ هامه بالهيمنة‪ ،‬احتقاره القبيلة وحركة اللّجان الثّ ّ‬ ‫األس األساس للبقاء في احلكم»‪.‬‬ ‫اللّتني يعتبرهما والده ّ‬

‫كان الكاتب شاهداً على صراع مغلوط حسب رأيه بني األب ووريثه‪« :‬كانت‬ ‫فكرة ال ّدميقراط ّية عند سيف مبثابة سراب يسعى إليه ليمأل ق َربه الفارغة‪،‬‬ ‫وكانت مت ّثل للق ّذافي األب البحر الذي غرق فيه فرعون وأصحابه‪ .‬وكالهما‬ ‫كان يعيش في عالم األوهام‪ ».‬األب يكره ال ّدميقراط ّية‪ ،‬واالبن يريدها‪ ،‬وال‬ ‫املؤسسات أ ّوال‬ ‫أحد يريد ما ي��راه املؤلّف مالئماً للمرحلة وهو بناء دول��ة‬ ‫ّ‬ ‫والص ّحة‪ .‬وهل من املمكن مصارعة‬ ‫والتّنمية املستدامة والنّهوض بالتّعليم ّ‬ ‫الوهم‪ ،‬واحلال أ ّنه أقوى من اخلطأ أل ّنه مرتبط بالرغبة ال ّدفينة؟ «كنت أحاول‬ ‫أن أشرح لسيف ك ّل هذا‪ ،‬ولكنّه كان يرفض حتليلي جملة وتفصي ً‬ ‫ال‪ ،‬النتشائه‬ ‫ببعض األفكار التي درسها في جامعات الغرب‪ ،‬وتشجيع بعض املثقّفني له في‬ ‫هذا االتجّ اه‪ ،‬واحلال أ ّنهم ال يدركون واقع مجتمعاتهم البائس»‪.‬‬ ‫السياس ّية‬ ‫ة‬ ‫و‬ ‫اله‬ ‫الصراع‬ ‫الصراع‬ ‫األوديبي‪ ،‬أو ع ّمق ّ‬ ‫السياسة ّ‬ ‫األوديبي ّ ّ‬ ‫ع ّمقت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملف اهت ّم به دون أن تتو ّفر ّ‬ ‫بني القائد وابنه‪ .‬فكان أه� ّم ّ‬ ‫الشروط ال ّدنيا‬ ‫للعدالة االنتقال ّية ّ‬ ‫ملف جرائم نظام أبيه من تعذيب وقتل واغتيال للمعارضني‬ ‫باخلارج‪ ،‬وكأ ّنه يريد أن يحاكم أباه عبر محاكمة أعوانه‪ .‬وكان شغوفاً بهذا‬ ‫ّ‬ ‫مما س ّماه بـ»البالوعة‬ ‫امللف فلم تردعه حتذيرات املؤلّف وال ّدكتور شكري غامن ّ‬ ‫السا ّمة املنبعثة منها» إن فتحت‪.‬‬ ‫العفنة» التي «لن ينجو أحد من الغازات ّ‬ ‫كان االبن مستعج ً‬ ‫ال إصالح ما أفسد أبوه‪ ،‬نهماً شرهاً‪ .‬فانطبق عليه حسب‬ ‫اإليطالي‪« :‬من يضع حلماً كثيراً على املشوى‪ ،‬يحرق أفضله»‪.‬‬ ‫الكاتب املثل‬ ‫ّ‬ ‫أي شيء»‪ ،‬باستثناء إطالق سراح‬ ‫فقد «أراد أن يصلح ك ّل شيء‪ ،‬فلم ينصلح ّ‬ ‫السنوات األخيرة‪،‬‬ ‫مساجني ال ّرأي أو حتسني أوضاعهم‪ .‬بل إ ّنه أصبح في ّ‬ ‫السمان» التي حاول‬ ‫وم��ن حيث ال ي��دري‪ ،‬أداة بيد الفاسدين و»القطط ّ‬ ‫مطاردتها‪ .‬واستعدى من حيث ال يريد وال يدري ك ّل األطراف الفاعلة في‬ ‫ياسي‪ :‬من أبيه إلى إخوته إلى اللّجان ال ّثور ّية إلى احلرس القدمي‬ ‫املشهد ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫إلى قبيلته‪ .‬وعندما اشتعلت البالد غيظاً‪ ،‬حاول استرضاء هؤالء‪ ،‬فاستعدى‬ ‫اجلماهير الغاضبة‪ّ ،‬‬ ‫والشباب الذي طاملا ع ّول عليه‪ ،‬فكان أن خسر اجلميع‪،‬‬ ‫وأصبح «طريدة تائهة»‪ .‬هكذا يصفه الكاتب يوم هروبه من طرابلس‪« :‬كان‬ ‫سيف ذلك اليوم طريدة تائهة‪ .‬فالثوار يبحثون عنه لقتله‪ ،‬وأبناء عمومته قرروا‬ ‫التخلص منه ومعاقبته على ما اقترفت يداه في قيام هذه الثورة أو االشتراك‬ ‫انفض اجلميع من حوله‪،‬‬ ‫في هذا التآمر حسب توهمهم‪ .‬وكان وحيداً بعد أن‬ ‫ّ‬


‫وحتى إخوته ما عادوا يطلعونه على وقائع احلرب الدائرة في البالد مما جعله‬ ‫يطمئن للبقاء في طرابلس حتى حلظة سقوطها»‪.‬‬ ‫ولكن سيف اإلسالم لم يعش صراعاً بينه وبني القوى التي رفضته أو رفضت‬ ‫ّ‬ ‫محاوالت إصالحه فحسب‪ .‬فاألمر ال يقتصر على هذا التّناقض‪ ،‬بل يتجاوزه‬ ‫الباطني بني سيف اإلسالم وسيف اإلسالم‪ ،‬وهو‬ ‫إلى التّمزّق‪ ،‬أي التّناقض‬ ‫ّ‬ ‫تناقض من سمات التّراجيديا أيضاً‪ .‬فكيف ميكن أن يهنأ بالعيش والنّضال‬ ‫السياس ّية‪،‬‬ ‫ياسي من آمن بال ّدميقراط ّية‪ ،‬ودرس في جامعة فيينّا العلوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫ووجد نفسه وريثاً في جمهور ّية‪ ،‬بل في جماهير ّية‪ ،‬لن يصل إلى احلكم فيها‬ ‫إ ّال باالنتقاض على مبادئ اجلمهور ّية وال ّدميقراط ّية؟ ث ّم كيف يكون االبن‬ ‫الذي ال يختلف فقط مع أبيه‪ ،‬بل يجد نفسه في وضع املصلح ملا أفسده‬ ‫أي يسر في حياة من «أراد أن يوقف حياته على جبر‬ ‫أبوه طيلة أربعني عاماً؟ ّ‬ ‫الضرر الذي أحلقه أبوه باللّيب ّيني وبالعالم»‪ ،‬كما يقول الكاتب؟‬ ‫ّ‬ ‫وال ميكن فهم سيف اإلسالم وموقفه األخير دون االنتباه إلى مختلف أبعاد‬ ‫عالقته بوالده‪ .‬فمن مك ّونات عقدة األوديب ّ‬ ‫الصراع‬ ‫الشعور بال ّذنب نتيجة ّ‬ ‫الصراع مع األب هي الوجه‬ ‫مع األب وال ّرغبة في قتله رمز ّياً‪ .‬فاالستماتة في ّ‬ ‫والقفا‪ ،‬هي ّ‬ ‫الشعور بال ّذنب من ناحية‪ ،‬والتّماهي مع األب من ناحية أخرى‪.‬‬ ‫أ ّما ّ‬ ‫عجل بعودة االبن‬ ‫الشعور بال ّذنب فهو مالزم لك ّل ثورة على األب‪ ،‬وهو الذي ّ‬ ‫الضا ّل أو ساعد على عدم رضوخه لألطراف اخلارج ّية – التّرك ّية والقطر ّية‬ ‫ّ‬ ‫تزعم حركة التّم ّرد مع اإلسالم ّيني‪ .‬وأ ّم��ا التّماهي‪ ،‬فهو‬ ‫– التي طلبت منه ّ‬ ‫الالشعوري ملوضوع نرتبط به‪ ،‬رغبة في الهروب من العاطفة‬ ‫نوع من التّقليد‬ ‫ّ‬ ‫السلب ّية نحو هذا املوضوع‪ .‬وأبرز ما لفت انتباهي وأنا أقرأ الكتاب هو مدى‬ ‫ّ‬ ‫تشابه سيف مع أبيه في ع ّدة مواقف وأساليب في التّص ّرف رغم تعارضه‬ ‫اجلوهري‪ّ ،‬‬ ‫عوري‪ ،‬معه كما أسلفنا‪.‬‬ ‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫أساسي من أبعاد التّضا ّد التّا ّم بني القائد وابنه‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫إلى‬ ‫الكاتب‬ ‫انتبه‬ ‫فقد‬ ‫ّ‬ ‫يفضي في نهاية املطاف إلى تشابههما في وهم اخل�لاص‪« :‬هذا التّضا ّد‬ ‫مع أبيه يعكس رغبته ال ّدفينة‪ ،‬ال ّ‬ ‫الشعور ّية‪ ،‬في أن يكون املخلّص الذي جاء‬ ‫من صلب ذلك الذي توافق اجلميع على اعتباره مد ّمراً‪ .‬أي أ ّنه كان يعتبر‬ ‫خالصي‪ ،‬أل ّنه‬ ‫تاريخي‪ ،‬وهو في احلقيقة صاحب وهم‬ ‫نفسه صاحب مشروع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املهدي املنتظر من نطفة‬ ‫كان في قرارة نفسه مؤمناً بحصول معجزة تخلّق‬ ‫ّ‬

‫اليزيد»‪ .‬كان القائد صاحب نظر ّية ثالثة‬ ‫جاء بها مخلّصاً ّ‬ ‫مبشراً‪ ،‬وكان ابنه‪ ،‬من‬ ‫مم��ا ج��اء به‬ ‫حيث ال يشعر‪ ،‬مخلّصاً ّ‬ ‫وال��ده‪ ،‬مصلحاً ملا خ ّربه‪ ،‬مطلقاً سراح‬ ‫سجنه‪ ،‬جابراً ضرر من أحلق بهم‬ ‫َمن َ‬ ‫ضرراً‪ .‬ولم يكن ميتلك األدوات الكافية‬ ‫لهذه امله ّمة املثال ّية‪ ،‬أو لنقل باألحرى إ ّنه‬ ‫لم يكن يرى الواقع املعقّد من حوله حتّى‬ ‫يع ّدل مه ّمته أو يعتمد سياسة املراحل‬ ‫السياس ّيني احملنّكني‬ ‫أو يعمل بنصائح ّ‬ ‫احمليطني به‪.‬‬ ‫محمد عبد املطلب الهوني ل �ق��د ك ��ان ش�ب�ي�ه�اً ب��أب �ي��ه ف��ي ث��ور ّي �ت��ه‬ ‫ال ّدونكيشوت ّية‪ .‬فمثلما كان أب��وه يأمر‬ ‫ب�ه��دم امل�ب��ان��ي ال�ت��ي حت��وي أنشطة ال‬ ‫محاء‪ ،‬يزيل من خارطته من ال يريد‪ ،‬وجدنا سيف اإلسالم‬ ‫يق ّرها‪ ،‬وكأ ّنه إله ّ‬ ‫السالم األسمر‪ ...« :‬قد أمر أمامي مدير‬ ‫عبد‬ ‫سيدي‬ ‫ضريح‬ ‫مثال يق ّرر هدم‬ ‫ّ‬ ‫مكتبه عبد ال ّرحمن الكرفاخ بال ّذهاب إلى مدينة الزّليطن وهدم ضريح ّ‬ ‫الشيخ‬ ‫ض��ده في هذا القرار اخلاطئ وجادلته‬ ‫السالم األسمر‪ ،‬وقد وقفت ّ‬ ‫عبد ّ‬ ‫السياس ّية وانعكاساته‬ ‫مجادلة عنيفة‪ ،‬وب ّينت له خطورة األمر على سمعته ّ‬ ‫السلب ّية على النظام بر ّمته‪ .‬وقد عدل في نفس اللّيلة عن هذا القرار»‪ .‬ولئن‬ ‫ّ‬ ‫عمل على إخراج ليبيا من عزلتها ال ّدول ّية‪ ،‬وكان طرفاً فاع ً‬ ‫ال في املفاوضات‬ ‫املتعلّقة بقض ّية لوكربي وقض ّية املم ّرضات البلغار ّيات‪ ،‬فإ ّننا وجدناه يناكف‬ ‫الغرب على طريقة أبيه‪ ،‬فيدعو سنة ‪ 2006‬إلى مظاهرة في بنغازي ض ّد‬ ‫ال ّرسوم الكاريكاتور ّية التي ُع ّدت مسيئة لل ّرسول‪ ،‬ويخادع البريطان ّيني‪ ،‬فيعود‬ ‫مفجر طائرة لوكربي في نفس ّ‬ ‫الطائرة‪ ،‬ليظهر «مبظهر الفاحت املنقذ في‬ ‫مع ّ‬ ‫تلك املناسبة‪ ،‬مخالفاً بذلك االتفاق الذي ّ‬ ‫مت مع احلكومة البريطانية»‪.‬‬ ‫لقد رأى الكاتب في مثل هذه األفعال «قفشات» و»أفعال شغب» «كانت تعويضاً‬ ‫ولكن‬ ‫عن الفشل ال ّذريع في حتقيق األهداف التّنمو ّية واإلصالحات الكبرى‪ّ ».‬‬ ‫سيف اإلس�لام كان يختار أعمال شغبه هذه من جنس أعمال شغب أبيه‪.‬‬ ‫لقد سبق أن أشرنا إلى قول الكاتب إ ّنه «وضع في سلّة حياته ك ّل العناوين‬ ‫املتناقضة مع عناوين وال��ده»‪ .‬فلنقل اآلن إ ّنه أخذ من سلّة حياة وال��ده ك ّل‬ ‫العناوين التي أشبه بها أباه‪.‬‬ ‫وماذا نقول أيضاً؟ هل نقول إ ّن من أشبه أباه ما ظلم؟ أم نقول إ ّن من أشبه‬ ‫أباه ربمّ ا ظلم‪ ،‬إن كان أبوه ظاملاً؟ وكيف يستطيع أن ينجو من شرنقة أبيه من‬ ‫كان أبوه حاكماً آخر بأمر اللّه يضع قناع احلداثة ليوهم العالم بأ ّنه «حاكم‬ ‫بأمر ال ّثورة»؟ وكيف ميكن أن يحيا وينطلق َمن بنى أبوه مملكة شبيهة بالقبر؟‬ ‫اختص به الق ّذافي هو‬ ‫ألم ترد صورة القبر وإصالحه على لسان الكاتب‪« :‬فما‬ ‫ّ‬ ‫صنعه قواعد اقتصادية لضبط السلوك اإلنتاجي واالستهالكي واالستثماري‬ ‫للناس في دولة تقوم على الريع واستدعاؤه أفكاراً اقتصادية تنتمي إلى القرون‬ ‫اخلوالي‪ .‬فكان كمن يرممّ قبراً ليسكنه قبل حلول أجله‪ .‬هذا هو القبر الذي‬ ‫ح��اول سيف اإلس�لام إغالقه وبناء ص��رح ضريح علّه يكون أكثر مالءمة‬ ‫الستقبال أحياء»؟‬ ‫وكيف ميكن أن يكون طليقاً من ولد وهو يحمل اسماً مبصوماً بأوهام أبيه‬ ‫ال ُعظام ّية‪ :‬من «س ّماه أبوه سيف اإلسالم‪ ،‬أل ّنه‪ ،‬عندما كانت أ ّمه حام ً‬ ‫ال به‪،‬‬ ‫يقض‬ ‫رأى أبوه في منامه ال ّرسول وهو على فرس أبيض يق ّدم له سيفاً»؟ ألم ِ‬ ‫حياته وهو سيف مسلّط على أبيه يصارعه‪ ،‬لينهيها وهو سيف يتقلّده أبوه‬ ‫ليواصل هذيانه إلى آخر حلظة؟‬ ‫ليس هذا التّقدمي حتلي ً‬ ‫ال نفس ّياً لشخص ّية سيف اإلسالم‪ .‬فالتّحليل النّفسي‬ ‫ال يكون متاحاً إ ّال بسماع ال ّذات في إطار معينّ ‪ ،‬وفق قواعد يجب أن تراعى‪.‬‬ ‫شاركت فيه الكاتب حياءه‬ ‫نفسي أدب� ّ�ي ملصير سيف اإلس�لام‪،‬‬ ‫إ ّن��ه حتليل‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫واستنكافه من الفرجو ّية املستبيحة لك ّل املجاهل‪.‬‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫من مواليد طرابلس ‪ 1968‬بدأ مشواره الفني املوسيقي منذ املرحلة االبتدائية سنة ‪ 1978‬كعازف آلة «األك��وردي��ون»‬ ‫«واملولديكة» في الفريق املدرسي‪ ,‬التحق بالفرقة النحاسية وكان أحد مؤسسيها وتخصص في آلة «السكسفون» وآلة‬ ‫«الكالرينيت» وأصبح مدرب ًا وقائد ًا للفرقة سنة ‪ ,1981‬كما درس اآلالت النحاسية مبعهد جمال الدين امليالدي للموسيقى‬ ‫لعدة سنوات وعمل بفرقة اإلذاعة الليبية كعازف رئيسي ثم انتسب لفرقة املسرح الوطني بطرابلس وشارك في العديد‬ ‫من األعمال املسرحية باملوسيقى التصويرية وكانت أول مسرحية له (كالم ايجيب كالم ) للكاتب واملخرج السينمائي‬ ‫(عبدالله الزروق) ومن هذا العمل انطلق مسرحي ًا كمؤلف موسيقي وملحن استعراضي للعديد من األعمال املسرحية ‪..‬‬ ‫حتصل على اجلائزة األولى على مستوى ليبيا في التأليف املوسيقي سنة ‪ ,99‬وشارك في املهرجانات املسرحية العربية‬ ‫واحمللية وحصد التراتيب فيها‪ ,‬وساهم بوضع املوسيقى التصويرية للعديد من األعمال الدرامية واألف�لام القصيرة‬ ‫واألشرطة الوثائقية واإلعالنات التلفزيونية‪.‬‬ ‫الفنان املوسيقي عبدالسالم القرضاب كان لنا معه هذا احلوار‪ ،‬وحتدث عن مسيرته الفنية وعن هموم األغنية الليبية‬ ‫وسر غيابها‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬علي خويلد‬


‫داخل االستديو‬

‫ّ‬ ‫يحمل الدولة‬ ‫الفنان عبد السالم القرضاب‬ ‫مسؤولية تهميش األغنية الليبية‬

‫اللحن خط أحمر!!‬ ‫املستقل ‪ :‬عبدالسالم القرضاب اس��م يحمل صفة امللحن‬ ‫وال��ك��ات��ب وامل��ط��رب وم��ع��د ال��ب��رام��ج‪ ,‬حدثنا أك��ث��ر ع��ن هذه‬ ‫الشخصية الفنية؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬أنا من مواليد طرابلس ع��روس البحر التي بسحر‬ ‫جمالها وبطيبة أناسها وأصالتهم وج��دت نفسي اعتنق الفن‬ ‫وأش��ق طريقه منذ طفولتي أي منذ أن دخلت ال��روض��ة‪ ،‬وال��ذي‬ ‫أتذكره في تلك الفترة سنة ‪ 1972‬أنني كنت الصوت الذي يجتمع‬ ‫حوله املشرفني واملشرفات في تلك الروضة‪ ,‬وكنت دائما بجانب‬ ‫آلة البيانو مع مدرس املوسيقى إلى أن دخلت مرحلة االبتدائي‬ ‫وعندها وجدت نفسي متجها مباشرة إلى الفرقة املوسيقية التي‬ ‫ك��ان رأس مالها ‪ 4‬آالت موسيقية (موليديكا واك��وردي��ون وطبلة‬ ‫وبنقز) فحاولت أن أتعلم (املولديكا) فكان أول عمل أعزفه هو‬ ‫«بالدي بالدي لك حبي وفؤادي» وآلة «املولديكا» آلة نفخ وهي ما‬

‫جعلتني أعشق آالت النفخ وبدأت في نفس املرحلة باالستماع إلى‬ ‫ناي محلي الصنع‬ ‫عمي سليمان شقيق والدي الذي كان يعزف على ّ‬ ‫وهو عبارة عن ( طوبو به ‪ 6‬ثقوب ) وتعلمت منه طريقة النفخ‬ ‫صنع نفس الناي بشكل تقليدي وجنحت في صنعه‪ ,‬وبدأت‬ ‫وحاولت ُ‬ ‫في فلسفة الشارع التي الحتمل أي قاعدة من قواعد املوسيقى‬ ‫إلمياني بأن ممارسة الهواية في املنزل أو الشارع أقوى وأسرع‬ ‫من دراستها أكادميياً لسبب واحد هو أنك تتخصص مباشر ًة دون‬ ‫أن تدرس اآللة وتنتظر سنة كاملة لكي تتخصص‪ ,‬وعند بلوغي‬ ‫الرابعة ابتدائي تخصصت على آلة (األكورديون) ألن الناي غير‬ ‫متوفر في املدارس في تلك الفترة‪ ,‬وفي مرحلة االعدادية حتصلت‬ ‫على ناي حقيقي وأيضاً اشتريت من شخص آلة موسيقية نحاسية‬ ‫ال أعرف اسمها في ذلك الوقت وهي آلة (الكالرينيت) وبدأ احللم‬ ‫يكبر وتعلمت عليها مبجهودي الشخصي‪ ،‬وسمعت بفرقة نحاسية‬


‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫أم كلثوم ‪ ..‬الصوت األبرز عنده‬

‫أسماء املنور ‪ ..‬من األصوات البارزة في نظره‬

‫قريبة من مكان دراستي التحقت بها وقلت لهم أني أعزف على‬ ‫ه��ذه اآلل��ة دون أن أع��رف اس�م�ه��ا‪ ,‬ف�ق��ال ل��ي بضحكة األس�ت��اذ‬ ‫أبواخلير شعبان العربي واألس�ت��اذ سالم احلماص كيف تعزف‬ ‫على آلة ال تعرف اسمها؟ وعندما استمعوا إل� ّ�ي كانت املفاجأة‬ ‫أنني أعزف جيداً فعلموني قلي ً‬ ‫ال من القواعد الرئيسية على اآللة‬ ‫نفسها وقالوا لي أنت ستساعدنا في التدريب ‪ ..‬املهم في الفترة‬ ‫نفسها سنة ‪ 79‬التحقت ببيوت الشباب بطرابلس واشتركت معهم‬ ‫في الفرقة اخلاصة وأهدوني آلة عود نظراً لتعدد مواهبي وأيضاً‬ ‫تعلمت عزف العود مبفردي ولكني أجتهت إلى اآلالت النحاسية‬ ‫حيث عشقت آلة (السكسفون) فوجدتها حتبني بقدر عشقي لها‬ ‫وهذه كانت البداية‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل ‪ :‬أول ع��م��ل م��س��رح��ي ش��ارك��ت ف��ي��ه باملوسيقى‬ ‫التصويرية كان مسرحية «كالم ايجيب كالم» ومنها كانت‬ ‫االن��ط�لاق��ة كمؤلف موسيقي وملحن اس��ت��ع��راض��ي‪ ,‬كيف‬ ‫تصف تلك املشاركة؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬طبعا في نفس املرحلة أي في سنة ‪ 81‬استمع لي‬ ‫الكاتب واألديب املسرحي املرحوم «فرج قناو» الذي كان الفضل لله‬ ‫وله في تبني العديد من الفنانني من اجليل الذي سبقني وأيضاً من‬ ‫هم في جيلي‪ ،‬فأعجب بعزفي وتعدد اآلالت التي أتقنها فأخذني‬ ‫معه إلى قسم املسرح وأقحمني في مشاهدة التدريبات والعزف‬ ‫االرجتالي حسب مايتطلبه املشهد فأحببت ج��داً هذه الطريقة‬ ‫الغريبة التي جعلتني استطيع تأليف املوسيقى الشعورياً‪ ,‬واحلمد‬ ‫لله جنحت في العديد من املسرحيات قبل أن يصطحبني معه‬

‫إلى عالم الفن احلقيقي واملدرسة الكبرى وهو املسرح احملترف‬ ‫وكانت فرقة املسرح الليبي أول فرقة التحق بها بفضل االستاذ‬ ‫فرج قناو سنة‪ 83‬وفي سنة ‪ 84‬بدأنا في التدريبات على مسرحية‬ ‫(كالم يجيب كالم) للكاتب عبدالله الزروق وكانت تضم أملع جنوم‬ ‫التمثيل ف��ي تلك الفترة وش��ارك��ت بآلة (السكسفون) ف��ي هذه‬ ‫املسرحية وألول مرة أصرح بهذه املعلومة وهي أنني في عرض من‬ ‫العروض وكان بالتحديد في مدينة صرمان غاب أحد املمثلني وهو‬ ‫عيسى بلقاسم رحمه الله فقمت بالتمثيل مكانه بإقحام من املخرج‬ ‫وبقية املمثلني وطبعاً كنت فاش ً‬ ‫ال جداً في التمثيل لألسف‪ ,‬ومن‬ ‫بعد مسرحية كالم يجيب كالم اكتشفت نفسي كملحن ومؤلف‬ ‫موسيقى تصويرية واحلمد لله اشتغلت العديد من املسرحيات‬ ‫م��ع ع��دة ف��رق مسرحية داخ��ل وخ��ارج طرابلس وحتصلت على‬ ‫جائزة الترتيب األول على مستوى التأليف واملوسيقى التصويرية‬ ‫واألحلان على مستوى ليبيا في املهرجان الوطني الثامن واعتبرتها‬ ‫البداية املسرحية فاجلائزة زادتني دعماً في أن أعشق املسرح‬ ‫أكثر‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬م��ن ه��و ال��ف��ن��ان ال���ذي ك���ان وراء تشجيعك في‬ ‫بداياتك؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬الفضل األول لوالدتي الغالية أطال الله في عمرها‬ ‫التي قدرت هذه املوهبة منذ طفولتي والتي كنت أسمعها كل ما‬ ‫أحفظه في الروضة أو املدرسة وأيضاً كان الفضل لألستاذ سالم‬ ‫احلماص واألستاذ بلخير شعبان ومصطفى القماطي واملرحوم‬ ‫عامر احلجاجي الذي اعتمدني كملحن وأنا في املرحلة الثانوية‪.‬‬


‫عمل أعزفه «بالدي ‪ ..‬بالدي» وآلة «املولديكا»‬ ‫أول ٍ‬ ‫جعلتني أعشق آالت النفخ‬ ‫ناي محلي الصنع ومنه ت ‬ ‫والدي كان يعزف على ّ‬ ‫علمت طريقة النفخ‬ ‫ممارسة الهواية في املنزل أو الشارع أقوى وأسرع‬ ‫من دراستها أكادميي ًا !!‬ ‫في الرابعة ابتدائي تخصصت في آلة األكورديون‬ ‫ناي حقيقي‬ ‫وفي املرحلة اإلعدادية حتصلت على ّ‬ ‫املرحوم فرج قناو أقحمني في مشاهدة التدريبات‬ ‫املسرحية والعزف االرجتالي‬ ‫اآلالت املوسيقية الشرقية مثل العصائر الطبيعية‬ ‫التي يختلف مذاقها عن العصائر االصطناعية‬ ‫املسرح الليبي أول فرقة ألتحق بها ‪ ..‬ومسرحية‬ ‫«كالم يجيب كالم» جعلتني اكتشف أني ممثل فاشل‬ ‫املرحوم عامر احلجاجي اعتمدني ملحن ًا وأنا‬ ‫في املرحلة الثانوية‬ ‫املستقل ‪ :‬عزفت على العديد من اآلالت املوسيقية ولكن‬ ‫يبقى العود مرافق ًا أينما ذهبت ملاذا هذه اآللة دون غيرها؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬السر في مرافقة العود فقط لكونه الشيء الوحيد‬ ‫الذي أشكي له همي وأحكي له أسراري بعد الله سبحانه وتعالى‬ ‫وأيضاً لكونه رفيقي الذي تعودت أن يرافقني أينما كنت ألن وجوده‬ ‫بجانبي يشعرني باألمل والتفاؤل باملستقبل علماً بأنني ال استعمله‬

‫العود رفيقه الدائم‬

‫في التلحني وه��ذا قد يكون شيئا غريبا نوعا ما ألني أحب أن‬ ‫أحلن باآللة املوجودة داخلي وهو األحساس قبل االجتاه إلى العود‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬هناك من يقول بأن آلة العود لم تعد مرغوبة‬ ‫مثل زمان خصوص ًا بعدما أصبح توظيف التكنولوجيا في‬ ‫املوسيقى من خالل السانترا أو األورك الذي يقوم بعمل‬ ‫أغلب اآلالت‪ ,‬فما رأيك؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬ال طبعا ‪ ..‬مازال العود يتوسط كل الفرق املوسيقية‬ ‫الشرقية الكبيرة وب��دون��ه أعتقد أن منظر الفرقة سيكون غير‬ ‫مكتمل‪ ,‬إال أن الفرق املختصرة الصغيرة تستعمل آالت الكيبورد‬ ‫«االورج» وتستخدم أص��وات اآلالت املتنوعة مثل آالت النفخ‬ ‫والوتريات ولكن الطبيعي يبقى طبيعيا والميكن أن يحل شىء محل‬ ‫شيء أخر فاآلالت املوسيقية مثل العصائر الطبيعية التي يختلف‬ ‫مذاقها عن االصطناعية‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬حتصلت على اجلائزة األولى على مستوى الوطن‬ ‫العربي في املهرجان العربي الثامن بالشارقة‪ ,‬كيف كانت‬ ‫تلك املشاركة؟‬ ‫ال��ق��رض��اب ‪ :‬كانت ه��ذه املشاركة باسم ليبيا بعمل غنائي(أنا‬ ‫عربية) من كلمات الشاعر واألديب الكبير أحمد احلريري رحمه‬ ‫الله ومن أحلاني وغناء الفنانة هبة العكاري وكنا قد حتصلنا على‬ ‫جائزة العمل املتكامل كلم ًة وحلناً وغنا ًء على مستوى الوطن العربي‬ ‫واحلمد لله‪ ,‬وفي هذه املناسبة أوجه كلمة ملمثلة ال أود ذكر اسمها‬ ‫والتي كانت وراء مصادرة اجلائزة املادية واملعنوية بحكم هي من‬ ‫كانت املشرفة على مشاركتنا أنا والفنانة هبة وأق��ول لها وهي‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫يطربه صوت الراحلة ذكرى‬

‫مع املطرب القدير محمد السليني‬

‫تقرأ هذه الكلمات (املشكلة ِ‬ ‫ِ‬ ‫فعلت‬ ‫انك معتبرة نفسك فنانة ماذا‬ ‫باجلائزة وماذا أفادتك وخصوصاً بعد مرور حوالي ‪ 10‬سنوات‬ ‫عليها؟) وكلما أتذكر هذا املوضوع أقول (حسبي الله ونعم الوكيل)‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل ‪ :‬م��ا رأي����ك ف��ي ال��ف��ن ال��ش��ع��ب��ي أو م��اي��ط��ل��ق عليه‬ ‫«باملرسكاوي»؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬طبعاً الفن الشعبي األصيل هو ما تربت عليه أذاننا‬ ‫والميكن أن نتجاهله‪ ,‬أن��ا أقصد باألصيل يعني بكل ما حتمله‬ ‫الكلمة م��ن معنى وم��ن استعمال امل��زم��ار أو املقرونة أو الزكرة‬ ‫بصحبة اآلالت اإليقاعية األصلية والكلمة الشعرية القدمية ذات‬ ‫املعاني السامية‪ ,‬وأيضاً الفن الشعبي املعاصر الذي لديه نسبة‬ ‫كبيرة جداً من املستمعني في ليبيا وهو (املرسكاوي) أنا أحب هذا‬ ‫اللون عندما أسمعه من فنان يقدر ويطور هذا الفن ويلتزم بالكلمة‬ ‫الهادفة فهو لون من ألوان الفنون التي لها جمهورها اخلاص وطبعاً‬ ‫لكل دولة في العالم فنها الشعبي اخلاص بها حلناً وإيقاعاً وأنا‬ ‫أقدر واحترم أي نوع من أنواع الفنون‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬هل توافقني لو قلت أن اللحن هو اخلط األحمر‬ ‫في األغنية الليبية؟ خصوص ًا العاطفية؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬طبعاً ‪ ..‬وكما نالحظ ميكن أن تغير أي كلمة في‬ ‫حلن معني وبالذات املشهور ولكن التستطيع أن تغير جملة حلنية‬ ‫في عمل معروف مثال جتدنا نركب أي كالم على أي أغنية نحبها‪,‬‬ ‫وأن��ا استعملت العديد من األعمال الغنائية وخاصة في أعمال‬ ‫(املونالوج) وقمت بتركيب كلمات على العديد من األعمال الليبية‬ ‫القدمية في برامجي مع الفنانة بسمة االطرش ولكني الاستطيع‬ ‫أن أغ ّير اللحن الذي ُعرف عند الناس بنغماته املعينة باإلضافة‬ ‫للعديد من األغاني العربية املعروفة واملشهورة تغيرت كلماتها‬ ‫واستعملت في األفالم الكوميدية واملسرحيات ولكن اللحن بقى‬ ‫كما هو فلهذا يبقى اللحن خطاً أحمر دائماً‪.‬‬

‫املستقل ‪ :‬من الضحية في كل ما يجري لألغنية الليبية من‬ ‫تهميش؟ ومن املسؤول عن غيابها؟‬ ‫ال��ق��رض��اب ‪ :‬طبعا ضحيتها هواملتلقي الليبي قبل الفنان ألن‬ ‫�ان أخ��رى غير األغنية الليبية‬ ‫املستمع الليبي يضطر لسماع أغ� ٍ‬ ‫في حال عدم وجود اجلديد أو البديل؛ وعندما تهمش األغنية‬ ‫الليبية يعني ذلك موتاً جماعياً للمبدعني الليبيني‪ ,‬واُحمل الدولة‬ ‫املسؤولية املباشرة النها لو أرادت أجهزة الدولة املسؤولة عن قطاع‬ ‫الفنون أن تهتم باألغنية الليبية لسمعنا ‪ 360‬أغنية جديدة في‬ ‫السنة وعلى األقل ‪ 4‬مهرجانات موسيقية على مدار العام ولكل‬ ‫فصل مهرجان شأننا شأن الدول األخرى التي تقدر وحتترم فنها‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬ما رأيك في تكراراألحلان أو سرقتها من عمل إلى‬ ‫آخر سواء داخل ليبيا أو خارجها؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬أواف��ق لو كان التكرار لغرض تطوير العمل بشرط‬ ‫عدم التدخل في اجلملة اللحنية وتطويرها بأحسن توزيع وطبعاً‬ ‫أدبياً يكون التطوير مبوافقة صاحب العمل الرسمي وهو امللحن‪,‬‬ ‫فأنا ال أرى في ذلك خلال بالعكس‪ ،‬ميكن الرؤية اجلديدة تخدم‬ ‫األغنية أكثر ولكن السرقة بصفة عامة ال يجب أن تكون ألن‬ ‫املستمع أصبح مييز بني اجلمل املوسيقية‪ ,‬فامللحن احلقيقي من‬ ‫يأتي بجملة يتفرد بها ومن والدة إحساسه واليجوز سرقة إحساس‬ ‫الغير وأنا ال احترم ملحنا سارقا مع احترامي الشديد لكل فنان‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬م ْ��ن ِم َ��ن األص���وات التي تتمنى أن يجمعك معها‬ ‫عمل غنائي سواء باللحن أو بالكتابة؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬امتنى دائما أن اجتمع بصوت يطربني‪ ،‬وكل صوت‬ ‫يطربني وميس أحاسيسي يجعلني أقول آااااااه دون أن أشعر‪..‬‬ ‫ذلك الصوت هو ما أمتنى أن أتعامل معه وما أكثر هذه األصوات‬ ‫وما أقل حظهم وحظي لألسف‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬هناك بعض املطربني نقف عند سماع أغانيهم‬


‫حتصلت رفقة الفنانة هبة العكاري على جائزة‬ ‫العمل املتكامل عربيا ‪ ..‬لكن مثلة ليبية معروفة‬ ‫صادرت تلك اجلائزة‬ ‫فنان يقدر ويطور‬ ‫أحب أن اسمع املرسكاوي من ٍ‬ ‫ّ‬ ‫هذا الفن‬ ‫ميكن أن تغير أي كلمة في حلن معروف لكنك ال‬ ‫تستطيع أن تغير جملة حلنية واحدة منه‬ ‫لو أرادت األجهزة املسؤولة عن قطاع الفنون االهتمام‬ ‫باألغاني لسمعنا في العام الواحد ‪ 360‬أغنية‬ ‫ما أكثر األصوات التي أحبها وتطربني ‪ ..‬وما أقل‬ ‫حظهم وحظي‬ ‫الراحل أحمد احلريري تنازل لي بخط يده عن‬ ‫أغان كتبها‬ ‫آخر ست ٍ‬ ‫الوطن بحاجة إلى الكلمة التي تلملم جراحه ‪..‬‬ ‫وإلى اللحن الذي يطبطب آالمه والصوت الذي‬ ‫ينسيه عذابه‬

‫ونستمع لهم بإحساس وتركيز‪ ,‬فمن الفنان الذي يستطيع‬ ‫ملس مشاعر القرضاب ويدخل قلبه؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬من أبرز األص��وات بالنسبة للجيل القدمي أم كلثوم‪,‬‬ ‫أما جيل ما بعد كوكب الشرق هناك العديد من الفنانني؛ منهم‬ ‫الراحلة ذكرى محمد ومؤخراً املغربية أسماء املنور‪ ,‬وكما قلت‬ ‫لك ما أكثر األصوات التي احبها وتطربني وأنا محب وعاشق لكل‬

‫مع الكاتب الراحل أحمد احلريري‬

‫صوت جميل وهم كثيرون‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬م��اذا لديك من أعمال في الوقت احلالي؟ وهل‬ ‫سنستمع لعمل وطني يتغني بليبيا واحدة دون متييز؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬في الفترة املاضية سجلت عملني عن ليبيا بعنوان‬ ‫(أرض الطيبة) من كلمات علي جبريل وغناء راسم فخري وأيضاً‬ ‫عمل بعنوان (ليبيا القلب الكبير) من كلمات صالح عباس وغناء‬ ‫رمزي وليبيا وعمل إنساني بعنوان (ليه يا بشر) وهذه األيام انتهيت‬ ‫من تسجيل أغنية عن األم من كلمات علي الغنيمي وغناء الشاب‬ ‫إبراهيم حفيضة واآلن بصدد تسجيل مجموعة أغاني عاطفية‬ ‫بأصوات ليبية وعربية وعددها ‪ 15‬أغنية «إنشاء الله» وكان لي‬ ‫أغان كتبها الفنان الراحل احمد احلريري‬ ‫الشرف أن استلم آخر ‪ٍ 6‬‬ ‫وبإهداء وتنازل خطي منه وقد سجلت عم ً‬ ‫ال واحداً منها بعنوان‬ ‫(هاحلني باغيكم) وغناه املطرب طارق محمد وحلنت ثالثة أعمال‬ ‫أخرى منها جاهزة للتنفيذ إذا ُوجد املمول‪.‬‬ ‫املستقل ‪ :‬كلمة توجهها لكل الفنانني الليبيني؟ وكلمة‬ ‫ألسماء معينة حتمل نصيحة لهم؟‬ ‫القرضاب ‪ :‬إلى كل فنان ليبي حقيقي أقول له اآلن الوطن بحاجة‬ ‫للكلمة التي تلملم جراحه واللحن الذي يطبطب آالمه والصوت‬ ‫باق مبا‬ ‫الذي ينسيه عذابه فلننسى األحقاد فنحن ذاهبون والوطن ٍ‬ ‫نبقيه له من أنغام متجده وتفتخر به وترددها االجيال القادمة‪,‬‬ ‫ونعلمهم من خ�لال اعمالنا حب الوطن ويجب أن نترك وراءن��ا‬ ‫تاريخا مشرفا باألخالق وباحلب والسالم ‪ ..‬كما أوجه كلمة لكل‬ ‫فنان من اجليل الذي سبقنا ‪ ..‬من الذين مازالوا على قيد احلياة‬ ‫ربي ميتعكم بالصحة وطول العمر ولوالكم ما ُكنا‪ ,‬وللجيل اجلديد‬ ‫أقول ربي يوفق كل من هو سائر في نهج الفن واإلبداع ألن الفن‬ ‫عطية وهبة من عند الله فالبد أن نحافظ على هذه الهبة فالله‬ ‫م ّيزك أيها الفنان عن باقي البشر دون غيرك مبوهبة االبداع‪.‬‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫ً‬ ‫عبثا َج َس ْسنا‬ ‫اجلدران والنوافذ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫نحن ال نعلم أين‬ ‫نعيش‬

‫العميان‬ ‫أبوبكر العيادي‬

‫رغم فوز موريس ماترلينك بجائزة نوبل عام ‪( 1911‬وهو البلجيكي‬ ‫الوحيد الذي حصل عليها حتى اآلن)‪ ،‬لم يكتب له االنتشار الذي‬ ‫يستحقه عن مسرحه‪ ،‬وله من األعمال ما دفع بعض نقاد تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬أوكتاف ميربو مث ً‬ ‫ال‪ ،‬إلى تشبيهه بشكسبير في خلق عوالم‬ ‫مخصوصة‪ ،‬تأخذ املرء إلى مناطق الروح األش ّد عتمة ووحشة‪،‬‬ ‫حيث ترى زوابع غريبة مما يصعب نطقه والتعبير عنه‪ ،‬ومخاوف‬ ‫قدمية كما في احلكايات الشعبية‪ ،‬والسبب في ما يرى بعضهم‬ ‫جناحه في األوبرا‪ ،‬خصوصا بـ»بيلّياس ومليزاند»‪.‬‬ ‫أعدها دانيال جا ّنوتو في البداية للمسرح‬ ‫مسرحية «العميان» التي ّ‬ ‫األستوديو الذي يديره بضاحية فيتري سور سني‪ ،‬قبل أن يعرض‬ ‫مؤخرا في مركز «مئة وأربعة» بباريس تعكس فن ماترلينك في‬ ‫رمزية لغته وقوة إيحائه‪.‬‬ ‫وتروي مأزق مجموعة من العميان‪ ،‬في حالة انتظار‪ ،‬على جزيرة‬ ‫ال تسمى‪ ،‬وفي غابة غير مح ّددة‪ ،‬تقع على مسافة غير معلومة‬ ‫قداس العصر عند املسيحيني وغروب‬ ‫من مأوى‪ ،‬في وقت ما بني ّ‬ ‫الشمس‪.‬‬ ‫أخرجهم من املأوى أحد الرهبان ألن الشمس‪ ،‬فيما يبدو‪ ،‬كانت‬ ‫مشرقة‪ .‬ولكن مع هبوط الليل‪ ،‬بدأ البرد يزحف‪ ،‬واجلوع يعتصر‬ ‫بد للراهب أن يعيدهم من حيث أتوا‪ ،‬ولكنه ذهب بحثا‬ ‫األمعاء‪ .‬ال ّ‬ ‫عن املاء وتأخر‪.‬‬ ‫وفي انتظار عودته‪ ،‬لم يبق للعميان إ ّال أن يعتمدوا على بعض‬ ‫األصداء البعيدة لناقوس‪ ،‬وزقزقة عصافير‪ ،‬وروائح بعض األزهار‬ ‫لالستعالم‪ ،‬أو على طفل مبصر لم يتعلم الكالم بع ُد‪ ،‬يستشعرون‬

‫مشهد من عرض للعميان‬

‫من بكائه أن شيئا يحدث‪ .‬غير أن الراهب هلك بينهم‪ .‬أي أن حل‬ ‫العقدة يق ّدم منذ الوهلة األول��ى للمتفرج‪ ،‬املبصر‪ ،‬في غفلة من‬ ‫العمي‪ ،‬فهم تائهون‪ ،‬وال يعلمون أنهم تائهون‪.‬‬ ‫في هذا النص الشاعري الذي يحمل رغم بساطته الظاهرة رؤية‬ ‫فلسفية عميقة‪ ،‬يكمن الفعل الوحيد في اكتشاف تلك املجموعة‬ ‫من البشر‪ ،‬الذين يعيشون األحاسيس نفسها‪ ،‬أنهم ع ّز ٌل في عالم‬ ‫ال يفهمونه‪ ،‬وأنهم يوشكون على الهالك‪ .‬حقيقة مرعبة تُطلق في‬ ‫حلظة عارية صادمة دون أن تلقى جوابا‪ ،‬كمثَل من يص ّرح لشخص‬ ‫آخر «ستموت»‪ ،‬هذا كل ما في األمر‪.‬‬ ‫من خالل هذه املسرحية‪ ،‬ميكن أن نستدل إلى خصائص ثالث‬ ‫مت ّيز كتابة ماترلينك‪:‬‬ ‫‪ 1‬االقتصاد في احلدث‪:‬‬‫املسرحية ميكن تلخيصها ف��ي بضع ك�ل�م��ات‪ ،‬وامل�ت�ف��رج يوضع‬ ‫مباشرة في صميم احلدث‪ ،‬حيث الشخوص‪ ،‬الذين يبشرون في‬ ‫وجه من الوجوه بأبطال بيكيت‪ ،‬ليس لهم سوى االنتظار‪ .‬وبذلك‬ ‫ال تكتسي املسرحية أهميتها من تعاقب األحداث بل من خلق عالم‬ ‫غير مسبوق‪ ،‬يقع على تخوم احللم والواقع‪.‬‬ ‫‪ 2‬خلق املناخ‪:‬‬‫املسرحية تزاوج بني االنغالق اجلغرافي في جزيرة‪ ،‬واالنحباس‬ ‫السيكولوجي الذي يسببه ال َع َمى‪ ،‬بشكل ينعكس في اللغة نفسها‪،‬‬ ‫إذ فقدت دورها كمح ّرك لألحداث‪ ،‬وصارت وصفية‪ ،‬خيالية‪،‬‬ ‫حيث ينبعث احلرف من أعماق الكائن في ثوب استعارة‪ ،‬حتاول‬ ‫أن ت�ق�ت��رح م��ا ال مي�ك��ن تسميته‪ ،‬وي �ن��أى احل ��وار ع��ن احل��دي��ث‬


‫موريس ماترلينك‬

‫املتناسق الذي يستند فيه الر ّد في العادة إلى كالم سابق ضمن‬ ‫السياق نفسه‪.‬‬ ‫التأملية‪:‬‬ ‫‪ 3‬النظرة‬‫ّ‬ ‫وهي تتكشف في لغة شاعرية‪ ،‬دون أن تقع في التجريد‪ ،‬ما يجعل‬ ‫املسرحية رغم غياب احلدث‪ ،‬ورغم متاثل سمات أبطالها‪ ،‬قادرة‬ ‫على طرح السؤال عن جوهر احلياة نفسه‪ ،‬كما في قول أحدهم‬ ‫«عب ًثا َج َس ْسنا اجلدرا َن والنوافذ‪ ،‬نحن ال نعلم أين نعيش»‪.‬‬ ‫يحوي ن��ص املسرحية كالما متبادال ب�ين مكفوفني‪ ،‬م��ا فرض‬ ‫االستئناس بوصف األشياء امللموسة‪ ،‬والتساؤل الدائم‪ ،‬والتعبير‬ ‫الشفوي البحت عن القلق واحل�ي��رة وسائر األحاسيس التي ال‬ ‫ميكنهم نقلها باإلشارات واملواقف‪.‬‬ ‫ومجمل احلوارات تك ّون وحدة متجانسة خاصة بعالم املكفوفني‪ ،‬ما‬ ‫يجعل العتمة وحتى الظلمة أفضل طريقة إلخراج املسرحية حتى‬ ‫يجد املتفرج نفسه في وضعهم‪ ،‬فيتحسس بدوره ما يتحسسون‪،‬‬ ‫وي�ط��رح األسئلة التي يطرحون ليتحد معهم ف��ي تراجيديتهم‪،‬‬ ‫وتنتفي بذلك مسألة املباعدة‪ ،‬وتغدو املسرحية نصا ينظر إليه من‬ ‫الداخل وليس من اخلارج‪.‬‬ ‫أي شيء مرئي‪ ،‬ال األزياء وال‬ ‫وقد اختار دانيال جا ّنوتو أال يعالج ّ‬ ‫األض��واء وال الديكور‪ ،‬فالركح غارق في غسق أغبش‪ ،‬واملمثلون‬ ‫يخالطون اجلمهور‪ ،‬واألص ��وات مجهولة امل�ص��در‪ ،‬تن ّد من هنا‬ ‫وهناك‪ ،‬لتستثير في املتفرج املغمض العينني فهمه لسلوك شريحة‬ ‫من البشر‪ ،‬بال هوية وال تاريخ‪ ،‬تسعى في سيرورة العالم‪ ،‬وسط‬ ‫الطبيعة‪ ،‬بغير غاية‪ ،‬لتلقى مصيرا لم تختره‪.‬‬

‫يحمل هذا النص الشاعري ‪ -‬رغم بساطته الظاهرة‬ ‫ رؤي��ة فلسفية عميقة‪ ،‬يكمن الفعل الوحيد في‬‫اكتشاف تلك املجموعة من البشر‪ ،‬الذين يعيشون‬ ‫األحاسيس نفسها‪ ،‬أنهم عزّ ٌل في عالم ال يفهمونه‪،‬‬ ‫وأنهم يوشكون على الهالك‪ .‬حقيقة مرعبة ُتطلق‬ ‫في حلظة عارية صادمة دون أن تلقى جواب ًا‪.‬‬

‫عمل فني لوولتر هكمان يستوحي بالد العميان‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫الراحل حسن مصطفى‬ ‫حوار لم ينشر منذ سبع سنوات‪:‬‬ ‫في‬ ‫ٍ‬

‫المسرح عشقي األول‬

‫الفنان الراحل مع الزميل عبد الرحمن سالمة‬

‫حاوره ‪ :‬عبدالرحمن سالمة‬ ‫غيب املوت مؤخرا الفنان املصري الكبير حسن مصطفى الذي جمعني به لقاء صحفي منذ أكثر من‬ ‫ّ‬ ‫لظروف خارجة عن اإلرادة ‪.‬‬ ‫على نشره في حينه‬ ‫تعذر‬ ‫سنوات‬ ‫سبع‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫الفنان الراحل أبصر النور في العام‏‏‏‪ 1936‬بالقاهرة‪ ،‬والتحق باملعهد العالي للفنون املسرحية‪ ،‬تخرج عام‬ ‫‪ .1957‬عمل في فرق التلفزيون املسرحية‪ ،‬ثم انضم إلى‏فرقة الفنانني املتحدين‪ ،‬وشارك في عشرات‬ ‫املسرحيات حيث كان مخلصا ألبي الفنون بدرجة كبيرة لدرجة أنه كان يعتذر عن أفالم ومسلسالت‬ ‫من أجل املسرح‪.‬‬ ‫تعلم حسن مصطفى االعتماد على نفسه منذ الصغر حتى يثبت لوالده املوظف بوزارة األوقاف أنه‬ ‫اختار الطريق الصحيح فيما كان الوالد يأمل في أن يرى االبن ضابطا في اجليش في فترة كان الشعب‬ ‫املصري يحترم فيها الضباط بشدة بسبب ثورة يوليو ‪ ،‬هذا الفنان امللتزم كان أحد ضيوف املهرجان‬ ‫الوطني في دورته احلادية عشرة مبنطقة سوسة السياحية ‪ ..‬التقيناه في هذه املصافحة مع جمهوره‬ ‫ومحبيه ‪.‬‬


‫باعث االبتسامة الدائم‬

‫فناننا حسن مصطفى نحن في ليبيا سعداء بهذه الزيارة ونود‬ ‫أن نغتنمها لنعرف انطباعك على هذه الزيارة ؟‬ ‫أوالً أنا سعيد جداً أنني جئت ولبيت الدعوة فوراً للحضور إلى ليبيا‬ ‫التي أحبها وأحب أهلنا فيها ‪ ،‬وال أقول ليبيا بلدي الثاني‪ ،‬هي بلدي‬ ‫األول والثاني والثاني واألول ‪ ،‬وهذه ليست الزيارة األولى التي آتي فيها‬ ‫ليبيا وإمنا سبقتها زيارة منذ مدة وعرضت خاللها مسرحية هنا في‬ ‫طرابلس العظيمة وسعدت بهذا اجلمهور احلبيب ونحن ال يفرق بيننا‬ ‫سوى طريق صحراوي بسيط‪.‬‬ ‫أن��ت دائ��م�� ًا تفضل العمل املسرحي عن‬ ‫التلفزيونوالسينما‪...‬‬ ‫املسرح أبو الفنون ‪ ،‬هو أبو التلفزيون وأبو‬ ‫السينما وأبو اإلذاعة وأبو سائر الفنون من‬ ‫موسيقى وإخ��راج وديكور ‪ ،‬وأن��ا باعتباري‬ ‫خريج من أكادميية الفنون املسرحية من‬ ‫الدفعة األول ��ى ‪ ،‬فاملسرح عشقي منذ أن‬ ‫كنت في املرحلة االبتدائية ‪ ،‬ولم أفضل أن‬ ‫أك��ون في مكان آخر خالف خشبة املسرح‬ ‫‪ ،‬فاملسرح ينتزعني من أي مكان ‪ ،‬حتى وأنا‬ ‫أصبحت اآلن بحكم التواجد وبحكم التجربة‬ ‫في املسرح والسينما واإلذاع��ة والتلفزيون‬ ‫تكونت عندي املفاضلة في أعمالي سواء‬ ‫كان عمال مصوراً أو معروضاً على خشبة‬ ‫املسرح ‪ ،‬فاالحتكاك واخلبرة الزمنية مهمة‬

‫في تكوين الفنان إضافة إلى إطالعه ورؤيته ومشاهدته وسفره وكل‬ ‫هذا ينصب في عمل وشكل فني من داخل بوتقة موجود فيها كل هذه‬ ‫األشياء وتنصهر وتخرج أشياء جيدة ‪ ،‬وأنا أفضل املسرح ألنه ميثل‬ ‫مواجهة صريحة تنال جزاءها أمام عينيك وأنت موجود ‪ ،‬واجلمهور‬ ‫يرى ويطلع وإذا ما وجد أن هذه الرؤية مقدمة في شكل طيب فهذا‬ ‫مكسب كبير وهذا هو اجلزاء الذي يأخذه الفنان وهو موجود ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ممثال‪،‬‬ ‫والدك كان يريدك أن تتخرج ضابط ًا لكنك أصبحت‬ ‫ه���ل ال��ت��ح��دي ه���و م���ن ج��ع��ل��ك مم��ي��ز ًا‬ ‫وتصبح جنم ًا ؟‬ ‫كان حتدياً لنفسي أنا ‪ ،‬وأنا لم أخالف رأي‬ ‫وال��دي أيضاً حققت له بعض مطالبه فأنا‬ ‫تخرجت من اجلامعة كلية التجارة وتخرجت‬ ‫من أكادميية الفنون ولكن آثرت حلبي للفن‬ ‫أن أبقى في املسرح من البداية والسينما‬ ‫واإلذاعة والتلفزيون وحتى تاريخ اليوم ‪.‬‬ ‫ج��اي��ل��ت ع��ب��دامل��ن��ع��م م��دب��ول��ي وف����ؤاد‬ ‫املهندس وهما رأيناهما في أدوار مطلقة‬ ‫وأن��ت أخترت دائ��م�� ًا أن تترك مساحة‬ ‫بينك وبني البطولة املطلقة على الرغم‬ ‫من قدرتك على البطولة‪...‬‬ ‫عبداملنعم مدبولي وفؤاد املهندس «أساتذة‬ ‫كبار جداً» ‪ ،‬وإمنا كل خلق ملا يسر له ‪ ،‬وأنا‬ ‫أعتبر أن ال��درام��ا مجمع الكومبارس فيها‬

‫ال يفرق بني ليبيا ومصر إال‬ ‫طريق صحراوي بسيط‬

‫التلفزيون بني على أكتاف جيلي‬ ‫املسرح يصنع مواجهة صريحة‬ ‫تنال جزاءها أمام عينيك‬


‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫رحل تاركا رصيدا هاما من األفالم السينمائية‬

‫أهميته كأهمية بطل العمل ‪ ،‬املهم ما الذي يقدمه‪ ،‬واملسألة ليست‬ ‫بالكم‪ ،‬والنجم شئ واملمثل صاحب الدور شئ آخر ‪ ،‬فكل إنسان له‬ ‫شكل يليق به في العمل فمث ً‬ ‫ال الفنان الكبير عبدالوارث عسر شكله‬ ‫حتى وهو صغير يوحي أنه كبير في السن فال يستطيع بشكله أن‬ ‫يؤدي دور شاب‪ ،‬فالتكوين يتحكم أيضاً في‬ ‫األدوار ‪ ،‬وهذا ليس عيباً في املمثل ‪ ،‬وتوزيع‬ ‫األدوار وظيفة املمثل والكاتب وامل�خ��رج ‪،‬‬ ‫وأيضا عندما نرى جنيب الريحاني جند أن‬ ‫كل الذين عملوا معه أبطال مثل حسن فايق‬ ‫وعبدالفتاح القصري ومجموعة أبطال حوله‬ ‫والعمل الفني يُقدم مبجموعة من املبدعني‪،‬‬ ‫واألع �م��ال ال�ف��ردي��ة ت�ك��ون فقط ف��ي املونو‬ ‫دراما‪.‬‬ ‫أن��ت اعتذرت عن العمل في مسرحية‬ ‫ري�������ا وس���ك���ي���ن���ة ب���س���ب���ب ش��خ��ص��ي��ت��ي‬ ‫عبدالعال وحسب الله ‪...‬‬ ‫مسرحية ري��ا وسكينة قرأتها ج�ي��داً وأن��ا‬ ‫عجبتني ج ��داً شخصية ع�ب��دال�ع��ال ولكن‬ ‫املخرج حسني كمال رأى أن أمثل شخصية‬ ‫حسب الله وأنا أحترم رأيه ألن املخرج دائماً‬ ‫هو صاحب العمل فأنا كنت أحب شخصية‬ ‫عبدالعال جداً وكنت أرى أنها بداخلي لكن‬ ‫املخرج رأى غير ذل��ك ورأى أن أعمل دور‬ ‫حسب الله ال��ذي ق��ام ب��ه فيما بعد الفنان‬ ‫الراحل الكبير عبداملنعم مدبولي وهو من‬ ‫أك �ب��ر ف�ن��ان��ي م�ص��ر وم ��ن أك �ب��ر املخرجني‬ ‫الكوميديني ايضاً وأنا أرى أنه إلى اآلن ال‬ ‫يوجد أحد مثله في اإلخراج الكوميدي ألنه‬ ‫يدخل النص ويسحب منه وال يوقف املمثالل‬ ‫إال إذا كان هناك خروج ال يصح وهو دائماً‬ ‫يتطور مع املمثل ويذهب معه إلى أن يصل‬ ‫إل��ى كمية ضحك تناسب العمل من خالل‬

‫مضمون العمل نفسه فأنا لم أرفض العمل‪ ،‬لكنني كنت مقتنع قناعة‬ ‫تامة بأن شخصية عبدالعال كنت أستطيع أن أجيد فيها أكثر من‬ ‫شخصية حسب الله ‪.‬‬ ‫توقفت عن السينما فترة ثم عدت مع الفنان عادل إمام من‬ ‫خالل فيلم حسن ومرقص وفيلم مرجان ‪.‬‬ ‫أنت تعرف أن التلفزيون في أي مكان استلب أو أخذ من األعمال الفنية‬ ‫الكثير وأصبحت سمة العصر ليس في املنطقة العربية فقط ولكن في‬ ‫العالم كله ‪،‬فهناك سينما حقيقة لكن التلفزيون بات يصطاد أغلب‬ ‫األعمال‪ ،‬فالتلفزيون ملا جاء انبنى على أكتافنا في الستينات واحلمد‬ ‫لله أننا عملنا شيئا جيدا فيه ومن هنا بعدت قليال عن السينما وبدأت‬ ‫في الفترة األخيرة أرجع للسينما وعملت بعض األف�لام مع الفنان‬ ‫عادل أمام مثل ‪ :‬الواد محروس بتاع الوزير ‪ ،‬ومرجان ‪ ،‬حسن ومرقص‬ ‫وهذه أفالم جيدة وأفالم عادل إمام عموماً أفالم جيدة وتقدم فكرا‬ ‫وتقدم موضوعا ويراعي مشاكل مجتمعه ‪.‬‬ ‫هل زواجك من الفنانة ميمي جمال له أثر على حياتك الفنية؟‬ ‫الشك أن الزواج يؤثر في اإلنسان خاصة إذا كان هو اختياره واختيارها‬ ‫فمسألة العالقات الزوجية عالقات مهمة واعتقد أيضاً أنها تنعكس‬ ‫على األعمال الفنية فإذا كان إنساناً مستقراً سواء كان فناناً أو فنانة‬ ‫مستقر في حياته وفي بيته فقطعا هذا ينعكس على عمله وأنا عندما‬ ‫تزوجتها كانت هي في بداية حياتها الفنية‬ ‫ومن هنا أخترت أن تكون هي زوجتي وأنها‬ ‫فنانة ف�لا استطيع أن أق��ف ف��ي طريقها‬ ‫بالعكس كنت أتغاضى عن بعض متطلباتي‬ ‫في البيت ألنني أحس بقيمة عملها كفنانة لو‬ ‫لم أكن هكذا لنشأت بيننا خالفات فاحلمد‬ ‫لله أنا متفهم انتظرها عندما يكون لديها‬ ‫عمل وأحيانا اذهب معها لعملها وهكذا وأنا‬ ‫أدرك بالعمل في هذا احلقل وم��ادام الزوج‬ ‫والزوجة يعمالن في ذات احلقل وتزوجا عن‬ ‫حب فحتماً ستستقيم األمور وأنا أحمد الله‬ ‫على ذلك ‪.‬‬ ‫م��ا رأي����ك ف��ي ال��وس��اط��ة املتفشية في‬ ‫احلقل الفني هذه األيام؟‬ ‫ال وساطة في الفن وال وساطة حتى بني‬ ‫صاحب مصنع وابنه فاإلبن إذا كان موهوباَ‬ ‫ويستطيع أن يحفر باحملفر اآللي في املصنع‬ ‫س�ي��ؤدي عم ً‬ ‫ال ج�ي��داً وإذا ك��ان الفنان ابن‬ ‫الفنان هو موهوب أساسا فمرحباً وسيجيد‬ ‫ويتميز والعكس صحيح ‪ ،‬ولقد ثبت بالتجربة‬ ‫واألي��ام أن هناك كثيرين قد فشلوا مع أن‬ ‫آبائهم فنانني عظام وهم ليسوا من الفن في‬ ‫شئ ‪ ،‬فال وساطة في الفن بالذات فالفن‬ ‫ثقافة وفكر والفنان مرتكز على هذه وعلى‬ ‫رؤية وعلى سفر وعلى إطالع وعلى مشاهدة‬ ‫وعلى كالم هذا هو الفنان الناجح ‪ ،‬أما إذا‬ ‫كان والده فناناً ويريد أن يصبح فناناً فهذا‬ ‫ليس بيت يرثه أو قطعة أرض يرثها ‪ ،‬فالفن‬

‫التكوين يتحكم في األدوار ‪..‬‬ ‫وأكبر شاهد على ذلك الفنان‬ ‫عبدالوارث عسر‬

‫الكومبارس في الدراما ال يقل‬ ‫أهمية عن بطل العمل‬

‫عبد املنعم مدبولي من أكبر‬ ‫فناني مصر ‪ ..‬ومن أكبر املخرجني‬ ‫الكوميديني‬ ‫أفالم عادل إمام تقدم فكرا‬ ‫‪ ..‬وتناقش موضوعات تراعي‬ ‫مشاكل املجتمع‬


‫مع رفيقة دربه الفنانة ميمي جمال‬

‫موهبة وهبها الله سبحانه وتعالى لدى إنسان ما ‪ ،‬واملمثل هو املمثل‬ ‫بدون شك ولكن الكوميديان ربنا اختصه في دمه بشئ زيادة أو مجرى‬ ‫آخر هو الذي جعله كومديان وليس أحدا ميثل يقول أنا كومديان فالله‬ ‫سبحانه وتعالى يهبه هذه املوهبة فيصبح كوميديان ‪.‬‬ ‫ماذامتثللكمحطتيمدرسةاملشاغبني‬ ‫والعيال كبرت ؟‬ ‫هاتان الروايتان كان لهما شكل مغاير عن‬ ‫مسرح الكالسيك وت �ن��اول امل��وض��وع كتابة‬ ‫وإخ��راج��ا ك��ان شيئاً جديداً وليس الشكل‬ ‫ال��ذي ألفوه من قبل وك��ان العرض من قبل‬ ‫يقدم ف��ي ثالثة فصول فأصبح يقدم في‬ ‫فصلني فهذان العمالن ال أريد أن أقول أنهما‬ ‫أفضل أعمالي ولكنهما من األعمال املميزة‬ ‫ولكن عندي أع�م��ال أخ��رى مثل ‪ :‬سيدتي‬ ‫اجلميلة ‪ ،‬حواء الساعة ‪ ، 12‬العبيط ‪ ،‬أصل‬ ‫وص��ورة ‪ ،‬وعندي أعمال كثيرة في املسرح‬ ‫وأحمد الله على أن��ه لم تقع عندي رواي��ة‬ ‫من هذه وهى روايات جميلة بإجماع النقاد‬ ‫واجلمهور ‪ ،‬واملشاغبني والعيال كبرت وجدتا‬ ‫جناحا كبيراً ولكن أيضاً األعمال السابقة‬ ‫وجدت نفس النجاح ونفس الرواج ولكن لم‬ ‫تكن هناك تسجيالت وإخراج للتلفزيون لكن‬ ‫هذه األعمال جيدة وتبقى دائما في الذاكرة‬ ‫وهاتان الروايتان هما من قلب املجتمع في‬ ‫منطقة من الدول العربية فالشباب واحد وإن‬ ‫اختلفت اللهجات وما ميزهما أنهما وجدا‬ ‫هوى لدى شباب هذا الوقت ‪.‬‬ ‫كيف ت���رى اجل��ي��ل اجل��دي��د م��ن جنوم‬ ‫الكوميديا كمحمد هنيدي واحمد‬ ‫حلمي وغيره ؟‬ ‫هناك مثل بلدي عندنا يقول ‪ « :‬كل وقت‬ ‫وله آذان « وهؤالء الشباب هذا هو وقتهم ‪،‬‬

‫وحتى أعمالنا السابقة كمدرسة املشاغبني والعيال كبرت كانت مغايرة‬ ‫لألعمال التي سبقتها وأيضاً أعمال اليوم ايضاً أصبحت مغايرة‬ ‫للمشاغبني وللعيال كبرت وهذا اجلديد جيل له مواصفات اجتماعية‬ ‫أخرى في مجتمع جديد وفي متناول آخر وهؤالء هم أصحاب الوقت‬ ‫فال أستطيع أن أفاضل بني األجيال ولكن‬ ‫أقول هذا زمنهم وهذه الكلمة التي ينطقونها‬ ‫وهذا هو أسلوبهم وبالتأكيد أنه يختلف عن‬ ‫األسلوب السابق ويختلف ج��داً عن اجليل‬ ‫الذي قبلنا وال أستطيع أن أقول هم أقل منا‬ ‫أو أكثر لكن بالعكس نرى فيهم بعض املمثلني‬ ‫اجليدين والطموحني وأوالد يقدمون فناً‬ ‫محترماً حتى لو كان عندهم أخطاء أو هنات‬ ‫صغيرة فمصيرها أنها ستتالشى مع اخلبرة‬ ‫وبحكم العمل الطويل‪.‬‬ ‫كلمةأخيرة‪:‬‬ ‫أن��ا أح��ب ليبيا وأح ��ب شعب ليبيا وأح��ب‬ ‫مسؤولي ليبيا ‪ ،‬فأنا جئت إل��ى ليبيا في‬ ‫السبعينات وعرضت هنا في ليبيا مدرسة‬ ‫املشاغبني وعملنا عرضاً ناجحاً ملدة سبعة‬ ‫أي��ام وجددناها بسبعة أخ��رى كدليل على‬ ‫جناح العمل ‪ ،‬واجلمهور الليبي جمهور ذواق‬ ‫وحساس والبد أن تراعي الكلمة التي تؤديها‬ ‫واع‬ ‫له واملوضوع الذي تؤديه له وهو جمهور ٍ‬ ‫وم��درك وفاهم ومسؤولية أن��اس فاضلون‬ ‫ويقدرون ضيوفهم ‪ ،‬وأنا أسعد بزياراتي إلى‬ ‫ليبيا وأن أتواجد أمامهم كفنان وأود أن أعمل‬ ‫أعماال فنية في ليبيا ‪ ،‬وسعيد جداً من خالل‬ ‫زي��ارت��ي إل��ى ليبيا أنني زرت درن��ة ودخلت‬ ‫شالالتها وزرت شحات وآث��اره��ا وسوسة‬ ‫وليبيا بلد غنية وعظيمة بآثارها وبكرم أهلها‬ ‫وعندما أتواجد في مكان أجد احلب والكرم‬ ‫في عيونهم‪..‬‬

‫لم أرفض العمل في ريا وسكينة ‪..‬‬ ‫لكنني كنت مقتنعا بأن شخصية‬ ‫عبد العال تناسبني أكثر من‬ ‫شخصية حسب الله‬

‫الكوميديان ربنا اختصه في دمه‬ ‫بشىء زيادة‬ ‫مدرسة املشاغبني والعيال كبرت‬ ‫لهما شكل مغاير عن املسرح‬ ‫الكالسيكي‬

‫مدرسة املشاغبني حصدت النجاح‬ ‫في ليبيا وعرضت ملدة أسبوعني‬


‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬


‫عمر غيث قرميل‬

‫المدينة العذراء‬

‫الزنتان‪..‬‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫أوال‪ :‬املوقع اجلغرافي‬ ‫تقع مدينة الزنتان فوق مرتفعات وقمم اجلبل الغربي األشم جنوب‬ ‫غرب طرابلس بنحو (‪160‬كم)‪ ،‬وعلى ارتفاع حوالي (‪ )900‬متر‬ ‫فوق سطح البحر تتربع املدينة العذراء تكسوها أشجار الزيتون‬ ‫والتني حلل من البهاء واجلمال‪ ،‬ومتتاز مبناخ اجلبال وبطبيعة‬ ‫ساحرة وه��واء عليل‪ ،‬وتتخللها مجموعة من الوديان والهضاب‬ ‫اجلميلة‪ ،‬وبها عدد من العيون اجلبلية واآلثار الرومانية واإلسالمية‬ ‫والقصور وكذلك اآلثار األخرى‪ ،‬و هي الوسط الواصل جلغرافيا‬ ‫اجلبل‪ ،‬حيث تتمركز في منتصفه‪ ،‬وتنتشر على رقعتها اجلغرافيا‬ ‫املمتدة من سهل اجلفارة شماال إلى الواحات جنوبا على هيئة‬ ‫م��دن متوسطة وصغيرة وق��رى متفاوتة في أحجامها السكانية‬ ‫محددة في مدينة الزنتان األم أو ما يعرف عند األهالي بسم‬ ‫(الوطن)‪ ،‬ومدن صغيرة داخل حدود أراضيها‪) :‬القرية الشرقية‪،‬‬ ‫القرية الغربية‪ ،‬طبقة العليا‪ ،‬طبقة السفلى) باجلنوب الشرقي‪،‬‬ ‫وم��زدة مبوقعها املتوسط للحد الشرقي وواح��ات النخيل باحلد‬ ‫اجلنوبي‪( :‬إدري ‪ ،‬والدويسة) ولقد قيل قدميا إن حدود الزنتان‬ ‫(متتد من اجلريد إلى اجلريد) أي من حدود الساحل الغربي إلى‬ ‫أعماق الصحراء وصوال إلى واحات فزان‪ ،‬وكذلك للزنتان أمالك‬ ‫‪ ،‬وتواجد كبير في (درج‪ ،‬و مزدة ‪ ،‬والشاطيء)‬ ‫ثانيا‪ :‬املناخ‬ ‫تتمتع الزنتان مبناخ جبلي قارص البرودة في فصل الشتاء وفي‬ ‫بعض األحيان تتساقط الثلوج‪ ،‬وح��ار شديد احل��رارة صيفا مع‬ ‫هبوب رياح (القبلي) احلارة‪،‬وقد تهب رياح البحري الباردة وهي‬ ‫ما يعرف عند أهل اجلزيرة العربية بريح الصبا‪ ،‬وميتاز فصل‬ ‫الربيع فيها بجو معتدل وجميل حيث تكتسي األرض حلة من‬ ‫األزهار والورود‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬السكان‬ ‫تتميز الزنتان بقبائلها ونسيجها االجتماعي املتماسك وعراقة‬ ‫عاداتها ومورثها وجهادها‪ ،‬وينحدر أهلها من أصول عربية النسب‬ ‫واالنتماء من خالل الهجرات اإلسالمية‪ ،‬وألهلها عادات وتقاليد‬ ‫عربية أصيلة كاجلود وال�ك��رم وح��ب الفروسية والشعر وجندة‬ ‫امللهوف ونصرة املظلوم ‪ ،‬ولهم طبيعة بدوية أصيلة ال تغيب عنهم‬ ‫فهم مييلون للتسامح والبشاشة والطرافة في احلديث وسرعة‬ ‫البديهة والشجاعة وحب املغامرة‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬سبب التسمية‬ ‫في احلقيقة ال يوجد مصدر تاريخي ميكن االعتماد عليه في‬ ‫تعليل سبب تسمية الزنتان بهذا االسم‪ ،‬إال أن هناك العديد من‬ ‫القصص واحلكايات الشعبية تدور حول التسمية ‪ ،‬ونذكر منها‬ ‫هذه القصة على سبيل املثال‪( :‬حيت يحكى أن ملكل ٌة كانت حتكم‬ ‫منطقة الزنتان وكان لها ابن جميل حسن املظهر اسمه (الزين)‪،‬‬ ‫وكانت امللكة متعلقة به تعلقا شديدا‪ ،‬ومع مرور الزمان أصيب‬ ‫مبرض عضال أهلكه فحزنت امللكة عليه حزنا شديدا إال أن الله‬ ‫عوضها مبولود جديد ‪ ،‬و كان هذا الغالم أجمل من أخيه فأطلق‬

‫الزنتان في معجم آمون‬ ‫ِث��ن��ت��وس ‪ :Thentos‬االس���م ال��روم��ان��ي لقبائل‬ ‫الزنتان احلالية‪ .‬وتقع مدينة الزنتان اآلن في‬ ‫منتصف اجلبل الغربي (جبل نفوسة‪ ،‬ليبيا)‪.‬‬


‫مشهد من جبل الزنتان‬

‫من موسم الترفاس إلى موسم اللهيد‬ ‫الزنتان إح��دى بلدات ليبيا وتقع على إح��دى قمم اجلبل‬ ‫ال��غ��رب��ي‪ ،‬حيث تتمركز ف��ي وس��ط اجل��ب��ل الغربي تقريب ًا‬ ‫وتعتبر ال��زن��ت��ان ث��ان��ي جت��م��ع ح��ض��ري م��ن ح��ي��ث الكثافة‬ ‫السكانية بعد مدينة غريان‪.‬‬ ‫تعتبر املنطقة كونها جبلية‪ ،‬باردة جد ًا في فصل الشتاء‬ ‫كما تتساقط عليها الثلوج من حني إل��ى آخ��ر لكونها تقع‬ ‫على قمة اجل��ب��ل‪ ،‬إال أن��ه��ا ح���ارة ف��ي فصل ال��ص��ي��ف‪ .‬وفي‬ ‫الربيع متتاز املنطقة بجو معتدل وجميل حيث تتغطى‬ ‫املنطقة بغطاء عشبي مزهر‪.‬‬ ‫وكان سكان املنطقة يعتمدون قدمي ًا على الزراعة البعلية‬ ‫كمهنة أس��اس��ي��ة ل��ه��م‪ ،‬ويتمسك بعض ال��س��ك��ان ب��ال��زراع��ة‬ ‫كمهنة أساسية لهم خصوصا زراع���ة القمح والشعير في‬ ‫م��ن��اط��ق م��ث��ل اجل���ف���ارة امل��رم��وث��ة وال����ودي����ان‪ ،‬وج��م��ع ثمار‬ ‫الزيتون‪ ،‬كما يعتبر الرعي وتربية املواشي من أه��م املهن‬ ‫املوجودة في الزنتان حيث يشتهر سكانها بتربية املواشي‬ ‫كالضان واملاعز واإلبل‪ .‬وحاليا ميارس السكان مهنة التجارة‬

‫كما تعد املنطقة م��رك��زا ل��ت��ج��ارة ال��ت��رف��اس‪ ،‬حيث تعتبر‬ ‫املدينة املكان الرئيسي لتجميع وبيع الترفاس وتشتهر‬ ‫بأنها أك��ب��ر س��وق للترفاس على اإلط�ل�اق‪ ،‬ب��اإلض��اف��ة إلى‬ ‫بعض احل��رف األخ��ر‪ .‬وتشهد املدينة تطور ًا ملحوظا في‬ ‫جميع املجاالت‪ ،‬كما أنها تعتبر مركز ًا جتاري ًا هام ًا مبنطقة‬ ‫اجلبل الغربي‪،‬‬ ‫وتتواجد في مدينة الزنتان بعض الكليات التابعة جلامعة‬ ‫اجل��ب��ل ال��غ��رب��ي وه���ي ك��ل��ي��ة ال��ع��ل��وم‪ ،‬ك��ل��ي��ة ط��ب األس��ن��ان‪،‬‬ ‫كلية التربية وكليه إع��داد املعلمني واملعهد العالي للمهن‬ ‫الصناعية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك كان من املقرر إنشاء أحد‬ ‫امل��رك��ب��ات اجل��ام��ع��ي��ة جل��ام��ع��ة اجل��ب��ل ال��غ��رب��ي ف��ي مدينة‬ ‫ال��زن��ت��ان بحيث ي��ك��ون أح���د امل��رك��ب��ات ال��ث�لاث ال��ت��ي كانت‬ ‫اجلامعة تنوي إقامتها إضافة إلى مركب غريان ونالوت‪.‬‬ ‫وتشهد املنطقة عرض ًا موسمي ًا يطلق عليه «اللهيد» وفيه‬ ‫يقوم مجموعة من الفرسان املنطقة بتقدمي عروض لهم‬ ‫تستمر لفترة معينة‪.‬‬


‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫عليه اسم (الزين ثاني) فأصبح األهالي يقولون جاء (الزين ثاني)‬ ‫وذهب (الزين ثاني) ومع مرور الزمان حذفت الياء و أبدل حرف‬ ‫(الثاء بحرف التاء) حيث أن بعض قبائل الزنتان تنطق حرف‬ ‫(الثاء ـ تاء) وهكذا أصبح ينادى الزنتاني وهو اجلد األول للزنتان‪،‬‬ ‫ويطلق عليها أيضا اس��م (تاغرمني) ويعني بلدة القصور حيث‬ ‫يوجد بها العديد من القصور القدمية‪ ،‬وقد تكون كلمة (الزنتان)‬ ‫صيغة عربية للكلمة البربرية (آت زناتة ) كما أش��ار إل��ى ذلك‬ ‫(هنري دي أغسطيني) في كتابه (سكان ليبيا)‪ ،‬وق��د اكتسبت‬ ‫املدينة اسما جديد بعد ثورة ‪17‬فبراير وهو ( املدينة العذراء )‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬أهم املهن للسكان‬ ‫كما أشرنا سابقا إلى أن مدينة الزنتان مدينة جبلية وتتربع على‬ ‫مساحة شاسعة من األراض��ي الصحراوية املمتدة إلى الواحات‬ ‫في اجلنوب األم��ر ال��ذي جعل الكثير م��ن األه��ال��ي يعتمدون‬ ‫في معيشتهم بشكل أساسي على تربيت احليوانات من (اإلبل‬ ‫واألغ �ن��ام وامل��اع��ز) مستغلني م�س��اح��ات شاسعة م��ن الصحراء‬ ‫ومعتمدين على سقوط األمطار وخصوبة املراعي‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫اعتماد السكان على الفالحة أو الزراعة البعلية التي تعتمد على‬ ‫سقوط األمطار مثل زراعة احلبوب (الشعير والقمح والبقوليات)‪،‬‬ ‫وزراعة أشجار الزيتون وأشجار التني حيث عرف اجلبل بجودة‬ ‫زيته ‪ ،‬حتى قيل الزيت اجلبلي نسبة إلى اجلبل ‪ ،‬وفي السنوات‬ ‫األخيرة أصبحت املدينة مركزا جتاريا هاما في منطقة اجلبل‬ ‫وذلك ملوقعها اإلستراتيجي الهام حيث أنها تتوسط منطقة اجلبل‬ ‫فنشطت حركة التجارة بها‪ ،‬وكثرت احملال التجارية‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى وجود بعض املهن األخرى مثل األعمال اإلدارية والصناعات‬ ‫التقليدية والركوبة العامة وقيادة الشاحنات وغيرها من املهن‪.‬‬

‫مهرجان الزنتان الثقافي السياحي‬ ‫ه��و م��ه��رج��ان س��ن��وي يعقد ف��ي م��دي��ن��ة ال��زن��ت��ان ف��ي شهر‬ ‫ديسمبر م��ن ك��ل ع��ام‪ ،‬وتشمل فعالياته عقد العديد من‬ ‫النشاطات الفنية والثقافية إضافة عروض الفروسية‪.‬‬ ‫أقيم للمرة األولي يبدءا بيوم ‪ ،2009 /11 /1‬وقد احتضنه‬ ‫نادي املجاهد سالم بن عبد النبي للفروسية وسط حضور‬ ‫مكثف من املهتمني واملتابعني للحركة الثقافية السياحية‪،‬‬ ‫حيث ألقيت الكلمات الترحيبية بالضيوف واث��ن��ت على‬ ‫اجلهود املبذولة ألجل اجناح املهرجان والتعريف باملوروث‬ ‫الثقافي واملدن التاريخية باملنطقة‪.‬‬ ‫وأل��ق��ي��ت ال��ع��دي��د م��ن القصائد الشعرية بعد ذل��ك توجه‬

‫احلاضرون إلي افتتاح املعارض التراثية واملقتنيات الشعبية‬ ‫داخ��ل بيوت الشعر واخل��ي��ام باإلضافة إل��ى افتتاح معرض‬ ‫الكتاب والصور والفنون التشكلية ومعرض لتاريخ وأسماء‬ ‫امل��ع��ارك التي ساهمت فيها وخاضتها قبيلة ال��زن��ت��ان ضد‬ ‫الغزاة اإليطالني من سنة ‪ 1911‬إلى ‪. 1931‬‬ ‫وتالحقت العروض في بيوت الشعر منها لوحة امنارة ذويب‬ ‫للعلوم الشرعية ولوحة الفرسان املتمثلة في نادي فرسان‬ ‫الزنتان وش��ه��داء القواليش ون���ادي ال��ش��روق بالزنتان‪ ،‬كما‬ ‫مساء بزيارة للمواقع التاريخية وعرض‬ ‫استمر املهرجان‬ ‫ً‬ ‫للخيول األصيلة والتي زينت الفضاء الفسيح ملوقع املهرجان‪.‬‬


‫تشتهر الزنتان بزراعة الكروم والزيتون‬

‫في مهرجان الزنتان‬

‫تشتهر الزنتان بتربية اخليول العربية األصيلة‬


‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫من أعالم الزنتان‬

‫الشاعر صالح الشنطة‬ ‫ه��و «ص��ال��ح ب��ن محمد ب��ن علي ب��ن أب��ي القاسم الشنطة‪ ،‬ولد‬ ‫ببلدة الزنتان سنة‪1917‬م»‪ ،‬وهو من حلمة أوالد سي خليفة‪،‬‬ ‫قبيلة أوالد بلهول ول��د الشنطة ف��ي أس��رة كرمية مجاهدة‪،‬‬ ‫عرفت ب��اجل��اه والغنى؛ تقلد بعض أف��راده��ا م��راك��ز حكومية‬ ‫مرموقة ف��ي العهد ال��ت��رك��ي‪ ،‬وه��ي «إح���دى األس���ر ال��ت��ي كانت‬ ‫تتزعم اجلبل‪ ،‬وكافحت االستعمار طوي ً‬ ‫ال‪ ،‬ثم قضى عليها‬ ‫االستعمار‪ ،‬وكاد لرجالها‪ ،‬فزج بهم في السجون بعد محاكمات‬ ‫عسكرية صورية وكان لفظ اإلعدام أول حكم من أحكامها‪ ،‬ثم‬ ‫أبدل اإلعدام بالسجن املؤبد»‪.‬‬ ‫ولم ميهل القدر والده وجده زمن ًا طوي ً‬ ‫ال حتى ماتا في السجن‬ ‫الشدة وس��وء املعاملة‪ ،‬ول��م يكتف املستعمرون بذلك‬ ‫نتيجة‬ ‫ّ‬ ‫فحسب‪ ،‬بل أصدروا قرار ًا بتاريخ ‪1924-1-15‬م مبصادرة جميع‬ ‫أموالهم املنقولة وغير املنقولة‪ ،‬وأن تتحمل العائلة جميع‬ ‫مصاريف احملاكمة‪ ،‬فتركوا البيوت خراب ًا ليس فيها ما يسد‬ ‫الرمق‪ ،‬وال يفي بوجبة غ��ذاء أليتام أبرياء‪ ،‬فأصبح الشاعر‬ ‫فقير ًا يتيم ًا بعد أن فقد مصدر ال��ق��وة والصمود واملجابهة‬ ‫ملهلكات احلياة ونوائبها‪ ،‬فبعد اليسر عسر‪ ،‬وبعد الغنى الفقر‪،‬‬ ‫وبعد السند والقوة الضعف‪ ،‬ول��م تقف حياته عند ذاك بل‬ ‫راح��ت الهموم واألح���زان تتسارع لتحط في محطة الشاعر‪،‬‬ ‫ولتحطم قلبه شيئ ًا فشيئ ًا‪ ،‬فبعد أن فقد مصدر القوة والده‪،‬‬ ‫هاهو يفقد مكمن الرحمة وال��دت��ه إذ ت��زوج��ت وتركته بني‬ ‫أحضان جدته ألبيه‪ ،‬التي استطاعت مبا متلكه من عاطفة‬ ‫قوية صادقة أن تقوي ساعده وتبني حياته وتوجهه إلى بر‬ ‫اآلمان‪.‬‬ ‫تعليمه وثقافته‪:‬‬ ‫ب��دأ الشاعر مسيرته العلمية منذ مرحلة الطفولة‪ ،‬فاجته‬ ‫إلى الكتّ اب بقرية الزنتان في مرحلة أولى‪،‬حيث تعلم مبادئ‬ ‫ال��ق��راءة والكتابة‪ ،‬وحفظ ما تيسر من ال��ق��رآن الكرمي ليبني‬ ‫نفسه ويروضها ويبعدها عن الرذيلة‪ ،،‬وملا عرف عن الشاعر‬ ‫قوة الشخصية والرغبة في التعلم لم يقف مكتوف األيدي‪،‬‬ ‫فلما فتحت في بلدة الزنتان مدرسة إيطالية عربية في سنة‬ ‫‪1930‬م‪ ،‬التحق بها على الرغم من معارضة أقربائه بسبب‬ ‫بغض املستعمر وضعف احلال‪ ،‬واستمرت دراسته ثالث سنوات‪،‬‬

‫وقد القى فيها أشد الصعوبات‪ ،‬وحتمل األمرين حتى أكمل‬ ‫دراسته بتميز‪ ،‬ولم يقف طموح الشاعر عند هذه احلدود‪ ،‬بل‬ ‫توجه إلى مدينة طرابلس إلمتام دراسته‪ ،‬يقول الشاعر عن‬ ‫نفسه‪« :‬غ��ادرت مسقط رأس��ي إلى طرابلس ألواص��ل دراستي‬ ‫رغم ما أقاسيه من ضنك العيش وقلة اإلمكانيات املادية»‪.‬‬ ‫ثم تابع دراسته بكلية أحمد باشا في العلوم العربية والدينية‪،‬‬ ‫واستطاع خالل سنتني أن يوفق في دراسته ويقوي معلوماته‬ ‫ال��دي��ن��ي��ة وال��ل��غ��وي��ة‪ ،‬وه���ك���ذا اس��ت��م��رت ح��ي��ات��ه ال��ع��ل��م��ي��ة في‬ ‫النمووالتقدم والتميز فض ً‬ ‫ال عما ميلكه الشنطة من قدرة على‬ ‫احلفظ والقراءة‪ ،‬إذ أنه في هذه املرحلة ألم بكثير من العلوم‪،‬‬ ‫وطالع كثير ًا من كتب األدب والبالغة واللغة والنحو‪ ،‬وحفظ‬ ‫لكثير من الشعراء‪ ،‬وعارض بعضهم‪.‬‬ ‫ق��ال الشنطة‪« :‬ول��م أك��ت ِ��ف بهذه ال���دروس النظامية ب��ل كنت‬ ‫أطالع‪ ،‬وأستعير الكتب‪ ،‬وق��د كانت لكتب األستاذ املنفلوطي‬ ‫وال��زي��ات وال��راف��ع��ي‪ ،‬وأدب���اء املهجر فض ً‬ ‫ال كبير ًا ف��ي توجيهي‬ ‫األدب��ي‪ ،‬ومن يومها صرت أحاكي وأقلد الشعراء مبقطوعات‬ ‫وأب���ي���ات»‪ ،‬وه��ك��ذا ب���دأت م�لام��ح ص���ورة الشاعر ت��ب��رز ف��ي هذه‬ ‫ال��ف��ت��رة س���واء بكتابته الشخصية‪ ،‬أومب��ع��ارض��ت��ه لبعضهم‪،‬‬ ‫وتوضحت عنده موهبة الشعر‪ ،‬وشغفه األدبي‪ ،‬وتأثره احلسي‬ ‫بالصور والنماذج الشعرية التي سجلها أكثر الشعراء القدماء‬ ‫واحملدثني‪ ،‬وهكذا منت وقويت شخصية الشنطة أدبي ًا وعلمي ًا‪.‬‬ ‫ول���م ي��ت��وق��ف ط��م��وح��ه ع��ن��د ه���ذا احل���د ف��ل��ج��رأت��ه امل��ع��ه��ودة‪،‬‬ ‫ورغبته في حتقيق أحالمه‪ ،‬س��ارع إلى االلتحاق باالمتحان‬ ‫ال��ذي فتحته اجل��ه��ات اإلداري���ة لنيل دب��ل��وم التدريس لسنة‬ ‫‪1937‬م وكان النجاح حليفه‪،‬واستطاع من خالل هذه النتيجة‬ ‫أن يطوي حياة مضطرمة مليئة بالهموم واألحزان‪،‬فانتقلت‬ ‫حياته من عالم الدراسة والطموح إلى عالم التدريس والعطاء‪.‬‬ ‫حياته العملية‪:‬‬ ‫بعد أن بلغت النفس غايتها‪ ،‬وحققت أهدافها‪ ،‬وحصل على‬ ‫م��ا ي��ؤه��ل��ه للتمكن م��ن ال��ع��ط��اء‪،‬ل��م ي��ت��وان ف��ي أن يحقق من‬ ‫خاللها شيء من أحالمه وآماله‪ ،‬وك��ان للعام ‪1937‬م نقلة في‬ ‫حياة الشاعر االجتماعية والعملية إذ ُعني مدرس ًا»مبدرسة‬ ‫اجل��وش في ‪ 21‬سبتمبر واستطاع أن يغمر طلبته بعلم تهيأ‬


‫ومل���ا ع��ه��د ف��ي��ه م��ن األم��ان��ة وال��ت��ف��ان��ي ف��ى ال��ع��م��ل أون��ي��ط��ت به‬ ‫املناصب العليا‪ ،‬فنقل إلى وزارة الداخلية‪ ،‬وعني مدير ًا إلدارة‬ ‫اجلنسية والبطاقات الشخصية‪ ،‬وفى سنة ‪ 1968‬عني محافظ ًا‬ ‫ألوب����اري‪ ،‬وف��ى سنة ‪ 1969‬أع��ي��د إل��ى وزارة ال��داخ��ل��ي��ة‪ ،‬وبعد‬ ‫االنقالب املشؤم في ‪ 69‬أحيل للتقاعد اإلجباري‪ ،‬فتفرغ إلى‬ ‫االهتمام بشؤونه اخلاصة‪ ،‬وعاش حياة هادئة ببلدة الزنتان‬ ‫ولم يشارك في أي نشاط سياسي أوثقافي إلى أن حانت منيته‬ ‫بحادث مرور على طريق الزنتان _ يفرن بتاريخ ‪1999 9- 4-‬م‬ ‫وكانت وفاته فاجعة لكل من عرفه سواء من أبناء الزنتان أومن‬ ‫غيرهم‪ ،‬قال أحد طلبته مؤبن ًا له‪« :‬إن هول الصدمة‪ ،‬ولوعة‬ ‫الفراق‪ ،‬وفداحة املصاب‪ ،‬أخرست لساني‪ ،‬وعطلت الكلمات في‬ ‫صدري – كما كنت دائم ًا أحس باحلياء واخلجل عند احلديث‬ ‫فى حضرتك»‪.‬‬

‫من أهالي الزنتان‬

‫له لسنوات طويلة من التعلم وال��ق��راءة‪ ،‬ول��م يتوقف عطاؤه‬ ‫عند ح���دود ه���ذه امل��درس��ة ب��ل ب���دأت ان��ت��ق��االت��ه م��ن مدرسة‬ ‫إلى أخ��رى‪ ،‬منها مدرسة زلة ‪1939‬م‪ ،‬ومدرسة الرياينة سنة‬ ‫‪1945‬م‪ ،‬وم��درس��ة ال��زن��ت��ان ‪1949‬م‪ ،‬وم��درس��ة احل��راب��ة سنة‬ ‫معطاء أفنى ّ‬ ‫جل حياته في سبيل العلم‪،‬‬ ‫‪1953‬م‪ ،‬وكان معلم ًا‬ ‫ً‬ ‫كما يشهد بذلك أحد طالبه في رسالة أنشأها في تأبينه ملا‬ ‫مات إذ يقول‪« :‬عرفتك كما عرفك اجلميع إنسان ًا فاض ً‬ ‫ال ليبي ًا‬ ‫– ورج ً‬ ‫ال وقور ًا مهيب ًا وأستاذ ًا متمكن ًا قدير ًا – وأديب ًا مطبوع ًا‬ ‫ورم��ز ًا للعفه والطهارة والنقاء – ومن��ودج لإلخالص والوفاء…‬ ‫ويكفي ل��ك ش��رف أن��ك حملت وحتملت همومنا كلها – فقد‬ ‫علمتنا الفضيلة والصدق والوطنية واالخ�لاص وكنت لنا أب ًا‬ ‫رحيم ًا – وصدر ًا عطوف ًا حنون ًا – وأستاذ ًا وقور ًا محترم ًا… فأنت‬ ‫الغيث املاطر– وال���زاد املعني املشبع والرفيق املؤنس واألدي��ب‬ ‫ال��ع��ارف املتمكن»‪ ،‬وق���ال عنه بعض أص��دق��ائ��ه‪« :‬ك���ان مدرس ًا‬ ‫ومربي ًا فاض ً‬ ‫ال وأب ًا روحي ًا… يعيش مع طالبه فى أحاسيسهم»‪،‬‬ ‫وأفاد الشاعر من هذه التجربة اإلنسانية‪ ،‬فكان يتعايش مع‬ ‫أهل املناطق التى ينتقل إليها‪ ،‬ويصف مشاعره جتاههم وفى‬ ‫سنة ‪ 1941‬انتقل إلى الزنتان واحلرب العاملية الثانية ال تزال‬ ‫قائمه آنذاك‪ ،‬ولم يستمر التعليم إ َّ‬ ‫ال أشهر ًا معدودة ثم ُأقفلت‬ ‫امل���دارس بسبب احل���رب‪ ،‬فكلف بتنظيم اس��ت��م��ارات التموين‬ ‫بيفرن‪ ،‬ثم انتقل إلى غريان حيث سلم مخزن التموين اخلاص‬ ‫مبديريات غريان‪ ،‬وملا وضعت احل��رب أوزاره���ا عاد إلى نظارة‬ ‫املعارف حيث تولى إدارة‬ ‫مدرسة الزنتان لعدة سنوات‪ ،‬وفى سنة ‪ 1960‬نقل إلى مدرسة‬ ‫العلمني بطرابلس‪ ،‬وعني مدير ًا لها‪ .‬ويقول الشنطة‪« :‬عرض‬ ‫علي االشتغال باإلذاعة فقد كنت وأنا مبدرسة العلمني أقوم‬ ‫ببعض التعليقات اإلذاعية خصوص ًا أثناء احلرب اجلزائرية‪،‬‬ ‫فقد ساهمت مساهمة متواصلة بتعليقات ن��اري��ة وه��ادف��ة‬ ‫الشيء ال��ذي أوصلني ألن أك��ون مراقب ًا لإلذاعة الليبية‪ ،‬ثم‬ ‫مدير ًا لها ملدة ثالث سنوات « فجر خاللها كل طاقاته األدبية‪،‬‬ ‫وسجل القصائد املتميزه‪ ،‬النابعة م��ن ال��وج��دان لتلتحم مع‬ ‫مشاعر اجلزائريني وجتل كفاحهم‪.‬‬

‫أسرته‪:‬‬ ‫ت��أه��ل ل���ل���زواج م��ن إح�����دى ق��ري��ب��ات��ه‪ ،‬وه���ى ال��س��ي��دة (ف��ري��رة‬ ‫أبوعجيلة الشنطة)‪ ،‬واجنب منها أربعة أوالد – هم‪ :‬محمد‪،‬‬ ‫يوسف‪ ،‬خالد‪ ،‬كمال‪ ،‬وث�لاث بنات – هن أم اخلير‪ ،‬مبروكة‪،‬‬ ‫فاطمة‪ ،‬وأصبحت هذه العائلة ذات مكانه علمية واجتماعية‬ ‫مرموقة‪ ،‬عرفت بالعلم واالل��ت��زام الديني‪ ،‬والسيما بعد أن‬ ‫حتققت أمنيات أبيهم‪ ،‬فولده البكر محمد حصل على شهادة‬ ‫الدكتوراه فى الكيمياء‪ ،‬وخالد دكتوراه فى الصيدلة‪ ،‬وكمال‬ ‫بكالوريوس فى اإلدارة‪.‬‬ ‫صفاته وأخالقه‪:‬‬ ‫كان صالح الشنطة معروف ًا بالرقة واحلنان والتعامل العاطفي‬ ‫مع أبنائه‪ ،‬وتوجيههم إلى الطريق الصحيح‪ ،‬ولم يشغله عنهم‬ ‫سوى اهتمامه وإخالصه بعمله‪ ،‬قال ولده محمد‪:‬‬ ‫بتفان وإخالص‪ ،‬فال أذكر طيلة حياتي أنه‬ ‫« كان يؤدى عمله‬ ‫ٍ‬ ‫تغيب ليوم واحد عن عمله وكان رحمه الله مثا ً‬ ‫ال يحتذي فى‬ ‫السلوك السوي‪ ،‬ويشهد بذلك كل من عرفه «‪ ،‬وقال أيض ًا‪« :‬‬ ‫لقد ك��ان رحمه الله – أب�� ًا مثالي ًا ف��ى ن��ظ��ري‪ ،‬وحتمل الكثير‬ ‫فى سبيل تنشئة أبنائه تنشئة صاحلة‪ ،‬وسهر على تعليمهم‬ ‫وتوفير احتياجاتهم‪ ،‬كما كان شديد احلرص على أداء عمله‬ ‫بكل إخالص‪ ،‬ونكران لذاته‪ ،‬وكانت عالقته االجتماعية حيث‬ ‫كان محل احترام‪ ،‬وتبجيل لكل من خالطه واحتك به «‪.‬‬ ‫شاعريته‪:‬‬ ‫غلب على شعره التقليد‪ ،‬إذ كان متأثر ًا بالشعراء الذين سبقوه‪،‬‬ ‫حيث أصبح يتمثل وهوينظم قصائده اجلياد جزالة البارودي‬ ‫‪ ،‬وعذوبة شوقي ‪ ،‬وحماسة حافظ ‪ ،‬ووطنية رفيق‪ ،‬يشهد على‬ ‫ذلك قوله‪ « :‬وال أستطيع أن أحدد شاعر ًا بعينه ميكن أن يكون‬ ‫ذا تأثير على حياتي األدبية‪ ،‬إمنا مثلي في ذلك مثل النحلة‬ ‫ترتشف اجلمال من كل مكان‪ ،‬وأنا من أنصار الثورة التجديدية‬ ‫فى الشعر‪ ،‬على أال نذهب بالشعر اجلديد بعيدين كل البعد‬ ‫عن القدمي‪ ،‬وأرى أن الشاعر إذا وفق فى اجلمع بني قدمي الشعر‬ ‫وجديده‪،‬فإنه يتفوق ال محالة على من ينتصر ألحدهما‬ ‫ف��ق��ط»‪ .‬وك���ان رح��م��ه ال��ل��ه يجيد ال��زج��ل الشعبي وق��د أث��رى‬ ‫اإلذاع���ة بالكثير من األغ��ان��ي واأله��ازي��ز الشعبية منها على‬ ‫سبيل املثال اإلغنية الشعبية الشهيرة التي تغنى بها الفنان‬ ‫القدير سالم قدري‪:‬‬ ‫خطم حفني شيع عيونه فيا‬ ‫سلمت مـا رد السالم علي‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬

‫م‬ ‫ن‬ ‫من‬ ‫ك‬ ‫جها م‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ز كم د‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ر بـ‪9‬‬

‫أب� � � ��ل ق� � ��د ت �ن �ت��ج‬ ‫أج� � �ه � ��زة ال��ك��م��ب��ي��وت��ر‬ ‫احمل �م��ول��ة األن �ي �ق��ة وامل�ك�ت�ب�ي��ة ملن‬ ‫لديهم آالف من ال ��دوالرات إلنفاقها‪ ،‬ولكن‬ ‫الناس ذوي امليزانيات الصغيرة سيكونون متحمسني‬ ‫للتشب (‪ )CHIP‬وهو اسم حاسوب جديد بتسعة دوالرات فقط‪.‬‬ ‫اللوحة مصممة بطريقة «رازبيري باي» ‪ Raspberry pie‬التي‬ ‫ميكن توصيلها إلى األجهزة األخرى مثل لوحة املفاتيح أو الشاشة‪،‬‬ ‫وميكن توصيل هذا احلاسوب باإلنترنت الواي فاي‪.‬‬ ‫«ال�ش��يء التالي» أو ‪ Next Thing‬هو اس��م الشركة املصنّعة‪،‬‬ ‫ومقرها في أوكالند‪ ،‬كاليفورنيا‪ ،‬واختراعها اجلديد كان قد مت‬ ‫تسجيله على ‪ Kickstarter‬وهي منصة على اإلنترنت جلمع‬ ‫التبرعات هذا الشهر‪ ،‬وذلك بهدف جمع ‪ 50,000‬دوالر‪ ،‬ولكنها‬ ‫جتاوزت الهدف لتصل إلى ‪ 1,683,156‬دوالر من ‪ 31808‬داعم‪،‬‬ ‫واحلملة تنتهي في ‪ 6‬يونيو‪.‬‬ ‫كمبيوتر تشب ‪ CHIP‬يضم مجموعة من القدرات املفيدة التي‬ ‫ترتكز على معالج بقوة ‪ 1‬غيغاهيرتز م��ع ‪ 512‬ميغابايت من‬ ‫الذاكرة العشوائية و‪ 4‬غيغات من ذاكرة التخزين‪ .‬وبرنامج «ليبر‬ ‫أوفيس» الذي تتيح للمستخدمني إنشاء جداول للبيانات‪ ،‬وبرنامج‬ ‫«سكراتشز» الذي يتيح لهم اللعب وصنع األلعاب‪ ،‬ومتصفح الكروم‬ ‫للربط بشبكة اإلنترنت‪.‬‬ ‫وبهذه الرقاقة الكثير من املداخل‪ ،‬بها مدخالن ‪ ،USB‬مدخل‬ ‫للتوصيل بشاشة وم��دخ��ل لسلك ال�ك�ه��رب��اء‪ ..‬وب�ه��ذا احلاسوب‬ ‫اجل��دي��د م��داخ��ل أك�ث��ر م��ن اجل�ه��از احمل�م��ول اجل��دي��د م��ن «أب��ل»‬

‫د‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫رف‬

‫ق‬ ‫ط‬ ‫؟‬

‫الـ»ماكبوك»!‬ ‫ق � � � � � � � � � ��ال دي � � � � ��ف‬ ‫روشويرك الرئيس التنفيدي‬ ‫لـ»‪« ،»Next Thing‬ن �ح��ن فوجئنا‬ ‫بصراحة»‪ ،‬والتجربة التي وصفها بأنها «تسعة‬ ‫رجال في أوكالند يصنعون جهاز كمبيوتر بـ ‪ 9‬دوالر»‪ .‬في‬ ‫الغالب يقول أنه كان قلقاً من أن املستهلكني لن يفهموا متاماً ما‬ ‫هو ‪ CHIP‬الذي هو منتج متعدد األغراض‪ ،‬لكنه فوجئ برد فعل‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫يقول أيضاً‪« :‬نظرا ملدى التمويل الذي نحصل عليه من املتبرعني‪،‬‬ ‫أنه من اآلمن أن نقول أن الناس اليوم يدركون أن أجهزة الكمبيوتر‬ ‫ال تبدو بالضرورة مثل ما كانوا يعتقدون»‪.‬‬ ‫ت��ت فكرة صناعة ‪ CHIP‬م��ن الشركات الصينية التي تصنع‬ ‫أقراص «‪ »Tablets‬تكلف حوالي ‪ 36‬دوالر‪ ،‬حتى برزت لنا‪« ،‬ماذا‬ ‫لو جردنا كل ما في اخلارج واإلضافات غير املفيدة وتركنا عقل‬ ‫احلاسوب فقط في الداخل‪ ،‬ما ستكون تكلفه حينها؟»‪.‬‬ ‫دي��ف روش��وي��رك وفريقه الصغير عندها ب��دأوا ف��ي تصنيع الـ‬ ‫‪ ،CHIP‬يقول ان��ه لم تكن في بالهم فكرة صناعة منتج ميكن‬ ‫أن يساعد ف��ي ح��ل مشاكل كمشكلة ع��دم ق��درت ال�ن��اس على‬ ‫التوصيل باإلنترنت (‪ 4.4‬مليار شخص حول العالم ليسوا متصلني‬ ‫باإلنترنت) ومشاكل التعليم املتزايدة‪ ،‬ولكن عندما صنعنا ‪CHIP‬‬ ‫أدركنا أنه ميكن أن يساعد هذا املنتج في مشاكل كهذه»‪.‬‬ ‫ولكن ‪ CHIP‬ه��و مجرد رق��اق��ة‪ ،‬ل��ذا يجب توصيل ه��ذا املنتج‬ ‫بشاشة ولوحة مفاتيح واألشياء األساسية باختصار‪.‬‬ ‫يقول ديف روشويرك‪« :‬كل ما نقوم به هو االستفادة من اقتصادات‬ ‫كبيرة احلجم»‪« ،‬وانه لشيء رائع أن الكثير من الناس متحمسون‬ ‫لذلك»‪.‬‬


‫أوباما يطلق حساب‬ ‫تويتر‪ ..‬وحسابه‬ ‫يمتلئ بالرسائل‬ ‫العنصرية الساخرة‬ ‫أخيراً أطلق الرئيس األمريكي ب��اراك أوباما حسابه‬ ‫اخل ��اص ع�ل��ى ت��وي�ت��ر‪ ،‬وم��ع ذل ��ك‪ ،‬ف��إن «األب وال ��زوج‬ ‫والرئيس الـ‪ 44‬للواليات املتحدة» أصبح هدفاً لعدد من‬ ‫رسائل «الترحيب» العنصرية‪.‬‬ ‫اسم املستخدم ألوباما هو ‪ ،@POTUS‬ولديه بالفعل‬ ‫ما يقارب الـ‪2‬مليون متابع‪ .‬وكان الرئيس السابق بيل‬ ‫كلينتون فضولياً لكي يعرف إن ك��ان اس��م املستخدم‬ ‫اخل��اص بأوباما سيبقى للمكتب في البيت األبيض‪.‬‬ ‫وكان أوباما سريع اإلجابة فأكد له في تغريدته الثالثة‬ ‫اسم املستخدم يأتي مع شغل البيت األبيض‪ .‬كما قال‬ ‫أوباما أن اسم تويتر ‪ ،@FLOTUS‬خاص بالسيدة‬ ‫األولى «ميشيل أوباما»‪.‬‬ ‫وذك��رت صحيفة واشنطن بوست أن هناك مستخدم‬ ‫أش��ار إل��ى أوباما باستخدام كلمة «زجن��ي»‪ ،‬بعد وقت‬ ‫قصير من نشر أوباما تغريدته األول��ى‪ ،‬عندما دققوا‬ ‫في املوضوع ملعرفة صاحب احلساب‪ ،‬تبني أن احلساب‬ ‫مت حذفه‪.‬‬ ‫أوباما يتابع ‪ 65‬حساب حتى اآلن‪ .‬واألشخاص الذي‬ ‫يتابعهم يشملون الرؤساء السابقني كجورج بوش وبيل‬ ‫كلينتون‪ .‬انه يتابع أيضاً عدداً من احلسابات الرياضية‬ ‫مثل فرق كرة القدم األمريكية «شيكاغو بولز»‪« ،‬شيكاغو‬ ‫بيرز»‪« ،‬شيكاغو وايت سوكس» و»شيكاغو بالك هوك»‪.‬‬ ‫وكذلك يتابع حسابات تعليمية مثل جامعة هارفارد‬ ‫وجامعة كولومبيا‪.‬‬ ‫هناك الكثير من التغريدات السلبية مما يدل على تردي‬ ‫شعبية أوباما‪ ،‬أحد املستخدمني منع حساب أوباما في‬ ‫حني أن حسابا آخر ويبدو مرتبطاً «بأخبار إسرائيل»‬ ‫تساءل إذا حصل أوباما على صفحة في تويتر «كمظلة‬ ‫هوائية لهبوط سلس»‪ ،‬وقال مستخدم آخر أن الرئيس‬ ‫األمريكي ال ينبغي أن يطلق على نفسه «أقوى رجل في‬ ‫العالم»‪ ،‬ألنه ال ميكن أن يكون لديه حساب تويتر إال‬ ‫عندما تسمح له وكالة االستخبارات املركزية ‪.CIA‬‬ ‫اس��م املستخدم لتويتر اخل��اص بأوباما لن يبقى معه‬ ‫لفترة طويلة‪ .‬احلساب ‪ ،@POTUS‬مثل غيره من‬ ‫حسابات وسائل اإلع�لام االجتماعية‪ ،‬سيتم تسليمها‬ ‫لإلدارة القادمة‪.‬‬ ‫ه��ذا ويتابع أوب��ام��ا أيضا سياسيني مثل ج��ون كيري‪،‬‬ ‫س��وزان راي��س وج��وش ارن�س��ت‪ .‬كما يتابع أيضا نائب‬ ‫الرئيس جو بايدن وزوجته الدكتورة جيل بايدن‪ .‬ومع‬ ‫ذل��ك‪ ،‬هناك اس��م واح��د في ع��داد املفقودين‪ ،‬ه��ذا ما‬ ‫متت مالحظته في قائمة أوباما‪ ،‬إنها هيالري كلينتون‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫هواتف محمولة وإعالنات عشوائية‪..‬‬ ‫ما هي المعادلة؟!‬ ‫كم حقاً تستمتع برؤية اإلعالنات التي تظهر عشوائياً كلما كنت تتصفح‬ ‫الويب على جهاز كمبيوتر‪ ،‬أو على نحو متزايد على الهاتف احملمول؟‬ ‫أظن أنك ستقول «ليس كثيراً» وذلك صحيح‪ ،‬لكن اإلعالن هو ما يُبقي‬ ‫العديد من الشركات اإلنترنت واقفة على قدميها بسبب الدخل الهائل‬ ‫التي تولده هذه اإلعالنات والتي تتحول إلى الصناعة تقدر مبليارات‬ ‫الدوالرات‪.‬‬ ‫ورد في صحيفة «فاينانشال تاميز» أن شركة «شاين» قد طورت‬ ‫برامج حلظر ومنع اإلعالنات من الظهور على الهواتف‪ ،‬وتقول‬ ‫الشركة أنه هناك عدد من مشغلي الشبكات الهاتفية الذين على‬ ‫وشك أن يثبتوا هذا البرنامج‪ ،‬وهذا بال شك سوف يثير جدالً‬ ‫كبيراً‪ .‬إذ أن املستخدمني متكنوا من منع ظهور اإلعالنات‪،‬‬ ‫فكيف ميكن ألي شركة بدءا من أصغر الشركات إلى أقواها‬ ‫مثل «جوجل»‪ ،‬أن جتني أي أموال من الهواتف؟‪.‬‬ ‫يقول الرئيس التنفيذي للتسويق (روي ك��ارث��ي) لشركة‬ ‫(شاين) «اإلع�لان��ات الهاتفية سيئة ومسيئة للمستهلك‪،‬‬ ‫فهي تنتهك اخلصوصية‪ ،‬وتستخدم البيانات الشخصية‬ ‫وكذلك طاقة بطاريات هواتفهم»‪.‬‬ ‫هناك مشكلة واح ��دة فقط‪ ،‬أن منع اإلع�لان��ات يعني جت��رمي�اً بني‬ ‫مجموعات مختلفة من البيانات املتدفقة عبر الشبكة‪ .‬فهي جرمية‬ ‫ض��د مبدأ احليادية املنصوص عليه اآلن ف��ي ق��ان��ون ف��ي ال��والي��ات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وأصبح موضوعاً ساخناً للمنظمني األوروبيني كذلك‪.‬‬ ‫أحد رؤساء إحدى شركات الهواتف يقول ان هذا «جنون تام» والعمل‬ ‫على السيطرة على حركة تدفق املعلومات في هذا املجال سيكون‬ ‫«أسوء من االنتحار»‪.‬‬ ‫ليس هناك شك في أن التخلص من اإلعالنات هو فكرة شائعة بني‬ ‫كثير من املستخدمني‪ ،‬ولكن األمر معقد جداً‪.‬‬ ‫(روي كارثي) يقول «ليس هناك أي شركة هواتف في أي مكان في‬ ‫العالم التي طرحة موضوع منع إعالن جانباً»‪ ،‬كما يقول‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من انه لم تُفصح أي من الشركات التي من احملتمل أن تشتري البرنامج‬ ‫من شركة «شاين» بعد‪ ،‬يقول أن العديد منها سوف تَظهر إلى العامة‬ ‫في الشهرين املقبلني‪.‬‬ ‫وهناك أيضا احتمال كبير أن ه��ذا البرنامج سيشكل خطراً على‬

‫اقتصاد‬ ‫شبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫ول��ك��ن (روي ك���ارث���ي) يصر‬ ‫على أن البرنامج سيحسن املعايير ويجبر‬ ‫الشركات على أن تكون أكثر ابتكاراً‪.‬‬ ‫تظهر األبحاث األخيرة أن ‪ ٪ 5‬من مستخدمي اإلنترنت العاملي قد‬ ‫حملوا برامج حلظر اإلعالنات على احلواسيب املكتبية‪ ،‬واألم��ر لن‬ ‫يكون مختلفا كثيراً مع الهواتف النقالة‪.‬‬


‫مت تزويد سلحفاة بحرية بفك مطبوع بواسطة الـ‪ 3D‬وكانت قد أصيبت‬ ‫بتصادم مع مروحة أحد القوارب‪ ،‬والفك املصنوع من التيتانيوم الطبي‬ ‫سيحل محل الفك السفلي للسلحفاة الذي متزق بالكامل نتيجة احلادث‪.‬‬ ‫وم��ا زال��ت السلحفاة حت��ت املراقبة ملعرفة م��ا إذا ل��م تتأقلم م��ع الفك‬ ‫االصطناعي أم ال‪.‬‬ ‫استخدمت األشعة ألخذ تفاصيل رأس السلحفاة املصابة وذلك لصنع‬ ‫وتصميم الفك االصطناعي ومطابقته‪ ،‬واخلبر اجليد أن السلحفاة لم‬ ‫ترفض الفك املركب ولهذا سيتم إرجاع املخلوق إلى البحر قريباً‪.‬‬ ‫وقد مت أخذ السلحفاة إلى مركز بحوث وإنقاذ وإعادة تأهيل السالحف‬ ‫البحرية‪ ،‬في جامعة «باموكال» في دنيزلي بتركيا‪ ،‬وذلك أثناء الليل‬ ‫بعد أن وجدت السلحفاة على الشاطئ مصابة بجروح بالغة‪.‬‬ ‫في البداية كان املوظفني في مركز الرعاية يعتنون بصحة احليوان‬ ‫من خالل التغذية باليد ولكن سرعان ما أدركوا أن هناك حاجة‬ ‫حلل جدري إن أرادوا السلحفاة أن تعيش وتتغذى وتكون قادرة‬ ‫على إعالة نفسها بدون مساعدة‪.‬‬ ‫ول �ه��ذا ات �ص��ل م��رك��ز ال�ت��أه�ي��ل ب��ال�ش��رك��ة ال�ت��رك�ي��ة «ب��ي ت��ك»‬ ‫لالبتكار‪ ،‬واملعروفة بصناعة لألطراف االصطناعية الطبية‬ ‫للبشر‪ ،‬ملعرفة ما إذا كان ميكن أن تساعد في إيجاد حل‬ ‫لفك السلحفاة‪.‬‬ ‫وتستخدم شركة «ب��ي ت��ك» لالبتكار األشعة املقطعية‬ ‫التي أخذها األطباء البيطريون إلنتاج التصميم الذي‬ ‫يتناسب مت��ام �اً م��ع م��وق��ع اإلص��اب��ة ول�ك��ي تستعيد‬ ‫السلحفاة القدرة على األكل‪.‬‬ ‫السلحفاة‪ ،‬وال�ت��ي إسمها «‪ ،»Akut-3‬تتعافى‬ ‫حاليا في مركز الشفاء للتأكد من أنها قادرة على‬ ‫استخدام الفك املعدني بشكل جيد‪.‬‬ ‫و»‪ »Akut-3‬ليست أول سلحفاة حتصل‬ ‫على جزء اصطناعي‪ ،‬هناك سلحفاة أخرى‬ ‫تدعى «كليوباترا» مت تزويدها بجزء مطبوع‬ ‫ب��واس�ط��ة الـ‪ ،3D‬وذل ��ك ك��ان ف��ي م��ارس‬ ‫م��ن ه��ذا ال �ع��ام‪ ،‬وق��د ت��زوي��ده��ا بقوقعة‬ ‫بالستكية بعد أن فقدت قوقعتها نتيجة‬ ‫سوء التغذية‪.‬‬

‫ف‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ثالث طا‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫أل‬ ‫ب‬ ‫ينقذ سل عاد‬ ‫ب‬ ‫حرية حفاة‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫ه����ل س���ي���ع���ود زالت�������ان إب���راه���ي���م���وف���ي���ت���ش ف����ي م��وس��م‬ ‫االن��ت��ق��االت ال��ص��ي��ف��ي��ة امل��ق��ب��ل إل���ى إي��ط��ال��ي��ا ملتحقا‬ ‫بامليالن او اليوفنتوس أم سيستقطبه ري��ال مدريد‬ ‫ال��ث��ري أم سيشد ال��رح��ال إل��ى تشلسي اإلجنليزي أم‬ ‫سيفضل ال��ب��ق��اء موسما راب��ع�� ًا ف��ي أح��ض��ان العاصمة‬ ‫الفرنسية ؟‬ ‫س�����ؤال م��اف��ت��ي��ئ��ت ال��ص��ح��اف��ة ال���ري���اض���ي���ة األوروب����ي����ة‬ ‫ه���ذه األي���ام تبني ل��ه س��ي��ن��اري��وه��ات وت��ف��اص��ي��ل تشي‬ ‫ف��ي مجملها ب��أن ال�لاع��ب م��رش��ح ل��ل��دخ��ول ف��ي إح��دى‬ ‫الصفقات الكبيرة املقبلة رغ��م أن عقده م��ع باريس‬ ‫سان جرمان ينتهي في موسم ‪2016‬‬

‫هل سيغادر حديقة األمراء ؟!!‬

‫السلطان‬



‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫الصحافة األوروبية الرياضية تبني سيناريوهات‬ ‫محتملة لدخول إبراهيمو فيتش في صفقة مع أحد‬ ‫األندية الكبيرة‬ ‫صحيفة موندو ديبورتيفو ‪ :‬ريال مدريد األسباني‬ ‫األقرب للسلطان إبرا‬ ‫اليوفنتوس يرفض التعاقد مع النجم السويدي‬ ‫كجزء من صفقة بيع بوجبا إلى باريس سان جرمان‬ ‫يفكر في حمل لقب الهداف التاريخي لسان جرمان‬ ‫وانتزاع الرقم القياسي من البرتغالي باوليتا‬ ‫وفقا لصحيفة (موندو ديبورتيفو) االسبانية فإن الدولي السويدي‬ ‫يريد أن يرحل ع��ن العمالق الباريسي وي�خ��وض جتربة أخ��رى‬ ‫قوية قبل االعتزال‪ ،‬لكن ليس مع فريق إيطالي‪ ،‬مؤكدة أن ريال‬ ‫مدريد اإلسباني هو األقرب للسلطان إبرا‪ .‬باملقابل ألتقى اإلسبوع‬ ‫املاضي في العاصمة األسبانية مدريد ادريانو جالياني املدير‬ ‫العام لنادي امليالن مع املدرب االيطالي كارلو انشيلوتي واقناعه‬ ‫بتولي تدريب الفريق املوسم املقبل في حالة رحيله عن املرينجي‬ ‫حسبما اشارت وسائل االعالم االيطالية‪.‬‬ ‫وذكرت صحيفتا الجازيتا ديللو سبورت وتوتو سبورت أن جالياني‬ ‫عرض خالل االجتماع الشكل املبدئي ملشروع النادي في املوسم‬ ‫املقبل والتأكيد على دخول بعض املستثمرين من شرق اسيا قبل‬ ‫بدء السوق الكروية وأن أولى صفقات امليركاتو الصيفي ستكون‬ ‫ضم السويدي زالتان ابراهيموفيتش مهاجم باريس سان جيرمان‪.‬‬ ‫ووف ًقا لشبكة «سكاى إيطاليا» فإن ميالن يقترب من بيع نسبة من‬ ‫أسهم النادى للملياردير الصينى بى والذى يُخطط جللب صفقات‬ ‫ضخمة للفريق‪.‬‬ ‫وأوضحت الشبكة اإليطالية أنه رغم كبر سن إبراهيموفيتش الذى‬ ‫جتاوز ‪ 33‬عا ًما‪ ،‬إال أن العقبة فى طريق الروسونيرى إلعادة إبرا‬ ‫هي أجره العالي‪ ،‬ومن املتوقع أن يصل راتبه إلى ‪ 7‬مليون يورو‬ ‫سنو ًيا بجانب املكافآت ومنحه ً‬ ‫أيضا شارة القيادة‪.‬‬ ‫على خط العروض املنهالة على إبرا دخل تشلسي‪ ،‬واإلرسنال ‪،‬‬ ‫وحتى غلطة سراي التركي ‪ ..‬وحده اليوفنتوس رفض التعاقد مع‬

‫النجم األوحد في السويد‬

‫النجم السويدي‪ ،‬كجزء من صفقة بيع بوجبا لباريس سان جيرمان‬ ‫وذكرت تقارير صحفية إيطالية أن مسؤولي السيدة العجوز أبلغوا‬ ‫رفضهم لعودة إبرا خالل اجتماعهم مع رايوال وكيل الالعب‪ ،‬في‬ ‫الوقت ال��ذي اب��دوا فيه رغبة في احلصول على خدمات زميله‬ ‫كافاني‬ ‫ولكن أين موقف إبراهيمو فيتش من هذه العروض املغرية‪ ،‬وهل‬ ‫سيفكر جديا في الرحيل عن حديقة األمراء قبل انتهاء عقده ‪.‬؟‬ ‫السلطان‪ ،‬كما يلقب‪ ،‬يعيش هذه األيام نشوة التتويج الثالث على‬ ‫التوالي مع الفريق الباريسي‪ ،‬ويبدو أنه يفكر جديا في حمل لقب‬ ‫الهداف التاريخي لسان جرمان قبل مغادرة فرنسا خاصة‪ ،‬وأن‬ ‫ما يفصله عن كسر الرقم القياسي في التهديف‪ ،‬ال��ذي يحمله‬ ‫البرتغالي باوليتا‪ ،‬هو مجرد زيارة ثالثية لشباك اخلصوم ‪.‬‬ ‫تصريحات السلطان‬ ‫ال يختلف إثنان على القيمة الفنية العالية التي يتمتع بها إبرا‪،‬‬ ‫وقدرته العالية على التهديف حتى من مواضع صعبة‪ ،‬وهناك‬ ‫أه ��داف وقعها ب��راس��ه وق��دم�ي��ه م��ازال��ت تثير بسحرها عيون‬ ‫املشاهدين مثل هدفه الشهير الذي أح��رزه في شباك اإلجنليز‬ ‫بضربة مقصية من خارج منطقة اجلزاء‪ ،‬لكن تصريحات الالعب‬ ‫اخلارجة عن املألوف‪ ،‬والتي تفصح عن غروره وعجرفته‪ ،‬كانت‬ ‫على ال��دوام موضع انتقاد من األغلبية‪،‬رغم أن البعض يجد لها‬ ‫مبررا في شخصية أبرا املتمردة ‪.‬‬


‫عندما انتقل إلى برشلونة في‬ ‫جتربة قصيرة‬

‫مع أجاكس‬

‫عبر مسيرته ال�ك��روي��ة ال�ت��ي ب ��دأت م��ن م��امل��و إل��ى اي��اك��س إلى‬ ‫يوفنتوس وانتر ميالن‪ ،‬ثم برشلونة وميالن‪ ،‬وأخيرا إلى باريس‬ ‫سان جرمان كان لالعب الكثير من التصريحات املتمردة التي‬ ‫كان بعضها مشينا وخارجا عن األداب العامة ‪ . .‬موقع كوورة‬ ‫رصد بعض تلك التصريحات وج ّمعها في تقرير نستعيد نشره‬ ‫في النقاط التالية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬زالتان ال يجرب‬ ‫عندما طلب املدير الفرنسي أرس�ين فينجر ضمه إل��ى أرسنال‬ ‫االجنليزي من ماملو السويدي‪ ،‬رف��ض إبراهيموفيتش وه��و في‬ ‫بداية مسيرته أن يكون حتت التجربة قائال‪« :‬زالت ��ان ال يقوم‬ ‫بتجارب األداء»‪.‬‬ ‫‪ -2‬طائرة خاصة‬ ‫شعر ابراهيموفيتش باالستياء عندما سئل عن الشائعات حول‬ ‫شرائه سيارة بورش‪ ،‬فقال‪« :‬بالتأكيد ال‪ ..‬قمت بطلب شراء طائرة‬ ‫ألنها أسرع»‪.‬‬ ‫‪ -3‬مونديال البرازيل بال نكهة‬ ‫خ��روج السويد على يد البرتغال في ملحق التصفيات لنهائيات‬ ‫كأس العالم األخيرة دفع السلطان لتصريح مثير قال فيه‪« :‬كأس‬ ‫العالم بدون زالتان ال يستحق املشاهدة»‪.‬‬ ‫‪ -4‬التهكم على زميل املهنة‬ ‫حتدث زالت��ان ابراهيموفيتش عن املهاجم النرويجي جون كارو‬ ‫قائال‪« :‬ما يستطيع أن يفعله كارو بالكرة أفعله بالبرتقالة»‪.‬‬ ‫‪ -5‬فندق السلطان‬ ‫مع معاناته اليجاد منزل مناسب في باريس ابرا يقول‪« :‬اذا لم‬ ‫أجد بيت مناسب ساشتري فندقا»‪.‬‬ ‫‪ -6‬زالتان والنقانق‬ ‫متهكما على مدافع ليفربول السابق ستيفان هنشوز‪ ،‬قال ابرا‪:‬‬ ‫«ذهبت إلى اليسار فذهب معي وإلى اليمني فلحق بي ثم ذهبت‬ ‫إلى اليسار مرة أخرى فذهب هو لشراء النقانق»‪.‬‬ ‫‪ -7‬الطوفان من بعده‬ ‫بعد خروج منتخب بالده من أمم أوروبا ‪ 2012‬صرح قائال‪« :‬ال‬ ‫يهمني من يفوز‪ ..‬أنا ذاهب في إجازة»‪.‬‬ ‫‪ -8‬ابراهيموفيتش فيراري‬ ‫ميتدح نفسه بشكل مباشر‪« :‬من يشتري إبرا وكأنه يشتري سيارة‬ ‫فيراري»‪.‬‬ ‫‪ -9‬السلطان واالصابات‬ ‫يعلق على غيابه بسبب اإلصابات فيقول‪« :‬عندما يتعرض إبرا‬ ‫لإلصابة فهذا خبر جدي لكل الفرق»‪.‬‬ ‫‪ -10‬األلعاب النارية والكباب‬ ‫معلقا على االختالف بينه وبني ماريو بالوتيلي يقول إبراهيموفيتش‪:‬‬ ‫«أحب اشعال النيران في احلديقة اخللفية وشواء الكباب‪ ،‬ولكنني‬ ‫ال أجلب النار إلى بيتي»‪.‬‬

‫بقميص امليالن‬

‫مع باريس سان جرمان‬

‫عندما كان في صفوف األنتر‬

‫‪ -11‬إبرا فريق بأكمله‬ ‫ميتدح نفسه من جديد ويؤكد‪« :‬اب��را يستطيع ان يلعب في ‪11‬‬ ‫مركز‪ ،‬ألن الالعب اجليد يلعب في أي مركز»‪.‬‬ ‫‪ -12‬صدام تكسير العظام‬ ‫متحدثا مع الالعب الهولندي فان دير فارت ويقول‪« :‬لم اتعمد‬ ‫اصابتك‪ ،‬ولكن اذا ضايقتني مجددا سأكسر قدميك متعمدا»‪.‬‬ ‫‪ -13‬نصيحة مجانية من السلطان‬ ‫واخيرا وليس آخرا ينصح ابراهيموفيتش املهاجم االجنليزي واين‬ ‫روني في بضع كلمات‪« :‬أنا أشجع روني على القدوم إلى باريس‬ ‫في الصيف‪ ،‬ولكن عليه أن يعلم أن ابرا هو الهداف االول»‬ ‫تلك التصريحات وغيرها من التصريحات التي حتاشينا إعادة‬ ‫نشرها خلروجها عن ااألداب العامة رمبا كانت أحد األسباب‬ ‫التي جعلت احلارس الفرنسي السابق جون بول بيتراند دميانيس‬ ‫يوجه سهام نقده الالذع إلى إبرا في تصريح خاص جلريدة ليكيب‬ ‫الفرسية ‪.‬‬ ‫لقد وصف الدولي الفرنسي السابق‪ ،‬جون بول بيرتراند النجم‬ ‫السويدي إبراهيموفيتش باجلبان وشبهه بالرسم الكاريكاتوري‪،‬‬ ‫حيث علق في تصريحه قائال‪“ :‬ال أحب إبراهيموفيتش‪ ،‬فاملشكلة‬ ‫أن اجلميع يظن أن��ه ذك��ي‪ ،‬لكنه غبي مثل قدميه‪ ،‬فهذا ليس‬ ‫كاريكاتو وإمنا هو أقرب إلى ذلك‪ ،‬ألنه قوي مع الضعفاء فقط‪،‬‬ ‫فانظر إلى الفرق الشاسع بينه وبني ميسي وسواريز”‪.‬‬ ‫وطالب احلارس السباق جون بول بيرتراند دميانيس‪ ،‬إدارة باريس‬ ‫سان جيرمان بتسريح زالتان إبراهيموفيتش فورا من الفريق إذا‬ ‫أراد النجاح والتطور‪ ،‬وتابع قائال‪“ :‬إذا أراد باريس سان جرمان‬ ‫أن يتطور‪ ،‬ما عليه إال أن يسرح إبراهيموفيتش ألنه رأس الفتنة‬ ‫واملشاكل‪ ،‬ويجب أن يصفع هذا الرجل في وجهه”‪.‬‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫لكن محبي إب��را لم يغفروا لدميانيس ذلك التصريح ال�لاذع في‬ ‫حق العبهم املفضل مذكرين إياه بأن الالعب الذي وصفه بالغبي‬ ‫جلب البطوالت للميالن واليوفنتوس وبرشلونة وب��اري��س سان‬ ‫جيرمان‪ ،‬وق��د طالبوه مبراجعة سيرة السلطان والتوقف مليا‬ ‫عند هدفه املتميز في مرمى جو هارت اإلجنليزي‪ ،‬وكيف سدد‬ ‫بطريقة مقصية كرة هوائية من خارج منطقة اجلزاء ألهمت حتى‬ ‫الرسامني الذين لم يستطيعوا جتاهلها وهم ينفذون فيلما كارتونيا‬ ‫عن قصة إبرا السلطان مع الكرة ‪.‬‬ ‫رسالة الوشم‬ ‫إبراهيموفيتش السويدي ذو األص��ول البوسنية مولع بالوشم‪،‬‬ ‫وتعبئة جسده بالرسومات‪ ،‬لكن من يقترب من تلك التخطيطات‬ ‫ويقرأ دالالته سيكتشف اإلجابة التي وشمها إبرا على جسده‬ ‫لقد قرر مكافحة اجلوع حول العالم من خالل جسده ُمساهماً‬ ‫في احلملة العاملية التي يقوم بها برنامج األغذية العاملية لألمم‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وفي حوار مع الصحفيني قال صاحب الـ ‪ 34‬عاماً‪« :‬في كل مكان‬ ‫أذهب له يتعرف علي الناس وينادوني باسمي لكن هناك بعض‬ ‫األس�م��اء التي ال يهتم البعض لتذكرها‪ ،‬هي أسماء ‪ 80‬مليون‬ ‫إنسان يعانون من اجلوع حول العالم»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬لدي الكثير من املشجعني الذين يدعموني حول العالم‬ ‫ومنذ ه��ذه اللحظة امتنى أن يذهب ه��ذا الدعم ألولئك الذين‬ ‫يعانون اجلوع ألنهم هم األبطال احلقيقيون‪ ،‬لذلك في كل مرة‬ ‫سيُنطق بها اسمي سيكون عليكم التفكير بهم»‪.‬‬ ‫ورسم الدولي السويدي على جسده ‪ 50‬اسماً ميثلون ‪ 80‬مليون‬ ‫إنسان حول العالم يعانون من اجلوع في سوريا والعراق والسودان‬ ‫وج�م�ه��وري��ة إفريقيا ال��وس�ط��ى وبوليفيا وك��ام�ب��ودي��ا وجمهورية‬ ‫الدومينيك وجمهورية الكونغو وغيرها من الدول املتأثرة بفايروس‬ ‫اإليبوال مثل ليبيريا‪.‬‬ ‫تشكيلة إبرا‬ ‫نشر النجم السويدي زالتان إبراهيموفيتش مؤخرا فيديو له وهو‬ ‫يختار أفضل تشكيلة العبني وفريق أحالمه ويصف كل منهم‬ ‫بكلمة ثم يختار نفسه في النهاية ‪.‬‬ ‫أخ �ت��ار ف��ي ح��راس��ة امل��رم��ى احل ��ارس اإلي�ط��ال��ي ب��وف��ون ووصفه‬ ‫باحلائط‪ .‬بينما في مركز الظهير األمين قدم الفرنسي ويليام‬ ‫تورام ووصفه باحليوان‪.‬‬ ‫و في قلب الدفاع أختار زميله في النادي الفرنسي تياغو سيلفا‬ ‫ووصف زالتان املدافع البرازيلي بالكامل‪ .‬وإلى جانبه أختار قلب‬ ‫الدفاع اآلخر وهو النجم اإليطالي السابق فابيو كانفارو العب‬ ‫ريال مدريد السابق وأفضل العب في العالم عام ‪ ،2006‬ووصفه‬ ‫ب»بيتبول» وهو نوع قوي وشرس من أنواع الكالب‪.‬‬ ‫في مركز الظهير األيسر أختار زميله طوال مسيرته ماكسويل‬ ‫ال��ذي لعب معه ف��ي آي��اك��س الهولندي وف��ي برشلونة اإلسباني‬ ‫ويلعب معه اآلن في باريس سان جيرمان الفرنسي أيضاً ووصفه‬ ‫باملوهوب‪ .‬بينما في وسط امليدان أختار في مركز اجلناح األمين‬ ‫النجم اإلسباني العب نادي برشلونة أندرياس إنيستا الذي زامله‬ ‫النجم السويدي فترة أثناء تواجده في النادي الكتالوني‪ ،‬ووصفه‬ ‫بالساحر‪ .‬وإلى جانبه في وسط امللعب أختار باتريك فيرا النجم‬ ‫الفرنسي والع��ب يوفنتوس السابق ووصفه بالقائد‪ .‬ثم أختار‬

‫رفض عرض اإلرسنال في بداية مسيرته وقال‬ ‫ألرسني فينجر ‪ :‬زالتان ال يقوم بتجارب في األداء‬ ‫سخر ذات مرة من املهاجم النرويجي كارو بالقول ‪ :‬ما‬ ‫يستطيع أن يفعله كارو أفعله بالبرتقالة‬ ‫احلارس الفرنسي الدولي السابق جون بول يصف‬ ‫إبرا باجلبان ويشبهه بالرسم الكاريكاتوري‬ ‫حول جسده إلى لوحة إعالنية مملوءة بالكلمات‬ ‫ّ‬ ‫والوشم حتت دعوى مكافحة اجلوع في العالم‬ ‫بجواره قائد ن��ادي برشلونة احلالي النجم اإلسباني املخضرم‬ ‫تشافي هيرنانديز وقال عنه «ببساطة هو متكامل»‪.‬‬ ‫سيرة وإجنازات‬ ‫من هو إبرا امللقب بالسلطان‪ ،‬والذي جترأ ذات يوم واصفا ذاته‬ ‫بإله كرة القدم !‬ ‫إنه زالتان إبراهيموفتش (بالسويدية‪)Zlatan Ibrahimovic :‬‬ ‫من مواليد ‪ 3‬أكتوبر ‪ ،1981‬بدأ مسيرته الكروية في نادي ماملو‬ ‫في أواخ��ر التسعينات‪ ,‬ثم وقع لنادي أياكس حيث صنع سمعة‬ ‫جيدة كالعب محترف مع املدرب رونالد كومان‪ .‬انتقل الحقاً إلى‬ ‫يوفنتوس مقابل ‪ 16‬مليون يورو ‪ ..‬نال زالتان شهرة واسعة في‬ ‫السيري أي‪ ,‬مستفيداً من شراكته في خط الهجوم مع ديفيد‬ ‫تريزيغيه‪.‬‬ ‫في ‪ ،2006‬وقع مع إنتر ميالن و ف��از معه بعدة جوائز فردية‬ ‫مثل جوائز أوسكار الكالتشيو والكرة الذهبية السويدية‪ ,‬فاز بلقب‬ ‫ال��دوري األيطالي ثالث م��رات متتالية وحصل على لقب هداف‬ ‫الدوري األيطالي في موسم ‪.09-2008‬‬ ‫في صيف ‪ 2009‬انتقل إلى برشلونة‪ ,‬وظل مع الفريق الكتالوني‬ ‫فترة قصيرة ليعود بعد ذلك إلى الدوري األيطالي ملتحقا بنادي‬ ‫ميالن في صفقة جعلته من أعلى الالعبني أجراً في العالم وكلف‬ ‫النادي اإليطالي ‪ 24‬مليون يورو‪.‬‬ ‫وق��ع عقداً مدته ‪ 3‬سنوات مع باريس س��ان جيرمان في يوليو‬ ‫‪.2012‬‬ ‫يعتبر إبراهيموفيتش من أكثر العبي كرة القدم العاملية موهب ًة من‬ ‫أبناء جيله‪ ،‬حيث حتصل‬ ‫في ‪ 2012‬على املركز اخلامس في قائمة اجل��اردي��ان ألفضل‬ ‫‪ 100‬العب كرة قدم في العالم‪.‬‬ ‫ولد زالتان في السويد ألب بوسني مسلم هاجر إلى السويد في عام‬ ‫‪ 1977‬اسمه شفيق‪ ،‬وأم كرواتية كاثوليكية تدعى يوركا غرافيتش‪،‬‬ ‫هاجرت‪ ،‬هي األخرى‪ ،‬إلى السويد حيث تقابال ألول مرة‪ .‬ترعرع‬ ‫زالتان‪ ،‬بجانب شقيقاته الثالث وشقيقيه‪ ،‬في حي روزينبرغ في‬ ‫ماملو املعروف بكثرة السكان املهاجرين الذين يقطنونه‪ .‬بعد تلقيه‬


‫ألقابه‬ ‫مع أجاكس‬ ‫> الدوري الهولندي املمتاز (‪04–2003 ،02–2001 :)2‬‬ ‫> كأس هولندا (‪02–2001 :)1‬‬ ‫> درع يوهان كرويف (‪2002 :)1‬‬ ‫مع يوفنتوس‬ ‫الدوري اإليطالي (‪( 06–2005 ،05–2004 :)2‬مت سحب كال‬ ‫اللقبني بسبب فضيحة الكالتشيوبولي)‬ ‫زوج من األحذية الرياضية وهو في عمر السادسة‪ ،‬بدأ زالتان‬ ‫بالتنقل بني أندية الناشئني مثل نادي روزينغراد لكرة القدم وإف‬ ‫بي كي بلقان‪.‬صرح زالتان في إحدى املقابالت‪ ،‬بأن فريقه ذات‬ ‫مرة‪ ،‬كان متأخراً بنتيجة ‪ 0-4‬حتى نهاية الشوط األول‪ ،‬فأدخله‬ ‫املدرب كبديل‪ ،‬ليسجل في تلك املباراة ثمانية اهداف بشكل ال‬ ‫يصدق‪ .‬بالرغم من أن زالت��ان كان أحد ركائز نادي ماملو خالل‬ ‫سنوات املراهقة األولى‪ ،‬إال انه كان على وشك اخلروج من النادي‬ ‫في سن اخلامسة عشر للعمل في ميناء ماملو‪ ،‬لكن املدرب اقنعه‬ ‫بالبقاء في النادي‪.‬‬ ‫أكمل ابراهيموفيتش سنوات امل��درس��ة االع��دادي��ة بنجاح عند‬ ‫الصف التاسع‪ .‬بالرغم من ُقبوله في مدرسة ماملو بورغاسكوال‬ ‫وعالماته كانت أعلى من املعدل‪ ،‬إال أنه ترك املدرسة الثانوية‬ ‫للتركيز على مسيرته الرياضية‪.‬‬ ‫لعب زالتان ابراهيموفتش لنادي ماملو السويدي في دوري الدرجة‬ ‫الثانية ف��ي س��ن التاسعة عشر‪ ،‬بعد أول موسم ل��ه م��ع الفريق‬ ‫وتسجيل ‪ 19‬ه��دف ‪ ،‬عرضت ‪ 3‬ن��وادي ش��راء اب��را (ارس�ن��ال ‪-‬‬ ‫أياكس امستردام ‪ -‬روما اإليطالي)‪ ،‬واختار ابرا اللعب في صفوف‬ ‫نادي اياكس مفضال البقاء في الفريق الهولندي ‪ 4‬مواسم‪ ،‬ثم‬ ‫انتقل للعب في الدوري اإليطالي في نادي يوفينتس‪ ،‬بعد موسمني‬ ‫انتقل لنادي انتر ميالن‪ ،‬لعب لصالح نادي انتر ميالن ‪ 3‬مواسم‬ ‫سجل فيها ‪ 57‬هدفا‪ ،‬ثم انتقل لنادي برشلونه بصفقه تعد ثاني‬ ‫أغلى صفقه يومها في تاريخ كرة القدم بعد كرستيانو رونالدو‪،‬‬ ‫حيث مت استبدال ابرا بـ إيتو العب برشلونة باإلضافة لثالثني‬ ‫مليون يورو‬ ‫بسبب اخلالفات مع جوارديوال‪ .‬رحل ابرا عن برشلونه منتقال‬ ‫ي��وم ‪ 28‬أغسطس ‪ 2010‬إل��ى صفوف ن��ادي ميالن بقيمة ‪24‬‬ ‫مليون يورو ملدة أربع مواسم ‪ ،‬وقد سجل في موسمه األول مع‬ ‫ميالن ‪ 23‬هدفا‪ ،‬وف��ي املوسم الثاني سجل ‪ 28‬هدفا ليكون‬ ‫هداف الدوري اإليطالي موسم ‪ 2012-2011‬وثالث هداف في‬ ‫تاريخ النادي‬ ‫يوم ‪ 17‬يوليو ‪ ،2012‬أعلن فريق باريس سان جيرمان التوصل‬ ‫التفاق مع ميالن بشان انتقال إبراهيموفيتش لصفوفه‪.‬‬ ‫لعب زالتان مع منتخب السويد في كأسي العالم ‪ 2002‬و ‪2006‬‬ ‫وغ��اب هو ومنتخب ب�لاده عن ‪ 2010‬و‪ .2014‬كما ش��ارك في‬ ‫كأس األمم األوروبية ‪ 2004‬و ‪ 2008‬حيث سجل هدفا جميال‬ ‫وقاتال بالكعب في مرمى منتخب إيطاليا‪ ،‬ولعب أيضاً يورو ‪2012‬‬ ‫وسجل هدفني في املنتخب األوك��ران��ي والفرنسي على الترتيب‬ ‫ويعد الهدف الذي سجله على فرنسا من أجمل أهداف البطولة‪.‬‬ ‫يتحدث إبراهيموفيتش ع��دة ل�غ��ات بطالقة وه��ي‪ :‬السويدية‪،‬‬ ‫البوسنية‪ ،‬اإلجنليزية‪ ،‬اإلسبانية‪ ،‬واإليطالية‪ ..‬في مقابلة في‬ ‫فبراير ‪ 2011‬مع يوروسبورت أكد زالتان بأن محمد علي كالي‬ ‫هو أحد األشخاص الذين يقتدي بهم قائ ً‬ ‫ال‪« :‬هو أحد األشخاص‬ ‫الذين أقتدي بهم‪ ،‬أحد قدواتي في عالم الرياضة وخارجه‪ ...‬أنه‬ ‫يؤمن مببادئه وال يتنازل عنها ابداً‬

‫مع إنتر ميالن‬ ‫> الدوري اإليطالي (‪09–2008 ،08–2007 ،07–2006 :)3‬‬ ‫> كأس السوبر اإليطالي (‪2008 ،2006 :)2‬‬ ‫مع برشلونة‬ ‫> الدوري اإلسباني (‪10–2009 :)1‬‬ ‫> كأس السوبر اإلسباني (‪2010 ،2009 :)2‬‬ ‫> كأس السوبر األوروبي لكرة القدم (‪2009 :)1‬‬ ‫> كأس العالم ألندية كرة القدم (‪2009 :)1‬‬ ‫مع ميالن‬ ‫> الدوري اإليطالي (‪11–2010 :)1‬‬ ‫> كأس السوبر اإليطالي (‪2011 :)1‬‬ ‫مع باريس سان جيرمان‬ ‫> الدوري الفرنسي (‪ 2014 ، 14-2013 ،13-2012 : )3‬ـ ‪15‬‬ ‫> كأس األبطال الفرنسي (‪2014 ،2013 :)2‬‬ ‫> كأس الدوري الفرنسي (‪15-2014 ،14–2013 :)2‬‬ ‫األلقاب الفردية‬ ‫> جائزة القدم الذهبية (‪2012 :)1‬‬ ‫> جائزة بوشكاش ألفضل هدف (‪2013 :)1‬‬ ‫> جائزة الفريق املثالي لفيفا فيفبرو (‪2013 :)1‬‬ ‫> فريق النجوم في كأس األمم األوروبية (‪2012 :)1‬‬ ‫> كأس األمم األوروبية ‪ :2012‬رجل املباراة ضد منتخب فرنسا‬ ‫> كأس األمم األوروبية ‪ :2008‬رجل املباراة ضد منتخب اليونان‬ ‫> كأس األمم األوروبية ‪ :2004‬رجل املباراة ضد منتخب إيطاليا‬ ‫> اليويفا أفضل نشكيلة في العام (‪2013 ،2009 ،2007 :)3‬‬ ‫> دوري أبطال أوروبا ‪ :2012–13‬أفضل صانع أهداف‬ ‫> تشكيلة املوسم من املجالت الرياضية األوروبية (‪–2006 :)3‬‬ ‫‪13–2012 ،08–2007 ،07‬‬ ‫> أفضل العب في الدوري الفرنسي (‪–2013 ،13–2012 :)2‬‬ ‫‪14‬‬ ‫> تشكيلة املوسم في الدوري الفرنسي (‪–2013 ،13–2012 :)2‬‬ ‫‪14‬‬ ‫> هداف الدوري الفرنسي (‪14–2013 ،13–2012 :)2‬‬ ‫> هداف الدوري اإليطالي (‪2012 ،2009 :)2‬‬ ‫> أفضل العب أجنبي في الدوري اإليطالي (‪،2008 ،2005 :)4‬‬ ‫‪2011 ،2009‬‬ ‫> أفضل العب في الدوري اإليطالي (‪2011 ،2009 ،2008 :)3‬‬ ‫> كأس السوبر اإليطالي ‪ :2011‬رجل املباراة‬ ‫> أفضل العب بالشهر في الدوري اإليطالي‪ :‬يناير ‪2012‬‬ ‫> أفضل العب كرة قدم سويدي (‪،2008 ،2007 ،2005 :)8‬‬ ‫‪2013 ،2012 ،2011 ،2010 ،2009‬‬ ‫> شخصية العام الرياضية في السويد (‪2007 :)1‬‬ ‫> جائزة أفضل رياضي سويدي (‪2010 ،2007 :)2‬‬


‫‪98‬‬

‫على سطح األرض‬

‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬

‫مدينة النحاس‬ ‫(‪)2 – 2‬‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫كتاب «الليالي» ال��ذي يحتضن ه��ذه احلكاية ك��ان األس��رع في‬ ‫اجتياز ح��دود العرب واكتساب قيمة عاملية‪ ،‬وهو ليس عربياً‬ ‫بحصر املعنى‪ ،‬ألن جزءا هاماً من احلكايات التي تشكله تعود‬ ‫إل��ى أص��ول هندية ويونانية وفارسية (‪ )5‬وصينية ويابانية‪،‬‬ ‫وبالرغم من أنه اكتسب طابعاً عربياً‪ ،‬إال أن نسبه املتعدد يتيح‬ ‫لنا اعتباره كتاباً شرقياً استطاع دائماً إنتاج صور معبرة عن‬ ‫الذات واآلخر (املادي والغيبي)‪.‬‬ ‫إن� � ��ه ف � �ض �ل� ً‬ ‫ا ع� ��ن احل� �ك ��اي ��ات‬ ‫املرتبطة بزمن محدد مبا يؤرخ‬ ‫للحياة واملخيلة الشعبيتني‪ ،‬وهو‬ ‫م ��ا أه �م �ل �ت��ه ال �ن �ص��وص األك �ث��ر‬ ‫جدية ورص��ان��ة‪ ،‬يعطينا تصوراً‬ ‫عاماً للحياة متمحوراً حول ذات‬ ‫شرقية ال عرقية‪.‬‬ ‫جن��د أج�ن��اس�اً ع��دة تتعايش في‬ ‫محيط واحد‪ ،‬ون��ادراً ما تتحول‬ ‫العالقة بينها إل��ى ص��راع يجعل‬ ‫م�ن�ه��ا آخ��ر ي�ج��ب إق��ص��اؤه‪ ،‬أم��ا‬ ‫امل��آزق التي تتعرض لها البعثة‬ ‫في مدينة النحاس‪ ،‬ف�لأن هذه‬ ‫امل��دي�ن��ة خ ��ارج امل �ك��ان وال��زم��ان‪،‬‬ ‫�واز‬ ‫إن� �ه���ا ج � ��زء م� ��ن وج� � ��ود م � � ٍ‬ ‫ق��اب��ل ف �ق��ط ل�لاس �ت �ي �ه��ام‪ ،‬وغ�ي��ر‬ ‫ق��اب��ل للتحقق ح�ت��ى باملقاييس‬ ‫الغرائبية التي وضع العرب فيها‬ ‫م��ؤل�ف��ات ع��دة ل�ف��ك الطلسمات‬ ‫وال� ��وص� ��ول إل� ��ى ال أي � ��ن‪ .‬ل �ه��ذا‬ ‫السبب تضع «الليالي» حكايتنا‬ ‫ه��ذه في محيط من العتمة‪ ،‬أو‬ ‫في بحر الظلمات‪ ،‬فالغرب قبل‬ ‫كل شيء آخر هو مكان مطلسم‪.‬‬ ‫يبدو أن الصورة املتخيلة ملدينة‬ ‫النحاس قد سبقت زمنها بأكثر‬ ‫مما فعل أي تصور آخر للمدن‬ ‫امل �ف �ق��ودة‪ ،‬ب��ل أن �ه��ا رمب ��ا ك��ان��ت‬ ‫أق��رب إل��ى ال��رؤي��ا ال�ت��ي يتوجب‬ ‫أن نتعامل معها بشفافية‪ ،‬ولعلنا‬ ‫اآلن نعيشها واقعاً أكثر مما هي‬

‫فنتازيا قدمية‪.‬‬ ‫ أال نعثر في اخلداع البصري الذي تبثه املدينة على ما سيعرفه‬‫العالم فيما بعد من واق��ع افتراضي يصنعه الدفق الالنهائي‬ ‫للصور في العروض التلفزيونية والسينمائية واإلنترنت! أليست‬ ‫مدينة النحاس اآلن (الغرب) هي األكثر ترفاً وغنى في العالم‬ ‫كما تقول احلكاية التي لم يعرف كاتبها (كتّابها) غرباً قاراً!‬ ‫ ألسنا أي�ض�اً ف��ي حاجة إل��ى إدراك سلسلة م��ن «ال �ك��ودات»‬‫ل��ل��ت��ع��ام��ل م� ��ع ال�� �غ� ��رب ال� ��ذي‬ ‫أص��ب��ح م��رك��ب��اً م �ط �ل �س �م �اً! أال‬ ‫نعثر ف��ي احل��راس اآلل�ي�ين على‬ ‫اخل �ص��وص �ي��ة ال �ف��ري��دة لثقافة‬ ‫الغرب التي تشبه‪ ،‬بعبارة لسيرج‬ ‫الت� � � ��وش‪ ،‬وح � �ش � �اً ن� �ص ��ف آل ��ي‬ ‫ونصف عضوي مبثابة آلة حية‬ ‫دوال�ي�ب�ه��ا م��ن ال�ب�ش��ر! م��ا يذكر‬ ‫أي �ض �اً ب��أوروب��ا ف��ي امليثولوجيا‬ ‫ال �ي��ون��ان �ي��ة ال �ت��ي ّ‬ ‫وط �ن �ه��ا زي��وس‬ ‫ف��ي ج��زي��رة ك��ري��ت وأق��ام عليها‬ ‫عمالقاً برونزياً يحرسها‪.‬‬ ‫م��دي�ن��ة ال �ن �ح��اس ك��ان��ت ت �ص��وراً‬ ‫أولياً عن الغرب كما يراه الشرق‪،‬‬ ‫وحتى القرن السادس عشر فإن‬ ‫ال �غ��رب ظ��ل م�ج�ه��والً وظ�لام�ي�اً‪،‬‬ ‫ظ ��ل م� �ج ��االً م��ط��وي��اً ال يُ��ؤ َم��ن‬ ‫اإلب�ح��ار فيه‪ ،‬وق��د استمر هذا‬ ‫ال�ع��زل إل��ى أن حت��ول األطلسي‬ ‫إل��ى م�ج��ال ج��ذب ج��دي��د بدي ً‬ ‫ال‬ ‫ع ��ن امل� �ت ��وس ��ط ال � ��ذي ان �ح �س��ر‬ ‫االه� �ت� �م ��ام ب� ��ه‪ ،‬وم� �ع ��ه ان �ح �س��ر‬ ‫الشرق كمصدر للتصورات كيما‬ ‫يصبح هدفاً لها‪.‬‬ ‫ك ��ان ��ت أع� �م���دة ه ��رق ��ل رت ��اج� �اً‬ ‫ي��وص��د ال �ع��ال��م ال� �ق ��دمي‪ ،‬لكنها‬ ‫س�ت�ت�ح��ول ت��دري �ج �ي �اً إل ��ى ب��واب��ة‬ ‫للعالم اجلديد‪ .‬هما نهاية تاريخ‬ ‫وب��داي��ة آخ ��ر‪ ،‬األول ه��و ت��اري��خ‬ ‫ال�ث�ق��اف��ة ال �ع��امل �ي��ة‪ ،‬وال �ث��ان��ي هو‬ ‫تاريخ ثقافة العوملة‪.‬‬



‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪17‬‬ ‫‪ 31‬مايو ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.