ﺑﺮزة ﺗﺮاث
ﻣﺸﺮوع ﺗﻮﺛﻴﻖ ذاﻛﺮة ا ﻣﺎرات اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ ŽŐŴijĶũŤē İũĨĉ İļēij į
ﻳﻀﻢ اﻟﻌﺪد اﻟﺬي ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻜﻢ اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع ﺗﻮﺛﻴﻖ ذاﻛﺮة اﻹﻣﺎرات اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻛﺮﻳﺎت اﻷﺟﺪاد، ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »أﻳﺎم زﻣﺎن« وﻫﻮ راﻓﺪ ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺴﺘﻜﻤﻞ ﺑﻪ ﻣﺸﺮوﻋﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺬي ﺑﺪأﻧﺎه ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻜﺎﻳﺔ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ« وﻣﺎ اﺳﺘﻘﻄﺒﻨﺎه ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ دراﺳﺎت وأﺑﺤﺎث. ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أن رواﻳﺎت اﻷﺟﺪاد أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺤ ّﻴﺔ ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ ،ﻓﻬﻢ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ رﺻﺪ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،إﻻ أن اﻟﻤﻌﻴﻦ ﻣﺎ زال ﻳﻨﺒﺾ ،ﻓﺜﻤﺔ أﺟﻴﺎل أﺧﺮى ﻣﻦ اﻵﺑﺎء ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﺎ اﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﺘﻮﺛﻴﻖ .وﺑﻔﻀﻞٍ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻟﺪﻳﻨﺎ أﻗﻼ ٌم ﻧﺸﻄﺔ وﺑﺎﺣﺜﻮن ﻗﺪﻳﺮون ﻳﺠﻮﻟﻮن اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ أﻓﻮاه ﻫﺆﻻء اﻟﺮواة. وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻻﺑﺪ أن ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﺣﺪ رواد ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،أﻻ وﻫﻮ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،اﻟﺬي ﺻﺪر إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻣﻦ ﺟﺰءﻳﻦ »اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ذاﻛﺮة أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ« وﻫﻮ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﻤﻮﺛ ّﻖ ،إﻻ أن ﺟﻬﻮد ﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ﻛﺜﺮ ﻟﻢ ﺗﻨﺸﺮ ﻷﻧﻬﻢ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮﻫﺎ ﻷﻏﺮاﺿﻬﻢ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ. وﺗﺠﺮﺑﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ اﻟﻤﻴﺪاﻧﻲ واﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺪأت ﻣﻨﺬ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﻣﺎ زﻟﺖ أﺟﻤﻊ وأﺳ ّﺠﻞ ﻣﺮﻛﺰا ً ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس واﻷﻣﺜﺎل واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻹﻣﺎرات .وﻗﺪ ﻧﺸﺮت ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺎﺑﻼت ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻛﺘﻔﻴﺖ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ أﺑﺤﺎﺛﻲ وﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻲ ،واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻪ ﻟﺪي اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ أﺗﻤﻨﻰ أن ﻳﺮى ﻃﺮﻳﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻨﺸﺮ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻳﺜﺮي ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ ﻋﻦ ذﻛﺮﻳﺎت اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺗﺎرﻳﺦ اﻷﺟﺪاد وﺣﻴﺎﺗﻬﻢ. ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ،ﺗﺠﺮﺑﺔ »ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﺮاث ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻲ اﻟﻠﻪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ اﻳﺪ رﺣﻤﻤﻪ واﻟﺘﺎرﻳﺦ« اﻟﺘﻲ أﻣﺮ ﺑﺈﻧﺸﺎﺋﻬﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ
146
ﺗﺮاث ﺮاث ﺑﺮزةة ﺗﺮ ﺑﺮز
ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻻﺗﺤﺎد ،ﺑﻬﺪف اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻷﻧﺴﺎب ،وﻛﺎن ﻳﺮأﺳﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺨﺰرﺟﻲ ،وزﻳﺮ اﻷوﻗﺎف اﻷﺳﺒﻖ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ. ﺗﻢ إﻟﻐﺎء ﻫﺬه اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺑﻌﺪ إﻧﺸﺎء ﻛﻴﺎﻧﺎت وﻣﺆﺳﺴﺎت ﺗﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻣﺎرات ﻣﺜﻞ »ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات« اﻟﺬي ﺗﻢ إﻧﺸﺎؤه ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ أواﻣﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم 1997م ،واﻟﺬي أﻧﺸﺄ ﺑﺪوره »ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ« ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،ﻟﺪراﺳﺔ وﺟﻤﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻫﻮ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻋﺎم 2010م »ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث« ﺑﻌﺪ ﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ، واﻟﺬي أﺗﺸﺮف ﺑﺈدارﺗﻪ ﺣﺎﻟﻴًﺎ. وﺑﻔﻀﻞ اﻟﻠﻪ وﺗﻮﻓﻴﻘﻪ ،ﻧﺠﺢ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﺪراﺳﺎت واﻷﺑﺤﺎث واﻟﺘﺴﺠﻴﻼت واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ إﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺠﻴﻼت اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ ﻟﺮواة وﺷﻌﺮاء ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت وﺣﺘﻰ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ »ﺣﻮاﻟﻲ 300ﺷﺮﻳﻂ ﻛﺎﺳﻴﺖ« ،ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﺑﺎﻟﺸﻌﺮ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ أﺟﺮﻳﻨﺎه ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺑﻼت ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 2000م ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ. وﻗﺪ وﺿﻊ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﺧﻄﺔ ﻃﻤﻮﺣﺔ ﻟﺘﻔﺮﻳﻎ وﺗﻮﺛﻴﻖ وﻧﺸﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﺎﺑﻼت ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻧﺴﺦ اﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة ،ﺧﺪﻣ ًﺔ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ .ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﺳﻮف ﻧﻘﻮم ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺎﺑﻼت ﻟﻨﻮﻓﺮﻫﺎ ﻟﻘﺮاء »ﺗﺮاث« اﻟﻜﺮام ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺸﺮوع اﻟﻤﺠﻠﺔ ﻓﻲ إﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،آﻣﻠﻴﻦ أن ﺗﻌﻢ ﻓﺎﺋﺪﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮاء واﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ
اﻟﻤﺮﺻﺪ
ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ ﻟﻸرﺷﻴﻔﺎت وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﺗﻌﻤﻞ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ،ﻣﻊ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺿﺮورة دﻋﻢ اﻟﻤﺮاﻛﺰ ﻓﻲ دوﻟﻬﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ،ﻣﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﻣﺤﺪدة ،واﻟﺒﺪء ﻓﻲ اﻷرﺷﻔﺔ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ واﻟﺘﺮﻣﻴﻢ واﻟﺘﻌﻘﻴﻢ ﻟﻠﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺿﻤﻦ ﺟﺪول زﻣﻨﻲ، ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ أﻫﻤﻴﺔ وﺿﺮورة اﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺮاﻛﺰ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﺘﺤﺪﻳﺎت وﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. وﺗﺪاول اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺣﻠﻮﻻً ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻹﻳﺠﺎد آﻟﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ وﺗﻮاﻓﻘﻴﺔ ﻟﺘﻮﻗﻴﻊ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﻌﺎون ﻣﻊ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻬﻨﺪي ﺑﻌﺪ زﻳﺎرة وﻓﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸرﺷﻴﻒ ،وواﻓﻖ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻗﻴﻊ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﻤﻘﺘﺮﺣﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ أرﺷﻴﻒ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻮزراء اﻟﺘﺮﻛﻲ ﻓﻲ اﺳﻄﻨﺒﻮل. ﻛﻤﺎ ﻧﺎﻗﺶ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻮن ﻣﻘﺘﺮ ًﺣﺎ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﺮض وﺛﺎﺋﻘﻲ ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻪ ﻛﻞ اﻷﻋﻀﺎء وﻳﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .ﻛﻤﺎ واﻓﻖ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺪورات اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ اﻷرﺷﻔﺔ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ واﻟﺘﺮﻣﻴﻢ واﻟﺘﻌﻘﻴﻢ ﻟﻠﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺗﻘﺎم ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻷﻋﻀﺎء ﻟﺪﻋﻢ ﺗﺄﻫﻴﻞ وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻨﺘﺴﺒﻲ اﻟﻤﺮاﻛﺰ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،وﺗﺒﺎدل اﻟﺰﻳﺎرات اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ أﻫﺪاف ﻫﺬا اﻟﺘﺠﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ. ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹداري ﺷﻬﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎع إﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎب اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻓﻬﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﺴﻤﺎري ،اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻌﺎم ﻟﺪارة اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ، أﻣﻴ ًﻨﺎ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻟﻠﺪورة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،وإﻋﺎدة اﻧﺘﺨﺎب ﻧﺎﺋﺒﻪ ،ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻤﺮي اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﺪارة اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﻗﺮار اﻧﻀﻤﺎم »ﻣﺮﻛﺰ ﺣﻤﺪان ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻹﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث« ﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﻷﻣﺎﻧﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻓﺮﺿﺖ أﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﺣﻀﻮرﻫﺎ رﻏﻢ ﺣﺪاﺛﺔ إﻧﺸﺎﺋﻪ. ﻛﻤﺎ واﻓﻖ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﺿﻢ أﻋﻀﺎء ﺟﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻛﺰ ﻟﻠّﺠﻨﺔ اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻮزارة اﻟﺸﺆون
اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻟﺤﻀﻮر اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺬي ﻳﻌﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎض ﺧﻼل ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ اﻟﺠﺎري ﺑﻴﻦ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻷرﺷﻴﻒ ،ﺣﻮل اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﻤﻮﻗﻌﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﺒﺎدل اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺘﺠﺎرب واﺳﺘﺠﻼب ﻧﺴﺦ ﻣﻦ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ. وﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى دوﻟﻲ واﻓﻖ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺪ ﻟﻘﺎء ﺗﻌﺮﻳﻔﻲ ﺑﺪول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ﻟﺪول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ -ﻛﻞ ﺳﻨﺘﻴﻦ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ -ﻣﻊ ﻧﺪوة ﻋﻠﻤﻴﺔ وﻣﻌﺮض ﺻﻮر ﺗﻮﺛﻴﻘﻲ ﻳﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ أو اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أو ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول ،واﺷﺘﺮﻃﺖ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﺿﻊ ﺗﺼﻮر أوﺳﻊ ﻳﺪرس ﻛﻞ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. إﺷﺎدة ﺑﻤﺮﻛﺰ اﻟﺘﻤﻴﺰ ا رﺷﻴﻔﻲ وﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ
ﻣﺜّﻞ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ﻓﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﺮﻛﺰ ،واﻟﺒﺎﺣﺚ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻠﻜﺎوي اﻟﻤﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻹﻋﻼﻣﻴﺔ .وﻧﺎﻟﺖ إﺻﺪارات اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻮاﻫﺎ ﺟﻨﺎﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮض اﻟﺬي أﻗﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ اﻻﺟﺘﻤﺎع إﻋﺠﺎب اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ،وﻻﻗﺖ ﻋﻨﺎوﻳﻨﻬﺎ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻬﻢ وﺛﻨﺎءﻫﻢ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺘﻨﻮﻋﻬﺎ واﻟﺘﻘﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ ﺑﺨﺎﺻﺔ واﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﺑﻌﺎﻣﺔ ،إذ ﺿﻢ اﻟﻤﻌﺮض أﺣﺪث إﺻﺪارات اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺘﻴﻦ اﻷﺧﻴﺮﺗﻴﻦ. وأﺷﺎد اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺑﻤﺒﺎدرة ﻣﺮﻛﺰ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﻤﻴﺰ اﻷرﺷﻴﻔﻲ اﻟﺬي ﺳﻴﻜﻮن ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺠﺎل اﻷرﺷﻴﻔﺎت واﻷرﺷﻔﺔ ،ودﻋﺎ اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻌﺎم إﻟﻰ ﺿﺮورة دﻋﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻟﺪى ﻣﺮﻛﺰ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﺘﻌﺎﺿﺪ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺮاﺋﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﺜﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﻔﺰة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻷرﺷﻴﻔﻲ ﺑﺪول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻤﺮﺻﺪ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
145
ﻣﺸﺮوع ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ »ا"رﺷﻴﻒ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ« ﻣﻦ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ -ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻠﻜﺎوي
ﺣﻈﻴﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم اﻟﻘﻮى اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﻮﻓﺮ وﺛﺎﺋﻖ ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻲ أرﺷﻴﻔﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺪول ،ﻓﻲ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ. ورﻏﻢ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﻣﺮاﺟﻌﺔ وﺗﻌﻠﻴﻖ ،ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ ﻣﻦ أﻧﺸﺄﻫﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﺼﺪ ًرا ﻣﻬﻤﺎ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻳُﻌﺪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺦ ﻣﻨﻬﺎ أﻣ ًﺮا ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ.
ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،ﺟﺎء اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺬي أﻋﺪﺗﻪ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﺪراﺳﺎت ﺑﺪول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ﻟﺪول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﻣﺸﺮوع ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺪول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻓﻲ اﻷرﺷﻴﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ« ﻓﻲ ﺻﺪارة اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻲ واﻓﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﺎ اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻟﺬي اﺳﺘﻀﺎﻓﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ دار ُة اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،ﻣﻊ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﺪء ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬه ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑﻴﻦ اﻷﻋﻀﺎء وﻓﻖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ زﻣﻨﻲ ﻣﺤﺪد ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺠﻬﻮد وﺗﻼﻓﻲ ازدواﺟﻴﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وﺧﻔﺾ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ. ﻳﺮﻛﺰ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻤﺰﻣﻊ ﻋﻠﻰ أرﺷﻴﻒ وزارة اﻟﻬﻨﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،واﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻴﻮﺟﺎردن ،وأرﺷﻴﻔﺎت ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم 1947م. ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ أرﺷﻴﻒ وزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ،وأرﺷﻴﻒ ﻧﺎﻧﺖ ،وأرﺷﻴﻒ إﻛﺲ إن ﺑﺮوﻓﺎﻧﺲ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت. ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ أرﺷﻴﻒ وزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ روﻣﺎ ،وأرﺷﻴﻒ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺸﺮق ﻓﻲ روﻣﺎ .وﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ أرﺷﻴﻒ وزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺮﻟﻴﻦ ،واﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻓﻲ
144
ﻣﺸﺮوع ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ »ا"رﺷﻴﻒ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ« ﻣﻦ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻓﺮاي ﺑﻮرج ،واﻷرﺷﻴﻒ اﻹداري ﻓﻲ ﻛﻮﺑﻠﻨﺰ ،وﻫﻲ وﺛﺎﺋﻖ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﻮد ﻣﺒﻜﺮة ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻛﺰ اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻓﻲ ﻟﺸﺒﻮﻧﺔ ،واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻴﺮﻳﻼﻧﺪ ،وأرﺷﻴﻔﺎت اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷرﺷﻴﻔﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت. وﻧﻈ ًﺮا ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻳﺮﻛﺰ اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ أرﺷﻴﻒ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﻮزراء ﻓﻲ إﺳﻄﻨﺒﻮل ،واﻷرﺷﻴﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ أﻧﻘﺮة ،وأرﺷﻴﻒ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻃُﺒﻘﺎﺑﻲ ﻓﻲ إﺳﻄﻨﺒﻮل. وﻓﻲ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺮوﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﻴﺼﺮي واﻟﻌﻬﺪ اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ ﻳﺮﻛﺰ اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ أرﺷﻴﻒ وزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻜﻮ ،وأرﺷﻴﻒ ﺳﺎن ﺑﻄﺮﺳﺒﺮج وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷرﺷﻴﻔﺎت. ﺗﺤﻮﻳﻞ ا ﻣﺎﻧﺔ إﻟﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻨﺴﻴﻘﻴﺔ
ﺧﻼل اﻻﺟﺘﻤﺎع اﺗﻔﻖ اﻷﻋﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ إﺟﺮاءات ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﺪراﺳﺎت ﺑﺪول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ﻟﺪول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ »ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻨﺴﻴﻘﻴﺔ
ﻣﺬﻛﺮات ﺳﻮزان
وﻓﻲ ﺟﻠﺴﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﺟﻠﺴﺎﺗﻪ »اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻷدﺑﻲ« ،ﺗﺤﺪﺛﺖ دﻳﺒﻮرا ﻫﺎﻧﻠﻲ اﺑﻨﺔ ﺳﻮزان وﺗﻤﺒﻞ ﻫﻴﻠﻴﺎرد )اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ ﺗِ ْﻢ(، ﻣﻤﺜﻞ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻨﻔﻂ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﻋﻦ ذﻛﺮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻗﺎﻟﺖ :إن اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ واﻟﺪﺗﻬﺎ ﺳﻮزان أن ﺗﺪون ﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻬﺎ ،ﻓﻔﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮان: »ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻔﻂ« ،وﻫﻲ ﻣﺬﻛﺮات ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻋﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ .1958-1954 وﻗﺪﻣﺖ دﻳﺒﻮرا ﻋﺮﺿً ﺎ ﻟﺸﺮﻳﻂ ﺑﺼﻮت واﻟﺪﺗﻬﺎ ﻳﺴﺠﻞ ﺻﻮرا ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺿﻴﻮﻓﻪ وﻟﻘﻄﺎت ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﺒﻜﺮة .وأوﺿﺤﺖ -ﻧﻘﻼ ﻋﻦ واﻟﺪﺗﻬﺎ -أن ﻃﻠﺐ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺟﺎء ﻣﻦ ﺣﺮﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﺬﻛﺮات ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﻀﻴﻊ أي ﺷﻲء ﻣﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ. ﻳﻀﻢ اﻟﺸﺮﻳﻂ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺻﻮرا ﻣﻊ اﻟﺸﺮوح وﻳﺸﻜﻞ ﺳﺠﻼ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺼﻮرة واﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ذاﻛﺮة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺧﻤﺴﻴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ.
اﻟﻤﺮﺻﺪ
اﻟﻴﺎﺑﺎن ﺣﻴﺚ ﺣﺪدت اﻟﻤﺮاﺳﻢ أن ﻟﻘﺎء اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮر ﻣﺪﺗﻪ ﺛﻼث دﻗﺎﺋﻖ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻠﻘﺎء اﺳﺘﻤﺮ 25دﻗﻴﻘﺔ، وﻫﺬا ﻳﺒﻴﻦ ﻣﺪى ذﻛﺎء اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ وﻟﻄﻒ ﻟﻘﺎﺋﻪ وﺣﺪﻳﺜﻪ.
واﻟﻄﻔﻞ ،وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرب ﻓﻲ ﺣﻴﺎة زاﻳﺪ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ،وإن ﻛﺎن ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺑﺤﺜﺖ ﻓﻲ ﻋﺸﺮات اﻟﺼﻔﺤﺎت وﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺬي اﺣﺘﻮى اﻟﺸﻌﺐ اﻹﻣﺎراﺗﻲ« .وﺗﺎﺑﻌﺖ» :ﻓﻜﺮت أن أﺑﺪأ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻧﺸﺄة زاﻳﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﻐﻴ ًﺮا ،وﺑﺪأت أرﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻬﻢ ،وﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي اﻛﺘﺴﺒﻪ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺤﻮل اﻟﺒﻠﺪ واﻟﺼﺤﺮاء إﻟﻰ ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﺗﻘﺪم وازدﻫﺎر« .وأوﺿﺤﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻏﺎﺑﺶ أن اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺼﺔ وﻟﻴﺲ رواﻳﺔ ،ﻣﺆﻛﺪة أن ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻗﺼﺺ ورواﻳﺎت ،وﻟﻴﺲ ﻗﺼﺔ واﺣﺪة
زاﻳﺪ وأدب اﻟﻄﻔﻞ
أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮة ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻋﺒﻴﺪ ﻏﺎﺑﺶ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ »اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻓﻲ أدب اﻟﻄﻔﻞ« ﻗﺎﺋﻠﺔ» :اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﻣﻞ وﻣﻌﺮﻓﺔ وﺛﻘﺎﻓﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ،ﻷﻧﻪ ﻗﺎﺋﺪ ﻏﻴﺮ ﻋﺎدي ،أﺳﺲ دوﻟﺔ ﻟﻬﺎ ﺻﻮت ودور ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺣ ّﻮل اﻟﺼﺤﺮاء إﻟﻰ واﺣﺎت ﺧﻀﺮاء ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺗﺤﺪﻳﺎ ﻟﺒﻜﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ ﺑﻬﺬه اﻷﻣﻮر«. وأﺿﺎﻓﺖ ﺻﺎﻟﺤﺔ أن »اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻳﻤﺘﺎز ﺑﺤﻜﻤﺔ ﻧﺎدرة ﻓﻲ إدارﺗﻪ ﻟﻸﻣﻮر ،ﺳﻮاء اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ أو اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،وﻧﺤﻦ ﺳﺮﻧﺎ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺘﻪ وﺷﺨﺼﻴﺘﻪ وﻧﺄﻣﻞ أن ﻧﺤﻤﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ«. وﺣﻮل ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ أوﺿﺤﺖ ﻏﺎﺑﺶ: »إﻧﻨﺎ ﻻ ﺑﺪ أن ﻧﻜﻮن ﻗﺮﻳﺒﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺪث
اﻟﻤﺮﺻﺪ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
143
ﺷﺨﺼﻴﺔ زاﻳﺪ
ﻓﻲ ﻣﻌﺮض أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب
25
ا.ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻨﻤﻮ أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻄﻔﺔ
ﻓﻲ دورﺗﻪ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺘﻤﺖ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،اﺣﺘﻔﻰ ﻣﻌﺮض أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب، ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ. ﺗﻀﻤﻦ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎﺣﺐ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات واﻟﺤﻮارات واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺟﺎء ﻣﺼﺤﻮﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻠﻮﺣﺎت واﻟﺼﻮر وﻣﻘﺎﻃﻊ اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻌﺮض ﻣﺮاﺣﻞ وﻣﺤﻄﺎت ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻮاﻟﺪ اﻟﻘﺎﺋﺪ وﻣﺴﻴﺮﺗﻪ اﻟﻤﺠﻴﺪة ،وﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻦ أﺛﺮ ﻣﻌﻨﻮي وﻣﺎدي ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﺷﻌﺐ اﻹﻣﺎرات ﺑﻞ وﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ .ﺣﻴﺚ ﻃﺎﻟﺖ أﻳﺎدﻳﻪ اﻟﺒﻴﻀﺎء أﻧﺤﺎء اﻟﻤﻌﻤﻮرة ﺧﻴ ًﺮا وﻧﻤﺎء ورﺣﻤﺔ.
ﻣﻦ أﺑﺮز اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻀﺎﻓﻬﺎ اﻟﻤﻌﺮض ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ،ﻧﺪوة أﺣﻴﺎﻫﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر زﻛﻲ ﻧﺴﻴﺒﺔ ،اﻟﻤﺴﺘﺸﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ وزارة ﺷﺆون اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ،ﻓﻲ »اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻷدﺑﻲ« ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﺧﺮى« ،ﻗﺪﻣﺘﻪ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻴﺪة أﺳﻤﺎء ﺻﺪﻳﻖ اﻟﻤﻄﻮع. ﻗﺎﺋﻼ» :ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻜﺎره ﺑﺪأ ﻧﺴﻴﺒﺔ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻓﻜﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ً ﺗﺴﻤﻮ ﻋﻦ أﻓﻜﺎر أي ﻣﻦ اﻟﻘﺎدة اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻛﺎن ﻳﻌﺘﺒﺮ أن اﻹﻧﺴﺎن أﺧﻮ اﻹﻧﺴﺎن وأن اﻟﺒﺸﺮ ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻦ أب واﺣﺪ وأم واﺣﺪة« وﻗﺎل «: ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﻌﻴﻦ وﺟﺒﻞ ﺣﻔﻴﺖ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،ﻫﺬا اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ واﻷرض ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻌﺮف أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻵﺛﺎر وﺿﺮورة ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﻤﺎ ،وﻣﻦ اﻟﺼﺤﺮاء ﻋﺮف أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺰراﻋﺔ واﻷﺷﺠﺎر وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﻨﺎس واﻟﺤﻮار ﻣﻌﻬﻢ وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣﻮاﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ« وأﺿﺎف ﻧﺴﻴﺒﺔ» :ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺮ وﻗﺼﺎﺋﺪ اﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ واﻟﻤﺘﻨﺒﻲ وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﺎﻛﻬﺔ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺣﺮﻳﺼﺎ – رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ- رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﺿﻴﻮﻓﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﺴﻪ ،وﻛﺎن ً
142
ﺷﺨﺼﻴﺔ زاﻳﺪ
ﻋﻠﻰ ﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻨﺎس« .وﻗﺎل ﻧﺴﻴﺒﺔ إن ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ أﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺤﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﺗﻘﻮل: »ﺗﻐ ّﺮب ﻋﻦ اﻷوﻃﺎن ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻼ وﺳﺎﻓﺮ ﻓﻔﻲ اﻷﺳﻔﺎر ﺧﻤﺲ ﻓﻮاﺋ ِﺪ ﺗﻔ ّﺮج ﻫﻢ ،واﻛﺘﺴﺎب ﻣﻌﻴﺸﺔ وﻋﻠﻢ وآداب وﺻﺤﺒﺔ ﻣﺎﺟ ِﺪ. وأﺿﺎف ﻧﺴﻴﺒﺔ» :ﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻣﺘﻮﻗﺪ اﻟﺬﻛﺎء ،ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻴﺮة اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ واﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ وﻳﻘﻴﻢ ﻋﻼﻗﺎت واﺳﻌﺔ وﻃﻴﺒﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ زﻋﻤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ واﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﻴﻦ وﺧﺒﺮاء اﻟﻨﻔﻂ«، ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ أن ﺟﻮﻻت زاﻳﺪ ﺑﻴﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻣﺎرات ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺤﺐ اﻟﺼﻘﻮر ورﺣﻼت اﻟﺼﻴﺪ. وروى اﻟﺪﻛﺘﻮر زﻛﻲ ﻧﺴﻴﺒﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﻣﻦ ﻟﻘﺎءات زاﻳﺪ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ ﻗﺎدة اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻣﻨﻬﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻴﺘﺮان ،واﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻨﻐﻮر رﺋﻴﺲ اﻟﺴﻨﻐﺎل ،وﻟﻜﻦ أﺟﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺺ ﺟﺮت ﻓﻲ
ﺛﻘﺎﻓﺎت
ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﺶ دﻳﺎش
أﺳﻄﻮرة اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺒﺮازﻳﻠﻲ ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي@
ﻳﺤﺘﻞ رﻣﻮز أدب أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﺮى ﺑﻴﻦ آداب اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻜﻮﻟﻮﻣﺒﻲ ﻏﺎرﺳﻴﺎ ﻣﺎرﻛﻴﺰ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،واﻷرﺟﻨﺘﻴﻨﻲ ﺧﻮرﺧﻲ ﺑﻮﺧﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ ،واﻟﺸﻴﻠﻲ ﺑﺎﺑﻠﻮ ﻧﻴﺮودا ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ. وﻣﻦ ﺑﻴﻦ دول أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺗﺘﻤﺘﻊ اﻟﺒﺮازﻳﻞ ﺑﻤﺴﺎﺣﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ وﺗﻨﻮع ﺟﻐﺮاﻓﻲ ﻛﺒﻴﺮ ،وﺣﻀﻮر ﻻﻓﺖ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺸﻌﻮب. إﻻ أن اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻷدب اﻟﺒﺮازﻳﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺎ زال ﻣﻘﺘﺼ ًﺮا ﻋﻠﻰ أدﻳﺒ ْﻴﻦ ﻓﻘﻂ ،ﻫﻤﺎ ﺑﺎوﻟﻮ ﻛﻮﻳﻠﻮ ،وﺟﻮرج أﻣﺎدو، وﻛﺄن ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺐ ﺳﻮاﻫﻤﺎ! وﻗﺒﻞ اﻟﺨﻮض ﻓﻲ أﻋﻤﺎق أﺣﺪ رﻣﻮز ﻫﺬا اﻷدب ،ﻧﻮد اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﺑﻌﺾ اﻟﺪارﺳﻴﻦ ﻳﺮﺟﻌﻮن ﺑﺪاﻳﺎت اﻷدب اﻟﺒﺮازﻳﻠﻲ إﻟﻰ ﺣﻀﺎرة اﻟﻤﺎﻳﺎ وأدﺑﻬﺎ اﻟﻤﻜﺘﻮب ﺑﻠﻐﺔ »اﻟﺘﻮﺑﻲ« .ﻟﻜﻦ دﺧﻮل اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻋﺎم 1500ﻣﺤﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ،وﻓﺮض ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ. إن ﻫﺬه اﻟﻔﺮﺿﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺆﻛﺪة ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن اﻷدب ﻫﻨﺎك اﻧﺒﻠﺞ ﺑﺸﻜﻞ رﺳﻤﻲ ﻣﻊ ﺧﺮوج اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻋﺎم 1822م، ﻓﻈﻬﺮ أدﺑﺎء ﻻﻣﻌﻮن ،أﺑﺮزﻫﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺎﺷﺎدو دي أﺳﻴﺲ، واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﻴﺶ دﻳﺎش. اﻷب اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﺒﺮازﻳﻠﻲ ،ﻋﺒﺮ ﺗﻐﻨﻴﻪ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ وﻳﻌﺪ اﻷﺧﻴﺮ َ واﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻟﻠﺮﻣﻮز وﺗﺸﺒﺜﻪ ﺑﺎﻷرض .وﻗﺪ اﺗﺨﺬ ﻫﺬا اﻷدﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ رﻣﻮزًا ﻟﻘﺼﺎﺋﺪه ،ﺧﺎﺻﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ »ﺟﻮﻛﺎ ﺑﻄﻼ أﺳﻄﻮرﻳﺎ. ﺑﻴﺮﻣﺎ« اﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮه ً وﻟﺪ ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﺶ دﻳﺎش ﻓﻲ ﻏﻴﻤﺎرش GUMIARAES -ﻋﺎم 1823م وﻓﻴﻬﺎ ﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .ﺗﻠﻘﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ،ﺛﻢ ﺳﺎﻓﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ،وﻓﻲ أﻋﺮق ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻬﺎ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻳﻤﺒﺮا ،اﻟﺘﺤﻖ ﺑﺸﻌﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﺎم * ' ½(# Ð 1838م ،وﺗﺰاﻣﻨﺎ ﻣﻊ دراﺳﺘﻪ ﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ أدﺑﺎء اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل اﻟﻜﺒﺎر ﻫﻮاﻣﺶ: ﺧﺎﺻﺔ رواد اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ أﻟﻤﻴﺪا ﻛﺎرﻳﺖ ،وأﻟﻜﺴﻨﺪر *ﻣﻘﺘﻄﻔﺔ ﻣﻦ دﻳﻮان »primeiros cantos» 1847م ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ،ﻫﺮﻛﻮﻻﻧﻮ ،وأﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﺎﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺎدئ ﻫﺬه اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،وﻗﺮأ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻛﺎﺗﺐ اﻟﻤﻘﺎل.
ﻟﻬﻢ وﺗﺄﺛﺮ ﺑﻬﻢ وﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮاﻟﻬﻢ. ﻟﻢ ﻳﺤﺘﻤﻞ دﻳﺎش ﺑﻌﺪه ﻋﻦ أرض اﻟﺒﺮازﻳﻞ ،إذ وﻟﺪت اﻟﻐﺮﺑﺔ ﻟﺪﻳﻪ ﺣ ًﺒﺎ وﺣﻨﻴ ًﻨﺎ ﻟﻤﺴﻘﻂ رأﺳﻪ ،ﻓﻜﺘﺐ إﺣﺪى رواﺋﻌﻪ ،وﻫﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﺑﻌﻨﻮان » أﻏﻨﻴﺔ اﻟﻤﻨﻔﻰ« ،ﻣﻨﻬﺎ* :أرﺿﻲ ﺑﻬﺎ ﻧﺨﻴﻞ /وﻓﻴﻬﺎ ﺗﻐﻨﻰ ﻃﺎﺋﺮ /ﺗﻐﺮﻳﺪة اﻟﺒﻼﺑﻞ ﻫﻨﺎ /ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺘﻐﺮﻳﺪة اﻟﺒﻼﺑﻞ ﻫﻨﺎك /ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺋﻨﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم /ﻓﻲ أرﺿﻨﺎ اﻟﺮﻃﺒﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮرود/ ﺗﺘﻌﺪد اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺎﺗﻨﺎ /ﻓﺤﻴﺎﺗﻨﺎ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ. ﺗﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت ﺣﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﺒﻠﺪه اﻟﺒﺮازﻳﻞ ،ﻓﺎﻟﻮﻃﻦ ﻳﺴﻜﻦ ﻗﻠﺒﻪ وﻋﻘﻠﻪ وروﺣﻪ. ﺑﻌﺪ إﻛﻤﺎﻟﻪ اﻟﺪراﺳﺔ ،رﺟﻊ ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﺶ إﻟﻰ اﻟﺒﺮازﻳﻞ ،ﺣﻴﺚ اﻣﺘﻬﻦ ﻋﺪة ﻣﻬﻦ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﻤﺤﺎﻣﺎة واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ،وﻛﺘﺐ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺮح ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺒﺮازﻳﻠﻴﺔ اﻟﻤﺜﻘﻔﺔ. إن اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﺶ دﻳﺎش ﻫﻮ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ، وﺧﻴﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ »أﻏﻨﻴﺔ اﻟﻤﻨﻔﻰ«. اﺗﺨﺬ ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﺶ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻋﻨﻮاﻧﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﻌﺎش ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﺒﺮازﻳﻠﻴﻴﻦ ،ﻓﻤﺎزال ﻳﺴﻜﻨﻬﻢ رﻏﻢ ﻣﺮور ﻗﺮﻧﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ، وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻫﻲ ﻫﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا. ﺗﺮك ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﺶ دﻳﺎش اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻤﺴﺮح ،ﻣﻨﻬﺎ دﻳﻮان » «segundoscantosﺻﺪر ﻋﺎم 1848م، وﻣﺴﺮﺣﻴﺔ » «leonor de mendoençaﺻﺪرت ﻋﺎم 1846م. ﺗﻮﻓﻲ ﻏﻮﻧﺴﺎﻟﻔﺶ دﻳﺎش ﻋﺎم 1864ﻣﺨﻠﻔًﺎ وراءه ﻟﻠﺒﺮازﻳﻞ إرﺛ ًﺎ ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ،وﻣﺎزال اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺒﺮازﻳﻠﻲ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺄﺷﻌﺎره إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا
ﺛﻘﺎﻓﺎت
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
141
тАл┘Ия║Чя║┤я║Шя╗дя║о ╪зя╗Яя║оя╗Чя║╝я║Ф я║Ся║ия╗Фя║Ф ┘Ия╗│я║дя╗Ю я╗гя║дя╗ая╗к ╪▒я║Яя╗Ю ╪вя║зя║о я║Ся║┤я║оя╗Ля║Ф я║Чя║ая╗Мя╗ЮтАм тАля╗Ля╗дя╗ая╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя║Тя║кя╗│я╗Ю я║Чя║Шя╗в я╗Уя╗▓ я║Ся╗Мя║╛ ╪зя╗╖я║гя╗┤я║О┘Ж ╪п┘И┘Ж ╪г┘Ж я╗│я╗ая║дя╗Ия╗мя║О ╪зя╗Яя╗дя║╕я║Оя╗ля║ктАк╪МтАмтАм тАля╗Ыя╗дя║О я║Чя║┤я╗дя╗░ я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║оя╗Чя║╝я║Ф ╪гя╗│я╗Ая║О┘Л я║╖я║о╪н )╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗ля╗┤я╗Ю(тАк ╪МтАм┘Ия║Чя║Шя╗дя╗┤я║░ я╗ля║м┘ЗтАм тАл╪зя╗Яя║оя╗Чя║╝я║Ф я║Ся║Дя╗зя╗мя║О я║Чя╗Мя║к ╪гя╗Гя╗о┘Д ╪зя╗Яя║оя╗Чя║╝я║О╪к ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║ая║░я╗│я║о╪й ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║ФтАм тАля╗Ыя╗ая╗мя║ОтАк ╪МтАм┘И╪░я╗Яя╗Ъ я╗╖┘Ж я║Ся║к╪зя╗│я║Шя╗мя║О я╗Ля║О╪п╪й я╗гя║О я║Чя╗Ья╗о┘Ж я║Ся╗Мя║к я║╗я╗╝╪й ╪зя╗Яя╗Мя║╕я║О╪бтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия║Чя║┤я║Шя╗дя║о я║Ся╗ия╗Фя║▓ ╪зя╗Яя╗дя║╕я╗мя║к ┘Ия╗зя╗Фя║▓ ╪зя╗Яя║ия╗Дя╗о╪з╪к ┘Ия║гя║оя╗Ыя║О╪к ╪зя╗╖я╗│я║к┘КтАм тАл┘И╪зя╗╖╪▒я║Яя╗Ю ┘Ия║Ся╗ия╗Фя║▓ ╪зя╗╖я║╖я║ия║О╪╡ ╪зя╗Яя╗дя║╕я║О╪▒я╗Ыя╗┤я╗ж я║гя║Шя╗░ я╗Чя║Тя╗┤я╗Ю ╪в╪░╪з┘Ж ╪зя╗Яя╗Фя║ая║отАм тАля║гя╗┤я║Ъ я╗│я║Шя╗оя╗Чя╗Фя╗о┘Ж я╗Яя╗┤я║Ж╪п┘К ╪зя╗Яя╗ия║О╪│ ╪зя╗Яя║╝я╗╝╪й я║Ыя╗в я╗│я╗Мя╗о╪п┘И┘Ж я║гя║Шя╗░ я╗гя╗┤я╗Мя║О╪птАм тАля║Чя╗ия║О┘И┘Д ╪зя╗Яя╗Ря║к╪з╪б я╗Ля╗ия║кя║Ля║м я╗│я║Тя║к╪г ╪зя╗Яя╗ия║О╪│ я║Ся║Оя╗╗я╗зя║╝я║о╪з┘БтАк.тАмтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗ля╗┤я╗Ю я╗│я╗Мя║оя╗Уя╗о┘Ж ╪зя╗Яя║оя╗Чя║║ я╗Ля╗ая╗░ я╗зя╗оя╗Ля╗┤я╗ж ╪зя╗╖┘И┘Д ┘Ия╗│я╗Дя╗ая╗Шя╗о┘Ж я╗Ля╗ая╗┤я╗ктАм тАля║Яя╗┤я╗╝тАм тАл┬╗╪зя╗Яя║░╪зя╗гя╗Ю┬лтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя╗ия╗о╪╣ ╪зя╗╡я║зя║о я╗│я║┤я╗дя╗оя╗зя╗к ┬╗╪зя╗Яя║╕я║о╪н┬л ┘Ия╗ля╗в я╗│я║Шя╗ия║Оя╗Чя╗ая╗оя╗зя╗к ┘ЛтАм тАля║Ся╗Мя║к я║Яя╗┤я╗Ю я╗гя╗ж я║зя╗╝┘Д ╪зя╗Яя╗дя║дя║Оя╗Уя╗Ия║Ф я╗Ля╗ая╗░ я╗Гя╗Шя╗оя║│я╗к ┘Ия╗Ыя╗ая╗дя║Оя║Чя╗к ┘И╪ея╗│я╗Шя║Оя╗Ля║Оя║Чя╗ктАк.тАмтАм тАл┘Ия╗зя╗И ┘Ля║о╪з я╗Яя║Шя╗Фя║о╪╣ ╪зя╗Яя╗Шя║Тя╗┤я╗ая║ФтАк -тАмя╗Ыя╗дя║О ╪гя║│я╗ая╗Фя╗ия║ОтАк -тАмя╗Уя╗▓ я╗Ля║к╪п я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║к┘И┘Д ╪зя╗Яя║ия╗ая╗┤я║ая╗┤я║ФтАм тАл┘И╪зя║╖я║Шя╗мя║О╪▒ я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗ия╗о╪╣ я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║оя╗Чя║║ я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗┤я╗дя╗ж я╗гя╗ия║Тя╗К ╪зя╗Яя╗Шя║Тя║Оя║Ля╗Ю ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║ФтАк╪МтАмтАм тАля╗Уя║И┘Ж я╗Ля║к╪п╪з я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║к┘И┘Д я║Чя║дя║Шя╗Фя╗▓ я║Ся║Оя╗Яя║╕я║о╪н я║Ся╗оя║╗я╗Фя╗к ╪зя╗Яя║оя╗Чя║╝я║Ф ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я║ФтАм тАл╪зя╗Яя║ия║Оя║╗я║Ф я║Ся╗мя║ОтАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗ия╗мя║О я║Ся║Оя╗╣я║┐я║Оя╗Уя║Ф ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗┤я╗дя╗ж я║│я╗ая╗Дя╗ия║Ф я╗Ля╗дя║О┘Ж ┘И╪зя╗Яя╗дя╗дя╗ая╗Ья║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║┤я╗Мя╗о╪пя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я║Шя╗о╪зя║Яя║к я╗Уя╗┤я╗мя║О ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗ля╗┤я╗Ю я║Ся╗Ья║Ья║о╪й ┘Ия╗Чя║Тя║Оя║Ля╗ЮтАм тАля╗│я╗дя╗ия╗┤я║Ф ╪гя║зя║о┘Й я║Чя╗мя║Шя╗в я║Ся║Оя╗Яя║╕я║о╪н я╗Ыя║оя╗Чя║║ я║╖я╗Мя║Тя╗▓тАк.тАмтАм тАля║Чя╗Шя║Оя╗Яя╗┤я║к ┘И╪гя╗Ля║о╪з┘БтАм
тАл┘Ия╗│я╗Ья║О╪п я╗╗ я╗│я║ия╗ая╗о ╪▓┘И╪з╪м я╗гя╗ия╗мя║Оя╗Яя╗▓ я╗гя╗ж ╪▒я╗Чя║╝я║Ф ╪зя╗Яя║╕я║о╪н ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я╗Мя║Шя║Тя║о┘Ия╗зя╗ктАм тАл╪зя╗Яя╗Фя╗ж ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║к┘К ╪зя╗Яя║ия║О╪╡ я║Ся╗мя╗втАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О ╪гя╗зя╗мя╗в я╗│я║Шя║Тя╗Мя╗о┘Ж я║Чя╗Шя║Оя╗Яя╗┤я║к ┘И╪гя╗Ля║о╪зя╗Уя║О┘Л я╗╗я║Ся║ктАм тАл╪г┘Ж я║Чя║Шя║Тя╗К я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║оя╗Чя║║ ╪ея║Ся║Шя║к╪з╪б я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║ая╗ая╗о╪│ ┘Ия╗Гя║оя╗│я╗Шя║Шя╗к я╗Яя╗ая║о╪зя╗Чя║╝я╗┤я╗ж ╪ея╗Яя╗░тАм тАля║Ся║к╪б ╪зя╗Яя║оя╗Чя║║ я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗дя║░я╗гя║О╪▒ ┘Ия╗Гя║Тя╗о┘Д ╪зя╗Яя║оя║гя╗дя║Оя╗зя╗▓ ┘И╪зя╗Яя╗дя║о╪з┘Ия╗│я║▓тАк ╪МтАмя╗Уя╗┤я╗дя║ОтАм тАля╗│я╗Шя╗о┘Е ╪зя╗Яя║о╪зя╗Чя║╝я╗о┘Ж я║Ся║Шя╗ия║┤я╗┤я╗Ц ╪зя╗Яя║Шя║╝я╗Фя╗┤я╗Ц ╪зя╗Яя║ия║О╪╡ я║Ся║Оя╗Яя║оя╗Чя║╝я║ФтАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О я╗╗ я╗│я║┤я╗дя║втАм тАл╪г┘Ж я╗│я║Шя╗в ╪зя╗Яя║кя║зя╗о┘Д ╪ея╗Яя╗░ я║│я║Оя║гя║Ф ╪зя╗Яя║оя╗Чя║║ ╪ея╗╗ я║Ся║Оя╗Яя╗Дя║оя╗│я╗Шя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║кя╗│я║Ф я║Ся║Д┘ЖтАм тАля╗│я║┤я║Шя║Д╪░┘Ж ╪зя╗Яя║о╪зя╗Чя║║ ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я║оя╗│я║к ╪зя╗Яя║кя║зя╗о┘Д я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║о╪зя╗Чя║║ ╪зя╗Яя║м┘К я║│я╗┤я║Тя║кя╗Яя╗ктАм тАля║Ся║Д┘Ж я╗│я║оя║Ся║Ц я╗Ля╗ая╗░ я╗Ыя║Шя╗Фя╗к я╗Ля╗ия║к ╪зя╗Яя╗дя║о┘И╪▒ я║Ся╗к ┘Ия╗│я╗Шя╗о┘Е я║Ся╗дя║о╪зя╗Уя╗Шя║Ф ╪зя╗Яя║о╪зя╗Чя║║тАм тАл╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ся╗Ц ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я║ия║о╪м я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║дя╗ая║Тя╗к я╗Яя╗┤я╗Шя╗Т я╗Уя╗▓ я║╗я╗Фя╗о┘Б ╪зя╗Яя╗дя║╝я╗Фя╗Шя╗┤я╗жтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗Уя╗▓ я║гя║Оя╗Яя║Ф я╗Ля║к┘Е ╪▒я╗Пя║Тя║Ф ╪зя╗Яя║о╪зя╗Чя║║ ╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ся╗Ц я║Ся║Оя╗Яя║ия║о┘И╪м я╗╗ я╗│я╗Шя╗о┘Е ╪зя╗Яя║о╪зя╗Чя║║тАм тАлтАк140тАмтАм
тАля║╖я║о╪н ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗ля╗┤я╗Ю ╪▒я╗Чя║╝я║Ф ╪зя╗Яя║┤я║о┘И╪▒ ┘И╪зя╗Яя║┤я╗Мя║О╪п╪йтАм
тАл╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к я║Ся║Оя╗Яя║кя║зя╗о┘Д я╗Ля╗ия╗о╪й ┘Ия╗Яя╗Ья╗ия╗к я╗│я║дя║О┘И┘Д я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗ая╗Фя║Ф ╪зя╗Яя║Шя║Оя╗Яя╗┤я║Ф я║│я╗о╪з╪б я╗гя╗КтАм тАл╪зя╗Яя║о╪зя╗Чя║║ я╗зя╗Фя║┤я╗к ╪г┘И ╪▒╪зя╗Чя║║ ╪вя║зя║отАк ╪МтАм┘Ия╗Уя╗▓ я║гя║Оя╗Яя║Ф я╗гя║╕я║О╪▒я╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║о╪г╪й я╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя║оя╗Чя║╝я║Ф я║Чя╗Шя╗о┘Е я║Ся╗ия╗Фя║▓ ╪зя╗Яя║дя║оя╗Ыя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║Шя╗ия║Оя║│я╗Шя║Ф я╗гя╗К ╪зя╗Яя║оя║Яя╗Ю ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я║о╪зя╗Уя╗Шя╗мя║ОтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║оя╗Чя║║ ┘И╪зя╗Яя║к┘И╪▒╪з┘Ж я╗Уя╗▓ я║│я║Оя║гя║Ф ╪зя╗Яя║оя╗Чя║╝я║ФтАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О ╪г┘Ж я╗Ля║к╪п ╪зя╗Яя╗ия║┤я║О╪б я╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя║дя╗ая║Тя║Ф я╗╗ я╗│я║Шя╗Мя║к┘Й ╪зя║Ыя╗ия║Шя╗┤я╗ж я╗Уя╗▓ я╗Ыя╗Ю я╗гя║о╪й ┘Ия╗│я║Шя╗в ╪зя╗╗я║│я║Шя║Тя║к╪з┘Д я║Ся║Оя╗Яя╗Дя║оя╗│я╗Шя║ФтАм тАля╗зя╗Фя║┤я╗мя║ОтАк.тАмтАм тАл╪гя╗Яя╗о╪з┘Ж я╗Уя╗ж ╪зя╗Яя║╕я║о╪нтАм
тАл┘Ия╗│я╗оя║Яя║к я╗ля╗ия║О┘Г ╪гя╗Яя╗о╪з┘Ж я╗гя╗ж я╗Уя╗ж ╪зя╗Яя║╕я║о╪н я╗гя╗ия╗мя║О ╪зя╗Яя║╝я║Оя╗гя║Ц ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я║Шя╗Ья╗о┘ЖтАм тАля╗гя╗ж ╪▒я╗Чя║║ я╗Уя╗Шя╗В я╗│я║╝я║Оя║гя║Тя╗к ╪зя╗Яя║Шя║╝я╗Фя╗┤я╗Ц ╪зя╗Яя╗дя║Шя╗ия║Оя║│я╗Ц ╪ея╗Яя╗░ ┘Ия╗гя╗ия╗мя║О ╪зя╗Яя║╕я║о╪нтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║╝я║дя╗о╪и я║Ся║Оя╗Яя╗Ря╗ия║О╪бтАк.тАмтАм тАл┘Ия║Чя║Шя╗Мя║к я╗гя║┤я╗дя╗┤я║О╪к ╪зя╗Яя║╕я║о╪н я╗Уя╗мя╗ия║О┘Г ╪зя╗Яя║░я╗Уя╗┤я╗ж ┘И╪зя╗Яя╗Шя║О╪п╪▒┘К ┘И╪зя╗Яя╗Мя╗┤я║к╪▒┘Ия║│я╗▓тАм тАл┘И╪зя╗Яя║оя╗Уя║Оя╗Ля╗▓ ┘Ия╗Уя╗ж ╪зя╗Яя║дя╗╝я╗│я╗Ю ┘И╪зя╗Яя║░я╗Уя║Ф ┘И╪зя╗Яя║┤я║Оя║гя╗ая╗▓тАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║╕я║о╪н ╪зя╗Яя║дя╗Ая║оя╗гя╗▓тАм тАл┘И╪зя╗Яя╗Ия╗Фя║О╪▒┘К ┘И╪зя╗Яя╗Шя╗Дя╗ия╗▓ ┘Ия╗Пя╗┤я║о┘З я╗гя╗ж ╪зя╗╖я╗зя╗о╪з╪╣тАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║░я╗Уя╗┤я╗ж я╗ля╗о я╗гя╗ж ╪гя║╖я╗мя║отАм тАля╗Уя╗ия╗о┘Ж ╪зя╗Яя║╕я║о╪н ┘Ия╗│я║Шя╗дя╗┤я║░ я║Ся╗Ья╗ая╗дя║Оя║Чя╗к ╪зя╗Яя║оя╗зя║Оя╗зя║Ф ┘И╪зя╗Яя╗дя╗Мя║Тя║о╪й я║гя╗┤я║Ъ я╗│я║Шя║╕я║Оя║Ся╗ктАм тАл╪зя╗Яя║░я╗Уя╗┤я╗ж я╗гя╗К я╗Уя╗ж ╪зя╗Яя║Тя║оя╗Ля║Ф ╪зя╗Яя╗Ия╗Фя║О╪▒я╗│я║Ф я║│я╗о╪з╪б я║Ся║Оя╗╣я╗│я╗Шя║О╪╣ ╪г┘И ╪зя╗Яя╗Ья╗ая╗дя║О╪к я╗гя║Ья╗ЮтАк:тАмтАм тАля╗│я╗о╪п╪зя╗зя╗▓ ╪п╪з┘Ж ╪зя╗Яя╗ая║к╪зя╗зя╗▓ ╪п╪з┘Ж я╗│я╗о╪п╪зя╗зя╗▓тАк ╪МтАмя╗Ля╗┤я╗ж я╗гя╗о╪▓┘ЗтАм тАл┘Ия╗гя╗Дя╗о╪╣ я╗ля║Оя║Ся╗В я╗│я║╝я╗ая╗▓ я╗зя╗Ья║┤┘Ая║о я╗Ыя╗о╪▓┘ЗтАк ╪МтАмя╗Ля╗┤я╗ж я╗гя╗о╪▓┘ЗтАм тАл┘И╪п╪▒ я║╗┘А┘А┘А┘А┘А┘А┘Ая╗╝я║Чя╗к ┘И╪пя╗│┘А┘А┘А┘А┘Ая╗ия╗к ┘Ия║Чя║Тя╗К я╗гя╗о╪▓┘З тАк ...тАмя╗Ля╗┤я╗ж я╗гя╗о╪▓┘ЗтАм тАл┘И╪зя║гя║Р я╗гя╗о╪▓┘З ┘Ия║зя╗о я╗гя╗о╪▓┘З я║з┘А┘А┘А┘А┘Ая║Ц я╗гя╗о╪▓┘З тАк...тАмя╗Ля╗┤я╗ж я╗гя╗о╪▓┘ЗтАм тАл┘Ия║гя╗а┘А┘А┘А┘Ая╗дя║Шя╗ия╗▓ я╗Уя╗Ья║Тя╗┤я║к┘И┘З ╪▓╪з╪▒╪╣ я║зя║╝┘А┘А┘А┘Ая║Оя║Ся╗к тАк ...тАмя╗Ля╗┤я╗ж я╗гя╗о╪▓┘ЗтАм тАл┘Ия╗гя║дя║┤я║Р я║зя║╝я║Оя║Ся║Ф я╗Ыя║Тя╗┤я║к┘И┘З я║Чя║Д╪▒╪о я║гя║о╪зя║Ся╗к тАк ...тАмя╗Ля╗┤я╗ж я╗гя╗о╪▓┘ЗтАм тАл┘Ия╗Уя╗▓ я╗гя╗ия║Оя╗Гя╗Ц ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗ля╗┤я╗Ю ╪гя║╗я║Тя║в ╪зя╗Яя║╕я║Тя║О╪и я╗Уя╗▓ ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Шя║Тя║Оя║Ля╗ЮтАм тАл╪зя╗╖я║зя║о┘Й я╗│я║╕я║О╪▒я╗Ыя╗о┘Ж ╪зя║зя╗о╪зя╗зя╗мя╗в я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗ля╗┤я╗Ю я╗Уя╗▓ ╪▒я╗Чя║║ ╪зя╗Яя║╕я║о╪н я╗Пя╗┤я║отАм тАл╪зя╗Яя╗дя╗Ря╗ия╗░ ┘И╪зя╗Яя║м┘К я╗╗я╗Чя╗░ ╪▒┘И╪з ┘Ля║Яя║О я╗Ыя║Тя╗┤ ┘Ля║о╪з я╗Уя╗▓ ╪г┘Ия║│я║Оя╗Гя╗мя╗в я╗зя╗И ┘Ля║о╪з я╗Яя╗ая║Тя╗мя║ая║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя║┤я║о┘И╪▒ ┘И╪зя╗Яя╗дя║╕я║О╪▒я╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я╗Ая╗Фя╗┤я╗мя║О я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя║ая╗о я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя║│я║Тя║О╪к я║│я╗о╪з╪бтАм тАл╪зя╗╖я╗Ля║о╪з╪│ ╪г┘И ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗гя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я║Шя╗в я╗Уя╗┤я╗мя║О ╪▒я╗Чя║║ ╪зя╗Яя║╕я║о╪н ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я║Шя╗Дя╗ая║РтАм тАля║Ся║Оя╗╣я║┐я║Оя╗Уя║Ф ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗дя╗мя║О╪▒╪й ┘И╪зя╗Яя║ия╗Фя║Ф ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗ая╗┤я║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя║Тя║кя╗зя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗┤я║ФтАм тАл* тАк┬Н '├и ├Р' ┬Ф ┬Ж. ┬░тАмтАм
ﻓﻨﻮن اﻟﺸﺮح ﻣﻦ اﻻﻧﺸﺮاح واﻟﺴﻌﺎدة
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻠﻘﺎء ﺳﻮف ﻧﺘﻄﺮق ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ واﺣﺪة ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﺔ ﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﻔﻦ اﻟﺬي اﺷﺘﻬﺮت ﺑﻪ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺧﺼﻮﺻﺎ إﻣﺎرة ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﻔﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻹﻣــﺎرات واﻟﺬي ﻧﻘﻠﺘﻪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺑﻌﺪ أن ﻗﺪﻣﺖ ﻣﻦ أرض اﻟﻬﺠﺮات اﻟﺬي اﺷﺘﻬﺮت ﺑﻪ ﻫﺬه ﻣﻌﻬﺎ أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﺖ وﻫﻮ »ﻓﻦ اﻟﺸﺮح« ،وﻫﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ واﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺸﺮاح أي اﻟﺴﻌﺎدة، اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻓﻲ ا9ﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ وﺳﻬﻞ اﻟﻈﻔﺮة وﺳﻠﻄﻨﺔ وﻫﻮ رﻗﺺ ﺗﻌﺒﻴﺮي ﻣﻤﻴﺰ ،وﻳﻤﺘﺎز ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻋﻤﺎن ،ﻫﺬه اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻫﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻤﻨﺎﻫﻴﻞ واﻟﺬي ﻧﻘﻠﺘﻪ ﻣﻌﻬﺎ أﻳﻨﻤﺎ اﻟﻤﺮأة ﻓﻴﻪ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ، اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﺻــﻼت اﻟﻘﺮﺑﻰ أو ﺣﻠﺖ وﻫﻮ »ﻓﻦ اﻟﺸﺮح« ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ وﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﺳﻮاء ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ أو ﺑﺎﻟﻴﻤﻦ ،وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻻ ﺗﺸﺘﺮك اﻟــﻤــﺮأة ﻓــﻲ اﻟﺮﻗﺺ وﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ اﻟﻌﻠﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﻌﻬﺎ واﻟﺘﻲ اﺧﺘﺼﺖ ﺑﻬﺎ اﻻﻧﺸﺮاح أي اﻟﺴﻌﺎدة، ﻣﺜﻼ. ً ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﻨﻮن وﻫﻮ رﻗﺺ ﺗﻌﺒﻴﺮي ﻣﻤﻴﺰ وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﻗﺼﺔ ﻳﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ وﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ واﺳﻌﺔ ،ﻓﺮﻳﻘﺎن وﻳﻮاﺟﻪ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﺖ. اﻟﺒﻌﺾ ،وﺗﺘﺴﻊ اﻟﺪاﺋﺮة أﻛﺜﺮ وﻳﺒﺪأ راﻗﺼﺎن ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺗﻮﻣﺎس وﻗﺪ وﺻﻒ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﺑﻴﺘﺮام ﻣﻦ اﻟﺤﻀﻮر أو اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ وﻫﻤﺎ رﺟﻞ اﻟﻤﻨﺎﻫﻴﻞ ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻄﻦ ﺳﻮاﺣﻞ واﻣﺮأة ﻓﻲ أداء ﺣﺮﻛﺎت رﺷﻴﻘﺔ وﺳﺮﻳﻌﺔ ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ ،وﻳﺒﺪو ﻣﻦ ﺣﻀﺮﻣﻮت ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ إﻻ أن ﻗﺴ ًﻤﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺎش ﺣﻴﺎة اﺗﺠﺎه اﻟﺨﻄﻮات أن اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻫﺠﻮم ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺘﻘﻬﻘﺮ اﻟﺒﺪو اﻟﺮﺣﻞ و ﻗﻄﻨﻮا ﺑﺎﻟﺮﺑﻊ اﻟﺨﺎﻟﻲ وﻫﻢ ﻣﻦ أﺷﺮس ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﺮﺑﻊ وﻋﻴﻨﺎه ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻫﺬا ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻜﺮة ﻃﺮﻳﻔﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺨﺎﻟﻲ وأﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻌﺎدة اﻟﺴﻠﺐ ﺧﻼل اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻀﻌﻴﻒ ،واﻟﻀﻌﻴﻒ وﻛﺄﻧﻪ ﻗﻮي ﻳﻬﺎﺟﻢ ﺑﻌﻨﻒ أواﺳﻂ ﻧﺠﺪ وﺗﺼﻞ أﺣﻴﺎﻧًﺎ إﻟﻰ أﻃﺮاف اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻣﺨﺘﺮﻗﺔ اﻻﻣﺘﺪاد وﺷﺮاﺳﺔ ،ﻓﺎﻟﻤﺮأة ﻫﻲ اﻟﻤﻬﺎﺟﻢ اﻟﻤﻨﺪﻓﻊ واﻟﺮﺟﻞ ﻳﻠﻮذ ﺑﺎﻟﻔﺮار، اﻟﺮﻣﻠﻲ ﻋﺒﺮ ﻃﺮق ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻏﻴﺮﻫﻢ«. ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
139
ﺷﺮح اﻟﻤﻨﺎﻫﻴﻞ رﻗﺼﺔ اﻟﺴﺮور واﻟﺴﻌﺎدة ﺳﺮور ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻌﺒﻲ@
اﻟﻴﻮم ﻧﺴﺘﻜﻤﻞ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰت ﺑﻬﺎ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ وﻻ ﺳﻴﻤﺎ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻮﻃﻨﺖ ﻫﺬه اﻷرض اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻀﻨﺘﻬﻢ وﺷﻜﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤ ًﻌﺎ ﺿﺞ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ أدت إﻟﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺘﺮاﺑﻂ واﻟﺘﺠﺎﻧﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻨﻴﻦ.
138
ﺷﺮح اﻟﻤﻨﺎﻫﻴﻞ رﻗﺼﺔ اﻟﺴﺮور واﻟﺴﻌﺎدة
ﻓﻨﻮن
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
137
وﻣﻔﺘﻮﺣﺔ .واﻟﻤﺪﻫﺶ اﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺠﺪ أﺑﺪا ﻗﺪﻳﺴﺎً ﻗﺪ ﺗﻢ رﺳﻤﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺎﻧﺒﻲ أو ﺑﻌﻴﻦ واﺣﺪة ،ﻓﻬﺬا ﺳﻤﺖ اﻷﺷﺮار وﻻ ﻳﺘﻔﻖ إﻃﻼﻗﺎ ﻣﻊ دﻻﻻت اﻟﻌﻴﻦ اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻲ اﻷدﺑﻴﺎت اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ – ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻌﻨﻲ -اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻸرﺿﻴﺎت واﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺎ . اﻟﻘﺮاءة اﻷوﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎ ﺳﻮف ﺗﻘﻮدك إﻟﻰ اﺳﺘﻨﺘﺎج أن اﻟﻮﺟﻪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮا ﻋﺒﺮ ﺧﻄﻮط ﻣﻼﻣﺢ ﻗﻮﻳﺔ وواﺿﺤﺔ .وﻳﻌﺰو اﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ إﻟﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﻓﻲ أدﺑﻴﺎت اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ب ” ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺑﺪاﻋﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻘﺒﻄﻲ ﻳﺮﺳﻢ وأﻣﺎﻣﻪ ارض ﺧﻀﺮاء ﺑﺮاح وواد ﻣﻨﺨﻔﺾ .و ﻳﻔﺴﺮ اﻟﺨﺒﺮاء ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻮﺟﻮه ﺑﺄن اﻟﻬﺪف ﻟﻴﺲ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻫﺬا ﻣﻦ ذاك ﺑﻞ ﺗﻮﺻﻴﻞ ﻓﻜﺮة اﻷﻳﻘﻮﻧﺔ ورﺳﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ ﺑﺴﻴﻄﺔ وأﻟﻮاﻧﻬﺎ ﻣﺒﻬﺠﺔ واﻟﻮﺟﻮه دوﻣﺎ ﻣﺒﺘﺴﻤﺔ وﻻ ﻳﺼﻮر اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻘﺒﻄﻲ اﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ إﻻ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت اﻻﻧﺘﺼﺎر .وﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ ﻛﺬﻟﻚ أن اﻟﻔﻢ ﻓﻲ اﻷﻳﻘﻮﻧﺎت ﻳﻜﻮن ﺻﻐﻴﺮا اﺳﺘﻨﺎدا إﻟﻲ ﻣﺒﺪأ أن اﻟﻐﺬاء ﻟﻴﺲ ارﺿﻴﺎ وإﻧﻤﺎ روﺣﻴﺎ. ﻓﻦ ﻗﺪﻳﻢ
ﺗﻌﺪ ا ﻳﻘﻮﻧﺎت اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ اﺣﺪ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ »ﻟﻠﻔﻦ اﻟﻘﺒﻄﻲ« اﻟﺬي ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ – ﻋﻠﻤ ًﻴﺎ -اﻟﻔﻦ اﻟﺬي أﻧﺘﺞ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻲ وادي اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ ا وﻟﻰ ﻟﻠﻤﻴﻼد وﺣﺘﻰ دﺧﻮل اﻟﻌﺮب ﺑﻤﺼﺮ ﻋﺎم 641وﻻ ﺗﺰال آﺛﺎره ﻣﺎﺛﻠﺔ ﺣﺘﻰ اNن ﻓﻲ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ وا دﻳﺮة.
وﺗﻌﺪ اﻷﻳﻘﻮﻧﺎت اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ اﺣﺪ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ »ﻟﻠﻔﻦ اﻟﻘﺒﻄﻲ« اﻟﺬي ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ – ﻋﻠﻤ ًﻴﺎ -اﻟﻔﻦ اﻟﺬي أﻧﺘﺞ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻲ وادي اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﻴﻼد وﺣﺘﻰ دﺧﻮل اﻟﻌﺮب ﺑﻤﺼﺮ ﻋﺎم 641وﻻ ﺗﺰال آﺛﺎره ﻣﺎﺛﻠﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻲ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ واﻷدﻳﺮة .وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻔﻦ اﻟﻘﺒﻄﻲ ﻫﻮ – ﻓﻲ أﺣﺪ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻪ - ﻣﺠﺮد اﻣﺘﺪاد ﻟﻠﻔﻦ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء أن اﻷﺧﻴﺮ ﻛﺎن ﻳﻨﻘﺶ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺑﺪ وﻣﻘﺎﺑﺮ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷول ﻳﻨﻘﺶ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران ﻛﻨﺎﺋﺲ وأدﻳﺮة. ﻟﻐﻮﻳًﺎ ،ﺗﻌﻨﻲ اﻷﻳﻘﻮﻧﺔ »اﻟﺼﻮرة« ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻛﺎن اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮن ﻳﺮﺳﻤﻮن اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑـ »اﻟﻔﺮﻳﺴﻜﺎت« إﻻ أن ﻋﺼﻮر اﻻﺿﻄﻬﺎد وﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺪم اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ وﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺪراﻧﻬﺎ دﻋﺎﻫﻢ -ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ- إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺮﺳﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻮﺣﺎت ﺧﺸﺒﻴﺔ ﻟﻴﺴﻬﻞ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻗﻮع ﻣﻜﺮوه ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ .أﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨﺎﻣﺎت ،ﻓﻤﻌﻈﻢ اﻷﻳﻘﻮﻧﺎت ﺗﻢ رﺳﻤﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻣﻮاد ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻘﺪة ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺣﻴﺎة اﻟﺘﻘﺸﻒ واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﺜﻞ ﻟﻮﺣﺎت ﺧﺸﺒﻴﺔ ﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪران ﻣﻊ ﻛﺴﻮﺗﻬﺎ أوﻻ ﺑﺎﻟﺘﻴﻞ ورﺑﻤﺎ اﻟﺨﻴﺶ ﺛﻢ ﺗﻐﻄﻰ ﺑﻄﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﺑﻄﺎﻧﺔ ﺑﻴﻀﺎء ﻣﺼﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺺ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺮﺳﻢ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﺑﺎﻷﻟﻮان اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﻰ ﺑﻮرﻧﻴﺶ ﺷﻔﺎف ﻟﺤﻔﻈﻬﺎ. وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ،ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﻘﺒﻄﻲ اﻟﻤﺼﺮي ﻫﻮ ﺧﺰاﻧﺔ أﺳﺮار ﻓﻦ اﻷﻳﻘﻮﻧﺎت ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﻳﻘﻮﻧﺎت ﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺮﻧﻴﻦ اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ واﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ وﺗﻌﺪ أﻗﺪم أﻳﻘﻮﻧﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﻤﺼﺮ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺑﻜﻨﻴﺴﺔ »ﺣﺎرة زوﻳﻠﺔ« واﻟﺘﻲ ﻳﺮﺟﻊ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ إﻟﻰ 1355ﻣﻴﻼدﻳﺔ ،وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ أﺟﻤﻞ أﻳﻘﻮﻧﺎت اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﻘﺒﻄﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺎز ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺒﺴﻴﻂ ،ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻫﺮوب اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ *رواﺋﻲ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﺼﺮي Mr.barakawi@gmail.com
136
ا"ﻳﻘﻮﻧﺎت اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ ﺗﺒﻮح ﺑﺄﺳﺮارﻫﺎ!
ﻓﻨﻮن
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺮﻛﺔ@
ﺗﺘﻌﺪد ﺧﺎﻣﺎﺗﻪ ،وﺗﺘﻨﻮع ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻪ اﻟﻤﺴﺘﻨﺪة إﻟﻰ ﺧﻠﻔﻴﺎت دﻳﻨﻴﺔ ،ﻟﻴﺸﻜﻞ أﺣﺪ ﺻﻮر اﻹﺑﺪاع اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺎوز ﺑﺨﺼﺎﺋﺼﻪ اﻟﻤﻤﻴﺰة اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ ﻓﺮﻳﺪً ا ﻟﺘﺮاث إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺜﺮاء واﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ. وﺑﺤﺴﺐ ﺧﺒﺮاء اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﻘﺒﻄﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻓﺈن ﺳﻤﺎت اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻻرﺗﺠﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ أن اﻟﺮﻫﺒﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺮﻓﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻴﻦ اﻟﻤﺤﺘﺮﻓﻴﻦ وﺗﻌﻮزﻫﻢ اﻟﺨﺒﺮة واﻟﺪراﻳﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ,ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻹﻧﺘﺎج ﻳﺘﻢ – أﺣﻴﺎﻧًﺎ -ﻓﻲ أﺟﻮاء ﻣﻦ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت واﻟﻤﺨﺎوف ﺑﻌﻴﺪً ا ﻋﻦ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ وراﺣﺔ اﻟﺒﺎل ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﺮض ﻟﻪ اﻷدﻳﺮة ﻣﻦ اﺿﻄﻬﺎد ﻋﻠﻰ أﻳﺪي اﻟﺮوﻣﺎن ﺑﻤﺼﺮ ﻗﺪﻳﻤﺎ.
ﻣﻼﺣﻈﺎت أوﻟﻴﺔ
ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺮوﺿﺎت اﻟﻤﺘﺤﻒ ،ﻳﻠﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻚ ﻛﺜﺎﻓﺔ اﺳﺘﺨﺪام ”اﻟــﻬــﺎﻻت“ ﻋﻠﻰ رؤوس اﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ واﻟﺸﻬﺪاء وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﻮﺿﻊ ﺗﺎج أو ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻻﺛﻨﺎن ﻣﻌﺎ .وﺗﻌﺪ اﻟﻬﺎﻟﺔ ﻋﻠﻲ رأس ﻗﺪﻳﺲ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺴﻤﺎت ذات اﻟﺸﻬﺮة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻷﻳﻘﻮﻧﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ .وﻷﺳﺒﺎب ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ،اﺑﺘﻌﺪ اﻟﺮﺳﺎم اﻟﻘﺒﻄﻲ ﻋﻦ ﻣﺤﺎﻛﺎة اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ورﻓﺾ أن ﻳﺘﻮرط ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺘﺤﻔﻈﺎت ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻳﺒﺪﻳﻬﺎ – ﻣﻊ اﻟﻔﺎرق -اﻟﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺤﻮ إﻟﻲ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ، ﻓﺎﻟﺮﺳﻮم ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ وﺟﻮه اﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ ﻣﺘﻬﻠﻠﺔ ﺗﻔﻴﺾ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة وﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺒﻮر ﺑﻬﺪف إﺑﺮاز ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﺳﻌﺎدة أﺑﺪﻳﺔ ﺗﻨﺘﻈﺮﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى .وﻣﻦ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ ﻋﺪم اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﻇﻼل أو ﺷﻜﻞ اﻟﺠﺴﻢ ﺣﻴﺚ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﻼﺣﻆ ” اﻟﺤﺲ اﻟﻄﻔﻮ ﻟﻲ ” ﻓﻲ رﺳﻢ اﻟﺮأس ﻛﺒﻴﺮة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺴﻢ ،واﻟﻌﻴﻮن واﺳﻌﺔ
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
135
ا"ﻳﻘﻮﻧﺎت اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ ﺗﺒﻮح ﺑﺄﺳﺮارﻫﺎ!
134
ا"ﻳﻘﻮﻧﺎت اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ ﺗﺒﻮح ﺑﺄﺳﺮارﻫﺎ!
ﻓﻨﻮن
روﺣﻬﻦ ﺳﺤﺮ اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت ،ﻫﺆﻻء ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻈﻤﻦ ﻓﻲ ﻧﺴﻴﺞ ﻋﺪة ﺟﻤﻌﻴﺎت ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ اﻟﻔﺎرﺳﺎت ،وﺗﺸﺠﻴﻌﻬﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻤﺎﻋﻲ، واﻟﺨﺮوج ﺑﻬﻦ ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻮاﺟﻬﺔ ،وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻧﺬﻛﺮ ﺗﻤﺜﻴﻼ ﻻ ﺣﺼﺮا، ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﺎزﻛﺎن ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة، وﺟﻤﻌﻴﺔ ﺟﻮﻫﺮة اﻟﻐﺮب ﻟﻠﺘﺒﻮرﻳﺪة اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﻴﺪي ﻗﺎﺳﻢ ،وﻫﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻃﻤﻮﺣﺔ ﺗﺮاﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮرة ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت اﻟﻤﺘﺠﻬﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻛﻤﻮروث ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻐﺮﺑﻲ ﺧﺎﻟﺺ ،وﺗﻔﻌﻴﻞ إﺷﺮاك اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺒﺮ ﻣﻨﺤﻬﺎ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت ﻣﻤﺎرﺳﺔ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ أﺳﻮة ﺑﺸﻘﻴﻘﻬﺎ اﻟﺮﺟﻞ ،ﺛﻢ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﺎﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﻣﻮروث ﺛﻘﺎﻓﻲ إﻟﻰ رﻳﺎﺿﺔ ﻣﻨﺘﺠﺔ وﻣﺪرة ﻟﻠﺪﺧﻞ ﻋﺒﺮ إﻧﺸﺎء ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮأة ،وﺟﻤﻌﻴﺔ ﻓﺎرﺳﺔ ﺑﻼدي اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺒﻠﺪﻳﺔ ﻣﺪﻳﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ،وﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺸﺮاردة ﺑﻮﻏﺰوان ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ واﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎس . إن وﻟﻮج اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات
اﻷﺧﻴﺮة ،وﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺤﺮﻛﺔ )اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ( ﻳﻌﻜﺲ دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻈﺮة ،اﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﺗﺨﺘﺰل اﻟﻤﺮأة ﻣﺠﺮد وﻋﺎء ﻻﺣﺘﻮاء ﻓﺤﻮﻟﺔ اﻟﺮﺟﻞ ،وﺗﻠﺒﻴﺔ ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻪ ،وﻫﻲ دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗُﺘُ ْﺮ ِﺟ ُﻢ اﻟﺤﺮاك اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ اﻟﺘﻮاق إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻧﻤﻄﻴﺔ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺎﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﻔﺮدي واﻟﺠﻤﻌﻲ ،واﻟﻤﺮأة ﺑﻬﺬا اﻻﻧﺨﺮاط ﺗﺜﺒﺖ ﻣﺮة أﺧﺮى أﻧﻬﺎ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎء اﻟﺮﻣﺰي * ½(# Ð' .
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
133
ﻏﻴﺮ أن ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻓﻲ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ،ﻫﻮ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻓﻌﻼ رﺟﻮﻟﻴﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻓﻌﻼ أﻧﺜﻮﻳﺎ أﻳﻀﺎ ،إذ اﻧﺨﺮﻃﺖ ﻧﻮن اﻟﻨﺴﻮة ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻠﻜﻦ ﻣﻦ ﺷﺠﺎﻋﺔ وﻃﻤﻮح وﺗﺤﺪ
اﻟﻤﺮدود ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﻋﻴﺎد اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،واﻷﻋﺮاس واﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺘﺼﺐ اﻟﺨﻴﺎم ،وﻳﺄﺗﻲ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺠﺎج اﻟﻮﻃﻦ ،ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﺳﺘﻌﺎدة أﺟﺰاء ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻳﻤﺘﺪ ﻟﻴﺮﺑﻂ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ واﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻮﻟﻲ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﺳﻴﺪي اﻟﻐﻠﻴﻤﻲ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﻄﺎت، وﻣﻮﺳﻢ اﻟﻮﻟﻲ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻮﻻي ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ أﻣﻐﺎر ﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻣﻮﺳﻢ اﻟﻮﻟﻲ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﺑﻮﻋﺒﻴﺪ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺧﺮﻳﺒﻜﺔ ،وﻣﻮﺳﻢ ﺳﻴﺪي أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻟﺤﺴﻦ ﺑﺒﻠﺪﻳﺔ ﻣﺪﻳﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ،ﻫﻨﺎك ﻣﻮاﺳﻢ أﺧﺮى ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ أﻗﻞ ﺻﻴﺘﺎ وﺷﻌﺒﻴﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻮاﺳﻢ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻔﺮس ،وﺗﺤﺘﻀﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ َﺣ ْﺮﻛَﺎﺗِ ِﻪ وﻃﻘﻮﺳﻪ اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ، واﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أﻳﻀً ﺎ. ﻧﻮن اﻟﻨﺴﻮة
ﻏﻴﺮ أن ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻓﻲ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ،ﻫﻮ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻓﻌﻼ رﺟﻮﻟﻴﺎ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻓﻌﻼ أﻧﺜﻮﻳﺎ أﻳﻀﺎ ،إذ اﻧﺨﺮﻃﺖ ﻧﻮن اﻟﻨﺴﻮة ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻠﻜﻦ ﻣﻦ ﺷﺠﺎﻋﺔ وﻃﻤﻮح وﺗﺤ ّﺪ ،ﻓﻲ أﺟﻮاء ﺗﻤﻠﺆﻫﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﺛﺒﺎت اﻟﺬات ،واﻟﺘﻔﺮﻳﺞ ﻋﻦ اﻟﻤﻜﺒﻮﺗﺎت اﻟﺜﺎوﻳﺔ ﻓﻲ أﻧﻔﺎق اﻟﺬات اﻷﻧﺜﻮﻳﺔ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎدت اﻟﻔﺎرﺳﺎت ﻣﻦ وﻟﻮج ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﻤﻐﺎﻣﺮاﺗﻬﺎ وﺗﺤﺪﻳﺎﺗﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻟﻨﻈﺮة إﻟﻰ اﻟﻤﺮأة ﻣﺨﺘﺰﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد وﻋﺎء ﻟﻺﻧﺠﺎب ،وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﺑﻨﺎء ،واﻷﺷﻐﺎل اﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺮﻳﻜﺎ ﻟﺸﻘﻴﻘﻬﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ،رﻏﻢ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮة وﻣﺠﺎزﻓﺔ، وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ،ﺻﺎرت اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ /اﻟﻔﺎرﺳﺔ ﺣﺎﺿﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺘﺒﻮرﻳﺪة ،ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻤﺘﻠﻜﺔ روح اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ،وإﺛﺒﺎت اﻟﺬات ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﻣﻌﻴﺎر رﺟﻞ /اﻣﺮأة ،وﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻫﻮ اﻧﺨﺮاط اﻟﻜﺜﻴﺮات ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺷﻘﺎت ﻟﻤﻐﺎﻣﺮات اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر ﻓﺮق ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ إﻧﺎث ﻣﻸ ﻗﻠﻮﺑﻬﻦ ﻋﺸﻖ اﻟﺒﺎرود ،وأﻟﻬﺐ
132
اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﻤﺆﻧﺚ
ﻓﻨﻮن
ŽńŴij źįĔŲŤē İėŐ
ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﺮﻳﻖ، اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺖ ﺗﻮارﺛﺘﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل أﺑﺎ ﻋﻦ ﺟﺪ ،وﻗﺪ ﺗﺸﺘﺪ ﻃﻘﻮﺳﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻲ ﻓﻲ ﺻﺮاﻋﺎﺗﻬﺎ وﻧﺰاﻋﺎﺗﻬﺎ وﺳﻌﻴﻬﺎ إﻟﻰ أﻫﻠﻴﺘﻬﺎﻬﺎ وزﻋﺎﻣﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺆون اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻓﺮض ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ واﺳﺘﻌﻼﺋﻬﺎ ،وإﺛﺒﺎت ﺘﻬ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻓﺮض ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻘﻮة ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻌﻴﻒ ،واﻟﺜﺄر ﻣﻦ اﻟﺨﺼﻮم ﻋﻠﻰ وﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎت ذﻟﻚ اﻟﺤﺮوب اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﻌﺪد ﻣﻠﻠﻬﻢ وأﺟﻨﺎﺳﻬﻢ وأﻗﻮاﻣﻬﻢ ،ﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻛﺪاﺣﺲ واﻟﻐﺒﺮاء وﻏﻴﺮﻫﺎ. اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻞ ﺑﻬﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻘﺪﻳﻢ
وﻳﺴﺘﻤﺪ ﺗﻌﺎﻃﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮة وﺷﻴﻮﻋﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ واﻟﻨﺴﺎء ،ﻣﻦ ﻗﻮل ﺳﻴﺪ اﻟﺨﻠﻖ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺤﻤﺪ ﻧﻮاﺻﻴﻬﺎ اﻟﺨﻴﺮ إﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ »اﻟﺨﻴﻞ ﻣﻌﻘﻮد ﻓﻲ ﺻﻴﻬﺎ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وأﻫﻠﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﻤﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻛﺎﻟﺒﺎﺳﻂ ﻳﺪه ﺑﺎﻟﺼﺪﻗﺔ« ،وﻗﻮل اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ »ﻋﻠﻤﻮا أوﻻدﻛﻢ ﻻدﻛﻢ اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﺷﺎﻋﺖ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﺮﻣﺎﻳﺔ ورﻛﻮب اﻟﺨﻴﻞ« ،ﻟﺬﻟﻚ ،ﺎﻋﺖ رﻣﺰﻳﺘﻬﺎ ودﻻﻻﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺤﻘﺐ واﻷزﻣﻨﺔ ،وﺗﻘﻮت ﻣﺰﻳﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ أﺳﺒﺎب وﻋﻮاﻣﻞ ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ ،أﺑﺮزﻫﺎ ﺗﻨﺎﻣﻲ ﻨﺎﻣﻲ اﻟﺼﺮاﻋﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﻴﺎه ،واﻷﻋﺮاض ،واﻷﻧﺴﺎب، ﺑﻌﺪ ،ﻣﻤﺎ اﻧﻌﻜﺲ وﺗﻨﺎﻣﻲ اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺪ، إﻳﺠﺎﺑًﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻦ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻘﻮى ﺳﻨﺪه وﺗﻌﻀﺪ ﻧﻄﺎق ﺗﺪاوﻟﻪ ﺑﺒﺮوز ﺷﻌﺮاء اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ،وﻫﻢ ﺷﻌﺮاء ، اﻟﺘﺤﺪي ،واﻟﺪﻓﺎع ﻋﺮﻓﻮا ﺑﺈﺟﺎدة رﻛﻮب اﻟﺨﻴﻞ ،وﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﺘ ﺪي ﻋﻦ ﻋﺮﻳﻦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷﺧﻄﺎر اﻟﻤﺤﺪﻗﺔ ﺑﻬﺎ، ﺣﻴﺚ ﻧﺴﺘﺤﻀﺮ ﻫﻨﺎ اﻣﺮأ اﻟﻘﻴﺲ ،وﺑﺸﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺧﺎزم اﻷﺳﺪي ،وﻣﺤﻤﻮد ﺳﺎﻣﻲ اﻟﺒﺎرودي وﻏﻴﺮﻫﻢ. واﻟﻤﻐﺮب ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺑﻠ ًﺪا ﻇﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﺤﻂ ﻋﺪة ﺗﺤﻮﻻت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺷﺎﻋﺖ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻛﻔﻦ أﺻﻴﻞ ﺑﻴﻦ اﻷﻓﺮاد واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت داﺧﻞ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ واﻟﻤﺪاﺷﺮ واﻟﺤﻮاﺿﺮ ،وارﺗﺒﻄﺖ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺮوب ،إذ ﻛﺎن ﻳﻠﺘﺠﺊ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻮﻃﻨﻴﻮن إﻟﻰ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻮزة اﻟﻮﻃﻦ، وردع اﻷﻃﻤﺎع ﻋﻦ ﺣﺪوده ،ﺛﻢ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻃﻘﻮس اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد ،ﻳﻌﺒﺮون ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻻﺑﺘﻬﺎج واﻟﻐﺒﻄﺔ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻣﻮﺳﻢ ﻓﻼﺣﻲ واﻓﺮ
اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﺮﻳﻖ ،ﺗﻮارﺛﺘﻬﺎ ا ﺟﻴﺎل أﺑﺎ ﻋﻦ ﺟﺪ ،وﻗﺪ ارﺗﺒﻄﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﺘﺪ ﻃﻘﻮﺳﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﺮاﻋﺎﺗﻬﺎ وﻧﺰاﻋﺎﺗﻬﺎ وﺳﻌﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﺮض ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ واﺳﺘﻌﻼﺋﻬﺎ
ﻓﻨﻮن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
131
اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﻤﺆﻧﺚ
130
اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﻤﺆﻧﺚ
ĜġťŨė şŹļ
ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ» .ﻓﺎﻹﻣﺎم اﺑﻦ ﻓﺎرس ت 395ﻫـ ﻛﺎن ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳَﺮ ﱡد اﺳﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﻮاﺣﺪ إﻟﻰ ﻣﻌﺎن ﻣﺘﻌﺪدة )ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻠﻐﺔ( ،واﻹﻣﺎم اﻟﺮاﻏﺐ اﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ ت 502ﻫـ ﻛﺎن ﻋﻤﻠﻪ ﻳﺘﻴﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺪد )ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻔﺮدات أﻟﻔﺎظ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ( ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﺘﺰﻣﺖ )أي اﻟﻤﺆﻟﻒ( ﺑﻮﺣﺪة اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري« ﻃﺒّﻖ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ 2300ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺷﻤﻠﺖ ﻛﻠﻤﺎت ﻛﻞ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ . وﺗﺒﺮز أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري ﻟﻠﺘﺮﻛﻴﺐ ﻓﻲ أﻧﻪ »إذا أُ ْﺣ ِﻜﻢ اﺳﺘﺨﻼﺻﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ إﺣﻜﺎم ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﻔﺮدات اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﻗﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﻳﻢ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟ َﻤ ْﺮوﻳّﺔ؛ ﻟﻨﺨﺘﺎر ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﻄﻤﺌﻦ إﻟﻰ ﺻﺤﺘﻪ ،وﻧﺴﺘﺒﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري« ووﺿﻊ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري وﺿﺤﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﺣﺸﺪت ﻟﺼﻴﺎﻏﺘﻪ )اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري( ﻛﻞ اﻟﺨﺒﺮة واﻟﺼﺒﺮ )ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺪراﺳﺔ وﻣﻌﺎﻳﺸﺔ اﻟﻠﻔﻆ اﻟﻘﺮآﻧﻲ، وﺻﺮح ﻟﻲ ﻣﺸﺎﻓﻬﺔ أن ﻃﺒﺎﻋﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم 2010م ﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة :ﻗﺎﺻﺪا ﺑﺬﻟﻚ –رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ – ﻋﺪد ﻣﺮات اﻟﺘﻨﻘﻴﺢ واﻹﺿﺎﻓﺔ واﻟﺤﺬف واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﺘﺒﺪﻳﻞ ﻟﻴﺴﺘﻘﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻮرﺗﻪ ﺗﻠﻚ(. ﻣﺮاﺟﻌﺔ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﻜﻞ أﻗﻮال اﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ؛ ﻟﻴﻤﻴﺰ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻷﺧﺬ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻤﻔﺮدات اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ؛ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﺑﻪ ،وﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ؛ ﻓﻼ ﻳﺸﻐﻞ اﻟﻘﺎرئ ﺑﻪ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ وﺟﻪ ﺿﻌﻴﻒ ﻓﺈﻧﻪ ﻳُﺆﺧﺮه أو ﻳُﻐﻔﻠﻪ. إﻣﻌﺎﻧًﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺛﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاد -ﻷن ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻫﻮ ﺣﻖ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﺰل اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ وﻫﻮ ﺣﻖ اﻟﻘﺮآن وﺣﻖ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺣﻖ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ،ﻷن ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﯩﻪ اﻟﻤﻘﺮرات واﻷﺣﻜﺎم اﻟﻌﻘﺪﻳﺔ واﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ أرادﻫﺎ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻤﻔﺮدات أو اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺮآﻧﻪ اﻟﻜﺮﻳﻢ؛ ﻷﺟﻞ ﻫﺬا اﻹﻣﻌﺎن ﺟﺎء ﻣﺆﻟﻔﻨﺎ ﻋﻠﻰ رأس ﻛﻞ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻋﺎﻟﺠﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﻤﻪ ﺑﺸﻴﺌﻴﻦ ﻗﺒﻞ ذﻛﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﻘﺮآﻧﻲ : أوﻻ :ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻟﻌﺒﺎرات اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ :أي اﻟﺘﻲ
اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻻﺣﺘﺠﺎج اﻟﻠﻐﻮي )اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻬﺠﺮي ﻷﻫﻞ اﻟﺤﻀﺮ واﻟﺮاﺑﻊ اﻟﻬﺠﺮي ﻷﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ( ،وﺳﻨﺬﻛﺮ ﻻﺣﻘﺎ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا. ﺛﺎﻧﻴﺎ:اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻋﺮب ﻋﺼﺮ اﻻﺣﺘﺠﺎج ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ، وﻗﺪ اﺳﺘﺨﻠﺼﻪ ﻣﺆﻟﻔﻨﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ أوردﻫﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ ﻫﺬا ،وﻫﺬا ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻤﺆﻟﻔﻨﺎ اﻻﺳﺘﺨﻼص ﻛﺎن ﺟﻬ ًﺪا ً ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺮﺗﻪ وﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻪ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻟﻜﻼم اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ وﻣﺎ ﺑﻌﺪه ﻋﻠﻰ آﺧﺮ ﻋﺼﺮ اﻻﺣﺘﺠﺎج ،وﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ. وﺿﺮب ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﺜﻼ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺎدة ﺗﺮﻛﻴﺒﻲ )ﻋﺼﻮ-ﻋﺼﻲ( أوﺿﺢ اﺳﺘﻌﻤﺎﻻﺗﻬﺎ اﻟﻤﺎدﻳﺔ )اﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺔ( ﻫﻲ اﻟﻌﺼﺎ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ وﻗﺪر ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﻤﻌﺠﻢ ﺑﺎ )اﻟﻌﻮد( واﻟﻤﻘﺼﻮد ﻋﻮد اﻟﺸﺠﺮ أي اﻟﻐﺼﻦ ﻣﻨﻪ اﻟﺬي ﺟﻒ واﺗﱡﺨﺬ ﻋﺼﺎ ،ﻓﺎﻟَﻤﻠْﺤﻆ ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﻌﺼﺎ وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﻦ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻴﺎن :ﺿﺪ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ﻓﻤﺎ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺼﺎ واﻟﻌﺼﻴﺎن؟ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻫﻮ اﻟﺼﻼﺑﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﺼﺎ ،ﺛﻢ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺻﻼﺑﺔ ﻣﻦ ﻳﻌﺼﻲ رﺑﻪ أو أﻣﻴﺮه ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻳﺠ ُﻤﺪ وﻳﺼﻠُﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻪ وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻫﻮ ،وﻻ ﻳﻄﻴﻊ وﻻ ﻳﻨﺜﻨﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ أراده ﻣﻨﻪ رﺑﻪ أو أﻣﻴﺮه .ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺼﺎ واﻟﻌﺼﻴﺎن ﻫﻲ اﻻﺷﺘﻘﺎق .واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﻔﺮدات اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻫﻮ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري *ﺑﺎﺣﺚ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ،ﻣﺼﺮ ﻫﻮاﻣﺶ: اﻋﺘﻤﺪ ﻛﺎﺗﺐ اﻟﻤﻘﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﻤﻪ اﻋﺘﻤﺎدا أﺻﻴﻼ،وﺗﺼﺮف ﺗﺼﺮﻓﺎ ﻳﺴﻴﺮا ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﻘﻮﻻﺗﻪ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ أﺧﺮى ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ. ﺻﺪرت ﻃﺒﻌﺔ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻷوﻟﻰ ﻋﻦ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻵداب ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ﻓﻲ أرﺑﻌﺔ ﻣﺠﻠﺪات ﻋﺎم 2010م وﺗﺘﻮاﻟﻰ ﻃﺒﻌﺎﺗﻪ ،وﻗﺪ ﻟﻘﻲ ﻗﺒﻮﻻ وذﻳﻮﻋﺎ ﻛﺒﻴﺮﻳﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﺪارﺳﻴﻦ.
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
2015 201 015 01 ﻧﻴﻮ 5 ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻌﺪد 188ﻳﻳﻮ اﻟﻌﺪد
129 12 9
أﺳﺲ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري ّ
»اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻲ « ﺗﺄﺻﻴﻞ "ﻟﻔﺎظ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻋﺮض -ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ أﺑﻮ ﺣﻄﺐ@
ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ رﺻﻴﻨﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻧﺴﺠﻬﺎ ﻋﺎﻟﻢ ﻟﻐﻮي ﻣﻌﺘﺰ ﺑﺪﻳﻨﻪ وﻋﺮوﺑﺘﻪ وﻟﻐﺘﻪ أﻳﻤﺎ اﻋﺘﺰاز ﺑﻌﺪ ﻃﻮل ﻣﺪارﺳﺔ وﻣﻌﺎﻳﺸﺔ ﻟﻔﻘﻪ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻳﺸﺔ –ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ أن ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ – اﻣﺘﺪت ﻟﻤﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﺑﺪءا ﻣﻦ اﺧﺘﻴﺎره أﻟﻔﺎظ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻷﻃﺮوﺣﺘﻪ ﻟﻨﻴﻞ درﺟﺔ اﻟﻌﺎﻟِﻤﻴﺔ )اﻟﺪﻛﺘﻮراه( ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزﻫﺮ اﻟﺸﺮﻳﻒ إﻟﻰ أن اﺻﻄﻔﺎه رﺑﻪ ﻓﻠﺒﻰ اﻟﻨﺪاء وﻟﺤﻖ ﺑﺠﻮاره اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﻮم اﻷرﺑﻌﺎء اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﺟﻤﺎدى اﻵﺧﺮة 1436ﻫـ اﻟﻤﻮاﻓﻖ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣﺎرس اﻟﻤﺎﺿﻲ ودﻓﻦ ﺑﻤﺴﺠﺪه ﺑ ُﻤﻨﺸﺄة اﻷوﻗﺎف ﺑﻄﻨﻄﺎ -ﻣﺼﺮ ،إﻧﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﺣﺴﻦ ﺟﺒﻞ ،اﻟﻌﻤﻴﺪ اﻷﺳﺒﻖ ﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﺼﻮرة ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزﻫﺮ ،وأﺣﺪ اﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺬي ﺗﺒﻨﺘﻪ ﻗﻄﺮ ﻣﺆﺧﺮا ،وﻗﺪ وﻟﺪ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﻋﺎم 1931م ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻛﻔﺮ اﻟﺸﻴﺦ – ﻣﺼﺮ ،وأﺛﺮى اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺑﻌﺸﺮات اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﺮﺻﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮف ﻗﺪرﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ودارﺳﻴﻬﺎ اﻟﺠﺎدﻳﻦ ،ﻣﻌﺎﻳﺸﺔ ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻤﻌﺠﻢ ﻟﻠﻌﺮﺑﻴﺔ وﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﻌﺎﻳﺸﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎن ؛ ﺗﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﺔ ﻓﻲ رﺻﺎﻧﺔ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت ودﻗﺔ اﻟﻤﻔﺮدات واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﺻﻴﻞ اﻟﻠﻐﻮي واﻟﻤﻌﺮﻓﻲ واﻻﻋﺘﺰاز اﻟﺒﺎﻟﻎ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ﻫﺬا اﻻﻋﺘﺰاز ﻧﺒﻊ ﻣﻦ إﻳﻤﺎﻧﻪ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﺑﺄن »ﺑﻴﺎن ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺣﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ذي أﻫﻠﻴﺔ ،وﺷﺮف ﻋﻈﻴﻢ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬا اﻟﺤﻖ« ،ﻛﺎن ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﻣﺸﻐﻮﻻ »ﺑﻀﺒﻂ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ، وإﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻣﻦ د ّواﻣﺔ اﻷﻗﻮال اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻞ ﻣﻔﺮدة ﻗﺮآﻧﻴﺔ« ،ﻓﺄراد أن ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺿﺎﺑﻂ ﻟﺼﻮغ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ وﺑﻴﺎﻧﻬﺎ وﺗﺠﻠﻴﺔ ﻣﺎ اﺳﺘُﻐﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﺄن ﺟﻌﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ رﺣﻤﺔ واﺳﻌﺔ -ﻣﻌﻨﻰ ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻜﻞ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻟﻐﻮيأﺳﻤﺎه » اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري ﻟﻤﻔﺮدات اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ« وﻗﺎم »ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ورد ﻣﻦ ﻣﻔﺮدات اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ؛ ﻣﺒﻴﻨﺎ وﺟﻪ اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎم ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺒﻴﻨﺎ
128 128
»اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻲ « ﺗﺄﺻﻴﻞ "ﻟﻔﺎظ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ
وﺟﻪ اﻧﺘﻤﺎء ﻛﻞ ﻣﻔﺮدة ﻏﻴﺮ ﻗﺮآﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ؛ ﻟﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﻨﻰ«. واﺧﺘﺎر اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻻﺷﺘﻘﺎق وﺳﻴﻠﺔ وﻣﻨﻬﺠﺎ دﻗﻴﻘﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆﺻﻞ ﻷﻟﻔﺎظ ووﺳﻢ ﻣﻌﺠﻤﻪ ﺑﺎﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻲ ﱠ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاد َ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ. ﻣﺴﺘﻨﺪا ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﻹﻣﺎم اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي ت 606ﻫـ »:اﻻﺷﺘﻘﺎق ﻫﻮ أﻛﻤﻞ اﻟﻄﺮق ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﺪﻟﻮﻻت اﻷﻟﻔﺎظ« ،وﻋﻠﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻛﻮن اﻻﺷﺘﻘﺎق أﻛﻤﻞ اﻟﻄﺮق ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﺪﻟﻮﻻت اﻷﻟﻔﺎظ ؛ﻷﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺪاد ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻌﺮب ﻟﻬﺎ – ﻣﻊ أﺧﺬ ﺗﻜﻴﻴﻔﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﺒﺎن) -ﻋﺮف اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﺘﻜﻴﻴﻒ :أﻧﻪ اﻋﺘﺒﺎر ﻓﻲ اﻟﺸﻲء أو ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻟﻪ ،ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺻﻔﺘﻪ أو اﺳﻤﻪ ،ﻣﺜﻼ :اﻟﻌﺮب ﻳ ُﻌ ّﺪون ﺟﺮي اﻟﺪاﺑﺔ )ﺑَﺬْﻻ( ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻤﺬﺧﻮر ﻗﻮﺗﻬﺎ ،وﻣﻦ ﻓﻴﺾ( ،(...واﺧﺘﻼف ﻫﻨﺎ ﻳﺼﻔﻮن اﻟﻔﺮس ﺑﺄﻧﻪ )ﺟﻮا ٌد(َ ) ،ﺳﻜ ٌْﺐ(ٌ ) ، ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻜﻴﻴﻒ ﻳﺘﻀﺢ ﺑﺠﻼء ﻓﻲ َﻣﺜﻞ ﺳﺎﻗﻪ اﻟﻤﺆﻟﻒ » :ﻓﺎﻟﻌﺮب ﻳﺼﻔﻮن ﻣﻦ َﻋ ِﺪم إﺣﺪى ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺑﺄﻧﻪ )أﻋﻮر( ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺐ ) َﻋﻮِر( اﻟﻤﻌ ﱢﺒﺮ ﻋﻦ اﻧﻜﺸﺎف ﺛﻐﺮة ﻓﻲ اﻟﺸﻲء ،ﻓﻤﻌﻨﻰ )أﻋﻮر( أن ﻟﻪ ﺑﺆرة ﻋﻴﻦ ﺧﺎﻟﻴﺔ .ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ) one-eyedذا ﻋﻴﻦ واﺣﺪة( ﻧﻈﺮوا إﻟﻰ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ،ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ اﻟﺘﻜﻴﻴﻒ« ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﻤﻪ أن ﻳﺤﺴﻢ اﻟﺘﺮدد اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ دارس ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ أو اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﻔﺮداﺗﻪ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮا َﺟﻪ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك أﻗﻮاﻻ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﻴﺎن ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﻔﺮدة أو اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ،ﻓ ُﻴﻀﻄﺮ ﻟﻼﺟﺘﺰاء ﺑﺼﻮرة ﻣﻬﺘﺰة أو ُﻣﻠْﺘَﺒِﺴﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﻨﻰ ،وﻓﻲ رأي ﻣﺆﻟﻔﻨﺎ أن ﻫﺬا ﻳﻘﺪح ﻓﻲ وﺛﺎﻗﺔ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ، وﻳﺴﻲء إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ أﻳﻀﺎ. وﻷﺟﻞ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ اﺗﺒﻊ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻣﺤﻜﻤﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﺷﺘﻘﺎق اﻟﻠﻐﻮي ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ وﺑﻴﻨﺎ ﻗﻴﻤﺔ اﻻﺷﺘﻘﺎق وﺿﺮورﺗﻪ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ أﺻﻞ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻠﻐﻮي ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب. وﺟﺪﻳﺪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺠﺎدة ﻣﺤﺎوﻟﺘﻬﺎ اﻟﺮﺻﻴﻨﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﻮري ﻟﻠﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﻮاﺣﺪ )اﻟﻤﺎدة اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ( ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻮاﺿﻌﻬﺎ
тАля╗гя║╕я║Оя╗ля║к╪з╪ктАм
тАля║Ся╗┤я╗ж ╪з"я╗Пя║Оя╗зя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗Шя║кя╗│я╗дя║Ф ┘И╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║Ья║ФтАм тАля╗гя║дя╗дя║к я╗Пя║Тя║оя╗│я║▓ @тАм
тАля╗гя║О ╪▓я╗Яя╗ия║О я╗зя║╕я╗Мя║о я╗Ыя╗ая╗дя║О ╪зя║│я║Шя╗дя╗Мя╗ия║О ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗╖я╗Пя║Оя╗зя╗▓ ╪зя╗Яя╗Шя║кя╗│я╗дя║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║Тя║Д╪йтАм тАля║Ся║Оя╗Яя║╝я║к┘В ┘И╪зя╗Яя║оя╗Чя╗▓ ┘И╪зя╗Яя║дя╗ия╗┤я╗жтАк ╪МтАмя║Ся║О╪▒я║Чя╗┤я║О╪н ╪п╪зя║зя╗ая╗▓ ┘И╪ея║╖я║Тя║О╪╣ ┘Ия║Яя║к╪зя╗зя╗▓тАм тАл┘Ия║Чя╗мя║мя╗│я║Р ╪▒┘Ия║гя╗▓ ┘Ия║Чя║Ья╗Шя╗┤я╗Фя╗▓ ┘И╪▒┘Ия╗гя║Оя╗зя║┤я╗┤я║Ф я║гя╗Шя╗┤я╗Шя╗┤я║Ф я╗Пя╗┤я║о я║Чя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАля║Чя║Тя║Ья╗мя║О ╪зя╗╖я╗Пя║Оя╗зя╗▓ ╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║Ья║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗Фя║оя╗Гя║Ф я║Ся║Оя╗╗я║│я║Шя╗Мя║о╪з╪╢ ┘И╪зя╗╣я╗│я╗Шя║О╪╣ я╗Уя╗▓ я╗Чя╗о╪зя╗Яя║РтАм тАля╗гя║╝я╗Дя╗ия╗Мя║Ф я║│я╗о╪з╪б я╗Уя╗▓ я╗Ыя╗ая╗дя║Оя║Чя╗мя║О ╪зя╗Яя║ия╗Фя╗┤я╗Фя║Ф ╪г┘И я╗Уя╗▓ я╗Яя║дя╗оя╗зя╗мя║О ╪зя╗Яя║┤я║оя╗│я╗Мя║ФтАк╪МтАмтАм тАля╗зя╗Мя╗в я╗гя║О╪▓я╗Яя╗ия║О я╗зя║╕я║к┘И ┘Ия╗зя╗Дя║о╪и ┘Ия╗зя║дя╗ая╗Ц я╗Ля║Оя╗Яя╗┤я║О┘Л я╗Ыя╗ая╗дя║О ╪гя╗Ля╗Дя╗┤я╗ия║О ╪в╪░╪зя╗зя╗ия║ОтАм тАл┘И╪гя║│я╗ая╗дя╗ия║О ╪гя╗зя╗Фя║┤я╗ия║О ┘Ия╗Чя╗ая╗оя║Ся╗ия║О ┘И╪г╪▒┘И╪зя║гя╗ия║О ╪ея╗Яя╗░ ╪гя║╗я╗о╪з╪к ┘Ия║гя╗ия║Оя║Яя║о я╗Ля╗дя║Оя╗Яя╗Шя║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗Фя╗ж ╪зя╗╖я║╗я╗┤я╗Ю ╪зя╗Яя║мя╗│я╗ж ╪гя║Ыя║о┘И╪з я║гя╗┤я║Оя║Чя╗ия║О я╗Уя║оя║гя║О┘Л ┘Ия║│я╗Мя║О╪п╪й ┘Ия║╖я╗Мя║оя╗│я║Ф ┘И╪гя╗Пя╗ия╗о╪зтАм тАля║Чя║о╪зя║Ыя╗ия║О ╪зя╗Яя╗Фя╗ия╗▓ я║Ся║Оя╗╖я╗Ля╗дя║О┘Д ╪зя╗Яя║ия║Оя╗Яя║к╪й ┘И╪зя╗Яя║о┘И╪зя║Ля╗К ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗дя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗Мя╗Ья║▓тАм тАля╗Чя╗┤я╗дя║О┘Л ╪ея╗зя║┤я║Оя╗зя╗┤я║Ф ┘Ия╗гя╗Мя║Оя╗зя╗▓ ╪зя╗╣я║Ся║к╪з╪╣ ┘И╪зя╗Яя╗Шя╗о╪й ┘И╪зя╗╖я╗гя╗Ю ┘И╪зя╗Яя╗ия╗Шя║О╪бтАк.тАмтАм тАля╗Ля╗ия║кя╗гя║О я╗зя║┤я║Шя╗дя╗К ╪ея╗Яя╗░ ╪гя╗Пя╗ия╗┤я║Ф я╗Яя╗Ья╗оя╗Ыя║Р ╪зя╗Яя║╕я║о┘В ╪г┘И я╗Яя╗ая╗Мя╗ия║кя╗Яя╗┤я║Р ╪г┘И я╗Яя╗Мя║Тя║ктАм тАл╪зя╗Яя╗оя╗ля║О╪и ╪г┘И я╗Яя╗Фя╗┤я║о┘И╪▓ ╪г┘И я╗╖┘К я╗Уя╗ия║О┘Ж я╗гя╗ж ╪░я╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя║░я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║ая╗дя╗┤я╗Ю я╗зя║┤я║Оя╗Уя║отАм тАля║Ся╗Мя╗┤я║к╪з ┘Л я╗Уя╗▓ я╗Уя╗Ая║О╪б╪з╪к я╗гя╗Дя║о╪▓╪й я║Ся║Оя╗Яя║ая╗дя║О┘Д ┘И╪зя╗╖я║╗я║Оя╗Яя║Ф ┘И╪зя╗Яя║Тя╗мя║О╪бтАк ╪МтАм┘Ия╗зя║Тя║Шя╗ЮтАм тАля║Ся║Оя╗Яя║дя╗ия╗┤я╗ж ┘И╪зя╗Яя║╕я╗о┘В ┘И╪зя╗Яя║дя║Р ┘Ия║Чя║Шя║┤я║Оя╗гя╗░ ╪г╪▒┘И╪зя║гя╗ия║О ╪ея╗Яя╗░ я╗ля║О┘Е ╪зя╗Яя║дя║оя╗│я║ФтАм тАл┘Ия║Чя╗Дя╗дя║Мя╗ж ╪гя╗Ля╗дя║Оя╗Чя╗ия║О ┘Ия║Чя╗Шя║о╪и ╪ея╗Яя╗░ я║Яя╗о╪з╪▒ ╪зя╗Яя╗ая╗к ┘И╪зя╗Яя║оя║гя╗дя║Ф ┘И╪зя╗Яя╗Дя║Тя╗┤я╗Мя║ФтАк╪МтАмтАм тАля╗Ыя║Дя╗зя╗ия║О ╪зя╗гя║Шя╗ая╗Ья╗ия║О я╗гя╗Фя║Оя║Чя╗┤я║в ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о ┘И╪зя╗Яя╗ия╗Ря╗в ┘И╪зя╗Яя║Тя╗мя║ая║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя╗дя║О я╗│я╗Шя╗о┘Д ╪зя╗Яя║╕я║Оя╗Ля║отАм тАл) ┘И╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о ╪е┘Ж я╗Яя╗в я╗│я╗Ья╗ж ╪░я╗Ыя║о┘Й ┘Ия╗Ля║Оя╗Гя╗Фя║ФтАк /тАм╪г┘И я║гя╗Ья╗дя║Ф я╗Уя╗мя╗о я║Чя╗Шя╗Дя╗┤я╗КтАм тАл┘И╪г┘И╪▓╪з┘Ж( ┘Ия╗│я╗дя╗Ья╗ж ╪г┘Ж я╗│я╗ия║┤я║дя║Р я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя║Тя╗┤я║Ц я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╖я╗Пя╗ия╗┤я║Ф ╪гя╗│я╗Ая║О┘Л я╗Уя╗мя╗▓тАм тАл╪е┘Ж я╗Яя╗в я║Чя╗Ья╗ж ╪░я╗Ыя║о┘Й ┘Ия╗Ля║Оя╗Гя╗Фя║Ф ┘Ия║гя╗ия╗┤я╗ия║О┘Л ┘И╪ея║зя╗╝я║╗я║О┘Л я╗Уя╗мя╗▓ я╗зя╗оя║Чя║О╪к ┘И╪гя╗зя╗Ря║О┘ЕтАм тАл┘Ия║│я╗╝я╗Яя╗в ┘И╪ея╗│я╗Шя║Оя╗Ля║О╪к ┘И╪вя╗╗╪к я╗╗ я║Чя╗Мя║Тя║о я╗Ля╗ж ╪зя╗╖я╗Яя╗в ┘И╪зя╗Яя╗Фя║о╪з┘В ┘И╪зя╗Яя╗Мя║╕я╗ЦтАм тАл┘И╪зя╗Яя║╝я║Тя║Оя║Ся║Ф ┘И╪зя╗Яя╗Шя║Тя╗Ю ┘И╪зя╗Яя╗дя╗о╪зя╗Ля╗┤я║ктАк ╪МтАм┘Ия╗╗ я║Чя╗╝я╗гя║▓ я║╖я╗Ря║О┘Б ╪зя╗Яя╗Шя╗ая╗о╪и ┘Ия╗гя║к╪зя╗гя╗КтАм тАл╪зя╗Яя╗Мя╗┤я╗о┘ЖтАк ╪МтАмя╗Уя║Оя╗╖я╗Пя╗ия╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║ая╗┤я║к╪й я╗ля╗▓ ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║Шя║Дя╗Яя╗Ц я║Ся║Оя╗Яя╗дя╗оя║│я╗┤я╗Шя╗░ ┘Ия║Чя║┤я╗дя╗отАм тАля║Ся║Оя╗Яя╗Ья╗ая╗дя║О╪к ┘Ия║Чя╗ая╗дя╗К я║Ся║Оя╗Яя║╝я╗о╪к ╪зя╗Яя║┤я║Оя║гя║о ┘И╪зя╗╖╪п╪з╪б ╪зя╗Яя║╝я║О╪п┘ВтАк ╪МтАм┘Ия║Чя║кя║зя╗Ю ╪ея╗Яя╗░тАм тАл╪гя╗Ля╗дя║Оя╗Чя╗ия║О ╪п┘И┘Ж ╪зя║│я║Шя║Мя║м╪з┘ЖтАк ╪МтАм┘Ия╗ля║м╪з я╗гя║О я║Чя╗Фя║Шя╗Шя║к┘З ╪зя╗╖я╗Пя╗ия╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║Ья║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАля║Чя╗Ья║Ья║о я╗Уя╗┤я╗мя║О ╪зя╗Яя║Ья║оя║Ыя║о╪й ┘И╪зя╗Яя║ия╗Фя║Ф ┘И╪зя╗Яя╗Фя╗оя║┐я╗░ ┘И╪зя╗╗я║│я║Шя╗мя╗╝┘Г ┘И╪зя╗Яя║Шя║ая║О╪▒╪йтАк ╪МтАм┘И╪гя╗Ыя║Ья║отАм тАля╗гя║О я╗│я║Жя╗Яя╗в я╗ля╗о ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о ╪зя╗Яя╗Ря╗ия║Оя║Ля╗▓ ╪г┘И я╗Ыя╗ая╗дя║О╪к ╪зя╗╖я╗Пя╗ия╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪гя╗Чя╗Ю я╗гя║О я╗│я╗Шя║О┘ДтАм
тАля╗Ля╗ия╗мя║О ╪гя╗зя╗мя║О я║Чя║Оя╗Уя╗мя║Ф ┘Ия║│я║ия╗┤я╗Фя║Ф ┘Ия╗╗ я║Чя║о╪зя╗Ля╗▓ ╪зя╗Яя║м┘И┘В ╪г┘И я║Чя║дя║Шя║о┘Е ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о я║Ся╗дя║ОтАм тАля╗│я╗дя║Ья╗ая╗к я╗гя╗ж ╪ея║Ся║к╪з╪╣ ┘Ия╗Уя╗ж ┘Ия╗Ля║Тя╗Шя║оя╗│я║ФтАк ╪МтАм╪е╪░╪з ╪зя║│я║Шя╗дя║о╪к я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║дя║О┘Д я╗Уя║Оя╗Яя║┤я╗╝┘ЕтАм тАля╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╖я╗Пя╗ия╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║ФтАк ╪МтАмя╗│я║ая║Р ╪г┘Ж я║Чя╗Шя╗Т я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗дя╗мя║░я╗Яя║Ф ┘И╪г┘Ж я╗│я╗оя║┐я╗КтАм тАля║гя║к╪з ┘Л я╗Яя╗Ья╗Ю я╗гя╗ж я╗│я║Шя║ая║о╪г ╪г┘Ж я╗│я╗Ья║Шя║Р я║Ся╗Ая╗К я╗Ыя╗ая╗дя║О╪к я╗╗ я╗гя╗Мя╗ия╗░ я╗Яя╗мя║О ┘Ия╗│я╗Шя║кя╗гя╗мя║ОтАм тАля╗Ыя╗ия║║ я╗╖я╗Пя╗ия╗┤я║ФтАк ╪МтАм╪ея╗зя╗ия║О я╗гя║Тя║Шя╗ая╗о┘Ж ╪зя╗Яя╗┤я╗о┘Е я║Ся║Дя╗зя║О╪│ я╗│я║╕я╗оя╗ля╗о┘Ж ╪зя╗Яя╗Фя╗ж ┘И╪зя╗Яя║╕я╗Мя║отАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя╗оя║│я╗┤я╗Шя║О ┘И╪зя╗Яя║оя║│я╗в ┘И╪зя╗Яя╗дя║┤я║о╪н я╗Ыя╗дя║О я╗ля╗о ╪зя║Ся║Шя╗╝╪дя╗зя║О я╗Уя╗▓ я╗гя║ая║Оя╗╗╪к ╪гя║зя║о┘ЙтАм тАля╗Ыя║Оя╗Яя║┤я╗┤я║Оя║│я║Ф ┘И╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя║ФтАк ╪МтАмя╗Ыя╗ая╗дя║О ╪зя║│я║Шя╗дя╗Мя║Ц ╪ея╗Яя╗░ ╪гя╗Пя╗ия╗┤я║Ф я╗Яя╗Фя╗ия║Оя╗зя╗▓ я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗Мя║╝я║отАм тАл╪гя║╖я╗Мя║о я║Ся║Оя╗Яя╗Ря║Ья╗┤я║О┘Ж ┘И╪зя╗╣я║гя║Тя║О╪╖ ┘И╪зя╗Яя╗Шя╗мя║отАк ╪МтАм┘Ия╗Яя╗о я╗Чя║к╪▒ я╗Яя╗ая╗Фя╗ия║Оя╗зя╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║о╪зя║гя╗ая╗┤я╗ж ╪г┘ЖтАм тАля╗│я║о┘И╪з я╗гя║О я╗│я║дя║к╪л я╗Яя╗╕я╗Пя╗ия╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗┤я╗о┘Е я╗Яя╗Ья║Оя╗зя╗о╪з я║Чя╗дя╗ия╗о╪з ╪зя╗Яя╗дя╗о╪к я╗гя║о╪й ╪гя║зя║о┘Й ┘Ия╗╗тАм тАл╪г┘Ж я╗│я║╕я╗мя║к┘И╪з я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗Фя║┤я║О╪п ┘И╪зя╗Яя║Шя║╕я╗оя╗│я╗к ┘И╪зя╗Яя║Шя║░я╗│я╗┤я╗ТтАк.тАмтАм тАля╗Ыя╗┤я╗Т я╗│я╗дя╗Ья╗ж я╗Яя╗Фя╗ия║О┘Ж я╗│я║кя╗Ля╗▓ ╪зя╗╗я║гя║Шя║о╪з┘Б ┘И╪зя╗Яя║Шя║ая║оя║Ся║Ф ┘И╪зя╗Яя╗ия║ая╗оя╗гя╗┤я║Ф я╗╗ я╗│я╗Мя║о┘БтАм тАл╪г┘Ж я╗│я║ия║Шя║О╪▒ ╪зя╗Яя╗ия║╝я╗о╪╡ ╪зя╗Яя║ая╗┤я║к╪й ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗ая╗┤я╗Ц я║Ся╗к ┘Ия║Ся║Шя║ая║оя║Ся║Шя╗ктАк ╪МтАм╪пя╗Ля╗оя╗зя║О я╗гя╗жтАм тАл╪зя╗Яя╗Фя╗ия║Оя╗зя╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║ая║к╪птАк ╪МтАмя╗Уя╗мя╗в я║┐я║дя║Оя╗│я║О я║гя║Р ╪зя╗Яя║╕я╗мя║о╪й ┘И╪зя╗Яя╗дя║О┘Д ┘И╪зя╗Яя╗╝я╗гя║Тя║Оя╗╗╪йтАк ╪МтАм┘Ия╗╗тАм тАля╗│я╗оя║Яя║к ╪г┘К ┘И╪з╪▓╪╣ ╪г┘И ╪▒╪з╪п╪╣ я╗Яя╗┤я╗Шя╗Т я╗Уя╗▓ ┘Ия║Яя╗мя╗мя╗в ┘Ия╗│я╗Шя╗о┘Д я╗Яя╗мя╗в я╗Ыя╗Фя╗░тАк╪МтАмтАм тАля╗Яя╗Шя║к я╗Ыя╗Фя║оя║Чя╗в я║Ся║Оя╗Яя╗Фя╗ж ┘И╪зя╗╖я╗Пя║Оя╗зя╗▓ ┘И╪зя╗Яя╗дя╗оя║│я╗┤я╗Шя║О я║Ся║Оя║│я╗в ╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ыя║Ф ┘И╪зя╗Яя║ая║о╪г╪йтАм тАл┘И╪зя╗Яя║дя║оя╗│я║ФтАк ╪МтАмя╗ля╗Ю я║Чя╗Мя╗ия╗▓ ╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ыя║Ф ╪г┘Ж я║Чя║дя╗оя╗Яя╗о╪з ╪зя╗╖я╗Пя╗ия╗┤я║Ф ╪ея╗Яя╗░ ┘Ия║Яя║Тя║Ф я║│я║оя╗│я╗Мя║ФтАм тАл╪г┘Е ╪ея╗Яя╗░ я╗Чя╗┤я╗дя║Ф я╗Уя╗ия╗┤я║Ф я║Чя║дя╗дя╗Ю ╪зя╗Яя╗дя║░я╗│я║к я╗гя╗ж ╪зя╗╗я║Ся║Шя╗Ья║О╪▒╪Я я╗ля╗Ю я║Чя╗Мя╗ия╗▓ ╪зя╗Яя║ая║о╪г╪йтАм тАл╪г┘Ж я║Чя║ия║кя║╖я╗о╪з я║гя╗┤я║О╪б ╪зя╗Яя╗Фя╗ж ┘И╪зя╗Яя║о╪г┘К ╪зя╗Яя╗Мя║О┘Е ╪г┘Е ╪г┘Ж я║Чя╗Мя║Тя║о┘И╪з ╪гя╗Ыя║Ья║о я╗Ля╗жтАм тАля╗Чя╗Ая║Оя╗│я║О ┘Ия║зя╗Фя║Оя╗│я║О ┘И╪вя╗╗┘Е ╪пя╗Уя╗┤я╗ия║Ф╪Я ┘Ия╗ля╗Ю я║Чя╗Мя╗ия╗▓ ╪зя╗Яя║дя║оя╗│я║Ф ╪г┘Ж я║Чя╗оя╗Пя╗ая╗о╪з я╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗╗я║│я║Шя╗Фя║░╪з╪▓ ┘Ия║Чя╗Фя╗Мя╗ая╗о╪з я╗гя║О я║Чя║╕я║О╪д┘И┘Ж ┘Ия║Чя║Тя║Шя╗Мя║к┘И┘Ж я╗Ля╗дя║О я╗ля╗о ╪гя║╗я╗┤я╗Ю ╪г┘Е ╪г┘ЖтАм тАля║Чя║ая╗Мя╗ая╗о╪з я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║дя║оя╗│я║Ф я║┐я╗о╪б╪з я╗│я╗ия╗┤я║о ╪гя║╗я╗о╪зя║Чя╗Ья╗в ┘И╪ея║Ся║к╪зя╗Ля║Оя║Чя╗Ья╗в╪Я я╗гя║о╪й я║Ыя║Оя╗зя╗┤я║ФтАм тАл┘Ия║Ыя║Оя╗Яя║Ья║Ф ┘Ия╗Ля║Оя║╖я║о╪й ╪гя╗Чя╗о┘Д я╗Ыя╗Фя║О я╗Яя╗мя║м┘З ╪зя╗Яя╗Ая║дя║Оя╗Яя║Ф ╪зя╗Яя╗Фя╗ия╗┤я║Ф ┘И╪зя╗╗я║│я╗Фя║О┘Б ╪зя╗Яя╗Ря╗ия║Оя║Ля╗▓тАм тАл┘Ия║│я╗оя╗Чя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Ья╗ая╗дя║Ф ┘И╪зя╗╗я║│я║Шя╗мя║Шя║О╪▒ я║Ся╗дя║╕я║Оя╗Ля║о ╪зя╗Яя╗ия║О╪│тАм тАл* тАк├П ├О┬З# ├Р' ├Ы├Г . ┬░тАмтАм
тАля╗гя║╕я║Оя╗ля║к╪з╪ктАм
тАл╪зя╗Яя╗Мя║к╪п тАк 188тАмя╗│я╗оя╗зя╗┤я╗о тАк2015тАмтАм
тАлтАк127тАмтАм
ﻻ ﺗﺰال ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮى ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﻘﻮس أو ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ،إﻻ أن ﻗﺮى أﺧﺮى ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻓﺪاﺣﺔ اﻟﻤﺼﺎب ﺑﺮوﻳﺔ وﻫﺪوء ،ورﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺎدي اﻟﺤﺰن واﻟﻌﻮﻳﻞ ،ﻓﻼ ﻳُﻘﺪم ﻓﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻌﺰاء ﺳﻮى اﻟﺤﻤﺺ واﻟﻔﺸﺎر
ﺧﺎﺻﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﻛﻞ اﻣﺮأة ﻋﻦ ﺳﻮاﻫﺎ. ﺑﻤﺤﺘﻮﻳﺎت اﻷﻛﻠﺔ ﻟﺘﺄﺧﺬ ﻣﺬاﻗًﺎ ً ﺗٌﻤﻨﻊ ﻫﺬه اﻷﻛﻠﺔ اﻟﻤﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ،ﻛﻤﺎ ﻳُﻤﻨﻊ »اﻟﻤﺤﺸﻲ« ﺑﺄﻧﻮاﻋﻪ وﺻﻮاﻧﻲ اﻟﻔﺮن ﻣﻦ ﻣﻌﻜﺮوﻧﺔ ورﻗﺎق وﻏﻴﺮﻫﺎ ..ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻛﻼت ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻮﻳﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم ﺗ ُﻤﻨﻊ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺤﺪاد ﻋﻠﻰ اﻟ ُﻤﺘﻮﻓﻰ ..ﻓﻜﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺳﺎﺑﻘًﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ اﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ ،اﻟﻄﺒﺦ ﻟﻠﻮﺿﻴﻤﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻷﻛﻞ ﻛﻔﻌﻞ ﺣﻴﺎة ..ﻓﻘﻂ ﻛﻔﻌﻞ ﻣﺴﺎﻧﺪة وﻛﺮم. ﻗﺪ ﺗﺄﺗﻲ اﻷﻋﻴﺎد ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺤﺰن ﺗﻠﻚ واﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ إﻟﻰ ﻋﺎم ..ﻓﻼ ﻳُﺨﺒﺰ اﻟﻜﻌﻚ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻠﻌﻴﺪ وﻻ ﻳُﻬﺎدى ﺑﻪ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ..ﺑﻞ ﺗُﺨﺒﺰ رﻏﺎﺋﻒ ﺻﻐﻴﺮة ﺗُﺴﻤﻰ »ﻗُﺮص رﺣﻤﺔ« وﺗﺨﺮج ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪاﻓﻦ ﻟﺘﻌﻴﺪ اﻟﺬﻛﺮى وﺗﻘﻮم ﺑﺘﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﻤﺠﺎورﻳﻦ ،ﻳﺄﻛﻞ اﻟﺼﻐﺎر ﻣﻨﻬﺎ وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ﻟﻠﻤﻴﺖ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮدد اﻟﻨﺴﻮة ﺻﻔﺎت اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ وﻏﺮاﺋﺒﻪ وآﺧﺮ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ. ﻟﻠﻨﻮﺑﺔ ﻃﻘﻮس أﺧﺮى
اﻟﻮﻓﺎة ﻓﻰ اﻟﻨﻮﺑﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ أﻣﺮ ﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻰ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،وﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻃﻘﻮس ﺛﺎﺑﺘﺔ واﻟﺘﺰاﻣﺎت ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻓﺘﺒﺪأ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﻟﻌﻮﻳﻞ واﻟﺼﺮاخ ﺑﻤﺎ ﻳُﺴﻤﻰ )وﻳﺒﻴﺎ( وﻫﻲ ﺻﺮﺧﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﻄﻠﻘﻨﻬﺎ ﺑﻄﻮل اﻟﻘﺮﻳﺔ وﻋﺮﺿﻬﺎ ﻣﻌﻠﻨﻴﻦ اﺳﻢ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ؛ وﻳﺘﺤﻮل ﻫﺪوء اﻟﻘﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﺿﺠﻴﺞ وإﺛﺎرة ﺗﺠﺎه اﻟﻌﻮﻳﻞ واﻟﺼﺮاخ اﻟﺬى اﻧﻄﻠﻖ ﻓﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﻧﺤﺎء ،وﻻ ﺗﻬﺪأ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ اﻟﺪﻓﻦ. ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت واﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻴﺮﺗﺪي اﻟﺮﺟﺎل »اﻟﺸﺠﺔ« وﻫﻲ ﻣﻼﺑﺲ ﺑﻴﻀﺎء ﺗﺸﺒﻪ ﻣﻼﺑﺲ اﻹﺣﺮام ،وﺗﺮﺗﺪي اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ أﻗﺎرب اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ اﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺴﻮداء ،وﻳﻀﻌﻦ اﻟﺤﺒﺎل ﺣﻮل ﺧﺼﻮرﻫﻦ وﺑﻌﺾ ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮرﻫﻦ ،وﻳﺘﺮﻛﻦ اﻟﻤﺠﻮﻫﺮات واﻟﺤﻠﻲ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ وﻳﻄﻠﻘﻦ ﺷﻌﻮرﻫﻦ وﻳﻀﻌﻦ اﻟﻄﻴﻦ ﻋﻠﻰ رؤوﺳﻬﻦ واﻟﺮﻣﺎد ﻋﻠﻰ وﺟﻮﻫﻬﻦ ...ﻛﻤﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ
126
»اﻟﻮﺿﻴﻤﺔ«اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ و»ﻟﺤﻤﺔ اﻟﻤﻴﺖ!«
اﻷﻗﺎرب أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻮق رؤوﺳﻬﻦ أﺛﻨﺎء ﺗﺄدﻳﺔ رﻗﺼﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺮﻗﺼﺔ اﻟﻤﻮت ،ﻓﻴﺴﻬﻞ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻓﻰ اﻟﺰﺣﺎم. ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻴﻌﺎد »اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ« وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻘﺎم ﻓﻰ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻮﻓﺎة ﺣﻴﺚ ﻳُﺬﺑﺢ ﺧﺮوف ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺘﻐﺬﻳﺔ اﻟﻨﺎس ،وﺑﻌﺪ اﻟﻄﻌﺎم؛ ﺗﺒﺪأ ﻃﻘﻮس ﺧﺎﺗﻤﺔ اﻟﺬﻛﻮر ﻓﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺪاد اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺮﺟﺎل ﻓﻴﺘﻨﺎوب اﻟﺸﻴﻮخ ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة أﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ،ﺛﻢ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻮﻛﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﻗﺒﺮ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ وﺗﻬﺘﻒ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ )ﻻ إﻟﻪ إﻻ اﻟﻠﻪ( ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻣﺮة ،ﺛﻢ ﻳُﻠﻘﻲ ﻛﻞ ﻓﺮد ﺣﺼﺎة ﺻﻐﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺒﺮ رﻣ ًﺰا ﻟﻌﺪد اﻟﺼﻠﻮات اﻟﺘﻲ أداﻫﺎ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﺘﻮﻓﻰ. ﻻ ﺗﺰال ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮى ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﻘﻮس أو ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ،إﻻ أن ﻗﺮى أﺧﺮى ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻓﺪاﺣﺔ اﻟﻤﺼﺎب ﺑﺮوﻳﺔ وﻫﺪوء ،ورﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺎدي اﻟﺤﺰن واﻟﻌﻮﻳﻞ ،ﻓﻼ ﻳُﻘﺪم ﻓﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻌﺰاء ﺳﻮى اﻟﺤﻤﺺ واﻟﻔﺸﺎر ،وﻳﺒﺪأ اﻟﺤﺎﺿﺮون ﺑﺴﺮد ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ وﻳﺘﻀﺎﺣﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻧﻮادره ،ﻓﻴﻈﻦ اﻟﻤﺎر ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺟﻠﺴﺔ ﺳﻤﺮ وﻟﻴﺴﺖ ﺟﻠﺴﺔ ﺣﺰن ﺑﺘﺎﺗ ًﺎ ،ﻳﻮﻓﺮ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻃﺎﻗﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺴﺘﻨﻔﺬة ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺎﻛﻲ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة أﻫﻞ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ واﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ راﺣﺔ ﺑﻴﺘﻪ وذوﻳﻪ. ﻓﻲ أﻏﻠﺐ ﺑﻘﺎع اﻟﻘﺎﻫﺮة؛ ﺗﻘﻊ اﻟﻤﺪاﻓﻦ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﺴﻜﻦ، ﺗﺤﺘﻤﻞ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﻠﺼﻼة ﺛﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻓﻦ ﻣﺸﻘﺔ وﻣﺪة زﻣﻨﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 6أو 7ﺳﺎﻋﺎت ،ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻮع واﻹﻧﻬﺎك ،وﺑﺎﻟﺤﺮج اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺬﻟﻚ. إﻻ أن اﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﺎدة واﻟﻌﺮف ﻻ ﺗﺨﺠﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﺑ ًﺪا ،ﺑﻞ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﻪ ﻣﺴﺒﻘًﺎ ﻓﻴﻌﻮد اﻟﺠﻤﻊ ﻟﻴﺠﺪ اﻟﻄﻌﺎم ﺟﺎﻫ ًﺰا، واﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺮض اﻟﻄﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺰوار ﻗﺒﻞ اﺑﺘﺪاء ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﻨﻬﻜﺔ ﻧﻔﺴ ًﻴﺎ وﺟﺴﺪﻳًﺎ. وﻋﻠﻰ ﻇﻼل ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻻت ﻛـ »اﻟﺒﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ« و »اﻟﺤﻲ أﺑﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺖ«؛ ﺗ ُﻘﺪم أﻃﺒﺎق اﻟﻄﻌﺎم اﻟﻌﺎﻣﺮة ﻓﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ دﻻﻻت اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺴﻨﺪ ،ورﺑﻤﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻬﺮب ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ﻓﻲ اﻟﺤﺰن
ُﻗﺮَص رﺣﻤﺔ
ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻄﻌﺎم اﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺪروﺳﺔ وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻗﻠﻴﻼ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﺗﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،ﻓﺎﻟﻄﻌﺎم وإن ﺧﺎﻟﻒ ً ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻨﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ ُﻣﺮﺳﻞ اﻟﻄﻌﺎم أو أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻟﻔﺘﺮة ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ.
ﻣﻦ ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
ﻳﺴﺘﻤﺮ ذﻟﻚ ﻟﺜﻼﺛﺔ أﻳﺎم ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ وﻗﺪ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ،ﻟﻴﺘﻢ اﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻻﺟﺘﻤﺎع آﺧﺮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﺰاء ﻳُﻠﻘﺐ ﺑـ »اﻟﺨﻤﻴﺲ اﻟﻜﺒﻴﺮ« وﻳُﻘﺪم ﻓﻴﻪ اﻟﺸﺎي واﻟﻘﻬﻮة ﻓﻘﻂ.
ﻳﻤﺘﻨﻊ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺒﺦ أي ﻃﻌﺎم ﻳﺤﻮي ﻓﻲ ﻃﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻤﺢ ﻟﻠﺒﻬﺠﺔ ،ﻗﺪ ﺗﻈﻦ أن اﻟﺤﻠﻮﻳﺎت وﺣﺪﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻛﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺒﻬﺎ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻤﺼﺮي وﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﻴﻮﺗﻪ ﺑﺮواﺋﺤﻬﺎ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮة واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻘﺎﻃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﻴﻞ. ﻣﺜﻼ واﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﺮاﺋﺤﺘﻬﺎ اﻟﻨﻔﺎذة وﺗﻘﻠﻴّﺘﻬﺎ »اﻟﻤﻠﻮﺧﻴﺔ« ً اﻟﻤﻌﺒﻘﺔ ﺑﺮاﺋﺤﺔ اﻟﺴﻤﻦ واﻟﺜﻮم؛ و»ﻃﺸﺘﻬﺎ« اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﻄﺒﺦ دون »اﻟﺸﻬﻘﺔ« ،وﻫﻮ ﻃﻘﺲ ﻣﺼﺮي ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﺨﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮم اﻟﻨﺴﻮة ﺑﺎﻟﺸﻬﻴﻖ وﻫﻲ ﺗﻀﻴﻒ اﻟﺘﻘﻠ ّﻴﺔ إﻟﻰ أوراق اﻟﻤﻠﻮﺧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺧﺮﻃﻬﺎ وﺗﺬوﻳﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻮرﺑﺔ ،ﻓﺘﺨﺘﻠﻂ روح اﻟﻄﺒﺎﺧﺔ اﻟﻤﺎﻫﺮة
اﻟﻤﺮﺻﺪ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
125
»اﻟﻮﺿﻴﻤﺔ«اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ و»ﻟﺤﻤﺔ اﻟﻤﻴﺖ!«
İżőĸ ŧĔŲŻij
ﻳُﻘﺎل إن اﻟﻄﻌﺎم ﻫﻮ اﻟﻤﺘﻌﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺧﺎﺻﺔ إن ﻛﻨﺖ ﻣﻤﻦ ﻳﺘﺠﻨﺒﻮن أﺣﺎﺳﻴﺲ اﻟﺬﻧﺐ اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻌﺪاد اﻟﺴﻌﺮات اﻟﺤﺮارﻳﺔ ﻓﻲ وﺟﺒﺘﻚ وﺗﺮﻛﺖ ﺷﻬﻴﺘﻚ ﺗﺴﻮﻗﻚ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺰاﺧﺮ ﺑﺎﻟﻤﺘﻊ اﻟﺤﺴﻴﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ. »اﻷﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﺣﻴﺎة«؛ ﻫﻜﺬا أرى ...وﻟﻬﺬا ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻘﻢ أﺑﺪً ا ارﺗﺒﺎط اﻷﻛﻞ ﺑﺎﻟﻤﻮت ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻲ ..إذا ﺣﺰﻧﺖ ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻫﻢ اﻣﺘﻨﻌﺖ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﺑﺸﻜﻞ ﻻ إرادي ووﻗﻔﺖ ﺣﺎﺋﺮة ﺑﻴﻦ إﺻﺮار اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ إﻋﺪاد ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻘﺎدﻣﻴﻦ واﻋﺘﺒﺎر ﺧﻠﻮ اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم وﻗﺖ اﻟﻌﺰاء ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻻ ﺗﻐﺘﻔﺮ ،ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أﺑﺪً ا أن أﻓﻬﻢ ﺳﺮ ارﺗﺒﺎط اﻟﻄﻌﺎم ﺑﺎﻟﻤﻮت ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ ..أو ﺑﻤﻌﻨﻰ أﺻﺢ ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﻌﺰاء واﻟﻤﻮاﺳﺎة؛ ﺣﺘﻰ وﺟﺪت أن ﻟﻸﻣﺮ ﻃﻘﻮﺳﺎ ﺗﻬﺬﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻔﺪاﺣﺔ اﻟﻤﺼﺎب. وﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ أرز ﺑﺼﻮص اﻟﻄﻤﺎﻃﻢ ﻣﻊ ﺧﺒﺰ وﺧﻞ ،واﻟﺒﻌﺾ ﻳﻘﺪم ﻣﻊ اﻟﻠﺤﻢ »ﻓﻄﻴﺮ ﻣﺸﻠﺘﺖ« وﻫﻮ اﻟﻔﻄﻴﺮ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﺒﻠﺪي اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﻪ اﻷرﻳﺎف؛ وﻳﻠﻘﺐ ﻫﺬا اﻟﻠﺤﻢ ﺑـ »ﻟﺤﻤﺔ اﻟﻤﻴﺖ« وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺰاﺋﺮ أن ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻨﻪ؛ وإذا اﻣﺘﻨﻊ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳُﺮﻳﺪ ﻟﻠﻤﻴﺖ أن ﻳُﺮ َﺣﻢ!
ﺗﺘﻨﻮع أﻧﻮاع اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺪم ﻛﻮﺿﻴﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺰاء ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺒﻘﺎع اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ،اﻟﺜﺎﺑﺖ اﻟﺬي وﺟﺪﺗﻪ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت ﻫﻮ أن أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻻ ﻳﻄﺒﺨﻮن ﻫﺬا اﻟﻄﻌﺎم ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ،وﻻ ﺣﺘﻰ أﻗﺎرب اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ،ﻳﻘﻮم اﻟﺠﻴﺮان وﺑﻘﻴﺔ اﻷﻗﺎرب ﺑﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻧﻴﺎﺑ ًﺔ ﻋﻨﻬﻢ؛ ﻓﺘﺬﻫﺐ ﺛﻼث ﺻﻮانٍ ﻣﺤﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮات ﻟﻺﻓﻄﺎر واﻟﻐﺬاء واﻟﻌﺸﺎء ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع وﻣﻦ ﺑﻴﻮت اﻟﻤﻌﺎرف أﻳﻀً ﺎ ،وإذا ﻧﻘﺺ اﻟﻄﻌﺎم ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺰوار واﺿﻄﺮ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ إﻟﻰ اﻟﻄﺒﺦ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﻴ ًﺒﺎ ﻓﻲ ﺣﻖ
124
»اﻟﻮﺿﻴﻤﺔ«اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ و»ﻟﺤﻤﺔ اﻟﻤﻴﺖ!«
اﻟﺠﻴﺮة واﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ،رﺑﻤﺎ أﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻬﺎون ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻊ ﺗﻄﻮر اﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻘﺎع؛ إﻻ أن ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺮى واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت ﻻ ﺗﺰال ﺗﻬﺘﻢ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻓﺘﻼﺣﻆ اﻟﻨﺴﻮة ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺈرﺳﺎل اﻟﻄﻌﺎم وﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻲ ﺗﺼﺒﺢ وﺻﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ،وﺗ ُﻼﺣﻆ ﻛﻤﻴﺎت اﻟﻄﻌﺎم وﺟﻮدﺗﻪ ﻟ ُﻴﺮد اﻟﺠﻤﻴﻞ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻲ أﻗﺮب ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ. ﻳﺘﻔﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﺦ اﻟﻠﺤﻢ ﻟﻠﻮﺿﻴﻤﺔ ،رﺑﻤﺎ ﻳُﺨﺘﻠﻒ ﻣﺎ ﻳُﻘﺪم ﻣﻌﻬﺎ ،ﻓ ُﻴﻄﺒﺦ ﻣﻊ اﻟﻠﺤﻢ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺨﻀﺮة أو »اﻟﻔﺘﺔ«
أوراق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ
اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﺻﻨﺪوق اﻟﺘﻄﻮر ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ@
ﻛﺜﻴﺮة ﻫﻲ اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻏﻴﺮت وﺟﻪ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺎم ،ﺣﺘﻰ وإن ﻛﻨﺎ ﻧﻨﻈﺮ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ،إﻻ أن أﺛﺮﻫﺎ ووﻗﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺐ ﻛﺎن ﻣﺪوﻳًﺎ وﻋﻈﻴﻤﺎ وﻧﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺣﺎل ﻟﺤﺎل أﺧﺮى ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ. ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻟﻨﺎ اﻋﺘﻴﺎدﻳﺔ اﻟﻴﻮم أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ارﺗﻘﺎء اﻹﻧﺴﺎن وﺗﻄﻮره اﻟﻔﻜﺮي وإﻃﻼق اﻟﻤﺨﺘﺮﻋﺎت. ﻣﻦ أﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺸﻮف ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎر وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺛﺮﻫﺎ وﻓﺎﺋﺪﺗﻬﺎ ﻟﻪ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﺒﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﻨﻒ ﺗﺎرﻳﺦ وﻛﻴﻔﻴﺔ ذﻟﻚ اﻻﻛﺘﺸﺎف. ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎت اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﺖ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ أﻳﻀﺎ ﻧﺤﻮ ﻋﺼﻮر أﻛﺜﺮ ﺗﻄﻮرا اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﺠﻠﺔ ،وﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺘﺸﻒ ﺿﺒﺎﺑﻲ ﻛﺬﻟﻚ وﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوف ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ،ﻟﻜﻦ أﺛﺮﻫﺎ ﻛﺎن ﻣﺪوﻳًﺎ؛ ﻓﺒﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﺗﻤﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻘﻞ وﻧﻘﻞ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ وﻛﺎن ﻛﺸﻔًﺎ ﻓﻌﻼ ﻣﻔﻴ ًﺪا. وﻟﻜﻦ ،ﻣﻦ دون ﺷﻚ ﻳﺒﻘﻰ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺣﺪﺛ ًﺎ إﻧﺴﺎﻧ ًﻴﺎ ﻓﺮﻳ ًﺪا وﻛﺒﻴ ًﺮا ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ أن ﻫﺬا اﻟﻜﺸﻒ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻧﻘﻞ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻧﻘﻠﺘﻬﺎ اﻟﻜﺒﺮى. ﻓﺒﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ُﺣﻔﻈﺖ اﻷﻓﻜﺎر ،وﺗﻢ ﺗﻮارث ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﺑﻴﻦ اﻷﺟﻴﺎل واﻟﺤﻘﺐ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻣﻜﻦ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ واﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮ اﻷﺟﺪاد واﻵﺑﺎء واﻟﺘﻄﻮﻳﺮ. اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻨﺪوﻗﺎً ﺣﻔ َﻆ اﻟﻜﻨﻮز اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ،
وأﻗﺼﺪ ﺑﺎﻟﻜﻨﻮز ﻫﻨﺎ اﻷﻓﻜﺎر ،ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺪ ﺧﺮاﻓﻴﺔ وﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻬﺎ؛ ﻣﺜﻞ أﺣﻼم اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻄﻴﺮان ،واﻟﺘﻲ اﺻﻄﺪﻣﺖ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﺠﺎﻣﺪة اﻟﻤﺤﺒﻄﺔ واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮدد ﻣﻘﻮﻻت ﻣﺜﻞ ﻟﻮ أراد اﻟﻠﻪ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﻳﻄﻴﺮ ﻟﺨﻠﻖ ﻟﻪ أﺟﻨﺤﺔ! وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﺗﻢ اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻗﻮال واﻵراء ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻜﻮن ﺣﺎﻟﻨﺎ اﻟﻴﻮم!! إذا أﺧﺬﻧﺎ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي أﺣﺪﺛﺘﻪ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﺪوﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع واﺣﺪ ﻣﺜﻞ ﻗﺼﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻊ اﻟﻄﻴﺮان ﺳﻨﺠﺪ أﻧﻬﺎ ﻓﻌﻼ ﻛﺎﻧﺖ وﻋﺎء ﺣﻔﻆ ﻛﻨﺰا ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻟﺘﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺣﺘﻰ ﻏﺪا ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﻴﻠﻪ دون اﻟﻄﻴﺮان. وإذا ﻛﺎن اﻷﺧﻮان راﻳﺖ ﻗﺪ أﺣﺪﺛﺎ ﻧﻘﻠﺔ ﻣﺪوﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻀﻤﺎر وﻟﻬﻤﺎ ﻳﻨﺴﺐ ﻛﺒﻴﺮ اﻟﻔﻀﻞ ،ﻓﻬﻤﺎ أﻳﻀﺎ ﺗﺤﺪﺛﺎ ﻋﻦ أﺛﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻫﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻀﻤﺎر ،وﻗﺎﻻ إﻧﻬﻤﺎ اﺳﺘﻔﺎدا ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﻣﺨﺘﺮﻋﺎت وﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺘﺮﻋﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﻫﻢ. وﻟﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻳﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎن اﻷزﻟﻴﺔ ﻧﺒﻌﺖ أوﻻ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﺘﻪ ﻧﺤﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺘﺮﻋﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ وﻻزال ﻧﻬﺮ اﻟﺘﻄﻮر ﻣﺴﺘﻤﺮا وﻟﻦ ﻳﺘﻮﻗﻒ ،وﺗﻈﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻫﻲ اﻟﺼﻨﺪوق اﻷﻣﺜﻞ ﻟﺤﻔﻈﻬﺎ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ * ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺎرات
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ﻳﺤﻮش وﻻ ْﻳﻘﺎد دﻳﻚ ﻻ ّ ﻳﺤ ّﻮش :أي ﺗﺴﻮﻗﻪ أﻣﺎﻣﻚ ﻟﺘﺄﺧﺬه ﻷي ﻣﻜﺎن ﺗﺮﻳﺪه - .ﻳﻘﺎد :ﻣﻦ ﻗﺎد ﻳﻘﻮد أي ﻳﺴﺤﺐ ﺑﺤﺒﻞ. وﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﺪﻳﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺤ ّﻮﺷﻪ أي ﺗﺴﻮﻗﻪ ،وﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺠﺮه ﺑﺤﺒﻞ .ﻓﻬﻮ ﺻﻌﺐ ﺷﺪﻳﺪُ ٌ اﻟﺨﻮف. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ذ ّﻣﺎً واﻧﺘﻘﺎداً ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﺴﻤﻊ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ وﻳﻜﻮن داﺋﻤﺎً ﺻﻌﺒﺎً ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺮأي ﻣﻦ ﻏﻴﺮه أﺑﺪاً.
اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﺻﻨﺪوق اﻟﺘﻄﻮر
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
123
وردﻫﺎ إﻟﻰ ﺑﻮاﻃﻦ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻣﺸﻐﻮﻟﻴﻦ ﺑﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻨﺎس ﻟﻔﺌﺎت وﻃﻮاﺋﻒ ،وﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻳﺨﻠﺼﻮن إﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺎت وﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻳﺒﺪو أن اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﺎن ﻣﻬﻤﻮﻣﺎ ﺑﻮزن اﻵﺧﺮﻳﻦ وﺗﻘﻴﻴﻤﻬﻢ ،ﻓﻤﻦ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻘﺒﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ ﻋﻨﻚ ﺻﻮرة ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ أﺷﻴﺎء ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻴﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﻣﻌﺎﻣﻼت اﻷﻓﺮاد ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻣﻮﻗﻴﺔ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻬﺎ، درج اﻟﻌﺮب ﺑﻌﺪ اﻹﺳﻼم وﻣﻊ ﺗﺒﻠﻮر ﺷﻜﻞ »اﻟﺪوﻟﺔ« إﻟﻰ ﺗﺮﺗﻴﺐ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻨﺎس ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ واﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺪ ﺳﻠﻄﺘﻬﺎ ووﺟﺎﻫﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻖ وﻣﻨﻄﻠﻖ »اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ«. ﻓﻔﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ أﺑﻮاب ﻛﺘﺎب اﻷذﻛﻴﺎء ،ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي اﻟﺘﺮاﺗﺒﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻣﻊ ﻧﺸﺄة اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﻊ ﺗﺒﻠﻮر اﻟﻘﻨﺎﻋﺎت اﻟﻌﻘﻴﺪﻳﺔ واﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ رﺗﺐ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺘﻬﺎ. ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻤﻨﻘﻮل ﻋﻦ اﻟﺬﻛﺎء ﻓﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ .ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ أﺻﺤﺎب ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم .ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء .ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﻮزراء .ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺴﻼﻃﻴﻦ واﻷﻣﺮاء واﻟﺤﺠﺎب واﻟﺸﺮﻃﺔ .ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎة .ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻛﺒﺎر ﻋﻠﻤﺎء ﻫﺬه اﻷﻣﺔ وﻓﻘﻬﺎﺋﻬﺎ .ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﻌﺒﺎد واﻟﺰﻫﺎد .ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﻌﺮب وﻋﻠﻤﺎء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي اﻟﺘﺮاﺗﺒﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻣﻊ ﻧﺸﺄة اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﻊ ﺗﺒﻠﻮر اﻟﻘﻨﺎﻋﺎت اﻟﻌﻘﻴﺪﻳﺔ واﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ رﺗﺐ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺘﻬﺎ
122 122
رﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي
اﻟﺴﻨﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﺧﺘﺎرت أن ﺗﻌﺒﺮ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ُ ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﺎﻓﺬة ﻗُﺪر ﻟﻬﺎ أن ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻓﻬﺎرس اﻟﻜﺘﺐ وﻓﻲ ﺗﺒﻮﻳﺐ اﻟﻌﻠﻮم. ﻓﺎﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ اﻟﺨﺎﺗﻢ ﺻﻠﻮات اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﺛﻢ اﻟﺨﻠﻔﺎء ﻓﺎﻟﻮزراء ﻓﺎﻟﺴﻼﻃﻴﻦ واﻷﻣﺮاء واﻟﺤﺠﺎب واﻟﺸﺮﻃﺔ واﻟﻘﻀﺎء وﻛﺒﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻘﻬﺎء ..ﺛﻢ أﺧﻴﺮا اﻟﻌﺒﺎد واﻟﺰﻫﺎد ﻓﻲ ذﻳﻞ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ. ورﺑﻤﺎ ﻫﻮ ذات اﻟﺘﺮﺗﻴﺐ اﻟﻤﺘﺒﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ! اﻹﺑﺤﺎر ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ،وﻣﺎ أورده -واﻋﻴﺎ وﻻواﻋﻴﺎ -ﻳﺘﺨﻄﻰ ﻣﺒﺤﺜﻲ اﻟﺬﻛﺎء واﻟﺤﻤﻖ ،ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺒﺮ وﻳﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺨﺘﺒﺌﺔ ﻣﻦ ﻣﻼﺑﺴﺎت اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﺨﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻴﻮم ،ﺑﻤﺎ اﻛﺘﻨﻔﻪ ﻣﻦ ﻣﻼﺑﺴﺎت دﻳﻨﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺳﺎﻗﺘﻨﺎ إﻟﻰ اﻧﺘﻬﺎج ﻧﻔﺲ آﻟﻴﺎت اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ *ﻛﺎﺗﺐ ﻣﺼﺮي
ĜġťŨė şŹļ
اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻨﺎس ﻟﺼﻨﻮف وﻃﺒﻘﺎت ﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻟﻨﺎ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء. ﻓﻘﺪ روي ﻋﻦ ﻣﻌﺎوﻳﺔ أﻧﻪ ﻗﺎل ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ :ﺑﺄي ﺷﻲء ﺗﻌﺮﻓﻮن اﻷﺣﻤﻖ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺎورة؟ ﻗﺎل ﺑﻌﻀﻬﻢ :ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺸﻴﺘﻪ وﻧﻈﺮه وﺗﺮدده ،وﻗﺎل ﺑﻌﻀﻬﻢ :ﻻ ﺑﻞ ﻳﻌﺮف ﺣﻤﻖ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻛﻨﻴﺘﻪ وﻧﻘﺶ ﺧﺎﺗﻤﻪ ،ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺨﻮﺿﻮن ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺤﻤﻘﻰ إذ ﺻﺎح رﺟﻞ ﻟﺮﺟﻞ :ﻳﺎ أﺑﺎ اﻟﻴﺎﻗﻮت؛ ﻓﺪﻋﺎ ﺑﻪ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ،ﻓﺈذا رﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺰة، ﻓﺤﺎوره ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﻗﺎل :ﻣﺎ اﻟﺬي ﻋﻠﻰ ﻓﺺ ﺧﺎﺗﻤﻚ؟ ﻓﻘﺎل» :ﻣﺎ ﻟﻲ ﻻ أرى اﻟﻬﺪﻫﺪ أم ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺋﺒﻴﻦ« ،ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻳﺎ أﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ: اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ. وﻋﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أﻧﻪ ﻗﺎل :إذا رأﻳﺖ اﻟﺮﺟﻞ ﺧﺎﺗﻤﻪ ﻛﺒﻴﺮ وﻓﺼﻪ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﺬاك رﺟﻞ ﻋﺎﻗﻞ ،وإذا رأﻳﺖ ﻓﻀﺘﻪ ﻗﻠﻴﻠﺔ وﻓﺼﻪ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﺬاك ﻋﺎﺟﺰ ،وإذا رأﻳﺖ اﻟﻜﺎﺗﺐ دواﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎره ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻜﺎﺗﺐ، وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻳﻤﻴﻨﻪ وﻗﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ أذﻧﻪ ﻓﺬاك ﻛﺎﺗﺐ. وﻗﺪ ﻓﺮق اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ﺑﻴﻦ ﺻﻔﺎت اﻷﺣﻤﻖ اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ واﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺑﻴﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. وﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ أﻣﺎم أﺳﺌﻠﺔ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﻼﻣﺢ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎر اﻟﻌﺮب ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﻘﻄﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ،ﻓﻤﺎ دﺧﻞ ﻧﻘﺶ اﻟﺨﺎﺗﻢ ﻣﺜﻼ ﺑﺎﻟﻘﺪرات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﺨﺎﺗﻢ؟ رﺑﻤﺎ ذﻫﺐ اﻟﻘﻴﺎس ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﻘﺎرن ﻧﻘﺶ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻨﻘﻮش اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻮات اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ واﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻷواﺋﻞ -رﺿﻮان اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ- وﻫﻮ أﻣﺮ ﺗﻨﺎﻗﻠﺘﻪ اﻷﺟﻴﺎل اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻎ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻧﻘﺶ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ »ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ«.
وﻛﺎن أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻳﺘﺨﺘﻢ ﺑﻌﺪ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺑﺨﺎﺗﻤﻪ .وﻗﻴﻞ :ﻛﺎن ﻟﻪ ﺧﺎﺗﻢ ﻧﻘﺸﻪ » :ﻧﻌﻢ اﻟﻘﺎدر اﻟﻠﻪ« ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ،ﺗﺨﺘﻢ ﺑﺨﺎﺗﻢ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺑﻌﺪ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ،وﻗﻴﻞ :ﻛﺎن ﻟﻪ ﺧﺎﺗﻢ ﻧﻘﺸﻪ «:ﻛﻔﻰ ﺑﺎﻟﻤﻮت واﻋﻈﺎ«.وﻛﺎن ﻋﺜﻤﺎن ﻳﺘﺨﺘﻢ ﺑﺨﺎﺗﻢ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺳﺖ ﺳﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻓﺘﻪ ،ﺣﺘﻰ ﺳﻘﻂ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺑﺌﺮ أرﻳﺲ ،ﻓﺎﺗﺨﺬ ﺧﺎﺗﻤﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﺔ ﻧﻘﺸﻪ » :آﻣﻨﺖ ﺑﺎﻟﺬي ﺧﻠﻖ ﻓﺴ ّﻮى« وﻛﺎن ﻧﻘﺶ ﺧﺎﺗﻢ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ »:اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺤﻖ اﻟﻤﺒﻴﻦ«. وﻫﻲ ﻧﻘﻮش ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﺎ ،ﺗﻌﻜﺲ ﺟﻮاﻧﺐ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺪﻗﺔ ﺣﻮل ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻛﻞ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻷرﺑﻌﺔ وﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ. وﻣﻦ ﺛﻢ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻟﻌﺮب-ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺮى -أن ﺧﻴﺎرات اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻤﺪﻳﺔ ﻗﺼﺪﻳﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﻳﺪور ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻪ وﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻢ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻪ ،وأن ﻫﻴﺌﺘﻪ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ وإﻃﻼﻟﺘﻪ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻣﺎ ﻳﺨﺘﻠﺠﻪ وﻣﺎ ﻳﺪور ﺑﺪاﺧﻠﻪ وﻣﺎ ﻳﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺔ ﻧﻔﺴﻪ. وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن اﻟﻌﺮب ،ﻛﺤﻀﺎرة ،ﺳﻌﻮا ﺣﺜﻴﺜﺎ ﻟﻘﺮاءة اﻟﻈﻮاﻫﺮ
ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ أﻣﺎم أﺳﺌﻠﺔ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﻼﻣﺢ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎر اﻟﻌﺮب ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﻘﻄﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ،ﻓﻤﺎ دﺧﻞ ﻧﻘﺶ اﻟﺨﺎﺗﻢ ﻣﺜﻼ ﺑﺎﻟﻘﺪرات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﺨﺎﺗﻢ؟
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
2015 201 015 01 ﻧﻴﻮ 5 ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻌﺪد 188ﻳﻳﻮ اﻟﻌﺪد
1211 12
اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻬﻤﻮم ﺑﻮزن اMﺧﺮﻳﻦ وﺗﻘﻴﻴﻤﻬﻢ!
رﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي أﺣﻤﺪ اﻟﺪرﻳﻨﻲ@
اﻟﻘﺮﺷﻲ ،ﻟﻤﺎ ﺳﺎق ﻋﻼﻣﺎت ﻻﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﻮﻳﺖ ﻓﺮﺻﺔ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﻲ »أﺧﺒﺎر اﻟﺤﻤﻘﻰ واﻟﻼﻓﺖ ﻫﻨﺎ أن اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ً واﻟﻤﻐﻔﻠﻴﻦ« و»اﻷذﻛﻴﺎء« ﻻﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ،دون ﺗﺄﻣﻞ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺤﻤﻖ ﻋ ﱠﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﻮل اﻟﻠﺤﻴﺔ وﻋﺪ ﺗﻬﺬﻳﺒﻬﺎ ،دﻟﻴﻼ ﺟﺎز ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺬي اﺗﺒﻌﻪ اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ذاﺋﻊ اﻟﺼﻴﺖ ﻓﻲ وﻗﺘﻪ ،ﺣﻤﻖ اﻟﺸﺨﺺ وﺳﻔﻬﻪ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﺑﻄﺒﻌﻪ ﺗﺴﺎؤﻻت ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﻷﺟﻞ إﺣﻜﺎم ﻣﻌﻨﻴﻲ »اﻟﺤﻤﻖ« و»اﻟﺬﻛﺎء« ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ذﻫﻦ ﻗﺎريء اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ وﺳﻂ ﻣﺤﻴﻂ ﻏﺰﻳﺮ اﻹﻓﺮاز ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻃﻴﺎﻓﻬﺎ ،ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺘﻴﺎر واﻟﺴﻮق واﻟﺘﺴﺒﻴﺐ. اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻹﺗﻘﺎن واﻟﻮﺿﻮح ﻓﻲ اﻟﻌﺮض َ ﻓﻘﺪ ﺗﺨﻄﺖ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ ،اﻟﻐﺮض اﻟﻤﻌﻠﻦ ﻣﻨﻬﻤﺎ ،وﻫﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻔﻲ اﻷﺻﻮﻟﻲ. ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻣﺔ ﻃﻮل اﻟﻠﺤﻴﺔ ،وﻋﺪم ﻣﺎ ﺳﺎﻗﻪ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﻬﺬﻳﺒﻬﺎ-وﻓﻘﺎ ﻟﻔﻘﻴﻪ ﺣﻨﺒﻠﻲ ﻋﺘﻴﺪ- ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻷذﻛﻴﺎء« ﺑﺄن ذﻛﺮ وﺗﺪارس ﺣﻜﺎﻳﺎ اﻟﺸﺠﻌﺎن ﻳﺒﺚ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮب ،ﻛﺤﻀﺎرة ،ﺳﻌﻮا ﺣﺜﻴﺜﺎ دﻟﻴﻞ ﺣﻤﻖ ،ﻓﻔﻴﻢ اﻻﺷﺘﺒﺎك اﻟﺬي ﻳﺸﻨﻪ ﺿﺪﻧﺎ اﻟﺴﻠﻔﻴﻮن ،ﻧﺤﻦ ﻣﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﻻ ﻧﻔﻮس اﻟﻨﺎس ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈن ﺗﺪاول ﺣﻜﺎﻳﺎ اﻷذﻛﻴﺎء ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺒﺼﺮ اﻟﻨﺎس ﻟﻘﺮاءة اﻟﻈﻮاﻫﺮ وردﻫﺎ إﻟﻰ ﻧﻌﻔﻲ اﻟﻠﺤﻰ؟ ﺑﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻔﻄﻨﺔ وﻃﺮق اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﻮاﻃﻦ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻣﺸﻐﻮﻟﻴﻦ واﻟﻘﺼﺪ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ اﻟﺨﻮض ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻘﻬﻴﺔ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺴﻠﻴﻢ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻘﻮﻳﻢ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺑﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻨﺎس ﻟﻔﺌﺎت اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺪل ﺑﻬﺎ ﻓﻘﻴﻪ ﺣﻨﺒﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﺣﺎﺳﺔ اﻟﺘﻨﺒﻪ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ داﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎن ،واﻟﺘﻲ ﺗﺨﻤﻞ وﺗﺘﻨﺒﻪ وﻓﻘﺎ وﻃﻮاﺋﻒ ،وﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺣﻜﻢ إﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻳﺘﺎﺧﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ دﻳﻨﻴﺔ. ﻓﻬﻮ ﻳﻮرد ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻷﺣﻨﻒ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ ﻟﻤﻘﺪار إذﻛﺎﺋﻬﺎ وإﺛﺮاﺋﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻢ ﻳﺨﻠﺼﻮن إﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺎت )رﺟﻞ وﻟﺪ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﻌﺜﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺪرك وﻳﺴﺘﺸﻒ اﻟﻘﺎرىء ﻣﻊ ﻓﺼﻮل اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻊ وﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ( ﻗﻮﻟﻪ: وأﺑﻮاﺑﻪ. إذا رأﻳﺖ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻈﻴﻢ اﻟﻬﺎﻣﺔ ﻃﻮﻳﻞ وﺛﻴﻘﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎن أﺻﺒﺢ ﻓﻘﺪ ﺛﻢ وﻣﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻠﺤﻴﺔ ،ﻓﺎﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺮﻗﺎﻋﺔ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻠﺘﺄرﻳﺦ ﻟﺤﻜﺎﻳﺎ اﻟﺨﻠﻔﺎء واﻟﻤﻠﻮك أﻣﻴﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺷﻤﺲ. واﻟﻌﻠﻤﺎء وﻋﻮام اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ،ﻣﻦ وﻳﻨﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎن اﻟﻄﺮاز اﻟﺬي ﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻪ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ رده ﻋﻠﻰ رﺟﻞ ﻋﺘﺐ ﻋﻠﻴﻪ :ﻛﻔﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﻟﺖ ﺷﻄﺮ اﻟﻤﻐﺎزي واﻟﺤﺮوب واﻟﻤﻼﺣﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻄُﺮف واﻟﺤﻜﻢ واﻟﻤﻠﺢ واﻟﺸﺄن اﻟﺸﻬﺎدة ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻗﺘﻚ وﺳﺨﺎﻓﺔ ﻋﻘﻠﻚ ،ﻣﺎ ﻧﺮاه ﻣﻦ ﻃﻮل ﻟﺤﻴﺘﻚ. اﻟﻌﺎدي ﻣﻦ ﻳﻮﻣﻴﺎت اﻟﻨﺎس. اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ،ﻫﻮ أﺑﻮ اﻟﻔﺮج ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻲ زد ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ أورده ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ وزﻳﺎد ﺑﻦ أﺑﻴﻪ وﻧﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺮﺷﻲ اﻟﺘﻴﻤﻲ اﻟﺒﻜﺮي .ﻓﻘﻴﻪ ﺣﻨﺒﻠﻲ ﻣﺤﺪث وﻣﺆرخ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻷواﺋﻞ. وﻣﺘﻜﻠﻢ وﻟﺪ وﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس اﻟﻬﺠﺮي .وﻟﻨﻨﺘﻘﻞ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﺮك اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﺎﺧﻢ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺘﻲ وﻳﻌﻮد ﻧﺴﺒﻪ إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ )رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ( .أﻓﺮد ﻟﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ﺷﺮوﺣﻪ ،ﻣﺘﻮﺟﻬﻴﻦ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ اﺳﺘﺪﻻل
120 120
رﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي
ĜġťŨė şŹļ
»وﺧﺪ ﺳﻤﺤﺔ« ﺟﺪﻳﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻮﺟﻤﻬﻮر ﺗﺮاث -أﺑﻮﻇﺒﻲ
ﺻﺪر ﻋﻦ ﻧﺒﻄﻲ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﺳﺎﻟﻢ أﺑﻮﺟﻤﻬﻮر ﺑﻌﻨﻮان »وﺧﺪ ﺳﻤﺤﺔ« ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺘﻴﻦ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻮﺳﻂ ،وﻫﻲ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻣﻦ ﻋﺎم 1983ﺣﻴﻦ ﺻﺪر دﻳﻮاﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ »رواﺋﺢ اﻟﻨﻮد«. أﻣﺎ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ »وﺧﺪ ﺳﻤﺤﺔ« ﻓﻘﺪ ﺟﺎءت ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﻤﻮدي ،وﻫﻲ ﺗﺎﺳﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﻪ اﻟﻔﺼﺤﻰ ،واﺧﺘﺎر ﻟﻬﺎ ﻋﻨﻮاﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎدﻳﺔ وﺗﻌﻨﻰ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﺎﻗﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪرت أﻳﻀً ﺎ ﺻﻮرة اﻟﻐﻼف ﺑﺮﻳﺸﺔ اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ واﻟﻜﺎﺗﺒﺔ آﻣﺎل اﻷﺣﻤﺪ. واﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻫﻮ اﺑﺘﻌﺎد أﺑﻮﺟﻤﻬﻮر ﻋﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ﻷول ﻣﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﻪ اﻟﻔﺼﻴﺤﺔ وﺗﺮﻛﻴﺰه ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﻤﻮدي ،وﻗﺪ ﺑﺪأ أﺑﻮﺟﻤﻬﻮر ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻔﺘﺘﺤﺎ ﺑﻤﻮاﺿﻴﻊ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻛﺤﺐ اﻟﺪﻳﺎر ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻲ »ﻇﺒﻴﺎن« و »اﻟﻈﺒﻴﺎﻧﻲ« وﺣﺐ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻲ »ﻣﻮﺟﺔ اﻷﻟﺤﺎن« و »اﻟﻤﺎﺟﺪي« وﺧﺘﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻣﻨﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻳﻨﺎﺟﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻛﻔﺎﻟﺢ ﺣﻨﻈﻞ وﻏﺴﺎن اﻟﺤﺴﻦ وﻛﺮﻳﻢ ﻣﻌﺘﻮق وإﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ أﻋﻼم اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،وﺑﻴﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺿﻴﻊ واﻷﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻤﻔﺮدات واﻻﺳﺘﻌﺎرات اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌ ّﻤﺪ أﺑﻮﺟﻤﻬﻮر ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ وﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ »أﻓﺎ«: أﺳﻒ أﻓﺎ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ُ ﺗﺨﺘﻠﻒ إذا رأى اﻷﻫﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻬﻮل ُ ﻫﺬا اﺑﻦ ﻫﺬا وذا اﺑﻦ اﻟﻌﻢ ذاك أخٌ أﺧﺖ ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻮا وﺗﻠﻚ أ ٌم وذي ٌ
أروﻣ ٌﺔ ﻣﻦ ﺟﺬور اﻟﻤﺠﺪ واﺣــﺪ ٌة ﺗﺘﺼﻒ ﻓـــــﺮوﻋﻬﺎ ﺑﺠﺬوع اﻟﻨﺨــﻞ ُ ﻋﺮوﺑﺔ اﻟﻨﺨﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻨﺬ أن ﺧﻠﻘﻮا واﻟﺼــﺤﻒ وﻗﺒـــﻞ أن ﺗﻨﺰل اﻵﻳﺎت ُ ﻋﺮوﺑﺔ اﻟﻨﺨﻞ ﻻ ﺗﺤﺘﺎج ﻣــــﻌﺮﻓ ًﺔ إن أﻧﻜﺮ اﻟﻘﻮم ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ أو اﻋﺘــــﺮﻓﻮا ﻋﺮوﺑ ٌﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔـــــﺎح ﻧﻘﺮؤﻫﺎ وﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻴﻦ إن ﺑﺎﻋﻮا وإن ﻗﻄﻔﻮا ﻋﺮوﺑ ٌﺔ ﻟﻢ ﺗــﺰل ﻛﺎﻟﻨﺨﻞ ﺷﺎﻣﺨ ٌﺔ اﻟﺸـــﺮف ﻻ ﻳﻔﺼﺢ اﻟﺘﻤﺮ ﻋﻨﻬﺎ إﻧﻤﺎ ُ وﻟﺴﺎﻟﻢ أﺑﻮﺟﻤﻬﻮر ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺷﻌﺮﻳﺔ أﺧﺮى ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻨﻬﺎ »ﺑﺘﺮوﻛﻮﻻ« و»ﻃﺦ ﻃﺮﺧﻄﺦ« و»رﺟﺎﺋﻲ« وأﺧﻴﺮا و«رﺳﻢ اﻷﻣﻴﺮة« وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ »ﻣﻼﻋﺐ اﻟﺒﺎﻟﻮن« اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻤﺖ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
2015 201 015 01 ﻧﻴﻮ 5 ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻌﺪد 188ﻳﻳﻮ اﻟﻌﺪد
119 11 9
أﻣﺎ اﻟﻘﺼﻴﺪة ّ
ﺷﺎﻋﺮ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ@
ﻛﻞ ﻓﺘﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻏﺮﻳﺐ ﻳﺘﺮ ّدد ّ ﺛﻤﺔ ﻇﺎﻫﺮة أو ﻣﻠﻤﺢ ّ أن ﻳﺒﺪأ اﻷدﻳﺐ أو اﻟﻔﻨﺎن ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ أو ﻓﻨﻪ وإﺑﺪاﻋﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ، وﻫﻨﺎك ﻣﺜﺎل ﺑﺎرز ﻫﻮ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺴﻮداء ﺗﻮﻧﻲ ﻣﻮرﻳﺴﻮن، ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻟﻬﺎ رواﻳﺘَﻴﻦ» :ﺟﺎز« و«ﻏﺮام« ،ﻓﻘﺪ ﺑﺪأت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ُ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ،ﻟﻜﻦ وﺑﻌﺪ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺐ وإﺟﻬﺎد اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ إﺑﺪاع ﺧﻼّق ﻟﻢ ﻳُﻜﺘَﺐ ﻗﺒﻠﻬﺎ ،ﻓﻲ اﻟﺮؤﻳﺔ وإﻳﻘﺎع اﻟﺠﻤﻠﺔ اﺋﺒﻲ ،ﻧﺎﻟﺖ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻓﻲ اﻵداب ﻋﺎم .1993 واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮ ّ اﻟﻤﺜﺎل اﻷﺑﺮز ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ )اﻵن( ﻫﻮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﺮﺑﻲ ،ﻓﻘﺪ أﺻﺪر ﺛﻼﺛﺔ دواوﻳﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ :واﻟﺮﻣﻞ ﻣﺤﻤﺪ ّ إذا ﻏﻮى 17 ،ﻋﺎﻣﺎً ﻻﺻﻄﻴﺎد ﻏﻴﻤﺔ ،ﻳﻮﻣﻴﺎت ﺷﻴﻄﺎن ﻣﺘﻘﺎﻋﺪ. واﻟﻤﺜﻴﺮ ﻛﺄﻧﻪ اﺧﺘﺼﺮ ﺳﻨﻴﻦ ﻋﺪدا ً ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺑّﺖ ذاﺋﻘﺘﻪ ﺳﺮﻳﻌﺎً وﺻﺎر ﻳﻨﺎﻃﺢ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟ ُﻤﺠﻴﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺘﺒﻮن َ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎل، ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد .ﻳﻘﻮل ﺣﺮﺑﻲ) :ﻳﺴﺮق اﻟﺮﻳﺤﺎن ﺛﻮﺑﺎً /ﻓ ُﻴﻌ ّﺮي ﻟﻴﺨﻔﻲ ﻧﻜﻬﺔ اﻟﺠﻨ ِﺔ /ﻋﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ اﻟﻘﺼﻴﺪة( ،ﻟﻜﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺗﻮاﻛﺒﻪ ،ﻓﻬﻲ أرﺣﻢ ﻣﻦ ﻣﻼﺋﻚ اﻟﺠﻨﺔ ،ﻳﻀﻴﻒ) :ﺗﻨﺴﺞ ﺛﻮﺑﺎً ﺷﻔﻴﻔﺎً ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻮم /ﻓﻲ اﻟﺪروب واﻟﻤﻨﺎﻓﻲ ...ﺳﻘﻄَﺖ ﻳﻮﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﺬر ٍة /ﺻﺎرت ﺷُ ﺠﻴﺮة وﻋﺎﺋﻠ ًﺔ وﻧ ََﺴﺒﺎً /ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻪ واﻟﻄﻤﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد(. ﺣﺮﺑﻲ ﻓﻲ أﺣﻴﺎنٍ ﻛﺜﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﺗﻴﻤﺘَ ْﻲ :اﻟﺮﻣﻞ واﻟﻄﻤﻲ ،ﻳﺤﺎور ﻳﻠﻌﺐ ّ اﻟﺘﺼ ّﺤﺮ ﻓﻲ ﺟﺪل داﺋﻢ اﻧﺘﺼﺎرا ً ﻟﻠﻄﻤﻲ ،رﻣﺰ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﻨﻤﺎء ،ﻟﻠﺘﻮﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮب اﻟﺨﻔﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻮر واﻟﻈﻼم ،ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺪل واﻟﻔﺴﺎد، اﻟﻈﻞ وﻃﺮح اﻟﻨﻬﺮ ،ﺑﻴﻦ ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻮﻗﻮد ﺑﻴﻦ اﻷﺧﻀﺮ واﻷﺻﻔﺮ ،ﺑﻴﻦ ّ وﺷﻮاﺷﻲ اﻟﺬرة ،ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺼﺎﻧﻊ واﻟﺘﺮع ،ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت وﻓﺤﻴﺢ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ واﻟﺴﻴﺮ ﺿ ّﺪ ﻋﻘﺮب اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻮر ،ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺤﻤﻮل ّ اﻷﺣﻼم اﻟﻤﺸ ّﻮﻫﺔ وﺗﻠﻘّﻲ اﻟﺴﻬﺎم ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺠﺮ ،ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻬﻴﺪ اﻟﻬﺎرب
118
ﺷﺎﻋﺮ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ
ﻟﻴﺮوي ﻇﻤﺄه واﻟﻨﻌﻨﺎع اﻟﺬي ﻓﺎح ﻓﻲ ﺣﺪﻳﻘﺔ اﻟﻠﻪ. ﺣﺮﺑﻲ ﻫﻮ اﻟﺘﻘﺎؤه ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻤﺜّﻠﻪ اﻟﻄﻤﻲ وﻣﺎ ﻳﻤ ّﻴﺰ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ّ اﻟﺤﻖ ،ﻟﺮأس ﻓﻲ أﻋﺮاف اﻟﻨﺎس ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳُﺪﻳﺮ ﻇﻬﺮه أﺑﺪا ً ﻟﻨﻮر ّ ﻋﺮوس اﻟﻌﺪل ،ﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﻴﺘﺎﻣﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﺬّﻣﻢ اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘَ َﺨﻄّﻔﻬﻢ اﻟﻄﻴﺮ وﻳﻨﺘﺤﺐ ﻓﻲ ﻧﺴﻴﺖ ﺣﺮﺑﻲ) :ﺳﺎﻣﺤﻮﻧﻲ إذا ُﻋﺮﺳﻬﻢ اﻷﺧﻀ ُﺮ اﻟﺸﺎﺣﺐ .ﻳﻘﻮل ُ ّ ﺣﻞ ﺿﻴﻔﺎً ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺗ ُﺮﻋ ٍﺔ ورد ًة ﺑﻼ ﻋﻄﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﺴﺎء /ﻣﻦ ﻇﻤﺄٍ ّ ﺿﺮﻳﺮة /ﻓﺘﻜﺘﻤﻞ اﻟﻨﺒﻮءة ﻋﺒﺎء ًة ﺳﻮدا َء( .ﻫﻮ اﻟﻐﻨﺎء ﺳ ّﺮﻩ اﻟﻮﺣﻴﺪ، )ﻗﺘﻠﺖ ﻧﻬﺮﻳﻦ /وﻧَﺤﺮتُ ﺑﺤﺮا ً/ ﺳﻠﻮاه إن ﻋ ّﺰ اﻟﺘﺴ ّﺮي وﻃﻔﺢ اﻟﻜﻴﻞ: ُ ﻧﺴﻴﺘ ُﻪ اﻟﻤﻴﺎه ﻋﻠﻰ ﺗَﺒ ٍﺔ رﻣﻠﻴ ٍﺔ /ﻓ ّﺮت ﻣﻦ اﻟﻄﻮﻓﺎن /إﻟﻰ ﻫﻤﺲ ﺳﻜﺖ اﻟﻐﻨﺎء(! اﻟﻠﻪ /ﻷُ َ ﺣﺮﺑﻲ :اﻟﺘﺠﻠّﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻘ ّﺪس وﻣﻦ أﻫ ّﻢ اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪ ّ ﻣﺤﺘﻮى واﻟﻤﺪﻧّﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﻋﺮاك ،ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﺼﻮرة ﺿﻤﻦ ً ﺑﻼﻏﻲ ،ﻣﻦ دون دﻳﻨﻲ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،أو ﻳﺘﺼﺎرع ﻣﻊ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﻔﻬﻮم ّ ّ أن ﻳﺴﺘﺄﺳﺪ ﻋﻠﻴﻪ أو ﻳﺘﻮاﻃﺄ ﺿ ّﺪﻩ. ﺣﺮﺑﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺘﻮازﻧﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻜﻞ واﻟﻤﻀﻤﻮن ،ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻳُﻘﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ّ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،ﻣﺘﻮارﻳﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻄﺮد اﻟﺨﻴﺎل أﺑﺪا ً ،ﻓﺎﻟﻤﺠﺎز ﻓﻲ أس ﻣﻦ أُﺳﺲ ﺑﻨﻴﺎن اﻟﻘﺼﻴﺪة ،وﻫﻮ ُﻋﺮﻓﻪ ﻟﻴﺲ ِﺣﻠﻴ ًﺔ ﻟﻠﺰﻳﻨﺔ ،ﺑﻞ ﱞ ﻻ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻤﻴﻮﻋﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻳﺘﻮاﺷﺞ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﻨﻄﻖ ﺿﻤﻦ ودﻳﻌﺔ اﻟﻐﻴﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﺮ ﻋﺮﻳﻨﺎ ،ﻳﻘﻮل) :ﻋﺮﻳﻨﺎ ﻓﺤﻴﺢ اﻟﺼﺮاخ ﻓﻲ ﺟﻠﻮدﻧﺎ( .ﻳﻜﺘﺐ ﺑﺪﻳﻤﻮﻣ ٍﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ، ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ َ اﻟﺸﻌﺮي ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺿ ّﺪ ﻣﻨﺴﻮب اﻟﻘﺒﺢ واﻟﻘﻴﺢ، َﻫ ّﻤ ُﻪ أن ﻳﻨﺘﺼﺮ ّ ﻳﺼﺮخ) :ﺗﻄﻔﻮ دواﺋﺮ ﺛﻢ ﺗﻨﺘﺤﺮ /ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻠﻴﻞ ﻧﻐﻔﻮ /ﻟﻜﻲ أُﻃﻠﻖ ﻏﻴﻤ ًﺔ ﺑﺎﺳﻤﻲ ﻓﻲ ِﻓﻨﺎء اﻟﻌﺮش(
ĜġťŨė şŹļ
اﻟﻤﻼﺣﻖ ﻣﺸﺎﻫﻴﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﺮواد وأﺳﻤﺎء اﻟﺪارﺳﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻮع. ا ﻟﻐﺎز اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ا9ﻣﺎرات
وﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻵﺧﺮ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر اﻟﻄﺎﺑﻮر اﻟﺬي ﺣﻤﻞ ﻋﻨﻮان » اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات« وﻳﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،اﺣﺘﻮى ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ وﻣﺪﺧﻞ ﻋﺎم ﻟﺪراﺳﺔ اﻷﻟﻐﺎز ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات وأﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻓﺼﻼً ،اﺧﺘﺺ ﻛﻞ ﻓﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻬﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺻﻔﺤﺎت ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺸﺠﺮة ﻟﻬﺎ ،وﺑﻴﻦ أن اﻷﻟﻐﺎز ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺿﻴﻊ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ أوﺟﻪ اﻟﺤﻴﺎة، ﻓﻬﻨﺎك أﻟﻐﺎز اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻷﻟﻐﺎز اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﻤﻐﺎﻟﻄﺎت ،وأﻟﻐﺎز اﻟﺰﻣﺎن واﻷﺣﺪاث ،وأﻟﻐﺎز اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ، وأﻟﻐﺎز اﻷدوات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وأﻟﻐﺎز اﻟﻤﻮﺟﻮدات اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ. وﻳﺒﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎب أن اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ وأﻧﻤﺎﻃﻬﺎ وﻓﻨﻮﻧﻬﺎ وﻟﻬﺠﺎﺗﻬﺎ ،ﻟﺬا ﻓﺼﻴﻐﺔ اﻟﻠﻐﺰ وﺗﺮﻛﻴﺒﻪ اﻟﻠﻐﻮي ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺪى ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻨﺸﺄة واﻹﺑﺪاع اﻟﺸﻌﺒﻲ. واﻋﺘﺒﺮ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻨﻮن اﻟﻠﻐﺰ أو اﻟﻜﻼم اﻟﻤﻠﻐﻮز واﻟﺤﺰور واﻷﺣﺠﻴﺔ ،واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮر اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ واﻟﺠﺬور اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻟﻌﺸﺮات ﻣﻦ اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺘﻲ ﻳﺮوﻳﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺗﺘﺪاوﻟﻬﺎ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت أو ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺗﺒﺮز ﻣﻦ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷدب اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ ذﻛﺎءﻫﻢ وﻓﺼﺎﺣﺔ ﻟﺴﺎﻧﻬﻢ وﺗﻨﻮع ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ. وﻳﺤﺘﻮي اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺗﻤﺔ ذﻛﺮت ﻓﻴﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ وﻓﺎﺋﺪة اﻷﻟﻐﺎز دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺘﻮي اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺣﻖ ﻷﺷﻬﺮ اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،وﺿﺮورة إﻋﺎدة إﺣﻴﺎﺋﻬﺎ ﻟﻤﺎ ﺗﺸﻜﻠﻪ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻣﻊ إﺟﺎﺑﺎﺗﻬﺎ
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ّ ﻳﺸﻖ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻗﻞ وﻣﺠﻨﻮن اﻟﺜﻮب ﻣﺎ أي أن اﻟﺜﻮب ﻻ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﻴﻦ اﺛﻨﻴﻦ وﻻ ﻳﺠ ّﺰأ ،ﻷﻧﻪ ﻗﻄﻌﺔ واﺣﺪة ،ﻓﻠﻮ ﺳﺤﺒﻪ ﻣﺠﻨﻮن ﻣﻦ ﻳﺪ آﺧﺮ ﻋﺎﻗﻞ ،ﻳﺘﺮﻛﻪ وﻻ ﻳﻘﻄﻌﻪ .وﻫﻮ ﻣﺜﻞ دارج ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻤﻌﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻳﻀﺮب ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﺣﺴﻦ اﻟﻜﻴﺎﺳﺔ ﻣﺜﻞ ﻗﻮل ﻣﻌﺎوﻳﺔ» :ﻟﻮ ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﺷﻌﺮة ﻟﻤﺎ اﻧﻘﻄﻌﺖ إذا ﺷﺪوﻫﺎ أرﺧﻴﺘﻬﺎ وإذا أرﺧﻮﻫﺎ ﺷﺪدﺗﻬﺎ«. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ وﺣﺴﻦ اﻟﺘﺼﺮف واﻟﺘﺮ ّﻳﺚ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻗﺒﻞ اﻹﻗﺪام ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻟﻪ ﻋﻮاﻗﺐ وﺧﻴﻤﺔ.
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
2015 201 015 01 ﻧﻴﻮ 5 ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻌﺪد 188ﻳﻳﻮ اﻟﻌﺪد
117 11 7
اﻟﺸﻌﺮي اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ. ﻓﻘﺪ ﻋﺎش اﻟﻤﻨﺘﻔﻘﻲ ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً وورد ذﻛﺮه ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻧﺤﻆ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻘﺮاءة ﻗﺼﺎﺋﺪه وﻣﺎ أﺑﺪﻋﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،إﻻ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻮان اﻟﺬي ﺟﻤﻊ اﻟﻤﺤﻘﻖ ﻓﻴﻪ أﺷﺘﺎت ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪﻳﻮان ،ﻣﺘﺒﻌﺎ أﺳﻠﻮب اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ واﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﻟﻔﺎظ وأﺻﻮل اﻟﻜﻠﻤﺎت وﺣﺪودﻫﺎ ﺑﺪون أن ﻳﺨﻞ ﺑﺎﻟﻤﺘﻦ أو اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،وﺿ ﱠﻤﻨﻬﺎ ﻣﺪﺧﻼ ﺗﻌﺮﻳﻔﻴﺎً ﻋﻦ ﻧﺴﺒﻪ وﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﺣﻮى ﻋﻠﻰ ﻣﻼﻣﺢ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺼﻴﺮ وﻫﻲ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ. ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪت ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ازدﻫﺎرا ً ﺣﻀﺎرﻳﺎً وﺗﺠﺎرﻳﺎً وﻋﻤﺮاﻧﻴﺎً ﻟﻢ ﻧﺴﺘﻄﻊ إﻟﻰ اﻵن اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮه. وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل د .ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ اﻟﻄﺎﺑﻮر ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ أﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻠﺪﻳﻮان ،إن ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻮان ﺟﺎء ﻓﻲ وﻗﺖ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ّ إﻟﻴﻪ ﻹﺑﺮاز أﻋﻼﻣﻨﺎ اﻟﻜﺒﺎر وآﺛﺎرﻫﻢ ﻟﺴﺪ اﻟﺬرﻳﻌﺔ أﻣﺎم اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﻦ ﻳﻘﻮل إن اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮد ﺻﺤﺮاء ﻻ ﺣﻴﺎة ﻓﻴﻬﺎ. اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي )اﻟﻤﻄﻮع( ﻓﻲ دوﻟﺔ ا9ﻣﺎرات
اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻐﺰﻟﻲ وﻧﺒﻎ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮا ً ،وﻏﻨﻰ ﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻛﻠﻬﺎ. وﻟﻢ ﻳﻔﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺸﺎﻛﺎة اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻛﻤﺎ اﺷﺘﻬﺮ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﻤ ّﻮال وﺑﺮع ﻓﻴﻪ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎش ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ وإﻣﺎرات اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺘﻨﻘﻼً ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ آﺧﺮ ،ﻓﺨﺎﻟﻂ ﺷﻌﺮاء اﻟﻤﻮاوﻳﻞ ﻫﻨﺎك ،واﻛﺘﺴﺐ اﻟﺨﺒﺮة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻴﻘﻮل ﻫﻮ أﻳﻀﺎً ذﻟﻚ اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر ،وﺑﺬﻟﻚ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﻧﻈﻢ ﺷﻌﺮ اﻟﻤ ﱠﻮال ﻛﺜﻴﺮا ً ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﺗﻔ ّﻮق ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ. وﺿ ﱠﻤﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺪﻳﻮان 129ﻗﺼﻴﺪة اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺪح و 39ﻓﻲ اﻟﻐﺰل و 22ﻓﻲ اﻟﺸﻜﺎوى ،واﻟﺒﺎﻗﻲ ﻷﺷﻌﺎر اﻟﻤ ﱠﻮال. دﻳﻮان ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺼﻴﺮ )اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﻨﺘﻔﻘﻲ(
أﻣﺎ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻬﻮ » دﻳﻮان ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺼﻴﺮ« اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﻨﺘﻔﻘﻲ أﺣﺪ أواﺋﻞ ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات اﻟﻜﺒﺎر اﻟﺬﻳﻦ ﻇﻠﺖ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ ﻟﻌﺪة ﻗﺮون ﻓﻲ ﻛﻮاﻟﻴﺲ اﻟﻨﺴﻴﺎن ،إﻟﻰ أن ﻗﺎم اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﺑﺠﻤﻊ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺠﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ وﻓﺘﺎوى ﻛﺘﺒﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻨﺘﻔﻘﻲ وﺿﻤﻨﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻮان اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺛﻼث ﻋﺸﺮة ﻗﺼﻴﺪة وﻣﺪاﺧﻞ ﻋﻦ ﺳﻴﺮة اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻨﺘﻔﻘﻲ وﻣﻼﻣﺢ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،إذ ﻳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻮان ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث
116 116
ﺧﻤﺴﺔ إﺻﺪارات ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻤﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث
وأﺗﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎن اﻵﺧﺮان ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ اﻟﻄﺎﺑﻮر ،اﻟﺬي ﺗﺰﺧﺮ ﻣﻜﺘﺒﺘﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻜﺘﺒﻪ ودراﺳﺎﺗﻪ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﻓﺤﻤﻞ اﻟﻜﺘﺎب اﻷول ﻋﻨﻮان »اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي )اﻟﻤﻄﻮع( ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات«، وﻫﻮ ﻳﺼﺪر ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﻨﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﻤﻨﻘﺤﺔ واﻟﻤﺰﻳﺪة ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﻤﺎ ﻳﻤﺜﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﺮﺟﻊ ﻣﻬﻢ ﻟﻜﻞ ﺑﺎﺣﺚ ،ﺳﺨّﺮ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺟﻬﺪه ﻓﻴﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﻧﺒﻴﻠﺔ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺘﻴﺔ ،إذ ﻳﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻮﺛﻴﻘﺎ دﻗﻴﻘﺎ ﻳﻨﻬﺞ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻧﺪﺛﺮت ﻣﻈﺎﻫﺮه وأﺻﺒﺢ ﻃﻲ اﻟﻨﺴﻴﺎن ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻘﺎءات اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺖ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻮﻋﻴﻦ واﻟﻤﻄﻮﻋﺎت ،ﺳ ّﺠﻞ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﻄﻮع ودوره ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻣﺎ اﺣﺘﺎﺟﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ووﻗﺖ ﻟﺮﺻﺪ ﻫﺬه اﻟﺒﺪاﻳﺎت وﻣﻘﺎرﻧﺘﻬﺎ وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ وﺑﻴﺎن أﺛﺮﻫﺎ ،رﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻻﻋﺘﺒﺎر إﻟﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﺮواد ﻣﻦ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﻬﺎت ،ﻣﻤﻦ ﻣﺎرﺳﻮا ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻴﺄﺗﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻣﺴﺘﻮﻓﺎة ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات. واﺷﺘﻤﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻌﺔ ﻓﺼﻮل وﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﺣﻖ ،ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﻤﻄﻮع ورﺣﻠﺘﻪ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻧﻈﺎم اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،وﻣﺪارس اﻟﻤﻄﻮع )اﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ( ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،وﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﺼﺒﻲ )اﻟﺨﺘﻤﺔ -اﻟﺘﺤﻤﻴﺪة( ،واﻟﺤﻠﻘﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وأروﻗﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﺗﺠﺎر اﻟﻠﺆﻟﺆ ورواد اﻟﻨﻬﻀﺔ ودورﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،واﻟﻤﺪارس ﺷﺒﻪ اﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرت ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﺖ
ĜġťŨė şŹļ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰﻳﻦ واﻟﻨﺎﺷﻄﻴﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ وﻧﺸﺮ اﻟﺘﺮاث واﻟﻮﻃﻨﻴﺎت وﻣﺪح اﻟﺸﻴﻮخ ،ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ أﺷﻬﺮ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﻏ ّﻨﺎﻫﺎ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺻﺪر ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻟﻪ ﻣﻴﺤﺪ ﺣﻤﺪ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺮﺑﻴﻦ. اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﺜﻠﺖ دواوﻳﻦ ﺷﻌﺮﻳﺔ وﺛ ﱠﻘﺖ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ،وﻳﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺪرﻣﻜﻲ دﻳﻮان اﻟﻔﻼﺳﻲ )اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ ا uﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪﻳﻮان ﻳُﻌﺪ واﺣــﺪا ﻣﻦ ر ّواد اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻼﺳﻲ( اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺠﻤﺮي وﺑﻦ ﺳﻮﻗﺎت وﻋﻮﺷﺔ وﺑﻦ أﻋﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﻤﺰروﻋﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﺣﻤﻞ ﻋﻨﻮان »دﻳﻮان ﻣﺘﺮف واﻟﻜﺎس وﺑﻦ رﺣﻤﻪ ،وﻫﻮ ﻳﻌ ّﺪ آﺧﺮ ﻫﺆﻻء اﻟﺮ ّواد ،إذ أﻃﺮب اﻟﻔﻼﺳﻲ« ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺳﻠ ّﻴﻢ اﻟﻔﻼﺳﻲ رﺣﻤﻪ ﺟﻴﻞ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت واﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ﺑﻘﺼﺎﺋﺪه اﻟﻐﺰﻟﻴﺔ اﻟﻌﺬﺑﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ،اﻟﻠﻪ ،وﻫﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻌﺮوف ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وﺑﻮﻓﺎﺗﻪ أُﺳﺪل اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ اﻟﻤﻐ ّﻨﺎة وﻗﺪ ﺑﺪأ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺪﻳﻮان ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﺎﻋﺮ وأﻳﺎﻣﻪ وﺑﺪاﻳﺘﻪ ﻣﻊ ﻧﻈﻢ اﻟﺸﻌﺮ ،ﺛﻢ ﺗﻄﺮق إﻟﻰ أﺳﻠﻮﺑﻪ ﻓﻲ ﻧﻈﻢ اﻟﻘﻮاﻓﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮد ﻓﻘﻂ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﻄ ّﻮر ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺒﺎﺣﺚ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻣﺮاﻓﻘﻲ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ واﻷﺑﻮاب اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﻗﻬﺎ ،وﻳﺘﺘﺒﻊ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻮان ﺣﻴﺎة اﻟﺸﺎﻋﺮ زاﻳــﺪ اﻟﺪاﺋﻤﻴﻦ ﻓﻲ رﺣــﻼت اﻟﻘﻨﺺ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺬي وﻟﺪ ﻋﺎم 1920م ،وﺗﻨﻘﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺪوﺣﺔ ودﺑﻲ واﻟﻌﻴﻦ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺑﺪأ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﻷﺑﻴﺎت واﻟﻘﺎﻫﺮة ﺣﺘﻰ ﻓﺎﺿﺖ روﺣﻪ إﻟﻰ ﺑﺎرﺋﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻋﺎم 2008م ﻓﻲ اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺎﻛﻲ وﻳﺠﺎري ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﻓﻴﺮد ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪوﺣﺔ ﺑﻘﻄﺮ. زاﻳﺪ ،ﺣﺘﻰ زاد ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ وﺑﺪأ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻐﺰﻟﻲ ،وﻛﺎد وﻳﺒﻴﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺮض اﻟﺸﻌﺮ ﻣﺒﻜﺮا ً ،واﺷﺘﻬﺮ ﺑﺤﺪواﺗﻪ اﻟﻐﺰل ﻳﻜ ّﻮن ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع أﺷﻌﺎره ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻧﺒﻎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺮ ّددﻫﺎ اﻟﺒﺤﺎرة ﻣﻌﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻄﻴﻮر واﻟﻤﻘﺎﻧﻴﺺ .وﻳﻘﺪم اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻮان أﺷﻌﺎر اﻟﺪرﻣﻜﻲ اﻟﻐﻮص ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻓﺎﺿﺖ ﻗﺮﻳﺤﺘﻪ ﺑﺎﻷﺷﻌﺎر اﻟﻨﺒﻄﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻏﺮاض اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮض ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻓﻲ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،وﻃﺮق ﻣﻌﻈﻢ أﺑﻮاب اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺨﺼﺺ ﻓﻲ
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
2015 201 015 01 ﻧﻴﻮ 5 ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻌﺪد 188ﻳﻳﻮ اﻟﻌﺪد
115 11 5
ﺧﻤﺴﺔ إﺻﺪارات ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻤﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻠﻜﺎوي
أﺻﺪر ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰﻳﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﺘﺮاث وﺗﺪوﻳﻨﻪ ،ﺷﻤﻠﺖ ﺛﻼﺛﺔ دواوﻳﻦ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺪرﻣﻜﻲ واﻟﻔﻼﺳﻲ واﻟﻤﻨﺘﻔﻘﻲ ،وﻛﺘﺎب ﺣﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻺﻣﺎرات وآﺧﺮ ﻋﻦ اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،وذﻟﻚ ﺿﻤﻦ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻤﻮﺻﻮل ﺑﺠﻤﻊ اﻟﺘﺮاث واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻪ وﺗﻮﺛﻴﻘﻪ وﻧﺸﺮه ،وﻓﻲ إﻃﺎر ﺧﻄﺘﻪ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻃﺮح اﻹﺻﺪارات اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺑﺠﻤﻊ اﻟﺘﺮاث واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻪ وﺗﻮﺛﻴﻘﻪ ،وﺗﺒﻨﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻧﺸﺮه ﻋﺒﺮ إﺻﺪارات ذات ﻃﺎﺑﻊ ﻋﻠﻤﻲ ﺗﺠﺴﺪ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺮاث ﻛﺎﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﻪ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻧﻈﺮا ﻟﻤﺎ ﻟﻠﺘﺮاث ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻟﺒﺸﺮﻳﺔ. وﺗﻌﻜﺲ اﻹﺻــﺪارات اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن إﺻــﺪارات اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﺟﻬﻮد اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
ﺗﻌﻜﺲ ا9ﺻﺪارات اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن إﺻﺪارات اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﺟﻬﻮد اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺪوﻟﺔ ا9ﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
114 114
ﺧﻤﺴﺔ إﺻﺪارات ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻤﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث
ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﺘﺮاث اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ واﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺎﻣﺔ ،وإﻋﺪاد اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﻋﺒﺮ إﺻﺪار اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻳُﺴ ﱠﺠﻞ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ إﺻﺪار اﻟﻌﺸﺮات ﻣﻨﻬﺎ. دﻳﻮان اﻟﺪرﻣﻜﻲ )اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺪرﻣﻜﻲ(
ﺣﻤﻞ اﻟﻜﺘﺎب اﻷول ﻋﻨﻮان »دﻳﻮان اﻟﺪرﻣﻜﻲ ..اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺪرﻣﻜﻲ« إﻋﺪاد اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،وﻫﻮ
ﺗﻮﺛ ﻴﻖ اﻟ اﻟﺸ ﺘﺮاث ا 9ﻔﻬﻲ ﻣﺎ راﺗﻲ
ﻋﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﻤﺤﻚ أﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎ ﻧﺘﺼﻮر .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻻت اﻟﻤﺤﺘﻮى ﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻌﺎدات اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أﻛﺜﺮ ﺟﺪوى؛ ﻓﺎﻟﻤﺴﻤﻴﺎت ﺗﺘﻐﻴﺮ ،واﻷﺣﺪاث ﺗﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻷﻫﺪاف اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧُﻈﻤﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻟﺘﻜﻮن ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺼﺒﻲ ،وﺣﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻨﺼﻴﺐ واﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﺒﺎت *ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ـ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎرات ﻫﻮاﻣﺶ - 1اﻧﻈﺮ :راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ :ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ :ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻋﺎﺷﻖ ﻣﻦ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ،ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ،ع ،176أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻳﻮﻧﻴﻮ ،2014ص20 ـ .31 - 2اﻧﻈﺮ :راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ :ﻗﺼﻴﺪﺗﺎن ﻧﺎدرﺗﺎن ﺣﻮل ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ،ع ،176أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻳﻮﻧﻴﻮ ،2014ص 32ـ .35
- 3اﻧﻈﺮ :ﻣﻌﺴﻮﻟﺔ اﻟﺮﻳﺞ :ﻗﺼﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ اﻟﺠﻨﻴﺒﻲ: ﻣﻨﺘﺪﻳﺎت رﻣﺎل ﺑﺪﻳﺔ ) bidiyah-up.com)، 25ﻣﺎرس .2011 - 4روﺗﻬﺎ :ﻋﻴﺪة ﺑﻨﺖ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎدي ،اﻧﻈﺮ :ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻈﺎﻫﺮي :ﺣﻜﺎﻳﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،أﺑﻮﻇﺒﻲ ،2012ص 58ـ .60 - 5اﻧﻈﺮ :ﻣﺤﻤﺪ ﻏﻨﻴﻤﻲ ﻫﻼل :اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺬرﻳﺔ واﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ،دار ﻧﻬﻀﺔ ﻣﺼﺮ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة .1976 - 6اﻧﻈﺮ :داود اﻷﻧﻄﺎﻛﻲ :ﺗﺰﻳﻴﻦ اﻷﺳﻮاق ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﻌﺸﺎق ،دار اﻟﻬﻼل ،ط ،2ﺑﻴﺮوت .133/1 ،1986 - 7اﻧﻈﺮ :اﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ :اﻷﻏﺎﻧﻲ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ :ﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ اﻷدﺑﺎء ،دار اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ط ،5ﺑﻴﺮوت .11/2 ،1981 - 8اﻧﻈﺮ :اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ.10/2 ، - 9دﻳﻮان ﻗﻴﺲ ﺑﻦ اﻟﻤﻠﻮح )ﻣﺠﻨﻮن ﻟﻴﻠﻰ( ،رواﻳﺔ :أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﻮاﻟﺒﻲ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ :ﻳﺴﺮي ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت ،1999ص.119
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
113
وﺗﺘﻔﻖ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ واﻟﺴﺆال اﻟﺬي أﻃﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ،اﻵن، اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﺜﻴ ًﺮا ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺒﺪأ وﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ إﺟﺎﺑﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ :ﻫﻞ أردتُ اﻟﺘﻲ ـ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﻔﻖ ﻟﻴﻠﻰ ﻣﻊ ﻗﻴﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل ﺑﺎﻟﻘﺎرئ ،ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ، إﻟﻰ أن ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻧُﺴﺠﺖ ﺣﻮل »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« اﺳﺘﻘﺮاره ﻓﻲ »اﻟﻐﺎﻓﺔ« ،وﺗﺘﺪاﺧﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻊ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﺮوة ﺑﻦ ﺣﺰام وﻋﻔﺮاء ﻣﻮﺟﻮدة ﺣﻘﻴﻘﺔً ،وأﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﺑﺘﻜﺎر اﻟﺨﻴﺎل ﻗﺪ ـ »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« وﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺪﻓﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ واﺣﺪ ،وﻧﻤﻮ اﻟﺸﻌﺒﻲ؟ واﻹﺟﺎﺑﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻨﻔﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻤﺖ ﺷﺠﺮﺗﻴﻦ ﻣﺘﻌﺎﻧﻘﺘﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ)(6؛ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ إﻟﻰ اﻹﻳﺠﺎب؛ ﻓﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺸﻔﻮي ﻫﻲ ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ أﺻﻮل x أﻧﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺑﻞ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻟﻌﻮﺑﺔ وﻣﺮاوﻏﺔ وﻣﺨﺎﺗﻠﺔ ،وﻟﻴﺴﺖ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﺑﺼﻠﺔ اﻟﻤﻮت. ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻫﺬه اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ .وﺳﺄﺿﺮب وﻗﺪ دﻓﻌﺖ ﺗﻌﺪد رواﻳﺎت ﺷﻌﺮه ،واﻟﺸﻚ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼً ،وﻫﻮ ﻗﺼﺔ »ﻣﺠﻴﻨﻴﻦ ﻟﻴﻠﻰ« ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ،واﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ﻓﻲ أﺧﺒﺎره اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ واﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ. إﻟﻰ اﻟﻘﻮلُ :ﺳﺌﻠﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺗﻘﻮل اﻟﺴﺎردة :ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ وﺳﻂ ﻗﺒﻴﻠ ٍﺔ ﻓﺘﺎ ٌة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗُﺪﻋﻰ »ﻟﻴﻠﻰ« ،أﺣﺒﺖ اﺑﻦ ﻋﻤﻬﺎ ،وﺣﻴﻦ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﻨﻮن ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮه ،وذﻛﺮوا أن ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺮ ﻛﻠﻪ ﻣﻮﻟﻮد ﻟﻠﺰواج رﻓﺾ واﻟﺪﻫﺎ ،وزوﺟﻬﺎ ﻟﺮﺟﻞ ﻏﺮﻳﺐ ﻃﻤ ًﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ) ،(7وإﻟﻰ اﻟﻘﻮل :ﻣﺎ ﺗﺮك اﻟﻨﺎس ﺷﻌ ًﺮا ﻣﺠﻬﻮل اﻟﻘﺎﺋﻞ، وﺟﺎﻫﻪ .وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﻐﺎدرﺗﻬﺎ ،ﺳﺎر اﺑﻦ ﻋﻤﻬﺎ وراء اﻟﺮﻛﺐ اﻟﺬي ﻗﻴﻞ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﻰ ،إﻻﱠ ﻧﺴﺒﻮه إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻨﻮن) ،(8وﻫﺬا ﻳﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﺗﻤﻀﻲ ﻓﻴﻪ ﻧﺎﻗﺘﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ إذا ﺟﻠﺲ اﻟﺮﻛﺐ ﻟﻼﺳﺘﺮاﺣﺔ ،اﻏﺘﻨﻤﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺆداﻫﺎ :أن ﺷﻌﺒﻴﺔ اﻟﻨﺺ ،ﺗﻨﺰع اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻴﻠﻰ اﻟﻔﺮﺻﺔ وﻧﺄت ﺑﺎﺑﻦ ﻋﻤﻬﺎ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ دون أن ﻳﺮاﻫﺎ أﺣﺪ ،وﻗﺎﻟﺖ اﻟﻤﺴﻤﻴﺎت واﻷﺣﺪاث؛ ﻟﺘﺼﻨﻌﻬﻤﺎ وﻓﻖ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ رؤﻳﺘﻬﺎ .وﻣﺎ ﻟﻪ :ﻫﻞ ﺗﺮى ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻓﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،إن ﺟﺬﻋﻬﺎ ﻣﺤﻔﻮر ﻛﺄﻧﻪ اﻟﻜﻬﻒ ،ﻳﻄﺮﺣﻪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﺣﻮل اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﺴﺬاﺟﺔ واﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻋﻦ اﻷدب ﻣﺎ رأﻳﻚ أن ﺗﺴﻜﻦ ﻓﻴﻪ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻣﺮرت ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻲ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ زوﺟﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﺮﻓﻮض ،ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ،وﺳﺄﺿﺮب ﻣﺜﻼً ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﺮ ﻗﻮل إﻟﻰ أﻫﻠﻲ ،ﺳﻮف أﻧﺎدﻳﻚ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﺑﻌﺪ ﻋﺎم واﺣﺪ ،ﻃﻠﺒﺖ ﻟﻴﻠﻰ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻦ ﺑﺼﺪدﻫﺎ؛ ﻓﺤﺘﻰ ﱢ ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻬﺎ ﺑﺰﻳﺎرة أﻫﻠﻬﺎ ،ﻓﺎﺳﺘﺠﺎب ﻟﻄﻠﺒﻬﺎ .وﻋﻨﺪ اﻟﻤﺠﻨﻮن ﻏﻴﺮ اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ):(9 وﺻﻮﻟﻬﺎ ﻟﻠﻐﺎﻓﺔ ،ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺘﻬﺎ اﻻﺳﺘﺮاﺣﺔ ،وﺧﻠﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﻠﻮ ﺗﻠﺘﻘﻲ أروا ُﺣﻨﺎ ﺑﻌــــﺪ ﻣﻮﺗﻨﺎ ﻟﺘﻨﺎدﻳﻪ ،وﺣﻴﻦ ﺗﺠﻠﱠﻰ ﻟﻬﺎ ،ﻋﺎﻧﻘﺘﻪ ﻋﻨﺎﻗًﺎ ﺣﺎ ٍّرا ﺣﺘﻰ ﺳﻘﻄﺎ ﺟﺜﺘﻴﻦ ﻣﻨﻜﺐ وﻣﻦ دون رﻣﺴﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻷرض ُ ﻫﺎﻣﺪﺗﻴﻦ .ﺷﺎع اﻟﺨﺒﺮ ،ووﺻﻞ إﻟﻰ اﻷﻫﻞ اﻟﺬﻳﻦ دﻓﻨﻮﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﻛﻨﺖ رﻣ ًﺔ ﻟﻈﻞ ﺻﺪى رﻣﺴﻲ ،وإنْ ُ ﱠ وﻳﻄﺮب ﻟﺪى ﺻــــــﻮت ﻟﻴﻠﻰ ﻳ َﻬ ﱡﺶ واﺣﺪ .وﻗﺪ ﻧﺒﺘﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺒﺮ ﺷﺠﺮة »ﺷﺮﻧﺠﺒﺎﻧﺔ« ،وﺷﺠﺮة ﻏﺎﻓﺔ، ُ وﻛﺒﺮت اﻟﺸﺠﺮﺗﺎن ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺎﻧﻘﺘﺎ .ﻣﺮ رﺟﻞ ﻣﻦ ﻫﻨﺎك ،ﻓ َﻘ ﱠﺪ ﻗﻄﻌﺘﻲ ﺧﺸﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮﺗﻴﻦ ،وﺻﻨﻊ ﻣﻨﻬﻤﺎ »ﻣﻨﺠﻮر زاﺟﺮه« ،وﻫﻮ أداة ﺗﺪﺧﻠﺖ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ﻟﺘﺴﺮد ﻣﻜﻮث ﻗﻴﺲ ﻓﻲ »اﻟﻐﺎﻓﺔ« ،واﻟﻠﻘﺎء ﺑﻌﺪ ﺧﺸﺒﻴﺔ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺒﺌﺮ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﺜﻮر اﻟﺬي اﻟﻔﺮاق اﻟﺬي ﻳﻮدي إﻟﻰ اﻟﻤﻮت ،ﺛﻢ ﺧﺮوج اﻟﺸﺠﺮﺗﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة، ﺗﺪور ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻛﺎﻟﺪوﻻب ،وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻳﺨﺮج ﺻﻮﺗًﺎ ﻏﺮﻳ ًﺒﺎ .واﻧﺘﻬﺎ ًء ﺑﺼﻮت أداة اﻟﺴﻘﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻖ اﻻﺳﻤﻴﻦ ﻣ ًﻌﺎ. ﻫﺬا اﻟﺼﻮت ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻌﻪ اﻟﻤﺎرون ،وﻓﺤﻮاه» :ﻣﺠﻴﻨﻴﻦ ﻟﻴﻠﻰ ،ﻟﻘﺪ ﺑﺎﺗﺖ اﻹﺟﺎﺑﺔ ،اﻵن ،ﻋﻦ اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻃﺮﺣﺘﻪ واﺿﺤﺔ ،وﻫﻲ ﻣﺠﻴﻨﻴﻦ ﻟﻴﻠﻰ« ،ﻣﺎ أﺷﻐﻞ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ،وﺻﺎروا ﻳﻘﻮﻟﻮن :أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ـ اﻟﺘﻲ ﻧُﺴﺠﺖ ﺣﻮل »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« وﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ﺗﻤﺖ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﺑﺼﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ »ﻋﺴﺎﻫﺎ اﻟﻨﻘﺮ ،وﻳﻜﻮن ﻳﺬﻋﻬﺎ ﻣﺠﻮف ﻣﺜﻞ اﻟﻜﻬﻒ ،وﻋﺴﻰ ﺷﺠﺮة »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ـ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ أﺻﻮل ﱡ اﻟﺸﺮﻧﺠﺒﺎن اﻟﻘﻬﺮ« .وﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺑﻘﻴﺖ ﺷﺠﺮة اﻟﺸﺮﻧﺠﺒﺎن اﻧﺤﺮﻓﺖ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﺑﻔﻌﻞ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺸﻔﻮي ،وﺑﻔﻌﻞ ﺗﺤﺮﻳﻚ اﻟﻤﺤﺘﻮى ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻤﻘﻮﻣﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﻮﺳﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ اﻷرض؛ أي ﺗﺒﻘﻰ ﻗﺰﻣﺔ).(4 ﻓﺎﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ أﺻﻮل ،وﻫﻮ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺠﻨﻮن ﻟﻴﻠﻰ ،وﻫﻮ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﺎردة ﺑﺤﻴﺚ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻤﻠﻮح ﺑﻦ ﻣﺰاﺣﻢ ﺑﻦ ﻋﺪس ﺑﻦ رﺑﻴﻌﺔ ﺑﻦ ﺟﻌﺪة ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﺤﺮﻓﻴﺔ. ﺿﺮب ﻣﻦ رﺑﻴﻌﺔ ،وﻗﻴﻞ :اﺳﻤﻪ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﻣﻌﺎذ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻋﺎﻣﺮ .أﻣﺎ ﻟﻴﻠﻰ اﻟﺘﻲ إذا ﻛﺎن اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﻨﺺ اﻷﺻﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ٌ ﻫﺎم ﺑﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺑﻨﺖ ﻣﻬﺪي ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ رﺑﻴﻌﺔ .وﺑﺮﻏﻢ اﻟﻌﺒﺚ ،ﻓﺈن اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﻤﺎ ،ﻫﻨﺎك ﺗﺪاﺧﻞ وﺧﻠﻂ وﺷﻚ ﻓﻲ ﺻﺤﺘﻬﺎ) .(5ﻛﺜﻴ ًﺮا ،ﻳﺒﺪو ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻧﺼﻮص اﻧﺤﺮﻓﺖ 112
ﺗﺤﻮﻻت اﻟﻤﺤﺘﻮى ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ
ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺣﺐ ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﺘﺪﻓﻊ ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺐ اﺳﻢ »اﻟﻴﺎزﻳﺔ« ،وأن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﻠﺘﺼﻘﺔ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﺴﻬﺮ واﻟﻬﺰال .وﺣﺘﻰ ﻳﺘﺠﻨﺐ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﺄﺳﺎوﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮد اﻟﺒﻄﻞ واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻤﺂزق اﻟﺘﻲ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﻤﺘﻼﺣﻘﺔ ،ﻋﻠﻴﻪ أﻻﱠ ﻳﻜﺘﻢ ﺳﺮه ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ،ﻓﻴﺆدي ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ »ﺻﻴﺪح« اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﻬﺰال واﻟﺠﻮع ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ،ﺑﻞ ﻳﺒﻮح ﺑﻪ ﻟﻮاﻟﺪه ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻮﻗﻌﻪ اﻟﻤﺘﻮاﺻﻞ ،واﻟﻌﺒﺚ ﺑﻘﻮﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺼﺒﻴﺎن ،ﺛﻢ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﺑﺘﻠﻚ ﺣﻜﻴ ًﻤﺎ ،وﻗﺎد ًرا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ،وإدارة اﻷزﻣﺎت ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﻘﻮة إﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ واﻟﺪ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ وﻫﻲ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ .إن اﻟﺸﺎب ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ،وﺟﻤﺎﻟﻪ ،وﺳﻌﺔ ﺣﻴﻠﺘﻪ ..ﻣ ًﻌﺎ .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻳﻐﺪو اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﺺ أﺻﻠﻲ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ أﻣ ًﺮا ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷﺣﺪاث ﺣﻴﻦ ﺗﺼﻞ ذروﺗﻬﺎ .واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻧﻔﻴﻪ أو ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ أن ﺗﺒﻴﻦ أن اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺗ ُﻔﺸﻞ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ،وﺗُﻀﻌﻒ ﻗﻮة ﻣﺼﺪاﻗﻴﺘﻪ .إن ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪه اﻟﺴﺎردة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،وﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﻟﺴﺎرد ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻫﻮ ﺗﺠﻠﻴﺔ اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻌﺎدات اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﺴﻮق ﻋﻠﻰ واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﺼﺮف أﻟﺴﻨﺔ أﺑﻄﺎﻟﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﻤﻮﺟﺰة اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﺤﻚ اﻻﻧﺘﻤﺎء ﻷﺣﺪاث ﺣﺼﻠﺖ اﻟﺘﻲ ذﻫﺒﺖ ﻣﺜﻼً ،ﻛﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل: »«ﺻﻴﺪح ﻣﺎ ﻳﺴﺒﻘﻬﺎ إﻻﱠ وﻟﺪﻫﺎ ،وﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﻼﺣﻆ أن اﻟﻤﺰروﻋﻲ، ﻓﻌﻼً ،وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺴﺎرد ،اﻟﺼﺪق اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ؛ ﻟﺘﺠﻌﻞ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ وﻟﺪ«؛ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺘﻔ ﱡﺮد ﻓﻲ اﻟﻔﻀﻞ. ﻣﻌﻬﺎ ،واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻷﻫﺪاﻓﻬﺎ ،وﺗﺤﻘﻴﻖ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﺮون اﻟﺴﺎردة؛ اﻟﻤﺮأة وﻟﻴﺲ اﻟﻤﺘﻌﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺎع اﻟﻴﻬﺎ ..ﻣﺘﻮاﻓ ًﺮا. أن ﻣﻨﻄﻘﺔ وادي اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻛﻠﺒﺎء ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻔﻮي ﺑﻐﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﺼﺪق اﻟﻔﻨﻲ ﺗﻔﻘﺪ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﺴﺮح أﺣــﺪاث ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﻓﺈن ﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﻪ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ﻧﺤﻮ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اﻟﺠﺎذﺑﺔ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ،وﺗﻔﻘﺪ ﺟﻤﻬﻮرﻫﺎ .واﻷﻣــﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪه أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻗﺪ ﻟﺖ ﻮ ﺗﺤ اﻟﺘﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﱠ اﻷﻣﻜﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ أﺳﻤﺎء اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ أﺻﻮل ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ. ﺑﻬﺎ؛ ﻓﻘﺪ رأﻳﻨﺎ أن اﺳﻢ »ﻣﻲ« ﻳﺤﻞ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ ﺷﻌﺮ
ﺗﻮﺛ ﻴﻖ اﻟ اﻟﺸ ﺘﺮاث ﻔ ا 9ﻬﻲ ﻣﺎ راﺗﻲ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
111
»اﻟﺼﻴﺪح« اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺑﻘﻮﺗﻬﺎ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ أن ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻘﻴﻞ» :ﺻﻴﺪح ﻣﺎ ﻳﺴﺒﻘﻬﺎ إﻻﱠ وﻟﺪﻫﺎ ،وﻣــﺎ ﻋﻨﺪﻫﺎ وﻟــﺪ« .اﻟﺘﺤﻖ اﻟﺨﺎدم ﺑﻬﻤﺎ؛ ﻟﻴﻜﻮن ﺧﻴﺮ ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻬﻤﺎ. ﺗﺰوج اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﺑﻤﺒﺎرﻛﺔ واﻟﺪه، وﺗﺼﺎﻟﺤﺖ اﻟﻘﺒﻴﻠﺘﺎن وﺗﺠﺎورﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن، وﻋﺎش اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺤﻴﺎة ﻫﺎﻧﺌﺔ وﻣﺴﺘﻘﺮة. إﻟﻰ ﻫﻨﺎ ،ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ـ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪ د .راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮواة اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﺮدﻫﺎ) (1ـ وأﻋﻘﺒﻬﺎ ﺑﻘﺼﻴﺪﺗﻴﻦ ﺗﺘﻨﺎوﻻن اﻟﻤﻔﺎﺻﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻟﻬﺎ ،إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﺗُﻨﺴﺐ ﻟﻮاﻟﺪ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،ﺗﺒﺪأ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﻳﻮم اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻓﻲ وﻧﱠــﺎه« ،ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻋﺎد إﻟﻴﻪ اﺑﻨﻪ ﻣﻊ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻞ ،رأى أﻧﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺟ ﱠﺪا ،وﺻﻠﺘﻨﺎ ﻧﺎﻗﺼﺔ اﻷﺑﻴﺎت، وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻮزون .ور ﱠﺟﺢ اﻟﻤﺰروﻋﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻗﺪ ﻗﻴﻠﺖ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ).(2 ﻣﺎ ﻳﻼﺣﻆ أن اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺴﺎرد ،وﻟﻴﺲ اﻟﻤﺮأة اﻟﺴﺎردة؛ ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻔﻮي أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﻪ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤ ﱠﻮﻟﺖ
110
إﻟﻰ ﺷﻌﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧُﺴﺠﺖ ﺣﻮل ﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ :ﻋﻨﺘﺮة ،واﻟﺴﻴﺮة اﻟﻬﻼﻟﻴﺔ. وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺴﺮد ﺑﺼﻮرة ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺸﻌﺮ ،وﺗﻔﺴﻴﺮه. وﻟﻌﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ إﻳﺮاد ﺗﺘﻤﺔ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺮأة اﻟﺴﺎردة؛ ﻓﺒﻌﺪ أن ذﻛﺮت »ﻣﻌﺴﻮﻟﺔ اﻟﺮﻳﺞ« ،وﻫﻮ اﺳﻢ أﻧﺜﻮي ﻣﺴﺘﻌﺎر ،ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﻨﺘﺪﻳﺎت اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﻧﺒﻄﻴﺔ ﻳﻐﻨﻴﻬﺎ اﻟﻤﻄﺮب اﻟﻤﻌﺮوف ﻣﻴﺤﺪ ﺣﻤﺪ» :ﺻﺎﺑﻨﻲ ﻣﺎ ﺻﺎب اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« ،ﻛﺘﺒﺖ ﻧﻘﻼً ﻋﻦ اﻷﻣﻬﺎت واﻟﺠﺪات ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺒﻄﻞ )اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ( ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ »اﻟﺠﻨﻴﺒﻲ«، وﺟﻌﻠﺖ اﻟﺒﻄﻠﺔ )ﻣﻲ( ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ اﻟﻜﻸ واﻟﻤﺮﻋﻰ ،ﺛﻢ ﻏﺎدرﺗﺘﻬﺎ. ﺗﺴﻴﺮ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻋﻨﺪ ﻫﺬه اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻵﺗﻲ :ﺑﻌﺪ أن ﻋﻠﻢ واﻟﺪ ﻣﻲ ﺑﺄن اﺑﻨﺘﻪ ﺧُﻄﻔﺖ ،ﻓﺤ ﱠﺮك ﺟﻴﺸﻪ ﺗﺠﺎه ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ .وﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرف اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،أﻋ ﱠﺪ واﻟﺪ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ وﻟﻴﻤﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ واﻟﺪ ﻣﻲ ﻃﻠﺐ
ﺗﺤﻮﻻت اﻟﻤﺤﺘﻮى ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ
أي واﺣــﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺪه ﻟﻠﻄﻌﺎم؛ أﻻﱠ ﻳﻤﺪ ﱡ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺨﻼف اﻧﺘﻬﻰ، ﻏﻴﺮ أن واﺣ ًﺪا ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد اﺿﻄﺮه اﻟﺠﻮع اﻟﺸﺪﻳﺪ إﻟﻰ أﺧﺬ ﻗﻄﻌﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺪ دون أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ أﺣﺪ .وﻫﺬا ﻣﺎ أﻃﻔﺄ ﻧﺎر اﻟﻐﻀﺐ ،وﺟﻌﻞ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﻣﺜﻤ ًﺮا؛ ﻓﻮاﻟﺪ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺑﻴﱠﻦ أن ﻣﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺑﺮﺿﺎﻫﺎ ،وﻟﻴﺲ إﻛﺮا ًﻫﺎ ،وأﻧﻬﺎ ﺗﺤﺐ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ .وﻋﻨﺪ اﻟﻌﺸﺎء ،ﻗﺪم واﻟﺪ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻟﻬﻢ أﻛﻼً ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺒﺪ وﺣﺪه ،ﻓﺄدرك واﻟﺪ ﻣﻲ أن أﺣﺪ ﺟﻨﻮده ﺧﺎﻧﻪ ،ﻓﺒﻘﻲ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ إﻟﻰ أن ﻋﺮﻓﻪ، وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ اﻟﻘﺘﻞ؛ ﻷﻧﻪ ﺧﺎﻧﻪ ،واﻓﺘﻀﺢ ﺳﺮه ،ﻓﺂﻟﺖ اﻷﺣﺪاث إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ. وﺟﺎءت اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ ﻣﺆﻛﺪة اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة ﻧﻔﺴﻬﺎ).(3 ﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺘﻴﻦ ،ﻫﻨﺎك ﻣﺒﺎدئ ﻳُﺮاد ﺗﺮﺳﻴﺨﻬﺎ ﻓﻲ ذﻫﻦ اﻟﺼﺒﻲ اﻟﺬي ﺗُﺴﺮد ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،أﻫﻤﻬﺎ :أن ﻓﺘﺮة اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺳ ُﻴﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﺗﻮﺛ ﻴﻖ اﻟ اﻟﺸ ﺘﺮاث ا 9ﻔﻬﻲ ﻣﺎ راﺗﻲ
ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،اﻟﺘﻘﻰ ﺧﺎد ًﻣﺎ ﻧﻬﺮﻫﺎ ،ﻓﺘﺮﻛﻪ، ﺣﺒﱠﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ ،وﻫﻜﺬا اﺳﺘﺄﺻﻞ أن ﻳﺮون اﻟﻨﺎس ﺑﻌﺾ ﺛﻢ اﻟﺘﻘﻰ آﺧﺮ ،ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺗﺸﺮب ﻛﻤﺎ ﺗﺸﺎء، وﺳﻴﻠﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم ،وادﻋﻰ ﻟﻠﻘﺒﻴﻠﺔ أن »اﺑﻦ اﻟﺤﺮام« ﻛﺎن ﻳﻠﻬﻮ ﺑﺎﻟﺨﻨﺠﺮ ،ﻓﺤﺪث وﺣﻴﻦ ﻧﻬﺮﻫﺎ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ،ﻗﺎل اﻟﺨﺎدم» :ﻟﻮ ﻣﻨﻄﻘﺔ وادي اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺣﺪث .وﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮف اﻟﻘﻮم ﻓﺤﻮى ﻣﺎ ﺿﺮت ﻣﺎ ﻫﺮﻋﺖ« ،ﻓﺒﺎح ﻟﻪ ﺑﺴﺮه، ﻣﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﺗﻘﻊ اﻟﺘﻲ وأﻋﻠﻤﻪ أﻧﻪ ﻳﺮﻋﻰ إﺑﻞ واﻟﺪ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ،وﻫﻮ ﻛﻼﻣﻪ إﻻ أﺧﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﺷﻌ ًﺮا ﻳﻮﺟﺰ ﺷﻴﺦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،وﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺘﺨﻔﻰ ﺑﻴﻦ ﻛﻠﺒﺎء ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺼﺔ. اﻹﺑﻞ ،ﻓﻴﺮﻛﺐ ﺟﻤﻞ اﻟﻴﺎزﻳﺔ اﻟﺬي ﻳﻨﻘﻞ اﺳﺘﺪﻋﻰ واﻟــﺪ اﻟﻴﺎزﻳﺔ اﻟﺨﺎدم وﺳﺄﻟﻪ ﻣﺴﺮح أﺣﺪاث ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺎﻗﺔ ،ﻓﺄﻗﻨﻌﻪ أﻧﻬﺎ » َﻫ َﻤﻞ«؛ أي ﻻ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺤﻠﻴﺐ ،وﻫﻮ ﻋﺎﺋﺪ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ، ﺻﺎﺣﺐ ﻟﻬﺎ ،وأن وﺟﻮدﻫﺎ ﻣﻊ اﻹﺑﻞ ﻫﻮ وﻫﻨﺎك ﺳﻴﻠﺘﻘﻲ ﺑﻬﺎ. ﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ .أراد واﻟﺪﻫﺎ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺷﻌﺮت إﻟﻴﺎزﻳﻪ ﺑﺎﻟﺨﻮف ﺣﻴﻦ رأت رﺟﻼً ﻓﻲ ﺧﺒﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﺼﺮﺧﺖ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺎءل ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺎﻗﺔ ،ﻓﻘﻴﺪﻫﺎ ﺑﺄرﺑﻌﺔ ﻗﻴﻮد ﻣﻦ ﻋﺾ إﺻﺒﻌﻬﺎ .ﺣﺪﻳﺪ ،وﻣﻨﻊ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻄﻌﺎم ،وأﻣﺮ اﻟﺼﺒﻴﺎن أن ﻳﻤﺎرﺳﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻫ ﱡﺒﻮا ﻟﻨﺠﺪﺗﻬﺎ ﻋﻦ اﻷﻣﺮ ،أﻋﻠﻤﺘﻬﻢ ﺑﺄن اﻟﺒﻌﻴﺮ ﱠ أﺧﺬ اﻟﺨﺎدم »ﺻﻴﺪح« وﺑﻨﻰ ﻟﻬﺎ » ِﻋﺸﱠ ﺔ« ﻓﻲ ﻃﺮف اﻟﻤﺮﻋﻰ ،وﺻﺎر »اﻟﺤﻠﺔ« ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ. ﻳﺴﻘﻴﻬﺎ ﺣﻠﻴﺒًﺎ .أﺣﺲ واﻟﺪ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﺑﺘﻨﺎﻗﺺ اﻟﻜﻤﻴﺔ ،ﻓﺄرﺳﻞ »اﺑﻦ ﻟﻢ ﻳﺮق ﻣﺎ ﺣﺪث ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ ،ﻓﻮﻓﺮت ﻟﻪ ﻣﻘﺼـﺎ؛ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻫﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ ﻟﻴﻼً ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﻬﺮﺑﺎن اﻟﺤﺮام« ،وﻫﻮ رﺟﻞ داﻫﻴﺔ؛ ﻟﻴﺘﺤﺮى ﻣﺎ ﻳﺤﺪث. ٍّ ﻋﺮف اﻟﺨﺎدم ﻣﻘﺼﺪه ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻲء ،ﻓﺎﺣﺘﺎل ﻋﻠﻴﻪ ،وأﺧﺒﺮه ﺑﻮﺟﻮد ﻣﻦ اﻟﺪﻳﺎر ﻋﻠﻴﻬﺎ .اﻛﺘﺸﻒ أﻓﺮاد اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻫﺮوﺑﻬﺎ ،ﻓﻄﺎردوﻫﻤﺎ ،ﻟﻜﻦ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
109
ﺗﺤﻮﻻت اﻟﻤﺤﺘﻮى ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ
د .إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺣﻤﺪ ﻣﻠﺤﻢ@
ﺗﺒﺪأ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺮدﻫﺎ اﻟﺠﺪة أو اﻷﻣـ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴﺎت ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ،وأﺣﺪاث ﻻ ﺗﻤﺖ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﺼﻠﺔ ـ ﺑﺎﻟﺘﺮاﺟﻊ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﻌﺮ اﻟﺴﺎردة أن اﻟﻄﻔﻞ ﺻﺎر ﻳﺪرك اﻷﺷﻴﺎ َء ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ،وﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻌﺘﻤﺪً ا ﻋﻠﻰ رؤﻳﺘﻪ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ .وﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺰال ﻳﻨﺸﺪ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺤﺪﺛﻬﺎ اﻟﺪﻫﺸﺔ اﻟﻤﺘﻮاﺻﻠﺔ .وﻫﻨﺎ ،ﺗﺤﺼﻞ ﺗﺤﻮﻻت ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺘﻮى ﻋﻨﺪ اﻟﺴﺎردة؛ إذ ﺗﻌﻤﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،ﻛﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺤﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺼﺒﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻘﺪم ﺑﻪ اﻟﻌﻤﺮ وﻳﺼﻴﺮ ﺷﺎﺑًﺎ ﻣﻔﻌ ًﻤﺎ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﻣﺔ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ .وﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻔﺘﺮات ﺧﻄﻮرة ﺑﺤﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ،ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ُﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت .وﺳﻴﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل ﺣﻜﺎﻳﺔ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ«؛ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻮﻻت.
108
ﺗﺤﻮﻻت اﻟﻤﺤﺘﻮى ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ
ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻔﺮد اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺘﻲ وﺟﺪﻧﺎ اﻟ ُﻴﺘﻢ واﺣ ًﺪا ﻣﻦ أﻗﻮى ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻫﻮ اﻻﺑﻦ اﻷﺻﻐﺮ ،وﺗﺮﺗﻴﺒﻪ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻴﻦ إﺧﻮاﻧﻪ .وﻫﺬا ﻳﻤﻬﺪ ﻻﻧﺨﺮاط اﻟﺼﺒﻲ ﺑﻤﺠﺘﻤﻌﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ .ﺗﻨﻄﻠﻖ اﻷﺣﺪاث ﺣﻴﻦ ﻳُﺮﺳﻞ اﻷب اﺑﻨﻪ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﺴﻘﺎﻳﺔ اﻟﻨﻮق .وﻫﻨﺎك ،ﻳُﺸﺎﻫﺪ اﻟﻴﺎزﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻲء وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻤﻜﺎن ،ﻓﻴﻌﻮد إﻟﻰ أﺑﻴﻪ وﻋﻼﻣﺎت اﻟﻮﻫﻦ واﻟﻬﺰال ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻻ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻪ ﺳﺮ ذﻟﻚ .وﻳﺮﺳﻞ اﻻﺑﻦ اﻷوﺳﻂ ،ﻓﻴﺤﺪث ﻣﺎ أﺻﺎب أﺧﺎه ،ﺛﻢ ﻳُﺮﺳﻞ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺑﻌﺪ أن ﻳﻀﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ﺻﺒﻎ »اﻟﻨﻴﻞ«؛ ﻻﻋﺘﻘﺎده أﻧﻪ ﺳﻴﺤﻮل دون اﻟﺤﺴﺪ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻷﻛﺜﺮ وﺳﺎﻣﺔ. ﻣﺎ أن رأت اﻟﻴﺎزﻳﺔ وﺟﻬﻪ ﺣﺘﻰ رﺷﺖ ﻣﺎ ًء ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺘﻜﺸﱠ ﻔﺖ وﺳﺎﻣﺘﻪ ،وﻋﻠﻘﺖ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﺎ .ﻋﻨﺪ ﻋﻮدة اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻷﺑﻴﻪ، ﻗﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺤﺪث اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻣﺎ ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻵن ،أن اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﱠ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. ﺗُﻈﻬﺮ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻷب اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺜﺎﻗﺒﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﻳﺼ ّﺪ وﻟﺪه ﻋﻦ اﻟﺤﺐ ،ﺑﻞ أراده أن ﻳﻤﺘﺤﻦ ﺣﺒﻬﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻳﻤﺘﺤﻦ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﺎ. وﻫﻜﺬا ،ﻧﺠﺪه ﻳﺴﺘﺨﺪم ﺧﺒﺮﺗﻪ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻓﻲ اﺑﻨﻪ، وﻓﻲ ﺗﺨ ﱡﻴﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻤﺘﻄﻴﻬﺎ؛ ﻟﺘﻘﻄﻊ اﻟﺼﺤﺮاء ﻣﺘﺠﻬﺔ إﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﺎ. وﻗُﺒﻴﻞ اﻟﻤﻐﺎدرة ،ﻳﻮﺻﻲ وﻟﺪه ﺑﺄن ﻳﺘﺮك اﻟﻨﺎﻗﺔ »ﺻﻴﺪح« ﺗﺸﺮب ﻣﻦ ﻟﺒﻦ اﻟﻘﻮم اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﻬﻢ ،ﻓﺈن ﺗﺮﻛﻮﻫﺎ ﺗﺸﺮب، ﻓﻬﻢ أﻫﻞ ﻛﺮم وﻳﺠﻮز ﻟﻪ ﻋﻨﺪﺋﺬ اﻟﺒﻮح ﺑﺴﺮه ﻟﻤﻦ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻣﻨﻬﻢ ،وإن ﻧﻬﺮوﻫﺎ ،ﻓﻬﻢ أﻫﻞ ﺑﺨﻞ ،وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺒﻮح ﺑﺴﺮه ﻷﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ،أو ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺰواج ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ.
ﻣﺎ زال أﻣﺎم أدب اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت ﻟﻴﺘﺠﺎوزﻫﺎ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﺳ ٍّﺮا أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻤﺜﻞ ﻋﺎﺋﻘًﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا أﻣﺎم اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم وﻛﺘﺎب اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻴﺪﻳﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﺜﻞ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻷﻟﻌﺎب اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ، ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻹﺳﺘﺨﺪام اﻷﻣﺜﻞ ﺑﻌ ُﺪ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻫﺶ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺜﻮرة اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﺪودة وﺗﻌﺪد اﻟﻬﻮاﺗﻒ اﻟﺬﻛﻴﺔ واﻷﻟﻌﺎب اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ أن ﻧﺠﺪ أﻃﻔﺎﻻً ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺪ أﻋﻤﺎرﻫﻢ اﻷﻋﻮام اﻟﺴﺒﻌﺔ وﻟﻬﻢ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻣﺜﻞ :ﺗﻮﻳﺘﺮ واﻟﻔﻴﺲ ﺑﻮك وأﻧﺴﺘﺠﺮام ،وﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﺗﺴﺘﻨﺰف ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻊ وﻗﺖ اﻷﻃﻔﺎل وﺗﺆدي إﻟﻰ ﻋﺰوﻓﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءة ،أو اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ اﻷﺧﺮى ،أي أن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺘﺤﻮل ﻣﻦ ــ ﺑﻜﻞ ﺣﻮاﺳﻪ وﺗﻨﻤﻴﺔ ﺧﻴﺎﻟﻪ وﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻻﺑﺘﻜﺎر اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﱢ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻣﻔﺮدات ﺑﻴﺌﺘﻪ وﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ــ إﻟﻰ اﻟﻔﺮﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻮر اﻟﺤﻴﺎة ،أي أﻧﻪ ﻳﺘﺤﻮل ﻣﻦ أن ﻳﻌﻴﺶ اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ أن ﻳﺘﻔﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة. إن اﻧﺘﺸﺎر اﻷﻟﻌﺎب اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﺤﺪود ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﻟﺪ إﻻ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ ،وﺗﺴﺘﻠﺐ وﻗﺖ اﻟﻄﻔﻞ وﻓﺮﺻﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻗﺪراﺗﻪ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ واﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ،ﻓﻤﻠﺨﺺ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻫﻮ أن ﺛﻤﺔ ﻗﻮﺗﻴﻦ ﻣﺘﺼﺎرﻋﺘﻴﻦ ﻳﺤﺎرب اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺄﺣﺪﻫﻤﺎ ،وﻫﻜﺬا وﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻳﺘﺨﻠﻰ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﻫﻮﻳﺘﻪ راﺿ ًﻴﺎ أن ﻳﻜﻮن ﺳﻮاه .وﺳﻴﺎن أن ﻳﻜﻮن ﺷﺮﻳ ًﺮا أم ﻃﻴ ًﺒﺎ :وﺣﺸً ﺎ دﻣﻮﻳٍّﺎ أم ﺟﻨﺪﻳٍّﺎ ﻃﻴ ًﺒﺎ ﻳﺤﺎول اﻟﻬﺮب ،ﻓﻔﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال ﺳﻴﺨﺴﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أن ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻨﻔﺴﻪ
وﺳﻴﻜﻮن ﻣﺠﺮد ﻣﺘﻔﺮج وأداة ﻓﻲ ﺻﺮاع ﻻ ﻳﻌﺮف ﻟﻪ ﺳﺒ ًﺒﺎ، ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺴﺒﺒﻪ ﻫﺬه اﻷﻟﻌﺎب ﻣﻦ ﺗﺒﻠﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ واﻋﺘﻴﺎد ﻣﻨﺎﻇﺮ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺮﺻﺎص واﻟﺪﻣﺎء. واﻟﻤﺪﻫﺶ أﻛﺜﺮ ﻫﻨﺎ أن اﻟﻐﺮب اﻟﺬي اﺧﺘﺮع ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻫﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﻋﺰوﻓًﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،واﻷﻛﺜﺮ اﻧﺸﻐﺎﻻً ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ واﻟﻘﺮاءة ﻋﻦ ﺿﻴﺎع وﻗﺘﻪ ﻓﻴﻬﺎ. وﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻄﻔﻞ ﻫﻮ اﻟﻠﺒﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء أي ﻣﺠﺘﻤﻊ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ اﻟﺮاﻗﻲ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻟﺒﻨﺎء أوﻃﺎن ﻣﺘﺤﻀﺮة وﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ،وﻷن اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻛﺘﺎب ﺟﻴﺪ ﻻ ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﻴﺘﻪ ،وإﻧﻤﺎ ﻳﺤﺎول اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻪ وﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻐﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ واﻷﺧﺬ ﺑﻴﺪه ﺣﺘﻰ ﻳﻄّﻠﻊ دون وﺻﺎﻳﺔ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺘﻘﺒﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻵﺧﺮ ،وﻳﻌﻴﺶ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺳﻼم ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﻔﺎره وﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﻢ إﻋﺪاده ﻟﻴﻜﻮن ﻗﺎرﺋًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺠﺎوز ﺑﻼدﻧﺎ ﻛﺒﻮة اﻷﻣﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،وﺗﺴﺘﻄﻴﻊ رأب اﻟﺼﺪع اﻟﻤﺨﻴﻒ اﻟﺬي ﺗﻜﻮن ﻋﺒﺮ ﻋﻘﻮد ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎب وﻗﺎرﺋﻪ. وﻷﻧﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ أﻓﻀﻞ ﻟﻜﻲ ﺗﻜﻮن راﻳﺔ أوﻃﺎﻧﻨﺎ أﻋﻠﻰ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺠ ﱟﺪ ﻛﻞ واﺟﺘﻬﺎد وأن ﻧﻜﻮن ﻧﺤﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻗﺪوة ﻷﺑﻨﺎﺋﻨﺎ؛ ﻓﻨﻘﺮأ ﻓﻲ ﱢ ﻓﺴﺤﺔ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﺒﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ إذا ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ اﻻﺑﻦ ﻧﻘﺮأ ﻓﺴﻴﻘﻠﺪﻧﺎ ،وإذا ﺷﺎﻫﺪﻧﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﻠﻌﺐ ﻟﻌﺒﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ وﻧﺤﻦ ﻣﻤﺴﻜﻴﻦ ﺑﺬراع اﻟﺮﻳﻤﻮت وﻧﺼﻴﺢ ﺻﺎرﺧﻴﻦ ﺣﺎل ﻫﺰﻳﻤﺘﻨﺎ أو ﻓﻮزﻧﺎ؛ ﻓﺴﻴﺄﺧﺬ دون أن ﻳﺸﻌﺮ ذراع اﻟﺮﻳﻤﻮت اﻵﺧﺮ ﻟﻴﻮاﺻﻞ اﻟﺼﺮاخ *رواﺋﻴﺔ وﻣﺘﺮﺟﻤﺔ ،ﻣﺼﺮ
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
دﺟﺎﺟﺔ وﻣﻨﻘﺎرﻫﺎ ﺣﺪﻳﺪ أي أﻧﻬﺎ دﺟﺎﺟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﻘﺎ ٌر ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ. ﻫﺬه ﻛﻨﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻀﻌﻴﻒ اﻟﻬﺰﻳﻞ ﺟﺴﻤﺎﻧﻴﺎً ،وﻟﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﺻﻮت ﺷﺪﻳﺪ وﻟﺴﺎن ﺑﺬيء. وﻫﻲ ﺗﻀﺮب ﻟﻠﺬ ّم.
إﺷﺮاﻗﺎت
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
107
ﻗﺎت إﺷﺮاﻗﺎت
أدب اﻟﻄﻔﻞ، اﻟﻮاﻗﻊ وﺗﺤﺪﻳﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ د .ﺳﻬﻴﺮ اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ@
ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷدﺑﻲ ﻳﺆرخ ﻟﻈﻬﻮر أدب اﻟﻄﻔﻞ اﺑﺘﺪا ًء ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻣﻊ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻛﺘﺎب »ﺧﺮاﻓﺎت إﻳﺴﻮب« 1484م ،إﻻ أﻧﻨﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ أن أدب اﻟﻄﻔﻞ ﻣ ﱠﺮ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﺷﺘﱠﻰ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﻜﻦ ﺑﻴﻦ دﻓﺘﱠﻲ اﻟﻜُﺘﺐ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ ،وﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ اﻵﺳﺮة ،واﻟﺘﻲ ﻧﻬﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻷدﺑﺎء وﻣﺎ زاﻟﻮا ﻳﻨﻬﻠﻮن ﻣﻨﻬﺎ اﻵن ﻟﻴﻜﺘﺒﻮا أدﺑًﺎ ﻏﺎرﻗﺔ ﺟﺬوره ﻓﻲ أزﻣﻨﺔ ﺑﻌﻴﺪة .ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أﻳﻀً ﺎ أن ﻧﺬﻫﺐ ﺑﻌﻴ ًﺪا وﻧﺘﺼﻮر أن أدب اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺪأ ﻣﻊ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺒﺪاﺋﻲ اﺑﻨﻪ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺘﻪ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﺻﻄﻴﺎدﻫﺎ ،وأﻧﻮاع اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻈﻠﻮن ﺑﻈﻠﻬﺎ وأﻳﱡﻬﺎ ﻳﺆﻛﻞ وأﻳﱡﻬﺎ ﻳُﺴﺘﺨﺪم ﻷﻏﺮاض أﺧﺮى ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران اﻟﻜﻬﻮف ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺣﺠ ٍﺮ ﺑﺪاﺋﻲ ﺣﻴﻦ ﻛﺎن ﻳﺴﻜﻦ اﻟﻜﻬﻮف. وأدب اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ أﺻﻌﺐ أﻧﻮاع اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻤﻦ اﻟﺸﺎﺋﻊ ﻛﻞ اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب :أن ﻛﺎﺗﺐ اﻷﻃﻔﺎل ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ ﻗﻠﺐ ﻟﺪى ّ ﻃﻔﻞ وﻋﻘﻞ ﺷﻴﺦ ﺣﻜﻴﻢ. ﻓﻔﻲ اﻟﻌﻤﻮم ﻳﺘﻮق أدب اﻟﻄﻔﻞ أن ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﺪوره اﻹﺑﺪاﻋﻲ واﻟﺘﺮﺑﻮي ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ وﺟﺪان اﻟﻄﻔﻞ ،وﺗﻨﺒﻊ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻷﻫﺪاف ﻓﻲ ﺗﺒﺎﻳﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻤﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﻳﺘﻢ ﻏﺮس ﻗﻴﻢ اﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺠﺬوره ،واﻟﺰﻫﻮ ﺑﻤﻔﺮدات ﺑﻴﺌﺘﻪ وأﻟﻮاﻧﻬﺎ وﺳﻤﺎﺋﻬﺎ وأرﺿﻬﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻏﺮس ﻗﻴﻢ اﺣﺘﺮام اﻻﺧﺘﻼف ﻣﻊ اﻵﺧﺮ وﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺤﺒﺔ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼف واﻟﺤﻮار ﻣﻌﻪ ،وﻏﺮس ﻗﻴﻢ اﻟﻨﺨﻮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺬود ﻋﻦ أرض اﻷﺟﺪاد ،وﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻏﺮس ﻗﻴﻢ اﻟﺴﻼم واﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﻮب، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻧﻄﻼق اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ آﻓﺎق أرﺣﺐ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن. وﺻﺤﻴﺢ أنﱠ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻳﺆرﺧﻮن ﻟﻸدب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﺑﺘﺪا ًء ﻣﻦ ٌ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ــ أي ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻧﺸﺮ ﻣﺸﺮوع راﺋﺪ 106
أدب اﻟﻄﻔﻞ ،اﻟﻮاﻗﻊ وﺗﺤﺪﻳﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
أدب اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻤﺼﺮي »ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻜﻴﻼﻧﻲ« )1897ــ (1959ــ وﻟﻜﻦ وﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﻛﺎن ﻷدب اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﺷﻜﺎل أﺧﺮى ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ، واﻟﻤﻼﺣﻢ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﺗﺒﺴﻴﻄﻬﺎ ﻟﻸﻃﻔﺎل وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺤﻴﻮان واﻷﻓﻼك ،ﺑﻞ اﻟﺠﻤﺎد أﻳﻀً ﺎ ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮر اﻹﺳﻼم ،واﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺮددﻫﺎ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ أﻏﺮاض أدب اﻟﻄﻔﻞ آﻧﺬاك ،وﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر اﻹﺳﻼم ﺗﺆدي ﱠ ﺻﺎر اﻷﻣﺮ أﺳﻬﻞ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ ﺗﺮﺑﻮﻳٍّﺎ أﻓﻀﻞ ،وﻛﺎن ﻳُﺴﺘﻘﻲ اﻷدب ﻣﻦ ﺗﺒﺴﻴﻂ اﻷﺟﺪاد واﻵﺑﺎء ﻟﻸﺻﻮل اﻟﻜﺒﺮى ﻣﺜﻞ :ﻗﺼﺺ اﻷﻧﺒﻴﺎء وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻠﻮك واﻷﻣﻢ واﻷﺷﻌﺎر ذاﺋﻌﺔ اﻟﺼﻴﺖ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮي ﻗﺼﺺ اﻟﻌﺸﻖ اﻟﻌﺬري اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮة وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻷواﺋﻞ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﻦ ،ووﺻﺎﻳﺎ اﻟﺤﻜﻤﺎء، وﻗﺼﺺ ﺻﻌﻮد أﺑﻄﺎل ﺧﺎﻟﺪﻳﻦ ،وﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻼﻣﺤﻬﻢ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻫﻢ ِﺻﻐﺎر ،وﻗﺼﺺ اﻟﺤﻴﻮان ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،وﻗﺼﺺ أﻣ ﱟﻢ ﻃﻐﺖ ﻓﻌﺼﻒ اﻟﻠﻪ ﺑﻤﻤﺎﻟﻜﻬﻢ. إذًا واﺑﺘﺪا ًء ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺑﺪأ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺻﻨﺎﻋﺔ أدب اﻟﻄﻔﻞ :ﺗﺄﻟﻴﻔًﺎ وﻧﺸ ًﺮا وﺗﻄﻮﻳ ًﺮا ،ﻓﺘﻄﻮر أدب اﻟﻄﻔﻞ :اﺑﺘﻜﺎ ًرا وﺗﺮﺟﻤﺔ، وﺗﻌﺪدت أﻧﻮاﻋﻪ وﻣﺬاﻫﺒﻪ ،وﺑﺰﻏﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء ﻣﻨﻬﺎ :ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﺷﻠﺒﻲ وﻋﻄﻴﺔ اﻟﺒﺮاﺷﻲ وﻣﺤﻤﻮد زﻫﺮان وأﻣﻴﻦ دوﻳﺪار ،ﺛﻢ ﻟﺤﻖ ﺑﻬﻢ أﻣﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮاء »أﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ« ﻟﻴﻜﺘﺐ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،وﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ ﺑﺰغ ﻧﺠﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﺤﻴﺪري وﻧﺼﺮت ﺳﻌﻴﺪ ورﺿﺎ ﺻﺎﻓﻲ، وﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﻛﺎن اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﻋﻦ وﺿﻊ ﻛﺘﺐ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﻤﺪرﺳﻴﺔ. وﻣﻊ اﻷﺳﻒ ﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا أﺣ ﱡﺪ اﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ ﻟﻴﺠﻤﻌﻬﺎ وﻳﻌﻴﺪ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺪﻳﺚ وﺗﺘﻢ إﺿﺎﻓﺘﻬﺎ ﻷرﻓﻒ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
أﻳﺎم زﻣﺎن
ج :ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎت ﻋﺎم 1950أي ﻋﺎم 1959ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً.
اﻟﻨﻬﻢ وأﺳﻤﺎك اﻟﺒﺤﺮ!
س :ﺗﺬﻛﺮون ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻋﻦ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ ﻟﻲ ﺗﻢ ﻫﺬا اﻟﻠﻘﺎء ﻣﻊ اﻟﻮاﻟﺪ ﻛﻠﻬﻢ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺜﻞ اﻟﻴﺮﻳﻮر وإﻻ س :ﻟﻴﺶ ودّرت اﻟﻐﻮص؟ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻼل اﻟﺪرﻣﻜﻲ ﻏﻴﺮه؟ ج :أول ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻐﻮﺻﻮن ﻣﻌﻲ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﺒﺎرك ج :ﻣﻮﺟﻮده ﻫﺬي اﻟﺨﺮارﻳﻒ ،ﺑﺲ ﺗﺒﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ م، 2000 ﻋﺎم وﺑﺨﻴﺖ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻠﻲ ﻫﻮ ﻣﺒﺎرك ﺗﻮﻓﻲ وﻗﺖ ﻏﻴﺮ ،وﻧﺤﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ »اﻟﻨﻬﻢ« أﻛﺒﺮ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﻌﺎرك اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ،اﻟﻌﻴﻦ ﺑﺈﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺳﻤﻚ ﻳﺒﻠﻊ ﻣﺎ ﻳﺎﻛﻞ ﻳﺼﺮط اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻌﺎدي وﺑﺨﻴﺖ ﻫﻠﻚ ﻋﻄﺶ وﻫــﻮ ﻃﺎﻟﻊ ﻣﻦ ﻳﺒﻠﻖ ﺣﻠﺠﻪ ﻳﺤﻂ ﻓﻚ واﺣﺪ ﻓﻮق وواﺣﺪ اﺑﻮﻇﺒﻲ ﻳﺒﻲ اﻟﻌﻴﻦ ﺿﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻮع وﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻤﻚ ﻟﻴﻦ ﻳﻨﺘﺮس ﻗﻴﻆ وﺗﻮﻓﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻔﺮق ﻳﻮم ﻛﻈّﻪ اﻟﻌﻄﺶ ﺑﻄﻨﻪ ،وﻳﻄﺒّﻖ ﺣﻠﺠﻪ وﺗﺼﻴﺮ دﺧﺎﻧﻪ ﻛﺒﻴﺮة ودﻓ ّﻨﺎه ﻫﻨﺎك .وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺮﻛﺖ اﻟﻐﻮص وﻳﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻛ ّﻨﻪ ﻣﺪﻓﻊ ،وﺗﻘﻮل اﻟﺒﺤﺎرة ﻫﺬاك ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﻮخ ،ﻋﻨﺪ زاﻳﺪ اﻟﻠﻪ ﻳﺮﺣﻤﻪ وﺗ ّﻤﻴﺖ ﻋﻨﺪه وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ »ﻧﻬﻢ« ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ و»اﻟﻨﻬﻢ« ﻛﺒﻴﺮ واﻳﺪ ذﻳﻠﻪ ﻫﻨﺎ وراﺳﻪ ﻫﻨﺎك وﻳﻮم اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻠﻪ ﻳﻄ ّﻮل ﻋﻤﺮه ﻟﻴﻦ اﻟﺤﻴﻦ. ﻳﺸﻮﻓﻮﻧﻪ اﻟﺒﺤﺎرة ﻳﺘﺤﺮ ّوﻧﻪ »ﺣﺎﻟﻪ« أي ﺑﺮ ﻣﻦ ﻛﺒﺮه وﻳﻮم ﻳﺘﻨﻔﺲ ﺗﻘﻮل دﺧﺎن ﻳﻄﻠﻊ ﻣﻨﻪ وﻫﻮ ﻓﻘﻂ ﻳﺎﻛﻞ اﻟﺴﻤﻚ. س :ﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﺣﺎدﺛﺔ ﻟﻠﻐﻮاﺻﻴﻦ ﻣﻊ اﻟﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ؟ وﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺨﻄﻴﺮة ﺑﻌﺪ اﻟﺪﻏﺲ وﻓﻴﻪ ﺑﻘﺮ اﻟﺒﺤﺮ ج :ﻧﺤﻦ ﻣﺎ ﻛﺪ ﺻﺎر ﻋﻨﺪﻧﺎ ،ﺑﺲ ﻳﺨﺒﺮوﻧﺎ ﻫﻞ دﺑﻲ أن ﺣﺪ ﻣﻦ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻐﺚّ ،ﻳﻐﺚّ اﻟﻴﺮﻳﻮر واﻟﺬﻳﺐ واﻷﻗﺮن واﻟﺠﺮﺟﻮر اﻟﺠ ّﺮاح ﻳﻘﺺ اﻵدﻣﻲ ﻗﺼﺘﻴﻦ ،ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻊ اﻟﻐﺎﺻﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﻄ ّﺮب ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻨﺰ ﺑﺴﺒﺐ ﻛﻔﺨﺔ ﻋﻔﺮﻳﺖ ،وﻳﺴ ّﻤﻮﻧﻪ »ﻗﺼﻘﻮص« وﻫﺬا ّ ﻳﻘﺼﻬﺎ .وان ﻳﺘﻢ داﻟﻊ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺑﻄﻮﻟﻪ وﻳﻄﻠّﻌﻮﻧﻪ ع اﻟﻤﺤﻤﻞ وﻳﺠﻴﺒﻮن ﻟﻪ ﻣﻄﻮع ﺑﺲ ﻳﻀﺮﺑﻚ ﻗﺺ .إذا ﺿﺮﺑﻚ ﻓﻲ رﻳﻠﻚ ّ وﻳﻘﺼﻚ ّ ّ اﻟﻴﺰوة ﻳﻘﺮأ ﻋﻠﻴﻪ وﻳﺪﺧّﻨﻮﻧﻪ ﺧﻴﺎس ﻣﺜﻞ اﻟﺨﻴﻞ ﻟﻴﻦ ّ ﻧﺼﻚ ﻗﻄْﻌﻚ ،وﻫﺬا اﻟﻘﺼﻘﻮص ﺷﺎرﺑﻪ اﻟﻌﻠﻮي زاﻳﺪ ﻳﺨﻒ ،ﺿﺮﺑﻚ ﻓﻲ ّ وﻫﺬا ﻋﺎدي ﻷن اﻟﻐﻴﺺ داﻳﻢ ﻣﻌ ّﺮض ﻟﻠﺨﻄﺮ أﻣﺎ اﻟﺴﻴﺐ ﻓﻼ .ﻋﻦ ﺷﺎرﺑﻪ اﻟﺴﻔﻠﻲ ،ﺑﺮﻃﻤﻪ ﻟﻲ ﻓﻮق زاﻳﺪ ﺷﺮات اﻟﺸﻴﻮل ﻣﺜﻞ ﺣﺪ اﻟﺴﻜﻴﻦ ،وﻳﻀﺮب وﻫﻮ ﻣﺴﻠﻘﺎي ،ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻨﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺸﺎرع وﻳﺠﻴﻚ س :ﻣﺎ ﺗﺴﻮﻟﻔﻮن وﺗﻘﻮﻟﻮن ﺣﻜﺎﻳﺎت واﻧﺘﻮا ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ؟ وﻳﻘﺼﻚ ﻣﺴﻠﻘﺎي ﺑﻄﻨﻪ ﻓﻮق وﻇﻬﺮه ﺗﺤﺖ وﻳﻄﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﺮﻋﺔ ّ ج :ﻫﻴﻪ ﻳﺴ ّﻮون ﺳﻮاﻟﻒ وﺧﺮارﻳﻒ وﻳﺘﻜﻠّﻤﻮن ﻋﻦ اﻟﻠّﻲ ﻣﻀﻰ وﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﻀﺮﺑﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺳﻨﻴﻦ وﺗﻠﻘﻰ ﻛﻞ اﺛﻨﻴﻦ ﻳﺴﻮﻟﻔﻮن رﺑﺎﻋﻪ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻳﻄﺮون اﻷﻫﻞ واﻟﺒﻼد واﻟﻘﻴﻆ وﻳﺒﺎﺗﻮن ﻳﺴﻮﻟﻔﻮن ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﻟﻠﻴﻞ. ﺗﻮﺛ ﻴﻖ اﻟ اﻟﺸ ﺘﺮاث ا 9ﻔﻬﻲ ﻣﺎ راﺗﻲ
أﻳﺎم زﻣﺎن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
105
ﺳﺎﻟﻔﺔ اﺑﻦ اﻟﻌﻔﻴﻨﺔ! وﻫﻨﺎك ﺳﺎﻟﻔﺔ ﻋﻦ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ ﺳﺄﻟﻮه ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻷﻧﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ أﻧﺖ ﻣﻨﻮه؟ ﻗﺎل ﻟﻬﻢ أﻧﺎ »وﻟﺪ اﻟﻌﻔﻴﻨﻪ« ،وﻗﺎﻣﻮا ﻳﺰﻗﺮوﻧﻪ وﻟﺪ اﻟﻌﻔﻴﻨﻪ ،وﻟﺪ اﻟﻌﻔﻴﻨﻪ. وﻫﻮ ﻳﺘﺠﺎوب وﻳﺎﻫﻢ ﻟﻴﻦ ﻛ ّﻤﻠﻮا أرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ وﻗﻔّﻠﻮا وردّوا اﻟﺒﻼد ،وﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﺷﺎﻓﻪ واﺣﺪ ﻣﻦ رﺑﺎﻋﺘﻪ ﻟﻲ ﻛﺎﻧﻮ ﻣﻌﺎه ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ،ﺿﺎرب ﺑﺎﻟﺨﻨﺠﺮ واﻟﻜﻨﺪوره اﻟﻤﺼﺒﻮﻏﺔ وﻷﻧﻪ ﻳﺘﻤﺮﻳَﺢ ﺑﺎﻟﺨﻨﺠﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ،ﻓﻨﺎداه وﻟﺪ اﻟﻌﻔﻴﻨﻪ ،وﻟﺪ اﻟﻌﻔﻴﻨﻪ ،واﻟﺘﻔﺖ ﻋﻠﻴﻪ وﺟ ّﺮ اﻟﺨﻨﺠﺮ وﻗﺺ ﻟﻪ إﻳﺪه ﺑﻬﺎ .ﻓﻔﺰﻋﻮا اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻪ ،وش ﻳﺎك ،وش ﻳﺎك ﻓﻼن ،ﻗﺎل ﻟﻬﻢ »وﻟﺪ اﻟﻌﻔﻴﻨﻪ ﻳﻮم أﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ .وﻳﻮم أﻧﺎ ﻫﻨﺎ أﻧﺎ وﻟﺪ ﻓﻼن ﺑﻦ ﻓﻼن«. ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﺰﻗﺮوﻧﻚ ﺣﻤﺎر ،ﻛﻠﺐ ،ﺗﻘﻮل إن ﺷﺎء اﻟﻠﻪ وﻫﻲ ﻧﻌﻢ .واﻟﻠﻪ ﺷﺮا ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ﺧﺪﻣﺔ ﺟﻴﺶ، ﺳﻴﺪي ،ﻋﻤﻲ ،ﺣﺎﺿﺮ ،ﻫﻴﻪ واﻟﻠﻪ ،ﻣﺎ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻟﻮ واﺣﺪ ﻣﺎ ﻳﺴﻮى ﺷﻲء ﺑﻴﺎﻣﺮ ﻋﻠﻴﻚ وﻻزم ﺗﺨﺪﻣﻬﻢ ﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪر ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﺨﺪم ﻧﻔﺴﻚ ،وﺑﻌﺪ اﻟﻐﻮص ﺧﻼص ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺗﻼﻗﻲ اﻟﻨﻮﺧﺬا ﺗﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺴﻠّﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﻣﺎﺗﺤﺴﺐ ﻟﻪ ﺣﺴﺎب ﻻﻧﻚ ﺧﻼص ﻣﺐ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ.
104
اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺪرﻣﻜﻲ
اﻟﺮﻳّﺎل وﺷﺮد ﻋﻨﻬﻢ وﺑﺎت ﻳﺴﺒﺢ ﺑﺤﺮ ع ﻃﻮل اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻠﻪ ﺳﻠّﻤﻪ ﻣﻦ اﻟﻴﺮﻳﻮر وﻣﺎ ﻳﺎه ﺷﻲ ﻟﻴﻦ ﻻث ﻋﻠﻰ »ﻳﺰﻳﺮه« واﻟﺼﺒﺢ ﺧﻄﻒ ﻋﻠﻴﻪ راﻋﻲ ﻣﺤﻤﻞ ﻟﻲ ﻳﺒﻴﻊ ﺣﻄﺐ وﻣﺎء وﻋﻴﺶ وﻳﺴ ّﻤﻮﻧﻪ »ﻣ ّﺰار« أو ﺑ ّﻴﺎع ،وﺷﻠّﻪ وﻳﺎﺑﻪ أﺑﻮﻇﺒﻲ .وﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ و ّدوه أﻫﻠﻪ ﻟﻠﺸﻴﺦ »ﺷﺨﺒﻮط« اﻟﻠﻪ ﻳﺮﺣﻤﻪ وﺧ ّﺒﺮوه ﺑﺎﻟﺴﺎﻟﻔﺔ وﻃ ّﺮش ﻟﻪ ﻟﻨﭻ وﻳﺎﺑﻮه وﺣﺒﺴﻮه وﻟﻌﻮزوه أدب وﻧﻜﺎل ﻟﻪ ،اﻟﻨﻮاﺧﺬه ﻓﻲ ﻣﻨﻬﻢ زﻳﻦ وﻣﻨﻬﻢ ﺷﻴﻦ. س :ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ أﺣﺪاً ﻣﻦ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ أو ﻏﻴﺮﻫﻢ ﺻﺎﺑﺘﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ؟ ج :ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﺣﺪ ﻳﻘﺪر ﻳﻔﻜّﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ وﻳــﻮ ّدر اﻟﺸﻐﻞ ﻻزم ﻳﺸﺘﻐﻞ وﻳﺘﺮك ﻋﻨﻪ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ .ﻣﺎ ﻳﻘﺪر ﻻزم ﻳﺘﻘ ّﻮى وﻳﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﺑﺎﻟﺸﻐﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻣﺎ ﻳﺮوم ﻷﻧﻬﻢ ﺑﻴﻀﺤﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻳﻘﻮل ان وﻟﻬﺎن ﻋﻠﻰ أﻫﻠﻲ ،ﻻزم ﻳﺴﻜﺖ وﻳﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺘﺤ ّﻤﻞ ﻛﻞ اﻟﺘﻌﺐ واﻻﻫﺎﻧﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﻮﺧﺬا. س :ﻣﺘﻰ وﻗﻔﺖ ﻋﻦ اﻟﻐﻮص اﻟﻮاﻟﺪ ﺑﻼل؟
أﻳﺎم زﻣﺎن
ﻣﻦ ﻏﺎﺻﺔ وﺳﻴﻮب وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻟﻴﻦ ﻳﺮﻛﺒﻮن وﺑﻌﺪﻳﻦ وادع اﻟﻨﻮﺧﺬه ﻟﺤﺠﻚ وﻳﻨﺘﺸﺮ اﻟﺨﺒﺮ أن ﻓﻼن ﺷﺮد. وﻓﻲ ﺳﺎﻟﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ »ﻳﻮﻳﻬﺮ« ﻳﻮم ﻛﺎن ﻳﺴﻴﺮ اﻟﻐﻮص وﻃﻠﻊ أﻫﻠﻪ ورﻛﺐ وﻣﻦ ﻳﺮﻛﺐ اﻟﻨﻮﺧﺬا ﺧﻄّﻔﻮا ﻋﻠﻰ ﻃﻮل وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﻄﻊ وﻃﺎح »اﻟﺴﺒﺨﻪ« ،ﺷﺎرد وﻃﻠﻊ ﻣﻨﻬﺎ أرﺳﻠﻮا ﻟﻪ َ 3ﻏ ْﺮﻓَ ْﻮا اﻟﻐﺪاء ،وﺗﻐ ّﺪوا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻤﻞ .وﻫﺬاك اﻟﻐﺪاء اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻧﻬﺎر ﺣﺼﻠ ْﻮا داﻧﻪ وإﻻ ﺣﺼﺒﺎه ﺑﻌﺪﻳﻦ ﻧﻮﻗﺎت ﺑﺮﻳﺎﻳﻴﻠﻬﻦ ،وﺣﺎﻃﻮا ﺑﻪ وﻣﺴﻜﻮه وﻛﺎن ﻣﺸّ ﺎي ﻓﻘﺎل: »اﻟﺨﻄﻔﻪ« ﻣﺎ ﺷﻲ ﻏﻴﺮه ،إﻻ إذا ّ وﻫﻢ ﻳﻐﻮﺻﻮن ﻓﻴﺴﻮون ﻋﺼﻴﺪه وإﻻ ﺧﺒﻴﺼﻪ وإﻻ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ ﻟ ْﺤﺠﻮا ﻫﻞ ﺑﻮ اﻟﻄﻼﻳﺐ ﻓﺮﺣﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪاﻧﻪ وﻳﺎﻛﻠﻮن ﻣﻊ ﺑﻌﺾ. وآروﺣــــﻪ وآﺷﻘـــــﺎه ﻣﺎ ﻣﻦ ﺻــــﺪﻳ ٍﺞ ﺛﺎﻳﺐ ّ ﺧــــــﻼن اﺻﺪﻗﺎه ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﺧﺬة واﻟﻴﺰوة س :ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻨﻮﺧﺬه ﻟﻴﺰوة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ؟ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة..وزﺧّﻮه ور ّدوه اﻟﺒﻼد. ج :ﻓﻲ ﻧﻮاﺧﺬة ﻋﻨﺪﻧﺎ واﻳﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺎﺳﻴﻴﻦ ع اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ واﺣﺪ ﻛﺎن ﻓﻲ »دﻳﺮه« أﻧﺎ ﺑﺮوﺣﻲ ﻣ ّﺪﻳﺖ وﻳﺎه ،وواﺣﺪ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻲ س :أول ﻳﻮم ﻳﺮﻛﺒﻮن اﻟﻤﺤﻤﻞ ﺳﺎﻳﺮﻳﻦ ﺑﺤﺮ ﻣﺎ ﻳﺴ ّﻮون ﻟﻬﻢ ﻣﺜﻼً اﺑﻮﻇﺒﻲ وﻓﻴﻪ واﺣﺪ اﺳﻤﻪ ﻋﺘﻴﺞ .ﻫﺬﻳﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ رﺣﻤﻪ اﺣﺘﻔﺎل أو ﺗﺮﺣﻴﺐ أو ﻏﻴﺮه؟ ع اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ واﻟﺴﻴﻮب .ﻛﺎن اﻟﻐﻴﺺ ﻳﻮم ﻣﺎ ﻳﻘﺪر ﻳﻐﻮص ﻋﻠّﻘﻮه ج :ﻻ ﻣﺎ ﺷﻲ اﺣﺘﻔﺎل ،اﻟﻜﻞ ﻳﺮﻛﺐ اﻟﻤﺤﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﺰوة .ﻳﻜﻮن ﻟﻴﻦ اﻟﻤﻐﺮب وﻳﺘ ّﻢ ﻣﻌﻠّﻖ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻮ ّدن وﻣﻦ ﻳﺮﻛﺒﻮﻧﻪ اﻟﻤﺤﻤﻞ ﻳﻮﺳﻤﻮﻧﻪ وﻳﺤﺮﺟﻮﻧﻪ ﻣﻦ أﻏﺮاﺿﻚ وﻗﺸﺎرك وﺣﺼﻴﺮك ﻗﺒﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻤﻞ وﺷﻐﻠﻚ ﻛﻠّﻪ ﻓﻲ ﻗﺎل ﺣ ّﻂ »اﻟﻤﺤﻮر« ﻓﻲ اﻟﻀﻮ وﻳﻘ ّﻴﻠﻮن ّ اﻟﻤﺤﻤﻞ .واﻟﻨﻮﺧﺬا وﻋﻴﺎﻟﻪ واﻗﻔﻴﻦ ع اﻟﺴﻴﻒ ﻳﺮاﻗﺒﻮن اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻀﻮ ﻟﻴﻦ ﻳﻬﻠﻚ وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻤﻮﺗﻮن وﻳﻌﻘّﻮﻧﻬﻢ ﺑﺤﺮ .ﺑﺲ ﻓﻴﻪ ﻧﻘﻄﺔ إذا ﻛﺎن ﻳﺰوة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻓﻴﻬﻢ رﺟﺎل ﻫﺎﺑّﻴﻦ رﻳﺢ ،ﺗﺮى ﻫﺬﻳﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﺿﻮن ﺑﻠّﻲ ﻳﺴ ّﻮﻳﻪ اﻟﻨﻮﺧﺬا ﻓﻲ رﺑﺎﻋﺘﻬﻢ وﻳﻮﻗﻔﻮن وﻗﻔﺔ وﺣﺪه وﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷﻧﻬﻢ رﺑﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘﻤﻮن ﻣﻨﻪ ،أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻋﻨﺪه ﻳﺰوة ﺿﻌﺎف ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻠﻌﻮزﻫﻢ وﻳﺴ ّﻮي ﻓﻴﻬﻢ ﻟﻲ ﻳﺒﺎه. ﻗﺼﺔ ﺑﺎﻟﺨﻀﺮا واﻟﻐﻴﺺ
س :اﻧﺰﻳﻦ ﻳﻮم ﻳﺮدّون ﻣﻦ اﻟﻐﻮص ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ؟ ج :ﻳﺸﺘﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ إذا ﻟ ْﻌﻮﻮز ﺣﺪ وإﻻ ﻋﻖ ﺣ ّﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ. »ﺑﺎﻟﺨﻀﺮا« ﻋﻖ واﺣﺪ ﺑﺤﺮ ،وﺷﺎﻓﻪ واﺣﺪ ﻋﻨﺪه »ﻣﺮزاه« وﻫﻲ ﻣﺤﻤﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻳﺒﻴﻊ ﺣﻄﺐ وﻣﺎء ﻟﺴﻔﻦ اﻟﻐﻮص ،وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻐﻴﺺ ﻩ ،وﻗﺎل ﻟﻪ »ﺑﺎﻟﺨﻀﺮا« إذا ﻣﺎ ﻏﺼﺖ ﻣﻨﻄﺮﻩ، ﻣﺎ ﻳﻘﺪر ﻳﻐﻮص أذﻧﻪ ﻣﻨﻄ ّﺮﻩ ّﻚ ﺑﺤﺮ ،وﺧﺎف ﺑﺎﭼﺮ ﺑﺮﺑﻂ ﺣﺼﺎه ﻓﻲ رﻳﻮﻟﻚ وﺑﻌ ّﻘﻚ
ﺗﻮﺛ ﻴﻖ اﻟ اﻟﺸ ﺘﺮاث ا 9ﻔﻬﻲ ﻣﺎ راﺗﻲ
أﻳﺎم زﻣﺎن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
103
ﺧﺬ م اﻟــــﻴﻮش اﺗْﻐﻤﻴﺮه ﻳـــﺎ واﻟـــﻲ اﻟﺴـــــﻜّﺎن ﺧــــــﻠﻨﺎ ﻧـﺸﻮف اﻟﺪﻳﺮة ﻣــــــﻦ دام ﻟـﻬﺎ ﺑﻴـــﺎن ﺳـــــﻘﺎك اﻟﻠــﻪ »ﻳﺰﻳﺮة« ﻛـــــــﻞ أﻣﺎ ﻳــــﺎ زﻣـﺎن ّ ﻣـﻦ ﻫـــــﻤﻠﻮلٍ ﻗــﻄﻴﺮه ﺳـــــﺎل وﺟـــﺮى ﻏﺪران واﻟﻴﺰﻳﺮة ﻳﻘﺼﺪ »ﺑﻮﻇﺒﻲ« ﻣﺴﺎﻛﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ
س :ﺗﻘﺪر ﺗﻘﻮل ﻟﻲ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة اﻟﻠّﻲ ﻛﻨﺘﻮا ﺗﻌﺎﻧﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن؟ ج :ﻣﺴﺎﻛﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻳ ّﻤﺪون اﻟﻐﻮص وﻳﺘ ّﻤﻮن ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ﻳﺸﺘﻐﻠﻮن وﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻳﺮﻗﺪون ﻋﻠﻰ اﻟﻤ ّﺤﺎر وﺗﺸﻮف ﻛﻞ اﺛﻨﻴﻦ راﻗﺪﻳﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ وﻳﺒﺎﺗﻮن ﻳﺴﻮﻟﻔﻮن
102
اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺪرﻣﻜﻲ
وﻳﺘﺼﺎﺻﺮون رﺑﺎﻋﻪ ،ﻳﻄﺮون أﻫﻠﻬﻢ وﻋﻴﺎﻟﻬﻢ وﻳﺒﺎﺗﻮن ع ﻃﻮل اﻟﻠﻴﻞ ﻛﺘﺎ ﻛﺖ ﻛﺖ وﻳﻄﺮون ﺳﻮاﻟﻒ ﺑﻼدﻫﻢ وﻳﻘﺼﺮون اﻟﻠﻴﻞ ﺑﻬﺬي اﻟﺴﻮاﻟﻒ وﻻ ﻳﺴﻤﻌﻬﻢ اﻟﻨﻮﺧﺬا ﻋﺸﺎن ﻣﺎ ﻳﻔﺘﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷﻧﻪ ﻳﺒﺎﻫﻢ ﻳﻨﺸﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﺒﺢ ﻋﺸﺎن ﻳﺸﺘﻐﻠﻮن. ﻗﺼﺺ اﻟﻬﺮوب
س :ﻫﻞ ﺻﺎدﻓﻜﻢ أن أﺣﺪ اﻟﻐﺎﺻﺔ أو أي ﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻴﺰوة ﺷﺮد ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻊ ﻣﻊ ﻳﺰوة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻣﺜﻼً ﻳﻐ ّﻴﺮ راﻳﻪ وﻳﺸﺮد؟ ج :واﻳﺪﻳﻦ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮ ،ﻳﻮم ﻳﺎﺧﺬ »اﻟﻘﻮاض« ﻗﺒﻞ اﻟﺴﻔﺮ ﺑﻌﺸﺮة أو ﺗﺴﻌﺔ أﻳﺎم ،ﻳﺸﺘﺮي ﻟﻌﻴﺎﻟﻪ ﻋﻴﺶ وﻃﺤﻴﻦ وﻗﻬﻮة وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺒﻮﻧﻪ، ﻳﺴﺘﺎﺟﺮ ﻟﻪ ﺟﻤﻠﻴﻦ أو ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو وﻳﺤ ّﻤﻞ أﻏﺮاﺿﻪ ﻣﻦ ﻋﻴﺶ وﻃﺤﻴﻦ وﻳﻜﻮن ﻛﻞ ﺟﻤﻞ إﺟﺎره 2روﺑﻴﺔ أو 3رﺑﻴﺎت وﻳﻮم ﻳﻌﺮف أﻧﻬﻦ وﺻﻠﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺜﻼً اﻟﻌﻴﻦ ،ﻳﺸﺮد ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻣﺸﺎي .إذا ﻃﺎف ﻣﻦ اﻟﻤﻘﻄﻊ وﻫﻢ رﻗﻮد واﻟﺒﺤﺮ ﺛﺒﺮ ،ﺗﻲ ﺗﺤﺖ اﻟﺒﺮي إذا ﻧﺎدوا ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺤﺮاس وﺷﺎﻓﻮك ﻣﺴﻜﻮك واﻛﺘﺸﻔﻮك .وإذا ﻣﺎ ﻣﺴﻜﻮك ﺣﻆ وﻧﺼﻴﺐ ،ﺗﺎﺧﺬ 3أﻳﺎم ﻣﺸﻲ ﻟﻴﻦ ﺗﻮﺻﻞ ﻷﻫﻠﻚ وﻻ ﺣﺪ
أﻳﺎم زﻣﺎن
أﻳــﺎم ،ﻳﺠﻴﺒﻮن ﻟﻬﻢ ﻗﺼﻴﺮﺗﻬﻢ ﻟﻲ ﻳﻘﺪروﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻴﺶ وﻗﻬﻮة وﻃﺤﻴﻦ وﺗﻤﺮ ﻷﻧﻬﻢ ﺑﻴﻄ ّﻮﻟﻮن ﻫﻨﺎك ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 4ﺷﻬﻮر وﻳﺤﻄّﻮﻧﻪ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ .واﻟﺤﺮﻣﺔ راﻋﻴﺔ اﻟﺒﻴﺖ إذا ﻫﻲ ﺗﻘﺪر ﺗﺪﺑّﺮ ﺣﺎﻟﻬﺎ وﺗﺮوح اﻟﺴﻮق وﺗﺸﺘﺮي اﻟﻘﺎﺻﺮ ﻣﺜﻼً ﻣﻦ ﺳﻮق أﺑﻮﻇﺒﻲ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ أو ﺳﻮق اﻟﺒﺮﻳﻤﻲ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ .وإذا ﻛﺎن وﺻﻮا وﻻ ر ّدوا! ﻋﻨﺪﻫﺎ وﻟﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻳﻜﻔّﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﻳﺸﺘﺮي ﻟﻠﺒﻴﺖ اﻟﻘﺎﺻﺮ ،وﻫﺬا ﻛﻼم ﻧﺎس ّ ﻃﺒﻌﺎً ﻛﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﺴﻴﺮون اﻟﺮﻳﺎﻳﻴﻞ اﻟﻐﻮص. ﻳﻮﺻﻲ ،اﻟﻮﺻﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﻣﺎ س :ﻫﻞ اﻟﻐﻴﺺ ّ ﺑ ْﻴﺮ ّد وﻳﻤﻜﻦ ﻳﻤﻮت ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ؟ ﻳﻮﺻﻲ وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ دﻳﻦ ،ﻣﺜﻼً ﻓﻼن ﻳﻄﻠﺒﻨﻲ اﻟﻘﻮاض واﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ج :ﻻزم ّ س :ﻫﻞ ﻫﺬا اﻟﻐﻴﺺ ﻳ ْﺘﺴﻠّﻒ ﻣﻦ ﺣﺪ ﻋﺸﺎن ﻳﻮﻓّﺮ »ﻣﻴﺮ« ﻋﻴﺎﻟﻪ ﻫﺎﻟﻜﺜﺮ ،وﻓﻼن أﻃﻠﺒﻪ ﻫﺎﻟﻜﺜﺮ واﻋﻄﻮه وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ. وﺻﻮا وﻻ ردّوا؟ ﺧﻼل ﻏﻴﺎﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص؟ س :ﻫﻞ ﺣﺼﻞ أن ﻫﻨﺎك ﻓﻌﻼً ﻧﺎس ّ وﺻﻮا وﻻ ر ّدوا ،ﻛﺜﻴﺮ ﻳﻤﻮﺗﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ، ج :أﻛﻴﺪ ﻳﺘﺴﻠّﻒ ﻷن اﻟﻨﺎس ﻛﻠﻬﺎ ﻋﺎﻳﺸﺔ ﻓﻲ ﻓﻘﺮ ،وﻳﺴﻤﻮن ج :واﻳﺪﻳﻦ ،ﻓﻲ ﻧﺎس ّ ﻳﻮﺳﻤﻮﻧﻬﻢ وﻳﻠﻌﻮزوﻧﻬﻢ ﻟﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻒ »ﻗﻮاض« ،وﻳﻜﻮن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻧﻮﺧﺬا اﻟﻤﺤﻤﻞ اﻟﻠّﻲ ﻳﻤﺮﺿﻮن ،وﻓﻲ ﻧﻮاﺧﺬة ﻗﺎﻃﻌﻴﻦ ّ ﺑﺘﺴﻴﺮ وﻳﺎه .ﻣﺜﻼً ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﻴﺮون اﻟﺒﺤﺮ ﻳﻌﻄﻮن اﻟﻐﻴﺺ 50أو ﻳﻤﻮﺗﻮن وﻣﺎ ﻳﺮ ّدون ﻷﻫﻠﻬﻢ ،ﻳﺨﻠّﻮﻧﻬﻢ ﻟﻴﻦ ﻳﻤﻮﺗﻮن ،وإذا ﻋ ّﺪاﻟﻬﻢ 40روﺑﻴﺔ ،وﻳﻮﻧﻴﺔ ﻋﻴﺶ وﻳﻮﻧﻴﺔ ﻃﺤﻴﻦ وﻧﺼﻴﻔﻴﺔ ﻗﻬﻮة وأي ﺑ ّﺮ و ّدوه ودﻓﻨﻮه ،وإذا اﻟﺒﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻨﻬﻢ ﻟﻔّﻮه ﻓﻲ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻟ ْﺠﺪام ﻣﺜﻞ ﺷﻲء ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻟﺒﻴﺘﻪ ،وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻳﺤﺴﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻨﻮﺧﺬا ﺑﺎﻟﻔﻠﻮس ﺳﻔﺮة ووزاره ﻳﻄﻠّﻌﻮﻧﻬﻢ ﻣﻦ »اﻟﻌﺎروك« ﻣﺎﻟﻪ ،وﻫﺬا »اﻟﻌﺎروك« وﻳﻘﺼﻮﻧﻪ ﻣﻦ »اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ« وﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﺎﻣﺎن ﻋﺸﺎن ﻳﺴ ّﺪ وﻳﻜﻔﻲ ﻣﺜﻞ اﻟﺨﺮي ،وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻳﻌﻘّﻮﻧﻪ ﺑﺤﺮ .وﻫﺬا ﻃﺒﻌﺎً ﺗﺴ ّﻮﻳﺔ اﻟﺨﺸﺐ ّ ﻳﺤﺼﻞ أﻛﺜﺮ ﻟﻜﺒْﺎر أي اﻟﻤﺤﺎﻣﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻳﻤﻮت ﻋﻨﺪﻫﻢ واﺣﺪ ﻳﻌﻘّﻮﻧﻪ ﺑﺤﺮ، أﻫﻠﻬﻢ ﻟﻴﻦ ﻳﺮﺟﻌﻮن ﻣﻦ اﻟﻐﻮص ،وﻃﺒﻌﺎً اﻟﻐﻴﺺ ّ ﺷﻮي. أﻫﻮن ﻓﻬﻢ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﻤﺤﺎﻣﻞ أﻣﺎ ﺑﺮ. وﻧﻪ د ﻳﻮ وﻣﺎ أﺻﻌﺐ ﻣﻬﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﻫﺬا »اﻟﻘﻮاض« ،ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﻳﺰوة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻷن ّ ّ وﻫﻮه ﻟﻲ ﻳﺠﻴﺐ اﻟﻤﺤﺎر. س :ﻫﻞ اﻟﺤﺮﻳﻢ ﻳﻮدّﻋﻦ أزواﺟﻬﻦ أو اﺧﻮاﻧﻬﻦ أو آﺑﺎءﻫﻦ؟ س :اﻟﺤﻴﻦ اﻧﺘﻮا اﺳﺘﻌﺪﻳﺘﻮا ﺷﺨﺼﻴﺎً وﻛﺬﻟﻚ ﺟ ّﻬﺰﺗﻮا اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ج :ﻧﻌﻢ ،ﻳﻄﻠﻊ ﺣﺪ ﻣﻨﻬﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﻒ .ﻳﺸﻠّﻦ اﻟﺤﺼﻴﺮ وﻳﺠﻠﺴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﻒ وﻳﺎﻫﻢ ﻳﺘﻮادﻋﻮن وﻳﺎ أﻫﺎﻟﻴﻬﻦ أو أزواﺟﻬﻦ .وﻃﺒﻌﺎً ﻣﺎﻟﻜﻢ ،ﻛﻴﻒ ﻣﻮﻗﻒ ﺟﻴﺮاﻧﻜﻢ ﻣﻨﻜﻢ؟ ﻧﻮﺻﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺎﻟﻨﺎ ﻳﺘﻮادع وﻳﺎ ﺣﺮﻣﺘﻪ ع اﻟﺴﻴﻒ وﺧﺬ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺤﺼﻴﺮ ور ّوح ﻳﺨﻮض ج :اﻟﺠﻴﺮان ﻣﺜﻞ اﻷﻫﻞ ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﻢ ،ﻻزم ّ ﻟﻴﻦ ﻳﻮﺻﻞ اﻟﻤﺤﻤﻞ ورﻛﺐ ﻓﻴﻪ ،وﺗﺒﻘﻰ ﻋﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ أﻫﻠﻪ وﻳﺘ ّﻢ »ﻣﻮﻳّﻢ« وﻳﺨﻄﻔﻮن ﺑﺎﻟﺸﺮاع ﻓﻮق أي ﻳﻜﺴﺒﻮن ﺷﺮاع اﻟﻤﺤﻤﻞ وﻫﺬاك ﺳﻴﺮﻫﻢ ﻳﺒﻮن اﻟﻐﻮص. وﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻗﺎل: أﻛﺴﻮا ﺷﺮاﻋﻪ ﻗﻠﺖ ﺳﻤـــــﻊٍ وﻃﺎﻋﻪ ْ وﻳّﻤﺖ ﺳﺎﻋﻪ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟــﻲ ﻳَﺨْﻄﻔﻮن ﺷﺮ ٍع ﺟـﺪاﻣﻲ ﺗ ّﺮﺳــــــــﻦ ﺑﺎﻟﻮﻻﻣﻲ واﻧ ْﻮوا اﻟﻤﺸﺎﻣﻲ ﻋﻦ وﻟﻴﻔﻲ وﻣﻀﻨﻮن ﻋﻴﻨﻲ ﺗﺮاﺑﻲ واﻟﺤﺸـــــــﺎ ﻓﻲ ﻋﺬاﺑﻲ ﺑﺴﺮ اﻟﺨﺼﺎﺑﻲ ﻟﻲ ﺗﺤﺪّ ر ﻓﻲ ﻟﻐﺼﻮن وﻧ ّﻮدﻋﻬﻢ ،وإذا اﻟﺤﺮﻣﻪ ﻗﺼﺮت ﻣﻦ ﺷﻲء ﻳﺴﺎﻋﺪوﻧﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺒﻴﺮة أو ﻣﺎ ﺗﻘﺪر ﺗﺴﻴﺮ اﻟﺴﻮق وﻋﻨﺪﻫﺎ ﻋﻴﺎل ﺻﻐﺎر. ﻳﻮﺻﻮﻧﻬﻢ ﺷﻮي ﻣﺎ ﻳﺴﻴﺮون اﻟﻐﻮصّ ، وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻓﻴﻪ رﺟﺎل ﻛﺒﺎر ّ وﻫﺬﻳﻞ ﻳﺴ ّﺪون وﻳﻜﻔﻮن ﻋﻨﻬﻢ.
س :ﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﻗﺼﺎﻳﺪ ﻋﻨﻬﻢ ﻳﻮم ﻳﺴﻴﺮون اﻟﻐﻮص؟ ج :ﺣﺎﻓﻆ ﻗﺼﻴﺪة ﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺪﻳﻢ ﻣﺎ أﻋﺮﻓﻪ ﺗﻘﻮل:
أﻳﺎم زﻣﺎن
ﺗﻮﺛ ﻴﻖ اﻟ اﻟﺸ ﺘﺮاث ﻔ ا 9ﻬﻲ ﻣﺎ راﺗﻲ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
101
ﻟﻼﺳﺘﻌﺪادات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﺑﺤﺮ ،أول ﺷﻲء ﻧﺴﻴﺮ اﻟﺴﻮق ﻗﺒﻞ اﻟﻐﻮص ﺑﻔﺘﺮة ،ﻧﺎﺧﺬ اﻟﺪوﻳﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﺤﻠﻮل ،اﻟﺰﻋﺘﺮ ،اﻟﻬﻠﻴﻠﻲ ،اﻟﺨﻴﻞ ،اﻟﻤﺮ ،اﻟﺼﺒﺮ ،ﻟﺒﺎن، ورق اﻟﻴﺎس اﻟﻤﺪﻗﻮق ،وأي دواء آﺧﺮ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ اﻟﻐ ّﻮاص ،ﻫﺬا ﻛﻠﻪ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﻐﻮص ﻷﺟﻞ ﻳﻮم ﻧﻤ ّﺪ اﻟﻐﻮص إذا ﺣﺪ ﻣﺮض أو ﺻﺎﺑﻪ ﻣﻜﺮوه ،ﻧﻴﺐ ﻟﻪ ﻫﺬي اﻟﺪوﻳﺎت أو إذا ﻣﺮﺿﺖ أﻧﺎ ﻣﺜﻼ ﻳﻜﻮن اﻟﺪواء ﻋﻨﺪي، وﻫﺬي ﻻزم ﻧﺸﻠّﻬﺎ وﻧﻮﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﺮﻳﻄﺔ أي »ﻛﻴﺲ« وﻳﺸﻠّﻬﺎ اﻟﻐﻴﺺ أو اﻟﺴﻴﺐ ﻣﻌﺎه. س :زﻳﻦ ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻌﺪادات اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ؟ ج :ﻳﺴﺘﻌﺪون ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﻴﺮون ﺑﺴﺘﺔ أﻳﺎم أو ﻋﺸﺮة
100
اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺪرﻣﻜﻲ
أﻳﺎم زﻣﺎن
س :اﻟﻮاﻟﺪ ﺑﻼل ﻧﺒﺎك ﺗﻜﻠّﻤﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﻮص وﺳﻨﻮاﺗﻪ وﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ﻧﺺ اﻟﻠﻘﺎء: ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﺧﺎﺻﺔ واﻧﻚ أﻧﺖ ﺷﺨﺼﻴﺎً ﻣﺎرﺳﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ س :ﺑﺴﻢ اﻟﻠﻪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ ،ﻧﺮ ّﺣﺐ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ ﻫﺬا ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺪﺛﺮ؟ ج :أﻧﺎ ﺣﺎﺿﺮ وﻓﺎﻟﻜﻢ ﻃﻴّﺐ واﻟﻠّﻲ ﺗﺒﻮﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮد. ﺑﺎﻟﻮاﻟﺪ ﺑﻼل ،وﻧﺮﻳﺪ ﻣﻨﻪ أن ﻳﻘﺪّ م ﻟﻨﺎ ﻧﻔﺴﻪ؟ ج -ﻳﺎ ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻓﻴﻜﻢ وأﻫﻼ ﺑﻜﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻜﻢ ﻫﺬا .أﻧﺎ اﺳﻤﻲ ﺑﻼل ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺪرﻣﻜﻲ ،ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن س :ﻣﻤﻜﻦ ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ ﻋﻦ اﺳﺘﻌﺪادﺗﻜﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﻐﻮص ،ﻳﻮم اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وأﺗﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﻋﺎم 1915م ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻮن ﻓﻲ اﻟﺒﺮ أي ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻗﺒﻞ اﻧﻄﻼق اﻟﺮﺣﻠﺔ؟ ﻳﻜﻦ ﻳﻮﺟﺪ »دﺧﺎﺗﺮ« ،أو ﻣﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ،وﻫﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻲ ﻳﻮم اﺳﺘﻮى ج :ﻧﻌﻢ ﻫﻨﺎك اﺳﺘﻌﺪادات ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻐﻮص وﻫﻨﺎك اﺳﺘﻌﺪادات ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻷﻫﻞ اﻟﻠﻲ ﺑﻴﺘ ّﻤﻮن ﺳﻮاء اﻻﺗﺤﺎد إﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ 1915م اﻟﻠﻪ ﻳﻄﻮل أﻋﻤﺎرﻛﻢ. ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ أو اﻟﻌﻴﻦ أو أي ﻣﻜﺎن آﺧﺮ .ﻓﺎﻟﺒﻨﺴﺒﺔ
أﻳﺎم زﻣﺎن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
99
ﺗﻮﺛ ﻴﻖ اﻟ اﻟﺸ ﺘﺮاث ا 9ﻔﻬﻲ ﻣﺎ راﺗﻲ
وﺻﻮا وﻻ ر ّدوا ! ﻧﺎس ّ
اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺪرﻣﻜﻲ:
ﻣﺴﺎﻛﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ » «3 -1
ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث
ﻓﻲ إﻃﺎر إﻋﻼﻧﻬﺎ ﻋﺎم 2015م ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﺗﺪﺷﻦ ﻣﺠﻠﺔ »ﺗﺮاث« ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻘﺎء ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻲ اﻟﻬﺎم ﻟﺬاﻛﺮة اﻷﺟﺪاد. وﺳﻮف ﺗﺤﺘﻔﻆ اﻟﻤﺠﻠﺔ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺤﻮار اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﺟﺮت ﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺸﺮ وﺛﻴﻘﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺒﺤﺜﻲ ﻓﻴﻤﺎ ً ﺑﻌﺪ وﺗﻌﻤﻴﻢ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻠﻬﺠﺔ واﻟﻤﻔﺮدات اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻨﻬﺎ. ﺗﻢ ﻫﺬا اﻟﻠﻘﺎء ﻣﻊ اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻼل اﻟﺪرﻣﻜﻲ ﻋﺎم 2000م، ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﺑﺈﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ.
98
اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺪرﻣﻜﻲ
وﻗﺪ ﺟﺮى اﻟﻠﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻣﺤﺎور ﺷﻤﻠﺖ اﻟﻐﻮص وﺣﻴﺎة اﻟﺒﺤﺮ، ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺎدﻳﺔ ،واﻟﻤﻘﺎﻧﻴﺺ. وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺠﺰء ﺳﻮف ﻧﻜﺘﻔﻲ ﻣﻊ ﻣﺤﺎورﻧﺎ ﺑﻤﻮﺿﻮع اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات واﻟﻌﻘﻮد اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ آﺑﺎؤﻧﺎ وأﺟﺪادﻧﺎ ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺨﻄﻴﺮ واﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺤ ّﺪد وﻗﺎﺋﻊ ﻫﺬا اﻟﺴﺮد ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ وﻫﻲ ﺗﻌ ّﺪ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎة ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﻌﺘﻴﺪة. وﻗﺪ اﺳﺘﻔﺴﺮﻧﺎ ﻋﻦ ﺣﺎل اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ ﺣﺎﻟﻴﺎً ،ﻓﻌﺮﻓﻨﺎ أﻧﻪ ﻃﺮﻳﺢ اﻟﻔﺮاش ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺒﺮ اﻟﺴﻦ ،ﻋﺎﻓﺎه اﻟﻠﻪ.
ﺑﻴﺘﺎً ،وﻣﻄﻠﻌﻬﺎ: أ ِﻣ ْﻦ ﺗﺬﻛﱡـ ِﺮ ﺟﻴﺮانٍ ﺑﺬي ﺳﻠ َِﻢ ٍ ِ ﺑﺪم َﻣ َ ﺰﺟﺖ دﻣﻌﺎً ﺟﺮى ﻣﻦ ُﻣﻘﻠﺔ ِ ﻟﻘﺪ ﻧَــــ ﱠﺠـﻰ اﻟﺸﻌ ُﺮ ﻛﻌﺒﺎً ﺑﻦ زﻫﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮت وﻗﺎده إﻟﻰ اﻹﺳﻼم، ﻓﺼﺎر ﺷﺎﻋﺮا ً ﻣﺨﻀﺮﻣﺎً ﻣﺜﻞ ُﻣﺠﺎﻳﻠِ ِﻪ ﺣﺴﺎن ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ اﻟﺬي وﺻﻒ اﻟﻨﺒﻲ )ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ( ﺷﻌﺮه ﺑﺄﻧﻪ أﺷﺪ ﻣﻦ وﻗﻊ اﻟﺴﻬﺎم ﱡ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮر اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳُﻨـَ ﱢﺞ اﻟﺰاﻫﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺪوس ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺘﻬﻤﺎً ﺑﺎﻟﺰﻧﺪﻗﺔ أﻳﺎم ﻛﺎن اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﻤﻬﺪي ﻳﺘﻌﻘﺐ اﻟﺰﻧﺎدﻗﺔ وﻳﺼﻠﺐ ﺟﺬوع أﺟﺴﺎﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺬوع اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻋﺎﻣﺔ! ﻛﺎن اﻟﻤﻬﺪي دﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﺎً ،ﻓﻘﺪ أرﺳﻞ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻪ ﻳﺤﺎدﺛﻪ وﻳﺠﺎدﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﻘﺪه وأﻗﻮاﻟﻪ ،دون أن ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻮﺷﺎﻳﺎت ،وﻣﺎ ﻛﺎن أﻛﺜﺮﻫﺎ، وﻗﺪ أﺑﺪى ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺪوس ذﻛﺎء ﻳﻔﻮق اﻟﻤﻌﺘﺎد ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺎش واﻟﺠﺪل واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪه اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﺪع ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻨﻔﺬا ً إﻟﻰ إﻳﻘﺎع اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺄﻃﻠﻖ ﺳﺮاﺣﻪ ،وﻣﺎ إ ْن وﺻﻞ إﻟﻰ أﻟﺴﺖ اﻟﻘﺎﺋﻞ: اﻟﺒﺎب ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻮﻗﻔﻪ ﻗﺎﺋﻼً» :ﻳﺎ ﻫﺬا، َ واﻟﻤﺮ ُء ﻻ ﻳَﺘﺮكُ أﺧﻼﻗـ َــﻪُ ﺣﺘﻰ ُﻳﻮا َرى ﻓﻲ ﺛــَـﺮى َر ْﻣ ِﺴ ِﻪ« ﻓﺄﺟﺎب ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺪوس ﺑﺒﺮاء ٍة» :ﺑﻠﻰ« »ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﺘﺮك أﺧﻼﻗﻚ أﺑﺪا ً« ،ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻘﺘﻠﻪ. ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻤﻬﺪي: َ وﻛﺎن ﺑﻴﺖ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ: اﻟﻠﻴﻞ واﻟﺨﻴﻞ واﻟﺒﻴﺪاء ﺗﻌﺮﻓﻨﻲ واﻟﻘﻠﻢ واﻟﺮﻣﺢ واﻟﺴﻴﻒ واﻟﻘﺮﻃﺎس ُ ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ ﻣﻮﺗﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎول اﻟﻔﺮار ِﻣﻦ ﻗﺎﻃﻌﻲ ﻃﺮﻳ ِﻘﻪ ﻓﻌ ﱠﻴﺮوه
ﺑﻬﺬا اﻟﺒﻴﺖ ،ﻓﺮﺟﻊ ردا ً ﻟﻜﺮاﻣﺘﻪ وﺗﺄﻛﻴﺪا ً ﻟِﺼﺪ ِﻗﻪ ﻓﺄ ْر َدوه ﻗﺘﻴﻼً! وﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺛﺮ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ اﻟﺒﻌﻴﺪة أﻗﻞ ﻣﻦ أﺛﺮه ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻘﺮﻳﺐ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺮ ﺳﺒﺒﺎً ﻣﺒﺎﺷﺮا ً ﻷَ ْن ﻳﺴﺘﻌﺠﻞ ُ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻌﺘﻤ ُﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد ﻓﻲ ﻗﺘﻞ ﺻﺪﻳﻖ ﻋﻤﺮه ووزﻳﺮه اﺑﻦ ﻋﻤﺎر ﺑﻴﺪﻳﻪ ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﺄﺧﺮ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻴﺎﻧﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ،ﻓﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ أﺷﺪ وﻗﻌﺎً ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ)!( ،أﻳﻨﻤﺎ َﺣـﻠ ْﱠﺖ أﻣﺘُﻨﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮة! واﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﻘﺘﻮﻟﻮن واﻟﻤﻨﻔﻴﻮن واﻟﻤﺴﺠﻮﻧﻮن ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻋﺼﺮ اﻟﺤﺮﻳﺎت وﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ،ﺗﺴﺘﻌﺼﻲ أﻋﺪادﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪ ،ﻟﻴﺲ ﻷن ﻓﻲ آراﺋﻬﻢ ﺷﺘﻴﻤﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن ،ﺑﻞ ﻷن اﻟﺸﺘﻴﻤﺔ ﺟﺎءت ﻣﻮزوﻧﺔ ﻣﻘﻔﺎة! *أﺳﺘﺎذ اﻷدب اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
ﺛﻮر ﻓﻲ ﻫﻮر اﻟﻬﻮر :اﻷرض اﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء ،واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﻴﻦ ﺗﻠّﻴﻦ رﻣﻠﻴﻴﻦ ﻛﺒﻴﺮﻳﻦ ،وﻳﻜﻮن اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺠﻬﺪاً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻋﻰ ﻓﻴﻬﺎ. وﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ،أﺻﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﻞ ﻫﺎر ،ﻳﻨﻬﺎر ،وﻫﺎر اﻟﺒﻨﺎء ﻫﻮراً أي ﻫﺪﻣﻪ ،وﻫﺎر اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺠﺮف ﻳﻬﻮر ﻫﻮراً ،واﻟﻬﻴﺮة ﻫﻲ اﻷرض اﻟﺴﻬﻠﺔ ،واﻟﻬﻮرة اﻟﻬﻠﻜﺔ .وﻳﻘﺎل إن أﺻﻞ اﻟﻜﻠﻤﺔ »ﻳﺘﻬﻮر« وﻫﻮ اﻟﺮﻣﻞ اﻟﻤﻨﻬﺎر. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻧﺘﻘﺎداً ﻓﻲ ذ ّم اﻷﺷﺨﺎص اﻷﻗﻮﻳﺎء وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻗﻠﻴﻠﻮ اﻟﺤﻴﻠﺔ واﻟﻔﻬﻢ واﻹدراك ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ.
اﻟﻮراق
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
97
اﻟﻮراق را
أﻣﺘﻨﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮة د .ﻣﻘﺪاد رﺣﻴﻢ
ﻟﻢ أﺟﺪ أﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻫﺎﺟﺴﺎً ﻣﻦ ﻫﻮاﺟﺴﻬﺎ، ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف أﻫﻤﻴﺘﻪ ،وﻣﺪى ﺗﺪاوﻟﻪ ،وﻣﻘﺪار ﺗﺄﺛﻴﺮه ﻓﻲ ﻣﺠﺎري اﻟﺤﻴﺎة وأﺣﺪاﺛﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﻨﺎس ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ واﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻟﺪى ﻛﻞ أﻣﺔ. ﻛﻤﺎ ﻟﻢ أﺟﺪ ،ﻇﻨﺎً وﻳﻘﻴﻨﺎً ،أﻣ ًﺔ ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺮ دﻳﺪﻧﻬﺎ ،وﻋﻨﻮان أﺣﺎدﻳﺜﻬﺎ ،وﻣﻔﺘﺎح أﺳﻤﺎرﻫﺎ ،وﻣﺼﺎﺣﺒﺎً ﻟﺘﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﻌﺮﻳﺾ، وذا اﻷﺛﺮ اﻟﺴﺤﺮي ﻓﻲ ﻧﻔﻮس أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻋﻈﻤﺖ ،وﻓﻲ إﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺑﻌﺾ أﺣﺪاﺛﻬﺎ اﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ،ﻛﻤﺎ وﺟﺪتُ أﻣﺘﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ...أﻣﺘﻨﺎ ﺟﻌﻠﺖ ِﻣ ْﻦ ﺑﻴﺖ ﺷﻌ ٍﺮ ٍ واﺣﺪ َﻣ ْﻨﻔﺬا ً إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة ،أو اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﺘﻲ ْ ﻃﺮﻳﻘﺎً ﻗﺼﻴﺮا ً إﻟﻰ اﻟﻤﻮت ،وﻛﺄ ﱠن اﻟﺸﻌﺮ ﺳﻴﻒ ﻓﻲ ﺣﺪه اﻟﺤﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻤﻮت! ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺑﺘﺒﺮﻳﺰ ﺷﺎﻋﺮ ،ﻓﻘﺼﻴﺪة ﻫﺠﺎء واﺣﺪة ﻳــــﺒ ﱡﺰ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺪو ﺗﻜﻔﻲ ﻹرﻏﺎم أﻧﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺣﻞ ،وﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻼﺋﺤﺔ اﻟﺴﻮداء ،وﺗُﺸﻌﺮ أﺑﻨﺎءﻫﺎ ﺑﺎﻟﺨﺰي واﻟﻌﺎر اﻟﻤﺆﺑﱠ َﺪﻳْﻦ واﻟﻘﺼﻴﺪة ﺗﺪور ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺟﻴﻼً ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ. وﻃﺎﻟﻤﺎ أﻧﻔﻖ اﻟﺸﻌﺮاء ﺣﻴﻮاﺗﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻴﺖ ﺷﻌﺮ ﺻﺪﺣﻮا ﺑﻪ، أو ﻗﺼﻴﺪة ﻧﻘﻠﺘﻬﺎ ﻋﻨﻬﻢ أﻟﺴﻦ اﻟﺮواة واﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ واﻟﻤﺆازرﻳﻦ ،أو ُﺴﺒﺖ إﻟﻴﻬﻢ زورا ً وﺑﻬﺘﺎﻧﺎً وﺣﻘﺪا ً وﻛﺮاﻫﻴﺔ ،واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺷﻌﺮاء ﻧ ْ
ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ ا9ﺳﻼم ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺑﺘﺒﺮﻳﺰ ﺷﺎﻋﺮ ،ﻓﻘﺼﻴﺪة ﻫﺠﺎء واﺣﺪة ﻳــــﺒﺰ xﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺪو ﺗﻜﻔﻲ 9رﻏﺎم أﻧﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺣﻞ، وﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻼﺋﺤﺔ اﻟﺴﻮداء
96
أﻣﺘﻨﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮة
اﺷﺘﺮوا ﺣﻴﻮاﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ ،واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺛﺮ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب ،واﻷرﺟﺎز ﻣﻨﻪ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻲ ﺗﻘﺪم اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ،وﺷﺪ أزرﻫﻢ ،وإﻟﻬﺎب ﺣﻤﺎﺳﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺘﺎل ،ﺣﺪﻳﺚ أﻃﻮل وأﻋﺮض. وﻛﺎن ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ﺷﻌﺮاء ﻓﺮﺳﺎن ﻛﺎن ﺣﺪ اﻟﺸﻌﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻛﺤﺪ اﻟﺴﻴﻒ ،أو ﻛﻮﻗﻊ اﻟﻨﺒﺎل ،أﺛﺮا ً ﻓﻲ أﻋﺪاﺋﻬﻢ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺘﺮة ﺑﻦ ﺷﺪاد اﻟﻌﺒﺴﻲ وﺣﻴﺪا ً ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﻗﺪ ﻋﺒﻖ ﺷﻌﺮه ﺑﺮاﺋﺤﺔ دﻣﻪ ،واﺧﺘﻠﻂ ﺑﺮﻳﻖ اﻟﺴﻴﻮف ﺑﺒﺮﻳﻖ ﺛﻐﺮ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ اﻟﺒﻴﻀﺎء »ﻋﺒﻠﺔ« ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ: ِ ﻧﻮاﻫﻞ ٌ واﻟﺮﻣﺎح ذﻛﺮﺗﻚ إﻧـــﻲ ُ ﻣﻨﻲ وﺑﻴﺾ اﻟﻬﻨﺪ ﺗﻘﻄ ُﺮ ﻣﻦ دﻣﻲ ووددت ﺗﻘﺒﻴﻞ اﻟﺴــﻴﻮف ﻷﻧﻬﺎ ُ ﺘﺒﺴـﻢ ﻟَـﻤـ َﻌ ْﺖ ﻛﺒﺎرق ﺛﻐﺮك اﻟـ ُﻤ ﱢ وﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺻﺪر اﻹﺳﻼم ﻛﺎد اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ اﻟﻔﺤﻞ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ زﻫﻴﺮ أن ﻳﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،وﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ )ص( ﻗﺪ أﻫﺪر دﻣﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺷﻌﺮ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺠﺎﺋﻪ وﻫﺠﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻓﺎز ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ﺑﻌﺪ أن ﻗﺮأ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻟﺮﺳﻮل ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ: ﺑﺎﻧﺖ ﺳﻌﺎد ﻓﻘﻠﺒﻲ اﻟﻴﻮم َﻣ ْﺘﺒﻮل ُﻣﺘــ ﱠﻴ ٌﻢ إﺛ َﺮﻫﺎ ﻟﻢ ﻳُ ْﻔﺪَ َﻣﻜ ُ ْﺒﻮل وﻓﻴﻬﺎ ﻳﻤﺪح وﻳﺴﺘﻌﻄﻒ: َ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ أوﻋﺪﻧﻲ ـﺌﺖ أنﱠ ﻧُ ﱢﺒ ُ ُ ﻣﺄﻣﻮل واﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﺪ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ إن اﻟﻨﺒــﻲ ﻟَــﻨﻮ ٌر ﻳُــﺴﺘــﻀﺎ ُء ﺑـــــِ ِﻪ ﻣﻬ ﱠﻨﺪٌ ﻣﻦ ﺳﻴﻮف اﻟﻠﻪ ﻣﺴﻠﻮلُ ﻛﻤﺎ ﻓﺎز ﺑ ُﺒﺮدة اﻟﻨﺒﻲ )ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ( ،ﻓﻔﺎز ﺑﺎﻻﺛﻨﺘﻴﻦ ﻣﻌﺎً :اﻟﺤﻴﺎة واﻟﺒﺮدة ،اﻟﺘﻲ اﺷﺘﺮاﻫﺎ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎن ﻣﻦ وﻟﺪه ،وﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﺨﻠﻔﺎء ﻋﻠﻰ ارﺗﺪاﺋﻬﺎ واﻟﺘﺒﺮك ﺑﻬﺎ ،ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﺼﻒ رﻳﺢ اﻟﻤﻐﻮل ﺑﺒﻐﺪاد وﺧﻼﻓﺘﻬﺎ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﻓﻴﻨﻬﺒﻮﻫﺎ ،وﻳﺤﺮﻗﻮﻫﺎ!، ﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺤﺖ اﺳﻤﺎً ﻟﻬﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺨﺎﻟﺪة ،وﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﺘﻬﺠﻬﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺎﺋﺔ وﺳﺘﻴﻦ اﻟﺒﻮﺻﻴﺮي ﺑﻘﺼﻴﺪة ﺳﻤﺎﻫﺎ »ﻧﻬﺞ اﻟﺒﺮدة«، ْ
- 4ﺗﺮاﺟﻊ ﻗﺮاءة اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ
ﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻣﺸﻮﻗﺔ ﺗﻠﻘﻰ ﺻﺪى ﻣﺴﻤﻮﻋﺎ ﻟﺪى اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ،اﻟﺘﻲ وﻟﱠﺖ ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت ،ﻓﻲ أﻛﺒﺮ ﻫﺠﺮة ﺷﺒﻪ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﻋﻮاﻟﻢ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ،وﻣﺎ ﺗﻮﻓﺮه ﻣﻦ ﻣﺎدة اﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ ،ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﺎدة ﺧﺒﺮﻳﺔ إﻟﻰ أﺧﺮى ،وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﺘﻨﻮع اﻟﺮﻏﺒﺎت واﻟﻤﻴﻮﻻت ،وﺷﺎﺳﻌﺔ ﺷﺴﺎﻋﺔ اﻟﻨﻮاﻓﺬ اﻟﻤﺸﺮﻋﺔ أﻣﺎم اﻟﻤﺘﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻧﺘﺮﻧﻴﺖ اﻟﺬي ﻳﺒﺪو ﻛﺒﺤﺮ ﺑﻼ ﺿﻔﺎف... - 5ﺗﺸﺘﺖ اﻟﻘﺮاءة وﺗﺒﻌﺜﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ا9ﻧﺘﺮﻧﺖ
اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﺷﻔﻬﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﺗﺘﻄﻠﺐ ـ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﺘﻄﻠﺒﻪ ـ زﻣﻨﺎً وﺗﺮﻛﻴﺰا ً؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد ﻧﻘﻞ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ،ﻣﺸﺪودة اﻷرﻛﺎن ،ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻠﻘﺎرئ أو اﻟﻤﺴﺘﻤﻊ أن ﻳﺮاﻗﺐ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﻟﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺣﺪاث وﺗﺘﻔﺎﻋﻞ .ذﻟﻚ أن ﻟﻜﻞ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺪاﻣﻴﻚ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ؛ ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﺘﺸﻌﺒﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺤﺒﻮﻛﺔ؛ وﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ دوﻣﺎً وأﺧﻴﺮا ً ﻓﻲ اﻧﺤﺪارﻫﺎ اﻟﻤﻐﻠﻖ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ...ﻓﺎﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﻐﻠﻖ ،ﺗﻘﺪم اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت واﻷﺧﺒﺎر واﻷﺣﺪاث ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺪرج وﻣﺘﺘﺎل وﻣﺘﺴﻠﺴﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﺗﻘﺪم ﻟﻨﺎ ـ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ـ ﻛﻤﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﺴﺮد أو اﻟﺤﻜﻲ. وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﻓﺈن ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻘﺮاءة اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻜﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻧﺎﺿﺞ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،رﻏﻢ أن اﻷﻣــﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻧ ﱢﺪﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ورﻗﻲ وﻣﺎ ﻫﻮ رﻗﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻮرﻗﻲ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ إذا ﺗﺤﺎﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻊ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺑﻬﺎ )ﺑﺎﻹﻧﺘﺮﻧﺖ( ﻳﺰداد ﻗﻮة
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﻌﺎﻟﻤﻪ اﻟﺨﺎص اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺳﻮب أو اﻟﻬﻮاﺗﻒ اﻟﺬﻛﻴﺔ أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟــﻚ ...ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻜﻤﺶ اﻟﻔﺮد ﻓﻲ ﺣﺪود ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻮﻳﺐ وﻳﻌﻴﺶ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ....ﻓﻔﻲ زﻣﻦ اﻧﺴﻼخ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ وواﻗﻌﻪ واﻧﻜﻔﺎﺋﻪ ﻋﻠﻲ ذاﺗﻴﺘﻪ وﻓﺮدﻳﺘﻪ ،أﻣﺴﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻪ ﻟﻴﺲ ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺷﺎﺋﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ أﺻﻐﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﺮة ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ،وﻏﺪا ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﺷﺎﺷﺔ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﺔ واﻟﻤﺘﻌﺔ ﻻ وﺳﻴﻄﺎً ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ واﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻌﺎً ،ﻣﺠ ﱠﺮد ﺷﺎﺷﺔ زرﻗﺎء ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺷﺎﺷﺔ ﺗﺮﻫﻖ اﻟﻌﻴﻮن وﺗﻘﺘﻞ ﺣﻮاس أﺧﺮى ﻣﺜﻞ اﻟﻠﻤﺲ واﻟﺸ ّﻢ.
وﺻﻤﻮدا ً واﻧﺘﺸﺎرا ً... وﻣﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﱠﻌﺎﻳﺶ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﻷدﺑﻲ اﻟﻤﻄﺒﻮع واﻟﻜﺘﺎب اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ أﻣﺮ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ دﻳﻤﻮﻣﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ، وﻫﺬا ﻓﻲ اﻟﺘﱠﺎرﻳﺦ ﻟﻴﺲ ﺑﺠﺪﻳﺪ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺎﻳﺸﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺘﺎن اﻟﺸﱠ ﻔﻮﻳﱠﺔ واﻟﻜﺘﺎﺑ ﱠﻴﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ دون أن ﻧﻔﻘﺪ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﺪﻳﻢ ﺷﺎﺳﻊ ﻣﻦ اﻟﻀﺠﻴﺞ. ﻧﻌﻢ ،ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻛﺎﻧﺖ داﺋﻤﺎً ﻃﺮﻳﻘﺎً إﻟﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻧﺘﻌﺮف ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ، ودون اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﺒﻘﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺠﺮﻳﺪا ً وﻣﻌﻨﻰ ﻗﺼﻴﺎً. ﺻﺤﻴﺢ أن اﻟﺮﺣﻠ ًﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﺗﻐﻴﱠﺮت ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ واﻷدوات ،وﺑﻘﻲ اﻷدب ﻳﻘﺮأ ،واﻟﺘﻄ ﱡﻮرات اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﺳ ﱠﻬﻠﺖ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻘﺮاءة، وأﺗﺎﺣﺖ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ واﻟﻘﺎرئ ﻓﺮﺻﺎً ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻺﻧﺘﺎج واﻟﺘﱠﻮزﻳﻊ واﻹﻃﻼع ...ﻓﺎﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺒﻘﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ،ﺳﻮا ًء روﻳﺖ ﺷﻔﻮﻳﺎً أو ﻗُﺮﺋﺖ أﻟﻮاﺣﺎً ،أم ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ ،أم ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ورﻗﻴﱠﺔ أو إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﱠﺔ، وﻣﺎ ﻳﺴﺘﺠ ﱡﺪ ﻫﻮ ﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟ ﱠﻨﺸﺮ واﻟﺘﱠﻮزﻳﻊ واﻟﻘﺮاءة،... ﻓﺎﻟﻤﻬﻢ ﻟﻴﺲ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ،وإﻧﱠﻤﺎ ﺳﺒﻞ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ وإﺟﺎدة ذﻟﻚ *ﻧﺎﻗﺪ وأﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب ﻫﻮاﻣﺶ: • إ .م .ﻓﻮرﺳﺘﺮ» :أرﻛﺎن اﻟﺮواﻳﺔ » ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﺎﺻﻲ ،ﺟﺮوس ﺑﺮﻳﺲ ،ﻃﺮاﺑﻠﺲ ـ ﻟﺒﻨﺎن ،ط ،1994 ،1:ص.24: • ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻛﻠﻴﻄﻮ » :ـ »اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت :اﻟﺴﺮد واﻷﻧﺴﺎق« ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺸﺮﻗﺎوي ،دار ﺗﻮﺑﻘﺎل اﻟﺒﻴﻀﺎء ،ط،1993 ،1:ص.134: • ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ «:ﻗﺎل اﻟﺮاوي ،اﻟﺒﻨﻴﺎت اﻟﺤﻜﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ« ،اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء/ﺑﻴﺮوت ،ط،1: ،1997ص.300:
اﻟﺮاوي ﻳﺴﺮد ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻪ ﺑﺠﺎﻣﻊ اﻟﻔﻨﺎ ﺑﻤﺮاﻛﺶ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
95
اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺼﻴﻒ ،أو ﺣﻮل اﻟﻤﻮاﻗﺪ ﻓﻲ اﻟﺸﺘﺎء ،ﻣﻄﻠﻘﺎً واﻟﻜﻮﻧﻲ ،اﻟﺸﻌﺮي واﻟﻨﺜﺮي. ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﺷﻜﻠﺖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻌﻴﻨﺎً ﻋﻨﺎن اﻟﺴﺮد ﻣﺤﻠﻘﺎً ﻓﻲ ﻓﻀﺎءات اﻟﺴﺤﺮ واﻟﺨﻴﺎل واﻟﻔﺎﻧﻄﺎزﻳﺎ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻨﻀﺐ ،ﺑﻤﺎ ﺗﻤﺘﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺔ ﺳﺤﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﻘﺎوم ،ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺗﺤﻔﻆ. إدﻫﺎﺷﻨﺎ ـ ﻛﺒﺎرا أو ﺻﻐﺎرا ،ﻣﺘﻌﻠﻤﻴﻦ أو أﻣﻴﻴﻦ ،ﻓﻘﺮاء أو أﻏﻨﻴﺎء ـ ﻛﻠﻤﺎ اﺳﺘﺸﺮﻓﻨﺎ أﻓﻀﻴﺘﻬﺎ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ اﻷﺧﺎذة. - 2اﻧﻘﺮاض دور اﻟﺤﻜﻮاﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﻓﻬﻞ ﺳﺘﺒﻘﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻃﻮﻳﻼً ﺣﺎﻣﻠﺔ ﺟﺬوة اﻟﺘﺸﻮﻳﻖ ،وﺟﺎذﺑﻴﺘﻪ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻣﻊ أﺟﻴﺎل اﻟﻘﺮاء اﻟﻼﺣﻘﻴﻦ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ؟ ﺗﺮﺳﺦ دور اﻟﺤﻜﻮاﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ واﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ إﻟﻰ أﺑﺮز اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﺗﺤﻮﻻت ﻛﺒﻴﺮة ﻋﺮﻓﻬﺎ وﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ درﺟﺔ أﺻﺒﺢ ﻣﻌﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮ )ﻗﺎل اﻟـﺮاوي( ﻳﺸﻜﻞ ﻋﺒﺎرة ﺳﺮدﻳﺔ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻮﻻت ﻫﻮ اﻧﺼﺮاف اﻟﻘﺮاء ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب إﻟﻰ ﺷﺎﺋﻌﺔ وﻣﻨﺘﺸﺮة ،ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص ﻓﻲ ﻟﻠﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن وﻣﺤﻄﺎﺗﻪ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﺷﻴﻮع ﻓﻔﻲ اﻟﻘﺮون اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻛﺎن اﻟﺤﻜﻮاﺗﻲ ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﺻﻢ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﺣﺎﻣﻼ ﻣﻌﻪ ﻣﻼﺣﻢ ﻋﻨﺘﺮة واﻟﻬﻼﻟﻲ واﻟﺰﻳﺮ ﺳﺎﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ ً اﻹﻗﺒﺎل اﻟﻤﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺮﻧﻴﺖ ،وﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل .ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻘﺪﻧﺎ ،ﻻﺣﻘﺎً ،ﺣﻜﻮاﺗﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ُﻣ َﺮ ﱢوﺿﺎً آﺧﺮ ﻣﻦ ﻣﺮوﺿﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﻃﻐﻴﺎن ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﻧﺘﺮﻧﻴﺖ وﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ اﻟﻤﺮﻣﻮﻗﻴﻦ ،ﺑﻌﺪ أن اﻧﻔﺾ ﺣﻮﻟﻪ اﻟﻤﺘﻔﺮﺟﻮن، اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ دون ﻋﻨﺎء ،ﻓﺄدوات اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻮﻳﺐ أﺻﺒﺤﺖ ﻷﺳﺒﺎب اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻋﻤﺮاﻧﻴﺔ. ﻣﺆﺛﺮة ﻛﺎﻟﻔﺎﻳﺲ ﺑﻮك ،واﻟﻴﻮﺗﻮب ،وﺗﻮﻳﺘﺮ وﻏﻴﺮﻫﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻫﻲ اﻷدوات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎرة ﻻﻧﺘﺒﺎه ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ... - 3ﺗﻮﻗﻒ اﻟﺠﺪات ﻋﻦ رواﻳﺔ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﻦ ﻟ ﺣﻔﺎد ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺆﻛﺪ أن ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﺑﺪأت ﺗﻄﻐﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺎدات اﻟﻘﺮاءة ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺠﺪة ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﻮﺿﻮي وﻋﺸﻮاﺋﻲ وﻏﻴﺮ ﻣﻀﺒﻮط ،ﺳﻴﺆدي اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺻﻮﺗﺎ ﺑﺎﻋﺜﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ،ﻣﺜﻴﺮا ﻟﻼﻧﺘﺒﺎه، ـ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ـ إﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﻣﻌﺎن وﻣﺸﻮﻗﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺮﺑﻊ اﻷﺣﻔﺎد أﻣﺎم اﻟﺠﺪة ،وﻫﻲ ﺗﺤﻜﻲ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ إﻗﺼﺎء اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻮرﻗﻲ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو اﻟﻴﻮم ﺣﻜﺎﻳﺎﻫﺎ اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﺎرة وﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎل ﺗﺎرة ﻛﻨﻮع ﻣﻬﺪد ﺑﺎﻻﻧﻘﺮاض ،ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻀﺎﻓﺮ اﻟﺠﻬﻮد وﺗﻮﻇﻴﻒ أﺧﺮى...ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻛﺎن اﻷﻃﻔﺎل ﻳﺘﺪاﻋﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻗﺒﻞ ﺧﻠﻮدﻫﻢ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت ﻹﻧﻘﺎذه ﻣﻦ اﻟﺰوال واﻟﺘﻼﺷﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم ،وﻫﻢ ﻳﺴﺘﺮﻗﻮن اﻟﺴﻤﻊ ﻟﻠﻤﻄﺮ ،وﻳﺘﻠﺬذون ﺑﻀﻮء اﻟﻤﻌﺎدﻳﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻟﻔﻌﻞ اﻟﺴﺮد واﻟﺘﺄﻣﻞ ،وﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﻣﺎ ﻳﺤﺪث اﻟﻔﺎﻧﻮس ﻳﻌﺒﺚ ﺑﻪ ﺑﺮد اﻟﺸﺘﺎء ،واﻟﺠﺪة /ﺷﻬﺮزاد زﻣﺎﻧﻬﺎ ﺗﺘﻘﻠﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻻت ﺧﻄﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺮأ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس .ﻋﺮش اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز...ﻓﻤﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺘﺬﻛﺮ اﻟﺪفء اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ وﻻ ﻳﺒﺪو ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ أﻓﻮل زﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﻐﺎﻻة أو ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﺗﺒﻌﺜﻪ ﻓﻴﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ،وﻧﺤﻦ ﻧﺴﻤﻊ زﺧﺎت اﻟﻤﻄﺮ ﻓﻲ ﻓﻨﺎء ﻓﻲ ﺗﻮﺻﻴﻒ ﺣﺎل اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻴﻮم ،ﺑﻞ إﻧﻪ واﻗﻊ ﺗﺆﻛﺪه اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪار أو ﻓﻮق اﻟﺴﻘﻒ؟ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ واﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ واﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي. ﻳﻀﻊ اﻟﺼﻐﺎر رؤوﺳﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺳﺎدة وﻳﺘﺮﻛﻮن ﺟﺴﺪﻫﻢ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺮ أﻟﻔﺖ أﺻﻮغ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﺣﺎدة ،ﻟﻜﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﺬي ﺗﺼﻨﻌﻪ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺠﺪة ﻋﻦ ﺗﺮاﺟﻊ دور اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﺆﺷﺮات أﺑﻄﺎﻟﻬﺎ اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﻴﻦ ،ﻳﺴﺎﻓﺮون ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻃﺮ ﺣﺴﻦ وﻳﺸﺎﻫﺪون ﻣﻌﻪ اﻟﺪاﻟﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: اﻟﻄﺮﻗﺎت اﻟﺒﻌﻴﺪة اﻟﻤﻘﻔﺮة واﻟﺠﺒﺎل اﻟﺸﺎﻫﻘﺔ واﻷﻧﻬﺎر اﻟﺠﺎرﻳﺔ، وﻳﺮﺗﺎﺣﻮن ﻣﻌﻪ ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮة ﻓﻮق أﻋﺸﺎب أرض ،ﺗﺠﺎور ﺟﺒﻼً - 1اﺧﺘﻔﺎء دور اﻟﻤﺠﻠﺲ وﻧﻬﺮا ً .ﺗﺮاﻫﻢ ﻳﺤﺘﻤﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻔﺎرﻳﺖ ،وﻳﻨﻈﺮون ﺑﺘﺮﻗﺐ ﻣﺮﺗﻌﺶ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻓﻀﺎء ﻟﻠﺤﻜﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﻣﻘﺎﻣﺎ ﺗﻮاﺻﻠﻴﺎً ،ﻟﻴﺮوا إن ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺎﺋﻤﺔ أو ﻣﺴﺘﻴﻘﻈﺔ ،وﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﻮال ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻓﻴﻪ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺮاوي واﻟﻤﺮوي ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻛﺜﺮ ﺣﻴﻄﺔ ﻣﻦ ﺑﻄﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻤﺪون ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ» ،ﻓﻨﻮع اﻟ ـﺮاوي ،وﻧﻮع اﻟﺴﺎﻣﻌﻴﻦ ،وﻧﻮع اﻟﻘﻮة ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ اﻟﺒﻄﻞ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻌﻔﺮﻳﺖ أن ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻴﻪ .أوﻟﻴﺲ اﻟﺨﻄﺎب واﻟﺰﻣﺎن واﻟﻔﻀﺎء وﺷﺮوط اﻟﻤﺠﻠﺲ…ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻫﻮ اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺬي ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻪ؟ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ »اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ« ﺑﻴﻦ اﻟﺮاوي وﻣﺘﻠﻘﻴﻪ«) .(3ﻓﻔﻲ ﻣﺠﺎﻟﺲ أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻓﻬﺎ ﻫﻢ ﻳﺸﺪون اﻟﺮﺣﺎل إﻟﻰ اﻟﺴﻨﺪ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﻟﺨﻮض اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻧﺠﺪه ﻛﺎن ﻳﻄﻴﻞ اﻟﺴﻬﺮ واﻟﺴﻤﺮ ﺗﺤﺖ ﺿﻮء ﻣﻐﺎﻣﺮة ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻗﺮاﺋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة .ﻓﻘﺪ ﻏﺪا ﻛﻞ ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة
94
ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ زﻣﻦ اTﻧﺘﺮﻧﻴﺖ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ زﻣﻦ اWﻧﺘﺮﻧﺖ د .ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺎﻟﻚ أﺷﻬﺒﻮن@
اﺣﺘﻔﻰ اﻟﻌﺮب ﻛﺒﻘﻴﺔ اﻷﻣﻢ اﻷﺧﺮى ﺑﻔﻨﻮن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﺳﻮاء ﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻲ اﻟﺸﻔﻮي أو اﻟﻤﻜﺘﻮب ،وأﺑﺪﻋﻮا ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺣﻖ اﻹﺑﺪاع ،ﻣﺨﻠﻔﻴﻦ وراءﻫﻢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ واﻷﺣﺎدﻳﺚ واﻟﺨﺮاﻓﺎت واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻀﻮن ﺑﻬﺎ أوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت اﻷﺳﻤﺎر ،ﻳﺼﻮرون ﺑﻬﺎ ﻋﺎداﺗﻬﻢ وﻃﺒﺎﻋﻬﻢ ،وﻳﺒﻮﺣﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻐﺮاﺋﺰﻫﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻘﺼﺪون .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺸﺪد ﻋﻠﻰ أن أﻣﺔ أﺑﺪﻋﺖ ﺣﻜﺎﻳﺎت »أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ« ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺖ أﻣﺔ ﻳﺘﺄﺻﻞ ﻓﻲ ﻋﺮوﻗﻬﺎ ودﻣﺎﺋﻬﺎ ﻓﻦ اﻟﺤﻜﻲ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز. ﺳﺎﺣﺔ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻔﻨﺎ ﺑﻤﺮاﻛﺶ
أﻣﺎ ردود ﻓﻌﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺤﻜﻰ ﻟﻬﻢ ،ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻷزﻣﻨﺔ واﻟﻌﺼﻮر ،وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﺑﺘﺒﺎﻳﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻓﻌﻞ اﻟﺤﻜﻲ ودرﺟﺔ ﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻣﻊ ،ذﻟﻚ أن اﻟﺒﺪاﺋﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﺘﻤﻌﻮن ﻓﻲ ﻛﻬﻒ ﺣﻮل ﻧﺎر ،ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻘﺺ ﻟﻬﻢ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ،ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎر ﻳﻤﻠﺆه اﻟﺮﻋﺐ واﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ) ،اﻟﺮﻋﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﻮش وﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﻮت( ﻻ ﻳﻤﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم إﻻ اﻟﻠﻬﻔﺔ واﻻﻧﺘﻈﺎر :اﻧﺘﻈﺎر ﻣﺎ ﺳﺘﺴﻔﺮ ﻋﻨﻪ أﺣﺪاث اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻤﺸﻮﻗﺔ ،وﻫﻢ ﻳَ ْﻬﻔُﻮن إﻟﻰ ﻃﺮح اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﻟﻲ :ﺛﻢ ﻣﺎذا ﺣﺪث؟ وأﺧﻴﺮا ً ،ﻳﺴﺪل اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ أﻃﻮار اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﺣــﺪاث ،ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺳﻴﺘﻌﺮف اﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﺪث ،أو ﻳﺨﻤﻨﻮن ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث ،وﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﺴﺘﺴﻠﻤﻮن ﻟﻠﻨﻮم أو ﻳﻘﺘﻠﻮن)(1؛ ﻷن اﻟـﺮاوي اﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﻘﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺎً ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻳﺘﺄرﺟﺢ ﻣﺼﻴﺮه ـ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ـ ﺑﻴﻦ ﺟﻠﺐ اﻟﻨﻮم ﻟﻠﻤﺘﺤﻠﻘﻴﻦ ﺣﻮﻟﻪ ،أو اﻟﻘﺘﻞ اﻟﻤﺘﻌﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﺠﻤﻬﻮر ،إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﺸﻮﻗﺔ وﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﻧﺘﻈﺎراﺗﻬﻢ. ﻫﻜﺬا ﺷﻜﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻟﺤﻮادﻳﺚ اﻟﻤﺼﺪر اﻷول ﻟﻜﺘﺎب »أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ« اﻟﺬي ﺷﻐﻞ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﺟﺂت اﻟﻤﺪﻫﺸﺔ واﻷﺣﻼم اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻮرت ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﻤﻜﺒﻮﺗﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺘﻲ أﺿﻨﺎﻫﺎ اﻻﺳﺘﻌﺒﺎد واﻟﻴﺄس واﻟﺮق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ زﻣﻨﺎً ﻏﻴﺮ ﻗﻠﻴﻞ.
وﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺤﻜﻴﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻴﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻟﺘﺼﻮر واﻟﺨﻴﺎل ،وﺑﺮﻫﺎﻧﺎً ﻋﻠﻰ أن رواة اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻟﻢ ﻳﺤﺮﻣﻮا ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺸﺎﺋﻖ اﻟﺨﻼﱠب ،وﻟﻢ ﻳﻔﺘﻬﻢ أن ﻳﻘﺪﻣﻮا ﻷوﻗﺎت اﻟﻠﻬﻮ واﻟﻔﺮاغ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﻤﻜﺪودة واﻟﻨﻔﻮس اﻟﻤﺤﺰوﻧﺔ ﻣﻦ ﻃﺮاﺋﻒ اﻷﻗﺎﺻﻴﺺ وﻏﺮاﺋﺐ اﻷﺳﻤﺎر. ﻓﻤﺎ أﺣﻮﺟﻨﺎ إﻟﻰ اﻷدب ،ﻓﻘﺒﻞ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻤﺠﺮدة ،ﻫﻨﺎك ﻣﺸﻬﺪ؛ وﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺘﺤﻴﺰ ،ﻫﻨﺎك ﻗﺼﺺ ،وﻗﺒﻞ اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﺤﻜﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻫﻨﺎك أﻣﺜﺎل ﻫﺰﻟﻴﺔ؛ وﻗﺒﻞ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻨﺎك ﺣﻜﺎﻳﺎت .ذﻟﻚ أن ﺳﺮ ﻗﻮة ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ واﻗﻊ ﺗﺎرﻳﺨﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺤﺪد ،وﺟﺰء ﻣﻦ ﺑﻨﺎء ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻋﺎم ،ﻣﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮر اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﺎﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﻛﻠﻤﺎ أﻧﺸﺄ ﻣﺆﻟﱢﻒ »ﺧﻄﺎﺑﺎً ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻤﺄﻟﻮف ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺎ ،ﺗﺒﻌﺎً ﻟﻠﻨﻤﻂ اﻟﺒﺸﺮي اﻟﺬي ﺗﻨﺘﺴﺐ إﻟﻴﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .وﺑﻌﺎﺑﺮة أﺧﺮى ،ﻓﺈن ﻣﺆﻟﻒ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻀﻐﻂ ﻣﻌﻴﻦ ،وﻫﻮ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﺎ ﻳﺆﻟﱢﻒ ﻣﻦ ﺧﻄﺎب ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻼﺋﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳُﺴﻨﺪه إﻟﻴﻬﺎ«).(2 وﺑﻬﺬا اﻻﻋﺘﺒﺎر أﺿﺤﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻧﺴﻴﺞ ﻣﻦ اﻟﺴﺮود واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺨﻴﺎل ،اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻷﺳﻄﻮرة ،اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﻤﺜﺎل ،اﻟﻴﻮﻣﻲ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
93
ﺷﻲء ﻳﺼﻠﺢ؟ ،وﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ» :ذات ﻳﻮم أﺣﻀﺮ اﻟﻤﻼ ﻛﻴﻠﻮ ﻟﺤﻢ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ،وﻗﺎل ﻟﺰوﺟﺘﻪ :ﻷي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻳﺼﻠﺢ ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﺰوﺟﺔ :ﻫﻮ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻜﻞ اﻷﻃﻌﻤﺔ؟ ﻓﻘﺎل :اﻃﺒﺨﻲ ﻛﻞ اﻷﻃﻌﻤﺔ« )ﺟﻮاﻫﺮى .ﻟﻄﻴﻔﻪ ﻫﺎى ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ .ص (58 رﻣﺰ ﻓﻨﻲ وﻧﻤﻮذج ﻟﻠﻔﻜﺎﻫﺔ
ﻏﻴﺮ أﻧﻪ وﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ وﺟﻮده ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ،ﻓﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﺻﺎرت رﻣ ًﺰا ﻓﻨ ًﻴﺎ ،وﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ ﻟﻠﻔﻜﺎﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﺎرﺳﻲ ،وإذا ﻧﺴﻰ اﻟﻨﺎس ﺟﺬوره اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أو ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻤﻮا ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻨﺴﻮا أﺑ ًﺪا أﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﻀﺎﺣﻚ وﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اﻟﺴﺎﺧﺮة .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻮادر ﻓﻘﺪ ﻧﺴﺒﺖ ﻟﻪ آﻻف اﻟﻨﻮادر ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت .ﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﻮادر إﻟﻴﻪ .وﻗﺪ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ وﺟﻮد ﺗﻔﺎوت زﻣﻨﻲ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮادر ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ ﻧﺎدرة )ﺑﻬﺘﺮﻳﻦ ﻟﻘﺐ( أي أﻓﻀﻞ ﻟﻘﺐ ،وﻳﺮﺟﻊ زﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ،وﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ» :ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺧﻠﻔﺎء ﺑﻨﻲ اﻟﻌﺒﺎس أن ﻟﻠﺨﻠﻔﺎء واﻟﺴﻼﻃﻴﻦ أﻟﻘﺎﺑﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑـ )اﻟﻠﻪ( ﻣﺜﻞ اﻟﻤﻮﻓﻖ ﺑﺎﻟﻠﻪ ،واﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ، واﻟﻤﻌﺘﺼﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ،وﻏﻴﺮه .ذات ﻳﻮم ﺳﺄل أﺣﺪ ﻫﺆﻻء اﻷﻣﺮاء اﻟﻤﻼ: ﻓﻲ رأﻳﻚ أي ﻟﻘﺐ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻲ ،ﻓﺮد اﻟﻤﻼ :أﻓﻀﻞ اﻷﻟﻘﺎب ﻟﻚ ﻧﻌﻮذ ﺑﺎﻟﻠﻪ«) ﺟﻮاﻫﺮى .ﻟﻄﻴﻔﻪ ﻫﺎى ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ .ﺻـ .(22ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻫﻨﺎك ﻧﻮادر ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻪ ﻳﺸﺎرﻛﻪ ﺑﻄﻮﻟﺘﻬﺎ ﺗﻴﻤﻮرﻟﻨﮓ )م807 /ﻫـ(، ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ »ﻏﺎز ﻳﻜﭙﺎ« أي اﻹوزة ذات اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻮاﺣﺪة ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ )اﻣﻴﺮ ﺗﻴﻤﻮر وﺧﺮش( أي اﻷﻣﻴﺮ ﺗﻴﻤﻮر وﺣﻤﺎره .ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﻬﻨﺎك ﻧﻮادر ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻪ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻋﺼﺮﻳﺔ وﺣﺪﻳﺜﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :ﻣﻌﻄﻒ وﺑﻨﻄﻠﻮن -ﻧﻈﺎرة – ﺻﻴﺪﻟﻴﺔ– ﻋﺮﺿﺤﺎﻟﺠﻲ. )ﺳﻌﻴﺪ ﻗﺎﻧﻌﻰ .ﻗﺼﻪ ﻫﺎ وﻟﻄﻴﻔﻪ ﻫﺎى ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ .ص ،17 .(26، 29 ، 55 ،25 وﺗﺘﻤﺜﻞ أﻫﻢ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻟﻠﻨﻮادر اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻤﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ﻏﻠﺒﺔ ﻧﻮادر اﻟﺤﻤﻖ ﻓﻲ اﻟﻨﻮادر اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻪ. ﻗﻠﺔ اﻟﻨﻮادر اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﻨﺤﻰ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻮادر اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻪ. ﺷﻴﻮع اﻟﺴﺮﻗﺔ ،وﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺰوﺟﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻈﻮاﻫﺮاﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮر ذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻮادر اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻤﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ. وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ،وﺑﻜﻞ ﻣﺎ أﺣﺎط ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻓﺎت ﺣﻮل ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ وﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ،ﻧﺠﺪ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻴﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻪ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ ﺗﺮاﺛﻬﻢ اﻷدﺑﻲ ،وﻳﺘﺨﺬون ﻣﻨﻪ رﻣ ًﺰا ﻟﻠﻔﻜﺎﻫﺔ واﻟﺘﻨﺪر ﻓﻲ
92
»ﺟﺤﺎ اTﻳﺮاﻧﻲ«
اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ،وﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻪ أﺷﻬﺮ ﺑﻄﻞ ﻟﻘﺼﺺ اﻟﺬﻛﺎء واﻟﻐﺒﺎء ﻋﻨﺪﻫﻢ ،وﻳﻨﺴﺒﻮن ﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮادر اﻟﻤﺮﺣﺔ ،وﻗﺪ اﻛﺘﺴﺒﺖ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻪ وﻧــﻮادره أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﻔﻜﺔ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺧﺮى ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﻮاﻗﻒ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .ﺣﻴﺚ ﺻﺎرت ﺧﻼﺻﺔ ﺑﻌﺾ ﻧﻮادره ﻣﻀﺮﺑًﺎ ﻟﻸﻣﺜﺎل اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ – ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل – اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ »دﻋﻮا ﺳﺮ ﻟﺤﺎف ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻮد!« أي ﻛﺎن اﻟﺸﺠﺎر ﻋﻠﻰ ﻟﺤﺎف ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ،واﻟﺬي ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )ﻣﺎ ﻳﻨﻮب اﻟﻤﺨﻠﺺ اﻟﻠﻰ ﺗﻘﻄﻴﻊ ﻫﺪوﻣﻪ( ،وﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻨﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻵﺗﻲ: ﻓﻲ إﺣﺪى ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺸﺘﺎء اﻟﺒﺎردة ﻧﺎم اﻟﻤﻼ وﻓﺠﺄة ﺳﻤﻊ ﺿﺠﻴﺞ ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺎرة ﻓﺎﻟﺘﻒ اﻟﻤﻼ ﺑﺎﻟﻠﺤﺎف ﻟﻴﺮى ﻣﺎ ﻳﺤﺪث؟ وذﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﺤﺎرة ،وﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ ﺳﻨﺪ ﻋﻠﻴﻪ إﻧﺴﺎن ﻣﺎﻛﺮ ﺧﻄﻒ اﻟﻠﺤﺎف ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ وﻫﺮب ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺧﻤﺪت اﻟﻤﺸﺎﺟﺮة .ﻋﻨﺪﻣﺎ رأى اﻟﻤﻼ ﻫﺬا ﻋﺎد دون ﻟﺤﺎف .ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ زوﺟﺘﻪ ﻣﺎ ﻫﺬا اﻟﻀﺠﻴﺞ؟ وﻟﻤﺎذا ﺗﺸﺎﺟﺮ اﻟﻨﺎس؟ رد اﻟﻤﻼ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺷﻴﺊ ،ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﻀﺠﻴﺞ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻟﺤﺎﻓﻲ. وﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ» :ﻟﻨﮓ ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﺳﺖ« أي ﻫﺎ ﻫﻮ ﺑﺸﻜﻴﺮ ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ» :دﻳﮓ ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﺳﺖ!«أي ﻫﺎ ﻫﻮ ِﻗ ْﺪر ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ،وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻧﻮادر ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ *ﻣﺪرس اﻷدب اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻵداب ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
راج ﺳﻮق اﻟﻬﺰل ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺮﺑﺎﺑﻲ وﺳﺨﺮﻳﺔ ﺟﺤﺎ«. وﻳﺸﻴﺮ ﺳﻨﺎﺋﻲ )م545 /ﻫـ( -ﻓﻲ ﺷﻌﺮه -إﻟﻰ أﺣﺪ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺟﺤﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻧﻮادره ،وﻫﻮ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ رﺑﻂ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻻ ﺻﻠﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﻘﻮل» :ذات ﻳﻮم ﻗﺎل ﻣﺨﻨﺚ ﻟﺠﺤﺎ :ﻗﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ أو ﻋﻤﺮ .ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺟﺤﺎ :ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺤﺰن ﻋﻠﻰ اﻹﻓﻄﺎر ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺣﺐ ﻷﺣﺪ وﻻ ﻛﺮه«. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﭘﯿﻐﻮ ﻣﻠﮏ )م 622ﻫـ( ،إﻟﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺎع اﻟﻨﻮادر ،وﻫﻮ اﻟﻀﺤﻚ واﻟﺘﺮوﻳﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ إﺣﺪى وﻇﺎﺋﻒ ﻧﻮادره ،ﻓﻴﻘﻮل» :ﻳﻀﺤﻚ اﻟﻔﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﺪوك ،ﻛﻤﺎ ﻳﻀﺤﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻌﺎﻗﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺰﻟﻴﺎت ﺟﺤﺎ ،وﻫﺬﻳﺎن ﻃﻴﺎن«. اﻟﺮوﻣﻲ ﻳﺬﻛﺮ ﺟﺤﺎ ﻓﻲ أﺷﻌﺎره
وﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻔﺮس أﻳﻀﺎ اﻟﺬﻳﻦ أﺷﺎروا ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ إﻟﻰ ﺟﺤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻧﺎﺻﺮ ﺧﺴﺮو )م 481 /ﻫـ( ،وأدﯾﺐ ﺻﺎﺑﺮ )م546 /ﻫـ(، وﺳﻮزﻧﯽ )م 562 /أو 569ﻫـ( ،واﻧﻮري )م 585 /أو 587ﻫـ(، وﺻﺎﺣﺐ ﻧﻈﺎم اﻟﺪﻳﻦ ﻳﺤﻴﻰ .ﻫﺬا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ )م672 /ﻫـ( ،اﻟﺬي ﻋﺎش أﻏﻠﺐ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻗﻮﻧﻴﺔ، وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ أﺷﻌﺎره اﻻﺳﻢ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﻟﻬﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ »ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ« أو اﻻﺳﻢ اﻟﺘﺮﻛﻲ ﻟﻬﺎ »ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﺧﻮﺟﻪ« ،وإﻧﻤﺎ اﺳﺘﺨﺪم اﻻﺳﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ »ﺟﺤﺎ« .ﻓﻘﺪ ﻧﻈﻢ ﻧﺎدرﺗﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﻮادر اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﺠﺤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺜﻨﻮي اﻟﻤﻌﻨﻮي ﺑﻌﻨﻮان )ﻗﺼﺔ ﺟﺤﺎ وذﻟﻚ اﻟﺼﺒﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻨﻮح أﻣﺎم ﺟﻨﺎزة واﻟﺪه( )ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻮﻟﻮي. ﻣﺜﻨﻮي ﻣﻌﻨﻮي.ﺟﻠﺪ دوم .ﺻـ ، (307وﻫﺬه اﻟﻨﺎدرة ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﺠﺤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ )ﻋﺒﺪاﻟﺴﺘﺎر أﺣﻤﺪ ﻓﺮاج. أﺧﺒﺎر ﺟﺤﺎ .ﺻـ ،(106ﻟﻜﻦ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ أدﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت .وﻗﺪ ﻧﻈﻢ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺴﺒﻬﺎ ﻟﺠﺤﺎ ،رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻮادر اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ إﻟﻴﻪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺮد ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ )ﻋﺒﺪاﻟﺴﺘﺎر أﺣﻤﺪ ﻓﺮاج. أﺧﺒﺎر ﺟﺤﺎ .ﺻـ ،(128 – 127وﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ )ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﺰوﺟﻬﺎ إن اﻟﻘﻄﺔ أﻛﻠﺖ اﻟﻠﺤﻤﺔ ،ﻓﻮﺿﻊ اﻟﺰوج اﻟﻘﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻴﺰان ﻓﻮﺟﺪ وزﻧﻬﺎ ﻛﻴﻠﻮ وﻧﺼﻒ ،ﻓﻘﺎل :أﻳﺘﻬﺎ اﻟﻤﺮأة ﻛﺎن اﻟﻠﺤﻢ ﻛﻴﻠﻮ وﻧﺼﻒ وأﻛﺜﺮ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻠﺤﻢ ،ﻓﺄﻳﻦ اﻟﻘﻄﺔ؟! وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻘﻄﺔ ،ﻓﺄﻳﻦ اﻟﻠﺤﻢ؟!( .ﻛﻤﺎ ﻧﻈﻢ ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ ﺣﻜﺎﻳﺘﻴﻦ ﻣﻦ وﺣﻲ ﺧﻴﺎﻟﻪ ﻛﺎن ﺟﺤﺎ ﺑﻄﻠﻬﻤﺎ ،اﻷوﻟﻲ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﺎ ﺻﺎﺣﺐ دﻋﺎﺑﺔ، اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ،وﻫﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻄﻠﺐ ً ﻟﺬﻟﻚ رأي ﻣﻮﻻﻧﺎ أن ﺟﺤﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ،وﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ)ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺟﺤﺎ اﻟﺬي ﺗﻨﻘﺐ وﺟﻠﺲ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺴﺎء أﺛﻨﺎء اﻟﻮﻋﻆ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺗﺤﺮك،
ﻋﺮﻓﺖ اﻣﺮأة إﻧﻪ رﺟﻞ ﻓﺼﺮﺧﺖ( )ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻮﻟﻮي .ﻣﺜﻨﻮي ﻣﻌﻨﻮي .ﺟﻠﺪ ﭘﻨﺠﻢ .ﺻـ ، (870 – 869واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺴﺎدس أﺑﻄﺎﻟﻬﺎ ﺟﺤﺎ وزوﺟﺘﻪ واﻟﻘﺎﺿﻲ وﻗﺪ ﻗﺴﻤﻬﺎ ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ إﻟﻰ ﻋﺪة أﺟﺰاء.ﻫﺬا ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ورود اﺳﻢ ﺟﺤﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ زاﻛﺎﻧﻲ )م (772 – 768 /اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻔﻜﺎﻫﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻔﺎرﺳﻲ أﻳﻀﺎ ،ﺣﻴﺚ روى ﻋﻦ ﺟﺤﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮادر ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﻨﺎدرة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: »ﻛﺎن ﺟﺤﺎ ﻳﺴﺮق ﺧﺮﻓﺎن اﻟﻨﺎس ،وﻳﺘﺼﺪق ﺑﻠﺤﻤﻬﺎ ،ﻓﺴﺄﻟﻮه ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ :ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا؟ ﻗﺎل :ﻳﺘﺴﺎوى ﺛﻮاب اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻣﻊ ذﻧﺐ اﻟﺴﺮﻗﺔ ،وﺑﻴﻦ ﻫﺬا وذاك ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻟﻲ ﺷﺤﻤﻬﺎ ،وﻟﻴﺘﻬﺎ« ).ﻋﺒﻴﺪ زاﻛﺎﻧﻲ .رﺳﺎﻟﻪ دﻟﮕﺸﺎ .ص(78 ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ورود ذﻛﺮ ﺟﺤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻌﺮاء واﻷدﺑﺎء اﻟﻔﺮس ،ﺑﻞ ﻧﺴﺒﺖ ﻟﻤﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮادر اﻟﺠﺤﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ )روزﻫﺎى اﻳﻦ ﺷﻬﺮ ( أي أﻳﺎم ﻫﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ» :دﺧﻞ اﻟﻤﻼ إﺣﺪى اﻟﻤﺪن ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﻓﺴﺄﻟﻪ ﺷﺨﺺ :ﻣﺎ اﺳﻢ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم؟ ﻓﻘﺎل اﻟﻤﻼ :أﻧﺎ ﻗﺪﻣﺖ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ، وﻻزﻟﺖ ﻻ أﻋﺮف أﻳﺎم ﻫﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﻓﺎﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﺴﺄل أﻫﻠﻬﺎ« )ﺟﻮاﻫﺮى .ﻟﻄﻴﻔﻪ ﻫﺎى ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ .ص .(27 ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﺈن ﻫﻨﺎك ﻧﻮادر ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ وﺟﺤﺎ اﻟﺘﺮﻛﻲ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑـ »ﺧﻮﺟﻪ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ« أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ »ﺑﺮاى ﭼﻰ ﺧﻮب اﺳﺖ؟« أي ﻷي
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
91
أﻃﻠﻘﻪ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ »ﻧﺼﺮاﻟﺪﻳﻦ« ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ »ﺟﺤﺎ« .ورﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻟﻘﺐ »ﻣﻼ« ﻣﻦ دﻻﻟﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺨﻴﻢ واﻻﺣﺘﺮام وا ٌﻹﺟﻼل ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ارﺗﺒﻄﺖ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻧﺼﺮاﻟﺪﻳﻦ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﺑﻪ .وﻗﺪ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ ﻟﺘﺄﺛﺮ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ اﻟﻤﻠﻘﺒﺔ ﺑـ )ﺧﻮﺟﻪ( ،واﻟﺘﻲ ﺷﻐﻠﺖ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﻘﻀﺎء واﻟﻮﻋﻆ واﻟﺘﺪرﻳﺲ .ﻓﻘﺪ ﻟﻌﺐ ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ )اﻟﻔﺎرﺳﻲ( ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻫﺬه اﻷدوار ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻨﺎس ﻻﺳﺘﺸﺎرﺗﻪ واﻟﺘﻮﺟﻪ إﻟﻴﻪ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻟﺤﻞ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ ،وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻨﻬﻢ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ )در ﻛﺠﺎ ﺑﻮدﻧﺪ؟( أي :أﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا؟ ،واﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ )ﺟﻮاب ﻣﻨﻄﻘﻲ( أي اﻟﺠﻮاب اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ،واﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ ﺑـ)ﺳﺆال ﻣﻼ( أي ﺳﺆال اﻟﻤﻼ) .ﺟﻮاﻫﺮى .ﻟﻄﻴﻔﻪ ﻫﺎى ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ .ص.(33 ،22 ،14 ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﻮادر ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻋﻨﺪه. ﺣﻘﻴﻘﺔ وﺟﻮد ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ!
وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻵراء ﺣﻮل ﻣﺪى ﺣﻘﻴﻘﺔ وﺟﻮد ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ،ﺑﻞ إن ﻣﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﺣﻮل اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﺣﻮل ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ،ﻓﻘﻴﻞ إﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﺮاﺳﺎن وﻗﺪ ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ
اﻟﻬﺠﺮي ،ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ إﻧﻪ ﻣﻦ أﺻﻔﻬﺎن ،وﻗﺪ ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ اﻟﻬﺠﺮي ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﺒﻌﺾ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻋﺎﺻﺮ ﺗﻴﻤﻮرﻟﻨﮓ أﻳﻀﺎ. وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮه ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ اﺑﺘﺪﻋﻬﺎ اﻟﻮﺟﺪان اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ .ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﻪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻧﻮادره ﻣﻦ ﺷﻬﺮة ﻛﺒﻴﺮة ﺑﻴﻦ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻴﻦ ﺧﻼل ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺑﻌﺪﻫﺎ ،واﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻨﺎدرة اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ رﻏﺒﺔ أﺑﻲ ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺨﺮاﺳﺎﻧﻲ )م137 -ﻫـ( ﻟﺮؤﻳﺔ ﺟﺤﺎ واﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻜﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﻟﻨﺎدرة أن أﺑﺎ ﻣﺴﻠﻢ ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻊ ﻋﻨﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻃﻠﺐ رؤﻳﺘﻪ .وﺗﺤﻜﻲ اﻟﻨﺎدرة أﻧﻪ ﻟﻤﺎ ورد أﺑﻮ ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺨﺮاﺳﺎﻧﻲ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﻗﺎل ﻟﻤﻦ ﺣﻮﻟﻪ :أﻳﻜﻢ إﻟﻲ ﻓﻘﺎل ﻳﻘﻄﻴﻦ :أﻧﺎ .ودﻋﺎه ،ﻓﻠﻤﺎ دﺧﻞ ﻳﻌﺮف ﺟﺤﺎ ﻓﻴﺪﻋﻮه ﱠ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻏﻴﺮ أﺑﻲ ﻣﺴﻠﻢ وﻳﻘﻄﻴﻦ ،ﻓﻘﺎل :ﻳﺎ ﻳﻘﻄﻴﻦ أﻳﻜﻤﺎ أﺑﻮ ﻣﺴﻠﻢ؟ )ﻋﺒﺪاﻟﺴﺘﺎر أﺣﻤﺪ ﻓﺮاج .أﺧﺒﺎر ﺟﺤﺎ .ﺻـ – 63 .(64ﻫﺬا ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن اﻟﻔﺮس– ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎل– ﻗﺪ ﺗﻌﺮﻓﻮا ﻋﻠﻰ ﻓﻦ اﻟﻨﻮادر ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺗﺄﺛﺮوا ﺑﻪ ،ﻓﺘﻘﻮل دﻛﺘﻮرة ﺛﺮﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ » ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻮل أن ﻓﻦ اﻟﻤﻠﺢ واﻟﻨﻮادر ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮ ﻓﻲ ﻇﻬﻮره ﺑﺎﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺼﻮرة واﺿﺤﺔ ،ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮادر اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﻣﺮوﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ اﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ اﺗﺨﺬت ﺧﺎﺻﺎ أﻗﺮب إﻟﻰ روح اﻟﻔﺮس ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻷﺳﻠﻮب« )ﺛﺮﻳﺎ ﻃﺎﺑ ًﻌﺎ ً ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﺴﻴﺪ .ﻓﻦ اﻟﻤﻠﺢ واﻟﻨﻮادر ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ دراﺳﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ .ﺻـ .(172ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ أن ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻔﺮس اﺳﻢ »ﺟﺤﺎ« ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻠﻬﺰل واﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ،دون اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﻼ ﻧﺼﺮ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل، ﻣﻨﻮﭼﻬﺮي اﻟﺪاﻣﻐﺎﻧﻲ )م432/ﻫـ( ،اﻟﺬي ﻳﻘﻮل» :ﻓﻲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬه
» ُﻣﻼ ﻧﺼﺮاﻟﺪﻳﻦ« ﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺬي اﺧﺘﺎرﺗﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﻟﺘﻄﻠﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .وﻫﻮ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻓﻜﺎﻫﻴﺔ ﻣﺎزﺣﺔ ،وﻗﺪ ﻋﺮﻓﺘﻪ أﻛﺜﺮ دول اﻟﺸﺮق ﺑﺸﺨﺼﻴﺘﻪ اﻟﻤﺰدوﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﺴﺬاﺟﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ،وأﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء اﻟﺸﺪﻳﺪ
90
»ﺟﺤﺎ اTﻳﺮاﻧﻲ«
* أﻛﺎدﻳﻤﻲ وﻧﺎﻗﺪ -اﻟﻤﻐﺮب
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﺮواﺋﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺮ ﻓﻲ أزﻣﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ .ﻟﻘﺪ ﺑﺎﺗﺖ اﻵن ﺑﻴﻦ ﻣﻨﺘﺠﻲ اﻟﺴﺮد .ﺑﻞ إن ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎون ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺴﺮدي .ﻓﺎﻟﺮواﺋﻲ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻤﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻘﺎرئ ،وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ ﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻟﺬي ﻳﺤﻮل اﻟﻨﺺ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﻌﺮض ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺨﺮج. ﻛﻤﺎ أن اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻤﺘﺮاﺑﻄﺔ ،ﻳﻨﺠﺰﻫﺎ اﻟﺮواﺋﻲ ﻣﺘﺼﻼ ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻬﻨﺪس اﻟﺒﺮﻣﺠﻴﺎت .أي أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﺮدي ﺻﺎر ﻣﺤﺘﺮﻓﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﺗﺘﻀﺎﻓﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﺠﻬﻮد ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺴﻴﺪ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﻌﻪ ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ رواﺟﻪ وﺗﺄﺛﻴﺮه ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .وﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﻼص ﻛﻮن اﻟﻔﻦ ﻳﺴﺘﻌﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻌﺪه اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻣﻊ ﻓﺎرق أﺳﺎﺳﻲ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻳﺘﻤﺤﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮد ،وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ اﻹﻳﻘﺎع. ﺗﻄﻮرت اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة، وﺑﺮزت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺮواﻳﺔ .ﻟﻜﻦ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﺻﺎرت دﻳﻮان اﻟﻌﺮب، ﻣﺎ ﺗﺰال ﻟﻢ ﺗﺮق ﺑﻌﺪ إﻟﻰ اﺧﺘﺮاق ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻴﺤﻬﺎ ﻟﻬﺎ اﻟﺴﺮد .ﻛﻤﺎ أن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻣﻌﻬﺎ اﻟﻤﺴﻠﺴﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻣﺎ ﺗﺰال ﻓﻲ ﻃﻮر ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ .إن اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺎﻟﻲ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﺰﺧﺮان ﺑﻤﺎدة ﺳﺮدﻳﺔ ﻏﻨﻴﺔ وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، واﺳﺘﺜﻤﺎر ﻫﺬه اﻟﻤﺎدة رﻫﻴﻦ أوﻻ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺴﺎرد اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﻤﺎدة ،وﺛﺎﻧﻴﺎ ﺑﻔﺘﺢ ﻗﻨﻮات ﻟﻠﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﻛﻞ اﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺤﻮل اﻟﺴﺮد إﻟﻰ اﻟﺼﻮرة واﻟﺤﺮﻛﺔ. وﺛﺎﻟﺜﺎ ﺑﺘﻄﻮر اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﺎﻧﻔﺘﺎﺣﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺼﻮري .ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ أن ﻳﺼﺒﺢ دﻳﻮاﻧﺎ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﻌﺮب ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺎﻓﺴﻮا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻳﻘﺪﻣﻮا إﻧﺘﺎﺟﺎت ﺳﺮدﻳﺔ ﻣﺘﻄﻮرة وﻣﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻊ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﻌﺼﺮ
»ﺟﺤﺎ ا ﻳﺮاﻧﻲ« ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ وﻧﻮادره د .إﻳﻨﺎس ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ@
ﺗﻌﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺤﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻌﺎﺑﺮة ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ؛ ﺣﺘﻰ ﻟﺘﻜﺎد ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ »ﺟﺤﺎ« اﻟﺨﺎص ﺑﻬﺎ ،وإن اﺧﺘﻠﻔﺖ أﺳﻤﺎؤه .ﻓﻔﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻧﺘﺤﺪث ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺤﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺟﺤﺎ اﻟﺘﺮﻛﻲ ،وﺟﺤﺎ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ وﺟﺤﺎ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ،وﺟﺤﺎ اﻟﺒﻠﻐﺎري وﺟﺤﺎ اﻷذرﺑﻴﺠﺎﻧﻲ وﺟﺤﺎ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ....إﻟﺦ ،ﻧﺠﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﺤﺎ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ .وﺗﻜﺎد ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ،وإن اﺣﺘﻔﻈﺖ ﻛﻞ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺨﺼﻮﺻﻴﺎت ﻣﺎ .وﻟﻜﻦ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻬﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،أﻧﻬﺎ رﺑﻄﺘﻪ ﺑﺮوﺣﻪ اﻟﻤﺮﺣﺔ، اﻟﺴﺎﺧﺮة ﺳﺨﺮﻳﺔ ﻻذﻋﺔ.
» ُﻣﻼ ﻧﺼﺮاﻟﺪﻳﻦ« ﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺬي اﺧﺘﺎرﺗﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﻟﺘﻄﻠﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .وﻫﻮ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻓﻜﺎﻫﻴﺔ ﻣﺎزﺣﺔ ،وﻗﺪ ﻋﺮﻓﺘﻪ أﻛﺜﺮ دول اﻟﺸﺮق ﺑﺸﺨﺼﻴﺘﻪ اﻟﻤﺰدوﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﺴﺬاﺟﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء اﻟﺸﺪﻳﺪ .ﻏﻴﺮ أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ رﺑﻄﺘﻪ – ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن ﺑﺎﻟﺴﺬاﺟﺔ وﺳﻼﻣﺔ اﻟﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﺧﺘﺎر ﻟﻪ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن ﻟﻘﺐ»ﻣﻼ« اﻟﻤﺄﺧﻮذ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻔﻈﺔ »ﻣﻮﻻي« اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ رﺟﻞ اﻟﺪﻳﻦ ،وﻫﻮ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ اﻷﺳﺘﺎذ أو اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ أو اﻟﻌﺎﻟﻢ أو اﻟﻔﺎﺿﻞ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
89
ﻣﺪارات
اﻟﻤﻠﺤﻤﺔ ،اﻟﺮواﻳﺔ، اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ » «2 -2 د .ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ@
إن اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ »رواﻳﺔ« ﺟﺪﻳﺪة ﻳﺠﺪ ﻣﺴﺘﻨﺪه ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﻣﺘﻠﻘﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺮد ﻗﺼﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺤﻜﻲ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻮﺳﻴﻂ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺗﻘﻨﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﺼﻮﺗﻲ واﻟﺼﻮري وﺗﻄﻮره. ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻮل اﻟﺴﺮد اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ ﻣﻦ ﻓﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺴﻤﺮ إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎب )ﻣﺨﻄﻮﻃﺎ وﻣﻄﺒﻮﻋﺎ( إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﻋﺒﺮ أﻣﻮاج اﻹذاﻋﺔ ﻓﻲ أي ﻓﻀﺎء ،إﻟﻰ ﺻﺎﻟﻮن اﻟﺘﻠﻔﺰة ﻓﻲ أي ﻣﻨﺰل .وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺼﻴﺮورة ﻛﺎﻧﺖ أﻧﻮاع اﻟﺴﺮد ﺗﺘﺠﺪد وﺗﺘﻄﻮر ،ﻓﻴﺘﻼﺷﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ،وﻳﺒﺮز ﺑﻌﺾ آﺧﺮ. ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﻘﺮوء إﻟﻰ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ،ﻓﺈذا ﺑﻨﺎ أﻣﺎم ﺧﻄﺎب ﺟﺪﻳﺪ ،ﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻼﻣﺢ ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ ﻋﻼﻣﺎت ﺗﻌﺠﺰ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﺗﺘﻘﺪم إﻟﻰ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻠﻐﺔ. ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺤﻮل ﺻﺎرت اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﺎدة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺻﺎرت ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺗﻘﻨﻴﺎﺗﻬﺎ .ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﻛﺎﺗﺐ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ ﻟﻴﺲ ﺳﻮى رواﺋﻲ ﻳﻜﺘﺐ ﻧﺼﺎ ﻟﻴﺘﻼءم ﻣﻊ أﺟﻮاء اﻟﻔﻴﻠﻢ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﻪ. ﺳﺎﻫﻢ ﺗﻄﻮر اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ إﻟﻰ ﻓﻀﺎء اﻷﺳﺮة .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺑﺪوره ﺻﺎر ﻓﻀﺎء ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﺴﺮدي اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻪ ﻓﻀﺎء اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،وﻛﺎن ﻟﺘﻄﻮر اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ اﻟﺘﻨﺎﻇﺮي واﻟﺮﻗﻤﻲ دوره ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﻘﻴﺪ ﺑﺒﺮﻣﺠﺔ اﻟﻘﻨﺎة اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﺔ ،أو ﻗﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،إﻟﻰ ﺟﻌﻞ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪة ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺰﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ،وﻟﻴﺲ ﺗﻮﻗﻴﺖ اﻟﻘﻨﺎة. ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺴﺮد ،أﻳﺎ ﻛﺎن اﻟﻮﺳﻴﻂ ﺗﺠﻠﻴﺎ ﻟﻠﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ .ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻏﺮو أن ﻧﺠﺪ اﻟﺴﺮد ﻳﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺗﻔﻮق ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﺮ ،ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺮ)أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر(، وﻣﻊ اﻷدب )ﺑﺪءا ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ( ،وﻣﻊ اﻟﺮواﻳﺔ 88
اﻟﻤﻠﺤﻤﺔ ،اﻟﺮواﻳﺔ ،اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ »«2-2
)إﻟﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ( .ﻟﻘﺪ ﺻﺎر اﻟﺴﺮد ﺟﻨﺲ اﻷﺟﻨﺎس ،اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ وأﺟﻨﺎس اﻟﻜﻼم واﻟﺼﻮرة واﻟﺤﺮﻛﺔ. ﻟﻘﺪ أﺿﺤﻰ اﻟﺴﺮد ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺘﺠﻠﻲ ﻣﻦ أﺻﻐﺮ وﺣﺪة ﺣﻜﺎﺋﻴﺔ )اﻟﺨﺒﺮ( ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ إﻟﻰ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﺪ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻼت .ﻛﻤﺎ ﺳﺎﻫﻢ ﺗﻄﻮر اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ اﻟﻤﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ،ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺎﺳﻮب اﻟﻤﻮﺻﻮل ﺑﺎﻟﻔﻀﺎء اﻟﺸﺒﻜﻲ ،ﻓﻲ إﺑﺮاز ﺗﻠﻚ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﺼﻮى ،وﻗﺪ ﺻﺎر اﻟﺴﺮد ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﻞ اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺘﻲ وﻇﻔﺖ اﻹﻧﺴﺎن ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﺮد وﺗﻠﻘﻴﻪ .ﻛﻤﺎ ﺻﺎر اﻟﻤﺠﺎل اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ اﻟﻔﻀﺎء اﻷرﺣﺐ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻛﻞ اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺴﺮدﻳﺔ أﻳﺎ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﻬﺎ أو وﺳﻴﻄﻬﺎ. وﻛﺎن أن ﺗﻄﻮرت اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﻜﺘﻮب إﻟﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻀﻤﻦ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻠﻐﺔ ،اﻟﺼﻮرة ،واﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ .وﺑﺪأت ﺗﺒﺮز ﻣﻼﻣﺢ ﻧﺺ رواﺋﻲ ﺟﺪﻳﺪ )اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻤﺘﺮاﺑﻄﺔ( ﻳﻮﻇﻒ ﻛﻞ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺤﺎﺳﻮب وﺑﺮﻣﺠﻴﺎﺗﻪ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﻳﺘﻴﺢ أﻛﺒﺮ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ،وإﺑﺮاز دوره ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺺ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ. ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺤﻤﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻤﺘﺮاﺑﻄﺔ ،ﻣﺮورا ﺑﺎﻟﺮواﻳﺔ ،اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺴﺮد ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻳﻀﻢ أﻧﻮاﻋﺎ ﺗﺘﺠﺎور ﻣﻊ أﺟﻨﺎس أﺧﺮى إﻟﻰ ﺟﻨﺲ ﺷﺎﻣﻞ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻛﻞ اﻷﺟﻨﺎس، وﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺣﺪ أﻧﻮاﻋﻪ .وﻟﻢ ﻳﺘﻴﺴﺮ ﻫﺬا إﻻ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺧﻼل اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،واﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻴﻮﻧﺎن واﻟﺮوﻣﺎن ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺸﻌﺮي ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ أﻧﻮاع ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻷﺧﺒﺎر واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻟﺘﻮارﻳﺦ ،،،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺨﻠﺺ إﻟﻰ أن اﻟﺴﺮد ﺻﺎر اﻵن ﻳﺤﺘﻞ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺸﻌﺮ ذاﻫﺒﻴﻦ إﻟﻰ أن اﻟﺴﺮد ،وﻟﻴﺴﺖ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﻫﻮ اﻟﺪﻳﻮان اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻟﻢ ﺗﺒﻖ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﻨﺎﺛﺮ ،أو اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﻜﺎﺗﺐ ،أو
اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻛﻔﺮص ﻹﻛﺴﺎب اﻻﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻟﻬﻮﻳﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ،وآداب وﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ،واﻻﺧﻼق واﻟﻌﺎدات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻷﺟﻞ زرع ﺑﺬور اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ روح اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﺣﺘﻔﺎﻻت ﺣﻖ اﻟﻠﻴﻠﺔ .وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺠﺘﻤﻊ اﻷوﻻد واﻟﺒﻨﺎت ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ﻣﺸﻜﻠﻴﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺻﻐﻴﺮة ﺗﺘﻮزع ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻴﺎء ،ﻳﺤﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻴﺲ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش ،ﻳﺠﻤﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻮزﻋﻪ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺴﺮات واﻟﺤﻠﻮﻳﺎت وﺣﺘﻰ اﻟﻨﻘﻮد ﻣﺮددﻳﻦ أﻫﺎزﻳﺞ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬـﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ .ﻣﻨﻬﺎ : اﻋﻄـﻮﻧﺎ ﻣـﻦ ﺣـﻖ اﻟﻠـﻪ
اﻋﻄﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﻠﻪ ﻳﺮﺿﻲ ﻋﻠـــﻴﻜﻢ اﻟﻠﻪ اﻋﻄﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻐﻔﻪ ﻟﻮ ﺑﺎﻟﺠﻴﻠﻪ اﻋﻄﻮﻧﺎ اﻟﻠﻪ ﻳﻌﻄﻴﻜﻢ ﺑﻴﺖ ﻣﻜﻪ ﻳﻮدﻳــﻜﻢ ﻳﺎ ﺧﺎﻟﺘﻲ اﻋﻄﻴﻨﺎ وﺑﺎﻟﻠﻪ اﺟﺴــــﻤﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ رﺑﻨﺎ ﻋﺴﻰ ﻳــــﻬﺪﻳﻨﺎ وﻳﺒﺠﻴﻨﺎ ﻷﻫــــﺎﻟﻴﻨﺎ ﺟﺪام ﺑﻴﺘﻜﻢ وادي واﻟﺨﻴﺮ ﻛــــﻠﻪ ﻳﻨـﺎدي ﻣﺸﻜﻮر اﻟﻠﻲ ﻋﻄﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﻧﺤــﺮﻣﻪ ﻋﺴــــﺎﻧﺎ ﺟﺪام ﺑﻴﺘﻜﻢ ﻃﺎﺳﻪ ﻧﻌــــﻠﻪ ﻗـــﻮي ﺑﺎﺳﻪ ﺟـــﺪام ﺑﻴﺘﻜﻢ ﻋﻠﻪ ﻧﻌــــﻞ اﻟﺒﺨﻞ ﻣﺎدﻟﻪ
أو ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ وﻫﺬا ﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﻃﻘﻮس وﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﺤﻤﻴﺪة. وﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺘﺤﻤﻴﺪة: ُ أوﻣﻴﻦ اﻟـﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ اﻟــــﺬي ﻫــــﺪاﻧﺎ ُ أوﻣﻴﻦ ﻟﺪﻳﻦ واﻹﺳـــــﻼم اﺟﺘﺒـــــﺎﻧﺎ أُوﻣﻴﻦ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻖ ﺳﺒــــــﺤﺎﻧﺎ أُوﻣﻴﻦ ﺑﻔﻀـﻠﻪ ﻋـــــــﻠّﻤﻨﺎ اﻟﻘـــــﺮآﻧﺎ ُ أوﻣﻴﻦ ﻧﺤﻤــــــﺪه ﺣـــﻘّﻪ أن ﻳﺤﻤﺪا ُ أوﻣﻴﻦ ﺣﻤﺪا ﻛﺜﻴﺮا ﻟﻴﺲ ﻳﺤﺼﻰ ﻋﺪدا أُوﻣﻴﻦ ﻃﻮال اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ واﻟـﺰﻣﺎن ﺳـﺮﻣﺪا درا إﻣﺎراﺳﺎت ﺗﻴﺔ
اﻟﺘﺤﻤﻴﺪة
اﻟﺘﺤﻤﻴﺪة أو اﻟﺨﺘﻤﺔ أو اﻟﺘﻮﻣﻴﻨﺔ ﻣﻈﻬﺮ اﺣﺘﻔﺎﻟﻲ اﻋﺘﺎد أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات إﻗﺎﻣﺘﻪ ﺗﻘﺪﻳﺮا ً وﻣﻜﺎﻓﺄة ﻟﻸﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺧﺘﻢ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ وﺣﻔﻈﻪ .ﻓﻴﻠﺒﺴﻮﻧﻬﻢ اﻟﺜﻴﺎب اﻟﺰاﻫﻴﺔ وﻳﻨﺸﺪون ﻣﻌﻬﻢ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻳﻘﺪﻣﻮن اﻟﻬﺪاﻳﺎ ﻟﻬﻢ .وأﻳﻀﺎً ﻟﻠﻤﻄﻮع اﻟﺬي ﺗﻮﻟﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ .إن ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎل أو ﻫﺬه اﻟﻄﻘﻮس ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺪم واﻻﻧﺠﺎز ﻛﻤﺎ أن ﻟﻬﺎ ﻣﻔﻌﻮﻻ اﻳﺠﺎﺑﻴﺎ وﻗﻮﻳﺎ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺸﻌﺮه ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة وﺗﻨﺸﻂ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺔ واﻻﺣﺘﺮام واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎح. ﻓﺈذا أردﻧﺎ اﻟﻨﺠﺎح ﻷﺑﻨﺎﺋﻨﺎ وﺣﻴﺎة أﻓﻀﻞ ﻟﻬﻢ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺘﺤﻔﻴﺰ واﻟﺘﺸﺠﻴﻊ وﺳﻮاء ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺤﺎﻓﺰ ﻣﺎدﻳﺎ
دراﺳﺎت إﻣﺎراﺗﻴﺔ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
87
أﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ
أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت
وﻫﻲ أﻏﻨﻴﺎت اﻷم ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻃﻔﻠﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮر اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،وﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﻖ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻮاد وأﺷﺨﺎص ،ﻣﺜﻞ: اﻟﻠﻴﻠﺔ واﻟﻌﻴﺪ وﺧﺘﻤﺔ اﻟﻘﺮآن ..إن ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻫﺎﻣﺔ واﻟﺴﺒـﻊ رﻃـﻴﺒﺎت ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﻛﻞ ﻃﻔﻞ ﻓﻬﻲ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﺗﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﺮاﺣﻞ واﻟﺴــــــــــــــﺒﻊ رﻃﻴﺒـــــﺎت ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ وﺗﺘﺤﺪد ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻼﻣﺢ ﻣﻌـــــــــﻠﻘﺎت ﻓــــــﻲ اﻟﺘﻨﻮر ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ. واﻟﺘﻨـــــﻮر ﻳﺒﻐــــﻲ ﺣــــﻄﺐ واﻟــــــــــﺤﻄﺐ ﻓﻲ اﻟﺴــﻤﺮه ﻃﺎح اﻟﻤﻄﺮ واﻟﺴــــــــــﻤﺮه ﺗﺒﻐﻲ ﺟــﺪوم ﻃﺎح اﻟﻤـــــﻄﺮ ﺑﻴﺪ اﻟﻠﻪ واﻟﺠـــــــــــﺪوم ﻋﻨﺪ اﻟﺤـﺪاد ﻛﺴــــﺮ ﺣﻮي ﻋﺒﺪ اﻟــﻠﻪ واﻟﺤــــــﺪاد ﻳﺒﻐﻲ ﻓﻠــــــﻮس ﻃﺎح اﻟﻤــــــﻄﺮ ﺑﺮﻋﻮده واﻟﻔــﻠﻮس ﻋﻨﺪ اﻟﻌــــــــﺮوس ﻛﺴﺮ ﺣــــﻮي ﺳــــﻌﻮده واﻟﻌــــــﺮوس ﻳــــﺎﺑﺖ وﻟــــﺪ ﻃﺎح اﻟﻤــﻄﺮ ﻓﻲ اﻟﻮادي واﻟـــــﻮﻟﺪ ﺳـــــﻤﻮه ﺳــــــﻨﺪ وﺗﺒﺎﺷــــﺮت ﻟﺒــــــﻼدي ﻋــــــﺴﺎه ﺑﺨﻴــﺮ ﻣﺎﻳﻘﺎم اﻟﻠﻴﻞ ﻃﺎح اﻟﻤﻄﺮ ﻣﻦ ﻓﻮق ﻛﺴﺮ ﻓﻲ دﻳﻪ ﺳﺠﻴﻦ ذاﺑﺢ ﻣﺴــﺠﻴﻦ ﺣــﻮي ﺣـــﻮى ﺑﻦ ﻃﻮق ﻃﺎح اﻟﻤــــﻄﺮ ﻓﻲ اﻟﻐﻴﻤﺔ ﺣﻤﺎﻣﻪ ﻧﻮدي ﻛﺴﺮ ﺣـــــــﻮي ﻓﻄﻴﻤﻪ ﺳﻠﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﻌــﻮدي ﺣﻤﺎﻣﻪ ﻧﻮدي ﻧـــــﻮدي ﺑﻴﻴــﺐ ﺛﻴﺎب ﻋـــــﻜﻪ ﺳﻌﻮدي ﺳﺎر ﻣـــــــﻜﻪ أﻳﻀﺎً ﺻﻨﺪﻳﻘﻲ ﻣﺎﻟﻪ ﻣــﻔﺘﺎح ﺑﻴﺤﻂ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺪﻳــــﻖ ﻓﻠــﻮس ﻳﺒﻐﻲ واﻟﺤﺪاد اﻟﺤــﺪاد واﻟﻤﻔﺘﺎح ﻋﻨﺪ ﻣﻨﻰ ﺑﻘـﻴﺎدي إﻟـــــــﻰ اﺣﻠﻴﻦ ر ﻳﺎ ً واﻟﻌﺮوس ﺗﺒﻐﻲ ﻋـﻴﺎل واﻟﻔﻠﻮس ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮوس ﻫـ ّﻴﺠﺘﻤﻮا ﻳـــــﻮم اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻓﺆادي واﻟﺤﻠﻴﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﺒـــﻘﺮ واﻟﻌﻴﺎل ﻳﺒﻐﻮن ﺣـﻠﻴﺐ ﺳﺮﺗﻢ وﺳﺎر ﻋﻴﺴﻜﻢ ﻳﺎ وﺣﺸــﺘﻲ واﻟﺤﺸﻴﺶ ﻳﺒﻐﻲ ﻣﻄﺮ واﻟﺒﻘﺮ ﻳﺒﻐﻮن ﺣـﺸﻴﺶ اﻟﺸﻮق ﻳﻬﺠﻌﻨﻲ وﺻﻮت اﻟﺤﺎدي واﻟﻤﻄﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻻ إﻟﻪ إﻻ اﻟﻠﻪ ..ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﻓﺈذا وﺻﻠﺘﻢ ﺳﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﺒــــــﻠّﻐﻮا ﻣ ّﻨﻲ اﻟﺴﻼم إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻬــــﺎدي أﻳﻀﺎً: أﻏﺎﻧﻲ ا ﻟﻌﺎب أﻏﺎﻧﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل ) ﺑﻨﺎت ،ﺑــــــــــﺎﺟﺮ اﻟﻌﻴـﺪ ﺑﻨﺬﺑﺢ اﺑﻘــــــــــﺮه وأوﻻد( وﻫﻲ أﻟﻌﺎب ﻟﻬﺎ ﻃﻘﻮس وأﻫﺎزﻳﺞ ﻣﺘﻮارﺛﺔ ﻳﺘﻌﻠﻤﻬﺎ ﺑﻨﺨﻠﻲ ﺻﻨــــــــﻘﻮر اﻷﻃﻔﺎل وﻳﻤﺎرﺳﻮﻧﻬﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ: أﻳﻮد ﻣﺒﻌـــــــــــﺮه ﺧﻴﺴــــﺘﻨﻲ م اﻟﻴـﺮب ﻣـــــﺮﻳﺤﺎﻧﺔ اﻟﻌــــﺮب ﺧﻴﺴﺘـﻨﻲ م اﻟﻔﺴــــﻮ ﻣـــــﺮﻳﺤﺎﻧﺔ اﻟﺒـــــﺪو ﻣــــﺎ ﻳﻮزوﻧﻲ ﻋﺒــﺪي ﺣــــﻜﻮ ﺣﻜﻮ ﻳﺎ ﺟﺒﺪي ﺣﻖ اﻟﻠﻴﻠﺔ واﻟﻤـــﺎل ﻣــﺎل اﺧﻮﻳﻪ اﻟﻌﺒـــــــــﺪ ﻋﺒﺪ اﺑﻮﻳﻪ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﺳﻴﻠﺔ وأداة ﺗﻌﻴﻦ اﻷﺳﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﺗﻨﺸﺌﺔ ﺑﻴﻴﺐ ﻟــــﺞ ﻧﺴـــﻴﺐ ﻳــــﻤﻲ ﺧـــﻠﻴﻨﻲ ﺑﻜﺒﺮ أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻨﻤﻲ وﻋﻴﻬﻢ وإدراﻛﻬﻢ ﺗﺠﺎه ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻬﻢ ﺷـــﺮوى ﻋﻴﻮن اﻟﺬﻳﺐ ﻳﺎﻟـــــﺲ ﻋــــﻠﻰ ﺗﻨﻮه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻓﻨﺤﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت
86
اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اTﻣﺎراﺗﻲ »«2-3
درا إﻣﺎراﺳﺎت ﺗ ﻴ ﺔ
أﻳﻀﺎً ﻳﻘﻮﻟﻮن: ﺣﺒﻴﺘﻚ داﺧــــــــــﻞ ﻣﺴﺘﺪاﺧﻞ ﻣﻐـــــــــﺰر ﻟﻪ ﻣﺎﺗــــﺮاه اﻟﻌﻴـــــــﻦ ﺣﺒﻴﺘﻚ ﻣﺤﺒﺔ اﻷﻫــــــﻞ واﻟﻴﺮان ﻣـــــــﺤﺒﺔ اﻟﻀﻨﺎ ﻣــــــﺎﺣﺎزه اﻟﺪون ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﺤﺸﺎ ﻣﺴـﻮي ارﺳﻮم وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺜﻤــــــﺎم ﻟﻲ ﻣﺴﻮي ﻗﺮون أﻳﻀﺎً: ﺗﺮﻳﻴﺘﻚ ﻟﻴﻦ ﻋﺴﻌﺲ اﻟﺬﻳـــــﺐ واﻧﻄـــــــــــﻮى وﺣ ﱠﻨﺖ ﻛﻞ اﻟﺒﻜﻮر إن ﺟﺎن ﻻﻫﻨﻚ اﻟﻨﻮم ﻋــــــــﻨﺎ اﻟﻨــــﻮم ﺳﻠﻄﺎن ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻋﻠﻴﻚ إﻳﱡﻮر إن ﻻ ﻫـــــ ﱠﻨﻚ اﻟﺰﻳﻦ ﻋــــــــﻨﺎ ﻧــــــــــﺤﻨﺎ اﻟــــــــــﺰﻳﻨﻴﻦ ﻏﻴﻮر أﻳﻀﺎً ﺳﻤﻴﺘﻚ ﻧﺒﻬﺎن واﻧﺘﺒﻬﻮ ﺧـــﻮاﻟﻚ ﻳﺎﺧﻮال ﻧﺒــــــﻬﺎن اﻗﻌﺪو واﺗﻮﻗﻀﻮا اﻟﻀﻴﻒ ﻳﺤﺪاﻛﻢ واﻟﺤﺪﻳﺪ اﻳﺴﻦ ارﻛﺒﻮا اﻟﻤﺮﻏﻤﺎت ....وﺧﻠّﻮ اﻟﻤﺼﻬﻼت وادﻋﻮا ﻟﻤﺴﻴﺮ اﻟﻌﺸﺮ .....ﻳﻮم ﺑﻠﻴـــﻠﻪ
دراﺳﺎت إﻣﺎراﺗﻴﺔ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
85
أﻳﻀﺎً ﺣﺐ داﺧﻞ ﻣﺴﺘـﺪاﺧﻞ ْ أﺣﺒﺒﺖ وﻟﻴﺪي ٍ ﻣـــﻐﺰ ٍر ــــﻪ ﻣﺎ ﺗــﺮاه ﻋﻴـــﻮن ﺑـــــــــــــﻨﺘﻲ اﻟﻨــــــــﻔّﺎﻋﺔ ﺧﺬوﻫـــــﺎ ﺑﺎﻟﺒﺸـــــــﺎرة ﺳـــﺎﻋﺔ وﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎً اﻟﻠﻲ ﻳﺒﺎ ﻋـــــــــــــــــــﻮﺷﺔ ﻣﺤﻤـــــﺪ ﺳــــــﺎﻛﻦ اﻟﻮادي ﻫ ّﻮا ﻫ ّﻮا ﻳﺎﻟــــــــــــﻬﺎدي ﻻﻣـــــــــــــــــﺎي وﻻ زادي إﻳﺒﻴﻊ ﻣــــــﻦ ﻫــــــــــــــــــﻮﺷﻪ ﻫــــــــ ّﻮا ﻫــ ّﻮا ﻳﺎﺳـﻨﺎدي وإﻳﻴــــﺐ ِﺧـــــــــــــــﺪاﻣﻪ ﻫــــــــــﻮه ﻫــــــــــــــﻮه ﻫـــــــﻮه ﻫــــــــــــــﻮه ﺗـﻘﻄّــﻊ ﺧـــﻮخ ور ّﻣــــــﺎﻧﻲ ﻳﻤﺸــــــــــــــــﻮن ﺟـ ِـﺪاﻣــــــــﻪ اﻣــــــﻲ اﻣــﻲ ﻓﻠـﺒﺴﺘﺎﻧﻲ وﻳﺼــــــــــﻮغ ﻟـــــــﻬﺎ ﺛﺮﻳﺎ ﺗـﻤ ّﺰر ﻛـــــــﻞ اﻟﻮﻋﻴــــــﺎﻧﻲ اﻣـﻲ اﻣــــﻲ ف اﻟﻄﻮﻳﺎﻧﻲ ﺣﻠــــــــﻮه ﻋــــــــﻠﻰ ﻧﻬﺎﻣــــــــﻪ ﺣــــــــــﻠﻴﻠﺞ ﻳــــــــﺎ ﺑﻨﺘﻲ أﻳﻀﺎً ﻣـﻦ ﻋﺮﺳﺖ اﻷوﻻد ﺗﻤ ﱠﻴﺖ أﻧﺎ ِ واﻧﺖ ﻣـــﺪام ف اﻟـــــــﺒﻴﺖ ﻳـﺰﻟﻪ ﻫﺎوﻳﺖ ﻋﻠــــﻴﻚ ﻳﺎوﻟﻴﺪي اﻟﺒــــــــﺖ ﺑﻨﺖ أﺑـــــــﻮﻫﺎ ﻓـــﺮغ اﻟــﻬﻮا ﻣـــــــﻦ ﻗﻠﻴﺒﻲ وﻣـــﻦ ﻓﺮﻏﺖ اﻟﻴــــــﺰﻟﻪ واﻟﺨــــــــﻄﺎب إﺧــــــــــــﻄﺒﻮﻫﺎ ﻣـــــﺪام ف اﻟﺒﻴﺖ ﺷــــﺨّﺎﻟﻪ ﻫـــﺎوﻳﺖ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎوﻟﻴـﺪي ﺣـــــــــــــﻠﻔﻮا ﻣــﺎ ﻳﻮزوﻫﺎ ﻓـــــــــﺮغ اﻟﺒﻴﺖ دﺧـــــّﺎﻟﻪ ﻏﻴــــــــﺮ واﺣـــــﺪ ﺷــﺮوى اﺑﻮﻫﺎ وﻣﻦ ﻓﺮﻏﺖ اﻟﺸــــــﺨﺎﻟﻪ أﻳﻀﺎً: وﻣﻦ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﻬﺎواة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷوﻻد: ﻳﺎ ﻗﺒﺮ أﻣﻲ ﻋﻠﻴـــﻚ اﻟﺴـــــــﻼﻣﻲ ﻋﺪد اﻟﺸﺠــــﺮ واﻟﺤﺠﺮ واﻟﻄﻴﺐ واﻷﻧﻌﺎم ﺣﺒﻴﺖ وﻟﻴﺪي ﺣﺐ اﻟﻤﺎل واﻷﻫﻞ واﻟﻐﻨﻰ ﻳﺎﻣﺎ ﺣﻤﻠﺘﻲ ﺑﻲ ﺛــــــــﻤﺎﻧﻴﺔ أﺷﻬﺮ ﺣــﺐ اﻟﻀّ َﻨﺎ ﻣﺎ ﺣــﺎل دوﻧــﻪ دون واﻟﺘﺎﺳـــــﻊ ﻓـــــــــﻲ وزى وأﻣــــﺤﺎﻧﻲ ﺣﺐ ﻳﺪﻋﻲ اﻟﻤﻠﺢ ﺳــــﻜﺮ ْ أﺣﺒﺒﺖ وﻟﻴﺪي ٍ ﻳﺎﻣﺎ ﺣﺮﻣﺘﺞ ﻣـــﻦ ﻟـــــﺬﻳ ٍﺬ وﻃﻴﺐ ِ ﻳـــﺪﻋﻲ ﻋــﻮﻳﺪ اﻟﺜــﻤﺎم إﻛْـــﺮون واﺳﻬــــــــﺮت ﻋــﻴﻨﺞ ﻳﻮم اﻟﻌﺒﺎد أﻧﻴﺎﻣﻲ 84
اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اTﻣﺎراﺗﻲ »«2-3
درا إﻣﺎراﺳﺎت ﺗ ﻴﺔ
اﻟﻤﻬﺎواة
اﻟﻤﻬﺎواه ﻟﻮن ﻣﻦ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮر اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ أﺑﺪﻋﺘﻪ اﻷم اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ واﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﻫﺪﻫﺪة رﺿﻴﻌﻬﺎ ،وﺿﻌﺖ ﻓﻴﻪ أﺑﻠﻎ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻟﺨﻠﻖ ﺟﻮ ﻣﻦ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ واﻟﺮاﺣﺔ واﻟﻬﺪوء واﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻨﻤﻲ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ اﻻﺗﺰان اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ واﻟﻨﻔﺴﻲ. وﺣﻴﺚ أن اﻷم ﻫﻲ اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻷول ﻟﻠﻄﻔﻞ ،اﻟﺴﺎﻫﺮة ﻋﻠﻰ راﺣﺘﻪ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ ،ﺑﻌﻔﻮﻳﺔ وﺻﺪق وﻣﺸﺎﻋﺮ ﺣﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﻌﺎﻧﺖ ﺑﺎﻷداء اﻟﺼﻮﺗﻲ واﻟﻐﻨﺎء ﺑﻜﻠﻤﺎت ﺑﺴﻴﻄﻪ وﻫﻲ ﺗﻬﺪﻫﺪ ﻃﻔﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺪ ،وﺗﻬﻴﺌﻪ ﻟﻠﻨﻮم ،وﺗﻌﻠﻤﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻐﺔ وﻣﻔﺮدات وأﺷﻌﺎرا ً ،ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ﻳﻨﻤﻲ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،وأﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺧﻼل أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﻬﺎواة )اﻟﺘﻬﻨﻴﻦ واﻟﻬﺪﻫﺪ( ﺗﻐﺮس اﻷم ﻓﻲ ﻃﻔﻠﻬﺎ اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ واﻟﻤﺜﻞ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ. ﻓﺎﻟﻤﻬﺎواة أﻳﻀﺎ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻐﻨﺎء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي أﺑﺪﻋﺘﻪ وأﺟﺎدﺗﻪ اﻷم اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﺘﺮﺟﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺤﺐ واﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﻌﻄﻒ. وﻗﺪ ﺗﻨﻮﻋﺖ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﻬﺎواه واﺧﺘﻠﻔﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺔ إﻟﻰ أﺧﺮى ،ﻛﻤﺎ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﺎﻷوﺿﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻸﺳﺮ. وﻣﻦ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﻬﺎواه اﻟﺘﻲ ﺷﺪت وﺗﻐﻨﺖ ﺑﻬﺎ اﻷم ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات: إِ ْرﻛـــــِﺪْ ﻳﺎ وﻟﻴـــــــــــﺪي ﻃَ ﱠﻴ ْﺐ اﻟـــــ ﱠﺮب ﻧﻮﻣــــﻚ إِ ْر ِﻛـــــﺪْ ﻳﺎوﻟﻴــــــــــــﺪي ﻃَ ﱠﻴ ْﺐ اﻟﻠـﻪ ﻧﻮﻣــــــــــﻚ إِ ْر ِﻛـــــــــﺪْ ﻳﺎوﻟﻴــــــــﺪي رﻛْـــــــــــــــــﺪ ٍة ﻫـﻨ ﱠﻴﻪ رﻛْـــــــــﺪة اﻟﻐـــــــــﺰﻻن ﻓــــــــــﻲ اﻟ َﺒﺮﻳّـــــــــﻪ
وأﻳﻀﺎً ﻳﻠﻮﻣﻮﻧﻲ اﻷﻧﺬال ﻳﺎ وﻟـﻴﺪي ﻻ ﻛَﺜﱠﺮ اﻟﻠــــــــﻪ ﺧﻴﺮﻫﻢ ﻳﻠـﻮﻣﻮﻧﻲ ﻳﺎ وﻟﻴــــــــــﺪي ِ ﻟــــــﻲ ِﻣﻠْﺤﺠِ ﻨﻲ ﻣــــﻼم ﻳﻘﻮﻟـــــــﻮن :ﻳﺎ وﻟﻴــــﺪي درب اﻟﻀﻴﻒ ﻻ ﺗﻌﺘﻨﻲ ﻟﻪ ﻳﺒﻐـــــــــــﻮن اﻟـــــــﺮدى ﻳـــﺒﻨﻲ ﻋﻠ ﱠﻴﻪ اﻟﺴﻨـــــــﺎم أﻳﻀﺎً ﺳــــــﺮداﻟﻪ إﻣــــــــــْﻈﻠّﻞ ﻣــــــــﺎ ﻳــــﺒﻐﻲ إﻧْﻌﺎﺗﻲ ﻳﺎ ﻣﺤﻤــــــﺪ ﻳﺎﻟـــــــﻐﺎﻟﻲ ﺳﻔﻴﻨﺘﻪ ﺷﻠ ْﱠﺖ ﺟﺪا اﻟﻬﻴﺮاﺗﻲ ﻣـــــــﺎﻻﻣﻪ رﺑـــــﻊ إﺧْﻮاه ﻓـــــﻲ اﻟﺸﻲ اﻟﻠﻲ ﻓــﺎﺗﻲ وﻫﻨﺎك ﻣﻬﺎواة ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎت ﻣﻨﻬﺎ: إ ْﻣﻐﻴﺒــــــــﻮه ﻳﺎ اﻟﺒــــــﺎﻳﺮ أﺑــــــﻮﻫﺎ َﻣﺄذن وﺗــــﺎﻳﺮ ﺑﻌﺪﻟﻲ ﺷـــﺎف اﻟــــــــﺪّ ﺑﻪ ﻛــــــﻞ ﻳﻮم ﺑﻴﺤﺒﻬﺎ َﺣﺒـﻪ
دراﺳﺎت إﻣﺎراﺗﻴﺔ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
83
اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اWﻣﺎراﺗﻲ » «3 -2 ا.ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻨﻤﻮ
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻤﻴﻊ
اﻟﻤﻮروث اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻏﻨﻲ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻠﺖ وﺗﺄﺛﺮت ﺑﺎﻟﻈﺮوف اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﻓﻬﻨﺎك ﻓﻨﻮن وﻣﻮروث ﻏﻨﺎﺋﻲ ﺧﺎص ﺑﺄﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ وآﺧﺮ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺒﺪوﻳﺔ وﺛﺎﻟﺚ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ .ورﻏﻢ ﺗﺄﺛﺮ اﻟﻤﻮروث اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻈﺮوف اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ إﻻ أن ﺛﻤﺔ ﺗﺸﺎﺑﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ. وﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻤﻮروث اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻷﻃﻔﺎل:
82
اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اTﻣﺎراﺗﻲ »«2-3
ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺗﻤﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻴﻊ رﻗﻌﺔ ﺗﺮاﺛﻨﺎ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ اﻟﻘﺎﺻﻲ ﻋﻠﻰ دراﻳﺔ ﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ ،واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻨﺎ ﺧﺎرج ﺣﺪود اﻹﻣﺎرات وﻫﻮ أﺑﺮز ﻣﺎ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﺑﻪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ. اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻨﻮي
وﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ اﻻﻣﺎرات ﻣﻦ ﻧﺠﺎح ﻓﻲ ﺻﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﻼﻣﺎدي )اﻟﺼﻘﺎرة واﻷﻟﻌﺎب اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ( وﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺑﺎﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ،ﺗﺴﻌﻰ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ إﻟﻰ اﻟﻮﺻﻮل ﺑﺎﻟﺰي اﻹﻣﺎراﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺗﻘﻮل» :أﺳﻴﺮ وﻓﻘﺎ ﻟﻬﺪف ﺳﺄﺳﻌﻰ ﻟﻪ ،وﻟﻜﻞ ﻣﺠﺘﻬﺪ ﻧﺼﻴﺐ ،وﻫﻮ ﻓﻲ أن ﻳﺼﻞ ﻫﺬا اﻟﺰي اﻷﺻﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،وﻳﺼﺒﺢ ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻷﻃﻴﺎف اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﻜﺜﻴﺮون ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﻮﻃﻦ ﻫﺬا اﻟﺰي ،ﺣﻴﺚ واﺟﻬﺖ ﻣﻮﻗﻔﺎ أﺛﻨﺎء ﺗﻮاﺟﺪي ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت وﻛﻨﺖ أرﺗﺪي اﻟﺰي اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻻﻣﺎراﺗﻲ ﻷﺗﻔﺎﺟﺄ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻪ زي ﻛﻠﻴﻮﺑﺎﻣﺘﺮا ،ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻮﺟﻬﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﻮﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺰي اﻟﺜﻤﻴﻦ« »اﻟﺪﻣﺎﻧﻲ« ﻏﺰال اﻟﺠﺒﻞ
وﺗﺴﺘﻜﻤﻞ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺰي اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻬﺎ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻲ »اﻟﺪﻣﺎﻧﻲ« ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎة أﺑﻮ ﻇﺒﻲ، وﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺗﻘﻮل» :اﻟﺪﻣﺎﻧﻲ ﻫﻮ اﺳﻢ اﻟﻐﺰال اﻟﺠﺒﻠﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،اﻟﺬي ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻻﻣﺎرات ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻄﻨﻬﺎ،
وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ أﺳﺘﻜﻤﻞ ﻣﺴﻴﺮﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﺮض اﻷزﻳﺎء اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،وأﻗﺪم ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻲ وﻛﺬﻟﻚ أﺳﺘﻀﻴﻒ ﺷﺨﺼﻴﺎت ﻧﺴﺎﺋﻴﺔ ﺳﻮاء ﻓﻨﻴﺔ أو ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت أﺧﺮى وﻧﻨﺎﻗﺶ ﻗﻀﺎﻳﺎ وأﻣﻮر ﻧﺴﻠﻂ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻔﺘﺎة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺧﻄﻮط اﻟﻤﻮﺿﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ أﺣﺒﺒﺖ أن أﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻛﺈﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺤﺘﻮى وﻣﺨﺰون ﺛﻘﺎﻓﻲ ورﺳﺎﻟﺔ ﻫﺎدﻓﺔ«. وﺗﺨﺘﺘﻢ اﻟﻬﺎﺟﻮس اﻟﻠﻘﺎء ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ أن رﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﻛﺈﻋﻼﻣﻴﺔ وﻋﺎرﺿﺔ أزﻳــﺎء ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﻮروث أﺟﺪادﻧﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻪ ﺧﺎرج ﺣﺪود اﻟﻮﻃﻦ، وﻫﻲ أﺳﻤﻰ رﺳﺎﻟﺔ
ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
81
80
رﻓﻴﻌﺔ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ
ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
79
وﻫﻲ أﻳﻀﺎ ﻗﻼدة ﺣﻮل اﻟﻌﻨﻖ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺳﻼﺳﻞ أو ﺧﻴﻮﻃﺎً ﻳﺘﺪﻟﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻨﺪوق ﺻﻐﻴﺮ ﻣﺮﺑﻊ أو ﻣﺴﺘﻄﻴﻞ .و«اﻷﺳــﺎور اﻟﻤﺪﺑﺒﺔ« و»اﻟﻜﻒ« اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻷﺳــﺎور واﻟﺨﻮاﺗﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﻜﻒ، و»اﻟﻄﺎﺳﺔ« وﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻐﻄﻲ ﻓﺮوة اﻟﺮأس وﺗﺘﺪﻟﻰ ﻣﻨﻪ ﺳﻼﺳﻞ ذﻫﺒﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﺼﺎﻣﻴﻢ ،وﻛﺜﻴﺮ ﻣﺎﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﺮﺗﺪﻳﻪ اﻟﻔﺘﺎة ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ زﻓﺎﻓﻬﺎ ،و»ﺣﺰام اﻟﺬﻫﺐ« اﻟﺬي ﺗﺸﺪ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ وﺳﻄﻬﺎ وﻛﺎن ﻳﺴﻤﻰ »ﺑﺎﻟﺤﻘﺐ«. اﻟﻐﻤﺴﺔ واﻟﻘﺼﺔ وأﺑﻮ اﻟﺒﻴﻄﺎن
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻨﺎء وﻟﻬﺎ ﻧﻘﻮش ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺪاﺗﻨﺎ ﻳﻨﻘﺸﻦ أﻳﺪﻳﻬﻦ ﺑﻬﺎ وﻣﻨﻬﺎ »اﻟﻐﻤﺴﺔ واﻟﻘﺼﺔ وأﺑﻮ اﻟﺒﻴﻄﺎن« ،ﺣﻴﺚ ﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﻧﺴﺎء ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﻘﻮش اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ أﻳﺎﻣﻬﻦ. وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻜﺤﻞ » اﻷﺛﻤﺪ« وﻃﺮﻳﻘﺔ وﺿﻌﻪ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻠﻮﺟﻪ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ أﻛﺜﺮ وأﺣﻤﺮ اﻟﺸﻔﺎه اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻰ »دﻳﺮم« وﺑﻮدرة اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺐ ﻣﻦ إﻳﺮان وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﺴﺮﻳﺤﺔ اﻟﺸﻌﺮ، ﻟﺘﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ اﻟﺰﻳﻨﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻟﻠﻤﺮأة اﻻﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وأﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺜﻮب اﻹﻣﺎراﺗﻲ وﻣﺴﻤﻴﺎﺗﻪ وﺧﺎﻣﺘﻪ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻮب اﻟﻨﻘﺪة اﻟﺬي ﻳﻄﺮز ﺑﺨﻴﻮط اﻟﻔﻀﺔ ،واﻟﺜﻮب اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ » اﻟﻨﺸﻞ«. اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﺪاﺛﺔ
وﺣﻮل أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺪور اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات ،ﺗﻘﻮل اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ» :ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ
78
رﻓﻴﻌﺔ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ
اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاﺛﻨﺎ ﻣﻬﻤﺎ وﺻﻠﻨﺎ اﻟﻘﻤﺔ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻏــﻴــﺮه ،ﻓﻤﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺎﺿﻲ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺣﺎﺿﺮ، وﻫﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ رﺑﺎﻧﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺪﻧﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ،وﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻳﻌﻠﻢ أن اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﺣﻘﻘﺖ ﺗﻘﺪﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺎﻻت ﺣﺘﻰ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ أوﻟﻰ اﻟﻤﺮاﺗﺐ ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻣﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﺎداﺗﻨﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ ،ﻧﺒﺮزﻫﺎ ﻓﻲ اﺣﺘﻔﺎﻻﺗﻨﺎ ﺳﻮاء أﻋﻴﺎدا ً وﻃﻨﻴﺔ أو ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﻣﻮﺳﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﻳﺘﻮاﻓﺪ إﻟﻴﻬﺎ ﺟﺎﻟﻴﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ وﻟﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻳﺤﻮل دون اﺑﺮاز ﻫﻮﻳﺔ اﻻﻣﺎراﺗﻲ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺻﻤﻢ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻳﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎت اﻟﺘﺮاث ،وﻗﻨﻮات ﺷﻌﺮﻳﺔ وﺗﺮاﺛﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ أﺑﺮزت ﻣﺪى اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﺪاﺛﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻤﺎ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻤﻴﻞ إﻟﻰ إﺣﺪاﻫﻤﺎ دوﻧﻤﺎ اﻷﺧﺮى ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺣﺪاﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت
ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
ﺟﻌﻠﺖ رﻓﻴﻌﺔ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة »اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻗﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺮوﺣﻲ ﻷﻋﻤﺎﻟﻨﺎ« ﺑﻮﺻﻠﺔ ﺗﺮﺷﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺸﺎرﻳﻌﻬﺎ اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻟﻸزﻳﺎء اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻧﺠﺎﺣﺎ ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﺬا اﻟﺰي ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻋﻠﻰ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﺻﻮﻻ إﻟﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻬﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ »اﻟﺪﻣﺎﻧﻲ«. ﺗﻬﺪف اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻛﻌﺎرﺿﺔ أزﻳﺎء ﺗﺮاﺛﻴﺔ إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﺤﻴﺎة واﻟﺮوﻧﻖ ﻟﻬﺬا اﻟﺜﻮب اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﺑﻌﺪ أن ﺳﻜﻦ ﺧﺰاﺋﻦ اﻟﺠﺪات ،ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻟﺒﺴﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ »اﻟﻤﻠﺠﺔ« /اﻟﻤﻠﻜﺔ وﻫﻲ ﻋﻘﺪ اﻟﻘﺮان ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮوﺳﻴﻦ. أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻧﻮاع اﻟﺰي اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻛﺜﻴﺮون ﺑﺄﻧﻪ ﻧﻮع واﺣﺪ ﻓﺘﺘﻄﺮق اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ إﻟﻰ أﻧﻮاﻋﻪ وﻣﺴﻤﻴﺎﺗﻪ وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻜﻤﻼﺗﻪ ﻣﻦ ذﻫﺐ وﻏﻴﺮه ،وﺗﺴﺘﻄﺮد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﺻﻮﻻ إﻟﻰ ﺣﻠﻤﻬﺎ ﻓﻲ إﻳﺼﺎل ﻫﺬا اﻟﻜﻨﺰ اﻟﺜﻤﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ وﺗﺄﺳﻴﺲ دور أزﻳﺎء ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻛﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻫﺬا اﻟﺰي اﻷﺻﻴﻞ .
ﺑﺪاﻳﺎﺗﻲ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺴﻨﺘﻴﻦ ،ﺣﻴﺚ ﻛﻨﺖ أﻋﺮض ﺗﺼﺎﻣﻴﻢ ﻷﺷﻬﺮ اﻟﻤﺼﻤﻤﺎت اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺎت واﻹﻣﺎراﺗﻴﺎت ﻟﻠﺰي اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،اﻟﺬي اﺳﺘﻘﺮ ﺣﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺧﺰاﺋﻦ اﻟﺠﺪات ،وأﺻﺒﺤﻨﺎ ﻻ ﻧﺮاه إﻻ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻤﻠﺠﺔ »ﻋﻘﺪ اﻟﻘﺮان« ﻷﻇﻬﺮ ﻫﻨﺎ ﺑﺪوري وأذﻛﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﺴﻮه واﻧﺸﻐﻠﻮا ﺑﻜﻞ ﻣﺎﻫﻮ ﻋﺼﺮي وﺣﺪﻳﺚ ،وﺑﺪﻟﻴﻞ أﻧﻪ أﺻﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﻇﻬﻮرا ﻋﻦ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ،ﺣﻴﺚ أﺻﺒﺤﻦ اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻳﺮﺗﺪﻳﻨﻪ ﻣﻊ إﺿﺎﻓﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺰﻳﻨﺎت اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﻣﻦ أﺻﺎﻟﺘﻪ. اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺰي واﻟﻌﺎرﺿﺔ
وﺗﺮى اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ ﻋﻼﻗﺔ وﻃﻴﺪة ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺎرﺿﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ واﻟﺰي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﺣﻴﺚ إﻧﻬﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮان ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ﺗﻘﻮل: »اﻟﻔﺘﺎة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻤﻼﻣﺤﻬﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،ﻣﻦ ﻟﻮن وﺗﻘﺎﺳﻴﻢ وﺟﻪ وﻟﻮن ﺷﻌﺮ وﻛﺬﻟﻚ ﺟﻤﺎل ﻋﻴﻮن ،واﻟﻮﺟﻪ اﻻﻣﺎراﺗﻲ ﻳﺠﺴﺪ ﻫﺬا اﻟﺰي ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺤﻪ وﺗﻌﺎﺑﻴﺮه ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻘﺎﺳﻴﻢ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻦ ﻧﺠﺪ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺰي اﻟﺘﺮاﺛﻲ واﻟﻤﻼﻣﺢ اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻌﺎرﺿﺔ ﻣﻦ دوﻟﺔ أوروﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺸﻌﺮ ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﺎﺳﺘﺸﺎرة اﻟﺨﺒﺮاء ﺣﻮل ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻷزﻳﺎء اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﺗﻘﻮل اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ» :ﻟﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ«. ﺗﻜﻦ ﻓﻜﺮة ﻋﺎرﺿﺔ اﻷزﻳﺎء »اﻟﻤﻮدﻳﻞ« ﺗﺠﻮل ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻲ ،وﻟﻢ أﺗﻮﻗﻊ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻳﻮﻣﺎ أن أﺧﻮض ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،ﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻲ ﻫﻦ ﻣﻦ ﺷﺠﻌﻨﻨﻲ ﻋﻠﻰ زﻳﻨﺔ ا9ﻣﺎراﺗﻴﺔ ً ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺑﻄﻨﻲ ﺻﺪاﻗﺔ ﺑﻤﺼﻤﻤﺔ اﻷزﻳﺎء اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ وﺗﺆﻛﺪ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ أن اﻟﺨﺮوج ﺑﺎﻟﻤﻈﻬﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ أو »اﻟﻠﻮك اﻟﺘﺮاﺛﻲ« ﻣﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﻫ ّﺪﻩ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮاﻧﻲ أﺗﻨﺎﺳﺐ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎت ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻳﺘﻄﻠﺐ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ارﺗــﺪاء اﻟــﺰي اﻟﻤﺤﻠﻲ ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻜﻤﻼت وﻛﻨﺖ أﻟﺒﺲ ﻣﻦ ﺗﺼﻤﻴﻤﺎﺗﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻗﻤﺖ ﺑﺈرﺳﺎل ﺑﻴﺎﻧﺎﺗﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺗﻌﺰز روﻧﻖ ﻫﺬا اﻟﺜﻮب ،وﻛﺬﻟﻚ أﻧﻮاع إﻟﻰ ﺟﻬﺎت ﻋﺮﺑﻴﺔ وأورورﺑﻴﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ وﻣﺴﻤﻴﺎت ﻟــﻪ ،وﻫــﻲ ﺗــﻮﺿــﺢ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻣﻮاﺻﻔﺎت ﻋﺎرﺿﺎت اﻷزﻳﺎء، ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ» :اﻟﺰي اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻳﻜﻤﻠﻪ اﻟﺬﻫﺐ ﺣﺘﻰ أﺗﺄﻛﺪ إن ﻛﻨﺖ ﻓﻌﻼ أﺗﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ »ﻣﺮﺗﻌﺸﺔ« وﻫﻲ ﻗﻼدة ﺣﻮل اﻟﻌﻨﻖ ﺗﺮى اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﻄﻠﺒﻪ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻷﻧﻨﻲ – ﺗﺘﺪﻟﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻼﺳﻞ ذﻫﺒﻴﺔ ،ﺗﺤﺪث ﺑﺮﻳﻘﺎ اﻟﻌﺎرﺿﺔ ﺑﻴﻦ وﻃﻴﺪة ﻛﻌﺎدﺗﻲ -ﻻ أﺣﺐ أن أﻗﺪم ﻋﻠﻰ ﺷﺊ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ ارﺗﻌﺎﺷﻬﺎ ،و»اﻟﻄﺒﻠﺔ« ً وﺧﺼﻮﺻﺎ إن ﻛﺎن ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻌﻬﺪ دوﻧﻤﺎ ا9ﻣﺎراﺗﻴﺔ واﻟﺰي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي »أﻛﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮي« ﻣﺸﻘﺔ اﻟﺒﺤﺚ ا9ﻣﺎراﺗﻲ ،ﺣﻴﺚ أﻧﻬﻤﺎ واﻻﺳﺘﺸﺎرة ،وﺗﻠﻘﻴﺖ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﺧﺘﺼﺎﺻﻴﻴﻦ وﺧﺒﺮاء ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،ﻳﻈﻬﺮان ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻊ اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻛﻮن اﻟﻤﻮدﻳﻞ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻷوروﺑﻴﺔ . اﻧﻄﻠﻘﺖ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ ﻓﻲ ﻋﺮوض اﻷزﻳﺎء اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﻴﻦ ،وﺣﺼﺪت ﺷﻬﺮة ﻛﺒﻴﺮة ،ﻟﻜﻦ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺪأت ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﻴﻦ، وﻫﻲ ﺳﻌﻴﺪة ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﺎدة ﺑﺮﻳﻖ اﻟﺰي اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ اﻟﺬي اﻧﺤﺴﺮ دوره وﺑﺎت ﺣﺒﻴﺲ اﻟﺨﺰاﺋﻦ ،وﻋﻦ ذﻟﻚ ﺗﻘﻮل» :ﺑﺪاﻳﺔً ،ﻇﻬﺮتُ ﻟﻺﻋﻼم ﻛﻌﺎرﺿﺔ أزﻳﺎء ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺘﻴﻦ وﻟﻜﻦ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﻮار
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
77
أول ﻋﺎرﺿﺔ أزﻳﺎء ﺗﺮاﺛﻴﺔ إﻣﺎراﺗﻴﺔ
رﻓﻴﻌﻪ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ : اﻟﺰي اWﻣﺎراﺗﻲ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ
ﺣﺎورﺗﻬﺎ -ﺗﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺮي
اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﺨﻄﻮة ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ،وﺑﺈﻧﺠﺎز ﻣﺘﻔﺮد ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،وﺑﺨﻄﻰ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،ﻛﺄول إﻣﺎراﺗﻴﺔ دﻟﻔﺖ ﻋﺎﻟﻢ اﻷزﻳﺎء اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،دﻓﻌﻬﺎ ﺣﺒﻬﺎ ﻟﻠﻮﻃﻦ ووﻟﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺬي ﻏﺮﺳﺘﻪ اﻷﺳﺮة ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﺘﻬﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﺎﻓﺮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻮﻟﻮج ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺳﻔﻴﺮة اﻟﺰي اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،وأﻳﻘﻮﻧﺔ اﻟﺘﺮاث ،ﻣﻨﺘﺒﻬﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻮاﺟﻬﻬﺎ ﻛﻤﻬﻨﺔ دﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ ،ﻣﻮﻗﻨﺔ ﺑﻀﺮورة اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻷﺻﻴﻞ ﻣﻌﻨﻮﻳًﺎ وﻣﺎدﻳًﺎ واﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻪ.
76
رﻓﻴﻌﺔ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ
ﻣﻦ ﻳﺮاه ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻨﻮاﻣﻴﺲ اﻟﻨﺠﺎرﻳﻦ«. ﺣﻴﻦ ﻋﺎد ﺟﺎﺑﺮ ﻣﻜﺴﻮر اﻷﻣﺎﻧﻲ ،وﺟﺪ أﻣﺎﻣﻪ واﻗﻌﺎً ﺟﺪﻳﺪا ً، ﺷﺎﺑﺎً ﻳﻌﻠﻖ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎﻧﻖ ،وﺑﻠﺪا اﻧﻬﺪ ﺣﻴﻠﻬﺎ وﺿﺎع رﺑﺎﻃﻬﺎ وﺻﺎر اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻬﺎ ،ﻗﺎﺗﻼً ﺗﻼﺣﻘﻪ اﻟﺪﻣﺎء ،أو ﻗﺘﻴﻼ ﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﻘﺼﺎص. ﻛﺎن ﻟﻘﺎء اﻟﻨﺠﺎر وﺟﺎﺑﺮ ﺣﺘﻤﻴﺎً ،اﻷول ﻛﺎن ﻳﺘﺮﻗﺐ ﻋﻮدة اﻟﻬﺎﺋﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﺟﺪ ﻓﻲ »دار اﻟﺮﻣﺎد« ،ﻣﻀﻤﺎر ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﺎع ﻋﻤﺮه ﻛﻲ ﻳﺠﺪﻫﺎ وﻫﻲ ﺑﺠﻮار ﺑﻴﺘﻪ. اﻟﺘﻘﻰ اﻟﺮﺟﻼن ﻓﻲ ﻣﻮﻋﺪ ﻳﻌﺮﻓﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻳﻘﻮﻟﻮن إﻧﻪ »ﺻﺪﻓﺔ«، ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ وﻣﺼﻄﻔﻰ ﺣﺮﻳﺼﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﺸﻜﻞٍ ﻻﻓﺖ، ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺨﺸﻰ اﻟﻘﺪوم ﻣﺒﻜﺮا ً ﻷرض اﻟﻠﻘﺎء )اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺼﺒﺢ أرض ﻣﻌﺮﻛﺔ( ،ﻛﻲ ﻻ ﺗﻘﺘﺤﻤﻪ اﻟﻌﻴﻮن ﻛﺼﺒﻲ ﻳﻬﺮع ﻟﻠﻤﻌﺎرك اﻟﺼﻐﻴﺮة ،وﻻ ﻳﺮﻳﺪ أي ﻣﻦ اﻟﻐﺮﻳﻤﻴﻦ أن ﻳﺘﺄﺧﺮ، ﻓﻴﻘﺎل إن أﺣﺪﻫﻤﺎ ﺗﺮدد ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺨﻄﺮ. رﻏﻢ ﻛﻞ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت ،ﻛﺎن ﻣﺼﻄﻔﻰ أول اﻟﻮاﺻﻠﻴﻦ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،وﻗﻠﻘﻪ اﻟﻌﻤﻴﻖ داﻓﻌﺎً ﻟﻴﺒﻜﺮ ،ﻓﻤﺎ إن ﺗﻮﺳﻂ ﻗﺮص اﻟﺸﻤﺲ ﺳﻤﺎء اﻟﻔﻴﻮم ،ﺣﺘﻰ اﻧﺸﻘﺖ اﻷرض ﻋﻦ ﺳﻠﻴﻞ اﻟﻨﺠﺎرﻳﻦ ،ﺳﻼﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ ،وﺷﻨﺒﻪ ﻣﺪﻫﻮن ﻛﻲ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻘﻮر اﻟﺪﻧﻴﺎ. ﺗﻠﻔﺖ اﻟﻨﺠﺎر ﺣﻮﻟﻪ ،وﻃﺎر ﺻﺒﻴﺎﻧﻪ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ أﺧﺒﺎر ﺟﺎﺑﺮ، وﺑﺪأت اﻟﻬﻤﻬﻤﺎت ﺗﺴﺮي ،ﺣﺘﻰ ﺟﺎء اﻟﺨﺒﺮ اﻷﻛﺜﺮ ﻓﺠﺎﺟﺔ. ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﻓﻲ »ﺧﺺ« ﻓﻲ أرض ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ أﺑﻮ اﺻﺒﻊ ،وﻣﻌﻪ اﻣﺮأة ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﻨﺠﺎرﻳﻦ ﺻﻠﺔ ﻧﺴﺐ ﺑﻌﻴﺪة ،ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺪة ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ ،ﻻ ﻳﻤﻴﺰﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء ﺷﻲء ،ﺳﻮى ﺿﺨﺎﻣﺔ ردﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﻈﻴﻤﻴﻦ ،ﻟﻜﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻧﺘﻘﺎﻫﺎ ﻛﻲ ﻳﻜﺴﺮ ﺳﻤﻮم اﻟﺨﺼﻢ اﻟﻤﺘﺤﻤﺲ ،وﻳﻜﺴﺐ ﺟﻮﻟﺔ أوﻟﻰ دون أن ﻳﻠﺘﻘﻴﺎ ،وﺣﻴﻦ ﺟﺎء اﻟﺒﺸﻴﺮ ﻣﻦ آل ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺎﺋﻼً»:اﻟﺸﻴﺦ ﺑﻴﺒﻠﻎ اﻟﺴﻼم ،وﺑﻴﻘﻮﻟﻚ )ﻣﻌﺎي ﺣﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻚ ،أﺧﻠﺼﻬﺎ ،وآﺟﻲ أﺧﻠﺼﻠﻚ(«.
ﻃﺎر ﺻﻮاب ﻣﺼﻄﻔﻰ وﺻﺒﻴﺎﻧﻪ ،ﻓﺎﻹﻫﺎﻧﺔ اﻟﻤﺰدوﺟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮأى وﻣﺴﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻳﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻬﺠﻮم ﻋﻠﻰ أرض أﺑﻮ أﺻﺒﻊ ،ﻓﻮﺟﺊ اﻟﺤﺎﺿﺮون ﺑﺠﺎﺑﺮ ﻳﺤﻀﺮ راﻛﺒﺎً ﺑﻐﻠﺔ ﺷﺎﻣﻴﺔ ﻛﺎن واﻟﺪه ﻗﺪ ﺣﺮم ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺳﻮى وﻟﺪه اﻟﻤﺪﻟﻞ. ﻧﺰل ﺟﺎﺑﺮ ﻣﻦ ﺑﻐﻠﺘﻪ ،وذﻫﺐ ﻟﻴﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺠﺴﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻮض اﻟﻮﺳﻴﻊ ،واﻟﻨﺎس ﺗﻨﺰاح ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻳﺨﺸﻮن أن ﺗﺪوس أﻗﺪاﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺨﻄﺄ ﻋﻠﻰ ﻇﻞ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻤﻤﺪد أﻣﺎﻣﻪ ﻛﺤﺮس ﺷﺮف ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻐﻴﺐ. وﻗﻒ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺟﺎﺑﺮ ﻟﻴﻘﻴﺲ ﺧﺼﻤﻪ ،وأرﻋﺒﺘﻪ ﻧﻈﺮة اﻟﻌﻴﻮن اﻟﻮﺳﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﻣﺶ ﻛﻌﻴﻮن اﻟﻜﻮاﺳﺮ ،وﺣﻴﻦ ﻣﺪ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﺴﺎﻃﻪ ﺟﻠﺲ ﻣﺼﻄﻔﻰ وﻗﺪ أدرك أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل أﻣﺎﻣﻪ ،ﻟﺘﺘﺒﺪل اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻛﻠﻬﺎ ،وﻳﺘﺮاﺟﻊ اﻟﻨﺠﺎر ﻣﺤﺘﻔﻈًﺎ ﺑﻤﺸﻨﻘﺘﻪ ،أﻣﺎم اﻟﻬﺎﺋﻞ اﻟﻔﺎﺟﺮ اﻟﻘﺘّﺎل اﻟﺬي ﻋﺎد ﻟﻌﺮﺷﻪ ،ﻓﻴﻤﺎ اﻧﺘﻈﺮ ﻣﺼﻄﻔﻰ رﺣﻴﻼً ﺟﺪﻳﺪا ً ،ﻟﺮﺟﻞ ذاق ﺣﻼوة اﻟﻐﺮﺑﺔ ،وﻟﻦ ﻃﻮﻳﻼ ﻋﻠﻰ دﻧﻴﺎ اﻟﺴﻜﺎت. ﻳﺼﻄﺒﺮ ً ﻳﻘﻮل ﻣﺘﻮﻟﻲ»:ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎرﻳﻦ ﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻏﻴﺮت ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ ،ﻋﺮﻓﻮا أن ﺟﺎﺑﺮ )ﻛﺪا ﻛﺪا ﻃﺎﻳﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﺗﺎﻧﻲ( ،ﻓﻘﺮروا أﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻮدة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺻﺪاﻣﻴﺔ ،ﻃﺮﺣﻮا ﺗﺰوﻳﺞ رﺳﻤﻴﺔ اﺑﻨﺔ اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً ،ﻟﺠﺎﺑﺮ اﻟﺬي ﻳﻜﺒﺮ واﻟﺪﻫﺎ ،ﻛﻲ ﺗﻜﻮن ﺻﻠﺔ اﻟﻮﺻﻞ ،وﻣﺎﻧﻌﺔ اﻟﺼﺪام ،ﻣﺬﻛﺮﻳﻦ واﻟﺪﻫﺎ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﻟﻜﺴﺮ ﺷﺮ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻤﻬﻮوس ﺑﺎﻟﺴﻴﻄﺮة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ أﻳﻀﺎً ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻷﻧﻮﺛﺔ ﺗﺒﺎرز ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة«. ﺑﻌﺪ ﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﺟﻠﺲ ﺟﺎﺑﺮ ﻣﻬﺪودا ً وﻫﻮ ﻳﺘﺬﻛﺮ اﻟﻮرﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻗﺘﻪ إﻟﻴﻬﺎ اﻷﻗﺪار ،وﻳﻘﻮل ﻷﻛﺒﺮ أﺣﻔﺎده»:ﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ وأﻧﺎ ﺑﻐﺴﻞ رﺟﻠﻲ ﻛﻞ ﻳﻮم ،وﻟﺴﻪ ﻣﺶ راﺿﻴﺔ ﺗﻨﻈﻒ ﻣﻨﻬﺎ« *ﺷﺎﻋﺮ وﺻﺤﺎﻓﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ
اﻟﺤﺪب ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﻨﺎم اﻟﺤﺪب :ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ أﺣﺪب اﻟﻈﻬﺮ. أي أﻧﻪ ﺣﺘﻰ أﺣﺪب اﻟﻈﻬﺮ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻨﺎم ﻣﺮﺗﺎﺣﺎً وﻳﺘﻜ ّﻴﻒ ﻣﻊ ﺣﺪﺑﺘﻪ. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪاً ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪرة اﻟﻤﻀﻄ ّﺮ اﻟﺘﻜ ّﻴﻒ ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺘﻪ ،ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻜﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻇﺮوﻓﻪ.
ﺿﻮء آﺧﺮ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
75
ﺿﻮء آﺧﺮ
ﻛﻌﺐ أﺧﻴﻞ اﻟﻔﻴﻮﻣﻲ أﺣﻤﺪ ﻣﺤﺠﻮب @
ﻛﻨﺎ أﺻﻐﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﺐ ،وﻛﺎن ﻫﻮ ﻛﻞ ﺷﻲء ،اﻟﺠﺪ اﻟﺬي ﺗﺘﺤﻠﻖ ﺣﻮﻟﻪ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻓﻴﻘﻄﻔﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺎﻃﺮ ﻃﺎزﺟﺔ إﻟﻰ ﻋﻘﻮل »ﺷﺮاﻗﻲ« ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺤﺐ ﻧﻔﺴﺎً ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻣﻦ ﺳﻴﺠﺎرﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ أﺑﺪا ً ،ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ،أن ﻳﺮى اﻟﺨﻴﺎﻻت ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻊ ﺳﺤﺐ اﻟﺪﺧﺎن اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻓﻮق ﺣﺎﺟﺒﻴﻪ اﻟﻤﻌﻘﻮدﻳﻦ ﻛﺎﻟﺰﻣﻦ .وﻛﻠﻤﺎ زاد اﻗﺘﺮاب ﻗﻠﺒﻚ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ،ﻛﻠﻤﺎ ﻛﻨﺖ أﻛﺜﺮ ادراﻛًﺎ أن ﺛﻤﺔ رﻋﺒًﺎ ﻳﺴﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺪن اﻟﻬﺎﺋﻞ ،وﻫﻮ ﻳﺘﻠﻮ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﻋﻴﻦ ﻗﻠﺒﻪ وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎ ﺟﺮى. ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻣﺔ اﻟﻬﺪد ﻓﻲ روﺣﻪ ،أن ﻳﻐﺎدر دﻧﻴﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ دﻧﻴﺎ اﻟﺴﻜﻮت ،ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﺑﻌﺎﻣﻴﻦ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺻﺮاﺣﺔ ﻟﺤﻔﻴﺪه اﻷﻛﺒﺮ»:ﺳﺘﻚ دي ﺣﺘﺔ ﺧﺮا ،رﺟﻠﻲ اﺗﻌﺎﺻﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﺘﻴﻦ ﺳﻨﺔ ،وﻟﺴﻪ ﻣﺶ ﻋﺎرف أﻧﻀﻒ ﻧﻔﺴﻲ«. ﻛﺎن ﻫﺎﺋﻼً ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ،أﻣﺎ ﻫﻲ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻔﻬﺎ ﻣﺴﺘﺮﺳﻼً»:ﺑﻌﺮة ﺑﻴﻀﺎء« ،ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺑﻼ ﻟﻮن ،ﻓﺎﺣﻤﺔ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻗﺼﻴﺮة اﻟﻘﺪ ،ﺿﻴﻘﺔ اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ،ﻋﺠﻔﺎء اﻟﺒﻄﻦ ،ﺣﻴﻦ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮﻳﺢ، ﺗﺼﺎب ﺑﺎﻟﺘﺴﻤﻢ ﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻐﻞ اﻟﺪﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺮوﻗﻬﺎ اﻟﻨﺎﻓﺮة. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻔﻜﺎك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا ،رﺣﻞ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﻟﻰ ﺑﻠﺪ ،وﻣﻦ »ﺣﺮﻣﺔ« إﻟﻰ »ﺣﺮﻣﺔ « ،ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮت اﻟﺸﻌﺮات اﻟﺒﻴﺾ ﻓﻲ ﻣﻔﺮق رأﺳﻪ ،ﻓﻌﺎد ﻣﻜﺴﻮر اﻟﺮوح إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪة، ﻳﻔﺘﺶ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة. ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎن اﻻﺣﺘﻼل اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ،ﻻ ﻳﺰال ﺟﺎﺛﻤﺎً ﻓﻮق اﻟﺼﺪور ،واﻟﺤﻴﺎة ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﺟﺎﺑﺮ ﻛﺎﻧﺖ أﺷﺒﻪ ﺑﻔﺮﻣﺎن ﺑﺄن ﻳﻌﻴﺸﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎس. ﻛﺎﻧﺖ روﺣﺔ اﻟﻬﻴﻤﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺮ ،ﻗﺪ اﻧﻜﺴﺮت ﻋﺪة ﻣﺮات، رﺣﻞ اﻷب اﻟﺴﺎﻧﺪ ،وﻏﻴﺐ اﻟﻤﻮت اﻷم اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ ،وﺗﻔﺮق اﻟﺼﺤﺎب ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ واﻻﺳﺘﺴﻼم ،أﻣﺎ ﺟﺎﺑﺮ ،ﻓﻜﺎن وﺣﺪه ﻳﺒﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺢ اﻟﺸﺎم اﻟﺬي ﺗﺮﻛﻪ ،وﻋﻨﺐ اﻟﻴﻤﻦ اﻟﺬي ﻣﺴﺘﻪ ﻳﺪاه وﻟﻢ ﻳﺘﺬوق ﻣﻨﻪ إﻻ اﻟﻘﻠﻴﻞ. ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﺴﻜﻮت ،ﺻﺎدﻓﺘﻪ اﻟﺴﻤﺎوات ﺑﺸﻘﻲ ﻳﺤﺐ اﻟﺤﻴﺎة وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ إﻟﻴﻬﺎ ﺳﺒﻴﻼً ،ﻛﺎن رﺟﻼً ﻳﺼﻐﺮ ﺟﺎﺑﺮ 74
ﻛﻌﺐ أﺧﻴﻞ اﻟﻔﻴﻮﻣﻲ
ﺑﺴﺒﻊ ﺳﻨﻮات ،ﺗﺰوج ﺑﺎﻛﺮا ً ،وﺧﻠﻖ ﻟﻨﻔﺴﻪ أﺳﻄﻮرة أﺧﺮى. ﻛﺎن ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻗﺪ ﺗﺰوج ﺳﺖ ﻣﺮات ،وﻳﻘﻮل اﻟﺮواة ،إن ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ )اﻟﻨﺠﺎرﻳﻦ( ،دﻓﻌﺖ دﻳﺔ ﺛﻼث ﻣﻨﻬﻦ ،ﻗﻀﻴﻦ ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻟﻔﺤﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﺪأ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﺒﻜﺮا ً )اﺑﻦ 15ﺳﻨﺔ( ،ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﻳﺘﺤﺮك ﻛﻤﺎ اﻟﻄﻴﻮر اﻟﻜﺎﺳﺮة، ﻳﻬﺒﻂ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﺎء اﻟﺴﻤﺎوات ﻟﻴﺄﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻴﻢ اﻷود وﻻ ﻳﺴﺘﻘﺮ، أﻣﺎ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺠﺎر ،ﻓﻜﺎن »ﻋﺠﻴﻨﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ«. ﻳﻘﻮﻟﻮن إن ﻃﻮﻟﻪ اﻟﻔﺎرع ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎً ،ﻓﺄﺟﺪاده اﻟﻘﺎدﻣﻮن ﻣﻦ ﻧﺴﻞ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻴﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻛﺬﻟﻚ ،ﻳﻘﻮﻟﻮن أﻳﻀﺎً ،إن ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً ،ﻟﻢ ﺗﻐﻴﺮ وﻟﻌﻪ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ﺷﻴﺌﺎً ،ﻓﻤﻨﺬ ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ ﻓﺘﻰ ،وﻫﻮ ﻳﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺋﺮ ﺑﻴﻨﻤﺎ أﺗﺮاﺑﻪ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﺮاب. ﻳﺤﻜﻲ ﻣﺘﻮﻟﻰ أﺑﻮ ﺣﺴﻴﻦ )ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻄﻮة ﻋﻠﻰ ﺳﻮق اﻟﻌﺠﻮل( ،ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺠﺎر ﻓﻴﻘﻮل ﻣﺤﺪﺛ ًﺎ ﺟﺎﺑﺮ»:ﺣﻜﻰ ﻟﻲ أﺑﻲ ﻋﻦ ﺟﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ،اﻟﻔﺎرس اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺤﺴﻦ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﺳﻮى ﺗﻔﺮﻳﻖ ﻗﺮون اﻟﻨﺴﺎء ،ﺧﺎﺑﺖ ﺗﺠﺎرﺗﻪ ،وﺑﺎرت أرﺿﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ ﺑﺮاﻫﺎ ﻃﻮل اﻟﺮﻗﺎد ﻓﻲ أﺣﻀﺎن اﻟﻐﻮازي، وﺣﻴﻦ ﺟﺎء اﻟﻨﺬﻳﺮ ﺑﺨﺒﺮ اﻟﺸﺆم ،ﺗﺘﺒﻊ رﺟﺎل اﻟﺤﻲ ﻣﺴﺎر اﻟﺼﺮاخ اﻟﺤﻴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎرة ،وﻛﻠﻤﺎ ارﺗﻔﻊ ﺻﻮت اﻣﺮأة ﺗﺸﻖ ﻣﻼﺑﺴﻬﺎ ﺣﺰﻧًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮاق ،ﻛﺎن ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ اﻟﻄﻼق«. ﻋﺎش ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺠﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﺟﺪه ،وﺑﺪﻻً ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺎﻣﺮة ﻓﻲ أﺣﻀﺎن اﻟﺼﺒﺎﻳﺎ ،ﻏﺎﻣﺮ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ اﻟﺨﻄﺮ ،وﻋﻠﻰ ﺑﻮاﺑﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،ﻛﺎن ﺳﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻗﺪ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﻟﻴﺤﻤﻲ ﺑﻬﺎﺋﻤﻪ ،ﻋﻠﻖ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺣﺒﻼً ﻏﻠﻴﻈﺎً ،وﻗﺎل»:ﻫﺬه ﻣﺸﻨﻘﺘﻲ«. ﻳﻘﻮل ﻣﺘﻮﻟﻲ»:ﻛﺎن ﻏﻴﺎب ﺟﺎﺑﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻴﺎﻓﻲ ﻳﻄﺎرد أوﻫﺎم ﻧﻔﺴﻪ ،ﻗﺪ ﺗﺮك ﺛﻐﺮة ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺟﺪار اﻟﺨﻮف ،ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺘﻠﻬﻔﻮن ﻟﻤﻦ ﻳﺮﻣﻤﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﻮدة اﻟﻐﺎﺋﺐ اﻟﻤﺸﺤﻮن ﺑﺎﻟﺘﻤﻨﻲ ،ﻓﻜﺎن ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺠﺎر أول ﻣﻦ أﺧﺬ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ،وﻗﺎل اﻟﺼﺒﻴﺔ ،إﻧﻪ أﻣﺮ ﻧﺴﺎءه ﺑﻘﺺ ﺧﺼﻼت ﻛﺎﻣﻼت ﻣﻦ ﺷﻌﻮرﻫﻦ ،وﺟﺪﻟﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺤﺒﻞ اﻟﻐﻠﻴﻆ ﻣﻦ ﻟﻴﻒ اﻟﻨﺨﻞ، ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﺒﻬﺎﺋﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻮق ،ﻟﺘﺒﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺒﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺮب ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻋﻘﺪ ﺛﻼث ﻋﻘﺪ ،ﻟﺘﺼﺒﺢ اﻟﻤﺸﻨﻘﺔ ﺟﺎﻫﺰة ﻟﻌﻘﺎب
ارﺗﻴﺎد اNﻓﺎق ّ وﻳﻨﻔﻚ. ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻠﺤﺮب ﻣﻦ أن ﺗﻬﺪأ وأن ﻳﺮﺗﺨﻲ ﺣﺰام ﺷﺪﺗﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺄﺗﻲ ﺗﺨﺎﺧﺎ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺘﻠﻒ واﻟﺘﻌﺐ ﻓﻴﻘﻮل ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ: إﻟﻰ داﻓﻊ اﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺒﻼء ﻛﻠﻤﺎ دﻧﺎ وﺟﺎدت اﻷﺷﻴﺎء ﻣﺎ ﺗﺨﺎﺧﺎ ﺟﻮادﻫﺎ اﻟﺮﺟﻴﺐ
ﺑﺪت ﻟﻲ دﺑﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﺗﻌﻠﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻮاﻣﺦ اﻟﺒﻨﺎء ﻛﻤﺎ ﺷﻮاﻣﺦ أﻫﻠﻬﺎ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻮا ﻣﻨﻬﺎ آﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻤﺎر وآﻳﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻼ اج ﺗﺘﻠﻮﻫﺎ أﺑﺮاج ،ﻟﻜﻦ ﻳﺰال اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻳﺤﺎرون ﻓﻲ ﻣﻌﺎدﻻﺗﻪ .أﺑﺮ ٌ ﻣﺜﻠﻲ ﺗﺤﻴﻠﻪ اﻟﻜﻠﻤﺎت إﻟﻰ ﻇﻼل أﺧﺮى ﻓﻤﺎ أن أﻗﻮل أﺑﺮاج ،ﺣﺘﻰ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻨﺠﻮم. ﺷﺪﺗﻨﻲ ﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻗﺒﺔ اﻟﺴﻤﺎء وﻣﺎ ﻳﻀﻴﺌﻬﺎ ﻟﻴﻼً وﺑﻴﻦ اﻷرض وﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻓﻚ ﺑﻌﺾ ﻃﻼﺳﻤﻬﺎ أﺟﺪادﻧﺎ ،ﺑﻞ ووﺿﻌﻮا ﻣﺴﻤﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻮاﻣﻴﺲ ﻋﻠﻮم اﻟﻔﻠﻚ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ .وﻛﺎن ﻣﻤﺎ ﻗﺮأت ﻋﻦ اﻟﺮﻗﻴﺐ ،أن ﻟﻜﻞ ﺑﺮج وﻣﻨﺰل رﻗﻴﺒﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎزل واﻟﺒﺮوج .وﻣﻌﻨﻰ اﻟﺮﻗﻴﺐ ﻫﻮ أن ﻏﺮوﺑﻪ ﻻ ﻳﻜﺘﻤﻞ إﻻّ ﺑﻄﻠﻮع اﻵﺧﺮ وﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎوﺑﺎن اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ. ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺎﻳﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ: ﺗﻐﻴﺐ أو ﻫﻮ ﻳﺒﻴﻦ ﺧﻼف زام ﻣﺮاﻋﺎة اﻟﺜﺮﻳﺎ ﻟﻠﺮﺟﻴﺐ ﻫﺎ ﻫﻮ اﻟﺮﻗﻴﺐ وراء اﻟﺜﺮﻳﺎ ،ﻻ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎن ،وأﻳﻦ ﻟﻬﻤﺎ ذﻟﻚ وأﺣﺪﻫﻤﺎ إن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ﻛﺎن اﻵﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب .وﻟﻠﻌﻠﻢ ﻓﺈن رﻗﻴﺐ اﻟﺜﺮﻳﺎ ،اﻹﻛﻠﻴﻞ ،وﻫﻲ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻤﺼﻄﻔﱠﺔ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻌﻘﺮب. وﺳﺘﻨﺴﻴﻨﻲ أﺑﺮاج اﻟﺘﻠﻔﻮﻧﺎت واﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﻼﺳﻠﻜﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮة ،ﻷن ﻋﻠﻲ اﺳﺘﻜﻤﺎﻟﻬﺎ ،وﻫﺎﺗﻔﻲ ﻣﻌﻲ رﻧﻴﻦ ﻫﺎﺗﻔﻲ اﻟﻤﺤﻤﻮل ﻗﻄﻊ ّ ﻫﻮ»اﻟﺮﺟﻴﺐ« ،ﻟﻜﻨﻲ أﻏﺾ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ رﻗﺎﺑﺘﻪ ﻓﻬﻮ أﻳﻀً ﺎ ،ﺳﺎﻋﻲ اﻟﺒﺮﻳﺪ أو اﻟﺰاﺟﻞ اﻻﻟﻴﻜﺘﺮوﻧﻲ. ﺣﻤﺎم اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ
رﺳﺎﺋﻞ ﻳﺒﻠّﻐﻬﺎ اﻟﺤﻤﺎم، ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻼك ﺑﻴﺮي واﻹس ام إس ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ُ رﺳﻮﻻ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ ﻣﻦ أﺣﺒّﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل: وﻟﻌﻞ اﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ اﺗﺨّﺬﻫﺎ ً ّ ﺗﺮد اﻟﻨﺒﺎ ﻻ ﻣﻦ ﻣﺠﺎري ﺳﻔﻴﻨﻪ واﺳﺮع ﻣﻦ اﻃﻴﻮر اﻟﺤﻤﺎم اﻟﺮﺳﺎﻳﻞ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﺤﻤﺎم اﻟﻴﻮم ﻳﻄﻴﻖ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺨﺎﻃﻔﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﺎﺣﺘﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ وأﺟﻬﺰة اﻹﺗﺼﺎﻻت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ .وﻛﺎن اﻟﻤﺼﺮﻳّﻮن واﻟﻔﺮس أ ّول ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﺤﻤﺎم اﻟﺰاﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺳﻼت ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﺳﻨﺔ ،ﺛ ّﻢ ﺟﺎء اﻹﻏﺮﻳﻖ ﻓﺎﺗﺨﺬوﻫﺎ رﺳﻼ ﻹﻋﻼن ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎﺗﻬﻢ
اﻷوﻟﻤﺒ ّﻴﺔ ،ﺣﺘّﻰ روﻳﺘﺮ ﻧﻔﺴﻪ –ﺻﺎﺣﺐ وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻧﺒﺎء -ﻛﺎن ﻳﺘّﺨﺬ ﺳﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ وأرﺑﻌﻴﻦ ﺣﻤﺎﻣﺔ ﻟﻨﻘﻞ أﺧﺒﺎر اﻟﺴﺎﻋﺔ ،وأﺳﻌﺎر اﻟﺒﻮرﺻﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﺮوﻛﺴﻞ وآﺧﻦ. وﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ دارت اﻟﺒﺮﻳﺪي ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺒﺼﺮة – اﻟﻔﺎرﺳﻲ وﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻴﻦ ﺑﺠﻜﻢ ّ ّ إﺑّﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺮاﺿﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﻌﺒّﺎﺳﻲ -وﻛﺎﻧﺎ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻷﺑﻲ اﻟﻄﻴّﺐ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ -أن ﻛﺎﺗﺒﺎً ﻟﺒﺠﻜﻢ ﻛﺎن ﻣﻌﻪ ﻋﻨﺪ اﻧﺤﺪاره إﻟﻰ واﺳﻂ ،ﻓﺠﺎءت ﺣﻤﺎﻣﺔ ،ﻓﺴﻘﻄﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪر اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻓﺄُﺧﺬت وأﺣﻀﺮت ﻋﻨﺪه ،ﻓﻮﺟﺪ ﻓﻲ رﺟﻠﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻓﻔُﺘﺢ ،وإذا ﻫﻮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺘﻌﻴﺲ إﻟﻰ أخ ﻟﻪ ﻣﻊ اﻟﺒﺮﻳﺪي ﻳﺨﺒﺮه ﺑﻤﺠﻲء ﺑﺠﻜﻢ، وﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﺎزم ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺄﻟﻘﻲ اﻟﻜﺘﺎب إﻟﻴﻪ ،ﻓﺎﻋﺘﺮف ﺑﻪ إذ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺟﺤﺪه ﻷﻧﻪ ﺑﺨﻄﻪ ،ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻘﺘﻠﻪ ،ﻓﻘﺘﻞ وأﻟﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺮات. ﻓﺄﻳﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﺤﻤﺎم ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ،ﻣﻮﻋﺪا ،أو ﺑﺸﺎرة ،أو ﻧﺬﻳﺮا ،ﻟﻘﺪ أﻓﺴﺪ اﻟﻴﻮم اﻟﺒﻼك ﺑﺮي واﻹس إم إس -وإﻟﻰ اﻷﺑﺪ -ﻧﻜﻬﺔ اﻟﺤﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ ،وﻟﺬّة اﻟﻘﻠﻖ إن ﺟﺎز اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻗّﺐ واﻹﻧﺘﻈﺎر. ﺟﻴﻠﻨﺎ ..وﺗﺪاﻋﻲ ا ﺷﻴﺎء
ﻫﺬا اﻟﺨﺎﻃﺮ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﻮاﻃﺮ ﻋﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺟﻴﻠﻨﺎ وﻣﺎ ورﺛﻨﺎه ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺒﺮ اﻷﺟﻴﺎل وﺑﻴﻦ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﺟﻴﻠﻨﺎ اﻟﺬي ﻋﺎش أزﻣﺎﻧًﺎ ،أﻟﻒ ﻋﺎمٍ رﺑﻤﺎ ،ﻓﻲ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ،وﻛﺄﻧﻪ رﻛﺐ ﻛﺒﺴﻮﻟﺔ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻓﻬﻮ ﻋﺎﺻﺮ وﻋﺎش زﻣﻦ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺋﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺎﻳﺶ اﻵن زﻣﻦ ﺷﻮاﻫﻖ اﻷﺑﺮاج وﻣﺬﻫﻼت اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻻ ﺗﻐﺎدره اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻻ اﻷﻫﺎزﻳﺞ وﻻ اﻟﺸﻌﺮ وﻻ اﻟﺸﻌﺮاء ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ أﻳﻀً ﺎ اﺑﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺷﻌﺮا ً وأدﺑﺎً ﺗﻔﻜﻴﻜﺎً وﺑﻨﻴﻮﻳﺔ، وﻳﺘﺬوق اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﻦ أوﺑﺮا اﻟﺼﻴﻦ إﻟﻰ أوﺑﺮا اﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت واﻟﻘﺪود إﻟﻰ اﻟﺴﻴﻤﻔﻮﻧﻴﺎت. ﺻﺤﻴﺢ أن اﻻﺷﻴﺎء ﺗﺘﺪاﻋﻰ ،ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻗﺼﺪه اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﻨﻴﺠﻴﺮي ﺗﺸﻴﻨﻮا أﺗﺸﻴﺒﻲ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻣﺎن ﺑﻮﻛﺮ ﻋﺎم ،2007ﻋﻦ رواﻳﺘﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻌﻨﻮان ذاﺗﻪ »اﻷﺷﻴﺎء ﺗﺘﺪاﻋﻰ« ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ أﻣﺎم ً ﻏﺰو اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻴﺢ أﻳﻀﺎ أن ﺟﻴﻠﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎة ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻮارد ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﺑﻞ اﺧﺘﺎر واﻧﺘﻘﻰ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺆﺛﺮات ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﺘﱢﺨﺎب ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ اﻻﻧﺘﺨﺎب ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﺳﺎﻋﺪه ﻓﻲ ذﻟﻚ ،أن ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ اﻟﻨﻔﺴﻲ رواﻳﺔ أﺧﺮى ﻣﻮازﻳﺔ ،ﻫﻲ اﻷﺻﻞ اﻟﺼﻠﺐ، وﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻧﻔﺼﺎم ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺘﻌﻘﻞ واﻟﻤﺴﺘﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﺑﻞ إﺛﺮاء ﻟﻠﻮﻋﻲ وﺷﺤﺬ ﻟﻠﻔﻜﺮ
ارﺗﻴﺎد اYﻓﺎق
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
73
رﺳﻢ ﺗﺨﻴﻠﻲ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺎﻳﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ
72
رﺣﻠﺔ ﺷﺎﻋﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻠﻐﺔ
ارﺗﻴﺎد اNﻓﺎق أَﻗ ﱡَﻞ ِﻣﻦ ُﻋﻤ ِﺮ ﻣﺎ ﻳَﺤﻮي إِذا َوﻫَﺒﺎ ُﻋـــــﻤ ُﺮ اﻟ َﻌﺪ ﱢو إِذا ﻻﻗﺎ ُه ﻓﻲ َر َﻫﺞٍ وﻗﻮﻟﻪ ﻳﻌﻨﻲ :إذا ﻟﻘﻲ اﻟﻌﺪو ﻓﻲ ﻏﺒﺎر اﻟﺤﺮب ﻗ َُﺼﺮ ﻋﻤﺮه ،ﺣﺘﻰ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺑﻘﺎء اﻟﻤﺎل ﻋﻨﺪه إذا ﺑﺬل ﻓﻲ اﻟﻌﻄﺎء. ﻳﻜﻮن ّ ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻟﻪ ﻫﻨﺎ وﺻﻒ ﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺮﻫﺞ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻘﻮل: وﺑﻲ روﻫﺠﺎن اﻟﻈﺎﻋﻨﻴﻦ وﺷﻮر ﻣﻦ ﺳﻌﻰ اﺑﺴﺒﺔ اﻟﻔﺮﻗﺎ ﻓﻼ ﺟﺰي ﻃﺎﻳﻞ وا ﻟ ﱠﺮ َﻫ ُﺞ :اﻟﻐﺒﺎر واﻟﺴﺤﺎب اﻟﺮﻗﻴﻖ ﻛﺄَﻧﻪ ﻏﺒﺎر؛ ﻗﺎل ﻣﻠﻴﺢ اﻟﻬﺬﻟﻲ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ دا ٍر ِﻣ ْﻨ ِﻚ ﻟﻠ َﻘﻠ ِْﺐ َﺣ ْﺴ َﺮة ﻳﻜﻮ ُن ﻟﻬﺎ ﻧَ ْﻮ ٌء ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻦِ ُﻣ ْﺮ ِﻫ ُﺞ وﻫﺬا ﻣﺎ اراده اﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ وﻫﻮ ﻳﺴﺄل اﻟﻠﻪ ُﺳﻘﻴﺎ أرض اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺠﻌﻪ وﻣﺎ ﺣﺎز اﻟﻌﺸﻮش ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻄﺤﺎء وﺗﻤﺖ روﻫﺠﺎن اﻟﺼﺠﻌﻪ اﻟﻴﻮم ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻳﺤﺘﻠ ّﻬﺎ ﻣﺼﻨﻊ إﺳﻤﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وأﻣﺎ اﻟﻌﺸﻮش ﻓﻐﺮﺑﻲ اﻟﺼﺠﻌﻪ ﺟﻨﻮﺑﺎ ،واﻟﺒﻄﺤﺎ ﻫﻲ ﺑﻄﺤﺎء اﻟﻤ ّﺮﻩ. واﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﺘﺪاﻋﻰ ﻣﻊ ذﻛﺮ اﻟﺮوﻫﺠﺎن واﻟﻐﻴﻢ اﻷﺑﻴﺾ واﻟﻤﻄﺮ ،ﻫﻞ ﻣﻦ ِذﻛْ ٍﺮ ﻟﻠﻐﻴﻢ اﻷﺳﻮد ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺎﻳﺪي؟ ﻣﺴﻮد اﻟﺤﻴﺎب
اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ،ﻧﻌﻢ ،ﺑﻞ ﻟﻪ ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﻫﺬا ،وﻟﺘﺒﻴﺎﻧﻪ ﻻ ﺑ ّﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢٍ ﻳﺒﺪأ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ: ﻛﺄنّ اﻟﺒﺪ َر ﺣﻴﻦ ﻳﻠﻮح ﻃــﻮراً اﻟﺴﺤﺎب وﻃﻮراً ﻳﺨﺘﻔﻲ ﺗﺤﺖ ّ ﺎب ف َو ٍ اش ﺑﺎﻟْ ِﺤ َﺠ ِ ﺗَ َﻮا َر ْت َﺧ ْﻮ َ َﺮت ﻟِ ِﺨ ﱟﻞ َﻓ َﺘـــــــــﺎه ﻛُﻠﱠﻤﺎ َﺳﻔ ْ وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰَ » :ﺣﺘﱠﻰ ﺗَﻮا َرتْ ِ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎب« ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺸﻤﺲ و»ﻛ ﱡُﻞ َﻣ ْﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺎنٍ « ﻳﻌﻨﻲ اﻷرض ،وﻫﺬا ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺬﻛﻮر.
ﺣﺠﺐ ِ اﻟﺴﺘْ ُﺮَ ،ﺣ َﺠ َﺐ اﻟﺸﻲ َء ﻳَ ْﺤ ُﺠ ُﺒﻪ َﺣ ْﺠﺒﺎً ِ وﺣﺠﺎﺑﺎً ﺠﺎب :ﱢ واﻟﺤ ُ و َﺣ ﱠﺠﺒَﻪَ :ﺳﺘ َﺮﻩ .أ ّﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن» :اﻟﺤﻴﺎب« وﻳﻌﻨﻮن اﻟﺴﺤﺐ .ﻗﺎﻟﺖ ﻓﺘﺎة اﻟﻌﺮب: وﺳﺨﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﻴﺐ ﻟﻬﺎ ردوم ﻏﻠﻴﻆ اﻟﻤﺰن ﻣﺴﻮد اﻟﺤﻴﺎب وﻗﻮﻟﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ: ﺣﻴﺎب ﺑــــــﺎت ﻫ ّﻤﺎﻟﻲ ﻣﻦ ٍ واﺑﻠﻪ واﻟﺴﺤﺐ ﻣﺒﺘﻠّﻪ وﻗﻮﻟﻬﺎ: ﻣﻦ اﻟﻮﺳﻤﻲ ﺣﻴﺎب اﻣﺰون ﻳﺒﺎت وﻣﺮﻋﺪه دﻧّﺎن ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻔُﺖ اﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ وﻫﻮ ذﻛﺮ اﻟﺤﻴﺎب ﻓﻲ ﺷﻌﺮه ،ﺑﻞ أﻇ ّﻦ أﻧّﻪ أ ّول ﻣﻦ ّ ﺳﻚ اﻟﻤﻔﺮدة: ﺳﻘﺎ اﻟﻠﻪ دار رﻳﺎن اﻟﺸـﺒﺎب ﻣﻦ اﻟﻐﻴﻢ اﻟﻬﻤﻴﻢ اﻟﻤﺴﻔﻬﺎﻧﻲ أﻏﺮ اﻟﻤﺰن ﻣﺴﻮ ّد اﻟﺤﻴـــﺎب وﺗﺴﻤﻊ رﻋﺪﻫﺎ ﻣﺎﻟﺒﻌﺪ داﻧﻲ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ذﻫﺐ إﻟﻰ أ ّن اﻟﻤﺴﻔﻬﺎﻧﻲ ﻫﻮ اﻟﻐﻴﻢ اﻷﺑﻴﺾ )أي ﻟﻮن(، وأﻗﻮل ﺑﻞ ﻫﻮ )ﺣﺮﻛﺔ( ،أي اﻟﺴﺤﺎب اﻟﺨﻔﻴﻒ اﻟﺤﺮﻛﺔ )ﻣﻦ اﻟﺠﺬر ﺳﻔﻪ أي ﺧﻔّﺔ( ،ﻛﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ: أَ ْﺣﺪُ و َﻣ ِﻄ ﱠﻴ ٍ ﺎت و َﻗ ْﻮﻣﺎً ﻧُ ﱠﻌﺴــــﺎ ُﻣﺴﺎ ِﻓ ٍ ﻬﺎت ُﻣ ْﻌ َﻤﻼً ُﻣ َﻮ ﱠﻋﺴﺎ َ ﱠﺖ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﻫﺎ؛ وأراد وﻳﻘﺎل أﻳﻀﺎ ﺳﺎﻓَ َﻬ ِﺖ اﻟﻨﺎﻗ ُﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ إذا َﺧﻔ ْ َ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻤﻮﻃﻮءة. ﺑﺎﻟ ُﻤ ْﻌ َﻤﻞِ اﻟ ُﻤﻮ ﱠﻋ ِﺲ َ وإذا ﻧﺰل اﻟﻤﻄﺮ ﻓﺘﻠﻚ ﺣﺎﻟﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻐﺎﻣﺮ ﻓﻲ وﺻﻒ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. ﻳﻮم ﻣﻐﺮت ا رض
ﻳﻘﺎل ﻣﻐﺮت اﻷرض ﻣﻐﺮة ﻣﻦ ﻣﻄﺮ ،وﻫﻲ اﻟﻤﻄﺮة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، وﺻﻔﻬﺎ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮل: ﺗﺨﺎﺧﺎ ﻣﻦ ﻣﻐــــــــﺎرﻳﻪ اﻟﺤﺰام وﺿﺮﺑﺘﻬﺎ ﻋﺼﻰ ﺑﺮق رﻓﻮف ﺗﺨﺎﺧﺎ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺘﺮاﺧﻲ واﻟﺘﻔﻜﻚ ،وﺗﻘﺎل أﻳﻀً ﺎ ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﻤﺸﻲ ﺑﻬﺰ اﻟﻌﻮارض ،وﻛﺄن اﻟﺠﺴﻢ ﻳﻜﺎد ﻳﻨﻬﺎر ﻣﻦ اﻟﻐﻨﺞ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﺮض ،وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺪع اﻟﺒﻴﺖ ﻓﻴﻘﺎل ﺧﺎخ اﻟﺒﻴﺖ أو ﺧﺎﻳﺦ ،وﻫﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ِ اﻟﺸ ّﺪة واﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ،ﻓﻴﻘﻮل ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﺤﺮب: ﻋﺼﻰ اﻟﺤﺮب ﻟﻮ داﻣﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﺎ ﻳﻮم ﺗﺨﺎﺧﺎ ﺣﺰاﻳﻤﺔ ارﺗﻴﺎد اYﻓﺎق
اﻟﻌﺪد 187ﻣﺎﻳﻮ 2015
71
ﻗﺪ أﺗﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻮل ،وﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﻴﺖ :أن اﻟﺤﺎﻣﻞ واﻟﻤﺮﺿﻊ اﻟﻼﺗﻲ ﻻ ﺗﻜﺎدان ﺗﺮﻏﺒﺎن ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل ،ﺗﺼﺒﻮان اﻟﻴﻪ إذا ﻣﺎ ﺑﻜﻰ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﺎ اﻧﺼﺮﻓﺖ ﻟﻪ ﺑ ِِﺸ ٍّﻖ وﺗﺤﺘﻲ ِﺷﻘﱡﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﻮل ﻳﻘﻮل :ﻓﺈذا ﺑﻜﻰ اﻟﺼﺒﻲ اﻧﺼﺮﻓﺖ ﺑﺸﻖ ﺗﺮﺿﻌﻪ ،وﻫﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺤﺘﻪ ،وإﻧﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﻫﺬا ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺘ ّﻴﻤﺔ ﺑﻬﻮاه. وﻛﺎن اﺑﻦ زﻳﺪون ﻳﺮى اﻷﻣﻴﺮة اﻟﻤﺮواﻧ ّﻴﺔ وﻻّدة ﻓﺎﻛﻬﺔ ﻃ ّﻴﺒﺔ ،ﻗﺎل اﺑﻦ زﻳﺪون: وﻳﺎ ﺣﻴﺎة ﺗﻤﻠﻴﻨﺎ ﺑﺰﻫﺮﺗﻬﺎ ٍ وﻟﺬات أﻓﺎﻧﻴﻨﺎ ﻣﻨﻰ ﺿﺮوﺑﺎ وأ ّﻣﺎ وﻻّدة ﻓﺮأت ﻓﻲ زﻳﺎرﺗﻬﺎ ﺗﺴﻠﻼً ﻻﺑﻦ زﻳﺪون ﻣﺎ ﻳﻌﺪل اﻟﻜﻮن وﻣﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻗﺎﻟﺖ: ﺗﺮﻗﺐ إذا ﺟﻦ اﻟﻈﻼم زﻳﺎرﺗﻲ ﻓﺈﻧـﻲ رأﻳﺖ اﻟﻠﻴﻞ أﻛﺘﻢ ﻟﻠﺴﺮ وﺑﻲ ﻣﻨﻚ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻟﻢ ﺗﻠﺢ وﺑﺎﻟﺒﺪر ﻟﻢ ﻳﻄﻠﻊ وﺑﺎﻟﻨﺠﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺮ وﻟﻢ ﺗﻔﺖ أﺑﻮ اﻟﻄﻴّﺐ اﻟﺮاﻏﺐ ﻋﻦ ﻟﻘﺎء اﻟﺨﻮد ،ﻟﻴﻠ ًﺔ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﺤﻲ وﻗﺪ اﺻﻄﺤﺐ ﺳﻴﻔﻪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻜﺮه اﻟﻨﺴﺎء )ﻏﻴﺮ ﻓﺘﺎة ّ ﻋﺰﻫﺎة( وﻻ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻴﻬ ّﻦ ،ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻄ ّﻴﺐ: اﻟﺤﻲ ﻣﺮﺗﺪﻳﺎ وﻗﺪ ﻃﺮﻗﺖ ﻓﺘﺎة ّ ٍ ﺑــﺼﺎﺣﺐ ﻏﻴﺮ ﻋﺰﻫﺎة وﻻ ﻏﺰل ٍ ﻓﺒﺎت ﺑﻴﻦ ﺗــــــﺮاﻗﻴﻨﺎ ﻧﺪﻓﱢﻌﻪ وﻟﻴﺲ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺸّ ﻜﻮى وﻻ اﻟﻘﺒﻞ أ ّﻣﺎ اﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﺸﺎﻋﺮ ﻋﺬري ﻣﺎ ﻳﻜﺎد ﻳﻄﻴﻖ ﺳﻮى وﻗﻔﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﻣﻊ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ،ﺣﺴﺒﻪ ذاك ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻼ ﻣﻦ اﻟﻤﺎرة ،ﻳﻘﻮل:
70
رﺣﻠﺔ ﺷﺎﻋﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻠﻐﺔ
اﻣﻮادع اﻻﺛﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻴﺮا ﺧﻠﻲ ﻳﺎ زﻳﻦ ﻣﺎ ﻣﺮ اﻟﻔﺮاق أو ﻣﺎ ﺣﻼ ﻓﻲ اﻟ ّﺨﺮان ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ أو اﻟﻴﻤﻦ اﻟﺴﻌﻴﺪ ﻓﻤﺎ أن ﺳﺄل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ اﻟﻮﺻﺎل ،ﺣﺘﻰ اﻗﺘﺮﺣﺖ ﻋﻠﻴﻪ )ﻋﻘﺪ اﻟﻘﺮان( ،ﻗﺎل: ﻗﻠﺖ اوﻫﺒﻴﻨﻲ ﻣﻨﻚ وﺻﻞ إﻧﻨﻲ ﻣﻦ ﻋﺸﻘﺘﻲ أﺟﻨﻊ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺴﻬﻞ ﻗﺎﻟﺖ ﻓﻼ أﻣﻨﻴﻚ ﻳﺎس أوﻻ رﺟﺎ ﻣــــﺎ ﻳﺎزﻟﻲ إﻻ ﺑﻤﺎ ﻳﺎز اﻟﻬﻠﻲ دﻋﻨﺎ ﻧﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻃـﺮﻳﺠﺔ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﺑﺎﻣﺮ اﻹﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻣﺮﺳﻞ اﻟﺮوﻫﺠﺎن
أواﺻﻞ اﻟﺴﻔﺮ راﻛ ًﺒﺎ ﺳﻴﺎرﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﺳﺎر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ،ﻣﺎﺷﻴﺎً رﺑﻤﺎ أو راﻛﺒﺎً ﻧﺎﻗ ًﺔ أو ﺟﻤﻼ .اﻟﺸﻤﺲ ﺗﻮاﺻﻞ ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﺸﺮق و)اﻟﻬﻮاء اﻟﻔﺎﻟﻊ( ﻳﻬﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل، وﻳﺠﺮ ﻣﻌﻪ ﻏﻴﻤﺎً ﺧﻔﻴﻔﺎً ،ﻫﻨﺎ ﺗﺬﻛّﺮت اﻟﺮوﻫﺠﺎن. وﻣﺎ أدراك ﻣﺎ اﻟﺮوﻫﺠﺎن .ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻄ ّﻴﺐ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ: اﻟﺴﻴﻔﺎنِ ﻓﻲ َر َﻫﺞٍ اﻧﻈُﺮ إِذا اِﺟ َﺘ َﻤ َﻊ َ َﻠﻖ َواﻟ َﻌ َﻤﻞِ إِﻟﻰ اِﺧ ِﺘﻼ ِﻓﻬِﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺨ ِ اﻟ ﱠﺮﻫﺞ :اﻟﻐﺒﺎر .ﻳﻘﻮل :إذا ارﺗﻔﻊ ﻏﺒﺎر اﻟﺤﺮب ،ﻓﺎﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﺳﻴﻒ اﻟﺪوﻟﺔ ،وإﻟﻰ اﻟﺴﻴﻒ اﻟﺬي ﻓﻲ ﻳﺪه؛ ﻟﺘﻌﺮف ﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺧُﻠﻘﺎً ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻪ وﻋﻤﻼً ،ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ وإن ﺷﺎرك اﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ اﻹﺳﻢ ،ﻓﻬﻮ ٌ ٍ ﻓﻲ اﻟ ُﺨﻠُﻖ واﻟﻌﻤﻞ واﻟﻤﻀﺎء ،واﻟﻌﺰم واﻟﻔﻨﺎء ،وﻓﻲ وﺻﻒ آﺧﺮ ﻗﺎل:
ارﺗﻴﺎد اNﻓﺎق
أ ّﻣــﺎ اﻟﺸﻔﻮف ﻓﻴﻮردﻫﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ أﺣﻤﺪ اﻟﻜﻨﺪي ِ واﺻﻔﺎً ﺗﻘﻠُﺐ أﺣﻮال اﻟﺪﻧﻴﺎ: وﻟﻮ ﺗﺴﻌﻔﻚ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻔﻮف ﻛﻤﺎ اﻟﺒﻨﺖ اﻟﻄﻤﻮح ﺑﻼ ﻋﻴﺎل أي ﺣﺘﻰ ﻟﻮ أﺳﻌﻔﺘﻚ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﺮﻛﻚ وﺣﻴﺪا ً ﻛﺎﻟﺰوﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ زوﺟﻬﺎ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﻌﻴﻠﻬﺎ. وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻴﺤﺔ ﺷﻔﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻪ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺑﺮئ ﻣﻨﻪ وﺟﺎء اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ أن ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺒﺘﻐﻰ إﻧﻤﺎ ﻳﺸﻔﻲ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺪر ﻣﻦ ﺣﺮﻗﺔ. واﻓﻖ ذﻟﻚ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺘﻴﻖ اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ ﻗﺎﺋﻼً: ﻓــــﻲ ﺷﻒ ﻣــــــﻦ ﻳـــــــﻤﻨﺎﻳﺎ ﻗــــــــﺪ ﻗﺎﺑـــــــﻀﺖ ﻳـــﻤﻨﺎه ﻓﺴﻤﻌﻨﺎ ﻓﺘﺎة اﻟﻌﺮب أﻳﻀﺎً ﺗﻘﻮل: أﺑﻜﻲ وﻟﻴﺖ أن اﻟﺒﻜﺎ ﻟﻲ ﻗﻀﺎ ﺷﻒ ﻟﻜﻦ زودﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻳﺞ ﻫﻴﻔﻲ اﻷﻧﺼﺎري ﻗﺎﺋﻼً: وﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗـﻲ ﺻﻮت أﺑﻮ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ اﻷﺳﻠﺖ ﱡ ﺗﻤﺸﻲ اﻟﻬﻮﻳﻨﻰ إذا ﻣﺸﺖ ﻗﻄﻔﺎً ﻛــﺄﻧﻬﺎ ﻋــــــــﻮد ﺑﺎﻧ ٍﺔ ﻗﺼﻒ وﻫﺬه ﻓﻲ ﻇﻨﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺔ أﺷﺪ إﻓﺼﺎﺣﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ أرادﻫﺎ ﺑﻦ
ﻇﺎﻫﺮ ،ﻓﺎﻟﻘﻄﻒ ﺗﻌﻨﻲ ﺗﻘﺎرب اﻟﺨﻄﻮ ،واﻟﻘﺼﻒ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻜﺎ ُد ﺗﻨﻜﺴ ُﺮ ،ﻓﺄردد ﺛﺎﻧﻴ ًﺔ ﻣﻊ ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ: وﻓﻲ ﺷﻒ واﻧﻴﺔ اﻟﻤﺴﻴﺮ إﻟﻲ ﻣﺸﺖ روﻳـﺎ ﻛﻌﻮد اﻟﺸﺎﻛﺮي اﻣﻌﺪل ﻳﺎ ﻟﻠﻌﻔّﺔ وﻳﺎ ﻟﻠﻌﻔﺎف ﻓﻲ اﻟﻐﺰل. وﻣﺎ إن ﻳﺨﻄﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺎل اﻟﻐﺰل ﻓﻲ اﻗﺘﺮاﻧﻪ ﺑﺎﻟﻌﻔّﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻀﺮ ﺷﻌﺮ اﻟﻐﺰل وﺗﺤﻀﺮ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ واﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺷﻌﺮا َء ﻛُﺜْ ٍﺮ وﺑﻴﻦ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﻤﺎﻳﺪي. ﻋﺎﻫﺮ وﻋﻔﻴﻒ
ِﻋﻔّﺔ ﺷﺎﻋﺮِﻧﺎ ﻳﻜﺸﻒ ﺑﺮاءﺗﻬﺎ و ﻧﺰاﻫﺘﻬﺎ ،ﻋﻬﺮ اﻣﺮىء اﻟﻘﻴﺲ ،ﻓﻜﺎن ﻳﺘﻌ ّﻬﺮ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه ،ﻓﻠﻢ ﻳ ّﺪﺧﺮ وﺳ ًﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﺮﻳﺮ ﺑﺎﻟﻌﺬارى واﻟﺼﺒﺎﻳﺎ ﺣﺘﻰ ﻃﺎﻟﺖ ﺣﺒﺎﺋﻠﻪ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺤﺒﻠﻰ ﻣﻨﻬ ّﻦ واﻟﻤﺮﺿﻊ ،ﻗﺎل: ﻗﺖ و ُﻣ ِ ﺮﺿ ٍﻊ ﻓًﻤﺜﻠ ُِﻚ ُﺣﺒﻠﻰ ﻗﺪ ﻃَ َﺮ ُ ﻓﺄﻟﻬﻴﺘﻬﺎ ﻋﻦ ذي ﺗﻤﺎَﺋﻢ ُﻣ ْﺤ ٍﻮلٍ أﻟﻬﺎﻫﺎ أي ﺷﻐﻠﻬﺎ ،وذو ﺗﻤﺎﺋﻢ أي ﺻﺒﻲ ذي ﺗﻤﺎﺋﻢ) ،واﻟﻤﺤﻮل( أي
ارﺗﻴﺎد اYﻓﺎق
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
69
ﻟﻨﻔﺲ ﻣﺮ ًة ﻓﺈذا ﻫُﻤﺎ اﺟﺘﻤﻌﺎ ٍ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻴﺎء ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﻛﻤﺎ أ ّن اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪ أﺑﻲ اﻟﻄ ّﻴﺐ ﺿﺮﺑﺎن ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺎﻳﺪي ﻧﻮﻋﺎن ،ﺷﺠﺎﻋ ٌﺔ ﺑﻌﻘﻞٍ ،وﺷﺠﺎﻋ ٌﺔ ﺑﺪوﻧﻪ ،ﻛﺎﻟﺴﻔﻦ ﺿﺮﺑﺎن، أي ﻃﺮﺣﺖ ﻣﺮﺳﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻓﺮ ٌة وﻣﻘﻴﻤﺔ وﺗﺴﻤﻰ أﻳﻀﺎ )ﻃﺎرح( ّ اﻟﺒﺤﺮ. ﺧﻮاﻫﺮ وﺑﺎرات
ﻋﻠﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﺼﺒﺎح وﻫﻲ ﺗﺘﻤﺎرى ﻓﻲ زرﻗﺔ ﻣﺎء اﻟﺒﺤﺮ ،ﺗﺘﺮاﻗﺺ أﺷﻌﺘﻬﺎ ﻓﻮق ﺻﻔﺤﺘﻪ ﻛﻜﺴﺮ اﻟﻤﺮاﻳﺎ واﻟﺰﺑﺪ اﻷﺑﻴﺾ ﻓﻲ ﺗﻤﻮﺟﻪ ﺧﻼ ٌب ﻋﻠﻰ اﻷزرق ﻛﺈو ٍز ﻫﺒﻂ ﻟﻠﺘﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪرج اﻟﻤﺎء ،ﻣﺸﻬ ٌﺪ ّ ﻳﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻜﻮن اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻫﺪأة ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺸﺪك ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ. وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ أﻗﻮل »اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻴﻮم ﺧﻮاﻫﺮ« وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺼﻒ ﺑﻪ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات اﻟﺒﺤﺮ ﺣﺎل ﺳﻜﻮﻧﻪ ،وﻫﺬا اﻟﻮﺻﻒ أﺑﺮزه ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ ﺗﻀﺎ ٍد راﺋﻊٍ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ واﻟﺼﺨﺐ ،ﻳﻘﻮل: وﻣﻦ ﺣ ّﻤﻞ اﻟﺒﺎرات ﻳﻮم ﺧﻮاﻫﺮ ﻳﺘﻌﺐ ﻧﻬﺎر اﻟﺨﺐ ﻓﻲ ﻧ ّﻴﺎﻟﻬﺎ وﻻ ﻳﺬﻫﺒﻦ ﻇﻨﻚ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺒﺎرات ،ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺟﻤﻊ ﺑﺎر اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺤﺎﻧﺔ ،ﺑﺎر ﻓﺎرﺳﻴﺔ وﺗﻌﻨﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻓﺴﺮﻫﺎ ﻟﻲ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﻋﺒّﺎس ﻣﻬﺎﺟﺮاﻧﻲ ،ﺛِﻘ ٌَﻞ ِ ﻤﻞ ،وﺟﻤﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ وﺣ ٌ »ﺑﺎرﻫﺎ« ﻟﻜﻦ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ »ﺑﺎرات« ﻟﻴﺴﺘﻘﻴﻢ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺠﻤﻴﻞ وﺗﺘﺠﻠﻰ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ آن واﺣﺪ ،ﻓﻤﻦ ﺣ ّﻤﻞ اﻟﺴﻔﻦ أﺛﻘﺎﻻً ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺘﻬﺎ ﻣﻐﺘﺮا ً ﺑﻬﺪوء اﻟﺒﺤﺮ ﺳﻴﻜﺎﺑﺪ اﻟﻌﻨﺎء ﺣﻴﻦ »اﻟﺨ َّﺐ«، ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﻋﻠﻮ اﻟﻤﻮج واﺿﻄﺮاﺑﻪ. ﻋﻠﻰ أن ﻟﻜﻠﻤﺔ »ﺧﻮاﻫﺮ« ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻄﻴﻒ ﻳﻄﻠﻖ ﻓﻲ وﺻﻒ ﻫﻮاء اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻨﺎﻋﻢ إذا ﺳﻜﻦ وﻫﺪأ ﻓﻴﻘﺎل ،اﻟﺒﺤﺮ )ﻣﺨﻮﻫﺮ( أي ﻫﺎديء اﻟﻤﻮج.
68
رﺣﻠﺔ ﺷﺎﻋﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻠﻐﺔ
ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﺼﻒ اﻟﺒﺤﺮ: واﻟﻴــــــﻮم ﺷـــــﻮش واﻟﺒﺤﺮ ﺷﺎن ﻟـــــﻮﻻ ﻣــﺨﻮﻫﺮ راﻛﺪ ﺷﻮي وﻣﺨﻮﻫﺮ أﺻﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﺤﻰ ،ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺧﺎر ،ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺿﻌﻒ وﻓﺘﺮ وﺳﻘﻄﺖ ﻗﻮﺗﻪ .وأﺻﻞ ﺧﻮﻫﺮ ،ﺧﻮر ،وﻓﻚ اﻟﺘﻀﻌﻴﻒ وأﺑﺪﻟﺖ اﻟﻮاو اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﺎء ﻹﺿﻔﺎء ﺟﻮ اﻟﺴﻜﻮن اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻨﻰ، وﻫﺬا اﻟﺴﻜﻮن ﻳﻨﺰل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ أﻳﻀﺎً وﻫﻲ ﺗﺘﺄﻣﻞ ﺑﻌﻴﻨﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎل اﻟﻤﺸﻬﺪ ،ﻓﻴﺴﺘﺪﻋﻴﻬﺎ ﻟﻠﺘﺄﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻴﺮ ،وﻫﺬا ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ. واﻧﻴﻮ اﻟﻤﺴﻴﺮ
وﻓﻜﺮة اﻟﺘﺄﻧّﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻴﺮ ،أﻋﺎدت ﻟﻠﺬاﻛﺮة ﻗﻮل ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ: وﻓﻲ ﺷﻒ واﻧﻴﺔ اﻟﻤﺴﻴﺮ إﻟﻲ ﻣﺸﺖ روﻳﺎ ﻛﻌﻮد اﻟﺸﺎﻛﺮي اﻣﻌﺪل ﺷﻒ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻤﺮاد واﻟﻤﺒﺘﻐﻰ .ﻓﻴﻘﺎل) :ﺷﻮ ﺷﻔﻚ( أي ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺮادك وﻣﺎذا ﺗﺒﻐﻲ .واﻟﺠﻤﻊ )ﺷﻔﻮف( و)ﺷﻔﻴﻒ(.اﻟﻲ ،ﺗﻠﻔﻆ ﻣﺜﻞ ﻛﻠﻤﺔ إﻟِﻴْﻪ ﺑﺪون اﻟﻬﺎء. اﻟﺤﺐ أي ﻟﺬع ﻗﻠﺒﻪ، وﺗﺄﺗﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺸﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب :ﻣﻦ ﺷﻔّﻪ ّ وأﻧﺤﻠﻪ وأذﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ. وواﻧﻴﺔ اﻟﻤﺴﻴﺮ ﻣﻦ وﻧﻰ أي اﻟﻀﻌﻒ ،ﻓﻬﻲ اﻣﺮأة ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺘﻮر. واﻟﺸﺎﻛﺮي ﻫﻮ ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜّﺮ ،وﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺮب ﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﺸﱠ ِﻜﻴﺮ: ِ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﻘُﻀْ ﺒﺎنِ اﻟ ﱠﺮﺧ َْﺼ ِﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻘُﻀْ ﺒﺎنِ اﻟﻘﺎﺳ َﻴ ِﺔ. واﻟﺸﱠ ِﻜﻴ ُﺮ :ﻣﺎ ﻳﻨﺒﺖ ﻓﻲ أُﺻﻮل اﻟﺸﺠﺮ اﻟﻜﺒﺎر .وﺷَ ِﻜﻴ ُﺮ اﻟﻨﺨﻞِ : ِﻓﺮاﺧُﻪ .ﻟﺬا وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮوﻳﺎ أي اﻟﺮﻳّﺎﻧﺔ اﻟﻌﻮد )اﻟﻘﻮام(. واﻟﺸﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺸﻜﻴﺮ ﻳﺬﻛﺮ ،ﻓﻬﺎ ﻫﻮ اﺑﻦ اﻟﺮوﻣﻲ ﻳﻘﻮل: وﺟــــــﻮم وﺗﻐﻨﻲ اﻟﺤﻤﺎم ﺑﻌﺪ ٍ ﺑﻔﻨﻮن اﻟﻠﺤﻮن ﻓﻲ اﻷﻏﺼﺎن ِ ٍ ﻧﺎﻋﻤﺎت اﻟﺸّ ﻜﻴﺮ واﻷﻓﻨﺎنِ ﻣﻘﺘﺒﻼت وﺗﻌﻮد اﻟﺮﻳﺎض
ارﺗﻴﺎد اNﻓﺎق
وﻟﻢ وﻓﺎﻟﻊ
وﻗﺎل أﺑﻮ ﻓﺮاس اﻟﺤﻤﺪاﻧﻲ: ﻋﻠﻲ ﻟﻜﻞِ دا ٍر َوﻗﻔَـــ ٌﺔ ٌ ﻓﺮض ّ ﺗﻘﻀﻲ ﺣﻘﻮق اﻟﺪار واﻷﺟﻔﺎن َﻮﻳﺖ ﺑﺤﺎﺟﺮ ﻟﻮﻻ ﺗﺬﻛﱡ ُﺮ ﻣﻦ ﻫ ُ أﺑﻚ ِ ﻟـــــﻢ ِ ﻓﻴﻚ ﻣﻮا ِﻗﺪً اﻟﻨﻴﺮان وﻟﻘﺪ أرا ُه ُﻗ َﺒ َﻴﻞ ﻃﺎرِﻗ ِﺔ اﻟ َﻨﻮى ﻣﺄوى اﻟ ِﺤﺴﺎن وﻣﻨﺰلِ اﻟﻀﻴﻔﺎن ﻛﻞ ﻛﻞ ُﻣﻬﻨﺪ ٍ و َﻣ َﺠ ﱠﺮ ّ وﻣﻜﺎنَ ﱢ ٍ َ ﻛﻞ ﺣﺼﺎنِ وﻣﺠﺎل ﱢ َــــــﻒ ُﻣ َﺜﻘ وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺛﺎﻓﻲ ﺗُ َﺬﻛﱢﺮ ﺑﻤﻦ رﺣﻠﻮا ،ﻓﺈ َن اﻟﺸﺠﻰ واﻟﺤﺰن ﻣﻘﻴﻤﺎن ،ﻳﺼﻮرﻫﻤﺎ اﻟﺸﺎب اﻟﻈﺮﻳﻒ ﺷﻌﺮا ﻓﻴﻘﻮل: ﻋﻴﺴﻚَ ﻳﻮم َﺣ ﱠﻨﺖ ﻟﻠﻨﻮى ﻟﻠﻪ ُ ﺒﻖ ُﻣﻄﻠﻘُﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻣﻌﻘﻮﻻ ﻟــــﻢ ُﻳ ِ ﺑِﻨ ُﺘﻢ ﺑﻜﻞِ ُﺣﻤﻮﻟ ٍﺔ ﻗﺪ أَو َد َﻋﺖ ﻗﻠﺒﺎً ﻛـــــﻤﺎ ﺷـــــﺎء اﻟﻐﺮام َﺣﻤﻮﻻ ﻛﻢ ﻟﻔﻈ ٍﺔ َﺣﻔﱠﺖ ﻋﻠـــﻰ اﻟ َﺤﺎدي ﺟﻮى ﺑﻴﻦ اﻟﻀﻠﻮعِ ﺛﻘﻴﻼ وﻗﺪ أﻟﻘﺖ ً ﻳﺎ ﻫﻨﺪُ ﻟﻢ ﺗَﺘ ُﺮك ُﺟﻔﻮﻧ ُِﻚ ﺑﺎﻟ ِﺤﻤﻰ ِ إﻻّ ﺟــــــــﺮﻳﺤﺎً ﻣـــﻨﻚ أو ﻣﻘﺘﻮﻻ
ﻫﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة ﻫﻮا ٌء داﻓﻖ ،وﻋﻠﻰ ﺷﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ أﻓﻖ اﻟﺒﺤﺮ ﱠ ﺳﻔ ٌﻦ ﺗﻤﺨﺮ ﻋﺒﺎﺑﻪ ،وأﺧﺮى أﻟﻘﺖ ﺑﻤﺮﺳﺎﺗﻬﺎ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻹذن ﺑﺪﺧﻮل اﻟﻤﺮﺳﻰ ﻓﺤﻀﺮ ﻗﻮل ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ: واﻟﻤﺸﺠﻌﺔ ﻧﻮﻋﻴﻦ وﻟـــﻢ اوﻓﺎﻟﻊ واﻟﺴﻔﻦ ﻓــــﻴﻬﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮ وﻗﺎع )اﻟﻬﻮاء اﻟﻔﺎﻟﻊ( ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻬﺐ ﺑﺎﻟﻮﺟﻪ ،وﻗﻴﻞ إﻧﻪ اﻟﻬﻮاء اﻟﺬي ﻳﻬﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﺸﻤﺎل ،وﻫﻮ اﻟﻬﻮاء اﻟﺬي أﺷﺎرت اﻟﻴﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮة ﺳﻠﻤﻰ ﺑﻨﺖ ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻟﻲ دار ﻟﻲ وﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺪر ﻓﺎﻟﻊ ﻏﻤﺎرى ﻏﺎﺻﺘﻬﺎ ﺧﻜﺎرى ﺳﻴﻮﺑﻬﺎ أي ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺻﺎدﻓﺖ ﺳﻔﻴﻨﺘﻲ رﻳﺤﺎً ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺗﻬﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺪرﻫﺎ وﺗﺪﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻐﺎﺻﺔ ﻟﺆﻟﺆ ﺟﻴﺪة ،ﻓﺈن اﻟﻐﺎﺻﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻠﻴﻠﻮ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،وﻏﻤﺎرى ﻣﻦ ﻏﻤﺮ أي ﻏ ّﺮ ﺻﻐﻴﺮ اﻟﺴ ّﻦ ﻋﺪﻳﻢ اﻟﺨﺒﺮة ،وﺧﻜﺎرى ﻻ ﻳﺠﻴﺪون ﻣﻬﻨﺘﻬﻢ ،واﻟﺴﻴﻮب ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺐ وﻫﻮ ﻣﺴﺎﻋﺪ اﻟﻐ ّﻮاص ،وﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﻫﻮ ﺷﺎب ﻣﻔﺘﻮل اﻟﻌﻀﻞ ،ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻣﻤﺴﻜﺎً ﺑﺤﺒﻞ وﻋﺼﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﺼﻼن اﻟﻐ ًﻮاص. أ ّﻣﺎ ﺑﻴﺖ اﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻗﻮل أﺑﻲ اﻟﻄ ّﻴﺐ: اﻟﺮأي ﻗﺒﻞ ﺷﺠﺎﻋ ِﺔ اﻟﺸﺠﻌﺎن ُ ﻫﻮ ٌ اول وﻫﻲ اﻟﻤﻘﺎ ُم اﻟﺜﺎﻧﻲ ارﺗﻴﺎد اYﻓﺎق
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
67
ﻣﻦ
إﻟﻲ إﻟﻤﺎﻳﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ؟! أﻳﻦ ﻳﻌﻮد ّ أﻓﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ أﺗﻤﺘﻢ ﺷﻌﺮه وﺳﻴﺎرﺗﻲ ﺗﺘﻬﺎدى ُ ﻓﻲ ﻏﺒﺶ اﻟﻔﺠﺮ ﺑﻴﻦ أﺑﻮ ﻇﺒﻲ واﻟﺸﺎرﻗﺔ .ﺳﺆاﻟﻲ اﻻﺳﺘﻨﻜﺎري ﻳﺴﺘﻨﻜﺮ ﻧﻔﺴﻪ) .ﻫﻞ ﻏﺎب أﺻﻼً ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻮد؟!( ،ﻫﺎ ﻫﻲ روﺣﻪ ﺗﺴﺮي ﻣﻊ ﺗﻨﻔﺲ اﻟﺼﺒﺢ وﺗﻌ ُﻤﺮ اﻟﻤﻜﺎن ،ﻓﺎﺳﻤﻪ ﺷﺎﺧﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﻴﻦ، واﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎم ،ﻓﻴﻠﻤﻮﻏﺮاﻓﻴﺎ اﻟﻠﻐﺔ ،ﺑﻬﺎ ﻳُﻜﺘﺐ ٌ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎدات. ﺷﺮﻳﻂ ٌ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷرض ﺿﺮب اﻟﻤﺎﺟﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﻋﺼﺎ ﺒﺖ ﺑﺎﻷْﻣﺎﻛﻦَ .رﺳﻢ وﻃﻨﺎً اﻟﺘﺮﺣﺎل ،ﻓﺠﺎءت ﻗﺼﺎﺋﺪه ﺛَ ٌ ورﺳﻢ دﻳﺎراً ﻣﻌﻤﻮر ًة ﺑﻤﻦ ﺷَ ﻐﻔﻮا ﻗﻠﺒﻪ »ُ ..ﺣﺐ ﻣﻦ ﺳﻜﻦ اﻟﺪﻳﺎرا« ،ﻓﻠﻢ ﻳَﻨﺴﻪ ﻫﺆﻻء ﺑﺪورﻫﻢ ﻓﻮﻃّﻨﻮا روح ﺷﻌﺮه ﻓﻲ ﻟﻐﺘﻬﻢ ،ﺑﻤﺎ ﻫﻲ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻮد واﻟﻬﻮﻳﺔ .وإﻟﻴﻪ ﻧﺴﺒﻮا ﻋﺒﺮ ﺳﻨﻴﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻣﺎ ﻧﻈﻤﻮه ﻫﻢ ،وﻛﺄﻧﻬﻢ ﺿَ ّﻨﻮا ﺑﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،أﻣﺎم ﻗﺎﻣﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ زادﻫﺎ اﻟﺰﻣﻦ ﺳﺤﺮاً وﺗﺄﻟﻘﺎً .أو رﺿﻮا ﺑﻨﻜﺮان اﻟﺬات ﻃﻤﻌﺎً ﻓﻲ ﻣﺠﺪ اﻟﻨﺴﺐ.
ﻫﺎ ﻫﻮ ﺑﺮوح ﺷﻌﺮه ﻳﻤﻸ ﻗﻤﺮة اﻟﺴﻴﺎرة .أﻧﻈ ُﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﻌﺪ اﻟﻔﺎرغ ﺑﺠﺎﻧﺒﻲ وأﺑﺘﺴﻢ ،ﻣﺎ ﻣﻦ ٍ أﺣﺪ ﻣﻌﻲ ،وﻻ ﺑﺄس ﻣﺎ دام ﻻ ﻳﻨﻜﺮه اﻟﻮﻫﻢ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺤﻮار ،ﺣﺘﻰ وإن ﻟﻢ ﻳﺮ ّد .ﻓﻔﻲ اﻟﺬﻫﻦ أﺳﺌﻠﺔ ﻟﻠﻤﺎﻳﺪي وﻓﻲ ِﻗﺮاءﺗﻨﺎ ﻟﺸﻌﺮه رﺟﻊ واﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت وﻣﺮﺟﻌﻴﺎت ،ﻣﻦ ﺷﻌﺮا َء ﺳﻨﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺮة ﻣﻌﻨﺎ ﻟﻨﺘﺪاول ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻔﺮدات اﻟﻤﺎﻳﺪي واﻟﺨﻼف ﺣﻮﻟﻬﺎ ،وﻣﺎ وﻣﺾ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﻛﺎن إﺣﺪى ﻋﺸﺮة وﻣﻀﺔ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ اﻟﺘﺪاﻋﻲ اﻟﺒﺼﺮي ﻣﻤﺎ وﻗﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﻠﺔ. ﺛﺎﻟﺜ ُﺔ ا ﺛﺎﻓﻲ
اﻟﻤﺪى ﻳﻤﺘﺪ أﻣﺎم ﻧﺎﻇﺮي وأﺣﺠﺎ ٌر ﺳﻮ ٌد ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﺎت اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك ،ﺑﻤﺎ ﻳُﺬﻛﱢﺮ ﺑﺎﻷﺛﺎﻓﻲ وﻫﻮ ،اﻟﻤﺎﻳﺪي ،ﻣﻦ ﻗﺎل: أﻻ واﺷﻘﻰ ﻣﻦ ﻋ ّﺬب اﻟﻠﻪ ﻗﻠﺒـــﻪ ﺣﻲ راﻳﺪ اﻟﻌﺸﺐ ﻗﺎدﻫﺎ ِﺑﻈْﻌﻮن ﱟ ﻋﻠﻰ ﺑ ّﺰل ﺷﻠﻮا ﻣﻦ اﻟﺨﻮد ﻣﺎ ﺑﻐﻮا وﺧﻠﻮ ﻣﻦ اﻷﺛﻼث ﺟﺎﻧﻲ ﺳﻮادﻫﺎ ﻣﺸﻬﺪ رﺣﻴﻞ اﻟﺤﻲ )ﺣﻲ اﻷﺣﺒﺔ(ﻋﻠﻰ ﻋﺎدة اﻟﺒﺪو ﻃﻠﺒﺎً ﻟﻠﻌﺸﺐ
66
رﺣﻠﺔ ﺷﺎﻋﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻠﻐﺔ
واﻟﻜﻸ ،ﻳﺜﻴﺮاﻟﻌﺬاب ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺄن اﻟﺮاﺣﻠﻴﻦ ﺣﻤﻠﻮا ﻣﻌﻬﻢ اﻟﺠﻤﻴﻼت وﺗﺮﻛﻮا ﻏﻴﺮ اﻟﺠﻤﻴﻼتٌ ، ﻗﻮل ﻳﺨﺎﻟﻒ اﻟﺼﻮاب. واﻟﺼﻮرة ﺗﻨﺠﻠﻲ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﻴﺘﻴﻦ ،ﻓﺎﻟﺒ ّﺰل – ﺟﻤﻊ ﺑﺎزل – ﺑَ َﺰل اﻟﺒﻌﻴ ُﺮ ﻳَ ْﺒ ُﺰل ﺑُ ُﺰوﻻً ﻓَﻄَﺮ ﻧﺎﺑُﻪ أَي اﻧْﺸَ ﱠﻖ ،ﻓﻬﻮ ﺑﺎزل ،ذﻛﺮا ً ﻛﺎن أَو أُﻧﺜﻰ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،ورﺑﻤﺎ ﺑﺰل ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ. ﻓﻌﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻴﺎق ُﺣ ّﻤﻠﺖ اﻟﺨﻮد )اﻟﺠﻮاري اﻟﻨﻮاﻋﻢ( ،وﻣﺎ ﺗﻤﻜّﻨﻮا ﻣﻦ ﺣﻤﻠﻪ )ﻣﺎ ﺑﻐﻮا( ،ﻣﺨﻠّﻔﻴﻦ وراءﻫﻢ اﻷﺛﻼث اﻟﺴﻮد )ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ(، أي اﻷﺛﺎﻓﻲ – ﻣﻔﺮدﻫﺎ أﺛﻔ ّﻴﺔ -وﻫﻲ )اﻷﺣﺠﺎر اﻟﺜﻼﺛﺔ( اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺿﻊ ّ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻘﺪر ﻟﻠﻄﺒﺦ .ودأب اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ ﻧﺪب ﻫﺬه اﻷﺣﺠﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺸﺠﻦ؛ ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﺴﺎﻋﺎﺗﻲ: ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﺗﻼﻓﻲ ﺗﻼﻓﻲ ﺑﻴﻦ ﺗــــﻠﻚ اﻟﻐﺼﻮن واﻷﺣﻘﺎف ﻳﺎ ﺧﻠﻴﻠﻲ ﺑﺎﻟﺤﻤـــﻰ ﺿﺎع ﻗﻠﺒﻲ ﺑﻴﻦ ﺑﻴﺾ اﻟﺪﻣﻰ وﺳﻮد اﻷﺛﺎﻓﻲ وﻳﻘﻮل اﻟﻄﺮﻣﺎح: ﻧﺰﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟ َﺘ َﻌ ﱡﺰ ِز ﻣﻦ َﻣ َﻌـــﺪّ ﻣﻜﺎن اﻟﻘﺪر ﻓﻲ وﺳﻂ اﻷﺛﺎﻓﻲ
ارﺗﻴﺎد اNﻓﺎق ﻳُ ﻨﴩ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﳌﺮﻛﺰ اﻟﻌﺮيب ﻟﻸدب اﻟﺠﻐ ﺮاﰲ "ارﺗﻴﺎد اﻵﻓﺎق" -أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﻟﻨﺪن اﻟﺬي ﻳﺮﻋﺎه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﺴﻮﻳﺪي
ﺑﻴﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﺸﺎرﻗﺔ
] \¨yM¤ }G* i 04 < ¥ 1 ¥ ]*·\ {Je; + ¨yMe
ﻓﻲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻠﻐﺔ
ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي@ @ﺷﺎﻋﺮ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ اWﻣﺎرات
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
65
ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺮﻳﺮ
اﻟﻄﻨﻄﺎوي ﻓﻲ روﺳﻴﺎ @ أﺷﺮف أﺑﻮ اﻟﻴﺰﻳﺪ
اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺎد اﻟﻄﻨﻄﺎوي ) - 1225 1278ﻫـ 1861 - 1810 /م( ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻃﺮاﻓﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻻ ﻳﻀﻦ ﺑﻤﻔﺎﺟﺂت .ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﺮﺣﻮﻣﻲ ،ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻣﺤﻠﺔ ﻣﺮﺣﻮم ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ دﻟﺘﺎ ﻣﺼﺮ ،وﻟﺪ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻧﺠﺮﻳﺪ )ﻣﻦ ﻗﺮى ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻃﻨﻄﺎ( ،وﻗﺪ َد َر َس ود ﱠرس ﺑﺎﻷزﻫﺮ اﻟﺸﺮﻳﻒ ،ﺣﺘﻰ اﺗﺼﻞ ﺑﻪ أﺻﺪﻗﺎء ﻣﺴﺘﺸﺮﻗﻮن د ُﻋﻮه ﻟﺘﺪرﻳﺲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻬﺪ )اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ( ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎﻧﺖ ﺑﻄﺮﺳﺒﻮرج )ﻟﻴﻨﻨﺠﺮاد( ﻓﺴﺎﻓﺮ ﺳﻨﺔ 1256ﻫـ ،وﻟﺘﻤﻀﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺜﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻫﻨﺎك ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻮﻓﺎه رﺑﻪ. وﻣﺜﻠﻤﺎ ذﻫﺐ ﺑﻪ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻮن ،ﻋﻦ ﻣﺼﺮ ،أﻋﺎدوه ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻘﻴﻖ وﻧﺸﺮ ﻛﺘﺒﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮة ،ﻓﺘﻠﻤﻴﺬه اﻟﻤﺴﺘﺸﺮق اﻟﻔﻨﻠﻨﺪي اﻷﺻﻞ ﺟﻲ ﻓﺎﻟﻦ ﺟﻤﻊ ﻣﺮاﺳﻼﺗﻪ ﻣﻌﻪ وﻧﺸﺮﻫﺎ ﻣﺘﺮﺟﻤﺔ. وﻫﻨﺎك ﻧﺸﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻛﺘ ًﺒﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻠﻬﺎ ﺗﺨﺺ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻣﺎ اﺷﺘﻖ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻣﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ »ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻵراب ﻓﻲ اﻟﺠﺒﺮ واﻟﻤﻴﺮاث واﻟﺤﺴﺎب« ،و»اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ« ،و«ﻣﺴﻮدات ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب« ،و»ﺗﺤﻔﺔ اﻷذﻛﻴﺎ، ﺑﺄﺧﺒﺎر ﺑﻼد اﻟﺮوﺳﻴﺎ« ،و»أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺨﺐ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب«. ﻟﻜﻦ اﻟﻜﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺴﻰ ﺻﺎﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬي ﺣﻘﻖ ﺑﻪ رﺣﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ وﺳﻤﺎﻫﺎ »رﺣﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻄﻨﻄﺎوي إﻟﻰ اﻟﺒﻼد اﻟﺮوﺳﻴﺔ« ،واﻟﺘﻲ ﻏﻄﺖ اﻟﺴﻨﻮات ﺑﻴﻦ 1840و1850م ﻳﺮى أن اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ إﻟﻰ أﻫﻠﻪ ﻳﻌﻮد ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ اﻟﺠﻠﻴﻞ أﺣﻤﺪ ﺗﻴﻤﻮر ﺑﺎﺷﺎ ،وﻧﺸﺮ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ )ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ .(1934 ﻳﻘﻮل اﻟﻄﻨﻄﺎوي ،ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺮﻳﺮ ،اﻟﺒﺎردة: »وﻗﺪ أﺗﺎح اﻟﻠﻪ ﻟﻲ اﻟﺴﻔﺮ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺮوﺳﻴﺎ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ،وأﻗﻄﺎرﻫﺎ اﻟﺒﻌﻴﺪة اﻟﺸﺎﺳﻌﺔ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻃﻠﺐ دوﻟﺘﻬﺎ ﻟﻲ أن أُﻋﻠّ َﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻷﻟﺴﻦ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،ﻓﻮاﻓﻖ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻋﻨﺪي
64
اﻟﻄﻨﻄﺎوي ﻓﻲ روﺳﻴﺎ
وﺳﺮت ﻻ أﻟﻮي ﻋﻠﻰ أﻫﻞ وﻻ وﻃﻦ، ﻣﻦ اﻟﻤﻴﻞ اﻟﺤﺴﻦ، ُ واﻟﻌﺎﻗﻞ أﻳﻨﻤﺎ ﺳﺎر ﻣﻊ ﺳﻜﻨﻪ ،واﻟﺠﺎﻫﻞ ﻏﺮﻳﺐ ﻓﻲ وﻃﻨﻪ وﻣﺎ ﻋﺎﻗﻞ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ٍة ﺑﻐﺮﻳﺐ ،ﻫﺬا ﻣﻊ ﺷﻐﻒ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻷوﻃﺎن، وﺗﺄﺳﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاق اﻷﻫﻞ واﻟﺨﻼن ». وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﻠﻬﻤﺔ ،وﻗﻌﺖ ﺑﻴﺪي ﻧﺴﺨﺔ ﻣﺼﻮرة ﻣﻦ ﻛﺘﺎب آﺧﺮ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻋﻨﻮاﻧﻪ »أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺨﺐ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب« وﻫﻮ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻜﺮاﺳﺎت اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺪﻧﺎ ﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﺼﺒﺎ واﻟﺸﺒﺎب ﺗﺪوﻳﻦ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻨﺎ وﻣﺨﺘﺎراﺗﻨﺎ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻤﺮة ﻣﻮاﻻ ،وأﺧﺮى ﻳﻨﻈﻢ ﻗﺼﻴﺪة ،وﺛﺎﻟﺜﺔ ﻳﺴﺮد ﺣﻜﺎﻳﺔ، ﺗﺠﺪه ﻳﺪ ﱢونُ ً أو ﻳﺬﻛﱢﺮ ﺑﻤﺜﻞ ،واﻟﺠﻤﻴﻞ أن ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻜﺎﺷﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺪﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ روﺳﻴﺎ وﺣﺴﺐ، وإﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻣﺜﺎﻻن ﻣﺮاﺳﻼﺗﻪ ﻣﻊ ﻧﻘﻴﺐ اﻷﺷﺮاف )اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺨﺘﺘﻢ رﺳﺎﺋﻠﻪ :اﻟﺪاﻋﻲ اﻟﻔﻘﻴﺮ اﻟﺤﻘﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﺻﺎﺣﺐ زاده اﻟﻔﺎروﻗﻲ ﻧﻘﻴﺐ اﻷﺷﺮاف ﻧﺠﺎه اﻟﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺨﺎف( ،وﺧﻄﺎﺑﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺮف ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺘﻪ أﺛﻨﺎء ﻏﻴﺎﺑﻪ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺼﻴﺪاوي )اﻟﺬي ﻳﺨﺘﻢ رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻟﺘﻘﺪﻳﺴﻴﺔ ﺑﺘﺪوﻳﻨﻪ :ﻳﻮﺳﻒ، ﻋﺒﺪﻛﻢ!( أﺣﺐ ﺟﻤﻴ ُﻊ اﻟﻤﺮاﺳﻠﻴﻦ اﻟﺸﻴﺦ ،ووﻗّﻌﻮا إﻟﻴﻪ ﺗﻮﻗﻴﻌﺎت ﻋﺎﺷﻘﺔ، ﻣﺜﻞ )اﻟﻔﻘﻴﺮ إﻟﻴﻪ ﻋﺰ ﺷﺄﻧﻪ ﺧﻮﻳﺪﻣﻜﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﻟﺤﻠﺒﻲ اﻟﺘﺮاﻣﻨﻴﻨﻲ( ،اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﻳﻘﻮل» :ﻣﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎض اﻷزﻫﺮﻳﺔ، ﻣﺸﺘﻐﻞ ﺑﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻨﻴﺔ ،واﻵن ﻟﻤﺎ ﻓﺎض ﺑﺤﺮ اﻟﻐﺮام، أﻧﺒﺖ ﻋﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻷداوي وﺗﺄﺟﺠﺖ ﻣﻨﻲ ﻧﺎر اﻟﻬﻴﺎمُ ، ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﻲ اﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ،إذ ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺪت اﻟﺪار وﺷﻂ اﻟﻤﺰار ﻓﻠﻴﺲ إﻻ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻷﻧﻬﺎ ﻻﺳﺘﺠﻼب اﻟﺴﺮور وﺳﺎﺋﻞ«. وإن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ،وﺳﻮاﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺮﻳﺮ ،ﻛﻨﻮزا، ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻔﺤﻬﺎ * ﺷﺎﻋﺮ ورواﺋﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ĪƀŰėŹıŨė ƁěŐ وﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﺑﻴﻊ اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ دﺑﻲ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت
أ ّرث رﺳﻢ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ وﺳﺎر ﻇﺒﻲ رﺑــﻲ وادي اﻟﺨﻮاﻧﻴﺞ ٍ رﺑّــﻚ ﺣــﺪى ﺑﻪ وﺳــﻂ ﺑﺨّﺎر واﻧــﻜــﺮ ﻫــﻮاﻳــﻪ م اﻟﺘﺒﺎرﻳﺞ ﻋ ـ ّﻨــﺎ ﻳــﻔــﻞ وﺗــﻨــﺎول أﻗــﻔــﺎر ﺑﻄﻌﻮس ﻳﺎ ﻣﺎ ﻳﺎ ﺑﻄﺮارﻳﺞ ﻗــﻢ ﻳــﺎ ﻧﺪﻳﺒﻲ ﺷــﺪّ ﻟ ْﺒﻜﺎر ﻟﻲ ﻣــﻮ ّذﻓــﺎت ﻟْﻬﻦ ﺧﻨﺎﻧﻴﺞ ﻟــﻲ ﻳﻔﺮﺣ ّﻨﻚ واﻧــﺖ ﻧﺸّ ﺎر ﻟﻲ ﻣﺎ وﻟﻮﻫﻦ ﻫﺎﻟﻤﻌﺎﻟﻴﺞ ـﻦ ﻋــﻼﻛــﻴـ ٍـﻢ م ﻟﺨْﻴﺎر ﻫــﻴـ ٍ ﻳﺘﺪاﻓﺮن ﺑﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻀﺎﻳﻴﺞ ﻳﻨﺼﻦ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﻠﻮن ﺑﺄﻋﺬار ﻳﻠّﻲ ﺳﻜﻦ ﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﻐﺎﻟﻴﺞ
ŮŶŨė ŲŬ ǮĘİ Ǯ ūĘűſ ﻳــﻨــﺎم ﻟــﻲ ﺧــﺎﻟــﻲ ﻣــﻦ اﻟﻬﻢ ـﻢ ﺣـــﺮام ﺟﻔﻨﻲ ﻛــﺎﻧــﻪ إ ْﻟــﺘـ ّ اذﻛـــﺮ ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺴﻌﺪ ﻳﻠﺘﻢ ﻗﻢ ﻳﺎ ﻧﺪﻳﺒﻲ ﺑﺎﻟﻌﺠﻞ ﻗﻢ ﺑﺘﻮاﺻﻠﻪ ﻟــﻲ ﻣــﺎ ﺑــﻪ اﻟــﺬم ﻓــﺮﻗــﺎه ﻳـــ ّﺮى ﻣﻬﺠﺘﻲ دم ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻐﻴﺖ اﻟﺤﺐ ﻳﺠﺴﻢ
واﻟـ ّﻠــﻲ ﺷﺮاﺗﻲ ﻫﺎﻳﺮ اﻟﻨﻮم ﺑــﺎﻳــﺖ ﺳﻬﻴﺮ اﻋـــﺪد ﻧﺠﻮم ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﺮح ﻣﺎ ﻋﺮف ﻟْﻬﻤﻮم ﺷــﺪّ ا ْﺣـــﻮﻻت اﻟﻨﻮ ﺑْﻨﺸﻮم ﺧﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺬروب واﻟﻠﻮم ﺣﺒﻪ ﺳﻄﺎ وﻣــﺴـ ّﻮي رﺳﻮم ﻋ ّﻴﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻣﺎ ﻋﻄﺎ ْﺳﻬﻮم
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
63
ŷĚŹń ŲŬ Ĝŵ ęŹěŵ Ęſ ǁ وﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ وﻃﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج
ﻫﺒﻮب ﻫﺐ ﻣﻦ ﺻﻮﺑﻪ ﻳﺎ ٍ ﻣـــﺎ ﻟــﻔــﺘــﻨــﺎ ﻣــﻨــﻪ ﻣــﺮﻛــﻮﺑــﻪ ﻛــﻞ ﺻــﺒــﺎح ﻧﺴﺎﺑﺮ دروﺑــﻪ ﻛـــﺎد ﻛـــﺎد ﺗْــﺒــﻴــﻦ ﺳﻠﻬﻮﺑﻪ واﺗّــﺤــﺎﻳــﺎ ﻧــﻔــﺲ ﻣﺘﻌﻮﺑﻪ ﺻــﻮت ﺑﺎﻟﻬﺎﺗﻒ ﺗﻬﺬروﺑﻪ ﻣــﺎ ﻳﺸﺎﻓﻲ روح ﻣﻨﻬﻮﺑﻪ ﻫـــﺬي اﻻﺳـــﻔـــﺎر ﻣﻜﺘﻮﺑﻪ اﻫــﺘــﻮي ﻣــﺮواﺣــﻪ ﺑــﺪوﺑــﻪ ﻟــﻲ ﺗــﺒــﺎرن وﺳــﻂ ﻻﻫﻮﺑﻪ واﻻ دار اﻟــﻘــﻮم داﻧــﻮﺑــﻪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﻟﻲ ﻓﺎﻫﻢ دروﺑــﻪ
ﻟــﻲ ﻋﻠﻴﻪ اﻟــــﺮوح وﻟﻬﺎﻧﻪ ﺣـــﺎﻳـــﻞٍ ﻟــﻠــﺴــﻴــﺮ ﻃــﺮﺑــﺎﻧــﻪ واﻧــ ْﺘــﺮ ّﻗــﺐ ﻓــﻲ ﻣﺴ ّﻴﺎﻧﻪ ﻋــﺎ ِﻧــ َﻴــﻪ وﺗــﻴــﻴــﺐ ﺗﺒﻴﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﻠﻘﺎ ﻟــﻲ ﺣـــﺎن ﻣﻴﺤﺎﻧﻪ ﻫــﺮﺑــﺪه ﻟــﻲ ﻣــﺎ ﻟﻬﺎ ﺧﺎﻧﻪ ﻗ ّﺒﺢ اﻟﻠﻪ اﻟﻬﺎﺗﻒ ْدﻳﺎﻧﻪ وإﻻ اﻧــﺎ ﻣــﺎ ﻓــﺎرج أوﻃﺎﻧﻪ ﻳــﺎ ﻫــﻼ ﺑــﻠــﻨــﺪه وﻧﻴﺴﺎﻧﻪ ﺳﻴﺢ ﻳﺤﻠﻰ ﻟــﻲ ﺑﺮﻳﻌﺎﻧﻪ ﻣﻤﺮﻇﻨﻲ ﻋــﻔــﺖ ﺟﻴﻌﺎﻧﻪ اﻟــﺸــﻌــﺮ ﻋ ـ ّﻨــﻴــﺘــﻪ ﻟــﺸــﺎﻧــﻪ
ųĸŭļ ŪŐ ǡ ŲŬ ĢƀŨ Ęſ وﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ
ﻳﺎ ﻟﻴﺖ ﻣﻦ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺳﻤﺮه ﻓﻲ ﺳﻴﺢ ﺟﻔﺮ وﻋﻘﺐ ﺧﻄﺮه ﺗﺴﻘﻰ »اﻟﺮﻓﻴﻌﻪ« ﻳﻮم وﻃﺮه ﺗﺴﺠﻴﻪ ﺳــﻮد اﻟﻤﺰن ﻋﺼﺮه ﺑــﻮ ﻳـ ﱢ ـــﺎدل ﻣــﺠــﻠــﻮد ﺧﺼﺮه ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﻣﺎ ﻫــﺎن ﻗﺪره ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻄﻴﻌﻴﻨﻪ وﻓــﻲ أﻣﺮه ﻫﻠّﺖ دﻣــﻮع اﻟﻌﻴﻦ ﻋﺒﺮه ﺛﺮ ﻣﻦ ﻳﻄﻴﺠﻪ ﻃﻮل ﻫﺠﺮه ﺧـ ْـﻞ ﻣــﻦ ﻧــﻮاك ﻳﺒﻴﺪ ﻋﺜﺮه ﺑــﻮ ﺧــﺪ ﺑــﻮ ﻧــﻬ ـ ٍﺪ وﻧــﺤــﺮه 62
ﻣــﻘــ ّﻴــﺪ رﻛـــﺎﺑـــﻪ وﻣــﺮﺗــﺎح اﻟﻤﻬﺐ ﻳــﺪوج ﺑْﺮﻳﺎح ﻓﻴﻪ ّ زي واﻓﺮاح ﻳﻮم اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ّ ﺑــﺮﻋــﻮدﻫــﺎ واﻟــﺒــﺮق ﻟـــ ّﻮاح ﻣﺒﺴﻢ ﻣــﻤــﺰوج ﺑﺎﻟﺮاح ﺑــﻮ ٍ ﻣﻨﻌﻢ وﺑﻮﺷﻪ ﺣــﻮل وﻟْﻘﺎح وﻻ ﺣﺪ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺷ ّﺤﺎح ﻟﻲ ﻣﻦ ﻃﺮى ع اﻟﺜﻮب ﻧﺸّ ﺎح ﻟــﻲ ﻣــﻦ ﻧــﻮاك ﺑﺼﺪّ ﻣ ـ ّﺰاح ﻳﻌﺘﻞ ﻗﻠﺐ اﻟﻠّﻲ ﻋﻨﻪ ﺷﺎح ّ ﻛـ ّﻨــﻪ ﻟﻤﻴﻊ ﺑـــﺮوق ﻟــﻲ ﻻح
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ĴŕĽŨėŸ ĘűŶŨĘĚ ŦŨ وﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻢ اﻟﻔﻼﺳﻲ ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ
ﻟﻚ ﺑﺎﻟﻬﻨﺎ واﻟﺴﻌﺪ ﻳﺎ زﻳﻦ ﺣﻈّﻚ ﻏﻠﺐ ّ ﺣﻆ اﻟﻤﺠﻴﻤﻴﻦ اب ﻓﻴﻪ ﺑﺘﻠﻴﻦ ﻳﺴﻘﻰ ﺗْــــﺮ ٍ ﺣﻔّﻒ ْﺟﻨﺎﻋﻚ واﻟﺠﻨﺎﻧﻴﻦ ﻧﻬﺎر ﻣــﺎ ﺗﺴﺮح ﺑــﻚ اﻟﻬﻴﻦ ﺧﺼﺖ زوﻟــﻚ اﻟﻌﻴﻦ ﻳﺎ ﻛﻢ ّ آزﻣـــﺖ ﻓــﻲ ﻓﻜﺮ وﺗﻬ ّﻨﻴﻦ ﺻﻔّﻘﺖ ﻣﻦ وﺟﺪي ﺑﻠﻴﺪﻳﻦ ﻗﻔّﻴﺖ واﻗﻔﻰ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻟﻮ ﻇﻦ ﻗﻠﺒﻲ ﺑﺎﻟﻬ َﻴﺮ ﺷﻴﻦ ـﻲ م اﻟﻤﻮ ّدﻳﻦ ﺷﻔﻨﻲ ﺧــﻠـ ﱟٍ إﻻ ْﻟــــﻮداده ﺷﻔﻨﻲ ْرﻫﻴﻦ ﺳﺎﻋﺎت ﻟﻮ ﻳﺮﻣﻴﻨﻲ ﺑﺸﻴﻦ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻪ ﻻ وﻗــﻊ ﺷﻴﻦ
رب ﻋــﺎﻟــﻲ اﻟﺸﺎن ﻫ ـ ّﻨــﺎك ٍ ﻳﻮم اﻧﺘﻘﻠﺖ وﺳﺮت ﻟ ْﻌﻤﺎن ﺟــﺎذي ﻫﺒﻮﺑﻪ ﻫــﻮب ّ ﻃﻼن واﻟﺼﺪر واﻟﻤﻨﺤﺮ واﻷوﺟــﺎن ﻏ ّﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻻﻣــﺎك ﺷﻔﻘﺎن ﻟﻴﻦ اﺧﺘﻔﻰ ﻋﻨﻬﺎ وﻻ ﺑﺎن وﻣــﺪاوﻟــﻪ ﻣــﻦ ﻏﻴﺮ ﺑﺮﻫﺎن ـﻮي اﻷﻋﻴﺎن ﻋﻠﻴﻚ ﻳــﺎ ﻣــﺪﻋـ ْ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺜﺮ ﻳﺒﺮى ﻟﻠﻈﻌﺎن ﻣﺎ ﺳﺮت ﻟﻪ ﻓﻲ ﻧ ّﻮ ﻗﻔﻀﺎن ووﺣــﻴــﺪ ﻣــﻦ ﺧـــﻞٍ وﺧـ ّ ــﻼن ﺻﺎﻳﻦ ْﺳــﺪوده ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺻﺎن ﺧﺬﺗﻪ ﺑْــﺮﻓــﻖ إﻻه ﻛــﺪ زان وﻻ ﺷ ّﻤﺘﺖ ﺑﺎﻟﺒﻴﻦ ﻋــﺪوان
ƁěſĴŰ Ęſ ŮŠ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺠﺎرﻳﺎً:
ﻗﻢ ﻳﺎ ﻧﺪﻳﺒﻲ ﻓــﻮق ﻫﻨﺘﻴﻦ اﻛﺮب ﻋﻠﻴﻬﻦ م اﻟﺪﺷﻦ زﻳﻦ ﺑــﺎﺗــﻦ ﺳـــﻮاري ﻛﺎﻟﻘﻄﺎﺗﻴﻦ ﻟﺤﻘﻦ ورﺑــﻊ اﻟﺰﻳﻦ ﻧﺒﻬﻴﻦ ﺑﺎﺗﻮا ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮات ﻣﺮﻫﻴﻦ واﻧــﺎ ﻣﺒﻴﺘﻲ م اﻟـــﻮزأ ﺷﻴﻦ ﺑﺎﺧﺬ وﻟﻴﻔﻲ اﻟﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ
ﺣــﻮلٍ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺑﺎت وﺳﻤﺎن ﻟــﻲ ﺗﺮﻗﺒﻪ ﺧﻄّﻒ وﻻ ﺑﺎن ﻳﺘﺮاﻛﺘﻦ واﻟـــﺪرب ﺻ ّﻤﺎن وﺿﻮﻳّﻬﻢ ع اﻟــﺪرب ﻧﻴﺮان واﻟــﻜــﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺑــﺎت دﺟ ـﺮان أﺑﻐﻲ ﻳﺒﻴﻦ اﻟﺼﺒﺢ ﻣﺎ ﺑﺎن ﻋﻦ ﻻ ﺗﻘﻮل اﻟﻨﺎس ﺳﺮﻗﺎن
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015 20
61
ĘŵĘěŰ ƁDžũŨė ūŹũŕŨė Ęűġſ
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ 60
ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺑﻌﺪ ﻋﻮدة اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ رﺣﻠﺔ ﻋﻼﺟﺔ اﻷﺧﻴﺮة
ﻳﺘﻨﺎ اﻟــﻌــﻠــﻮم اﻟ ـ ّﻠــﻲ ﻧﺒﺎﻫﺎ ﻋـــ ّﻮد ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﺻﺒﺎﻫﺎ واﻓــﺮاﺣــﻨــﺎ ﻓــﻲ ﻣﻨﺘﻬﺎﻫﺎ ﻃـــﺎر اﻟــﻨــﺸــﺮ ﻏ ـ ّﺒــﺎ ﺳﻤﺎﻫﺎ ﻟــﻲ ﺑﺎﻧﻲ اﻟــﺪوﻟــﻪ وﺣﻤﺎﻫﺎ ﺳ ـ ّﻴــﺮ ﻋــﻠــﻰ ﻗـــﻮة ﺧﻄﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻄﻴﺐ ﻳــﺮﻋــﻰ ﻣــﺎ ﻳﺒﺎﻫﺎ ﻳﻌﻴﺶ واﺣــﻨــﺎ ﻟــﻪ ﻓــﺪاﻫــﺎ
ﺑﺎﻟﺘﻴﻠﻔﻮن وﻓــﻲ اﻟﺠﺮاﻳﺪ ﻟــﻲ ﻣــﻦ ﻗﺮﻳﺖ ﺑﺨﺒﺮ زاﻳــﺪ ﻳـــﻮم اﻧــﺘــﻮى ﻟــﻠــﺪار ﻋﺎﻳﺪ ﻳـــﻮم اﻟــﺨــﺒــﺮ ﻳــﺎ ﺑﺎﻟﻮﻛﺎﻳﺪ ـﺰم ﻗــﻮي ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺪاﻳﺪ ﻋـ ٍ ﻣــﺎ ر ّﻓــــﺪ ﻟْــﻬــﺎ ﺑــﺎﻟــﻮﺳــﺎﻳــﺪ وﺣــﻴــﺪ ﻓـــﻲ دﻧـــﻴـــﺎه ﻻﻳــﺪ ﻳــﺒــﻘــﻰ ﻟــﻨــﺎ ذﺧــــ ٍﺮ وﻗــﺎﻳــﺪ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﻋﻤﻞ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺑﻤﻬﻨﺔ » اﻟﻄﻮاﺷﺔ«
اﻟﺘﻲ ﻋﺎش وﺗﺮﺑّﻰ ﻓﻴﻬﺎ .وﻗﺪ أﺑﺪع اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ وﻃﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ .ﻓﻘﺎل ﻫﻨﺎك ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺎ أن ﺗﻘﺮأﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻠﻮﻋﺔ اﻟﻔﺮاق واﻷﺳﻰ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ وﻫﻮ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ وﻃﻨﻪ .وﺗﻌ ّﺪ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﻋﻦ »اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ« وﻫﻲ ﻣﻮرد ﻳﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑﻴﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ واﻟﺬﻳﺪ أﺷﻬﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،وﻗﺪ ﻗﺎل ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺗﻠﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺴﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ وﻗﺪ ﺣ ّﻦ إﻟﻰ اﻟﺒﺮ واﻟﺒﺎدﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وأن »اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ« ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺒﺮا ً ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺣﻞ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺬﻳﺪ ،وﻣﺎ أﻛﺜﺮ زﻳﺎراﺗﻪ ﻟﻠﺬﻳﺪ ﻓﻲ أﻳﺎم ﺻﻐﺮه ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻠ ّﻴﺔً .ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﺗﻠﻚ: ﻳﺎ ﻟﻴﺖ ﻣﻦ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺳــﻤﺮه ﻣﻘ ّﻴﺪ رﻛﺎﺑﻪ وﻣـــــــــــﺮﺗﺎح ﻓﻲ ﺳﻴﺢ ﻗﻔﺮ وﻓﻴﻪ ﺧـــﻄﺮه ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻬﺐ ﻳﺪوج ﺑــــﺮﻳﺎح ﺗﺴﻘﻰ »اﻟﺮﻓﻴﻌﻪ« ﻳﻮم وﻃﺮه ﻳﻮم اﻟﻌـﺮب ﻓﻲ زي واﻓـﺮاح وﻟﻢ ﻳﻨﺲ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺑﻠﺪﺗﻪ »اﻟﺤﻴﺮة« اﻟﺘﻲ ﻋﺎش ﻓﻴﻬﺎ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ وﺷﺒﺎﺑﻪ إذ ﻗﺎل: ﻳﺎ دار ﻋﻨﻚ اﻟـــﻮد ﻣﺎ ﺣﺎل ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺒﻞ ﺣــﻴﻼﺗﻪ ﻇْﻨﻮن ﻟﻮ ﺑ ْﺒﺘﻌﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ وﻟﻮال أﻧﺎ ﺑﺤﺒﻚ دوم ﻣــــــﻔﺘﻮن ﻳﺎ دارﻧﺎ ﻳﺎ ﺳــــــﻠﻮة اﻟﺒﺎل ﺑْﻼك ﻻ ﻧﺴــﻘﻢ وﻻ ﻧﻜﻮن ﻳﺎ ﻣﺎ رﺑْﻮا ﻓﻲ ﻇﻠﻚ ْرﺟﺎل وﻳﺎ ﻣﺎ ﻧﺒﻮا ﻟﻚ ﻋﺰ ﻣﺰﺑﻮن إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة.. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺬﻛّﺮ »اﻟﺬﻳﺪ« وﻣﻨﻄﻘﺔ »زﺑﻴﺪة« اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺰارﻋﻪ، وﻫﻮ ﻓﻲ ﺑﻤﺒﻲ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ ﻗﺎل:
وﻓﺎﺗﻪ اﻧﺘﻘﻞ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ إﻟﻰ رﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ أن ﻋﺎش ﻋﻤﺮا ً ﻣﺪﻳﺪا ً ا ً ،إذ ﺗﻮﻓﻲ ﺑﺘﺎرﻳﺦ 2008-3-20ﺑﻌﺪ وﻋﻜﺔ ﺻﺤﻴﺔ أﻟ ّﻤﺖ ﺑﻪ ودﻓﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻓﺮﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ رﺣﻤﺔ واﺳﻌﺔ وأدﺧﻠﻪ ﻓﺴﻴﺢ ﺟﻨﺎﺗﻪ.
»ﺑﻤﺒﻲ« ﻛــــــــﻠﻬﺎ واﻫﻠﻬﺎ ﺟﺪوى »زﺑﻴﺪه« وﺷـﺠﺮﻫﺎ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة.
ﻣﺎ ﺗﻌﻴﺾ ﻓﻲ اﻟﻤﺴــــﺮاح وﻳــــــﻦ اﻟﺴـــﻤﺮ ﻧﺸّ ﺎح
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﺎوى واﻟﻤﺠﺎرﻳﺎت ﻓﻜﺎﻧﺖ أﻏﻠﺐ ﻣﺠﺎرﻳﺎﺗﻪ وﺷﻜﺎوﻳﻪ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻷﺳﺒﻖ ) ،(1965-1958وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ رﺣﻤﺔ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ، وﻟﻪ ﺷﻜﻮى ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﻴﺮﻓﻲ اﻟﻜﺘﺒﻲ ،ﻛﻤﺎ أن ﻟﻪ ﻣﺠﺎراة ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻢ ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﻟﻪ أﻳﻀﺎً ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻜﺎوى ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺷﻤﺴﻪ اﻟﺴﻮﻳﺪي ،إذ ﻳﻜﻮن ﻋﺪﻳﻠﻪ. ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻗﺼﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻃ ّﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻪ ﻣﻌﺎﻓﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ إﺟﺮاء اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺠﺮاﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﺮﺿﻪ .وﻓﻲ ﺣﺮب ﺑﻴﺮوت وﻫﺠﻮم إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ،1982ﻗﺎل ﻗﺼﻴﺪة وﻃﻨﻴﺔ ﻳﺤﺚ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻟﺒﻨﺎن وﺳﻮرﻳﺎ وﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻘﺪس
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
59
وﻗﺪ ﺣﺎوﻟﺖ أن أذﻛّﺮه ﺑﺄول ﻗﺼﻴﺪة ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻘﺎل إﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺬﻛﺮﻫﺎ أﺑﺪا ً .وﺳﺄﻟﺘﻪ إن ﻛﺎن ﻳﺤﻔﻆ ﻟﺸﻌﺮاء آﺧﺮﻳﻦ ﻓﻠﻢ أﺟﺪ ﻣﻌﻪ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ذﻟﻚ .وﻟﻘﺪ ﻓﻬﻤﺖ أﻧﻪ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺸﻌﺮه ﻓﻘﻂ ،ﻣﻊ أﻧﻪ ﻳﺤﺐ اﻻﻃﻼع واﻟﻘﺮاءة واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻜﺒﺎر أﻣﺜﺎل واﻟﺪه وﻣﺒﺎرك اﻟﺮﻓﻴﺴﺎ واﻟﺨﻀﺮ واﻟﻬﺎﻣﻠﻲ وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ ،إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺤﻔﻈﻪ ،وﻗﺎل ﻟﻲ إﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻔﻆ ﺷﻌﺮه ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺤﻔﻆ ﺷﻌﺮ اﻟﻐﻴﺮ. وﻗﺪ أﻛﺪ ﻟﻲ اﺑﻨﻪ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﻌﻮﻳﺲ أن واﻟﺪه ﻛﺎن ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺼﻴﺪ ﻣﺬ ﻛﺎن ﻋﻤﺮه أﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً ،وأن ﻟﺪﻳﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت واﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت أﻳﺎم ﺳﻦ اﻟﺼﺒﺎ واﻟﺸﺒﺎب .وﻟﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻗﺎﻟﻬﺎ وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ وﻣﻨﻬﺎ ر ّدﻩ ﻋﻠﻰ واﻟﺪه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ،وﺑﺎﻷﺣﺮى ﺣﻴﻨﻤﺎ وﺻﻠﺘﻪ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻫﻨﺎك ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ: ﺧﻄّﻚ ﻧﺒﺎﺑﻪ ﺷـــﻔﺖ ﻟﻔﺮاح واﻓﻬﻤﺖ ﻣـــــﺎ ﺑﺎﻟﺤﺒﺮ ﻣﺸﺮوح ﺑﻄﻴﺮ ﺻﻮﺑﻚ ﻟﻮ ﻟـــﻲ ﺟﻨﺎح ﻣﻦ ﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﻠﻮاﺣﻚ ﻳــــــــﻠﻮح إﻟﺦ ...اﻟﻘﺼﻴﺪة. وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ أﺳﻠﻮب ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة أﻧﻬﺎ ﻗﺼﻴﺪة راﺋﻌﺔ وﻗﺪ اﺧﺘﺎر ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ. وﺑﺮﻏﻢ أن ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ اﻟﻤﻤﻴّﺰﻳﻦ إﻻ أن ﺷﻌﺮه ﻗﻠﻴﻞ ،ﻓﺎﻟﻘﺼﻴﺪة ﻋﻨﺪ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ إﻻ ﺑﻤﺰﻣﻞ أو ﺳﺒﺐ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻼ ﻧﺠﺪ ﻟﻪ ﻗﺼﻴﺪة ﺑﺪون ﻣﺰﻣﻞ ،وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﻗﺼﻴﺪه ﻗﻠﻴﻞ وﻟﻜﻨﻪ ﻣﺴﺒﻚ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ .ﻛﻤﺎ أن ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ اﻟﻮاﺳﻌﺔ وﺗﻌﻠﻴﻤﻪ وﻣﺨﺎﻟﻄﺘﻪ ﺑﺸﻌﺮاء ﻛﺒﺎر أﻣﺜﺎل واﻟﺪه وﺷﻌﺮاء اﻟﺤﻴﺮة ،أﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺮه ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وأﺻﺒﺢ ﻳﻨﺎﻓﺲ ﺑﺸﻌﺮه ﻛﺒﺎر اﻟﺸﻌﺮاء وﻳﺠﺎرﻳﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ إذ ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮ ردا ً ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻴﺪة وﻻ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻷﺣﺪ إﻻ ﻣﺎ ﻧﺪر. ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺿﻤﻦ ﺑﺮاﻣﺞ ﺷﻌﺮاء ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن واﻹذاﻋﺔ إذ ﻛﺎن ﻳﺮﻓﺾ ذﻟﻚ داﺋﻤﺎً ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮاﻓﻖ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﻋ ّﺪ أو ﻗﻮل ﻗﺼﻴﺪه أﻣﺎم اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ أﻇﻦ إﻟﻰ ﻛﺜﺮة اﻟﺤﻴﺎء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻼزم ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ ،ﻓﻬﻮ ﻧﺎدر اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻜﺎن ﻳﻘﻀﻲ ﻳﻮﻣﻪ ﻓﻲ إﺷﺮاﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺰارﻋﻪ ﺛﻢ رﺟﻮﻋﻪ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ وﺟﻠﻮﺳﻪ ﻣﻊ أﻫﻠﻪ وأﺑﻨﺎﺋﻪ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷوﻗﺎت. أﻣﺎ ﺷﻌﺮه ﻓﻴﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أﺳﻠﻮب اﻟﺮدح وﻣﻌﻈﻤﻪ ﻏﺰﻟﻲ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻤﺪح وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻫﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻣﺪﺣﻪ ،إذ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﻪ أي ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻳﻤﺪح ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺷﺨﺎص. وﺷﻌﺮه ﺗﺮاﺛﻲ ﺷﻌﺒﻲ واﺿﺢ وﺳﻬﻞ وﻻ ﺗﺘﻌ ّﺪى ﺑﻌﺾ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﺳﺘﺔ
58
أﺑﻴﺎت ،وﻻ ﺗﺰﻳﺪ أﻃﻮﻟﻬﺎ ﻋﻦ 12ﺑﻴﺘﺎً ،وﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻘﺎﺋﻪ أﺑﻴﺎت ﻗﺼﻴﺪه ﻓﻼ ﻳﺨﺘﺎر إﻻ اﻟﺰﺑﺪة واﻟﻤﺨﺘﺼﺮ اﻟﻤﻔﻴﺪ ،وﺗﺼﻠﺢ ﻣﻌﻈﻢ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻟﻠﻐﻨﺎء ،ﻓﻤﻌﻈﻤﻬﺎ ردﺣﺎت ﻛﻤﺎ ذﻛﺮت وﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻗﺼﻴﺪه ﻣﻦ ﻣﻔﺮدات اﻟﺘﺮاث واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺒﺎدﻳﺔ واﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻣﻊ اﺣﺘﻮاﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت واﻟﻤﻔﺮدات اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ. أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ:
ﻳﻜﺎد اﻟﻐﺰل ﻳﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أﺷﻌﺎره وﻫﻮ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄ ّﺮق إﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﺮاء وأﺑﺪﻋﻮا ﻓﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻒ إذ ﻛﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮل اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وأﺷﺠﺎرﻫﺎ وﻓﻲ اﻷرض
ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺬﻳﺪ واﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺬﻳﺪ واﺣﺔ ﻏﻨﺎء ﻏﻨ ّﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ واﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﺟﻤﻴﻊ أﺻﻨﺎف اﻟﺮﻃﺐ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰرع ﺑﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﻔﻮاﻛﻪ ،وﺑﺮﻏﻢ أن ﻓﻠﺞ اﻟﺬﻳﺪ ﻛﺎن ﻳﻐﺬي اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎه ﺣﺘﻰ ﻏﺪت اﻟﺬﻳﺪ ﻣﻦ أﺟﻤﻞ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن وﺣﺘﻰ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ اﻟﻌﻮاﺋﻞ اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺎرﻗﺔ واﻟﺤﻴﺮة واﻟﺤﻤﺮﻳﺔ وﻣﻌﻈﻢ ﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ. ﻛﺎن ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﺤ ّﺒﻲ اﻟﺬﻳﺪ اﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ .ﻳﻘﻮل ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ « :ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن واﻟﺪي ﺻﻐﻴﺮا ً وﻣﻨﺬ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة ﻛﺎن ﻻ ﻳﻔﻮﺗﻪ ﻣﻘﻴﻆ اﻟﺬﻳﺪ ،ﻓﻜﺎن ﻳﺘﺮك ﻣﺤﻠﻪ اﻟﺘﺠﺎري ﻓﻲ دﺑﻲ ﻟﻴﺄﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﺬﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ، ﻛﺎن ﻻ ﻳﻔﺎرق اﻟﺬﻳﺪ أﺑﺪا ً ،ﻛﺎن ﻳﺤﺐ اﻟﺤﺮﻳﺔ داﺋﻤﺎً ،وﻻ ﻳﺤﺐ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ أو اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻳﺤﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺰراﻋﺔ واﻹﺑﻞ واﻟﺒﺮ واﻟﺼﺤﺮاء وروﻋﺘﻬﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺮك اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺘﻲ ﻗ ّﻴﺪﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺬ ﺻﺒﺎه ،واﻫﺘﻢ ﺑﺎﻟﻤﺰارع واﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻋ ّﻮﺿﺘﻪ ﻋﻦ ﺗﺠﺎرﺗﻪ ﺑﺤﻤﺪ اﻟﻠﻪ«. ﻟﺬا ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ان ﻧﻘﻮل إن ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﺬﻳﺪ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 1955م وﻟﻢ ﻳﻔﺎرﻗﻬﺎ أﺑﺪا ً ﺣﻴﺚ ﺗﺰوج ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻣﺮأة وأﻧﺠﺐ اﻟﺒﻨﻴﻦ واﻟﺒﻨﺎت أﻃﺎل اﻟﻠﻪ ﻓﻲ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ،وﻣﺎ زال أﺑﻨﺎؤه وﺑﻨﺎﺗﻪ اﻟﺼﻐﺎر ﻣﻘﻴﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺬﻳﺪ ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ.
ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻗﻠﻌﺔ ﺣﺼﻦ اﻟﺬﻳﺪ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﺧﻮر دﺑﻲ ﻗﺪﻳﻤﺎ
وﺳﺎﻓﺮ إﻟﻰ اﻟﺪﻣﺎم ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺴﺐ ورزق ﻫﻨﺎك«. وﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻊ زﻣﻴﻠﻪ وﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻜﺘﺒﻲ وﻣﺒﺎرك ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﺮﻓﻴﺴﺎ ﻟﻤﺪة ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،وﻗﺪ ﻣ ّﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺣﺪ اﻷﻋﻴﺎد ﻫﻨﺎك ﻓﻘﺎل ﻣﺨﺎﻃﺒﺎً ﻣﺒﺎرك اﻟﺮﻓﻴﺴﺎ: اﻟﻠّﻲ ﻳﻌ ّﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﻳﻨــــــــــﺪم اﻟﻌﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻣﺎم ﻣﺘـــﺮوك اﻟﻬﻢ ﻟﻮ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺤﺎﻟﻲ ﻳﺎ »ﻣﺒﺮوك« ﻛﺎن أﻫﻤﻠﺖ ﻋﻴﻨﻚ ﻣﻦ ّ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﺎدﻳﺔ
وﻟﻤﺎ رﺟﻊ إﻟﻰ أﻫﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﺗﺨﺬ ﻗﺮارا ً ﻣﺼﻴﺮﻳﺎً ﻛﺎن ﻟﻪ أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،إذ ﻋﺰم ﻋﻠﻰ ﺗﺮك اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﻞ واﻟﺘﻮ ّﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻛﺄﻧﻪ أراد أن ﻳﺠ ّﺮب ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺪو ،ﻓﺎﻧﺘﻘﻞ ﻟﻴﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﻔﺎﻳﺔ« و»اﻟﺒﺤﺎﻳﺺ«، ﻓﻲ ﺳﻬﻞ »ﺳﻴﺢ اﻟﻐﺮﻳﻒ« اﻟﺨﺼﺐ .وﻓﻮرا ً ﺑﺪأ ﻫﻨﺎك ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺰراﻋﺔ واﺳﺘﺼﻠﺢ ﻟﻪ ﻣﺰرﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أوﻟﻰ اﻟﻤﺰارع ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﺸﺄ ﻟﻪ ﻣﻘﻬﻰ ﻳﻘﺪم اﻷﻛﻞ واﻟﻤﺮﻃﺒﺎت واﻟﺸﺎي ﻟﻠﻌﺎﺑﺮﻳﻦ ﻋﺒﺮ »اﻟﻔﺎﻳﻪ« ،و»واﻟﻤ ّﺮة« ،واﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ »ﺣﺘﺎ« و»اﻟﺤﻮﻳﻼت« وﻋﻤﺎن ،واﻟﻤﺘّﺠﻬﻴﻦ إﻟﻰ دﺑﻲ واﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻃﺮﻳﻘﺎً ﺣﻴﻮﻳﺎً ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم. وﻗﺪ ﻗ ّﺮر ﺣﻔﺮ ﻓﻠﺞ ﻣﻦ ﻣﺰرﻋﺘﻪ ﻓﻲ »اﻟﺒﺤﺎﻳﺺ« وﻣ ّﺪ ﻫﺬا اﻟﻔﻠﺞ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﻬﻰ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺒﻌﺪ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻋﻦ اﻟﻤﺰرﻋﺔ .وﻳﻘﻮل اﺑﻨﻪ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ أﻧﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣ ّﺪ ﻫﺬا اﻟﻔﻠﺞ أو اﻟﺨﻂ اﻟﻤﺎﺋﻲ اﻟﻴﺪوي ،ﻣ ّﺮ ﻋﻠﻴﻪ أﻓﺮاد اﻧﺠﻠﻴﺰ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ دﺑﻲ ،ﻻﺳﺘﻄﻼع اﻷﻣﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺗﺮاﻗﺐ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺮﻛﺎت وﻏﻴﺮه .وﻗﺪ ﺳﺄﻟﻪ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺰرﻋﺔ؟ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ إﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺰرﻋﻬﺎ ﻧﺨﻴﻞ وﻓﻮاﻛﻪ وﻏﻴﺮه. ﻓﻘﺎل ﻟﻪ» :إذا أردت اﻟﺰراﻋﺔ ﻓﻌﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﺬﻳﺪ« .وﻟﻢ ﻳﺪر اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ،
إن ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻛﺎن ﻟﻬﺎ وﻗﻊ وأﺛﺮي ﻟﺪى ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﺨﺬ ﻗﺮاراﺗﻪ ﺑﺘﺄنٍ ورﺗﺎﺑﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ واﻟﺪه اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ .وﻓﻌﻼً ﻗ ّﺮر اﻟﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﺬﻳﺪ ،ﻓﺒﺎع ﻣﺰرﻋﺘﻪ واﻟﻤﻘﻬﻰ إﻟﻰ اﺑﻦ ﻋﻤﻪ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﻮﻳﺲ، وﻏﺎدرﻫﻢ إﻟﻰ ﺑﻠﺪة اﻟﺬﻳﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻨﻬﻢ ﺣﻮاﻟﻲ 40ﻛﻢ ﺷﻤﺎﻻً، وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﺎم 1955م .وﻓﻲ اﻟﺬﻳﺪ أﻧﺸﺄ ﻟﻪ ﻣﺰرﻋﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،وﻫﻮ اﻟﻌﺎرف واﻟﺨﺒﻴﺮ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺬﻳﺪ إذ ﻛﺎن ﻳﺄﺗﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﺻﻴﻒ ﻣﻊ أﻫﻠﻪ ،ﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﺻﻐﻴﺮا ً ،ﻟﻘﻀﺎء أﺷﻬﺮ اﻟﻘﻴﻆ ،ﻳﺄﻛﻠﻮن ﻣﻦ رﻃﺐ ﻧﺨﻴﻠﻬﺎ وﻳﺸﺮﺑﻮن ﻣﻦ ﻣﺎء ﺷﺮﻳﻌﺘﻬﺎ اﻟﻌﺬب .وﻣﺎ ﻟﺒﺚ أن ﺗﺰ ّوج زﻳﺠ ٍﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻫﻨﺎك ،واﺳﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﻪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ. ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﺑﻠﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم 2007م ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺬﻳﺪ ،ر ّﺣﺐ ﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮا ً ،وﻛﺜﻴﺮا ً ﻛﺎن ودودا ً ﻣﻀﻴﺎﻓﺎً ﻟﻄﻴﻒ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﺠﺎﻟﺴﺔ ،وﻗﺪ ﺳ ّﺠﻠﺖ ﻟﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ واﻟﺘﻲ زادت ﻋﻦ ﺳﺎﻋﺔ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺷﻌﺎره وﻗﺼﺎﺋﺪه واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻻ ﻳﺘﺬﻛّﺮﻫﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،إذ ﻛﺎن ﻳﻜﺘﺒﻬﺎ وﻻ ﻳﺤﻔﻈﻬﺎ ﻏﻴﺒﺎً ،إﻻ إذا ﺳﺎﻋﺪﺗﻪ ﺑﻤﻄﻠﻊ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ أﺷﻌﺎره.
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
57
ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ:
ﺗﺠﺎرﺗﻪ ﻓﻲ دﺑﻲ
وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،اﻧﻀﻢ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺤﺮ ﻣﻨﺬ ﺻﻐﺮه إذ ﻛﺎن ﻳﻜﺮه اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ وﻳﻔﻀّ ﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻃﻠﻴﻘﺎً ﺣﺮا ً ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻓﻴﺨﺘﺎر ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻞٍ أو ﻣﺼﺪر رزق. ﻓﻌﻤﻞ أوﻻً ﻣﻊ واﻟــﺪه ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ دﺑﻲ وذﻟــﻚ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﻨﺼﺮم ،وﻛﺎن ﻋﻤﺮه ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز 12ﻋﺎ ًﻣﺎ ﺛﻢ اﺳﺘﻘﻞ ﻋﻨﻪ ﻟﻴﻌﻤﻞ ،وﻳﻜﺴﺐ ﻣﻦ وراء ﺷﺮاء وﺑﻴﻊ اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﺬي ﻳﺸﺘﺮﻳﻪ ﻣﻦ ﻧﻮاﺧﺬة ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص .وﻗﺪ ﺳﺎﻓﺮ إﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ ﺑﻌﺪ زواﺟﻪ ،ﻟﻴﻔﺎﺟﺄ ﻋﻨﺪ رﺟﻮﻋﻪ ﻣﻦ إﺣﺪى ﺳﻔﺮاﺗﻪ ﻣﻊ أﺧﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ،ﺑﻮﻓﺎة واﻟﺪﺗﻪ. ﻛﺎن ﻳﺸﺘﺮي رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﺧﺬة واﻟﻐﺎﺻﺔ واﻟﺘﺠﺎر ﻓﻴﺘﺎﺟﺮ ﺑﺒﻌﻀﻪ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﻻﻣﺎرات ،ﺛﻢ ﻳﺴﺎﻓﺮ ﺑﺠﺰء ﻣﻨﻪ اﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ ﻟﺒﻴﻌﻪ ﻫﻨﺎك .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻨﺔ ﺑﻴﻊ وﺷﺮاء »اﻟﻘﻤﺎش« ،وﻫﻮ اﻟﻤﺴﻤﻰ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻄﻠﻘﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ »اﻟﻠﺆﻟﺆ« ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﻤﺮﺑﺤﺔ وﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ. وﺑﻌﺎﺋﺪه ﻣﻦ اﻟﻤﺎل ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺘﺮون اﻟﻤﻼﺑﺲ واﻟﻌﻄﻮر وﻳﺮﺟﻌﻮن ﺑﻬﺎ ﻟﻴﺒﻴﻌﻮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ دﺑﻲ .ﻛﻤﺎ ﺳﺎﻓﺮ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ إﻟﻰ ﺷﺮق إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺠﺎر ﻣﻦ أﻗﺎرﺑﻪ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ،وﻳﺬﻛﺮ اﺑﻨﻪ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ» ،أﻧﻬﻢ ﺟﺎءوا ﺑﺄرﺑﻊ ﺳﻴﺎرات ﻣﻦ ﺷﺮق إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 1950م وﺑﺎﻋﻮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ دﺑﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﺎرات ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞٍ واﺳﻊ« ،وﻳﺬﻛﺮ »أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺄﺗﻮن ﺑﺎﻷﻗﻤﺸﺔ ﻣﻦ ﺷﺮق إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻳﺼﺒﻐﻮﻧﻬﺎ ،أي ﻳﻠﻮﻧﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »ﻋﺒﺮي« ﺑﺴﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،ﺛﻢ ﻳﺒﻴﻌﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات«.
اﻓﺘﺘﺢ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﺘﺎﺟﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻣﺤﻠﻴﻦ ﻓﻲ دﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت وﻛﺎن إﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﺒﻴﻊ اﻟﺘﻤﻮر أﻣﺎ اﻵﺧﺮ ﻓﻠﺒﻴﻊ اﻷرز واﻟﻄﺤﻴﻦ .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻟﺸﺎﻋﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﺠﺎرة اﻟﻤﻮاد اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻠﻪ ﻛﻄ ّﻮاش .وﻳﺮدف اﺑﻨﻪ ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ »أﻧﻪ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ زﻣﻼﺋﻪ اﻟﻤﺒﺘﺪﺋﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة ،ﻛﺎﻧﻮا أﻳﻀﺎً ﻳﺰاوﻟﻮن ﻣﻬﻨﺔ ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺠﺎﻓﺔ واﻟﺸﻌﺎرﻳﻒ ،وﻫﻲ زﻋﺎﻧﻒ أﺳﻤﺎك »اﻟﻌﻮال« ،وﻫﻮ ﻣﻦ أﻧﻮاع أﺳﻤﺎك اﻟﻘﺮش ،ﻣﻦ دﺑﻲ إﻟﻰ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻮ ﻓﻲ ﺳﻴﻼن ،واﻟﻰ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة .ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺧﺬ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ وﻛﺎﻟﺔ »ﺷﻞ« اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺒﺘﺮول ،وأﺧﺬ ﻳﺒﻴﻊ اﻟﺒﺘﺮول واﻟﺪﻳﺰل ﻓﻲ ﺑﺮاﻣﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﻴﺢ ،ﻷﺻﺤﺎب اﻟﺴﻴﺎرات ﻣﻦ ﻣﺤﻞ اﺳﺘﺄﺟﺮه ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ«. وﻳﺬﻛﺮ ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﻌﻮﻳﺲ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم 1951م أﺻﺎب دﺑﻲ ﻛﺴﺎد ﻋﺎم ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة ،وأﺻﺒﺢ اﻟﺘﺠﺎر ﻓﻲ ﺿﺎﺋﻘﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪة ،إذ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻫﻨﺎك ﻗﻮة ﺷﺮاﺋﻴﺔ ﻛﺎﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﻣﻦ اﻟﻤﺮ ّﺟﺢ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺎ أﺻﺎب اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﻮات ﺟﻮع وﻓﻘﺮ وﻗﺤﻂ إﺛﺮ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ ﻋﺎم 1948م ،ﻣﻤﺎ أﺛ ّﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺎرة دﺑﻲ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ .ﻓﺘﺬ ّﻣﺮ اﻟﺘﺠﺎر وﺧﺴﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﺄﻏﻠﻘﻮا ﻣﺤﺎﻟﻬﻢ وﺗﺮﻛﻮا ﺗﺠﺎرﺗﻬﻢ ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ،ﻳﻘﻮل ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﻌﻮﻳﺲ اﺑﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،وﻛﺎن ﺻﻐﻴﺮا ً وﻳﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ اﻟﺘﻤﻮر» :وﻛﻌﺎدﺗﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻰ أﻫﻠﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻛﻞ أﺳﺒﻮع ،وﺑﺤﻤﺪ اﻟﻠﻪ ،ﺑﻌﺪ أﺳﺒﻮ ٍع واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ دﺑﻲ وﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﺮات ،ذﻫﺒﻨﺎ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،إذ ﻟﻢ ﻧﺒﻊ ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﺎوي ﻧﺼﻒ درﻫﻢ .وﻗﺪ ﻇﻠّﺖ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻤﺪة ﺳﻨﺔ، اﺿﻄﺮ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﻮاﻟﺪ ﻧﺎﺻﺮ ﻗﻄﻊ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة وأﻏﻠﻖ ﻣﺤﻼﺗﻪ،
ﻓﻠﺞ » اﻟﺬﻳﺪ« ﺣﻴﺚ اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 1955م
56
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﺷﺎﻋﺮا ً ﺑﻠﻴﻐﺎً ،ﻗﺎل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺎﻣﻲ واﻟﻔﺼﻴﺢ وﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻌﺮوﺑﻴﺔ واﻟﻘﻮﻣﻴﺔ وﻳﻌ ّﺪ ﻣﻦ أواﺋﻞ ﺋﻞ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﺛﺮوا اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ أﻳﺎم اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ،وﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات اﻻﺗﺤﺎد ﺑﻔﺘﺮ ٍة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،إذ ﻛﺎن ﻷﺷﻌﺎره دو ٌر ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ إﺛﺮاء اﻟﻬﻤﻢ ورﻓﻊ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎت اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ وزﻳﺎدة ﺗﻌﻠّﻘﻬﻢ ﺑﺄوﻃﺎﻧﻬﻢ و ﺗﻄّﻮر وﻋﻴﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎﻫﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻘﻀﻴﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ووﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر واﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻳﻌ ّﺪ أﺣﺪ ﺷﻌﺮاء اﻟﻨﻬﻀﺔ واﻟﺼﺤﻮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ، واﻷب اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﺸﻌﺮاء ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﺤﻴﺮة« ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ. وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ارﺗــﻮى ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ وﻣﺤﺒّﻴﻪ ،ﻓﺄﺛﺮت ﻓﻴﻬﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻮﻳﻪ ﻣﻦ أﻣﻬﺎت اﻟﻜﺘﺐ اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .وﺑﺠﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﺗﺎﺟﺮا ً ﻣﻌﺮوﻓﺎً ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ودﺑﻲ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل »اﻟﻄﻮاﺷﺔ« وﻫﻮ ﺑﻴﻊ وﺷﺮاء اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻣﻦ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ ور ّواد اﻟﺒﺤﺮ. اﻻﺑﻦ ﻳﻘﻮل ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﻌﻮﻳﺲ ،ﻦ ﻳﻀﺎًً: اﻷﻛﺒﺮ ﻟﺸﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ وﻫﻮﺷﺎﻋ ٌﺮ أﻳﻀ »ﻛﺎن ﺟ ّﺪي ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﺷﺪﻳﺪا ً ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ أﺑﻨﺎﺋﻪ ،وﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻻﺑﻨﻪ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ إن اﻟﺒﺤﺚ ﻟﻪ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ أﻛﻤﻞ 15ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻦ اﻟﺴﻦ ،إذ ﻳﺴﺎﻋﺪه ﻓﻲ ﺒﺤﺚ ﻛﺎﻟﺘﺠﺎرة ﻣﺜﻼً ،وﻛﺎن ﻳﻜﺮه اﻟﻐﻮص رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻻ ﻳﺤﺒّﺬ أن ﻳﺘﻌﻠّﻖ أﺑﻨﺎؤه ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﻣﺨﺎﻃﺮﻫﺎ ،وﻛﺎن ﻳﺮى ﻓﻲ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺟ ّﺪﻩ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻟﺪﺗﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻄﻮاﺷﺔ أﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮق ﻟﻜﺴﺐ اﻟﻤﺎل واﻟﺮزق«. اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ ﺷﻴﺦ اﻟﺤﻴﺮة. وﻗﺪ درﺳﻮا ﻫﻨﺎك ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺸﻌﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة ﻓﺘﻌﻠﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة: ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺤﺴﺎب ،وﻛﺎن ﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﻓﻲ ﺻﺒﺎه ﺳﻨﻴﻦ أﻏﻠﺐ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﺳﺎﻟﻢ ﻋﺎش اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ واﻟﺪه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة ،وﻗﺪ اﺟﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺷﻌﺮاء اﻟﺤﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ وﻋﻴﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺸﻌﺮي ،ﻓﻘﺪ ﻧﻬﻞ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻫﻨﺎك وﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺸﺒﺎب أﻣﺜﺎل اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرف وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻵداب واﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ،وﺧﻠﻔﺎن ﺑﻦ ﻣﺼﺒﺢ وﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﺼﻴﺢ ﻣﺜﻞ ﺷﻌﺮ اﻟﻤﻌﻠﻘﺎت ،وﺷﻌﺮ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ ،وﻟﺬا ﻛﺎن اﻟﻌﻮﻳﺲ .وﻛﺎن ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ إﺛﺮاء ﻗﺮﻳﺤﺔ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﺜﻘﻔﺎً واﻋﻴﺎً ﻳﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﺪور ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﺎ ﻳﺪور ﺣﻮﻟﻪ اﻟﻌﻮﻳﺲ ،وﻗﺪ ﺗﻌﻠّﻢ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﻣﻦ أﺧﺒﺎر وﺗﻄﻮرات ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ.
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
55
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
ﻋﺸﻖ اﻟﺒﺎدﻳﺔ وأﺣﺒﻪ أﻫﻠُﻬﺎ
اﻟﺸﺎﻋﺮ
ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ
ŽŐŴijĶũŤē İļēij į
ﻧﺤﻦ اﻟﻴﻮم إﺧﻮاﻧﻲ وأﺧﻮاﺗﻲ ،ﻣﻊ أﺣﺪ ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات ﻣﻤﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮاً ،ﺷﺎﻋ ٌﺮ ﻳﺤﺐ اﻟﻬﺪوء وﻻ ﻳﺤﺐ اﻹﻋﻼم ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺤﺐ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺎﻋﺮ ،ﻧﺤﻦ ﻣﻊ ﺷﺎﻋﺮ اﺑﻦ ﺷﺎﻋﺮ -وأي ﺷﺎﻋﺮ ،إﻧﻪ اﺑﻦ أﺣﺪ أﺷﻬﺮ ﺷﻌﺮاء اﻟﻔﺼﺤﻰ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺷﺎﻋ ٌﺮ ﺗﻐ ّﻨﻰ ﻓﻲ اﻟﺒﺮ وأﻫﻠﻪ ،ﺷﺎﻋ ٌﺮ ،ﻗﻮي ﻓﻲ ﺳﺒﻜﻪ وﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،وﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻣﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل: ﻣﻘ ّﻴﺪ رﻛــــــــﺎﺑﻪ وﻣـــــــﺮﺗﺎح ﻇﻞ ﺳـــــــﻤﺮه ﻳﺎ ﻟﻴﺖ ﻣــﻦ ﻓﻲ ّ وﻳــــــﻦ اﻟﻬﺒﻮب ﻳﺪوج ﺑﺮﻳﺎح ﻓﻲ ﺳﻴـــﺢ ﻗﻔﺮ وﻓﻴﻪ ﺧﻄـــــــﺮه زي واﻓﺮاح ﻧﺴﻘﻲ »اﻟﺮﻓﻴﻌﻪ« ﻳــــــــﻮم وﻃﺮه ﻳــــــﻮم اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ّ إﻧﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻷدﻳﺐ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﻮﻳﺲ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ.
ﻣﻮﻟﺪه
وﻟﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻓﻲ ﻋﺎم 1914م ،ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ اﻟﺤﻤﺮﻳﺔ وﻫﻲ ﻣﻦ ﻧﻮاﺣﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ .وﻳﺆﻛﺪ اﺑﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﻌﻮﻳﺲ وزﻳﺮ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء واﻟﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻖ ،أن واﻟﺪه ﻧﺎﺻﺮ وﻟﺪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻷﺳﺒﻖ اﻟﺸﻴﺦ ﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ)،(1913-1883 ﺑﺴﻨ ٍﺔ واﺣﺪة ،أﻣﺎ واﻟﺪﺗﻪ ﻓﻬﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ »ﻛﺘّﺎره« ﻣﻦ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﺤﻤﺮﻳﺔ وﻫﻲ ﺷﺎﻣﺴﻴﺔ اﻷﺻﻞ ،ﻛﺮﻳﻤﺔ اﻟﻮﺟﻴﻪ اﻟﻤﻌﺮوف ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻛﺘّﺎره. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻧﺎﺻﺮ وﺣﻴﺪ واﻟﺪﻳﻪ ،ﻓﻠﻪ ﻣﻦ اﻷﺧﻮة ﻣﺤﻤﺪ وﺳﻠﻄﺎن اﻟﺬي ﺗﻮﻓﻲ ﺷﺎﺑﺎً، وراﺷﺪ وﺧﻠﻒ وﻋﻠﻲ ،وﺛﻼث أﺧﻮات. وﻳﻨﺘﺴﺐ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﺸﻮاﻣﺲ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ،إذ أن ﻋﺎﺋﻠﺔ »اﻟﻌﻮﻳﺲ« أو »اﻟﻌﻮﻳﺴﺎت« ،ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺑﻌﺾ ﻛﺒﺎر اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﻗﺪﻣﻮا ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﺴﻨﻴﻨﻪ« ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ ،واﺳﺘﻘﺮوا ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ واﻟﺤﻤﺮﻳﺔ ،وﻻ زال ﻟﻬﻢ أﻗﺎرب ﻫﻨﺎك ﻳﺘﻮاﺻﻠﻮن ﻣﻌﻬﻢ. ﻣﻦ ﻫﻮ واﻟﺪه؟
واﻟﺪه واﺣ ٌﺪ ﻣﻦ ر ّواد ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،إﻧﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻌﺮوف ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ،وﻗﺪ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم 1959م ،ﻛﺎن
54
اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ
اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺎرك اﻟﺼﺒﺎح
اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼح ،ﺣﺘﻰ أﺿﺤﺖ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ إﺳﻤﻴﺔ وﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ. واﺳﺘﻤﺮت ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻤﺮد اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﺿﺪ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﺧﺎرت ﻗﻮى رﺟﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﻓﺎﻧﺘﻘﻞ اﻟﺼﺮاع ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻤﺴﻠﺢ إﻟﻰ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺒﺼﺮة اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ، ﻓﺘﺨﻄﺖ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ إﻟﻰ ﺑﻴﺌﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ أوﺳﻊ .وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺣﺎوﻟﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺘﺮك ﺑﺸﺘﻰ اﻟﺴﺒﻞ ﻷن ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺼﺐ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﺎ، وﻫﻲ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ أن أﺑﻨﺎء اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺪ ﻋﺰﻣﻮا ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل
ﻃﺎﻟﺐ اﻟﻨﻘﻴﺐ
اﻟﺘﺎم ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﺻﻮر اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﻢ ،ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎم اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم 1914ﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺿﺪ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻐﻠﺐ ﺷﻌﻮرﻫﻢ اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ووﻗﻔﻮا ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻤﺘﺮددﻳﻦ، وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺣﺴﻤﻮا أﻣﺮﻫﻢ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ اﻟﻘﺎﺋﻞ »أﻧﺎ وأﺧﻮي ﻋﺎ وﻟﺪ ﻋﻤﻲ ..وأﻧﺎ ووﻟﺪ ﻋﻤﻲ ﻋﺎ اﻟﻐﺮﻳﺐ« *ﺑﺎﺣﺚ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ ّ ﺗﻌﻖ ﻓﻴﻪ ﺣﺼﺎه اﻟﺒﻴﺮ ﻟﻲ ﺗﺸﺮب ﻣﻦ ﻣﺎه ،ﻻ أي ﻻ ﺗﺮﻣﻲ ﺣﺠﺮاً ﻓﻲ اﻟﺒﺌﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺮب ﻣﻨﻬﺎ ،ﻷﻧﻪ ﺣﺘﻤﺎً ﺳﻴﺘﻠ ّﻮث ﻣﺎؤﻫﺎ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﻓﺘﺨﺴﺮ وردك ورزﻗﻚ. وﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ دارج ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻹﺣﺴﺎن ﺑﺎﻹﺳﺎءة واﻟﻨﻜﺮان.
ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
53
ﺑﻲ ﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ
د .واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ@
ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻣﺬﻛﺮات »أﺳﻌﺪ داﻏﺮ« أﻧﻪ ﺣﻀﺮ اﺟﺘﻤﺎ ًﻋﺎ ﺳﺮﻳًﺎ دراﺳﺎﺗﻪ أن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺗﻮﺗﺮت ﺑﻮﺗﻴﺮة ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻓﻲ ﻋﻘﺪ ﻓﻲ اﻷﺳﺘﺎﻧﺔ ﻋﺎم 1914م ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ إزاﻟﺔ ﺳﻮء ﻣﺴﺘﻬﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ )1908 اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮب واﻟﺘﺮك ،وأﻛﺪ أن اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻟﻢ – (1914ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ،وﻃﺮأت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻐﻴﺮات ﺟﺬرﻳﺔ، ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻬﻢ أن ﻳﻨﻔﺼﻠﻮا ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ. ذﻟﻚ أن اﻟﻌﺮب اﺳﺘﻤﺮوا ﻓﻲ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﻢ ﺑﺎﻹﺻﻼح ،ﻏﻴﺮ أن ﻫﺪﻓﻬﻢ أﻣﺎ »ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻓﻴﻀﻲ« أﺣﺪ أﻗﻄﺎب اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺼﺮة ،اﻷﺳﺎﺳﻲ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﺘﺎم واﻟﺴﻴﺎدة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ﻓﻴﺬﻛﺮ أﻧﻪ أﺛﻨﺎء ﻟﻘﺎء ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ »ﻟﻮرﻧﺲ« ﻓﻲ ﻋﺎم 1916م ﻓﻲ اﻟﺘﻲ ﻃﺮأت ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻜﻴﺮ أﺑﻨﺎء اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،وﻟﻴﺲ ﻓﻲ أول ﻣﻜﺘﺐ ﻣﻮر ﺑﺪاﺋﺮة اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮة ،رﻓﺾ أن اﻷﻣﺮ ..ﻓﻘﺪ اﻧﺪﻓﻊ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻻﺗﺤﺎد واﻟﺘﺮﻗﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﺜﻮرة ﺿﺪ اﻷﺗﺮاك ،ﻣﻤﺎ أدﻫﺶ ﻟﻮرﻧﺲ ،ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﻮﻗﻊ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺤﺖ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ اﻻﻧﻘﻼﺑﻴﺔ ﻋﺎم ،1908وأﺻﺒﺢ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻳﺮى ﻧﺼﺎ »إﻧﻨﻲ ﺷﺨﺼ ًﻴﺎ ﻟﺴﺖ أرى اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻌﻴﻮن ﻣﺘﻔﺎﺋﻠﺔ .ﻓﺎﻧﺘﻤﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ زﻋﻴﻢ اﻟﺒﺼﺮة اﻟﺴﻴﺪ ﻫﺬا اﻟﺮﻓﺾ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﻓﻴﻀﻲ ﻟﻪ ً ﻣﺒﺮ ًرا إﻟﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻦ اﻟﺘﺮك ،أﻣﺎ ﻧﻀﺎﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺮ واﻟﻌﻠﻦ ﺿﺪ »ﻃﺎﻟﺐ اﻟﻨﻘﻴﺐ« وﺣﺎﻛﻢ اﻟﻤﺤﻤﺮة اﻟﺸﻴﺦ ﺧﺰﻋﻞ وأﻣﻴﺮ اﻟﻜﻮﻳﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻜﺎن ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﺸﺆون اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،وﻟﻐﺮض اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺎرك اﻟﺼﺒﺎح إﻟﻰ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ. اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺪ وﺑﻌﺪ ﺧﻠﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎن »ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ« ﻋﺎم 1909م أﺧﺬت اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ أﻧﻜﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻋﺜﻤﻨﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت وإذاﺑــﺔ ﻛﻞ ﺑﺎﻹﺻﻼح اﻟﺪاﺧﻠﻲ«. اﻟﻘﻮﻣﻴﺎت اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﺑﻮﺗﻘﺔ ﺗﺮﻛﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ. ﻓﺘﺤﻮل اﻟﻤﻮﻗﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺗﺮﻛﻴﺎ وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن اﻟﻌﺮب ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺗﻠﻚ إﻟﻰ اﻟﻌﺪاء ،ﻷن ذﻟﻚ ﻳﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺤﻘﺒﺔ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻌﺪم اﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺘﺮﻛﻲ ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮوا ﺑﺄﻛﺜﺮﻳﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻤﺮد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﻓﺄﺻﺒﺢ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﺿﺪ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﻼل ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ أو ﻣﻦ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﻗﻴﺎم ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ رﺟﺎﻟﻬﺎ ﻗﻮى ﺧﺎرت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻓﺎﺷﺘﺪت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻫﺐ ﻫﺪﻓﺖ إﻟﻰ اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻟﺘﺮك ،وﻛﺎن اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﻓﺎﻧﺘﻘﻞ اﻟﺼﺮاع دﻋﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻘﺎرﻋﺔ اﻻﺗﺤﺎدﻳﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻦ، ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻧﺼﻴﺐ ﻓﻴﻬﺎ. وازداد اﻟﺘﻮﺗﺮ ﺑﻴﻦ أﻣﻴﺮ اﻟﻜﻮﻳﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻟﻘﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﺳﺎﺑﻖ أن اﺳﺘﻘﻼل دول ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻜﻔﺎح ﻣﺒﺎرك اﻟﺼﺒﺎح واﻟﺸﻴﺦ ﺧﺰﻋﻞ واﻟﺴﻴﺪ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﺤﺔ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، اﻟﻜﻔﺎح إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﺢ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﻨﻘﻴﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻣﻦ وﻟﻜﻨﻪ ﻧﺘﺎج ﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪأت ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺎت ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﺣﺘﻰ ﻗﺮر اﻟﺘﺮك اﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻣﻤﺎ أدى ﺑﺪوره إﻟﻰ زﻳﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺸﻴﻮخ وإﺿﻌﺎف ﺳﻠﻄﺘﻬﻢ ،ﻓﺒﺪأ اﻟﻬﻴﺎج اﻟﻴﻘﻈﺔ واﻟﻮﻋﻲ ﻟﺪى أﺑﻨﺎء اﻟﺨﻠﻴﺞ ،اﻟﺬي ﻳﻌﻢ أرض اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻧﻀﻤﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻛﻔﺎح ﻃﻮﻳﻞ. إﻟﻰ اﻟﺒﺼﺮة اﻟﺜﺎﺋﺮة وﻫﻮﺟﻤﺖ اﻟﺴﻔﻦ ﻓﻴﺮى اﻟﺪﻛﺘﻮر »ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻨﺠﺎر« ﻓﻲ إﺣﺪى 52
ﻋﺮب وﺗﺮك
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﻳﺰال أﺧﻀﺮ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺗﺪول ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق. وﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻤﺼﺮي ﻛﻤﺤﺎﻓﻈﺎت أﺳﻴﻮط وﺳﻮﻫﺎج وﻗﻨﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﺢ اﻷﺧﻀﺮ »ﻧﻴﺮخ« أو »رﻳﻤﺦ« ﺑﻌﺪ ﻗﻠﺐ اﻟﺮاء ﻧﻮﻧﺎ واﻷﻟﻒ ﻳﺎء ،وﻫﻲ أداءات ﻟﻐﻮﻳﺔ ﻣﻌﺘﺎدة ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ إﻗﻠﻴﻢ ﻵﺧﺮ ،ﻟﺘﻈﻞ اﻟﺮاﻣﺦ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺮدد ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻫﻲ اﻷﻗﺮب ﻟﻸﺻﻞ اﻟﻠﻐﻮي ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺗﺎج اﻟﻌﺮوس اﻟ ّﺮﻣﺨَﺔ ﻛ ِﻌ َﻨﺒﺔ وﺑُ ْﺴﺮة وﻫﻲ اﻟﺒَﻠﺢ ﺑﻠُﻐﺔ ﻃﻴّﻰء ،وﻓﻲ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب واﻟﺴﺪا ُء ﻣﻤﺪود ﺑﻠﻐﺔ أَﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴﺪا ﱠ ﻣﻌﻨﻰ رﻣﺦ :ﺷﻤﺮ ﻫﻮ ﱠ ﺎب ﺑﻠﻐﺔ وادي اﻟ ُﻘ َﺮى وﻫﻮ اﻟ ﱡﺮ ْﻣﺦ ﺑﻠﻐﺔ ﻃﻴﺊ واﺣﺪﺗﻪ وﻫﻮ ﱠ اﻟﺴ َﻴ ُ َ ُر ْﻣ َﺨ ٌﺔ واﻟﺨ ُ َﻼل ﺑﻠﻐﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﺼﺮة..وﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ اﻟ ﱢﺮ َﻣ ُﺦ ﻫﻮ اﻟﺒُ ْﺴﺮ ،اﻟﻮاﺣﺪةِ :ر َﻣﺨَﺔ. وﺑﺎﺳﺘﺜﺎء اﻟﺘﻤﺮ واﻟﺼﻌﻴﺪي ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﺤﺎل ﺑﺒﻘﻴﺔ أﻧﻮاع اﻟﺒﻠﺢ ﺑﻌﺪ ﻋﺪة أﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺟﻨﻴﻬﺎ إﻟﻰ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻃﻌﺎﻣﺎ ﻟﻠﺒﻬﺎﺋﻢ إذ ﻳﺘﻌﺬر ﺗﺨﺰﻳﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺜﻠﻰ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻬﺎ اﻟﺒﻘﺎء ﻷﻃﻮل ﻓﺘﺮة ﻣﻤﻜﻨﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺘﻤﺮ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺼﻤﻮد دون أن ﻳﻔﺴﺪ ﻟﻔﺘﺮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻧﻈﺮا ﻟﻘﻮاﻣﻪ اﻟﻨﺎﺷﻒ ،إذ ﻳﺘﺮك ﻓﻲ ﻋﺮاﺟﻴﻨﻪ أﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ
ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻟﻔﺘﺮة ﺗﻤﺘﺪ ﻟﻠﺸﻬﺮﻳﻦ ،ﻟﻴﻨﺸﻒ وﻳﻔﻘﺪ ﻣﺎءه، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ أﻗﻞ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺘﺴﻮس ،أﻣﺎ اﻟﺒﻠﺢ اﻟﺼﻌﻴﺪي ﻓﻬﻮ ﻣﻜﺘﻨﺰ وﻃﺮي وﺗﺼﻨﻊ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﺠﻮة وﻳﺘﻢ ﺗﺨﺰﻳﻨﻪ ﻟﻔﺘﺮات ﻃﻮﻳﻠﺔ دون أن ﻳﻔﺴﺪ ،وﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳُﺨﺰن اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ أﺟﻮﻟﺔ أو ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻃﻒ ﻣﻌﺮﺿﺎ ﻟﻠﻬﻮاء ،ﻓﺈن اﻟﺼﻌﻴﺪي ﻳُﻜﺒﺲ ﻓﻲ ﻗﺪور ﻓﺨﺮاﻧﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ِ ب»اﻟﺪ ْﻫ َﻤﺔ« ،وﻫﻲ ﻗﺪر ﻓﺨﺎري ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻜﻞ اﻟﺰﻳﺮ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪم ﻟﺘﺨﺰﻳﻦ اﻟﻤﻴﺎه .وإن ﻛﺎن أﻗﻞ ﺣﺠ ًﻤﺎ، وﺗﺤﺮص اﻟﻤﺮأة ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﺗﺘﺮك اﻟﻬﻮاء ﻳﻨﻔﺬ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻘﺪور وإﻻ اﺳ ﱠﻮد ﻟﻮن اﻟﻌﺠﻮة وﻓﺴﺪت ،وﻟﺮﺑﻤﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﺳﻤﻴﺖ »دﻫﻤﺔ« ،ﻓﻔﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ َد ﱠﻫ َﻤﺖ اﻟﻨﺎ ُر اﻟﻘﺪ َرَ :ﺳ ﱠﻮ َدﺗﻬﺎ، وﻓﻲ اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤﻴﻂ :اﻟﺪﻫﻤﺎء ﻫﻲ اﻟ ِﻘﺪر .واﻷرﺣﺞ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻗﺪ اﺳﺘﺒﺪﻟﺖ اﻷﻟﻒ اﻟﻤﻤﺪودة واﻟﻬﻤﺰة ﺑﺎﻟﺘﺎء اﻟﻤﺮﺑﻮﻃﺔ ﻋﺒﺮ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻟﻠﻤﻔﺮدة .ﻓﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻬﺠﺎت ﻓﻲ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺄﻧﻴﺚ ﻟﻠﻤﺬﻛﺮ ﺑﺎﺿﺎﻓﺔ ﺗﺎء ﺗﺄﻧﻴﺚ ﻟﻪ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻣﻦ رواﺳﺐ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﻣﻮﻣﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
51
أن ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺼﺒﻮ إﻟﻴﻪ روﺣﻚ أﺑﺪ اﻵﺑﺪﻳﻦ«) ﺳﻠﻴﻢ ﺣﺴﻦ ،ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،اﻟﺠﺰء اﻟﺮاﺑﻊ( . وﻗﺪ اﺧﺘﻔﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﺎدة ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺗﺨﻠﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺎﺑﻮت ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺟﺜﻤﺎن اﻟﻤﻴﺖ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻠﻮه ﻏﻄﺎء ﺧﺸﺒﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻞ ﻣﺤﻠﻪ اﻟﻨﻌﺶ اﻟﻤﻐﻠﻖ واﻟﻤﻐﻄﻰ ﺑﻤﻼءة ﻣﺰرﻛﺸﺔ ﺑﺎﻵﻳﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻣﻮﺟﺎت اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻌﺖ دﻓﻦ اﻟﺜﻤﺎر إﻟﻰ ﺟﻮار اﻟﻤﻴﺖ ﺑﺎﻟﻘﺒﺮ. ورﻏﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻇﻠﺖ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻳﺔ ﻟﺘﺰﻳﻴﻦ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻤﻴﺖ ﺑﺒﺎﻛﻮرة اﻟﺜﻤﺎر ﻣﺴﺘﻤﺮة ،ﻓﺎﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻤﻴﺖ ﻓﻲ اﻹﻃﻌﺎم ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺜﻤﺎر ،واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻷﺧﺮى ،ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺣﻴﻦ ﺗﻢ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻫﺬه اﻷﻏﺼﺎن اﻟﻤﺜﻤﺮة وإﺣﻼل اﻟﻤﻼءة اﻟﺨﻀﺮاء اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻷراﺿﻲ اﻟﺤﺠﺎزﻳﺔ ﻣﺤﻠﻬﺎ ،ﻓﻤﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻫﺬه اﻟﻤﻼءة ﻣﻦ ﻧﺼﻮص ﻣﻘﺪﺳﺔ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻹﺗﻴﺎن ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻣﻘﺪس أﻳﻀﺎ ،ﻳﺆدﻳﺎن إﻟﻰ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ذاﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺘﺴﺒﻴﺤﺎت اﻟﻤﻔﺘﺮﺿﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﻏﺼﺎن اﻟﻤﺜﻤﺮة. ﻓﻬﺬه اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺗﺘﺴﻖ واﻟﻬﺪف اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻮاﺑﻴﺖ ،وﻫﻮ ـ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ رودﻟﻒ آﻧﺘﺲ ﻓﻲ أﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ـ إﻋﻄﺎء ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻜﺘﺒﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮاﺑﻴﺘﻬﻢ ﻗﻮة ﻋﻠﻰ أن ﻳﻨﺎﻟﻮا إﻣﺎ ﺷﻜﻼ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻴﻪ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ ﻓﻲ اﻵﺧﺮة ،وإﻣﺎ ـ وﻫﻮ اﻷرﺟﺢ ـ ﺗﺄﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻴﺎة أﺑﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ«. وﻛﺎن ﺣﺮص اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺼﺤﺐ ﻫﺬه اﻷﻏﺼﺎن اﻟﻤﺜﻤﺮة واﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﻴﺖ إﻟﻰ ﻣﺜﻮاه اﻷﺧﻴﺮ ،ﻳﺄﺗﻲ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ إدﻣﺎﺟﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻷﺧﺮى ،وﻓﻲ ﺣﻮزﺗﻪ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮﻳﺔ اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﻌﺒﻮره اﻵﻣﻦ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ. ﺑﻠﺢ اﻟﻮاﺣﺎت
ﻓﻲ واﺣﺎت اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺜﻼث ﺑﻤﺼﺮ »اﻟﺨﺎرﺟﺔ واﻟﺪاﺧﻠﺔ واﻟﻔﺮاﻓﺮة« ،ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻮاع رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺢ ﻫﻲ» :اﻟﺘﻤﺮ« و»اﻟﺼﻌﻴﺪي« و»اﻟﻤﻨﺘﻮر« وﻳﻀﻢ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﻧﻮاع ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﻨﺘﻮر اﻟﺘﻤﺮي ِ واﻟﺤ َﺠﺎزي واﻟﺨُﻀَ ﺮي واﻟ َﻌ َﺴﻠﻲ ،إﻟﻰ آﺧﺮة ،وﺗﻜﺘﻔﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻟﺒﻠﺢ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻜﺘﻤﻞ اﻟﻨﻀﺞ وﺑﺎﻟﺮاﻣﺦ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻻ
ﺷﻤﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻠﺢ زﻳﻨﺖ ﻣﺤﻤﻞ اﻟﻌﺮوس وﺻﺎﺣﺒﺖ ا9ﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺪ إﻟﻰ اﻟﻠﺤﺪ
50
اﻟﺒﻠﺤﺔ اﻟﻤﻘﻤﻌﺔ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﺒﻠﺢ ﻓﺎﻛﻬﺔ ﺗﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻌﺒﻮر اNﻣﻦ ﻟﻠﻤﺘﻮﻓﻰ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اNﺧﺮ
اﻟﺒﻠﺢ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﻏﻀﺎن اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ﺗﺰﻳﻦ »اﻟﻤﺤﻤﻞ« اﻟﻤﺨﺼﺺ ﻟﺤﻤﻞ »اﻟﺰﻳﺮ« و«اﻟﻘﻠﻞ« واﻷﺑﺎرﻳﻖ اﻟﻔﺨﺎرﻳﺔ ،ﻋﻨﺪ ﻧﻘﻞ ﺟﻬﺎز اﻟﻌﺮوس إﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﻋﺮﻳﺴﻬﺎ. واﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ ﻳﺬﻛﺮ أن »وﻣﻦ رأى ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺠﻨﻲ ﺗﻤﺮة ﻣﻦ ﻧﺨﻠﺔ ﻓﻲ اﺑﺎﻧﻬﺎ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﺘﺰوج ﺑﺎﻣﺮأة ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﻣﺒﺎرﻛﺔ وﻗﻴﻞ إﻧّﻪ ﻳﺼﻴﺐ ﻣﺎﻻً ﻣﻦ ﻗﻮم ﻛﺮام ﺑﻼ ﺗﻌﺐ أو ﻣﻦ ﺿﻴﻌﺔ ﻟﻪ وﻗﻴﻞ ﻳﺼﻴﺐ ﻋﻠﻤﺎً ﻧﺎﻓﻌﺎً ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ«. وﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻳﻮرد ﻃﺒﻴﺐ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺪاﺧﻠﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻓﻬﻤﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ» :أﺟﻤﻞ اﻟﻬﺪاﻳﺎت ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻟﻠﻮاﺣﺎت «1905أن ﻧﺎﺣﻴﺔ »ﺑﺪﺧﻠﻮ« اﺷﺘﻬﺮت ﺑﻜﺴﺮ زﻳﺮ ﻣﻦ ﻓﺨﺎر ،ﻣﻤﻠﻮء ﺑﺒﻠﺢ ﻣﻜﺒﻮس ﺑﺠﻮار اﻟﻘﺒﺮ ﺑﻌﺪ دﻓﻦ اﻟﻤﻴﺖ ،وﻳﻮزع ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺣﻀﺮوا اﻟﺠﻨﺎزة« ،ﻓﻬﺬه اﻟﺜﻤﺮة اﻟﺘﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺳﺘﻜﻔﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺑﻌﺾ ﺧﻄﺎﻳﺎه ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻷوﻟﻰ. وﻛﺎﻧﺖ أﻳﻀﺎ ﺷﻤﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻠﺢ ﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ أﺛﻨﺎء ﺗﺸﻴﻴﻌﻪ إﻟﻰ ﻣﺜﻮاه اﻻﺧﻴﺮ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﺸﻤﺎرﻳﺦ
وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﺎﻛﻮرة اﻟﺜﻤﺎر اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻤﻴﺖ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺎء..وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻷﻏﺼﺎن اﻟﻤﺜﻤﺮة ﺗُﺘﺮك داﺧﻞ اﻟﻘﺒﺮ إﻟﻰ ﺟﻮاره..إذ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻮف ﻳُﻄﻌﻢ، ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻷﺧﺮى ،ﻣﻦ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻠﻘﻮﻧﻬﺎ أو ﻳﻀﻌﻮﻧﻬﺎ داﺧﻞ ﻗﺒﺮه أو ﻓﻮﻗﻪ .وﻣﺮد ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد إﻟﻰ ﻓﻜﺮة » اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ » اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ﺑﺎﺗﺤﺎد »روح اﻟﻨﺒﺎت ،ﺑﺮوح ﺳﻠﻒ ﻣﺎت« ،وﻫﻮ اﻋﺘﻘﺎد ذاﺋﻊ » ﻳﻨﺴﺐ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﺎت ﺻﻔﺎت ﺣﻴﻮﻳﺔ« )اﻟﻜﺬاﻧﺪار ﻫﺠﺮﺗﻲ ﻛﺮاب،ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر( ،ﻛﻘﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،واﻟﺴﺒﺐ اﻟﻜﺎﻣﻦ وراء ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺎﻻﺗﺤﺎد، ﺑﻴﻦ روح اﻟﻤﻴﺖ واﻟﻨﺒﺎت ،ﻫﻮ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻺﺳﻬﺎم ﺑﻘﺪر اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع ،ﻓﻲ إدﻣﺎج اﻟﻤﻴﺖ إﻟﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻷﺧﺮى، وﻫﻮ ُﻣﺆ َﻣﻦ ،ﺑﺄﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ،ﻛﺎﻟﺘﻼوات واﻟﺘﺴﺒﻴﺤﺎت واﻷدﻋﻴﺔ واﻟﻔﺎﻛﻬﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮﻫﺎ . أﻣﺎ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﻤﻴﺖ ﻳﺘﺎح ﻟﻪ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺜﻤﺎر ﻫﺬه اﻷﺷﺠﺎر ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻷﺧﺮى ،ﺣﻴﻦ ﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﺸﻪ ،ﻓﻴﻤﻜﻦ إرﺟﺎﻋﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻓﻴﻤﺎ ورد ﺿﻤﻦ » اﻟﻤﺘﻮن واﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﻬﺎ«رخ ﻣﻲ رع ـ وزﻳﺮ اﻣﻨﺤﺘﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﺳﺮة اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮـ ﻓﻲ ﻣﻨﻈﺮ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﻟﻤﺴﺮات اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ،وﻣﻨﻬﺎ :ﺧﺬ أزﻫﺎر اﻟﺒﺮﻛﺔ اﻟﻌﻄﺮة اﻟﺘﻲ أﺣﻀﺮﺗﻬﺎ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻴﺮة اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺪاﺋﻖ ،ﺗﺄﻣﻞ! إن اﻟﺨﺪم ﻳﺤﻤﻠﻮن ﻣﻨﺘﺠﺎت وأﻏﺼﺎﻧﺎ وﺳﻴﻘﺎﻧﺎ ذﻛﻴﺔ اﻟﺮاﺋﺤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع ،ﻷﺟﻞ أن ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻼذﻫﺎ وﺗﻐﻤﺮ ﺑﻘﺮﺑﺎﻧﻬﺎ ،وﻷﺟﻞ أن ﻳﺸﺎﻃﺮ ﻗﻠﺒﻚ ﻓﻲ ﻧﺒﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﻀﺮ ،وﻷﺟﻞ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
49
أﺧﺮﻳﺎت »ﺻﻴﺼﺎ« ﻟﻢ ﻳﺠﺪن ﻣﻦ ﻳﺘﺰوﺟﻬﻦ: »ﻧﺨﻠﺔ وﺑﺘﻄﺮح ﺻﻴﺺ ﻧﺨﻠﺔ وﺑﺘﻄﺮح ﺻﻴﺺ وزﻏﺮودة ﻳﺎ ام اﻟﻌﺮﻳﺲ«. وﻻ ﺗﻜﺘﻔﻲ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﻮﺻﻒ اﻟﻌﺮوس ﺑﺎﻟﺒﻠﺤﺔ واﻟﻌﻜﺲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ أو اﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎت اﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺼﻞ ﻟﺤﺪ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ ﺟﻌﻞ اﻟﻌﺮوس ﺑﻠﺤﺔ ﻣﻘﻤﻌﺔ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻔﺎﻓﻬﺎ ،واﺻﻔ ًﺔ ﻏﺸﺎء اﻟﺒﻜﺎرة ـ ﻣﻮﻃﻦ ﻋﻔﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ـ ﺑﻘُﻤﻊ اﻟﺒﻠﺤﺔ، اﻟﺬي إن زال ﻗﺒﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﺮﺳﻬﺎ ﻓﻘﺪت ﻋﺬرﻳﺘﻬﺎ وأﻟﺤﻘﺖ اﻟﻌﺎر ﺑﺄﻫﻠﻬﺎ: »ﺣﻠﻮة ﻳﺎ ﺑﻠﺤﺔ ﻳﺎ ﻣﻘﻤﻌﺔ ﺷﺮﻓﺘﻲ اﺧﻮاﺗﻚ اﻷرﺑﻌﺔ« وﻫﻲ ﺗﺸﺒﻴﻬﺎت ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺒﺮة اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة، ﻓﻘﻤﻊ اﻟﺒﻠﺤﺔ ﻟﻮ زال ﻷدى إﻟﻰ ﻓﺴﺎدﻫﺎ ،ﻓﺎﻟ ِﻘ ْﻤ ُﻊ واﻟ ِﻘ َﻤ ُﻊ أﻳﻀﺎ ـ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﺎر اﻟﺼﺤﺎح ـ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺮة واﻟﺒﺴﺮة ،وﻓﻲ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ﻗ َﻤ َﻊ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ واﻧْ َﻘ َﻤ َﻊ دﺧﻠﻪ ُﻣ ْﺴﺘَ ْﺨ ِﻔﻴﺎً وﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ واﻟﺠﻮاري اﻟﻼّﺗﻲ ﻛُ ﱠﻦ ﻳَﻠْ َﻌ ْﺒ َﻦ ﻣﻌﻬﺎ ﻓ ِﺈذا رأَﻳﻦ َ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ َ وﺳﻠﻢ اﻧْ َﻘ َﻤ ْﻌ َﻦ أَي ﺗَ َﻐ ﱠﻴ ْﺒ َﻦ و َد َﺧﻠْ َﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ أو ِﻣ ْﻦ ورا ِء ِﺳﺘْ ٍﺮ ﻗﺎل اﺑﻦ اﻷَﺛﻴﺮ وأَﺻﻠﻪ ﻣﻦ اﻟ ِﻘ َﻤﻊِ اﻟﺬي ﻋﻠﻰ رأْس اﻟﺜﻤﺮة أَي ﻳﺪﺧﻠﻦ ﻓﻴﻪ« .وﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ ﻗَ َﻤﻊ اﻟ ُﺒﺴﺮة :ﻗﻠﻊ ِﻗ ْﻤﻌﻬﺎ .إذن ﻓﺎﻟﻌﺮوس اﻟﻌﺬراء ﻓﻲ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﻠﺤﺔ ﻣﻘﻤﻌﺔ ﻳَﺸﺮف ﺑﻬﺎ أﻫﻠﻬﺎ . وﻣﺎ اﻟﻤﻨﺎداة ﺑﺎﻟﺼﻮت اﻟﺠﻬﻮري اﻟﺼﺎرخ اﻟﻀﺎج اﻟﺤﻲ ـ »اﻟﺤﻴﱠﺎﻧﻲ« ـ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺒﻠﺤﺔ ﻓﻲ اﻷﻏﻨﻴﺎت ،إﻻ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ اﻻﺷﺘﻬﺎء واﻟﺘﻤﻨﻲ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ وﺻﻠﻬﺎ :ﻳﺎ ﺑﻠﺢ أﺑﺮﻳﻢ ،ﻳﺎ ﻧﺨﻠﺘﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻟﻲ ﻳﺎ ﺑﻠﺤﻬﻢ دوا ،ﻓﻮق اﻟﻨﺨﻞ ﻓﻮق ﺑﺪري ﻃﺎﻟﻊ ﺧﺪك، ﻳﺎﺑﻠﺢ زﻏﻠﻮل ،إﻟﻰ آﺧﺮه ،إﻧﻬﺎ ﻣﻨﺎداة ﺗﺼﺮح ﺑﺮﻏﺒﺔ دﻓﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﺪان اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻣﺴﺤﻮرة ﺑﻌﺸﻖ اﻟﺒﻨﺎت. وﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺳﺘﺠﺪ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﻄﻮل وﺗﻘﺼﺮ ﺑﺘﻼوة ﺳﺤﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺖ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،ﺣﻴﻦ اﺧﺘﺒﺄت ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻟﺘﻬﺮب ﻣﻤﻦ ﻳﺘﺮﺑﺼﻮن ﺑﻬﺎ ،ﻓﺄﻛﻠﺖ ﺗﻤﺮﻫﺎ وﺗﺤﺼﻨﺖ ﺑﺠﺮﻳﺪﻫﺎ اﻟﺸﺎﺋﻚ ،وﻓﻲ ﻛﻞ رﺣﻠﺔ ﺧﺮوج ﻟﺒﻄﻞ ﻣﻦ أﺑﻄﺎل اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻤﺮ زاده وﻇﻞ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻔﺼﻠﻴﺔ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻫﺎ اﻷﺣﺪاث إﻟﻰ ﻋﻮاﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪة..
48
اﻟﺒﻠﺤﺔ اﻟﻤﻘﻤﻌﺔ
اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮﻳﺔ
اﻟﺘﺠﻠﻲ اﻟﻨﺎﺻﻊ ﻟﻠﺒﻠﺢ ﻓﻲ اﻻﺑﺪاﻋﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺳﻮى اﻧﻌﻜﺎس ﻟﻤﺎ ﺗﺤﺘﻠﻪ ﻫﺬه اﻟﺜﻤﺮة ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻓﻬﻲ ﻓﺎﻛﻬﺔ ﺗﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ﻳﺘﻜﺮر اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ،وﻋﻨﺼﺮا رﺋﻴﺴﻴﺎ ﻓﻲ اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﻘﺮﺑﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻻﺳﺘﺮﺿﺎء اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻓﻮق اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺜﻞ »ﺻﻴﻨﻴﺔ اﻟﺮﺿﻮة وﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻓﺎﻟﺒﻠﺢ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ دورة ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺎﻟﻤﻴﻼد واﻟﺰواج واﻟﻤﻮت ،إذ ﻳﺼﺎﺣﺐ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت واﻟﻄﻘﻮس اﻟﺘﻜﺮﻳﺴﻴﺔ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎل اﻟﻔﺮد ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻰ أﺧﺮى ،وﺿﻤﻪ إﻟﻰ وﺿﻊ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺟﺪﻳﺪ . ﻓﺤﺘﻰ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻮاﺣﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻤﺎرﻳﺦ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﻓﻬﻲ ﺑﻌﻴﺪة اﻟﻤﻨﺎل وﻻ ﺗﻄﺎﻟﻬﺎ اﻷﻳﺪي ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ،ﻣﺘﻮﺟﺔ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻷﻋﺎﻟﻲ وﺷﺎﻣﺨﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﺄﻣﻬﺎ ،ﺗﻘﻮل اﻟﻤﻌﺪدة وﻫﻲ ﺗﺤﺼﻲ - »ﺗﻌﺪد« -ﻣﻨﺎﻗﺐ اﻟﺮاﺣﻞ ﺑﻌﺪ ﻣﺮض ﻋﻀﺎل: »ﺳﻼﻣﺘﻚ ،ﻳﺎ ﻗﻨﻄﺮة ﻓ ّﻴﻮم )ﺟﺴﺮ ﻳﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺿﻔﺘﻴﻦ( ﻳﺎ ﻧﺨﻠﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،واﺳﻨﺪ ﻋﻠﻴﻚ وأﻗﻮم ﺳﻼﻣﺘﻚ ،ﻳﺎ ﻗﻨﻄﺮة ﺑﺤﺮي ﻳﺎ ﻧﺨﻠﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،واﺳﻨﺪ ﻋﻠﻴﻚ ﺿﻬﺮي« ﻻ ﺗﻘﺼﺮ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺒﺪﻋﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮﻳﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ وﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﻞ أواﻟﻤﺮأة ﻋﻠﻰ اﻻرﺗﻔﺎع ﻋﻦ اﻷرض، ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ دﻻﻻت رﻣﺰﻳﺔ ﻛﺎرﺗﻔﺎع اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ واﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ،واﻟﺘﺮﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﺼﻐﺎﺋﺮ .إﻧﻤﺎ ﻫﻲ ـ أﻳﻀﺎـ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺎت اﻟﻨﺨﻠﺔ ذاﺗﻬﺎ ،ﻛﺎﻟﻤﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻌﺎﻛﺴﺔ واﻟﺼﺒﺮ وﺗﺤﻤﻞ اﻟﺼﻌﺎب ،ﻓﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻌﻄﺶ واﻟﺮﻳﺎح واﻷﻣﻄﺎر واﻟﺤﺮارة اﻟﻘﺎﺋﻈﺔ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﺗﺸﺒﻴﻬﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﻛﺘﺎﻓﻪ أرﻛﺎن اﻟﺪار ،أو ﺑﺎﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻌﻄﺎءة اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﺑﻌﻤﻮد اﻟﺪار أو ﻋﻤﻮد اﻟﺨﻴﻤﺔ ،ﻓﻮﺟﻮدﻫﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﻨﺪ اﻟﺒﻴﻮت اﻟﻌﺎﻣﺮة ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻴﺎر: »ﻧﺨﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﺳﺎﻧﺪه دارﻳﻦ ﻣﺴﺮوﻋﺔ َﻣ ﱠﻴﻪ ﺟﺎﺑﻮﻟﻬﺎ ﻧﻮاري )ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻄﺸﻰ ﻓﺠﺎءوا ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎر(
ﻧﺨﻠﻪ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﺳﺎﻧﺪه دي اﻟﺪار ﻣﺴﺮوﻋﺔ ﻣﻴﻪ ﺟﺎﺑﻮا ﻟﻬﺎ اﻟﻨﺠﺎر« ﺗﻨﺰﻋﺞ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻠﻞ رﺑﻤﺎ ﻳﺼﻴﺐ ﺗﻮازن اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻟﻮ أن ﻓﺘﺎة ﺗﺄﺧﺮ زواﺟﻬﺎ ،ﻓﻜﺄن أﻣﻬﺎ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺐ ﺳﻮى »ﺻﻴﺺ« ،ﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﻣﻦ ﺟﻮع ،ﻓﻔﻲ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب :اﻟﺼﻴﺺ ﻫﻮ اﻟ َﺤﺸَ ُﻒ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ ،و ِﺷﻴﺺ؛ ﺗﻤﺮ ﻟﻢ ﻳﺘ ّﻢ ﻧﻀ ُﺠﻪ ﻟﺴﻮء ﺗﻠﻘﻴﺤﻪ ،وﺻ ّﻴ ِ ﺻﻴﺼﺎ ،أي :ﺗﻤ ًﺮا ﻟﻢ ﻳﺘ ّﻢ ﺼﺖ اﻟ ﱠﻨﺨﻠﺔُ :ﺻﺎر ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ً ﻧﻀﺠﻪ ،ﻟﻬﺬا ﻧﺠﺪ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺗﺠﻬﺮ ﺑﺎﻟﺸﻜﻮى ،وﺗﺤﻤﻞ رﺳﺎﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﻟﻔﺘﺎة ﺗﺄﺧﺮ زواﺟﻬﺎ ،ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻌﺮﻳﺲ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ وﺗﺴﺘﻌﺤﻠﻪ دون ﺧﻮف ﻣﻦ ﻟﻮم اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻘﻠﺔ اﻟﺤﻴﺎء أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ،ﻓﻤﻴﺰة اﻹﺑﺪاع اﻟﺸﻌﺒﻲ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﺤﻴﺎء اﻟﺒﺮﺟﻮازي اﻟﻤﻘﻴﺖ: » َﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﺑﻠﺢَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﺑﻠﺢ ﺻﻴﺺَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ .. أﻧﺎ ﻋﺎﻳﺰة ﻋﺮﻳﺲ َ ..ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ َﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﺑﻠﺢَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ« وﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ آﺧﺮ ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻤﻄﺮب اﻟﺸﻌﺒﻲ أم اﻟﻌﺮﻳﺲ ﻟﻼﺑﺘﻬﺎج واﻃﻼق اﻟﺰﻏﺎرﻳﺪ ،ﻷﻧﻪ ﺳﻴﺘﺰوج ﻋﺮوﺳﺎ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ اﻧﺠﺒﺖ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
47
ﻓﺎﻛﻬﺔ ﺗﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻌﺒﻮر ﻟﻠﻨﻌﻴﻢ
َ اﻟﻤﻘ ﱠﻤ َﻌﺔ اﻟﺒﻠﺤﺔ أﻏﻨﻴﺎت ﻓﻲ ﻋﺸﻖ اﻟﺒﻨﺎت اﻟﻌﺬارى
د .ﻓﺎرس ﺧﻀﺮ
» َﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﺑﻠﺢَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﺑﻠﺢ زﻏﻠﻮلَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﺑﻴﻠﻒ ﻳﺪورَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ وﻃْﻠِﻌﺖ أﺟِ ﻴ ُﺒﻪَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﺷَ ﱢﻮﻛْﻨﻲ ﺟﺮﻳﺪهَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ َﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﺑﻠﺢَ ،ﺣ ﱠﻴﺎﻧﻲ« ﻟﻮﻻ »اﻟﺒﻠﺢ« ﻟﻤﺸﺖ اﻟﻨﺨﻠ ُﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻧﺎﺛﺮ ًة ﺿﻔﺎﺋﺮﻫﺎ ،وﺑﺎﺣﺜ ًﺔ ﻋﻦ ﻋﺎﺷﻘﻴﻦ ﻟﺘﻈﻠﻬﻢ ،ﻟﻜﻨﻪ إﻋﻴﺎ ُء اﻟﻔﺘﻨﺔ اﻟﺒﺎدﻳﺔ وﺛِﻘ َُﻞ اﻟ ِﺤﻤﻞ اﻟﻤﻔﺮط ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻟﻪ ،ﻫﻜﺬا ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ أن »اﻟﻤﺒﻠﺢ« ﻣﻦ أﻋﻴﺎه ِﺣﻤﻠُﻪ ﻓﻌﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻴﺮ! ﻓﺎﻟﺒﻠﺤﺔ اﺑﻨﺔ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ورﺛﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻗﺪاﺳﺘﻬﺎ ،ﻟﺘﺼﺒﺢ رﻣ ًﺰا ﻟﻠﻌﺮوس ﻓﻲ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﻃﻌﺎ ًﻣﺎ ﻗﺮﺑﺎﻧ ًﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﻘﻮس ،وزادا ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ. 46
اﻟﺒﻠﺤﺔ اﻟﻤﻘﻤﻌﺔ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻣﺄﺛﻮرات ﺷﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﺜﻼﺛﻮن ،أﺑﺮﻳﻞ 1995م ،ص .13 ) (2ﺣﺴﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ،ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،ﺟﺮﻳﺪة اﻟﻮﺳﻂ ،اﻟﻌﺪد 2659اﻟﺨﻤﻴﺲ 17دﻳﺴﻤﺒﺮ 2009م اﻟﻤﻮاﻓﻖ 01ﻣﺤﺮم 1431ﻫـ ) (3ﻓﻬﺪ ﺣﺴﻴﻦ ،راﺋﺪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻳﺤﺘﻀﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻴﺔ »ﻣﻨﺼﻮر ﺳﺮﺣﺎن ،ﺟﺮﻳﺪة أﺧﺒﺎر اﻟﺨﻠﻴﺞ ،اﻟﻌﺪد - 12433اﻟﺴﺒﺖ 7أﺑﺮﻳﻞ 2012م ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ 15ﺟﻤﺎدى اﻷوﻟﻰ 1433ﻫـ
) (4اﻷﺳﻮد ،اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺎﻓﻆ ،رﻣﻮز ﻣﺤﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻣﺄﺛﻮرات ﺷﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﺜﻼﺛﻮن ،أﺑﺮﻳﻞ 1995م ،ص .12 ) (5اﻟﻤﺪﻧﻲ ،ﻋﻠﻲ ﺻﻼح ،أﻣﺜﺎل اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ص 311 ) (6ﻋﻴﺴﻰ ،زﻳﻨﺐ ﻋﺒﺎس ،اﻟﻄﺐ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﺷﺘﺎء ،2010اﻟﻌﺪد ،12ص 91
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
45
و»اﻟﻤﺮأة« ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻤﺘﻌﻬﺎ ﺑﺼﺤﺔ اﻧﺠﺎﺑﻴﺔ ﺟﻴﺪة ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ اﻟﻤﺤﻠﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻴﻦ أﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﺎ وﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﺰوج ﺗﺤﺪﻳﺪا ً ﺧﺼﻮﺻﺎً إذا ﻛﺎن اﻟﻤﻮﻟﻮد اﻷول »ذﻛﺮا ً« ﻓﻴﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »أم ﻓﻼن« ﺑﺪل ﻣﻦ اﺳﻤﻬﺎ ﻷن ﻣﻦ أﻋﺮاف اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺮوي »اﻟﺒﺤﺮاﻧﻲ« أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻴﺐ ﺗﺪاول اﺳﻢ اﻟﻤﺮأة ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻟﻜﻮن ذﻟﻚ ﻳﻨﺪرج ﺿﻤﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻴﺐ »ﻋﻮرة«! »أم ﻓﻼن«ﻫﻮ ﻣــﺮادف ﻻﺳــﻢ اﻟــﻤــﺮأة ،ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﺰوج ﺑﻌﺪ ،أو ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺰوﺟﺖ وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺐ أو ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ أﻧﺠﺒﺖ وﻟﻜﻦ إﻧﺎﺛﺎ ﻓﻘﻂ! أﺧﻴﺮا ً ،ﺑﻬﺬه اﻹﻃﻼﻟﺔ اﻟﻔﺎﺣﺼﺔ ﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻦ ﻣﻔﺮدات اﻟﺘﺮاث اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ » اﻟﻨﺨﻠﺔ » ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻫﻨﺎ اﻟﺪﻻﻻت اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﻐﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﻴﻦ وﻣﻨﻬﻢ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻣﻀﻰ ،ﻟﻜﻨﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﻴﺪ ﻃﺒﻌﺎً إﺳﺘﺠﻼء ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ورﺻﺪﻫﺎ ﺛﻢ ﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺟﺰء أﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻪ
وﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﺮأة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻤﻞ ،ﻳﻤﺰج ﻃﻠﻊ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﺴﻞ وﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺒﻞ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻤﺎع ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻛﻞ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺒﻮﻳﻀﺔ وﻟﺘﻨﺸﻴﻂ اﻹﺧﺼﺎب ﻋﻨﺪ اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة .. وﻗﺪ ﺗﺆﻛﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء اﻷﺧﺮى ﻣﺜﻞ ﻃﻠﻊ اﻟﻨﺨﻞ -زﻳﺖ اﻟﻨﺨﻞ - زﻳﺖ اﻟﻘﻤﺢ – ﺻﻔﺎر اﻟﺒﻴﺾ – زﻳﺖ اﻟﺬرة – زﻳﺖ اﻟﺼﻮﻳﺎ – زﻳﺖ اﻟﺴﻤﺴﻢ -اﻟﺠﺰر – اﻟﺨﺲ).(6 ﻫﺬا وﺗﺮدد اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ، وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺠﻲء ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻫﻲ ،ﻓﺘﻘﻮل: ﻓﻲ ﺛﻤﺮة إﺗﺤﺎوﻟﻮﻧﻲ )ﺗﺤﻠﻘﻮا ﺣﻮﻟﻲ( ﻳﻮم ّ وﻣﻦ راﺣﺖ ﻋﻨﻲ اﻟﺜﻤﺮة ﺿﻠﻴﺖ أﻗﺎﺳﻲ اﻟﺮﻳﺢ وﻳﻪ اﻟﻐﺒﺮة ﻓﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ،ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﻨﺪب ﺣﻈﻬﺎ وﺗﺸﺘﻜﻲ ﺑﺈﻧﺼﺮاف اﻟﻨﺎس ﻋﻨﻬﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﺛﻤﺮﻫﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺤﻂ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺜﻤﺮ ،وﺣﺎﻟﻬﺎ ﻫﺬا ﻳﺸﺎﺑﻪ ﺣﺎل اﻷﻧﺜﻰ ﻛﻤﻌﺎدل ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ. وﻫﻨﺎك ﻣﺜﻞ ﺷﻌﺒﻲ آﺧﺮ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺴﻮة اﻟﻜﺒﻴﺮات ﺑﺎﻟﺴﻦ ﻷﺧﺮﻳﺎت ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻬﻦ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮدد: إﺗﺴﻮي ﻧﻔﺴﻬﺎ )ﺗﺤﺴﺐ ﻧﻔﺴﻬﺎ( ﻋﻘﺐ ﻣﻦ ﻋﻘﺐ )ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﻮي وﻣﺘﻴﻦ( وﻫﻲ ﺧﻮص ﻣﻦ ﺧﻮص )ﺟــﺰء ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﻴﺒﺎس اﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة: واﻟﻀﻌﻒ واﻟﻬﺸﺎﺷﺔ( ) (1اﻷﺳﻮد ،اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺎﻓﻆ ،رﻣﻮز ﻣﺤﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ
44
ا"ﻧﺜﻰ واﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
د .أﻣﻴﻨﺔ اﻟﻔﺮدان
ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ » اﻟﻘﺮوﻳﺔ » اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻴﺔ ،ﻳﻈﻬﺮ أن ﻫﻨﺎك رﺑﺎﻃﺎ وﺛﻴﻘﺎ ﺑﻴﻦ ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻷﻧﺜﻰ واﻟﻨﺨﻠﺔ. ﻛﻮن اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ أو اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺮﻣﺰ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻗﻴﻢ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﻌﻄﺎء واﻟﺨﺼﻮﺑﺔ واﻟﻜﺮم واﻻﺳﺘﻘﺮار).(1 وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻓﻘﻂ ﻛﺮﻣﺰ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﻘﺪس وﺗﺪﻟﻞ ﻛﻮﻧﻬﺎ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪم ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺤﺘﻰ اﻟﺘﻜﺎﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻳﻔﻀﻞ أن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺤﺼﻮل ﻣﻀﻤﻮﻧﺎ وواﻓﺮا ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﻈﺮ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ورﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ دﻟﻤﻮن ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ وﻫﻜﺬا ﺧﺮج ﻟﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺴﻮﻣﺮي »ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪﻟﻠﻮن ﻣﻠﻮﻛﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻟﻞ ﻧﺨﻴﻞ دﻟﻤﻮن« اﻟﺬي ﻳﺼﻮر ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﻟﺪﻟﻤﻮﻧﻴﻮن ﻳﻘﺪﺳﻮن اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺣﺘﻰ أن ﻛﻞ ﻧﺨﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻟﻞ أي ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺑﺼﻮرة ﺧﺎﺻﺔ ﺣﺘﻰ ﺿﺮب ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻛﺜﺮة اﻟﺘﺪﻟﻴﻞ وﻫﻨﺎك ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺳﻮﻣﺮﻳﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﺟﻠﻴﺎ ﻓﻬﺬا ﻫﻮ اﻟﻤﻠﻚ ﺷﻠﺠﻲ اﻟﺬي ﺣﻜﻢ ﺳﻮﻣﺮ ﺑﻴﻦ ) 2094ق .م 2047 -ق .م( ﻳﺴﻄﺮ ﻗﺼﻴﺪة ﻳﻤﺪح ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﻮﺻﻒ: »أﻧﺖ ﻣﺪﻟﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﺎﻳﻨﻴﺠﺎﻻ ﻛﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ أرض دﻟﻤﻮن اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ«).(2
رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎة ،ﺑﻞ ﻳﺬﻛﺮ أن ﻫﻨﺎك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 800ﻧﻮع وﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ رﻣ ًﺰا ً ﻣﻦ اﻟﺮﻃﺐ وﻛﺄن اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﺰروﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﺑﻴﻦ ﻧﺨﻠﺔ وﻧﺨﻠﺔ ،وﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻜﺜﺮة ﺳﻤﻴﺖ ﺑﻠﺪ اﻟﻤﻠﻴﻮن ﻧﺨﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻨﺘﺠﻬﺎ رﻃ ًﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ ،وﺗﻤ ًﺮا ﺑﺎﻟﺸﺘﺎء).(3 وﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ رﻣﺰ ﻣﺤﻮري وﻣﺼﺪر ﻻ ﻳﻨﻀﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎز ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻴﻦ أو ﻗﻄﺒﻴﻦ :أﺣﺪﻫﻤﺎ ﺣﺴﻲ واﻵﺧﺮ ﻣﻌﻨﻮي .وﺗﺘﺪرج ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻟﺪﻻﻻت اﻟﺤﺴﻴﺔ واﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﺠﺮدة ،وﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻘﻄﺐ اﻟﺤﺴﻲ اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺘﻘﻨﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻟﻠﺮﻣﻮز اﻟﻤﺤﻮرﻳﺔ ،واﻟﺬي ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ).(4 وﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻟﻤﺪى ارﺗﺒﺎط اﻟﻘﺮوي ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،ﺟﺎءت ﻓﺤﻮﻟﺔ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﺤﺎل »ذﻛﺮ اﻟﻨﺨﻠﺔ«. وﻟﻠﻔﺤﺎل ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻷﻧﺜﻰ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﻓﻬﻮ رﻣﺰ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ واﻹﻧﺘﺎج واﻟﺘﻜﺎﺛﺮ ،ﻟﻬﺬا ﻫﻲ ﺗﺤﺎﻛﻲ اﻟﺮﻣﺰ »اﻟﻔﺤﺎل« وﻫﻲ ﺗﻌﺰي ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺄﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺰواج ،وﻛﺄن ﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻳﺸﻜﻲ ﻫﻤﻬﺎ ﻟﻪ ﻓﺘﻘﻮل) :ﻳﺎ اﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﻓﺤﺎل ،ﻳﺎ اﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﻓﺤﺎل ،أﺷﻜﻲ ﻟﻚ اﻟﺤﺎل ،ﻛﻞ اﻟﺒﻨﺎت ﻋﺮﺳﻮا ،وأﻧﻲ ﻓﻲ ﻫﺎﻟﺤﺎل(. ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،إن ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮع ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻟﻐﺎؤه ،أو ﺗﻌﻄﻴﻞ ﻣﻔﻌﻮﻟﻪ ،ﻓـ )اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻻ ﺗﻠﺪ إﻻ ﻓﺴﻴﻠﺔ( ،واﻟﻔﺴﻴﻠﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻧﺨﻠﺔ).(5 ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﺘﻀﺢ أﻳﻀﺎً وﺑﺸﻜﻞ أدق وأوﺿﺢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺬي ﻳﻮازن ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮأة واﻟﺒﺤﺮ ﺗﺎرة ،واﻟﻤﺮأة واﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﺎرة أﺧﺮى .اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﻘﻮل: ﻣﺎ زﻳﻨﺔ اﻟﻤﺮه )اﻟﻤﺮأة( إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻮاﻗﺐ )اﻟﺬرﻳﺔ( وﻻ زﻳﻨﺔ اﻟﺒﺤﺮ إﻻ ﺑﺎﻟـــــﻤﺮاﻛﺐ وﻻ زﻳﻨﺔ اﻟﻤﺮه إﻻ ﺑﻌﻠــــــــــﻬﺎ وﻣﺎ زﻳﻨﺔ اﻟﻨﺨﻠﺔ إﻻ ﺑﺤﻤــــــﻠﻬﺎ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
43
ا"ﻧﺜﻰ واﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ اﻟﻤﻠﻴﻮن ﻧﺨﻠﺔ »اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ«
42
ا"ﻧﺜﻰ واﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﻳﺴﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪﺑﺲ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺎري إﻟﻰ ﻣﺠﺮى واﺣﺪ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺤﻔﺮة ﺑﻬﺎ ﺧﺰان ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺪﺑﺲ ،ﻳُﺴﻤﻰ اﻟﺠﺎﺑﻴﺔ)(14 ﻫﻮاﻣﺶ: ) (1ﺣﺴﺎم ﺣﺴﻦ ﻋﻠﻲ ﻏﺎﻟﺐ :اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ واﻟﻮﺻﻒ اﻟﻤﻮرﻓﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﺘﺸﺮﻳﺤﻲ ﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺘﻤﺮ) ،أﺑﻮ ﻇﺒﻲ: داﺋﺮة ﺑﻠﺪﻳﺔ أﺑﻮ ﻇﺒﻲ وﺗﺨﻄﻴﻂ اﻟﻤﺪن ،(2003 ،ص 7؛ ﻋﻤﺮ أﺣﻤﺪ» :ﻣﻌﺮض وﺷﺠﺮة« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻻﺗﺤﺎد 18) ،دﻳﺴﻤﺒﺮ .(2014 ) (2ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ :اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة) ،اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ :اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ،(1999ص .156 ،140 ،139 ) (3ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي» :اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ« ،ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ،اﻟﻌﺪد ) ،127ﻣﺎرس ،(2010ص .23-16 ) (4ﻧﺒﻴﻞ راﻏﺐ :أﺻﻮل اﻟﺮﻳﺎدة اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ،دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ) ،أﺑﻮ ﻇﺒﻲ :ﻣﻨﺸﻮرات اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،(1995 ،ص ،384 .388 ) (5دﻻل ﺟﻮﻳﺪ» :اﻟﺮﻃﺐ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﻳﻆ وأﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺒﻴﺎن 30) ،أﻏﺴﻄﺲ .( 2009 ) (6وﻓﺎء ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻌﻠﻲ» :ﻇﻞ اﻷرض« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻻﺗﺤﺎد3) ، أﻏﺴﻄﺲ .(2005
) (7ﻫﻨﺎء اﻟﺤﻤﺎدي» :ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ ﻣﻬﻨﺔ ﺗﺮﻓﺾ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ وﺗﺘﺤﺪى اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﺘﻄﻮر« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻻﺗﺤﺎد ﻣﻠﺤﻖ دﻧﻴﺎ 5) ،ﻳﻮﻧﻴﻮ .(2013 ) (8ﻋﻤﺎد ﻣﺤﻤﺪ ذﻳﺎب اﻟﺤﻔﻴﻆ :ﻧﺸﺎة اﻟﺤﻀﺎرة وﺗﻄﻮرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ) ،ﻋﻤﺎن :دار ﺻﻔﺎء ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ، ،(2011ص .125 ،124 ) (9ﺟﻮﻳﻨﺘﻲ ﻣﺎﻳﺘﺮا ،ﻋﻔﺮاء اﻟﺤﺠﻲ ،ﻗﺼﺮ اﻟﺤﺼﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﻜﺎم أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ) ،1966 – 1793أﺑﻮ ﻇﺒﻲ :ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﺒﺤﻮث، .(2001ص.19 ) (10ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻣﺎﺟﺪ اﻟﺴﺮي» :اﻟﻤﻘﻴﻆ ..ارﺗﺤﺎل ﺟﻤﺎﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﻨﺴﻴﻢ اﻟﻌﻠﻴﻞ« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺒﻴﺎن 14) ،أﻏﺴﻄﺲ .(2012 ) (11ﻣﺮﻳﻢ إﺳﺤﺎق» :اﻟﺤﺎﺑﻮل ﻋﻤﺎد اﻟﺨﺎرف ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ«، ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺒﻴﺎن 1) ،ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ .(2010 )» (12اﻟﺤﺎﺑﻮل أداة ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺼﺎﻣﺪة« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻻﺗﺤﺎد، ) 13ﻳﻮﻟﻴﻮ (2010؛ »اﻟﺤﺎﺑﻮل وﺳﻴﻠﺔ ﺑﺪوﻳﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﻖ اﻟﻨﺨﻠﺔ« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺒﻴﺎن 21) ،ﻓﺒﺮاﻳﺮ .(2010 ) (13ﻫﻨﺎء اﻟﺤﻤﺎدي» :ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺼﻴﻒ وﻓﺮﺣﺔ اﻟﻔﺮﺟﺎن« ،ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻻﺗﺤﺎد ﻣﻠﺤﻖ دﻧﻴﺎ 15) ،ﻳﻮﻧﻴﻮ .(2014 ) (14ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﻼ ﺣﺴﻦ اﻟﻤﻘﻴﻠﻲ» :اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻨﺎز اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ واﺣﺔ اﻟﻘﻄﻴﻒ« ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﻌﺪد ) ،68ﻳﻮﻟﻴﻮ ،(2003ص.144-142
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
41
ﺑﺎﻟﻐﺔ ،وﻳﺤﺮﺻﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﻮزﻳﻊ ﺑﺸﺎﺋﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﺮان واﻷﺻﺪﻗﺎء ﻓﻮر ﻇﻬﻮر اﻟﺒﺸﺎﺋﺮ ،وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﻬﺎدي ﺑﺎﻟﺒﺸﺎﺋﺮ ﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻋﻦ ﺷﺪة اﻟﺤﺐ ﻛﻮن اﻟﻨﺨﻠﺔ ذات ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس .وﻳﺰﻓﻮن ﺑﺸﺎرة ﺑﺎﻛﻮرة اﻹﻧﺘﺎج إﻟﻰ أﺳﺮﻫﻢ ﺑﻬﺪف إدﺧﺎل اﻟﻔﺮﺣﺔ إﻟﻰ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻼ، ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ ،إذ ﻛﺎن ﻃﻘﺲ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﺎﺋﻠ ًﻴﺎ ً ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻓﺔ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة ،اﻟﺼﻐﺎر ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺤﺒﺎت اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﻤﺘﺴﺎﻗﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ »ﺟﻔﻴﺮ« ﺻﻐﻴﺮ ،واﻵﺑﺎء وﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻹرﺷﺎدات واﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ،أﻣﺎ »اﻟﺨﺮاف« ﻓﻼ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ إﻻ اﻟﺸﺒﺎب ،اﻟﻘﺎدرون ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﺘﻮازﻧﻬﻢ وﺗﺤﺮﻳﻚ »اﻟﺤﺎﺑﻮل«. وﻻ ﻳﺰال ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﺨﺮاف« ﻣﻮﺳ ًﻤﺎ ُﻣﻔﺮ ًﺣﺎ ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺑﻪ اﻟﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر. ﻃﻘﻮس ﺧﺎﺻﺔ
ﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﻣﻮﺳﻢ ﺧﺮاف اﻟﺮﻃﺐ ﺑﻔﺎرغ اﻟﺼﺒﺮ ،وﻫﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻟﻪ ﻃﻘﻮس ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺤﻮل ﻓﻴﻪ أﺻﺤﺎب »اﻟﺨﺮاﻳﻒ« إﻟﻰ ﺧﻼﻳﺎ ﻋﻤﻞ ﺿﺨﻤﺔ ،ﻓﻴﺒﺪأ اﻟﻨﺸﺎط واﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺰارع ،ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺠﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ،وﻳﻮزﻋﻮن ﺟﺰ ًءا ﻣﻨﻬﺎ ،وﻳﺨﺰﻧﻮن اﻵﺧﺮ، وﻳﺒﻴﻌﻮن اﻟﻔﺎﺋﺾ ،ﻟﺬﻟﻚ ،ﻳُﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ رﻣ ًﺰا ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﻌﻄﺎء ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻐﻠﻮن أوﻗﺎﺗﻬﻢ ﺑﺠﻤﻊ ﺣﺒﺎت اﻟﺮﻃﺐ واﻟﺘﻤﻮر اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﻤﺘﺴﺎﻗﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﻲ »ﺟﻔﻴﺮ ﺻﻐﻴﺮ« ،وﺗﺤﻤﻞ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ اﻷوﻟﻰ ،اﻟﻔﺮﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ، وﻳﺒﺪأون اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺨﺮاﻓﺔ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑﺘﺠﻬﻴﺰ أدواﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻔﻴﺮ واﻟﺤﺎﺑﻮل واﻟﻤﻨﻔﺾ ،وﻳﻔﺮح اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﻪ؛ ﻓﻤﻨﺬ وﺻﻮل »ﺗﺒﺎﺷﻴﺮه اﻷوﻟﻰ« ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﺳﺘﻘﺒﺎل وﻃﻘﻮس ﺧﺎﺻﺔ ،وﻳﻐﺴﻠﻮن اﻟﺮﻃﺐ وﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻟﻜﺒﻴﺮ اﻷﺳﺮة ﻳﻘﺮأ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ وأﻳﺔ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﺛﻢ ﻳﺪﻋﻮ ﻷﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ وﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺘﺬوق اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺮﻃﺐ ،وﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟﻔﺮﺣﺔ إﻻ ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺠﻴﺮان ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺎﺷﻴﺮ ،ﺣﻴﻦ ﻳﻮزﻋﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ »أﻫﻞ اﻟﻔﺮﻳﺞ« ﻣﻌﻠﻨﻴﻦ أﻧﻬﻢ ذاﻗﻮا ﻣﻦ »ﺧﺮاﻳﻔﻬﻢ«).(11 اﻟﺨﺎرف واﻟﺤﺎﺑﻮل
ﻟﻠﺼﻌﻮد إﻟﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ »اﻟﺨﺎرف« ﻌﻮد »اﻟــﺤــﺎﺑــﻮل« ،وﻫــﻮ ﺣــــﺰام ﺣﺒﻠﻲ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ ﻟﻴﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،اﻟﺬي ﻳﻨﻘﻊ ﺣﺒﺎﻻ، ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻟﺘﻠﻴﻴﻨﻪ ﺛﻢ ﻳُﺠﺪل ً وﻳﻠﻔﻪ ﺣﻮل ﺑﺪﻧﻪ وﺟـ ع ـﺬع اﻟﻨﺨﻠﺔ، وﺑﻪ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺮﻳﺾ ﻦ ﻣﺒﻄﻦ ﺑﺎﻟﻘﻤﺎش ﻤﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط، ﻳﺴﻨﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻇﻬﺮه ،وﻳﺤﻤﻴﻪ
40
ﻣﻮﺳﻢ« ﻟﺨﺮاف«
وﻳﺘﺮك ﻓﻲ أﺧﺮ ﻃﺮف اﻟﺤﺎﺑﻮل ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻌﻘﺪ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ وﻓﻜﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﻌﻮد واﻟﻬﺒﻮط ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ .وﻳﺘﺤﺮك »اﻟﺨﺎرف« ﺻﻌﻮ ًدا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ »اﻟﻌﻮاﻧﺔ« ﺑﻘﺪﻣﻴﻦ ﺣﺎﻓﻴﺘﻴﻦ وﺑﻤﺠﻬﻮد اﻟﻴﺪﻳﻦ راﻓ ًﻌﺎ أﻃﺮاف اﻟﺤﺒﻞ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ وﻣﺘﺴﻠﻘًﺎ ﺑﻌﺪ ﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ »اﻟﻴﺪع« أو ﺟﺬع اﻟﻨﺨﻠﺔ) .(12وﻳﺄﺧﺬ ﻣﻌﻪ »اﻟﻤﺨﺮاﻓﻪ« وﻫﻲ اﻟﺴﻠﺔ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻮص اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻟﺠﻤﻊ اﻟﺮﻃﺐ. و»اﻟ َﻤ ْﻨﻔَﺾ« وﻫﻮ اﻟﻮﻋﺎء اﻟﺬي ﺗُﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﻃﺐ ،وﻳُﺼﻨﻊ ﻣﻦ ِ »ﻋﺴﻖ« اﻟﻨﺨﻴﻞ ،إذ ﻳُﻨﻘﻊ اﻟ ِﻌ ِﺴﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء وﻳﺸﺮخ إﻟﻰ أﺟﺰاء دﻗﻴﻘﺔ ﺗُﺠﺪل ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﺘُﺸﻜﱢﻞ وﻋﺎ ًء ﺑﺎرﺗﻔﺎع ذراع ،ﻳﻀﻴﻖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﻴُﺼﺒﺢ ﻣﺨﺮوﻃﻲ اﻟﺸﻜﻞ ﺗﻘ ّﻮى ﺣﻮاف ﻓﻮﻫﺘﻪ ﺑﺎﻟ ِﻌ ِﺴﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺛﻢ ﻳﺮﺑﻂ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻮﻫﺔ ﺑﺄرﺑﻌﺔ ﺣﺒﺎل ﻣﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﺪﻫﺎ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺤﺒﻞ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺼﻞ ﻣﻊ »اﻟﺤﺎﺑﻮل« .وﻫﻨﺎك »اﻟﻤﺰﻣﺎه« ،وﻫﻲ أداة ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ أو اﻟﺨﻮص ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ وﻋﺎء ﻛﺒﻴﺮ ﻳﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﻃﺐ .أﻣﺎ »اﻟﻘﻔﻴﺮ« ﻓﻬﻮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻤﺰﻣﺎه وﻳﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ .ﺑﻴﻨﻤﺎ »اﻟﻤﺰود« ،وﻫﻮ ﺳﻠﺔ ﺻﻐﻴﺮة، ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻤﺰارع ﻣﻌﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﻌﺪ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻟﻘﻄﻒ اﻟﺮﻃﺐ ﺣﻴﺚ ﻳﺨﺮف ﻣﺎ ﻧﻀﺞ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻴﻬﺎ).(13 ﺗﺠﺮى ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻘﻠﻴﻢ وﺗﺸﺬﻳﺐ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻹزاﻟﺔ اﻟﻌﺴﻴﺐ اﻟﺠﺎف اﻟﺬي ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ أداء وﻇﻴﻔﺘﻪ ،وﺗﺸﺬﻳﺐ أو ﺗﻬﺬﻳﺐ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻌﺴﻴﺐ، وإزاﻟﺔ اﻟﻌﺮاﺟﻴﻦ اﻟﺠﺎﻓﺔ ،واﻟﻤﺘﺒﻘﻴﺔ ﺑﻌﺪ إﻧﺘﻬﺎء ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻰ اﻟﺮﻃﺐ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻬﺎ ،وﻗﺒﻞ إﺟﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻴﺢ ،وﺗﻨﺘﻬﻲ آﺧﺮ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺤﺼﺎد ﺑﺘﻘﻄﻴﻊ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺮة، ﺑﺤﻴﺚ ﻳُﺘﺮك اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻠﺒﺎﻗﻲ ﺑﺎﻟﻨﻀﺞ ﺗﺤﺖ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻮﺿﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻧﻈﻴﻒ ﻟﻴﻜﻮن ﺟﻴ ًﺪا ﻟﻸﻛﻞ .وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻨﻘﻠﻪ إﻟﻰ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ وﻣﻔﺮوﺷﺔ ﺑﺎﻟﺤﺼﺮ ،وذﻟﻚ ﻟﺘﻌﺮﻳﻀﻪ ﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ، وﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻌﺪة ﻟﻠﺘﺠﻔﻴﻒ »اﻟﻔﺪى« ،وﻋﺎدة ﻳﺒﻘﻰ ُﻣﻌﺮﺿً ﺎ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻟﻤﺪة أﺳﺒﻮﻋﻴﻦ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﻒ ،وﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻳﺘ ّﻢ ﺗﻘﻠﻴﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻌﺮض ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ،وﻳﺘ ّﻢ ﺗﻨﻘﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﺋﺐ ﻛﺎﻟﺤﺸﻒ ،وﻫﻮ اﻟﺜﻤﺮة اﻟﺠﺎﻓﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻀﺞ، اﻟﻌﺮﺟﻮن ،وﺑﻌﺪ اﻟﺘﻨﻘﻴﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻜﻨﺎز، ﻗﻄﻊ ﺷﻤﺎرخ اﻟﻌﺮﺟﻮن وﻛﺬﻟﻚ ﻄ وﻫﻮ ﺗﻌﺒﺌﺔ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻇﺮوف أو ﺧﺼﺎف وﻫﻲ ﺳﻠﺔ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻞ ،ﺗ ُﻐُﻐﻠﻖ ﺑﺮﺑﻂ ﻋﻨﻘﻬﺎ ﺑﻔﺮع ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺟﻮن ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »ﻗﻠﱠﻠﻪ« ﻟﻴﺘﻢ ﺗﺨﺰﻳﻨﻪ ﻓﻲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﺧﺸﺒﻴﺔ زﻧﺔ اﻟاﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ 5ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣﺎت ،ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺗُﺴﻤﻰ »اﻟﺠﻨﺎدﻳﺪ« ،وﻫﻰ ﻏﺮف ﻛﺒﻴﺮة ﺗﻐﻄﻰ أرﺿﻴﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﺺ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،أو ﺑﺎﻷﺳﻤﻨﺖ ﺣﺎﻟﻴًﺎ، وﺗﻜﻮن ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎري اﻟﺼﻐﻴﺮة
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﺣﺴﺐ ﻧﻮﻋﻴﺎت اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺧﺮاف ،ﻣﺜﻞ »اﻟﻐﻮص اﻟﻜﺒﻴﺮ« اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ أﺑﺮﻳﻞ ﺣﺘﻰ أواﺋﻞ أﻛﺘﻮﺑﺮ، اﻟﻤﻘﻔﺰي ،اﻟﺪﺧﻴﻨﻲ ،واﻟﺤﻠﻮة ،واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ إﻟﻰ ﻗﻄﻊ اﻟﻌﺬق ﻛﺎن اﻟﻤﻼﺣﻮن ﻳﻌﻮدون ﻟﻼﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻘﻌﻲ ،اﻟﺨﻼص ،اﻟﺨﻀﺮي ،واﻟﺴﻜﺮي).(7 ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﻮر).(9 ﻃﻘﻮس وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ
ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ
وﻻ ﺗﺰال ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺨﺮف ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻵﻻت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﻬﻮدات اﻟﻴﺪوﻳﺔ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﻲ دﺧﻠﺖ ﻛﻞ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺤﻴﺎة ،إﻻ أن ﻋﺠﻠﺘﻬﺎ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻣﺎ أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﺨﺮاف« أو »اﻟﺠﺪاد« .إﻻ أن اﻟﻤﻴﻜﻨﺔ واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ أﺧﺬت ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﻮر ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻼﻟﻢ اﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻋﺬوق اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑُﻐﻴﺔ ﺟﺰﻫﺎ أو ﻗﻄﻔﻬﺎ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴًﺎ).(8 ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻀﺮورة ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪوﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆم اﻟﻘﺮى ﻟﻬﺬا اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﺣﻴﻦ إﻟﻰ آﺧﺮ ،وﻳﺄﺧﺬ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن أﺟﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﻳﻀﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﻢ. وﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺑﻌﺾ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ وﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﻮر ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺎﺻﺎت ﺣﺘﻰ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ ﺛﻢ ﻳﻌﻮدون إﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺎت ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر .وﻣﻊ اﻧﺘﻬﺎء
ﺗﺴﻮد اﻟﻔﺮﺣﺔ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻣﻊ ﺑﺪء ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ »ﺷﺪة اﻟﺤﺮ«، وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻗــﺎظ أو ﻳﻘﻴﻆ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،أي اﺳﺘﻮى رﻃــﺒــﻪ)، (10 وﻳﺴﺘﻌﺪون ﻟﻤﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ،اﻟﺬي ﻟﻪ ﺗﺤﻀﻴﺮات ﺧﺎﺻﺔ، ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺰرﻋﺔ ،ﻓﻤﻊ ﺑﺮوز اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ اﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺑﺤﺒﺎت اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺨﻀﺮاء ﻓﻲ رؤوس أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻒ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻮص أو اﻟﺴﻌﻒ اﻟﻴﺎﺑﺲ ،وﺗﺴﻴﻴﺮ اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ وﺗﻨﺰﻳﻠﻬﺎ، ﺗﺴﻬﻴﻼ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺠﻨﻲ. ً وﻟﻮﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺴﻴﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻓﻲ اﻷﻧﻮاع اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻨﺎﻗﻴﺪﻫﺎ ﺑﺴﻴﻘﺎن ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﺑﻌﻴﺪة ،ﻓﻴﻘﻮم اﻟﻤﺰارع ﺑﺘﻘﺮﻳﺐ ﻋﻨﺎﻗﻴﺪ اﻟﻌﺬوق ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺼﻮرة ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺎق ﻟﻴﺴﻬﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺟﻨﻲ ﺣﺒﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ. وﻣﺎ إن ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺒﺸﺎﺋﺮ ﻓﻲ ﻣﺰرﻋﺔ أﺣﺪﻫﻢ ﺣﺘﻰ ﻳُﺴﺎرع ﻓﻲ إﻃﻌﺎم ﻛﻞ ﻣﻌﺎرﻓﻪ ﻣﻨﻬﺎ .وﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ ﺑﺴﻌﺎدة
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
39
وﺑﻌﺾ اﻷﺻﻨﺎف ﺗﺆﻛﻞ ﺛﻤﺎرﻫﺎ وﻫﻲ »ﺧﻼل«؛ ﻛﺎﻟﺒﺮﺣﻲ ،واﻟﺒﺮﻳﻢ ،ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻮ ﻗﺎﺋﻆ، وﺑﻌﻀﻬﺎ »رﻃﺐ« ،وﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻨﻀﺞ ﻣﻦ أواﺧﺮ ﻣﺎﻳﻮ وأواﺋﻞ ﻳﻮﻧﻴﻮ ،وﻳﻜﻮن اﺑﻦ اﻟﺼﺤﺮاء ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻐﺬاء ،ﻓﺘﺄﺗﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﻟﺘﻘﻮم ﻣﺜﻞ :اﻟﻨﻐﺎل ،اﻟﻤﻨﺎز ،اﻟﺒﺮﻳﻦ ،اﻟﺨﺴﺘﺎوي ،ﺑﻮﺗﺸﻴﺒﺎل ،اﻟﺼﻼﻧﻲ ،ﺑﻬﺬا اﻟﺪور. اﻟﺨﻮاﻃﺮ. وﺑﻌﺾ اﻷﺻﻨﺎف ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻨﻀﺞ ﺑﻌﺪ اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﻗﺪ إذا أﺻﺮﻣﺖ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻣﻌﻬﺎ ،وﻣﻨﻬﺎ :اﻟﺨﻨﻴﺰي ،ﺟﺶ ﻓﻠﺠﻪ ،ﻋﻴﻦ ﺑﻘﺮ ،ﺟﺶ ﻳﺘ ّﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر إذا أﺻﺮﻣﺖ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،واﻟﺼﺮام ﻫﻮ ﻗﻄﻊ ﻋﺬوق ﻧﻐﺎل ،اﻷﺷﻬﻞ ،اﻟﺨﺸﻜﺎر ،اﻟﺨﻼص ،اﻟﺮزﻳﺰ ،أﺑﻮ اﻟﻌﺬوق. اﻟﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﺑﺄن ﻳﺼﻌﺪ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ ﻛﺮاﻧﻴﻔﻬﺎ ،ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ واﻟﻄﻮر اﻷﺧﻴﺮ ﻫﻮ ﺟﻤﻊ اﻟﺜﻤﺎر ﺑﻌﺪ ﺟﻔﺎﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺠﺎر ،وﻳﺒﺪأ »ﻃﺮﻗًﺎ« ،وﻫﻰ اﻟﻤﻠﺴﺎء اﻟﻮﻋﺮة ،ﺻﻌﺪ ﺑﺎﻟﻤﺮﻗﺎة ،ﺛﻢ ﻳﻌﻘﺪ إذا ﻧُﻀﺠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ أﻏﺴﻄﺲ إﻟﻰ أواﺋﻞ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،وﺗﺘ ّﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺻﺎر ﻓﻲ أﻋﻼﻫﺎ ﺣﺒﺎﻻً ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ،ﺛﻢ ﻳﺸﺪﻫﺎ ﺑﻌﺴﺐ اﻟﻨﺨﻠﺔ، اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻠﻒ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺮك ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺠﺎر ﺗﺠﻒ وﻳﺠﺪ ﻗﻨﺎ ﻗ ًﻨﺎ ،وﻳﺮﺑﻂ اﻟﻌﺬوق ﺑﺎﻟﺤﺒﺎل ﻹﻧﺰاﻟﻬﺎ ،وﻳﻨﻘﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﺟﻔﺎﻓًﺎ ﻃﺒﻴﻌ ًﻴﺎ ،وأﻛﺜﺮﻫﺎ أﺻﻨﺎف ﺟﻴﺪة ،وﻣﻨﻬﺎ :اﻟﺤﻼوي ،اﻟﺰﻫﺪي ﻓﻲ »اﻟﺰﺑﻞ« وﻫﻲ أوانٍ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻮص ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ اﻟﻔﻮﻫﺔ اﻟﻠﻮﻟﻮ ،اﻟﺒﺮﺣﻰ ،اﻟﻔﺮض ،اﻟﺠﺎﺑﺮى ،اﻟﻬﻼﻟﻲ ،اﻟﺨﺼﺎب ،اﻟﺨﻀﺮاوى ﺣﺘﻰ ﻳُﻜﻨﺰ ﻓﻲ »اﻟﺨﺼﻒ« وﻫﻲ أوﻋﻴﺔ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻮص، اﻟﺼﻔﺮا ،اﻟﺨﻨﻴﺰى ،أﺑﻮ اﻟﺠﺒﺎل ،اﻟﺨﻼص ،اﻟﺒﺎرﺣﻰ ،ﻧﺒﺘﺔ ﺳﻴﻒ ،وأﺑﻮ وﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳﻢ اﻟﺒﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎن ،واﻟﺸﻬﻴﻞ).(6 »اﻟﺨﺎرف« ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ أﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ وﻣﻌﻪ اﻟﺤﺎﺑﻮل وﻧﻀﺞ اﻟﺘﻤﻮر ﻻ ﻳﺘ ّﻢ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ ﺑﻞ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻗﺪ ﺗﺘﺠﺎوز واﻟﺤﺒﻞ واﻟﻤﻨﻔﺾ ،ﻟﻴﻀﻊ اﻟﻤﻨﻔﺾ ذا اﻟﺤﺠﻢ اﻟﺼﻐﻴﺮ أو اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺸﻬﺮﻳﻦ ﺣﺴﺐ ﺻﻨﻒ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،واﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻮد ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻘﻪ ،وﻳﺒﺪأ اﻧﺘﻘﺎء اﻟﺮﻃﺐ ﻣﻦ ﺷﻤﺎرﻳﺨﻬﺎ ،أو اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻋﻨﺪ ﺗﺄﻣﻞ ﻓﺘﺮات اﻟﻨﻀﺞ ﻧﺠﺪ أﻧﻬﺎ ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺳﻢ وﺳﻂ اﻟﺒﺴﺮ ﻟﺠﻨﻴﻪ وﺟﻤﻌﻪ ،وﺗُﺴﻤﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ »ﺑﺎﻟﻨﻔﺎض أو ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،اﻟﺨﺎرف« .وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﻄﻒ اﻟﺮﻃﺐ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ وﺑﻬﺬا ﺗﻌﻄﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﺮﺻﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺮﻃﺐ ﻟﻤﺪة 38
ﻣﻮﺳﻢ« ﻟﺨﺮاف«
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
وﺣﺎﻛﻰ اﻟﺸﻌﺐ ﻗﺎﺋﺪه ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﻓﺄوﻟﺘﻬﺎ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ،وﻣﺮﺗﻊ ﺻﺒﺎه ،إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﻠﻢ ﺑﺘﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺗﻤﻮج ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻖ ،ﻓﺄﻳﻨﻤﺎ ﺗﻮﻟﻲ وﺟﻬﻚ ﻓﻲ أرﺟﺎء ﺑﺎﻟﺨﻀﺮة واﻟﺤﻴﺎة واﻟﻔﻲء).(4 اﻹﻣﺎرات ﺗُﻄﺎﻟﻌﻚ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،وﻳﻜﺎد ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻨﺰل ﻣﻨﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أن ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻹﻣﺎرات إﻟﻰ ﻏﺎﺑﺔ ﻧﺨﻴﻞ ﻛﺒﻴﺮة ،ﺗﻀ ّﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻴﺰات ﻧﺨﻴﻞ ا9ﻣﺎرات ﻣﻦ 19أﻟﻒ ﻣﺰرﻋﺔ ،ﻳُﺰرع ﺑﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 43ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺨﻠﺔ) .(1ﻳﻤﺘﺎز ﻧﺨﻴﻞ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﺒﻜﺮ ،واﻟﺜﻤﺎر اﻟﺠﻴﺪة ،ﺑﺴﺒﺐ ﻳﺼﻞ ﻣﻌﺪل إﻧﺘﺎج اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻨﺎف إﻟﻰ 120ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪى اﻟﺬي ﺗﺠﻮد ﻓﻴﻪ زراﻋﺔ وإﻧﺘﺎج اﻟﺘﻤﻮر ،وﻳﺮﺟﻊ ﻛﻴﻠﻮ ﺟﺮا ًﻣﺎ ﺳﻨﻮﻳًﺎ .وﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﻠﻮغ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻨﻮي ﻣﻦ ﻫﺬا إﻟﻰ ﻫﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻘﻠﻴﻞ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻷزﻫﺎر وﻧﻤﻮ اﻟﺘﻤﻮر أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 276أﻟﻒ ﻃﻦ ،ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻹﻣﺎرات ﺗﺤﺘﻞ اﻟﻤﺮﻛﺰ وﺗﻄﻮر اﻟﺜﻤﺎر ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻮ اﻟﺤﺎر ﺻﻴﻔًﺎ .وﻟﻬﺬا ﺗﺒﺪأ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺪول اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺘﻤﻮر ،ﺣﻴﺚ ﻳﺒﻠﻎ اﻧﺘﺎﺟﻬﺎ 6ﻓﻲ اﻹﺛﻤﺎر اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻟﻤﻌﻈﻢ اﻷﺻﻨﺎف ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳُﻘ ﱠﺪر ﻋﺪد أﺻﻨﺎف اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ. ﺗﻤﺮ اﻟﺘﻤﺮة ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﻋﺪة ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺷﻜﻠﻬﺎ وﻃﻌﻤﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺤﻮاﻟﻲ 80ﺻﻨﻔًﺎ).(2 ﺗﻌﻮد ﻫﺬه اﻟﻄﻔﺮة إﻟﻰ اﺗﺒﺎع وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،واﻟﻄﺮق اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺗ ُﺴﻤﻰ »ﺣﺒﺎﺑﻮ« وﻫﻲ ﺛﻤﺮة ﺻﻐﻴﺮة ﺧﻀﺮاء ﻗﻠﻴﻼ ،ﺛﻢ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ واﻟﺠﻨﻲ ،وﺗﺤﺴﻴﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺮي ،وﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻠﻮن ،ﺛﻢ ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ »اﻟﺨﻼل« ﺣﻴﻦ ﺗﺼﻔﺮ ً رﻃﺐ ﻟﻢ ﻳﻨﻀﺞ ،ﺛﻢ ﺗﺄﺗﻲ »اﻟﺒﺸﺎرة« ﺑﻮﺟﻮد ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺸﺮات واﻷﻣـﺮاض ،واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ »ﺑﺴ ًﺮا« أي ٍ ﻣﻴﺎه وﺗﺮﺑﺔ ،وإﻗﺎﻣﺔ ﻣﺤﻄﺎت اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺰراﻋﻴﺔ واﻹرﺷﺎد اﻟﺰراﻋﻲ ،اﻟﺮﻃﺐ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺘ ّﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﻰ ﺗﻤﺮ ﺑﺘﺠﻔﻴﻔﻪ).(5 ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻌﺰﻳﻤﺔ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﻳﺮﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺑﺘﻮﻟﻴﻪ ﺣﻜﻢ إﻣﺎرة أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻓﻲ 6أﻛﺘﻮﺑﺮ ،1966ﺛﻢ اﺗﺴﻌﺖ ﻣﻮاﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻛﻞ اﻹﻣﺎرات ،ﻟﺘُﺼﺒﺢ واﺣﺔ ﻧﺨﻴﻞ وارﻓﺔ اﻟﻈﻼل ،ﺗﺴﺮ وﻳُﻤﻜﻦ ﺟﻨﻲ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ أرﺑﻌﺔ أﻃﻮار :اﻟﺒﺴﺮ ﻓﻲ اﻷﺻﻨﺎف اﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ،ﻓﺘﺮة ﺗﻮﻟﻴﻪ رﺋﻴﺲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ ﻳُﻤﻜﻦ أﻛﻞ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﺑﺴ ًﺮا ﻣﺜﻞ :اﻟﻠﻮﻟﻮ ،اﻟﺨﻨﻴﺰي ،اﻟﺨﺼﺎب، ) ،(3) (2004-1971ﻓﺮﻏﻢ ﻋﺸﻘﻪ ﻟﻠﺼﺤﺮاء اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﺪ اﻟﻬﻼﻟﻲ.
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
37
ﻣﺼﺪر ﻓﺮح ﻟﻠﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر
ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﺨﺮاف«
ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اWﻣﺎرات د .ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي
ﻳﻌﺘﺰ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ رﻣﺰ اﻟﺸﻤﻮخ واﻟﻌﻄﺎء اﻟﻤﺘﺠﺪد ،وﺗﺮﺗﺒﻂ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﻌﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ وﻗﻴﻢ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻮارﺛﺘﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻈﺮوا ﻟﻬﺎ ﻧﻈﺮة ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﺗﻠﻘﻰ ﻋﻨﺎﻳ ًﺔ واﻫﺘﻤﺎ ًﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﻴﻦ اﻟﺮﺳﻤﻲ واﻟﺸﻌﺒﻲ .وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء اﻟﺬي ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻪ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات ﻟﻬﺬه اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ اﻟﻤﻌﻄﺎء، وأﻛﺒﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﻓﺎء واﻻﻫﺘﻤﺎم ،اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻀﺮورة اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ وﺑﻨﻮﻋﻴﺘﻬﺎ ،واﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ زراﻋﺘﻬﺎ ،وﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ واﻟﻌﻼج ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض. ﻳﺮﺟﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ؛ ﻓﺒﻔﻀﻞ رﻋﺎﻳﺘﻪ أﺻﺒﺤﺖ ﺗُﺰرع ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺰل وﺷﺎرع وﻣﺰرﻋﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻏﺪت أﻣﻴﺮة اﻟﺼﺤﺮاء ،وأﻣﺮ ﺑﺎﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﺴﻼﻻت ﻓﺎﺋﻘﺔ اﻟﺠﻮدة ﺑﺄﺣﺪث ﺗﻘﻨﻴﺎت زراﻋﺔ ﻓﺴﺎﺋﻠﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻧﺴﺠﺔ.
36
ﻣﻮﺳﻢ« ﻟﺨﺮاف«
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
وﻧﻘﻞ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﻣﺎ ﺗﻐﻨﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﺑﺸﻬﻮر اﻟﺼﻴﻒ ﺑﻴﻦ أﻓﻼج اﻟﻌﻴﻦ وﻧﺨﻴﻠﻬﺎ وﺑﻴﻦ أﻣﺎﻛﻨﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﻓﺎع اﻟﺬي ﻫﻮ أﺣﺪ أﺳﻤﺎء ﺟﺒﻞ ﺣﻔﻴﺖ ،وﻋﻴﺪان اﻟﺮدة، وﻋﻮد اﻟﻴﺎرح اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻧﻔﻮس أﻫﻞ اﻟﻌﻴﻦ
ﻳﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻮد اﻟﻴﺎرح أﺻﻄﺎب ﻳﺎه اﻟﻘﺪر ﻣﻦ أﻣﺮ ﻣــــﻮﻻه وﺳﻂ اﻟﻴﺪع ﺷﺒﺖ ﺑﻪ ﻟْﻬﺎب ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺪ ﺗﺘﻼﻣﻊ ﺻــــﺮﻳﺎه ﻣﺎ ﻓﺎد ﻟﻮ ﺳﺎﻗـــﻮا ﺑﺎﻷﺑﻴﺎب ﻳﺎ ﺳﻌـــﻴﺪ ﻛﺜﺮ اﻟﺮش ﻣﺎ ﻳﺎه ﻣﻦ ﺑﺎرجٍ ﻳﺴﻘﻴﻪ وﺣﻴــﺎب وﻳﻌﺎوﺿﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﺐ ﻟﻲ ﻳﺎه ﻳﺎ ﻣﺎ ﺑﺮز ﻣﻨﺴﻮع اﻷرﻗﺎب ﻓﻲ راﻳﺤـــﺔ زاﻫﻲ ﺑﺤﻨــﺎه
وﺗﻄﺮﻗﺖ اﻷﺷﻌﺎر اﻟﺘﻲ أوردﻫﺎ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ أﺳﻤﺎء ﻣﻨﺎﻃﻖ وأﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﻬ ﱠﻴﻢ واﻟﻘﻔﱠﺎي ،وأم اﻟﻌﻨﺒﺮ ،وﺻﻴﺮ ﺑﻨﻲ ﻳﺎس ،واﻟﺴﻌﺪﻳﺎت .وﻗﺪ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﺤﻀﻮر ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ اﻟﺬي ﺷ ﱠﺪﻫﻢ ﺑﺎﻷﺷﻌﺎر اﻟﻨﺒﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺮدﻫﺎ ،وﺣﻔﱠﺰﻫﻢ وأﺛﺎر ﺣﻤﺎﺳﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ،ﻓﺘﺪاﺧﻠﺖ ﻣﺸﺎرﻛﺎت ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮة د .راﺷﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺬي ﺳﺮد ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر اﻟﺘﻲ أﻏﻨﺖ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮة، وﻣﺸﺎرﻛﺎت اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ وﻣــﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻄﻠﺒﺔ ،وﺣ ـ ﱠﻮل اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻪ إﻟﻰ ﻧﺪوة ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ اﺳﺘﻮﻋﺒﺖ ﻣﺪاﺧﻼت وإﺛﺮاءات واﺳﺘﻔﺴﺎرات اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻏﻄﺖ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﺛﺮﻳﺎ وﻫﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ اﻟﻤﻠﻒ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
35
اﻟﻌﻴﺪ ﻟﻪ ﻟــــــﺒﺲ وﻣﺨﺎﺳﻴﺮ ﺮب ﺗﺮﻓﻊ ﻟﻪ اﻟــﺸﺎن ﻋﻨﺪ ْﻋ ٍ ﻣﺎ ودﱠﻣﻮا ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻘــــــﺮاﻗﻴﺮ ﻧﻘﱡﻮا ﻟﻪ ﺧـــــﺮﻓﺎن ﺳــﻤﺎن واﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﻋﻨﺪي اﺛﻨﻴﻨﻪ ﻣﻨﺎﺻﻴﺮ واﺛﻨﻴﻦ ﻟﻮ ﻣﻦ ﻗﻮم ﺳﻠﻄﺎن ﻳﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻋ ﱠﻴﺪت ﻋـــﻠﻰ اﻟﻬﻴﺮ ﻟﻮ ﺗﺴﺘﻮي رزﻓﺔ وﺗﻔﺠــﺎن وﻗﻮل آﺧﺮ: اﻟﻌــــﻴﺪ ﻋﻨـﺪ أﺻﺤــــــــﺎﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺟﺪور اﻟﺨﺒﻴــــــــﺺ ﻣـــــﺐ ﻋﻨـﺪ اﻟﻐـﺎﺻــــــــﺔ ْ ﻟـــﻲ ﻳﺪﻋﻤﻮن اﻟﺒﻴـــــﺺ ﻛﻤﺎ روت اﻷﺷﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﺳﺮدﻫﺎ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎة اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻤﻘﻴﻆ اﻟﺬي ﺷﻜﻞ ﺟﺰءا ً ﻣﻬﻤﺎً ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻃﻘﻮﺳﻪ وﻋﺎداﺗﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه ،ﻓﺘﺘﻘﺎﻃﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻀﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺣﻞ إﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر اﻹﺑﻞ ،وﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ أﻫﻞ اﻟﻮاﺣﺎت ﺑﺎﻟﻔﺮح واﻷﻫﺎزﻳﺞ، وﻗﺪ ﻓ ﱠﺠﺮ اﻟﻤﻘﻴﻆ إﺑﺪاﻋﺎت اﻟﻨﺎس ﻓﻮﺻﻔﻮه ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﺟﻤﺎل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ،وأﺳﻬﺐ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ وﺻﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺣﻼت ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻵﺗﻴﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ: ﻳﺎ ﻋﻘﻴﺪ اﻟﻬﺠﻦ وﻃﺮوﺷــــــﻪ ﻟﻲ ﻧﺸﺪك اﻟ ّﺰﻳﻦ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻲ ْﻗﻞ ﻟﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ رﻛﺐ ﺑﻮﺷـــــﻪ وﻳﺤﺪي ﺑﺎﻟﺮﻛﺐ ﺟـــ ّﻤﺎﻟﻲ ﺻﺎح ﻃﻴﺮ ْﻋﻤﺎن ﻓﻲ ﻋﺸﻮﺷـﻪ اﻋﺒﻲ اﻟﻌــــﻴﻦ ﻏ ّﻨﻰ ﻟﻲ ر ّ اﻣﺮﺣﺖ ﺑﻲ ﻓﻲ وﺳﻂ ﺣﻮﺷـﻪ ﻓﻲ ﻧﻌﻴﻢ ْوﺑﺎرد اﻟﻈــﻼﻟﻲ ﻋﻨﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ ْوﻳﺎ ﻋﻮﺷــــــﻪ واﺳﺘﻮوا ﻟﻲ ﻧﺎس وأﻫﺎﻟﻲ رﻳﺖ ﻗﻴﻆ اﻟﻌﺮش ﻣﻔﺮوﺷـــﻪ ف اﻗــﺒﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻜﺮم واﻟﺰﻳﻦ ْ ﺷﺮﺑ ٍﺔ ﻣﺎ ﺗﻨﻀﺢ اﻟﺸﻮﺷـــــــﻪ ﺷـــــــﺮﺑ ٍﺔ ﻛﺎﻟــ ّﺰل ﺑ ْﺰﻻﻟﻲ ﺑﻴﻦ ﻓﺮض ْوﻏﺮﺳﺔ ّﺟﺸﻮﺷﻪ ﺑﺎﻟﺰﺑﺪ ﺟﺒﺮي ﻣﻊ ﻫﻼﻟﻲ
34
أﺷﻌﺎر اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻆ
ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﻘﻴﻆ أو اﻟﺤﻀﺎرة
وﻧﻘﻞ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﻣﺎ ﺗﻐﻨﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﺑﺸﻬﻮر اﻟﺼﻴﻒ ﺑﻴﻦ أﻓﻼج اﻟﻌﻴﻦ وﻧﺨﻴﻠﻬﺎ وﺑﻴﻦ أﻣﺎﻛﻨﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﻓﺎع اﻟﺬي ﻫﻮ أﺣﺪ أﺳﻤﺎء ﺟﺒﻞ ﺣﻔﻴﺖ ،وﻋﻴﺪان اﻟﺮدة ،وﻋﻮد اﻟﻴﺎرح اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻧﻔﻮس أﻫﻞ اﻟﻌﻴﻦ ،وﻳﻘﻊ ﻗﺮب ﻣﺤﻄﺔ ﺗﻌﺒﺌﺔ اﻟﻤﻴﺎه ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﺒﻴﺼﻲ ،وﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺷﺠﺮة ﻏﺎف ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻟﺸﺠﺮة اﻟﻐﺎف ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة إﻧﺴﺎن اﻻﻣﺎرات ،وﻗﺼﺔ ﻋﻮد اﻟﻴﺎرح أن ﺻﺎﻋﻘﺔ أﺻﺎﺑﺘﻪ ذات ﻳﻮم ﻓﺎﺣﺘﺮق اﻟﺠﺬع واﻣﺘﺪت اﻟﻨﺎر إﻟﻰ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ اﻷﻏﺼﺎن واﻷﻃﺮاف ﻓﺘﺄﺛﺮ اﻟﻨﺎس ﻟﻪ ،وﻣﻤﻦ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺮﺣﻮم ﻣﻄﺮ ﺑﻦ ﺧﺎدم اﻟﻤﻬﻴﺮي ﺣﻴﺚ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻘﺼﻴﺪة أرﺳﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻌﺮوف ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻫﻼل اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻳﺸﺎﻛﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ:
اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ واﻟﻤﺰروﻋﻲ ﺧﻼل اﻟﻤﺤﺎﺿﺮة
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
وﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻀﺎرة ،واﺳﺘﺒﻖ ذﻟﻚ ﺑﻘﺼﻴﺪة ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ روت ﻫﺬه اﻷﺷﻌﺎر أﺣﺪاﺛﺎ وﺷﺮﺣﺖ أﺣﻮاﻻ وأ ﱠرﺧــﺖ ﻟﻔﺘﺮات اﻟﻮﻫﻴﺒﻲ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻠﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﺸﻌﺮ ،وﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ :ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ وأﻫﻞ اﻟﺤﻀﺮ ،ﻓﺘﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻣﻬﻨﺔ واﻟﺸﻌﺮ دﻳﻮان اﻟﻌـﺮب اﻟﻐﻮص وﻣﺘﺎﻋﺒﻬﺎ وﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻤﺘﻬﻨﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻋﺐ وﺑﻌﺪ ﻋﻦ وﻛﻢ أﻧــــــﺎل ﻣﻦ إرب أﺳﺮﻫﻢ اﻟﺘﻲ رﻏﻢ اﻋﺘﻴﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻏﻴﺎب أرﺑﺎﺑﻬﺎ إﻻ ﻓﺄﺳﺎل إذا رﻣﺖ اﻷدب أن اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻀﺎﻋﻒ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻴﺎد اﻷﺿﺤﻰ وﻗﺪ ﺑﺎﻋﺪت إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺣــــﺪب رﺣﻼت اﻟﻐﻮص ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ذوﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪورﻫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒﺮون رواﻳﺔ اﻷﺷﻌـــــــــــﺎ ِر ﺑﺄﺷﻌﺎرﻫﻢ ﻋﻦ ﻣﺪى ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ وأﻟﻢ اﻟﻔﺮاق واﻟﺸﻮق ﻟﺪﻳﻬﻢ. ﺗﻜﺴــﻮ اﻷدﻳﺐ اﻟﻌﺎري وﺗﺮﻓﻊ اﻟـــــــــﻮﺿﻴﻌﺎ ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﻐﻮص وﺗـــــــﻜﺮم اﻟﺸﻔﻴﻌــﺎ وﻷن اﻟﻐﻮص اﺣﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث ﺗﻄــــــﺮب ﻛﻞ ﺳﺎﻣﻊ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺮز ﺑﺤﺴـــــﻦ ﻟﻔﻆ ﺟﺎﻣﻊ أﺻﺎﻟﺔ اﻻﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻓﻘﺪ أﺑﻴﺎﺗﻬـــــﺎ ﻗﺼــــــﻮر ﻓﺎﺿﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ ﻣـــــــﺎ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺼـﻮر اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﺎة وأﻟﻢ اﻟﻔﺮاق واﻟﺸﻮق اﻟـــﺬي ﻳﻠﻢ ﺑــﺄﻫــﻞ اﻟــﻐــﻮص .وﻗﺪ اﺳﺘﺸﻬﺪ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻮﻋﺔ واﻗﺘﻄﻒ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻗﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر اﻟﻔﺮاق ﺧﺎﺻﺔ إذا ﺣﻞ وﻗﺖ ﻋﻴﺪ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ﻣﺜﻞ ﻣﺤﻤﺪ اﻷﺿﺤﻰ ورﺣﻼت اﻟﻐﻮص ﻻزاﻟﺖ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ ،وﺧﻠﻔﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺗﺄﺳﺮ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺮض اﻟﺒﺤﺮ، ﻳﺪﻋﻮه ،وﻋﺒﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﺒﺎرك ﺑﻦ ﻧﻴﻴﻼ ،وﻋﺒﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺘﻴﻖ وﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﺑﻴﺎت ﻗﻮل أﺣﺪﻫﻢ: اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ،وﺳﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﻬﺶ ،وﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻢ ،ﺣﻴﺚ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
33
اﻟﺤﻀﺎرة واﻟﻐﻮص
وﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻀﺎرة ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﻴﻦ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺪون ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم إﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻣﺎرات ،وﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ واﺣﺎت اﻟﻌﻴﻦ واﻟﺒﺮﻳﻤﻲ وﺣﻔﻴﺖ واﻟﺒﺎﻃﻨﺔ وﺿﻨﻚ ،واﻟﺬﻳﺪ وﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ وﻣﺴﺎﻓﻲ وﺧﺖ وﺧﺼﺐ وﺣﺘﺎ ودﺑﺎ وﻛﻠﺒﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﺎﻟﺮﻃﺐ واﻟﻔﻮاﻛﻪ واﻟﻤﺤﺼﻮﻻت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﻞ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻤﺘﺎز اﻟﻮاﺣﺎت ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟﻌﺬب واﻟﻬﻮاء اﻟﻌﻠﻴﻞ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ اﻟﺬي ﺗﻌﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ واﻟﺤﺮارة اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﻤﺪن اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ. أﻣﺎ اﻟﻐﻮص ﻓﻘﺪ ﻣﺜﱠﻞ ﺣﻘﻼ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ﻛﺎن ﻣﻈﻬﺮا ً رﺋﻴﺴﺎً ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﺷﺮﻳﺎﻧﺎً اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻛﺎن ﻣﺼﺪر رزق ﻷﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات ،إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،وارﺗﺒﻄﺖ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺔ وﻋﻮاﻟﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ارﺗﺒﺎﻃﺎً وﺛﻴﻘﺎً ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻋﻨﻪ اﻟﻨﺎﻗﺪ د .ﻏﺴﺎن اﻟﺤﺴﻦ وﻫﻮ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺗﺠﻠﻴﺎت اﻟﻐﻮص ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ،ﻓﺎﻧﻌﻜﺴﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻟﺸﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات ،وﺻﻮروا ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻓﻴﻪ ،وﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ،وأﺳﻬﺒﻮا ﻓﻲ وﺻﻒ ﺣﻴﺎة اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ وﻋﻤﻠﻬﻢ ،وﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺼﻴﻒ وﺷﺒﺢ اﻟﻔﺮاق ،وﻣﻌﺎﻧﺎة اﻷﻫﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮ ﻓﻲ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﻐﻮص ،واﻟﺸﻮق إﻟﻰ اﻟﺤﺒﻴﺐ واﻷﻋﻴﺎد اﻟﺘﻲ ﺗﻬﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ. وﻧﻈﺮا ﻟﻤﺎ ﻟﻌﺒﻪ اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻤﻘﻴﻆ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات، وﻟﻤﺎ ﻟﻸﺷﻌﺎر اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ذاﻛﺮة ﻣﻦ ﻋﺎﺷﻮﻫﺎ وﻣﺎ زاﻟﻮا ﻳﺮووﻧﻬﺎ ،أو ﻟﻤﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﺷﻌﺎر ﻣﻦ دور ﻓﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ وﺗﺄرﻳﺦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻳﺮ ﻬ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺜﺮ اﻟﻤﻬﺘﻤﻮن ﺑﺘﺪوﻳﻦ ﻫﺬه اﻷﺷﻌﺎر ﺑﻞ وﺣﻔﻈﻬﺎ، اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻴﺢ ﻧﻘﻠﻬﺎ وإﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ واﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟاﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮون ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺼﺪرا ً ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮر اﻟﻨﻔﻂ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ اﻟﺸﺒﺎب واﻻﻗﺘﺼ اﻟﺬي ﺗﻌﺮض ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺷﻌﺎر ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﺣﻴﺎة اﻷﺟﺪاد اﻟﺬ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻘﻤﺔ ﻋﻴﺸﻬﻢ ﻻ ﺗﺘﺤﺼﻞ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﻀﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﻮد.
32
أﺷﻌﺎر اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻆ
ﻣﺎرس اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أن ﻳﺸﻬﺪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ إﺑﺮﻳﻞ )اﻟﻤﺎﺿﻲ( ﻫﺬه اﻟﻤﺤﺎﺿﺮة ﺿﻤﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺒﺤﺮي اﻟﺬي أﺗﻰ ﺑﻨﺴﺨﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﺿﻤﻦ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻴﻮم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺘﺮاث، ﻧﻈﺮا ﻟﻤﺎ ﻳﻤﺜﻠﻪ اﻟﺘﺮاث اﻟﺒﺤﺮي ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ وﻣﺎ ﻳﺤﺘﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻫﺎم ﺿﻤﻦ أﻫﺪاف اﻟﻨﺎدي وﻏﺎﻳﺎﺗﻪ، إن اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﻌﺪ أﺣﺪ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت اﻟﻬﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﺬي ﻻ ﻫﻮﻳﺔ ﻷﻣﺔ ﺑﺪوﻧﻪ، وﻻ ﻣﻨﺎص ﻣــﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ أﺻﺎﻟﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮ وﺳﻼﻣﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﺻﻮﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻔﻆ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻫﻮﻳﺘﻪ ،وﻳﻌﺰز ﻟﺪى اﻷﺟﻴﺎل اﻋﺘﺰازﻫﻢ ﺑﺘﺎرﻳﺦ آﺑﺎﺋﻬﻢ وأﺟﺪادﻫﻢ... ﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﺗﺤﺔ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ اﻟﺬي ﺗﺤﺪث أﻳﻀﺎ ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﺎﻟﺘﺮاث واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺟﻌﻠﻪ ﺣﺎﺿﺮا ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت واﻟﻠﻘﺎءات ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ ،ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات واﻟﻨﺪوات واﻟﻠﻘﺎءات اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ وأﺛﻨﺎء اﻟﺮﺣﻼت ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻌﻢ اﻟﻔﺎﺋﺪة وﺗﺘﺴﻊ داﺋﺮة اﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﺟﺬوة اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﺣﻴﺔ ﺗﺘﻮاﺗﺮ اﻷﺟﻴﺎل ﺑﺎﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ دﻳﻤﻮﻣﺘﻬﺎ. ﻟــﺬا ﻓﻘﺪ وﻗــﻒ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻓﻦ اﻟﻌﺮب اﻷول ،أو ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻫﻮ دﻳﻮان اﻟﻌﺮب واﻟﻤﻜﻮن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺮاث اﻟﻌﺮب اﻷدﺑﻲ ،ﻓﺄﺑﺮز دور اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻌﺮب ،واﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ ،وﻣﺪى ﺣﺐ اﻟﻌﺮب ﻟﻠﺸﻌﺮ وﺗﻌﻠﻘﻬﻢ ﺑﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻏﺪا ﻣﻼزﻣﺎ ﻟﻬﻢ وﻣﺆرﺧﺎ ﻟﺴﻴﺮورة ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ وﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ، ﻓﺼﺎر ﻷﻫﻞ اﻟﺒﺮ أﺷﻌﺎرﻫﻢ وﻷﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻫﻮ اﻟﺬي أﺳﻘﻄﻪ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻪ، ﻓﺄﺗﻰ ﺑﺒﺎﻗﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻴﻠﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻐﻮص
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻀﺎرة ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﻴﻦ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺪون ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم إﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ ا9ﻣﺎرات
ﻋﺸﺎﻗﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻀﻴﻔﻬﻢ أﺷﻬﺮا ،وﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺨﻀﺮاء اﻫﺘﻤﺎم ﻋﻠﻤﻲ ﺑﺎﻟﻤﻮروث
ﺗﺘﺰﻳﻦ ﻟﻀﻴﻮﻓﻬﺎ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ ،وﻣﺎ ﻋﺎدت ﺣﻴﺎة اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ ﻣﻘﻴﻈﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺒﺾ ،ﻓﻤﺎﺗﺖ اﻟﻄﻘﻮس واﻟﻌﺎدات وأﻫﺎزﻳﺞ اﻟﻔﺮح اﻟﺘﻲ ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﻮاﺣﺎت ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻮن ﺑﻬﺎ ﻗﻮاﻓﻞ اﻹﺑﻞ اﻟﺤﺎﻣﻠﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻘﺎدم أﻫﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺣﻞ. وﻗﺪ ﻓ ﱠﺠﺮ اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ وﻓﻲ اﻟﺒﺮ إﺑﺪاﻋﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻣﻮاﺳﻢ ﻋﺸﻘﻪ ،ﻓﻮﺻﻔﻪ اﻟﺸﻌﺮاء ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻮﻋﺖ ﻓﻲ ذﻛﺮ أﻫﻤﻴﺘﻪ وﺟﻤﺎل ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺗﻪ وﻣﻮاﺳﻢ ﻋﻄﺎء اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻴﻪ ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺮﺣﻼت اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﺑﺤﻠﻮﻫﺎ وﻣﺮﻫﺎ وﻟﻮﻋﺔ اﻟﺒﻌﺪ ﻓﻴﻬﺎ ،أو ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺞ اﻟﻮاﺣﺎت ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺸﺎط وﻣﻮاﻋﻴﺪ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ أﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺎﺋﻼﺗﻬﻢ وﻣﺘﺎﻋﻬﻢ وﺟﺪﻳﺪﻫﻢ اﻟﻤﻤﻠﻮء ﺑﺎﻵﻣﺎل اﻟﻤﻌﺘﱠﻘﺔ واﻷﻣﺎﻧﻲ اﻟﺴﺎﺑﺘﺔ.
وﻷن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت واﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻣﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﺑﻞ إن ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻌﻨﻲ ﺑﺠﻤﻌﻪ وﺗﺪوﻳﻨﻪ وﻧﻘﻠﻪ ﻋﺒﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺳﺒﻞ إﻟﻰ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ،ﻓﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ»أﺷﻌﺎر اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻆ« ﻋﻨﻮاﻧﺎ ﻟﻤﺤﺎﺿﺮة ﻗﻴّﻤﺔ ﻧﻈﻤﻬﺎ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻣﺆﺧﺮا ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻗﻊ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻷﺳﺘﺎذ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻣﺪﻳﺮ ﻓﺮع اﻟﻬﻼل اﻷﺣﻤﺮ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﻤﺪﻳﺮ اﻷﺳﺒﻖ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات. وﻗﺪ ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮا ﻧﻈﺮا ﻟﻤﺎ ﻳﻌﺮف ﻋﻨﻪ ﺑﺄﻧﻪ أﺣﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺼﻴﺪة واﻟﻤﺮوﻳﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻓﺎﺳﺘﻀﺎﻓﻪ أوﻻ ﻓﻲ ﻓﺮع ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
31
ﺧﺎﻟﺪ ﺻﺎﻟﺢ
ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﻛﻤﺎ اﻟﺒﺤﺮ ،ﺻﺪﻳﻘﺎن ُﻣﺘ ِﻌﺒﺎن ﻷﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻋﻘﻮد ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﻫﻤﺎ ﻋﺎﺷﻘﺎن وﻣﻌﺸﻮﻗﺎن ،ﻓﻔﻴﻬﻤﺎ ﻣﻮﺳﻢ ﻋﻄﺎء ﺳﻨﻮي ،وﻗﺪ ﻇﻼ ﻳﺸﻜﻼن ﻣﻮﺳﻢ ﻋﺸﻖ ﻳﻨﺘﻈﺮه اﻟﻨﺎس ﻛﻞ ﻋﺎم ،ﻓﺎﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﻫﻮ وﺟﻬﺔ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻣﺼﺪر ﻛﺴﺒﻬﻢ ﻟﻘﻤﺔ اﻟﻌﻴﺶ ،ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻗﺪوم ﻣﻮﺳﻤﻪ ﺣﻮﻻ ،ﻳﻀﻄﺮد ﻓﻴﻪ ﺷﻮﻗﻬﻢ إﻟﻰ ﻗﺪوﻣﻪ ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ اﺣﺘﻴﺎﺟﻬﻢ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﻌﻴﺶ ﺑﺘﻨﺎﻗﺺ ﻣﺎ ﺟﻤﻌﻮه ﻣﻦ ﻣﺎل اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﺴﺎﺑﻖ.
30
أﺷﻌﺎر اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻆ
واﻟﺼﻴﻒ ﻷﻫﻞ اﻟﺒﺮ ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻄﺎف ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﺎﻟﺮﻃﺐ واﻟﻔﻮاﻛﻪ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺼﻮﻻت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻮﺳﻢ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺪون إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺎت ﻓﻴﺸﻜﻠﻮن ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻀﺎرة. ﻫﺬا ﻫﻮ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ اﻟﺬي ﺑﺎت اﻟﻴﻮم ﻳﺸﻜﻞ ﻓﺼﻼ ﻃﺎردا، ﻳﻬﺮب اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ ﺧﺎرج اﻟﺤﺪود ﻣﺴﺎﻓﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﻛﻞ اﻟﺒﻘﺎع اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺤﺮارة اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ وﻻ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﻨﺘﻈﺮ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﻠﻮب وﺗﻌﺒﻴﺔ • ﻳﺎﻣﻨﺒﱢﺖ اﻟﻴﺮدﻳﺔ َﻋﻄْﻬﺎ ﺛﻼث ُﻋ ْ • اﻟﺘﻤـ ِﺮ واﻟﻠـﺒﻦِ ..ﺻﺤـ ُﺔ اﻟـﺒﺪنِ • أﻛﻞ ﻣﻨﻚ اﻟﻤﺎر ،وأﻛﻞ ﻣﻨﻚ اﻟﻔﺎر ،واﻟﻔﺮﻳﺨﺎت اﻟﺼﻐﺎر • اﻟﻠﻲ ﻣﺎﻳﺰرع اﻟﺪﺑﺎس ،ﻣﺎﻳﺎﺧﺪ ﺑﻨﺖ اﻟﻨﺎس • ﻛﻨﺎﻗﻞ اﻟﺘﻤﺮ إﻟﻰ أوال • ﻛﻨﺎﻗﻞ اﻟﺘﻤﺮ إﻟﻰ ﻫﺠﺮ • إن ﻛﺴﺮت ﻟﻴﺤﻠﻪ ﺷﻘﻴﻨﺎ اﻟﺤﺼﻴﺮ • إن ﻛﻨﺖ ﺗﺎﻛﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻏﻴﺮك ﻳﺤﺴﺐ اﻟﻄﻌﺎم • اﻟﻠﻲ ﺗﻘﺼﻪ اﻟﺨﻮﺻﻪ ﻣﺎ ﻳﺒﻲ ﺳﻜﻴﻦ • ﻧﺨﻞ ﺑﻮﻋﻨﻘﻪ ﺗﺰﻳﺪه ﺳﻤﺎد اﻳﺰﻳﺪك رﻣﺎد • اﻟﻬﻮى ﻗـﻠّﻊ ﻧﺨﻴﻞ ﻛﻴﻒ ﻣﺎ ﻳﻘﻠﻌﻨﻲ أﻧﻲ • واﺷﻴﻦ اﻟﺴﻌﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻤﻞ • اﻟﻄﻮل ﻃﻮل اﻧﺨﻠﻪ واﻟﻌﻘﻞ ﻋﻘﻞ اﺻﺨﻠﻪ • اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﺨﺺ واﻟﻌﻴﺶ ﺑﺎﻟﻘﺺ • ﺑﺴﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺴﻒ • ﺑﻮزك ﻣﻬﺐ ﺑﻮز اﺧﻼص • ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻤﺮه ﻣﺎ ﻳﺠﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻠﻮاﺣﻴﺲ • ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻋﻄﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻚ
• • • • • • • •
راﻋﻲ اﻟﻨﺨﻞ راﺿﻲ واﻟﺒﻴﺪار ﺷﻮ ﻳﺨﺼﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﺳﺤﻪ وﻣﻼس وﻻ اﻟﻌﺎزه ﻟﻠﻨﺎس ﻓﻼن ﻋﺴﻮ ﺳﻜﻪ ﻋﻘﺐ ﻣﺎ ﻫﻤﺪت ردت ﺣﺒﻤﺒﻮ ﺳﻨﺘﻴﻦ ﺗﺮﻗﻊ ﺑﺴﻤﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺧﻮص ﺑﺨﻮص إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ،ﺗﻠﻤﺲ اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻣﺮﻳﺴﺔ رﻃﺐ اﻟﺸﻴﺺ ﻓﻲ اﻟﻐ ّﺒﻪ ﺣﻠﻮ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
29
ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻋﻄﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻚ ﻳﻠﻌﺐ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ دورا ً ﻣﻤﻴﺰا ً ﻓﻲ إﺑﺮاز اﻟﻘﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﺗﺪاول اﻟﻤﺜﻞ ﻳﺴﻌﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﻤﻴﻖ وﺗﺮﺳﻴﺦ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮﻫﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻌﻤﻴﻤﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﻢ .وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻔﻮﻳﺔ وﻃﻮﻋﻴﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺟﺰءا ً ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺤﻀﺎري. وﻫﺬه ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎً ،ودوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص، واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺨﻠﺔ اﻟﺘﻤﺮ.
28
ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻋﻄﻬﺎ وﺗﻌﻄﻴﻚ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
27
ﺛﻤﺎر ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﺧﻴﺮا ً وﻓﻴﺮا ً ،وﻓﺮﺣﺎً ﻏﺎﻣﺮا ً ﻟﻬﺬه اﻷرض اﻟﻄﻴﺒﺔ ،ﻓﻤﺎ أﺟﻤﻞ اﻟﺤﺼﺎد وﻣﺎ أﺣﻠﻰ اﻟﻤﻜﺎﻓﺄة ،وﻣﺎ أﻛﺒﺮ ﻓﺮﺣﺘﻬﻢ اﻟﻴﻮم ﺑﻘﺪوم ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ. وﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻟﻐﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ )ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ( ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ،ﻳﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻔﺮح ﺑﻌﻄﺎء اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮر ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﺴﻮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ ﺟﻬﺎت اﻻﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻮاﺻﻞ ﺗﺎم ﻣﻊ ﺧﻴﺮات ﻫﺬه اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺪوم ﻋﻄﺎؤﻫﺎ ﻃﻮال أﻳﺎم اﻟﺴﻨﺔ. ﻣﺤﺎﺿﺮ ﻟﻴﻮا ﺿﻤﺖ أﺟﻮد أﺻﻨﺎف اﻟﺘﻤﻮر
ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻟﺮﻃﺐ ﻻﺧﺘﻴﺎر أﺟﻮد أﻧﻮاﻋﻬﺎ وﻫﺬا ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻫﺘﻤﺎم أﺑﻨﺎء اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺰراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺎ وﺑﺜﻤﺎرﻫﺎ ..وﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﻟﻴﻮا ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺮي ﻣﻦ اﻵﺑﺎر وﻫﺬا ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻤﺮﻫﺎ وﺑﻌﺪ أن ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻧﻤﻮﻫﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺮوى ﺑﻞ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ذات اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺮاوح ﻋﻤﻘﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 5 - 3أﻣﺘﺎر وﻗﺪ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ 10أﻣﺘﺎر .وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن وﻋﻨﺪ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﻧﺸﺎء ﻣﺰرﻋﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﻟﻴﻮا ﻓﺈﻧﻪ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﺟﻤﺎﻋﻴﺎ وﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻔﺰﻋﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻌﺎون ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﻔﺮ اﻟﺒﺌﺮ وﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﻔﺮ ﺑﺼﺐ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺮاد ﺣﻔﺮ اﻟﺒﺌﺮ ﻓﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﻔﺮ ﺑﻴﻮﻣﻴﻦ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﺘﻬﺪل )ﻳﺘﺮدم( اﻟﺒﺌﺮ ﻋﻨﺪ ﺣﻔﺮه وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺰراﻋﺔ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر ﺳﻬﻴﻞ.
اﺷﺘﻬﺮت وﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﺑﺠﻮدة اﻟﺘﻤﻮر ،وأﺷﻬﺮﻫﺎ اﻟﺪﺑﺎس ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺮﻃﺐ ﻣﺜﻞ :اﻟﺨﻼص ،واﻟﺪﺑﺎس، واﻟﺒﺮﺣﻲ ،واﻟﺰاﻣﻠﻲ ،واﻟﺸﺒﻴﺒﻲ ،واﻟﻴﻮاﻧﻲ ،واﻟﺨﺪي ،واﻟﺠﻔﺮي، واﻟﺤﻤﺮي ،واﻟﺨﺸﻜﺎر ،واﻟﺨﻀﺮاوي ،واﻟﺜﻮﻳﺮي ....ﻋﻠﻤﺎ ً ﺑﺄن ﻣﺼﺎدر اﻟﺪراﺳﺔ: اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺴﺘﻀﻴﻒ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻣﻬﺮﺟﺎن • ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ )ﺟﺎﺋﺰة زاﻳﺪ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ( • ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺮﺷﺪ )ﺑﻠﺪﻳﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ( • ﻧﺸﺮة اﻟﺮﻃﺐ )ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ( • ﻟﻘﺎءات وزﻳﺎرات ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ أﻫﻞ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ * رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺷﺒﻜﺔ ﺑﻴﺌﺔ اﺑﻮﻇﺒﻲ Emadsaad126@gmail.com
26
ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اTﻣﺎرات
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﺣﺒﺔ اﻟﺮﻃﺐ ا وﻟﻰ ﺗﻘﺪم ﻋﺰ اﻟﻨﺎس وأﻗﺮﺑﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﻨﻔﺲ وﻫﻲ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺮﻣﻮﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﻠﻬﺎ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺗﻘﺪم ﻟﻪ
اﻟﻘﻴﻆ ﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﺸﺘﺎء .وﻋﻦ أﻓﻀﻞ وﻗﺖ ﻟﺨﺮف اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح اﻟﺒﺎﻛﺮ واﻟﻐﺮض ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻲ ﻻ ﺗﻴﺒﺲ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺪة، أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺨﺮف اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﻈﻬﻴﺮة ﻓﻘﺪ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻳﺒﺴﺖ ﺑﻌﺪ ﻣﺪة وﻫﻜﺬا. ﻛـﺮم اﻟﻀﻴﺎﻓـﺔ
ﻳﻔﺨﺮ اﻟﻤﺰارع اﻻﻣﺎراﺗﻲ ﺑﺄن أﻫﻢ وأﺟﻤﻞ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﻘﺪوم اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﻤﻈﻬﺮ اﻟﺬي ﺗﺮى ﻓﻴﻪ ﻓﻨﺠﺎن اﻟﻘﻬﻮة واﻟﺪﻟﺔ ﻣﻼزﻣﻴﻦ ﻷﻃﺒﺎق اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻠﻀﻴﻮف ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺪ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺬي ﻳﻤﺘﺪ ﻷرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻫﻮ اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻓﻴﻪ ﺻﺤﻦ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻦ )ﻓﻮاﻟﺔ اﻟﻀﻴﻮف( ﺑﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﺮﻃﺐ واﻟﻘﻬﻮة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮاﻛﻪ اﻷﺧﺮى ﻟﻤﺎ ﻟﻠﺮﻃﺐ ﻣﻦ دﻻﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎوة ﺑﺎﻟﻀﻴﻒ وﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻻﺣﺘﺮام واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻪ ،وﻻ ﻏﺮو ،ﻓﺎﻟﺮﻃﺐ ﻳﻌﺪ رﻣﺰا ً ﻟﻠﻜﺮم وﺧﻴﺮ ﻣﻤﺜﻞ ﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎرات· ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺴﺘﺬﻛﺮ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺎت اﻟﻤﺰارﻋﺎت اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ
اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﻮﺳﻢ ﻗﺪوم اﻟﺮﻃﺐ ،إذ ﻛﺎن اﻷوﻟﻮن ﻳﺬﻳﻌﻮن ﻧﺒﺄ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﻔﺮﻳﺞ ﻟﺘﻌﻢ اﻟﻔﺮﺣﺔ ﻓﻲ رﺑﻮع اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻳﻨﻄﻠﻖ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﺰارع ﺑﺎﺗﺠﺎه ﻧﺨﻠﻬﻢ ﻟﻘﻄﻒ ﻣﺎ ﻧﻀﺞ ﻣﻨﻬﺎ وﺗﻮزﻳﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻫﻞ واﻟﺠﻴﺮان واﻷﺻﺤﺎب ،ﻓﻜﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺰرﻋﺔ ﻛﺎن وﻣﺎ ﻳﺰال ﻳﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﻤﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ أﺟــﻮد أﻧــﻮاع اﻟﺮﻃﺐ ،وﻫﻨﺎك ﻋﺸﺮات اﻟﻤﺴﻤﻴﺎت ﻟﻠﺮﻃﺐ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺒﻜﺮ ﻣﺜﻞ) :اﻟﺼﻼﻧﻲ( و)اﻟﺒﻘﻞ( و)ﻗﺶ اﻟﺮﺑﺎب( و)اﻟﻤﺰﻳﻨﻲ( و)اﻟﺨﺎﻃﺮة( و)ﺧﺪ اﻟﻔﺮس( و)اﻟﻘﺮﻃﺎﺳﻲ( و)ﻗﺶ ﺟﻌﻔﺮ( و)ﺳﻮﻳﺪي( و)ﻣﺨﻠﺪي( و)اﻟﻨﻐﺎل( وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮ ﻣﺜﻞ: )اﻟﺨﻨﻴﺰي( و)اﻟﺨﺼﺎب( و)ﻗﺶ ﺑﻦ زاﻣﻞ( و)اﻟﺸﺎﻫﻮن( و)اﻟﻠﻮﻟﻮ( و)ﻫﻼﻟﻲ( و)اﻟﺠﺒﺮي(· وﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻟﻔـﺮح ﺑﻤﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻋﺪواه اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺰاﺋﺮﻳﻦ أﻳﻀﺎً ،ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺰور اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وأﻫﻠﻬﺎ اﻟﻜﺮام ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﺰارع ﻻﺑﺪ وأن ﻳﻔﺮح ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى اﻟﻠﻮن اﻷﺧﻀﺮ اﻟﺬي ﻳﻜﺴﻮ اﻟﻤﺰارع ،ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ زﻳﺎدة اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ وﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻮﺳﻢ زراﻋﻲ ﺟﻴﺪ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻳﺮﺗﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ووﺟﻮﻫﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻋﻠﺘﻬﺎ اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺒﻮا وﻗﺪﻣﻮا ﻟﻠﻨﺨﻠﺔ ﻛﻞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺪءوا ﻳﺤﺼﺪون اﻵن ﻧﺘﺎج ﺗﻌﺒﻬﻢ ،وﻳﺠﻨﻮن
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
25
اﻟﻤﺘﻘﺪم واﻟﻤﺘﺄﺧﺮ
ﻓﻠﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ ﺑﺎﻹﻣﺎرات ﻓﺴﻮف ﻧﺮى أﻧﻮاﻋﺎً وأﺻﻨﺎﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻤﺒﻜﺮة ﺑﺎﻟﻨﻀﺞ ﻣﺜﻞ اﻟﻨﻐﺎل وﺗﻌﺮف ﺑـ )اﻟﻘﺪم( وﻳﺘﺒﻌﻪ )اﻟﺨﺸﻜﺎر( ﺛﻢ )اﻟﻴﺮدي( ﺛﻢ )ﺧﺼﺎب أﺑﻴﺾ وﺧﺼﺎب أﺣﻤﺮ( وﻫﻨﺎك أﻧﻮاع أﺧﺮى ﺗﺴﻤﻰ ﺑـ )اﻵﺧﺮ( أي اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻀﺞ وﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ )ﻋﻴﻦ ﺑﻜﺮ واﻟﺨﻨﻴﺰي واﻟﻔﺮض واﻟﺒﺮﺣﻲ واﻟﺨﻼص( واﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﺟﻮد أﻧﻮاع اﻟﺮﻃﺐ. وﻳﺴﺘﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺮﻃﺐ ﺑﺎﻟﻘﻮل إن رﻃﺐ أﻳﺎم زﻣﺎن ﻛﺎن أﻓﻀﻞ ﻛﺎن ﻟﻪ راﺋﺤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪ دﺧﻮﻟﻚ اﻟﻤﺠﻠﺲ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ رﻃﺐ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﻻ راﺋﺤﺔ وﻻ ﻃﻌﻢ ﻟﻠﺮﻃﺐ اﻟﻠﻬﻢ ﺷﻜﻼً ﻓﻘﻂ .واﻟﺴﺒﺐ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺪ واﻟﺮي اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎن اﻟﻤﺰارع ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺴﻤﺎد اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أﻣﺎ اﻵن ﻓﻴﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺴﻤﺎد اﻟﻜﻴﻤﺎوي وﻫﻜﺬا. وﺣﻮل اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﻔﺎوت ﻧﻀﺞ اﻟﺮﻃﺐ ﺑﻴﻦ ُﻋـﻤﺎن واﻹﻣﺎرات واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻣﺜﻼً ﻓﻴﻌﻮد إﻟﻰ اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ارﺗﻔﺎع درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ﻣﻊ اﺧﺘﻼف اﻷﺻﻨﺎف اﻟﻤﺰروﻋﺔ ﻓﺒﻌﻀﻬﺎ ﻣﺒﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻀﺞ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻨﻀﺞ واﻵﺧﺮ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﺑﺎﻟﻨﻀﺞ وﻫﺬا أﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ،
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﺎن ﻳﺒﻜﺮون ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺒﻴﺖ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻳﺘﺄﺧﺮ اﻟﺮﻃﺐ واﻟﺘﻤﺮ وﻫﻜﺬا. أﻫﻞ اﻹﻣــﺎرات ﻋﺎﺷﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻃﺐ واﻟﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻌﺎم ﻳﺨﺮﻓﻮن اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻟﻸﻛﻞ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻓﻘﻂ ،أﻣﺎ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻳﺤﻮﻟﻮﻧﻪ إﻟﻰ ﺗﻤﺮ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻌﺎم. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮﻳﻢ أﻳﺎم زﻣﺎن ﺗﺴﺮح ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح اﻟﺒﺎﻛﺮ ﻟﺨﺮف اﻟﺮﻃﺐ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ وﻳﺠﻠﺒﻨﻪ ﻟﻠﺒﻴﺖ وﻫﻜﺬا ...ﻛﻤﺎ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 12إﻟﻰ 18ﻋﺬﻗﺎً ،وﻛﻞ ﻋﺬق ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 35إﻟﻰ 50ﺷﻤﺮوﺧﺎً ،ﻛﻞ ﺷﻤﺮوخ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 20إﻟﻰ 30ﺣﺒﺔ رﻃﺐ· أﻣﺎ ﻋﻦ ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻟﻤﺰارع ﻟﻠﺮﻃﺐ ﻧﺮى أﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻤﻮﺳﻢ ﺗﻜﻮن ﻛﻤﻴﺔ اﻟﺮﻃﺐ ﻣﺤﺪودة ﺟﺪا ً وﻟﻬﺬا ﺗﺬﻫﺐ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﻤﺰرﻋﺔ واﻷﻫﻞ واﻟﺠﻴﺮان‹‹ ﺛﻢ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﻟﺨﺮاﻳﻒ ﺗﻨﻀﺞ ﻣﺒﻜﺮا ً ﺣﻴﺚ ﺗﺆﻛﻞ رﻃﺐ ﻓﻘﻂ ﻣﺜﻞ )ﻳﺮدي وﻳﻮاﻧﻲ وﻓﺮض وﺧﺸﻜﺎر ورﻳﺴﻲ وﺧﺪي وﻋﻴﻮن ﺑﻘﺮ وﻧﻐﺎل (..أﻣﺎ اﻟﺪﺑﺎس ﻓﻴﺰرع ﻟﻠﺘﺨﺰﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺗﻤﺮ ﻓﻘﻂ ﺣﻴﺚ ﻳﺆﻛﻞ ﺑﻌﺪ
24
ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اTﻣﺎرات
ﻛﻌﺎدﺗﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ اﻹﻣﺎرات ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﻓﺮﺣﺔ اﻟﺘﺒﺎﺷﻴﺮ ﺑﻘﺪوم ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻫﺬه اﻟﻤﺎدة اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻏﻴﺮ ﻋﺎدي ﻓﻲ أول ﻇﻬﻮر ﻟﻬﺎ واﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻣﻊ ﺗﻔﺎوت ﺑﺴﻴﻂ ﺑﻴﻦ دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻘﺪم ُﻋﻤﺎن ﺑﺎﻟﺘﺒﺎﺷﻴﺮ وﺗﺘﺄﺧﺮ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺗﺒﻌﺎً ﻟﺘﻔﺎوت درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة واﻷﺻﻨﺎف اﻟﻤﺰروﻋﺔ. وﻟﻠﺮﻃﺐ ﻃﻘﻮس ﺧﺎﺻﺔ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﺣﻴﺚ ﺗﺒﺪأ ﺑﺘﺮﻗﺐ ﻋﺬوق اﻟﻨﺨﻞ اﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮات ﻟﻴﻘﻄﻔﻮا ﻣﻨﻬﺎ أول ﺣﺒﺔ رﻃﺐ أﻳﻨﻌﺖ ﻣﻌﻠﻨﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ أو اﻟﺒﻠﺪة اﻟﺘﻲ ﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄن ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ ﻗﺪ دﺧﻞ.
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
د .ﻋـﻤﺎد ﺳﻌﺪ @
اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮار ﺣﻴﺎة أﺑﻨﺎء اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻣﺼﺪر رزﻗﻬﻢ اﻷول. ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻃﺮأت ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣــﺎرات إﻻ أن ﺳﻤﺔ اﻟﻮﻓﺎء ﻇﻠﺖ ﻫﻲ اﻟﻨﺎﻇﻢ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻦ وﻧﺨﻠﺘﻪ ،ﻓﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻌﺮوف ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻮﻓﺎء اﻟﺪاﺋﻢ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﻐﺪق ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﻮﺳﻢ ﺑﺄﺟﻮد أﻧﻮاع اﻟﺜﻤﺎر ﻣﻦ اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻬﺬه اﻟﻌﺬوق اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﺑﺄﻟﻮاﻧﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ وأﺣﺠﺎﻣﻬﺎ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد ﻃﻌﺎم ﺑﻞ ﻫﻲ إﻋﻼن ﻋﻦ ﻗﺪوم ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻔﺮﺣﺔ ...وﻫﺬه اﻟﻔﺮﺣﺔ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ إﻻ اﻟﻤﺰارﻋﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺗﺒﻄﻮن ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ واﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻨﺤﻮﻧﻬﺎ ﺟﻞ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ورﻋﺎﻳﺘﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﺴﺘﻐﺮب ﻫﺬه اﻷﺟﻮاء اﻟﻤﻔﺮﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻴﺎ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ وﻫﻢ ﻳﺮون ﻧﺨﻴﻠﻬﻢ ﺗﺰﻫﻮ ﺑﻬﺬه اﻟﺜﻤﺎر اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ.
وﻧﻈﺮا ً ﻟﺠﻤﺎل ﻫﺬا اﻟﺨﺒﺮ وأﻫﻤﻴﺘﻪ ،ﻳﺘﺴﺎﺑﻖ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﺑﺮوح أﺧﻮﻳﺔ وﺣﻤﻴﻤﻴﺔ ﻹﻋﻼن ﻫﺬا اﻟﻨـﺒﺄ اﻟﻤﻔﺮح ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻸ اﻟﺬي ﻳﺆﻛﺪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻤﺰارع أن ﻣﺰرﻋﺘﻪ ﻫﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺔ ﻓﻲ إﻋﻼن اﻟﺒﺸﺮى ،وﻟﺤﺒﺔ اﻟﺮﻃﺐ اﻷوﻟﻰ وﺿﻊ ﺧﺎص ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺪم ﻷﻋﺰ اﻟﻨﺎس وأﻗﺮﺑﻬﻢ إﻟﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺰارع ﻛﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺮﻣﻮﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﻠﻬﺎ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺗﻘﺪم ﻟﻪ ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻦ داﺧﻞ اﻷﺳﺮة أو ﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻬﺎ. ﻓﺎﻟﻤﺰارع اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻗﺪوم ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻛﻘﺪوم اﻟﻤﻮﻟﻮد اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﺎﻟﺮﻃﺐ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ذاﻛﺮة أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات ﻻﺳﻴﻤﺎ أﻫﻞ اﻟﻤﺰارع اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮون ﺑﺄن اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻫﻲ إﺣﺪى أﻗﺪم اﻷﺷﺠﺎر ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻔﻀﻞ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
23
ﻛﻘﺪوم اﻟﻤﻮﻟﻮد اﻟﺠﺪﻳﺪ
ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ ا ﻣﺎرات 22
ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اTﻣﺎرات
ﻟﻠﻤﻦ اﻟﻮاﺣﺪ 1000درﻫﻢ ّ
ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ،ﻫﻠﺖ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﺑﺄﺳﻮاق اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ،وﺗﻌﺪ أوﻟﻰ اﻟﺜﻤﺎر اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ أﺳﻮاق اﻟﺪوﻟﺔ ،وﺑﻠﻎ ﺳﻌﺮ اﻟﻤ ّﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻐﺎل اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ ﻧﺤﻮ 1000درﻫﻢ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺒﺎﺋﻊ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺨﺰﻳﻤﻲ ،اﻟﺬي أوﺿﺢ أﻧﻪ رﻏﻢ ارﺗﻔﺎع اﻟﺴﻌﺮ ،ﺷﻬﺪ إﻗﺒﺎﻻً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ. وﺗﺨﻀﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﺮﻃﺐ اﻟﻲ ﻗﻴﺎس اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق، ﻣﻊ ﺗﻮاﻓﺮ اﻟﻤﻨﺘﺞ ،وﺗﺸﺒﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺳﻌﺎر ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺒﺎﺋﻌﻴﻦ ،ﺻﻌﻮد واﻧﺨﻔﺎض أﺳﻬﻢ اﻟﺒﻮرﺻﺔ ،ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻷﺳﻌﺎر، ﺣﻴﺚ ﻗﺪ ﻳﻘﻔﺰ اﻟﺴﻌﺮ إﻟﻰ أرﻗﺎم ﻓﻠﻜﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻳﻨﺨﻔﺾ إﻟﻰ أﺛﻤﺎن زﻫﻴﺪة ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺎت. وﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻨﻐﺎﻟﺔ اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻮد أﻧﻮاع اﻟﺘﻤﻮر ،وﺗﺄﺗﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﻦ وﻻﻳﺘﻲ اﻟﻄﺎﻳﻴﻦ وﻓﻨﺠﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﻤﺎ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻊ وﺟﻮد ﻧﺴﺒﺔ رﻃﻮﺑﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ وﻓﺮص ﺳﻘﻮط اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻜﺒﻴﺮة ،ﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ إﻧﻀﺎج اﻟﻨﻐﺎل ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺳﻤﻪ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات.
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
و«اﻟﻤﺰود« ،وﺟﻴﻌﻬﺎ أدوات ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﺤﺼﺎد. ورأى اﻟﻬﻨﻘﺮي أن ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺨﺮف ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﻌﻄﺎء ،ﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻃﻘﻮس ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺠﻨﻲ ﻓﻲ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أن اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﻨﻮن اﻟﺮﻃﺐ ،ﺛﻢ ﻳﻮزﻋﻮن ﺟﺰءا ً ﻣﻨﻬﺎ وﻳﺨﺰﻧﻮن اﻵﺧﺮ، وﻳﺒﻴﻌﻮن اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻣﻨﻪ ،ﻣﻀﻴﻔﺎً أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺟﻨﻰ اﻟﺮﻃﺐ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻪ ،ﺗﻨﺘﻬﻲ آﺧﺮ ﻣﺮاﺣﻞ ﺣﺼﺎد اﻟﺮﻃﺐ ﺑﺘﻘﻄﻴﻊ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺮة ﺑﻌﺪ أن ﻳﺘﻢ ﻧﻀﺞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب ﺛﻠﺜﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺒﺎت اﻟﺮﻃﺐ .ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﺮك اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻠﺒﺎﻗﻲ ﺑﺎﻟﻨﻀﺞ ﺗﺤﺖ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻮﺿﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻧﻈﻴﻒ ﻟﻴﻜﻮن ﺟﻴﺪا ﻟﻸﻛﻞ .ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻘﺪم اﻟﺒﻮاﻗﻲ ﻟﻠﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻛﺄﻋﻼف ﻏﺬاﺋﻴﺔ.
ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻨﺨﻴﻞ
اﻟﻤﻮاﻃﻦ أﺣﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ داود اﻟﻌﺒﺪوﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ ﺑﺈﻣﺎرة اﻟﻔﺠﻴﺮة دﻓﻌﻪ ﺣﺒﻪ ﻟﻠﻨﺨﻴﻞ ﻻﻣﺘﻬﺎن ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﺜﻤﺮ ﻣﻨﺬ ﺻﻐﺮه ،وذﻟﻚ ﺑﻨﻘﻞ ﺣﺒﻮب اﻟﻠﻘﺎح ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﺬﻛﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺆﻧﺚ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻹﺧﺼﺎب وﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺜﻤﺎر. ﻳﻘﻮل اﻟﻌﺒﺪوﻟﻲ :ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻓﺒﺮاﻳﺮ وﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺎرس وﻳﻌﺘﻤﺪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻣﻨﺎﺧﻬﺎ وﻃﺒﻴﻌﺔ وﺧﺼﻮﺑﺔ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺗﺒﺪأ اﻟﻔﺤﻮل اﻟﻤﺬﻛﺮة ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻮ واﻻﻧﺘﻔﺎخ ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﻨﺨﻠﺔ. وﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻳﻘﻮل اﻟﻌﺒﺪوﻟﻲ :ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻻﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺤﺖ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ وﻓﻲ ﺟﻮ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﺗﺠﻨﺐ إﺟﺮاء اﻟﺘﻠﻘﻴﺢ أﺛﻨﺎء ﻫﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر أو ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻐﻴﻮم أو اﻟﻀﺒﺎب وﻳﺠﺐ اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺣﺒﻮب اﻟﻠﻘﺎح وﺻﻼﺣﻴﺘﻬﺎ وﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل راﺋﺤﺘﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪة وﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﺜﺮة ﻋﻘﺪ اﻟﺜﻤﺎر ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻠﻘﻴﺢ ،وﻳﺠﺐ أن ﻳﻨﺘﺞ اﻟﺬﻛﺮ ﻋﺪدا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻷﻛﻤﺎم اﻟﺰﻫﺮﻳﺔ ذات أﺣﺠﺎم ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻘﺎح ﻣﻦ ﻧﺨﻴﻞ ﻣﻌﺮوف ﺑﻜﺜﺮة إﺧﺼﺎﺑﻪ وﺟﻮدﺗﻪ، ﻣﻊ وﺿﻊ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﻤﺎرﻳﺦ اﻟﻠﻘﺎح واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻷزﻫﺎر اﻟﻤﺆﻧﺜﺔ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺘﻢ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻊ اﻟﻄﻠﻊ ﻣﻦ اﻟﻔﺤﻞ ﻧﻘﻮم ﺑﺴﺤﻞ أو ﺗﻘﻄﻴﻊ اﻟﻄﻠﻊ إﻟﻰ أﻋﻮاد ﺛﻢ ﻧﺮﺑﻂ ﺑﺴﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻣﻦ 4إﻟﻰ 6أﻋﻮاد ﻣﻦ اﻟﻄﻠﻊ ﺣﺴﺐ ﻧﻮع اﻟﻨﺨﻞ وﻳﻤﻜﻦ ﺧﻠﻂ اﻟﻄﻠﻊ اﻟﻴﺎﺑﺲ ﻣﻊ اﻟﺮﻃﺐ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺄﺧﺬﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻨﺨﻠﻪ اﻟﻤﺮاد ﺗﻠﻘﻴﺤﻬﺎ وﻧﻀﻊ )اﻟﻨﺒﺎت( ﻃﻠﻊ اﻟﻔﺤﻞ ﻓﻲ ﻃﻠﻊ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻤﺮاد ﺗﻨﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺛﻢ رﺑﻄﻬﺎ ﺑﺴﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻷﻳﺎم ﻋﺪة. وﻻﺑﺪ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﺸﻤﺎرﻳﺦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﻨﻮ أﻧﺜﻮي ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻘﻠﻮب ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﺣﺒﻮب اﻟﻠﻘﺎح ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷزﻫﺎر اﻟﻤﺆﻧﺜﺔ
ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ دﺑﺎ دﺑﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
21
ﻣﺰرﻋﺔ ﻧﺨﻴﻞ ﺑﺄﺣﻔﺮة ،اﻟﻔﺠﻴﺮة
ﻣﻨﺎﻃﻖ داﺧﻠﻴﺔ ﺟﺒﻠﻴﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻄﻘﺲ ﺟﺎف ﻃﻮال اﻟﻌﺎم. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﻴﻠﻴﻠﻲ أن ﻣﺰارع اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﺗﻀﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﺗﻨﺘﺞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب 300ﻧﻮع ﻣﻦ ﺛﻤﺮ ﺣﺒﺎت اﻟﺮﻃﺐ ذات اﻟﻤﺬاق واﻟﻨﻜﻬﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ »اﻟﺨﻼص، اﻟﺨﻨﻴﺰي ،اﻟﻨﻐﺎل ،اﻟﺼﻼﻧﻲ ،اﻟﺼﻴﻐﻲ ،اﻟﻠﻮﻟﻮ ،ﻣﻜﺘﻮم ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﺟﻮدﻫﺎ رﻃﺒﺎً .ﻫﻮ »اﻟﺨﻼص واﻟﺨﻨﻴﺰي« ،وﻫﻲ ﻣﻦ أﻗﺪم أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ. ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻌﻤﻞ
ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ ،ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺠﺎﺑﺮي: »إن ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﻟﻪ ﺗﺤﻀﻴﺮات ﺧﺎﺻﺔ ،ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺰرﻋﺔ ،ﻣﻮﺿﺤﺎً :إن اﻟﺮﻃﺐ ﻫﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻄﻠﻊ ﺛﻢ اﻟﺨﻼل وﻳﻜﻮن ﻟﻮﻧﻪ أﺧﻀﺮ ﺛﻢ اﻟﺒﺴﺮ وﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻠﻮﻧﻪ اﻷﺻﻔﺮ أو اﻷﺣﻤﺮ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﻃﺐ )ﻣﻨﺼﻒ أو ﺗﺎم اﻟﺘﺮﻃﻴﺐ( .وﻳﻤﺘﺎز اﻟﺮﻃﺐ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﺟﺬاﺑﺔ وأﻟﻮان ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﺑﻴﻦ اﻷﺣﻤﺮ واﻷﺻﻔﺮ ﻣﻊ وﺟﻮد ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻮن اﻟﺒﻨﻲ اﻟﻐﺎﻣﻖ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺒﺪأ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ اﻟﺘﻤﺮ اﻟﻨﻀﻮج اﻟﺘﺎم .ﻓﻤﻊ ﺑﺮوز اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ اﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺑﺤﺒﺎت اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺨﻀﺮاء ﻓﻲ رؤوس أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ وﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻒ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻮص أو اﻟﺴﻌﻒ اﻟﻴﺎﺑﺲ وﺗﺴﻴﻴﺮ اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ وﺗﻨﺰﻳﻠﻬﺎ ،وﻟﻮﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﺴﻬﻴﻼ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ رﺑﻄﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧﺎً وﺗﻜﻴﻴﺴﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧﺎً أﺧﺮى ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط ﻧﺘﻴﺠﺔ زﻳﺎدة اﻟﻮزن. وﻳﺘﺎﺑﻊ :ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺴﻴﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻓﻲ اﻷﻧﻮاع اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻋﻨﺎﻗﻴﺪﻫﺎ ﺑﺴﻴﻘﺎن ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﺑﻌﻴﺪة ،ﻓﻴﻌﻤﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺨﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺮﻳﺐ اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ اﻟﻌﺬوق ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺼﻮرة
ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺎق ﻟﻴﺴﻬﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺟﻨﻲ ﺣﺒﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ. وﻳﺸﻴﺮ اﻟﺠﺎﺑﺮي إﻟﻰ أن اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻳﺸﻬﺪ زراﻋﺔ أﺻﻨﺎف ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﺗﻜﻔﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻤﺎر ﻷﻃﻮل ﻓﺘﺮة ﻣﻤﻜﻨﺔ ،ﻓﻴﺘﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ زراﻋﺔ اﻷﻧﻮاع اﻟﺘﻲ ﺗﺜﻤﺮ ﻣﺒﻜﺮا ً وﻳﺄﺗﻲ ﻗﻄﺎﻓﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻤﻮﺳﻢ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻷﻧﻮاع اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺰراﻋﺔ ﻟﻴﺨﺘﻠﻒ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﺠﻨﻲ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻧﻀﻤﻦ اﻟﺤﺼﺎد ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ وﻣﻤﺘﺪة. وﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻗﺎل اﻟﺠﺎﺑﺮي إن اﻹﻣﺎرات ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻧﺨﻴﻠﻬﺎ ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﺒﻜﺮ وﺟﻮدة اﻟﺜﻤﺎر ،وﺗﺒﺪأ اﻟﺸﺠﺮة ﻓﻲ اﻹﻧﺘﺎج ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻷﻏﻠﺐ اﻷﺻﻨﺎف ،وأﺣﻴﺎﻧﺎً ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﻴﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻨﺨﻴﻞ. أدوات اﻟﻘﻄﺎف
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻮاﻃﻦ أﺑﻮ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻬﻨﻘﺮي ،إن أدوات ﻗﻄﻒ اﻟﺮﻃﺐ، ﻣﺘﻌﺪدة وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻓﺘﺮة إﻟﻰ أﺧﺮى ،وﺑﻴﺌﺔ إﻟﻰ ﺑﻴﺌﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ »اﻟﺤﺎﺑﻮل« ،وﻫﻮ ﺣﺰام ﺣﺒﻠﻲ ﻳﻠﻔﻪ ﻣﺘﺴﻠﻖ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ »اﻟﺨﺎرف« ﺣﻮل ﺟﺴﺪه وﺟﺬع اﻟﻨﺨﻠﺔ ،ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻋﻘﺪة واﺣﺪة ﺗﺠﻤﻊ »اﻟﺨﺎرف« واﻟﻨﺨﻠﺔ ،وﺑﻪ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺮﻳﺾ ﻣﺒﻄﻦ ﺑﺎﻟﻘﻤﺎش ﻳﺴﻨﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺨ ّﺮﻳﻒ ﻇﻬﺮه وﻳﺤﻤﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻮط ،ﻳﺘﺤﺮك اﻟﺨﺎرف ﺻﻌﻮدا ً ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ »اﻟﻌﻮاﻧﺔ« ﺑﻘﺪﻣﻴﻦ ﺣﺎﻓﻴﺘﻴﻦ وﺑﻤﺠﻬﻮد اﻟﻴﺪﻳﻦ راﻓﻌﺎً أﻃﺮاف اﻟﺤﺒﻞ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ وﻣﺘﺴﻠﻘﺎً ﺑﻌﺪ ﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ »اﻟﻴﺪع« أو ﺟﺬع اﻟﻨﺨﻠﺔ ،ﺣﺘﻲ ﻳﺼﻞ اﻟﻰ ﻗﻤﺘﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر ،وﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪم أﻳﻀﺎً »اﻟﻤﻨﻔﺾ« وﻫﻮ اﻟﻮﻋﺎء اﻟﺬي ﺗ ُﺠﻨﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﻃﺐ ،وﻳُﺼﻨﻊ ﻣﻦ ِ »ﻋﺴﻖ« اﻟﻨﺨﻴﻞ ،وﻋﻠﻰ ﻏﺮار اﻟﻤﻨﻔﺾ ،ﺗﻮﺟﺪة أدوات أﺧﺮى ﻣﻨﻬﺎ »اﻟﻤﺰﻣﺎه« ،و«اﻟﻘﻔﻴﺮ«
ﻣﺰرﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻴﺪق ،اﻟﻔﺠﻴﺮة
20
» ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ«
ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻔﺠﻴﺮة
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
وأﺷﺎر اﻟﺤﺴﺎﻧﻲ وﻫﻮ أﺣﺪ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺿﺪﻧﺎ ﺑﺈﻣﺎرة اﻟﻔﺠﻴﺮة ،إﻟﻰ أن ﺷﺢ اﻟﻤﻴﺎه ﺑﺎت ﻛﺎﺑﻮﺳﺎً ﻳﻬﺪد اﻟﺜﺮوة اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ وزراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ ﺗﺮاﺟﻊ أﻋﺪاد اﻟﻤﺰارع ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺠﻔﺎف اﻟﺬي ﺿﺮب ﺑﻌﻀﻬﺎ وأودى ﺑﺤﻴﺎة آﻻف اﻷﺷﺠﺎر. ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺠﻨﻲ
ﺑﺪوره أوﺿﺢ ﻋﻠﻲ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻴﻠﻴﻠﻲ ،ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ وادي ﺳﻬﻢ ،أن ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﻛﺎن ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎل أﻫﻞ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ واﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ إﻟﻴﻬﺎ ﻧﺤﻮ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﻨﻰ اﻟﺨﻴﺎم وﺑﻴﻮت اﻟﻌﺮﻳﺶ ﻟﻠﺴﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﻮال ﻣﺪة اﻟﻤﻮﺳﻢ ،وﺗﺠﻬﺰ »اﻟﻤﺴﺎﻃﻴﺢ« اﻟﻤﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﺳﻌﻒ وﺟﺮﻳﺪ اﻟﻨﺨﻞ ،وﻫﻲ اﻷداة اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺠﻔﻴﻒ اﻟﺘﻤﺮ. وﻳﺸﻴﺮ اﻟﻴﻠﻴﻠﻲ إﻟﻰ أن ﻛﻠﻤﺔ »ﺑﺸﺮت« اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﻌﻮد أﺻﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﺸﺎﺋﺮ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎل اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬة اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ وﺗﺤﻮﻟﺖ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ دراﺟﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺸﺆون اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،ﻣﻮﺿﺤﺎً إن ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻧﺒﺎت اﻷﺷﺠﺎر ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ إﻟﻰ أﺧﺮى ،وﻟﻌﻞ »اﻟﻨﻐﺎل« اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ ﻫﻮ أوﻟﻰ اﻟﺘﺒﺸﺎﻳﺮ اﻟﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻨﺎخ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻨﻐﺎل ﺑﺴﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،وأﻏﻠﺒﻬﺎ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
19
ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋــﻦ ﻫــﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ،اﻟــﺘــﻘــﻴــﻨــﺎﻋــﺪدا ً ﻣﻦ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ وأﺻﺤﺎب اﻟﻤﺰارع ﺣﻮل اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ ﺷﺠﺮة اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﻮﺳﻢ »ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ« وﻃﻘﻮﺳﻪ وأدواﺗﻪ. اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﺼﺪر ﺣﻴﺎة ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺴﺘﻴﻨﻲ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺒﺪوﻟﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺰرﻋﺔ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ ،ﻋﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻫﻲ »أم اﻟﺸﺠﺮ«، رﻓﻴﻘﺔ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﻮاﻃﻦ وﻣﺼﺪر ﻏﺬاﺋﻪ وﺳﻜﻨﻪ وﺗﺪﻓﺌﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺮد وﻇﻠﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻬﺠﻴﺮ وﺟﺰء ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻣﻀﻴﻔﺎً أن ﺷﺠﺮة اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻓﻲ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﺒﺎﻟﻎ واﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﺪى اﻷﺟــﺪاد ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻐﺎﺑﺮة ،وذﻟﻚ ﻟﺘﺄﻗﻠﻤﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ وﻋﻤﺮﻫﺎ اﻟﻤﺪﻳﺪ وﻓﻮاﺋﺪﻫﺎ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ،ﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ أن اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻷول ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻼد ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻴﺸﻮن أﻳﺎﻣﺎ وأﺳﺎﺑﻴﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻴﺎه واﻟﺘﻤﺮ ﻓﻘﻂ. وﺑﺤﺴﺐ اﻟﻌﺒﺪوﻟﻲ -ﻓﺈن ﻟﻜﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ أﺟﺰاء اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﺎﺋﺪة ﻋﻈﻴﻤﺔ ،ﺛﻤﺎرﻫﺎ ،وﻟﻴﻔﻬﺎ ،وﺳﺎﻗﻬﺎ ،وﺳﻌﻔﻬﺎ ،وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮﻳﺪ واﻟﺨﻮص ،ﻻﻓﺘﺎً إﻟﻰ أن اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ واﻟﻮاﺣﺎت ﻛﺎﻧﺘﺎ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﺎس ﺧﻼل ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﻘﻴﻆ« ﻟﻼﺣﺘﻤﺎء ﻣﻦ درﺟــﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﺑﻈﻼل اﻟﻨﺨﻴﻞ ،واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻘﻄﻮﻓﻬﺎ ،ﻣﻨﻮﻫﺎً إﻟﻰ أن ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﻬﺎرة ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺑﺎع ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﻨﺔ. وﻋﻦ ﻣﻮﺳﻢ »ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ« اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻟﻨﺤﻮ 4أﺷﻬﺮ ،ﻗﺎل اﻟﻌﺒﺪوﻟﻲ إﻧﻪ ﻣﻊ دﺧﻮل ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ »اﻟﻘﻴﻆ« ﺗﺒﺪأ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻌﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻫﺎﻟﻲ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮن أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ أو »ﻋﺰﺑﻬﻢ« ﻟﺠﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﺮﻃﺐ اﻟﺬي ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻄﻌﻢ وﻣﺬاق ﻣﺨﺘﻠﻒ، وﻗﺼﺔ ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺮﺟﻞ ﺗﻤﺘﺪ ﻟﻨﺤﻮ 50ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻨﺬ ﻛﺎن ﻋﻤﺮه اﻟﻨﺨﻠﺔ 12ﻋــﺎﻣ ـﺎً ﺣﻴﻦ ﻛــﺎن ﻳﺼﻌﺪ ﺔ
18
» ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ«
وﻳﺨﺮف اﻟﺮﻃﺐ ،ﻳﻘﻮل اﻟﻌﺒﺪوﻟﻲ» :ﺗﺒﺪأ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺮاﻗﺐ ﻋﺪوق اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮات ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر أن ﻧﻘﻄﻒ أول ﺣﺒﺔ رﻃﺐ ﻧﻀﺠﺖ .ﻟﻴﺘﻢ إﻋﻼن ﻫﺬه اﻟﺘﺒﺎﺷﻴﺮ ﻟﻸﻫﻞ ﻋﻦ ﺑﺪء ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺨﺮاف ،وﻳﺘﺒﺎدل ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﻃﺐ ﺑﻴﻦ اﻷﻫﻞ واﻟﺠﻴﺮان ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ اﻟﻔﺮﺣﺔ ﺑﻘﺪوم ﺛﻤﺎر ﺷﺠﺮة اﻟﻨﺨﻴﻞ«. ﺗﺮاﺟﻊ اﻫﺘﻤﺎم ا ﺟﻴﺎل اﻟﺸﺎﺑﺔ
ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﺴﺎﻧﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ أن اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺰراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻣﻮروﺛﺎَ ﺷﻌﺒﻴﺎً ﻳﻤﺘﺪ ﻟﻘﺮون ﻣﻀﺖ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ارﺗﺒﺎط اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺎت ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،وﻋﺎش ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮاﺗﻬﺎ اﻷﺟﺪاد ﺟﻨﺒﺎً إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻋﻄﺎء اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺒﺤﺮي. ورﻏﻢ ﻳﻘﻴﻦ اﻟﺤﺴﺎﻧﻲ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﺨﺎوﻓﻪ ﻣﻦ ﺗﺮاﺟﻊ اﻫﺘﻤﺎم اﻷﺟﻴﺎل ﻋﺒﺮﺮ اﻟﺤﺴﺎﻧﻲ ﻋﻦ ﻣﺨ ﻟﻠﻨﺨﻠﺔ ،ﻋﺒّ اﻟﺸﺎﺑﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻋﺎزﻳﺎً ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﺨﺘﻠﻒ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻳﻮﻣﺎً زﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬا ،ﺣﻴ ﻳﻮم ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻐﻴﺮ أﻧﻤﺎط اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ ﺑﻌﺪ ﻳﻮ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﻘﻨﻲ وﻣﺎدي ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ وﻣﺨﻴﻒ ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ.
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
ﺗﺤﻘﻴﻖ -وﻟﻴﺪ اﻟﺸﻴﺦ
ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ ﻗﺼﻮى ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ،ﻓﻬﻲ رﻣﺰ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ ﺑﺄﺻﺎﻟﺘﻪ ،واﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﻌﻄﺎﺋﻪ ،ﻟﺬا ﻻ ﻋﺠﺐ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻘﺐ »أم اﻟﺸﺠﺮ« ،ﻓﺜﻤﺎرﻫﺎ ﻣﻦ أﻃﻴﺐ اﻟﺜﻤﺎر وﻋﻄﺎؤﻫﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﻌﻄﺎء اﻷم ﻻ ﺣﺪود ﻟﻪ ،ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﻧﻌﻤﻬﺎ ،ﻇﻼل وﺛﻤﺎر وﺑﻬﺎء» .اﻟﻨﺨﻠﺔ« ﻣﻘﻴﺎس اﻟﺠﻤﺎل وﻗﻄﻮﻓﻬﺎ ﺗﺎج اﻟﻤﻮاﺋﺪ. ﻣﻊ ﺣﻠﻮل ﺷﻬﻮر اﻟﺼﻴﻒ »اﻟﻘﻴﻆ« ،ﺗﻬﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ أو
ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ« ،وﻫﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻳﺤﻴﻴﻬﺎ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ،وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺒﺎﺷﻴﺮ ﻳﻨﻔﻖ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﺌﺎت إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻵﻻف ..ﺟﺮﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺎدة اﻷﺟﺪاد ،واﺳﺘﻤﺮارا ﻟﺘﺮاث ﻳﺄﺑﻰ اﻟﻨﺴﻴﺎن. ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﻘﻴﻆ« أو »ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ« ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﻋﺪة ،ﺗﺒﺪأ ﺑﺈﻧﺒﺎت اﻟﺜﻤﺮ ﺛﻢ ﺑﺠﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ وﺗﺨﺰﻳﻨﻪ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮق ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻃﻮل ﻓﺘﺮة ﻣﻤﻜﻨﺔ ،وﻟﻠﺜﻤﺮة ﺗﺤﻮﻻت ﻋﺪة ﺗﺒﺪأ ﺑﺘﺤﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ »ﺑﺴﺮ« ﺛﻢ »رﻃﺐ« ﺛﻢ »ﺗﻤﺮ« ،وﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺠﻨﻲ ﻣﻊ ﺣﻠﻮل »اﻟﺼﻔﺮي« أو اﻟﺨﺮﻳﻒ.
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
17
ﺗﺮاث ﻳﺄﺑﻰ اﻟﻨﺴﻴﺎن
» ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ«
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻄﺎء وﺗﺎج اﻟﻤﻮاﺋﺪ
16
» ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ«
ijĴŕŨė ŞũŬ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ ..ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻄﺎء وﺗﺎج اﻟﻤﻮاﺋﺪ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اWﻣﺎرات ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻋﻄﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻚ أﺷﻌﺎر اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻆ ﻣﻮﺳﻢ » ْﻟﺨﺮاف« ..ﻣﺼﺪر ﻓﺮح ﻟﻠﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر اﻟﻨﺨﻠﺔ وا.ﻧﺜﻰ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺒﻠﺢ ..ﻓﺎﻛﻬﺔ ﺗﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻌﺒﻮر ﻟﻠﻨﻌﻴﻢ!
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
15
ĸŕŀ ŽŤǙōŤē įijĔĖŴ ŪżőŬ ŽŘ ǂ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ
ﻳــــﺎ ﻋــﻘــﻴــﺪ اﻟـــﻬـــﺠـــﻦ وﻃـــﺮوﺷـــﻪ ﻟـــﻲ ﻧـــﺸـــﺪك اﻟــــ ّﺰﻳــــﻦ ﻋـــﻦ ﺣــﺎﻟــﻲ ﻗــــﻞ ﻟـــﻪ اﻟـــﺸـــﺎﻋـــﺮ رﻛــــﺐ ﺑــﻮﺷــﻪ ْ وا ْﻳــــــ َﺤــــــﺪي ﺑـــﺎﻟـــﺮﻛـــﺐ ﺟــ ّﻤــﺎﻟــﻲ ﺻــــﺎح ﻃــﻴــﺮ ْﻋـــﻤـــﺎن ﻓـــﻲ ﻋــﺸــﻮﺷــﻪ اﻋـــــﺒـــــﻲ اﻟـــﻌـــﻴـــﻦ ﻏــــ ّﻨــــﻰ ﻟــﻲ ر ّ ا ْﻣـــﺮﺣـــﺖ ﺑـــﻲ ﻓـــﻲ وﺳــــﻂ ﺣــﻮﺷــﻪ ﻓـــــﻲ ﻧـــﻌـــﻴـــﻢ ْوﺑــــــــــﺎرد ﻇْـــﻼﻟـــﻲ ﻋــﻨــﺪ »ﺑـــﻦ ﺣــﺎﻣــﺪ« ْوﻳــــﺎ »ﻋــﻮﺷــﻪ« واﺳـــــﺘـــــ ْﻮوا ﻟــــﻲ ﻧـــــﺎس وأﻫـــﺎﻟـــﻲ رﻳــــﺖ ﻗــﻴــﻆ اﻟـــﻌـــﺮش ﻣــﻔــﺮوﺷــﻪ ف ْﻗــﺒــﺎﻟــﻲ ﺑـــﺎﻟـــﻜـــﺮم واﻟــــﺰﻳــــﻦ ْ ﺷــــﺮﺑــــ ٍﺔ ﻣــــﺎ ﺗــﻨــﻀــﺢ اﻟــﺸــﻮﺷــﻪ ﺷـــــﺮﺑـــــ ٍﺔ ﻛــــــﺎﻟــــــ ّﺰل ﺑـــــ ْﺰﻻﻟـــــﻲ ﺑــﻴــﻦ ﻓــــﺮض ْوﻏــــﺮﺳــــﺔ ّﺟــﺸــﻮﺷــﻪ )(1 ﺑـــﺎﻟـــﺰﺑـــﺪ ﺟـــﺒـــﺮي ﻣـــﻊ ﻫـــﻼﻟـــﻲ *ﻳﺼﻒ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻤﺎل رﺣﻼت اﻟﻤﻘﻴﻆ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻟﺒﺪو ﻳﻨﺘﻘﻠﻮن ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬﺮت ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻮ اﻟﻤﻌﺘﺪل. - 1ﺟﺒﺮي ،ﻫﻼﻟﻲ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟﺮﻃﺐ اﻟﻤﺤﻠﻲ.
14
ﺷﻌﺮ
اﻹﻣﺎرات وﻷن اﻟﺸﺒﺎب ﻫﻢ ﻋﻤﺎد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻧﺮى اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻴﻮم ﻣﺘﻄﻮﻋﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ وﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﺎﺗﻬﻢ ﻳﺤﺮﺻﻮن ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺮﺷﺪﻳﻦ ﻟﻨﻘﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ وﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺎﺿﻴﻬﻢ اﻋﺘﺰازا ﺑﻪ. ورأى أن ﺗﺒﺎدر ﺟﻬﺔ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻣﺘﺎﺣﻒ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻼزم ﻟﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺘﻨﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ . وﻳﻀﻴﻒ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ » :ﻧﺤﺘﺎج ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻟﻠﺘﺮاث ﻓﻲ زﻣﻦ اﺧﺘﻠﻄﺖ اﻷﺟﻴﺎل ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﺻﺮﻧﺎ ﻧﻌﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻮاﺟﺬ وﻧﺤﺘﺎج إﻟﻴﻬﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﺮﻗﻰ إﻟﻰ اﻟﻘﻤﻢ وﻧﺴﺘﻘﺒﻞ إﻛﺴﺒﻮ ،2020ﻫﺬا اﻟﺬي ﻧﺮﻳﺪ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أن ﻳﻔﻬﻤﻪ أن وراء ﻧﺠﺎح اﻹﻣﺎرات ﺗﺮاﺛﺎ وﻃﻨﻴﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻼ ﺣﺎﺿﺮ ﺑﻼ ﻣﺎض .. ﻧﺤﺘﺎج ﻟﻠﺘﺮاث ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت اﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻰ اﻷﺻﻴﻞ وﻟﻤﻮروﺛﺎت ﺑﻘﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة ،ﻧﺤﺘﺎج ﻟـ » اﻟﺘﺮاث« ﻟﻠﻌﻮدة ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺮآة ﻟﻠﻤﻮروث اﻟﻮﻃﻨﻲ وﻣﺮﺟﻌﺎ ﻣﻮﺛﻘﺎ ﻟﻸﺳﻤﺎء واﻟﻤﺴﻤﻴﺎت واﻟﻤﻮاﻗﻊ وﻧﺤﺘﺎج ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ » ﻫﻮاة اﻟﺘﺮاث« أﻳﻀﺎ ،وﻛﻠﻬﺎ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﺗﺤﻤﻠﻬﻢ ﻣﺰﻳﺪا ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﻴﺎرات وﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺤﺘﻮى ،ﻓﻬﻢ أﺑﻨﺎء اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﻢ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا وﺟﻬﺎ ﻣﺸﺮﻗﺎ وﻣﺸﺮﻓﺎ ﻟﻪ
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
13
ĴŲĽŤē اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺣﺐ اﻟﺘﺮاث وﺣﺐ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ وأﺻﺒﺢ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ راﺋﺤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻋﺒﻘﺔ ﻳﺸﺘﻤﻬﺎ اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻴﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻴﻪ وﻳﺸﺘﻤﻬﺎ اﻟﺼﻐﺎر ﻓﻴﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﻨﺸﻮة واﻻﻋﺘﺰاز واﻟﻔﺨﺮ وﻻ أروع ﻣﻦ اﻟﻔﺨﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﺑﺄﺻﻮﻟﻬﻢ وأﻧﺴﺎﺑﻬﻢ وﻋﺎداﺗﻬﻢ. وﻳﻘﻮل » :ﻛﻮﻧﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﺈﻧﻨﻲ أؤﻛﺪ أن ﻋﺸﻖ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺗﺮاث وﻃﻨﻲ ﺧﺎﻟﺪ إذ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻋﺸﻖ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻟﻠﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪا ﺗﻮارﺛﻪ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن ﺟﻴﻼ ﻋﻦ ﺟﻴﻞ وﻫﻮ ﻣﺘﺄﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم وﻻ ﻳﺰال ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺪ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﻮﻃﻨﺎ ﻷﻓﻀﻞ أﻧﻮاع اﻟﺠﻴﺎد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻟﻘﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﺳﻤﻌﺔ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺳﻼﻻت وأﻧﺴﺎﺑﺎ راﺋﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮل ﻟﺬا ﺗﻔﻨﻨﻮا ﻓﻲ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺨﻴﻞ وﺗﺮوﻳﻀﻬﺎ وﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺘﻰ أﻧﻮاع اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ورﻳﺎﺿﺎت اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ«. وﻳﻀﻴﻒ »ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ روﻧﻖ ﺧﺎص ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺣﻴﺚ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺤﺒﺒﺔ ﻟﻺﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ وﺑﺎﻗﻲ اﻟﺠﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﺘﻢ إﻧﺸﺎء أﻧﺪﻳﺔ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ وﻣﻀﺎﻣﻴﺮ ﻟﻠﺴﺒﺎﻗﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﺎﻟﻤﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﻻﺑﺪ أن ﻧﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ أﻛﺒﺮ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﺷﻬﺮة وﻫﻮ ﺳﺒﺎق دﺑﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺨﻴﻮل واﻟﺬي ﻳﻌﺪ أﺣﺪ أﻛﺒﺮ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺪ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن أﺣﺪ أﻛﺒﺮ ﻣﻼك اﻟﺨﻴﻮل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وداﺋﻤﺎ ﺧﻴﻮﻟﻬﻢ ﺣﺎﺿﺮة وﻓﺎﺋﺰة
12
ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻮاة اﻟﺘﺮاث ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻀﺔ واﻟﺤﺪاﺛﺔ
ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ«. وﻳﻘﻮل» :ﻳﺘﻤﻠﻜﻨﻲ اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ وأﻫﻮى زﻳﺎرة اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ وﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﺟﺎﻣﻌﺎ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ ﺟﺮد اﻟﺘﺮاث ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي » اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ« اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻮزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺸﺒﺎب وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 2009 واﺳﺘﻔﺪت ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺑﻼت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺘﻬﺎ ﻣﻊ رواة اﻟﺘﺮاث وأﻋﺘﺰ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻗﺪ وﺛﻘﺖ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺗﺮاث اﻟﺪوﻟﺔ وﻳﺸﺮﻓﻨﻲ أن أﻛﻮن ﺣﺎﻣﻼ ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﺮاث ﻟﻜﻲ أوﺻﻠﻬﺎ إﻟﻰ أﺑﻨﺎء دوﻟﺘﻨﺎ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ ﻗﺪ أﻫﻤﻠﻮا ﺗﺮاث اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد وﻳﺠﺐ أن ﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ واﻟﺪﻧﺎ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه »ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺎض ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺣﺎﺿﺮ وﻻ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ«. وﻳﻀﻴﻒ :ﻟﻘﺪ أدرك اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻌﻮب واﻷﻣﻢ ﻓﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻪ وﺗﺸﺠﻴﻊ أﺑﻨﺎء اﻟﻮﻃﻦ ﻟﻠﺘﻤﺴﻚ ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ ،واﻟﻴﻮم ﻟﻴﺴﺖ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺣﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺄﻣﻮر اﻟﺘﺮاث وإﺣﻴﺎء اﻟﻌﺎدات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ دورﻫﻤﺎ اﻟﺒﺎرز ﺗﺘﻨﻔﺲ ﻋﺒﻖ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺗﺮاﺛﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎزل اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻮﻟﻮا ﺟﺰءا أو ﻛﻞ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ وﻣﺸﺎرﻳﻌﻬﻢ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﺘﺎﺣﻒ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ اﻷﺑﻮاب ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺰوار واﻷﺻﺪﻗﺎء وأﺣﻴﺎﻧﺎ اﻟﺴﺎﺋﺤﻮن ﺗﺎرﻳﺦ وﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻬﻀﺔ
إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻘﺮى اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﻨﻮادي اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ وﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﺑﺼﻮرة ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻷﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ واﻟﺰوار وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎء ﺗﺒﻨﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ »ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ« رؤﻳﺔ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث وﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻹﻧﺪﺛﺎر واﻟﺰوال ﺣﻴﺚ ﺧﺼﺺ ﺳﻤﻮه ﻋﺎم 2008ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺣﺮﺻﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت واﻟﻤﺒﺎدرات اﻟﺘﻲ رﺳﺨﺖ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻟﺪى أﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ. وﻳﻮﺿﺢ أن اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺒﺮز ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ أﻧﻪ ﺳﺒﻴﻞ رﻓﻌﺔ ورﻗﻲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﻬﻴﺌﺔ اﻷﺑﻨﺎء ﻟﻠﺘﻤﺴﻚ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻌﺎﻗﺒﻪ ﺑﻴﻦ اﻷﺟﻴﺎل ،ﻣﻨﻮﻫﺎ ﺑﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ »ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺎض ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺣﺎﺿﺮ وﻻ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ«. وﺷﺪد ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻻﺑﺪ أن ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻻﻧﻔﺘﺎح اﻟﺬي أﺣﺪﺛﺘﻪ اﻟﻄﻔﺮة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﻧﻔﺘﺎح اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻲ واﻟﺘﻘﻨﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪﻳﻦ اﻟﻤﺎﺿﻴﻴﻦ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻐﻴﺐ اﻟﺘﺮاث ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي ﻛﺎﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻔﻨﻮن اﻷداﺋﻴﺔ ،داﻋﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺤﺪث ﻓﺠﻮة ﻣﻊ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ وﻟﻴﻈﻞ ﻋﺎرﻓﺎ ﺑﺘﺮاﺛﻪ وﻟﻬﺠﺘﻪ وﻋﺎداﺗﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه.
وﻧﻮه ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺤﺪﻳﺚ دون ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ. وﺣﻮل ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﺪى ﺟﻴﻞ اﻟﺸﺒﺎب ،ﻳﻘﻮل: »ﻋﻠﻰ أرض اﻹﻣﺎرات ﻳﺘﻌﺎﻧﻖ اﻟﺘﺮاث واﻟﻔﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻷدب ﻟﺮﺳﻢ ﻟﻮﺣﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻚ ﺧﻴﻮﻃﻬﺎ ﻟﺘﻤﺰج اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ ﻟﺘﺴﺘﺸﺮف آﻓﺎق اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وإذا ﻛﺎﻧﺖ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﺮاث ﺗﺘﺨﻄﻰ ﻛﺜﻴﺮا اﻟﻤﺘﻌﺔ واﻹﺑﻬﺎر وﺗﺘﺮﺟﻢ ﺑﺼﺪق واﻗﻊ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻓﺈن رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻮﺟﻪ ﺗﺠﺎه اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﺬي ﺷﻐﻠﺘﻪ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وأﺑﻌﺪﺗﻪ وﻟﻮ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻋﻦ ﻣﺎﺿﻲ آﺑﺎﺋﻪ وأﺟﺪاده وﻳﺮى أن ﺗﺮاث دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات أﺻﺒﺢ ﺟﺰءا أﺻﻴﻼ ﻣﻦ ﺣﻀﺎرﺗﻬﺎ اﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ﻓﻬﻮ داﻋﻢ وﻣﺤﺮك ﻷﺑﺮز اﻟﻤﺠﺎﻻت ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻤﺮان واﻟﺒﻨﺎء ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻹﻣﺎرات ﻣﻮﻃﻦ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻮﻃﻨﺎ ﻷﻋﻠﻰ ﻧﺎﻃﺤﺎت اﻟﺴﺤﺎب واﻷﺑﺮاج اﻟﺴﻜﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. واﻟﺮأي ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺘﺒﻨﺎه اﻟﺸﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ ـ أﺣﺪ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺒﺎرزة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل »اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ« ـ اﻟﺬي ﻳﺮى أن اﻟﺘﺮاﺟﻊ اﻟﺬي ﻓﺮﺿﺘﻪ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات وﻗﺎل إن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮروﺛﺎت ﻻ ﺗﺰال ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻷن اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﺆﺳﺲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺑﺎﻧﻲ ﻧﻬﻀﺘﻬﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ /ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه /زرع ﻓﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
11
ĴŲĽŤē
وﻳﻀﻴﻒ »اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻤﻴﺰ ﻓﻲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات وﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺤﻴﻮﻳﺔ وﺳﻂ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻤﻴﺰة ﻣﻦ ﺷﺒﺎب اﻟﻮﻃﻦ وﻓﺮق اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﺴﺒﺎﻗﺎت واﻷﻧﺸﻄﺔ ﺟﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻤﺆﻫﻞ واﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ وإﻧﺠﺎح أﺑﺮز اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ وﺑﻔﻀﻞ روح اﻟﺸﺒﺎب ﻓﺎﻻﻧﺠﺎزات واﻟﻨﺠﺎﺣﺎت ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ وﻣﺴﺘﻤﺮة ﻓﻲ اﻟﻨﺎدي وﻟﻠﻪ اﻟﺤﻤﺪ« وﻳﺆﻛﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺤﻤﺎدي أن اﻟﺘﺮاث ﻳﺸﻜﻞ ﺟﺰءا أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﻀﺎرات اﻟﺸﻌﻮب واﻷﻣﻢ ،و ﻳﻌﻜﺲ ﺗﺮاث أي دوﻟﺔ أو ﺷﻌﺐ ﻣﺪى اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺮﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪول. وﻳﺄﺗﻲ ﺗﻤﺴﻚ أﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺘﺮاث اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد ﻧﺘﻴﺠﺔ وﺻﻴﺔ اﻟﻮاﻟﺪ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻋﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ إﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺟﻮاﻧﺒﻪ اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ واﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ،ﻫﺬا إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ دﻋﻮﺗﻪ
10
ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻮاة اﻟﺘﺮاث ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻀﺔ واﻟﺤﺪاﺛﺔ
اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺖ ﺗﺤﺖ ﺗﺼﺮف اﻟﻬﻮاة اﻟﺸﺒﺎب. وﻳﻘﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﻟﻢ -أﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﻮروث اﻹﻣﺎراﺗﻲ: »ﻳﺠﺐ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاﺛﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻨﻤﻂ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ وﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ وﻧﻘﻠﻪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﻮﻫﺒﺔ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ إﻟﻰ اﻷﺑﻨﺎء واﻷﺣﻔﺎد ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮارﺛﻪ ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ« وﻳﻀﻴﻒ »ﺣﻀﺮت ﺛﻼث ﻣﺮات ﺑﻤﻬﺮﺟﺎن أﻳﺎم اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ دورﺗﻪ اﻷﺧﻴﺮة وﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة أزور اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻓﻴﻬﺎ وﺳﻂ ﺣﻀﻮر ﻛﺜﻴﻒ ﻏﺼﺖ ﺑﻪ اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻠﺘﺮاث وﻫﺬا ﺷﻲء ﻋﻈﻴﻢ« وﺷﻐﻞ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﺒﺎب اﻹﻣﺎرات اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻮﻃﻨﻪ وﻣﻮروﺛﻪ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺪﻛﺘﻮر إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺣﺴﻦ اﻟﺤﻤﺎدي ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات وأﺣﺪ ﺷﺒﺎب اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻤﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺬي ﻳﻘﻮل» :ﺑﺪأت ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺘﺮاث اﻟﺪوﻟﺔ وﻧﺸﺮه ﺑﻜﻞ ﺟﻮاﻧﺒﻪ اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ وﻫﻮ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات واﻟﺬي ﻳﻨﺎل دﻋﻤﺎ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺣﻴﺚ ﺷﻐﻠﺖ وﻇﻴﻔﺔ »ﻣﺸﺮف أﻧﺸﻄﺔ ﺑﺠﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ« ﻋﺎم 1998ﺛﻢ ﺷﻐﻠﺖ وﻇﻴﻔﺔ »رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻟﻤﻌﺎرض واﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﺑﺎﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ« ﻓﻲ ﻋﺎم 2009 واﻵن أﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ.
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
9
ĴŲĽŤē
أﺳﻬﻢ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اWﻣﺎرات ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ
ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻮاة اﻟﺘﺮاث ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻀﺔ واﻟﺤﺪاﺛﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ -وام -ﺷﻴﺨﺔ اﻟﻐﺎوي ﺗﺼﻮﻳﺮ :ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﻌﺒﺎن
ﻳﺸﻜﻞ اﻟﺘﺮاث أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺑﻮاﺑﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮت ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﺳﻴﻈﻞ ﺑﺪﻋﻢ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺮﺷﻴﺪة ﺣﺎﺿﺮا ﺑﻘﻮة ﺻﺎﻣﺪا وﺳﻂ أﺟﻮاء اﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ دوﻟﺘﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻛﺎﻓﺔ. واﻟﻤﺘﺎﺑﻌﻮن ﻟﻠﺸﺄن اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻳﺮون أن اﻟﺘﺮاث ﻻﻳﺰال ﻣﻘﺪرا وﻣﺆﺛﺮا ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻨﺒﺎت ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺎ ﺗﺒﺪﻳﻪ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث وﺣﻔﻈﻪ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﻋﺒﺮ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﻓﺮق ﺑﺤﺜﻴﺔ ﺗﻨﺸﻂ داﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻔﻈﺎ ﻟﻠﺘﺮاث وﻋﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ.
ﺧﺎﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺷﺒﺎب وﻳﺸﻬﺪ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث اﻫﺘﻤﺎ ًﻣﺎ ً اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻬﻮاة ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ﻣﺌﺎت اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺘﺨﻠﻮن ﻋﻦ أﻟﻌﺎب اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ وﻳﺘﺠﻬﻮن إﻟﻰ اﻟﺠﻠﻮس ﻣﻊ اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد ﻟﻜﻲ ﻳﻘﺘﺮﺑﻮا ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻳﺠﻤﻌﻮا اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﺣﺘﺮام وﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ . وﺳﺠﻠﺖ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت واﻟﻨﻮادي اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺟﻤﻊ اﻟﺘﺮاث إﻗﺒﺎﻻ ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻮروث وﺳﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﻮﻟﻲ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻨﺪﺛﺮ ﺟﺰء ﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻌﺮﻳﻖ ﻓﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﻤﻮروث اﻹﻣﺎراﺗﻲ وﺟﻌﻠﻪ ﻓﻲ أﻳﺪ أﻣﻴﻨﺔ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﺪارﺳﻴﻦ ﺑﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ وﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﻬﺪف واﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬا اﻟﺰﺧﻢ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﺘﺎح واﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ ﻓﻀﺎء اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺎﺷﺮت ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت واﻟﻨﻮادي اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻟﻠﻬﻮاة ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺤﻈﻮﻇﺔ إذا ﻣﺎ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ اﺟﺘﺬاب ﺑﻀﻊ ﻋﺸﺮات ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﺣﻴﻨﻬﺎ ،أﻣﺎ اﻵن ﻓﺈن أﻋﺪاد اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺮاﻏﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻮدة ﻟﻠﺘﺮاث وﻓﻬﻢ ﻣﻔﺮداﺗﻪ وﻓﻨﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺮوض واﻟﻤﺸﻐﻮﻻت
8
ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻮاة اﻟﺘﺮاث ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻀﺔ واﻟﺤﺪاﺛﺔ
ĞŔŹűŬ ĞƀŜĘšĤ ĞƀĤėĸĠ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ: ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث -ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،أﺑﻮﻇﺒﻲ
42
øijĴŕŨė ŸķĸĭŬŸ ĊėĸŕŀŸ ęĘDžġŤ ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺪد )وﻓﻘﺎً ﻟﺘﺮﺗﻴﺐ اﻟﻨﺸﺮ( وام -ﺷﻴﺨﺔ اﻟﻐﺎوي ،اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ ،وﻟﻴﺪ اﻟﺸﻴﺦ ،د.ﻋﻤﺎد ﺳﻌﺪ ،ﺧﺎﻟﺪ ﺻﺎﻟﺢ ،د.ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي ،د.أﻣﻴﻨﺔ اﻟﻔﺮدان ،د.ﻓﺎرس ﺧﻀﺮ، د.واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ ،د.راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،أﺷﺮف أﺑﻮ اﻟﻴﺰﻳﺪ ،ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي ،أﺣﻤﺪ ﻣﺤﺠﻮب ،ﺗﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺮي ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻤﻴﻊ، د.ﺳﻬﻴﺮ اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ ،د.ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ ،د.إﻳﻨﺎس ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،د.ﻋﺒﺪاﻟﻤﺎﻟﻚ أﺷﻬﺒﻮن ،د.ﻣﻘﺪاد رﺣﻴﻢ ،د.إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺣﻤﺪ ﻣﻠﺤﻢ ،ﺧﺎﻟﺪ ﻣﻠﻜﺎوي ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ،أﺣﻤﺪ اﻟﺪرﻳﻨﻲ ،ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ أﺑﻮ ﺣﻄﺐ ،رﻳﻬﺎم ﺳﻌﻴﺪ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻏﺒﺮﻳﺲ ،ﻋﺒﺪاﻟﻬﺎدي روﺿﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺮﻛﺔ ،ﺳﺮور ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻌﺒﻲ، ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي ،ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻄﻔﺔ.
اﳌﴩف اﻟﻌﺎم
ƁŔŸķĺŭŨė ĴŭĬč Ĵŀėķ ùij ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
ŲſĴŨė ĊǟŔ ĴƀŨŸ اﻻﺧﺮاج واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻏﺎدة ﺣﺠﺎج
اﳌﻮﻗﻊ ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ:
øŪĥŭŨė ŧŹšſ
www.mags.ae
ﻣﺨﺘﺎرات ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ وﻳﺸﺮﺣﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ. ﺗﻌﻖ ﻓﻴﻪ ﺣﺼﺎه 53اﻟﺒﻴﺮ ﻟﻲ ﺗﺸﺮب ﻣﻦ ﻣﺎه ،ﻻ ّ 75اﻟﺤﺪب ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﻨﺎم 97ﺛﻮر ﻓﻲ ﻫﻮر 107دﺟﺎﺟﺔ وﻣﻨﻘﺎرﻫﺎ ﺣﺪﻳﺪ ﻳﺸﻖ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻗﻞ وﻣﺠﻨﻮن 117اﻟﺜﻮب ﻣﺎ ّ 123دﻳﻚ ﻻ ﻳﺤ ّﻮش وﻻ ﻳْﻘﺎد
ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﳌﺠﻠﺔ : Ø # . 2 Û ¸/ - p (# Ù # '2 'waleedalaa@hotmail.com : Ø # Øp
'00971556929190 :%Ø / 026666130 :Ä + ' p( } : Ø©/ # ".Õ marketing@cmc.ae +971 56 3150303
ğĘŤėĸġŀǞė : #.p# ¢ Ð' Âç# /)+ 100 : 'è #. %¢ Âç# b b Õ($# / (+ 150 : #.p# %¢ Õ($# - (+ 150 .)+ 200 #.p# ¢
} Ø©/ -&3 é# Û ¸/
02 4145050 : Â 8002220 : ÛÍ (# )É # +971 02 4145000 : £# Ð' " 3# distribution@admedia.ae
اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
7
30
ﺗ ﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ
ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗ ﺮاث اﻹﻣﺎرات
ŹƀŰŹſ 188 ijĴŕŨė
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ķėŹĭŨė ĞĬĘļ 76رﻓﻴﻌﻪ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ :
اﻟﺰي ا9ﻣﺎراﺗﻲ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ
ĞƀĠėķĘŬđ ğĘļėķij 82
اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ا9ﻣﺎراﺗﻲ ) ( 2-3ا ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻨﻤﻮ
ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ 89ﺟﺤﺎ ا9ﻳﺮاﻧﻲ ،ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ وﻧﻮادره 93ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ زﻣﻦ ا9ﻧﺘﺮﻧﺖ ĞƀŶŝŁŨė ĞſĘťĭŨė ŢƀĤŹĠ œŸĸŁŬ 98أﻳﺎم زﻣﺎن :ﻣﺴﺎﻛﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ! )(1-3 108ﺗﺤﻮﻻت اﻟﻤﺤﺘﻮى ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ واﻟﻴﺎزﻳﺔ
2015
ĜġťŨė şŹļ 114ﺧﻤﺴﺔ إﺻﺪارات ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻤﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ”وﺧﺪ ﺳﻤﺤﺔ“ ﺟﺪﻳﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻮﺟﻤﻬﻮر
119 120رﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻞ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي 128اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻲ ﻟﺘﺄﺻﻴﻞ أﻟﻔﺎظ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ęŹŕŁŨė ģėĸĠ 124اﻟﻮﺿﻴﻤﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ وﻟﺤﻤﺔ اﻟﻤﻴﺖ! ůŹűŜ 130اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﻤﺆﻧﺚ 134ا ﻳﻘﻮﻧﺎت اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ ﺗﺒﻮح ﺑﺄﺳﺮارﻫﺎ 138ﺷﺮح اﻟﻤﻨﺎﻫﻴﻞ ،رﻗﺼﺔ اﻟﺴﺮور واﻟﺴﻌﺎدة ģėĸĠ ĴńĸŬ 142ﺷﺨﺼﻴﺔ زاﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮض أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 25 144ﻣﺸﺮوع ﺗﺼﻮﻳﺮ ا رﺷﻴﻒ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻣﻦ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ
ŖƀěŨė ķĘŕļč 2 Ø 10 É - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è b ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ 250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ ÐØ # $(' -
b Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+ 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # - Ï ÎØ Ù(° ,# . 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ
6
ķĸĭŭŨė ŲŬ رواﻓﺪ ﻋﺪﻳﺪة ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻔﻬﻲ  Ð' . # Ù / # 3Ù # Ð' ªb Î / # . p$# pØ © ª ' !$ (Ø , /Î Û , Ù(+} % ( 3Ù Û+. ] p (# Ù # 'è #. } äÙ $# Ù p 1# $ (' Ù ] Ù ½ # . Ð'ª# / ' 1$ ,#/(°. . Ø # . Ù$ # . Ù ª# . Ø # : #.p$# Í/ (# æ b Î É Ï} p . Î(É Û # Ø© Ù# . Û$ÙÊ # Ø . Û b Ù /° p# Ð' b Ù p ,Ù$ Î$ Ê . ] . # Î #} Ð' 1#.æ ($# ,ÎØ.p . ±' Ï} Íp . ]Û ±# æ Ì$ (# Û($ # # Û Î' Û / # . ]Ú # & # Ø p * Î$ } Ú¦# . ] 'è Û Ù+ ñ# Ù ±# Ø # ÌÙ /
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ 54 ﻋﺸﻖ اﻟﺒﺎدﻳﺔ وأﺣﺒﻪ أﻫﻠُﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ( ]* °} % 1$ 1½ Ø "ª½# Ø Ù # Ä . Û pã É -# p /
1h . ¯ Û # ³ æ ÛÂ. + °}. 'pÎ pã Ê# Ð' Ù # p } pÉ. ] ,ÙÂ b Ï} ' ]pÎ,# ÛÂ -Î . Ð pÙ Ï
1 æ . Ë Ã# /$ ± 1 +} Ê .-Î . Ð pÙ /+. -ÙÍ Ø Ï Ú¦#
Ùã /( # % (' Ï Ù,Í " pØ © Ð Ï $ ¤Ù±# /( Ð' ,Ù / # ÌÙ / # b . ±' Ù# Ø Ï} Ð (Ø ] 'è Ú Í Ùã #.p# pØ © ª ' , $ (Ø Û # . # 3Ù - $¹' %¢p # Û,ñ# Û ±# p # ÛÂ Í ±Í pÊ -Ù$ . ] 'è Ú Î# # / # . p$# Ð "3 Ù(¢ p# /# ' "/ ' %Ù Ð' 1#.æ Ê$ # &/Ù# ) ØpØ} ÐÙ Ú¦# Û # Û ٠# . /½# Ð - Ø ¥. - ,#3¢ Î# %ÊÍ Û # . ]Û ' p# Ø ¥. ]- Ø ¥ %( 0 ¢} Ê$ , Ä . ]Û´ (# Ï Ê# ÙÎÙ (¢ . ,Î Î# 1μ 2 ¥ Ï/$ (Ø Ðئ# . # Ð' ÐØ ¢ Ð' ) $' )Ù+ / p# + } (ÙÉ p # Ð(µ Ø - ¥ è Û Û 0/ (# 2/ ,#3¢ ] Ø© Ù# . Û$ÙÊ # Ø 1$ 'è ' Ø # ¥ (Í ' Í Ê(# ,ÙÂ Û ±# " Ù£# . ÊÙÊ # '3' b ' ] Ø # .0 ¢} Ù Ù ° ±# ] ,$+} -ʱ  ,ʱ Ú¦# Ø # ± ÛÃ Í %ã Ê# ° ÛÂ. e - }. Ø # ̱ ³ Í ] Ø/ # Û$ Ð )# Ð Í ±# ] ,$+} .* °} © } Ð' ¥ (Î Ûà Í. Ø ±# . Ù £±# - Ù %Ù Ã ´ . Û+. ]Û ,# Ù Ù'3 è p # ¦+ Î ÃÙ´ ] / # ÛÂ. Ð' pØp # " (# ¦+ Û , Ð Î p # ]1#.æ Ù 'è Ù # Ø©æ .ÚpÙ$Ê # 'è Úª# ã ½# Ì#æ ". Ø Ú¦# - /Í
. Ù¢ 1$ b(ã ) Ê$Í
5
2015 ﻳﻮﻧﻴﻮ188 اﻟﻌﺪد
اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎت
şĘŜǠė ijĘƀĠķė
65
رﺣﻠﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ اﻟﻤﺎﻳﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ \ + ¸ Ð ÚpØ (# Û# h / Ø ÐØ} Ð' e Û Ù . * ° ) ( } Û ÃÍ 1$ ÌÙÂ}
Û ¸/ } ÐÙ Ã# ² ¼ ÛÂ 0 , (É ç(Ø * ° . /+ + . É ±# . µ'. ± 0p Î+. . Ù #
-Ù$ É. (' Ú # Û p # , . $ # ÛÂ ÐÙ #
142 ﺗ ﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ
ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗ ﺮاث اﻹﻣﺎرات
ŹƀŰŹſ 188 ijĴŕŨė
2015
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ĸŶŁŨė ģėĸĠ 8أﺳﻬﻢ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اWﻣﺎرات ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﻮاة اﻟﺘﺮاث ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻀﺔ
ijĴŕŨė ŞũŬ 15ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة ..ﺗﺮاث ﻳﺴﺘﻌﺼﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﻴﺎن ﻣﻊ ﺣﻠﻮل ﺷﻬﺮ اﻟﺼﻴﻒ ”اﻟﻘﻴﻆ“ ،ﺗﻬﻞ ﻣﻌﻪ ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ أو ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ”ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ“، وﻫﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻳﺤﻴﻴﻬﺎ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ،وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺒﺎﺷﻴﺮ ﻳﻨﻔﻖ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﺌﺎت إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻵﻻف ..ﺟﺮﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺎدة اﻷﺟﺪاد ،واﺳﺘﻤﺮارا ﻟﺘﺮاث ﻳﺄﺑﻰ اﻟﻨﺴﻴﺎن. ﻣﻮﺳﻢ ”اﻟﻘﻴﻆ“ أو ”ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ“ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﻋﺪة ،ﺗﺒﺪأ ﺑﺈﻧﺒﺎت اﻟﺜﻤﺮ ﺛﻢ ﺑﺠﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ وﺗﺨﺰﻳﻨﻪ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮق ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻃﻮل ﻓﺘﺮة ﻣﻤﻜﻨﺔ ،وﻟﻠﺜﻤﺮة ﺗﺤﻮﻻت ﻋﺪة ﺗﺒﺪأ ﺑﺘﺤﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ ”ﺑﺴﺮ“ ﺛﻢ ”رﻃﺐ“ ﺛﻢ ”ﺗﻤﺮ“ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺠﻨﻲ ﻣﻊ ﺣﻠﻮل ”اﻟﺼﻔﺮي“ أو اﻟﺨﺮﻳﻒ. 16ﺧﺮف اﻟﺮﻃﺐ ..ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻄﺎء وﺗﺎج اﻟﻤﻮاﺋﺪ
22
ﺗﺒﺎﺷﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ ا9ﻣﺎرات
28ﻣﺜﻞ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻋﻄﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻚ
4
30
أﺷﻌﺎر اﻟﻐﻮص واﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻆ
36
ﻣﻮﺳﻢ ” ْﻟﺨﺮاف“ ..ﻣﺼﺪر ﻓﺮح ﻟﻠﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر
42
اﻟﻨﺨﻠﺔ وا ﻧﺜﻰ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
46
اﻟﺒﻠﺢ ..ﻓﺎﻛﻬﺔ ﺗﻄﻬﻴﺮﻳﺔ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻌﺒﻮر ﻟﻠﻨﻌﻴﻢ!
ēĴżŨĔŠ
»اﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﻋﻨﺪه دﺑﺎس ﻣﺎ ﻳﺎﺧﺬ ﺑﻨﺖ اﻟﻨﺎس«
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة ﻣﻠﻒ 51 - 15
ﻓﻲ إﻃﺎر ﺳ َﻌﻲ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث إﻟﻰ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ااﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻗﻮى ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﺤﺼﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ورﻓﺪ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ اﻟ ُﻤﺜﻞ واﻟﻤﺒﺎدئ واﻟﻘﻴﻢ ،وﻛﻮﻧﻪ أﺣﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ودﻳﻤﻮﻣﺘﻪ ،واﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ إﻳﻤﺎن اﻟﻤﺮﻛﺰ ﺑﻬﺬه اﻷﻫﺪاف ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻦ َر ْﻏ َﺒ َﺘﻪ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﺪراﺳﺎت واﻷﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟ ُﻤﺘﻤﻴﺰة ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﺎرﻳﺦ وﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ وﺑﻴﺌﺔ اﻹﻣﺎراتِ ،ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ واﻟﻜُﺘﺎب اﻟﺮاﻏﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻟﻨﺸﺮﻫﺎ وﻓﻖ اﻟﺸﺮوط اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﺎب ُﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟ َﺤ ْﺠ ِﻢ ﺑﻴﻦ 300-200ﺻﻔﺤﺔ • أن ﻳﻜﻮن اﻟْ ِﻜﺘَ ِ اﻟﻌﻤﻞ ﻗَ ْﺪ ﻧ ُِﺸﺮ ِﻣﻦ ﻗَ ْﺒ ُﻞ أو ﻗُﺪم ﻟِﻠﺤﺼﻮ ِل ﻋﻠﻰ َﺟﺎﺋﺰ ٍة ُ • أﻻ ﻳﻜﻮ َن اﻟﻌﻤﻞ ُﻣﻮﺛﻘﺎ ﺑﺈدراج اﻹﺣﺎﻻت أو اﻟﻬﻮاﻣﺶ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ ُ • أن ﻳﻜﻮ َن • أن ﺗُﻜﺘَ َﺐ اﻟ َﻤﺎد ُة ِﺑﻠُ َﻐ ٍﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤ ٍﺔ و َرﺻﻴﻨ ٍﺔ ،وأن ﺗﻜﻮ َن َﻣﻄْ ُﺒﻮﻋ ًﺔ و ُﻣ َﺼﺤﺤ ًﺔ ﻟُ َﻐ ِﻮﻳّﺎً ،وﺗُ ْﺮ َﺳﻞ َﻋ ْﺒ َﺮ اﻟﺒﺮﻳﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ أو ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺮص ُﻣ ْﺪ َﻣ ٍﺞ ﻳُ ْﺮ َﺳ ُﻞ ﺑﺎﻟﺒﺮﻳﺪ اﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﻜﺎﺗﺐ ُﻣﻠَﺨﺼﺎً ﻟﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﺪود 200ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻊ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ • ﻳُ ْﺮ ِﺳ ُﻞ ُ ﺗﺤﻜﻴﻢ ﻣﺨﺘﺼ ٌﺔ ﻣﺮاﺟﻌ َﺔ اﻷﻋﻤﺎ ِل وﺗَﻘﻴﻴ ِﻤﻬﺎ وإﺻﺪا ِر ﻗﺮار ﻧِﻬﺎﺋﻲ ﺑِﺸﺄﻧِﻬﺎ. • َﺳﺘَﺘَﻮﻟﻰ ﻫﻴﺌ ُﺔ ٍ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﺟﺮا َء اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﻤﻘﺘﺮح ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ • ﻳﻠﺘﺰم ُ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻦ • ﻳُﻜﺎﻓﺄ أﺻﺤﺎب اﻷﺑﺤﺎث اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة َﻣ ْﺒﻠﻐﺎً ﻣﺎﻟﻴﺎ ﻳﺘﺮاوح ﺑﻴﻦ 3000و 4000دوﻻ ٍر أﻣﺮﻳﻜﻲ .ﻳَﺸْ َﻤ ُﻞ ُ ﻘﻮق اﻟﻨﺸﺮ واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻟ ُﻤﺪة َﺧ ْﻤ ِﺲ َﺳ َﻨ ٍ ُﺣ َ ﻮات ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟ َﻌﻘ ِْﺪ اﻟْ ُﻤ ْﺒ َﺮ ِم ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮﻛﺰ واﻟﻤﺆﻟﻒ واﻟﻠﻪ اﻟ ُﻤﻮﻓﻖ
ﻹرﺳﺎل ﻧﺼﻮص اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ﻋﻠﻰ اﻻﻳﻤﻴﻞ swzr@hotmail.com :
ﻋﺎم ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا9ﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺪد 188ﻳﻮﻧﻴﻮ 2015
٢٠١٥
ﻣﻠﻒ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ واﻟﺤﻀﺎرة رﺣﻠﺔ »اﻟﺴﻮﻳﺪي« ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ اﻟﻤﺎﻳﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ
»ﺷﺮح اﻟﻤﻨﺎﻫﻴﻞ«
رﻗﺼﺔ اﻟﺴﺮور واﻟﺴﻌﺎدة
ﻣﺴﺎﻛﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ! ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
رﻓﻴﻌﻪ اﻟﻬﺎﺟﺴﻲ :
اﻟﺰي ا ﻣﺎراﺗﻲ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﻌﻮﻳﺲ ﻋﺎﺷﻖ اﻟﺒﺎدﻳﺔ