كتاب التنوير بين الدواعي الفكرية ومتطلبات المجتمع

Page 1


‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫التنوير ن‬ ‫الفكرية ومتطلبات المجتمع‬ ‫الدواع‬ ‫بي‬ ‫ي‬


‫ِّ‬ ‫للت ِّ‬ ‫العربية ر‬ ‫َّ‬ ‫التنويري ن‬ ‫بوي ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الرابطة‬ ‫ّمعان‪ ،‬العبديل‪ ،‬ابلقرب من دوار ادلاخلية‪ ،‬شارع املكل حسني‪ ،‬رمق البناية ‪264‬‬ ‫صندوق بريد‪ّ :‬معان – ‪ – 2464‬الرمز الربيدي‪11910 :‬‬ ‫تلفاكس‪0096265680999 :‬‬

‫الربيد الإلكرتوين‪info@arabaeme.org :‬‬ ‫املوقع ا إللكرتوين‪www.ArabAEME.org :‬‬

‫المملكة األردنية الهاشمية‬ ‫رقم اإليداع لدى دائرة المكتبة الوطنية‬ ‫(‪)3277/7/2017‬‬

‫تعرب عن رأي اكتهبا‪ ،‬ول ّ‬ ‫املواد املنشورة يف هذا الكتاب‪ّ ،‬‬ ‫تعرب ابلرضورة عن رأي الرابطة‬

‫مجيع احلقوق حمفوظة‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫تموز ‪2017‬‬


‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫التنوير ن‬ ‫الدواع الفكرية ومتطلبات المجتمع‬ ‫بي‬ ‫ي‬

‫ادلكتور عبدالرزاق العياري‬

‫ادلكتورة بثينة جالصـــي‬

‫ادلكتور حمسن التّـــــويم‬

‫ادلكتور مصدّق اجلليدي‬

‫الطبعة األوىل‬ ‫تموز ‪2017‬‬


‫تقديم‬

‫َّ َّ‬ ‫ن‬ ‫الت َّ‬ ‫َّ‬ ‫البحثية ر‬ ‫فكرية نظمتها الرابطة العربية‬ ‫تم تقديمها يف ندوة‬ ‫يجمع هذا الكتاب األوراق‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ِّ ن ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ر ِّ ن‬ ‫التونسية بعنوان‪" :‬التنوير ن‬ ‫الفكرية ومتطلبات‬ ‫الدواع‬ ‫بي‬ ‫العاصمة‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫للتبويي التنويريي ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫المجتمع" ر‬ ‫تونسيات‪ ،‬منتدى الجاحظ‪،‬‬ ‫جمعية‬ ‫بالشاكة مع مركز دراسة اإلسالم والديمقراطية‪،‬‬ ‫ن ّ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫يوم ‪ 15‬رفتاير ‪ َّ .2017‬ن‬ ‫المعرف واتفاقها عىل أن ثقافة التنوير‬ ‫البحثية باختالفها‬ ‫تتمت األوراق‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫نخبوية‪ ،‬بل ه مسألة ّ‬ ‫تهم جميع رشائح المجتمع عىل اختالفها‪ ،‬ن‬ ‫وضورة االنتقال‬ ‫ليس مسألة‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫الثقافية من تكديس المعرفة إىل إتاحتها للثقافة العامة المعاشة‪.‬‬ ‫بالنخب‬ ‫الدين ر‬ ‫َّ‬ ‫رّ‬ ‫نّ‬ ‫المدنية ن‬ ‫الحقوق والتوظيف‬ ‫التأصيل‬ ‫بي‬ ‫بية‬ ‫والت‬ ‫الورقة األوىل بعنوان‪" :‬الدرس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫األيديولوج"؛ للدكتور عبد الرزاق ّ‬ ‫ّ‬ ‫العياري رئيس منتدى الجاحظ‪ ،‬يسىع خاللها لتقديم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الديت والمناهج التونسية‪ ،‬وما تخللها‪ ،‬مرورا بواقع التبية اليوم‬ ‫تاريخ للدرس‬ ‫استعراض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫التونسية طيلة‬ ‫الكم الذي حققته المدرسة‬ ‫ومواكبتها للحداثة‪ ،‬ويرى أنه بالرغم من اإلنجاز‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫التعليم ربق دون المأمول‪َّ ،‬‬ ‫خاصة ف مجال ر‬ ‫ّ‬ ‫نش ثقافة حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫نصف قرن‪ ،‬فإن المنجز‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالمية للحكم‪ ،‬ومسكها بكل قنوات السلطة‪،‬‬ ‫ويرى األستاذ عبدالرزاق أن صعود الحركة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والقضائية‪،‬‬ ‫واإلعالمية‪،‬‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫مؤسسات المجتمع‬ ‫وإعالن إعادة بناء وتأسيس كل‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫للحريات‪،‬‬ ‫الحقوقية أمام اختبار جدي قد يفتح آفاقا جديدة‬ ‫والتعليمية‪ ،‬يضع المنظومة‬ ‫المشتك‪ ،‬أو ِّ‬ ‫يمهد لغلق قوس واالرتداد إىل المرب ع َّ‬ ‫ر‬ ‫األول‪.‬‬ ‫والعيش‬ ‫ّ ن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫اإلصالحية‪ :‬الطاهر الحداد‬ ‫ي‬ ‫التنويري يق برامج‬ ‫الورقة الثانية بعنوان‪" :‬الفكر‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫متخصصة نف الدراسات القر َّ‬ ‫آنية‬ ‫وباحثة‬ ‫أستاذة‬ ‫وه‬ ‫جالص‬ ‫بثينة‬ ‫للدكتورة‬ ‫"؛‬ ‫نموذجا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ومباحث علم أصول الفقه بجامعة الزيتونة‪ ،‬تستعرض خاللها مستة الفكر التنويري اإلصالحية‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫تجديدية تقوم عىل ثالثة مسارات؛ األسباب ر‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫الت دفعت‬ ‫معتتة إياها رؤية‬ ‫ي‪،‬‬ ‫لدى‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫نّ‬ ‫ّ‬ ‫الحضارية‪،‬‬ ‫اإلصالحية وأبعاده‬ ‫الزيتون‪ ،‬وعرض البدائل‬ ‫التعليم‬ ‫الطاهر الحداد إىل اإلصالح‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫التنويري للطاهر الحداد‪.‬‬ ‫خصوصية الفكر‬

‫‪4‬‬


‫ّ‬ ‫ن‬ ‫توضح أن الحداد اعتت ّ‬ ‫َّ‬ ‫العقلية‪،‬‬ ‫توسع آفاق الطالب يف الفهم‪ ،‬والنقد‪ ،‬واكتساب العلوم‬ ‫فه‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫سبيل إىل فهم الواقع وتحليل السياسات‪ .‬كما تؤكد عىل أن مشوع الحداد ينهض عىل التكامل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحضاري‪ ،‬وهو ما يحتاجه للنهوض‬ ‫ومتطلبات العقل‪ ،‬وما تمليه الممارسة واللحاق بالركب‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ ن‬ ‫ِّ‬ ‫السيدة بثينة عىل أن التنوير المتمثل يف‬ ‫بالمجتمعات‪ ،‬منطلقا من روح اإلسالم‪ .‬كما أكدت‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫تاريخية تنفرد بها حضارة من‬ ‫اإلنصات إىل متطلبات الواقع والتفعيل يف كل أبعاده‪ ،‬ليس فكرة‬ ‫ِّ‬ ‫المتجدد بقدر قضاياها‪.‬‬ ‫الحضارات‪ ،‬بل هو قدرها‬ ‫ّ‬ ‫الدين" لألستاذ والخبت ر‬ ‫الورقة الثالثة بعنوان‪ :‬ر‬ ‫نّ‬ ‫التبوي الدكتور مصدق‬ ‫"التبية والتنوير‬ ‫ي‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫الجليدي؛ يستعرض خاللها الربط ن‬ ‫الديت‪ ،‬مستدال من تجربة‬ ‫بي مفهوم التنوير ومفهوم التنوير‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫الت تشيع‬ ‫األلمان إيمانويل كانط‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ه ي‬ ‫ويرى أن التجربة الفكرية الروحية المتحررة من الوصاية ي‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫نّ‬ ‫بمعت‬ ‫الديت‬ ‫التنوير‬ ‫يرتبط‬ ‫أوال؛‬ ‫ان‪،‬‬ ‫كبت‬ ‫معنيان‬ ‫له‬ ‫الديت‬ ‫التنوير‬ ‫أن‬ ‫‪،‬‬ ‫أيضا‬ ‫النور يف العقل‪ .‬ويرى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن ن‬ ‫اإليمان والدعوة إىل اإلله الواحد‪ .‬وهل توجد عالقة ن‬ ‫الديت يف القرآن والتنوير‬ ‫بي مفهوم التنوير‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن ن‬ ‫مصدق‪ ،‬يجب اإلقرار بوجود منطق ن‬ ‫متي لفكرين‬ ‫الديت يف فلسفة األنوار؟ حسب رأي السيد‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫روح‪ ،‬وهو ما سار عليه كل من ابن رشد و إدغار‬ ‫إيمان‬ ‫وجدان‬ ‫عقىل واآلخر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫متوازيي؛ أحدهما ي‬ ‫موران‪.‬‬ ‫نّ‬ ‫اعتت أن التنوير األورون هو وجه من وجه التنوير القر ن ّ‬ ‫الوجدان‬ ‫آن‪ ،‬لكنه يفتقد إىل التنوير‬ ‫كما ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً ي‬ ‫ري‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫العلم يف‬ ‫والروح حيث أنه ننق الخرافات ولم يثبت اإليمان‪ .‬ثانيا؛ يمكن إدراج موضوع النظر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫نظام اإليمان والنبوة من خالل تأكيد األستاذ الجليدي‪ ،‬أن ختم النبوة ستورة معرفية تاريخية‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ال تنقطع وليست ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المسلمي فقط‪ ،‬لذلك‬ ‫يخص‬ ‫عالم وشامل‪ ،‬وال‬ ‫تاريخ‪ ،‬كما أنه‬ ‫مجرد حدث‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫من ن‬ ‫الضوري اإلمعان للفهم والتجديد ن يف العالم والتاري خ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫السلفية المتشددة‪ ،‬حيث‬ ‫العرن" كشفت عن‬ ‫ويرى الدكتور الجليدي أن ثورات "الربيع‬ ‫ّر ي‬ ‫ن‬ ‫ينفصل الدين عن الثقافة‪ ،‬وذلك نتيجة نقص حاد ف ر‬ ‫َّ‬ ‫علم‬ ‫الدينية المستندة‬ ‫التبية‬ ‫ي‬ ‫إىل محتوى ي‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫وعظ‪ ،‬كما يؤكد عىل ضورة‬ ‫مضبوط‪ ،‬وتعويضه بنصوص مسقطة واعتماد أسلوب تقريري‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫المقدس‪ ،‬وبناء تعليم ن ّ‬ ‫تنويري يقوم عىل أسس علمية متينة بدال عن سياسة‬ ‫ديت‬ ‫رفع الجهل‬ ‫ي‬ ‫‪5‬‬


‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االجتماع‪ .‬وأشار إىل‬ ‫حاد‬ ‫لالت‬ ‫الحقيقية‬ ‫الدينية ليكون الضمانة‬ ‫تجفيف المنابع وتعميق الثقافة‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وعدم استنساخها‪،‬‬ ‫التعليم يجب أن تبدأ بإعادة تقييم المواد‬ ‫أن عملية النقل‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫واحتام خصوصية‪ ،‬وروحانية األمة العربية اإلسالمية‪ ،‬مع مواصلة التجديد واإلصالح وهذا‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫المختص ن‬ ‫التعليمية‪.‬‬ ‫الواضعي للمناهج‬ ‫ي‬ ‫من واجب‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الث ّ‬ ‫قافية‪ :‬محاولة يق بناء المفهوم" للدكتور محسن‬ ‫الورقة الرابعة بعنوان‪" :‬المعطالت‬ ‫ّ‬ ‫رّ‬ ‫التبية نف المعهد العاىل ّللغات بقابس‪ ،‬يستعرض خاللها ما ّ‬ ‫يسميه‬ ‫علوم‬ ‫أستاذ‬ ‫وهو‬ ‫؛‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ًي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب "الحداثات التطبيقية" ويقتح مفهوما إجرائيا جديدا وسمه ب ‪" :‬المعطالت الثقافية" الذي‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫والتعت‪ ،‬ر‬ ‫الت حكمت مسارات العقلنة‬ ‫التدد‪،‬‬ ‫يسىع من خالله إىل تفست وفهم بعض مظاهر‬ ‫ي‬ ‫ّ ًّ ّ ً‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫منهجا تخاصصيا مركبا واستفاد من‬ ‫العرن‪ .‬وقد اعتمد يف ذلك‬ ‫والنهوض والتحديث بالوطن‬ ‫ري‬ ‫مطبقة عىل المعرفة والوجدان كما ّ‬ ‫آخر أبحاث علوم الدماغ‪ّ ،‬‬ ‫يسميها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الث ّ‬ ‫االجتماعية السلبية الفاعلة‬ ‫ه شكل مكثف من التمثالت‬ ‫ة‬ ‫قافي‬ ‫الت‬ ‫المعط‬ ‫ويستخلص أن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫التصورات والممارسات الحائلة دون ّ‬ ‫ّ‬ ‫العرن عىل الوجه المطلوب‪.‬‬ ‫تقبل الفلسفة يف المجتمع‬ ‫يف‬ ‫ري‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت تتداخل يف تشكيلها عناض واعية‪ ،‬وأخرى ال‬ ‫وه جنس من نالمعرفة النفس‪-‬اجتماعي َّة ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫واعية‪ ،‬وتتقاطع يف مستواها األبعاد الفردية مع األبعاد االجتماعية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحل ّ‬ ‫ّ‬ ‫يهم الذاكرة‬ ‫فردي‪ ،‬بل‬ ‫بمجرد خالص‬ ‫التوم بأن األمر ال يتعلق‬ ‫وينصح الدكتور محمد‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجماعية ككل وينطلق من إعادة كتابة تاري خ استنبات الفلسفة يف األرض العربية من خالل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمؤثرات‪ ،‬ر‬ ‫عملية التنصيب تلك‪.‬‬ ‫الت رافقت‬ ‫السياقات‪،‬‬ ‫ي‬

‫‪6‬‬


‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الدين والتبية المدنية‬ ‫الدرس‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫اإليديولوج‬ ‫والتوظيف‬ ‫الحقوق‬ ‫التأصيل‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫الدكتور عبد الرزاق العياري‬ ‫منتدى الجاحظ‬

‫‪7‬‬


‫ِّ‬ ‫المقدمة‬

‫ً‬ ‫ِّ ن‬ ‫تباعا نف ّ‬ ‫تحتاج الثورات العربية ر‬ ‫أكت من قطر إىل إعادة تشغيل القنوات المؤثرة يف‬ ‫الت جاءت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الجمىع‪ .‬منعا لالرتداد وتطهتا للذات من األنا المركز‪ ،‬وثقافة‬ ‫تشكيل الوجدان العام والسلوك‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫االستبداد‪.‬‬ ‫خاصة أمام دعوات إحيائية لهويات مهمشة قبلية وعروشية وتعبتات عقائدية‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫تعت عن ذاتها بعد سقوط األنظمة االستبدادية‪ ،‬مهددة مرحلة االنتقال‬ ‫وإيديولوجية‪ ،‬باتت ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫المشتك‪ .‬ومن هذه‬ ‫اط بما تحمله يف خطابها من كراهية وعنف ورفض قبول‬ ‫والبناء الديمقر ي‬ ‫ر‬ ‫الت تساعد عىل ر‬ ‫ر‬ ‫نش ثقافة حقوق‬ ‫القنوات المجال التبوي الذي ر‬ ‫يعتت من المداخل األساسية ي‬ ‫ن‬ ‫اإلنسان وتفعيلها نف سلوكيات ِّ‬ ‫اإلنسان المانع لكل انتهاك‬ ‫قارة داخل المجتمع‪ ،‬وتنمية العنض‬ ‫ي‬ ‫ي ً‬ ‫ر ن‬ ‫ِّ‬ ‫لهذه الحقوق‪ .‬فضال عن تأصيل مبدأ التسامح الذي يعزز التواصل والتعايش المشتك يف واقع‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫سىع إىل المراجعة والبناء هو إهمال للقوة‬ ‫كل‬ ‫ف‬ ‫المدرسة‬ ‫إهمال‬ ‫إن‬ ‫واالختالف‬ ‫د‬ ‫التعد‬ ‫يحكمه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اط‪.‬‬ ‫المعنوية القادرة عىل تعزيز االنتماء وتثبيت مبدأ المواطنة وتوسيع دائرة السلوك الديمقر ي‬ ‫ن‬ ‫الت انبنت عليها ر‬ ‫ر‬ ‫التبية والتعليم يف تونس؟‬ ‫ه األسس واألهداف ي‬ ‫فما ي‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫متغتاته‬ ‫التكيف مع السياق الجديد بكل‬ ‫وهل تملك المدرسة التونسية اليوم رشوط‬ ‫وانتظاراته؟‬ ‫ن‬ ‫التشارك الذي تقوم به يف صياغة القاعدة القيمية؟‬ ‫ه حدود الدور‬ ‫ي‬ ‫وما ي‬ ‫َّ‬ ‫التونسية وإصالحات دولة االستقالل‬ ‫المدرسة‬ ‫ن‬ ‫يعتت التعليم يف تونس من مفاخر دولة االستقالل ومآثر بورقيبة الذي راهن عىل المدرسة‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫الت تشكل قاعدة ر‬ ‫ر‬ ‫مشوعه‪.‬‬ ‫لبناء "إنسان جديد" منسجم مع المبادئ ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الثقافية‬ ‫المرجعيات‬ ‫القومية"‪ ،‬وتنوي ع‬ ‫الهويات المتناثرة يف محضن "الوحدة‬ ‫وه صهر‬ ‫ي‬ ‫لبعث " شخصية تونسية" تميل إىل االعتدال واالنفتاح عىل اآلخر‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫ّ‬ ‫والعمل عىل تحقيق التوافق ن‬ ‫بمهمة تفعيل هذه‬ ‫بي"اإلسالم والحداثة"‪ .‬وقد استأثرت الدولة‬ ‫ر َّ‬ ‫نوفمت ‪،1958‬‬ ‫الت مثل قانون ‪4‬‬ ‫ر‬ ‫األهداف من خالل كل القنوات الممكنة‪ ،‬ومنها المدرسة ي‬ ‫التعليم التقليدي‪،‬‬ ‫وإصالحات الوزير محمود المسعدي بداية تعصتها وفصلها عن اإلرث‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫الذي كان سائدا قبل االستقالل‪.‬‬ ‫ً ّ ً‬ ‫بدأ النظر إىل التعليم بوص فه أداة أس اس ية لبناء الدولة‪ ،‬ومطلبا ملحا لحماية االس تقالل‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اع؛ وهو االتج اه ال ذي ح دد‬ ‫الوطت‪ ،‬إىل ج ان ب كون ه وس يل ة لالرتق اء يف الس لم االجتم ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الكتى وغائيات إص الح التعليم يف مرحلته التأس يس ّية‪ .‬لقد كانت الرغبة يف الخروج‬ ‫التوجهات ر‬ ‫ن‬ ‫َّ ر‬ ‫الت حافظ عليها التعليم يف جامع الزيتونة‪ ،‬واالنعتاق من س ياس ة‬ ‫عىل األنس اق المس تقرة ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ر‬ ‫األكت جذرية إلص الح التعليم‬ ‫الت انتهجتها المدارس الفرنس َّية‪ .‬الدافع‬ ‫المس خ للهوية الوطنية ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬ ‫الثقاف واللغوي ومس تجيبة‬ ‫متأص لة يف الواقع‬ ‫عت فض اءات تعليمية‬ ‫وتحديد األهداف ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لمقتض يات الحال والوقت‪ .‬وهذا ما كش ف عنه بورقيبة يف خطابه الذي ألقاه يف ‪ 25‬يونيو‬ ‫حي قال‪ :‬ال ن‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1958‬ن‬ ‫وحب الفضيلة والسالم‬ ‫يكق شحن العقول بشؤون الدين ومكارم األخالق‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫فقط‪ ،‬بل يجب شحنها أيضا بأسباب المناعة ألننا نعيش وسط أمم ومجتمعات ال مجال فيها‬ ‫ل ل ط ه ارة وال ن نتاه ة وح ّب الس ل م‪ ،‬وإن م ا ت ق وم ع ىل ال ق َّوة وال تس ل ح وال م ن اع ة ‪.)1‬‬ ‫الت َّ‬ ‫لقد كان هدف إصالح التعليم نف مرحلته األوىل القطع مع الفلسفة التعليمية ر‬ ‫كرسها جامع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫والمؤسسات التابعة له‪ ،‬وتقويض ما يف الموروث من عناض غت مالئمة الحتياجات‬ ‫الزيتونة‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫مجرد تعديل أو‬ ‫التنمية يف أبعادها الفكرية واالجتماعية‪ ،‬كذلك لم تكن إصالحات ‪1958‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫جزئية‪ .‬إنها قطيعة وتأسيس يف آن جاءت يف سياق انقالب عىل‬ ‫مراجعة‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ر َّ‬ ‫ّ‬ ‫تحديت ينشد بناء‬ ‫نموذج‬ ‫فرض‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫األوضاع التشيعية واالقتصادية‪ .‬كذلك جاءت بدافع رغبة ي‬ ‫ر‬ ‫مجتمىع جديد‪.‬‬ ‫مشوع‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫تم توحيد التعليم واإلقرار َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫االزدواجية‬ ‫الصادف ‪ )2‬الذي يقوم عىل‬ ‫بمجانيته‪ ،‬مع تعميم النمط‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫تعليمية َّ‬ ‫َّ‬ ‫التوجه الذي َ‬ ‫أثمر بعد ن‬ ‫الكم‬ ‫مهمة عىل الصعيد‬ ‫حي نتائج‬ ‫اللغوية والثقافية‪ ،‬وهو‬ ‫ي‬ ‫والنوع‪ ،‬كان من أبرز معالمه نف ر َّ‬ ‫َّ‬ ‫التعليمية‪،‬‬ ‫العشية األوىل بعد االستقالل توسيع الخدمات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫ورفع نسبة التمدرس بي الجنسي‪ ،‬وتكافؤ الفرص بي الجهات الحضية والريفية فبعد أن‬ ‫كانت هذه النسبة ال تتجاوز ‪ %19‬سنة ‪ ، 1956‬ارتفعت إىل ‪ %59.7‬ن يف عام ‪.1966‬‬

‫‪9‬‬


‫ن‬ ‫ّ ن‬ ‫َّ‬ ‫االقتصادية أعيد النظر يف المناهج قصد‬ ‫ومن أجل تحقيق النجاعة والتحكم يف التكلفة‬ ‫ن‬ ‫التخفيف منها وحذف القديم بأحدث المذاهب ر‬ ‫التبوية ر‬ ‫حت حصل من ذلك كله اقتصاد يف‬ ‫الوقت‪ ،‬وتوظيف محكم نف الموارد ر َّ‬ ‫َّ‬ ‫المختصة ‪.‬‬ ‫البشية‬ ‫ي‬ ‫ً ن‬ ‫ّ ً ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫التعليمية‪ ،‬وزيادة يف عدد التالميذ وهو ما يكشفه الجدول‬ ‫المؤسسات‬ ‫أثمرتوسعا يف جغرافية‬ ‫التاىل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫السنة‬

‫األقسام‬

‫التالميذ‬

‫‪1958-1957‬‬

‫‪287‬‬

‫‪8552‬‬

‫‪1959-1958‬‬

‫‪348‬‬

‫‪10 381‬‬

‫ر‬ ‫األفق والعمودي هو الهدف الوحيد الذي عملت عىل تحقيقه دولة‬ ‫لم يكن االنتشار‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫االستقالل‪ .‬فقد ضبط ر ِّ‬ ‫السياس‬ ‫التعليم الغايات التبوية تبعا للتفاؤل‬ ‫التونس للنظام‬ ‫المشع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الت وصلت إىل السلطة عام ‪ 1956‬ر‬ ‫وااليديولوح الذي حملته النخبة ر‬ ‫والت راهنت عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر ي‬ ‫ً‬ ‫المدرسة لتأسيس الدولة وبناء ّ‬ ‫الوع العام وتغيت المجتمع‬ ‫مؤسساتها‪ ،‬وأيضا إعادة تشكيل‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫التحديثية‪.‬‬ ‫وفق قاعدة قيمية تستجيب وقناعاتها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لذلك عمل اإلصالح الجديد عىل جعل التعليم مسايرا لتطور العالم الحديث‪ ،‬مستفيدا من‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والفكرية والعمل عىل وضع سلم قيم يطلق اإلرادات ويمنح فرصة‬ ‫العالمية‬ ‫مكتسباته‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫الكون‪.‬‬ ‫المشتك‬ ‫االندماج يف‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫حيث نقرأ ن يق نص القانون المنظم إلصالح نوفمت ‪ 1958‬الغايات التالية‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫مؤهالته‪.‬‬ ‫التونس بإعطائه ثقافة عامة وتمكينه من إثراء‬ ‫ تطوير شخصية الطفل‬‫ي‬ ‫ تكوين اإلطارات الالزمة لمختلف أنشطة البالد‪.‬‬‫ِّ‬ ‫ِّ ن‬ ‫والمتفتح عىل الثقافات العالمية ‪.)4‬‬ ‫التونس الجديد المتجذر يف حضارته‬ ‫ خلق اإلنسان‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫الغائيات لتتقاطع مع سياسة التعليم يف عهد االستعمار وتعمل عىل بعث الروح‬ ‫جاءت هذه‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫الخارح وقيم العض‪.‬‬ ‫والثقاف‪ ،‬والمنفتحة عىل العالم‬ ‫القومية المتأصلة يف تراثها اللغوي‬ ‫ر ي‬ ‫ي‬

‫‪10‬‬


‫ن ن‬ ‫الديت يف إصالحات ‪1958‬؟‬ ‫فما هو موقع الدرس‬ ‫ي‬ ‫الت اشتغلت عليها مادة ر‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫اإلسالمية؟‬ ‫التبية‬ ‫ه القاعدة القيمية ي‬ ‫وما ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫للتامج واألهداف‬ ‫بقيت المؤسسة الزيتونية إىل سنة ‪ ،1958‬السلطة األدبية والرمزية الموجهة ر‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫الجماعية وتكوين أعالم كان‬ ‫الهوية‬ ‫الديت‪ .‬ورغم الدور الذي لعبته يف حماية‬ ‫المقررة للتعليم‬ ‫ي‬ ‫لهم الدور الريادي نف مجاالت عديدة‪ ،‬فإن عوامل َّ‬ ‫ذاتية وسياقات تاريخية أفقدتها اإلشعاع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت تراجعت‬ ‫والتأثت‪ ،‬وأسقطتها يف العجز‪ ،‬مثل بقية المؤسسات الدينية يف العالم‬ ‫اإلسالم ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫المدونة ر‬ ‫َّ‬ ‫التاثية وإعادة إنتاج القديم‪.‬‬ ‫المعرفية‪ .‬ليصبح دورها يقتض عىل حماية‬ ‫عن حيويتها‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫الش َّ‬ ‫فقد أصبح التعليم الزيتون مقتضا عىل تدريس العلوم ر‬ ‫ن‬ ‫التلقي‬ ‫عية وفق مناهج تعتمد‬ ‫ي ِّ‬ ‫والحفظ وتأويل ماضوي يحقق إشباع الهياكل التقليدية للمجتمع ‪.)5‬‬ ‫َّ ً ن‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫خاصة يف عهدي المشت محمد‬ ‫الت شهدتها هذه المؤسسة‬ ‫ورغم المحاوالت اإلصالحية ي‬ ‫الصادق باي والمشت أحمد باي سنة ‪ ،1933‬إال أنها بقيت محدودة‪ .‬حيث اقتضت عىل إعادة‬ ‫التعليم دون‬ ‫الهيكلة بضبط ساعة التدريس وبعث فروع تابعة للجامع مع تنظيم اإلطار‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬ ‫المحصلة بعيدة عن المقصد‬ ‫المعرف والمنهج ‪.‬وهو ما جعل‬ ‫مراجعة عميقة للمضمون‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اإلصالح الذي َّ‬ ‫الطالن يف سنة ‪ .1910‬والذي تواصل مع حركة الطالب‬ ‫عت عنه االحتجاج‬ ‫ر‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫التامج وتطوير المناهج واالنفتاح عىل علوم العض‪.‬‬ ‫الت نادت بتعصت ر‬ ‫ي‬ ‫الزيتون يف سنة ‪ 1950‬ي‬ ‫ن‬ ‫الديت نف إصالحات ‪ 1958‬نف سياق التجاذب السياس والفكري ن‬ ‫بي النخبة‬ ‫طرح سؤال التعليم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ن‬ ‫العرون الذي نبت يف محضن المؤسسة الزيتونية‪ ،‬وهو ما‬ ‫الحداثية الماسكة بالسلطة والتيار‬ ‫ري‬ ‫ر‬ ‫المقتحة يحكمها منطق الغلبة وسياسة اإللغاء لكل القنوات المنتجة لمشاري ع‬ ‫جعل اإلجابات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت كانت وراء حذف التعليم‬ ‫مناهضة للخيار‬ ‫ي‬ ‫وه السياسة ي‬ ‫الحدان الذي تبنته الدولة الفتية‪ .‬ي‬ ‫ن‬ ‫الديت‪ ،‬باعتباره "قعد عن مجاراة الزمن‪ ،‬وأصبح وسيلة إلبقاء ما كان عىل ما كان " ‪ )6‬حسب‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫المؤسسات التابعة له‪.‬‬ ‫التوصيف الذي علل به بورقيبة قرار غلق جامع الزيتونة وكل‬ ‫بعد إلغاء الجامعة الزيتونية‪َّ ،‬‬ ‫تأسست كلية ر‬ ‫للشيعة تابعة للجامعة التونسية‪ ،‬وأدرجت مادة‬ ‫َّ ن‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫المقررة يف المدارس العضية االبتدائية‬ ‫المخصصة للثقافة العامة‬ ‫التبية اإلسالمية ضمن المواد‬ ‫اإليجان مع كل مذاهب التفكت‬ ‫والثانوية عىل قاعدة أهداف ومناهج تعمل عىل تحقيق التفاعل‬ ‫ري‬ ‫اإلسالم والفرق الكالمية المختلفة دون انغالق وتكفت‪ ،‬والتدريب‬ ‫ي‬ ‫ً ِّ‬ ‫بكيفية ّ‬ ‫تقوي الروح الدينية واألخالقية الفاضلة مع فهم مقاصد ر‬ ‫الشيعة فهما يحقق التواصل‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الديت‬ ‫للدرس‬ ‫ا‬ ‫تعليمي‬ ‫منهجا‬ ‫باالغتاب‪ .‬كما وضعت اإلصالحات الجديدة‬ ‫بالحياة دون شعور‬ ‫ي‬ ‫‪11‬‬


‫ً‬ ‫يستند عىل الفهم والمساءلة واإلدراك الواع ر‬ ‫ن‬ ‫الديت بعيدا عن المنهج التقريري وطرق‬ ‫للتاث‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اإلمالء‪.‬‬ ‫ً ن‬ ‫ن‬ ‫الديت ضمن َّ‬ ‫ن‬ ‫بقية األطر المنتجة للقيم‪ ،‬وأيضا يف سياق توحيد التعليم‬ ‫وف اتجاه صهر التعليم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بي ر‬ ‫ومنع كل انفالت خارج الخيارات العامة للدولة‪ .‬ربطت اإلصالحات الجديدة ن‬ ‫التبية الدينية‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫المادتي تتقاطع حول مقصد جامع‪ ،‬وهو تربية‬ ‫المقتحة يف‬ ‫والتبية المدنية‪ .‬وجعل‪ j‬المحاور‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫متمثال للمثل والمبادئ ر‬ ‫الت يقوم عليها النظام‬ ‫المواطن الصالح عىل قيم روحية وجعله يف آن‬ ‫ي‬ ‫الجمهوري‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الديت من خالل تحريره من الفضاء‬ ‫نوعية للدرس‬ ‫ال جدال أن هذه اإلصالحات مثلت نقلة‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الدينية ‪ -‬وتمكينه من أدوات منهجية حديثة تتقاطع مع اإلطالقية اإليمانية‪،‬‬ ‫المؤسسة‬ ‫المغلق ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ذهنية‬ ‫إال أن هذه األهداف بقيت نوايا وتوصيات عامة لم يستطع اإلصالح تفعيلها يف تمثالت‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت صاحبت عملية‬ ‫سلوكية داخل الفضاء‬ ‫وممارسات‬ ‫المدرس‪ .‬ومرد ذلك سلسلة اإلخالالت ي‬ ‫ي‬ ‫اإلصالح لمادة ر‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬من أهمها‪:‬‬ ‫التبية‬ ‫ّ ن‬ ‫الديت وربطه بمادة ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫المدنية التحكم يف الفرد‪،‬‬ ‫التبية‬ ‫ كان هدف الدولة من إصالح التعليم‬‫ِّي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الطبيىع‪ ،‬وإلزام الهياكل التقليدية باالتباعية والتماثل مع خياراتها الثقافية والسياسية‪،‬‬ ‫والتنوع‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫العامة والتحكم يف القنوات المعرفية والسلوكية؛ منعا لالنفالت‬ ‫الذهنية‬ ‫وأيضا الرغبة يف هيكلة‬ ‫لمشوع النخبة الماسكة بالسلطة السياسية‪ ،‬وهو ما ساهم نف انحراف ال َّ‬ ‫المربك ر‬ ‫مؤسسة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫مواطني يشعرون باستقالليتهم وحريتهم يف االختيار واالختالف‬ ‫التعليمية من وظيفة تكوين‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫السلت‬ ‫مواطني غيورين عىل نظام لم يمنحهم حق المشاركة؛ وهو ما يفش التفاعل‬ ‫إىل مجرد‬ ‫ري‬ ‫ر‬ ‫َّ ر‬ ‫ن‬ ‫ولوح‪.‬‬ ‫مع الدرس‬ ‫الت بات النظر إليها كقنوات لالستغالل اإلدي ر ي‬ ‫الديت والتبية المدنية ي‬ ‫ي‬ ‫الت حملتها إصالحات ‪ 1958‬لمادة ر‬ ‫ر‬ ‫التبية اإلسالمية‪ ،‬التناقض ن‬ ‫بي‬ ‫‪ -2‬من المفارقات ي‬ ‫ر‬ ‫المقتحة من جهة‪ ،‬وسياسة التهميش لهذه المادة من جهة ثانية‪ ،‬فرغم‬ ‫والتامج‬ ‫التوصيات ر‬ ‫ن‬ ‫القيم‪ ،‬فقد قامت‬ ‫الديت وتجديد المعجم‬ ‫التوصيات واألهداف المطالبة بتنوير الفكر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الديت من كل مضمون فكري‬ ‫عليمية عىل تهميش هذه المادة وإفراغ الدرس‬ ‫المنظومة الت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫التقويم‪.‬‬ ‫التعليم والنظام‬ ‫وحضاري؛ من خالل تحجيم دورها يف السلم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫االيديولوح الذي صاحب مادة ر‬ ‫‪ -3‬ن‬ ‫التبية اإلسالمية مانعا لتحقيق التفاعل‬ ‫لي كان التوظيف‬ ‫ر ي‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الديت وانحرفت‬ ‫الت أضعفت الدرس‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫اإليجان مع المضامي المقتحة‪ ،‬وأيضا سياسة التهميش ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫التعليم لهذه المادة‪ -‬الذي تكون داخل‬ ‫والوظيق‪ ،‬فإن اإلطار‬ ‫المعرف‬ ‫به عن مقصده‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪12‬‬


‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫وترن عىل الطرق التقليدية‪ -‬لم يكن متمثال لهذه المناهج الجديدة‪ ،‬وغت‬ ‫المؤسسة الزيتونية ر‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫بق وفيا له‪.‬‬ ‫قادر عىل القطع مع األفق‬ ‫ي‬ ‫المعرف الذي ي‬ ‫َّ‬ ‫المتصلة بطرائق التعلم‪ ،‬حالت دون تفعيل األهداف وتحقيق التواصل ن‬ ‫بي‬ ‫هذه العوائق‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الت كانت تشعر بها أجيال تلك‬ ‫المتلق والدرس‬ ‫الديت‪ .‬وهو ما يفش حالة االغتاب ي‬ ‫ي‬ ‫التلميذ ن ي‬ ‫المرحلة ف َّ‬ ‫حصة ر‬ ‫التبية اإلسالمية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫التحرري الذي حملته أهداف وغائيات ر‬ ‫ّ‬ ‫التبية اإلسالمية‪ ،‬فإن المسألة الحقوقية‬ ‫‪ -4‬رغم المنخ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫المقررة بقدر من األهمية‪ .‬بل أن العديد من الموضوعات والنصوص جاءت‬ ‫لم تحظ يف الكتب‬ ‫ن‬ ‫المؤمني وأصحاب الديانات بقيت تحكمها العالقة‬ ‫مناقضة لهذه الحقوق‪ .‬فالنظرة إىل غت‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫المدونة الفقهية التقليدية‪.‬‬ ‫الت ضبطتها‬ ‫التاتبية ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫اإلسالم وتعدد الفرق والمذاهب فقد قامت عىل‬ ‫كذلك معالجة ظاهرة االختالف يف الفكر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أساس التقسيمات اإليمانية والفرز التقليدي؛ أي ن‬ ‫الحق ‪ /‬الباطل‪ .‬الحسن‪/‬‬ ‫بي اإليمان‪ /‬والكفر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫سدها واالشتغال عليها‪.‬‬ ‫الت حاولت إصالحات ‪1991‬‬ ‫وه الثغرة ي‬ ‫والقبيح‪ .‬ي‬ ‫ً ن‬ ‫ً ن‬ ‫وعليه فقد بقيت مادة ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الديت عموما يف مدارسنا إشكاال يف كل‬ ‫اإلسالمية والدرس‬ ‫التبية‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والسياسية؛فالتداخل ن‬ ‫السياس‬ ‫بي‬ ‫ة‬ ‫الفكري‬ ‫التجاذبات‬ ‫لكل‬ ‫خصبا‬ ‫ومجاال‬ ‫مراجعة وتقييم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِّ ً ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫واإليديولوح والمعرف‪ ،‬وأيضا ن‬ ‫واإليمان‪ ،‬بات جليا ومؤثرا يف كل إصالح‬ ‫الحقوف‬ ‫بي‬ ‫والتبوي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر ي‬ ‫لهذه المادة‪.‬‬

‫َّ ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الدين‬ ‫التعليم‬ ‫وسؤال‬ ‫‪1991‬‬ ‫إصالحات‬ ‫ق‬ ‫ة‬ ‫الحقوقي‬ ‫بية‬ ‫الت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الدوليي لحقوق اإلنسان؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫والمدنية‪،‬‬ ‫السياسية‬ ‫الخاص بالحقوق‬ ‫األول‬ ‫بعد إقرار العهدين‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والثقافية سنة ‪ ،1976‬وأيضا‬ ‫واالجتماعية‬ ‫الثان المتصل بالحقوق االقتصادية‬ ‫والعهد‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫الت طالبت بإزالة كل أشكال‬ ‫التوصيات الدولية الصادرة عن منظمة اليونسكو عام ‪ 1974‬ي‬ ‫التميت العنضي‪ ،‬وتفعيل مبادئ اإلعالن العالم لحقوق اإلنسان نف الممارسة ر‬ ‫ن‬ ‫التبوية ر‬ ‫ونشها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫كقضية مر َّ‬ ‫كزية نف الفكر ر‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫التبوي‬ ‫التعليمية‪ .‬بدأت قضية حقوق اإلنسان تطرح‬ ‫يف كل المراحل‬ ‫ي‬ ‫والسياس‪َّ ،‬‬ ‫ن‬ ‫خاصة خالل ر‬ ‫يتي األخت ن‬ ‫العش ن‬ ‫الداخىل‬ ‫الماص‪ ،‬هذا فضال عن الضغط‬ ‫تي من القرن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫تنام نشطاء حقوق اإلنسان‪ ،‬واتساع المطالبة‬ ‫الذي بات يواجه األنظمة العربية القائمة بعد ي‬ ‫ن‬ ‫العقالن داخل المجتمع‪.‬‬ ‫بتغيت النظام‬ ‫ي‬

‫‪13‬‬


‫َّ‬ ‫لم تكن تونس بمعزل عن هذا الواقع الجديد؛ حيث شهدت نف ثمانينات القرن ر‬ ‫ين‪،‬هزات‬ ‫العش‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫عنيفة وأحداثا نوعية‪ ،‬فرضت عىل السلطة القائمة‪ ،‬إعادة تجديد آلياتها ومراجعة قنوات‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫وسعيا الحتواء الواقع الجديد‪ .‬وكان من أهم القطاعات ر‬ ‫الت‬ ‫حكمها؛ رغبة يف مسايرة الحال‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫جذرية‪ ،‬القطاع ر‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وه‬ ‫التبوي بشكل عام‪ ،‬والتعليم‬ ‫حصلت فيها مراجعات‬ ‫ي‬ ‫الديت بشكل خاص؛ ي‬ ‫ر‬ ‫الت باتت تعرف بإصالحات ‪.1991‬‬ ‫المرجعيات ي‬ ‫المقتحة نف مادة ر‬ ‫ر‬ ‫الموضوعية لفصول هذا اإلصالح ر‬ ‫َّ‬ ‫التبية‬ ‫التبوي والمراجعات‬ ‫إن القراءة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ر ن‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬تستوجب التوقف عند عامل مهم كان له التأثت غت المباش يف توجيه األهداف‬ ‫ن‬ ‫والغايات المرسومة رلتامج التعليم ا ن‬ ‫تنام الحركة اإلسالمية يف الرب ع األخت من القرن‬ ‫لديت‪،‬‬ ‫وهو ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫التحديثية والقيم ر‬ ‫الت استندت إليها‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫الخيا‬ ‫د‬ ‫يهد‬ ‫بات‬ ‫الذي‬ ‫النسق‬ ‫خطابها‬ ‫ساع‬ ‫وات‬ ‫الماص‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تعتت ر‬ ‫مشوع هذه الحركة‬ ‫دولة االستقالل‪ ،‬وهو ما جعل السلطة وقطاعا واسعا من النخبة‪ ،‬ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫وتهديدا للمكتسبات ر‬ ‫ّ‬ ‫الت تحققت‪ ،‬وب هذا تقاطع خوف السلطة‬ ‫‪،‬‬ ‫تحديت‬ ‫ال‬ ‫النموذج‬ ‫عن‬ ‫ارتدادا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫مع انتظار النخبة لتبدأ سياسة المواجهة اإليديولوجية والثقافية واألمنية‪.‬‬ ‫ر ن‬ ‫وهذا ما ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الحقوقية‬ ‫الشخصية‬ ‫الش يف عملية اإلصالح؛ وهو‬ ‫يفش قيادة المرحوم األستاذ محمد‬ ‫َّ‬ ‫َّ ن‬ ‫َّ‬ ‫التونسية للدفاع عن حقوق اإلنسان الذي أكد يف افتتاح‬ ‫المستقلة‪ ،‬والرئيس السابق للرابطة‬ ‫السنة الدراسية لسنة ‪ ،1991-1990‬بأن فساد المنهج التعليم وفقر مضمونه ر‬ ‫التبوي للقيم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫التونسية‪ ،‬وتحويلها إىل محضنة للحركة اإلسالمية ومنبت‬ ‫الحداثية‪ ،‬ساهم يف انحراف المدرسة‬ ‫ألفكارها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ر َّ ر‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫جاءت الغايات التبوية متجمة هذا التوجه العام حاملة النوايا الحضارية والسياسية ي‬ ‫تستجيب لهذه الرهانات الجديدة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫التبوي التونس لسنة ‪ 1991‬ما يىل‪ " :‬يهدف النظام ر‬ ‫حيث نقرأ نف قانون اإلصالح ر‬ ‫التبوي‪ ،‬يف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫إلسالم إىل تحقيق الغايات التالية‪:‬‬ ‫العرن ا‬ ‫الهوية الوطنية التونسية واالنتماء الحضاري‬ ‫إطار‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫حت ريت َّ‬ ‫تمكي الناشئة منذ حداثة عهدها بالحياة َّ‬ ‫تتعلمه ر‬ ‫ن‬ ‫الوع بالهوية‬ ‫فيها‬ ‫خ‬ ‫س‬ ‫مما يجب أن‬ ‫‬‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫المدن والشعور باالنتماء الحضاري وطنيا ومغربيا وعربيا‬ ‫الحس‬ ‫الوطنية التونسية‪ ،‬وينمو لديها‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫وإسالميا‪ ،‬ويدعم عندها التفتح عىل الحداثة والحضارة‬ ‫ن‬ ‫والتميت عىل أساس الجنس‬ ‫ إعداد الناشئة لحياة ال مجال فيها ألي شكل من أشكال التفرقة‬‫االجتماع أو اللون أو الدين‪.‬‬ ‫أو األصل‬ ‫ي‬

‫‪14‬‬


‫ً ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫المتعل ن‬ ‫ن‬ ‫الوطنية‪ ،‬إتقانا يمكنهم من استعمالها‪،‬‬ ‫العربية‪ ،‬بصفتها اللغة‬ ‫مي من إتقان اللغة‬ ‫تمكي‬ ‫‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والتكنولوح‪.‬‬ ‫والطبيىع‬ ‫اإلنسان منها‬ ‫تحصيال وإنتاجا يف مختلف مجاالت المعرفة؛‬ ‫ي‬ ‫ر ي‬ ‫ي‬ ‫ً ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫المتعل ن‬ ‫المباش عىل‬ ‫مي يحذقون لغة أجنبية عىل األقل‪ ،‬حذقا يمكنهم من االضطالع‬ ‫ جعل‬‫ّ‬ ‫العلم‪ ،‬ويؤهلهم لمواكبة تطويره‪ ،‬والمساهمة فيه بشكل يكفل إثراء الثقافة الوطنية‬ ‫إنتاج الفكر‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الكونية‪.‬‬ ‫اإلنسانية‬ ‫و تفاعلها مع الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫حقهم نف بناء شخصهم‪ ،‬ومساعدتهم عىل ر‬ ‫الذان ر‬ ‫المتعل ن‬ ‫ن‬ ‫حت ينشأوا‬ ‫شيد‬ ‫الت‬ ‫من‬ ‫مي‬ ‫تمكي‬ ‫‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫عىل قيم التسامح واالعتدال‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الشخصية وتنمية ملكاتها وتكوين الروح النقدية واإلرادة الفاعلة‪.‬‬ ‫ المساعدة عىل إذكاء‬‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ تحقيق التوازن نف تربية الناشئة ر‬‫والوجدانية‬ ‫واألخالقية‬ ‫المعرفية‬ ‫حت تتكافأ فيها األبعاد‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫والعلمية‪.‬‬ ‫ً ّ‬ ‫الت َّ‬ ‫ تهيئة الشباب نف مختلف المراحل ر‬‫بوية لمواجهة المستقبل‪ ،‬وإعداده إعدادا يمكنه من أن‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الت يشهدها العض الحديث ومن اإلسهام‬ ‫يساير بعد الدراسة النظامية‪ ،‬التغتات الشيعة ي‬ ‫االيجان فيها‪.‬‬ ‫ري‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫المدن‬ ‫والحس‬ ‫وف برامجها ومناهجها‪ ،‬مقتضيات روح المواطنة‬ ‫ي‬ ‫اع يف كل مراحل التبية ي‬ ‫ أن تر ي‬‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫اإللتام‬ ‫الوع بالحقوق عن‬ ‫التونسية المواطن الذي ال ينفصل عنه‬ ‫يتخرج من المدرسة‬ ‫حت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫مؤس ر‬ ‫البشية نف مجتمع ن‬ ‫مدن َّ‬ ‫سان ق ّوم عىل ر ن‬ ‫تتطلبه الحياة ر‬ ‫السياس‬ ‫ام‬ ‫االلت‬ ‫بالواجبات وفق ما‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫والمسؤولية‪)7 .‬‬ ‫بي الحرية‬ ‫َّ ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت عملت عىل خلق‬ ‫تناوبت المرجعيات الوطنية والمدنية والدولية يف صياغة هذه الغايات ي‬ ‫ر‬ ‫المشتك وتحرير‬ ‫والجماع عىل قاعدة التعايش‬ ‫قيم جديد يعيد بناء السلوك الفردي‬ ‫ي‬ ‫نسق ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الت‬ ‫ذهنية‬ ‫المتعلمي من اإلطالقيات واألنساق المغلقة؛ وهو المقصد الذي وجه المراجعات ي‬ ‫ً‬ ‫اإلنسانية؛ َّ‬ ‫خاصة ر‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والمدنية‪.‬‬ ‫اإلسالمية‬ ‫التبية‬ ‫جاءت تباعا للمواد‬

‫‪15‬‬


‫غائيات برنامج ر‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالمية‬ ‫التبية‬ ‫التبية والتفكت اإلسالم للتعليم الثانوي الصادر عن وزارة ر‬ ‫ حمل سفر برامج ر‬‫التبية والعلوم‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اإلصالحية من خالل جملة من األبواب المتصلة بالغائيات‬ ‫سنة ‪ 1991‬المالمح العامة للسياسة‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الت نجد معظمها‬ ‫وه األبواب ي‬ ‫واألهداف‪ ،‬ومنهجية التدريس‪ ،‬والمضامي والتوجهات العامة؛ ي‬ ‫َّ‬ ‫الحقوقية والمفاهيم المتجاورة معها مثل التسامح وقبول االختالف‬ ‫تستند عىل جملة من القيم‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتحرر من اإلطالقيات وذلك يف‬ ‫التعصب‬ ‫والتنوع‪ ،‬والحوار والتواصل مع المختلف‪ ،‬ونبذ‬ ‫بي اإلسالم والحداثة‪َّ ،‬‬ ‫تأصيلية ّ‬ ‫َّ‬ ‫توجهها رؤية – توفيقية ن‬ ‫عتت عنها الغاية الرئيسة‬ ‫سياق نظرة‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫التونس من أن‬ ‫تمكي التلميذ‬ ‫وه"‬ ‫التامج‪،‬‬ ‫من تدريس التبية‬ ‫اإلسالمية كما جاء يف سفر ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫يتمثل اإلسالم تمثال معاضا يصله بالواقع المعيش وصال ايجابيا " ‪ ،)8‬هذه الغاية تقوم عىل‬ ‫مبادئ ثالثة‪:‬‬ ‫ن‬ ‫‪ -1‬المبدأ ر‬ ‫المعرف ‪ :‬الذي يهدف إىل بناء شخصية متوازنة باالعتماد عىل القيم الدينية‬ ‫التبوي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫والفهم المقاصدي الذي ِّ‬ ‫واإلبداع لدى التلميذ‪.‬‬ ‫الحس الجما يىل‬ ‫يحرك مواطن‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫تأثتا‪ّ ،‬‬ ‫تقبال‬ ‫الوع الذي يساعد التلميذ عىل التفاعل مع الحضارات تأثرا و‬ ‫‪ -2‬مبدأ تأصيل‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫اإلنسانية وتجارب ها الحديثة‪.‬‬ ‫اإليجان مع مكاسب‬ ‫وعطاء‪ .‬والتعامل‬ ‫ري‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التاريخ والمساعدة عىل اكتشاف عوامل الحركة والجمود يف‬ ‫الوع‬ ‫جاء هذا المبدأ إلكساب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫تراثنا‪ ،‬وإبراز أهمية اختالف الرأي و أثره يف صياغة حياة إسالمية متجددة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫المتعلم الشعور باالنتماء الحضاري‪ ،‬واكتشاف ن ن‬ ‫المتع االجتهادي‬ ‫‪ -3‬مبدأ المعاضة‪ :‬الذي يمنح‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وجعلها قاعدة التفكت والفعل‪.‬‬ ‫العقالن واألبعاد‬ ‫ي‬ ‫رِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫خاصة لتالميذ‬ ‫والذهنية‪ ،‬فجاءت أهداف‬ ‫العمرية‬ ‫المتلق‬ ‫راعت هذه األهداف خصوصية‬ ‫ي‬ ‫تم ر‬ ‫اإلعدادي‪ ،‬وتسمية المادة التعليمية ر‬ ‫بالتبية اإلسالمية؛ وفيها َّ‬ ‫َّ‬ ‫الت ن‬ ‫السلوكية‬ ‫كت عىل التنشئة‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت توازن ن‬ ‫اإليجابية؛ مثل العدل والعقل‬ ‫بي العقل والوجدان مع تثبيت جملة من القيم‬ ‫ي‬ ‫والكرامة والجمال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّأما المرحلة الثانية الثانوية‪ ،‬فقد َّ‬ ‫اإلسالم مع إعطائها بعدا‬ ‫تم تعديل التسمية إىل مادة التفكت‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫حضاريا ّ‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالم من خالل التفريق بينه‬ ‫الفكر‬ ‫وتنسيب‬ ‫ة‪،‬‬ ‫النقدي‬ ‫ة‬ ‫العقلي‬ ‫بتكوين‬ ‫يهتم‬ ‫معرفيا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اإلله‪.‬‬ ‫وبي المطلق‬ ‫ي‬

‫‪16‬‬


‫منهجية التدريس لمادة ر‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالم‬ ‫التبية والتفكت‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫الموجهة‬ ‫التعليمية باعتبارها‬ ‫تعتت منهجية التدريس إحدى المفاصل األساسية يف العملية‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫لغايات الفعل التبوي‪ ،‬وهذا ما جعل إصالحات ‪ 1991‬تشتغل عىل وضع مقاربات جديدة‪،‬‬ ‫ن ِّ‬ ‫الت َّ‬ ‫مستفيدة من نتائج النظريات ر‬ ‫ن‬ ‫الديت من الوظيفة‬ ‫بوية الحديثة يف اتجاه تحرير الدرس‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الت يقاس نجاحه بما ن‬ ‫التقليدية ر‬ ‫معرفية‪ ،‬وما يطبع يف‬ ‫يفض إليه من مستخلصات ومكتسبات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الت أفضت إىل إهمال األبعاد المختلفة‬ ‫نفس‬ ‫الوجدان من اطمئنان‬ ‫وه الغائية ي‬ ‫ي‬ ‫وروح‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫رِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫للمتلق‪ ،‬و تعطيل ملكاته الذاتية واإلبداعية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وعليه فقد قامت منهجية تدريس ر‬ ‫اإلسالم عىل تحقيق جملة من األهداف‬ ‫التبية والتفكت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الرامية إىل إطالق العقل والفعل الحر والقطع مع االتباعية والتكفت‪ ،‬وذلك من خالل خطوات‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وه‪:‬‬ ‫دة‪،‬‬ ‫محد‬ ‫منهجية‬ ‫ي‬ ‫َّ ن‬ ‫وإيجابية يف إنجاز‬ ‫ االعتماد عىل الطريقة الحوارية االستنتاجية والعمل عىل مطارحة فعالة‬‫الدرس‪.‬‬ ‫عت تنمية ّ‬ ‫ِّ‬ ‫حسه النقدي‪ ،‬وروح‬ ‫المتقبل‬ ‫تحرير التلميذ من وضع‬ ‫السلت إىل وضع المشارك ر‬ ‫ري‬ ‫اإليجان مع اآلراء والمواقف المختلفة‪.‬‬ ‫المساءلة‪ ،‬والتفاعل‬ ‫ري‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫تمكي التلميذ من فرصة االطالع عىل مختارات من النصوص والنظريات المختلفة يف‬ ‫‬‫القضية الواحدة‪ ،‬سواء من ر‬ ‫التاث أو من الفكر المعاض‪ ،‬وذلك قصد تدريبه عىل حسن الفهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وبالتاىل إكسابه القدرة عىل النقد والمساءلة بعيدا عن األجوبة الجاهزة أو‬ ‫وتنوي ع زوايا النظر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫السلت‪.‬‬ ‫التقبل‬ ‫ري‬

‫ن‬ ‫اإلسالم‬ ‫التفكت‬ ‫مادة‬ ‫ق‬ ‫الكتاب‬ ‫المدرس ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫َّ‬ ‫َّ ن‬ ‫مثل الكتاب المدرس قيمة كبتة نف المجال ر‬ ‫أساسية يف التدريس باعتباره‬ ‫التبوي‪ ،‬ووسيلة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫وبالتاىل كان ال بد من‬ ‫التامج الرسمية‪ ،‬والمفش لمحتوياتها و أهدافها ‪،)5‬‬ ‫المجسم لفلسفة ر‬ ‫ًي‬ ‫ّ‬ ‫المي التعليم نف كتاب ر‬ ‫ُّ‬ ‫التوقف عند ر ن‬ ‫التعرف أوال عىل الجوانب‬ ‫اإلسالم؛ قصد‬ ‫والتفكت‬ ‫بية‬ ‫الت‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫الت َّ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫بوية‪،‬ومدى تمثلها للطرائق التعليمية الحديثة‪ ،‬والكشف ثانيا عن المضامي المعرفية‬ ‫‪17‬‬


‫ن‬ ‫نَّ‬ ‫ر‬ ‫ليتست لنا ُّ ن‬ ‫تبي مدى إسهام هذه الكتب يف‬ ‫الت تحملها النصوص المختارة‪،‬‬ ‫والمعجم‬ ‫القيم ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫الحقوقية‪.‬‬ ‫تحقيق األهداف المعلنة‪ ،‬وتفعيل المبادئ والقيم‬

‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ن‬ ‫كلفت وزارة ر‬ ‫ِّ‬ ‫والمتفقدين لتأليف َّ‬ ‫المدر ن‬ ‫تربوية يف البداية‪،‬‬ ‫كراسات‬ ‫سي‬ ‫التبية لجانا من‬ ‫َّ ن‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالميات؛‬ ‫مستقل عرف بكتاباته الجادة يف‬ ‫إسالم‬ ‫وفتحت مناظرات فيما بعد ترأسها باحث‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫وهو الدكتور حميدة النيفر‪ ،‬الذي اجتهد وأعضاء لجان التأليف يف طرح إشكاليات حارقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ضمي الكتب نصوصا تحمل العديد‬ ‫إسالمية مستنتة‪ .‬وت‬ ‫وموضوعات حاملة لقيم ومواقف‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫اإلنسان والتسامح‪.‬‬ ‫والحرية والعدل والمساواة والتضامن‬ ‫من الحقوق المرتبطة بمبادئ الكرامة‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫وقضايا تفتح عىل طرق تفكت وأسلوب حياة بعيدا عن اإلطالقيات و مر َّ‬ ‫كزية األنا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫جاءت النصوص المختارة ِّ‬ ‫ن‬ ‫الديت‪ .‬وهو ما جعل‬ ‫متنوعة ومختلفة يف مقارباتها لقضايا الفكر‬ ‫ي‬ ‫ّ ر ّ‬ ‫َّ‬ ‫التأكيد نف مادة ر‬ ‫َّ‬ ‫ان؛ من‬ ‫التبية والتفكت‬ ‫اإلسالم يتواصل ألول مرة مع أسماء خارج السجل الت ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الطالت‪ ،‬وعبد المجيد‬ ‫حنق‪ ،‬وبرهان غليون‪ ،‬ومحمد عابد الجابري‪ ،‬ومحمد‬ ‫أمثال حسن‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ر ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ر ر‬ ‫العقالن ورموزه أمثال ابن رشد والمعتلة وابن‬ ‫يعت‪... ،‬وينفتح عىل التاث‬ ‫الش يف‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وعىل ش ي‬ ‫ي‬ ‫خلدون‪.‬‬

‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫المعرفية‬ ‫والمضامي‬ ‫المقتحة‬ ‫المحاور‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫التبية سبعة كتب؛ ثالثة نف مادة ر‬ ‫خصصت وزارة ر‬ ‫َّ‬ ‫ة‪،‬موجهة لتالميذ اإلعدادي‪،‬‬ ‫اإلسالمي‬ ‫التبية‬ ‫ي‬ ‫تم تأثيثها بموضوعات جاءت َّ‬ ‫وأربعة كتب نف التفكت اإلسالم لتالميذ القسم الثانوي‪َّ ،‬‬ ‫مقسمة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يف محاور وأبواب عديدة‪ .‬إال أنه ال بد من اإلشارة إىل أن هذه المحاور والنصوص المختارة‪ ،‬وإن‬ ‫ن‬ ‫مجاىل العقيدة والعبادات‪ ،‬إال أن طريقة عرضها‪ ،‬والجهاز‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫بقيت وفية للعناوين القديمة ي‬ ‫البيداغوح الذي رافقها عن العرض التقريري والمنخ التبشتي الذي كان ن‬ ‫يطىع عىل الدرس‬ ‫ر ي‬ ‫ن‬ ‫لديت قبل إصالحات ‪.1991‬‬ ‫ا ي‬ ‫ن‬ ‫من ذلك ما جاء يف الكتب المقررة للسنوات األوىل والثانية والثالثة من المرحلة اإلعدادية حيث‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫تم فيها تقليب مسألة التوحيد من خالل مداخل مختلفة‪ ،‬وتفصيلها يف أبواب عديدة كاإليمان‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وطرق تحصيله‪ ،‬والتوحيد يف دعوات األنبياء وأثر االعتقاد يف عالقة اإلنسان بالكون والطبيعة‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫وف ِّاتجاه ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الحقوف داخل‬ ‫المعجم‬ ‫ل‬ ‫تأص‬ ‫ي‬ ‫وقيمة التأمل والتدبر وعالقتهما بالعمل الصالح‪ .‬ي‬ ‫‪18‬‬


‫ن‬ ‫المرجعية الدينية نجد جملة من المحاور والنصوص يف هذا الباب منها ‪ :‬التوحيد ومبدأ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والتسلط نف ر‬ ‫الشك وأثر اإليمان يف‬ ‫المساواة يف المجتمع ‪ ،‬والعدل يف التوحيد والطبقية‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫اإلنسانية والدعوة وحرية المعتقد مع عرض نماذج من التسامح‬ ‫العالقات‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اإليمان وإبراز‬ ‫السلوك لالعتقاد‬ ‫لقد حاولت التوجيهات المصاحبة للمحاور‪ ،‬التأكيد عىل األثر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫السلم القيم الممكن تأصيله من خالل القراءة الواعية ر‬ ‫ن‬ ‫الديت‪ .‬وهو ما تكشفه غائيات‬ ‫اث‬ ‫للت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫التاىل‪:‬‬ ‫والت يمكن ترتيبها تباعا عىل النحو ي‬ ‫تدريس مسألة التوحيد ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫الوع بالتوحيد كعامل رئيس يف العقيدة‬ ‫تمكي التلميذ من اكتساب‬ ‫‪)1‬‬ ‫ي‬ ‫الوع بمعقولية الكون وقانونيته‪.‬‬ ‫‪)2‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المخالفي‪ ،‬ورفض احتقار مكاسب الشعوب‬ ‫‪ )3‬إبراز روح التسامح يف اإلسالم وضمان حماية‬ ‫واألجيال القادمة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫الت تحقق هذه األهداف‪،‬‬ ‫لقد اجتهد واضعو هذه الكتب يف انتقاء النصوص والشواهد النقلية ي‬ ‫ن‬ ‫ُّ‬ ‫من ذلك أحاديث َّ‬ ‫ن‬ ‫التفهم والتفاهم ومنع‬ ‫اللي والرفق يف الدعوة‪ ،‬وأخرى إىل‬ ‫نبوية تدعو إىل‬ ‫نِّ‬ ‫ُ‬ ‫ادع عىل ر‬ ‫المش ن‬ ‫إن لم أبعث‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬ ‫كي‬ ‫الطعن والتنديد لعقائد اآلخرين منها ‪ :‬قيل لرسول هللا‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫بعثت رحمة مسلم)‪.‬‬ ‫َّلعانا‪ ،‬وإنما‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ُ ُّ ْ َّ َ َ ْ‬ ‫‪َ ُ ْ َ َ َّ ْ ُّ ُ َ َ َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫اَّلل عد ًوا ِبغ ْ ِت ِعل ٍم ‪ .″‬األنعام‬ ‫اَّلل فيسبوا‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ون‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫"‬ ‫تعاىل‬ ‫قوله‬ ‫وأيضا‬ ‫ون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪.108‬‬ ‫ّ‬ ‫المتصلة بالمنظومة الحقوقية‪َّ ،‬‬ ‫خاصة‬ ‫حملت هذه النصوص نسبة جيدة من القيم والمبادئ‬ ‫مبدأ التسامح وقبول المختلف‪ .‬فمن خالل استقراء السندات المعتمدة نجد مفهوم التسامح‬ ‫يتكرر بلفظه أو نف معناه ّ‬ ‫َّ‬ ‫أكت من مائة ّ‬ ‫َّ‬ ‫واألخوة‬ ‫مرة؛ مثل التعاون والتشاور والنصيحة والتواصل‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ً ن‬ ‫االتجاه التأصيىل للقيم والمبادئ الحقوقية نجده ّ‬ ‫أكت وضوحا يف مادة التفكت‬ ‫والحوار‪ .‬هذا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم للمرحلة الثانية من التعليم الثانوي‪ ،‬فقد اتجهت أغلب الموضوعات والمحاور وجهة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫والسياس من التاث من خالل إبراز‬ ‫واالجتماع‬ ‫العقالن‬ ‫تنويرية‪ .‬إذ تم التكت فيها عىل الجانب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مبادئ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫بالتنوع وقبول المختلف‪.‬‬ ‫تعزز اإلحساس‬ ‫ن‬ ‫اإلسالم ومسألة‬ ‫خ‬ ‫التاري‬ ‫ف‬ ‫فعند الحديث عن داللة‬ ‫ي‬ ‫الوح ومشكلة خلق القرآن أو اإلمامة ي‬ ‫ي‬ ‫َّ ن‬ ‫ن‬ ‫المقررة يف السنة الخامسة والسادسة ثانوي‪ .‬فإن‬ ‫وه المحاور‬ ‫الخالفة يف العض الحديث‪،‬‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫المقصد الذي أكدت عليه التوجيهات هو جعل التلميذ يف نهاية المحاور واعتمادا عىل منهج‬ ‫تحليىل نقدي للنصوص‪ ،‬يدرك أن الواسطة ن‬ ‫الوح والواقع هو العقل‪ ،‬وأن الذي ال ينفد من‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪19‬‬


‫ّ‬ ‫كلمات هللا هو مدلولها ومضامينها‪ ،‬وأنه ليس من حق جيل مهما كان أن يحتكر لنفسه الحقيقة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وتاريخية نظام الحكم ن يف اإلسالم‪.‬‬ ‫بدنيوية السلطة‬ ‫الوع‬ ‫كذلك‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫التاريخ‪ ،‬وتنسيب النماذج ر‬ ‫ن‬ ‫المتعل ن‬ ‫ن‬ ‫التاثية وآراء‬ ‫الوع‬ ‫اكتساب‬ ‫من‬ ‫مي‬ ‫تمكي‬ ‫هذه الرغبة يف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً ن‬ ‫اإلسالم لقسم الباكالوريا الذي حمل قضايا موصولة‬ ‫التفكت‬ ‫كتاب‬ ‫ف‬ ‫أيضا‬ ‫جليا‬ ‫القدماء نجده‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫بإشكاليات الفكر العرن المعاض‪ ،‬منها ر‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ووضعية المرأة يف الفكر‬ ‫التاث وسؤال الحداثة‬ ‫ري‬ ‫االجتماع اإلسالم الحديث من خالل عرض مقاربات معاضة بدءا بالطهطاوي وقاسم ن‬ ‫أمي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫نهاية بالطاهر الحداد‪ .‬وقد جاءت النصوص المنتخبة واألنشطة المصاحبة لمساءلة التاث‬ ‫الفقه وإبراز تاريخيته وخضوعه العتبارات ر َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وسياسية‪.‬‬ ‫ومعرفية‬ ‫بشية‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫المدرس‬ ‫واضىع الكتاب‬ ‫وعليه فإن الرغبة يف تحقيق هذه الغائيات واألهداف فرضت عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫لمادن ر‬ ‫حدان مثل الحرية والكونية‬ ‫مفاهيم‬ ‫اإلسالم‪ ،‬االشتغال عىل معجم‬ ‫التبية والتفكت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫المرجعية ر‬ ‫الت َّ‬ ‫َّ‬ ‫اثية‪ ،‬وبيان‬ ‫ساعي يف آن إىل إبراز أصالة هذه المفاهيم يف‬ ‫والنسبية والتسامح‪،‬‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫اإلنسان الحديث‪.‬‬ ‫اإلسالم المعاض عىل التفاعل واالنفتاح عىل إنتاجات الفكر‬ ‫معقولية الفكر‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫المقررة نق كتب ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫اإلسالم‬ ‫والتفكت‬ ‫بية‬ ‫الت‬ ‫مضامي وتوجيهات المحاور‬ ‫تحليل‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ً‬ ‫ن‬ ‫يستحق هذا االهتمام الملحوظ بقضايا الفكر المعاض‪ ،‬وأيضا‪ ،‬الرغبة يف تأصيل بعض قيم‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الديت‬ ‫تصحيحية جادة للتعليم‬ ‫فه محاولة‬ ‫الحداثة والمبادئ الحقوقية‪ ،‬التقدير واإلشادة ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫الوثوقية والجمود‪.‬‬ ‫اإلسالم من‬ ‫الوع‬ ‫وبداية تحرير‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫رن ن‬ ‫ن‬ ‫مختلة يف ممارسة الشعائر والطقوس فقط‬ ‫الديت‬ ‫حيث لم تعد موضوعات وتوجيهات الدرس‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫أو إحياء األجوبة ر‬ ‫َّ‬ ‫الت َّ‬ ‫الدينية بوصفها مكونا حضاريا‪ ،‬ومنبتا‬ ‫اثية‪ ،‬بل أصبح التعامل مع المسألة‬ ‫َّ‬ ‫إنسانية تستجيب وروح العض‪.‬‬ ‫لقيم‬ ‫المقررة نف المرحلة اإلعدادية والثانوية لمادة ر‬ ‫َّ‬ ‫التبية‬ ‫إن تحليل مضمون الكتب الدراسية‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫الت تدعم حقوق اإلنسان والمفاهيم‬ ‫والتفكت‬ ‫اإلسالم يضعنا أمام جملة من المبادئ والنتائج ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫األساسية‪ ،‬وأيضا المفردات‬ ‫المجاورة لها‪ .‬فرغم غياب النصوص الضيحة الخاصة بالحريات‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫الحقوف‪ ،‬فقد كانت الموضوعات واألجهزة البيداغوجية المرافقة للنصوص‬ ‫بالمعجم‬ ‫صلة‬ ‫المت‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫اط‪ ،‬وإن‬ ‫وع‬ ‫ي‬ ‫تعمل عىل تدريب ذهنية المتعلم وتأهيله الكتساب ي‬ ‫حقوف وسلوك ديمقر ي‬ ‫ن‬ ‫الدينية ر‬ ‫والت َّ‬ ‫َّ‬ ‫اثية‪.‬‬ ‫استندت يف أغلبيتها عىل المرجعيات‬ ‫‪20‬‬


‫َّ‬ ‫الموزعة عىل كتب ر‬ ‫التبية والتفكت اإلسالم‪ ،‬ر‬ ‫الت تناولت مسألة التوحيد‬ ‫فالمحاور العديدة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والرساالت السماوية وقضية الوح وإشكالية التأويل أو ر‬ ‫التاث وسؤال المعاضة وغتها من‬ ‫ي‬ ‫وع بنسبة القيم‬ ‫المسائل‪ ،‬كانت تستثمر لتأصيل جملة من القيم والسلوكيات منها؛ ال ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ومش َّ‬ ‫الكون‪ ،‬والمصت ر‬ ‫والحقيقة‪ ،‬ر‬ ‫البشي المشتك‪.‬‬ ‫والوع بالبعد‬ ‫والتنوع‪،‬‬ ‫وعية االختالف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫متطور‪ ،‬وه مداخل أساسية إلدراك ن‬ ‫الجماعية‬ ‫معت الحياة‬ ‫تاريخ‬ ‫كمعظ‬ ‫ة‬ ‫الهوي‬ ‫فهم‬ ‫ا‬ ‫وأخت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫واحتام اآلخر نف ّ ن‬ ‫تمته‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وبالتاىل يمكن التأكيد عىل أن إصالحات ‪ 1991‬والمراجعات العميقة للمنظومة التعليمية‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الديت داخل المدرسة التونسية‪ ،‬وجعله منبتا لقيم‬ ‫ساهمت يف تحقيق نقلة نوعية للدرس‬ ‫ي‬ ‫إيجابية ِّ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫المشتك‪.‬‬ ‫وتحم العيش‬ ‫تعزز التواصل مع المختلف‬ ‫ي‬ ‫َّّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫تتعت بعد ن‬ ‫حي وترتد ألسباب بنيوية متصلة بمحدودية‬ ‫إال أن هذه المحاولة الجادة سوف‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الديت عندنا‪ ،‬وأيضا بأسباب موضوعية حالت دون تحقيق انتقال‬ ‫الهامش الممكن يف التفكت‬ ‫ي‬ ‫نوع من المعرفة إىل السلوك‪ ،‬وهو ما ما يمكن تسجيله ن يف األمثلة والمالحظات التالية‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫واتجاه المحاور نف ر‬ ‫التبية والتفكت‬ ‫السماوية‪،‬‬ ‫‪ )1‬رغم الدعوة الضيحة إىل وحدة األديان‬ ‫ي‬ ‫بي األنبياء وما يتبع ذلك من تسامح وتضامن ن‬ ‫اإلسالم إىل عدم التفريق ن‬ ‫بي الشعوب فقد‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫قامت أغلب النصوص عىل توزي ع الحق عىل المنتسبي لألديان السماوية والسكوت عن‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫الخارجي عىل دائرة اإليمان التوحيدي‪ ،‬مما جعل االتجاه العام محافظا عىل التقسيم التقليدي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫اإلنسان ن‬ ‫المشتك‬ ‫بي دار اإليمان ودار الكفر وهو ما أربك قيمة التسامح وأفرغ العيش‬ ‫للمجتمع‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫الحقيق‪.‬‬ ‫من مضمونه‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫المش َّ‬ ‫والتعدد ومنح ر‬ ‫وعية‬ ‫‪ )2‬صحيح أن أغلب المحاور اتجهت نحو تأصيل مبدأ االختالف‬ ‫ن‬ ‫تضمنها كتاب ر‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫التبية‬ ‫الت‬ ‫لكل التأويالت المختلفة للنص‬ ‫ي‬ ‫القرآن‪ ،‬إال أن المقاربات النصية ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫المشتك دون االنفتاح عىل االجتهادات‬ ‫اإليمان‬ ‫اإلسالم بقيت سجينة الفضاء‬ ‫والتفكت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫التامج من توجيهات‬ ‫الخارجة عن السند‬ ‫الديت‪ ،‬وهو ما جعل المحصلة تتعارض مع ما ورد يف ر‬ ‫ي‬ ‫متسامحة‪.‬‬ ‫التبوي لمادة ر‬ ‫‪ )3‬تزامن عملية اإلصالح ر‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالمية‬ ‫اإلسالمية بمواجهة السلطة للحركة‬ ‫التبية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫المقتحة مدخال لتجفيف منابع‬ ‫يعتت اإلصالحات‬ ‫وهو ما جعل قطاعا واسعا من الرأي العام ر‬ ‫ن‬ ‫الت َّ‬ ‫العملية ر‬ ‫َّ‬ ‫التعليم إىل سياق‬ ‫المعرف‬ ‫بوية‪ ،‬وأخرجها من سياقها‬ ‫األسالم‪ ،‬األمر الذي أربك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫سياس‪.‬‬ ‫إيديولوح‬ ‫ي‬ ‫ر ي‬

‫‪21‬‬


‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المدرس وثقافة الالتسامح‬ ‫الفضاء‬ ‫داخل‬ ‫الديت‬ ‫الدرس‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ )4‬التناقض الصارخ بي المنطوق به ي‬ ‫ن‬ ‫الخارح‪ ،‬أضعف تأثت ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫التبية‬ ‫الديت السائدين يف المحيط‬ ‫السياس والفكر‬ ‫الت تحكم الفعل‬ ‫ر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالمية نف ر‬ ‫نش ثقافة دينية مستنتة وقيم حقوقية بديلة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫التعليم داخل‬ ‫المقرر‬ ‫بق‬ ‫بقاء الجامعة الزيتونية خارج دائرة اإلصالح والمر‬ ‫ي‬ ‫اجعة‪ ،‬حيث ي‬ ‫ًّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التعليم‬ ‫الكادر‬ ‫جعل‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫التقليدي‪،‬‬ ‫المعرف‬ ‫األفق‬ ‫وسجي‬ ‫القديمة‪،‬‬ ‫للمناهج‬ ‫ا‬ ‫أسوارها وفي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫المتخرج منها لتدريس ر‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫العامة وتمثل فلسفة‬ ‫اإلسالمية عاجزا عن تفعيل التوجيهات‬ ‫التبية‬ ‫اإلصالح لهذه المادة‪.‬‬ ‫تدريس حقوق اإلنسان نق ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫المعن‪.‬‬ ‫االيديولوج إىل تشويه‬ ‫االستغالل‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫المدني‬ ‫بية‬ ‫الت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫جعلت إصالحات ر‬ ‫َّ‬ ‫المدنية َّ‬ ‫مقررا إجباريا لجميع التالميذ يف المرحلة اإلعدادية والثانوية‪،‬‬ ‫التبية‬ ‫تم فصلها عن مادة ر‬ ‫كما َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫متخرج من جامعات‬ ‫تعليم‬ ‫اإلسالمية وتدريسها من قبل إطار‬ ‫التبية‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫اإلنسانية‬ ‫الحقوق والعلوم‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫االطالع عىل المعجم المفاهيم والكتب الدر َّ‬ ‫الخاصة بهذه المادة‪ ،‬نجد أنه‬ ‫اسية‬ ‫ومن خالل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يجري تناول حقوق اإلنسان من خالل موضوعات تثبت هذه الحقوق يف أبعادها المختلفة‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ر‬ ‫اط‬ ‫عىل قاعدة منهجية واتجاه قصدي للتبية عىل السلوك الديمقر ي‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫المقتحة نف مادة ر‬ ‫ر‬ ‫التبية المدنية عىل إنها مادة‬ ‫والكتب‬ ‫المناهج‬ ‫ف‬ ‫المعلنة‬ ‫الغاية‬ ‫دت‬ ‫أك‬ ‫فقد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫والت‬ ‫الت ال تنفصل عن تلك الحقوق ي‬ ‫تتجه إىل تبصت المتعلم بالحقوق وتنبيهه إىل الواجبات ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ينبىع العمل عىل " تقوية‬ ‫يسهم القيام بها يف تجويد الحياة وحماية المشتك ولبلوغ هذه الغاية ي‬ ‫ن‬ ‫قدرة التالميذ عىل االندماج يف المجتمع بما يتطلبه ذلك من تطوير لمعرفتهم بالنصوص‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اإلدارية‬ ‫الختة الالزمة للتفاعل مع الهياكل‬ ‫والتشاري ع المنظمة للحياة‬ ‫االجتماعية وإكسابهم ر‬ ‫َّ‬ ‫المؤسسات نف نطاق الوع بالحقوق والقبول الطوع بالواجبات واالقتناع ن‬ ‫بضورة التعامل‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اط" ‪.)11‬‬ ‫الديمقر ي‬ ‫هذه الغائية جعلت مادة ر‬ ‫التبية المدنية موصولة ومنفتحة عىل حقول معرفية مختلفة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫المؤسسات واألنظمة‪ ،‬وأيضا‬ ‫تاريخية وقانونية واجتماعية‪ ،‬فالتاري خ مصدرا الستقراء منبت‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الوع بمعقولية‬ ‫اكتساب‬ ‫عىل‬ ‫م‬ ‫المتعل‬ ‫مهم يساعد‬ ‫المعاهدات والمواثيق‪ ،‬وهو مدخل‬ ‫ي‬

‫‪22‬‬


‫َّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫القانون الذي يساعد التلميذ المواطن عىل‬ ‫اإلنسانية كذلك المرجع‬ ‫الت حققتها‬ ‫ي‬ ‫المكتسبات ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والمجتمعية‪.‬‬ ‫السياسية‬ ‫المؤسسات يف تنظيم الحياة‬ ‫معرفة حقوقه وواجباته ودور‬

‫المدرسية لمادة ر‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫المدنية‬ ‫التبية‬ ‫مضمون الكتب‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫موزعة عىل كتب َّ‬ ‫مقررة‬ ‫انتقل الحرص لتفعيل األهداف المعلنة يف محاور وموضوعات‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والثانوية‪.‬‬ ‫اإلعدادية‬ ‫للمرحلة‬ ‫َّ ً‬ ‫ّ‬ ‫تضمنه من ر‬ ‫تحم‬ ‫يعات‬ ‫تش‬ ‫وما‬ ‫الدستوري‬ ‫بالقانون‬ ‫صال‬ ‫فقد جاء برنامج السنة السابعة مت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫تدريبية تساعد التالميذ عىل تمثل هذه الحقوق والدفاع عنها‪،‬‬ ‫والحريات مع أنشطة‬ ‫الحقوق‬ ‫ً‬ ‫عت‬ ‫داخل المحاضن االجتماعية بدءا بالمدرسة من خالل حرية التعبت والتفكت‪ ،‬والعائلة ر‬ ‫الحوار والمشاركة ن يف صنع القرار‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ن‬ ‫َّ‬ ‫السياسية وحق المشاركة‬ ‫المقرر يف الثامنة إعدادي فقد ركزت المحاور فيه عىل الحقوق‬ ‫َّأما‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وه‬ ‫من خالل دراسة المجلة االنتخابية وقانون الجمعيات‪ ،‬وتكوين األحزاب السياسية ي‬ ‫موضوعات تهدف إىل حماية الحقوق الفردية والجماعية وتدعيم مبدأ المواطنة؛ وهو المقصد‬ ‫ن‬ ‫القانون للعائلة‬ ‫الذي حافظ عليه برنامج السنة التاسعة إعدادي من‬ ‫خالل تدريس اإلطار ً ّي‬ ‫َّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الشخصية ر‬ ‫تعتت ضامنا قانونيا لحرية المرأة‪ ،‬وأيضا مجلة حماية‬ ‫األحوال‬ ‫ة‬ ‫مجل‬ ‫استنادا إىل‬ ‫الت ر‬ ‫ي‬ ‫الطفل ضمن محور العائلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّ ن‬ ‫ً ن‬ ‫الثانوية يف سياق موضوعات‬ ‫هذا وقد نالت مبادئ حقوق اإلنسان اهتماما جيدا يف المرحلة‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ذوات صلة من ذلك محور البيئة يف السنة األوىل الذي يؤكد عىل حق اإلنسان يف بيئة سليمة‪،‬‬ ‫ر‬ ‫نق‪ ،‬وهو الجيل الثالث من حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ومحيط ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫السياسية‪ ،‬واألنظمة المختلفة يف‬ ‫المقرر للسنة الثانية فقد تناول طبيعة السلطة‬ ‫َّأما الكتاب‬ ‫ن‬ ‫المدن‪.‬‬ ‫العالم‪ ،‬ومفهوم دولة القانون ودور المجتمع‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫الدولية الضامنة‬ ‫وأختا برنامج السنة الثالثة ثانوي الذي عرض يف أسلوب تقريري‪ ،‬النصوص‬ ‫َّ‬ ‫الدوليي اللذين َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫واالقتصادية‬ ‫والسياسية‬ ‫المدنية‬ ‫نصا عىل الحقوق‬ ‫لحقوق األفراد والعهدين‬ ‫َّ‬ ‫والثقافية‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫َّ‬ ‫التامج بأن تدريس‬ ‫ال شك أن اختبار موضوع‬ ‫وع واضع ر‬ ‫حقوق اإلنسان كمادة تعليمية يعكس ي‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫مفاهيم حقوق االنسان وما يتصل بها من ممارسات يساهم بشكل عميق يف ضبط الميول‬ ‫وتكييف أنماط السلوك نف ِّ‬ ‫ر‬ ‫فالتبية عىل حقوق‬ ‫اتجاه التماثل مع هذه القيم والممارسات‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫المتعل ن‬ ‫الوع بالحقوق الفردية والدفاع عنها‪ ،‬وأيضا‪ ،‬توفت‬ ‫اكتساب‬ ‫من‬ ‫مي‬ ‫ن‬ ‫تمك‬ ‫اإلنسان‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫الحصانة ضد االنتهاكات واالعتداءات‪ ،‬هذا فضال عن كونها تمنح المرجع القيم للمتعلم ر‬ ‫حت‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ه أن هذا االهتمام واالتجاه‬ ‫تساعده عىل تحقيق التواصل مع المختلف‪ .‬إال أن المفارقة ي‬ ‫القصدي ر‬ ‫سلوك من خالل‬ ‫للتبية عىل حقوق اإلنسان كان يقابله عىل الجانب اآلخر ارتداد‬ ‫ي‬ ‫ِّاتساع دائرة العنف المدرس واكتساح َّ‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫المشتك ‪ ،‬ومرد‬ ‫متمردة عىل‬ ‫وترمتات‬ ‫لهويات مغلقة‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ن‬ ‫ن‬ ‫التعليم الذي يتلقاه يف التحصيل‬ ‫القيم الذي يعيشه المتعلم بي المنطوق‬ ‫ذلك االنفصام‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫الدراس ن‬ ‫يباشه من انتهاكات وسلوكيات مناقضة لمبادئ حقوق اإلنسان يف البيئة‬ ‫وبي ما‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫التدريسية والفضاء العام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التأديت الذي منع كل انتهاك لحقوق التلميذ والمناشت الوزارّية‬ ‫المهمة للنظام‬ ‫فرغم المراجعات‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫تجرم كل اعتداء مادي أو ن‬ ‫الت ّ‬ ‫ر‬ ‫لفظ عىل المتعلم ‪ .‬فقد شهدت المدرسة التونسية يف السنوات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫وبي أطراف العملية ر‬ ‫مي ‪ ،‬ن‬ ‫المتعل ن‬ ‫األختة تفاقم لظاهرة العنف ن‬ ‫التبوية‪ .‬هذه الظاهرة وإن‬ ‫بي‬ ‫كانت نتيجة تراكم السلبيات السياسية واالجتماعية والخيارات االقتصادية والثقافية ‪ ،‬فإن‬ ‫ر‬ ‫عالئق تقليدي بقيت المدرسة محافظة‬ ‫تفاقمها داخل المدرسة كان نتيجة طبيعية لنظام‬ ‫ي‬ ‫عليه‪ .‬تحكمه تراتبية تعمل عىل اإلرغام القشي ومحاضة النوازع الفردية للتلميذ من أجل‬ ‫ِّ‬ ‫المتعل ن‬ ‫ن‬ ‫مي ‪.‬‬ ‫لنوعي من‬ ‫تحقيق التماثل‪ ،‬وهو مسلك تربوي جعل المدرسة منتجة‬ ‫االجتماع‪.‬‬ ‫أ ‪ /‬ذوات سالبة عاجزة عن اإلضافة والتواصل داخل محيطها‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫المدرس وإكراهات الطاعة‪.‬‬ ‫متمردة رافضة االمتثال لضوابط الفضاء‬ ‫ب ‪ /‬ذوات‬ ‫ي‬ ‫التعليم وتدريب التالميذ‬ ‫إن غياب األطر واألنشطة داخل المدرسة القادرة عىل تفعيل المقرر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫عىل ر‬ ‫التعليم من مقصده‬ ‫التبية الديمقراطية والتعايش مع المختلف‪ ،‬ساهم يف إفراغ الدرس‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اس عديم الجدوى واألهمية‪ ،‬كذلك غياب الدورات‬ ‫السلوك‪ ،‬وانحصاره يف تحصيل در ي‬ ‫ي‬ ‫َّ ن‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫التكوينية يف مجال حقوق اإلنسان لإلطار التبوي من مدراء ومرشدين ومدرسي جعل الخطاب‬ ‫التعليم مفارق للبيئة المدرسية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وبي الواقع المعيش ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المقرر ن‬ ‫إن االنشطار الشعوري الذي أحدثته المدرسة ن‬ ‫عمقته‬ ‫بي المنطوق‬ ‫َّ ر‬ ‫استهالك للقيم الحداثية‪ ،‬غارقة‬ ‫وع‬ ‫ي‬ ‫الت وفرها النظام وعمل فيها عىل بلورة ي‬ ‫البيئة السياسية ي‬ ‫ن‬ ‫الدالىل‪،‬‬ ‫مفاهيم كالديمقراطية والمواطنة والمشاركة والتسامح مع إفراغ مضمونها‬ ‫يف معجم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪24‬‬


‫وتحويلها إىل تسميات سالبة بال ن‬ ‫المسلك عىل محاربتها واستبعاد ممنهج لكل‬ ‫معت والحرص‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫الت تحيل عىل مساءلة الحال‪ ،‬أو تساعد عىل التواصل مع الشأن‬ ‫الموضوعات والوضعيات ي‬ ‫العام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ ً ًّ‬ ‫ن‬ ‫مهما ورهانا‬ ‫يعتت توجها‬ ‫التعليم‬ ‫ال شك أن إدماج ثقافة حقوق اإلنسان يف النظام‬ ‫التونس ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫الجمىع‪ .‬إال أن نجاح المدرسة‬ ‫والسلوك‬ ‫العام‬ ‫الوجدان‬ ‫تشكيل‬ ‫ف‬ ‫دور‬ ‫من‬ ‫للمدرسة‬ ‫لما‬ ‫؛‬ ‫ناجحا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ ن‬ ‫َّ‬ ‫نف تحقيق أهدافها ن‬ ‫السياس والخيارات الثقافية‪ ،‬والقصدية يف اإلصالح والتغيت؛‬ ‫رهي السياق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫فعدم استجابة هذه المؤثرات‪ ،‬أو بعضها‪ ،‬تكون النتيجة ارتداد المدرسة عن وظيفتها وعجزها‬ ‫عن تحقيق أهدافها‪.‬‬

‫الخاتمة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫التعليم‬ ‫التونسية طيلة نصف قرن‪ ،‬إال أن المنجز‬ ‫الكم الذي حققته المدرسة‬ ‫رغم اإلنجاز‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ربق دون االنتظارات؛ خاصة ف مجال ر‬ ‫نش ثقافة حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫الت َّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫جملت واقعنا المثقل‬ ‫ال شك أن مزية الثورة التونسية أنها كشفت عيوبنا ونزعت األقنعة ي‬ ‫المدمرة لإلنسان ّ‬ ‫ِّ‬ ‫الكم الذي تفتخر به السياسة‬ ‫والتوة‪ .‬فالجانب‬ ‫بالخيارات الفاشلة والتجارب‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً ِّ‬ ‫الت َّ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫تعليم خارج الدورة اإلنتاجية‪ ،‬وأصبح عبئا اجتماعيا يهدد االستقرار‬ ‫بوية انته إىل فائض‬ ‫ي‬ ‫رِّ‬ ‫الت َّ‬ ‫السياس واالقتصادي‪ .‬كما أن النوايا المعلنة نف مناهجنا ر‬ ‫المبشة بفكر تنويري وثقافة‬ ‫بوية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫حقوقية‪ ،‬أنتجت جيال مسيجا بمساهمات تاريخية "ودغمائية غارقة يف الراديكالية"‪ ،‬وهو ما‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫يفش اتساع دائرة العنف وانتشار ثقافة الالتسامح داخل المدرسة والفضاء العام‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫يختت فيه المتعلم عن حفظه‪ ،‬إنها‬ ‫اس‬ ‫ر‬ ‫إن القيم الحقوقية ليست شعارات ترفع وال مقرر در ي‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وسياسية قادرة عىل تثبيتها‪.‬‬ ‫واجتماعية‬ ‫تعليمية‬ ‫ثقافة يحميها سياق عام وتنتجها بيئة‬ ‫والمفشة نف آن لفشل نظامنا التعليم وتدريس ر‬ ‫ِّ‬ ‫وه ر‬ ‫التبية عىل حقوق‬ ‫الشوط الغائبة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اإلنسان‪.‬‬

‫ال شك أن صعود الحركة اإلسالمية للحكم ومسكها بكل قنوات السلطة وإعالن إعادة بناء‬ ‫وتأسيس كل مؤسسات المجتمع السياسية واإلعالمية والقضائية والتعليمية يضع المنظومة‬ ‫‪25‬‬


‫ً‬ ‫ّ‬ ‫المشتك أو ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫يمهد لغلق‬ ‫للحريات والعيش‬ ‫الحقوقية أمام اختبار جدي قد يفتح آفاقا جديدة‬ ‫قوس واالرتداد إىل المرب ع َّ‬ ‫األول‪.‬‬

‫التوصيات‬ ‫الديت ر‬ ‫نحن نحتاج اليوم إىل ر‬ ‫ن‬ ‫والتبية عىل حقوق‬ ‫استاتيجيات عديدة لتصحيح مسار التعليم‬ ‫ي‬ ‫اإلنسان ‪ .‬لذلك يكون من ن‬ ‫الضوري‪:‬‬ ‫ن‬ ‫السياس‪.‬‬ ‫الديت وتحريره من التجاذبات اإليديولوجية والتوظيف‬ ‫‪ – 1‬تحييد التعليم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫الديت بإصالح َّ‬ ‫ن‬ ‫بقية القنوات المنتجة للقيم ‪ ،‬بدءا بالخطاب‬ ‫‪ – 2‬مصاحبة إصالح التعليم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫انتهاء بالخطاب المسجدي والسياس ‪ .‬فكل إهمال لهذه القنوات ن‬ ‫يفض إىل‬ ‫والثقاف‬ ‫اإلعالم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫التعليم‪.‬‬ ‫إفقار الدرس‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫اإلنسانية وثقافة حقوق اإلنسان ضمن‬ ‫هيكىل للجامعة الزيتونية‪ ،‬وإدراج العلوم‬ ‫‪ – 3‬إصالح‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫المقررة‪.‬‬ ‫المواد‬ ‫ر‬ ‫والتمجة ورسم الخيارات واألهداف‪ ،‬واالعتماد عىل‬ ‫‪ – 4‬عدم احتكار وزارة التبية‪ ،‬التخطيط ر‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫سياسة تشار َّ‬ ‫والسياس‪.‬‬ ‫المدن‬ ‫الفاعلي يف المجتمع‬ ‫كية تنفتح عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫السياس‪.‬‬ ‫تعيي المدراء؛ منعا للوالء والتوظيف‬ ‫‪ – 5‬تكريس مبدأ االنتخاب يف‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫سي واإلطار ر‬ ‫ِّ‬ ‫للمدر ن‬ ‫التبوي من مرشدين‬ ‫‪ – 6‬تكثيف الدورات التكوينية يف مجال حقوق اإلنسان‬ ‫ن‬ ‫وإداريي‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫ن‬ ‫ن ن‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫المدرسية‪.‬‬ ‫العاملي يف مجال حقوق اإلنسان من فرص المشاركة يف الحياة‬ ‫تمكي‬ ‫‪–7‬‬ ‫ر‬ ‫وحقوف‪.‬‬ ‫نقان‬ ‫ناشط ر ي‬ ‫ي‬

‫المراجع والمصادر‪:‬‬ ‫التبوي منذ االستقالل ‪ :‬كتابة الدولة ر‬ ‫‪ – 1‬انبعاثنا ر‬ ‫للتبية القومية ص ‪ 6‬ط ‪.1958‬‬ ‫ر‬ ‫الصادف عام ‪ 1895‬من قبل خت الدين؛ وهو معهد تعليم عضي ِّ‬ ‫يدرس الفقه واألدب‬ ‫‪ – 2‬تأسيس المعهد‬ ‫ي‬ ‫والعلوم الع َّ‬ ‫يدرس اللغات الفرنسية واإليطالية ر‬ ‫ضية‪ ،‬كما ّ‬ ‫والتكية‪ ،‬وقد ّ‬ ‫تخرجت منه الكثت من العناض‬ ‫الوطنية ‪.‬‬ ‫التيموم ‪ :‬خصوصيات مستة تونس نحو الحداثة‪.‬‬ ‫‪ -3‬الهادي‬ ‫ي‬ ‫التبوي ‪ :‬كتابة الدولة ر‬ ‫‪ -4‬إصالح التعليم والتخطيط ر‬ ‫للتبية القومية ص ‪ 20‬ط ‪.1958‬‬ ‫التبوي منذ االستقالل ‪ :‬كتابة الدولة ر‬ ‫‪ – 5‬انبعاثنا ر‬ ‫للتبية القومية ص ‪ 5‬ط ‪.1958‬‬ ‫التبوية ص ‪ 12-11‬المعهد األعىل ر‬ ‫‪ – 6‬د‪ .‬أحمد شبشوب ‪ :‬األهداف ر‬ ‫للتبية والتكوين المستمر تونس ‪.1995‬‬ ‫التبية والتفكت اإلسالم ‪ :‬وزارة ر‬ ‫‪ – 7‬سفر التامج ‪ :‬ر‬ ‫التبية والعلوم ص ‪.7‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫‪8 – 1986 Le manuel scolaire et le système éducatif : p. 28 CERES Tunis‬‬ ‫‪ -9‬وثيقة منهجية لمادة ر‬ ‫التبية المدنية‪.‬‬ ‫‪ -10‬راجع الكتب المقررة نف مادة ر‬ ‫التبية المدنية للمرحلة اإلعدادية والثانوية‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪27‬‬


28


‫ّ ن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫اإلصالحية‬ ‫ي‬ ‫التنويري يف برامج‬ ‫الفكر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الطاهر الحداد نموذجا‬

‫الجالص‬ ‫الدكتورة بثينة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫العاىل ألصول الدين‬ ‫المعهد‬ ‫ي‬

‫‪29‬‬


‫ّ‬ ‫المقدمة‬ ‫ما ّ‬ ‫ِّ‬ ‫نّ‬ ‫ن‬ ‫المؤر ن‬ ‫الشيخي محمد‬ ‫الزيتون ومحاوالت اإلصالح فيه عن‬ ‫خي للتعليم‬ ‫أكت ما حدثتنا كتب‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫حت ّأن الباحث ليقنع بأن ّ‬ ‫الطاهر ابن عاشور وابنه‪ 1‬ر‬ ‫سيما أن أغلب‬ ‫أكت الجهود أوكلت إليهما‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫‪2‬‬ ‫ينق‬ ‫الدراسات األكاديمية تكاد تدور يف فلكهما دون سواهما ‪ ،‬والحقيقة أن هذا ّ اإلقرار ال ي‬ ‫ّ ن‬ ‫كتة المؤلفات ّ‬ ‫الزيتون‪ ،‬وهو ما تشهد به ّ‬ ‫نّ‬ ‫خاصة ما‬ ‫دورهما‬ ‫اإلصالح الفعال يف تاري خ التعليم ّ ّ ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫حته الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور‪ ،3‬إال أن هذا اإلقرار ال ن‬ ‫ينق شح الدراسات الحديثة يف‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫العناية برجاالت أخرى من بينهم الشيخ سالم بوحاجب والطاهر الحداد‪.‬‬ ‫ر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫مؤل ن‬ ‫في كانا سببا يف معاناته‪ 4‬وهما‪" :‬امرأتنا يف‬ ‫ينتش إال من خالل‬ ‫ولع ّل صيت الحداد لم‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫الشيعة والمجتمع"‪ ،‬و" ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫النقابية"‪ ،‬إال أن للحداد كتابا عىل‬ ‫التونسيون وظهور الحركة‬ ‫العمال‬ ‫ن‬ ‫الزيتون"‪ ،‬وتكمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫ّ‬ ‫أهم ّيته يف بعدين ّأولهما‬ ‫اإلسالم واإلصالح‬ ‫األهم ّية عنوانه" التعليم‬ ‫غاية من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العلمية‪ ،‬ومن ناحية تأثت األوضاع‬ ‫تاريخية عن أوضاع جامع الزيتونة من الناحية‬ ‫إضاءة جوانب‬ ‫ن‬ ‫َّ ن‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫نّ‬ ‫والثقاف" حسب عبارة المهتم ن‬ ‫ّ‬ ‫الديت‪،‬‬ ‫ي بعلم االجتماع‬ ‫الديت‬ ‫السياسية يف ذلك‪ ،‬أي "مأسسة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّأما البعد ن‬ ‫فيتمثل نف الكشف عن ر‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالح الذي نادى به الحداد وإبراز أبعاده‬ ‫وع‬ ‫المش‬ ‫الثان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم ثم يف العالم‬ ‫العرن‬ ‫المعرفية سواء يف تونس أو يف ما شهده وضع التعليم يف العالم‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫األورون ّ‬ ‫عامة‪.‬‬ ‫ري‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ولم ّ‬ ‫حد علمنا عىل دراسة عنيت بهذا الكتاب رغم ر‬ ‫ن‬ ‫الثالثي سنة‪،‬‬ ‫نشه منذ مدة ناهزت‬ ‫نعت عىل‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الباحثي بقضايا ّ‬ ‫ن‬ ‫وأهمها‬ ‫معينة عند الحداد دون غتها‪،‬‬ ‫ولعل السبب يف ذلك يعود إىل اهتمام‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫النقابية‪.‬‬ ‫والقضية‬ ‫قضية المرأة‬

‫‪ -1‬أغلب هذه الدراسات كتبت في " المجلّة الزيتونيّة ما بين سنة ‪ 1937‬و‪ ،1956‬انظر مثال مقال محمد البشير النيفربعنوان"‬ ‫تاريخ الحركة العلميّة بجامع الزيتونة جوان ‪ ،1937‬ص ‪553‬‬ ‫‪ -2‬تراجع أعمال ندوة" مح ّمد الطاهر ابن عاشور وقضايا اإلصالح والتجديد في الفكر اإلسالمي المعاصر‪ ،‬رؤية معرفيّة‬ ‫مدونة الشيخ مح ّمد الطاهر ابن عاشور‪،‬‬ ‫ومنهجيّة‪ ،‬مجلّة التجديد‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬عدد ‪ ،35‬مج ‪ 18‬دراويل(جمال)‪ :‬مسألة الحريّة في ّ‬ ‫لبنان‪2006،‬‬ ‫‪ -3‬ابن عاشور(الطاهر)‪ :‬أليس الصبح بقريب‪ ،‬الشركة التونسية للتوزيع‪ ،‬تونس‪ ،‬ص‪ 80‬وما بعدها‬ ‫‪ -5‬الحداد( الطاهر)‪ :‬امرأتنا في الشريعة والمجتمع‪ ،‬تقدبم مح ّمد الحداد‪ ،‬دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪ - 6‬العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬تونس‪1972 ،‬‬ ‫‪30‬‬


‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫انطالقا من تغييب االهتمام بهذا األثر ارتأينا أن ندرس ر‬ ‫اإلصالح يف مجال‬ ‫د‬ ‫الحدا‬ ‫مشوع‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المشوع؟ وهو ما ن‬ ‫الخصوصية نف هذا ر‬ ‫ن‬ ‫يقتض منا‬ ‫سؤالي ّأولهما‪ :‬ما هو وجه‬ ‫التعليم من خالل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫حت نقف عند مظاهر اإلضافة عنده‪ ،‬أماّ‬ ‫االطالع عىل ما نادى به معاضوه من إصالح ر‬ ‫نضورة‬ ‫ّ‬ ‫السؤال ن‬ ‫الثان‪ :‬إىل ّ‬ ‫تنويريا نف تلك ر‬ ‫أي مدى كان هذا ر‬ ‫يستدع نضورة‬ ‫الفتة‪ ،‬وهو ما‬ ‫المشوع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫حد ذاته؛ هل هو نف النهاية رؤية تجدي ّ‬ ‫ن‬ ‫الماص‬ ‫هدم‬ ‫م‬ ‫تحت‬ ‫ة‬ ‫دي‬ ‫ف‬ ‫التنوير‬ ‫مفهوم‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ّي‬ ‫ي‬ ‫إعادة ّالنظر ي‬ ‫ّ‬ ‫والتخلص من تراكماته‪ ،‬باعتبار أنها تركة ثقيلة تشد الفكر إىل الخلف‪ ،‬وال يمكن أن ّ‬ ‫تؤسس إىل‬ ‫ن‬ ‫مش ّ‬ ‫المستقبل؟ وعىل هذا األساس تكون ر‬ ‫وعية إعادة النظر يف اقتصار مفهوم التنوير عىل‬ ‫ّ‬ ‫الغربية دون غتها‪.‬‬ ‫الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫وتوجهه يف ثالثة مسارات‪ :‬يتصل ّأولها‬ ‫هذه األسئلة وغتها تفرض نفسها يف مثل هذا البحث‬ ‫ّ‬ ‫الزيتون‪ّ ،‬أما القسم ن‬ ‫نّ‬ ‫باألسباب ر‬ ‫الثان وعليه مدار‬ ‫التعليم‬ ‫إصالح‬ ‫إىل‬ ‫للدعوة‬ ‫اد‬ ‫الحد‬ ‫الت دفعت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫اإلصالحية نف ر‬ ‫والثقافية‪ ،‬ويشمل‬ ‫الحضارية‬ ‫مشوع الحداد وأبعادها‬ ‫بالبدائل‬ ‫ق‬ ‫فيتعل‬ ‫العمل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫خصوصية هذا ر‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالح ووصله بالتعليم يف جامعة الزيتونة‪.‬‬ ‫المشوع‬ ‫القسم األخت إبراز‬ ‫ي‬

‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫الزيتون‬ ‫‪ -1‬أسباب دعوة الحداد إىل إصالح التعليم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم وحركة اإلصالح يف جامعة‬ ‫التعليم‬ ‫كتاب"‬ ‫عن‬ ‫خارجا‬ ‫األسباب‬ ‫ف‬ ‫لن يكون‬ ‫ي‬ ‫البحث ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتونة" ذاك أن الغرض من هذا البحث هو اإلنصات إىل ّ‬ ‫نص الحداد دون غته‪ ،‬ن‬ ‫ولي كان‬ ‫االستئناس بنصوص أخرى نضوريا‪ ،‬فسيكون ذلك عىل سبيل دعم الفكرة أو نقدها‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫تفكيكية لخطاب الحداد من جهة‪ ،‬ومحاولة الكشف عن‬ ‫للتقيد بالكتاب له أبعاد‬ ‫االختيار‬ ‫َّ ن‬ ‫الت ّ‬ ‫الثقوب ر‬ ‫وه عىل اإلجمال ال تخرج‬ ‫أطل من خاللهاعىل واقع البالد‬ ‫ي‬ ‫التونسية يف ذلك العهد‪ ،‬ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫اإلسالم آنذاك‪ ،‬وهو وضع‬ ‫العرن‬ ‫العالم‬ ‫ف‬ ‫ساد‬ ‫الذي‬ ‫العام‬ ‫بالوضع‬ ‫لهما‬ ‫أو‬ ‫سببي‬ ‫عن‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫داخىل يتصل بسياسة‬ ‫الثان فهو‬ ‫مرتبط بما يجري من أحداث قطرية وعالمية‪ ،‬أما السبب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫البايات ووضع العلم والعلماء ن يف جامع الزيتونة‪.‬‬ ‫ّ ن‬ ‫سياس يق الدعوة إىل اإلصالح‬ ‫أ‪ -‬أثر الوضع ال‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وع الحداد عميقا بدور الساسة يف توجيه التعليم والرفع من شأنه أو الحط من قيمة‬ ‫لقد كان ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫العلماء وتوظيفهم لفائدة المصالح السياسية‪ ،‬وهذه القناعة لم ترسخ عند الحداد إال بعد‬ ‫ن‬ ‫ّ ن‬ ‫السياس يف تونس واستعراض أثر الساسة يف إصالح التعليم أو تعطيله‪ ،‬وقد‬ ‫استقراء التاري خ‬ ‫ي‬ ‫‪31‬‬


‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫خصص يف ذلك فصال وسمه بتاري خ تأسيس بناء جامع الزيتونة‪ ،‬وأشار فيه إىل أن دور‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الموحدين كان محتشما‪ ،‬باعتبار أنهم السبب يف تحويل عاصمة الملك من القتوان إىل تونس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫يتسن لهم االعتناء باإلصالحات يف جامع الزيتونة لقض مدة حكمهم إذ امتد من‬ ‫ولذلك لم‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫سنة ‪555‬ه‪1160/‬م إىل سنة‪626‬ه‪1229/‬م)‪ ،‬وباإلضافة إىل ذلك فإنهم قد اتخذوا عاصمة‬ ‫ّ‬ ‫المكان دوره نف تر ن‬ ‫نّ‬ ‫كت اإلصالحات واالعتناء بها‪ ،‬غت أن العهد‬ ‫ملكهم مراكش‪ ،‬وكان لتأثت البعد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحفض الممتد عىل ثالثة قرون تقريبا من سنة ‪626‬ه‪1228 /‬م إىل سنة ‪981‬ه‪1574/‬م) ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫كان له عظيم األثر يف ازدهار العلم وانتشار العلماء يف جامع الزيتونة‪ ،‬يقول الحداد‪ ":‬فكان ذلك‬ ‫العض مبدأ ّ‬ ‫َّ‬ ‫فتخرج فيه أمثال ابن عبد السالم وابن‬ ‫تفوق هذا العهد وازدهاره بالعلم والعلماء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫علمية‬ ‫القفض وغتهم من الرجال الذين خلفوا جميعا آثارا‬ ‫زىل وابن راشد‬ ‫واألن ر‬ ‫عرفة ر ي‬ ‫والت ي‬ ‫ي‬ ‫باقية إىل اليوم"‪5.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫فبمجرد سقوط دولة‬ ‫تستمر‪،‬‬ ‫الزيتون لم‬ ‫غت أن هذه الصحوة يف تاري خ إصالح التعليم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫الحفصي ن‬ ‫اإلسبان سنة ‪942‬ه‪1535/‬م)‪ ،‬أهمل جامع الزيتونة وزهد‬ ‫ي وسيطرة االحتالل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫المحتل الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫حول المعهد بالجامع إىل " اصطبل حافل‬ ‫شيوخه يف التعليم خوفا من تنكيل‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫البقية الباقية من العلماء يف بيوتهم‪ ،‬فكان هذا العهد عهد ضمور وذبول‬ ‫بالدواب‪ ،‬فانكمش‬ ‫ن‬ ‫العلم"‪6.‬‬ ‫ّ‬ ‫قض عىل الفكر والروح‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫نّ‬ ‫الزيتون‪ ،‬ورغم محاوالت البايات‬ ‫التعليم‬ ‫ف‬ ‫تونس‬ ‫خ‬ ‫تاري‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫السياسي‬ ‫الحقبة‬ ‫هذه‬ ‫رت‬ ‫أث‬ ‫لقد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫‪7‬‬ ‫ر ّ‬ ‫بق‬ ‫اإلصالحية يف العهد ّالت يك‪ّ ،‬وخاصة ما يتعلق بإصالحات أحمد باشا باي ‪ ،‬إال أن هذا األمر ي‬ ‫يعي العلوم الالزم درسها كما لم ّ ن‬ ‫محتشما حسب الحداد؛ ألنه " لم ّ ن‬ ‫يعي الكتب كذلك‪ ،‬ولم‬ ‫ّ‬ ‫الثالثي ّ‬ ‫يضبط وقت الدرس‪ ،‬وإنما ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المواظبي عىل‬ ‫مدرسا‪ ،‬وجعل حقا للطلبة‬ ‫نص عىل جراية‬ ‫دروسهم نف فواضل بيت المال‪8".‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الحداد نف نقد نواقص اإلصالح نف هذه ر‬ ‫إن ّ‬ ‫الفتة هو تعطيل العقل يف النظر‬ ‫أهم ما كان يشغل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫والعقلية وفهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫نف العلوم ر‬ ‫وكيفية تطبيقها‪ ،‬بل إن الغالب يف طرق التدريس هو‬ ‫آلياته‬ ‫عية‬ ‫ي‬ ‫ي وحركة اإلصالح في جامع الزيتونة‪ ،‬تحقيق محمد أنور بوسنينة‪ ،‬الدار التونسيّة للنشر‪،‬‬ ‫ الح ّداد (الطاهر)‪ :‬التعليم اإلسالم ّ‬‫تونس‪ ،1981،‬ص‪45‬‬ ‫ الح ّداد‪ :‬م ن‪ ،‬ص ص ‪466 -45‬‬‫األول أحمد باشا باي الذي عاشر بايات الدولة الحسينية‬ ‫ يتحدّث الحدّاد‬‫ي في عهد المشير ّ‬ ‫ّ‬ ‫مطوال عن إصالحات التعليم الزيتون ّ‬ ‫مدّة واليته من ‪1837‬م إلى ‪1855‬م وأصدر منشورا سنة ‪1842‬م عرف في األوساط العلميّة بالمعلّقة ألنه أمر بكتابته بالذهب‬ ‫ي في تاريخ الجامع‪ ،‬ومن بين هذه اإلصالحات ترتيب‬ ‫وعلّق داخل جامع الزيتونة‪ ،‬وتعتبر هذه اإلصالحات ّأول عمل نظام ّ‬ ‫الدروس بالجامع األعظم‪ ،‬وانتخاب خمسة عشر عالما من المالكيّة ومثلهم من الحنفيّة‪ ،‬وتجهيز دفن الغرباء‬ ‫ م ن‪ ،‬ص ‪- 538‬‬‫‪32‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اس ّ‬ ‫ولعل هذا األمر كان بدافع سي ّ‬ ‫ن‬ ‫العثمانية الحريصة عىل انتهاج مبدأ‬ ‫كرسته الخالفة‬ ‫التلقي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سياسيا وتوحيد مناهج التفكت عند علمائها‪ ،‬وهو ما ن‬ ‫تبعية اإلياالت‬ ‫يفض نضورة إىل إقرار تحكم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫السياسية‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫َّ‬ ‫عتنا عنه‬ ‫رجل السياسة يف رجل الفكر واعتباره موظفا لخدمة مصالحه‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫بمأسسة الفكر وتسييس الدين وما أطلق عليه طه عبد الرحمن عبارة " تسييد الدين" الذي‬ ‫ّ‬ ‫يؤدي إىل "الدولة المشتبهة‪9".‬‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫السابقي كانت سياسة متوارثة عند البايات‬ ‫واجتار أفكار العلماء‬ ‫إن ترسيخ فكرة االتباع والنقل‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أهمية تراتيب األمر الصادر سنة ‪1875‬م يف عهد المشت‬ ‫الحسينيي‪ ،‬فرغم ما ذكره الحداد من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫الزيتون‪ ،‬بقيت دون المأمول ألن التدريس‬ ‫محمد الصادق باشا باي‪ ،‬إال أن إصالحات التعليم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫السابقي دون تطلع إىل تجاوزهم أو انتقادهم" فلم يزد يف علوم الجامع‬ ‫لم يرتكز إال عىل كتابات‬ ‫مر عىل تأليفه القرون‪ ،‬وليس نف اإلمكان أبدع ّ‬ ‫يعي كتابا غت ما ّ‬ ‫جديدا‪ ،‬ولم ّ ن‬ ‫مما كان‪ ،‬وذلك غاية‬ ‫ي‬ ‫المجهود‪10".‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫السياسية لم تكن يف النهاية حسب الحداد خادمة لفكر الطلبة وتنوي ع‬ ‫إن هذه اإلصالحات‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وتحفتهم عىل التمحيص والنقد والغربلة واإلنتاج والتآليف‪ ،‬وإنما‬ ‫مشارب التحصيل عندهم‬ ‫ن‬ ‫كانت مرتكزة عىل خدمة مصالح الشيوخ األساتذة سواء يف ضف جراياتهم أو انتخابهم أو‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المقرر تدريسها‪ ،‬ويستشهد الحداد يف‬ ‫نوعية المواد‬ ‫تعيينهم أو تقريبهم من سلطة القرار وفرض‬ ‫ن‬ ‫َّ ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسلمي ّ‬ ‫ن‬ ‫خاصة من "علوم‬ ‫وف جامع الزيتونة‬ ‫ة‪،‬‬ ‫عام‬ ‫بالد‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫كتابه بخلو المعاهد الدينية ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعيات يف درس أنظمة الشعوب والحكومات وأشكالها‪ ،‬وأوثق نظام‬ ‫السياسة كالتاري خ‬ ‫المسلمي أنفسهم بأنفسهم وما نف نظامهم الجاري من أوجه القبح‪ ،‬إذ كان ذلك مماّ‬ ‫ن‬ ‫لسياسة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫يمس تلك الحكومات بالنقد والتأثت"‪11.‬‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫والعلم يق الدعوة إىل اإلصالح‬ ‫الفكري‬ ‫ب‪ -‬أثر الوضع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫والفكري ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياس‪ ،‬ن‬ ‫نّ‬ ‫ولي كان‬ ‫المعرف‬ ‫لم يكن الوضع‬ ‫أقل أثرا يف الدعوة إىل اإلصالح من الوضع ّ ّ ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أحدهما مرتبطا باآلخر ونتاجا له‪ ،‬فإن ذلك ال يشفع للزيتوني ن‬ ‫ي حسب الحداد أال يحققوا نوعا‬

‫‪ -9‬عبد الرحمن(طه)‪ :‬روح الدين‪،‬من ضيق العلمانيّة إلى سعة االئتمانيّة‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪،2012‬ص ‪939‬‬ ‫‪ 10‬الحدّاد‪ :‬م ن ص‬‫‪ - 11‬م ن ص‪39‬‬ ‫‪33‬‬


‫نّ ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫خصوصية مناهجهم يف مقاربة العلوم وتدريسها‪ ،‬وقد‬ ‫المعرف‪ ،‬وأال يدافعوا عن‬ ‫من االستقالل‬ ‫ي‬ ‫ّ ن‬ ‫دافع الحداد يف كتابه عن هذه األطروحة واستشهد بدفاع ابن خلدون ت‪808‬ه‪1406/‬م) عن‬ ‫ّ‬ ‫معتت هو وأمثاله عند الحكومات المشايعة‬ ‫حرية فكره واستقالله عن الساسة‪ ،‬ما جعله " غت ر‬ ‫عامة الفقهاء الذين ينكرون أن ّ‬ ‫لميول ّ‬ ‫يتفوق عليهم أحد نف العلم والفضل‪12".‬‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫والفكري ّ‬ ‫تدخل ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫العلمية ن‬ ‫بي‬ ‫عامة له عميق األثر يف تعقيد العالقات‬ ‫الديت‬ ‫الشأن‬ ‫ف‬ ‫اسة‬ ‫الس‬ ‫إن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الفكري ّ‬ ‫عامة‪ ،‬فكان التعطيل بديال عن‬ ‫الشيوخ وشحن النفوس وإثارة الشكوك وزعزعة األمن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وتحولت المعاهد الدينية بعبارة الحداد إىل‬ ‫التمكي وكان االستغالل بديال عن االستنفار‪،‬‬ ‫الت كانت ّ‬ ‫تؤسسها وتحميها وتستعمل رجاالتها‪13".‬‬ ‫ر‬ ‫"تعطيل الحياة حسب مصلحة الحكومات ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياس قد خلق تقوقعا عند العلماء والشيوخ‪،‬‬ ‫التضييق‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫اد‬ ‫الحد‬ ‫اعتت‬ ‫وانطالقا من ذلك ر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وزهدهم يف طلب العلم وإعمال الرأي‪ ،‬فاستسلموا لليأس والقنوط‪ ،‬ولزموا بيوتهم وحلقات‬ ‫فتات عديدة من تاري خ تونس ّ‬ ‫الذكر‪ ،‬وهذا ما كان قد وقع فعال نف ر‬ ‫نّ‬ ‫اإلسبان‬ ‫خاصة بعد االحتالل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫الطرف الذي امتد إىل عض الحداد وزكاه كثت من‬ ‫والتنكيل بالعلماء وانتشار روح التصوف‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الصوفية ر ّ‬ ‫ويتتكون بها‪14".‬‬ ‫العلماء‪ ،‬إذ كانوا" يدخلون حلقات الطرق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫ي فالتمسوا منافذ هروب من مرارة الواقع‬ ‫نفسية التواكل واليأس عىل الشيوخ‬ ‫سادت‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطرقية‪ ،‬وكذلك‬ ‫الصوفية‬ ‫واالجتماع‪ ،‬وتجلت مظاهر الهروب يف االلتحاق بالحلقات‬ ‫السياس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫يف االقتناع بأنهم ليس باإلمكان أحسن مما كان فأقبلوا عىل كتب السلف يعيدون مضامينها‬ ‫نّ ن‬ ‫ّ ن‬ ‫ِّ‬ ‫الزيتون يف تلك‬ ‫التعليم‬ ‫إىل‬ ‫أساءت‬ ‫ة‬ ‫كثت‬ ‫جوانب‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ويكررون قضاياها ومسائله‪ ،‬وهو ما أثر ي‬ ‫ر‬ ‫الفتة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫المعرفية يف جامع‬ ‫لقد استعرض الحداد باإلضافة إىل وضع األساتذة الشيوخ خصائص األوضاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫ومعرفيا‪ ،‬فكشف بذلك عن كثت من العيوب كانت‬ ‫اجتماعيا‬ ‫الزيتون‬ ‫الزيتونة وحالة الطالب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫نّ‬ ‫الت سينهض عليها ر‬ ‫ر‬ ‫الزيتون آنذاك يف‬ ‫مشوعه‪ ،‬ويمكن تلخيص عيوب التعليم‬ ‫ي‬ ‫قادحا للبدائل ي‬ ‫هذه النقاط‪:‬‬

‫‪ - 12‬الح ّداد‪ :‬م ن ص ‪40‬‬ ‫‪ 13‬م ن الصفحة‬ ‫‪ -14‬الح ّداد‪ :‬م ن ص ‪ . 47‬يقول الح ّداد‪ :‬ولست أبالغ إذا قلت ّ‬ ‫إن هذه الحالة بك ّل ما فيها تزداد تفاقما ك ّل يوم حتى يومنا هذا‬ ‫ولم يخرج بأفكاره عنها إالّ شذوذ نادر من بعض الشيوخ الذين ما زالوا يعلنون رضاهم بالقديم كوسيلة الستثماره ألنفسهم‬ ‫‪34‬‬


‫ّ‬ ‫المدرسة‪:‬‬ ‫أ‪ -‬العلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫أثار الحداد مسألة تكرار المواد يف الدرجة الواحدة‪ ،‬ومرد هذا التكرار هو قناعة الشيوخ بصعوبة‬ ‫ّ ّ‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ويعتت‬ ‫سلكتي يف السنة الواحدة"‪،‬‬ ‫مما حتم إعادتها يف " سلكة أو‬ ‫المدونات‬ ‫فهم عبارات هذه‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الضوريّ‬ ‫الحداد ّأن هذا األمر مضيعة للوقت وإهدار للطاقات و"‪ ..‬فراغا يجب سده بالمعارف ن‬ ‫إدخالها بالمعهد"‪15.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قضية أخرى ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقل خطورة عن سابقتها‬ ‫إن مسألة تكرار المسائل والمواد قد تكون نابعة من‬ ‫ر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫وه نظرة تقوم عىل‬ ‫ي آنذاك‬ ‫ه نظرة بعض الشيوخ‬ ‫لمختلف العلوم غت الشعية‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االحتاز واالزدراء‪ ،‬أما ما يتصل باالزدراء‪ ،‬فمرده إىل عدم إدراك أهمية هذا العلم أو ذاك سواء يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫الحداد‪:‬‬ ‫نفس ضد هذا العلم أو ذاك‪ .‬يقول‬ ‫مضامينه أو مناهجه‪ ،‬وقد يعود هذا األمر إىل حاجز‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫"وقد كنا نسمع من شيوخنا إذ كنا نقرأ بالجامع األعظم من سنة ‪ 1913‬إىل سنة ‪ 1920‬أن‬ ‫ّ‬ ‫وإنما هو مجموعة من األقاصيص واألخبار‪ ،‬وال ن‬ ‫ّ‬ ‫يهتم به‬ ‫ينبىع أن‬ ‫التاري خ ليس بعلم يقرأ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫اإلقصائية لبعض العلوم أثرت يف حضور علوم عىل حساب أخرى‪،‬‬ ‫الطالب" ‪ ،16‬هذه النظرة‬ ‫ّ‬ ‫المدرسة نف الزيتونة آنذاك‪ ،‬كانت نف موضع ر‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫احتاز وريبة ما جعلها من‬ ‫ة‬ ‫العقلي‬ ‫العلوم‬ ‫إن‬ ‫بل‬ ‫ي‬ ‫ي ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫العلوم الوسائل‪ ،‬فقيد الشيوخ حضورها ولم ينتفع بها إال من حيث توظيفها يف العلوم‬ ‫عية"‪ ،‬فكان الحساب نض ّ‬ ‫تميت الفرائض نف ر‬ ‫التكات ‪ ..‬وكان للمنطق ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫أهم ّية بعد‬ ‫وريا لمعرفة‬ ‫ي‬ ‫عية‪ ...‬وكان لعلم الفلك أيضا ّ‬ ‫أن صار جزءا ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫مهما من أصول الفقه واستنباط األحكام ر‬ ‫أهم ّية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التصاله بمعرفة األوقات ر‬ ‫الدينية"‪.17‬‬ ‫الت تطلبها بعض الفروض‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقلية وإن لم تطلب لذاتها نف أغلب ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬إال أن القدام‬ ‫فتات التاري خ‬ ‫إن هذه العلوم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية وبارزوا بها األمم األخرى‪ ،‬وهذا األمر لم‬ ‫استثمروها استثمارا أضافوا به إىل تاري خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫العقلية فحسب‪ ،‬وإنما ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫كيفية دراستها وتدريسها‪.‬‬ ‫العلوم‬ ‫حضور‬ ‫ف‬ ‫القدام‬ ‫عند‬ ‫يتجىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‪ -‬مناهج التدريس‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫الخارجية‬ ‫وه ال تتحدد يف العوامل‬ ‫أدرك الحداد مواضع الوهن يف التعليم‬ ‫ّ ي‬ ‫الزيتون آنذاك‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫فحسب‪ ،‬وال نف إقصاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقلية‪ ،‬وإنما تكمن المشكلة يف منهج التدريس‪ ،‬إذ هو الكفيل‬ ‫أكت العلوم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫بتحريك الفكر وإعمال الرأي وإنتاج المعرفة‪ ،‬إذ ال تبت المعارف عىل االستيعاب والتسليم‬ ‫‪ - 15‬م ن ص ‪32‬‬ ‫‪ - 16‬م ن ص ‪39‬‬ ‫‪ - 17‬م ن ص ‪37‬‬ ‫‪35‬‬


‫ّ‬ ‫والحفظ والتجميع‪ ،‬فهذه خطوات أوىل نحو المعرفة وال يمكن أن يكون إنتاجها إال بالنقد‬ ‫ّ‬ ‫والتمحيص والغربلة ر‬ ‫والتجيح ر‬ ‫حت ال يكون الالحق عالة عىل السابق‪ ،‬إن هذه القناعة مبثوثة‬ ‫ّ‬ ‫الحداد نف ّ‬ ‫كل صفحات الكتاب‪ ،‬وال تكاد تخلو منها إشارة أو توصيف حالة‪ ،‬فقد ارتكز‬ ‫عند‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والتلقي واإلعادة والتكرار وترديد أقوال‬ ‫منهج التدريس يف جامع الزيتونة آنذاك عىل الحفظ‬ ‫ّ‬ ‫القدام ومآثرهم‪ ،‬يقول الحداد‪ ":‬بقيت العلوم عىل حالها يوم تركها أهلها‪ ،‬وبقينا نحن كأصوات‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الماص البعيد ونحكم عىل أحوالنا ن‬ ‫بعي ما حكموا به عىل أحوالهم‬ ‫عقلية‬ ‫نحك عن‬ ‫الفونوغراف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫كأن ال فرق بيننا وبينهم رغم تطور العصور وأهلها‪18 ".‬‬ ‫التلقي والتكرار واضحا نف تدريس المنطق وآداب البحث‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ن‬ ‫تتكرر نفس األمثلة‬ ‫يبدو خطر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المنطقية البسيطة ف كتب التدريس بصورة ّ‬ ‫ّ‬ ‫آلية ال تؤدي إىل إعمال العقل‪ ،‬وأشهر هذه األمثلة‪:‬‬ ‫ي‬ ‫حساس ينتج ّأن ّ‬ ‫كل إنسان حيوان‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫كل إنسان ّ‬ ‫وكل حيوان ّ‬ ‫حساس‪ ،‬وعىل هذا األساس "ال ينتج‬ ‫ّ‬ ‫من مجموع هذه األمثلة بسط نظريات تثقف العقل وتجعله أهال الستخراج النتائج المفيدة‬ ‫ّ ن‬ ‫ر‬ ‫يسجل يف تاري خ‬ ‫المنطق الصحيح األمر الذي انعكس عىل اإلنتاج والتأليف)‪ ،‬فلم‬ ‫بالتفكت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫حاضه أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعهد أو ن‬ ‫المنطقية‬ ‫مدرسا أثبت دعوى جديدة‪ ،‬أو أنتج بحثا مفيدا عىل الطريقة‬ ‫الت ّ‬ ‫تدرس أساليبها بالجامع"‪19.‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫المقررة‪ ،‬أشار الحداد إىل تقلقل بعض المواد ومنها‬ ‫وإىل جانب تكرار األمثلة والحجج يف الكتب‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫مواد البحث ن‬ ‫تدرس يف مستوى نظري دون إجرائها عىل‬ ‫تطبيق إذ‬ ‫هو‬ ‫وما‬ ‫نظري‬ ‫ماهو‬ ‫بي‬ ‫علم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫بقية العلوم‪ّ ،‬‬ ‫مما جعلها عديمة الفائدة قليلة الجدوى‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫سيما وأنها متصلة بأساليب الحوار يف‬ ‫ن‬ ‫المحاضة وحجج كل طرف فيها‪.‬‬ ‫ن‬ ‫لقد ن‬ ‫أفض هذا المنهج يف التعامل مع العلوم إىل تعطيل ملكة الفهم واالستدالل ونبذ الرأي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ليحل محلها التسليم والتعظيم‪ ،‬ويركن الطالب إىل التمجيد والتقليد‪ ،‬فال يطمع يف‬ ‫واالجتهاد‬ ‫ّ‬ ‫مناقشة آراء العلماء وال ر‬ ‫حت إبداء الرأي فيها‪ ،‬وقد بلغ األمر عند فريق من شيوخ الزيتونة حد‬ ‫التشنيع والتكفت لمن يخالف هذه التعليمات"‪ ،‬ن‬ ‫فق جامع الزيتونة إىل اليوم‪ ،‬يجب أن ال‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ومجرد توهم هذا‬ ‫السابقي‪،‬‬ ‫يتظاهر أحد بأفكار ينسبها إىل ذاته ليعارض بها أقوال العلماء‬ ‫المقدار عىل شخص ن‬ ‫واالعتال ّ‬ ‫رن‬ ‫بالرأي‪20".‬‬ ‫ورم عقيدته بتهم الزي غ‬ ‫يفض إىل اإلنكار عليه ي‬ ‫ي‬

‫‪ - 18‬م ن ص ‪62‬‬ ‫‪ -19‬م ن ص ‪74‬‬ ‫‪ -20‬م ن ص ‪62‬‬ ‫‪36‬‬


‫ج‪ -‬العالقة ن‬ ‫بي شيوخ الزيتونة‪:‬‬ ‫ن‬ ‫قيد فيهم ّ‬ ‫ي‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫حرية التفكت‬ ‫لقد خلق هذا المنهج يف التدريس نوعا من االضطراب عند‬ ‫ر ّ‬ ‫والفهم ّ‬ ‫حت أن " الشيخ محمد‬ ‫وحر ّية التعبت والقول‪ ،‬وأحاطهم بهالة من الخوف والقهر‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫النخىل عاش جزءا من حياته بالمعهد وهو مطعون يف عقيدته بما أضاع كثتا من نشاطه يف‬ ‫ي‬ ‫‪21‬‬ ‫ميكانيك يفرضه عليه الوظيف" ‪ ،‬ويتجاوز خطر منهج‬ ‫الدروس‪ ،‬وجعله يقرئ دروسه كعمل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫التدريس حدود التشنيع والتخويف إىل حمل المتعل ن‬ ‫فق تدريس علم‬ ‫مي عىل الحقد‬ ‫والضغينة‪ ،‬ي‬ ‫ّ‬ ‫ويعتتونها أصل‬ ‫الكالم يتحامل بعض الشيوخ عىل مختلف الطوائف المخالفة ألهل السنة‬ ‫ر‬ ‫فيغيبون نف الطالب ّ‬ ‫ّ‬ ‫البالء نف قيام الفتنة ر‬ ‫ن‬ ‫آليات فهم هذه الطوائف‬ ‫المسلمي‪،‬‬ ‫وتشذم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الت تنطلق منها ونقدها نقدا علميا رصينا لتحل محلها األحكام المسبقة‬ ‫والمصادرات‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقدية دون فهم األسباب ومنطلقاتها‪ ،‬وقد يعضد اختيار الكتب منهج التدريس‬ ‫واالتهامات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الحداد‪ ":‬وها ه الكتب ر‬ ‫‪.‬‬ ‫أكت شاهد‬ ‫يقول‬ ‫م‬ ‫المتعل‬ ‫ليقوي هذا الشعور يف‬ ‫الت نقرأها بالمعهد ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية المخالفة‬ ‫عىل ما نقول بما يخرج التلميذ نسخة من الحقد واالحتقار للطوائف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السنة عندنا بالمعهد‪ ،‬وهم الذين ّ‬ ‫يقررون أمثال‬ ‫والماتريدية الذين هم أهل‬ ‫لمذاهب األشاعرة‬ ‫ّ‬ ‫تلك المباحث المتقدمة الذكر‪22".‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتعل ن‬ ‫مي والشيوخ عىل السواء ال يشمل اآلراء المتصلة‬ ‫عىل أن شعور التحامل واالستياء عند‬ ‫ّ‬ ‫الدين فحسب‪ ،‬بل يتجاوزها إىل الفقه وأصوله‪ ،‬ذلك ّأن الضاع كان قائما ن‬ ‫بي أنصار‬ ‫بأصول‬ ‫الحنق‪ ،‬وهو ضاع ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫حركه أصحاب السلطة حسب مقتضيات‬ ‫المالك وأنصار المذهب‬ ‫المذهب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫مصالحهم ما أدى إىل تأجيج الشحناء والتحاسد ن‬ ‫الفريقي‪ ،‬يقول الحداد‪ ":‬يكفينا أن نشت‬ ‫بي‬ ‫ن‬ ‫ّ ن‬ ‫إىل ن ن‬ ‫ن ّ‬ ‫التاع القائم اليوم نف تونس ن‬ ‫وف الديوان‪،‬‬ ‫الحنق‬ ‫بي المذهب‬ ‫والمالك يف الجامع األعظم ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ذلك ن ن‬ ‫ن‬ ‫اآلتيي‬ ‫لندل به عىل رسوخ الحقد والتحاسد‬ ‫التاع الذي يخبو أو يثور بحسب الحوادث‬ ‫من‬

‫تاريخنا‪23".‬‬

‫د‪-‬أوضاع طلبة الزيتونة‪:‬‬ ‫ال يمكن للعلم أن يثمر ر‬ ‫ويؤن أكله ما لم يستثمر بالمال وما لم يعمل الساسة عىل توفت الظروف‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والنفسية المالئمة للمتعلم والعالم عىل السواء‪ ،‬ولقد أدرك الطاهر الحداد هذه‬ ‫االجتماعية‬ ‫ن‬ ‫المت َّ‬ ‫االجتماعية ر‬ ‫َّ‬ ‫دية لطلبة العلم يف الزيتونة‪ ،‬إذ ينقل‬ ‫الحقيقة من خالل استقراء األوضاع‬ ‫ن‬ ‫معاناتهم يف معاشهم‪ ،‬فباإلضافة إىل بعدهم عن مسقط الرأس يفتقدون إىل مرافق العيش‬ ‫‪ - 21‬م ن ص ‪64‬‬

‫‪ - - 22‬م ن ص ‪71‬‬ ‫‪ - 23‬م ن ص ‪80‬‬ ‫‪37‬‬


‫ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫حت أن فواضل‬ ‫الكهربان‪ ،‬وعدم اعتناء الدولة بنظافة إقامتهم‬ ‫الكريمة من توفر الماء والغاز‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ر ن‬ ‫ملطخة دون أن ترفع"‪ّ ،24‬‬ ‫ن‬ ‫مما‬ ‫اليومي والثالثة‬ ‫تبق يف صحن مدارس سكناهم‬ ‫الطبخ والمياه‬ ‫ّ‬ ‫تسبب لهم ن يف انتشار أمراض أودت بحياة بعضهم‪ ،‬ومعاناة بعضهم اآلخر وذهاب عافيتهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫الزيتون يتكفل بنفقته‪ ،‬وهو مع ذلك مطالب بإيجاد السكن؛ ألن‬ ‫يشت الحداد إىل أن الطالب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المحبسة ال يمكن أن تستوعبهم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫اضطر إدارة المعارف أن توزع عليهم‬ ‫مما‬ ‫السكت‬ ‫مدارس‬ ‫ّ‬ ‫األقدمية‪ ،‬ومع ذلك لم ّ‬ ‫تحرك الحكومة ساكنا‪25.‬‬ ‫المساكن حسب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدر ن‬ ‫سي‬ ‫وصفوة القول‪ ،‬فإن استعراض الحداد تفاصيل التدريس ومناهجه وعالقات الشيوخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمذهبية‪ ،‬باإلضافة إىل ذكر آالم‬ ‫العلمية‬ ‫ببعضهم وبطلبتهم‪ ،‬وتحليل نفسياتهم وقناعاتهم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫اليومية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫كل ذلك كان موظفا يف كتاب الحداد من أجل دعوة إصالح ّية‬ ‫الزيتون ومعاناته‬ ‫الطالب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الماضي وتهدم‬ ‫اإلسالمية وال بثوابتها‪ ،‬وال تقدح يف تاري خ‬ ‫الهوية‬ ‫تمس بأصول‬ ‫جد ّية ال‬ ‫ن‬ ‫الثان من هذا العمل‪.‬‬ ‫ضوحه‪ ،‬وهو ما سيكشفه القسم ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالحية نق ر‬ ‫مشوع الحداد وأبعادها الحضارية‬ ‫‪ -2‬البدائل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالحية من خالل االقتصار عىل كتاب‬ ‫التعسف أن نتحدث عن هذه البدائل‬ ‫قد يكون من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫واحد للحداد‪ ،‬القتناعنا بأن هذا األمر يستوعب كل مؤلفاته دون استثناء‪ ،‬وإن كان متناثرا يف‬ ‫بعضها ونقصد ّ‬ ‫خاصة كتاب" ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫المنهخ‬ ‫النقابية"‪ ،‬غت هذا االختيار‬ ‫التونسيون والحركة‬ ‫العمال‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اإلسالم" جعلنا نرّكز عىل هذا المؤلف دون غته‪ّ ،‬‬ ‫سيما أنه ن‬ ‫ّ‬ ‫يعت‬ ‫التعليم‬ ‫"‬ ‫كتاب‬ ‫اسة‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ه مالمح هذا البديل‬ ‫وه مسألة التعليم‬ ‫ي‬ ‫الزيتون‪ ،‬فما ي‬ ‫بإصالح قضية جزئية ضمن قضايا كلية ّ ي‬ ‫ّ‬ ‫ر ن‬ ‫وخصائصه؟ وإىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫بق يف‬ ‫أي مدى يمكن أن نتحدث عن برنامج‬ ‫ي‬ ‫إصالح عند الحداد أم أن األمر ي‬ ‫ّ‬ ‫مستوى ر‬ ‫النظري؟‬ ‫المشوع‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫الزيتون عند الحداد‬ ‫أ‪ -2-‬مستويات إصالح التعليم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫حضارية عاشها يف تلك‬ ‫إن حديث الحداد عن أوضاع التعليم بجامع الزيتونة صادر من وجيعة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الفتة ما دفعه إىل استعراض تاري خ الزيتونة ر‬ ‫ر‬ ‫وفتات ازدهار العلم يف الجامع ونبوغ العلماء يف‬ ‫ر ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫جدانيا هذا المجد من خالل الذكر‬ ‫يستد و‬ ‫رحابه وأثرهم يف مشارق األرض ومغارب ها‪ ،26‬وكأنه‬ ‫الدينية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫عامة‬ ‫الزيتون وعىل المعاهد‬ ‫علمية عىل التعليم‬ ‫والتذكت‪ ،‬فحديثه إنما هو نابع من غتة‬ ‫ي‬

‫‪ -24‬م ن ص‪-34‬‬ ‫‪ -25‬نفس الصفحة‬ ‫‪ - 26‬م ن ص ‪40‬‬ ‫‪38‬‬


‫ن‬ ‫ّ ن‬ ‫ر‬ ‫واستجاع إشعاعه‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫ضح به يف ثنايا كتابة‬ ‫حضاري يف إصالح أوضاعه‬ ‫ونابع من طموح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وخاصة ن يف المقدمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وال يمكن الحديث عن إصالح حسب الحداد‪ ،‬إال إذا تحققت مراجعة ثالث قضايا‪ّ :‬أولها مواد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المتعل ن‬ ‫وتحفتهم عىل‬ ‫مي‬ ‫منهجية التدريس‪ ،‬وثالثها اعتناء الساسة بأوضاع‬ ‫التدريس‪ ،‬وثانيها‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مواد التدريس‪:‬‬ ‫أ‪-1-2‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يطالب الحداد بتنوي ع مواد التدريس يف الزيتونة‪ ،‬وتوسيع آفاق الطالب يف النظر والفهم والنقد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫ر‬ ‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقلية للعلوم ر‬ ‫نّ‬ ‫عية أو‬ ‫الديت من منافسة العلوم‬ ‫از‬ ‫االحت‬ ‫عن‬ ‫بالتخىل‬ ‫إال‬ ‫يتست ذلك‬ ‫وال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقلية سبيل إىل فهم الواقع وتحليل السياسات‬ ‫العمل عىل التشكيك فيها‪ ،‬بل إن العلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدينية ر‬ ‫مت أحسن العالم والمتعلم‬ ‫الحياتية‪ ،‬وال يمكن أن تهدد العلوم‬ ‫وتجاوز العراقيل‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫استثمارها‪ ،‬وانطالقا من ذلك اقتح الحداد تدريس علوم السياسة " كالتاري خ واالجتماعيات يف‬ ‫درس أنظمة الشعوب والحكومات وأشكالها"‪ ،27‬ويستشهد بفضل هذه العلوم من خالل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫اإلنسان ّ‬ ‫نّ‬ ‫عامة‪ ،‬فقد" ظلت مقدمته المشهورة دستورا لفلسفة‬ ‫اإلشادة بأثر ابن خلدون يف الفكر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الحاضة"‪28.‬‬ ‫األوروبية‬ ‫التاري خ ّأيام فجر النهضة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الحداد نف هذا ر‬ ‫االقتاح عن قناعة أساسها مواكبة علوم العض وفهم ّ‬ ‫آليات توظيفها يف‬ ‫يصدر‬ ‫ي‬ ‫األوروبية‪ ،‬ر‬ ‫حت ال يكون المسلم بمنأى ّ‬ ‫ّ‬ ‫الواقع ر‬ ‫فيبق معزوال بثقافته عن‬ ‫عما حققته الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫اآلخر ر‬ ‫ّ‬ ‫ورية يف‬ ‫العقلية نض‬ ‫ويبق منفصال عن الواقع المتجدد بمشاغله وقضاياه‪ ،‬فهذه العلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ن‬ ‫واإلنسانية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وف خلق روح النقد وقيم ّ‬ ‫وينبه الحداد يف إشارة ضيحة‬ ‫الحر ّية‬ ‫تحقيق التمدن‪ ،‬ي‬ ‫إىل أن تغييب تدريس هذه العلوم نف الزيتونة‪ ،‬إنما هو تغييب مقصود من الحكومة ر‬ ‫حت تضمن‬ ‫ي‬ ‫استسالم الشعب وخنوعه ّ‬ ‫وترسخ فيه قناعة مفادها‪ :‬ليس باإلمكان أحسن ّ‬ ‫مما كان‪29.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫العقلية الضامنة للتمدن ال‬ ‫إن ما يجب تأكيده يف هذا القسم هو أن الدعوة إىل تدريس العلوم‬ ‫ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫الحداد إشارة من قريب أو بعيد إىل التقليص نف تدريس العلوم ر‬ ‫ن‬ ‫عية أو بيان عدم‬ ‫تعت عند‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وه‬ ‫نجاعتها‪ ،‬بل إن الحداد ر‬ ‫ه األصل يف تمكي العلماء وإشعاعهم‪ ،‬ي‬ ‫يعتت أن هذه العلوم ي‬ ‫ّ‬ ‫الدينية منبع درس‬ ‫المنبع الذي انطلق منه المسلمون لتحقيق مجدهم‪ ،‬فقد كانت "المعاهد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية‪ ،‬فأخرجت الفقهاء الذين أمدوا الحوادث بأحكامها الالئقة‬ ‫اإلسالمية واآلداب‬ ‫الحقوق‬ ‫‪ - 27‬م ن ص ‪39‬‬ ‫‪ - 28‬م ن ص‪40‬‬ ‫‪ -- 29‬ن م ص ‪39‬‬ ‫‪39‬‬


‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫ن‬ ‫بي الناس‪ ،‬وألفوا كتبا يف ذلك كانت من خت المجهودات‬ ‫بما استظهروا من اآلراء وحكموا بها‬ ‫ّ‬ ‫العلمية"‪30.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والعلمية‬ ‫االيديولوجية‬ ‫العلمية يف نظر الحداد من شأنها أن ترد عنه االتهامات‬ ‫هذه الثوابت‬ ‫ّ‬ ‫والمسلمي‪31.‬‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الت الحقته طيلة حياته وحكمت عىل فكره باالستالب والتنكر لإلسالم‬ ‫ي‬ ‫أ‪ :2-2-‬مناهج التدريس وطرقه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫المدرسة بقدر ما تتجىل يف منهج‬ ‫إن مشكلة التدريس عند الحداد ال تكمن يف نوعية المواد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومنهجية التعليم‪،‬‬ ‫والتعلمية‬ ‫التدريس نفسه وطرق التعليم أي ما يطلق عليه اليوم بالبيداغوجيا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ولعل ّ‬ ‫أهم منهج انتقده الحداد ودعا بشدة إىل‬ ‫ولذلك كان عليها مدار حديثه يف كامل الكتاب‪،‬‬ ‫ن‬ ‫"التلقي" والحفظ دون الفهم‪ ،‬فدعا ضاحة وبجرأة إىل تعويد الطالب‬ ‫القضاء عليه هو منهج‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عىل التفكت وإعمال الرأي وتمكينه من آليات التمحيص من خالل مادة علم آداب البحث‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫رّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫التأس بمنهج العلماء القدام يف المعرفة‪ ،‬فال تقديس لآلراء‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫إال‬ ‫يتأن هذا المطلب‬ ‫ي‬ ‫ألن كل رأي صواب يحتمل الخطأ والعكس صحيح‪.‬‬ ‫هذه القناعة من شأنها أن ّ‬ ‫تؤمن طالب العلم فيبحث عن الحقيقة دون قيود المذهب والتقليد‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫والت ال فضل له يف‬ ‫وتمجيد األشخاص والتعديل‪ ،‬فيتحرر بذلك من مكبالت األفكار المسقطة ي‬ ‫إنتاجها أو ر‬ ‫حت فهمها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأه ّ‬ ‫الحرية ّ‬ ‫حر ّية الفكر والتعبت‪ ،‬وال يمكن‬ ‫مية‬ ‫إن الحداد إذ يؤكد هذه القناعة‪ ،‬فألنه مؤمن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العلمية إذ "بعد أن كانوا‬ ‫التطلع إىل إنتاج المعرفة دونهما‪ ،‬ولذلك استاء من تغيت المصطلحات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وعقلية‪ ،‬أصبحوا يقولون ّإنها ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن العلوم رش ّ‬ ‫وعقلية"‪ ،32‬فالنقل عند الحداد‬ ‫نقلية‬ ‫عية‬ ‫يقولون‬ ‫السابقي وتجميد لروح النقد والمساءلة‪ ،‬ر‬ ‫ن‬ ‫ونش لمشاعر‬ ‫عالمة تعطيل للفكر ونسخ لجهود‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لالحقي ما يقال وما يعاد فيه النظر‪.‬‬ ‫السابقي لم ريتكوا‬ ‫اليأس‪ ،‬وكأن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلصالحية‬ ‫ه يف النهاية عصارة جهد الحداد ا‬ ‫اإلسالم" فقرة‬ ‫وتستوقف الدارس لكتاب"التعليم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إذ يقول‪ ":‬يوجد العلم ويثمر حيث يوجد الرأي الذي يخدمه ويجليه فال علم إال حيث يوجد‬

‫‪ -- 30‬م ن ص ‪41‬‬ ‫‪ - 31‬ابن مراد (محمد الصالح)‪ :‬الح ّداد على امرأة الحدّاد‪ ،‬المطبعة التونسية‪ ،‬ط‪ ،1‬تونس‪1931 ،‬‬ ‫‪ - 32‬م ن ص ‪42‬‬ ‫‪40‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر ن‬ ‫ر‬ ‫يبق يف الصور‬ ‫الباف من العلم بعد ذهاب الرأي ما‬ ‫ما‬ ‫وإن‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫يوجد‬ ‫حيث‬ ‫إال‬ ‫الرأي‪ ،‬وال رأي‬ ‫ّ ي‬ ‫ّ ن‬ ‫الت مثلها آخرون من قبل"‪33.‬‬ ‫ر‬ ‫المتحركة يف السينما من تصوير الحياة ي‬ ‫ّ‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫تكمن ّ‬ ‫المسلمي يف عض الحداد‪ ،‬إذ استقال فيه العقل‬ ‫أهم ّية هذه الفقرة يف نقل مرارة واقع‬ ‫ن‬ ‫السابقي وي هرب من‬ ‫عن إنتاج المعرفة ووجود الحلول المالئمة للواقع ليعيش عالة عىل جهود‬ ‫ّ‬ ‫مستظال ن‬ ‫بقء علومهم وأمجادهم‪ ،‬فحكم عىل نفسه بالموت واستسلم لحكم‬ ‫واقعه إىل واقعهم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل من ّ‬ ‫أصحاب القرار‪ ،‬ولشد ما أحزن الحداد تسلطهم عىل ّ‬ ‫يتوجسون منه روح النظر والتدبت‬ ‫ناهيك عن النقد والتغيت" ن‬ ‫فق جامع الزيتونة إىل اليوم‪ ،‬يجب أن ال يتظاهر أحد بأفكار ينسبها‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫توهم هذا المقدار عىل شخص ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫يفض إىل‬ ‫ومجرد‬ ‫السابقي‪،‬‬ ‫إىل ذاته ليعارض بها أقوال العلماء‬ ‫ي‬ ‫رن‬ ‫واالعتال بالرأي‪34".‬‬ ‫ورم عقيدته بتهم الزي غ‬ ‫اإلنكار عليه ي‬ ‫ن ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫يتحقق استقالل الفكر ّ‬ ‫ن‬ ‫جاهي؛ ّأولهما التغيت يف‬ ‫وحريته حسب الحداد يف ات‬ ‫وصفوة القول‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫السابقي‬ ‫أساليب التعليم من خالل تعويد الطالب عىل إعمال العقل وإعادة النظر يف جهود‬ ‫ّ‬ ‫تهيب التهم والقدح نف العقيدة‪ّ ،‬أما االتجاه ن‬ ‫والالحقي دون ّ‬ ‫ن‬ ‫الثان فال يمكن تحقيقه إال برفع يد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫والمتعل ن‬ ‫مي توجيها‬ ‫والكف عن توجيه الشيوخ‬ ‫الزيتون‪،‬‬ ‫التعليم‬ ‫شؤون‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫الساسة عن التدخل ي‬ ‫َّ‬ ‫يستثمر لمصالحهم السياسية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المتعل ن‬ ‫مي‬ ‫أ‪ -3-2-‬اعتناء الساسة بأوضاع‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫ي‪ ،‬ويدعو إىل االعتناء بمعاشهم‬ ‫المسؤولية للحكومات يف إهمال الطلبة‬ ‫يحمل الحداد‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ومساكنهم وضف حوافز َّ‬ ‫التونسية‪ ،‬وقد‬ ‫خاصة أنهم وافدون من مختلف المناطق‬ ‫مالية‪،‬‬ ‫استحسن نف هذا المضمار ما ورد نف منشور المشت ّ‬ ‫األول أحمد باشا باي إذ " جعل حقا للطلبة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المواظبي عىل دروسهم يف فواضل بيت المال الذي حدد دخله لفائدة العلم والقيمي عليه‬ ‫ودفن الغرباء‪35".‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ر‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالح ينهض عىل التكامل ن‬ ‫دواع الفكر والقيم الكفيلة بالنهوض به‬ ‫بي‬ ‫مشوع الحداد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وبي متطلبات الواقع وما تمليه من ممارسة وتفعيل ال يتمان إال من خالل إيمان األطراف‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وسياسية ن‬ ‫بضورة التغيت واألخذ بأسباب ر ّ‬ ‫الرف واللحاق بالركب‬ ‫فكرية‬ ‫الفاعلة من نخب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الحضاري‪ ،‬وهو ما يحتاج إىل الوفاق والتعاون المثمر‪ ،‬واإلحساس بجسيم المسؤولية التاريخية‬ ‫‪ - 33‬نفسه‬ ‫‪ - 34‬م ن ص ‪62‬‬ ‫‪ - -35‬م ن ص ‪53‬‬ ‫‪41‬‬


‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الحداد نف إقرار هذه الحقيقة ن‬ ‫حي يقول‪ ":‬وهنا ال نتمالك أن نقول يف ضاحة‬ ‫وتكق ضاحة‬ ‫ي‬ ‫ّ ي‬ ‫إنه ال إصالح وال تراتيب توضع لهذا المعهد ما لم تصلح العقول بالفكر والهمم بالعمل ر‬ ‫حت‬ ‫كل ّ‬ ‫نعقد لبالدنا وللمعهد إكليل فخر كما تفعل ّ‬ ‫أمة ناهضة نف هذا العالم‪36".‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫اإلصالح‪ ،‬وما ه أبعاده عىل ّ‬ ‫فكيف يمكن أن نحكم عىل هذا ر‬ ‫ّ‬ ‫مر تاري خ التعليم يف‬ ‫المشوع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الزيتونة؟‬ ‫ّ‬ ‫‪ -3‬تقييم ر‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالج‬ ‫اد‬ ‫الحد‬ ‫مشوع‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫يستدع تقييم هذا ر‬ ‫المشوع التأكيد عىل أنه صادر من غتة الحداد عىل أوضاع البالد يف تلك‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫اإلصالح المنظم‪ ،‬وإنما كان تعبتا عن حماسة يف تغيت‬ ‫التنامج‬ ‫الفتة فلم‬ ‫يرتق إىل مستوى ر‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أوضاع التعليم سواء يف مستوى التدريس أو يف عالقات الشيوخ أو أوضاع الطلبة‪ ،‬وقد كشف‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫هذا ر‬ ‫التعليمية والتدخل فيها من قريب‬ ‫المشوع عن خطورة الحكومات يف تسيت هذه الشؤون‬ ‫أو بعيد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لقد ّ ن‬ ‫الحداد نف ر‬ ‫ّ‬ ‫بخاص ن‬ ‫يتي‪ :‬أوالهما التأصيل‪ ،‬وثانيهما التنوير‬ ‫اإلصالح‬ ‫وعه‬ ‫مش‬ ‫تمت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪-3‬أ‪ -‬التأصيل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫‪:‬‬ ‫اإلسالم وحركة‬ ‫التعليم‬ ‫عنوان‬ ‫له‬ ‫اختار‬ ‫فقد‬ ‫اغ‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫من‬ ‫فه‬ ‫مؤل‬ ‫لم ينطلق الحداد يف كتابة‬ ‫ي‬ ‫اإلصالح نف جامع الزيتونة‪ّ ،‬‬ ‫وأيا كانت عالقة الواو ن‬ ‫بي التعليم وحركة اإلصالح سواء كانت وصال‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي عن روح التعليم كما نصّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫لتوصيف واقع التعليم آنذاك‪ ،‬أو كانت فصال النتقاد حياد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويعتت إدراكها حركة إصالح‬ ‫عليه اإلسالم‪ ،‬فإن ما يعنينا هو أن الحداد ينطلق من روح اإلسالم‬ ‫ر‬ ‫ن ّ‬ ‫حد ذاتها‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ن‬ ‫ن‬ ‫الدينية يف مختلف‬ ‫ويتأكد هذا اإلقرار من خالل استعراض الحداد تاري خ التعليم يف المعاهد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدا ّ‬ ‫أهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫واإلنسان‪ ،‬ومعددا أسماء العلماء‬ ‫الحضاري‬ ‫وإشعاعها‬ ‫تها‬ ‫ي‬ ‫اإلسالمية‪،‬‬ ‫البالد‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتخر ن‬ ‫اإلنسان عامة‪ ،‬فهو عند حديثه عن اإلصالح يربطه‬ ‫جي منها وفضلهم عىل الفكر‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ ّ‬ ‫الثان‬ ‫التونسية إنه الدين‬ ‫الهوية‬ ‫بالحفاظ عن الجوهر أي بما به تتحدد‬ ‫اإلسالم أما العنض ي‬ ‫ّ ي‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫العربية‪ ،‬لغة ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمة عىل حد عبارته‪ ،‬إذ لم يتوان الحداد عن مطالبة إدارة‬ ‫للتأصيل فهو اللغة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعهد بتدريس علوم الحياة باللغة العربية وذلك من خالل ترجمتها ر‬ ‫الزيتونيون‬ ‫حت يتمكن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التونسيون‬ ‫يعتتها‬ ‫من االستفادة منها ومواكبة تطور العض‪ ،‬يقول‪ ":‬هذه المسألة يجب أن ر‬ ‫‪- - 36‬م ن ص ‪65‬‬ ‫‪42‬‬


‫ّ‬ ‫نحم‬ ‫أن‬ ‫يمكننا‬ ‫الذي‬ ‫الوحيد‬ ‫المعهد‬ ‫اليوم‬ ‫هو‬ ‫المعهد‬ ‫هذا‬ ‫أن‬ ‫مسألة موت أو حياة‪ ،‬إذا أدركنا‬ ‫ي‬ ‫به جوهرنا من االندثار بإحياء لغتنا وآدابنا الصحيحة مع درس علوم الحياة فيه بلساننا‪37".‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التأصيىل عند الحداد من خالل مناقشة حياد بعض العلوم عن خدمة القرآن‬ ‫الجانب‬ ‫ويتجىل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يعتتهما النص األصل لكل‪ ،‬فنص عىل "وجوب الرجوع إىل طريقة االستبصار بآيات‬ ‫والسنة‪ ،‬إذ ر‬ ‫هللا نف الكون عىل مثال القرآن العظيم وهو أساس تعاليم اإلسالم‪38".‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫وثمة مظهر آخر ّ‬ ‫ّ‬ ‫التأصيىل عند الحداد وهو رجوعه نف كل ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرة إىل التاري خ‬ ‫يدل عىل المنخ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المسلمي وإىل تاري خ الزيتونة فشيوخها وعىل هذا األساس تكون‬ ‫اإلسالم وإىل العلماء‬ ‫ّ ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬واللغة العربيذة‪ ،‬والتاري خ‪.‬‬ ‫ه‪ :‬الدين‬ ‫ي‬ ‫محددات التأصيل عند الحداد ثالثة ي‬ ‫‪-3‬ب‪ -‬التنوير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليس التنوير ر‬ ‫َّ‬ ‫تاريخية من حياة أي حضارة أو ثقافة‪ ،‬بل هو قدرها المتجدد بتجدد قضاياها؛‬ ‫فتة‬ ‫ّ‬ ‫ر ن‬ ‫حت يف لحظات استقالته تلك اللحظات من شأنها أن تكون قادحا‬ ‫ألن اإلنسان فكر فاعل‬ ‫ّ‬ ‫للتفكت من جديد نف الفعل والعمل‪ ،‬وعىل هذا األساس ال يمكن ّ‬ ‫ع أنها ثقافة‬ ‫تد‬ ‫ألي ثقافة أن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن ّ‬ ‫التنوير عىل اإلطالق أو أنها خالقة له‪ ،‬وهذا ما يدحض مزاعم القائلي بأن " التنوير" نبع من‬ ‫أوروبا ومقتض عليها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الحداد نف إصالح التعليم ر‬ ‫يعتت ر‬ ‫تنويريا إذ انطلق من هشاشة‬ ‫مشوعا‬ ‫وع‬ ‫مش‬ ‫اإلطار‬ ‫هذا‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الواقع المعيش ورام تغيته وفق رؤية تدعو إىل إعادة النظر يف المفاهيم بحثا عن سبيل للتعامل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫أرضية صلبة تحقق المقاصد العليا لإلسالم يف‬ ‫معها تعامال بناء يروم تحويل هشاشة الواقع إىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المسلمي‪ ،‬وليس التنوير بعد ذلك إال إنصاتا لمتطلبات الواقع‪ ،‬وتفعيال للفكر خدمة له‬ ‫حياة‬ ‫ن يف كل أبعاده‪.‬‬

‫‪ - 37‬م ن ص ‪35‬‬ ‫‪ - 38‬م ن ص ‪71‬‬ ‫‪43‬‬


‫الخاتمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإن إعادة دراسة ر‬ ‫ّ‬ ‫معرفية ألسباب عديدة يتصل‬ ‫اإلصالح نضورة‬ ‫مشوع الحداد‬ ‫صفوة القول‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األكاديمية‬ ‫ّأولها بالتعامل مع فكر الحداد تعامال حياديا يقتضيه المنهج العلميذ والضوابط‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫الحضاري‪ ،‬أي ن‬ ‫وتفرضه نضورة فهم التفاعل التاريخيذ ن‬ ‫الدواع‬ ‫بي‬ ‫اإلنسان والواقع‬ ‫بي الفكر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الفكرية ومتطلبات الواقع‪ ،‬فال وجود لفكر متعال عن واقعه سابح يف أحالم ال نهاية لها وإن‬ ‫ّ ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫واإلبداعية ّ‬ ‫ّ‬ ‫عامة تستجيب لهذا الواقع الموازي إال أنها يف النهاية موصولة‬ ‫الشدية‬ ‫كانت األعمال‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫الحضاري‪.‬‬ ‫التاريخ ومقامها‬ ‫بسياقها‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المصلحي نف القرن التاسع ر‬ ‫ن‬ ‫تاريخية يمكن‬ ‫عش وما بعده وثيقة‬ ‫مؤلفات‬ ‫تعد‬ ‫ومن هذا المنطلق‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫التاريخ وتفاصيله يف تلك الحقب‪ ،‬وتفاعله مع الثقافات‬ ‫االستئناس بها لفهم مالبسات الواقع‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫األخرى وتطلعه للتغيت واإلصالح‪.‬‬ ‫ّأما السبب ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ونعت دراسة‬ ‫بالحاض‪،‬‬ ‫الماص‬ ‫الثان والذي كان هذا العمل نتاجا له‪ ،‬فهو وصل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ن‬ ‫نّ‬ ‫وه نواقص ال يخلو‬ ‫خ‪،‬‬ ‫التاري‬ ‫عت‬ ‫ه‬ ‫وتعت‬ ‫الزيتون اليوم‪ ،‬والحفر يف أصول نواقصه‬ ‫واقع التعليم‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ّي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫منها أي ر‬ ‫مشوع للتعليم يف كل بلدان العالم‪ ،‬ثم مقارنة ما كان وما استجد للتطلع إىل ما سيكون‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الزيتونيون قديما إىل تنوير فروعها‬ ‫فحاض التعليم يف الزيتونة مشدود إىل جذور أصيلة سىع‬ ‫ويبق السؤال مطروحا‪ :‬إىل ّ‬ ‫بما أوتوا من جهود‪ ،‬ر‬ ‫ّ‬ ‫الزيتونيون اليوم من جهود‬ ‫أي مدى استفاد‬ ‫ن‬ ‫أسالفهم نف إصالح التعليم؟ وهل ّ‬ ‫نّ‬ ‫الزيتون‬ ‫ثمة برنامج متماسك يف الرفع من شأن التعليم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والعالم لهذا التعليم الذي كانت تشد إليه الرحال؟‬ ‫والتعهد باستجاع اإلشعاع القطري‬ ‫ي‬

‫‪44‬‬


‫ر‬ ‫ن‬ ‫الدين‬ ‫والتنوير‬ ‫بية‬ ‫الت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الدكتور مصدق الجليدي‬ ‫مركز البحوث والدراسات بسوسة‬

‫‪45‬‬


‫ً‬ ‫ّأوال‪ :‬ما التنوير؟‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫"تحرر الفرد من الوصاية ر‬ ‫الت جلبها‬ ‫بكونه‬ ‫التنوير؟"‪،‬‬ ‫هو‬ ‫"ما‬ ‫رسالته‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫يعرف كانط التنوير ي‬ ‫لنفسه" ّ‬ ‫ويعرف الوصاية بكونها "عدم قدرة الفرد عىل استخدام فهمه الخاص دون توجيه من‬ ‫اآلخر"‪ .‬ر‬ ‫العقىل‪ ،‬بل السبب هو انعدام اإلقدام‬ ‫ويشح بأن سبب هذه الوصاية ليس القصور‬ ‫ي‬ ‫والشجاعة عىل استخدامه [أي العقل] دون توجيه من اآلخر"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫"تشجع لتعلم! [‪"]!Sapere aude‬فلتكن لديك الشجاعة الستخدام عقلك الخاص!" هذا‬ ‫هو شعار التنوير‪ .‬كما أطلقه كانط‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫عبودية الوصاية ومن هيمنة األوصياء الذين َّ‬ ‫إذا‪ ،‬هو حركة ّ‬ ‫نصبوا‬ ‫تحرر وتحرير من‬ ‫التنوير‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫أنفسهم عىل الجمهور‪ .‬التنوير هو الكوجيطو‪" :‬أنا أفكر‪ ،‬أنا موجود"‪ .‬ال وجود حقيق ىل ر‬ ‫كبش‬ ‫ي ي‬ ‫ر‬ ‫الذان‪َّ .‬‬ ‫بقية الوظائف الحيوية أتساوى فيها مع النبات والحيوان‪ .‬الحياة الروحية‬ ‫إال بالتفكت‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫المتأمل وممارسة له‪ ،‬بحسب محمد إقبال‪ .‬التجربة الفكرية والروحية‬ ‫ه تتوي ج للتفكت‬ ‫ي‬ ‫الت ّ‬ ‫ِّ‬ ‫المتحررة بالكامل من الوصاية ه ر‬ ‫تشع النور ن يف العقل‪.‬‬ ‫ي ي‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وأبسط ما يمكن تسميته ّ‬ ‫حرية هو أن يكون الفرد‬ ‫يقول كانط‪" :‬التنوير ال يتطلب إال الحرية؛‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ ن‬ ‫علنيا يف كل األمور‪...‬لكن عىل الجانب اآلخر‪ ،‬االستخدام‬ ‫حرا الستخدام عقله الخاص‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫الخصوص للعقل يمكن أن ُي ّ‬ ‫قليال دون أن ن‬ ‫ن‬ ‫بتقدم التنوير‪.‬‬ ‫وحي أقول "‬ ‫يض ذلك‬ ‫قيد‬ ‫ي‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫العالم أمام العامة المتعلمة‪.‬‬ ‫وأسم‬ ‫أعت استخدام الفرد‬ ‫االستخدام‬ ‫ِ‬ ‫العلت لعقل الفرد؛ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫مدن عهد إليه"‪ .‬أي احتام‬ ‫الخصوص" ذاك الذي يستخدمه الفرد يف منصب‬ ‫"االستخدام‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫القواني وقواعد العمل والمهنة مع بقاء المجال واسعا من الناحية الفكرية والعلمية إلخضاع‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ألشد قواعد العقل ضامة‪.‬‬ ‫القواني والضوابط المهنية‬ ‫تلك‬

‫‪46‬‬


‫ن‬ ‫الدين؟‬ ‫ثانيا‪ :‬ما التنوير‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الديت يرتبط ارتباطا وثيقا باإليمان والدعوة إلله واحد‪ .‬ويتلخص‬ ‫إن مفهوم التنوير يف المنظور‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ي * َي ْهدي به َّ ُ‬ ‫ور َوك َت ٌ‬ ‫اب ُمب نٌ‬ ‫الديت بهذه اآلية الكريمة‪َ ﴿ :‬ق ْد َج َاء ُك ْم م َن َّ ُ ٌ‬ ‫ن‬ ‫اَّلل َم ِن ات َب َع‬ ‫التنوير‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫اَّلل ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ر ْض َو َانه ُس ُب َل َّ‬ ‫السالم َو ُيخر ُج ُه ْم م َن الظل َ‬ ‫ات إىل النور بإذ ِن ِه َو َي ْه ِديه ْم إىل ِ َ‬ ‫اط مست ِق ٍيم ﴾‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ر‬ ‫الشك إىل التوحيد‪،‬‬ ‫المائدة‪ )16- 15:‬وإخراج الناس من الظلمات إىل النور معناه إخراجهم من ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عبودية هللا الواحد األحد وهذا النور من‬ ‫عبودية األصنام واآللهة المتعددة إىل‬ ‫إخراج الناس من‬ ‫ى‬ ‫َّ ُ ى ُ ُ ً َ َ ى ُ ْ ُ‬ ‫َ َ ْ ْ َ ْ َ‬ ‫ور ﴾ النور‪.)40:‬‬ ‫هللا‪ ،‬وهو نور الفطرة‪ ﴿ :‬ومن لم يجع ِل اَّلل له نورا فما له ِمن ن ٍ‬ ‫ن‬ ‫الديت كما ّ‬ ‫ن‬ ‫فهل توجد عالقة ن‬ ‫آن‪ ،‬من جهة ومفهوم‬ ‫بي مفهوم التنوير‬ ‫ر‬ ‫يعت عنه مفهوم النور القر ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫التنوير كما جاء يف فلسفة األنوار من جهة ثانية؟‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫آن فسوف يصعب علينا إثبات‬ ‫إذا ما بحثنا عن هذه العالقة يف إطار الفهم التقليدي للنور القر ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫متوازيتي‪ :‬واحدة‬ ‫تنويريتي‬ ‫منظومتي‬ ‫سننته عىل األرجح إىل اإلقرار بوجود‬ ‫وجودها‪ ،‬بل‬ ‫ي‬ ‫عقلية وأخرى روحية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫مفكر ّ‬ ‫حر مؤمن‪ ،‬ال أقيم عداوة ن‬ ‫شأن يف‬ ‫واإليمان‪،‬‬ ‫العقل‬ ‫بي‬ ‫أنا‬ ‫بما‬ ‫ا‬ ‫يخص ن يت شخصي‬ ‫يف ما‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫األلمان كانط‪ ،‬الذي جعل اإليمان بوجود هللا رشطا من رشوط إمكان بناء‬ ‫ذلك شأن الفيلسوف‬ ‫ي‬ ‫العمىل ومصادرة من مصادراته‪ ،‬أو ديكارت الذي جعل "هللا" ضمانة ابستمولوجية‬ ‫العقل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫شأن يف ذلك‬ ‫الوسواس‬ ‫لصحة العلم يف وجه الشك‬ ‫الشيطان الماكر‪ ،‬وال أقيم قطيعة بينهما‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن ر‬ ‫اىل يف تصوره للعقل رشعا من داخل‪،‬‬ ‫شأن ابن رشد يف وصله بي الشيعة والحكمة‪ ،‬أو الغز ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫والشع عقال من خارج نور عىل نور)‪ ،‬أو إدغار موران الذي يدمج يف مفهوم العقل مفاهيم‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫آن‪ ،‬بل العكس‬ ‫فإن لن أجعل مفهوم التنوير‬ ‫األورون حكما عىل مفهوم النور القر ي‬ ‫ري‬ ‫الحب والتوبة‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫األورون ما‬ ‫الواع هو أن التنوير‬ ‫المنهخ‬ ‫يوصلت إليه هذا االختيار‬ ‫هو الذي أفعله‪ .‬ذلك أن ما‬ ‫ر ي‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫الفلسق منه‪َّ .‬أما الوجه اآلخر الذي‬ ‫آن‪ ،‬وهو الوجه الفكري‬ ‫هو إال وجه من‬ ‫ي‬ ‫وجه التنوير ّالقر ي‬ ‫ي‬ ‫ن ن‬ ‫والروح مندمجي يف‬ ‫العقىل‬ ‫الروح الشهودي‪ .‬والنوران‬ ‫األورون فهو النور‬ ‫يفتقده التنوير‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪47‬‬


‫ن‬ ‫التنوير القر ن‬ ‫‪.‬‬ ‫اف‬ ‫ر‬ ‫الخ‬ ‫الفكر‬ ‫من‬ ‫بالقطع‬ ‫إال‬ ‫يتم‬ ‫ال‬ ‫التوحيد‬ ‫هو‬ ‫الذي‬ ‫الصحيح‬ ‫اإليمان‬ ‫إن‬ ‫حيث‬ ‫آن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بنية عىل األوهام‪ ،‬ولذلك فه ر‬ ‫فالوثنية خالفا لعقيدة التوحيد‪ ،‬عقيدة م ّ‬ ‫ّ‬ ‫واألسطوري‪.‬‬ ‫تفتض‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫خضوع العالم لتأثتات اآللهة المعبودة بشكل عشوان‪ّ ،‬‬ ‫ن‬ ‫الفوص ال يمكن‬ ‫مما يجعله يف حالة من‬ ‫ي‬ ‫ن ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ضبطها عقال‪ ،‬ومن هنا استحالة بناء العلم الذي ر‬ ‫يفتض اطراد وقوع األحداث يف الطبيعة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫السببية‪ .‬بينما عقيدة التوحيد تسمح‬ ‫بكيفيات موحدة يمكن صياغتها رياضيا استنادا إىل مبدأ‬ ‫بتصور وجود نظام واحد للعالم مستقر وضمانة ذلك صدوره عن خالق واحد حكيم ال تجد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً ن‬ ‫ّ‬ ‫إمكانية بناء العلم الصحيح والتحكم ولو جزئيا يف مسار العالم‬ ‫لسنته تبديال وال تحويال‪ .‬ومن هنا‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫لصالح تقدم اإلنسان ونهضة األمم‪ .‬وهذا ما ذهب إليه الشيخ الطاهر ابن عاشور يف بيان وجه‬ ‫بي حالة العقيدة والعلم‪ ،‬إذ يقول‪" :‬والقرآن قد شهد بذلك َّ‬ ‫العالقة ن‬ ‫ونبه إليه من قبل‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫شاهدين لذلك فيه‪ّ :‬أولهما ﴿ َوأوت َينا العل َم م ْن ق ْبل َها َوك َّنا ُم ْسلم نَ‬ ‫ي * َو َصدها َما كانت‬ ‫وجدت‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َُْ​ُ ْ ُ‬ ‫اَّلل إ َّن َها ىك َان ْت م ْن َق ْوم ىكافر َ‬ ‫ين ﴾ النمل‪ .)43- 42:‬أي صدها عن حصول العلم‬ ‫ِ‬ ‫تعبد ِمن د ُ ِ‬ ‫ون ِ ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫العلم والرشد الفكري‬ ‫النافع عبادتها الشمس‪ ،‬فكانت بذلك االعتقاد منضفة عن الكمال‬ ‫‪ َ َ :‬ى ْ َ ْ َ ْ ُ ْ ى َ ُ ُ ي ُ َّ ر َ ْ ُ َ‬ ‫ون منْ‬ ‫واستكمال الحضارة ّ‬ ‫الص‬ ‫حيحة‪ .‬وثانيهما قوله تعاىل ﴿ فما أغنت عنهم آ ِلهتهم ال ِ يت يدع ِ‬ ‫َّ ْ رَ ْ ى َّ َ َ ى ْ ُ َ ِّ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫يب ﴾ هود‪.)101 :‬‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ون ِ‬ ‫د ِ‬ ‫س ٍء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غت ت ِ ٍ‬ ‫اَّلل ِمن ي‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫التسبب فيه‪ ،‬وليس ذلك من فعل اآللهة إذ‬ ‫فجعل لحال اعتقادهم أثرا يف زيادة هالكهم أي‬ ‫ن ّ ّ‬ ‫ِّ ن‬ ‫وإنما الذي ن ّ‬ ‫يض هو التعاليم المؤثرة يف نفوس أتباعهم‬ ‫اآللهة ال تصدر منها أفعال تنفع أو تض‪،‬‬ ‫ن‬ ‫من االعتماد عىل أوهام باطلة ال تالئم نظم العمران يف هذا العالم‪ ،‬فال تلبث تعاليمها أن تصادم‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫فيخء الهالك شيعا‪ ،‬ألن أعمال الناس يف هذا العالم إنما‬ ‫ما تقتضيه نواميس العمران الحقة‪،‬‬ ‫ير‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الخاصة وحالة‬ ‫تتمثل عىل مثال فكرهم وعقولهم وأخالقهم‪ ،‬والفكرة والخلق نتيجة التعاليم‬ ‫االجتماع ن يف اإلسالم‪ ،‬ص‪.)11-10 .‬‬ ‫الوسط العامة" أصول النظام‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫والتحرر من سلطة األصنام‬ ‫الديت الذي يتلخص يف القطع مع األوهام‬ ‫هذا المفهوم‬ ‫للتنوير ً ي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫قواني ونواميس‬ ‫وفهم العالم فهما علميا يتكامل مع التسليم بصدوره عن خالق حكيم وضع له‬ ‫َّ‬ ‫والنبوة‪ .‬ولكن يوجد فهم‬ ‫العلم‪ ،‬يمكن إدراجه ضمن براديغم اإليمان‬ ‫ه موضوع النظر‬ ‫ي‬ ‫ثابتة ي‬ ‫ّ‬ ‫يلىع اإليمان وال ينكر الوح‪ ،‬ولكنه يركز ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أكت عىل اإلنسان واألنسنة وعىل‬ ‫آخر للتنوير‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الديت ال ي‬ ‫‪48‬‬


‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الكانظ‪ ،‬هذا الفهم يرتبط بمفهوم ختم‬ ‫الحدان‬ ‫بمعت التنوير‬ ‫التاري خ والعقل وله صلة أوضح‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫يعت رفع الوصاية عن عقل اإلنسان‪.‬‬ ‫النبوة الذي ي‬

‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الدين‪:‬‬ ‫التنوير‬ ‫ق‬ ‫ثالثا‪ -‬ختم النبوة منهج ي‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫ّ‬ ‫معرف‬ ‫النبوة عىل نحو‬ ‫نعود هنا إىل الفيلسوف الهندي محمد إقبال الذي صاغ مفهوم ختم‬ ‫ي‬ ‫مبتكر‪ .‬يقول إقبال عن موقع ر ّ‬ ‫نت اإلسالم بأنه قائم‪ :‬ن‬ ‫"بي العالم القديم والعالم الحديث‪ .‬فهو‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الت انطوت‬ ‫من العالم القديم باعتبار مصدر رسالته‪ ،‬وهو من العالم الحديث باعتبار الروح ي‬ ‫عليها"‪ .‬وهذه الروح ه روح تحريرية للعقل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫خارجية عنه‪ ،‬وذلك وكما أحسن‬ ‫كل وصاية‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫‪:‬‬ ‫االستدالىل" و"أن النبوة لتبلغ كمالها األخت يف‬ ‫العقل‬ ‫مولد‬ ‫هو‬ ‫اإلسالم‬ ‫"مولد‬ ‫أن‬ ‫بيانه إقبال‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫إدراك الحاجة إىل إلغاء النبوة نفسها‪ ،‬وهو أمر ينطوي عىل إدراكها العميق الستحالة بقاء الوجود‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يحصل كمال معرفته لنفسه ن‬ ‫ينبىع أن‬ ‫لك‬ ‫اإلنسان‪،‬‬ ‫وأن‬ ‫منه‪،‬‬ ‫يقاد‬ ‫مقود‬ ‫عىل‬ ‫األبد‬ ‫إىل‬ ‫معتمدا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ريتك ليعتمد يف النهاية عىل وسائله هو‪ .‬وأن إبطال اإلسالم للرهبنة ووراثة الملك‪ ،‬ومناشدة‬ ‫ّ‬ ‫الدوام‪ ،‬وإضاره عىل أن النظر نف الكون والوقوف عىل أخبار ّ‬ ‫األو ن‬ ‫لي‬ ‫القرآن للعقل والتجربة عىل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫يت‬ ‫من مصادر المعرفة اإلنسانية‪ ،‬كل ذلك صور مختلفة لفكرة ختم النبوة" تجديد التفكت الد ي‬ ‫ن يف اإلسالم‪ ،‬ص‪.)144.‬‬ ‫فه نضب من البنائية المفتوحة وليست‬ ‫إن ختم النبوة ستورة معرفية تاريخية ال تنقطع ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الوح‪ ،‬ولذا علينا أن نمعن باستمرار يف مزيد تكريس‬ ‫تاريخ حصل لحظة انقطاع‬ ‫مجرد حدث‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫هذا الختم‪ ،‬أي مزيد استبدال التقليد بالفهم وإرادة التجديد والفعل يف العالم والتاري خ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المسلمي فقط بل هو ظاهرة معرفية كونية‪.‬‬ ‫يخص‬ ‫وهذا الختم ال‬ ‫الدين نق ر‬ ‫ن‬ ‫اإلسالم ن يق تونس‪:‬‬ ‫التاث‬ ‫رابعا‪ -‬مثال عن التنوير‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫العرفية العمر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نعتت أن مفهوم المقاصد ر‬ ‫انية‪ ،‬كما‬ ‫والمعان‬ ‫العقلية‬ ‫المعان‬ ‫المؤسسة يف‬ ‫الشعية‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الديت يف تاري خ الثقافة اإلسالمية‪:‬‬ ‫صاغه الشيخ الطاهر بن عاشور عنوانا بارزا للتنوير‬ ‫ي‬

‫‪49‬‬


‫َّ‬ ‫ّن‬ ‫الشعية‪ ،‬هما‪ :‬المقاصد ر‬ ‫نوعي من المقاصد ر‬ ‫ن‬ ‫يمت ابن عاشور ن‬ ‫حقيقية لها‬ ‫معان‬ ‫ه‬ ‫الت‬ ‫بي‬ ‫ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ِّ ن‬ ‫تحقق يف نفسها‪ ،‬بحيث "تدرك العقول السليمة مالءمتها للمصلحة أو منافرتها لها‪ ،‬كإدراك كون‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ضارا" مقاصد ر‬ ‫الشيعة اإلسالمية‪ ،‬ص‪،)51 .‬‬ ‫العدل نافعا‪ ،‬وكون االعتداء عىل النفوس‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ر‬ ‫والمقاصد ر‬ ‫الت ألفتها نفوس الجماهت‪،‬‬ ‫معان‬ ‫ه‬ ‫الت‬ ‫ٍ‬ ‫عرفية عامة والمراد بها "المجربات ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واستحسنتها استحسانا ناشئا عن تجربة مالءمتها لصالح الجمهور‪...‬كإدراك كون اإلحسان‬ ‫ن‬ ‫ينبىع تعامل ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الجان رادعة إياه عن العود إىل مثل جنايته‪ ،‬ورادعة‬ ‫األمة به‪ ،‬وكإدراك عقوبة‬ ‫ي‬ ‫معت ي‬ ‫غته عن اإلجرام" مقاصد ر‬ ‫الشيعة اإلسالمية‪ ،‬ص‪.)52 .‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫الحقيق‬ ‫المرجع‬ ‫إن‬ ‫وه‬ ‫ية‬ ‫األهم‬ ‫غاية‬ ‫ف‬ ‫فنالحظ هنا من الناحية االبستمولوجية مسألة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫تضمنهما النص وهما يقعان موضوعيا‬ ‫للمقاصد ليس النص يف حد ذاته‪ ،‬وإنما أمران آخران‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتجربة ر‬ ‫خارجه‪ .‬وهما‪:‬‬ ‫فصحت‪ .‬أي العقل والواقع اللذان يشهدان‬ ‫الت مورست‬ ‫الحس السليم‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بوجود المصلحة أو المفسدة‪ .‬فيصبح النص الذي تستقرأ أحكامه وعلل أحكامه الصيغة النظرية‬ ‫ّ ِّ‬ ‫الت ّ‬ ‫نص ُم َوثق لتجربة العقل بما هو‬ ‫العمىل الصائب‪ .‬فهو‬ ‫تعت عن خالصات العقل‬ ‫المكتوبة ر ي ر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫حس سليم وبما هو ختة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وخزان تجارب‪ .‬أي كتاب هللا المسطور الشاهد عىل كتابه المنظور‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫والمجرب‪.‬‬ ‫ن‬ ‫الدين ن يق تونس‪:‬‬ ‫خامسا‪ -‬قضية التعليم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ً ن‬ ‫ن ن‬ ‫وف تونس خصوصا كان محل انتقاد من العالمة‬ ‫الديت يف إفريقيا عموما‪،‬‬ ‫من المعلوم أن التعليم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بن خلدون سابقا‪ ،‬ومن العالمة الطاهر ابن عاشور الحقا‪ .‬ولهذا ألف ابن عاشور كتابه" أليس‬ ‫الصبح بقريب" لتشخيص أدواء هذا التعليم ر‬ ‫واقتاح العالجات المناسبة له‪.‬‬ ‫َّ ً‬ ‫ن‬ ‫مؤسسيا هو إقرار الشعبة العضية يف مطلع الخمسينات‪ .‬ثم جاء‬ ‫وآخر ما انته إليه هذا الجهد‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫الزيتون مراحل قصتة‬ ‫نوفمت‪ 1958‬ل ُي ِت ّم ما ابت ِدئ من توحيد التعليم‪ ،‬وسار بالتعليم‬ ‫إصالح‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫متعاقبة من الدمج ف التعليم العام إىل أن ّ‬ ‫تم غلق جامع الزيتونة بالكامل سنة ‪.1964‬‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫وبحكم ّ‬ ‫توجه النظام ر‬ ‫توجها تنمويا اقتصادويا‪ ،‬ونظرا لغلق جامع‬ ‫التونس بعد االستقالل‬ ‫التبوي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الديت إىل ن‬ ‫ن‬ ‫أدن مستوى منذ أن دخل اإلسالم أرض إفريقية‪ .‬وهو‬ ‫التعليم‬ ‫ص‬ ‫تقل‬ ‫الزيتونة‪ ،‬فقد‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الزمت الواضح لمنهاج ر‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وخلو‬ ‫وف الثانوي‬ ‫االبتدان‬ ‫ف‬ ‫اإلسالمية‬ ‫بية‬ ‫الت‬ ‫ص‬ ‫التقل‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ما يتجىل ي‬ ‫‪50‬‬


‫التعليم العاىل منه بالكامل‪ ،‬ما عدا نف الكلية الزيتونية‪ .‬وقد ّبرر تقريركتابة الدولة ر‬ ‫للتبية القومية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫‪ )1963‬هذه المكانة المحتشمة جدا للتبية الدينية باستبدال المقاربة الكمية للمسألة الدينية‬ ‫ّ‬ ‫المخصصة ر‬ ‫بمقاربة نوعية‪ ،‬حيث جاء نف هذا التقرير‪ ":‬ن‬ ‫للتبية الدينية‬ ‫ولي كان عدد الحصص‬ ‫ي‬ ‫قد يبدو قليال بالنسبة لغته‪ ،‬فإن ما أصبحت تحويه تلك الحصص من مواضيع جوهرية أصيلة‬ ‫ِّ‬ ‫التبية الدينية" تقرير كتابة الدولة ر‬ ‫يحقق بصفة شافية للغليل ما نريده من ر‬ ‫للتبية‬ ‫لكفيل بأن‬ ‫ن‬ ‫وف الحقيقة كان وضع هذه ر‬ ‫التبية أبعد ما يكون عن شفاء الغليل‪.‬‬ ‫القومية‪ .)1963 ،‬ي‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫اىل إىل‬ ‫ولقد استمر العمل عىل هذا النهج تحجيم العربية والتعليم‬ ‫الديت) حت قدوم محمد مز ي‬ ‫ي‬ ‫التبية سنة ‪ ،1976‬فحاول رد االعتبار للعربية وبدرجة أقل ر‬ ‫وزارة ر‬ ‫للتبية الدينية من خالل‬ ‫ن‬ ‫إحداث شعبة العلوم ر‬ ‫وه شعبة متفرعة عن شعبة اآلداب يف نهاية السنة‬ ‫الشعية سنة ‪،1978‬‬ ‫ي‬ ‫ىى ّ‬ ‫الخامسة من التعليم الثانوي وال توجد حسب منشور اإلحداث إال بأربعة معاهد ثانوية‪ .‬فلكأنها‬ ‫ر‬ ‫نموذح بلقاسم بن سالم‪ ،1988 ،‬ص‪.)101 .‬‬ ‫ع‬ ‫ر ي‬ ‫تعليم ش ي‬ ‫سادسا‪ :‬ر‬ ‫ن‬ ‫الدين‪ :‬لماذا وكيف؟‬ ‫التبية والتنوير‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫لقد كشفت ظاهرة ما ّ‬ ‫التوز الكبت‬ ‫سم بثورات الربيع‬ ‫العرن عن ظواهر مكبوتة عدة‪ ،‬من بينها ر‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫للظاهرة اإلسالموية السلفية المتشددة‪ .‬وللظاهرة األختة أسباب عديدة يندرج بعضها يف إطار‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عولم عام اتسم ربتوز تيارات "الجهل المقدس"‪ ،‬حيث ينفصل الدين عن الثقافة ليكتسح‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫عالم متشنج بل وعنيف يف أحيان كثتة‪ .‬غت أن واحدا من هذه األسباب‬ ‫العالم يف شكل غزو‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫يقع نف مجال ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫متقابلي‪ :‬نقص حاد يف التبية الدينية وإفراط فيها يف اآلن نفسه‪:‬‬ ‫وبمعنيي‬ ‫التبية‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫نقص فادح يف التبية الدينية المستندة إىل أسس علمية محتوى وطريقة وأسلوبا‪ ،‬وإفراط يف‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َ ّ‬ ‫رن‬ ‫واقىع وباعتماد‬ ‫واجتماع‬ ‫وتاريخ‬ ‫ثقاف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اعتماد صيغة نصية حرفية للدين منتعة من كل سياق ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫تبليىع تقريري ن‬ ‫ن‬ ‫إجباريا وإلز ّ‬ ‫ن‬ ‫الديت الجديد اليوم‬ ‫اميا‪ .‬لذلك عىل التعليم‬ ‫وعظ يكاد يكون‬ ‫أسلوب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫العمل عىل رفع ذاك الجهل المقدس وتوعية الشباب بمقاصد الدين السمحة وحمايته من‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُّ‬ ‫‪.‬‬ ‫ه بناء‬ ‫الغاية‬ ‫هذه‬ ‫لبلوغ‬ ‫السبل‬ ‫أوضح‬ ‫إحدى‬ ‫وإن‬ ‫نفسه‬ ‫اآلن‬ ‫ف‬ ‫العنف‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫التطرف واالنخراط ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الديت عىل أسس بنائية علمية متينة‪.‬‬ ‫التعليم‬ ‫ي‬ ‫الديت نف ر‬ ‫ن‬ ‫التبية والتعليم بدل سياسة تجفيف منابع التدين‬ ‫المطلوب اليوم هو اعتماد التنوير‬ ‫ي ي‬ ‫ر ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ ن‬ ‫تصحر يف الثقافة الدينية وخواء يف التجربة الروحية‪ ،‬مما جعل الشباب‬ ‫الت أدت إىل‬ ‫والروحانية ي‬ ‫‪51‬‬


‫ن ن‬ ‫‪.‬‬ ‫إصالح ‪ 1991‬و‪2002‬‬ ‫وجامعة‬ ‫مدرسة‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫كت‬ ‫ف‬ ‫لقمة سائغة‬ ‫ي‬ ‫لمحتطت اإلرهاب ِّالنافخي ًي‬ ‫ري‬ ‫عشات اآلالف من المتشددين ّ‬ ‫ّ‬ ‫تخرج ر‬ ‫ن‬ ‫اإلرهابيي‪.‬‬ ‫دينيا واآلالف من‬ ‫ر‬ ‫ع عىل أسس تنويرية ضمانة من ضمانات السلم‬ ‫تعميق الثقافة الدينية والتكوين‬ ‫العلم الش ّي‬ ‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫الروح واألهىل وحصن ن‬ ‫التطرف واإلرهاب‪.‬‬ ‫متي من الحصون ضد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يم ‪transposition didactique‬‬ ‫تعل‬ ‫نقل‬ ‫ممارسة‬ ‫هو‬ ‫التنويري‬ ‫الديت‬ ‫التعليم‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫المطلوب ي‬ ‫ي‬ ‫مناسب‪ ،‬حيث إن عملية النقل التعليم نف مجال ر‬ ‫اإلسالم يجب أن تبدأ بإعادة‬ ‫التبية والتفكت‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫نن‬ ‫ه‪ ،‬وحشو عقول‬ ‫تقييم المتلة المعرفية للعلوم اإلسالمية القديمة وعدم استنساخها كما ي‬ ‫ن‬ ‫تاريخ‬ ‫الناشئة بها‪ ،‬كما لو أنها حقائق مطلقة ونهائية ولم تتعرض لعمليات إنتاج وإعادة إنتاج‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫معرف عىل يد علماء ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الالحقي منهم‬ ‫السابقي أنفسهم‪ ،‬فضال عن قابليتها للنقد من‬ ‫األمة‬ ‫ونقد‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الحاض‪ .‬ومجال الفقه وأصوله والمقاصد وعلوم القرآن والحديث كلها حظائر للعمل‬ ‫يف الوقت‬ ‫والفهم واالستيعاب والمراجعة والتقييم والتطوير والتجديد واإلصالح عىل يد العلماء‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬ ‫المختص ن‬ ‫ي المعاضين‪ ،‬كما كان الحال مع الشيخ الطاهر ابن عاشور يف المقاصد مثال‪ ،‬ومحمد‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫المجددين‪ .‬هذا كله عمل َّ‬ ‫جبار‬ ‫إقبال يف الفلسفة اإلسالمية وغتهما من المفكرين والعلماء‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الديت‪ .‬وليست الساحة خلوا من‬ ‫يجب أن يسبق بناء المعرفة المدرسية يف مجال التعليم‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ن ن‬ ‫ن‬ ‫ي يف وضع المناهج التعليمية‬ ‫اجتهادات محمودة يف هذا االتجاه‪ ،‬ولكن يجب عىل المختص‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫االنتباه إليها ورصدها وتخت األنسب منها إلبستيمية العض الحديث ولروحانية األمة ي‬ ‫الت ي‬ ‫ن‬ ‫روحانية توحيدية استخالفية‪ ،‬يف نفس الوقت‪ ،‬مع نضورة مواصلة جهود التجديد واإلصالح‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫الديت والعلوم‬ ‫يف الفكر‬ ‫ي‬

‫‪52‬‬


‫المراجع‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫المقدمة‪ ،‬الدار التونسية ر‬ ‫للنش‪.1984 ،‬‬ ‫ ابن خلدون‪،‬‬‫ ابن عاشور‪ ،‬الطاهر‪ .‬أليس الصبح بقريب؟‪ ،‬تونس‪ :‬طبع ر‬‫التونس للطباعة‪،‬‬ ‫ونش المضف‬ ‫ي‬ ‫‪.1967‬‬ ‫الشكة التونسية ر‬ ‫الشيعة اإلسالمية‪ .‬تونس‪ :‬ر‬ ‫‪ ،- .............‬مقاصد ر‬ ‫للنش والتوزي ع‪.1978 ،‬‬ ‫الشكة التونسية ر‬ ‫‪ ،-..............‬أصول النظام االجتماع نف اإلسالم‪ .‬ط‪ ،2 .‬تونس‪ :‬ر‬ ‫للنش‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫والتوزي ع‪.1985 ،‬‬ ‫ إقبال‪ّ ،‬‬‫الديت نف اإلسالم‪ ،‬ترجمة محمود ّ‬ ‫ن‬ ‫عباس‪ .‬القاهرة‪ :‬مطبعة لجنة‬ ‫محمد‪ .‬تجديد التفكت‬ ‫ي ي‬ ‫التأليف ر‬ ‫ر‬ ‫والنش‪.1955 ،‬‬ ‫والتجمة‬ ‫ن‬ ‫المدرس يف تونس‪ :‬دراسة تاريخية‬ ‫ بن سالم‪ ،‬بلقاسم‪ ،‬التعليم العضي ونظام التوجيه‬‫ي‬ ‫مؤسسية اجتماعية‪ ،‬سلسلة علوم ر‬ ‫التبية ‪ -2-‬الجامعة التونسية‪ ،‬مركز الدراسات واألبحاث‬ ‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تونس‪.1988 ،‬‬ ‫ تقرير كتابة الدولة ر‬‫للتبية القومية‪1963. ،‬‬ ‫ّ‬ ‫العلم الحديث‪ .‬تونس‪2002 :‬م‪.‬‬ ‫العقل‬ ‫مولد‬ ‫ابستيمية‬ ‫‪:‬‬ ‫النبوة‬ ‫ختم‬ ‫ق‪،‬‬ ‫مصد‬ ‫ الجليدي‪،‬‬‫ي‬ ‫‪ -‬كانط‪ ،‬رسالة "ما هو التنوير؟" ق‪.)18 .‬‬

‫‪53‬‬


54


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الث ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قافّ‬ ‫ياق‬ ‫والس‬ ‫انوي‬ ‫الث‬ ‫عليم‬ ‫بالت‬ ‫تدريس الفلسفة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التنوير الث ّ‬ ‫قافية‬ ‫محاولة ن يف فهم معطالت‬

‫ّ‬ ‫وم‬ ‫الت‬ ‫الدكتور محسن‬ ‫ي‬ ‫رّ‬ ‫التبية‬ ‫أستاذ مساعد بقسم علوم‬ ‫ّ‬ ‫العاىل للغات بقابس‬ ‫المعهد‬ ‫ي‬

‫‪55‬‬


‫ّ‬ ‫العام‬ ‫اإلطار‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫طبيقية"‬ ‫فكرة "الحداثات الت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واقعية و ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫طبيقية"؛ االنشغال بحاالت‬ ‫متعينة من التحديث و التنوير‬ ‫نعت ب ‪" :‬الحداثات الت‬ ‫ي‬ ‫أي ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫االنتقال من ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقالنية و الحداثة و التنوير إىل رصد محاوالت و تجارب‬ ‫ظري حول‬ ‫السؤال‬ ‫ن رّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫والتنوير ّ‬ ‫التبية والعمارة‬ ‫مطبقة عىل مختلف مجاالت الحياة؛ يف‬ ‫فعلية يف العقلنة والتحديث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رّ ن‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫والسياسة و شت ضوب الممارسة و الفعل‪ ،‬مع اهتمام خاص بالصعوبات والمعطالت ي‬ ‫تحول دون تحقيق الهدف عىل الوجه المطلوب‪.‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫االجتاري المغلق نف ِّاتجاه تقاليد بحثية ّ‬ ‫ر‬ ‫أكت تجريبية‪،‬‬ ‫أويىل‬ ‫الت‬ ‫اديغم‬ ‫الت‬ ‫هيمنة‬ ‫من‬ ‫ص‬ ‫خل‬ ‫الت‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫براغماتية‪ ،‬تجديدا ونجاعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تقريبية‬ ‫أمثلة‬ ‫مثال‪1‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يعتت اإلبداع بدعة‪ ،‬و‬ ‫عوض االكتفاء بالتنويه باإلرهاب الفكري الذي يعطل االجتهاد و ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كيفية ّ‬ ‫نمر إىل البحث نف ّ‬ ‫التفكت تكفتا‪ ،‬من ن‬ ‫الضوري أن ّ‬ ‫تحول اإلبداع إىل بدعة و التفكت إىل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الث ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذ ّ‬ ‫قافية ‪.‬‬ ‫والوجدانية و‬ ‫هنية‬ ‫تكفت و ذلك من خالل البحث يف رشوطه‬ ‫مثال ‪2‬‬ ‫َّ ن‬ ‫ّ‬ ‫عوض االكتفاء بالنظر المجرد يف جدلية الحداثة و األصالة‪ ،‬يمكن االشتغال عىل تطبيقات‬ ‫مباشة بمسألة التحديث كالحال مثال نف ّ‬ ‫َّ‬ ‫هندسية عمر ّ‬ ‫ّ‬ ‫انية ذات عالقة ر‬ ‫الوظيفية‬ ‫الصعوبات‬ ‫ي‬ ‫َّ رّ‬ ‫الت رافقت استدماج نموذج العمارة الحديثة كما تبلور مع مدرسة الباوهاوس‬ ‫والجمالية ي‬ ‫ضمن ّ‬ ‫عرن‪/‬فيال)‪...‬‬ ‫السياق‬ ‫العرن‪ .‬ظاهرة االزدواج أو الهجانة العمرانية‪ :‬حوش ر ي‬ ‫ري‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المعرف الذي يسىع إىل ّ‬ ‫ترصد تجارب التحديث‬ ‫تندرج ورقة الحال إذا‪،‬ضمن هذا الحقل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الت ّ ن‬ ‫عي و التجسيم‪ .‬إنها نظر يف مشاري ع التحديث و النهوض و التنوير و‬ ‫ه بصدد‬ ‫ومساراته و ّ ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ه وقوف‬ ‫ه‬ ‫بصدد التلمس والتحقق التّ ر ي‬ ‫دريخ ضمن سياقات تاريخية و اجتماعية محددة‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫عند المعطالت و العوائق و الصعوبات ر‬ ‫الت تحول دون استوائها عىل الوجه المطلوب‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪56‬‬


‫ّ‬ ‫وضعية االنطالق ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المتعل ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫قتي بمسألة االشتغال بالتفلسف‬ ‫التاليتي‬ ‫بالفتوتي‬ ‫نظفر يف "فتاوي ابن الصالح"‪39‬‬ ‫وبالمنطق‪:‬‬ ‫الفتوى األوىل ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫المنتسبي إىل أهل العلم والتصوف هل يجوز أن‬ ‫المسلمي‬ ‫‪ 54‬مسألة يف جماعة من‬ ‫ن‬ ‫يشتغلوا بتصنيف ابن سينا وأن يطالعوا يف كتبه وهل يجوز لهم أن يعتقدوا أنه كان من العلماء‬ ‫أم ال؟‬ ‫أجاب ن‬ ‫غرر بدينه َّ‬ ‫رص هللا عنه ال يجوز لهم ذلك ومن فعل ذلك فقد َّ‬ ‫وتعرض للفتنة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫شياطي اإلنس‪ ،‬وكان حتان يف كثت من أمره‬ ‫العظم‪،‬ولم يكن من العلماء بل كان شيطانا من‬ ‫‪.40)...‬‬ ‫الفتوى الثانية ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 55‬مسألة فيمن يشتغل بالمنطق والفلسفة تعليما وتعلما ‪ ،‬وهل المنطق جملة وتفصيال‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫مما أباح الشارع تعليمه وتعلمه‪ ،‬والصحابة والتابعون واألئمة المجتهدون والسلف الصالحون‬ ‫ن‬ ‫ذكروا ذلك‪ ،‬أو أباحوا االشتغال به‪ ،‬أو َّ‬ ‫سوغوا االشتغال به أم ال‪ ،‬وهل يجوز أن يستعمل يف‬ ‫الش َّ‬ ‫َّ‬ ‫الش َّ‬ ‫المنطقية أم ال‪ ،‬وهل األحكام ر‬ ‫إثبات األحكام ر‬ ‫عية مفتقرة إىل ذلك‬ ‫عية االصطالحات‬ ‫َّ‬ ‫نف إثباتها أم ال‪ ،‬وما الواجب عىل من َّ‬ ‫تلبس بتعليمه وتعلمه متظاهرا به‪ ،‬ما الذي يجب عىل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫سلطان الوقت يف أمره‪ ،‬وإذا وجد يف بعض البالد شخص من أهل الفلسفة معروفا بتعليمها‬ ‫ن‬ ‫وإقرائها والتصنيف فيها‪ ،‬وهو ِّ‬ ‫مدرس يف مدرسة من مدارس العلم فهل يجب عىل سلطان‬ ‫تلك البالد عزله وكفاية الناس رشه‪.‬‬

‫ن‬ ‫رص هللا عنه‪ ،‬الفلسفة رأس السفه واالنحالل‪ ،‬ومادة الحتة والضالل‪ ،‬ومثار الزي غ‬ ‫أجاب ي‬ ‫والزندقة‪ ،‬ومن تفلسف عميت بصتته عن محاسن ر‬ ‫الشيعة المؤيدة بالحجج الظاهرة‬ ‫ّ‬ ‫اهي الباهرة‪ ،‬ومن َّ‬ ‫والت ن‬ ‫تلبس بها تعليما وتعلما قارنه الخذالن والحرمان واستحوذ عليه‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫يعم صاحبه أظلم قلبه عن نبوة نبينا ‪ -‬صىل هللا عليه‬ ‫الشيطان‪ ،‬وأي فن أخزى من فن ي‬ ‫‪ 39‬فتاوى ابن الصالح‪ .‬عثمان بن عبد الرحمان ( املعروف بابن الصالح املتوفى في ‪ 643‬هـ )‬ ‫‪ 40‬فتاوى ابن الصالح ج‪ 1:‬ص‪208:‬‬ ‫‪57‬‬


‫وسلم ‪ -‬كلما ذكره ذاكر وكلما غفل عن ذكره غافل مع انتشار آياته المستبينة ومعجزاته‬ ‫ِّ‬ ‫المستنت ر‬ ‫ة‪،‬حت لقد انتدب بعض العلماء الستقصائها فجمع منها ألف معجزة وعددناه مقضا‬ ‫ن‬ ‫إذا فوق ذلك بأضعاف ال تحض فإنها ليست محصورة عىل ما وجد منها يف عضه ‪ -‬صىل هللا‬ ‫َّ‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬بل لم تزل تتجدد بعده ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم ‪ -‬عىل تعاقب العصور‪ ،‬وذلك أن‬ ‫لي به نف حوائجهم ومغوثاتهم عقيب ّ‬ ‫ِّ‬ ‫المتوس ن‬ ‫توسلهم به‬ ‫كرامات األولياء من َّأمته وإجابات‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نف شدائدهم بر ن‬ ‫اهي له ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم ‪ -‬قواطع ومعجزات له سواطع وال يعدها عد‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسنته‪.41‬‬ ‫وال يحضها حد أعاذنا هللا من الزي غ عن ملته وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه‬ ‫ّ‬ ‫وتعلمه ّ‬ ‫الش ر ّ‬ ‫و أما المنطق فهو مدخل الفلسفة‪ ،‬ومدخل ر ّ‬ ‫مما‬ ‫ش‪ ،‬وليس االشتغال بتعليمه‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الصالحي‬ ‫والتابعي واألئمة المجتهدين والسلف‬ ‫أباحه الشارع وال استباحه أحد من الصحابة‬ ‫وسائر من يقتدي به من أعالم األئمة وسادتها وأركان األمة وقادتها‪ ،‬قد برأ هللا الجميع من‬ ‫مغرة ذلك وأدناسه‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وطهرهم من أوضاره‪.‬‬ ‫وأما استعمال االصطالحات المنطقية نف مباحث األحكام ر‬ ‫الشعية‪ ،‬فمن المنكرات‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫المستبشعة والرقاعات المستحدثة وليس باألحكام الشعية والحمد هللا؛ فاالفتقار إىل المنطق‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫والتهان فقعاقع قد ن‬ ‫أغت هللا عنها بالطريق‬ ‫أصال‪ ،‬وما يزعمه‬ ‫المنطق للمنطق من أمر الحد ر‬ ‫ي‬ ‫األقوم والسبيل األسلم األطهر كل صحيح الذهن ال سيما من خدم نظريات العلوم ر‬ ‫الشعية‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ولقد َّ‬ ‫تمت ر‬ ‫الشيعة وعلومها‪ ،‬وخاض يف بحار الحقائق والدقائق علماؤها حيث ال منطق وال‬ ‫فلسفة وال فالسفة‪ ،‬ومن زعم أنه يشتغل مع نفسه بالمنطق والفلسفة لفائدة يزعمها‪ ،‬فقد‬ ‫أعزه هللا َّ‬ ‫خدعه الشيطان ومكر به‪،‬فالواجب عىل السلطان َّ‬ ‫وأعز به اإلسالم وأهله أن يدفع عن‬ ‫ن‬ ‫المسملي ر ّ‬ ‫ش هؤالء المشائيم ويخرجهم من المدارس ويبعدهم ويعاقب عىل االشتغال بفنهم‪،‬‬ ‫وتنمخ‬ ‫ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفالسفة عىل السيف أو اإلسالم لتخمد نارهم‬ ‫ي‬ ‫يش هللا ذلك َّ‬ ‫وعجله ‪ ،‬ومن أوجب هذا الواجب عزل من كان ِّ‬ ‫آثارها وآثارهم َّ‬ ‫مدرس مدرسة من‬ ‫أهل الفلسفة والتصنيف فيها واإلقراء لها‪ ،‬ثم سجنه وألزامه ن ن‬ ‫متله ومن زعم أنه غت معتقد‬ ‫الش قلع أصوله وانتصاب مثله ِّ‬ ‫لعقائدهم فإن حاله يكذبه والطريق نف قلع ر ّ‬ ‫مدرسا من العظائم‬ ‫ي‬ ‫وىل التوفيق والعصمة وهو أعلم‪42‬‬ ‫جملة وهللا تبارك وتعاىل ي‬

‫‪41‬‬

‫فتاوى ابن الصالح‪ .‬الجزء ‪ . 1‬ص ‪209‬‬ ‫فتاوى ابن الصالح ‪ .‬الجزء ‪ . 1‬ص ‪42211 - 210‬‬

‫‪58‬‬


‫ِّ‬ ‫من خالل هذه ّ‬ ‫العينة من الفتاوى المتعلقة باالشتغال بالفلسفة وبالمنطق‪ ،‬تبدو لنا عالقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫الفلسفة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحض‬ ‫قاف الحاف عالقة متوترة وقائمة عىل مفارقة حادة ‪ :‬فمن ناحية‬ ‫بالسياق الث‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫دبر و االعتبار وإعمال‬ ‫بض و‬ ‫أسيسية لهذه الثقافة عىل نضورة النظر و‬ ‫النصوص الت‬ ‫العقل‪ ...‬و من ناحية أخرى‪ ،‬و كما هو الحال بالنسبة لهذه الفتوى الصادرة عن ابن تيمية تجاه‬ ‫ّ‬ ‫رّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت نّ ن‬ ‫ضي تجاه الفلسفة‬ ‫التدد و‬ ‫نسجل كثتا من‬ ‫الفلسفة انظر أيضا الجدول عدد‪،)2‬‬ ‫ّ‬ ‫والتفلسف‪.‬‬ ‫والفالسفة‬ ‫ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫بي الثقافة العربية وقطاع من قطاعاتها؟‬ ‫فكيف نفهم عالقة سوء التفاهم هذه‬ ‫وكيف نفهم هذه المفارقة بإرجاعها إىل أسبابها الثقافية و النفسية؟‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الفلسف مع هذه األزمة؟‬ ‫بالشأن‬ ‫المشتغل‬ ‫وخاصة‬ ‫العرن‬ ‫ف‬ ‫المثق‬ ‫ثم كيف تعامل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫سنحاول ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫التاليي ‪:‬‬ ‫الجدولي‬ ‫تلمس اإلجابة من خالل‬ ‫جدول عدد ‪1 :‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألهم الصعوبات والمشكالت المعطلة‬ ‫جرد مصنف‬

‫ّ‬ ‫أهم الصعوبات و المشكالت‬ ‫الدراسات‬ ‫المعتمدة‬ ‫البيداغوجية‬ ‫التعلمية‬

‫ثريا حامد ‪:‬‬ ‫مشاكل‬ ‫تدريس‬ ‫ن‬ ‫الفلسفة يق‬

‫اإلدارية‬ ‫َّ‬ ‫المؤسساتية‬

‫السياسية‬ ‫األيديولوجية‬

‫ حضور‬‫ صعوبة‬‫الفلسفة كمادة بعض التالميذ‬ ‫َّ‬ ‫تعليمية‪.‬‬ ‫لحصة‬ ‫الفلسفة ال‬ ‫ صعوبة‬‫اقتناعا‬ ‫التعامل مع‬

‫‪59‬‬

‫النفسية‬ ‫الوجدانية‬

‫الثقافية‬ ‫القيمية‬

‫ نفور بعض‬‫التالميذ من‬ ‫المادة و‬ ‫رفضها‪.‬‬

‫ األحكام‬‫المسبقة‪:‬‬ ‫مادة ال جدوى‬ ‫منها لغياب‬ ‫نجاعتها‬ ‫و مردوديتها‬


‫الشعب‬ ‫العلمية‪:‬‬

‫تشخيص‬ ‫و حلول‪.‬‬ ‫( ‪) 2000‬‬

‫محمد‬ ‫بلعلجية‪:‬‬ ‫صورة‬ ‫الفلسفة‬ ‫لدى تالميذ‬ ‫الباكالوريا‪.‬‬ ‫( ‪) 2004‬‬

‫ن‬ ‫الفلسق بجدواها و إنما‬ ‫النص‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫لضورة إدارية‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ صعوبة‬‫إنجاز مقال‬ ‫ن‬ ‫فلسق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ عالقة‬‫عمودية‬ ‫َّ‬ ‫استعالئية بين‬ ‫األستاذ و‬ ‫التلميذ ‪.‬‬ ‫ عدم التآلف‬‫النفس و‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الذهت مع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫مضامي‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫الفلسفة ي‬ ‫تبدو غامضة ‪،‬‬ ‫صعبة َّ‬ ‫مجردة‬ ‫و مختلفة عن‬ ‫المواد‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫ طريقة‬‫التبليغ‬ ‫تقليدية‪.‬‬ ‫ صعوبة‬‫اللغة‪.‬‬

‫ مناخ القسم‬‫المباالة‪،‬‬ ‫تشنج‪.)..‬‬ ‫ غياب األلفة‬‫ن‬ ‫بي التلميذ و‬ ‫مادة الفلسفة‪.‬‬ ‫ تجاهل‬‫بعض‬ ‫األساتذة‬ ‫لخصوصية‬ ‫المناخ العام‬ ‫َّ‬ ‫لحصة‬ ‫الفلسفة‬ ‫بالشعب‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫ تجاهل‬‫المكونات‬ ‫َّ‬ ‫االنفعالية‬ ‫َّ‬ ‫النفسية‬ ‫و‬ ‫للتالميذ و‬ ‫عدم التفاعل‬ ‫ر‬ ‫الفرف ن‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫"الخجول"‬ ‫و "المتعالم"‪.‬‬

‫توتر العالقة‬ ‫ تناقض‬‫ن‬ ‫منهجية بعض بي الفلسفة‬ ‫و المؤسسة‬ ‫المواد مع‬ ‫كأنما الوضع‬ ‫رهانات‬ ‫الفلسفة ‪.‬‬ ‫الطبيىع‬ ‫ي‬ ‫للفلسفة هو‬ ‫ تقلص‬‫أن تظل خارج‬ ‫إمكانيات‬ ‫َّ‬ ‫المؤسسة‪.‬‬ ‫تشغيل‬ ‫ص‪120‬‬ ‫خريخ هذا‬ ‫ر ي‬ ‫االختصاص ‪.‬‬

‫ صورة‬‫ تثت‬‫ النفوذ‬‫ن‬ ‫الفلسفة ال‬ ‫القهقهات‬ ‫الديت و‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫تنفصل عن‬ ‫السياس شكل و تكون‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫التاث‬ ‫مصحوبة‬ ‫عائقا أمام‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اإلنسان و‬ ‫بمعان التهكم‬ ‫تدريس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العرن و ال‬ ‫الفلسفة‪ .‬ص و اإلستخفاف‬ ‫رَّ ي‬ ‫تتشكل بمعزل‬ ‫ص‪10‬‬ ‫‪14‬‬ ‫ّ‬ ‫عن الثقافة‬ ‫ تحول‬‫السائدة‪ .‬و‬ ‫الفلسفة إىل‬ ‫ّ‬ ‫ر ن‬ ‫موضوع تندر تقتن يف‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫التاث‬ ‫وتهكم‬ ‫‪60‬‬

‫قياسا إىل‬ ‫المعرفة‬ ‫العلمية‪.‬‬


‫وسخرية‪.‬‬ ‫اإلسالم‬ ‫ي‬ ‫بالكفر و‬ ‫ص‪11‬‬ ‫الزندقة و‬ ‫ النظرة‬‫الخروج عن‬ ‫اإلجتماعية‬ ‫َّ‬ ‫إزاء الفلسفة الملة‪ .‬ص ‪9‬‬ ‫ما تزال مشوبة ‪ -‬الوضع‬ ‫ن‬ ‫التاريخ‬ ‫بالحذر أحيانا‬ ‫ي‬ ‫و للفلسفة‬ ‫و الريبة‬ ‫العداء احيانا يكشف عن‬ ‫وضعها‬ ‫أخرى و لم‬ ‫ن‬ ‫الصعب يف‬ ‫يستطع‬ ‫مقابل‬ ‫تدريس‬ ‫مواجهتها‬ ‫الفلسفة‬ ‫بالدين و‬ ‫لسنوات‬ ‫السياسة‬ ‫طويلة أن‬ ‫و العلم‪ .‬ص‬ ‫يجتث بذور‬ ‫‪12‬‬ ‫هذه‬ ‫ّ‬ ‫ بطالة‬‫التصورات‬ ‫المتخرجين‬ ‫السلبية‬ ‫ن‬ ‫المنغرسة يف من شعبة‬ ‫الفلسفة و‬ ‫الالوع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الجماع ‪.‬‬ ‫تثمي‬ ‫ي‬ ‫المجتمع‬ ‫ص‪14‬‬ ‫للشعب‬ ‫ نقص‬‫الدافعية إزاء العلمية و‬ ‫طغيان القيم‬ ‫هذا‬ ‫االختصاص‪.‬‬ ‫االستهالكية‬ ‫ الفلسفة تعد المادية‬‫ن‬ ‫ّ‬ ‫تزيد يف تعميق‬ ‫أكت المواد‬ ‫أزمة الفلسفة‬ ‫إثارة‬ ‫ن‬ ‫يف بالدنا‪15 .‬‬ ‫للخوف‪.‬ص‬ ‫‪118‬‬

‫ الطابع‬‫َّ‬ ‫المجرد و‬ ‫َّ‬ ‫المعقد للمادة‬ ‫التعاىل عىل‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫الواقع دون‬ ‫ن‬ ‫النجاح يف‬ ‫تغيته‬ ‫‪.‬ص‪119‬‬ ‫ اتجاهات‬‫التالميذ‬ ‫السلبية‬ ‫تجاهها‪ .‬ص‬ ‫‪121‬‬ ‫ تراجع‬‫الهاجس‬ ‫الفكري و‬ ‫غياب الهمّ‬ ‫ن‬ ‫الثقاف‬ ‫ي‬ ‫و انعدام‬ ‫ّ‬ ‫التعطش‬ ‫للمعرفة‬ ‫و ضعف‬ ‫الدافعية‬ ‫للمطالعة‪ .‬ص‬ ‫‪121‬‬

‫‪61‬‬


‫ عدم ر ن‬‫التام‬ ‫األستاذ‬ ‫بالموضوعية‬ ‫و الحياد‬ ‫اىل‪ :‬ن يف تدريسه‪.‬‬ ‫محمد مز ي‬ ‫‪726‬‬ ‫ تواري غاية‬‫أزمة‬ ‫الفلسفة‪.‬‬ ‫الفلسفة و‬ ‫مقصد‬ ‫تدريسها بفعل‬ ‫( ‪) 1975‬‬ ‫ّ‬ ‫التمذهب و‬ ‫الدعوة‬ ‫لمذاهب‬ ‫بعينها مثل‬ ‫الماركسية و‬ ‫اعتبار ما عدا‬ ‫ذلك رجعية‬ ‫و مثالية‬ ‫برجوازية‬ ‫و ضباب‬ ‫أيديولوح‪.‬‬ ‫ر ي‬ ‫ص ‪727‬‬ ‫ِّ‬ ‫المجمد‬ ‫لتفكت‬ ‫التالميذ و‬ ‫ِّ‬ ‫المخمد‬ ‫ّ‬ ‫لتطلعهم إىل‬ ‫المعرفة و‬ ‫ِّ‬ ‫المتسبب‬ ‫ن‬ ‫يف إصابتهم‬ ‫بالعجز عن‬ ‫فهم الواقع‪.‬‬

‫ طغيان‬‫ّ‬ ‫التعصب‬ ‫ّ‬ ‫و التمذهب‬ ‫األعم‬ ‫و ما يفرزه من‬ ‫عبودية و‬ ‫فقدان‬ ‫للحرية‪ .‬ص‬ ‫‪727‬‬ ‫ اضطالع‬‫الفلسفة‬ ‫بمسؤولياتها‬ ‫ن‬ ‫يف المجتمع‬ ‫ر‬ ‫مشوط‬ ‫بصيانتها من‬ ‫بعض السدنة‬ ‫و القساوسة و‬ ‫تجار األوهام‬ ‫الذين ال‬ ‫ن‬ ‫ريتددون يف‬ ‫االعتداء‬ ‫بالفاحشة‬ ‫األيديولوجية‬ ‫عىل التالميذ‪.‬‬ ‫ص ‪727‬‬

‫‪62‬‬

‫ّ‬ ‫ الفلسفة‬‫ التمذهب‬‫َّ‬ ‫ن‬ ‫حي تتقنع‬ ‫األيديولوح‬ ‫ر ي‬ ‫بقناع‬ ‫يؤدي إىل‬ ‫إيديولوح‬ ‫الحقد عىل كل‬ ‫ر ي‬ ‫مستورد‬ ‫اآلراء‬ ‫ظاهره قيم‬ ‫المغايرة‪.‬ص‬ ‫التحرر‬ ‫‪727‬‬ ‫ّ‬ ‫والتقدم و‬ ‫ّ‬ ‫التقد َّ‬ ‫مية و‬ ‫باطنه النيل‬ ‫من مقومات‬ ‫الوطن‬ ‫وشخصيته‪.‬‬ ‫ص ‪727‬‬


‫محمد‬ ‫الكراي‪:‬‬ ‫أين أزمة‬ ‫الفلسفة؟‬ ‫( ‪) 1975‬‬

‫عبد الكريم‬ ‫المراق‬ ‫و توفيق‬ ‫ر‬ ‫الشيف‪:‬‬ ‫تدريس‬ ‫الفلسفة‬ ‫باللغة‬ ‫ن‬ ‫العربية يق‬ ‫تونس‬ ‫( ‪–1948‬‬ ‫‪.) 1981‬‬

‫( ‪) 1989‬‬

‫ صعوبة‬‫ن‬ ‫توح‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الموضوعية يف‬ ‫َّ‬ ‫حصة‬ ‫الفلسفة عىل‬ ‫ّ‬ ‫حديت العهد‬ ‫ي‬ ‫بالتدريس لما‬ ‫يتطلبه ذلك‬ ‫من تجربة و‬ ‫و‬ ‫رصانة‬ ‫دربة و إحاطة‬ ‫بيداغوجية‪.‬‬ ‫ص ‪1187‬‬

‫ الفلسفة‬‫مادة‬ ‫"إنسانية" من‬ ‫الشاق أن‬ ‫يتجرد‬ ‫ّ‬ ‫مدرسوها من‬ ‫ذاتيتهم خالفا‬ ‫لما هو موجود‬ ‫ن‬ ‫يف العلوم‬ ‫الصحيحة‪.‬‬ ‫ص ‪1187‬‬

‫ اصطدمت‬‫الفلسفة منذ‬ ‫سقراط‬ ‫بالسلطة‬ ‫الدينية أو‬ ‫السياسية‬ ‫ن‬ ‫لقدرتها يف‬ ‫رأيهم عىل‬ ‫تقويض أرسخ‬ ‫المعتقدات و‬ ‫أرفع القيم و‬ ‫أعرق أركان‬ ‫الحكم‪ .‬ص‬ ‫‪1186‬‬

‫ ادعاء‬‫ موقف‬‫ طمس‬‫ ممارسات‬‫ ضبابية‬‫َّ‬ ‫نن‬ ‫المستعمر‬ ‫عدان إزاء‬ ‫المستعمر‬ ‫متلة الفلسفة تهميشية‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫بتخلف‬ ‫"الفلسفة‬ ‫لمعالم‬ ‫بي ‪ 1948‬و للفلسفة‬ ‫‪ 1956‬بسبب اإلسالمية ‪.‬‬ ‫الثقافة العربية‬ ‫اإلسالمية"‬ ‫الشخصية‬ ‫التأرجح ن‬ ‫ كانت دروس و عدم ارتقائها‬‫التونسية‬ ‫ص ‪47‬‬ ‫بي‬ ‫إىل النسقية‬ ‫الفلسفة‬ ‫ تقلص المادة انطالقا من‬‫"الفلسفة‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫كما هو الحال‬ ‫اإلسالمية‬ ‫الموضوع يف التحقت من‬ ‫اإلسالمية"‬ ‫ي‬ ‫تساهم بشكل بالنسبة‬ ‫شان لغتها‬ ‫التامج و‬ ‫و "التفكت‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫االسالم"‪.‬‬ ‫للفلسفة يف‬ ‫االمتحانات ‪ .‬و اظهارها يف دقيق يف‬ ‫ي‬ ‫الحضارة‬ ‫مظهر العاجز تعميق‬ ‫ص ‪47‬‬ ‫‪145‬‬ ‫ن‬ ‫الغربية‪45.‬‬ ‫ بي ‪ 1956‬و عن استيعاب الحساسية‬‫ تفاوت‬‫ن‬ ‫الفرنس‬ ‫الوطنية‬ ‫‪ 1958‬كانت المفاهيم‬ ‫صارخ بي‬ ‫ إن ن ي‬‫ّ‬ ‫ر‬ ‫السياسية‪ .‬و يعيش ن‬ ‫متلة‬ ‫التبية تشكو العلمية‬ ‫تطلع‬ ‫و الفلسفية‪.‬‬ ‫موضوعية‬ ‫كانت عالقة‬ ‫من ثنائية‬ ‫"التوجيهات‬ ‫َّ‬ ‫استعمارية‬ ‫التلميذ‬ ‫ص ‪14‬‬ ‫التعليم‬ ‫الرسمية" و‬ ‫ن‬ ‫بأستاذه عالقة تفرض عليه‬ ‫ تكريس‬‫الزيتون و‬ ‫"طبيعة‬ ‫ي‬ ‫مناهضة ما‬ ‫"نضالية‬ ‫االستعمار‬ ‫التعليم‬ ‫الممارسات‬ ‫الميدانية"‪.‬‬ ‫المدرس‪ .‬ص لثنائية فلسفة مبدئية"‪ 48 .‬تمثله‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫"الفلسفة‬ ‫ إن منطق‬‫إسالمية و‬ ‫‪49‬‬ ‫ص ‪53‬‬ ‫َّ‬ ‫إسالم‪ .‬الواقع يفرض اإلسالمية"‬ ‫تفكت‬ ‫ او ثنائية‬‫ ال يوجد‬‫ي‬ ‫ر‬ ‫الفرنس‬ ‫عىل‬ ‫ص ‪45‬‬ ‫"التفكت‬ ‫حقيق‬ ‫إطار‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪63‬‬


‫متكامل‬ ‫ألساتذة‬ ‫فلسفة‪.‬‬

‫ تشكيك‬‫ن‬ ‫الطلبة يف‬ ‫العرن‪.‬‬ ‫قدرة‬ ‫ري‬

‫ن‬ ‫تونسيي‬ ‫‪ 13‬استاذا )‪.‬‬ ‫ص ‪53‬‬ ‫ انعدام‬‫التأطت‬ ‫البيداغوح‬ ‫ر ي‬ ‫إىل حدود‬ ‫‪ 1970‬ص ‪55‬‬

‫عىل االرتقاء‬ ‫إىل "النسق‬ ‫ن ن‬ ‫الفلسق" يف‬ ‫ي‬ ‫التفكت‪ .‬ص‬ ‫‪45‬‬

‫االستعماري‬ ‫مناهضة‬ ‫عميقة‬ ‫للفلسفة‬ ‫اإلسالمية‬

‫محن الدين‬ ‫ي‬ ‫عزوز ‪:‬‬

‫ ابتعاد‬‫المضامين‬ ‫ّ‬ ‫المدرسية عن‬ ‫معيش التلميذ‬ ‫جعل من‬ ‫الفلسفة مادة‬ ‫متحفية‪ .‬ص‬ ‫‪140‬‬ ‫ اإلجحاف‬‫عند إسناد‬ ‫األعداد‪147 .‬‬ ‫ طول‬‫التنامج ‪ ،‬تدنن‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫الضارب‪ ،‬قلة‬ ‫المراجع‪..‬‬

‫تخىل‬ ‫‬‫ي‬ ‫األستاذ عن‬ ‫الموضوعية‬ ‫ن‬ ‫و سقوطه يف‬ ‫الدمغجة و‬ ‫الدعاية‬ ‫األيديولوجية‬ ‫ص‪141‬‬

‫ العداء‬‫للفلسفة لم‬ ‫ر‬ ‫عت‬ ‫يفت ر‬ ‫القرون ص‬ ‫‪137‬‬ ‫ الفلسفة‬‫"علم‬ ‫ن‬ ‫شيطان"‬ ‫ي‬ ‫يقابل بالعداء‬ ‫ص ‪136‬‬

‫ الفلسفة‬‫غريبة عن‬ ‫المجتمع‪.‬‬ ‫‪136‬‬ ‫ بعض‬‫مسائل‬ ‫التنامج‬ ‫ر‬ ‫مصدر إثارة‬ ‫و إزعاج‬ ‫ر‬ ‫أخالف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ تناقض ن‬‫بي‬ ‫المادة‬ ‫و البنية‬ ‫الثقافية‪.‬‬ ‫ص ‪137‬‬

‫توفيق‬ ‫ر‬ ‫الشيف‪:‬‬

‫ جهل‬‫الغايات‬ ‫و تجاهلها‬ ‫وسيادة‬ ‫الوسائل عىل‬

‫ نفور من‬‫المادة‪ ،‬حتة‪،‬‬ ‫صعوبة‬ ‫نفسية‪ .‬ص‬ ‫‪81‬‬

‫ر‬ ‫يأن التلميذ‬ ‫ ي‬‫َّ‬ ‫محمال بقيم‬ ‫و عادات‬ ‫تتعارض مع‬ ‫مطلب‬ ‫الفلسفة‬

‫من مشاكل‬ ‫تدريس‬ ‫الفلسفة‬ ‫بالمعاهد‬ ‫الثانوية‬ ‫التونسية‪.‬‬ ‫( ‪) 1989‬‬

‫تدريس‬ ‫الفلسفة‬

‫االسالم"‬ ‫ي‬ ‫و "الفلسفة‬ ‫العامة"‪ .‬ص‬ ‫‪52‬‬

‫ ّ‬‫تحول درس‬ ‫الفلسفة‬ ‫أحيانا إىل‬ ‫"شطحات‬ ‫إيديولوجية"‬ ‫تمارس عىل‬ ‫‪64‬‬

‫من تجذير‬ ‫عرن‪.‬‬ ‫ري‬ ‫إسالم‪ .‬ص‬ ‫ي‬ ‫‪46‬‬


‫غاياته‬ ‫و مناهجه‪.‬‬ ‫‪) 1989‬‬

‫الطاهر بن‬ ‫ن‬ ‫قتة‪:‬‬ ‫الروح‬ ‫ن ن‬ ‫الفلسف يق‬ ‫ي‬ ‫تدريس‬ ‫الفلسفة‪.‬‬ ‫‪) 1989‬‬

‫حساب‬ ‫الغايات‪79 .‬‬ ‫ن‬ ‫ نقص يف‬‫تحديد‬ ‫األهداف من‬ ‫قبل األساتذة‪.‬‬ ‫ص ‪73‬‬ ‫ هدف‬‫الفلسفة‬ ‫مناف لطبيعة‬ ‫الفلسفة ذاتها‪.‬‬ ‫‪79‬‬ ‫ن‬ ‫ ال معت‬‫ن‬ ‫للمضامي‬ ‫ِّ‬ ‫المقدمة‬ ‫للتالميذ‬ ‫عندهم ألنها‬ ‫غريبة عن‬ ‫محيطهم‬ ‫المعاش‪79.‬‬

‫التلميذ‬ ‫"الفاحشة‬ ‫الفكرية"‪ .‬ص‬ ‫‪78‬‬

‫ُّ‬ ‫التقبل‬ ‫مثل‬ ‫ الرتابة و‬‫الشي ع‪،‬‬ ‫الروتينية و‬ ‫ر‬ ‫غياب التحقت التديد‬ ‫و الحفظ )‪.‬‬ ‫و التجديد‪.‬‬ ‫ص‪81‬‬ ‫ص ‪88‬‬ ‫ أحكام سلبية‬‫حول الفلسفة‬ ‫مادة صعبة‪،‬‬ ‫نخبوية ‪ ،‬ال‬ ‫طائل من‬ ‫ورائها‪،‬‬ ‫سفسطائية‪.‬‬ ‫‪82‬‬ ‫َّ‬ ‫ ازدواجية‬‫اللغة و‬ ‫الثقافة‪ .‬ص‬ ‫‪83‬‬

‫ر‬ ‫يأن التلميذ‬ ‫ وضع‬‫ ي‬‫ن‬ ‫َّ‬ ‫سلت محمال بصورة‬ ‫ي‬ ‫نفسان ر ر ي‬ ‫نتيجة االحتاز مسبقة حول‬ ‫التلقان الذي الفلسفة‬ ‫ي‬ ‫يبديه التلميذ وهناك‬ ‫ن‬ ‫صعوبة يف‬ ‫إزاء األستاذ‬ ‫ّ‬ ‫المستجد‪ .‬ص تخليصه منها‬ ‫ص ‪103‬‬ ‫‪100‬‬

‫ن‬ ‫ اكتظاظ‬‫التلقي و‬ ‫‬‫األقسام آن‬ ‫العرض‬ ‫ذاك ) ص‬ ‫المطول‬ ‫المناقض لروح ‪105‬‬ ‫و‬ ‫الفلسفة‬ ‫ه طريقة‬ ‫ي‬ ‫"إرهابية"‬ ‫تجعل األستاذ‬ ‫"يمىل"‬ ‫ي‬ ‫و التلميذ‬ ‫"يكتب"‬ ‫و "يسكت"‪.‬‬ ‫ص‪101‬‬

‫‪65‬‬


‫ّ‬ ‫تخوف من‬ ‫‬‫أن تحلّ‬ ‫الطريقة‬ ‫التلقيمية‬ ‫و الدرس‬ ‫األكاديم )‬ ‫محمود بن‬ ‫ي‬ ‫جماعة‪:‬‬ ‫محل الطريقة‬ ‫محمد الكراي النشطة ‪ .‬ص‬ ‫( ‪217 – 1928‬‬ ‫‪.) 2000‬‬ ‫ تقليص‬‫ضوارب مادة‬ ‫( ‪ ) 2003‬الفلسفة‬ ‫و ساعات‬ ‫ن‬ ‫تدريسها يف‬ ‫مختلف‬ ‫الشعب ‪.‬‬ ‫ص ‪216‬‬ ‫التنامج‬ ‫ ثقل ر‬‫و كثافته ‪ .‬ص‬ ‫‪217‬‬ ‫ تدريس‬‫الفلسفة‬ ‫باللغة العربية‬ ‫طالبت به‬ ‫اللجنة سنة‬ ‫‪ 1970‬عىل أن‬ ‫َّ‬ ‫تتحقق بعض‬ ‫ر‬ ‫الشوط ‪ .‬ص‬ ‫‪217‬‬

‫هادية‬ ‫ر‬ ‫العرق‪:‬‬ ‫ي‬

‫ إن القول‬‫بوجود‬ ‫صعوبات‬ ‫ن‬ ‫بيداغوجية يف‬ ‫تدريس مادة‬

‫ن‬ ‫فق تدريس‬ ‫ ي‬‫الفلسفة‬ ‫تتقاطع اليوم‬ ‫ثالثة محاور‬ ‫ه محور‬ ‫و ي‬

‫ قرار تعريب‬‫الفلسفة لم‬ ‫يكن بريئا من‬ ‫الدواع‬ ‫ي‬ ‫السياسية ‪.‬‬ ‫ص ‪216‬‬ ‫ التبشت و‬‫التوجيه‬ ‫المذهت يرجع‬ ‫ري‬ ‫إىل طبيعة‬ ‫المواد‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫اإلنسانية ي‬ ‫تنطوي ال‬ ‫محالة عىل‬ ‫بعض‬ ‫الجوانب‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫الذاتية ي‬ ‫ن‬ ‫ينبىع عىل‬ ‫ي‬ ‫المدرس ان‬ ‫يبذل قصارى‬ ‫جهده ليقلص‬ ‫من الذاتية و‬ ‫َّ‬ ‫يتحىل‬ ‫بالموضوعية ‪.‬‬ ‫ص ‪217‬‬

‫ ر‬‫تبق دائما‬ ‫رواسب ذاتية‬ ‫ال يمكن أن‬ ‫يحول دونها‬ ‫ن‬ ‫أي تحوير يف‬ ‫التنامج ‪ .‬ص‬ ‫ر‬ ‫‪218‬‬

‫ و من هنا‬‫ّ‬ ‫التذبذب بين‬ ‫ّ‬ ‫التصورين‬ ‫ن‬ ‫الديت و‬ ‫ي‬ ‫العلم‬ ‫ي‬

‫ يبلغ التالميذ‬‫ هذه‬‫ّ‬ ‫الصدمة تفش األقسام‬ ‫رفض التالميذ النهائية و‬ ‫لهذا الخطاب هم ّ‬ ‫مزودون‬ ‫ّ‬ ‫الممثل لثقافة بأحكام‬

‫‪66‬‬


‫ن‬ ‫يق بعض‬ ‫عوائق‬ ‫تدريس‬ ‫الفلسفة‪.‬عن‬ ‫ارص تجربة‬ ‫بيداغوجية‪:‬‬ ‫‪–1986‬‬ ‫‪. 2000‬‬ ‫( ‪) 2003‬‬

‫العابد‬ ‫الشيحاوي‪:‬‬

‫ن‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫الفلسق ‪،‬‬ ‫الت و‬ ‫يعت المؤسسة ي‬ ‫الفلسفة ي‬ ‫ي‬ ‫أي التناقض‬ ‫تسىع إىل‬ ‫عدم إمكانية‬ ‫الداخىل‬ ‫جعل قيم‬ ‫تحقيق‬ ‫ي‬ ‫الواضح‬ ‫الطبقات‬ ‫الهدف‬ ‫ر‬ ‫لأليديولوجيا‬ ‫المستة‬ ‫التبوي‬ ‫بسهولة‪ .‬ص مهيمنة و إىل السائدة ‪ ،‬و‬ ‫الذي يظهر‬ ‫رتتيرها‬ ‫‪125‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫بجالء يف‬ ‫مستعملة يف‬ ‫نعت‬ ‫ ي‬‫ذلك الوسائل حصص‬ ‫بالصعوبات‬ ‫ّ‬ ‫المنهجية عدم المتوفرة لديها الفلسفة‪ .‬ص‬ ‫إمكانية ّ‬ ‫‪134‬‬ ‫تعود من مراقبة‬ ‫التالميذ عىل و امتحانات‬ ‫و مناظرات‪.‬‬ ‫الطريقة‬ ‫الفلسفية و ص ‪135‬‬ ‫خلطهم ن‬ ‫بي‬ ‫هذه األختة و‬ ‫طرق أخرى‪.‬‬ ‫ص ‪129‬‬ ‫ الصعوبات‬‫النظرية‪ :‬عدم‬ ‫إمكانية تبليغ‬ ‫مواقف‬ ‫الفالسفة‬ ‫و أفكارهم‬ ‫بسهولة ص‬ ‫‪129‬‬

‫هناك عالقة‬‫ن‬ ‫بي ضعف‬ ‫ّ‬ ‫تملك اللغة‬ ‫الفرنسية و‬ ‫تدهور تعلم‬ ‫الفلسفة‪98 .‬‬ ‫ الطريقة‬‫البيداغوجية‪.‬‬ ‫‪99‬‬

‫ّن‬ ‫التحت‬ ‫‬‫ مشكلة‬‫ن‬ ‫األيديولوح‬ ‫االختالف بي‬ ‫ر ي‬ ‫التوجيه‬ ‫مصدر‬ ‫المذهت)‬ ‫الشهادات‬ ‫ري‬ ‫و إقحام‬ ‫العلمية‬ ‫ن‬ ‫األذهان يف‬ ‫مؤسسات‬ ‫معسكر‬ ‫رشقية أو‬ ‫سياس أو‬ ‫تونسية )‪ .‬ص‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ديت أو‬ ‫‪106‬‬ ‫ي‬ ‫‪67‬‬

‫مسبقة‪.‬‬ ‫ال يرتاحون‬ ‫ص‪136‬‬ ‫إليها إذ‬ ‫ من‬‫يالحظون‬ ‫ن‬ ‫اختالفها عن الضوري‬ ‫ثقافتهم ‪ ) ...‬إيجاد صورة‬ ‫جديدة لمادة‬ ‫فهم لم‬ ‫ّ‬ ‫يتخلصوا بعد الفلسفة‬ ‫من التقوقع أو و لمدرسيها‬ ‫تعتت‬ ‫التمركز حول بحيث ال ر‬ ‫لغوا أو مجرد‬ ‫الذات‪ .‬ص‬ ‫خروج عن‬ ‫‪129‬‬ ‫ عدم ارتياح المألوف و‬‫يعتت‬ ‫التالميذ لمادة كفر و ال ر‬ ‫ّ‬ ‫مدرسها‬ ‫الفلسفة‬ ‫و ّ‬ ‫لمدرسيها و شخصا رافضا‬ ‫لكل نظام‪ .‬ص‬ ‫ذلك لوجود‬ ‫أحكام مسبقة ‪136‬‬ ‫اإللحاد و‬ ‫الكفر و‬ ‫االبتعاد عن‬ ‫الواقع و عن‬ ‫المألوف)‪ .‬ص‬ ‫‪126‬‬

‫ تدهور‬‫النظرة العامة‬ ‫إىل الفلسفة و‬ ‫تدريسها و‬ ‫مضمون‬ ‫التكوين الذي‬ ‫ّ‬ ‫تقدمه‪ .‬ص‬ ‫‪107‬‬ ‫‪-‬‬


‫تدريس‬ ‫الفلسفة‬ ‫خالل‬ ‫ر‬ ‫عش ن‬ ‫يتي‪.‬‬ ‫( ‪) 2003‬‬

‫حوار حول‬ ‫تعريب‬ ‫الفلسفة‪.‬‬

‫ تحديد‬‫األهداف‪99.‬‬ ‫ أولوية‬‫ن‬ ‫المضامي عىل‬ ‫حساب‬ ‫المهارات‬ ‫ص‪101‬‬ ‫ طول‬‫التنامج ‪102‬‬ ‫ر‬ ‫ مشكلة‬‫منهجية‬ ‫المقالة‬ ‫ن‬ ‫الفلسفية يف‬ ‫كل الشعب‪.‬‬ ‫المنهج‬ ‫معضلة‬ ‫الدرس و‬ ‫االمتحانات‬ ‫الرسمية و‬ ‫مشكل الدوائر‬ ‫التعليمية بل‬ ‫يتحول إىل‬ ‫هاجس أشي‬ ‫مجتمىع‪.‬‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ص ‪103‬‬ ‫ التنميط و‬‫التكرار‪ .‬ص‬ ‫‪105‬‬

‫ ضعف‬‫التكوين‬ ‫اللغوي‬ ‫للتالميذ‪ .‬ص‬ ‫‪18‬‬ ‫ محاور ال‬‫تعظ للتالميذ‬ ‫ي‬

‫عقائدي‪ .‬ص‬ ‫‪100‬‬ ‫ّ‬ ‫التخىل‬ ‫‬‫ي‬ ‫التدريخ عن‬ ‫ر ي‬ ‫المذاهب و ما‬ ‫تثته من‬ ‫إحراج‪ .‬ص‬ ‫‪101‬‬ ‫ هناك عالقة‬‫ن‬ ‫بي الضاع‬ ‫المذهت و‬ ‫ري‬ ‫العالقة باللغة‬ ‫العربية‬ ‫مسألة‬ ‫التعريب )‪.‬‬ ‫ص ‪108‬‬

‫ن‬ ‫التلقي و‬ ‫‬‫التوجيه‬ ‫األيديولوح‪.‬‬ ‫ر ي‬ ‫ص‪19‬‬

‫‪68‬‬

‫ ّ‬‫تمزق عىل‬ ‫ إن التمزق‬‫الذي يشعر به الصعيد‬ ‫اللغوي‬ ‫الشباب‬ ‫و الفكري‪ .‬ص‬ ‫التونس‬ ‫ي‬ ‫عندما يدرس ‪18‬‬ ‫الفلسفة بلغة‬ ‫أجنبية واضح‬


‫جريدة‬ ‫الصباح‬ ‫‪22 ، 21‬‬ ‫أكتوبر‪.‬‬ ‫‪1975‬‬

‫( ‪) 1975‬‬

‫ملف خاص‬ ‫بتعريب‬ ‫الفلسفة من‬ ‫إعداد خالد‬ ‫النجار ‪.‬‬

‫َّ‬ ‫خاصة عندما‬ ‫َّ‬ ‫يتعرض‬ ‫لدراسة‬ ‫شخصيات‬ ‫أجنبية دون‬ ‫ان يدرس‬ ‫الشخصيات‬ ‫المرتبطة‬ ‫بحضارتنا‪.‬‬ ‫ عقدة‬‫الشعور‬ ‫بالنقص لدى‬ ‫التلميذ خاصة‬ ‫قبل التعريب‪.‬‬ ‫ص ‪18‬‬ ‫ إن التلميذ‬‫يتخاطب مع‬ ‫ن‬ ‫أهله بلغة و يف‬ ‫المدرسة‬ ‫يتخاطب مع‬ ‫اآلخرين بلغة‬ ‫أخرى و يخلق‬ ‫َّ‬ ‫ازدواجية‬ ‫لديه‬ ‫ن‬ ‫يف الشخصية‬ ‫و يجعله‬ ‫ّ‬ ‫متمزقا‬ ‫نفسيا‪.‬ص‪18‬‬

‫فكرة عن‬ ‫المحيط الذي‬ ‫يعيش فيه ‪ .‬و‬ ‫التامج‬ ‫غربة ر‬ ‫عن معيش‬ ‫التالميذ ص‬ ‫‪ 18‬و ‪19‬‬ ‫ طول و ثقل‬‫التامج ‪ .‬ص‬ ‫ر‬ ‫‪18‬‬ ‫ ازدواجية‬‫اللغة‪ .‬ص ‪18‬‬ ‫ طرق‬‫تقليدية تقوم‬ ‫ن‬ ‫التلقي‪.‬‬ ‫عىل‬ ‫‪19‬‬ ‫ عدم‬‫االشتغال عىل‬ ‫ن‬ ‫تحفت‬ ‫و ترغيب‬ ‫ن‬ ‫التلميذ يف‬ ‫دراسة‬ ‫الفلسفة‪.‬ص‬ ‫‪19‬‬

‫ن‬ ‫ ضعف يف‬‫تملك اللغة‪.‬‬ ‫ص ‪105‬‬ ‫ انخفاض‬‫مستوى‬ ‫الفلسفة‬ ‫المدرسية‬ ‫بالفرنسية إىل‬

‫ التعريب‬‫ عدم مشاركة ‪ -‬ارتداد‬‫إلحاح‬ ‫التعريب إىل‬ ‫كل األساتذة‬ ‫سيكولوح‬ ‫مشاركة فعلية مناسبة لتمرير‬ ‫ر ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫تاريخ‪ .‬ص‬ ‫و‬ ‫الفكر‬ ‫يف وضع‬ ‫ي‬ ‫‪108‬‬ ‫الميثولوح‬ ‫التامج و‬ ‫ر‬ ‫ر ي‬ ‫العودوي‬ ‫المناهج‬ ‫َّ‬ ‫التدريسية‪.‬‬ ‫بحجة الدفاع‬ ‫عن األصالة و‬ ‫ص‪117‬‬ ‫‪69‬‬

‫ التعريب‬‫الشامل‬ ‫قوم‬ ‫مطلب ي‬ ‫ّ‬ ‫حضاري يحرر‬ ‫الفكر و‬ ‫يثبت‬ ‫الشخصية‬ ‫‪108‬‬


‫ن‬ ‫الذاتية العربية‬ ‫سافلي ‪ -‬ال إجبارية‬ ‫أسفل‬ ‫المادة بالنسبة اإلسالمية‪ .‬ص‬ ‫بسبب‬ ‫‪106‬‬ ‫انحطاط إلمام لبعض‬ ‫‪.‬‬ ‫ تحول‬‫التالميذ باللغة الشعب‬ ‫ماركس‬ ‫الفرنسية منذ ص ‪117‬‬ ‫اإلستقالل‪.‬‬ ‫و التفكت‬ ‫الجدىل‬ ‫ص ‪107‬‬ ‫ي‬ ‫المادي إىل ما‬ ‫ ضعف‬‫مجلة‬ ‫يشبه‬ ‫كفاءة بعض‬ ‫"الحياة‬ ‫ن‬ ‫األرسطية يف‬ ‫الثقافية" األساتذة‬ ‫العض‬ ‫سبتمت‪/‬أكت ‪ .‬ص ‪107‬‬ ‫الوسيط‬ ‫ فقر‬‫وبر‬ ‫‪.1976‬‬ ‫المسيخ‪ .‬ص‬ ‫المكتبات من‬ ‫ي‬ ‫‪106‬‬ ‫الكتب‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫ التعريب‬‫الضورية‬ ‫يساعد عىل‬ ‫( ‪ ) 1976‬ص ‪107‬‬ ‫ن‬ ‫تمرير الفكر‬ ‫ نقص يف‬‫الماضوي‪.‬‬ ‫المكتبات و‬ ‫ص‪111‬‬ ‫عزوف عن‬ ‫ تحول درس‬‫المطالعة لدى‬ ‫الفلسفة إىل‬ ‫الشباب‪ .‬ص‬ ‫وعظ و إرشاد‪.‬‬ ‫‪112‬‬ ‫ص ‪105‬‬

‫لتدريس الفلسفة بالثانوي بتونس من ‪ 1948‬إىل ‪2012‬‬

‫‪70‬‬

‫ّ‬ ‫التخبط و‬ ‫‬‫الحتة بين‬ ‫مصطلح قديم‬ ‫ال يصلح لنا‬ ‫بالكلية‬ ‫و مصطلح‬ ‫أورون معاض‬ ‫ري‬ ‫ال ينفذ إىل‬ ‫أعماق‬ ‫ذاتنا‪.‬ص ‪110‬‬ ‫ التعريب‬‫ِّ‬ ‫الجزن يعمق‬ ‫ي‬ ‫القطيعة‬ ‫و التمزق‬ ‫ن‬ ‫الثقاف القائم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الزيتونيي‬ ‫بي‬ ‫ن‬ ‫المدرسيي‪.‬‬ ‫و‬ ‫ص‪115‬‬


71


‫أهم الصعوبات و المشكالت‬ ‫الدراسات‬ ‫المعتمدة‬ ‫البيداغوجية‬ ‫التعلمية‬

‫السياسية‬ ‫األيديولوجية‬

‫اإلدارية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤسساتية‬

‫النفسية‬ ‫الوجدانية‬

‫الثقافية‬ ‫القيمية‬

‫ منذ البداية ‪ -‬حضور‬‫ اعتبار‬‫ الفلسفة‬‫ إزدواجية‬‫ّ‬ ‫يقحم التلميذ بعض‬ ‫س الفلسفة‬ ‫الفكر‬ ‫ي‬ ‫اإلسالم تقليد مؤس ي‬ ‫ن‬ ‫التصورات‬ ‫يف عالم من‬ ‫غرن أدخلته ممارسة‬ ‫و الفلسفة‬ ‫ري‬ ‫ن‬ ‫الرافضة‬ ‫إيديولوجية أو المتاهات‬ ‫وتهميش لألول مدرسة‬ ‫مصطف‬ ‫‬‫ن‬ ‫محسن‪:‬‬ ‫و التساؤالت للفلسفة‬ ‫سياسية ص‬ ‫الثان‪ .‬االحتالل‬ ‫لحساب ي‬ ‫المقلقة ‪...‬‬ ‫باعتبارها "‬ ‫‪165‬‬ ‫الفرنس‬ ‫ص‪45‬‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫و التلميذ الذي مدعاة للشك‬ ‫األجنت ‪ - 212 .‬الفلسفة‬ ‫ كثافة‬‫المعرفة‬ ‫ري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدرسية تقع كان ينتظر من و اإللحاد و‬ ‫ الخطاب‬‫المؤسسة‪ ،‬المقرر‪161.‬‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫دراسة المادة تتناف مع‬ ‫ضحية‬ ‫الفلسق‬ ‫التلقي‪ .‬ص‬ ‫مساهمة يق ‪-‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫المعتقد‬ ‫توقعات‬ ‫انحرافات‬ ‫المدرس‬ ‫‪56‬‬ ‫التحليل‬ ‫ي‬ ‫اإلسالم ‪.‬‬ ‫و انتظارات‬ ‫مهنية و‬ ‫الرسم‬ ‫السوسيولوج ‪ -‬التجريد‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إيجابية غالبا ‪165‬‬ ‫مؤسسية‬ ‫بالمغرب ال‬ ‫ي للخطاب و تجاوز‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ فشل الدمج‬‫ما يصاب‬ ‫المحسوس يف يعدو أن يكون بسبب‬ ‫الفلسف‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫الحقيق ن‬ ‫بي‬ ‫بالخيبة‬ ‫خطابا مدينيا انخراطها‬ ‫المدرس يق الممارسة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫اإلسالم‬ ‫الفكر‬ ‫و‬ ‫سياسة‬ ‫ضمن‬ ‫ترويجه‬ ‫يرتبط‬ ‫ص‬ ‫الفلسفية‬ ‫المغرب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫اإلحباط‪.‬ص‪ 5‬و الفلسفة‬ ‫المؤسسة‬ ‫بمدارس‬ ‫‪59‬‬ ‫‪.‬ص ‪174‬‬ ‫‪6‬‬ ‫و نماذجها‬ ‫المدن دون‬ ‫ هيمنة‬‫‪1993‬‬ ‫ ما يشاع عن و ص ‪198‬‬‫القيمية و‬ ‫اعتبار‬ ‫المنطق‬ ‫ن‬ ‫ تهميش‬‫الفلسفة‬ ‫السلوكية‬ ‫للفروقات‬ ‫الوصق و‬ ‫ي‬ ‫الخطاب‬ ‫مخيف‬ ‫و الخصائص‬ ‫التجميع‬ ‫ن‬ ‫الفلسق‬ ‫واإليديولوجية و منفر منها‬ ‫والمراكمة عىل الجهوية و‬ ‫ي‬ ‫المدرس‬ ‫ص ‪148‬‬ ‫عمق التحليل القروية ‪212 . 201 .‬‬ ‫ي‬ ‫ تناقض ن‬‫للبعد‬ ‫ أداة‬‫بي ‪ -‬تصورات‬ ‫‪65.‬‬ ‫ّ‬ ‫االجتماع‪-‬‬ ‫تكنو‪ -‬لوجوية بيداغوجية‬ ‫س‬ ‫ واقع‬‫ن ي‬ ‫المؤس ن ي‬ ‫المعرف ‪.‬‬ ‫التاريخ‬ ‫و معرفية غت‬ ‫مستندة إىل‬ ‫و‬ ‫التناقض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫للمادة‬ ‫نموذج ضيق محفزة‬ ‫ص ‪46‬‬ ‫القائم ما بي‬ ‫ر‬ ‫للتلميذ‪.‬‬ ‫الت‬ ‫للتنمية و‬ ‫ تعارض‬‫األهداف‬ ‫المعرفية ي‬ ‫ّ‬ ‫يروجها ‪ .‬ص‬ ‫ص ‪171‬‬ ‫كوع التحديث‬ ‫الفلسفة‬ ‫المعرفية و‬ ‫ي‬ ‫‪125‬‬ ‫ص‪217.‬‬ ‫و كممارسة‬ ‫البيداغوجية‬ ‫َّ‬ ‫فكرية مبدعة‬ ‫واالجتماعية‬ ‫‪72‬‬


‫ن‬ ‫التدجي‬ ‫‬‫األيديولوح‬ ‫ر ي‬ ‫‪.‬ص ‪29‬‬ ‫ أدلجة‬‫مضمون‬ ‫الفلسفة‬ ‫المدرسية‪.‬‬ ‫ص‪47‬‬ ‫ّ‬ ‫التحتن‬ ‫‬‫األيديولوح‪.‬‬ ‫ر ي‬ ‫ص‪174‬‬

‫مع سياسة‬ ‫الموضوعة‬ ‫ّ‬ ‫رسميا لتدريس المؤسسة‬ ‫الفلسفة و المحافظة‬ ‫ن‬ ‫‪.‬ص ‪48‬‬ ‫بي الكتاب‬ ‫المدرس ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ص ‪93‬‬

‫ أزمة‬‫الفلسفة‬ ‫العربية‬ ‫ه‬ ‫المعاضة ي‬ ‫أزمة طغيان‬ ‫الفكر‬ ‫ر‬ ‫التوفيق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ص ‪44‬‬ ‫ِّ‬ ‫ المفكر‬‫العرن يعيش‬ ‫ري‬ ‫حالة انفصام‬ ‫ن‬ ‫بي االنبهار‬ ‫ن‬ ‫بالماص و‬ ‫ي‬ ‫االنبهار‬ ‫ن‬ ‫بالحاض‪ .‬ص‬ ‫‪85‬‬

‫ مركز‬‫دراسات‬ ‫الوحدة‬ ‫العربية‪:‬‬ ‫الفلسفة‬ ‫العربية‬ ‫المعارصة‬ ‫( مواقف‬ ‫و دراسات )‬ ‫صالح‬ ‫قنصوة دور‬ ‫المنهج‬ ‫ن‬ ‫العلم يق‬ ‫ي‬ ‫النقد‬ ‫ن‬ ‫الفلسف‬ ‫ي‬ ‫العرن‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪1988‬‬

‫‪73‬‬

‫ انفصام ن‬‫بي‬ ‫الثقافة‬ ‫المدرسية‬ ‫و الواقع‬ ‫القائم‪.‬‬ ‫ص‪171‬‬

‫ إن الثقافة‬‫العربية من‬ ‫ه‬ ‫حيث ي‬ ‫ثقافة جواب‬ ‫ّ‬ ‫ه‬ ‫أكت مما ي‬ ‫ثقافة سؤال‪،‬‬ ‫و من حيث‬ ‫ه ثقافة نص‬ ‫ي‬ ‫ورؤية جاهزة‬ ‫للكون و‬ ‫اإلنسان أكتّ‬ ‫ه ثقافة‬ ‫مما ي‬ ‫قلق و بحث‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫قد شكلت‬ ‫ن‬ ‫سببا رئيسا يف‬ ‫فهم حال‬ ‫ر‬ ‫التاجع‬ ‫ن‬ ‫الفلسق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ص ‪44‬‬


‫ ضعف‬‫االستعدادت‬ ‫اللغوية‬ ‫للتالميذ ضفا‬ ‫و تعبتا‪.‬‬ ‫سمت‬ ‫جوهاري‪:‬‬ ‫ص‪20‬‬ ‫ ضعف‬‫واقع تدريس مكتسبات‬ ‫ن‬ ‫الفلسفة يق التالميذ من‬ ‫المعارف‬ ‫التعليم‬ ‫العلمية كماّ‬ ‫الثانوي‬ ‫وكيفا‪.‬‬ ‫بالجزائر‪.‬‬ ‫ص ‪21‬‬ ‫(دراسة‬ ‫ جهل‬‫وصفية‬ ‫التالميذ‬ ‫تحليلية‬ ‫ّ‬ ‫بأمهات الكتب‬ ‫تقويمية)‬ ‫الفلسفية‬ ‫غياب‬ ‫‪2011‬‬ ‫المطالعة )‪.‬‬ ‫ص ‪21‬‬ ‫ صعوبات‬‫ّ‬ ‫متعلقة‬ ‫بطبيعة المادة‪:‬‬ ‫الغموض‪،‬‬ ‫التجريد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫و تعدد اآلراء‬ ‫و المذاهب‪.‬‬ ‫ص ‪20‬‬ ‫ صعوبات‬‫َّ‬ ‫تتعلق‬ ‫ّ‬ ‫بالمدرس‪.‬‬ ‫ص ‪20‬‬ ‫ اعتماد‬‫الطريقة‬ ‫التقليدية‪:‬‬ ‫اإللقاء‪،‬‬

‫ جمود‬‫التامج و‬ ‫ر‬ ‫عدم مواكبتها‬ ‫ّ ن‬ ‫لما يجد يف‬ ‫ميادين‬ ‫البحث‬ ‫ن‬ ‫الفلسق أو‬ ‫ي‬ ‫عدم‬ ‫وظيفيتها‪.‬‬ ‫ص‪20‬‬

‫‪74‬‬


‫الحفظ و‬ ‫التخزين ‪14‬‬ ‫ صعوبات و‬‫ّ‬ ‫تعقد عملية‬ ‫تقويم‬ ‫اختبارات‬ ‫التالميذ‪18.‬‬

‫ ال تجد‬‫الفلسفة مكانا‬ ‫ن‬ ‫وع و‬ ‫لها يف ي‬ ‫وجدان تالميذ‬ ‫الشعب‬ ‫العلمية‪2 .‬‬ ‫ التأثت‬‫النفس و‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫السلت‬ ‫الذهت‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫لألحكام‬ ‫المسبقة حول‬ ‫الفلسفة‪2 .‬‬ ‫ التعامل‬‫النفىع و‬ ‫الت ي ر‬ ‫اغمان مع‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫المادة‪ .‬ص ‪2‬‬ ‫ ّ‬‫حصة‬ ‫الفلسفة واقع‬ ‫ّ‬ ‫مؤلم يضطر‬ ‫إليه التلميذ‬ ‫ّ‬ ‫اضطرارا‪.‬‬

‫ النظر إىل‬‫الفلسفة بروح‬ ‫علموية‬ ‫متعالية‬ ‫متعالية‬ ‫تخرجها من‬ ‫ميس‬ ‫بن‬ ‫ي‬ ‫زبيدة و خزار دائرة المعرفة‬ ‫وسيلة ‪:‬‬ ‫وتصفها‬ ‫ب "الالجدوى"‬ ‫ّ‬ ‫وتعلمها‬ ‫صعوبات‬ ‫"مضيعة‬ ‫تدريس‬ ‫للوقت"‪ .‬ص‪2‬‬ ‫الفلسفة‬ ‫ صعوبات‬‫للشعب‬ ‫استيعاب‬ ‫العلمية و‬ ‫المضمون‬ ‫سبل‬ ‫ن‬ ‫المعرف من‬ ‫تجاوزها‬ ‫ي‬ ‫قبل تالميذ‬ ‫الشعب‬ ‫‪2011‬‬ ‫العلمية‪8.‬‬ ‫ محدودية‬‫القدرات‬ ‫‪75‬‬


‫ص‪2‬‬ ‫ نفور و‬‫المباالة تجاه‬ ‫المادة‬ ‫و رفضهم لها‪.‬‬ ‫ص‪8‬‬ ‫ المطالبة‬‫بإلغاء المادة‬ ‫يكشف عن‬ ‫نفس‬ ‫ضغط‬ ‫ي‬ ‫و معاناة‬ ‫نفسية‬ ‫عميقة‪.‬‬ ‫‪ 16‬و ‪17‬‬

‫المعرفية‬ ‫‪.‬‬ ‫للتالميذ ‪8‬‬ ‫ طريقة‬‫ن‬ ‫التلقي‪9 .‬‬ ‫التامج‬ ‫ كثافة ر‬‫وبعدها عن‬ ‫الواقع المعيش‬ ‫للتلميذ‪11.‬‬

‫ التأطت يكاد ‪ -‬ال تضبط‬‫ن‬ ‫ّ‬ ‫المؤسسة‬ ‫ينعدم يف‬ ‫الجامعية‬ ‫الثانوي و ال‬ ‫وجود له عىل مقاييس‬ ‫ الفصل‬‫دقيقة‬ ‫مستوى‬ ‫الثالث‬ ‫و ر‬ ‫العشون‪ :‬الجامعة‪ .‬ص و ملزمة‬ ‫للتدريس الذي‬ ‫‪380‬‬ ‫الزاوي‬ ‫بغورة‪:‬‬ ‫ تالميذ عبارة ظل يخضع‬‫عن أجهزة آلية ل "حرية"‬ ‫األساتذة‪.‬‬ ‫لتخزين‬ ‫ص‪386‬‬ ‫المعلومات‬ ‫الخطاب‬ ‫ن ن‬ ‫ر‬ ‫ نظام تقييم‬‫الفلسف يق و استجاعها‬ ‫ي‬ ‫عند الطلب‪.‬‬ ‫الجزائر‪:‬‬ ‫و امتحانات‬ ‫متساهل جدا‪.‬‬ ‫الممارسات ص ‪381‬‬ ‫ص‪391‬‬ ‫واإلشكاليات ‪ -‬غلبة‬ ‫‪.‬‬ ‫ ضعف‬‫المعارف‬ ‫مستوى طلبة‬ ‫العامة عىل‬ ‫تشخيص‬ ‫اآلداب خاصة‬ ‫المعرفة‬ ‫أوىل ورد‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫الفلسفية‪.‬‬ ‫ضمن‪:‬‬ ‫و هم يمثلون‬ ‫المصدر األول‬ ‫ص‪381‬‬ ‫لمن سيختصّ‬ ‫‪76‬‬

‫ العائق‬‫ توجيه‬‫ غياب و‬‫اللغوي‬ ‫الطلبة إىل‬ ‫تغييب‬ ‫و انعدام الجو‬ ‫للفلسفة عن اختصاص‬ ‫ن‬ ‫الثقاف و‬ ‫الفلسفة ال‬ ‫الشأن العام‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫يخضع أساسا الفكري خاصة‬ ‫رغم خطورة‬ ‫بعد‬ ‫إىل العالمة‬ ‫القضايا‬ ‫و الرغبة‪ .‬ص اضطرابات‬ ‫المطروحة‬ ‫التسعينات‪.‬‬ ‫عىل المجتمع ‪391‬‬ ‫ حضور كبت ص‪393‬‬‫الجزائري و‬ ‫مستقبله‪.‬‬ ‫ سيطرة‬‫لالقتناع‬ ‫الثقافة الدينية‬ ‫األيديولوح‬ ‫ص‪377‬‬ ‫ر ر ي‬ ‫ن‬ ‫السلفية‬ ‫و االلتام‬ ‫ّ ن‬ ‫السياس‪.‬‬ ‫المسفهة يف‬ ‫ تعريب و‬‫ي‬ ‫الغالب‬ ‫ص‪393‬‬ ‫جزأرة‬ ‫للفلسفة‬ ‫ النظرة‬‫وأسلمة‬ ‫و فعل‬ ‫السلفية‬ ‫للفلسفة‬ ‫بصفة قشية‪ .‬السائدة حول التفلسف‪.‬‬ ‫الفلسفة‪.‬‬ ‫ص‪393‬‬ ‫‪378‬‬ ‫ مناهضة‬‫ص‪395‬‬ ‫ن‬ ‫ مظاهرات يف المحيط‬‫ كتب‬‫االجتماع‬ ‫مدرسية تغلب الشوارع‬ ‫ي‬


‫ن يف الفلسفة‪.‬‬ ‫ كتب‬‫مدرسية تشكو ص‪391‬‬ ‫خلال كبتا‬ ‫ نوعية‬‫وسطحية‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫وتبسيطا‬ ‫الطلبة ي‬ ‫رن‬ ‫واختالية‪.‬ص‪ 3‬يسمح نظام‬ ‫ مركز‬‫التوجيه‬ ‫‪82‬‬ ‫دراسات‬ ‫بذهابها إىل‬ ‫ انغالق و‬‫الوحدة‬ ‫اختصاص‬ ‫عزلة مادة‬ ‫العربية‬ ‫الفلسفة عما الفلسفة‪.‬‬ ‫و الجمعية‬ ‫ص‪391‬‬ ‫يجري من‬ ‫الفلسفية‬ ‫ن‬ ‫المرصية‪.‬‬ ‫تطورات يف‬ ‫ن‬ ‫حنف العالم‪.‬‬ ‫ غياب شبه‬‫حسن‬ ‫ي‬ ‫و أخ‪:.‬‬ ‫كىل للجو‬ ‫ص‪382‬‬ ‫ي‬ ‫العلم‬ ‫ي‬ ‫الفلسفة ن يق ‪ -‬طالق شبه للبحث‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ص‪392‬‬ ‫كىل وقطيعة‬ ‫الوطن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ غلبة‬‫بي التكوين‬ ‫العرن يق‬ ‫ي‬ ‫‪.‬‬ ‫المحيط عىل‬ ‫الجامىع و‬ ‫عام‬ ‫مائة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الثانوي ‪ .‬ص المؤسسة‬ ‫نتيجة ضعف‬ ‫‪386‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫ّ‬ ‫فجان المؤسسة‬ ‫ تزايد‬‫ي‬ ‫ر‬ ‫التبوية و‬ ‫لعدد الطلبة‬ ‫مع محدودية الجامعية‪.‬‬ ‫ص‪406‬‬ ‫القدرة عىل‬ ‫ّ‬ ‫تأطتهم ‪.‬‬ ‫ تغلب علة‬‫الخطاب‬ ‫ص‪392‬‬ ‫ن‬ ‫الفلسق‬ ‫ غلبة المرجع‬‫ّ ي‬ ‫عىل المصدر و للمؤسسة‬ ‫ن‬ ‫الفلسفية‬ ‫التلقي عىل‬ ‫التفكت‪.‬‬ ‫النظرة‬ ‫السلفية و‬ ‫ص ‪408‬‬ ‫الشكلية و‬ ‫الوظائف‬ ‫السياسية‬ ‫األيديولوجية‪.‬‬ ‫ص‪408‬‬ ‫‪77‬‬

‫عليها‬ ‫السلفية‪ .‬ص‬ ‫‪382‬‬ ‫ غلبة‬‫السياس عىل‬ ‫ين‬ ‫العلم يف‬ ‫ي‬ ‫التخطيط أو‬ ‫التوجيه أو‬ ‫اإلصالح‬ ‫و التعديل‪ .‬و‬ ‫هيمنة القرار‬ ‫السياس‪.‬‬ ‫ي‬ ‫عىل المعيار‬ ‫العلم و‬ ‫ر ي‬ ‫التبوي‪.‬‬ ‫ص‪406‬‬ ‫ جو الرعب‬‫و الخوف‬ ‫وااللتباس و‬ ‫القمع و‬ ‫الكبت‬ ‫المصادر للنقد‬ ‫و التساؤل و‬ ‫إعمال العقل‪.‬‬ ‫ص ‪407‬‬ ‫ سياسية‬‫الجزأرة و‬ ‫ديموقراطية‬ ‫التعليم‬ ‫أعطت الغلبة‬ ‫ّ‬ ‫للكم عىل‬ ‫حساب‬ ‫الكيف‬

‫تطالب بإلغاء‬ ‫تدريس‬ ‫ن‬ ‫الفلسفة يف‬ ‫المنظومة‬ ‫ر‬ ‫التبوية و‬ ‫"منع الكالم‬ ‫عن العوام"‪.‬‬ ‫ص‪394‬‬ ‫ الخوف من‬‫االنتساب‬ ‫الضي ح لهذا‬ ‫ن‬ ‫الفلسق‬ ‫التيار‬ ‫ي‬ ‫أو ذاك و هذا‬ ‫نتيجة للمناخ‬ ‫المعادي‬ ‫ن‬ ‫لالختالف يف‬ ‫وسط تغلب‬ ‫عليه الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫العامة‬ ‫الدينية‬ ‫و السلفية‬ ‫الشكلية‪.‬‬ ‫ص‪395‬‬

‫للفعل‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لسق "كق‬ ‫الف ي‬ ‫فلسفة"‪" ،‬ال‬ ‫داع‬ ‫ي‬ ‫للفلسفة" ‪..‬‬ ‫الفلسفة‬ ‫شبهة يجب‬ ‫رّ‬ ‫التتؤ منها‪.‬‬ ‫و عدو يجب‬ ‫ّ‬ ‫التخلص‬ ‫منه‪ .‬ص ‪406‬‬ ‫ن‬ ‫الثقاف‬ ‫ غلبة‬‫ي‬ ‫و الفكري‬ ‫األيديولوح‬ ‫و‬ ‫ر ي‬ ‫السياس‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الفلسق‬ ‫عىل‬ ‫ي‬ ‫العلم‪ .‬ص‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫‪408‬‬


‫و النوع‪ .‬ص‬ ‫‪407‬‬

‫ سعيد‬‫إسماعيل‬ ‫عل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫تدريس‬ ‫المواد‬ ‫الفلسفية‬ ‫الفصل‬ ‫السادس‪:‬‬ ‫مشكالت‬ ‫تدريس‬ ‫المواد‬ ‫الفلسفية‬ ‫‪1972‬‬

‫ تدريس‬‫المشكالت‬ ‫الفلسفية عن‬ ‫طريق دراسة‬ ‫المذاهب‬ ‫و المدارس و‬ ‫قابلية ذلك‬ ‫للتوظيف‬ ‫األيديولوح‪.‬‬ ‫ر ي‬ ‫ص‪239‬‬

‫ الطبيعة‬‫الخالفية‬ ‫للمسائل‬ ‫الفلسفية‪ .‬ص‬ ‫‪237‬‬ ‫ التجريد‬‫والغموض‬ ‫اللذان يسمان‬ ‫مسائل‬ ‫التنامج مما‬ ‫ر‬ ‫يجعلها غريبة‬ ‫عن واقع‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المتعلمي‪.‬‬ ‫ص ‪ 244‬و ص‬ ‫‪266‬‬ ‫– ضيق‬ ‫الوقت‬ ‫ّ‬ ‫المخصص‬ ‫لتدريس‬ ‫الفلسفة‪.‬‬ ‫ص‪249‬‬ ‫ خلو الميدان‬‫العلم ر‬ ‫التبوي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫من دراسات يف‬ ‫طرق تدريس‬ ‫المواد‬ ‫الفلسفية‪.‬ص‬ ‫‪261‬‬ ‫ نقص‬‫العلم‬ ‫اإلعداد‬ ‫ي‬ ‫لبعض‬ ‫قطاعات‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫معل ي‬ ‫‪78‬‬

‫ وقف عدم‬‫ّ‬ ‫التقبل و‬ ‫الرفض لدى‬ ‫جماهت الناس‬ ‫عموما و‬ ‫الطالب‬ ‫خصوصا‪.‬‬ ‫ص ‪254‬‬


‫الفلسفة‪.‬‬ ‫ص‪265‬‬

‫سعيد‬ ‫توفيق‪:‬‬ ‫غياب‬ ‫الفلسفة‪...‬‬ ‫غياب بنية‬ ‫الثقافة‬ ‫(الحالة‬ ‫المرصية‬ ‫نموذجا)‬ ‫‪2007‬‬

‫‪Ibrahim‬‬ ‫‪MADKOU‬‬ ‫‪R:‬‬ ‫‪L'enseign‬‬ ‫‪ement de‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪philosoph‬‬

‫ّ‬ ‫التعود عىل‬ ‫‬‫الحفظ و‬ ‫ن‬ ‫التلقي‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫المعطل لتعلم‬ ‫ّ‬ ‫التفلسف‪.‬‬ ‫ص‪83‬‬ ‫ ّ‬‫مقررات‬ ‫فلسفية‬ ‫تقليدية و‬ ‫ّ‬ ‫مكررة‬ ‫ تغييب‬‫المشكالت‬ ‫األخالقية‬ ‫التطبيقية ذات‬ ‫االرتباط‬ ‫الوثيق بالواقع‬ ‫المعيش‪.‬‬ ‫ص ‪90‬‬

‫ طرق‬‫تقليدية تقوم‬ ‫عىل الدروس‬ ‫النظرية و‬ ‫ن‬ ‫الحفظ يف‬ ‫الغالب‪ .‬ص‬ ‫‪59‬‬

‫ من أسباب‬‫أزمة الوضع‬ ‫الراهن‬ ‫للفلسفة‬ ‫غياب حرية‬ ‫الفكر‪ .‬ص‪74‬‬ ‫ ّ‬‫تحول الدين‬ ‫إىل أيديولوجيا‬ ‫قمعية لحرية‬ ‫الفكر‪ .‬ص‪76‬‬ ‫ الضاع‬‫ن‬ ‫العلمان‬ ‫ي‬ ‫األصوىل و‬ ‫ين‬ ‫الوقوع يف أش‬ ‫الثنائيات‬ ‫التقليدية‬ ‫الحائلة دون‬ ‫طرح األسئلة‬ ‫الفلسفية‬ ‫الحقيقية‪.‬‬ ‫ص ‪96‬‬

‫ استقالل‬‫الفلسفة‬ ‫كاختصاص‬ ‫ِّ ن‬ ‫متمت عن علم‬ ‫النفس و‬ ‫ر‬ ‫التبية المدنية‬ ‫جاء متأخرا‬ ‫‪ .1937‬ص‪58‬‬ ‫‪79‬‬

‫ تراجع الدور‬‫ن‬ ‫الفلسق و‬ ‫ي‬ ‫أصبح ّ‬ ‫مهمشا‬ ‫ن‬ ‫يف بنية الثقافة‬ ‫المضية‪70 .‬‬ ‫ تهميش‬‫ن‬ ‫الديت‬ ‫التيار‬ ‫ي‬ ‫المستنت الذي‬ ‫يسىع إىل‬ ‫تاويل و عقلنة‬ ‫الدين‪ .‬ص ‪75‬‬ ‫ غياب‬‫الفلسفة عن‬ ‫المشهد‬ ‫ن‬ ‫الثقاف‪ .‬ص‬ ‫ي‬ ‫‪77‬‬ ‫ن‬ ‫تثمي قيم‬ ‫‬‫العلم و‬ ‫التصنيع عىل‬ ‫حساب‬ ‫التنظت‬ ‫و التجريد‪.‬‬ ‫ص ‪83‬‬ ‫ّ‬ ‫ تأثر تعليم‬‫الفلسفة‬ ‫بمض‬ ‫بالتجربة‬ ‫الفرنسية‬ ‫ّ‬ ‫خاصة؛لغة و‬ ‫منهجا‪ .‬ص‬ ‫‪63‬‬


‫ن‬ ‫ يف البداية‪،‬‬‫‪ie en‬‬ ‫محدودية إطار‬ ‫‪Egypte‬‬ ‫التدريس‬ ‫ن‬ ‫ نقص يف‬‫المختص‪59‬‬ ‫المكتبات و‬ ‫الكتب العربية‬ ‫‪In :‬‬ ‫ّ‬ ‫المختصة‪.‬‬ ‫‪ - L'enseign‬ال إجبارية‬ ‫ن‬ ‫ص‪59‬‬ ‫‪ ement de‬المادة يف‬ ‫بعض الشعب‪.‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪60 philosoph‬‬ ‫ محدودية‬‫‪ie, une‬‬ ‫اآلفاق‬ ‫‪enquête‬‬ ‫‪ internatio‬التشغيلية‬ ‫لخريخ‬ ‫‪nale de‬‬ ‫ر ي‬ ‫‪ l'UNESCO‬الفلسفة‪.‬‬ ‫ص‪65‬‬ ‫ محدودية‬‫‪1953‬‬ ‫ّ‬ ‫تملك الطلبة‬ ‫للغات‬ ‫األجنبية‪.‬‬ ‫ص‪66‬‬

‫‪ - Meritt H.‬ال إجبارية‬ ‫الفلسفة‬ ‫‪Moore :‬‬ ‫بالمعاهد‬ ‫‪ L'enseign‬التقنية و‬ ‫‪ ement de‬المهنية‪.‬‬ ‫ص‪76‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪ - philosoph‬محدودية‬ ‫آفاق التشغيل‬ ‫‪ie aux‬‬ ‫ّ‬ ‫ح‬ ‫‪ Etats-Unis‬أمام متخر ر ي‬ ‫‪ d'Amériq‬الفلسفة‪76 .‬‬ ‫تنام عدد‬ ‫‪ue,‬‬ ‫ ي‬‫طلبة الفلسفة‬ ‫‪Tableau‬‬ ‫‪ d'ensemb‬الذين يغتون‬ ‫اختصاصهم‬ ‫‪le.‬‬

‫ ّ‬‫مؤسسة‬ ‫األزهر و‬ ‫ن‬ ‫الديت‬ ‫التعليم‬ ‫ي‬ ‫التقليدي‬ ‫الموازي و ما‬ ‫يثته من‬ ‫تداخل و‬ ‫تناقض مع‬ ‫الثانويات‬ ‫أحيانا‪ .‬ص‪65‬‬ ‫ّ‬ ‫ التوتر أحيانا‬‫ن‬ ‫بي الدين و‬ ‫الفلسفة‪.‬‬ ‫ص‪71‬‬

‫ن‬ ‫ غياب مادة ‪ -‬برامج يف حل ‪ -‬تراجع اهمية ‪ -‬التعليم‬‫ن ن‬ ‫الفلسق يف‬ ‫من التقاطب الفلسفة‬ ‫الفلسفة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫بسبب توجه معناه الدقيق‬ ‫اإليديولوح‬ ‫كاختصاص‬ ‫ر ي‬ ‫ر‬ ‫بق بعيدا‬ ‫مستقل و قائم عىل الطريقة التعليم‬ ‫ي‬ ‫االمريك نحو وغريبا عن‬ ‫األوروبية‬ ‫الذات عن‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫الت ن‬ ‫مشاكل‬ ‫كت عىل‬ ‫و ذلك من‬ ‫مؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الحاض‬ ‫التقت‬ ‫التشبث التكوين‬ ‫خالل‬ ‫التعليم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫و بعيدا عن‬ ‫المهت‬ ‫بطابعه العام و‬ ‫الثانوي عدا‬ ‫ي‬ ‫االهتمام‬ ‫و إعطائه‬ ‫رغم وجود‬ ‫بعض‬ ‫ن‬ ‫األولوية عىل بالتقاليد و‬ ‫توتر بي‬ ‫االستثناءات‬ ‫ّ‬ ‫المثل الثقافية‬ ‫حساب‬ ‫الوضعية‬ ‫ضمن‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الثقافة العامة‪.‬‬ ‫الت باتت‬ ‫و الطوماوية‬ ‫المؤسسات‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫اللذين ر‬ ‫يعتف و هيمنة قيم مهددة‪.‬‬ ‫الخاصة و‬ ‫لكنها ن‬ ‫ص‪105‬‬ ‫النجاعة و‬ ‫تحض‬ ‫‪80‬‬


‫‪In :‬‬ ‫‪L'enseign‬‬ ‫‪ement de‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪philosoph‬‬ ‫‪ie, une‬‬ ‫‪enquête‬‬ ‫‪internatio‬‬ ‫‪nale de‬‬ ‫‪l'UNESCO‬‬ ‫‪1953‬‬

‫ّ‬ ‫ويتجهون إىل‬ ‫اإلدارة‬ ‫العمومية‪.‬‬ ‫ص‪98‬‬

‫ استبدال‬‫مادة الفلسفة‬ ‫‪Moufida‬‬ ‫‪ GOUCHA‬بمواد أخرى‬ ‫مثل‪ :‬ر‬ ‫التبية‬ ‫‪(Sous la‬‬ ‫عىل المواطنة‬ ‫)‪dir.‬‬ ‫ر‬ ‫أو التبية‬ ‫الدينية أو‬ ‫‪La‬‬ ‫ر‬ ‫‪ philosoph‬التبية‬ ‫األخالقية‪48.‬‬ ‫‪ie une‬‬ ‫ إطار تدريس‬‫‪école de‬‬ ‫‪ la liberté.‬بالثانوي‬ ‫هش‪49.‬‬ ‫‪ - Enseigne‬محدودية‬ ‫تكوين إطار‬ ‫‪ment de‬‬ ‫التدريس‪49.‬‬ ‫‪la‬‬ ‫توىل غت‬ ‫‪- philosoph‬‬ ‫ي ّ‬ ‫المختصين‬ ‫‪ie et‬‬ ‫‪ apprentis‬لتدريس‬ ‫الفلسفة‪51 .‬‬ ‫‪sage du‬‬ ‫‪philosoph‬‬

‫المردودية‬ ‫التاغماتية‪.‬‬ ‫و ر‬ ‫كل منهما‬ ‫باآلخر‪.‬‬ ‫ص‪99‬‬

‫من خالل‬ ‫مواد أخرى‪.‬‬ ‫ص‪75‬‬

‫التاديغم‬ ‫ غياب‬‫ ر‬‫الدوغمان –‬ ‫الفلسفة كمادة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫األيديولوح‪.‬‬ ‫إجبارية يف‬ ‫ر ي‬ ‫ص‪84‬‬ ‫التعليم‬ ‫الثانوي كما هو‬ ‫ن‬ ‫الحال يف‬ ‫البلدان‬ ‫األنغلوسكسو‬ ‫نية‪ .‬ص‪77‬‬

‫‪81‬‬

‫ص ‪ 76‬و‬ ‫ص‪82‬‬

‫ّ ن‬ ‫ تعدد يف‬‫النظر لعالقة‬ ‫الفلسفة‬ ‫ن‬ ‫بالدين بي من‬ ‫ّ‬ ‫يقر تكاملهما‬ ‫التوتستانت)‬ ‫ر‬ ‫و من يقرّ‬ ‫تعارضهما‬ ‫الكاثوليك‬ ‫و‬ ‫االبوسكوبال)‬ ‫الذين ال يرون‬ ‫إمكانية فلسفة‬ ‫خارج الدين‪.‬‬ ‫ص‪108‬‬

‫ هيمنة القيم ‪ -‬التحدي‬‫الذي تطرحه‬ ‫التاغماتية‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫عالقة تدريس‬ ‫الت أفرزت‬ ‫ّ ي‬ ‫ّ‬ ‫الفلسفة‬ ‫اتجاها عاما‬ ‫ن‬ ‫بالتقاليد‬ ‫تثمي‬ ‫نحو‬ ‫المواد العلمية الثقافية‬ ‫و التقنية عىل المحلية‬ ‫حساب العلوم السائدة‪49‬‬ ‫ اعتبار‬‫اإلنسانية‬ ‫و الفلسفة‪.‬‬ ‫الفلسفة مادة‬ ‫دخيلة‬ ‫‪48‬‬ ‫وغربية‪.‬‬ ‫ صعوبة‬‫إقامة معادلة ص‪52‬‬ ‫ن‬ ‫ رفض بعض‬‫بي تعليم‬ ‫الجماعات‬ ‫األخالق‬ ‫الدينية لتعليم‬ ‫الدينية‬ ‫الفلسفة‪52.‬‬ ‫و التعليم‬ ‫ّ‬ ‫ توتر العالقة‬‫الالئك‪51‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫بي الثقافات‬ ‫ تمزق و‬‫تناقض يحكم التقليدية‬


‫عالقة بعض و تعليم‬ ‫المواد ببعضها الفلسفة‬ ‫ّ‬ ‫بالمعاهد‪52 .‬‬ ‫خاصة‬ ‫الفلسفة و ‪ -‬عالقة‬ ‫ّ ن‬ ‫ر‬ ‫التبية الدينية متوترة يف‬ ‫و األخالقية‪.‬‬ ‫بعض الدول‬ ‫مثل بلجيكا‬ ‫ص‪55‬‬ ‫ن‬ ‫بي الدين‬ ‫و ر‬ ‫التبية‬ ‫األخالقية‬ ‫و الفلسفة‪.‬‬ ‫ص‪53‬‬

‫ ضعف‬‫‪er : Etat‬‬ ‫‪ des lieux‬العالقة بين‬ ‫‪ et regards‬التعليم‬ ‫الثانوي‪،‬‬ ‫‪pour‬‬ ‫البحث و‬ ‫‪l'avenir.‬‬ ‫الجامعة‪49.‬‬ ‫‪UNESCO‬‬ ‫ ال إجبارية‬‫‪2007,‬‬ ‫المادة أحيانا‪.‬‬ ‫‪France.‬‬ ‫ص ‪55‬‬ ‫ ضعف‬‫التكوين‬ ‫الديداكتيك‪6.‬‬ ‫ي‬ ‫‪5‬‬

‫ غلبة الطابع ‪ -‬عدم مالءمة‬‫ استقالة‬‫ هيكلة‬‫ تراجع‬‫اإلبداعات‬ ‫التكنولوح‬ ‫جديدة تدرج الفالسفة عن‬ ‫مستوى‬ ‫ر ي‬ ‫ن‬ ‫الفلسفية‬ ‫التقت‬ ‫الواقع و‬ ‫الفلسفة‬ ‫فادي بدر و التالميذ‪4.‬‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫المثمن لمعايت للبيئة الثقافية‬ ‫تحولهم إىل‬ ‫ضمن مادة‬ ‫ غموض‬‫فتنا‬ ‫ّ‬ ‫حراس أنظمة‪ .‬المردودية‪.‬‬ ‫المحلية‪4 .‬‬ ‫"فلسفة‬ ‫الحمص‪ :‬وتناقض‬ ‫ي‬ ‫ التبعية‬‫ص‪4‬‬ ‫و حضارات" ص‪5‬‬ ‫النصوص‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫التامج ‪ -‬اإلعراض عن البيداغوجية‬ ‫بما يهدد‬ ‫الفلسفية يف‬ ‫ إفراغ ر‬‫من محتواها الفلسفة ألنها و الثقافية‪17 .‬‬ ‫استقالليتها‬ ‫الكتاب‬ ‫مشاكل‬ ‫ن‬ ‫و ‪18‬‬ ‫كمادة تعليمية بحجة ضورة غريبة عن‬ ‫المدرس‪5.‬‬ ‫تدريس‬ ‫ي‬ ‫الفلسفة ن‬ ‫واقعنا‪5 .‬‬ ‫بي ‪ -‬أنظمة تقويم قائمة بذاتها ‪ .‬مالءمتها مع‬ ‫ن‬ ‫الوضع‬ ‫‪9‬‬ ‫تاريخها و درامية يف‬ ‫العالم‪.‬ص‪ - 8‬مادة تزرع‬ ‫حاجة إىل‬ ‫كفاياتها‬ ‫ي‬ ‫اإلرهاق‬ ‫ اعتبارها‬‫مراجعة‪6.‬‬ ‫( لبنان )‬ ‫ّ‬ ‫الفكري‬ ‫خطرا يهدد‬ ‫ لغة تدريس‬‫ّ‬ ‫ذاتية َّ‬ ‫والتذبذب‬ ‫أركان النظام‬ ‫مجردة و‬ ‫‪2008‬‬ ‫القائم فتقابل والالجدوى‪5.‬‬ ‫يصعب‬ ‫ترجمتها‪.‬‬ ‫ خيبة أمل‬‫بالمنع و‬ ‫المحاضة‪.‬‬ ‫لعدم القدرة‬ ‫ص‪7‬‬ ‫عىل اكتساب‬ ‫ص‪17‬‬ ‫معلومات‬ ‫وفقدان الثقة‬ ‫كما هو الحال‬ ‫‪82‬‬


‫نقص الكتب‬ ‫والمكتبات‪7.‬‬ ‫ منهجية‬‫ر‬ ‫ن‬ ‫الت ال‬ ‫التلقي ي‬ ‫ّ‬ ‫ترغب‬ ‫ّ‬ ‫المتعلم‪ .‬ص‪8‬‬ ‫و‪9‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ تردد وتوتر‬‫درس الفلسفة‬ ‫ن‬ ‫بي الفلسفة‬ ‫كمبحث ّ‬ ‫حر و‬ ‫ّ‬ ‫لتفلسف‬ ‫كبيداغوجيا‪1.‬‬ ‫‪4‬و‪17‬‬

‫التامج‬ ‫ ر‬‫التقليدية‬ ‫‪ Enseigne‬للفلسفة‬ ‫عاجزة عن‬ ‫‪ment de‬‬ ‫مواكبة‬ ‫‪la‬‬ ‫‪ philosoph‬تحديات‬ ‫‪ ie dans la‬العولمة‬ ‫ّ‬ ‫و مستجداتها‪.‬‬ ‫‪région‬‬ ‫ص‪24‬‬ ‫‪arabe.‬‬ ‫‪ - UNESCO.‬تقليدية‬ ‫الطرق القائمة‬ ‫‪2009.‬‬ ‫ن‬ ‫عىل التلقي‪.‬‬ ‫‪France.‬‬ ‫ص ‪25‬‬ ‫ن‬ ‫ نقص يف‬‫عدد أساتذة‬ ‫الفلسفة أو‬ ‫ن‬ ‫نقص يف‬ ‫تأهيلهم‬ ‫لتدريسها‪25 .‬‬

‫مع المواد‬ ‫العلمية‪ .‬ص‪5‬‬ ‫ عزوف‬‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المتعلمي عن‬ ‫اإلهتمام‬ ‫بالفلسفة‬ ‫و السخرية‬ ‫و‬ ‫منها‬ ‫مهاجمتها‪8 .‬‬

‫ صورة‬‫ طمس‬‫الفلسفة‬ ‫خصوصية‬ ‫الفلسفة كمادة مشحونة‬ ‫سياسيا‬ ‫دراسية‬ ‫مستقلة بذاتها و أيديولوجيا‬ ‫أدخلها‬ ‫من خالل‬ ‫الخلط بينها و المستعمر و‬ ‫بي ر‬ ‫ن‬ ‫تتكلم لغته )‪.‬‬ ‫التبية‬ ‫‪27‬‬ ‫الوطنية‬ ‫و الدينية‪ .‬ص ‪ -‬االرتباطات‬ ‫َّ‬ ‫االستعمارية‬ ‫‪23‬‬ ‫للمادة من‬ ‫ عدم‬‫جهة تاريخها‬ ‫تخصيص‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الكاف خاصة‪ .‬ص‬ ‫الوقت‬ ‫ي‬ ‫لتدريسها‪ .‬ص ‪27‬‬ ‫‪23‬‬ ‫ عدم تعميم‬‫تدريسها أو‬ ‫اعتبارها مادة‬ ‫إختيارية ‪.‬‬

‫‪83‬‬

‫ رشعيتها‬‫ تراجع‬‫َّ‬ ‫قيمتها بفعل هشة قياسا‬ ‫إىل المواد‬ ‫هيمنة قيم‬ ‫العلمية و‬ ‫الجودة و‬ ‫التقنية فتكون‬ ‫النجاعة‬ ‫الضحية‬ ‫و اقتصاد‬ ‫السوق‪.‬‬ ‫األوىل كلما‬ ‫ن‬ ‫ص‪ 22‬و ‪ 23‬اقتض األمر‪.‬‬ ‫ص‪22‬‬ ‫ و هو ما‬‫يؤدي إىل عدم ‪ -‬مشكالت‬ ‫تدريس‬ ‫تشجيع‬ ‫ن‬ ‫الفلسفة يف‬ ‫التالميذ و‬ ‫ن‬ ‫تحفتهم عىل عالقة باللغة‬ ‫الوطنية‬ ‫تحملها‬ ‫و بالتعريب‪.‬‬ ‫و الالمباالة‬ ‫ص ‪31‬‬ ‫تجاهها‬ ‫و تهميشها‪.‬‬ ‫ عوائق‬‫سوسيو ثقافية‬ ‫ص ‪25‬‬ ‫ حالة حتة و تحول دون‬‫قلق أمام مادة ممارسة‬ ‫ّ‬ ‫مجردة‪25.‬‬


‫ّ‬ ‫مكانتها الهشة‬ ‫قياسا إىل ّ‬ ‫بقية‬ ‫المواد‬ ‫‪.‬‬ ‫العلمية ‪23‬‬ ‫ّ ن‬ ‫تدخل يف‬ ‫ اإلزدواجية‬‫الشأن‬ ‫اللغوية‪ .‬و‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الفلسق من‬ ‫نقص يف تملك‬ ‫ي‬ ‫خارج إطار‬ ‫اللغة‪ .‬ص‪2‬‬ ‫التدريس‬ ‫‪ - ATTOLOD‬برامج غت‬ ‫هاجس‬ ‫دقيقة ‪3‬‬ ‫‪É Louis‬‬ ‫األفرقة‬ ‫ خفض‬‫‪Roi‬‬ ‫باعتباره أوال‬ ‫‪ Boniface‬الضارب‪5.‬‬ ‫ تراجع مكانة و بالذات‬‫‪:‬‬ ‫هاجسا‬ ‫المادة رغم‬ ‫‪ Obstacles‬محافظتها عىل للسلطات‬ ‫ن‬ ‫العامة)‪3.‬‬ ‫‪ institutio‬أهميتها يف‬ ‫ ّ‬‫مؤسسات‬ ‫مقاييس‬ ‫‪nnels et‬‬ ‫غت فاعلة مثل‬ ‫‪ culturels‬التوجيه‪5.‬‬ ‫ّ‬ ‫الهيأة الوطنية‬ ‫ صعوبة‬‫‪de‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ l'enseigne‬تعدي التلميذ للفلسفة و‬ ‫من األدب إىل محدودية‬ ‫‪ment‬‬ ‫الفلسفة‪.‬ص‪ 6‬التنسيق مع‬ ‫‪de la‬‬ ‫التفقدية‬ ‫‪ - philosoph‬انظمة‬ ‫االختبار و العامة‬ ‫‪ie au‬‬ ‫التقييم‪ .‬ص‪ 6‬للتعليم‪ .‬ص‪4‬‬ ‫‪Sénégal.‬‬ ‫ن‬ ‫ يتضح ذلك‬‫ نقص يف‬‫إطار التدريس من خالل‬ ‫عددا وتكوينا‪ .‬الطابع‬ ‫المتناقض‬ ‫ص‪7‬‬ ‫لإلصالحات‪.‬‬ ‫ص‪6‬‬

‫‪84‬‬

‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ديت التفلسف‪.‬‬ ‫ تعليم ي‬‫مناقض أو عىل ص‪30‬‬ ‫حسابها‬ ‫أحيانا‪27.‬‬ ‫ّ‬ ‫ يمثل تعليم‬‫الفلسفة إرثا‬ ‫إستعماريا‪.‬‬ ‫ص‪2‬‬ ‫ تبعية‬‫للنموذج‬ ‫الفرنس عىل‬ ‫ي‬ ‫حساب بعض‬ ‫الخصوصيات‬ ‫المحلية‬ ‫خاصة من‬ ‫التامج‪.‬‬ ‫جهة ر‬ ‫ص‪2‬‬ ‫ ثقافة‬‫المجتمع ككل‬ ‫عالقة‬ ‫خاطئة مع‬ ‫القيم و مع‬ ‫التدين )‪ .‬ص‪2‬‬ ‫ محدودية‬‫ن‬ ‫الثقاف‬ ‫الزاد‬ ‫ي‬ ‫للتلميذ نظرا‬ ‫لمحدودية‬ ‫المطالعة‪.‬‬ ‫ص‪2‬‬


‫ن‬ ‫سعيد توفيق ‪ -‬غيابها كليا يف ‪ -‬تهميش و‬ ‫تغييب لمكانة‬ ‫التعليم‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الفلسفة يف‬ ‫الثانوي يف‬ ‫محنة‬ ‫ذاتها و‬ ‫الفلسفة و الكثت من‬ ‫لدورها‪.‬‬ ‫أزمة العلوم الدول‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫الخليجية‪ .‬ص ص ‪100‬‬ ‫‪130‬‬ ‫حالة‬ ‫الجامعات‬ ‫الخليجية‬ ‫نموذجا‬ ‫‪2007‬‬

‫‪85‬‬

‫ يتم استبعاد ‪ -‬الفلسفة‬‫أشبه بالمرأة‬ ‫الفلسفة‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫بفرارات‬ ‫المتحررة ي‬ ‫ر‬ ‫رسمية سيادية يخس منها‬ ‫عىل إفساد‬ ‫أو يسمح لها‬ ‫أحيانا بحضور أخالق‬ ‫ر‬ ‫شكىل‪ .‬الشباب و‬ ‫هامس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عقولهم‬ ‫ص ‪103‬‬ ‫بإغوائهم‬ ‫ اعتبار‬‫و تحريضهم‬ ‫الفلسفة‬ ‫ّ ن‬ ‫عىل الشك يف‬ ‫معارضة‬ ‫للدين‪.‬‬ ‫معتقداتهم‬ ‫وقيمهم‪ .‬ص‬ ‫ص ‪103‬‬ ‫‪102‬‬ ‫ ضعف‬‫جاذبية‬ ‫الدراسة‬ ‫الفلسفية‪ .‬ص‬ ‫‪105‬‬ ‫ الرفض و‬‫العداء‬ ‫للفلسفة‬ ‫باعتبارها كفرا‪.‬‬ ‫ص ‪106‬‬

‫ مواقف‬‫مسبقة‪،‬‬ ‫رافضة و‬ ‫متضننة عىل‬ ‫الفائدة من‬ ‫الفلسفة زمن‬ ‫العلم و‬ ‫التكنولوجيا‪.‬‬ ‫ الصورة‬‫ّ‬ ‫المشوهة‬ ‫للفلسفة و‬ ‫ّ‬ ‫المؤدية إىل‬ ‫نبذها‪ .‬ص‬ ‫‪102‬‬


‫ طريقة‬‫العرض‬ ‫و اإللقاء و‬ ‫اإلمالء‪16.‬‬ ‫ ضعف‬‫ضارب المادة‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫يف الشعب‬ ‫الشيف‬ ‫طوطاو‪:‬‬ ‫العلمية و ما‬ ‫يفرزه من‬ ‫واقع تدريس المباالة‪.‬‬ ‫الفلسفة ن‬ ‫بي ص ‪12‬‬ ‫ صعوبة‬‫التعليم‬ ‫العمل وفق‬ ‫الثانوي‬ ‫مقاربة‬ ‫و التعليم‬ ‫الكفاءات‬ ‫العاىل‬ ‫ي‬ ‫الكتظاظ‬ ‫( الجزائر )‬ ‫األقسام‬ ‫و كثافة‬ ‫‪2011‬‬ ‫التنامج و‬ ‫ر‬ ‫ضعف‬ ‫مستوى‬ ‫التالميذ‪ .‬ص‬ ‫‪10‬‬ ‫ عجز قدماء‬‫األساتذة عن‬ ‫الت ّ‬ ‫حرر من‬ ‫طرقهم‬ ‫التقليدية‪ .‬ص‬ ‫‪11‬‬

‫ وجود ّ‬‫هوة‬ ‫ن‬ ‫بي الرؤى‬ ‫النظرية‬ ‫و الممارسات‬ ‫التطبيقية‪.‬‬ ‫ص‪4‬‬ ‫ عدم توافق‬‫التكوين‬ ‫الجامىع مع‬ ‫ي‬ ‫واقع تدريس‬ ‫ن‬ ‫الفلسفة يف‬ ‫الثانوي من‬ ‫التامج‬ ‫حيث ر‬ ‫و الطرائق و‬ ‫األهداف‪.‬‬ ‫ص‪15‬‬

‫‪86‬‬

‫ حضور‬‫االيديولوح‬ ‫ر ي‬ ‫ن‬ ‫يف اختيار‬ ‫ن‬ ‫التامج يف‬ ‫ر‬ ‫الجامعة‪.‬‬ ‫ص‪15‬‬

‫ غياب اإلرادة ‪ -‬إفالس برامج‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫الفلسفة يف‬ ‫و الرغبة يف‬ ‫ّ‬ ‫العاىل‬ ‫التعليم‬ ‫الفلسفة‬ ‫م‬ ‫تعل‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫بما جعل‬ ‫خاصة لدى‬ ‫المجتمع‬ ‫تالميذ‬ ‫الجزائري يفقد‬ ‫الشعب‬ ‫توازنه مع‬ ‫العلمية‪ .‬ص‬ ‫ّ‬ ‫التحوالت‬ ‫‪18‬‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫ كثافة‬‫الجديدة ي‬ ‫واجهته‬ ‫التنامج‬ ‫ر‬ ‫و عدم تناسبه اقتصاديا‬ ‫وسياسيا و‬ ‫مع الحجم‬ ‫الساع و ما ثقافيا‪ .‬ص ‪15‬‬ ‫َّ ي‬ ‫ تغييب‬‫يتسبب فيه‬ ‫مقاربة‬ ‫من ضغط‬ ‫التنامج الكفايات‬ ‫إنهاء ر‬ ‫لخصوصية‬ ‫بالنسبة‬ ‫الواقع‬ ‫لألقسام‬ ‫الجزائري‬ ‫النهائية‬ ‫ّ‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫بسبب أصلها‬ ‫الغرن‪ .‬ص‬ ‫ص‪6‬‬ ‫ري‬ ‫‪ 11‬و ‪18‬‬


‫جدول عدد ‪2 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫جرد مصنف ألهم الصعوبات والمشكالت المعطلة‬ ‫لتدريس الفلسفة بالثانوي ببعض الدول العربية واإلفريقية والغربية‬ ‫ن‬ ‫يىل‪:‬‬ ‫من خالل هذين الجدولي يمكن أن نستنتج ما ي‬ ‫أزمة تدريس الفلسفة ال ّ‬ ‫التونس فحسب يل تشمل عديد األقطار العربية والدولية‪.‬‬ ‫تهم القطر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أسباب هذه األزمة تكاد تكون ذاتها ن‬ ‫المحلية‬ ‫بي مختلف هذه األقطار مع مراعاة الخصوصيات‬ ‫ّ‬ ‫الت ر‬ ‫ّ‬ ‫اريخية ر‬ ‫اقتنت بتجربة كل قطر ن يف تدريس الفلسفة‪.‬‬ ‫والت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الث ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوجدانية‪.‬‬ ‫قافية و‬ ‫شمولية هذه األسباب و توفرها عىل العوامل‬ ‫ّ‬ ‫سواء تعلق األمر بتونس أو بعديد الدول العربية واإلفريقية والغربية‪ ،‬فإن تدريس الفلسفة قد‬ ‫ّ‬ ‫اقتن بصعوبات وعوائق ر‬ ‫ر‬ ‫وه أزمة تعددت‬ ‫ترتق عند البعض لتصبح أزمة قائمة الذات‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫مظاهرها ّ‬ ‫وتنوعت لتشمل الجوانب واألبعاد‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤس ّ‬ ‫ساتية‬ ‫اإلدارية‪-‬‬ ‫‬‫ّ ّ ّ‬ ‫ البيداغوجية‪-‬التعلمية‬‫ ّ‬‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫االيديولوجية‬ ‫ياسية‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫فسية‪ -‬الوجدا ّنية‬ ‫‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ الثقافية‪-‬الحضارية‬‫ِّ‬ ‫المفصلي و ما ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يقتحانه من تشخيص ألهم الصعوبات المعطلة‬ ‫الجدولي‬ ‫انطالقا من هذين‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫التاىل‪:‬‬ ‫لتدريس الفلسفة فإننا نقتح إعادة بناء اإلشكالية عىل النحو ي‬ ‫ن‬ ‫العرن هو واقع مأزوم فكيف نفهم‬ ‫الثقاف‬ ‫إذا سلمنا بأن واقع تدريس الفلسفة ضمن السياق‬ ‫ير‬ ‫ي‬ ‫الجوانب الثقافية من هذه األزمة؟‬ ‫ّ ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي ن ن‬ ‫ونس؟‬ ‫الت‬ ‫قاف‬ ‫الث‬ ‫اق‬ ‫السي‬ ‫ضمن‬ ‫للفلسفة‬ ‫لة‬ ‫مت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كيف نفهم العوائق الثقافية المعطلة لتدريسها بالمعاهد الثانوية التونسية؟‬ ‫‪87‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للتفاعل ن‬ ‫المكونات الوجدانية و المكونات المعرفية داخل هذه العوائق الثقافية؟‬ ‫بي‬ ‫و أي دور‬ ‫ّ ّن‬ ‫بي تدريس الفلسفة بالثانوي بتونس و ّ‬ ‫أي عالقة ن‬ ‫قاف المحيط ؟‬ ‫الس‬ ‫ياق الث ي‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫بأي ن‬ ‫يتحول إىل عائق يعطل تدريس الفلسفة بالثانوي؟‬ ‫الثقاف أن‬ ‫معت يمكن للسياق‬ ‫ي‬ ‫كيف تتفاعل الجوانب الوجدانية من العوائق الثقافية مع الجوانب المعرفية ؟‬ ‫ن‬ ‫رن‬ ‫المعتلية بشعة لصالح األشاعرة؟ لماذا لم تمتد و لم تتواصل يف‬ ‫لماذا أفلت لحظة اإلشعاع‬ ‫َّ‬ ‫تاريخنا؟ لماذا كانت أقرب إىل االستثناء منه إىل القاعدة؟ هل ثمة عوائق نفسية و وجدانية و‬ ‫ثقافية حالت دون ذلك؟‬ ‫الفرضية‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫أساسيا من أزمة الفلسفة يعود إىل أسباب ثقافية و بالتحديد إىل ما أسميناه ب‬ ‫نفتض أن جانبا‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫"المعطالت الثقافية"‪ :‬أي أن المشكل ليس نف الفلسفة ذاتها بقدر ما هو نف ّ‬ ‫‪:‬‬ ‫السياق و يف‬ ‫ن ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫تثمي العقل و‬ ‫الوسائط‪ .‬فالنصوص التأسيسية لهذه الثقافة العربية تنخرط بشكل واضح يف‬ ‫ن نّ‬ ‫ّ‬ ‫النظر و ّ‬ ‫التأمل و االعتبار ولكن الممارسات التطبيقية تكشف عن كثت من الخشية و التظي و‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫ن ن‬ ‫ر‬ ‫تاريخ يف‬ ‫ر‬ ‫توت‬ ‫إىل‬ ‫أساسا‬ ‫يعود‬ ‫الفالسفة‪،‬‬ ‫و‬ ‫سف‬ ‫لتفل‬ ‫االحتاس يف التعامل مع الفلسفة و ا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫رّ‬ ‫ّ‬ ‫الشيعة و ن‬ ‫النقل ن‬ ‫العالقة ن‬ ‫الدين‪.‬‬ ‫بي الفلسفة و‬ ‫وبي الحكمة و‬ ‫بي العقل و‬ ‫ّ‬ ‫لفهم هذه الظاهرة ر‬ ‫ّ‬ ‫معرفية محض‪ ،‬بقدر ما يمكن‬ ‫نفتض أن هذا التوتر ال يعود إىل أسباب‬ ‫إرجاعه إىل أسباب وجدانية نفسية‪ .‬ن‬ ‫فق ضوء مجلوبات العلوم المعرفية ‪(sciences‬‬ ‫ّي‬ ‫تناس الدور المحوري الذي تضطلع به الجوانب الوجدانية‬ ‫)‪ ،cognitives‬لم يعد من الممكن‬ ‫ي‬ ‫ن يف أنشطتنا المعرفية وعملياتنا الذهنية تعطيال و دفعا‪ ،‬تيستا ومنعا‪.‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫االجتماعية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الث ّ‬ ‫صورات‬ ‫السلبية الفاعلة يف‬ ‫ه شكل مكثف من التمثالت‬ ‫ة‬ ‫قافي‬ ‫المعطالت‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫والممارسات و الحائلة دون ّ‬ ‫ّ‬ ‫وه جنس‬ ‫تقبل الفلسفة يف المجتمع‬ ‫ري‬ ‫العرن عىل الوجه المطلوب‪ .‬ي‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫الت تتداخل يف تشكيلها عناض واعية و أخرى الواعية‪ .‬و تتقاطع‬ ‫نمن المعرفة النفس‪-‬اجتماعية ي‬ ‫يف مستواها األبعاد الفردية مع األبعاد االجتماعية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجماعية‬ ‫الحالية نحو الفلسفة يف جزء هام منها انطالقا من الذاكرة‬ ‫يمكن أن تتحدد االتجاهات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت ن ّ‬ ‫اريخ‬ ‫االسالمية عىل امتدادها‬ ‫العربية‬ ‫عت التفاعل الطويل الذي عاشته الثقافة‬ ‫الت تشكلت‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫اعتت وافدا و دخيال‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الذ‬ ‫مع هذا الجنس من المعرفة‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫التهان و لكننا نحسب أن ربطها بالوجدان‬ ‫كثتا ما ارتبط ذكر الفلسفة إذا‪ ،‬بالعقل و المنطق و ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمثل نضورة أكيدة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫خاصة إذا علمنا من شدة وطأة االنطباعات الوجدانية‬ ‫واالنفعال قد بات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫الت تحول دونها‪.‬‬ ‫السلبية تجاه الفلسفة ما علمنا‪ .‬حت باتت تمثل أعت العقبات ي‬ ‫‪88‬‬


‫وبالرغم من ّأن نواتها ّ‬ ‫الوجدانية ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فهذه االنفعاالت والحاالت‬ ‫الصلبة‬ ‫لبية تجاه الفلسفة‪،‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫واهية انطباع‪ ،‬خوف‪ ،‬حكم مسبق‪ ،)..‬إال أنها شديدة التأثت يف الممارسات والسلوكيات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫العقالن عىل الوجه‬ ‫عادة ما تأخذ المعطالت الثقافية الحائلة دون انتشار التفلسف و الفكر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية و االتجاهات‬ ‫المطلوب شكل التمثالت االجتماعية‪ .‬وليست التمثالت و التصورات‬ ‫بالوجدان‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫معرفية‪ ،‬بل ه مرّكب يتداخل نف مستواه المع ن ّ‬ ‫ثمة‬ ‫رف‬ ‫والمواقف محض ظواهر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ نّ ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫حقيق ن‬ ‫الجمىع من جهة‪،‬‬ ‫وع‬ ‫بي‬ ‫جدىل‬ ‫تفاعل‬ ‫ي‬ ‫قاف‪ ،‬بي الذاكرة الجماعية والال ي‬ ‫الوجدان ّ و الث ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمكونات الوجدانية للتمثالت الثقافية و االجتماعية من جهة أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كثتا ما تكشف المواقف المعادية و المحاربة للفلسفة عن نفسها نف شكل نفور و ّ‬ ‫تذمر ضد‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل محاوالت ّ‬ ‫التأمل والتنظت و التجريد‪ .‬إن هذه التهم و التظننات الموجهة ضد الفلسفة عادة‬ ‫ّ‬ ‫ما تكون مشحونة عاطفيا و وجدانيا‪ :‬وكمثال عىل ذلك هذه االتهامات‪" :‬معرفة خطتة"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫"مادة در ّ‬ ‫فوص"‪" ،‬مصدر إلحاد"‪" ،‬مظهر ّ‬ ‫"مقلقة"‪" ،‬عامل ن‬ ‫اسية صعبة‬ ‫تبعية"‪" ،‬جنون"‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ومعقدة و سبب نف ّ‬ ‫بالتذمر و‬ ‫السقوط يف االمتحان"‪ ..‬كما يمكن لرفض الفلسفة و الستهدافها‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫االحتاس أن يأخذ شكال غت مباش كأن نعتض عىل الغرب‪ ،‬أو عىل التحديث وعىل العقالنية و‬ ‫ّ‬ ‫التنوير‪ ،‬ثم نرفض الفلسفة باعتبارها مداخل لذلك انظر الجدول عدد ‪ .) 3 :‬و علينا أن نتعامل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صورات تجاه الفلسفة باعتبارها مواقف مرّكبة‪ .‬أي أنها ليست ّ‬ ‫والت ّ‬ ‫مكونات‬ ‫مع هذه االتجاهات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫بالت ّ‬ ‫فس‪ ،‬ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الث ن ّ‬ ‫بالن ّ‬ ‫بوي‪ .‬و لذلك يمكن أن‬ ‫‪،‬‬ ‫باالجتماع‬ ‫‪،‬‬ ‫قاف‬ ‫مستواها‬ ‫ف‬ ‫معرفية فقط بل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يتداخل ي‬ ‫ن ي‬ ‫نجد تفستا لبعض ّ‬ ‫الصعوبات الحائلة دون انتشار الفلسفة يف مستوى األسباب الواعية و غت‬ ‫نعتتهما نف تداخلهما و أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫القطىع بينهما‪ .‬إذ لو كانت‬ ‫نقر صعوبة الفصل‬ ‫الواعية‪ .‬و هنا علينا أن ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اىل‬ ‫معرفية فقط لتيش تجاوزها‪ .‬و لكننا‬ ‫هذه المقاومة‬ ‫نرى أنها وجدانية نفسية باألساس‪ ،‬وبالت ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الت نغت من خاللها األفكار و األحكام المنطقية‬ ‫يصعب تغيتها بذات الشعة والوسائل و الحيل ي‬ ‫و اآلراء‪.‬‬ ‫ن يق سبل التجاوز‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫إذا كانت المعطالت الثقافية عىل هذه الدرجة من التمكن و الرسوخ و الفاعلية و التأثت فكيف‬ ‫السبيل إىل تجاوزها ر‬ ‫حت تأخذ مشاري ع العقلنة و التحديث و النهوض مساراتها الطبيعية؟‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بمجرد اجتنابها أو محاولة‬ ‫مجرد عوائق و حواجز يسهل تجاوزها‬ ‫ليست المعطالت الثقافية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫تتحول بمرور الزمن إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تخطيها‪.‬‬ ‫أساس من‬ ‫ن‬ ‫مكو‬ ‫قد‬ ‫جاهات‪،‬‬ ‫االت‬ ‫فه‪ ،‬شأنها يف ذلك شأن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫تقتض‬ ‫ما‬ ‫بقدر‬ ‫جاهزة‬ ‫حلوال‬ ‫ب‬ ‫تتطل‬ ‫ه لذلك ال‬ ‫خصية يصعب تغيتها‪ .‬و‬ ‫مكونات الش‬ ‫ي‬ ‫ّ ني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫قاف‬ ‫الث‬ ‫ل‬ ‫المعط‬ ‫مفهوم‬ ‫بأن‬ ‫منا‬ ‫سل‬ ‫واستاتيجيا متكاملة‪ .‬فإذا‬ ‫متدرجة‬ ‫مطاوعة صبورة و خطة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫سياف‪ ،‬فإن ر‬ ‫مفهوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ترس ر ّ‬ ‫رّ‬ ‫سياقية‪.‬‬ ‫يقتض التفاعل‬ ‫استاتيجيات مواجهته ال تكون بدورها إال‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪89‬‬


‫االيجان مع ّ‬ ‫الت تحول دون تدريس الفلسفة إذن‪ ،‬أن ال ن‬ ‫الصعوبات ر‬ ‫نكتق بالبحث عن حلول‬ ‫ّ ري‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫مؤسساتية أو ديداكتيكية تعلمية فحسب‪ ،‬بل يجدر بنا‪ ،‬إىل جانب ذلك‪ ،‬أن نطلب بعض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫الث ّ‬ ‫قافية ر‬ ‫ّ‬ ‫الجدىل ن‬ ‫المكونات‬ ‫بي‬ ‫الت يقوم عليها التفاعل‬ ‫المنافذ يف مستوى الخلفيات واألسس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والوجدانية لهذه الثقافة‪ .‬ولكن كيف نتعامل فهما وتفستا) مع هذه العالقة المركبة‬ ‫المعرفية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ ن‬ ‫نّ‬ ‫نّ‬ ‫الن ّ‬ ‫والوجدان الذي يحكم صعوبات تدريس‬ ‫المعرف‬ ‫و‬ ‫فس‬ ‫و‬ ‫قاف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫و مع هذا التداخل بي الث ي‬ ‫ي‬ ‫الفلسفة؟‬ ‫عىل غرار الميتا‪-‬معرفة‪ ،‬يمكن لمفهوم الميتا‪-‬وجدان ‪ )La méta-émotion‬أو ما وراء‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫االستاتيجيا المذكورة من حيث‬ ‫أساسية ضمن‬ ‫الوجدان و الشعور واالنفعال أن يشكل لحظة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بكيفية تدخلها ن يف توجيه المعارف و الممارسات‪.‬‬ ‫وخاصة من‬ ‫الوجدانية و‬ ‫وع بالعمليات‬ ‫هو ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫حيث هو قدرة عىل المراقبة والتعديل‪ .‬و ف هذا المجال‪ ،‬علينا أن نطرح من جديد ّ‬ ‫السؤال‪ :‬هل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫المتعلم ّ‬ ‫ّ‬ ‫جيدا ؟ و هو سؤال و إن بدا بديهيا إال أنه جدير بأن يطرح مرة أخرى‪ .‬ذلك أننا‬ ‫نعرف‬ ‫ّ‬ ‫ّن‬ ‫معرف بالدرجة األوىل‪ ،‬أو عىل أنه ذات إبستيمية‬ ‫عادة ما نتعامل مع التلميذ عىل أنه استعداد‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محض‪ .‬أي عىل أنه ّ‬ ‫مجرد عقل و فكر‪ .‬نف ن‬ ‫حي أن الواقع ليس كذلك بالمرة‪ :‬فالمتعلم هو أوال‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تصورات واتجاهات و أفكار و ميول‪ .‬و‬ ‫متفرد ومتعدد األبعاد يف ذات الوقت‪ ،‬يحمل‬ ‫شخص‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحركه دوافع و عواطف و غرائز وشهوات و انفعاالت ‪ ...‬فوضعية التعلم‪ ،‬يف حد ذاتها‪ ،‬قد‬ ‫ّ‬ ‫ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّن‬ ‫تتمت بالنفور‬ ‫تتمت بإقبال التالميذ و شوقهم وارتياحهم و رغبتهم يف تعلم المادة أحيانا‪ .‬و قد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤس ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫حقيق ن‬ ‫‪.‬‬ ‫ساتية‬ ‫بي األطر‬ ‫تفاهم‬ ‫سوء‬ ‫عالقة‬ ‫هناك‬ ‫فكأنما‬ ‫أخرى‬ ‫أحيانا‬ ‫اإلدبار‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫والتمن‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الث ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفعلية من جهة أخرى‪ .‬و‬ ‫السياسية من جهة‪ ،‬والوضعيات التعلمية‬ ‫قافية و‬ ‫واالجتماعية و‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫لقان عىل‬ ‫إذا كان جيل ّ دولوز قد ر‬ ‫اعتت أن األصل يف األمر ليس حب الحكمة و اإلقبال ّ الت ي‬ ‫ّ‬ ‫تحصيلها و إنما النفور منها‪ ،‬فكيف نفهم حاالت الممانعة و عدم اإلقبال عىل تعلم الفلسفة؟‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫و ما ه ّ‬ ‫بي مادة الفلسفة و بعض‬ ‫السيناريوهات الناجعة و الممكنة يف التعامل مع هذا التقابل‬ ‫ّ ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الت نحملها حولها؟‬ ‫الصور الثقافية السلبية ي‬ ‫ّ‬ ‫لكل ما سبق‪ ،‬فإن نقطة االرتكاز األساسية ر‬ ‫الحقيقية‪،‬‬ ‫الت تستند إليها محاوالت التجاوز‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫دافعية و ّرغبة ن يف التعلم أو العكس‪.‬‬ ‫المعت و ما يمكن أن تفرزه من‬ ‫ال بد أن نرجعها إىل مسألة‬ ‫ّ‬ ‫ضمن ر‬ ‫ن‬ ‫سيحظ مفهوما "ميتا‪-‬انفعال" و "العالقة بالمعرفة" بأولوية‬ ‫استاتيجيا التجاوز هذه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوجدانية ر‬ ‫مؤكدة رشط أن نأخذ ن‬ ‫الت يقوم‬ ‫الجوانب‬ ‫ة‬ ‫وخاص‬ ‫منية‬ ‫الض‬ ‫المعارف‬ ‫االعتبار‬ ‫بعي‬ ‫ي‬ ‫ثمة عالقة عميقة بالمعرفة بدون ّ‬ ‫عليها هذان المفهومان‪ .‬فليس ّ‬ ‫ن‬ ‫المعت و بدون اعتبار‬ ‫توسط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذ ّ‬ ‫توفر ّ‬ ‫رّ‬ ‫نّ‬ ‫سلمنا بأن ال ن‬ ‫ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫اتية‬ ‫الرغبة‬ ‫معت للتعلم إذا لم‬ ‫والعالئق‪ .‬و إذا‬ ‫والذان‬ ‫االنفعاىل‬ ‫الوجدان و‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫نبت وضعيات تعلم تأخذ بعي االعتبار هذه الخصوصيات؟‬ ‫يف ذلك‪ ،‬فكيف يمكن أن‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الن ر‬ ‫تقوم ر‬ ‫ّ‬ ‫التجاوز ر‬ ‫أساسية‪:‬‬ ‫نقتحها إذا‪،‬عل ثالث مراحل‬ ‫استاتيجيا‬ ‫ي‬ ‫‪90‬‬


‫ّ‬ ‫بالمعطالت الثقافية و إخراجها إىل ّ‬ ‫السطح‪.‬‬ ‫الوع‬ ‫ مرحلة‬‫ي‬ ‫ ثم مرحلة فهم آليات اشتغالها و إدراك حيلها‪.‬‬‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫درب عىل تجاوزها‪.‬‬ ‫ ثم محاولة‬‫فه انفعاالت‬ ‫ه االنفعاالت الناتجة عن انفعاالت‪ ،‬و بالتاىل‬ ‫الميتا‪-‬وجدان أو الميتا‪-‬انفعاالت‪ ،‬ي‬ ‫ي ي ّ‬ ‫ر‬ ‫الت يثتها فينا اإلحساس بمشاعر ما‪ .‬كأن نغضب بتفكر أنفسنا‬ ‫االنفعاالت‪ .‬و تعكس المشاعر ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫حزيني‪ .‬أو نشعر بالخجل الضطهاد إنسان آخر‪ .‬نحن عادة‬ ‫غاضبي‪ ،‬أو نشعر باألسف لكوننا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أكت شعورا بانفعاالتنا من الشعور بميتا‪-‬انفعاالتنا‪ .‬المتا‪-‬انفعال هو أيضا ما يتحقق للمرء من‬ ‫الوع‬ ‫فهم بطبيعة و أسباب انفعاالته و آليات اشتغالها و بقدرته عىل مراقبتها وتعديلها‪ .‬و هو‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الذ ن‬ ‫‪.‬‬ ‫الوع بعملياتنا‬ ‫من‬ ‫حالة‬ ‫إنها‬ ‫ما‬ ‫بشعور‬ ‫اإلحساس‬ ‫افق‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫الوجدان‬ ‫و‬ ‫هت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بالنشاط ن ي‬ ‫فق علوم المعرفة‪ ،‬ومثلما لنا معرفة بمعرفتنا ‪ ،)La méta-cognition‬و مثلما لنا‬ ‫الوجدانية‪ .‬ي‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫معرفة بذاكرتنا ‪ ،)La méta-mémoire‬يمكن أن نتحدث عن معرفة ما بكيفية اشتغال‬ ‫ّ‬ ‫نتحدث عن نضب من ال ‪.)La méta-émotion :‬‬ ‫انفعاالتنا‪ ،‬أي يمكن أن‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬يندرج مفهوم الميتا‪-‬انقعال اندراجا واضحا ال لبس فيه ضمن التقليد‬ ‫السوسيوبنان و ذلك ألنه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّن‬ ‫االنفعاالت‬ ‫قاف و للتنشئة و لالكتساب دور فيه وازن و‬ ‫للث‬ ‫إنما‬ ‫و‬ ‫وحدها‬ ‫الغريزة‬ ‫شأن‬ ‫يعتت‬ ‫ال ر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫محدد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫و من ّ‬ ‫ه قابلة للمراقبة و للتعديل و‬ ‫ثمة فهو ال ر‬ ‫يعتت االنفعاالت قدرا و طبيعة ال راد لها و إنما ي‬ ‫ّ‬ ‫للتغيت‪.‬‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الذ ر ّ‬ ‫رّ‬ ‫ن‬ ‫ان و تعلم كيف نتعلم‪.‬‬ ‫م‬ ‫عل‬ ‫الت‬ ‫و‬ ‫الذان‬ ‫عديل‬ ‫الت‬ ‫عىل‬ ‫م‬ ‫المتعل‬ ‫تثمي لقدرة‬ ‫و يف ذلك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نعتت مفهوم الميتا‪-‬وجدان أحد أهم الكفايات ر‬ ‫البنان بوجه عام و‬ ‫عليم‬ ‫للت‬ ‫الت يمكن‬ ‫يمكن أن ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫تعليم الفلسفة عىل وجه الخصوص أن يساهم يف تحقيقها لدى المتعلمي‪ .‬ففهم المتعلمي و‬ ‫ن رّ‬ ‫الت ن‬ ‫بويي لعواطفهم وقدرتهم عىل تعديل انفعاالتهم كفاية وجدانية عىل غاية من‬ ‫الفاعلي‬ ‫ّ‬ ‫وه كفاية مركبة‪ .‬و تندرج ضمن المعرفة بالذات وبالكينونة ‪ Savoir être :‬و ما‬ ‫األهمية‪ .‬ي‬ ‫ّ‬ ‫يصاحبها من معرفة بانفعاالتنا من حيث طبيعتها و أسبابها والقدرة عىل مراقبتها و التحكم فيها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذ ر‬ ‫وتعديلها‪ .‬وال بد من اإلشارة أيضا إىل وجود عالقة وثيقة ن‬ ‫ان من‬ ‫م‬ ‫التعل‬ ‫بي الميتا‪-‬انفعال و‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الفورتي و ماري‬ ‫المتبضة من ناحية ثانية‪ .‬لقد سبق لكل من لوين‬ ‫ناحية و بينه والممارسات‬ ‫َّ‬ ‫فرانس دنيال وبيار أندري دودان ‪ )2005‬أن اهتما ب "تنمية الكفاية الوجدانية" وبكيفية فهم‬

‫‪91‬‬


‫ر‬ ‫ّ‬ ‫باستاتيجيات تعديل االنفعاالت‪ .‬و‬ ‫اهتم ‪ webster‬و‪(1999) Stratton‬‬ ‫االنفعاالت‪ .‬كما‬ ‫ّ‬ ‫حددوا لذلك ثمانية كفايات انفعالية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللذان ر‬ ‫العاطق و الميتا‪-‬وجدان‪ ،‬هما إذا‪ ،‬المفهومان ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫نقتحهما للتفكت‬ ‫الرئيسيان‬ ‫كاء‬ ‫الذ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫الوجدان و لكن علينا أن نتقدم خطوة‬ ‫يف سبل التعامل مع المعطالت الثقافية خاصة يف جانبها‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫إىل األمام نف الكشف عن الطريقة ر‬ ‫العامة يف مشاعرنا و‬ ‫القيمية و االجتماعية‬ ‫الت تؤثر بها األطر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫نكتق بالقول إن ن‬ ‫‪.‬‬ ‫العامة تحدد‬ ‫البت االجتماعية و األطر القيمية‬ ‫ما‬ ‫ة‬ ‫عاد‬ ‫إذ‬ ‫االنفعالية‬ ‫حياتنا‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫والشعورية دون أن ّ ن‬ ‫نبي ذلك بالضبط‪ .‬أي دون أن نحاول فتح الصندوق‬ ‫استجاباتنا االنفعالية‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الت تستثار بها مشاعرنا وعىل كيفية‬ ‫األسود‪ .‬ال شك أن للعوامل‬ ‫االجتماعية تأثت عىل الطريقة ي‬ ‫ّ‬ ‫التعبت عنها‪ ،‬و لكن مع ذلك ر‬ ‫تبق لألنا قدرة عىل استبعاد أو قبول المشاعر بصفة إرادية وواعية‪،‬‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ ن‬ ‫التضف يف المشاعر ‪،‬إذا‪،‬‬ ‫التضف يف المشاعر و العمل عليها‪ .‬يندرج براديغم‬ ‫أي قدرة عىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‪ .‬ن‬ ‫فس و يف إطار هذا‬ ‫ّضمن الرؤية ّالتفاعلية للمشاعر‪،‬و هو بذلك يختلف عن رؤية التحليل الن ي‬ ‫ّ‬ ‫"متضف‬ ‫فاعىل ‪ (interactionniste‬للمشاعر‪ ،‬تصبح األنا أشبه ما تكون ب‬ ‫التفست الت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مشاعر" ‪ .)Le moi entant que gestionnaire des émotions‬أو المعدل والموفق ن‬ ‫بي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة‪ .‬و ر‬ ‫األساسية هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قابلية‬ ‫تبق مسلمة هذا العمل‬ ‫خصية‬ ‫األطر االجتماعية و حاالت الش‬ ‫ّ‬ ‫للتضف‪ .‬فاإلنسان يبذل جهدا ويعمل من أجل توليد شعور ما أو تعطيله‬ ‫االنفعاالت ألن تخضع‬ ‫ّ‬ ‫الوضعية الخاصة و مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫السياق الذي توجد ضمنه‪.‬‬ ‫حت ينسجم مع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫التضف يف المشاعر و العمل عليها بالمراقبة و بالتحكم و بالتعديل‪ ،‬المفصل‬ ‫نعتت‬ ‫يمكن أن ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بي ن‬ ‫بي الماكرو‪ -‬سياق والميكرو‪ -‬سياق‪ ،‬أي العالقة ن‬ ‫األهم نف فهم العالقة ن‬ ‫البت و األطر العامة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكليان‪،‬‬ ‫للتاديغم‬ ‫خصية‬ ‫من جهة و الش‬ ‫المتعينة تاريخيا واجتماعيا من جهة أخرى‪ .‬فتجاوزا ر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بي ن‬ ‫أرفي هوفمان مستوى وسطا ن‬ ‫ن‬ ‫خصية يرتكز عىل تفعيل‬ ‫االجتماعية والش‬ ‫البت‬ ‫يقتح‬ ‫ّ‬ ‫الوضعيات و المراحل و المشاهد و اللقاءات) ر‬ ‫االجتماع‪ .‬يتعلق األمر‬ ‫الت يوجد ضمنها الفاعل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫فالبت ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوضعي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اتية ‪.)situationnisme‬‬ ‫ضمنية و غت ظاهرة‪ .‬و يف كل مشهد‬ ‫تظل‬ ‫بضب من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تفاعىل تأخذ صورة حكومة مصغرة ‪ .)un mini-gouvernement‬فكل مشهد يفرض علينا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محددة‪ّ .‬‬ ‫تتحكم نف صلة ن‬ ‫ّ‬ ‫البت‬ ‫اجتماعية‬ ‫قواعد‬ ‫ة‬ ‫ثم‬ ‫بطريقة‬ ‫ف‬ ‫التض‬ ‫عىل‬ ‫نا‬ ‫يجت‬ ‫و‬ ‫اهاته‪،‬‬ ‫إكر‬ ‫ر‬ ‫ّ ّ ي‬ ‫ر‬ ‫االجتماعية بالمشاعر‪ .‬و كره الفلسفة أو ّ‬ ‫حبها‪ ،‬و ّ‬ ‫الذان‪ ،‬إال أننا ال يمكن أن‬ ‫بالرغم من طابعه‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫ن‬ ‫نعتته شأنا فرديا محضا‪ .‬بل هو نف ارتباط وثيق ن ن‬ ‫وف‬ ‫فتء و الت‬ ‫بسي المجتمع يف الت‬ ‫ر‬ ‫بويب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫التصنيف و التقسيم و ف ّ‬ ‫الرفض والقبول‪ .‬فإذا اقتنت الفلسفة دينيا وتاريخيا بالزندقة و‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫اجتماع‪.‬‬ ‫تتحول اىل موضوع كره‬ ‫الطبيىع أن‬ ‫الكفر‪،‬فمن‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪92‬‬


‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التضف يف المشاعر أو االشتغال عليها ‪le travail‬‬ ‫أرىل أوشفيلد ‪،)2003‬‬ ‫تعرف ي‬ ‫ّ‬ ‫نوعية شعور و انفعال‬ ‫‪ )émotionnel‬عىل أنه "الفعل الذي بموجبه نحاول تغيت درجة أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالتاىل ال ن‬ ‫تعت نضورة "المنع" و "اإللغاء"‪ .‬كما تحدد ثالث تقنيات يمكن أن يتمحور‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ما"‪ .‬و ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ه تقنيات جسدية‪ ،‬تعبتية ومعرفية‪ .‬و تتمثل‬ ‫التضف و العمل عىل المشاعر و‬ ‫حولها هذا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التقنية المعرفية يف الس يىع اىل تغيت المشاعر انطالقا من الصور و األفكار و اآلراء المتعلقة بها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العاطق كما ّ‬ ‫بالنسبة إلينا نضب من ن‬ ‫ن ّ‬ ‫عرفه دانييل جولمان ‪ .)2000‬أي‬ ‫كاء‬ ‫الذ‬ ‫وب‬ ‫ض‬ ‫وهو‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫خض و عىل شعور اآلخرين‪ ،‬وذلك لتحفت أنفسنا‪ ،‬و‬ ‫"القدرة عىل التعرف عىل شعورنا الش‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلدارة عاطفتنا بشك ل سل يم نف عالقتنا مع اآلخرين"‪ .‬و بالتاىل فهو كفاءة تحكم‪ ،‬أي ّ‬ ‫قوة تؤثر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ن‬ ‫يف قدراتنا تأثتا عميقا سواء عىل مستوى تسهيلها أو عىل مستوى التدخل فيها‪ .‬ألن التحكم يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذ ّ‬ ‫الذ ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ة‬ ‫اتي‬ ‫والمهارة‬ ‫ة‬ ‫اتي‬ ‫الدوافع و االنفعاالت و مقاومة االندفاع يعد من أعمق المهارات‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ن‬ ‫ن‬ ‫النفس‪ .‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫انفعاالت‬ ‫العاطق كفاية مركبة يمكن‬ ‫كاء‬ ‫الذ‬ ‫فإن‬ ‫كولمان‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫جوع‬ ‫بالر‬ ‫ف‬ ‫أصل التحكم ي‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ه‪:‬‬ ‫إرجاعها إىل خمس اقتدارات أساسية‪ ،‬قابل كلها للتعلم و ي‬ ‫ّ‬ ‫التعامل معها‪.‬‬ ‫القدرة عىل أن يعرف اإلنسان عواطفه و مشاعره ليجيد‬ ‫ّ ّ‬ ‫ن‬ ‫القدرة عىل إدارة العواطف مثل تهدئة النفس‪ ،‬و التخلص من القلق‪ ،‬و عدم الوقوع يف شعة‬ ‫االستثارة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الركون إىل المشاعر ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإليجابية و تجنب ّ‬ ‫ن‬ ‫لبية‪.‬‬ ‫تحفت النفس و استغالل المشاعر‬ ‫القدرة عىل‬ ‫ّ‬ ‫القدرة عىل تفهم عواطف اآلخرين ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫القدرة عىل توجيه العالقات اإلنسانية و هو يف معظمه مهارة يف تطوي ع عواطف اآلخرين‪.‬‬ ‫يفرض العمل عىل المشاعر نفسه َّ‬ ‫خاصة عندما ال يتطابق شعور الفرد مع الوضعية‪ .‬فمثال قد‬ ‫ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سلبية تجاه الفلسفة و الفالسفة‪ ،‬و لكن شيئا فشيئا‪ ،‬و هو يتقدم‬ ‫محمال بمشاعر‬ ‫يأن التلميذ‬ ‫ن ي ّ‬ ‫ّ ‪ .‬ن‬ ‫يف تعلمها‪ ،‬قد يجد أن مشاعر الكره والخوف من الفلسفة لم يعد لها ما ريترها يف مثل هذه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫نّ‬ ‫ه حالة مناسبة جدا لتفعيل‬ ‫و‬ ‫المعرف‬ ‫‬‫الوجدان‬ ‫اع‬ ‫ض‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫حالة‬ ‫يعيش‬ ‫لميذ‬ ‫الت‬ ‫الحالة يصبح‬ ‫ي ّ ّي‬ ‫ي‬ ‫بي ثالوث‪ :‬الوضعية و ن‬ ‫االشتغال عىل المشاعر تعبتا و تغيتا‪ ،‬خاصة عندما يختل التوازن ن‬ ‫البت‬ ‫ّ‬ ‫القيمية ّ‬ ‫ّ‬ ‫للتلميذ‪.‬‬ ‫السائدة و المشاعر الفعلية‬ ‫و األطر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لقان المنفلت‪ ،‬فإننا يمكن أن نرجع المشاعر و االنفعاالت إىل‬ ‫يوح به طابعها الت‬ ‫بالرغم مما‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جملة من القواعد المنظمة لها‪ .‬و ر‬ ‫الت بإدراكهما نصبح قادرين عىل إخضاعها إىل التدريب و‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضف‪ .‬وهو ن‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫العاطق جولمان ‪ .)2000‬فبما أن‬ ‫أو‬ ‫االنفعاىل‬ ‫كاء‬ ‫الذ‬ ‫معت‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫حك‬ ‫المراقبة و الت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أساس يف‬ ‫االنفعاالت وخاصة المشاعر‪ ،‬ليست مجرد استجابات بيولوجية‪ ،‬بل للثقافة دور‬ ‫ي‬ ‫‪93‬‬


‫تشكيلها و اشتغالها مثلما سبق بيان ذلك)‪ ،‬فإنه يصبح من الممكن مراقبتها وتعديلها‪ .‬فليست‬ ‫بيولوح بل آليات ّ‬ ‫مجرد أدوات ّ‬ ‫المشاعر َّ‬ ‫ّ‬ ‫اجتماع أيضا‪.‬‬ ‫نفس و‬ ‫تكيف‬ ‫تكيف‬ ‫ي‬ ‫ر ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يف هذا اإلطار يمكن أن يلعب برنامج الفلسفة لألطفال كما تبلور من خالل أعمال ‪ :‬ليبمان‬ ‫‪ ،2006‬توزي‪ ، 2006‬بيتت ‪ ،2004‬الالن ‪ ،2004‬وساسيفيل ‪ )2009‬دورا رياديا نف ر‬ ‫نش مناخ‬ ‫ر ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫التنامج قد اقتن بجملة من‬ ‫وجدان مالئم لتعليم الفلسفة منذ الصغر صحيح أن هذا ر‬ ‫ي‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫المضامي الفلسفية لخصوصيات المراحل‬ ‫خاصة من حيث مدى استجابة بعض‬ ‫التظننات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫مائية للطفل‪ ،‬ولكننا نحسب أن نتائج االشتغال عىل الجوانب الوجدانية من تعليم الفلسفة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النمائية ن‬ ‫الضورية للتجريد بمعناه‬ ‫لألطفال أمرا مؤكدا ريثما تكتمل وتتوفر كل االستعدادات‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجدانية ال بد من‬ ‫نفسية‬ ‫الحقيق‪ .‬و يف كل الحاالت‪ ،‬فإن للتعلم‪-‬مهما كان مجاله‪ -‬رشوطا‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫إذا‪ ،‬ا ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫مراعاتها‪.‬‬ ‫بالمثبطات‬ ‫الوع‬ ‫وجدانية ناجعة تنطلق من‬ ‫ستاتيجيا‬ ‫يقتض تعلم الفلسفة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الوجدانية ثم تشخيصها و فهم آليات اشتغالها و فعلها ثم محاولة استبدالها بمناخ وجدانن‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫إيجان و مساعد‪.‬‬ ‫ري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عادة ما تعكس قواعد المشاعر و الضوابط المنظمة لها نموذجا محددا من االنتماء‬ ‫عامة وأخرى محلية‪ّ ،‬‬ ‫ثمة قواعد ّ‬ ‫خاصة بجماعة ما‪ .‬و ّ‬ ‫االجتماع‪ .‬و ّ‬ ‫ثمة صلة وثيقة ن‬ ‫بي هذه‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫القواعد المنظمة للمشاعر و االيدولوجيا فعىل العكس مما هو سائد‪ ،‬ال يمكن اعتبار‬ ‫االيدولوجيا محض معارف‪ ،‬ألننا و بالرجوع إىل دوركايم و غتتز و غوفمان‪ ،‬يمكن اعتبار‬ ‫ّ‬ ‫للتأويل يمكن وصفه بعبارات الوجدان و المشاعر‪ .‬لقد سبق لناصيف ّ‬ ‫نصار‬ ‫االيدولوجيا إطارا‬ ‫‪ )2000‬أن طرح مسألة العالقة ن‬ ‫بي الفلسفة و اإليديولوجيا ليجعل منها مظهرا بارزا من مظاهر‬ ‫ّ‬ ‫األزمة‪ ،‬إال أنه بالنسبة إلينا‪ ،‬فإن المسألة االيديولوجية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوجدانية و‬ ‫هامة من جهة الشحنة‬ ‫الت تسبغها عىل الفلسفة‪ .‬وتاريخيا كان ّ‬ ‫بي األطروحات المار ّ‬ ‫ّ‬ ‫القيمية ر‬ ‫ر ّ‬ ‫االيديولوح ن‬ ‫كسية‬ ‫الضاع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أرضية خصبة لفرز العالقة تجاه الفلسفة‪ .‬و عادة ما ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الليت ّ‬ ‫اقتن‬ ‫اإلسالمية‬ ‫القومية و‬ ‫الية و‬ ‫و ر‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫يعت ذلك انحسار المشوع‬ ‫اسم الفلسفة يف الوطن‬ ‫ري‬ ‫العرن بأيدولوجيا اليسار أساسا دون أن ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫نويري ن يف حدوده‪.‬‬ ‫العقالن و الت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بمادة ّ‬ ‫المتعل ن‬ ‫الرياضيات هو القلق ‪anxièté‬‬ ‫مي‬ ‫إذا كان أهم انفعال و شعور يحدد عالقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نيمييه ‪ ،)1985‬فإن ّ‬ ‫أهم انفعال يحدد شعور التالميذ تجاه مادة الفلسفة هو الخوف‪ .‬و هذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يتوزع ن‬ ‫سببي‪ :‬الخوف من اإلخفاق يف االمتحان بسبب صعوبة المادة‪ .‬و الخوف‬ ‫بي‬ ‫الخوف‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫من ّ‬ ‫الزي غ و الضالل و الوقوع يف الكفر و الزندقة واإللحاد‪..‬واذا أخذ العداء والخوف من الفلسفة‬ ‫ن‬ ‫نلتخ إىل "العالج بالمعرفة" أو "العالج‬ ‫شكال فوبيا "الفيلوفوبيا"‪ ،‬فإننا يف هذه الحالة يمكن أن ر‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫لت‬ ‫المعرف" عبد الرحمان ‪ ،)2004‬الذي يقوم عىل استهداف المشاعر‬ ‫السلبية والتفكت الس ر ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫الحقيق و عن مدى صحتها‬ ‫االجتار و التقييم و ذلك بالتساؤل عن مصدرها‬ ‫المستقر يف مركز‬ ‫ي‬ ‫‪94‬‬


‫ن‬ ‫ومحاولة استبدالها بأفكار إيجابية تجاه الفلسفة‪ .‬فاإليمان بأن االنفعاالت ناتجة يف جزء هام‬ ‫منها عىل األقل عن تقييمنا لألمور‪ ،‬فإن ذلك يبقينا مسيطرين عىل الوضعية و بأن األمر ما يزال‬ ‫بأيدينا و بأننا قادرين عىل تغيته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شك أن استحداث ر‬ ‫إيجان‬ ‫تشيعات سياسية تربوية جديدة تدعم وتشجع تعلم الفلسفة أمر‬ ‫ال‬ ‫ري‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ينبىع أن يكون مسقطا و إال ظل‬ ‫السياس ما‬ ‫الفلسق من قبل‬ ‫لكنه غت كاف ‪ .‬ألن تشجيع‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حبيس المناشت‪ .‬إذ البد من "ثقافة الفلسفة" أوال ثم تأن ر‬ ‫التشيعات ترجمة لذلك‪ .‬و لعل هذا‬ ‫ي‬ ‫‪ .‬ن‬ ‫ن‬ ‫ما ِّ‬ ‫ر‬ ‫‪.‬‬ ‫الت أشار إليها بن جاء باهلل يف إبراهيم بدران وآخرون ‪ ) )1988‬يف تقييمه‬ ‫يفش‬ ‫المفارقة ي‬ ‫لوضع الفلسفة نف تونس إبان الثمانينات ن‬ ‫حي قال بأن أمر الفلسفة لم يسؤ يوما بمثل ما ساء‬ ‫ي‬ ‫يوم أريد اإلحسان إليها؟‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحل ّ‬ ‫ّ‬ ‫يهم‬ ‫فردي‪ ،‬بل‬ ‫بمجرد خالص‬ ‫يف ضوء ما سبق‪،‬نذكر فنقول‪،‬ال يتعلق األمر‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية من‬ ‫الجماعية ككل وينطلق من إعادة كتابة تاري خ استنبات الفلسفة يف األرض‬ ‫الذاكرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫خالل ّ‬ ‫المؤثرات ر‬ ‫التنصيب تلك‪.‬‬ ‫الت رافقت عملية‬ ‫السياقات و‬ ‫ي‬

‫جدول عدد‪3 :‬‬ ‫ّ ُّ‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫أهم التهم الموجهة للفلسفة وللفالسفة‬ ‫يق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التهم‬ ‫محاور التهم‬

‫العالقة بالحقيقة‬ ‫و ببقية أصناف‬ ‫المعرفة‬

‫العالقة بالدين‬

‫ليس لها أي ن‬ ‫معت‪ ،‬جدل ال طائل من ورائه‪ ،‬كثتها ضار‬ ‫ّ‬ ‫قليلها مفيد)‪ ،‬تعقد األمور‪ ،‬تافهة‪ ،‬تخرجنا عىل حدود العقل و‬ ‫التفكت السليم‪ ،‬علم مستحدث بدعة )‪ ،‬علم دخيل‬ ‫و مستورد‪ ،‬غريبة المنشأ‪ ،‬رفاهية فكرية‪ ،‬كذب‪ّ ،‬ترهات‪ ،‬ترف‬ ‫فكري‪ ،‬تجريد‪ ،‬مثالية‪ ،‬سفسطة‪ ،‬إسهاب‪ ،‬ثرثرة‪ ،‬تهويل‪ ،‬لغو‬ ‫ن‬ ‫المعان‪ ،‬أوهام‬ ‫فارغ‪ ،‬حشو‪ ،‬تكرار‪ ،‬هذر‪ ،‬إنشاء خاو من‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫لفظ‪ ،‬تختلق‬ ‫ق‬ ‫تشد‬ ‫ثرثرة‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫الالع‬ ‫و أخيلة‪،‬صناعة الكالم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الثقاف‪.‬‬ ‫المشاكل و الهموم‪ ،‬انشغال منحض‪ .‬من أسباب الغزو‬ ‫ي‬ ‫خطرة احذروا الخطوط الحمر )‪ ،‬كفر‪ ،‬إلحاد‪ّ ،‬‬ ‫مدمرة لإليمان‬ ‫و للعقيدة‪ ،‬تختلف اختالفا ضيحا مع العقيدة‪ ،‬ملعونة‪ ،‬تهمة‪،‬‬ ‫‪95‬‬


‫نذير شؤم‪ ،‬مناهضة لإلسالم‪ ،‬من الكبائر‪ ،‬من الموبقات‪ ،‬من‬ ‫تراث الغرب الكافر‪ ،‬هرطقة‪.‬‬

‫العالقة بالواقع‬

‫ن‬ ‫ن ر‬ ‫سء‪ ،‬لسنا يف حاجة لها‪ ،‬مصدر قلق و إزعاج للسلط‪،‬‬ ‫ال تفيد يف ي‬ ‫ّ‬ ‫مجردات مثالية ال عالقة لها بالواقع‪ ،‬مضيعة للوقت‪ ،‬تهادن‬ ‫السلطات‪ ،‬سبب نف البطالة‪ ،‬نحن نف ن‬ ‫غت عنها‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫العالقة بالوجدان‬

‫ال ّ‬ ‫أحبها‪ ،‬أخاف من دراستها‪ ،‬مقلقة‪ ،‬مرفوضة‪ ،‬تبعث عىل‬ ‫البؤس‪ ،‬تسلب الفكر‪ ،‬أكرهها‪.‬‬

‫العالقة بالدراسة‬ ‫و بالتحصيل‬

‫أجتنا عىل دراستها‪ ،‬المطالبة ر‬ ‫بنشها عن طريق التعليم‬ ‫مادة ر‬ ‫ّ‬ ‫جريمة ال تغتفر‪ ،‬ال أحب دراستها بالرغم من االنتساب إىل‬ ‫ّ‬ ‫قسم الفلسفة )‪ ،‬مادة بائسة و مأزومة‪ ،‬دراستها سبب للتندر‪،‬‬ ‫بعيدة عن اإلنسان العادي‪.‬‬

‫العالقة بالفيلسوف‬

‫العالقة بالصحة‬ ‫العقلية‬ ‫و النفسية‬

‫َّ‬ ‫ن نّ‬ ‫مت ن‬ ‫هي عن الخطأ كفار‪ ،‬ال يؤمنون باهلل‬ ‫ال وجود لهم اليوم‪ ،‬غت‬ ‫ن‬ ‫الشياطي‪،‬‬ ‫كما نؤمن نحن‪ ،‬سفهاء‪ ،‬زنادقة‪ ،‬ملحدين‪ ،‬قرناء‬ ‫ّ‬ ‫إنقالبيي‪ ،‬ر ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫يجتون و يرددون األقوال‬ ‫يساريي‬ ‫مارقي عن الدين‪،‬‬ ‫غياب اإلبداع )‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫طبيىع‪،‬‬ ‫جنون‪ ،‬هوس‪ ،‬مدمرة مثل الحشيش و الهتوين‪ ،‬مخ غت ّ ي‬ ‫ن‬ ‫للمجاني فقط‪ ،‬متعبة للعقل‪،‬وجع رأس ليس أكت‪.‬‬ ‫الفلسفة‬

‫‪96‬‬


‫الفهرس‬ ‫تقديم‬ ‫‪....................................................................................................‬‬

‫‪4‬‬

‫ر‬ ‫الدين ر‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫المدنية ( ن‬ ‫اإليديولوج )‬ ‫الحقوق والتوظيف‬ ‫بي التأصيل‬ ‫والتبية‬ ‫الدرس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الدكتور عبد الرزاق العياري‬ ‫‪....................................................................................................................‬‬

‫‪7‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫الزيتوني ن‬ ‫اإلصالحية ( الطاهر الحداد نموذجا )‬ ‫ي‬ ‫التنويري يق برامج‬ ‫الفكر‬ ‫الجالص‬ ‫الدكتورة بثينة‬ ‫ي‬ ‫‪................................................................................................................‬‬

‫‪29‬‬

‫ر‬ ‫ن‬ ‫الدين‬ ‫التبية والتنوير‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الدكتور مصدق الجليدي‬ ‫‪................................................................................................................‬‬

‫‪45‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الث ّ‬ ‫الث ّ‬ ‫انوي ّ‬ ‫الث ن ّ‬ ‫قافية )‬ ‫قاق ( محاولة يق فهم معطالت التنوير‬ ‫والسياق‬ ‫تدريس الفلسفة بالتعليم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫وم‬ ‫الدكتور محسن الت ي‬ ‫‪..............................................................................................................‬‬

‫‪97‬‬

‫‪55‬‬


98



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.