جوهرة األصول خمتصر مسائل أصول الفقه
أنور غين املوسوي
جوهرة األصول د .أنور غين املوسوي احللي الطبعة الثانية دار أقواس للنشر العراق 1441 الطبعة االوىل العراق – احللة 1437-
احملتوايت
احملتوايت 1 .................................................................................................... املقدمة 4 ...................................................................................................... متهيد 5 ....................................................................................................... االمر االول :يف موضوع علم االصول و تعريفه 5 ......................................................... االمر الثاين يف الوضع 11 ................................................................................. اجلهة االوىل :منشأ العلقة بني اللفظ و معناه 11 ..................................................... اجلهة الثانية :يف بيان حقيقة الوضع 12 ............................................................... اجلهة الثالثة :يف اقسام الوضع 12 .................................................................... اجلهة الرابعة يف املعاين احلرفية 13 .................................................................... االمر الثالث يف االستعمال 16 ........................................................................ الفصل االول يف احلقيقة و اجملاز16 .................................................................. الفصل الثاين يف استعمال اللفظ يف اللفظ 17 ......................................................... الفصل الثالث يف قيدية اإلرادة ملعىن األلفاظ وعدمها 19 .............................................. الفصل الرابع يف وضع املركبات 19 .................................................................... الفصل اخلامس يف عالمات احلقيقة20 .............................................................. . الفصل السادس يف احلقيقة الشرعية23 ................................................................ الفصل السابع يف الصحيح واالعم 23 ................................................................ الفصل الثامن يف االشرتاك اللفظي 27 ................................................................. الفصل التاسع يف املشتق 30 .......................................................................... املقصد االول :مباحث االلفاظ 32 .......................................................................... املبحث االول :االوامر 32 ............................................................................... الفصل االول :يف مادة االمر 33 ..................................................................... الفصل الثاين :يف صيغة االمر 34 .................................................................... 1
الفصل الثالث :اقسام الواجب 44 ................................................................... املبحث الثاين :النواهي 52 ............................................................................... الفصل االول يف معىن النهي52 ....................................................................... الفصل الثاين :داللة النهي على الفورية و االستمرارية 52 ............................................. الفصل الثالث :اجتماع االمر و النهي يف واحد 53 .................................................. املبحث الثالث :املفاهيم54 .............................................................................. الفصل االول :مفهوم الشرط 55 ..................................................................... الفصل الثاين :مفهوم الوصف 57 .................................................................... الفصل الثالث :مفهوم الغاية 58 ..................................................................... الفصل الرابع يف مفهوم احلصر59 .................................................................... الفصل اخلامس يف مفهوم اللقب والعدد 59 .......................................................... املبحث الرابع :العام و اخلاص 60 ........................................................................ املبحث اخلامس :املطلق و املقيد و اجململ و املبني 64 .................................................... املقصد الثاين املالزمات العقلية ( غري املستقلة ) 67 .......................................................... االمر االول :االجزاء 67 ............................................................................. االمر الثاين :مقدمة الواجب70 ...................................................................... االمر الثالث :اقتضاء االمر ابلشيء النهي عن ضده 75 .............................................. االمر الرابع :النهي عن الشيء هل يوجب الفساد 77 ................................................ املقصد الثالث يف ما يصح االعتذار به 78 ................................................................... املوضع االول :ما يكون معتربا يف نفسه وهو القطع 78 ................................................... االمر االول :حقيقة القطع و حجيته 78 ............................................................ االمر الثاين :التجري 78 ............................................................................. االمر الثالث :اقسام القطع 79 ...................................................................... االمر الرابع :اخذ القطع حبكم يف موضوع نفسه او مثله او ضده 81 ................................. االمر اخلامس :املوافقة االلتزامية 81 .................................................................. االمر السادس :القطع احلاصل من العقليات و قطع القطاع82 ....................................... االمر السابع :العلم االمجايل و بعض ما يتعلق به 83 ................................................. االمر الثامن االمتثال االمجايل 85 ..................................................................... املوضع الثاين :ما يصح االعتذار به من جهة الكشف (االمارات) 86 .................................... االمر االول :امكان التعبد بغري العلم 86 ............................................................. االمر الثاين :اصالة عدم االعتبار و عم صحة االعتذار 88 ........................................... الفصل االول :الظواهر 91 ........................................................................... 2
الفصل الثاين االمجاع 92 .............................................................................. الفصل الثالث الشهرة 93 ............................................................................. الفصل الرابع اخلرب الواحد 93 ......................................................................... الفصل اخلامس االجتهاد و التقليد 95 ................................................................ املوضع الثالث االصول العملية 96 ........................................................................ الفصل االول :الرباءة 97 ............................................................................. الفصل الثاين :اصالة التخيري98 ...................................................................... الفصل الثالث :االحتياط 100 ...................................................................... املقام االول :يف املتباينني 103 ....................................................................... املقام الثاين يف دوران االمر بني االقل و االكثر 111 .................................................. الفصل الرابع االستصحاب 113 ...................................................................... املقام االول :االدلة على حجية االستصحاب 115 ................................................... املقام الثاين تقدي االستصحاب على سائر االصول العملية 118 ...................................... املقصد الرابع التعارض 118 .................................................................................. فصل :حكم املتعارضني بعد التكافؤ120 ................................................................ فصل :موضوع حكم التعارض 121 ..................................................................... و احلمد هلل رب العاملني121 ................................................................................ .
3
املقدمة بسم هللا الرمحن الرحيم احلمد هلل رب العاملني و الصالة و السالم على خري خلقه حممد و اله الطيبني الطاهرين . ان كتاب هتذيب االصول للفقيه اجملتهد السيد عبد االعلى السبزواري رمحه هللا تعاىل هو من افضل ما كتب يف هذا العلم بناء و مضموان معتمدا التهذيب و االختزال و لقد ادرجت تعليقيت على الكتاب و تعليقات اخرى و اضفت بعض املسائل و الفروع فكان هذا املؤلف املختصر و امسيته ابجلوهرة المور ثالثة : االول :اعتماد االختصار و االختزال مع احلفاظ على جوهر املطالب الثاين :اعتماد احلقائق و املعارف العقالئية و العرفية بعيدا عن الدقيات العقلية غري املثمرة . الثالث :عرض املسائل على مباحث الفقه و مبا حيقق مباحث تطبيقية عملية مركزة كمقدمة لعملية االستنباط . و هللا املسدد .
4
متهيد ىف بيان امور
االمر االول :يف موضوع علم االصول و تعريفه مسالة :لكل علم مبادئ هي ما يتوقف عليها التصديق مبسائل الفن وهي اما تصورية ترجع اىل حدود املسائل او تصديقية يتوقف عليه التصديق بثبوت حمموالهتا ملوضوعاهتا . مسالة :مبادئ علم اصول الفقه من تصورية و تصديقية قد تكون لغوية او عرفية او عقلية ،او مستحدثة شرعية و كل ذلك ظاهر للوجدان . مسالة :املعروف لزوم املوضوع للعلم و وجه ابن وحدة العلم تدور مدار وحدة موضوعه .و فيه انه ال ريب ان الوحدة ال تنحصر بوحدة املوضوع و ميكن اعتبار الوحدة فيه ابي وجه امكن .بل ما هو ظاهر هو عدم اعتبار رجوع املسائل اىل موضوع واحد ،فان العلم هو جمموعة احباث منظمة وفق منهج واضح يف ميدان معني تؤدي اىل قواعد عامة متناسقة .و اما التميز فالظاهر للوجدان انه نتاج متيز منهج البحث و ميدانه و القواعد املستحصلة فيه ،فان اريد ابملوضوع ذلك امليدان املتميز عرفا فهو و اال فال دليل على اعتباره . مسالة :قيل أن موضوع كل علم ،عبارة عما يكون أهل الفن بصدد بيانه ، من اجلهات املنظورة يف الفن واحليثية املقصودة .وفيه ان البحث املنهجي العلمي امنا يكون يف موضوع معني وهو النظام املتناسق سواء كان مركبا ام مفردا لغرض الوصول اىل قواعد عامة خبصوصه ،و هبذا ميكن تعريف موضوع العلم انه النظام املعني الذي يتناوله البحث العلمي بغية الوصول اىل نظام من القواعد املتعلقة به اذ ال مانع ان يكون مركبا اذا ما اعترب يف موضوع العلم هو التعيني الناتج عن التناسق العايل بني االجزاء وهو ال 5
يتعارض مع غاية حتصيل القواعد العامة .فالعلم امنا هو حبث مسائلي كبري مقارنة ابلبحث املسائلي الصغري الذي هو جزء من البحث العلمي و ال ريب و ال اشكال يف تناول البحث املسائلي لالمور االعتبارية و املركبة . مسالة :قيل ان موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية وان العارض الذايت ،هو ما يعرض الشئ لذاته أو جلزئه املساوى وهو الفصل ، والعارض الغريب مبا يعرضه ،بواسطة اجلزء االعم ،أو امر خارجي سواء كان اخص أو اعم أو املساوى .و اشكل عليه ان حمموالت املسائل ال تنتزع عن ذات املوضوع غالبا ،لذا عدل البعض اىل ان املراد ابلعرض الذايت ما ال يصح سلبه عن املوضوع وان كان العروض بواسطة و ما صح سلبه عنه يكون غريبا وهذا هو الظاهر عرفا اذ من الواضح رسوخ و بداهة سعي العقالء اىل تصنيف االشياء و ذلك ابلبحث عن املميز و املشرتك ،ومع ان العرف العقالئي مييز بني ما يثبت للشيء بذاته و ما يثبت له ابالعم منه ،اال انه يرى ان يثبت هبما هو من العروض احلقيقي ( أي ما ال يصح سلبه) يف مقابلة ما يثبت لالعم ابالخص ابنه ليس حقيقيا ( أي يصح سلبه عنه ) وعلى هذا فال اشكال – وفق تعريف الذايت ابنه ما ال يصح سلبه -يف ذاتية ما يعرض للشيء بواسطة االعم و اما ما يتصف به االخص فانه ال يكون عروضا للشيء فضال عن ان يكون ذاتيا اال ابحراز تعليلية املمييز اخلاص واالصل تقييديته كما هو ظاهر .و ال ينفع االحتاد وجودا اذ انه ال يستلزم ان يكون العارض الحد املتحدين عارضا لالخر فضال عن ان يكون ذاتيا له ،و ملا تقدم و سيايت ستعرف ان هذا البحث اصبح هامشيا و اترخييا يف االحباث االصولية احلديثة . مسالة :قيل ان متايز العلوم بتمايز املوضوعات ،فاشكل أبنه قد يكون االمر الواحد موضوعا لعلوم متعددة مثل العلوم العربية لكنهم دفعوا هذا 6
االشكال بقوهلم :ان متايز املوضوعات بتمايز احليثيات ،وقيل أن متايز العلوم إمنا هو ابختالف االغراض الداعية إىل التدوين وفيه انه يلزم ان يكون كل ابب بل كل مسألة علما على حدة ،وقيل ان منشأ وحدة العلوم امنا هو تسانخ القضااي املتشته الىت يناسب بعضها بعضا فهذه السنخية والتناسب موجودة يف جوهر تلك القضااي وحقيقتها وال حتتاج إىل التعليل ،اقول ان وحدة العلم كما هو ظاهر هي نتيجة التناسق الوظيفي يف منهج البحث و ميدان العمل و النتائج احملصلة .فال بد من حصول ذلك التناسق يف تلك اجلهات الثالثة .وهذا ال مينع من حصوله يف غريها ،وهذا هو املوافق ملضامني التعاريف احلديثة فان العلم هو جمموعة احباث منظمة وفق منهج واضح يف ميدان معني تؤدي اىل قواعد عامة متناسقة . مسالة :موضوع علم االصول هو ادلة الفقه مبا هي ادلة له ،قال السيد املرتضى رضوان هللا تعاىل عليه أصول الفقه :هو الكالم يف تصحيح أدلة الفقه على جهة اجلملة .وقال الشيخ الطوسي رضوان هللا تعاىل عليه أصول الفقه هي أدلة الفقه ،قال السيد أن الكالم يف أصول الفقه إمنا هو على احلقيقة كالم يف أدلة الفقه ،يدل على أان إذا أتملنا ما يسمى أبنه أصول الفقه ،وجدانه ال خيرج من أن يكون موصال إىل العلم ابلفقه أو متعلقا به وطريقا إىل ما هذه صفته ،وإالختبار حيقق ذلك .اقول عرفت انه ال يشرتط يف البحث يف العلم ان ينحصر يف العوارض الذاتية ملوضوعه و من هنا فال يكون لكثري من االيرادات التالية جمال اذ اهنا تعتمد على املخالفة ل لتعريف املشهور ،و ال خيفى ان ذلك التبين التقليدي لتعريف ال دليل عليه و وانكار ما هو مصدق ابلواقع و الوجدان ليس لشيء اال ملوافقة التعريف امنا هو من املعارف الالعلمية اليت احنرفت ابلبحث االصويل عن مساره الصحيح املبتين على تصديق الوجدان و العرف ، 7
حىت ان البعض جعل علم االصول شيئا كليا ال اسم له و بعضهم انكر ان يكون له موضوع فالحظ مدى اهلبوط احلاصل نتيجة اقحام النظر الفلسفي الالواقعي و الالعلمي يف احباث العلوم . مسالة :بعد ان قد بينا ان موضوع العلم هو امليدان الذي يبحث فيه وفق منهج معني الجل حتقيق نظام القواعد املتناسقة و انه ال مربر الن يكون البحث يف العلم عن العوارض الذاتية ملوضوعه ،وان موضوع علم االصول هو ادلة الفقه فانه ال اشكال يف كون حبث حجية خرب الواحد و غريه مما له عالقة و مدخلية يف حتقيق ذلك النظام القواعدي املتناسق هي من حبوث علم االصول فانه ال مربر للعدول اىل القول ان موضوعه االدلة مبا هي هي او انه الكلي املنطبق على موضوعات . مسالة : 9قيل ان موضوع علم االصول هو احلجة يف الفقه وفيه اهنا ميكن ان تشمل كل ما هو معترب يف الفقه فتكون ذات تكثر و انتشار مما جيعل القول بتحقق التناسق املطلوب يف النظام غري متيسر ،اما ادلة الفقه فاهنا متميزة و التناسق بينها عاىل بل ميكن قصدها كنظام واحد متميز عرفا و اختصاصا ،و يكون البحث فيها و فيما يتعلق هبا من حجج هو من احباث علم االصول لتعلقه مبوضوعه كما ان ذلك هو املصدق عرفا و وجداان . مسالة :قال السيد املرتضى رضوان هللا تعاىل عليه أصول الفقه :هو الكالم يف تصحيح أدلة الفقه على جهة اجلملة .و قيل انه علم يبحث فيه عن قواعد تقع نتيجتها يف طرق استنباط احلكم الشرعي و قيل انه العلم الباحث عن القانون املعترب حجة يف الفقه ،و قد عرفت ما يف االخريين لعدم اقتصار البحث فيه على تلك القواعد وعدم مشول حبثه
8
لكل ما هو حجة يف الفقه و من هنا ميكن القول ان علم االصول هو العلم الباحث يف ادلة الفقه . مسالة :قيل ان علم االصول هو قواعد معتربة تستعمل يف استفادة االحكام االهلية و قيل انه العلم ابلقواعد املمهدة الستنباط االحكام الشرعية.و لكن من املعلوم ان العلم ليس القواعد وال العلم هبا بل هو جمموعة االحباث و الدراسات املتعلقة مبوضوعه ،فاالنسب ذكر هذه التعاريف يف احباث اتريخ علم االصول و تطوره . مسالة :هناك تناوالن واضحان للمنهج يف كلمات من تعرض له من االصوليني :االول هو بيان كيفية التوصل اىل القواعد يف علم االصول ، وهذا هو املناسب ملعناه لغة و عرفا حيث انه طريقة البحث ،و الثاين هو بيان منهجية تبويب املباحث . مسالة :ال ريب يف اتثر منهج البحث مببادئه و قد عرفت ان مبادئ علم االصول قد تكون عقلية او عرفية او لغوية او شرعية مستحدثة .،و من هنا ميكن القول ان منهج علم االصول هو املنهج الشرعي ابملعىن االعم ، و من هنا يظهر االشكال يف اشرتاط قطعية املعرفة يف احباث اصول الفقه ، و الظاهر هو كفاية وجدانية املعرفة العرفية او اللغوية و الشرعية أي حتقيقيها للمربرات العقالئية لدرجة عالية من االستقرار اليت ال يتطرق اليها االحتمال كما انه يظهر االشكال يف اعتماد املعرفة العقلية الدقية غري املصدقة ابلوجدان . مسالة :قيل ان ضابط املسالة االصولية هو الوقوع يف طريق االستنباط و قيل هو الوقوع يف طريق االستنباط او ما ينتهي اليه العمل و قيل وقوع نتيجتها كربى القياس لكن عرفت فيما تقدم ما يشهد له الوجدان و العرف ان العلم ما هو اال جمموعة حبوث مسائلية جزئية ،فاملعترب يف وحدة 9
العلم هو املعترب يف حبوثه املسائلية ،و على هذا لكي يكون البحث املعني من حبوث العلم ال بد ان يستويف اخلصوصية املعلومة لذلك العلم يف اجلهات الثالثة أي املنهج و املوضوع و نظام القواعد ،و من هنا فالبحث املسائلي هو البحث وفق املنهج املقرر يف جهة من جهات موضوع العلم لغرض التكامل يف نظام القواعد املتعلقة به ،و حلقيقة كون ان منهج علم االصول هو املنهج الشرعي ابملعىن االعم وان موضوعه هو ادلة الفقه ، فيمكن تعريف املسالة االصولية ابهنا البحث وفق املنهج الشرعي يف جهة من جهات ادلة الفقه الجل التكامل يف نظام القواعد اخلاص بتلك االدلة . مسالة :كل موضوع مسائلي جيب ان يبحث من جهتني ،الشارعية ابنه معترب شرعا ،و الوظيفية مبا هو وسيلة و مقدمة لالستنباط ،و حيث ان البحث العلمي املوافق لطبيعة االدراك التحليلية ال يتناول صفات الكيان اال بعد اثبات وجوده ،فالبحث االصويل لكل موضوع وسائلي يرتتب ابلشكل التايل :اوال :البحث التعريفي ،اثنيا :البحث الشارعي واثلثا :البحث الوسائلي .والن منهج االصول هو املنهج الشرعي الذي هو نظام قانوين و كل نظام قانوين فيه معتربات ال ريب يف حجيتها هي املعتربات االولية و معتربات تكون حجيتها متفرعة عن االوىل هي املعتربات الثانوية فمن املفروض تقدمي االوىل على الثانية يف البحث لكن املنهج التقليدي يف تبويب املباحث االصولية هو البدء ابملقدمة مث مباحث االلفاظ مث مباحث احلجة مث اخلامتة يف التعادل والرتاجيح و يف هذا الكتاب سنسري وفق املنهج املعروف.
10
االمر الثاين يف الوضع اجلهة االوىل :منشأ العلقة بني اللفظ و معناه مسالة :من الواضح ان مركز البحث هو ان اختيار املعىن املعني للفظ املعني عن مناسبة ام ال ،أي انه اعتباطي ام ملناسبة ،و ال فرق يف ان تكون هذه املناسبة ذاتية للفظ ام ال ،و من الواضح ان دعوى وجود املناسبة الذاتية بني االلفاظ ومعانيها قبل الوضع مما يبطله الوجدان ،كما ان اعتباطية ختصيص اللفظ ابملعىن ايضا خمالف للوجدان ،فاملناسبة ميكن ان تتسع بسعة التجربة االنسانية فيمكن ان تكون مادية او اعتقادية او اعتبارية و ميكن ان تكون ومهية و خيالية ،اال اهنا مناسبة تصحح االختيار يف نظر الواضع وهذا وجداين . مسالة :وجه القول ابملناسبة الذاتية ابنه من دون القول ابملناسبة الذاتية لتساوت املعاين ابلنسبة إىل اللفظ و يلزم التخصيص من غري خمصص وفيه منع إحنصار املناسبة فيما ذكر فاهنا تتسع بسعة التجربة االنسانية فيمكن ان تكون مادية و ميكن ان تكون اعتقادية و فكرية او اعتبارية و ميكن ان تكون ومهية و خيالية ،اال اهنا مناسبة تصحح االختيار يف نظر الواضع وهذا وجداين . مسالة :ان ما نراه من وجدان االنتقاء و االنتخاب و التخصيص ال جمال لنكرانه كسلوك عام للعقالء فالالاعتباطية هي من اضح وجوه سريهتم ،و اعتباطية التخصيص امنا شذوذ و خروج عن هذه السري .كما ان حقيقة ان جهات اخرى صوتية و شعورية و رمزية و شكلية تتحكم يف االنتقاء ،و اليت تكون على مستوايت وجودية تتسع بسعة النفس االنسانية تضعف القول ابالعتباطية اذ ان املناسبة ممكن ان تكون خفيفة املؤنة اىل احلد 11
الذي ميكن القول ابمتناع ختلفها ،ومن هنا يظهر جليا ان القول ابالعتتباطية خمالف للوجدان . اجلهة الثانية :يف بيان حقيقة الوضع مسالة :الوضع هو ختصيص اللفظ ابملعىن ،و عنه ينتج االختصاص فاالختصاص نتيجة الوضع و ليس هو ،و بفعل كثرة االستعمال تنتج الداللة ،وهذا ظاهر ،و من هنا يظهر ضعف ما قيل انه جعل الداللة بتعهد او من دون تعهد . مسالة :إن العلقة الوضعية هي حنو من االرتباط احلاصل بني املرآة ومرئيه حبيث ال يلتفت اىل اثنينيتهما كما يشهد له الوجدان السليم والذوق املستقيم و هي تنتج عن كثرة محل اللفظ على املعىن مما يؤدي اىل حصول االندماج بني صوريت اللفظ واملعىن ،فصار اللفظ وجها للمعىن فانيا فيه واملعىن تتجلى صورته من نفس صورة اللفظ فاأللفاظ مرااي حمضة ملعانيها ، وتكون املعاين كأهنا امللقاة اىل املخاطب ،واأللفاظ مغفول عنها ابملرة إال من حيث كوهنا أدوات تفهيم املعاين املقصود إلقاؤها . اجلهة الثالثة :يف اقسام الوضع مسالة :الوضع فعل اختياري للواضع ،يتوقف حتققه على تصور اللفظ واملعىن ،وهذا بديهي ،و قيل ان املعىن املوضوع له اللفظ قد يكون عاما او خاصا ،و ان ما يوضع اللفظ ابزائه اما انه هو ذات العام او جزئيه او هو ذات اخلاص او كليه و املعروف ان اخلاص ال يصلح الن يكون وجها من وجوه الكلي و العام خبالف العكس و فيه انه ملكان احتاد العام مع اخلاص يصلح لكونه وجها من وجوه العام يف اجلملة و هذا املقدار يكفي يف تصوره فال مانع منه ثبوات .لكن ال دليل على كل ذلك ،بل ما نراه يف 12
وجداننا من التسمية و االخرتاع هو ان اللفظ يوضع ملدرك متميز تلحظ فيه خصوصياته مبا هي اجزاء له و اما اكثر من ذلك من اجلزئية و الكلية و غريها من انظمة العالقات فان الوجدان ال يساعد على القول مبالحظتها كذلك ،بل امنا تلحظ مبا هي اجزاء للمركب التميز املسمى ،و على هذا فالوضع دائما يكون ملاهية متميزة جمردة من العموم و اخلصوص ، سابقة على مرتبتهما مسالة :كل مفهوم ال حيكى اال عما هو حبذائه وميتنع ان يكون حاكيا عن نفسه وغريه ،واخلصوصيات وان احتدت مع العام وجودا اال اهنا تغايره عنواان وماهية -فحينئذ ان كان املراد من لزوم حلاظ املوضوع له هو حلاظه مبا هو حاك عنه ومرآة له فهو ممتنع ،إذا العنوان العام كاالنسان ال حيكى اال عن حيثية االنسانية دون ما يقارهنا من العوارض واخلصوصيات خلروجها من حرمي املعىن الالبشرطى ،واحلكاية فرع الدخول يف املوضوع له ،وان كان املراد من شرطية حلاظه هو وجود امر يوجب االنتقال إليه فاالنتقال من تصور العام إىل تصور مصاديقه أو ابلعكس مبكان من االمكان ،كما ان التعدد االحوايل و االستعمايل مظهر من مظاهر كلية املعىن و ان كان مفردا ماهواي .و من هنا يكون ظاهرا ان الوضع يكون دائما ملاهية متييزية ال تقبل اخلصوص و العموم و ان املوضوع له عام دائما . اجلهة الرابعة يف املعاين احلرفية مسالة :الظاهر للوجدان إن معىن احلرف يباين ابلذات معىن االسم ،فاالسم معناه األفرادي كامل ،خبالف احلرف فإنه متعلق الذات بغريه ،يشهد له التبادر األصيل يف أذهان أهل كل لغة . مسالة :قيل إنه ال معىن للحروف ،وإمنا هي عالمات على إرادة معىن خاص من متعلقاهتا كما يف الرفع الذي هو عالمة الفاعل .وهذا القول واضح 13
البطالن ،كما ينادي به الوجدان ،فإنه ال يشك أحد يف أن احلروف أيضا تلقي معانيها وتكون فانية فيها ومغفوال عنها حني استعماهلا كما يف األمساء حرفا حبرف . مسالة :قيل إن معىن احلروف هو بعينه معىن األمساء ،فلفظة " من " و " االبتداء " وضعتا ملعىن واحد ،غاية األمر أن الواضع مل جيعل علقة الوضع بني احلرف ومعناه إال إذا كان ذلك املعىن قد لوحظ لتعرف حال ما يتعلق به ويدفعه أيضا مراجعة الوجدان ،فإن املفهوم لكل أحد من احلروف واملتبادر منها معان انقصة ذوات تعلق بغريها . مسالة :قيل ان الوضع يف احلروف عام و املوضوع خاص بدعوى ان تقومها ابلغري اوجب خصوصية املعىن فال يكون اال خاصا ،و فيه انه قد قد عرفت امتناع حكاية العام عن اخلاص كما إن حكائية غالب احلروف مما ال ينبغى الشك فيها ،وهو من الوضوح مبكان ال حيتمل أحد من أهل اللسان خالفه ،فاحملكوم عليه هي نفس املوجودات اخلارجية ،وهي املوضوع هلا األلفاظ واملستعمل فيها األلفاظ ،إال أن كل ذلك ال طريق إليها إال بوساطة املفاهيم الذهنية .و تعلق احلروف بطرفيها امنا هو يف وجودها اخلارجي والوجدان العريف البديهي شاهد يقيين على عدم تعلق مفاهيم احلروف ذاات و قواما بطرفيها ،والتبادر العريف أقوى دليل على ذلك ، فمفاهيمها مفاهيم انقصة يكتمل بذكر طرفيها من ابب تعدد الدال واملدلول .فاملفهوم من نفس احلروف أيضا يف االستعماالت معىن كلي يرد عليه القيد من ابب تعدد الدال واملدلول ،كما يف أمساء األجناس واملفاهيم الكلية االخر . مسالة :قيل ان معاين احلروف عني الربط و قوامه الطرفني فيمتنع اخذ اجلامع هلا ليكون املوضوع له لكنك عرفت أن املسلم من تعلق معانيها إمنا هو 14
تعلقها يف الوجود اخلارجي ،وهو ال ينايف عدم تعلقها يف أخذ املفهوم الذهين كما بينا . مسالة :قيل ان اجيادية احلروف موجبة الجياد معانيها من دون ان يكون هلا حنو تقرر و ثبوت مع قطع النظر عن االستعمال و فيه إنه ال يراتب أحد إذا راجع وجدانه أنه كما أن املتبادر من السري والبصرة والكوفة معانيها مباهلا من الوجود اخلارجي ،فهذا التبادر بعينه موجود يف الربط اخلاص املدلول عليه ابحلروف ،فال حمالة يكون املوضوع له فيها أيضا مصداق الربط اخلارجي وإن كان أمرا انتزاعيا ،وال حمالة يكون املوجود من هذا املصداق اخلارجي يف الذهن أيضا مفهوما له ،كما كان كذلك يف معاين األمساء . فتحصل :أن املوضوع له يف هذا القسم من احلروف هي النسب اخلارجية االنتزاعية مباهلا من مفاهيم كلية ذهنية ،فاملوضوع له -كاملستعمل فيه - فيها أيضا عام مثل أمساء األجناس حرفا حبرف . مسالة :ال يراتب أحد من أهل العرف أن مفاد اجلمل اخلربية إمنا هو اإلخبار عن ثبوت النسب املختلفة يف اخلارج وعدمها ،فقوام اجلمل اخلربية حبكاية تصديقية عن ارتباط بني املوضوع واحملمول ،وحيث إن احلكاية ليست أزيد من اإلبراز الذي ال يتوقف على أزيد من وجود ذهين للواقع الذي يربزه فال إشكال يف صحة إمكان احلكاية حىت يف ما كان احملكي غري مطابق للواقع .وأما اجلمل اإلنشائية :فان التبادر القطعي قاض أبن مفاد اجلمل اإلنشائية هو املعاين اليت حقيقتها امور إجيادية ومصاديق لالجيادات ،واالعتبارات الشرعية أو العقالئية إمنا ترتتب على هذه اإلجيادات االعتبارية ،ال على االعتبار القائم بنفس املعترب املنشئ ،فإن البيع -مثال هو التمليك ،والتمليك نفس األمر اإلنشائي .فالوجدان قاض أبنكيفية استعمال األلفاظ فيها عني استعماهلا يف اخلربية ويف سائر 15
االستعماالت ،وحقيقة االستعمال إمنا هي إلقاء املعاين املقصودة به حبيث ال يرى املتكلم إال املعاين ،وتكون األلفاظ آلة غري ملتفت إليها استقالال ،بل آليا ،فإجياد هذه املعاين ابأللفاظ ليس إال إلقاء معىن األلفاظ ابالستعمال كما يف سائر املوارد ،إال أن معاين هذه األلفاظ بنفسها معان غري حكائية ،بل توجد بنفس إلقائها ،ولذلك يقال هلا :إهنا إجيادية . مسالة :قيل ان املوضوع له يف املبهمات كالضمائر و املوصوالت و االشارات هو الذات املبهم من كل حيثية و جهة القابل لالنطباق على اجلزئي و الكلي ،لكن الظاهر ان مجيع املبهمات قد وضعت ليوجد بسببها االشارة إىل امور متعينة يف حد ذاهتا اما تعينا خارجيا كما يف االغلب أو ذكراي كما يف ضمري الغايب ،أو وصفيا كما يف املوصوالت حيث انه يشار هبا إىل ما يصدق عليه مضمون الصلة كما ان أدوات النداء والتنبيه والتحضيض واالستفهام وحنوها مما ال حيكى عن أمر اثبت يف حمله مفادها امللقى ابستعماهلا يف معناها امور اجيادية ،إال أهنا مع ذلك معان كلية ، مبعىن أن املوجد هبا ليس يف نفسه ومعناه خصوصية التعلق ابملنادى املخصوص ،بل املنشأ هبا مصداق النداء القابل ألن يتعلق بكل من مصاديق املنادى ،وهكذا يف حروف التنبيه واالستفهام . االمر الثالث يف االستعمال وهنا فصول الفصل االول يف احلقيقة و اجملاز مسالة :املشهور ان اجملاز استعمال اللفظ يف غري ما وضع له بعالقة معتربه اال ان الظاهر ان اللفظ يف عامة اجملازات مل يستعمل اال فيما وضع له غاية االمر ان ما هو املراد استعماال من الرتكيب اللفظي غري ما هو مراد جدا ، 16
فالظاهر ان اجملاز من شؤون الرتكيب ال من شؤون املفردات فان اللفظ يف اجملاز يستعمل فيما وضع له ،اال ان املراد االستعمايل يغاير املراد اجلدي ،فقولنا زيد اسد ،فاالسد قد استعمل يف معناه ،اال انه بقرينة االخبار عن زيد يكون هناك حكاية عن الشجاعة ،فاحملمول اجلدي هو ليس االسد بل الشجاعة احملكي عنها ابحلمل االستعمايل و هذا ظاهر ابلوجدان . مسالة :قيل ان اجملاز امر عقلي وهو جعل ما ليس بفرد فردا ،فاالستعمال حقيقي غاية االمر ان التطبيق ،قد يكون مبتنيا على التنزيل واالدعاء . وهذا غري ظاهر اذ ليس ظاهرا التنزيل و االدعاء يف اجملاز و امنا الظاهر هو مغايرة املراد االستعمايل للمراد اجلدي للحكاية عن معىن مل يذكر لفظه كما ان استعمال اللفظ يف املصداق احلقيقي للموضوع له جماز فكيف ابلفرد االدعائي . مسالة :هذه احلكائية امنا تكون عن مناسبة تنتج عن وجود عنصر مشرتك طبعي بني احملمول و املوضوع اللفظيني ،يكون هو احملكي عنه و عادة ما يذهب الذهن اىل ابرز املالمح الوظيفية يف احملمول اللفظي فلو قلنا ان زيد جبل فانه يفهم منه ثبات زيد ال انه حجر الن الثبات مشرتك بني زيد و اجلبل واما احلجرية فال ،كما انه ال يذهب الذهن اىل ان املراد ان زيد موجود مادي و ان كان هذا عنصرا مشرتكا النه ليس من الصفات االبرز وظيفية يف اجلبل ،و هكذا لو قلنا زيد مشس فان الذهن يذهب اىل انه ظاهر ال خيفى ال ان زيد حار حمرق وهذا ظاهر للوجدان . الفصل الثاين يف استعمال اللفظ يف اللفظ مسالة :الريب يف أنه قد تستعمل ألفاظ ال يراد هبا معانيها املوضوعة هلا بل إما يرا د نفس شخص اللفظ ،كما إذا قيل " :زيد لفظ " وإما يراد مثله ، 17
كما إذا قيل " زيد فاعل " يف مجلة " جاء زيد " :وإما يراد صنفه ،كما إذا قلت " :مهما قيل جاء زيد فزيد فاعل " ،وإما يراد نوعه ،كما إذا قيل " :زيد اسم " ،فهذه االستعماالت استعماالت صحيحة عند العرف ،واإلشكال يف صحتها من قبيل الشبهة يف مقابل البداهة ،وإمنا الكالم يف تبيني حقيقتها . مسالة :اطالق اللفظ وارادة شخصه وهو من ابب اجياد صورة املوضوع يف ذهن السامع لينتقل منه إىل نفس املوضوع ،فانه إذا محل على اللفظ ما يكون من خواصه يف اخلارج فان الذهن ينتقل من اللفظ إىل صورة اللفظ يف النفس ومنها إىل اللفظ اخلارجي وهذا ليس من الداللة الوضعية ابملعىن املصطلح. مسالة :اطالقه وارادة مثله ،ابن ال يكون احلكم خلصوص ما تكلم به بل لشئ آخر مثله وهو من قبيل االستعمال والداللة ،ال القاء املوضوع بنفسه المتناع احضار اخلارج يف لوح النفس بذاته ،مضافا إىل ان احلكم ليس للفظ الصادر منه بل هو من استعماله يف مماثله فداللته عليه كداللة اللفظ على معناه فان اللفظ جيعل وسيلة وآلة للحاظ مماثله . مسالة :اطالقه وارادة نوعه وصنفه فرمبا يقال بكونه من قبيل القاء املوضوع بنفسه ،نظرا إىل ان السامع بعد مساعه يغفل عن التشخصات فيكون من ابب اجياد الكلى ،لكن الفرد احلقيقي ال يصري كليا ولو اغمض عن عوارضه الف مرة ،نعم لو كان املراد ان املخاطب يفهم من هذه الصورة املعلومة نفس الطبيعة فهو حق لكنه استعمال و ليس القاءا كما ان اللفظ املستعمل امنا هو شخصه ال طبيعته فيكون الشخص هو الدال ،واما املدلول فليس اال نفس الكلى مبا هو هو ومبا انه ال يدل على االفراد واخلصوصيات الىت رمبا ينطبق عليها ،فارتفع احتاد الدال واملدلول . 18
الفصل الثالث يف قيدية اإلرادة ملعىن األلفاظ وعدمها مسالة :ان االلفاظ موضوعة للمعاىن الواقعية تعلقت هبا االرادة اوال ،وال دخل هلا فيها ال شطرا وال شرطا ،فما الوضع اال تعيني اللفظ يف مقابل املعىن وما رمبا يقال من التعهد وااللتزام فهو تفسري له ابالاثر والنتائج فبطل ما يؤيد به القول الشاذ املخالف للوجدان من ان الوضع يف االلفاظ وضع حيثى ،مبعىن انه ال جيعل اللفظ يف مقابل املعىن اال حبيث لو اطلقه الواضع أو غريه لكان مريدا ملعناه . مسالة : 9ان الغاية للوضع افادة ذوات املرادات ال مبا هي كذلك بل مبا هي نفس احلقائق ،فان املتكلم امنا يريد افادة نفس املعاين الواقعية ال مبا هي مرادة -بل كوهنا مرادة مغفول عنه للمتكلم والسامع اضف إليه ،و لو سلمنا كون الغاية هي افادة املرادات فانه يقتضى حصوهلا عند حصول الوضع واما اخذه يف املعىن املوضوع له فال .واعجب منه ما استدل به عليه ،من انه لو مل توضع للمراد منها لزم اللغوية .إذ ذلك امنا يلزم لو مل يرتتب على وضعه لذات املعىن اثر اصال . الفصل الرابع يف وضع املركبات مسالة :الريب يف أنه إذا تكلم املتكلم جبملة فكل من مفرداهتا موضوعة ملعانيها ،كما أن هيأة اإلضافة مثال موضوعة لنسبة معىن املضاف اىل معىن ما يضاف إليه .و هيأة اجلملة االمسية موضوعة للداللة على اهلوهوية بني املبتدأ واخلرب واحلكاية التصديقية عنها ،فهذا كله مما ال كالم فيه ،وبعد ذلك إن قيل بوضع آخر جملموع األلفاظ واهليآت املقومة للجملة املركبة مبا هو جمموع فهو أمر لغو ال يصدر عن عاقل متني .
19
الفصل اخلامس يف عالمات احلقيقة. مسالة :ذكر للحقيقه عالئم منها التبادر اي انسباق املعىن من حاق اللفظ حبجة إنه معلول للتسمية والوضع .وفيه انه يشرتاط كاشفية التبادر بكونه مستندا إىل حاق اللفظ ،ال إىل القرينة ،و ليس لنا طريق مضبوط إىل اثباته من االطراد وغريه ابن يقال ان التبادر من اللفظ مطردا دليل على كونه مستندا إىل الوضع كما انه قد يكون التبادر انشئا عن املمارسة يف كلمات اللغويني واملراجعة إليها فان ذلك ايضا يوجب االنتقال اىل املعىن ، وليس ذلك آية كونه موضوعا له إذ هو ال يزيد على اصله ومنشأه وهو قول اللغوى . مسالة :رمبا يورد على التبادر ،ابستلزامه الدور إذ من املعلوم ابلضرورة ان الوضع بنفسه ال يوجب التبادر ،بل املوجب هو العلم ابلوضع فلو انتفى العلم به انتفى التبادر ولو كان التبادر موجبا للعلم ابلوضع لزم الدور .و اجلواب عنه هو ان العلم ابلوضع تفصيال ،يتوقف على التبادر االمجايل االتكازى . مسالة :من عالمات احلقيقة عدم صحة السلب و يعرب عنه بصحة احلمل ، واملراد بصحة احلمل :أن يالحظ معىن ابلتفصيل مث يالحظ اللفظ مبا له من املعىن املرتكز املدلول عليه حباق اللفظ ،فيقاس بني املعنيني ،فإذا رآمها متحدان ،فان هذا االحتاد إذا كان وحدة مفهومية وابحلمل األويل فصحته كاشفة عن املعىن املوضوع له ،وإذا كان احتادا وجوداي يف املصداق وابحلمل الشائع الصناعي فصحته تكشف عن أن املصداق املذكور فرد حقيقي للمعىن املوضوع له .و اذا صح سلب اللفظ مبا هو مندك وفان فيما وضع له عن املعىن الذى اريد بيان حاله علم من ذلك انه الر بط بينهما اصال ،فليس املستعمل فيه عني اللفظ مباله من املعىن وال من 20
افراده وان مل يصح السلب وتنافر منه الطبع يكشف ذلك عن حنو احتاد بينهما ،اما لكون املستعمل فيه عينه مباله من املعىن أو لكونه من افراده . و فيه ان استعالم احلال حاصل من تصور املوضوع ،السابق على احلمل وسلبة ،فيكون اسناده إىل احلمل أو سلبه يف غري حمله ،ومما ذكران يعلم حال صحة السلب يف جعله دليال على اجملازية الن العلم بصحته يتوقف على العلم بتغاير الطرفني مفهوما أو مصداقا ومعه ال حاجة إىل سلب احلمل . مسالة :قيل ان االطراد عالمة للحقيقة و فيه :انه ان كان املراد منه كثرة استعمال اللفظ يف معىن خمصوص ،فهو حاصل يف اجملاز النه إذا صح استعمال لفظ يف معىن مرة صح استعماله فيه مرارا بعني ذلك املالك .هذا من حيث صحة االستعمال ،واما من حيث نفسه فرمبا يكون االستعمال يف املعىن اجملازى كثريا ،كما انه رمبا يكون يف املعىن احلقيقي قليال لقلة االبتالء به .وكذلك ان كان املراد منه صدق املعىن على متام افراده يف اخلارج فيكون املعىن الذي صح ابعتباره إطالق اللفظ على فرد حبيث كلما حتقق يف ضمن األفراد صح إطالق اللفظ عليها فهو كاشف عن أن هذا املعىن معناه احلقيقي و يرد عليه ابضا أن العالقة املصححة للمجاز إذا اخذت ابلدقة فهي أيضا كذلك . مسالة :اقول ال ريب يف اعتبار العلم الوجداين حبقيقة املعىن ،و الظاهر للوجدان ان هذا العلم االرتكاز الوجداين انتج عن التنصيص و ليس هناك من سبيل اخر غريه واضح للعلم ابملعاين احلقيقية لاللفاظ ،فكما هو ظاهر ال اختالف بني اهل اللغة و غريهم يف تعلمها ابلتنصيص ،اال ان طريقة التعلم خمتلفة وهذا ظاهر .بل الظاهر ايضا انه اذا اراد اهل اللغة معرفة حقيقة معىن لفظ قليل االستعمال فان عليهم مراجعة املعاجم املختصة . 21
مسالة :ان العلم ابملعىن احلقيقي من مقدمات انعقاد الظهور ،فانه إذا استعمل اللفظ وشك يف ارادة معناه احلقيقي احملرز منه أم معناه اجملازى من جهة احتمال وجود القرينة جترى اصالة عدم القرينة وحيرز هبا ارادة احلقيقي ويثبت هبا الظهور الفعلى ،فانه قد استقر بناء العقالء على محل األلفاظ على معانيها احلقيقية يف مقام الكشف عن مراد املتكلم هبا ،ضرورة ظهورها فيها بربكة الوضع .و الظهور متبع إذا شك يف اصل وجود القرينة الىف قرينية املوجود . مسالة :ان علم حالة اللفظ من حيث احلقيقة و اجملاز و االشرتاك و النقل ولو من القرائن مقالية كانت او حالية تتبع ال حمالة و اال فتصل النوبة اىل االصول العقالئية املتداولة بينهم كاصالة عدم القرينة فيحكم ابحلقيقة و اصالة االطالق و العموم اليت ترجع اىل عدم القرينة ايضا و كاصالة عدم النقل و اصالة عدم الوضع اثنيا فيحكم بعدم االشرتاك .و ان اعتماد العقالء على اصالة عدم النقل امنا هو فيما إذا شك يف اصل النقل ال مع العلم به والشك يف تقدمه على االستعمال واتخره عنه -واملدرك هلذا االصل عندهم يف االول هو حكم الفطرة الثابتة هلم من عدم رفع اليد عن احلجة بال حجة ،واما عدم حجيته يف القسم الثاين فلعدم ثبوت ذلك منهم ،ل و مل نقل بثبوت عدم تعويلهم عليه ،فالعلم بتعاقب الوضعني مع الشك يف تقدم الثاين منهما على االستعمال واتخره عنه مينع عن انعقاده كما هو ظاهر . مسالة :ال ريب يف توقف الداللة التصديقية ( بكون املتكلم قاصد لكالمه ) على ارادة املتكلم و اال فال وجه العتبارها اصال اذ ال وجه العتبار ما ال ارادة فيه 22
الفصل السادس يف احلقيقة الشرعية مسالة :ال ريب يف ان املعاين اما من التكوينيات او من االعتبارايت العقالئية كالبيع و الصلح او من املخرتعات كالصالة و ال خالف يف ان الفاظ غري املخرتعات من احلقائق اللغوية و ال وجه جلراين نزاع احلقيقة الشرعية فيها و اما االخرية فالظاهر اهنا كانت مستعملة يف معان لغوية ولو مع اختالف يف بعض اخلصوصيات ،اذ التاريخ املوجود بني ايدينا احلافظ لسرية النيب االعظم صلى هللا عليه وآله وحياته وافعاله مل حيفظ ذكرا عن الوضع التعييين ،مع انه لو كان هناك شئ لنقل الينا لتوفر الدواعى على نقله.و ان االايت القرآنية ،مكيتها ومدنيتها ،تعطى الطمأنينة ابن هذه االلفاظ من لدن نزول الذكر احلكيم استعملت يف تلك املعاين من غري احتفافها ابلقرينة ،وذلك شاهد على ان الفاظ العبادات كانت معلومة املفهوم لدى النيب صلى هللا عليه وآله واصحابه ومعاصريه من الكفار ،وكانوا يفهمون معانيها بال معونة قرينة .و اما القول بثبوت الوضع منه صلى هللا عليه وآله بنفس االستعمال فانه خمالف ملا هو املألوف يف االستعماالت . مسالة :ما اصطلح عليه ابحلقيقة املتشرعية ال وجه له بعد ما مر من اهنا حقائق لغوية نعم بناء على ان استعمال الشارع لتلك االلفاظ يف املعاين املستحدثة كان على حنو اجملاز لكن صار ذلك اجملاز حقيقة متشرعية لكثرة االستعمال يف املعاين املستحدثة ال ابس به و لكن اصل املبىن ابطل كما عرفت . الفصل السابع يف الصحيح واالعم مسالة :وقع النزاع يف ان االلفاظ مطلقا موضوعة للمعاين الصحيحة او لالعم منها و من الفاسد و ال اختصاص هلذا النزاع خبصوص املخرتعات الشرعية كما يظهر من الكلمات بل جيري يف مجيع االلفاظ مطلقا . 23
مسالة :االلفاظ املستحدثة يف الشرع هي اسامي لالعم من الصحيح و الفساد للتبادر وصحة السلب وصحة تقسيم العبادات مبعناها املستفاد من حاق ألفاظها اىل صحيحة وفاسدة و هذا ظاهر لكن قيل اهنا اسام للصحيحة وهو ضعيف فان االلفاظ عالمات توضع بغاية متييز الكيان عن غريه السابقة على الغاايت الوظيفية النظامية املرتبية كالصحة و الفساد وهذا ظاهر ،و اذا ما قصد الوضع للكيان مبا هو حمقق لتلك الغاية الثانوية ،فهذا وضع جديد لكيان جديد خيتلف عن الكيان املرتيب و بعبارة اثنية ان الكيان يقصد حال الوضع بغاية ختتلف عن قصده اثناء التوظيف ،فاملقصود اثناء الوضع ( املقصود الوضعي ) يكون بغاية التمييز و املقصود اثناء التوظيف ( املقصود الوظيفي ) يكون بغاية املرتبية ،ومن هنا فنظام الصحة و الفساد متاخر دائما عن وضع العالمة للكيان .و من هنا يكون واضحا ان الوضع لالعم اجلامعة جلميع املراتب . مسالة :أن الصحة املقابلة للفساد وإن كانت يف العرف إمنا تقال على ما كان له مزاج طبيعي خمصوص ،فاعتداله صحته ،كما أن احنرافه عنه فساده ،إال أن املراد هبا هنا هو التمامية من حيث األجزاء والشرائط وعدمها ،فاملركب االعتباري الذي جعل له طبقا للغرض املقصود منه أجزاء وشرائط إذا كان واجدا هلا مجيعا ،فهو صحيح ،وإذا ورد عليه اختالل فهو فاسد ،وإن تفسريها إبسقاط اإلعادة والقضاء أو مبوافقة الشريعة تفسري هلا بالزمها . مسالة :البحث يف الفاظ املعاين احملدثة يف ان املسمى يف هذه االلفاظ يف لسان الشرع و اتبعيه خصوص الصحيحة او االعم منها ،فيشمل النزاع ما اذا مل تثبت احلقيقة اذ ليس النزاع يف املقام يف تعيني املعىن احلقيقي ليبتىن على القول ابحلقيقة الشرعية و ال يف جمرد ما استعمل اللفظ فيه لئال يكون قابال 24
للخالف و املنازعة ،بل إن اخلالف يف إن املعاين احملدثة من الشارع املقررة يف الشريعة املستعملة فيها تلك االلفاظ املخصوصة هل هو خصوص الصحيحة او االعم منها و من الفاسد ؟ مسالة :الريب يف أن الفساد الناشئ عن فقدان اجلزء حمل اخلالف بني القولني ،وأما الناشئ عن فقدان الشرط فقد يناقش يف كونه حمل النزاع :إما مطلقا ،وإما خصوص ما كانت شرطيته ألجل التزاحم ،أو ألجل تعلق النهي مبا ينطبق على العمل ،أو ألجل الدليل على اعتبار قصد القربة والطاعة .ويستدل خلروج مطلق الشرائط :أبن رتبة الشرط متأخرة عن رتبة األجزاء اليت هبا قوام املقتضي .وجياب :أبن التأخر املذكور ال مينع عن وضع اللفظ للمتقدم املقيد بكونه مع املتأخر .كما يستدل خلروج األقسام املذكورة من الشرائط :أبن دخوهلا يف حقيقة العبادة موجب :إما للخلف ،حيث إن التزاحم أو الفساد الناشئ عن النهي إمنا يكون بعد فرض صدق العبادة ،وإما لتقدم ما هو املتأخر ،كما يف شرط قصد القربة فإن أخذه يف قوام العمل مع عدم إمكان أخذه يف املأمور به يلزم منه ذلك .وجياب عنه :أبن املوجب للمحذور هو أخذه يف املأمور به ومتعلق األمر .وأما إن تعلق األمر مبا مل يؤخذ فيه هذه الشرائط ومع ذلك كان املسمى أللفاظها مشروطا هبذا القسم من الشرائط أيضا فال حمذور كما ال خيفى . مسالة :ال ريب ان الوضع يف الفاظ العبادات كغريها من امساء االجناس عام و املوضوع له كذلك ايضا و قد امجعوا على اهنا ليست من املشرتكات اللفظية فال بد على كل من القولني من قدر جامع يف البني يكون هو املوضوع له و ال ملزم الن يكون اجلامع معلوما من مجيع جهاته ،بل يكفي حلاظه بنحو االمهال و االمجال ابلعنوان املشري اىل املاهية املبهمة القابلة االنطباق على الصحيحة و الفاسدة .وان املفهوم اما ان يوضع و يفرتض 25
قبل حتقق مصاديقه اخلارجية وهذا هو املفهوم املتقدم التعريفي او انه ينتزع من مصاديق خارجية و هذا هو املفهوم االنتزاعي املتاخر ،فالوضع للجامع العريف اما إن يكون جلامع متقدم تعريفي او متاخر انتزاعي و من املعلوم إن الصالة و غريها من املخرتعات الشرعية معان جعلية تعرف عن طريق ما اشار اليه الشرع و هذا اجلعل للمفهوم متقدمي تعريفي ،و من املالحظ إن بني افراد الصالة تباين تركييب ال ميكن من اجلامع االنتزاعي ،فال بد إن يكون اجلامع متقدما اتبعا لغاية ما قال عنه الشارع انه صالة ،و من هنا يتبني إن اجلامع الفراد الصالة و غريها من املخرتعات الشرعية هو جامع عنواين مبهم من مجيع اجلهات إال عن جهة أنه قد يكون وظيفة املكلفني يف أوقات خاصة ،وهذا املقدار من املعلومية والالبشرطية كاف يف اختاذ املفهوم الواحد . مسالة :الظاهر عدم الثمرة العملية هلذا البحث و ما قيل من ظهورها يف التمسك ابالطالق و العموم بناء على االعمي يف نفي مشكوك القيدية دون الصحيح لصريورة االلفاظ جمملة حيتئذ خمدوش ابن االطالق و العموم ان كان يف مقام البيان يصح التمسك به لنفي مشكوك القيدية على كال القول ني بعد الفحص عن املقيدات و املخصصات و ان مل يكن كذلك فال يصح مطلقا . مسالة :قد استدل للصحيح ابلتبادر و عدم صحة السلب و سرية العقالء يف اوضاعهم و بظهور االخبار الدالة على ااثر خاصة للعبادات فان املنساق منها الصحيح و ميكن املناقشة ابجلميع فانه قد استدل ابالولني لالعم ايضا و مقتضى السرية االستدالل للصحيح أبن الوضع له طريقة املخرتعني ممنوع ،مبنع ثبوت هذه الطريقة هلم ،بشهادة صحة إطالق لفظ خمرتعهم على ماكان فاقدا لبعض األجزاء أو الشرائط الدخيلة يف فعلية األثر 26
املطلوب من اخرتاعهم .و ما هو املنساق من االخبار امنا هو ابلنسبة اىل املامور به ال املوضوع له . مسالة :االستدالل لألعم :أبنه ال شبهة يف صحة تعلق النذر وشبهه برتك العبادة املكروهة ،كما ال شبهة يف حصول احلنث لو فعلها ،مع أهنا لو كانت موضوعة خلصوص الصحيح ملا حصل احلنث ،ألهنا تفسد مع تعلق النذر برتكها ألنه اتبع لقصد الناذر ،وال ربط له ابلوضع . مسالة :
املعامالت امضائية يكفي يف صحتها عدم ثبوت الردع من الشارع
،و مقتضى العرف و العادة هو الوضع لالعم فيها ايضا و كلما صدق عليه عناوينها اخلاصة عرفا و مل يثبت الردع عنها شرعا يصح التمسك ابطالقها و عمومها لنفي مشكوك القيدية مطلقا و مع الشك يف الصدق العريف ال يصح التمسك هبا كذلك النه من التمسك ابلدليل يف املوضوع املشتبه فريجع اىل االصول املوضوعية و مع عدمها اىل احلكمية فال مثرة فيها ايضا بني القولني . مسالة :املعامالت عرفا اسم للمجموع من املربز و املربز خارجا و ليست هناك سببية او مسببية كما إنه من الظاهر إن الشرع قد اتبع العرف يف ذلك ،و القول ابلسببية و املسببية ابتعاد عن حقيقة عرفية ال وجه الرتكابه و معارض الوليات البحث العلمي و اسسه ،ولطاملا حيصل ذلك يف التناوالت االصولية و مثله اقحام البحث العقلي الدقي يف مادة عرفية ال تقبله . الفصل الثامن يف االشرتاك اللفظي مسالة :ان وقوع االشرتاك اللفظي وجداين بل ضروري فال جمال للنقاش فيه ،و عدم قطعية العلم مبنشا االشرتاك ال جيوز املناقشة مبا هو ضروري ، 27
كما ان العلم بنقض الغرض ابالشرتاك غري قطعي بل ميكن القول بقطعية العلم بعدم نقض الغرض به حلقيقة ان عملية التخاطب غرضية و لو كان االشرتاك منافيا للغرض ملا وقع يف االستعمال بل الوجدان يشهد بعدم نفي الغرض ابستعمال املشرتك اللفظي بل ان حمدودية االلفاظ و عدم حمدودية املعاين و حقيقة املناسبات الوضعية جتعل من وقوع االشرتاك امرا غرضيا جدا سواء كان الواضع جمموعة ختاطبية واحدة ام جمموعات متعددة . مسالة :استعمال اللفظ يف أكثر من معىن املراد به :أن يراد من اللفظ اكثر من معىن يف تركيب واحد و ال فرق يف التعدد احلاصل ابن يكون ابالشرتاك الوضعي او ابالستعمال ،ابن يراد كل واحد مستقال ،كما إذا مل يستعمل إال فيه ،فكان هذا مرادا من اللفظ مستقال وبنفسه ،وذاك كذلك أيضا ، ال أن يراد منه معىن واحدا قد اشتمل على جزءين واحلق املنع عنه مطلقا ألن االستعمال عند العرف إلقاء املعاين ابأللفاظ حبيث ال يرى األلفاظ إال فانية يف معناها ،فإذا ألقى جبميع لفظ معىن فليس هنا شئ يلقى به معىن آخر .وقيل لتوجيه املنع ابن االستعمال حيث كان حمتاجا اىل حلاظ املعىن املستعمل فيه فإرادة معنيني مستقال تستلزم حلاظهما معا وهو غري ممكن و فيه إن اجلمع بني امور متعددة للنفس يف آن واحد أمر ممكن واقع كثريا . مسالة :مما استدل على بطالن االشرتاك ان اللفظ موضوع للمعىن بقيد وحدة املعىن او يف حال الوحدة و االستعمال يف االكثر ينايف ذلك فيكون جمازا من ابب استعمال املوضوع للكل يف اجلزء و فيه ان التعدد خالف االصل و الوجدان عند وضعنا لالعالم الشخصية و الوضع يف حال الوحدة و ان صح ثبوات لكن حالالت املوضوع له عند الوضع غري دخيلة يف الوضع و ال املوضوع له و اال لعمت اجملازات اكثر االلفاظ لوال كلها مع انه من جمرد الدعوى ابلنسبة اىل املشرتك اللفظي . 28
مسالة :ابلنسبة اىل التثنية و اجلمع فمن الواضح وجداان وقوع استعمال الفاضهما يف املتعدد مع احتاد املادة كالعينني يف اجلارية او تعدد املادة كالعينني يف اجلارية و الباكية مع احلفاظ على العدد وهو املعترب يف االستعمال و اما املعدود فليس معتربا احتاده ،فاستعماهلا يف اكثر من معىن يكون ابرادة عدد غري ما تدل عليه كأن يراد ابلعينني جاريتني و ابكيتني و هكذا الكالم يف اجلمع ،و من هنا فهذه االلفاظ ال ختتلف عن املفرد من حيث امتناع استعماهلا يف اكثر من معىن يف اخلطاب التوصلي و جوازه يف اجلمايل . مسالة :قال صاحب املعامل :إن التثنية واجلمع يف قوة تكرير املفرد ابلعطف ، والظاهر اعتبار االتف اق يف اللفظ ،دون املعىن يف املفردات وفيه إن مراجعة االرتكاز العريف تشهد على أن الكثرة املدلول عليها هبيئة اجلمع والتثنية ترد على املعىن املراد من اللفظ على األصل املسلم يف االستعماالت من كون األلفاظ آالت ومرائي حمضة ،وال ترد على لفظ مفردمها ،ال مبا أنه لفظ وال مبا أنه لفظ له معىن ،وعليه فورودها على املعىن يوجب االتفاق يف املعىن يف املفردات عالوة على االتفاق يف اللفظ ،وأن يكون التثنية أو اجلمع يف األعالم على خالف املتعارف مؤوال ابملسمى .كما أن ما أفاده من إرادة فردين مما يطلق عليه لفظ واحد ولو مبعنيني خمتلفني يف التثنية وإرادة أفراد كذلك يف اجلمع ليس من استعمال اللفظ يف أكثر من معىن ، بل قد استعمل كل منهما يف معىن واحد ،هو فردان ال أزيد يف التثنية وأفراد يف اجلمع مرة واحدة .
29
الفصل التاسع يف املشتق مسالة :هل املشتق حقيقة يف ما تلبس ابملبدأ يف احلال ،أم هو حقيقة يف معىن يعمه وما انقضى املبدأ عنه ؟ فيه خالف بعد االتفاق على أن إطالقه على ما مل يتلبس به بعد جماز . مسالة :أن املشتق حبسب االصطالح -وإن مل يعم إال ماكان مشرتكا مع صيغ اخرى يف مادة هلا معىن يوجد أصله يف مجيع هذه الصيغ ،وال يشمل بعض اجل وامد الذي فيه معىن املشتقات ،مثل الزوج ،أو الزوجة ،واحلر ، أو احلره ،اال انه جيري يف مثلها نزاع املشتق لتضمنها معىن حيث ان موضوع البحث شامل لكل ما له مفهوم ينطبق على الذات اليت اترة تتلبس ابملبدأ ،واترة ينقضي عنها املبدأ .فذكر عنوان املشتق يف عنوان البحث امنا هو من ابب الغالب ال التخصص فاملراد به كل حممول حيمل على موضوع مشتق كان او غريه مسالة :ال وجه الخراج اسم الزمان عن مورد البحث بدعوى انه ال بد ان يكون املوضوع ابقيا يف حاليت التلبس و االنقضاء و الزمان ليس كذلك النه متصرم و مقتض بذاته فما هو يف حال التلبس شيء و ما هو يف حال االنقضالء اخر فليس شيء واحد حمفوظا يف احلالتني اذ فيه امكان حتقق بقاء شيء واحد فيهما كطبيعي الزمان او الوحدة االعتبارية امللحوظة.كما ان ان الوجدان يشهد بوحدة الزمان العرفية اليت عليها املدار و اما الوحدة الدقية فليست ضرورية . مسالة :املعروف خروج األفعال واملصادر وأمساء املصادر من حمل النزاع ،بدعوى عدم جراين شئ منها على الذوات اال ان فيه اتمل اذ ان قوام موضوع البحث هنا هو العرضية املفارقة للذات و االفعال و املصادر متصفة بذلك ،و اما الداللة الزمنية املالزمة للفعل فغري خمرجة له من 30
البحث و ان كانت ذات داللة قاطعة على عدم التلبس يف غريه كما يف االمر ،اما يف املاضي و املضارع فال داللة يف االول ان الفعل غري مستمر يف احلاضر ،و ال داللة يف الثاين على انه غري كائن يف املاضى . مسالة :قد عرفت ان قوام املشتق هو العرضية املفارقة ،و العرض املفارق حيتاج اىل قرينة على احلصول و قرينة على االستمرار ، ،و اما ما ال حيتاج اىل اىل قرينة على االمسرار بل يكفي حصوهلا يف استمرارها كامللكة فهي من العرض غري املفارق و هو ليس من املشتق . مسالة :ان مرتكزات العقالء تدل على ان املشتق حقيقة يف خصوص املتلبس و جماز يف غريه و يدل على ذلك ايضا تبادر خصوص املتلبس و صحة السلب عما انقضى عنه املبدأ ،فال يكون ملفهومه سعة تشمله ،و ما اييت من بساطة املشتق املالزم خلصوص املتلبس فقط مضافا اىل صدق ما يضاده حالة التلبس على حالة االنقضاء فلو كان شخص متحركا فسكن يصدق الساكن عليه بعد انقضاء التحرك عنه ،و استدل للقول بوضعه خلصوص املتلبس أبنه لو كان موضوعا لألعم من املتلبس لكان صدق مشتقني من مبدأين بينهما تضاد على مصداق واحد يف زمان واحد صحيحا ،مع أنه الريب يف تضاد مفهوم األسود واألبيض كتضاد السواد والبياض .وقد يورد على كل منها أبهنا لعلها مستندة اىل االنصراف ، انصراف املطلق اىل بعض املصاديق ،مع أنه موضوع ملا يعم مجيعها . واجلواب الصحيح :هو دعوى وضوح أن كال منها مستند اىل العلم االرتكازي املتعلق مبا يفهم من حاق اللفظ ،بال أي قرينة متصورة ،وال انصراف أصال . مسالة :املتبادر من املشتق شيء واحد عرفا و ان احنل يف الدقة العقلية اىل شيئني معروض و عرض لكن ال ربط للدقيات العقلية ابلتبادرات اللفظية و 31
ال مالزمة بني البساطة التبادرية و البساطة الدقية و ال يضر االحنالل الدقي ابلبساطة التبادرية العرفية.و إن املراد برتكب مفهوم املشتق أن يكون مدلوله األويل ذاات ثبت هلا املبدأ حىت يكون مفهوم العامل ابتداء وحتت لفظه " ذاات ثبت له العلم " ،فيقابله حينئذ أن يقال :إن املفهوم األويل منه بسيط كما نعقله من مرادفه ،وإن كان ينحل بداهة عند السؤال عن شرحه اىل ما مر ،أعين ذاات ثبت هلا العلم .فليس املراد ابلبساطة مثل بساطة النوع احلقيقي املنحل اىل جنس وفصل ،وحينئذ فالدليل على بساطة مفهوم املشتق هو الرجوع اىل ما يتبادر منه يف األذهان ،فإنه الطريق األصيل لفهم معىن األلفاظ مادة وهيأة ،ومنها املشتقات ،و قد عرفت تبادر الواحد منه عرفا . مسالة :قيل انه ال مثرة عملية يف اصل حبث املشق الن املوارد اليت ادعي استعماهلا فيها يف االعم تكون هناك قرائن معتربة دالة على ترتب احلكم على االعم .و قيل بعدم الثمرة من البحث فأن فعلية األحكام تدور مدار فعلة العناوين االشتقاقية حدواث وبقاء ،فال حمالة تزول األحكام بزواهلا وإن قلنا أبن املشتق موضوع لألعم .وفيه أن بقاء هذا العنوان االشتقاقي خيتلف فيه القوالن :فعلى خصوص املتلبس خيتص صدقه بزمان بقاء املبدأ ،وأما على القول ابألعم فيبقى فعلية صدقه حىت بعد انقضاء املبدأ عنه أيضا ،فال حمالة تظهر مثرة القولني . املقصد االول :مباحث االلفاظ
املبحث االول :االوامر وهنا فصول
32
الفصل االول :يف مادة االمر مسالة :ال ريب يف أن لألمر يف اللغة معىن يشتق عليه األفعال واألمساء، فيقال :امر أيمر آمر مأمور ،اىل غري ذلك ،وهو هبذا املعىن جيمع على أوامر .كما أنه ال ينبغي الشك أيضا يف إطالق مادة األمر على معىن آخر هو الفعل ،أو الشئ أو الشأن ،وال يشتق منها هبذا املعىن أصال ،وجيمع بذلك املعىن على امور ،وافرتاق املعنيني يف اجلمع مما يؤيد كونه مشرتكا لفظيا بني معنيني .و قد ذكر للفظ االمر معان متعددة و مقتضى االصل عدم التعدد اال يف ما ال ميكن ارجاعه اىل جامع قريب عريف و يف ما امكن يكون من املشرتك املعنوي ال اللفظي . مسالة :االمر حبسب العرف – الذي منه االصطالح االصويل – هو عبارة عن البعث بلفظ افعل او ما يقوم مقامه و تصح االشتقاقات منه ابعتبار تضمنه معىن البعث و هو معىن حدثي قابل لالشتقاق و التفريع .و ال يعترب يف صدق معناه أن ينشأ ابلقول فضال عن القول املخصوص ،أعين هيأة األمر ،بل اإلنشاء ابإلشارة أو الكتابة أيضا يوجب صدق األمر و يشهد لذلك العرف . مسالة :ان األمر من االمور االعتبارية غري العينية ،وأما الطلب فهو امر خارجي معناه حماولة وجدان الشئ وأخذه ،فهو عبارة عن احلركة اخلارجية حنو وجدانه ،وإطالقه على األمر بشئ إمنا هو ألن األمر به مرتبة ضعيفة من احلركة لتحصيله ،فكان أمره مصداقا للطلب .وأما اإلرادة فحقيقتها هي املشيئة ،وهي العزم املؤكد على إتيان العمل الذي يتعقبه األمر النفساين فمفهوم لفظ " اإلرادة " هو ذاك العزم ،وهو قد يتعلق بفعل نفسه ،وقد يتعلق بفعل الغري ،و هبذا فقد تلخص افرتاق هذه املفاهيم الشائعة االستعمال ،وأن لفظ " األمر " منها موضوع ملعىن اعتباري وهذا 33
خبالف سائر األلفاظ ،فمعناها احلقيقي من قبيل االمور اخلارجية كما تبني اختالف مفهوم الطلب واإلرادة ،فالطلب عمل خارجي ،واإلرادة عزم نفساين و الظاهر من احملاورات ان الطلب مربز لالرادة ال عينها و نسبة الطلب اىل االرادة نسبة اللفظ اىل املعىن يف اجلملة .ومع ذلك كله فاخلطب سهل بعد عدم ترتب أثر عملي عليه. مسالة :مقتضى االرتكازات تقوم معىن االمر ابلعلو و اما االستعالء فاالصل عدم اعتباره فيكون االمر الصادر من العايل اخلافض جلناحه امرا خبالف ما صدر من اخلافض او املساوي وان استعلى .وال مثرة هلذا البحث ،ألن األوامر املذكورة يف أدلة األحكام واجدة لشرط العلو واالستعالء كليهما، كما هو واضح ،فالبحث لغوي حمض. مسالة :ان مادة االمر يف أي هيئة استعملت ظاهرة يف الوجوب اال مع القرينة على اخلالف النسباق الوجوب منها يف احملاورات ،فإطالقها على خصوص املندوب ،أو على معىن يعمه والواجب -كما يف تقسيم األمر اليهما – اطالق مساحمي .
الفصل الثاين :يف صيغة االمر مسالة :قد ذكر لصيغة االمر معان كثرية من التهديد و الرتجي و االهانة و حنوها و مقتضى االصل عدم تعدد الوضع ابلنسبة اليها كما ان مقتضاه عدم تعدد املستعمل فيه ايضا و املتيقن امنا هو االستعمال يف البعث حنو املطلوب و التحريك اليه و اجياد الداعي له و كون ما ذكر هلا من املعاين من دواعي االستعمال كما هو الشان يف كثري مما ذكر من املعاين املتعددة جلملة من االلفاظ فال اختالف يف املوضوع له و ال يف املستعمل فيه و امنا 34
االختالف يف الدواعي و ال ريب اهنا خارجة عن كل منهما .فالبعث او التحريك املصداقي االعتباري هو املعىن احلقيقي املوضوع له اهليأة ،وكما تستعمل اهليأة فيه بغاية األمر والطلب فهكذا تستعمل فيه إذا كانت الغاية سائر الدواعي املذكورة االخرى . تنبيه : 1بعد ما عرفت من أن املعىن املفهوم من اهليأة إمنا هو البعث اىل إتيان املادة فال ينبغي الريب يف أن هذا املعىن كما هو مفهوم فيما إذا كان البعث حنو الواجبات ،فهكذا هو املفهوم فيما كان املبعوث إليه من املستحبات، بال فرق بينهما يف البعث أصال ،والشاهد عليه مراجعة الوجدان فإنه يتبادر عنده يف البعث اليهما ابلصيغة معىن واحد ،بال تفاوت أصال ،وعليه فاحلق أن هيأة األمر موضوعة لنفس البعث ،وهو أمر مشرتك متحقق يف الواجبات واملندوابت. مسالة :اختلفوا يف ان هيئة االمر هل تكون حقيقة يف مطلق الطلب ام يف الوجوب او يف الندب ؟ و الظاهر سقوط البحث من راسه ملا تقدم من ان مفادها البعث حنو املبعوث اليه و مقتضى االطالق كونه بداعي الطلب احلقيقي فيحكم العقل حينئذ بلزوم االمتثال ما مل تكن قرينة على الرتخيص .فإن العقالء حيكمون أبنه إذا صدر من املوىل واملقنن بعث وطلب فهو حجة عندهم على العبد ،ال يقبل منه دعوى احتمال إرادة الندب إذا ترك امتثاله ،مع اعرتافه أبن املوىل مل ينصب قرينة على جواز الرتك و لقد استدل لظهور اهليئة يف الوجوب بدليل االنصراف اىل خصوص الوجوب لغلبة االستعمال فيه ،أو لغلبة الوجود ،أو ألكمليته ،و الكل كما ترى، ملنع صغرى الغلبة يف األولني ،وملنع الصغرى والكربى يف األخري ،فإن مفاد اهليأة هو البعث ،ووجوده يف الوجوب والندب على السواء ،كما ان جمرد األكملية ال توجب االنصراف ،فإن منشأ االنصراف إمنا هو انس الذهن 35
إبرادة خصوص معىن من لفظ ،وهو انش عن كثرة إطالق اللفظ مباله من املعىن على بعض األفراد ،سواء أكان فردا كامال أم ال. و استدل ايضا لظهور اهليئة يف الوجوب أبنه مقتضى مقدمات احلكمة فأن املوضوع له اهليأة وإن كان هو الطلب إال أن الندب طلب خاص فإن الطلب فيه مقيد بعدم املنع من الرتك ،وهذا خبالف الوجوب فإنه حمض الطلب بال تقييد وال حتديد وفيه أوال :أن املوضوع له للهيأة هو البعث ، والواجب واملندوب يف وجود البعث فيهما على السواء ،وليس يف املندوب يتقيد البعث أو الطلب بقيد حىت يكون جمال للبيان املذكور، واثنيا :أن اإلطالق هو رفض القيود ،وبعد تسليم وجود حقيقة البعث يف املندوابت فاإلطالق يرفع أي خصوصية كانت ،ويكون الزمه إرادة معىن يكون متحققا يف املندوب والواجب كليهما. مسالة :الريب يف أنه كثريا ما يراد الطلب جبمل خربية و وقع الكالم يف كيفية إرادة الطلب هبا،فقيل انه ال ينبغي الشك يف أن املتفاهم العريف من هذه اجلمل هنا غري املتفاهم العريف منها إذا استعملت يف مقام اإلخبار ،بل املتفاهم منها هو الطلب ،وال نعين ابملستعمل فيه إال هذا ،و فيه ان املستعمل فيه لكل لفظ إمنا هو املعىن امللقى به أوال وحتت لفظه ،ال ما اريد به جدا وحينئذ :فإن اريد أن املراد اجلدي واملقصود النهائي من هذه اجلمل ،هو البعث والطلب اإلنشائي فهو متني ،إال أنه ليس دليال على أنه املستعمل فيه ،كما يف ابب الكناايت ،بل واجملازات على املختار .وإن اريد أن معناها الذي حتت لفظها هو الوجوب والطلب فال نسلمه قطعا ،بل اجلمل اخلربية معناها الذي حتت لفظها واحد ،سواء استعملت يف مقام اإلنشاء أو يف مقام احلكاية واإلخبار ،وإمنا الفرق يف املراد اجلدي.ووجهت كيفية هذه اإلفادة :أبن الفرق بني املوردين ابختالف الداعي ،فاملستعمل 36
فيه يف كال املوردين ،هو احلكاية عن وقوع الفعل ،إال أن الداعي اىل هذه احلكاية يف مقام اإلخبار هو اإلعالم ابلوقوع ،ويف مقام الطلب هو البعث، فأخرب بوقوع مطلوبه إظهارا أبنه ال يرضى إال بوقوعه .،و هذا وإن أمكن إنشاء البعث به ،بل رمبا كان واقعا يف بعض األحيان إال أنه ليس شئ منهما أمرا شائعا ذائعا يف االستعماالت .بل الشائع الذائع انه ملا كان العبيد واملكلفون مبقتضى وجوب العمل بوظائفهم يف مقام امتثال أوامر موالهم ،فإذا فرضوا على هذه احلالة صح اخلرب عنهم أبهنم يعملون كذا وكذ ا ،إيذاان أبن هذه األعمال هي وظائفهم فال حمالة يعملوهنا. مناقشة هامشية : 1قيل أن داللة هذه اجلمل على الوجوب آكد ،فإن اجلزم ابإلخبار عن الوقوع إمنا يناسب الطلب اإلجيايب ،إذ الندب ال يناسبه اجلزم ابلوقوع .و فيه أن الطلب النديب أيضا مقتض لتحقق العمل املندوب إليه، بل سر داللتها على الوجوب هو عني ما مر يف هيئة األمر :من أن بعث املوىل وطلبه حجة عند العقالء على وجوب املطلوب ما مل تقم قرينة على إرادة االستحباب . مسالة :ال تدل الصيغة على املرة و ال على التكرار مطابقة وال تضمنا و ال التزاما ابملالزمة الشرعية او العرفية او العقلية اذ ليس مفادها اال البعث حنو املطلوب فقط و التحريك اليه ،نعم ميكن استفادة املرة او التكرار من القرائن اخلاصة يف موارد خمصوصة و مع فقدها فمقتضى اصالة االطالق االكتفاء مبجرد اتيان ذات املامور به لتحقق االمتثال بذلك عرفا وهو مقتضى اصالة الرباءة ايضا الن الشك يف الزائد عليه شك يف اصل التكليف و مع عدم البيان ابلنسبة اليه يرجع اىل الرباءة . تنبيه : 1من الواضح للوجدان انه ال داللة لالمر على العدد ،و حتقق املامور به ابملسمى ال يعين داللته على العدد أي املرة و امنا يدل على االكتفاء 37
ابملرة و لي س عدم ارادة غري املرة ،فان مفاد اهليأة نفس البعث ،ومفاد املادة نفس الطبيعة .و من هنا فمع ان االمتثال يتحقق ابملرة مع عدم قرينة على ارادة االكثر فانه ال مانع من التكرار مع عدم املعارض ،فان كفاية املسمى يف حتقق املطلوب غري مشروط بعدم الزايدة الكيفية او الكمية فيجوز ان اييت ابي من املراتب احملققة و جيوز ان اييت ابي عدد من احملققات سواء كانت دفعات او افراد حبسب طبيعة املامور به فاما يف الزايدة الكيفية فظاهر النه يكون الزايدة على املسمى يف املرتبة جزء من املايت ،و اما يف الزايدة الكمية أي التكرار فقد يقال ابن متام مراد املوىل وما طلب من عبده إمنا هو نفس الطبيعة ،فإذا أتى هبا مرة واحدة ،فقد انطبقت الطبيعة عليه قهرا ،وحصل متام مراد املوىل يف اخلارج ،ومعه فال معىن عقال لبقاء طلبه وأمره على ما كان من دعوة املكلف حنو املأمور به ، و فيه انه ال ريب يف حتقق االمتثال ابملرة اال ان االمر غري مشروط بعدم االتيان ابالكثر ،و مسالة انطباق املايت به على مراد املوىل و سقوط االمر به و انعدام الداعي اىل التكرار هذا كله لو كان االمر مشروطا بعدم الزايدة . مناقشة هامشية : 1املفهوم من اإلطالق أن متام املطلوب هو نفس الطبيعة ليس اال ،فالفرد مبا أنه وجود للطبيعة ال مبا أنه فرد يكفي يف مقام االمتثال ،فال جمال للقول ابنفهام إرادة الفرد من اإلطالق مبالحظة أنه ال يزيد على الطبيعة ،و رمبا شبهة التحديد ابملرة نتجت عن ذلك االكتفاء . مناقشة هامشية : 2قيل ان العقالء إمنا أيمرون مبا هو قابل للتحقق اخلارجي، ومرادهم من العناوين اليت أيخذوهنا متعلقة للتكاليف هو هذا املعىن القابل بنفسه للتحقق خارجا ،من غري توجه منهم اىل مفهوم الكلي و اجلزئي ،و فيه انه هذا غري ظاهر بل ان ارتكازية حتقق االمتثال ابملسمى مشري اىل 38
تعلق االمر ابلطبيعة ،و كون السلوك العريف ارتكازاي ال يعين انه بدائي و مهمل ،و هل علم االصول اال لشرح تعقيد سلوك العقالء و مرتكزاهتم العميقة . مناقشة هامشية : 3متعلق األوامر والنواهي األمر املتحقق يف اخلارج ،من الوجود أو املاهية ال العنوان امللحوظ فانيا فيه لقضاء ضرورة الوجدان أبن من يريد شيئا فإمنا هو ملكان آاثره املرتتبة عليه املوافقة لغرضه ،ومعلوم ابلبداهة أن هذه اآلاثر ترتتب على خصوص املوجود اخلارجي ،هذا اليف مقام الثبوت وأما مقام اإلثبات :فألنه إذا قال املوىل :صل -مثال -فله مادة وهيأة ،أما املادة فاملستفاد منها هي الصالة بوجودها اخلارجي ،و مفاد اهليأة ليس حمض البعث وصرف التحريك ،بل البعث والتحريك حنو إتيان املادة ،وهذا اإلتيان هو الذي قد نعرب عنه ابإلجياد ،وكيف كان فاملراد منه أيضا هو اإلتيان اخلارجي ،فال ينبغي الريب ان املأمور به واملنهي عنه ليس إال اخلارج ،واالمور اخلارجية . مسالة :
ال تدل الصيغة بشيء من الدالالت على الفور او الرتاخي ،و
مقتضى االطالق و سهولة الشريعة املقدسة هو الرتاخي ابلنسبة اىل الزمان . مناقشة هامشية : 1الريب يف أن التقييد ابلزمان واملكان مطلقا ليس وزانه وزان القيود الواردة على املادة ،و مفاد اهليأة يف األمر ليس إال البعث حنو اإلتيان ،واملادة إمنا تدل على ما أييت به ،وقيد الزمان واملكان كأغلب القيود يرجع اىل هذا اإلتيان املدلول عليه ابهليأة ،ويبني ظرفه الزماين أو املكاين ،فالقيد قيد للهيأة ومع ذلك فهو قيد ظريف للمطلوب ال للطلب
39
،خبالفه يف الواجب املشروط -على ما سيأيت -أن الشرط قيد اهليأة وللطلب املدلول عليه هبا . مناقشة هامشية :2لو وجبت الفورية و عصى املكلف ومل أيت ابلعمل فورا يسقط عن عهدته رأسا الن الفورية تعين احنصار امكانية االمتثال يف الزمن الفوري فيتعذر خارجه وهذا واضح . مسالة :التعبد ،هو اإلتيان بشئ عبادة و يراد هبا هنا ما يعترب يف صحته أن يؤيت به بقصد القربة واالمتثال ،وحينئذ فاملراد ابلتوصلي الذي يقابله هو ما مل يشرتط صحته بقصد القربة واالمتثال ،و ال ريب يف ثبوهتما يف الشرع كالصالة و اداء الدين و القول ابستلزامه تقدمي ما هو متاخر ففيه انه ال حمذور فيه الختالف املتقدم واملتاخر ابحليثية و اجلهة فما هو متقدم امنا هو حلاظ االمر مبا هو طريق اىل اخلارج و ما هو متاخر نفس االم اخلارجي الصاد من اآلمر و هبا جياب عن الدور ايضا .و اما يف مقام االمتثال فما هو قيد للعمل امنا هو قصد االمر من حيث االضافة اىل جعل اآلمر و ما هو متاخر امنا هو قصد االمر من حيث االضافة اىل املمتثل .وهو متني . تنبيه : 1ملا كان قصد القربة قد يعترب يف املستحبات أيضا كالنوافل والصدقات املندوبة وغريها ،وقد ال يعترب كالرد ابألحسن يف وجوب السالم ،وحينئذ يكون للبحث عن إثبات التوصلية وعدم اشرتاط القربة جمال ،فما لعله يظهر من عناوين البحث من االختصاص ابلواجبات ال وجه له ،كما ال خيفى . تنبيه : 2لو مل يكن إطالق أو مل ميكن به رفع الشك عن اعتبار قصد القربة ، فاالصل هو الرباءة ،فحكم القربة حكم غريها من القيود فالقول ابلرباءة هنا على هذه الوجوه مبين على القول هبا يف األقل واألكثر .
40
مناقشة هامشية : 1قيل أنه ملا كان املفروض أن لنا أمرا واحدا وهذا األمر قد تعلق ابلصالة املقيد بقصد االمتثال فذات العمل ليست مأمورا هبا ،وهذا خلف الفرض و فيه :إن مفروض الشارع وإن كان تعلق األمر بذات العمل إال أنه ال جيب أن يكون هذا األمر أمرا مستقال ،بل األمر املتعلق ابملركب أو املقيد ينبسط على ذات العمل ،ويقصد املكلف يف عمله هذا األمر ، فال جمال للزوم اخللف أصال .و أن حتليل املشروط اىل ذات وتقيد حتليل عريف ،وال فرق عندهم من هذه الناحية بني املركب من أجزاء ،فباجلملة :إن أخذ قيد القربة يف متعلق األمر خال عن اإلشكال . مسالة :اطالق دليل الوجوب يقتضي ان يكون عينيا نفسيا تعيينيا الن الكفائية و الغريية و التخيريية حتتاج اىل دليل خاص ،فان احلكمة يف إطالق صيغة األمر تقتضي أن يكون املراد خصوص الوجوب التعييين العيين ،فإن إرادة غريه حتتاج اىل مزيد بيان . مناقشة هامشية : 1قيل الوجوب اعم من التعييين و التخيريي و العيين و الكفائي فيكون االطالق ظاهرا يف االعم و ارادة االضيق عينيا او كفائيا تعيينا او ختيريا حمتاج اىل قرينة .فان البيان الزائد يكون مطلواب الرادة املعىن االضيق ال االوسع .اقول ال ريب يف أن مقتضى وجوب شئ عند العقالء لزوم أن يؤتى بذلك الشئ ،كما أن مقتضى وجوبه على مكلف لزوم أن أييت ذلك املكلف به . مسالة :ان الوجدان و السلوك العقالئي العريف يشهد بعدم اختالف االمر املتعقب للحظر عن غريه ،فهو على داللته على الوجوب و ليس يف هذا الرتكيب مزيد خصوصية ،فالقول ابحتمالية عدم داللته على الوجوب ال
41
شاهد له و القول انه ال يفهم من هذا األمر عرفا سوى رفع املنع الطارئ فغري ظاهر . مناقشة هامشية : 1قيل انه بنسخ الوجوب يبقى اجلواز بدعوى تركب الوجوب من أمرين :اإلذن يف الشئ أو طلبه ،واملنع من تركه ،ومن املعلوم أنه أمر اعتباري بسيط .كما ان اجلواز يف الوجوب واالستحباب واإلابحة بل والكراهة أمر انتزاعي غري جمعول ،ينتزع من ترخيص املكلف وعدم منعه وأن له أن يفعل ،و االمور االنتزاعية من قبيل مالزمات التكاليف واجملعوالت الشرعية ،وليست بنفسها جمعوال شرعيا ،و االستصحاب ال جيري إال فيما يرتتب عليه وظيفة عملية ،فينحصر مورده فيما كان بنفسه حكما شرعيا عمليا ،أو كان موضوعا حلكم شرعي ،وأما يف مثل هذه االنتزاعيات فال ينتهي اىل وظيفة عملية ،إذ جواز العمل شرعا إمنا يكون ابستحبابه أو اابحته أو كراهته ،ال جبوازه هذا .وأما االشتياق فهو من مبادي الوجوب واالستحباب ومعلوم أن نفس االشتياق ليس وظيفة شرعية ،وال موضوعا هلا .
مسالة :اذا ورد االمر بشيء مث ورد اخر به قبل امتثاله فمقتضى احملاورات ان الثاين اتكيد لالول و ان ورد االمر بشيء بعد امتثاله فهو اجياب اخر ال ربط له ابالول و ان كان مثله اال مع القرينة على اخلالف يف املوردين و مع الشك يف انه من ايهما تكون الشبهة من االقل و االكثر فيجزي امثال واحد و جتري الرباءة عن االكثر . مسالة :ال يستفاد الوجوب من األمر ابألمر ابلشئ وإن مل أيمر املأمور األول بعد به ،لعدم ظهور يعتد به يف خصوص أنه لغرض التبليغ . 42
مسالة :أن أمر املوىل وبعثه يتوجه اىل املكلف نفسه ،من غري اشرتاط بشرط عدم إتيان الغري به ،فيوجه التكليف إليه وجيعل اإلتيان الطبيعة وظيفة له ، وكما أن إتيانه بنفسه يوجب سقوط التكليف عنه ابالمتثال ،فكذلك إذا أتى ابملتعلق شخص أجنيب فحيث حصل غرض املوىل يسقط أمره عن املكلف .و اشرتاط التكليف بعدم إتيان الغري خالف الواقع يف العرف ، وأما سائر أحناء إتيانه فاملكلف مكلف بتحقيق العمل أبية وسيلة وحنو أمكنت له ،فهو خمري حبكم عقله بني أن يفعله بنفسه ،أو أيمر آخر إبتيانه عنه .و اما املباشرة فتحتاج اىل قرينة .و يف حال الشك يف اعتبار املباشرة فاالصل الرباءة .و هكذا االمر يف اعتبار النية فاطالق االمر يعين عدم اعتبار النية و يف حال الشك فان االصل عدم اعتبارها . تنبيه : 1أن توجيه التكليف حنو طبيعة يكون حجة عقالئية على أن هذه الطبيعة هي متام موضوع طلب املوىل وبعثه ،ال يعترب فيها سوى كوهنا حبيث يصح انتساهبا اىل املكلف ،فإذا كان الطبيعة املنتسبة هي متام موضوع طلبه يستكشف أهنا متام احملصل لغرضه ،فإذا أتى هبا ولو غفلة ونسياان -مثال -يسقط أمر املوىل وبعثه حبصول غرضه وإن مل يكن يف هذه احلالة مكلفا إبتياهنا ،فالتقييد ابالختيار حيتاج اىل قرينة ،وأما إذا مل يكن إطالق ووصلت النوبة اىل االصول العملية :فإن شك يف دخالة خصوص االختيار فأصالة الرباءة قاضية بعدم العقاب عليه ،وإن شك يف دخالة خصوصية انتساب العمل اىل املكلف فالقاعدة هي الرباءة ،كما هو واضح .
43
الفصل الثالث :اقسام الواجب القسم االول :املطلق و املشروط : مسالة :الريب يف أن متعلقات و موضوعات األحكام الشرعية امور كلية تتوقف فعلية هذه األحكام على وجود صغرايت وأفراد هلذه الكليات وانطباقها عليها ،لكن هذا التوقف ال مينع من اجلعل القانوين الكلي على هذه العناوين الكلية قبل وجود أفراد هلا ،إال أنه قد ينيطه بوجود شرط ، وحتقق أمر يف اخلارج ،هذا القسم هو الواجب املشروط ،وذلك األول هو الواجب املطلق . تنبيه : 1ان كل واجب اذا لوحظ وجوبه مع شيء فان كان مقيدا به فهو مشروط ابلنسبة اليه فقط و اال فهو مطلق كلك فهما من املفاهيم االضافية .و قيل أن اإلطالق ميكن أن يكون حقيقيا ،وميكن أن يكون إضافيا ،ومها حمققان يف التكاليف و فيه منع واضح . تنبيه : 2لكل واجب هيئة و مادة ابلضرورة و مها متالزمان و متحدان يف الوجود عقال و عرفا فيتحدان يف االطالق و االشرتاط ايضا ،فيكون اطالق احدمها و اشرتاطه عني اطالق االخر و اشرتاطه بال تفكيك بينهما من هذه اجلهة يف االنظار العرفية املنزلة عليها االدلة . تنبيه : 3ان مفاد هيأة االمر او مادنه -وهو البعث القانوين -بقانونيته قد انيط وعلق على حتقق الشرط يف الواجب املشروط ،فما مل يتحقق الشرط فال وجوب قانوين أصال ،ال أن الوجوب القانوين موجود ،وإمنا مل يصل اىل الفعلية حىت يكون الشرط شرطا ملقام فعليته فقط . مناقشة هامشية : 1و قد اشكل عليه بطائفتني من اإلشكال :االوىل :ما ي كون راجعا اىل رجوع الشرط اىل مفاد اهليأة و منها :أن مفاد اهليأة معىن حريف اجيادي ال يتقبل التقييد وفيه أن احلق أن معاين احلروف امور 44
كلية قابلة للتقييد كما أن مرجع االشرتاط اىل التعليق ال التقييد ،وتعليق وجود جزئي على شرط ال ينايف جزئيته .ومنها :أن املعاين احلرفية غري مستقلة ابللحاظ فتقييد أنفسها أوال وابلذات ،أو تعليقها ،مستلزم للحاظها استقالال ،وفيه أن امكانية النظر إليها مستقلة .والثانية :ما تكون مربوطة مبقام مبادئ اجلعل ،بدعوى شهادة الوجدان بفعلية اإلرادة والزمها فعلية البعث والوجوب ،وفيه أن األحكام الشرعية بل الواجبات العرفية أحكام قانونية ،و وظائف جعلية ال حتتاج يف ظرف حتققها اىل فعلية اإلرادة يف الواجبات ،وال اىل فعلية الكراهة يف احملرمات ،لكنها مع ذلك يف مقام جعلها تكون اتبعة لإلرادة الشأنية . مناقشة هامشية : 2قيل انه إذا حتقق عنوان املكلف جبميع قيوده ولكن كان الوجوب أو احلرمة متعلقا أبمر خارجي ومل يتحقق بعد هذا األمر فمع ذلك كله ال تتحقق احلرمة أصال ،لتوقفها على وجود املتعلق غري املتحققة بعد .لكن احلق أن حتقق الوجوب أو احلرمة أو غريمها ،إمنا يتوقف على حتقق ما جعله شرطا للوجوب أو عنواان للمكلف وبعد حتققهما فاحلرمة أو الوجوب اثبتة ،ومقتضى الظواهر اللفظية أيضا ليس أزيد من إانطة الوجوب والبعث بوجود موضوعه وشرائطه ،وأما وجود املبعوث إليه فليس مما تقتضيه . مناقشة هامشية : 3الشك يف أن مفاد اهليأة ليس اال البعث حنو إتيان املادة ، وحينئذ فكما أنه لو استعمل يف الوجوب املطلق مل يستعمل إال يف معناه فكذلك إذا استعملت يف املشروط ،فإن مفاد الشرط أنه يف هذا الفرض مفاد اهليأة اثبت ،فاهليأة ال تستعمل إال يف مفادها ،وإن علق هذا املفاد بدال آخر على شرط وفرض .
45
مسالة :لو شك يف الوجوب أنه مطلق أو مشروط :فإن كان للكالم إطالق فالظاهر أن إطالق اهليأة يقتضي الوجوب املطلق مبعىن :أنه كما أنه إذا كان متعلق التكليف مثل عتق الرقبة مطلقا حيكم العرف أبنه متام مراد املوىل ومتام موضوع حكمه كذلك إذا كانت اهليأة مطلقة حيكم أبن مفادها اثبت على املكلف من غري انتظار حالة منتظرة ،فداللتها على الوجوب املطلق نظري داللة متعلقها على كونه مطلقا ،ال نظري استفادة الوجوب منها ،فإهنا مبالحظة حكم العرف أبن البعث حجة على الوجوب ما مل يثبت خالفه ،وليس من ابب استفادة األمر من اإلطالق اللفظي ،وإن شك ومل يكن إطالق لفظي فأن األصل العملي ينتج االشرتاط ،ألن توجه الوجوب على املكلف يف فرض وجود الشرط مقطوع ،ويف غريه مشكوك فيحكم بعدمه ابلرباءة شرعا وعقال . مسالة :جيوز لالمر االمر مع علمه ابنتفاء الشرط ،فانه إذا مل يكن العمل واجبا عند حضور وقته النتفاء شرط أصل الوجوب أبي وجه كان ال ميكن من العامل إرادة صدور العمل من املكلف قبل حتققه ،بل إمنا يتخيل املكلف كونه مكلفا لتطابق االمارات على حصول الشرائط .وأما فيما كان املكلف عاجزا فحيث إن التكليف قانوين فهو غري مشروط بقدرة كل مكلف وال بقدرة املكلف يف مجيع املوارد .
القسم الثاين :املعلق واملنجز مسالة :قيل الواجب اما مطلق غري مقيد بشيء وهو املنجز او يكون الوجوب مقيدا بشيء وهو الواجب املشروط عند املشهور او يكون الوجوب مطلقا و الواجب مقيدا بشيء غري مقدور وهو املعلق و ال حمذور فيه ال ثبوات و 46
ال اثباات كما انه ال اشكال يف وقوع الواجب املعلق ،وذلك أنك قد عرفت يف بيان مالك الوجوب املشروط أنه كما قد يتوقف حدوث احلاجة اىل شئ وحتقق املصلحة فيه اىل حصول أمر غري حاصل -وهو مالك اشرتاط الوجوب -كذلك قد يكون للشخص -يف أفعاله االرادية - كمال االحتياج اىل شرب شئ -مثال -وهو له يف كمال املصلحة ،إال أن هلذا الفعل قيدا دخيال يف ترتب مصلحته عليه ،وهو مما ال حيصل إال يف املستقبل ،فيجب عليه أن أييت بذلك العمل إذا حان حينه وحضر وقته .و هذا هو الذي جنده ابلوجدان من غري أي حمذور وال إشكال . تنبيه : 1الظاهر للعرف ان الواجب املشروط ينتج من الوجوب املشروط او الواجب املعلق فالواجب املشروط على قسمني :فتارة يشرتط وجوبه احلايل أبمر متأخر مع كون الفعل الواجب استقباليا ،وهذا هو الواجب املعلق .واخرى ليس كذلك ،سواء أكان وجوبه مشروطا فقط أبمر حايل أو ماض ،أم أبمر متأخر إال أنه كان الواجب أيضا حاليا . مناقشة هامشية : 1قيل يف تقريب استحالة انفكاك الوجوب عن زمان الواجب أن البعث الذي هو مفاد اهليأة وجود اعتباري لذلك البعث التكويين النفسي ،فاملوىل ببعثه االعتباري كأنه يرسل عبده ويبعثه حنو املأمور به و فيه ان العرف ال يرى تقوم االعتبار إبمكان االنبعاث بال فصل ،بل املقوم له هو امكان االنبعاث ،فاملمنوع عقالئيا البعث حنو ما ال ميكن حتقيقه ال ما ميكن حتقيقه و لو يف املستقبل والشاهد على ذلك الوجدان و العرف . القسم الثالث :النفسي و الغريي . مسالة :الغريي ما وجب ألجل واجب آخر على ذلك املكلف ،والنفسي ما وجب ألجل نفسه ،فاملعترب يف الواجب الغريي -مبا هو غريي -أن يكون حبيث لوال هذا الواجب اآلخر ملا وجب ،فال يكون فيه إال مصلحة 47
املقدمية والألجلية هلذا اآلخر .مث إن املعترب يف الواجب النفسي النفسية ، مبعىن :أن ال يكون مقدمة لواجب آخر على هذا املكلف ،فلو كان مقدمة لغرض آخر للموىل أو لواجب على مكلف آخر فال يضر بنفسيته. مسالة :إذا مل يكن اطالق و وصلت النوبة اىل االصول العملية ،و شك يف كون ذلك الغري فعليا ،كما إذا دخل الوقت وعلم بوجوب الصالة نفسيا ،وعلم بوجوب الوضوء أيضا ،لكن مل يعلم أنه نفسي أو غريي ؟ فال إشكال والشك يف وجوب اإلتيان ابلوضوء ،إمنا الشك يف تقيد الصالة به ،واالصل فيه الرباءة .و اما اذا علم بوجوب ذلك الغري ،إال أنه كان مشروطا بشرط مل حيصل بعد ،فلم يصر بعد فعليا فاحلكم فيه الرباءة قبل حصول الشرط املزبور .و اما إذا مل يعلم بوجوب ذلك الغري أصال فحكمه واضح مما مر . تنبيه : 1ال يرتتب على امتثال الواجب الغريي وخمالفته ثواب وعقاب حيث أنه ملا كان بعث املوىل فيه بعثا معلوليا ومقدميا ،فلذلك إن كان العبد بصدد امتثال الواجب النفسي ذي املقدمة ،فال حمالة ينبعث من هذا القصد اىل إتيان املقدمة ،من غري أتثري للبعث املعلويل يف داعيه ،بل كما أن املوىل أمر به تبعا فهو أيضا ينظر إليه تبعا ،وإال فاألصيل يف نظره هو ذو املقدمة ،فال داعوية إال له ،وإن مل يكن بصدد االمتثال فال حمالة وقهرا ال يقوم بصدد اتيان املقدمة ايضا ،فليس لألمر املقدمي الغريي اال التبعية ، وامتثال العبد امتثال الواجب النفسي ،فكيف يثاب على الواجب الغريي مبا هو غريي . مناقشة هامشية : 1استشكل يف الطهارات الثالث أبنه الشك يف اعتبار قصد القربة فيها ،مع أن أمرها غريي ،و فيه ان املعترب يف كل عبادة صرف 48
إتياهنا هلل تعاىل ،وقصد أمرها أحد طرق حتصيلها ،فاألمر النفسي والغريي واالرادة النفسية والغريية كالمها متعلقان ابلوضوء هلل تعاىل ،غاية األمر أن اعتبار هذا القيد فيه يف االرادة النفسية مبقتضى نفسها ،ويف الغريية مبقتضى تلك اإلرادة وتوقف الصالة على هذه العبادة ،حيث يتوقف حصول الغرض النفسي من ذيها على اتياهنا على وجه العبادة وبقصد توقف ذيها عليها ،فال حيصل الغرض منه إال بقصد القربة .
القسم الرابع :التعييين و التخيريي مسالة :التعييين ما يكون عدل يف عرضه خبالف التخيريي ،وال ريب يف وقوعهما عرفا وشرعا ،و امنا الكالم يف تصوير الثاين ثبوات .و من الظاهر انه إذا تعلق األمر أبحد الشيئني أو األشياء ،فإن األمر أبحدمها إن كان مبالك قيام غرض واحد هبما فالقائم به الغرض ال حمالة يكون أمرا جامعا بينهما ،ويكون هو الواجب تعيينا والتخيري ختيري عقلي ،وهذا ظاهر .وإن كان مبالك قيام غرضني خمتلفني هبما ال ميكن إال حصول أحدمها ،لعدم امكان اجتماعهما يف الوجود ،كان كل منهما واجبا بسنخ من الوجوب يكشف عنه تبعاته " فأن املمكن إمنا هو وجود أحدمها ،وإن أتى بكال الفعلني فإمنا يرتتب أحدمها .فيرتتب على كل من األفعال األثر املتوقع منه ،إال أنه ال يكون متعلق الغرض إال وجودا واحدا من هذه اآلاثر .فاذا كان للموىل غرض واحد قائم بشيئني ،أو غرضان ابلتفصيل السابق ،فهو يبعث عبده اىل إتيان أحدمها ،فبعثه هذا ال يفارق بعثه يف سائر املوارد من الواجبات التعيينية ،ولذا فالواجب هو أحدمها املصداقي ال املفهومي .
49
وهذا الذي ذكرانه هو الظاهر العريف من أدلة الواجبات التخيريية ،وهو الذي نراه من وجداننا عند إرادة أحد الشيئني . مسالة :ان التخيري اما بني املتباينني او االقل واالكثر و االول مسلم و واقع يف الشرعيات والعرفيات و لكن اشكل على االخري اترة ابن االكثر اما ال مصلحة فيه او تكون مصلحته عني مصلحة االقل او متباين معه و يف االولني ال وجه الجيابه و االخري من املتباينني و فيه ان االكثر مشتمل على سنخ مصلحة االقل زائدة عليها الزمة التحصيل مع عدم االقتصار على االقل فيكون األقل مؤثرا يف أمر قابل للشدة والضعف ،فلو اقتصر على األقل يستويف امل طلوب األقصى من املرتبة الضعيفة ،وإذا أتى ابلزائد اشتد األثر املزبور ،فلو أتى ابألكثر كان جمموعه مطلواب واحدا وهذا ظاهر للوجدان و العرف . القسم اخلامس :العيين و الكفائي مسالة :عرف الواجب العيين ابن له امتثاالت متعددة حسب تعدد املكلفني و يتعدد الثواب و العقاب بعدد املطيعني و العاصني و يتحقق فيه امتثال بعض و خمالفة اخرين ،و ظاهرهم التسامل على ثبوت االولني يف الواجب الكفائي ايضا خبالف االخري فانه ابمتثال البعض يسقط عن االخرين .و الريب يف وجود الواجبات الكفائية عرفا وشرعا ،وهي االمور اليت يكون املطلوب حتققها من دون عناية اىل صدورها من شخص خاص ،بل اجلميع ،أو طائفة خاصة مسؤولون عنها ،ويرتتب عليها بال اشكال سقوط الوجوب بفعل البعض ،وعقاب اجلميع برتكها رأسا.و عدم بقاء الوجوب بفعل البعض ليس من ابب أن اآلمر جوز ترك امتثاله ،بل هو من ابب حصول غرضه وامتثال أمره . 50
القسم السادس :املوسع و املضيق مسالة :
ان كان الزمان دخيال يف الوجب يسمى مؤفتا و اال فغري مؤقت و
االول إن كان الوقت بقدر الواجب فمضيق وإن كان أوسع فهو الواجب املوسع و ال جمال لالشكال على الواجب املوسع بعدما كان متعلق األمر كلي الفعل الواقع يف الوقت احملدود حبدين ،فإن هذا الكلي كسائر الكليات ،يكون املكلف خمريا بني األفراد املتصورة له ،وليس ترك أول أفراده تركا له حىت يكشف جوازه عن عدم وجوب الطبيعة ،وعدم جواز ترك آخر فرد منه ليس لوجوب ذلك الفرد بعينه ،حىت يكون هو الواجب وغريه مما يتقدم عليه مسقطا للواجب ال واجبا . مسالة :نفس دليل األداء و وجوب العمل يف الوقت ال يدل على قضائه ،فان الظاهر للوجدان و العرف من التوقيت ان القيد ركن يف املطلوب فال يفهم منه اال مطلوب واحد لغرض واحد و ان ابلتوقيت يتكون طلب مركب ال طلبني فتعدد املطلوب حمتاج اىل قرينة كما ان القضاء خالف اصل الفورية و خالف التوقيت الذي دلته عليه القرينة فال جمال للقول ابستفادته من االمر . مسالة :ال ميكن اثبات الوجوب ابالستصحاب ؟ ألن املوضوع يف االستصحاب إذا كان أمرا كليا فالكلي املقيد غري املطلق بنظر العرف أيضا ،وعليه فإثبات شخص الوجوب الثابت على املوقت على ذات عارية عن قيد الوقت اسراء للحكم من موضوع اىل موضوع آخر . القسم السابع :االصلي و التبعي
51
مسالة :
الظاهر للوجدان و العرف ان االصلي ما انشأ عن ارادة استقاللية
و التبعي ما انشا عن ارادة غري استقاللية أي تبعية ،و من الواضح انه مع عدم القرينة على التبعىي فان املتفاهم عرفا و االرادة االستقاللية و على هذا يصح القول انه مع الشك يكون املرتكز هو ان االمر كائن عن اردة استقاللية مما ميكن من القول ان االصل هو االستقاللية فعند الشك يف اصلية او تبعية واجب فاالصل فيه انه اصلي . مناقشة هامشية : 1قيل ان الواجب ان كان مفاد الداللة االستقاللية املعتربة و مقصودا مستقال ابالفادة فاصلي و اال فتبعي و هو من جمرد اعوى و ال شاهد عليها من عقل او نقل اذ رب واجب تبعي يستفاد من الداللة االستقاللية و رب واجب اصلي يستفاد من غري الدالالت االستقاللية كاملفاهيم و حنوها ،كما انه و ميكن ان يكون كل من الواجب النفسي و الغريي اصليا و تبعيا يف مقام االثبات كما ال خيفى
املبحث الثاين :النواهي الفصل االول يف معىن النهي مسالة :ال ينبغي الشك يف أن النهي مبادته وهيئته كاألمر متعلق بنفس الطبيعة املنهي عنها ،ومفاده الزجر االعتباري يف اهليأة والشاهد عليه هو التبادر العريف. الفصل الثاين :داللة النهي على الفورية و االستمرارية مسالة :ان النهي متعلق ابلطبيعة كاالوامر و من اللوازم العرفية لتعلق النهي ابلطبيعة الفورية و االستمرار ابلنسبة اىل االفراد الدفعية و التدرجيية الن 52
معىن الردع عن الطبيعة اعدامها ابملرة ،اذ ال شك يف لزوم ترك مجيع أفراد املنهي عنه الطولية والعرضية ،ولزوم تركه بعد املخالفة يف فرد ،فأن عدم الطبيعة بعدم مجيع األفراد ،ووجوده بوجود فرد ما ،و أن النهي يقتضي ابطالقه ثبوت احلرمة يف مجيع األزمنة املتتالية ،فاحلرمة دائرة مع الطبيعة حيثما دارت ،ومن قبيل الالزم هلا ،فتتعدد النواهي بتعدد األفراد، وعليه يصح دعوى أن املنشأ ابهليأة أو املادة سنخ الزجر املنحل اىل نواه متعددة الفصل الثالث :اجتماع االمر و النهي يف واحد مسالة :مالك البحث يف املقام هو ان تعدد العنوان الواحد هل يكفي يف رفع حمذور التضاد بني االمر و النهي املتعلقني به .وال شك ان التعدد االعتباري يكفي يف رفع التضاد بني االعتبارايت .و ال وجه لدعوى ان جواز االجتماع مستلزم لنقض الغرض الن االمر ابلشيء لدرك املصلحة و التقرب ابملامور به اىل هللا تعاىل و هو ال جيتمع مع النهي الفعلي اذ فيه مضافا اىل انه عني املدعى انه ال حمذور فيه بعد تعدد اجلهة فيجلب املامور املصلحة من جهة و يقع املفسدة من جهة اخرى و ال حمذور فيع من عقل او نقل او عرف فال يظهر وجه لالمتناع مطلقا .و وجداننا إمنا حيكم ابمتناع تعلق احلب والبغض ابلشئ الواحد ،إذا كان بعنوان واحد ،ال مع تعدد العنوان فيه ،فكم من امر يكون حمبواب بعنوان معني و مبغوضا بعنوان اخر ،و من هنا يظهر ان بداهة تضاد االحكام اخلمسة امنا يكون يف الواحد ذي العنوان الواحد ال فيما له اكثر من عنوان .
53
مناقشة هامشية :1أن مثرة هذه املسألة هو نفس وجوب اجملمع وحرمته معا أو كونه إما واجبا وإما حراما ،فهذه هي مثرة هذه املسألة ابلذات ،وأما ترتب الصحة أو الفساد فهو من قبيل مثرة الثمرة . مسالة :ال ينبغي اإلشكال -يف حال االجتماع -يف سقوط األمر وحصول االمتثال إبتيان اجملمع وإن كان عاصيا أيضا ،مع وجود املندوحة ،أو قوة مالك النهي .
املبحث الثالث :املفاهيم مسالة :قد يطلق املفهوم يف العرف ومنه االصطالح االصويل على ما يالزم الكالم عرفا و غري مذكور يف اللفظ حبدوده وقيوده حبيث يصح االعتماد عليه يف احملارات واالحتجاجات . مناقشة هامشية : 1قيل أن معىن اللفظ أو داللته منطوق ،وأن مدلول املعىن أو داللته مفهوم .وهذا غري ظاهر بل ان املفهوم من مدلول اللفظ اال انه حيتاج اىل تركيب خاص وهو كون القيد على اتمة منحصرة للحكم . مناقشة هامشية : 2لنا ان ندخل مباحث املفهوم مطلقا يف مباحث املالزمات العقلية غري املستقلة حلكم العقل بثبوت املفهوم ان ثبت كون القيد علة اتمة منحصرة للحكم و عدم حكمه كذلك بل حكمه ابلعدم مع عدم ثبوت العلية التامة املنحصرة . مسالة :بناء العقالء على اعتبار املفهوم ظاهر ،فالنزاع يف حجية املفهوم صغروي فقط مبعىن انه هل يكون للجملة الشرطية -مثال -مفهوم او ليس هلا مفهوم ؟ و ليس النزاع كربواي مبعىن انه هل املفهوم حجة او ال ؟ 54
مسالة :مورد البحث يف املفهوم انتفاء سنخ احلكم ابنتفاء املوضوع ال انتفاء شخصه الذي ينتفي ابنتفقاء املوضوع قهرا. مسالة :من الظاهر ان املفهوم من الدالالت االطالقية لسياقية لدى العرف و ليس من الدالالت الوضعية و يشهد له عدم التفات الواضع اىل هذه اخلصوصية . املفاهيم املبحوثة هي : الفصل االول :مفهوم الشرط مسالة :مفهوم الشرط هو انتفاء احلكم املذكور يف اجلزاء عند انتفاء شرطه، واحلق أن أداة الشرط إمنا تدل على أنه على تقدير حتقق اتليها املسمى ابلشرط يتحقق اجلزاء ،فغاية مفادها ثبوت احلكم املذكور عند ثبوت الشرط أو لثبوته ،وأما داللتها على احنصار ثبوته بذلك فممنوعة ،وقد قيل لتقريب داللتها على ذلك وجوه االول :ان داللتها على العلية التامة املنحصرة وضعية لتبادرها منها ،و فيه ان املتبادر مطلق الرتتب يف اجلملة ال على حنو العلية فضال عن التامة او املنحصرة .الثاين ان ذلك من ابب االنصراف ،و فيه انه ممنوع لغلبة االستعمال يف مطلق االقتضاء و الرتتب .الثالث اهنا اطالقية ،اذ لو كان يف البني شرط اخر او كان الرتتب على حنو االقتضاء او صح ان يكون اجلزاء جزاء لشرط اخر لذكر ولو يف كالم اخر و فيه اوال انه يعترب يف التمسك هبذه االطالقات احراز كون املتكلم يف مقام البيان من هذه اجلهات ايضا و مع عدم االحراز ال وجه للتمسك هبا .
55
مناقشة هامشية : 1إذا علق على الشرط عموم ،فاستفادة نفي العموم أو عموم النفي يف انحية املفهوم مبنية على أن امللحوظ يف التعليق هل هو حيثية العموم مبا هو عموم ،أو نفس أفراد العام ،والعموم إمنا يكون آلة لتسرية احلكم إليها ؟ فال كالم إذا علم ابلقرينة اخلارجية أن التعليق أبي من النحوين ،ومع إنتفاء القرائن فإن إفادة العموم إن كانت ابأللفاظ املوضوعة له ،كجميع و كل ،فالظاهر منه أن املعلق حيثية العموم ،ويكون املفهوم نفي العموم فقط ،فال ينايف ثبوت الوجوب لبعض منهم بدليل منفصل آخر ،وإن كانت بنفس اجلمع احمللى ابأللف والالم ،كما إذا قال: إن جاءك زيد فأكرم العلماء ،فظاهره تعليق األفراد وأن هيأة اجلمع مستها اآللية لتسرية احلكم إليها فقط ،فمفهومه عموم النفي. مسالة :قد عرفت انه ليس يف اجلملة الشرطية داللة على املفهوم فلو تعدد الشرط و احتد اجلزاء فال تعارض بل يكون كل منهما شرطا لتحقق اجلزاء وهذا هو الراسخ يف العرف احملاوري كما هو ظاهر . مسالة :إذا تعدد الشرط واحتد اجلزاء فهل جيب تكرار اجلزاء بعدد الشروط ؟ أو يكتفي يف امتثال الكل إبتيان اجلزاء مرة واحدة ؟ وهذا هو البحث املعروف بتداخل األسباب واملسببات .واملراد بتداخل األسباب أن ال يرتتب على الشرائط املتعددة إال وجوب واحد ،و بتداخل املسببات أن يتعدد الواجبات و لكن جيوز االكتفاء بفرد واحد يف مقام امتثال اجلميع، لكون هذا الواحد مصداقا جلميع هذه الواجبات .و الريب عند أحد أن األمر والتكليف يسقط حبصول املكلف به كما هو حقه يف اخلارج ،فصرف تعدد الوجوب ال يقتضي تعدد االمتثال إال أن يكون العنواانن املأمور هبما حبيث ال جيتمعان على مصداق واحد معا ،وإال فالواحد امتثال لكليهما 56
ويسقطان به ،بال خالف وال اشكال .فان مفاد كل قضية شرطية ،أو شرطية واحدة ابلنسبة اىل مرات حتقق الشرط ،أن اجلزاء البد وأن يقع عقيب شرطه املوجب له ،فالواجب بكل شرط غري ما وجب ابآلخر ،ومع ذلك فحيث ال يقيد ابزيد من هذه البعدية ،فالالزم االكتفاء مبصداق واحد من الطبيعة ،لصدق مجيع االيتاآت بقيدها عليه ،فمقتضى اطالق كل شرطية أنه مع تعدد الشرط يكون املقام من ابب تداخل املسببات.
الفصل الثاين :مفهوم الوصف مسالة :ان الوصف اما ان يكون علة اتمة منحصرة لثبوت احلكم للموضوع او يكون مقتضيا له او ال اقتضاء له اصال فيكون وجوده كعدمه على حد سواء و املفهوم امنا يثبت يف القسم االول فقط .و مما استندل به للقول مبفهوم الوصف انه لو مل يدل عليه لكان ذكره لغوا اذ ال فائدة فيه غري ذلك و فيه وضوح عدم احنصار الفائدة فيه .و منهاما اشتهر من ان االصل يف القيد ان يكون احرتازاي و فيه انه ال اصل هلذا االصل اال يف احلدود احلقيقية و التعريفات الواقعية وهي كلها خارجة عن مورد الكالم و قضية تعليق احلكم على الوصف اشعار ابلعلية ليست من القواعد املعتربة مع ان االشعار ابلعلية اعم من العلية التامة املنحصرة اليت هي مناط حتقق املوضوع . 57
الفصل الثالث :مفهوم الغاية مسالة :فصل بني ما كانت األداة غاية احلكم ،وبني ما كانت غاية موضوعه ، ابلتزام املفهوم يف األول دون الثاين ،و استدل لثبوت املفهوم فيها النسباق ذلك منها ،وكونه قضية تقييده هبا ،وإال ملا كانت ما جعل غاية له بغاية و مرجع دعوى االنسباق اىل أن احلكم املنشأ يف ما قبل الغاية وإن كانت طبيعة احلكم مهملة ،إال أن أداة الغاية ملا كانت دالة على هناية احلكم، فتدل بداللة التزامية تبينية على انتفاء الطبيعة عما بعد الغاية .و فيه عدم اجلزم ابلتبادر املذكور ،وأن املتيقن من التعليق على الغاية هو تعليق حكم القضية ال طبيعته حىت يستلزم ما أفيد .وأما الربهان اآلخر فمرجعه لغوية التقييد لو مل يكن مفهوم ،وفيه :أن التقييد كان لغوا لو مل يكن للغاية دخل يف حكم القضية أيضا ،وال ينبغي الريب يف ظهور ذكر الغاية يف أن ملا قبلها دخال وخصوصية ،وأما أن أمرا آخر ال يقوم مقامه فمما ال داللة عليه . هذا و ان لوحظ من جهة االمتثال و االجناز فان غائية الغاية ملوضوع الطلب غري واقعية بل مجيعها غاية له . مسالة :املعروف بني اهل االدب ان كلمة حىت و اىل تدالن على دخول الغاية يف املغيا ما مل تكن قرينة على اخلالف و ابستفادة اهل االدب قواعدهم من استقراء العرف احملاوري كاف يف جواز االعتماد عليه مع عدم ظهور ما خيالفه .
58
الفصل الرابع يف مفهوم احلصر مسالة :الريب يف أنه إذا دل الكالم على احلصر فالزمه ومفهومه اختصاص احلكم مبورد احلصر وانتفائه عما عداه ،وإمنا الكالم يف ما عد من أداته وهو امور: مسالة :منها االستثناء ،والريب يف داللته عليه والتبادر ابلوجدان شاهد عليه . مسالة :ومنها :إمنا ،واستدل إلفادته احلصر بتصريح أهل اللغة والتبادر والتبادر غري اثبت ،قول أهل اللغة مبين على استعماله يف موارد اريد منها احلصر ،وأما أن الدال عليه هذه اللفظة فال دليل عليه ،بعد مفروضية استعماهلا يف غري احلصر أيضا .ومنها :بل وهي وإن دلت على اختصاص حكم القضية مبا بعدها ابالضافة اىل املضرب عنه ،فيما كان الغرض منها ختصيص احلكم به ثبوات ،إال أهنا بعد صحة استعماهلا يف غري ذلك أيضا فال حمالة حيتاج استفادة ذلك منها اىل القرينة .ومنها :تعريف املسند إليه بالم تعريف احلقيقة والطبيعة ،وحيث إن نفس ذاك التعريف ال تقتضي إال أن الطبيعة معلومة معهودة فاثبات حممول هلا ال يقتضي سوى احتادها به يف اجلملة ، ،وهو ال يقتضي احنصارها فيه. الفصل اخلامس يف مفهوم اللقب والعدد مسالة :ال اشكال يف عدم مفهوم للقب وهو ما كان طرفا يف النسبة الكالمية مسندا كان او مسندا اليه او من متعلقاهتما ،لوضوح عدم داللته على االحنصار وأما العدد فرمبا يقال بداللته على املفهوم ،لكنه غري ظاهر يف 59
االحنصار فإنه لو قال :اكرم مخسة ،مث قال اكرم رجال عاملا آخر ،فالظاهر عدم منافاة له لقوله األول،
املبحث الرابع :العام و اخلاص مسالة :العموم عند العرف متقوم ابلشمول و السراين .و العام هو مادل على مجيع األفراد اليت ميكنه أن حيكي عنها ،فيتميز عن املطلق أبن مدلوله األفراد ،خبالف املطلق فإن مفاده ولو بعد جراين مقدمات احلكمة ،هو نفس الطبيعة . ،إن العام وإن دل على مجيع األفراد إال أن خصوصيات األفراد ليست من مدلوهلا أصال ،بل هو يعرب عن أفرادها بعنواهنا اجلامع املشرتك بينها الذي بسببه تدخل حتت العام . وهو اما استغراقي شامل لكل ما يصلح ان يكون قردا له ،او بديل أي ان مدلوله فرد واحد لكن على البدل او جمموعي أي يلحظ مجيع االفراد عنواان ،والزم االول حتقق االطاعة ابمتثال كل فرد و العصيان برتك فرد اخر ،والزم الثاين حتقق االطاعة ابتيان فرد ما و عدم حتقق العصيان اال برتك اجلميع و اما االخري فهو على عكس الثاين فال تتحقق االطاعة فيه اال ابتيان اجلميع و يتحقق العصيان برتك فرد ما . مسالة :االلفاظ املتداولة يف العموم مخسة :لفظ (كل ) و ما مبعناه و النكرة يف سياق النفي او النهي و احمللى ابلالم مجعا او مفردا و الظاهر ان الداللة وضعية يف االوىل و اطالقية يف البقية . مسالة :ال ريب يف ظهور كل عام يف العموم و الظاهر حجة ما مل تكن قرينة على اخلالف و املخصص من القرينة على اخلالف فيكون العام ظاهرا يف 60
العموم و حجة يف غري مورد التخصيص فان العام املخصص حقيقة يف العموم بعد التخصيص ،حيث أن العام أبصالة الظهور يقتضي ارادة مجيع األفراد ،وقرينة التخصيص إمنا تدل على عدم تعلق اجلد مبا يف موارده ،من دون اقتضاء لبقية األفراد ،فتبقى داللة العام وجده على ماكان. مناقشة هامشية :1بناء على كون العام املخصص جمازا يف العموم بدعوى انه من اللفظ املوضوع للكل املستعمل يف اجلزء فان ال يضر يف حجيته ايضا اما اوال فالن دعوى اجملازية ابطلة لتقوم العام ابالرسال و السراين ،و اثنيا على فرض اجملازية يكون حجة يف الباقي بعد التخصيص لوجود املقتضي و هو الظهور اللفظي ،و فقدان املانع الصالة عدم خمصص اخر فانه ال فرق يف حجية الظهور بني كونه مستندا اىل الوضع او اىل سياق اللفظ و لو كان جمازا . مناقشة هامشية : 2إن الرجوع اىل العام قبل الفحص عن خمصصه أحد مصاديق الرجوع اىل أصالة الظهور قبل الفحص عما خيالفه.،
مسالة :اذا تعقب العام بضمري و تردد رجوعه اىل متام افراده او بعضه و مل تكن قرينة على االخري فمقتضى اصالة التطابق بني الضمري و املرجع اليت هي من االصول احملاورية املعتربة هو الرجوع اىل التمام .و اما اذا علم برجوعه اىل البعض و كان مع العام يف كالم واحد فال حجية للعام ابلنسبة ملا يرجع اليه الحتفائه مبا يصلح للقرينة عرفا .و ان كان ذلك يف كالمني فال ريب يف جراين اصالة العموم النه مستعمل حقيقة يف العموم يف مورد التخصيص و عدم حمذور فيه ابلنسبة اىل االرادة االستعمالية ال االرادة 61
اجلدية الواقعية و ال دليل على املطابقة بني االرادتني من كل جهة بل مق تضى االصل عدم اعتبارها كما ال ريب يف ان الضمري يرجع اىل متام العام ابالرادة االستعمالية ايضا ال اجلدية الواقعية فيتحقق العمل ابالصلني بال خمالفة بينهما يف البني بعد معلومية املراد الواقعي ابلقرينة اخلارجية . مسالة :ال ريب يف ان مناط التخصيص امنا هو الجل تقدمي القرينة على ذي القرينة و االظهر على الظاهر وهذا مما اتفق عليه اهل اللسان يف مجيع امللل و االزمان و مهما حتقق هذا املناط يصح التقدمي بال كالم سواء كان بني منطوقني او مفهومني او بني املنطوق و املفهوم و سواء كان املفهوم موافقا ام خمالفا . مسالة :اذا تعقب االستثناء مجال متعددة ،فان كانت قرينة اتبعت واال فاملتيقن الرجوع اىل اجلملة االخرية . مناقشة هامشية : 1قد يتوهم استحالة رجوع االستثناء اىل اجلميع الستلزامه استعمال لفظ واحد هو أداة اإلستثناء يف معنيني ،لكنه مدفوع ابمكان أن يلحظ معىن مجيع العمومات املتقدمة ،واستعمل أداة االستثناء يف اإلخراج عنه إخراجا واحدا مفهوميا ،مث ينحل اىل اخراجات متعددة نوعية كما ينحل اىل اخراجات متعددة بتعدد األشخاص اليت هي مصاديق املستثىن. مسالة :ال ريب يف وجوب ختصيص الكتاب ابلسنة الثابتة قال تعاىل { َوَما
ول فَ ُخ ُذوهُ َوَما نَ َها ُك ْم َعْنهُ فَانتَ ُهوا } و عليه استقرت السرية ، الر ُس ُ آات ُك ُم َّ َ و اما خرب الواحد فان حقق شروط االطمئنان ووجوب املتابعة فانه
مشمول بذلك العموم ،فأن الكتاب وإن كان قطعي الصدور إال أن مالك احلجية ،هو طريقية القطع عند العقالء ،وهذه الطريقية أمر مشرتك بني 62
مجيع الطرق املعتربة ،فجميعها عند العقالء يف عرض واحد ،ال أن حجية الطريق املعترب الظين يف طول القطع ،وحيث إن كليهما بنفسهما حجتان يف عرض واحد ،فمع إجتماعهما فاخلاص قرينة على تقييد العام كما إذا كان كالمها ظين الصدور أو قطعيه. مسالة :إذا ورد عام وخاص يف كالم واحد متصل كان اخلاص قرينة على ختصيص العام ،و هكذا األمر إذا ورد أحدمها منفصال عن اآلخر ،بال فرق يف ذلك بني أن يكون اخلاص هو املتقدم أو العام ،وال بني ورود املتأخر قبل حضور وقت العمل ابملتقدم أو بعده ،الن التخصيص من انظمة التوفيق و النسخ من انظمة التعارض و التوفيق مقدم عرفا على التعارض كما ان مقتضى شيوع التخصيص و غلبته يف احملاورات و ندرة النسخ و االهتمام ابثباته يف الكتاب و السنة اكثر من االهتمام الثبات التخصيص هو احلكم ابلتخصيص . مسالة :العام و اخلاص اما مبينان من كل جهة او جممالن كذلك او يكون العام جممال و اخلاص مبينا او ابلعكس ،و ال اشكال يف متامية احلجة يف االول كما ال ريب يف عدمها يف الثاين لفرض االمجال فيهما و ال حجية يف اجململ و كذلك الثالث الن اخلاص كالقرينة للعام و املتمم لفائدته و مع امجال ذي القرينة ال اثر لكون القرينة واضحا او مبينا .و اما االخري فعمدة القول فيه ان اخلاص اما متصل او منفصل و االمجال يف كل منهما اما مفهومي او مصداقي و منشأ االمجال اما الرتدد بني املتباينني او بني االقل و االكثر فهذه اقسام مثانية ،و يسري االمجال املتصل اىل العام ابقسامه االربعة النه من القرينة احملفوفة ابلكالم ،فال يكون العام و ال
63
اخلاص حجة يف الفرد املشكوك لفرض االمجال فال بد من الرجوع اىل دليل اخر . و اما اخلاص املنفصل فان كان امجاله للرتدد بني املتباينني مفهوما او مصداقا فال حجية للعام يف حمتمل التخصيص ايضا للعلم االمجايل بورود التخصيص يف اجلملة ،و اما اذا كان االمجال الجل تردده بني االقل و االكثر مفهوما فالعام حجة يف حمتمل التخصيص و هو االكثر السقرار ظهوره يف العموم و عدم املنايف له اال يف ما يكون اخلاص حجة فيه و هو االقل فقط فريجع يف االكثر اىل اصالة عدم التخصيص ،و اما اذا كان امجاله الجل الرتدد بني االقل و االكثر مصداقا فهو النزاع املعروف بني العلماء انه هل جيوز التمسك ابلعام يف الشبهة املصداقية و بعد العلم بورود املخصص املبني مفهوما و متامية احلجة ابلنسبة اىل التخصيص من طرف املوىل ال وجه جلراين االصل و من ذلك يظهر ان عدم جواز التمسك ابلعام هو االقوى الن الفرد املردد مشكوك دخوله حتت العام و اخلاص فيشك يف حجية كل واحد منهما ابلنسبة اليه و الشك يف احلجية يكفي يف عدم احلجية .و ال ينفع فيها دخوله حتت ظهور العام ملا تقدم من عدم املالزمة بني الظهور و احلجية ،و ال فرق فيما ذكرانه بني ما اذا كان ا المجال من حيث املصداق املخصص املنفصل اللفظي او الليب الن املناط كله تردد الفرد بني الدخول و اخلروج حتت كل من العام و املخصص و يف مثله ال يبادر اهل احملاورة ابجلزم بدخوله حتت احدمها اال بقرينة اخرى .
املبحث اخلامس :املطلق و املقيد و اجململ و املبني
64
مسالة :املطلق عند اهل احملاورة و االصويل هو ما مل حيد حبد و ما مل يقيد بقيد ،مث ان االطالق و التقييد من شؤون املعىن اوال و ابلذات و يتصف اللفظ هبما ابلعرض . مسالة :املوضوع له يف املطلق هو نفس املعىن -بال أي قيد يتصور - املوجودة يف مجيع املوارد ،والشاهد على ذلك هو التبادر ،فإان ال نراتب أبدا يف أن استعمال أي االلفاظ يف مجيع املوارد املذكورة وغريها استعمال حقيقي ،بال عناية ادعاء ،وجتوز يف معناه ،وانه يتبادر منها معىن يصح إرادته بال جتوز يف مجيع املوارد املذكورة ،فلم يقيد املعىن ابإلرسال وال غريه ،وال فرق يف ذلك بني األمساء واحلروف ،وال بني املفردات واملركبات، كما هو واضح. مناقشة هامشية : 1من الواضح صحة القول ان املطلق هو الالبشرط املقسمي اذ املطلق احلقيقي اجملرد عن مجيع القيود حىت حلاظ االطالق و االرسال ، و ليس القسمي الذي ال حيتاج يف اثبات االطالق اىل مقدمات احلكمة لفرض حلاظ االرسال فيه .و قيل أن املوضوع له ليس الالبشرط املقسمي ايضا ،وذلك أنه إمنا يطلق على املعىن أنه ال بشرط مقسمي إذا كان مقيسا اىل اشرتاط وجود قيد فيه أو عدمه وعدم اشرتاطه ،وليس املوضوع له فيها مشروط هبذه املقيسية ،بل هو أعم من ذلك .كما أن املوضوع له ليس املاهية املهملة ،وذلك لصحة استعماهلا يف املقيدات أيضا استعماال حقيقيا ،و فيه ان تلك املقيسية ارتكازية وان مل تكن ملحوظة . مسالة :من الفاظ املطلق اسم اجلنس وهو اللفظ املوضوع للذات املهملة عن كل قيد حىت قيد االطالق ،و منها علم اجلنس و منها النكرة و هو املفرد املبهم يف اجلملة .فاملطلق على أي تقدير الطبيعة املهملة فان كانت 65
متوغلة يف االهبام من كل جهة نوعا و صنفا و فردا فهو اسم اجلنس و ان اتصف ابلتعريف اللفظي مع االمهال املعنوي من كل جهة فهو علم اجلنس و ان كان امهاهلا يف خصوص الفردية البدلية السارية فقط فهي النكرة ،و منها املفرد املعرف ابلالم جنسا و استغراقا او عهدا ،و الالم مل توضع يف لغة العرب اال لغرض تزيني الكالم و الربط بني جزئيه و مجيع هذه االقسام ال تستفاد اال من القرائن و املناسبات . مسالة :مقدمات احلكمة و هي من القرائن العامة غري املختصة مبورد دون اخر و قد جرت سرية اهل احملاورة على استفادة االطالق منها بعد حتققها و ترتكب من امور االول ان املتكلم يف مقام البيان ،الثاين عدم ما يصلح لتقييد الكالم حبيث يصح االعتماد عليه لدى العرف ،الثالث عدم وجود قدر متيقن يف مقام التخاطب يف البني و ميكن ارجاع االخريين اىل واحد وهو عدم وجود قرينة على التقييد و وجود القدر املتيقن قرينة . تنبيه :ظاهر حال كل متكلم انه يف مقام بيان مراده اال اذا كان هناك مانع و يصح التمسك ابالصل املقبول يف احملاورات ايضا فيقال االصل كون املتكلم يف مقام البيان اال مع الدليل على اخلالف . مسالة :يصح اتصاف االعالم الشخصية ابالطالق و التقييد من حيث عوارضهما كالزمان و املكان و سائر صفاهتا احملفوفة هبا .و من هنا يكون االنسب تعريف املطلق أنه مادل على شايع يف جنسه أو أحواله أو أزمانه . مسالة :ان صدق املطلق على املقيد كصدقه على نفسه حقيقي ملا تقدم من انه الالبشرط املقسمي املنقسم اىل االقسام ،فيكون لفظ املطلق قد استعمل يف ذات املعىن و يستفاد التقييد من دال اخر فال يكون من استعمال اللفظ يف غري ما وضع له حىت يكون جمازا . 66
مسالة :يعترب يف محل املطلق على املقيد وحدة التكليف و ثبوت التنايف بينهما و اال فيصح االخذ مبفاد كل من الدليلني ،و لو شك يف مورد انه من ابب وحدة التكليف او تعدده فال موضوع للتقيد ايضا لعدم احراز الوحدة . مسالة :مجيع ما تقدم من اقسام امجال العام و املخصص و احكامها جتري يف امجال املطلق و املقيد ،اذ املطلق ملحق ابلعام و التقييد ملحق ابلتخصيص فهما متحدان حكما من هذه اجلهة . مسالة :اجململ و املبني من املفاهيم املعروفة يف احملاورة و ليس فيهما اصطالح خاص فاجململ ما مل يتضح املراد منه و لو ابلقرائن و املبني خالفه ،و اما حكمه فهو انه ان كان مما يتعلق ابالحكام فال بد من التفحص التام لعله يزول االمجال و االهبام و مع عدم الزوال يرجع اىل ادلة اخرى .
املقصد الثاين املالزمات العقلية ( غري املستقلة ) مسالة :ان املالزمات العقلية غري املستقلة عبارة عما اذا كان طرفا املالزمة من غري العقل و لكن احلاكم هبا امنا هو العقل خبالف املالزمات املستقلة فان طريف املالزمة و احلكم هبا من مدركات العقل من دون توقف على صدور حكم من الشارع و تبحث يف احلجج .املالزمات العقلية غري املستقلة فهي كثرية و عمدهتا يف فن االصول امور -: االمر االول :االجزاء مسالة :اذا ورد امر و حتقق امتثال من املامور به كما قرره اآلمر فالعقل حيكم ابملالزمة بني امتثال املامور به على ما قرره االمر و سقوط االمر الستحالة 67
ختلف املعلول عن العلة التامة املنحصرة ،فان االمتثال مطابقا للوظيفة املقررة فيه علة اتمة حلصول الغرض .فإذا أتى به كما أراد فال معىن لبقاء أمره على ما كان من الدعوة ،وهو معىن سقوطه ،فال وجه إلعادته ،وال لقضائه املتفرع على فوته ،وهو يف كمال الوضوح . مسالة :االمر اما واقعي او اضطراري و يعرب عنه ابلواقعي الثانوي ايضا او ظاهري يكون مفاد االمارات و االصول و القواعد املعتربة او اعتقادي و مورد البحث يشمل مجيع هذه االقسام االربعة .و ان امتثال االمر الواقعي مبا له من االطوار و الربوز و الشؤون و عرضه العريض جيزي عن الواقع و ال ريب ان االوامر االضطرارية والظاهرية من اطوار الواقع . مسالة :ال ريب يف جواز االمر ابملمكن عند تعذر الكامل ،وهذه الشرطية دالة عرفا على عدم وفاء االضطراري جبميع املصلحة اليت حيققها االختياري الكامل ،فإن الظاهر العريف من تعليق األمر به على العجز عن االختياري أنه يف مرتبة دانية من املصلحة ال تصل النوبة إليها مع إمكان االختياري ،فالقول ابن االضطراري حمقق لتمام املصلحة و انه مصداق الطبيعة احملققة لتلك املصلحة غري اتم . مسالة :ال ريب يف اجزاء امتثال الثانوي االضطراري يف زمن تعذر االختياري ،كما انه ال اشكال يف صحة البناء على ااثر املايت به يف زمن التعذر كما انه ال وجه للبناء على تلك االاثر يف زمن زوال العذر .،و وجوب العمل ابالضطراري ال يدل على جواز البدار مع سعة الوقت و عدم الياس من القدرة نعم هو يدل على عدم وجوب القضاء مع االستيعاب فان مقتضى االكتفاء ابالضطراري مع العجز حتقق االداء ابالضطراري و سقوط االمر به .و ان مقتضى ما هو مرتكز ان االضطرار والعذر الذي هو موضوع 68
التكاليف هوالعذر املستوعب للوقت و عليها تنزل اطالقات ادلة التكاليف ،فال جيوز البدار اىل امتثاهلا يف اول الوقت ،اال مع دليل على اخلالف . مسالة :املرتكز ان االمتثال االضطراري رخصة بشهادة الوجدان و العرف فلو اتى املكلف يف مورد التكاليف االضطرارية ابلتكليف الواقعي و ترك تكليفه االضطراري اجزأ لبقاء املالك يف التكاليف الواقعية يف مورد االضطرار اال مع دليلة على كون االضطراري عزمية اذ ال مالك للواقعي فال جيزي امتثال الواقعي عن االضطراي . مسالة :ان األمر الظاهري :هو األمر املوجود يف موارد االصول واألمارات ، فاتى به مث انكشف اخلالف ابلقطع أو األمارة يف الوقت أو خارجه و ال اشكال يف اجزاء االتيان مبا يصح االعتذار به – كما يف موارد االمارات و االصول و القواعد املعتربة -عن الواقع و ان انكشف اخلالف اذ هو من لوازم اعتبارها و صحة االعتذار هبا ،الهنا ان طابقت الواقع فال ريب يف االجزاء و ان خالفت فاملكلف معذور يف ترك الواقع لعموم ادلة اعتبارها و حكومة ادلة اعتبارها على الواقعيات مما يعين التنزيل منزلتها فيجوز البدار و ال جيب االعادة مع انكشاف اخلالف يف الوقت ،وهذا هو مقتضى احلجية وهذا ظاهر للوجدان فلو كان العمل وفق ما يكون ابحلجة يف وقتها فهو جمز بال ريب و وقت احلجة هو وقت جواز العمل هبا ،فان انكشف اخلالف فاجملزي يف زمن االنكشاف و ما بعده هو املوافق للحجة الكاشفة ،و اما ما اتى به قبل زمن االنكشاف فما كان مطابقا للحجة الفعلية يف وقتها فهو جمز ،و ما كان خمالفا هلا فغري جمز و ان كان موافقا للواقع املكنشف ابحلجة الثانية النه ليس واصال اليه حينها و ليست تلك احلجة حجة انذاك . 69
االمر الثاين :مقدمة الواجب مسالة :املقدمة اما داخلية حمضة كاالجزاء او خارجية حمضة كالفاعل او برزخ بينهما كالشرط فان فيهما جهتني التقيد و نفس القيد و من اجلهة االوىل داخلية و من اجلهة الثانية خارجية . ،اذ ال ريب يف أن مالك الوجوب الغريي لشئ هو توقف ذي املقدمة عليه يف وجوده ،فإنه مع عدم التوقف كما يف املتالزمني -ال وجه لوجوبه تبعا لوجوب غريه ،و ال خيفى أنالتوقف إمنا يتم مع املغايرة بني املوقوف واملوقوف عليه مغايرة ما ،من دون استدعائه لالستقالل الوجودي ،وعليه فمالك هذا الوجوب موجود يف املقدم الطبعي مطلقا الذي منه أجزاء املركب .و ال ريب يف خروج مقدمات الوجوب وشرائطه عن حمل النزاع ،وذلك أهنا ال يكون الواجب متوقفا عليها ،فليس فيها مالك املقدمية ،أعين التوقف الوجودي للواجب ان العرف ال يرى فرقا بني ال بدية حتقيق االجزاء املتميزة و ال بدية حتقيق الشرائط .و ان الواجب هو الكل مبا هو و ليس مبا هو كل فال مالحظة لالجزاء فالقول ابنبساط وجوب الكل على االجزاء ال يساعد عليه العرف و الوجدان ،و من هنا فال ختتلف االجزاء اليت ال بد من حتققها عن غريها يف البحث عن وجوهبا بوجوب كلها ،و من امتيازها عن كلها و عدم وجوهبا نفسيا بوجوبه يظهر دعوى لزوم احملال من وجوهبا املقدمي للزوم اجتماع املثلني او للزوم اللغوية من جعل الوجوبني .
70
مناقشة هامشية : 1قيل حيث ان املقدمة املبحوث عنها يف املقام متقومة ابلتغاير الوجودي مع ذيها فاملقدمات الداخلية و هي االجزاء خارجة عن مورد البحث الحتاد الكل مع متام االجزاء وجودا وقد عرفت ما فيه . مناقشة هامشية : 2قيل انه قد وقعت يف الشريعة املقدسة موارد انتقضت فيها القاعدة العقلية منها ما تقدم فيها املعلول على العلة زماان كالعقود الفضولية بناء على الكشف فانه حيصل االثر قبل حصول العلة اليت هي االجازة ،و اصل االشكال خيتص ابلعلل و املعلوالت التكوينية ،و اما االعتبارايت اليت يدور جعلها على االعتبار كيف ما اعتربه املعترب فال موضوع لالشكال فيها بعد فرض عدم استنكار عرف املعتربين لذلك فرب شيء يكون ممتنعا يف التكوينيات يكون صحيحا يف االعتبارايت و كذا ابلعكس . مسالة :إن املراد بوجوب املقدمة املبحوث عن مالزمته لوجوب ذي املقدمة هنا ليس الوجوب العقلي الذي هو مبعىن الالبدية ،وال الوجوب العرضي الثابت لذي املقدمة حقيقة ،واملنسوب اىل مقدمته جمازا ،وال الوجوب الثابت عن إرادة فعلية اتبعة وانشئة عن اإلرادة الفعلية املتعلقة بذي املقدمة ،إذ رمبا يكون املوىل غافال عن أن ملا أوجبه مقدمة ،ومعه يستحيل ثبوت إرادة فعلية ابملقدمة ،بل املراد هو الوجوب الثابت إبرادة شأنية ،مبعىن أن العقل حيكم ابملالزمة بني ارادة ذي املقدمة فعال وكون املوىل حبيث لو التفت اىل ان له مقدمة الرادها . مسالة :وجوب املقدمة اتبع لوجوب ذيها يف االطالق و االشرتاط اذ ال معىن للتبعية اال ذلك ،هذا يف هو يف نفس الوجوب املقدمي من حيث هو مع قطع النظر عن دليل اخر و اما حبسب االدلة اخلاصة فيمكن ان يكون 71
وجوب املقدمة مشروطا بشيء مع قطع النظر عن ذي املقدمة .و تبعية وجوب املقدمة لوجوب ذيها يف االطالق واالشرتاط ال يعين تبعيته له يف زمان الفعلية حىت ال يصري وجوب املقدمة فعليا إال إذا حصل شرط وجوب ذيها ،ويصل اىل الفعلية ،لكي ينتج عدم امكان تقدم الوجوب املقدمي على وجوب ذيها يف الفعلية ،بل مبعىن أنه إذا كان لوجوب ذيها شرط ومل حيصل أبدا وأصال فال حيصل وجوب ملقدمته ،وإذا حصل شرطه يف ظرفه جيب مقدمته ولو مقدما عليه ،كما أنه إذا كان الوجوب مطلقا فال حالة منتظرة لوجوب مقدمته بعده . مسالة :أن الواجب هو املقدمة املوصلة اليت يعترب فيها ترتب ذي املقدمة عليها يف وجوهبا ،وأن فعل الغري من قبيل شرط الوجود هلا ال شرط الوجوب .فأن العلة التامة إذا كانت مركبة من عدة أجزاء يشرتط يف أتثريها شرائط فشرط انتاج كل منها نتيجته حتقق مجيع األجزاء والشرائط ،و رتبة متامية العلة متقدمة على رتبة املعلول ،لكنها ال تنفك عن املعلول ،فيرتتب على علته يف نفس ذلك الزمان إال أنه يف رتبة متأخرة ،فبلوغ الشرط مرتبة فعلية الشرطية ،وبلوغ اجلزء مرتبة فعليته ،ال ينفك عن ترتب املعلول ،إال أن املعلول مرتتب ومعلول لعلته التامة ،ال لنفس اجلزء أو الشرط ،وعليه فأن مالك وجوب املقدمة حصول هذه الدخالة ، ومعلوم أهنا مرتتبة على املقدمة اليت بلغت حبيث يرتتب بعدها املعلول على علته التامة .وهذا هو الذي حيكم به الوجدان الصحيح كما يشهد به مراجعة العقالء . مناقشة هامشية : 1و اورد عليه ايرادات منها أن الزمه عدم سقوط أمر املقدمة إال بعد إتيان ذيها ،والوجدان شاهد على خالفه .وفيه أن األمر متعلق ابملقيد ،واتيان ذاته يوجب عدم دعوة أمره اىل إتيان الذات ،وبقاء دعوته 72
ابلنسبة اىل القيد ،وال نسلم أزيد منه ،وال وجدان على خالفه ،بل هو املوافق للوجدان .ومنها :أن الزمه الدور ،لتوقف وجود ذي املقدمة على مقدمته ،وتوقفها -مبالحظة قيد ترتب الغري -على وجود ذيها و فيه أن ذا املقدمة وإن توقف على مقدمته ،إال أن مقدمته هي اجلزء أو الشرط الواصل مرتبة انتاجه نتيجته املتوقعة ،وهذه املرتبة رتبة العلة ، وليست املقدمة اجلزء أو الشرط املقيد بفعل الغري حىت يرد احملذور ،فاجلزء البالغ هذه املرتبة مقدمة ،فلذلك وجب . مسالة :ال جتري الرباءة العقلية يف الوجوب الرتشحي العقلي الهنا تدور مدار العقاب و ال عقاب على ترك املقدمة مطلقا اال ما كانت عني ذيها خارجا ،اما الرباءة الشرعية فال حمذور من جرايهنا لكفاية مطلق االثر الشرعي يف جمراها وال ريب يف ان مطلق الوجوب اثر شرعي . مسالة :ال ريب ان العرف ال يرى من الواجب حتقيق املقدمة قبل زمن الواجب أي قبل زمن االمتثال و ان كان الوجوب فعليا ،و من هنا يظهر ابلوجدان و العرف الجعلية الوجوب املقدمي و امنا هو فقط الالبدية العقلية من توقف الواجب على مقدمته كما انه لو كان الوجوب فعليا واتخر زمن الواجب و علم املمتثل بعدم امكان حتصيل املقدمة يف الزمن املتصل بزمن الواجب فانه جيب عليه عقال حتصيل املقدمة يف زمن االمكان الذي قبله ،و اما اذا مل يكن الواجب فعليا كما يف الواجب املشروط فانه ال جيب حتصيل املقدمة و ال حفظها قبل فعلية الوجوب بتحقق الشرط وهذا ظاهر عرفا و وجداان .
73
مناقشة هامشية :1قيل اان نرى ابلوجدان عند طلبنا لشيء تعلق الطلب ايضا ابلنسبة اىل مقدماته مع االلتفات اليها و لو مع الغفلة عن الالبدية العقلية ،فينطوي يف الطلب التفصيلي لذي املقدمة طلب مجيع مقدماته انطواء الفرع يف االصل ،و فيه انه إذا فرض البعث النفسي حنو ذي املقدمة فال وجه للبعث اىل مقدمته بداعي اجيادها ،إذ ذلك البعث -بعد فرض توقف ذيها عليها -كاف يف اجيادها ملن ينبعث ابلبعث ،وهلذا فكثريا ما مع توجه االنسان اىل مقدمية شئ ملطلوبه ال يبعث حنوه ،ويكتفي ابلبعث اىل ذيه. مناقشة هامشية : 2قيل أنه لو مل جيب املقدمة جلاز تركها ،وحينئذ فإن بقى الواجب النفسي على وجوبه يلزم التكليف مبا ال يطاق ،و فيه ان املقدمة وإن كانت حينئذ من املباحات الشرعية إال أن العقل حاكم بلزوم اختيار فعل هذا املباح حىت ال يقع يف خمالفة الواجب النفسي ،فتحصل أن مما حيكم به الوجدان هو تعلق احلب واإلرادة الغرييني ابملقدمات دون البعث والوجوب. مسالة :ال ريب يف الفرق بني مقدمة احلرام و بني مقدمة الواجب و املندوب الن انتفاء احدى املقدمات يف االوىل يوجب عدم التمكن للمكلف من ذي املقدمة ،فتحرم احدى مقدمات احلرام ال بعينها بناء على املالزمة فلو اتى جبميع مقدمات احلرام اال واحداها فرتك احلرام مل ايت حبرام غريي ابدا لعدم حتقق ذي املقدمة .أن املكلف إن كان ملتفتا إىل احلرمة واىل مقدمية شئ للحرام ومع ذلك ترك هذه املقدمة فال حمالة يكون تركه هذا مسبوقا بعدم عزمه وتصميمه على ارتكاب احلرام ،ومعلوم أن العزم يف الفرض املزبور من أعظم مقدمات احلرام ،فأول مقدمة ترتك هي العزم .
74
االمر الثالث :اقتضاء االمر ابلشيء النهي عن ضده مسالة :قد استدل على االقتضاء يف الضد العام و اخلاص بوجهني الوجه االول عن جهة املالزمة و دليلهم مركب من مقدمات ثالث :اوالها وجوب كل ضد مالزم لعدم الضد االخر ،اثنيها :املتالزمان متحدان يف احلكم فلو كان احدمها واجبا يكون االخر ايضا كذلك القتضاء التالزم كذلك ،اثلثها :وجوب الشيء مالزم ملبغوضية نقيضه ،و يرد على هذا االستدالل ابن املقدمة االوىل واالخرية وان كانت صحيحة اال ان املقدمة الثانية ابطلة اذ ال دليل من عقل او نقل على ان التالزم الوجودي ين املتالزمني موجب للتالزم احلكمي ايضا ابلنسبة اىل احلكم الواقعي .الوجه الثاين من جهة مقدمية عدم احد الضدين لوجود االخر ،و ال وجه له حيث ان ان وجود احد الضدين يف ظرف عدم االخر و عدم االخر يف ظرف وجود ضده من قبيل القضية احلينية احلقيقية و هذا حق ال ريب فيه و لكنه ال ربط له ابملقدمية اصال .و احلاصل ان االمر ابلشيء ال يقتضي النهي عن ضده مطلقا ال بنحو املالزمة و ال بنحو املقدمية . مناقشة هامشية : 1يف اقتضاء األمر ابلشئ للنهي عن ضده اخلاص ،أي كل أمر وجودي يعاند وال جيتمع مع املأمور به ،و استدل على حرمته أبن عدم كل ضد مقدمة لوجود اآلخر وأن مقدمة الواجب واجبة ،و فيه ما عرفت يف تلك املقدمية كما انه قد عرفت عدم وجوب مقدمة الواجب . مناقشة هامشية : 2يف اقتضاء األمر ابلشئ للنهي عن الضد العام .بدعوى داللة الوجوب على حرمة الرتك تضمنا وهو مبين على تركب الوجوب من أمر وزجر ،وبطالنه بديهي ،فإن الوجوب اعتبار عقالئي يعترب مبالحظة ثبوت املأمور به على عهدة املكلف.
75
مناقشة هامشية :3قيل أن الضد العبادي ابطل على مجيع االحتماالت ،وذلك أن صحة كل عبادة مشروطة بكوهنا مأمورا هبا ،واألمر ابلشئ وإن مل يقتض النهي عن ضده ،إال أنه ال أقل من أن يقتضي عدم األمر به ،ضرورة عدم امكان األمر ابلضدين يف زمان واحد ،والزمه فقدان العبادة لشرطها أعين األمر احملقق لالمتثال ،فتكون ابطلة مطلقا وينتفي الثمرة .و فيه عدم ابتناء صحة العبادة على تعلق األمر هبا ،بل إمنا يعترب فيها أن يؤتى هبا هلل تبارك وتعاىل و فيه منع لتوقيفية العبادة .وقيل ابرتفاع احملذور ابلرتتب بتصحيح توجه األمر اىل الضد العبادي يف نفس الزمان الذي توجه فيه حنو ضده، وحينئذ فإن جعل هذا األمر مرتتبا على العصيان لألمر ابلشئ ،فالعقل يستقل بتقدمي االهم و ان امتثال املهم مشروط برتك االهم من غري حاجة اىل دليل آخر غري الرتتب فوجوب املهم حيث إنه مشروط برتك األهم وعصيانه ،فإذا ترك األهم كان وجوب املهم مرتتبا على تركه ،متأخرا عنه . مسالة :البحث يف جواز الرتتب اترة حبسب الدليل العقلي و اخرى حبسب االستظهار الصناعي االصويل و اثلثة حبسب االعتبار العريف اما االول فاملقضيت للجواز وهو املالك و اخلطاب موجود و املانع عنه مفقود فال بد من الوقوع الن ما يتوهم من املانعية امور اتيت االشارة اليها يف ادلة املانعني مع دفعها و اما الثاين :وهو االستظهار االصويل فان كان اخلطاابن عرضيني من كل جهة فال ريب يف االمتناع و اما اذا كاان طوليني أي كان خطاب املهم مشروطا برتك االهم ولو عصياان فاي امتناع فيه حينئذ الن القدرة الطولية موجودة وجداان ،و اما الثالث فاحملاورات العرفية اصدق شاهد على الصحة و الوقوع .فانه فاذا ورد خطاب مطلق ابالهم و كذا ابلنسبة اىل املهم و حتققت شروط التزاحم فاما ان يسقطا معا او يسقط االهم دون املهم او يكون ابلعكس او يثبتان معا و االول ابطل عند الكل 76
و الثاين ترجيح املرجوح على الراجح والثالث اسقاط الحد اخلطابني بال وجه مع امكان ابقائه فيكون املتعني هو االخري عقال و عرفا .
االمر الرابع :النهي عن الشيء هل يوجب الفساد مسالة :البحث يف العبادة امنا جيري يف مقام الثبوت واالثبات معا فعلى االول يبحث عن انه هل يكون مالزمة واقعية بني النهي عن العبادة وفسادها ؟ و على الثاين هل يدل النهي ابحدى الدالالت املعتربة اللفظية على فساد مورده ان كان عبادة ؟و ال وجه لالختصاص ابالخري .و مما يشهد به وجدان كل عاقل ان التقرب اىل املعبود مبا هو مبغوض و منفور لديه مستنكر و قبيح و ابطل فهذه املسالة مما يكفي نفس تصورها ابالستدالل عليها و تكون من القضااي اليت قياساهتا معها . مسالة :ان النهي اما ان يتعلق بذات العبادة ،او جبزئها ،او بشرطها ،و يسري النهي يف االخريين اىل الذات ايضا عرفا الن التقرب ابملشتمل على املبغوض مما يستنكر لدى العقالء هذا مع ان النهي بكال قسميه جزء كان او شرطا ارشاد اىل فساد املركب او املقيد به . مسالة :النهي عن املعامالت على اقسام ثالثة االول ان يكون ارشادا اىل الفساد و ال ريب يف الفساد حينئذ ،الثاين ما اذا كان النهي تكليفيا حمضا وال ريب يف االمث لتحقق املخالفة كما ال ريب يف ترتب االثر و عدم الفساد لالطالقات و العمومات و اصالة الصحة و عدم منشأ للفساد . الثالث ما اذا مل يستظهر من االدلة ان النهي ارشاد اىل الفساد حىت يدل على البطالن او تكليفي حمض حىت ال يتحقق البطالن و مقتضى االطالق و العموم و اصالة الصحة عدم البطالن يف هذا القسم . 77
املقصد الثالث يف ما يصح االعتذار به و هنا ثالث مواضع
املوضع االول :ما يكون معتربا يف نفسه وهو القطع و البحث فيه عن امور االمر االول :حقيقة القطع و حجيته مسالة :ال ريب يف ان القطع كسائر الصفات النفسانية له حقيقة خاصة و ااثر خمصوصة و حقيقته الكشف و املرآتية و ااثره وجوب العمل على طبقه و استحقاق العقاب على خمالفته و كونه عذرا مع املخالفة للواقع قصورا ال تقصريا و هذه االاثرا من املرتكزات اليت يلتزم هبا كل عاقل . االمر الثاين :التجري مسالة :التجري و االنقياد من املوضوغات العرفية يف مجيع االزمان و املذاهب و االداين فال بد يف احلكم بقبح االول و كونه موجبا الستحقاق الذم او العقاب و حسن الثاين و كونه موجبا الستحقاق املدح او الثواب من الرجوع اىل املرتكزات العقالئية ،و احلق ان التجري يوجب استحقاق العقاب الن املناط يف اجياب املعصية احلقيقية الستحقاق العقاب ليس اال هتك املوىل و املبارزة معه و الظلم عليه و ال ريب يف حتقق ذلك كله يف مورد التجري لدى العقالء كافة .
78
مسالة :و اما الفعل املتجرى به فيمكن القول بقبحه ايضا لكونه من مظاهر الطغيان و الظلم على املوىل عرفا و يكفي يف ذلك قبحه لدى العقالء من دون ان يستلزم احلرمة الشرعية لكوهنا بال مالك بعد القبح العقالئي . تنبيه :أن استحقاق العقاب على التجري كاستحقاقه على املعصية احلقيقية من فروع وتبعات التكليف ومتأخر عنه ،فكما أن استحقاقه على املعصية إمنا هو جمرد جمازاة على التكليف املولوي من دون أن يوجب حرمة مولوية للمعصية عند العقل العملي والعقالء فهكذا األمر يف التجري حرفا حبرف. مناقشة هامشية : 1ما يقال :من أنه ال ريب يف حكم العقل بقبح التجري ،وال يف أن كل ما حيكم العقل بقبحه فهو حرام شرعا ،فالزمه ،حرمة التجري. فيه :أان ال نسلم كلية الكربى ،بل القبح أو احلسن :اترة يكون منشؤه ذات العمل الذي يكون مادة التكاليف ،مع قطع النظر عن تعلق طلب املوىل به ،كقبح الظلم وحسن العدل ،واخرى يكون منشؤه تعلق تكليف املوىل به ومفاد اهليأة ،وما ميكن أن يقال ابستلزامه ألمر املوىل وهنيه هو القسم األول ال الثاين ،وسند التفصيل مراجعة وجدان العقالء . مناقشة هامشية : 2قد ظهر مما ذكرانه :أن ما ذكرانه يف التجري ال خيتص مبا إذا حصل للمكلف قطع ابلتكليف غري مطابق للواقع ،بل جيري يف كل أمارة غري واثقة وال مطابقة للواقع ،بل ويف كل حجة غري مطابقة للواقع، ووجهه ظاهر. االمر الثالث :اقسام القطع مسالة :القطع إما طريقي حمض ،وهو ما كان األثر مرتتبا على متعلقه .وإما موضوعي يكون دخيال يف موضوع احلكم واألثر .واملوضوعي :إما متام 79
املوضوع ،وإما جزءه أو قيده.و ال خيفى ان مقتضى طبع القطع ان يكون طريقا حمضا اىل متعلقه كسائر احلجج و االمارات فاخذه يف املوضوع مطلقا حيتاج اىل دليل خاص يدل عليه .و يكون فيه اتبعا ملقدار داللة الدليل. فتارة يؤخذ على حنو يكون متام املوضوع ،ابن يدور احلكم مدار القطع اخطا او اصاب و اخرى يكون بنحو جزء املوضوع ابن يدور احلكم مدار القطع و متعلقه معا حبيث ينتفي ابنتفاء احدمها و على كل منهما اما ان يؤخذ فيه من حيث انه كاشف عن الواقع او من حيث انه صفة خاصة من صفات النفس يف مقابل الظن و الوهم و سائر الصفات النفسانية . مسالة :ال ريب ان اهم ااثر القطع صحة االعتذار به و االستناد البه ،و اما الكشف عن الواقع وان كان من لوازمه ايضا و لكنه مغفول عنه غالبا الن القاطع ال يرى الواقع و ال يلتفت اىل قطعه و جهة الكشف غالبا و حينئذ فكل ما صح به االعتذار و جاز االستناد اليه يقوم مقامه من هذه اجلهة و احليثية بنفس دليل اعتباره سواء كان امارة او اصال موضوعيا او حكميا، اما القيام مقام ما اخذ يف املوضوع فاحلق صحته ايضا فيما اخذ فيه من حيث الكشف و االعتذار ال من حيث صفة القطعية الن العلة التامة للدخل يف املوضوع و املناط كله ليس اال صحة االعتذار و االعتبار لدى العقالء فاذا كان مناط الدخل فيه ذلك فكل ما كان فيه هذا املناط يقوم مقامه قطعا بنفس دليل االعتبار ،و اما ما اخذ فيه من حيث الصفتية فال وجه لتوهم قيام غريه مقامه النه مثل التصريح ابن القطع دون غريه ماخوذ يف املوضوع فعدم قيام الغري مقامه ملانع يف البني ال لقصور يف دليل االعتبار كما ال خيفى . مناقشة هامشية :1ال ينبغي الريب يف إمكان األقسام املذكورة .وقد يستشكل إمكان القطع املوضوعي الذي اخذ متام املوضوع على وجه الطريقية ،من 80
جهة أن مقتضى كونه طريقيا أن يكون للواقع ذي الطريق دخل يف حتقق املوضوع ،كما هو الشأن يف كل طريق ،مع أن مقتضى كونه متام املوضوع عدم ذلك الدخل ،ومها متنافيان .إال أن فيه :أن املراد ابلطريقية هنا أن العناية فيه هو انكشاف املتعلق به ابحلد املمكن يف القطع ،سواء أكان يف الواقع انكشافا أم ال.
االمر الرابع :اخذ القطع حبكم يف موضوع نفسه او مثله او ضده مسالة :املعروف انه ال ميكن اخذ القطع حبكم يف موضوع نفسه او مثله او ضده اما االول فللزوم الدور ،و فيه ان الدور احملال ما اذا تعدد املتوقف و املتوقف عليه وجودا وحقيقة و ليس املقام كذلك اذ التعدد فيه اعتباري حمض ،و اثنيا اهنما خمتلفان جهة الن متعلق القطع ذات احلكم و ماهيته ،و اما احلكم فهو بوجوده العيين اخلارجي يتوقف على القطع به فيختلف املتوقف و املتوقف عليه فال دور .و اما الثاين و الثالث فللزوم اجتماع املثلني و الضدين و مها ابطالن و فيه ان الضدين و املثلني امران وجوداين ال جيتمعان يف حمل واحد و الحكام مطلقا ليست وجودية و ال من العوارض اخلارجية بل هي اعتبارات عقالئية .
االمر اخلامس :املوافقة االلتزامية مسالة :الظاهر للوجدان والعرف عدم وجوب املوافقة االلتزامية يف االمتثال مبعىن االلتزام ابلوجوب و احلرمة قلبا فيه ،و انه ليس يف البني اال 81
تكليف واحد متعلق ابجلوارح ال اثنان و يكون االخر متعلقا ابجلوانح فال جتب املوافقة االلتزامية وال حترم املخالفة االلتزامية ايضا لالصل بعد عدم الدليل عليهما من عقل او نقل .
االمر السادس :القطع احلاصل من العقليات و قطع القطاع مسالة :ال خالف بني الكل يف ان القطع املاخوذ يف املوضوع اتبع ملقدار داللة دليل االخذ فيه ،و اما القطع الطريقي احملض فقد قيل بعدم حصوله من االمور العقلية لعدم احاطة العقول ابلواقعيات و فيه انه خالف الوجدان ان اريد به السالبة الكلية و ان اريد به ان اخلطا فيه اكثر مما حيصل من غريها فهو من جمرد الدعوى و ال شاهد عليه و قد قيل ايضا بعدم اعتباره و لو حصل منها لعدم وصول دليل من الشرع على تقريره و كثرة خمالفته للواقعيات و فيه انه خالف الطريقة العقالئية من اتباع القطع مطلقا بال نظر اىل منشا حصوله ابدا و عدم ورود ردع من الشارع مثل ما ورد يف الردع عن القياس و االستحسان . مسالة :من الواضح عدم اعتبار قطع القطاع أي كل من حيصل له القطع ابدىن شيء على خالف املتعارف بني الناس يف اسباب حصول القطع عندهم لعدم بناء من العقالء على ترتيب االثر هلذا النحو من القطع .
82
االمر السابع :العلم االمجايل و بعض ما يتعلق به مسالة :ال فرق بني العلم االمجايل و التفصيلي يف نفس العلم من حيث هو علم بل وال يف متعلقه من حيث هو طرف اضافة العلم ابلذات و امنا الفرق بينهما يف املعلوم ابلعرض املتحقق يف اخلارج من جهة سراية اجلهل اليه يف العلم االمجايل دون التفصيلي فيكون حمل البحث هو ان هذا اجلهل الساري اىل االطراف هل يصلح للمانعية او ال ؟ فعلى االول يبقى العلم االمجايل على جمرد االقتضاء فقط مطلقا و على الثاين يكون علة اتم للتنجز كالتفصيلي كذلك من غري فرق بينهما ابدا .و احلق هو االخري اذ املناط كله يف كون العلم التفصيلي علة اتمة للتنجز ليس اال ان خمالفته عدم مباالة ابلزام املوىل و هتك ابلنسبة اليه ،و ال ريب يف حتقق هذا املناط يف املخالفة لبعض اطراف العلم االمجايل ايضا . مسالة :ان اجلهل الذي هو مورد تشريع االحكام الظاهرية مطلقا ليس مطلق اجلهل بل خصوص اجلهل الذي ليس موردا الحتمال انطباق تكليف فعلي منجز ابالحتمال العقالئي و ما كان كذلك فهو خارج عنه ختصصا ،و كذا الشك الذي يكون موردا لالصول العملية مطلقا امنا هو الشك الثابت املستقر الذي ال يكون موردا الحتمال انطباق تكليف فعلي منجز ابالحتمال العقالئي و اال فهو خارج عنه ختصصا . فصل :يف شرائط تنجز العلم االمجايل مسالة :شرائط تنجز العلم االمجايل هي شرائط عقالئية حاصلة من مرتكزاهتم اليت هي املدار يف تنجز التكاليف مطلقا يف ما مل يرد فيه حتديد شرعي : االول :ان حيدث ابلعلم االمجايل تكليف فعلي غري مسبوق ابلوجود على كل تقدير ،فلو كان بعض اطرافه املعني حمكوما حبكم تفصيلي مثل 83
احلكم املعلوم ابالمجال فحدث العلم االمجايل بعد ذلك ال اثر ملثل هذا العلم االمجايل يف التنجز . مسالة :من شرائط تنجز العلم االمجايل ان يصلح للداعوية و البعث حنو التكليف بعرف العقالء و مع عدم صالحيته لذلك ال تنجز له اذ ال معىن للمنجزية عندهم اال الصلوح لذلك . مسالة :يرتتب على هذا الشرط خروج موارد ثالثة عن تنجز العلم االمجايل منها ما اذا مل يكن بعض االطراف مورد االبتالء و بيانه ان للقدرة مراتب االوىل القدرة العقلية احملضة ،الثانية القدرة العرفية اليت هي اخص من االوىل و تدخل فيها القدرة الشرعية ايضا و الثالثة قدرة اخص منهما و هي كون املقدور مورد عمل القادر عرفا مع وجود املقتضي و فقد املانع حبيث تكون القدرة ابلنسبة اىل متام االطراف على حد سواء من حيث وجود املقتضي و فقد املانع فلو كان يف احد االطراف مانع عن اعمال القدرة فهو خارج عن حمل االبتالء فال تنجز للعلم االمجايل املتعلف به و بغريه . تنبيه :لو اعتقد عدم كون بعض االطراف مورد البتالء فارتكب بعضها وابن اخلالف فالظاهر تنجز العلم ابلنسبة اىل ما بقي لكشف ظهور اخلالف عن كونه منجزا حني حدوثه غاية االمر انه كان معذورا يف االرتكاب ان مل يكن عن تقصري . تنبيه :لو كانت االطراف مورد االبتالء و اثر العلم االمجايل اثره فخرج بعض االطراف عن مورد االبتالء ال يضر ذلك بتنجز العلم االمجايل و بقاء اثره يف ما بقي حتت االبتالء لالصل . مسالة :االمر الثاين املرتب على شرط صلوحه للداعوية مورد دوران االمر بني احملذورين مع وحدة القضية من كل جهة و يعترب يف دوران االمر بني 84
احملذورين الذي ال يصلح العلم للداعوية فيه امورا ثالثة :االول كوهنما توصليني اذ لو كاان او احدمها املعني تعبداي ميكن املخالفة القطعية برتك قصد التعبد فيهما او يف املعني منهما ،الثاين وحدة القضية من كل جهة اذ مع التعدد ميكن املخالفة القطعية و الثالث عدم وجوب االلتزام ابالحكام الواقعية على ما هي عليها اذ لو وجب ذلك و مل يلتزم حتققت املخالفة القطعية . مسالة :االمر الثالث املرتب على شرط صلوحه للداعوية :الشبهة غري احملصورة اليت هي ايضا من مصاديق خروج بعض االطراف عن مورد االبتالء اذ ال موضوعية لعدم احلصر من حيث هو بل ال بد من انطباق عنوان عدم االبتالء او احلرج او حنو ذلك عليها حىت يسقط العلم عن التنجز . مسالة :الثالث من شروط تنجز العلم االمجايل ان ال يكون العلم التفصيلي خبصوصه معتربا يف التكليف و اال فال موضوع لتنجز العلم االمجايل . مسالة :الرابع من شرائط تنجزه ان ال يكون يف البني ما يدل على رفع احلكم الواقعي و تبدله يف متام اطراف العلم االمجايل او بعضها . االمر الثامن االمتثال االمجايل مسالة :ال ريب يف صحة االمتثال االمجايل مع عدم التمكن من التفصيلي منه كما ارتكز يف اذهان العقالء و اما مع التمكن فنسب اىل املشهور بني القدماء عدم جوازه النه مناف للجزم ابلنية و يرد ابنه مل يدل دليل من عقل او نقل على اعتبار اجلزم ابلنية فمقتضى االصل عدمه كما ثبت يف حمله ،والنه خالف املتعارف و يرد ابنه ليس كل ما هو خالف املتعارف 85
خالف املشروع و النه لعب و عبث يف امر املوىل و يرد ابن اللعب و العبث قصدي اختياري و املفروض عدمه ،مع ما هو املتسامل بني الكل ان العلم مطلقا طريق اىل اتيان الواقع و ان املناط كله اتيانه ابي وجه اتفق و لذا تصح عبادة اترك طريقي االجتهاد و التقليد فاحلق هو جواز االكتفاء ابالمتثال االمجايل مع التمكن من التفصيلي منه و ان استلزم التكرار .
املوضع الثاين :ما يصح االعتذار به من جهة الكشف (االمارات) ويقع البحث يف فصول بعد بيان امرين : االمر االول :امكان التعبد بغري العلم مسالة :امكان التعبد بغري العلم مما يعرتف به ذوو الفطرة السليمة و العقول و املستقيمة و الشبهات الواردة من قبيل الشبهة يف مقابل البديهة و نفس الوقوع يف اخلارج من اقوى ادلة وقوعه و اثباته من دون احتياج اىل التماس دليل اخر و تكفي السية املستمرة العقالية قدميا و حديثا يف االمور املعاشية و املعادية يف ذلك . مسالة :ان يف االمارات املتعارفة لدى العقالء ان صادفت الواقع فال يرون يف ذلك حمذور اجتماع املثلني بل ال خيطر ذلك قي خاطرهم ابدا بل يستهجنون هذا االحتمال بفطرهتم ،و ان حتقق الفحص عن املعارض و املنايف و حصل الياس عن الظفر هبما مث اتفقت املخالفة يف الواقع واقعا و مل ينكشف ذلك حيكم العقالء ابملعذورية و سقوط الواقع عن الفعلية عند
86
اتفاق املخالفة و ال يتومهون مبجعول يف موردها سوى الواقع و الشارع مل خيرتع طريقة غري هذه . بيان اخر :قيل ان لنا حكما واقعيا كما أنزله هللا وأنشأه ،وحكما ظاهراي على ما يدل عليه الظن املتعبد به ،فإن طابق الواقع لزم اجتماع املثلني يف املالك ويف مرحلة احلكم ،وإن خالفه لزم التضاد أو التناقض يف مرحلة املالك ويف مرحلة جعل األحكام ،ورمبا أدى اىل طلب الضدين ،كما يؤدي اىل تفويت املصلحة الالزمة االستيفاء إذا اقتضى الظن عدم وجوب الواجب الواقعي ،أو اىل اإليقاع يف املفسدة إذا اقتضى عدم حرمة احلرام الواقعي .و فيه ما عرفت فإن األمارات إذا اعتربت فهي طريق اىل الواقع ال غري ،فإن العقالء يرون خرب الواحد -مثال -طريقا حمضا اىل الواقع، يصلون به اىل الواقع ،و معناها :أن العقالء يرون من قام عنده اخلرب مصيبا للواقع واصال إليه ،ومبا أنه واصل اىل الواقع فعليه ترتيب آاثر الواقع ،كما هو كذلك يف القاطع ،فهذا املعىن -أي :إصابة الواقع والوصول إليه - هي الطريقية ،وهي اجملعولة لطرق العقالئية عند العقالء ،والشارع إذا أمضى سرية العقالء فقد أمضى هذه الطريقية اجملعولة ،وهو معىن " جمعولية الطريقية لألمارات " يف الشرع ،وهذا الذي ذكرانه بني جدا. بيان اخر :قيل ان األحكام اليت بينها النيب واألئمة (عليهم السالم) لالمة اإلسالمية إمنا هي أحكام فعلية انشئت وبينت لالمة حىت يعملوا هبا، فإذا ختلفت األمارة عن الواقع فاحلكم الواقعي حكم فعلي واألمارة قد أخطأت ومل تصل ومل توصل إليه ،والزمها جتويز خمالفة احلكم الفعلي ،وقيل يف جوابه :الظاهر أن األحكام الشرعية أيضا قوانني وضعها هللا تعاىل ورسوله إليصال مالكاهتا اىل األفراد أو اجملتمع ،أو ألغراض اخر أيضا ،وال وجه لاللتزام بتعلق إرادة واشتياق فعلي اىل متعلقاهتا وموضوعاهتا ،وحينئذ 87
فهذا احلكم والقانون الفعلي الذي هو أمر اعتباري جمعول ،من آاثره وأحكامه العقالئية أنه إذا قامت حجة عند املكلف عليه يعاقب على خمالفته إذا خالفه ،وإذا مل تقم حجة عليه وكان جمهوال فالتكليف والقانون وإن كان قانوان فعليا إال أن العقالء أيذنون مبخالفته وحيكمون أبن اجلهل عذر للجاهل به إذا مل يكن جاهال مقصرا .و الصحيح ان يقال انه مل يظهر من الشرع استحداث او ختصيص لنظام االحتجاج العقالئي القائم على الوظيفية ،و ال ريب يف اعتمادهم على شكل خاص من الظن عند تعذر العلم ،بل يرون طلب ما يتعذر الوصول اليه من واقع سفه ،و من الواضح ان لدى العقالء شكلني من الطلب االول ما يهتمون بتحقيق املطلوب و الثاين ما يهتمون ابمتثال الطلب ،و االول قد مينعون العمل بغري ما يصيب الواقع ،و اما الثاين فاهنم جيوزون البناء على الطريق املعترب وان كان خمالفا للواقع وهذا ظاهر للوجدان وال ريب رفيه ،و الظاهر من ادلة االحكام ان قانونيتها من الشكل الثاين وارادة االول تكون بقرينة كما هو واضح ،و ببيان اخر ان املصلحة يف االحكام الشرعية هو يف ذات امتثاهلا ال يف جعلها وال يف حتقيق مطلوهبا ،فما هو معروف من ان الغاية يف احلكم الظهري مطابقة احلكم الواقعي غري ظاهرة بل الظهر ان غايته استقرارية أي ان احلكم الظاهري يسعى الكرب قدر ممكن من الثبات و االستقرار حىت يصل اىل درجة ثبات احلكم الواقعي ،و هبذا الفهم يكون واضحا ال واقعية التمييز بني الظاهري و الواقعي بل يكون الظاهري مرتبة من مراتب الواقعي ابملعىن الذي بينا . االمر الثاين :اصالة عدم االعتبار و عم صحة االعتذار
88
مسالة :استدل على عدم احلجية و االعتبار من العقل مبا ارتكز يف اذهان العقالء من ان االحتجاج بشيء و اعتباره و صحة االعتذار به و انتسابه اىل شخص ال بد و ان تكون حبجة معتربة و ان الشك يف احلجية و االعتذار يكفي يف عدمها كما ان الشك يف صحة االنتساب يكفي يف عدمها لدى العقالء فتكون اصالة عدم احلجية و اصالة عدم صحة االنتساب من االصول العقالئية مطلقا و يكفي فيها عدم الردع من الشارع فكيف مبا ورد من القرير . تنبيه :قيل ال يبعد دعوى أن قوله تعاىل( * :إن الظن ال يغين من احلق شيئا) ينفي الطريقية عن الظن ،فإن طريقيته عبارة اخرى عن إغنائه من احلق، وكونه موصال إليه حبيث يتبعه جواز اإلسناد واحلجية ،فاحلكم عليه أبنه ال يغين من احلق شيئا حكم بنفي الطريقية ،ونفي ترتيب أثر جواز اإلسناد واحلجية .كما أن قوله تعاىل( * :قل إمنا حرم ريب الفواحش ...وأن تقولوا على هللا ما ال تعلمون) حيكم صرحيا حبرمة أن يسند اىل هللا ما مل يعلم أنه تعاىل قاله ،وقد عد القول على هللا مبا ال يعلم مما أيمر به الشيطان يف قوله تعاىل( * :إمنا أيمركم ابلسوء والفحشاء وأن تقولوا على هللا ما ال تعلمون) و أن قوله تعاىل( * :وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤال) هنى عن اتباع ما ال علم به ،واملصداق الواضح له هو االتكال على ما ال يعلم يف مقام عمله حبيث يكتفي به يف إثبات التكاليف وإسقاطها ،وال يبعد أن يعد منه إسناده اىل هللا تعاىل، فتدل اآلية على أن األصل يف غري العلم عدم االعتبار إسنادا وعمال ،نظري اآلية االوىل . ،و فيه ان كل هذا حق و النهي امنا هو ملا ال يراه العقالء حجة واما ما اعتمدوا عليه وقام عليه معاشهم من الظن املعترب فان هذه االايت تقرره ،وال يشك احد ان العلم عند العقالء ال ينحصر ابلقطع ، 89
بل ان املطالبة ابلقطع يف العلم خمالف للوجدان والواقع ،نعم بعض املعارف العقالئية ال تقبل التشكل و التشخص عند العقل اال ابلقطع ، فال حتصل بغريه ،وهذا امر اخر غري احنصار االعتبار به . مسالة :حجية الشيء يف الدين مساوق لصحة انتساهبا اىل الشارع و كذا العكس فما عن صاحب الكفاية من ان الظن االنسدادي بناء على احلكومة حجة مع عدم صحة انتسابه اىل الشارع مردود ،اوال ان املراد ابحلجية يف املقام االعم من التاسيس و التقريي الذي يكفي فيه عدم الردع فقط و اثنيا ان البحث يف املقام عن حجية تقع يف طريق اثبات احلكم ال اسقاطه و الظن االنسدادي من الثاين دون االول . مسالة :ان عدم اعتبار مطلق الظن من الواضحات .و قد استدلوا على اعتباره ابمور احدها :ان خمالفة احلكم االلزامي املظنون مظنة الضرر و دفع الضرر احملتمل واجب فكيف ابملظنون و يرد عليه ان الكربى ممنوعة النه ان اريد ابلضرر فيه العقاب االخري فالضرر العقايب الذي جيب دفعه منحصر مبا اذا كان يف اطراف العلم المجايل او الشبهات البدوية قبل الفحص و يف غريمه ا جتري قاعدة قبح العقاب بال بيان ،و ان كان املراد به الضرر الدنيوي فريد عليه اوال ان تبعية االحكام مطلقا للمصاحل و املفاسد الدنيوية حتتاج اىل دليل وهو مفقود على حنو االطالق و العموم وان كان مما ال ينكر امجاال و اثنيا كل ضرر دنيوي ليس بواجب الدفع مطلقا بل السرية العقالئية على اخلالف . مناقشة هامشية :و مما استدلوا على اعتبار مطلق الظن :دليل االنسداد و مل يكن هلذا الدليل رسم يف كتب املتقدمني و امنا حدث بني املتاخرين .وهو مركب من مقدمات مخس اغلبها قابل للمناقشة :االوىل :حصول العلم إمجاال بوجوب تكاليف شرعية علينا .الثانية :عدم وفاء الطرق العلمية أو 90
الظنية املعتربة مبا يبلغ مقدار املعلوم حبيث مل يعلم بعدها بتكليف زائد عليها .الثالثة :عدم جواز إمهال امتثاهلا وترك التعرض هلا ابملرة .الرابعة: عدم وجوب أو جواز الرجوع يف امتثاهلا إىل الطرق املقررة للجاهل ،وهي التق ليد أو االحتياط التام ،أو الرجوع إىل االصول اجلارية يف كل مسألة مسألة حبياهلا .اخلامسة :أن العقل حيكم أبن االمتثال الظين مقدم على غريه إذا دار األمر بينه وبني الغري .ونتيجة هذه املقدمات :لزوم األخذ ابلظن يف مقام االمتثال .و لكن يرد عليها اوال ابن حق بيان املقدمة االوىل ان يكون هكذا ( نعلم بوجود احكام يف موارد الطرق املعتربة اتسيسا او امضاء حبيث لو تفحصنا و ظفران هبا و رجعنا يف غريها اىل االصول املعتربة مل يلزم حمذور عقلي و ال شرعي ابدا و قد تفحصنا و ظفران هبا فنرجع يف غريها اىل االصول املعتربة ) و ال ريب يف صحة هذه املقدمة و ال ريب يف حتققها خارجا و معها ال تصل النوبة اىل سائر املقدمات اصال . وبعد هذين االمرين يقع الكالم يف مباحث األمارات يف فصول: الفصل االول :الظواهر مسالة :قد استقرت السرية العقالئية على االعتماد على الظواهر يف احملاورات و املخاصمات و االحتجاجات و يستنكرون على من ختلف عن ذلك و هذا من اهم االصول النظامية احملاورية حبيث يستدل به ال عليه .و قد جرت عادة الشرائع عليه ايضا تنبيه :وال ريب يف عدم الفرق يف حجية الظواهر بني حصول الظن الشخصي ابلوفاق أو الشك الشخصي أو الظن ابخلالف ،وال بني من قصد إفهامه وغريه ،لعموم السرية يف مجيع هلذه املوارد. 91
مسالة :للظهور مراتب متفاوتة يف احملاورات العرفية فكل ما ال يصدق عليه اجململ يكون ظاهرا اىل ان يبلغ مرتبة النصوصية و مجيع تلك املراتب حجة لدى العقالء ما دام يصدق عليها الظاهر عرفا . مسالة :من مناشئ الظهور قول اللغوي و استدل على اعتباره ابلسرية العملية مع كونه من اهل اخلربة و يرد ابن املتيقن منها ما اذا حصل الوثوق و االطمئنان من قوله و ال ريب يف االعتبار حينئذ ،و الظاهر اعتبار اقواهلم امنا هو من جهة اهنم من اهل اخلربة ال الشهادة حىت يعترب العدالة و التعدد .
الفصل الثاين االمجاع مسالة االمجاع هو عبارة عن اتفاق اراء من يعترب رايه عند العقالء على شيء يف ما يعترب رايهم فيه .وقيل انه ال موضوعية له يف الفقه مبا هو امجاع يف مقابل الكتاب و السنة حبيث يكون اعتباره يف عرضهما بل الظاهر ان اعتبار االمجاع لدى العقالء ايضا ليس ملوضوعية فيه بل الجل كشفه عن حجة وثيقة لديهم يف اجلملة .وفيه ان يف كون اعتبار العقالء لالمجاع مطلقا ولو من دون احراز انتهائه اىل احلجة غري ظاهر و يكون االعتبار للحجة ال له نعم ال ريب ان االمجاع يولد عند العقالء ظنا برجحان اجملمع عليه اال انه ال يصل بذاته اىل حد االعتبار املصحح للعمل . مناقشة هامشية :قيل انه ال بد يف اعتبار االمجاع من كشفه عن قول املعصوم او فعله او تقريره عليه السالم .وفيه انه ال بد من احراز هذا الكشف و االعتبار هو للسنة ال له كما هو واضح .وقيل ان االمجاع كاشف عن سنة 92
املعصوم عليه السالم لقاعدة اللطف فلو حصل امجاع على ما ال يرتضيه هللا جيب عليه صرفهم عنه او اهلام ما هو الواقع اليهم و فيه ان الواجب على هللا تعاىل امنا هو اللطف مبا هو املتعارف بني الناس و قد حصل ببعث الرسل و انزال الكتب و ال دليل على وجوب شيء زائد عنه عليه تعاىل .و من االقوال يف كاشفية المجاع عن سنة املعصوم عليه السالم احلدس من اراء الرعااي و املرؤوسني ان اراء الرئيس معهم و اشكل عليه ابن له وجها ان كان ابب املراجعة و املشاورة مع الرئيس مفتوحا . الفصل الثالث الشهرة مسالة :ان اعتبار الشهرة العملية االستنادية االحتجاجية توجب االطمئنان ابلواقع و الظاهر من بناء العقالء على االعتماد عليها ،فتلخص ان الشهرة االستنادية العملية من اقوى موجبات حصول الوثوق ابلصدور و ان شهرة هجران العمل من اهم ما يوجب الوهن و اخللل .و فيه الظاهر من سرية العقالء ان االطمئنان النقلي له مربرات معروفة ليس منها الشهرة الروائية و او العملية وال اهلجران ،نعم كل من ذلك يولد ظنا اال انه ال يصل حدا يوجب االطمئنان املعترب للبناء عليه عقالئيا وهذا ظاهر عرفا و وجداان . الفصل الرابع اخلرب الواحد مسالة :اعتبار اخلرب املوثوق به مما يقوم به نظام املعاش و املعاد وال اختصاص له مبذهب دون اخر و ال مبلة دون اخرى بل استقرت سريهتم عىب ترتيب االثر عليه من سالف االعصار و ما كان كذلك يكفي يف 93
اعتباره شرعا عدم ثبوت الردع عنه وقد جبلت الطباع و العقول بتلقي خرب املوثوق به ابلقبول و لو مل يكن مطلواب لدى الشارع لوجب التنصيص ابلردع يف مثل هذا االمر العام البلوى فيكفي عدم التنصيص ابلردع يف القبول فكيف بداللة اخبار متواترة امجاال عليه . مسالة :قد يستدل على عدم اعتبار اخلرب الواحد ابالدلة االربعة فمن الكتاب ابالايت الناهية عن اتباع الظن و غري العلم ،و فيه اوال اهنا وردت يف االصول االعتقادية وال تشمل غريها فال ربط هلا ابملقام و اثنيا ان املراد ابلعلم يف الكتاب و السنة ما يطمئن و تسكن اليه النفس لدى العقالء ، و اثلثا اهنا معارضة ابالدلة االربعة الدالة على االعتبار . تنبيه :ان االايت و الرواايت الواردة يف املقام ارشاد اىل مرتكزات العقالء من اعتبار خرب املوثوق به و ال يفرق العقالء بني االخبار بواسطة او معها مع وثوق الوسائط . مسالة :تبني ان املستند يف حجية اخلرب هو سرية العقالء فانه من اجللي اهنم مييزون بني االخبار من حيث الوثوق فاملخرب االمني الثقة يقدم على غريه و الثقة يقدم على غريمها و من هنا كان من املوافق لسرية العقالء ترتيب االخبار املعتربة يف درجات الدرجة االوىل ما ينقله الثقة صحيح العقيدة والثانية ما ينقله الثقة وان مل تصح عقيدهتو الثالثة جمهول احلاملن حيث النقل والرابعة من فيه طعن من حيث النقل . تنبيه :التعامل مع االخبار ابلصورة املتقدمة ال خيتص فقط ابالحكام الفرعية بل يشمل كل منقول كما هو واضح .
94
مسالة :قيل ان اخبار قاعدة التسامح يف ادلة السنن حاكمة على ما يدل على اعتبار الوثوق يف الصدور فيعترب الوثوق ابلصدور يف الرواايت اال يف الرواايت الدالة على السنن ،وفيه ان اعتبار الوثوق معرفة عقالئية و شرعية اثبتة ال يصح القول بتخصيصها مبا ينقض غرضها بل الواجب على فرض اعتبار اخبار البلوغ هو هو محلها على البلوغ املعترب و ليس مطلق البلوغ .
الفصل اخلامس االجتهاد و التقليد مسالة :من احلجج املعتربة بني العقالء كافة االجتهاد و التقليد و ال خيتصان بفن دون فن و ال مبلة دون اخرى بل جيراين يف مجيع الفنون و الصنائع و امللل و مها من املبادئ جلميع العلوم الن كل علم حيتاج اىل الفكر و التامل فاعتبارمها ضروري بل فطري . تنبيه :االجتهاد يف الفقه بذل الطاقة يف حتصيل الوظائف الدينية من االخبار الشارحة للكتاب .ولكون علوم الشريعة تتميز مبكانتها اخلطرية و منزلتها الرفيعة فان التفريع و التوسع فيها ليس كما يف غريها فيكون من املناسب عدم البت فيما ال نص فيه اال مع الضرورة ،و لو قصر االجتهاد على بيان ما يعمه العام و ما يشمله املطلق لكن اسلم واجود . تنبيه :يكفي يف التقليد مطابقة العمل لراي من يصح االعتماد عليه . مسالة :احلق املوافق لوجدان كل عامل يف كل علم امكان التجزئ يف االجتهاد و حتققه خارجا و مقتضى االطالقات و السرية يف اجلملة نفوذ حكمه و حجية رايه و صحة تقليده اال اذا كان حبيث تنصرف االدلة اللفظية عنه و 95
يشك يف ثبوت السرية فيه فمقتضى االصل عدم اعتبار رايه و نفوذ حكمه حينئذ .
املوضع الثالث االصول العملية مسالة :مورد االصول اجلهل الثابت املستقر و ال استقرار له اال بعد الفحص عن احلجة و الياس عنها فال اعتبار هلا اصال اال بعد الياس العقالئي عنها ،و ال فرق يف منشا حصول اجلهل ابلواقع بني كونه فقدان النص او امجاله او تعارضه بناء على السقوط حينئذ ،و املراد ابجلهل و الشك يف مورد االصول عدم احلحية املعتربة فيعم موارد وجود الظنون غري املعتربة ايضا . مسالة :االصول االربعة املعروفة ( الرباءة االحتياط التخيري و ااستصحاب ) من االرتكازايت العقالئية يكفي يف اعتبارها عدم وصول الردع ،فان العقالء بفطرهتم بعد الفحص عن احلجة و الياس عنها ال يرون انفسهم ملزمني بشيء فعال او تركا وهذا هو الرباءة املصطلحة و اهنم بفطرهتم يرون العلم االمجايل منجزا يف اجلملة و يعرب عن ذلك يف االطالح ابالشتغال او االحتياط و عند الدوران بني احملذورين ال يرون انفسهم ملزمني بشيء منهما ابخلصوص و يعرب عنه ابلتخيري و مع اليقني السابق و الشك الحقا حتكم فطرهتم ابتباع اليقني السابق و يعرب عنه ابالستصحاب . مناقشة هامشية :قيل أن جمرى االستصحاب ال خيتص ابألحكام اإللزامية ،بل جيري يف الوضعيات واملوضوعات اخلارجية واألحكام التكليفية غري اإللزامية ،خبالف أصلي الرباءة ،واالحتياط ،بل والتخيري أيضا ،فإهنا خمتصة ابألحكام اإللزامية ،فإهنا اليت يقبح العقاب عليها .اقو اما عدم وجوب 96
العمل ابالصول الثالثة االخرية يف غري االلزاميات فتام ملا ذكر ،اال ن الظاهر من عرف العقالء ان موردمها يعم كل معرفة حكمية كانت ام موضوعية الزامية كانت او غري الزامية ،الن الرباءة عن غري املذكور يرجع يف االساس اىل اصالة عدم التغري ،ففي جمال التخاطب صورهتا اصالة عدم القرينة و يف جمال املرادات تنحل اىل هذه االصول االربعة . مسالة :االستصحاب ليس اال متمم داللة الدليل و اسراء حكم اليقني اىل ظرف الشك فال استقالل فيه بوجه اصال فمع املوافقة يكون املتيقن السابق منجزا و مع املخالفة و عدم انكشاف اخلالف يكون عذرا و مع انكشافه ال وجه لالجزاء اصال اال ان يدل دليل تعبدي عليه .
الفصل االول :الرباءة مسالة :قد استدل على الرباءة ابالدلة االربعة مع كوهنا من الفطرايت العقالئية لقاعدة قبح العقاب بال بيان فيكون الكتاب و السنة ارشادا اليها ،و ال ريب يف استقرار بناء العقالء يف كل عصر و زمان على احلكم بقبح العقاب بال بيان حىت عد ذلك من القواعد العقالئية و الكتاب والسنة تكون ارشادا اليها و بعد عدم متامية ما اييت من ادلة االحتياط تتم القاعدة من كل جهة . مسالة :قد استدل ابصالة الرباءة قبل التكليف او قبل البعثة و ال ابس به و االشكال عليه انه تطويل بال طائل لكفاية جمرد الشك يف الرباءة بال احتياج اىل حلاظ احلالة السابقة مدفوع ابلفرق بني جمرد عدم البيان و البيان على العدم و االستصحاب من الثاين فيكون اكد ال حمالة . 97
الفصل الثاين :اصالة التخيري مسالة :مورد التخيري املبحوث عنه يف املقام متقوم ابمرين العلم جبنس التكليف أي االلزام يف اجلملة فعال او تركا و عدم امكان االحتياط رأسا . مسالة :ان العلم جبنس التكليف اما يف التوصليات او يف غريها اما االول كما اذا علم ان السكوت يف ان واحد اما واجب او حرام عليه فليس فيه اال التخيري الفطري التكويين النه حبسب ارادته االرتكازية اما فاعل او اترك و ال جيري فيه التخيري العقلي النه فيما اذا كان يف البني خطاابن فعليان اتما املالك من كل جهة و لفقد الرتجيح و عدم متكن املكلف من اجلمع بينهما حيكم العقل حينئذ ابلتخيري او كان خطااب واحدا فعلي معلوم بنوعيه و له افراد متساوية من كل جهة فالعقل حينئذ حيكم ابلتخيري بني االفراد و املفروض انه ليس يف املقام اال خطاب واحد مردد بني الوجوب و احلرمة فالتكليف ليس معلوما بنوعه بل جبنسه املهمل فقط فيكون املقام خارجا عن التخيري العقلي بقسميه ختصصا ،كما ال وجه جلراين التخيري الشرعي املولوي الواقعي فيه للعلم بعدم وجوب فردين او اكثر للتكليف واقعا بل املعلوم وحدته من كل جهة . مسالة :اما لو كان كل واحد منهما او احدمها املعني تعبداي فيتصور حينئذ املخالفة القطعية برتك قصد القربة فتحرم و ان مل جتب املوافقة لعدم امكاهنا و لكن الظاهر مع عدم ثبوت احدمها ابخلصوص يكون احلكم هو التخيري ايضا بدعوى االصل لدى العقالء يف كل ما تردد بني شيئني مثال و مل يعلم ابخلصوص .نعم فرق بني التخيري هنا و ما مر يف التوصلي فانه فطري تكويين و هنا عقالئي اختياري . 98
مسالة :مقتضى بقاء مناط التخيري – وهو التخيري و اجلهل ابلواقع و عدم الرتجيح – كون التخيري استمراراي فال موجب لزواله بعد االخذ ابحدمها اال لزوم املخالفة القطعية و لكنها ليست مبانعة حلصول العلم هبا بعد العمل و ما هو احلرام امنا هو املخالفة عن علم و عمد عند االرتكاب ابن يكون حني العمل عاملا و كان عاصيا هكذا قبل و لكنه مشكل فانه يعلم بوقوعه يف احلرام يف صورة استمرار التخيري فيكون مثل العلم االمجايل ابلوقوع يف احلرام يف االطراف التدرجيية فال يصح كما اييت عدم الفرق بني التدرجيية و الدفعية .و مقتضى مرتكزات املتشرعة عدم الفرق بينها ايضا و ليس من شان الفقيه الرتحيص فيها و من هنا يصح ان يقال ابولوية املوافقة االحتمالية يف املقام عن املوافقة القطعية الستلزام االخرية املخالفة القطعية ايضا . مسالة :لو علم الوجوب و تردد بني كونه تعيينيا او ختيرياي فهذه هي املسالة املعروفة يف الفقه و االصول بدوران االمر بني التعيني والتخيري و املشهور فيها االول لكونه من موارد االشتغال و ملا مر يف مباحث االلفاظ من ان مقتضى االطالق كون الوجوب عينيا تعيينيا نفسيا اال اذا دل دليل على اخلالف فيطابق االصل اللفظي و العملي على تعيينه ،ويرد عليه ان خصوصية التعيينية و العينية قيد زائد مشكوك فيه فريجع فيه اىل الرباءة كما يف سائر القيود املشكوكة فيها فاملقام من جماري الرباءة ال االشتغال لعدم العلم ابصل التكليف حبدوده و قيوده و عدم متحض الشك يف الشك يف االمثال فقط نعم لو اكتفينا يف وجوب االحتياط مبجرد العلم جبنس التكليف من دون ان يعلم نوعه لوجب االحتياط يف املقام و لكنه ممنوع بل التكليف املنجز ما اذا علم توع التكليف ،كما ان التمسك لتعيني التعييين مبا مر يف مباحث االلقاظ ان اطالق الوجوب يقتضي كونه 99
عينيا نفسيا تعيينيا ابطل النه من مقام االثبات و ما حنن فيه يف مقام الثبوت فال وجه للخلط بينهما .
الفصل الثالث :االحتياط مسألة :االحتياط حبسب املرتكزات طريقي حمض و ال يزيد يف الطريقية على االمارة املعتربة فكما اهنا منجزة يف ظرف تنجز الواقع يكون االحتياط ايضا كذلك و هو منحصر ابطراف العلم االمجايل و ما قبل الفحص و يف غريمها ال تنجز للواقع فال وجه لتنجز االحتياط املمحض يف الطريقية . مسألة :استدل لالحتياط ان املقام من ضغرايت الشك يف الفراغ و مقتضى حكم العقل فيه االشتغال للعلم االمجايل بوجود حمرمات يف الشريعة ورد ابن العلم االمجايل ليس مطلقا يف كل جهة بل احلق يف بيانه ان يقال اان نعلم امجاال بوجود احملرمات يف ما ابيدينا من الطرق و االصول املعتربة حبيث لو تفحصنا لظفران هبا و قد تفحصنا و ظفران هبا و احلمد هلل فلم يبق علم امجايل منجز يف البني اصال .و انه لو كان مطلقا فلنا علمان امجاليان احدمها ابحملرمات و اثنيهما بطرق معتربة عليها و هذان العلمان متقارانن حدواث و يف مثله ال تنجز للعلم االمجايل ابحملرمات يف غري موارد الطرق و االمارات . مسألة :انفق العلماء من اصوليهم و اخباريهم على الرباءة يف الشبهات املوضوعية ،و يدل عليها مضافا اىل االمجاع احملقق مجيع ما مر من ادلة الرباءة من الكتاب و السنة و العقل الن املراد ابلبيان الذي ال جتري معه قاعدة قبح العقاب بال بيان و ال ادلة الرباءة هو تبني احلكم بقيوده املعتربة 100
فيه ال جمرد صدوره من الشارع ابي وجه اتفق و ال ريب ان تبني املوضوع من حدود احلكم و قيوده ،و مع عدمه ال تتم احلجة و البيان . مسألة :قد تسامل العلماء بل ارتكز يف النفوس ان االمارات مقدمة على االصول املوضوعية اليت هي عبارة عما يرتفع به موضوع اصل اخر وهو الشك و هي مقدمة على االصول احلكمية فال جيري االصل املوضوعي مع وجود االمارة كما ال جيري االصل احلكمي مع وجود االصل املوضوعي . و ذلك الن االصل املوضوعي فيه حنو كشف فينتفي الشك لكن الكشف يف االماراة اقوى منه . مسألة :ال ريب يف حسن االحتياط غري املخل ابلنظام نصا و امجاعا بل ابتفاق العقالء و ال اشكال فيه يف التوصليات بل يرتتب عليه الثوب ايضا ان كان بعنوان الرجاء و كذا يف العبادايت مع دوران االمر فيها بني الوجوب و الندب لثبوت االمر الذي يتقوم به العبادية فيتحقق حينئذ موضوع حسن االحتياط حينئذ و اما مع دوران االمر بني الوجوب و غري الندب او الندب و غري الوجوب فقد اشكل يف جراينه فيها بعدم احراز االمر حينئذ و املفروض ان العبادية متقومة بذلك و مع عدم حتقق العبادية ال يتحقق موضوع حسن االحتياط ايضا و اجيب عن هذا االشكال بوجوه منها ان من حسن االحتياط عقال يستكشف االمر بقاعدة املالزمة شرعا و فيه اوال ان احلسن يتعلق بذات االحتياط من حيث هو و االمر الذي يراد اثباته امنا هو ابلنسبة اىل متعلقه ال ذاته و ال ربط الحدمها ابالخر و اثنيا ان مورد قاعدة املالزمة هو احلسن الذايت الذي يكون وصفا حبال الذات و حسن االحتياط طريقي حمض ال ذاتية فيه بوجه . و من وجوه االجابة
على حسن االحتياط مع دوران االمر بني الوجوب و
غري الندب او الندب و غري الوجوب ان نفس االوامر اليت وردت يف 101
االحتياط تكفي للداعوية فيقصد نفس االمر االحتياطي و فيه اوال اهنا ليست عبادية فمن اين حيصل االمر العبادي يف املتعلق و اثنيا اهنا طريقية حمضة و ال بد ان يكون االمر العبادي اثبتا يف املتعلق قبل عروض االمر االحتياطي حىت يتحقق االحتياط يف العبادة ،و احلق ان يقال ان كيفية االمتثال موكولة اىل العقالء و هي لديهم اما علمية تفصيلية او امجالية او احتمالية رجائية و االمتثال برجاء املطلوبية حنو من االمتثال لديهم و مل يردع نه الشارع بل قرره ابلرتغيب اىل االحتياط .فكما ان االمتثال يف موارد احراز االمر ابالمارات و االصول املعتربة صحيح شرعا فكذا يف موارد رجاء االمر بل يكون االنقياد فيها اشد كما ال خيفى . مسالة :كلما كان الشك فيه يف اصل التشريع و ثبوته واقعا فهو شك يف اصل التكليف و يكون مورد الرباءة و تقدم ما يتعلق هبا و كلما علم بثبوت اصل التشريع و شك يف جهات اخرى فهو من الشك يف املكلف به يكون مورد لالحتياط و االشتغال و اجلهات االخرى اليت تكون مورد الشك كثرية ،و كل ذلك اترة يف الشبهة التحرميية و اخرى يف الوجوبية و كل منهما اترة يكون من املتباينني و هو ما مل يكن معلوم التنجز يف البني و اخرى من االقل و االكثر وهو ما حتقق فيه معلوم التنجز و شك يف الزائد .
102
املقام االول :يف املتباينني مسالة :ان البحث امنا هو بناء على كون العلم االمجايل مقتضيا للتنجز ال ان يكون علة اتمة له و اال فالبحث ساقط من اصله حلكم العقل بوجوب االحتياط حينئذ . تنبيه :أن حمل البحث هو التكليف الذي إذا علم به تفصيال يتنجز ويستحق على خمالفته العقاب ،وإذا كان مشكوكا ابلشبهة البدوية جرى فيه أصالة الرباءة ،فيبحث هنا عن أن تعلق العلم اإلمجايل به كتعلق العلم التفصيلي أو كالشك البدوي ؟ أو أن بني املخالفة القطعية واملوافقة القطعية تفصيال. وأما إذا علم أبن هنا تكليفا خاصا ال يرضى الشارع أو املوىل برتكه فهو خارج عن حمل البحث واخلالف ،إذ ال ينبغي الشك يف أن مثله يستحق العقاب عليه ولو يف شبهته البدوية، تنبيه :ال ينبغي الريب يف أن العلم اإلمجايل بيان اتم عند العقالء ،ال جيوز معه إجراء قاعدة قبح العقاب بال بيان ،ال ابلنسبة إىل املخالفة القطعية وال االحتمالية ،ولو كان كالم فإمنا هو يف إمكان الرتخيص يف اخلالف عقال وثبوات . مسالة :و لباب البحث يرجع اىل ان االصول جتري يف اطراف العلم االمجايل بناء على كونه مقتضيا للتنجز حىت يسقط عن االقتضاء او ال جتري فيكون حينئذ املقتضى للتنجز موجودا و املانع عنه مفقودا فيكون مثلما اذا كان علة اتمة للتنجز و احلق هو الثاين و استدل عليه بوجوه االول وهو اسدها و اخصرها ما ارتكز يف االذهان من ان مورد الشك الذي جتري فيه االصول ال بد و ان يكون ال اقتضاء فيه ابلنسبة اىل احلجية و التنجز من كل حيثية و جهة فلو كان فيه االقتضاء هلا فال مورد لالصول حينئذ ،وال اقل من الشك يف ذلك ،فال ميكن التمسك ابدلتها اللفظية النه متسك 103
ابلعام يف الشبهة املصداقية و ال ابدلتها اللبية الن املتيقن منها غري ذلك فال حميص من االحتياط و ال ريب يف ثبوت االقتضاء يف كل من اطراف العلم االمجايل . تنبيه :فاملتحصل من مجيع ما عرفت :عدم جواز املخالفة القطعية للتكليف املعلوم ابإلمجال .وأما وجوب املوافقة القطعية فقد عرفت أن مقتضى حكم العقالء مبنجزية العلم اإلمجايل إذا مل يرد دليل خاص على اخلالف وجوهبا . تنبيه :قد يفهم ان االمجال يؤدي ابلنتيجة التكليف ابلعام ،فيقاس عليه ،و هذا غري اتم الن االمجال ال يعين العلم مبتعلق التكليف بل هو مورد جهل شكي يوجب االحتياط ،و من هنا يظهر ان اطراف العام االمجايل مستقلة فيما جيري عليها من انظمة واجكام خبالف اطراف العام التفصيلي فاهنا متساوية يف ذلك ،بعبارة ثنية ال يكون خمال بداعوية العلم االمجايل عدم اطالقها ،كما انه لو دل دليل على جواز خمالفة بعض اطراف العلم االمجايل او اضطر اىل ارتكاب بعضها فان ذلك ال خيل بنظامه فيبقى على داعويته ،و هذا كله خبالف العام التفصيلي ،و من هنا فاذا انعقد العلم المج ايل فانه ال خيل بداعويته و تنجيزه اال التفصيل و ال غري فال يضر هبما تبني عدم تنجزه يف بعض اطرافه فيبقى منجزا فيما بقي منها وهذا ما نراه يف وجداننا وعرف العقالء . مسالة :ال جتب املوافقة القطعية يف موارد :االول ما اذا دل دليل خمصوص على ان الشارع اكتفى ابالمتثال االحتمايل او اكتفى ابالمتثال التنزيلي ، النه تفصيل اويل يف واقعه و هو هو ليس ترخيصا .
104
فرع :الثاين من موارد عدم وجوب املوافقة القطعية ما اذا مل يصلح العلم االمجايل للداعوية كما يف الدوران بني احملذورين ،لعدم تنجز العلم االمجايل . فرع :املعروف ان من موارد عدم وجوب املوافقة القطعية ما اذا كان يف بعض االطراف تكليف فعلي فيجري االصل يف الطرف االخر بال معارض ،وفيه ما عرفت ان دخول بعض اطراف العلم االمجايل يف انظمة تنالفي تنجره فيه ال خيل بداعوية العلم االمجايل فال جمال جلراين اصل الرباءة يف غري ما تعلق به تكليف اخر ،بل احلالة الوحيدة اليت ختتل فيه داعوية العلم االمجايل املنعقد هو احنالله ابلتفصيل . فرع :قيل ان من موارد عدم وجوب املوافقة القطعية خروج بعض اطراف العلم االمجايل عن مورد االبتالء ،الن اعتبار القدرة مما ال ريب فيه ،و القدرة العادية اليت يعتربها العقالء متقومة ابالبتالء ابمللكف به ،وان التكليف املطلق ال بد وان يصح للداعوية املطلقة .و فيه ان هذا الكالم يتم يف العام التفصيلي و ليس االمجايل الذي ال ختل بداعويته عدم تنجزه يف بعض اطرافه. تنبيه :لو شك يف االبتالء فالوظيفة فيه كالشك يف القدرة ،و ال ريب يف ان املسقط للتكليف العلم بعدمها ال عدم العلم هبا . تنبيه :ان مسألة خروج بعض األطراف عن حمل االبتالء وما فرع عليها خمتصة ابلتكاليف التحرميية فلو كان اخلارج عن حمل االبتالء يف الواجبات ،فاألمر والبعث الفعلي إىل مثله ال أبس فيه ،بل قد وقع يف الشريعة ،فال ريب يف األمر الوجويب به .
105
فرع :قيل ان من موارد عدم وجوب املوافقة القطعية االضطرار وهو اما اىل متام االطراف او اىل بعضها و االول يوجب سقوط العلم التفصيلي عن التنجز فكيف ابلعلم االمجايل ،وهذا من جهة املعذورية ال من جهة نفي الفعلية ،و الثاين اما اىل املعني او اىل غريه و كل منهما اما يكون قبل تنجز العلم او بعده و احلق انه ان حصل االضطرار بعد تنجز العلم يبقى الطرف االخر على تنجزه سواء كان اىل املعني او غريه ، ،الن الرتخيص فيه جهيت ال من كل جهة فله ان يرفع اضطراره بكل واحد منهما و ليس له الرتخيص يف ارتكاب كليهما فيستصحب اصل التنجز يف اجلملة ايضا .و الصحيح انه ال حاجة لالستصحاب النه مورد له بعد ما عرفت ان خروج بعض اطراف العلم االمجايل عن جمال منجزيته ال خيل بداعويته و تنجزه فيما بقي ،فلو بقي واحدا منها كان هو املتعني و يكون املتحقق حينها تفصيل اثنوي . مناقشة هامشية :قيل إذا حصل له العلم به قبل االضطرار فاملفروض أنه مضطر إىل أحد الطرفني ،معينا أو غري معني ،فالتكليف مرفوع عن هذا الطرف ،والطرف الباقي جيري فيه أدلة الرباءة .وقد عرفت ما فيه وانه ال خيل بتنجز العلم االمجايل يف اطرافه اال التفصيل االويل او الثانوي كما بينا . مناقشة هامشية :أن االضطرار ال يقتضي أزيد من اإلذن يف خمالفة التكليف املوجود بشهادة الوجدان و عرف العقالء و االدلة الشرعية و قيل ابنتفاء التكليف عن مورد االضطرار وهو ظاهر الضعف . تنبيه :ال فرق يف تنجز العلم االمجايل بني كون افراده دفعية عرضية او تدرجيية طولية كما ال فرق يف الثانية بني كون الزمان ظرفا للتكليف او قيدا له ،و الوجه يف ذلك كله فعلية التكليف يف التدرجييات كفعليته يف الدفعيات بال 106
فرق بينهما فتسقط االصول يف االطراف ابملعارضة و يؤثر العلم ابلتكليف اثره ،و قيل كيف يثبت التكليف مع ان التمسك بعموم دليله يكون من التمسك ابلعام يف الشيبهة املصداقية لفرض تردد موضوعه بني اايم و اوقات و اانت وقيل يف جوابه ان العلم ابصل وجوده يف اجلملة يكفي يف قبح تفويته عقال و ال يلزم اثباته يف وقت خمصوص حىت يكون ذلك من التمسك ابلعام يف الشبهة املصداقية ،لكن اجلواب ما عرفت ان افراد العلم االمجايل يف التكليف به وطبيعة تعلقه بكل واحد منها خمتلف عن تعلق التكليف ابلعام التفصيلي ابفراده ،فان العام التفصيلي هو الواسطة لتعلق التكليف ابفراده بينما التكليف االمجايل يتعلق ابفراد العلم االمجايل مباشرة من دون توسط عامها . مناقشة هامشية :قيل ان ترخيص االقتحام يف مجيع أطراف العلم إذن يف املعصية ،وهو قبيح ،و منشأ هذا االستقباح ليس جمرد وجود احلكم الفعلي الواقعي ،فإنه رمبا كان احلكم الواقعي موجودا يف مورد الشك وقد رخص الشارع يف خالفه ،بل منشأه أن العلم اإلمجايل به موجب حلسن العقاب عليه فيصري به منجزا ويكون خمالفته معصية فعلية ،واالذن يف املعصية قبيح .واحلق أن جمرد العلم ابلتكليف -ولو التفصيلي منه -ليس علة اتمة لتنجزه ،بل ال أبس ابلرتخيص يف خمالفته جلهات خاصة تقتضيه ويعلمها الشارع ،فإنه ال أبس جبعل اإلكراه والنسيان -مثال -عذرا جموزا ملخالفة التكليف املوجود املعلوم وكذلك ال أبس جبعل اجلهل ابلتكليف مبعناه العام الشامل للموجود منه يف أطراف العلم اإلمجايل عذرا موجبا للرتخيص يف اخلالف ،كما هو كذلك يف املوجود منه يف الشبهات البدوية
107
قطعا . ،ومن الواضح أنه بعد الرتخيص من انحية املوىل فال يكون خمالفة التكليف معصية. تنبيه :ال بد من التزام عدم إمكان الرتخيص يف بعض األطراف بناء على القول ابمتناع ترخيص مجيع األطراف لكونه إذان يف املعصية أو يف الظلم ،أو نقضا للغرض من التكليف احلقيقي ،فإن اإلذن يف بعض األطراف معناه جواز ارتكابه ولو كان مصادقا للتكليف الواقعي ،يعين :ولو كان معصية أو ظلما أو موردا للتكليف احلقيقي ،وقد كان املفروض امتناع ترخيص املعصية والظلم ،كامتناع نقض غرض التكليف .ومع اإلغماض عن امتناعه فال دليل عليه إثباات ،وذلك أن عموم وإطالق أدلة الرباءة واحلل وإن كان يعم أطراف العلم إال أنه الستلزامه جواز ارتكاب كال الطرفني أو األطراف وهو خمالفة قطعية -فال ميكن األخذ به ،فشمول العموماتواإلطالقات لكل من الطرفني معارض بشموله لآلخر ،والتعارض يوجب التساقط ،وعدم احلجة على جواز االرتكاب يف شئ من الطرفني ،وال حمالة بكون املرجع حكم العقالء بوجوب االحتياط التام. مناقشة هامشية :قيل أن التعارض إمنا هو بني إطالق الرتخيص يف كل هنما ابلنسبة حلال ترك العمل ابحتمال التكليف يف اآلخر ،ال بني أصل الرتخيص فيهما ،فيؤخذ بعموم أدلة احلل والرباءة فيهما ،ويقيد إطالقه األحوايل مبا إذا راعى احتمال التكليف يف الطرف اآلخر ،فإن راعاه يف هذا الطرف فطرفه مرخص فيه ،وإال فال و فيه أنه ال ريب يف أن مقتضى أدلة احلل والرباءة إمنا هو ثبوت الرتخيص يف كال الطرفني بنحو اإلطالق، وحيث إن إرادة هذا الرتخيص املطلق يف كال الطرفني غري ممكنة نعلم بعدم إرادة كليهما ،وأما أن عدم إرادة كليهما متحقق ابلتقييد املذكور يف كل
108
منهما ،أو بعدم جعل أصل الرتخيص يف خصوص واحد منهما فال دليل عليه، مناقشة هامشية :قيل بتصور الرتخيص أبن يكتفى يف امتثال التكليف املعلوم ابالمجال ،برعايته يف أحدمها تعيينا أو ختيريا ،وهذا ما يقال فيه :إن الشارع جيعل أحدمها بدال عن الواقع .فهذه البدلية إن كانت واقعية أبن يشتمل الطرف الذي به االمتثال على مجيع ما يشتمل عليه نفس املكلف به الواقعي فقد حصل غرض املوىل من التكليف الذي يف البني ،وال إشكال، إال أن مثله يوجب انقالب أمر العلم اإلمجايل إىل علم تفصيلي بتعلق التكليف حقيقة هبذا الطرف ،وخيرج الطرف اآلخر عن طرفية العلم اإلمجايل لو مل يصر عدم التكليف فيه معلوما. مسالة :أن العلم اإلمجايل إمنا يوجب تنجز التكليف الواقعي املوجود يف أحد الطرفني أو األطراف وأما إذا ترتب تكليف آخر على خمالفة هذا التكليف الواقعي وعصيانه ،فهل يوجب خمالفة االحتياط يف بعض األطراف تنجز هذا التكليف احملتمل اآلخر ،أم ال ؟ ال ينبغي الريب يف أن جمرد عدم رعاية االحتياط يف بعض األطراف ،ال يوجب العلم بتحقق موضوع التكليف االخر واألصل املوضوعي أو احلكمي يقتضي عدمه .إن قلت :كما أان نعلم إمجاال بتعلق التكليف وحتققه يف أحد الطرفني كذلك نعلم برتتب ذاك التكليف اآلخر ،على ارتكاب أحدمها أعين خمالفة التكليف الواقعي ،فهذا العلم اإلمجايل يقتضي تنجز ذاك التكليف اآلخر ،غاية الفرق بني العلمني: أن هذا العلم الثاين من قبيل العلم اإلمجايل ابالمور التدرجيية .قلت :إن ذاك العلم الثاين ليس علما بتحقق التكليف الفعلي يف موطنه ،فان شرط حتقق التكليف حتقق موضوعه ،واملوضوع هنا هو عصيان التكليف ،وهو 109
غري معلوم ،ويرتتب عليه أن أصل ذاك التكليف اآلخر جمهول جيري يف نفيه األصل املوضوعي أو احلكمي. مسالة :ال ريب يف تقوم الشبهة غري احملصورة ابلكثرة يف اجلملة الن غري احملصورة من املفاهيم العرفية ال بد من مراجعة العرف فيها ،امنا الكالم يف حد الكثرة اليت تكون موجبا لعد الشبهة غري حمصورة و احلق عدم صحة حتديدها حبد خاص ،فاملناط كله ان تكون كثرة االطراف حبيث مل ميكن عادة مجعها يف استعمال واحد حسب املتعارف و ان ال يرى العقالء العلم االمجايل فيها منجزا من كل حيثية و جهة بل يقدمون مبقتضى فطرهتم على ارتكاب االطراف بال تردد منهم على ذلك و عدم صالحية مثل هذا العلم للداعوية الجياب املوافقة القطعية . بيان :استدل لعدم منجزية العلم اإلمجايل فيها أبنه ملا كان االجتناب عن مجيع األطراف يف غالب مواردها لغالب األفراد موجبا للعسر أو احلرج فريفع وجوبه عن مجيع األفراد ،وابلنسبة جلميع املوارد بناء على أن مالك الرفع هو جمرد هذه األغلبية ،بدليل أن مناطات األحكام هي تلك األغلبية .إال أن فيه أوال :أن احلكم اإلهلي هنا ال عسر وال حرج يف امتثاله واالجتناب عن مورده ،ألن املفروض تعلقه مبثل مصداق أو مصداقني ،وإمنا املوجب له هو العلم ابالمتثال ،وهو ليس بواجب شرعي .واثنيا :أن ظاهر أدلة رفع العسر واحلرج خصوص الشخصي منهما ،وابتناء األحكام ومالكاهتا على الغلبة ال ميكن أن يكون قرينة على إرادة خالف الظاهر هنا منها ،كما ال خيفى ،فإنه ال استحالة يف كون املوضوع وصفا شخصيا ،وقد فرض أن الدليل قام عليه ،فيجب األخذ به.و استدل له أبن كثرة األطراف وضعف احتمال االنطباق يف الشبهة احملصورة توجب عدم اعتناء العقالء ابحتمال التكليف ،فيعاملون معه معاملة الشبهة البدوية .والزم ذلك جواز ارتكاب 110
مجيع األطراف ،ويكفي يف األخذ به جمرد احتماله ،ملا عرفت من أن مقتضى أدلة الرباءة أن نقول هبا حىت يف أطراف العلم اإلمجايل ،وإمنا مل نقل هبا لقيام دليل خاص من العقل أو النقل ،فبعد احتمال عدم اعتناء العقالء يشك يف مشول املخصص املنفصل له ،ومن املعلوم أن يف مثله العام هو املرجع. تنبيه :القدر املتيقن من بناء العقالء و مرتكزاهتم يف سقوط العلم االمجايل عن التنجز يف الشبهة غري احملصورة امنا هو ابلنسبة اىل وجوب املوافقة القطعية و اما سقوطه ابلنسبة اىل املخالفة القطعية فغري ظاهر و الشك يف التعميم للمخالفة القطعية يكفي يف العدم . املقام الثاين يف دوران االمر بني االقل و االكثر مسالة :ان الشك يف االقل و االكثر اما استقاليل أي ال ترتبط االجزاء ببعضها البعض يف مقام االمتثال ،و اما ارتباطي وهو ما اذا كان جلميع االجزاء امتثال واحد و خمالفة واحدة كأن علم بوجوب الصالة عليه وشك يف جزئية السورة هلا .و احلكم هو الرباءة عن االكثر عقال و نقال يف مجيع ما يتصور من موارد االقل و االكثر مطلقا الدلة الرباءة العقلية و النقلية . فأن العقالء يستقلون بقبح مؤاخذة من كلف مبركب مل يعلم من أجزائه إال عدة أجزاء ،وشك يف أنه هو هذا ،أو له جزء آخر هو الشئ الفالين ؟ مث بذل جهده يف طلب الدليل على جزئية ذلك األمر فلم يعثر عليه ،فأتى مبا علم وترك املشكوك وأما الرباءة النقلية فإن تعلق الوجوب الشخصي املستقل مبجهول اجلزئية غري معلوم ،فوجوبه مما ال يعلمون ،فهو مرفوع عن املكلف. 111
بيان : 1إذا كان التكليف املفروض حترمي شئ فشك يف جزئية شئ أو شرطيته للحرام أو مانعيته عنه فإن القدر املعلوم يف التكليف ابحلرام الذي شك يف جزئية شئ أو شرطيته له أو مانعيته عنه أن الواجد للمشكوك الشرطية أو اجلزئية والفاقد ملشكوك املانعية أو القاطعية حرام قطعا ،وأما اخلايل عن اجلزء أو الشرط املشكوك أو املشتمل على مشكوك املانعية أو القاطعية فحرمته غري معلومة جتري عنها الرباءة العقلية والشرعية، مناقشة هامشية : 1قد أورد على إجراء الرباءة اترة من انحية الشك يف حصول غرض املوىل لو اقتصر على األقل ،وجيب حينئذ أن حيتاط إىل أن يعلم حبصوله ،و فيه إنه ال جيب على العبد يف مقام إطاعة مواله وأداء وظيفة العبدية إال أداء ما قامت عليه حجة من املوىل على تكليفه به من الواجبات واألعمال. مناقشة هامشية : 2أن العلم اإلمجايل ابلتكليف يقتضي اليقني ابلرباءة كما يف املتباينني .و فيه وجوب األجزاء املعلومة اجلزئية معلوم ،ووجوب املشكوك اجلزئية جمهول مل يقم عليه بيان فتجرى الرباءة عنه ويكون العقاب عليه قبيحا .و اليقني ابشتغال الذمة بشئ يقتضي اليقني بفراغها عنه ،ويف ما حنن فيه مل يتيقن إال بتعلق التكليف ابألجزاء املعلومة ،وقد تيقن إبتيان مجيع ما تيقن تعلق التكليف به ،وإن كان شك فإمنا هو من انحية غريها، واملفروض أن أصل االشتغال به مشكوك. مناقشة هامشية : 3إذا كان الشك يف اجلزئية أو الشرطية من جهة الشبهة يف موضوع خارجي ،فقيل إن الالزم االحتياط ،ألن املفروض تنجز التكليف مبفهوم مبني معلوم تفصيال ،وإمنا الشك يف حتققه ابألقل ،والبيان الذي البد منه قد وصل من الشارع ،فال تقبح املؤاخذة على ترك ما بينه تفصيال ،بل 112
العقل حيكم بوجوب القطع إبحراز ما علم وجوبه ،فال جترى الرباءة العقلية وال الشرعية .و فيه :إن األمر كما أفادوه فيما إذا كان املكلف به أمرا كليا مبني املفهوم يشك يف حتقق مصداقه ألجل الشك يف حتقق ما هو جزء له أو شرط ،وأما إذا كان متعلق التكليف أمرا شخصيا خارجيا مبني املفهوم وقد شك يف جزئية أمر له ألجل عدم العلم خبصوصية خارجية ،فإن من املعلوم أن الشبهة يف املوضوع اخلارجي ،إال أنه ملكان أن الوجوب متعلق خبصوص هذا الفرد ال أبمر كلي هو أحد مصاديقه فاملكلف مبقتضى انبساط التكليف املتعلق ابملركب على أجزائه يعلم بوجوب صوم األايم املعلومة ويشك يف أصل وجوب صوم يوم الشك ،ومقتضى ما مر يف الشبهة احلكمية يف اجلزئية أو الشرطية جراين الرباءة عن وجوبه عقال ونقال. ،
الفصل الرابع االستصحاب مسالة :االستصحاب امر عريف بني بل هو فطري ،و جوهره البناء على بقاء ما كان مع عدم ما يبعث على اعتقاد التغري ،فال اختصاص به ابملعارف الشرعية فضال عن املعارف احلكمية . مسالة :من الواضح عرفا و وجداان حصول الظن النوعي من االستصحاب ، بل ميكن القول حبصول اعلى درجات الظن منه احياان الداخل يف االحراز عمليا فهو من هذه اجلهة امارة . مسالة :ان متعلق اليقني و الشك اما ان يتعدد وجودا او ال و على الثاين اما ان يسري الشك اىل اليقني و يزيله او ال و االول قاعدة املقتضي و املانع 113
و اتيت االشارة اىل اقسام املقتضي يف االمر الالحق و الثاين قاعدة الشك الساري و الثالث االستصحاب و يكفي يف عدم اعتبار االولني االصل بعد عدم دليل عليه . مسالة :لالستصحاب اقسام خمتلفة فتارة يكون زمان اليقني و املتيقن سابقا على زمان الشك و املشكوك فيه الحقا و هو الغالب يف االستصحاب املتداولة و اخرى يكون زمان حدوث اليقني و الشك واحدا مع كون زمان املتيقن سابقا و زمان املشكوك الحقا ،و اثلثة يكون زمان حدوث الشك سابقا و زمان حدوث اليقني الحقا مع سبق زمان املتيقن على زمان حدوث الشك واحلق اعتبار االستصحاب يف هذين القسمني ايضا لوجود املقتضي و فقد املانع اذ املناط كله يف اعتباره اختالف زمان وجود املتيقن و املشكوك مع تقدم االول على الثاين ،و رابعة يكون زمان املشكوك فيه سابقا و زمان املتيقن الحقا و يعرب عنه االستصحاب القهقري و ال دليل على اعتباره ويف كونه استصحااب عرفا غري ظاهر بل ممنوع . مسالة :قد يقسم االستصحاب من جهة منشا الشك فانه اما يف املقتضي او يف الرافع او يف الغاية ،و قد قسم حبسب الدليل الدال على املستصحب او حبسب املستصحب و اييت ان شاء هللا تعاىل ان احلق اعتباره مطلقا فال وجه للتطويالت مع ان جلها لوال كلها بال طائل . فرع :قد فصل يف اعتبار االستصحاب بني الشك يف الرافع فيعترب و بني الشك يف املقتضي فال يعترب فان كان هذا التفصيل لقصور االطالق او العموم عن مشوهلا فهو خالف الظاهر و ان كان لوجود مانع يف البني فليس ما يصلح للمانعية ،كما ان التفصيل بني العدميات و الوجودايت فيعترب يف االوىل دون الثانية ال وجه له ايضا ،بل جيري يف االعدام االزلية ايضا لعموم ما سيايت من الدليل و فقد املانع و العدم االزيل عبارة عن العدم 114
السابق على االشياء مطلقا ،و لكن اشكلوا عليه ابنه من االصول املثبتة وهي غري معتربة و هو ساقط النطباق الطبيعي على االفراد ذايت ال واسطة فيه حىت يقال ابالثبات ،كما ان التفصيل بني املوضوعات فيعترب فيها و بني االحكام الكلية فال يعترب مردود ايضا اذ ال وجه لالختصاص اال دعوى ان االحكام الكلية ليست اال الصور الذهنية و االثر الشرعي مرتتب على اخلارج دون الذهن او دعوى اهنا معارضة ابستصحاب عدم اجلعل و يرد االوىل ابن الصور الذهنية ملحوظة طريقا اىل اخلارج ال بقيد الذهن مع ان االحكام الكلية اعتبارات صحيحة عرفية عقالئية هلا حنو حتقق اعتباري يف عامل العتبار و هذا النحو من الوجود منشا لالثر وهو يكفي يف االستصحاب و يرد الثانية ابن العلم االمجايل بنقض استصحاب العدم يف االحكام االبتالئية مينع من جراينه فيها فاحلق اعتباره مطلقا من غري ختصيصه مبورد ابدا لوجود املقتضي و فقد املانع . املقام االول :االدلة على حجية االستصحاب مسالة :قد عرفت ان االستصحاب من املبينات العقالئية بل الفطرية ،يكفي يف اعتبارها عدم الردع عنها فكيف بتقريرها يف الشرع كما يف قوله عليه السالم (وال ينقض اليقني أبدا ابلشك ،ولكن ينقضه بيقني آخر ) بيان :ان الشك عند العقالء اترة بدوي و املرجع فيه بعد الفحص الرباءة و اخرى من اطراف العلم االمجايل و قد استقر بناؤهم على االحتياط فيه ما مل يكن مانع عنه يف البني و اثلثة مسبوق ابلثبوت و التحقق و استقر بناؤهم فيه على االخذ ابحلالة السابقة ما مل تكن قرينة على اخلالف سواء حصل الظن ابلبقاء او مل حيصل و يف مثل هذه السرية العامة البلوى يكفي عدم ثبوت الردع و ال حنتاج اىل االمضاء مع انه قد ثبت . 115
تنبيه : -1ليس املراد ابليقني يف الرواايت و الكلمات خصوص اليقني الوجداين املقابل لسار احلجج املعتربة بل هو كناية عن كل حجة معتربة و كل ما يصح االعتذار به و امنا ذكر مثاال لكل ما يصح االعتذار به . تنبيه -2ال ريب يف مشول ادلة اعتبار االستصحاب ملا اذا كان املستصحب كليا كشموهلا ملا اذا كان املستصحب جزئيا و املعروف ان استصحاب الكلي على اقسام ثالثة ،االول ما اذا كان املستصحب جزئيا خارجيا موضوعيا كان او حكميا فكما يصح استصحاب نفس اجلزئي يصح استصحاب الكلي املتحد معه وجودا ،الثاين ما جيري فيه استصحاب الكلي دون استصحاب الفرد و اجلزئي وهو ما اذا مل يكن املستصحب متشخصا خارجا بل كان حبسب حدوثه مرددا بني فردين و مل يعلم ان ما حدث يف اخلارج ااي ،فاالسصحاب يف هذا القسم ان اجري يف الشخص و اجلزئي اخلارجي من حيث انه كذلك فال وجه له لعدم اليقني السابق حبدوث اجلزئي ،و ان اجري يف املردد بني الفردين من حيث الرتديد فال وجه له ايضا الن املردد من حيث هو كذلك ال حتقق له خارجا بل وال ذهنا ايضا ،فينحصر االستصحاب الصحيح يف استصحاب كلي احلدث للعلم بتحققه .الثالث من اقسام استصحاب الكلي ما ال جيري فيه استصحاب الكلي و ال الفرد وهو ما اذا علم حبدوث الفرد و علم ابرتفاعه ايضا و لكن شك يف حدوث فرد اخر قبل ارتفاعه او مقاران له او شك يف تبدله بعد االرتفاع اىل فرد اخر خمالف له من حيث املرتبة ال من حيث الذات كما اذا علم حبدوث الوجوب و راتفاعه و شك يف تبدله اىل الندب و عدمه و احلق عدم صحة استصحاب الكلي يف اجلميع الختالف القضية املتيقنة مع املشكوكة عرفا بل دقة ايضا اذ الكلي عني الفرد فما علم حدوثه علم ابرتفاعه و غريه مشكوك احلدوث فال وجه جلراين 116
االستصحاب يف بقاء ما حدث للعلم ابالتفاع بل جيري يف عدم حدوث ما هو مشكوك احلدوث تنبيه -3مقتضى عموم ادلة االستصحاب جراينه يف ما هو معلق على شيء كجراينه يف ما مل يكن كذلك و العرف حبسب ارتكازهم ال يفرقون بني االستصحاب التعليقي و التنجيزي فال وجه للمناقشة من حيث عدم املتيقن السابق اذ يكفي فيه الوجود االعتباري وال ريب ان املنشات التعليقية هلا وجودات اعتبارية عرفية و عقالئية بل وشرعية ايضا . تنبيه -4ال رب يف اعتبار وجود االثر الشرعي يف مورد االمارة و االصل مطلقا وهو اترة يرتتب عليه بال واسطة شيء ابدا او بواسطة امر شرعي و ال ريب يف اعتبارمها حينئذ و اخرى مع وساطة امر عقلي او عادي و يعرب عن االخريين ابملثبت ،وقد اشتهر اعتباره يف االمارة دون االصول مطلقا و خالصة ما قالوه يف وجه الفرق بينهما ان االمارة تكون فيها جهة الكشف يف اجلملة و ما يكشف عن شيء يكشف عن مجيع ما يتعلق به من اللوازم و امللزومات مطلقا و اما االصول فليس فيها جهة الكشف عن شيء ابدا ،و فيه انه ال كلية يف ذلك بل يدور االعتبار مدار مقدار داللة الدليل عليه ال حمالة مطلقا ما مل تقم حجة معتربة عليه و املتيقن منها ما قلناه و ال فرق فيه بني المارة و االصل ،وال ريب يف ان مقتضى االصل عدم حجية املثبت مطلقا ال يف االمارات وال يف االصل ملا اثبتناه من اصالة عدم احلجية يف كل شيء اال ما ثبت ابلدليل املعترب .ان اعتبار املثبتات من قبيل املداليل االلتزامية املختلفة حبسب اختالف املوارد واجلهات بال فرق بني االصول و االمارات و ال كلية للنفي املطلق ابلنسبة اىل االوىل وال لالثبات املطلق ابلنسبة اىل االخرية .و بعبارة اثنية االثر املرتتب اما شرعي فقط او غري شرعي فقط او غري شرعي مرتتب على الشرعي او شرعي 117
مرتتب على غري الشرعي و ال ريب يف اعتباره يف االول كما ال ريب يف عدم اعتباره يف الثاين و الثالث معترب بال اشكال لتحقق املوضوع فيرتتب عليه االثر غري الشرعي كرتتب استحقاق العقاب على خمالفة الوجوب املستصحب و اجزاء امتثاله و حنو ذلك من االاثر غري الشرعية واالخري وهو االصل املثبت املعهود فقد يكون معتربا مع االحتاد بنظر العرف و قد ال يكون معتربا كما يف مورد حكم العرف ابختالف املتباينني . املقام الثاين تقدمي االستصحاب على سائر االصول العملية مسالة :ان العقالء بفطرهتم ال يرتددون يف تقدمي االستصحاب على االصول ، بل ال يلتفتون مع حلاظ احلالة السابقة اىل اصل من االصول اصال .ان درجة الظن العالية املعتربة عقالئيا والكشف احلاصل ابالستصحاب جيعله من افراد االحراز املعريف حقيقة .
املقصد الرابع التعارض مسالة :اذا كان امتناع اجلمع بني احلكمني من انحية عدم قدرة املكلف فقط ال من انحية لشارع فهو تزاحم ،فهما اتمان مالكا و تشريعا بل وحجة يف مقام االثبات و يلزم ذلك كونه اتفاقيا الن جعل ما ال يقدر عليه املكلف قبيح و ان يكون الرتجيح حبسب املالك فقط لفرض متامية احلجة عليهما يف مقام االثبات فال منشأ للرتجيح من هذه اجلهة و لو مل يوجد الرتجيح املالكي يتعني التخيري ثبوات ال حمالة . 118
مسالة :من احملاورات الشائعة النص و االظهر و الظاهر و ال ريب يف تقدم االول على االخريين و الثاين على االخري لصالحية النص للتصرف فيهما خبالف العكس كما ان االظهر يصلح للتصرف يف الظاهر دون العكس و هذا من املسلمات احملاورية . مسالة :ان التصرف يف الدليلني او احدمها حبيث اذا عرضا على املتعارف من اهل اللسان يعرتفون ابنه ال تعارض بينهما مع هذا الوجه من التصرف هو جلمع عريف معترب يف الشرع. مسالة :اذا خرج مورد احد الدليلني عن مورد االخر موضوعا بعناية اجلعل كاان ورودا ،فيكون مشرتكا مع التخصص يف اخلروج املوضوعي اال ان التخصص تكويين كخروج اجلاهل عن مورد اكرم العلماء و الورود بعناية اجلعل .واما احلكومة فعبارة عن ان يكون احد الدليلني صاحلا لتوسيع مورد الدليل االول او تضييقه او صاحلا هلما معا و لعل الفرق بني احلكومة و التخصيص حيثية الشارحية اليت تتقوم هبا احلكومة دون التخصيص . مسال :استقرت سرية العقالء على تقدمي اخلاص على العام مطلقا سواء كاان قطعيني من حيث السند و الداللة او ظنيني كذلك او ابالختالف الن اخلاص قرينة للتصرف يف العام و تقدمي القرينة على ذيها من القطعيات يف احملاورات . مسالة :اذا اتملنا يف بناء العقالء جندهم حيكمون ابلفطرة يف مورد التعارض بعدم احلجية الفعلية للمتعارضني بعد التعارض الن حجيتهما معا ال تعقل واحدمها ابخلصوص ترجيح بال مرجح ،و لكن احلجية االقتضائية اثبتة ال حمذور فيها اذ ال تعارض يف مقام االقتضاء .و بعد سقوط احلجية الفعلية يتاملون و يتفحصون يف ايصال احلجية االقتضائية اىل مرتبة الفعلية ابعمال ما ميكن ان يصري منشا لذلك من املرجحات اليت ال تضبطها ضابطة .و 119
بعد استقرار التحري املطلق و الياس عن الظفر على مرجح من كل حيثية و جهة تبعث الفطرة اىل التخيري و حتكم به .ولقد اقر الشرع يف التعارض ما ارتكز يف العقول من العمل ابلراجح مث التخيري وان مجيع ما صدر منه ارشاد اىل الفطرة و داع اليها .
فصل :حكم املتعارضني بعد التكافؤ مسالة :ال خيفى انه كما ان حجية اصل اخلرب املوثوق به امنا هو ببناء العقالء كذلك متممات احلجة و فروعها ابضا تكون ببناء العقالء ،فال بد وان يبحث عن حكم املتعارضني بعد التكافؤ من مجيع اجلهات عند العقالء و ا نه بعد استقرار احلرية لديهم هل خيتارون االحتياط يف العمل ان امكن او يتوقفون عنه مطلقا او اهنم يرجعون اىل التخيري حبكم الفطرة ؟اما االول فهو و ان كان حسنا ثبوات و لكنه خالف البناء احملاوري النوعي يف الطرق املعتربة لديهم ،و كذا الثاين مع انه قد يؤدي اىل اختالل النظام لديهم مضافا اىل انه قد ال يكون املورد قابال للتوقف بل ال بد من العمل به يف اجلملة فيتعني االخري أي التخيري ،و االخبارة الواردة يف التخيري عند احلرية املستقرة وردت على طبق هذا االمر االتكازي يف االذهان حبكم فطرة االنسان فال يكون من االمور التعبدية .و موضوع هذا التخيري سواء كان عقالئيا ام شرعيا امنا هو يف اخذ احلجة أي املسالة االصولية فيختص ابجملتهد اذ العامي مبعزل عن ذلك وال يكون استمراراي النه بعد االخذ ابحدمها يصري ذا حجة معتربة فال يبقى موضوع للتخيري حينئذ كما ال وجه الستصحاب التخيري بعد صريورته ذا حجة معتربة .
120
فصل :موضوع حكم التعارض مسالة :خيتص حكم التعارض – من الرتجيح مث التخيري – ابملتباينني فقط وال وجه له يف العام و اخلاص وال املطلق و املقيد لتحقق اجلمع العريف املقبول فبهما ،و كذا مورد العموم من وجه الن املتفاهم من ادلة حكم التعارض ما اذا مل ميكن االخذ ابلدليلني يف اجلملة و هو ممكن يف مورد االفرتاق من الدليلني بل وكذا يف مورد االجتماع ايضا الن املنساق من دليل حكم التعارض – ترجيحا او ختيريا -امنا هو يف ما اذا لزم من الطرح او اىل االصل حمذور شرعي و ال يلزم ذلك يف مورد االجتماع من العامني من وجه بل الشائع يف احملاورات هو الطرح و ال حمذور فيه اال لزوم التفكيك يف العمل مبدلول و ال اشكال فيه بل هو كثري يف الفقه كما ال خيفى .
و احلمد هلل رب العاملني.
121
122
123
124