ĞũĩŬ ŖŜĸĠ ūĘšŬ Ǩđ ğĘťſĸěġŨėŸ ƁŰĘŶġŨė ğĘſċ Žŭļč
ůĘƀŶŰ ŧċ ĴſėĹ ŲĚ ůĘōũļ IJƀŁŨė Źŭļ ĞŨŸĴŨė ľƀĔķ ŹŭĽŨė ĜĬĘń ŪĥŭŬ ğėķĘŬǤė ģėĸĠ žijĘŰ ľƀĔķ ųŹŭļ ķĘƀġİė ĞěļĘűŭĚ
ecdh ūĘŕŨ ©ƁĚĸŕŨė ģėĸġŨė ŪĨķª
ŲŬ
ğėķĘŬǤė
اﻟﺴﺪو )ﻧﻮل( ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ اﳌ ﺮأة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﺴﻴﺞ ،وﺗﺘﻌﺪد ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺴﺪو وأﻫﻤﻬﺎ »اﻟﻌﺸريﻳﺔ« وﻫﻲ ﺳﺠﺎدة ﻛﺒرية اﻟﺤﺠﻢ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﻔﺎﺻﻞ ﰲ اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺑني ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺴﻴﺪات وﻣﺠﻠﺲ اﻟﺮﺟﺎل ،أو ﺑني اﳌﺠﻠﺲ وﻏﺮﻓﺔ اﻟﻨﻮم ﰲ اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﳌﻨﺘﺠﺎت أﻳﻀً ﺎ )ﺑﻴﻮت اﻟﺸﻌﺮ( اﻟﺘﻲ ﺗُﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﺻﻮف اﻟﺠامل اﻟﺨﺸﻦ أﺳﻮد اﻟﻠﻮن؛ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻲ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺑﺮد اﻟﺼﺤ ﺮاء اﻟﻘﺎرس.
ĞƀŜĘšĤ şėķŸč
ﺳﺮ اﻟﻨﺠﺎح! ŽŐŴijĶũŤē ĚũňĔŘ
ﻣﻨﺬ
ﻓﺠﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺴﺘﻤﺪ اﻟﻨﺎس إﻟﻬﺎﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ ﻧﺠﺎح ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻐﻠﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻷﻟﻢ واﻟﻴﺄس ﻓﺨﻠﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﺳﻤﺎءﻫﻢ. أﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎء وﻣﺼﻠﺤﻴﻦ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﻴﻦ وﻗﺎدة ،وﺣﺘﻰ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻋﺎدﻳﻴﻦ ،اﻟﺪارس ﻟﺤﻴﺎﺗﻬﻢ ﺳﻮف ﻳﻜﺘﺸﻒ أن وراء ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻬﻢ أﺳﺮارا ﻛﺜﻴﺮة ،ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ذﻛﺎؤﻫﻢ أو ﻗﻮة ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ أو ﻣﺎ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ دﻋﻢ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻔﺎؤل وﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮد ﺷﺒﺢ اﻟﺘﺸﺎؤم وﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻇﺮوﻓﻬﻢ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ واﻻﻧﻄﻼق ﺑﺮﺣﺎﺑﺔ واﻟﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪﻳﺔ ﻣﻦ دون ﺗﺮدد أو ﺧﻮف ﻣﺴﺨﺮﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻣﻦ ﺗﻔﻜﻴﺮ وﻋﻠﻢ ﻟﺘﺠﺎوز اﻟﺼﻌﺎب واﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺤﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻣﻬﻢ .وﻟﻌﻠﻲ ﻻ أﺑﺎﻟﻎ إن ﻗﻠﺖ أن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎح واﻟﺘﻤﻴﺰ. ﻫﻴﻠﻴﻦ ﻛﻴﻠﻴﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﻌﻤﻴﺎء واﻟﺼﻤﺎء اﻟﺘﻲ ﻧﺮدد اﺳﻤﻬﺎ ﻛﻤﺜﺎل ﻟﻠﺼﻤﻮد واﻹرادة ﻣﺘﻌﺠﺒﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﺮ اﻟﺬي دﻓﻌﻬﺎ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻛﻞ اﻟﺼﻌﺎب ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﺣﻼﻣﻬﺎ ،ﻫﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ أﺑﺮز اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ،ﺑﻌﺪ ﻋﺎم واﺣﺪ ﻣﻦ وﻻدﺗﻬﺎ ﻓﻘﺪت ﺣﺎﺳﺘﻲ اﻟﺴﻤﻊ واﻟﺒﺼﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﻤﻰ واﻋﺘﻘﺪ اﻷﻃﺒﺎء أن ﻻ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﺎﺷﺖ ﻟﺘﻜﺘﺐ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ »ﻗﺼﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ«» :ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻳﺪي ﺗﺘﺤﺴﺴﺎن ﻛﻞ ﺷﻲء وﺗﺴﺘﺸﻌﺮان ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ وﺑﻬﺬه اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ أﻣﻜﻨﻨﻲ أن أﺗﻌﻠﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء«. اﻟﻤﺬﻫﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﻫﻴﻠﻴﻦ ﻫﻮ ﺷﻐﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ وإﺻﺮارﻫﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ أرادت ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ أن ﺗﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﺗﻨﺎﻓﺲ اﻷﺻﺤﺎء ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﻠﻤﻬﺎ ﺑﻤﻮاﺻﻠﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﻋﻠﻰ اﻟﺸﻬﺎدات، وﻟﻢ ﻳﺠﺪ أﻫﻠﻬﺎ ﺳﺒﻴﻼً ﻹﺛﻨﺎﺋﻬﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،واﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﻛﻤﺒﺮدج ،وأﻇﻬﺮت ﺗﻤﻴ ًﺰا وﺗﻔﻮﻗًﺎ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺘﻬﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆدي
130
ﺳﺮ اﻟﻨﺠﺎح !
اﻣﺘﺤﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻵﻟﺔ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﻣﻨﻔﺮدة ﻛﻲ ﻻ ﺗﺰﻋﺞ اﻟﻄﻼب اﻵﺧﺮﻳﻦ وﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ أداءﻫﻢ. ﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﻮل أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮاﺟﻪ ﺻﻌﻮﺑﺎت ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﺬﻛﺎر اﻟﺪروس وﻣﺮاﺟﻌﺘﻬﺎ ﻷن اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﻴﺔ وﻗﺘﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﻤﻤﺔ ﻟﻄﻼب ﻋﺎدﻳﻴﻦ ،ﻟﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ »ﺑﺮاﻳﻞ« اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺄﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ داﺋﻤﺎً. وﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﻀﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺮﺿﺘﻬﺎ؛ ﻓﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﺮاﻳﻞ ﺗﺘﻢ وﻓﻖ ﻧﻈﺎﻣﻴﻦ ﻧﻈﺎم اﻧﺠﻠﻴﺰي وآﺧﺮ أﻣﺮﻳﻜﻲ، وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻴﻠﻴﻦ ﻗﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي وﻓﻲ أﺣﺪ اﺧﺘﺒﺎراﺗﻬﺎ ﻟﻠﻘﺒﻮل ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ رادﻛﻠﻴﻒ -وﻫﻲ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ أرادت أن ﺗﻜﻤﻞ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻓﻴﻬﺎ -ﻓﻮﺟﺌﺖ أن اﻟﻨﻈﺎم ﻷﻣﺮﻳﻜ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻬﺎ ﺗﺄدﻳﺘﻬﺎ ﻟﻬﺬا ﺑﺎت ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺎً ﻓﻲ أوراق اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت ﻗﺒﻞ اﻻﺧﺘﺒﺎر ﺑﺴﺎﻋﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﺗﺠﺎوزت اﻻﺧﺘﺎﺑﺮ ﺑﻨﺠﺎح ﺑﺎﻫﺮ وﻗﺪ ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺠﺒﺮ! ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻫﺬا ،اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﺣﻠﻤﺖ ﺑﻪ ،ﻮل ﺗﻘﻮل ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ» :ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت اﻟﺸﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗﻲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ وﺗﻮﻟﺪت ﻟﺪي اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄﻧﻲ ﺗﻤﻜ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺣﻘﺎً ﻣﻦ ﻗﻬﺮ ﻛﻞ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺤﻘﻖ أﻣﻠﻲ ﻈﻴﻢ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻓﻲ ! ادﻛﻠﻴﻒ!« ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف وأﺻﺒﺢ ﺑﻤﻘﺪروي اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﻜﻠﻴﺔ ر ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻨﺎ ﻫﻴﻠﻴﻦ اﻟﺴﺮ اﻟﺬي ﻳﻜﻤﻦ وراء ﻛﻞ ﻗﺼﺔ ﻧﺠﺎح، إﻧﻬﺎ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺎت اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ واﻟﺘﻔﺎؤل ،إن اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺜﺎﻟ ًﻴﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ،واﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ واﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﺷﻌﺎر ﻧﺮﻓﻌﻪ ،إﻧﻪ إﺣﺴﺎس ﻧﺘﺤﻠﻰ ﺑﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺮر ذﻟﻚ، ﻓﻴﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻤﻮج وﻳﺘﺤﺮك ﺑﺸﻜﻞ داﺋﻢ * ' '2 Ð
ĴńĸŭŨė
اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ اﻷول ،اﻟﺬي اﺳﺘﻄﺎع ﺑﺤﻜﻤﺘﻪ أن ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺮﻳﺎدة ﻷﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،وﻗﺎل إﻧﻪ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺗﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺤﻨﻜﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻗﺪراﺗﻪ اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ،ﻓﺄﻗﺎم ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺘﻮازﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﻧﺠﺢ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻤﺘﺎزة ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ووﻗّﻊ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻌﺎﻫﺪات ﻋﺪة ،ﺑﺪءا ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻫﺪة 1892م ،وأﻗﺎم ﻋﻼﻗﺎت ودﻳﺔ ﻣﻊ ﺣﻜﺎم ﻓﺎرس .أﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ ،ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺮف ﺟﻤﻴﻊ ﺷﻴﻮخ اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺑﺴﻠﻄﺎﺗﻪ اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ،وﺳﻌﻮا ﻟﻠﺘﻘﺮب ﻣﻨﻪ وﻃﻠﺐ ﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻋﻨﺪ إﺣﺴﺎﺳﻬﻢ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺎول ﺗﻮﺣﻴﺪﻫﻢ ﺗﺤﺖ ﻟﻮاء أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻋﺎم 1906م ،ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﻘﻰ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻮاﻧﻴﺞ، ﻟﻜﻦ اﻟﻈﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮاﺗﻴﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ .وﻓﻲ ﻋﻬﺪه ﺗﻢ ﺑﻨﺎء أول ﻣﺪرﺳﺔ ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻋﺎم 1905م ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺧﻠﻒ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ .ورﺣﺐ زاﻳﺪ اﻷول ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎء واﺳﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﻋﺎﺋﻠﺔ آل ﻣﺒﺎرك وﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﻤﺠﺮن. وﻋﻦ ﻓﺘﺮة اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ،أﺷﺎر د .اﻟﺒﻠﻮﺷﻲ إﻟﻰ اﻟﺘﻮاﺿﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻪ وﺗﻮاﺻﻠﻪ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس وﺗﻠﺒﻴﺔ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ،ﻣﻀﻴﻔﺎ :ﻓﻲ ﻋﻬﺪه ﺗﻢ ﺗﻮﻗﻴﻊ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﻨﻔﻂ ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ 1939م ،ﺛﻢ ﺑﺪأ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻨﻔﻂ وﺗﺼﺪﻳﺮه. وأوﺿﺢ اﻟﺒﻠﻮﺷﻲ أن اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﻛﺎن ﺣﺮﻳﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ وﺿﻊ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺒﺘﺮول ،ﻻﻓﺘﺎ إﻟﻰ أن ﻓﺘﺮة ﺣﻜﻤﻪ ﺷﻬﺪت ،ﺑﻤﺴﺎﻧﺪة ﺷﻘﻴﻘﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳــﺪ ،إﻗﺎﻣﺔ ﻋﺪد
ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻣﺜﻞ ﺑﻠﺪﻳﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وداﺋﺮة اﻟﺠﻤﺎرك ،واﻟﺒﻨﻚ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻟﻠﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ،واﻟﺒﻨﻚ اﻟﺸﺮﻗﻲ »ﺳﺘﺎﻧﺪرد ﺗﺸﺎرﺗﺮد ﺑﻨﻚ« ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻗﻮة دﻓﺎع أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺪرﺳﺔ »دروﻳﺶ ﺑﻦ ﻛﺮم« ،وﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻋﺮﻳﺶ ﺑﺴﻴﻂ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺪأ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ﺑﺒﻨﺎء اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ،1958وﻓﻲ 1963ﺑﺪأ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺒﻨﺎت. اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد
اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺤﻮار إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد ،ﻓﻘﺎل اﻟﺮﻳﺲ» :إن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻮﺣﺪوي ﻟﺪى اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻇﻬﺮ ﻣﺒﻜﺮا ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ،وﻛﺎن ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ،واﺳﺘﻤﺮت اﻟﻤﺸﺎورات وﺗﺒﺎدل اﻵراء إﻟﻰ أن ﺗﻢ ﻋﻘﺪ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻲ 1968 - 1967م اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺘﺴﺎﻋﻲ واﻟﺴﺪاﺳﻲ واﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﺎﻟﻴﺄس ﻣﻦ ﻗﻴﺎم اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺘﺴﺎﻋﻲ .وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺎن ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ إﻣﺎرة إﻟﻰ أﺧﺮى ﻣﺤﺎوﻻ إﻗﻨﺎع اﻟﺤﻜﺎم ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻻﺗﺤﺎد ،إﻟﻰ أن ﺗﺤﻘﻖ اﻟﺤﻠﻢ ﻋﺎم 1971م ،ﺑﻌﺪ إﺣﺒﺎﻃﺎت ﻛﺜﻴﺮة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺜﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﻠﻤﻪ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺗﺠﻪ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻲ إﻋﻼن ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﻠﻢ ﺑﻘﻴﺎم ﺳﻮق ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ
/ # $ Ð' Í
اﻟﻤﺮﺻﺪ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
129
ﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
ﺟﻠﺴﺔ ﺣﻮار ﺣﻮل ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺑﻨﺎء اﻻﺗﺤﺎد ĚřʼnŐ ĚũňĔŘ ŽėŌŵĖĉ ¤Ù±# . ]Ï Ù,Í " ÃÙ$¢ Ð pØ © ¤Ù±# : Ê# » Ï /Î «Ï Ù,Í " Ï $ Ð pØ © ¤Ù±# . ]Ï Ù,Í " Ï $ Ð / £° $ $ Ð(´ Ø / $ Â Ê # . Ù $# Û ¸/ } äÙ+ (¹Í »' .Û ¸/ ~ Ð # É ,ε Ø Û # «ÛÎ /# pØ © Ä ' 1Ê $
ÄÙ° æ & Øp' ] Ø # -$# p / p# $ # ÛÂ ° ]Û°/$ # Ï (Ù$ p# ¢ / p# Û(Ø æ # . ]ÛÎ /#
. 'è ' ¤Ø # ¥ } ]¾Ø # (  / p# , }.
ﺗﺤﺪث اﻟﺮﻳﺲ ﺣﻮل اﻟﻤﻬﺎرات اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﻬﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻦ أﺟﺪاده ،وﺣﻜﻤﺘﻪ ﻓﻲ إدارة أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺗﻌﻘﻴﺪا، واﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﻬﺎ ﻹﻋﻼء ﺷﺄن اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ، ﻣﺸﻴ ًﺮا إﻟﻰ أن اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻬﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﺴﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ )زاﻳﺪ اﻷول( ،وﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﻧﺠﻠﻪ اﻟﺸﻴﺦ ذﻳﺎب ،ﺛﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ذﻳﺎب ،أول ﺣﺎﻛﻢ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن. وأوﺿﺢ اﻟﺮﻳﺲ أن ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺤﻜﻢ ﻗﺎﻣﺖ وﺗﻮﻃﺪت ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﺔ واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺸﻌﺐ ،وﻫﻲ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ اﻟﺘﻲ أرﺳﻰ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﻣﺆﻛﺪا أن اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺸﻬﺪ اﻟﻴﻮم وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﺑﻘﻴﺎدة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن.
128
ﺟﻠﺴﺔ ﺣﻮار ﺣﻮل ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺑﻨﺎء اﻻﺗﺤﺎد
وﺗﺤﺪﺛﺖ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺼﺎﻳﻎ ﻋﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ،ﻣﺸﻴﺮة إﻟﻰ أن اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ أﻧﺠﺰﻫﺎ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ اﻷول اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺎﻟﻔﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أﻗﺎﻣﻬﺎ ﻣﻊ ﻗﻮى إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وأوروﺑﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﺘﻨﻈﻴﻤﺎت إدارﻳﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﺜﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ أﻗﺴﺎم :أﺑﻮﻇﺒﻲ ،اﻟﻌﻴﻦ ،اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،دﻟﻤﺎ ،وﻟﻴﻮا. وﻗﺎﻟﺖ اﻟﺼﺎﻳﻎ إن أﻫﻢ اﻹﻧﺠﺎزات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻷﻓﻼج ،واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ، وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ دﻟﻤﺎ ﻣﺮﻛﺰا ﻣﻬﻤﺎ ﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﻣﺆﻛﺪة ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﻘﻴﺎدة آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻦ ﺣﻠﻒ ﺑﻨﻲ ﻳﺎس ﻣﻊ اﻟﻘﻮاﺳﻢ ،وﺗﻄﻮر اﻟﻤﺴﻴﺮة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻘﺖ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ،ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ أﻧﻤﻮذﺟﺎ راﺋﻌﺎ ﻟﻠﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﺑﻴﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 205ﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ اﺳﺘﻌﺮض اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺒﻠﻮﺷﻲ ،ﻓﺘﺮة ﺣﻜﻢ
ķėŹĭŨė ĞĬĘļ
'Ï Â /¢ ÎØp' Ð
ﺧﻮرﻓﻜﺎن ،أﺷﺎر اﻟﻰ أن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ أﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ إﺣﻴﺎء وﺗﻮﺛﻴﻖ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺧﻮرﻓﻜﺎن ،ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ أﻗﺪم ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻻﺳﺘﻴﻄﺎن اﻟﺒﺸﺮي ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻟﻬﺎ إرث ﺣﺎﻓﻞ وﻣﺘﻨﻮع ﻳﻨﺒﻐﻲ إﺑﺮازه ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. أﺿﺎف اﻟﻨﻘﺒﻲ أن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ زﻳﺎرﺗﻪ اﻷﺧﻴﺮة ،وﺗﺸﺮﻳﻔﻪ ﻟﺨﻮرﻓﻜﺎن وأﻫﻠﻬﺎ ﺑﻤﺸﺮوع ﻧﺼﺐ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ، و ّﺟﻪ أﻳﻀﺎً ﺑﺘﺮﻣﻴﻢ اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻗﺪم اﻷﺳﻮاق اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻧﻔﺲ ﻣﻮاد اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺮﻣﻴﻢ ،ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻦ واﻟﺤﺼﻰ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺸﻮب اﻟﻄﺮاز اﻟﺘﺮاﺛﻲ أي ﺗﻐﻴﻴﺮ.
وﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ اﻟﻠﺆﻟﺆﻳﺔ واﻟﺰﺑﺎرة ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺧﻮرﻓﻜﺎن ،أﻣﺮ ﺳﻤﻮه ﺑﺘﺴﻴﻴﺞ وﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺒﻴﻮت واﻟﻘﻼع واﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻋﺪم اﻟﻤﺴﺎس ﺑﻬﺎ. ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻨﻘﺒﻲ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﺘﺮاث ﺧﻮرﻓﻜﺎن ،ﻟﻜﻮن ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻳﻤﺘﺪ إﻟﻰ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺤﻔﻞ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻊ واﻟﻤﻘﺘﻨﻴﺎت اﻷﺛﺮﻳﺔ ،وﻳﻌﺪ اﺳﺘﻜﺸﺎف اﻵﺛﺎر ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع إﺣﻴﺎء اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻘﻊ ﺑﻬﺎ وﻓﻘﺎً ﻷﺣﺪ أﺑﺤﺎث ﺳﻤﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ» ،اﻟﻘﻠﻌﺔ اﻟﻤﺜﻠﺜﺔ« ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أﺣﺪ اﻟﺤﺼﻮن اﻟﻬﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻫﻞ ﺧﻮرﻓﻜﺎن اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻐﺰو اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ
اﻟﻤﺮﺻﺪ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
127
ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺸﺎرﻳﻊ إﺣﻴﺎء ﺗﺮاث ﺧﻮرﻓﻜﺎن
»ﻧﺼﺐ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ«ﺣﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻳﻊ إﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﺧﻮرﻓﻜﺎن ،ﺣﻴﺚ أوﺷﻜﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﻣﺸﺮوع ﺗﺮاﺛﻲ آﺧﺮ ﻻ ﻳﻘﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺮوع ﺳﺎﻟﻒ اﻟﺬﻛﺮ ،وﻫﻮ ﻣﺸﺮوع »إﻋﺎدة ﺗﺄﻫﻴﻞ وﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ« ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪﻳﺔ ،وﻫﻮ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺬي و ّﺟﻪ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬه أﻳﻀﺎً ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ. أﺷﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻤﺸﺮوع إدارة اﻟﺘﺮاث ﺑﺪاﺋﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻳﻬﺪف اﻟﻰ ﺻﻮن اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ .ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ واﻟﻤﻌﻤﺎري اﻟﻘﺪﻳﻢ ،اﻟﺬي ﺷﻬﺪ ﺗﺪﻫﻮرا ً ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻪ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ واﻧﻬﻴﺎرا ً ﻓﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺸﺂت. وأوﺿﺢ اﻟﻤﻬﻨﺪس ﻓﺮاس ﻋﺜﻤﺎن ،اﻟﻤﺸﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻤﺸﺮوع، أن اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮوع ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺗﺮﻣﻴﻢ ﻧﺤﻮ 60ﻣﻦ اﻟﺒﻴﻮت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻟﻤﻨﺸﺂت اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﺷﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ أزﻣﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،أوﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻗﺼﺪﻫﺎ اﻟﻨﺎس ﺑﻬﺪف اﻟﺴﻜﻦ ،ﺑﻞ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻊ وﺗﻮﺛﻴﻖ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ،وﺗﺸﻤﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﺷﻬﺎدات اﻟﺮواة واﻟﺴﻜّﺎن اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻟﺨﻮرﻓﻜﺎن ﻣﻤﻦ ﻳﺤﺘﻔﻈﻮن ﺑﺬاﻛﺮة ﻏﻨﻴﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺼﺎدرﻫﺎ ،ﺑﻬﺪف ﺗﻮﺛﻴﻖ
'Ï Â /¢ . ±' £
126
ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻻﺳﺘﺤﻀﺎر ﺗﺮاث وأﻣﺠﺎد ﺧﻮرﻓﻜﺎن
اﻟــﺘـﺮاث اﻟــﻼﻣــﺎدي ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻠﺒﺎس واﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻮد ﻓﻲ أزﻣﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ. ﻳﺤﺘﻮي اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺸﻤﻞ إﻧﺸﺎء ﻋﺪة ﻣﺘﺎﺣﻒ وﺗﻄﻮﻳﺮا ً ﻟﻸﺳﻮاق اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ. اﻟﻤﻬﻨﺪس ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻌﺜﻤﻨﻲ ،ﻣﺪﻳﺮ أﻓﺮع داﺋﺮة اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻗﺎل ،إن اﻟﺪاﺋﺮة ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺤﺼﺮ اﻷﻣــﻼك اﻟﻤﺘﺄﺛﺮة ﺑﺎﻟﻤﺸﺮوع ،وﺻﺮف اﻟﺘﻌﻮﻳﻀﺎت اﻟــﻼزﻣــﺔ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺪء ﻓــﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟــﻤــﺸــﺮوع ،ﻣﺸﻴﺮا ً اﻟﻰ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺸﺮوع اﻟﻬﺎدف إﻟﻰ إﻋﺎدة إﺣﻴﺎء اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﺒﺎن ﻧﻈﺮا ً ﻟﻘﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ إﺣﻴﺎء ﻋﺎدات وأﻧﺸﻄﺔ اﻷﺟﺪاد اﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد ﻟﺘﺘﻌﺮف اﻷﺟــﻴــﺎل اﻟــﺠــﺪﻳــﺪة ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺣﻴﺎة ﺳﻠﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺟﺪاد اﻟﻘﺪاﻣﻰ. وﺗﺴﺘﻤﺪ ﻫــﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻌﺜﻤﻨﻲ ،ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣــﺮآة ﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺣﻀﺎرة ﺳﻜﺎن وأﻫﻞ ﺧﻮرﻓﻜﺎن واﻟﺘﻰ ﻳﻤﺘﺪ ﻋﻤﺮﻫﺎ اﻟﻰ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وﻻ ﺗﺰال ﻋﻤﺎرﺗﻬﺎ ﺗﺤﺘﻔﻆ اﻟﻰ اﻵن ﺑﻄﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺘﺮاﺛﻲ ،إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﺬي ﻳﻀﻴﻒ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ وﺑﻌﺪا ً اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ واﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎً ﺑﺎرزا ً. وﺗﻀﻢ ﺧﻮرﻓﻜﺎن ﻋﺪة ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺤﺼﻮن واﻷﺑﺮاج واﻟﻤﺴﺎﺟﺪ و اﻷﺳﻮاق واﻟﺒﻴﻮت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ و ﻏﻴﺮﻫﺎ ،واﻋﺘﻤﺪ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺒﺤﺮي واﻟﺒﺮي ،إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻟﺰراﻋﺔ وﺗﺠﺎرة اﻟﻠﺆﻟﺆ واﻟﺴﻔﻦ ﻋﺒﺮ ﻣﻴﻨﺎﺋﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺰال ﻗﺎﺋﻤﺎً رﻏﻢ ﺗﺠﺪده. ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺼﻢ اﻟﻨﻘﺒﻲ رﺋﻴﺲ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺒﻠﺪي ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ
ĴńĸŭŨė
اﻟﻤﺸﺮوع واﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ أﺑﻌﺎدا ً ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﺗﻮﺛﻴﻘﻴﺔ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻳﻔﻮح ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺒﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻓﻼ ﻋﺠﺐ أن ﺗﺤﻈﻰ ﺧﻮرﻓﻜﺎن وﻣﺸﺎرﻳﻊ إﺣﻴﺎء ﺗﺮاﺛﻬﺎ وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺣﺜﻴﺜﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺷﺨﺼﻴﺎً. ﻳﺴﺮد ﺳﻤﻮه ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺧﻮرﻓﻜﺎن ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻐﺰو ﻗﺎﺋﻼً» :إن ﺧﻮرﻓﻜﺎن ﻛﺎﻧﺖ آﻧﺬاك ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﺴﻮر ﻋﻈﻴﻢ ،وداﻓﻊ ﻓﺮﺳﺎﻧﻬﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺒﺴﺎﻟﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻮﺻﻮل ﻗﻮاﻓﻞ اﻟﻐﺰو اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ، وﻛ ّﺒﺪوا اﻟﻐﺰاة ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻓﺎدﺣﺔ«. وﻳﻤﻀﻲ ﻗﺎﺋﻼً» :إن ﺟﻤﻮع اﻷﻫﺎﻟﻲ اﺣﺘﺸﺪوا ﺑﺄﻛﺒﺮ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﺧﻮرﻓﻜﺎن ﻛﻲ ﻳﺤﺘﻤﻮا ﺑﻪ ،إﻻ أن اﻟﻐﺰاة ﻛﻲ ﻳﻨﺘﻘﻤﻮا ﻣﻤﺎ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﺴﺎﺋﺮ اﻗﺘﺤﻤﻮا اﻟﻤﺴﺠﺪ وأﺳـــﺮوا اﻟﺮﺟﺎل وﺻﻔﺪوﻫﻢ ﺑﺎﻷﻏﻼل وﻗﻄﻌﻮا آذان اﻟﻨﺴﺎء وﻗﺘﻠﻮا اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ وﺣﺸﻴﺔ، وﻟﻜﻦ ﺧﻮرﻓﻜﺎن أﺑﺖ إﻻ أن ﺗﻘﺎوم ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ«. اﺧﺘﺘﻢ ﺳﻤﻮه ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻗﺎﺋﻼً «:إن ﺑﻘﺎﻳﺎ أﺳﻬﻢ وأﺳﻠﺤﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ وﺟﺪت ﺑﺄﺣﺪ اﻟــﻘــﻼع ،وﻧﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ وﺳﻮف ﺗُﻌﺮض ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻀﻊ ﺑﻬﺎ ﺣﺠﺮ
Ï Â /¢
أﺳﺎس ﻧﺼﺐ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ،ﺗﺨﻠﻴﺪا ً ﻟﻠﺬﻛﺮى اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ،وﺗﺸﺮﻳﻔﺎً ﻷﻫﻞ ﺧﻮرﻓﻜﺎن ،ﺣﻴﺚ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺗﻮﺛﻴﻘﻴﺎ ﻧﻌﺮض ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ وﺛﺎﺋﻘﻴﺎت ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ وﻣﺮﺋﻴﺔ ﻟﻌﺮض ﻫﺬه اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أﻣﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ«. إﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﻟﺘﺒﺪأ ﺧﻄﻮات ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻨﺼﺐ ،اﻟﺬي ﻻ ﻳﻌﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﻌﻠﻤﺎً ﻟﻠﺼﻤﻮد ،وإﻧﻤﺎ ﻣﺰارا ً ﺗﻮﺛﻴﻘﻴﺎً ﻻﺳﺘﺤﻀﺎر ﺣﻘﺒﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪوﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ، واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺎﻣﺔ.
) Ï Â /¢ Ð -($ ÛÊ$Ø. ] '. Ê(# Í . ±(# æ µØ É ±#
اﻟﻤﺮﺻﺪ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
125
ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎت وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ
ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻻﺳﺘﺤﻀﺎر ﺗﺮاث وأﻣﺠﺎد ﺧﻮرﻓﻜﺎن وإﺣﻴﺎء اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ،«»ﻧﺼﺐ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ĮƸżĽŤē İƸżŤŴ ± ūĔšŘijŵĬ Í /+ ]-ÙÍ ' Û )Ù¹ . )$ (# æ -Ù µÍ ' &/Ø -Í » .« ( } )# $# ÎØp(# ¤Ø © 1# -#3¢ Ð' Áp,Í. ]Ú ¦ # '. Ê(# b b b ¡/(°. (¹ 1$ %Ù#p £' ° ÄÊØ h.ª$# $ É. ] Ù£Ø ª' Ï/ Ù Î# Ï »
Û# ½ # .ª½# & '} ,Î Âp# ÛÂ Ï Ã# Ð' ,$+} % Û # ÎØp(# *¦+ .«&1507 & ( Ð' 21 Û ,Ù# % . Ú¦# Ð Ï $ / p# ¤Ù±# /( # + Ê#} ($ 'pÊ' Í ($ # !$
(É Ë/Â ] $Ù$É Ù } % É ] É ±# ) 1$ æ $ (# /µ ]Û( Ê# p( '
Í» . ±(# æ */( ´. ²' + 1$ ]Ï Â /¢ ÎØp' " p }
Ð Âp# . .ª½# '. Ê' Û Ù$ # ÎØp(# %+} à p Ø Ú¦# . ]« '. Ê(#
.& 500 / Í % É )+ 3
ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻻﺳﺘﺤﻀﺎر ﺗﺮاث وأﻣﺠﺎد ﺧﻮرﻓﻜﺎن
124
ğėĴŵĘŁŬ
ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،اﻟﻨﺠﺎة رﻏﻢ اﻟﻄﻐﺎة ĺŻĴėŔ İũĩŨ
ﻟﻴﺴﺖ
اﻟﺤﻀﺎرة ﺑﺄﺛﻮاب ﻧﺰﻳﻨﻬﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺟﻤﺎل اﻟﻔﻦ واﻟﻌﻠﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وﻟﻴﺴﺖ ﻗﺼﻴﺪة ﻳﺘﺨﻴﻠﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ أو ﻳﻨﺎم ﻣﻞء ﺟﻔﻮﻧﻪ ﻋﻦ ﺷﻮاردﻫﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ اﻣﺘﺪاد ﻟﻠﺤﻠﻢ وﻣﻴﺪان ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ واﻻﺑﺘﻜﺎر. إﻧﻬﺎ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﺒﻼﻏﺔ واﻷدب، إﻧﻬﺎ ﺻﻮﺗﻨﺎ اﻟﻤﻀ ّﻤﺦ ﺑﺎﻟﻜﺒﺮ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،ﻧﺎﻓﺬﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻤﻌﺒﺄة ﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ. إﻧﻬﺎ ﻗﻮﺗﻨﺎ وﺛﺮوﺗﻨﺎ وﺛﺒﺎﺗﻨﺎ ﻧﻘﺎرع ﺑﻬﺎ اﻟﺰﻣﻦ وﺟﻬﺎً ﻟﻮﺟﻪ وﻧﻨﺘﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺟﺴﺮﻧﺎ ﻟﻤﺎ ﻋﺒﺮﻧﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ إﻟﻰ ﻋﻴﻦ اﻟﻐﺪ وﻛﺘﺒﻨﺎ ﻣﻼﺣﻢ اﻟﻌﺸﻖ واﻟﺼﺒﺎﺑﺔ ،وﺻﺮﺧﺘﻨﺎ اﻟﺤﻘﺔ ﻓﻲ وﺟﻪ ﺳﻠﻄﺎن ﺟﺎﺋﺮ وﻣﺤﺘﻞ ﻏﺎﺻﺐ. ﻫﻲ ﻣﺴﻘﻂ اﻧﺘﻤﺎﺋﻨﺎ وﻓﺨﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺒﺚ واﻟﻀﻼل واﻟﻐﻴﺒﻮﺑﺔ. ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺗﻸﻷت ﺑﺎﻷﻧﺠﻢ ﻓﻲ ﻋﺼﻮر اﻟﻈﻼم وﺗﺪﻓﻘﺖ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺒﻬﺎء .ﻇﻠﺖ ﺗﻘﺎوم ﻣﻮج اﻷﻳﺎم اﻟﻤﺘﻼﻃﻢ ،وﻣﻨﺬ أن ﻧﻬﻀﺖ وﺗﺮاﻛﻢ إرﺛﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺪﻳﻨﻲ ﺗﻔﺘﺤﺖ أﻋﻴﻦ اﻷﻋﺪاء واﻷﺟﺎﻧﺐ وﻛﺜﺮت اﻷﻃﻤﺎع واﺳﺘﻄﺎع أﻫﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﻘﺒﺎت واﻟﻤﺤﻄﺎت أن ﻳﺼﻤﺪوا وﻳﺤﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ ﻛﻨﻮزﻫﺎ وﻧﻈﻤﻬﺎ وازدﻫﺎرﻫﺎ. ﻫﺬه اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺘﻲ ﻧﻔﺘﺨﺮ ﺑﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ،ﻋﺎﻧﺖ ﻣﺎ ﻋﺎﻧﺘﻪ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﺑﺪءا ً ﻣﻦ اﻟﺼﺮاﻋﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ووﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﺤﺮوب اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ واﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ،إﻻ أن ﺳﺮ ﻫﺬه اﻟﺤﻀﺎرة أن ﻟﻬﺎ رﺑﺎ ﻳﺤﻤﻴﻬﺎ وﻋﻴﻮﻧﺎً ﺳﺎﻫﺮة ﻋﻠﻰ درء اﻷﺧﻄﺎر ﻋﻨﻬﺎ. ﻟﻨﺎ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ وﻟﻬﻢ ﺣﻀﺎرﺗﻬﻢ .ﻟﻨﺎ ﻣﻮروﺛﺎﺗﻨﺎ وﻋﺎداﺗﻨﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ وﻣﻼﻣﺤﻨﺎ وأﻓﻜﺎرﻧﺎ وأﺣﻼﻣﻨﺎ ،وﻟﻬﻢ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ وأدواﺗﻬﻢ وﻏﺮاﺋﺒﻬﻢ. ﻟﻨﺎ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻓﺸﻠﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺄﺻﻮﻟﻬﺎ وذﺧﺎﺋﺮﻫﺎ ،وﺗﺮﻛﻨﺎ أﻳﺎدﻳﻬﻢ ﺗﻌﺒﺚ ﺑﻬﺎ وﺗﻨﻘﺾ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﻮزﻧﺎ ﻣﻦ دون أن ﻧﺤﺮك ﺳﺎﻛﻨﺎً .وﻛﺎدت أن ﺗﻀﻴﻊ ﺟﻬﻮد ﻋﻈﻤﺎﺋﻨﺎ وﻣﺒﺪﻋﻴﻨﺎ وﻓﻼﺳﻔﺘﻨﺎ.
وﺻﻞ ﺑﻨﺎ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ أن ﻧﻔﺮط ﻓﻲ ﻣﺎ ورﺛﻨﺎه ﻣﻦ اﻷﺳﻼف واﻷﺟﺪاد ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻤﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻪ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ أﺣﺪاث ﻗﺎﺳﻴﺔ وﺗﻐﻴﺮات ﺧﻄﻴﺮة ،وﺑﺪل ﻣﻦ أن ﻧﺴﺎرع ﻟﻨﺴﺘﻌﻴﺪ وﻋﻴﻨﺎ وﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ أﺧﻄﺎء اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺟﺪﻧﺎ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻬﺐ اﻟﺮﻳﺎح ﻧﻨﻜﺄ اﻟﺠﺮاح وﻧﺰداد ﺗﺸﺮذﻣﺎً وﻧﻐﺮق ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺮف واﻟﻬﻤﺠﻴﺔ واﻹرﻫﺎب. ﻧﻌﻢ ،ﻣﺘﻰ ﻣﺎ اﺗﺨﺬ اﻹرﻫﺎب وﺟﻮﻫﺎً ﻛﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ اﻟﻴﻮم ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﺎف أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ أوﻃﺎﻧﻨﺎ وإﻧﺴﺎﻧﻨﺎ وذﻛﺮﻳﺎﺗﻨﺎ وﻋﻠﻰ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ وﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ ،ﻓﻤﺜﻠﻤﺎ أدﻣﺖ اﻟﻘﻠﻮب وأﺣﺮﻗﺘﻬﺎ ﻣﺸﺎﻫ ُﺪ اﻟﻘﺘﻞ وﺗﻔﺠﻴﺮ اﻟﺒﻴﻮت ودور اﻟﻌﺒﺎدة، ﻻﺑﺪ أن ﺗﻌﺘﺼﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻵﺛﺎر واﻷواﺑﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺳﺮﻗﺔ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ وﺣﺮق اﻟﻜﺘﺐ ﻷﻧﻨﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺼﺎب ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻮﻋﻲ واﻟﺬاﻛﺮة ﻓﺘﺒﺪأ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻼﺷﻲ ﻟﺘﺤﻞ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻧﻈﻢ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ وﺻﻴﻎ أﺧﺮى ﻟﻠﺠﺎﻫﻠﻴﺔ. ﻧﺤﻦ اﻟﻴﻮم -ﻣﺜﻘﻔﻴﻦ وﻣﺒﺪﻋﻴﻦ -ﻣﻄﺎﻟﺒﻮن أن ﻳﻜﻮن ﻟﻨﺎ دور ﺣﻘﻴﻘﻲ وواﺿﺢ وﻣﻨﺤﺎز ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺤﺮﺟﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻌﻈﻤﺎﺋﻨﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻮﻗﻒ ودور ﻓﻲ إﺑﺮاز اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. إﻧﻬﺎ ﺣﻀﺎرﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻴﺎ ﺑﻬﺎ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺒﻴﺖ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ أن ﻳﻜﺘﻤﻞ دون أن ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﻨﻬﺎ وﻳﺮﺗﺸﻒ ﻣﻦ ﻋﻄﺮﻫﺎ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﻳﺔ ﻟﻮﺣﺔ أن ﺗﺘﺄﻟﻖ دون أن ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺤﻀﺎرة ﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺰج أﻟﻮاﻧﻬﺎ وﻫﻨﺪﺳﺔ ﺧﻄﻮﻃﻬﺎ. ﻫﻲ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻤﻨﺎ وﺗﻔﻜﻴﺮﻧﺎ وآﻣﺎﻟﻨﺎ واﺳﺘﻤﺮارﻧﺎ وﺑﻘﺎﺋﻨﺎ ﻓﻨﺤﻦ ﻃﻼب ﺣﻮار اﻟﺤﻀﺎرات ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺎ وﻟﻴﺲ ﺻﺮاع اﻟﺤﻀﺎرات، ﻓﻔﻲ اﻟﺤﻮار اﺣﺘﺮام ورﻗﻲ ورؤﻳﺔ وأﻓﻜﺎر ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺮاع ﻓﻴﻜﻤﻦ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺘﻄﺮف واﻻﻗﺘﺘﺎل واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻓﻤﺎ أﺣﻮﺟﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ إﻟﻰ اﻷوﻟﻰ ﻟﻮﻗﻒ ﺗﻘﺪم ﺟﺤﺎﻓﻞ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ *ﺷﺎﻋﺮ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎن
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
123
ůŹűŜ اﻷرض ،وﻳﻘﺎﺑﻠﻪ اﻧﺤﻨﺎء أﻓﺮاد اﻟﺼﻒ واﻟﻌﻮدة ﻣﺮة أﺧﺮى إﻟﻰ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،وﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﻦ واﻵﺧﺮ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺼﻔﻴﻦ أﺣﺪ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎء واﻟﺮﻗﺺ ﻟﻴﻘﻮم ﺑﺎﻟﺮﻗﺺ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻔﻴﻦ ﺛﻢ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺼﻒ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﻴﺨﺮج راﻗﺺ آﺧﺮ ﺑﻌﺪه ﻣﻦ اﻟﺼﻒ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ،و ﻳﺸﺘﺮط ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺪان أن ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﻔﺎة اﻷﻗﺪام ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ دﺧﻮل أﺣﺪ ﻣﺎ ﻣﻨﺘﻌﻼ ﺣﺬا ًء ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻘﺎب ﺑﻔﺮض ﻏﺮاﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻴﻪ واﻟﺬي ﻳﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻫﻢ )ﺣﻖ( وﻳﻘﺎل ﻓﻼن ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻖ ،وﻳﺘﻢ ﺗﻐﺮﻳﻤﻪ وﻳﻠﺘﺰم ﺑﺪﻓﻌﻪ. وﻣﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﻟﻠﺪان اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل: ﻟﻴﻦ ﻛﻨﺖ داﻳـﻢ ﺷﻐﻠﻨﻲ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻧﺎﻳﻢ واﻟﻘﻠﺐ ﻫﺎﻳــﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ رﻳﺘﻪ ﻧﺎﻳﻢ زﻳﻦ اﻟﻌﻠــــﺎﻳﻢ ﻗﻠﺒﻪ اﻟﺸﺠﻲ ﻫـﺎﻳﻢ وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻦ اﻟﺪان ﻓﻨﺎً ﻃﺮﺑﻴﺎً ﺧﺎﺻﺎً ﻳﺸﻴﻊ أﺟﻮاء اﻟﺒﻬﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻗﻴﺎم اﻟﻤﻠﻘﻦ واﻟﺬي ﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺗﻬﻢ )اﻟﻤﻄﺮق( ﺑﺎﻟﻤﺮور ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆدﻳﻦ وﻳﻘﻮم ﺑﺘﻠﻘﻴﻨﻬﻢ اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻟﻠﺤﻦ ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻏﺰﻟﻴﺔ وﻣﺪﺣﺎً أو ذﻣﺎً أو أﻳﺎً ﻣﻦ أﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﻐﻨﻰ ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺣﺎﻣﻼ ﻋﺼﺎ ﺧﻴﺰران ﺗﻜﻮن ﻣﻄﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﻨﺎء وﻣﺮﺻﻌﺔ ﺑﺎﻟﻔﻀﺔ ،وﻳﻜﻮن اﻟﻤﻄﺮق ﻓﻲ ﻗﻤﺔ اﻟﻨﺸﻮة ﺑﺄداء اﻟﻔﻦ ﻋﻠﻰ أﺻﻮات اﻟﻜﺎﺳﺮ ،وﻳﻐﻨﻲ أﻫﻞ اﻟﺪان ﻗﺼﻴﺪة ﺷﻬﻴﺮة ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺨﻀﺮاﻟﺬي ﻳﻘﻮل: ﻳﺎﻧﻲ ﺧﻄﻪ وﺳﻂ ﻗﺮﻃﺎﺳﻲ وﻧﺤﻨﻴﺖ أﻗﺒﻞ ﺣﺮوﻓﻪ أرﻓﻊ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻠﻮ راﺳـــــﻲ ﻣﺜﻞ ﺗﺎج اﻟﻤﻠﻚ وزﻓﻮﻓﻪ وﻣﻦ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻔﺨﺮ ﻓﻲ اﻟﺪان اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل:
ﺗﺤﻤﻲ رﺟﺎــــﻼ ودون
اﻟﻐـــــﺮب ارﻣﺎﺣﻲ
ﻳﺤﻤﻲ ﺑﺠﻴــﺶ اﻻرض ﻗﻴﺲ وﻳﻤـــــﺎﺣﻲ ﻳﺎوﻟﻴﺪي اﻣﺴﻚ ﺳﺎﻳﺪك ﺧﻞ اﻟﻔﻜــﺮ ﺻﺎﺣﻲ
122
ƁěŕŁŨė ĴšġŕŭŨė ǝ ľƀŰėŹŝŨė ĢſķĘŝŔ اﻟﺪان ..
ﺑﺴﺄﻟﻚ ﻳﺎﺧﻮي ﻋـــــﻦ وادي ﻳﺴﻤــﻰ ﺣﺎم وادي اﻟﻤﻈﻠﻤﻴﻦ ﺣﺸﻰ ﻣﺎ ﺗﻔﺴــﺮه اﻟﻌﻼم ان ﻛﺎن ﺗﺒﻐﻲ اﻟﻔﺴــﺮ ﻋﻄﻨﻲ ﻛﻔﻮف اﻟﺠﺎن ﺑﻄﻴــﺐ ﻣﺎ ﻳﻨـــــﻮﺧﺬ اﻻ ﺑﺎﻻرواﺣــــــــﻲ أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺰل واﻟﺸﻮق ﻓﺘﻘﻮل إﺣﺪى أﻏﺎﻧﻲ اﻟﺪان :
اﻋﻨﻴﺖ ﻣﻦ دﻳﺮﺗﻲ اﺑﻐﻲ اﺣــــــﺎﻳﻴﻜﻢ اﻻول ﺑﺴـــــﻠﻢ وﺑﺘﺎﻟﻲ ﺑﺤﺎﻳﻴﻜﻢ اﺣﺎﻳﻴﻜﻢ ﻣﻦ ﻗﺒـــــﻞ ﺣﺪ ﻳﺤﺎﻳﻴــــﻜﻢ ﺣﺎﻳﻴﺘﻜﻢ ﻳﺎﻋﺮب ﺣﺎﻳﺘﻜﻢ ﺣﺎﻳﻴﺖ ﺣﺎﻳﻴﺘﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻮده وﺑﺎﻟﺮﺿﻰ ﺣﺎﻳﻴﺖ وﺣﺎﻳﻴﺘـــــﻜﻢ ﻣﻦ ﻗﻠﻮب ﺻﺎﻓﻴﻪ ﺣﺎﻳﻴﺖ ﺧﺘﻤﺔ ﻗﻴﻠﻲ ﻗﺒﻞ ﺣﺪ ﻳﺤﺎﻳﻴﻜﻢ إن ﻫﺬا اﻟﻔﻦ وﻧﻈﺮا ﻟﻌﺪم اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وﻗﻠﺔ اﻟﻌﺎرﻓﻴﻦ ﺑﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻴﺮ إﻟﻰ زوال ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻋﻜﺲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،وﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻓﻨﺎ اﺳﺘﻤﺘﻌﺖ ﺑﻪ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻟﻠﻔﻦ اﻷﺛﺮ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة وﺗﺄﺻﻴﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺮح واﻟﺒﻬﺠﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻧﺴﻤﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﺘﺮاث * ﺑﺎﺣﺚ وﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ اﻻﻣﺎرات
وﻳﺒﺪأ اﻟﺪان ﺑﺄن ﻳﻐﻨﻰ اﻟﺼﻔّﺎن اﻟﻨﺺ ﻛﻠﻪ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻣﻊ ﺗﻜﺮار ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﺛﻼث أو أرﺑﻊ ﻣﺮات ﻓﻲ ﺻﻮت واﺣﺪ ،ﺗﺼﺎﺣﺐ ذﻟﻚ ﺣﺮﻛﺎت راﻗﺼﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ أن ﻳﺘﻘﺪم ﻛﻞ ﺻﻒ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ واﺣﺪة ﺧﻄﻮﺗﻴﻦ ﻟﻸﻣﺎم ﺛﻢ ﺧﻄﻮﺗﻴﻦ ﻟﻠﺨﻠﻒ ﺣﺴﺐ اﻹﻳﻘﺎع واﻟﻠﺤﻦ ،ﺛﻢ ﺗﺘﻜﺮر اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻃﻴﻠﺔ اﻷداء وﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ ،وﺗﺘﻜﻮن اﻟﺮﻗﺼﺔ ﻣﻦ ﺟﺰءﻳﻦ ﻳﺴﻤﻰ اﻷول ) ﻓﻦ( وﻓﻴﻪ ﻳﺠﻠﺲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﺿﺎرﺑﻲ اﻟﻄﺒﻮل وﻳﺴﻤﻮﻧﻬﻢ ) اﻟﺰاﻧﻪ( وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺤﻠﻴﺎ اﻟﺮﺻﺎص ،وﻫﻮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻣﺠﺎزي ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺜﻴﺮي اﻟﺤﻤﺎس ،وﻳﺒﺪأون ﺑﺎﻟﻘﺮع ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻮل وإﻧﺸﺎد اﻟﺸﻌﺮ ﻛﺈﻋﻼن ﻟﺒﺪء اﻟﺮﻗﺼﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻘﻒ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﺻﻔﻴﻦ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﻴﻦ وﻳﻨﺸﺪون اﻟﺸﻌﺮ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﻹﺳﺘﺮاﺣﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺒﺪأون )اﻟﺴﺤ ِﺒﻪْ( واﻟﺬي ﻳﻜﻮن أﺳﺮع اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺬي ﻳُﺴﻤﻰ ﱠ إﻳﻘﺎﻋﺎ وﺣﺮﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺰء اﻷول. وﺧﻼل ﺗﺄدﻳﺔ اﻟﻐﻨﺎء وﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻳﻀﻊ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﻴﻦ ﻳﺪه ﻓﻮق ﻛﺘﻒ اﻵﺧﺮ وﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻳﻐﻨﻮن وﻳﺮﻗﺼﻮن ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ رﺷﻴﻘﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم واﻟﺨﻠﻒ وﻫﻢ ﻳﺼﻔﻘﻮن، وﻳﻘﻮم ﻗﺎرﻋﻮ اﻟﻄﺒﻮل ﺑﺎﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺼﻔﻴﻦ ﺛﻢ ﻳﺮﺟﻌﻮن ﻟﻼﻗﺘﺮاب ﻣﻦ اﻟﺼﻒ اﻵﺧﺮ وﻫﻜﺬا ،ﻓﻬﺬا اﻟﻔﻦ ﻳﻤﺘﺎز ﺑﻜﺜﺮة اﻟﺤﺮﻛﺔ وﺑﺎﻷﺧﺺ ﺣﺎﻣﻞ اﻟﻜﺎﺳﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﻓﻊ اﻟﻄﺒﻞ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻴﺘﺠﺎوز اﻟﺮأس ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﺤﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺎد اﻟﻄﺒﻞ ﻳﻼﻣﺲ
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
121
ůŹűŜ
اﻟﺪان
ﻓﻦ اﻟﻄﺮب واﻟﺒﻬﺠﺔ ŽėőšŤē ĚřżťĬ ijŴĴĸ
% 1# %Ê Í )ØpÉ Û ÐÂ ÛÂ Î # )Ù$É Ð' 'è ÐÂ /+ (Ï p# .) ]Ï ( Î $
É # . ν# ÐÙ ( Ø Û ( -ã } Û ±Ø. ]p . Ï Û b )# '} /+. ' Î# . " #
] b(ØpÉ Ú.p # ( (# -Ù$ p Ø
1# ÙÍ ( # %ã Ê# . . ' Ð #. Ú µ # " 2 % Ã . Ê Î(#
% ' Ù# (±# Ì Î(# %ã Ê#
%ã Ê# (Ù£# } . Ù Ã#
¦+ %Ê Í ] , + '. ÙÍ ( # , ° pÉ. ] 'è 1# ÐÃ#
!$ Û %£Ø )# -Í} p# Ï p# Р} Ï. Ð' Ì Î(#
Ð' Ï p# É 0 Õ . ] ¦+
Ä % ( Ø ÐÙ$ Ê ' ÐÙà b ]" # Ð' ¢ . Î# Ð' p Ï '/ÊØ Ðئ$# ÐÙà # ÐÙ ÄÊØ.
Û # "/ # É Î½# . É # % ±# ÛÍ / /+. # ,Î'
!#¦ . ]ÐÙ, . .¥ ) # Ù½ . Ù½ # % # . Áp#
.. اﻟﺪان
120
اﻻﺗﺼﺎﻻت واﻟﻤﻮاﺻﻼت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻗﺪ ﺿﻴﻘﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﺎد اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺤﺘﺎج اﻟﺘﻨﻘﻞ ﻛﻲ ﻳﺮى وﻳﻔﻬﻢ وﻳﻌﺮف ﺑﺎﻗﻲ ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ .وﻟﻜﻨﻚ إذا ﺗﻨﻘﻠﺖ ﻓﻌﻼ وﺧﺮﺟﺖ ﺑﺠﺴﺪك ﻣﻦ ﺣﺪود وﻃﻨﻚ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻮﺟﺪ اﻷﻣﺎن واﻻﻋﺘﻴﺎد اﻟﻠﺬان ﻳﺴﺘﻘﺮان ﻓﻲ ﻻ وﻋﻴﻚ ﺣﺘﻰ إن ﺗﻨﻘﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﻟﻢ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻋﺒﺮ أﺣﺪ أﺟﻬﺰة اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﺴﺘﻌﺮف أن اﻟﻔﺮق ﻟﻢ ﻳﺰل ﻗﺎﺋﻤﺎ، ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟﻜﺘﺎب وﺣﺪﻫﻢ ،وإﻧﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ اﻟﻔﺮق ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ وﻋﻲ ﻋﻮام اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺎﻟﻮا ﺣﻈﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮ واﻻﻏﺘﺮاب وﺗﺠﺮﺑﺔ ﻋﻮاﻟﻢ أﺧﺮى ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺣﻴﺔ. ﺧﻄﻮرة اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻴﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﻣﻦ ﻓﺮوق دﻗﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺧﺒﺮ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺸﺮوط ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﻦ اﻧﺤﺼﺮت ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ واﺣﺪة ﺗﺤﻮل ﻋﻘﻠﻪ ،أﻳﺎ ﻛﺎن ﺛﺮاؤﻫﺎ ،إﻟﻰ ﻋﻘﻞ ﺳﺎﻛﻦ ﻣﺴﺘﺮﻳﺢ ﻟﻤﺎ أﻟﻘﻲ ﻓﻴﻪ ،ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺮف وﻣﺮاﺟﻌﺘﻪ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮه ،إذ ﻛﻴﻒ ﻳﺮاﺟﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﺷﻴﺌﺎ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻏﻴﺮه؟ وﻟﻌﻞ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺗﺠﻠﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة. ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 2013م ﺳﺎﻓﺮت ﻟﺤﻀﻮر ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﺸﺒﻮﻧﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ،وﻫﻨﺎك اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ، وﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﺎﺣﺜﻮن ﻋﺮب ﻣﻦ ﻣﺼﺮ وﺑﻌﺾ دول ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﺪﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﻌﺮب أﻧﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺟﻮا ﻣﻦ ﺣﺪود ﺑﻼدﻫﻢ ﻗﺒﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ أﺛﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺗﻬﻢ واﻵراء اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺮﺣﻮﻧﻬﺎ؛ إذ اﺗﺴﻤﺖ آراؤﻫﻢ ﺑﺎﻟﻘﻄﻌﻴﺔ واﻟﺜﻘﺔ اﻟﺰاﺋﺪة ،ﻛﻤﺎ اﺗﺴﻤﺖ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺗﻬﻢ ﺑﻀﻌﻒ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻶراء اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ،
وﺿﻴﻖ اﻟﺼﺪر ﺑﺎﻟﻤﺨﺘﻠﻔﻴﻦ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ اﻻﺣﺘﺪاد اﻟﺰاﺋﺪ إن أﺧﺬ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﺧﺘﻼﻓﻪ ﻟﺤﺪود ﺑﻌﻴﺪة ﺗﺘﺠﺎوز ﻣﺎ اﻋﺘﺎده اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻪ وﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻪ. ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻮدﺗﻲ ﻣﻦ ﻟﺸﺒﻮﻧﺔ ﻋﺮﺟﺖ ﻋﻠﻰ أﻣﺴﺘﺮدام ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ ﺑﺸﻮﻗﻲ ﻟﺰﻳﺎرة ﻣﺘﺤﻒ ﻓﺎن ﺟﻮخ ،وﻫﻨﺎك ﻗﻀﻴﺖ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺘﺎﺣﻒ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﺰاراﺗﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .وﻗﺪ ﻟﻔﺖ ﻧﻈﺮي وﺟﻮد ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب اﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎك .ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻟﺘﻨﺎول اﻟﻌﺸﺎء ﻓﻲ أﺣﺪ ﻣﻄﺎﻋﻢ أﻣﺴﺘﺮدام، ووﻗﻊ اﺧﺘﻴﺎري ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻌﻢ أرﺟﻨﺘﻴﻨﻲ ،ﻫﻨﺎك وﺟﺪت اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ .ﻛﺎﻧﺖ اﻷوﺿﺎع ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﻵن ،ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ،وﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ رﻣﺎدﻳﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺪث .اﻟﻤﻬﻢ أن ﺟﻠﺴﺘﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻄﻌﻢ اﻣﺘﺪت ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻮﻗﻌﺖ ،إذ دﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﺣﻮار ﻣﻊ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻫﻨﺎك ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﺪور ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ .ﻛﺎن اﻟﺤﻮار ﻧﻘﻴﻀﺎ ﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻟﺸﺒﻮﻧﺔ ،ﺣﻴﺚ اﺗﺴﻢ ﺑﺎﻟﻬﺪوء واﻻﺳﺘﻌﺪاد اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﺘﺒﺎدل اﻷﻓﻜﺎر واﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﺮأي اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ وﺗﺪﺑﺮه .ﻛﺎن اﻟﺤﻮار ﻣﻊ »اﻟﺠﺮﺳﻮﻧﺎت« اﻟﺜﻼﺛﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺮﺟﻮا ﻣﻦ أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﺧﺒﺮوا اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،أﻋﻤﻖ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻤﺎ ﻗﺪﻣﻪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن اﻟﻌﺮب اﻟﺬﻳﻦ أﺗﻮا ﻣﻤﻠﻮﺋﻴﻦ ﺑﻴﻘﻴﻨﺎﺗﻬﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻌﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﺘﺢ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﻢ ﻓﻈﻠﻮا ﻣﺤﺪﻗﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺮﻓﻮه وورﺛﻮه ،وﻋﺎدوا دون أن ﻳﺮوا ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻤﺎ أﺣﺎط ﺑﻬﻢ إﻻ اﻟﻘﺸﻮر) .ﻳﺘﺒﻊ( *ﻧﺎﻗﺪ وﺷﺎﻋﺮ ﻣﺼﺮي
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
اﻟﺠﻨﺎزه ﻋﻮده ،واﻟﻤ ّﻴﺖ ﻓﺎر
ﻋﻮده :أي ﻛﺒﻴﺮة. وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ أن اﻟﺠﻨﺎزة ﻛﺒﻴﺮة وﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻣﻠﺤﻮظ وﻗﺪ اﺗﻀﺢ أن اﻟﻤﻴﺖ ﺻﻐﻴﺮ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻔﺄر ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻋﺪم ﻗﻴﻤﺘﻪ. ﻳﺴﺘﺤﻖ ذﻟﻚ. ﻳﻀﺮب اﻧﺘﻘﺎداً وﺗﺤﻘﻴﺮاً ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻤﻦ ﻻ ّ
ﻧﺎﻓﺬة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
119
ģėĸġŨė ǩŔ ĝĶŜĘŰ
ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ »«d ĴšĖ ŮũŻĉ į
ﻫﺬه
ﻓﺼﻮل ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﺎ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻛﺘﺒﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ .ﻛﺘﺒﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن وﻛﺘﺒﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن أﻳﻀﺎ .ﻓﺄﻛﺜﺮﻫﺎ ﻛﺘﺐ ﻣﻦ ﺑﺎرﻳﺲ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻛﺘﺐ ﻣﻦ أﻗﺼﻰ اﻟﻐﺮب اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ .وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻛﺘﺐ ﻣﻦ ﻓﻴﻨﺎ وﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪا ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة .وأﻗﺪم ﻫﺬه اﻟﻔﺼﻮل ﻋﻬﺪا ﻛﺘﺐ ﺳﻨﺔ 1923م ،وأﺣﺪﺛﻬﺎ ﻋﻬﺪا ﻛﺘﺐ ﺳﻨﺔ 1930م ،ﻓﻬﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﺟﺎءت ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ) .ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ،ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﺑﻴﺮوت ،دار اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳﻴﻦ ،ط1988 ،11م.(5 ، اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻫﻲ ﻣﻔﺘﺘﺢ ﻛﺘﺎب اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﻤﺴﻤﻰ »ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ« .وﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﺣﺴﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1935م، أي ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ آﺧﺮ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻓﻴﻪ .ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻜﺘﺎب ﺗﺸﻲ ﺑﺄن اﻟﻤﻘﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻓﺼﻮﻟﻪ ﻗﺪ ﺗﻢ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﺑﺈرادة اﻟﻤﺆﻟﻒ وﺑﺮؤﻳﺘﻪ ﻹﻣﻜﺎن اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ،ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻘﺎﻻت ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻟﻪ ﻟﻢ ﻳﺸﺄ ﻫﻮ ﺟﻤﻌﻬﺎ. »ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ« ﻋﻨﻮان ﻳﺼﻒ ﻟﺤﻈﺔ ﺻﺪور اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺆﻟﻔﻪ ،وﻫﻮ ﻳﺼﻒ ﻗﺮاءﺗﻨﺎ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪور أوﻟﻰ ﻃﺒﻌﺎﺗﻪ .ﻧﺤﻦ ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ أﺑﻌﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻤﺎ اﺳﺘﺸﻌﺮه ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﺣﻴﻦ ﻛﺘﺐ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ. ﻟﻜﻦ ﺑُﻌﺪﻧﺎ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ واﻟﺒﻌﺪ اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻟﻘﺼﻴﺮ ﺑﻴﻦ أوﻟﻰ ﻣﻘﺎﻻت اﻟﻜﺘﺎب وﻟﺤﻈﺔ ﺻﺪوره .اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺬي ﺗﻨﻔﺮد ﺑﻪ ﻗﺮاءﺗﻨﺎ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻫﻮ ﺑﻌﺪ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺑﺎﻷﺳﺎس؛ إذ ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺤﺪداﺗﻬﺎ وﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻛﻠﺤﻈﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻓﺼﻮل اﻟﻜﺘﺎب أو ﻧﺸﺮه .اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺼﻠﻨﺎ اﻵن ﻋﻦ »ﺑﻌﻴﺪ« ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﺗﻜﺎد ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ ﻛﻞ اﻻﺧﺘﻼف .ﻓﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﺗﺤﺪﻳﺪا .وﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺛﻮرة ﻳﻮﻟﻴﻮ 1952م ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺟﺬرﻳﺎ ،وﻣﺎ ﺷﻬﺪه
118
ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ »«١
اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺛﻮرﺗﻲ اﻻﺗﺼﺎﻻت واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺢ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺼﻮرة دراﻣﻴﺔ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ أﻳﺎم اﻟﺘﻠﻐﺮاف واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ اﻷﺣﺮف. ﻫﺬا اﻟﺒﻌﺪ ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﻘﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺎت أﺣﺴﺒﻬﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ أن ﺗﻀﻲء ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻌﺎ .ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻮاﻫﺎ ﻛﺘﺎب »ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ« واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻟﺤﻈﺘﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ/ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ وﻋﻲ اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻤﺜﻘﻔﺔ ﺑﻤﺸﻜﻼت واﻗﻌﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ووﻋﻲ اﻟﻨﺨﺐ ﺑﻬﺎ .وﻣﻘﺎرﻧﺎت أﺧﺮى ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻋﺮاف اﻟﺘﻲ أراﻫﺎ ﺗﺒﺪﻟﺖ ﺗﺒﺪﻻ ﺷﺪﻳﺪا ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ وﻃﺮق اﻻﺧﺘﻼف وﻟﻐﺘﻪ .وﺳﺄﻋﻤﻞ ﺟﻬﺪي ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻻﺳﺘﻌﺎدة ﻣﺎدة اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻤﻬﺎ اﻟﻜﺘﺎب ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﻣﻘﺎرﻧﺔ ذﻟﻚ ﺑﻤﺎ أﻓﻬﻤﻪ ﻋﻦ أوﺿﺎع اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﻴﻦ ﺣﺎﻟﻴﺎ. ﻳﺒﺪأ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺆﻛﺪا اﻟﻔﺮق اﻟﺬي ﺗﺤﺪﺛﻪ ﻏﺮﺑﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ واﻷﻓﻜﺎر ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﻘﻴﻢ ﺑﻴﻦ أﻫﻠﻪ ﻓﻲ وﻃﻨﻪ .ﻳﻘﻮل ﺣﺴﻴﻦ: »وﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻠﻨﻈﺮة اﻷوﻟﻰ أن ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻜﺎن ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،وﻟﻜﻨﻚ إذا ﻗﺮأت ﻫﺬه اﻟﻔﺼﻮل وﻣﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ﻓﺴﺘﺘﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺷﻚ أن اﻟﻨﺄي ﻋﻦ اﻟﺪار واﻟﺘﻨﻘﻞ ﻓﻲ أﻗﻄﺎر اﻟﻐﺮﺑﺔ ﻳﺜﻴﺮان ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻃﻒ واﻟﺨﻮاﻃﺮ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺜﻴﺮه اﻹﻗﺎﻣﺔ واﻻﺳﺘﻘﺮار ،وﻫﻤﺎ ﻳﻬﻴﺌﺎن اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺗﻬﻴﺌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮر واﻟﺤﺲ ،وﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،ﻻ ﺗﺴﺘﻘﻴﻢ ﻟﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻘﻴﻤﺎ ﻣﺴﺘﻘﺮا ﻓﻲ داره ﺑﻴﻦ أﻫﻠﻪ وﻣﻮاﻃﻨﻴﻪ ،ﻳﺮى ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺮاه ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻪ إﻻ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻳﺴﻴﺮا ﺑﻄﻴﺌﺎ ،ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺤﺲ« )ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ(6-5 / وﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻠﻨﻈﺮة اﻷوﻟﻰ أن ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮه ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﻫﻮ وﻟﻴﺪ اﺗﺴﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻧﻔﺼﺎل ﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻪ اﻧﻔﺼﺎﻻ ﺣﺎدا ﻓﻲ زﻣﻨﻪ، ﻟﻤﺤﺪودﻳﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﻘﻞ واﻻﺗﺼﺎل .ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ أن ﺛﻮرﺗﻲ
ijĴŕŨė ŞũŬ ğėĴŵĘŁŬ
ﻇﺎﻫﺮة ﺣﺮق اﻟﻜﺘﺐ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ İũĩŨ ŮĖ ŮĹĨ
ﻋﺮﻓﺖ
ﺟﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻓﺘﺮات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻇﺎﻫﺮة ﺣﺮق اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ أﺛﺎرت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ واﻟﺤﻴﺮة ﻟﺪى اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ،ﻷن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﺮق ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻖ اﻟﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻟﺘﻠﻒ واﻹﺑﺎدة اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺬاﻛﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻨﺠﺮ ﻋﻨﻪ ﺧﺴﺎرة ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻛﺒﺮى. وﻗﺪ ﺷﻬﺪت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﻀﺎرات واﻷدﻳﺎن ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻤﺆﻟﻤﺔ واﻟﻤﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ وراء ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ،وأﺑﺮزﻫﺎ اﻟﺘﻌﺼﺐ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﺼﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ. ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻮﺳﻴﻂ ﻋﺎث ﻫﻮﻻﻛﻮ ﻓﺴﺎ ًدا ﺑﻤﻜﺘﺒﺎت ﺑﻐﺪاد اﻟﻌﺎﻣﺮة ،وﺟﻌﻠﻬﺎ ﺟﺴﻮرا ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮي دﺟﻠﺔ واﻟﻔﺮات ﺗﻌﺒﺮ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﺟﻴﻮﺷﻪ وﻓﺮﺳﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺑﺎدة ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﺮف ﻟﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﺜﻴﻼ ،ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻠﺖ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ اﻟﺘﻲ أوﻛﻠﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﻤﻬﻤﺔ ﺣﺮق اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺮﻃﻘﺔ أو ﻣﺮوﻗﺎ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ وأﺣﻜﺎﻣﻪ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،وﻟﻢ ﺗﺮﺣﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﺛﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﺨﺮوج ،ﻛﻤﺎ ارﺗﻜﺒﺖ أﺑﺸﻊ أﻧﻮاع اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ واﻟﻘﻬﺮ ﺿﺪ ﻣﺴﻠﻤﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ،ﺻﺎدرت أﻣﻼﻛﻬﻢ وأﺣﺮﻗﺖ ﻣﻜﺘﺒﺎﺗﻬﻢ وﻣﺨﻄﻮﻃﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻔﻞ ﻋﺎم ﻳﺸﻬﺪه اﻟﺸﻌﺐ واﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﺠﻨﻮب اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻠﺠﻬﻞ واﻟﺮﻣﺎد وﻣﺤﺮﻗﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻠﻔﻼﺳﻔﺔ وﻛﺘﺒﻬﻢ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻴﻬﻮد واﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ. و ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1500م أﺟﺒﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ ﻋﻠﻰ
ﺗﺴﻠﻴﻢ اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﻤﺰﺧﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺪر ﺑﺜﻤﻦ ﻟﻴﺘﻢ ﺣﺮﻗﻬﺎ ﻛﻠﻴﺎ ،وﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻮى ﺑﻌﺾ اﻵﺛﺎر اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺖ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﻏﺮﺑﻴﺎ ،وﺷﻜﻠﺖ ﻟﺒﻨﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض ﻇﻼم اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ. وﻋﺮف اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮون ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺤﺎرق ﻣﺮوﻋﺔ ﻟﻠﻜﺘﺐ ،ﻓﻔﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،أﺣﺮﻗﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻨﺎزﻳﺔ ﺳﻨﺔ 1933م آﻻف اﻟﻜﺘﺐ ﻟﻜﺒﺎر اﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ واﻟﻜﺘﺎب واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻷﻟﻤﺎن ﻣﺜﻞ » أﻟﺒﻴﺮ إﻧﺸﺘﺎﻳﻦ« و»ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ« و«ﺗﻮﻣﺎس ﻣﺎن« و»ﺳﻴﻐﻤﻮﻧﺪ ﻓﺮوﻳﺪ« ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ أوﺑﺮا ﺑﺮﻟﻴﻦ. وﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1937م ﻗﺼﻔﺖ ﻣﻜﺘﺒﺔ »اﻹﻳﺴﻜﻮرﻳﺎل« ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺪرﻳﺪ وﻻ ﺷﻲء ﺑﻬﺎ ﺳﻮى اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﻨﺎدرة واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ واﺷﺘﻌﻠﺖ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺪر ﺑﺜﻤﻦ. وﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺼﺮاع اﻟﻌﺮﻗﻲ اﻟﻤﺴﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺒﻮﺳﻨﺎ -ﺗﺤﺪﻳﺪا -ﺳﻨﺔ 1992م -أﺣﺮق اﻟﺼﺮب ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺳﺮاﻳﻴﻔﻮ اﻟﻀﺨﻤﺔ وﻗﺪ دﻣﺮت ﻋﻦ آﺧﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻊ ﺧﺎرج ﻣﺠﺎل اﻻﻗﺘﺘﺎل. ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة اﻫﺘﻤﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﺑﺈﻧﺠﺎز ﻣﻜﺘﺒﺎت ﻹﺣﻴﺎء ذﻛﺮى اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺤﺮوﻗﺔ ،وﻫﻲ ﺧﻄﻮة ﺷﺠﺎﻋﺔ ﺗﺘﺤﺪى اﻟﻤﻮت واﻟﻨﺴﻴﺎن اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وﺗﺤﺎول آن ﺗﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻹرث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻤﻌﺪم .ﻓﺎﻟﺬاﻛﺮة ﻻ ﺗﻤﻮت ﻣﺎدام وراءﻫﺎ ﺑﺸﺮ ﻳﺤﻤﻮﻧﻬﺎ وﻳﻌﻴﺪون ﻟﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة *ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ
ﻣﺸﺎﻫﺪات
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
117
ﺒﺎب وﺗﻄﻮرت اﻟﺤﻔﺮ ُة إﻟﻰ ﺣﺠﺮ ٍة وﺣﺠﺮﺗﻴْﻦ ﺗﺤﺖ ﺳﻄﺢ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﻜﺒﺮى. اﻟ ِﻘ ُ َ واﻻﺣﺘﻔﺎل اﻷرض ،إﻟﻰ أن ﺑﺪأ ﻋﺼ ُﺮ اﻷُﺳﺮات ﻟﻴﺼﻞ اﻟﻤﺼﺮي ﻓﻲ ﺗﻄﻮرِﻩ إﻟﻰ ورﺑﻤﺎ ﻻ ﻧﻜﻮن ﻣﺒﺎﻟﻐﻴﻦ إذا ﻗُﻠﻨﺎ إن اﻻﺣﺘﻔﺎ َء ﺑﺎﻟﻤﻮت ﺑﺬﻛﺮى اﻟﻤﻴﺖ ﻫﻮ أﻫﻢ ﻣﺎ ورﺛﻪ اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن اﻟﻤﺤ َﺪﺛﻮن ﻋﻦ ﺣﺠﺮ ٍة أو ﺣﺠﺮﺗﻴْﻦ ﻟﻬﺎ أو ﻟﻬﻤﺎ ُﺳﻠﱠﻢ ﻳﺆدى إﻟﻴﻬﻤﺎ ،وﻓﻮق ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ أﺟﺪا ِدﻫﻢ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء ،ﺑﻞ إن ﻧﺼﻮﺻﺎ ﻛﺜﻴﺮ ًة ﻣﻦ ﻧﺼﻮص ﻣﺼﻄﺒ ٌﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻷرض. ﻧﻤﺎذج )اﻟﻌ ّﺪﻳﺪ( واﻟﺒﻜﺎﺋﻴﺎت ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻦ اﻹﺷﺎرات واﻷدﻟﺔ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎ وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ ﻫﻨﺎ أن ﻧﺸﻴ َﺮ إﻟﻰ ﻛﺜﺮ ِة ورو ِد ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﻘ ﱢﺒﻞ« ﻓﻲ َ ﻣﺎ ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻴﻪ ِﻣﻦ أﻧﻬﺎ أﺛ ٌﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ وﺣﻘﻴﻘﻲ ِﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﺤﻀﺎرة ﻋﺪﻳﺪة ،واﻟﻤﻘﺼﻮ ُد ﺑﻬﺎ داﺋﻤﺎ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟ ِﻘﺒْﻠﻴﺔ )أي اﻟﻐﺮب( ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻗﺒﻞ أن ﻧﺘﻌﺮض ﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺗﺠﺪ ُر ﺗﻘﻊ ﻣﻘﺎﺑ ُﺮ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،وﻫﻲ ذاتُ اﻟﻤﻨﻄﻘ ِﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬﻫﺎ اﻹﺷﺎر ُة إﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﻧﺠ َﺪ ﻣﺪاﻓﻦ ﻟﻤﻮﺗﺎﻫﻢ أﻳﻀﺎ، اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎ ُء َ ِ ِ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات وﻻ ﺗﻠﻚ اﻷﺻﺪا َء ﻓﻲ اﻟﻠﻐ ِﺔ ﻫﺬه وﺑﺬا ﻳﻠﺘﻘﻲ اﻟ ُﻤﺤ َﺪﺛﻮن ﻣﻊ أﺟﺪادﻫﻢ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ – ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺒﺎد ُر إﻟﻰ ذﻫﻦِ اﻟﺒﻌﺾ اﺷﺘﺮاﻛِﻬﻢ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﺗﺨﺎذ ﻣﻨﻄﻘ ٍﺔ واﺣﺪ ٍة – ﻓﺎﻟﻠﻐ ُﺔ اﻟﻤﻨ ِﺘﺠﺔ ﻟﻔﻦ اﻟﺒﻜﺎﺋﻴﺎت ﻟﻐ ٌﺔ ﻟﻠﺪﻓﻦ وﻫﻲ اﻟﺼﺤﺮاء. ﻟﻜﻦ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات واﻟﻄﻘﻮس »ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﺿﻠﻤﺔ اﻟﺤﺎﺟﺮ ﻋﺮﺑﻴ ٌﺔ ﱠ ﻧﺼﻮص ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﻮاردة – ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى – ﺗﺸﻴﺮ ﺑﻮﺿﻮ ٍح إﻟﻰ ﻟ ﱠﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﻣﻦ رﻗﺪﺗﻚ ﺗﺄﻛﻞ« ٍ اﻟﻨﺺ إﻟﻰ ﻛﺜﻴ ِﺮ ﻋﻨﺎء ﻷﻧﻪ وﻻ ﻳَﺤﺘﺎج ﻫﺬا ﱡ ﺗﺄﺛﺮ اﻟﺬاﻛﺮ ِة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮارﺛ ِﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص )اﻟﻌ ّﺪﻳﺪ( ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﱞ ﺑﺤﻀﺎرة اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ،واﻧﺘﻘﺎ ِل ﻛﺜﻴ ٍﺮ ﻣﻦ دال وﺣﺪه ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻴﺪ ِة اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺮ أﺛ أﻧﻬﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺎ اUدﻟﺔ ِ ٌ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓ ُﺔ اﻟﻤﻴﺖ ِﻣﻦ رﻗﺪﺗِﻪ ﻟﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم، ﻓﻲ ﻗﻴﺎم ﻳﻔﺴﺮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ اﺣﺘﻮا َء ﻛﺜﻴ ٍﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﻟﻐ ِﺘﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ ِة اﻟﻮاﻓﺪة أﻻ ﻃﺒﻴﻌﻲ وﺣﻘﻴﻘﻲ ِﻣﻦ وﻫﻮ ﻣﺎ ﱢ وﻫﻲ ﻟﻐ ُﺔ اﻟﻌﺮب. ﻣﻘﺎﺑﺮ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎ ِء ﻋﻠﻰ أﻃﻌﻤ ٍﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﺤﻀﺎرة آﺛﺎر وأوانٍ وﻗُﺪور .. »ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ رﻗﺪة اﻟﻤﻐﺮب ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻧﺼﻮص اﻟﺜﻜﺎﻟﻰ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟ ﱠﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﻣﻦ رﻗﺪﺗﻚ ﺗﺸﺮب« وﻟﻨﻘﺮأُ ﻣ ًﻌﺎ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺨﺘﺎرة ورﻏﻢ ﺛﻘﺎﻓ ِﺔ اﻟﻠﻐ ِﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻋﺸﻮاﺋﻲ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺮد ُد ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨ ِﺔ ﺑﻤﻌﺘﻘﺪاﺗِﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄ ْﻊ أن اﻟﺜﻜﺎﻟﻰ واﻟﺤﺰاﻧﻰ ﺑ ُﻘ َﺮى ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺳﻮﻫﺎج ﺗ َﺤﻮل دون وﺻﻮ ٍل ٍ ﻧﺺ ﻛﻬﺬا إﻟﻴﻨﺎ ،ورﻏﻢ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ : اﻋﺘﻨﺎقِ اﻟﺠﻤﺎﻋ ِﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴ ِﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ إﻻ »اﺳﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ رﻗﺪة اﻟﺘﺎﺑﻮت أن أﺻﺪا َء اﻟﺜﻘﺎﻓ ِﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﺎ ﺗﺰال ﺣﻴ ًﺔ ﻓﻲ وﻋﻴِﻬﺎ. ﻳﺎ أﺑﻮ اﻟﺤﺮﻳﺮ واﻟﺪﻫﺐ واﻟﺮﻳﺤﺔ واﻟﻨﺒﻮت« ﻟﻠﻤﻐﺴﻞ ﻳ ُﺤﻂ اﻟ ِﺤ ّﻨﺔ واﻟﺮﻳﺤﺔ ﻓﺎﺳﺘﺨﺪا ُم ﻣﻔﺮد ِة »اﻟﺘﺎﺑﻮت« دون ﻏﻴﺮِﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺮدات »ﻗﻮل ﱢ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺣﻀﺎر ٍة وﺛﻘﺎﻓ ٍﺔ ﻋﺮﻓﺖ و َﻳﺨﻠﱢﻰ راﺳﻪ زي ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺤﻴﺤﺔ« اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ِ ﻋﺮﻓﺖ إنﱠ اﺳﺘﺨﺪا َم ِ »اﻟﺤ ّﻨﺔ« و »اﻟﺒﺨﻮر« و »اﻟﺮﻳﺤﺔ« ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻌﺎنٍ ﻣﺼﺮﻳ ٌﺔ اﻟﺘﺎﺑﻮت ،وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣ ٌﺪ أن ﻳﺰﻋﻢ أن اﻟﺜﻘﺎﻓ َﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴ َﺔ ْ اﻟﺘﺤﻨﻴﻂ ِ ِ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﻣﻔﺮدة اﻟﺘﺎﺑﻮت ،ﻷﻧﻬﺎ أﺛ ٌﺮ ﻓﺮﻋﻮﻧﻲ ﻗﺪﻳﻢ ﻻ ﻧﺸﻚ ﻗﺪﻳﻤﺔ ،وﻟﻌﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻛﺎن ﻣﺘﺼﻼ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ أو ْ أن اﻟﺠﻤﺎﻋ َﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴ َﺔ اﺣﺘﻔﻈﺖ ﺑﻤﻌﻨﺎه ودﻻﻟ ِﺘﻪ ﻟﺘﺴﺘﻌﻴﺮه ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﺎﺋ ٌﻊ وﻣﻌﺮوف. »ﻳﺎ ﻧﺎزل اﻟﻘﺎﻣﺔ ﺧُﺪ ﻟﻪ ﻣﻌﺎك ﻓﻮﻃﻪ إﺣﺪى ﺑﻜﺎﺋﻴﺎﺗﻬﺎ. ﻳﻤﻜﻦ ﻳﻌﻮزﻫﺎ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻌﻮده« »ﻓﺎﻳﺖ ﻣﻘ ﱢﺒﻞ ﻳﺎ ﻏﻔﻴﺮ ﻫﺎﻳﻢ ِ اﻟﻤﻴﺖ واﺳﺘﺨﺪا ِﻣﻪ أدواﺗِﻪ وﻫﻮ اﺳﺘﻤﺮا ٌر ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﻗﻴﺎم َﺳﻠﱢﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺒﻊ ﺗﺤﺖ اﻟﻤﺼﻄﺒﺔ ﻧﺎﻳﻢ« إنﱠ ورو َد ﻣﻔﺮد ِة »اﻟﻤﺼﻄﺒﺔ« ﻫﻨﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠ ٍﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞِ وﺣﺎﺟﻴﺎﺗِﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻘ ْﺒ ُﺮ *ﺷﺎﻋﺮ وﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ َ أول ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞِ ﺣﻔﺮ ٍة ﺑﻴﻀﺎوﻳ ِﺔ اﻟﺸﻜﻞ إﻟﻰ أن ﻇﻬﺮت
116
»اﻟﻌﺪودة«
f f f e ] 1# Î Í ( ,Í} 2 ' Ù ' Ø ' Ã ) ( .p #
pČ :1Î Ø pÉ (' ]«p # » /+. + p ' Ù Ð g' 1 Ã# * ÙÍ Û -Ù$ Ï ' i g¥. ]- à . Ù(# É Î' . '. 3 # .} Ã# .} /Ê# 2 Ð -Ø Õ Ú¦# Ðت # Ûã ν# Ê # !#¥ /+ ¦, (pe Øph # ). ¶ i ÙÍ Íè ( (# e /+. ] ,ã Î } p æ + gpÊ d
e f " Č/ Ù# Ù Î# ¡ # . ] /Î# # -Ù $ £Ø Ê f d µ ( !.. ÙÊÙ /' .} c ÙÎ # Č e' 1# !#¥ % č c Ê
d }g'. ]& Ø Î½# Р.} ]Ϫ # Р:Ï. Ù # -Ù$ Ì$ } Î+ Ð
-Ù © Ú¦# 1+ ñ# æ Ï/ΠÐ' pf . /+. ]Û # e e ¦+ ªÙ( . Ù / ¢ Î . ]Ì # É Ø (# } (# d
e ( 0 ¢æ Û+ ªÙ c Ê Î(# - £' Ð g' $(# Ðت # ν# d i Ê Î' , 1Î }. ] pØp±# Ù / £# .Ï Íè pÎ gpÊÃ#
ęŹŕŁŨė ģėĸĠ ŲŬ
ŽŜǘŵėŤē ŗĴļĉ
وﻟﺴﻨﺎ ﱡ ﻧﺸﻚ أﻧﻪ ارﺗﺒﻂ ﻓﻲ ﻇﻬﻮره اﻷو ِل ﺑﻤﺮاﺳﻢ اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ ُﻣﺬ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎتُ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﻮتَ ، ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺼﺪره ﻣﺎ ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺟﺰ ٍع ٍ وﺧﻮف َ ﺣﻴﺎل ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻮت ذاﺗﻬﺎ ،وﻳﻌﺘﺒﺮ وﻣﻬﺎﺑ ٍﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎ ُء َ ﺷﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺘﻮﻗﻒ أول ٍ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻤﺘﺄ ﱢﻣﻞ واﻟﺒﺎﺣﺚ، أﻣﺎم ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻤﻮت َ وﻣﺎ ﻫﺬه اﻷﻫﺮاﻣﺎتُ اﻟﻤﻌﺠِﺰات ،وﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ اﻟﺠﻨﺎﺋﺰﻳﺔ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﺑﻄﻮل ﻣﺼ َﺮ وﻋﺮﺿﻬﺎ إﻻ آﺛﺎ ٌر ﻟﻮﻗﻔﺘﻬﻢ ﺗﻠﻚ أﻣﺎم ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻤﻮت. وﻗﺪ ﺣﺎول دارﺳﻮن وﺑﺎﺣﺜﻮن أن ﻳﻌﻮدوا ﺑﺄﺻﻞ )اﻟﻌـــ ّﺪﻳــﺪ( -اﻟﺬي ﻫﻮ ﻏﻨﺎ ُء اﻟﺤﺰاﻧﻰ واﻟﺜﻜﺎﻟﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻘْﺪ -إﻟﻰ أﺻﻮ ٍل ﻋﺮﺑﻴ ٍﺔ زاﻋﻤﻴﻦ أﻧﻪ أﺛ ٌﺮ ِﻣﻦ آﺛﺎر ﻗﺼﻴﺪ ِة اﻟﺮﺛﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وأﻧﻪ ﺻﻮر ٌة ﻣﻦ ﺻﻮرﻫﺎ! و ُﻫﻢ ﻳﺠﻨﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﺟﻨﺎﻳ ًﺔ ﻛﺒﺮى ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ .وﻟﻮ أﻧﻬﻢ أﻣﻌﻨﻮا اﻟﻨﻈ َﺮ ﻗﻠﻴﻼ ﻻﻟﺘﻔﺘﻮا إﻟﻰ اﻟﻔﺮوق اﻟﻀﺨﻤﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌ ّﺪﻳﺪ وﻓﻦ اﻟﺮﺛﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺣﻴﺚ اﻗﺘﺼﺮ اﻷﺧﻴ ُﺮ ﻓﻲ إﻧﺸﺎﺋﻪ وإﻧﺸﺎده ﻋﻠﻰ اﻷداء اﻟﻔﺮدي ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ،اﻟﺬي اﻗﺘﺼﺮ ﺑﻜﺎؤه وﻧﻮاﺣﻪ -ﺑﺪورِﻩ ﻋﻠﻰ اﻟ َﻤﺮﺛﻲ اﻟﺬي ﻳُ ْﺬﻛَ ُﺮ اﺳ ُﻤﻪ داﺋﻤﺎ ﻓﻲ اﻟ َﻤﺮاﺛﻲ.أ ﱠﻣﺎ )اﻟﻌ ّﺪﻳﺪ( أو ﺑﻜﺎﺋﻴﺎت اﻷدب اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ ﻓﻼ ﻳُﻌ َﺮف ﻗﺎﺋﻠُﻬﺎ وﻻ ﻣﺒﺪ ُﻋﻬﺎ ،وﺗﻈﻞ داﺋﻤﺎ ﻣﺠﻬﻮﻟ َﺔ اﻟ َﻤﺼﺪر، ﻧﺘﺎج اﻟﻘﺮﻳﺤ ِﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻛﻤﺎ وإنْ ﻛﺎﻧﺖ َ ِ اﻟﺒﻜﺎﺋﻴﺎت ﻓﻲ أﻏﻠﺒﻬﺎ ﻻ ﺗ َﺬﻛﺮ اﺳ َﻢ اﻟﻤﺘﻮﻓﱠﻰ أن ﻫﺬه ﺻﺖ ﻋﻠﻰ اﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﻐﺎﻳﺐ« أو وإنْ َﺣ َﺮ ْ »اﻟﻤﺮﺣﻮم » وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ. ﻫﺬا ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﺧﺘﻼف اﻟﺮؤﻳ ِﺔ ﻟﻠﺤﺪث ِ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪ ِة اﻟﺮﺛﺎء ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻜﺎﺋﻴﺎت ،اﻟﺘﻲ ﺗ َﻌﺘﺒِﺮ ﺣﺪثَ ِ اﻟﻤﻮت أو اﻟﻮﻓﺎة رﺣﻠ ًﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻗﺎﺳﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺎنٍ ﻧﺎ ٍء وﺑﻌﻴﺪ ،ورﺑﻤﺎ اﻋﺘﺒﺮﺗﻪ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺣﻮادث اﻟﺮاﺣﻞ ُ اﻻﺧﺘﻄﺎف اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﺗ َﻢ ﻏ ْﺪرا و ِﻏﻴﻠﺔ ! وﻳﺒﺪو أو اﻟﻔﻘﻴﺪ داﺋﻤﺎ ﺷﺎﺑﺎ ﻳﺎﻓﻌﺎ ووﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ ﺗﻠﻚ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﺗﺘﺠﺎو ُز ﻗﺼﻴﺪ ُة اﻟﺮﺛﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺎﻟ َﺔ اﻟﺮاﺣﻞِ وﻗﺖ ﻣﻮﺗِﻪ ﺷﻴﺨﺎ ﻛﺎن أو ﺻﺒﻴﺎ ،واﻟﻴﺎ أو أو اﻟﻔﻘﻴﺪ َ أﻣﻴﺮا ،وﺗ َﺬﻛ ُﺮﻩ ﺑﺼﻔ ِﺘﻪ وﻫﻴﺌﺘﻪ ﺗﻠﻚ ،اﻷﻣ ُﺮ اﻟﺬي ﻳَﻘﻄﻊ ﺑﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﻓﻦ )اﻟﻌ ّﺪﻳﺪ( وﺗ َﻔﺮ ِدﻩ واﻋﺘﺒﺎرِﻩ ﻓﻨﺎ ﻣﺼﺮﻳﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻧﺆﻛﺪ أن ﻣﺼ َﺮ وﺣ َﺪﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﺒﺪﻋﺘُﻪ وأﻧﻪ اﻧﺘﺸﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ أﻧﺤﺎ َء ﻣﺨﺘﻠﻔ ٍﺔ وﻗﺖ أن ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺪ َة اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺻﺎﺣﺒ َﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ َ
ﻣﻦ ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
115
اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺗﺤﻤﻞ أﺻﺪاء ِ
»اﻟﻌﺪودة«
ّ ﻣﻘﻄ ﻌﺎت ﻟﺤﻨﻴﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ 114
»اﻟﻌﺪودة«
واﻟﺼﻔﺎت ،أي اﻟﻤﺤﻤﻮﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻘﺎرﻳﱠﺘﻬﺎ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻼ ﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،إﻻﱠ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻗﺮاﺑﺔ اﻟﺼﻔﺎت ﻟﻤﺤﻤﻮﻻت )اﻷﺣﺪاث( ،وﺗﺰوﻳﺪ اﻟﺸﺨﻮص ﺑﺼﻔﺎت ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ اﻟﺼﻔﺎت ذاﺗﻬﺎ ،وﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﺷﺨﻮص اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﺮوﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﻤﻴﻠﻬﺎ ﺻﻔﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷدﻟﺠﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺠﺪ أن ُﻫﻮﻳﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﻮص ﻋﺎﺋﺪة إﻟﻰ وﻇﺎﺋﻔﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﺮور ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أو ﻋﺪﻣﻪ ،وﺑﺒﺴﺎﻃﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﺈن اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﻮص أﺛﻨﺎء ﺳﻴﺮورة اﻟﺨﻄﺎب ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻴﺤﺪد وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ُﻫﻮﻳﺘﻬﺎ. ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﺪﻻﻟﺔ واﻟﺤﺪث( ﻳﻘﺮر ﺗﻮدروف أن اﻟﺒﻄﻞ )ﻟﻴﺲ ﺿﺮورﻳﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ( ،وﻫﻮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻮاﻓﺰ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﻟﺒﻄﻞ وﻋﻦ ﻣﻼﻣﺤﻪ اﻟﻤﻤﻴﺰة .إذ ﻳﻘﺪم اﺗﺠﺎﻫﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺮورة اﻟﺴﺮد؛ ذﻟﻚ ﻷن ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺮورة ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﺒﺔ واﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ وﻫﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﺗُﻨﺸﺊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻤﻮﻻت ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺷﺘﻘﺎق واﻟﻘﺎﻋﺪﻳﺔ واﻟﺘﻌﺎرض ،اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ )اﻟﺒﻄﻞ( أو ﻻ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻟﻘﺎت ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ وﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﺮﻳﺮة ﺗﺒﺪو ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎت ﺣﻜﺎﺋﻴﺔ ﻣﺎ )ﻃﻴﺒﺔ ،و ُﻣ ِﺤﺒﺔ( وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟ ُﻤ ِﺤﺒﺔ )ﺷﺮﻳﺮة ،وﺣﺎﻗﺪة( ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻻﻓﺘﺮاض ﻫﻨﺎ ﺑﻮﺟﻮد ﻣﺤﻤﻮل ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﺛﺎﻧﻮي ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﻤﻮﻻت اﻷﺧﺮى وﻫﻮ اﻟﻮﻋﻲ أو اﻹدراك ،وﻫﻮ )ﻋﻨﺪ ﺗﻮدروف( ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗ ُ ْﺪرِك إﺣﺪى اﻟﺸﺨﻮص أن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻷﺧﺮى ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻈﻨﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً .إﻧﻪ إذن ﺗﺪاﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﺤﻤﻮﻻت ﻣﻦ اﺗﺠﺎه )اﻟﺤﺒﻚ( ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮة ،وﻣﻦ اﺗﺠﺎه اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻟﻴﻨﺸﺄ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ) ُﻫﻮﻳﺔ ﺳﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ( اﻋﺘﻤﺎدا ً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻤﻮﻻت، واﻟﺸﺨﻮص ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻗﻮاﻋﺪ اﻻﺷﺘﻘﺎق ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﻤﺎرس وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻮﺳﻴﻂ ﺑﻴﻦ ﻗﻄﺒﻲ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ واﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺸﺘﻐﻞ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﻀﺎع اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺼﺒﺢ اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻤﺘﻐﻴﺮات ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﻮﻟﱢﺪﻫﺎ وﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ ﺿﻤﻦ ﻋﻘَﺪﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إذن ﻓﻬﻢ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ إﻻﱠ ﻋﺒﺮ
ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻮﻟﻴﻔﺔ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أﻳﻀﺎً ﻓﻬﻢ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ دوﻧﻤﺎ ﻓﻬﻢ ﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،ذﻟﻚ ﻷن ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ اﻟﺘﻮاﻓﻖ واﻟﺘﻨﺎﻓﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﺠﻞ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ واﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ إﻋﺎدة رﺑﻂ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﺎﻟﺤﻜﻲ واﻟﺪﻳﻤﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن؛ ﻓﺸﺨﻮص اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺷﺨﻮص اﻟﻮاﻗﻊ ،واﻟﺸﺨﻮص اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وﻻ ﻣﺘﺨﻴﻠﺔ ﺗﺨﻴﻼً ﻣﻄﻠﻘﺎً. ورﺑﻤﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻹﺷﻜﺎﻻت ﻛﻠﻬﺎ أﺛﺎر ﻣﻮﺿﻮع اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﻮص ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻜﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﺪل ﻣﻨﺬ ﺑﺮوب وﺗﻮدروف وﻏﺮﻳﻤﺎس وﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻌﺪﻫﻢ ،وﻟﻌﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺸﺨﻮص ﺗﺜﻴﺮ إﺷﻜﺎﻻً أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد اﺗﻔﺎق ﺣﻮل إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺧﻀﻮع ﺷﺨﻮص اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻻﺳﺘﺒﺪال ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺤﻮاذ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﻣﻮز ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻋﻠﻰ ﺷﺨﻮص ﻋﺪﻳﺪة، وﻟﻌﻞ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺮﺣﻬﺎ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺸﺨﻮص ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻫﻲ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻔﺎﻋﻞ ووﺟﻮده ﺿﻤﻦ ﻗﺎﻟﺐ ﻓﻌﻠﻲ ،ﻷن اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻋﺪوﻳﻦ ﺣﻮل رﻫﺎن ﻣﺎ )اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮ ﻏﺎﻟﺒﺎً( وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن أﻋﻤﺎﻟﻬﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ،وﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﺰدوﺟﺎً ،وﻫﻨﺎ – ﻳﻘﺮر ﺑﺎرت- أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﺧﺘﺰاﻟﻪ ﻋﺒﺮ اﻻﺳﺘﺒﺪال ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺒﺪﻳﻞ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﻏﺮﻳﻤﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﺘﻔﻆ ﺑﻤﻔﻀﻠﺔ اﻟﻔﻮاﻋﻞ )ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺮﻏﺒﺔ واﻟﻔﻌﻞ( ،وﻫﻮ ﺑﻬﺬا ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ وﺻﻒ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﻔﻌﻞ وﺗﺼﻨﻴﻒ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮدﻳﺔ أو ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ أو ﺟﻤﻌﻴﺔ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺳﻴﻜﻮن إﺷﻜﺎل اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫﻠﻨﺎ ﻟﻮﺿﻊ ﺟﺪوﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺘﻮﻟﻴﻔﺔ )اﻟﺘﻮاﻓﻖ – اﻟﺘﻨﺎﻓﺮ( اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮورة اﻟﺤﻜﻲ ووﻇﻴﻔﺘﻪ * ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎء ﻣﻦ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
113
ĊĘƀŭƀļ
ﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ« »اﻟ ُ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻜﻴﺎت * ŽšŨijİŤē ĚĽĐĔŐ
)ﻟﻘﺪ ﻋﻠﱠﻤﻨﺎ اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﻮن اﻟﺮوس ،وﺑﺮوب ،وﻛﻠﻮد ﻟﻴﻔﻲ )ﻟﻘ ﺷﺘﺮاوس ،أن :اﻟﻤﺤﻜﻲ إﻣﺎ ﻣﺠﺮد ﻛﻼم ﻓﺎرغ ﻋﻦ أﺣﺪاث ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻓﻲ أي ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ إﻻﱠ إذا ﻋﺪﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻦ ،واﻟﻤﻮﻫﺒﺔ أو ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﺴﺎرد ،وﻛﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎدﻓﺔ ،أو أﻧﻪ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺑﺼﻮرة ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﺤﻜﻴﺎت أﺧﺮى ،ﺑﻨﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴﻞ، وﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺒﺮ ﻟﻜﺸﻔﻬﺎ؛ ﻷن ﻫﻨﺎك ُﻫ ﱠﻮة ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻲء اﻟﺼﺪﻓﻮي اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ً ،واﻟﺸﻲ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺑﺴﺎﻃﺔ، وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣﺪ ﺗﺮﻛﻴﺐ أو )إﻧﺘﺎج( ﺣﻜﺎﻳﺔ دون اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺧﻔﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪات واﻟﻘﻮاﻋﺪ(! ﻫﻜﺬا ﻳﺒﺪأ روﻻن ﺑﺎرت ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﺧﻞ أﻋﺪه ﻟـ ) اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺒﻨﻴﻮي ﻟﻠﻤﺤﻜﻴﺎت( اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ اﻟﻤﺘﺪاﺧﻠﺔ ،وﻫﻮ ﻫﻨﺎ ﻳﺤﺎول ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ وﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻤﻌﻨﻰ واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ووﺣﺪاﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺎم اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ ،وﻗﺪ اﺷﺘﻐﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻣﺮﺗﻜﺰة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺘﻮزﻳﻌﻴﺔ واﻻﻧﺪﻣﺎﺟﻴﺔ ،وﺗﻠﻚ وﻇﺎﺋﻒ ﺗﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻼدﻳﻤﻴﺮ ﺑﺮوب ﻓﻲ )ﻣﻮروﻓﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ( ﻗﺒﻠﻪ ،وﻫﻲ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻧﻌﻜﺎﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮاﻟﻲ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎم اﻟﺨﻄﺎب. ﻻ ﺗﻌﻨﻴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت وﻇﺎﺋﻒ اﻟﺸﺨﻮص ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺤﻜﻲ، واﻟﺘﻲ أﺳﺲ ﻟﻬﺎ ﺑﺮوب ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺘﺪاﺧﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺷﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎرت ﻓﻲ ﻧﺼﻪ اﻟﺴﺎﺑﻖ واﻟﺘﻲ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ )ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺧﻔﻴﺔ ،(...ﻷن ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺤﻜﻲ ،وﻫﻲ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻋﺎﺋﺪة إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ. إن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺬات ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ ﺗﻮﻟﱡﺪ اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺮدي ،وﻋﻦ ﺳﻴﺮ اﻷﺣﺪاث اﻟﺴﺮدﻳﺔ وﺗﻮاﻟﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﺮﺳﻞ؛ ذﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺤﻮرا ً ﻻﺳﺘﺮﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﺸﻮﻳﻖ ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﻌﺎت اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﺤﻬﺎ اﻟﺬات ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻞ دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ
112
»اﻟﻬُ ﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ« ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻜﻴﺎت
)اﻟﺬاﺗﻴﺔ واﻟﻌﻴﻨﻴﻴﺔ( ﻟﻠﻨﺺ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﻤﻔﻬﻮﻣﺔ ﺧﻼل اﻟﺴﺮد ﻫﻲ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟ ٌﻬﻮﻳﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺬوات ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺤﻜﻲ. وﻳﺤﺪﺛﻨﺎ )ﺑﻮل رﻳﻜﻮر( ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ )اﻟﺰﻣﺎن واﻟﺴﺮد( ﻋﻦ )اﻟﺘﺼﻮر اﻟﺴﺮدي( ،وﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺼ ﱡﻮر ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ اﻟ ُﻤﺨﻴﻠﺔ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ، وﻳﻔﺘﺮض اﻓﺘﺮاﺿﺎً أن )اﻟﺘﺼ ﱡﻮر( ﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﺮادف )ﻟﻠﻘﺼﺺ اﻟﺨﻴﺎﻟﻲ( ،إﻻﱠ أن ﻫﺬا اﻻﻓﺘﺮاض ﺳﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻋﺪم إﻳﺠﺎد ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻳﻮﺿﺢ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻨﻤﻄﻴﻦ اﻟﺴﺮدﻳﻴﻦ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .وإذا ً ﻳﺸﺘﺮك اﻟﺴﺮد اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﺴﺮد اﻟﻘﺼﺼﻲ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﻳﻨﺒﻌﺎن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺼﻮرﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻌﻬﺎ )رﻳﻜﻮر( ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ )ﻣﺤﺎﻛﺎة( ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻀﺪﻳﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ اﻟﻤﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺘﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﺮدﻳﺘﻴﻦ ﺑﻮﺻﻔﻬﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،ﺑﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑـ)ادﻋﺎء اﻟﺼﺤﺔ( – ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ رﻳﻜﻮر -اﻟﺬي ﻳﻤﻴﺰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﺤﺎﻛﺎﺗﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، وﻫﻲ ﺳﺘﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﺤﺎﻛﺎﺗﻴﺔ ﺑﻴﻦ )اﻟﻔﻌﻞ(و)اﻟﺴﺮد( اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﻓﻜﺮة )اﻟﺤﺒﻚ( ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺴﺮدي اﻟﺬي ﺷﻜﱠﻠﻪ اﻋﺘﻴﺎدﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮوﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ ﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻨﺎ ،ﻣﻊ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﺴﺮد اﻟﻴﻮم . وﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺨﻄﺎب واﻗﻌﺔ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻓﺈن اﻷﺣﺪاث اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﺮد اﻟﺬي ﺳﺘﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺤﺒﻚ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺴﻴﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ .وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن ﺳﻴﺮورة اﻟﺨﻄﺎب ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أُﻃﺮ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﻋﻼﻗﺎت إﻧﺘﺎج وﺑﻨﻰ ﺗﺤﺘﻴﺔ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻣﻌﺘﻤﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺒُﻨﻰ واﻷﻃﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ. إن ﻣﺸﻜﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺗﻮدروف ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺳﺮدي ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎره )ﻟﺴﺎﻧﻲ( ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺧﺎرج اﻟﻜﻠﻤﺎت، وﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺑﻨﻴﻮي ﻓﺈن ﺛﻤﺔ ﻋﻼﻗﺔ ُﻫﻮﻳﺔ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ
إﺑﺪاﻋﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ واﻟﺘﻠﻮﻳﻦ .وﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﻤﺼﻮر اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ .وﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﺧﻼﺻﺔ اﻷﺧﺒﺎر« اﻟﺬي أﻛﻤﻠﻪ ﺧﻮاﻧﺪﻣﻴﺮ )1498م( ،ﻧﻘﺮأ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺑﻬﺰاد وﻣﻴﺮك ﻧﻘﺎش وﻗﺎﺳﻢ ﻋﻠﻲ .وﻗﺪ ﺗﻌﺎون ﺳﻠﻄﺎن ﻣﺤﻤﺪ وﻣﻈﻔﺮ ﻋﻠﻰ واﻗﺎﻣﻴﺮك ﻓﻲ ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﺸﺎﻫﻨﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ أﻣﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺸﺎه ﻃﻬﻤﺎﺳﺐ ،اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ ﻣﺘﺮوﺑﻮﻟﻴﺘﺎن ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك . وﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﻣﺼﻮري اﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت ﻣﻦ أﺳﻠﻮﺑﻬﻢ أو ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻴﻌﺎﺗﻬﻢ ،وﻛﺎن ﺑﻬﺰاد أول ﻣﻦ وﺿﻊ ﺗﻮﻗﻴﻌﻪ ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎﻟﻪ ، ﻋﻠﻰ أن اﻟﺨﻄﺎﻃﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ »رﺑﻊ رﺷﻴﺪي« اﻟﺘﻲ أﺳﺴﻬﺎ رﺷﻴﺪ
اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﺒﺮﻳﺰ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﻠﻔﻮا ﺑﻨﺴﺦ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ » ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺘﻮارﻳﺦ اﻟﻤﺼﻮرة » ﻟﻢ ﻳﺮد اﺳﻤﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮر ،وﻻ ﻓﻲ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﻤﻨﺢ . وﻟﻘﺪ أﺻﺪرت دار ﺳﻜﻴﺮا اﻟﺴﻮﻳﺪﻳﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻛﺘﺎﺑﻴﻦ ﻣﺮﺟﻌﻴﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ،وﻋﻦ اﻟﻤﺮﻗﻨﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ . وأﺧﻴﺮا ً ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻨﻤﺴﺎوي ﺑﻮرﻛﺎرد ،اﻟﺬي ﻗﺪم أﺑﺤﺎﺛﺎً ﻋﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻋﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،وﻗﺪ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺑﺎﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ واﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،وﻧﻠﻤﺢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻗﺮاءة ﺻﻮﻓﻴﺔ ﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮﻗﺶ واﻟﺨﻂ وﻟﻐﺘﻬﻤﺎ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
111
ůŹűŜ اﻟﺘﺮﻗﻴﻦ واﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت
ﻟﻘﺪ ﺑﺪأ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺎً واﺧﺘﺰاﻟﻴﺎً ﻳﺤﻤﻞ اﻧﻄﺒﺎع اﻟﺮﺳﺎم أو اﻟﻨﻘﺎش ﺿﻤﻦ ﺣﺪود اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺨﻄﻮط .وﻟﻘﺪ اﺗﺒﻊ ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻤﺼﻮرون ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ـ وﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺒﻬﻨﺴﻲ: وﻛﺎن راﺋﺪﻫﻢ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻮاﺳﻄﻲ )1054ـ (1122وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب اﺳﻢ »اﻟﻤﺮﻗﻨﺎت« Enliminureوﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻔﻦ اﻟﺬي ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﻓﺎرس ،وﻫﻮ ﺻﻮﻓﻲ اﻟﻨﺰﻋﺔ، روﻣﺎﻧﺴﻲ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ،ﻣﻨﻤﻨﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻳﺴﻤﻰ Miniatureأي اﻟﻤﻨﻤﻤﺎت ،وﻫﻲ رﺳﻮم ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻤﺤﻮر ،وﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﺮ اﻟﺮوﺣﻲ وﻓﻲ اﻟﺘﻠﻮﻳﻦ اﻟﺮﻣﺰي . ﻛﺎن ﻋﺪد اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ﻛﺒﻴﺮا ً ﺟﺪا ً ﻋ ّﺪد أﺳﻤﺎءﻫﻢ اﻟﻤﻘﺮﻳﺰي ) (1442ﻓﻲ ﻣﺨﻄﻮط ﻓُﻘﺪ ،ﻛﺎن ﺑﻌﻨﻮان »ﺿﻮء اﻟﻨﺒﺮاس وأﻧﺲ اﻟﺠﻼس ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﻤﺰوﻗﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس« .وﻟﻌﻞ ﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ﻛﺘﺐ »اﻟﺒﻴﻄﺮة واﻟﺨﻴﻞ ﻟﻠﺠﺰري« وﻣﺨﻄﻮﻃﺔ »اﻟﺘﺮﻳﺎق« وﻣﺨﻄﻮﻃﺔ »دﻳﺴﻘﻮرﻳﺪس« ،وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻮر إﻳﻀﺎﺣﻴﺔ ،دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ وﻓﺮة اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ وﺗﻌﺪد أﺳﺎﻟﻴﺒﻬﻢ ﺿﻤﻦ وﺣﺪة اﻟﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ووﺣﺪة ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻪ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ . وازدﻫﺮ ﻓﻦ اﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت ﻓﻲ إﻳﺮان وﻫﻮ ﻓﻦ
110
اﻟﺮﻗﺶ واﻟﺘﺮﻗﻴﻦ واﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت
اﺑﺘﻜﺎر ﺻﻴﻐﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ أو اﻟﻨﻘﺶ أو اﻟﺤﻔﺮ. وﺻﻞ اﻟﺮﻗﺶ اﻟﻌﺮﺑﻲ إﻟﻰ ذروﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ واﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻴﻦ، وﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ واﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب واﻷﻧﺪﻟﺲ ،آﺧﺬا ً اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ . واﻟﺮﻗﺶ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ أﺷﻜﺎل ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﻟﻌﺐ اﻟﻔﺮﺟﺎر ﻓﻴﻬﺎ دورا ً ﻣﻬﻤﺎً ،ﻓﻘﺪم ﺗﺸﻜﻴﻼت ﺛﻼﺛﻴﺔ ورﺑﺎﻋﻴﺔ وﺧﻤﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﻀﺎﻋﻔﺎﺗﻬﺎ ،وﺻﻮر ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻜﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻷﻧﻮاع ﻫﺬه اﻟﺘﺸﻜﻴﻼت ﺣﺪود ،وﻫﻜﺬا اﻛﺘﺸﻒ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺟﺪﻳﺪا ً ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻬﺎ داﺋﻤﺎً ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ، ﺑﻞ وﺻﻮﻓﻴﺔ ،ﺗﺠﻠﺖ ﻓﻲ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻮﻣﻀﻴﺔ اﻟﺠﺎذﺑﺔ اﻟﻨﺎﺑﺬة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﻟﻘﺪرة اﻹﻟﻬﻴﺔ و » أﻧﻪ ﻳﺒﺪئ وﻳﻌﻴﺪ « ﻋﺪا ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺖ ﻓﻲ روﻋﺔ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ وﺗﻀﺎﻓﺮه ،وﻓﻲ روﻋﺔ اﻟﺘﻠﻮﻳﻦ وﺗﻨﺴﻴﻘﻪ ،وﻟﻘﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺶ اﺳﻢ اﻟﺨﻴﻂ . وﻫﻨﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺶ ،وﻫﻮ رﺳﻢ ﻟﻴﻦ ﻳﺴﺘﻌﻴﺮ ﻋﻨﺎﺻﺮه ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ،وﻟﻘﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ اﻟﺮﻣﻲ ،واﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع وﺳﻠﻔﻪ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷول ﻣﻦ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ وﻧﻈﺎم ودﻗﺔ ،ﻓﻲ
ﺣﻴﻦ أن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮﻳﺔ واﻻﻧﺴﻴﺎﺑﻴﺔ .وﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻜﺮار اﻟﺬي ﻳﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﺤﺎح أﻫﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺪاء اﻟﻠﻪ » :رﺟﺎل ﻻ ﺗﻠﻬﻴﻬﻢ ﺗﺠﺎرة وﻻ ﺑﻴﻊ ﻋﻦ ذﻛﺮ اﻟﻠﻪ «. ﻫﻜﺬا ارﺗﺒﻂ اﻟﺮﻗﺎش ﻓﻲ زﺧﺎرﻓﻪ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ اﻷﺷﻜﺎل واﻟﻤﻄﺮز ﺑﺎﻟﺘﺰام اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﻄﻠﻖ ،وﻟﻴﺲ ﻋﻦ اﻟﻼﺷﻲء أو اﻟﻼﺷﻜﻞ ، ﻛﻤﺎ وﺻﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي ،ذﻟﻚ أن ﻫﺬا اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻫﻮ اﻟﻤﻼذ اﻷﻣﺜﻞ اﻟﺬي رﺑﻂ اﻟﺮﻗﺎش ﺑﻌﻘﻴﺪﺗﻪ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ . وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ ، ﻧﺮى اﻟﺮﻗﺎش وﻗﺪ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ واﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ اﻟﻌﺒﺜﻴﺔ ،ﻣﺤﺎﻓﻈﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺰاﻣﻪ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ ﺑﺘﺄدﻳﺔ ﻋﻤﻞ ﻫﻮ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺼﻼة واﻻﺑﺘﻬﺎل ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ واﻟﻌﺒﺚ .
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
109
ůŹűŜ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻘﺪ أﺗﺎﺣﺖ ا]ﺛﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻋﺼﻮر وأﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻗﺴﺎم ﻣﺘﺤﻔﻴﺔ ﺗﻌﺮض وا`ﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﺔ اﻟﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ دﻣﺸﻖ واﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﻟﻴﺒﻴﺎ . ﻓﻲ ﻣﺘﺎﺣﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻘﺪ أﺗﺎﺣﺖ اﻵﺛﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﺔ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﺣﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻴﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﻮب، ﻣﻤﺎ ﻫﻴﺄ ﺻﻮرة ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وإﺑﺪاﻋﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﻨﻴﺔ .
اﺳﻄﻨﺒﻮل ،واﻟﺬي ﻳﻌﺪ أﻗﺪم ﻣﺘﺤﻒ إﺳﻼﻣﻲ ﺗﻌﻮد أﻫﻤﻴﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺠﻨﺎح اﻟﺨﺎص اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﻮي ﻣﺘﻌﻠﻘﺎت اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ )ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ( ،أو اﻟﺮداء واﻟﻌﺼﺎ وﻃﺒﻌﺔ اﻟﻘﺪم ) ﻋﺪا اﻟﺴﻴﻮف اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ وﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻌﺪﻫﻢ( .وﻳﺤﻮي ﻫﺬا اﻟﻤﺘﺤﻒ رواﺋﻊ اﻷﻟﻮاح اﻟﺨﺰﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ أزﻧﻴﻚ، واﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ وأﻏﻠﻰ اﻟﻤﺠﻮﻫﺮات، وﻋﺸﺮة آﻻف ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻮرﺳﻠﻴﻦ اﻟﺼﻴﻨﻲ. وﻣﺘﺤﻒ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،وﻫﻮ أﻗﺪم ﻣﺘﺤﻒ ﻋﺮﺑﻲ ﻟﻠﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﺬي أﻧﺸﺊ اﻟﻌﺎم 1881م ،وﻳﺤﻮي اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺘﺔ آﻻف ﻗﻄﻌﺔ أﺛﺮﻳﺔ وﻣﺘﺤﻒ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ .وﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻏﻨﻰ ﻣﺘﺎﺣﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻵﺛﺎر اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ .وﻳﺤﻮى اﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ اﻟﺸﻴﺨﺔ ﺣﺼﺔ اﻟﺼﺒﺎح وزوﺟﻬﺎ وﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﻗﻄﻌﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺛﻤﻴﻨﺔ .وﻣﺘﺤﻒ اﻟﺪوﺣﺔ اﻟﺬي اﻓﺘﺘﺢ اﻟﻌﺎم 2008وﻳﻀﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﺿﻤﻦ ﻏﺮف زﺟﺎﺟﻴﺔ ،وﻳﻀﻢ
108
اﻟﺮﻗﺶ واﻟﺘﺮﻗﻴﻦ واﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت
اﻟﺮﻗﺶ اﻟﻌﺮﺑﻲ
وﻫﻮ ﻓﻦ إﺑﺪاﻋﻲ ﻳﻤﺘﺎز ﻋﻦ اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺘﺰوﻳﻖ واﻟﺘﻨﻤﻴﻖ ،وﻳﺤﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ دﻻﻻت روﺣﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﻋﻦ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي .واﻟﺮﻗﺶ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻳﺪوﻳﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺪس اﻟﺼﺎﻧﻊ اﻟﺤﺮ ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟﻮاﻗﻊ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺮﺋﻲ وﻧﻘﻠﻪ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻨﻴﺔ .ﻓﺎﻟﺮﻗﺶ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻤﺜﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻤﺠﺮدة أو اﻟﻤﺤﻮرة ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻳﻌﺘﻤﺪ
وﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻂ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻨﻘﺎد ﻣﺨﻄﻮط »ﺻﻮر اﻟﻜﻮاﻛﺐ« اﻟﺬي ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ،وذﻛﺮ اﻟﻨﻘﺎد ﻣﺪى ﻋﻼﻗﺔ ﺻﻮر اﻟﻤﺮﻗﻨﺎت ﺑﺄﻋﻤﺎل أﺑﺮز اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ اﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ . ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻣﺘﺤﻒ ﻓﻜﺘﻮرﻳﺎ واﻟﺒﺮت ﻓﻲ ﻟﻨﺪن ،واﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮي رواﺋﻊ اﻟﺘﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻣﺎ زال ﻫﺬا اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﻧﻤﺎذج راﺋﻌﺔ ﻣﻦ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻤﻨﻘﻮل ،ﻛﺎﻟﺴﺠﺎد واﻟﺨﺰﻓﻴﺎت واﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺎت
واﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت واﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت .وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻗﺪ ﺗﺄﺳﺲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1851م ،وﻳﺤﻮي ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮة آﻻف ﻗﻄﻌﺔ ﻓﻨﻴﺔ أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺨﺰﻓﻴﺎت اﻟﻨﺎدرة واﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ،واﻟﺰﺟﺎﺟﺎت ،واﻟﻌﺎﺟﻴﺎت واﻟﻨﺴﻴﺞ ،ﺗﻌﻮد ﺑﻤﺠﻤﻠﻬﺎ إﻟﻰ إﻳﺮان وﺗﺮﻛﻴﺎ وﻣﺼﺮ . ﻣﺘﺤﻒ ﻣﻴﺘﺮوﺑﻮﻟﻴﺘﺎن ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وﻫﻮ ﻣﻦ أﺿﺨﻢ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﻳﻀﻢ اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ،وأﻧﺪر اﻟﺴﺠﺎﺟﻴﺪ اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ واﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ )اﻟﻤﺸﺎﻛﻲ( .وﻣﺘﺤﻒ ﻃﻮب ﻛﺎﺑﻲ ﻓﻲ
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
107
┼п┼╣┼▒┼Ь
тАл╪зя╗Яя║оя╗Чя║╢ ┘И╪зя╗Яя║Шя║оя╗Чя╗┤я╗ж ┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия╗дя╗ия╗дя║О╪ктАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя║╕я╗мя║к ╪зя╗Яя╗Фя╗ия╗▓ ╪з`я║│я╗╝я╗гя╗▓тАм ┼л─У┼╡┼Д─│ ┼ж┼╝┼Р─Ф┼й─╕─У ┼к┼╝┼б─й┼д─У ─░─Ч┼Р ─Ф┼Д─│ ─п ┼л 1# ├П/├Й ┬▒┬П (# ┬Ж ┬▒ ┬П# ├П ├К# ┬ж├О'
├Ш/ ┬П# . ┬Щ ( # ^┬Ъ├Щ'3 ├и ├П/├О├Г# ┬Ъ
├П/┬в ├Х(# . ┬Т├к ($ ),├О' ├П . ] ┬г# . .├П/├Щ# (┬Я# ├П. ┬╣├О(# .
┬▓├Й # ├Ы├В ┬Н /'p├Й ├Ш/ ┬П# " ┬Я' ├Ы├В. : "/├К├Ш ( ) )+┬й ┬Ж} ├Р'. ] ┬Н ├О├Й (# . ┬Н (├О(├О(# . ├Ы├В ┬Щ ( # . ├Р├Г# ┬е ┬П } ]├Ы ├О,┬З# ├Д├Щ├Г /┬П p#
┬Ж ┬Ю ┬а├Щ#.} 4 ( &3 2 ├Ы├В ┬Ъ├Щ├О├Г# ┬Ъ├Ш├Ф # :┬Ъ
. ( ┬Ъ├В ┬в┬к# ├Ы├В ┬Н3'~┬О ) ├Щ┬в├ж ┬Ъ┬Ж ┬П ├Ы├В ├Р├В + ├Р├В + ┬й ] ┬▓├Й # ├Р├В ┬И├Н ┬Ю 1# : -├Н} ├Ы ├О,┬З# ├Д├Щ┬╡├Ш
]├Л # . ]├Л # . ┬Ъ├Ш / ├Ы├В ┬Н ,┬╕ ├Ы┬П# ┬Н / ┬г(# ├Ы├В ├Р├Щ├Й ┬П# ┬Щ /┬Ю/( ┬Щ /┬Ю/(# / # 1├К┬З┬О. . ├Ы( ├Г# # ├Ы├В ' ├Ы├В )┬Т
.} ] ┬Ъ├О' .} ] ┬Ъ├О' . ┬Ъ$├Щ$ ┬Н / ┬г' ├Ы├В .} ] ├Ы├Н ┬╝├ж / ┬г' ├Ы├В
+ ┬й 1 + ┬й 1$ p+ ┬░ ├Щ┬в ] ├Ъ ├Ш # ┬Н ' ├К' ┬Н / ┬г' ├Ы├В
┬Ъ├Щ├О├В ┬Н / ┬Ъ├Щ├О├В ┬Н /# ┬Ъ(┬У├В ] ┬Н / ┬г(# ├Ы├В ├Ы ┬╡├Ш├и ├Ш/ ┬П# ┬ж+ b ├Щ┬┤/┬О ] / ┬г(# ├О# ) p┬О ┬Щ p ' ┬Ъ├Щ#2 ┬Ъ├Г├Щ┬╕. ┬Н ┬е b . ├О├Щ├Ш┬к┬О.
┬│ (# ┬▒┬П├Н ' ┬Ъ├Щ'3 ├и ┬Ъ$├Щ(┬Я# ├П/├О├Г# ┬Ъ ┬Н}p┬Ж
┬Ъ├Щ'3 ├и ├П/├О├Г# . ┬Н ├О # ├г . ┬Р├О(┬╡┬О ├Ы┬П# ├Д ┬П(# .
├Ш ┬Ж ┬Р├Н . ] ├Р├Ш ┬▒ # ├П ├К# ┬Ъ├Ш p┬Ж ┬ж├О' !#┬е. ] ┬Ъ#/├К├О(#
┬Н /(┬Я'. ] ├Ы'3 ├и ├Р├Г# ├г . ├Р' ┬Э┬е (├Н ┬│ ├Р' ".}
] ├В/$# ├Д ┬П' ├Ы├В ├П ' ├О┬Я┬Ж !#┬е. ] ┬Н / ┬г(# ├Р' ... ├Щ├Н (#} ├Ы├В ┬д├Н/├Щ(┬Ж ├Ы'3 ├и ├Р├Г# ┬│ (
тАл╪зя╗Яя║оя╗Чя║╢ ┘И╪зя╗Яя║Шя║оя╗Чя╗┤я╗ж ┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия╗дя╗ия╗дя║О╪ктАм
106
ﻛﻤﺎ ﻓﺎز أﻣﻴﺮ اﻟﺒﺤﺎر واﻟﻤﺤﻴﻄﺎت ،أﻳﻀﺎً ،ﺑﻘﺒﺮ ﻓﻲ ﻛﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ أﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ،وﻣﺘﺤﻒ ﺧﺎص ﺑﻪ ،وﺗﻤﺜﺎل ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﺪرﻳﺪ ،واﺣﺘﻔﺎل ﻣﺸﻬﻮر ﻓﻲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وأرﺟﺎء اﻷﻣﺮﻳﻜﺘﻴﻦ ﻳﻮم 12أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ،ﺑﻌﺪ أن ﻓﺎز ﺑ ُﻌﺸﺮ ﻣﺎ ﺟﻨﺎه ﻣﻦ ﻛﻨﻮز اﻟﺠﺰر اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺸﻔﻬﺎ ،ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﻠﻮك اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ اﻷﺳﺒﺎن ،وﻫﻲ أﻣﻮال ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻟﻢ ﺗﺨﻔﻒ ﻋﻨﻪ ﻣﺮض اﻟﻨﻘﺮس ﻛﺜﻴﺮا ً ،وﻟﻢ ﺗُﻨﺠِﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت! وﻛﺎن اﻟﻘﺪر وإﻳﺎه ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎق أﻳﻀﺎً ،ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ اﻟﻤﺆرﺧﻮن أﻧﻪ ﺷﻬﺪ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻦ ﻧﻜﺒﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ وﻫﻢ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﻗﺪرﻫﻢ اﻟﻤﺤﺘﻮم ﻓﻲ ﺳﻘﻮط ﻣﻤﻠﻜﺘﻬﻢ اﻟﻌﺘﻴﺪة »ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ«، واﻷﻳﺎم اﻷوﻟﻰ ﻟﺘﻮﻟﻲ اﻟﻤﻠﻮك اﻹﺳﺒﺎن اﻟ ُﺤﻜ َﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ. أﺟﻞ ،ﻟﻘﺪ ﻣﺎت اﻟﺮﺟﻞ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﻣﻜﺘﺸﻒ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ»أﺷﺒﻴﻠﻴﺔ« ،ﻻ ﻓﻲ »ﺟﻨﻮة« ،ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﻣﻮﻃﻨﻪ اﻷﺻﻠﻲ ،وﻋﻦ ﺿﻴﻌﺘﻪ اﻟﻘﺸﺘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﻣﻦ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،اﻟﺘﻲ رﻓﻀﻬﺎ ﻛَـﻬِﺒ ٍﺔ ِﻣﻦ ِﻫﺒﺎت اﻟـ َﻤﻠِﻚ اﻷﺳﺒﺎﻧﻲ ﻟِﺒُﻌﺪﻫﺎ ﻋﻨﻪ ،دون ﻣﺮاﺳﻢ ﺟﻨﺎﺋﺰﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻣﺎت ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ ﻓﺎﺗﺢ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،ﻣﻐﻀﻮﺑﺎً
ﻋﻠﻴﻪ ،وﻣﺤﺠﻮزا ً ﻋﻠﻰ أﻣﻮاﻟﻪ ،دون ﻣﺮاﺳﻢ ﺗُﺬﻛَﺮ! ﺳﻘﻄﺖ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﻴﻼدي ،1492وﻛﺎن ﻳﻮﻣﺎً ﻗﺎﺳﻴﺎً ﺣﺰﻳﻨﺎً ،ﻣﺎ زال اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻳﺬرﻓﻮن ﻣﻦ أﺟﻠﻪ أﻏﻠﻰ اﻟﺪﻣﻮع ،وﻗﺪ اﻧﺘﺸﺮ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﻮن ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻗﻄﺎر ﻻﺟﺌﻴﻦ ،وﻣﺎ زال أﺣﻔﺎدﻫﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻟﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ آﺑﺎؤﻫﻢ ..ﻳﺬرﻓﻮن اﻟﺪﻣﻮع ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺪﻫﻢ اﻟﻀﺎﺋﻊ ،وﻓﺮدوﺳﻬﻢ اﻟﻤﻔﻘﻮد ،وﻳﻔﺨﺮون ﺑﺄﺻﻮﻟﻬﻢ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻟﻠﻌﺎدة! ،وﻷﻫﻞ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم أﻓﺮاح َﻣﺴ ﱠﺮات، وﻳﻔﺨﺮون ﺑﺒﻼدﻫﻢ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ..اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻟﻠﻌﺎدة! ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎم 1992اﻟﻤﻴﻼدي اﺣﺘﻔﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﺎن ،وﻣﻌﻬﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺑﻤﺮور ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺸﺎف دوﻟﺘﻬﻢ اﻟﻌﻈﻤﻰ ،وﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2492ﺳﻴﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﺎﻟﺬﻛﺮى اﻷﻟﻔﻴﺔ ،وﻧﻜﺘﻔﻲ ﻧﺤﻦ ﺑﺬرف اﻟﺪﻣﻮع ،وﻧﻨﺴﻰ أن ﻧﺸﻜﺮ إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻹﺳﺒﺎن )!( ﻋﻠﻰ اﻋﺘﻨﺎﺋﻬﻢ ﺑﺂﺛﺎرﻧﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ! * أﺳﺘﺎذ اﻷدب اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ -اﻟﻌﺮاق
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ﺛﺮﻣﺎ وﺗﻜﺴـّﺮ ﺟﻮز ﺟﻮز :ﺛﻤﺮ ﺷﺠﺮة اﻟﻠﻮز وﻫﻮ ﺻﻠﺐ اﻟﻘﺸﺮة. »ﺛﺮﻣﺎ« أﺻﻠﻬﺎ ﺛﺮﻣﺎء أي أﺳﻨﺎﻧﻬﺎ اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﻣﻜﺴﻮرة ،ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻜﺴﻴﺮ أو ﻓﺘﺢ اﻟﺠﻮز ذي اﻟﻘﺸﺮة اﻟﺼﻠﺒﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ. وﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﺜﺮم ﻫﻮ اﻧﻜﺴﺎر اﻟﺴﻦ ،وﻗﻴﻞ اﻧﻜﺴﺎر أﺳﻨﺎن اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺜﻨﺎﻳﺎ واﻟﺮﺑﺎﻋﻴﺎت وﻗﻴﻞ اﻟﺜﻨ ّﻴﺔ ﻓﻘﻂ .وﺿﺮﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ ﻓﺎﻧﺜﺮم ﻓﻬﻮ أﺛﺮم واﻷﻧﺜﻰ ﺛﺮﻣﺎء، وﻳﻀﺮب اﻧﺘﻘﺎداً ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻪ وﺑﻌﻤﻞٍ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺘﻪ.
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
105
şėķŹŨė
ﺗﺴﻘﻂ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ، ﺗﻌﻴﺶ أﻣﺮﻳﻜﺎ ŪżĨij įēİŝŨ į
ﻟﺒﺚ اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ زﻫﺎء ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻗﺮون ﻳﺤﻜﻤﻮﻧﻬﺎ ﺑﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼم وﻳﻨﺸﺮون ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ اﻟﺴﻤﺤﺎء، وﻳﺒﺜﻮن ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ وﻋﺎداﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻳﺤﻠﻮن ﻓﻴﻪ ،ﺣﺘﻰ إذا أﺧﺬ اﻟﺘﻌﺼﺐ ﻟﻠﻌﺸﻴﺮة أو اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ أو اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺄﺧﺬه ﻣﻨﻬﻢ ،أو اﺳﺘﺒﺪ ﺑﺴﻼﻃﻴﻨﻬﻢ ﺣﺐ اﻟﻄﻐﻴﺎن وأﺛ َـ َﺮة اﻟﺨﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎم زاﻟﺖ ﻋﻨﻬﻢ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﻠﻪ ،وﺿﻌﻔﻮا أﻣﺎم ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻰ ﺑـــ»ﺣﺮوب اﻻﺳﺘﺮداد« ،ﻓﺄﺧﺬت ﺗﺴﻘﻂ ﻣﻤﺎﻟﻜﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻬﻢ اﻟﻮاﺣﺪة ﺑﻌﺪ اﻷﺧﺮى وﺗﻘﻊ ﻓﻲ أﻳﺪي اﻹﺳﺒﺎن ،وﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻤﻄﺎف ﻏﻴﺮ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ وﻗﺼﺮ ﺣﻤﺮاﺋﻬﺎ اﻟﺸﺎﻣﺦ. ﻋﻠﻮم وﻟﻢ ﻳﺸﻔﻊ ﻟﻐﺮﻧﺎﻃﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻌﺎﺑﻖ ﺑﻜﻞ أﺻﻴﻞٍ ِﻣﻦ ٍ وﺛﻘﺎﻓﺔ وﻓﻨﻮن وﻣﻌﺎرف وﻗﺪ زاد ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻧﻴﻦ وﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮن ،ﻟﺘﺒﻘﻰ رﻣﺰا ً ﺧﺎﻟﺪا ً ﺣﻴﺎً ،وﺣﺼﻨﺎً ﻋﺮﺑﻴﺎً إﺳﻼﻣﻴﺎً ﻣﻨﻴﻌﺎً ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،ﺗﺸﻊ ﻧﻮرا ً و ﱠﻫﺎﺟﺎً ﻫﻨﺎك ،ﻓﺴﻘﻄﺖ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﻳﺪ اﻹﺳﺒﺎن ،ﻟﺘﺼﻴﺮ رﻣﺰا ً ﺧﺎﻟﺪا ً وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺿﻤﺎﺋﺮ اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،وﻓﻲ اﻵﺛﺎر ،وﻓﻲ أﻋﻴﻦ اﻟﺴﺎﺋﺤﻴﻦ ...ﻓﻘﻂ! ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺸﻔﻊ دﻣﻮ ُع آﺧﺮ ﺳﻼﻃﻴﻦ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮ وزﻓﺮﺗُﻪ اﻟﺘﻲ ﻧﻔﺜﻬﺎ وﻫﻮ ﻳﻌﺘﻠﻲ رﺑﻮة ،وﻳﻠﻘﻲ ﻧﻈﺮة اﻟﻮداع ﻋﻠﻰ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻠﱠ َﻢ ﻣﻔﺎﺗﻴ َﺤﻬﺎ ﻟﻠﻤﻨﺘﺼﺮﻳﻦ ،وﻟﻢ ﻳﺸﻔﻊ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻤﺸﻬﻮر اﻟﺬي أﻟﻘﺘﻪ ﻓﻲ وﺟﻬﻪ أ ﱡﻣﻪ ﻋﺎﺋﺸﺔ: ِ اﺑﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺴﺎء ُﻣﻠْﻜﺎً ُﻣﻀﺎﻋﺎً ...ﻟ ْﻢ ﺗ ُﺤﺎﻓ ْﻆ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺟﺎ ِل! وﻟﻢ ﻳﻔﺰ ،ﻏﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺣﻴﺎة أﻫﻠﻪ ،إﻻ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺮﺑﻮة اﻟﺘﻲ ﺳ ﱠﻤﺎﻫﺎ اﻹﺳﺒﺎن »زﻓﺮة اﻟﻌﺮﺑﻲ« ،وﻣﺎ زاﻟﺖ إﻟﻰ اﻵن ،ورﺑﻤﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷﺳﺒﺎﻧﻴﺔ،«Suspiro del moro » : وﺑﻠﻮﺣﺎت زﻳﺘﻴﺔ رﺳﻤﻬﺎ رﺳﺎﻣﻮن إﺳﺒﺎن ﻣﺸﻮرون ﻟﻪ وﻫﻮ ٍ ﺑﺎك
104
ﺗﺴﻘﻂ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ ،ﺗﻌﻴﺶ أﻣﺮﻳﻜﺎ
أو ذﻟﻴﻞ ،أو ُﻣﻜ ﱠﺒ ٌﻞ ﺑﺎﻷﺻﻔﺎد ،وﻟﻮﺣﺎت زﻳﺘﻴﺔ أﺧﺮى ﻟﺮﺳﺎﻣﻴﻦ ﻋﺮب ﺗﺠﺴﺪ اﻧﻐﻤﺎﺳﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻠﺬات ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﺷﺆون اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ واﻟﺮﻋﻴﺔ! وﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻷﻗﺪار أن ﻳﻜﻮن ﻋﺎم ﺳﻘﻮط ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ ﻣﻦ أﻳﺪي اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ أﻳﺪي اﻹﺳﺒﺎن ﺗﺎرﻳﺨﺎً ﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ/ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻤﻜﺘﺸﻒ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ اﻟﺒﺤﺎر ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﺲ اﻟﺬي ﺣﻈﻲ ﺑﻤﺒﺎرﻛﺔ َﻣﻠِﻜ َْﻲ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ اﻟﻨﺼﺮاﻧ ﱠﻴ ْﻴﻦِ اﻟﻤﻨﺘﺼ َﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ :ﻓﺮدﻧﺎﻧﺪو وأﻳﺰاﺑﻴﻼ ،ﺛﻢ ﻋﺎد إﻟﻴﻬﻤﺎ ﺑﻤﻮﻓﻮر ﻣﻦ اﻷﻣﻮال واﻷﻗﻮات ،ﻟﻴﺘﻢ ﻓﺮﺣﺘﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ اﻟﻤﺆزر! وﻛﺎن ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﺲ ﻗﺪ أﺧﺒﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺄﻧﻪ ذاﻫﺐ ﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﻬﻨﺪ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻟِـﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻴﺮات وﻛﻨﻮز ،ﺛﻢ ﻟِــــ ُﻴﺜﺒﺖ أن اﻷرض ﻛﺮوﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ واﻟﺒﺮﻫﺎن اﻟﺴﺎﻃﻊ، وﺑﻌﺪ وﺻﻮﻟﻪ إﻟﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻬﺎ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﻟﻴﺴﺖ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ! ﻛﺎن ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﺲ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻲ ﺣﺮﻳﺼﺎً ﻋﻠﻰ إﻳﺠﺎد ﻃﺮق ﻏﻴﺮ ﻃﺮق اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﺴﻠﻜﻬﺎ إﻟﻰ أﻫﺪاﻓﻪ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻴﺔ وﻻﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻬﻨﺪ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ ،ﻳﺪﻓﻌﻪ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺗﻌﺼﺐ ﻻ ﻳﺘﻔﻖ واﻟﺮوح اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺒﺼﻴﺮة. اﻧﻄﻠﻖ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﺲ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﻣﻦ أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﺑﺮﻋﺎﻳﺔ أﺳﺒﺎﻧﻴﺔ، ﺑﻌﺪ أن ﻓﺸﻞ ﻓﻲ إﻗﻨﺎع ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﻓﻲ »ﺟﻨﻮة« ﻹﺗﻤﺎم ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻟﻴﻜﺘﺸﻒ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺠﻬﻮﻻً ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﺳﺘﻤﺮت ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ،وﻳﻔﻮز ﺑﻠﻘﺐ »أﻣﻴﺮ اﻟﺒﺤﺎر واﻟﻤﺤﻴﻄﺎت« ،وﺑﻘﺒ ٍﺮ ﻓﻲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،وﻳﺜﺒﺖ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ أن »ﻣﻐﻨﻴﺔ اﻟﺤﻲ ﻻ ﺗُﻄﺮب« ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻐﺮب أﻳﻀﺎً!
ĝĘƀĭŨė ŧĘěĬ
ﻟﻠﻘﻮة واﻟﺘﺤﻤﻞ واﻟﺼﺒﺮ .وإﻟﻰ اﻟﻴﻮم ﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺎت ﻳﻨﺪﺑﻦ اﻟﺰوج ﻓﻮر وﻓﺎﺗﻪ ﺑﺼﻴﺤﺔ» :ﻗﻮم ﻳﺎ ﺟﻤﻠﻲ«! ﻓﻬﻞ ﺳﻴﻨﻘﺮض ذﻟﻚ اﻟﻄﻘﺲ، ﺑﻌﺪ أن أوﺷﻚ اﻟﺠﻤﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻘﺮاض ﻣﻦ واﻗﻌﻨﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ؟! ﻛﻨﺖ أﻋﻲ ـ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ـ أن اﻟﺤﻀﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ل ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲُ ، »اﻟﺠﻤﻞ« ﻳﻔﻮق ﺣﻀﻮره »اﻟﻮاﻗﻌﻲ« ،ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﻒ، ﻓﻜﺎن ذﻛﺮه ﻳﺘﺮدد ﻓﻲ أﻏﺎﻧﻲ اﻷﻋﺮاس وﻓﻲ اﻟﺘﻌﺪﻳﺪات ،وﻳﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪران ﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر ﺟ ًﺪا أن ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺰراﻋﻲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻜﻠﺐ واﻟﺤﻤﺎر واﻟﺒﻘﺮة واﻟﻤﺎﻋﺰ. ﺣﺘﻰ اﻟﺒﺪو اﻟﺮﺣﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻤﻴﻬﻢ »اﻟﻐﺠﺮ« وﻧﺮاﻫﻢ ﻳﺘﻨﻘﻠﻮن ﻓﻲ ﻣﻮﻛﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ إﻟﻰ أﺧﺮى ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ أﻧﻮاع ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻣﺜﻞ اﻷﺑﻘﺎر واﻟﺤﻤﻴﺮ واﻷﻏﻨﺎم واﻟﻄﻴﻮر ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﺠﻤﻞ. وﻛﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻋﻦ ﻓﻮاﺋﺪ أﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻟﺤﻠﻴﺐ اﻟﻨﺎﻗﺔ وﻟﺤﻤﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻋﻤﻠ ًﻴﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻮم وأﻟﺒﺎن اﻷﺑﻘﺎر واﻟﺠﻮاﻣﻴﺲ. وﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﻤﻮاﻟﺪ واﻻﺣﺘﻔﺎﻻت ﺑﺂل اﻟﺒﻴﺖ ﻛﺎن أﺑﻲ ﻳﻌﻮد ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺤﻤﻼ ﺑﺎﻟﺤﻤﺺ وﺣﻠﻮﻳﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻤﺴﻤﻴﺔ واﻟﻔﻮﻟﻴﺔ واﻟﺤﻤﺼﻴﺔ، ً وﻣﻌﻬﺎ ﺗﻤﺎﺛﻴﻞ اﻟﺤﻠﻮى اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺮ واﻟﻤﻄﻠﻴﺔ ﺑﺼﺒﻐﺔ وردﻳﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ »ﻋﺮوﺳﺔ اﻟﻤﻮﻟﺪ« و ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ »اﻟﺤﺼﺎن« و»اﻟﺠﻤﻞ« ﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ﻟﻤﻜﺎﻧﺘﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺨﻴﺎل اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ .وﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺒﻜﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﻜﺴﺮ ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ،ﻓﺘﻀﻄﺮ اﻟﻮاﻟﺪة إﻟﻰ ﺗﺬوﻳﺐ ﺑﻘﺎﻳﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ،ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻣﺸﺮوﺑًﺎ ﺣﻠﻮ اﻟﻤﺬاق! وﻣﺎزﻟﺖ أﺗﺬﻛﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل أﻣﻲ وﺗﺸﺒﻴﻬﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺮﻛﺰ ﺣﻮل اﻟﺠﻤﻞ ﻣﺜﻞ »آدي اﻟﺠﻤﻞ ..وآدي اﻟﺠ ّﻤﺎل« ،أو وﺻﻔﻬﺎ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﺑﺄن وﻛﻨﺖ أﺗﺼﻮر أﻧﻬﺎ »ﺣﻘﺪه ﺣﻘﺪ ﺟﻤﻞ« ،أو أﻧﻪ »ﻳﺨﺰن ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻤﻞ«ُ . ﺗﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرة اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺠﻤﻞ ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم واﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﺳﻨﺎﻣﻪ ،ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺪرﺳﻪ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻨﺎ ..ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻓﻬﻤﺖ أن اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻫﻮ »ﺗﺨﺰﻳﻦ« اﻟﻐﻀﺐ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ،وأن اﻟﺠﻤﻞ ﻻ ﻳﺘﺮك ﺛﺄره أﺑ ًﺪا ﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎﻟﺖ اﻟﺴﻨﻮن .وﻗﺪ روﻳﺖ ﻟﻲ ﺟﺪﺗﻲ ﻗﺼﺔ ﺟﻤﻞ أﻫﺎﻧﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ وﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﺗﻤﻜﻦ اﻟﺠﻤﻞ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻛﻨﺖ ﻻ أﺗﺬﻛﺮ أﻳﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﻣﻨﻪ وﻗﺘﻠﻪ .وإن ُ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ! وﻟﻌﻠﻨﻲ اﻵن أﺗﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ ذﻟﻚ اﻟﺠﻤﻞ اﻟﻐﺎﺿﺐ ،اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻤﻞ وﻳﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺎره ـ ﻣﺜﻞ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ـ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺗﻌﺮض ﻟﻸذى واﻹﻫﺎﻧﺔ ،أﺿﻤﺮ اﻻﻧﺘﻘﺎم وإن ﻃﺎل اﻟﺰﻣﻦ. ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻧﺸﺄت ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ رﻳﻔﻴﺔ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻞ ،ﻟﻜﻨﻪ وإذا ُ ﻛﺎن ﺣﺎﺿ ًﺮا ﺑﻘﻮة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﻣﻮروﺛﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ.
ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻞ ﻋﺎﺋﺸً ﺎ ﻓﻲ ﺧﻴﺎل ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ،وإن أﺻﺒﺢ ﻇﻬﻮره ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻗﺎﺻ ًﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻬﺪﻳﻦ ..إﻣﺎ ﻋﻨﺪ زﻳﺎرة اﻷﻫﺮاﻣﺎت ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺄﺟﻴﺮه واﻟﺘﺠﻮل ﺑﻪ ..أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻰ ﻣﺼﻴﻒ رأس اﻟﺒﺮ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻔﺮح أﻃﻔﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺘﻘﺎط اﻟﺼﻮر ﻓﻮق ﺳﻨﺎﻣﻪ اﻟﻤﺰرﻛﺶ ..وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﺤﺘﻔﻮن ﺑﺤﻴﻮان أﺳﻄﻮري ﺟﺎء ﻣﻦ ﻣﺎض ﺳﺤﻴﻖ، ﻛﻲ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺒﻬﺠﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ. ﻓﻤﻦ ﻳﺼﺪق أن ﺣﻴﻮاﻧﺎ ﻗﻀﻰ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎري ﺳﺎﺋ ًﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﺎل ..ﻣﺸﺎرﻛﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب ..رﻣ ًﺰا ﻟﻠﻤﻜﺎﻧﺔ واﻟﺜﺮوة ..أﺻﺒﺢ اﻵن ﻳﺘﺠﻮل ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،ﺗﺪاﻋﺐ اﻷﻣﻮاج أﺧﻔﺎﻓﻪ، وﻻ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻪ ﺳﻮى اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ﻋﻦ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر؟! * رواﺋﻲ وﻗﺎص ﻣﺼﺮي
ﺣﺒﺎل اﻟﺤﻴﺎة
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
103
»ﻓﻠﻜﻠﻮر« ،ﻓﺄذﻛﺮ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ أن ﻋﺎﺋﻠﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺠﻤﺎل، وﻫﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ »اﻟﺠ ّﻤﺎل« اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ أﺣﺪ ﻓﺮوﻋﻬﺎ اﻟﺠﺎﺳﻮس اﻟﺸﻬﻴﺮ »رﻓﻌﺖ اﻟﺠ ّﻤﺎل« اﻟﻤﻌﺮوف ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺎً ﺑﺎﺳﻢ »رأﻓﺖ اﻟﻬﺠﺎن«. وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺗﺨﺼﺺ ﻟﺘﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﻣﺎ واﺳﻌﺎ ﻣﻠﺤﻘﺎً ﺑﻤﺆﺧﺮة اﻟﺪار، ﻳﺸﺒﻪ ﺣﻮﺷً ﺎ ً وﻛﺎن ﻣﻨﻈﺮ اﻟﺮﺟﺎل وﻫﻢ ﻳﻤﺘﻄﻮن ﺟﻤﺎﻟﻬﻢ، وﻳﺘﻬﺎدون ﻓــﻮق ﺳﻨﺎﻣﻬﺎ ،ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻤﺘﺄﻧﻴﺔ اﻟﺮﺗﻴﺒﺔ ،ﻣﺜﻴ ًﺮا ﻟﺨﻴﺎﻟﻨﺎ اﻟﻄﻔﻮﻟﻲ، ﻓﺎرﺗﻔﺎع اﻟﺠﻤﻞ ﺑﻬﻮدﺟﻪ إﻟﻰ ﻗﺮاﺑﺔ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﺘﺎر ،ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ أن ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻳﺮى ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﺤﺎب ،وﻳﺼﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻷرض واﻟﺴﻤﺎء. ﻛﺎن اﻟﻬﻮدج ﺣﺎﺿ ًﺮا ﻓﻲ اﻷﻋﺮاس ،وإن ﻟﻢ ﻧﻠﺤﻖ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ ،ﺣﻴﺚ وﻟﺪﻧﺎ ﻓﻲ زﻣﻦ »اﻟﻜﺮﺗﺔ« اﻟﺤﺎﺿﺮة ﻓﻲ زﻓﺔ اﻷﻋﺮاس واﻟﺘﻲ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﻘﺮﺿﺖ ﺑﺪورﻫﺎ ،ﻟﺘﻔﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﺰﻓﺔ اﻟﺴﻴﺎرات! ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻤﺮ دور اﻟﺠﻤﺎل ﻟﻌﺸﺮات اﻟﺴﻨﻮات ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﺠﻴﺞ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ إﻟﻰ ﻣﻮاﻧﺊ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﻷداء ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة. وﻗﺪ روت ﻟﻲ ﺟﺪﺗﻲ ﻋﻦ ﻗﻴﺎم ﺟﺪي ﺑﺎﻟﺤﺞ ﺿﻤﻦ ﻣﻮﻛﺐ اﻟﺠﻤﺎل اﻟﺬي ﻳﻄﻮي اﻟﺼﺤﺮاء ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻀﻌﺔ أﺷﻬﺮ. ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن اﻟﺤﺎج ﻗﺪ ﺳﺎﻓﺮ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮة أو اﻟﺒﺎﺧﺮة ،ﻇﻞ اﻟﺠﻤﻞ ﺣﺎﻓﻈًﺎ ﻟﻤﻜﺎﻧﺘﻪ ﻓﻲ رﺳﻮم اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻌﻮدة اﻟﺤﺠﻴﺞ ،وﻫﻲ رﺳﻮم ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻛﺎن اﻟﻔﻼﺣﻮن ﻳﻄﻠﻮن ﺑﻬﺎ واﺟﻬﺎت ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ. وﻗﺪ ﻇﻞ ﻣﻨﺰل ﺟﺪي ﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ـ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺞ ـ ﻣﺰﻳ ًﻨﺎ ﺑﻔﻀﺎء أزرق ﺗﺘﺼﺪره ﺻﻮرة ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ وﺑﺠﻮارﻫﺎ ﺟﻤﻞ ﻛﺄﻧﻪ رﻣﺰ ﻣﻘﺪس ،ﻳﺘﻬﺎدى ﻋﻠﻰ إﻳﻘﺎع اﻟﺘﻠﺒﻴﺔ: »ﻟﺒﻴﻚ اﻟﻠﻬﻢ ﻟﺒﻴﻚ« .وﺑﻌﺾ اﻷﺳﺮ أﺿﺎﻓﺖ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ واﻟﺠﻤﻞ ﻃﺎﺋﺮة ﺑﺠﻨﺎﺣﻴﻦ .ﻓﻬﻞ ﻣــﺎزال اﻟﻔﻼﺣﻮن ﻳﺰﻳﻨﻮن ﺑﻴﻮت اﻟﺤﺠﺎج
102
اﻟﺠﻤﻞ ..اﻟﻌﺎﺋﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل
ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ واﻟﺠﻤﻞ؟! ﺷﻴﻮع اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﺜﺒﻴﺖ أﺑﺪي ﻟﻘﺼﺔ ﺟﻤﻞ اﻟﻤﺤﻤﻞ اﻟﺬي ﻇﻞ ﻟﻤﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻣﺼﺮ إﻟﻰ ﺣﺎﻣﻼ اﻟﻜﺴﻮة اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ ،وﻳﻘﺎل ﻣﻜﺔ ً إن ﻫﺬا اﻟﻄﻘﺲ اﻟﻜﺮﻧﻔﺎﻟﻲ اﺳﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﻠﻜﺔ ﺷﺠﺮة اﻟﺪر ﺣﺘﻰ ﻋﻬﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻤﺤﻤﻞ ﻳﻄﻮف اﻟﺸﻮارع ﻗﺒﻞ اﻟﺨﺮوج إﻟﻰ اﻟﺤﺠﺎز وﻛﺎن ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ اﺧﺘﺰال ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ،أو ﺣﺘﻰ ﻓﺼﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻣﻨﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻓﻤﺜ ًﻠﺎ أﻃﻠﻖ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻞ إذا اﺳﺘﺤﻜﻢ ﻫﺮﻣﻪ وﺻﻒ »ﻛﺤﻜﺢ« وﻗﺪ اﻧﺰاح اﻟﻮﺻﻒ ﺷﻌﺒ ًﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻌﺠﻮز ،ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻳﻘﺎل »ﻋﺠﻮز ﻣﻜﺤﻜﺢ«.
اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻛﺘﺰﻳﻴﻦ اﻟﻤﺤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﺮﻗﺺ ﺑﺎﻟﺨﻴﻮل ،وﺧﻠﻒ ﺟﻤﻞ اﻟﻤﺤﻤﻞ ـ ﺣﺎﻣﻞ اﻟﻜﺴﻮة ـ ﺑﻘﻴﺔ ﺟﻤﺎل اﻟﺤﺠﺎج وﺣﺮاس اﻟﻤﻮﻛﺐ .وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺞ ﻳﻌﻮد اﻟﺠﻤﻞ ذاﺗﻪ ﺑﺎﻟﻜﺴﻮة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻓﻴﺒﺘﺮك ﺑﻪ اﻟﻨﺎس ..وﻓﻲ ﻻ ﺷﻌﻮرﻫﻢ ﻗﺪﺳﻴﺔ ﻧﺎﻗﺔ ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻪ ﺻﺎﻟﺢ ،وﻧﺎﻗﺔ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﻘﺼﻮاء« ﻟﻔﺎﺋﻖ ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲ اﻷﻓ ـﺮاح ،واﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻛﺎن أﻳﻀً ﺎ راﺳﺨًﺎ ﻓﻲ أﻏﺎﻧﻴﻨﺎ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻏﻨﻴﺔ »ﺑﻴﻊ اﻟﺠﻤﻞ ﻳﺎ ﻋﻠﻲ« ﺑﻌﺸﺮات اﻟﺴﻨﻴﻦ، وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﺷﻬﺮ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮر ،أﻏﻨﻴﺔ اﻟﺮﻳﺲ ﻣﺘﻘﺎل: »ﻳﺎﺑﺖ ﺟﻤﻠﻚ ﻫﺒﺸﻨﻲ واﻟﻬﺒﺸﺔ ﺟﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎﻳﺔ رﻣﺎن ﺧﺪك روﺷﻨﻰ ﺧﻠﻰ ﻓﻄﻮرى ﻋﺸﺎﻳﻪ« وﻣﻦ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻐﺰل واﻟﻔﺮح إﻟﻰ »ﺗﻌﺪﻳﺪة اﻟﺤﺰن« ﺣﺎﻓﻆ اﻟﺠﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮره ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة ﻓﻲ ﻃﻘﺴﻴﺔ ﺟﻨﺎﺋﺰﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﻮت واﻟﻔﻘﺪ واﻟﺨﺴﺎرة ،ﻓﺄذﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﺎت ﻋﻤﻲ اﻷﻛﺒﺮ ،اﺳﺘﻤﺮت ﺟﺪﺗﻲ ﻫﻲ اﻟﻤﺆﻣﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮك ﻓﺮﺿً ﺎ ،ﺗﻐﻨﻲ ﻏﻨﺎءﻫﺎ اﻟﺤﺰﻳﻦ ،أو ﺗﺆدي اﻟﺘﻌﺪﻳﺪة وراء اﻟﺘﻌﺪﻳﺪة، ﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻋﻦ أﻟﻤﻬﺎ اﻟﺠﺎرف ﻟﻔﻘﺪ اﺑﻨﻬﺎ اﻟﺒﻜﺮ، وﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺸﺪه: »ﺟﻤﻞ اﻟﻤﺤﺎﻣﻞ ﺑﺮك ﻣﻦ ﻣﻴﻠﺔ اﻷﺣﻤﺎل وأﻧﺎ ﺟﻤﻞ ﻋﻔﻲ وﻋﻠﺘﻲ اﻟﺠ ّﻤﺎل« ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮدد ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻣﻦ ﺑﻴﻦ دﻣﻮﻋﻬﺎ وﺷﺠﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﻘﻌﺸﺮ ﻟﻬﺎ ﺑﺪﻧﻲ ،وأرﺑﻂ ﺑﺨﻴﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻢ اﻟﺬي ﻣﺎت ﺷﺎﺑًﺎ واﻟﺠﻤﻞ ﻛﻤﺜﺎل
ĝĘƀĭŨė ŧĘěĬ
ﻧﻪ ﻳﻨﻴﺦ أو وﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﻫﻨﺎ أن أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ اﻟﺠﻤﻞ أﻧﻪ »ﻳﺒﺮك« ﻓﻴﺪﻧﻲ ﻇﻬﺮه ﻟﻤﻦ ﻳﻤﻄﻴﻪ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﺤﺼﺎن اﻟﺬي ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻗﺪرة ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻔﺰ واﻋﺘﻼء ﻇﻬﺮه. وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺣﺴﻢ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺪورﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ رﻳﺨﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﺛ ّﺒﺖ اﻟﺠﻤﻞ واﻟﺤﺼﺎن ﻛﻌﻼﻣﺘﻴﻦ ﻼﻣﺘﻴﻦ أﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻷﻏﺎﻧﻲ واﻷﻣﺜﺎل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم وإﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ،ﻋﺪا ﻋﻦ ﺗﺨﻠﻴﺪ وﺟﻮدﻫﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﻧﻲ. وﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ ارﺗﺒﺎط اﻟﺠﻤﻞ ﺑﻤﻬﺮ اﻟﻌﺮوس ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻋﻨﺘﺮة وﻋﺒﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ وإن ﻟﻢ ﻧﻌﺎﺻﺮﻫﺎ،ﺎ ،إﻻ أﻧﻨﺎ ﺗﺮﺑﻴﻨﺎ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﺸﻬﻴﺮ اﻟﻤﺄﺧﻮذ ﻋﻨﻬﺎ ..ﺔ اﻟﻨﻮق واﻟﺠﻤﺎل ،وﻣﺎزال اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﻣﺮﻫﻮﻧﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ ﻟﻨﻮق ذﻟﻚ ﺳﺎرﻳًﺎ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺎت ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﺟﻤﺎل! ﺎل! ﺑﺤﻜﻢ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻄﺎﻏﻲ واﻟﻤﺘﺠﺬر ،ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻓﻲ ﺷﻔﺮات اﻟ ُﻤﻨﺘﺞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻮﻋﻪ ،ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﺗﺘﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﺨﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮل اﻟﺪﻻﻟﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﻔﺮدة »ﺟﻤﻞ«، ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻋﺘﻨﻰ اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺬﻛﺮ واﻷﻧﺜﻰ ﻟﻐﻮﻳﺎً :ﺟﻤﻞ و ﻧﺎﻗﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻧﺮاه ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺣﻴﻮاﻧﺎت أﺧﺮى، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﺑﺈﻃﻼق أﺳﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺜﻞ: ﺳﻠﻴﻞ ،رﺷﺢ ،ﺣﻮار ،ﻓﺼﻴﻞ ،ﻓﻄﻴﻢ ،ﺟﺬع ،وﺳﺪﻳﺲ .وﻻ ﻳﺨﻔﻰ أن اﻟﻌﺮب أﻃﻠﻘﻮا أﺳﻤﺎء اﻹﺑﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ أﻳﻀﺎً. وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺮاﻋﺎة اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ،وﻓﺮوق اﻟﺬﻛﻮرة واﻷﻧﻮﺛﺔ، ﻗﺎﻣﻮا أﻳﻀً ﺎ ﺑﺎﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻠﻮن ﻣﺜﻞ »اﻟﻌﻴﺲ« و«اﻟﺤﻤﺮة« ،ﺑﻞ وﻓﺮﻗﻮا ﺑﻴﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻟﻌﺪد ﻓﻘﻴﻞ »اﻟﺼﺪﻋﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻲ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ،و«اﻟﺤﻮم« ﻟﻮ زادت ﻋﻦ أﻟﻒ .ﻛﻤﺎ ﻗﺴﻤﻮﻫﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﺎ وﻗﺒﺎﺋﻠﻬﺎ ﻓﻘﻴﻞ :اﻟﻨﻤﻴﺮﻳﺔ واﻟﻌﺒﺴﻴﺔ واﻟﻌﻴﺪﻳﺔ. وﺑﻠﻎ ﻣﻦ دﻗﺘﻬﻢ أﻧﻬﻢ اﻫﺘﻤﻮا ﺑﺪرﺟﺎت ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻓﻴﻘﺎل :أرزﻣﺖ وﺳﺠﺮت وﺳﺠﻌﺖ وﻓﻘًﺎ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺻﻮﺗﻬﺎ أو ﺣﻨﻴﻨﻬﺎ. ﻳﻨﺪر أن ﻧﺠﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﺄي ﺣﻴﻮان آﺧﺮ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﺑﻞ أزﻋﻢ أن اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺗﺘﻔﻮق ﻓﻲ ﺣﻀﻮرﻫﺎ اﻟﺸﻌﺮي ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎرن ﺑﺎﻟﺤﺼﺎن، ﻗﻤﺖ وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻈﻬﺮه ﻗﺮاءة أوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻔﻀﻠﻴﺎت ُ
ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻓﻲ دار اﻟﻌﻠﻮم. ﺑﻬﺎ أﺛﻨﺎء اﻟﺘﺤﺎﻗﻲ ﺑﺎﻟ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻄﻠﻠﻲ اﻻﺳﺘﻬﻼﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻏﺎﻟﺒﺎﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺄﺳﺲ اﻟﻤ وﻏﺎﻟﺒً اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻗﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ وﻫﻮ ﻳﻘﻒ وﻳﺘﺄﻣﻞ أﻃﻼل اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ،أو ﻓﻤﺜﻼ ﻓﻲ اﺳﺘﻬﻼل ﻃﺮﻓﺔ ﻧﺎﻗﺔ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﻮدع ﻣﺮﺗﺤﻠﺔً ، ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺪ ﻟﻤﻌﻠﻘﺘﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻧﻘﺮأ:
َــــــﻮﻟﺔ أ ْﻃ ٌ ﻼل ِﺑ ُﺒﺮﻗَﺔ ﺛَﻬ َﻤـ ِﺪ ﻟِﺨـَـــ ﺗﻠﻮح ﻛﺒﺎﻗﻲ اﻟﻮﺷﻢ ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻴ ِﺪ ُوﻗﻮ ﻗﻮﻓﺎً ﺑِﻬﺎ َﺻﺤﺒﻲ َﻋﻠ ﱠَﻲ َﻣﻄ ﱠﻴ ُﻬﻢ ﺳﻰ َوﺗَ َﺠﻠ ﱠــــــ ِﺪ ﻳَﻘﻮﻟﻮنَ ﻻ ﺗَﻬﻠِﻚ َأ ً ﺪوج اﻟﻤــــــــﺎﻟِﻜ ﱠﻴ ِﺔ ﻏُﺪ َو ًة ﻛَﺄَنﱠ ُﺣ َ ﺧَﻼﻳﺎ َﺳﻔﻴﻦٍ ﺑِﺎﻟ َﻨ ِ ﻮاﺻ ِ ـــــﻒ ِﻣﻦ َد ِد ﻫﻨﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻮﻛﺐ اﻹﺑﻞ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﻘﻞ »ﺧﻮﻟﺔ« ،ﺑﺎﻟﺴﻔﻦ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، وﻫﻮ اﻟﺘﺸﺒﻴﻪ اﻟﺬي ﻇﻞ ﻳﺴﺮي ﻓﻲ أوﺻﺎل ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﺑﻮﺻﻒ اﻟﺠﻤﻞ ﺑﺄﻧﻪ »ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺼﺤﺮاء« ،ﻓﻬﻞ اﺑﺘﺪﻋﻪ ﻃﺮﻓﺔ ﻗﺒﻞ أﻟﻒ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ،أم ﻛﺎن ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻋﻠﻴﻪ؟! ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ اﺧﺘﺰال ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ،أو ﺣﺘﻰ ﻓﺼﻞ ﻓﻤﺜﻼ أﻃﻠﻖ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻣﻨﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲً ، إذا اﺳﺘﺤﻜﻢ ﻫﺮﻣﻪ وﺻﻒ »ﻛﺤﻜﺢ« وﻗﺪ اﻧﺰاح اﻟﻮﺻﻒ ﺷﻌﺒ ًﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻌﺠﻮز ،ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻳﻘﺎل »ﻋﺠﻮز ﻣﻜﺤﻜﺢ«. وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺎزال ﻟﻠﺠﻤﻞ ﺣﻀﻮره ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺒﺪوﻳﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ، ﻟﻜﻨﻪ اﻧﻘﺮض ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ وﺗﺤﻮل إﻟﻰ
ﺣﺒﺎل اﻟﺤﻴﺎة
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
101
اﻟﻌﺎﺋﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل..اﻟﺠﻤﻞ
]- Ø. '. Û # ÛÂ Ê # ¤Ø # É Ð (Ø 2 ]ÐÙ(,' ÐÙÍ /Ù . pÎ ÄÉ/ # Ï. Ð'
%( . $# ª' ".æ ]Ï # . %( # (+ ] ÃÊ# . Ú / # ÐÙ %Ù # Ù '. ]² # b 3 Ï (+3 . p Î# . /Ê$# ª' ÛÍ # .
É Í 1 ÎØ Ð(Â ] Ù Ù }. . # b É Í 1# 2/ . %,$,(# 2/ . / #
0p Ï % ])Ø # Ï Ê# Û # -$# Û Í Ù( Û # ¤Ø # Û $ Ã# (#
} %( # .p Ø !#¥ )¼ .«%( # » ( b ÛÂ Ø. ]Ï 'æ . &3 # Ï '©~
' Í Ê' ]Ú. # . # / ±# !#¥ ÃÎ# (# ] (# ÛÂ * /µ pØ ª Ú¦# Ï # Ì ° Ã# Ð(Â ] /É. Ð' - ( Ø .ÐÙ$ Ê(# . /Î # 1$ #2 «Ï Ã# »
ĪŤĔŀ ŚŻĴļ
اﻟﻌﺎﺋﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل..اﻟﺠﻤﻞ
100
ﻛﺎن ﻣﺒﺮر اﻟﺠﺪل اﻷﻛﺒﺮ ﺣﻮل اﻟﺮواﻳﺔ ﺗﻌﺎﻃﻒ »ﻧﺎﺑﻜﻮف« اﻟﻮاﺿﺢ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﻊ اﻟﺒﻄﻞ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﺴﺒﺐ اﻻﺳﺘﻄﺮاد اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻹﻳﺠﺎد ﻣﺴﻮﻏﺎت وﻣﺒﺮرات ﻻﻧﺤﺮاﻓﻪ واﻧﺤﻄﺎﻃﻪ ،ورﺑﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻤﻴﺤﻪ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻤﺎر اﻟﺮواﺋﻲ وﻣﻦ زاوﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻴﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﺴﺮب إﻟﻰ وﺟﺪان اﻟﻘﺎرئ ﻣﺜﻞ اﻟﻬﻮاء ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻮرﻳﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮات َﻣﻦ ﻫ ﱠﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﻟﻠﻐﻮاﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻼﺋﻜﺔ أﺑﺮﻳﺎء. ﻓﻲ آﺧﺮ ﻓﺼﻮل اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻘﻂ ﺗﺘﻀﺢ رؤﻳﺔ »ﻧﺎﺑﻜﻮف« اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ اﻋﺘﺮاﻓﻪ ﺑﺄن» :إرﺿﺎء ﺷﻬﻮﺗﻪ ﺣﻄﻤﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ أﻧﻌﺸﻪ«، وﻛﺬﻟﻚ اﻧﺘﻘﺎﻣﻪ ﻣﻦ ﺑﻄﻠﻪ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻣﺮﻳﻀً ﺎ ﻧﻔﺴﻴٍّﺎ ﻣﺜﻴ ًﺮا ﻟﻠﺸﻔﻘﺔ .واﻟﻤﺮﺟﺢ أن أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺣﻴﻦ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﻨﺸﺮ اﻟﺮواﻳﺔ ــ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﻮرﻫﺎ ﺑﺎﻟﻐﺜﻴﺎن ﻣﻨﻬﺎ ــ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻓﻬﻤﺖ ﺑﻌﺪ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻊ أن ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺤﺖ ﻛﺒﺎر اﻹﻏﻮاء وإﻧﻤﺎ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﻫﺬا اﻹﻏﻮاء ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ْ اﻟﺴﻦ اﻟﻤﻮﻟﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮات ،وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ رﺣﻠﺔ إﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﺣﻮل اﻟ ُﻤﺘﻊ اﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻘﺒﻬﺎ اﻷﻟﻢ. وﻫﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﺗﻈﻬﺮ ﻛﻠﻤﺎت »ﺑﻮﺳﻮﻳﻪ« ﻛﻤﺮﺟﻊ واﺿﺢ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ واﻟﺨﺮاﺋﻂ ﺗﺘﻜﺊ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﻘﻮة ،ﻳﻘﻮل ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻼﻫﻮت اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ رواﻳﺔ »ﻧﺎﺑﻜﻮف« ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮﻟﺪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺑﻌﻘﻮد» :ﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﺘﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺸﻬﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻠﻤﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ،ﻟﻔﻬﻤﺘﻢ ﻓﻲ ﺳﻬﻮﻟﺔ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻋﺬاب ﻻ ﻳُﺤﺘﻤﻞ ،ﻓﻬﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ آﻻم ﻗﺎﺳﻴﺔ ،واﺷﻤﺌﺰاز وﻣﺮارة، وﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﺳﺤﻴﻘﺔ اﻟﻐﻮر ﻳﻐﻀﺒﻬﺎ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ إﺷﺒﺎﻋﻬﺎ ،وﻻ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﻘﺎﺗﻞ واﻟﻤﺮارة اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺾ ﻣﻨﻬﺎ«. ﺛﻢ ﻳﻘﻮل »ﺑﻮﺳﻮﻳﻪ« ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﺑﻠﺴﺎن »ﻫﻤﺒﺮت« ﺑﻄﻞ اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺮواﻳﺔ ،أو ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻛﺄن »ﻧﺎﺑﻜﻮف« ﻳﺘﺮﺟﻢ ﻛﻠﻤﺎت »ﺑﻮﺳﻮﻳﻪ« إﺑﺪاﻋﻴٍّﺎ» :إن ﺣﺐ اﻟﻠﺬات ﻣﺘﻘﻠﺐ داﺋ ًﻤﺎ ،وذﻟﻚ ﻷن ﺣﺮارﺗﻬﺎ ﺗﺨﺒﻮ وﺗﻤﻮت ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻴﻬﺎ، واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺒﻌﺜﻬﺎ ،وﺣﻴﺎة اﻟﺤﻮاس ﻫﻲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﻘﻞ اﻟﺪوري ﻣﻦ اﻟﺸﻬﻴﺔ إﻟﻰ اﻻﺷﻤﺌﺰاز ،ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻳﻀﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ«. إن »ﻫﻤﺒﺮت« ﻣﻊ آﺧﺮ ﺳﻄﻮر اﻟﺮواﻳﺔ ﻳﺠﺪ »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« اﻟﺘﻲ ﻫﺮﺑﺖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻨﻪ ..ﻣﻦ ﻧﺰﻗﻪ وﺟﻨﻮﻧﻪ وﻏﺮاﺑﺔ وﺿﻌﻬﻤﺎ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺑﺸﺎب ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻧﻀﺠﺖ اﻟﻄﻔﻠﺔ واﻗﺘﺮﻧﺖ ٍ ْ
رﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻳﺘﺄﻣﻞ »ﻫﻤﺒﺮت« ﺑﺎزدراء ﺣﻤﻠﻬﺎ ،ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻘﺮ ﺑﺎزدراﺋﻪ ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻻﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ وﻗﺪﺳﻴﺔ ﻓﻜﺮة ﺧﻼﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻷرض .وﺑﻌﺪ أن ﻳﺸﺒﻊ ﻣﻦ وﺻﻒ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺣﻔﻴﺪة اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻛﻤﺮﺟﻌﻴﺔ أوﻟﻰ ﻷي ﻓﻜﺮ ذﻛﻮري ،ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﺮﻳﺾ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻤﺮﺿﻪ وأﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺿﺤﻴﺔ »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« ،وإﻧﻤﺎ ﺿﺤﻴﺔ ﺷﻬﻮة ﻣﺪﻣﺮة ﻻ ﺗﺼﻄﺎد إﻻ أﺻﺤﺎب اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﻮﺗﻮرة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻔﺮون ﺑﻘﺪﺳﻴﺔ اﻟﺤﻴﺎة وﺟﻬﺎد اﻟﻨﻔﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ آﻣﻦ ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﻨﻘﻴﺘﻬﺎ أوﻻً ﺑﺄ ﱠول ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺣﻬﺎ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﱠ ﻋﺒﺮ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ واﻟﺬي ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﺸﺮ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ ﻧﺰول اﻷدﻳﺎن اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ. ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺳﻴﻈﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﺘﻔﻘﻴﻦ أن »ﻧﺎﺑﻜﻮف« ﱠ أذل ﻛﺒﺮﻳﺎء اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻛﻤﺸﺮوع ﻋﻈﻴﻢ ﺗُﻤﺠﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ أو ﺗ ُﺪان ،ﺣﻴﻦ اﻧﺤﺮف ﺑﺎﻟﺮواﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﺪﺧﻞٍ ﺟﺎﻧﺒﻲ وﻣﺴﻜﻮت ﻋﻨﻪ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ،ﺛﻢ ﺗﻌﻤﺪ ﺗﻤﺰﻳﻖ ﻏﺸﺎء اﻟﺘﻌﺎﻟﻲ اﻟﺴﺮدي واﻟﺘﻜﻠﻒ ﻟﻠﻮﺻﻮل ﻛﻤﺎ اﻟﺠﺮاح إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺪاء واﻟﻮرم ،ﻟﻐ ًﺔ وﺑﻨﺎ ًء وﺗﺮﻛﻴﺒًﺎ ،ورﺑﻤﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ وﺣﺪه ﻣﺎ زاﻟﺖ رواﻳﺔ »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« ﺗﺜﻴﺮ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﺣﻤﺎﺳﺔ وازدراء اﻟﻨﻘﺎد ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،وﺳﻴﻈﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ذﻟﻚ أﻧﻬﺎ رواﻳﺔ ﻓﺎﺗﺤﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻗﻄﻴﻌﺔ ﻣﻊ ّ ﻗﺒﻠﻬﺎ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻨﺴﺨﺔ إﺑﺪاﻋﻴٍّﺎ * رواﺋﻴﺔ وﺑﺎﺣﺜﺔ ،ﻣﺼﺮ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
99
ğĘŠėĸŀđ
ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ
ﻳﺤﺪث
أﺣﻴﺎﻧًﺎ أن ﺗﺘﻜﺊ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﺒﺮى ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ أو ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﺷﻬﻴﺮة ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث أن ﺗﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﺳﻮاء ﺑﻤﻌﺎرﺿﺘﻬﺎ أو ﺑﺘﺮﺟﻤﺘﻬﺎ إﺑﺪاﻋﻴٍّﺎ ،أو ﺣﺘﻰ ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺮد أﺻﺪاء ﻟﻬﺎ .وﻣﻦ أوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻤﺎﺛﻠﺔ أﻣﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺮوﺳﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ »ﻓﻼدﻳﻤﻴﺮ ﻧﺎﺑﻜﻮف« » 1899ــ 1977م« ،ورﺟﻞ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺨﻄﻴﺐ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ »ﺟﺎك ﺑﻴﻨﻴﻦ ﺑﻮﺳﻮﻳﻪ« » 1627ــ 1704 م«. أﻣﺎ »ﻧﺎﺑﻜﻮف« ،ﻓﻬﻮ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺮوﺳﻲ اﻟﺬي ُوﻟﺪ ﻓﻲ ﺳﺎﻧﺖ ﺑﻄﺮﺳﺒﺮج وﻧﺸﺮ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ وﻛﺎن ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﺿﺪ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﻮﻟﺘﺎري اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ إﺑﱠﺎن ﺛﻮرة أﻛﺘﻮﺑﺮ .1917 ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ اﻟﻤﻘﺪﻣﺎت ﺗﻘﻮد »ﻧﺎﺑﻜﻮف« إﻟﻰ اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد ﺧﺼﻮﺻﺎ وﻗﺪ اﻏﺘﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻤﻼء اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻴﻲ إﻟﻰ أﻣﺮﻳﻜﺎ ً اﻟﺮوس واﻟﺪه ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻫﺎﺟﺮ ﻋﺎم 1939إﻟﻰ أﻣﺮﻳﻜﺎ ،ﺑﻞ ﻛﺘﺐ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ. وأﻣﺎ »ﺑﻮﺳﻮﻳﻪ« ﻓﻬﻮ اﻷﺳﻘﻒ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ وﻋﺎﻟﻢ اﻟﻼﻫﻮت ،وﻫﻮ أﺑﺮع اﻟﺨﻄﺒﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺰﻣﺎن وأﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺟﺪد وﻃﻮع اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻛﺎن اﻟﻤﺮﺑﻲ واﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﺨﺎص ﻟﻮﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﺑﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻮﻳﺲ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ. وأﻣﺎ اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻬﻲ »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« اﻟﺮواﻳﺔ اﻷﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷدب اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ واﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎرة ﻟﻠﺠﺪل ﺑﻌﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮن، ﻓﻀﺖ وﻣﺬ ﻗﺪﻣﻬﺎ »ﻧﺎﺑﻜﻮف« ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﺎم ،1955ﻓ ُﺮ ْ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﻣﺴﺒﺒﺔ ﺻﺪﻣﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ ﻣﺮوﻋﺔ ،ﻓﻨﺸﺮﻫﺎ وﻳﺎ ﻟﻠﻤﺼﺎدﻓﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻮﻃﻦ »ﺑﻮﺳﻮﻳﻪ« ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﻪ .ﺛﻢ ﻧﺸﺮﺗﻬﺎ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﺎم ،1958وأﺧﺮﺟﻬﺎ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ أﺳﻄﻮرة اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ »ﺳﺘﺎﻧﻠﻲ ﻛﻮﺑﺮﻳﻚ« ﻋﺎم ،1962 وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﺻﺒﺤﺖ »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« ﻫﻲ رواﻳﺔ اﻟﺠﻴﺐ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ،
98
ﻟﻮ ﻟﻴﺘﺎ
ĚŘįĔŁũŤē ĴżŲĸ į
واﻟﺮواﻳﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﻓﺘ ًﺤﺎ ﻟﺮءوس ﻣﻮاﺿﻴﻊ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب ﻣﺜﻞ ﺣﺪود اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ وﺣﺪود ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ وأﻫﻤﻴﺔ رﺳﺎﻟﺔ اﻷدب ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .وﻛُﺘﺐ ﻋﻦ اﻟﺮواﻳﺔ وﻋﻦ »ﻧﺎﺑﻜﻮف« ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺸﺮات اﻟﻜٌﺘﺐ واﻟﺪراﺳﺎت واﻟﻤﻘﺎﻻت .ﻇﻠﺖ ﺗﺘﺮدد ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن »ﻧﺎﺑﻜﻮف« ﻓﺘﺢ ﻟﻸدب ﻃﺮﻗًﺎ ﺳﺮدﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة وﻏﻴﺮ ﻣﻄﺮوﻗﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻋﺒﺮ ﻣﺒﺎراة ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺷﺎﺋﻜﺔ ﺑﻴﻦ ﺛﻮاﺑﺖ اﻹﻧﺴﺎن اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ وﺑﻴﻦ ﻧﻮازع اﻟﺒﻄﻞ اﻟﻤﻨﺤﻄﺔ واﻟﺸﺮﻳﺮة ،وﺑﻘﻴﺖ داﺋ ًﻤﺎ ﺗ ُﺤﻠﻖ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻬﺎ ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪة ُﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺄن رواﻳﺔ »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« ٌ ﻣﺜﻴ ٌﺮ ﻟﻠﻐﺜﻴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺤﻮي ﻣﻔﺮدات أو ﻋﺒﺎرات أو ﺣﺘﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺑﺬﻳﺌﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻌﺪي ﺑﻄﻠﻬﺎ اﻟﺪﻧﻲء اﻟﻤﻬﻮوس اﻟﻤﺮﻳﺾ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﻤﻨﺤﺮف اﻟﺸﺎذ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻗﺔ ﺑﺮاءة ﻃﻔﻠﺔ ﺻﻐﻴﺮة وإﻏﻮاﺋﻬﺎ. وﻣﻮﺿﻮع اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺬي أﻓﺰع أﻣﺮﻳﻜﺎ واﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻫﻮ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ رﺟﻞ ﺗﺠﺎوز اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﺑﻄﻔﻠﺔ ﺗﺠﺎزت ﻟﻠﺘﻮ ﻋﺎﻣﻬﺎ اﻟﻌﺎﺷﺮ .اﻟﺒﻄﻞ »ﻫﻤﺒﺮت ﻫﻤﺒﺮت« ﻫﻮ أﺳﺘﺎذ ﻟﻸدب ﻳﺘﺘﺒﻊ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮات ﺟ ٍّﺪا وﻻ ﻳﺠﺪ اﻟﻤﻼﻣﺢ اﻷﻧﺜﻮﻳﺔ إﻻ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻦ ،وﻫﻮ ــ ﻋﺒﺮ ﻋﺪد ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺤﺎت ــ ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺋﻲ ﺗﺠﺎوزن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻓﻴﻤﺎ أﻛﺒﺮ ،واﺻﻔًﺎ إﻳﺎﻫ ّﻦ ﺑﺄﻧﻬ ّﻦ ﻣﻨﺘﻬﻴﺎت اﻟﺼﻼﺣﻴﺔ وﻣﺘﺮﻫﻼت وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺜﺮن أي رﺟﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ .ﻳﺮى »ﻫﻤﺒﺮت« ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ »اﻟﺤﻮرﻳﺔ« »دوﻟﻮرﻳﺲ ﻫﻴﺰ« أو »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« ﻓﻴﺘﺤﺎﻳﻞ ﻟﻠﺰواج ﺑﺄﻣﻬﺎ ﻟﻴﻜﻮن ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻠﺔ ،وﻳﺘﺴﺒﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﻗﺘﻞ اﻷم ﻓﻲ ﺣﺎدث ﻣﺮور ،ﻟﻴﺴﺘﻔﺮد ﺑﺎﻟﻔﺘﺎة اﻟﺼﻐﻴﺮة وﻳﺼﺤﺒﻬﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﺤﻤﻮﻣﺔ ﺣﻮل اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة، ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺮواﻳﺔ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻓﻴﻘﺮ ﺑﺄﻧﻪ» :دﻧﺲ أرض اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ« ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪ ﻓﻲ ﻻ وﻋﻴﻪ ﺑﺄﻧﻪ دﻧﺴﻬﺎ ﺑﺮواﻳﺘﻪ أﻳﻀً ﺎ.
ĞƀšĚ ĦſĴĭũŨ
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺪﻳﻦ إﻟﻰ أداة ﻗﺘﻞ؟ ŮŻİŤē ĆǙŐ İżŤŴ
ﻛﻞ
دﻳﻦ ﻫﻮ ﻛﻴﺎن ﺗﺼﻨﻴﻔﻲ ﺑﻄﺒﻌﻪ؛ وﺟﻮده ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻮر ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﻪ ،إﻟﻰ ﻣﻨﺘﻤﻴﻦ وﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻤﻴﻦ. وﻛﻞ ﻣﻨﺘﻢ إﻟﻰ دﻳﻦ ﻳﻀﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎً ﻓﻲ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﻟﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻫﻢ ﻣﺮﺷﺤﻮن ﻣﺤﺘﻤﻠﻮن ﻟﻼﻧﺘﻤﺎء إﻟﻰ أن ﻳﺜﺒﺖ اﻟﻌﻜﺲ. ﻫﺬه اﻟﺪورة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ– ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً- وﻫﻲ أن ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻛﻞ اﻟﺒﺸﺮ إﻟﻰ دﻳﻦ واﺣﺪ. أﻣﺎ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻬﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ )ﻣﻌﻨﺎ /وﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎ( ،واﻟﺨﻄﺮ أن ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ إﻟﻰ )ﻣﻌﻨﺎ أم ﺿﺪﻧﺎ(. ﺑﺠﻮار دورة اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻫﺬه ،ﺛﻤﺔ دورة ﺗﺼﻨﻴﻒ داﺧﻠﻴﺔ ،ﺗﺸﻤﻞ اﻟﻤﻨﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،وﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ً ،ﺗﺘﻄﻠﺐ إﺑﺪاﻋﺎً ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ،ﻓﺄﻣﺎ وﻗﺪ اﻧﺘﻈﻢ اﻟﻜﻞ ﺗﺤﺖ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ،ﻓﻘﺪ وﺟﺐ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ أﺧﺮى ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻢ! ﻫﻨﺎ ﻳﺒﺪأ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻹﺧﻼص واﻹﻧﺘﻤﺎء ،وﻷﻧﻬﻤﺎ ﻓﻜﺮﺗﺎن ﻣﺠﺮدﺗﺎن ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻴﺎﺳﻬﻤﺎ ﺑﺼﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮة ،ﻓﺈن اﻟﺠﻬﻮد ﺗﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﺑﺘﻜﺎر اﺧﺘﺒﺎرات ﻗﻴﺎس ذات ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎدي اﻟﻤﺤﺴﻮس واﻟﻤﻮﺟﻮد اﻟﻤﻠﻤﻮس ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻜﺘﺴﺐ اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت اﻟﻤﻈﻬﺮﻳﺔ اﻟﻤﺎدﻳﺔ أﻫﻤﻴﺔ ،ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﻜﻞ اﻟﻤﻠﺒﺲ :ﻣﺎذا ﻳﻜﺸﻒ وﻣﺎذا ﻳﺴﺘﺮ ،ﻃﻮل اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻠﺤﻴﺔ ،ﻛﻴﻒ ﺗﺒﺪو ،ﻛﻴﻒ ﺗﺘﺤﺮك ،ﻛﻴﻒ ﺗﺮﻛﺐ ،ﻛﻴﻒ ﺗﺄﻛﻞ ،ﻛﻴﻒ ﺗﻨﺎم ...وﺻﻮﻻً إﻟﻰ ﺻﻴﻎ اﻟﻜﻼم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺪى اﻹﺧﻼص ﻟﻠﻨﻤﻮذج. ﺑﺎﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ،ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺳﺪﻧﺔ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻹﺧﻼص واﻻﻧﺘﻤﺎء ،أن ﺗﻠﻚ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻤﻈﻬﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺑﺪﻋﻮﻫﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ ﺛﻐﺮة ﺧﻄﻴﺮة -ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻈﻬﺮﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﻠﻴﺪﻫﺎ وإدﻋﺎءﻫﺎ ﺑﻞ واﺗﻘﺎﻧﻬﺎ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺴﻤﺢ )ﻟﻸﻏﻴﺎر( ﺑﺎﺧﺘﺮاﻗﻬﺎ وﻣﻤﺎرﺳﺘﻬﺎ
دون أن ﻳﺮﺗﺒﻂ ذﻟﻚ ﺑﺎﻧﺘﻤﺎء وإﺧﻼص ﺣﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ،إﻧﻬﺎ إذن ﺛﻐﺮة ﺟﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ،وﻣﺪﺧﻞ ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺘﻤﻴﻦ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻳﺠﺐ اﻟﺘﺤﻮط واﻟﺤﺬر ،ﻫﻨﺎ ﻳﺘﺤﻮل اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻋﺘﻤﺎد ﻣﺒﺪأ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻲ اﻟﺸﺒﻬﺔ ،اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أو اﻟﺘﺰﻛﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻌﺮوﻓﻴﻦ ،وﻳﺼﺒﺢ اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻣﺴﺘﻤﺪا ً ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻤﻨﺘﻤﻲ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ،إﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة اﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ واﻟﻤﻌﺮوﻓﻴﻦ ﻣﻤﻦ ﺗﻤﺖ ﺗﺰﻛﻴﺘﻬﻢ ﻋﺒﺮ اﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ واﻟﻤﻌﺮوﻓﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ رﺷﺤﻬﻢ اﻟﻤﻘﺮﺑﻮن واﻟﻤﻌﺮوﻓﻮن ...اﻟﺦ. ﻫﻜﺬا ﻳﺨﺮج اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﺑﻌﺪ أن ﺗﺮاﺟﻊ ﺧﻄﻮة ﺧﻄﻮة ،وﺗﺴﻴﻄﺮ ﻓﻜﺮة )ﺿﻌﻴﻒ ﻣﺤﻞ ﺛﻘﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﻮي ﻣﺤﻞ رﻳﺒﺔ( ،وﻳﺘﻢ ﺗﺒﺮﻳﺮ ذﻟﻚ ﻋﺒﺮ وﺿﻊ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﺗﺘﻤﺴﺢ ﺑﻨﺼﻮص اﻟﺪﻳﻦ ،وﺗﺄوﻳﻼت ﻣﻔﺮﻃﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺠﺮد ﻣﺼﺪر ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ،وﻳﺘﻔﺮغ ﻛﺜﻴﺮون ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺼﺒﺢ إﺣﺪى آﻟﻴﺎت اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺐ داﺧﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﻤﺤﺒﻮﻛﺔ. ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺪﻳﻦ إﻟﻰ ﻣﺠﺮد ﻏﻄﺎء ﻟﺸﺒﻜﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺠﻤﻌﻬﺎ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺗﺤﻤﻴﻬﺎ اﻟﻤﺼﺎﻫﺮة واﻟﻨﺴﺐ واﻟﺸﺮاﻛﺔ ،ﺗﻔﺮز ﺧﺒﺮاءﻫﺎ ﻣﻦ اﻹﻋﻼﻣﻴﻴﻦ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻴﻦ ورﺟﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ورﺟﺎل اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ وأﺳﺎﺗﺬة اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ،وﺗﻜﺒﺮ اﻟﺤﻠﻘﺔ وﺗﺘﺴﻊ ﻟﺘﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺒﺘﺖ ﺣﻮﻟﻬﺎ :اﻟﺪﻳﻦ، اﻟﺬي وﻋﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ ﺑﺎﻟﺜﻮاب واﻟﻤﺴﺊ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب دون أن ﻳﺤﺪد ﻣﻮاﺻﻔﺎت ﺷﻜﻠﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺤﺴﻦ أو ذاك اﻟﻤﺴﺊ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم. ﻫﻨﺎ ،ﻻ ﻋﺠﺐ أن ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺪﻳﻦ إﻟﻰ أداة ﻟﻠﻘﺘﻞ واﻹرﻫﺎب ﻓﻲ ﻳﺪ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ،أو إﻟﻰ أداة ﻟﻠﺼﺮاع ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺤﻜﻢ ،أو إﻟﻰ أداة ﻟﻼﺳﺘﺮزاق واﻻﻧﺘﻔﺎع أو أداة ﻓﻲ ﻳﺪ ﻗﻮى أﺧﺮى ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ!
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
97
ĜġťŨė şŹļ ﺣﻴﺚ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻘﺒﻮل ﺷﻌﺒﻲ ﻛﻤﻌﺠﺰات اﻷﻧﺒﻴﺎء وﻛﺮاﻣﺎت اﻷوﻟﻴﺎء. ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﻛﺮاﻣﺎت اﻷوﻟﻴﺎء وﻣﻌﺠﺰات اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﺣﻼم اﻟﻔﻘﺮاء ﻟﻠﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ ،واﻟﻔﻘﺮ ،واﻟﻔﺴﺎد ،وﻗﺪ ﻳﻠﺠﺄ اﻟﻌﺎﺟﺰ ﻟﻠﺴﺤﺮ واﻟﺸﻌﻮذة ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ آﻟﻴﺔ ﺗﺤﻘﻖ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﻮ اﻟﻤﺸﺤﻮن ﺑﺎﻟﻐﺮاﺑﺔ أﻳﻀﺎ ﺗﻜﺜﺮ زﻳﺎرة اﻟﻘﺒﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﻓﻀﺎء ﺧﺼﺒﺎ ﻟﻠﻤﺴﺮح اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ. وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ،ﻳﺘﻤﺤﻮر اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻓﻲ ﻋﻨﺎﺻﺮ أﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ،ﻛﻮﻧﻪ ﻓﻀﺎء ﻻ ﻣﻌﻘﻮﻻ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺪ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﺘﻨﻔﺴﺎ ﻟﻠﻔﺮد؛ ﻛﻲ ﻳﻬﺮب إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺎت اﻟﻮاﻗﻊ وآﻻﻣﻪ. وﻳﺘﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ،ﺑﺤﺴﺐ ﻣﻘﺪار اﻟﻐﺮاﺑﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻳﺘﺮاوح اﻟﻤﺤﻜﻲ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺠﻴﺐ واﻟﻐﺮﻳﺐ، ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ،ﻳﺒﺪأ اﻟﺴﺮد ﺑﺄﺣﺪاث ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ اﻷﺧﻴﺮ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ ﻋﻘﻼﻧﻲ .أﻣﺎ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻴﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ أﻧﻪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ ﻏﻴﺮ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻏﻴﺮ ﻋﻘﻼﻧﻲ أﻳﻀﺎ، وﻫﻮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎﻃﺎ وﺛﻴﻘﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻈﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﺘﺮددا، وﺣﺎﺋﺮا ﺣﻮل ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺮأ .ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن اﻟﻌﺠﻴﺐ اﻟﻤﺤﺾ ﻳﺒﺪأ وﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﻼﻣﻌﻘﻮل ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮﻳﺐ اﻟﻤﺤﺾ ،ﻓﻬﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ
أﺣﺪاث ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ أﺣﺪاث ﻣﺨﻴﻔﺔ وﻣﻘﻠﻘﺔ، وﻻ ﺗﺸﺘﺮك ﻣﻊ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ إﻻ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت اﻟﺮﻋﺐ واﻟﺨﻮف ﻫﺬه. وﻧﻘﺮأ ﻟـ د.ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر ﻓﻴﺪوح ،ﻣﻘﺪﻣﺎ ﻟﻠﻜﺘﺎب» ،ﺣﻠﻘﺖ ﺑﻨﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ إﻟﻰ ﻋﻮاﻟﻢ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﺠﻨﻮن ،ﻓﻲ ﺻﻮر ﺷﺪﻳﺪة اﻷﺳﺮ ،ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﺪاث ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻳﺤﺮﻛﻬﺎ أﺑﻄﺎل ﻣﻦ ﻧﺴﺞ اﻟﺨﻴﺎل ،ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﻓﻮق اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻛﺄﻧﻚ أﻣﺎم رﺣﻠﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف ،وارﺗﻴﺎد ﺣﻘﻞ ﻣﺠﻬﻮل اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ،ﻏﺮﻳﺐ اﻷﻃﻮار ،ﺗﺸﻌﺮ وﻛﺄن روﺣﺎ ﺗﺸﺪد ﻋﺰﻣﻬﺎ؛ ﻟﺒﻠﻮغ اﻟﻬﺪف ﻓﻴﻚ، وﺗﻘﺮﻳﺒﻬﺎ ﻣﻨﻚ ،ﻫﻲ روح »اﻟﻌﺠﻴﺐ اﻟﻐﺮﻳﺐ«. »ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ﻣﻲ اﻟﺴﺎدة أن ﺗﻜﺘﻨﻪ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،وﺳﺒﺮ أﻏﻮارﻫﺎ ،ﻓﻲ ﻣﺘﻦ ﺳﺤﺮﻫﺎ اﻟﻤﺠﻨﻮن ،وأﺣﺪاﺛﻬﺎ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،ورﻣﻮزﻫﺎ اﻟﺠﺬاﺑﺔ ،ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ دﻻﻻﺗﻬﺎ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﺤﻴﺎة ،اﻟﻤﻌﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﻌﻘﻮل ،ﺑﻌﺎﻟﻤﻬﺎ اﻟﺴﺤﺮي اﻟﺨﺎرق، ووﺟﻮدﻫﺎ اﻟﻔﻌﻠﻲ اﻟﻤﺎﺛﻞ ،وﻧﺴﻘﻬﺎ اﻟﺮﻣﺰي اﻟﻤﺸﺮﺋﺐ إﻟﻴﻪ اﻟﻄﻤﻮح .ﻛﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ أن ﺗﺴﺒﺮ ﻏﻮر اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﺑﺎت ﻳﺘﺮﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻮق واﻗﻌﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺜﻪ اﻟﺠﻨﻮﻧﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﻔﻬﻢ«
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ﺟﺮاده ﻓﻲ اﻟﻴﺪ ،وﻻ أﻟﻒ ﻃﺎﻳﺮه ﻃﺎﻳﺮه :أي ﻃﺎﺋﺮة .وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ﺟﺮادة واﺣﺪة ﻓﻲ ﻳﺪي ﺧﻴ ٌﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺟﺮادة ﻃﺎﺋﺮة ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻹﻣﺴﺎك ﺑﻬﺎ .وﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮاً ﻋﻦ ﻛﺜﺮة اﻟﺠﺮاد. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﺋﺐ وإن ﻛﺎن ﻗﻠﻴﻼً.
96 96
اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ
اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ Ú Øp# Ã
اﻟﺴﺮد
اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،ﻛﺘﺎب ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﺔ ﻣﻲ اﻟﺴﺎدة ،ﺻﺎدر ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻋﻦ وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،اﺳﺘﻨﺪت ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺄوﻳﻠﻲ ﻓﻲ ﺧﻄﻮات اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺮﺑﻂ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺒﻴﺎن دﻻﻟﺔ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻤﻼﻣﺢ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ. ﻣﻬﺪت اﻟﺴﺎدة ﻟﻔﺼﻮل ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ﺑﺒﺤﺚ ﺣﻮل إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻮر اﻟﻨﻘﺪي ،وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺄرﺟﺤﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ واﻟﻐﺮاﺋﺒﻴﺔ واﻟﻔﺎﻧﺘﺎﺳﺘﻴﻜﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻟﺤﺎل إﻟﻰ اﻟﺘﺒﺎس ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﺑﺎﻷﺳﻄﻮرة. ﺗﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﺑﺘﻤﻬﻴﺪ ﻋﺎم ﺗﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻄﺮق إﻟﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺨﻄﺎب ﻧﻈﺮﻳًﺎ ،ﺛﻢ ﺗﻌﻤﻖ اﻟﺒﺤﺚ وﻓﺼﻞ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ. أﻣﺎ اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻓﺘﻨﺎول وﻇﻴﻔﺔ اﻷدب اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ،ووﻇﺎﺋﻒ اﻷدب ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر أن اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ﺗﻮﻇﻒ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﻈﻮر وﻛﺴﺮ ﺣﺪود اﻟﻤﺄﻟﻮف ،ﻟﻴﻌﺒﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﻮاﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﻼﻣﻌﻘﻮل ،ﻛﻤﺎ ﺗﻄﺮق ﻫﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ إﻟﻰ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ. أﻣﺎ وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،ﻓﺘﻢ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻘﻼ ﺧﺼﺒﺎ ﻟﻠﻤﺒﺪع ،ﻳﺤﺮث ﻓﻴﻪ ،وﻳﺒﺬر اﻟﺒﺬور اﻷوﻟﻰ ﻟﺴﺮد ﻫﺎﺋﻞ، ﻳﻐﺬﻳﻪ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻨﺎﺷﻲء ﻋﻦ اﻟﻌﺠﻴﺐ ،ﻟﻴﻮازي ﻓﻴﻪ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ اﻟﺸﻌﻮرﻳﺔ اﻟﻤﻌﺎﺷﺔ. وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ،ﻟﻴﺒﺪأ ﻓﺼﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان )اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ( ،ﻳﺘﻨﺎول ﻓﻲ أول ﻣﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ اﻵﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺤﻮر ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ اﻟﻌﺠﻴﺐ اﻟﻨﺎﺷﻰء ﻣﻦ ﻣﺸﻴﺌﺔ إﻟﻬﻴﺔ،
اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ
2015 2 ﻞ 015 أﺑﺮﻳﻞ 186أﺑﺮﻳ اﻟﻌﺪد 18
95
ĜġťŨė şŹļ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ،ﻧﺼﻮﺻﺎً ﺷﻌﺮﻳّﺔ وﻧﺜﺮﻳّﺔ واﻓﺮة، اﻟﺬي ﺿﻢ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺼﺮ ّ ﺗﻬﺎﺟﻢ اﻟﺒﺨﻞ واﻟﺒﺨﻼء ،ورﺳﻤﺖ ﻟﻨﺎ أﺑﺸﻊ ﺻﻮرة ،روﻳﺖ ﻋﻦ ﺑﺨﻠﻬﻢ وﺗﻘﺘﻴﺮﻫﻢ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ واﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ رﺳﻤﺖ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺻﻮرة ُﻣﺸﺮﻗﺔ ﻟﻠﻜﺮم واﻟ ُﺠﻮد واﻟﺴﺨﺎء واﻟﻌﻄﺎء وأﻫﻠﻪ .ﺛﻢ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ أﺷﻬﺮ اﻟ ُﻤﺼﻨﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺖ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺒﺨﻞ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻸدﻳﺐ اﻟﺠﺎﺣﻆ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺼﺪارة ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮ« اﻟﺒﺨﻼء« ﻓﻜﺎن ﻓﺘﺤﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻴﺪان ،وﺟﺎء ﺑﻌﺪه ﻣﺆﻟﻔﻮن ﺗﺼﺪوا ﻟﻠﺒﺨﻞ واﻟﺒﺨﻼء ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻬﻢ ،ﻧﺤﻮ ﻛﺘﺐ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ رﺑﻪ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ« اﻟﻌﻘﺪ اﻟﻔﺮﻳﺪ« ،وأﺑﻮ ﺣﻴّﺎن اﻟﺘﻮﺣﻴﺪي ﻓﻲ»اﻹﻣﺘﺎع واﻟﻤﺆاﻧﺴﺔ« ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻔﺮج اﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ ﻓﻲ« اﻷﻏﺎﻧﻲ« ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ُﻋ ّﺪ اﻟﺨﻄﻴﺐ اﻟﺒﻐﺪادي ﺻﺎﺣﺐ« ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻐﺪاد« ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺼﻮا اﻟﺒﺨﻼء ﺑﻜﺘﺎب ﻣﺴﺘﻘﻞ أﺳﻤﺎه« اﻟﺒﺨﻼء« أﻳﻀﺎً ،وﻫﻨﺎك ّ ِ اﻟﻨﻮﻳﺮي ﻓﻲ»ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷرب« ،واﻵﺑﺸﻴﻬﻲ ﻓﻲ« اﻟ ُﻤﺴﺘﻄﺮف ﻣﻦ وأﻟﻒ اﺑﻦ اﻟ ُﻤﺒ ّﺮد ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻓﻲ اﻟﺒﺨﻞ واﻟﻜﺮم، ّ ﻛﻞ ﻓ ﱟﻦ ُﻣﺴﺘﻈ َﺮف«ّ ، ﺳ ّﻤﺎه« إﺗﺤﺎف اﻟﻨﺒﻼء ﺑﺄﺧﺒﺎر وأﺷﻌﺎر اﻟﻜﺮﻣﺎء واﻟﺒﺨﻼء« .وﺧﺘﻢ اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﺑﺬﻛﺮ ﻣﺼﺎدر اﻟﺠﺎﺣﻆ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﺨﻼء ،ﺣﻴﺚ ﺣﻠﻞ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﺴﻴﺔ اﻟﺒﺨﻴﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪة ﻣﻮاﻗﻒ ،ﺛﻢ ﺗﻌﺮض ﻟﻤﻼﻣﺢ اﻟﺒﺨﻴﻞ اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ واﻟﺨﻠﻘﻴﺔ، وﻟﻠﻐﺔ ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﺨﻴﻞ ،ﺛﻢ ﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺠﺎﺣﻆ ﻣﻦ ﻧﻤﻮذﺟﻪ، وﺗﻮﻇﻴﻒ ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﺨﻴﻞ. ﻤ ْ ﻜﺪي ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻬﻤﺬاﻧﻲ اﻟ ُ
ﻗ ّﺪم ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ » ﻧﻤﻮذج اﻟ ُﻤﻜْﺪي ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻟﻬﻤﺬاﻧﻲ« ،ﻣﻮﺿﺤﺎً ﻓﻴﻪ ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻜﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻻﺻﻄﻼح ﻗﺎﺋﻼً ﺑﺄ ّن« اﻟ ُﻜ ْﺪﻳَﺔ« :ﻫﻲ ﺷ ّﺪة اﻟﺪﻫﺮ ،وﻫﻲ اﻷرض اﻟﺼﻠْﺐ ﺑﻴﻦ واﻟﺼﻔﺎة اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة واﻟﺸﻴﻰء َ اﻟﻐﻠﻴﻈﺔ ،ﱠ اﻟﺤﺠﺎرة واﻟﻄﻴﻦ ،ﻓﻴﻘﺎل :إﻧّﻪ أﻛْ َﺪى ،واﻟ ُﻤﻜْﺪي ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل :اﻟﺬي ﻻ ﻳﺜﻮب ﻟﻪ ﻣﺎل وﻻ ﻳَ ْﻨ ِﻤﻲ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺮض ﻟﻠﻜُﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻤﺎذج ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ،ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻜﻮى وﺗﺬﻣﺮ اﺑﻦ ﺳﻜﺮة اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ وﺗﺬﻣﺮه ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮ وﺗﻔﺠﻌﻪ ،وأن ﻋﻴﺸﻪ ﻇﻠﻢ وﻋﺪوان ﻓﻴﻘﻮل: ُﺟﻤﻠﺔ أﻣﺮي أﻧّﻨﻲ ُﻣ ْﻔﻠِ ٌﺲ وﻟﻴﺲ ﻟﻠ ُﻤ ْﻔﻠِ ِﺲ إﺧﻮانُ َ ﻋﻴﺶ ﺑِﻼ ِد ْرﻫ ٍَﻢ وﻛﻞ ذي ٍ ّ ﻠﻢ وﻋﺪوانُ ﻓﻌﻴﺸﻪ ُﻇ ُ
94 9 4
ﻧﻤﺎذج إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ
إﺛﺮ ذﻟﻚ ﻋﺮض ﻟﻤﺼﺎدر ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﻤﻮذج اﻟ ُﻤﻜْﺪي ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت ﻟﻠﻬﻤﺬاﻧﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ واﻟﻘﺮﻳﻀﻴﺔ واﻷﺳﺪﻳﺔ واﻟﺠﺎﺣﻈﻴﺔ ،واﻟﺴﺎﺳﺎﻧﻴﺔ ،واﻟﻤﻀﻴﺮﻳﺔ واﻟﻤﺎرﺳﺘﺎﻧﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻋﻨﺪ اﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻷﻏﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺪﻳﺚ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺻﻔﻮان، وﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ رﺑﻪ ﻓﻲ»اﻟﻌﻘﺪ اﻟﻔﺮﻳﺪ« ،واﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ ﻓﻲ»ﻳﺘﻴﻤﺔ اﻟﺪﻫﺮ« ،واﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ« اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ واﻟﻤﺴﺎوئ« وﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺒﻐﺪادي ،ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎول ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ ﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻜﺪﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﻧﻤﻮذج اﻟ ُﻤﻜْﺪي ،ﻣﻊ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻠﻤﺢ اﻟ ُﻤﻜْﺪي اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ واﻟﺨﻠﻘﻴﺔ، واﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻟﻐﺔ اﻟ ُﻤﻜْﺪي ،وﻣﻮﻗﻒ اﻟﻬﻤﺬاﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻤﻮذﺟﻪ ،ﻣﻊ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻧﻤﻮذج اﻟ ُﻤﻜْﺪي. ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﻄﻞ
أﺧﺘﺘﻢ ﺳﻴﻒ اﻟﻤﺤﺮوﻗﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ -اﻷﺧﻴﺮ -وﻫﻮ » ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ« ،ﻟﻴﺸﻴﺮ ﻓﻴﻪ إﻟﻰ أ ّن اﻟﺴﻴّﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻗﺪ ﻧﺸﺄت ﻓﻲ ﻇﺮوف ﺻﻌﺒﺔ ،وﻋﺎﺷﺖ ﺣﻴﺎة أﺻﻌﺐ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﻌﻮام اﻟﺨﺎﺻﺔ ،اﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮﺣﺎب ،وﺗﺤﻤﺴﺖ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺈ ّن أﻏﻠﺐ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب، اﺳﺘﻘﺒﻠﻮﻫﺎ ﺑﺎﺳﺘﻬﺠﺎن وﻧﺒﺬوﻫﺎ ،وﻟﻢ ﻳﻘﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ إﻻّ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮة .وﻳﻌﺰو ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻫﺬا إﻫﻤﺎل اﻟﺴﻴّﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ أﻧّﻬﺎ ﻛُﺘﺒﺖ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ أوﻻً ،وﻟﻢ ﺗ ُﻜﺘﺐ ﻟﻠﺨﺎﺻﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧّﻬﺎ ﻛُﺘﺒﺖ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻌﻮام ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗ ُﻜﺘﺐ ﺑﻠﻐﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة. ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻴّﻦ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﺑﻄﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ :اﻟﺸﺠﺎع ،وﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ»ﺷﺎﻛﻲ اﻟﺴﻼح ٌ ُﻣﺠ ﱠﺮب« .أﻋﻘﺒﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻓﻜﺮة ﻧﺒﻴﻠﺔ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻀﺮورة ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺨﻴﺮ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،وذﻛﺮ ﻣﺼﺎدر اﻟﺮواة ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﻤﻮذﺟﻬﻢ ﻛﺎﻟﻤﺼﺪر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،واﻟﺪﻳﻨﻲ ،واﻷﺳﻄﻮري/ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺷﺎر إﻟﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮ ﺗﻄﻮر اﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل :ﺑﺸﺎرة ﻧﺒﻮءة ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﻄﻞ ،واﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﺠﺴﺪي اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺒﻄﻞ ،وﻣﺮﺣﻠﺔ اﻹﻋﺪاد واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ّ واﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﻨﻤﻮذج ،وﻣﺮﺣﻠﺔ ﻧﻀﺎل واﻧﺘﺼﺎرات اﻟﻨﻤﻮذج ،وﻣﻮت ّ اﻟﻨﻤﻮذج /اﻟﺒﻄﻞ .ﺛﻢ ﻗ ّﺪم ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺒﻄﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻌ ّﻴﺎر واﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺴ ّﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ واﻟﺨﻠﻘﻴﺔ، اﻟﻘﺎص ﻣﻦ ﻧﻤﻮذﺟﻪ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ وﻟﻐﺔ اﻟﺒﻄﻞ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮﻗﻒ ّ اﺧﺘﺘﻢ اﻟﻤﺤﺮوﻗﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧﻴﺮ واﻟﻜﺘﺎب ﺑﺬﻛﺮه إﻟﻰ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ
ﻧﻤﺎذج إﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ ّ ّ Ú / # 1Ù Ø h
ﻳﺤﺘﻮي
ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺨﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺨﻼء
اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﺴﺮدﻳﺔ واﻟﻤﻼﻣﺢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﻋﺼﻮره اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ،ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺼﻮر اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻣﻦ دور ﻓﺎﻋﻞ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻜﺮ ،إﺿﺎﻓﺔ اﻟﺠﻠﻲ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ. إﻟﻰ دورﻫﺎ ّ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ« اﻟﺴﺮد وﻗﺪ ﺟﺎء ﻛﺘﺎب »ﻧﻤﺎذج إﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻓﻲ ّ ّ ﻟﻤﺆﻟﻔﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻴﻒ ﻣﺤ ّﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﺤﺮوﻗﻲ« اﻟﺬي ﺻﺪر ﻣﺆﺧﺮا ً ﻋﻦ دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺑﺼﻔﺤﺎﺗﻪ أﻟـــــ« «314ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﻻﻋﺘﻴﺎدي ،ﻣﺘﻀﻤﻨﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ وﺗﻤﻬﻴﺪ وﺛﻼﺛﺔ ﻓﺼﻮل ،وﺧﺎﺗﻤﺔ وﻗﺎﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ. ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﺑﺄﻧّﻪ» :رﻛﺰت ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎذج اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،واﺧﺘﺮت ﻟﻜﻞ ﻧﻤﻮذج ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻤﻼ ﺳﺮدﻳﺎ واﺣﺪا ،ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻨﺎ دراﺳﺔ اﻟﻨﻤﻮذج اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﻓﻖ إﻃﺎر ﻣﺤﺪد ،ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻼﻣﺢ ﻫﺬه اﻟﻨﻤﺎذج ،وﺗﻌﺮف اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻣﺒﺪﻋﻴﻬﺎ، وﻣﺪى ﻗﺪرة اﻟﻤﺒﺪع ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻧﻤﻮذﺟﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺴﺮدي، ﻫﺬا ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﻌﺮف ﻣﺪى ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺴﺮدي«. ﺛﻢ أﺷﺎر إﻟﻰ ﺳﺒﺐ اﺧﺘﻴﺎره ﻟﻤﺎدة ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻗﺎﺋﻼً»:وﻛﺎن وراء اﺧﺘﻴﺎري ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع رﻏﺒﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﻤﺎذج اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﺗﻌﺮف أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ودورﻫﺎ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻓﻴﻪ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺘﺼﻮر ﻛﺘﺎب » اﻟﺒﺨﻼء« ﻣﻦ دون وﺟﻮد ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﺨﻴﻞ ،أو أن ﻧﺘﺼﻮر »اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت« ﻣﻦ دون ﻧﻤﻮذج اﻟ ُﻤﻜْﺪي ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻔﻨﻲ ﻟﻠﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ دون ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﻄﻞ ،اﻟﺬي ﺗﺄﻛﺪ ﺣﻀﻮره ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ،ﺛﻢ أﺷﺎر إﻟﻰ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﻮاﺿﻴﻊ ﻛﺘﺎﺑﻪ.
ﻋﻘﺪ اﻟﻤﺤﺮوﻗﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول»ﻧﻤﻮذج اﻟﺒﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﺨﻼء ﻟﻠﺠﺎﺣﻆ« ،ﻟﻴﻮﺿﺢ ﻟﻠﻘﺎرئ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺒﺨﻞ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻓﺄورد ﻟﺬﻟﻚ ﻗﻮﻻً اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻓﻲ ُﻣﻌﺠﻤ ِﻪ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب»:اﻟ ُﺒﺨﻞ واﻟ َﺒﺨَﻞ :ﻟﻐﺘﺎن وﻗﺮئ ﺑﻬﻤﺎ .واﻟ َﺒﺨﻞ واﻟ ُﺒﺨﻮل :ﺿ ّﺪ اﻟ َﻜ َﺮم ،وﻗﺪ ﺑَ ِﺨ َﻞ ﻳَﺒﺨ َُﻞ ﺑُﺨﻼً وﺑَ َﺨﻼً ،ﻓﻬﻮ ﺑﺎﺧﻞ :ذو ﺑُﺨﻞ ،واﻟﺠﻤﻊ ﺑُﺨّﺎل« .ﻛﻤﺎ ﻋﺮض ﻟﻠﺒﺨﻞ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ،
ﻧﻤﺎذج إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ
2015 2 ﻞ 015 أﺑﺮﻳﻞ 186أﺑﺮﻳ اﻟﻌﺪد 18
93
ĜġťŨė şŹļ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺼﻴﺢ واﻟﻨﺒﻄﻲ واﻟﺘﺸﻜﻴﻞ
اﻟﺸﺎﻋﺮة ا`ﻣﺎراﺗﻴﺔ »ﺟﻨﺎن« ﺗﺼﺪر أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب } – Û ¸/
ﻋﻦ
دار اﻟﺴﻮﻳﺪي ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻇﻬﺮت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮة اﻟﻈﺒﻴﺎﻧﻴﺔ »ﺟﻨﺎن« ،واﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻻﺳﻢ ﻧﻔﺴﻪ. ﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟﺪﻳﻮان إﻟﻰ ﺟﺰءﻳﻦ ،ﻳﻀﻢ اﻷول اﻷﺷﻌﺎر اﻟﻔﺼﻴﺤﺔ ،وﻳﻀﻢ اﻵﺧﺮ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ. وﺣﻮل ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﻮع ﺗﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮة إن ﻣﺎ دﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﺼﻴﺤﺔ ﻫﻮ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻷدوات اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﺎ ﻳﺨﺘﻠﺞ ﺑﺪاﺧﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر وﺑﺮاﻋﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ أدق اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ. وﻳﻤﺜﻞ ﻟﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ واﻟﻌﺰف ﻋﻠﻰ أوﺗﺎر اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟﺤﻴﺎة اﻷﺟﺪاد وﻏﻮص ﻓﻲ أﺑﻌﺎد اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﻄﻮﺗﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﻄﺎﻗﺔ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ ﻧﺎدي اﻟﺸﻌﺮاء. وﺗﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ دﻳﻮاﻧﻬﺎ » إن ﻣﻮﻟﻮدي اﻟﺬي ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺧﺒﺄﺗﻪ أﻋﻮاﻣﺎ وأﻋﻮاﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻜﻢ ،ﺿﻢ ﺑﻴﻦ ﻃﻴﺎﺗﻪ أﺣﺎﺳﻴﺲ ﺟﻨﺎن اﻟﻤﺘﻮاﺿﻌﺔ ،ﻏﺮﺳﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﺴﻤﺔ أﻣﻞ وﻫﻤﺲ ﻣﺤﺒﻴﻦ وﺣﻨﻴﻦ ﻏﺮﺑﺔ ورﺟﻮى ﻣﺘﻴﻢ وﺳﺠﺪة ﻋﺎﺑﺪ وﻟﻬﻔﺔ ﺣﻨﻴﻦ ،إﻟﻴﻚ اﺑﻨﺘﻲ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻮان ﻓﻠﻄﺎﻟﻤﺎ إﻟﺤﺎﺣﻚ وﺗﺸﺠﻴﻌﻚ ﻷن ﻳﺒﺰغ ﻟﻠﻨﻮر ﻛﺎن اﻟﺴﺮ وراء إﺻﺪاره«. وﻣﻦ أﺟﻮاء اﻟﺪﻳﻮان ،ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﻧﻘﺮأ »ﻳﺎ ﻧﺒﻀﻪ اﻟﻠﻲ ﻛﺎن«:
ﻳﺎ ﻧﺒﻀــــــﻪ اﻟﻠﻲ ﻛــﺎن وﻳﺎ ﺑﺴﻤﻪ ﻓﻲ ﻫﺎﻟﺰﻣﺎن
وﻳﺎ ﻋﻤﺮه اﻟﻠﻲ ﺣﻀﺮ ﻟﻲ ﻋﻄﺮه ﻟﻲ ﺳﺤﺮ
إﻧﺘﻪ ﺑﻠﺴﻢ ﻓﻲ ﻫﺎﻟﻤﻜﺎن أروي ﻋـــــــﻤﺮ اﻟﻌﻤـــــﺮ ﻟﻴﺘﻚ ﺗﺴﻮــﻲ ﻟﻲ ﻣﻜﺎن وأﻏﻔﻲ أﻧﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻌﻤـــــﺮ أرﺟﻲ ﺑﻚ ﺳﻨﻴﻦ اﻻﻣﺎن ﻻ ﺗﺘﺮﻛﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﻲ ﺧـــﻄﺮ وﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻔﺼﺤﻰ ﻧﻘﺮأ »ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺸﺎ« ٌ ﻣـﺘــــﻮﺳـــﻂ ﺑــﻦ اﻟﺤــــﺸﺎ ﺳﺎﻛــﻦ ﺑ ِﻔﻜــﺮي ﻻ ﺗـﻐـﻴــــﺐ
92 9 2
اﻟﺸﺎﻋﺮة اMﻣﺎرﺗﻴﺔ »ﺟﻨﺎن« ﺗﺼﺪر أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب
ﺑـــﺎقٍ ﻋــﻠﻰ ﺟـــﻤﺮ اﻟﻐـﻀﺎ ﻣﻦ ﻓﺎرﻗﺖ ُﺣﻀﻨﻲ ﻳﺎ ﻏــــﺮﻳﺐ ﺷــﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﻛــﺄس اﻟﺸــﻘﺎ و ُذﺑـــﺖ ﺣـﻨـﻴـﻨــﺎً ﻳـﺎ ﺣﺒـﻴــﺐ ﻏَــ َﻤﺮ اﻟﻨــﺪى ﻋﻤﺮ اﻟﻔــﺘﻰ ﺿــﺎﺋﻊ ﻻ ﻣﺠـﻴــــﺐ وﻋــﻤﺮي ٌ َﺣ َﺒـﺎك اﻹﻟـﻪ ﺑﺤـﻠـﻮ اﻟﺤــﻼ وﺑﻼﻧــﻲ أﻧــﺎ ﺑـﻔـﻘـﺮ ﻋﺠـــﻴﺐ اﻟﺼــــﺒﺎ ﻻ أﻣـﻠـﻚ إﻻ دَﻣـﻊ َ وﺣـــﺐ ﻛــﺒـﻴـﺮ ﻟـﻲ َﺳﻠــــﻴﺐ ٌ ﻓـﻨـﻰ ﺑُـﺸـﺮاك ﻓﺠـﺴﻤﻲ ﻗـﺪ ٰ واﻟﺸـﻮق ﻣﻦ َﺳﻘـﻤﻲ رﻗـــــﻴﺐ َﺳـﻠَـﻮت ﻣﻦ ﻛُــﺜـﺮ اﻟ َﻌــﻨـــﺎ إﻻ ﻋـﻦ ﺣــﺒــﻚ ﻓــﻼ ﻣﻐــــﻴﺐ
ĝĴƀŅšŨė ĘŬč
أﻣﺎ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻓﻠﻢ ﺗﺜُﺮ! ﻟﻮ
ﻧﻈﺮﻧﺎ اﻟﻴﻮم إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻜﺘﺒﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻷوﻃﺎن واﻟﻤﻨﺎﻓﻲ ،ﻟﺮأﻳﻨﺎ ﻛ ّﻤﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻐﺜﺎء ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻓﺘﻘﺎد أو اﻓﺘﻘﺎر إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أُﻃﺮ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻴﻮم .ﺗﺸﻴﻊ ﻃﺒﻌﺎً أﻧﻤﺎط ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜﺮ، ﻟﻜﻦ أﻏﻠﺒﻬﺎ ﻣﺤﺎوﻻت ﻣﻦ دون ﻗﺮاءة أو وﻋﻲ أو ﺣﺘﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻋﻦ ﺷﻜﻞ أو ﺣﺎﻻت ﻗﺼﻴﺪة اﻟ َﻌﺮوض ورﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺒﺘﻌﺪ أﺣﻴﺎﻧﺎً ﻋﻦ ﻗﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮد اﻟﺘﻲ ﺛﺎر ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﻘ ُﺮب ﻣﻦ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن. ﻗﺪ ﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ »اﻟﻮﺻﻔﺔ« اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،أﻫﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ أن ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﺗﺮداد ﺣﺰﻧﻪ وآﻫﺎﺗﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﺘﻤﺤﻮر ﻋﻠﻰ ذاﺗﻪ ،ﻻ ّ أو ﺣﺘﻰ ﻓﺮﺣﻪ ودﻣﻮﻋﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ دون أن ﻳﻐﺎدر ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺬات إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ ،إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ رﺣﺐ ﻳﺴﻊ اﻟﺮأي ﻣﻨﺤﻰ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻬﻮي وأي واﻟﺨﺎﻃﺮة واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت واﻟﻘﺮاءة ّ ً ﺧﻴﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻴﻀﺮب ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺼﺎه ،ﻟﺮﺑﻤﺎ اﺳﺘﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻌﺪﺳﺔ اﻟﻤﻘ ّﻌﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻨﻮر ﻟﺘﺸ ّﻌﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،ﻣﻦ دون أن ﻳﺮﺗ ّﺪ إﻟﻴﻚ ﺟﺜّﺔ ﻣﺒﻬﻤﺔ أو ﺷﻜﻼً ﻣﺠ ّﻌﺪا ً أو راﺋﺤﺔ ﺑﺎﻫﺘﺔ أو ﻟﻮﻧﺎً ﺑﻼ ﻟﻮن. وﻣﻊ أن ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻲ ﻣﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ »اﻟﺜﻮرة« ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻓﻮرﻳﺔ أﻳﻀﺎً ،وﻣﻊ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺜﻮرات ﻻ ﻳﺰال أﻣﺎﻣﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻟﺘﺤﻘّﻖ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ؛ أﻗﻮل ،ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،وﻗﻒ اﻟﻤﺒﺪع اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺳﺎﻛﻨﺎً ،ﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜﻴﺮة ،ﻻ ﻳﺪري ﻣﻮﻗﻊ ﻗﺪﻣﻴﻪ ،وﺑﺎﻟﻪ ّ ﺧﺎﺋﺮ ﻻ ﻳﺘّﺨﺬ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﺻﺤﻴﺤﺎً ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﺘﻘ ّﺪم ﻧﺤﻮ اﻟﻔﻌﻞ ﺻﻒ اﻟﻐﺎﻟﺐ ،دون أن ﻳﻌﻲ اﻟﻼزم ،ﺑﻞ وﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ّ أﻧﻪ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻤﺘﺨﺎذل اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻋﻦ اﻟﻮﻋﻲ ،ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎر ﻣﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ر ّد اﻟﻔﻌﻞ ،ﻻ اﻟﻔﻌﻞ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﺑﻌﻴﺪ. ُ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻴﻮم ،وﻻ أﻋ ّﻤﻢ، وﺳﻂ ﻫﺬا ﻛﻠّﻪ ،ﻟﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ ّ ﻛﻞ ﻣﺠﺎل ،وﻣﻦ ﻻ ﻳُﻌ ﱠﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻃﺒﻌﺎً ،ﻓﻬﻨﺎك اﺳﺘﺜﻨﺎءات ﻓﻲ ّ
أﺻﻼً ،ﻟﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺑﻮﺟﻪ واع ﻟﻤﺎ ﻳُﻜﺘَﺐ اﻟﻴﻮم ،ﻟﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﺟﺪﻳﺪا ً )ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً( .ﻓﻤﺎ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ؟ ﻟﻘﺪ ﺻﺎرت أﻧﻤﺎط ﻗﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﺳﻌﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻔﻜﺮة واﻟﻄﻘﺲ واﻟﻤﻮروث واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ واﻟﻤﻮﻧﻮﻟﻮج واﻟﺪﻳﺎﻟﻮج اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﺑﺸﻘّﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ وﻓﻴﻮض اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت واﻟﻤﺤﻤﻮل ّ اﻟﻤﺴﺮﺣﻲ أو ﻃﺮاﺋﻖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ أو اﻟﻤﻮﻗﻒ واﻟﺨﺎرج واﻟﻤﺸﻬﺪ ّ ّ اﻟﺴﺮد ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ إﻟﺦ ،ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﻘﻊ ﻋﻴﻨﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻴﻪ ،إﻻ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻫﻨﺎك ﻳﺘّﺨﺬ درﺑﻪ ﺑﺠ ّﺪﻳﺔ ،وﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ وﺿﻊ ﺗﺼ ّﻮر ﻣﺎ ﻟﻘﺼﻴﺪﺗﻪ أو ﻋﺎﻟﻤﻪ ،ﻳﺘﺪ ّرج ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺎل إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ،ﻣﺴﺘﻜﺸﻔﺎً أو ﻣﺮﻳﺪا ً ،إﻟﻰ ﺿﻔﺎف ﺟﺪﻳﺪة ،أو ﺑﺤﺎر ﻟﻢ ﻳﻄﺮﻗﻬﺎ ﻏﻴﺮه ،دون أن ﻳﺘﻌ ّﺮض ﻻﺳﻔﻜﺴﻴﺎ اﻟﺨﻨﻖ أو اﻟﻘﻬﺮ أو اﻻﺳﺘﺴﻬﺎل أو اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﻤﺨﻠّﺔ أو إﻟﻰ ﻣﺠ ّﺮد ﺳﺮد ﻛﻼم ﻋﺎدي ﻛﺎﻟﻤﺎء ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻨﻪ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ُﻣﺴ ﱠﻤﻤﺎً ﻳﻐﺜﻲ ﺑﻄﻦ اﻟﻘﺎرئ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ،وأوﻟﻪ اﻟﻤﺘﻌﺔ. وﻻ ﺗﺘﻮﻗّﻒ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺘﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘ ّﺪﻣﻪ ﻟﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻣﺨﻴﻠﺔ أو رأي أو ﺳﻮرﻳﺎﻟﻴﺔ أو ﻋﻘﻴﺪة ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أو ﺳﺮد ﻣﻨ ّﻮع اﻟﻬﺪف واﻟﻐﺎﻳﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﺗﺘﻮﻗّﻒ أﺳﺎﺳﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ،ﻻ ﻳﺒﺘﻐﻲ اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ رؤﻳﺔ ﻣﻀﻤﻮﻧﻴﺔ وﺷﻜﻠﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎق ّ أي ﻣ ّﻤﻦ ﻛﺎن ﻟﻠﻘﺼﻴﺪة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺣﻴﻦ وﻻ ﻣﺒﺎﺷﺮة اﻟﺤﻘﻮق وﻻ ّ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﻳﻼً ﻋﻦ »اﻟﻤﻴﺪﻳﺎ« اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ،أو ﻟﺴﺎن اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﻔﺎﺧﺮ ﺑﻤﺂﺛﺮ وﻫﻤﻴﺔ وﻋﻨﺼﺮﻳﺎت ﻋﻨﺘﺮﻳﺔ .اﻟﻤﺘﻌﺔ ﻟﺪى اﻟﻘﺎرئ اﻟﻴﻮم ،ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻓﻲ اﺳﺘﺠﻼب اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،وﻻ ﻗﺼﺪﻳﺔ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ ،ﺑﻞ ﻓﻲ ﺷﻌﺮﻳﺔ اﻟﺠﻤﺎل ﻣ ّﻤﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺴﻮس وﻻ ﻣﻠﻤﻮس ،ﻛﻤﻦ ﻳﻼﻣﺲ ﻛﻔّﻪ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻣﺼﺮي *ﺷﺎﻋﺮ وﻣﺘﺮﺟﻢ ّ
أﻣﺎ اﻟﻘﺼﻴﺪة
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
91
أﺧﺒﺎره ﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﻬﺮوب إﻟﻰ اﻷﻫﻮاز ،ﻟﻜﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﻗﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ وأﻣﺮ اﻟﻮزﻳﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﺗﺮك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﻃﻠﺐ اﻟﻮزﻳﺮ ﺣﺎﻣﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ أﺑﻲ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻓﺘﻮى أﺧﺮى ﺿﺪه ،وﺑﻌﺪ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ أﺣﻞ دﻣﻪ وﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻹﻋﺪام ،وﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﻘﺘﺪر ﺗﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﺤﻜﻢ ،وﻓﻲ ﻳﻮم 24ﻣﻦ ذي اﻟﻘﻌﺪة ﺳﻨﺔ 309ﻫـ ﺣﻤﻞ اﻟﺤﻼج إﻟﻰ ﺑﺎب ﺧﺮاﺳﺎن ﻣﻦ ﺑﻐﺪاد ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﻗﻄﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﺛﻢ ﺻﻠﺐ ﻓﻀﺮب ﻋﻨﻘﻪ ﺛﻢ ﺣﺮﻗﺖ أﺷﻼؤه وأﻟﻘﻲ رﻣﺎدﻫﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺮ دﺟﻠﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﻤﺘﻪ أﻧﻪ ادﻋﻰ ﺣﻠﻮل اﻟﻼﻫﻮت ﻓﻲ ﻧﺎﺳﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﺒﺎراﺗﻪ وﻣﻦ أﺷﻬﺮﻫﺎ ﻗﻮﻟﻪ :أﻧﺎ اﻟﺤﻖ. واﻟﻤﻘﺘﺪر ﻫﻮ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ اﻟﻤﻌﺘﻀﺪ اﻟﺬى ﺗﻮﻟﻰ اﻟﺨﻼﻓﺔ وﻫﻮ ﺻﺒﻰ ﻓﻰ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،وﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎره ﻗﻴﻞ ﻋﻨﻪ :ﻫﻮ ﺻﺒﻰ ﻻ ﻳﺪرى أﻳﻦ ﻫﻮ .وأول ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﺬا اﻟﺼﺒﻰ ﻫﻮ ذﺑﺤﻪ ﻷﺣﺪ اﻟﻘﻀﺎة ﻷﻧﻪ أﻃﺎع ﺿﻤﻴﺮه ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ :ﺗﺒﺎﻳﻊ ﻟﻠﻤﻘﺘﺪر ،ﻓﻘﺎل :ﻫﻮ ﺻﺒﻰ وﻻ ﺗﺠﻮز اﻟﻤﺒﺎﻳﻌﺔ ﻟﻪ. وﻷن اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣﻰ ﺻﺒﻰ ﺻﻐﻴﺮ ﺗﺤﻜﻤﺖ ﻓﻴﻪ أﻣﻪ ،وﻫﻰ اﻣﺮأة روﻣﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻋﺮﺑﻴﺔ .وﻓﻰ دوﻟﺘﻪ وﻓﻰ ﻣﺼﻴﺮ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ، واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أﺛﺒﺘﺖ أن ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻰ
اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎن ﻣﺼﺪرﻫﺎ أم اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ .ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻮﻟﻲ وﺗﻌﺰل وﺗﺴﺠﻦ ،واﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻰ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ أﻣﺮه ،وﻟﻘﺪ ﻟﺒﺚ ﻫﺬا اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺮش ﺧﻼﻓﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ زﻫﺎء ﺧﻤﺴﺔ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺎﺣﻲ أﻣﻪ ،واﻷدﻫﺶ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺮج ﻣﻊ ﺟﻴﺸﻪ إﻻ ﻣﺮة واﺣﺪة ،وﻳﻌﻠﻞ اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﻫﺬا ﺑﺨﻮف أﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺸﺮاب. وأﻇﻨﻚ ﻋﺰﻳﺰى اﻟﻘﺎرئ ﺗﺘﻌﺠﻞ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ وﻣﺼﻴﺮه ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺜﻮرات ﺿﺪه وﺿﺪ ﺧﻼﻓﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻔﻴﻖ ،ﺣﺘﻰ ذﺑﺢ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ،وﺳﻠﺒﺖ ﺛﻴﺎﺑﻪ وﺗﺮك ﻣﻜﺸﻮف اﻟﻌﻮرة ،إﻟﻰ أن ﻣﺮ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻷﻛﺮة ﺑﻪ ﻓﺴﺘﺮ ﻋﻮرﺗﻪ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﺼﻮف اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﺮف ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﺠﺪل ﺣﺘﻰ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻦ ﻹﺣﺪى ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج ،ﻓﻤﻨﺬ أن ﻗﺘﻞ وﺻﻠﺐ وﺣﺮق اﺷﺘﻌﻠﺖ ﻧﻴﺮان اﻻﺧﺘﻼف واﻻﺗﻔﺎق ﺣﻮل ﻓﻜﺮه وﺣﻮل ﻣﺸﻬﺪ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎرة ودﻫﺸﺔ وأﻋﻤﻖ ﺗﺄوﻳﻼً ورﺻﺪا ً *ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﻨﻴﺎ ،ﻣﺼﺮ Bacel21@hotmail.com
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ﺑﺎﻟﻘﺺ ﺑﺎﻟﺨﺺ ،واﻟﻌﻴﺶ اﻟﺘﻤﺮ ّ ّ ﻣﺜﻞ ﺷﻌﺒﻲ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺄﺷﻬﺮ ﻏﺬاءﻳﻦ ﺷﻌﺒﻴﻴﻦ رﺋﻴﺴﻴﻴﻦ ،وﻫﻤﺎ اﻟﺘﻤﺮ واﻷرز واﻟﺬي ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺤﻠﻴﺎً »ﻋﻴﺶ«، وذﻟﻚ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺘﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﻏﺬا ًء رﺋﻴﺴﻴﺎً ﻋﻨﺪﻧﺎ. واﻟﻤﺜﻞ ﻣﻌﻨﺎه أﻧﻪ ﻋﻨﺪ أﻛﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻻ ﺿﻴﺮ أن ﺗﻨﺘﻘﻲ وﺗﺨﺘﺎر اﻟﺘﻤﺮة اﻟﺠﻴﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻦ ﻟﺘﺄﻛﻠﻬﺎ وﻣﻦ أي ﺟﻬ ٍﺔ ﻣﻨﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺄﻛﻞ اﻷرز ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﻲ أﻣﺎﻣﻚ وﺑﺪون اﻻﻧﺘﻘﺎء ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أرز وﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻮع. وﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻧﺼﺤﺎً ﻓﻲ آداب اﻷﻛﻞ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺒ ّﻴﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻤﺮ واﻷرز ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة.
90
وﻧﺺ ﻣُ ﺮﻛﺐ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج رﺟﻞ واﺣﺪ ّ
ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ
ﻋﺠﺒﺖ ﻟﻜﻠﻲ ﻛﻴﻒ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﺑﻌﺾ وﻣﻦ ﺛﻘﻞ ﺑﻌﻀﻲ ﻟﻴﺲ ﺗﺤﻤﻠﻨﻲ أرﺿﻲ ﻟﺌﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﺴﻂ ﻣﻦ اﻷرض ﻣﻀﺠﻊ ﻓﻘﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﻂ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ ِ ﻗﺒﺾ
اﻟﻨﺼﻮص ﺗﺒﻘﻰ ﺷﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮل ﻗﺼﺘﻪ ﻣﻦ وﺟﻊ ﺻﻮﻓﻲ ﺷﺨﺼﻲ إﻟﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﺘﺪاول ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺷﺘﻰ ﺑﻘﺎع اﻷرض. وﻓﻲ اﻟﺸﻄﺢ ﺳﻄﻮر وﺻﺤﻒ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم ،وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ اﻟﺸﻄﺢ ﺣﺎﻻً أو ﻣﻘﺎﻣﺎً ،ﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﺻﻴﻒ اﻟﺸﻄﺢ ﺑﺄﻧﻪ ﻫﻴﺌﺔ ،ﻓﺎﻟﺸﻴﺦ أﺑﻮ ﻧﺼﺮ اﻟﺴﺮاج ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﺳﺆال اﻟﺸﻄﺢ :ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺸﻄﺢ ؟ ﻓﻴﻘﺎل :ﻣﻌﻨﺎه ﻋﺒﺎرة ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺔ ﻓﻲ وﺻﻒ وﺟﺪ ﻗﺎم ﻼج ﺣ sﺪوﺗ َ ُﺔ اﻟ َ َ ﺤ ِ ﺑﻘﻮﺗﻪ ،وﻫﺎج ﺑﺸﺪة ﻏﻠﺒﺎﺗﻪ ،وﺑﻴﺎن ذﻟﻚ أن اﻟﺸﻄﺢ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺮب ﺗﻨﺒﻊ ﺷﻬﺮة اﻟﺤﻼج ﺣﺘﻰ أﻳﺎﻣﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻣﻦ ﺳﺨﻮﻧﺔ وﺗﺴﺎرع ﻫﻮ اﻟﺤﺮﻛﺔ«. ﻧﻬﺎﻳﺎﺗﻪ ،وﻳﻈﻞ ﻣﺸﻬﺪ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻼج ﻣﺼﺪرا ً وراﻓﺪا ً ﺧﺼﺒﺎً واﻟﺸﻄﺢ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﺴﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ أﺧﺒﺎر اﻟﺤﻼج ﻫﻮ ﻧﻘﻄﺔ وﺛﺮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﺑﺪءا ً ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ واﻟﺘﺄوﻳﻞ ﻣﺮورا ً ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ أﺳﺮار ﺑﺮﺻﺪ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻣﻦ زاوﻳﺘﻪ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻮاﺟﺪﻳﻦ إذا ﻗﻮي وﺟﺪﻫﻢ ﻓﻴﻌﺒﺮون ﻋﻦ اﻧﺘﻬﺎ ًء ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﻣﺸﻬﺪ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺬاﺋﻘﺔ وﺟﺪﻫﻢ ذﻟﻚ ﺑﻌﺒﺎرة ﻳﺴﺘﻐﺮﺑﻪ ﺳﺎﻣﻌﻬﺎ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﻤﺒﺪﻋﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻓﻤﻔﺘﻮن ﻫﺎﻟﻚ ﺑﺎﻹﻧﻜﺎر واﻟﻄﻌﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ إذا ذروة وﺟﻮدﻫﺎ اﻹﺑﺪاﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﺳﻤﻌﻬﺎ ،وﺳﺎﻟﻢ ﻧﺎج ﻳﺮﻓﻊ اﻹﻧﻜﺎر ﻋﻨﻬﺎ. اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺼﺮي ﺻﻼح ﻋﺒﺪ اﻟﺼﺒﻮر ﻋﺮﺑﻲ واﻟﺸﻴﺦ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﺤﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﻼج ﺷﻬﺮة ﺗﻨﺒﻊ اﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑـ »ﻣﺄﺳﺎة اﻟﺤﻼج« .ﺑﻞ إن ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻌﺎرﻓﻴﻦ ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﻘﺎد اﻟﻌﺮب ﻳﺆﻛﺪون ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر ﺑﺄن اﻟﻤﻜﻴﺔ:ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺸﺮح ﺣﺘﻰ أﻳﺎﻣﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻟﺤﻼج وﻧﺼﻮﺻﻪ ﻫﻤﺎ راﻓﺪا ﺷﻌﺮ اﻟﺤﺪاﺛﺔ وﺗﺴﺎرع ﺳﺨﻮﻧﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻄﺢ دﻋﻮى ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ﺑﻄﺒﻌﻬﺎ ﺷﺮﻗﺎً وﻏﺮﺑﺎ ﺑﺎﻣﺘﺪاد اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﻪ. وﻣﺨﻄﺊ ﻣﻦ ﻳﻈﻦ ﺑﺄن اﻟﺤﻼج ﺳﺎر إﻟﻰ ﻟﺒﻘﻴـــــﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﻬﻮى ﻧﻬﺎﻳﺎﺗﻪ ،وﻳﻈﻞ ﻣﺸﻬﺪ ﺣﺘﻔﻪ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة أول ﻣﺮة ،ﻓﺄﺧﺒﺎر ﻫﺬا إذا ﺷﻄﺤـــــــﺖ ﺑﻘﻮل ﺻﺎدق اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻼج اﻟﺤﻼج ﺗﻔﻴﺪ ﺑﺄن دﻋﻮﺗﻪ أﺛﺎرت ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أﻣﺮ ﻋﻨﺪ أرﺑﺎب اﻟ ﱡﻨﻬﻰ ﺷﺪﻳﺪة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ودﻳﻨﻴﺔ وﺻﻮﻓﻴﺔ أﻳﻀﺎً، ﻣﺼﺪر ًا وراﻓﺪ ًا ﺧﺼﺒ ًﺎ ﻓﻘﺼﺮ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﺗﻬﻤﻪ ﺑﺎﻟﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ وﻳﻘﻮل اﻟﺤﻼج ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺷﻄﺤﺎﺗﻪ ﻓﻲ وﺛﺮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت واﻟﺪﻋﻮة ﺳﺮا ً إﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﺳﻮق اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﺑﺒﻐﺪاد ﺑﺎﻛﻴﺎ ﻳﺼﻴﺢ: اﻟﻤﺮﻓﻮض آﻧﺬاك .ورﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ رأوا أن ً »ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎس أﻏﻴﺜﻮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﻠﻪ ) ﺛﻼث ﻣﺘﻌﺪدة ﺑﺪءا ﻣﻦ أﻓﻜﺎره ﺗﻌﺪ ﺧﺮوﺟﺎً ﺳﺎﻓﺮا ً ﻋﻦ أﺣﻜﺎم ﻣﺮات ( ،ﻓﺈﻧﻪ اﺧﺘﻄﻔﻨﻲ ﻣﻨﻲ وﻟﻴﺲ ﻳﺮدﻧﻲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ واﻟﺘﺄوﻳﻞ ﻣﺮور ًا اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻞ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ أﻋﻠﻦ ﺑﺄن ﻋﻠﻲ ،وﻻ أﻃﻴﻖ ﻣﺮاﻋﺎة ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻀﺮة، ّ اﻟﺤﻼج ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﺧﻄﺮا ً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ. وأﺧﺎف اﻟﻬﺠﺮان ﻓﺄﻛﻮن ﻏﺎﺋﺒﺎ ﻣﺤﺮوﻣﺎ ،ﺑﺮﺻﺪ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ أﻣﺎ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ -وﻫﻮ ﻓﻴﻬﻢ -ﻓﺄﺧﺬوا ﻋﻠﻴﻪ أﻧﻪ واﻟﻮﻳﻞ ﻟﻤﻦ اﻟﻮﺻﻞ«.ﻳﻐﻴﺐ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﻀﻮر ،وﻳﻬﺠﺮ ﻣﻦ زاوﻳﺘﻪ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ أﻓﺸﻰ اﻟﺴﺮ اﻟﺼﻮﻓﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﻮام وﻫﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺪ ﻧﻈﺮﻫﻢ وﻗﺘﺌﺬ ﻻ ﻳﻔﻘﻬﻮن رﻣﺰﻳﺔ اﻟﺘﺼﻮف وﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻄﺢ وﺟﺪا ً ﻗﺎﺋﻼً ﻣﺎ ذﻛﺮه ﻋﺒﺪ اﻧﺘﻬﺎء ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﻣﺸﻬﺪ ً وﻻ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺼﻮﻓﻲ ﻷﻧﻪ ﻧﺺ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﺰﻋﻔﺮاﻧﻲ ﻋﻨﻪ» :ﻟﻮ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺬاﺋﻘﺔ ﺧﺎص. أﻟﻘﻲ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ذرة ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺎل اﻷرض وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ -وﺑﻄﻠﺐ ﺷﺨﺼﻲ ﻣﻦ ﻟﺬاﺑﺖ ،وإﻧﻲ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺎر اUدﺑﻴﺔ اﻟﻤﺒﺪﻋﺔ اﻟﻮزﻳﺮ اﺑﻦ اﻟﻔﺮات -أﺻﺪر اﻟﻔﻘﻴﻪ اﺑﻦ ﻷﺣﺮﻗﺖ اﻟﻨﺎر ،وﻟﻮ دﺧﻠﺖ اﻟﺠﻨﺔ ﻻﻧﻬﺪم داوود اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻓﺘﻮى ﺿﺪه ﺑﺎﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻨﻴﺎﻧﻬﺎ« ،ﺛﻢ أﻧﺸﺪ ﻳﻘﻮل: ﺳﻨﺔ 297ﻫـ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺤﻼج ﻛﻤﺎ ﺗﺮوي
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
89
ﻢ اﻟﺤﻼ ُج ..ﻓﺄ َﻓ َ ﺗَ َ ﺎض َو ْﺟﺪ ًا ﻜﻠﱠ َ
ﻳﺸﻴﺮ ﺟﻮزﻳﺒﻲ ﺳﻜﺎﺗﻮﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم إﻟﻰ أن اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﻴﺜﺎق اﻷزل وﻋﻨﺼﺮ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻪ واﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺨﻠﻮق ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺮﺣﻪ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺤﻼج أن ﻳﺆﺻﻞ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﻮﻓﻲ ﻫﻮ ﻣﺴﻴﺮة ﻧﺤﻮ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ وﻫﻲ ﻓﻲ دﺳﺘﻮر اﻟﺘﺼﻮف ﺣﺎل وﻣﻘﺎم واﻟﺰﻫﺪ ﺣﺘﻰ أﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ. وﻳﺮى اﻟﺤﻼج أن اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻫﻲ أﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺪرﺟﺎت وﻫﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻦ أوﻟﻬﺎ إﻟﻰ آﺧﺮﻫﺎ ﻣﻮﺟﻬﺔ إﻳﺎه ﻧﺤﻮ اﻟﻠﻪ. وﻳﺮى اﻟﺤﻼج أن أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺮك اﻹﻧﺴﺎن ذاﺗﻪ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻓﻴﻔﻨﻰ ﻋﻦ ذاﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ اﻷﻋﻠﻰ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺮى ﻟﻨﻔﺴﻪ وﺟﻮدا ً ﻣﺴﺘﻘﻼً ﻋﻨﻪ ،ﺑﻞ ﻻ ﻳﺮى ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد إﻻ اﻟﻠﻪ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﺴﺪه ﺷﻌﺮا ً ﺑﻨﻈﻤﻪ:
أﻧﺎ ﻣﻦ أﻫﻮى وﻣﻦ أﻫﻮى أﻧﺎ ﻧﺤـﻦ روﺣﺎن ﺣﻠﻠﻨﺎ ﺑــــﺪﻧﺎ ﻓـــﺈذا أﺑﺼــــﺮﺗﻨﻲ أﺑــﺼﺮﺗﻪ وإذا أﺑﺼــــــﺮﺗﻪ أﺑﺼﺮﺗﻨﺎ
اﻟﺤﻼج ﻓﻲ ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﻨﺜﺮﻳﺔ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻌﺠﻢ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﺧﺎص ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺮئ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص أن ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻪ ﻟﻔﻚ ﺷﻔﺮاﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض اﻟﻠﻐﻮي واﻟﺪﻻﻟﻲ، وأﻏﻠﺐ اﻟﺘﺄوﻳﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻨﺼﻮص اﻟﺤﻼج ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻗﺒﻴﻞ ﻗﺘﻠﻪ وﺻﻠﺒﻪ أﻓﺎدت اﻟﻘﺎرئ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺎﻇﻢ ﺷﻌﺮي ﻟﻨﻔﺴﻪ وﻧﺎﺛﺮ ﻟﻐﻮي ﻟﺬاﺗﻪ
واﻟﺤﻼج ﻓﻲ ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﻨﺜﺮﻳﺔ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻌﺠﻢ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﺧﺎص ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺮئ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص أن ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻪ ﻟﻔﻚ ﺷﻔﺮاﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض اﻟﻠﻐﻮي واﻟﺪﻻﻟﻲ ،وأﻏﻠﺐ اﻟﺘﺄوﻳﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻨﺼﻮص اﻟﺤﻼج ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻗﺒﻴﻞ ﻗﺘﻠﻪ وﺻﻠﺒﻪ أﻓﺎدت اﻟﻘﺎرئ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺎﻇﻢ ﺷﻌﺮي ﻟﻨﻔﺴﻪ وﻧﺎﺛﺮ ﻟﻐﻮي ﻟﺬاﺗﻪ ،ورﺑﻤﺎ ﻳﺼﺪق ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﻣﺤﻤﻮد دروﻳﺶ » وﻛﻦ ﻧﺮﺟﺴﻴﺎً إذا ﻟﺰم اﻷﻣﺮ » وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺣﻀﻮر اﻷﻧﺎ ﺑﺸﻬﻮد وﻗﻮة ﻓﻲ ﻧﺼﻮﺻﻪ ،ورﺑﻤﺎ إذا اﺗﻔﻖ رﺟﺎل اﻟﺘﺼﻮف اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺄن اﻟﻤﻨﺎﺟﺎة اﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺤﻀﺮة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻓﺈن أﺻﺪق ﻣﺎ
88
وﻧﺺ ﻣُ ﺮﻛﺐ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج رﺟﻞ واﺣﺪ ّ
ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻻت اﻟﺤﻼج ﻳﺴﻤﻰ اﻟﻤﺮآة، ﻷﻧﻪ ﻳﻮﺣﻲ ﻟﻤﺴﺘﻌﺮض ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻮاﺟﻪ ذاﺗﻪ ﻻ اﻵﺧﺮ .ﻳﻘﻮل اﻟﺤﻼج:
ﻟﺒﻴﻚ ،ﻟﺒﻴﻚ ،ﻳﺎ ﺳﺮي وﻧﺠﻮاﺋﻲ ﻟﺒﻴﻚ ﻟﺒﻴﻚ ،ﻳﺎ ﻗﺼﺪي وﻣﻌﻨﺎﺋﻲ أدﻋﻮك ،ﺑﻞ أﻧﺖ ﺗﺪﻋﻮﻧﻲ إﻟﻴﻚ ﻓﻬﻞ ﻧﺎدﻳﺖ إﻳﺎك أم ﻧﺎدﻳﺖ إﻳﺎﺋﻲ ﻳﺎ ﻋﻴﻦ ﻋﻴﻦ وﺟﻮدي ﻳﺎ ﻣﺪى ﻫﻤﻤﻲ ﻳﺎ ﻣﻨﻄﻘﻲ وﻋﺒﺎراﺗﻲ وإﻳﻤﺎﺋﻲ
وﻳﻘﻮل اﻟﺤﻼج أﻳﻀﺎً ﻣﺘﻔﺮدا ً ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺣﻀﻮر اﻷﻧﺎ ﻣﺎ أورده إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻓﺎﺗﻚ ﻋﻨﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ دﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻨﻪ ورآه ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺔ رأﺳﻪ ﻳﻘﻮل » :ﻳﺎ ﻣﻦ ﻻزﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﺧﻠﺪي ﻗﺮﺑﺎً ،وﺑﺎﻋﺪﻧﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺪم ﻣﻦ اﻟﺤﺪث ﻏﻴﺒﺎ ،ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻋﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺘﻚ اﻟﻜﻞ ،وﺗﺴﻠﺐ ﻋﻨﻲ ﺣﺘﻰ أﺷﻬﺪ ﺑﻨﻔﻴﻚ ،ﻓﻼ ﺑﻌﺪك ﻳﺒﻘﻰ ،وﻻ ﻗﺮﺑﻚ ﻳﻨﻔﻊ، وﻻ ﺣﺮﺑﻚ ﻳﻐﻨﻲ « . وﻳﻮرد ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺮدوﻳﻪ ﻗﻮل اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﻼج ﻣﻨﺎﺟﻴﺎً رﺑﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺮاﻏﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة: »اﻟﻠﻬﻢ ،أﻧﺖ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﻢ ﺑﻪ ﻋﺪد ﻧﺎﻗﺺ ،واﻷﺣﺪ اﻟﺬي ﻻ ﺗﺪرﻛﻪ ﻓﻄﻨﺔ ﻏﺎﺋﺺ، وأﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻪ وﻓﻲ اﻷرض إﻟﻪ، أﺳﺄﻟﻚ ﺑﻨﻮر وﺟﻬﻚ اﻟﺬي أﺿﺎءت ﺑﻪ ﻗﻠﻮب اﻟﻌﺎرﻓﻴﻦ ،وأﻇﻠﻤﺖ ﻣﻨﻪ أرواح اﻟﻤﺘﻤﺮدﻳﻦ، وأﺳﺄﻟﻚ ﺑﻘﺪﺳﻚ اﻟﺬي ﺗﺨﺼﺼﺖ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻏﻴﺮك ،وﺗﻔﺮدت ﺑﻪ ﻋﻤﻦ ﺳﻮاك أن ﻻ ﺗﺴﺮﺣﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺤﻴﺮة ،وﺗﻨﺠﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﻏﻤﺮات اﻟﺘﻔﻜﺮ، وﺗﻮﺣﺸﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺗﺆﻧﺴﻨﻲ ﺑﻤﻨﺎﺟﺎﺗﻚ ،ﻳﺎ أرﺣﻢ اﻟﺮاﺣﻤﻴﻦ«. وﺑﺤﺠﻢ وﻣﺴﺎﻓﺔ ﺣﻀﻮر وﺷﻬﻮد اﻷﻧﺎ واﻟﺬات ﻓﻲ ﻧﺺ اﻟﺤﻼج ﺑﻘﺪر ﻣﺎ واﺟﻪ ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎدات ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻟﺸﻄﺤﺎﺗﻪ اﻟﻤﺪﻫﺸﺔ اﻟ ُﻤﻐﺮِﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ وﺻﻒ ﺟﻮزﻳﺒﻲ ﺳﻜﺎﺗﻮﻟﻴﻦ و ﻣﺎﺳﻴﻨﻴﻮن ،ﻓﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻏﺮورﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻮل واﻻﺗﺤﺎد واﻻﻣﺘﺰاج ﺑﻴﻦ اﻟﻼﻫﻮت واﻟﻨﺎﺳﻮت ،ورﻏﻢ اﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ داﻓﻌﺖ ﻋﻨﻪ وﻋﻦ ﻧﺼﻮﺻﻪ ﻣﺒﺮﺋﺔ إﻳﺎه ﻣﻦ ﺗﻬﻤﺔ اﻟﺤﻠﻮل واﻻﺗﺤﺎد واﻟﻜﻔﺮ إﻻ أن
ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ
ﻳﻤﺎرس ﺣﻖ اﻟﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﻗﺪر اﻟﺘﺤﻘﻖ ،اﻷﻣﺮ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ اﻟﻘﺪرة ،وﻳﺨﺒﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﻤﺎ أﻛﻠﻮه ،وﻣﺎ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج ﻳﺸﺘﻬﺮون ﺑﻤﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ ﺻﻨﻌﻮه ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ«. ﻫﻜﺬا اﻟﺤﻼج ﺳﻴﺪ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﺑﺤﻮادﺛﻪ ﺷﺨﺼﻴﺔ أﺳﻄﻮرﻳﺔ. ﻓﺈن اﻟﺤﻼج وﺣﺪه وإﺣﺪاﺛﻴﺎﺗﻪ اﻷﻛﺜﺮ دﻫﺸﺔ وﻏﺮاﺑﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺳ ْﻴﺮ َ ٌة َذا ِﺗﻴﱠ ٌﺔ اﻟ َ ﺤﻼ ﱠ ُج ِ .. اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ واﻋﺘﻘﺪ ﻛﺜﻴﺮون اﻟﺤﻠﻮل ﻫﺬه ﺳﻴﺮة رﺟﻞ اﺳﺘﺤﻖ أن ﻳﻤﻸ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻃﺎﻗﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ،وﺗﺒﺪو ﻓﻴﻪ ،وﻧﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﻠﻪ ﻣﺘﺼﻮف وﻳﺸﻐﻞ اﻟﻨﺎس أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ اﻓﺘﺘﻨﻮا ﺑﺄﺧﺒﺎر ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺣﺼﺮ آﺧﺮ ،وﻣﺎ أﻗﺮب اﻻﺧﺘﻼف ﺣﻮل ﺷﺨﺼﻪ وﺣﻜﺎﻳﺎ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﻣﺠﺪ أﺣﻤﺪ ﻛﺎﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ) ﻋﻠﻴﻪ أن إﻻ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻪ، اﻟﻤﻐﻴﺚ اﺑﻲ اﻟﻄﻴﺐ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ،ﻓﻬﻮ أﺑﻮ اﻟﺴﻼم ( ﻟﺬا ﺗﻌﺪدت اﻷﺣﺎﺟﻲ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﻴﻞ ﻫﻮ وﻟﻲ اﻟﻠﻪ ،وﻗﻴﻞ :ﻫﻮ ﺳﺎﺣﺮ ،وﻗﻴﻞ إﻧﻪ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج اﻟﺒﻴﻀﺎوي ،اﺑﻦ اﻟﻨﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﻟﻘﺐ ﺑﺎﻟﺤﻼج ﻷﺳﺒﺎب ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﻛﺎن ﻳﺠﻤﻊ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻳﺘﻴﻤﺎ وﻳﺼﻨﻊ ﻟﻬﻢ أﺟﻮد اﻟﻔﻬﺮﺳﺖ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻳﻜﺘﺴﺐ وإدﻫﺎش اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،ﻓﻴﻘﺎل إﻧﻪ ﻛﺎن ﻃﻌﺎم وﻳﻄﻌﻤﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ وﻳﻜﺴﻮﻫﻢ. واﻟﺤﻼج ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺘﻌﺮض ﻻﺗﻬﺎم اﻟﻨﺎس ﻟﻪ ﻗﻮﺗﻪ ﺑﺤﻠﺞ اﻟﺼﻮف ﺻﻨﻌﺔ أﺑﻴﻪ ،وﻳﻘﺎل إﻧﻪ واﻟﻜﺮدي ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻗﻌﺪ ﻋﻠﻰ دﻛﺎن ﺣﻼج وﺑﻪ ﻣﺨﺰن ﻗﻄﻦ ﻏﻴﺮ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺆﺧﺬ ﻗﻬﺮا وﻛﺮﻫﺎً إﻟﻰ ﻣﺤﻠﻮج ،ﻓﺬﻫﺐ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪﻛﺎن ﻟﺤﺎﺟ ٍﺔ اﻻﻧﺘﺼﺎر ،أوردا ﺑﻌﻀﺎ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺼﻠﺐ ،ﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﻳﺤﺪث إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻓﺎﺗﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﻤﻊ اﻷﺧﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻪ ﻓﺮﺟﻊ ﻓﻮﺟﺪ اﻟﻘﻄﻦ ﻛﻠﻪ ﻣﺤﻠﻮﺟﺎً ،ﻓﺎﺷﺘﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺑﺬﻟﻚ .أﻣﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻠﻘﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻘﻮل ﻟﺮﺑﻪ ﺳﺮا ً ﻓﻲ ﺧﻠﻮة ﻟﻪ وﻳﻘﻮل» :ﻳﺎ ﺑﻨﻲ، ﻣﺆوﻻً إﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ » ﺣﻼج اﻷﺳﺮار » ﻟﺪراﻳﺘﻪ اﻟﺘﺼﻮف وﻋﻠﻢ اﻟﺤﺮف إن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﺸﻬﺪون ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ، ﺑﻬﺎ واﻃﻼﻋﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺸﻬﺪون ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ،واﻟﺬﻳﻦ واﻟﺴﻴﻤﻴﺎء واﻟﻜﻴﻤﻴﺎء ﺑﻠﺪة وﻫﻲ ﻃﻮر، ﺑﻠﺪة َو ُوﻟِ َﺪ اﻟﺤﻼج ﻓﻲ ﻳﺸﻬﺪون ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ أﺣﺐ إﻟﻲ وإﻟﻰ ﺗﻘﻊ ﺷﻤﺎل ﺷﺮق ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻓﻲ واﻟﻄﻼﺳﻢ واﻟﻌﺰاﺋﻢ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺮون ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ« .ﻓﻘﺎل ﺑﻼد ﻓﺎرس ،وزﻋﻢ ﻛﺜﻴﺮون أﻧﻪ ﻣﻦ اﺑﻦ ﻓﺎﺗﻚ :ﻳﺎ ﺷﻴﺦ وﻟﻢ ذﻟﻚ؟ .ﻓﻘﺎل» :ﻷن ﻧﺴﻞ واﻟﺮﻗﻰ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ اﻟﺠﻠﻴﻞ أﺑﻲ أﻳﻮب اﻷﻧﺼﺎري، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻬﺪون ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ وارﺗﺤﻠﺖ أﺳﺮﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺮت ﻇﻨﻬﻢ ﺑﻲ ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻬﺪون ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ واﺳﻂ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ دﺟﻠﺔ ،وﻫﻨﺎ ﻧﺸﺄ أﺣﺐ ﺗﻌﺼﺒﺎً ﻟﺪﻳﻨﻬﻢ ،وﻣﻦ ﺗﻌﺼﺐ ﻟﺪﻳﻨﻪ ّ اﻟﺤﻼج ﺑﺎﻟﻌﺮاق ﻣﺘﻌﻠﻤﺎً ﻟﻠﻌﻠﻮم واﻟﻤﻌﺎرف إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻣﻤﻦ أﺣﺴﻦ اﻟﻈﻦ ٍ ﺑﺄﺣﺪ«. اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻮم اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ .وﻳﻜﻔﻲ وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﻳﺸﺘﻬﺮون ﺑﻤﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ وأﺑﻲ اﻟﻤﻜﻲ ﻋﻤﺮ وأﺑﻲ ﻟﻠﺤﻼج أﻧﻪ ﺗﺘﻠﻤﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺳﻬﻞ اﻟﺘﺴﺘﺮي ﻓﺈن اﻟﺤﻼج وﺣﺪه ﻃﺎﻗﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ،وﺗﺒﺪو ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺣﺼﺮ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻪ، اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺠﻨﻴﺪ وﻫﻢ أﺑﺮز أﻗﻄﺎب اﻟﺘﺼﻮف اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ إﻻ أن اﺑﻦ اﻟﻨﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻔﻬﺮﺳﺖ واﻟﻜﺮدي ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻻﻧﺘﺼﺎر، ﻋﺼﻮره وﻓﺘﺮاﺗﻪ. أوردا ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮف وﻋﻠﻢ اﻟﺤﺮف واﻟﺴﻴﻤﻴﺎء وﻟﻘﺪ ﺗﻌﺪدت أﺳﻔﺎر اﻟﺤﻼج ﻣﺘﻨﻘﻼً ﻣﻦ ﺧﺮاﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق واﻟﻜﻴﻤﻴﺎء واﻟﻄﻼﺳﻢ واﻟﻌﺰاﺋﻢ واﻟﺮﻗﻰ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎب ﻃﺎﺳﻴﻦ اﻷزل ﺛﻢ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﺛﻢ ﺟﺎء إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ﻟﻴﻨﺸﺮ ﻓﻜﺮه وﻃﺮﺣﻪ اﻟﺼﻮﻓﻲ ﻧﺜﺮا وﺷﻌﺮا ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻘﺎﻋﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﻛﻠﻞ أو ﻣﻠﻞ ،وﻛﺜﺮت واﻟﺠﻮﻫﺮ اﻷﻛﺒﺮ واﻟﺸﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮﻧﺔ واﻟﻨﻮرﻳﺔ ،واﻷﺣﺮف اﻟﻤﺤﺪﺛﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻷﺳﻤﺎر وﻃﺮاﺋﻒ اﻟﻘﺼﺺ ﻋﻨﻪ ﻓﺘﺮة إﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد ،واﻷزﻟﻴﺔ واﻷﺳﻤﺎء اﻟﻜﻠﻴﺔ ،واﻟﻈﻞ اﻟﻤﺪود واﻟﻤﺎء اﻟﻤﺴﻜﻮب ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ذﻛﺮه اﺑﻦ اﻟﻮردي ﺑﻘﻮﻟﻪ » :ﻗﺪم اﻟﺤﻼج ﺑﻐﺪاد ﻣﺘﺰﻫﺪا واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ،وﺣﻤﻞ اﻟﻨﻮر واﻟﺤﻴﺎة واﻷرواح ،واﻷﺑﺪ واﻟﻤﺄﺑﻮد، ﻣﺘﺼﻮﻓﺎ ،ﻳﺨﺮج ﻟﻠﻨﺎس ﻓﺎﻛﻬﺔ اﻟﺸﺘﺎء ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،وﻳﻤﺪ وﺳﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻤﺒﻌﻮث ،واﻟﻐﺮﻳﺐ اﻟﻔﺼﻴﺢ ،واﻟﻨﻘﻄﺔ وﺑﺪء اﻟﺨﻠﻖ، ﻳﺪه ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء وﻳﻌﻴﺪﻫﺎ ﻣﻤﻠﻮءة دراﻫﻢ أﺣﺪﻳﺔ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ دراﻫﻢ وﻣﻮاﺋﺪ اﻟﻌﺎرﻓﻴﻦ ،واﻟﺬارﻳﺎت ذروا ،واﻟﻜﺒﺮﻳﺖ اﻷﺣﻤﺮ.
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
87
أﻳﻘﻮﻧﺔ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ ﻟﻠﺮﻣﺰﻳﺔ
اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج وﻧﺺ ُﻣﺮﻛﺐ رﺟﻞ واﺣﺪ ّ د .ﺑﻠﻴﻎ ﺣﻤﺪي إﺳامﻋﻴﻞ* أﺳﺮع ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﺘﺤﺮش ﺑﺎﻟﻨﺺ اﻟﺼﻮﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻼﺳﺘﻄﺮاد -ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ﻧﺺ اﺧﺘﺰاﻟﻲ ﻣﻜﺜﻒ -ﻫﻮ ﻣﺒﺎﻏﺘﺘﻪ ﺑﻄﺮح اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﻔﻜﻴﻚ اﻟﻨﺺ وﺗﻔﺘﻴﺖ ﻋﻨﺎﺻﺮه إﻟﻰ ﻣﻜﻮﻧﺎت أوﻟﻴﺔ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻗﺘﻨﺎص ﻣﻀﺎﻣﻴﻦ وﻣﻌﺎﻧﻲ ﻫﺬا اﻟﻄﺮح اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ إﺣﺪاﺛﻴﺎﺗﻪ اﻟﺮﻣﺰ واﻹﺷﺎرات واﻟﺘﻨﺒﻴﻬﺎت. ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻤﺪﺧﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺼﻮﻓﻲ اﻷﺷﻬﺮ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج ﺷﺨﺼﻴﺔ وﻧﺼﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء ،ﻓﺴﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺤﻮل ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﻼج وﻃﺮﺣﻪ اﻟﺼﻮﻓﻲ وﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻪ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ وﺟﻊ ﺷﺨﺼﻲ إﻟﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج أﻳﻘﻮﻧﺔ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ ﻟﻠﺮﻣﺰﻳﺔ. وﺛﻤﺔ ﻋﻼﻣﺎت ﺗﺒﺪو ذات أﻫﻤﻴﺔ وﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻼج ﺷﺨﺼﺎً وﻧﺼﺎً ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻃﺮﺣﻪ اﻟﺼﻮﻓﻲ اﻟﺬي ﻻﻳﺰال ﻳﻠﻘﻰ رواﺟﺎً ﺑﺎﻟﺪرس واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻻﻃﻼع اﻟﻌﺎم ،ﻣﻨﻬﺎ أﻧﻚ ﺗﺘﻨﺎول ذاﺗﺎً إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ وأﺣﻼﻣﻬﺎ وأﻣﻨﻴﺎﺗﻬﺎ ﻏﻴﺮ اﻟﻄﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ اﻹﺣﺒﺎط، وأن ﻫﻨﺎك ﺗﻘﻨﻴﺎت ﺻﻮﻓﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻤﺘﻠﻜﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮون ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺮروا اﻹﺑﺤﺎر ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮف ،ﻟﻜﻦ ﺑﻘﻲ اﻟﺤﻼج وﺣﺪه اﻟﺬي اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺷﻔﺮة اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﺤﺐ واﻟﻮﺟﺪ اﻟﺼﻮﻓﻲ وﺧﻴﺮ ﻣﻦ أﺟﺎد ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻗﻠﻖ اﻟﺘﺼﻮف ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﻣﺴﺘﻘﺮ. وﺑﻌﻴﻦ اﻟﻄﺎﺋﺮ ﺗﺴﺘﻘﺮئ اﺗﺴﺎﻋﺎً ﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻧﺼﻮص اﻟﺤﻼج،
86
وﻧﺺ ﻣُ ﺮﻛﺐ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺤﻼج رﺟﻞ واﺣﺪ ّ
وﻫﻲ ﻧﺼﻮص ﺗﻀﻄﺮك ﻃﻮﻋﺎً إﻟﻰ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﻘﺪرة اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺸﻜﻞ واﻣﺘﺼﺎص اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،ﺑﻞ إﻧﻪ ﺑﺎت ﺿﺮورﻳﺎً اﻋﺘﺒﺎر ﺳﺮدﻳﺎت اﻟﺤﻼج اﻟﻤﺼﺪر اﻷﺻﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﻋﺮف ﺑﺸﻌﺮ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ .وﻣﺨﻄﺊ ﻣﻦ ﻳﺘﻨﺎول ﻧﺺ اﻟﺤﻼج ﻗﺎﺻﺮا ً ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻪ أﺣﺪ أﻗﻄﺎب اﻟﺘﺼﻮف اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺿﺮورات ﺗﻠﻘﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﺼﻮص اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺘﺎم ﺑﺒﺮاﻋﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ إﺣﺎﻻت ذاﺗﻴﺔ. ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر وﻗﺒﻴﻞ اﻟﻮﻟﻮج إﻟﻰ أﻛﻮان وﻋﻮاﻟﻢ اﻟﺤﻼج ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻨﻮﻳﻪ إﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﺑﺼﺪد رﺟﻞ واﺣﺪ وﻧﺺ ﻣﺮﻛﺐ ﻳﺴﺘﻨﻄﻖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺆر اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ أﺷﻌﺘﻬﺎ اﻟﻜﺎﺷﻔﺔ ،وﻫﻮ ﻧﺺ ﺑﺘﻮﺻﻴﻒ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ
إﻃﺎره اﻟﺪاﺧﻠﻲ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎن ﻳﺤﺮﻛﻪ ﻣﺎ ﻫﻮ داﺧﻠﻲ ،ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل واﻟﻬﻮﻳﺔ ،وإن ﻋﻤﻞ اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺎﻷوﻟﻰ ،وﺗﺄﺧﻴﺮ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﻌﻠﻲ إﻟﻰ ﺳﻨﺔ ،1912ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻇﻠﺖ اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺗﻌﺮف ﺧﻠﻼ ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﺗﺒﺤﺚ داﺋﻤﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،أو ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،واﻻﻧﺒﻬﺎر ﺑﻬﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻔﺮج ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻨﺨﺐ ﺗﻤﻌﻦ اﻟﻨﻈﺮ ،اﻟﻤﺸﺎﻫﺪة وﻓﻚ اﻟﺮﻣﻮز ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻵن) ،(4وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ. وﺑﻤﻮازاة ﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻛﺎﻧﺖ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻳﻘﻈﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﺨﺐ ﻓﻲ إﻃﺎر داﺧﻠﻲ، وﺗﻮﻇﻒ ﻣﻌﻄﻴﺎت ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ).(5 ﻟﻢ ﻳﻜﻦ واﻗﻊ اﻟﺼﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ اﻟﻨﺨﺒﺔ واﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ، وﺧﻠﺨﻠﺘﻬﺎ ﺳﻮى »ﺿﺮورة ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ«) ،(6وﺗﻌﺒﻴ ٍﺮ ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻌﺪا ﻟﺘﻘﺒﻞ أﻛﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺼﺪﻣﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ،اﻟﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن رﻫﺎﻧﺎ ﻟﺘﺨﻄﻲ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺒﻼد ﺑﺴﺒﺐ وﻃﺄة اﻟﺘﺨﻠﻒ .وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻹﺻﻼﺣﻲ واﻟﺤﺪاﺛﻲ، اﻟﺬي أﺳﻬﻤﺖ ﺗﺠﺎرﺑﻪ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎس ،ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷورﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،واﻟﺘﻲ ﻣﺴﺖ ﻣﻌﺘﻘﺪات اﻷوروﺑﻲ وإﻧﺴﻴﺘﻪ ،ﻗﺒﻞ أن ﺗﻤﺲ ﻇﺮوف ﻋﻴﺸﻪ اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺻﻼﺣﻲ اﻟﺬي ﻃﺒﻊ ﻣﻐﺮب اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻈﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺒﻼد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻤﻨﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺪﺧﻞ اﻷﺟﻨﺒﻲ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ﺳﻨﺔ 1912م ،ﺣﻴﺚ ﺳﻨﺮى أن اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻏﻴﺮت إﻃﺎرﻫﺎ اﻟﻔﻜﺮي ،وأدواﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﺑﺮز ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻮن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻓﺮاد ﻫﺬه اﻟﻨﺨﺒﺔ اﺳﺘﻮﻋﺒﺖ اﻟﻔﻜﺮ اﻵﺧﺮ ،دراﺳﺔ وﻧﻘﺪا ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻘﺮوﺋﻴﺘﻬﺎ ،ﺑﻞ وإن ﻋﺪدا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﺨﺐ اﻟﺘﻲ درﺳﺖ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ اﻷوروﺑﻴﺔ ،أﺧﺬت ﻣﻨﻪ ﻛﻤﺎ أﺧﺬت اﻟﻨﺨﺐ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ
ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ
ﻣﻦ دون ﺷﻚ إن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ اﻛﺘﺴﺒﺖ رﺻﻴﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاﻛﻢ اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺬي ﻧﺴﺠﻪ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻨﻴﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وا`ﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎ`ﻃﺎر اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻏﻴﺮه
ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﺤﺼﻴﻠﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺛﻴﺮة اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻹﺻﻼﺣﻲ *ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط
ﻫﻮاﻣﺶ: ) (1ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ اﻟﺠﺎﺑﺮي» ،ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻨﻮﻧﻲ :ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ«» ،ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻀﺔ واﻟﺘﺮاﻛﻢ :دراﺳﺎت ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻬﺪاة ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻨﻮﻧﻲ« ،دار ﺗﺒﻘﺎل ﻟﻠﻨﺸﺮ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ ﻓﻀﺎﻟﺔ، اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ،ط ،1986 ،1ص.31 : ) (2ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻜﻴﻼﻧﻲ » ،ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻜﻮاﻛﺒﻲ :ﻧﻘﺪ اﻻﺳﺘﺒﺪاد«» ،اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ :ﺣﺼﻴﻠﺔ أوﻟﻴﺔ« ،إﺷﺮاف ﻋﺒﺪ اﻹﻟﻪ ﺑﻠﻘﺰﻳﺰ ،ﻣﺮﻛﺰ دراﺳﺎت اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،2013 ،ص.29 : ) (3ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤﺎرة » ،اﻹﺻﻼح ﺑﺎﻹﺳﻼم :ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺤﻀﺎري ﻟﻺﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه« ،ط ،2ﻧﻬﻀﺔ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ، اﻟﺠﻴﺰة ،ﻣﺼﺮ ،2007 ،ص ص. 19 18- : ) (4ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺨﻄﻴﺒﻲ » ،اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺤﺪاﺛﺔ«، ﺗﺮﺟﻤﺔ :أدوﻧﻴﺲ ،أﻣﻴﺮة اﻟﺰﻳﻦ ،اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺴﺎﻟﻤﻲ ،ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻜﺘﺎﻧﻲ اﻹدرﻳﺴﻲ ،ﻓﺮﻳﺪ اﻟﺰاﻫﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻨﻴﺲ ،اﻟﻤﻌﻄﻲ إﻗﺒﺎل، ﻣﺮاﺟﻌﺔ :ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻨﻴﺲ ،ﻣﻨﺸﻮرات ﻋﻜﺎظ ،ﻣﻄﺎﺑﻊ ﻋﻜﺎظ ،اﻟﺮﺑﺎط، ،1993ص.75 : ) (5ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ اﻟﺠﺎﺑﺮي» ،ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻨﻮﻧﻲ :ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ« ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.31 : ) (6أﺣﻤﺪ اﻟﻌﻤﺎري » ،ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﺴﻮﺳﻲ اﻟﺴﻤﻼﻟﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﺘﺎﺑﻪ :ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻹﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ واﻟﻤﻌﻮﻧﺔ،«..ﺿﻤﻦ اﻷﻳﺎم اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ﻣﻦ 20إﻟﻰ 23أﺑﺮﻳﻞ 1983 ﺣﻮل «:اﻹﺻﻼح واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ«، ﻣﻨﺸﻮرات ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ،ﺳﻠﺴﻠﺔ: ﻧﺪوات وﻣﻨﺎﻇﺮات رﻗﻢ ،7ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺠﺪﻳﺪة ،اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء، ،1986ص.91 :
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
85
ﻳﺸﺘﺮﻛﺎن ﻓﻲ رؤﻳﺘﻬﻤﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮى ﺑﻀﺮورة اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﺗﻐﻴﻴﺮ أﺳﺌﻠﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ).(2 ﻟﻜﻦ ﻣﻬﻤﺎ وﻗﻊ ﻟﻜﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ واﻵﻟﻴﺎت ﻟﻜﻦ ﻣﻦ دون اﻟﻤﺲ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻬﻤﺎ اﻟﺮﻛﻮد ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻬﺠﺮي ،ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻴﻘﻈﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻃﺮأ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ .اﻷول ﺗﺒﻨﻰ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻣﻔﻬﻮ ًﻣﺎ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻤﻐﺮب إﻻ ﻻﺣﻘًﺎ .وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﺪﻣﺔ ﻟﻮﻻ اﻟﻀﻐﻮﻃﺎت ﻣﺮﺟ ًﻌﺎ أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴًﺎ وﻓﻜﺮﻳﺎً ﻗﺎﺋ ًﻤﺎ ﺑﺬاﺗﻪ .ﻓﻴﻤﺎ ذﻫﺐ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ، اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ واﻟﺪﺧﻮل اﻷﺟﻨﺒﻲ ﻟﻠﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺎﻟﻘﻮل أن اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ واﻟﺘﺨﻠﻒ اﻟﺬي ﻳﺘﺨﺒﻂ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻠﺪ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﺣﺘﻼل اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﺳﻨﺔ 1830م ،إﻟﻰ ﻫﺰﻳﻤﺔ إﻳﺴﻠﻲ ﺳﻨﺔ م ،1844وﺳﻊ اﻟﻬﻮة ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ وﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ ،ﻓﺪﻋﺖ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ واﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺨﻄﻴﺮة اﻟﺘﻲ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﺧﻴﺮة ﺣﻴﺚ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،ﻟﺘﻘﻮﻳﻢ اﻋﻮﺟﺎﺟﺎت اﻷﻣﺔ .ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻹﺻﻼح ﻛﺸﻔﺖ اﻟﻨﻘﺎب ﻋﻦ ﺿﻌﻒ اﻟﻤﻐﺮب وﻫﻴﺎﻛﻠﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﺼﻼح ﺳﻨﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳﺎﻻت اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ ،وﻃﺮﻳﻖ ﺳﺎﺋﺮ واﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ،ﻓﻠﻢ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ وﺣﺪﻫﺎ ﻫﺬه اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ،ﻟﻬﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪاﻳﺔ اﻹﺻﻼح ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻮر اﻟﺪﻳﻨﻲ، ﻓﻴﻬﺎ وأﺛﺮﻫﺎ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﻐﺮب ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻫﻲ اﻟﺼﻼح اﻟﺬي ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻟﺠﺬور واﻷﺻﻮل واﻟﻤﻨﻄﻠﻘﺎت ﻓﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﻴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﺪان اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ آﻧﺬاك واﻟﻤﺒﺎدئ واﻟﻬﻮﻳﺎت واﻟﻔﻠﺴﻔﺎت واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت).(3 وﻟﻌﻞ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺻﻼﺣﻲ اﻟﺬي ﻣﻴﺰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺮﺑﺺ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،ﺑﻞ ﺗﺪﺧﻠﺖ اﻟﻤﺨﺎض ،أي ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ،ﻓﻜﺮ ﻧﺨﺒﺔ ﺣﺘﻰ اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑﺤﻜﻢ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ واﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﺎﺳﺘﻮﻟﺖ ﻋﻠﻰ واﻟﻤﺮﺣﻠﻴﺔ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﺠﺰر اﻟﺠﻌﻔﺮﻳﺔ ﺳﻨﺔ 1848م ،ﻟﻀﻤﺎن ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻃﻴﻪ وﺗﺒﻨﻴﻪ ﻟﻠﻌﻠﻤﻴﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ وﻓﻖ ﻗﺪم ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺷﺮوﻃﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻃﺮ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﺮب ،ﻛﻞ ﻫﺬا أﺑﺮز ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺧﻼﻟﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﺨﺒﻮي اﻟﺬي اﺷﺘﻐﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻣﻦ اﻟﻀﻌﻒ ﻋﻠﻰ ﺟﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ا`ﺻﻼﺣﻲ اﻟﻔﻜﺮ داﺧﻞ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﺨﺰﻧﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻛﻐﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ اﻧﺸﻐﻠﺖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ أوروﺑﺎ. اﻟﺬي ﻃﺒﻊ ﻣﻐﺮب ﻣﻦ ﺧﺎرج ﻫﺬا اﻹﻃﺎر. إن اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت واﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻟﻜﻦ ،ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ،ﻻ ﻧﺠﺎزف ﻓﻲ إﺻﺪار ﻋﺸﺮ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺴﺎﻳﺮة ﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻈﺮﻓﻴﺔ أﺣﻜﺎم ﻋﺎﻣﺔ ﻋﻨﻬﺎ ،وﺗﺄﻃﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺨﺒﺔ وﻓﻜﺮﻫﺎ ،واﻟﺤﺘﻤﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻲ اﻟﺨﺎﻧﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرة واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺨﺒﻂ ﻓﻲ ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﻤﺎ، ﻋﻠﻰ أي ﺷﻲء ،وﺗﺘﻘﺒﻞ أي ﺷﻲء ﻣﻦ اﻵﺧﺮ، اﻟﻨﺨﺐ ﻓﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري أن ﺗﺒﺎدر ﻫﺬه اﻟﺒﻼد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى ﻟﺪرﺟﺔ أن اﻟﻌﺪﻳﺪﻳﻦ ﻳﺠﻌﻠﻮن اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻣﻦ ﻟﺘﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى ﺗﻄﻠﻌﺎت ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ، واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ذات ﻓﻜﺮ ﺟﺎﻣﺪ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ وﺗﻘﺘﺮح ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﺑﺎﻗﻲ ﺷﺮاﺋﺢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﺴﻠﻤﻮا وأﺳﻠﻤﻮا ﻋﻘﻠﻬﻢ ﻟﺘﻘﺒﻞ أي ﺷﻲء ﻣﻦ دون واﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺬه اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ،ﺑﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺪﺧﻞ اUﺟﻨﺒﻲ أي ﺷﻲء. ﺣﻘﺎ ،ﻟﻘﺪ وﺟﺪت اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻤﻐﺮﻳﺒﺔ ﺻﻌﻮﺑﺔ أﻳﻀﺎ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ دواﻣﺔ اﻟﺘﺨﻠﻒ واﻟﺘﺄﺧﺮ، وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺼﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺪﺛﻬﺎ اﻟﺬي ﻋﺠﻞ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ ﻟﻄﺮح أﺳﺒﺎب اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻵﺧﺮ ،ﺑﻞ واﺳﺘﺴﻠﻤﺖ ﻟﻬﺬه اﻟﺼﺪﻣﺔ، وﺗﻌﺪدت ﺣﺴﺐ ﻣﻮاﺿﻌﻴﻬﺎ ﺗﺄرﺟﺤﺖ ﺑﻴﻦ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ﺳﻨﺔ 1912 واﻟﻔﻮارق اﻟﺘﻲ ﺑﻴﻨﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى ﺗﻮﺟﻬﻴﻦ ﻓﻜﺮﻳﻴﻦ ﺣﺪاﺛﻲ وﺳﻠﻔﻲ. اﻟﺬﻫﻨﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻌﺴﻜﺮي واﻟﺘﻘﻨﻲ. وإن ﻛﺎن ﻟﻬﺬﻳﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻗﻄﻴﻌﺔ ﻛﻤﺎ أن ﻓﻜﺮ ﻫﺬه اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻟﻢ ﻳﺨﺮج ﻋﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ واﻟﻌﻤﻞ ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ
84
اﻟﻔﻜﺮ اMﺻﻼﺣﻲ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ
* أﻛﺎدﻳﻤﻲ وﻧﺎﻗﺪ -اﻟﻤﻐﺮب
ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ
أﻣﺎ آن اﻷوان ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺪراﺳﺔ ﻟﻸدب وﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﻋﻠﻤﻴﺔ، ﻋﺒﺮ اﻻﻧﻄﻼق ﻣﻦ ﺿﺮورة ﺗﺄﺳﻴﺲ »ﻋﻠﻢ ﻟﻸدب« ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﺧﺘﺼﺎﺻﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻳﺪرس اﻷدب وﻓﻖ ﻗﻮاﻋﺪ وإﺟﺮاءات اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺎت واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎت واﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺎت؟ أﻳﺴﺘﺤﻴﻞ درس اﻷدب ﻋﻠﻤﻴﺎ؟ إن ﻃﺮح ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻫﻮ اﻟﻜﻔﻴﻞ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﻷدﺑﻨﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ .وﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷدب، ﺳﺘﻈﻞ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﺿﻴﻘﺔ وﻣﺤﺪودة .ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮض ﻣﻌﺘﺮض ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻘﻮل إن زﻣﺎن اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت ﻗﺪ وﻟﻰ ،واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻌﻴﺶ اﻵن ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺪاﺧﻞ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت وﺗﻌﺪدﻫﺎ .ﻟﻬﺬا اﻻﻋﺘﺮاض وﺟﺎﻫﺘﻪ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت ﻗﺎﺋﻤﺔ وﻟﻬﺎ ﺣﺪودﻫﺎ .وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪراﺳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺗﺴﻴﺮ اﻵن ﻓﻲ اﺗﺠﺎه ﺗﺪاﺧﻞ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت وﺗﻌﺪدﻫﺎ ،ﺑﻞ ﺻﺮﻧﺎ ﻧﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻄﺎﻟﺒﺎت ﺑـ »ﻋﺒﺮ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت« ،وﻫﻲ ﺗﺘﺠﺎوز ﺗﻌﺪدﻫﺎ ،ﻓﺈن ذﻟﻚ وﻟﻴﺪ ﺻﻴﺮورة ﻳﺘﻢ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ وﺿﻊ إﻟﻰ آﺧﺮ. إن اﻻﻋﺘﺮاض اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺣﻴﺚ ﻧﻄﺒﻘﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺳﻮى »اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﻤﻨﻬﺠﻲ«، ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﻠﻔﻴﻖ وﺣﺬﻟﻘﺔ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻮرﺳﺖ ﻷزﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺮن .وإذا ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺟﺪﻻ ﺑـ»اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ« ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺘﺴﺎءل ﻋﻦ »اﻟﻤﻨﻬﺠﻲ«؟ ﻓﻤﺎ ﻫﻲ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ »ﺗﻜﻤﻴﻞ« ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ؟ أﻳﻦ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ،وﻣﺎ ﻫﻲ ﺧﻠﻔﻴﺘﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ؟ إن ﻣﺪﺧﻞ ﺗﺪاﺧﻞ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت وﺗﻌﺪدﻫﺎ ﻫﻮ إﻳﺠﺎد اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت أوﻻ ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻤﻄﻠﻮب
ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ إﻟﻰ ﺻﺪﻣﺔ اﻟﺤﺪاﺛﺔ
اﻟﻔﻜﺮ ا`ﺻﻼﺣﻲ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ أﻧﺲ اﻟﻔﻴﻼﱄ*
ﻣﻦ دون ﺷﻚ إن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ اﻛﺘﺴﺒﺖ رﺻﻴﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاﻛﻢ اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺬي ﻧﺴﺠﻪ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻨﻴﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻹﻃﺎر اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻏﻴﺮه ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺘﺒﻠﻮر ﻟﻮﻻ اﻟﺘﻄﻮرات واﻟﺤﺘﻤﻴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺤﺪاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺒﻼد ،ﻓﻲ إﻃﺎر اﺣﺘﻮاء اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ إﻃﺎره اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،واﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺤﻄﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﺤﻄﺎت اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،اﻟﻤﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة واﻟﺘﻨﻮع اﻟﻔﻜﺮي ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﺴﻠﻔﻴﺔ .ﻛﻴﻒ ذﻟﻚ؟ ﻓﻲ ﺧﻀﻢ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻮل اﻷﺟﻨﺒﻲ ﻟﻠﺒﻼد، وردة اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺘﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺒﻌﺖ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﺑـ»اﻟﻴﻘﻈﺔ« اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ ﻧﺨﺒﻪ وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ وﺳﻠﻄﺘﻪ، وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﻟﺖ ﻫﺰاﺋﻤﻬﺎ أﻣﺎم روﺳﻴﺎ واﻟﻨﻤﺴﺎ ،ﻫﺬه اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻮرت ﻧﺘﻴﺠﺔ »اﻧﻔﺘﺎح«
و»إﺻﻼﺣﺎت« ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﺪﺧﻼت أﺟﻨﺒﻴﺔ ﻟﻠﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺣﻤﻠﺔ ﻧﺎﺑﻮﻟﻴﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ،وﻫﻲ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد) (1ﻟﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺢ ﻫﺸﺎﺷﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻘﻂ ،وإﻧﻤﺎ ﻋﻤﻠﺖ أﻳﻀً ﺎ ﻋﻠﻰ وﻋﻲ اﻟﻨﺨﺐ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻔﺎوت اﻟﺴﺎﺣﻖ ﺑﻴﻦ أوروﺑﺎ »اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺤﺖ ﻏﻤﺮﺗﻬﺎ، وﻣﻨﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻬﺶ واﻟﻤﻬﻤﺶ واﻟﻤﺘﻘﺎدم ،اﻟﺬي ﻋﻤﻠﺖ ﻧﺨﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮح
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
184ﻣﺎرس اﻟﻌﺪد 185 اﻟﻌﺪد ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2015
83
ğėķėĴŬ
اﻻﺧﺘﺼﺎص ،اﻟﺘﺪاﺧﻞ ،اﻟﺘﻌﺪد ŮżʼnŝŻ İżőĸ į
ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺗﺄﺳﺴﺖ أوﻟﻰ ﻛﻠﻴﺎت اﻵداب ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﺗﻠﺘﻬﺎ ﻛﻠﻴﺎت أﺧﺮى ،ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺪى أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ،ﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﺗﻄﻮﻳﺮ »اﻟﺒﺤﺚ« ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب واﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻼءم وﺿﺮورة ﺑﻨﺎء واﻗﻊ ﺟﺪﻳﺪ .ﻛﺎن اﻟﻬﺪف اﻟﻘﻄﻊ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺑـ«ﻋﺼﻮر اﻻﻧﺤﻄﺎط« ،واﻻﻧﻄﻼق ﻧﺤﻮ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺮﻧﻮ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻌﻴﻦ ﻻ ﺗﻨﻐﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ ﺧﻠﻔﻴﺔ ،ﻻ ﻋﺎﺋﻘﺎ ،أﻣﺎم اﻹﺑﺪاع واﻟﺘﻄﻮر. ﻟﻜﻦ أي »ﺑﺤﺚ« ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻣﺠﻤﻞ إﻧﺘﺎﺟﺎﺗﻪ وﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻪ ﻣﻊ ﻣﺤﻴﻄﻪ وﺗﺎرﻳﺨﻪ وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﺆﺳﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ وأﺳﺴﻪ وﻣﺒﺎدﺋﻪ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻹﻧﺴﺎن وﻻ إﻟﻰ ﻟﻐﺘﻪ أو ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ أو ﺗﺎرﻳﺨﻪ .ﻗﺪ ﻳﻀﻌﻨﺎ ﻏﻴﺎب ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻋﺪ أﻣﺎم اﻟﺘﺄﻣﻼت واﻟﺘﺄوﻳﻼت واﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺠﺎﻫﺰة ،ﺣﺘﻰ وإن ﺣﺎوﻟﺖ ادﻋﺎء اﺗﺒﺎع ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ أو ﺗﻌﻤﻴﻘﻬﺎ .إن اﻟﺘﺄوﻳﻼت واﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻋﺮﺿﺔ أﺑﺪا ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ واﻟﺘﺒﺪل ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺘﻐﻴﺮ وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرس ﻓﻴﻬﺎ .ﻗﺪ ﺗﺤﺼﻞ ﺗﺮاﻛﻤﺎت، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﻛﻤﻴﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻨﻮع أو اﻟﻜﻴﻒ. إن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ »اﻟﺒﺤﺚ« و»اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ« و»اﻟﻤﻨﻬﺞ« ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ أﻣﺎم ﻣﻤﺎرﺳﺎت ﺗﺄﺧﺬ ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ .ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻟﻮﻋﻴﻨﺎ وﻣﻤﺎرﺳﺘﻨﺎ أن ﻳﺘﺼﻼ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺪون اﻻﻧﻄﻼق »اﺧﺘﺼﺎص« ﻣﺤﺪد ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ .إن أي اﺧﺘﺼﺎص ﻟﻪ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻪ وﻧﻤﺎذﺟﻪ وﻣﻘﺎرﺑﺎﺗﻪ وﻟﻐﺘﻪ اﻻﺻﻄﻼﺣﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ .،وﺑﻜﻠﻤﺔ ﻟﻪ ﺣﺪوده اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰه ﻋﻦ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت .ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﺸﻜﻠﺖ ،داﺧﻞ ﻛﻠﻴﺎت اﻵداب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،اﺧﺘﺼﺎﺻﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺘﺮاث واﻷدب واﻹﻧﺴﺎن؟ رﻏﻢ ﻣﺮور أزﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺮن ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻛﻠﻴﺎت اﻵداب ،ﻟﻢ ﻧﻄﺮح ﻗﻂ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال .ﻛﺎن ،وﻣﺎ ﻳﺰال» ،اﻻﺧﺘﺼﺎص« ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑـ«ﻣﻮاد« و«ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت« :أدب ﻋﺒﺎﺳﻲ ،ﻧﻘﺪ ،ﺑﻼﻏﺔ ،ﺷﻌﺮ ﺣﺪﻳﺚ،
82
اﻻﺧﺘﺼﺎص ،اﻟﺘﺪاﺧﻞ ،اﻟﺘﻌﺪد
رواﻳﺔ ،،،وﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻮاد ﻧﺪرﺳﻬﺎ ﺑﺄﻣﺸﺎج ﻣﻦ »اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ« ،اﻟﺘﻲ ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ »اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻷدﺑﻴﺔ« .وﺑﻤﺎ أن اﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺰﻋﻢ ﻋﺼﻴﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻧﺤﻴﻂ»ﺑـﺘﺤﻠﻴﻠـﻪ« ﺑـ»ﻣﻨﻬﺞ« واﺣﺪ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺪﻋﻲ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﻨﺎﻫﺞ ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺨﺘﺰل ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ واﺣﺪة» :اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﻤﻨﻬﺠﻲ« .وﻟﻴﺲ ﻫﺬا اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻔﻴﻖ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ ﻋﻠﻮم إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﺟﻨﺒﻴﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﺄل اﻟﻤﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻷدب ﻋﻦ اﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﻳﺠﻴﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ،ﺑﺄﻧﻪ »ﻧﺎﻗﺪ أدﺑﻲ« .وﺻﺎر اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ »اﺧﺘﺼﺎﺻﺎً« ﺷﻤﻮﻟﻴﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ »ﻳﺒﺤﺚ« ﻓﻲ اﻷدب؟ ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻫﻴﻤﻦ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻛﻠﻴﺎت اﻵداب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﺠﺎوزه إﻟﻰ اﻵن .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮض ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ إﻋﺪاد أﻃﺮوﺣﺔ ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ »اﻟﻤﻨﻬﺞ« .وﻛﻞ ﻳﺘﺼﺮف ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺑﻪ اﻟﻤﺸﺮف ،وﻫﻮ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ﻻ ﻳﺨﺮج ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﺎﺋﺪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﺮح ﺳﺆال اﻟﻤﻨﻬﺞ ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮات ﺗﺪور ﺣﻮل اﻷدب ﻳﻨﺰﻋﺞ اﻟﻤﺘﺪﺧﻠﻮن ﺑﺎدﻋﺎء أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻻ ﺗﻬﻢ ﺳﻮى اﻟﻄﻼب .وأن »اﻟﺒﺎﺣﺚ« ﻳﺘﺼﺮف وﻳﺘﺄول ،وﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺨﻴﻂ اﻟﺸﻮاﻫﺪ ،وﻳﻌﻠﻠﻬﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺸﻬﺎدات ﻣﻦ »اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت« ،واﻻﻗﺘﺒﺎﺳﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص .وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻐﺘﻪ ﻣﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﻓﺪراﺳﺘﻪ ﺟﻴﺪة ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻔﺤﻤﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر ،وأﺣﺮى أن ﺗﻜﺘﺐ ﺑﻤﺎء اﻟﺬﻫﺐ. ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ »اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ« و»اﻟﻤﻨﻬﺞ« ﺑﺪون اﻻﻧﻄﻼق ﻣﻦ اﺧﺘﺼﺎص ﻣﻌﻴﻦ .وأي اﺧﺘﺼﺎص ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺘﺄﻃﺮ ﺿﻤﻦ ﻋﻠﻢ ﻗﺎﺋﻢ ،أو ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺸﻜﻞ وﻓﻖ ﺿﻮاﺑﻂ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ وﺛﻮاﺑﺘﻪ .إﻧﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ »اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ« ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﺿﺮورة ﻟﻮﺟﻮد »ﻋﻠﻢ« أو »ﻋﻠﻮم أدﺑﻴﺔ« .ﻟﻘﺪ ﺣﺴﻢ اﻟﺴﺆال ،ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺣﻮل :ﻫﻞ »اﻷدب« ﻋﻠﻢ أو ﻓﻦ؟ وﺑﻌﺪ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ »اﻷدب اﻹﻧﺸﺎﺋﻲ« و»اﻷدب اﻟﻮﺻﻔﻲ« ،اﻋﺘﺒﺮ اﻷﺧﻴﺮ ﻋﻠﻤﺎ وﻓﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .وﻛﺎن ﻫﺬا »اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ« اﻟﺘﻠﻔﻴﻖ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮاﻛﻢ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺪراﺳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ...
ÐØ ± # Ï Ê# Ð' ÛÍ # pÊ # ÛÂ Û ¸/ } ÛÂ Ð # É
اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻓﻲ دﺑﻲ
ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﺪﻫﺸﺔ
رﺳﺎﻟﺔ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺑﻌﺜﻬﺎ إﻟﻴﻪ ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ ﺑﺘﺎرﻳﺦ أرﻓﻖ اﻟﻮﻛﻴﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ رﺳﺎ اﻷول ﻣﻦ أﻏﺴﻄﺲ ،أي ﺑﺑﻌﺪ ﺷﻜﻮى »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻳﺎم ،ﺑﻌﺚ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺘﻮم ،ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ ،ﺑﺈﻓﺎدة إﻟﻰ وﻛﻴﻞ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﺧﺎن ﺑﻬﺎدر ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ، اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴ رﺟﻼ ﻳﺪﻋﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﻣﺨﺒ ًﺮا إﻳﺎه ﺑﺄن ً وﻓﺪ إﻟﻰ دﺑﻲ ،وﺷﺮع ﻓﻲ ﻣﺰاوﻟﺔ اﻟﻄﺐ ﻓﻲ ﻗﺪ وﻓﻓﺪ إﻣﺎرﺗﻪ .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﻆ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻓﻲ دﺑﻲ ﺑﺄوﻓﺮ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،إذ أﻓﺎد اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺄن ﻋﺪ ًدا ﻣﻣﻦ اﻟﻤﺮﺿﻰ آﻟﺖ ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ إﻟﻰ ﺗﺪﻫﻮر، ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺑﻘﻲ ﻃﺮﻳﺢ اﻟﻔﺮاش وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ وأن ﻫﻨ ﺣﻘﻨﻬﻢ ﻣﻣﻦ »اﻟﻄﺒﻴﺐ«.
أﻓﺎدت اﻟﺘﺤﺮﻳﺎت ﻋﻦ ﺷﺨﺺ »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،وﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ أﻓﺎدت ﺑﻪ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ آﻧﺬاك ،ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻮى ﺷﺨﺺ ﻣﺤﺘﺎل وﻣﺪﻟﺲ ،ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أي ﻣﺆﻫﻞ ﻃﺒﻲ وﻻ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺴﻠﻄﺎت وﻻ اﻟﺤﻜﺎم ﻟﻤﺰاوﻟﺔ اﻟﻤﻬﻨﺔ .ﻛﻤﺎ أن اﻷﻧﺒﺎء اﻟﻮاردة ﻣﻦ ﻗﻄﺮ أﺷﺎرت إﻟﻰ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻢ ﻃﺮده ﻣﻦ ﻫﻨﺎك ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﻻﺣﻘًﺎ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ودﺑﻲ وذﻟﻚ ﺟﺮاء ﻋﺒﺜﻪ ﺑﺄرواح اﻟﻤﺮﺿﻰ واﻧﺘﺤﺎﻟﻪ ﻟﺼﻔﺔ ﻃﺒﻴﺐ .وﺑﻌﺪ أن ﺗﻘﺪم اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺘﻮم ﺑﻄﻠﺐ رﺳﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﺈﺑﻌﺎد »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻣﻦ إﻣﺎرﺗﻪ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻢ إﺳﺪال اﻟﺴﺘﺎر رﺳﻤ ًﻴﺎ ﻋﻠﻰ واﺣﺪة ﻣﻦ أﻏﺮب ﺣﻮادث اﻻﺣﺘﻴﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ آﻧﺬاك *ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
81
اﻟﺤﺎج إﻻ أن ﻗﺎم ﺑﻤﻨﺎداة ﺿﻴﻔﻪ وإﺣﻀﺎره وإﻟﺰاﻣﻪ ﺑﺪﻓﻊ اﻟﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﻤﺮأﺗﻴﻦ .ﻛﻤﺎ ﻗﺎم اﻟﺤﺎج ﺧﻠﻒ ﺑﺪﻓﻊ ﺷﺊ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺼﺮف اﻷﺧﺘﺎن.
ﺣﻞ ﺿﻴﻔًﺎ ﻗﺎل اﻟﻮﻛﻴﻞ إن »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻗﺪ ّ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎج ﺧﻠﻒ ،وﺑﺪأ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻼج ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺤﻘﻦ ﻣﺪﻋ ًﻴﺎ أﻧﻪ ﻃﺒﻴﺐ .وﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻤﺮﺿﻰ أﻓﺎدت اﻟﺘﺤﺮﻳﺎت ﻋﻦ ﺑﺎﻟﺘﺤﺴﻦ ،واﻟﺸﻔﺎء ،ﺑﺪأت ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﺷﺨﺺ »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﺑﺎﻟﺘﺪﻫﻮر وازدادت ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ اﻟﻄﺒﻴﺔ. إﺑﻌﺎد اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺑﺤﺴﺐ اﻟﻌﺰﻳﺰ، ﻋﺒﺪ واﺷﺘﻜﻰ اﻟﻨﺎس ﺿﺪه ،وﻟﻜﻦ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻓﻲ وﻋﻠﻰ إﺛﺮ ﺗﻮارد اﻟﺸﻜﺎوى إﻟﻰ ﺣﺎﻛﻢ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ،ﺿﺪ ﺟﻮار اﻟﺤﺎج ﺧﻠﻒ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻢ اﻟﺘﻐﺎﺿﻲ ﻋﻨﻪ .ﻣﺎ أﻓﺎدت ﺑﻪ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ وﺑﻌﺪ زواﺟﻪ ﺑﻌﺸﺮة أﻳﺎم ،ﻗﺎم »اﻟﻄﺒﻴﺐ« »اﻟﻄﺒﻴﺐ« واﺗﻬﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺘﻄﺎول ﻋﻠﻰ ﺷﻘﻴﻘﺔ ﻳﻜﻦ ﻟﻢ ﺑﺄﻧﻪ آﻧﺬاك، ﺑﻀﺮب زوﺟﺘﻪ اﻟﺘﻲ آﺛﺮت ﻫﺠﺮه واﻻﻧﺘﻘﺎل زوﺟﺘﻪ وﺿﺮﺑﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻢ إﺑﻌﺎده ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ .ﻛﻤﺎ أﻛﺪ وﻛﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻟﻠﺴﻜﻨﻰ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﻟﺤﺎج ﺧﻠﻒ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻮى ﺷﺨﺺ ﻣﺤﺘﺎل اﻟﺬي وﺻﻠﺖ ﻓﻴﻪ أﺧﺘﻬﺎ ﻣﻦ دﺑﻲ وﺳﻜﻨﺖ ﺧﺎن ﺑﻬﺎدر ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ ،ﺑﻄﻼن ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻢ وﻣﺪﻟﺲ، ﻓﻲ ﺑﻴﺖ أﺧﺘﻬﺎ اﻟﺬي ﺗﺮﻛﺘﻪ .وﻓﻲ أﺣﺪ ﻣﺰاﻋﻢ اﻟﻄﺒﻴﺐ وزﻳﻔﻬﺎ ،إذ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮض ﻷي ﻣﺴﺎس ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﺣﺪ .ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﺖ ﻋﻠﻰ اﻻﻳﺎم ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺧﺘﺎن ﺧﺎرج اﻟﻤﻨﺰل ،ﻋﻠﻰ أي ﻣﺆﻫﻞ ﻃﺒﻲ إذ ﺑﻬﻤﺎ ﺗﺸﺎﻫﺪان اﻟﻄﺒﻴﺐ وﻫﻮ ﺧﺎرج وﻛﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﻔﻨﻴﺪ ﻣﺰاﻋﻢ إﻫﻤﺎل اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺮﺧﻴﺺ وﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل ،وﺣﻴﻦ وﻟﻮﺟﻬﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﻮﻛﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ إذ ﺑﻬﻤﺎ ﺗﺼﻌﻘﺎن ﻻﻛﺘﺸﺎﻓﻬﻤﺎ ﺳﺮﻗﺔ ﻣﺒﻠﻎ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ .أﻓﺎد ﺧﺎن ﺑﻬﺎدر 20روﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺪوق ،وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﻌﺎﻟﺖ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ ،ﺑﺄن »اﻟﻄﺒﻴﺐ« أدى أﺻﻮاﺗﻬﻤﺎ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺟﻠﺒﺔ وﺻﺨﺒﺎً ﻣﻤﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻗﺪ اﻟﺘﻘﺎه ﻓﻲ دﺑﻲ ﻗﺒﻞ ﻣﺴﻴﺮه إﻟﻰ ﺗﺤﻠﻖ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﻤﺎ .وﻣﺎ أن ﺟﺎء إﻟﻰ أﺑﻮﻇﺒﻲ .وﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺗﻢ اﻟﺘﻄﺮق اﻟﻨﺎس ،ﺣﺘﻰ ﺗﻢ إﻋﻼﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺨﻄﺐ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﺗﻮﺟﻬﺖ اﻷﺧﺘﺎن إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ،وﺗﻢ إﺧﻄﺎر اﻟﺴﻴﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﺎج ﺧﻠﻒ وأﺑﻠﻐﺘﺎه ﺷﻜﻮاﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺿﻴﻔﻪ ،وﺳﻮء ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ ﺑﻌﺪم وﺟﻮد أي ﻣﻤﺎﻧﻌﺔ ﻓﻲ أن ﻳﺘﺼﺎﻟﺢ اﻟﻄﺒﻴﺐ وأﺧﺬﻫﺎ ﻣﻌﻪ. ﻟﺰوﺟﻪ وﺿﺮﺑﻪ ﻟﻬﺎ وﺳﺮﻗﺘﻪ ﻟﻠﻤﺒﻠﻎ اﻟﻤﻌﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل .ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻣﻊ زوﺟﺘﻪ ﺧﺬﻫﺎ
ﺗﺬﻣﺮ واﺳﺘﻴﺎء ﺛﻢ ﻃﺮد
و
ﺑﺤﺴﻦ ﻧﻴﺔ ﻗﺎم اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺘﻮم ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎء »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ وﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻠﻮم ﻟﻘﻴﺎﻣﻪ ﺑﻌﻼج اﻟﻌﺮب واﻟﺒﻨﻲ ﻳﺎس ﻣﻦ دون أﺧﺬ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻨﻪ واﻟﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻣﻀﺮﺗﻬﻢ .وﻟﻜﻦ ﺗﺼﺎدف ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء أن وﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﻄﺒﻴﺐ Dameدام ،واﻟﺬي ﺳﺄﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻦ »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ.
80
ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻤﺰﻳﻒ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ودﺑﻲ
Ù # -$( Ø Ï Ú¦# ) £$# /
ﻗﺎل »اﻟﻄﺒﻴﺐ«ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ، أو »دﺧﺘﺮ ﻓﻲ دﺑﻲ« ﻛﻤﺎ ذﻳﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻟﺘﻈﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻮﻧﻪ أﺣﺪ رﻋﺎﻳﺎ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ ،أﻧﻪ ﺟﺎء ﻗﺎﺻ ًﺪا أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﻬﺪف ﻣﺰاوﻟﺔ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻄﺐ ﻓﻲ ﺣﺪود ﻣﺆﻫﻼﺗﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ .وﺳﺎرت اﻷﻣﻮر ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺮام ،وﺗﺪﻓﻖ اﻟﻤﺮﺿﻰ وﺑﺎت »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ .وﻟﻄﻮل ﻣﻜﺜﻪ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،واﻟﺤﺪﻳﺚ »ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ« ،رأى أﻫﺎﻟﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ أن ﻳﺰوﺟﻮه إﺣﺪى ﻓﺘﻴﺎﺗﻬﻢ ،ﻓﺰوﺟﻮه اﻣﺮأة ﻣﻦ أﺻﻞ ﻓﺎرﺳﻲ .وﻟﻜﻦ اﻷﻣﻮر أﺧﺬت ﻣﻨﺤﻰ آﺧﺮ ،ﺣﻴﺚ ادﻋﻰ »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻗﻴﺎم اﻟﺴﻜﺎن ﺑﺎﻟﻬﺠﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ وﺳﺮﻗﺔ 82ﺟﻨﻴﻬﺎ ذﻫﺒﻴﺎ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ 500 روﺑﻴﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ. وﻗﺎل »اﻟﻄﺒﻴﺐ« إﻧﻪ ﺳﻌﻰ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺤﻘﻪ ،وﻟﻜﻦ ﺿﺎﻗﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﺒﻞ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺑ ًﺪا ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .ووﺟﻪ »اﻟﻄﺒﻴﺐ« اﻻﺗﻬﺎم إﻟﻰ أﺣﺪ ﻛﺒﺎر ﺗﺠﺎر اﻹﻣﺎرة ،ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻘﻒ وراء ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻜﺒﺎت. واﺧﺘﺘﻢ ﺷﻜﻮاه ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺄﻣﻞ ﻓﻲ أن ﻳﻘﻒ ﻫﻮ وﻏﺮﻳﻤﻪ ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء أﻣﺎم اﻟﻘﻀﺎء اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ .ﻛﻤﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ أﻧﻪ ﻳﻘﻴﻢ آﻧﺬاك ﻓﻲ ﻛﻨﻒ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺑﻄﻲ ﻓﻲ دﺑﻲ. وﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﺗﻈﻠﻢ »اﻟﻄﺒﻴﺐ« ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ،وﻓﻲ اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ أﻏﺴﻄﺲ 1934م ،أوﻋﺰت اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ ﺧﺎن ﺑﻬﺎدر ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ، وﻛﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﺑﻄﻠﺐ ﻣﻮاﻓﺎﺗﻬﺎ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﻣﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ وذﻟﻚ ﻓﻲ أﺳﺮع وﻗﺖ ﻣﻤﻜﻦ. وﺻﺮح اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﻮﻛﻴﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺧﺘﺎم رﺳﺎﻟﺘﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﻧﻤﺎ إﻟﻰ ﻋﻠﻤﻪ ﺗﻘﺎﻋﺲ وﻛﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﺧﺎن ﺑﻬﺎدر ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻄﻴﻒ ،وﻋﺪم ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﺎﺗﺨﺎذ أي إﺟﺮاء. ﺑﺪء اﻟﺘﻘﺼﻲ ﻋﻦ »اﻟﻄﺒﻴﺐ«
ﻟﻢ ﻳﺘﺄﺧﺮ رد وﻛﻴﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﺧﺎن ﺑﻬﺎدر ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ ،ﻓﻔﻲ 13أﻏﺴﻄﺲ 1934م ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ أﻓﺎد ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻣﺎ أﻓﺎد ﺑﻪ اﻟﻄﺒﻴﺐ.
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
79
ﻣﻦ أﻏﺮب ﺣﻮادث اﻻﺣﺘﻴﺎل
ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻤﺰﻳﻒ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ودﺑﻲ dkiibebdhbR ﻗﺮاءة ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻒ
ŽŐijİŤē ŽťŐ İļēij ūēİũĨ ]&1934 Î /Ù#/Ø Ð' ÐØ ± # . Ð' # ÛÂ b £° Ð' ¼3 ÙÍ Ø # $ # Ê$
h -´ -Ù 1 Í Ð ªØª # p 1 pØ
ÛÂ # p } % É Ð' Á 2 . )Ùµ$# p } &pÊ ÐÙ ] # Ø p . .Û ¸/ } b .Û ¸/ } ÛÂ Î# Ù # 3 # ØpÊ # . . Ã # % ã ª# « Ù # » ÛÊ#.
-Ù# Ï. ¹ÎØ /Í Ðئ# Ï Ù æ . Û# +æ Ð'
-Í/ # % -($ # Ù# & 2 . "3 è ÐÙ b - )+Ô Ã ¾$ . .),ÙÍ ,¸ ÐÙ b(ÙÊ' ÃÙ´  .), Ù Â 0p */Í É Ú¦# p # 1# b µØ} Ï ( Î# Á ± ) ÎØ « Ù # »
. Â Ùµ# Á ± ) ÎØ
ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻤﺰﻳﻒ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ودﺑﻲ
78
واﻟﺪوﻟﻴﺔ .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻘﺘﻨﻴﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ. ﻛﻤﺎ ﻧﺎل »ﺗﺮاث ﻣﺼﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ« ﺣﻈﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺸﺮوع ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ وﺗﺠﻤﻴﻊ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻋﻦ اﻟﻤﺤﻤﻴﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وﻋﻦ ﺗﻨﻮع اﻟﻤﻮاﺋﻞ وﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت واﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻟﻠﻤﻮاﻗﻊ أو اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻮاﻋﺪ ﺑﻴﺎﻧﺎت . وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺪ أﻧﺸﺊ ﻧﻈﺎم ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﻐﺮاﻓﻲ ﻟﻠﻤﺤﻤﻴﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻤﻌﻠﻨﺔ .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻘﺘﺮﺣﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﻮزﻳﻌﺎت اﻷﻧﻮاع اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻧﻪ ﺻﻤﻢ ﻛﺄداة رﺻﺪ وﺗﻘﻴﻴﻢ وإدارة ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ واﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ. وإذا ﻛﺎن اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻳﻬﺪف ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮد أﻳﻀﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ وﺗﻨﺸﻴﻂ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻗﺎم اﻟﻤﺮﻛﺰ ﺑﺒﺚ ﺧﺮﻳﻄﺔ رﻗﻤﻴﺔ ﻟﻤﺼﺮ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻧﻈﻢ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ gisﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ،ﺗﺘﻌﺪ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ وأﻏﺮاﺿﻬﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻤﺜﻴﻞ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻷﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ
أﻧﺤﺎء ﻣﺼﺮ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ ،واﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ واﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﻤﺼﺮي. إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻟﻜﻞ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ اﻟﻤﺴﺘﻮي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻌﺮض ﻣﺴﻘﻂ أﻓﻘﻲ ﻟﻜﻞ أﺛﺮ ﻣﻊ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺮض ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻮاﺋﻂ ﻫﺬا اﻷﺛﺮ ﻣﻦ رﺳﻮﻣﺎت وﻧﺼﻮص ﻛﻨﺼﻮص اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،وﺗﻌﺮض اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﻗﺮاءة ﻟﻬﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺘﺼﻔﺢ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت واﻓﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﺮاث ﻣﺼﺮ. وﺑﻔﻀﻞ ﻛﻢ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺬي ﻧﺘﺞ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻣﻦ إﻧﺘﺎج ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻃﺎﻟﺲ واﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻷﺛﺮﻳﺔ ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ إﻧﺸﺎء ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﻧﻈﺎم اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ اﻷﺛﺮﻳﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻋﺒﺮ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﻛﻲ ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ أي وﻗﺖ وﻣﻦ أي ﻣﻜﺎن ،إن اﻟﻄﻤﻮح ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﻳﺠﺐ أن ﻳﺆدي إﻟﻲ إﻧﺸﺎء ﺧﺮﻳﻄﺔ أﺛﺮﻳﺔ ﻟﻠﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ * ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻹﻋﻼم و اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﻜﺘﺒﺔ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ﻳﺸﻖ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻗﻞ وﻣﺠﻨﻮن اﻟﺜﻮب ﻣﺎ ّ أي أن اﻟﺜﻮب ﻻ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﻴﻦ اﺛﻨﻴﻦ وﻻ ﻳﺠ ّﺰأ ،ﻷﻧﻪ ﻗﻄﻌﺔ واﺣﺪة ،ﻓﻠﻮ ﺳﺤﺒﻪ ﻣﺠﻨﻮن ﻣﻦ ﻳﺪ آﺧﺮ ﻋﺎﻗﻞ ،ﻳﺘﺮﻛﻪ وﻻ ﻳﻘﻄﻌﻪ .وﻫﻮ ﻣﺜﻞ دارج ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻤﻌﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻳﻀﺮب ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﺣﺴﻦ اﻟﻜﻴﺎﺳﺔ ﻣﺜﻞ ﻗﻮل ﻣﻌﺎوﻳﺔ» :ﻟﻮ ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﺷﻌﺮة ﻟﻤﺎ اﻧﻘﻄﻌﺖ إذا ﺷﺪوﻫﺎ أرﺧﻴﺘﻬﺎ وإذا أرﺧﻮﻫﺎ ﺷﺪدﺗﻬﺎ«. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ وﺣﺴﻦ اﻟﺘﺼﺮف واﻟﺘﺮ ّﻳﺚ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻗﺒﻞ اﻹﻗﺪام ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻟﻪ ﻋﻮاﻗﺐ وﺧﻴﻤﺔ.
ﺗﺮاﺛﻴﺎت
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
77
ğĘƀĤėĸĠ
ﺿﺮورة اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﺮﻗﻤﻲ
ﻟﻠﺘﺮاث
* ĕĶŐ İŤĔĬ į
ﻣﺎذا
ﻟﻮ اﻧﺪﺛﺮ ﺗﺮاﺛﻨﺎ وﻓﻘﺪت ذاﻛﺮﺗﻨﺎ أرﺷﻴﻔﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﺻﺒﺢ اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺤﻀﺎري ﻟﻨﺎ ﻣﻔﻘﻮدا وﺻﺮﻧﺎ ﻛﺒﺎﻗﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ؛ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ؟ ﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ »ﺑﺎم« اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﺈﻳﺮان اﻟﺘﻲ دﻣﺮت ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺰﻻزل ﻋﻨﻴﻔﺔ ،وﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻨﺴﻰ اﻟﺤﺮاﺋﻖ اﻟﻤﺪﻣﺮة ﻟﻠﻤﻜﺘﺒﺎت اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب ،وﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﺳﺮﻗﺔ ﻛﻨﻮز أﺛﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ واﺧﺘﻔﺎﺋﻬﺎ؟ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﺗﻘﻮد إﻟﻰ رﺣﻠﺔ ﻓﺮﻳﺪة ،رﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﺰﻣﻦ وآﻓﺎق اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﺻﻮرة رﻗﻤﻲ، ﻳﻘﻮدﻫﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺘﺮاث اﻟﺤﻀﺎري واﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. ﻛﺎن اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ ﺷﻘﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ ﺣﻲ اﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة، أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﺼﺎر ﺑﻨﺎﻳﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ رﻗﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺬﻛﻴﺔ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻋﻠﻲ ﻣﺸﺎرف ﺻﺤﺮاء اﻟﻘﺎﻫﺮة .ﻟﻴﺼﺒﺢ أﺣﺪ ﻣﺮاﻛﺰ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ،وﻳﺤﻈﻰ ﺑﺪﻋﻢ وزارة اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ. ﻟﻜﻦ أي ﺗﺮاث ﻳﻮﺛﻘﻪ ﻫﺬا اﻟﻤﺮﻛﺰ؟ ﻟﻘﺪ دأﺑﻨﺎ ﻟﺴﻨﻮات ﻋﻠﻰ أن ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺘﺮاث ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻤﺎري أو اﻟﻤﺨﻄﻮط ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﺳﻨﺮى أن اﻟﺘﺮاث اﻣﺘﺪ إﻟﻰ آﻓﺎق أرﺣﺐ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻟﻜﻞ ﺑﻠﺪ. ﻓﻔﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ -ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ -ﻳﻨﻜﺐ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻋﻠﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺎﻋﺪة ﺑﻴﺎﻧﺎت إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﻀﻢ ﻣﺎدة ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺴﻤﻮﻋﺔ وﻣﺮﺋﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﺻﻤﻤﺖ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻟﻜﻲ ﺗﻀﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﺗﻐﻄﻲ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺬاﺋﻌﺔ واﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻷﻋﻴﺎد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،واﻻﺣﺘﻔﺎﻻت ،واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،واﻟﻌﺎدات واﻟﻤﻌﺘﻘﺪات واﻷوﻟﻴﺎء واﻟﻔﻨﻮن واﻟﺤﺮف. وﻳﻌﺪ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﻣﻠﺤﻤﺔ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻔﺘﻬﺎ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﻣﻦ رواﺋﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻠﻤﻮس ،أﺑﺮز ﻣﺸﺮوﻋﺎت
76
ﺿﺮورة اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻟﻠﺘﺮاث
اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺲ اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﻲ )اﻟﻤﻜﻨﺰ( اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت واﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ .ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻢ إﺻﺪار ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ،وإﻧﺸﺎء ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻋﻠﻲ ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﺗﻐﻄﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ :ﻣﺜﻞ اﻟﺤﺮف اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ ،أو اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن اﻟﻜﺮﻳﻢ. ﻛﺬﻟﻚ أﻧﺸﺄ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻧﻈﺎ ًﻣﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻷرﺷﻔﺔ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ،ﻳﺮﻛﺰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻷول ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻷوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﻠﺤﻦ واﻟﻤﺆﻟﻒ واﻟﻤﺆدي واﻟﻤﻘﺎوﻣﺎت واﻟﻘﻮاﻟﺐ واﻹﻳﻘﺎﻋﺎت وﻣﻄﻠﻊ اﻷﻏﻨﻴﺔ وﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ وﺗﺎرﻳﺦ إﺻﺪارﻫﺎ . وﻳﻨﻄﻮي اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻤﻴﻊ ﻧﺼﻮص اﻷﻏﺎﻧﻲ واﻟﻨﻮت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ وأﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺠﻴﻼت اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ واﻟﻤﺮﺋﻴﺔ ،اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻛﻠﻤﺎ أﻣﻜﻦ .أﻣﺎ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻬﺪف إﻟﻰ إﻧﺘﺎج اﻻﺳﻄﻮاﻧﺎت اﻟﻤﺪﻣﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻤﺠﻤﻌﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ ﻟﺒﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻘﻴﻬﺎ ﺧﺒﺮاء اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ . و ﻣﻦ أﻃﺮف ﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ ،ﻣﺸﺮوع اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻟﻤﺼﺮ ،اﻟﺬي ﻳﻀﻢ أﻗﺪم ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻘﻄﺖ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 1860م ،أﻋﺪ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻗﺎﻋﺪة ﺑﻴﺎﻧﺎت ﺻﻨﻔﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻟﻮاح اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﺰﺟﺎﺟﻴﺔ واﻟﺼﻮر اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .وﻳﻨﺠﺰ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﺗﺒﺎ ًﻋﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﺸﺎﻫﻴﺮ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ﻣﺴﺠﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﻗﺮاص ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮﻳﺔ ﻣﺪﻣﺠﺔ ﺑﺪءا ﺑﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻤﺘﻔﺮدة ﻣﻦ 1200ﺻﻮرة ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ اﺑﻴﺾ واﺳﻮد ذات اﻟﺠﻮدة اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ واﻟﻤﺼﻨﻔﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﻟﻴﻨﺮت وﻻﻧﺪروك ،وﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ
ĿĘšűũŨ ĞƀʼnŠ
ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮب: ﺗﻤﻜﻦ أدﺑﺎء ﻋﺮب ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﺮدﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ واﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ؛ واﺳﺘﺤﻀﺮوا ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﺲ ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء
واﻟﺘﺨﻴﻴﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻪ اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ أو اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﻗﻴﻢ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﻌـﺒـﻴﺔ ﻣﻦ اﻧـﻔـﺘـﺎح ﻋﻠﻰ ﻣـﻮارد ﻣـﺘـﻨـﻮﻋـﺔ ﺣـﻀﺎرﻳـﺎً وﺗﺎرﻳﺨـﻴﺎً وﺟﻐـﺮاﻓـﻴﺎً وﺳـﻴـﺎﺳـﻴﺎً واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً وﺛﻘﺎﻓﻴﺎً، وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺼﺮاع اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻨﺬ اﻟ ِﻘﺪم ﻣﺆﺳﺴﺎﺗِﻴﺎً ﺑﺸﻜﻞ رﺳﻤﻲ، ﺑﻴﻦ اﻟ ُﻤﻌﺘَ َﻤﺪ ﱠ وﺑﻴﻦ ﻫﻮاﻣﺶ اﻹﻗﺼﺎء ِ واﻟﺤﺼﺎر واﻟﻨﺒﺬ واﻟــﺮﻓــﺾ ،ﻓــﺈن ذﻟــﻚ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ
ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ إﻻ وﺟﻬﺎً واﺣﺪا ً ﻟِﻤﺎ ﻗﺪ ﺗ ﱠﻢ ﺗﺮﺳﻴﺨﻪ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎل ﻟﻠﻮﺣﺪة ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺘﻌﺪد .وﻣﻦ ﺛ ّﻢ ﻓﻤﺎ ﻗﺪ اﻧﺸﻐﻞ اﻟﺴﺮد ﺑﺘﻮﻇﻴﻔﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻻ ﻳﻌﺪو أن ﻳﻜﻮن ﺑُﻌﺪا ً وﺣﻴﺪا ً ﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺑﺎﻗﻲ أﺑﻌﺎ ُدﻩ إﻻ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺎت اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺨﻠﻔﻴﺎت اﻹﺛﻨﻴﺔ وﺑﺘﻌﺪد أوﺟﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮاﺣﺪة
ﻗﻀﻴﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
75
واﻟﻌﺮب ﺷﺄﻧﻬﻢ ﺷﺄن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﻮب؛ ﻟﻬﻢ ﻣﻴﺮاث ﺣﺎﺿﺮ وآﺧﺮ ﻗﺪﻳﻢ؛ ﻟﻪ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ؛ ﻓﺘﺮاﺛﻨﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﻧﻤﺎذج ﺳﺮدﻳﺔ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ اﻟﺴﺮد اﻟﻘﺼﺼﻲ وﺗﺸﺒﻬﻪ؛ ﻣﺜﻞ ﺗﻜﺎذﻳﺐ اﻷﻋﺮاب وﻗﺼﺺ اﻟﺤﻴﻮان؛ وﻓﻦ اﻟﺨﺒﺮ وﻗﺼﺺ اﻷﺣﻼم وﻗﺼﺺ اﻷﻣﺜﺎل وﻗﺼﺺ اﻟﺮﺣﻼت؛ وﻗــﺪ ﻣــﺎرﺳــﻮا اﻟــﺴــﺮد/اﻟــﻘــﺺ وﻋﻘﺪوا ﻟﻪ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ،واﺟﺘﻤﻌﻮا ﺣﻮل اﻟــﺮواة واﻟﻘﺼﺎﺻﻴﻦ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻘﺼﺼﻲ ﺣﺎﺿﺮ ﻣﻨﺬ أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. وﻧﻈﺮا ﻟﻬﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻘﺎﻫﺎ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ؛ ﻓﺈن اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة رﺟﻌﺖ إﻟﻴﻪ واﺧﺘﺎرت ﻣﻨﻪ ﻧــﻤــﺎذج ﺳــﺮدﻳــﺔ ﺗﻨﺘﻘﻲ أﺣﺪاﺛﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ؛ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ اﻹﻃﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺤﻜﻴﺎت وﺗﺼﻮﻏﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺘﻼءم وﻣﻘﺮوﺋﻴﺔ اﻟﻤﺜﻘﻒ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻤﻜﻦ اﻷدﺑﺎء اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﺮدﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ واﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ؛ واﺳﺘﺤﻀﺮوا ﻣﻨﻬﺎ ﻣــﺎ ﻳﻤﺲ ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء؛ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺴﺘﻬﻮﻳﻬﻢ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎص ﻣﻊ أﺣﺪاث ﻣﻌﺎﺻﺮة ﻓﺮﺟﻮﻳﺔ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﻄﺎﺑﻊ اﻟﻐﺮاﺑﺔ؛ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺣﻜﺎﻳﺎت أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ؛ واﻟﻤﻘﺎﻣﺎت ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ذات اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻓﺖ؛ ﻳﻄﻤﺢ إﻟﻰ ﻣﺴﺎءﻟﺔ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺤﻜﺎﺋﻴﺔ اﻟﻤﺘﺠﺬرة ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ؛ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ رﺑﻂ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻴﻴﻨﻪ ﻟﻤﻮاﻛﺒﺔ ﻣﺴﺘﺠﺪات اﻟﻌﺼﺮ دون
74
اﻻرﺗﻤﺎء اﻷورﺗﺪوﻛﺴﻲ ﻓﻲ أﺣﻀﺎﻧﻪ. إن اﻟﺮواﺋﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻴﻮﻣﻲ؛ وﻳﺪﺧﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺑﺘﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ وﺗﻔﻜﻴﺮ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ؛ ﻣﻮﻇﻔﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ وﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﻜﻮﻛﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺣﺪﺛﻨﺎ.... أﺧﺒﺮﻧﺎ...ﻛﺎن ﻳﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن....اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻣﻌﺎﺻﺮ ﻳﻮاﻛﺐ ﻣﺴﺘﺠﺪات اﻟﻌﺼﺮ .ﺳﻌﻴﺪة ﺗﺎﻗﻲ: ﻳﻨﺒﻐﻲ أوﻻ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ
أﻣﺎ اﻟﺮواﺋﻴﺔ واﻟﻨﺎﻗﺪة ﺳﻌﻴﺪة ﺗﺎﻗﻲ ،ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮت أن اﻟﻤﺪﺧﻞ اﻟﻤﻨﻬﺠﻲ اﻷﻧﺴﺐ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓــﻲ اﻷﻋــﻤــﺎل اﻟــﺴــﺮدﻳــﺔ ،ﻫــﻮ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ذاﺗﻪ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪء. ﻓﻠﺌﻦ ﻛﺎن اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮاث ﺑـ«اﻟﺸﻌﺒﻲ« ﻫﻮ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﺠﻞ اﻟﻤﻮروث ﻣﻦ اﻟﻤﺄﺛﻮر اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﻢ ﻛﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻌ ﱠﻴﻨﺔ ،وﻳﻤ ّﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺸــﻌــﻮب؛ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﻘــﺎﻟـﻴﺪ واﻟﻤﻌﺘــﻘﺪات واﻟﻌــﺎدات واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻷﻣﺜﺎل واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻷﺷﻌﺎر واﻷﻫﺎزﻳﺞ واﻷﻏﺎﻧﻲ واﻷﺣﺎﺟﻲ واﻟﻄﻘﻮس اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺴﺮد اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،ﻗﺪ اﺣﺘﻔﻴﺎ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻧﺘﺎﺟﺎت ﻋﺪﻳﺪة ،وﺳـﻌـﻴﺎ إﻟﻰ اﺳﺘﺪﻋﺎء أﺑــﻌﺎده ،ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺨــﺘﻠﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺤــﺎﻛـﺎة واﻟــﺘـﻨﺎص واﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ اﺳﺘﻠﻬﻤﺎ ﺧﻄﺎﺑﺎﺗﻪ وﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ وﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻪ وﻋﻼﻣﺎﺗﻪ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. و ﻟﻢ ﻳﻘﻒ اﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ، وﻓﻖ ذﻟﻚ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻋﻨﺪ ﻋ ّﺪ اﻟﺘﺮاث ﻣﺎدة ﻟﻠﺴﺮد ،ﺑﻞ ﻋﻤﺪ إﻟﻰ ﺗﺴﺮﻳﺪه ﺑﺘﻔﻌﻴﻞ ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻤﺤﻜﻴﺔ أو اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ؛
اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ..وﺗﻤﺜﻼﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
اﻧﺸﻐﻞ اﻟﺴﺮد ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ ﺑﻌﺪ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻫﻮ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺮﺳﻤﻲ ،وﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺑﺎﻗﻲ أﺑﻌﺎ ُده إﻻ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺎت اUﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺨﻠﻔﻴﺎت ا`ﺛﻨﻴﺔ
ﻓﺒﻔﻀﻞ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻟﺴﻦ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﻮروﺛﺔ، ﺗﻨﻔﺘﺢ أﻣــﺎم اﻟﺴﺮد أﺑــﻮاب اﻟﻤﺘﺨ ﱠﻴﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﺑﺂﻓﺎﻗﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﺪودة ﻓﻲ ﻣﺘﺎﺧﻤﺘﻬﺎ ﻟﺴﻴﺮة اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ، وﺻﻴﺮورة اﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮ. ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻌ ﱡﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮم ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا واﻓﻴﺎً ،ﻳﺤﻴﻂ إﺟﻤﺎﻻً ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻨﻀﻮي ﺿﻤﻦ اﻟﺘــﺮاث اﻟﺸﻌــﺒﻲ؟ أﻛﺎد أﺟﺰم ﺑﺎﻟﻨـﻔﻲ؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺪد اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻹﺛﻨﻲ واﻟﻠﻐﻮي
ĿĘšűũŨ ĞƀʼnŠ
ﻋﺒﺪ اﻟﻬﺎدي اﻟﻔﺤﻴﻠﻲ: ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻨﻜﺮ اﻟﻠﺬة اﻟﺘﻲ ﺗﺮاودﻧﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﺎﻳﻨﺎ ﻧﺼﺎ ﻧﻬﻞ –ﺑﺈﺑﺪاع -ﻣﻦ ﺗﻌﺪد ﻣﺤﻜﻴﺎت اﻟﺘﺮات اﻟﺸﻌﺒﻲ وأﺳﺎﻃﻴﺮه وﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ أو اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ
اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻨﻴﺎ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ أﻋﻨﻲ اﺳﺘﺤﻀﺎره ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاع. اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻣﺪى ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻠﻬﺎم ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺴﺎءل إﻟﻰ أي ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث ﻧﺠﺤﺖ اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺘﻬﺎ رﻏﻢ اﻧﺒﺜﺎﻗﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ ﺳﻠﻄﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺳﺒﻘﻪ اﻟﺰﻣﻨﻲ واﻟﻔﻨﻲ؟ ﻓﻤﺤﺎوﻟﺔ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺴﺎؤل – ﺣﺴﺐ اﻟﻘﺎص -ﺗﻘﺘﻀﻲ دراﺳﺔ ﻣﻌﻤﻘﺔ وأﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ﺗﺴﺘﻨﻄﻖ اﻟﻤﻨﺠﺰ اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم. ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﻫﻮ أن اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ – أﻗﺼﺪ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺰﻣﻨﻲ ﻃﺒﻌﺎ -ﺻﺎرت ﺗﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻛﺘﺎﺑﻴﺎ ﻛﺎن أم ﺷﻔﻬﻴﺎ ﻟﺮﺳﻢ ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ اﻷﺣﺪاﺛﻴﺔ واﻟﺸﺨﻮﺻﻴﺔ دون إﻏﻔﺎل درﺟﺔ اﻟﺤﻀﻮر اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ ﻣﻘﺎﻃﻊ أو ﺑﻴﻨﺎت ﺳﺮدﻳﺔ أو ﺷﻌﺮﻳﺔ ،أو إﻳﺮاد أﺳﻤﺎء وأﺣﺪاث ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ،أو وﺣﺪات ﻣﻌﺠﻤﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ أو ﺣﻜﻤﺎ وأﻣﺜﺎﻻ ،إﻟﺦ. إن ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮات اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮواﺋﻲ ﻳﺤﻴﻞ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻴﺤﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺪد ﻣﺤﻜﻴﺎﺗﻪ وأﺳﺎﻃﻴﺮه وﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ واﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ .وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻨﻜﺮ ﺣﺠﻢ اﻟﻠﺬة اﻟﺘﻲ ﺗﺮاودﻧﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﺎﻳﻨﺎ ﻧﺼﺎ ﻳﺰﺧﺮ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ.
ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻷدﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮب أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ؛ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺴﺮدﻳﺎت اﻟﻜﺒﺮى؛ وﻟﺪت ﻣﻊ اﻹﻧﺴﺎن وﻋﺒﺮت ﻋﻦ ﺣﺎﻻت ﻧﻔﺴﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ أﺧﺒﺎر ﻣﺘﺪاوﻟﺔ؛ ﺣﻴﺚ إن اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺎﺋﻦ ﻓﻀﻮﻟﻲ ،ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر؛ وﻫﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﺷﺘﻐﺎل اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن وﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﻞ ،ﻷﻧﻨﺎ إذا ﻋﺪﻧﺎ إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺔ ﻧﺸﺄة اﻹﻧﺴﺎن ﻧﺠﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺨﻠﻮق ﺣﻜَﺎء؛ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻮاس ﻟﻠﺮؤﻳﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﺎ ﺟﻤﻊ ﻣﻦ أﺧﺒﺎر وﺣﻜﺎﻳﺎت ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ؛ واﺳﺘﻄﺎع ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺮوﻳﻬﺎ ﻟﻐﻴﺮه. وﻳﺪﻋﻮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر إﻟﻰ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺘﻪ -رﻏﻢ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ -؛ ﻣﺆﻛﺪا ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة ﺗﻨﺒﻴﻪ اﻟﻘﺎرئ ﺑﻀﺮورة اﺗﺨﺎذ اﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻻرﺗﻤﺎء ﺑﺸﻜﻞ أورﺗﺪوﻛﺴﻲ ﻓﻲ أﺣﻀﺎن اﻟﺘﺮاث؛ ﻣﻌﺘﻘﺪا ﺑﺄن اﻟﺴﺎرد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث دون وﻋﻲ ﻣﻨﻪ. إن اﻟﺴﺮدﻳﺎت ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻬﺎ ﺣﻀﻮر ﻓﻄﺮي ﻋﻨﺪ اﻹﻧﺴﺎن؛
ﻗﻀﻴﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
73
ﻗﺮأﻧﺎ أﻋﻤﺎﻻ ﺧﺎﻟﺪة وﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﻛﻴﻒ اﻟﻬﻼﻟﻲ وﺷﻬﺮزاد وﺷﻬﺮﻳﺎر وﻫﺎﻳﻨﺔ وﺳﻴﻒ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ وﺗﻮﻇﻒ ﻫﺬا اﻟﺜﺮاث وأﻫﺎب ﺳﺮد ﺑﻦ ذى ﻳﺰن ....ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ وﻇﻒ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺾ اﻻﺳﻤﺎء ﺣﺘﻰ ﻻ أﻛﻮن ُﻣﺠﺤﻔﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ورﺳﺎﻟﺘﻬﺎ. أﺣﻤﺪ ﺷﻜﺮ: ﺣﻖ ﻣﻦ اﻏﻔﻠﺘﻪ اﻟﺬاﻛﺮة. اﻷﺳﺎﺳﻲ أﻧﻨﺎ أﻣﺎم ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺟﻠﻴﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮاث ﻳﺘﻢ اﻟﻨﺎس ﻟﻜﺎﻓﺔ ﻣﻠﻚ ﻫﻮ ﺷﻌﺒﻴﺎ اﺛﺎ ﺮ ﺗ ﻫﻨﺎك ﺗﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺈﻋﺎدة اﺳﺘﻨﺒﺎﺗﻪ ﻏﻨﻲ ﺑﺤﻜﺎﻳﺎه وأﺳﺎﻃﻴﺮه و ُﻣﺴﺘﻤﻠﺤﺎﺗﻪ ﻟﻠﺘﺮاث ﻏﻮاﻳﺔ ﻻ ﺗﻘﻬﺮ .ﻫﻜﺬا ﻳﺘﺼﻮر اﻟﻘﺎص واﺳﺘﺨﻼص اﻟﻌﺒﺮ ﻣﻨﻪ وأﻫــﺎزﻳــﺠــﻪ ،وأﻣـــﺎم ﻋﻴﻨﺔ ﻣــﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﺒﺪ اﻟﻬﺎدي اﻟﻔﺤﻴﻠﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﺑﺪاع اﺳﺘﻮﻋﺒﺖ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث وأﺣﺴﻨﺖ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻋﻤﻮﻣﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ اﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ واﻟﺤﻔﺮ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق ﻛﺘﺎﺑﺔ وﻏﻨﺎء وﺗﻤﺴﺮﺣﺎ. اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻒ ﻓﻲ رﺑﻂ ﻃﺒﻘﺎﺗﻪ ً ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﻳﺘﻢ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎدة ﺧﺎم اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ إﺑﺪاﻋﻪ وﺑﻴﻦ ﻳﺘﻢ ﻧﺴﺨﻬﺎ أو اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﻮﻻج وﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻳﺪور ﻓﻲ ﻓﻠﻜﻪ. اﻟﻌﺎﺑﺮ ﻟﻠﺰﻣﻦ ،ﻋﻦ ﻟﻬﺎ ،ﺑﻞ ﺑﺈﻋﺎدة اﺳﺘﻨﺒﺎﺗﻬﺎ واﺳﺘﺨﻼص اﻟﻌﺒﺮ وﻟﻌﻞ اﻟﻤﺄزق اﻟﺤﺪاﺛﻲ اﻟﺬي وﺟﺪ اﻟﺴﺮد ﺣﻴﻮﻳﺘﻬﺎ ودﻳﻤﻮﻣﺘﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ واﻟﺤﻔﺮ ﻓﻰ أﻋﻤﺎق ﻃﺒﻘﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺘﻮرﻃﺎ ﻓﻴﻪ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻨﻜﺺ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﺑﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺰﻣﻦ ،ﻋﻦ ﺣﻴﻮﻳﺘﻬﺎ -إن ﺻﺢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ -إﻟﻰ اﻟﻮراء ﻣﻬﻤﺎ ﺗﺒﺎﻋﺪت ورﺳﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺒﻠﻴﻐﺔ ودﻳﻤﻮﻣﺘﻬﺎ وﻃﺮاوة رﺳﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺒﻠﻴﻐﺔ . ﻣﺴﺎﻓﺘﻪ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﻟﻴﺮﺑﻂ اﻟﺠﺬور ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ ﻟﺪا ﻧﺠﺪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮود اﻟﺒﻬﻴﺔ ﻋﻤﻠﺖ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺴﺘﻠﻬﻤﺎ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻪ ورﻣــﻮزه ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻨﺒﺎت وإﺣﻴﺎء ﺷﺨﺼﻴﺎت أﺑﻮ زﻳﺪ وﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ .وﻻ أﻋﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﻜﻮص اﻟﺮدة إﻟﻰ
72
اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ..وﺗﻤﺜﻼﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ĿĘšűũŨ ĞƀʼnŠ
وﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﻌﻪ ﻣﺜﻞ رواﻳﺔ – ﺑﺪر زﻣﺎﻧﻪ -ﻟﻤﺒﺎرك رﺑﻴﻊ ،أو أﺷﻌﺎر ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺠﺬوب ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺮح ..ﻣﻊ اﻟﻄﻴﺐ اﻟﺼﺪﻳﻘﻲ .وﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟﻤﻴﻠﻮدي ﺷﻐﻤﻮم وأﺣﻤﺪ ﺗﻮﻓﻴﻖ وﺟﻤﺎل اﻟﻐﻴﻄﺎﻧﻲ ..ﻳﺸﻜﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻨﻬﻼ ﺧﺼﺒﺎ ﻟﻠﻤﺒﺪﻋﻴﻦ وﻳﻔﺘﺢ أﻣﺎﻣﻬﻢ آﻓﺎﻗﺎ ﺧﺼﺒﺔ ﻻﺳﺘﻠﻬﺎﻣﻪ وإﺑﺪاع ﻧﺼﻮص راﺋﻌﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ رﻏﻢ اﺳﺘﻨﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻫﺬا اﻷدب اﻟﺸﻌﺒﻲ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب اﻷدب اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﻲ ﻗﺼﺺ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﻣــﻢ ،ﺗﺘﻐﻴﺮ اﻷﺳﻤﺎء واﻷﻣﻜﻨﺔ ﺗﺘﻮﺣﺪ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ...و ذﻟﻚ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﺒﺸﺮي. ﺿﺮورة اﺳﺘﻨﺒﺎت اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﺮدي
ﻓﻴﻤﺎ اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻘﺎص أﺣﻤﺪ ﺷﻜﺮ أن اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻟﻴﻔﺔ أو اﻟﺨﻠﻄﺔ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﺘﺄﺗﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءات اﻟﻤﺘﻌﺪدة واﻟﻤﻼﺣﻈﺔ واﻟ ُﻤﻌﺎﻳﻨﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻮﺟﻮد ،وﺿﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت ﻧﺠﺪ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻰ ﻛﺮاﻓﺪ أﺳﺎﺳﻲ ﻷﻧﻪ ﻳُﺸﻜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ذاﻛﺮﺗﻨﺎ وﻣﺨﻴﺎﻟﻨﺎ ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﺷﻔﻬﻴﺎً ﺗﻠﻘﻴﻨﺎه ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ أﻓﻮاه ﺟﺪاﺗﻨﺎ وأﻣﻬﺎﺗﻨﺎ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﺒﺸﻨﺎ وﻗﺮاءاﺗﻨﺎ أو ﺗﺠﻤﻴﻌﻨﺎ ﻷﺟﺰاء ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﺧﻼل ﺗِﺠﻮاﻟﻨﺎ أو ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ واﻟ ُﻤﺘﻌﺪدة . إن ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث -ﻳﻀﻴﻒ اﻟﻘﺎص أﺣﻤﺪ ﺷﻜﺮ -ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﻘﺪرة وﻗُﺪرة وﻧﻈﺮة ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ،أﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻤﺮن اﻟﺴﻠﺲ اﻟﺬى ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻫﻜﺬا دون إﻗﺤﺎم واﺳﺘﻌﺮاض ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻗﺪ
ﺣﺴﻦ اﻟﺮﻣﻮﺗﻲ :رﻏﻢ ﻏﻨﻰ اUدب اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﻮق ﻧﻈﻴﺮه اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻔﺎوت ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺼﺤﻰ واﻟﻠﻬﺠﺎت اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ،ﻓﺈن ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﺳﺮدﻳﺔ ﻳﻈﻞ ﻗﻠﻴ ً ﻼ
ﻗﻀﻴﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
71
ﻋﺰﻳﺰ اﻟﻌﺮﺑﺎوي: ﻛﻞ رواﻳﺔ أو ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮة ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻜﻞ رواﻓﺪه اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ
اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻨﺺ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻨﺎص أو اﻟﺘﻀﻤﻴﻦ ،أو اﻹﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ،ﻋﻠﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸدﻳﺐ أن ﻳﻨﺴﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮال اﻟﻨﺺ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻣﺘﺨﺬا ﻣﻨﻪ ﻫﻴﻜﻼ ﺧﺎرﺟﻴﺎ ﻟﻨﺼﻪ ،وﻓﻲ رأﻳــﻲ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ إن ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻟﻠﺘﺮاث أﻫﺪاﻓﺎ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻨﻴﺔ أﺧﺮى دﻻﻟﻴﺔ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ إن ﺣﺴﻦ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻌﻪ إﻻ أن ﻳﻤﻨﺢ اﻟﻨﺺ ﻣﺴﺤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ واﺿﺤﺔ ،وﻳﻌﻤﻖ ﺑﻌﺪه اﻟﺪﻻﻟﻲ ،وﻳﻠﻘﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻇﻼﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﺘﻌﺪدة. اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻐﻴsﺮ واﻟﺘﱠﻜﻴﻒ
أﻣــﺎ اﻟﻘﺎص واﻟــﺮواﺋــﻲ ﺣﺴﻦ اﻟﺮﻣﻮﺗﻲ ﻓﻴﺮى أن ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﺮﻓﺖ ﻣﺎ
70
ﻳﺴﻤﻰ»ﺑﺄدب اﻟﻌﺎﻣﺔ« ،واﻟﺬي ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎدة اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ورﻏﻢ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺘﻲ أﻋﻄﻴﺖ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻛﻞ ﻣﺎ أﺑﺪﻋﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﻤﺎ أو ﻧﺜﺮا ،ﺳﻮاء ﻋﺮف ﻣﺒﺪﻋﻪ أو ﻟﻢ ﻳﻌﺮف ،ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻳﻈﻞ ﻗﺎﺻﺮا، ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ أﻣﺎم ﻣﺠﺎل واﺳﻊ ﻣﻦ أﻧﻤﺎط اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ :أﻣﺜﺎل وأﺷﻌﺎر وﺣﻜﺎﻳﺎت ...ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ إﺑﺪاع ﻃﺒﻘﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻔﻬﻢ اﻷدب اﻟﻨﺨﺒﻮي ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻔﺼﻴﺢ .وﻫﺬا اﻟﺘﻨﻮع ﻳﺮﺟﻊ ﻟﺴﺒﺒﻴﻦ :رﺣﻠﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ،وﺣﺎﺟﺘﻪ إﻟﻴﻪ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ رؤاه وﻧﻈﺮﺗﻪ ﻟﻠﺤﻴﺎة واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﺛﺎﻧﻴﺎ ﻫﺬه اﻟﻤﺮوﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰه ،ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪه ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ واﻟﺘﻜﻴﻒ وذﻟﻚ ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻟﺰﻣﻜﺎن واﻟﺮاوي ،واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ. اﻟﻘﺪﻣﺎء ﻧﻈﺮوا ﻷﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ أدب ﺷﻌﺒﻲ ،ﻷن ﻟﻐﺘﻬﺎ ﻻ ﺗﺮﻗﻰ ﻷدب اﻟﺨﻄﺎﺑﺔ أو اﻟﻤﻘﺎﻣﺔ ...ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺬوق اﻟﻌﺎم ﻟﻜﻦ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ. ورﻏﻢ ﻏﻨﻰ اﻷدب اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﻮق ﻧﻈﻴﺮه اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻔﺎوت ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ واﻟﻔﺼﺤﻰ ﻋﻨﺪﻧﺎ ،ﻓﺈن ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﺳﺮدﻳﺔ ﻳﻈﻞ ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮب ..اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮون ،اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻄﻠﺐ وﻋﻴﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺮاث اﻟﻀﺨﻢ وﻓﻬﻢ ﻟﻐﺘﻪ واﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠﺘﻪ ،وﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺒﺪع واع ﻟﻴﺘﺠﺎوز اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻷﺻﻠﻲ ﻧﺤﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﺺ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻨﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ دﻻﻻت أﺧﺮى ﻣﻌﺎﺻﺮة ..اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻧﻘﻼ ﺣﺮﻓﻴﺎ أو ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻮﻳﻼ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن إﻏﻨﺎء ﻟﻠﻨﺺ اﻷﺻﻠﻲ وإﺑـﺮاز اﻟﻤﺴﻜﻮت ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺑﺮؤﻳﺔ
اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ..وﺗﻤﺜﻼﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺨﻠﻖ ﻟﺪى اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻫﺰة ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺺ اﻷﺻﻠﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﻨﺺ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﺸﺎرﻛﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺄوﻳﻞ وﻟﻴﺲ ﻗﺎرﺋﺎ ﺳﻠﺒﻴﺎ .ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻤﺎ أﺷــﺮت إﻟﻴﻪ ،أرى أن ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺳﺮدﻳﺎ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ دراﺳﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻟﻪ أوﻻ ،وﻣﻦ ﻋﺸﻖ ﻧﺼﻮﺻﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ رﺳﻢ ﻫﺪف ﻣﺤﺪد ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ .واﻷدب اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺣﺎول اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ،ﻟﻜﻨﻪ ﻇﻞ ﻣﺤﺘﺸﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل أﺣﻤﺪ اﻟﻴﺎﺑﻮري اﻟﺬي ﻳﺮى أن ﺣﻀﻮر اﻟﺘﺮاث ﻇﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺷﺬرات ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة أو ﺑﻨﻴﺎت ﺳﺮدﻳﺔ أو إﺷﺎرات ﺳﺮﻳﻌﺔ .ﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ أﻋﻤﺎل اﺳﺘﻨﺪت إﻟﻰ ﻫﺬا اﻷدب
ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻟﻐﺘﻴﺮي: ﺣﺴﻦ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮاث ﻳﻤﻨﺢ اﻟﻨﺺ ﻣﺴﺤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ واﺿﺤﺔ ،وﻳﻌﻤﻖ ﺑﻌﺪه اﻟﺪﻻﻟﻲ ،وﻳﻠﻘﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻇﻼﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﺘﻌﺪدة
ĿĘšűũŨ ĞƀʼnŠ
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺬي أﻋﺪدﻧﺎه ﺧﺼﻴﺼﺎ ﻟـ ﻣﺠﻠﺔ ﺗــﺮاث ،ﺣﺎوﻟﻨﺎ رﺻــﺪ اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺎءﻟﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ. اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻨﺎﻗﺪ واﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﺰﻳﺰ اﻟﻌﺮﺑﺎوي أن ﻛﻞ رواﻳﺔ أو ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮة ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻜﻞ رواﻓــﺪه اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻳﺒﻘﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﺮدي ﻋﻤﻮﻣﺎً ﺗﻮﻇﻴﻔﺎً ﻣﻤﻨﻬﺠﺎً وﻃﺮﻳﻔﺎً ﻳﻜﺴﺐ اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺮدي ﺟﻤﺎﻟﻴﺘﻪ وﻓﻨﻴﺘﻪ اﻟﻤﻤﻴﺰة .ﻓﺄﻏﻠﺐ اﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻟﻌﺮب اﻟﻴﻮم وﻗﺒﻞ اﻟﻴﻮم ﻓﻄﻨﻮا إﻟﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث وأﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺎﺗﻬﻢ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ اﻟﺴﺮدﻳﺔ وإﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻼﺳﻴﻜﻴﺘﻬﺎ وﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺘﻬﺎ اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎﻃﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻒ واﻟﺤﻜﻲ واﻟﺴﺮد اﻟﺴﻠﺲ واﻟﻤﺴﺘﺮﺳﻞ ﻟﻸﺣﺪاث... وأﺿــﺎف أن ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ، وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻤﻮاﺿﻴﻊ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻳﻜﻮن ﺑﺎﺳﺘﺤﻀﺎر اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﻤﻮﻏﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ، واﻟﺤﻜﻢ ،واﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،واﻷﻗــﻮال اﻟﻤﺄﺛﻮرة ،واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ،واﻷﻋﺮاف واﻟــﻤــﻘــﻮﻻت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺠﻨﺲ واﻟﺤﻴﺎة ،وﻃﺮق اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺘﺪﺑﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎﺗﻲ ...،ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﺤﻀﺮ ﺑﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﺑﻴﺮ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﻨﺼﻴﺔ وﻓﺼﻮل اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺮدي وأﺟﺰاﺋﻪ وأﻗﺴﺎﻣﻪ
ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﺼﺎً ﺳﺮدﻳﺎً ﻃﻮﻳﻼً ،أم ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺼﺮ ﺣﻴﺰﻫﺎ وﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ اﻟﻨﺼﻴﺔ. ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ﻓﺄﺑﺪﻋﻮا ﻧﺼﻮﺻﺎً ﺳﺮدﻳﺔ رواﺋﻴﺔ وﻗﺼﺼﻴﺔ ،ﻓﺠﻌﻠﻮا ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ ﻣﺠﺎﻻً ﻹﻋــﺎدة إﺣﻴﺎء ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻋﺮف ﺧﻼل ﻋﻘﻮد ﻋﺪة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﻔﻜﺮي واﻷدﺑﻲ إﻫﻤﺎﻻً واﺿــﺤـﺎً وﺗﺠﺎﻫﻼً ﻣﻤﻨﻬﺠﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻜﺮي واﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ وﺣﺘﻰ اﻹﺑﺪاﻋﻲ... وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﻮا ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﺪرون أو ﻻ ﻳﺪرون ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺮاث وﺧﻠﻖ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻪ ﻟﻠﻈﻬﻮر واﻻﻧﺘﺸﺎر واﻟﺬﻳﻮع. أﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﺮدي ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮل ﺑﺄن أﻏﻠﺐ ﻛﺘﺎب اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻤﻜﺎن اﻷﻧﺴﺐ ﻓﻲ ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻻﺳﺘﺤﻀﺎر اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﺑﻞ ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻮا ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻋﺎﻟﺔ ﻋﻠﺔ ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺸﻮﻳﻬﻬﺎ وإﻛﺴﺎﺑﻬﺎ ﻋﻴﺒﺎً ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻪ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ...واﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﺣﻘﻴﻘﺔ ذﻟﻚ وﺻﺪق ﻛﻼﻣﻨﺎ ﻫﺬا. ﻤ ُ ﻖ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺘﺮاث ﻳ َ ﻌ ﱢ اﻟﺪﻻﻟﻲ ﻟﻠﻨﺺ
ﻓﻴﻤﺎ أﻛــﺪ اﻟﻘﺎص واﻟــﺮواﺋــﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻟﻐﺘﻴﺮي أن ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺴﺮد ﻳﺘﺨﺬ ﻟﻠﺘﺮاث أﺷﻜﺎﻻ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻓﻘﺪ ﻳﻌﻤﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ أو ﺣﺪث ﺗﺮاﺛﻲ ﻓﻴﺴﺘﻐﻠﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻧﺼﻪ اﻟﻘﺼﺼﻲ ،أو ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻳﺤﺎء ﺑﻪ ﻓﻘﻂ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻄﺎل ﻫﺬا
ﻗﻀﻴﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
69
إﻋﺎدة اﺳﺘﺨﺪام أم إﺑﺪاع؟
..اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ وﺗﻤﺜﻼﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ĕĴŕũŤē źĴŻİĭŤē İżļij ŞżŝĩĜ #~ ' ' Ï/ Ê# . Ï/Ùã . # % Ã Ø ÄÙ
Ð (Ø Ù°} ( %+ \Û ±# # ÄÙ¸/
ÛÍ Íè # . Û ±# Û (# ,ÃÙµØ Ï} ÎÎ (Ø ÄÙ \Ú # %( # 1# ' Ã
Ð' %,Î# Ø ½' ØÔ É .} Ø . \ #
p # Ù#p # p ' + Ù¼. $ä æ *¦+
] Øp # Ù # Â Ê # ( . Û # # . - ,¹( % ÛÂ # ÄÙ¸/ Ï} p Õ(# .
] # (# . ÃÍ2 Ð' Ù # / Ù$( b . Ù ªÙ' Û # «Ì # pÊ » Ð pÙ .Û # p è
وﺗﻤﺜﻼﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ..اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ
68
.pÙ#/ /°
ﻣﻦ ﻫﻨﺎك إﻟﻰ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،ﻋﻠﻰ واﺟﻬﺘﻬﺎ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ اﻷﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺟﺐ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ،ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة ﺑﻌﺎﻣﻴﻦ ﺳﻴﺸﺮح ﻟﻲ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻣﺤﺴﻦ اﻟﺮﻣﻠﻲ ،اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﺮواﺋﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ إﻟﻰ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ أﻧﻬﻢ دﻗﻮﻫﺎ ﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺟﺜﺚ اﻟﻌﺮب ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﺼﺮوا ﻓﻲ ﺣﺮﺑﻬﻢ اﻷﺧﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮد ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﺎدر ،ﻣﺮرت ﻋﻠﻴﻬﺎ دون أن أﻧﺘﺒﻪ أﺳﺎﺳﺎ ،ﻛﻨﺖ ﻣﺄﺧﻮذا ﺑﺮوﻋﺔ اﻟﻨﻘﻮش ،وﻟﻢ ﻳﻠﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻲ أﻋﻤﺪة اﻟﻤﻮت ﺗﻠﻚ. ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻳﻤﺮون ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ أن ﻳﺘﻮاﺟﺪوا ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ دون دﻟﻴﻞ ،ودون أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺪث ﺑﻠﻐﺔ أﻫﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ ﻻ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻟﻐﺎت أﺧﺮى ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ؛ ﻓﻘﻂ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ! ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻏﺎدرت اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﻠﺘﻨﻲ إﻟﻰ ﻫﻨﺎك ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮف إﻟﻰ أﻳﻦ ﺳﺄﻣﻀﻲ ،وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺄﺳﻴﺮ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ،ﻟﻢ أﻋﺮف ﻣﺎذا أرﻳﺪ أن أﻓﻌﻞ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﺻﻌﺪت ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺤﺎﻓﻼت وﺳﺮت ﻣﻊ اﻟﺮﻛﺎب اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻻﺑﺪ أﻧﻬﻢ ﺳﻴﺬﻫﺒﻮن إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ! ﻛﻨﺖ ﻣﺎ أﺧﺸﺎه أن ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي أﺗﺒﻌﻪ أﻧﻨﻲ أراﻗﺒﻪ أو أﺗﺘﺒﻊ ﺧﻄﺎه؛ ﻓﻜﻨﺖ
أﻏ ّﻴﺮ اﻟﺸﺨﺺ ﻛﻞ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺮ ،وﺟﺪﺗﻨﻲ ﺑﻌﺪ ﺻﻌﻮد ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ درﺟﺎت اﻟﺴﻼﻟﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻫﻨﺎك ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﻜﺘﺐ ﺻﻐﻴﺮ ﻟﻼﺳﺘﻌﻼﻣﺎت ،ﺣﺼﻠﺖ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ، وأﻧﺎ أﺣﺐ اﻟﺨﺮاﺋﻂ ،ﺗﻘﻮم ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﻐﺮﺑﺎء أﻣﺜﺎﻟﻲ ،ﺗﺼﻴﺮ ﻋﻴﻨﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺮون ﺑﻬﺎ أﻳﻦ ﺗﻘﻊ ﺧﻄﻮاﺗﻬﻢ ،ﻗﺎﺋﺪة ﻋﻤﻴﺎن ﻫﺬه اﻟﺨﺮاﺋﻂ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،وأﻧﺎ ﻛﻨﺖ أﻋﻤﻰ ﻳﺘﺸﻤﻢ راﺋﺤﺔ اﻟﺴﺎﻟﻔﻴﻦ. ﻣﻀﻴﺖ ،ﻻ أﻟﻮي ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ،ﻇﻠﻠﺖ أﺗﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ﻟﻤﺪة أرﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎت أو ﻳﺰﻳﺪ ﻗﻠﻴﻼ ،ﺳﺎﺋﺮا ﻓﻮق اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﻲ اﻷرﺿﻴﺔ ﻫﻨﺎك ،ﺷﺎﻫﺪت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ دون أن ﺗﻌﻠﻖ ﻓﻲ ذﻫﻨﻲ اﻷﺳﻤﺎء ،أﺟﻬﺪﻧﻲ اﻟﻤﺸﻲ ،ﻓﺠﻠﺴﺖ ﻷﺳﺘﺮﻳﺢ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮر اﻟﺤﺠﺮي اﻟﺬي ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻤﺠﺮى اﻟﻨﻬﺮ ،ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر ﺣﻠﻮل ﻣﻮﻋﺪ ﻋﻮدة اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺄﺧﺬﻧﻲ ﻣﺮة أﺧﺮى إﻟﻰ ﻣﺪرﻳﺪ ،ﻛﻨﺖ أﺗﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﺮ ،ودون ﺳﺒﺐ واﺿﺢ ﻓﻜﺮت أن ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﺴﻤﻮﺣﺎ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﻓﻴﻪ ﻟﻔﻌﻠﺖ! *ﺷﺎﻋﺮ ﻣﺼﺮي
وﺟﻬﺔ ﺳﻔﺮ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
67
ĸŝļ ĞŶĨŸ
»ﺗﻮﻟﻴﺪو«.. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻣﺮ ّ اUﺟﺪاد ŗĴļ įŵũĩŨ
»إﻳﺪا إي ﺑﻮﻳﻠﺘﺎ« ،ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺴﺮ! ﺳﺘﻘﻒ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺑﻮر ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ،وﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺷﺒﺎك اﻟﺘﺬاﻛﺮ ﻗﻞ ﻟﻠﺮﺟﻞ :إﻳﺪا إي ﺑﻮﻳﻠﺘﺎ ،ﻣﺎذا ﻟﻮ أﻧﻪ ﻳﺨﺪﻋﻨﻲ ﻟﻴﻮﻗﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻛﻮﻣﻴﺪي، وأن ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺳﺒﺎب أو ﻛﻼم ﻣﺴﺘﻬﺠﻦ؟!! ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺎت ﺻﺪﻳﻘﻲ وﻛﺎن ﺗﻔﻜﻴﺮي أﺛﻨﺎء وﻗﻮﻓﻲ ﻣﻊ ﻫﺆﻻء اﻟﻐﺮﺑﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻄﺔ اﻟﺤﺎﻓﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺗﺤﺖ اﻷرض ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺔ ﻣﺘﺮو »ﺑﻼﺛﺎ إﻟﻴﺒﺘﻴﻜﺎ« ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ ،ﻗﺎل ﻟﻲ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﺒﺮاﻟﻬﺎﺗﻒ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻛﻴﻒ أﺻﻞ إﻟﻰ ﺗﻮﻟﻴﺪو ،أو ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﺣﺴﺐ اﻻﺳﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻬﺎ ،أﺧﺒﺮﻧﻲ أن ﻣﺤﻄﺔ اﻟﺤﺎﻓﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ اﻟﻤﺘﺠﻬﺔ إﻟﻰ وﺟﻬﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻤﺘﺮو ﻫﺬه ،ﻗﺎل ﻟﻲ ﺳﺘﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺷﺒﺎك اﻟﺘﺬاﻛﺮ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺎت واﺿﺤﺔ ﻫﻨﺎك ،وﻳﺘﺒﻘﻰ أن ﺗﻄﻠﺐ ﺗﺬﻛﺮة ،ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ أﻃﻠﺒﻬﺎ وأﻧﺎ ﻻ أﻋﺮف اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ؟ »إﻳﺪا إي ﺑﻮﻳﻠﺘﺎ« ﻛﺎﻧﺖ إﺟﺎﺑﺘﻪ ،ﺗﻌﻨﻲ » :ذﻫﺎب وﻋﻮدة« ،ﻇﻠﻠﺖ ﻣﺪة اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘﺮو ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ أﺳﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ »ﻧﻮﻳﺒﻮس ﻣﻴﻨﻴﺴﺘﻴﺮﻳﻮس«، وﺣﺘﻰ ﻣﺤﻄﺔ »ﺑﻼﺛﺎ إﻟﻴﺒﺘﻴﻜﺎ« اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ اﻟﻤﺘﺮو رﻗﻢ ﺳﺘﺔ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟـ« ﺛﻴﺮﻛﻮﻻر«؛ أي اﻟﺪاﺋﺮي ،أردد ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﻠﻤﺖ اﻟﺘﺬاﻛﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺋﻊ أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺴﻌﺎدة ﻏﺎﻣﺮة ،ﻟﻢ أﻋﺮف اﻟﺴﺮ وراءﻫﺎ. ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺧﻄﺎ ﻟﻠﻤﺘﺮو ،ﺗﺨﺘﺮق ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ ،ﺗﻢ ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ إﻟﻰ ﻗﻄﺎﻋﺎت ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﻣﻌﻘﺪة ،ﺗﺮاﻋﻲ اﻟﻐﺮض اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻹﻧﺸﺎء وﺳﻴﻠﺔ اﻟﻤﻮاﺻﻼت ﺗﻠﻚ؛ وﻫﻮ ﺧﺪﻣﺔ ﻛﻞ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﺑﻬﺎ ،ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮط ﻋﻨﺪ ﻧﻘﺎط اﻟﺘﻘﺎء ﻣﺤﺪدة، ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺤﻄﺎت اﻟﻤﺘﺮو ﺗﺠﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻂ ﻗﻄﺎرات ،ﻳﺴ ّﻬﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺸﺪة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ،ﻋﻴﺐ واﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺗﻴﺔ؛ ﺣﺠﺐ اﻟﺮؤﻳﺔ ،ﻻ ﺗﺮى
66
»ﺗﻮﻟﻴﺪو«
ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺷﻮارع ﻣﺪرﻳﺪ وأﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺗﺤﺖ أرﺿﻬﺎ ،ﺗﺼﻞ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻟﻮﺟﻬﺘﻚ ،ﻟﻜﻨﻚ ﺗﻔﻘﺪ ﻣﺘﻌﺔ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻠﻤﺤﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺮﺣﻠﺔ إﻟﻰ أي ﻣﻜﺎن ،أﻧﺖ ﺳﺎﺋﺢ ﻷﻳﺎم ﻗﻠﻴﻠﺔ وﻟﺴﺖ ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء اﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ،ﺗﻈﻞ اﻟﺮؤﻳﺔ ﺿﺎﻟﺔ ﺗﻨﺸﺪﻫﺎ ،ﺗﺤﺎول ﻃﻮال اﻟﻮﻗﺖ أن ﺗﻜﺘﻨﺰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻋﺒﺮ ﻛﺎﻣﻴﺮﺗﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﺎ ،ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻋﻴﻨﻚ ذاﺗﻬﺎ. اﻟﺸﻮاع ﻓﻲ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﺿﻴﻘﺔ ،ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺮض ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﻤﺘﺮ وﻧﺼﻒ اﻟﻤﺘﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ ،ﺑﻨﺎﻫﺎ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء ،اﻟﻔﻜﺮة أن اﻟﻌﺪو إذا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع اﺧﺘﺮاق ﺣﺼﻮن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ وﻧﻔﺬ إﻟﻰ ﻋﻤﻖ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﻴﺴﻬﻞ اﺻﻄﻴﺎده ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺪروب اﻟﻀﻴﻘﺔ ،ﻳﻜﻔﻲ أن ﻳﺘﻤﺮﻛﺰ راﻣﻲ ﻧﺒﺎل ﻓﻲ أول اﻟﺪرب ﻟﻴﺴﺤﻖ أي ﺷﻲء ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻋﺒﻮره ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺻﺐ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻤﻐﻠﻴﺔ أو ﺣﺘﻰ اﻟﺰﻳﺖ اﻟﻤﻐﻠﻲ ﻋﻠﻰ رءوس اﻟﻌﺎﺑﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻷﻏﺮاب ﻣﻦ أﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﻮت اﻟﻤﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺪرب ،ﺑﻌﺪ أﻣﻨﻲ ،وﺗﻔﻜﻴﺮ ﺗﻜﺘﻴﻜﻲ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻷﻣﻨﻴﺔ، ﻻ أﺳﺘﻐﺮب أن ﺣﺎﻛﻤﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻫﻮ اﻟﺬي أﻣﺮ ﺑﺒﻨﺎء ﻫﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ! ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﺗﺮﺑﺾ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻷرض ،ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﻼث ﺟﻬﺎت ﻧﻬﺮ اﻟﺘﺎﺧﻮ ،اﺳﻤﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ :ﺗﺎﺟﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﻣﺆﻧﺚ اﻟﺘﺎج ،رﻏﻢ أﻧﻨﻲ ﻻ أﻋﺮف أن اﻟﺘﺎج ﻳﺆﻧﺚ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺄس ،ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺨﺮﻳﺠﺎت ﺗﺪﻋﻢ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال ،ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ أﻧﺸﺌﺖ ،وﻃﻮرﻫﺎ اﻟﻌﺮب ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻓﺘﺤﻮﻫﺎ، ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻤﻌﻤﺎري اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ، ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻵﺛﺎر ،ﺣﺘﻰ وإن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﺎﺋﺪة إﻟﻴﻬﻢ ،ﻓﻬﻢ ﻳﻘﺪرون اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﻳﺤﺘﺮﻣﻮن ﻛﻔﺎح اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أي ﻋﺮق أو ﻟﻮن ،ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻫﻨﺎك ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻜﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ اﻟﻀﺨﻢ ،ﻛﺎن ﻣﺴﺠﺪا أﻳﻀﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺤﻮل ﻣﻊ ﺧﺮوج اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ارﺗﻴﺎد ا]ﻓﺎق
أﺻﺎﺑﻌﻨﺎ ﻛﺤﺒّﺎت اﻟﺮﻣﻞ ،أو رﺑّﻤﺎ أ ّن ﻣﻮﻋﺪﻧﺎ ﻗﺪ ﺗﺄ ّﺟﻞ ،واﻟﻠﻘﺎء ﻣﻊ ﻣﻦ ﻧﺤﺐ ﻏﺪا ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻴﺐ. ﻣﻦ ﺑﻴﺮوت إﻟﻰ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ،ﻛﻨﺖ ﻛﻤﻦ ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻋﺰاء ﻟﺸﺨﺺ ﺣﺒﻴﺐ ،ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أﻛﻞ أو ﺷﺮب ﺷﻲء ،ﺷﻌﻮر ﻋﻠﻲ .ﻓﻲ اﺳﺘﺮاﺣﺔ اﻷرﺑﻊ ﺑﺎﻟﻤﺮارة ﻛﺎن ﻳﻤﺮﻣﺮ ﺣﻠﻘﻲ وﻳﻘﺒﺾ ّ ﺳﺎﻋﺎت ﻓﻲ ﻣﻄﺎر ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت ﺑﺪأ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻳﻔﺮض ذاﺗﻪ ،وأول اﻟﺼﺒﺎﺣﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﺮاﻓﻖ ﻣﻊ ﺿﺤﺎﻳﺎه ﻛﺎن ﻓﻨﺠﺎن اﻟﻘﻬﻮة ّ ﺳﺠﺎﺋﺮ ﺛﻼث أو أرﺑﻊ )أدﻣﻨﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﺎدة ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ،إذ أﻧّﻲ ﻟﻢ أﺗﻌﺎ َط اﻟﺘﺪﺧﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎً( ﻓﻨﺎدﻟﺔ اﻟﻜﺎﻓﺘﻴﺮﻳﺎ ﻓﻲ اﺳﺘﺮاﺣﺔ اﻟﻤﻄﺎر ﻛﺸّ ﺮت ﻓﻲ وﺟﻬﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ” :ﻗﻬﻮة ﺗﺮﻛﻴّﺔ ﻟﻮ ﺳﻤﺤﺘﻲ“ ،ﺛﻢ ﺻ ّﻮﺑﺖ ﻟﻲ ﻃﻠﺒﻲ» :ﻗﻬﻮة أﻟﻤﺎﻧ ّﻴﺔ«. ﺷﻌﺮت وﻗﺘﻬﺎ أﻧّﻲ ارﺗﻜﺒﺖ ﻫﻔﻮة ﻛﺒﻴﺮة ،ﻣﻌﺘﻘﺪا ً أﻧّﻲ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﺑﻜﻞ اﻟﻠّﻐﺎت ،وﻧﺴﻴﺖ أﻧّﻲ ﻓﻲ أﺣﺪ ﻣﻘﺎﻫﻲ ﺑﻴﺮوت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻃﻦ ّ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤ ّﺪث اﻷﻣﺮﻳﻜﺎن إﻻ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴّﺔ، ﺣﻀﺮة اﻹﺑﺎء ّ ﺣﺘّﻰ وإن ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮﻫﺎ. ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﻋﺎت ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت اﻷرﺑﻊ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،أﻣﻀﻴﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻤ ّﺪد ﻋﻠﻰ أﺣﺪ اﻟﻤﻘﺎﻋﺪ ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺘﻴﻘﻆ وﻧﺎﺋﻢ ،واﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳّﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺘﻠﺼﺺ ﻋﻠﻰ ﺷﺎب وﻓﺘﺎة ﺳﻌﻮدﻳﺎن، ﻗﺼﻲ ﻣﻦ ﺗﻮ ّﺟﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ذات اﻟﻄّﺎﺋﺮة ،ﺟﻠﺴﺎ ﻓﻲ رﻛﻦ ّ اﻻﺳﺘﺮاﺣﺔ ،ووﺿﻌﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﺑﻴﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺣ ّﻤﺎﻟﺔ ﻟﻨﻘﻞ اﻷﻣﺘﻌﺔ وﺿﻌﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻣﺘﻌﺘﻬﻤﺎ ،ﻓﻐﺪت ﺣﺎﺟﺰا ً ﻣﻨﻴﻌﺎً ﻟﻴﻤﺎرﺳﺎ ﺣﺮﻳﺘﻬﻤﺎ اﻟﺘﻲ اﻓﺘﻘﺪاﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻫﻤﺎ .ﻛﺎﻧﺎ ﻳُﻄﻌﻤﺎن ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ،وﻳﺘﻐﺎﻣﺰان ﺑﻜﻞ ﻓﺮح ،ﺛﻢ رأﻳﺘﻬﺎ ﺗﻐﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺻﺪره. وﻳﺘﺮاﻗﺼﺎن ّ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ ﻣﺮﻫﻘﺔ وﻣﺮﻋﺒﺔ ،ﻓﺄن ﺗﻄﻴﺮ ﻋﻠﻰ
ﻣﺪار ﻗﺎ ّرة ﺷﺒﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،وﻓﻮق ﻣﺤﻴﻂ ﻣ ّﺪة 14ﺳﺎﻋﺔ ﻓﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺤ ّﻤﻠﻪ ﻋﻘﻠﻲ ،أﻧﺎ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺠﻠﻮس ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻚ أن ﺗﺠﻠﺲ ﺑﻴﻦ أرﺑﻌﺔ »ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻮن ﻋﻠﻴﻚ وﻻ ﺗﻔﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ«! ﻓﻘﺪ وﺿﻌﻨﻲ ﺣﻈّﻲ اﻟﻌﺎﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﻌﺪ اﻟﺜّﺎﻧﻲ ﻛﻨﺪي ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻘﺎﻋﺪ اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻄﺎﺋﺮة ،إﻟﻰ ﻳﻤﻴﻨﻲ ّ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺗﻠﻴﻪ ﺻﺪﻳﻘﺘﻪ. ﺷﺎب أﺻﻞ ّ ﻫﻨﺪي ،وإﻟﻰ ﻳﺴﺎري ّ ّ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻄّﺎﺋﺮة ﺻﻮرة ﻣﺼﻐّﺮة ﻋﻦ ﻛﻨﺪا اﻟﺘﻲ ﻧﻘﺼﺪﻫﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻔﺮاء واﻟﻌﻴﻮن واﻟﺤﺪﻗﺎت اﻟﻀﻴّﻘﺔ ،اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻷﻛﺜﺮﻳّﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮه ّ اﻟﺴﻮد واﻟﻘﺎﻣﺔ اﻟﻤﺮﺑﻮﻋﺔ، واﻟﻌﻴﻮن اﻷﺳﻮد ﻣﻦ ذوي اﻟﺸﻌﺮ ّ وأﺻﺤﺎب اﻟﻌﻴﻮن اﻟ ّﺰرق واﻟﺸّ ﻌﺮ اﻷﺷﻘﺮ وﻃﻮال اﻟﻘﺎﻣﺔ. ﻛﻞ اﻟﻠﻐﺎت؛ ﺗﺘﺠﻪ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻛﺜﻴﺮة وأﻟﺒﺴﺔ ﻣﺘﻨ ّﻮﻋﺔ وأﻟﺴﻦ ﺗﺘﺮﺟﻢ ّ ﻛﻠﻬﺎ إﻟﻰ دوﻟﺔ ﺗﺼ ّﻨﻒ اﻵن ﻓﻲ ﻋﺪاد اﻟ ّﺪول اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ اﻟﻤﺘﻘ ّﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻣﻦ ﻣﻄﺎر ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ ،اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘُﺨﺒﺖ ﻟﺴﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺪ واﻟﺤﺎﻟﻲ أﺟﻤﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻗﺎدﻧﻲ ﻣﻨﺪوب وزارة اﻟﻤﺎﺿﻲ ّ اﻟﻬﺠﺮة واﻟﺠﻨﺴ ّﻴﺔ اﻟﻜﻨﺪﻳّﺔ إﻟﻰ ﺑﻨﺎء ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﻄﻠﻖ أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﻴﺖ ﻋﻠﻴﻪ ”ﺑﻴﺖ اﻟﻀّ ﻴﺎﻓﺔ“، ُ اﻟﺼﻮﻣﺎل اﻟﻤﻘﻬﻮرﻳﻦ ،أو ﺑﻴﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚّ ، ﻛﻞ اﻟﻨﺰﻻء ﻣﻦ ّ اﻷﺛﻴﻮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﻲ ﺪ ﻣﺤ واﻟﺴﻮدان واﻟﺤﺒﺸﺔ –أﺻ ّﺮ ّ وأرﻳﺘﺮﻳﺎ ّ ّ اﻟﺴﻮري اﻟﺤﺒﺸﺔ راﻓﻀﺎً ﺗﺴﻤﻴﺔ أﺛﻴﻮﺑﻴﺎ -واﻟﻌﺮاق وإﻳﺮان ،ﻛﻨﺖ ّ اﻟﻮﺣﻴﺪ .ﺟﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﻗﺼﺼﻬﻢ ﻧﺘﻔﺎً ﻻ ﻳﻌﺘ ّﺪ ﺑﻬﺎ ،إﻧّﻤﺎ ﻗﺎﺳﻤﻬﺎ اﻟﺤﺮوب واﻟﺠﻮع واﻟﺨﻮف واﻟﻘﻤﻊ واﻻﻋﺘﻘﺎل ،وﺑﻼد ﻟﻢ ﺗﺘﻌ ّﺮف ﺑﻌﺪ إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ ”ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ«
ارﺗﻴﺎد اbﻓﺎق
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
65
Â/ Í Â - Û($ # Ä (#
اﻟﻘﺼﻴﺮ ،ﻳﻘﻮل اﻟﻜﻨﺪﻳّﻮن ﻋﻦ ﺑﻠﺪﻫﻢ ،Young country :أي ﺑﻠﺪ ﺷﺎب ،ﺗﺎرﻳﺨﻪ ﻳﺒﺪأ ﻣﻨﺬ اﻟﺜّﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴّﺔ اﻟﺘﻲ اﺑﺘﺪأت ﻓﺘﻲ أو ّ ّ اﻟﻜﻨﺪي ﻛﺜﻴﺮا ً ﻋﻦ ث ﺪ ﻳﺘﺤ ﻻ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﺸﺮ، ّﺎﻣﻦ ﺜ اﻟ اﻟﻘﺮن أواﺧﺮ ّ ّ اﻟﺘّﺎرﻳﺦ اﻟﺘّﻠﻴﺪ واﻟﻤﺠﻴﺪ ،ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻳﺸﻌﺮك أﻧّﻪ ﻳﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ. واﻟﺼﻮر، ﻛﺎﻧﺖ رﻳﺘّﺎ ﺗﺘﺤ ّﺪث وﺗﺮﻓﻖ ﺷﺮوﺣﺎﺗﻬﺎ ﺑﺄﻓﻼم اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ ّ وﻛﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻳﻀﺎح .زرﻧﺎ ﻛﻨﺪا ﻛﻠّﻬﺎ ّ ﺟﺒﺎﻟﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻼم ،ﺗﻌ ّﺮﻓﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺎ وﺑﺤﻴﺮاﺗﻬﺎ وأﻧﻬﺎرﻫﺎ ،زرﻧﺎ ﻣﺪﻧﻬﺎ ﻛﻠ ﺎّﻬﺎ ﻓﻨﺎ وﻫ ّﺠﺄﻧﺎ أﺳﻤﺎء ﻣﻘﺎﻃﻌﺎﺗﻬﺎ اﻟﻌﺸﺮ ،ﺗﻌ ّﺮ ﺎ ﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﻘﺴﻬﺎ ﺷﺘﺎ ًء وﺻﻴﻔﺎً ،وﻋﺮﻓﻨﺎ أ ّن ﻲ ﺔ، ﺳﺖ ﻣﻨﺎﻃﻖ زﻣﻨ ّﻴ ، ذﻟﻚ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻌﻤﻼق ّ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ ﻋﺮﻓﻨﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ وﻧﻈﺎم ﺣﻜﻤﻬﺎ، ﺎ واﻷﺳﻮد أﻓﻼﻣﺎً وﺻﻮ َرا ﻛﺜﻴﺮة ،ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺷﻘﺮ د ﺑﻌﺾ واﻷﺳﻤﺮ ،وﻻ ﻓﻀﻞ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺾ اﻟﺤﻘﻮق إﻻ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻟﻘﺎﻧﻮن وﻣﻌﺮﻓﺔ ق واﻟﻮاﺟﺒﺎت. ﻮن ﻛﺎن اﻟﻜﻨﺪﻳّﻮن ﻛﺮﻣﺎء ﻣﻌﻨﺎ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺪ ّﻣ ن ﻣﻮﻋﺪﻳﻬﻤﺎ وﺟﺒﺘﻲ اﻹﻓﻄﺎر واﻟﻐﺪاء ﻓﻲ ﻟﻨﺎ ﺎ ّ ﻮرة اﻟﻤﻘ ّﺮرﻳﻦ .ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟ ّﺪورة اﻟﺘﻘﻄﻨﺎ ّﺻ ة ﺗﺬﻛﺎرﻳّﺔ ﺑﻌﺪ أن وزّﻋﻮا ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﻌﺎرا ً ﺻﻐﻴﺮا ً اﻟﻜﻨﺪي ﺑﻠﻮﻧﻴﻪ اﻷﺑﻴﺾ ارﺗﺴﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻠﻢ ّ واﻷﺣﻤﺮ ،وﺿﻌﻨﺎه ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻘﻠﺐ ،وﻋﻠﻤﺎً ﺻﻐﻴﺮا ً ﻟﻜﻨﺪا أﻳﻀﺎً رﻓﻌﻨﺎه أﻋﻠﻰ رؤوﺳﻨﺎ. ﻳﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺬّاﻛﺮة اﻟﻤﺜﻘﻮﺑﺔ ،ﻛﻴﻒ أﻓﺮغ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻚ ﻣﻦ دون أﻟﻢ؟! اﻋﺘﻘﺪت وأﻧﺎ ﻓﻲ ﺧﺮﻳﻒ اﻟﻌﻤﺮ أﻧّﻲ ﺳﺄرﺗﺎح ﻓﻲ ﻛﻨﺪا؛ وإذ ﺑﻲ اﻟﺼﻔﺮ ،ﻃﻔﻞ ﻳﺘﻌﻠّﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﺘﺐ ،وﻛﻴﻒ ﻳﺒﺪأ ّ ﺑﻔﻚ أﺑﺪأ ﻣﻦ ّ اﻟﺤﺮف ،ﻛﻴﻒ ﻳﺒﺪأ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻣﻊ اﻣﺮأة؛ ﻧﺘﺄﺗﺊ أﻳﺎم اﻟﻤﺮاﻫﻘﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻬ ّﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ إﻟﻰ ﻓﺘﺎة أﺣﻼﻣﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺠﻠﻨﺎ وﻋﻘﺪﻧﺎ وﻛ ّﻢ اﻟﻜﺒﺖ اﻟﻬﺎﺋﻞ اﻟﺬي ُد ّرﺑﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﺸّ ﺎرع ،ﻳﺪ اﻟﻘﻤﻊ واﻟﺘّﺪﺟﻴﻦ ﺗﺴﻠّﻤﻚ وﺗﺴﺘﻠﻤﻚ ،ﻓﻲ ﻛﻨﺪا ﻧﺘﺄﺗﺊ ﻛﻤﺮاﻫﻘﻴﻦ ﺻﻐﺎر ،ﻻ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻮف أو ﺧﺠﻞ ،إﻧّﻤﺎ ﻷﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺠﻴﺪ ﻛﻞ اﻟﺘّﻌﺎﺑﻴﺮ ،وإن اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻓﻘﻴﺮ ،وﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ّ اﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ وﻗﺎﻣﻮﺳﻨﺎ ّ اﻣﺘﻠﻜﻨﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎﻓﻬﻲ ﺗﺨﺮج ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻀﺤﻚ ،ورﺑّﻤﺎ ﺗﻌﻄﻲ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺐ،ﺗﻌﺎﻟﻮا ﻣﻌﻲ آﺧﺮّ . ﻛﻞ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﻣﺮﻫﻘﺔ ،رﺑّﻤﺎ ﺧﻼ ﺑﺪاﻳﺎت ّ آﺧﺬﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺎت.
64
ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا
ﺑﻴﺮوت – ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت – ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ
وﻗﻊ ﻗﻠﺒﻲ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ،ﺻﻌﺪت اﻟﻄّﺎﺋﺮة ﻗﺪﻣﻲ ﺑﺘﺜﺎﻗﻞ ﻓﻈﻴﻊ .ﻻ ﺑﻼ روﺣﻲ ،أﺟ ّﺮ ّ أﻳﺎدي ﺗﻠ ّﻮح ﻟﻲ ،وﻻ دﻣﻮع ﻳﻜﻔﻜﻔﻬﺎ أﺣﺪ. اﻟﺴﻔﺮ ﺑﻴﻮﻣﻴﻦ؛ وﻓﻲ ﻗﺒﻴﻞ ّ »ﺳﻜﺎﻳﺰ«ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺸّ ﻬﻴﺪ ﺳﻤﻴﺮ ﻗﺼﻴﺮ – ّ ﻣﻜﺎن ﻋﻤﻠﻲ -ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﻣﺎﻳﺎ اﻟﻠﻄﻴﻔﺔ: أﺣﺐ اﻟﻮداع .وﻋﻨﺪ اﻟﺒﺎب اذﻫﺐ ،ﻻ ّ اﻟﺘﻔﺖ وراﺋﻲ ﻟﻤﺤﺘﻬﺎ ﺗﻠ ّﻤﻠﻢ دﻣﻌﺔ رﺑّﻤﺎ ﺳﺘﺨﻮﻧﻬﺎ .ﻫﻲ رﺑّﻤﺎ ّ اﻟ ّﺪﻣﻌﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻛﺪت أراﻫﺎ ﺑﺄ ّم ﻋﻴﻨﻲ. و ّدﻋﺖ أﻏﻠﺒ ّﻴﺔ اﻷﺣ ّﺒﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻬﺎﺗﻒ ،اﻧﺘﻬﻰ أﻛﺜﺮﻫﺎ ﺑﺤﺸﺮﺣﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ .ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت ،أﻏﻠﺒ ّﻴﺔ ﻣﻦ و ّدﻋﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻮرﻳﻴﻦ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ آﺧﺮ ﻟﻘﺎء ﻟﻲ ﺑﻬﻢ ﺳﻨﺘﺎن وﻧﺼﻒ اﻟﺴﻨﺔ، ّ وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻢ أره ﻣﻄﻠﻘﺎً ،ﺟﻤﻌﻨﻲ ﺑﻬﻢ اﻟـ “ﻓﻴﺲ ﺑﻮك“ واﻟﻬﺎﺗﻒ، ﻟﻜﻦ ﺷﻌﺮ ﻛﻼﻧﺎ ﺑﺸﺊ ﻣﺎ ،ﻏﺎﻣﺾ ﻻ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻟﻪ .ﻫﻞ ﻫﻲ ﻛﻨﺪا اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ،أم أن ﺑﻴﺮوت واﻹﺣﺴﺎس أﻧّﻬﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔ وإن ﻋ ّﺰ اﻟﻠﻘﺎء؟ ﺑﻴﺮوت ﻋﻠﻰ اﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻀﺎؤل اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻫﻨﺎ ﻟﻜ ّﻨﻬﺎ أﻳﻀﺎً ﻛﺎﻧﺖ أي ﺷﻲء ،ﺳﻴﺒﻘﻰ اﻟﻬﺎﺗﻒ وﻳﺒﻘﻰ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﺑﻌﻴﺪة .ﻟﻦ ﻳﺘﻐ ّﻴﺮ ّ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﻮاﺻﻠﻨﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﻫﺬا اﻟﺸّ ﻌﻮر ﺑﺎﻟﻔﻘﺪ!؟ رﺑّﻤﺎ ﻛﻤﺎ اﻟﺼﺪﻳﻘﺎت” :إﻧّﻪ أﺟﻞ ﻋﻮدﺗﻨﺎ“ ،واﻟﻤﻘﺼﻮد اﻟﻌﻮدة ﻗﺎﻟﺖ إﺣﺪى ّ إﻟﻰ ﺳﻮرﻳﺎ .رﺑّﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺸّ ﻌﻮر ﺑﺄ ّن ”ﺳﻮرﻳّﺎﻧﺎ“ ﺗﺘﺴﻠّﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ
ارﺗﻴﺎد ا]ﻓﺎق pÎ ] ÙÍ Ø # Ù '/#/ ] Â/ Í Â
اﻟﺴﻔﺎرة اﻟﻜﻨﺪﻳّﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »ﺟﻞ اﻟﺪﻳﺐ« وﺑﻌﺪ زﻳﺎرﺗﻴﻦ ﻟﻤﻘﺮ ّ واﻓﻘﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻜﻨﺪﻳّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﻲ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ أراﺿﻴﻬﺎ، اﻟﺴﻔﺮ. و ُﺣ ّﺪد ﻟﻲ ﻣﻮﻋﺪ ّ ﻫﻞ ﺗﺸﻌﺮون ﺑﻤﺎ أﻛﺘﺐ؟!
واﺑﻨﺘﻴﻬﺎ،ﻋﻤﺮﻫﻤﺎ ﺑﻴﻦ 20و25ﺳﻨﺔ ،واﺑﻨﻬﺎ -وﻫﻮ ﻃﻔﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻋﻤﺮه اﻟـ ،15أﺛﻨﺎء اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠّﻠﺘﻬﺎ اﻟ ّﺪورة ﻋﺮﻓﻨﺎ أن أﺑﺎﻫﻢ ﺗ ّﻢ إﻋﺪاﻣﻪ ﺣﻴﻦ أﻣﺮ ﺻ ّﺪام ﺣﺴﻴﻦ ﺑﺈﻋﺪام ﺑﻌﺾ واﻟﺴﻠﻊ اﻟﻐﺬاﺋ ّﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘّﺠﺎر اﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﻤﻮاد ّ اﻗﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺤﺼﺎر ّ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق .ﺣﻀﺮ أﻳﻀﺎً ّ ﺷﺎب ﻋﺮ ّ ﺑﻤﻔﺮده ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﺜّﻼﺛﻴﻦ ،وﻓﺘﺎة ﻧﻴﺠﻴﺮﻳّﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﻴّﺎت، اﻟﺴﻠﻄﺎت ﺳﻴﻠﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﺎر ﺑﻴﺮوت زوﺟﻬﺎ اﻟﻤﺴﺠﻮن ﻟﺪى ّ اﻗﻲ وﺟﻬﺘﻬﻢ ﺗﻮرﻧﺘﻮ، اﻟﻠﺒﻨﺎﻧ ّﻴﺔ .اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﻌﺮاﻗ ّﻴﺔ واﻟﺸّ ﺎب اﻟﻌﺮ ّ ﺷﺮﻗﻲ ﻛﻨﺪا ،واﻟﻨﻴﺠﻴﺮﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻠﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ زوﺟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎر ﻛﻨﺖ اﻟﻮﺣﻴﺪ وﺟﻬﺘﻲ ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ، وﺟﻬﺘﻬﻤﺎ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺳﺴﻜﺎﺗﺸﻮنُ ، ﻏﺮﺑﻲ ﻛﻨﺪا. ً ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ ،ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺪ ّرﺳﺘﻨﺎ أﺻﻞ ﻣﻦ ا ﺪ ﺟ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺔ ﻳ ﻛﻨﺪ ّ »رﻳﺘّﺎ« ﻓﺘﺎة ّ ّ ﻓﻲ اﻟ ّﺪورة ﺧﻼل أﻳّﺎﻣﻬﺎ اﻟﺜّﻼﺛﺔ .ﻣﺎزﺣﺘﻬﺎ :ﺳﺄﻟﻐﻲ ﺳﻔﺮي إﻟﻰ ﻛﻨﺪا ﻟﻮ ﺟﺎء »اﻟ ّﻨﺼﻴﺐ« ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ،ﻟﻜ ّﻨﻬﺎ ﻟﻸﺳﻒ ﻣﺘﺰ ّوﺟﺔ ،وأﻧﺎ اﻵن ﻓﻲ ﻛﻨﺪا.
ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﺘﺮﺟﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت؛أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻻﺧﺘﻨﺎق وأﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ آﻻف اﻟﻜﻴﻠﻮﻣﺘﺮات ﻋﻦ ﺳﻮرﻳﺎ ،ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﻛﻨﺖ أﺷﺘﺎق دﻣﺸﻖ، اﻵن ﻓﻲ ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ أﺷﺘﺎق ﺑﻴﺮوت ،أﺟﻠﺲ اﻵن ﻓﻲ ﻣﻘﻬﻰ وأﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻛﻤﺒﻴﻮﺗﺮي اﻟﻤﺤﻤﻮل ،أﺗﻨﺎول اﻟﻘﻬﻮة ،ﻋﻘﺮب ﺳﺎﻋﺘﻲ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ 3:50ﻋﺼﺮا ً ،أﻧﺘﻢ اﻵن ﻧﻴﺎم ،ﻓﺎﻟﺘّﻮﻗﻴﺖ ﻓﻲ ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ ﻳﺘﺄﺧّﺮ ﺣﻮاﻟﻲ 11ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻦ ﺳﻮرﻳﺎ واﻹﻣﺎرات وﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸّ ﺮق اﻷوﺳﻂ ،اﻟﺘّﺎرﻳﺦ ﻫﻮ 28ﻣﺎﻳﻮ ،وﻋﻠﻰ اﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣﻦ أ ّن اﻟﻔﺼﻞ ﺻﻴﻒ ،ﻟﻜ ّﻦ اﻟﻤﻄﺮ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗّﻒ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ،وﻻ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟّﺬي ﺳﺒﻘﻪ .ﺳﺄﺣ ّﺪﺛﻜﻢ ﻋﻦ ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ،ﻟﻨﻌﺪإﻟﻰ ﺑﻴﺮوت اﻵن. اﻟﺴﻔﺮ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ،2010-10-4إﻧّﻤﺎ ﻗُﺒﻴﻠﻪ ﻫﻨﺎك دورة ُﺣ ّﺪد ﻣﻮﻋﺪ ّ ﻣ ّﺪﺗﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﻳّﺎم .ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﻤﺮا ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت وﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﺪف اﻟ ّﺪورة؟ أﻧﻴﻖ ،وﻓﺪتْ ﻣﻌﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻋﺮاﻗﻴّﺔ ﻣﺆﻟّﻔﺔ ﻣﻦ أ ّم ﺧﻤﺴﻴﻨﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى أﻳّﺎم ﺛ ّﻼﺛﺔ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﻌ ّﺮف ﻋﻠﻰ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻛﻨﺪا وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ
ارﺗﻴﺎد اbﻓﺎق
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
63
ﻫﻞ
62
ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا
' Â/ Í Â .
ﻣﺎ أﺧﻄّﻪ ﻫﻨﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ اﻟﻰ أدب اﻟﺮﺣﻼت؟ ﻻ أدري ،أﺻﺪﻗﻜﻢ اﻟﻘﻮل ،ﻻ أﻋﺮف. ﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻞ ﻣﺎ أﻛﺘﺒﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﺨﺼ ّﻴﺔ ّ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا؟ ﻧﻌﻢ وﻻ .ﻛﻴﻒ؟ ﻫﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﺨﺼ ّﻴﺔ ﺑﺎﻟ ّﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،وﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﺮات ،وﺗﻠﺘﺤﻢ أﺧﺮى ﻣﻊ ﻣﺌﺎت؛ ﻻ ،رﺑّﻤﺎ آﻻف اﻟﻘﺼﺺ ﻟﻌﺮب وﻏﻴﺮ ﻋﺮب ،ﻣﺴﺮﺣﻬﺎ اﻷراﺿﻲ اﻟﻜﻨﺪﻳّﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮل »ﻣﺴﺮﺣﻬﺎ اﻷراﺿﻲ اﻟﻜﻨﺪﻳّﺔ« ﻓﻼ ﻳﺨﻔﻰ ﻟﻤﺘﺎﺑﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﺮح ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت وأﻋﺮاق وأﺟﻨﺎس. ﻫﻨﺎ ﻳﺨﺮج ﻣﺎ أﻛﺘﺒﻪ ﻋﻦ إﻃﺎر ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﺨﺼ ّﻴﺔ ﻟﺘﻌﺎﻧﻖ ﻓﻲ دﻗﺎﺋﻘﻬﺎ وﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﻓﻀﺎ ًء ﻋﺎ ّﻣﺎ واﺳﻌﺎ ورﺣ ًﺒﺎ ﺑﻘﺪر ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ وﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﻨﺪا اﻟﻤﺼ ّﻨﻔﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻣﻨﺬ وﺻﻮﻟﻲ ﻛﻨﺪا ،وﺑﻌﺪ ﺷﻬﻮر ﺳ ّﺘﺔ أو ﺳﺒﻌﺔ ،ﺗﺮاودﻧﻲ ﻓﻜﺮة اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻻ ﺗﺰال راﻫﻨﺔ وﺣ ّﻴﺔ وﻣﻔﺘﻮﺣﺔ،ﻛﻠّﻤﺎ أﻫﻢ ﺑﻬﺎ ﺗﺘﻤ ّﻨﻊ ﻓﺄؤ ّﺟﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وإن ﻛﻨﺖ ُأد ّون ﺑﻌﺾ ّ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻤﻼﺣﻈﺎت ﻓﻲ دﻓﺘﺮ ﺻﻐﻴﺮ أﻛﺎد أﺣﻤﻠﻪ داﺋﻤﺎً ﻣﻌﻲ ﻛﻴﻼ ﺗﻀﻴﻊ ،ﻓﺎﻟﻔﻜﺮة أﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﻤﺮاﻫﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔﻋﺸﺮﺗﻐﻮﻳﻚ ﺛﻢ ﺗﺘﻤﻠﺺ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ أﺳﺠﻨﻬﺎ ﺑﻴﻦ ّ دﻓﺘﻲ ذﻟﻚ اﻟﺪّ ﻓﺘﺮ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،أﺗﺮﻛﻬﺎ وأﺑﺤﺮﻓﻲ ﺧﻀّ ﻢ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﻛﻨﺪا ،أﻋﻮد إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻓﺘﺮة وأﺧﺮى،أﻛﺘﺐ وأﺳ ّﺠﻞ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ وأﻣﺤﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،أﺣﺎول أن أزﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻣﻦ ّ ﻋﺸﺮة إﻟﻰ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ....اﻵن ﺗﻮاﺟﻬﻨﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة وﺗﻘﻮل ﺑﻜﻞ اﻟﻨﻀﺞ :ﻟﻦ أﺑﻘﻰ داﺧﻞ ﺳﺠﻨﻚ ،اﻋﺘﻘﻨﻲ وإﻻ ،...رﺑّﻤﺎ ّ ﺗﻨﺎﻫﻰ إﻟﻰ ﺳﻤﻌﻬﺎ ﺿﺠﻴﺞ اﻟﺜﻮار ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج وأنّ »اﻟﺸّ ﻌﺐ ﻳﺮﻳﺪ. «.. أرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ وﺻﻮﻟﻲ إﻟﻰ ﻓﺎﻧﻜﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا، اﻟﻌﺮﺑﻲ .أرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﺣﺎوﻟﺖ ﻓﻴﻬﺎ وﺗﻨﺪﻟﻊ ﺛﻮرات اﻟﺮﺑﻴﻊ ّ أي ﻗﻨﺎة ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻋﺮﺑ ّﻴﺔ ،أردت وﻧﺠﺤﺖ أﻻ أﻓﺘﺢ ﻋﻠﻰ ّ أن أﻣﻜّﻦ ﻟﻐﺘﻲ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳّﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻳﺮ ﺻﻮت ﺷﺒﺎب ﺗﻮﻧﺲ وﻓﺮار ﺑﻦ ﻋﻠﻲ؛ﺑﺎﺗﺖ ﻗﻨﻮات اﻟﺠﺰﻳﺮة واﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ واﻟـ ﺑﻲ ﺑﻲ ﺳﻲ ،وأﺧﺮﻳﺎت ﻳﺤﺘﻠﻠﻦ ﺣ ّﻴﺰاً ﻛﺒﻴﺮاً ﻣﻦ ﻳﻮﻣﻲ.
ﻧﻘﺺ ﺣﻜﺎﻳﺔ »ﻓﺘﱡﻜﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ« -ﻫﻜﺬا دأﺑﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل ﻋﻨﺪﻣﺎ ّ اﻷﺻﻠﻲ ،ﻧﻌﻮد إﻟﻴﻪ ﻟﺘﻜﺘﻤﻞ أو ﻧﺮوي ﺣﺪﻳﺜﺎً وﻧﻨﺴﻰ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﺳﻴﺎﻗﻪ ّ اﻟﺼﻮرة -ﻓﻜﺮة اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻛﻨﺪا ﻛﻨﺖ أو ّد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺪوم إﻟﻴﻬﺎ ،إﻧﻤﺎ ﻷﺳﺒﺎب ﻛﺜﻴﺮة ﻗﺼﺮت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺎرب ﻛﻨﺪا .رﺑّﻤﺎ ﻷ ّن ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺑﻴﺮوت ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﺻﻮرة ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮدـ ﺑﻜﻞ اﻷﻟﻮان ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻛﻨﺪا اﻟﺘﻲ اﻟﺼﻮرة ﻓﻲ ﻛﻨﺪا ﻓﺤﺎﻓﻠﺔ ّ أﻣﺎ ّ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﻠﻞ واﻟ ﱢﻨﺤﻞ واﻷﻋﺮاق واﻟﻘﻮﻣ ّﻴﺎت. إﻧّﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻬﺎ ّم أن ﻳﻌﺮف اﻟﻘﺎرئ أﻧّﻲ ﺧﻼل إﻗﺎﻣﺘﻲ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت، ﺗﺮددت ﻋﺸﺮات اﻟﻤ ّﺮات ﻋﻠﻰ »اﻟﻤﻔﻮﺿ ّﻴﺔ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﻟﺸﺆون اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ« ﻓﻲ ﺑﺮد ﺑﻴﺮوت وﺣ ّﺮﻫﺎ اﻟﺨﺎﻧﻖ ،ﻓﻲ ﻣﻄﺮﻫﺎ،ﻓﻲ ﺻﺤﻮﻫﺎ وﻓﻲ ﻏﻴﻤﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺟﺎء اﻟﻔﺮج أﺧﻴﺮا ً» :أﻧﺖ ﻣﻘﺒﻮل«. اﻟﺴﻠﻄﺎت أﺻﺒﺢ ﻋﻨﺪي اﻵن وﺛﻴﻘﺔ ﺗﻘﻮل أﻧّﻲ«ﻻﺟﺊ« ،وﻋﻠﻰ ّ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧ ّﻴﺔ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﺣﺮﻳّﺔ ﻣﺮوري واﻧﺘﻘﺎﻟﻲ .ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺄﺷﻬﺮ ﻗﻠﻴﻠﺔ،
ارﺗﻴﺎد ا]ﻓﺎق ﻳُ ﻨﴩ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﳌﺮﻛﺰ اﻟﻌﺮيب ﻟﻸدب اﻟﺠﻐ ﺮاﰲ "ارﺗﻴﺎد اﻵﻓﺎق" -أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﻟﻨﺪن اﻟﺬي ﻳﺮﻋﺎه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﺴﻮﻳﺪي
ّ ﻛﻞ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﻣﺮﻫﻘﺔ ،إﻻ ﺑﺪاﻳﺎت ّ اﻟﺤﺐ
ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا أﺣﻤﺪ ﻣﻮﻟﻮد اﻟﻄﻴﺎر@ * Ú / . ÛÂ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
61
тАлтАк─╕┼┐─╕─н┼и─Ч ┼в┼┐─╕┼М ╟й┼ФтАмтАм
тАл╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘ЖтАк ╪МтАмя╗г я▒ая║к╪з╪нтАм тАл╪зя╗Яя╗дя╗ая╗о┘ГтАм тАлтАк*─░┼╗─╢┼╝┼д─У ┼╡─Ц─Й ┼Ч─┤─╝─ЙтАмтАм
тАля╗ля╗отАм
тАл╪зя╗Яя╗дя╗Фя╗Ья║отАк ╪МтАм┘И╪▒╪зя║Ля║к я╗Ля╗ая╗в ╪зя╗╗я║Яя║Шя╗дя║О╪╣тАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗о ╪зя╗Яя╗дя║Ж╪▒╪отАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗о я╗гя╗жтАм тАля║Чя║ая║О╪п┘Д я║Ся║╕я║Дя╗зя╗к я╗гя╗ия║Оя║╗я║о┘И┘З я╗Чя║Тя╗Ю я╗Пя╗┤я║оя╗ля╗втАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗о ╪зя╗Яя╗дя╗оя║╗я╗о┘Е я║Ся║Оя╗Яя║ия╗┤я║Оя╗зя║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя╗Мя║╝я╗о┘Е я║Ся║Оя╗Яя╗Мя╗ая╗втАк.тАмтАм тАля╗ля╗о я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя║оя║гя╗дя╗ж я║Ся╗ж я╗гя║дя╗дя║к я║Ся╗ж я╗гя║дя╗дя║к я║Ся╗ж я╗гя║дя╗дя║к я║Ся╗ж ╪зя╗Яя║дя║┤я╗жтАм тАля║Ся╗ж я╗гя║дя╗дя║к я║Ся╗ж я║Яя║Оя║Ся║о я║Ся╗ж я╗гя║дя╗дя║к я║Ся╗ж я╗гя║дя╗дя║к ╪зя║Ся╗ж ╪ея║Ся║о╪зя╗ля╗┤я╗в я║Ся╗ж я╗Ля║Тя║ктАм тАл╪зя╗Яя║оя║гя╗дя╗ж я║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘ЖтАк.тАмтАм тАл┘Ия╗Яя╗Ья╗жтАк ╪МтАмя╗гя║О╪░╪з я║Ся╗Мя║к я║Чя╗ая╗Ъ ┬╗╪зя╗Яя╗дя╗Шя║кя╗гя║Ф┬л╪ЯтАм тАля║Чя║Дя║Чя╗▓ я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║┤я╗Дя╗о╪▒ я║┐я╗дя╗ж ╪ея╗Ля║О╪п╪й ┬╗╪зя╗Яя║Шя╗Мя║оя╗│я╗Т я║Ся║Оя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘Ж┬лтАм тАля╗Ыя╗дя║О я╗│я║╕я╗┤я║о я╗Ля╗ия╗о╪з┘Ж я╗Ыя║Шя║О╪и я║╗я║к╪▒ я╗Уя╗▓ я║│я╗ая║┤я╗ая║Ф ╪зя╗Яя║мя║зя║Оя║Ля║о ╪зя╗Яя╗Шя║Оя╗ля║оя╗│я║ФтАм тАл╪зя║│я║Шя╗Шя║╝я╗░ ╪▒я║гя╗ая║Шя╗к я╗Пя║оя║С┘Ля║О ┘Ия║╖я║оя╗Чя║ОтАк .тАмя╗Уя╗Мя║Тя║к ╪зя╗Яя║оя║гя╗дя╗ж я║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘Ж )тАк733тАмтАм тАл┘А тАк808тАм┘Е( я╗Ыя║Шя║Р я╗ля╗ия║ОтАк ╪МтАмя║│я╗┤я║оя║Чя╗ктАк ╪МтАмя╗Яя╗┤я╗Мя╗┤я╗ж я╗гя╗ж я╗╗ я╗│я╗Мя║оя╗Уя╗ктАк ╪МтАмя╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║о╪з╪итАм тАля╗гя╗ж я╗Ля║Оя╗Яя╗дя╗ктАк ╪МтАм┘Ия╗│я║┤я║Оя╗Ля║к я╗гя╗ж я╗│я║ая╗мя╗ая╗к я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╗я║│я║Шя║░╪з╪п╪й я║Ся╗Мя╗ая╗дя╗ктАк ╪МтАмя╗Уя╗мя╗ЮтАм тАля╗ля╗ия║О┘Г я╗гя╗ж ╪гя║│я║Тя║О╪и ╪гя║зя║о┘Й╪ЯтАм тАл╪е╪░╪з я╗Ыя║О┘Ж ╪зя╗Яя╗дя║дя║кя║Ыя╗о┘Ж я╗│я╗Ья║Шя║Тя╗о┘Ж я║│я╗┤я║оя╗ля╗в ╪зя╗Яя║м╪зя║Чя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗о╪з╪▓я╗│я║ФтАк ╪МтАм╪г┘К я║Чя╗ая╗ЪтАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗дя║Шя╗ая╗░╪б я║Ся║Оя╗Яя║Шя╗ия╗дя╗┤я╗Ц ┘И╪зя╗Яя║Шя║░┘Ия╗│я╗ЦтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя╗Шя║║ ┘И╪зя╗Яя╗ая║╝я╗ЦтАк ╪МтАм┘И╪зя╗╗я║Ся║Шя╗Ья║О╪▒тАм тАля╗Яя║╝я║Оя╗Яя║в ╪зя╗╣я║Ся╗мя║О╪▒тАк ╪МтАмя║Ся╗Ю ╪е┘Ж я╗Уя╗┤я╗мя╗в я╗гя╗ж я╗│я╗дя║к я║Яя║м┘И╪▒┘З я╗Яя╗╕я║╖я║о╪з┘БтАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗ия╗мя╗втАм тАля╗гя╗ж я╗│я╗Фя╗┤я║╛ я║Ся║┤я║о╪п я║Ся╗Дя╗оя╗Яя║Ф я╗гя╗оя╗ля╗оя╗гя║ФтАк ╪МтАм╪г┘И я╗Гя╗Фя╗оя╗Яя║Ф я╗гя║╕я║о╪п╪йтАк ╪МтАмя╗Яя╗┤я║Ья║Тя║ЦтАм тАл╪гя╗зя╗к я╗Яя╗в я╗│я╗Ия╗мя║о я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗дя╗╕ ╪ея╗╗ я║Ся╗Мя║к ╪г┘Ж ╪гя╗Ыя╗Ю ╪зя╗Яя╗Ья╗╕тАк .тАм╪ея╗╗ ╪гя╗зя╗ия║О я║гя╗┤я╗жтАм тАля╗зя╗Шя║о╪г я╗гя╗ж я║│я╗┤я║о╪й ╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘Ж ╪зя╗Яя╗Шя║╝я║Оя║Ля║к ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪гя╗зя║╕я║кя╗ля║ОтАк┘П ╪МтАмя║Яя╗ая╗мя║О ╪г┘ИтАм тАля║Ся╗Мя╗Ая╗мя║ОтАк ╪МтАмя║Чя╗Ая╗▓╪б я║Яя║Оя╗зя║Тя║ОтАк ╪МтАмя╗Яя╗в я╗│я║ия║ая╗Ю ╪зя╗Яя║оя║Яя╗Ю я║гя╗┤я╗ж ╪гя╗Ля╗ая╗ия╗ктАк .тАмя╗Чя║Тя╗Ю я╗ля║м╪зтАм тАля╗зя║к я▒в┘И┘Ж ╪зя╗Яя║Шя╗Мя║оя╗│я╗Т ╪зя╗Яя║м┘К ┘Ия║Ыя╗Шя╗к я╗Яя╗ия╗Фя║┤я╗ктАк┬╗ :тАм╪гя║╗я╗Ю я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя║Тя╗┤я║Ц ┘А я╗Ля║Оя║Ля╗ая║ФтАм тАл╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘Ж ┘А я╗гя╗ж ╪ея║╖я║Тя╗┤я╗ая╗┤я║Ф╪Ы ╪зя╗зя║Шя╗Шя╗Ю я║│я╗ая╗Фя╗ия║О ┘А я╗Ля╗ия║к ╪зя╗Яя║ая╗╝╪б ┘Ия╗Пя╗ая║РтАм тАля╗гя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя║ая╗╝я╗Яя╗Шя║Ф ╪зя║Ся╗ж ╪г╪пя╗Уя╗о╪┤ я╗Ля╗ая╗┤я╗мя║О ┘А ╪ея╗Яя╗░ я║Чя╗оя╗зя║▓ я╗Уя╗▓ ╪г┘И╪зя║│я╗В ╪зя╗Яя╗дя║Оя║Ля║ФтАм тАл╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ся╗Мя║ФтАк ...тАм┘Ия╗зя║┤я║Т┘Пя╗ия║О ╪ея╗Яя╗░ я║гя╗Ая║оя╗гя╗о╪к тАк ╪МтАмя╗гя╗ж я╗Ля║о╪и ╪зя╗Яя╗┤я╗дя╗жтАк ╪МтАм╪ея╗Яя╗░ ┘И╪зя║Ля╗ЮтАм тАля║Ся╗ж ┘Пя║г ┘Тя║ая║о┬лтАк .тАмя╗Уя╗▓ я╗Чя║╝я╗┤я║к╪й я╗Яя╗ктАк ╪МтАмя╗Яя╗в я╗│я║дя╗Фя╗Ж я╗гя╗ж я║Ся╗┤я╗оя║Чя╗мя║О ╪зя╗Яя╗дя║Оя║Ля║Шя╗┤я╗ж ╪ея╗╗тАм тАл╪зя╗Яя╗Шя╗ая╗┤я╗ЮтАк ╪МтАмя╗гя║╕я║Оя╗Ля║о я╗гя║Шя╗ия║Оя╗Чя╗Ая║ФтАк ╪МтАмя╗│я╗Шя╗оя╗Яя╗мя║О я╗гя╗Мя╗Шя║Тя║О ┘Ия╗гя╗Мя║Оя║Чя║Тя║О я╗Ля╗ая╗░ я╗гя║дя║Тя║┤я╗ктАм тАля║Ся║┤я║Тя║Р я╗гя║Ж╪зя╗гя║о╪йтАк ╪МтАм┘Ия╗Чя║Ц я║Чя╗Шя╗ая║Р ╪зя╗Яя║дя╗Ья╗в я║Ся╗┤я╗ж я╗Пя║Оя╗Яя║Р ┘Ия╗гя╗Ря╗ая╗о╪итАк :тАмя╗Ля╗ая╗░тАм тАл╪гя╗Пя║Оя╗Яя║Р я╗Ыя╗Фя╗░ я║гя║░я╗зя║ОтАм тАл╪гя╗Ля║Оя║Чя║Р тАк /тАм┘И╪г┘К я║╗я║о┘И┘Б ╪зя╗Яя║░я╗гя║О┘ЖтАм тАл╪г┘К я║гя║О┘Д я╗Яя╗ая╗┤я║Оя╗Яя╗▓тАм тАля▒втАм тАл┘ПтАм тАл┘ПтАм тАля╗Пя║Оя║Ля║Р ┘И╪гя╗зя╗▓тАм тАля║╖я╗мя╗о╪п┘КтАм тАл╪пя╗Ля╗о┘ЙтАм тАля╗Ля╗ая╗░тАм тАл┘И╪гя╗зя╗▓тАм тАлтАк/тАмтАм тАля╗зя║О╪▓╪нтАм тАл╪зя╗Яя╗Шя║о╪итАм тАля╗Ля╗ая╗░тАм тАля▒вя╗▓тАм тАл╪гя╗зтАм тАл┘МтАм тАл┘ПтАм тАля╗Ля╗ая╗░ я║гя╗Ья╗в ╪зя╗Яя║дя╗о╪з╪п╪л ┘МтАм тАля║Чя║дя║О╪▒╪итАм тАля╗зя║О╪▓┘Д тАк /тАмя║Чя║┤я║Оя╗Яя╗дя╗ия╗▓ я╗Гя╗о╪▒╪з ┘Ия╗Гя╗о╪▒╪зтАм тАл┘ПтАм
тАлтАк60тАмтАм
тАля╗гя║к╪з╪н ╪зя╗Яя╗дя╗ая╗о┘ГтАм тАл╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘ЖтАк ╪МтАмя▒атАм
тАля╗Пя╗о╪зя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║Шя║Д╪▒я╗│я║жтАк ╪МтАм┘Ия║╗я╗ия║Оя╗Ля║Ф ╪зя╗Яя║Шя║О╪▒я╗│я║ж я╗╗ я║Чя║Шя║о┘Г ╪зя╗Яя╗дя╗Фя╗Ья║о ╪зя╗Яя║╕я║Оя╗Ля║отАк ╪МтАмя╗Уя╗Фя╗▓тАм тАля╗Ыя╗Ю я║│я╗Дя║о я╗гя╗ж я║│я╗┤я║оя║Чя╗к ╪зя╗Яя║м╪зя║Чя╗┤я║Ф я╗╗ я║Ся║к ╪г┘Ж я╗зя╗Шя║о╪г ╪░╪зя║Чя╗к ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗┤я║ОтАк ╪МтАмя╗Уя╗мя╗отАм тАля╗│я╗Мя╗┤я╗ж ╪зя╗Яя╗дя╗ая╗о┘Г я╗Ля╗ая╗░ ╪пя╗Ля╗оя║Чя╗мя╗в ┘Ия║гя╗Ья╗дя╗мя╗в я╗Ыя╗дя║О я║гя║к╪л я╗гя╗К ╪зя╗Яя║┤я╗ая╗Дя║О┘ЖтАм тАл╪гя║Ся╗▓ я║│я║Оя╗Яя╗втАк ╪МтАмя╗гя╗ж ╪зя╗╖я╗зя║кя╗Яя║▓тАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║дя╗Ья║Оя╗│я║О╪к я║Чя╗Дя╗о┘Д ┘Ия╗Уя╗┤я╗мя║О я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗дя║Тя║Оя╗Яя╗Ря║ФтАм тАля╗Уя╗▓ я║Чя║дя║оя╗│я╗Ъ ╪пя╗Уя║Ф ╪зя╗Яя║Шя║О╪▒я╗│я║ж я╗гя║О я║Чя╗ия╗о╪б я║Ся╗к ╪зя╗Яя║┤я╗Дя╗о╪▒тАк ╪МтАмя║гя║Шя╗░ я╗│я║Дя║Чя╗┤я╗к ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║отАк:тАмтАм тАля╗Ля╗ая╗▓ я╗гя╗ия╗к я║Ся║дя╗о╪▒тАк ╪МтАмя║Чя╗оя║│я╗Дя║ЦтАм тАля║Ыя╗в ╪гя║зя║м╪к я╗зя╗Фя║┤я╗▓ я║Ся║Оя╗Яя║╕я╗Мя║отАк ╪МтАмя╗Уя║Оя╗зя║Ья║О┘Д ┘СтАм тАля║Ся╗┤я╗ж ╪зя╗╣я║Яя║О╪п╪й ┘И╪зя╗Яя╗Шя║╝я╗о╪▒тАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя║О┘Ж я╗гя╗дя║О ╪гя╗зя║╕я║кя║Чя╗к )я╗│я╗Шя║╝я║к ╪зя╗Яя║┤я╗ая╗Дя║О┘Ж(тАм тАл╪ея╗│я╗ктАк ╪МтАмя╗Яя╗┤я╗ая║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗оя╗Яя║к ╪зя╗Яя╗ия║Тя╗о┘К я╗гя╗ж я║│я╗ия║Ф я║Ыя╗ия║Шя╗┤я╗ж ┘Ия║│я║Шя╗┤я╗ж ]┘Ия║│я║Тя╗Мя╗дя║Оя║Ля║Ф[тАк:тАмтАм тАл╪гя║│я║оя╗Уя╗ж я╗Уя╗▓ я╗ля║ая║о┘К ┘Ия╗Уя╗▓ я║Чя╗Мя║мя╗│я║Тя╗▓ тАк /тАм┘И╪гя╗Гя╗ая╗ж я╗гя╗оя╗Чя╗Т ┘Ря╗Ля║Тя║оя║Чя╗▓тАм тАл┘Ия╗зя║дя╗┤я║Тя╗▓ ┘И╪гя║Чя╗┤я╗ж я╗│я╗о┘Е ╪зя╗Яя║Тя╗┤я╗ж ┘Ия╗Чя╗Фя║Ф я║│я║Оя╗Л ┘Ня║Ф тАк /тАмя╗Яя╗о╪п╪з╪╣ я╗гя║╕я╗Ря╗о┘Б ╪зя╗Яя╗Фя║Ж╪з╪птАм тАля╗Ыя║Мя╗┤я║Р я╗Яя╗ая╗к я╗Ля╗мя║к ╪зя╗Яя╗Ия║Оя╗Ля╗ия╗┤я╗ж ┘Ия╗Пя║О╪п╪▒┘И тАк /тАмя╗Чя╗ая║Тя╗▓ ╪▒я╗ля╗┤я╗ж я║╗я║Тя║Оя║Ся║Ф ┘И┘Ия║Яя╗┤я║РтАм тАл┘Ия╗Уя╗┤я╗мя║О я╗│я╗Шя╗о┘ДтАк :тАмя╗│я║Оя║Ся╗ж ╪зя╗╖я╗Яя╗░ я║╖я║О╪п┘И╪з ╪зя╗Яя║ия╗╝я╗Уя║Ф я║Ся║Оя╗Яя║Шя╗Шя╗░ тАк /тАм┘И╪зя║│я║Шя║Дя║Ыя║о┘И┘ГтАм тАля║Ся║Шя║Оя║Яя╗мя║О ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║╝я╗о╪и я║Яя╗дя╗Мя╗о╪з я╗Яя║дя╗Фя╗Ж ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж ╪г┘К я╗гя╗ия║Оя╗Чя║Р тАк /тАмя╗Ыя║оя╗гя╗о╪зтАм тАля║Ся╗мя║О я╗Уя╗▓ я╗гя║╕я╗мя║к ┘Ия╗гя╗Ря╗┤я║Р я╗│я╗Шя╗ая║Р ╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘Ж я╗Гя╗┤я║Р я╗зя╗Ия╗дя╗к я║Ся╗┤я╗жтАм тАля║│я╗ая╗Дя║О┘Ж ┘И╪вя║зя║отАк ╪МтАм┘Ия║Ся╗┤я╗ж я╗Ля║Оя║╗я╗дя║Ф ┘Ия║│я╗о╪зя╗ля║ОтАк ╪МтАм┘Ия╗Уя╗▓ я╗Уя║╝я╗Ю я║Ся╗Мя╗ия╗о╪з┘Ж ╪зя╗Яя╗Фя╗┤я║Мя║ФтАм тАл╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя║┤я╗ая╗Дя║О┘Ж ╪гя║Ся╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя║Тя║О╪│ я║Ся║Шя╗оя╗зя║▓ ┘И╪зя╗Яя╗дя╗Шя║О┘Е я║Ся╗мя║ОтАк ╪МтАмя╗│я║дя╗Ья╗▓ ╪зя║Ся╗жтАм тАля║зя╗ая║к┘И┘Ж я╗Ыя╗┤я╗Т я╗Ыя║О┘Ж я║зя║╝я╗о┘Е ╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘ЖтАк ╪МтАм╪гя║Ыя╗ия║О╪б я║Чя╗Фя║оя╗Пя╗к я╗Яя║Шя║Дя╗Яя╗┤я╗ТтАм тАля╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗ктАк ╪МтАмя╗│я╗Ря║о┘И┘Ж ╪зя╗Яя║┤я╗ая╗Дя║О┘Ж я╗Ля╗ая╗┤я╗ктАк ╪МтАмя║Ся╗Шя╗Мя╗о╪п┘З я╗Ля╗ж ╪зя╗гя║Шя║к╪зя║гя╗ктАк┬╗ :тАмя╗Уя║Ия╗зя╗▓тАм тАля╗Ыя╗ия║Ц я╗Чя║к ╪гя╗ля╗дя╗ая║Ц ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о ┘И╪зя╗зя║Шя║дя║Оя╗Яя╗к я║Яя╗дя╗ая║ФтАк ╪МтАм┘Ия║Чя╗Фя║оя╗Пя║Ц я╗Яя╗ая╗Мя╗ая╗в я╗Уя╗Шя╗ВтАк╪МтАмтАм тАля╗Уя╗Ья║Оя╗зя╗о╪з я╗│я╗Шя╗оя╗Яя╗о┘Ж я╗Яя╗ктАк :тАм╪ея╗зя╗дя║О я║Чя║о┘Г ╪░я╗Яя╗Ъ ╪зя║│я║Шя╗мя║Оя╗зя║Ф я║Ся║┤я╗ая╗Дя║Оя╗зя╗ЪтАк ╪МтАмя╗Яя╗Ья║Ья║о╪йтАм тАл╪зя╗гя║Шя║к╪зя║гя╗к я╗Яя╗ая╗дя╗ая╗о┘Г я╗Чя║Тя╗ая╗Ъ┬лтАк .тАмя╗Яя║мя╗Яя╗Ъ ╪гя╗зя╗мя╗░ ╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘Ж я╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗ктАк ╪МтАм┘И╪▒я╗Уя╗Мя╗ктАм тАля╗Яя╗ая║┤я╗ая╗Дя║О┘ЖтАк ╪МтАм┘И╪гя╗зя║╕я║к┘З я╗Чя║╝я╗┤я║к╪й я║Чя╗дя║Шя║к╪нтАк ╪МтАмя║Чя║мя╗Ыя║о я║│я╗┤я║оя║Чя╗к ┘Ия╗Уя║Шя╗оя║гя║Оя║Чя╗ктАк:тАмтАм тАля╗ля╗Ю я╗Пя╗┤я║о я║Ся║Оя║Ся╗Ъ я╗Яя╗ая╗Ря║оя╗│я║Р я╗гя║Жя╗гя╗Ю тАк /тАм╪г┘И я╗Ля╗ж я║Яя╗ия║Оя║Ся╗Ъ я╗Яя╗╕я╗гя║Оя╗зя╗▓ ┘Пя╗г ┘Тя╗М ┘Ря║к ┘П┘ДтАм тАля╗ля╗▓ я╗ля╗дя║Ф я║Ся╗Мя║Ья║Ц ╪ея╗Яя╗┤я╗Ъ я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗ия╗о┘Й тАк /тАмя╗Ля║░я╗гя║О я╗Ыя╗дя║О я║╖я║дя║м ╪зя╗Яя║дя║┤я║О┘ЕтАм тАл╪зя╗Яя║╝я╗┤я╗Шя╗Ю я╗гя║Шя║Тя╗о╪г ╪зя╗Яя║кя╗зя╗┤я║О ┘Ия╗гя╗ия║Шя║ая╗К ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗░ тАк /тАм┘И╪зя╗Яя╗Ря╗┤я║Ъ я║гя╗┤я║Ъ ╪зя╗Яя╗Мя║О╪▒╪╢тАм тАл┘ЛтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║Шя╗мя╗ая╗Ю ┘Ия╗ля╗Ья║м╪з я╗Ыя║Шя║Р ╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘Ж ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║отАк ╪МтАм╪г┘И я╗зя╗Ия╗дя╗ктАк ╪МтАмя╗гя║к╪зя║гя║ОтАм тАля╗Яя╗ая╗дя╗ая╗о┘ГтАк ╪МтАм┘Ия║Ся║о╪▒ я╗гя║О я╗Уя╗Мя╗ЮтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗о я╗гя║О я╗│я╗ия╗Шя╗ая╗ия║О я╗Яя╗ая╗дя║к╪зя║гя╗┤я╗ж я╗Уя╗▓ я╗Ля║╝я║оя╗зя║ОтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗гя║О ╪гя╗Ыя║Ья║оя╗ля╗втАк ╪МтАмя╗Яя╗Ья╗ия╗мя╗в я╗гя║О я║Чя║оя╗Ыя╗о╪з я╗Яя╗ия║О ┬╗я╗гя╗Шя║кя╗гя║Ф┬л ╪зя║Ся╗ж я║зя╗ая║к┘И┘ЖтАм тАл* тАк ' ├Р' ├Ы├г . . ┬░тАмтАм
اﻟﺮﺟﻼن ﻓﺄﺗﻮا ﺑﻪ إﻟﻰ ﺟﻠﺴﺘﻨﺎ ﺛﻢ رﺣﻠﻮا ﻛﺄﻧﻬﻢ ﺗﺨﻠﺼﻮا ﻣﻦ ﺣﻤﻞ ﻣﺒﻬﻢ«.ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮؤﻳﺎ اﻟﺘﻲ رواﻫﺎ اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ ﻷﻫﻞ اﻟﺠﻠﺴﺔ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ »رأﻳﺖ ﻧﺎرا ً ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﻛﺒﺪي، وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺒﺴﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﻣﻞ زادت ،ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ذات وﺟﻊ، ﺳﻮى اﻟﺪﻫﺸﺔ ،وﺣﻴﻦ أﻓﻘﺖ ،ﻗﺼﺼﺖ اﻟﺮؤﻳﺎ ﻋﻠﻰ أﻣﻲ ﻓﺄﺧﺬﺗﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﺠﺪة اﻟﻜﺒﺮى ،وﻫﻲ ﺳﻴﺪة ﺗﺠﺎوزت اﻟﻤﺎﺋﺔ ﺑﻌﻘﺪﻳﻦ ،وﺗﻘﻮل أﻣﻲ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﺮف ﻣﻦ أﻳﻦ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻤﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،وﻣﺘﻰ ﺗﺘﺤﻮل اﻟﺠﺒﺎل إﻟﻰ ﺗﺮاب أﺧﻀﺮ ..ﺣﻴﻦ أﻋﺪت اﻟﺮؤﻳﺎ ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻌﺠﻮز ﻷﻣﻲ :دﻋﻴﻪ ﻳﺨﺮج ﻟﻴﺠﺮب وﻳﻐﺮب ..وﻧﺎر اﻟﻜﺒﺪ ﻻ ﺗﺒﺮد إﻻ ﻓﻲ أرض ﻻ ﻳﺒﻮر زرﻋﻬﺎ ﺑﺮﻣﻞ ،وﻻ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ اﻟﻤﺄء ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎوات«. ﻓﻬﻤﺖ أم اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ ﻣﺮام اﻟﻌﺠﻮز ،ودﻓﻌﺖ ﺑﻮﻟﺪﻫﺎ ﻟﺪى أﻗﺎرﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻟﻴﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻟﻤﻜﺎن ﻳﺘﻔﺮس ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮه ،وﺣﻠﻤﻪ ﻳﻄﺎرده ﻛﻠﻤﺎ أﻏﻠﻖ ﻋﻴﻨﻴﻪ. ﻳﺒﺘﺴﻢ ﺟﺎﺑﺮ» :أﺳﺮﺗﻨﺎ ﺣﻜﺎﻳﺘﻪ وﻗﺮرﻧﺎ أن ﻧﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻣﻪ ،اﻗﺘﺮح ﻓﻴﺎض أن ﻧﺬﻫﺐ ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺮوﺳﺔ، وﺻﺤﺢ ﺻﺒﺮة ﻗﺎﺋﻼً :واﻟﻠﻪ إﻧﻜﻢ ﻗﻮم ﻣﻀﻠﻠﻮن ،ﻻ ﺣﻞ ﻟﻨﺎر ﻛﺒﺪ اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ إﻻ وش اﻟﺒﺮﻛﺔ«. ذﻫﺒﺖ اﻟﺼﺤﺒﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺮوﺳﺔ ﺣﻴﺚ وش اﻟﺒﺮﻛﺔ ،ﺣﻴﺚ ارﺗﺪى ﻓﻴﺎض ﺟﻼﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻮف اﻻﻧﺠﻠﻴﺰي، وﺣﺮص ﺻﺒﺮة ﻋﻠﻰ إﻇﻬﺎر ﺗﻤﺮده ﻋﻠﻰ »اﻟﺠﺒﺔ واﻟﻜﺎﻛﻮﻻ«، ﺑﺎرﺗﺪاء »ﺑﺪﻟﺔ« ﻛﺎن ﺧﺎﻟﻪ ﻗﺪ أﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات، ﺛﻢ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ »ﻫﻮﺟﺔ اﻟﻜﻮﻟﻴﺮا« ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻴﺮاﺛﻪ اﻟﻮﺣﻴﺪ.. أﻣﺎ ﺟﺎﺑﺮ ﻓﻠﻢ ﺗﻔﺘﻪ اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ اﻟﺴﻮداء اﻟﻔﺎﺣﻤﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ وﺟﻬﻪ اﻟﻤﺴﺘﻄﻴﻞ وﻗﺎرا ً ،وﺗﺰﻳﺪ ﻃﻮﻟﻪ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻃﻮﻻً. وﻓﻲ اﻟﻤﺤﺮوﺳﺔ ،ﻗﺎد اﻷزﻫﺮي اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﺤﻮ وش اﻟﺒﺮﻛﺔ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻴﻮن ﻓﻴﺎض ﺗﻨﺰﻟﻖ ﻋﻠﻰ أﺟﺴﺎد اﻟﻨﺴﺎء أﻧﺼﺎف اﻟﻌﺎرﻳﺎت ،ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ ﻣﺤﺎوﻻ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ وﺟﻬﻪ اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ.. ﻓﺎﻟﺸﺎب اﻟﺒﺪوي اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ أﺑﺪان اﻟﻨﺴﺎء ﺳﻮى ﺳﻴﻘﺎن ﻣﺨﺘﻠﺴﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﻮض اﻟﻐﻨﻢ )اﻛﺘﺸﻒ ﻻﺣﻘﺎ اﻧﻬﺎ ﻹﺣﺪى أﺧﻮاﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺿﺎع( ،زم وﺟﻬﻪ وﻫﻮ ﻳﺘﻔﺮس ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻤﺘﻴﻨﺎت ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻤﻦ ﺗﻄﻔﺊ ﻧﺎر ﻛﺒﺪه ،وﻫﻮ ﻳﺘﺬﻛﺮ وﺻﻴﺔ اﻟﻌﺠﻮز ﻷﻣﺔ ﺑﺄن ﻳﺠﺮب )أي اﻟﻨﺴﺎء( ،وﻳﻐﺮب )أي اﻟﻨﻜﺎح(.
ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﺎل اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ أن ﺛﻼﺛﺔ ﻻ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﺑﻬﻢ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﻮى »دﻫﺮزة ﻏﻴﻄﺎن« ،ﻗﺪ ﻳﺸﺎﻫﺪوﻧﻪ وﻫﻮ ﻳﺨﺘﺎر زوﺟﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ آﻻف اﻟﻤﻮﻣﺴﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة. ﺗﺬﻛﺮ ﺧﻮﻳﻠﺪ أن ﻧﻴﺮان ﻛﺒﺪه ﺗﺤﺮق ﻛﻞ ﻣﻨﺎﻣﺎﺗﻪ ،ﻓﺘﺤﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺒﻪ ،وﻟﺰم اﻟﺼﻤﺖ ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر ﺷﻲء ﻣﺎ. ﻳﻘﻮل ﺟﺎﺑﺮ» :ﻛﺎن وﺟﻬﻪ ﻛﻘﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﺮ ،ﻻ ﻧﻈﺮة اﻋﺠﺎب وﻻ ﻟﻤﻌﺔ ﺷﻬﻮة وﻻ اﻣﺘﻌﺎﺿﺔ اﺳﺘﻨﻜﺎر ،وﻻ ﺗﺮﻓﻊ اﺳﺘﻐﻨﺎء ..ﻓﻘﻂ، زم ﺣﺎﺟﺒﻴﻪ ﻛﻤﻦ ﻳﺮﺑﻂ ﺣﺒﻠﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻒ ،واﻧﺘﻔﺶ ﺷﺎرﺑﻪ اﻟﺬي ﻳﺸﺒﻪ أﺷﻮاك اﻟﺼﺒﺎر ،ﺛﻢ ﻣﻀﻰ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﺤﺪﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺮاغ ﻛﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺮى ،أو ﻳﺮﻳﺪ أن ﻧﺼﺎب ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﺎﻟﻌﻤﻰ ﻓﻼ ﻧﺮاه وﻫﻮ ﻳﺨﺘﻠﺲ ﻧﻈﺮة ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك«. ﻇﻞ اﻟﺼﺤﺐ ﻓﻲ »وش اﻟﺒﺮﻛﺔ« ﺧﻤﺲ ﻟﻴﺎ ٍل ،وﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺷﻘﺔ ﻋﻔﻨﺔ ﻓﻲ اﻷزﺑﻜﻴﺔ واﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻤﻮاﺧﻴﺮ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮوش اﻟﻔﻀﺔ ﺗﺬﻫﺐ واﻟﻮﻗﺖ اﻟﺜﻤﻴﻦ ﻳﻀﻴﻊ ،وﺧﻮﻳﻠﺪ ،ﻳﺘﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻓﺮاش واﺣﺪة ﻟﻔﺮاش أﺧﺮى ،وﻳﻌﻮد وﻳﺨﺒﺮﻫﻢ أن اﻟﺤﻠﻢ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻄﺎرده ..اﻵن ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻮ وﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم. ﻓﻲ آﺧﺮ ﻟﻴﻠﺔ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﺒﺮة ﻳﺤﺎول اﻗﻨﺎع أﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺘﺮك ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ ﻟﻘﺪره ،ﻛﺎن ﺧﻮﻳﻠﺪ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺒﺘﺴﻤﺎً ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻣﻨﺬ أن ﺷﺎﻫﺪوه ﻓﻲ أرض اﻟﺴﺒﺨﺔ ..ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ ﻳﺠﺮ ﺧﻠﻔﺔ أروع ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪه ﺟﺎﺑﺮ وﺻﺤﺒﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ. ﻳﻘﻮل ﺟﺎﺑﺮ» :ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻤﺮاء ﺑﻠﻮن اﻟﻨﺤﺎس ،ﺻﺪرﻫﺎ ﻋﺎرم ﻛﻤﺎ اﻟﻨﻴﻞ ﻓﻲ ﻓﻴﻀﺎﻧﻪ ،وﺳﻴﻘﺎﻧﻪ ﺗﺘﻔﺠﺮ ﻓﻲ زواﻳﺎ ﻫﺎﺋﻠﺔ أﺳﻔﻞ اﻟﻌﺒﺎءة، اﻟﺘﻲ ﺗﺪور ﻣﻀﻄﺮة ﺣﻮل ﻧﺼﻔﻲ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﺔ ﺑﻀﻴﻖ اﻟﺨﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻧﺪﻻع ﻣﺎ ﺗﺤﺘﻪ وﻫﻮﻟﻪ« ﻗﺎل ﺧﻮﻳﻠﺪ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ أﻧﻪ ﺟﺮب وﻏﺮب ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ..وأن أﻣﺲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻠﺘﻪ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﺤﺮق اﻟﻨﺎر ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺒﺎد ﻣﻨﺎﻣﻪ ،وأﻧﻪ ﻗﺮر أن ﻳﺼﻄﺤﺐ »اﻟﺤﺮﻣﺔ« ﻣﻌﻪ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎً إﻟﻰ ﺟﻨﺰور ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﻴﻄﻠﺐ ﻃﻠﺒﺎً أﺧﻴﺮا ً ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﺪة اﻟﻜﺒﺮى ﻗﺪ أوﺻﺘﻪ ﺑﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﻧﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﺰﺣﺎم وﻟﻢ ﻳﺘﺬﻛﺮه إﻻ ﺣﻴﻦ ﺗﻘﻠﺐ ﻣﻊ »اﻟﺤﺮﻣﺔ« ﻋﻠﻰ ﻓﺮاش ﻻ ﺗﺤﺮق ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻴﺮان ﻛﺒﺪ ﻣﻦ ﻳﺤﻠﻢ ..ﻃﻠﺐ اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ أن ﻳﺪﻟﻮه ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﻛﻲ ﻳﺼﻠﻲ ﻫﻨﺎك ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺣﻴﻞ.. ﻓﻠﻢ ﻳﻤﻠﻚ اﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﺤﻚ ..ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﺮخ ﺻﺒﺮة ﻣﺎزﺣﺎً» :ﻣﺪد ﻳﺎوش اﻟﺒﺮﻛﺔ ﻣﺪد« *ﺷﺎﻋﺮ وﺻﺤﺎﻓﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺿﻮء آﺧﺮ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
59
ĸİċ ĊŹň
أﺣﻼم
» ِو ّ ش اﻟ ِﺒﺮﻛﺔ« ĕŵĥĩŨ İũĨĉ
ﺣﻴﻦ
ﺟﻠﺲ ﺣﺰﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻋﺎدﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺻﻴﺔ اﻟﺸﺎرع أﻣﺎم اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﻌﺎم ،ﺑﺪا ﻟﻲ أن اﻟﻜﻼم ﻛﻠﻪ ﺗﻌﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء اﻟﺮاﻛﺪ ﺣﻮل وﺟﻬﻪ اﻟﻀﺨﻢ ،ﻣﺨﺎﻓﺔ أن ﻳﻘﻄﻊ ﺣﺰﻧﻪ ﺑﻨﺴﻤﺔ ﺷﺘﻮﻳﺔ ﺑﺎردة ..اﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ﺧﻄﻮﺗﻴﻦ وﻫﺰزت اﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ أﺻﺎﺑﻌﻪ اﻟﻀﺨﻤﺔ»:ﺟﺪو؟« ﻓﻠﻢ ﻳﺮد ﻟﺜﻼث ﻟﻴﺎل ﺣﺘﻰ ﺑﻜﻰ اﻟﻄﻔﻞ ذي اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺤﺴﺮة. ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ أن أﺣﺪ أﺑﺮز أﺻﺪﻗﺎء ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻗﺪ ﺗﻮﻓﻲ ﻣﻨﺬ ﺷﻬﺮﻳﻦ ،وأن اﻟﺨﺒﺮ ﺑﻠﻐﻪ ﻗﺒﻞ أﻳﺎم ﺣﻴﻦ ﺻﺎدف رﺟﻼً ﻳﺸﺒﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺣﺪ اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻳﺴﺄل ﻋﻦ »دار اﻟﺸﻴﺦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻌﻤﺪة«. ﻗﺎل ﻟﻲ» :ﻛﺎن آﺧﺮ ﻋﻴﺎﻟﻪ ،ﻋﺮﻓﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﻴﻮﻧﻪ اﻟﺤﻤﺮ ،وﺷﻨﺎﺑﻪ اﻟﺸﺎﻳﻄﺔ زي أﺑﻮه اﻟﻠﻪ ﻳﺮﺣﻤﻪ ﺗﻤﺎم ..ﺑﺲ اﻟﺰﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺰﻣﻦ ﻟﻤﺎ ﺑﻴﻨﺴﺦ ﺑﻨﻲ آدم ﻣﻦ ﺑﻨﻲ آدم ،ﺑﻴﺨﺪﻋﻬﻢ ،ﺑﻴﻌﻤﻞ ﻧﺴﺦ ﻣﺎﻟﻬﺎش زﻣﻦ ،واﻟﻠﻲ ﺗﺸﻮﻓﻪ دﻟﻮﻗﺘﻲ ﺗﻀﺤﻚ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ اﻟﺼﺢ ﻛﺎن ﻋﻴﻦ اﻷﻋﻴﺎن ،واﻟﻠﻲ ﺗﺸﻮﻓﻪ زﻣﺎن ﺗﻀﺤﻚ ﻣﻨﻪ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻳﻜﻮن ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻓﻲ ﻧﺴﺨﺔ ﺗﺎﻧﻴﺔ أﺣﺴﻦ ﻣﻨﻚ ..ﻋﺸﺎن ﻛﺪا ﻣﺎ ﺗﻀﺤﻜﺶ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ..أﺿﺤﻚ ﻟﻪ أﺣﺴﻦ«. ﻛﺎن اﻟﻌﺎم 1930ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﺣﻴﻦ اﻟﺘﻘﻴﺎ ..ﺷﺎﺑﺎن ﻣﻦ ﺳﻼﻻت ﻋﺮﺑﻴﺔ دوﺧﺘﻬﺎ اﻷﻣﺎﻧﻲ ،ﻛﺎن اﻷول ﻣﻦ ﻧﺴﻞ اﻟﻨﺒﻲ ،ﻏﻴﺮ أن ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎوات ﻛﺎن اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻟﻠﻤﺠﻬﻮل .أﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻜﺎن ﻣﻦ ﻋﺮب اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﺣﻴﺚ اﻟﺮﺟﺎل »ﺟﻠﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻢ«، ﻣﻤﺴﻮﺳﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﻐﺎﻣﺮة وﺣﺐ اﻟﺨﻄﺮ ،وﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺎ اﺟﺘﻤﻌﺖ اﻟﺼﺤﺒﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺎﺑﺮ ذي اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ وﻗﺘﻬﺎ ،وﻓﻴﺎض ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻮﻟﻰ، اﻟﺬي ﺗﻜﺴﺮت أﺳﻨﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻬﺠﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻛﻮم أوﺷﻴﻢ، وﻣﺤﺴﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮاﺿﻲ ﺻﺒﺮة ،اﻟﺬي ﻗﺪم ﻣﻦ اﻟﺸﺎم ﻟﻴﺪرس ﻓﻲ اﻷزﻫﺮ ،ﻓﻄﺎﻟﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻨﻮن ،وﻟﻢ ﻳﺤﻔﻆ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﻪ إﻻ آﻳﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻜﺜﺮة ﻣﺎ اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ،أﻣﺎ اﻷﺧﻴﺮ ﻓﻜﺎن ﺧﻮﻳﻠﺪ ﺑﻦ
58
أﺣﻼم »وش اﻟ ِﺒﺮﻛﺔ«
ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ. ﻳﻘﻮل ﺟﺎﺑﺮ» :ﻛﻨﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻻ ﻧﻔﺘﺮق أﺑﺪا ً ..ﻳﺪﺧﻞ ﺑﻴﻨﻨﺎ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﻴﻈﻨﻨﺎ واﺣﺪا ،وﻳﺄﺗﻲ اﻟﻴﻨﺎ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻓﻨﺴﺤﻘﻪ ﺑﺎﻟﻴﺪ واﻟﻠﺴﺎن ..ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻮاﻓﺪ ﻣﻦ ﻋﺮب اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ،ﻗﺪم ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ اﻃﺴﺎ إﻟﻰ ﻧﺎﺣﻴﺔ دار اﻟﺮﻣﺎد ،ﻳﻄﻠﺐ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺔ ،وﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﺤﺒﺔ أﻛﺎﺑﺮ ذوي ﻓﺘﻮة ﻋﻠﻬﺎ ﺗﺮوي ﻋﻄﺸﻪ«. ﻛﺎن ﺧﻮﻳﻠﺪ واﺣﺪا ﻣﻦ ﺑﻄﻮن ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻤﺠﺮﻳﺲ )أو اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ( ،ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﻨﺰور ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،أﻣﺎ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻔﻴﻮم ،ﻓﻠﺨﺼﻬﺎ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﻲ اﻷﺻﻔﺮ واﻷﺣﻤﺮ واﻟﺒﻮاﺳﻞ واﻟﺠﺪادﻓﺔ اﻟﻤﻘﻴﻤﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﺑﺤﻴﺮة ﻗﺎرون ﺣﻴﺚ اﺧﺘﺎرت اﻟﺴﻤﺎوات أن ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷرض أﺳﻄﻮرة ﻛﺎﻣﻠﺔ. اﻟﻤﺠﺮﻳﺴﻲ أﺗﻰ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺷﻲء ﻳﺒﺪد وﺣﺸﺔ اﻟﺼﺤﺮاءﺣﻴﺚ ﺗﺴﻜﻦ ﻋﺰوﺗﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ ..رﺣﻞ إﻟﻰ ﻣﻄﺮوح ،ﺛﻢ ﺳﻴﻮة وأﺧﻴﺮا ً وﺻﻞ ﻟﻠﻔﻴﻮم راﻛﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﻐﻠﺔ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﻧﺼﻒ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺛﻢ ﻣﺎﺗﺖ ﻣﻦ ﺑﺌﺮ ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ أودت ﺑﺤﻴﺎة ﺟﻨﻮد اﻻﻣﺒﺮاﻃﻮر اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﻗﻤﺒﻴﺰ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻷوﻟﻮن. ﺣﻴﻦ وﺻﻞ ﺧﻮﻳﻠﺪ ﻟﺸﺎﻃﺊ اﻟﺒﺤﻴﺮة ﻋﺮف أن اﻟﻨﺎس ﻫﻢ اﻟﻨﺎس ،ﺗﺮك ﻋﺮﺑﺎً ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء ﻗﺮب اﻟﺒﺤﺮ ،وذﻫﺐ إﻟﻰ ﻋﺮب ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء ﻗﺮب اﻟﺒﺤﻴﺮة ..ﻛﺎن ﺻﺪر اﻟﺸﺎب ﻳﻐﻠﻲ ﻛﻤﺮﺟﻞ وﻫﻮ ﻳﺬﻛﺮ ﻧﻔﺴﻪ أن رؤﻳﺎ ﻓﺴﺮﺗﻬﺎ ﻟﻪ ﺟﺪﺗﻪ اﻟﻜﺒﺮى ﺟﻌﻠﺖ ﻟﻬﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻫﺪﻓﺎ. ﻳﻘﻮل ﺟﺎﺑﺮ» :أﺗﻰ ﺑﻪ ﻟﻤﻜﺎﻧﻨﺎ اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻋﻨﺪ أرض اﻟﺴﺒﺨﺔ ﺷﺮق ﺣﻮض ﺳﻌﺪ وﺳﻌﻴﺪ ،اﺛﻨﺎن ﻣﻦ أﻗﺎرﺑﻨﺎ ،ﺟﻤﻌﺘﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺒﻮاﺳﻞ رواﺑﻂ اﻟﺘﺠﺎرة ،وﺣﻴﻦ ﻋﻠﻢ أﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔ ،ﻗﺎل ﻟﻬﻢ »أﻧﺎ ﺟﺎي« ،وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﻼص ،ﺗﻄﻮع
ĝĸƀŅŠ ĞŅŠ
ﺷﻌﺮة ﺑﻴﻀﺎء واﺣﺪة źŴǘĶŭũŤēĴżũĸ
ﻫﻞ ﻛﺎن اﻟﺤﻼق ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺣﻘﻨﺔ ﻓﻌﻼ ؟ ﻟﻤﺎذا إذن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻮﺧﺰة ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ،وﻣﺎ ﺳﺒﺐ وﺟﻮد اﻟﺴﺮوال ﻣﻘﻠﻮﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮﻳﺮ؟! دﺧﻞ ﻓﻮﺟﺪﻫﺎ ﻋﺎرﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ دون اﻟﻈﻬﺮ ،واﻟﺤﻼق ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺘﺼﻒ ،ﺣﻴﻦ أﺣﺴﺎ ﺑﺨﻄﻮاﺗﻪ اﻋﺘﺪﻻ ،وﻣﺮق اﻟﺜﻌﻠﺐ. وﻗﻒ دﻗﺎﺋﻖ ﺑﻼ روح ،ﻻ ﺗﺮى ﻋﻴﻨﺎه ﺳﻮى اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻤﺘﺼﻠﺐ، ﻛﺎﻟﺠﺜﺔ. ﻗﺎﻟﺖ :ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻘﻨﺔ! ِﻛﻨﺖ ﻣﻨﺤﻨﻴﺔ ،ﺛﻮﺑﻚ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﺮك ،وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺘﺼﻒ! ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﻮى ﺣﻘﻨﺔ! اﻟﺴﺮوال ﻛﺎن ﻣﻘﻠﻮﺑًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮﻳﺮ.ﺟﻤﻌﺖ ﻣﻼﺑﺴﻬﺎ وﻏﻀﺒﺖ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ أﻫﻠﻬﺎ .ذﻫﺐ إﻟﻲ اﻟﺤﻼق ﻓﻲ اﻟﺪﻛﺎن .اﻟﺰﺑﺎﺋﻦ ﻳﺜﺮﺛﺮون ،وﺻﻮت اﻟﻤﻘﺺ ﻳﺪﻣﺮ اﻟﺴﻜﻮن. ﻋﻨﺪﻣﺎ رآه ،اﻫﺘﺰ ،أراد أن ﻳﻤﺮق ،ﺛﻢ ﺗﺮاﺟﻊ .اﻟﺰوج ﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻤﺘﺼﻠﺐ ﻛﺎﻟﺠﺜﺔ ،وﻗﺎل ﺑﺼﻮت ﻳﺴﻴﻞ أﻟﻤﺎ: ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﻘﻨﺔ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ! ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻘﻨﺔ. ﻋﺎد ﻳﺤﺪق ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻬﺪ ،واﻟﺘﻔﺖ إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻦ ،ﺧﺎف اﻟﺤﻼق ﻟﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﻗﻔﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻬﺘﺰ ﻓﻲ اﻟﻤﺮآة ،وﻫﻮ ﻳﻘﻮل: ﻫﻞ اﻟﺤﻘﻨﺔ ﺗﺴﺘﺪﻋﻰ ﻗﻠﻊ اﻟﺴﺮوال ،وإﻟﻘﺎﺋﻪ ﻣﻘﻠﻮﺑًﺎ ﻋﻠﻰاﻟﺴﺮﻳﺮ؟ رد ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺎب ﺟﺮيء: رﺑﻤﺎ ﻗﻠﻌﺘﻪ ﻣﺼﺎدﻓﺔ! ﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﺳﺮوال زوﺟﺘﻲ ﻣﻘﻠﻮﺑًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮﻳﺮ ﻋﺪة ﻣﺮات.
ﻟﻜﻨﻚ ﻟﻢ ﺗﺮ ﺣﻼﻗﺎ ﻳﺘﺮدد ﺑﻴﻦ اﻟﻴﺘﻴﻬﺎ! ﻟﻢ ﻳﺠﺮؤ ﻏﻴﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ .ﺧﺮج ﻛﺎﻟﻌﺎﺻﻔﺔ وﻫﻮ ﻳﺼﻴﺢ: ﻟﻤﺎذا ﻋﻨﺪﻣﺎ رآﻧﻲ ،ﻣﺮق ﻛﺎﻟﺜﻌﻠﺐ؟ ﻓﻜﺮ اﻟﺤﻼق ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮﻫﺎ ﻛﻼﻣﻪ ،اﺑﺘﻠﻊ ﺗﻮﺗﺮه وﻗﺎل ﺑﻬﺪوء ﻣﺼﻄﻨﻊ: أﻋﻄﻲ ﺣﻘﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ ،ﻫﻞ ﺳﻤﻌﺘﻢ ﺷﻜﻮى ﻣﻨﻰ؟ ﻫﺰوا رؤوﺳﻬﻢ ﺳﻠﺒﺎ ،وﻓﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﺮح ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﻣﺮات دﺧﻠﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﻏﺮﻓﻬﻢ أﺛﻨﺎء وﺟﻮده! ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺔ ﺳﺮاوﻳﻞ ﻣﻘﻠﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺮة؟ وﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻳﻘﻒ؟ وﻫﻞ ﻣﺮق ﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧﻠﻮا؟ أرادوا أن ﻳﺴﺘﻌﻴﺪوا اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲ ﺑﺠﻮارﻫﻢ ﻣﻨﺬ ﻟﺤﻈﺎت .ﻗﺎل اﻟﺸﺎب اﻟﺠﺮئ ،ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﺟﺎﻫﺰة: ﻣﺎذا ﻳﻀﻴﺮ ﺛﻮرﻧﺎ اﻷﺳﻮد ،ﻣﻦ ﺷﻌﺮة ﺑﻴﻀﺎء؟ اﺑﺘﺴﻤﻮا! ﺳﺮى اﻟﻨﺸﺎط ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﺤﻼق ،وارﺗﻔﻌﺖ ﻃﻘﻄﻘﺎت اﻟﻤﻘﺺ ،ﺗﺜﻴﺮ اﻟﺬﻫﻦ. ﻋﺎدوا ﻳﺜﺮﺛﺮون ﻓﻲ اﻟﻄﻘﺲ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ واﻟﻜﺮة! اﻗﺘﺤﻢ اﻟﺰوج اﻟﺸﻜﺎك اﻟﻤﻜﺎن ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﺄﻧﻪ ﻧﺒﺖ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ اﻷﻗﺪام. ﺗﻮﻗﻔﺖ اﻟﺜﺮﺛﺮة ،وﺟﺤﻈﺖ اﻟﻌﻴﻮن ،وﺻﻤﺖ اﻟﻤﻘﺺ .اﻗﺘﺮب ﻣﻦ اﻟﺤﻼق وﻗﺎل ﺑﺎﻟﺼﻮت اﻟﺬي ﻳﺴﻴﻞ أﻟ ًﻤﺎ: ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﻘﻨﺔ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻟﻢ ﻳﻬﺘﺰ وﻟﻢ ﻳﺘﺮاﺟﻊ أو ﻳﻤﺮق ،ﺷﻬ َﺮ اﻟﻤﻘﺺ ﻛﺎﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ وﺟﻬﻪ وﻗﺎل ﺑﺘﺤﺪ: ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﻘﻨﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ! اﻧﺴﺤﺐ ﺑﻈﻬﺮه ،وﻟﻢ ﻳﻠﺤﻆ أن اﻟﻤﺼﻄﺒﺔ أﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﺸﺎرع *ﻗﺎص ﻣﺼﺮي
ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮة
186أﺑﺮﻳﻞ 2015 اﻟﻌﺪد 6
57
ﻫﻮ أن ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻣﻌﻲ أﻳﻀﺎ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻴﻠﻤﺎ وﺛﺎﺋﻘﻴﺎ ﺑﺴﻴﻄﺎ اﺳﻤﻪ »ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﺛﻮر« .ﻓﺎز ﻫﺬا اﻟﻔﻴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺠﺎﺋﺰة اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻔﻴﻠﻢ اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﻬﺮﺟﺎن أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻸﻓﻼم .وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻗﻤﺖ ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻴﻠﻢ ﻟﻤﺨﺮج إﻣﺎراﺗﻲ ،ﺣﺼﻞ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة أﻓﻀﻞ ﻓﻴﻠﻢ رواﺋﻲ ﻗﺼﻴﺮ. ﻟﻸﺳﻒ ﻟﻢ أﺗﻠﻖ ﺧﺒﺮا ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ .ﻛﺎن أﺣﺪﻫﻢ »ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺣﺴﻦ أﺣﻤﺪ« واﻵﺧﺮ »ﻧﻮاف اﻟﺠﻨﺎﺣﻲ«، و«ﻳﺎﺳﺮ ﻛﺮﻛﺎوي« وزوﺟﺘﻪ وأﻳﻀﺎ اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ »أﺷﺠﺎن« وﻋﺪد آﺧﺮ ﻗﻀﻴﻨﺎ ﻣﻌﺎ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺣﻤﻴﻤﺔ وﺟﻤﻴﻠﺔ .ﻻ أﻋﺮف أﻳﻦ ﻫﻢ اﻵن وﻣﺎذا ﻳﻌﻤﻠﻮن ،ﻟﻜﻨﻲ أﻋﺮف أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﻨﺖ أﺳﻜﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﻤﺨﺮﺟﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪأوا ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷﻓﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ. ﻛﺎن آﻧﺬاك ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﺳﻤﻪ »ﻣﺴﻌﻮد أﻣﺮ اﻟﻠﻪ« وأﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺎن اﻟﺪاﻋﻢ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﻤﺨﺮﺟﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﻨﻌﻮن اﻷﻓﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻛﺎن ﻳﻌﺮف اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺟﻴﺪا وﻳﺒﺬل ﺟﻬﻮدا ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ. ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل أﺗﻤﻨﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا اﻵن ﻧﺎﺟﺤﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻬﻢ وأن ﻳﺮاﻓﻖ اﻟﻨﺠﺎح واﻟﺘﻔﻮق أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.
أﻣﺜﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺸﺮي ،ﻣﻤﻦ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ رﻳﻔﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﻴﺎة ﺣﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﻬﺮب ﻣﺤﻤﺪ إﻟﻰ ﺑﺴﺘﺎن ﻧﺨﻴﻞ واﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ إﻏﺮاءات اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻟﻴﻮاﺻﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺘﻌﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺑﻄﻘﻮﺳﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﺤﻴﺎﺗﻪ. • وﻟﻤﺎذا ﺻﻮرت ﺻﺮاع اﻟﺜﻴﺮان؟ ﻫﻞ ﻫﻨﺎك ﻓﻜﺮة ﺧﻠﻒ ذﻟﻚ؟ ﺻﺮاع اﻟﺜﻴﺮان ﻛﺎن ﻗﺴﻤﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﺣﻴﺎة ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ. • دﺧﻠﺖ ﻓﻲ أﻓﻼﻣﻚ ﻓﻲ ﺣﻘﻮل ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻋﺪﻳﺪة وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻛﻢ ﻳﻌﻨﻴﻚ أن ﺗﺼﻮر ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻓﻲ أﻓﻼﻣﻚ؟ ﻳﻬﻤﻨﻲ ﺟﺪا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻓﺄﻋﺘﻘﺪ أﻧﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮم ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس ،أﺻﻮر ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻴﻪ ،ﻓﻤﺎ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﺨﺺ أم اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ إﻻ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ أﻋﻢ وأﻛﺒﺮ ،ﻫﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ.
• واﻟﺬﻳﻦ ﺗﺼﻮرﻫﻢ ﻓﻲ أﻓﻼﻣﻚ ،ﻛﻴﻒ ﻳﺜﻘﻮن ﻓﻴﻚ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻤﺤﻮن ﻟﻚ ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ أﺷﺪ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺳﺮﻳﺔ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻛﺠﻨﻮب إﻳﺮان واﻟﻌﺮاق • واﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﺬي ﺻﻮرﺗﻪ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات )ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﺛﻮر( واﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم؟ ﻛﻨﺖ ﺗﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﺣﻴﺎة »ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺸﺮي« أم ﻛﻨﺖ ﺗﻨﻮي اﻟﻤﺒﺪأ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻫﻮ اﻟﺼﺪق واﻟﺜﻘﺔ وﺗﻜﻮﻳﻦ ﺻﺪاﻗﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺷﺨﻮص اﻟﻔﻴﻠﻢ. ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻷرﻳﺎف اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ؟ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻴﺶ اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻣﺎراﺗﻲ .ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ﻋﻨﺪي ﻻ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﺣﻘﻴﺒﺘﻬﺎ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺪون ﻓﻲ ،وﻳﺘﻘﺒﻠﻮن ﻣﻨﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺪاﻗﺔ أوﻟﺌﻚ اﻷﺷﺨﺎص ﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ّ واﻟﺼﺪق ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻻ ﻳﺠﺪون داﻋﻴﺎ ﻹﺧﻔﺎء ﺷﻲء ﻋﻨﻲ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻧﻲ –ﺑﺼﻔﺘﻲ ﻣﺨﺮﺟﺎ ﻟﻔﻴﻠﻢ وﺛﺎﺋﻘﻲ -ﻟﻦ أﺧﻮﻧﻬﻢ
56
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اMﻳﺮاﻧﻲ ﻣﺎﺟﺪ ﻧﻴﺴﻲ
ijĴŕŨė ŞũŬ
• ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻓﻲ اﻻﻣﺎرات ،وﻣﺎ أﻧﺠﺰت ﻫﻨﺎك. ﺑﻤﺎﺿﻲ أرى ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺴﺎﻓﺮا .ﻣﻨﺬ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﻛﻠﻤﺎ أﻓﻜﺮ ّ ﻻﺟﺌﺔ ﻛﻨﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ .ﺛﻢ وﻣﻨﺬ ﻣﺮاﻫﻘﺘﻲ ﺑﺪأت اﻟﺮﺣﻼت وﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻼت ﻛﺎﻧﺖ رﺣﻠﺘﻲ إﻟﻰ اﻹﻣﺎرات .ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إن ﻫﻤﻲ وﻫﺎﺟﺴﻲ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ إﺧﺮاج اﻷﻓﻼم ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﺎس أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻹﺧﺮاج وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﻓﻼم .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺎﻓﺮت إﻟﻰ اﻹﻣﺎرات أﺣﺒﺒﺖ ﺑﺴﺎﻃﺔ اﻟﻨﺎس واﺑﺘﻌﺎدﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺤﻮار .ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺧﺮى ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﺷﻌﺒﺎ ﻣﺘﻔﻬﻤﺎ وﻣﺜﻘﻔﺎ .أﺣﺒﺒﺘﻬﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺻﺎدﻗﻴﻦ وﺑﺴﻄﺎء .ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻫﻨﺎك إﻟﻰ ﺷﺒﺎب ﻣﺨﺮﺟﻴﻦ ﻓﺄﺻﺒﺤﻨﺎ أﺻﺪﻗﺎء ﺟﻴﺪﻳﻦ وﻗﺮﻳﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻨﺎ .ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻨﻈﺮوا ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ .ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻸﻓﻼم ﺷﺠﻌﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات وﺻﻨﺎﻋﺔ ﻓﻴﻠﻢ ﻫﻨﺎك .ﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ
اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﺗﺮﻛﺎ آﺛﺎرا ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﻓﻼم وﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺎ ﻛﺎد ﻳﺒﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﻦ أﺻﺎﻟﺘﻬﺎ ،ﻏﻴﺮ أن أوﻟﺌﻚ اﻟﺸﺒﺎب ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺎوﻟﻮن ورﻏﻢ اﻓﺘﻘﺎدﻫﻢ ﻟﻮﺟﻮد دﻋﻢ ﻣﺎﻟﻲ وﻣﻌﻨﻮي أن ﻳﺼﻨﻌﻮا أﻓﻼﻣﺎ ﺗﺨﺺ وﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﺷﻌﺒﻬﻢ .ورﻏﺒﺘﻬﻢ ﺗﻠﻚ ﺿﺎﻋﻔﺖ ﻣﻦ رﻏﺒﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻟﻤﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ. ﻛﻨﺖ أﺣﺐ أن أﺻﻨﻊ ﻓﻴﻠﻤﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات .ﻓﺒﺪأت ﺑﻤﺸﺎﻫﺪة أﻓﻼم ﺻﻨﻌﺖ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات .ﻛﻞ اﻷﻓﻼم ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻴﺪة ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻨﻲ ﻻﺣﻈﺖ ﻓﺮاﻏﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وﻫﻮ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻣﺎراﺗﻲ .اﻟﻨﻈﺮات ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺮﺑﻴﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﻟﺠﻤﻬﻮر واﻟﻤﺘﻠﻘﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ أن ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ .ﻟﻢ أﻛﻦ اﻣﺘﻠﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرة اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻲ ﻗﺮرت أن أﺻﻨﻊ ﻓﻴﻠﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ أﻗﺘﺮب ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ 'p ' &3Â} p } Ð' p,±
ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
55
ﺗﺘﺮك ﻟﻪ اﻟﺤﺮب رﺟﻼ وﻻ ﻳﺪا .ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻴﺎة أن ﺗﺪوم رﻏﻢ ﻛﻞ ﻇﺮف؟ ﺑﺬلت ﻛﻞ ﺟﻬﻮدي ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻷﺻﻮر وﺟﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ رﻏﻢ ﺣﻀﻮرﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ذﻛﻮري وﻓﻲ ﻇﺮوف اﻟﺤﺮب اﻟﺼﻌﺒﺔ ،ﺗﻮاﺻﻞ ﺣﺒﻬﺎ ﻟﻌﺎﺋﻠﺘﻬﺎ ،ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎن اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺠﺮﻳﺢ ،وﺗﺒﺬل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ ﻟﺘﺮﺳﻢ اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ زوﺟﻬﺎ وأﻃﻔﺎﻟﻬﺎ .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ.
أﻣﺎ آﺑﺎؤﻧﺎ ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﻘﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ. أﺗﺬﻛﺮ أﻳﻀﺎ أن ﺟﺎرﻧﺎ ﻣﺎت ﻫﻨﺎك وأﻗﺎﻣﻮا ﻟﻪ ﺣﻔﻞ ﺗﺄﺑﻴﻦ أﻳﻀﺎ .ووﻟﺪ أﺧﻲ اﻷﺻﻐﺮ ﻣﻨﻲ وﺧﺘﻨﻮﻧﺎ ﻣﻌﺎ .ﻛﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ واﻟﺤﺮب ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﻮ ا`ﻣﺎرات ﻗﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة دون أن اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺤﺪث ﺧﻠﻼ ﻓﻴﻬﺎ .اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻤﺘﻨﺎ ﻧﻤﻄﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻟﻠﺤﻴﺎة وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻴﺎة ﺗﺄﺧﺬ ﺻﻨﺎﻋﺔ أﻓﻼم ﺗﺨﺼﻬﻢ ﻣﺠﺮاﻫﺎ وﺗﺴﻴﺮ. وﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻴﻠﻢ »اﻟﻘﻨﺎﺑﻞ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻴﺔ« أﻳﻀﺎ ﻛﺎن ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ أﻧﺎس ﻓﺮﺿﺖ ﺷﻌﺒﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺤﺮب .اﻟﺤﺮب ﻻ ﺗﺴﺮق ﺣﺐ • وﻧﺸﻌﺮ أن ﻓﻴﻠﻢ »ﺟﺪاﺋﻠﻲ اﻟﻤﺸﻌﺜﺔ« اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺬي ﺻﻮرﺗﻪ ﻓﻲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ﻟﺘﺼﻮر ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻓﻲ »اﻟﻘﻨﺎﺑﻞ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻴﺔ« ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻨﺴﺎء اﻹﻳﺮاﻧﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺰوﺟﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس ،ﻛﻤﺎ ﻃﻔﻞ أﻓﻐﺎﻧﻴﻴﻦ وﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻰ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ .ﺣﺒﻬﻢ ﻟﻠﺤﻴﺎة أدى إﻟﻰ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻗﺘﻠﺘﻬﻢ أي رﻏﻤﺎ ﻋﻨﻬﻦ ،ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ﺳﻴﺎﺳﺎت وﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺣﺎﻟﺖ دون ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻨﺎﺑﻞ. اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺳﻼم ،واﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﺗﺘﺤﺪث اﻹﻋﻼم ﻳﻀﻄﺮ داﺋﻤﺎ أن ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،دون ﺧﺸﻴﺔ ﻣﻦ اﻏﺘﺼﺎب أﺧﻮ زوﺟﻬﺎ ﻟﻬﺎ! ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺼﻮر اﻹﻋﻼم ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﻨﻔﻊ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ،ﺑﻴﺪ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﻮر ﻧﻌﻢ ،أﻧﺎ ﻛﻨﺖ أﺷﺎﻫﺪ اﻟﻜﻮاﺑﻴﺲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻻﺣﻈﺖ ﻣﻌﺎﻧﺎة واﻗﻊ اﻟﺤﺮب .إﻧﻬﻢ ﻳﺮون اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب وﺣﺴﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﺎء وﺣﻴﺎﺗﻬﻦ .ﻛﻨﺖ أرﻏﺐ ﻓﻲ أن ﻳﺸﺎﻫﺪ اﻷﺷﺨﺎص وﻳﺤﺒﻮن اﻟﻌﺪد اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻠﻰ .ﻛﺄن ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﻴﻠﻢ وﻛﻨﺖ أﻧﻮي ﺗﻨﻮﻳﻬﻬﻢ .وﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻌﺾ ﻋﺪد أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻠﻰ ،ﻫﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﻧﺠﺎﺣﺎ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻓﻘﺪ ﺑﺚ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﺑﻌﻴﺪون ﺟﺪا ﻋﻦ اﻟﻨﺎس. ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻘﻂ ،وﺷﻌﺮت ﺑﺴﻌﺎدة ﺑﺎﻟﻎ ﺑﻌﺪ أن ﻋﺮﻓﺖ أن اﻟﻔﻴﻠﻢ ﺗﻢ ﺑﺜﻪ ﻟﻨﻮاب اﻟﺒﺮﻟﻤﺎن ،ﻣﺎ أدى إﻟﻰ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮن ﻳﺴﻬﻞ • ﻳﻌﻨﻲ ﻫﻞ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ أن ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻟﻸزواج اﻹﻳﺮاﻧﻴﺎت ﻣﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ إﻳﺮان. ﻋﻨﻪ اﻹﻋﻼم؟ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أن ﺗﺼﻮر اﻷﺣﺪاث ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺤﺎﻳﺪ وﻣﻮﺿﻮﻋﻲ • ﻣﺎ ﻫﻮ واﺿﺢ ﻓﻲ أﻓﻼﻣﻚ اﻟﺘﻲ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎﻫﺎ ﻫﻮ دور اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ وأن ﺗﺨﺎﻃﺐ ذات اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﻨﻌﺰل ﻋﻦ ﻓﻮﺿﻰ اﻟﺪﻋﺎﻳﺎت .اﻟﺤﻴﺎة واﻫﺘﻤﺎﻣﻚ ﺑﻬﺎ وﺑﻬﺬا اﻟﺪور اﻟﺮﻳﺎدي ﻓﻲ ﺟﻌﻞ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ أن ﺗﻌﻄﻲ ﺻﻮرة ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻤﺎ ﻫﻮ وﻛﺈﻧﺴﺎن وﻟﻴﺲ ﻣﺴﺘﻤﺮة رﻏﻢ اﻷﺣﺰان وﻣﺎ ﻳﻌﻴﻖ اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻣﻦ أﻳﻦ ﻛﺸﺨﺺ ﻣﻨﺘﻢ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ أو دﻳﻦ أو ﻣﺬﻫﺐ .ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ ﺟﺎء ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم؟ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻹﻋﻼم. ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أﻣﻲ وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻲ أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ .اﻣﺮأة ﻋﺎﺷﺖ وﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ذﻛﻮري وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب، • ﺗﻮاﺻﻞ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﻢ »اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺘﺼﺪئ« اﻟﺬي وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺗﺴﺘﺤﻘﻬﺎن ﺑﻴﺪ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻐﻬﺎ ﻳﺘﻄﺮق إﻟﻰ ﺣﻴﺎة اﻣﺮأة ﻋﺮاﻗﻴﺔ ﺗﻨﺒﺶ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاب ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﻟﻸﺳﻒ ،ﻓﺬاﺑﺖ ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻣﻌﺎدن ﺻﺪﺋﺔ ﺧﻠﻔﺘﻬﺎ اﻟﺤﺮب ﻟﻨﺴﺎء ﻣﺜﻠﻬﺎ ،ﻟﺘﻌﺘﺎش اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﺻﺎرت ﺟﺰء ﻣﻨﻪ .ﺛﻢ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮف ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﻦ ﻳﺸﺒﻬﻦ أﻣﻲ اﻧﺘﻔﺎﻋﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺸﻈﺎﻳﺎ اﻟﺼﺪﺋﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰوج اﻟﺬي ﻟﻢ ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ أﺟﻤﻊ.
54
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اMﻳﺮاﻧﻲ ﻣﺎﺟﺪ ﻧﻴﺴﻲ
ķėŹĭŨė ĞĬĘļ
źijİżĨ ŪŻĴŨ ųĜijŴĔĨ ' Ù$Ù # (ÎÙ # */ . © } Ð' Û ÙÍ p p pØp Ù$Ù b'3Â} ª Í} .Ï Ø ÛÂ
] , ¢. Ï Ø Û ªã / # Ð' Ù # ,
' Ï Ø Û ÛÊã /# )$ÙÃ$# 1#.æ ªã # ,Î Û * / Ú¦# . «âp # ±# » -($Ù Ð
1$ Û Ø 'æ &/ ,# p ]Ë # /Î .Ë #
( } Ù(# Í ,' ÛÂ -'3Â} ) -Í '. + Ù¼. pØ/ # . Í Â ÛÂ (,
ﻳﺼﻮر ﻣﺎﺟﺪ ﻧﻴﺴﻲ أﻓﻼﻣﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ إﻳﺮان ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺻﺒﺤﻮا ﻣﻦ ﻣﻨﻜﻮﺑﻲ اﻟﺤﺮب .ووﻟﺪت أﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻣﻴﺪاﻧﻲ. ذﻟﻚ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﺒﻼد اﻟﻤﺠﺎورة ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق وأﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن وﻟﺒﻨﺎن رﺑﻤﺎ اﻟﺤﺮب ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺟﻴﻨﺎﺗﻲ .ﻻ أﻋﺮف .واﺻﻠﺖ ﻓﺘﺮة ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ واﻹﻣﺎرات ﻟﻴﺼﻮر ﺣﻴﺎة ﺷﻌﻮب ﻳﺸﻌﺮ أن ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ .ﻓﻬﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب أﻳﻀً ﺎ .اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﺬي أﺗﺬﻛﺮه داﺋﻤﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻨﺘﻤﻴًﺎ ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺠﻤﻊ اﻟﺸﻈﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﺘﻬﺎ اﻟﻐﺎرات ﻟﻨﻠﻌﺐ ﺑﻬﺎ أو ﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻹﻧﺴﺎن .ﻳﺤﺎول ﻓﻲ أﻓﻼﻣﻪ ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻮﻳﺤﻨﺎ ﻟﻠﻄﺎﺋﺮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺗﻲ ﻛﻞ أﺳﺒﻮع ﻟﺘﻘﺼﻒ ﺑﻴﻮﺗﻨﺎ. اﻟﺤﺮب ،وﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺤﺎول ﻣﻦ ﺧﻼل أﻓﻼﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺒﻴﺘﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻊ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﺒﺘﺮول وﻓﻲ ﺟﻬﺔ إﻃﻼق ﺻﺮﺧﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺗﻘﻮل :ﻛﻔﻰ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب. اﻟﺠﻨﻮب ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻔﻮﻻذ وﻫﻤﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮان اﻟﺸﺮﻛﺘﻴﻦ اﻟﻤﻬﻤﺘﻴﻦ ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺻﻮر أﻓﻼﻣﺎ ﻋﻦ رﻣﻮز وﻣﻌﺎﻟﻢ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴﻠﻢ »راﺋﺤﺔ واﻷﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﻼد .اﻟﻘﺬاﺋﻒ اﻟﻤﻀﺎدة ﻟﻠﻄﺎﺋﺮات ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺮاب« واﻟﺬي ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺷﻢ اﻟﺘﺮاب ﻓﻲ أﻳﺎم ﻋﺎﺷﻮراء ﻓﻲ ﺗﻀﻲء ﺳﻤﺎء اﻟﻠﻴﻞ ﺣﻮاﻟﻲ ﺣﺎرﺗﻨﺎ .وﺻﻔﺎرة اﻹﻧﺬار ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﺟﻨﻮب ﻏﺮﺑﻲ إﻳﺮان. ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺰﻫﺔ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﻌﺐ اﻟﻐﻤﻴﻀﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﻫﻤﻮﻣﻪ وأﻓﻼﻣﻪ وﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻪ ﺟﺎء ﻫﺬا ﻧﺠﻌﻞ أﻣﻬﺎﺗﻨﺎ ﺗﻔﺘﺶ ﻋﻨﺎ .ﻓﺎﻟﺤﺮب ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﺤﻮار: ﻟﻨﺎ -ﻧﺤﻦ اﻷﻃﻔﺎل -ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻌﺒﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎرﺛﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺳﺮﻧﺎ. اﻟﺤﺮب داﻣﺖ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮات ﻓﻲ إﻳﺮان •ﺗﺸﻜﻞ ﺗﻴﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ اﻟﺤﺮب ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ وﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﻮات ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ .ﺧﻼل وﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻷزﻣﺎت اﻟﺸﻌﻮب اUﺧﺮى ﺟﻌﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﺗﺰوج ﺧﺎﻟﻲ ﺗﺤﺖ واﻟﻤﺂﺳﻲ ،ﻣﺤﻮرا أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻓﻲ أﻓﻼﻣﻚ ،ﻣﺎ ﺎ ﺒ ﺷﻌ ا`ﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﻒ وأﻗﻴﻢ ﻟﻪ ﺣﻔﻞ زﻓﺎف وﻛﻠﻨﺎ رﻗﺼﻨﺎ اﻟﺬي ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻫﺬه ً ﻓﻲ ﺣﻔﻠﻪ .أﺧﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ ﻓﺘﺎة ﻣﻦ اﻹﻋﻼم اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﻠﻄﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺴﺎﻫﺎ ً وﻣﺜﻘﻔﺎ ﻣﺘﻔﻬﻤﺎ ً اﻟﺤﻲ وﻛﺎﻧﺖ أﻣﻨﻴﺘﻪ أن ﺗﺪق ﺻﻔﺎرة اﻹﻧﺬار واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ؟ ﻟﻨﻬﺮع ﻧﺤﻮ اﻟﻤﻠﺠﺄ ،ﻓﺎﻟﻤﻼﺟﺊ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻴﻘﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﻟﺪت ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ- وﻛﺎن ﻳﻤﻜﻨﻬﻤﺎ أن ﻳﻀﻤﺎ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎك. اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﺷﻨﺖ ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ،وﻛﺎن أﻫﻠﻲ
ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
53
ﻓﻴﻠﻤﺎ ﻋﺎش ﻓﻲ ا`ﻣﺎرات وأﺧﺮج ﻓﻴﻬﺎ ً
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ا`ﻳﺮاﻧﻲ
ﻣﺎﺟﺪ ﻧﻴﺴﻲ: اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺗﺨﺎﻃﺐ ذات ا`ﻧﺴﺎن ﺑﻤﻨﻌﺰل ﻋﻦ ﻓﻮﺿﻰ اﻟﺪﻋﺎﻳﺎت
52
اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اMﻳﺮاﻧﻲ ﻣﺎﺟﺪ ﻧﻴﺴﻲ
ﻣﻊ اﻟﻮﻫﺎﺑﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻴﻄﺮون ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻢ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺑﺴﺒﺐ إﺷﺎﻋﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻧﻪ ﺳﻴﻌﺘﻨﻖ اﻹﺳﻼم وأن ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺳﺘﻘﺘﻔﻲ ﺧﻄﺎه .ﻛﺬﻟﻚ اﺳﺘﻄﺎع ﻛﺴﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺷﺎه إﻳﺮان ﻟﻤﺸﺮوﻋﺎﺗﻪ ،وﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻣﺴﺎﻧﺪﺗﻪ ﺿﺪ روﺳﻴﺎ ﻋﺎم 1805م ،إﻻ أن اﻟﺤﺮب اﻧﺘﻬﺖ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﺤﺮك ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻹﻓﺸﺎل اﻟﺤﻠﻒ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻗﺪﻣﻮا رﺷﻮة ﻣﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺎه أدت إﻟﻰ ﻃﺮد اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻣﻦ أراﺿﻴﻪ .وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻹﻓﺸﺎل ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻓﺮﻧﺴﺎ ،إﻻ أن اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻇﻞ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻟﻠﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻗﺮار ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ،ﻟﻜﻦ اﻟﻘﺪر ﻟﻢ ﻳﻤﻬﻠﻪ واﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﺤﺎل ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ وﺗﻢ ﻧﻔﻴﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺤﻘﻖ ﺣﻠﻤﻪ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﻣﻘﺪوﻧﻲ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﺮاﺟﻊ ﻟﻼﻃﻼع: • ﺟﺎن ﺟﺎك ﺑﻴﺮﻳﺒﻲ :اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ. • ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻠﻪ :ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة. • ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻠﻪ :إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ وﻋﻤﺎن واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻷوﻟﻰ.
Í/ Ï/Ù$ Í
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ﺟﺘﻚ ْﺻﺪﻗﻪ ﻗﺎل ،ﺑﺎزﻧﻬﺎ ْﺻﺪﻗﻪ :أي ﻫﺒﺔ وﻋﻄﻴﺔ- .ﺟﺘﻚ :أي ﺟﺎءﺗﻚ - .ﺑﺎزﻧﻬﺎ :أي ﺳﺄﻗﻮم ﺑﻮزﻧﻬﺎ. أي ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ ﺧﺬ ﻫﺬه اﻟﺼﺪﻗﺔ ،ﻓﻘﺎل ﺳﺄوزﻧﻬﺎ .أي أﻧﻬﻢ ﺗﺼﺪّ ﻗﻮا ﻋﻠﻴﻪ ،إﻻ اﻧﻪ أﺻ ّﺮ أن ﻳﺰن ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺪﻗﺔ، ﻟﻴﻌﺮف وزﻧﻬﺎ. ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ذ ّﻣﺎً ﻟﻤﻦ ﻳﻌﻄﻰ ﺷﻴﺌﺎً ،ﻓﻴﺸﺘﺮط ﺷﺮوﻃﺎً ،ورﺑﻤﺎ ﻳﺮﻓﻀﻬﺎ ﻟﻌﺪم ﺟﻮدﺗﻬﺎ أو ﻻ ﺗﻜﻔﻴﻪ .وﻫﻮ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل »ﻃ ّﺮار وﻳﺘﺸ ّﺮط«.
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
51
ƁļĘƀĽŨė ģėĸġŨė ŲŬ
اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺣﻤﻠﺔ اﻟﺸﺮق ŪżűēĴĖč ŦĐēŴ į
ﺑﻌﺪ
ﻗﻴﺎم اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﺎم 1789م ،أرادت اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة أن ﺗﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﻄﻂ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺼﺪاﻗﺔ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺮق ،ذﻟﻚ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺬي دﺷﻨﻪ »ﻓﺮاﻧﺴﻮا اﻷول« ﻋﻨﺪ ﺗﻮﻗﻴﻌﻪ ﻻﺗﻔﺎق اﻻﻣﺘﻴﺎزات اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺒﺎب اﻟﻌﺎﻟﻲ؛ ﻓﺄرﺳﻠﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﺪة ﺑﻌﺜﺎت إﻟﻰ اﻟﺸﺮق ،وﺗﻮﺟﻪ اﻟﻤﺒﻌﻮﺛﺎن »أوﻟﻴﻔﻴﻴﻪ« و»ﺑﺮوﺟﻴﻴﺮ« إﻟﻰ ﺷﻮاﻃﺊ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وإﻳﺮان ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﺮاق. وﻗﺪ أﺛﺎرت ﻫﺬه اﻟﺒﻌﺜﺎت ﺣﻔﻴﻈﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ ،ﻓﺄرﺳﻠﻮا ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺗﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﻴﻢ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ »ﺑﻮﺷﻴﺮ« ﻟﻴﺮاﻗﺐ وﻳﻮﻗﻒ -إذا دﻋﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ -ﻧﺸﺎط اﻟﺮﺳﻞ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ اﻟﺠﺪد. وﺣﺎول اﻟﺮﺟﻞ أن ﻳﻨﻔﺬ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎن ﻟﻨﺪن ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻮﻓﻖ واﺳﺘﻤﺮت اﻟﺒﻌﺜﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،ﻏﻴﺮ أن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ زﻫﻴﺪة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻓﺘﻮﻗﻒ ﻧﺸﺎط ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻌﺜﺎت ﺳﻨﺔ 1798م .وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﺳﺠﻠﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺧﻄﻮة إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻓﻲ ﺳﺎﺣﻞ ﻣﺴﻘﻂ ،ﺣﻴﺚ أﺗﺎح اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﻟﻬﺎ أن ﺗﺘﺨﻄﺎﻫﻢ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وإﻳﺮان ،ﻓﻘﺪ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻧﺸﺎط اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ،وﺗﻜﻠﻠﺖ اﻟﻤﺴﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح اﻟﻨﺴﺒﻲ. وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ذاﺗﻬﺎ أﺑﺤﺮ »ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن« إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ،واﻟﺬي ﻛﺎن اﺳﻤﻪ ﻛﺎﻓ ًﻴﺎ ﻟﺒﻌﺚ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .وﻗﺪ ﺣﺮص ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﺎم ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻣﻨﻬﻢ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻗﺎﺋﻼ» :أﻛﺘﺐ إﻟﻴﻜﻢ اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ »ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ أﺣﻤﺪ« ،ﻓﻜﺘﺐ إﻟﻴﻪ ً ﻷﺑﻠﻐﻜﻢ ﺑﻮﺻﻮل اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ .وﻟﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ داﺋ ًﻤﺎ أﺻﺪﻗﺎء ﻟﻨﺎ ،ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﻘﺘﻨﻌﻮا ﺑﺮﻏﺒﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺳﻔﻦ دوﻟﺘﻜﻢ« .وﻟﻢ ﺗﺼﻞ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻷن اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ اﻋﺘﺮﺿﻮﻫﺎ. ﻛﺎن ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻳﺤﺎول ﺗﻘﻔﻲ آﺛﺎر اﻹﺳﻜﻨﺪر اﻷﻛﺒﺮ ،وﺣﻠﻢ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ
50
اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺣﻤﻠﺔ اﻟﺸﺮق
إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ ﺷﺮﻗﻴﺔ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮذ ﻟﻨﺪن .وأﻛﺪت اﻟﻤﺼﺎدر ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻛﺜﻴﺮة أن ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺑﺪأت ﻣﻊ ﺗﺤﺮﻛﺎت ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ ،ﻓﻜﺘﺐ »ﻫﻨﺮي داﻧﺪاس« ﺳﻜﺮﺗﻴﺮ وزارة اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻠﻮرد »ﺟﺮاﻧﻔﻞ« ﻳﻮم 13 ﻗﺎﺋﻼ» :ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻳﺒﺬل أﻗﺼﻰ ﺟﻬﺪه ﻟﺘﺤﺎﺷﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ 1798م ً اﻟﺼﺪام ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄن ﻗﺪراﺗﻪ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،وأﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺨﻄﻂ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻫﺪﻓﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻠﺐ وﺑﻐﺪاد ،ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺘﻲ ﺳﺎر ﻓﻴﻬﺎ اﻹﺳﻜﻨﺪر ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻟﻴﺘﺠﻪ ﻣﻦ ﻫﻨﺎك إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﺎرا ﺑﺸﻮاﻃﺊ اﻟﺨﻠﻴﺞ، ﺛﻢ اﻟﻬﻨﺪ«. وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻟﻤﺆرخ »ﺟﺎك ﺑﻴﺮﻳﺒﻲ« أن ذﻟﻚ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ أﺛﺎر ﺿﺠﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن ﺛﻢ ﺑﻮﻣﺒﺎي ،وﻟﻢ ﻳﻬﻤﻞ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ -وﻟﻮ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ -ﻋﻠﻰ إﺣﺒﺎط ﻣﺸﺮوع وﺣﻠﻢ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن .واﻧﻄﻠﻖ اﻟﻤﺒﻌﻮﺛﻮن واﻟﻌﻤﻼء ﻓﻲ ﻛﻞ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت ﻟﻴﺸﺘﺮوا ﻫﺬا وﻳﺘﺂﻣﺮوا ﻋﻠﻰ ذاك ،ﺗﺎرة ﻣﺘﻮﻋﺪﻳﻦ وﻃﻮرا ﻣﺘﻮﺳﻠﻴﻦ. وﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت اﻟﻄﺮﻳﻔﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻻرﺗﺒﺎك ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ آﻧﺬاك ،أن ﺑﻌﺜﺎﺗﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ داﺋ ًﻤﺎ ﻛﺎﻟﻨﺤﻠﺔ اﻟﺤﺒﻴﺴﺔ ﻓﻲ زﺟﺎﺟﺔ ،ﻳﺘﺤﺮﻛﻮن ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎت ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺑﻴﻦ ﻟﻨﺪن وﺑﻮﻣﺒﺎي .وﻛﺘﺐ »ﺑﻴﺮﺳﻲ ﺳﺎﻳﻜﺲ«: »ﻳﻈﻬﺮ أن ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮت ﻋﻠﻰ أﻋﺪاﺋﻪ ،ﺣﺘﻰ أن ﻣﺸﺮوﻋﺎﺗﻪ اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺒﺐ ﻟﻬﻢ إزﻋﺎ ًﺟﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ«. وﺑﻌﺪ اﻟﻔﺸﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﻞ ﻣﺴﻘﻂ ،ﺑﺪأ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻳﺴﺠﻞ ﺑﻌﺾ اﻻﻧﺘﺼﺎرات ،ﻓﻘﺪ أرﺳﻞ ﻣﺒﻌﻮﺛﻴﻪ إﻟﻰ اﻟﻴﻤﻦ وﺷﻴﻮخ ﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﻮا ﺑﺎﻟﺘﺮﺣﺎب .وﺗﺤﺎﻟﻒ
وﻗﺪ ﻓﻬﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺠﻤﺮي ﻓﻘﺎل ﻟﻪ:
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
ﺣﻲ ﻗﻮﻟﻚ ْ
ﺣﻲ ﻟﻜْﺘﺎﺑﻲ ﺣﻲ ﻗﻮﻟﻚ ْ ْ أو ﻋﺪد ﻣﺎ ﻧﺎظ ﺳ ﱠﺤﺎﺑﻲ أو ﻋﺪد ﻣﺎ ﻓﺎﺣﺖ أﻃﻴﺎﺑﻲ ﺣﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﻢ وا ْﻋﺮاﺑﻲ ْ ﺗﺸﺘﻜﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻫﻞٍ راﺑﻲ ﻗﻤﺖ اﻓﻜّﺮ ﻓﻴﻪ وآ واﺑﻲ ﺑﺖ اد ّور ﻧﺠﻢ ﻟﻐْﻴﺎﺑﻲ ﺣﺮف دال وﻻم ﺧﺎداﺑﻲ وﻳﺎ اﻷﺧﻮ إﻧﺘﻪ ﺑﻲ أدراﺑﻲ ﻣﺒﺘﻠﻰ ﻗﺒﻠﻚ وﻋﺎﻳﺎﺑﻲ ﺷﺎب راﺳﻲ ﺷﺎﺑﺖ أﻋﺼﺎﺑﻲ إﺑﺘﻠﻴﺖ ﺑﺮوح ﻣﺘﺼﺎﺑﻲ ﺷ ّﻄﻨﻲ ﺣ ّﺒﻪ وﺳﺎﻫﺎﺑﻲ ﻛﻢ ﻫﺠﺮﻧﻲ ﻛ َْﻢ ﺳ ّﻮاﺑﻲ ﻣﻮل ﻣﺎ ر ﱠﺟﻊ وﻻ ﺛﺎﺑﻲ ْﻔﻌﺖ ﺑﻲ ﻃﺐ وا ْﻃﺒﺎﺑﻲ َم اﻧ ْ ﻫﻦ ﻳﺎ ﺑ ّﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﻲ ﻣﻦ ﻋﻘﺐ ﺷﻔﺘﻪ ﺗﻬﺎﻳﺎﺑﻲ ﻫﺎﻟﺰﻣﺎن اﻟﺤﺐ ﻧ ّﻬﺎﺑﻲ ﻻ ﺗﻘﻮل اﻟﺤﻆ ﻳ ّﺬاﺑﻲ وﻟﻢ زﻫﺎﺑﻲ ﻗﻢ ﻳﺎ »ﺳﺎﻟﻢ« ّ ﻻ ﺗﺨﻠﻲ ﻋﻴﻨﻚ ﺗﺮاﺑﻲ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻣﻦ ز ّد اﻻﺻﺤﺎﺑﻲ ﺟﺎك ﻋﺪّ ي دوك ﻟﻜْﺘﺎﺑﻲ ﻛﺎن ﺻﺒﺖ ﺗﺮاﻧﻲ ْﻣﻌﺎﺑﻲ ﺗَ ﱠﻤﺖ وﺻﻠّﻮا ﻳﺎ ﻋ ﱠﺮاﺑﻲ َع اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻲ ﻳﺎب ﻟﻜْﺘﺎﺑﻲ
وﺳﻄﻮره ﻣﺮﺣﺒﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﻢ ْ أو ﻋﺪد ﻣﺎ ﺳﺎﻟﺖ ﻣﻄﻮره أو ﻋﺪد ﻣﺎ ﻟﻔﺤﺔ ْﻋﻄﻮره »ﺑﻮﻏﻨﻴﻢ« أرﺳﻠﺖ ﻣﻨﺸﻮره ﻟﻲ ﺳﻜﻦ ﻓﻲ وﺳﻂ ﻣﻌﻤﻮره وارﻛﺐ اﻟﻤﺰﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﻮره وارﻧﺐ ﺟﺎﻓﻞ وش ْﻓﺴﻮره ٍ أﻓﺴﺮ اﻟﺴﻮره ﻟﻲ ﺑﻐﻴﺖ ّ ﻣﺸﺘﺠﻲ واﻟﻨﻔﺲ ﻣﻌﺜﻮره ﻟﺞ اﻟﺤﺐ وﺑْﺤﻮره ﺧﻀﺖ ّ ﻃﺤﺖ ﻛ ّﻨﻲ ﻓﻲ وﺳﻂ ﺣﻮره ﻏﻴﺪ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻼ ﺟﻮره ذا وﺧﻼﱠﻧﻲ ﺷﺮا اﻟﺼﻮره ﻛﻢ ﺳﻘﺎﻧﻲ ﻻﻋﺞ ْﻣﺮوره ﻇﺎﻟﻢ َم ْاﺳﻠﻤﺖ ﻣﻦ ﺟﻮره ٍ ْﻠﻔﺖ ﺷﻮره واﻟﻄﻼﺳﻢ َم اﺧ ْ وارﺿﻔﻦ رﻳﻠﻪ اﻟﻤﻜﺴﻮره ﺑﺪّ ﻣ ّﻨﻪ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺑﻮره واﻟﺒﺨﺖ ﻃ ّﻮل ﺑﻲ ْﻗﺼﻮره ذا وﻋﻘﺐ اﻟﻌﺴﺮ ﻣﻴﺴﻮره ﻟﻮف ﻋﻨﺪه ﺻﻮﺑﻪ وزوره ذي ﻋﻮاق اﻟﺤﺐ ﻣﺨﻄﻮره ﻋﻨﻚ ﻳﺎ ﺧﻲ َم اﻟْﻘﻂ اﻟﺪوره واﺳﻤﺢ ﻟﻲ ْﻗﺼﻮره واﻟﻌﻔﻮ ْ وان ﺧﻄﻴﺖ أرﺟﻮك ﻣﻌﺬوره ﻋﺪ وﺑﻞٍ ﺗﺪﻓﻖ ْﻣﻄﻮره ﺷﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ ﻣﻨﺸﻮره ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
49
Ú ( #
ﻫﺎض ﻣﺎ ﺑﻲ
ﻳﻌﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﻮس ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﻘ ّﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﻤﺮي ،وﻗﺪ دارت ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ,وﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻤ ّﺤﻤﻠﺔ ﺑﻠﻮاﻋﺞ اﻟﺤﺰن واﻷﺳﻰ ،وﻗﺪ ﺑﻌﺜﻬﺎ ﻟﻪ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﺠﻤﺮي:
48
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس
ﻫﺎض ﻣﺎ ﺑﻲ ﻣﻦ ﺗﻌ ّﺬاﺑﻲ ﻓ ّﺮ ﻗﻠﺒﻲ ﻓﺮ دوﻻﺑﻲ وارﺗﺠﻒ واﻧﻬﺪّ ت أﻋﺼﺎﺑﻲ واﻟﻐﺬأ واﻟﺸﺮب ﻣﺎ ﻃﺎﺑﻲ ﻣﺤﺘﺰن واﻟﺪﻣﻊ ﺳﻜّﺎﺑﻲ ﻣﺼﺎب ﺑﺎﻟﺤﺸﺎ ﻏﺎﺑﻲ ﻣﻦ ٍ ّ ﺷﻂ ﺑﻲ ﻣﻨﺴﻮع اﻻرﻗﺎﺑﻲ ﺑﻮ ﺧﺪﻳ ٍﺪ ﻓﻴﻪ ﺟﻠﺒﺎﺑﻲ ْﻋﺬاﺑﻲ واﻟﺸﻔﺎﻳﺎ ﱢذﺑﻞ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﻣﻦ ﺛﻘﻞ ﻟْﺤﻴﺎﺑﻲ وان ﻣﺸﻰ ع اﻷرض ﻣﺘﺼﺎﺑﻲ ﻫﻮ ﺣﻴﺎﺗﻲ وﻫ َﻮﻩ أﺣﺒﺎﺑﻲ ﻳﺎ ﻧﺪاﻣﺎ ﻣ ّﻨﻪ اﺳﺒﺎﺑﻲ ﻫﻮب ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ وﻗ ّﺮاﺑﻲ داﻳﻢ ﻋﻴﻨﻲ ﻟﻪ ﺗْﺮاﺑﻲ ٍ واﺑْﺘﻌﺪ وﺗﻐﻠّﻖ اﻟﺒﺎﺑﻲ ﺷَ ﺎ اﻟﻔﻜﺮ ﻳﺎ ﺟﻤﻠﺔ أﺻﺤﺎﺑﻲ ﻳﺴﻌﺪ اﻟﻤﺎﻳﻮع وﻳْﻌﺎﺑﻲ ﻳـﺪرس اﻟﻤـﻌﻨــﻰ ﺑﻠ ْﻌﺮاﺑﻲ أﻋﻨﻲ »ﻣﺤﻤﺪ« ﻣﻦ أﺣﺰاﺑﻲ ﻟﻪ ﻫﺒﻮب »اﻟﻜﻮس« ﻟ ّﻮاﺑﻲ ﺑﻔﺴﺮ ﺳﺪﱠ ي اﻟﻐﺎﺑﻲ ﻟﻪ ﱠ ﻧﺠﻤ ٍﺔ ﻓﻲ ْﺣﺪود ﻟﻐْﻴﺎﺑﻲ ﺣﺮف دال وﻻم ﺑ ْﺤﺴﺎﺑﻲ واﻟﻒ ﺻﻠّﻮا ﻋﺪ ﻣﺎ ﺟﺎﺑﻲ ع اﻟﻨﺒﻲ وآﻟﻪ واﻻﺻﺤﺎﺑﻲ
ﻣﻦ دﻫﺎﻳﺎ اﻟﺤﺐ و ْﻣﻜﻮره واﻧﺰﻋﺞ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻦ ﺷْ ﻌﻮره واﺣﺘﺴﻴﺖ اﻟﻮﻳﻞ واﻟﺒﻮره أﺷﺮﺑﻪ واﻃﻌﻢ ﻟﻪ ْﻣﺮوره ﻓﻮق ﺧﺪّ ي ﺗﺬرف ْﻋﺒﻮره ﻻﻋﺐ ﺑﻲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﻜﻮره ٍ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻟﻮن اﻟﻘﻤﺮ ﻧﻮره ﻣﺜﻞ ﻓﻮع اﻟﻮرد وزْﻫﻮره واﻟﺼﺪر ﺗﺎﺿﻲ ﺑﻪ ﻧْﺤﻮره ﻣﻌﺘﺰل ردﻓﻪ ﻋﻦ ﺧْﺼﻮره ﺗﻨﻔﺢ ردوﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻄﻮره وﻫﻮه ﺳ ّﻨﻮﺗﻲ ﻋﻦ اﻟﺪوره ﻣﺸﺘﻘﻲ وآ ْد ّوره دوره ﺳﺎﻛﻦ ﻋ ّﻨﻲ ا ْﻟ َﻤ ْﻌﻤﻮره ٍ ﻟ ّﻮل ﻳْﺠﻴﻨﻲ واﻧﺎ ازوره وﺻﻠﺘﻪ ﻋﺴﺮه وﻣﺨﻄﻮره وﻳﻦ ﻣﻨﻜﻢ ﻟﻲ ﻟﻪ ْﻗﺪوره ﻟﻠﻮﻟﻴﻊ وﻳﻔﺘﺢ اﻟﺴﻮره وﺳﻄﻮره ﻳﻔﻬﻢ اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ْ ﻟﻲ ﻳﻌﺮف اﻟﺤﺐ دﺳﺘﻮره ﻳﺠﻠﺐ اﻟﺴ ﱠﺤﺎب و ْﻣﻄﻮره ﻛﺎد ﻳﺴﻌﺪﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺷﻮره وارﻧﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﺮ ﻣﺨﺒﻮره ٍ ﻗﻂ ﻣﺎ ﻣﺜﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺟﻮره ﺑﻠﺒﻞٍ ﻳﻬﺘﻒ ﻋﻠﻰ ْوﻛﻮره ﻧﺤﺞ اﻟﺒﻴﺖ وﻧْﺰوره ﻟﻲ ّ
ﻗﺼﻴﺪة ﻳﺸﺎﻛﻲ ﺑﻬﺎ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻃﻨﺎف رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ.
وﻫﺬه ﺻﻮرة ﻣﻦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺑﺨﻂ ﻳﺪه ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ:
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
ﻧﺎل ﻗﻠﺒﻲ ﺑﺎﻟﺴﻌﺪ ﺣﻈﻪ
ﻧﺎل ﻗﻠﺒﻲ ﺑﺎﻟﺴﻌﺪ ﺣﻈﻪ ﻳﻮم ﻳﺘﻨﻲ ﻣﻨﻚ ﺗﺒﻴﻴﻨﻪ ﻗﻤﺖ أري اﻟﺠﺒﻞ وآﺧ ّﻄﻪ ﺣﻴﻦ ﺷ ّﻮﻗﻨﻲ ﺑﺘﻠﺤﻴﻨﻪ ﺷﻔﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻫﻮب ﻣﻜﺘﻈﻪ ﻗﻤﺖ اﻓ ّﺮد ﻓﻲ ﻣﻴﺎزﻳﻨﻪ ٍ ﺣﺎﻟﻒ ﻳﺎﻟﻘﻠﻢ ﻻ ر ّﻇﻪ ﻛﺎن ﻣﺎ ﺻﺒﺖ اﻟﻬﺪف ﻋﻴﻨﻪ ﺑﻮﺳﻨﻴﺪه ﻓﺎﻫﻢ اﻟﻘ ّﻈﻪ ﻓﺪر ﻓﻠﻔﻚ ﺧﻮك ﻣﺎذﻳﻨﻪ واﻟﺬي ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮك ﻣ ّﻈﻪ واﻗﻄﻊ اﻟﺒﺎﺑﻮ ﻋﻦ اﻟﺘﻴﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺑﻀﺮوﺳﻚ ﺗ ْﻌ ّﻈﻪ واﻧﺖ ﻋﺎرف زﻳﻨﻪ وﺷﻴﻨﻪ ﻛﻮد ﺣﻈﻚ ﻟﻲ ﺳﺒﻖ ﺣ ّﻈﻪ واﻧﺨﻠﻊ ﻳﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻳْﻌﻴﻨﻪ اﺗﺮﻛﻪ »راﺷﺪ« وﺗﻜﻈﻪ ﻟﻮ ﺳﻔﻬﻚ وراﺑﻊ اﺛﻨﻴﻨﻪ ذا ﺻﻔﺮ ﺑﺪّ ل ﻋﻨﻪ ﻓ ّﻈﻪ اﻧﻘﻠﻪ واﺿﻤﻦ ﻃﻠﺐ دﻳﻨﻪ ﺑﻮ ﻧﻬﻮد ْﻣﺰﺑّﺮه ﻏ ّﻈﻪ ﻳﺬﺑﺢ اﻟﻠّﻲ ﺑ ّﺮق ﺑْﻌﻴﻨﻪ ﻻ ﺗﻘﻮم ﺗْﺮوﻏﻪ ﺗْﻠ ّﻈﻪ ﻣﻮل ﻻ ﺗﺴﺄل ﻋﻨﻪ وﻳﻨﻪ رﻳّﺢ ْﻓﻮادك ﻋﻦ اﻟﺸ ّﻄﻪ اﺗﺒﻌﻪ واﺗﺒﻊ ﻧﻈﻢ دﻳﻨﻪ وان ﺳﻘﺎك ﻣﻦ اﻟﻌﺴﻞ ﻣ ّﻈﻪ ﺗﺸﺘﻔﻲ ﻟﻮ ﺑﻚ ﺗﻮ ّﻫﻴﻨﻪ ﻳﺎك ﺧﻄﻲ راﺷﺪ وﻗ ّﻈﻪ واﻟﻔﺴﺮ واﺣﺪ ﻋﻠﻰ اﺛﻨﻴﻨﻪ 47
وﻋﻲ ﺑﺤﺮ اﻟﻤﻮدة ﺧ ّﺒﺐ ْ
وﻫﺬه ﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪه اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻗﺪ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎم ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ.
وﻋﻲ ﺑﺤﺮ اﻟﻤﻮدة ﺧ ّﺒﺐ ْ ﻟ ّﻮل ﻣﺨﻮﻫﺮ راﻛﺪ ﺷﻮ ْي ﺳﻲ وآﻣﺤﻤﻠﻲ ﺳﺎﻓﺮ ﻃﺒﻊ ْ ﺷﻲ وآراس ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﻣﻌﻲ ْ واﺑْﺮﺣﺖ ﺧﺎﻟﻲ واﺻﻔﺞ إﻳﺪ ْي ﻋﻘﻠﻲ ﻃﻔﺮ ﻣﻦ ﺻﺎﺑﻪ اﻟﺮ ْي ﺻﺒﻲ اﻟﻨﺎس ﻗﺎﻟﻮا وش ﺑﻚ ْ ﻗﻠﺖ اﺳﻜﺘﻮا ﻋﻨﻲ ﻳﺎ ﻟﺨﺪ ْي ْﻌﻲ ﻗﺎﻟﻮا ْرﻛﺎﺑﻚ ﻋ ّﻨﻪ ﺗ ْ اﻟﻐﻲ ﺣﻮري وﻻ ﻫ ّﺰﻩ ﻫﻮى ْ ْﻬﻲ إش ﻟﻚ ﺗﻨﻮح أوﻟﻰ ﻟﻚ اﻧ ْ ﻗﻠﺖ ارﺣﻤﻮا ﺟﺮﺣﻲ ﻃﺮي ﻧْﻲ ﺸﻲ ﺑﻲ ﻣﻦ ﺧﻄﻒ وارﻣﺎﻧﻲ ﺑْ ْ وﻫﻲ ﺗﺎه اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺣﺒﻪ ْ ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻒ ﻣﺎ ر ّﺟﻌﺘﻪ ﺷﻮ ْي ﻃﻲ ﺣﺒﻪ ﻃﻮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻬﻮى ْ ﻟﻲ ﺣﺒﻪ ﻟﻮاﻧﻲ واﻟﺘﻮى ْ ﻧﺎدوا وﻟﻜﻦ ﻋﻨﻬﻢ أﺻﻠﻲ ﺷﻲ ﻣﺎ ﺑﻲ ﺳﻜﺮ وﻟﻜﻦ ﺑﻲ ْ وﺑﻲ ﻣﻨﻲ ﺧﺬه ﻣﻦ ﺑ ّﺮق ْ ﺳﺮت أﻣﺴﻜﻪ ﺑﻴﺪي ﻧﻄﻖ و ْي ﻟﻲ ﺑﻮ ﻣﻀﻤ ٍﺮ ﻗﺪ اﻟﻔﺘﺮ ْ اﻟﻔﻲ ﻃﺎف ﺑْﻄﺮﻳﻘﻪ ﺗﺎﺑﻊ ْ ﺣﻲ ﻟﻮ ﻳﻨﻈﺮه ﻣ ّﻴﺖ ﺻﺤﻲ ْ ﻛﻲ وآﺣﺴﺮﺗﻲ ﻣﺎ ﻓﺎدﻧﻲ ْ اﻟﺼﻲ ﻛﺴﺮ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﺎده ْ آﻧﻮح ﻳﻮم اﻟﻨﺎس ﻫ ّﻄ ْﻲ دﺑﻲ ﻣﺎ ﺑﻲ وﻟﻪ داري وﻻ ْ ﻋﻨﺪي زﻣﻮل اﻟﺤﺐ ﻣ ّﻄ ْﻲ ﻳﺒﻘﻦ ﺛﻼث وﻋﺸﺮ ﻳ ّﺰ ْي ﻟﻜﻦ أﻧﺎ ﻟﻲ ﺻ ّﻮب ا ْﺣﺸَ ْﻲ 46
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس
ﺑﺄﻣﻮاج وﻳﺰاﻏﻴﻪ ﻃﻮﻓﺎن واﻟﻴﻮم ﺷ ّﻮش ﺑﺤﺮي وﺷﺎن ﻻث اﻧﻜﺴﺮ ﻓﻲ راس ﻟﻔّﺎن ﻻ وآﺟﻨﺴﻲ ﻏﺎﻟﻲ أﺛﻤﺎن ﺟﺜ ًﺔ ﻣﻀ ّﻴﻊ دون ﺑﺮﻫﺎن ﺷﺎﻣﻞ ﺿﻤﻴﺮي ﻋﻮق ﻫﻔّﺎن ﺻﺎﺑﻚ ﻣﺮض وﻻ ﺑﻚ ﺟﻨﺎن ﺗﺮﻛﻮا ﺳﺒﻴﻠﻲ ﻛﻴﻒ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺪ اﻟﻤﻬﺎ ﻣﻔﺮوق ﻟﺴﻨﺎن ﻋﺬب اﻟﺜﻨﺎﻳﺎ ﻋﻮده ﻟﺒﺎن ﻣﺎ دام ﻫﺬا اﻟﻤﻴﻞ ﺳ ّﻨﺎن وﺗْﻼﺣﻘﻮﻧﻲ ﺳ ّﻮوا إﺣﺴﺎن ﺻ ّﻮب ﺣﺸﺎﻳﻪ واﻷﺟﻞ ﺣﺎن ﻫﺎم ﺑﻬﻮاه وﺑﺮح ﺑﺄﺣﺰان ﻓﻲ ﻫﻴﺖ واﻣﺸﻲ ﻛﻠﻪ ْﺳﺘﺎن ﻃﻲ اﻟﻤﻜﻴﻨﻪ ﺑﺠﻠﺐ ﺑﺮوان ْ ﻟ ّﻴﺔ ﺷﺮﻳﻂ ﺑﻘﺒﻀﻪ ْﺳﺒﺎن ﻛ ّﻨﻲ ﺑﻜﺎس اﻟﺨﻤﺮ ﺳﻜﺮان ﺑﻲ ﻗﻠﺐ ﻣﻨﻲ ُوﺧﺬ ﻣ ّﺠﺎن ﺻﻮﺑﻲ وﺧ ّﺰﻧ َﻴﻪ ﺑﺎﻷﻋﻴﺎن ﺟﺖ ﻗﺒﻀﺘﻲ ﻓﻲ ﺟﻮز ر ّﻣﺎن واﻟﺼﺪر ﻟﻠﺨ ّﻴﺎل ﻣﻴﺪان ﻳﻬﺬر ﺣﻤﺎﻣﺔ وادي اﻟﺒﺎن ﻓ ّﺰ وﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﺮه ﺣﺼﺎن اﻋﻴﺎ ﻋﻼﺟﻲ دﺧﺘﺮ أﻟﻤﺎن ﺗﻌﻄﻴﻞ ﺑﺎﻃﻦ ﻛﺴﺮ ﻣﺎ ﺑﺎن وآﺑﺎت ﻣﺴﺘﺎرج وﺳﻬﺮان ﺣﺎﺷﺎ وﻻ ﺑﻲ ﻓﻘﺪ اﻷوﻃﺎن وﺳﻤﺎن ﻟﻲ ﻳﻘﻄﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﻄﺮق ْ وﻟ ْﻬﻦ ﻋﺠﺎج اﻟﺮﻣﻞ دﺧّﺎن ْﺣﺬاي ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎم ﺳﻜّﺎن
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
ﻛﻢ ﺷﻜﻴﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻣﻦ أﺷﻬﺮ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﻪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ.
ﻛﻢ ﺷﻜﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮ وﻓﺮاق ﺧﻠّﻲ و ْﻣﺮﺿﻲ ﻳﺰداد ﻋﻠّﻪ ﻓﻮق ﻋﻠّﻪ اﺑﻌﺪوا ﺑﻪ واﺗﺮﻛﻮﻧﻲ وﻳﻦ أوﻟّﻲ ﺣﺎﻟﺘﻲ ﻳﺎ ﻧﺎس ﻋﻘﺒﻪ ﻓﻲ ﻣﻤﻠّﻪ أﺳﺄل ﻧﻴﻮم اﻟﺪﻳﺎﺟﻲ وﻳﻦ ﺧﻠّﻲ ﺳﺎري ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠّﻪ واﻟﻘﻤﺮ ﻟﻲ ٍ ﻟﻮ درى ﺑﻲ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺑ ّﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺳﺒﺐ ﻓﺮﻗﺎه ﻣﺎ ﻏﺎدر ﻣﺤﻠّﻪ واﻟﺤﺸﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪﻧﻲ ﻛﺜﺮ اﻟﺘﺴﻠّﻲ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﺰﻳﺪ ﺷﻮﻗﻲ واﻟﺘﻮﻟّﻪ ﺛﺮ وداده ﺑﺎﻃﻦ أﺣﺸﺎﻳﻪ ﻧﺰل ﻟﻲ ّ ﻣﻂ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﺎ رﺣﻤﻨﻲ ﻳﻮم ﺷﻠّﻪ ﺑﻐﻔﺮ ّ اﻟﺰﻻت ﻟﻮ ﻫﻮ ﺑﺎﻳﺰﻟّﻲ ﻟﻮ ﺑﺪت ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺳﺘﻴﻦ زﻟّﻪ ﻧﺎﺑﻲ اﻟﺮدﻓﻴﻦ ﺷﻮﻓﻪ ﻣﺎ ﻳﻤﻠّﻲ واﻟﻴﺪاﻳﻞ ﻓﻮﻗﻬﻦ ﻳﺎ ﻧﺎس ﻓﻠّﻪ ﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﻏﺘﻠّﻲ واﻟﻤﻌ ّﻨﻖ ﻋﻨﻖ ٍ أو ﻛﻤﺎ ﻋﻨﻖ اﻟﻤﻬﺎة اﻟﻤﺴﺘﻔﻠّﻪ واﻟﺤﻮاﺟﺐ ﺷﺒﻪ داﻻت اﻟﺴﺠﻠّﻲ وأﻫﺪاب ﻣﻈﻠّﻪ واﻟﻌﻴﺎن أوﺣﺎش ٍ ﺧﺎدم ْﻣﻄﻴﻊ ﻷﻣﺮه ﻣﺴﺘﺬﻟّﻲ واﻟﻬﻮى ﺟﺒﺎر ﻟﻮ ﻗﺎﻟﻮا ﻣﺬﻟّﻪ ﻳﺎ ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺴﻌﺪ ﺑﺎﻟﻔﺮﺣﺎت ﻫﻠّﻲ وإﺟﻤﻌﻲ ﺷﻤﻞ اﻟﻐﺮﻳﻢ ﺑْﺸﻮف ﺧﻠّﻪ واﻟﻤﻌﺎذ اﻟﻠﻪ ﻳﺎ رﺑﻲ ﻟﻌﻠّﻲ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ْدﻋﺎي ﺗﻐﻔﺮ ﻛﻞ زﻟّﻪ
آﻧﻮح ﻟﻲ ﻫ ّﺒﺖ ﺗﺒﺎرﻳﺢ وﻫﺬه ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﺒﻴﺎً ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ.
آﻧﻮح ﻟﻲ ﻫ ّﺒﺖ ﺗﺒﺎرﻳﺢ واذﻛﺮ زﻣﺎﻧﻲ ﻟﻲ ﻣﻀﻰ وراح ﻗﻠﺒﻲ ﻳﺮﻳﺢ وﻗﻠﺒﻚ ْﻣﺮﻳﺢ وﺻﺎﺑﺮﻋﻠﻰاﻟﻠﻴﻌﺎتﻳﺎﺻﺎح ﻟﻮ ﻳﻔﻴﺪﻧﻲ ﺑ ْﺰ َﻋﻖ وﺑﺎﺻﻴﺢ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺎﻳﺖ أرﺑﺎح ﺑﺎﺧﺬ ﺧﺮوج ورﻗﻢ ﺗﺼﺤﻴﺢ وﺑﺎروح وﻳﻦ اﻟﻘﻠﺐ ﻳﺮﺗﺎح ﻣﺮﻛﺐ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﻌﻪ رﻳﺢ ﻓﻲ ٍ وﻻ اﻧْﻌﺸﻲ وﻃﻬﻮف و ْرﻳﺎح داره ﻳﺼ ّﺒﺢ ﺑﻲ ﺗﺼ ّﺒﻴﺢ »دﺑﻲ« دار اﻷﻧﺲ واﻟﺮاح
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
45
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎره ﻧﺴﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻻﻳﺐ ٍ إذا ﻫﺐ
ﻗﺼﻴﺪة رﺛﺎء ﻓﻲ ﻓﻘﻴﺪ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻃ ّﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه.
ﻧﺴﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻻﻳﺐ ٍ إذا ﻫﺐ وأﺑﺎت ﺳﻬﺮانٍ إذا ﺣﻨﺪس اﻟﺪﺟﻰ وﺣ ّﺮات ﺟﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﺿﻤﻴﺮي ﺗﻮاﻗﺪت ﻣﻦ ﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺑﻲ ﺣﺎرب اﻟﻨﻮم ﻧﺎﻇﺮي وآزﻋﻴﻢ ﻟﻲ ﺑﻪ اﻟﻨﺎس ﺗﻘﺘﺪي أﻻ ٍ ﻓﻴﺎ ﻣﺆﺳﺲ اﻟﺪوﻟﺔ وﻳﺎ ﺣﺎﻣﻲ اﻟﺤﻤﺎ ﻋ ّﻤﺮت دا ٍر واﺳﺘﻨﺎرت وﻧ ّﻮرت وﺻﺎرت ﻟﻨﺎ دوﻟﺔ ﺑﻌ ٍﺰ وﻫﻴﺒﺔ أﻟﻬﻤﻚ رب اﻟﻌﺮش ﺑﺎﻟﺤﻠﻢ واﻟﺘﻘﻰ ﻣﺎﺗﻨﺤﺼﻰﺣﺴﻨﺎكوﻫﻞﻛﻴﻒﺗﻨﺤﺼﻰ وﻣﺪّ ﻳﺖ ﺟﺴﺮ اﻟﺨﻴﺮ ﺑﺎﻟﺒﺬل واﻟﻌﻄﺎ وﺑﺸﺮاك ﻳﺎ زاﻳﺪ ﻟﻚ اﻟﻔﻮز واﻟﺮﺿﺎ ﻗﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﺤﺰن ﻣﺎ ﺳﻠﺖ ﻓﻴﺎ ﺣﺴﺮة ٍ رب ﺗﻠﻬﻤﻨﺎ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻘﺐ »زاﻳﺪ« ﻓﻴﺎ ّ ﻓﻼ اﻟﻌﻴﺪ ﻋﻴﺪﻧﺎ وﻻ اﻟﺤﺰن وﻧﻘﻀﻰ أﻻ ﻳﺎ »ﺧﻠﻴﻔﻪ« ﻳﺎ ﺧﻠﻔﻨﺎ ﺑﻚ اﻟﺮﺟﺎ أﺑﻲ ﻟﻲ ﺑﻚ اﻟﻨﺎس ﺗﻠﺘﺠﻲ ﺷﻴ ٍﺦ ﱟ واﺧﻮاﻧﻚ ﺻﻘﻮ ٍر ﺻﻨﺎدﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻮﻏﻰ وﻣﻨﻬﻢ وﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ وأﻋﻨﻲ »ﻣﺤﻤﺪ« وﻣﻨﻲ ﺻﻼة اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺳ ّﻴﺪ اﻟﻮراء
44
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس
ﻧﺴﻴﻢ ﻳﺬﻛّﺮﻧﻲ ﺑﻔﻘﺪ اﻟﺤﺒﺎﻳﺐ ٍ ٍ ﻫﺎﻃﻼت ﺳﻜﺎﻳﺐ ودﻣﻮع ﻋﻴﻨﻲ وﻧﻴﺮان وﺟﺪي ﺗﻠﺘﻈﻲ ﺑﺎﻟﻠﻬﺎﻳﺐ أﻻ واﻷﺳﻰ وآﺣﺴﺮﺗﻲ واﻟﻤﺼﺎﻳﺐ وﻣﻦ ﻻذ ﺑﻪ ﻣﺎ رد ﺑﺎﻟﻴﺄس ﺧﺎﻳﺐ وﻳﺎ ﻣﻦ ﻟﺤﺎﻻت اﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﺛﺎﻳﺐ ٍ ﻣﻮﺣﺸﺎت ﺧﺮاﻳﺐ ﻣﻦ ﻋﻘﺐ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﺴﺒﻊ اﻟﻌﺠﺎﻳﺐ ﻣﻦ ﺣﻜﻤ ٍﺔ ﻣﺎ ﻛﺪّ رﺗﻬﺎ ﺷﻮاﻳﺐ وﻓ ّﺮﺟﺖ ﺑﺄﺣﺴﺎﻧﻚ ﻫﻤﻮم وﻛﺮاﻳﺐ ﺷﻌﻮب ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ وﻗﺮاﻳﺐ وﻋ ّﻤﺖ ٍ ﺟ ّﻨﺎت ﻋﺪنٍ واﺳﻌﺎت اﻟﺮﺣﺎﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺪ ﻣﻦ ﻫﺎﻟ ْﻮا ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﺮاﻳﺐ ٍ ﺑﺎﻛﻴﺎت ﻧﺤﺎﻳﺐ ﻗﻠﻮب وﺗﺠﺒﺮ ٍ وﻻ اﻟﻨﻮح ﻳﺴﻌﻔﻨﺎ وﻻ ﻳﺮ ّد ﻏﺎﻳﺐ ﻣﻼذﻧﺎ إذا دارت ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻨﻮاﻳﺐ ﻳﺎ ﻧﺠﻞ »زاﻳﺪ« واﻟﻘﺮوم اﻷﻃﺎﻳﺐ ٍ رﺟﺎل وﺷﺠﻌﺎنٍ ﺗﺮد اﻟﺴﻼﻳﺐ ﻛﺮﻳﻢ واﻟﻤﺜﻞ ﻓﻴﻪ ﺻﺎﻳﺐ ﻧﺠﻴﺐ ٍ ٍ أﺣﻤﺪ ﺷﻔﻴﻌﻲ ﻳﻮم ﺗﻄﻮى اﻟﻜﺘﺎﻳﺐ
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
Û$ Ð p( ' / ±#
ÙÎÙ 3 # ÛÂ / # ' Ï 'pÎ ( # Ð
' Øp° # p( p ( & 1958 Î Ï
رﺣﻴﻞ اﻟﻜﻮس
ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ. وﻗﺪ ﻏﻨﻰ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ أﻣﺜﺎل ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﻪ وﻣﻴﺤﺪ ﺣﻤﺪ وﻏﻴﺮﻫﻢ. ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻜﻮس ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﺢ؛ ﻓﻤﺪح اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ -رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ- ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎل اﻟﻤﺪﻳﺢ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻋﻀﻮ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻫﻨﺎك اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮة. أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﺎوى ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎدم ﻣﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ،ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺪﻫﻤﺎﻧﻲ واﻟﺴﻤﺎﺣﻲ وﻃﻨﺎف وﻋﺠﻴﻞ وﻳﺎﻗﻮت ﺑﻦ ﺳﻴﻒ واﻟﻬﺎﻣﻠﻲ واﻟﺠﻤﺮي وﻋﻠﻰ ﺑﻦ رﺣﻤﻪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ ورﺑ ّﻴﻊ ﺑﻦ ﻳﺎﻗﻮت وﻏﻴﺮﻫﻢ.
ﻓﻲ أواﺧﺮ أﻳﺎﻣﻪ ،اﺳﺘﻘﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ اﻟﻜﺎﺋﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »ﻣﻮاﻓﺠﺔ« ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ .وﻗﺪ ﻣﺮض ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات ودب اﻟﻤﺮض اﻷﺧﻴﺮة وأﺻﺒﺢ ﻗﻌﻴﺪا ً ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎﺋﻪ وﻋﺎﺋﻠﺘﻪّ . ﻓﻲ ﺟﺴﺪه اﻟﺬي أﺗﻌﺒﺘﻪ اﻟﺴﻨﻮن اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً واﻧﻘﻄﻊ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ رﻓﺎق درﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء إﻣﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮﺗﻬﻢ أو ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺒﺮ ﺳﻨﻬﻢ ،وﻛﺎن آﺧﺮﻫﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ »رﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﻳﺎﻗﻮت«، اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﺮ ّدد ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﻦ واﻵﺧﺮ وﻳﻌ ّﺪ ﻣﻦ أﺧﻠﺺ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ وأﻗﺮﺑﻬﻢ إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻪ وأﻛﺜﺮﻫﻢ ﺗﺴﺎﺟﻼً ﻣﻌﻪ .وﻗﺪ ﻧﻈﻢ ﻗﺼﻴﺪة ﺣﺰﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻮﺣﺪة واﻟﻌﺰﻟﺔ ﻧﺸﺮت ﻓﻲ اﻟﺠﺮاﺋﺪ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻳﺸﻜﻮ ﻓﻴﻬﺎ وﺣﺪﺗﻪ وﻋﺰﻟﺘﻪ. وﻓﻲ ﺻﺒﺎح ﻳﻮم 2013/5/28اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس إﻟﻰ رﺣﻤﺔ رﺑﻪ ،ﻣﺨﻠﻔﺎً إرﺛﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،وﺗﺎرﻛﺎً ﺧﻠﻔﻪ اﺳﻤﻪ اﻟﺬي ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻣﻌﻨﺎ ﻃﻮﻳﻼً ﻧﺘﺬﻛﺮه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻗﺼﺎﺋﺪه اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﺗﻐﻨﻰ أو ﻧﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻘﺮاءﺗﻬﺎ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
43
ﺗﻜﺮﻳﻤﺎت اﻟﻜﻮس
ﻛُ ّﺮم
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺳﻨﺔ 1982م ،وﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺘﻤﻴﺰﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺠﻤﺮي واﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺘﻮم واﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻃﻨﺎف وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺘﻤﻴﺰﻳﻦ. ﻛﻤﺎ ﻛُ ّﺮم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺳﻨﺔ 1984م. وﻋﺎم 1997م ﻛﺮﻣﺘﻪ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺣﺪ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ اﻷواﺋﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس اﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﻛُ ّﺮم ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺟﺎﺋﺰة ﻳﻮم اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺈﻣﺎرة ﻋﺠﻤﺎن ﺑﺘﺎرﻳﺦ 1997/11/19ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺣﺪ اﻟﻤﺪرﺳﻴﻦ اﻷواﺋﻞ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻻﺗﺤﺎد، وذﻟﻚ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ. وﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﺑﺜﻼث ﺳﻨﻮات ،ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻋﺎم 2013م ،ﺗﻢ ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻋﻀﻮ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ وأﻗﻴﻤﺖ ﻧﺪوة ﺑﺤﺜﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﺟﻤﻊ ﻏﻔﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ.
42
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس
ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻟﻘﺮن ﻧﻔﺴﻪ .وﻻ أﺣﺪ ﻳﻨﻜﺮ إﺳﻬﺎﻣﺎت اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس ﻓﻲ إدﺧﺎل اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﻫﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ، ﻟﺬا ﻓﺈﻧﻨﻲ اﻋﺘﺒﺮه أﺣﺪ اﻟﻤﺠﺪ ّدﻳﻦ اﻟﻤﻬ ّﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،وأﺣﺪ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺒﺎرزﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻟﻬﻢ دو ٌر ﻛﺒﻴ ٌﺮ ﻓﻲ إﺛﺮاء ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﻔﺮدات اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وإدﺧﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮاﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻴﺎرات واﻟﺘﻠﻔﻮﻧﺎت واﻵﻻت وﺑﻌﺾ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ. ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻜﻮس دو ٌر ﻛﺒﻴ ٌﺮ ﻓﻲ إﺛﺮاء ﻣﺠﻠﺲ ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن دﺑﻲ وﻛﺎن ﻟﻮﺟﻮده ﻓﻴﻪ دور ﻛﺒﻴﺮ أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺟﻌﻞ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻠﺘﻘﻰ وﻣﺠﺘﻤﻌﺎً ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ اﻟﺒﺎدﻳﺔ واﻟﺴﺎﺣﻞ ﻟﻴﺸﺎرﻛﻮا ﻓﻴﻪ. أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس ﺷﻌﺮ اﻟﻤﻘﺎﻻت ،وﺷﻌﺮ اﻟﺮدح واﻟﻮﻧّﻪ .وﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺷﻌﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺰل اﻟﺬي أﺑﺪع ﻓﻴﻪ ،ﺑﻞ ﺗﻌ ّﺪاه إﻟﻰ ﺷﻌﺮ اﻟﻤﺪح واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎت. ﻓﺒﺮﻏﻢ ﺗﻔ ّﻮﻗﻪ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﻐﺰل ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ ،إﻻ أن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎت أﻳﻀﺎً ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﻐﺰل ﻓﻲ ﻗﻮﺗﻬﺎ وﺟﻤﺎﻟﻬﺎ؛ ﻓﻠﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻏﻼء اﻟﻤﻬﻮر وأﺳﺒﻮع اﻟﻤﺮور واﻟﻐﻮص ،وﻓﻲ ﺷﻬﺮ اﻟﺼﻴﺎم واﻟﻌﺒﺎدة. إﻻ أن اﻟﻐﺰل ﻫﻮ ﻣﻴﺪان اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس وﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ أﺟﻤﻞ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ. وأﻛﺎد أﻗﺎرﻧﻪ ﺑﺎﻟﺠﻤﺮي إن ﻟﻢ ﻳﺘﻔ ّﻮق ﻋﻠﻴﻪ ،ﺣﺘﻰ إن اﻟﺠﻤﺮي ﻗﺎل ﻟﻲ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻪ أﺟﺮﻳﺘﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم 1986م أﻧﻪ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻜﻮس أﻗﻮى ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
ﻛﺒﺎر أﻳﻀﺎً ﻳﺘﻘ ّﺪﻣﻬﻢ راﺷﺪ اﻟﺨﻀﺮ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ اﻟﺬي رﺑﻄﺘﻪ ﺑﻪ ﺻﺪاﻗ ًﺔ ﺣﻤﻴﻤﺔ ﺛﻢ ﺑﻦ ﺟﺒﺮان واﻟﻈﻔﺮي ورﺑ ّﻴﻊ ﺑﻦ ﻳﺎﻗﻮت وﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻟﻴﻨﺘﻘﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﻴﺠﺪ ﻧﻔﺲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ ،ﻓﺘﻌ ّﺮف ﻋﻠﻰ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻃ ّﻨﺎف اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻳﻨﺎدﻣﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻛﺜﻴﺮة ،وﻳﺎﻗﻮت ﺑﻦ ﺳﻴﻒ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻰ »ﻳﺎﻗﻮت اﻟﻤﺰارﻳﻊ« ،واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺠﻴﻞ وﻋﻠﻲ ﺑﻦ رﺣﻤﻪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ، ¢ .} ÛÂ / # Û$ Ð p( ' / ±# ( # Ð' ÎÙ æ ﺣﺴﻪ وﻛﺎن ﻟﻜﻞ ﻫﺬا دو ٌر ﻛﺒﻴ ٌﺮ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ّ اﻟﺸﻌﺮي وﺷﺎﻋﺮﻳﺘﻪ اﻟﻔﺬّة. وﻣﻦ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻧﻄﻠﻖ اﻟﻜﻮس إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻜﺘﺐ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻪ اﻟﺘﻘﻰ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ إﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء اﻟﻨﺒﻂ اﻟﻜﺒﺎر ﻣﻦ اﻟﺒﺎدﻳﺔ واﻟﻤﺪن ﻣﺜﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﻳُ َﻌ ُﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس واﺣ ٌﺪ ﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﺷﻌﺮاء اﻟﺪﻫﻤﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻴﻌﻲ وﺳﺎﻟﻢ اﻟﻜﻨﺪي ﻣﻦ اﻟﻔﺠﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ اﻟﺘﻘﻰ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات وﻫﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﺑﺸﻌﺮاء ﻣﻦ اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻷول ﻣﻦ دﺑﻲ وأﺑﻮﻇﺒﻲ أﻣﺜﺎل اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﺣﺘﻰ ﺳﻨﻮات اﻻﺗﺤﺎد
واﻟﺠﻤﺮي وﺑﻦ ﺳﻮﻗﺎت وﺑﻦ ﺻﻨﻘﻮر وﺑﻦ درﻳﺲ وﺑﻦ زﻧﻴﺪ وﺑﻦ ﺑﻨﺪوق واﻟﻜﺎس وﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻫﻼل اﻟﻈﺎﻫﺮي وﺷﻌﺮاء ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﻛﻌﺐ وﻏﻴﺮﻫﻢ .وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﻬﺆﻻء ﻗﺪ ﺗﺠﻠّﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺠﻠﺲ ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺬي اﻓﺘﺘﺢ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ودﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم ،1974وﻛﺎن ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ دور ﻛﺒﻴﺮ وﺣﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات وﺗﻄﻮره وﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﻮاﻫﺐ أﻋﻀﺎﺋﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻜﻮس.
اﻟﻜﻮس ﻫﻮ أﺣﺪ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺠﺪدﻳﻦ ،ﻛﺎن ﻟﻪ دور ٌ ﻛﺒﻴﺮٌ ﻓﻲ إﺛﺮاء اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﺑﺎﻟﻤﻔﺮدات واﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت واﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة وﻗﺘﺬاك، ﻛﻤﺎ أدﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮاﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
41
ورﺛﺔ ﻳﻌﻘﻮب اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ اﻟﻌﻮدة واﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ
اﻟﻔﺘﺮة
اﻟﺘﻲ ﻋﺎش ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﻮس ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺮات اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﻓﻘﺪ ﻋﺎش أوﻟﻰ ﻓﺘﺮات ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﺸﻌﺮاء وأدﺑﺎء ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ أﺷﻬﺮﻫﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺘﻮم واﻟﺸ ّﻤﺎم وﻫﺪوب وﻣ ّﻨﻮه اﻟﺸﺎﻋﺮ ،وﻫﻢ ورﺛﺔ ﺷﺎﻋﺮ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﻌﻘﻮب اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ اﻟﺬي ﻳﺬﻛﺮ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﻜﻮس ﻓﻲ إﺣﺪى ﻟﻘﺎءاﺗﻪ أﻧﻪ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮا ً. وﻳﻌ ّﺪ اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﺿﻤﻦ أﺷﻬﺮ ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات ،وﺗﺄﺛﺮ اﻟﻜﻮس ﺑﻬﺆﻻء اﻟﺸﻌﺮاء أﺷﺪ اﻷﺛﺮ وﺻﺎر ﻳﺘﻨﺎدم ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪ ،ﺑﻞ أﺧﺬ أﺳﻠﻮب اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺠﻪ ﻟﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮ. وﻳﻌﺮف ﻋﻦ أﺳﻠﻮب اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻗﻮاﻓﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﻗﻮاﻓﻲ اﻟﻈﺎء ،واﻟﻀﺎد ،واﻟﺬال واﻟﺸﻴﻦ واﻟﺴﻴﻦ واﻟﺨﺎء، وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﺳﻠﻮب ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻧﻬﺠﻪ اﻟﻜﻮس ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪه. وﺑﻌﺪ ذﻫﺎﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﺪﻣﺎم ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﻛﺎن ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ وﻟﻮﻋﺔ اﻟﻔﺮاق أﺛﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس ﻓﺄﺑﺪع ﻫﻨﺎك أﺟﻤﻞ ﻗﺼﺎﺋﺪه وﺗﻌ ّﺮف ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺮاء ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات أﺷﻬﺮﻫﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﻤﺮي. وﻗﺪ ﻗﺎل ﻫﻨﺎك ﻗﺼﻴﺪ ٍة ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻣﺎزال اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻳﺤﻔﻈﻬﺎ وﻳﺮ ّددﻫﺎ وﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ: وﻋﻲ ﺑﺤــﺮ اﻟﻤﻮدّﻩ ﺧ ّﺒﺐ ّ ﺑﺄﻣـــﻮاج وﻳـﺰاﻏﻴﻪ ﻃﻮﻓــﺎن ﻟ ّﻮل ﻣﺨﻮﻫﺮ راﻛﺪ ﺷﻮ ّي واﻟﻴﻮم ﺷ ّﻮش ﺑﺤﺮي وﺷﺎن
ﺑﻌﺪ ﻣﻜﻮﺛﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎم ﺳﻨﻮات، ﻋﺎد إﻟﻰ أﻫﻠﻪ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ، واﻧﻀﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺷﺒﻪ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺎم 1956م ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪ ّرس ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺤﺴﺎب واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﻧﻀﻢ ﻫﻨﺎك ﻣﻊ ﺷﻴﻮخ اﻟﻌﻠﻢ أﻣﺜﺎل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺘﻴﻖ ،وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻘﻴﻮاﻧﻲ ،رﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ وﺑﺪأوا ﻳﻌﻠّﻤﻮن اﻷﻃﻔﺎل ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ ﻗﺮآن وﺣﺴﺎب وﻟﻐﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وأﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﺳﻢ »ﻣﺪرﺳﺔ اﻷﻣﻴﺮ« ،ﺛﻢ ﻣﺎ ﻟﺒﺜﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ أن أﻧﺸﺄت ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪة وﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪﻳﻼً ﻋﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺷﺒﻪ اﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ واﻧﺪﻣﺠﺖ اﻟﻤﺪرﺳﺘﺎن ﻟﺘﺼﺒﺤﺎ »ﻣﺪرﺳﺔ اﻷﻣﻴﺮ« أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﻋﺎم 1958م. وﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﻪ اﻧﺘﻘﻞ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﻮس إﻟﻰ ﻋﺠﻤﺎن ﻟﻴﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻨﺘﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ أﻳﻀﺎً وﻫﻲ ﻣﺪرﺳﺔ «اﻟﺮاﺷﺪﻳﺔ» ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ ﺣﺎﻛﻢ ﻋﺠﻤﺎن اﻟﺴﺎﺑﻖ .وﻗﺪ ﻋﻤﻞ اﻟﻜﻮس ﻣﻌﻠﻤﺎً ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﺘﺎذ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻧﺎﻇﺮ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻤﻠﻪ .وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻳﻌﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﻠﻮا ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات. وﻟﻢ ﻳﻄﻞ ﻋﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ )اﻟﺮاﺷﺪﻳﺔ( ﺑﻌﺠﻤﺎن ﻓﻲ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم دراﺳﻲ واﺣﺪ ،ﻟﻴﻨﺘﻘﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻊ أﺳﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻴﺴﺘﻘﺮ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1959م ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺗﻌﻴﻴﻨﻪ ﻣﻮﻇﻔﺎً وﻛﺎﺗﺒﺎً ﻓﻲ ﺟﻤﺎرك اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻣﻊ
40
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ رﺣﻤﻪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ، وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﺣﺘﻴﺎج اﻟﺠﻤﺎرك إﻟﻰ ﻣﻮﻇﻔﻴﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ إﻟﻤﺎم ﺑﺎﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ .وﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎرك ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺎﻋﺪه ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﺎم 1996م .وﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء ﻋﻠﻲ وأﺣﻤﺪ وإﺑﺮاﻫﻴﻢ وراﺷﺪ وﺳﻠﻄﺎن. اﻟﻜﻮس واﻟﺸﻌﺮ
ﻧﻈﻢ اﻟﻜﻮس اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ .وﻛﺎن ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ وﻧﻬﻞ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ دورا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ وﺻﻘﻠﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﺳﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ أﺷﻌﺎره ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺟﻤﻴﻞ. وﺗﻨﻘﻴﺤﻬﺎ وإﺑﺮازﻫﺎ ٍ وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس وﻳﺤﻔﻈﻮن أﺷﻌﺎره ،ﻛﻴﻒ ﻻ وﻫﻮ اﻟﺬي ﻋﺎش ﻣﻌﻬﻢ ﻓﺘﺮة ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ وﺻﺒﺎه ﻓﺄﺻﺒﺤﻮا أﻫﻠﻪ وأﻗﺎرﺑﻪ وأﺻﺪﻗﺎءه .وﻗﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﺔ، ﻣﻨﻬﻢ وﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ:
آﻧـــﻮح ﻟﻲ ﻫﺒـّـﺖ ﺗﺒﺎرﻳــﺢ واذﻛﺮ زﻣﺎﻧﻲ ﻟﻲ ﻣﻀﻰ وراح وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد إﻟﻰ وﻃﻨﻪ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﻜﺚ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻋﺪدا ً ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻮات ﻣﺴﺘﻤﺮا ً ﻓﻲ ﻗﻮل اﻟﺸﻌﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﺷﻌﺮه ﻣﺮﻏﻮﺑﺎً وﻣﻔﻀﻼً ﻟﺪى اﻷﻫﺎﻟﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻔﻈﻮا أﺷﻌﺎره. ﻓﻲ ﻋﺎم 1958م اﻧﺪﻓﻊ وراء رزﻗﻪ وﻛﺎن ﻓﻲ ﻋﺠﻤﺎن وﻗﺘﻬﺎ ﺷﻌﺮاء
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
p#.
ÛÂ ]ÐØ/ÙÊ# &} ÎØp' ÛÂ / # )Ù+ Ð Û$ Ð p( ' ±#
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
, # Ð' (ØpÊ# ÐØ/ÙÊ# &} ÎØp' %¢p' pÎ Ê Û # . ]«-(ت$# » 1( Ø É
. Ù ½# Ù# (±# Í Ù ÐØ/ÙÊ# &} ÛÂ (,(# 0 Ê# Ð' Í ,Í} Ø Ê# *¦+ Ð Á Ø.
( ,Ù# ),'.pÉ p « Ù,'/ # » $Ù É Â} ,ÙÂ Ê pÉ. ] (ØpÊ# , / % ' 1 ,ÙÂ /° . . ± # Ï Ê# ¢ .} ÛÂ 'è 0 ¢} Ì Î' Ð
h . 'è Ä$ £' 1$ !#¥ p / ©/ Ù ]Û´ (# Ï Ê# ÙÎÙ (¢ Ø ,Í
ŽŐŴijĶũŤē İļēij į
ūēŴİŐ ŧĔĽű ŧŵĸij
وﻫﻮ اﻻﺑﻦ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻮاﻟﺪه ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻜﻮس ،ﺳﺒﻘﺘﻪ ﺷﻘﻴﻘﺘﺎن ،ﺗﻮﻓﻲ واﻟﺪه ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﻟﻠﻐﻮص وﻛﺎﻧﺖ أﻣﻪ وﻗﺘﻬﺎ ﺣﺎﻣﻼً ﺑﻪ ،ﻓﻮﻟﺪﺗﻪ ﻳﺘﻴﻤﺎً ﻋﺎم 1925م ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ. ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﻮات ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﺪأ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺷﺒﻪ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ وأﻧﺸﺌﺖ ﻋﺪة ﻣﺪارس ﺷﺒﻪ ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺪن ،ﻓﻜﺜﺮت زﻳﺎرات اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻷدﺑﺎء اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻺﻣﺎرات ،ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ دﻋﻮات ﻣﻦ ﺷﻴﻮﺧﻬﺎ وﻣﻦ رﺟﺎﻻﺗﻬﺎ اﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻦ وﺗ ّﺠﺎرﻫﺎ اﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ ،ﻓﻘﺪم إﻟﻰ إﻣﺎرة أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻋﻠﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻌﻼ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻷﺳﺒﻖ ﻟﻺﻣﺎرة ،وﻛﺎن ﻣﺤ ّﺒﺎً ﻟﻠﻌﻠﻢ واﻟﻌﻠﻤﺎء. ﻛﺎن ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺸﻴﺦ ﺑﺪر ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،وﻗﺪ ﺑﺪأ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ وﺧﺎﺻﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻫﻨﺎك ،وﻗ ّﺪر اﻟﻠﻪ أن ﻳﺘﺰ ّوج اﻟﺸﻴﺦ ﺑﺪر ﻣﻦ واﻟﺪة ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﻮس ،وﻛﺎن ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺻﻐﻴﺮا ً ،ﻓﺘﺮﺑﻰ ﻓﻲ ﻛﻨﻔﻪ وﺗﻌﻠّﻢ ﻣﻨﻪ ﻣﺒﺎدئ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺪﻳﻦ واﻟﻨﺤﻮ واﻟﺤﺴﺎب ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻘّﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ، وﻇﻞ ﻣﻼزﻣﺎً ﻟﻌ ّﻤﻪ ﺑﺪر ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ،ﺣﺘﻰ ﻛﺒﺮ وأﺻﺒﺢ ﻓﺘﻰ ﻳﺎﻓﻌﺎً، ﻓﺠﺬﺑﻪ اﻟﻐﻮص وإﻏﺮاءاﺗﻪ اﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻓﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻟﻔﺘﺮة ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻛﻪ ﺑﺴﺒﺐ أزﻣﺔ اﻟﻜﺴﺎد اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ واﻧﻬﻴﺎر ﺗﺠﺎرة اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﺗﻮﻗّﻒ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻤﺮاﻛﺐ ﻋﻦ اﻹﺑﺤﺎر واﻟﺴﻔﺮ إﻟﻰ اﻟﻐﻮص ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ.
2 (° ,#
ﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ أزﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺬاء وﺻﻌﺒﺖ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ أوﺟﻬﺎ، ﻓﺘﻮﺟﻪ اﻟﻜﻮس ﻣﻊ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻬﻮا ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات إﻟﻰ اﻟﻬﺠﺮة ﺷﻤﺎﻻً وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ »اﻟﻌﺎﻟﻲ« ،ﻓﻘﺼﺪ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ أوﻻً ،وﻟﻢ ﻳﻄﺐ ﻟﻪ اﻟﻤﻘﺎم ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﻜﻮﻳﺖ وﺗﺮﻛﻬﺎ ﻟﻴﺴﺘﻘﺮ ﺑﻪ اﻟﻤﻘﺎم ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪﻣﺎم ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ. وﻧﻈﺮا ً ﻟﻤﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻤﻞ ﻫﻨﺎك ﻛﺎﺗﺒﺎً وﺧﻄّﺎﻃﺎً ﻟﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜﺘﺐ رﺳﺎﻟﺔ أو ﻋﻘﺪ أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ،ﻓﺎﺳﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻟﻢ ﻳﻮاﺟﻪ ﻣﺎ ﺗﻌﺐ وﻛ ﱟﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ وﻧﻘﻞ واﺟﻬﻪ زﻣﻼؤه اﻵﺧﺮون ﻣﻦ ٍ وﺗﺤﻤﻴﻞ وﻏﻴﺮه. وﻫﻨﺎك اﻟﺘﻘﻰ ﺑﻤﻌﻈﻢ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺞ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء ورﺟﺎل اﻟﺪﻣﺎم ﻓﻲ وﻗﺘﻬﺎ ﱡ اﻹﻣﺎرات اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮوا واﺳﺘﻘﺮوا ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻐﻴﺔ اﻟﺮزق واﻟﻜﺴﺐ اﻟﺤﻼل أﻣﺜﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﻤﺮي ورﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﻳﺎﻗﻮت وﻏﻴﺮﻫﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ.
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
2015 ﺮﻳﻞ 5 186أﺑأﺑﺮﻳﻞ ﻞ 1 اﻟﻌﺪد ﻌﺪد اﻟﻌﺪ
39
ﻏﺎدرﻧﺎ ﺑﺼﻤﺖ ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﻴﻦ
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس آﺧﺮ اﻟﺮواد اﻟﻌﻤﺎﻟﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ
38
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس
ijĴŕŨė ŞũŬ
ﺗﺮوى«) .(5وﻟﻦ ﻧﻐﺎﻟﻲ إذا اﻋﺘﺒﺮﻧﺎ أن ﺷﻬﺮزاد ﻗﺪ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ »اﻟﻤﺆﻧﺚ اﻟﺼﺮف إﻟﻰ اﻷﻧﻮﺛﺔ اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ« ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ رﻳﻔﺎﺗﻴﺮ. ﺧﺒﺄت »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ﻓﺘﻰ أﺣﻼﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﻴﻤﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ،وأﻣﺮت ﺧﺎدﻣﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻜﺘﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮ ،و رﻋﺎﻳﺔ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ،ﺛﻢ ﺣﺎوﻟﺖ إﻧﻘﺎذ اﻟﻨﺎﻗﺔ »ﺻﻴﺪح« ﻣﻦ ﻣﺤﻨﺘﻬﺎ ،ﺑﻌﺪ اﻓﺘﻀﺎح أﻣﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ ،ﺛﻢ اﻟﻬﺮوب ﻣﻊ ﻓﺘﺎﻫﺎ إﻟﻰ دﻳﺎره ،ﺣﻴﺚ ﺳﺘﺘﺰوج ﻫﻨﺎك ،وﻳﺒﺎرك ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﺎ زواﺟﻬﻤﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،و«اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺴﻴﺮورات اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﺑﺎﻟﺰواج ﻳﻌﺪ ﻓﻌﻼ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ« ) ،(6ﻏﻴﺮ أن اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ د .ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜﺮاد ﻳﺮى »إن اﻟﺰواج ﻟﻦ ﻳﺸﻜﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺸﺄن ﻋﻨﺪ ﭘﺮوپ ،آﺧﺮ وﻇﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﻌﺎﻗﺪ اﻷﺧﻴﺮ ،ﻣﺪﻋﻤﺎ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺮﻏﺒﺔ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺸﻜﻞ آﺧﺮ وﻇﻴﻔﺔ« ).(7 ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺨﺘﺎم
إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺗﻜﺮس ﺻﻮرة دوﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮأة ،ﻷن ﺧﻄﺎب اﻷﻣﺜﺎل ،ﻫﻮ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه ﺧﻄﺎب ذﻛﻮري ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز -ﺣﺘﻰ وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة أو ﺑﻠﺴﺎﻧﻬﺎ،- ﺧﻄﺎب ﻣﻮﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ اﻟﻤﺒﺘﺪئ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻳﻘﺪم ﻟﻪ -ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻣﺜﺎل- ﺻﻮرة ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة ﺗﺤﺬره ﻣﻨﻬﺎ أو ﺗﺮﻏﺒﻪ ﻓﻴﻬﺎ ) ،(8ﻓﺈن اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ د .ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﺻﻮرة ﻣﻐﺎﻳﺮة ﺣﻴﺚ ﺧﻠﺼﺖ دراﺳﺘﻬﺎ إﻟﻰ أن »ﺣﻀﻮر اﻷﻧﺜﻰ ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻟﻤﻘﺎﻟﻲ واﻟﻤﻘﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﻀﻮر ذﻛﻮري ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻤﻘﺎﻟﻲ -ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻸﻧﺜﻰ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻠﺬﻛﺮ -وإﻧﻤﺎ ﻳﺘﻤﺮﻛﺰ ﺣﻀﻮر اﻟﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻘﺎم اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻖ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺜﻞ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺤﻀﻮر ﺑﺼﻤﺔ ﻳﻀﻌﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻠﻐﻮي -ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ- ﺗﺆﻛﺪ ﺣﻀﻮر اﻷﻧﺜﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺤﻀﺎري اﻟﺬي ﻣﺮ ﺑﻪ ﺗﻄﻮر اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺤﻘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ« )(9
د .ﻋﺰة ﺑﺪر» ،ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ..اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ أﻧﻤﻮذﺟﺎ« ،ﺑﺤﺚ ﻗﺪم ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ »اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ« )دﻣﻴﺎط 3 1-أﺑﺮﻳﻞ .(2007 *ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻰ :ﺟﻤﻊ وﺗﺪوﻳﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ د .راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻰ ،اﻟﻌﺪد رﻗﻢ 176ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث. ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻛﻴﻠﻴﻄﻮ» ،اﻷدب واﻟﻐﺮاﺑﺔ« ،ص .110 ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻛﻴﻠﻴﻄﻮ» ،اﻟﻌﻴﻦ واﻹﺑﺮة« ،ص.16 د.ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﻴﺪ اﻟﻨﻮﺳﻲ «،ﺗﻤﺜﻼت اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ«، ﻣﻮﻗﻊ وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔhttp://www.minculture.gov. . &ma/index.php?option=com_content&view=article id=888:abdelmajid-noussi-essai&catid=51:etude-etessais&Itemid=153 *ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب د.ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜﺮاد» ،اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎت اﻟﺴﺮدﻳﺔ ..ﻣﺪﺧﻞ ﻧﻈﺮي« ،ﻣﻮﻗﻊ د .ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜﺮادhttp://www.saidbengrad.net/ouv/sn/ . ﻫﻮاﻣﺶ : د .ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ» ،اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻨﺴﻮي ﻓﻲ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ sn4.htm ﻋﻠﻲ أﻓﺮار» ،ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﻈﻮر اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ« ،ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﺮوزﻧﺔ« )اﻷردن( ،ع ،12 .ﺷﺘﺎء .2010 داﻟﻴﺎ ﺟﻤﺎل ﻃﺎﻫﺮ» ،ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟﺸﻌﺒﻲ )اﻷﻣﺜﺎل واﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ«. د .ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ ،م.س. اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻧﻤﻮذﺟﺎ(« ،اﻷﻫﺮام.2012/5/22 ،
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
37
ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻠﻤﺮأة ،وﻻ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺘﺄﺛﺮ ﺑﺮأﻳﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺑﺈﻋﺎرﺗﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ أﺧﺮى« ).(3 اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺸﺮق ﻟﻠﻴﺎزﻳﺔ
ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﻬﺎ ووﺛﻘﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻹﻣﺎراﺗﻲ د .راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ* ،ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻫﻮ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ،وﻷﻧﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ وﺟﺪاﻧﻴﺔ ،ﻳﻘﻮم اﻟﺒﻄﻞ اﻟﻌﺎﺷﻖ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ دﻳﺎر اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ .واﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﺪم اﻟﻤﺮأة )اﻟﻴﺎزﻳﺔ( ﻓﻲ ﺻﻮر ﻣﺸﺮﻗﺔ، ﺑﺨﻼف ﻧﺴﺎء أﻏﻠﺐ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﺮﻳﺮات ،اﻟﻤﺨﺎدﻋﺎت...إﻟﺦ ،وﻫﻲ ﺻﻮرة ﻧﻤﻄﻴﺔ ﻛﺮﺳﻬﺎ اﻟﻤﺨﻴﺎل اﻟﺠﻤﻌﻲ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﺮﺑﻴﺔ ذﻛﻮرﻳﺔ. ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﻧﺮى »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻛﻜﻞ ﻧﺴﺎء اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ،وذﻛﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻲ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻬﺎ ﻟﺼﺎﺣﺒﺎﺗﻬﺎ ،ﺣﻴﻦ أدرﻛﺖ، ﺑﺤﺪﺳﻬﺎ اﻻﻧﺜﻮي ،أن ﻟﻮن »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ﻛﺎن ﻟﻠﺘﻤﻮﻳﻪ ﻓﻘﻂ» :ﻣﺎ رأﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻹﻳﻘﺎع ﺑﻬﺬا اﻟﺸﺎب اﻟﺬي ﻳﺴﻘﻲ إﺑﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺌﺮ؟« ،ﺛﻢ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﻷﻣﺮه ﺑﻌﺪ رﺷﻪ ﺑﺎﻟﻤﺎء ،وﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺳﺮﻗﺖ ﻋﻘﻠﻪ وﻗﻠﺒﻪ، ﺑﺎﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ ﺳﻼح اﻹﻏﻮاء اﻷﻧﺜﻮي ،ﺣﻴﻦ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ وﺟﻬﻪ» :ﻓﺒﺎﻧﺖ ﻣﻼﻣﺤﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ وﻛﺸﻒ وﺟﻬﻪ ،وإذا ﺑﻪ أﺟﻤﻞ اﻟﺸﺒﺎب ﻳﻔﺎﻋﺔ وﻧﻀﺎرة وﺑﻬﺎء ،ﻓﺄﺻﺎﺑﺘﻬﺎ وﺳﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ،وأﺧﻔﺖ ﻣﺎ أﺻﺎﺑﻬﺎ ﻣﻨﻪ ،ورﻛﺒﺖ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﻬﺎ وﻣﻌﻬﺎ اﻟﺨﺎدﻣﺔ ،وأﻣﺮت ﺧﺎدﻣﺘﻬﺎ ﺑﻤﺮاﻗﺒﺘﻪ، وﻗﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ» :ارﻛﺒﻲ واﻋﻄﻨﻲ ﻗﻔﺎك ﻣﺘﺠﻬ ًﺔ ﻧﺤﻮه« ،أي اﺟﻌﻠﻲ ﻧﻈﺮك إﻟﻰ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ،ﻟﺘﺮاﻗﺒﻴﻪ إن ﻛﺎن »أﺧﺬﻧﺎ« ،أو
36
اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺸﺮق ﻟـ»ﻳﺎزﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ«
ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﺪم اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺻﻮرﻣﺸﺮﻗﺔ ،ﺑﺨﻼف ﻧﺴﺎء أﻏﻠﺐ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﺮﻳﺮات، اﻟﻤﺨﺎدﻋﺎت...إﻟﺦ، وﻫﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺮﺳﻬﺎ اﻟﻤﺨﻴﺎل اﻟﺠﻤﻌﻲ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﺮﺑﻴﺔ ذﻛﻮرﻳﺔ
»أﺧﺬﻧﺎه« ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﺨﺎدﻣﺔ» :وﻛﻴﻒ ذﻟﻚ؟« ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﻴﺎزﻳﺔ» :إن ﻇﻞ ﻳﻤ ّﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻨﺎ وﻳﺮاﻗﺒﻨﺎ ،ﻓﻨﺤﻦ أﺧﺬﻧﺎه ،وإن ﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻨﺎ ،وﻇﻞ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺳﻘﻲ اﻹﺑﻞ ،ﻓﻘﺪ أﺧﺬ ﻗﻠﺒﻨﺎ«. ﻫﻜﺬا ،ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،ﻫﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﺬي ﻳﺘﻜﺮر ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ،ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑــ»ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ« ،وأﻳﻀﺎ ﺗﻔﺎدﻳﺎ ﻟـ»ﺟﻤﻮد اﻟﺴﺮد اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ وﻳﻤﻮت ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮار«) ،(4وﻫﺬا اﻟﺠﻤﻮد اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ ﻻز َم أﺧﻮﻳﻪ ،اﻟﻠﺬﻳﻦ اﺳﺘﺴﻠﻤﺎ ﻟﻤﺼﻴﺮﻫﻤﺎ اﻟﺘﻌﻴﺲ ،وﻣﺎﺗﺎ ﺳﺮدﻳﺎ/ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻄﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻗﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﺮد ،وﻃﻤﺲ اﺳﻤﻬﻤﺎ ﻣﻦ ذاﻛﺮة اﻟﺮواة! ﺑﻌﺪ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ دﻳﺎر اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺔ وﻣﺸﺎﻗﻬﺎ ،ﻳﺠﺪ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺧﻴﻤﺔ »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ،وﺗﻘﺪم اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺻﻮرة ﻣﺸﺮﻗﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﻤﺮأة ،وﻫﻲ اﻟﻌﻔﻴﻔﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺣﻤﺘﻪ وأﻧﻘﺬﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻮت ﻣﺤﺘﻮم ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﻤﺖ ﺷﻬﺮزاد ﺑﻨﺎت ﺟﻨﺴﻬﺎ وأﻧﻘﺬﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت اﻟﻤﺮﺗﻘﺐ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﻬﺮﻳﺎر، ﻫﻜﺬا اﻧﺘﺼﺮت »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ﻟﻠﺤﺐ ،وﻟﻐﻮاﻳﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﻓﻠﻮﻻ رد ﻓﻌﻠﻬﺎ اﻟﻨﺒﻴﻞ ﻟﻤﺎت »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ،وﻣﺎﺗﺖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ أﻳﻀﺎ .ﻫﻜﺬا ﻋﺎﺷﺖ »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ وﻓﻲ اﻟﻤﺨﻴﺎل اﻟﺸﻔﻮي ،ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﺷﻬﺮزاد، اﻟﺘﻲ ﺧﺎﻃﺮت ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ ،ﻟﺘﻨﻘﺬ ﺑﻨﺎت ﺟﻨﺴﻬﺎ ،وﻛﺎن ﺳﻼﺣﻬﺎ اﻟﺤﻜﻲ ﻓﻘﻂ» ، ﺗﻤﻠﻚ ﺷﻬﺮزاد ورﻗﺔ راﺑﺤﺔ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ وﻫﻲ :ﻓﻦ اﻟﺤﻜﻲ. ) ،(...زد ﻋﻠﻰ ﻫﺬا أن ﺷﻬﺮزاد ﻻ ﺗﺤﻜﻲ أي ﺷﻲء ﻛﺎن ،إﻧﻬﺎ ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ أن ﺗﺪرج ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﻘﻮﻟﺔ اﻟﺨﺎرق ،إذ ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ »ﻋﺠﻴﺒﺔ وﻏﺮﻳﺒﺔ« ،وإﻻ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺄن
Ù ±# Â Ê # Û ' p# ±ã / p# Á
~ Ê 3# " Ù æ - Ú¦# ÛÂ Ê # . /(# ,Í Û . .} Ú ' % ° 1$ Ê # " Ù æ Ð
' Ù¼ Ù'/Ø #. p (# Ù # Â Ê # !$ Û+. ]Úª .} / ' p /É. ÐÙÍ /Ê# ´ £#
'. # . Ø/ñ# . Ø/à # Ù Í.p
ﻟﺬا ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إن اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﺸﻜﻞ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﺸﻌﻮب، ﻓــ»اﻟﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻫﻮ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎس ﻣﻜﺒﺮ«، وﻗﺪ ُﺣﺪدت ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻷدب اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻌﺮاﻗﺔ ،اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ واﻟﺘﺪاﺧﻞ ﻣﻊ ﻓﺮوع اﻟﻤﺄﺛﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻛﺎﻟﻤﻌﺘﻘﺪات واﻟﻌﺎدات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﻘﺎد ودارﺳﻮ اﻷدب ﺣﻮل ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻷدب اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ أو اﻟﻔﻦ اﻟﻘﻮﻟﻲ ،واﺗﻔﻘﺖ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺮاﺟﻊ ﻫﺬا اﻷدب اﻟﺘﻌﺒﻴﺮي ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﻓﻨﻮن اﻟﻘﻮل اﻟﻤﺘﻮارﺛﺔ ﻣﺸﺎﻓﻬﺔ ،ﻛﺎﻷﺷﻌﺎر ،اﻷزﺟﺎل، اﻷﺣﺎﺟﻲ ،اﻟﺨﺮاﻓﺎت ،اﻟﺴﻴﺮ ،اﻟﻤﻼﺣﻢ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت، ﺛﻢ اﻷﻣﺜﺎل .و«اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ أوﻟﻮﻳﺎت اﻟﻘﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻃﺮاﺋﻖ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺗﺮاﻛﻤﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻣﻮروﺛﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ .(...)،إن اﻟﻤﺜﻞ ﻫﻮ أﺳﻠﻮب ﺗﻌﺒﻴﺮي أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻤﺮآة اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻳﺤﻜﻲ واﻗﻊ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻳﺼﻮر أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،وﺗﻔﺎﻋﻠﻬﺎ ﻣﻊ اﻷﺣﺪاث واﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻪ ﻟﻠﻤﺆﺛﺮات ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻤﻌﺘﺎد« ).(1 وإذا أﻟﻘﻴﻨﺎ ﻧﻈﺮة ﻋﺎﺑﺮة ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ أواﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺜﻼ ،ﺳﻨﻼﺣﻆ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬﻛﻮري، اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﺮﺑﻲ ﺑﻄﺮﻳﺮﻛﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻠﻌﺐ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ دورا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻣﻤﺎرﺳﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺧﺎﻃﺌﺔ ،وﺗﺴﻮد ﺗﻤﺜﻼت ﻧﻤﻄﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة، وأﺣﻴﺎﻧﺎ ،ﺗﻤﺎرس ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻨﻔﺎ رﻣﺰﻳﺎ ﻓﻲ
ijĴŕŨė ŞũŬ
źŴĔĽŭĖ ŧĔĽű
ﺣﻖ اﻟﻤﺮأة ،ﻓــ »ﻋﻨﺪ ﺗﻨﺎول اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﻤﺮأة وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺗﻌﺮﺿﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ،واﺧﺘﻠﻔﺖ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺮأة ،ﺣﺘﻰ ﻧﺠﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺘﻨﺎول ﻳﺼﻞ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ واﻟﺘﻄﺮف أﻳﻀﺎً.. ﻓﻬﻨﺎك أﻣﺜﺎل ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻋﻈﻤﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺮأة ورﻓﻌﺖ ﻗﺪرﻫﺎ وﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺪور اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻷﻣﻢ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ..وﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮس دوﻧﻴﺔ اﻟﻤﺮأة وﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻲ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺮﺟﻞ وﺗﻤﻴﺰ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮأة« ).(2 وﺗﻘﺮ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ د .ﻋﺰة ﺑﺪر أﻧﻪ »إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ رؤﻳﺔ و»ﺳﻌﺪى« ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ إﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴﺘﻲ » اﻟﺠﺎزﻳﺔ«ُ ، ّ أﻧﻬﻢ اﻧﺘﺨﺒﻮا ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻦ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺘﻴﻦ ،وﺗﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻛﺎﻷﺑﻄﺎل اﻟﺒﺎرزﻳﻦ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻧﻈﺮوا إﻟﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج، واﻛﺘﻔﻮا ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ دون اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﺧﺘﺎروا ﻣﻦ اﻟﺨﺼﺎل أﺑﺮزﻫﺎ ﻟﻴﻜﻮن اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﺘﻬﺎ ،وﻗﺪ ﻟ ّﻮن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺼﺮي ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ وﻫﻮ اﻟﻤﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺗﺠﺎرﺑﻪ ،وﺑﻤﺎ أن اﻟﻤﻨﺸﺪﻳﻦ ﻛﻠﻬﻢ رﺟﺎل ،وأن ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻫﻢ أﻳﻀﺎ رﺟﺎل ،وإذا أﻧﺼﺘﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻣﻦ وراء اﻟﺤﺠﺐ واﻟﻨﻮاﻓﺬ ،ﻓﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
35
ﺗﻤﺜﻼت اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ
اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺸﺮق ﻟـ»ﻳﺎزﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« 34
اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺸﺮق ﻟـ»ﻳﺎزﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ«
أﻣﻴﻨﺔ اﻟﺴﺮ واﻟﺼﺪﻳﻘﺔ اﻟﻤﺨﻠﺼﺔ
وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺧﺎدﻣﺔ اﻟﻴﺎزﻳﺔ وﺟﺎرﻳﺘﻬﺎ اﻷﻣﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ رﻓﻴﻘﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﺌﺮ اﻟﻤﺎء ﻋﻨﺪﻣﺎ رأت اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ أول ﻣﺮة ورﻓﻌﺘﻬﺎ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻟﻤﻜﺎﻧﺔ أﻣﻴﻨﺔ اﻟﺴﺮ واﻟﺼﺪﻳﻘﺔ اﻟﻤﺨﻠﺼﺔ، ﻓﺄﺳﺮت ﻟﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﺟﺎل ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮﻫﺎ ﻣﻦ إﻋﺠﺎب ووﻟﻊ ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ووﺳﺎﻣﺘﻪ ،وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﺘﺎﺑﻌﻪ ﻟﺘﻌﺮف إن ﻛﺎن ﺑﺎدﻟﻬﺎ اﻹﻋﺠﺎب أم أﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﻓﻘﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﻪ. وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻠﺨﺎدﻣﺔ دورا ﻣﻬﻤﺎ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺒﺄت اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﺧﻴﺎم اﻟﺠﻮاري واﻟﻌﺒﻴﺪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﺘﺸﻒ وﺟﻮده رﺟﺎل اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ وﻳﻔﺘﻜﻮن ﺑﻪ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ دﻻﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺧﻮف اﻟﺨﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﺪ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ وأﺑﻮ اﻟﻴﺎزﻳﺔ وﻣﻦ ﻓﺮﺳﺎن اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ وﻻﺋﻬﺎ ﻟﺴﻴﺪﺗﻬﺎ وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺎﻃﻔﻬﺎ اﻟﻔﻄﺮي ﻛﺎﻣﺮأة ﻣﻊ ﻣﺨﺪوﻣﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻨﺘﻬﺎ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ.
ijĴŕŨė ŞũŬ
ﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻣﻦ دون ﺗﺠﻬﻴﺰه ﺑﺎﻟﻨﺼﺎﺋﺢ واﻟﺨﺒﺮة اﻟﻼزﻣﻴﻦ، واﻟﺼﺎﺣﺐ اﻷﻣﻴﻦ – اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺻﻴﺪح.
ﺳﻠﺒﺖ ﻋﻘﻮل اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﺛﻢ ﺳﻠﺐ ﻋﻘﻠﻬﺎ وﻗﻠﺒﻬﺎ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،ﻓﻘﺮرت أوﻻ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ وإﺧﻔﺎءه ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻄﻮﻟﻪ ﺑﻄﺶ اﻟﻘﺒﻴﻠﻪ ،ﺛﻢ ﻗﺮرت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄزم اﻟﻤﻮﻗﻒ أن ﺗﻬﺮب ﻣﻌﻪ ﻟﺪﻳﺎر أﻫﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ زواﺟﻬﻤﺎ ﺑﻤﺒﺎرﻛﺔ أﺑﻴﻪ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺤﻜﻴﻢ. وﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﻻ ﻳﺪل إﻻ ﻋﻠﻰ إرادة وﺷﺨﺼﻴﺔ ﻗﻮﻳﺘﻴﻦ ،واﺳﺘﻘﻼﻟﻴﻪ ﻗﺪ ﻻ ﻧﺮاﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ. رﺑﻤﺎ ﻟﻮ اﺗﺨﺬﻧﺎ ﻣﻦ دور اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ﻣﺪﺧﻼ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻟﻘﺮاءة وﻓﻬﻢ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ً ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﺮم اﻟﻤﺮأة وﺗﻘﺪرﻫﺎ ،ﻟﻜﺎن ذﻟﻚ ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻤﺨﻠﻮﻃﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﺮب *ﺷﺎﻋﺮ ﻋﺎﻣﻴﺔ وﺑﺎﺣﺚ ،ﻣﺼﺮ
اﻟﻌﺠﻮز اﻟﺪاﻫﻴﺔ
ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﻫﻲ ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺰ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﺪﻫﺎء واﻟﺤﻨﻜﺔ ،وﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻐﺒﻨﺔ« ،واﻟﺘﻲ ﻓﻀﺤﺖ أﻣﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺻﻴﺪح ،وﻓﺴﺮت اﻹﺷﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺎول »اﺑﻦ اﻟﺤﺮام« ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻟﻠﻘﺒﻴﻠﺔ ،ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻫﻲ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﺘﺒﺼﺮة اﻟﻌﻠﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻚ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺬﻛﺎء ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف اﻟﻮﺻﻒ واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺬﻛﺮﻧﺎ ﺣﺘ ًﻤﺎ ﺑﺰرﻗﺎء اﻟﻴﻤﺎﻣﺔ وﻗﺼﺘﻬﺎ اﻟﺸﻬﻴﺮة ،ﻟﻨﺪرك أن ﻧﻤﻂ اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﻠﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮة ﻋﻠﻤﻬﺎ وذﻛﺎﺋﻬﺎ أو ﺣﺘﻰ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﺪرات ﺳﺤﺮﻳﺔ ﺧﺎرﻗﺔ ﻛﺎن ﺷﺎﺋ ًﻌﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ وﻟﻴﺲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ. ﺻﺎﺣﺒﺔ ا`رادة واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ
وأﺧﻴ ًﺮا ﺷﺨﺼﻴﺔ »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻮﺟﻪ اﻟﺠﻤﻴﻞ واﻟﺮوح اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة ،واﻟﺘﻲ
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
33
اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ أدوار ﻣﻬﻤﺔ وﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﺎ. وﻟﻨﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ اﻟﻬﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ
ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮ اﻷﺣﺪاث وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ وﺑﻨﺎﺋﻬﺎ دراﻣ ًﻴﺎ وﻧﻔﺴ ًﻴﺎ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ إﻻ »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« وﻫﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ذات اﻷﺻﻞ اﻟﺮﻓﻴﻊ واﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻤﺮﻣﻮﻗﺔ ،أﻣﺎ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻓﻬﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺪﻧﻴﺎ أو ﻣﻦ اﻟﺠﻮاري واﻟﺨﺎدﻣﺎت أو ﻋﺠﺎﺋﺰ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻬﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ أدور ﻣﻬﻤﻪ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر اﻟﺤﺪث دراﻣﻴًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ. اﻟﺤﻀﻮر ﺑﺎﻟﻐﻴﺎب
اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ -إﻻ ﺑﺎﻟﻐﻴﺎب -ﻫﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ أم اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ أﻧﺠﺒﺖ ﺛﻼﺛﺔ أوﻻد ﻣﻮﻓﻮري اﻟﺼﺤﺔ واﻟﻮﺳﺎﻣﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺄت اﻟﺤﻜﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺮﻫﺎ
32
ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ
أﺑ ًﺪا ،وﻏﺎﺑﺖ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﻟﺴﺒﺐ أو ﻵﺧﺮ ،وﻟﻜﻦ ﻏﻴﺎب اﻷم رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ أﺛﺮ ﻣﻔﺴﺮ ﻟﻮﻗﻮع اﻷﺷﻘﺎء ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﺮاﺋﺲ ﻟﻌﺸﻖ ﻓﺘﺎه ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ أﺧﺮى ،وﻟﻢ ﻳﺠﺪ أﺣﺪﻫﻢ ﻧﺼﻴﺤﺔ أم ،وﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ أﺣﺪ ﻷوﺟﺎع ﻋﺸﻘﻬﻢ اﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﺣﺎﻧﻴﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﺳ ّﺮ اﻟﻤﺮض وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﺟﻪ ،ﺑﻞ إن اﻟﻘﺪر ﻟﻢ ﻳﻤﻨﺤﻬﻢ أﻳﻀً ﺎ أﺧﺘًﺎ ﺷﺎﺑﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺨﻠﺺ ﻷﺷﻘﺎﺋﻬﺎ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ وﺗﺴﻠﺤﻬﻢ ﺑﺤﻴﻞ اﻟﻌﺸﺎق اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻔﺖ أﻧﻈﺎر اﻟﻨﺴﺎء واﺟﺘﺬاﺑﻬﻦ أو ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻦ ﻟﻬﻢ ﻋﻮﻧًﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻴﺎن واﻟﺴﻠﻮى، وﻟﻢ ﻳﻌﻮض ﻫﺬا اﻟﻐﻴﺎب ﺳﻮى أن ﺻﺎرح اﻟﻌﻘﻴﻠﻰ أﺑﺎه ﺑﻤﺎ أﺻﺎﺑﻪ ،ﻓﻠﻌﺐ دور اﻷب واﻷم ﺑﺒﺮاﻋﺔ وﻛﺎن ﻟﻪ ﻧﺎﺻ ًﺤﺎ أﻣﻴ ًﻨﺎ، ودﻟﻴﻼ ﻣﺮﺷ ًﺪا ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻋﻦ اﻟﺴﻌﻲ ً وراء ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ وﻟﻢ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ
ijĴŕŨė ŞũŬ
ﻗﻴﺲ وﺳﺮ ﺳﺎﻟﻢ وﻟﻴﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﺮﻳﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﺲ ﺷﻘﺎﺋﻪ وﻋﺒﻠﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ ﻋﻨﺘﺮة ورﻣﺰ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ. وﻟﻮ اﻧﺘﻘﻠﻨﺎ ﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻗﺪرة اﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ورﺻﺪ ﻣﻼﻣﺢ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺧﺎرج اﻃﺎر اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻛﺎﻟﺴﻴﺪةة ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﻣﺎل زوﺟﺔ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﻳﻢ واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺔ وﺗﺠﺎرة وﻗﻮاﻓﻞ ﺗﺠﻮب اﻟﺼﺤﺮاء ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ اﻷﺳﻼم أو ﺣﺘﻰ ﻫﻨﺪ ﺑﻨﺖ ﻋﺘﺒﺔ زوﺟﺔ اﺑﻮ ﺳﻔﻴﺎن زﻋﻴﻢ ﻗﺮﻳﺶ واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ دور ﻣﻬﻢ وﻛﻠﻤﺔ ﻧﺎﻓﺬة ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﻗﺮﻳﺶ أو ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺗﻐﻠﺐ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﺪﻫﺎ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻛﻠﺜﻮم ﻓﻲ ﻣﻌﻠﻘﺘﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﺑﻌﺪ إﻫﺎﻧﻪ اﻣﻪ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻔﺾ ﻣﻦ اﺟﻠﻬﺎ ودارت رﺣﻰ اﻟﺨﺼﻮﻣﻪ ﺑﻴﻦ
اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺸﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﻋﻈﻢ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺮاة وﺗﻜﺮﻳﻤﻬﺎ وﻗﻮة ﻧﻔﻮذﻫﺎ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺒﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻮده ﻋﺪة ﺛﻘﺎﻓﺎت و أﻋﺮاف ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﻴﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة واﻟﺘﻤﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﺳﺎس ﻗﻗﺒﻠﻲ وﻋﺎﺋﻠﻲ ﻓﺎن اﻟﺬي ﺣﻔﻆ ﻟﻠﻤﺮأة ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺗﻜﺮﻳﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻫﻮ وارﺗﺒﺎط وﺳﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻜ اﻫﺎﻧﺔ اﻟﻤﺮأة ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺸﺮف واﻟﺤﻤﻴﻪ واﻟﻨﺨﻮة واﻟﺸﻬﺎﻣﺔ وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻮن اﻟﻈﻠﻢ واﻻﺿﻄﻬﺎد اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺳﻬﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﺻﺪ ﺑﺎﻟﻎ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻴﻪ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ واﻟﻤﻮﺛﻖ وﻟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﻇﻠﻢ ﺑﻄﻼت اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻤﻨﻌﻤﺎت ﺑﺴﻠﻄﺔ اﻟﺤﻜﻢ واﻟﻤﺎل ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻜﻞ ﻧﺴﺎء
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
31
ﺗﺴﺮي ﻛﺎﻟﻌﻄﺮ ﻓﻲ اUرﺟﺎء
ﺻﻮر اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ŮŻİŤē ħǙŀ ęĴĹżŨ -#/ / Î(# Ù æ . Û ±# Û # p( Ø
* /( ' ÛÂ # Ð' - .¦ . ' Û' Ù£ · Ã 2 ' É/±(# Î # Ð
( ,$Ø (' ÌØp $# ÙÂ /(Î# . / $# % É
( (# ÂpØ. % ($# -$Ê ¦ Ø. ( (# /$£# ,# Î' ´ Ø $# Û+ ñ# %ÊÎ$# b /
. # / É. Ð'ª# %' Øp ' Ê # . " ªÎ# . Ù . Ã# ,'. " # / Â Í Ï .
¦ ÛÂ Ùã . ,# Ø. ½(# " æ Ø .
Ê$ (# Ø # Ï} 2 ] Ø # Ì$ $# ( æ
% " ª 2. Í , $Â ÛÂ .p Û # . } (#
¢ ] Ù(# . ' Ù Û ±# Û # ÛÂ ÙÂ Í b b
³/(¼. Ð' ÙÉ ±# } (# )# - ¶ÙÃØ (# . + ª } Ì Ø. Ø # } ÛÂ # Ú Ø
ﻓﺎﻟﻤﺮأة ﻫﻲ ﺷﺮﻳﻚ رﺋﻴﺲ ﻣﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ رﻣﺰ ﻟﻠﻘﺒﻴﻠﺔ وﻣﺮﻛﺰﻫﺎ اﻟﺬي ﻳﺪور ﺣﻮﻟﻪ ﻋﺰﺗﻬﺎ وﺷﺮﻓﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻣﻠﻬﻤﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ وﺟﺎﺋﺰة اﻟﻤﺤﺎرب اﻟﻤﺘﻠﻬﻒ ﻟﻠﻌﺸﻖ ،وﻫﻲ رﻣﺰ اﻟﻮﻃﻦ ،واﻟﻤﻌﺎدل اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺤﻠﻢ واﻟﺤﺮﻳﺔ ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺄي ﺣﺎل إﻧﻜﺎر دور وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺷﺒﺔ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. وﻳﺒﺪو ﺗﺠﻠﻴﺎت ذﻟﻚ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﺆﻛﺪه ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﻜﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻧﺤﺎء اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺬي ﻛﺎن وﻳﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻤﻴﺰة وﻳﺨﺘﺎرﻫﺎ ﺑﻄﻞ اﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﻴﺮ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت وﻳﻨﻈﻢ ﻟﻬﺎ اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻷﺷﻌﺎر ﻣﺴﺘﻤﺪا ﻣﻦ ﺣﺴﻨﻬﺎ وﻓﺘﻨﺘﻬﺎ ﻣﺤﻮرا رﺋﻴﺴﻴﺎ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ وﺛﻢ ﻳﺘﺠﺎوزه ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺮوح واﻟﺴﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﺘﻌﻤﻘﺎ ﻓﻲ وﺻﻒ ذﻛﺎﺋﻬﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﺑﻞ واﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻛﺎﻟﺒﺎزﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺰﻳﺮ
30
ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ
ijĴŕŨė ŞũŬ
اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ – اﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ وأن ﺗﻜﻮن ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ – ﻫﻮ ﺑﻌﺾ اﻟﻈﻮاﻫﺮ أو ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻣﻊ اﺧﺘﻼف اﻟﻐﺮض ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،وﺛﺎﻧﻴﺎً ﺗﺸﺎﺑﻪ أﺳﻤﺎء اﻷﺑﻄﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ واﻟﺴﻴﺮة ،ﻓﺎﺳﻢ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻣﺘﺪاول ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮة وﻛﺬﻟﻚ اﺳﻢ »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« وﻫﻮ ﻧﻔﺲ اﺳﻢ إﺣﺪى أﻫﻢ ﺷﺨﺼﻴﺎت اﻟﺴﻴﺮة واﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎزﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺠﻴﻢ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻳﺎء ﻋﻨﺪ ﻧﻄﻘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﺸﻴﺮ د .راﺷﺪ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ ﻟﻤﻔﺮدات ﻗﺼﻴﺪة اﻟﺪﻫﻤﺎﻧﻰ إﻟﻰ أن »اﻟﻴﻔﻠﺔ« أﺻﻠﻬﺎ »اﻟﺠﻔﻠﺔ« وﻫﻮ اﻟﻬﺮوب واﻟﺸﺮود ،وﻫﻨﺎك ﺗﺸﺎﺑﻪ آﺧﺮ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ رﺣﻴﻞ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻣﻊ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ وﺗﺮﻛﻬﺎ ﻷﻫﻠﻬﺎ راﺿﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﺟﺎزﻳﺔ اﻟﺴﻴﺮة ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺣﻠﺖ ﻣﻊ ﻗﻮﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب ﺗﺎرﻛﺔ زوﺟﻬﺎ وأوﻻدﻫﺎ رﻏﻢ ﻋﺪم ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻟﺰوج ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺮﺣﻴﻞ. ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﻳﺆﻛﺪ اﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﻟﻤﺮأة اﻟﺤﺮة وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ ﺣﻴﺚ رأﻳﻨﺎ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺧﻴﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻻ
ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ أﺣﺪ إﻻّ ﺑﺈذﻧﻬﺎ ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ وﻫﻲ ﺗﺸﺮف ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻘﻴﺎ إﺑﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻮرد اﻟﻤﺎء، وﻟﻌﺒﺖ ﻗﻮة ﻓﺮاﺳﺘﻬﺎ وﺟﻤﺎﻟﻬﺎ اﻷﺧﺎذ دورا ﻛﺒﻴﺮا ً ﻓﻲ دﻓﻊ اﻷﺣﺪاث ﺛﻢ ﺗﺼﺮﻓﻬﺎ اﻟﻜﺎﺷﻒ ﻋﻦ ذﻛﺎﺋﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ أرادت أن ﺗﻌﺮف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ ﻗﺪ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺣﺒﻬﺎ ﻛﻤﺎ وﻗﻊ ﺣﺒﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﺎ. وﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺪراﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻧﺠﺪ اﻟﺒﻄﻞ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ ﺑﺮﻣﻮز اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺮاﻋﻲ اﻷول ﺛﻢ اﻟﺮاﻋﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﺳﺎﻋﺪه ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ،واﻫﺘﻢ ﺑﻨﺎﻗﺘﻪ ﺣﺘﻰ اﻛﺘﺸﻒ أﻣﺮه ﻓﺤﺎول ﻗﺪر اﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ وﻋﺪه ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺻﻴﺪح ،وﻟﻜﻦ ﻗﻮى اﻟﺸﺮ اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﺑﻦ اﻟﺤﺮام وأﺧﺘﻪ اﻟﻐﺒﻨﺔ ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ،واﺧﺘﻴﺎر ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ذﻛﺎء اﻟﻘﺎص اﻟﺸﻌﺒﻲ وﻣﻮﻗﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﺷﺮار ﻓﻴﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺪاﻟﺔ. وﺗﺘﻌﺮض اﻟﺒﻄﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻻﺧﺘﺒﺎر ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﺮك أﻫﻠﻬﺎ وﺗﻬﺮب ﻣﻊ
ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ وﻻ ﺷﻚ أن ﻗﺮارﻫﺎ ﻫﺬا ﺟﺎء ﺑﻌﺪ ﺻﺮاع داﺧﻠﻲ ﻷﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺗﻌﻠﻢ ﺳﻄﻮة اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وﺗﻌﻠﻢ أن ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﻳﺜﻴﺮ ﺣﺮﺑﺎً ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻻ ﻳﺨﺒﻮ أوارﻫﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻠﻰ ،واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﺼﺮاع وﻟﻴﺲ اﻟﺒﻄﻞ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻬﻲ ﺗﺸﺎرﻛﻪ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺑﻞ وﺗﺘﻔﻮق ﻋﻠﻴﻪ *ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻣﺼﺮ
اﻟﻤﺮاﺟﻊ : ) (1ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻰ :ﺟﻤﻊ وﺗﺪوﻳﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ د .راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻰ ،اﻟﻌﺪد رﻗﻢ 176ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ) (2ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ :ﺳﺎﻣﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺑﻄﺔ، دراﺳﺔ ﻣﻨﺸﻮرة ﺑﻤﺠﻠﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، اﻟﻌﺪد رﻗﻢ 70 )(3ﺻﻴﺎﻏﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺨﺼﻮﺑﺔ واﻟﻘﺪر :د .ﻋﻠﻰ زﻳﻌﻮر؛ دار اﻷﻧﺪﻟﺲ -ﺑﻴﺮوت – ﻟﺒﻨﺎن ؛ 1984
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
29
اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺿﻤﻨﻴ ًﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻧﻈﺮة دوﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ `ﻋﺎدة ﻧﻈﺮ وﺑﺤﺚ ﻣﺘﺠﺮد ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ واﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت اﻟﺮاﺳﺨﺔ
28
ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻳﻼﺣﻆ أن ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ واﻗﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎم اﻷول ،ﻓﻬﻲ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارق واﻟﻘﻮى اﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺴﺘﺒﻌﺪ اﻟﺒﻌﺪ اﻷﺳﻄﻮري ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ، وﻫﺬا ﻻ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ وﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺑﺄي ﺣﺎل ،ﻛﻤﺎ ﻧﺴﺘﺒﻌﺪ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺟﺰءا ً ﻣﻦ ﺳﻴﺮة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ إﺷﺎرات واﺿﺤﺔ وﻻ ﺣﺘﻰ ﺿﻤﻨﻴﺔ -ﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻓﻦ اﻟﺴﻴﺮةاﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول ﺣﻴﺎة اﻟﺒﻄﻞ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﻟﺪه ﺑﺰﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ،وﻻ ﻳﺘﺒﻘﻰ إﻻ أن ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﺪرج ﺿﻤﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺎﻣﺔ واﻹﻣﺎراﺗﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺮﺟﺢ ﻟﻈﻬﻮرﻫﺎ ﻛﻤﺎ اﻓﺘﺮض د .راﺷﺪ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﻠﻤﻲ ﻣﻦ وﺟﻮد اﻟﺮواة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪادﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ. وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﻧﺮى ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ أﻏﻠﺐ
ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
اﻟﻈﻦ أﻧﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن – وﻟﻴﺲ أﻣﺎﻣﻨﺎ إﻻّ وﺿﻊ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﻧﻈﺮا ً ﻟﻘﻠﺔ اﻟﻤﺘﺎح ﻣﻦ اﻟﻨﺺ اﻷﺻﻠﻲ – ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻮازﻳﺔ أو ﻣﻘﻠﺪة ﻟﻠﺴﻴﺮة اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ وذﻟﻚ ﻟﻌﺪة أﺳﺒﺎب. أوﻟﻬﺎ أن أﺣﺪاﺛﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪة ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻋﻦ أﺣﺪاث اﻟﺴﻴﺮة ﻓﻬﻲ ﺗﺪور ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺤﻂ ،واﻟﺤﺮﻛﺔ /اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺎن ﻓﺮدﻳﺎً وﻟﻴﺲ ﺟﻤﺎﻋﻴﺎً ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮة ،وﺛﺎﻧﻴﻬﺎ ﺣﻴﺰﻫﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﺣﻴﺰ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ ،وﺛﺎﻟﺜﻬﺎ أن اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﻌﺸﻖ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻗﺼﺺ اﻟﺤﺐ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻰ، وراﺑﻌﻬﺎ أن اﻟﺤﻴﻮان اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻨﻮق وﻫﻲ ﺣﻴﻮاﻧﺎت اﻧﺘﻘﺎل وﻟﻴﺴﺖ ﺣﻴﻮاﻧﺎت ﻗﺘﺎل وﻓﺮوﺳﻴﺔ وﻫﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﻌﻴﺎر اﻟﺜﺮوة ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﺪث. وﻣﺎ ﻳﺮﺟﺢ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﻠﻴﺪ وﺻﺪى ﻟﻠﺴﻴﺮة
ijĴŕŨė ŞũŬ
واﻟﻌﺮف ،وﻟﻠﻤﺮأة دور ﻛﺒﻴﺮ ورﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺒﻄﻞ ﻟﻘﺒﻮﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻧﺪﻣﺎﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ، وﻫﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺬا اﻟﺪور اﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ إﻳﻤﺎﻧﻬﺎ ﺑﻪ وﺑﺮﺳﺎﻟﺘﻪ وﺑﻘﻮة دﻓﻊ ﺗﺴﺘﻤﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﻮة ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻗﺼﺺ اﻟﺤﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻗﺼﺔ »ﻋﺒﻠﺔ ﺑﻨﺖ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻗﺮاد وﻋﻨﺘﺮة اﺑﻦ ﺷﺪاد« ،وﻫﻲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﺳﻴﺮة ﻋﻨﺘﺮة ،وﻫﻤﺎ أﻳﻀﺎً ﺛﻨﺎﺋﻲ اﻟﺤﺐ اﻟﻤﻌﺮوف ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ. وﻻ ﻧﺠﺎوز اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إذا ﻗﻠﻨﺎ أن ﺣﺐ ﻋﺒﻠﺔ ﻟﻌﻨﺘﺮة ﻫﻮ ﻣﻔﺘﺎح ﺑﻄﻮﻟﺘﻪ ،وﻫﻮ اﻟﺪاﻓﻊ ﻟﺘﻔﻮﻗﻪ ،ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ أو ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻤﺎ ﻳﻜﺎد ﻳﺮاﻫﺎ أو ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻀﺮب واﻟﻨﺰال. وﻓﻲ ﺳﻴﺮة »اﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﺒﺮس« ﻧﻤﻮذج آﺧﺮ ﻫﻮ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺒﻐﺪادﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻨﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺎﻫﺮ وﻫﻮ ﻻ ﻳﺰال ﻃﻔﻼً ﻣﻤﻠﻮﻛﺎً ﺗﺮﻛﻪ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻫﻮ ﻣﺸﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮت ،ﻓﺘﻤﺪ ﻳﺪﻫﺎ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﺤﻨﺎن رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ أﻣﻪ اﻟﺘﻲ وﻟﺪﺗﻪ ،وﻛﺄن اﻟﻘﺎص اﻟﻔﻨﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ اﻷﻣﻮﻣﺔ ذاﺗﻬﺎ، وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻔﺮدﻳﺔ. وﻳﻤﻀﻲ اﻟﻘﺎص اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﻜﺮار اﻟﻨﻤﻮذج ﻧﻔﺴﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺮة »ﻋﻠﻲ اﻟﺰﻳﺒﻖ« ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻟﺪور ذاﺗﻪ ﺣﻴﻦ ﺗﺨﻔﻲ ﻋﻦ اﺑﻨﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻧﺴﺒﻪ ﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻋﺪوﻫﺎ ﺻﻼح اﻟﻜﻠﺒﻲ اﻟﺬي ﻗﺘﻞ واﻟﺪه ﻏﻴﻠﺔ وﻏﺪرا ً. وﺗﻤﺮ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﻣﻈﻠﻮم – ذات اﻟﻬﻤﺔ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ – ﺑﺄﻗﺴﻰ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ اﻟﺘﺸﻬﻴﺮ ﺑﺸﺮﻓﻬﺎ ﻣﻤﻦ ﻳﻔﺘﺮض أﻧﻪ أﻗﺮب اﻟﻨﺎس ﻟﻬﺎ – زوﺟﻬﺎ – ﺑﺮﻓﻀﻪ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻮﻟﺪ إﻟﻴﻪ ﻣﻤﺎ زادﻫﺎ اﻟﺘﺼﺎﻗﺎً ﺑﻪ وﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻴﻪ وإﺻﺮارا ً ﻋﻠﻰ رﻓﻊ ﺷﺄﻧﻪ ﺣﺘﻰ »ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺠﺐ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺒﺆة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮي ﺷﺒﻠﻬﺎ« وﻷﻧﻬﺎ ﺧﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﺑﺘﺪرﻳﺒﻪ ﺣﺘﻰ إذا ﻣﺎ اﺷﺘﺪ ﻋﻮده ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻗﺎﺋﺪا ً ﻟﺠﻴﺶ اﻟﺜﻐﻮر وﻇﻠﺖ ﺗﺮﻋﺎه وﺗﺤﺮﺳﻪ وﺗﻔﺪﻳﻪ ﻛﻠﻤﺎ
ﺗﻌﺮض ﻟﺨﻄﺮ. وﻟﻌﻞ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﻴﻦ ﺗﺼﻮر اﻟﻘﺎص اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ ﻛﻞ اﺑﺪاﻋﺎﺗﻪ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﺠﺮدة واﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺤﻮر ﺣﻮﻟﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة ذاﺗﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮك اﻷﺣﺪاث ﻓﺘﺼﻨﻊ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ وﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺒﻘﺎء. ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﻃﻼﻟﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺮأة ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺼﺮا ً ﻓﻌﺎﻻً ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﻤﺎً ﻣﻬﻤﻼً وﻻ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎً ﻣﺘﺪﻧﻴﺎً ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺟﻨﺴﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﺮاﺋﺮ وﺟﻮاري إﻻّ ﺻﺪى ﻟﻮﺿﻊ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺳﺮى ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل أﻳﻀﺎً ،ﻓﻜﺎن ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺴﺎدة واﻟﻌﺒﻴﺪ. ﻣﻮﻗﻊ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ
وﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻨﻴﻔﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻗﺼﺺ اﻟﺤﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺘﺄﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ أﺷﻬﺮ ﻗﺼﺼﻪ ﻣﺜﻞ »ﺣﺴﻦ وﻧﻌﻴﻤﺔ« و»ﺳﺖ اﻟﺤﺴﻦ واﻟﺠﻤﺎل« وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺪة، وﻛﺬا اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻼﺣﻢ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ. وﻻ ﻳﻜﻔﻲ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺸﻖ ﺑﻴﻦ ﺷﺎب وﻓﺘﺎة ﻟﻜﻲ ﺗﺼﻨﻒ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺿﻤﻦ ﻗﺼﺺ اﻟﺤﺐ اﻟﺸﻬﻴﺮة ،ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﺐ ﻫﻮ اﻟﻤﺤﺮك اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﺤﺪث ،وﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺮﺣﻴﻞ اﻟﺒﻄﻞ – أي ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺤﺪث – ﺑﺎﺣﺜﺎً ﻋﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻸﺧﻄﺎر واﻷﻫﻮال ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ، واﻟﺘﻘﺎﺋﻪ ﺑﻘﻮى اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮ ﻟﻜﻲ ﻳﻜﺘﻤﻞ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺪراﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ ،ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺼﻨﻴﻔﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻗﺼﺺ اﻟﺤﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ. وﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻰ اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﻬﺎ – ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ – اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ وﻧﻮه أن ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﻗﺪ ﺿﺎﻋﺖ ﺑﻤﻮت رواﺗﻬﺎ وأن ﻣﺎ ﺟﻤﻌﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ أﻗﺼﻰ ﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﻴﻨﺎ، ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ إﻻ أن ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ وﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮوض واﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻴﺤﻬﺎ ﻟﻨﺎ أﺣﺪاث اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء دراﺳﺘﻨﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ واﻟﺨﺒﺮة اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ.
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
27
ﺷﺮﻳﻜﺔ ﺑﻄﻮﻟﺔ ،وأﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﺻﺎﻧﻌﺔ ﻟﻬﺎ
ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﻗﺮاءة ﻓﻲ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ« ĚʼnĖ ŽŨĔĸ Ù ±# Ø # Û } ($# Û ±# Ê# / Ä$ £Ø
) 3(# Â ] Ù ±# ) 3(# . Ù # ÛÂ ,# * / Ð
Û+ ,ÙÂ # ÐØ Ù'. ] Ù#/ É Û+ Ù # .
Ð /# . ÐØp$# .p .} ¼ % ' p´ Û'/Ê# , #
} ),# b2 } p æ $ ) Ð'. ] 'æ p, Ø ¢ . '.( 1) Î# .} " # Ð' /Í / ¢ Ã /
أﻣﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻤﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺼﺮاع ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺑﻬﻤﻮﻣﻬﺎ وآﻣﺎﻟﻬﺎ ،ووآﻻﻣﻬﺎ ،وﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﺎ ،وأﻳﻀﺎً ﺑﻤﺨﺎوﻓﻬﺎ، ورؤﻳﺘﻬﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة واﻟﻤﻮت واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻫﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻜﻞ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺟﺟﺪﻟﻴﺔ ﺗﺮﻓﺾ وﺗﻘﺒﻞ ﻣﻔﺮدات ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ،واﻟﻤﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت اﻟﻔﺮد اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻌﺎدات واﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺴﺎﺋﺪ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ. اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺿﻤﻨﻴﺎً ﻣﺎ ﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ ﻓﻲ واﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻧﻈﺮة دوﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻹﻋﺎدة ﻧﻈﺮ وﺑﺤﺚ ﻣﻣﺘﺠﺮد ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ واﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺎت اﻟﺮاﺳﺨﺔ. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻧﻈﺮة اﻟﻘﺎص اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻠﻤﺮأة ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻃﻼق ،وﺑﻨﻈﺮة ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺴﺮدي اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻧﺠﺪ أﻧﻬﺎ ﻣﻜﺮﻣﺔ وﻟﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ واﻟﻜﻠﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ أﺿﻄﺮت ﻟﻜﺴﺮ اﻟﻌﺎدة واﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻟﻤﺴﻤﻮﻋﺔ وأﺣﻴﺎﻧﺎً ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺼﺮف ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺣﺘ
26
ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ijĴŕŨė ŞũŬ
ﺗﺮﻛﻴﺐ
واﻟﻌﺠﻮز اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﻨﺠﺪة واﻟﻤﺮأة اﻟﻤﺪﺑﺮة واﻟﺠﺎرﻳﺔ اﻟﺤﺎذﻗﺔ واﻟﻤﺮأة اﻟﺤﺮة واﻟﻤﺘﺤﻀﺮة«)(8
إن اﻟﻤﺮأة ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺧﻴﺮ وﺟﺎﻧﺐ ﺷﺮﻳﺮ .ﻟﻜﻨﻬﺎ أﻛﺜﺮ اﺳﺘﺜﻤﺎرا ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﺬﺧﻴﺮﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﻴﺪة واﻟﺤﻴﻠﺔ ،ﺑﺤﻜﻢ أﻧﻬﺎ ﻫﻮاﻣﺶ ﻛﺎﺋﻦ ﻳﻘﻄﺮ ﻣﺸﺎﻋﺮ ،وﺗﺨﺬﻟﻪ ﺑﻨﻴﺘﻪ GREIMAS (A .J). Du sens, - 1 اﻟﻬﺸّ ﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺂرب Ed. Seuil,paris, France, 1983, واﻷﻏﺮاض ،ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻤﻴﻞ إﻟﻰ .p. 23 اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺪﻫﺎء ﻛﻠﻤﺎ اﺳﺘﺜﻴﺮ - 2ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﻴﺪ ﻧﻮﺳﻲ :ﺗﻤﺜﻼت اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﺮﻳﺮ ﻓﻴﻬﺎ .ﻟﻜﻦ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،ﺗﺘﻮﻓﺮ ،ﻋﻜﺲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺎل ﻣﻨﺸﻮر ﺑﻤﻮﻗﻊ وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺘﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﺑﺎﻧﺼﺮاﻓﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺒﻴﺎن اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ 2009م ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺑﻂ: اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮأة ﺑﻤﻮازاة ﻣﻊ اﻟﻤﺮأة ﺷﻴﻄﻨﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ http://www.minculture.gov. إﺑﺮاز ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻜﻴﺪﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺧﺼﻴﺼﺎ ،اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻔﻄﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ma/index.php?option=com_cont ent&view=article&id=888:abdelm اﻟﻤﺮأة وﺿﻌﻒ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ اﻟﻔﻴﺰﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻘﺼﺔ آدم وﺣﻮاء ajid-noussi-essai&catid=51:etudeﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺠﺎراة ﻗﺪرة اﻟﺮﺟﻞ ،وﻫﺬا ﻣﺎ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ وﺧﺮوﺟﻬﻤﺎ et-essais&Itemid=153 ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﺮى أن ﺷﻴﻄﻨﺔ اﻷﻧﺜﻰ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺒﺮت وﺗﻘﺪﻣﺖ ﻓﻲ ﺑﺘﺤﺮﻳﺾ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن - 3ﻋﻠﻰ زﻳﻌﻮر :ﺻﻴﺎﻏﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺨﺼﻮﺑﺔ واﻟﻘﺪر؛ دار اﻷﻧﺪﻟﺲ، اﻟﺰﻣﻦ ،ﻛﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻮن ازدﻳﺎد اﻟﺒﻨﺖ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻨﻰ واUﻓﻌﻰ اﻟﻠﺬﻳﻦ وﺟﺪا ﺑﻴﺮوت ،ﻟﺒﻨﺎن؛ 1984م ،ص 145 .وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ... اﻟﻜﺎرﺛﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎت اﻟﺤﻜﺎﺋﻴﺔ ﻃﺮﻳﻖ ا`ﻏﻮاء ﻣﻌﺒّﺪة - 4ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺠﻮ :اﻹﻧﺴﺎن واﻧﺴﺠﺎم اﻟﻜﻮن؛ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ) .(7وﺷﺪدت ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ أﻳﻀﺎ ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺮأة ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻘﻮة إﻟﻰ ﺣﻮاء ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎت اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم ﻧﺎﺷﺮون ،دار اﻷﻣﺎن ،ﻣﻨﺸﻮرات اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ رأﻳﻬﺎ ،واﺧﺘﻴﺎراﺗﻬﺎ ﺑﻜﻞ اﻻﺧﺘﻼف ،ﺑﻴﺮوت -اﻟﺮﺑﺎط -اﻟﺠﺰاﺋﺮ، اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ، اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ2012 ،م ،ص.244 . ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄن اﻟﺮﺟﻞ ،إﻻ أن اﻟﺮﺟﻞ - 5ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺻﺒﺎر :اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻤﻴﻞ اﻟﻤﺮأة واﻟﺤﺪاﺛﺔ ،أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺸﺮق ،اﻟﻤﻐﺮب،1999 ، إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺮ واﻟﺤﻴﻠﺔ واﻟﺨﺪاع ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺮادﻫﺎ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺎت واﻟﺘﺼﺎدﻣﺎت .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻴﻪ ص.8 اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻳﻌﻠﻰ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﺮ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﺳﺘﺤﻀﺎر اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ - 6ﻟﻄﻴﻔﺔ اﻟﺤﻴﺎة :ﻣﻘﺎل »ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻐﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻣﻦ اﻟﻼزم اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ« ،اﻟﺤﻮار اﻟﻤﺘﻤﺪن ،اﻟﻌﺪد.2007 ،1864 اﺳﺘﺪﻋﺎؤﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻧﺼﺎﻓﺎ ﻟﻬﺎ» :ﻗﺪﻣﺖ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ Peju (Pierre) : la petite fille dans la foret des - 7 ﺻﻮرة ﻣﺸﺮﻗﺔ وﻣﻤﺠﺪة ﺗﺒﺪو ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻤﺮأة ﻋﻨﺼﺮا ﻣﺘﻮاﻓﻘﺎ .contes, R. Laffont, paris, France, 1981. P. 128 ﻓﻌﺎﻻ ذا ﻣﺰاﻳﺎ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺒﺮورة ،وﺑﺎﻟﻀﺮورة؛ ﻻﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء - 8ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻳﻌﻠﻰ :وﻇﺎﺋﻒ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻨﻪ ،ﻣﺜﻞ اﻷم اﻟﺮؤوف ،اﻷﺧﺖ اﻟﺤﻨﻮن ،واﻟﺰوﺟﺔ اﻟﻮﻓﻴﺔ ،اﻟﻤﺮﺣﺔ ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﻨﺎﻫﻞ ،اﻟﻌﺪد ،2001 ،65 /64ص.253 .
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
25
ﺑﺬﻛﺎء وﻣﺮواﻏﺔ ،ﺣﻴﺚ أﻗﻨﻌﺖ ﻋﺴﺴﻬﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ ،ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﺻﺮﺧﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻀﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺮﻫﺎ اﻟﺬي اﻋﺘﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﻼﻋﺒﺘﻬﺎ ،وأﻧﻪ ﻻ داﻋﻲ ﻟﻘﻠﻘﻬﻢ. ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺧﻄﺔ ﻟﻠﻬﺮب ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻰ رﻓﻘﺔ ﻋﺸﻴﻘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﻛﺪﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﺮب اﻓﺘﻀﺎح أﻣﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻌﺴﺲ وأﻓﺮاد اﻷﺳﺮة اﻟﺬﻳﻦ اﺣﺴﻮا ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﻏﺮﻳﺐ داﺧﻞ اﻟﻤﻀﺎرب ،ﺣﻴﺚ ﻃﺒﺖ ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺼﺎﺋﻐﻴﻦ ﺻﻨﻊ ﻣﻘﺺ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻘﻄﻊ اﻟﻌﻘﺎل اﻟﺬي ﻛﺒﻠﺖ ﺑﻪ ﻧﺎﻗﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺑﻌﺪ اﻧﻜﺸﺎف أﻣﺮﻫﺎ ،وﺗﻮﻟﻲ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺣﻴﻠﺔ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻌﺒﺔ »اﻟﺤﻠﺔ« ﻟﺘﺨﻠﻴﺺ ﻧﺎﻗﺘﻪ ،ﺛﻢ اﻟﻬﺮب ﻣﺴﺎء دون أن ﻳﻔﻄﻦ اﻟﺤﺮاس ﻷﻣﺮه ﻟﻜﺜﺮة ﻋﺪد اﻟﺸﺒﺎن ،وﻣﺠﻲء اﻟﻈﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ أﻣﻨﺖ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﻬﺮب. ﺳﺮﻋﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻠﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﺑﻌﻴﺮﻫﺎ ﻳﺘﺮاﺟﻊ ﻋﻦ اﻗﺘﻔﺎء أﺛﺮ رﻳﺤﻬﺎ؛ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺮﺑﻬﻤﺎ ،ﺣﻴﺚ أﻟﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺒﺎءﺗﻬﺎ ﻓﻜﻒ ﻋﻦ ﻣﻄﺎردﺗﻬﻤﺎ ﻟﻮﺟﻮد رﻳﺢ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﺎف اﻟﻤﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ. وﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض اﻟﻤﺘﻦ اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺸﻔﻬﻲ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ ،ﻧﻠﻔﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة -اﻟﺸﻴﻄﺎن أو اﻟﻤﺮأة- اﻟﺸﺮ ،وﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﺘﻮن أﺳﺘﺤﻀﺮ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺼﻬﺎ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ» :ﻳﺤﻜﻰ أ ّن ﻋﺠﻮزا ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺮة ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻓﺎﻟﺘﻘﺖ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﺘﻜﺌﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺎزه ﻣﻬﻤﻮﻣﺎ ،ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻫﻤﻪ وﻏﻤﻪ ،ﻓﺤﻜﻰ ﻟﻬﺎ ﻋﺠﺰه ﻋﻦ اﻟﻜﻴﺪ ﻟﺰوﺟﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺴﻪ ،ﻓﺘﺤﺪﺛﻪ اﻟﻌﺠﻮز ﺑﺄن ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻋﺠﺰ ﻋﻨﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ أن ﻳﻜﺎﻓﺌﻬﺎ ﺑﻬﺪﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻓﻮاﻓﻖ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﺑﻠﺒﺎس رﺟﺎﻟﻲ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻓﻔﻌﻞ وودﻋﺘﻪ ﻣﺘﺠﻬﺔ ﺻﻮب دار اﻟﺰوﺟﻴﻦ وﻫﻲ ﺗﻌﻠﻢ ﻏﻴﺎب اﻟﺰوج ،وﻃﺮﻗﺖ اﻟﺒﺎب ،ﻓﻔﺘﺤﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﺰوﺟﺔ وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺠﻮز أن ﺗﺴﻠﻤﻬﺎ ﻗﻠﻴﻼ
24
رﻣﺰﻳﺔ اﻟﻤﺮأة وﺗﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ
ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ أﺟﻞ ﻏﺴﻞ رداﺋﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﻞ اﻟﺬي ﺗﻄﺎﻳﺮ ﻋﻠﻴﻪ أﺛﻨﺎء ﻣﺴﻴﺮﻫﺎ ،وﺳﺎﻋﺪﺗﻬﺎ اﻟﺰوﺟﺔ ،ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺘﻬﺖ اﻟﻌﺠﻮز ﻫﻤﺖ ﺑﺎﻟﺨﺮوج وﺗﻮدﻳﻊ اﻟﺰوﺟﺔ أﻟﺤﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﺧﻴﺮة ﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ اﻟﻐﺬاء ،ﻓﻮاﻓﻘﺖ ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻌﺎدﺗﻬﺎ اﻟﻘﺒﻴﺤﺔ اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺄﻛﻞ ﺑﻤﻠﻌﻘﺘﻴﻦ ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ اﺳﺘﻐﺮاب اﻟﺰوﺟﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﺎدة ،وأﺛﻨﺎء إﻋﺪاد اﻟﺰوﺟﺔ ﻟﻠﻄﻌﺎم ﺗﺴﻠﻠﺖ اﻟﻌﺠﻮز إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻨﻮم ووﺿﻌﺖ ﺑﻬﺎ ذﻟﻚ اﻟﻠﺒﺎس اﻟﺬي ﻃﻠﺒﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن، وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎوﻻن اﻟﻐﺬاء ،إذا ﺑﺎﻟﺒﺎب ﻳﻄﺮق وﻳﺪﺧﻞ زوج اﻟﻤﺮأة ﻓﻴﺮﺣﺐ ﺑﺎﻟﻌﺠﻮز وﺗﺨﺒﺮﻫﺎ اﻟ ّﺰوﺟﺔ ﺑﺄن ﻫﺬا ﻫﻮ زوﺟﻬﺎ، ﻓﺘﺒﺪي اﻟﻌﺠﻮز ﻋﻼﻣﺎت اﻻﺳﺘﻐﺮاب واﻻﺳﺘﻨﻜﺎر ﻣﻮﺟﻬﺔ اﻟﺴﺆال إﻟﻰ اﻟﺰوﺟﺔ :وﻣﻦ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺠﻠﺲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻚ ﻫﻨﻴﻬﺔ ،وﻛﺎن ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻌﻨﺎ وﻗﺪ دﺧﻞ ﻏﺮﻓﺔ ﻧﻮﻣﻚ؟ ﻓﻨﻈﺮ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ زوﺟﺘﻪ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻟﻤﺢ اﻟﻤﻠﻌﻘﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ-اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﻌﺠﻮز-ووﺟﺪ ﻟﺒﺎس اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﻧﻮﻣﻪ اﻧﻘﺾ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﺨﻨﻘﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺴﻠﻠﺖ اﻟﻌﺠﻮز ﻫﺎرﺑﺔ ﻗﺎﺻﺪة اﻟﺸﻴﻄﺎن ،اﻟﺬي أﺑﺪى ﺗﺨﻮﻓﻪ ﻣﻨﻬﺎ وﻣﻦ ﻣﻜﺮﻫﺎ ،ﻓﺪﻓﻊ ﻟﻬﺎ اﻟﻬﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﺮﻃﺘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﻜﺎزه ﻃﺎﻟﺒﺎ ﻣﻨﻬﺎ أن ﻻ ﺗﻘﺮب ﻣﻨﻪ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺄﻣﻦ ﻣﻜﺮﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﻔﻮﻗﺖ ﻋﻠﻴﻪ«).(6 ﻫﻜﺬا ﺗﺒﺎﻟﻎ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻀﺨﻴﻢ ﺻﻮرة )اﻟﻤﺮأة- اﻟﺸﻴﻄﺎن( اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺎدل اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﺸﺮﻳﺮ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ إﻧّﻬﺎ ﺗﺘﺠﺎوز ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﻠﻰ اﻟﺸّ ﻴﻄﺎن ﻧﻔﺴﻪ ،واﻹﻳﻘﺎع ﺑﻪ ﻓﻲ ﺣﺒﺎﺋﻞ ﻣﻜﻴﺪﺗﻬﺎ ،ذﻟﻚ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ أن ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺂرب، ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﺪﻫﺎء اﻟﻤﺮأة ،وﻳﺴﺨﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻴﻞ ﻣﺒﺘﻐﺎه .وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺗﺒﺮز اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺨﻴّﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮأة ،ﻓﺈن ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق ﺑﺼﻮر ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺗﺒﺮع ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺎط اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﺮﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮأة ،ﺣﺘﻰ أﻧّﻬﺎ ﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﺧﺼﻠﺔ واﺣﺪة ﺗﻌﺘﺮف ﻟﻠﻤﺮأة ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ واﻟﺒﻼء اﻟﺤﺴﻦ.
ijĴŕŨė ŞũŬ
»اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﺤﺪاﺛﺔ« ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ» :ﻓﺎﻟﻘﺼﺺ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﺗﺴﺠﻴﻼ ﻟﻠﻌﻴﻮب وأوﺟﻪ اﻟﻨﻘﺺ واﻟﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮﻫﺎ وﺳﻠﻮﻛﻬﺎ أﺑﺮز ﺷﺎﻫﺪ ﻳﻜﺸﻒ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ﻋﻦ دورﻫﺎ اﻟﺨﻼق ﻓﻲ ﺗﻘﺪم اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وإﺑﺪاع اﻟﺤﻀﺎرة...ﻗﺼﺔ ﺧﺮوج آدم ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﻷرض أوﻟﻰ اﻟﺨﻄﻮات ﻟﺨﻠﻖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﻦ ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻮﻫﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺮأة ،اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،واﻟﺸﻚ ﺣﺎﻓﺰ وأﺳﺎس اﻻﺑﺘﻜﺎر واﻹﺑﺪاع ،وﺣﻮاء أول ﻣﻦ ﻣﺎرس ﻫﺬا اﻟﺤﻖ ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ إﺑﺪاع اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ،ﻓﻠﻢ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل!«)(5 اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻮﻓﺎء واﻟﺤﻴﻠﺔ
اﻟﺒﻬﻲ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺗﺠﺴﺪ اﻟﺘﺠﻠﻲ ّ ﺻﻮرة »اﻟﻴﺎزﻳّﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ اﻟ ّﻨﺨﻮة اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﺘﺸ ّﺒﻌﺔ ﺑﻘﻴﻢ اﻟﻮﻓﺎء واﻹﺧﻼص واﻟﺸّ ﺮف ،ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎه ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺴﺎﻟﻔﺔ، ﻓﺈﻧّﻨﺎ ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺸﻴﺮات اﻟ ّﺪﻻﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠ ّﻤﺢ ﻟﺤﻀﻮر
ﻣﺜﻞ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻤﻘﻮﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻤﺮأة ﺑﺎﻹﻏﺮاء واﻟ ّﺪﻫﺎء واﻟﻤﻜﺮ واﻟﺤﻴﻠﺔ واﻟﺨﺪاع ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻮﻇﻔﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ إﺛﺒﺎت اﻟﺬات ،وﺳﺒﻞ اﻟﺨﻴﺮ .وﻣﻦ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻤﺸﻴﺮات: اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻴﺎزﻳﺔ اﻟﺤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﺸﻒ ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﺼﺒﺎﻏﺔ ﻟﺘﺰﻳﻴﻒ ﺻﻮرﺗﻪ ،واﻟﺘﻨﻜﺮ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻋﺒﺪ ﻳﺮﻳﺪ ﺳﻘﺎﻳﺔ إﺑﻞ ﺳﻴﺪه ،وﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺳﺔ ﻛﻴﺪﻳﺔ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ،ﺗﻔﻮق دﻫﺎء اﻟﺮﺟﻞ وﻣﻜﺮه ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف أﺣﺎﺳﻴﺲ اﻟﻮد واﻟﻐﻴﺮة ،واﺳﺘﺪراج اﻟﺬﻛﻮر إﻟﻰ ﻛﻤﺎﺋﻦ اﻟﻐﻮاﻳﺔ اﻷﻧﺜﻮﻳﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻔﻮﻗﺖ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،وﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻨﻪ ﺳﻬﺎﻣﻬﺎ اﻟﺒﻠﻴﻐﺔ ،ﻓﺴﺮﻗﺖ ﻗﻠﺒﻪ ،وﺗﺮﻛﺘﻪ ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ ﺟﺮاح اﻟﻬﻴﺎم ﻣﻘﺘﻔﻴﺎ أﺛﺮﻫﺎ اﻟﻤﺤﺎط ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ. ﺳﺮﻋﺔ ﺗﺼﺮﻓﻬﺎ إزاء ﺻﺮﺧﺔ اﻻﺳﺘﻨﺠﺎد اﻟﺘﻲ اﻃﻠﻘﺘﻬﺎ اﺳﺘﻨﻔﺎرا ﻟﺤﺮﺳﻬﺎ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻏﺮﻳﺐ ﻣﺘﺴﻠﻞ وﺳﻂ ﻗﺮب اﻟﺤﻠﻴﺒﺎﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﺑﻌﻴﺮﻫﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎ إﻟﻰ ﻣﻀﺎرﺑﻬﺎ ،ﻟﻤﺎ اﻛﺘﺸﻔﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮة أن ذﻟﻚ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻮى ﻣﻌﺸﻮﻗﻬﺎ اﻟﺬي ﻃﻌﻨﺘﻪ ﺑﺴﻨﺎن و ّدﻫﺎ ﻳﻮم ﻛﺸﻔﺖ ﺳﺮه ﻏﺪاة ﻣﺮورﻫﺎ ﺑﺎﻟﺒﺌﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻘﻲ ﻣﻨﻬﺎ إﺑﻠﻬﻢ. وﻟﻌﻞ ورود اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺆﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﻳﺰة اﻷﻧﺜﻰ ﻓﻲ ﺳﺮﻋﺔ رد اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﺼﺮف إزاء اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
23
وﻟﻢ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﻌﺸﻴﻖ ﺑﺎﻟﻨﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻢ اﻟﺰواج ﻖ وﻓﻖ اﻷﻋﺮاف اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ. وﺗﺘﻤﺜﻞ اﻟﺼﻮرة اﻟﻤﻼﺋﻜﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ ﺧﻄﺎب ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل وﻓﺎﺋﻬﺎ ﻟﻤﻌﺸﻮﻗﻬﺎ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ وﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ،وﺗﻀﺤﻴﺘﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﺑﺄﺳﺮﺗﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﻪ ،وﻓﻲ ﻫﺬا ﻗﻤﺔ اﻟﺮﻓﻌﺔ واﻷﺻﺎﻟﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻢ اﻹﺧﻼص واﻟﺼﺪق ،ﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻔﺎﻧﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺷﺮﻓﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﻣﺘﻬﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎم ،وﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺮب ،وﻓﻲ دﻳﺎر اﻟﻤﻌﺸﻮق .وﻟﻢ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﻌﻘﻴﻠﻲ ﺑﺎﻟﻮﺻﺎل ،وﻻ ﻫﻮ ﻃﺎﻟﺒﻬﺎ ﺑﺬﻟﻚ، ﺬﻟﻚ، إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻢ اﻟﺰواج ﺑﺤﻀﻮر أﺳﺮﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ أذﻋﻨﺖ ﻟﻘﺮارﻫﺎ واﺧﺘﻴﺎرﻫﺎ ،وﻗﺒﻠﺖ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻟ ّﻤﺎ ﻋﺮﻓﺖ أﺻﻠﻪ وﻓﺼﻠﻪ، ﺼﻠﻪ، وﺷﺮف ﻣﻘﺼﺪه ،وﺻﻔﺎء ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ،وﻧﺒﻞ ﻣ ْﻨﺒﺘﻪ .إﻧّﻬﺎ ﻧﻤﻮذج اﻟﻤﺮأة ﻤﺮأة اﻟﻄﻤﻮح اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻴﻞ ﺣﺮﻳّﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﻴﺎر وإرﺿﺎء ﻃ ُﻤﻮﺣﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﺗﻤﺎﺷﻴﺎ ﻣﻊ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻬﺎ .ﻟﺬﻟﻚِ ، ﺗﻀﺤﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﻼذ اﻟﺨﺼﺐ اﻟﺬي ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ر ّد اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻟﻠﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﻇﻠﻤﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻫ ّﻤﺸﻬﺎ ،وﻣﺎرس ﺿ ّﺪﻫﺎ ﻗﻬﺮا، ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﻣﺠﺎل ﻟﻬﺎ ﺳﻮى اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺮﻣﺰي اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﺎ ،وﺳﻴﻠﺔ ﺗﻌﻴﺪ ﻟﻬﺎ وﺿﻌﻬﺎ وﺗﻌ ّﻮﺿﻬﺎﻋﻦ ﺳﻨﻮات اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺘﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﺗﻤﺜﻴﻼت ﻣﺘﻠﻮﻧﺔ، ّ اﻟﻘﻬﺮواﻟﺬل ،وﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻄﻠﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ وﺗﺄوﻳﻼت ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ،ﻓﺘ ّﻢ ،إﺛﺮ ﺗﻀﺨﻴﻢ ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻟﻘﺪرات ،ﺗﻘﻔﺰ ﻓﻮق اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﻴﺪﻳّﺔ ﻟﻠﻤﺮأة ﺿ ّﺪ ّ وﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻰ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎً أرﺿﻴﺎً اﻟ ّﺮﺟﻞ ،اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺮأة ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺮادﻓﺔ ﻟﻠ ّﺮﻏﺒﺔ اﻟﺸّ ﻴﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻟﻠﺤﻮرﻳﺔ وﺻﻮرة ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺰوﺟﺔ واﻷم اﻟﺤﺎﻣﻴﺔ اﻟﺤﺎﻧﻴﺔ).(3 ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟ ّﺮﺟﻞ، وﻣﺪﺧﻼ ﻣﻦ ﻣﺪاﺧﻞ اﻟﺸ ّﺮ اﻟﻤﺸﺮﻋﺔ ّ ﺣﻴﺚ ﺗﺠﺪ ﻓﻲ ﻣﻴﻮﻻﺗﻪ اﻟﻐﺮﻳﺰﻳّﺔ ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻔﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺼ ّﻴﺮه اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﺘﻮﻧﻪ ،ﻳﺮى أن ﻓﺎﻟﻤﺤﻜﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻳﺪﻳﻬﺎ. اﻟﻤﺮأة اﻟﺸﻴﻄﺎن ّ ّ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺷﻴﻄﻨﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﻘﺼﺔ اﻟﺨﻠﻖ اﻷول؛ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺗﺤﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﺗﺸﻘﻰ ﻟﺘﻌﻴﺶ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻬﺎ ﻗﺼﺔ آدم وﺣﻮاء وﺧﺮوﺟﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﺑﻌﺪ اﻗﺘﺮاﻓﻬﻤﺎ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﺠ ّﻨﺔ ،ﻓﺬﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﻮاء ،اﻷﻧﺜﻰ اﻷوﻟﻰ) ،(4اﻟﺘﻲ اﻟﻜﺒﺮى وأﻛﻠﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﺘﻲ أﻣﺮﻫﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻨﻬﺎ ،ﺣﻤﻠﺖ وزر ﻣﺎ اﻗﺘﺮﻓﺖ ﻟﺴﻼﻟﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء واﻟﺬﻛﻮر ﺑﺘﺤﺮﻳﺾ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن واﻷﻓﻌﻰ اﻟﻠﺬﻳﻦ وﺟﺪا ﻃﺮﻳﻖ اﻹﻏﻮاء ﻣﻌﺎ. ﻣﻌ ّﺒﺪة إﻟﻰ ﺣﻮاء اﻟﺘﻲ أﻛﻠﺖ أوﻻ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮة ،ﺛﻢ ﻏ ّﺮرت ﺑﺂدم ﻫﻜﺬا ﺗﺨﻠﻞ اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻈﻬﺮ اﻟﺴﺎﻟﺐ ﻟﺼﻮرة اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ اﻟﻤﺮأة ،ﻓ ُﻨﺴﺠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻷﻣﺜﺎل واﻟﺤﻜﻢ واﻟﻤﻘﻮﻻت اﻟﻤﺄﺛﻮرة زوﺟﻬﺎ ﻟﻴﻔﻌﻞ ﻣﺜﻠﻬﺎ ،وذاك ﻣﺎ ﻛﺎن ،ﺣﺴﺐ اﻟﻜﺘﺐ ّ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻛﻮن اﻟﻤﺮأة ﺧُﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﺿﻠﻊ آدم اﻷﻋﻮج ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺬر ﻣﻦ ﻛﻴﺪ اﻟﻨﺴﺎء ،وﻣﻜﺮﻫﻦ اﻟﻤﺘﻠ ّﺒﺲ ﺑﺎﻷﻧﻮﺛﺔ واﻟﺤﻨﺎن اﻟﻤﺤﻜﻲ واﻟ ّﺪﻣﻮع واﻟ ّﺮﻗﺔ .وذاك ﻣﺎ ذﻫﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺻﺒﺎر ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ وﻫﻲ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻋﻘﻼ ودﻳﻨﺎ .ﻛﻞ ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺣﻜﺎم ﺗﺴﻠّﻠﺖ إﻟﻰ ّ
22
رﻣﺰﻳﺔ اﻟﻤﺮأة وﺗﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ
ijĴŕŨė ŞũŬ
وإذا ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﺑﻜﺜﺮة ﻟﺠﻮﺋﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﻮة ﻟﺤﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻠﻪ ،ﺗﻤﺎﺷﻴﺎ ﻣﻊ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺗﻪ اﻟﻔﻴﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻓﺈ ّن اﻟﻤﺮأة ،وﺑﺤﻜﻢ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ،وﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ اﻟﺮﻫﻴﻔﺔ ،ﺗﻤﻴﻞ ﻏﺎﻟﺒﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﻠﺔ واﻟﺪﻫﺎء واﻟﻤﻜﺮ ﻟﻬﺰم ﺧﺼﻮﻣﻬﺎ ،إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧﻬﺎ ارﺗﺒﻄﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻲ ﺑﺎﻟﻜﺎﺋﻦ اﻟﺸﺮﻳﺮ اﻟﺬي أﺧﺮج اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ،وﺑﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻜﺎﺋﻦ اﻟﺤﺮﺑﺎﺋﻲ ،اﻟﻤﺘﻘﻠﺐ ،واﻟﺠﻤﻴﻞ ﻫﻮ ﺳﺮ ﺗﻌﺎﺳﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة. وﻧﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻘﻮﻻت اﻟﻤﺘﺤﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل ،واﻷزﺟﺎل، واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،واﻷﺣﺎﺟﻲ ،واﻟﻤﻠﺢ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، واﻟﻨﻜﺎت ...وﻏﻴﺮﻫﺎ. وﺑﻤﺎ أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺗﺠﺴﺪ ﻣﺪوﻧﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ وإﺑﺪاﻋﻴﺔ ،ﺗﺘﺴﻊ ﻻﺧﺘﺰال اﻟﻤﻮاﻗﻒ واﻷﻓﻜﺎر واﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة زﻣﻨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ) ،(1ﻓﺈﻧﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻮرات واﻟﺮؤى ﺣﻮل اﻟﻤﺮأة ،وﻫﻲ اﻟﺠﻤﻌﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪ داﺧﻞ ﺗﻤﺜﻼت ﺗﻘﺪم ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ ّ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺨﺼﻮص ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻤﺮأة ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ).(2 اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻼك
ﺗﺒﺮز اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة اﻟﺨﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﻘﻴﻢ اﻟﺤﺐ واﻟﺠﻤﺎل واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﺗﺴﻌﻰ ﻟﻤﻞء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﺤﻨﺎن واﻟﺪفء ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺸﺮ ،ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺨﻴﻢ .ﻟﻜﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺪم ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﺟﻮد اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﺨﺼ ّﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﺈزاء ﺗﻤﺜﻴﻞ أدوار ﺗﻌﺎدل اﻷﺧﻮة واﻟﺒﻨﻮة واﻷﻣﻮﻣﺔ واﻟﺠﺪة واﻟﺰوﺟﺔ اﻟﻄﺎﺋﻌﺔ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻣﺠﺴﺪا ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﺎزﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺘﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﻮﻓﺎﺋﻬﺎ ﻟﻌﺸﻴﻘﻬﺎ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« واﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ وﻋﺪم اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ أﺣﻠﻚ اﻟﻈﺮوف ﻟ ّﻤﺎ أﺻﺒﺢ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﻪ ﻣﻌﺎدﻻ ﻟﻔﺮاق اﻷﺳﺮة واﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻗ ّﺮرت ،دون ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﻗﺐ، اﻟﻬﺮب ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺒﻮب اﻟﺬي اﺧﺘﺎره ﻗﻠﺒﻬﺎ؛ ﻣﺘﺤ ّﺪﻳﺔ ﺳﻠﻄﺔ اﻷب
اﻟﺴﻨﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ واﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،وﺧﺎرﻗﺔ اﻟﻤﺄﻟﻮف ﻣﻦ ّ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺬي ﻳﻘﺮ ﺑﻤﺒﺪأ إﻃﻼﻗﻲ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ،ﻳﺘﺼﺮف )اﻟﺮﺟﻞ -اﻷب( ﻓﻲ ﺗﺰوﻳﺞ اﺑﻨﺘﻪ دون ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ أو اﺳﺘﺸﺎرﺗﻬﺎ ،ﺳﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻋﺎدة ﻧﻈﺎم اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺮأة ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎن أﺑﺎ أو أﺧﺎ أو وﺻﻴّﺎ أو زوﺟﺎ .وﻫﻨﺎ ﺗﺒﺮز ﻗﻮة ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﺎزﻳﺔ وإﺻﺮارﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺮ اﻟﻄﻮق ،دﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ اﺧﺘﻴﺎراﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة دون اﻟﻤﺴﺎس ﺑﺄﺧﻼﻗﻴﺎت اﻷﺳﺮة أو اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ أو اﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﻛﺮاﻣﺔ واﻟﺪﻫﺎ وأﺧﻮاﺗﻬﺎ .ﺑﻞ ﻇﻠﺖ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﺋﻬﺎ وﻃﻬﺮﻫﺎ،
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
21
اﻟﻘﻮة ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﺤﻴﻠﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء
رﻣﺰﻳﺔ اﻟﻤﺮأة وﺗﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ źĴĥĩŤē ŪżűēĴĖč / ]% # ÎØ É ,Ã / ÙÍ Íè £# Ä$ £' ÛÂ } (# µ . $ " / æ % ÛÂ. . '} .} ¢} .} É/± ' .} .© +
%Ù£ (# Ï} 1# Ù ( 2 - ÃÙ¸/ & ÙÊ# Û % $# ªÃ (# . p (# .} % ± ), . ]- Ù %$£ ' } ' -$±Â. % # Í Ú ± #
.- Ù ,# ¦Í Û # Ø ½# Û -É Ã¢ Û .} ]* ½ ' 1# -#/ . Û ] ¢
20
رﻣﺰﻳﺔ اﻟﻤﺮأة وﺗﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ
ICôG ŸG ájõeQ É ¡ JÓ «ã“h i¦ +{ G* i¦f ~G* iMe µ* ²
)اﻟﻘﻮة ﻟﻠﺮﺟﺎل، واﻟﺤﻴﻠﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء( .. )ﺷﺮﻳﻜﺔ ﺑﻄﻮﻟﺔ ،وأﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﺻﺎﻧﻌﺔ ﻟﻬﺎ( .. )ﺗﺴﺮي ﻛﺎﻟﻌﻄﺮ ﻓﻲ اUرﺟﺎء(.. )اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺸﺮق ﻟـ»ﻳﺎزﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ«..
ﺷﻌﺮ
ĕǙĸ śĔ ǁ ĽőťŤ ǁ įŵŤē ǁ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻮ ﻻﺣﺞ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ
ّ ﺳــــــــــﻼب اﻟﻮ ّد ﻟﻠﻌﺸـــــ ّـﺎق واﻟﺸﻮق ﻳﻠﻌﺐ ﺑﻲ ﻣﻼﻋﻴﺐ ﺷﻮف »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ﻗﺒﻠﻲ اﺻﻄﺎب أ ّول ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻗﺒــــﻞ ﻟﻤﺸﻴﺐ ﻋﻠﻴﻪ وردت ﺑﻨــــــﺖ اﻷﻧﺠﺎب ﺑﻨﺖ اﻟﺬي ﻳﻮﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎﻟﻴﺐ راﺣﺖ وﻫﻮ ﻣﺎ راح ﻓﻲ ْﻃﻴﺎب ﻛﻞ ﻳﻮم ﺣـــﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻌ ّﺬﻳﺐ
*أﺑﻴﺎت ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺗﺴﺘﻠﻬﻢ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ.
18
ﺷﻌﺮ
وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻔﻜﺮي ،وﺗﻮﺛﻴﻖ ﻋﺮى اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ اﻷﻫﺪاف اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻜﻞ ﻃﺮف ،ﻣﺆﻛﺪا أن إﺑﺮام ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻳﺄﺗﻲ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ وﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ واﻟﻤﺘﺴﻘﺔ ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ،وﻣﺸﻴﺪا ﺑﻌﻤﻖ وﻣﺘﺎﻧﺔ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ واﻟﺸﻌﺒﻴﻦ اﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ اﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻷﺧﻮة اﻟﺼﺎدﻗﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ ﻣﺰﻳﺪا ً ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪم واﻻزدﻫﺎر ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎﻻت ﺑﻔﻀﻞ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻗﻴﺎدﺗﻲ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ اﻟﺤﻜﻴﻤﺘﻴﻦ. ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻋﺒﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻋﻦ اﻋﺘﺰاز ﻛﻞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺧﻮﻳﺔ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﺒﻴﻦ اﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ ،ﻣﻌﺮﺑﺎ ﻋﻦ ﺳﺮور ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺑﺘﻮﻗﻴﻊ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺘﻌﺎون ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ،وﻗﺪم ﺷﺮﺣﺎ ﻟﻠﻮﻓﺪ اﻟﻀﻴﻒ ﺣﻮل ﻣﺴﻴﺮة اﻟﻨﺎدي ﺑﻌﺎﻣﺔ وﻣﺴﻴﺮة اﻟﻤﺮﻛﺰ ﺑﺨﺎﺻﺔ ﺗﻌﺮﻓﻮا ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻮد اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ اﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻬﺬا اﻟﺼﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ
ﺿﻤﻦ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات، وﻓﻲ ﺧﺘﺎم اﻟﺰﻳﺎرة ﺛﻤﻦ ﻣﻌﺎﻟﻲ اﻟﺸﻴﺦ آل ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﺮاث ،وأﻋﺮب واﻟﻮﻓﺪ اﻟﻤﺮاﻓﻖ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﻪ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﻣﻬﺎم ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ وإﺑﺮاز ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﺸﺎﻃﺎت ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث وﻋﺒﺮ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿﻪ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺮاﻓﻖ اﻟﻨﺎدي ووﺣﺪاﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮوا ﻋﻦ ﺳﺮورﻫﻢ ﺑﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪوه ﺧﻼل زﻳﺎرﺗﻬﻢ ،ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ أن ذﻟﻚ ﻋﻜﺲ ﺻﻮرة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،واﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺴﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﺬي أرﺳﻰ دﻋﺎﺋﻢ اﻟﺪوﻟﺔ، ورﺳﻢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺤﻮاذه ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﺮام اﻟﻮاﺳﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 185ﻣﺎرس 2015
17
ĴŲĽŤē
وﻗﻌﺎ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺗﻌﺎون ﺛﻘﺎﻓﻲ ّ
وﻓﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻳﺰور ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث źŴĔšťŨ İŤĔĬ ŽėŌŵĖĉ
وﻗﻊ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺗﻌﺎون ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻊ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ. ﺟﺎء ذﻟﻚ ﺧﻼل اﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺸﻴﺦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ آل ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻨﺎء ،اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻤﺮﻛﺰ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ واﻟﻮﻓﺪ اﻟﻤﺮاﻓﻖ ﻟﻪ ﻟﻤﻘﺮ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ.
ﻛﺎن ﻓﻲ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻮﻓﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ،اﻟﺬي اﺻﻄﺤﺒﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﻓﻖ اﻟﻤﺮﻛﺰ وﻣﻌﺮض اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ وزﻳﺎرة إﻟﻰ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻛﺎﺳﺮ اﻷﻣﻮاج .وﻗﺪم ﻟﻬﻢ ﺷﺮﺣﺎ ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰ وأﻫﺪاﻓﻪ وﻣﺠﺎﻻت ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ إﻃﺎر اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ وأﻫﺪاف ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺘﺮاث. ﺿﻢ اﻟﻮﻓﺪ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ ﺳﻌﺎدة اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ آل ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﻓﻮاز أﺣﻤﺪ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻣﺴﺘﺸﺎر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وأﺣﻤﺪ ﻛﻤﺎل اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ رﺋﻴﺲ
16
وﻓﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﻴﺴﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ، ﺗﻀﻤﻦ اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل اﺗﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺎدل اﻹﺻﺪارات واﻟﻮﻓﻮد واﻟﺨﺒﺮاء واﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ واﻟﺨﺒﺮات واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﻤﺴﺘﺠﺪات ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ،وﻋﻘﺪ اﻟﻠﻘﺎءات واﻟﻤﺒﺎﺣﺜﺎت ،وإﺟﺮاء اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ،وﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات واﻟﻨﺪوات واﻟﻤﺤﺎﺿﺮات اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ وإﻃﻼق اﻟﻤﺒﺎدرات ﺣﻮل اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ذات اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻤﺸﺘﺮك. وﺑﻴﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺸﻴﺦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ آل ﺧﻠﻴﻔﺔ أن ﺗﻮﻗﻴﻊ اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل ﻳﺄﺗﻲ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ
ﻧﺴﺮﻳﻦ ﺧﺎﻟﺪ: ﺻﺪري ري اﻟﻔﻮز وﺳﺎم ﻋﻠﻰ
و
ﻧﺴﺮﻳﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻦ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﻋﺒﺮت اﻟﻔﺎرﺳﺔ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﻔﺎﺋﺰة ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻟﻤﺤﻠﻲ ﻋﻦ ﺳﻌﺎدﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻮز اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ وإﺻﺮار ﺷﺪﻳﺪ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﺒﺔ ﻧﺠﻤﺎت اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻣﺆﻛﺪة أن ﻫﺬا اﻟﻔﻮز ﻳﻤﺜﻞ وﺳﺎﻣﺎ رﻓﻴﻌﺎ ،وداﻓﻌﺎ ﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة، ووﺟﻬﺖ اﻟﻔﺎرﺳﺔ اﻟﺸﻜﺮ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﻜﺎدر اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺘﺴﻬﻴﻼت ﺴﻬﻴﻼت اﻟﺴﻠﻢ ،وﻣﺎ واﻟﺪﻋﻢ ،وأﻳﻀﺎ ﻻﺳﻄﺒﻼت ﺳﻴﺢ ﻢ، ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﻲ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎم وﺗﺪرﻳﺐ وﻋﻨﺎﻳﺔ، اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻤﻬﻢ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﺣﺼﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﺰ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ p# ¢ ÐØ Í
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
15
тАлтАк─┤┼▓─╜┼д─УтАмтАм
тАлтАк ┬Н ├Й ┬З # ├Щ(┬Ю ├Ы├В ├Р├Ш┬к├г ├Г$# -├Щ (┬Ю ┬Ъ ├К#тАмтАм
тАл╪▒я║Ля╗┤я║▓ ╪зя╗Яя╗ия║О╪п┘КтАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О я╗зя║ая║дя╗ия║О я╗Уя╗▓ я║Чя║Дя╗ля╗┤я╗Ю я╗Ыя╗оя╗Ыя║Тя║Ф я║Яя║кя╗│я║к╪й я╗гя╗ж я╗Уя║оя║│я║О┘ЖтАм тАл╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓тАк :тАмя╗зя║Ья╗дя╗ж я║Яя╗мя╗о╪п ╪▒╪зя╗Ля╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗мя║оя║Яя║О┘ЖтАм тАля║Ыя╗дя╗ж я║│я╗Мя║О╪п╪й я╗Ля╗ая╗▓ я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя╗ая╗к ╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓ ╪зя╗Яя╗дя║кя╗│я║о ╪зя╗Яя║Шя╗ия╗Фя╗┤я║м┘К я╗Яя╗╕я╗зя║╕я╗Дя║Ф ┘Ия╗Уя║О╪▒я║│я║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Шя╗Шя║Тя╗Ю я╗Яя╗┤я╗Ья╗оя╗зя╗о╪з ╪зя╗Яя╗ия╗о╪з╪й ╪зя╗Яя║дя╗Шя╗┤я╗Шя╗┤я║Ф я╗Яя║Шя╗о╪зя║╗я╗Ю я╗Чя║к╪▒╪йтАм тАля╗Уя╗▓ я╗зя║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪л ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к я║Яя╗мя╗о╪п я║│я╗дя╗о ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪зя╗Яя╗ия║О╪п┘К я╗Ля║Тя║о ╪зя╗╖я║Яя╗┤я║О┘ДтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗ия║О ╪гя║╖я╗┤я║к я║Ся║Оя╗Яя║Шя║░╪з┘Е ╪зя╗Яя╗Фя║оя║│я║О┘Ж я║Ся╗ая╗о╪зя║Ля║в ┘Ия╗Чя╗о╪зя╗зя╗┤я╗жтАм тАл╪зя╗Яя║┤я║Тя║О┘ВтАк ╪МтАмя╗гя║О я╗Ыя║О┘Ж я╗Яя╗к я║Ся║Оя╗Яя╗О ╪зя╗╖я║Ыя║о я╗Уя╗▓ ╪ея╗зя║ая║О╪нтАм тАл╪▓╪зя╗│я║к ╪в┘Д я╗зя╗мя╗┤я║О┘Ж я╗Яя║Шя╗оя║Яя╗┤я╗мя║Оя║Чя╗к ╪зя╗Яя║┤я║кя╗│я║к╪йтАк╪МтАмтАм тАл╪зя╗Яя║дя║к╪л ┘Ия║Чя╗Шя║кя╗│я╗дя╗к я║Ся║╝я╗о╪▒╪й я╗гя║╕я║оя╗Чя║Ф я║Чя║дя║ЦтАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪гя║│я╗мя╗дя║Ц я╗Уя╗▓ ╪ея╗зя║ая║О╪н ╪зя╗Яя╗дя╗мя║оя║Яя║О┘ЖтАк╪МтАмтАм тАля║╖я╗Мя║О╪▒ ╪гя║зя╗╝┘В ╪зя╗Яя╗Фя║оя║│я║О┘ЖтАк ╪МтАм┘Ия║Ся╗дя║О я╗│я╗ия║┤я║ая╗втАм тАля╗гя║Жя╗Ыя║к╪з ┘Л ╪г┘Ж я╗гя║Шя║Оя║Ся╗Мя║Ф я║│я╗дя╗о┘З ┘Ия║гя╗Ая╗о╪▒┘ЗтАм тАля╗гя╗К я║Чя╗оя║Яя╗┤я╗мя║О╪к я║│я╗дя╗о ╪▒я║Ля╗┤я║▓ ╪зя╗Яя╗ия║О╪п┘КтАм тАл╪зя╗Яя╗┤я╗оя╗гя╗▓ ┘Ия║Чя╗Шя║кя╗│я╗дя╗к я╗Яя╗Ья║Оя╗Уя║Ф ┘Ия║│я║Оя║Ля╗Ю ╪зя╗Яя║кя╗Ля╗втАм тАля╗Яя╗ая╗дя║╕я║О╪▒я╗Ыя╗┤я╗ж я╗Чя║к ╪гя║│я╗мя╗дя║Ц я╗Уя╗▓ я║Чя╗Шя║кя╗│я╗втАм тАля║Ся║ая╗Мя╗Ю я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║оя╗│я║Оя║┐я║Ф )я║Яя╗дя║Оя╗ля╗┤я║оя╗│я║Ф(тАк╪МтАмтАм тАл╪зя║гя║Шя╗Фя║Оя╗Яя╗┤я║Ф ╪▒╪зя║Ля╗Мя║Ф я║┐я╗дя╗ж ┘Ия╗Ля╗▓ я║Чя║О┘Е я║Ся║Дя╗ля╗дя╗┤я║ФтАм тАля╗гя║ия║Шя║Шя╗дя║О┘Л я║Чя║╝я║оя╗│я║дя╗к я║Ся║Шя╗оя║Яя╗┤я╗к ╪зя╗Яя║╕я╗Ья║о ╪ея╗Яя╗░тАм тАля╗ля║м╪з ╪зя╗Яя║дя║к╪лтАк ╪МтАм┘И╪п┘И╪▒┘З я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя║дя║Оя╗Уя╗Ия║ФтАм тАля╗Ыя║Оя╗Уя║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Ия╗дя╗┤я╗ж ┘И╪зя╗Яя║оя╗Ля║О╪й ┘И╪зя╗Яя║к╪зя╗Ля╗дя╗┤я╗жтАм тАля╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗дя╗о╪▒┘И╪л ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗▓тАк .тАмя╗Ыя╗дя║О ╪гя║╖я║О╪птАм тАл┘Ия╗Ыя║Оя╗Уя║Ф ╪зя╗Яя╗ая║ая║О┘Ж ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗гя╗ая║Ф ┘И╪зя╗╖я╗Уя║о╪з╪п ╪зя╗Яя║мя╗│я╗жтАм тАл╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓ я║Ся║ая╗мя╗о╪п ┘Ия╗гя║╕я║О╪▒я╗Ыя║Ф я╗Уя║оя║│я║О┘ЖтАм тАля╗Ля╗дя╗ая╗о╪з я╗Ля╗ая╗░ я║Чя║дя╗Шя╗┤я╗Ц я╗зя║ая║О╪н я╗Пя╗┤я║о я╗гя║┤я║Тя╗о┘ВтАм тАл┘Ия╗Уя║О╪▒я║│я║О╪к ╪зя╗╗я╗гя║О╪▒╪з╪к я╗Уя╗▓ я╗гя╗ия║Оя╗Уя║┤я║О╪ктАм тАля╗Яя╗ая╗дя╗мя║оя║Яя║О┘Ж я╗Уя╗▓ ╪п┘И╪▒я║Чя╗к ╪зя╗Яя║Шя║Оя║│я╗Мя║ФтАк ╪МтАм╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗дя╗мя║оя║Яя║О┘ЖтАк ╪МтАм┘Ия╗Чя║О┘ДтАк :тАмя╗Яя╗Шя║к я╗зя║ая║в ╪зя╗Яя╗дя╗мя║оя║Яя║О┘ЖтАм тАл╪зя║Яя║Шя║О╪▓╪к я╗Ыя╗Ю ╪зя╗Яя╗дя╗дя╗Ья╗ия║О╪к ╪ея╗Яя╗░ я╗зя║ая║О╪н я║Ся║Оя╗ля║отАм тАл┘Ия╗зя║ая║дя║Ц я╗гя╗ж я║зя╗╝я╗Яя╗к я╗Чя║оя╗│я║Ф я║Ся╗о╪░я╗│я║Р я╗Уя╗▓тАм тАля╗гя║Тя║к╪╣тАк ╪МтАмя║│я╗┤я║┤я║ая╗Ю я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя║к┘И╪з┘Е я╗Уя╗▓ я║Чя║О╪▒я╗│я║жтАм тАл╪зя╗╣я║│я╗мя║О┘Е я╗Уя╗▓ я║Чя╗Дя╗оя╗│я║о ╪▒я╗│я║Оя║┐я║Ф ╪зя╗Яя╗Шя║к╪▒╪й ╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАля╗Чя║оя╗│я║Ф я║Ся╗о╪░я╗│я║Р ┘Ия╗гя║┤я╗┤я║оя║Чя╗мя║О ╪зя╗Яя╗╝я╗Уя║Шя║Ф я╗Уя╗▓тАм тАля║Чя╗ая╗Шя╗░ я╗Ыя╗Ю ╪пя╗Ля╗в ┘И╪зя╗ля║Шя╗дя║О┘Е я╗гя╗ж я║│я╗дя╗отАм тАля║Чя╗Дя╗оя╗│я║о я╗Уя║о┘Ия║│я╗┤я║Ф ╪зя╗╗я╗гя║О╪▒╪з╪ктАм
тАлтАк14тАмтАм
тАля╗гя╗мя║оя║Яя║О┘Ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к ╪зя╗Яя║Шя║Оя║│я╗К я╗Яя╗ая╗Фя║о┘Ия║│я╗┤я║ФтАм
ÃÙ$¢ Ð p( ' Ð Ï p( ¤Ù±# Ø/
ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻘﺎط اUوﺗﺎد وأﻟﻌﺎب اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻟﻠﺼﻐﺎر
وﻓﻲ اﻃﺎر ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺷﻬﺪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﺧﺘﺎم ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت »ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻘﺎط اﻷوﺗﺎد وأﻟﻌﺎب اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻟﻠﺼﻐﺎر« ﻓﻲ دورﺗﻬﺎ اﻟﺮاﺑﻌﺔ واﻟﺘﻲ ﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺮق ﻣﻦ اﻻﻣﺎرات وﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،واﻟﻤﻐﺮب. وﻗﺎم ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻋﻘﺐ ﺧﺘﺎم اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت ﺑﺘﻜﺮﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ وﺗﻬﺌﻨﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ أداﺋﻬﻢ وﺗﻤﻴﺰﻫﻢ واﻟﺘﺰاﻣﻬﻢ ﺑﺸﺮوط وﻣﻮاﺻﻔﺎت اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﺗﻤﻨﻰ ﺳﻤﻮه ﻟﻠﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﻛﻞ اﻟﻨﺠﺎح واﻟﺘﻮﻓﻴﻖ واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺮداﺗﻬﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ، ﻣﺆﻛﺪا ً ﺣﺮﺻﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﺎﻓﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻬﻢ وﺗﻄﻮﻳﺮ رﻳﺎﺿﺘﻬﻢ واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻬﺎ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت.
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
13
ĴŲĽŤē
اﻟﻔﺎرس أﺣﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺳﻴﻒ اﻟﻨﺎﺻﺮي ﻣﻦ إﺳﻄﺒﻼت ﺳﻴﺢ اﻟﺴﻠﻢ، ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮة اﻟﺠﻮاد )ﺑﺮد ﺑﻴﺮد ﻛﻮﺑﺮا( ﺑﻤﻌﺪل ﺳﺮﻋﺔ ﺑﻠﻐﺖ 26.38ﻛﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗ ّﻮج ﺳﻤﻮه اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻲ ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120ﻛﻠﻢ ،اﻟﻔﺎرس ﻣﻜﺘﻮم ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻜﺘﺒﻲ ﻣﻦ إﺳﻄﺒﻼت اﻟﻜﻤﺪة ،ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮة اﻟﺠﻮاد )ﻫﻴﺠﻼﻧﺪ ﻓﻴﻮ رد( ،وﺗﻮج اﻟﻔﺎﺋﺰة ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 114ﻛﻠﻢ ،اﻟﻔﺎرﺳﺔ اﻻﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻧﺴﺮﻳﻦ ﻛﺎﺳﺮو ﻋﻠﻲ ﺧﺎﻟﺪ ،ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮة اﻟﺠﻮاد )اﻟﺠﻤﺎﻧﻲ ﺳﻠﻴﻔﻢ داوﻳﺪ( ،ﻣﻦ
12
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ
إﺳﻄﺒﻼت ﺳﻴﺢ اﻟﺴﻠﻢ. واﻟﺘﻘﻰ ﺳﻤﻮه ﺑﺨﻤﺴﻴﻦ ﻃﺎﻟﺒﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻨﺎدي ﻳﻤﺜﻠﻮن ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺑﺤﻀﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات. وﻫﻨﺄ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻜﺄس ،ﻣﺘﻤﻨﻴﺎً ﻟﻬﻢ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت، ﻟﺪﻋﻢ ﻓﺮوﺳﻴﺔ اﻹﻣﺎرات واﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ رﻳﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﻲ. ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ ﺳﻤﻮه ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻟﺠﻬﻮد ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺘﻈﺎﻫﺮة اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ،ﻣﺆﻛﺪا ً ﻣﻮاﺻﻠﺔ دﻋﻢ ﻛﺎﻓﺔ رﻳﺎﺿﺎت اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ورﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎص ،ﻣﻨﻮﻫﺎً ﺳﻤﻮه ﺑﺄن ﺗﻄﻮر ﻓﺮوﺳﻴﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﺮﻫﻮن ﺑﺤﻤﺎﺳﺔ ﻓﺮﺳﺎﻧﻬﺎ وﻓﺎرﺳﺎﺗﻬﺎ وإﺧﻼﺻﻬﻢ ﻟﻬﺎ ،ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻌﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎل وﻋﺮاﻗﺔ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ.
اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻘﺪرة ﻟﻠﻔﺮق ﻓﻲ ﻓﺌﺘﻲ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻨﺎﺷﺌﻴﻦ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120ﻛﻢ. وﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﻨﻈﻴﺮي واﻟﻔﻜﺮي ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن، ﺷﻬﺪت اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺪوة »اﻟﺨﻴﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻤﺮﺑﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﻌﺎﻗﺪ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ورﻫﺎﻧﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ« ،وﻧﺪوة ﺑﻌﻨﻮان »ﻧﺎدي ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﺸﻄﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺑﺈﺷﺮاف اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاﺛﻴﺔ وﻓﻨﻴﺔ ﻓﻴﺔ، ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات.
ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻸﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺎدي وﻋﺪد ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﻣﻼك وﻣﺮﺑﻲ اﻟﺨﻴﻮل واﺻﺤﺎب اﻻﺳﻄﺒﻼت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺟﻤﻬﻮر ﻛﺒﻴﺮ. ﻛﻼ ﻣﻦ اﻟﻔﺎرس أﺣﻤﺪ ﻣﻄﺮ اﻟﻤﺮي ﻣﻦ إﺳﻄﺒﻼت ﺷﻤﻞ اﻟﺘﻮوﻳﺞ ً ﺳﻴﺢ اﻟﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮة اﻟﺠﻮاد )راﻳﺰورﺑﺎك واﻳﻠﺪ ﻓﺎﻳﺮ( ،ﺑﻄﻞ وﺣﺎﻣﻞ ﻟﻘﺐ ﻛﺄس ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 240ﻛﻠﻢ. وﺗ ّﻮج ﺳﻤﻮه أﻳﻀﺎً اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﻜﺄس ﺳﺒﺎق اﻟﺸﺒﺎب ﻛﻠﻢ، واﻟﻨﺎﺷﺌﻴﻦ ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120ﻛﻠﻢ،
ﻓﺎﺋﺰون وﺗﻜﺮﻳﻤﺎت ﻤﺎت
ﺗ ّﻮج ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻓﻲ اﺧﺘﺘﺎم وﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن. ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت ت وﺣﻔﻞ ﺗﺘﻮﻳﺞ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺣﻀﺮ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﺣﻔﻞ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن وﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮاء وأﻋﻀﺎء ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻳﺪ اﻟﺴﻠﻚ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲﻲ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻟﺪى اﻟﺪوﻟﺔ وﺳﻌﺎدة ﻋﻠﻲ
' Ï Ù,Í " pØ © Ð ÃÙ$¢ Ð p( ' Ð pØ © ¤Ù±# . Ï p( ¤Ù±# ±
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
11
ĴŲĽŤē
وأﻋﺮب اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻮن ﻋﻦ ﺟﺰﻳﻞ ﺷﻜﺮﻫﻢ وﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﻟﺴﻤﻮه ﻋﻠﻰ رؤﻳﺘﻪ اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ واﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﺮس واﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ،واﺗﻔﻘﻮا ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ واﻟﻬﺎﻣﺔ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﺳﺘﺤﺴﻨﻮا ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ اﺧﺘﻴﺎر ﺳﻤﻮه ﻟﻠﺘﻮﻗﺖ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻨﺎدي، واﻟﺬي ﻳﺠﻲء ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺒﻮط ﺣﺎد ﻓﻲ أﻋﺪاد اﻟﺨﻴﻮل اﻷﺻﻴﻠﺔ، ﻣﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﺣﺎﻓﺰا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻟﻤﺮﺑﻲ وﻣﻮﻟﺪي اﻟﺨﻴﻮل اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻲ ﺳﻼﻟﺘﻬﺎ. وﺗﺄﺗﻲ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬا اﻟﻨﺎدي ،ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮه اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻼزم ﻟﻠﺨﻴﻮل وﻣﺮﺑﻴﻴﻬﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎً ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺒﺎﻗﺎت ﺗﻘﺎم ﺣﺼﺮﻳﺎً ﻟﺨﻴﻮل أﻋﻀﺎء HARCﺣﻴﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻣﻞ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻫﺬا اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻰ اﺗﺴﺎع ﻗﺎﻋﺪة ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ إﻧﻪ ﺳﻴﻌﻴﺪ ﻣﻼك وﻣﺮﺑﻲ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻋﺎﺷﻘﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻲ ﺟﺬورﻫﺎ.
10
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ
ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ
ﺿﻢ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن أﻛﺜﺮ 15ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺷﺎرﻛﺖ ﺑﻬﺎ دول ﻋﺮﺑﻴﺔ وﺧﻠﻴﺠﻴﺔ، ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ اﻻﻣﺎرات .ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺟﻤﺎل اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺮوﻳﺾ اﻟﺨﻴﻮل ،ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻘﺎط اﻷوﺗﺎد ،ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻗﻔﺰ اﻟﺤﻮاﺟﺰ ،ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة اﻟﺬي ﻳﺘﺼﺪره ﺳﺒﺎق ﻛﺄس ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 240ﻛﻢ )ﺛﻼث ﻧﺠﻮم(، وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120ﻛﻢ )ﻧﺠﻤﺘﺎن( ،ﺳﺒﺎق اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻨﺎﺷﺌﻴﻦ ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120 ﻛﻢ )ﻧﺠﻤﺘﺎن( ،وﺳﺒﺎق اﻟﻘﺪرة اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120ﻛﻢ، وﺳﺒﺎق اﻟﻘﺪرة اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 80ﻛﻢ )ﻧﺠﻤﺔ واﺣﺪة( ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺘﺄﻫﻴﻠﻴﺔ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 40و 80ﻛﻢ ،وﻳﺸﺘﻤﻞ
ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺪى 18ﻳﻮﻣﺎً ﺣﻘﻖ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ 2015واﻟﺬي ﻧﻈﻤﻪ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ إﺗﺤﺎد اﻻﻣﺎرات ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ وﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ وﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺠﻮاد اﻟﻌﺮﺑﻲ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻻﺻﻴﻠﺔ وﻗﺪرﻫﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ. ﻧﺎد دوﻟﻲ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ رﺋﻴﺴ ًﺎ Uول ٍ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺧﻼل ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،وﺗﻨﻔﻴﺬا ً ﻟﺮؤﻳﺔ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،اﻟﻘﺎﺿﻴﺔ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﺎد دوﻟﻲ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﻬﺪف اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻲ ﺳﻼﻻﺗﻬﺎ، ﻋﻘﺪ ﻣﻤﺜﻠﻮن ﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺠﻮاد اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ، اﻟﺒﺮازﻳﻞ ،ﻣﺼﺮ ،اﻟﻤﻐﺮب ،ﺑﻮﻟﻨﺪا ﺗﺮﻛﻴﺎ ،اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة، اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وروﺳﻴﺎ، اﺟﺘﻤﺎﻋﺎ ﺑﺄﺑﻮﻇﺒﻲ ﺗﻢ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﺎدي اﻟﺘﺮاث ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ HARCوإﻧﺘﺨﺎب ﺳﻤﻮه رﺋﻴﺴﺎً ﻟﻪ.
ﺑﻄﻞ اﻟﻜﺄس: ﻛﻞ اﻟﺸﻜﺮ ﻟﺴﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ
ﻋﻘﺐ
اﻹﻋﻼن ﻋﻦ ﻓﻮزه ﺑﻜﺄس ﺳﺒﺎق اﻟـ 240ﻛﻢ ﺗﻘﺪم اﻟﻔﺎرس اﺣﻤﺪ ﻣﻄﺮ اﻟﻤﺮي ﻣﻦ اﺳﻄﺒﻼت ﺳﻴﺢ اﻟﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻮده ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ ورﻋﺎﻳﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ودﻋﻤﻪ واﻫﺘﻤﺎﻣﻪ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة، ﻛﻤﺎ اﻫﺪى ﻓﻮزه اﻟﻰ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﻤﺪان ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ،وﻣﺪرﺑﺔ . وﻋﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ﻗﺎل »ان اﻟﺴﺒﺎق ﻛﺎن ﻗﻮﻳﺎً واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻔﺘﻮﺣﺎً ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﺠﺪارة واﻧﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﻔﻮز اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻮﻗﻌﻪ ،ﻣﻮﺿﺤﺎ اﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺘﻜﺘﻴﻚ واﺗﺒﺎع ﺗﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﻤﺪرب ﻣﻦ اﺟﻞ اﻟﻔﻮز.
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
9
ĴŲĽŤē
ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ ﺗﺄﺳﻴﺲ أول ﻧﺎد دوﻟﻲ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻳﺤﻘﻖ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﺑﻨﺠﺎح ﺑﺎﻫﺮ ŦũĥŤē ŽŬĔű ĘĝŠ
ﻣﻦ ﺳﻮﻳﺤﺎن وﻣﻬﺮﺟﺎن ﻛ ّﺮم اﻻﺑﻞ واﻟﺴﻠﻮﻗﻲ ،ﻣﺮوراً ﺑﺎﻟﺨﺘﻢ وﻣﻴﺎدﻳﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎً اﺣﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،واﻧﺘﻬﺎء ﺑﺄﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﻣﻴﻼد أول ﻧﺎد دوﻟﻲ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻳﺆﻛﺪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات - ،ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮل – اﻫﺘﻤﺎم ﻗﻴﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺮﺷﻴﺪة ،وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ »ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ« ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﺑﻜﻞ أﺷﻜﺎﻟﻪ وﻣﻔﺮداﺗﻪ.
8
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ
şĘŜǠė ijĘƀĠķė 61
ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا
ﻫﻞ ﻣﺎ أﺧﻄّﻪ ﻫﻨﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ اﻟﻰ أدب اﻟﺮﺣﻼت؟ ﻻ أدري، أﺻﺪﻗﻜﻢ اﻟﻘﻮل ،ﻻ أﻋﺮف. ﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا؟ ﻧﻌﻢ وﻻ .ﻛﻴﻒ؟ ﻫﻞ ﻣﺎ أﻛﺘﺒﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ّ ﻫﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﺑﺎﻟﺘّﺄﻛﻴﺪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،وﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﺮات، وﺗﻠﺘﺤﻢ أﺧﺮى ﻣﻊ ﻣﺌﺎت؛ ﻻ ،رﺑّﻤﺎ آﻻف اﻟﻘﺼﺺ ﻟﻌﺮب وﻏﻴﺮ ﻋﺮب، ﻣﺴﺮﺣﻬﺎ اﻷراﺿﻲ اﻟﻜﻨﺪﻳّﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮل ”ﻣﺴﺮﺣﻬﺎ اﻷراﺿﻲ اﻟﻜﻨﺪﻳّﺔ“ ﻓﻼ ﻳﺨﻔﻰ ﻟﻤﺘﺎﺑﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﺮح ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت وأﻋﺮاق وأﺟﻨﺎس.
ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ: ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث -ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،أﺑﻮﻇﺒﻲ
øijĴŕŨė ŸķĸĭŬŸ ĊėĸŕŀŸ ęĘDžġŤ )وﻓﻘﺎً ﻟﺘﺮﺗﻴﺐ اﻟﻨﺸﺮ( ﻫﺎﻧﻲ اﻟﺠﻤﻞ ،ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻠﻜﺎوي ،اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻮﻻﺣﺞ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ،إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺤﺠﺮي ،ﺳﺎﻣﻲ ﺑﻄﺔ ،ﻣﻴﺴﺮة ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ ،ﻫﺸﺎم ﺑﻨﺸﺎوﻳﺮ ،د .راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،د .واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ،ﻣﺮﻳﻢ ﺣﻴﺪري ،ﺳﻤﻴﺮ اﻟﻤﻨﺰﻻوي ،أﺣﻤﺪ ﻣﺤﺠﻮب، أﺷﺮف أﺑﻮ اﻟﻴﺰﻳﺪ ،أﺣﻤﺪ ﻣﻮﻟﻮد اﻟﻄﻴﺎر ،ﻣﺤﻤﻮد ﺷﺮف ،رﺷﻴﺪ اﻟﺨﺪﻳﺮي ،د.ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺰب ،ﺣﻤﺪان اﻟﺪرﻋﻲ د .ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ ،د .أﻧﺲ اﻟﻔﻴﻼﻟﻲ ،د .ﺑﻠﻴﻎ ﺣﻤﺪي اﻟﺠﺒﻮري ،د.ﺳﻬﻴﺮ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ اﺑﺮاﻫﻴﻢ ،ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺪﻳﺮي ،ﺳﺎرة ﻳﺤﻴﻰ ّ اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ ،ﺷﺮﻳﻒ ﺻﺎﻟﺢ ،د .ﻣﻘﺪاد رﺣﻴﻢ ،د.رﺿﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻴﻢ اﺳﻤﺎﻋﻴﻞ رﺿﻮان، د.ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ ،اﺷﺮف اﻟﺒﻮﻻﻗﻲ ،ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ،د.أﻳﻤﻦ ﺑﻜﺮ ،ﺳﺮور ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻌﺒﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻏﺒﺮﻳﺲ ،وﻟﻴﺪ اﻟﺸﻴﺦ ،ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻄﻔﻪ ،ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ.
اﳌﴩف اﻟﻌﺎم
ƁŔŸķĺŭŨė ĴŭĬč Ĵŀėķ ùij ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
ŲſĴŨė ĊǟŔ ĴƀŨŸ اﻻﺧﺮاج واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻏﺎدة ﺣﺠﺎج اﳌﻮﻗﻊ ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ: www.mags.ae
øŪĥŭŨė ŧŹšſ ﻣﺨﺘﺎرات ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ وﻳﺸﺮﺣﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ. 51ﺟﺘﻚ ْﺻﺪﻗﻪ ﻗﺎل ،ﺑﺎزﻧﻬﺎ ﻳﺸﻖ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻗﻞ وﻣﺠﻨﻮن 77اﻟﺜﻮب ﻣﺎ ّ ﺑﺎﻟﻘﺺ واﻟﻌﻴﺶ ﺑﺎﻟﺨﺺ، 90اﻟﺘﻤﺮ ّ ّ 96ﺟﺮاده ﻓﻲ اﻟﻴﺪ ،وﻻ أﻟﻒ ﻃﺎﻳﺮه 104ﺛﺮﻣﺎ وﺗﻜﺴـّﺮ ﺟﻮز 118اﻟﺠﻨﺎزه ﻋﻮده ،واﻟﻤﻴّﺖ ﻓﺎر
ğĘŤėĸġŀǞė : #.p# ¢ Ð' Âç# /)+ 100 : 'è #. %¢ Âç# b b Õ($# / (+ 150 : #.p# %¢ Õ($# - (+ 150 .)+ 200 #.p# ¢
ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﳌﺠﻠﺔ : Ø # . 2 Û ¸/ - p (# Ù # '2 'waleedalaa@hotmail.com : Ø # Øp
'00971556929190 :%Ø / 026666130 :Ä + ' p( } : Ø©/ # ".Õ marketing@cmc.ae +971 56 3150303
} Ø©/ -&3 é# Û ¸/
02 4145050 : Â 8002220 : ÛÍ (# )É # +971 02 4145000 : £# Ð' " 3# distribution@admedia.ae
اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎت
اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
7
106
ﺗ ﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ
ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗ ﺮاث اﻹﻣﺎرات
ŪſĸĚč 186 ijĴŕŨė
2015
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ 83ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ إﻟﻰ ﺻﺪﻣﺔ اﻟﺤﺪاﺛﺔ... د .أﻧﺲ اﻟﻔﻴﻼﻟﻲ
ůŹűŜ
وﻧﺺ ُﻣﺮﻛﺐ... 86رﺟﻞ واﺣﺪ ّ
106اﻟﺮﻗﺶ واﻟﺘﺮﻗﻴﻦ واﻟﻤﻨﻤﻨﻤﺎت ﻓﻲ
د .ﺑﻠﻴﻎ ﺣﻤﺪي إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ
اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻔﻨﻲ ا`ﺳﻼﻣﻲ
ĜġťŨė şŹļ
) 120اﻟﺪان( ﻓﻦ اﻟﻄﺮب واﻟﺒﻬﺠﺔ
92اﻟﺸﺎﻋﺮة ا`ﻣﺎراﺗﻴﺔ ”ﺟﻨﺎن“ ﺗﺼﺪر أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ
ęŹŕŁŨė ģėĸĠ ŲŬ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎب
ّ ﻣﻘﻄﻌﺎت ﻟﺤﻨﻴﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ ) 114اﻟﻌﺪودة(
اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺴﺮد ّ 93ﻧﻤﺎذج إﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻓﻲ ّ
112
95اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ
ĝĘƀĭŨė ŧĘěĬ 100اﻟﺠﻤﻞ ،اﻟﻌﺎﺋﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل
ŖƀěŨė ķĘŕļč 2 Ø 10 É - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è b ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ 250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ ÐØ # $(' -
b Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+ 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # - Ï ÎØ Ù(° ,# . 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ
6
ķĸĭŭŨė ŲŬ
ĴſėĹ ŲĚ ůĘōũļ
ecdh ƁĚĸŕŨė ģėĸġŨė ŪĨķ Ï $ ¤Ù±# /( Î' "Û Ù # &3 é# Û # ª (# " É ] $# % ' p # . Ú Í Ùã #.p# Ùã /( # % (' Ï Ù,Í " Ï $ Ð pØ © Ð
.&2015 & $# Û # # % Ê# '2 d
*/( /, # b ØpÊ Û ~Ø Ê$# ¦, */( ©/Â Ï :ª (# Ùã Û Î(# ÐÙ " É. ] p æ . ê Ø ( # 0 # Í ,(# ' É . # 1$ ºÂ # ÛÂ
".p# Ä$ £'. 'è Ð' # Ë ± % # $ É } Û # Í ,(# Û+. . Ù # . Ù Ù$£#
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
38
ورﻳﺚ ﻳﻌﻘﻮب اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ
1$ / ( } Ù # ".p# Â ÐÙÙ Ù # ÐÙÙÃ # Ð' ª (# µ } Ï} Á ´}.
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻮس
. p æ Â Ê . . ¤Ø pØp # " Ù æ ÄØ . Ù$£# ".p
Ã(# Û Î# ±# ÛÂ Ù .
# ºÃ Û æ .p# ,# Ù # Ï Ù,Í " pØ © Ð Ï $ ¤Ù±# /( /, Ï} 0Ô ÌÂ. %( Û # ]  ,# Û'3 è %( # '/¹Î' Ð' ª ,Í~ " " £Ã .
Í ,(# . ±Íæ Ð' pØp # ¢ª Û # '/¹Î(# !$ ]*/( ,Ù / . Ú (# # Ú Ù Ù 1# 1 Áp, , Û # Û Ù($ # . Ù . Ù'3 è Ù è ' # . . Ê (# . .
Ù#. Ù(Î # Ð' 3 Â. 3b Ù ª Ù# Ù # Ù Í ÛÂ - ' . Ú/Î (# . b . Î# ,# Ø Ø ¥ ' b b ÙÎ+ äÙÎ+. ] (Ù # , ÙÊ " "4# ääÙÎ+
Û # # % "4 Û # $# Ð Ï $ ¤Ù±# /( "&2015 & #
1$ p . -$# -¹Ã ]Ï Ù,Í " pØ © .* ¢ Ù£#
-# Ï ]ÐØ p (# ±# p } /+ « / # »
%¢ } ( ] pØp # ($ # . $ (# . /+ "ª½# Ï ¥ . . Øp # Û /Ê# ¶ -Ù$
1$ -ÙÂ Ë/Ã Ø Ø Ú¦# / # ±# Ï pÙ' - Í 1$ $¼ 2 Ê(# ° Ï} 2 «Ú ( # » -
h p(# # ° ) p(# ° -Í} ( .-Í/# . . $Ù( pã É ,ÙÂ -#. ] Ù ( 2 .
ĿĘšűũŨ ĞƀʼnŠ
68
ùùƁěŕŁŨė ģėĸġŨė ĞƀĚĸŕŨė ĞſijĸĽŨė ǝ ŷĠǟĥŭĠŸ #~ ' ' Ï/ Ê# . Ï/Ùã . # % Ã Ø ÄÙ #~
Ï} Ð Ï} Ð (Ø Ù°} ( %+ \Û ±# # ÄÙ¸/ à à ÛÍ Íè # . Û ±# Û (# ,ÃÙµØ
Ø .
Ø . ÎÎ (Ø ÄÙ \Ú # %( # 1# '
\ # Ð' %,Î# Ø ½' ØÔ É .}
p p # Ù#p # p ' + Ù¼. $ä æ *¦+
] Øp ] Øp # Ù # Â Ê # ( . Û # # .
- , - ,¹( % ÛÂ # ÄÙ¸/ Ï} p Õ(# .
] # ] # (# . ÃÍ2 Ð' Ù # / Ù$( b . . Ù ªÙ' Û # "Ì # pÊ " Ð pÙ .Û # p è $ ' 4# Ù ¢ * Í p } Ú¦# ÌÙÊ # ¦+ ÛÂ ¶ # ' + ¹# p Î#. ]
.Û # )# # ÛÂ ÐÙ p (#
5
20115 ﻞ 2015 أﺑﺮﻳﻞ ﺮﻳﻞ أﺑﺮﻳﻳ186 18 ﻌﺪدد اﻟﻌﺪد ااﻟﻌﺪ
8
ﺗ ﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ
ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗ ﺮاث اﻹﻣﺎرات
ŪſĸĚč ŪſĸĚ Ěč 186 ijĴŕŨė
2015
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ĸŶŁŨė ģėĸĠ 8 ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺮوﺳﻴﺔ ﻳﺤﻘﻖ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﺑﻨﺠﺎح ﺑﺎﻫﺮ b pØ © Ð Ï $ ¤Ù±# /( Ï ,' ÌÊ '/Ø 18 0p' 1$ pØ © Ð
Ú Í " Ú Í -(¹Í Ú¦# . &2015 Ù . Ã$# # Û#.p# Ï Ù,Í
Ù . Ã$# Ù . Ã$# '2 ' ÌÙ Î # . Ï. # '2
- # ]Û - # ]Û # / # (¹Î'. $Ù æ Ù # "/Ù£# Ù ( . . , Í '. . , Í '. + pÉ. $Ù æ Ù # "/Ù£# )# # ÄØ ÛÂ
ijĴŕŨė ŞũŬ 19 «ĞſĹĘƀŨėŸ ǫƀšŕŨė ĞſĘťĬ ǝ ğėĊėĸŠ» ĞƀěŕŁŨė ĞſĘťĭŨė ǝ ĝčĸŭŨė ĞƀŅıŀ ﻫﺬا اﻟﻤﻠﻒ ﻫﻮ اﻟﺠﺰء اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻣﺸﺮوع ﺗﻮﺛﻴﻖ ودراﺳﺔ ﺣﻜﺎﻳﺔ )اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ( ،اﻟﺘﻲ وﺛﻘﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺠﺰء اﻷول ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان )اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﺮة اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ( ،وﺣﻤﻞ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻄﻼ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ(. ﻋﻨﻮان )اﻟﺠﻤﻞ ً وﺣﻤﻞ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻨﻮان )ﻟﺬة اﻟﺤﻜﻲ( وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﻳﺘﺘﺒﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ أﺛﺮ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺎت ﺗﻨﺎﻗﺶ رﻣﺰﻳﺘﻬﺎ وﺗﻤﺜﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻛﺄﻧﻤﻮذج.
4
) 20اﻟﻘﻮة ﻟﻠﺮﺟﺎل ،واﻟﺤﻴﻠﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎء( ..إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺤﺠﺮي ) 26ﺷﺮﻳﻜﺔ ﺑﻄﻮﻟﺔ ،وأﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﺻﺎﻧﻌﺔ ﻟﻬﺎ( ..ﺳﺎﻣﻲ ﺑﻄﺔ ) 30ﺗﺴﺮي ﻛﺎﻟﻌﻄﺮ ﻓﻲ اUرﺟﺎء(.. ﻣﻴﺴﺮة ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ ) 34اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺸﺮق ﻟـ»ﻳﺎزﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ..ﻫﺸﺎم ﺑﻨﺸﺎوي
ėĸƀŬĘŤ
İŻēĵ ŮĖ ūĔʼnťĸ
رﺋﻴﺴ ﺎ ﻷول ﻧﺎ ٍد دوﱄ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ »ﺗﻐﻄﻴﺔ ص«8 ً
ﻓﻲ إﻃﺎر ﺳ َﻌﻲ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث إﻟﻰ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ااﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻗﻮى ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﺤﺼﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ورﻓﺪ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ اﻟ ُﻤﺜﻞ واﻟﻤﺒﺎدئ واﻟﻘﻴﻢ ،وﻛﻮﻧﻪ أﺣﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ودﻳﻤﻮﻣﺘﻪ ،واﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ إﻳﻤﺎن اﻟﻤﺮﻛﺰ ﺑﻬﺬه اﻷﻫﺪاف ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻦ َر ْﻏ َﺒ َﺘﻪ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﺪراﺳﺎت واﻷﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟ ُﻤﺘﻤﻴﺰة ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﺎرﻳﺦ وﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ وﺑﻴﺌﺔ اﻹﻣﺎراتِ ،ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ واﻟﻜُﺘﺎب اﻟﺮاﻏﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻟﻨﺸﺮﻫﺎ وﻓﻖ اﻟﺸﺮوط اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﺎب ُﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟ َﺤ ْﺠ ِﻢ ﺑﻴﻦ 300-200ﺻﻔﺤﺔ • أن ﻳﻜﻮن اﻟْ ِﻜﺘَ ِ اﻟﻌﻤﻞ ﻗَ ْﺪ ﻧ ُِﺸﺮ ِﻣﻦ ﻗَ ْﺒ ُﻞ أو ﻗُﺪم ﻟِﻠﺤﺼﻮ ِل ﻋﻠﻰ َﺟﺎﺋﺰ ٍة ُ • أﻻ ﻳﻜﻮ َن اﻟﻌﻤﻞ ُﻣﻮﺛﻘﺎ ﺑﺈدراج اﻹﺣﺎﻻت أو اﻟﻬﻮاﻣﺶ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ ُ • أن ﻳﻜﻮ َن • أن ﺗ ُﻜﺘَ َﺐ اﻟ َﻤﺎد ُة ِﺑﻠُ َﻐ ٍﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤ ٍﺔ و َرﺻﻴﻨ ٍﺔ ،وأن ﺗﻜﻮ َن َﻣﻄْ ُﺒﻮﻋ ًﺔ و ُﻣ َﺼﺤﺤ ًﺔ ﻟُ َﻐ ِﻮﻳّﺎً ،وﺗُ ْﺮ َﺳﻞ َﻋ ْﺒ َﺮ اﻟﺒﺮﻳﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ أو ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺮص ُﻣ ْﺪ َﻣ ٍﺞ ﻳُ ْﺮ َﺳ ُﻞ ﺑﺎﻟﺒﺮﻳﺪ اﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﻜﺎﺗﺐ ُﻣﻠَﺨﺼﺎً ﻟﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﺪود 200ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻊ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ • ﻳُ ْﺮ ِﺳ ُﻞ ُ ﺗﺤﻜﻴﻢ ﻣﺨﺘﺼ ٌﺔ ﻣﺮاﺟﻌ َﺔ اﻷﻋﻤﺎ ِل وﺗ َﻘﻴﻴ ِﻤﻬﺎ وإﺻﺪا ِر ﻗﺮار ﻧِﻬﺎﺋﻲ ﺑِﺸﺄﻧِﻬﺎ. • َﺳﺘَﺘَﻮﻟﻰ ﻫﻴﺌ ُﺔ ٍ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﺟﺮا َء اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﻤﻘﺘﺮح ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ • ﻳﻠﺘﺰم ُ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻦ • ﻳُﻜﺎﻓﺄ أﺻﺤﺎب اﻷﺑﺤﺎث اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة َﻣ ْﺒﻠﻐﺎً ﻣﺎﻟﻴﺎ ﻳﺘﺮاوح ﺑﻴﻦ 3000و 4000دوﻻ ٍر أﻣﺮﻳﻜﻲ .ﻳَﺸْ َﻤ ُﻞ ُ ﻘﻮق اﻟﻨﺸﺮ واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻟ ُﻤﺪة َﺧ ْﻤ ِﺲ َﺳ َﻨ ٍ ُﺣ َ ﻮات ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟ َﻌﻘ ِْﺪ اﻟْ ُﻤ ْﺒ َﺮ ِم ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮﻛﺰ واﻟﻤﺆﻟﻒ واﻟﻠﻪ اﻟ ُﻤﻮﻓﻖ
ﻹرﺳﺎل ﻧﺼﻮص اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ﻋﻠﻰ اﻻﻳﻤﻴﻞ swzr@hotmail.com :
ﻋﺎم ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا`ﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺪد 186أﺑﺮﻳﻞ 2015
٢٠١٥
ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻤﺰﻳﻒ ﻓﻲ دﺑﻲ!
ﺧﻮرﻓﻜﺎن ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺗﺮاﺛﻬﺎ
اﻟﺪان.. ﻓﻦ اﻟﻄﺮب واﻟﺒﻬﺠﺔ
اﻟﺠﻤﻞ..
اﻟﻌﺎﺋﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل
اﻟﻤﺮأة
ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﺷﺨﺼﻴﺔ
اﻟﺸﺎﻋﺮ ”اﻟﻜﻮس“ أﻫﻢ اﻟﺸﻌ ﺮاء اﳌﺠﺪدﻳﻦ