ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
01 MOHARAM DAY
الشعائر الحسينية بين الثبــــــات والتغـيــــــر
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
الشعائر الحسينية بين الثبــــــات والتغـيــــــر يف باك��ورة جمال���س احل��زن والأ�س��ى واللوع��ة عل��ى م�ص��اب �س��يد ال�ش��هداء �أب��ي عب��داهلل احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) و�أه��ل بيت��ه النجب��اء و�أ�صحاب��ه الأوفي��اء ويف مفتت��ح لي��ايل احل�س�ين العظم��ى ارتق��ى من�بر م��أمت ال�سناب���س وكالع��ادة اخلطي��ب احل�س��يني �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل يف حما�ض��رة ح�س��ينية قيم��ة عنون��ت ب�ـ (ال�ش��عائر احل�س��ينية ب�ين الثب��ات والتغ�ير) وبع��د �أبي��ات نع��ي املقدم��ة املفجع��ة افتت��ح �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل مو�ضوعه بحديث الإمام الر�ضا (ع)( :رحم اهلل عبدا �أحيا �أمرنا ...يتعلم علومنا ويعلمها النا���س ف�إن النا���س لو علموا حما�س��ن كالمنا التبعونا). وبع��د �إي��راده احلدي��ث ال�ش��ريف ت�س��اءل الع��ايل ع��ن ال��دور ال��ذي �أراده �أه��ل البي��ت (ع) للمجال���س احل�س��ينية واملنرب احل�س��يني ،وع��ن مو�ضع هذا
املنرب يف قبال املنظومات الدينية ،وعن تف�س�ير الإ�صرار والبذل املتطاول والكب�ير عل��ى �إحي��اء �أم��ر ه��ذا املنرب وهذه املجال���س. ث��م و�ض��ح الع��ايل ب�أنه ميكن تف�س�ير �س��بب الإ�صرار على جمال���س احل�س�ين (ع) بالنظ��ر مل��ا دون��ه الفقه��اء باخل�صو���ص ،م�ش��فعا ذل��ك بذك��ر حماول��ة ال�ش��اه يف �إي��ران العب��ث ب��دور وعطاء املنرب احل�س��يني ،من خالل حماوالته لو�ض��ع برنام��ج حم��دد له��ذا املن�بر ،مم��ا جع��ل فقي��ه ذل��ك الع�ص��ر ال�ش��يخ عبدالك��رمي احلائ��ري يب��دي انفع��اال وغ�ضب��ا جت��اه ه��ذه املح��اوالت ،معل�لا انفعال��ه ه��ذا ب��أن التعزي��ة يف جمل���س احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) م�س��تحبة لكنه��ا حتت��وي �أل��ف واج��ب ،وبن��اء عل��ى كل ه��ذا ال��دور الوا�ض��ح للمجال���س احل�س��ينية ح��ذر الع��ايل م��ن اللع��ب بدور املجال���س احل�س��ينية �أو اال�س��تهانة 03
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
بطريقته��ا املتوارث��ة م��ن �أه��ل البي��ت (عليه��م ال�س�لام) ،وه��ذا كالم موجه (والتعب�ير للع��ايل ) للخطب��اء قب��ل عام��ة النا���س. بع��د ذل��ك ب�ين الع��ايل ب��أن الرواي��ات املتظاف��رة م��ن ل��دن �أئم��ة �أه��ل البي��ت (عليه ال�سالم) حتث على الإحياء الفكري حينا والإحياء بالرقة حينا �آخر و�إحي��اء ال�صرخ��ة احل�س��ينية يف ح�ين �آخ��ر ،وه��ذا يعط��ي لنا �ص��ورة �أ�صالة املن�بر وه��ي ال�ص��ورة الت��ي يريده��ا �أه��ل البي��ت (عليه��م ال�س�لام) للمن�بر احل�سيني وهي �صورة الفكرة والعاطفة معا �أي �صورة ال َعربة وال ِعربة معا. ويف معر���ض �إجاب��ة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل عل��ى كل ه��ذه الت�س��ا�ؤالت ،ب�ين �س��ماحته ب�أن��ه الب��د م��ن الرج��وع ملن�ش��أ ه��ذه املجال���س ملعرف��ة �إمكاني��ة ه��ذه التعديالت ،وبالبحث عن هذا املن�ش�أ جند ب�أن �أهل البيت (عليهم ال�سالم) ه��م م��ن �أن�ش��أوها ولذل��ك ميك��ن اخللو���ص �إىل نتيج��ة مفادها ب��أن التعديل 04
والتحديث فيها ممكن فقط لأهل التخ�ص�ص الديني و�إال النتق�ض غر�ض احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) يف ه��ذه ال�ش��عائر بحجة التطوي��ر والتحديث ،بل �أن��ه حت��ى عل��ى م�س��توى النخب��ة الدينية جت��د ب�أن هذه الأخ�يرة غري متحدة وال متفقة على و�صم ال�ش��عائر احل�س��ينية املختلفة ال�س��يما اجلديدة منها، ب��ل وحت��ى عل��ى م�س��توى حتديد الأ�صيل من هذه ال�ش��عائر. بعد ذلك عرج العايل على �س��ؤال مهم �آخر يت�س��اءل عن �س��ر الإ�صرار على خلود هذه املجال�س احل�سينية رغم �أنها م�ستحبة ومظنة لوقوع املحظورات واملحرمات ،ال�سيما مع تباين �أعمار و�أ�صناف احلا�ضرين لتلك املجال�س، ويف ه��ذا ال�ص��دد �أورد الع��ايل �ش��بهة يثريه��ا البع���ض مدع�ين ب�أن ال�ش��عائر احل�س��ينية يج��ب �أال تك��ون ثابت��ة م��ا دام��ت ق��د امت��دت له��ا ي��د العب��ث مم��ن يرتاده��ا ،وا�س��تغلوها للوق��وع يف املحظ��ورات واملحرم��ات ،مم��ا يجع��ل من��ع ه��ذه ال�ش��عائر ( وال��كالم للمدع�ين ) �أف�ضل م��ن �إقامتها بحجة عدم �إيقاع
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ال�ش��باب يف املحرم��ات واملحظ��ورات �إذ �أن��ه ال يط��اع اهلل من حيث يع�صى. وبع��د �إي��راده له��ذه الإ�ش��كاالت ب�ين الع��ايل ب�أن��ه ميك��ن ال��رد عليه��ا بع��دة نقاط: و�أول تل��ك النق��اط ه��ي ج��واب روائ��ي مف��اده ب��أن ه��ذه الإ�ش��كاليات قدمية، �أثار مثلها عراقي يف زمن الإمام الكاظم (عليه ال�سالم) ورد عليه الإمام الكاظ��م (علي��ه ال�س�لام) برد ي�ش�ير ب�ش��كل وا�ض��ح �إىل قاع��دة مفادها ب�أن هذه ال�ش��عائر لو اتخذها بع�ض النا���س كو�س��يلة مل�صالح �ش��خ�صية معينة �أو و�س��يلة لإتيان احلرام ،ف�إن هذا لي���س جموزا لك ب�أن ترتك هذه ال�ش��عائر، ب��ل الب��د �أن ت�أتي به��ا بالطريقة املقرونة ب�أمر اهلل تعاىل. و�أم��ا النقط��ة الثاني��ة ف�إنه لو �س��لمنا ب�أن ارتكاب بع�ض ال�ش��باب للمحرمات واملحظورات يف ال�شعائر احل�سينية م�سوغ لإلغاء تلك ال�شعائر ف�إن ذلك يجب �أن يكون يف �سائر العبادات كاحلج و�صالة اجلماعة وغريهما والتي ال تخلو من ارتكاب البع�ض للمحرمات واملحظورات ،وهذا الإلغاء غري ممكن قطعا.
و�أم��ا النقط��ة الثالث��ة فتتمح��ور بقاع��دة ال يط��اع اهلل م��ن حي��ث يع�ص��ى �إذ �أنها ال تعني �أبدا ب�أن �أي طاعة تلب�ست بها مع�صية ما من لدن البع�ض يجب �أن تلغى وحترم ،فلو فعلنا ذلك لألغيت جميع العبادات وهدم الدين ،وهنا و�ض��ح الع��ايل ب��أن قاع��دة ال يط��اع اهلل من حيث يع�ص��ى تعني ب�أن املع�صية مبا هي مع�صية ال ت�صلح �أن تكون طاعة مقربة هلل تعاىل. ختام��ا خل���ص الع��ايل لنتيج��ة مفاده��ا ب��أن جمال���س احل�س�ين (ع) ب��كل م��ا فيه��ا ح�س��نة ،و�إن ت�س��للت �إليه��ا بع���ض املف�س��دات اخلاطئ��ة واملحرم��ة ف�إن��ه يج��ب �إ�ص�لاح ه��ذه الع��ادات وتبديله��ا تبدي�لا عمليا ميداني��ا يجردها مما يحرفه��ا ،ال �إلغ��اء املجال���س كله��ا ،وهن��ا �أ�ش��ار الع��ايل �إىل وج��ود �سيا�س��ات مناوئ��ة لل�ش��عائر تتعم��د �إ�ضف��اء بع���ض املف�س��دات لل�ش��عائر احل�س��ينية م��ن �أج��ل �إقن��اع النا���س ب�إلغاءه��ا ،مم��ا يق��دم خدم��ة جليلة لأولئ��ك املناوئني.. 05
02 MOHARAM DAY
الجهــادالحسيـنــــــــي .. ياإلسالم دف ةالجها بوصل
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
الجهــادالحسيـنــــــــي .. ياإلسالم دف ةالجها بوصل يف ليل��ة ه��ي الثاني��ة م��ن لي��ايل التفج��ع والب��كاء ،ويف باح��ة جدي��دة � َأه� َّ�ل فيه��ا �أوان الب��كاء ،ويف ث��اين جمال���س مو�س��م اللوع��ة والب��كاء ،تركز حديث �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل ح��ول اجله��اد احل�س��يني يف حما�ض��رة قيم��ة كان عنوانه��ا (اجله��اد احل�س��يني ..بو�صل��ة اجله��اد يف الإ�س�لام). وبع��د �أن افتت��ح �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل ب�أبي��ات نع��ي املقدم��ة امل�ؤمل��ة، َ�ص� َّ�در �س��ماحته مو�ضوع��ه بالق��ول امل��روي ع��ن الإم��ام ال�ص��ادق (علي��ه اجل َه��ا َد ال�س�لام) يف زي��ارة الإم��ام احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام)�( :أَ ْ�ش� َه ُد �أَ َّن ِ َم َع َك ِج َها ْد) ،ثم بني �سماحته ب�أنه كلما ُذ ِكر ا�سم احل�سني (عليه ال�سالم) �ان تت�ص��ل بال�ش��هادة واجله��اد والف��داء ،ب��ل ي�ص��ل الأم��ر يتب��ادر للذه��ن مع� ٍ
معان ذاتية �أحيان��ا مل��ا ي�ش��به االقرتان بالتكوين والوجود ،حت��ى باتت ك�أنها ٍ يف تكوي��ن احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام). ث��م �أورد �س��ماحته �س ��ؤال البح��ث امله��م وال��ذي ه��و من��وط ب ��أن الإم��ام ال�ص��ادق (علي��ه ال�س�لام) �ش��هد للإم��ام احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) قائ�لا: اجل َه��ا َد َم َع� َ�ك ِج َه��ا ْد))� ،إذ �أن البع���ض ق��د ُي�ش��كل عل��ى ه��ذه ((�أَ ْ�ش� َه ُد َ�أ َّن ِ ال�شهادة بالذات ب�أنها عبارة عربية غري م�ستقيمة �إذ �أن فيها ن�سبة ال�شئ نف�س��ه لل�ش��ئ نف�سه. وهن��ا نط��رح ال�س��ؤال وال��ذي يقول :هل هذه ال�ش��هادة من باب �إثبات ال�ش��ئ لنف�سه؟ 07
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ويف معر���ض �إجابت��ه عل��ى �س��ؤاله ه��ذا ،ب�ين العايل ب�أنه ميك��ن الوقوف على عدة معاين لهذه ال�شهادة وهي كالتايل:
و�ش��روط واقعي��ة توف��رت يف كرب�لاء ،و�إن اختل��ط علين��ا الأمر فعلينا قيا���س �أمورن��ا اجلهادي��ة مل��ا حتق��ق يف كربالء.
املعنى الأوىل: اجلهاد احل�سيني فوق ال�شبهات
وه��ذا يجرن��ا ل�س��ؤال �أ�سا�س��ي �أورده الع��ايل وه��و ملاذا هذا الإحياء امل�س��تمر جلهاد احل�سني (ع) و�ألي�س هذا تقهقر يف املا�ضي؟ وج��واب ه��ذا ال�س��ؤال ب��كل ب�س��اطة هو �أن �إحي��اء اجلهاد احل�س��يني هو �إمنا �إحياء لهذه املعامل وال�ضوابط التي �أ�ش��ار الإمام ال�صادق (عليه ال�س�لام) ب�أنه��ا البو�صل��ة الت��ي تقا���س به��ا الأ�ش��ياء ،والت��ي ات�ضح��ت جلي��ا حاجتن��ا لإقامتها يف ال�سنوات الأخرية ،بعدما ر�أيناه من مظاهر يف خمتلف طوائف امل�سلمني من مظاهر خمتلفة تدعي اجلهادية ،بع�ضها يف �صميم اجلهاد احل�س��يني وت�أ�صي��ل ل�ضوابط��ه ،وبع�ضه��ا بعي��د كل البع��د ع��ن اجلهاد ،وهنا ب�ين الع��ايل ب��أن كل امل�س��لمني �ضاع��ت عليه��م بو�صل��ة اجله��اد �إال ال�ش��يعة، كون ال�ش��يعة يطبقون معامل جهاد احل�س�ين (عليه ال�س�لام) ب�أثر رجعي �إذ
املعنى الثاين: ق��د يك��ون املعن��ى �أن الإم��ام ال�ص��ادق (علي��ه ال�س�لام) يري��د تق��دمي قاع��دة تقا���س عل��ى �أ�سا�س��ها حقائ��ق الأم��ور ،وه��ي �أن �أي جماع��ة ث��ارت لإ�س��قاط حاكم مثال فعلينا عر�ضها على جهاد احل�سني (عليه ال�سالم) ف�إن وافقته فه��ي جهاد و�إال فهي لي�س��ت جهاد. وهن��ا ي�ش�ير الإم��ام ال�ص��ادق (علي��ه ال�س�لام) ب��أن للجه��اد مع��امل نظري��ة 08
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
مل ينتهك��وا حق��ا وال حرم��ة كما رعى احل�س�ين احلرم��ات ،ومل يكفروا �أحدا مثلم��ا مل يكف��ر احل�س�ين �أح��د �أب��دا ،ومل يب��د�أوا بقتال كما مل يبد�أ احل�س�ين بقتال. املعنى الثالث: لو �س��ألنا عن عدد �أق�س��ام و�أنواع اجلهاد يف الإ�س�لام يف ال�س�ير هلل تعاىل، فن�س��تطيع الق��ول ب�أنه��ا �أن��واع غ�ير حم�ص��ورة بع��دد كون الطري��ق هلل تعاىل ال ينته��ي ،ولك��ن م��ن باب التب�س��يط ن�س��أل ه��ل ميكننا �أن ن�ضع ع��ددا لأنواع اجلهاد؟
(���ص) لثل��ة م��ن امل�س��لمني ع��ادوا م��ن �س��رية (مرحب��ا بق��وم ق�ض��وا اجله��اد الأ�صغ��ر وبق��ي عليه��م اجله��اد الأكرب) ي�ش�ير ب��أن اجلهاد �أربع��ة �أنواع هي: جه��اد �أ�صغ��ر ،جه��اد �صغ�ير ،جه��اد كبري ،جه��اد �أكرب ،وجميع ه��ذه الأنواع الأربع��ة وب�أ�ش��كال متنوع��ة وكث�يرة جتلت يف كربالء ولنا فيها منوذج منها، �إذ �أن يف كرب�لاء مع�س��كران جتل��ى يف �أحدهم��ا حتقي��ق جن��اح يف جمي��ع �أ�ش��كال اجلهاد فيما حقق الآخر ف�ش�لا و�إخفاقا يف جميع �أ�ش��كال اجلهاد، وه��ذا ه��و �أح��د �أ�س��رار عظمة ثورة احل�س�ين (عليه ال�س�لام).
وهن��ا �أورد الع��ايل ب��أن البع���ض يق�س��م اجله��اد لنوع�ين هم��ا جه��اد ع��ايل (جهاد النف�س) وجهاد داين (اجلهاد الع�سكري)� ،إال �أننا لو ت�أملنا ل�سرية النب��ي (���ص) لوجدن��ا �أن اجله��اد ينق�س��م لأربع��ة �أق�س��ام �إذ �أن ق��ول النب��ي 09
03 MOHARAM DAY
بمعـرفـــة مراتــــــ هللتعـالـــــــــــــــى ا
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
بمعـرفـــة مراتــــــ هللتعـالـــــــــــــــى ا وت�س��تمر جمال���س الأ�س��ى والتفج��ع يف مو�س��م عا�ش��وراء احل�س�ين لع��ام 1436هـ لي�صل قطار التزود املعريف والروحي من مدر�سة الطف اخلالدة ملحطة الليلة الثالثة� ،إذ ارتقى منرب م�أمت ال�سناب���س �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل يف جمل���س ح�س��يني م��ؤمل رك��ز احلدي��ث في��ه يف مو�ض��وع قيم توجت نقاط��ه بعن��وان (مرات��ب معرف��ة اهلل تعاىل). وبعد �أن افتتح �س��ماحته جمل�س��ه ب�أبيات نعي املقدمة ،د�ش��ن ال�ش��يخ ح�س��ن ((اع ِر ُفوا َ اهلل العايل مو�ضوعه بحديث الإمام ال�صادق (عليه ال�سالم)ْ : هلل)) ،ثم بني �س��ماحته ب�أن ارتقاء االن�س��ان يف مدارج ال�س�ير وال�س��لوك با ِ هلل تع��اىل يحت��اج �س��لمني هم��ا �س��لم العلم و�س��لم العمل ،حت��ى �أطلق عليهما العرف��اء بال�ـ (اجلناح�ين) يف عملي��ة التحلي��ق هلل تع��اىل� ،إال �أن �س��ماحته
ب�ين ب��أن ه��ذه الت�س��مية غ�ير دقيق��ة ،كونها جتعل االن�س��ان يعتقد ب��أن العلم والعم��ل �س��واء يف القيم��ة يف عملي��ة ال�صع��ود هلل ،بينم��ا احلقيق��ة ه��ي �أنه ال يوجد ت�سا ٍو بينهما ،ولذلك عرب بع�ض العلماء عن العلم بالـ (الروح) وعن العمل بالـ (اجل�س��د). وم��ن ه��ذه املقدم��ة يتب�ين لن��ا دق��ة التفا�س�ير ال�ش��ائعة يف �آي��ة (�إلي��ه ي�صع��د الكل��م الطي��ب والعم��ل ال�صال��ح يرفع��ه)) والتي تبني عل��و مرتبة العلم على مرتب��ة العم��ل ،ب��ل �أن الكل��م الطي��ب (العل��م) ه��ي ال��ذي ترف��ع (العم��ل ال�صالح) ،وهنا تتبني الأهمية الق�صوى للعلم ،ومما ال ريب فيه ب�أن �أبرز عل��م يج��ب عل��ى االن�س��ان تعلم��ه والتمع��ن في��ه ه��و عل��م معرف��ة اهلل تع��اىل، 11
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
وق��د �أعطان��ا �أم�ير امل�ؤمن�ين القاع��دة املثل��ى باخل�صو���ص ح�ين �أف��اد بقول��ه ال�ش��ريف (اعرف��وا اهلل ب��اهلل) �أن اهلل تع��اىل ال ُيع��رف �أك�ثر م��ا ُيع��رف �إال بنف�س��ه ،وهذه املقولة بالذات كتب عنها الكثري من العلماء� ،إال �أن البع�ض لدي��ه ت�ص��ورات خاطئ��ة يف فه��م ه��ذه العبارة. ث��م �أورد الع��ايل معلوم��ة مفاده��ا ب�أن��ه من �أب��رز هذه الت�ص��ورات اخلاطئة، جندها متمثلة ب�أنه يظن البع�ض ب�أن الطريق احل�صري ملعرفة اهلل تعاىل ه��و معرف��ة اهلل بنف�س��ه ،بينم��ا جن��د ب ��أن الط��رق �إىل اهلل بع��دد �أنفا���س اخلالئ��ق ،وه��ذا يت�ض��ح يف العدي��د م��ن مق��والت �أهل البيت والت��ي تبني ب�أن هناك طريقني رئي�سيني ملعرفة اهلل تعاىل وهما :معرفة اهلل بنف�سه ،معرفة اهلل بخلق��ه ،وه��ذان الطريق��ان ال ي�س�يران عل��ى نح��و واح��د ،فمعرف��ة اهلل بنف�سه تو�صل ملعرفة اهلل عن قرب ،بينما معرفة اهلل بخلقه ت�شبه املعرفة م��ن خ�لال املنظ��ار� ،إذ �أن ال��كل (اهلل) ال ُي�س��تدل ل��ه باجل��زء (املخل��وق). 12
بع��د ذل��ك� ،أورد الع��ايل �إ�ش��كالية مث��ارة ح��ول معن��ى معرف��ة اهلل ب��اهلل ،وما �إذا كان��ت تل��ك املعرف��ة تعن��ي معرف��ة اهلل ب�لا وا�س��طة �أو و�س��يلة� ،أو �أنه��ا ال تنفي وجود الو�سيلة فيها ،و�إن وجدت تلك الو�سيلة ف�إنها تعني ب�أن املعرفة هلل تع��اىل تتح��ول للن��وع الث��اين م��ن املعرف��ة (معرف��ة اهلل بخلق��ه)� ،إذ �أن الالف��ت ب��أن بع���ض امل�س��لمني �أخط��أوا حينم��ا �أ�س��قطوا وج��ود الو�س��ائط يف عملية معرفة اهلل تعاىل ،بينما الواقع ب�أن �أهل البيت بينوا لنا ب�أن معرفة اهلل غ�ير ممكن��ة دون و�س��ائل �أو و�س��ائط. ويف ه��ذا اخل�صو���ص ب�ين الع��ايل ب��أن ه��ذه الفئ��ة املخطئ��ة م��ن امل�س��لمني، �إمن��ا خلط��ت ب�ين الو�س��يلة واجلب��ت ،وه��ذا الأخ�ير (اجلبت( ه��و على �أحد نحوين :الأول :الذهاب لو�سيلة غري م�أذونة لك ،والثاين :الذهاب لو�سيلة م�أذون��ة ولك��ن التوق��ف عنده��ا وع��دم الأخ��ذ به��ا يف عملي��ة ال�س�ير للخال��ق تع��اىل وبالت��ايل ع��دم اتخاذ الو�س��يلة كع�بر له تعاىل.
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ث��م ب�ين الع��ايل �أي�ض��ا ب�أن��ه حت��ى بع���ض العرف��اء �أخط��أوا يف تبي�ين احلاج��ة للو�سائل يف عملية ال�سري هلل تعاىل حينما توهموا ب�أننا نحتاج للو�سائل يف بداي��ة طري��ق الو�ص��ول هلل تع��اىل �أو يف و�س��طه �إال �أنن��ا ن�ص��ل ملرحل��ة معين��ة ن�صب��ح فيه��ا (نح��ن واهلل) وال نحت��اج فيها للو�س��ائل� .إال �أن القر�آن الكرمي يفي��د ب ��أن طري��ق معرف��ة اهلل ب��اهلل ال يت��م �إال بو�س��يلة يف جمي��ع مراح��ل الطري��ق� ،إذ تق��ول الآي��ة الكرمي��ة (ي��ا �أيه��ا الذي��ن �آمن��وا اتق��وا اهلل وابتغ��وا �إلي��ه الو�س��يلة)� ،إذ �أن ه��ذه الآي��ة له��ا ثالث��ة مع��اين ب�ين متو�س��طة وعالية: و�أول تل��ك املع��اين ه��و �أن تق��وى اهلل تعن��ي اخل��وف من��ه والو�س��يلة ه��ي العب��ادات املختلف��ة. و�أم��ا املعن��ى الث��اين فيفي��د ب��أن تق��وى اهلل تعن��ي عبادت��ه و�أم��ا الو�س��يلة فهي حممد و�آل حممد (عليهم ال�س�لام). و�أما املعنى الثالث فهو بديع ومهم ،كونه مبني من تف�سري علمي ال عملي،
ويفيد هذا التف�سري ب�أن التقوى تعني الورع مبختلف �أ�صنافه ال�سيما الورع يف العل��م ب��اهلل م��ن خ�لال الأخذ بالو�س��يلة ،و�أبرز الو�س��ائل ه��ي حممد و�آل حمم��د (عليه��م ال�س�لام) ،وهن��ا جند ب�أنه حتى الر�س��ول (�ص) كان ي�أخذ بالو�سائل يف معرفة اهلل تعاىل و�أبرز تلك الو�سائل هي الأنوار املحمدية. بع��د ذل��ك �أو�ض��ح الع��ايل ب ��أن معرف��ة اهلل ب��اهلل حتت��اج للو�س��ائل دائم��ا، وهنا �شدد العايل ب�أن النظر للو�سيلة ينبغي �أال يكون حم�صورا على كونها و�س��يلة ج�س��مية ،بق��در م��ا ه��ي جت� ٍ�ل من جتلي��ات اهلل تع��اىل يف املوجودات، �إذ �أن اهلل تع��اىل جتل��ى للخل��ق بالو�س��ائل ،وهن��ا ينبغ��ي �أن نع��رف ب�أن��ه كلما �س��رنا �أك�ثر يف عملي��ة ال�صع��ود هلل تع��اىل ،كان��ت و�س��ائلنا �أك�ثر ترقيق��ا� ،إذ �أن الو�سيلة ال�صغرى تو�صل هلل بقدر ،فيما الو�سيلة الكربى مثل �أنوار �أهل البي��ت تو�ص��ل هلل بقدر �أكرب. 13
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ختام��ا �أورد الع��ايل مث��اال حقيقي��ا باخل�صو���ص ب�ين في��ه ب ��أن بي��ت اهلل احلقيقي يتبني يف احل�س�ين (عليه ال�س�لام) �إذ �أن قلب امل�ؤمن هو �أكرث ما ي�سع اهلل تعاىل بح�سب الروايات الواردة عن �أهل البيت (عليهم ال�سالم). ولذلك بات احل�س�ين (عليه ال�س�لام) هو خري و�س��يلة مو�صلة هلل تعاىل
14
04 MOHARAM DAY
الــغــيـــبــــــــــة ْ ةالتعمـيـر وسنــ
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
الــغــيـــبــــــــــة ْ ةالتعمـيـر وسنــ يف الليل��ة الرابع��ة م��ن �ش��هر حم��رم احل��رام 1436ه�ـ وه��ي الليل��ة املخ�صو�صة ل�سفري احل�سني (عليه ال�سالم) الأعظم وثقته الكربى م�سلم ب��ن عقي��ل (عليهم��ا ال�س�لام) ،ارتقى منرب م�أمت ال�سناب���س �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل يف جمل���س ح�س��يني مفج��ع ركز احلديث يف مو�ض��وع (الغيبة و�س��نة التعم�ير). وبع��د �إي��راده للحدي��ث ،ب�ين الع��ايل ب��أن قاع��دة املقارن��ة واملقارب��ة ب�ين م��ا ح��دث وم��ا �س��يحدث وردت يف كث�ير الرواي��ات مع�برا عنه��ا بتعب�ير (ح��ذو النع��ل بالنع��ل والق��ذة بالق��ذة) وه��ذه الرواي��ات تق��رب ال�ص��ورة للذه��ن وجتعله يتوقع امل�ستبعد ،وهذه القاعدة نف�سها وهذا امل�سار نف�سه (والكالم 16
للع��ايل ) ه��و م��ا يج��ري عل��ى بح��ث الي��وم وهو بح��ث الغ ْيبة. بعده��ا ذك��ر الع��ايل معلوم��ة مفاده��ا ب��أن الكث�ير م��ن العام��ة ي�ش��نعون عل��ى ق�ضي��ة الغيب��ة ،ب��ل �أن بع���ض علم��اء العام��ة ي�س��تهجن �أك�ثر ما ي�س��تهجن وال يتقب��ل عقل��ه �أب��دا عندم��ا يت��م احلدي��ث عن الغيب��ة بالذات ،رغ��م �أن الغيبة جرت يف الأمم ال�س��ابقة كغيبتي نوح ويو�س��ف (عليهما ال�س�لام) وهي (�أي الغيب��ة) جاري��ة يف ه��ذه الأم��ة ،بحكم القاعدة الآنف��ة (قاعدة املقارنة من �أج��ل �إثب��ات العقائ��د) والت��ي تفي��د جريان ما حدث يف الأمم ال�س��ابقة على ه��ذه الأمة �أي�ضا. ويف خ�ض��م ه��ذا احلدي��ث ،و�ض��ح العايل ب�أن ال�ش��يخ ال�ص��دوق من �أبرز من
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
�أعلن ر�ؤيته لهذه القاعدة �أي (قاعدة املقارنة من �أجل �إثبات العقائد) يف املنام ،وذلك من خالل مقدمة م�ؤلف بارز من م�ؤلفاته وهو كتاب (�إمتام الدين و�إكمال النعمة)� ،إذ قال ال�صدوق يف مقدمة الكتاب عينه ب�أنه ر�أى امله��دي (علي��ه ال�س�لام) يف ع��امل املن��ام و�أم��ره بكتاب��ة كت��اب ح��ول الغ ْيب��ة ي�أخذ بنهج املقارنة بني غيبته ال�ش��ريفة وبني غ ْيبات الأنبياء ال�س��ابقني. وم��ن هن��ا خل���ص العايل ب�أن بح��ث الغيبة من �أهم بحوث الإمامة املربوطة بالنبوة ،ولذلك جند ب�أن الإمام ال�صادق (عليه ال�س�لام) عندما �أراد �أن يح��ل ه��ذا الإ�ش��كال ف�إن��ه بدل الطريق يف اال�س��تدالل عل��ى الإمامة الغائبة، �إذ ا�ستدل ال�صادق (عليه ال�سالم) على الطريق من الأعلى للأ�سفل بدءا ب��اهلل �س��بحانه وتع��اىل م��رورا بالر�س��ول (�صل��ى اهلل وعلي��ه و�آل��ه) و�ص��وال للحج��ة �أي الإمام. وو�ضح العايل �أكرث هذا اال�س��تدالل �أي (الطريق من الأعلى �إىل الأ�س��فل)
والت��ي يثب��ت الكث�ير م��ن الإ�ش��كاالت العقائدي��ة وم��ن بينه��ا الغيب��ة� ،إذ �أف��اد ب��أن الإمي��ان ب��اهلل تع��اىل يلزم��ك بالإميان بالر�س��ول (�ص) ال��ذي هو مر�آة الفي�ض الإلهي الدائم ،وا�ستمرار هذا الفي�ض يقودنا للإميان بوجود حجة م��ن بع��د الر�س��ول (���ص) حت��ى و�إن كان غائب��ا ،لأن منطل��ق �إمي��اين ب��اهلل يلزمن��ي الإميان بهذا احلجة. ث��م تط��رق الع��ايل ملو�ض��وع االخت�لاف ب�ين امل�س��لمني يف تعري��ف مفه��وم (الإمام��ة الغائب��ة) �إذ يتوه��م كث�ير م��ن امل�س��لمني ومب��ا فيه��م بع���ض علم��اء ال�ش��يعة ب��أن الإم��ام الغائ��ب ال �أث��ر اجتماع��ي ل��ه ،وهن��ا و�ض��ح الع��ايل ب��أن �إطب��اق علم��اء ال�ش��يعة عل��ى قاع��دة ا�س��مها (قاع��دة اللطف) والت��ي عرفها العالمة الطو�سي يف كتاب (التجريد) يف ثالث كلمات �إذ قال عن احلجة عليه ال�سالم( :وجوده لطف ،وت�صرفه لطف �آخر ،وعدمه منا) ،وميكننا اال�س��تنتاج م��ن ه��ذا الق��ول ب��أن هن��اك ق��وة عظم��ى تت�ص��رف يف الق�ضاي��ا 17
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
الك�برى يف حياتن��ا ه��ي ق��وة الإم��ام امله��دي (علي��ه ال�س�لام) وينبغ��ي علينا �أال نقي�س الأمر من زاوية �شخ�صية من خالل النظر ال�سطحي للآثار على امل�س��توى ال�شخ�صي. ث��م ب�ين الع��ايل ب��أن الق��ر�آن الك��رمي ذك��ر م�صطلح�ين خمتلف�ين يف حي��اة الأنبي��اء هم��ا م�صطل��ح (الغيب��ة) وم�صطل��ح (الهج��رة) ،وهن��اك نقط��ة التقاء بني املفهومني هي االبتعاد عن املواجهة العلنية� ،إال �أن هناك نقاط اخت�لاف ب�ين املفهوم�ين� ،إذ �أن الهج��رة فيه��ا عنا�ص��ر مهم��ة ه��ي اخلف��اء والبع��د الفيزيائ��ي اجلغ��رايف ،وهن��ا جن��د ب��أن النب��ي عندم��ا يهاج��ر ف�إن��ه يت�صرف يف قومه باخلفاء وعن طريق الوا�سطة ،و�أما الإمام عندما يغيب ف�إنه موجود فاعل ومعطاء ويت�صرف دون و�سائط لكننا ال نعرفه ،ولذلك علينا �أال ن�ستهجن وجود �إمام غائب يت�صرف ب�شكل مبا�شر يف �أمور الأمة يف الوق��ت ال��ذي ن�ص��دق فيه بوجود �أنبياء مهاجرين يت�صرفون يف �أممهم 18
بو�سائط. بع��د ذل��ك تط��رق الع��ايل لإ�ش��كالية طامل��ا تث��ار وه��ي ط��ول غيب��ة الإم��ام امله��دي (علي��ه ال�س�لام) ،ورد عليه��ا ب ��أن اجلمي��ع ي�ص��دق ويتقب��ل وج��ود �إبلي���س لعن��ه اهلل وت�صرف��ه فين��ا رغ��م �أن��ه غائ��ب وال نعرف��ه ،وكل ذل��ك وفق الق��درة الإلهي��ة ،ولذل��ك م��ن ب��اب �أوىل علين��ا �أال ن�س��تبعد وج��ود �إمام وويل غائ��ب كل ه��ذه امل��دة. ختام��ا تط��رق الع��ايل لإ�ش��كال �آخ��ر يث�يره البع���ض ،والذين يت�س��اءلون ملاذا ال يظهر اهلل الإمام الغائب ويحفظه بقدرته ،كون ذلك فيه �صالح الأمة، وهنا و�ضح العايل ب�أن العطاء الإلهي دائم ،ومنطقيا قد يكون هذا العطاء على نحو تدريجي �أو دفعة واحدة� ،إال �أن القابليات الب�شرية هي التي تريده عطاء تدريجيا ،فامل�شكلة هي �أن القابل امل�ستفيد غري تام رغم �أن الفاعل
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
الفيا�ض �سبحانه وتعاىل تام ،وهذا هو الذي حدث يف ق�ضية الغيبة �إذ �أن اهلل تعاىل تام الفعالية والإمام كذلك �إال �أن اال�ستعداد الب�شري تدريجي، ولذلك كان الإمام غائبا مثلما كان النبي (�ص) هو �آخر الأنبياء.
19
05 MOHARAM DAY
ســــــــــ رفـــــتـــــــــــح بـــــــاب التــــوبـــــــة
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ســــــــــ رفـــــتـــــــــــح بـــــــاب التــــوبـــــــة مع انت�صاف ليايل الأ�س��ى الع�ش��ر ،ارتقى املنرب احل�س��يني مب�أمت ال�سناب���س �سماحة ال�شيخ ح�سن العايل يف حديث �شيق عنونه بـ (�سر فتح باب التوبة). وبع��د �أبي��ات نع��ي املقدم��ة ،افتت��ح �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل مو�ضوع��ه ال�س��و َء ِب َج َها َل ٍة ُث� َّ�م َي ُتو ُبونَ ِمن بالآي��ة ( ِ�إ َّ َن��ا ال َّت ْو َب� ُة َع َل��ى َّ ِ الل ِل َّل ِذي��نَ َي ْع َم ُل��ونَ ُّ الل َع َل ْي ِه� ْ�م َو َكانَ َّ ُ �وب َّ ُ الل َع ِلي ًم��ا َح ِكي ًم��ا). َق ِري� ٍ�ب َف�أُو َل ِئ� َ�ك َي ُت� ُ وبع��د قراءت��ه للآي��ة ،تط��رق الع��ايل لتعريف مفهوم التوب��ة مبينا ب�أنها لدى الأخالقي�ين مفت��اح ال�س�ير وال�س��لوك �إىل اهلل� ،إال �أن الع��ايل �أف��اد ب��أن ه��ذا الكالم ميكن مناق�ش��ته ،مبينا �س��ماحته ب�أن التوبة على مراتب ثالث:
توبة العوام :ترك الذنب ورد احلق وتعوي�ض ما فات. توب��ة اخلوا���ص :ا�ست�ش��عار التق�ص�ير الدائ��م يف جن��ب اهلل حت��ى م��ع ع��دم وجود ذن��ب جوارحي. توب��ة خوا���ص اخلوا���ص :اجلذب��ة الدائم��ة لعامل القد���س ،وه��ذه املرتبة لها مقامات متدرجة. ث��م ب�ين الع��ايل ب��أن مناق�ش��ته للأخالقي�ين يف تعريفه��م للتوب��ة ،تكم��ن يف �أن التوبة حركة روحية دائمة مع اهلل ،وال تنح�صر فقط يف بداية الطريق ويف مفتاح ال�س�ير وال�س��لوك �إىل اهلل .
21
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
بع��د ذل��ك ناق���ش الع��ايل بع�ض التفا�س�ير اخلاطئة ملفهوم التوب��ة مبينا ب�أن �أعل��ى ح��االت الذل��ة �إىل اهلل ال تت�ض��ح بال�ضرورة �أكرث ما تت�ضح يف التائب، بل �إنها تت�ضح �أكرث يف امل�ؤمن الذي ي�ست�ش��عر �أكرث دونيته بني النا���س وعلو مق��ام اهلل تع��اىل يف الوج��ود ،وه��ذا يتجل��ى �أك�ثر م��ا يتجل��ى يف حمم��د و�آل حمم��د (عليه��م ال�س�لام) ،ب��ل �أن ن��ور الإمام��ة ي�س��بب له��م الذلة وامل�س��كنة �أم��ام اهلل تعاىل. بع��د ذل��ك و�ض��ح الع��ايل ب�أن العا�صي املذنب �أف�ضل من الطائع غري املذنب يف حالة واحدة فقط ،وهي �أنه �إذا كان العا�صي راج ٌع متذلل بينما الطائع م��ذل ،لأن الطائ��ع امل��ذل يبتل��ي بحال��ة �ش��ركية ،كون��ه يقن��ع نف�س��ه ب��أن حالة الطاعة ا�ستقاللية من نف�سه ،في ُمنُّ على اهلل تعاىل طاعته. �إال �أن الع��ايل �ش��دد بع��د ذل��ك م�ست�ش��هدا بالآي��ة والرواي��ة عل��ى �أن العب��د 22
املطي��ع املتذل��ل �أف�ض��ل مبرات��ب عديدة من العا�ص��ي التواب املتذلل رغم �أن الت��واب املتذل��ل حمب��وب عند اهلل تع��اىل �أي�ضا. بع��د ذل��ك ط��رح الع��ايل �س��ؤال البح��ث الرئي�س��ي والذي ي�س��أل عن �س��ر فتح ب��اب التوب��ة و�س��ر ع��دم ان�س��داده ،وب�ين �س��ماحته باخل�صو���ص ب��أن هن��اك قواعد �إلهية تفر�ض فتح باب التوبة ،مو�ضحا ب�أن �أ�سماءه احل�سنى عميقة وكله��ا ل��ه �أث��ره ،وم��ا دام��ت (الت��واب) و(الغف��ور) و(العف��و) م��ن �أ�س��ماءه احل�س��نى فه��ذا يعن��ي دوامه��ا وه��ذا �أي�ض��ا م��ا يقت�ضيه كم��ال اهلل تعاىل. وا�س��تكماال لتبي�ين �س��ر فت��ح ب��اب التوب��ة� ،أورد الع��ايل ب�أن��ه ميك��ن تق�س��يم النا���س لق�س��مني هما ق�س��م َّ خطاء وهم الأكرثية وق�س��م مع�صوم وهم �أقلية الأقلية ،ولو �أن اهلل تعاىل �أغلق باب التوبة �أمام كال الق�سمني النفتح �أمام العا�صي باب واحد فقط هو باب اجلر�أة على املع�صية كونه يرى ب�أنه ال توبة له ،والنغلق باب التكامل النوري من مقام �إىل مقام �أمام املع�صوم �أي�ضا،
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
وبالت��ايل ف��إن فت��ح ب��اب التوبة هو فتح مل�ش��روع رب��اين �إ�صالحي يغلق الباب يف وجه ال�شيطان ،ويفتح باب اجلهاد الأكرب (جهاد النف�س) �أمام العبد. ويف نقط��ة �أخ��رى ،ذك��ر الع��ايل معلوم��ة مهم��ة مفاده��ا ب�أن فتح ب��اب التوبة له ثالث حاالت: فف��ي ح��االت يفت��ح ب��اب التوب��ة �أم��ام اجلمي��ع ،وه��و م��ا يتجل��ى يف حي��اة الإن�س��ان م��ا دام حي��ا �س��ليما ومل يعاي��ن امل��وت بع��د. ويف ح��االت يغل��ق ب��اب التوب��ة �أم��ام اجلمي��ع ،وه��ذا يتحق��ق يف حالة معاينة الإن�سان للموت. و�أم��ا يف ح��االت �أخ��رى ،فيفت��ح لنا���س ب��اب التوب��ة ويغل��ق الب��اب عل��ى نا���س �آخري��ن ،وه��ذا يتحق��ق عن��د ق��رب معاين��ة امل��وت ،وهن��ا يفت��ح الب��اب �أم��ام اجلاه��ل وال يفت��ح �أم��ام الع��امل.
�إذ �أن اجلاه��ل العا�ص��ي لقل��ة علم��ه وقل��ة اطالع��ه لدي��ه ق�ص��ور عقائ��دي، وذنوب��ه ت�ش��به تلب���س الطف��ل باملعا�ص��ي� ،إذ �أنها حم�ض حالة ولي�س��ت ملكة، ولذل��ك تقب��ل توبت��ه ،و�أم��ا الع��امل فيعل��م بالذن��ب ويعل��م ب�أن��ه حمارب��ة هلل، وبالت��ايل تول��د ه��ذه املعا�ص��ي لدي��ه مل��كات ،ولذل��ك �إن تاب ف�لا تقبل توبته كون الق�صور غري عقائدي و�إمنا ق�صور يف العمل الأخالقي ،كما �أن التوبة لدي��ه حتت��اج لعم��ل �ش��اق الجتثاث امللكة م��ن جذورها. ختام��ا ،و�ض��ح الع��ايل ب��أن ع�ش��ق احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) و�أه��ل البي��ت �إك�س�ير �أعظ��م يف العم��ل لرف��ع املقامات املختلفة ،ولذل��ك جتد ب�أن الأولياء مل يبلغ��وا مقاماته��م �إال بع�ش��ق املع�صوم�ين (عليه��م ال�س�لام).
23
06 MOHARAM DAY
المهــدويـــة والــوراثـــة فـي عالــم الرجــــعـة
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
المهــدويـــة والــوراثـــة فـي عالــم الرجــــعـة يف ليل��ة ه��ي �ساد���س لي��ايل اللوع��ة والتق��رح عل��ى م�ص��اب �س��يد ال�ش��هداء الإم��ام احل�س�ين ب��ن عل��ي (عليهم��ا ال�س�لام) ارتق��ى من�بر م��أمت ال�سناب���س �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل يف جمل���س مهي��ب خ�ص�ص��ه حلدي��ث �ش��يق يف ق�ضي��ة مهدوي��ة ب��ارزة كان عن��وان بحثه��ا (املهدوي��ة والوراث��ة يف ع��امل الرجع��ة) وبعدم��ا افتت��ح �س��ماحته حديث��ه بالآي��ة الكرمي��ة ( َو ُن ِري � ُد �أَن َّ ُن��نَّ َع َل��ى ن َع َل ُه� ْ�م َ�أ ِئ َّم � ًة َو َ ْ ا�س � ُت ْ�ض ِع ُفوا ِف اَلأ ْر��ِ�ض َو َ ْ ن َع َل ُه� ُ�م ا ْل َوا ِر ِث�ينَ) ب�ين ا َّل ِذي��نَ ْ �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن العايل ب�أن املنة الإلهية هي نعمة �إلهية ولكن بقيود وخ�صائ���ص �إذ �أنه��ا نعم��ة ثقيل��ة خا�ص��ة ،كم��ا �أن املن��ة ه��ي النعم��ة الت��ي ال
يعرتيه��ا ال��زوال ،وم��ن �أمثل��ة امل�نن الإلهية البارزة هي منة ر�س��الة الر�س��ول (���ص) الت��ي ال ي�س��تطيع �أي �أح��د �إق�صاءه��ا و�إزالته��ا. بع��د ذل��ك ط��رق الع��ايل �س��ؤال البح��ث الأ�سا�س��ي وال��ذي يتعل��ق بالآي��ة �آنف��ة الذك��ر ،واملن��ة الإلهي��ة الواردة فيها� ،إذ ت�س��اءل الع��ايل عن زمان وقوع هذه املن��ة ،وم��ا �إذا كان ج��زء م��ن ه��ذه املن��ة ق��د وق��ع م��ن قب��ل ومظه��ر منه��ا قد وق��ع �أم ال. ويف معر���ض �إجابت��ه عل��ى ه��ذا ال�س ��ؤال� ،أورد الع��ايل ب ��أن هن��اك ثالث��ة تفا�س�ير للمن��ة الإلهي��ة ووراث��ة امل�س��ت�ضعفني يف الآي��ة الكرمي��ة: 25
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
التف�سري الأول: وال ميك��ن الرك��ون �إلي��ه ،وه��و تف�س�ير ي�ؤي��ده رواد احل�ش��وية (ذوي التف�س�ير ال�سطحي الظاهري). �إذ يق��ول ه��ؤالء ب��أن �آي��ة املن��ة الإلهي��ة ه��ذه خمت�ص��ة بزم��ان مو�س��ى (عليه ال�س�لام) كما �أن املنة الإلهية املعنية حتققت يف زمانه وانق�ضت ،وا�س��تدل احل�ش��وية هنا ب�أن الآية وقعت يف �س��ياق �آيات تتحدث عن مو�س��ى وفرعون كم��ا �أن الآي��ة التالي��ة له��ا �صرح��ت با�س��مني وا�ضح�ين هم��ا (فرع��ون) و (هام��ان) وبه��ذا املنه��ج احل�ش��وي ( وال��كالم للع��ايل ) �ضاع��ت الكث�ير من احلقائق من خالل تف�س�يره للآيات ب�ش��كل �س��طحي مقيد بزمان معني ويف ه��ذا ال�س��ياق ،ب�ين الع��ايل ب��أن رواي��ات �أه��ل البي��ت (عليه��م ال�س�لام) �أ�ش��كلت عل��ى ه��ذا التف�س�ير ،ال�س��يما يف لفظ��ة (منه��م) يف الآي��ة الكرمي��ة والتي توحي ب�أن هناك جماعة( ال فرد واحد ) �ستتحقق على �أيديهم تلك 26
املنة الإلهية ،وال�س��ؤال هنا عن هوية ه�ؤالء اجلماعة الذين �صرح القر�آن ب�أنه��م �أئمة! التف�سري الثاين: وي�ؤي��ده بع���ض علم��اء ال�ش��يعة ،ويق��ول التف�س�ير ب��أن الزمان الذي �س��تتحقق في��ه ه��ذه الآي��ة ه��و ع�ص��ر الظه��ور ،وال��ذي �س��تتم في��ه املن��ة الإلهي��ة ب��كل مظاهره��ا. كم��ا يق��ول �أرب��اب ه��ذا التف�س�ير (الث��اين) ب��أن يف الآي��ة بي��ان خل�صو�صي��ة �إمامة الإمام املهدي (عليه ال�سالم) �إذ �أن ال التعريف يف (الوارثني) تفيد بانح�ص��ار الوراث��ة في��ه (علي��ه ال�س�لام) ،ب��ل �أن بع���ض �أتب��اع هذا التف�س�ير يق��ول ب�أن��ه با�ست�ش��هاد الإم��ام امله��دي (عليه ال�س�لام) وانته��اء وراثته تبد�أ القيام��ة الك�برى ،ويت�صل ع�صر الظه��ور بع�صر القيامة! �إال �أن الإ�ش��كال عل��ى ه��ذا التف�س�ير (وال��كالم للع��ايل) ه��و ذات الإ�ش��كال
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
املطروح على التف�سري الأول واملتعلق بلفظة (منهم) وال يوجد جواب على هذا الإ�شكال.
بع��د تبيين��ه للتف�س�يرات الثالث��ة� ،أورد الع��ايل نتائ��ج مهم��ة م��ن التف�س�ير ال�صحي��ح منه��ا وال��ذي ه��و التف�س�ير الثالث
التف�سري الثالث: وه��و تف�س�ير مه��م وبدي��ع ج��دا وت�ؤي��ده الكث�ير م��ن رواي��ات املع�صوم�ين (عليه��م ال�س�لام) ،ويعتم��د عل��ى قاع��دة مربهن��ة ،ه��ي قاع��دة �أن الع��وامل الت��ي خلقه��ا اهلل تع��اىل ه��ي خم�س��ة ع��وامل ولي�س��ت �أربع��ة� ،إذ �أن��ه بني عامل امل��وت وع��امل القيام��ة يوج��د ع��امل يف الو�س��ط ه��و ع��امل الرجع��ة ال��ذي في��ه خ�صائ���ص الدني��ا م��ع بع���ض املمي��زات عنه��ا. ويف التف�س�ير الثال��ث جن��د ب�أن��ه يق��ول ب��أن املعني�ين به��ذه الآي��ة (�آي��ة املن��ة الإلهي��ة) ه��م كل �أه��ل البي��ت (عليهم ال�س�لام) فهم الأئم��ة وهم الوارثني، وق��د حتقق��ت لهم الإمامة و�س��تتحقق له��م الوراثة.
النتيجة الأوىل: احلي��اة الدني��ا لي�س��ت دور واح��د وتنته��ي ،ب��ل ه��ي عب��ارة ع��ن دوري��ن، وال��دور الث��اين ه��و ع��امل الرجعة الذي يرجع فيه الأئمة ،وي�س��ود فيها حكم امل�ست�ضعفني ،بعدما حكم الفا�سقني يف الدور الأول ،وحكومة امل�ست�ضعفني �س��تكون �أق��وى و�أط��ول زمان��ا من حكومة الفا�س��قني. النتيجة الثانية: الآي��ة تتح��دث ع��ن مظهري��ن م��ن مظاه��ر املن��ة الإلهي��ة يف �أه��ل البي��ت (عليه��م ال�س�لام) هم��ا الإمام��ة والوراث��ة. والأئم��ة (عليه��م ال�س�لام) مت له��م يف ال��دور الأول من الدني��ا املظهر الأول 27
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
وهو الإمامة ،فيما مل يتم لأي منهم املظهر الثاين والذي هو الوراثة. ونحن لو قلنا بعدم وجود الرجعة مثال نكون ك�أننا كذبنا الآية. �أي �أنن��ا الب��د �أن ن�ؤم��ن بالرجع��ة حت��ى يتحق��ق املظه��ر الث��اين م��ن مظاه��ر املن��ة الإلهي��ة يف نف���س م��ن حتقق فيه��م املظهر الأول. فالآي��ة حتدث��ت ع��ن جماع��ة واح��دة ه��ي نف�س��ها الت��ي تك��ون �أئم��ة وتك��ون وارثة. والف��رق هن��ا ب�ين الإم��ام امله��دي (عليه ال�س�لام) وبقي��ة الأئمة ب��أن �إمامته �س��تكون مت�صل��ة بوراثت��ه فيم��ا بقي��ة الأئم��ة ف�ص��ل امل��وت بني زم��ن �إمامتهم وزمن وراثتهم. ختاما ،نبه العايل ب�أن كثري من امل�سائل والق�ضايا ال حتل �إال من خالل فتح بابالرجعةو�إالف�سي�ضيعاملطلبو�سيتورطالباحثويبقىبالوعيوال�إدراك. 28
07 MOHARAM DAY
مــقـــــــامـــــــــــــات الــعــــ َّبــــــــــــــــاس
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
مــقـــــــامـــــــــــــات الــعــــ َّبــــــــــــــــاس يف الليل��ة املخ�صو�ص��ة لكب���ش الكتيب��ة وحام��ل الل��واء �أب��ي الف�ض��ل العبا���س (عليه ال�سالم) ا�صطف املعزون املوا�سون لأهل بيت النبوة ومعدن الر�سالة وكل منه��م يرج��و الن��وال م��ن قرب��ة �أب��ي الف�ض��ل (عليه ال�س�لام) التي ريها الروي وال ريب من معني ف�ضائل ومقامات العبا���س (عليه ال�س�لام). وق��د ارتق��ى من�بر م ��أمت ال�سناب���س يف ه��ذه الليل��ة �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل وال��ذي خ�ص���ص مو�ض��وع حما�ضرت��ه يف ليل��ة العبا���س للحدي��ث عن (مقام��ات العبا���س علي��ه ال�س�لام). وق��د افتت��ح مو�ضوع��ه بق��ول الإم��ام ال�ص��ادق (علي��ه ال�س�لام) يف زي��ارة 30
العبا���س (علي��ه ال�س�لام)(( :و�أ�ش��هد �أن��ك م�ضيت على ب�ص�يرة من �أمرك مقتدي��ا بال�صاحل�ين ومتبع��ا للنبي�ين)) وبع��د �إي��راده للحدي��ث� ،أف��اد الع��ايل ب��أن �إ�ش��كاال طرح��ه العالم��ة الأم�ين مف��اده ب��أن لف��ظ العبا���س (علي��ه ال�س�لام) للم��اء ت�أ�س��يا باحل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) ل��و �ص��ح لي���س بحج��ة كون العبا���س (عليه ال�س�لام) غري مع�صوم ويف خ�ض��م ذل��ك �أورد الع��ايل مقدم��ة يف معر���ض ال��رد عل��ى الإ�ش��كال املط��روح ،وه��ذه املقدم��ة �أف��اد به��ا الت�س�تري يف (اخل�صائ�ص احل�س��ينية) وال��ذي يفي��د بع��دم ج��واز تخطئ��ة �أن�ص��ار احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام)
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
بع��د ذل��ك ،ويف بداي��ة رده عل��ى الإ�ش��كال الآن��ف ،ق��ال الع��ايل ب��أن العالم��ة الأمني �صاحب الإ�شكال نف�سه �أثبت يف م�ؤلفات �أخرى حدوث حادثة امتناع العبا�س عن �شرب املاء
ث��م و�ض��ح الع��ايل جمموع��ة م��ن النق��اط الت��ي �ش��كلت معر���ض رده عل��ى الإ�ش��كال �س��الف الذك��ر ،واكتف��ى بتو�ضي��ح نقطت�ين منه��ا: النقطة الأوىل: الع�صم��ة لي�س��ت ذات �س��قف واح��د ،فهن��اك رج��ال �ش��هد له��م التاري��خ و�صوله��م للع�صم��ة العملي��ة وه��ي �إح��دى مرات��ب الع�صم��ة ،وم��ن ه��ؤالء �أب��و الف�ضل العبا�س (عليه ال�سالم)� ،ش�أنه �ش�أن �أن�صار احل�سني (عليه ال�سالم) الذين اكت�سبوا ع�صمة عملية يف كربالء مبعيتهم للح�سني (عليه ال�سالم).
النقطة الثانية: بالنظ��ر لبع���ض مقاط��ع ن�صو���ص زيارات العبا���س (عليه ال�س�لام) وما ورد فيها من �شهادات من لدن املع�صومني (عليهم ال�سالم) ملقامات العبا�س (عليه ال�س�لام) ،ف�إن كل ذلك يتخذ ك�ش��اهد على مقاماته ،بل �أن النا���س عند قراءتهم لزيارته م�أمورون بال�ش��هادة له والت�صديق لتلك ال�ش��هادات. ويف ذات ال�س��ياق ،ف ��إن للعبا���س (علي��ه ال�س�لام) يف الآخ��رة (ح�س��ب روايات �أهل البيت عليهم ال�سالم) منزلة يغبطه بها جميع ال�شهداء ،مبا فيهم جعفر الطيار و�سيد ال�شهداء حمزة وعلي الأكرب (عليهم ال�سالم). ومث��ل �صاح��ب ه��ذا املق��ام ال ي�ش��كك يف حجي��ة و�صح��ة �أعمال��ه وم��ن بينه��ا لفظه للماء يوم عا�شوراء ،بل �أن هذا هو تكليف العبا�س ال�صحيح يف هذه احلادث��ة وال��ذي ه��و �إرواء املع�ص��وم (علي��ه ال�س�لام). 31
08 MOHARAM DAY
مكـــــــانـة الـمــــــــرأة فـــــي اإلســـــــــــالم
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
مكـــــــانـة الـمــــــــرأة فـــــي اإلســـــــــــالم يف الليل��ة الثامن��ة م��ن حم��رم 1436ه�ـ وه��ي الليل��ة املخ�صو�ص��ة مل�صيب��ة عري���س الطفوف القا�س��م بن احل�س��ن (عليهما ال�س�لام) ارتقى منرب م�أمت ال�سناب���س �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل يف جمل���س خ�ص���ص مو�ضوع��ه للحدي��ث حت��ت عن��وان (مكان��ة امل��ر�أة يف الإ�س�لام) ال�ص ِ َ �ات ال� َ وبعدم��ا افتت��ح مو�ضوع��ه بالآي��ة الكرمي��ة (( َو َم��ن َي ْع َم� ْ�ل ِم��نَ َّ ِم��ن َذ َك� ٍ�ر �أَ ْو �أُن َث��ى َو ُه� َو ُم ْ�ؤ ِم��نٌ َف ُ�أو َل ِئ� َ�ك َي ْد ُخ ُل��ونَ ْ َ ال َّن َة َو َال ُي ْظ َل ُم��ونَ َن ِق ًريا)) ب�ين �س��ماحته ب��أن هن��اك اجتاهني تف�س�يريني يف الآية الكرمية
االجتاه الأول يق��ول ب��أن الآي��ة تفي��د بت�س��اوي ث��واب الأعم��ال ب�ين الرج��ل وامل��ر�أة �إن �صدر نف���س العمل وبنف���س درجة اليقني والإخال�ص منهما االجتاه الثاين يق��ول ب ��أن الآي��ة تنف��ي االخت�لاف �أ�ص�لا ب�ين روح��ي الرج��ل وامل��ر�أة يف الإ�س�لام وال��ذي ه��و دي��ن يف غن��ى ع��ن ه��ذا االخت�لاف ث��م ب�ين الع��ايل ب ��أن هن��اك بع���ض اال�ش��كاالت عل��ى الت�س��اوي ب�ين الرج��ل وامل��ر�أة الت��ي يثريه��ا بع���ض معار�ض��ي الإ�س�لام والذين يقول��ون بعدم وجود 33
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
املكان��ة املدع��اة للم��ر�أة يف الإ�س�لام ال�س��يما ب��أن هن��اك رواي��ات واردة يف كت��ب امل�س��لمني تفي��د ب��أن �أك�ثر �أه��ل النار من الن�س��اء وهن��ا ويف بداي��ة معر���ض رده عل��ى ه��ذا الإ�ش��كال ب�ين الع��ايل ب ��أن ه��ذه الرواي��ات ح��ول �أه��ل الن��ار غ�ير �صحيح��ة وه��ي مد�سو�س��ة �أ�ص�لا يف بع���ض كت��ب امل�س��لمني بع��د ذل��ك و�ض��ح الع��ايل ب��أن ال��رد العقل��ي على ه��ذه الإ�ش��كاليات حول تلك الرواي��ات يكمن يف نقطتني: النقطة الأوىل: ن�صو���ص ح��وادث ه��ذه الرواي��ات ال تتنا�س��ب مع �أخالقيات الر�س��ول (�ص) التي ن�ص عليها القر�آن وال مع �أ�سلوبه الرتبوي 34
النقطة الثانية: ه��ذه الرواي��ات توح��ي ب ��أن عنا�ص��ر االنح��راف يف امل��ر�أة �أك�ثر منه��ا يف الرج��ل بينم��ا احلقيق��ة ه��ي عك���س ذل��ك بع��د ذل��ك ول��ج الع��ايل يف الأجوبة التف�صيلية للإ�ش��كال الآنف الذكر والتي �أوله��ا ع��دم ورود رواي��ات تخ���ص �أب��واب وطري��ق الن��ار بذك��ورة �أو �أنوث��ة ب��ل وج��ود رواي��ات تخ���ص ذلك ب�أ�س��باب روحية ال ترتبط بجن���س معني وباالنتق��ال للج��واب التف�صيل��ي �آخ��ر فق��د ب�ين الع��ايل ب�أن��ه ميك��ن �إيج��اد تف�س�ير خم��رج للرواي��ات مو�ض��ع الإ�ش��كال والت��ي تفي��د ب��أن �أكرث �أه��ل النار من الن�ساء� ،إذ و�ضح �سماحته ب�أن هناك فرقا كبريا بني �أن تقول ب�أن �أكرث الن�س��اء يف الن��ار و�أن تق��ول ب��أن �أك�ثر �أهل النار من الن�س��اء
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ويف ذات ال�صعي��د ب�ين الع��ايل ب��أن رواي��ات �أه��ل البي��ت تفيد ب��أن �أكرث �أهل الن��ار م��ن الن�س��اء �إال �أن �أك�ثر �أه��ل اجلن��ة م��ن الن�س��اء �أي�ض��ا ،لأن جمم��وع الن�س��اء �أك�ثر يف الدني��ا
ك��ن �أف�ض��ل م��ن الرج��ال ،وك��ن �س��بيال يف عل��و �أزواجه��ن ورجاله��ن.
بع��د ذل��ك ب�ين الع��ايل ب��أن ال��كالم ال��ذي يث�يره البع���ض مدعي��ا ب��أن عوامل االنحراف يف املر�أة �أكرث منها يف الرجل (ب�سبب وفرة العاطفة يف املر�أة ) كالم في��ه نظ��ر� ،إذ �أن اهلل تع��اىل �إن من��ح عب��دا غري��زة م��ا ،ف�س��يعو�ضه ب�ضابطة ت�ضبط هذه الغريزة ،وهنا جند ب�أن اهلل تعاىل �أعطى املر�أة لذة �أك�بر لكنه عو�ضه��ا بحياء �أكرب بع��د ذل��ك خل���ص الع��ايل �إىل �أن النظ��رة للم��ر�أة يف الإ�س�لام ه��ي نظ��رة خ�ير ولي�س��ت نظ��رة �ش��ر كم��ا يدع��ي امل�ش��كلون والذي��ن ق��ر�أوا بع���ض الآي��ات والرواي��ات ح��ول امل��ر�أة ق��راءة مغلوط��ة ،وال�صحي��ح ب ��أن امل��ر�أة كالرج��ل يف طري��ق التكام��ل ،ب��ل �س��طر التاري��خ ن�س��اء 35
09 MOHARAM DAY
التوبةجهادروحاني وســـــــــيـر مـعـــــــنوي
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
التوبةجهادروحاني وســـــــــيـر مـعـــــــنوي يف الليل��ة التا�س��عة م��ن حم��رم وه��ي الليل��ة املخ�صو�ص��ة لعل��ي الأك�بر (عليه ال�س�لام) ارتق��ى من�بر م��أمت ال�سناب���س �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل ويف حدي��ث قيم ح��ول التوبة وق��د ب��د�أ �س��ماحة ال�ش��يخ الع��ايل بالآي��ة الكرمي��ة (( َو َل ْي َ�س� ِ�ت ال َّت ْو َب� ُة ِل َّل ِذي��نَ ات َح َّت��ى ِ�إ َذا َح َ�ض � َر �أَ َح َد ُه� ُ�م ْ َال � ْوتُ َق� َ �ال ِ�إ ِّن ُت ْب� ُ�ت الآنَ َو َال ال�س � ِّي َئ ِ َي ْع َم ُل��ونَ َّ ا َّل ِذي��نَ َ ُيو ُت��ونَ َو ُه� ْ�م ُك َّف��ا ٌر ُ�أ ْو َل ِئ� َ�ك َ�أ ْعت َْد َن��ا َل ُه ْم َع َذا ًب��ا َ�أ ِلي ًما)) و ب��د�أ الع��ايل حديث��ه ب�س��ؤال مف��اده م��ا ه��ي حقيق��ة التوب��ة وكي��ف ي�س��يطر ال�ش��يطان عل��ى الإن�س��ان ؟
و ب��د�أ �س��ماحته بتحلي��ل تركيبة االن�س��ان النف�س��ية و البدني��ة وقال �إن هناك بدنني له بدن غليظ و بدن طاقي م�س�ؤول عن الطاقات يف االن�سان و ق��ال �س��ماحته ب��أن الغ�ض��ب وال�ش��هوة م�س��ؤول عنه��ا الب��دن الطاق��ي و ه��ي غري مرئية ث��م �أف��اد �س��ماحته ب�أن��ه ي�س��تطيع �أن ي�س��يطر ال�ش��يطان عل��ى االن�س��ان م��ن خ�لال الب��دن الطاقي وعلى االن�سان �أن يركز على العامل النف�سي لكي يظهر يف العامل اخلارجي 37
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
بع��د ذل��ك و�ض��ح الع��ايل ب ��أن بع���ض النا���س يتعب��ون �أنف�س��هم يف الأم��ور الفيزيائي��ة و ه��ذا لي���س كايف �إذ �أن التوب��ة تك��ون م��ن الداخ��ل يف الب��دن الطاق��ي ث��م تظه��ر اىل الب��دن اخلارج��ي ث��م �أورد الع��ايل �إ�ش��كالية مث��ارة مفاده��ا ه��ل �أن ه��ل يزي��د و �ش��مر و حرملة تقبل توبتهم �إذا �أرادوا التوبة ؟ وهنا �أجاب �سماحته �أن توبتهم تكون م�شروطة با�ستطاعتهم على التوبة ويف ذات ال�صعي��د� ،أث��ار �س��ماحته �س��ؤاال �آخ��ر ه��ل �أن يزي��د و�ش��مر وحرملة قادرين على التوبة �أم ال ؟ وهن��ا ق��ال �س��ماحته ب�أنه��م ال ي�س��تطيعون �أن يتوب��وا ب�س��بب �أفعاله��م القدرة الت��ي �س��لبتهم االختي��ار يف حياته��م لأن كل �ش��خ�ص يف الوج��ود ه��و خم�ير 38
ولك��ن ت��زداد ه��ذه الق��درة وتنق���ص عن��د بع���ض الأ�ش��خا�ص تبع��ا لأعم��ال ال�ش��خ�ص �أي كلم��ا �أذن��ب ال�ش��خ�ص كلم��ا �س��لب ق��درة االختي��ار
10 MOHARAM DAY
سرمقاتلةالحسين مععلمـهبالقتـلالمحتـوم )عليه السالم)
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
سرمقاتلةالحسين مععلمـهبالقتـلالمحتـوم )عليه السالم)
يف ليل��ة ذك��رى امللحم��ة احل�س��ينية اخلال��دة ا�صط��ف ع�ش��رات الأل��وف م��ن الذائبني يف حب احل�س�ين (عليه ال�س�لام) ،رجاال ون�س��اء ،كبارا و�صغارا، �ش��يبا و�ش��بابا ،ليوا�س��ون الإم��ام �صاح��ب الع�ص��ر والزم��ان مب�ص��اب ج��ده (عليهما ال�س�لام). وارتق��ى من�بر م ��أمت ال�سناب���س يف ليل��ة عا�ش��وراء اخلطي��ب احل�س��يني �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل وال��ذي �أفج��ع احل�ض��ور بنعيه املق��رح للقلوب يف ق��راءة املقت��ل املفج��ع ،يف الوق��ت ال��ذي خ�ص���ص مو�ض��وع جمل�س��ه قبي��ل ذلك للحديث حتت عنوان (�سر مقاتلة احل�سني مع علمه بالقتل املحتوم).
ويف بداي��ة حديث��ه ذ َّك��ر الع��ايل احلا�ضرين ب�أنه م��ن �أبجديات كربالء علم احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) مبقتل��ه �إال �أن��ه كان يت�صرف وك�أن��ه ال يعلم بقتله احلتمي ومل يي�س��ر الت�صرف مع امل�س��ألة ،وهذا يبدو خالف العلم احلتمي بوقوع القتل والعلم بالن�صر الع�سكري لأعداءه ،وهذه ق�ضية حتتاج لتف�سري هو مو�ضوع البحث.
وافتت��ح �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل مو�ضوع��ه بق��ول الإم��ام احل�س�ين
بعد ذلك بني العايل ب�أن هذه امل�س�ألة لها عدة �أجوبة هي كالتايل:
40
(عليه ال�س�لام) ال�ش��هري(( :ك�أين ب�أو�صايل تقطعها ع�س�لان الفلوات بني النواوي���س وكرب�لاء))
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
اجلواب الأول: هناك اختالف وا�ضح بني حتمية وقوع ال�شئ وال�سعي لكمال ال�شئ نف�سه �إذ مل يك��ن احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) ي�س��عى لتبدي��ل النتيجة الع�س��كرية بل نالحظ ال�سعي احل�سيني لإبراز الكماالت يف احل�سني و�أ�صحابه كم��ا �أن هن��اك ف��رق وا�ضح بني الن�صر والفتح ،فاحل�س�ين (عليه ال�س�لام) �سعى للفتح ال للن�صر
اجلواب الثالث: هناك �أمور كثرية حتمية عامة لكنها غري حتمية يف التفا�صيل فالإم��ام احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) كان قتل��ه حتمي��ا لك��ن طريق��ة ذل��ك القت��ل مل تك��ن حتمي��ة وم��ن هن��ا �أراد احل�س�ين �أن ُيقت��ل به��ذه الطريق��ة التي تله��ب القلوب وجتلب التفاعل
اجلواب الثاين: هن��اك ق�ضي��ة مرتبط��ة ب�ـ (الب��داء)� ،إذ �أن �إمكاني��ة التغي�ير يف الأم��ور احلتمية متجلية يف اهلل تعاىل والذي له ال�سلطان يف التغيري حتى للحتميات فاحل�س�ين (عليه ال�س�لام) كان متعلقا مب�س��بب الأ�س��باب �س��بحانه وتعاىل والذي هو فوق كل الأ�سباب ولديه �سلطان تغيري الأمور حتى احلتمية منها
اجلواب الرابع: ميك��ن الق��ول ب��أن مقاوم��ة احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) �س��اهمت يف الهزمي��ة الأخالقي��ة لأع��داءه وه��ذا م��ن منطل��ق الأه��داف اال�س�تراتيجية البعي��دة امل��دى للح�س�ين (علي��ه ال�س�لام) ال��ذي �ش��اء �أن تظه��ر م��ع الوق��ت �صورت��ه الف�ضيلي��ة و�ص��ورة �أع��داءه الرذيلي��ة 41
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
وخ ُل���ص الع��ايل ب��أن احل�س�ين (عليه ال�س�لام) مل يكن ي�س��عى لتبديل القتل املحتوم والن�صر الع�سكري بقدر ما ي�سعى لإحياء الوهج الثوري احل�سيني عل��ى م��ر الزم��ان� ،إذ �أن ثورت��ه املبارك��ة كالق��ر�آن ال يزي��د م��ع م��ر الزم��ان �إال غ�ضا�ض��ة ،رغ��م وحدته املفجعة وقلة نا�صريه.
42
13 MOHARAM DAY
عقيــــــدة الرجـعـــــــــــــة.. وحقيــقـــــــة دابـــــــة األرض
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
عقيــــــدة الرجـعـــــــــــــة.. وحقيــقـــــــة دابـــــــة األرض يف الليل��ة الثالث��ة ع�ش��رة م��ن حم��رم ويف خت��ام جمال���س مو�س��م عا�ش��وراء لع��ام 1436ه�ـ ارتق��ى من�بر م��أمت ال�سناب���س اخلطي��ب احل�س��يني �س��ماحة ال�شيخ ح�سن العايل والذي خ�ص�ص جمل�سه للحديث حول عقيدة الرجعة وداب��ة الأر�ض. وبع��د �أبي��ات نع��ي املقدم��ة ،افتت��ح �س��ماحة ال�ش��يخ ح�س��ن الع��ايل مو�ضوع��ه بالآي��ة الكرمي��ة ((و�إذا وق��ع الق��ول عليه��م �أخرجن��ا له��م داب��ة م��ن الأر���ض تكلمه��م �أن النا���س كان��وا ب�آياتن��ا ال ي�ؤمن��ون)). بع��د ذل��ك ،ويف مقدم��ة بحث��ه ،ت�س��اءل الع��ايل :ه��ل �أن الرجع��ة مو�ض��وع 44
عقائ��دي خا���ص بال�ش��يعة �أم هو قر�آين �إ�س�لامي �أم ه��و �أدياين يعم الأديان ال�سماوية؟ وقب��ل �إجابت��ه عل��ى ه��ذا ال�س ��ؤال ،ب�ين الع��ايل ب ��أن البع���ض �أخط ��أ حينم��ا و�صم الت�ش��يع بالت�أثر باليهودية ،ب�س��بب اتفاقهما يف عقيدة الرجعة ،رغم �أن��ه الب��د �أ�سا�س��ا م��ن اتف��اق اليهودي��ة والإ�س�لام يف بع���ض الأم��ور الديني��ة الفطري��ة. و�أم��ا يف معر���ض �إجابت��ه عل��ى �س ��ؤال املقدم��ة ،ب�ين الع��ايل ب ��أن امل�س��لمني ومب��ا فيه��م العام��ة ا�س��تفادوا من �آية دابة الأر���ض معلومة مفادها ب�أن دابة
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
الأر���ض لي�س��ت له��ا والدة جدي��دة و�إمن��ا له��ا خ��روج ورمب��ا خروج��ات وه��ي موج��ودة خملوقة �س��لفا. �إال �أن الع��ايل و�ض��ح يف ذات ال�س��ياق ب��أن العام��ة رغ��م اعرتافه��م بخ��روج داب��ة الأر���ض يف ع��امل رجع��ة م��ا� ،إال �أنه��م �أخط��أوا يف تبي�ين ماهي��ة داب��ة الأر���ض وو�صفوه��ا ب�أنه��ا حي��وان وجعل��وا له��ا �أدوارا عظيم��ة ج��دا ال تنبغ��ي حلي��وان ،وهن��اك فئ��ة �أخ��رى م��ن علماء العام��ة ادعت ب�أنها ال تعرف �ش��يئا عن هوية دابة الأر�ض بحجة �أن الروايات حولها �آحاد ،بينما الواقع هو �أن رواي��ات داب��ة الأر�ض كث�يرة جدا! بع��د ذل��ك ،ب�ين الع��ايل ب��أن �صف��ات داب��ة الأر���ض يف رواي��ات �أه��ل البي��ت (عليهم ال�سالم) هي �أنها لها رجعة وتخرج من قرب عدة مرات وال تولد، كم��ا �أنه��ا حج��ة هادية بل ه��ي حجة احلجج.
ويف ذات ال�س��ياق ،تو�س��ع الع��ايل يف �س��رد رواي��ات عالق��ة �أم�ير امل�ؤمن�ين (علي��ه ال�س�لام) بداب��ة الأر���ض والت��ي يتبني منها جليا ب��أن دابة الأر�ض ما هي �إال �أمري امل�ؤمنني (عليه ال�سالم) والذي �سيكون له َك ّرات ورجعات كما و�صف نف�س��ه (عليه ال�سالم). ويف حم��ور �آخ��ر ،ط��رح الع��ايل �س��ؤاال ح��ول علة رجع��ة املع�صوم�ين (عليهم ال�س�لام) والهدف من وراءها. ويف ال�س��ياق عين��ه� ،أف��اد الع��ايل ب�أن��ه �س��يكتفي بج��واب واح��د ح��ول اله��دف م��ن رجع��ة املع�صوم�ين (عليه��م ال�س�لام)� ،إذ ق��ال �س��ماحته ب�أن��ه م��ن �أه��داف ه��ذه الرجع��ة ه��و االنت�ص��ار املب�ين للم�ؤمن�ين ،وال��ذي ه��و وع��د ق��ر�آين الب��د ل��ه �أن يتحق��ق ،وه��و اله��دف ذات��ه ال��ذي نب��ه ب��ه �أم�ير امل�ؤمن�ين (علي��ه ال�س�لام) يف بع���ض �أحاديث��ه ،وه��و �أي�ض��ا م��ا 45
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
يطلب��ه امل�ؤمن��ون يف ن���ص زي��ارة الإم��ام امله��دي (علي��ه ال�س�لام). ث��م ب�ين الع��ايل ب��أن ه��ذا االنت�ص��ار املن�ش��ود يف ع��امل الرجع��ة ه��و انت�ص��ار كلي �شامل تام ال نق�صان فيه ،كما �أنه انت�صار على ال�شيطان نف�سه الذي �أمهل��ه اهلل تع��اىل لي��وم الوق��ت املعل��وم وال��ذي ه��و ي��وم �آخ��ر رجع��ة لأم�ير امل�ؤمن�ين (علي��ه ال�س�لام) كم��ا بينت��ه الروايات. ختام��ا� ،أورد الع��ايل معلوم��ة مهم��ة مفاده��ا ب��أن للح�س�ين (علي��ه ال�س�لام) رجعات وله ُملك يف عامل الرجعة ،و�سيتحقق له (عليه ال�سالم) االنت�صار املبني يف عامل الرجعة �أي�ضا.
46
صادر عن المركز اإلعالمي بمأتم السنابس