Insta
056-6212224
056-2344383
ﺗﺮاث اGﻣﺎرات
اﻟﺮزﻳﻒ ﻣﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدى ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺣﻤﺎﺳﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻦ أﺑﺮز وأﻫﻢ اﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻳﺆدى ﻓﻲ أﻋﺮاس اﻟﺒﺪو وﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ﻣﺜﻞ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﺤﺎﻛﻢ. ﻻ ﺗﺼﺎﺣﺐ اﻟﺮزﻳﻒ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ،ﺑﻞ ﻳﺮزﻓﻪ اﻟﻤﺆدون ﺑﺪون إﻳﻘﺎﻋﺎت أو آﻻت ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ،وﺗﻘﺘﺮب ﻟﻐﺘﻪ وﻫﺰﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻴﺢ وﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻔﺨﺮ واﻟﻨﺨﻮة ،وأﺣﻴﺎ ًﻧﺎ اﻟﺤﺐ.
ﺑﺮزة ﺗﺮاث
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻓﻲ ﺻﺤﺒﺔ اﻟﻜﺘﺎب إن ﺗﺨﺼﻴﺺ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن-ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ -ﻋﺎم 2016ﻟﻠﻘﺮاءة ،ﻫﻲ دﻋﻮة ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ؛ ﻷن اﻟﻘﺮاءة ﻫﻲ اﻟﺒﺎب اﻷﻋﻈﻢ ﻟﻠﺘﻘﺪم واﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻛﺎﻓﺔ. وﻟﻠﻘﺮاءة أﻫﻤﻴﺔ أدرﻛﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻣ ّﺮ اﻟﻌﺼﻮر ﻟﺬا اﺣﺘﻠﺖ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ؛ ﻟﺪورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻔﺮد وﺗﻄﻮر اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋ ّﺪت اﻟﻘﺮاءة أﻣﺮا أﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺤﻴﺎة، ﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﺜﻞ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ: ﻻ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﺠﺴﺪ إﻻ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم واﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،ﻻ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﻌﻘﻞ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ. وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺎﻟﻘﺮاءة ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻫﻲ ﻃﻌﺎم ورﻳﺎﺿﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻐﺪو ﻓﺎرﻏﺎ، ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ إﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﺄي ﺷﻲء؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺪ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ .ﻫﺬه اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ أ ّدت إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﻣﻦ أﺳﺎﺳﻴﺎت ﻛﻞ ﺑﻴﺖ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻛﻤﺎﻟﻴﺘﻬﺎ؛ ﻟﻠﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر أﻳﻀﺎ؛ ﻟﺪورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﺌﺔ اﻷﻃﻔﺎل وﺗﺮﺑﻴﺘﻬﻢ .ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا ﺻﺎرت اﻟﻘﺮاءة ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻌﻴﺎرا ﻟﻘﻴﺎس ﺗﻄﻮر اﻷﻣﻢ ،وﻣﺪى ﺟﺪﻳﺘﻬﺎ ورﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺪم. وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻜﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﺗﻐﻨﻰ اﻟﺸﻌﺮاء وﻓﻲ ﻣﺨﻠﺺ ،ﻻ ﻳﻐﺘﺎب ﺑﺼﺤﺒﺔ اﻟﻜﺘﺎب ،وأﻧﻪ ﺧﻴﺮ ﺟﻠﻴﺲ وﺻﺎﺣﺐ ّ وﻻ ﻳﺨﻮن .وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻟﻠﻤﺘﻨﺒﻲ وﻷﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ. إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻘﺮاءة ﻟﺪى اﻟﻌﺮب ﻧﺰﻫﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ وﺻﺤﺒﺔ ﺧﻴﺮة. ﻴﺮة. ﻫﻨﺎ ﻧﺬﻛﺮ اﻟﺠﺎﺣﻆ ،ﻋﺎﺷﻖ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،اﻟﺬي ﺑﺎدﻟﺘﻪ اﻟﻜﺘﺐ ﻜﺘﺐ ﺑﺤﺐ أﻋﻈﻢ ،راﻓﻘﺘﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﺤﻈﺔ وداﻋﻪ .ﻓﻬﻮ ﻳﺮى ﺣﺒﻪ ّ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ ﻛﻞ ﺷﻲء اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﺰاح واﻟﻈﺮف ،وﻧﻄﻘﻬﺎ ﻋﻦ اﻷﺣﻴﺎء ﺣﻴﺎء واﻷﻣﻮات؛ ﻳﻌ ّﺪﻫﺎ ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ رﻏﺒﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﻇﺮوﻓﻪ. ﺣﺘﻰ ﻟﻮ إﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﻳﻜﻮن ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة ﻣﺴﺘﻤﺮا ﻟﺴﻨﻮات ،ﻰ ﺧﺼﺼﺖ ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ أﺧﺮى ،ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻘﺮاءة؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﻟﻌﺔ ﻛﺘﺎب ورﻗﻲ أو اﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻓﺤﺴﺐ ،إﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺒﺪأ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺬات ﺬات واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﻮاﻃﻦ ﻗﻮﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ،ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻀﻌﻒ ﻌﻒ
د .ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ
اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ .اﻟﻘﺮاءة ﻫﻲ ﺗﺄﻣﻞ واﻗﻊ اﻟﻔﺮد ﻓﻲ وﻃﻨﻪ واﻟﻌﺎﻟﻢ .إن ﻫﺬا اﻟﻮﻋﻲ ﺿﺮوري؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻜﺴﺐ اﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ﻋﻤﻘﺎ، ﻛﻲ ﻳﻨﺘﻔﻊ اﻟﻘﺎرئ ﺑﻤﺎ ﻗﺮأ ،ﻳﻨﺎﻗﺸﻪ ﻣﻊ ﻏﻴﺮه؛ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺆﺛﺮا ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ؛ ﻓﺎﻟﻘﺮاءة ﻓﻌﻞ ﺣﻲ ﻳﻨﻤﻮ ﺑﺎﻟﺤﻮار. ﻟﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺮاءة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣﺆﺛﺮة إﻻ إذا ﻏﺪت ﻋﺎدة داﺋﻤﺔ ،وﺳﻠﻮﻛﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎ؛ ﺗﺤﻔﺰه رﻏﺒﺔ داﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﻃﻼع اﺑﺘﻐﺎء ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺬات، وﻟﻠﻤﺘﻌﺔ واﻟﻔﺎﺋﺪة ،ﻛﻲ ﺗﺘﺴﻊ اﻟﻤﺪارك ،رﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ أﻋﻤﻖ ﻟﻠﺤﻴﺎة، و وﻋﻴﻬﺎ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ،ﺣﻴﻦ ﺗﻮﻇﻒ اﻟﻘﺪرات ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﺣﻼم اﻟﻔﺮد ،وﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻮﻃﻦ و آﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﻟﺤﺠﺰﻣﻜﺎن ﻣﺘﻘﺪم ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﺳﺘﻐﺪو اﻟﻘﺮاءة ﻋﺎدة ﻳﻮﻣﻴﺔ ،ﺣﻴﻦ ﻳﻮﻟﺪ اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻴﺠﺪ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻴﻦ أﻟﻌﺎﺑﻪ ،ﺣﻴﻦ ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻐﺮق وﻗﺘﺎ ﻣﻦ واﻟﺪﻳﻪ وأﺧﻮﺗﻪ .ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺳﻴﻜﺘﺸﻒ ﺳﺤﺮ اﻟﻘﺮاءة ،وأن اﻷﺣﺮف ﺧﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﻧﻮر .إن اﻟﻘﺮاءة ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺖ واﻟﻤﺪرﺳﺔ، ﻳﻌﺰزﻫﺎ وﺟﻮد اﻷﻧﺪﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،وﺣﻠﻘﺎت ﻧﻘﺎش اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ داﺋﺮة اﻷﺻﺪﻗﺎء واﻟﻤﺪرﺳﺔ واﻟﻌﻤﻞ ،و وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،واﻷﻧﺪﻳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ، وﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺮاءة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،و اﻟﻜﺘﺎب ﺻﺪﻳﻖ داﺋﻢ ،ﻧﻜﻮن أوﻓﻴﺎء ﻟﻪ ﻣﺘﻮاﺻﻠﻴﻦ ،وﻧﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﻫﺠﺮه
ﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻷول اﻟﺬي ﻳُﻌﺪ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﺣﻜﺎم إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﺑﻴﻦ 1855و1909م. وﺗﻀﻢ ﻗﺎﻋﺔ آﺧﺮى ﺗﺤﺖ اﺳﻢ »ﺣﻤﺎة اﻟﻮﻃﻦ« ﻣﻘﺘﻨﻴﺎت وﺷﺎﺷﺎت إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﺗﺤﻜﻲ ﺗﻄﻮر اﻟﻘﻮات اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﺼﻮر ﺷﻬﺪاء اﻟﻮﻃﻦ واﻟﻮاﺟﺐ ﻛﻤﻨﺼﺔ ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﺒﻄﻮﻻﺗﻬﻢ وﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﻢ. ﺗﺴﺘﻤﺮ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺑﻴﻦ أروﻗﺔ اﻟﻘﺎﻋﺎت ﺣﺘﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻗﺎﻋﺔ ﻟﻴﻮا اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺛﻖ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻷﻓﻼم اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻴﺔ واﻟﺼﻮر اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن »ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه« ﺑﺎﻟﺰراﻋﺔ وﺗﺤﻮﻳﻠﻪ رﻣﺎل اﻹﻣﺎرات إﻟﻰ واﺣﺔ ﺧﻀﺮاء. ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺘﻮي ﻣﻌﺮض اﻷرﺷﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺔ »زاﻳﺪ ﻣﺴﻴﺮة ﺗﻠﻬﻢ اﻷﺟﻴﺎل« اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺳﻴﺮة اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻨﺬ وﻻدﺗﻪ ﻓﻲ 1918وﺣﺘﻰ ﻋﺎم 2021م ﻋﺎم رؤﻳﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ اﻣﺘﺪا ًدا ﻟﺘﻄﻠﻌﺎﺗﻪ ورؤاه اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ. وﺗﺤﺘﻮي ﻗﺎﻋﺔ اﻻﺗﺤﺎد -ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﻴﺮة اﻻﺗﺤﺎد وﻣﺮاﺣﻞ ﻗﻴﺎﻣﻪ- اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎت اﻟﺘﺴﺠﻴﻼت اﻟﺼﻮﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﺮق ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻋﺮﺑﻴﺔ وﻋﺎﻟﻤﻴﺔ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺘﻌﺮض ﻗﺎﻋﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺼﻮرة واﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺤﺼﻦ اﻟﺪاﺋﺮي ﻓﻲ إﺣﺪى زواﻳﺎ اﻟﻤﻌﺮض ﻓﻴﺄﺧﺬ اﻟﺰاﺋﺮ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻓﺘﺮاﺿﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺷﺎﺷﺎت اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻦ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺿﻲ اﻹﻣﺎرات وﺣﺎﺿﺮﻫﺎ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
129
ĊěĎŃ ﺗﺮﻛﺐ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺨﻴﻤﺔ أي ﻧﻘﻮش ﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد. أﻣﺎ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ﻓﺘﺘﻮﺳﻄﻬﺎ ﺧﻴﻮط ﺑﻴﻀﺎء ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ،وﻋﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺴﺪو اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ رﻛﻮب اﻹﺑﻞ ﻫﻨﺎك )اﻟﺴﺎﺣﺔ( وﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻣﺴﺘﻄﻴﻠﺔ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺠﻤﻞ. وأﺿﺎﻓﺖ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﻄﻌﺔ ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ ﺑﺨﻄﻮط ﻣﺘﻌﺮﺟﺔ ﺗﺰﻳﺪﻫﺎ ﺟﻤﺎﻻُ وﺗﻤﻴﺰا ً ،وﻣﻦ أدوات اﻟﺠﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم إﻟﻰ اﻷن اﻟﺨُﺮج ِ واﻟﺸﻤﺎﻟﻪ واﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺿﺮع اﻟﻨﺎﻗﺔ ،وﻋﺘﺎق وﻣﻨﺘﺠﺎت أﺧﺮى ﻛﺎﻟﺒِﻄﺎن واﻟﺰوار واﻟﻤﺤﻘﺒﺔ ،وﻛﻠﻬﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ راﻛﺒﻲ اﻟﺠﻤﺎل. اﻟﺨﻮص ،ﺟﻮد اﻟﻨﺨﻠﺔ
ﺗﺸﺎرك اﻟﺴﻴﺪة أم راﺷﺪ ﺿﻤﻦ اﻟﻠﻮاﺗﻲ إﺧﺘﺮن إﻇﻬﺎر واﺳﺘﻌﺮاض ﻣﻬﺎراﺗﻬﻦ وإﺗﻘﺎﻧﻬﻦ ﻟﻠﺤﺮف اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ أﻣﺎم ﺟﻤﻬﻮر وزوار اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن، وﻫﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺣﺮﻓﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺨﻮص. ﺗﺤﺪﺛﺖ أم راﺷﺪ ﻋﻦ ﻃﺮق وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺻﻨﻊ اﻟﺨﻮص ﺗﻘﻮل :اﻷﻣﻬﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛُﻦ ﻳﺼﻨﻌﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻦ ﻣﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮه اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﻦ ﻣﻦ ﻣﻮاد أوﻟﻴﺔ ﺗﺸﻤﻞ أدوات اﻟﺒﻴﺖ وﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺗﻪ ،ﻟﺬا اﺳﺘﺨﺪﻣﻦ ﻣﺎ ﺗﺠﻮد ﺑﻪ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ واﻷدوات اﻟﻘﺸّ ﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮزع
واﻟﻤﺸﺐ واﻟﻤﺪﺧﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أرﻛﺎن اﻟﺒﻴﺖ ﻣﺜﻞ) :اﻟﺴﺮود واﻟﻤﺒﺮدة ّ واﻟﻤﻬﻔﺔ واﻟﺠﻔﻴﺮة(. ﻛﻤﺎ أﻛﺪت :أن اﻟﻤﺮأة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪﻳﻤﺎً ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺒﻄﻴﻦ اﻟﺒﻴﻮت ﺑﺎﻟﺤﺼﺮ اﻟﻤﺰﺧﺮﻓﺔ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻮص اﻟﻨﺨﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻔﻴﺎت أوانٍ ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ ﻛﺎﻷﻃﺒﺎق واﻟﺤﺼﻴﺮ. وﺗﻮﺿﺢ اﻟﺴﻴﺪة :أن أدوات اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺨﻮص ﻫﻲ اﻟﻴﺪﻳﻦ واﻷﺳﻨﺎن أوﻻً ،ﺛﻢ اﻷدوات اﻟﻤﺪﺑﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻤﻘﺺ واﻟﻮﻋﺎء اﻟﺬي واﻟﻤﺨﺎرز اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻣﻘﺎم اﻹﺑﺮةً ، ﺗﻐﻤﺮ ﻓﻴﻪ أوراق اﻟﻨﺨﻴﻞ؛ ﻣﺸﻴﺮ ًة إﻟﻰ أن ﻣﻦ أﻫﻢ اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻨﻪ اﻟﺴﻼل واﻟﺤﺼﻴﺮ واﻟﺴﻔﺮة واﻟﻤﻜﺎﻧﺲ واﻟﻤﺼﺎﻓﻲ ،وﺳﻼل اﻟﺤﻤﺎﻻت اﻟﻜﺒﻴﺮة. أﻧﻮاع اﻟﺨﻮص
ﺗﺒﻴﻦ أم راﺷﺪ :أن ﻟﻠﺨﻮص ﻧﻮﻋﻴﻦ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻫﻮ )اﻟﻠّﺒﺔ( وﻫﻮ ﻟﻴﻦ وﺻﻐﻴﺮ اﻟﺤﺠﻢ ﻧﺎﺻﻊ اﻟﺒﻴﺎض وﻳﺴﻬﻞ ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﻋﻤﻞ أﺷﻴﺎء ﻣﻌﻴﻨﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺑﻘﻴﺔ ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻫﻮ ﻃﻮﻳﻞ وﺧﺸﻦ وﻳﺠﺐ ﻏﻤﺮه ﺑﺎﻟﻤﺎء ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻴﻦ ﻟﻴﺴﻬﻞ ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ .وﻳﻤﻜﻦ ﺻﺒﻎ اﻟﺨﻮص ﺑﻌﺪة أﻟﻮان ﻏﻴﺮ اﻷﺑﻴﺾ ،ﻣﺜﻞ اﻷﺧﻀﺮ ،واﻟﻌﻨﺎﺑﻲ ،واﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻲ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﺄﺻﺒﺎغ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻓﻲ ﻣﺤﻼت اﻟﻌﻄﺎرة. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺻﺒﻎ اﻟﺨﻮص ﻓﺘﻮﺿﺢ أم راﺷﺪ :ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻏﻠﻲ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ وﻋﺎء ﻛﺒﻴﺮ ﺛﻢ وﺿﻊ اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻓﻴﻪ، ﺛﻢ وﺿﻊ اﻟﺨﻮص وﺗﺮﻛﻪ ﻟﻤﺪة ﺧﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﺛﻢ وﺿﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻈﻞ. أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺨﻮص اﻷﺑﻴﺾ ﻓﺘﻮﺿﺢ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻫﺬا اﻟﻠﻮن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻌﺮﺿﻪ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻓﻴﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﻷﺧﻀﺮ إﻟﻰ اﻷﺑﻴﺾ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ، ﺗﺒﺪأ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺨﻮص وذﻟﻚ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺟﺪﻳﻠﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ وﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻨﺘﺞ وﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺑﺮة ﻋﺮﻳﻀﺔ وﻃﻮﻳﻠﺔ وﺧﻴﻂ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻮف. وﺧﺘﻤﺖ اﻟﻮاﻟﺪة ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ :ﻟﻢ ﺗﻨﺪﺛﺮ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻮﺟﻮدة وﻣﺤﺒﺒﺔ ﻟﺪى أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ،ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺪات اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﻳﻘﻤﻦ ﺑﺘﻌﻠﻢ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ وذﻟﻚ ﺿﻤﻦ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺬي ﺗﺘﺒﻌﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﺼﺪد ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺈﻋﺠﺎب اﻟﺴﻴﺎح اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺸﺮاﺋﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﻌﺮﻫﺎ. ذاﻛﺮة وﻃﻦ
ﻳﺴﺘﻮﻗﻔﻚ ﺟﻨﺎح اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﺘﺼﻤﻴﻤﻪ اﻟﺠﺬاب ،ﻓﻮر دﺧﻮﻟﻚ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻚ ﻓﻲ وﺳﻂ ﻣﺒﻨﻰ أﺛﺮي ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻛﻘﻠﻌﺔ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ أو ﻗﺼﺮ اﻟﻤﻮﻳﺠﻌﻲ .اﻟﺠﻨﺎح ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻋﺪدة ﻗﺎﻋﺎت ﺗﻌﺮض ﺻﻮ ًرا ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﻧﻮراﻣﻲ ﻣﺜﻴﺮ وﺷﻴﻖ ﻛﺮﺣﻠﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ. ﺗﻀﻢ إﺣﺪى ﻗﺎﻋﺎت اﻟﺠﻨﺎح ﺷﺠﺮة ﻋﺎﺋﻠﺔ آل ﻧﻬﻴﺎن ،وﻫﻨﺎك ﺟﻨﺎح 128
ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
ﺗﻮﻗﻔﺖ أﻣﺎم ﻛﻮخ ﺗﺠﻠﺲ أﻣﺎﻣﻪ ﺳﻴﺪة ﺑﻜﺎﻣﻞ زﻳﻬﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اSﻧﻴﻖ ،ﻣﻨﻬﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،اﺳﺘﺄذﻧﺘﻬﺎ ﺳﺎﺋﻠﺎً ﻋﻦ ﻣﻬﻨﺘﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ :أﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ »اﻟﺘﻠﻲ« ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻣﺎ ،وأﻛﺪت ُﻣﻬﺮة اﻟﻤﻬﻴﺮي أﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ً ﺣﺮف ﻛﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اGﻣﺎرات ﻻ زﻟﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎت ﻋﻠﻰ ٍ ﻳﺪوﻳﺔ ﻣﺘﻮارﺛﺔ ،وﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ اﻟﺘ ّﻠﻲ.
وﺗﻤﻴﺰﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻛﺪت أن أﺟﻬﺰة اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻠّﻲ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺠﻮدة ،ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻛﺤﺮﻓﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻛﺎﻣﻞ. وﻋﻨﺪ ﺳﺆاﻟﻬﺎ ﻋﻦ اﻫﺘﻤﺎم اﻹﻣﺎراﺗﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺼﺎﻋﺪ ﺑﺎﻟﻤﻬﻨﺔ وﺗﻌﻠﻤﻬﺎ ،أﻛﺪت أن ﻫﻨﺎك ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻳﺮﻏﺒﻦ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻤﻬﻨﺔ، ﻓﺤﻀﻮرﻫﻦ ﻟﻮرش اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻤﻬﺎ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﻟﻤﺪارس ﺧﻴﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻗﺪ ﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻲ ﻋﺪة ورش. اﻟﺴﺪو ..ﺻﺒﺮ وإﺑﺪاع
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻠﻲ ﻫﻨﺎك ﻣﻬﻦ ﺗﺮاﺛﻴﺔ اﺧﺮى ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺤﻴﺎﻛﺔ وﻣﻨﻬﺎ )اﻟﺴﺪو( ﺗﺆﻛﺪ ﺣﺼﺔ اﻟﺪرﻋﻲ أن اﻟﻤﺮأة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ وﻣﻨﺬ ﻋﺼﻮر أﺑﺪﻋﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻴﺪوﻳﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام )اﻟﺴﺪو(؛ وﻫﺬا ﻳﺒﺮز ﻗﻮة اﻹرادة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ؛ ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ )ﺑﺎﻟﺴﺪو( ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ وﻗﺖ وﺻﺒﺮ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻹﺑﺪاع واﻻﺑﺘﻜﺎر ﻓﻲ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺎﻫﻲ اﻷﻟﻮان اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ. وﻋﻦ اﻟﺴﺪو ﺗﻘﻮل اﻟﺪرﻋﻲ ﻣﻌﺮﻓ ًﺔ ﺑﻪ :ﻳﺸﺒﻪ )اﻟﻨﻮل( اﻟﻤﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﺴﻴﺞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ أرﺑﻊ ﻗﻄﻊ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ،اﻟﺠﺰء اﻟﻄﻮﻟﻲ ﻳﺴﻤﻲ )اﻟﺴﻴﺪا( أﻣﺎ اﻟﻌﺮﺿﻲ ﻓﻬﻮ )اﻟﻨﻴﺮة( ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺴﺘﻄﻴﻞ ،ﺗﺸﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺪو اﻟﺨﻴﻮط ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻄﻮﻟﻲ ،ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺸﺒﻴﺔ ﻣﺮﺑﻮﻃﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﻮط ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺮﺿﻲ؛ ﻹدﺧﺎﻟﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻄﻮﻟﻴﺔ. وﺗﻔﻴﺪ اﻟﺪرﻋﻲ :أن ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺴﺪو ﻛﺜﻴﺮة ،وﻣﻨﻬﺎ؛)اﻟﻌﺸﻴﺮﻳﺔ( اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﺠﺎدة ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ أرﺑﻊ ﻗﻄﻊ ﻃﻮﻟﻴﺔ أو ﺛﻼث ﻳﺘﻢ ﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ،وﻫﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﻔﺎﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺴﻴﺪات وﻣﺠﻠﺲ اﻟﺮﺟﺎل ،أو ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺠﻠﺲ وﻏﺮﻓﺔ اﻟﻨﻮم ﻓﻲ اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ،وأﻟﻮاﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﻣﻮاد ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ وﻣﻦ أﺷﻬﺮﻫﺎ اﻷﺣﻤﺮ واﻷﺧﻀﺮ. وأﺿﺎﻓﺖ ﺣﺼﺔ اﻟﺪرﻋﻲ أن ﻣﻦ أﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت أﻳﻀً ﺎ )ﺑﻴﻮت اﻟﺸﻌﺮ( اﻟﺘﻲ ﺗ ُﺼﻨﻊ ﻣﻦ وﺑﺮ اﻹﺑﻞ اﻟﺨﺸﻦ أﺳﻮد اﻟﻠﻮن؛ وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻲ ﺳﺎﻛﻨﻴﻬﺎ ﺑﺮد اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺸﺪﻳﺪ ،وﺗﺘﺪاﺧﻞ اﻟﺨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻋﺪة ﻗﻄﻊ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
127
ĊěĎŃ
ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺤﻀﺎرات
أﺑﻮﻇﺒﻲ -اﻟﻔﺎﺿﻞ أﺑﻮﻋﺎﻗﻠﺔ
ﻓﻮر ﻣﺮورك ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﺗﺠﺪ ﻧﻔﺴﻚ داﺧﻞ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻟﻠﺤﻀﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻮرﺛﺎﺗﻬﺎ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ. ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻚ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺑﻮاﺑﺎت ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻣﺎرات وﻗﺼﺺ أﻣﺠﺎدﻫﺎ ،ﻳﻀﻌﻚ أﻣﺎم ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﺮاث أرﺟﺎء أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻤﻮرة ،وﻛﺄن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺴﺎﻓﺮ إﻟﻴﻚ ،وﻛﺄن ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻮﺛﺒﺔ ﻗﺪ اﺧﺘﺰﻟﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن وزﻣﺎن اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن. ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺟﻮﻟﺘﻚ داﺧــﻞ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺗﻘﺎﺑﻠﻚ اﻷﻫﺎزﻳﺞ واﻟﺮﻗﺼﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺧﺼﺼﺖ ﻟﺬﻟﻚ، »اﻟﻌﻴﺎﻟﺔ« اﻟﺮﻗﺼﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻷﺷﻬﺮ ،وﻋﺮوض »اﻟﻴﻮﻻ« ﺗﻤﻸ اﻟﻤﻜﺎن ﻓﺮ ًﺣﺎ واﺣﺘﻔﺎ ًء ﺑﺘﺮاث اﻷﺟــﺪاد ،وﺗﺠﻌﻞ اﻟﺴﺆال ﻳﺘﺴﻠﻞ ﻟﻨﻔﺴﻚ :ﻫﻞ ﻫﻜﺬا ﻛﺎن ﻳﻔﺮح أﺟﺪادﻧﺎ؟ ﺗﻜﻤﻞ ﺟﻮﻟﺘﻚ ﻓﺘﺸﺎﻫﺪ أﻛﻮاﺧًﺎ ﻋﺮﺷﺖ ﺑﺎﻟﺴﻌﻒ ،أﺳﺎﺳﻬﺎ ﺟﺬوع ﻧﺨﻞٍ ،ﺻﻨﻌﺖ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻟﺘﺤﺎﻛﻰ ﺷﺒﻴﻬﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻮر ،ﻳﺠﻠﺲ أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻧﺴﺎء ﺗﻤﺎرﺳﻦ ﻣﻬ ًﻨﺎ وﺣﺮﻓًﺎ ﻳﺪوﻳﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻫﺪوء وﺳﻜﻮن وﺗﺮﻛﻴﺰ ﻋﺎل .ﻟﻠﺤﻈﺔ ﺗﺸﻌﺮ ﺣﻘﻴﻘ ًﺔ أن اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﻋﺎد ﺑﻚ ﻷزﻣﺎنٍ ﻏﺎﺑﺮة. 126
ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
ﺗ ّﻠﻲ ﺑﻮادل ،ﺗﻠﻲ ﺑﺘﻮل
ﺗﻮﻗﻔﺖ أﻣﺎم ﻛﻮخ ﺗﺠﻠﺲ أﻣﺎﻣﻪ ﺳﻴﺪة ﺑﻜﺎﻣﻞ زﻳﻬﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻷﻧﻴﻖ ،ﻣﻨﻬﻤﻜﺔ ﺳﺎﺋﻼ ﻋﻦ ﻣﻬﻨﺘﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ :أﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ »اﻟﺘﻠﻲ« ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،اﺳﺘﺄذﻧﺘﻬﺎ ً ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ًﻣﺎ ،وأﻛﺪت ُﻣﻬﺮة اﻟﻤﻬﻴﺮي أﻧﻬﺎ ﻛﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اﻹﻣﺎرات ﻻ زﻟﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎت ﻋﻠﻰ ٍ ﺣﺮف ﻳﺪوﻳﺔ ﻣﺘﻮارﺛﺔ ،وﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ اﻟﺘﻠّﻲ. ً وﺗﻘﻮل اﻟﻤﻬﻴﺮي ُﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺤﺮﻓﺔ اﻟﺘﻠّﻲ :إﻧﻬﺎ ﺣﺮﻓﺔ ﻣﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ ،ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﺎدةً ،وﺗﺴ ّﻤﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ »ﺗﻠّﻲ ﺑﻮادل« أو »ﺗﻠّﻲ ﺑﺘﻮل« ،ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻠّﻲ وﻫﻮ :ﺷﺮﻳﻂ ﻣﺰرﻛﺶ ﺑﺨﻴﻮط ﻣﻠﻮﻧﺔ أﺑﻴﺾ وأﺣﻤﺮ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ،وﺧﻴﻮط ﻓﻀﻴّﺔ ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ. وﻋﻦ اﻷداة اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﺗﻘﻮل :ﻧﺴﺘﺨﺪم »اﻟﻜﻮﺟﺔ« ﻓﻲ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻠّﻲ، واﻟﻜﻮﺟﺔ ﻫﻲ اﻷداة اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﻄﺮﻳﺰ ،وﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻗُﻤﻌﻴﻦ ﻣﻠﺘﺼﻘﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺮأس ،وﺑﻬﻤﺎ ﺣﻠﻘﺘﺎن ﻋﻠﻰ إﺣﺪى اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ وﺳﺎدة داﺋﺮﻳﺔ ﺗ ُﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻴﻮط اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻄﺮﻳﺰ ،وأﻓﺎدت ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻮﺿﻊ ﻛﺰﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. وأﺿﺎﻓﺖ اﻟﻤﻬﻴﺮي :أن اﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﻤﺰﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺘﻠّﻲ ﺗﻠﻘﻲ رواﺟـﺎً ﻟﺠﻤﺎﻟﻬﺎ
ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺒﺪوي
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ اﻟﺘﻤﺴﺎح وﻻ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ اﻟﻔﻼح ﺗﺰﺧﺮ ﻣﺼﺮ ﺑﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻋﺪﻧﺎﻧﻴﺔ وﻗﺤﻄﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﻘﺮت ﻓﻲ ﻛﻞ رﺑﻮﻋﻬﺎ ،ﻣﻨﺬ ﻫﺠﺮاﺗﻬﺎ اﻟﻤﺒﻜﺮة ،واﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺒﻌﺾ أﻧﻬﺎ اﻗﺘﺼﺮت ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮة اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺆﻛﺪ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻫﺠﺮاﺗﻬﻢ اﻟﻤﺒﻜﺮة إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ اﻷﺳﺮة اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ اﻷوﻟﻰ، ﺳﻮاء ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة ﺳﻴﻨﺎء ،أو اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ. ﻓﻘﺪ أﻛﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﻴﺮودوت واﺳﺘﺮاﺑﻮن ﻋﻠﻰ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ،وﻣﺪن اﻟﺼﻌﻴﺪ ،وﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﺘﺠﺎرة واﺧﺘﻼﻃﻬﺎ ﺑﺄﻫﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪن .وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﺮة اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺪ ﺷﻬﺪت اﻟﻤﻮﺟﺔ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻫﺠﺮات اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻤﺼﺮ ،وﺗﻤﺮﻛﺰﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل، ﺛﻢ ﺗﻮﻏﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ وأﻃﺮاﻓﻪ ،ﻟﺘﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ رﺑﻮع ﻣﺼﺮ، ﺷﻤﺎﻟﻬﺎ وﺟﻨﻮﺑﻬﺎ وﺷﺮﻗﻬﺎ وﻏﺮﺑﻬﺎ ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺠﺪوا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻏﺮﺑﺎء، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻬﻢ ،وﻳﻌﺮﻓﻮن ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺐ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ وﻣﺸﻜﻼت أﻫﻠﻬﺎ وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ. ورﻏﻢ ﻗﺪم اﻟﺘﻮاﺟﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،واﻧﺘﺸﺎرﻫﻢ واﺧﺘﻼﻃﻬﻢ ﺑﺴﻜﺎن اﻟﻘﺮى واﻟﻤﺪن ،إﻻ أن اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻤﻴﺰت ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﺧﺎﺻﺔ، ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﻧﻈﻤﺖ ﺷﺌﻮن ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻧُﻈﻢ زواج أﺑﻨﺎؤﻫﻢ وﺑﻨﺎﺗﻬﻢ .ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻮﻟﺪ ﻣﺘﻤﻴ ًﺰا ﻓﻲ زواﺟﻪ ،وﺗﺘﻨﻮع أﻣﺎﻣﻪ ﻓﺮص اﻻﺧﺘﻴﺎر ،ﻓﻘﺪ ﻳﺨﺘﺎر اﻟﺰواج ﻣﻦ اﺑﻨﻪ ﻋﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ أو اﺑﻨﺔ ﻗﺒﻴﻠﺔ أﺧﺮى ،أو ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻓﺈن زواج اﻟﻔﺘﺎة ﻛﺎن ﻟﻪ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺨﺎص اﻟﺬي ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ اﻟﺘﻤﺴﺎح وﻻ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ اﻟﻔﻼح. وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن زواج اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻗﺎﺻ ًﺮا ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﻋﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،أو أﺑﻨﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺧﺮى؛ ﻟﺘﻘﻮﻳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺼﻌﺐ ﻗﺒﻮل زواﺟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ،وﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺬي اﻃﻠﻘﻪ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻘﺮى واﻟﻤﺪن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻜﻨﻮن أرض اﻟﻄﻴﻨﺔ وﻓﻖ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻬﻢ ﻳﺴﻜﻨﻮن وﻳﺰرﻋﻮن اﻷراﺿﻲ اﻟﻄﻴﻨﻴﺔ اﻟﻤﺠﺎورة ﻟﻨﻬﺮ اﻟﻨﻴﻞ. وﺑﺎﺳﺘﻘﺮاء اﻟﺘﺮاث اﻟﺒﺪوي ،وﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻪ ﻟﻔﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻪ
د .إدرﻳﺲ ﺳﻠﻄﺎن ﺻﺎﻟﺢ
ﻋﻠﻰ زواج اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻳﺘﻀﺢ أن ﻫﺬه اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻮﻋﺖ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻤﻦ ﺧﻠﻔﻬﺎ ،ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺮ ﻣﻨﻬﻢ أن اﻟﻔﻼح ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ أﺟﻴ ًﺮا ﻓﻲ زراﻋﺔ اﻷراﺿﻲ واﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﻠﻜﻬﺎ اﻷﻣﺮاء وﻛﺒﺎر رﺟﺎل اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺷﺎﻫﺪوا ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻫﺆﻻء اﻟﻔﻼﺣﻴﻦ وإذﻻﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﻳﺪي ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ ،ﺑﻌﻜﺲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻻﺣﺘﺮام واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺪﻧﺖ اﻟﻨﻈﺮة ﻟﻠﻔﻼح وأﻋﺘﺒﺮوه أﻗﻞ ﺷﺄﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﺷﺨﺼﺎ ﻣﻌﺮوف اﻷﺻﻞ واﻟﻨﺴﺐ ،ﻳﺴﻬﻞ وﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺮ أن اﻟﻌﺮﺑﻲ ً ﻣﻌﺮﻓﺔ إﻟﻰ أي اﻟﺒﻴﻮت واﻟﻔﺮوع واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﻨﺘﻤﻲ ،وﻳﺴﻬﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ وﺟﻬﺎء ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ أو ﺷﻴﻮﺧﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻳﺮون ﺷﺌﻮﻧﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﻟﻠﺘﺸﺎور ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻞ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻄﺮأ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت ﻓﻲ أﻣﻮر اﻟﺰواج ﺟﺎﻫﻼ ً واﻟﻄﻼق ،ﺑﻌﻜﺲ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﻼح اﻟﺬي ﻳﺮوﻧﻪ ﻷﺻﻮﻟﻪ وﻧﺴﺒﻪ ،وﺑﺎﻟﻜﺎد ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺟﺪه اﻟﺮاﺑﻊ أو اﻟﺨﺎﻣﺲ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ إدراك ﻋﺎداﺗﻬﻢ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ ،ﻣﻤﺎ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ اﻟﻤﺘﺒﺎدل ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻨﻪ. وﻣﻊ ﺗﻄﻮر اﻟﺤﻴﺎة وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻬﺎ ،واﻧﺘﻘﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ أو أﻓﺮاد ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻘﺮى ،واﺳﺘﻘﺮارﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،واﺧﺘﻼﻃﻬﻢ ﺑﺴﻜﺎﻧﻬﺎ ،واﻧﺘﻘﺎل اﻟﺒﻌﺾ اﻷﺧﺮ ﻟﻠﻤﺪن ،ﺳﻮاء ﻟﻠﻌﻤﻞ أو اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﺗﺰاﻳﺪ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻔﺘﻴﺎت ،ﻓﻘﺪ ﺗﻐﻴﺮت ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﺎدات ،ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺳﻦ زواج اﻟﻔﺘﺎة ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﺘﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ،ﺑﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن زواﺟﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﺒﻠﻮﻏﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘًﺎ ،وأُﺗﻴﺤﺖ ﻟﻬﺎ ﺣﺮﻳﺔ اﺧﺘﻴﺎر زوﺟﻬﺎ ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻧﺘﻤﺎءه اﻟﻘﺒﻠﻲ ،ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺰوج ﻣﻨﺎﺳ ًﺒﺎ ﻟﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ زواﺟﻬﺎ ﻗﺎﺻ ًﺮا ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن. ورﻏﻢ اﻗﺘﻨﺎع ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮب اﻷن ﺑﺎﻧﺪﺛﺎر اﻟﺘﻤﺴﺎح اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﻴﻔًﺎ ﻣﺴﻠﻄًﺎ ﻋﻠﻰ رﻗﺎب ﻓﺘﻴﺎﺗﻬﻢ ،إﻻ أن اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻻ زال ﻳﺸﻬﺪ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺾ أﺑﻨﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺘﻤﺎﺳﻴﺢ ،اﻋﺘﻘﺎ ًدا ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻷﻓﻀﻞ ،ﻓﻬﻞ ﺣﻘًﺎ اﻟﺘﻤﺴﺎح أﻓﻀﻞ؟ أﺳﺘﺎذ ﻣﺸﺎرك ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﻨﻴﺎ -ﻣﺼﺮ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
125
ĊěĎŃ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻇﺎﻫﺮة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻ زﻣﻦ وﺣﺪود ﻟﻬﺎ ،ﺑﺮزت ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺘﺮات اﻟﺘﺎرﻳﺦ وأﺛﺮت ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﺗﺤﺪﻳﺪاً اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اGﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮاً ﺑﻠﻴﻐ ًﺎ .وﺗﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﻈﻬﺮاﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ gﺧﺮ وﻣﻦ ﻓﺘﺮة Sﺧﺮى ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واGﻃﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﻤﺘﺰاﻣﻦ. أﻗﻠﻴﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﺧﻼل اﻹﺳﻼم دار ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ وﻓﻲ دراﺳﺘﻬﺎ )اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻓﻲ دراﺳﺘﻪ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان )أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻮارع ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ اﻟﻘﺮون اﻟﻬﺠﺮﻳﺔ اﻷرﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ( أﺷﺎرت اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳﻠﻮى ﺑﻠﺤﺎج ﺻﺎﻟﺢ -ﻋﺸﺮ( ﺗﻨﺎول اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺠﻤﻮﺳﻲ ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم ﺗﻮﻧﺲ ،إﻟﻰ أن »دار اﻹﺳﻼم« ﻟﻢ ﺗﺨﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام ﻣﻦ وﺟﻮد أﻗﻠﻴﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ – ﺻﻔﺎﻗﺲ– ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻈﺎﻫﺮ »اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ« ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ دﻳﻨﻴﺔ ،وﻛﺎن وﺿﻊ ﻫﺬه اﻷﻗﻠﻴﺎت داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ أو ﻓﻲ ﻇﻞ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ واﺗﺴﺎع رﻗﻌﺘﻬﺎ ،وﻗﺎل إﻧﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮ واﺿﺢ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺤﻞ اﻫﺘﻤﺎم رﺟﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺤﻞ اﻫﺘﻤﺎم ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻒ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺗﻔﻜﻜﻬﺎ وﻋﺪم ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﻘﺮ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎء وﻣﻔﺴﺮﻳﻦ وﻣﺤﺪﺛﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن واﻟﺤﺮﻣﺎن ﻟﺪى »أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻮارع« .ﻻﻓﺘًﺎ إﻟﻰ أن ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﺗﻔﺎﻗﻤﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻮﺳﻴﻂ »ﻣﺠﺘﻤﻌﺎً ﺑﺎﻋﺘﻤﺎد ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺒﺎﻳﺎت ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻗﻤﻌﻴﺔ ﺟﺎﺋﺮة ﺗﺠﺎه اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻔﻘﻴﺮة دﻳﻨﻴﺎً« ﺗﺘﺤﺪد ﻓﻴﻪ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻔﺮد أو اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ وﻓﻖ اﻧﺘﻤﺎﺋﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻲ .واﻟﻤﺴﺤﻮﻗﺔ ،رﻏﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺮدع وإﻳﻘﺎف ردود اﻟﻔﻌﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺗﻀﺨﻤﻬﺎ. ﻓﻦ وﻋﻠﻢ »اﻟﻨﺎرﻧﺠﻴﺎت« واﻧﺘﻬﻲ اﻟﺠﻤﻮﺳﻲ إﻟﻰ أن اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻇﺎﻫﺮة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻ زﻣﻦ وﺣﺪود ﺗﺘﺒﻊ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻤﺮو ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻣﻨﻴﺮ -ﻓﻰ دراﺳﺘﻪ )اﻟﻤﺸﻌﻮذون ﻟﻬﺎ ،ﺑﺮزت ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺘﺮات اﻟﺘﺎرﻳﺦ وأﺛــﺮت ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ( ﺟﺬور ﺗﺮاث ﻓﻦ وﻋﻠﻢ وﺗﺤﺪﻳﺪا ً اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮا ً ﺑﻠﻴﻐﺎً .وﺗﺨﺘﻠﻒ »اﻟﻨﺎرﻧﺠﻴﺎت« اﻟﻤﻬﻤﺶ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻣﺴﺘﻌﺮﺿً ﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ دارت ﺗﻤﻈﻬﺮاﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻵﺧﺮ وﻣﻦ ﻓﺘﺮة ﻷﺧﺮى ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت ﻋﻨﻪ وﻋﻦ ﻻﻋﺒﻴﻪ وأﺑﻌﺎد اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ اﻟﺴﺤﺮ اﻟﻤﺤﺮم ،وﺗﻄﺮق إﻟﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻹﻃﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﻤﺘﺰاﻣﻦ. اﻟﻤﺸﺘﻐﻠﻴﻦ ﺑﺎﻷﻟﻌﺎب اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ وأﺻﻨﺎﻓﻬﻢ وﻃﺮﻗﻬﻢ ﻓﻲ اﻻﺣﺘﻴﺎل أو وﻓﻲ دراﺳﺔ ﻟﻪ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان )دور اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ إﻣﺎرة آل رﺷﻴﺪ اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ﺑﺎﻷﻟﻌﺎب اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ وأﻣﺎﻛﻦ أداء اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ وﺧﻔﺔ اﻟﻴﺪ 1340–1250 ،ﻫـ1920 – 1834/م( أﺷﺎر اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﻠﻴﻒ اﻟﺼﻐﻴﺮ وﻣﻮﻗﻒ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ ،ودور اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺸﻤﺮي ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺣﺎﺋﻞ ،اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻌﺒﻴﺪ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ وﺧﻔﺔ اﻟﻴﺪ واﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻜﺘﻮب ﻓﻲ ذﻟﻚ -وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﻟﻌﺒﻮا أدوارا ً ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪﻳﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﺎﻫﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﻞ -وأﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻔﻦ ﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ إﻣﺎرة آل رﺷﻴﺪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰءا ً رﺋﻴﺴﻴﺎً ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺷﻤﺎل اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد رﻗﻌﺘﻪ. وﺳﻌﻰ ﺧﻠﻴﻒ إﻟﻰ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺔ اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ إﻣﺎرة آل رﺷﻴﺪ ﻓﻲ ﻧﺠﺪ ﻣﺴﺘﻘﺼﻴﺎ ﻓﺌﺔ ﺗﻮاﺻﻴﻒ اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻬﻢ ،وﻣﺮاﻛﺰ اﺳﺘﻘﺮارﻫﻢ ﻓﻲ ﺑﻠﺪات اﻹﻣــﺎرة ،وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺣﻜﺎم إﻣﺎرة ﺑﻴﻀﺔ اﻟﻴﻮم ،وﻻ دﺟﺎﺟﺔ ﺑﺎﻛﺮ اﻟﺮﺷﻴﺪ ﻣﻌﻬﻢ ،وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻬﺎ ،وأﺑﺮز أي ﻧﺄﻛﻞ اﻟﻴﻮم ﻣﻤﺎ ﻣﺘﻮﻓّﺮ وﻫﻮ اﻟﺒﻴﻀﺔ ،وﻻ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﻟﻨﺄﻛﻞ اﻟﺪﺟﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺪ. ﻫﺆﻻء اﻟﻌﺒﻴﺪ ،واﻷدوار اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻬﺎ واﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﻳﻀﺮب ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺸﻲء اﻟﻤﺤﺴﻮس ،ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻐﻴﺐ. اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻠﻤﻮﻫﺎ
124
اﻟﺘﻄﺮف وﻟﻴﺪ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ
أﺻﺒﺢ ﻟﺰاﻣ ًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ إﻋﺎدة ﻗﺮاءة اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﺮدﻳﺎت وﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ووﺛﺎﺋﻖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ Gﻣﺎﻃﺔ اﻟﻠﺜﺎم ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ورﺻﺪ اﻟﺤﺮاك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻌﻮب
اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻊ زراﻋﻰ -ﻛﺎن ﺗﻬﻤﻴﺶ اﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻳﺠﺮى ﻋﻠﻰ ﻗﺪم وﺳــﺎق ،أُرﻫﻘﻮا ﺑﺎﻻﻟﺘﺰﻣﺎت واﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺎت ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺨﺮة ﻓﺄﺷﻌﻠﻮا ﺛﻮرات ﻋﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد اﻟﺘﺎرﻳﺦ .وﺗﻌﺪ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻬﻤﻴﺸﻲ اﻷول ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر، ﺗﻌﺪدت ﻓﻴﻪ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ وأﻧﻮاه ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺮﻗﻲ وﻃﺒﻘﻲ وﻃﺎﺋﻔﻲ ودﻳﻨﻲ وﻧﻮﻋﻰ ،وﻳﻜﻔﻲ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﺟﻮد ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﻤﻨﺒﻮذﻳﻦ. أﻣﺎ إذا اﻧﺘﻘﻠﻨﺎ ﻏﺮﺑًﺎ ﻓﻠﻦ ﻧﺠﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺮﻳﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ؛ ﻓﻔﻲ أﺛﻴﻨﺎ -ﻣﻬﺪ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ -ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻜﻞ اﻷﺛﻴﻨﻴﻴﻦ اﻟﺒﺎﻟﻐﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻄﻨﻮن ﻓﻴﻬﺎ.
ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻜﺸﻒ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﺮاك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، وﻳﻤﻜﻦ دراﺳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻬﺎﻣﺸﻲ ،واﻟﻌﻜﺲ أﻳﻀﺎً. وأﺿﺎف :اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ واﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪا ً ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﺒﺆس واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ اﻟﺬي وﻟّﺪ اﻟﺘﻄﺮف واﻟﻌﻨﻒ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻷوروﺑﻴﺔ اﺳﺘﺤﺪﺛﺖ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﺗﻘﺎوم اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ .وﻗﺎل اﻟﻤﻜﻨﻲ إن أﺣﺪاث ﻓﺮﻧﺴﺎ اﻷﺧﻴﺮة ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻬﻤﻴﺶ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وأﻛﺪ أن اﻟﺘﻄﺮف ﺳﻴﻈﻞ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻪ )اﻟﺪﻳﻨﻲ ،واﻟﻌﺮﻗﻲ، ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺑﻘﻴﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ ﻣﻦ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، دون اﻧﺪﻣﺎج اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺛﻘﺎﻓﻲ واﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ( ﻛﺎن ﺳﺒﺒ ًﺎ ﻓﻲ وﻧﻔﺴﻲ. وﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ، ﻋﺒﺮ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺒﻴﻠﻲ ﺑﺮﻛﺎت ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر أﻛﺪ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻣﻦ ﻣﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺸﺮق ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة أن اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻛﻈﺎﻫﺮة ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺨﺒﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ اgن ﻣﻦ ﻗﻄﺮ ﺷﺎرك اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻧﺎﺻﺮ أﺣﻤﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮق ﻣﻦ دون ﺑﺪراﺳﺔ ﺑﻌﻨﻮان )ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻓﻲ اﻟــﻐــﺮب وﻻ اﻟﻌﻜﺲ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺼﻴﻦ -ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﺣﺎﻟﺔ »ﻣﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺸﺮق« ﻧﻤﻮذﺟﺎً ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن 19م( درس ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺬﻳﻦ اﺷﺘﻬﺮوا زﻣﻦ اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﻨﺎﺑﻮﻟﻴﻮﻧﻴﺔ ﺑـ »ﻣﻤﺎﻟﻴﻚ اﻟﺸﺮق :أو »ﻣﻤﺎﻟﻴﻚ اﻷﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ« ،وﻫﻲ اﻟﻜﺘﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺖ أﻋﻈﻢ ﺣﺮوب اﻷﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ -ﻻ ﺳﻴﻤﺎ »أوﺳﺘﺮﻟﻴﺘﺰ« -ﺑﻴﺪ أﻧﻪ ﺗﻢ ﻟﻔﻈﻬﻢ واﺳﺘﺒﻌﺎدﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﺸﻜﻴﻼت اﻟﺠﻴﺶ ﺑﻌﺪ اﻧﻬﻴﺎر اﻻﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ .وﻣﻊ ﻗﻄﻊ رواﺗﺒﻬﻢ ﻋﺎﻧﻮا ﺷﻈﻒ اﻟﻌﻴﺶ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ آﻟﻤﻬﻢ ﺣﺎﻟﺔ اﻻزدراء اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ،ﻣﺎ اﺿﻄﺮﻫﻢ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮار اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ أﺧﻔﻘﻮا؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻨﺰوﻟﻬﻢ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ، ﻓﺎﺿﻄﺮب ﺣﺎﻟﻬﻢ ،وﺑﺎﺗﻮا ﺣﻴﺎرى ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب .واﺿﻄﺮوا ﻻﺟﺘﻴﺎز اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻟﻠﻌﻮدة ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ؛ ﻟﻴﻌﺎﻧﻮا اﻻزدراء واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ، ﺑﻞ وﺗﻌﺮض ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻠﻘﻤﻊ وﻟﻠﺰج ﺑﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن واﻟﻘﺘﻞ أﺣﻴﺎﻧﺎً ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﻣﺎ ُﻋﺮف »ﺑﺎﻹرﻫﺎب اﻷﺑﻴﺾ«!
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
123
ĊěĎŃ
أوﺻﻰ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺸﻌﺒﻰ
ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة:
اﻟﺘﻄﺮف وﻟﻴﺪ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ اﻟﻘﺎﻫﺮة -ﻣﺤﻤﺪﻋﻮﻳﺲ
)اﻟﻤﻬﻤﺸﻮن ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر( ﻋﻨﻮان اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺬي ﻧﻈﻤﻪ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻗﺴﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻵداب -ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة. ﺷﺎرك ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺑﺎﺣﺜﻮن ﻣﻦ ﻣﺼﺮ وﺗﻮﻧﺲ واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﻜﻮﻳﺖ وﻗﻄﺮ واﻟﻤﻐﺮب ،ﺗﻮزﻋﺖ أوراﻗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎور اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ،وﻫﻲ :ﻣﺪﺧﻞ ﻧﻈﺮي ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ ،واﻷﺑﻌﺎد اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺘﻬﻤﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ،واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،واﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ،واﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ( ،واﻟﻤﻬﻤﺸﻮن ﻓﻲ اﻷدﺑﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )اﻷدﺑﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ( ،واﻟﻤﻬﻤﺸﻮن وﻣﺴﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺛﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﻬﻤﺸﺔ.
واﻟﺤﻜﺎم ،ﻻﻓﺘﺔ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﺄرﻳﺦ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻌﻮب اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻷدﺑﻴﺔ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺘﻲ ﻏﻤﺮﺗﻬﺎ ﻧﺪرة اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺗﺎرة واﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺗﺎرة أﺧﺮى. وأﺿﺎﻓﺖ ﻋﺎﻣﺮ :أﺻﺒﺢ ﻟﺰاﻣﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ إﻋﺎدة ﻗﺮاءة اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﺮدﻳﺎت وﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ووﺛﺎﺋﻖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻹﻣﺎﻃﺔ اﻟﻠﺜﺎم ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ورﺻﺪ اﻟﺤﺮاك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻌﻮب.
وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﻰ اﻟﻴﻬﺎ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ :اﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ إﻳﺠﺎد ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻤﻬﻤﺸﻴﻦ واﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺼﺎدر ﺟﺪﻳﺪة وﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻠﻤﻬﻤﺸﻴﻦ. ودﻋــﻮة ﺗﺨﺼﺼﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﻘﺎدم. اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﻌﺘﺰ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب أﺷﺎر ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ إﻟﻰ أن اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻪ )اﻟﺪﻳﻨﻲ ،واﻟﻌﺮﻗﻲ، واﻻﻗﺘﺼﺎدي ،واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ( رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻜﺒﺮى ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،ورﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺨﺒﻂ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ إﺳﻬﺎم ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن .وﻟﻔﺖ إﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺪراﺳﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻤﻜﻨﻲ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻔﺎﻗﺲ -ﺗﻮﻧﺲ ﻗﺎل وأﺑﻌﺎده وﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻪ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. إن ﻋﻠﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻄﻮر ﻓﻘﻂ ﻋﺒﺮ اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎت أو اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﻄﻮر أﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﻮار اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ، ﻋﻨﻮان ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪي ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳُﻌﺮف ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ وﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﻨﺎﻫﺞ. ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻬﺎ أوﺿﺤﺖ اﻟﺪﻛﺘﻮرة إﻳﻤﺎن ﻋﺎﻣﺮ رﺋﻴﺴﺔ ﻗﺴﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻣﺮﻛﺰ واﺿﺎف :ﺗﻨﺪرج ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻬﻤﺸﻴﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻤﻨﻌﻄﻒ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أن اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻨﻌﻄﻒ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻲ ﺟﻤﺎﻋﺎت وﻓﺌﺎت ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻧﺴﻴﻨﺎﻫﺎ ،وﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻜﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺤﻮر أﺳﻘﻂ ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﺼﻨﻢ اﻟﺜﻼﺛﻲ :اﻟﻔﺮد ،اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،اﻟﺤﺪث ،وأﺻﺒﺢ اﻻﻫﺘﻤﺎم .وﻗﺎﻟﺖ :إن اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ دأﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺮف ُﺟﻞ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻤﻬﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أو ﻳﺮى اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻣﻦ أﺳﻔﻞ وأﺣﻴﺎﻧﺎً ﺑﺼﻮرة اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻌﺴﻜﺮي واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻣﺠﻬﺮﻳﺔ ﻣﺼﻐﺮة. اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄرﻳﺦ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺪول واﻷﻧﻈﻤﺔ واﻟﻤﻠﻮك واﻟﺴﻼﻃﻴﻦ وﻃﺎﻟﺐ اﻟﻤﻜﻨﻲ ﺑﺘﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺔ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ
122
اﻟﺘﻄﺮف وﻟﻴﺪ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ
ﺧﻮاﻃﺮ ﺷﺎﻋﺮ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ ﺷﺎﻋﺮ اSﻣﺠﺎد ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺒﻠﺪ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ،ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻷدﺑﻲ ﺟﻨﺲ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺪرج اﺳ ًﻤﺎ واﺣ ًﺪا وﻫﻮ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﺮﻧﺎﻧﺪو ﺑﺴﻮا ) ،(1933-1888وﻛﺄن ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺐ ﺳﻮاه! ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺷﻬﺪت ﺷﻌﺮاء ﻛﺒﺎ ًرا أﻏﻨﻮا اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ وﻃﻮروا اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺷﻌﺮا ﻳﻼﻣﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ. وﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻫﻢ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ﻇﻬﺮوا ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺸﺎﻋﺮ أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﻟﻴﺸﻮ واﻟﺸﺎﻋﺮة ﻓﻠﻮرﺑﻴﻼ ﺷﺒﻨﻜﺎ واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ. ﻫﺬا اﻷﺧﻴﺮ ﺳﻮف ﻳﺘﺮﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ أﻓﻀﻞ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. اﻻﺳﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻫﻮ أﻟﺪوﻟﻔﻮ روﺷﺎ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ ،اﻟﺬي وﻟﺪ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎو ﻣﺎرﻳﺘﻴﻨﻮ دي أﻧﻄﺎ ﻋﺎم .1907ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻨﺴﻬﺎ ﻣﻴﻐﻴﻞ ،ﺑﻞ أﺻﺒﺤﺖ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﻤﺎض ﻋﺮﻳﻖ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﺬﻛﺮﻳﺎت اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .إذ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻋﺮﻳﻘﺔ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﺧﺼﺼﺖ ﻻﺑﻨﻬﺎ ﻧﺼﻴﺒﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ،ﻓﻘﺪ اﻃﻠﻊ ﻓﻲ ﺻﻐﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ،ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ ﺻﻘﻠﺖ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺸﻌﺮ .إذ ﻟﻢ ﻳﻄﻞ اﻟﻤﻘﺎم ﺑﻄﻮرﻏﺎ ﻓﺴﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﻴﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎل اﺗﺠﺎه اﻟﺸﻤﺎل وﺑﺎﻟﻀﺒﻂ إﻟﻰ ﺛﺎﻧﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻟﺸﺒﻮﻧﺔ وﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮرﻃﻮ. ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪت ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﺘﻰ ﻣﻴﻐﻴﻞ .ﻫﻨﺎك ﻻزال ﻫﻢ اﻟﺪراﺳﺔ ﻳﻼزﻣﻪ ﻓﺪرس اﻟﻤﺒﺎدئ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻠﻐﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻟﻤﻔﺘﺎح اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ اﻟﺤﺎﻓﻞ ﺑﻤﻨﺠﺰات ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺟﻨﺲ اﻟﺸﻌﺮ. ﻛﺎن اﻟﻄﺐ أﻣﻨﻴﺔ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ ،ﻟﺬا ﻗﺮر دراﺳﺘﻪ ﺑﺎﻟﺒﺮازﻳﻞ ،اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮف ﻋﻨﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ .وﻟﺪى إﻗﺎﻣﺘﻪ ﻫﻨﺎك اﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ اﻷدب اﻟﺒﺮازﻳﻠﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ رواد اﻟﺤﺪاﺛﺔ و ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺎرﻳﻮ دي أﻧﺪرادي وأوﺳﻮاﻟﺪ دي أﻧﺪرادي. أﻛﻤﻞ ﻣﻴﻐﻴﻞ دراﺳﺘﻪ ﺑﺎﻟﺒﺮازﻳﻞ وﻗﺮر اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺑﻠﺪه اﻷم اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل،
ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي @
وﺗﻮﻟﺪ ﻟﺪﻳﻪ إﺣﺴﺎس ﺑﺄن اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺮوح .وﻫﻨﺎك ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻳﻤﺒﺮا ﻧﺸﺮ ﻃﻮرﻏﺎ أول أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻜﺎن أول دﻳﻮان ﻳﻔﺘﺘﺢ ﺑﻪ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ دﻳﻮان » اﻧﺤﺪار » ﻋﺎم . 1930ﻟﻘﻲ دﻳﻮاﻧﻪ ﻫﺬا إﻗﺒﺎﻻ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻟﺪن اﻟﻘﺮاء اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻣﺸﺎرﺑﻬﻢ .ﻓﺘﻤﻴﺰ ﻃﻮرﻏﺎ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺸﻌﺮاء ﻫﻮ ﺗﻔﺮده ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﺤﻮر ﺷﻌﺮه ،ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻔﺮح واﻟﻤﺂﺳﺎة ،ﺗﻨﺒﻐﻲ اﻹﺷﺎرة أن ﻣﻴﻐﻴﻞ اﻧﺘﻤﻰ إﻟﻰ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺤﺪاﺛﻲ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ. ﻛﺘﺐ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ أﺣﺪ أﻫﻢ رﺟﺎﻻت اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ وﻫﻮ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺴﺘﻜﺸﻒ وﺣﺎﻛﻢ اﻟﻬﻨﺪ أﻓﻮﻧﺴﻮ أﺑﻮﻛﻴﺮك ،ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻦ أروع اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ. ﻋﻨﻮان اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻫﻮ »أﻓﻮﻧﺴﻮ أﺑﻮﻛﻴﺮك«. ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﺠﺮي ﻓﻲ ﻣﺼﺮ /وﺗﺤﻔﻆ ﻣﻜﺔ ﻛﻞ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ/ وﺟﺴﻤﻲ ﻓﻲ اﻷرض ،ﻳﺼﺪر ﺻﺮاﺧﻲ /اﻟﺬي ﻫﻮ ﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻲ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل وﻫﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻤﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ اﺧﺘﺎرﻧﺎ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻣﺤﻂ أﻧﻈﺎر اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ. ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ» :اﻟﺤﺮﻳﺔ« ﻋﺎم 1944ودﻳﻮان »ﻗﺼﺎﺋﺪ إﻳﺒﺮﻳﺔ« ﻋﺎم 1952وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺪواوﻳﻦ .ﻫﻮ ذا اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻴﻐﻴﻞ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻮﺿﻊ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ،إن اﻟﻄﺐ واﻷدب ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﻤﺎ ﻫﻮ اﻹﻧﺴﺎن. ﺗﺮﺟﻤﺖ اﻷﻋﻤﺎل اﻷدﺑﻴﺔ ﻟﻤﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ إﻟﻰ ّاﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ واﻻﺳﺒﺎﻧﻴﺔ وﻟﻐﺎت أﺧﺮى ﺷﺮﻗﻴﺔ .ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺋﺰ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﻠﻮز اﻟﺒﺮازﻳﻞ ﻋﺎم .1989 ﻓﻲ ﻋﺎم 1995ﺳﺘﻮدع اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ، ﺗﺎرﻛﺎ وراءه إرﺛ ًﺎ ﻋﺮﻳﻘﺎّ ﻛﺎن ﻣﻔﺨﺮة اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ وﺑﻘﻴﺖ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﺗﻤﺠﺪ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
121
ŅŎňij
*ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
120
ﻓﻦ ا راﺑﻴﺴﻚ
ﺷﺠﺮة اﻟﺠﻤﻴﺰ -اﻟﻔﻨﺎن أﺣﻤﺪ إﻟﻴﺎس
ﻣﻦ ﻣﺠﻬﻮد ﻟﻺﺣﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺣﺎت اﻟﻤﺰﺧﺮﻓﺔ ،واﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﻨﻮاة إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻌﺎم ﻋﻠ ًﻤﺎ أن اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮروث اﻹﺳﻼﻣﻲ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ إﻟﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﻮن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻔﻦ اﻟﺨﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻓﻦ اﻷراﺑﻴﺴﻚ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﺘﺠﺮﻳﺪ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻨﻮع ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻮرﻳﻖ واﻟﺘﺸﺠﻴﺮ واﻟﺘﺰﻫﻴﺮ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺰاوﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﺮوح إﻟﻰ اﻟﺨﺎﻟﻖ وﻣﻦ اﻟﻤﺎدي إﻟﻰ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ وﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء إﻟﻰ اﻟﺒﻘﺎء اﻟﺪاﺋﻢ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻨﺘﺞ إﻳﻘﺎ ًﻋﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﻳﻌﺰﻓﻪ اﻟﺘﻜﺮار اﻟﺬي ﻳﺘﻮاﻟﻰ ﻟﻸﺷﻜﺎل واﻟﺨﻄﻮط واﻟﻤﺴﺎﺣﺎت ،ﻫﺬا ً ﺧﺎﺻﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻜﺮار اﻟﺬي ﻳﻌﺰف ﻧﻤﻨﻤﺎت ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺗﻨﺘﺞ إﻳﻘﺎ ًﻋﺎ ً اﻻﻧﻜﺴﺎرات اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﻮع ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎﺗﻢ واﻟﻤﻀﻲء واﻟﻐﺎﻣﻖ واﻟﻤﻨﻔﺘﺢ آﺳﺮة اﻟﻌﻴﻦ ﺑﺬﺑﺬﺑﺎت روﺣﻴﺔ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻷﻋﻠﻰ إﻟﻰ اﻷﺳﻔﻞ وﻣﻦ اﻟﻴﻤﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻴﺴﺎر ﻟﺘﺤﻘﻖ إﻳﻘﺎ ًﻋﺎ ﻣﺘﻨﺎﺳﻘًﺎ روﺣﻴًﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻌﻨﺼﺮ اﻹﻣﺘﺪاد أن ﻳﻔﺴﺢ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ ﻣﺎ اﺗﺴﻊ ﻣﻦ ﺧﻴﺎل أﻣﺎم ﺳﺮادﻳﺐ اﻷﺷﻜﺎل واﻷﻟﻮان ﻟﻴﺴﺮح ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻮت اﻟﺮوح وﻟﻴﻨﺘﻘﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎم إﻟﻰ ﻣﻘﺎم ...ﻟﻨﻨﺘﻬﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﺬي أﺿﺎﻓﻪ اﻟﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ وﻣﺎ ﻃﺒﻌﻪ ﺑﻪ ﻣﻦ روﺣﺎﻧﻴﺎت ﺗﺘﻌﺪى ﺣﺪود اﻟﺸﻜﻞ واﻟﻠﻮن ﻟﺘﻤﻜﻦ اﻟﻔﻨﺎن ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﺗﺨﺘﺒﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺬات أﻏﻮارﻫﺎ
اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻤﺴﺘﻠﻬﻢ ﻟﺒُﻨﻰ اSراﺑﻴﺴﻚ وأﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ وزﺧﺮﻓﺘﻪ اﻟﺘﻮرﻳﻘﻴﺔ أن ﻳﺤﻘﻖ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ وﺟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻻﻗﺘﺒﺎس ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اGﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ،ﻓﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﻣﻮز َ واﻟﻨﻔﺲ اﻟﺼﻮﻓﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ذات اﻟﻤﻨﺤﻰ اﻟﺤﺪاﺛﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻓﻜﺎﻧﺖ وﻻدة أﻋﻤﺎل ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻓﻴﻬﺎ أﻫﻢ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻧﺤﺼﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ واGﻳﻘﺎع واﻻﻣﺘﺪاد ﻟﻐﺔ اSراﺑﻴﺴﻚ اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ
اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻤﺴﺘﻠﻬﻢ ﻟ ُﺒﻨﻰ اﻷراﺑﻴﺴﻚ وأﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ وزﺧﺮﻓﺘﻪ اﻟﺘﻮرﻳﻘﻴﺔ أن ﻳﺤﻘﻖ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ وﺟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻻﻗﺘﺒﺎس ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ،ﻓﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﻨﻔَﺲ اﻟﺼﻮﻓﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ذات اﻟﻤﻨﺤﻰ اﻟﺤﺪاﺛﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻓﻜﺎﻧﺖ وﻻدة أﻋﻤﺎل ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻓﻴﻬﺎ أﻫﻢ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻧﺤﺼﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ واﻹﻳﻘﺎع واﻻﻣﺘﺪاد. إن أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻫﻮ ﺗﺘﺒﻊ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻟﻤﺘﻮاﻟﻴﺎت اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ واﻟﻤﻨﺤﻨﻴﺔ واﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ وﺗﺘﺪاﺧﻞ ،وﻣﺎ ﻳﺒﺬﻟﻪ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
119
ŅŎňij أﺷﻜﺎل اSراﺑﻴﺴﻚ وﻛﺬا أﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻤﻔﻀﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻖ ،وﺗﻮرﻳﻘﺎﺗﻪ اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﻤﻠﻤﻮس اﻟﻤﻬﺪد ﺑﺎﻟﻔﻨﺎء إﻟﻰ أﺷﻴﺎء ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺨﻠﻮد وﺗﻌﻜﺲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻨﻘﻴﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﺑﺎﻟﺼﻔﺎء اﻟﺮوﺣﻲ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻈﻞ ﺣﻀﻮر ﻓﻦ اSراﺑﻴﺴﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﺳﻴﺎﺣﺔ اﻟﺬات ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز
اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﻤﻠﻤﻮس اﻟﻤﻬﺪد ﺑﺎﻟﻔﻨﺎء إﻟﻰ أﺷﻴﺎء ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺨﻠﻮد وﺗﻌﻜﺲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻨﻘﻴﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﺑﺎﻟﺼﻔﺎء اﻟﺮوﺣﻲ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻈﻞ ﺣﻀﻮر ﻓﻦ اﻷراﺑﻴﺴﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﺳﻴﺎﺣﺔ اﻟﺬات ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ،ﻓﺎﻟﻔﻨﺎن ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻋﺒﺮ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ واﻟﻤﺎﺋﻠﺔ واﻟﻤﻨﺤﻨﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ذﺑﺬﺑﺎت اﻟﺮوح اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﻣﺪارج ﻧﻮراﻧﻴﺔ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻂ اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻟﻴﺮﻣﺰ إﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺨﻂ اﻟﻤﻨﺤﻨﻲ ﻳﺸﻜﻞ أﻫﻢ ﻟﺒﻨﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻜﺴﺮ أﻣﺎم ﺟﻼل اﻟﻠﻪ وﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﺮﺣﻤﺘﻪ وﺗﻨﺼﻬﺮ ﻓﻲ ﺑﻘﺎﺋﻪ ودﻳﻤﻮﻣﺘﻪ. ﺣﻀﻮر اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻔﻦ اﻷراﺑﻴﺴﻚ ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺗﺠﺎوز ﻋﺎﻟﻤﻪ وﻣﻈﺎﻫﺮه ﻟﺨﻠﻖ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻋﺰﻟﺘﻪ وأﻧﺴﻪ ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻓﺘﺤﻀﺮ اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ اﻟﺨﻄﻴﺔ واﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﺘﻮرﻳﻘﻴﺔ ﻟﺘﺸﻜﻞ ﻋﻮاﻟﻢ ﺑﺎﻃﻨﻴﺔ ﺗﺒﺪأ وﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﻬﻮ ﻛﻨﻪ اﻟﻮﺟﻮد ﻫﻮ اﻷول /اﻵﺧﺮ واﻟﻈﺎﻫﺮ /اﻟﺒﺎﻃﻦ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺗﻮﻟﻴﻔﺔ إﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﺆﺳﺲ ﻟﺜﻮرة ﻓﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺬات واﻟﺴﻌﻲ ﻟﻠﺪﺧﻮل إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻄﻠﻖ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺴﺮ اﻟﺬي ﻳﻘﻊ وراء ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺒﺮى )اﻟﺤﻴﺎة ،اﻟﻌﺎﻟﻢ ،اﻟﻨﻔﺲ.(...
118
ﻓﻦ ا راﺑﻴﺴﻚ
ﺑﻨﻴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ رﻣﺰﻳﺔ
ﻟﺠﺄ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻷراﺑﻴﺴﻚ ﻟﻴﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎﺗﻪ اﻟﻤﺘﺸﻌﺒﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ وﺟﻤﺎل وﺗﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﺨﺎﻟﻖ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ داﺋﻤﺎ أﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﺘﻮرﻳﻘﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻣﺜ ََﻞ ﻓﻦ اﻟﺘﺮﻗﻴﻦ اﻟﺰﺧﺮﻓﻲ ﺻﻮرة واﺿﺤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ واﻟﺤﻴﺎة ﻛﻤﺎ ﻳﺮاﻫﺎ اﻟﻔﻨﺎن ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻛﻨﻪ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻣﻨﻪ اﺑﺘﺪأ وإﻟﻴﻪ ﻳﻌﻮد ،ﻓﻼ ﻏﺮاﺑﺔ أن ﺗﻤﺘﺪ أﺷﻜﺎل اﻷراﺑﻴﺴﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻟﺘﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﺎل ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ وﺳﺮﻋﺔ اﻧﺴﻴﺎﺑﻬﺎ اﻟﺸﻲء اﻟﻜﺜﻴﺮ؛ ﻓﺘﺪاﺧﻞ اﻟﺨﻄﻮط واﻷﺷﻜﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎت واﻷوراق واﻟﺰﻫﻮر واﻟﻔﻮاﻛﻪ ﻳﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎة واﻟﺒﻬﺠﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻈﻞ اﻟﺨﻄﻮط واﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻤﺘﻜﺮرة واﻟﻤﺘﻤﺎﺛﻠﺔ ﺧﻴﺮ ُﻣﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻻﻧﻄﻼق اﻟﻤﺘﻜﺮر واﻟﻌﻮدة اﻟﺪاﺋﻤﺔ ،ﻓﺎﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻨﻪ واﻟﻌﻮدة ﺗﻜﻮن داﺋ ًﻤﺎ إﻟﻴﻪ، وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺘﺄﺟﺠﺔ. وﻗﺪ ﺧﺎض اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ اﻟﻤﺼﺮي ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺎﻷراﺑﻴﺴﻚ ﻟﻴﻘﺪم أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﺮوح ﻓﻨﻴﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻤﻨﺤﻪ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻓﻀﺎء اﻟﻠﻮﺣﺔ وﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﻴﻦ ﻋﻮاﻟﻤﻪ اﻟﺘﺨﻴﻠﻴﺔ ﺑﺄدوات ﺟﺪﻳﺪة ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺮاق اﻟﺤﻮاﺟﺰ اﻟﻤﺎدﻳﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪه ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ واﻟﺰواﻳﺎ ــ وﻫﺬا ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﺴﻄﻴﺮ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻷراﺑﻴﺴﻚ وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﺰﺧﺎرف اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ـ وﺑﻪ ﻳﺒﻨﻲ اﻟﻔﻨﺎن
ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻨﻮراﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﻤﻜﺎﺷﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻀﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪة ،ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎم اﻟﺴﺎﻣﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ إﻻ اﻟﻌﺎرﻓﻮن ﺑﺄﺳﺮار اﻟﻤﺤﺒﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ اﻟﻤﺘﺼﻮف ﻟﺬة ،وﻟﻬﺬا ﻓﻜﻞ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ واﻟﻤﻨﺤﻨﻴﺔ ﺗﻮﺣﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﺪاﺧﻞ واﻟﺨﺎرج ،ﺑﻴﻦ اﻟﺬات واﻟﻤﻮﺿﻮع ،ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻪ اﻟﻔﻨﺎن واﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ. إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬا ﻳﺸﺘﻐﻞ اﻟﻔﻨﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﺄﺟﺰاء اﻟﺪاﺋﺮة واﻟﻠﻮﻟﺐ واﻟﺘﺠﺮﻳﺪ اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ ﻛﺎﻟﺘﻮرﻳﻖ واﻟﺘﺸﺠﻴﺮ واﻟﺘﺰﻫﻴﺮ ،ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﻘﺎم اﻟﺠﻼل اﻟﻤﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﺟﻤﺎل ﻳﻮﻗﻆ اﻷﺷﻴﺎء وﻳﻔﺠﺮ أﺳﺮارﻫﺎ ،ﺟﻤﺎل ﻳﺆﺳﺲ ﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﺄﻣﻞ واﻟﻐﻮص واﻻﻧﺼﻬﺎر ،ﻟﻴﺼﺒﺢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ إﺻﻐﺎء ﻟﻠﺬات ﺑﻞ ﻟﻤﺲ ﻟﻬﺎ ،ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻟﻴﺼﺒﺢ اﻟﻠﻴﻞ ﻧﻬﺎ ًرا، واﻟﻤﻮت ﺣﻴﺎة ،وﻗﻠﺐ اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﺘﻲ ﻃﺒﻌﺖ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺼﻮﻓﻲ ،ﻳﻐﻴﺐ اﻟﻔﻨﺎن ﻓﻲ ﺷﻄﺤﺎت ﺗﺤﻮل ﻓﻜﺮه إﻟﻰ ﻗﻮة اﻧﻔﺠﺎر ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻳﺘﻤﺮد ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺄﻟﻮف ﻟﺘﻤﺘﺪ رﻳﺸﺘﻪ إﻟﻰ اﺣﺘﻼل ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺒﻴﺎض ﻻ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻮاﺻﻞ وﻻ ﻳﻠﺘﺰم ﺑﺎﻟﻮﻗﻔﺎت ،ﻓﻴﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺣﺮة ﻳﺘﺠﺮد ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ رﻏﺒﺎﺗﻪ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻋﺘﺒﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت.
ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي
ﻟﺠﺄ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ إﻟﻰ ﻓﻦ اﻷراﺑﻴﺴﻚ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﻜﻨﻮن ذاﺗﻪ وﺗﻌﻠﻘﻬﺎ ﺑﻌﻮاﻟﻢ اﻟﺠﻼل واﻟﺠﻤﺎل ﻓﻐﺎص ﻓﻲ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﺼﻮﻓﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮة وﺗﺪاﻋﻴﺎت اﻟﺮﻣﺰ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻣﺎت ﺗﻼﻣﺴﻬﺎ روﺣﻪ ،ﻓﻨﺠﺪ ﻣﺜﻼ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺴﻮري أﺣﻤﺪ إﻟﻴﺎس ﻳﺴﺘﻠﻬﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ ورﻣﻮز اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﻨﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻴﻌﻴﺪ ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ وﻓﻖ آﻟﻴﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻛﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ واﻟﺰﺧﺮﻓﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻟﻴﺸﺘﻐﻞ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ﺑﺎﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﻛﺎﻟﻤﺮﺑﻊ واﻟﻤﺴﺘﻄﻴﻞ واﻟﻤﺜﻠﺚ واﻟﺪاﺋﺮة ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻮال وﻣﺘﻜﺮر وﻣﺘﻘﺎﺑﻞ، ﻓﺘﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ اﻟﻤﺴﺎﺣﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻷﺷﻜﺎل ﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪ رؤﻳﺘﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺸﻜﻞ اﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺜﻠﺜﺎت واﻟﺪواﺋﺮ ﺧﺮو ًﺟﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم إﻟﻰ اﻟﺨﺎص وﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ ﻣﻔﺎﺗﻦ اﻟﻜﻤﺎل واﻟﺠﻤﺎل واﻟﺠﻼل ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺷﺘﻐﺎل أﺣﻤﺪ إﻟﻴﺎس ﺑﺎﻟﺘﻮرﻳﻖ واﻟﺘﻘﻄﻴﻊ اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻹﺑﺤﺎر ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻵﻧﻲ وﺻﻮﻻً إﻟﻰ ﻗﻤﻢ اﻟﺮﺟﺎء ﻋﺒﺮ ﺗﻮﻟﻴﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت ،اﻟﻮاﺣﺪ ﺗﻠﻮ اﻵﺧﺮ .... ﻫﻨﺪﺳﺔ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺗﺨﺘﺎر أﻟﻮاﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻖ اﻟﺮوح وﺻﻔﺎء اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻌﺘﻤﺪة اﻷﺧﻀﺮ واﻷﺻﻔﺮ واﻷزرق ﻟﻴﺸﻜﻼ اﻟﺮﺣﺎﺑﺔ واﻟﺴﻜﻮن ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺘﺤﻢ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺠﻼل واﻟﺠﻤﺎل ﻋﻤﻖ اﻟﻮﺻﻞ اﻟﺨﻔﻲ. إن أﻋﻤﺎل أﺣﻤﺪ إﻟﻴﺎس ﺗﺨﺘﺮق اﻟﺮوح ﺑﺴﻄﻮة أﻟﻮاﻧﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻷراﺑﻴﺴﻚ وﻛﺬا أﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻤﻔﻀﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻖ ،وﺗﻮرﻳﻘﺎﺗﻪ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
117
ŅŎňij
ﻓﻦ اSراﺑﻴﺴﻚ
ﻣﻦ اﻟﻤﺎدي إﻟﻰ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ ،ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء إﻟﻰ اﻟﺒﻘﺎء رﺑﻴﻌﺔ اﻟﻤﻨﺼﻮري@
أﺣﻤﺪ إﻟﻴﺎس
116
ﻓﻦ ا راﺑﻴﺴﻚ
ﻓﻦ اﻷراﺑﻴﺴﻚ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺮزت ﺑﻘﻮة ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ واﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﻌﻤﺎرة واﻟﺪﻳﻜﻮر ،ﻓﻘﺪ ﻃﺒﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺐ واﻟﻤﻨﺎﺑﺮ واﻟﻤﺸﺮﺑﻴﺎت إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻔﺮوﺷﺎت اﻟﺘﻲ زﻳﻨﺖ ﺑﺠﻤﻴﻊ أﺷﻜﺎﻟﻪ وأﻧﻮاﻋﻪ ،اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻗﺒﻠﺔ ﻛﻞ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ وﻣﺸﺮب أذواﻗﻬﻢ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ روح اﻟﺠﻤﺎل أﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ. وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺴﺮﺑﺖ ﺧﻄﻮط ﻫﺬا اﻟﻔﻦ اﻟﺒﺎذخ إﻟﻰ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻟﻴﺤﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﻣﺮﺟﻌﻴﺘﻪ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ،ﻟﺘﻤﻨﺢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ وﺗﻤﻴﺰا ﻳﻨﺒﻌﺜﺎن ﻣﻦ ﻋﻄﺮ اﻻﻧﺘﻤﺎء إﻟﻰ ﺣﻀﺎرة ﺧﺎﺻﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ واﻟﺘﻨﻮع. ﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم ﺷﻜّﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻔﻨﻲ رﻛ ًﻨﺎ ً
ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ؛ ﻓﺈدراك اﻷﺷﻴﺎء واﻷﺣﺪاث ﻳﺆﺳﺲ ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺸﻌﺐ ﻣﺎ أو ﺑﻔﺮد ﺑﻌﻴﻨﻪ ،وﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﺮر أن ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ أو ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮ إﻻﱠ إذا ﺳﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻐﺮاﺋﺰ أﻳﻀﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮ ﺧﺎص ﺑﻬﺎ وﺑﻤﺤﻴﻄﻬﺎ، وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻣﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮﺳﺮل )اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻔﻜﺮي(؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮل أن اﻟﻐﺮاﺋﺰ وردات اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮ ﺳﺎﺑﻖ وﻣﺘﺄﺳﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ واﻟﻤﺘﺮاﺑﻄﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮد أو اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺑﻴﻦ ﻣﺤﻴﻄﻪ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺑﻬﺬا ﻧﺪرك ﻣﻌﻨﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻟﻐﻮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﻳﺪل ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻫﻮﺳﺮل ﻋﻠﻰ »ﺳﻤﺔ ﻣﺒﺪأ ﺗﻄﻮري أو ﺗﻜﻴﻔﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺗﻜﻴﻴﻒ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ ،ﺗﻜﻴﻴﻔﺎً ﻣﺘﻮاﻓﻘﺎً ﻣﻊ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻌﻠﻢ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن )ﺑﺎﻗﺘﺼﺎد ،وﺑﺄﻗﻞ ﺟﻬﺪ(«. إن ﻓﻜﺮة )اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ( ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻓﻜﺮة اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻔﻜﺮ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أﺳﺎس ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺸﻌﺐ اﻟﻌﻼﻗﺎت وﺗﺘﻌﺪد ﺛﻢ ﺗﻌﻮد ﻟﺘﻜﻮن ﻓﻜﺮة راﺳﺨﺔ ﻓﻲ أذﻫﺎﻧﻨﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﻌﺘﻘﺪا أو ﻋﺎدة أو ﺗﺼﻮرا ً. ﻫﻜﺬا ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات واﻟﻐﺮاﺋﺰ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺑﻴﻦ اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟﻜﻼم وﺗﺸﻜﻞ اﻷﻓﻜﺎر وﻧﻤﻮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻓﻮﻛﻮ ﻓﻲ )اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻷﺷﻴﺎء( ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎول أن ﻳﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ أﺳﻤﺎه )اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ
اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ( واﻷﺷﻴﺎء اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ورﻣﻮز وﺻﻮر ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ ،ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻨﺪرج ﺿﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق؛ إذ ﺣﺎول ﻓﻮﻛﻮ ﻫﻨﺎ دراﺳﺔ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻖ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﺷﻴﺎء واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻨﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺿﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ )اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﺪﻻﻟﻲ( اﻟﻤﺘﻌﺪد اﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﺬي ﺳﺘﻨﺸﺄ ﻣﻨﻪ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻦ ﻣﺜﻞ )اﻟﺼﺪاﻗﺔ واﻟﻤﺴﺎواة واﻟﺘﻌﺎﻗﺪ واﻹﺟﻤﺎع واﻟﺰواج واﻟﺘﺸﺎرك وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺘﻈﻬﺮ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة وﻣﺘﻌﺪدة أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ )اﻟﺘﺮاﺿﻲ واﻟﺘﺠﺎور واﻟﺘﻨﺎﺳﺐ واﻟﺘﺸﺎﺑﻪ واﻻﺗﺼﺎل واﻟﺮاﺑﻄﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ( ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﻜﺮ أو ﺗﺘﺸﺎﺑﻚ أو ﺗﺘﺪﻋﻢ أو ﺗﺘﺤﺪد ـ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻓﻮﻛﻮ. ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﻠﻐﺔ ﻳﺘﺄﺳﺴﺎن ﻣﻌﺎً ﺿﻤﻦ ﻧﺴﻖ ﻣﻌﺮﻓﻲ ذا ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮي ﺑﺴﻴﻂ وﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻃﻨﻲ ﻣﻌﻘﺪ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺳﺒﺮ أﻏﻮارﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﺄﻧﺴﺎﻗﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﻤﺘﺄﺳﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻤﺎط اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﺑﻞ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ أﻳﻀﺎ؛ ﻓﻠﻜﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺟﻐﺮاﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻪ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﻤﺘﻔﺮدة ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت واﺣﺪة ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮع * ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎء ،ﻋﻤﺎن
ﺗﻮاﺻﻴﻒ ْﺗﺤﻄّ ﻪ ﻓﻲ اﻟﺜﺒﺎن ،وﻳﻠﺪﻏﻚ ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎن ﺗﺤﻄّﻪ :ﺗﻀﻌﻪ.
-اﻟﺜﺒﺎن :اﻟﺤﻀﻦ.
إﻧﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﺜﻌﺒﺎن اﻟﺬي ﻻ ﻳﺆﺗﻤﻦ ،ﻓﺤﻴﻨـﻤﺎ ﺗﻘ ّﺮﺑﻪ ﻣﻨﻚ وﺗﺴﺎﻋﺪه وﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻃﻴﺒﺔ، ﻳﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺴﻮء واﻟﺨﺒﺚ واﻟﺨﻴﺎﻧﺔ. وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻮﻳﻬﺮ اﻟﺼﺎﻳﻎ: ﺣﻄّﻴﺖ ﺣ ّﻴﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ ﺛﻴﺎﺑﻲ
وﺗْﺪاﻏﻠﺘﻨﻲ اﻧﻴﺎب
ﻫﺬا ﻣﺜﻞ ﺷﻌﺒﻲ ﻳﻘﺎل ﻓﻲ ذ ّم اﻟﺨﺎﺋﻦ ،ﻟﻠﺬي ﻳﺠﺤﺪ اﻟﻤﻌﺮوف واﻹﺣﺴﺎن .وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻀﺮب ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﻨﺬاﻟﺔ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
115
ﺳﻴﻤﻴﺎء
ﻋﻘﻞ اﻟﻔﻜﺮة وﻟﻐﺘﻬﺎ ﻋﺎدﻻ وﻻ ﻋﻄﻮﻓًﺎ، »ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮ أﺑﺪا ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻜﻮن رﺣﻴ ًﻤﺎ وﻻ ً ﺑﻞ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺣﺘﻰ أن ﻳﻜﻮن ﻗﺎﺳﻴًﺎ وﺣﻘﻮ ًدا .ﻣﻦ ﻻ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﻻ ﻳﺤﺲ ﺑﻐﻴﺮ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻫﻮ وﺣﻴﺪ وﺳﻂ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي«. ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻳﺒﺪأ ﺟﺎن ﺟﺎك روﺳﻮ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ )ﺗﻜ ﱡﻮن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮة واﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﻜ ﱡﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻐﺎت؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻳﺘﻮﻟﺪ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻋﻦ اﻷﻓﻜﺎر ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺎرن ﺑﻴﻨﻬﺎ »ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻮﺳﻊ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮى ﻏﻴﺮ ﺷﻲء واﺣﺪ أن ﻳﻘﺎرن« ـ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮه ـ ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪﻫﺎ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺎت ﺗﺘﺸﻜﻞ رواﺑﻂ ﺟﺪﻳﺪة وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﻟﻔﺎظ ﺑﻞ ﻟﻐﺎت ﺟﺪﻳﺪة. ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮض ﻟﻬﺎ روﺳﻮ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ اﻻﻧﻄﻼق ﻧﺤﻮ اﻟﺤﺪوس اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮاد واﻷﺷﻴﺎء ذﻫﻨﻴﺎ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪة ـ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ـ وﻫﻲ أﻓﻜﺎر ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﺎورات اﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄوﻳﻼت ،وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن ﻟﻜﻞ ﻣ ﱠﻨﺎ ﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﻣﻊ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ ،وﻟﻜﻞ ﻣ ﱠﻨﺎ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺄوﻳﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء ،ﺑﻞ وﺗﺄوﻳﻞ اﻟﺼﻮر واﻟﻠﻮﺣﺎت واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻜﻼم وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻤﺎس ﻣﻌﻨﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة أو ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة. وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﻤﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ ﻛﺎﺗﺐ )اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﻣﺮآة اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ( ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮض رأي ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻠﻐﺔ )ﻛﻮﻳﻦ( ﻟﻤﺎ أﺳﻤﺎه ﺑـ )ﻓﻜﺮة اﻟﻔﻜﺮة( وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ »ﺷﻲء داﺧﻠﻲ ﻳﺠﺐ اﻛﺘﺸﺎﻓﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﻮن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ أن ﻧﻘﻮل ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻤﻠﻔﻮظ ،أو ﻧﻔﺴﺮ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻠﻐﻮي ﻟﻠﻨﺎﻃﻘﻴﻦ )أن ﻧﻨﺴﺐ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﺜﻼ ﻣﻌﺘﻘﺪات ورﻏﺒﺎت
114
د.ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ @
وﺛﻘﺎﻓﺎت ،«...وﻫﻮ رأي ﻳﻨﺤﻰ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﻴﺴﻤﻴﻪ ﻻﺣﻘﺎ ﺑـ )اﻟﺼﺪق اﻟﻔﻜﺮي( ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻤﺪ اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ وﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ،وأن اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺗﺨﻞٍ ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ اﻟﺤﺴﻴﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ )اﻟﺼﺪق ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﻌﻨﻰ(. وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻔﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻠﻐﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴﺎن وﻋﻼﻗﺎﺗﻪ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﺑﻤﺎ ﺣﻮﻟﻪ وﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺄوﻳﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ ﺳﺘﻨﺒﻨﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﻧﺴﺠﺎم ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻣﺪى اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻤﺦ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن » اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻗﺎت« ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺷﻴﺨﻨﺎ اﻟﺠﺎﺣﻆ ،إﻻﱠ أن ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر ﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ وإﻻﱠ ﻟﺘﻮﻓﺮت ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺴﺎ ٍو ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻤﺴﺎواة، ذﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة وﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻗﺎت ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺄوﻳﻠﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻨﺎ ،أي أﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﺿﻤﻨﻴﺎ ﻻ ﻇﺎﻫﺮﻳﺎ وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻣﻦ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻﺑﺪ أن ﻳﺘﺴﻢ ﺑﻘﺪرة ﻋﻠﻰ رﺑﻂ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ أو ﻻ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺎ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻜﺮة ﻣﺎ ،وﻣﺎ ﺳﻨﺠﺪه ﻫﻨﺎ أن ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺎ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻓﻲ رﺑﻂ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ وﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄوﻳﻞ وﻟﻬﺬا ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺳﻨﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ أو ﺣﺘﻰ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﺴﺎر اﻟﻔﻜﺮة وﺗﻮﻟﻴﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﻘﺪر إرادﺗﻨﺎ ﺗﺒﻴﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻟﺸﺄﻧﻬﺎ ،ﻓﺘﺨﺘﺒﺊ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ.. وﺗﻨﻔﺚ ﺳﺤﺮﻫﺎ اﻟﻔﻈﻴﻊ ﻓﻲ أذﻧﻲ ﻫﺮﻗﻞ ،وﺗﻤﻀﻲ ﺸﺄﻧﻬﺎ، ة. اﻟﻤﺄﺳﺎة. وﺗﻨﺘﻈﺮ رﻳﺜﻤﺎ ﻳﺼﺤﻮ اﻟﺰوج اﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ،ﻓﺘﺸﻬﺪ وأﺷﺮﻗﺖ اﻟﺸﻤﺲ!
ﻨﻲ اﻟﺒﻄﻞ، ﻋﻴﻨﻲ ﺗﻘﺪح اﻟﺸﺮر ﻓﻲ ﻋﻴﻨ واﺳﺘﻴﻘﻆ ﻫﺮﻗﻞ ،وﻧﻬﻀﺖ ﻣﻴﺠﺎرا ،وﻟﻜﻦ ﻧﺎرا ﻛﺎﻧﺖ ﻘﺪح اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﺗﺪوي ﻓﻲ رأﺳﺳﻪ وزﺑﺪا ﺣﺎرا ﻛﺎن ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻓﻤﻪ! وأﺻﻮاﺗﺎ ﻛﺄﺻﻮات ﺎﻃﻴﻦ رأﺳﻪ اﻟﻀﺨﻢ. ﻚ. واﻟﺪم ﻳﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻮارﺣﻪ ﻓﻴﻚ ﺷﺄﻧﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ واﻷراﺋﻚ. وذﻋﺮت ﻣﻴﺠﺎرا ،وﺻﺮﺧﺖ ﺻﺮﺧﺎ راﺟﻔﺔ ﺗﺪﻋﻮ أﺑﺎﻫﺎ. وﻟﻜﻦ ﻫﺮﻗﻞ اﻟﻤﺴﺤﻮر ﻳﻨﺘﻔﺾ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺗﺰﻟﺰل أرﻛﺎن اﻟﻘﺼﺮ ،وﻳﻨﻘﺾ ﻋﻠﻠﻰ ﻋﻠﻰ زوﺟﺘﻪ اﻟﺘﻌﺴﺔ ﻛﺄﻧﻪ ﺿﺒﻊ ﻗﺎﺋﻼ :ﺗﻌﺎﻟﻲ ﻳﺎ ﺧﺎﺋﻨﺔ! أﻳﻦ ﻛﻨﺖ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ؟؟! اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ؟! آه أﺟﻞ! ﻫﺮﻗﻞ ﺗﻠﻎ ﻓﻴﻪ ﻛﻨﺖ ﺗﺘﻤﺮﻏﻴﻦ ﺑﻴﻦ ذراﻋﻲ ﻋﺸﻴﻘﻚ اﻟﺠﺒﺎن! اﻟﻮﻳﻞ ﻟﻜﻤﺎ! ﺷﺮف ﻞ اﻟﻜﻼب! ﺜﺔ ﻫﺎﻣﺪة، وﺑﻀﻐﻄﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ اﻟﺼﺎرﻣﺘﻴﻦ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻖ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﻤﻨﻜﻮدة ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﺟﺜ ﺟﺜﺔ اﻟﺸﺒﺎب ..وﺗﻤﻀﻰ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ ﻟﻠﻤﻮت ﻓﻲ ﻋﻨﻔﻮان اﻟﺼﺒﻲ ،وﺿﺤﻴﺔ ﻟﻠﺮدى ﻓﻲ رﻳﻌﺎن اﻟﺸﺒﺎب... اﻷﻳﺎم! وان! اﻵوان! وﺗﺄﻛﻞ اﻟﺤﺴﺮات ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻌﺪ أن ﺷﻔﻲ ﻣﻦ ﺳﺤﺮ ﻫﻴﺮا ،وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﻮات اﻵو
2016 20 201 2 0 01116 ﻳﻨﺎﻳﺮ 6 ﻳﻨﻨﺎﺎﺎﻳﻳﻳﺮ ﺎﻳﺮﺮ 195ﻳﻨ 195 ﻌﺪدد 5 اﻟﻌﺪد ﺪ ﻌﺪ ﻟﻌﺪ اﻟاﻟﻌ
113
łĿîĬĿí ĎŔģîēã وذﻫﻠﺖ ﺣﻴﺮا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﺑﻤﺎ ﺻﻨﻊ اﻟﻐﻼم ﺑﺸﻴﻄﺎﻧﻴﻬﺎ ،وأﻳﻘﻨﺖ أﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻴﺄس ،وأﻗﺴﻤﺖ أن ﺗﻨﺜﺮ اﻟﺸﻮك ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ اﻟﻘﺮﻳﺐ ،وﺗﺒﺚ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ ﻓﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻘﺎدﻣﺔ. ﺷﺐ ﻫﺮﻗﻞ وﻧﺸﺄ ﻧﺸﺄة ﺣﺮﺑﻴﺔ ﺣﺎﻓﻠﺔ ،وأﺑﺪى ﻣﻬﺎرة ﻫﺮﻗﻞ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻗﺼﻴﺮ ﻓﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ ،وﻧﺒﻎ ﻓﻰ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ وأﻟﻌﺎب اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﻘﻮى. وﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ ﻛﻠﻤﺎ ازداد ﻗﻮة ،وذاب اﻟﺤﺪﻳﺪ ﺑﻌﻀﻼﺗﻪ ،ازدادت ﺣﻴﺮا ﻏﻴﻈﺎ ،وﻫﺎﺟﺖ ﻓﻲ ﻓﺆادﻫﺎ اﻷﺣﻘﺎد! وذات ﻳﻮم ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﺮﻗﻞ ﻳﻌﺒﺮ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻣﻈﻠﻼ ﺑﻔﺮوع اﻟﺴﻨﺪﻳﺎن ،ﺑﻴﻦ ﻏﺎﺑﺘﻴﻦ ﻋﻈﻴﻤﺘﻴﻦ ،إذا ﻏﺎﻧﻴﺘﺎن ﺟﻤﻴﻠﺘﺎن ﺗﻌﺘﺮﺿﺎﻧﻪ وﺗﻘﻄﻌﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻃﺮﻳﻘﻪ ..ﻓﺄﺷﺎح ﻋﻨﻬﻤﺎ. وﻛﺎﻧﺖ إﺣﺪى اﻟﻔﺘﺎﺗﻴﻦ) ،ﻛﺎﻛﻴﺎ( ﺷﻴﻄﺎن اﻹﺛﻢ وإﺑﻠﻴﺲ اﻟﻔﺠﻮر ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷرض .ﻓﺘﻘﺪﻣﺖ إﻟﻴﻪ ﻣﺘﺒﺮﺟﺔ ﻣﺘﻬﺘﻜﺔ ﺗﺤﺎول ﻏﻮاﻳﺘﻪ« :أﻧﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻚ ﻛﺎﻛﻴﺎ ،أﺟﻤﻞ ﻏﺎدات ﻫﻴﻼس وﻣﻔﺘﺤﺔ اﻟﻮرود ﻓﻰ ﺧﺪود اﻟﻌﺬارى ،أﺿﻊ ﻗﻠﺒﻲ وﺟﺴﻤﻲ ﺑﻴﻦ ﻗﺪﻣﻴﻚ ﻳﺎ ﻫﺮﻗﻠﻲ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻣﻄﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺮدوس اﻟﺬى ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﻧﻌﻴﻢ وﻣﺎ ﺗﻤﻨﻴﺖ ﻣﻦ ﻟﺬة.. ﻓﺎﺗﺒﻌﻨﻲ أﺟﻌﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻚ ﺳﻌﺎدة ،ﻫﻠﻢ إﻟﻰ ﻧﺤﻴﺎ ﺣﻴﺎة ﻢ ،ﻧﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻦ ﺷﻘﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻻ ﻧﻔﺘﺢ ﻛﺎﻟﺤﻠﻢ ،ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻨﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ، أﻋﻴﻨﻨﺎ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻌﺔ ،وﻻ ﻧﺮﻫﻒ ﺳﻤﻌﻴﻨﺎ إﻻ ﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،وﻻ ﻧﻐﻠﻖ ﻗﻠﺒﻴﻨﺎ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻴﻢ».. ﻧﻈﺮ إﻟﻰ )أرﻳﺘﻴﻪ( وﻟﻜﻦ ﻫﺮﻗﻞ ﻧﻔﺮ ﻧﻔﺮة ﺷﺪﻳﺪة ،ﻈﺮ ﻀﻴﻠﺔ ،وﻧﻔﺤﺔ اﻟﻔﺘﺎة اﻷﺧــﺮى ،إﻧﻬﺎ رﺑﺔ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ، اﻟﺴﻤﺎء وﻫﺎدﻳﺔ اﻟﺒﺸﺮ وﻣﻨﻘﺬﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﺮور ﻛﺎﻛﻴﺎ.. وﺳﺄﻟﻬﺎ ﻫﺮﻗﻞ :أﻧﺖ أﻳﺘﻬﺎ ﺘﺎة، اﻟﻔﺘﺎة ،ﺑﻢ ﺗﺸﻴﺮﻳﻦ؟ وﻗﺎﻟﺖ ارﻳﺘﻴﻪ :أﻧﺎ ﻻ أﺷﻴﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺸﻲء أﻳﻬﺎ اﻟﺼﺪﻳﻖ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﺬر ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻐﺎدة! إﻧﻬﺎ ﺗﻮﺷﻚ أن ﺿﻠﻚ وﺗﺮدﻳﻚ!. وﺗﺒﺘﺴﻢ أرﻳﺘﻴﻪ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻫﺎدﺋﺔ وﺗﻘﻮل :إن اﻵﻟﻬﺔ ﻳﺎﻫﺮﻗﻞ ﻗﺪ زودﺗﻚ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺎﻧﻚ ﻟﻐﺮض أﺳﻤﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻏﺮاض اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎن أﺟﺪى ﻟﻠﺨﻴﺮ اﻟﻌﺎم أن ﺗﺨﻠﻖ ﺛﻮرا ذا ﺧﻮار ﻣﻦ أن ﺗﻮدع ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﻀﻼﺗﻚ ،ﻟﻮ ﻟﻢ ،ﺗﻜﻦ ﻗﺪ أﻋﺪﺗﻚ ﻟﻔﻌﺎل ﺟﺴﺎم ﻟﻦ ﻳﺆدﻳﻬﺎ ﻏﻴﺮك ،أﺟﻞ! إن ﻃﺮﻳﻘﻲ ﻻ ﻳﻨﻤﻮ ﺑﻬﺎ إﻻ اﻟﺸﻮك،
112
زﻳﻮس اﻟﻌﺎﺷﻖ وﻫﻴﺮا اﻟﻤﻨﺘﻘﻤﺔ!
واﻧﻬﺎ ﺗﺪﻣﻰ اﻷﻗﺪام وﺗﺠﻬﺪ اﻟﺴﺎﺋﺮﻳﻦ ،وﻟﻦ ﺗﺮى ﻓﻴﻬﺎ زﻫﺮة وﻻ رﻳﺤﺎﻧﺔ، ﺑﻞ ﻟﻦ ﺗﺴﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺼﻔﻮرا ﻳﻐﻨﻲ وﻻ ﺑﻠﺒﻼ ﻳﻐﺮد ،وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ،ﻗﺪ ﺗﻘﺘﺘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺴﺒﺎع واﻟﻀﻮارى واﻟﺜﻌﺎﺑﻴﻦ ،وﻟﻜﻨﻚ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻛﻞ ﻧﺼﺮ، وﻋﻘﺐ ﻛﻞ ﻇﻔﺮ ،ﺗﺮى ﺟﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺿﺎ ﺗﺤﻔﻚ ﺑﺎﻟﺰﻫﺮ«. وﻛﺎن أن ﺛﺎرت ﻧﺨﻮة اﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻫﺮﻗﻞ ،ﻓﻨﻬﺮ اﻟﻐﺎﻧﻴﺔ اﻟﻐﺎوﻳﺔ وأﻏﻠﻆ ﻟﻬﺎ ،ﺛﻢ ﺗﻘﺪم إﻟﻰ أرﻳﺘﻴﻪ ﻓﺘﻨﺎول ﻳﺪﻫﺎ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺤﻠﻮة ،وﻃﺒﻊ ﺗﻔﻴﺾ ووﻗﺎرا وواﺣﺘﺮاﻣﺎ ،ﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻗﺒﻠﺔ ﻴﺾ ﻴﻬ ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻬﺎ ﺑﺼﻮت ﻣﺘﻬﺪج ﺧﺎﻓﺖ: ﻫﻠﻤﻰ ﺑﻨﺎ ﻳﺎ ﻓﺘﺎة ﻓﻠﻦ أﺧﺸﻰ ﻓﻲ ﺳﺳﺒﻴﻠﻚ ﺑﺄﺳﺎ وﻻ رﻫﻘﺎ. وأﺻﺒﺢ ﻫﺮﻗﻞ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻟﻠﻀﻌﻔﺎء ،ﻣﻐﻴ ﻣﻐﻴﺜﺎ ﻟﻠﻤﻠﻬﻮﻓﻴﻦ ،إذا رأى ﻣﻈﻠﻮﻣﺎ اﻧﺘﺼﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻇﺎﻟﻤﻪ ،وإ وإذا ﻟﻘﻲ ﺟﺎﺋﻌﺎ ﻧﺰل ﻟﻪ ﻋﻦ زاده، ﻳﻨﺼﺮ اﻟﻔﻀﻴﻞ أﻧّأﻧﻰ ﻰّﻰ ﺳﺎر ،ﺗﻤﺸﻰ ﻫﻲ ﻓﻲ أﺛﺮه أﻳﻨﻤﺎ وﻟﻰ ،ﺣﺘﻰ ﺿ ﺿﺎﻗﺖ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺤﻴﺮا وﻟﻢ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻐﺎر ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺪ ﻳﻜﻠﻞ رأس ﺧﺼﻤﻬﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أن اﺗﺼﻞ ﺑﺎﻟﻤﻠﻚ ﻛﺮﻳﻮن ،ﻣﻠﻚ ﻃﻴﺒﺔ ،وزواﺟــﻪ ﻣﻦ اﺑﻨﺘﻪ اﻟﺠﻤﻴﻠ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻣﻴﺠﺎرا. ﻟﻘﺪ أﺣﺐ ﻫﺮﻗﻞ زوﺟﺘﻪ ﺣﺒﺎ ﺟﻤﺎ، وأﺣﺒ وأﺣﺒﺘﻪ ﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ وأﺧﻠﺼﺖ ﻟﻪ ،وﻛﺎﻧﺎ ﻳﺬﻫﺒﺎ ﻳﺬﻫﺒﺎن إﻟﻰ اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻳﺘﻨﺎﺟﻴﺎن ﻧﺠﻮى اﻟﺤﺐ ،وﻳﺮﺷﻔﺎن ﻛﺆوس اﻟﻬﻮى، وﻳﻌﻮدان ﻣﻊ اﻷﺻﻴﻞ ﻓﻴﺴﺎﻣﺮان اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺸﻴﺦ ،وﻳﺪﺑﺮان ﻣﻌﻪ أﻣﻮر اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ. ﺛﻢ ﻣﻜﺮت ﺣﻴﺮا ﻣﻜﺮﻫﺎ!.. ﻟﻘﺪ ﺻﻤﻤﺖ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺴﻠﺐ ﻫﺮﻗﻞ رﺷﺪه ،وﺗﺘﺮﻛﻪ ﻳﻬﻴﻢ ﻓﻰ اﻷرض ﻳﻨﻄﺢ ﺑﺮأﺳﻪ اﻟﺼﺨﺮ ،ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻏﺎرﻗﺎ ﻓﻲ أﺣﻼم اﻟﺴ اﻟﺴﻌﺎدة إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ زوﺟﺘﻪ آﻣﻨﻴﻦ ﻣﻄﻤﺌﻨﻴﻦ ،إذا ﺣﻴﺮا ااﻵﺛﻤﺔ ﺗﻨﺪس ﻓﻲ ﻇﻼم اﻟﻤﺨﺪع،
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
111
łĿîĬĿí ĎŔģîēã łĿîĬ
زﻳﻮس اﻟﻌﺎﺷﻖ وﻫﻴﺮا اﻟﻤﻨﺘﻘﻤﺔ!
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺮﻛﺔ
إﻧﻪ ﻫﺮﻗﻞ ـ أو ﻫﻴﺮﻛﻠﻴﺰ ـ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻮة اﻷﺷﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻛﺎﺑﻦ اﻟﻪ ﻋﻈﻴﻢ وأم ﺑﺸﺮﻳﺔ راﺋﻌﺔ اﻟﺠﻤﺎل .ﻛﻴﻒ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ ﻫﺪف ﻣﺸﺮوع ﺮﻏﺒﺔ ﻟﺮﻏﺒﺔ ﻋﺎﺗﻴﺔ ﻻ ﺗﻬﺪأ ﻓﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻨﻪ وﺣﺮق ﻗﻠﺐ أﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ؟ ﺟﻦ ﺟﻨﻮن » ﻫﻴﺮا » ،اﻹﻟﻬﺔ اﻟﺸﺮﻳﺮة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﺣﻴﻦ وﺟﺪت زوﺟﻬﺎ زﻳﻮس ،رب أرﺑﺎب ﺟﺒﺎل اﻷوﻟﻴﻤﺐ ،ﻳﻐﺮم ﻋﻲ «أﻟﻜﻤﻴﻦ» ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺣﻴﻦ وﺿﻌﺖ ﺑﻔﺘﺎة ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺗﺪﻋﻲ ﻃﻔﻠﻬﺎ اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ ﺠﺒﺎر اﻟﺠﺒﺎر ﻫﺮﻗﻞ ،وﻣﺎ ﻛﺎد اﻟﻨﺒﺄ ﻳﺬﻳﻊ ﻓﻰ دوﻟﺔ اﻷوﻟﻴﻤﺐ ﺣﺘﻰ ﺛﺎرت ﺛﺎﺋﺮة ﺣﻴﺮا وأﺳﻘﻂ ﻓﻰ ﻳﺪﻫﺎ ..ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻨﺘﻘﻢ ﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﺴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻮس( ،ﺣﻴﺚ ارﺗﻔﻌﺖ أﻟﻜﻤﻴﻦ إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻗﻠﺐ زوﺟﻬﺎ )زﻳﻮس(، اﻵﻟﻬﺔ ،ﻓﺄﻣﺮت ﺣﻴﺘﻴﻦ رﻗﻄﺎوﻳﻦ أن ﺗﺴﻌﻴﺎ إﻟﻰ ﻣﻬﺪ اﻟﻄﻔﻞ، ﺻﺔ أودﺗﺎ ﺑﺤ ﺎﺗﻪ ﻟﻬﻤﺎﺎ ﻓﻓﺮﺻﺔ ﻨﺤﺖ ﻟﻬ وأن ﺗﻨﺪﺳﺎ ﻓﻴﻪ ،ﺣﺘ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ. ﺣﺘﻰ إذا ﺳﻨﺤﺖ وﺳﻌﺖ اﻟﺤﻴﺘﺎن ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻘﺮﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺪ اﻟﻮﺛﻴﺮ ،واﻧﺘﻬﺰﺗﺎ ﻏﻔﻠﺔ ﻓﺎﻧﻘﻀﺘﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﻳﺴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،وأوﺷﻜﺘﺎ أن ﺗﻈﻔﺮا ﻣﻦ اﻟﺨﺪم ﻀﺘﺎ ﺑﻪ. ﺼﻐﻴﺮ اﻟﻬﺎدئ ﻗﺒﺾ اﺻﺎﺑﻌﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺪودﻳﺔ وﻟﻜﻦ ﻫﺮﻗﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻋﻠﻰ رأس ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺘﻴﻦ وﺑﻀﻐﻄﺘﻴﻦ ﻫﺎﺋﻠﺘﻴﻦ ﺣﻄﻢ ﻋﻈﺎﻣﻬﻤﺎ اﻟﺨﺪم ﻗﺪ ﺟﺎءوا ،ﻓﻠﻤﺎ ﺷﻬﺪوا اﻷﻓﻌﻮاﻧﻴﻦ ،ﺻﺮﺧﻮا، ﺟﻤﻴﻌﺎ ،وﻛﺎن ﺪم اﻟﺼﻮاب ﻣﻦ أدﻣﻐﺘﻬﻢ ﺣﻴﻨﻤﺎ رأوا أن اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺛﻢ ﺑﻬﺘﻮا وﻃﺎر ﻟﺼﻮاب اﻟﺼﻐﻴﺮ ،اﻟﻤﻨﺒﻄﺢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮه ،ﻗﺪ ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺘﻴﻦ اﻟﻌﻈﻴﻤﺘﻴﻦ ﺿﺤﻴﺘﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎرﻛﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﺑﺢ ﻗﻮﺗﻪ اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ! وأﻟﻘﺎﻫﻤﺎ ﻦ وﺟﺎءت أﻟﻜﻤﻴﻦ ﻓﻀﻤﺖ إﻟﻰ ﺻﺪرﻫﺎ اﻟﺤﻨﻮن ﻃﻔﻠﻬﺎ اﻟﻬﺎﺋﻞ! ﻓﺮﺣﺔ ﻣﺴﺘﺒﺸﺮة ،وﻃﺒﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻴﺘﻪ اﻟﻀﺎﺣﻚ ﻗﺒﻠﺔ ﺣﻤﻠﺖ اﻷﻣﻮﻣﺔ. أﺳﻤﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﻮﻣﺔ.
110
ﺷﻖ وﻫﻴﺮا اﻟﻤﻨﺘﻘﻤﺔ! زﻳﻮس اﻟﻌﺎﺷﻖ
زاوﻳﺔ أﺧﺮى
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻻ ﻫﻮﻳﺔ دون ﺛﻘﺎﻓﺔ ،وﻻ ﺛﻘﺎﻓﺔ دون ﺗﺮاث ،وﻻ ﺗﺮاث دون ﺗﺎرﻳﺦ، واﻟﺘﺮاث ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺰاوﻳﺔ ﻳﺘﺴﻊ ﻷي ﻧﺸﺎط ﺑﺸﺮي ﻳﻌﻜﺲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﺒﺔ زﻣﻨﻴﺔ ﻣﺤﺪدة .وﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﺮ -ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ- ﻣﻌﻘﺪا أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ! رﺑﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﻳﺴﺮ اﻟﻘﻮل :إن ﺑﻨﺎء اﻟﻤﻨﺎزل ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷواﻧﻲ وﺣﻴﺎﻛﺔ اﻟﻤﻼﺑﺲ ﻳﺪوﻳًﺎ ،ورواﻳﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت وإﻧﺸﺎد اﻷﻏﺎﻧﻲ ،ﻣﻦ اﻟﻤﻮارد اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ واﻟﻐﻨﻴﺔ ،ﻓﻠﻜﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﻠﺒﺎس واﻟﺤﻜﻲ واﻟﻐﻨﺎء .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺸﻜﻞ راﻓﺪا أﺳﺎﺳﻴﺎت ﻟﻬﻮﻳﺔ أي ﺷﻌﺐ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻮق أرض ﻫﻲ وﻃﻨﻪ ﺑﺎﻟﻤﺤﺼﻠﺔ. ﺑﻴﺪ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺮاﻋﺎة ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻛﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﺪى اﻟﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺘﺮاث ودراﺳﺘﻪ .ﻓﺎﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﺪر ﻣﻦ أﺻﻮل ﻻﺗﻴﻨﻴﺔ ،ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺎدي :ﻛﺎﻷﺑﻨﻴﺔ واﻟﻘﺼﻮر واﻟﻘﻼع .أﻣﺎ اﻟﺪول اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻓﻼ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺗﺮاﺛﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮان ﻷن ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ﺗﻜﺎد ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺼﻮﺗﻲ ﺑﻔﺮﻋﻴﻪ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ واﻟﺸﻔﻬﻲ. ﻟﻬﺬا ﻳﺠﺐ اﻻﻧﺘﺒﺎه أﺛﻨﺎء دراﺳﺔ اﻟﺘﺮاث إﻟﻰ اﻟﻔﺮوق واﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻛﻴﻼ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك إﻫﻤﺎل ﻟﺤﻀﺎرات ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب أﺧﺮى ،ﻟﺘﺄﺧﺬ اﻟﺤﻀﺎرات ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺒﺤﺚ. ﻓﺎﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻮ ﻧﺘﺎج إﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ. وﻟﻜﻦ اﻟﺸﻌﻮب ﺗﺘﻤﺎﻳﺰ ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ، وﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺳﻤﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ. وﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺘﺮاث ﻫﻮ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺠﺎﻣﺪ ،ﺑﻞ ﻫﻮ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺤﻴﺔ -ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ أﻓﻀﻞ -ودﻟﻴﻠﻨﺎ أن اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺗﺮاث ﻋﺮﻳﻖ ﺗﻨﺪﺛﺮ وﺗﺬوب ﻓﻲ ﺗﺠﻤﻌﺎت ﺗﺴﺘﻮﻋﺒﻬﺎ أو ﺗﻠﻐﻴﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﻻﻓﺘﻘﺎدﻫﺎ إﻟﻰ ﻫﻮﻳﺔ ﺗﺨﺼﻬﺎ وﺗﻤﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻬﺎ .ﻟﻬﺬا ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪول اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﺘﺮاث اﻟﺤﻀﺎري ﻟﻠﺪول اﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﻤﺤﻮ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ .ﻓﺎﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ ﻻ ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻬﺎ ،وﻏﻴﺮ ﻣﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ. وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ أن ﻳﺘﻘﻮﻗﻊ ﻛﻞ ﺷﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﻫﻮﻳﺘﻪ ﻣﻬﺪدة ﺑﺎﻟﺰوال ﻟﺪى ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻛﺘﺸﻒ ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
ﺳﺎﻣﺮ أﻧﻮر اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ@
اﻷﺧﺮى واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ .ﻓﺎﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أن ﺗﺰدﻫﺮ ﻟﻮﻻ اﻧﻔﺘﺎﺣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﺸﻌﻮب واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﺠﺎرﺑﻬﺎ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺠﺰات ﻓﻜﺮﻳﺔ وأدﺑﻴﺔ وﻋﻠﻤﻴﺔ .وذﻟﻚ ﺿﻤﻦ دورات ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ وﺗﺘﻌﺪد ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺴﻴﺮة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ. ﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻘﺘﻨﻊ ﺑﻀﺮورة دراﺳﺔ اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ أﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻨﻪ ،وﻣﻜﻠﻒ دون ﻣﺮدود ،ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺧﺒﺮات ﻣﺪرﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ،واﻟﻰ أﻣﻮال ﻃﺎﺋﻠﺔ .وﻫﻮ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﺠﺮد ﺗﺮف ﻓﻜﺮي ﻻ ﺗﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ واﻟﻔﻘﻴﺮة. ﻻ ﺷﻚ أن ﻫﺬا اﻟﺮأي ﺧﺎﻃﺊ ﺗﻤﺎﻣﺎ ،ﻓﺎﻟﻨﻬﻀﺔ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻓﺮاغ ﻣﻌﺮﻓﻲ ،وﻫﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪ أو ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ودور اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ. أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ واﻟﻘﺮﻳﺐ ﻓﻴﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ أن اﻟﺘﺮاث ﻟﻪ ﻣﺮدود ﻣﺎدي ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ اﻟﺬي ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول ﻛﺪﺧﻞ ﻗﻮﻣﻲ ﻻ ﻳﻨﻀﺐ .ﻓﻀﻼ أن اﻟﺘﺮاث ﺛﺮوة وﻃﻨﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺘﻮﻳﻪ ﻣﻦ ذاﻛﺮة اﻷﻣﺔ ،ﻟﻬﺬا ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺟﻴﻞ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻪ وﺗﺴﻠﻴﻤﻪ ﺑﺪوره إﻟﻰ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ. ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت واﻷﻓﻜﺎر ﺗﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﺣﻀﻮر اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ -ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎل -ﻣﻦ ﻛﻮﻛﺐ اﻷرض ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮة؟ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻘﻮل :إن اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﺳﺘﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻷي ﺷﻌﺐ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺤﻮ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺨﺎص ،ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻟﺪى اﻟﺸﻌﻮب ذات اﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎت اﻟﻤﺤﺪودة .ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺮأي اﻟﻤﻨﺎﻗﺾ ﻳﻘﻮل: إن اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﺗﻌﺰز ﻣﻦ ﺣﻀﻮر اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﺪى اﻟﺸﻌﻮب ﻛﺎﻓﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﻬﻞ وﺗﺴﺮع ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎرف واﻟﺘﺒﺎدل اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻋﺒﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻮﻟﻢ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺨﺎص ﻟﻜﻞ ﺷﻌﺐ -إن ﺻﺢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ -وﻳﻌﺰز ﻣﻦ وﺟﻮده ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﺸﻒ وﻋﺮﺿﺔ ﻟﻺﻫﻤﺎل واﻟﻨﺴﻴﺎن. واﻷﻳﺎم اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺸﺎﻓﻴﺔ ﺣﻮل وﺿﻊ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي دﺧﻠﻨﺎ ﻋﻘﺪه اﻟﺜﺎﻧﻲ *ﻛﺎﺗﺐ وأدﻳﺐ ﺳﻮري
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
109
ŅŎňij وإذا ﺗﻮﻗﻔﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺔ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻜﻬﺔ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺧﺮﺟﺘﻬﺎ أﻧﺖ ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻌﺘﻤﺔ إﻟﻰ اﻟﻀﻮء ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺘﻴﺞ اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ » » 1919-1987ﺣﻴﻦ ﻟﺤﻨﺖ ﻟﻪ وﻏﻨﻴﺖ ﻗﺼﻴﺪة »ﺻﺎح ﺑﺰﻗﺮ ﻟﻤﻨﺎدي« ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻤﻖ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﻨﺬ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺼﺤﺮاء ،ﻓﻬﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﺑﺪوي ﻣﻦ ﻟﻴﻮا »ﻣﺤﻀﺮ ﺣﻮاﻳﺎ« ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻐﻮص ،أي أن ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات ﻛﺎن ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﻳﻤﺴﻚ ﺑﻜﻔﻲ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺼﺤﺮاء ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ أﻏﺎن وﻣﻬﻦ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ وﻟﻬﺠﺔ وﻋﻤﺎرة وﻣﻮاﺳﻢ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻛﺸﻔﺖ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺮاﺋﻌﺔ :
ﻳﻔﺘﺘﺤﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺎﺳﻤﻚ ﺣﻴﻦ ﻳﻨﺎدﻳﻚ »ﻋﻠﻲ ﻳﺎﺧﻮي« أو«ﻳﺎ ﻋﻠﻲ« وﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻘﻠﻴ ًﺪا ﻣﺤﺒ ًﺒﺎ ﺣﻴﻦ ﻛﺮرﻫﺎ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء وﻏﻨﻴﺘﻬﺎ أﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻚ اﻟﻔﻨﻴﺔ . إﻧﻚ وﺳﺎﻟﻢ اﻟﺠﻤﺮي ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺪان اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻔﻨﻲ ﻷي ﺑﻠﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺤﻀﺎر وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺳﺎﻟﻢ ،وﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺣﻴﺚ ﻓﻴﺮوز واﻟﺮﺣﺎﺑﻨﺔ ،وأﻳﻀً ﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺣﻴﺚ أم ﻛﻠﺜﻮم وأﺣﻤﺪ راﻣﻲ ...وﻫﻜﺬا ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﺪ وﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ واﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ. ﻟﻘﺪ ﺻﺎغ اﻟﺠﻤﺮي ﻣﺌﺎت اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ وﻏﻨﻴﺘﻬﺎ أﻧﺖ دون ﺗﺮدد ،ﺑﻞ وأﺑﺪﻋﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﺤﻴﻨﻬﺎ وإﻳﺼﺎﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻤﺜﻞ ﺻﻮﺗﻚ اﻟﻤﻌﺒﺮ ،وﻧﺘﺬﻛﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺻﺎح ﺑﺰﻗـــــﺮ ﻟﻤـﻨﺎدي ﺑﺨﻄﻮﻓﻪ ﻏ ّﻤﺲ ﻋﻠــــﻰ ﻟﻔﻮادي ﺑﺎﻟﻜﻮﻓــﻪ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ اﻟﺠﻤﺮي ﻓﻲ ﻣﺪح اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺴﺘﺤﻖ:
ﻳﻘـﻮل اﻟﺸﺎﻋـﺮ اﻟﺠﻤـﺮي ﻣﺜـــﺎﻳـﻞ ﺗـﻼ داﻫـﺎ اﻟﻤﻼﻳﺎ ﻓــﻲ رﺳــــﺎﻳﻞ ﻛـﻞ ﻣــﻦ ﻳﻔـﻬـﻢ ﻓﺴـﺮﻫـﺎ ﺗﺄﻧـﺲ ّ ّ وﺗﻌﻨـﻲ ذو اﻟﺠﻼﻟﻪ واﻟﻔﻀﺎﻳــــﻞ ﺳﻤـﻮ ﺷﻴـﺦِ ﺳﻤـﺎ ﺑﺎﻟﻤﺠــﺪ زاﻳــﺪ ﻛﺴـﺎه اﻟﺮب ﻣﻠﺒـﻮس اﻟﺠﻤــﺎﻳـﻞ ﻓـﻼ ﻇ ّﻨـﻲ ﺗﺮﺑّـﻲ اﻟﺒـﻴـﺾ ﻣــــﺜﻠﻪ وﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﺼـﺮ ﻫـﺬا واﻻواﻳـــﻞ ﻫﻼﻟﻲ ﺗﺴﻠﺴﻞ ﻣﻦ ﺣﻤﻮﻟـــــــــﻪ ﱢ ﺗـــﺮى ﻟﻠﺨﻴﺮ ﻓﻲ وﺟﻬـــﻪ دﻻﻳﻞ ﻛــﺮﻳﻢ ﻓﺎض ﺟﻮده ﻋﻦ ﺣـــﺪوده ﻛﻤﺎ ﺳـــــﻴﻞ ﺗﺤﺪر ﻣﻦ ﻣﺨــﺎﻳﻞ
ﻟﻘﺪ أﺛﺎر ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺠﻤﺮي ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت واﻟﺴﺘﻴﻨﺎت وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺣﺘﻰ رﺣﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ، 1991وﻫﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ذات أﺑﻌﺎد اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ أﺿﻔﺖ ﻟﻬﺎ أﻧﺖ ﺑﻌ ًﺪا ﻓﻨ ًﻴﺎ ﻣﻬ ًﻤﺎ أﻳﻀً ﺎ وﺑﻤﺎ ﻳﻮازي ﺣﻀﻮرﻫﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،أي ﻣﻨﺬ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻹﻏﺘﺮاب ﻋﻦ اﻟﻮﻃﻦ وﺣﺘﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪ رﺛﺎء زوﺟﺘﻪ ،وﻣﻨﺬ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺤﻨﻴﻦ واﻟﺤﺐ إﻟﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺰﻣﻦ واﻟﺸﻜﻮى ﻣﻦ ﺗﻘﻠﺒﺎﺗﻪ ..ﻛﻠﻬﺎ ﻏﻨﻴﺘﻬﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺮوﻋﺔ واﻹﺿﺎﻓﺎت اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ : ﻫﺎض اﻟﻜﻨﻴﻦ ﺑﺨﺎﻓﻴـــــﺎت اﻧﺸﺎدي
ﺣﻴﻦ اﻋﺘﺮاﻧﻲ م اﻟﺰﻣﺎن اﻧﻜـــــــﺎدي ﻫﺎﺟﻮس ﺗﻌ ّﺮك ﺿﺎﻣــــﺮي ٍ ﻟﻴﻌﺎت ّ ﻫﻢ وﺑﺎﻟﺤﺸــــــﺎ وﻗﺎدي ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ّ ودﻣﻮع ﻋﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﻗﻮاﺻﻲ ﻧﺎﻇــﺮي ﻓﻲ وﺟﻨﺘﻲ ﺛ ﱟﻦ ﻟﻬــــــــﺎ واﻓـــﺮادي
108
رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﺔ
ﻳﻮم اﻟﺴﻔﻦ ﺑﺘﺸــﻞ وﻻ وادﻋــــــﻪ ﺑﺎﻟـﺢ
أﻣــﺎ أﻟﺤﺎﻧﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ وﻻ ﺗ ـﺰال اﻷﺟﻤﻞ واﻷروع ،إذ ﻧﺘﺬﻛﺮ اﻟﻴﻮم ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻐﻤﺎت وﻧﺮدد ﻣﻌﻬﺎ »أﻣﺴﻰ ﻏﺜﻴﺚ رﻗﺎدي ،ﻳﺎﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ ،آه اﻧﺎ وﻧﻴﺖ ﻣﻦ ﻋﻮق ﻳﺰﻳﺪ ،ﻫﺎض ﻣﺎﺑﻲ ﻣﻦ ﺗﻌﺬاﺑﻲ« إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﺪد ﻛﻢ ﻫﻲ أﻟﺤﺎﻧﻚ راﺋﺪة ،ﻓﺘﺤﺖ ﻓﻀﺎء اﻹﺑﺪاع أﻣﺎم أﺟﻴﺎل اﻹﻣــﺎرات ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻨﺎ إرث ﻳُﺤﺘﻔﻰ ﺑﻪ وﻳُﻌﺘﺪ أﻳﻀً ﺎ ، ..واﻟﻴﻮم وﺑﻌﺪ ﺛﻮرة اﻻﺗﺼﺎﻻت وﻇﻬﻮر اﻟﻤﺎرد اﻟﻌﺠﻴﺐ اﻟﺬي اﺳﻤﻪ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﺈن زﺣﻒ أﻏﺎﻧﻴﻚ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺪاﺋﻢ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ ﻳﻌﺪ ﻋﺠﻴ ًﺒﺎ وﺳﺮﻳ ًﻌﺎ!! ﻓﻠﻴﺘﻚ ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺗﻴﺔ وﺗﺮى ﺑﻌﻴﻨﻴﻚ ﻛﻢ ﻫﻲ أﻏﺎﻧﻴﻚ ﻣﻨﺘﺸﺮة ..ﻗﺪ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ أو رﺑﻤﺎ ﺗﻌﻠﻢ ، ﻛﻢ ﻫﻲ ﻣﻨﺘﺸﺮة ﻋﺒﺮ اﻟﻬﻮاﺗﻒ اﻟﻤﺤﻤﻮﻟﺔ ،أوﻓﻲ ﻣﺤﺎل اﻟﺘﺴﺠﻴﻼت ﺣﻴﺚ اﻻﺳﺘﻨﺴﺎخ اﻟﺴﻬﻞ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ واﺣﺪة . إن ﻋﻤﺮ ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻹﺗﺤﺎد ﻣﺘﺠﻪ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻴﻮﺑﻴﻞ اﻟﺬﻫﺒﻲ ،أي أﻧﻪ ﺳﻴﺒﻠﻎ ﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮن ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ واﻹﻧﺠﺎز اﻟﻼﻓﺖ واﻟﻤﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ واﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺣﻤﻠﺔ ﺗﻮﺛﻴﻘﻴﺔ واﺳﻌﺔ ﻟﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﺳﻨﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ أﻧﺖ وأﻏﺎﻧﻴﻚ وأﻏﺎﻧﻲ زﻣﻼﺋﻚ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﺿﻤﻦ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ وﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎراﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺿﺮورة ﺗﺄﻟﻴﻒ اﻟﻜﺘﺐ وإﻋﺪاد اﻟﺒﺮاﻣﺞ وأرﺷﻔﺔ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻤﻐﻨﺎة وﺗﺒﻮﻳﺐ وﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻨﻮﺗﺔ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻷﻟﺤﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﻢ إﻻ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻌﻚ ،وإﻃﻼق أرﺷﻴﻔﻚ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻪ أرﺷﻴﻒ اﻟﺒﻼد ﻋﻤﻮﻣﺎ ...وﻟﻚ ﻛﻞ اﻟﺸﻜﺮ واﻻﺣﺘﺮام
ﻧﺎس اﺷﺮ ِ اف ﺣﻴﺪ ﻓﻴﻬــــﺎ ٍ ﻓﻲ ﺳﻮﻳﺪا اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻠﻴﺎﻫـﺎ ِ ﻟﻮﻻف ﻣـــﺎ ﺑﺨﻮن ﻋﻬﻮد ﻻ وﻻ ﺑﻨﺴﻰ وﻻ اﺳـﻼﻫﺎ
ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺪرﻣﻜﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ ،ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﻄﻮع، ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻦ ﻣﺒﺎرك ،ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﻮس ..ﻫﻞ ﻧﻌﺪد أﻛﺜﺮ؟ رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻧﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻛﺎﻣﻞ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ وﺛﻘﺖ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ ﻋﺒﺮ أﻧﻐﺎﻣﻚ، ﺑﻞ وﻏﻨﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻴﺦ ذﻳﺎب ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﺣﺎﻛﻢ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ، واﻟﺬي ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﺣﺪود ﺳﻨﺔ 1793وﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪه اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﻞ أﻏﺎﻧﻴﻚ ﻏﺰﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﻗﻔًﺎ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻚ »دﻧﻴﺎ ﻣﺎﺑﻚ ﻧﺪاره«: ﻣﻐﺎﻳ ًﺮا -رﻏﻢ أن اﻟﻐﺰل ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة واﻟﻌﻄﺎء واﻟﻤﺤﺒﺔ -ﺑﻞ دﻧﻴـــﺎ ﻣــﺎ ﺑــــﻚ ﻧــــﺪاره ﻫﻨﺎك ﻋﺸﺮات اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻃﻌﻢ اﻷرض وﻧﻜﻬﺘﻬﺎ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺆرخ ا ْرﺟــــﻮﻋـــﻚ ﻟﻠﺤﺴــﻒ ﻟﻤﺮاﺣﻞ وأﺣﺪاث وﻗﺼﺺ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻣﺎرات ،وﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ ﺛـــﺮ زﻳﻨــــــــﻚ ﻟﻠﻔﺸــﺎره اﻟﻤﺸﺎﻛﺎة واﻟﺮدود ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ وﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺻــﺎﻓـﻲ ﺷﺮﺑــﻚ ﻋـﺪف ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ،أو ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﻧﻊ ﺳﻌﻴﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻘﺎﻃﺔ ﻣﻬﻤﺔ وذﻛﻴﺔ ﺗﺆﺳﺲ ﻟﻨﻐﻤﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ وﺟﺪان اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺪرﻣﻜﻲ ،أو اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ،وﺗﺆﻛﺪ ﻟﻸﺟﻴﺎل أن ﺗﺎرﻳﺨًﺎ ﻣﻬ ًﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻔﻨﻮن ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺮي واﻟﺨﻀﺮ ،وﻫﻜﺬا ﻋﺸﺮات اﻷﻣﺜﻠﺔ . ﻫﺬه اﻷرض .إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻨﺴﻰ أﻏﺎﻧﻴﻚ اﻟﺘﻲ ﺷﺪوت ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺄﺷﻌﺎر إن ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ وأﻧﺘﺠﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺠﻤﺮي ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺒﺎرك وﻣﻨﻬﺎ ﻗﺼﻴﺪة »دار ﻣﻦ دار ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﻤﺮ ﻣﺮو ًرا ﻋﺎﺑ ًﺮا ﻋﻠﻰ أزﻣﻨﺔ اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ واﻟﺤﻔﻆ ،وإﺣﻴﺎﺋﻬﺎ اﻟﻬﻮى ﺷﺎﻓﻲ«: واﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﻬﺎ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﻚ ﻓﻨﻴًﺎ وﺛﻘﺎﻓﻴًﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴًﺎ ﺷﺎﻓﻲ اﻟﻬﻮى دار ﻣﻦ دار ! وﻗﺪ ﻟﺤﻨﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ 120ﻗﺼﻴﺪة ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻜﻤﺎ أﻧﺘﺠﺘﻤﺎ ﻧﺤﻮ 120 واﻧﺘﺸﻴﺖ ﺑﻄﻴﺐ رﻳّﺎﻫــﺎ أﻏﻨﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻮاء وﻣﻨﺎﺳﺒﺎت وأﺣﺪاث وﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ
ﺻﻮرة اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻂ ﻛﺎﺳﻴﺖ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
107
ŅŎňij
وﻟﻚ ﻛﻞ اﻟﺸﻜﺮ واﻻﺣﺘﺮام
رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﻪ ﻣﺆﻳﺪ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ
ﻧﻮد أن ﻧﻌﺮب ﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺸﻜﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ ﺣﻴﺚ أﻧﻚ ﺟﺰ ٌء ﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻨﻴﻦ اﻷﺟﻴﺎل ﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻞ ،وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺣﻘﻨﺎ أن ﻧﻜﺘﺐ ﻋﻨﻚ ،ﻷﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﺎﺑ ًﺮا ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،وأن ﻧﻌﻴﺪ أﻏﺎﻧﻴﻚ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺒﺮح أذﻫﺎﻧﻨﺎ ،وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻷداء ،واﻷﻟﺤﺎن ،واﻟﻜﻠﻤﺎت .
ﻣﻦ ﺣﻘﻨﺎ أن ﻧﺬﻛﺮ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ زﻣﻦ ﻣﻀﻰ رﺑﻤﺎ ﺿﻴﺎ ًﻋﺎ أو ﻧﺘﺤﺴﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺿﻴﺎع اﻟﺤﺎﺿﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺣﻘﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻘﻮل ﻟﻚ ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﻘﺪ ًﻣﺎ وﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻋﺼﺮك ﺣﻴﻦ ﺗﺮﻛﺖ ﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺒﻼد ﻣﻨﺎﺧًﺎ ﻓﻨ ًﻴﺎ ﺛﻘﺎﻓ ًﻴﺎ ﻧﺎﺑ ًﻌﺎ ﻣﻦ روح اﻷرض ،وﻣﺘﺮﺟ ًﻤﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ أﻫﻠﻬﺎ ،وﺣﺎﻓﻈًﺎ ﻧﺘﺎﺟﻬﻢ اﻟﺸﻌﺮي ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 400أﻏﻨﻴﺔ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ،أي ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻚ ﺳﻨﺔ 1966وﺣﺘﻰ اﻋﺘﺰاﻟﻚ ﺳﻨﺔ ، 1986وﻫﻮ اﻹﻋﺘﺰال اﻟﺬي ﻧﺤﺘﺮﻣﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ اﺧﺘﻴﺎرك ورﻏﺒﺘﻚ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ اﻟﻤﻬﻤﺔ ،اﻟﺘﻲ اﻣﺘﻸت ﺑﺄﺷﻌﺎر ﻗﺎدة اﻟﺒﻼد وأﻋﻴﺎﻧﻬﺎ وﺷﻌﺮاﺋﻬﺎ اﻟﺒﺎرزﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺪاﻣﻰ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ اﻷﺧﺎذة اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﻨﻴﺎﻧًﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻳﻀﺎف إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻗﺒﻴﻞ وﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد .إﻧﻪ ﻣﻦ ﺣﻘﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻀﻊ ذﻟﻚ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻧﺘﺎج إﻧﺴﺎﻧﻲ ﺧﺎﻟﺺ ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺎء اﻟﺮوﺣﻲ ،اﺳﺘﻄﻌﺖ ﺑﻜﻞ ﺷﻐﻒ أن ﺗﻮﺛﻖ ﻣﻼﻣﺤﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮت واﻟﻨﻐﻤﺔ .ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ أﻳﻤﺎ ﻧﺠﺎح ﻓﻲ ﺗﺸﻐﻴﻞ روح اﻟﻔﻄﺮة واﻻﺑﺘﻜﺎر ،وﻧﺤﻦ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ أﻧﻚ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺒﺤﺚ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻔﻨﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺘﻔﻮز ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺬﻫﻠﺔ ،وﻧﻌﺘﻘﺪ ﺣﺘﻰ اﻵن أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻘﺪم أﺣﺪ ﻟﺪراﺳﺔ ﻣﻮﻫﺒﺘﻚ اﻟﻔﺬة ،رﺑﻤﺎ ﻟﺴﺒﺒﻴﻦ :اﻷول ذاﺗﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻚ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ وإﻫﻤﺎﻟﻬﺎ ﻟﻨﺘﺎﺟﺎت اﻟﺮواد اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ. ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﺻﻮت اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه اﻟﺸﻌﺮي اﻟﻤﻤﻮﺳﻖ ،ﺑﻨﻐﻤﺔ ﻋﻮدك ﻓﻲ ﻋﺸﺮات اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ واﻟﺮدود واﻟﻤﺸﺎﻛﺎة واﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎت ﺣﻮل اﻟﻤﻄﺮ واﻟﺨﻴﺮ واﻟﺴﻔﺮ واﻟﺤﺐ واﻟﺼﺪاﻗﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﻀﻤﻮن واﺣﺪ وﻣﺤﺪد :
106
رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﺔ
ﻳﺎ ِﻣﺤﺘﻮي َﺣ ْﺴﻨﺎت اﻟﺨــ ْـﺼﺎل وﺳ ٍ ﻠﻮك ﻟﻄﻴﻔـــــﻪ أﻃﺒــــﺎ ْع ْ ﻗﻢ ﺳ ّﻮي ﻟﻲ م اﻟﺒـــﻦ ﻓﻨﻴـﺎل وﺿﻴﻒ اﻟﺬي ﺗﺒﻐﻲ ﺗﻀﻴﻔــﻪ وﻻ ﻧﻨﺴﻰ أﻧﻚ ﻏﻨﻴﺖ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮة ﻋﻮﺷﻪ ﺑﻨﺖ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي« ﻓﺘﺎة اﻟﻌﺮب« أﺟﻤﻞ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ وﺑﺄﻟﺤﺎﻧﻚ اﻟﻌﺬﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺪﻫﺎ اﻟﻴﻮم ﻋﺸﺮات اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب:
ﺑــــﺮﻗﺎ روس اﻟﺸّ ــــﺮاﻳﻒ ﻣﺎ ﺑﻨــــﺰل ﻟﻠـــﻮﻃـــــﺎه ﺣـــــﻴﺪ اﻟﻄّﻮﻳﻞ اﻟ ّﻨﺎﻳــﻒ ﻟﻪ ﻓـــــﻲ اﻟ ّﻨـــﻈﺮة ﺣﻼه
ﺻﻮﺗﻬﺎ اﻟﺬي أوﺻﻠﺘﻪ أﻧﺖ إﻟﻰ اﻷﺟﻴﺎل ﻋﺒﺮ ﺗﺮاﻧﻴﻤﻚ اﻟﻌﺬﺑﺔ ،ﻫﻮ ﺻﻮﺗﻚ اﻟﺬي وﺻﻞ إﻟﻰ أﺳﻤﺎع اﻟﻮﻃﻦ ﻓﺘﻐﻨﻰ ﺑﻪ ﻃﻮال ﻧﺼﻒ ﻗﺮن، ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﺮدة اﻟﺘﺮﺣﻴﺐ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺮم اﻟﻀﻴﺎﻓﺔ اﻟﻤﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات :
ﻫﻼ ﺑﺎﻟّﻠﻲ ﻧﻬــﻠّﻲ ﺑﻪ وﺷﻮﻓﻪ ﻳﺸـــــﺮح اﻟﺒﺎلِ وﻟﻲ ر ّﺣﺒﺖ ﻣﺎ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻬﻢ ﻣﻠﻴﻮن ﺗﺮﺣـــــﻴﺒﻪ ﻫـﻼ ﺑﺎﻟﻠّـﻲ ﻧﺮ ّﺣـﺐ ﺑـﻪ وﺷﺎﻧـﻪ ﻋﻨـﺪﻧـﺎ ﻋـﺎﻟـﻲ وﺣ ّﺒﻪ ﻓﻲ زواﻳﺎ اﻟﻴﻮف ﻧﺼﺒﺢ ﺑﻪ وﻧﻤﺴـﻲ ﺑـﻪ
وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ أﺻــﻮات وأﺻــﻮات وﺗﺠﺎرب ﻟﺤﻨﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻊ ﻋﺸﺮات اﻟﺸﻌﺮاء اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ أﻣﺜﺎل ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ،اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﻧﻊ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻮﻗﺎت وﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻮﻗﺎت ،ﻛﻤﻴﺪش ﺑﻦ ﻧﻌﻤﺎن ،ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻗﻄﺎﻣﻲ اﻟﻤﻨﺼﻮري ،ﻣﺤﻤﺪ
أوراق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
إذا أردﻧﺎ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺘﻘﺪم ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ@
ﻳﻄﻴﺐ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﺪارﺳﻴﻦ اﻟﻌﺮب ،اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻗﺎﻣﺖ أﺳﺲ ﻧﻬﻀﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷروﻗﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻻ ﺟﺤﻮد أو إﻧﻜﺎر ﻟﻬﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺑﻞ إﻧﻬﻢ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻧُﺼ ًﺒﺎ ﺗﺬﻛﺎرﻳﺔ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ ﻣﺜﻞ اﺑﻦ اﻟﻬﻴﺜﻢ واﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﺑﻞ إن ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ واﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻴﻦ ﻛﺘﺒﻮا ﻛﻠﻤﺎت إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺟ ٍّﺪا ﻋﻦ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺆرخ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻏﻮﺳﺘﺎف ﻟﻮﺑﻮن ،اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻵﺛﺎر وﻋﻠﻢ اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،و ُﻋﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،ﻳﻘﻮل» :إن ﺣﻀﺎرة اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ أدﺧﻠﺖ اﻷﻣﻢ اﻷورﺑﻴﺔ اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻌﺮب أﺳﺎﺗﺬﺗﻨﺎ ،وإن ﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻐﺮب ﻟﻢ ﺗﻌﺮف ﻣﻮردا ً ﻋﻠﻤﻴﺎً ﺳﻮى ﻣﺆﻟﻔﺎت اﻟﻌﺮب ،ﻓﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﺪﻧﻮا أوروﺑﺎ ﻣﺎد ًة وﻋﻘﻼً وأﺧﻼﻗﺎً، واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻻ ﻳﻌﺮف أﻣﺔ أﻧﺘﺠﺖ ﻣﺎ أﻧﺘﺠﻮه ،إن أوروﺑﺎ َﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻠﻌﺮب ﺑﺤﻀﺎرﺗﻬﺎ«. إﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺧﻼف ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ،وإذا أﻣﻌﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﺈن اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺬﻛﻲ ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﻀﺎرات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻘﺒﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺗﻤﺘﺺ اﻟﺘﺮاث واﻟﻘﻴﻢ واﻷﻓﻜﺎر ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺗﻔﺘﺢ أﺑﻮاﺑﻬﺎ ﻟﻬﺠﺮة اﻟﻌﻘﻮل ﻣﻦ أي ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺗﺘﻘﺒﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎرات ﺑﺮاﻗﺔ ورﻧﺎﻧﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ، وﻫﻲ آﻟﻴﺔ ذﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺘﻘﺪم واﻟﺮﻗﻲ؛ إﻧﻬﻢ ﻳﻨﺘﺠﻮن اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻤﺨﺘﺮﻋﺎت وﻳﻠﻬﻤﻮن اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺟﺪﻳﺪة ،وﻳﺨﻴﻞ ﻟﻨﺎ أن ﻫﺬا ﻣﻦ ﻟﺐ أﻓﻜﺎر اﻟﻌﻘﻮل اﻟﺬﻛﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،إﻧﻤﺎ ﻟﻮ ﺑﺤﺜﺖ ﻗﻠﻴﻼ ﺳﻮف ﺗﺠﺪ أن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻒ ﺧﻠﻒ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻫﻢ أﻧﺎس ﻳﻨﺘﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت أﺧﺮى وﺑﻠﺪان ﺑﻌﻴﺪة ،ﻟﻜﻨﻬﻢ
ﻫﺎﺟﺮوا ﻧﺤﻮ اﻻﺳﺘﻘﺮار وﻧﺤﻮ اﻷﻧﻈﻤﺔ واﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ وﻧﺤﻮ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﻧﺤﻮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﻮي وﻧﺤﻮ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﻬﻨﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ ،وﻫﻲ ﺟﻮاﻧﺐ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ وﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻫﺬه ﻧﻈﺮة ﻣﺒﺴﻄﺔ وأوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﺗﺘﻐﺬى ﻣﻨﻪ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻤﻨﺢ اﻷﻣﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ -ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﻤﻠﻬﻤﺔ اﻟﺬﻛﻴﺔ وﺗﻔﺘﺢ ﻟﻬﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﻟﻤﻌﺎﻣﻞ وﻣﺮاﻛﺰ اﻷﺑﺤﺎث ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﺑﻴﻦإﺷﺒﺎع رﻏﺒﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺘﻤﻴﺰ واﻟﺘﻔﻮق ،وﺑﻴﻦ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺘﻜﺮات واﻟﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮل اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻳﺸﺒﻪ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻏﺎﻧﺪي» :ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﻴﺶ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺎول أن ﺗﻜﻮن ﺣﺼﺮﻳﺔ ». ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻢ ،ﺑﻞ إن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻧﻐﻠﻘﺖ وأوﺻﺪت ﺑﺎﺑﻬﺎ أﻣﺎم أي ﻗﺎدم ،ﺑﺤﺠﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أوﺻﺪت اﻟﺒﺎب أﻣﺎم اﻟﻤﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻤﻌﺎرف واﻟﺘﻄﻮر .وﺑﻌﺪ أﺟﻴﺎل اﻛﺘﺸﻒ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﺪاﺣﺔ اﻟﺨﻄﺄ وﻋﺎدوا ﻧﺤﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،وﺑﺪأو ﻣﻨﺬ اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ. ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﺣﻀﺎرة ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،إﻻ أن ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺪﻓﻊ اﻷﻣﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻤﻴﺰ واﻟﺮﻗﻲ ،ﺛﻤﺔ أدوات أﺧﺮى ﻟﺬﻟﻚ، أﻫﻤﻬﺎ وأوﻟﻬﺎ اﻟﻌﻠﻢ .ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ أول اﻟﺨﻄﻮات ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺘﻘﺪم *ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
105
ęîć àîĸĿ ﻓﺮﺳﺎن اbﻣﺎرات
وﺗﻘﻮل اﻟﻌﺒﺮي :ﻟﻘﺐ ”ﺷﻬﻴﺪ اﻟﻮﻃﻦ“ ﻳﺒﺚ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ واﻟﻌﺰة واﻟﺸﻤﻮخ ،ﺣﻴﻦ ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺄﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء ،أﺑﻨﺎء ﻫﺆﻻء اﻟﺼﺎدﻗﻴﻦ ،اﻟﺬي أﻗﺴﻤﻮا أن ﻳﻔﺪوا اﻟﻮﻃﻦ ﺑﺄرواﺣﻬﻢ ،ﻓﺄﺧﻠﺼﻮا وأوﻓﻮا ﺑﺎﻟﻨﺬر .ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎءﺗﻨﻲ ﻓﻜﺮة إﻧﺸﺎء ﺣﺴﺎب إﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ”اﻧﺴﺘﻐﺮام“ ﻓﻲ 19أﻏﺴﻄﺲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﻋﺮﺿﺖ اﻟﻔﻜﺮة ﻋﻠﻰ واﻟﺪﺗﻲ ،اﻟﺘﻲ أﻳﺪﺗﻨﻲ ،وﺑﺪأﻧﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ أﺧﺒﺎر وﺻﻮر وﺑﻄﻮﻻت ﻫﺆﻻء اﻟﺸﻬﺪاء وأﻃﻠﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﺳﻢ ”ﻓﺮﺳﺎن اﻹﻣﺎرات“ واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻻﻗﻰ اﻟﺤﺴﺎب ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ وﺗﻔﺎﻋﻞ ﻛﺒﻴﺮة. وﺗﺘﺎﺑﻊ ﺷﻴﺨﺔ :ﺣﺼﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻟﻘﺐ »ﺳﻔﻴﺮة أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء“ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ أن أﻗﻒ ﻣﻊ ذاﺗﻲ وأﺣﺎﺳﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ،وأﻛﺜﺮ ً أﻳﺔ ﺗﻘﺼﻴﺮ ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻬﺎﻣﻲ اﻟﺪراﺳﻴﺔ ﻛﻮﻧﻲ ﻣﺎ زﻟﺖ ﻃﺎﻟﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ ،أﺣﺮص ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،واﻟﺘﻄﻮع ﻓﻲ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻫﻮ ﺟﺰء ﺑﺴﻴﻂ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻠﻘﻴﺖ ﻋﺮﺿﺎ ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﺼﺤﻒ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻤﻮد ﺻﺤﻔﻲ ﻋﻦ واﻟﺪي ،وﻫﻮ اﻟﺠﺰء اﻟﺬي أﺳﺨﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ اﻟﺠﺰء اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ وﻗﺘﻲ ،ﺳﻴﻤﺎ وأﻧﻲ ﺑﺼﺪد اﻹﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻛﺘﺎب ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻔﻲ أﺳﺮد ﻓﻴﺔ ﺣﻴﺎة اﻟﺒﻄﻞ واﻟﺪي اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﺻﺮاره ﻋﻠﻰ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺮورا ﺑﺒﺪاﻳﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺨﺮ ﻛﻞ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻟﻠﻨﺠﺎح ﻓﻴﻬﺎ ،وﺷﻌﻮر اﻷﺑﻮة اﻟﺬي ﺣﻈﻴﺖ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ وﻻدﺗﻲ ،وﺧﺘﺎﻣﺎ اﺳﺘﺸﻬﺎده اﻟﻤﺸﺮف اﻟﺬي ﺳﻴﺒﻘﻰ وﺳﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪري أﻓﺘﺨﺮ ﺑﻪ.
ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻮﻣﺎ ﻟﻠﺸﻬﻴﺪ ،رﻣ ًﺰا ﻟﻨﺼﺮة اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ واﻟﺤﻖ، إﻧﻪ ﻳﻮم ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ رﺟﺎل اﻹﻣﺎرات اﻟﺒﻮاﺳﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻟﺖ دﻣﺎؤﻫﻢ وﻗﺪﻣﻮا أرواﺣﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﺷﺎﻣﺨﺎ ،ﻟﻘﺪ ﺳﻄﺮ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﻬﺪاء أﺻﺪق ﻣﻠﺤﻤﺔ ﻋﺸﻖ وﻃﻨﻴﺔ ،ﻓﺎﺳﺘﺤﻘﻮا أن ﻧﺘﺬﻛﺮﻫﻢ وأن ﺗﺒﻘﻰ ذﻛﺮاﻫﻢ ﻣﺨﻠﺪة ﻷﻧﻬﻢ رﺟﺎل ﺻﺪﻗﻮا ﻣﺎ ﻋﺎﻫﺪوا اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ. ﺗﻘﻮل ﺷﻴﺨﺔ :ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬااﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﺳﻮق أﻗﻒ ﻷﺗﺤﺪث وأﻧﻄﻖ ﻓﺨﺮا ﺑﺎﺳﻢ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء ،ﺳﺄﺧﺒﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﻢ ﻫﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﺪ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﺑﻦ واﺑﻨﺔ اﻟﺸﻬﻴﺪ ،وﺳﺄﺧﺒﺮﻫﻢ ﻛﻢ ﻫﻢ أﻗﻮﻳﺎء أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء ،ﻟﻢ ﻧﺤﺰن ،ﻷﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ أن اﻟﻤﺼﻴﺮ ﻣﺸﺮف ،ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻔﻘﺪان اﻟﺤﻨﺎن اﻷﺑﻮي ﻓﺰﻳﺎرة اﻟﺸﻴﻮخ ﻷﺳﺮ وأﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ ﻧﻘﺘﺴﻢ اﻟﺤﺰن واﻟﻔﺨﺮ ﻣﻌﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ وﻗﻔﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺖ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ إﻧﺸﺎء ﻣﻜﺘﺐ ﺷﺆون أﺳﺮ ﺷﻬﺪاء اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺐ وﻟﻲ ﻋﻬﺪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎدرات واﻟﺤﻤﻼت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮﻃﻦ ﻣﻊ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء. ﻃﻤﻮح وأﻣﻞ
ﺗﻘﻮل ﺷﻴﺨﺔ :ﻧﺤﻦ أﺑﻨﺎء زاﻳﺪ وﻛﻠﻨﺎ -ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف اﻷﻋﻤﺎر واﻟﻬﻮاﻳﺎت واﻟﻄﻤﻮح -ﻧﺸﺘﺮك ﻓﻲ ﻫﺪف واﺣﺪ وﻫﻮ ”رد اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻟﻠﻮﻃﻦ“ ﻷﻧﻪ ﻗﺪم ﻟﻨﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻤﻠﻚ ،ﻷﻧﻨﺎ ﻣﺤﻈﻮﻇﻮن ﺑﻬﺬا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻤﻌﻄﺎء وﺑﺘﻠﻚ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ واﻟﺴﺪﻳﺪة ﻓﻲ رأﻳﻬﺎ ،ﻟﺬا وﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻮاﻃﻦ أن ﻳﻌﻤﻞ وﻳﺴﻌﻰ ﻷن ﻳﻄﻮر ذاﺗﻪ وﻳﺤﻘﻖ ﻃﻤﻮﺣﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻧﺼﻞ ﺑﻮﻃﻨﻨﺎ إﻟﻰ ﻗﻤﻢ اﻹﻧﺠﺎزات واﻟﻨﺠﺎﺣﺎت وﻫﻮ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺘﻨﺎ إﻳﺎه ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﺎدة ﻓﻲ أن ”اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ“ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﺠﺪ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻳﻮم اﻟﺸﻬﻴﺪ ﻟﻘﺪ ﺑﺎت ﻳﻮم 30ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ اﻟﺬي أﻗﺮه واﻟﺪﻧﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ وﺳﻌﻴﻨﺎ وﻃﻤﻮﺣﻨﺎ
104
اﺷﺘﺒﺎك اﻟﺘﺎرﻳﺨﺸﻴﺨﺔ اﻟﻌﺒﺮي :ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ أن ﻻ ﻣﺴﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻮﻃﻦ
ﺗﻌﺒﺮ ﺷﻴﺨﺔ ﻋﻦ ﻓﺨﺮﻫﺎ واﻋﺘﺰازﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺸﺮف اﻟﺬي ﺧﺘﻢ ﺑﻪ ﺣﺪﺛﻮﻧﻲ ﻋﻦ واﻟﺪي أﻳﻀﺎ ،ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻘﻴﺖ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻓﻲ ﻟﻨﺪن ﺑﺼﺪﻳﻖ واﻟﺪﻫﺎ ﻋﻤﺮه ،وﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄن اﻟﻔﻘﺪ ﺻﻌﺐ ﺳﻴﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻨﺎء اﻟﺬﻳﻦ واﻟﺪي ،اﻟﺬي ﺳﺮد ﻟﻲ ﺣﻴﺎة واﻟﺪي وﻋﺸﻘﻪ ﻟﻤﻬﻨﺘﻪ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻛﻢ ﻳﻔﻘﺪون آﺑﺎءﻫﻢ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻐﻴﺒﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮﻧﻲ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ ،أﺻﺒﺤﺖ أﻛﺜﺮ ﺛﻘﺔ ﺑﺬاﺗﻲ ،وأﻛﺜﺮ اﺟﺘﻬﺎ ًدا ﻓﻲ أﺑﻄﺎل ﻗﺪﻣﻮا ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻷﺟﻞ أن ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﺷﺎﻣﺨًﺎ. ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻃﻤﻮﺣﻲ ﻟﻴﻔﺨﺮ ﺑﻲ وﻃﻨﻲ وﻋﺎﺋﻠﺘﻲ. ﺗﻘﻮل :ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻲ ﻟﻢ أر واﻟﺪي ،إﻻ أﻧﻨﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ ،ﻓﺎﻹﻣﺎرات ﺗﻔﺨﺮ ﺑﻬﺆﻻء اﻷﺑﻄﺎل أﻣﺜﺎل واﻟﺪي وﺗﺤﻴﻲ ذﻛﺮاﻫﻢ ﺷﻬﻴﺪ اﻟﻮﻃﻦ وﺗﺴﻄﺮ أﺳﻤﺎءﻫﻢ ﻓﻲ ﺳﺠﻼت ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،واﻟﺪﺗﻲ ﻣﻨﺬ ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻠﺔ وﺗﺘﺎﺑﻊ ﺷﻴﺨﺔ :ﻧﺤﺐ وﻃﻨﻨﺎ اﻹﻣﺎرات ﺑﻘﻴﺎداﺗﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﺮوا ﺟﻬ ًﺪا ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ أن ﻻ ﻣﺴﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻮﻃﻦ ،وﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﻏﺮس ﻣﻔﻬﻮم ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ إﺳﻌﺎدﻧﺎ ،ﻓﻨﺤﻦ ﺳﻌﺪاء ،ﺑﻞ وأﺳﻌﺪ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻷﻧﻨﺎ اﻻﺳﺘﺸﻬﺎد ﻣﻦ أﺟﻞ ﺷﻤﻮخ اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺘﻲ ،وﻛﺜﻴﺮون ﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮص ﺟﻞ اﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ إﻋﺪاد اﻟﻤﻮاﻃﻦ وﺗﺄﻫﻴﻠﻪ وﺗﻮﻓﻴﺮ ﻛﻞ ﺳﺒﻞ اﻟﺴﻌﺎدة ،ﻓﻜﻴﻒ ﻻ ﺗﺮﺧﺺ دﻣﺎﺋﻨﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻤﻌﻄﺎء ،ﺣﻴﺚ ﺷﺎرﻛﻨﺎ ﻣﺆﺧﺮا ﻧﺤﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء ﻓﻲ ﻣﻌﺮض دﺑﻲ ﻟﻠﻄﻴﺮان ،ارﺗﺪﻳﻨﺎ ذات اﻟﺰي اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﺬي ارﺗﺪاه آﺑﺎؤﻧﺎ اﻟﺸﻬﺪاء أدﻳﻨﺎ اﻟﺘﺤﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ واﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﺑﺄﺻﺤﺎب اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﻮخ ،ﺷﻌﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ واﻻﻋﺘﺰاز ،ﺗﺒﺎدﻟﻨﺎ اﻷﺣﺎدي. وﺗﻀﻴﻒ ﺷﻴﺨﺔ :ﺣﻴﻦ ﺟﺎءﻧﺎ ﺧﺒﺮ اﺳﺘﺸﻬﺎد ﺟﻨﻮد اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ ،رأﻳﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﻴﺪ ﺻﻮرة ﻟﻮاﻟﺪي اﻟﺬي ﺿﺤﻰ ﺑﻨﻔﺴﻪ وﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ إﻧﻘﺎذ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ ،ﺣﻴﻦ أﺻﻴﺒﺖ ﻃﺎﺋﺮﺗﻪ ﺑﻌﻄﻞ ﻓﻨﻲ ﺧﻼل إﺣﺪى اﻟﺠﻮﻻت اﻟﺘﺪرﻳﺒﻴﺔ ،ﻓﺮﻓﺾ ﻣﻐﺎدرﺗﻬﺎ ﺧﺸﻴﺔ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﻓﻮق ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺳﻜﻨﻴﺔ ،وﻇﻞ ﻳﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪا ً اﻟﻄﻴﺮان ﺑﻬﺎ ،إﻟﻰ أن ﺳﻘﻄﺖ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺻﺤﺮاوﻳﺔ، ﻟﻴﻨﺎل ﻣﺒﺘﻐﺎه اﻟ ُﻤﺸﺮف.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
103
ęîć àîĸĿ
ﺳﻔﻴﺮة أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء
ﺷﻴﺨﺔ اﻟﻌﺒﺮي: ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ أن ﻻ ﻣﺴﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺎﻣﺮي ﺗﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣ ي ﺮي
أﺑﻄﺎل ،ﺟﺒﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﺐ اﻟﻮط ،وأدرﻛﻮا أن اﻟﻮﻃﻦ وأﺑﻨﺎء أﺑﻄ ﺻﻐﺎر ،وأﺑﻨﺎء أﺑﻄﺎل ﺻﻐﺎر، ﻫﻢ أﺑﻄﺎل ﻫﻢ ﺑﺪﻣﺎﺋﻨﺎ. ﻧﻔﺪﻳﻪ ﺑﺪﺪﻣﺎﺋﻨﺎ. أن ﻧﻔﺪﻳﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ رﺑﻴ ًﻌﺎ ،اﺑﻨﺔ ﺷﻬﻴﺪ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻤﻼزم أول ﻃﻴﺎر ذات اﻷﻷرﺑﻌﺔ اﻟﻌﺒﺮي ذات ﺷﻴﺨﺔ اﻟﻌﺒﺮي ﺷﻴﺨﺔ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﺑﻄﺎل اﻟﺼﻐﺎر ،ﻳﺠﻌﻠﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻬﺎ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺮي ،واﺣﺪة ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﻌﺒﺮي، اﻟﺴﻦﻦ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ وﺛﻘﺘﻬﺎ وﺷﺠﺎﻋﺘﻬﺎ. ﻫﺬا ﻓﺎﻗﺖ ﺬا اﻟﺴ ﺖ ﻫﺬ ﺗﺪرك أﻧﻬﺎ ﻓﺎﻗ ﻣﻬﻨﺪﺳﺔ ﻃﻴﺮان ،ﻧﺎﻟﺖ ﻟﻘﺐ »ﺳﻔﻴﺮة أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء« .ﻧﺸﻄﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻬﻨﺪﺳﺔ ﻃﻤﻮﺣﻬﺎﺎ أأنن ﺗﺼﺒﺢ ﻃﻤﻮﻮﺣﻬ ﺗﻠﺒﻴﺔ دﻋﻮة ﻣﻦ ﺟﻬﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ أو ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺘﺤﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻦ ﺗﻠﺒﻴ ﺗﺘﻮاﻧﻰ ﻋﻦ اﺟﺘﻤﺎﻋﻋ ًﻴﺎﺎ ،ﻻ ﺗﺘﻮﻮاﻧﻰ اﺟﺘﻤﺎ أﻣﺎﻣﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻬﺪاء. ﺗﺘﺤﺪث أﻣﺎﻣﻬ ﺷﺮف ،ﺗﺗﺘﺤﺪث ف، ﺿﻴﻔﺔ ﺷﺮف ﺿﻴﻴﻔﺔ
102
اﺷﺘﺒﺎك اﻟﺘﺎرﻳﺨﺸﻴﺨﺔ اﻟﻌﺒﺮي :ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ أن ﻻ ﻣﺴﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻮﻃﻦ
ﺧﻮاﻃﺮ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﺗﺒﻠﻮر ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﻓﻲ أﺣﺪاث اﻟﻔﺘﻨﺔ ،وﻛﺎن أول ﻣﻦ ﻃﺮﺣﻪ ﻫﻢ اﻟﺨﻮارج ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻋﺘﺮﺿﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ واﺧﺘﻴﺎر أﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ اﻷﺷﻌﺮي وﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﺣﻜﻤﻴﻦ. ورﻏﻢ أن اﻋﺘﺮاﺿﻬﻢ ﻗﺪ ﺑﺮروه ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ ﺑﺄن اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺎﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﺑﻴﻦ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺤﻖ وﻓﺮﻳﻖ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ إﻻ اﻟﺘﻨﺎزل واﻟﺘﻬﺎون ﻓﻰ اﻟﺤﻖ ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺘﺪﻳﻴﻦ رﻓﻀﻬﻢ ،واﻧﻘﻠﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ،وﻗﺎﻟﻮا إن ﺗﺤﻜﻴﻢ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﻘﺮآن وﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺘﻮﺣﻴﺪ ،وﺑﺬﻟﻚ اﺣﺘﻔﻈﻮا ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ اﻟﺮاﻓﺾ وﻟﻜﻦ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺗﻌﺼﺐ ﺳﻴﺎﺳﻲ إﻟﻰ ﺗﻌﺼﺐ ﻟﻤﻔﻬﻮم وﺗﺼﻮر دﻳﻨﻲ. وﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺬي أﻋﻠﻨﻮه ﻟﺮﻓﻀﻬﻢ ﻧﺸﺄتْ ﻓﻜﺮة اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ. وﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮوع ﻓﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ وﺗﺤﻠﻴﻞ ﻓﻜﺮة اﻟﺨﻮارج ﻋﻦ اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ؛ ﻳﺤﺴﻦ ﺑﻨﺎ أن ﻧﻘﻒ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺨﻼﻓﺔ ،ﻷن اﻟﻤﺴﺄﻟﺘﻴﻦ )اﻟﺨﻼﻓﺔ واﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ( ﻣﺘﺪاﺧﻠﺘﺎن إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ. اﻟﺨﻼﻓﺔ :ﻣﺎت اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ واﻧﻘﻄﻊ اﻟﻮﺣﻲ ﺑﻌﺪ أن اﻛﺘﻤﻞ اﻟﺪﻳﻦ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺪد اﻟﻨﺒﻲ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ،أوﺻﻰ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع ،ﻛﻤﺎ أوﺻﻰ ﻓﻰ ﻣﺮض ﻣﻮﺗﻪ -ﺣﺴﺐ ﺷﺨﺼﺎ ﻟﻴﻜﻮن ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﺮواﻳﺎت -وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻮص أو ﻳﺴﻢ ً ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ .وﻟﺬﻟﻚ ﻧﻄﺮح ﺳﺆاﻻ ﻣﻬ ًﻤﺎ :ﻫﻞ أﺧﺒﺮﻧﺎ اﻟﻮﺣﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ أو اﻟﺤﺎﻛﻢ؟ إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻷرﺑﻌﺔ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ ﻛﻞ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎره ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ؛ أى أن اﻵﻟﻴﺎت اﺧﺘﻠﻔﺖ؛ ﻓﻤﺮة ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر ﻛﺄﺑﻲ ﺑﻜﺮ ،وﻣﺮة ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﻼف ﻛﻌﻤﺮ ،وﻣﺮة ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺨﻠﻔﻴﻦ ﻣﺘﻌﺪدﻳﻦ ﻛﻌﺜﻤﺎن ،وﻣﺮة ﺗﻨﺎزع ﺑﻴﻦ ﺟﺒﻬﺘﻴﻦ وﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺧﻠﻴﻔﺘﺎن ﻓﻰ آن واﺣﺪ وﺗﻜﺮر اﻷﻣﺮ.
ﻧﺒﻴﻞ اﻟﻌﻴﺴﻮي
ﻻ آﻟﻴﺔ ﺣﺪدﻫﺎ اﻟﺸﺮع إذن ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﺤﺎﻛﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا إذًا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ دﻳﻨ ًﻴﺎ؟ وﻫﻞ ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎل أن ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ دﻳﻨ ًﻴﺎ ،أو أﻧﻪ ﻧﺼﺎ؟ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮد ﻟﻪ ً ﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ أن اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻧﻈﺎم ﺣﻜﻢ ﻧﺸﺄ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮت اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ،وﻟﻢ ﻳﻌﺮف اﺳﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي اﺳﺘﻘﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻔﻆ اﻹﻣﺎرة ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪم »ﻣﻨﺎ اﻷﻣﺮاء وﻣﻨﻜﻢ اﻟﻮزراء« ﺛﻢ ﻟﻘﺐ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﺨﻠﻴﻔﺔ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ،وﻟﻢ ﻳﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﺠﺮدا ،ﺛﻢ ﻟﻘﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﺄﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، أى أن اﻷﻣﺮ ﻋﺎد ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﻬﻮدا وﻫﻮ ﻟﻔﻆ اﻹﻣﺎرة. وﺛﻤﺔ أﺳﺌﻠﺔ ﺗﻤﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺴﻘﻴﻔﺔ :ﻟﻤﺎذا ذﻫﺐ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ رﺿﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ إﻟﻰ ﺳﻘﻴﻔﺔ ﺑﻨﻲ ﺳﺎﻋﺪة ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎدة ﺳﻴﺪ اﻟﺨﺰرج؟ رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻹﺟﺎﺑﺔ أن ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎدة ﻫﻮ ﺳﻴﺪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻤﻔﺘﺮض ﻟﻬﺎ ،وﺧﺼﻮﺻﺎ أن ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎذ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻣﺎت ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ﻓﺴﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎدة ﻫﻮ ﺳﻴﺪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﺑﻤﻮت اﻟﻨﺒﻲ ﺗﻌﻮد اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ إﻟﻰ ﺳﻠﻄﺘﻪ ،وﻫﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﺰع ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻷﺳﺎس وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻄﻠﺔ أو ﻣﺤﺠﻤﺔ ﻧﻈﺮا ﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﺣﺎل ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا ذﻫﺐ اﻟﺼﺤﺎﺑﻴﺎن إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻷﻗﻮى، ذﻫﺒﻮا إﻟﻴﻪ وﻟﻢ ﻳﺄت ﻫﻮ إﻟﻴﻬﻢ ،واﺳﺘﻘﺮ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن اﻷﻣﻴﺮ ﻗﺮﺷﻴﺎ ﻷن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺨﺺ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﺣﺪﻫﺎ وإﻧﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﻌﺮب ﻛﺎﻓﺔ، وﻟﻦ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻌﺮب إﻻ ﺑﻘﺮﺷﻲ ،ﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻮﻫﺎ وﻟﻢ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎدة وﻟﻢ ﻳﺒﺎﻳﻊ ،وﻫﻮ اﻟﻨﺰاع اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﻛﺪﻟﻴﻞ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟﻮد ﻧﺺ ﺷﺮﻋﻲ ﻳﺤﺪد اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
101
ðøļĿí ĵŎē أﻣﺮي :ﻳﺎ ﻧﻮر ﺟﻤﻴﻊ ﻓﻼﺳﻔﺘﻚ اﻟﻤﺎدﻳﻴﻦ أﻧﻜﺮوا اﻟﻀﻤﻴﺮ واﻟﻔﻀﻴﻠﺔ وﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ..ووﺻﻔﻮا اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻨﻤﻞ واﻟﻨﺤﻞ اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺄروع ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﺘﻌﺎون..ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻴﺎ ﻧﻮﻋﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﺎ ﻧﻮر ،ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﻘﻄﻴﻊ وﻫﻢ ) اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺪﻫﻤﺎء ( واﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺮاﻗﻴﺔ ،ﺟﺴﻤﻴﺎ وﻋﻘﻠﻴﺎ وﺧﻠﻘﻴﺎ وﻧﻔﺴﻴﺎ وﻫﻢ) اﻟﺼﻔﻮة ( وﻫﺬا رأي ﻧﻴﺘﺸﻪ أﺳﺘﺎذك ﻳﺎ أﺳﺘﺎذة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ«. ﺗﻔﻴﺪ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎص ﻣﻊ ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﻫﻮ أﺣﺪ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻨﺎص ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ »ﻧﻮر« اﻟﺴﺎردة ﻗﺪ ﻗﺮأت ﻓﻰ زﻣﻦ ﻣﺎ ﻋﻦ ﻛﺎﺗﺒﺔ ،وأﺣﺒﺖ ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ ،وﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺛﻢ ﺗﺠﺪﻫﺎ ﻗﺪ ﻓﻘﺪت اﻟﺬاﻛﺮة ،وﻟﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻣﺮ ﺑﻤﻐﺎﻣﺮات وﺗﺠﺎرب إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدةﻋﺪﻳﺪة .وﺗﺒﺤﺚ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﻠﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺗﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺘﻨﺎص ﻣﻊ ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻟﻠﻜﺎﺗﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﻮر ،ﻓﺘﺠﻌﻞ اﻟﺘﻤﺜﺎل اﻷﻳﻘﻮﻧﺔ ﻳﺤﻜﻲ ﻟﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻣﻦ ﻧﺼﻮص ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻔﺔ ﺗﺤﻀﺮ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻬﺎ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻓﺘﺤﻜﻲ ﻋﻦ رواﻳﺔ« ﻗﺎل ﻟﻬﺎ ﻳﺎ إﻧﺎﻧﺎ«)» :(3ﻫﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ذﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮا :ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻚ ﻣﻤﺘﻌﺔ ﻳﺎ ﻧﻮر ،ﺗﺬﻛﺮﻳﻨﻲ ﺑﻜﺎﺗﺒﺔ ﻛﻨﺖ أﺣﺒﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ ،وﻛﻢ ﻣﻦ أﻳﺎم ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﻠﺴﺖ ﺑﺠﻮارﻫﺎ، وﻫﻲ ﺗﻜﺘﺐ وأﻧﺎ أﻗﺮأ اﻟﻜﻠﻤﺎت وﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم اﺧﺘﺎرت ﻟﻲ اﺳﻢ )إﻧﺎﻧﺎ( وﻛﺘﺒﺘﻪ ﻓﻲ رواﻳﺘﻬﺎ)ﻗﺎل ﻟﻬﺎ ﻳﺎ إﻧﺎﻧﺎ( .ﻛﺎﻧﺖ داﺋﻤﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺨﻠﻮد ،وﻛﻴﻒ ﺗﺨﻠﺪ ﺑﻄﻼﺗﻬﺎ اﻟﻼﺗﻲ ﺗﺤﺒﻬﻦ ﻛﺜﻴﺮا« ﺛﻢ ﺗﻘﺘﺒﺲ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻣﻘﺘﺒﺴﺎت ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻣﺮأة اﻟﺮﻳﺢ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻲ ﻟﻨﻮر .ﻛﻤﺎ ﺗﺤﻜﻲ ﻟﻬﺎ ﻋﻦ رواﻳﺔ » ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻲ«)» :(4ﻫﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ رﺟﻞ ﻋﺎدي أﻣﺘﻊ ﻣﻦ ﻋﺎم ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ رﺟﻞ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر؟! ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه ﺣﻘﻴﻘﺔ أدرﻛﺘﻬﺎ اﻟﺒﻄﻠﺔ ﻣﺆﺧﺮا ﻓﻲ رواﻳــﺔ »ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻲ« ﻣﺎ ﻗﺒﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ أﺑﺪا! وﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ؟ )اﻟﻌﻴﺶ ﻣﻊ رﺟﻞ ﻣﺘﻔﺎﻫﻢ وﻣﻔﻜﺮ أﻫﻢ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﻮﺣﺸﻲ وﻟﻮ ﻟﻠﻴﻠﺔ واﺣﺪة!(. ﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ،ﻓﻲ إدراﻛﻬﺎ وﺗﺨﻴﻠﻬﺎ وواﻗﻌﻴﺘﻬﺎ وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ وﻟﺪت ﺟﻤﻠﺔ أﺧﺮى ﻣﻐﺎﻳﺮة ،وﻧﻈﺮة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، أﻳﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إذن ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻠﺘﻴﻦ ﻳﺎ ﻧﻮر؟ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﺼﺮاﺣﺔ وﻫﻢ ﻧ ّﺪﻋﻴﻪ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺨﺒﺊ ﺧﻠﻒ ذاﻛﺮﺗﻨﺎ اﻟﺨﻴﺒﺎت اﻟﻜﺜﻴﺮة واﻟﻤﺨﺠﻠﺔ» .أرﻳﺪ رﺟﻼ ﻣﺴﺖ روﺣﻪ اﻟﻮﺣﺪة« .ﻗﺮأﺗﻬﺎ ﻓﻲ رواﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻲ«. ً وﻧﺘﺴﺎءل ﻣﻊ اﻟﻘﺎرئ ﻣﺎذا أرادت اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ أن ﺗﺘﻨﺎص ﻣﻊ ﻣﻘﺘﺒﺴﺎت ﻣﻦ رواﻳﺘﻴﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺘﻴﻦ؟ ﻣﺎ اﻟﺬي أﺿﺎﻓﺘﻪ ﻟﻠﻘﺎرئ ﻏﻴﺮ أن ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ذات اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺪ واﻟﻮﺣﺪة واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻮاﺻﻞ اﻟﺬات ﻣﻊ اﻵﺧﺮ
100
اﺷﺘﺒﺎك اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ وا ﺳﻄﻮري واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻗﺮاءة ﻓﻲ »اﻣﺮأة اﻟﺮﻳﺢ«
ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻬﺪ؟! أم أن ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺘﺒﺴﺎت ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻟﺴﺆال اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وأﻧﻬﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﺒﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻗﺎرئ ﺿﻤﻨﻲ ﻳﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻌﻬﺎ» :أﻛﺘﺐ ﻷﻧﻨﻰ أﺣﺐ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ،واﻟﻮﻟﻊ ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﻗﺎرﺋﺎً ﺿﻤﻨﻴﺎً ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ وأﺑﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﻓﻨﻠﺘﻘﻰ ﻓﻰ ﻧﺺ أو أﺛﻨﻴﻦ وﻧﻔﺘﺮق ﻟﻨﻌﻮد ﻓﻨﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﻧﺺ أو اﺛﻨﻴﻦ ،وﻻ ﻳﺮﺿﻴﻨﻲ إﻻ أن أﺑﻬﺮه داﺋﻤﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺎﻫﻮ ﺟﺪﻳﺪ«. ﻣﺴﺘﻮى ﺟﺪﻳﺪ ﻗﺪﻣﺘﻪ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎص ﻓﻲ رواﻳﺘﻬﺎ، إﻧﻪ اﻟﺘﻨﺎص ﻣﻊ ﻧﺼﻮص أدﺑﻴﺔ وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺗﺼﻮر رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،ورؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻮﺿﻌﻴﺘﻬﺎ ﻛﺄﻧﺜﻰ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺷﺮﻗﻲ ،وﻛﻤﺜﻘﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﻳﻌﺘﺮف ﻛﺜﻴ ًﺮا ﺑﺪور ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻠﻤﺜﻘﻒ» :أﺑﻜﻲ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻔﺠﺮ اﻟﺪﻣﻮع ،وأﻧﺎ أﺷﺪ ﺧﻴﻮط اﻷﻓﻜﺎر ﻣﻦ ذاﻛﺮﺗﻲ ،وأﺗﺨﻴﻞ ﻣﺎذا ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ .ﻗﻤﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب) ﺧﻠﻒ اﻟﺤﺠﺎب( ﻟﻠﻤﻨﺎﺿﻠﺔ اﻟﺮاﺣﻠﺔ ﺳﻨﺎء اﻟﻤﺼﺮي، وأﺧﺬت أﻗﺮأ ﺻﻔﺤﺎﺗﻪ ،وأﺗﺬﻛﺮ اﻟﺨﻴﺒﺎت اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺘﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﺟﻴﻞ ﻛﺎﻣﻞ وﻗﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﻮت وﻣﺮض وﺿﻴﺎع وﺳﻔﺮ ،ووﺟــﺪت ﻳــﺪي ﺗﻤﺘﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ اﻟﺮاﺣﻠﻴﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻮا أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻤﻮت«. ﻣﺴﺘﻮى ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎص وﻫﻮ اﻟﺘﻨﺎص ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻓﺎﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺗﺘﻘﺼﺪ أن ﺗﻜﺸﻒ رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﺧﺬﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺧﺬﻟﻬﺎ اﻟﻤﺎﺿﻲ .ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﺜﻮرة 25ﻳﻨﺎﻳﺮ وﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮاك ﺳﻴﺎﺳﻲ وﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﺬﻻن » :ﺻﻨﻌﺖ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺪﻳﻼ ﻣﻦ اﻷﻣﻮات ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻷﺣﻴﺎء اﻟﻤﺘﻜﻠﺴﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﺑﻬﺠﺔ اﻟﺜﻮرة ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ 2011اﻧﻄﻔﺄت وﺿﺎﻋﺖ وﺧﻄﻔﻬﺎ اﻷﺧﻮان وﺗﺮﺑﻌﻮا ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻤﺪة ﻋﺎم ﻛﺎﻣﻞ .ﻛﻨﺖ أﺛﻨﺎءﻫﺎ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﺑﺼﺪﻳﻘﻲ اﻟﻤﺮﻳﺾ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ إﻟﻰ أن رﺣﻞ وﺗﺮﻛﻨﻲ ﻓﻲ 30ﻳﻮﻧﻴﻪ« *رواﺋﻴﺔ وﻧﺎﻗﺪة ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﻫﻮاﻣﺶ: ) (1راﻣﺎن ﺳﻠﺪن ـ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ـ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺼﻔﻮر ـ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻘﺼﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ـ اﻟﻘﺎﻫﺮة ـ .1996ص .148 ) (2ﻣﺠﻮﻋﺔ ﻣﺆﻟﻔﻴﻦ ـ آﻓﺎق اﻟﺘﻨﺎﺻﻴﺔ :اﻟﻤﻔﻬﻮم واﻟﻤﻨﻈﻮر ـ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻴﺮ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ– اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب -اﻟﻘﺎﻫﺮة 1998ـ ـ ص.53 ) (3ﺻﻔﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ ،ﻗﺎل ﻟﻬﺎ ﻳﺎ إﻧﺎﻧﺎ ،دار ﻧﻔﺮو.2009 ، ) (4ﺻﻔﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ ،ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻲ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻷﺳﺮة.2010 ،
اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻴﻘﻮي ﻫﺬه اﻟﺬات ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ .اﻟﺴﺎردة اﻟﺘﻲ ﻫﻲ وﺟﻪ آﺧﺮ ﻟﻠﻜﺎﺗﺒﺔ ﺳﻮف ﺗﺒﺪأ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ،اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺬات وﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ/اﻵﺧﺮ ﺧﺎرج ﻫﺬه اﻟﺬات ،ﻓﻬﺬا اﻵﺧﺮ ﻳﺤﺘﺎج ﻟﺬات ﻗﻮﻳﺔ ،أﻟﻴﺲ اﻟﺠﺤﻴﻢ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ؟! ﻳﺒﺪأ اﻟﻨﺺ ﺑﺎﺳﺘﻌﺎرة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺸﺨﻮص ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ،ﻫﺎﻣﻠﺖ وأودﻳﺐ وﺻﺎﻧﻊ اﻷﻗﻨﻌﺔ ﻟﻨﺸﺘﺒﻚ ﻣﻊ ﻧﻮر اﻟﺴﺎردة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺸﻖ اﻟﻤﺴﺮح واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﻮﺟﻮدي ،وﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﺗﻄﺮح اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺳﺆال اﻟﻮﺟﻮد ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺨﺼﻴﺔ أودﻳﺐ ،اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺷﺮا ﺿﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﻘﻂ ﺣﻘﻖ ﻣﺸﻴﺌﺔ اﻵﻟﻬﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻤﻞ ﻛﻞ اﻵﺛﺎم وﻋﺎﻧﻰ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ. ﻣﻔﺘﺘﺢ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺴﺮدي ﺑﻴﻦ ﻣﻤﺜﻞ وﻓﺘﺎة ﻫﻲ اﺑﻨﺔ ﻟﺼﺎﻧﻊ اﻷﻗﻨﻌﺔ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﺗﺘﻨﺎص ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻣﻊ ﻧﺼﻮص وﺷﺨﻮص ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺤﻤﻮﻻﺗﻬﺎ ،ﻓﻨﺴﻤﻊ ﺻﺮﺧﺔ أودﻳﺐ ،وﻧﺮى ﺣﻴﺮة ﻫﺎﻣﻠﺖ ،وﻧﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﻗﻨﺎع أﺳﺘﺮﻳﺎس ،وﻧﻘﺮأ ﻧﺼﺎ ﻋﻦ ﺗﻤﻮز وﻋﺸﺘﺎر ،ﻓﺘﺘﻤﺎزج اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي اﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮي ﻣﻊ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ، وﺗﺼﻴﺮ ﻛﻞ ﺟﻤﻠﺔ إﺷﺎرة داﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎص» :وﻛﻨﺖ أﻧﺎ ﺷﺎﺑﺎ ﺿﺎﻻ ،ﻳﺘﻮه ﻃﻮال ﻧﻬﺎره ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ،وﻃﻮال ﻟﻴﻠﻪ ﻳﻄﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎرح ﻣﻌﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ،وﻟﻌﺐ اﻷدوار اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ.ﻣﺪدت ﻳﺪي ﺗﺠﺎه ﻗﻨﺎع أﺳﺘﺮﻳﺎس ،ﻧﺴﻴﺖ اﻟﺪور وﻓﻘﺪت اﻟﻜﻠﻤﺎت .ﻟﻘﺪ أدرﻛﺘﻨﻲ اﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻴﺮ اﻟﻤﺤﺘﻮم اﻟﺬي ﺳﻮف ﻳﻼﻗﻴﻪ أودﻳﺐ وﻣﺪﻳﻨﺘﻪ ،وﺣﺰﻧﺖ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ«. ﺗﻀﻊ ﺑﻄﻠﺔ اﻟﺮواﻳﺔ ﻓﻰ أول ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ وﺟﻬﻬﺎ اﻵﺧﺮ ،ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ،اﻟﻤﺮأة اﻷﺧﺮى ،ﻣﺘﺠﺴﺪة ﻓﻰ ﺗﻤﺜﺎل ﻟﻨﺤﺎت ،أو ﻋﻦ إﻋﺎدة اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺬات ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺪرﻛﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﺠﺎﻫﺪة ﻣﻊ اﻟﺒﻄﻠﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻜﺘﺸﻒ أن ﻣﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﻫﻮ ﺷﻲء ﻛﺎﻣﻦ ﻓﻰ داﺧﻠﻬﺎ ،وإن ﻳﻈﻞ ﻳﺆرﻗﻬﺎ زﻣﻨﺎ، ﻓﺎﻟﻨﺺ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة »ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ إﻧﺠﻲ أﻓﻼﻃﻮن » ﺗﺬﻫﺐ ﻧﻮر اﻟﺴﺎردة ﻟﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺜﺎل ﻣﻨﺤﻮت ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻳﺤﻤﻞ ﺻﻔﺎت ﻛﻞ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺗﻲ ﺷﻜﻠﻦ وﺟﺪان اﻟﺴﺎردة ،ﻓﻬﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻤﺎت إﻳﺰﻳﺲ وﺣﺘﺤﻮر وﻣﺎﻋﺖ، ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻤﺎت ﺗﻤﺎﺛﻴﻞ اﻷوﺷﺎﺑﺘﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻣﻊ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ .إﻧﻪ ﺗﻤﺜﺎل ﻻﻣﺮأة اﻟﺮﻳﺢ ،اﻣﺮأة ﺗﻮاﺟﻪ
اﻟﺮﻳﺢ ﺑﻘﻮة وﺻﻼﺑﺔ ،أي رﻳﺢ ﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﺎ»:ﻛﺎن ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ وﺳﻂ اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻓﻮق ﻣﻨﻀﺪة ﺳﻮداء ﺧﺸﺒﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،ﻟﻬﺎ أرﺟﻞ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻤﺜﺎل ﺻﻐﻴﺮ ﻻﻣﺮأة رﺷﻴﻘﺔ ،ﻧﺤﻴﻔﺔ ،واﻟﺮﻳﺢ ﺗﻀﺮب وﺟﻬﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺠﻬﺎت، وﻛﻠﻤﺎ ﺗﺪور ﺣﻮل اﻟﻤﻨﻀﺪة ﻃﺎﻟﻌﻚ وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻤﺘﺼﻠﺐ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺮﻳﺢ ،ﺑﺼﻤﺖ رﻫﻴﺐ وﻣﺨﻴﻒ..أﻓﺰﻋﻨﻲ ﺣﻨﻤﺎ دﻗﻘﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﺟﻴﺪا«. إن اﻣﺮأة اﻟﺮﻳﺢ ﻫﻲ اﻟﻮﺟﻪ اﻵﺧﺮ ﻟﻠﻜﺎﺗﺒﺔ واﻟﺴﺎردة ﻣﻌﺎ .ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﺠﺮد ﺗﻤﺜﺎل ،إن اﻟﺤﻴﺎة ﺗﺪب ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻼ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺪب اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﺗﻤﺎﺛﻴﻞ اﻷوﺷﺎﺑﺘﻲ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﺮ اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ،وﺗﺮاﻓﻘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻵﺧﺮة» :أﺧﺬت أﺑﺤﺚ ﺑﻬﺪوء داﺧﻞ ﺷﻨﻄﺔ ﻳﺪي ﻋﻦ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﺸﻘﺔ ،ﻛﺎن اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻈﻠﻤﺎ ،وﻗﻔﺖ ﻟﺒﺮﻫﺔ ،ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮت رﻳﺢ ﺷﺪﻳﺪة، وﺻﺮاخ أﻟﻢ ﻣﻜﺘﻮم ،وﺻﻮت ﺿﻌﻴﻒ ﻳﻨﺎدي :أﻏﻴﺜﻮﻧﻲ ،أدرﻛﻮﻧﻲ ،أﻛﺎد أﻫﻠﻚ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻲ ،ﻓﺘﺤﺖ اﻟﺒﺎب ﻓﻲ ﺳﺮﻋﺔ .اﻟﻈﻼم داﻣﺲ ﻛﺄﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮة ،أﺧﺬت أﺗﺤﺴﺲ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﺑﻬﺪوء ،وﺑﺨﻄﻮات ﺿﻌﻴﻔﺔ وﻣﺮﺗﻌﺸﺔ، رأﻳﺖ اﻟﺘﻤﺜﺎل ﻳﻜﺎد ﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﻓﻮق اﻟﻤﻨﻀﺪة.ﺟﺮﻳﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ واﺣﺘﻀﻨﺘﻪ، واﻟﺤﺠﺮة ﻛﺄن ﻣﺎﺋﺔ ﻳﺪ ﺷﻘﻴﺔ ﻋﺒﺜﺖ ﺑﻬﺎ .اﻟﺪرج ﻣﻔﺘﻮح واﻷوراق ﻣﺒﻌﺜﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،واﻟﺸﺒﺎك ﻣﻔﺘﻮح ،واﻟﺴﺘﺎﺋﺮ اﻟﺤﺮﻳﺮﻳﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﺗﻬﻔﻬﻒ، ﻛﺄن رﻳﺤﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ«. ﺗﺤﺘﺸﺪ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﻤﻘﻮﻻت ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ،ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ وﻟﻊ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ: » ﻛﻞ اﻷﺷﻴﺎء ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ اﻟﻠﺬة واﻷﻟﻢ ،أرد ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺗﺤﻤﺲ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﻮل: إن اﻷﺳﺎس اﻷول ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻫﻮ اﻹرادة اﻟﺨﻴﺮة! ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﺷﻚ ورﻳﺒﺔ ﻣﻦ
ﻳﺤﺮص اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ رﻓﺪ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث أو اﻟﺘﺎرﻳﺦ أو اSﺳﻄﻮرة ،ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻻﺟﺘﻬﺎد ﻓﻲ ﻗﺮاءة ﺣﺮﻛﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻨﺺ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺎﻟﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ ّ ﺑﺘﺠﺴﺪه وإﺷﺎراﺗﻪ -اﺳﺘﺸﻬﺎ ًدا ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ زﻣﻨﻴﺘﻪ،ً ﺟﺪﻳﺪا ﺗﺨﻠﻘﺎ وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﻓﻴﻪ ﺣﻀﻮر اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺎﻟﻒ ً
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
99
ðøļĿí ĵŎē اﺷﺘﺒﺎك اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واSﺳﻄﻮري واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ
ﻗﺮاءة ﻓﻲ »اﻣﺮأة اﻟﺮﻳﺢ« د .ﻫﻮﻳﺪا ﺻﺎﻟﺢ
ﺻﻔﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ
ً ﻣﺪﺧﻼ ﻣﻬﻤﺎ ﻟﻘﺮاءة اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺮواﺋﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ﺻﺎرت ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻨﺎص ﻓﺎﻟﺘﻨﺎص ﻫﻮ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﺺ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﺼﻮص ﺳﺎﺑﻘﺔ وﺧﻼﺻﺔ ﻟﻨﺼﻮص ﺗﻤﺎﻫﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ إﻻّ اﻷﺛﺮ. وﻗﺪ ﻋ ّﺮﻓﺖ اﻟﻨﺎﻗﺪة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ اﻟﺘﻨﺎص ﺑﺄﻧﻪ »ﺗﺸﺮب وﺗﺤﻮﻳﻞ ﻟﻨﺼﻮص أﺧﺮى ،وﻫﻮ ﻳﻘﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻘﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﺼﻮص ،وﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ إﻋﺎدة ﻟﻘﺮاءﺗﻬﺎ ،وﺗﻜﺜﻴﻔًﺎ وﺗﺤﺮﻳﻜًﺎ واﻧﺰﻳﺎ ًﺣﺎ وﺗﻌﻤﻴﻘًﺎ ﻟﻬﺎ«.
ﺗﺮى ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ أن اﻟﻨﺺ ﻟﻮﺣﺔ ﻓﺴﻴﻔﺴﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺒﺎﺳﺎت، وﻫﺬه اﻻﻗﺘﺒﺎﺳﺎت أو اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺮي ﻛﻤﻜﻮﻧﺎت أدﺑﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺷﺮوط ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺸﻌﺮ، ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ،أن ﻳُﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘّﻠﻘّﻲ ،أن ﻳﺤﻔﻆ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻦ أﺷﻌﺎر ﻏﻴﺮه ،ﺛﻢ ﻳﻨﺴﺎﻫﺎ ،ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﻄﺎء اﻟﺸﻌﺮي، ﻟﺘﺪﺧﻞ ﻣﺤﻔﻮﻇﺎﺗﻪ ﻫﺬه ﻓﻲ ﻧﺴﻴﺞ ﻋﻄﺎﺋﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺟﺪﻳﺪ، وﻫﻜﺬا ﻳﻐﺬّي اﻟﻼوﻋﻲ اﻟﻮﻋﻲ. وﻳﺮى روﻻن ﺑﺎرت أن »اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﻋﻤﻞ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ إﻻ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻷﺳﻄﻮرة اﻟﻨﺴﺐ ،ﻓﻜﻞ ﻧﺺ ﻳﺮﺟﻌﻨﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ إﻟﻰ ﺑﺤﺮ ﻻﻧﻬﺎﺋﻲ ﻫﻮ اﻟﻤﻜﺘﻮب ﻣﻦ ﻗﺒﻞ«) .(1ﻟﻘﺪ اﺗﺨﺬ اﻟﺘﻨﺎص ﻋﻨﺪ ﺑﺎرت »وﺟﻬﻴﻦ، وﺟﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺳﺮداﺑﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ وﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺗﺸﻜﻞ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ووﺟﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺳﻠﻮﺑﺎ ،أو ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﻘﺪ اﻟﺘﻔﻜﻴﻜﻲ« )(2 و ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﻨﺎص ،ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮره إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد ،ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻟﺤﻖ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﻘﺪي ﻟﻌﻘﻮد ﻣﺎﺿﻴﺔ ،ﻣﻦ اﻷدوات اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ؛ رﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﺠﻞ واﺿﺢ ﻟﻤﻘﻮﻟﺔ »إن ﻛﻞ ﻧﺺ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﻓﻀﺎء ﻟﺘﺴﺮب وﺗﺤﻮل واﺣﺪ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص ﻓﻲ ﻧﺼﻮص أﺧﺮى«. وﻗﺪ أﺛﺎر ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﻨﺎص ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﺠﺪل ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤﺘﻤﻲ ﻟﺤﻀﻮر اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ وﺟﻮد ﻇﺎﻫﺮ ﻟﻠﻨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻨﺎص ﻣﻌﻪ ﺑﺘﺠﺴﺪ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،أو ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ أو ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻮاﻟﻤﻬﺎ. ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻨﺼﺎن ﻣﻨﻔﺼﻠﻴﻦ؟ ﻫﻞ ﻳﻈﻞ ﻛﻞ ﻧﺺ ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻤﺘﻪ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ ؟ ﻗﺒﻞ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺎؤﻻت ،ﻧﺠﺪ ً اﻟﺰﻣﻨﻲ أن اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ أن ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث أو اﻟﺘﺎرﻳﺦ أو اﻷﺳﻄﻮرة رواﻓﺪ ﻳﺮﻓﺪ ﺑﻬﺎ ﻧﺼﻪ اﻟﺮواﺋﻲ ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﻗﺪ أن
98
اﺷﺘﺒﺎك اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ وا ﺳﻄﻮري واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻗﺮاءة ﻓﻲ »اﻣﺮأة اﻟﺮﻳﺢ«
ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﻗﺮاءة ﺣﺮﻛﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻨﺺ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ. ﺣﻴﻦ ﻧﻄﺎﻟﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻳﺘﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ اﺳﺘﺤﻀﺎر اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺎﻟﻒ ﺑﺘﺠﺴﺪه وإﺷﺎراﺗﻪ واﻗﻌﺎ ،ﻋﻠﻰ أﻧﺤﺎء ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ،ﻓﻬﻨﺎك اﻟﻨﺺ اﻟﺬي ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻴﻪ ﺣﻀﻮر اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺎﻟﻒ اﺳﺘﺸﻬﺎدا ،وﻣﺤﺎﻓﻈﺎ ﻋﻠﻰ زﻣﻨﻴﺘﻪ ،وﻫﻨﺎك اﻟﻨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﺨﻠﻖ ﻓﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﺤﻀﻮر ﺗﺨﻠﻘﺎ ﺟﺪﻳﺪا. ﻛﻞ ﻫﺬا ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﻃﺮح رؤﻳﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎص ،ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﺎص ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺗﻘﻒ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻨﺺ اﻟﻀﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻷﺻﻠﻲ، ﺑﻞ ﻳﺠﺘﻬﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺘﻨﺎص ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻨﺎء ﻣﻠﺘﺤﻤﺎ ﻣﻊ رؤﻳﺔ اﻟﻨﺺ ،وﻣﺘﻤﺎﻫﻴﺎ ﻣﻌﻪ؛ ﻓﺎﻟﻨﺺ اﻟﺴﺎﻟﻒ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﻣﻌﻴﻦ ﻳﺴﺘﺪﻋﻰ ﻓﻘﻂ. إن ﺣﻀﻮر أي إﺷﺎرة ﻧﺼﻴﺔ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻧﺺ ،أو ﺷﺨﺼﻴﺔ أو ﻋﺎﻟﻤﻬﺎ ﻟﻴﺲ إﻻ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺸﺘﻐﻞ داﺧﻞ اﻟﻨﺺ ،ﺑﺤﻤﻮﻻﺗﻬﺎ ،وإرﺛﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻟﺬي ﺣﻀﺮت ﻓﻴﻪ؛ ﻓﺒﻬﺎ ﺗﺘﺨﻠﻖ اﻟﺮؤﻳﺎ ،وﻳﺘﺠﻠﻰ اﻟﻜﺸﻒ، وﻳﺘﻌﻤﻖ اﻻﺳﺘﺒﺼﺎر ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻳﺘﻀﺢ ﻓﻲ رواﻳﺔ » اﻣﺮأة اﻟﺮﻳﺢ » ﻟﺼﻔﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ واﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﻣﺆﺧﺮا ﻋﻦ رواﻳﺎت اﻟﻬﻼل. ﺗﺮﻓﺪ ﺻﻔﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ رواﻳﺘﻬﺎ ﺑﻌﺸﺮات اﻟﻨﺼﻮص ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻷﺳﻄﻮري واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻷدﺑﻲ ،وﺗﻘﺪم ﻟﻨﺎ ﻧﺼﺎ ﻣﻔﻌﻤﺎ ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎص .ﺗﺘﺸﺎرك اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺻﺖ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ رؤﻳﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣﻐﺎﻳﺮة ،وﻳﺄﺗﻲ ﻛﻞ ﻧﺺ ﺑﺤﻤﻮﻻﺗﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. ﺗﻔﺘﺘﺢ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺘﻨﺎص ﻓﻠﺴﻔﻲ .ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻟﻨﻴﺘﺸﻪ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻋﻦ رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻠﺬات ،ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻻﺷﺘﺒﺎك اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﺬات واﻟﻌﺎﻟﻢ» :ﻳﻮﺟﺪ ﺧﻠﻒ أﻓﻜﺎرك وﻣﺸﺎﻋﺮك ﺳﻴﺪ ﻗﻮي و ﺣﻜﻴﻢ اﺳﻤﻪ اﻟﺬات .إﻧﻪ ﻳﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﺟﺴﺪك ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﺟﺴﺪك«. إذن ﻣﻦ اﻟﺒﺪء ﺛﻤﺔ اﺷﺘﺒﺎك ﺑﻴﻦ اﻟﺬات واﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺛﻤﺔ وﻋﻲ ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻦ
ﺻﺎﺧﺒﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﺴﻼم وأﻛﺬوﺑﺔ اﻟﺤﻠﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻤﺰﻳﻒ .وﻛﺎﻧﺖ اﻷﻓﻼم اﻟﺘﻲ أﺧﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﻮﻟﻴﻮد ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ واﻟﺘﻲ دﺷﻨﺘﻪ ﻛﺄﺳﻄﻮرة ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ رﺳﺎﺋﻞ ﺻﺎرﺧﺔ أﻟﻘﺎﻫﺎ ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﻮﺣﺶ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ،وﻳﺮى اﻟﻤﺆرﺧﻮن أن ﻓﻴﻠﻢ اﻟﻄﻴﻮر ﻫﻮ آﺧﺮ أﻓﻼم »ﻫﺘﺸﻜﻮك« اﻟﻘﻮﻳﺔ واﻟﺠﺎدة ،ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺞ ﺑﻌﺪه أﻓﻼ ًﻣﺎ ﻛﺒﺮى ﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺸﻜﻞ أو اﻟﻤﻀﻤﻮن، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻮ رﺳﺎﻟﺘﻪ وﻧﺒﻮءﺗﻪ اﻷﺧﻴﺮة. ﻓﻲ ﻓﻴﻠﻤﻪ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ اﻷوﺳﻜﺎر »رﻳﺒﻴﻜﺎ« ،ﻳﻨﺘﻘﺪ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﺎﺧﺮ وﻻذع ،وﻻ ﻳﺮى ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻂ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ إﻻ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺘﺸﺎؤم ،وﻓﻲ ﻓﻴﻠﻤﻪ »اﻟﻤﺮاﺳﻞ اﻷﺟﻨﺒﻲ« ﻳﺨﻠﻖ ﻣﻦ ازدواﺟﻴﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻄﻼً ﻫﻮ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﺴﻜﻴﺮ اﻟﻜﺴﻮل واﻟﻤﺨﻨﺚ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻮل إﻟﻰ رﻣﺰ وﻃﻨﻲ ،وﻓﻲ أﻓﻖ ﻛﺎدر اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺛﻤﺔ ﻃﺎﺣﻮﻧﺔ ﻫﻮاء ﺧﺮﻗﺎء ﺗﺪور ﻓﻲ اﻟﻔﺮاغ. إذن ﻫﺬه ﻫﻲ رؤﻳﺔ »ﻫﺘﺸﻜﻮك 1899ــ «1980ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ ..ﻣﺠﺮد ﺣﻀﺎرة ﺟﻮﻓﺎء ،ﺳﺨﺮ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻛﻤﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮاﻓﻌﺎت ﻧﺰﻳﻬﺔ وﻻ ﻣﺤﺎﻛﻤﺎت ﻋﺎدﻟﺔ ،وﻣﻦ ﻗﻀﺎﺗﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﺪدون ﺣﻴﺎة اﻷﺑﺮﻳﺎء ،وﻣﻦ أﺛﺮﻳﺎﺋﻬﺎ اﻟﻤﻨﻐﻤﺴﻴﻦ ﺣ ﱠﺪ اﻟﻐﺮق ﻓﻲ ﺷﻬﻮاﺗﻬﻢ ،وﻣﻦ ﺿﻮﺿﺎﺋﻬﺎ ،وﻣﻦ أﻧﻮارﻫﺎ اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺒ ﱠﺮاﻗﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ واﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ واﻟﻨﺎزﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻗﺮاراﺗﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻣﻦ ﺗُ ﱠﺠﺎر اﻟﺤﺮوب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻟﻮن أﻣﺮ إﺷﻌﺎﻟﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ .ﻓﻠﻤﺎذا ﺗﺮك »ﻫﺘﺸﻜﻮك« إذن ﺳﺆاﻟﻲ آﻧﺬاك ﺑﺪون ﺟﻮاب؟ ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ ﻳﺴﻮق ﺳﺒﺒًﺎ واﺿ ًﺤﺎ ﻟﻬﺠﻮم اﻟﻄﻴﻮر اﻟﺸﺮس ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮ ﻓﺠﺄة ﻫﻜﺬا؟ ﻫﻞ ﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮن أن ﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺪث ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ، وأن رﻏﺒﺘﻬﺎ اﻟﻤﺤﻤﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺳﺘﺠﻌﻞ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺒﺸﺮﻫﺎ وأﺷﺠﺎرﻫﺎ وﺣﻴﻮاﻧﺎﺗﻬﺎ وﺣﺘﻰ ﺑﻄﻴﻮرﻫﺎ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ اﻟﻤﻐﺮدة ﺗﻨﻘّﺮ رأﺳﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻘﻰ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ اﻟﻤﺤﺘﻮم ﻧﺤﻮ اﻟﻬﻼك؟! ﻓﻠﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ رﺑﻊ اﻟﻘﺮن ﻓﻘﻂ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻋ ﱠﺪة أﻣﻢ وﻣﻤﺎﻟﻚ وﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻣﺴﺎﻟﻤﺔ ووادﻋﺔ وﺣﻀﺎرات ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ وﻋﺮاﻗﺘﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗ ﱠﺪﻋﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ ﻟﻴﻼً وﻧﻬﺎ ًرا ..ﻓﺒﻌﺪ أن أﻟﻘﺖ ﻗﻨﺎﺑﻠﻬﺎ اﻟﺬرﻳﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺎﺑﺎن وﻗﺘﻠﺖ اﻷﺧﻀﺮ واﻟﻴﺎﺑﺲ واﻟﺒﺸﺮ ﺑﺎﻵﻻف ،ﺗﻔﺮﻏﺖ ﻟﺪﻋﻢ ﺣﻠﻢ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻷﺧﺮق ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮات إﻟﻰ اﻟﻨﻴﻞ ،ﻧﺎﺷﺮة ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ، ودﻣﺮت اﻟﻌﺮاق اﺳﺘﻨﺎ ًدا إﻟﻰ أﻛﺬوﺑﺔ أن ﺑﻬﺎ أﺳﻠﺤﺔ دﻣﺎر ﺷﺎﻣﻞ، وﻧﻬﺒﺖ أﻣﻮاﻟﻬﺎ وذﻫﺒﻬﺎ وﻧﻔﻄﻬﺎ وﺷ ﱠﻮﻫﺖ آﺛﺎر ﺣﻀﺎرﺗﻬﺎ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ، رﺑﻤﺎ ﻟﻐﻴﺮﺗﻬﺎ وﺷﻌﻮرﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﻘﺺ ــ وﻫﻢ ﻳﺪﻋﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻠﻘﻴﻄﺔ ــ أﺳﺴﺖ ﺗﻨﻈﻴﻢ إزاء اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻀﺎرﺑﺔ ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، ْ اﻟﻘﺎﻋﺪة ودﻣﺮتْ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻋﻠﻨﺖ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﻔﺠﻴﺮ ﺑﺮﺟﻲ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،أﺣﺮﻗﺖ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ وﻃﺎردتْ أﻋﻀﺎءه، وﻏﻴﺮتْ ﻗﻠﻴﻼً ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ ﻓﺄﻃﻠﻘﺖ ﻋﺒﺎرﺗﻬﺎ» :اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ اﻟﻜﺒﻴﺮ« ،وﻛﺎن وﻻ ﺑ ّﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة وﻫﻮ »داﻋﺶ« ،ﻣﺪﺗﻪ ﺑﺎﻟﺴﻼح واﻟﺬﺧﻴﺮة واﻷﻣﻮال اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ وأﻃﻠﻘﺘﻪ ﻓﻲ رﺑﻮع اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺪث إﺣﻼل ﻟﻌﺪوﻫﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﻌﺪو ﺷﺒﺤﻲ وﻛﺎرﻳﻜﺎﺗﻮري ﻣﻦ ﻋﻤﻖ ﺗﺮاﺛﻬﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﻔﺴﻪ. أﻫﻤﺲ ﻟﻨﻔﺴﻲ :وﻣﺎذا ﻟﻮ ﻧﺠﺢ اﻟﻤﺨﻄﻂ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ؟! أ َو ﻟﻦ ﺗﺰﺣﻒ ﺟﺤﺎﻓﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻤﺴﺎﻟﻤﺔ ــ واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮﻫﺎ أﻣﺮﻳﻜﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ أن ﺗﺄﺧﺬﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﺴﺒﺎﻧﻬﺎ ــ ﻟﺘﺠﺘﺎز ﺣﺪود أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﻨﻘّﺮ رأﺳﻬﺎ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﻃﻴﻮر ﻫﺘﺸﻜﻮك؟ *رواﺋﻴﺔ ،ﻣﺼﺮ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
97
ﺳﻴﻤﻴﺎء
»ﻃﻴﻮر« ﻫﺘﺸﻜﻮك ..وﻧﺒﻮءة اﻟﻤﺒﺪع ﻓﻴﻠﻢ »اﻟﻄﻴﻮر« ،The Birdsﻛﺎن أول ﻓﻴﻠﻢ أﺟﻨﺒﻲ أﺷﺎﻫﺪه ﻛﺎﻣﻼً. ﻛﻨﺖ ﻗﺎرﺋﺔ ﺷﺮﺳﺔ وﻛﻨﺖ ﻗﺪ أﺟﻬﺰت ﻋﻠﻰ أﻟﻐﺎز اﻟﻤﻐﺎﻣﺮﻳﻦ اﻟﺨﻤﺴﺔ، وﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف إﻟﻰ أرﺳﻴﻦ ﻟﻮﺑﻴﻦ وأﺟﺎﺛﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻲ وﻫﺘﺸﻜﻮك، وﻟﻢ أﻛﺘﺸﻒ ﺑﻌ ُﺪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،ﻛﺎن ﻣﺴﻤﻮ ًﺣﺎ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺴﻬﺮ ﻳﻮم اﻟﺨﻤﻴﺲ ﻓﻘﻂ أﻣﺎم اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن ﺣﺘﻰ ﻳﺮﻓﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ اﻟﻔﻀﻴﺔ ﻋﻠﻢ ﻣﺼﺮ وﻧﺸﻴﺪﻫﺎ اﻟﻮﻃﻨﻲ ،وﻧﺤﺰن ﺣﻴﻦ ﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ وﺷﻮﺷﺔ أﻃﻠﻘﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻮت اﻧﺘﻬﺎء اﻹرﺳﺎل ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻊ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ وﻻ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻮﻋﺪﻫﺎ أﺑ ًﺪا .ﻟﻢ أﻋﺪ أﺗﺬﻛﺮ ﻣﻼﺑﺴﺎت ﺟﻠﻮﺳﻲ أﻣﺎم اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن وﺣﺪي ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺷﺮة ﻣﺴﺎ ًء ﻓﻲ ﻳﻮم ﺳﺒﺖ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻦ أﻳﺎم ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،رﺑﻤﺎ ﻟﺴﻔﺮ أﺑﻲ وأﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻟﻠﻌﺰاء ﻓﻲ أﺣﺪ أﻗﺎرﺑﻨﺎ ﻣﺜﻼً. ﺟﻠﺴﺖ ﻣﺸﺪوﻫﺔ أﻣﺎم ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﺗﺨﻄﻒ اﻟﺮوح وﺗﻔﺘﺢ اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ُ ﻋﻠﻰ آﺧﺮ اﺗﺴﺎﻋﻬﻤﺎ ،ﻟﺘﺘﺎﺑﻊ وﺟﻪ ﻋﻤﺮ اﻟﻤﺨﺘﺎر وﻫﻮ ﻣﻠﻔﻮف ﻓﻲ ﺷﺎﻟﻪ اﻷﺑﻴﺾ ،ووﺟﻪ أﺣﺪب ﻧﻮﺗﺮدام ،ورﺟﻼً إﻓﺮﻳﻘ ٍّﻴﺎ ﻳﺼﻔﻖ ﺑﻴﺪﻳﻪ ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﺻﻮت اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺑﺈﺻﺮار ،وﺑﻨﺘًﺎ ﺻﻐﻴﺮة ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﺎب ﺑﻴﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﻀﺎء أرﺣﺐ وﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ آﻓﺎق ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﺑﺘﺮﻗﺐ. وﻳﻨﺘﻬﻲ ﺗﺘﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ »ﻧﺎدي اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ« وﻣﻌﻪ أﻟﺘﻘﻂ أﻧﻔﺎﺳﻲ وأﺣﺘﺸﺪ ﻟﺮؤﻳﺔ أ ﱠول ﻓﻴﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ. ﻳﻠﺘﻒ ﺣﻮل ﻧﻔﺴﻪ ،وأﻧﺎ أﺗﺎﺑﻊ ﻫﺠﻮم ﻣﺌﺎت ﻛﺎن ﺟﺴﺪي اﻟﻨﺤﻴﻞ ﱡ ﻫﺎﺟﻤﺖ اﻟﻄﻴﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻓﺬات ﺻﺒﺎح ﻋﺎدي ﻛﻜﻞ اﻟﺼﺒﺎﺣﺎت ْ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻮر اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻛﺎﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ واﻟﻐﺮﺑﺎن ﺳﻜﺎن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ إﺣﺪى ﺿﻮاﺣﻲ ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ، ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﺷﻲء ﻏﺮﻳﺐ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺒﺎح ،ﻟﻢ ﻳﻘﻄﻊ وﺗﻴﺮﺗﻪ ﺷﻲء اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ،ﺑﻞ ﻳﻌﻢ ﻫﺪوء ﻣﺮﻳﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻗﺎت ،ذﻟﻚ اﻟﻬﺪوء اﻟﺬي ﻳﻤﻴﺰ أﺣﻴﺎء اﻷﺛﺮﻳﺎء ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺜﺎءب اﻟﻬﻮاء ﺑﻜﺴﻞ ﻣﻦ ﻓﺮط ﻧﻘﺎﺋﻪ ﻫﻨﺎك،
96
د .ﺳﻬﻴﺮ اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ@
ﻗﻔﺼﺎ ﺑﻪ ﻋﺼﺎﻓﻴﺮ اﻟﺰﻳﻨﺔ ﻛﻬﺪﻳﺔ ﻟﻌﻴﺪ اﻟﻤﻴﻼد ،وﻓﺘﺎة ﻓﺄﺣﺪﻫﻢ ﻳﺸﺘﺮي ً ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺛﺮﻳﺔ ﺗﺴﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﻲ اﻟﻬﺎدئ ﻓﻲ ﺳﺎن ﻓﺮاﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ﺗﺪﻋﻮ ﺻﺪﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ ﺷﻤﺎل ﻛﺎﻟﻔﻮرﻧﻴﺎ ،وﺗﻼﻣﻴﺬ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﺑﺼﺨﺐ ﻓﻲ ﺣﺪاﺋﻖ ﻣﺪرﺳﻴﺔ ﻏ ﱠﻨﺎء وﺗﻠﻤﻴﺬات ﻳﻀﺤﻜﻦ ﻣﺒﺘﻬﺠﺎت وﻫ ﱠﻦ ﻳﺪﺧﻦ اﻟﺴﺠﺎﺋﺮ ﺧﻠﺴﺔ ،وﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﻜﺎن ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺎت أو رﺣﻼت ﺧﻠﻮﻳﺔ أو ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺣﺮة ،ﻻ ﻳﻘﻄﻌﻬﺎ إﻻ ﻫﺠﻮم ﻣﺒﺎﻏﺖ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﻠﻪ ﺿﺂﻟﺔ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﺳﻼﻣﺔ ووداﻋﺔ .ﺗﺤﺮق ﺟﺤﺎﻓﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء أﻣﺎﻣﻬﺎ وﺗﻨﻘﺮ رءوس اﻟﺴﻜﺎن ﺑﺪون رﺣﻤﺔ وﺗﻘﺘﺎت اﻟﻄﻴﻮر ﱠ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻮﻣﻬﻢ ،وﺗﻘﺘﻞ اﻷﻃﻔﺎل وﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻧﻘﻼب اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﻔﺎرﻫﺔ وﺗﻬﺸﻢ زﺟﺎج واﺟﻬﺎت اﻟﺤﺎﻧﺎت واﻟﻘﺼﻮر واﻟﻤﺪارس وﻣﺒﺎﻧﻲ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﺤﻠﻲ ،وﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أﻋﺘﻰ اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻓﺘﻜًﺎ ردﻋﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻌﺪو ﻫﺬه اﻟﻤﺮة ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪي وﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻗﻊ وﻟﻢ ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎل ُﺻ ﱠﻨﺎع اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺘﺠﻮن إﻻ ﻣﺎ ﻳُﺪﻣﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺣﻮﻟﻬﻢ وﻳُﺪﻣﺮ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺧﻠﻔﺎء اﻟﻠﻪ ﻓﻲ أرﺿﻪ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﺗﻌﻤﻴﺮﻫﺎ. ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺗﻌﺮﻓﺖ إﻟﻰ اﺳﻢ اﻟﺪﻛﺘﻮرة درﻳﺔ ﺷﺮف اﻟﺪﻳﻦ ،وﻟﻢ أﻋﺪ أﺗﺬﻛﺮ ﺳﻮى ﺟﻠﻮﺳﻲ ﺳﺎﻫﻤﺔ ﻛﺘﻤﺜﺎل وﺣﺘﻰ اﻟﻔﺠﺮ أﺗﺎﺑﻊ وﺷﻮﺷﺔ اﻧﺘﻬﺎء اﻹرﺳﺎل وﺧﻴﻮﻃﻪ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وأﻧﺎ ﻻ أﻗﻮى ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﻮض ﻟﻠﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ زر إﻏﻼق ﺟﻬﺎز اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن اﻟﻘﺪﻳﻢ .ﻛﺎن ٌ ﺳﺆال واﺣ ٌﺪ ﻳﺘﺮدد ﻓﻲ رأﺳﻲ ﻛﻤﻄﺮﻗﺔ» :وﻟﻜﻦ ،ﻣﺎ اﻟﺬي أﻏﻀﺐ اﻟﻄﻴﻮر اﻟﻮدﻳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺎﻟﻤﺔ ﻓﺠﺄة، ﻫﻜﺬا«؟ اﻵن وﺑﻌﺪ أن ﻛﺒﺮت وﺑﻌﺪ ﻣﺮور أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮن ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج ﻓﻴﻠﻢ اﻟﻄﻴﻮر ــ ﻋﺎم 1963ــ وﺑﻌﺪ أن ﺗﻌﺮﻓﺖ أﻛﺜﺮ إﻟﻰ »ﻫﺘﺸﻜﻮك« وﻋﺮﻓﺖ أﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﺒﺪﻋﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ رﻓﻀً ﺎ ﻟﻘﺸﺮة ﺣﻀﺎرﺗﻬﺎ اﻟﻤﺎدﻳﺔ اﻟﺠﻮﻓﺎء وﺷﺮﻫﻬﺎ ووﺣﺸﻴﺘﻬﺎ وﻋﺮﻳﻬﺎ ووﻟﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺮب واﻟﺠﻨﺲ وﺳﻠﻮﻛﻬﺎ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ورﻏﺒﺘﻬﺎ اﻟﻤﻤﻴﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وأﻧﻪ ﻛﺎن اﻷﻛﺜﺮ ﺻﺮاﺧًﺎ ﻓﻲ وﺟﻪ ﻗﻨﺎع وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻤﺰﻳﻒ اﻟﻤﺰﻳﻦ ﺑﺄﻟﻮن
ﻋﺮف ﺑﻤﺴﻤﻴﺎت ﻋﺪة ﻣﻨﻬﺎ »اﻟﻘﺮش اﻟﻤﻜﺎوي« أو«اﻟﻘﺮش اﻟﺤﺠﺎزي« أو »اﻟﻘﺮوش اﻟﺤﺠﺎزﻳﺔ« أو »ﻗﺮوش ﻣﻜﺔ«. وﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ أن ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد ﻟﻢ ﺗﻀﺮب ﻓﻲ اﻷراﺿـــﻲ اﻟﺤﺠﺎزﻳﺔ -وﺑــﺎﻷﺧــﺺ ﻣﻜﺔ ﻟﻢ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ دار ﺿﺮب ﻟﻠﻨﻘﻮد ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻰ -ﺑﻞ اﻋﺘﻤﺪت اﻷراﺿﻲ اﻟﺤﺠﺎزﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣــﻮال اﻟﻮاﻓﺪة إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺨﺼﺼﺎت اﻟﺤﺮﻣﻴﻦ اﻟﺸﺮﻳﻔﻴﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮف ﻣﻦ رﻳﻊ اﻷوﻗﺎف اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ وﻗﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﺼﺮ. وﻣﻊ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻮل إﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻗﺮوش ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺗﻢ ﺳﻜﻬﺎ ﺑﻤﺴﻤﻰ اﻟﻘﺮوش اﻟﻤﻜﺎوﻳﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ رﻳﺎﻻت اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرة ﻣﺎرﻳﺎ ﺗﺮﻳﺰا Maria Theresa اﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﺖ اﻟﻨﻤﺴﺎ واﻟﻤﺠﺮ وﺑﻮﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ 1193-1152ﻫـــ1780-1740/م وﺑﺪأت ﻓﻲ ﺿﺮب ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﻻت ﻷول ﻣﺮة ﺳﻨﺔ 1164ﻫـ1751/م ،وﻫﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اﻣﺘﺎزت ﺑﺼﻮرة اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرة ﻣﺎرﻳﺎ ﺗﺮﻳﺰة ،وﺗﻤﻴﺰت ﺑﺠﻮدة ﻋﻴﺎرﻫﺎ وﺟﻼء ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ اﻟﺪاﺋﺮي وﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺳﺒﻴﻜﺘﻬﺎ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻷﻋﻤﺎل اﻟﻘﺺ ،وﻳﻌﺪ اﻟﺘﺎﻟﻴﺮ اﻟﻨﻤﺴﺎوي ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻨﻘﻮد اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟﻔﻀﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺪاول اﻟﻨﻘﺪي ﻓﻲ أﺳﻮاق اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ. واﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ رﻳﺎﻻت ﻣﺎرﻳﺎ ﺗﺮﻳﺰا ﻗﺪ ﻧﻘﺶ ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة وﺟﻬﻬﺎ ﻋﺒﺎرة )ﻧﺠﺪ أو اﻟﺤﺠﺎز( ورﺑﻤﺎ ﺗﻢ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺬا اﻵﻣﺮ ﻧﻈ ًﺮا ﻷن ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد ﻣﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ وﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻮرة ﻟﺴﻴﺪة أﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﺎرﻳﺔ اﻟﺮأس ﻓﺘﻢ ﻃﻤﺲ ﻣﻼﻣﺢ وﺟﻪ ﻣﺎرﻳﺎ ﺗﺮﻳﺰا ﻟﺤﺮﻣﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ وﺣﺮﻣﺔ اﻟﺮﺳﻮم اﻵدﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﺑﻬﺎ ،وﺳﻚ ﻋﺒﺎرة ﻧﺠﺪ أو اﻟﺤﺠﺎز ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻤﻴﻴ ًﺰا ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺪاوﻟﻬﺎ ﺗﻢ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺤﺠﺎز ،وﻫﺬا إن دل ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻗﻮة ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ أﻧﻮاع اﻟﻨﻘﻮد اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺪاوﻟﻬﺎ ﺑﻬﺎ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة وﻓﺮض اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد اﻷوروﺑﻴﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻗﺒﻮل ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد وﺗﺪاوﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺤﺠﺎز وﻧﺠﺪ. اﻟﺪراﺳﺔ ﺗﺆﻛﺪ أن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺳﺎرﻋﺖ
اﻟﺠﻨﻴﺔ-اﻻﻧﺠﻠﻴﺰي
ﺟﻨﻴﻪ ذﻫﺐ ﻣﺼﺮي
ﻋﺜﻤﺎﻧﻲ
ﻋﺜﻤﺎﻧﻲ
ﺟﻨﻴﻪ ذﻫﺐ ﻣﺼﺮي
اﻟﺠﻨﻴﺔ-اﻻﻧﺠﻠﻴﺰي
ﻓﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﻘﺮوش وﻃﺮﺣﻬﺎ ﻟﻠﺘﺪاول ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﺳﻜﻬﺎ ﻓﻲ أﺳﺘﺎﻧﺒﻮل ،وﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ ﺗﺪاول اﻟﻘﺮوش ﻓﻲ أﺳﻮاق اﻟﻨﻘﺪ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺜﺎﻧﻰ ﻓﻲ ﻣﺤﺮم 1102ﻫـ1690/م ،وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻤﺎ ﻟﻠﻘﺮوش ﻣﻦ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺒﻴﻊ واﻟﺸﺮاء اﺳﺘﻤﺮ ﺗﺪاوﻟﻬﺎ ﻃﻮال اﻟﻘﺮن اﻟـ12ﻫـ18/م ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺎم 1114ﻫـ ،1702/وﻋﺎم 1140ﻫـ1727/م ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎرت اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﺪاول اﻟﻘﺮوش ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻣﻴﻦ اﻟﺸﺮﻳﻔﻴﻦ. أﺷﺎرت اﻟﺪراﺳﺔ إﻟﻰ ﺗﻨﻮع اﻟﻘﺮوش اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺮوش اﻟﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ )اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ( اﻟﻮزن واﻟﻌﻴﺎر اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻼت ﺳﻨﺔ 1117ﻫـ1705/م ،ﻛﻤﺎ أن أﺳﻮاق اﻟﻨﻘﺪ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻟﻢ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوش اﻟﺸﺮك أي اﻟﻘﺮش اﻟﺒﺎﻟﻲ اﻟﻮاﻫﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺴﻠﻴﻢ وﻛﺎن ﻳﺴﺎوي 40دﻳﻮاﻧﻲ ،وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻘﺮوش اﻟﺸﺮك اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻤﻌﺪﻧﻲ ذا اﻟﻌﻴﺎر اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ ﻧﻈ ًﺮا ﻵن اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻔﻀﻴﺔ ﻣﻐﺸﻮﺷﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻠﺔ اﻟﻔﻀﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻮد .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺪاول اﻟﻘﺮش اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن أﻛﺜﺮ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻔﻀﻴﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن 10ﻫـ16/م ،وﻏﻄﺖ ﺳﻮق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻰ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻋﻤﻠﺔ ﺗﻌﺎﻗﺪ أي ﺗﺘﻢ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ وﻟﻢ ﺗﺨﻞ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻣﻦ وﺟﻮدﻫﺎ ﻛﻌﻤﻠﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺠﻮدة ﻋﻴﺎره وﻧﻘﺎء اﻟﻔﻀﺔ ﻓﻴﻬﺎ واﺳﺘﻮاء ﺣﻮاﻓﻪ ﺣﻴﺚ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ اﻟﻤﺨﺮﻃﺔ ﺳﺎد ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،أﻣﺎ ﻋﻦ ﻧﻘﻮﺷﻪ ﻓﻘﺪ ﻧﻘﺸﺖ ﺻﻮرة اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ وﺟﻬﻴﻪ وﺻﻮرة أﻋﻤﺪة ﻫﺮﻗﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻷﺧﺮ ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ اﻟﻘﺮش أﺑﻮ ﻣﺪﻓﻊ ﻧﺴﺒﺔ ﻟﺸﻜﻞ اﻟﻌﻤﻮدﻳﻦ .وﻇﻬﺮت اﻟﻘﺮوش اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺑﻼد اﻟﺸﺎم ﺑﻤﺴﻤﻴﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻘﺮوش اﻟﺮﻳﺎﻟﻴﺔ واﻟﻘﺮش اﻟﺮﻳﺎل واﻟﻘﺮوش اﻟﻔﻀﺔ اﻟﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﺒﺎر ،وﻟﻢ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺴﻴﺎت ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺣﻴﺚ وردت إﺷﺎرات ﻋﻠﻰ ﺗﺪاول اﻟﻘﺮش اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻛﻌﻤﻠﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﺗﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺒﻴﻊ واﻟﺸﺮاء وﻣﻨﻬﺎ إﺷﺎرة إﻟﻰ »اﻟﺮﻳﺎل اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ« ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1111ﻫـ1699/م ﻓﺤﺼﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻌﺐ ﻟﻠﻨﺎس ،ﻛﻤﺎ ُﻋﺮف أﻳﻀً ﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﻤﺴﻤﻰ »اﻟﻘﺮش اﻟﺮﻳﺎل« ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1114ﻫـ1702/م .اﻟﺪراﺳﺔ رﻏﻢ ﺗﺨﺼﺼﻬﺎ اﻟﺪﻗﻴﻖ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻤﺘﻌﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
95
ðøļĿí ĵŎē
ﻗﺮوش ﻣﻜﺔ أم رﻳﺎﻻت اbﻣﺒﺮاﻃﻮرة ﻣﺎرﻳﺎ ﺗﺮﻳﺰا !
ﻋﻤﻠﺔ ﻫﺎﺷﻤﻴﺔ
د .ﻋﻤﺮو ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻣﻨﻴﺮ
ﺗﻌﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ أﻛﺒﺮ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﻟﻠﻨﻘﻮد اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻰ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮﻗًﺎ ﻛﺒﻴﺮة ﺗﺒﺎع ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺸﺘﺮى ﻛﻞ اﻟﺴﻠﻊ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺪول ﺑﻜﺎﻓﺔ أﻧﻮاع اﻟﻨﻘﻮد. ﻓﺎﻟﻨﻘﻮد أﺳﺎس اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ وﻣﻴﺰان ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﻤﺪﻧﻲ ،ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﻨﻜﺸﻒ ﺑﻮاﻃﻦ أوﺿﺎﻋﻬﺎ. وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻤﺎ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﻪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﺳﻮﻗًﺎ ﻟﻜﺎﻓﺔ أﻧﻮاع اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ واﻟﻔﻀﻴﺔ واﻟﻨﺤﺎﺳﻴﺔ ﺿﺮب ﻣﺼﺮ وﺑﻐﺪاد واﻟﺒﺼﺮة واﻟﻤﻮﺻﻞ وﻃﺮاﺑﻠﺲ اﻟﻐﺮب واﻟﺠﺰاﺋﺮ وﺗﻠﻤﺴﺎن ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺿﺮﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﻘﺎن وآﺳﻴﺎ اﻟﺼﻐﺮى واﻟﻌﺎﺻﻤﺔ إﺳﺘﺎﻧﺒﻮل. ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮد ﻟﻌﺒﺖ دو ًرا ﻣﻬ ًﻤﺎ ورﺋﻴﺴ ًﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺪاول اﻟﻨﻘﺪي ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ.
ﻗﺮوش ﻣﻜﺔ
وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺒﻼد اﻟﺤﺠﺎز إﺑﺎن اﻟﻘﺮن اﻟـ 12ﻫـ18/م ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻮﺣﺪة وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﻜ ّﻴﻮن أو اﻟﻮاﻓﺪون ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎج واﻟﻤﺠﺎورﻳﻦ ﺗﺒ ًﻌﺎ ﻷﻗﺎﻟﻴﻤﻬﻢ ،وذﻟﻚ ﻹﺣﺪاث ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﺮوﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻼت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس. وﻛﺘﺎب »اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻰ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ اﻟﻬﺠﺮي« ﻟﻤﺆرخ اﻟﻨﻘﻮد اﻟﺸﺎب أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺼﺎدر أﺧﻴ ًﺮا ﻋﻦ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻟﺪراﺳﺎت ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘﺮى ،ﻫﻮ أﺣﺪ اﻹﺻﺪارات اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ اﻟﻜﺮﺳﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻣﺪى اﺳﺘﺌﺜﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻜﻲ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﻤﻴﺰت ﺑﺎﻟﺮﺻﺎﻧﺔ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ وﺷﻤﻮﻟﻬﺎ اﻟﺰﻣﻨﻲ ﻟﻌﺼﻮر ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺘﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر وﻓﻖ ﻣﻨﻬﺞ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﺻﺤﻴﺢ ،وآﻟﻴﺎت ﺑﺤﺜﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ وﺣﺪﻳﺜﺔ. ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺪراﺳﺔ أﻫﻢ ﻣﻮارد ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻰ ،وﻫﻰ اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺳﻞ إﻟﻰ أﻫﻞ ﻣﻜﺔ وﺣﺠﺎج ﺑﻴﺖ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺮام واﻟﺘﻰ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﺮة اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ووﻻﻳﺎﺗﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﺼﺮ وﺑﻼد اﻟﺸﺎم ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﻣﺪادات اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ
94
ﻗﺮوش ﻣﻜﺔ أم رﻳﺎﻻت اDﻣﺒﺮاﻃﻮرة ﻣﺎرﻳﺎ ﺗﺮﻳﺰا !
اﻟﻔﺮاﺳﻲ
ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺜﻞ دوﻟﺔ اﻟﻤﻐﻮل اﻟﻬﻨﻮد، وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻣﻮال اﻟــﻮاردة ﻣﻊ ﺣﺠﺎج ﺑﻴﺖ اﻟﻠﻪ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﺠﺎرة أﻫﻞ ﻣﻜﺔ وﻣﺎ اﻛﺘﺴﺒﻮه اﻟﺤﺮام ً ﻣﻦ أﻣﻮال ﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرة ،وﺣﺼﺮ ﻷﻋﺪاد اﻟﻨﻘﻮد اﻟﻮاردة إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻰ وﻗﺪ ﻣﺜﻞ »اﻟﻘﺮش اﻟﻤﻜﺎوي« ﻇﺎﻫﺮة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻛﻮن اﺳﻤﻪ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎً ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻘﺪ أوﺿﺢ أﻧﺪرﻳﻪ رﻳﻤﻮن ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺘﻪ ﻟﺴﺠﻼت اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻗﻠﺔ اﻹﺷﺎرات ﺑﺸﺄن ﻫﺬه اﻟﻘﺮوش اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﺮش اﻟﻤﻜﺎوي أو اﻟﻘﺮش اﻟﺤﺠﺎزي ،Girs Higaziوأﻗﺪم اﻹﺷﺎرات اﻟﺘﻲ وردت ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮوش ﻳﺮﺟﻊ ﻟﻌﺎم1100ﻫـ/ 1729م. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺘﺒﻊ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﺮوش ﻧﺠﺪ أن اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺸﺮ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ أو ﺑﻌﻴﺪ إﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﺴﻤﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوش ،وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻛﺎﻧﺖ وﺛﺎﺋﻖ ﺳﺠﻼت اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻬﺎ اﻟﺴﺒﻖ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻤﺴﻤﻴﺎت ﻫﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوش ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﺳﻌﺎر ﺻﺮﻓﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ أﻣﺎم اﻟﻨﻘﻮد اﻷﺧﺮى ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻣﻦ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻼت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ. وﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ وﺛﺎﺋﻖ ﺳﺠﻼت اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﺮوش اﻟﻤﻜﺎوﻳﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻰ واﻟﺬي
رؤﻳﺎ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة اGﻣﺎراﺗﻲ وﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﻨﻬﻤﺮ ،اﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﻮﻣﺾ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮل، وﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﺒﺎدرة )ﻋﺎم ...2016ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة( اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺆﻛﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﻴﻦ ﻟﻦ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻣﻨﺤﻨﺎ ﺑﺴﺨﺎء ،وﻋﻦ اﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻋﻘﻞ اﻷﻣﺔ ورﻗﺮﻗﺔ وﺟﺪاﻧﻬﺎ ،وﻫﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﻼح أﻣﻀﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة ﻟﻨﻌﻴﺪ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌﻘﻮل واﻷﻓﺌﺪة؟ اﻟﺤﻖ أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﻌﻠﻦ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أن اﻟﺸﻐﻒ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮ اﻟﻤﻔﺘﺎح اﻷﻫﻢ ﻟﺘﻄﻮر اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،وأن اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ زراﻋﺔ ﻓﻮاﻛﻪ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻳﺘﻜﺊ دو ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﻤﺘﻔﺘﺤﺔ واﻟﻘﻠﻮب اﻟﻤﺘﻮﺛﺒﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ واﻻﻛﺘﺸﺎف واﻻﺑﺘﻜﺎر .وﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﺄ ًوا ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﻄﺎردون اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ،وﻛﺎن اﻟﺤﻜﺎم ﻳﻨﻔﻘﻮن ﺑﺴﺨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻌﺮف اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﻰ أﻫﻢ إﻧﺠﺎزات اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﻟﻨﺎ ﻓﻲ )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( أﺳﻮة ﺣﺴﻨﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺰدﻫﺮ اﻷﻣﻢ إذا ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺤﻜﺎم ﻣﺘﻔﺮدﻳﻦ ﻳﻘﺪرون ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻷدب واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وﺳﺄواﻓﻴﻚ ﺗ ًﻮا ﺑﻘﺒﺲ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻴﺮة ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻤﺘﻔﺮد ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ. ﻟﻘﺪ أﺳﺲ )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر ) 775 /754م( ،إذ ﺧﺼﺺ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﺘﻤﻴﺰا ﻓﻲ ﻗﺼﺮه ،ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻘﻴﻦ ،وﻳﻀﻢ أﻗﺴﺎ ًﻣﺎ ﻟﻤﺴﺎﻛﻦ اﻟﻄﻼب واﻷﺳﺎﺗﺬة ،وﻗﺎﻋﺎت ﻟﻠﻜﺘﺐ واﻟﺪرس واﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ،وأﺧﺮى ﻟﻨﺴﺦ اﻟﻜﺘﺐ وﺗﺨﺰﻳﻨﻬﺎ وﺗﺠﻠﻴﺪﻫﺎ .واﺳﺘﺤﻀﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻣﺘﺮﺟﻤﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺮس واﻟﺮوم ﻳﻨﻘﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أﻫﻢ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ أﻫﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد ،ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺮف أﺑﻨﺎء اﻟﻌﺮوﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻬﻢ ،وﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ ازدﻫﺮ ﻧﺸﺎط ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮه ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ )أول ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ( ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻨﺸﺎﻃﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ واﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم ﺣﺪﻳﺚ ﺑﻤﻘﻴﺎس اﻟﻌﺼﺮ.
ﻧﺎﺻﺮ ﻋﺮاق@
ﺑﻠﻎ )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( ذروة ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﺘﺰاﻳ ًﺪا ،وأﻧﻔﻖ اﻟﻤﺄﻣﻮن ) 833 /814م( ،ﺣﻴﺚ أوﻻه اﻫﺘﻤﺎ ًﻣﺎ ً اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ اﻟﺨﺎص ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻫﺬا اﻟﺼﺮح اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻟﻤﺬﻫﻞ، ﺣﺘﻰ وﺻﻞ ﻋﺪد اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﻮﻳﻬﺎ ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻧﺤﻮ 300 أﻟﻒ ﻛﺘﺎب ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﺮوع اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺐ إﻟﻰ اﻟﺤﺴﺎب ،وﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،وﻣﻦ اﻷدب إﻟﻰ اﻟﻔﻠﻚ .وﻫﻜﺬا اﺳﺘﻄﺎع أﺟﺪادﻧﺎ اﻷواﺋﻞ أن ﻳﺴﻬﻤﻮا ﺑﻨﺼﻴﺐ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة. ﻟﺬا ﻻ ﻋﺠﺐ وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ أن ﻳﻘﻮد اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻨﺎﺑﻬﻮن ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻘﺪم واﻻزدﻫﺎر ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﺪاﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﻨﺎس -ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺸﺒﺎب -ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺰود ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻨﺢ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺨﻠﻖ واﻻﺑﺘﻜﺎر. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺠﺐ اﻟﺤﻔﺎوة ﺑﻤﺒﺎدرة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺘﻌﻴﺪ ﻟﻠﻘﺮاءة اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻤﻌﺮوف ،وﺳﺘﺪﻓﻊ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻷﻫﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪؤوب ﻟﻮﺿﻊ اﻟﺨﻄﻂ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻟﺘﺆﺗﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﻄﻴﺒﺔ أﻛﻠﻬﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪي ﺷﻚ ﻟﺤﻈﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ أن اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺒﺎدرة ﺳﺘﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت وأﻧﺸﻄﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة وﻧﺎﺟﺤﺔ ،وأن اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻮرﻗﻲ -وﺣﺘﻰ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ -ﺳﻴﻠﻘﻰ اﻟﺪﻋﻢ واﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﻋﺎم ،2016ﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻹﻣﺎرات اﺗﻜﺄت دو ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﻣﺪﻫﺸﺔ ...وﻫﻲ ﺿﺮورة أن ﺗﺘﻔﻮق وﺗﺘﻘﺪم وﺗﺤﺮز اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻷوﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻋﻮدﺗﻨﺎ داﺋ ًﻤﺎ. ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﻷول ﺣﻘﻖ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻗﻔﺰة ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻛﺒﺮى ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﺴﺴﻮا )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( ،واﻟﻴﻮم ﻧﺄﻣﻞ أن ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺒﺎدرة )ﻋﺎم ...2016ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة( اﻷﻫﺪاف اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ * ﺗﺸﻜﻴﻠﻲ ورواﺋﻲ ،ﻣﺼﺮ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
93
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻷﺻﻞ ﻟﻐﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﻐﺎزﻳﺔ ﺣﻴﺚ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻐﺰاة اﺧﻀﺎع اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﺠﺎورة ﻟﺴﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﺑﻘﻮة اﻟﺴﻼح. وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﺼﺮ ،اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻮﻟﻮﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻐﺎل وﻟﻐﺔ اﻟﻔﻮن ﻓﻲ داﻫﻮﻣﻲ )ﺑﻨﻴﻦ ﺣﺎﻟﻴًﺎ( وﻟﻐﺔ إﻳﺠﺒﻮ وﻟﻐﺔ ﻳﻮروﺑﺎ وﻟﻐﺔ اﻟﻬﻮﺳﺎ ﻓﻲ ﺷﺮق وﻏﺮب وﺟﻨﻮب ﻧﻴﺠﻴﺮﻳﺎ .وﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ ﺳﻴﻄﺮة ﻫﺬه اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﺧﺘﺮاق اﻟﻘﻮى اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻟﻘﻠﺐ اﻟﻘﺎرة ﺣﻴﺚ ﺳﺤﻘﺘﻬﻢ وأوﻗﻌﺖ ﺑﻬﻢ ﻫﺰاﺋﻢ ﻧﻜﺮاء .وﻟﻜﻦ ﻟﻐﺎﺗﻬﻢ اﺳﺘﻤﺮت ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺪد ﻣﻊ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻨﺎﻃﻘﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻨﺪﻳﻦ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻼد واﻟﺤﻤﺎﻟﻴﻦ واﻟﻌﻤﺎل اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﺠﻴﻮش اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻷوروﺑﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻓﻲ ﺷﻖ اﻟﻄﺮق اﻟﺠﺪﻳﺪة وﻣﺪ اﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺰارع ﺛﻢ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺤﻀﺮﻳﺔ واﻟﻤﺪن اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻋﺒﺮ اﻟﺒﻼد واﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﺮاﻛﺰ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد .وﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻔﺮض ﻟﻐﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻓﻘﺪ دﻋﻢ اﻟﺤﻜﻢ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺻﻠﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﺪارﺟﺔ ،وﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت ﻓﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﻬﺠﺎت ﻣﻬﺠﻨﺔ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻟﻐﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺜﻞ ﻟﻐﺔ ﻛﻴﻜﻮﻧﺠﻮ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻠﻨﻐﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ أﺟﺰاء ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻓﻲ ﻣﺎ ُﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﻐﻮ ) زاﺋﻴﺮ( وﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ اﻟﻴﻮم ﺑﻜﻴﻨﻴﺎ أو ﺗﻨﺰاﻧﻴﺎ .وﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺳﻌﻰ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر إﻟﻰ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻟﻐﺘﻪ ﻓﻲ اﻷرض اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑﺸﺘﻰ اﻟﻄﺮق ،وﻓﻲ ﺑﺎدىء اﻷﻣﺮ اﻗﺘﺼﺮت ﻟﻐﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺑﻨﺴﺨﺘﻬﺎ اﻟﻤﻘﻨﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ذﻫﺒﻮا إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﺗﻌﻠﻤﻮا اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ .وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻐﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻷوروﺑﻲ ﻟﻐﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮى ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة أﻳﻀً ﺎ وﻟﻐﺔ اﻟﺼﺤﻒ واﻟﻜﺘﺐ وﺻﺎرت ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻟﻐﺔ اﻹذاﻋﺔ واﻟﺘﻠﻔﺎز.
ﻣﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ،وﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺠﻬﻮﻳﺔ واﻟﻠﻬﺠﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﻤﻨﺎﻃﻘﻴﺔ .وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء اﻟﺘﻘﺎط ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻟﻌﺒﺎرات ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ أو اﻟﻬﺠﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﻗﺮاﻧﻪ أو أﺛﻨﺎء ﺳﻴﺮه ﻓﻰ اﻟﺸﻮارع .وﻗﺪ ﻳﺆدى ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻛﺘﺴﺎب ﻟﻐﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ إﺿﺎﻓﻴﺔ أو ﻟﻐﺘﻴﻦ ورﺑﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ اﻷﻣﻮر ﺗﻌﻘﻴ ًﺪا .وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﻟﻠﻌﻴﺎن أن اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس ﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﺷﺆون ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗُﺴﺘﺨﺪم اﻟﻠﻐﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺑﻨﺴﺨﺘﻴﻬﺎ، اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ واﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ واﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﻓﻰ اﻟﻨﻮاﺣﻰ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ وﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد....إﻟﺦ .وﻛﻠﻤﺎ زاد ﻋﺪد اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺻﻠﻴﺔ واﻟﻠﻬﺠﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﺮﻃﺎﻧﺎت اﻟﻤﻬﺠﻨﺔ ازدادت ﻟﻐﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﻗﻮاة وﺷﺮاﺳﺔ وأﺻﺒﺤﺖ أﻛﺜﺮ اﻧﺘﺸﺎ ًرا .وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﻘﺪ ﻓﺮض ﻛﻞ ﻧﻈﺎم اﺳﺘﻌﻤﺎري ﻟﻐﺘﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻟﻐﺔ اﻟﻤﺤﺎدﺛﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻟﻐﺔ اﻷواﻣﺮ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺛﻜﻨﺎت اﻟﺠﻨﺪ وﻟﻐﺔ اﻹدارة ﻓﻲ أروﻗﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻻﺣﻘًﺎ ﻟﻐﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وإن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﻮاﺟﺪة ﻓﻲ ﻣﺪارس اﻟﻘﺮى ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺻﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺪارس اﻟﺼﻔﻮة وﻣﺪارس اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ .وﺑﻌﺪ أن ﺣﺼﻠﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﻓﻰ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻐﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻗﺪ دﺑﺖ ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﻓﻰ أﻋﻤﺎق اﻟﺘﺮاب اﻷﻓﺮﻳﻘﻰ وﺗﻐﻠﻐﻠﺖ ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وأﺻﺒﺤﺖ ﻫﻰ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻬﻮﻳﺔ واﻻﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻘﺪ أﺣﺪث اﻟﻐﺰو اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ﺗﻐﻴﺮات ﻓﻰ أﻧﻤﺎط اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻹدارة واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﺒﻴﺮة واﻟﻌﻠﻮم ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺣﻴﺚ أﻃﺎل ﺳﻼﺳﻞ اﻻﺗﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻘﺮى واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﻫﻜﺬا ﺗﻀﺎءﻟﺖ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺻﻠﻴﺔ ﺷﻴﺌًﺎ ﻗﺸﻴﺌًﺎ ﻣﻤﺎ أﺣﺪث ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ وﻣﻜﺘﻔﻴﺔ ذاﺗﻴﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻐﺰو ،وﻣﻦ ﺷﺮوﺧًﺎ وﺗﺼﺪﻋﺎت ﻓﻲ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ واﻻﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ً ﺛﻢ ازداد ﻋﺪد اﻟﻠﻐﺎت ﺑﻤﻌﺪل ﻣﻠﺤﻮظ .وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت ﻣﻦ ﻫﻮ * رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻷدب اﻻﻧﺠﻠﻴﺰي ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﺤﻠﻲ أﺻﻠﻲ وﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻟﻐﺎت إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ورﻃﺎﻧﺎت ﻫﺠﻴﻨﺔ 92
اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺮاع اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ آﺧﺮ ﻓﻘﺪ ﺗﺘﻐﻴﺮ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﻟﻐﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ أﺻﻠﻴﺔ واﺣﺪة ﻗﺪ ﺑﻮﺗﻴﺮة ﻣﺘﺴﺎرﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ إﻟﻰ أﺧﺮ وﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﻴﻪ أﻣﺎم ﻟﻐﺎت اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﻟﺘﺘﺴﻴﺪ أﺧﺮى .وﻟﻘﺪ أﻛﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻮﻫﺎﻧﺰ ﻓﺎﺑﻴﻦ أن اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻤﻮﻗﻒ وﺗﻔﺮض ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ. اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺨﻴﻢ اﻟﻔﻮارق ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ،وﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻰ زﻳﺎدة ﻟﻬﺠﺎت ﻣﻬﺠﻨﺔ ﻫﺬه اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻧﺠﻮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻛﺎن وﻻ ﻳﺰال ﻫﻨﺎك ﻟﻐﺔ إﺑﺎن اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺒﻠﺠﻴﻜﻲ .وﻛﺎن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ وراء ذﻟﻚ واﺣﺪة إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺴﻌﻲ ﻹﺣﺒﺎط ﻇﻬﻮر ﺣﺮﻛﺎت وﻃﻨﻴﺔ ﻣﻮﺣﺪة .ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ أﻣﺎ اﻷﻓﺎرﻗﺔ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻘﺪ دﻓﻨﻮا رؤﺳﻬﻢ ﻓﻰ اﻟﺮﻣﺎل ﺗﺸﻜﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻠﻐﻮي اﻷول ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ أﻋﻼه .وﺟﻤﻴﻊ وﺗﺠﺎﻫﻠﻮا ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺸﻮﻳﻪ واﻟﻤﺴﺦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺗﻀﻢ ﻣﺘﺤﺪﺛﻴﻦ ﻣﺘﻌﺪدي ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻟﻐﺎﺗﻬﻢ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻷن ذﻟﻚ ﻳﺮﺿﻲ ﻧﺰﻋﺎﺗﻬﻢ اﻟﻠﻐﺔ ﻳﺘﻘﻨﻮن اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺮاﺑﻄﺔ .وﻫــﺬا ﻫﻮ اﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ورﻏﺒﺘﻬﻢ ﻓﻰ وﺟﻮد اﺧﺘﻼﻓﺎت ﻟﻐﻮﻳﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ذات ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺸﻴﺮة ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻐﻴﺮة ،ﻷن ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﺎرات اﻟﻤﺘﻌﺪدة .وﻣﺜﻞ اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﻤﺤﺎﻃﺔ ﺑﺎﻷﻗﻤﺎر ﻳﻤﻨﺤﻬﻢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﺒﺎﻫﻲ واﻟﻔﺨﺮ ﺑﻘﺪرﺗﻬﻢ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﺪور ﻓﻰ ﻣﺠﺮات ﺣﻮﻟﻬﺎ ،ﻓﺈن ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺪث ﺑﻄﻼﻗﺔ واﺗﻘﺎن ﻟﻐﺎت ﻻ ﺣﺼﺮ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ،اﻟﺘﻰ ﺗﻌﻤﻞ ﻣ ًﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﻘﺎرة ﻟﻬﺎ ﻫﻲ ﻓﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﻟﻬﺠﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ،ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت واﻟﻠﻬﺠﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻐﺔ واﺣﺪة ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻠﻐﻮي اﻟﺘﻰ ﺗﺪور ﻓﻰ ﻓﻠﻜﻬﺎ .وﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن ﺗﻜﺘﺴﺐ اﻟﻜﻮﻧﻲ أو ﺣﺘﻰ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ .إن ﻋﺪم ﻗﺪرة اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ أو اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻰ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
91
وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق اﺿﻄﺮ اﻟﻌﻤﺎل ﻣﻦ اﻟﻘﺮى اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ إﻟﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻟﻐﺔ ﻣﻬﺠﻨﺔ ﻳﺨﺎﻃﺒﻮن ﺑﻬﺎ أﺳﻴﺎدﻫﻢ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ وﻳﺘﻮاﺻﻠﻮن ﺑﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﻘﻨﻮن ﻟﻐﺎﺗﻬﻢ .وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻬﺠﻴﻨﺔ ﻇﻬﺮت ﻟﻐﺎت أﺧﺮى راﺑﻄﺔ ﺟﻠﺒﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎر اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺒﻼد اﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻣﻊ ﺑﻀﺎﺋﻌﻬﻢ وﺗﺠﺎرﺗﻬﻢ وﻣﻨﻬﺎ ﻟﻐﺎت اﻟﻬﻮﺳﺎ واﻻﻳﺠﺒﻮ واﻟﺴﻮﻧﻨﻜﻲ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﺴﻮاﺣﻴﻠﻴﺔ ﻧﺎﻫﻴﻜﻢ ﻋﻦ ﻟﻐﺎت اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ اﻟﻤﺤﺎرﺑﺔ ﻣﺜﻞ ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻮﻟﻔﻲ أو ﻟﻐﺔ ﺷﻌﺐ اﻟﻔﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺘﺮون اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎر اﻷوروﺑﻴﻮن ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﺎج واﻟﺬﻫﺐ واﻟﻌﺒﻴﺪ ﺛﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﺴﻼح ﻓﻲ ﺑﺴﻂ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﺮاﻧﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺮي اﻟﻤﺠﺎورة ﻣﻤﻦ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻟﻐﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﻌﻤﺪت اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺗﻀﺨﻴﻢ اﻟﻔﻮارق ﺑﻴﻦ ﻟﻐﺎت اﻟﻘﺮى اﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺴﻴﻤﻬﺎ واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻓﻖ ﻧﻈﺎم »ﻓﺮق ﺗﺴﺪ« .ﻛﻤﺎ أن اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﻏﺒﻮن ﻓﻰ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻔﻮارق ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻌﺰﻳﺰ ودﻋﻢ ﺳﻠﻄﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ .وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﻮال ُﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ أﻣ ًﺮا ﻣﺮو ًﻋﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻤﻮﺟﺰة. ﻟﻐﺎت اﻟﺬاﻛﺮة
ﻣﻨﺬ ﻗﺮاﺑﺔ أﻟﻒ ﻋﺎم ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺪارﺟﺔ وﻟﻐﺔ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻟﺸﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب ﺣﺘﻰ ﻣﺼﺮ .وﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻟﻠﺼﺤﺮاء اﻟﻜﺒﺮى وﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺠﺎر اﻟﻌﺮب ﻳﻤﺎرﺳﻮن ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ ﻟﻌﺪة ﻗﺮون ﻗﺒﻞ وﺻﻮل اﻟﻤﺴﺘﻜﺸﻔﻴﻦ اﻷوروﺑﻴﻴﻦ ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻧﺘﺸﺮت ﻟﻐﺘﻬﻢ ودﻳﻨﻬﻢ ﻓﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﻌﻤﺪت اﻟﺴﻠﻄﺎت ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ وﻗﺒﻞ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻷوروﺑﻲ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺗﻀﺨﻴﻢ اﻟﻔﻮارق ﺑﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻛﺘﺴﺤﺖ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻏﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﻦ ﻟﻐﺎت اﻟﻘﺮى اﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻃﺮﻳﻖ ﻧﺸﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻜﺒﺮى ﺗﻘﺴﻴﻤﻬﺎ واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻓﻖ )ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ( ﺛﻤﺔ اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻳﺘﺤﺪث ﻧﻈﺎم »ﻓﺮق ﺗﺴﺪ« ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺑﻀﻌﺔ آﻻف ﺷﺨﺺ وﻫﻰ ﻟﻐﺎت ﺷﻔﺎﻫﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺮوﻧﺔ ﺑﻨﺼﻮص ﻛﺘﺎﺑﻴﺔ )ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻛﺘﺎب اﻟﺼﻠﻮات اﻟُﻤﻌﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻌﺜﺎت اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ( وﻻ ﺗﺘﺤﻤﻞ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺗﺒﻌﺔ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت .ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ أو أروﻗﺔ اﻹدارة ،وﻻ ُﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس ،وﻫﻰ ﻟﻐﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﺗﺒﻌﺪ ﻣﺴﻴﺮة ﻳﻮم واﺣﺪ ﻋﻦ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ وﻣﺤﻞ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ .وﻣﺜﻞ ﺑﻌﺾ اﻵﻟﻬﺔ ﻓﻰ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻰ ﺗﻔﺘﻘﺮ إﻟﻴﻬﺎ ،وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ وﺻﻔﻬﺎ ﻓﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻛﻠﻐﺎت ﻟﻠﻤﺤﺎدﺛﺔ واﻟﺤﻜﻲ .وﻟﻘﺪ أﻃﻠﻖ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ »ﻟﻐﺎت اﻟﺬاﻛﺮة« ﺣﻴﺚ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺴﺠﻠﻮن اﻟﻨﺼﻮص ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺳﺘﺬﻛﺎرﻫﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ .وﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ ﻓﺈن اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻰ ﻻ ﺗﻌﺮف ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم ً ذاﻛﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻋﻤﻖ وأوﺳﻊ وأﻛﺜﺮ ﺗﻄﻮ ًرا ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻰ ﺗﻌﺮف اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺴﺠﻴﻞ واﻟﺘﺪوﻳﻦ .وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺘﺮاﻛﻴﺐ واﻷﺑﻨﻴﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﻌﺒﺎرات اﻟﻤﺤﻮرﻳﺔ واﻹﻳﺤﺎءات اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﻨﻤﻄﺔ ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪت اﻟﺸﻌﻮب اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺬﻛﺮ وإﻧﺘﺎج ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ. ﻟﻐﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ
وﺗﺸﻜﻞ اﻟﻠﻐﺎت واﻟﻠﻬﺠﺎت اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﻤﺸﺎر إﻟﻴﻬﺎ آﻧﻔًﺎ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻷول ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻜﻮﻛﺒﻴﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻐﺎت ﻓﺮﻋﻴﺔ أى أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﻊ ﻓﻰ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻠﻐﻮى اﻟﻜﻮﻧﻰ .وﻳﻨﺪرج اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﻐﺎت ﺗﺤﺖ أﺳﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ. وﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎب اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ُﺗﻘﻨﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ وﻣﻊ اﻧﺘﻘﺎل 90
اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺮاع اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
89
وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻔﺮﻗﺔ وﻫﻴﻤﻨﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺮاع اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ د.ﺻﺪﻳﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻮﻫﺮ
ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺤﻮي ﺗﻨﻮﻋﺎً ﻟﻐﻮﻳﺎً أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺟﻨﻮب اﻟﺼﺤﺮاء اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﺣﻴﺚ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ واﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ .ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺮﺣﻼت اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﻟﻤﺪة أرﺑﻌﺔ ﻗﺮون ﺳﻴﻄﺮ اﻷوروﺑﻴﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﻤﺘﻮاﺟﺪة ﻋﻠﻰ ﺷﻮاﻃﺊ اﻟﺠﺰر أو ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﺼﺒﺎت اﻷﻧﻬﺎر .وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﻜﻮﻧﺖ اﻟﺮﻃﺎﻧﺎت اﻟﻤﺒﺴﻄﺔ واﻟﻠﻬﺠﺎت اﻟﻤﻬﺠﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ واﻷوروﺑﻴﺔ وﺟﺎء أوﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺣﺘﻜﺎك ﺑﺎﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ ﺛﻢ ﺟﺎءت اﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻰ ﻧﺴﺨﺘﻬﺎ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ .وﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻜﺎﻟﺐ اﻷوروﺑﻴﻮن ﻋﻠﻰ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑﺮﻟﻴﻦ 1885-1884ﺑﺪأت اﻟﻘﻮى اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف واﺳﺘﻐﻼل ﻗﻠﺐ اﻟﻘﺎرة اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ وﺷﻖ اﻟﻄﺮق وﺳﻂ ﻏﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﻓﺎﻧﺎ واﻟﻐﺎﺑﺎت اﻟﻤﻄﻴﺮة اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ.
88
اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺮاع اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
زاوﻳﺔ أﺧﺮى
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
اbﻣﺎرات ،أﻣﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاث اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﻌﺪد 193ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 2015م ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻰ ﻣﻘﺎل ﻟﻠﻜﺎﺗﺒﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻰ ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﺠﺒﺎل واﻟﺒﺤﺮ ..وﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﻟﻠﺘﺮاث«. أﻋﺪت ﻗﺮاءة اﻟﻤﻘﺎل ﻣﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﻷﺳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺬا اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﺎﺿﺞ اﻟﺬى ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻓﺘﺎة إﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻏﻴﻮرة ﻋﻠﻰ ﺗﺮاث ﺑﻠﺪﻫﺎ. اﺳﺘﻌ َﺮﺿَ ﺖ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻓﻰ ﻣﻘﺎﻟﻬﺎ ﻧﻈﺮة أﻋﺪاء اﻟﺘﺮاث ﻟﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ،وﻛﻴﻒ ﺟﻬﻼ -ﺗﺨﻠﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺑﺘﺸﺒﺜﻬﻢ أﻧﻬﻢ رﺑﻄﻮا –ﺧﻄﺄ أو ً ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ ،ﻣﺘﻨﺎﺳﻴﻦ أن اﻟﺘﺮاث ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻬﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ أﻋﻤﺪة ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ واﻟﺘﻘﺪم ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. اﺳﺘﻠﻬﻤﺖ اﻟﻤﺰروﻋﻰ ﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ اﻟﻮاﺛﻘﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺣﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث ﻓﻰ وﻃﻨﻬﺎ ،ﻓﺨﻮرة ﺑﻮﻋﻲ ﺑﻤﺎ ﺗﻢ إﻧﺠﺎزه ﻓﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث ﺑﺎﻹﻣﺎرات ،وﺑﻜَﻢ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻓﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻓﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻴﺌﺎﺗﻬﺎ ،وﻧﺠﺎﺣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻬﺎ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﻮ اﺳﺘﻌﺮﺿﻨﺎﻫﺎ ﻻﺣﺘﺠﻨﺎ إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﺘﻀﻢ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت واﻷﺑﺤﺎث واﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ واﻟﻤﺒﺎدرات ،ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻌﺎﻇﻢ ﺷﺄﻧﻪ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﺣﻴﻦ ﻧﻌﺮف أﻧﻪ ﺗﻢ ﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ. وﻟﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺮﺳﻤﻰ اﻟﺬى ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻟﺬُﻫﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ إﺣﺘﺮام ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻟﻤﺎﺿﻴﻪ اﻟﺸﻌﺒﻰ .وﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺼﻮل اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻟﻘﺐ )رﺟﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻰ( ﺿﺎرﺑﺎً ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻘﺪوة واﻟﻤﺜﻞ. ﺑﺨﻄﻰ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ إن ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻰ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﻧﻬﻀﺔ ﺗﺴﻴﺮ ً واﺛﻘﺔ ،ﺗﺮﺳﻢ ﺧﻄﻄًﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ وﺗﻨﻔﺬﻫﺎ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﻮ ﻣﺪﻋﺎة ﻷن ﻧﺪرس ﺟﻤﻴﻌﺎً اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻓﻰ ﺣﻔﻆ وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاث ،ﺑﻞ وﻧُ َﺪ ّر ُﺳﻪ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻰ ﻓﻰ ﻛﻞ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،ﻷﻧﻪ ﻣﺜﺎل ﺣﻰ ﺑُﻨ َﻴﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻀﺎرة وﺗﻘﺪم ﺗﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ،اﻟﺘﻰ ﻧﻬﻀﺖ ﺑﺴﻮاﻋﺪ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ.
ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﻪ ﻋﻠﻲ@
ﻣﺎ ﻳﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻫﻮ اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ )ﻋﻠﻢ دراﺳﺔ اﻹﻧﺴﺎن( ،ﻓﻨﺮاﻫﺎ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻰ اﻟﺤﺮف اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺗﺪرس أﺛﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻣﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺎداﺗﻬﻢ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ اﻟﺘﻰ ورﺛﻮﻫﺎ ﻛﺎﺑﺮا ً ﻋﻦ ﻛﺎﺑﺮ. إن ﻣﻦ أﻫﻢ أﻋﻤﺪة اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻰ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاث ،وﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن »ﻣﻦ ﻻ ﻣﺎﺿﻲ ﻟﻪ ﻻ ﺣﺎﺿﺮ ﻟﻪ« ،ﻓﻘﺪ ﻃﺒﻘﺖ اﻹﻣﺎرات ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﺑﺬﻟﻚ ِﻗﺒﻠَﺔ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻰ ،وأﺻﺒﺤﺖ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﻨﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻓﻰ اﻟﺘﺮاث ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ، وأﺻﺒﺤﺖ ﻣﺠﻼﺗﻬﺎ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻜﺘﺎب. إﻧﻨﺎ ﻧﺤﺘﺎج ﻓﻰ ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻤﻠﻲ اﻟﻨﺎﺿﺞ، ﻟﻜﻰ ﻧﺴﺘﻌﻴﺪ رﻳﺎدﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ وﻳﻌﻮد إﻟﻴﻨﺎ زﻣﻦ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻰ أﻧﺠﺒﺖ اﻟﻔﺎراﺑﻲ واﻟﻄﺒﺮي واﺑﻦ رﺷﺪ *ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻰ واﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻰ – ﻣﺼﺮ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
87
číŎă اﻟﺘﻲ ﺗُﻌ ّﺮف ﺑﺄﺻﻮﻟﻪ وﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ وﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ،ورﻋﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻛﺜﺮوة وﻃﻨﻴﺔ وﻗﻮﻣﻴﺔ. ﻛﻴﻒ ﺗﺮى أﺛﺮ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ ﺣﻀﺎرة ﻗﻄﺮ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة؟ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺤﺎﺿﺮ ،أو اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﺎﻟﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة، وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد أﺻﺪرﻧﺎ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﺴﻴﺎن اﻟﺪوﺣﺔ« ،ﻳﻀﻢ ﺑﻴﻦ دﻓﺘﻴﻪ ﻣﺌﺎت اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﺒﻖ اﻟﺪوﺣﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻲ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﻤﺴﺎء ،ﻳُﻌ ّﺮف ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻘﻄﺮي اﻟﺒﻌﻴﺪ واﻟﻘﺮﻳﺐ ﻓﻲ آن؛ ﺗﺮى ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﺮﻛﺐ ﺗﻘﻠﻴﺪي وﻓﻲ ﺧﻠﻔﻴﺘﻬﺎ أﺑﺮاج ذﻟﻚ ً اﻟﺪوﺣﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ،ﺗﻮﺿﺢ ﻛﻴﻒ أن اﻟﺘﺮاث ﺗﺮك ﺗﺄﺛﻴﺮه ،ﻛﻤﺎ ﺗﺮك ﺗﺄﺛﻴﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ؛ ﻓﺠﺎﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ آن. وﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺗﺠﺪ أن اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻳﺒﻨﻮن ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮاز اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻀﻴﻔﻮن ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻜﻮر واﻟﺘﻄﻮر اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺳﻘﻒ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﺳﻌﻔﻪ ،ﻓﺈن اﻟﺒﻴﻮت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ أﺧﺬت اﻟﻄﺮاز ورﺑﻤﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﻮاد اﻟﺒﻨﺎء ﻓﻲ اﻟﺠﺪران ،وﻟﻜﻨﻬﺎ أﺿﺎﻓﺖ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻜﻮر اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻤﺰﺟﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﺪاﺛﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﺑﻌﺾ أﺑﺮاج ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺪﻓﻨﺔ ﺑﺎﻟﺪوﺣﺔ ﻗﺪ ﺑﻨﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﺮز ﻣﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻣﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﻄﺮي، وﻟﻌﻞ ﻣﺒﻨﻰ ﻣﺘﺤﻒ اﻟﺸﻴﺦ ﻓﻴﺼﻞ آل ﺛﺎﻧﻲ ،وﺳﻮق واﻗﻒ ،وﻣﺒﻨﻰ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻣﻮل ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺒﺎﻧﻲ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮز اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
86
ﺟﺎﺳﻢ اﻟﻨﻌﻤﺔ
واﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻓﻲ آن. اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﺿﺮورة ﻣﻬﻤﺔ ﺟ ًﺪا ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺘﺎح ﻛﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺗﺬﻳﺐ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻮﺗﻘﺘﻬﺎ .وﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﺮﻓﺾ اﻟﺘﻄﻮر، ﺑﻞ إن ﻗﻄﺮ وﻛﻞ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﻨﺸﺪ اﻟﺘﻄﻮر ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻄﻮر ﻻ ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث واﻟﻬﻮﻳﺔ. وﺗﺘﺠﻠﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻗﻄﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺑﻌﺚ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺣﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﻲ ﺳﻮق واﻗﻒ ﻛﻤﺎ أﺷﺮت ،وﺳﻮق اﻟﻮﻛﺮة ،ﺣﻴﺚ ﺗﻢ اﺳﺘﺨﺪام ﻃﺮز اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،واﻟﻤﻮاد اﻟﺨﺎم اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺼﻨﻌﺔ ،اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﺼﻔﺮاء واﻟﺒﻴﻀﺎء واﻟﻤﻼط اﻟﻤﺨﻠﻮط ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻦ واﻟﺠﺒﺲ ،وﺟﺬوع ﺷﺠﺮ اﻟﻤﺎﻧﺠﺮوف واﻟﺤﺒﺎل ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ اﻟﺴﻘﻮف. وﺳﻮق واﻗﻒ ﻫﻮ اﻟﺴﻮق اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻗﺪ أﺻﺒﺢ اﻵن ﺑﻌﺪ ﺗﻄﻮﻳﺮه ﻣﺘﺎﻫﻪ ﺳﺎﺣﺮة ﻣﻦ اﻷزﻗﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ اﻟﻤﺘﻌﺮﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀ ّﻢ ﺧﺎﻧﺎت ﺗﻌﺮض اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. وﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﺮ ،ﺑﻞ ﻳﻈﻬﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﻛﻞ إﻣﺎراﺗﻬﺎ ﻋﺎﻣﺔ، وإﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻣﻌﻈﻢ أﺳﻮاﻗﻬﺎ وﻣﺒﺎﻧﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮز اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة
اﻟﺘﺮاث اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﺗﺮاث ﻣﺸﺘﺮك ،واﻟﺘﺮاث اﻟﻘﻄﺮي ﻳﻤﺜﻞ ﻗﺴ ًﻤﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ،وﻗﻄﺮ -ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺮاث واﻟﻔﻨﻮن -ﻻ ﺗﺘﻮاﻧﻰ ﻋﻦ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ،وﻻ ﺗﺪﺧﺮ ﺟﻬ ًﺪا ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﺗﻤﺪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن داﺋ ًﻤﺎ ﻟﻠﺸﻘﻴﻘﺎت ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺠﻬﻮد اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ واﻟﺘﻌﺎون اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث. وﺗﺸﺎرك اﻟــﻮزارة ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎرض اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﻨﺪوات واﻟﻤﺆﺗﻤﺮات، وﺷﺨﺼ ًﻴﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﺰﻳﺎرة اﻹﻣﺎرات وﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن واﻟﻜﻮﻳﺖ واﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺠﺎرب ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ،وﻓﻲ اﺳﺘﺮﺟﺎﻋﻪ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺤﺎﺿﺮ. ﻛﻴﻒ ﺗﻨﻈﺮون إﻟﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث؟ ﺗﺠﺮﺑﺔ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺄن راﻋﻴﻬﺎ اﻷول ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻳﺮﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻫﻮ رﺟﻞ اﻟﻔﻄﺮة واﻟﺘﺮاث ﺑﻄﺒﻌﻪ ،وﻟﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺮاث واﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻣﻨﺬ أن ﺗ ّﻢ إﺗﺤﺎد اﻹﻣــﺎرات ،وﻫﻮ ﻳﺮﻋﻰ وﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ،وﻛﺎن ﻳﺤﻀﺮ ﺷﺨﺼﻴًﺎ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺟﺎءت ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ- رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث،
وﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻤﻮ ﺷﻴﻮخ اﻹﻣﺎرات. وأﺿﻴﻒ أﻧﻪ ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺗﺮاث إﻣﺎراﺗﻲ وﺗﺮاث ﻗﻄﺮي ،ﺑﻞ إﻧﻨﻲ أﻓﻀّ ﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ،ﻓﻜﻞ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻳﺠﻤﻌﻬﺎ ﻗﺎﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮك ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ،وﺗﺸﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻘﻴﻢ ،وﻛﻞ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻧﻬﻀﺖ ﻣﺒﻜ ًﺮا ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث وﺗﺒﺎدﻟﺖ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎت واﻟﺘﺠﺎرب. وﺗﻮﺟﺪ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺮﺻﺪ وﺣﻔﻆ اﻟﺘﺮاث وﺗﺮﻣﻤﻪ وﺗﺤﻤﻴﻪ ،وﺗﻘﻮم ﺑﺠﻤﻊ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ ،وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ وﺣﻔﻈﻬﺎ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،وﻫﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺪول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ اﻟﺬي ﺗﺄﺳﺲ ﻋﺎم 1983 وﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪوﺣﺔ ﻣﻘ ًﺮا ﻟﻪ ،وﻗﺪ أﺻﺪر اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول ﺟﻮاﻧﺐ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ﺗﻤﺜﻞ ﻗﻮاﺳﻢ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ،وأﺳﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻓﺎﻋﻞ ﻓﻲ إدارة اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻣﻨﺬ إﻧﺸﺎﺋﻪ، وﻻ ﻳﺰال ﻳﺠﻤﻊ وﻳﻮﺛﻖ اﻟﺘﺮاث اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﺑﺸﻜﻞٍ دوؤب ،وﺻﺪرت ﻧﺘﺎﺋﺞ دراﺳﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣﻄﺒﻮﻋﺎت ،ﺗﺘﻔﻖ واﻟﻬﺪف اﻟﺬي أﻧﺸﺊ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ وﻫﻮ ﺟﻤﻊ وﺗﺪوﻳﻦ وﺗﺤﻘﻴﻖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻧﺸﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ،
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
85
číŎă واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،وﻧﻬﺘﻢ ﺑﺈﺻﺪار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺼﻮرة ﻟﻘﻄﺮ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ،واﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺤﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ »ﻛﺘﺎرا« ﻛﻤﻌﻠﻢ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺗﺮاﺛﻲ ،واﻟﻨﻬﺎم، واﻟﻌﻤﺎرة ،وﺗُﻌﺮف ﺑﺎﻟﻤﻬﺎ وﺧﻴﻮل اﻟﺸﻘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻔﺮد ﺑﻬﺎ دوﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﻛﺘﺮاث ﺣﻴﻮاﻧﻲ ،وﺑﻐﻴﺮﻫﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻨﺒﺎﺗﻲ اﻟﻘﻄﺮي ،واﻟﻤﺮاﻛﺐ واﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺼﻨﻴﻌﻬﺎ. وﻳﺤﺮص اﻟﺤﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ »ﻛﺘﺎرا« ،ﻛﻞ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻴﻴﺮ رﺣﻠﺔ ﺳﻔﻴﻨﺔ »ﻓﺘﺢ اﻟﺨﻴﺮ« ﻳﺨﺮج ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺬﻫﺒﻮن ﻟﻠﻤﻐﺎﺻﺎت ﻳُﻤﺎرﺳﻮن ﺣﺮﻓﺔ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ؛ ﻟﻴﻌﻮدوا ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻘﻄﺮي ،ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻐﻮص ﺗﻤﺘﺪ ﻟﺸﻬﻮر ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﻬﻮر ﻳﻤﺎرﺳﻮن ﺣﻴﺎة اﻟﻐﻮص اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﻳﺮﺗﺪون ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻐﺎﺻﺔ .وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻪ اﻟﺴﻠﻒ ﻟﻴﺮﺑﻂ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﻤﺒﺎدرة ﺗﺮاﺛﻴﺔ. ﻛﺎﻧﺖ ،ﻟﻴﺘﺄﻛﺪ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ. ﻟﺪﻳﻜﻢ ﻧﻴﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻓﺮﻗﺔ أورﻛﺴﺘﺮا ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ؟ ﻟﺪﻳﻜﻢ اﻫﺘﻤﺎم ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ،ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻨﻈﺮون إﻟﻴﻬﺎ؟ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺷﻘٍّﺎ ﻣﻬ ًﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﻮي ﻋﻠﻮم وﻓﻨﻮن ﻧﺤﺘﺬي ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻧﻬﺞ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،وﻧﺴﻌﻰ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻓﺮﻗﺔ ﻟﻸورﻛﺴﺘﺮا وﺛﻘﺎﻓﺔ وآداب اﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ،ﻛﻞ ﻣﺨﻄﻮط ﻳُﻤﺜﻞ ﺣﻠﻘﺔ ﺗﻄﻮر ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﻌﻠﻮم .ﻟﺪﻳﻨﺎ وﺣﺪة ﻧﺸﺮ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺗﻬﺘﻢ – ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻬﺘﻢ -ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ أﺣﺪ أوﺟﻪ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث. اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت وﻧﺸﺮﻫﺎ ،وإﻋﺎدة ﻧﺸﺮ أﻣﻬﺎت اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻨﺎدرة ،وذﻟﻚ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﻄﺮي ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﺎﻣﺔ .وﻣﺎذا ﻋﻦ دورﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﺧﻠﻴﺠ ًﻴﺎ؟ وﻣﺎ ﻣﻼﻣﺢ رؤﻳﺘﻜﻢ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث؟ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث أﺣﺪ واﺟﺒﺎت اﻟﻮزارة ،وﺗﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺒﺮ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻨﺪوات واﻟﺪورات واﻟﺤﻠﻘﺎت اﻟﺪراﺳﻴﺔ واﻟﻤﺆﺗﻤﺮات واﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎت وورش اﻟﻌﻤﻞ ،واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺧﺎرﺟ ًﻴﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ أﻫﺪاف اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث وﻧﺸﺮه. ﻧﻘﻮم ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻄﺒﺎﻋﺔ وﻧﺸﺮ وﺗﺮﺟﻤﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث واﻟﻤﺄﺛﻮر اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ ودول اﻟﺨﻠﻴﺞ ،وإﻧﺘﺎج اﻟﻤﻮاد اﻟﺴﻤﻌﻴﺔ واﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺘﺮاث اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وإﺻﺪار اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗ ُﻌ ّﺮف ﺑﺎﻟﺘﺮاث وﺗﺘﻨﺎول أﻗﺴﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ
84
ﺟﺎﺳﻢ اﻟﻨﻌﻤﺔ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
83
číŎă
َ ﺗﺠﺮﺑﺔ اGﻣﺎرات اSوﻟﻰ ﺧﻠﻴﺠ ًﻴﺎ اﻋﺘﺒ َﺮ
ﺟﺎﺳﻢ اﻟﻨﻌﻤﺔ : ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اSﺻﺎﻟﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة اﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﺟﻌﻠﻨﺎ ً ﺣﺎوره -د .ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي
واﻟﺘﺮاث ﻗﺎل رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت ﺑــﻮزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘ اﻟﻘﻄﺮﻳﺔ ،ﺟﺎﺳﻢ ﻋﻠﻰ أﺣﻤﺪ اﻟﻨﻌﻤﺔ» ،إن اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﺿﺮورة ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺘﺎح اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺗﺬﻳﺐ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ« .وأﺿﺎف أن »ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻟﺘﻄﻮر، رﻓﻀﻨﺎ ﻟﻠﺘﻄﻮر ،ﺑﻞ إن ﻗﻄﺮ وﻛﻞ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﻨﺸﺪ اﻟﺘﻄﻮر، وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث واﻟﻬﻮﻳﺔ«. واﻋﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺣﻮارﻧﺎ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻌﻪ أن »ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﻫﻲ اﻷوﻟﻰ ﺧﻠﻴﺠﻴًﺎ ،وﺗﻤﻴﺰت ﺑﺄن راﻋﻴﻬﺎ اﻷول ﻫﻮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻮﻟﺪه ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن –ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه -رﺟﻞ اﻟﻔﻄﺮة واﻟﺘﺮاث ،ﺑﻄﺒﻌﻪ وﺑﻤﻮﻟﺪه وﻧﺸﺄﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺮاث واﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ«. ورأى اﻟﻨﻌﻤﺔ أن اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ اﻟﻤﺪروس ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﺗﺠﻠﻰ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﺘﺒﺮ اﻟﺠﻤﻊ اﻟﻮاﻋﻲ ﺑﻴﻦ اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺤﻴﺎة ،واﻋﺘﺒﺮ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﻗﻄﺮ أﺑﺮز ﺗﺠﺮﺑﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد. ﻣﺎ اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺬي ﺗﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﻪ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث؟ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاث ﻛﺒﻴﺮ وواﺳﻊ وﻋﻤﻴﻖ ،ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻘﺎﻟﻴﺪ ﻌﻴﺶ وﻳﻤﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺮح اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻋﻤﺎرة وﻗﻼع وأﺑﺮاج ،وﻓﻨﻮن وﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ،وأدوات ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ اﻷﺟﺪاد ،وﻃﺮق ﻋﻴﺸﻬﻢ ،وﺳﺒﻞ رزﻗﻬﻢ ﻛﺎﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ، ﻠﺆﻟﺆ، ﻧﻘﻮل إن وأدوات ﺗﻨﺎوﻟﻬﻢ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻄﺒﺦ ،. . .ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻳﻤﻜﻦ أن ل 82
ﺟﺎﺳﻢ اﻟﻨﻌﻤﺔ
واﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ؟ ﻟﻤﺎذا اﻟﻌﻮدة ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻔﻦ؟ ﻷﻧﻪ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺠﺬور اﻟﻤﻮﻏﻠﺔ ﻓﻲ رﺣﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺳﺒﺮ اﻹﺑﺪاع ،إﻧﻪ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺒﺼﻤﺎت ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن أﺻﺎﺑﻊ اﻟﺸﻌﻮب ﺑﻼ ﺑﺼﻤﺎت. ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻨﺎدي ﺑﺎﻻﻧﻘﻄﺎع اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ واﻹﺳﺘﻐﺮاق ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮ وﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮب اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﻟﻘﺪ دﻋﺎ ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ ) ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل( ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﻴﻮم واﻟﻐﺪ( إﻟﻰ ﻗﻄﻊ ﻛﻞ ﺻﻠﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑﻴﻦ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻷدﺑﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ أﻳﻀﺎ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺮى أن إدﻣﺎن اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﻣﻀﻴﻌﺔ ﻟﻠﺸﺒﺎب وﺑﻌﺜﺮة ﻟﻘﻮاﻫﻢ ،وﻳﻘﺮر ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﻟﻸدب ﻗﺎﺋﻼ) :ﻛﻠﻤﺎ إزددت ﺧﺒﺮة وﺗﺠﺮﺑﺔ وﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﻮﺿﺤﺖ أﻣﺎﻣﻲ أﻏﺮاض ﻓﻲ اﻷدب ﻛﻤﺎ أزاوﻟﻪ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﺮج ﻣﻦ أﺳﻴﺎ وأن ﻧﻠﺘﺤﻖ ﺑﺄورﺑﺎ( ،وﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﺘﺒﻪ إﻟﻰ أن ﻣﺼﺮ )ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ( ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ أﺳﻴﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺨﺮوج ﺧﺮوﺟﺎ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ ،ﺑﻞ ﺧﺮو ًﺟﺎ ﻓﻜﺮﻳًﺎ ودﻳﻨﻴًﺎ وﺛﻘﺎﻓﻴًﺎ ﻋﺎ ًﻣﺎ ،أي ﻳﻘﺼﺪ ﺧﺮو ًﺟﺎ ﻛﺎﻣﻼ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻧﺴﻠﺦ ﺟﻠﻮد أﺻﺎﺑﻌﻨﺎ ﻟﻨﺒﺪل ﺑﻬﺎ ﺟﻠ ًﻮدا ﺣﻀﺎرﻳًﺎ ً أﺧﺮى وﺑﺼﻤﺎت أﺧﺮى. ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ،ﺷﻦ أرﺳﻄﻮ )اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻷول( ﻫﺠﻮ ًﻣﺎ إﻏﺮﻳﻘ ًﻴﺎ ﻓﻠﺴﻔ ًﻴﺎ ﻋﻨﺼﺮﻳًﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻴﻮﻳﻴﻦ واﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ، ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إﻋﺘﺮاﻓﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺬﻫﻦ اﻟﺜﺎﻗﺐ واﻟﺤﺬق ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺎت( أﻫﻞ اﻟﺪوﻟﺔ وﺻﻔﺎﺗﻬﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻳﻘﻮل ):أﻣﺎ اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺷﻌﻮب ﺛﺎﻗﺒﺔ اﻟﺬﻫﻦ ﺗﺤﺬق اﻟﻔﻨﻮن واﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﺎرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺜﺒﺎت ورﺑﺎﻃﺔ اﻟﺠﺄش ،وﻟﺬا ﻻ ﺗﺒﺮح ﺧﺎﻧﻌﺔ ﻣﺴﺘﺮﻗﺔ(. ﻳﺠﺪ ﻫﺬا اﻟﻬﺠﻮم اﻷرﺳﻄﻲ ﺻﺪاه ﻋﻨﺪ ﻫﻴﻐﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮﻗﻲ( إذ ﻳﺮى أن اﻟﺸﺮﻗﻲ )ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻤﺼﻄﻠﺢ اﻟﺸﺮﻗﻲ أي اﻷﺳﻴﻮي( إﻣﺎ ﻃﺎﻏﻴﺔ أوﻋﺒﺪ ،وﺗﺠﺎوﺑﺖ أﺻﺪاء أراء أرﺳﻄﻮ وﻫﻴﻐﻞ اﻷﺳﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻷورﻳﺒﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،وﺗﺠﺎوب ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ اﻟﻌﺮب ،وﻣﻨﻬﻢ :ﺳﻼﻣﺔ ﻣﻮﺳﻰ -ﻛﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ -ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻧﺰوﻋﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻀﺮ واﻟﺘﻘﺪم ،ﻛﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻫﺬا ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ زﻛﻲ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻤﻮد ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ( ﺣﻴﺚ دﻋﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻜﻠﻲ ﻧﺤﻮ ﺣﻀﺎرة اﻟﻐﺮب ،ﻟﻨﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻤﺮأة. ﻳﻘﺼﺪ ﺣﺎﻣﻠﻮا ﻟﻮاء اﻟﺤﺪاﺛﺔ ) ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻤﺰﻳﻔﻮن ﻣﻨﻬﻢ( ،اﻟﺘﻐﻠﻐﻞ إﻟﻰ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﺸﻌﻮب وﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻬﻢ ﻟﻠﻔﺘﻚ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ،ﻣﺴﺘﻐﻠﻴﻦ
) ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ( ﻣﻴﻞ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻔﻄﺮي ﻧﺤﻮ اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺘﻘﺪم واﻟﺴﻼم ،ﻟﻜﻦ أﻏﻠﺐ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮات ، ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ أﺑﻮاق ﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﺤﺎول ﺗﺠﺮﻳﺪ اﻟﺸﻌﻮب ﻣﻦ ﺗﺮاﺛﻬﺎ وﺗﺸﻮﻫﻪ ﻓﻲ ﻋﻴﻮن أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻹﺑﺮاز ﻋﻘﻢ ﻫﺬه اﻟﺸﻌﻮب ﺑﻬﺪف اﻹﻧﺼﻴﺎع ﻟﺤﻀﺎرﺗﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻫﻴﻤﻨﺘﻪ. اﻟﺘﺮاث ﺧﻠﻴﻂ ﻣﺘﻨﺎﻗﺾ إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺣﺮﻛﺎت ﺣﺪاﺛﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻫﺎ وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﺣﺮﻛﺎت ﻣﻀﺎدة ﻟﻠﺤﺪاﺛﺔ ،إن اﻟﻤﺪاﻓﻌﻴﻦ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﺴﺎ ﻛﻠﻴٍّﺎ ،ﻳﻘﻌﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﺮاث )ﺑﻞ اﻟﻤﻘﺪﺳﻮن ﻟﻪ( ً ﻳﺘﺒﻨﻮن ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﺗﺒﻨﻴﺎ ﻛﻠﻴﺎ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺘﺮاث ﻧﺠﺪ اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ واﻹﻟﺤﺎد واﻹﻳﻤﺎن واﻟﻌﺪل واﻹﺳﺘﺒﺪاد ﻛﻤﺎ أن ﻫﻨﺎك اﻟﻐﺰل ﺑﺎﻟﻐﻠﻤﺎن وﺷﻌﺮ اﻟﺠﺴﺪ اﻹﺑﺎﺣﻲ ،ﻣﻊ ﺷﻌﺮ اﻟﺤﺐ اﻹﻟﻬﻲ واﻟﻐﺰل اﻟﻌﻔﻴﻒ ،ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﺿﺮ وﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮن اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﺛﻤﺔ ﺗﺮاث ﺗﺎرﻳﺨﺎﻧﻲ وﺗﺮاث ﻧﻔﺴﺎﻧﻲ ،ﺗﺮاث ﺧﺎرج ذواﺗﻨﺎ وﺗﺮاث داﺧﻞ ذواﺗﻨﺎ ،اﻟﺘﺮاث اﻟﺨﺎرﺟﻲ واﺣﺪ )وﻣﺘﻨﺎﻗﺾ( ،واﻟﺘﺮاث اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻲ ﻣﺘﻌﺪد وﻣﺘﻨﺎﻗﺾ أﻳﻀً ﺎ ،ﻓﻠﻜﻞ ﻣﻨﺎ رؤﻳﺘﻪ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ أو ﻗﺮاءﺗﻪ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ. إن اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻗﺘﻞ اﻟﺘﺮاث ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،ﺗﻤﺎﺛﻠﻬﺎ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻗﺘﻞ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﺮاث ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻗﺘﻞ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﻘﺮف ﻣﻨﻪ ،ﻋﺠﺰ ﺛﻘﺎﻓﻲ وﻗﺼﻮر ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ ،ﻟﺬا ﻓﻨﺤﻦ ﺿﺪ ﺻﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ ووﺛﻨﻴﺘﻪ وﺿﺪ إﻋﺘﺒﺎره ﺗﺎﺑﻮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﺿﺪ ﻗﺘﻠﻪ ﺗﺤﺖ أي ﺷﻌﺎر ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﺜﻮرﻳﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة واﻟﺤﺪاﺛﺔ ،وﺑﻬﺬا ،ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺴﺘﻠﻬﻢ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻻ ﻧﻌﻴﺸﻪ ،وﻧﻌﻴﺶ اﻟﺤﺎﺿﺮ وﻻ ﻧﺘﺨﺒﻂ ﻓﻴﻪ ،وﻧﻘﺒﺲ ﻣﻦ ﺟﺬوة اﻟﻤﺎﺿﻲ )أي ﻣﺎض ﻷي أﻣﺔ( ﻣﺎ ﻳﻠﻬﺐ ﻓﻴﻨﺎ ﺟﻤﺮ اﻹﺑﺪاع * ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
81
رؤﻳﺎ
ﺑﺼﻤﺎت أﺻﺎﺑﻊ اﻟﺸﻌﻮب
د .ﻧﺎدﻳـﺔ ﺑﻠﻜﺮﻳﺶ@
ﻳﺬﻫﺐ اﻟﺒﻌﺾ إﻟﻰ ﻛﻮن ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﺎرل ﻏﻮﺳﺘﺎف ﻳﻮﻧﻎ ﻋﻦ اﻟﻼﺷﻌﻮر اﻟﺠﻤﻌﻲ ،وﻣﻔﻬﻮم ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻏﻴﺮ ﻋﺮﺑﻲ ،ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻘﻂ ﺻﻐﺮ اﻟﺴﻦ ،ﻓﻼن ﺣﺪث ،ﻫﻴﻐﻞ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮن ﻧﻔﻲ اﻟﻨﻔﻲ ،ﻓﻜﻞ ﺣﺎﺿﺮ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ أﺧﺬًا ﺧﺎﺻﺎ وﻻ ﻳﻌﻴﺸﻪ ﺑﺬاﺗﻪ ،ﻓﺘﻄﻮر اﻟﺸﺠﺮة ﻧﻔﻲ ﻟﻠﺠﻨﻴﻦ ،ﻓﺎﻷزﻫﺎر ﺗﻨﻔﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺻﻐﻴﺮ اﻟﺴﻦ ،ﻗﺎل اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ: ً ِ ﻴﺐ اﻷوراق ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻜﺸﻒ أن اﻷوراق ﻟﻴﺴﺖ ﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻷﻋﻠﻰ ﻓَ َﻤﺎ اﻟ َﺤﺪاﺛ َ ُﺔ ﻣﻦ ِﺣﻠْﻢٍ ﺑ َﻤﺎﻧِ َﻌ ٍﺔ ,ﻗﺪ ﻳُﻮ َﺟ ُﺪ اﻟﺤﻠ ُﻢ ﻓﻲ اﻟﺸﺒّﺎنِ َواﻟﺸﱢ ِ إن ﺻﻐﻴﺮ اﻟﺴﻦ )ﺟﺪﻳﺪ( ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة ،إذن ﻫﻨﺎك ﻣﻌﻨﻰ داﺧﻞ أو ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺸﺠﺮة ،ﺛﻢ ﻳﻨﻔﻲ اﻟﺜﻤﺮ اﻟﺰﻫﺮة ،وﻟﻜﻦ اﻟﺜﻤﺮ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﻘﻖ وﺟﻮده إن ﻟﻢ ﺗﺴﺒﻘﻪ اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ ،أو ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﻌﻨﻰ. ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوق اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﺟﺬور وورق وزﻫﺮ. واﻟﺬﺋﺐ ﻋﻨﺪ ﺑﻮل ﻓﺎﻟﻴﺮي ﻟﻴﺲ ﺳﻮى اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﻴﻦ ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﻔﻬﻢ ﻗﻮل أﺑﻲ ﻋﻤﺮو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻬﻀﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺮاف ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻦ اﻟﻌﻼء ﻋﻨﺪ ﺷﻴﻮع )اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﺤﺪث( ﻓﻲ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﺮاث ﻗﺘﻞ إﻟﻰ اﻟﺪﻋﻮة إن ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺗﻜﺮا ًرا ﻃﺒﻖ اﻷﺻﻞ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺨﺮاف، ﻋﺼﺮه» :ﻟﻘﺪ ﻛﺜﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﺤﺪث وﺣﺴﻦ ﺣﺘﻰ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،ﺗﻤﺎﺛﻠﻬﺎ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻗﺘﻞ إذ ﻻ ﺗﻤﺎﺛﻞ ﺑﻴﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ، ﻟﻘﺪ ﻫﻤﻤﺖ ﺑﺮواﻳﺘﻪ«. أﻣﺎ ﻣﻬﺎﺟﻤﻮ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻓﻴﺮون ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻘﺘﻼ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﺮاث ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺪﻋﻮة ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺟﺬر ﺣﻴﻮي ﻓﻲ إﺑﺪاع ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ )اﻟﺘﺮاث( ،وﻣﻬﺎﺟﻤﻮ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻳﺮون إﻟﻰ ﻗﺘﻞ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﻘﺮف ﻣﻨﻪ ،اﻟﺤﺎﺿﺮ. ﻓﻴﻪ ﻣﻘﺘﻼ ﻟﻠﺤﺪاﺛﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺨﻄﻲء ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻋﺠﺰ ﺛﻘﺎﻓﻲ وﻗﺼﻮر ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ،ﻟﺬا ﻧﺮﻓﺾ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺎﺿﻴﻨﺎ ﺣﺎﺿ ًﺮا وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أن ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﻌﻴﻖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻨﺤﻦ ﺿﺪ ﺻﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ ووﺛﻨﻴﺘﻪ أن ﻳﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮﻧﺎ ﻣﺎﺿ ًﻴﺎ ،إن ذﻟﻚ ﺗﻌﻄﻴﻞ أو ﺗﻤﻴﺘﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺨﻄﻲء ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن وﺿﺪ إﻋﺘﺒﺎره ﺗﺎﺑﻮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻨﺎ ﺿﺪ ﻗﺘﻠﻪ ﻟﻠﺰﻣﻦ وﺻﻴﺮورة اﻟﺠﺪل ،وﺣﻘﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻹﻏﺮﻳﻖ :ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺒﺢ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺮ ﻣﺠﺮد ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﻤﻨﺤﻪ -ﻛﻤﺜﻘﻒ ﺗﺤﺖ أي ﺷﻌﺎر ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﺜﻮرﻳﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮﺗﻴﻦ ؛ ﻓﺎﻟﺘﻴﺎر داﺋﻢ اﻟﺠﺮﻳﺎن ﻻ ﺗﻤﻴﺰه ﻣﻌﺎﺻﺮ -ﺻﻚ اﻟﺤﺪاﺛﺔ وﺑﺮاءة ذﻣﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة، واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة واﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺳﻜﻮﻧﻴﺔ وﻻ ﺟﻤﻮد ،وﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﺎء اﻟﻨﻬﺮ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻹﺗﻬﺎم ﺑﺎﻟﺴﻠﻔﻴﺔ واﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ،ﻟﻜﻮن ﻣﺎء ،ﺑﻞ إﻧﻪ ﻣﺎء ﺟﺪﻳﺪ ،ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﻳﺠﺐ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮن أن ﻧﻔﻬﻢ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺣﺎﺿ ًﺮا واﻟﺤﺎﺿﺮ أﺷﺒﺎح ﻣﺎض ،وﻫﻢ ﻳﺘﻮﻫﻤﻮن أﻧﻬﻢ ﻓﺮﺳﺎن اﻟﺬي ﺳﻴﺼﻴﺮ ﻣﺎﺿﻴًﺎ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺬي ﺳﻴﺼﺒﺢ ﺣﺎﺿ ًﺮا ﻓﻤﺎﺿﻴًﺎ. اﻟﻌﺼﺮ. إن ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﻤﺠﺮد ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺎﺿﻴﺎ ،ﻗﺼﻮر ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻟﻮ ﻧﺎدى ﻛﻞ ﺷﻌﺐ ﺑﺈﺣﺮاق اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﻤﺠﺮد ﻣﺎﺿﻮﻳﺘﻪ ﻟﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻷن اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﻧﺮﺗﻜﺰ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻬﺎﺟﻤﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻫﻮ ﺑﺬاﺗﻪ أن ﻧﺤﺮق ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع إﺑﺪاع اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،ﻷن اﻹﺑﺪاع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻻ ﺳﻴﺼﺒﺢ ﻣﺎﺿ ًﻴﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﻤﺴﻚ ﺑﺠﺬور اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاغ. ﻛﻠﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺬور اﻟﺘﻲ أﻧﺒﺘﺖ اﻟﺠﺬوع ،وﻓﺮﻋﺖ اﻟﻔﺮوع ،ﻟﻨﺴﺄل أﻧﻔﺴﻨﺎ :ﻟﻤﺎذا اﻟﻬﺎﺟﺲ اﻷﺳﻄﻮري ﻳﺴﻴﻄﺮ داﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﻴﻠﺔ وأورﻗﺖ اﻷوراق ،ﺛﻢ ﺑﺮﻋﻤﺖ ﻓﺄﺛﻤﺮت ،وﻫﺬه اﻟﺠﺬور ﺗﺸﻜﻞ ﺟﺬرا اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ؟ ﻣﻦ ﻳﻔﻬﻢ اﻷدب اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﺜﻼ دون ﺟﺬوره اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ
80
ęķĘĬ ŲĚ ĴŭĬ ĸŔĘŁŨė ŽũŔ ĘŵĴűĽſ ĝĴſĸİ ŲĚ ĸŔĘŁũŨ ĝijŸĸřĠ ﻋـــﻠـــﻰ ﺣـــﻤـــﺪ ﺳـــﻠـــﻢ ورﺑــــــﻚ ﻳــﺎﺑــﻪ ﻟــــﻮ ﻣــــﻦ اﻟـــﺘـــﻼﻳـــﺎ ﻳــﺒــﻐــﻲ زﻫـــﺎﺑـــﻪ اﻻ اﻟــﻠــﻪ ﻳــﻌ ـ ّﻮﺿــﻨــﺎ ﻋـــﻮض ﻧــﺪﻓــﻰ ﺑﻪ ﺷــــﺮ ٍه ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻤــﻀــﻤــﺮ اﺗــﺨــﻔــﻖ ﺛﻴﺎﺑﻪ م اﻟـــــﺪار ﻣـــﺎ ﺷــﻠــﻪ ﺣــﻤــﺪ واﻗـــﻔـــﺎ ﺑﻪ وﻻ ﻳــﺎ ﻣــﻘـﻠّــﺺ م »اﻟــﻌــﺸــﻮش« رﻛــﺎﺑــﻪ ــﺴـــﺒـــﻪ اﻻول ﺷـــــﺮا ﺷـــ ّﻮاﺑـــﻪ واﺗـــﺤـ ّ وﻛــﻠــﻤــﺔ اﻟـــﻌـــﺮب دوم ﺑــﺎﻟــﺘــﺮﺣــﺎﺑــﻪ
ųĴſĸİ ŲĚ ĝijŸĸřĠ ŽũŔ ęķĘĬ ŲĚ ĴŭĬ ĘŰĸŔĘŀ ijķ ﻳـــﺎ ﺣـــﻲ ﻗـــــﻮلٍ ﺑــﻮﺷــﻬــﺎب اﻓـــﻀـــﻰ ﺑﻪ ﻟـــﻲ ﻳـــﺎﺑـــﻪ اﻟـــﻄـــﺎرش ﻟــﻨــﺎ واﻟـــﻔـــﻰ ﺑﻪ واﺷــــــﻮف ﻋـــﻨـــﺪي ﻣـــﻦ ردود ﻳــﻮاﺑــﻪ درب اﻟــﺴــﻨــﻊ ﺑـــﺎﻟـــﺬم ﻣـــﺎ ﻳــﻴــﻨــﺎ ﺑﻪ وﻻ ﻓـــﻲ ﺧـــﻼﻳـــﺎﻧـــﺎ وﺣــــﻦ ﻃــﺤــﻨــﺎ ﺑﻪ وﺑـــــﺪّ ﻩ ﻗــﺼــﻮر اﻟــﺸــﻲ ﻟـــﻲ ﻧــﻌــﻨــﻰ ﺑﻪ واﻟـــﻠـــﻮم ﻟـــﻲ ﻋـــﺮﻓـــﻪ ﻳــﺨــﺺ اﺻــﺤــﺎﺑــﻪ إﻻ ﻫـــﻮ ﻳــــــﺪ ّور ﻣـــﻦ زﻣـــــﺎن اﺳــﺒــﺎﺑــﻪ ﻋـــﻠـــﻢ وﺑــﺘــﻠــ ّﻬــﺎﺑــﻪ ﻣــــﺎ ﻋــــﻨــــ ِﺪ َﻳــــﻪ ٍ ـــﻮب ﻧــﻌــﻴــﻤــﻪ ﺛــﻴــﺎﺑــﻪ ّ وﻻ ﺷــــﻞ ﻏــــﺮﺷـ ٍ ﻳـــﺎ ﻏــﻴــﺮ ﺗــﻤــﺮ اﻟـــﺴـــﻮق ﻳـــﺘـــﺒـــﺪّ ى ﺑﻪ واﻧـــﺘـــﻪ ﻣــﻌــ ّﻴــﺶ م اﻟـــﺸـــﻤـــﺎل رﻛــﺎﺑــﻪ وﻳـــﺎﻧـــﺎ ﻋــﻠــﻲ ﻳــﺮﻣــﺲ ووش ﻟـــﻲ ﺻــﺎﺑــﻪ ﻳــــﻮم اﻟــﺘــﻘــﻴــﺘــﻪ واﻧـــﺘـــﻈـــﺮت أﻣــــﺎ ﺑﻪ ﻣـــﺎ رﻳــــﺖ ﻣــﻨــﻄــﻮﻗــﻪ ﻟــــﺬي ﻳــﻴــﻨــﺎ ﺑﻪ وﻻ ﻳــــﺎ ﻳـــﺸـــﺎﺑـــﻪ ﺣــــﺪ ﻣــــﻦ ﺧــ ّﻴــﺎﺑــﻪ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
79
ŷŝƀũİ ŲĚ Ęſ ﻳــــﺎ ﺑــــﻦ ﺧــﻠــﻴــﻔــﻪ ﻋـــ ْﻴـــﻞ ﻟ ـ ْﻤــﺴــﻴــﺮ ﻋـــﻠـــﻰ اﺑـــــﻜـــــﺮ ٍ ات ﺳـــﻨـــﻬـــﻦ ﺻــﻐــﻴــﺮ ـــــﺐ اﻟـــﻌـــﻠـــﻢ ﻓــــﻲ ﺧــﻴــﺮ ﺑـــ ْﻴـــﻴـــﻚ ﻧـ ﱟ ﺳــــ ّﻨــــﻪ ﺻـــﻐـــﻴـــﺮ وﺧـــــــــﺪّ ﻩ ﻧـــﻮﻳـــﺮ ّ ــــﺒــــﺶ وﻣـــﺨـــﺘـــﻠـــﻒ ﻏــﻴــﺮ رﻳــــﺘــــﻪ ْﻣ
ﻳــــﺎ ﻣــــﺎ ﺣــــﻼ اﻟـــﻤـــﻈـــﻬـــﺎر ﺟـــــﺪواه ﻟــــﻲ ﻳـــﻌـــﻄـــﻦ اﻟـــﻤـــﺸـــﺘـــﺎق ﻣـــﻨـــﻮاه ﻟــــﻲ ﻣــــﻦ ﺧـــﺬﻳـــﻨـــﺎ ﺻـــﺎﻓـــﻲ ْﺣـــﻜـــﺎه ﻟــــﻲ ﻣـــــ ّﺮ ﻋــــــﺎرض ﺿـــﺎﻓـــﻲ ﻏــﺸــﺎه ﺷــــــﺮوى اﻟـــﻘـــﻤـــﺮ ﻓــــﻲ ﻏـــﺎﻳـــﺔ ﻣــﻨــﺎه
ŖƀĚĘńǦė ū ƁŬij Ģſ ĸDž Ĩ ĴƀʼnŔ Ęſ وﻫﺬه اﻻﺑﻴﺎت ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﻴﺮه واﺳﻤﻪ )ﻋﻀﻴﺪ(
ﻳــﺎ ﻋﻀﻴﺪ ﺟــ ّﺮﻳــﺖ دﻣـــﻲ م اﻷﺻــﺎﺑــﻴــﻊ واﻧــــﺎ ﻏـــﺪى ﻟــﻲ رﺑــﻴــﻌــﻚ ﻣــــﺪ ٍة ﻋــﻮده ﻟــﻲ ﻫــﺎن ﻗـــﺪرك ﻋﻨﺪ اﻻﻧــــﺬال ﻣــﺎ ﻃﻴﻊ ﻟﻴﻦ اﺷﺘﻔﺖ ﻧﻔﺴﻚ م اﻻﻣــﺮاض ﻣ ْﻴﻬﻮده اﺑــﻐــﻴــﻚ ﺣــﻖ اﻟـــﻨـــﺰول ﻧــﺰوﻟــﻚ ﺳ ـ ّﺮﻳــﻊ وارﻗﺐ
ųĴſķĘřĠ ŲŬ ŊŕĚ ųĶŵŸ ﺣــﺴــﻴــﺖ ﺻـــﺎﻳـــﺢ واﻟــــﺬﻟــــﻮل ﻋــﻮﻳــﻨــﻪ ّ واﺳــﻤــﻌــﺖ ﻣـــﺎ ﺑــﻴــﻦ اﻟـــﺮﺑـــﻮع ﺑﻄﻴﻨﻪ ْﻣـــﻴـــ ّﻨـــﺒـــﻴـــﻦ اﻟــــــــﺪرب وﻣــﺨــﻠّــﻴــﻨــﻪ ﻋــﻘــﺐ اﻟــﺴــﻨــﻪ ﻣـــــ ّﺮت ﻋــﻠــﻴــﻬــﻢ ﺷﻴﻨﻪ آﻣــــﻴــــﺮ ﻟــــﻮ ﻳــــﺎﺑــــﻮه ﻣــــﺎﻟــــﻪ ﺑــﻴــﻨــﻪ ﻣــﻨــﻬــﻢ ﻣــﺤــﻤــﺪ ﻳــﻨــﺘــﺨــﻲ ﺑــﺎﻟــﺰﻳــﻨــﻪ ﻋـــﻔـــﺪت ﻓــﻴــﻬــﻢ ﻣــــﻦ وﻟـــــﺪ ﻣــﻨــﻴــﻨــﻪ ﻛـــﻨـــﻪ ﻋــﻠــﻴــﻬــﻢ ﺳـــﻜـــﻦ ﻣــﺘــﻮﻟّــﻴــﻨــﻪ
78
ğĘDžƀōŕŨė ŲſĹ ﻳــــﺎ اﻟــــﻠــــﻪ ﻳــــﺎ زﻳـــــﻦ اﻟـــﻌـــﻄـــ ّﻴـــﺎت ﺳـــــﺤـــــﺎب ودﻳــــﻤــــﺎت اﻧــــﺸــــﻴــــﺖ ٍ وآزم ﻏــــﺪﻳــــﺮ اﻟـــﺴـــﻴـــﺢ ﻣـــﺎﻳـــﺎت واﻏــــﺘــــﺎﺛــــﻦ دﻳــــــــﺎر اﻟـــﻤـــﺤـــﻴـــﻼت ﻳـــــﻮم اﻟــــﺮﻋــــﺪ ﺳــــــ ّﻮى ﻟــــﻪ اﺻـــــﻮات وﺗـــﻔـــ ّﺮﺟـــﺖ ﻣــــﻦ ﻋـــﻘـــﺐ ﺿــﻴــﺠــﺎت
ﻳــــﺎ راﻋــــــﻲ اﻟـــــﻤـــــﺪّ ات ﻟــــﻲ ﺟــــﺰال ﻳـــﻠـــﻴـــﻦ ﻣــــﺎﻫــــﻦ ﻏــــــــﺪّ ر وﺳـــــﺎل ر ّوى اﻟـــــﻤـــــﺮ ّوي وا ْﻣـــــــــ َﺰر ﻳــﺤــﺎل ﻳـــﺘـــﺼـــ ّﻮﻋـــﻦ ﻣــــﻦ روﻗــــــﺔ اﻟـــﺤـــﺎل رﺑــــــــﻲ ﺣــــﻤــــﺎﻧــــﺎ ﻋــــــﺰ ﻟــــ ْﺠــــﻼل ـــــﻞ ﻓـــــــ َﺮح واﺳــــﺘــــﺎﻧــــﺲ اﻟـــﺒـــﺎل ﻛـ ﱢ
ĢŠŸ Ęſ ﻳــــﺎ وﻗـــــﺖ ﻳـــﺎﻣـــﺎ ﻓـــﻴـــﻚ م اﻟـــﻬـــﻦ ﺷــــــــﺮواك ﺑــــﻪ ﻣــــﺎ ﻳــﻨــﺤــﺴــﻦ ﻇــﻦ ﺻــــﻐــــﻴــــﺮﻧــــﺎ وﻛــــﺒــــﻴــــﺮﻧــــﺎ ﻳــــــ ّﻮن ﻳــــﺎ ﻣــــﺎ اﻟـــﻌـــﻴـــﻮن اﻟــــﺪﻣــــﻊ ﻫــﻠّــﻦ ﻟـــﻠـــﻤـــﺴـــﻠـــﻤـــﻴـــﻦ ﺣـــــﺒـــــﺎل ﻳــﺜــﻨــﻦ ﻋــــﻄــــ ّﻴــــﺔ اﻟــــﻠــــﻪ ﻳـــــــﻮم ﺑـــ ْﻴـــﻤـــﻦ ﻏـــــــــﺪران ﻓــــــﻮق اﻟـــﺒـــﺤـــﺚ ﺛـــ ّﻨـــﻦ ﻓـــﻮﻗـــﻬـــﻦ ﺑــــﻴــــﻮت اﻟــــﺒــــﺪو ﺑــ ّﻨــﻦ ﻟـــــﻪ اﻟــــــﺨــــــﺪود اﻧـــــﻌـــــﺎم ﻟـــﻈّـــﻦ
ﻳــــﺎ ﻣــــﺎ ﻓَــــ َﺮﻗــــﺖ اﻟــــﻴــــﺎر م اﻟـــﻴـــﺎر وﻟــــﻲ ﻓــﻴــﻚ ﻣـــﺎ ﻫـــﻮ دوم ﻣــﺤــﺘــﺎر واﻣــــﺴــــﺖ ﻏـــﻠـــ ّﻴـــﻪ ﻋـــﻨـــﺪﻧـــﺎ اﻟـــــﺪار وﺗــــﻔــــ ّﺮ َﻳــــﺖ م اﻟــــﻴــــﻮف ﻟــﻌــﺒــﺎر ﺑــــــــﺪ ٍو ﺗـــــﻴـــــﺎور ﺗــــﺮﻋــــﻲ ﺧـــﻀـــﺎر وﺗْــــﻴــــﻴــــﻚ ﻣــــــﺪّ اﺗــــــﻪ م ﻟـــﻐـــﺰار ر ّوى اﻟـــــﻤـــــﺮ ّوى ﻣــﻨــﻬــﻦ وﺳــــﺎر ﻛـــــﻢ ﻳـــــــــﺎدلٍ ﻳـــﺰﻫـــﻴـــﻪ ﻟـــــﻲ ﺛـــﺎر اﻟـــﻠـــﻲ اﺷــﺘــﻌــﻦ ﻣـــﻦ ﻃــــﺮف ﻟــﺨــﺪار
ŷŰŸ ŷũƀũŐ ŮDžſij Ĝĭļ ــــــــــــــﻢ ﻇـــﻠـــﻴـــﻠـــﻪ ٍ ٍ ﺳــــــﺤــــــﺐ دﻳّ ﻣـــــ ْﺒـــــﻄـــــﻲ ﻣـــــــﺎ ﻳـــــــﺎ ﻫـــﻤـــﻴـــﻠـــﻪ ﻳـــــــﺎ رب وﻗـــــــــﺖ اﻟـــﻠـــﻴـــﻠـــﻪ ﺻـــــــــﻮت اﻟـــــﻤـــــﺮﻋـــــﺪ ﻃـــﺒـــﻴـــﻠـــﻪ وﻳـــــــﺘـــــــﻢ داﻓــــــــــــــﺞ ﺳـــﻴـــﻠـــﻪ وﻟــــــــــﻲ ﺑـــــﻮﻧـــــﻬـــــﺎ ﻫــــﺰﻳــــﻠــــﻪ
وﻣــــــــــﺴــــــــــﺎود ﺑــــــﺎﻟــــــﺮﻫــــــﺎم ﻣـــــــﻦ ﻋـــــــــﺪّ وﻃـــــــــﺮ اﻟـــــﻌـــــﺎم ﻳـــــــــﺎ ﺧـــــــﺎﻟـــــــﺞ اﻻﻧـــــــﺴـــــــﺎم ﻳــــــ ّﺮﺟــــــﻨــــــﺎ ﻓــــــــﻲ اﻟــــﻤــــﻨــــﺎم ﻣـــــــــﺎ ﻳـــــﻘـــــﺒـــــﻀـــــﻪ ﻟــــــــــــ ّﺰام ﺗـــﻨـــﺒـــﺖ ر َدف وﺳـــــــــــــــــﻨــﺎم
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
77
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ
Ğŝƀũİ ŹĚ ﻳـــــﺎ ﻃـــــﺎرﺷـــــﻲ ﺑـــــﻠّـــــﻎ ﺳـــﻼﻣـــﻲ ﻣـــــﺎ ﺣـــــﺪ ﻣـــــﻦ ﻓــــﻮﻗــــﻪ إﻣـــﺎﻣـــﻲ ﺷـــــﺒـــــﺮه ﻋـــﻠـــﻴـــﻨـــﺎ ﺑـــﺎﻟـــﺘـــﻤـــﺎﻣـــﻲ ﻻﻻت ﻟـــــﻪ ﻳـــــــﻮم اﻟــــﺰﺣــــﺎﻣــــﻲ أﻃــــﻠــــﺒــــﻚ ﻳـــــﺎ وﻟـــــــﺪ اﻻﻣــــﺎﻣــــﻲ إن ﻛـــﺎﻧـــﻬـــﺎ ﻳــــﺖ ﻓــــﻲ اﻟــﺴــﻨــﺎﻣــﻲ ﻓـــﻬـــﻴـــﻢ ﻓـــــﻲ ﻗــــــﻮل اﻟـــﻨـــﻈـــﺎﻣـــﻲ ﺻــــــــﻼة ع ﻣــــﺤــــﻤــــﺪ ﺗـــﻤـــﺎﻣـــﻲ
ﻟــــﺒــــﻮ ﺧـــﻠـــﻴـــﻔـــﺔ ﺧـــــﺺ ﻣـــﻔـــﻨـــﻮد ﻛـــــﻢ ﻟـــﻠـــﺮﻳـــﺎﺳـــﻪ ﺟـــــــﺪّ د ﻋـــﻬـــﻮد اﻟــــﺸــــﻲ ﻟــــﻲ ﻫــــ ّﻴــــﻦ وﻟــــــﻲ ﻋـــﻮد ﻳـــﺤـــﺘـــﺎط م اﻟـــــــــﻼﻻت وﻳــــــﺬود ﻣــــﻦ ﻗـــﺎﺻـــﻲ اﻟـــﺤـــﺪّ ﻳـــﻦ وﺣـــــﺪود ﻳــــﺎ زاﻛـــــــﻲ اﻟــــﺠــــﺪﻳــــﻦ وﺟــــــﺪود واﻧــــﺘــــﻪ وﺻــــﻴــــﻒ ﻟـــﻜـــﻞ ﻣــــــﺎرود ﺷــﻔــﻌــﻴــﻨــﺎ ﻓـــــﻲ ﻳــــــﻮم ﻟــــ ْﻮﻋــــﻮد
ƁŬĘŬǢė ţėĵ ĴŨŸ ĴſėĺŨ وﻫﺬه ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ
ﻳـــﺎ ﻃـــﺎرﺷـــﻲ ﺑـــﻠّـــﻎ ﺳـــﻼﻣـــﻲ وﻋــ ّﻨــﻪ ﻳــﻠّــﻲ ﻟــﻔــﻰ ﻓـــﻲ اﻟـــــﺪار ﺗــﻤــﺖ ﻣــﺪﻧّــﻪ ﻣــﺴــﻔــﻮط ﻣــــﺪّ ﻩ ﻣـــﺎ اﻳّــﻴــﻬــﻢ ﺑْــﻤ ـ ّﻨــﻪ ﻋــﺴــﻦ ﻣـــﻦ ﻳـــﺎﺑـــﻪ ﻣـــﺮاﻗـــﺪ اﻟــﺠــﻨــﻪ ﻋــﻠــﻰ ْاﺳــﻔــﺮه ﻛــﻞ ﻧــﻔــﺲ ﺗــﻤــﺖ ﻣﻈ ّﻨﻪ وﻧـــﻔـــﺴـــﻪ ﻟـــﻬـــﺎ ﺑــﺎﻟــﻌــﻄــﺎ داﻓـــﻌـــ ّﻨـــﻪ وﺿــﻴــﻔــﻪ اذا دﺑّـــــﺮ اﻳّـــــﻲ ﺷــﺎﻛــﺮﻧّــﻪ ٍ ﺑــﻔــﺮض وﺳ ـ ّﻨــﻪ ﺻــﻼﺗــﻲ ﻋــﻠــﻰ ﻣــﺤــﻤــﺪ
ﺛـــ ّﻨـــﻪ ﻟـــﺰاﻳـــﺪ وﻟــــﺪ ذاك اﻻﻣـــﺎﻣـــﻲ وﺗـــﺒـــﺎﺷـــﺮوا ﺑـــﻪ ﻛــﻠــﻬــﻢ ﺑــﺎﻟــﺘــﻤــﺎﻣــﻲ ﻟــﻮ اﻟــﻨــﺎس زادت ﻋــﻦ ﺟـــﺮاد اﻟﺘﻬﺎﻣﻲ ﻧــــﻮ ٍر َﺣـــ َﻤـــﺮ ﻳــﻈــﻬــﺮ ﺧـــﻼف اﻟــﻈــﻼﻣــﻲ ﻣــﻘــﺴــﻮﻣــﻬــﺎ ﻳـــﺎﻫـــﺎ ﺑـــﻠـــ ّﻴـــﺎ ﻛــﻼﻣــﻲ ﻳﺒﻐﻲ ﺗــﻘــﺎﻫــﺎ ﻋــﻦ ذواري اﻟﺴﻬﺎﻣﻲ ﻳــﺮﺟــﻊ ﻟــﻪ اﻟــﺒــﻴــﻀــﺎ وﺳــﺒــﻌــﺔ اﻧــﻌــﺎﻣــﻲ أﻋـــــﺪاد ﻣـــﺎ ﺧــﻄّــﻲ ﻋــﻠــﻴــﻪ اﻟــﺴــﻼﻣــﻲ
ůĘōũļ ŽũŔ ŮDžũļ وﻫﺬه ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ
ﻳــﺎ ﻃــﺎرﺷــﻲ ﺑﺎﻟﺠﻴﺐ م اﻟــﻤــﺎس ﺿــﺪّ ﻩ ﺳــﻠّــﻢ ﻋــﻠــﻰ ﺳــﻠــﻄــﺎن واﺛـــ َﻨـــﻪ ور ّدﻩ ﻳــﻴــﺘــﻪ وﻳـــﺎﻧـــﻲ ﻣـــﻦ أﻓــﻀــﺎﻟــﻪ وﻣـــﺪّ ﻩ ﺷــﻴــﺦٍ ﻋــﺰﻳــﺰ اﻟــﻨــﻔــﺲ ﻣــﻨــﺘــﻮب ﻳــﺪّ ﻩ وﻛـــﻞ ﺷــﻴــﺦ ﻣــﻨــﻬــﻢ رﺑﱢـــ َﻴـــﻪ ﻻ ﺗــﻠــﺪّ ﻩ ﻣـــﺎ داﻣـــــﺖ اﻟــﺪﻧــﻴــﺎ ﻗـــﻮﻳّـــﻪ ﺑــﻌــﺪّ ﻩ وﻛــــﻞ ﻳـــﻮ ّدﻩ ﱟ ﺻــﻼﺗــﻲ ﻋــﻠــﻰ ﻣــﺤــﻤــﺪ
76
ﺳﻴﺮ اﻟــﻮﻋــﺮ ﻋــﻨــﺪه ﺷـــﺮات اﻟﺘﺴﺎﻫﻴﻞ ﺳــــﻼم ﺑــﺎﻟــﺴــﻜــﺮ ود ّر اﻟــﻤــﺒــﺎﻫــﻴــﻞ ﻟـــﻲ ﻳـــﻔـــ ّﺮح اﻟــﺨــﺎﻃــﺮ وﻛـــﻠّـــﻪ ﻳﻤﻴﻞ واﻟـــﻌـــﺰ ﻣـــﺎﺧـــﺬﻧّـــﻪ ﺑــﺸــﺒــ ٍﺮ اﻃْــﻮﻳــﻞ ﻳــﺘــﻢ ﻓـــﻲ ﻧــﻌــﻤــﻪ وﻓـــﻲ ﺧــﻴــﺮ ﻓﻀﻴﻞ ّ ﻻ اﻧـــﺘـــﻪ ﺗــﻌــﺪّ ﻟــﻬــﺎ وﻻ ﻫـــﻲ ﺗﻤﻴﻞ ﺗــﻤــﺖ وﻓــﻴــﻬــﺎ ﺧــﺘــﻢ ﺗــﺎﻟــﻲ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ
إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل:
وﻳﺘــﻢ داﻓــــﻖ ﺳـــﻴﻠﻪ ﻣـﺎ ﻳﻘﺒـــــﻀﻪ ﻟ ّﺰام
ﻓﻬﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻮﻧﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺮأﻫﺎ ﺗﺸﻌﺮ وﻛﺄن أﻣﺎﻣﻚ ﻟﻮﺣﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺣﻴﺚ اﻟﺴﺤﺐ اﻟﺴﻮداء اﻟﻤﻈﻠّﻠﺔ واﻷﻣﻄﺎر اﻟﻐﺰﻳﺮة وﻫﻲ ﺗﺴﻴﻞ ﻓﻲ ﺷﻌﺎب اﻷرض ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺨ ّﻴﻞ أﺻﻮات اﻟﺮﻋﺪ وﻫﻮ ﻳﻬﺪر وﻳﺪنّ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﻗﺼﻴﺪه. أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﺗﻄ ّﺮق اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب إﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ أﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮ وﻓﻨﻮﻧﻪ ،ﻓﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﺮدح واﻟﻤﻨﺎﻇﻴﻢ واﻟﻮﻧّﺔ واﻟﺘﻐﺮودة واﻟﺮزﻓﺔ واﻟﻤﺸﺎﻛﺎة واﻟﻤﺪح. ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﻧﻴﺺ واﻟﻄﻴﻮر وﻣﺪح اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻃﻴّﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ،ﻛﻤﺎ ﻣﺪح ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﺟﻤﻴﻠﺔ .وﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ:
واﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎﻛﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻄﻲ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻗﻤﺎﺷﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ .وﻟﻸﺳﻒ ﻟﻢ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻛﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه إﻻ أن اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻟﻤﺤﺔ واﻗﻌﻴﺔ وﻟﻮﺣﺔ ﺣ ّﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء .ﻓﺪاﺋﻤﺎً ﻣﺎ ﻳﺘﻐ ّﻨﻰ ﺑﺎﻹﺑﻞ واﻟﺤﻴﺎ واﻷﻣﻄﺎر واﻟﺒﺎدﻳﺔ .ﻛﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﺪو ﻳﺎ ﻃﺎرﺷـــﻲ ﺑﻠّﻎ ﺳﻼﻣﻲ ﺧﺺ ﻣــﻔﻨﻮد ﻟﺒﻮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ّ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ وﻋﺎداﺗﻬﻢ .وﻳﺘﻤﻴﺰ ﻣﻌﻈﻢ ﺷﻌﺮه ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﺠﻤﻴﻞ اﻟﺴﻬﻞ اﻟﻤﻠﻲء ﺑﺎﻟﻌﺎﻃﻔﺔ واﻟﺮﻗﺔ واﻟﺤﺲ اﻟﺒﺪوي .ﻣﺎ ﺣﺪ ﻣﻦ ﻓــﻮﻗﻪ إﻣﺎﻣﻲ ﻛﻢ ﻟﻠﺮﻳﺎﺳﻪ ﺟـﺪّ د ﻋـﻬﻮد وﻻ ﻳﻄﻴﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻛﺜﻴﺮا ً ،إذ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ أﺑﻴﺎت ﻗﺼﺎﺋﺪه وﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻗﺼﻴﺪة ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻮع اﻟﻮﻧّﺔ ﺷﺒﺮه ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻤـــﺎﻣﻲ ﻋﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أو ﻋﺸﺮة أﺑﻴﺎتٌ . اﻟﺸﻲ ﻟﻲ ﻫ ّﻴﻦ وﻟـﻲ ﻋﻮد ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ:
ﺳﺤـﺐ د ّﻳﻢ ﻇﻠﻴﻠــﻪ ٍ
إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة.
وﻣـﺴﺎود ﺑﺎﻟﺮﻫــﺎم
ﻣﺒﻄﻲ ﻣـــﺎﻳﺎ ﻫﻤﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﺪّ وﻃـﺮ اﻟﻌـﺎم ﻃﻠﺒﺖ رﺑــﻲ اﻟﻠـــﻴﻠﻪ ﻟــﻲ ﺧﺎﻟﺞ اﻷﻧـﺴﺎم ﺻﻮت اﻟﻤﺮﻋﺪ ﻃـﺒﻴﻠﺔ ﻳ ّﺮﺟــــﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم
وﻓﺎﺗﻪ
ﻋ ّﻤﺮ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻛﺜﻴﺮا ً إذ ﺗﻮﻓﻲ ﺑﻌﺪ ﻋﻤ ٍﺮ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺰل أﺑﻨﺎﺋﻪ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ﻣﻦ وﻓﺎة اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن اﻟﻤﺒﺎرك ﻋﺎم 2005
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
75
ľëîòĸĿí àíĎĬė
اﻟﻤﻌﺮوف ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﻳﺤﺎن اﻟﺴﻴﺪ »ﻗﺤﻴﺪ«.
ﻓﺴﺮت ﺻﻮﺑﻚ ﺳﺪ وارﺟﻮ ﻟﻲ اﻟﺮد ﺗﺰوج اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﺑﻨﺔ ﻋﻤﻪ ﺳﻌﻴﺪ وأﻧﺠﺐ ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء ّ وش ﺗﺸﻮف م اﻻﺷﻌﺎر ﻟﻲ ﺑﺎﺗﻌ ّﺰﻳﻪ ﻣﻄﺮ وﺳﻌﻴﺪ. ﻋﺎش اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻊ أﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ واﻟﻌﺸﻮش وﻧﺸﻬﻠﻪ اﻟﻄﻴﺮ ﻃﺎر وﻻ ﻗﺒﻞ ﻣﻨﻚ ﻟــــﺸﻮار واﻟﻴﻮم ﻣﺎ ﻟﻪ ﺑﻨﺪ ٍر ﻳﻠﺘﻘـــــﻲ ﻓﻴﻪ
وﺳﻮﻳﺤﺎن وﺣﺮز واﻟﻌﻴﻦ وﺟﻤﻴﺮا واﻟﻨﺨﺮة ﺑﺪﺑﻲ .وﻳﺬﻛﺮ اﺑﻨﻪ ﺳﻌﻴﺪ أن ﻣﻨﺎﻃﻖ آل ﺑﻮﻋﻤﻴﻢ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ دﺑﻲ وأﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﻌﻴﻦ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻄﻒ« أو ﻛﻤﺎ ﻳﺴ ّﻤﻴﻬﺎ ﻫﻮ »اﻟﻤﺜﻠﺚ اﻟﺬﻫﺒﻲ« وﻫﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ »آل ﺑﻮﻋﻤﻴﻢ« اﻟﻜﺮام ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﺑﻴﻨﻬﻢ أﺑﻨﺎء ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻷﺧﺮى ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺸﺎﻏﻴﻦ واﻟﺴﺒﺎﻳﺲ واﻟﻤﺰارﻳﻊ. وﻧﻈﺮا ً ﻻرﺗﺒﺎط آل ﺑﻮﻋﻤﻴﻢ اﻟﻜﺮام ﺑﺄﻗﺎرﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﺮا ﺑﺪﺑﻲ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻘﺮ واﻟﺪه ﻟﻔﺘﺮة ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻤﻴﺮا ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻴﺮا ﺑﻨﺪر ﺑﺤﺮي ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻫﺎﻟﻲ وﻳﻨﻌﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺨﻴﺮات اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﻔﺮ إﻟﻰ اﻟﻐﻮص. وﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻣﻊ واﻟﺪه وﺑﻨﻲ ﻋﻤﻪ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ،ﺣﺘﻰ ﻛﺒﺮ واﻟﺪه وأﻋﻴﺎه اﻟﻤﺮض ،ﻓﺎﻧﻘﻄﻊ ﻣﻌﻪ ﻫﻨﺎك رﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﺿﻪ وﻛﺒﺮه ﺣﺘﻰ واﻓﺎه اﻷﺟﻞ اﻟﻤﺤﺘﻮم ﻓﻲ ﺟﻤﻴﺮا ودﻓﻦ ﻓﻴﻬﺎ. ﻇﻞ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﺮا ﺑﻌﺪ واﻟﺪه ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺳﻴﺒﺎً وﻛﺎن ﺷﺎﺑﺎً ﻳﺎﻓﻌﺎً ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻐﻮص ﻓﻲ وﻗﺘﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ دﺧﻼً ﺟﻴﺪا ً وﻟﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ. وﻇﻞ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻊ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ رﻓﺎﻗﻪ وأﻫﻠﻪ وأﺑﻨﺎء ﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ،وأﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻣﻌﻬﻢ -وﻛﺎن ﺷﺎﻋﺮا ً ﻣﺜﻠﻪ -ﻫﻮ ﻧﺪﻳﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ وﻗﺮﻳﺒﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻄﻲ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻗﻤﺎﺷﺔ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ )ﻣﺘﻮﻓﻲ 1981م( .وﻗﺪ ﺗﺸﺎﻛﻰ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻛﺜﻴ ٍﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻣﺎ زال ﻳﺤﻔﻈﻬﺎ اﻟﺮواة واﻟﺸﻌﺮاء. وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻄﻲ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻗﻤﺎﺷﺔ ﻓﻲ إﺣﺪاﻫﺎ وﻳﺴﻨﺪ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ إﻟﻴﻪ:
وان ﻗﺎل ﺛﺎﻟﺚ ﻻن ﺣـــــﺎﻟﻲ ﺗﺜﺎﻟﺚ واﻟﺼﺒﺮ ﻣﺜﻠﻲ ﻳﺎ »ﺣﻤﺪ« ﻣﻦ ﻳﻮازﻳﻪ ﻫﻢ واﻧﺸﺎب ﻳﺎ ﺑﻮ ﺷﻬﺎب اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ّ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺒﻌﺪ وزﻳﻨﻪ ﻣﻌــــﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ ٍ
74
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ
وﻓﻲ أﺧﺮى ﻳﻘﻮل:
ﻳﺎ ﺑﻮ ﺷﻬﺎب ﻋﻔﺪت ﻓﻲ اﻧﺸﺎب ﺻﺎﺣﺐ ﻟﻲ ﺑﻌﻴ ٍﺪ ﺧﻄﺎه ﻣﻦ ٍ
وﺑﻌﺪ أن ﺗﺰوج رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﺑﻨﺔ ﻋﻤﻪ ،وﻛﺎن ﺳ ّﻨﻪ ﻛﺒﻴﺮا ً ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء، ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺧﺮ ﻓﻲ زواﺟﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺮض أﺑﻴﻪ وﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﺨﺪﻣﺘﻪ واﻧﺸﻐﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ،ﻋﺎد رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺸﻮش واﻟﺨﺼﻮب وﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ وﺳﻮﻳﺤﺎن ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﺮاﺗﻊ أﻫﻠﻪ اﻟﻜﺮام. وﻫﻨﺎك رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻛﺪ اﻹﺑﻞ ﻛﺒﻘﻴﺔ أﺑﻨﺎء اﻟﺒﺎدﻳﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻳﻨﻘﻞ اﻟﺤﻄﺐ واﻟﺤﺸﻴﺶ )اﻷﻋﻼف( واﻟﺼﺨﺎم )اﻟﻔﺤﻢ( ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻄﻒ إﻟﻰ دﺑﻲ وأﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﺒﺮﻳﻤﻲ واﻟﻌﻴﻦ .ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﻀّ ﺎر واﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﺮا ﺑﺪﺑﻲ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺒﺮﻳﻤﻲ وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر اﻹﺑﻞ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻧﻘﻞ )اﻟﻜﺮﻳّﺎت(. إﻻ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﺑﺪأ ﻳﺘﺮ ّدد ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ وﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺤﺖ إﻣﺮة اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن، ﻓﺘﻘ ّﺮب ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،وﻛﺎن ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻣﻮﻟﻌﺎً ﺑﺎﻟﻘﻨﺺ واﻟﻄﻴﻮر ﻓﻼزﻣﻪ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻘﺎﻧﻴﺼﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﺨﺼﻮب وﺑﺪع اﻟﻤﻐﻨﻲ ،ﻓﻜﺎن ﻳﻘﻨﺺ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر اﻹﺑﻞ وﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﻮخ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﻗﻮﻳﺔ وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻘﻨﺺ ﻣﻌﻪ ،ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺴﺎﻓﺮ ﻣﻌﻬﻢ إﻟﻰ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺧﻼل اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت واﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ. ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب واﻟﺸﻌﺮ
ﻳﻘﻮل أﺑﻨﺎء اﻟﺸﺎﻋﺮ إن واﻟﺪﻫﻢ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻨﺬ أن وﻋﻮا اﻟﺪﻧﻴﺎ،
ﻳﻘﻮل اﻟﺴﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ» :ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻋﺎش ﻣﻌﻈﻢ أﻫﺎﻟﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ »آل ﺑﻮﻋﻤﻴﻢ« ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻀﻮن اﻟﺸﺘﺎء ﻓﻴﻬﺎ« ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻳﻀﻴﻒ» :وﻟــﺪ واﻟــﺪي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ«. ﻣﻮﺿﻮﻋﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮن واﻷﺧﻮات أﻋﺰاﺋﻲ اﻷﺧﻮة اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ﻣﻦ »ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ« ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻲ ﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ ،أﻻ وﻫﻮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ. ﺣﻴﺎة ﻣﻦ اﻟﺠﺪ واﻟﻌﻤﻞ
وﻟﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب ﺑﻦ راﺷﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ﻓﻲ »ﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ« ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﺑﻨﻪ ﺳﻌﻴﺪ وﺗﻘ ّﺪر وﻻدﺗﻪ ﺑﻌﺎم 1910ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، وﻳﺪﻋﻰ ﺟ ّﺪﻩ ﻷﻣﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻄﺮ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ،أﻣﺎ ﺟﺪه ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻟﺪه ﻓﻬﻮ اﻟﻮﺟﻴﻪ اﻟﻤﻌﺮوف راﺷﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ،وﻗﺪ ﺳ ّﻤﻲ راﺷﺪ ﻋﻠﻰ اﺳﻢ واﻟﺪه اﻟﺬي ﻗﺘﻞ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻐﺰوات ،ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ذﻛﺮ اﺑﻨﻪ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻄﺮ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ،وﻳﻘﻮل اﻟﺴﻴﺪ ﻣﻄﺮ» :ﻛﺎن ﺟﺪي راﺷﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ ﻳﻤﻠﻚ إﺑﻼً ﻛﺜﻴﺮة اﻟﻌﺪد وﺗﺴﻤﻰ إﺑﻠﻪ »ﺣﺒﺔ اﻟﺤﻤﺮا« وﻫﻲ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻛﺜﺮة ﻋﺪدﻫﺎ ،وﻳﻘﻮﻟﻮن إﻧﻬﺎ ﻳﻮم أن ﺗﺼﺪر ﻣﻦ اﻟﻤﻮرد ﺗﻐﻄّﻲ اﻟﺸﻤﺲ ﻟﻜﺜﺮة ﻋﺪدﻫﺎ«. وﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺴﻴﺪ راﺷﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ،ﺣﺎرب وﻫﻮ واﻟﺪ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ، وﻣﻄﺮ ،وﺳﻌﻴﺪ ،وﺣﻤﻴﺪ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ أوﻻده وأﺣﻔﺎدﻫﻢ »ﻋﻴﺎل راﺷﺪ« أو »آل راﺷﺪ« ،واﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻓﺨﻴﺬة ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻣﻦ »آل ﺑﻮﻋﻤﻴﻢ«. أﻣﺎ واﻟﺪﺗﻪ ﻓﻬﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﻮاﻣﺮ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ وﻫﻲ اﺑﻨﺔ أﺣﺪ رﺟﺎل اﻟﻌﻮاﻣﺮ وﻳﺪﻋﻰ »ﻳــﺰرب اﻟﻌﺎﻣﺮي« .وﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ اﻹﺧــﻮان ﺳﺎﻟﻢ وﺳﻬﻴﻞ ،وﻫﻮ أﻛﺒﺮﻫﻢ ،وأﺧﺖ واﺣﺪة ﺗﺪﻋﻰ ﻣﻮزة ،وﻫﻲ واﻟﺪة اﻟﻮﺟﻴﻪ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
73
ľëîòĸĿí àíĎĬė
ودﻗﺔ َو َﺻ َﻒ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﺪو ﺑﺮﻗﺔ ّ
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ »ﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ« ﻣﻦ ﻃﺮوف اﻟﺠﻨﺔ ﻳﻌﻞ اﻟﺮواﻳﺢ واﻟﺴﺤﺐ ﻳﺴﻘﻨﻪ
ŽŐŴijĶũŤē İļēij į
72
ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺸﻌﺮي ﻟﺘﻐﺮود ٍة ﻗﻴﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »ﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ« ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ إﻟﻰ اﻟﺸﻤﺎل ﻣﻦ ﻗﺼﺮ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﻧﺎﻫﻞ، وﺗﺒﻌﺪ ﻋﻨﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺎرب 10ﻛﻢ ﻣﺮﺑﻊ ،وﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻫﻮ ﻣﻮرد ﻣﺎء ﻋﺬب ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ. وﻗﺪ ﺳ ّﻤﻲ »ﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ« ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ أﺣﺪﻫﻢ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺤﻔﺮه ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﺼﺒﺔ، وﻳﺪﻋﻰ »اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ« ﺣﻴﺚ ﺳ ّﻤﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺎﺳﻤﻪ. ﻳﺘﻤ ّﻴﺰ ﻫﺬا اﻟﺒﺌﺮ ﺑﻌﺬوﺑﺔ وﻧﻘﺎوة ﻣﺎﺋﻪ ،أﻣﺎ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻛﺎﻟﺠﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﻤﻐ ّﺮد ﻓﻲ اﻟﺘﻐﺮودة أﻋﻼه ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺟﻤﺎل أرض اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وﺗﻤﺘﻌﻬﺎ ﺑﺠﻮ ﻟﻄﻴﻒ ،ﺧﺎﺻ ًﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻐﻄﻴﻬﺎ اﻟﺒﺴﺎط اﻷﺧﻀﺮ اﻟﻌﺸﺒﻲ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﺰل اﻷﻣﻄﺎر ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺸﺘﺎء .ﻓﻴﺘﻬﺎﻓﺖ اﻟﻨﺎس واﻷﻫﺎﻟﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻘﻀﺎﺋﻪ ﻓﻲ رﺑﻮﻋﻬﺎ .ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺪر رزقٍ ﻟﻬﻢ وﻟﺤﻼﻟﻬﻢ ﻣﻦ إﺑﻞٍ وﻣﺎﺷﻴﺔ ،ﻳﺮﻋﻮن ﻓﻴﻪ وﻳﺤﻄﺒﻮن ﻣﻨﻪ وﻳﻨﻘﻠﻮن ﻣﻨﻪ اﻷﻋﻼف واﻟﺤﻄﺐ إﻟﻰ ﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻟﺒﻴﻌﻪ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻪ.
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ
اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ
اﻟﺨﻼﻓﺎت ﺑﺪون إذن ﻣﻨﻬﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻮﺣﺪة ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻓﻔﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﻗﻔﺖ ﺿﺪ ﻣﺤﺎوﻟﺔ »زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ« ﻣﺪ ﺳﻠﻄﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ ،ﻛﻤﺎ أﺧﺬت ﻣﻮﻗﻔًﺎ ﻋﺪاﺋﻴًﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺎوﻻت »ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ« ﺣﺎﻛﻢ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ دﻓ َﻊ اﻟﺸﻴﻮخ إﻟﻰ اﺗﺨﺎذ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻮﺣﺪ ﺗﺠﺎه ﺷﺮﻛﺎت اﻟﺒﺘﺮول ﻋﺎم .1936وﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ،ﺣﺮﺻﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎع ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﺰل اﻹﻣﺎرات ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،أو اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أدﻧﻰ اﻟﺤﻘﻮق ﻛﺎﻟﺨﺪﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ »اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،اﻟﺼﺤﺔ ،اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺤﺮة ،وﻏﻴﺮﻫﺎ،«... ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺨﺸﻰ ﻣﻦ ﻇﻬﻮر ﻃﺒﻘﺔ ﻣﺜﻘﻔﺔ ذات ﻣﻴﻮل ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ. وﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﺳﻠﻄﺎت ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﻣﻌﺎﻫﺪات اﻟﺴﻠﻢ اﻟﻌﺎم ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻔﺼﻴﻼ ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﺳﺎﺑﻖ، ﻗﺮرت ﺗﻌﻴﻴﻦ »وﻛﻴﻞ ﻣﻘﻴﻢ« ﻣﻦ اﻷﻫﺎﻟﻲ ،ووﻗﻊ اﺧﺘﻴﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﺘﻜﻮن ﻣﻘ ًﺮا ﻟﻪ ،ﻓﺎﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻰ رﺳﻢ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎرﻳﺮه اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺮﺳﻠﻬﺎ إﻟﻰ »ﺑﻮﺷﻬﺮ« دورﻳًﺎ .وﻗﺎم ﻫﺬا اﻟﻤﻘﻴﻢ ﺑﻜﻞ أﻧﻮاع اﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﺿﺪ اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ ﻟﺸﻌﻮره ﺑﺎﻟﺤﺼﺎﻧﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، وﻣﺎرس اﻟﺘﺠﺎرة ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻟﻪ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻌﺎدل ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺤﻜﺎم ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ إﺛﺎرة ﺣﻨﻖ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘﺪوا ﻋﻠﻴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ،ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﻬﻢ إﻟﻰ إﻃﻼق اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻰ أﺣﺪﻫﻢ ﻋﺎم .1925وﻓﻲ ﻋﺎم 1938ﺣﺪﺛﺖ ﺣﺮﻛﺔ إﺻﻼﺣﻴﺔ ﻓﻲ دﺑﻲ ،وﺗﻠﻘﺖ اﻟﻤﻘﻴﻤﻴﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻮﺷﻬﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺷﻜﺎوى ﻣﻦ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻓﺴﺎد اﻟﻮﻛﻴﻞ، ﻓﻠﻢ ﺗﻠﺘﻔﺖ ﻟﻬﺎ ﻣﺎدام ﻓﺴﺎده ﻻ ﻳﻀﺮ ﺑﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ .وﻟﻜﻦ ﻣﻊ ازدﻳﺎد ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻮﻛﻼء اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﻗﺮرت ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺗﻌﻴﻴﻦ وﻛﻴﻞ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻴﺨﺎت ،ﻷﻧﻪ ﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻛﻴﻞ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮر ،ﻓﺘﻘﺮر ﻋﺎم 1949ﺗﻌﻴﻴﻦ وﻛﻴﻞ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ، ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ دﺑﻲ ﻋﺎم .1953 ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﺸﻴﻮخ ﻋﻦ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻜﺴﺮ اﻟﻌﺰﻟﺔ اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﺘﻤﺮدت ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺸﻴﺨﺎت وأﻗﺎﻣﺖ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻊ ﻗﻮى ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﺤﻒ
اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ
اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻠﻮاء واﻟﻤﺆﻳﺪ اﻟﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ دﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﻮﻣﺒﺎي ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻋﻘﻮل أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات وﺗﺤﺮك ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ .وﺳﺎﻋﺪت ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺸﻴﺦ »ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ« ﺣﺎﻛﻢ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ زﻳﺎدة اﻟﻮﻋﻲ واﻟﺤﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺪى أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ،اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪأوا ﻳﺘﻌﺮﻓﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤﺮر اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪة ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻠﻬﻢ ﺑﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ ﻳﻌﺘﺮض داﺋ ًﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﺎت ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ إﻧﺸﺎء ﻣﺨﺎزن وﻗﻮد ﻟﻠﻄﺎﺋﺮات أو ﻣﻨﺢ اﻣﺘﻴﺎزات اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ،ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺮﻓﺾ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ أي ﻣﺴﺆول ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ أو ﻗﺒﻮل دﻋﻮاﺗﻬﻢ. ﻛﺬﻟﻚ أﺑﺪى ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺗﻌﺎﻃﻔﻪ ﻣﻊ اﻷﻟﻤﺎن ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،واﻣﺘﻸت ﺷﻮارع اﻟﻤﺸﻴﺨﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺠﺪارﻳﺔ )ﺟﺮاﻓﻴﺘﻲ( اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪد ﺑﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،وﺗﻬﻠﻞ ﻻﻧﺘﺼﺎرات ﻫﺘﻠﺮ .وﻗﺪ ﺳﺠﻠﺘﻬﺎ ﺗﻘﺎرﻳﺮ اﻟﻤﻘﻴﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻟﺮﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺒﺮﺗﻬﺎ ﺣﻤﻠﺔ ﻣﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻬﺎ .ﻓﺤﻤﻠﺖ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ وﺣﺬرﺗﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،واﺳﺘﻤﺮ ﻓﻰ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺴﺘﻨ ًﺪا إﻟﻰ ﺣﻤﺎس اﻷﻫﺎﻟﻲ .أﻳﻀً ﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﺄﺧﺮ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻋﻦ رﻛﺐ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻜﺴﺮ ﻋﺰﻟﺘﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ،ﻓﻘﺎوم ﺣﺎﻛﻤﻬﺎ ﻛﻞ رﻏﺒﺎت ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺣﻖ اﻣﺘﻴﺎز اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻟﺠﺮف اﻟﻘﺎري ﻟﻺﻣﺎرة ،وﻟﺮﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﺴﺮ ﺷﻮﻛﺘﻬﺎ ﻗﺮر ﺗﻮﻗﻴﻊ ﻋﻘﺪ اﻣﺘﻴﺎز اﻟﻨﻔﻂ ﻣﻊ ﺷﺮﻛﺔ ﺑﺘﺮول ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻓﻐﻀﺒﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻗﺮرت ﻣﻘﺎﺿﺎﺗﻪ دوﻟ ًﻴﺎ ،إﻻ أن اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ اﻟﺪوﻟﻲ ﻗﻀﻰ ﺑﺄﺣﻘﻴﺔ ﺷﻴﺦ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺗﺄﻳﻴﺪ ﻣﻮﻗﻔﻪ. وﻫﻜﺬا ﻧﺠﺢ ﺗﺤﺪي ﺷﻴﻮخ اﻹﻣﺎرات ﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﺑﻌﺪ ﺗﺄﻛﺪﻫﺎ ﻣﻦ أن اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻗﺪ ﺗﻄﻮر ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻌﺬر ﻋﻠﻴﻬﺎ إﺣﻜﺎم ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،وأن اﻻرﺗﺒﺎط اﻟﻮﺛﻴﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﺬي أﻛﺪﺗﻪ ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺎﻧﻌﺔ ﺑﺪأ ﻳﺘﻔﻜﻚ إﻟﻰ ﻏﻴﺮ رﺟﻌﺔ ،ﻟﺘﺨﺴﺮ ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ واﻟﻌﺰﻟﺔ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻧﺘﻴﺠﺘﻬﺎ اﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
71
ﻳﺘﻜﺎﺛﺮ ﻓﻲ دﻫﻠﻴﺰ اﻷزﻗﺔ وﻳﺮاﻛﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎزل أﺑﻮاﺑﻬﺎ واﻃﺌﺔ وﻧﻮاﻓﺬﻫﺎ ﻣﺸﺒﻜﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﺒﺎن، ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻨﻔﺎد ﺷﺎع اﻟﻨﻮر ...إﻧﻚ ﻟﺘﺨﺎل رؤﻳﺔ اﻟﻐﻄﺮﺳﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ واﻟﻐﻨﺞ ﻣﻊ اﻟﻘﺒﺢ اﻟﻤﺨﻴﻒ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﻋﻴﺪ أﺳﻄﻮرﻳﺔ وأﻧــﻮف ﻣﻌﻘﻮﻓﺔ ﺗﺘﺒﻴﻨﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺒﻌﺎت اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاء اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﻮﺑﺮ ،ﻓﺘﺤﺘﻬﺎ رؤوس ﻣﺮاﺑﻴﻦ ﻣﺮاﺋﻴﻦ ﻋﻈﻴﻤﺔ وﻗﺪ ﺟﺮدوا ﻣﻦ ﻗﻮﺗﻬﻢ(« «15ص .219وﻳﻌ ﱢﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻘﻮة أﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﺑﻴﻴﺮ ﻟﻮﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل رؤﻳﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﺪاء واﻻﺣﺘﻘﺎر ،اﻟﻨﺎﺑﻌﻴﻦ ﻣﻦ اﻷﺛﺮ اﻟﻌﻤﻴﻖ اﻟﺬي ﺧﻠﻔﺘﻪ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ،ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻣﺜﺎﻻً ﻟﻠﻘﺘﻠﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺤﻤﻠﻮا ﻟﻌﻨﺔ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ آﺑﺎؤﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻷﺟﻴﺎل )ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪﻣﻨﻲ اﻟﻤﻔﺎﺟﺄة واﻟﺘﻘﺰز ﺣﻴﻦ ﺗﺴﺘﺪﻳﺮ إﺣﺪى ﻫﺬه اﻟﻈﻬﻮر اﻟﺸﺎﺋﺨﺔ اﻟﻤﺤﺪﺑﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﻤﺨﻤﻞ واﻟﻔﺮاء ﻧﺼﻒ اﺳﺘﺪارة ،ﻓﺄرى زوﺟﺎً ﺟﺪﻳﺪا ً ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮن ﻳﺼﻮب ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻧﺤﻮي ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﻃﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﺼﻼت اﻟﻤﺠﻌﺪة اﻟﻤﺘﺪﻟﻴﺔ، وﻣﻦ ﺗﺤﺖ زﺟﺎج اﻟﻨﻈﺎرات .ﺣﻘﺎً إن ﺻﻠﺒﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴﻴﺢ ﻗﺪ ﺗﺮك أﺛﺮا ً ﻻ ﻳﻤﺤﻰ ،وﻟﻌﻠﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺄﺗﻲ ﻫﻨﺎ ﻟﺘﺮى ﺑﻌﻴﻨﻴﻚ ..ﺑﻴﺪ أن اﻟﺸﻲء
70
اﻟﻘﺪس
اﻟــﺬي ﻻ ﺟــﺪال ﻓﻴﻪ ﻫﻮ أن ﻫﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺠﺒﺎه ،ووﺻﻤﺔ ﻋﺎر دﻣﻐﺖ ﻫﺬا اﻟﻌﺮق ﻛﻠﻪ(« «16ص.249 واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ رواﻳــﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدي ﺑﻤﻌﻄﻔﻬﺎ اﻷﺳﻮد اﻟﻄﻮﻳﻞ، وﻣﻼﻣﺢ وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻷﻧﻒ اﻟﻤﻌﻘﻮف ،واﻟﻌﻴﻮن اﻟﻤﻮارﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺮ واﻟﺨﺒﺚ ﺗﺤﺖ ﻗﺒﻌﺎت اﻟﻔﺮاء اﻟﺴﻮداء، ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺮﺳﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷورﺑﻴﺔ ﺑﺠﺬورﻫﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻤﺮاﺟﻊ: - 1اﻻﺳﺘﺸﺮاق ﺟﻨﺴﻴﺎً -ﺗﺎﻟﻴﻒ :إﻓﻦ ﺟﻤﻴﻞ ﺷﻚ -ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﺪﻧﺎن ﺣﺴﻦ -دار ﻗﺪﻣﺲ ﻟﻠﻨﺸﺮ -دﻣﺸﻖ 2003-ص.57 - 2ﺗﺎﺋﻬﻮن ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء اﻹﺳــﻼم -ﺗﺄﻟﻴﻒ د .ﻣﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺤﻤﻮد -دار اﻷﻫﺎﻟﻲ دﻣﺸﻖ 2003-ص.6 :16 - 3رﺣﺎﻟﺔ روﻣﺎﻧﻄﻴﻘﻴﻮن :ﻳﻮﻣﻴﺎت وﻣﺸﺎﻫﺪات -ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب- ﺗﺮﺟﻤﺔ؛ ﻣﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ -دار ورد ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ دﻣﺸﻖ .2005
ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
Í Ëí ¡ ì ¥
د .واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ
ﻋﺰﻟﺔ اbﻣﺎرات
واﻧﺘﺼﺎر ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ
ﻇﻠﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺗﺮدد ﺣﺘﻰ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ أﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﻤﺸﻴﺨﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻓﻌﻠﻴًﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ وﺻﻮل اﻟﺸﻴﻮخ إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ،ﻃﺎﻟﻤﺎ وﻗﻌﻮا ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ أﺳﻼﻓﻬﻢ ،وﻟﻢ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، ﻣﺎداﻣﺖ ﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ،وﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ أﻗﺤﻤﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء .وأﺛﺒﺘﺖ اﻟﺤﻮادث أﻧﻬﺎ ﺗﺪﺧﻠﺖ ﻛﺜﻴﺮا ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ رﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻬﻨﻮد واﻟﻔﺮس أﺛﻨﺎء ﻧﺰاﻋﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ ،وﻟﻠﻔﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻣﻨﺤﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺳﻠﻄﺎت ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ واﺳﻌﺔ أﺿﺮت ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺄﻫﻠﻬﺎ. وﻟﻘﺪ ﺷﺮح »ﻋﺒﺪ اﻟﻘﻮي ﻓﻬﻤﻲ« ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﻋﻦ »ﻣﺸﻴﺨﺎت اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ« ،ﻛﻴﻒ أن ﻣﺴﺆوﻟﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ دأﺑﻮا ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎع ﺳﻴﺎﺳﺔ »ﻓﺮق ﺗﺴﺪ« ﺑﻀﺮب اﻟﺸﻴﻮخ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ، وﺟﻌﻞ اﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ أﻛﺜﺮ رﺳﻮﺧًﺎ وﺗﻜﺮا ًرا وﺻﻌﻮﺑﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﻤﻮ ًﺣﺎ ﻟﻠﺸﻴﻮخ ﺑﺤﻞ
Í Ëí ¡ ì ¥
اﻟﺸﺆون اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ،ﻫﺬا اﻟﺬي ﻧﺤﺲ ﻓﻴﻪ رﻏﻤﺎً ﻋﻨﺎ ﺑﻬﻮاﺟﺲ ﺳﺮﻗﺔ وﻋﻴﻮن ﺷﺮﻳﺮة وﻣﻠﻌﻮﻧﺔ ،أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ .ﻟﻘﺪ رأﻳﻨﺎ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺮؤوس اﻟﻤﻄﺄﻃﺌﺔ ،اﻟﻘﺎﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .وﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻷﺛﻮاب اﻟﻀﻴﻘﺔ اﻷرواب اﻟﻔﻀﻔﺎﺿﺔ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻟﻠﻌﺮﺑﻲ(« «14ص.251 وﺗﻌﻜﺲ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪا ً ﻓﻲ أورﺑﺎ أﺛﻨﺎء اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ واﻟﻤﺤﻜﻮم ﺑﺎﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﻦ ﻋﻦ ﺻﻠﺐ اﻟﻤﺴﻴﺢ وﻋﺬاﺑﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻌﺪاﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻫﻮ اﻟﺴﺎﺋﺪ، ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﻊ اﻧﻐﻼق اﻟﻴﻬﻮد ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻴﺘﻮات ﺧﺎﺻﺔ ،ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﺬوﺑﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷورﺑﻴﺔ .واﻟﻘﺎرئ ﻟﻮﺻﻒ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﻓﻲ ﻛﺘﺐ رﺣﻼﺗﻬﻢ ﻳﺪرك ﻣﺪى اﻟﻜﺮه اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻜﻨﻪ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﻴﻬﻮدي وﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪه اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮارﺛﺔ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت إدوارد ﺷﻮره اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﻛﺮﻫﺎً ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻻ ﻳﺘﻮاﻧﻰ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ وﻋﻦ أﺳﺒﺎﺑﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺮﻳﺢ وﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻴﻘﻮل) :اﻟﺤﻲ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﻤﺤﺸﻮر ﺑﻴﻦ ﺣﻲ اﻷرﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺣﺮم ﺟﺎﻣﻊ ﻋﻤﺮ ﻫﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﻏﺮاﺑﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻪ ،إذ ﻳﺴﻜﻨﻪ ﺷﻌﺐ ﺣﻘﻴﺮ
ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺟﺪران ،ﺣﻴﺚ ﻛﻞ ﺟﺪار ﻣﺰﻳﻦ ﺑﺴﺒﻌﺔ أﻗﻮاس ،ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻘﻮس ﻗﻮﻃﻲ وﻓﻮق ﻫﺬا اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﻌﻤﺎري ﻫﻨﺎك ﺳﻄﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺷﺮﻓﺔ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻒ ﻣﻦ اﻷﻗﻮاس أﻗﻞ ﻋﺮﺿﺎً(« «12ص.150 إن ﻫﺬا اﻹﻋﺠﺎب اﻟﺬي ﻳﺒﺪﻳﻪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﺑﻌﻤﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻟﻢ ﻳﺤﻞ دون ﻇﻬﻮر اﻟﺮؤﻳﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺼﺐ واﻟﻨﻈﺮة اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺧﻼل وﺻﻒ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،أو اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ وأﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺴﻴﺌﺔ ،وﻫﻢ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪوي ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻂ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ .وﻣﻊ أن ﺑﻌﺾ اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ ﻋﺒﺮوا ﻋﻦ إﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﺮب ،وﺻﺪاﻗﺘﻬﻢ ﻟﻬﻢ إﻻ أن اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻇﻞ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻧﻈﺮة ﻣﺸﻮﻫﺔ ﻋﺒﺮت ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ ازدراء وﻛﺮاﻫﻴﺔ ،ﺟﻌﻠﺘﻬﻢ ﻳﻜﺘﻔﻮن ﺑﻤﻼﺣﻈﺘﻬﻢ وﺗﺴﺠﻴﻞ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺗﻬﻢ ﻋﻨﻬﻢ ،وﻋﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ،وﻳﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺮ ّﺣﺎﻟﺔ إدوارد ﺷﻮره اﻟﺬي ﻳﺼﻔﻬﻢ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮل )ﻣﺎ أن ﻧﻌﺒﺮ ﺣﻲ اﻟﻴﻬﻮد إﻟﻰ ﺣﻲ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻧﻠﺤﻆ ﺳﺮﻳﻌﺎً ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺠﻨﺲ واﻟﺪﻳﻦ واﻟﻤﻨﺎخ اﻷﺧﻼﻗﻲ ،ﻓﻬﺬا اﻟﺤﻲ ﻳﺸﺒﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺑﺎزارات اﻟﺸﺮق ﻫﻨﺎك اﻟﺸﻮارع اﻟﺒﻴﺘﻮرﺳﻜﻴﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﻘﺬرة اﻟﻤﻈﻠﻠﺔ ﺑﺎﻟﺤﺼﺮ واﻟﺒﺪو اﻟﻄﻮال اﻟﻘﺎﻣﺔ ،وﻫﻢ ﻳﺴﻴﺮون ﺑﻔﺨﺮ وﻻ ﻣﺒﺎﻻة ،ﻟﻬﻢ ﻫﻴﺌﺔ ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻌﻘﺎب وﺑﺸﺮة ﻣﺤﺘﺮﻗﺔ ﻳﺴﺤﺒﻮن ﺧﻠﻔﻬﻢ ﻣﻌﺎﻃﻔﻬﻢ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺒﺎر(« «13ص.221 ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻋ ّﺒﺮ رﺣﺎﻟﺔ آﺧﺮون ﻋﻦ اﻹﻋﺠﺎب واﻟﻮد ﺗﺠﺎه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻣﻤﺎ ﻳﻼﺣﻆ ﻫﻨﺎ أن اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺒﺮون ﻋﻦ رؤﻳﺔ اﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺎﻣﻞ واﻟﻨﻈﺮة اﻟﺪوﻧﻴﺔ ،اﻛﺘﻔﻮا ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ واﻟﻌﺎﺑﺮة، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ أﻗﺎﻣﻮا ﻃﻮﻳﻼ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق وﺗﻌﻤﻘﻮا ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﻪ وﺑﻨﻮا ﻋﻼﻗﺎت ودﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺴﻜﺎن ،وﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﺑﻴﻴﺮ ﻟﻮﺗﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ إﻋﺠﺎب واﺿﺢ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺬي ﻳﻘ ﱢﺪﻣﻪ ﺣﻴﺎل اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ )ﻋﻨﺪ ﺧﺮوﺟﻨﺎ ﻣﻦ إﺳﻄﺒﻞ اﻟﻘﻴﺼﺮ اﻻٔﻟﻤﺎﻧﻲ ﭬﻴﻠﻬﻠﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺛﻨﺎء زﻳﺎرﺗﻪ اﻟﻘﺪس ،ﻳﺮاﻓﻘﻪ ﺣﺸﺪ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ور ٔوﺳﺎء اﻟﻄﻮاﻳٔﻒ اﻟﺮوﺣ ّﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪس
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
69
ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺸﺮق ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اSورﺑﻴﺔ إﻻ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺎم ١٨٣٥م ﻣﻴﻼدﻳﺔ ،ﺑﻌﺪ أن أﺧﺬ ﱠ اﻟﻐﺮﺑﻴﻮن ﻳﺘﻮاﻓﺪون ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ ﺗﻮﺳﻊ اﻟﺼﻼت ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب وﺗﻄﻮر وﺳﺎﺋﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﺘﻲ ﺳﻬﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻤﺔ
اﻟﻌﺮق واﻟﺪﻣﻮع اﻷﺧﺮى(« «5ص.144 ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﺰج ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻹﻳﻤﺎﻧﻲ ﻣﻊ اﻟﻤﻜﺎن، ﻣﺴﻘﻄﺎً ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ،ﻳﻘ ﱢﺪم ﻏﻮﺳﺘﺎف ﻓﻠﻮﺑﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )رﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺮق( رؤﻳﺔ اﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﺼﻮرة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﺨﻂ واﻻﺳﺘﻴﺎء واﻟﻬﺠﺎء ،إذ ﻻ ﻳﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ )ﺳﻮى رﻛﺎم ﺟﺜﺚ ﻣﺤﺎط ﺑﺎﻷﺳﻮار(« «6ص ، 201ﺛﻢ ﻳﻀﻴﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ واﺻﻔﺎً ﻣﺸﻬﺪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮل )ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﺮاﺋﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﺗﻔﻮح راﺋﺤﺔ اﻟﺮﻣﺲ واﻟﻘﻨﻮط ﻓﻴﺒﺪو وﻛﺄن ﻟﻌﻨﺔ اﻟﻠﻪ ﺗﺤﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻟﻸدﻳﺎن اﻟﺜﻼﺛﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻤﻮزت ﻣﻦ اﻟﻀﺠﺮ واﻟﺮﻛﻮد واﻟﻬﺠﺮان(« «7ص .202وﺗﺘﺠﻠﻰ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺮ ّﺣﺎﻟﺔ إدوار ﺷﻮره ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق (-1898ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻜﻔﻬﺮ اﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،واﻟﻤﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﻮﺣﺸﺔ واﻟﻘﺴﻮة واﻻﺧﺘﻨﺎق، ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺰﻫﻮ ﺑﻤﻌﺎﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﻣﺮ اﻷﺑﻴﺾ وﺑﺘﻤﺎﺛﻴﻞ أﺑﻄﺎل اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻌﺮاة واﻟﻔﺮﺳﺎن اﻷﺣﺮار ﻓﻲ ﺳﻬﻮل اﻟﺴﺒﺴﺐ ،وﻟﺬﻟﻚ )ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻜﻔﻬﺮة أﻳﺔ ﻋﺮﺑﺔ ﺗﺴﻴﺮ أو ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ ،ﺑﻞ ﻧﻮاﻗﻴﺲ ﺗﺪوي أﺻﻮاﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء، ﻛﺎﻧﺖ اﻷزﻗﺔ ﺿﻴﻘﺔ ﻣﺜﻞ ﺧﻨﺎدق ﺻﻐﻴﺮة ﻻ ﺗﺮى أﻋﻤﺎﻗﻬﺎ ،ﻓﻼ ورود وﻻ ﺣﺪاﺋﻖ ﺳﻮى ﺷﺠﺮة ﺳﺮو ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﻤﺮج اﻟﻌﺎري(« «8ص.217 ﻟﻘﺪ ﺟﺎء اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﻮن إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺸﺮق ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﻣﺎﺿﻲ أورﺑﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻋﻦ اﺳﺘﻌﺎدة ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر اﻷول ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﻜﺮ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷوﺟﻴﻦ ﻣﻴﻠﺸﻴﻮ دوﻓﻮﻏﻮﻳﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ) رﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﻤﺎﺿﻲ ،(-1867إذ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻫﺪاف ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻃﺮق اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺷﺎﻫﺪﻫﺎ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺘﻲ زارﻫﺎ )وﻫﻜﺬا ﺗﻤﻜﻨﺖ وأﻧﺎ أﺗﺠﻮل ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﻓﻨﺎء اﻟﻤﺴﺠﺪ ،وﻫﻢ ﻳﺪوﻧﻮن ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻬﻢ ﻓﻮق رﻛﺒﻬﻢ أن أﺗﺨﻴﻞ ﻧﻔﺴﻲ وﺳﻂ ﻛﻬﻨﺔ ﺷﺎرع ﻓﻮار ،وﻫﻢ ﻳﻔﺴﺮون أرﺳﻄﻮ ﻟﺸﺪة ﻣﺎ ﺑﺪا ﻟﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺮق اﻟﺴﺎﻛﻦ ،وأﻧﺎ أﺗﺄﻣﻞ -وﻻ أﻣﻞ ﻣﻦ ﺗﻜﺮار اﻷﻣﺮ -إزاء اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ اﺳﺘﻨﻄﺎﻗﻪ ﻛﻨﺴﺨﺔ ﺣﻴﺔ ،وﺗﺠﻞ ﺻﺎدق ﻟﺘﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻧﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻮاﺻﻞ ﺳﻴﺮﻧﺎ(« «9ص.185 وﻳﻘﺪم ﻻﻣﺎرﺗﻴﻦ وﺻﻔﺎً ﻣﻨﺎﻗﻀﺎً ﻟﻠﺼﻮرة اﻟﻤﻔﺰﻋﺔ واﻟﻤﻨﻔﺮة اﻟﺘﻲ رﺳﻤﻬﺎ 68
اﻟﻘﺪس
اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﻮن ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،إذ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﺼﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﻴﺰ واﻟﺮؤﻳﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮى ﻓﻲ اﻟﺸﺮق ﺳﻮى ﺻﻮرة ﻟﻠﺒﺮﺑﺮﻳﺔ واﻟﻤﻮت واﻟﻮﺣﺸﻴﺔ، وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ )ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﺻﻮروﻫﺎ ﻟﻨﺎ ﻛﻮﻣﺔ ﺑﻼ ﺷﻜﻞ وأﻃﻼﻻً ﻣﻬﺪﻣﺔ ،ورﻣﺎدا ً أﻟﻘﻴﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺾ أﻛﻮاخ اﻟﻌﺮب ،أو ﻧﺼﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺧﻴﺎم اﻟﺒﺪو ...ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺸﻊ ﺑﺎﻟﻀﻴﺎء واﻷﻧﻮار ،ﺗﻌﺮض ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻬﻴﺐ أﺳﻮارﻫﺎ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ اﻟﻤﺒﻨﻴﺔ وﻣﺴﺠﺪﻫﺎ اﻷزرق ﺑﺄﻋﻤﺪﺗﻪ اﻟﺒﻴﺾ ،وﻫﻨﺎك آﻻف ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺑﻬﺎ اﻟﺮاﺋﻌﺔ، اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺿﻴﺎء اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺨﺮﻳﻔﻴﺔ ،وﺗﻨﺒﺜﻖ ﻓﻲ ﺣﻨﺎن ﻳﺒﻬﺮ اﻟﻌﻴﻮن(« «10ص .151وﻳﻌﺒﺮ ﺑﻴﻴﺮ ﻟﻮﺗﻲ اﻟﺬي أﺣﺐ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ود ّون ﻣﺸﺎﻫﺪاﺗﻪ وﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ أﺛﻨﺎء رﺣﻠﺘﻪ اﻟﻤﺨﻴﺒﺔ ﻵﻣﺎﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻃﺮز اﻟﻌﻤﺮان اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وأﺷﻜﺎل اﻟﻌﻤﺮان ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ،ﻟﻜﻨﻪ رﻏﻢ ذﻟﻚ ﻇﻞ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﺮق اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺧﻼل ﻃﻮاﻓﻪ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮض ﻣﺨﻴﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺎدة ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﺸﺮق اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ )ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻈﻤﺔ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﺗﺘﻸﻷ ،وﺗﻠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺻﻤﺖ ذﻟﻚ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺨﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام ،واﻟﻤﺤﺎط ﺑﺎﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺨﺎﻟﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺠﻮل وﺣﻴﺪﻳﻦ(« «11ص.238 ﻋﺮب وﻳﻬﻮد وﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌﻤﺎرة ا ٌ bﺳﻼﻣﻴﺔ
ﻳﻜﺎد أﻏﻠﺐ اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪاﺗﻬﻢ، ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪس ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ وروﻋﺔ ودﻗﺔ ،وﻳﻌﺪ ﺟﺎﻣﻊ ﻋﻤﺮ ﻣﺜﺎﻻً ﺣﻴﺎً ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎل واﻟﺴﺤﺮ واﻟﺪﻫﺸﺔ ،ﻓﺎﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﺑﻴﻴﺮ ﻟﻮﺗﻲ ﻳﺼﻒ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﺄﻧﻪ ﺻﺮح وﺣﻴﺪ ﻣﺪﻫﺶ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺰرﻗﺘﻪ اﻟﻤﺜﻴﺮة اﻟﻨﺎدرة ،ﺛﻢ ﻳﻘﺪم وﺻﻔﺎً ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺎً ﻷﻋﻤﺪة اﻟﺠﺎﻣﻊ وﺟﺪراﻧﻪ وأﻗﻮاﺳﻪ اﻟﻤﻨﺤﻨﻴﺔ وﺳﻘﻮﻓﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﺻﻮرة ﺑﺪﻳﻌﺔ ﻟﻠﻌﻤﺮان اﻟﻤﺘﻘﺪم .وﻳﻠﺘﻘﻲ ﻻﻣﺎرﺗﻴﻦ ﻣﻊ ﻟﻮﺗﻲ ﻓﻲ اﻹﻋﺠﺎب اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺒﺪﻳﻪ ﺣﻴﺎل ﻫﺬا اﻟﺼﺮح اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ اﻟﻤﺪﻫﺶ ،اﻟﺬي ﻳﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ وﺻﻒ أﺟﺰاﺋﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻨﻬﺎ )إن ﻣﺴﺠﺪ ﻋﻤﺮ أو اﻟﺼﺨﺮة ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺻﺮح راﺋﻊ ﺑﻌﻤﺎرﺗﻪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻛﺘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ واﻟﺮﺧﺎم ﻟﻬﺎ أﺑﻌﺎد ﺷﺎﺳﻌﺔ
Í Ëí ¡ ì ¥
ﻳﻮﻟﱢﺪ ﻋﻨﺪﻫﻢ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ واﻟﻤﺮارة واﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺮوﻣﻨﺴﻴﻴﻦ .وﻓﻲ ﺣﻴﻦ اﻋﺘﺒﺮ ﺷﺎﺗﻮﺑﺮﻳﺎن اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻘﺖ اﻹﺷﺎرة ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺜﺎر ﻟﻺﻋﺠﺎب اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ، ﻟﻜﻮن اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻳﻌﺜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮن واﻷﺻﺪﻗﺎء ،رﻏﻢ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺒﺮﺑﺮي ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺒﻼد ،ﻓﺈن اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﺑﻴﻦ اﻟﺮ ّﺣﺎﻟﺔ واﻷرض اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻫﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﻗﻈﻬﺎ اﻟﻤﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ،واﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ ﻳﺴﺘﻌﻴﺪون ﺳﻴﺮة اﻟﻤﺴﻴﺢ وﺗﻼﻣﺬﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷرض، اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ روﺣﻴﺔ ﺗﻮﻗﻆ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس )أﻟﻒ ذﻛﺮى ﻣﻦ اﻹﻧﺠﻴﻞ واﻟﺘﺎرﻳﺦ، وأﻟﻒ ﻓﻜﺮة ﻣﺒﻬﻤﺔ وأﺣــﻼم ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، وﺗﺄﻣﻼت ﺣﻤﻴﻤﺔ وﺟﺴﻴﻤﺔ ﻻ أﻋﻠﻢ ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ دام ﻫﺬا اﻟﻮﺟﺪ(« «3ص .94ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻒ اﻟﻜﻮﻧﺖ دوﻣﺎر ﺳﻴﻠﻴﻮس ﻣﺸﺎﻋﺮه ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ ،اﻟﺘﻲ رأى ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺒﻞ اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﻛﺄﻧﻪ ﻇﻞ .أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻻﻣﺎرﺗﻴﻦ ﻓﻴﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮل )ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺷﻴﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺢ ﻟﻲ اﻟﺮب ﺑﺮؤﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ أرﺿﻪ .إﻧﻬﺎ ﺑﻮاﺑﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ أدﺧﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ إﻟﻰ أرض اﻟﻤﻌﺠﺰات، ﻋﻠﻰ أرض اﻟــﺸــﻬــﺎدات اﻟﺘﻲ ﻣــﺎ زاﻟــﺖ
ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪﻳﻢ وﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﻼت ﺑﻴﻦ اﻟﺮب واﻹﻧﺴﺎن(««4 ص .106وﻳﻀﻴﻒ ﻻﻣﺎرﺗﻴﻦ واﺻﻔﺎً ﻣﺸﻬﺪ ﺟﺒﻞ اﻟﺰﻳﺘﻮن ﺑﻠﻐﺔ ﻣﺠﺎزﻳﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ )ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺟﺒﻞ اﻟﺰﻳﺘﻮن وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ أﺷﺠﺎر اﻟﺰﻳﺘﻮن .إﻧﻬﺎ اﻟﺸﻬﻮد اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﻳﺎم ﺧﺎﻟﺪة اﻧﺤﻔﺮت ﻓﻲ اﻷرض واﻟﺴﻤﺎء ،وارﺗﻮت ﻣﻦ اﻟﺪﻣﻮع اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮق واﻟﺪم وﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
67
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺤﻤﻞ دﻻﻻت أﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﻌﺎن ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ﺗﻜﺘﺴﻲ ﻃﺎﺑﻌﺎً أﺳﻄﻮرﻳﺎً .وﻳﻌﺘﺒﺮ ﺷﺎﺗﻮرﺑﺮﻳﺎن أول ﻣﻦ ﺣﺞ إﻟﻰ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻋﺎم 1801م ﻣﻴﻼدي ،وﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﺜﻴﺮة واﺻﻔﺎً ﻣﺸﺎﻫﺪاﺗﻪ واﻷﺣــﺪاث اﻟﺘﻲ ﺟﺮت ﻣﻌﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﺪء اﻧﻄﻼﻗﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺎرﻳﺲ وﺣﺘﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﺪس .وﻗﺪ ﺣﻤﻞ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب )اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺑﺎرﻳﺲ إﻟﻰ اﻟﻘﺪس( ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺳﻴﺮ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،واﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن وﻓﻖ اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺬي اﺗﺨﺬﺗﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻌﻨﻮان ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ اﻵن ﻧﻔﺴﻪ دﻻﻟﺔ زﻣﻨﻴﺔ، ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺰﻣﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺨﻄﻲ اﻟﺘﻌﺎﻗﺒﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﺳﻠﻮب اﻟﺘﺪوﻳﻦ اﻟﻘﺎﺋﻢ ،ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪات ووﺻﻒ ﻣﺎ ﻳﺮاه اﻟﺮ ّﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎت اﻟﻤﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﻓﻲ وﺻﻔﻬﺎ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻷﻧﺎ واﻵﺧﺮ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر وﺟﻮد اﻵﺧﺮ ﺿﺮورة ﻹدراك اﻷﻧﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻠﻪ اﻵﺧﺮ ،ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻳﺸﻜﻞ ﺗﻤﺜﻴﻼً ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ، وﻣﺎ ﺗﺤﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ إﺳﻘﺎﻃﺎت ،ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻠﺘﺒﺴﺎً ﺑﺎﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ واﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ واﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ. ﺗﻨﻮﻋﺖ أﺷﻜﺎل اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ دوﻧﻬﺎ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺘﺐ اﻟﻤﺬﻛﺮات ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺮوي اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻟﻘﺼﺺ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻐﺎﻣﺮات اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ،واﻟﻤﺼﺎﻋﺐ واﻷﺧﻄﺎر اﻟﺘﻲ واﺟﻬﻮﻫﺎ ،واﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺸﻔﻮﻫﺎ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ،وﻛﺎن اﻟﻘﺪس ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻟﻜﺘﺎب ﺷﺘﺎوﺑﺮﻳﺎن ﻋﻦ رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻛﺎن اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻷورﺑﻴﻮن ﻳﺪوﻧﻮن اﻟﻤﺸﺎﻫﺪات وأﺣﺪاث اﻟﺮﺣﻠﺔ أﺛﻨﺎء ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ دوره اﻟﻤﺆﺛﺮ واﻟﻜﺒﻴﺮ ،اﻟﺬي اﻣﺘﺪ ﺗﺠﻮاﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻤﻴﺰت إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻲ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎت، اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺞ وزﻳﺎرة اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ﻟﻠﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻋﻦ اﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ ،واﻷﻫﺪاف اﻟﻤﺘﺒﺎﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮق اﻟﺒﺮﺑﺮي ،اﻟﻐﺎرق ﻓﻲ ﻣﻠﺬاﺗﻪ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﻬﺆﻻء اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﺤﺞ إﻟﻰ اﻟﺸﻬﻮاﻧﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻧ ﱠﻤﺖ ﻋﻦ ﺗﺤﻴﺰ واﺿﺢ ﺿﺪ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،وزﻳﺎرة اﻟﻤﺪن اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ اﻹﺳﻼم .ص اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻷراﺿﻲ ﻣﺜﻞ ﺑﻴﺮوت ودﻣﺸﻖ واﻟﻘﺎﻫﺮة واﺳﻄﻨﺒﻮل .إن اﻟﻘﺮاءة اﻷوﻟﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺼﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن رﺣﻼت اﻟﺤﺞ واﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻋﻨﺪ زﻳﺎرﺗﻬﻢ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺒﻼد، ﻣﻊ اﻟﺸﺮق ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ اﻟﺬي ﻳﺠﺪوﻧﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ رﺳﻤﻬﺎ اﻟﺘﻲ اﻟﺸﺮق ـﻮرة ﺣﻤﻠﺖ ﺻـ اﻟﻤﺜﻴﺮة ،اﻟﺘﻲ ﻛﻮﻧﻮﻫﺎ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮق ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﺰﻳﺠﺎً ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءﺗﻬﻢ ﻟﻜﺘﺐ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ، ﺗﺄﺛﻴﺮات ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ واﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﻌﻮﻫﺎ ﻋﻨﻪ ،وﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ وﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﻢ وﻟﻮﺣﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ رﺳﻤﻮﻫﺎ ،وﻋﻜﺴﺖ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﺪوﻧﻪ أﻣﺎﻣﻬﻢ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن
ﻓﻲ ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ ﻏﺮاﺋﺒﻴﺔ اﻟﺸﺮق ،وﻣﻦ ﻣﺼﺎدر ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻇﻠﺖ ﺗﺪﻳﻦ ﻟﻠﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻬﺠﻬﺎ ورؤﻳﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ،وإﻟﻰ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻷرض اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺘﻮراة واﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺠﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﺻﻮرة اﻟﺸﺮق اﻟﺬي ﻳﺮﻣﺰ ﻟﻠﺘﻌﺼﺐ اﻟﺪﻳﻨﻲ ،إﻟﻰ ﺻﻮرة اﻟﺸﺮق اﻟﻤﺴﺘﺒﺪ اﻟﻤﺤﻜﻮم ﺑﺎﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ واﻟﻌﻨﻒ ،ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻳﺮى ﻣﺪى اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎره ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻐﺮب ،ﻟﻜﻲ ﻳﻮﻓﺮ ﻟﻪ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮن واﻷﻣﻦ .ﻟﻘﺪ ﻟﻌﺒﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﺷﺎﺗﻮﺑﺮﻳﺎن ﻋﻦ رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، واﻟﺘﻲ اﻋﺘﺒﺮ ﻓﻴﻬﺎ أن ﻫﺬه اﻷﻣﺎﻛﻦ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻣﺜﺎﻟﻴﺎً ﻟﻺﻋﺠﺎب اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ دورا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ،ﻓﻲ زﻳﺎدة ﻋﺪد اﻟﺤﺠﺎج اﻟﺬﻳﻦ اﻗﺘﻔﻮا أﺛﺮه ﻓﻲ رﺣﻼﺗﻬﻢ .ﻟﻜﻦ ﻋﺪدا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻷدﺑﺎء اﻟﺬﻳﻦ زاروا ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔﻮا ﺑﺰﻳﺎرﺗﻬﺎ ،ﺑﻞ اﺗﺠﻬﻮا ﻧﺤﻮ أﻃﺮاف اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻮا ﻓﻲ وﺻﻔﻬﺎ ،ووﺻﻒ ﺳﺎﻛﻨﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪو اﻟﻜﺜﻴﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻻﻣﺎرﺗﻴﻦ واﻟﻜﻮﻧﺘﻴﺴﺔ ﻓﺎﻟﻴﺮي ﺑﻮاﺳﻴﻪ وأوﺟﻴﻦ دوﻓﻮﻏﻮﻳﻪ ،اﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮ أن اﻟﺘﻮراة ﻫﻲ ﺑﻨﺖ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺳﻤﻰ رﺣﻠﺘﺔ )اﻟﺮﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﻤﺎﺿﻲ( ،وﺑﻴﻴﺮ ﻟﻮﺗﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻦ وﺻﻔﻮا اﻟﺼﺤﺮاء ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺻﺤﺮاء ﺳﻴﻨﺎء( ،وﻏﻮﺳﺘﺎف ﻓﻠﻮﺑﻴﺮ.
ﻣ ٔﻴﺬﻧﺔ ﻣﺴﺠﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻓﻲ اﻟﻘﺪس ﺳﻨﺔ .1925
66
اﻟﻘﺪس
Í Ëí ¡ ì ¥
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
65
ﻣﻔﻴﺪ ﻧﺠﻢ
اﺗﺨﺬت ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺨﻴﺎل اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺻﻮرة ﻟﻠﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﻤﺴﻜﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﺪاﺳﺔ واﻟﺴﺤﺮ واﻟﻤﻌﺠﺰات واﻷﺳﺮار ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ﻇﻠﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﺻﻮرة أوﺳﻊ ،ﻫﻲ ﺻﻮرة اﻟﺸﺮق اﻟﺬي اﻛﺘﺴﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺨﻴﻠﺔ ﺻﻮرة ﻷرض اﻟﺴﺤﺮ واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ واﻟﺸﻬﻮات اﻟﻤﺘﻔﺠﺮة ،ﺣﻴﺚ ﻟﻌﺒﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻷواﺋﻞ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮووﻧﻬﺎ ﻋﻨﻬﺎ دورا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ رﺳﻢ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰﻫﺎ ،ﻓﻜﺎن اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺬﻳﻦ زاروا اﻟﺸﺮق ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﺄﺗﻮن وﻓﻲ أذﻫﺎﻧﻬﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة اﻟﻤﺜﻴﺮة ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻟﻐﺮب ﻳﺤﺘﺎج ﻟﻮﺟﻮدﻫﺎ ﺣﺘﻰ ذﻫﺐ ﻓﻮﻟﺘﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل) :ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺤﺮﻳﻢ وﺗﻌﺪد اﻟﺰوﺟﺎت ﻓﻲ ﺑﻘﺎع آﺳﻴﺎ وإﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻟﻜﺎن ﻋﻠﻰ اﻷورﺑﻴﻴﻦ أن ﻳﺨﺘﺮﻋﻮﻧﻬﺎ(«.«1 ﺗﻮاﻓﺪ اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮق ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺑﺼﻮرة أﻛﺒﺮ ﻷﻏﺮاض ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻐﺎﻳﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪراﺳﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وأﺛﻨﻴﺔ وآﺛﺎرﻳﺔ وﻃﺒﻴﻌﻴﺔ، وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻐﺮض اﻟﺤﺞ أو ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ اﺳﺘﻴﻬﺎﻣﺎت ﺗﻤﺘﺰج ﺑﺴﺤﺮ اﻟﺸﺮق اﻟﻐﺎﻣﺾ واﻟﻐﺮﻳﺐ وأﺳﺎﻃﻴﺮه ،أو ﻷﻏﺮاض ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ودﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮق ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف أﻫﺪاف اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ ،ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻬﺎ وأﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ،أو ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻟﻐﺘﻬﺎ واﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻟﻌﻞ اﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺣﻼت أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪس وﻓﻠﺴﻄﻴﻦ وﺣﺪﻫﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺞ ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﻤﺪن اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻮم اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﺠﺘﺬب إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻷورﺑﻴﻴﻦ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﻛﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ودﻣﺸﻖ وﺑﻴﺮوت وﺑﻐﺪاد واﻟﻘﺪس واﺳﻄﻨﺒﻮل ،ﺣﻴﺚ اﻧﻄﻮى ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻫﺆﻻء اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺔ ﻣﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ واﻟﺪﻫﺸﺔ واﻟﺴﺤﺮ ،ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﻴﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻷﺻﻴﻞ اﻟﺬي وﺟﺪوه ﻣﻤﺜﻼ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮق وﻓﻄﺮﺗﻪ وﺑﺪاﺋﻴﺘﻪ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ اﺳﺘﻌﺎدة ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ.
64
اﻟﻘﺪس
ﻟﻘﺪ ﻗَـ ِـﺪم ﻫﺆﻻء اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺮق ﺑﻬﺪف اﻛﺘﺸﺎف ﺳﺤﺮه وﻏﻤﻮﺿﻪ اﻟﻐﺮﻳﺐ ،ﺑﻌﺪ أن ﻋﻤﻠﺖ ﺣﻜﺎﻳﺎت أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻓﻲ ﻋﺎم 1721م ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ أﻧﻄﻮان ﻏﺎﻻﻧﺪ ،وﻛﺘﺐ اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻷواﺋﻞ اﻟﺬﻳﻦ زاروا اﻟﺸﺮق ،ﻋﻠﻰ أﺳﻄﺮة وﺗﻐﺮﻳﺐ و)ﺗﺠﻨﻴﺲ( ﺻﻮرﺗﻪ. وﺗﺆﻛﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﺎري ﻟﻮﻳﺰ دﻓﺮﻧﻮا أﻧﻪ )ﻣﻨﺬ اﻷﺻﻮل اﻷوﻟﻰ ﻷدﺑﻨﺎ ﻣﺎرس اﻟﺸﺮق اﻟﻤﻜﺘﻨﻒ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض ،واﻟﻤﺤﺎط ﺑﺎﻟﺠﻤﺎل اﻟﻌﺼﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻒ ﺳﺤﺮه ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ،وﺑﻘﻲ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺸﺮق اﻟﻤﺠ ﱠﻤﻞ ﺑﺎﻷﺣﻼم اﻟﻤﺘﺒﻠﻮرة ﺣﻮل اﻟﻔﺮدوس اﻷرﺿﻲ ،ﻏﺎﻣﻀﺎً ﻷﻣﺪ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺪاع اﻟﺤﺮ ﻟﻠﺼﻮر اﻟﻐﺮاﺋﺒﻴﺔ واﻟﺨﻼﺑﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ واﻟﺮواﺋﻴﻴﻦ ...وﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺤﻴﺢ وﺗﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬه اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ،ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻐﺬﻳﺘﻬﺎ وأﺟﺎزت ﻟﻬﺎ اﻟﺘﻄﻮر(« «2ص.6 ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻞ اﻟﺮ ﱠﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﺮ ّﺣﺎﻟﺔ اﻷورﺑﻴﻴﻦ ،وأﻛﺜﺮﻫﻢ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎً ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮق واﻟﺘﻌﺮف إﻟﻴﻪ .وﻳﺄﺗﻲ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﻮن ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺆﻻء اﻟﺮ ّﺣﺎﻟﺔ ،ﺣﺘﻰ أن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺸﺮق ﻇﻬﺮ ﻷول ﻣﺮة ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮوﻣﻨﺴﻲ ﻻﻣﺎرﺗﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ذﻛﺮﻳﺎت واﻧﻄﺒﺎﻋﺎت وأﻓﻜﺎر وﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل رﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺮق( ،إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم
Í Ëí ¡ ì ¥
ﻳُ ﻨﴩ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﳌﺮﻛﺰ اﻟﻌﺮيب ﻟﻸدب اﻟﺠﻐ ﺮاﰲ »ارﺗﻴﺎد اﻵﻓﺎق« -أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﻟﻨﺪن اﻟﺬي ﻳﺮﻋﺎه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﺴﻮﻳﺪي
اﻟﻘﺪس اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن ال 19 ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﱠ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
63
ĸŕŀ ĊĘŭƼĽƼŨė ĞűſĴƼŬ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﻧﻊ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ
ﻳــﺎ ﻗـﺪس ﻳـــﺎ ﻣـﺪﻳﻨﺔ اﻟـﺴـــﻤﺎء أراك ﻓــﻲ ﺛــﻮب ﻣـﻦ اﻟـﺪﻣـــــﺎء ِ ﻳﺤﻴﻄﻚ اﻟﻈــﻼم ..ﻳــــــﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ و ِ ﻛﻨﺖ ﻓـﻴـﻨــﺎ ﻣﻨﺒﻊ اﻟﻀــﻴــــــﺎء وﻳﻐـــﺮس اﻟﺒـــﺎﻃــﻞ ﻓﻴﻚ ﻧــــﺎﺑﻪ ﻓﻴﺴﺘﺠﻴﺮ اﻟﺤـــﻖ ﺑــﺎﻟـــﻔــــــﺪاء أﻧــــــﺎ ﻫــﻨــﺎ ،ﻳﻘـــﻮﻟﻬﺎ ﻣــﻜﺒﺮاً و ﻣــﻘــﺮئ اﻟﺴـــﻼم ﻟﻠﻌــــــﺬراء أﻧﺎ ﻫﻨﺎ وﻣﺴﺠﺪي ﻟﻲ ﺷــــــــﺎﻫﺪٌ و ﻫـــﺬه ﻛﻨﻴﺴﺘﻲ ،إزاﺋــــــــــﻲ اﻟــﻘــﺪس ذي ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ﺣﺒــــﻴﺒﺘﻲ وﺟﻬﻲ ،ﺟﺒﻴﻨﻲ ،ﻋﺰﺗﻲ ،إﺑـــــﺎﺋﻲ وإﻧﻬﺎ ﻟـــﻮ ﺷــﺌﺖ أن ﺗﺴـــــﻤﻌﻬﺎ ﺗﻼوة ﻣــﻦ ﺳـــــــــــﻮرة اﻹﺳـﺮاء ﺳﺒﺤﺎن ﻣﻦ أﺳﺮى ﺑﺬات اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻟﻴﻼً إﻟﻰ اﻷﻗﺼﻰ اﻟﻘﺮﻳﺐ اﻟــﻨــﺎﺋﻲ ذاك اﻟــــﺬي ﻣﺎ ﺣــﻮﻟﻪ ﻣـــﺒــﺎرك ﻫـــﺬا ﻛــﻼم اﻟﻠﻪ ،ﻻ ﻏــــﻨــﺎﺋــﻲ اﻟﻠﻪ أﻛﺒـــــﺮ ،ﻛﺒﺮوه ،اﻟﻠﻪ أﻛﺒـــﺮ ﺗﺴـﺘــﺎﻫــﻞ اﻟﺘﻘﺒﻴﻞ أﻳـــﺪ ﺣﻤﻠﺖ ﺣـــﺠـــﺎرة اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻟــﻔــــــﺪاء اﻟﻠﻪ أﻛﺒﺮ ،ﻛﺒــــﺮوه ،اﻟـــﻠﻪ أﻛﺒﺮ ﻫــﻨـﺎ ﻓﻠﺴـﻄﻴﻦ وﻫـــﺬه ﻗﺪﺳــﻨﺎ ﻛﺎﻟﺮوح أﻏﻠﻰ ﻣﺎ ﻟـــﺪى اﻷﺣــــﻴﺎء
62
اﻟﻠﻲ راح اﻟﺤﺪاق ﻟﻘﻰ اﻳﺪاﻣﻪ واﻟﻠﻲ ﻳﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ ﻟﻘﻰ اﻟﻨﺪاﻣﺔ
واﻟﺤﺪاق ﻫﻮ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ وﻛﺎن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﺴﻨﺎرة أو اﻟﺸﺒﻜﺔ ..ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﻦ ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻳﺠﺪ إﻳﺪاﻣﻪ و إﻳﺪام ﻛﻠﻤﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ أﺻﻼ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﺨﺒﺰ ﻟﻴﺆﻛﻞ ﻣﻌﻪ ﻛﺎﻟﻠﺤﻢ واﻟﺴﻤﻚ ..وﻳﻠﺲ أي ﺟﻠﺲ وﻣﻌﻨﺎه ﺗﺨﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج وﻇﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺧﺮج ﻟﺼﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﺳﻴﻨﺎل ﺳﻤﻜﺎ ﻟﻐﺪاﺋﻪ وﻳﻨﻌﻢ ﺑﻮﺟﺒﺔ ﻃﻴﺒﺔ وﻟﺬﻳﺬة ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﻘﺎﻋﺲ ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ﻟﺼﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺠﺪ ﺷﻴﺌﺎ . ﻋﻮﻣﻪ ﻣﺄﻛﻮﻟﺔ وﻣﺬﻣﻮﻣﺔ
ﺷﻨﻴﻮب ﻏﺮق ﺟﻤﻞ
وﺷﻨﻴﻮب ﻫﻮ ﺳﺮﻃﺎن اﻟﺒﺤﺮ ،وﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻬﻜﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﻛﺜﻴﺮ اﻻﻋﺘﺪاد ﺑﻨﻔﺴﻪ واﻹدﻋــﺎء ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻪ اﻟﻮﻫﻤﻴﺔ واﻟﺘﺒﺎﻫﻲ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﻌﺎدﻳﺔ وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺺ ﻗﻠﻴﻞ اﻟﺤﻴﻠﺔ واﻟﺘﺪﺑﺮ . دﻣﻴﺖ ﻛﻠﻨﻲ اﻟﺴﻤﻚ وإن ﻏﻔﻴﺖ ﻛﻠﻨﻲ اﻟﻄﻴﺮ
ودﻣﻴﺖ ﻳﻌﻨﻲ ﻏﻄﺴﺖ وﻏﻔﻴﺖ أي ﻃﻔﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء، ﻓﺴﻤﻜﺔ اﻟﻌﻮﻣﺔ داﺋ ًﻤﺎ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺣﺮج ﻓﺈن ﻏﻄﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء أﻛﻠﻬﺎ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻜﺒﻴﺮ وإن ﻃﻔﺖ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ أﻛﻠﺘﻬﺎ اﻟﻄﻴﻮر ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻏﺬاء ﻟﺬﻳﺪا ً ﻟﻄﻴﻮر اﻟﺒﺤﺮ ،اﻟﻤﺜﻞ ﻳﻘﺎل ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻤﻐﻠﻮب ﻋﻠﻰ أﻣﺮه واﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻲ ورﻃﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻼص.
ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎت وﻣﺴﺎﻋﺪات ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ وﻣﻊ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺠﺪ ﻣﻨﻬﻢ إﻻ اﻻﻧﺘﻘﺎد واﻟﻠﻮم .
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
61
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻪ ﻧﺎس ﻟﻔﻴﺤﻪ ..ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﺘﻮح ﻣﻦ اﻟﻴﺮه ﻣﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺎح ﺳﺮﻳﺤﻪ ..ﻗﺎل ﻫﺬا ﺧﻴﻂ وﺑﻴﺮه
واﻟﻌﺎﻟﻲ أي اﻟﺠﻠﻮس ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ واﻟﺮاش رذاذ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺘﺼﺎﻋﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻻﻧﺪﻓﺎع اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ
واﻟﻠﻔﻴﺤﻪ :ﻫﻢ اﻟﺼﻴﺎدون اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻴﺪون ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻠﻔﺢ ،وﻫﻲ رﻣﻲ اﻟﺸﺒﺎك ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﺒﺤﺮ ،واﻟﺘﻮح :ﻫﻲ رﻣﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻌﺪات اﻟﺒﺤﺮ وﺣﺴﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ،وﺳﺮﻳﺤﻪ :ﺗﻌﻨﻲ ﺧﻴﻂ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش اﻟﻀﻌﻴﻒ ﺟﺪا اﻟﺬي ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻬﻦ وأدوات اﻟﺒﺤﺮ أو اﻟﺼﻴﺪ ﻟﻌﺪم ﻗﻮﺗﻬﺎ ،واﻟﺨﻴﻂ :ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﺼﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ،وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﺜﻞ ﻫﻮ أن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺧﺒﺮة ﻓﻲ أي ﻣﺠﺎل ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺜﻞ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ وﺗﻤﺎدﻳﻪ ﻓﻲ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ .
واﻟﺒﻨﺪر ﻫﻮ اﻟﻤﺮﻓﺄ أي أن ﻟﻜﻞ ﻣﻮﻗﻒ أﺳﻠﻮﺑﺎً ﻣﻌﻴﻨﺎً ﻟﻤﻮاﺟﻬﺘﻪ
ﻋﻖ اﻟﺨﻴﻂ وﻋﻠﻰ ا pاﻟﺼﻴﺪ
اﻟﻠﻲ ﻳﻄﻠﺐ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻳﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاش
اﻟﺒﺤﺮ ﺳﻠﻄﺎن و ﻛﻞ دور ﻟﻪ ﺑﻨﺪر
60
ﻋﻖ ﻳﻌﻨﻲ ارم واﻟﺨﻴﻂ ﻫﻮ ﺳﻨﺎرة اﻟﺴﻤﻚ ،واﻟﻤﻌﻨﻰ أن ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﺴﻌﻰ وﻣﻦ اﻟﻠﻪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ .
اﻟﺴﻤﻜﺔ اﻟﺨﺎﻳﺴﺔ ﺗﺨﻴﺲ اﻟﺴﻤﻚ ﻛﻠﻪ
اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻃﺮﻳﻖ
ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺴﻲء وﺻﺎﺣﺐ اﻟﺼﻴﺖ واﻟﺴﻤﻌﺔ اﻟﺴﻴﺌﺔ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻓﻴﻨﻘﻞ إﻟﻴﻬﻢ ﻃﺒﺎﻋﻪ اﻟﺴﻴﺌﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻋﺪوى اﻟﻤﺮض ﻣﻦ ﻣﺮﻳﺾ إﻟﻰ آﺧﺮ
ﻣﺜﻞ ﺑﺤﺮي ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺴﻬﻞ اﻷﻣﻮر وﻳﺬﻟﻠﻬﺎ ﻟﻤﻦ ﻳﺸﺎء ﻓﻌﻠﻴﻚ ان ﻻ ﺗﻴﺄس وﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﻠﺐ ﻛﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ رﻏﻢ أﻫﻮاﻟﻪ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﺳﺎﻟﻤﺎ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ.
ا ﻣﺜﺎل اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ
ﻣﺴﻤﺮ ﻣﻊ اﻟﻤﺎﻳﺔ
ﻣﺴﻤﺮ اﻟﻤﺮﻛﺐ أي ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﻴﺎر دون ﻫﺪف واﻟﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻬﺎ أﻣﻮاج اﻟﺒﺤﺮ ،اﻟﻤﺜﻞ ﻳﻀﺮب ﻓﻲ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ أو درب ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺮﻛﺐ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﻴﺎر دون ﺷﺮاع. ﻛﻞ ﻫﻮا وﻟﻪ ﺷﺮاع
وﻫﻮا ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻬﻮاء واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻪ اﻟﺮﻳﺎح ﻓﺎﻟﺴﻔﻦ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ أﺷﺮﻋﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﻷﺣﺠﺎم وذﻟﻚ ﻃﺒﻘﺎ ﻻﺗﺠﺎه وﺳﺮﻋﺔ اﻟﺮﻳﺢ ،واﻟﻤﻌﻨﻰ أن ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﻟﻪ أﺳﻠﻮب ﻣﻌﻴﻦ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ وﻫﻮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻣﻊ اﻟﻘﻮل ﻟﻜﻞ ﻣﻘﺎم ﻣﻘﺎل .
ﻻ ﻳﻐﺮك ﺣﻤﺮ ﺣﻴﺎﺑﺔ ..ﺗﺮى ﻟﻴﺤﺎﻧﻪ ﺷﺮﻳﺶ
ﻻ ﻳﻐﺮك :ﻻ ﻳﺨﺪﻋﻚ ﺣﻤﺮ ﺣﻴﺎﺑﺔ :ﺟﺴﺪ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ أﺣﻤﺮ اﻟﻠﻮن اﻟﺸﺮﻳﺶ :أﺧﺸﺎب رﺧﻴﺼﺔ اﻟﺜﻤﻦ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻫﻮ اﻟﻤﺤﻤﻞ أي اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،وﻛﺎﻧﺖ ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﺗﺪﻫﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺪ اﻟﻐﻮص ﺑﺎﻟﺼﻞ وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﺪﻫﺎﻧﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﺘﺒﺪو أﺧﺸﺎﺑﻬﺎ ﺣﻤﺮاء ﺗﻠﻤﻊ وﺗﺴﺮ اﻟﻨﺎﻇﺮ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﻮﻳﺔ وﺟﺪﻳﺪة .وﻳﻘﺎل ﻟﻮﺻﻒ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﺛﻤﻴﻨﺔ وﺟﻤﻴﻠﺔ اﻟﻤﻈﻬﺮ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ رﺧﻴﺼﺔ وردﻳﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
59
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
اSﻣﺜﺎل اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ
ﻻﻟﺊ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺒﺤﺮي ﻳﻤﺜﻞ ﺳﻠﻮك ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﺎﺣﻞ ،وﻣﻌﻈﻢ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺘﺪاول اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ أﺣﺎدﻳﺜﻬﺎ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻦ آداﺑﻬﻢ وﻗﻴﻤﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﻮﻫﺎ ﻋﻦ أﺳﻼﻓﻬﻢ ،وﺷﻌﺐ اﻹﻣﺎرات أﺣﺪ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻮاﺣﻞ ﺟﻤﻴﻠﺔ وذات ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﻤﻴﺰات ﻓﺮﻳﺪة ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻷﻣﺜﺎل ﻻﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ واﻟﻤﻼﺣﻴﺔ واﻷﻣﺜﺎل ﻫﻨﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺼﻴﺪ واﻟﻐﻮص وﺑﻌﺾ أدوات اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺴﻔﻦ وﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎدات واﻟﻄﻘﻮس اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺤﺮﻓﺔ وﻧﻌﺮض أﻣﺜﻠﺔ ﻣﻨﻬﺎ .
ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺄوﻟﻪ ﻳﺎ ﺷﻮﻟﻪ ..اﻓﻠﺢ ﻣﻦ ﺑﺎع أول اﻟﻤﻮﺳﻢ
اﻟﻤﺜﻞ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﻬﺎرة واﻟﺬﻛﺎء ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺗﺠﺎرة اﻟﻠﺆﻟﺆ ﺣﻴﺚ أن اﻟﻤﺘﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرة ﻳﺤﺒﺬون اﻟﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ اﻟﻠﺆﻟﺆ وﺗﺠﻨﺐ اﻟﺘﺄﺧﻴﺮ واﻟﺘﺮدد ..واﻟﻤﺮاد ﻣﻦ اﻟﻤﺜﻞ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﻨﺘﻬﺰ اﻟﻔﺮص اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ واﻟﻤﺘﺎﺣﺔ أﻣﺎﻣﻪ ﻗﺒﻞ ﺿﻴﺎﻋﻬﺎ واﻟﻨﺪم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. ﻗﻴﺲ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺗﻐﻴﺺ
أي ﺗﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻖ اﻟﺒﺤﺮ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻐﻮص ﻓﻴﻪ وﻣﺼﺪر ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻐﻮص وﺻﻴﺪ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﺎﻟﺒﺤﺎرة ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻋﻤﻖ ﻣﻐﺎﺻﺎت وﻫﻴﺮات اﻟﻐﻮص وﻳﺼﻨﻔﻮن ﻵﻟﺌﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﻋﻤﻖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ..ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ أن ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﺜﻞ أن ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﺤﺘﺎط ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ أي ﻋﻤﻞ .
58
ا ﻣﺜﺎل اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ
ﺣﺼﺒﺎه ﻓﻴﻬﺎ دﻗﺔ
واﻟﺤﺼﺒﺎه اﻟﻠﺆﻟﺆة اﻟﻜﺒﻴﺮة ودﻗــﺔ أي ﺿﺮﺑﺔ أو ﺧﺪش أو ﺗﺸﻮﻫﻪ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ وﺟﻮد ﻧﺘﻮءات ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻠﺆﻟﺆة..ﻓﺎﻟﺪﻗﺔ أو اﻟﻨﺘﻮءات ﺗﺸﻮه اﻟﻠﺆﻟﺆة اﻟﻜﺒﻴﺮة وﺗﺠﻌﻞ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﺿﺌﻴﻞ ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺐ ﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﻠﺆﻟﺆة ذات ﻗﻴﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ.. ﻣﻨﻮﻫﺎ إﻟﻰ ان ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻳﻘﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن إﻧﺴﺎن ﻣﺤﺒﻮب ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻟﻪ ﻗﺒﻮل ﻃﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﻬﻮ ﺑﻪ ﺧﺼﻠﺔ ذﻣﻴﻤﺔ ﺗﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺤﻤﻴﺪة اﻟﺴﻜﺮان ﻳﻨﺒﺮ ﻋﻦ رأﺳﻪ
واﻟﺴﻜﺮان ﺗﻘﺎل ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻐﻄﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء وﻳﻨﻘﻄﻊ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﻨﺒﺮ أي ﻳﺤﺮك اﻟﺤﺒﻞ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺴﻴﺐ وﻫﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻮﻛﻞ إﻟﻴﻪ ﺟﺮه ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻐﺮق ﻧﺤﻮ ﺛﻼث دﻗﺎﺋﻖ ..ﻣﻮﺿﺤﺎ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺸﻌﺮ وﻳﺤﺲ ﺑﻤﺸﻜﻠﺘﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮه وﻳﺘﺼﺮف وﻓﻖ اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻪ
ĸŕŀ ĴƀŕŨė ŪěŠ ğĴDžƀŔ ĞƀŨĺŘ ĞĬijķ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻄﻲ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻗﻤﺎﺷﺔ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ
ﻛ ّﺬﺑﺖ ﻟ ّﻦ اﻟﺠِ ﻴ َﻮنْ ﻳْﺼـــﻮر واﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ﺷﻔــــــﻨﺎه1 وﺧﺼﻴﺘﻪ ﺑﻤﻘـــــﺮور ﺷﻔﺘﻪ ّ ﺟﻴﺘﻪ وﻻ ﻛﺜّﺮ ﻟﻲ ﻟْﻐـــــــــﺎه ﺣﻜْ ّﻴﻪ ﺷﺮى ﻧ ّﺠﻴﺪ ﻟﻜـــﺴﻮر ﻓﺼ ٍﺢ وﻳﺎﺧﺬك ا ْﺑﺤــــــﻜﺎﻳﺎه ﻣﻤﻼي ﻋﻮده ﻳــﻮم ﺑﻴــﺜﻮر ْ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺸﺎ واﻋـــﻄﻰ ﻣﺠﻔّﺎه ﻟﻲ ور ّدن ﻓﻲ وﻗﺖ ﻟ ْﻌﺼﻮر ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬـﻦ ﺷﺮوات ﻟﻤــــــﻬﺎه ﻣﺎ ﻳﺎك ﻃﺮف ْﺟﻨﺎﻧﻪ ﻳْــﺪور ﻛﻞ ﺣــــﻴﻦ وﺧّـــﺎﻟﻪ ووﻃّﺎه ﺗﻠﻴﻲ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻓـﻮق ﻟْﺨــــﺼﻮر ﻟﻲ ﺻـــﻠّﺐ اﻟﻐـــﺮﺑﻲ وﺷﺮﺗﺎه أﺻﺒـــﺢ ّ ﻣﺒﺶ وزاﻫﻲ ﺑْﻨﻮر وا زﻳﻦ ﻓــﻲ اﻷﺟـــﺪام ﺣ ّﻨﺎه ﻋ ّﻴﺪت ﻗﺒﻞ اﻟﻌﻴﺪ ﻳﺎ »ﺳﺮور« واﺻﺒﺤﺖ ﻣﺘـــﻬ ّﻨﻲ ﺑﻼﻣــــﺎه ﺣﻈّﻚ ﻣﺒ ّﺮز ﻛﻞ ﻣــــﺸﻌﻮر وﺷﺮوات ﺣﻈّﻚ ﻣﺎ ﻟﺠﻴــــﻨﺎه ﺻﻼة رﺑﻲ ﻋﺪ ﻣﺎ اﻟﻨـــــﻮر ﺎب ﻫﺮق ﻣــــﺎه واﻋﺪاد ﺳ ّﺤ ٍ اﻟﺠﻴﻮن :ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﺜﻤﻴﻦ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
57
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí ﺗﻠﻴﻦ ،ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﻤﺎ ﺷﻌﻮر ﻣﺮﻫﻒ وإﺣﺴﺎس دﻓﺎق ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﻴﻢ ﻧﻤﻄًـﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺒﻄﻞ .وﻫﺬه اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺒﻄﻞ ﻳﺼﻮر ﻛﻔﺎءﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ،ﺛﻢ ﻧﺠﺪه ﻳﺼﻮر ﻣﺸﺎﻋﺮه ﺗﺠﺎه ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﻋﻨﺘﺮة ،ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ أﻧﻨﺎ ﺑﺼﺪد »ﻧﻬﻤﺎت« ﺗﺒﺪو ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻌﺎدي ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣـﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻔﻨﻲ واﻟﻔﻜﺮي ﻣ ًﻌـﺎ. وﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮف اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ،اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ »اﻟﻨﻬﻤﺎت« ﺑﺘﺤﺪﺛﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﻤﻮدﻋﻴﻦ أو اﻷﺣﺒﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮوا ﻋﻮدة اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ أن ﺗﺒﺚ ﻓﻲ داﺧﻠﻪ ﻓﻜﺮة أن »اﻟﻨﻬﻤﺔ« ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺠﻠﺐ َﻣ ْﻦ ﻳﺤﺐ إﻟﻴﻪ ﻋﺒﺮ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺨﻴﺎل):(14
ﻣﻬﻮن ﻋــــﻠﻴﻪ درب ﺑــــﻴﺘﻚ ﻟﻮ ﻋﺎﻧﻲ إﻟﻐــــﻴﺮك ﻧﺼـــﻴﺘﻚ إن ﻳﻴﺖ ﺑﺎﺻــــﻠﱢﻲ ﻗــــﺮﻳﺘﻚ وﻟﻲ ﻋﺪت ارﺣﻢ وزور ﻣﻴﺘﻚ ﻳﻨﺴـــــﺎح ﺑﺎﻟﻲ ﺑـــــﺨﻠﻮاﺗﻚ ﻳﻨﻴﺮ ﺑﺎﻟﻲ ﻣـــــﻦ ﺻﻔــــﺎﺗﻚ آﻇﻦ ﺗﻜﺘـــﺐ ﻟﻲ ﺻـــــﻼﺗﻚ وارﺣﻢ ﺷﺮاﺗﻲ ﻟﻲ ﺷـــــﺮاﺗﻚ ﻓﺎﻟﻘﺎﺋﻞ أو اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ،ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﺳﺎﻟ ًﻤـﺎ ،وﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ وﻗﺖ ﺧﻠﻮة اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﺳﺎﻧﺤﺔ ﻻﻟﺘﻘﺎء اﻟﺨﻮاﻃﺮ ﻣ ًﻌـﺎ. وﻓﻲ اﻟﻘﻮل» :ﻳﻨﻴﺮ ﺑﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻚ« ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺎﻹﻋﺠﺎب اﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﺼﻔﺎت اﻟﻐﻮاص اﻟﺒﻄﻮﻟﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻠﻔﺨﺮ ﺑﻬﺎ .وﻓﻲ ﺣﺎل ﻋﻮدﺗﻪ ،ﺳﺘﺒﻘﻰ اﻟﺤﻴﺎة ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاﺑﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺤﻮل ﻋﻨﻬﺎ ،وأﻫﻤﻬﺎ: اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺧﻴﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻫﺆﻻء ﺟﻤﻴ ًﻌـﺎ، واﻟﻮﻓﺎء ﻟﻠﻤﺒﺎدئ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﻮن ﻣﻤﻦ ﻗﻀﻮا ﻧﺤﺒﻬﻢ؛ ﻷن اﻟﻤﺤﺒـﺔ اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ واﻟﻤﺘﺒﺎدﻟـﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ذﻟﻚ اﻟﻬﻮاﻣﺶ - 1اﻻﺳﻢ اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﻨﻲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻣﻬﻤﺔ اﺷﻌﺎل اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻟﺪى اﻟﺒﺤﺎرة وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﻴﻢ ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺴﻤﺮ. - 2اﻟﺪﻳﻴﻦ :ﻫﻮ وﻋﺎء ﻣﻨﺴﻮج ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮط ،ﻳﻌﻠﻘﻪ اﻟﻐﻮاص ﻓﻲ رﻗﺒﺘﻪ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ وﺿﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎر ﻓﻴﻪ. - 3اﻟﺰﻳﺒﻦ :ﻫﻮ ﺣﺒﻞ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻘﻄﻌﺔ ﺛﻘﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة أو اﻟﻤﻌﺪن؛ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﺻﻞ اﻟﻐﻮاص إﻟﻰ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ وﺳﻬﻮﻟﺔ .وﻫﻮ ﻏﻴﺮ »اﻟ ِﺒﻠْﺪ« اﻟﺬي ﻳُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻘﻴﺎس اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺬي ﺳﻴﺼﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻐﻮاص. - 4اﻟﻔﻄﺎم :ﻫﻮ ﻣﺸﺒﻚ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻢ ،ﻳﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻒ ﻟﻤﻨﻊ دﺧﻮل اﻟﻤﺎء. - 5ﺗﺘﻨﻮع أﺷﻜﺎﻟﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻷداء ،ﻣﻨﻬﺎ :ﻧﻬﻤﺔ اﻟﺨﺮاب أو
56
اﻟﻨﻬﻤﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ
اﻟﺨﺮاﺑﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺆ ﱠدى ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎء ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻌﻤﻞ ،وﻳﺒﺪأ اﻟﺒﺤﺎرة ﺑﺠﺮ اﻟﺤﺒﻞ ﻟﻠﺴﻔﻴﻨﺔ .وﻧﻬﻤﺔ دواري اﻟﺘﻲ ﺗﺆ ﱠدى ﺣﻴﻦ ﻳﺪور اﻟﺮﺟﺎل ﺣﻮل ﺳﺎرﻳﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ )اﻟﺪﻗﻞ( ﻟﻴﺠﻤﻌﻮ اﻟﺤﺒﺎل وﻳﻀﻌﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ. وﻧﻬﻤﺔ اﻟﺨﻄﻔﺔ أو اﻟﺨﻄﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆ ﱠدى ﺣﻴﻦ ﺗﺘﻐﻴﺮ وﺟﻬﺔ اﻟﺸﺮاع ﺗﺒ ًﻌﺎ ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺮﻳﺎح ،ﻓﻴﺠﺮي ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﺒﺤﺎرة ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻮل .وﻧﻬﻤﺔ اﻟﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺆ ﱠدى ﻋﻨﺪ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺠﺎدﻳﻒ ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﻐﺰل اﻟﻤﻤﺰوج ﺑﺎﻟﺸﺠﻦ واﻟﺤﻨﻴﻦ ﺑﻬﺪف اﻟﺘﺮوﻳﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ .اﻧﻈﺮ :ﺳﺮور ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻌﺒﻲ :اﻟﻨﻬﻤﺔ ﻏﻨﺎء رﺟﺎل اﻟﺒﺤﺮ وﺳﻠﻮاﻫﻢ ،ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث، ع ،190أﺑﻮﻇﺒﻲ ،أﻏﺴﻄﺲ ،2015ص 138ـ .140 - 6اﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻋﺒﻴﺪ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺻﻨﺪل :ﻗﻄﻮف وﻗﻮاﻓﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮري ﻣﻦ اﻟﺤﻀﺮ واﻟﺒﺎدﻳﺔ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ اﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ راﺷﺪ، ﻋﺠﻤﺎن ،2009ص.57 - 7اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.58 - 8ﺑﺠﻠﻌﻪ :ﺳﺄﻗﺘﻠﻌﻪ. - 9اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.63 - 10ﺷﻴﺮه :وﻫﻮ ﻗﻮل ﻣﻮ ﱠﺟﻪ إﻟﻰ »راﻋﻲ اﻟﺸﻴﺮة« اﻟﺬي أوﻛﻠﺖ إﻟﻴﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺨﻠﻴﺺ »اﻟﺒﺎروه« وﻫﻲ اﻟﻤﺮﺳﺎة ،وذﻟﻚ ﺗﺄﻫﺒًـﺎ ﻟﻼﻧﻄﻼق. - 11اﻟﻤﻮي :ﻣﻮج اﻟﺒﺤﺮ. - 12اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.62 - 13ذﻛﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ رﻳﺎح اﻟﻜﻮس واﻟﻐﺮﺑﻲ؛ ﻷن ﺣﺮﻛﺘﻴﻬﻤﺎ ﻣﺘﻌﺎﻛﺴﺘﺎن. - 14اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ.
وإرﻛـــــﺒﻮﻧﻲ ﻋﻘــــﺐ ﺗﻜﺒـــﻴﺮه ﻳﻮم ﻗﺎل اﻟــﻨﻮﺧﺬا ﺷﻴـــــﺮه)(10 ِ)م( اﻟﺬﻫﻦ ﻣﺎ ﻋﻨﺪي ذﺧﻴﺮه)(11 ﻓﺎﻟﻔﻌﻼن اﻟﻠﺬان ﺟﺎءا ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﻐﻮاص» :ﻫﻴﻔﻮا ﺑﻲ« ،و«إرﻛﺒﻮﻧﻲ« ﻳﺆﻛﺪان ﺷﺪة اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻷﺧﻴﺮة اﻟﺘﻲ أُﻋﻠﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺒﺪء ﺑﺮﻓﻊ اﻟﻤﺮﺳﺎة ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻃﺊ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻐﻮاص ﻳﺼﻠﱢﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﺮى وﻃﻨﻪ .وﻳﻮﺣﻲ ﻫﺬان اﻟﻔﻌﻼن ﺑﺎﻟﺼﺮاع اﻟﻨﻔﺴﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ اﻟﺬي ﻳﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﻮث ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أوﻟﻰ ،وإﻃﺎﻋﺔ ﻃﺎﻗﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وأواﻣﺮ اﻟﻨﻮﺧﺬة ﻓﻲ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﻬﻢ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى .وﻳﺠﺰم اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻐﻮاص اﻟﺘﺤﻖ ﺑﻬﻢ وﻫﻮ ﺷﺎرد اﻟﺬﻫﻦ؛ أي أﻧﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻟﻮﻻ ﺣﺎﺟﺔ وﻃﻨـﻪ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ. وﻫﻜﺬا ،ﻓﺈن اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﱡﻖ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ وﺳﺎﻛﻨﻴﻪ ﻳﺄﺧﺬ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺨﻠﻮة اﻟﻠﻴﻠﻴﺔ ﻟﻠﻐﻮاﺻﻴﻦ ﻣﻨﺤﻰ ﺣﺰﻳ ًﻨـﺎ ،ﺗﺮﺟﻊ أﺳﺒﺎﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﺘﺸ ﱡﻮق اﻟﺤﺎد ﻟﻠﻌﻮدة ،واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﺨﻄﻲ ﻣﺮارة اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻷﺣﺒﺔ
ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻴﻬﻢ ﻏﺎﻧﻤﻴﻦ):(12
ﻧﺎ ٍر ﻓﻲ ﻗﻠـﺒﻲ ﻣـــــــــــﻮارﻳﻪ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﻓﻲ ﻟﺒــﻪ ﺣـﺸــــــﺎﻳﻪ ﻟﻮ ﻋﺠﻮز ﺗﺴـــــﻤﻊ ﺑﻜــــﺎﻳﻪ واﻟﺒﺤــﺮ ﻣﺎ ﻇــــﻦ ﻳـــﻄﻔﻴﻬﺎ ﻛﻮس واﻟﻐﺮﺑﻲ ﻳﺰاﻏـــﻴﻬﺎ)(13 ﻓﻲ اﻟﻘـــــﺒﺮ وﻧﱠﺖ ﻟـــــﻬﺎﻟﻴﻬﺎ ﻓﺎﻟﺸﻮق إﻟﻰ رؤﻳﺔ اﻷﺣﺒﺔ ﻛﺎﻟﻨﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﻓﻲ داﺧﻠﻪ ،وﻟﻮ اﺟﺘﻤﻊ ﻣﺎء اﻟﺒﺤﺮ ﻛﺎﻣﻼً ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻔﺊ ﺟﺬوﺗﻬﺎ ﻟﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎع ذﻟﻚ .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺗﺄﺧﺬ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺮاوده ﺑﻴﻦ وﻗﺖ وآﺧﺮ ﺷﻜﻞ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻬﻮاﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎور اﻟﻤﺮء ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮب وﺣﺪب؛ ﻟﺘﻨﻔﻲ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ،وﺗﺪﻓﻌﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﻜﺎء اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﻴﺖ ﻳﺮق إﻟﻴﻪ. وﻫﺬا اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻫﻮ إﺣﺪى اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت ،أﻳﻀً ـﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ اﻟﻨﻬﻤﺔ ﻓﻲ إﺿﺎءة اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﻞ؛ ﻓﺎﻹرادة اﻟﻘﻮﻳﺔ واﻟﻌﺰﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
55
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
ﻋﺒﺮت ﻋﻦ اGﻳﻤﺎن ﺑﺎ واﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻠﻮﻃﻦ ّ
اﻟﻨﻬﻤﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ رﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﻨﻴﻦ واﻟﺼﺒﺮ د .إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺣﻤﺪ ﻣﻠﺤﻢ
أﺑﺪع »اﻟ ﱠﻨﻬﺎم«) ،(1ﻓﻲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻋﺎﻃﻔـﺔ ﺣﻨﻴﻦ اﻟﻐﻮاص ﻟﻠﻮﻃﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ اﻷﻫﻞ وﻛﺎﻓﺔ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴـﻪ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻋﻨﺪ اﻷﻫﻞ إﻟﻴﻬﻢ.
ﻟﻘﺪ رﺳﻤﺖ »اﻟﻨﻬﻤﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ«) (5ﺻﻮر ًة ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ رﻛﺎﺋﺰ ﺛﺎﺑﺘﺔ، أﻫﻤﻬﺎ :اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻟﺘﺰام اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،اﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻠﻮﻃﻦ اﻟﺬي ﺧﺮج ﻣﻨﻪ اﻟﻐﻮاﺻﻮن ﻟﻠﻌﻤﻞ؛ ﻛﻲ ﻳﻌﻮدوا إﻟﻴﻪ ﻏﺎﻧﻤﻴﻦ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻬﻢ):(6
اﺑﺘــــــــﺪﻳﻨﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺳ ﱢﻤﻴﻨﺎ واﻟﺨـــــﻼﻳﺞ ﻛﻠﻬﺎ ﺳ ﱠﻤﺖ وﻗﻮﻟﻬﻢ):(7
ﺳ ْﺮ ﺑﺼﺪﻗﻲ ﻛﺎﻧﻚ ﻣـﻮدي ﻟﻮ ﺗﺒﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﻌـﻠﻖ ﻛﺒﺪي واﻟﻜﺬب ﻻ ﺗﺘﺒـــﻌﻪ ﺷﻴﻨﺎ ﺑﺠﻠﻌﻪ ﻟﺠﻠﻚ ﺑﻠــﻴﺪﻳﻨﺎ)(8
اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗـﻪ .وﻳﺘﻮ ﱠﺟﻪ اﻟﺨﻄﺎب ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ إﻟﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻐﻮص ،وﻳﺄﺗﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﻐﻮاص ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺨﺎﻃ ًﺒـﺎ إﻳـﺎه؛ ﻓﻤﺎ دﻓﻌﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮة ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﺒﺤﺮ ﻫﻮ ﻣﺤﺒﺔ ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻜﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎل اﻟﻘﺮاﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻃﻠﺐ اﻧﺘﺰاع ﻛﺒﺪه وﺗﻘﺪﻳﻤﻪ إﻟﻴﻪ رﻫﻦ ﻃﻠﺒـﻪ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺮة أﺧﺮى أن ﻋﻮدة اﻟﺒﻄﻞ )اﻟﻐﻮاص( إﻟﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻏﺎﻧ ًﻤـﺎ ﻫﻮ اﻧﺘﺼﺎر ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ، واﻟﻤﺼﻴﺮ اﻟﻮاﺣﺪ؛ إذ إﻧﻪ ﻳﺨﺎﻃﺮ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻘـﺎء اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﺆﻻء اﻷﺣﺒﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺟﺰء أﺻﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ. واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ »اﻟﻨﻬﻤﺎت« ،ﺑﺎﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﺗﻘﻨﻴﺎت ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻔﻨﻴـﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻌﻞ اﻟﻨﺺ ﻣﺘﺤﺪﺛ ًـﺎ ﺑﺼﻮت اﻟﻐﻮاص ،أن ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﻜﺮه وﻣﺸﺎﻋﺮه؛ ﻟﺘﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﻳﺠﻮل ﻓﻲ داﺧﻠـﻪ):(9
ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﻳﺒﺪأ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ـ اﻟﺬي ﻳﺆﻣﻦ اﻟﻐﻮاص ﺑﻘﺪرﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻛﺎﻣﻼً ـ وﻫــﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﻄﺮد ﻛﻞ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ؛ ﻷﻧﱠﻪ ﻳﻀﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﻠﻪ وﺗﻮﻓﻴﻘﻪ .وﻳﺆﻛﺪ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻤﻮ ﱠﺟﻪ ﻟﻠﻐﻮاص أن اﻟﺼﺪق ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﻫﻴﻔﻮا ﺑــــــﻲ ﺑﺤــــﺮ ﻣﻀـــﻠﻲ واﻟﺴﻠﻮك ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺎﺛﻼً؛ ﻷن اﻟﺤﻴﺎة ﺷﺎﺑﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﺮض ﺑﺎﺻــــــــﻠﱢﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ زاﺋﻠﺔ ،وﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﺳﻮى اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻳﻴﺖ ﻳﻨﺐ اﻟــــﻤﻮي ﻣﺘــــــﻌﻠﱢﻲ 54
اﻟﻨﻬﻤﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ
ĸŕŀ ©Ļėijª ĝĴƀŅŠ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻳﺎﻓﻮر اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة ﻳﺎس
اﻟﻠّﻲ ﻣﻬﺎﺟﺮ ﻓﻲ ﺟﺒﻞ »داس« أﺳﻤﻴﻪ ﻓﻲ دﻧـــــﻴﺎه ﻣﺤـــــﺮوم1 دوﻧﻪ وﻟﻴﻔﻪ ﻳﻘﻄﻊ اﻟﻴــــﺎس ﺗﻘﻨﻴﻦ ﺳ ّﻮ ْوا ﻓﻲ اﻟﺸــــــﻬﺮ ﻳــﻮم ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﻋﻦ ﻻ ﺗﻜْﺴﺮ ا ْﻫﻮاس ﺷﻔﻨﻲ ﻋـﻠﻰ ﻓﺮﻗﺎه ﻣـــــــــــﺎروم ﻟﻲ ﻣﻦ ﻃﺮاﻟﻲ زﻳﻦ اﻷﻟﺒﺎس ﻣﺎ ا ْﺣﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺪّ ة رﺑــﻊ ﻳـــــﻮم ﻫ ّﻤﻮا ﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﻃﺎﻳﺮة ﻣـــﺎس ﻟﻲ ﺳﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻮ ﺑ ْﻌـــــــﺰوم2 ﻳﻮم اﻧْﺰﻟﺖ وﺑْﺮﻳـــﻜﻬﺎ داس ﻟﻦ »اﻟﺘﻜﺎﺳﻲ« ﻋــﻨﺪي ا ْوﻟــــﻮم3 ﺟﻴﺐ م »ﻟ ْﺒﻜﺎس« ﻋ ّﻮدت ﻓﻲ ٍ واﺗﻔ ّﺮﺟﺖ م اﻟﻘـــــــﻠﺐ ﻟ ْﻬﻤﻮم4 ﺷﻔﺖ اﻟﺬي ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺸﺎ داس ﻣﻦ ﺑﻮﺛــــــــــﻤﺎنٍ ﻳﻚّ ﻟـــــ ْﺮﻗﻮم ﻟﻲ ﻣﺎ ﻫﺬاﺑﻪ ﻛـــــﻞ ر ّﻣﺎس ْﻣــــــﺪاري ﻋﺮﺿـــﻪ وﻣﺤـــﺸﻮم ﺣ ّﺒﻪ ﺑﻘﺎﺻﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻟﻪ ﺳﺎس ﻟﻲ ﻓﻲ ﺿﻤﻴﺮي ﻣ ّﺮث ْرﺳــــــﻮم ﻣﺎ ﺑ ْﺘﺮﻛﻪ وﻣﺎ ﺑﻘﻄﻊ اﻟﻴـــﺎس ﻟﻮ ﻳﻨﻀﺮب ﻋﻦ ﻳﻮِﻣ َﻴﻪ ﻳــــــــﻮم
- 1ﺟﺒﻞ داس :ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة داس اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﻛﺎن ﺑﻬﺎ ﻣﻘﺮ أول ﺷﺮﻛﺔ ﺣﻔﺮ ﻋﻦ اﻟﺒﺘﺮول ﻓﻲ ﻣﻴﺎه أﺑﻮﻇﺒﻲ. - 2ﻃﺎﻳﺮة ﻣﺎس :اﻟﻄﺎﺋﺮة ،وﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ أن ﻫﻴﻜﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺎس. - 3اﻟﺘﻜﺎﺳﻲ :ﺟﻤﻊ ﺗﺎﻛﺴﻲ وﻫﻲ ﺳﻴﺎرة اﻷﺟﺮة ،ﻣﻦ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ. - 4ﻟﺒﻜﺎس :ﺟﻤﻊ ﺑﻮﻛﺲ وﻫﻲ ﻧﻮع ﻣﻐﻄﻰ ﻣﻦ ﺳﻴﺎرات اﻟﺠﻴﺐ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
53
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí ﺧﻄﻮات ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ
ﺗﺒﺪأ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺺ وﻫﻲ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،وﻳﺘﻮﻟﻰ اﻟﻘﻼف ﺿﺒﻄﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻴﻂ ﻟﻴﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻪ ،ﺛﻢ ﻳﺤﻀﺮ اﻟﺼﺪر واﻟﺘﻔﺮ ،وﻳﻮﺿﻊ اﻷول ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺧﺮة ،ﺛﻢ اﻟﻤﺎﻟﺞ اﻷول ﺣﺘﻰ اﻟﺮاﺑﻊ ،ﺛﻢ اﻟﺤﻤﻠﺔ واﻟﺒﺮد واﻟﺰﺑﺪرة وﻫﻲ إﻃﺎر ﺧﺸﺒﻲ ﻟﺘﺠﻤﻴﻞ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﺛﻢ اﻟﻐﺼﻮص ﻟﻠﻤﺠﺎدﻳﻒ ،واﻟﻘﺎﻳﻢ اﻟﺬي ﻳﺘﻮﺳﻂ اﻟﺸﺮاﻋﻴﻦ وﻳﺮﺑﻄﺎن ﺑﻪ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻷﺷﺮﻋﺔ ،ﻳﻀﺎف إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﻨﺶ ،وﻫﻮ ﺧﺰان ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻣﺎء اﻟﺸﺮب أﺛﻨﺎء اﻟﺮﺣﻼت ،ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﺑﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،وﻳﺠﻠﺲ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﻮﺧﺬة واﻟﺴﻜﻮﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻮﺟﻪ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻳﻨﺒﻪ إﻟﻰ أي اﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ ﺣﺴﺐ ﺣﺠﻤﻬﺎ وأﻧﻮاﻋﻬﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺒﺎل اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻒ ،واﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪم ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺸﺮاع وإﺑﺮة ﻟﺨﻴﺎﻃﺘﻪ ،ﻓﺎﻷﺷﺮﻋﺔ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﻧﺴﻴﺞ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻐﺰل ﻳﻘﻮم اﻟﺒﺤﺎرة ﺑﺘﻔﺼﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﻒ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام إﺑﺮة ﻛﺒﻴﺮة ﺗﺴﻤﻰ اﻟﻤﻴﺐ. وﺗﺼﻨﻊ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺎﻃﺊ ،وذﻟﻚ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻧﺰاﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻬﺎ. أﺳﺘﺎذ وﻓﺮﻳﻖ
وﻻ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻘﻼﻓﻲ إﻻ ﻓﻲ وﺟﻮد اﻟﺴﻴﺪ أو اﻷﺳﺘﺎذ ،ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﻘﺎﺋﺪ واﻟﻤﻮﺟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﺮﻳﺲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺘﺸﻤﻢ اﻟﺮﻳﺎح وﻳﺘﻨﺒﺄ ﺑﺘﻘﻠﺒﺎﺗﻬﺎ وﻗﻮة اﻷﻣﻮاج وﻫﺪوﺋﻬﺎ ،وﻳﻌﻠﻢ أﻓﻀﻞ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﺼﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك أو ﻟﻠﻐﻄﺲ ﻟﻠﻤﺠﻲء ﺑﺎﻟﻤﺤﺎر اﻟﻤﻤﺘﻠﻲء ﺑﺎﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﻨﻔﻴﺲ. ﻓﻔﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ وﺑﻨﺎء اﻟﻤﺮاﻛﺐ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،ﻳﻘﻒ اﻷﺳﺘﺎذ وﻫﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ ﻣﺸﺮﻓًﺎ وﻣﻮﺟﻬﺎ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ،ﻳﺒﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻋﺎﻣﻼ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﻌﻤﺎل ﺑﺤﻜﻢ ﻋﺪدﻫﻢ ﻣﻦ 15إﻟﻰ ً 20 ﺧﺒﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ ،وﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﻬﻨﺪس اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وواﺿﻊ ﺗﺼﻤﻴﻤﻬﺎ وﺧﻄﻮﻃﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة واﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ وﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ وﻇﻴﻔﺔ »اﻷﺳﺘﺎذ« ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء اﻟﺴﻔﻦ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻨﺪ إﻟﻴﻪ ﻣﻬﻤﺔ إﺻﻼﺣﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ. ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﻬﺪ إﻟﻴﻪ ﺑﻤﺮاﻓﻘﺘﻬﺎ ﺧﻼل رﺣﻼﺗﻬﺎ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﻷن وﺟﻮده ﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮ ﻃﺎﻗﻤﻬﺎ ﺑﺎﻷﻣﺎن ﺗﺠﺎه أﻳﺔ أﺧﻄﺎر ﻗﺪ ﺗﺼﻴﺐ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻟﺬا ﻛﺎن »ﻧﻮاﺧﺬة اﻟﺴﻔﻦ« ﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻋﻠﻰ اﺻﻄﺤﺎب »اﻷﺳﺎﺗﺬة« اﻟﻤﺸﻬﻮرﻳﻦ، وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ أﺳﻬﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ »اﻷﺳﺘﺎذ« ﻣﻦ ﺣﺼﻴﻠﺔ اﻟﺮزق. وﻣﻦ أﺑﺮز أﻧﻮاع وأﺳﻤﺎء اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم اﻟﻘﻼف ﺑﺼﻨﺎﻋﺘﻬﺎ وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺘﻰ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎً ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﺤﺠﻢ :ﺳﻔﻦ اﻟﺒﻐﻠﺔ واﻟﺴﻔﺎر وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﻠﻨﻘﻞ واﻟﺴﻔﺮ وﺳﻔﻦ اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت واﻟﺒﻮم واﻟﺴﻨﺒﻮك واﻟﺒﻘﺎرة واﻟﺒﺘﻴﻞ واﻟﺸﻮﻋﻲ واﻟﺒﻠﻢ واﻟﻔﻮدري وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﺮﺣﻼت اﻟﻐﻮص ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺳﻔﻦ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك وأﺑﺮزﻫﺎ اﻟﺸﻮﻋﻲ واﻟﻤﺎﺷﻮا واﻟﻬﻮري وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﺼﻴﺪ
52
اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ
اﻷﺳﻤﺎك ،وﺳﻔﻦ اﻟﻘﻄﺎع وﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺗﺰوﻳﺪ ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﺑﺎﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ وﺳﻂ اﻟﺒﺤﺮ. اﻟﺘﺪﺷﻴﻦ واﻟﺒﻬﺠﺔ واﻟﺪﻋﺎء ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ
ﻓﻮر اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻘﻼف وﻣﻌﺎوﻧﻴﻪ ،ﻣﻦ ﺑﻨﺎء اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ أو اﻟﻤﺮﻛﺐ ،ﻳﺴﺘﻌﺪون ﻟﺘﺪﺷﻴﻨﻬﺎ وﺳﻂ ﻓﺮﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮة وأﻣﻨﻴﺎت وأﺣﻼم ﻛﺜﻴﺮة ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺠﻤﻊ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس واﻷﻫﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة ﻓﻲ إﻧﺰال اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺪوار ،وﻫﻮ ﻋـﺒﺎرة ﻋــﻦ ﺑـﻜــﺮة ﺣـﺪﻳـﺪﻳﺔ ﻳﻠﻒ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺣﺒﺎل ﺗﺮﺑﻂ ﺑﺎﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻹﻧﺰاﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎل ﻳﻘﻮم اﻟﻘﻼف أو اﻟﻨﻮﺧﺬة أو ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺑﺬﺑﺢ اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ وإﻋﺪاد وﻟﻴﻤﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ ﻳﻮم اﻟﻜﻠﻔﺎت ،وﻗﺪ ﻳﻘﺪم ﻟﻜﻞ ﻣﺸﺎرك ﻛﺴﻮة ﻣﻼﺑﺲ ﺟﺪﻳﺪة. ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺒﺪأ اﻟﻄﺮب واﻟﻐﻨﺎء وﻣﻨﻪ: اوﺷﺎر اﻟﺰﻳﻦ ﺑﺎرك ﻟﻪ ...ﺣﺼﺘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻴﻦ ﺑﺎرك ﻟﻪ ﻳﺎﻟﻴﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻓﻞ ﺣﻤﺎﻣﺔ ...وأﺑﺸﺮ اﻟﻐﻮاص ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ ﻳﺎﻟﻴﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻗﻞ ﻋﺼﻔﻮرة ...وأﺑﺸﺮ اﻟﻐﻮاص ﺑﻤﺤﺼﻮﻟﻪ واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﺪﻗﻞ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺻﺎري اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ
ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ﻳﺘﺸﻌﺐ أﺣﺪ ﻃﺮﻓﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﺷﻌﺒﺘﻴﻦ ﻹدﺧﺎل اﻟﺨﻴﻮط ﺑﻴﻦ اﻷﺧﺸﺎب ،و»اﻟﺠﺪوم« وﻫﻲ أداة ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻟﻨﺤﺖ اﻟﺨﺸﺐ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺸﺎر اﻟﻤﻌﺘﺎد اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺗﻘﻄﻴﻊ اﻷﺧﺸﺎب ،وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺄﺣﺠﺎم ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﺤﺴﺐ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎﺗﻪ ،وﻳﺤﺘﺎج ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺴﻔﻦ إﻟﻰ »اﻟﺸﺒﺎ« ،أي اﻟﻘﻤﻄﺔ وﻫﻲ أداة ﺗﻤﺴﻚ اﻷﺧﺸﺎب ،و»اﻟﻤﺠﺪح« ،وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺛﻘﺐ اﻷﺧﺸﺎب ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻘﻮس اﻟﺬي ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺧﺸﺒﺔ أﺳﻄﻮاﻧﻴﺔ ﻣﺴﺘﻄﻴﻠﺔ ﻳﺮﺑﻂ ﺑﻄﺮﻓﻴﻬﺎ »وﺗﺮ« رﻓﻴﻊ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﻤﺠﺪح ﻟﺜﻘﺐ اﻷﺧﺸﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﻔﻦ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻳﺴﺘﺨﺪم »اﻟﺮﻧﺪة« أو اﻟﻔﺎرة ﻟﺘﻨﻌﻴﻢ اﻷﺧﺸﺎب ،و»اﻟﺸﺎﻛﺔ« وﻫﻲ ﻃﺒﺎﺷﻴﺮ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﺼﻨﺎع ﻓﻲ وﺿــﻊ ﻋﻼﻣﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام »اﻟﺒﻠﺪ« ،وﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻛﺘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺻﺎص ﻟﻬﺎ ﻋﺮوة ﻳﺮﺑﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺒﻞ ﺑﻪ ﻋﻼﻣﺎت ﻟﻠﻘﻴﺎس ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺴﺎﻣﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺜﺒﻴﺖ اﻷﺧﺸﺎب ،وﻫﻲ ﻣﺘﻌﺪدة اﻷﺣﺠﺎم واﻷﺷﻜﺎل ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮة واﻟﺘﻰ ﺗﺴﻤﻰ أﺑﻮ ﻓﻠﻮﺳﺔ ،وﻗﺪ ﻳﺼﻞ ﻃﻮل اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ذراع . ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺨﺪام زﻳﺖ »اﻟﺼﻞ« اﻟﻤﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻻﺳﻤﺎك ،وﻫﻮ ﻣﺎدة ﻳﺪﻫﻦ ﺑﻬﺎ ﺧﺸﺐ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ ،وﻳﺘﻢ دﻫﺎن أﺳﻔﻞ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺺ إﻟﻰ اﻟﺤﻤﻠﺔ ﺑﺪﻫﻦ اﻟﻮدج، وﻫﻮ ﻣﻦ ﺑﻮدرة اﻟﻨﻮرة ﻳﺨﻠﻂ ﻣﻊ ﺷﺤﻢ اﻟﻐﻨﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ ﻋﺠﻴﻨﺔ ،ﻓﻴﻜﻮن ﺣﺎﺟ ًﺰا ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ اﻣﺘﺼﺎص اﻟﺨﺸﺐ ﻟﻠﻤﺎء وﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺳﻮس اﻟﺨﺸﺐ .إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ »اﻟﺸﻮﻧﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺧﻠﻂ اﻟﺠﻴﺮ واﻟﺪﻫﻦ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﻃﻼء اﻟﺠﺰء اﻟﺴﻔﻠﻲ ﻟﻠﺴﻔﻴﻨﺔ ﺑﻬﺪف ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺨﺸﺐ ﻟﻠﻤﻠﻮﺣﺔ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام »اﻟﻔﺘﺎﻳﻞ« وﻫﻲ ﺧﻴﻮط ﻗﻄﻨﻴﺔ ﺗﻮﺿﻊ ﻟﺴﺪ اﻟﻔﺮاﻏﺎت ﺑﻴﻦ اﻷﺧﺸﺎب، ﺗﺪﻫﻦ ﺑﺰﻳﺖ اﻟﺴﻤﺴﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻬﻞ إدﺧﺎﻟﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻟﻮﺣﻲ اﻟﺨﺸﺐ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
51
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí اﻟﺤﺐ ﻫﻮ اﻟﻤﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻘﻼف ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﻴﺪوﻳﺔ وﺗﺘﻄﻠﺐ ﻋﺎدة اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻹﺑﺪاﻋﻲ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪﻗﻴﻖ اﻟﻤﺘﻘﻦ ،وﺗﺒﺪأ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﺼﻌﺒﺔ واﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺠﻬﻮد ﺑﺪﻧﻲ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻟﺬا ﻳﺠﺐ اﻟﻨﻮﺧﺬة ﻣﻊ اﻟﻘﻼف ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺑﻤﻮاﺻﻔﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻳﺴﺘﻐﺮق ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ أن ﻳﺤﺒﻬﺎ ﻟﻤﺎ ﺗﺤﺘﺎج ﻣﻦ ﻣﺠﻬﻮد ذﻫﻨﻲ وﺑﺪﻧﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻬﻮرا ﻗﺪ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻋﺎم أو أﻛﺜﺮ ﺣﺴﺐ ﺣﺠﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ. وﺻﺒﺮ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻓﺎﻟﻘﻼف ﻻ ﻳﻘﻮم ﺑﺒﻨﺎء اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻤﺮاﻛﺐ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻓﻨﺎن ﻳﻨﺤﺖ ﺗﺤﻔﺘﻪ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻣﻦ أول ﺷﻌﺎع ﻟﻠﺸﻤﺲ ﺣﺘﻰ ﻏﺮوب آﺧﺮ أدوات وﻣﻮاد وﺻﺒﺮ ﻃﻮﻳﻞ ﺷﻌﺎع ﻟﻬﺎ ،وﻃﻮال ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ،ﻳﺘﺤﺪث ﻣﻊ ﺳﻔﻴﻨﺘﻪ ،وﻳﻄﻠﻖ اﻷﻏﺎﻧﻲ ﻟﺬا ،ﻓﻤﻬﻨﺔ اﻟﻘﻼف ،ﺗﻌﺘﺒﺮ وﺣﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻫﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ واﻷﻫﺎزﻳﺞ ﻓﻲ رﺣﺎﺑﻬﺎ وﻳُﺤﻤﻠﻬﺎ ﺑﺎﻷﻣﻨﻴﺎت واﻷﺣﻼم ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻷدوات اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻹﻧﺠﺎز ﻣﻬﻤﺘﻪ او إﺧﺮاج ﺗﺤﻔﺘﻪ. وأول اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﻳﻠﺠﺎ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻘﻼف ،اﻷﺧﺸﺎب ،ﺣﻴﺚ ﻳﺰوده اﻟﻨﻮﺧﺬة ﻛﻲ ﻳﺜﺒﺖ ﻣﻬﺎرﺗﻪ وﺗﻔﺮده. ﺑﻌﺪة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ واﻟﻤﻮاد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺒﻨﺎﺋﻬﺎ ،وﺗﺒﺪأ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﺘﺤﻀﻴﺮ أﻟﻮاح اﻟﻘﻼﻓﺔ واﻟﻐﻼﻓﺔ ﺧﺸﺒﻴﺔ ،وﺗﺼﻨﻊ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ »اﻟﺒﻴﺺ« وﺗﺜﺒﺖ ﻓﻮق ﻋﺪة ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻦ وﻗﺪ ﻳﻄﻠﻖ اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻔﻆ اﻟﻘﻼﻓﺔ ﺑﺤﺮف اﻟﻐﻴﻦ أي اﻟﻐﻼﻓﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻟﺨﺸﺐ ﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻄﻌﻮم« ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﻣﺘﺪاد اﻟﺒﻴﺺ ،ﺛﻢ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﺈﺣﻜﺎم ﺟﺎءت ﻣﻦ ﺗﻐﻠﻴﻒ وﺗﻐﻄﻴﻪ ﺧﺸﺐ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺑﻤﺎدة اﻟﻘﺎر ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﺗﻤﻬﻴ ًﺪا ﻟﻠﺒﺪء ﺑﺘﺮﻛﻴﺐ اﻷﺟﺰاء اﻷﺧﺮى ﻟﻠﺴﻔﻴﻨﺔ. واﻟﺨﺎرج ،وﻫﺬا ﺧﻄﺄ ﺷﺎﺋﻊ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻌﺾ. ﺛﻢ ﻳﻘﻮم »اﻟﻤﻄﻮع« ﺑﺘﻘﻄﻴﻊ اﻷﺧﺸﺎب ،وﺗﺠﻬﻴﺰﻫﺎ ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ﺧﺸﺐ وﻳﻨﻘﺴﻢ ﻋﻤﻞ اﻟﻘﻼف إﻟﻰ ﺟﺰءﻳﻦ ،أن ﻳﻘﻮم ﺑﺼﻴﺎﻧﻪ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻋﻨﺪ أﺣﺪ ”اﻟﺴﺎج“ اﻟﻬﻨﺪي ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﻮاد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ؛ ﻟﻜﻮﻧﻪ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ أو ﺻﻨﺎﻋﺔ وﺑﻨﺎء ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ورﺷﺘﻪ ،وﻳﻘﺎل ﻋﻠﻰ ﻟﻔﻆ ﻳُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﺄﻟﻮاح ﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺎء، اﻟﻌﻤﻞ » ﺧﺪﻣﺔ« ﻟﺬا ﻳﻘﺎل :وﻳﻦ اﺗﺨﺪم ﻫﺬه اﻷﻳﺎم؟ ﻓﻴﺠﻴﺒﻪ اﻟﻘﻼﻓﻲ :وﺗﺴﺘﺨﺪم أﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﺜﻞ :اﻟﻜﺎﻓﻮر ،واﻟﺴﺪر ،اﻟﻨﻴﻢ ،وﺟﻮز اﻟﻬﻨﺪ واﻟﺼﻨﻮﺑﺮ واﻷﺛﻞ واﻟﺠﻨﻘﻠﻲ واﻟﺒﻨﻴﺘﺞ واﻟﻔﻴﻨﻲ واﻟﻐﻨﺺ. أﺧﺪم ﻓﻲ ﺟﺎﻟﺒﻮت ﻓﻼن أو ﺑﺎﻧﻮش ﻋﻼن. ﺷﺎﻛﻮش وأزﻣﻴﻞ وﻣﺒﺮد وﺣﺒﺎل وﻳﺪ ﻗﻮﻳﺔ وﺻﺒﺮ ﻛﺒﻴﺮ ،ﺣﻠﻢ داﺧﻞ ﻳﻬﺠﻊ اﻟﻐﻮاص وﻳﻌﻤﻞ اﻟﻘﻼف اﻟﻘﻠﺐ ،ورﺳﻢ ﻣﺤﺪد ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ ،ﻫﺬه ﻫﻲ أﺳﻠﺤﺔ اﻟﻘﻼف ،ﻗﺒﻞ أن وﻛﺎن ﻣﻮﺳﻢ ﻋﻤﻞ اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ ﻳﺒﺪأ ﻣﻊ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻐﻮص أﻳﺎم زﻣﺎن ،ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺨﺸﺐ ،ﻫﺬا اﻟﺨﺸﺐ اﻟﻤﺼﻤﺖ اﻟﻤﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺚ ﻳﻬﺠﻊ اﻟﻐﻮاﺻﻮن إﻟﻰ اﻟﺮاﺣﺔ ﻟﻴﺒﺪأ ﻋﻤﻞ اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ ،ﻓﺘُﺴﺤﺐ ﺷﺎﻃﻲء اﻟﺒﺤﺮ ،ﻳﺒﺪو ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﻟﻘﻼف ﻃﻴ ًﻌﺎ وﺣﺎﻧﻴًﺎ وﻣﺴﺘﺠﻴﺒًﺎ ﻟﻘﺪراﺗﻪ اﻟﺴﻔﻦ إﻟﻰ اﻟﺸﻮاﻃﺊ ،وﻳﺒﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺼﻠﻴ ًﺤﺎ وﺗﺮﻣﻴ ًﻤﺎ أو ﺗﺠﺪﻳ ًﺪا واﺑﺘﻜﺎرﺗﻪ واﺑﺪاﻋﻪ وأﻓﻜﺎره. ﻓﺒﻌﺪ ﺗﺠﻬﻴﺰ اﻷﺧﺸﺎب ،ﻳﻠﺠﺄ اﻟﻘﻼف إﻟﻰ ﻋﺪﺗﻪ وأدواﺗــﻪ وﻫﻲ: وﺗﻌﺮف ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺑﺎﺳﻢ ﻓﺘﺮة »اﻟﻘﻴﻆ«. وﺗﻌﺪ اﻟﻘﻼﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺒﺤﺮي» ،اﻟﻤﻨﻘﺮ« اﻟﻤﺴﺘﺨﺪم ﻟﻨﻘﺮ اﻟﺨﺸﺐ وﺗﻨﻈﻴﻔﻪ ،و«ﻣﻨﻘﺮ ﻛﻠﻔﺎت« وﻫﻮ
50
اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
49
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
ﻳﺠﻤﻌﻮن ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺮﻓﺔ واﻟﻔﻦ
اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ
ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﺘﺠﺎب
ﺟﻬ ًﺮا أو ﺧﻠﺴﺔ ،ﻓﻲ ﻫﺠﻴﺮ اﻟﺼﻴﻒ أو ﻗﺴﻮة اﻟﺸﺘﺎء ،ﺑﻴﻦ رﻣﺎل اﻟﺸﺎﻃﻰء أو ﻋﺮﺑﺪة اﻷﻣﻮاج ،ﻓﻲ ﻗﻤﺔ ﺳﺎري اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ أو ﻓﻲ ﻗﺎع اﻟﻤﺮﻛﺐ ،ﺑﻴﻦ ﻏﻤﺎﻣﺘﻴﻦ أو ﻣﻮﺟﺘﻴﻦ ﺗﺘﻼﺣﻘﺎن ﻟﻼﺻﻄﺪام ﺟﺎﻟﺴﺎ أو واﻗﻔًﺎ ،ﻳﺠﻬﺰ ﻋﺪﺗﻪ ﺑﺎﻟﺸﺎﻃﻰء ،ﻛﺎن ﻻﺑﺪ أن ﺗﺠﺪهً ، وﻳﻨﺘﻘﻲ أﺧﺸﺎﺑﻪ وﻳﻤﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺤﻠﻢ ﻛﺒﻴﺮ وﻳﺮﺳﻢ داﺧﻞ ﻋﻘﻠﻪ ﺣﺪود إﺑﺪاﻋﻪ. إﻧﻪ اﻟﻘﻼف أو اﻟﺠﻼف أو اﻟﻐﻼف ،ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺒﺴﻴﻂ واﻟﻬﺎدئ واﻟﺼﺎﺑﺮ ،اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻫﺪوء رﻣﺎل اﻟﺸﺎﻃﻰء اﻟﺘﻰ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻣﻨﺬ ﻃﻠﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﺣﺘﻰ اﻟﻤﻐﻴﺐ. واﻟﻘﻼف ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻊ اﻟﺴﻔﻦ وﻳﺒﻨﻲ اﻟﻤﺮاﻛﺐ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ، وﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺻﺒﺮ ،ﻳﺘﺤﺴﺲ ﺑﺄﻧﺎﻣﻠﻪ اﻟﺨﺸﺐ وﻳﻨﺘﻘﻲ أﻓﻀﻠﻬﺎ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﺘﺎﻧﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺘﻤﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻦ اﻟﻤﺮﻛﺐ وﺣﻮاﻓﻪ وﻣﺠﺎدﻳﻔﻪ وأﻧﻮاع اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻰ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺧﺸﺎب وﺣﺪﻳﺪ وأﻗﻤﺸﺔ ﻟﻠﺸﺮاع وﺣﺒﺎل وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺎﻣﺎت. اﻟﻘﻼف ﻫﻮ اﻷﻳﻘﻮﻧﺔ ،ﻫﻮ اﻟﻤﺴﻴﻄﺮ واﻟﻔﻨﺎن واﻟﻤﺒﺪع ،ﻫﻮ اﻟﺠﺎﻟﺲ أو ّ اﻟﻮاﻗﻒ ﻓﻲ ﻫﺪوء ﻳﺘﻘﻦ ﻋﻤﻠﻪ ،ﻳﻮ ًﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ،ﻓﻌﻤﻠﻪ ﻳﻤﺘﺪ ﻷﺷﻬﺮ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻓﻲ ﺻﻨﻊ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺨﺘﺮق أﻣﻮاج اﻟﺒﺤﺮ ،وﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺮزق اﻟﻮﻓﻴﺮ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ وﻋﻤﺎﻟﻬﺎ وﻟﻸﻫﺎﻟﻲ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮ. ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم وﻣﻬﻨﺔ اﻟﻘﻼﻓﺔ ﻣﻦ أﻗﺪم اﻟﻤﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺤﺮي ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ، اﻟﻘﻼف ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ وﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺰﻣﺎن ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺎل إﻧﻬﻢ أﺣﻔﺎد اﻟﻨﺒﻲ ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ واﻟﻘﻼﻓﺔ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺮﻛﻮب اﻟﺒﺤﺎر ﺻﻌﻮﺑﺔ وﻣﻬﺎرة اﻟﺴﻼم ،أول ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ ،ﻟﺬا ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ وﺣﺮﻓﻴﺔ ،وﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺳﻴﻂ :ﻗَﻠ ََﻒ اﻟﺸﺠﺮ َة وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻗَﻠْﻔًﺎ :اﻟﺴﻼم اﻷب اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﻘﻼﻓﺔ ،وﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻪ أﺑﺎ ﻟﻠﻘﻼﻟﻴﻒ وﻫﻮ ﻣﻦ ﻧﺰع ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺸﺮﻫﺎ ،واﻟﺴﻔﻴﻨﺔ :أﻋ ﱠﺪﻫﺎ وﺳ ّﺪ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠّﻴﻒ واﻟﻘﺎر ،ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﺘﻰ أﻧﻘﺬت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻓﻬﻲ واﻟ ِﻘﻼﻓَﺔِ :ﺣﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻳَﺨﺮِز أﻟﻮاح ﱡ اﻟﺴﻔُﻦ وﻳﺠﻌﻞ ﻓﻲ َﺧﻠَﻠِﻬﺎ اﻟﻘﺎر ،وﺣﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء. وﺟﻤﻌﻬﺎ ﻗﻼﻟﻴﻒ. وﻷن اﻟﺒﺤﺮ ﻫﻮ ﻣﺼﺪر اﻟﺮزق اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻷﻫﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺮﻋﻮا ﻓﻲ وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻘﻼف اﻟﻤﻬﻨﺪس اﻟﺬي ﻳﺼﻤﻢ وﻳﻘﻮم ﺑﺒﻨﺎء اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﺸﺎﻗﺔ ،واﺷﺘﻬﺮوا ﻓﻲ إﺗﻘﺎﻧﻬﺎ وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺳﺮارﻫﺎ ،وأﺻﺒﺢ ﻟﻬﻢ ﻣﻬﻨﺔ ﺗﺘﻮارﺛﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل ،أي ﻟﻢ ﻳﻘﻢ أﺣﺪ ﺑﺘﺪرﻳﺴﻬﺎ وﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎدة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ واﻟﺘﻔﻮق ﻓﻴﻬﺎ.
اﻟﻤﺪارس أو اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ،ﺣﻴﺚ ﻳﻠﺘﺤﻖ اﻟﻘﻼف ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﻓﻲ أﺣﻀﺎن اﻟﺴﻔﻦ ﻟﻴﺘﻘﻦ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻘﻼﻓﺔ وﻳﺘﻌﻠﻢ أﺳﺮارﻫﺎ. ﻓﻬﻲ ﻣﻬﻨﺔ وراﺛﻴﺔ ،ﻳﺘﻮارﺛﻬﺎ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﻣﻦ آﺑﺎﺋﻬﻢ وأﺟﺪادﻫﻢ، وأﻏﻠﺐ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ ﻣﺎرﺳﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ »وﻟﻴﺪا«، وﻳﻈﻞ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻓﻲ ورش اﻟﻌﻤﻞ ﺳﻨﺔ أو ﺳﻨﺘﻴﻦ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻪ ﺑﻤﺮاﻗﺒﺔ اﻟﻘﻼف ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﻤﺴﻚ ﻋﺪة اﻟﻌﻤﻞ ،وﺧﻼل ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﺗﺪرب وﺣﻔﻆ أﺳﻤﺎء ﻋﺪة اﻟﻘﻼف ،وﻛﻴﻔﻴﺔ إﻣﺴﺎﻛﻬﺎ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ.
48
اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ
ĸŕŀ ĮſėŸĸŨė œėĶŔĵ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻗﻄﺎﻣﻲ
ﻟﻲ ﻫﺐ ذﻋﺬاع اﻟﺮواﻳـــــﺢ ﺣﻞ ﺣ ّﺰات اﻟﺼــﺮاﻣﻲ1 ﻓﻲ ّ آونّ وﻧّﺎت اﻟﻘــــــــــﻤﺎﻳﺢ وﻧﻴﻦ ﻣﻦ ّ ﻋﻆ اﻟﺒﻬـــــﺎﻣﻲ اﺳﻬﺮت ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻨـﻮم ﻃـــﺎﻳﺢ ﺳﻬﺮان ﺑﺄﺷﻮاق اﻟﻐــﺮاﻣﻲ ّ اﻟﻐﻆ ﻟﻲ ﻧﻬـﻮده ﻃﻔﺎﻳــــﺢ واﻟﻌﻴﻦ ﻛ ْﻨﻬﺎ ﻋﻴﻦ ﺷــــﺎﻣﻲ ْﻳﺘﻴﻪ ﻟﻲ م اﻟﺴﻴﺪ ﺷـــــﺎﻳﺢ وﻳﺘﻴﻪ ﻓﻲ دار اﻟﻤﻀـــﺎﻣﻲ ﻟﻲ ﻧﻮر ﺧﺪّ ﻩ ﺑﺮق ﻻﻳــــﺢ ِ ﺗﺮﻓﺎت اﻧﻌــــﺎﻣﻲ وﺧﺪود ﻳﺪري اﻟﺤﺸﻢ ﻋﻦ اﻟﻔﻀﺎﻳﺢ ذرﺑﻴﻦ اﺣﺸﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﻧﺴﻞ ٍ ﻋﺎﺳ ّﻦ ﻋــﺪواﻧﻪ ﻛـــــﺴﺎﻳﺢ ْﺑﺠﺎه ﻣﻦ ﻣﺸّ ﻰ اﻟﻐﻤــﺎﻣﻲ ﺣﻠﻮ اﻟﺜﻨﺎﻳﺎ ﻫــــﺐ ﻃﻔﺎﻳﺢ ٍ ﺑﻴﺾ ﺗﺤﺖ ذاك اﻟﻠﺜـــﺎﻣﻲ و ْﻣﻴﺪّ ﻟﻪ ع اﻟﻤﺘـــــﻦ ﻃﺎﻳﺢ ﻣﻈﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﻦ اﻟﺤـﺰاﻣﻲ ﻳﺎ ﻋﻨﻖ ﻟﻲ ﻳــﺮﻋﻰ اﻟﺒﻄﺎﻳﺢ ﻳﺰﺑﻦ وﻋﺮ ﺑﺄرض اﻟﻤﻈﺎﻣﻲ وﺻﻠﻪ ﻣﻌﻲ ﻣــــﺎل ورﺑﺎﻳﺢ وارﺗﺎح ﻣﻦ ﻋﻘﺐ اﻟﺴﻬﺎﻣﻲ
- 1اﻟﺼﺮاﻣﻲ :وﻗﺖ اﻟﻘﻴﻆ وﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
47
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻮم اﻷول ﻣﻦ اﻟﻐﻮص » اﻟﺪﺷﺔ« ،وآﺧﺮ ﻳﻮم ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺼﻴﺪ ﻳﺴﻤﻰ ﻳﻮم »اﻟﻘﻔﺎل« ،وﻫﻮ ﻳﻮم ﻟﻪ ﻣﻌﻨﻲ ﺧﺎص ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻤﻬﻢ اﻟﺒﻬﺠﺔ ﻟﻠﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻷﻫﻞ ﺑﻌﺪ رﺣﻠﺔ ﺷﻬﻮر ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺐ واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة وﻗﻠﺔ اﻟﻐﺬاء واﻟﺸﺮاب ﻓﻲ ﻋﺮض اﻟﺒﺤﺮ ،وﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺒﺮ ﻳﺼﺪح اﻟﻨ ّﻬﺎﻣﺔ ﺑﺎﻷﻫﺎزﻳﺞ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻬﻢ ﺑﻴﻦ أﻫﻠﻬﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺣﺎﻣﻠﻴﻦ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺎ رزﻗﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺸﺎﻗﺔ. ﺣﺮﻓﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ
وﻳﺸﺮح اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ،إن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻐﻄﺲ وﺟﻠﺐ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺤﺮﻓﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﺑﻴﻦ رﺟﺎل اﻟﺒﺤﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﺔ ،وﻛﺎن اﻟﻐﺎص ﻳﻘﻮم ﺑﺤﻮاﻟﻲ ﻣﻦ 40إﻟﻰ 50ﻏﻄﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم وﻛﻞ ﻏﻄﺴﺔ ﻻ ﺗﺘﻌﺪى أﻛﺜﺮ ﻣﻦ دﻗﻴﻘﺘﻴﻦ إﻟﻰ ﺛﻼث دﻗﺎﺋﻖ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺮج وﻳﺘﻨﻔﺲ اﻟﻬﻮاء ،وﻛﺎن اﻟﻐﻄﺲ ﻳﺘﻢ ﻧﻬﺎرا ً ﻓﻘﻂ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻬﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ رؤﻳﺔ اﻟﻤﺤﺎر ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻋﻤﻘﻬﺎ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﺘﺮا ً ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً وﻛﺎن اﻟﻐﺎﺻﺔ »ﺟﻤﻊ ﻏﻮاص أو ﻏﺎص« ،ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ ﻓﻲ ﻗﺎع اﻟﻤﻴﺎه أو ﻛﺎﺋﻨﺎت ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻣﺘﻮﺣﺸﺔ ﻣﺜﻞ »ﺳﻤﻚ اﻟﻘﺮش« ،و»ﺳﻤﻜﺔ »اﻟﺪﺟﺎﺟﺔ« ذات اﻷﺷﻮاك اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ،وﻟﺬا ﻛﺎن أي ﻏﻮاص ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺳﻜﻴﻨﺎ ﻳﺪاﻓﻊ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ، وﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ وﺳﺮﻋﺔ اﻟﺘﺼﺮف ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أي ﻃﺎريء ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﺗﺤﺖ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء ﺑﻤﻔﺮده. وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻐﺎﺻﺔ ،ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﻬﻦ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﺑﺪوﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻐﻮص ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻬﻨﺔ » اﻟﻨﻮﺧﺬة« وﻫﻮ ﻗﺎﺋﺪ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ» ،اﻟﺴﻴﻴﺐ« وﻫﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﻐﻮاص ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻮد إﻟﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﻐﻄﺲ» ،اﻟﺒﻨﺪار« وﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻤﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻳﻘﻮم ﺑﻜﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﻃﺎﻗﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﺮة اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﻤﻬﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻦ ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻞ ﻋﺸﺮات اﻟﺒﺤﺎرة ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن. أدوات اﻟﻐﻮص
وﻳﻌﺪد اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ اﻷدوات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﻐﻮاص ،ﻣﻨﻬﺎ »اﻟﺴﻜﻴﻦ« ﻷﻏ ـﺮاض اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ ،اﻟﻔﻄﺎم وﻫﻮ ﻣﺸﺒﻚ ﻳﻀﻌﻪ اﻟﻐﻮاص ﻋﻠﻰ أﻧﻔﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻨﻊ اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ اﺛﻨﺎء اﻟﻐﻮص ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﻤﻴﺎه» ،اﻟﺤﺠﺮ« اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻘﻪ اﻟﻐﻮاص ﻓﻲ إﺣﺪى ﻗﺪﻣﻴﻪ ﻟﺘﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺰول ﺑﺴﺮﻋﺔ إﻟﻰ ﻋﻤﻖ اﻟﺒﺤﺮ » ،اﻟﺪﻳﻴﻦ« وﻫﻮ وﻋﺎء ﻳﺸﺒﻪ ﺷﺒﻜﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ رﻗﺒﺘﻪ ﻟﻴﺠﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺤﺎر اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻘﻄﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺎع اﻟﻤﻴﺎه .اﻟﺨﺒﻂ وﻫﻲ ﻗﻔﺎﻓﻴﺰ ﻳﻀﻌﻬﺎ اﻟﻐﻮاص ﻓﻲ ﻳﺪﻳﻪ اﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﻤﻊ اﻟﻤﺤﺎر. أﻣﺎ أﻧﻮاع اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻐﻮص ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻬﻲ
46
ﺣﺜﺒﻮر ﺑﻦ ﻛﺪاس اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ
ﻛﺜﻴﺮة ،وﻟﻜﻦ أﺷﻬﺮﻫﺎ »اﻟﺴﻨﺒﻮك« وﻫﻲ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ ﻳﺼﻞ ﻃﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ 60ﻗﺪﻣﺎً وﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 60ﻃﻨﺎً ،و »اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت« وﻃﻮﻟﻬﺎ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز 30ﻗﺪم ،وﻫﻨﺎك »اﻟﺼﻤﻌﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ اﻗﺪم أﻧﻮاع اﻟﺴﻦ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات. أﻣﺎ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﺸﺮاء اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺎرة ،ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺤﺼﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻨﻮﺧﺬة داﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﻐﻮاص ﻋﻠﻰ ﺳﻬﻤﻴﻦ ﻓﻘﻂ ،وأﺻﺤﺎب اﻻﻋﻤﺎل اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻳﺤﺼﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪار ﺳﻬﻢ واﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻤﺤﺎر واﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﺬي ﺗﻢ اﻟﺘﻘﺎﻃﻪ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻐﻮص ،ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻳﺴﻤﻰ »ﻃﻮاش« واﻟﺠﻤﻊ »ﻃﻮاوﻳﺶ« ،واﻟﻄﻮاش ﻛﺎن ﻟﻪ ﻣﺠﻠﺲ ﺧﺎص ﻳﺴﻤﻰ »ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻄﻮاش« ﻳﻘﻮم ﻓﻴﻪ ﺑﻮزن اﻟﻠﺆﻟﺆ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻣﻴﺰان وﻳﺤﻀﺮ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﺗﺠﺎر اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ ﻟﺸﺮاﺋﻪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان أﺧﺮى. أﻟﻮان وأﻧﻮاع
وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺨﺒﻴﺮ اﻟﺘﺮاﺛﻲ أن اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أﻟﻮان وﻫﻲ اﻷﺑﻴﺾ وﻫﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮة وذﻳﻮﻋﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ،اﻟﻮرد ،اﻷﺧﻀﺮ ،اﻷﺳﻮد ،واﻷﺧﻴﺮ ﻫﻮ أﻧﺪرﻫﺎ وأﻏﻼﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ،أﻣﺎ أﻧﻮاع اﻟﻠﺆﻟﺆ واﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮف اﻟﻔﺮق ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺟﻴﺪا اﻷﻗﺪﻣﻮن ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﻠﻮا ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ ،ﻓﺘﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ »اﻟﺠﻴﻮان« داﺋﺮﻳﺔ اﻟﺸﻜﻞ وﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ وذات ﻟﻮن اﺑﻴﺾ» ،اﻟﻴﻜﺔ« وﺗﺸﺒﻪ اﻟﺠﻴﻮان ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺼﻔﺎت ﻏﻴﺮ اﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺘﺪرة ﻣﺜﻠﻪ» ،اﻟﻘﻮﻟﻮه« وﺗﺸﺒﻪ ﺛﻤﺮة اﻟﻜﻤﺜﺮى إﻻ أن ﻟﻮﻧﻬﺎ وردي ،وﻫﻨﺎك »اﻟﺒﺪﻟﺔ« وﻫﻲ أﻗﻞ درﺟﺎت اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻗﺒﺎل اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻬﺎ
واﺿﺎف اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ :ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻨﻔﻂ ،ﻳﺘﻢ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻮاﺳﻢ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺣﺮﺻﺖ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،وﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ﻋﻠﻰ إﻋﻼء ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس ﻏﻮص »اﻟﻌﻮد« أو اﻟﻜﺒﻴﺮ: اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻋﺮﻓﺎﻧًﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻘﻴﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻧﺪة اﻹﻧﺴﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﻘﺎء وﻫــﻮ اﻟﻐﻮص اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ اﻟــﺬي ﺗﺨﺮج ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷرض اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻋﺸﺮات اﻟﻘﺮون ،ﻋــﺸـﺮات ﻣــﻦ اﻟﺴﻔﻦ ﻓــﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ وأﺧﺬ ﺷﻜﻞ ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻤﻬﻨﺔ اﻟﻐﻮص وﻳﻨﻄﻠﻘﻮن ﻣﻦ ذات اﻟﻤﻜﺎن ،وﺗﻜﻮن ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ وﺗﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ واﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،وﻳﺸﺎرك ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ وﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬا اﻟﺪور اﻟﺒﺎﻟﻎ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﻮص أﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺤﺮف رﺟﺎل اﻟﺒﺤﺮ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ،ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﺴﻔﻦ اﺣﺘﺮﻓﻮا ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻗﺪﻳﻤﺎ وأﻣ ّﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ واﻟﻤﺤﺎﻣﻞ ،وﻣــﻦ ﺧــﻼل ﺗﻌﺎوﻧﻬﻢ ﺗﺠﺮي أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﻟﻴﻄﻠﻌﻮا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻐﻮص واﻻﺑﺤﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻵﻟــﺊ اﻟﺘﺮاث اﻹﻣــﺎراﺗــﻲ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻬﻨﺔ ﺑﺂﻣﺎن ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻮد اﻟﺠﻤﻴﻊ إﻟﻰ اﻵﻫﻞ ﺣﺎﻣﻠﻴﻦ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺎ أﻓﺎء اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻴﺮات »اﻟﻐﻮص ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ«. ﻳﻘﻮل اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ إن اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻛﺎن اﻟﺒﺤﺮ.
ﻏﻮص اﻟﺮدة : وﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ اﻛﺘﻮﺑﺮ وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻟﻤﺪة ﺷﻬﺮ ﻛﺎﻣﻞ ،وﻋﺪد اﻟﺴﻔﻦ واﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻴﻪ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻐﻮص اﻟﻌﻮد ﻏﻮص اﻟﺮدﻳﺪة: وﻫﻮ آﺧﺮ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﻐﻮص وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻃﻮال ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ.
اﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﻠﺆﻟﺆ اﺣﺘﻠﺖ اﺑﻮﻇﺒﻲ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻏﻮص وﺗﺠﺎرة اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ أﻛﺒﺮ ﺗﺠﻤﻊ ﻟﻠـ »ﻫﻴﺮات« ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺟﻤﻊ »ﻫﻴﺮة« وﻫﻲ ﻣﻜﺎن ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻤﺤﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺎه ،وﺗﺸﻴﺮ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎن ﻋﺪد ﻣﺮاﻛﺐ اﻟﻐﻮص ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﻮاﻟﻲ 4500ﻣﺮﻛﺐ ،وﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﻬﺎ ﺣﻮاﻟﻲ 74أﻟﻒ رﺟﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺣﺪﻫﺎ ﺗﻤﻠﻚ أﻛﺒﺮ أﺳﻄﻮل ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ اﻹﻣــﺎرات ،ﻣﻜﻮن ﻣﻦ 410ﻣﺮاﻛﺐ، وﻋﺪد اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮاﻛﺐ 5570رﺟﻼ ﺑﻤﻌﺪل واﺣﺪ وﺧﻤﺴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪدﻫﻢ 11أﻟﻒ ﻣﻮاﻃﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم .1904
ﺣﺜﺒﻮر اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
45
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí ﺣﺜﺒﻮر اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻳﺸﺮح ﻟﻼٔﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻦ اﻟﻐﻮص واﻟﻠ ٔﻮﻟ ٔﻮ
ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺪﺷﺔ وﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻟﻘﻔﺎل
ﺣﺜﺒﻮر ﺑﻦ ﻛﺪاس اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ: اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ رﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺐ واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﺗﺮاث »أﺑﻮﻇﺒﻲ«
ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻮاﻟﺪ ﺣﺜﺒﻮر ﺑﻦ ﻛﺪاس اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ،ﺧﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪة ،وﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،اﺳﺘﻄﺎع ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ وأﺣﻔﺎدﻧﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺒﺤﺮي اﻹﻣﺎراﺗﻲ وﻣﻨﻪ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ. ﻓﻲ ﺣﻮارﻧﺎ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻌﻪ ﻗﺎل إن اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺤﺮف اﻟﺘﻲ اﻣﺘﻬﻨﻬﺎ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻣﻨﺬ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﺰﻣﻦ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺼﺎدر اﻟﺮزق واﻟﺘﺠﺎرة آﻧﺬاك ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺼﻴﻠﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻊ اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﺬي ﺟﻤﻌﻮه ﻓﻲ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﻐﻮص اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻌﺎم ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷﻣﻮال اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﻒ ﺷﺆون ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﺷﺮاء اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ اﻟﻀﺮورﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺄﻛﻞ وﻣﻠﺒﺲ وﺧﻼف ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﺣﺘﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻣﺎرات ﺣﺘﻰ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ.
44
ﺣﺜﺒﻮر ﺑﻦ ﻛﺪاس اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ
13ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 118؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .168 14دﻳﻜﺴﻮن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 660؛ ﺑﺸﺮى ﻛﺎﻇﻢ ﻋﻮدة :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 130؛ ﺳﻴﻒ ﻣﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .51 15أﻟﺒﻴﺮ ﻟﻮﻧﺪر :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 129؛ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 100؛ ﺳﻴﻒ ﻣﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن» :اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ« ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﺆﺗﻤﺮ دراﺳﺎت ﺗﺎرﻳﺦ ﺷﺮق اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، )اﻟﺪوﺣﺔ :ﻟﺠﻨﺔ ﺗﺪوﻳﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻗﻄﺮ(1976 ، اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ص .582 16ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 144 ،143؛ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر زﻟﻮم :ﻋﻤﺎن واﻹﻣﺎرات اﻟﺴﺒﻊ) ،ﺑﻴﺮوت: ﻣﻨﺸﻮرات دار ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺤﻴﺎة ،(1963 ،ص 57؛ اﻟﺤﻤﻴﺮي :رﺟﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص .194 17ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 127؛ ﺳﻴﻒ ﻣﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 51؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .167 18أﻟﺒﻴﺮ ﻟــﻮﻧــﺪر :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 128؛ دﻳﻜﺴﻮن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .655 19ﻫﻮﺑﻴﺮ ﺑﺎري ودﻳﻔﻴﺪ ﻻم :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص ،199ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ، ص .103 20ﺳﻴﻒ ﻣــﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن» :اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ« ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﺆﺗﻤﺮ دراﺳــﺎت ﺗﺎرﻳﺦ ﺷﺮق اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ) ،اﻟﺪوﺣﺔ :ﻟﺠﻨﺔ ﺗﺪوﻳﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻗﻄﺮ، (1976اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ص .582 21اﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ :رﺣﻠﺔ اﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ) ،ﺑﻴﺮوت :دار ﺻﺎدر ،د .ت ،(.ص .49 22أﻟﺒﻴﺮ ﻟﻮﻧﺪر :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 128؛ ﺳﻴﻒ ﻣﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن » :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .51 23ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 133؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 170؛ اﻟﺤﻤﻴﺮي: رﺟــﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص 199؛ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .106 24اﻟﺤﻤﻴﺮي :رﺟﺎل اﻟﻐﻮص ،ص 207؛ ﻣﺎﻳﻠﺰ س .ب :.ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 385؛ ﻫﻮﺑﻴﺮ ﺑﺎري ودﻳﻔﻴﺪ ﻻم :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .197
25ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 128؛ اﻟﺤﻤﻴﺮي: رﺟﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص .209 26ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 168؛ ﻣﺎﻳﻠﺰ س .ب :.ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 384؛ أﻟﺒﻴﺮ ﻟﻮﻧﺪر :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .129 27ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص ،132ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 168؛ اﻟﺤﻤﻴﺮي: رﺟــﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص ،220ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 108؛ ﺳﻴﻒ ﻣﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .52 28اﻟﺤﻤﻴﺮي :رﺟﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص .221 29ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ، ص 104؛ اﻟﺤﻤﻴﺮي :رﺟﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص .216 30اﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ :رﺣﻠﺔ اﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ) ،ﺑﻴﺮوت: دار ﺻﺎدر ،(1992 ،ص .189 31ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 146 ،131؛ أﻟﺒﻴﺮ ﻟﻮﻧﺪر :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 129؛ ﺳﻴﻒ ﻣﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .51 32ﺑﺸﺮى ﻛﺎﻇﻢ ﻋﻮدة» :ﺗﺠﺎرة اﻟﻠﺆﻟﺆ وأﺛﺮة ﻋﻠﻰ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﺤﺮﻧﻲ« ،ﻣﺠﻠﺔ أداب اﻟﺒﺼﺮة، اﻟﻌﺪد ،(2006) ،40ص .130 33أﻟﺒﻴﺮ ﻟﻮﻧﺪر :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 128؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .171 34ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص ،123ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 102؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .172 35ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟــﺒــﺤــﺮي ،ص 153؛ اﻟﺤﻤﻴﺮي :رﺟﺎل اﻟﻐﻮص ،ص ،234ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 109؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .173 36ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 151؛ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر زﻟﻮم :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 57؛ اﻟﺤﻤﻴﺮي: رﺟــﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص ،240ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .108 37ﻣﺎرك ﻫﻮﺑﺰ» :ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻠﺆﻟﺆ« ،ﻣﻘﺎل ﻣﻨﺸﻮر ﺑﺎﻟﻤﻮﻗﻊ اﻹﻟﻴﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﻗﻄﺮ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ) ،ﺗﻤﺖ اﻟﺰﻳﺎرة ﺑﺘﺎرﻳﺦ 10ﻳﻮﻧﻴﻮ .(2015
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
43
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí وﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ أو ﻣﻨﺤﻨﻴﺔ أو ﻋﻤﻮدﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﺮاغ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ، ﺗﺘﺤﺮك ﻋﺎدة ﺑﺎﻟﻤﺠﺎدﻳﻒ ،وﻗﺪ ﺗﺰود ﺑﺸﺮاع وﺻﺎري .وﻳُﻘﺎل إن أﺻﻞ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﺎﺷﻮا« اﻟﺴﻮاﺣﻠﻴﺔ).(35 اﻟﻬﻮري -ﻣﻨﺤﻮﺗﺔ ﻣﻦ ﺟﺬوع اSﺷﺠﺎر
اﻟﻬﻮري :ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻨﺤﻮﺗﺔ ﻣﻦ ﺟﺬوع اﻷﺷﺠﺎر ،ﻳﺘﺮاوح ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 10و 20ﻗﺪ ًﻣﺎ ،ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﻌﺮض ،ﺗ ُﺠﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪ .وﻟﻔﻈﺔ »ﻫﻮري« ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻫﻨﺪﻳﺔ ،وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻬﻮري ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ وﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻀﺤﻠﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻃﺊ ،وﻳﺘ ّﻢ ﺗﺤﺮﻳﻜﻬﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﺠﺎدﻳﻒ .وﻟﻬﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺗ ُﺴﺘﺨﺪم ﻋﻠﻰ أوﺳﻊ ﻧﻄﺎق ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ).(36 ﺗﻮﺟﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﺳﻔﻦ وﻗﻮارب ﺻﻐﻴﺮة ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﻠﺘﻨﻘﻞ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮة واﻷﺧﻮار واﻟﺸﻮاﻃﺊ ،ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﺗﺴﻤﻴﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﺗﺴﺨﺪم ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻟﻠﻐﻮص ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻓﺎت ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻃﺊ، وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﻄﻮاوﻳﺶ ﺑﻴﻦ ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص اﻟﻜﺒﻴﺮة وﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺼﻴﺪ. أﺧﻴ ًﺮا ،ﻳﺘ ّﻢ ﺧﻄﺄ رﺑﻂ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻐﻮص اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن
42
ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص
اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻈﻬﻮر ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﻔﻂ ،ﺑﻞ إن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﻧﻬﻴﺎر ﻫﻮ إﻏﺮاق اﻟﺴﻮق ﺑﺎﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ اﻟﻤﺴﺘﺰرع ،واﻟﺬي ﺗﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،1929واﻟﺘﻲ أﺣﺪﺛﺖ اﻧﻬﻴﺎ ًرا ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻲ اﺳﺘﻬﻼك ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻔﺎﺧﺮة) .(37وﺗﺸﻬﺪ ﺳﻨﻮات اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﺧﺘﻔﺎء آﺧﺮ ﺻﻴﺎدي اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﺘﻈﻞ ﺗ ُﺴﺠﻞ ﻓﻘﻂ ﺿﻤﻦ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﻴﻮم ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﺳﻮى ﻃﻴﻒ ذﻛﺮى ﺑﻌﻴﺪة * ﺻﺤﻔﻲ وأﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻣﺼﺮي
ﻫﻮاﻣﺶ: 1ﺣﺴﻴﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ» :اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻣﺼﺪ ًرا ﻟﻠﻤﻌﻴﺸﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة« ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﻤﺠﻠﺪ ،40اﻟﻌﺪد ،2-1 ).(2012 2ﻣﺎرﺗﻦ وود ورد» :اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻳﺸﻖ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ واﻟﻨﻔﻂ« ،ﻣﻘﺎل ﻣﻨﺸﻮر ﺑﺎﻟﻤﻮﻗﻊ اﻹﻟﻴﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﻗﻄﺮ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ، )ﺗﻤﺖ اﻟﺰﻳﺎرة ﺑﺘﺎرﻳﺦ 15ﻳﻮﻧﻴﻮ .(2015 3دﻳﻜﺴﻮن :ﻋﺮب اﻟﺼﺤﺮاء ،ﺳﻌﻮد ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﻌﺠﻤﻲ )ﺗﺮﺟﻤﺔ(، )اﻟﻜﻮﻳﺖ :اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ،(1997 ،ص 659؛ ﺳﻴﻒ ﻣﺮزوق اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 51؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :رﺑﺎﺑﻨﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﻼﺣﻴﺔ) ،اﻟﻜﻮﻳﺖ :ﺷﺮﻛﺔ اﻟﺮﺑﻴﻌﺎن ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،(1982 ،ص .167 4ﺑﺸﺮى ﻛﺎﻇﻢ ﻋــﻮدة :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 130؛ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﺑﻨﺎء اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ) ،اﻟﻤﻨﺎﻣﺔ :ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ،(1992 ،ص .99 5ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي) ،ﻣﺴﻘﻂ :وزارة اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﻮﻣﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ،(2002ص .142 ،141 6أﻟﺒﻴﺮ ﻟﻮﻧﺪر :ﺻﺎﺋﺪو اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﻨﺬر اﻟﺨﻮر) ،ﺑﻴﺮوت :اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﻨﺸﺮ ،(2007 ،ص 128 7ﺟﻤﻌﺔ ﺧﻠﻴﻔﺔ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﻟﺚ اﻟﺤﻤﻴﺮي :رﺟﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ، )دﺑﻲ :ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،(2009 ،ص .193 8ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 135؛ ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ، ص 172؛ دﻳﻜﺴﻮن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .660 9ﻣﺎﻳﻠﺰ س .ب :.اﻟﺨﻠﻴﺞ ﺑﺪاﻧﻪ وﻗﺒﺎﺋﻠﻪ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﺪ أﻣﻴﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، )ﻣﺴﻘﻂ :وزارة اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﻮﻣﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،(1990 ،ص .383 10ﻋﻤﺎن وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺒﺤﺮي ،ص 137؛ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن: ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .107 11ﺧﺎﻟﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 168؛ أﻟﺒﻴﺮ ﻟﻮﻧﺪر :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 129؛ دﻳﻜﺴﻮن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .655 12اﻟﺤﻤﻴﺮي :رﺟﺎل اﻟﻐﻮص واﻟﻠﺆﻟﺆ ،ص 197؛ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺸﻤﻼن :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .101
ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻄﻮل ﺧﺸﺒﺔ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﺗﺤﺖ اﻟﻤﺎء ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺼﺮ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻳُﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﺘﺤﺮك ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻃﺊ) .(31ﺗ ُﺼﻨﻊ ﻣﺤﻠﻴًﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 25و 80ﻗﺪ ًﻣﺎ .وﺗﺘﺮاوح ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 20و150 ﻃ ًﻨﺎ) .(32وﻳُﻘﺎل إن اﻟﺼﻨﺒﻮق ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻣﻦ ﺳﻔﻦ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء، ﻓﺎرﺳﻲ).(33 وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ أن أﺻﻞ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ّ
وﺗﺸﺘﺮك ﻣﻊ اﻟﺒﻐﻠﺔ ﻓﻲ أن ﻟﻬﺎ ﻣﺆﺧﺮة ﻣﺮﺑﻌﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﺘﺤﺎت ﺧﻠﻔﻴﺔ وﻣﻤﺮات ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺰود ﺑﺜﻼث ﺻﻮاري ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﺒﻐﻠﺔ، وﻳﺘﺮاوح ﻃﻮل اﻟﻐﻨﺠﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 120-75ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 130 و 300ﻃﻦ .وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬﺮ ﺑﺼﻨﻌﻬﺎ ﻣﻼﺣﻮ ﻣﻴﻨﺎء ﺻﻮر اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ ،وﻛﺎن ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺑﺎﺳﺘﺎﻧﺒﻮل »ﻏﻨﺠﺔ« ﺗ ُﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﻗﻨﺠﺔ ﺑﺎش« ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺮﻛﻮﺑﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺘﻨﺰه ﻓﻲ اﻟﺒﺴﻔﻮر).(34
اﻟﻐﻨﺠﺔ -ﻣﻦ ﺳﻔﻦ اSﺳﻔﺎر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
اﻟﻤﺎﺷﻮة -ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﺎﺷﻮا« اﻟﺴﻮاﺣﻠﻴﺔ
اﻟﻐﻨﺠﺔ :ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺳﻔﻦ اﻷﺳﻔﺎر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،أﺻﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪ ،ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻤﺎﺷﻮة :ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﺴﺘﻄﻴﻠﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻬﺎ ﺣﻮاﻟﻲ 25ﻗﺪ ًﻣﺎ، إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ اﻟﺒﻐﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﺄﺛﺮة ﻓﻲ ﺗﺼﻤﻴﻤﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﻬﻨﺪي ،ﺗ ُﺴﺘﺨﺪم ﻷﻏﺮاض ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﻟﻬﺎ ﻣﺆﺧﺮة ﻋﺮﻳﻀﺔ،
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
41
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí اﻟﻤﺜﻠﺚ ،اﻟﻤﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺎري ﻋﻤﻮدي ،وﺗﺴﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎدﻳﻒ. ﺗﺴﺘﺨﺪم ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﻟﻬﺎ ﻣﺆﺧﺮة ﻋﺎﻟﻴﺔ، وﺳﻄﺤﻬﺎ ﻣﺮﺗﻔﻊ وﺑﺎرز ﺟ ًﺪا ﻓﻮق اﻟﺪﻓﺔ .واﻟــﺪاو ﻟﻔﻈﺔ ﺳﻮاﺣﻠﻴﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ »اﻟﻤﺮﻛﺐ« ،وﻳُﻘﺎل إن ﺳﻔﻦ اﻟﺪاو اﻣﺘﺪاد ﻟﻠﺴﻔﻦ اﻟﺸﺮاﻋﻴﺔ اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ).(24 اﻟﺪﻧﺠﻲ -ﺷﺮاﻋﻴﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ اﻟﺼﻨﻊ
اﻷﻏﺮاض ،وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ،وﻳﻐﻠﺐ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ .ﻳﺘﺮاوح ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 40و 60ﻗﺪ ًﻣﺎ .و»ﺷﻮﻋﻲ« ﻟﻔﻈﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ ﻣﺤﺮﻓﺔ ﻻﺳﻢ أﺣﺪ ﻗﻮارب اﻟﺼﻴﺪ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ،وﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﻟﻰ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﱠﺎت .وﻻ ﻳﺰال ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ ﺷﺎﺋﻌﺎً ﻓﻴﻬﺎ ،وﺑﻨﻔﺲ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧًﺎ »اﻟﻠﻨﺞ« ،وﻳﻘﺎل ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق »ﺷﻮﻳﻌﻲ«) .(26وﻟﺪى اﻟﻌﺮب ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ »اﻟﺸﻠﻨﺪي« ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﺤﺮﻓﺔ .وﻟﻌﻞ اﻟﺸﻮﻋﻲ واﻟﺼﻨﺒﻮق ﻛﺎﻧﺎ أول اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻷوروﺑﻴﺔ).(27
اﻟﺪﻧﺠﻲ :ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺸﺮاﻋﻴﺔ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ اﻟﺼﻨﻊ ،أﻗﻞ اﻧﺘﺸﺎ ًرا ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﻬﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺧﺎص ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ اﻟﺒﻮم ،وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻟﺘﺘﺠﺎوز رأﺳﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻞ اﻟﺒﻮري ،وﻳﺰﻳﻦ أﺳﻔﻞ ﺻﺪره ﺑﺨﻄﻮط ﺑﺮاﻗﺔ ﻣﺴﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺼﺒﻎ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺼﻤﻌﺎ -ﻣﻦ أﻗﺪم ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻓﻲ اbﻣﺎرات اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ،وﻟﻪ ﻣﺆﺧﺮة ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﻣﺆﺧﺮة ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﻐﻠﺔ واﻟﻐﻨﺠﺔ اﻟﺼﻤﻌﺎ :ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﺔ واﻟﻌﻤﻖ؛ ﻓﻬﻲ ذات ﺣﺠﻢ وﺳﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت واﻟﺒﻘﺎرة ،وﻫﻲ ﻣﻦ واﻟﺒﻮم اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ).(25 أﻗﺪم ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻳﺘﺮاوح ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 25 اﻟﺸﻮﻋﻲ -ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻜﻞ اSﻏﺮاض -80ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﻋﺮﺿﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 18-8أﻗﺪام ،وارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﻣﻦ 9-6أﻗﺪام، اﻟﺸﻮﻋﻲ :ﺑﻀﻢ اﻟﺸﻴﻦ وﻛﺴﺮ اﻟﻌﻴﻦ ،وﺟﻤﻌﻪ ﺷﻮاﻋﻲ ،ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺻﻐﻴﺮة ،وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﺗ ُﻌ ّﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮارب اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺗ ُﺼﻨﻊ ﻣﺤﻠ ًﻴﺎ ،ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺼﻨﺒﻮق ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻟﺪرﺟﺔ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﻤﻴﺰﻫﻤﺎ ،ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ اﻷﺻﻞ ،ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺼﻨﺒﻮق ﻓﻘﻂ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ أن ﺑﻤﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻣﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺨﻔﺾ ،وﺳﻄﺢ اﻟﻤﺆﺧﺮة ﻳُﺤﻴﻄﻪ ﺣﺎﺟﺰ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺒﺎن ،وﻟﻪ أﺟﻨﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺪر).(28 اﻟﻤﺆﺧﺮة وﻣﺠﺎدﻳﻒ ﻟﻜﻨﻪ أﺻﻐﺮ ﺣﺠ ًﻤﺎ ﻣﻨﻪ .وﻫﻲ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻜﻞ اﻟﺼﻨﺒﻮق -ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻣﻨﺬ ﺻﺪر اbﺳﻼم
اﻟﺼﻨﺒﻮق )اﻟﺴﻨﺒﻮك( :ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻣﻨﺬ ﺻﺪر اﻹﺳﻼم ،وﻳﺮد ذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺎدر اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗ ُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ أﺷﻬﺮ أﻧﻮاع اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ) .(29وﻳﺬﻛﺮﻫﺎ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ ﻗﺎﺋﻼ: »رﻛﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺼﺮة ﻓﻲ ﺻﻨﺒﻮق ،وﻫﻮ اﻟﻘﺎرب اﻟﺼﻐﻴﺮ ،إﻟﻰ اﻷﺑﻠﻪ، اﻟﺼﻨﻊ ،ﺗﻤﺘﺎز وﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﺒﺼﺮة ﻋﺸﺮة أﻣﻴﺎل«) .(30وﻫﻲ دﻗﻴﻘﺔ ُ ﺑﻤﻘﺪﻣﺔ ﻣﺎﺋﻠﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻣﺤﻔﻮرة ذات ﺷﻜﻞ ﻣﻨﺤﻦٍ ،وﺑﻤﺆﺧﺮة ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺟﻤﻴﻼ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ واﻟﻤﻔﻀﻠﺔ داﺋ ًﻤﺎ ﺷﻜﻼ ً ﺑﻤﺎ ﻳُﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ً ﻟﺪى اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺗﻤﺘﺎز ﺑﻤﺠﺎدﻳﻒ ذات ﺷﻜﻞ ﻣﺮﺑﻊ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳُﻤﻜﻦ اﻟﻤﻨﺎورة ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻐﺎﺻﺎت اﻟﻠﺆﻟﺆ.
40
ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
39
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،واﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻟﺪى اﻟﻌﺮب) .(20وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ أﻧﻪ ﺳﺎﻓﺮ ﻓﻲ إﺣﺪى رﺣﻼﺗﻪ ﻋﺎم 1183م ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻗﺎﺋﻼً» :رﻛﺒﻨﺎ اﻟﺠﻠﺒﺔ ﻟﻠﻌﺒﻮر إﻟﻰ ﺟﺪة«) .(21وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻤﻄﻮرة ،ﻣﺤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻨﻊ، ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﻓﻲ رﺣﻼت اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎق اﻟﺒﻌﻴﺪة .وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻤﺤﺮك ﺗﺴﻴﻴﺮﻫﺎ ،وﻫﻲ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﻤﺘﺎز ﺑﻤﻘﺪﻣﺔ ﻋﻤﻮدﻳﺔ ،وﺳﻄﺢ ﻣﺴﺘﻮي ،وﻣﺆﺧﺮة ﻋﺮﻳﻀﺔ ،وﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻗﺼﻴﺮة ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ).(22 ﺗ ُﺼﻨﻊ ﻣﺤﻠ ًﻴﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة .وﻳﺘﺮاوح ﻃﻮل اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 20و 50ﻗﺪ ًﻣﺎ؛ وﻳﺘﺮاوح ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 5و 14ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 7 - 3أﻗﺪام ،وﺗﺘﺮاوح ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 40و 75ﻃ ًﻨﺎ .وﻟﻌﻞ أﺻﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﺟﺎﻟﺒﻮت ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي »ﺟﻮﻟﻲ ﺑﻮت ،«Jolly boatوﺗﻌﻨﻲ ﻗﺎرب اﻟﻨﺰﻫﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻗﻮارب ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ اﻟﺒﻌﺾ إﻟﻰ أن اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ اﺳﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ »ﺟﺎﻟﺒﻮﺗﺎ« ،واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻳﺬﻛﺮ أن اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ اﺳﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ »داﻟﻲ ﺑﻮت«).(23 اﻟﺪاو -اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ
)اﻟﺪاو( اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔُ ،ﻣﻌ ّﺪة ﻛﻲ ﺗﺘﻼءم ﻣﻊ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻀﺤﻠﺔ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻓﻮق اﻟﺸُ ﻌﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺤﺎر ،ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺷﻜﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﺮاع
38
ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص
)اﻟﺒﺪن ( ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺒﻘﺎرة ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ﻗﺎﻋﻬﺎ اﻟﻤﺴﻄﺢ .وﻫﻲ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﻋﺪ ًدا واﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ،ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﻓﻲ ﺻﻴﺪ اSﺳﻤﺎكS ،ن ﺣﺠﻤﻬﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﺗﺼﻤﻴﻤﻬﺎ ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻤﻴﻴﺰﻫﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪر اﻟﺒﺎرز ،وﺑﻤﺆﺧﺮﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪﻓﺔ ﺑﺎﻟﺤﺒﺎل ) اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت ( ﺑﺈﺳﻜﺎن اﻟﻼم وﺿﻢ اﻟﺒﺎء ،ﺟﻤﻌﻬﺎ ً ﻣﺤﺮﻓﺎ ،واSﺻﻞ ﺟﻮاﻟﺒﻴﺖ ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﺳﻤﻬﺎ اﻟﺠﻼب وﻫﻲ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺸﺮاﻋﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، واﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻟﺪى اﻟﻌﺮب) .(٢٠وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ أﻧﻪ ﺳﺎﻓﺮ ﻓﻲ إﺣﺪى رﺣﻼﺗﻪ ﻋﺎم ١١٨٣م ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻗﺎﺋ ً ﻼ» :رﻛﺒﻨﺎ اﻟﺠﻠﺒﺔ ﻟﻠﻌﺒﻮر إﻟﻰ ﺟﺪة«
اﻟﻤﺆﺧﺮة ﻻ ﻳُﺘﻴﺢ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻟﻤﺤﺮك .وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻠﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ وﻟﻨﻘﻞ اﻟﻐﺎﺻﺔ وﻣﻌﺪاﺗﻬﻢ).(16 اﻟﺒﻮم -ﻻ ذﻛﺮ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ
)اﻟﺒﻮم( ﺑﻀﻢ اﻟﺒﺎء ،ﺟﻤﻌﻪ أﺑﻮام وأﺑﺎم ،ﻧﻮع ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »اﻟﺪاو« ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، إﻻ أﻧﻪ ﻻ ذﻛﺮ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﺗﻤﺘﺎز ﺑﻤﻘﺪﻣﺔ وﻣﺆﺧﺮة ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺘﻴﻦ ،ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻟﻮح واﺣﺪ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ﻳُﻤﺜﻞ ﻗﺎﻋﺪﺗﻬﺎ .وﺗﻤﺘﺎز ﻋﻦ اﻟﺒﻐﻠﺔ ﺑﺎﺗﺴﺎع اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺤﻤﻮﻟﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﻣﺆﺧﺮﺗﻬﺎ
اﻟﻤﺤﺪدة ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻔﻴﻨﺔ أﻓﻀﻞ وأﺳﺮع ،وﻟﻠﺒﻮم أﺣﺠﺎم ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﺑﺘﺪا ًء ﻣﻦ ﺻﻨﺎدل اﻟﻤﺮﻓﺄ إﻟﻰ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ 750ﻃ ًﻨﺎ، وﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﺻﺎرﻳﺎن إذ ﻳﻀﺎف إﻟﻰ اﻟﺸﺮاع اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﺷﺮاع آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺧﺮة ،أو ﺷﺮاع ﻗﻠﻤﻲ ﻣﻨﺘﺼﺐ ﻋﻤﻮدﻳًﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻷﻧﻮاع اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﻬﺎ ﺛﻼث ﺻﻮاري) .(17أﻣﺎ ﺟﺆﺟﺆ اﻟﺒﻮم ﻓﻬﻮ ﻃﻮﻳﻞ وﻣﺴﺘﻘﻴﻢ وﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻣﺼﺒﻮﻏﺔ .ورأﺳﻪ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺸﺒﻴﺔ رﻓﻴﻌﺔ ﻣﺴﻄﺤﺔ أﻋﻼﻫﺎ ﻣﺼﺒﻮغ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد ،وﻟﻪ ﺣﻠﻘﺔ ﺑﻴﻀﺎء ﻓﻲ أﺳﻔﻠﻪ .ﻳﺘﺮاوح ﻃﻮﻟﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 50و 150ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﻋﺮﺿﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 15و 30ﻗﺪ ًﻣﺎ .وﻟﻠﺒﻮم ﺳﻄﺢ رﺋﻴﺲ ﻣﻨﺨﻔﺾ ،وآﺧﺮ ﻗﺼﻴﺮ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺆﺧﺮة ،ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻟﻮح ﺑﺎرز ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﻧﺼﻒ داﺋﺮﻳﺔ ﺗ ُﺼﺒﻎ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد وﺑﺸﺮﻳﻂ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺑﻴﺾ) .(18اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﺗﺠﺎر اﻟﻠﺆﻟﺆ »اﻟﻄﻮاوﻳﺶ« ﻓﻲ ﺗﻨﻘﻼﺗﻬﻢ ﺑﻴﻦ ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ،أو ﻹﺑﺤﺎر ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ، وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻟﺼﻴﺪ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﺣﻴﺚ إن ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻋﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء ،ﻷن اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻌﺪون ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻐﻮص اﻟﻤﻨﻬﻜﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺑﺬل ﺟﻬﻮد إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻤﺎء).(19 اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت – ذﻛﺮﻫﺎ اﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ
)اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت( ﺑﺈﺳﻜﺎن اﻟﻼم وﺿﻢ اﻟﺒﺎء ،ﺟﻤﻌﻬﺎ ﺟﻮاﻟﺒﻴﺖ ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﺳﻤﻬﺎ ﻣﺤﺮﻓًﺎ ،واﻷﺻﻞ اﻟﺠﻼب وﻫﻲ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺸﺮاﻋﻴﺔ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
37
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ﻟﻌﺪم ﺻﻼﺣﻴﺔ ﻣﺆﺧﺮﺗﻬﺎ ﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻣﺤﺮﻛﺎت آﻟﻴﺔ ).(10 اﻟﺒﻐﻠﺔ -ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺿﺨﻤﺔ اﻟﺤﺠﻢ
اﻟﺒﻐﻠﺔ :ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺿﺨﻤﺔ اﻟﺤﺠﻢ ،ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻮﺟﻮد ﺟﺆﺟﺆ ﻣﺮﺑﻊ اﻟﺸﻜﻞ ﻓﻲ وﺳﻄﻪ ﻗﻄﻌﺔ داﺋﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻳﻤﻦ ﻟﻴﻤﺮ ﻣﻨﻪ اﻟﺤﺒﻞ .وﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻬﺎ 135ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 150و400 ﻃﻦ ،وﻻ ﻳﻨﺎﻓﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﻢ إﻻ اﻟﺒﻮم ،وﻫﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻼ وﺳﻄًﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻮم اﻟﻀﺨﻢ واﻟﺠﺎﻟﺒﻮت .ﻣﺆﺧﺮﺗﻬﺎ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺴﻄﺢ اﻟﻌﺎﻟﻲ وﺑﺎﻟﻤﻤﺮات اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺗﺄﺛﺮﻫﺎ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻷوروﺑﻲ، وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻣﺎ دﻓﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﻌﺮب اﻗﺘﺒﺴﻮا ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﺒﻐﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ) .(11أﻣﺎ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻣﻨﺤﻨﻴﺔ ﺗﻌﻠﻮﻫﺎ ﻛﺮة ﺧﺸﺒﻴﺔ ﺗﻤﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ .وأﺻﻞ ﻫﺬا اﻟﻄﺮاز ﻻ ﻳﺰال ﻣﺠﻬﻮﻻ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻐﻠﺔ ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ واﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ أﻛﺜﺮ أﻧﻮاع اﻟﺴﻔﻦ اﻧﺘﺸﺎ ًرا واﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ واﻟﻨﻘﻞ اﻟﺒﺤﺮي).(12 وﻳُﻘﺎل إن آﺧﺮ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺗﻢ ﺑﻨﺎؤﻫﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻋﺎم .(13)1952 اﻟ َﺒ ﱠﻘﺎرة -ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ
ﻫﻨﺪﻳﺔ ﺗ ُﺴﻤﻰ »ﺑﺎﺗﻴﻞ« ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻠﻜﺘﺎ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ) .(6ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ اﻟﺒﺘﻴﻞ ﻣﻊ اﻟﺒﻘﺎرة ،إﻻ أن ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺒﺘﻴﻞ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻘﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ ﺷﺒﻪ ﺑﻴﻀﺎوﻳﺔ ﺗﺴﻤﻰ »اﻟﺒﻄﺒﻖ«).(7 اﻟﺒﺪن -ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ
)اﻟﺒﺪن( ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺒﻘﺎرة ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ﻗﺎﻋﻬﺎ اﻟﻤﺴﻄﺢ .وﻫﻲ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﻋﺪ ًدا واﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ،ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ،ﻷن ﺣﺠﻤﻬﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﺗﺼﻤﻴﻤﻬﺎ ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻤﻴﻴﺰﻫﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪر اﻟﺒﺎرز ،وﺑﻤﺆﺧﺮﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪﻓﺔ ﺑﺎﻟﺤﺒﺎل).(8 وﻳﺬﻛﺮ ﻣﺎﻳﻠﺰ أن ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎرﻳﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺑﻨﺎء ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺒﺪن اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ) .(9واﻟﺒﺪن ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺳﻄﺢ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗ ُﺒﻄﻦ ﺑﺤﺼﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،وﻫﻲ ﻣﺴﻄﺤﺔ اﻟﺸﻜﻞ ،ﺧﻔﻴﻔﺔ اﻟﻮزن ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺆﺧﺮة، ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ وﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ .ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻬﺎ 45ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﻋﺮﺿﻬﺎ 10أﻗﺪام ،وﺗﺘﺮاوح ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 20و 100ﻃﻦ ،وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﺸﺮاع ،وﻟﻪ ﺳﺎرﻳﺔ واﺣﺪة ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻃﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﺰود ﺑﻤﺠﺎدﻳﻒ ﺗ ُﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻷﺣﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ اﻟﺴﻴﺌﺔ ،وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ أﺧﺬ 36
ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص
)اﻟﺒﻘﺎرة( ﺑﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎء وﺗﺸﺪﻳﺪ اﻟﻘﺎف ،ﺟﻤﻌﻬﺎ ﺑﻘﺎﻗﻴﺮ ،ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ ،ﻣﺤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻨﻊ ،ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺒﺘﻴﻞ ﻛﺜﻴ ًﺮا ،إﻻ أن ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﻗﺼﻴﺮة ،ﻋﻜﺲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺒﺘﻴﻞ اﻟﻤﺪﺑﺒﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺆﺧﺮة ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺑﺎرزة وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻛﻤﺆﺧﺮة اﻟﺒﺘﻴﻞ .وﺗﺸﺒﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا ذﻟﻚ اﻟﺒﻮم اﻟﺼﻐﻴﺮ) .(14ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺗﺴﻴﻴﺮﻫﺎ اﻟﺸﺮاع واﻟﻤﺠﺎدﻳﻒ، ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮل اﻟﺒﻘﺎرة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 35-25ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﺗﺘﺮاوح ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ 10 و 30ﻃ ًﻨﺎ ،وﻳﺮﺟﻊ ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ »اﻟﺒﻘﺎرة« اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻘﻮل ﺑﺄن اﺳﻤﻬﺎ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ »ﺑﺮﻛﺔ« ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ واﻹﺳـــﻼم) .(15وﺗ ُﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن واﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة »اﻟﺸﺎﺣﻮف« .وﻳﺘﻀﺎءل اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻷن ﺷﻜﻞ
أﻧﻮاﻋﺎ ﻣﺘﻌﺪدة ﻳﻌﺮف اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ً ﻣﻦ ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻦ ﺗﻄﻮرات ﺷﻤﻠﺖ ﻣﺆﺛﺮات اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،واﻟﻤﺒﺎدﻻت ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻫﺬه اﻟﺴﻔﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺤﺠﻢ واﻟﺸﻜﻞ ،وﺗﻤﻴﺰﻫﺎ اSﺳﻤﺎء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺼﻤﻴﻢ أﺟﺴﺎﻣﻬﺎ ،ﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس آﺧﺮ
ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻫﺬه اﻟﺴﻔﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺤﺠﻢ واﻟﺸﻜﻞ ،وﺗﻤﻴﺰﻫﺎ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳــﺎس ﺗﺼﻤﻴﻢ أﺟﺴﺎﻣﻬﺎ ،ﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس آﺧﺮ ،وﻳﺤﺘﺎج ﻛﻞ ﻧﻮع ﻣﻨﻬﺎ ﻹﻓﺮاد ﻣﻘﺎل ﺧﺎص ﺑﻪ ،ﻟﻬﺬا ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻘﺎل ﺳﻮف ﻧﻄﻮف ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻧﻮاع ﻣﺤﺎوﻟﻴﻦ إﻋﻄﺎء ﻧﺒﺬة ﻣﺨﺘﺼﺮة ﻋﻨﻬﺎ ،ﺑﻬﺪف ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻴﻬﺎ. اﻟﺒﺘﻴﻞ -ﻣﻦ أﻗﺪم ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ
)اﻟﺒﺘﻴﻞ( ﺑﻔﺘﺢ وﺗﺸﺪﻳﺪ اﻟﺘﺎء ،وﺟﻤﻌﻪ ﺑﺘﺎﺗﻴﻞ ،ﻣﻦ أﻗﺪم ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻀﺨﺎﻣﺔ واﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ،ﻳُﻘﺎل إﻧﻬﺎ أﺳﺮﻋﻬﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ،ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺸﻌﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﺪى اﻟﻐﺎﺻﺔ .ورأس ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻣﻨﺤﻨﻴﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻜﻤﺎن ،ودﻋﺎﻣﺔ ﻣﺆﺧﺮﺗﻬﺎ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗ ُﺸﺒﻪ رأس اﻟﺤﺼﺎن ﻣﻊ ذﻳﻞ .واﻟﺒﺘﻴﻞ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﻣﺎﺋﻠﺔ ذات ﻣﺠﺎدﻳﻒ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﻤﻴﺰة ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص اﻷﺧــﺮى) .(3ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻧﻮع ﺻﻐﻴﺮ اﻟﻐﺎﻃﺲ ،وﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻘﻮش دﻗﻴﻘﺔ) .(4ﺗﺘﺮاوح ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ 20و 50ﻃ ًﻨﺎ ،وﻳﺰﻳﺪ ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ 75ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﻋﺮﺿﻬﺎ ﻋﻦ 17ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ 8أﻗــﺪام) .(5ﻳُﻘﺎل إن ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ أﺳﺮة
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
35
ôĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
ﺗﻤﻴﺰﻫﺎ اSﺳﻤﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ
ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ
د .ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي
ﻇﻞ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻋﻤﺎد اﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻘﺮون ﻋﺪﻳﺪة، وﻛﺎن إﻟﻰ ﻋﻬﺪ ﻗﺮﻳﺐ أﻫﻢ ﺣﺮﻓﺔ ﻳﺘﻌﻴﺶ ﻣﻨﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ) .(1وﻗﺪ ارﺗﺒﻂ ﺑﺼﻴﺪ اﻟﻠﺆﻟﺆ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 500ﺣﺮﻓﺔ).(2 ﻳﻌﺮف اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻧﻮا ًﻋﺎ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ، ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻦ ﺗﻄﻮرات ﺷﻤﻠﺖ ﻣﺆﺛﺮات اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، واﻟﻤﺒﺎدﻻت ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى.
34
ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص
ĸŕŀ ijŸĴĭŨ ŮŌŸ ĸĭěŨė ĿĘŌ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻤﺰروﻋﻲ
ﻃـــــﺎش اﻟـــﺒـــﺤـــﺮ وﻃـــــﻢ ﻟـــﺤـــﺪود وﻧــــﺴــــﻲ ﻟــــﻌــــﻬــــﻮد اﻻوﻟــــﻴــــﻪ ﺳـــﺮت اﻧــﺸــﺪه ﻗـــﺎل ارﻣــــﺲ ﺑﻬﻮد ان اﻟــــــﻬــــــﻮا زاﻳـــــــــﺪ ﻋــﻠــﻲ واﺷـــﺘـــﺎق ﻟـــﻲ ﻣـــﻦ ﻫــﺒــﺖ اﻟــﻨــﻮد وزادت وﺳــــــﻮى اﻟــــــﻮج ﻋــﻴــﻪ ﻗــﻠــﺖ ﺑﻴﻨﻲ وﺑــﻴــﻨــﻚ ﺻـــﺎرت ﻋﻬﻮد ﻛـــــﺬﺑـــــﺖ ﻳــــﺎﺧــــﺎﻳــــﻦ ﺧـــﻮﻳـــﻪ ﻋـــﻠـــﻲ أﻧــــــﺎ ﺷـــﻤـــﺖ ﻟــﺤــﺴــﻮد وﻟـــﻤـــﻨـــﺠـــﻤـــﻪ ﻓـــــﺮﺣـــــﻮا ﻋــﻠــﻲ ﺑـــﺎﺣـــﻂ ﻟــــﻚ ﻋـــﻤـــﺎل وﺟـــﻨـــﻮد وﻣــــﻜــــﺎﻳــــﻦ ﺗـــﺸـــﺘـــﻐـــﻞ ﻗـــﻮﻳـــﻪ وﺑـــﺎﻃـــﺖ ﻟــﻴــﻦ اﻟـــﺤـــﺎﺟـــﺰ اﻟــﻌــﻮد وﺑـــــﺎﺣـــــﻂ ﻟـــــﻚ ﺳــــــﻮر وﺑــﻨــﻴــﻪ
اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﻘﺼﻴﺪة :اﻟﺸﺎﻋﺮ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،اﻟﻤﻨﺴﻮب إﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻤﺰارﻳﻊ ،وﻟﺪ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة )دﻟﻤﺎ( إﺣﺪى اﻟﺠﺰر اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻣﺎرس اﻟﻐﻮص ﻛﺄول ﻣﻬﻨﺔ ﻳﻤﺘﻬﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻳﻜﺜﺮ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه وﺻﻒ أﻳﺎم اﻟﺼﻴﻒ .ﻗﺎل ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻫﺬه ﺑﻌﺪ أن ﻫﺎج اﻟﺒﺤﺮ وﻣﺎج وﻫﺪم اﻟﻜﻮرﻧﻴﺶ ،ﻓﺮاح إﻟﻴﻪ ﻳﻌﺎﺗﺒﻪ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
33
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
أدوات اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ
وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸدوات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻷﻗﺪﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺠﺎز ﻫﺬه اﻻﺷﻜﺎل اﻟﻤﺒﻄﻌﺔ ،ﻳﺬﻛﺮ اﻟﻮاﻟﺪ اﻟﺸﺤﻲ أن أﻛﺜﺮﻫﺎ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ«اﻟﻘﺪوم« و ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻤﻄﺮﻗﺔ، »اﻟﻤﻨﻘﺮ«» ،اﻟﻤﻨﺸﺎر«» ،اﻟﺮﻧﺪة«» ،اﻟﻤﺴﺎﻣﻴﺮ« ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷدوات اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻓﻲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬه ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻷدوات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺎﺣﺘﺮاﻓﻴﺔ اذا اﺣﺴﻦ ﺗﺪرﻳﺒﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت واﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻣﺜﻞ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،وﻣﺮﻛﺰ ﺣﻤﺪان ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻹﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث. وﻛﺎن ﻣﻮﺳﻢ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ رﺣﻼت اﻟﻐﻮص ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ أو ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ،ﻓﻴﺒﺪأ ﺗﺼﻨﻴﻊ ﺳﻔﻦ ﺟﺪﻳﺪة ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ اﻟﻨﻮاﺧﺬة واﻟﺒﺤﺎرة ،أو اﻟﺘﺠﺎر ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺮﻣﻴﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن أﺻﺎﺑﻬﺎ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺐ ﺧﻼل رﺣﻼت اﻟﻐﻮص أو ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك. ﻣﻬﺎم ﻣﺤﺪدة
إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻳﻮرد اﻟﺸﺤﻲ ،أن اﻟﺒﺤﺎرة ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻦ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ،ﻟﻬﻢ ﻣﻬﺎم ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻣﺤﺪدة ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻟﻜﻞ وﻇﻴﻔﺔ اﺳﻢ ﻣﺤﺪد ﻳﻌﺮﻓﻪ أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻗﺪﻳﻤﺎً واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺒﺤﺮي ﺣﺪﻳﺜﺎً وﻣﻦ اﻟﻤﻬﺎم اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺒﺤﺎرة ﻓﻲ اﻷﺳﻔﺎر اﻟﺒﻌﻴﺪة. اﻟﺴﺮدال :وﻫﻮ ﻗﺎﺋﺪ أﺳﻄﻮل اﻟﺴﻔﻦ وﺑﻴﺪه أﻣﺮ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷﺳﻄﻮل وﻋﻮدﺗﻪ ،واﻷﺳﻄﻮل ﻳﻌﺮف ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﺑﻜﻠﻤﺔ »ﺳﻨﻴﺎر« وﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺗﺘﺤﺮك ﺳﻮﻳﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ 32
ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺸﺤﻲ
وﻓﻲ رﺣﻠﺔ واﺣﺪة. اﻟﻨﻮﺧﺬة :ﻗﺎﺋﺪ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ واﻟﻤﺴﺆول ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ رﺣﻠﺘﻬﺎ وﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ إدارة وﺗﻮﺟﻴﻪ ﻛﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻮﺟﻮدﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ. اﻟﺴﻜﻮﻧﻲ :وﻫﻮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ دﻓﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻟﺪى اﻟﺒﺤﺎرة ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺴﻜّﺎن« ،ﻣﺜﻞ ﻣﻘﻮد اﻟﺴﻴﺎرة أو ﺳﻜّﺎن اﻟﺴﻴﺎرة ﺑﻠﻬﺠﺔ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات. اﻟﻐﻮاص :وﻫﻮ ﻣﻦ أﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﻬﻦ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻣﻬﻤﺘﻪ اﻟﻨﺰول إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ واﺳﺘﺨﺮاج اﻟﻤﺤﺎر ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق. اﻟﺴﻴﻴﺐ :وﻫﻮ ﻣﺴﺎﻋﺪ اﻟﻐﻮاص ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻻﻣﺴﺎك ﺑﺤﺒﻞ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻐﻮاص ﻓﺈذا ﺣﺮك اﻟﻐﻮاص اﻟﺤﺒﻞ ﺳﺤﺒﻪ اﻟﺴﻴﻴﺐ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻟﻠﺘﻨﻔﺲ أو ﻻﻧﺘﻬﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻐﻮص. اﻟﻤﺠﺪﻣﻲ :أو »ﻟﻤﻘﺪﻣﻲ« وﻣﻜﺎﻧﻪ داﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻳﻜﻮن ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻦ اﻟﻨﻮﺧﺬة إذا اﺿﻄﺮت اﻟﻈﺮوف ﻟﺬﻟﻚ ،وﻣﻦ ﻣﻬﺎﻣﻪ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ وﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻛﻞ اﻷدوات واﻟﻤﻌﺪات اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم وﻣﻴﺎه اﻟﺸﺮب ﻟﻠﺒﺤﺎرة اﻟﺸﻼت ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺚ اﻟﺤﻤﺎس اﻟﻨ ّﻬﺎم :ﻳﻘﻮم ﺑﻐﻨﺎء ّ ﻓﻲ ﻃﺎﻗﻢ اﻟﻌﻤﻞ وﺗﺸﺠﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﺑﻬﻤﺔ وﻧﺸﺎط ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻐﻠﺒﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮاودﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺼﺎﻋﺐ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻷﻫﻞ. اﻟﺠﻼﺳﺔ» :اﻟﻴﻼﺳﺔ« وﻫﻢ اﻟﺒﺤﺎرة اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻠﻮن ﻓﻲ أي ﻃﺎرئ ﻳﺤﺪث ﻷﺣﺪ اﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺄﻋﻤﺎل أﺧﺮى ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻣﻨﻬﺎ ﻓﻠﻖ اﻟﻤﺤﺎر واﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻓﻲ أي ﻋﻤﻞ اذا ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ذﻟﻚ
وﻣﻦ أﺑﺮز أﻧﻮاع اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ،اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت ،اﻟﺴﻨﺒﻮك، اﻟﺒﻮم ،اﻟﺼﻤﻌﺔ ،اﻟﺸﺎﺷﺔ ،اﻟﺸﺎﺣﻮف ،اﻟﻬﻮري ،واﻷﻧﻮاع اﻟﺜﻼث اﻷﺧﻴﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﻺﺑﺤﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ وﺗﻘﻞ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز 4ﻋﻠﻰ أﻗﺼﻰ اﻷﺣﻮال، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﺳﺎﺑﻘﺘﻬﺎ ﻋﺸﺮات اﻟﺒﺤﺎرة وﻛﺬا ﺣﻤﻮﻻت أﺿﺨﻢ ﺑﺤﺴﺐ ﺣﺠﻤﻬﺎ وﺑﻌﺪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻤﺘﻮﺟﻬﺔ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻳﻘﻮل اﻟﻮاﻟﺪ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺸﺤﻲ ،إﻧﻪ أﺣﺘﺮف ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻤﺤﺎﻣﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺴﻔﻦ ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﺣﻴﻦ ﻛﺎن ﻳﺮاﻓﻖ واﻟﺪه اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ »ﺟﻼف« وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ اﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺮزق ﻹﻋﺎﻟﺔ أﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ،أﻣﺎ اﻵن ﻓﺈن اﻷﻧﻮاع اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻻﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻗﺒﺎل اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻘﻮارب اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺰال ﻋﺪد ﻏﻴﺮ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات ﻳﻬﺘﻤﻮن ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﺮاﺛﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ وﻣﻨﻪ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺮاه ﺑﻮﺿﻮح ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮي ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﻌﺘﻤﺪ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮارب اﻟﺸﺮاﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﺑﺄﻳﺎدي أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات أو ﺗﺤﺖ اﺷﺮاﻓﻬﻢ ً وﻳﻌﺒﺮ اﻟﺸﺤﻲ ﻋﻦ ﺷﻌﻮره ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ ،ﻛﻮﻧﻪ ﻻزال ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺄدق ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻤﺤﺎﻣﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ وﻳﺮى أن ذﻟﻚ دور ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻪ وﻷﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻦ »اﻟﺸ ّﻴﺎب« ،ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻳﺤﻔﻈﻮن ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺗﺮاث اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد وﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻲ وﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﺒﺮ ورش اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺪورات اﻟﺘﺪرﻳﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻄﻮﻧﻬﺎ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﺷﺒﺎب اﻹﻣﺎرات ﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺧﺎرﺟﻬﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،اﻟﺬي اﺻﺒﺢ ﻣﻮﺿﻊ اﻫﺘﻤﺎم ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت اﻷﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻈﻪ ﻋﺒﺮ اﻷﻋﺪاد اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻣﻦ اﻻﺟﺎﻧﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺮاﻫﻢ ﻣﻨﺘﺸﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﻤﺤﺎﻓﻞ ﻳﻄﺎﻟﻌﻮن اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﺤﺮف اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻣﻨﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ. »ﻗﻄﺎع« و»ﺳﻔﺎر«
وﻳﺸﺮح اﻟﺸﺤﻲ ،أن ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺗﺒﺪأ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﻌﺎم ﻟﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻷﺧﺸﺎب ﺟﻨﺒﺎً إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ،ووﺿﻊ ﻛﻞ ﺟﺰء ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮق ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﺘﺮة اﻟﺸﻬﺮﻳﻦ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ،إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع ﻛﺒﻴﺮ اﻟﺤﺠﻢ ﻣﺜﻞ »اﻟﺴﻨﺒﻮك« وﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﻣﻦ 25إﻟﻰ 60ﻃﻨﺎً ،و»اﻟﺠﺎﻟﺒﻮت« اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻞ ﻃﻮل اﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻨﻬﻤﺎ إﻟﻰ ﻧﺤﻮ 50ﻗﺪﻣﺎً أو ﻳﺰﻳﺪ ﻗﻠﻴﻼً و ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 60ﻃﻨﺎً .أﻣﺎ »اﻟﺒﻮم« ﻓﻬﻲ أﻛﺒﺮ ﺣﺠﻤﺎ وﻳﺼﻞ ﻃﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ 150ﻗﺪﻣﺎ وﻏﺎﻟﺒﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة ﻋﻠﻰ ﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي وﺗﺼﻞ ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ إﻟﻰ 700 ﻃﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،وﻫﻲ ﻧﻮﻋﺎن »ﺑﻮم ﺳﻔﺎر« ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻷﺳﻔﺎر اﻟﺒﻌﻴﺪة و»ﺑﻮم ﻗﻄﺎع« ﻟﻠﺮﺣﻼت اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ،وﻫﻨﺎك »اﻟﺼﻤﻌﺔ« وﻃﻮﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 20و 30ﻗﺪﻣﺎً وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ اﻗﺪم ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـ»اﻟﺸﺎﺷﺔ« ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻃﻮﻟﻬﺎ 12ﻗﺪﻣﺎً وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﻼﺑﺤﺎر واﻟﺼﻴﺪ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺴﺘﻐﺮق رﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻳﺮﻛﺒﻬﺎ 8أو 10ﺳﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ اﻗﺼﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻧﻪ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻳﻐﺎدر ﻓﻴﻪ ،وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك أو اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ،وﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻋﺪد رﻛﺎﺑﻬﺎ 2ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
31
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻤﺤﺎﻣﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ
ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺸﺤﻲ: »اﻟﺠﻼف« ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اGﻣﺎراﺗﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﺮاث »أﺑﻮﻇﺒﻲ«
ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻘﻮارب ﺑﺄﺣﺠﺎﻣﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻫﻲ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﺣﺘﻞ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺴﻔﻦ أو ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑـ »اﻟﺠﻼف« ،ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻷﻧﻪ ﻟﻮﻻ اﻟﺠﻼف ﻣﺎ ﺗﻤﺖ ﺻﻨﺎﻋﺔ أﺷﻜﺎل وأﻧﻮاع ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﺴﻔﻦ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺘﺠﺎرة واﻟﻐﻮص ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ.
30
ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺸﺤﻲ
وﻫﻮ اﻟﺤﺒﺎر ،أو اﻟﺪود أو اﻟﻘﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ. وﻫﻨﺎك أﻧﻮاع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﻳﺘﻢ إﺻﻄﻴﺎدﻫﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻬﺎ: اﻟﺸﻌﺮي واﻟﻬﺎﻣﻮر واﻟﻜﻨﻌﺪ واﻟﺴﻜﻞ. وﻛﺎن اﻟﺤﺪق ﻗﺪﻳﻤﺎً أﻛﺜﺮ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﻮم ،ﺣﻴﺚ ﻳﺆﻛﺪ اﻟﺼﻴﺎدون أن اﻷﺳﻤﺎك ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻗﺮﺑﺎً ﻣﻦ ﺷﺎﻃﺊ اﻟﺒﺤﺮ ،أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺎب ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻘﻮارب ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻫﻮاﻳﺔ اﻟﺤﺪق. وﻟﻢ ﻳﻌﺮف اﻟﺼﻴﺎدون ﻗﺪﻳﻤﺎً ﺧﻴﻂ اﻟﻨﺎﻳﻠﻮن اﻟﺸﻔﺎف اﻟ ُﻤﺴﺘﺨﺪم ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺪق ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻰ ﺧﻴﻂ ﻗﻄﻨﻲ ﻳﺘﻢ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﺗﺠﺮح اﻟﻴﺪ وﺗﺤﻤﻞ اﻷوزان اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ﻟﻸﺳﻤﺎك. اﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ أو اﻟﺠﺮاﺟﻴﺮ
اﻷداة اﻷﻛﺜﺮ ﺷُ ﻴﻮﻋﺎً ﺑﻴﻦ أدوات اﻟﺼﻴﺪ ﺗُﺴﻤﻰ اﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ وﻣﻔﺮدﻫﺎ ﻗﺮﻗﻮر، وﺗﻨﻄﻖ ﻣﺤﻠﻴﺎً ﺟﺮاﺟﻴﺮ .وﻳﻌﻤﻞ اﻟﻘﺮﻗﻮر ﻛﺎﻟﻤﺼﻴﺪة ﺗﺪﺧﻠﻬﺎ اﻷﺳﻤﺎك ﻋﺒﺮ ﻓﺘﺤﺔ داﺋﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺨﺮوﻃﻲ ﺗﻀﻴﻖ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﻤﻨﻊ ﻫﺮوب اﻷﺳﻤﺎك ﻟﻠﺨﺎرج ،وﻳﺘﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﺧﺮاج ﺣﺼﻴﻠﺔ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻦ ﻓﺘﺤﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﺗ ُﺴﻤﻰ )ﺑﺎﺑﻪ(. وﻳﺴﺘُﺨﺪم )اﻟﻴﻴﻢ( ﻛﻄﻌﻢ ﻳﻮﺿﻊ داﺧﻞ اﻟﻘﺮﻗﻮر ﻟﺠﺬب اﻷﺳﻤﺎك، ووﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻋﺠﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺤﻴﻦ أو أﺳﻤﺎك اﻟﺴﺮدﻳﻦ أو اﻟﻤﺤﺎر وﺑﻌﺾ اﻷﻋﺸﺎب واﻟﻄﺤﺎﻟﺐ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،وﻳﺨﺘﻠﻒ ﻧﻮع اﻟﻄﻌﻢ ﺣﺴﺐ ﻧﻮع اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻤﺮاد ﺻﻴﺪﻫﺎ. وﺗﺨﺘﻠﻒ أﻣﺎﻛﻦ ﻏﻤﺮ اﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﻣﻴﺎه ﺿﺤﻠﺔ وأﺧﺮى ﻋﻤﻴﻘﺔ ،وﺑﺮﻋﺖ اﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ ﻓﻲ اﺻﻄﻴﺎد أﺳﻤﺎك اﻟﻬﺎﻣﻮر واﻟﺼﺎﻓﻲ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع اﻷﺧﺮى ،وﻫﻲ أﺣﺪ أﻛﺜﺮ أدوات ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك اﺳﺘﻬﻼﻛﺎً ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺸﻂ ﺗﺠﺎرة اﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻼك اﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ،وﺗُﻌﺘﺒﺮ »-اﻟﻀﻐﻮة« ،ﺗﺤﺎﻟﻒ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﺒﺤﺮ ،ﻣﻮﻗﻊ ﻋﺒﺮ اﻻﻣﺎرات 27 -ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ - 2014ﻋﻠﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮي. ﺗﺠﺎرة راﺋﺠﺔ »اﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ« أﻗﻔﺎص اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺮ -ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺨﻠﻴﺞ،*ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻰ واﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ – ﻣﺼﺮ ﻋﺪﻧﺎن ﻋﻜﺎﺷﺔ. ﺷﺒﺎك اﻟﺼﻴﺪ ،ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻳﺪوﻳﺔ ﺗﻨﺘﻌﺶ ﺑﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﺮاث ،ﺟﺮﻳﺪةاﻟﻤﺮاﺟﻊ: اﻹﺗﺤﺎد – 2ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2013م – ﻫﻨﺎء اﻟﺤﻤﺎدى. اﻟﺼﻴﺪ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴـﻔﻦ ،ﺣﺮف ﺗﻘﺎوم اﻟﺰﻣﻦ ،ﺟﺮﻳﺪة اﻹﻣﺎرات اﻟﻴﻮم - -ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ﻣﺎزاﻟﺖ ﺗﺘﺄﻟﻖ ﻛﻤﻬﻨﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ - 24ﻣﺎﻳﻮ 2015-إﻳﻨﺎس ﻣﺤﻴﺴﻦ. ﺻﻮت اﻹﻣﺎرات – 10أﺑﺮﻳﻞ 2015م – ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮى.
اﻟﺘﺴﻴﻴﺢ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
29
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí اﻟﺨﺒﺮ إﻟﻰ ﺟﻤﻮع اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ وﻣﻮﻋﺪﻫﺎ اﻟﻤﺤﺪد ،اﻟﺴﻴﻨﻴﺔ اﻟﺸﺎﻃﺌﻴﺔ« وﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ أﻧﻮاع اﻟﺸﺒﺎك اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﺣﺠﻤﺎً ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ﻏﺎﻟﺒﺎً ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺒﻘﻲ )اﻟﻀﻐﻮة( ﺗﻘﻠﻴﺪا ً اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً وأﺻﻐﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺳﻌﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،وﻳﻮﺟﺪ ﻛﺬﻟﻚ »ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻠﻴﻞ« وﺗﺼﻨﻊ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً ﺟﻤﻴﻼً ﻟﺪى اﻟﺠﻤﻴﻊ واﻟﻬﺪف ﻣﻨﻪ اﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻜﺎﺗﻒ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺒﺎك ﺧﻴﻮط اﻟﻨﺎﻳﻠﻮن اﻟﻤﻨﺴﻮﺟﺔ ﻣﻦ دون ﻋﻘﺪ . أﻫﺎﻟﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻓﺔ اﻟﺼﻴﺪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻀﻐﻮة. وﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻣﻬﻤﺔ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺸﺒﺎك »اﻟﻠﻴﺦ« ﻋﻠﻰ إﻋﺪاد اﻟﺸﺒﻚ وﺣﺴﺐ، ﺑﻞ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻪ اﻟﺼﻴﺎدون ﻹﺻﻼح ﺷﺒﺎﻛﻬﻢ ﻓﻔﻲ رﺣﻼت اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﻨﻮن ﻓﻴﻪ ﺻﻴﺪا ً وﻓﻴﺮا ً ﻳﺤ ُﺪث أن ﺗﺘﻠﻒ ﺧﻴﻮط »اﻟﻠﻴﺦ« وﻳﻌﺎد ﺣﺮﻓﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻠﻴﺦ )ﺷﺒﺎك اﻟﺼﻴﺪ( ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ ﺻﻌﺒﺔ وﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ وﻗﺖ وﺟﻬﺪ وﺗﺮﻛﻴﺰ ،ﻓﺤﻴﺎﻛﺔ اﻟﺸﺒﻚ ﻧﺴﺠﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻛﺄن اﻟﺼﻴﺎدون ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺷﺒﺎﻛﻬﻢ، ﺑﻤﻘﺎس ﻛﺒﻴﺮ وﺑﻤﺘﺎﻧﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻳﻠﺰﻣﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ واﻟﺤﺮﻓﻴﺔ ،ﻟﺬا وذﻟﻚ أﻳﻀﺎً ﻳﻠﺰﻣﻪ اﻟﺠﻬﺪ واﻟﺤﺮﻓﺔ ﻓﻲ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺘﻠﻒ وإﺻﻼﺣﻪ . ﻓﺈن ﻣﻌﻈﻢ أﺻﺤﺎب ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ،وﻣﻌﺮوﻓﻮن ﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺒﺎك ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﺧﻴﻮط اﻟﻐﺰل وﻫﻲ ﻣﻮاﻧﺊ اﻟﺼﻴﺪ ،ﻓﺘﺸﻴﻊ ﺳﻤﻌﺔ أﺣﺪ اﻟﺼﺎﻧﻌﻴﻦ ﻣﻦ دون ﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﺗﻌﺮف ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻘﻄﻦ واﻟﻨﺎﻳﻠﻮن وﺗﺘﻢ ﺣﻴﺎﻛﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﻛﻪ ﺑﺎﻟﻤﺘﺎﻧﺔ واﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ اﻟﺼﻴﺎدون ﻓﻲ رﺣﻼﺗﻬﻢ . اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﻬﺮة ،وﻛﻲ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ واﻟﺼﻴﺪ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﺘﻢ وﺿﻊ ﻳﺴﺘﻐﺮق وﻗﺖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻠﻴﺦ ﺣﺴﺐ ﻃﻮﻟﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ أﺳﺒﻮﻋﻴﻦ إﻟﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ »اﻟﻜﺮب« ﻛﻲ ﺗﻄﻔﻮ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ. ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ،وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﺘﺤﺎت اﻟﺸﺒﻚ ﻣﻦ ﻟﻴﺦ ﻵﺧﺮ ،إﻻ أن ﻣﻌﻈﻢ و«اﻟﻜﺮب« ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻗﻄﻊ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ ﻋﺼﻲ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻴﺪ، اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻳﻔﻀﻠﻮن أن ﺗﻜﻮن ﺑﻴﻦ 2إﻟﻰ 4ﺳﻨﺘﻴﻤﻴﺘﺮات ،وﻫﺬه ﻫﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﻓﻲ اﻟﺸﺒﺎك وﺗﻜﻮن اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺮﺑﺔ اﻻوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘ ًﺮا اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﻔﺮار ﻣﻨﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎً . وﻧﺼﻒ اﻟﻤﺘﺮ ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻠﻴﺦ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ،وﻛﻲ ﻳﻜﻮن اﻟﻠﻴﺦ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ وﻟﻠﻴﺦ أﻧﻮاع ﻛﺜﻴﺮة أﺑﺮزﻫﺎ ،اﻟﺨﻴﺸﻮﻣﻴﺔ ،وﻳﻄﻠﻖ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻧﺴﺒﺔ ﺗﺤﺖ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺮ ﺗﻮﺿﻊ ﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر وﺗﺴﻤﻰ ﻟﺨﻴﺎﺷﻴﻢ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺷﺒﺎك ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺦ ،وﺗﻘﺴﻢ »ﺑﺎﻟﻤﺴﻮ« وﺗﺸﺒﻚ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﺦ ﺑﺎﻟﺤﺒﺎل وﺗﻜﻮن اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﺨﺮة اﻟﺨﻴﺸﻮﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧــﻮاع ،اﻷول ﻣﻨﻬﺎ» ،اﻟﺨﻴﺸﻮﻣﻴﺔ اﻟﻬﺎﺋﻤﺔ« اﻻوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺛﻼﺛﺔ اﻣﺘﺎر ،وﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﺑﺎﻟﺸﺒﺎك وﺗﺘﺮاوح ﺳﻌﺔ ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ﺑﻴﻦ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺑﻮﺻﺔ إﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﺑﻮﺻﺎت ،أﻣﺎ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺑﺮك ﻣﻌﺒﺄة ﺑﺎﻟﻤﻴﺎه وﻳﺘﻢ اﺷﻌﺎل اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﺒﺮك اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻴﻌﺮف ﺑـ«اﻟﺨﻴﺸﻮﻣﻴﺔ اﻟﺪاﺋﺮﻳﺔ« أو أﺣﻮاض إﻟﻰ أن ﺗﻐﻠﻲ ،وﺑﻬﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻳﺘﻢ وﺗﺴﻤﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎك اﻟﺘﻲ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ راﺋﺤﺔ اﻟﺴﻤﻚ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﻻ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻃﺮﻳﻘﺔ )اﻟﺤﺪق( ﺗﺼﻄﺎدﻫﺎ وﺗﺼﻨﻊ ﺑﺸﻜﻞ داﺋﺮي . ﺑﺎﻟﻤﺼﻄﻠﺢ اﻟﻤﺤﻠﻲ »ازﻓﺮه« وﻳﺘﻢ ﺗﻜﺮارﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﻬﺪاً ﺟﻤﺎﻋﻴ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ،واﻟﺤﺪق أﻣﺎ اﻟﻨﻮع اﻷﺧﻴﺮ ﻓﻴﻌﺮف ﺑـ«اﻟﺨﻴﺸﻮﻣﻴﺔ اﻷﺳﺒﻮع ﻣﺮة. ﻫﻮ اﻟﺨﺮوج ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﺑﻘﻮارب اﻟﻘﺎﻋﻴﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ« وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﻗﺎع اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺼﻨﺎرة واﺳﺘﺨﺪام اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺼﻴﺪ ﺣﻴﺚ ﻳﻼﻣﺲ اﻟﺤﺒﻞ اﻟﻘﺎﻋﻲ ﻟﻠﺸﺒﻜﺔ ﻗﺎع ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺤﺪق ُ اﻟﻤﺰودة ﺑﺎﻟﻄﻌﻢ ﻓﻲ)اﻟﻤﻴﺪار( وﻫﻮ ﻻ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻃﺮﻳﻘﺔ )اﻟﺤﺪق( ﺟﻬﺪا ً ﺟﻤﺎﻋﻴﺎً اﻟﺒﺤﺮ وﺗﺜﺒﺖ ﺑﻌﻮاﻣﺎت ،وﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺼﻴﺎدون اﻟﺨﻄﺎف اﻟﻤﻌﺪﻧﻲ ،واﻟﻄﻌﻢ أو ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﻘﺎع اﻟﺼﻠﺐ أي اﻟﺼﺨﺮي ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ،واﻟﺤﺪق ﻫﻮ اﻟﺨﺮوج ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺼﻨﺎرة ﻓﻰ ﻳﻮﺿﻊ اﻟﺬى )اﻟﻴﻴﻢ( أو اﻟﻤﺮﺟﺎﻧﻲ ،وﺗﻜﻮن ﺧﻴﻮﻃﻬﺎ ﻣﺘﻴﻨﺔ وﻋﻴﻮن ﺑﻘﻮارب اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺼﻐﻴﺮة واﺳﺘﺨﺪام اﻟﺼﻨﺎرة ً ﻋﺎدة ﻣﻦ اﻟﺮﺑﻴﺎن أو ﻳﺘﻜﻮن اﻟﺸﺒﺎك ﺑﻴﻦ 4. 5إﻟﻰ 6ﺑﻮﺻﺎت . اﻟ ُﻤﺰودة ﺑﺎﻟﻄﻌﻢ ﻓﻲ)اﻟﻤﻴﺪار( وﻫﻮ اﻟﺨﻄﺎف وﺗﻨﺘﺸﺮ أﻧــﻮاع أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﺨﻴﺸﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺪﻧﻲ ،واﻟﻄﻌﻢ أو )اﻟﻴﻴﻢ( اﻟﺬى ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻰ اﻟﺨﺜﺎق وﻫﻮ اﻟﺤﺒﺎر ،أو اﻟﺪود أو ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻴﺪ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،ﻓﻬﻨﺎك »اﻷﻟﻴﺎخ اﻟﺼﻨﺎرة ﻳﺘﻜﻮن ﻋﺎد ًة ﻣﻦ اﻟﺮﺑﻴﺎن أو اﻟﺨﺜﺎق اﻟﻘﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ
28
ﻃﺮق ﺻﻴﺪ ا ﺳﻤﺎك ﻓﻲ اDﻣﺎرات
اﻟﻠﻴﺦ
ﺗﻤﺘﺪ ﺳﻮاﺣﻞ دوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺴﺎﻓﺔ 644ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا ً ،ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺪة ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة ﻗﻄﺮ ﻏﺮﺑًﺎ وﺣﺘﻰ إﻣﺎرة رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺷﺮﻗًﺎ،و ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻹﻣﺎرات اﻟﺴﺖ؛ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،دﺑﻲ ،اﻟﺸﺎرﻗﺔ، ﻋﺠﻤﺎن .وﺗﻤﺘﺪ ﺳﻮاﺣﻬﺎ اﻟﻤﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ ﺧﻠﻴﺞ ﻋﻤﺎن ﻣﺴﺎﻓﺔ 90ﻛﻴﻠﻮﻣﺘ ًﺮا وﺗﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ إﻣﺎرة اﻟﻔﺠﻴﺮة. ﺳﺎﻋﺪ ﻫــﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻌﺎش اﻟﺤﺮف اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،وﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ ﺣﺮﻓﺘﺎ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ وﺑﻌﺾ اﻟﺤﺮف اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻔﻦ وأدوات اﻟﺼﻴﺪ. وﺗﺘﻌﺪد أﻧﻮاع ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻀﻐﻮة أو اﻟﻀﻐﺎﻳﺔ ،وﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺤﺪق ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ. اﻟﻀﻐﻮة أو اﻟﻀﻐﺎﻳﺔ
وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﺼﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺷﺒﺎك ﻛﺒﻴﺮة ذات ﻓﺘﺤﺎت ﺿﻴﻘﺔ .ﻳﻘﻮم اﻟﺼﻴﺎدون ﺑﻐﻤﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﺘﻠﺊ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎك. واﺷﺘﻬﺮ ﺑﻬﺎ أﻫﺎﻟﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ، ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻟﺼﻴﺪ أﺳﻤﺎك( اﻟﻌﻮﻣﺔ( أو اﻟﺴﺮدﻳﻦ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة ،وأﺻﻨﺎف أﺧﺮى ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺮﻳﺔ واﻟﺼﻴﻤﺎ. اﻟﻀﻐﺎﻳﺔ ﻫﻮ اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ اﻟﻌﺎﻣﻲ اﻟﻤﺘﺪاول ﻟﻮﺻﻒ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﻐﻮن أي ﻳﺼﻴﺪون اﻟﺴﻤﻚ ،وﻗﺪ اﺷﺘﻬﺮ أﺣﺪ اﻷﺣﻴﺎء ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ دﻳﺮة ﻓﻲ دﺑﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻀﻐﻮة ،ﺣﺘﻰ ُﺳﻤﻲ ﺑﻔﺮﻳﺞ اﻟﻀﻐﺎﻳﺔ.
اﻟﺠﻬﺘﻴﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﺗﺠﺪ اﻷﺳﻤﺎك ﻣﻌﻬﺎ ﻣﺨﺮﺟﺎً ﻟﻠﻬﺮوب؛ إذ ﻳﺘﻢ ﺗﻄﻮﻳﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺠﻬﺎت ،وﺗﺸﺘﺪ ﺳﻮاﻋﺪ اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﻞ اﻟﺸﺒﻜﺔ ﻗﺮب اﻟﺸﺎﻃﺊ. ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﺷﺮات واﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ أن اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﻀﻐﻮة ،رﺑﻤﺎ ﺗﺄﺗﻲ إﺷﺎرة اﻟﺒﺪء ﻣﻦ أﺣﺪ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻠﺤﻆ اﻟﻄﻴﻮر ﺗﺤﻮم ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻃﺊ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ وﻓﺮة اﻷﺳﻤﺎك ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. ﻃﻘﻮس اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﻀﻐﻮة أو ﻋﻨﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪة أﺳﻤﺎك اﻟﺴﺮدﻳﻦ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ اﻟﻤﺠﺮدة ﺗﺘﺤﺮك ﻗﺪﻳﻤﺎً ﻛﺎن أﻫﺎﻟﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻳﺸﻜﻠﻮن ﻓﺮﻳﻘﻴﻦ ،ﻳﺼﻄﻒ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺸﻜّﻠﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻗﺮب اﻟﺸﺎﻃﺊ، اﻷول ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻴﻤﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻃﺊ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ واﺳﺘﻨﺎدا ً إﻟﻰ ﺧﺒﺮة اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻳﺴﺮ ،وﻳﺒﺪأ اﻟﻔﺮﻳﻘﺎن ﻓﻲ ﺳﺤﺐ اﻟﺸﺒﻜﺔ ﻣﻦ ﻟﻠﺒﺪء ﺑـ (اﻟﻀﻐﻮة) ،اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻏﺎﻟﺒﺎً ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ،وﻳﺼﻞ
اﻟﻤﺴﻮ
اﻟﻜﺮﺑﺔ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
27
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
اﻟﻀﻐﻮة واﻟﺤﺪق واﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ
ﻃﺮق ﺻﻴﺪ اSﺳﻤﺎك ﻓﻲ اbﻣﺎرات ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﻪ ﻋﻠﻲ@
دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺮاﺋﺪة ﻓﻰ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ،ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدي أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أو اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎدة ﻣﻦ ﻓﺮاغ ،ﺑﻞ إﻧﻬﺎ اﺳﺘﻜﻤﺎل ﻟﺤﻀﺎرة ﻋﺮﻳﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﻧﻠﻘﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻀﻮء ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن وﻻ ﻳﺰال ﻳﻤﺜﻞ ﺷﺮﻳﺎن ﺣﻴﺎة وﺗﻘﺪم ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات. 26
ﻃﺮق ﺻﻴﺪ ا ﺳﻤﺎك ﻓﻲ اDﻣﺎرات
ﻣﻜﺎن ﺑﻴﻊ اﻟﺴﻤﻚ. اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺪ واﻳﺪ .اﻟﺤﻴﻦ اﻟﺼﻴﺎد ﻳﺮوح اﻟﺪﻛﺎن وﻳﺸﺘﺮي 100ﻃﻴّﺔ ﻣﻦ اﻻﻟﻴﺎخ وﻳﺴﻜّﺮ ﺑﺮوﺣﻪ ﻣﻊ ﻋﻤﺎﻟﻪ وﺑﺪل ﻣﻦ أن ﻳﺎﺧﺬ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻳﺎﺧﺬ أﻛﺒﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ .اﻟﺤﻴﻦ اﻷدوات واﻷﺟﻬﺰة اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻴﺪون ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻤﻚ ﻏﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وأﻗﻮى ،وﻫﻨﺎك اﻟﻄﺮادات اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ وﺑﺪل »اﻟﺴﻜﺎر« اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا »اﻟﺪﻓﺎره« وﺑﺪل ﻟﻴﺦ اﻟﺴﻜﺎر ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن أﺳﻴﺎم وﺗﻄﻮر ﻫﺬا اﻟﻠﻴﺦ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﻟﻰ أن وﺻﻞ إﻟﻰ ﻃﻴﺎت ﺳﻴﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ. وﻳﻮم »اﻟﺪﻓﺎره«ﻳﻘﻮﻣﻮن ﻳﺪﻗﺪﻗﻮن وﻳﻘﺮﻗﻌﻮن ﻓﻲ ﻣﺎي اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻴﻦ ﻳﺘﺠﻤﻊ اﻟﺴﻤﻚ ﻓﻲ »اﻟﺪﻓﺎره« .ﻓﺎﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻫﺬي ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻟﻬﺎ آﺛﺎر ﺧﻄﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻤﻜﻴﺔ .ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ واﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺰاﺋﺪ ﻟﻠﺴﻤﻚ ﻛﻠﻪ أﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺮوة اﻟﺴﻤﻜﻴﺔ وأﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك اﺳﺘﻨﺰاف ﺷﺪﻳﺪ ﻟﻬﺬه اﻟﺜﺮوة اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺘﻨﺎﻗﺺ ،وﺿﻒ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﻔﺮﻳﺎت واﻟﻤﺼﺎﻧﻊ واﻟﺘﺤﻠﻴﺔ واﻟﻤﻠﻮﺣﺔ ﻛﻠﻬﺎ أﺛﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ وﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻴﻪ. أول ﻣﺜﻼ ﻣﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻣﻨﺸﻠﺔ ،واﻟﻤﻨﺸﻠﺔ ﻫﺬه ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻴﺪار ﻓﻲ ﺧﻴﻂ واﺣﺪ ،ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺼﻴﺪ ﻛﻤﻴﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﺮة واﺣﺪة ﺑﺨﻴﻂ واﺣﺪ. اﻟﺴﻤﻚ ﺛﺮوة ﻟ{ﺟﻴﺎل
ﻫﻞ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻳﺎ أخ ﺳﻌﻴﺪ أن اﻟﺴﻤﻚ أو اﻟﻤﺨﺰون اﻟﺴﻤﻜﻲ ﺳﻴﻨﻀﺐ؟ ﻛﻞ ﺷﻲء إذا ﻣﺎ اﺳﺘﺨﺪم ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻳﻨﺘﻬﻲ أو ﻳﺘﺄﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ. ﻣﺎ أﺗﻤﻨﻰ أن اﻟﺴﻤﻚ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﻨﻀﺐ وﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﺘﺄﺛﺮ ﺑﺴﺒﺐ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺠﺎﺋﺮ ﻓﻲ ﺻﻴﺪه ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺮوب واﻷزﻣﺎت واﻟﺴﻔﻦ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ اﻟﺨﻠﻴﺞ وﺗﻠﻮث اﻟﻤﻴﺎه ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺮوة اﻟﺴﻤﻜﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻗﺪرة اﻟﻠﻪ ﻓﻮق ﻛﻞ ﺷﻲء ،وإن ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻫﺬه اﻟﺜﺮوة ﻷﺟﻴﺎﻟﻨﺎ اﻟﻘﺎدﻣﺔ.
ﺳﺆال أﺧﻴﺮ ،ﻫﻞ ﺗﺮى أن اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﺸﺒﺎب ﺳﻴﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ؟ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺤﻴﻦ ﻳﺴﻴﺮون اﻟﺒﺤﺮ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻨﺰﻫﺔ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺼﻴﺪون أﺳﻤﺎك ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷﻧﻮاع وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻫﻮاﻳﺔ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ وﻳﻌﻠﻤﻮن ﻋﻴﺎﻟﻬﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﻄﻮر وﻣﻤﻜﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻷدوات واﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ أﻧﻬﻢ ﻳﺴﺎﻫﻤﻮن ﻓﻲ ﺻﻴﺪ ﻫﺬه اﻻﺳﻤﺎك وﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺜﺮوة اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ .وأﻧﺎ أﻃﺎﻟﺐ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ واﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻪ وﺗﻌﻠﻴﻢ ﻃﺮق ﺻﻴﺪه اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻷن ﻛﻞ ﺷﻲ ﺗﻐ ّﻴﺮ وﻏﻴﺮ ﻣﻌﻘﻮل إن اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻲ ﻫﺎﻟﺰﻣﺎن ﻳﺠﻠﺲ ﻳﻐﺰل ﻟﻪ ﻟﻴﺦ ،واﻻ ﻳﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﻘﺮﻗﻮر واﻻ ﻳﺒﻴﻊ ﺳﻤﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﻒ. وﻛﺬﻟﻚ أرﺟﻮ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻤﺪارس ،واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻘﺼﺮة ﻓﻲ دﻋﻢ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ،وﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺪور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﻄﻠﻮب أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺗﻮﻋﻴﺔ واﻫﺘﻤﺎم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺑﺎء ﺑﺤﺚ أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ وﻋﺪم ﺗﺮﻛﻬﺎ. ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻠﻘﺎء اﻟﻠﻄﻴﻒ ﺷﻜ ًﺮا ﻟﻸخ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻄﻴﺒﺔ واﻟﻠﻪ إن ﺷﺎﻟﻠﻪ ﻳﺤﻔﻆ ﺑﻼدﻧﺎ وﻳﺤﻤﻲ ﺛﺮواﺗﻨﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺪﺛﺎر
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
25
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí أول ﻫﻨﺎك ﺗﻌﺎون ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺪ ،وﻫﺬا اﻟﺤﻴﻦ ﻣﺎ ﺷﻲ واﻧﺘﻬﻰ ،وﻛﺎن اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻴﺪ واﻟﻤﺮاﻛﺐ ،اﻟﺤﻴﻦ أﺻﺒﺢ اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ وﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺤﻞ أو »اﻟﺪﻛﺔ« ﻛﺎن ﻛﻞ واﺣﺪ ﻳﺒﻴﻊ ﺻﻴﺪه ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،وﺑﻌﺾ اSﺣﻴﺎن اﻟﺤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺠﺎﻳﺰ ﻳﺒﻴﻌﻦ اﻟﺴﻤﻚ Sن اﻟﺮﺟﺎل ﻳﻜﻮﻧﻮن ﺗﻌﺒﺎﻧﻴﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﺘﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻜﺒﺎر
اﻟﻨﻮع اﻟﻴﺎﺑﺲ ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻤﻜﻪ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻳﻌﻨﻲ ﻧﻔﺘﺢ اﻟﺴﻤﻜﺔ وﻳﻨﻈﻒ ﺑﻄﻨﻬﺎ وﻧﺴ ّﻮﻳﻬﺎ ﻧﺼﻔﻴﻦ وﺗﻤﻠّﺢ وﺗﺠﻔّﻒ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺤﻔﻆ وﺗﺆﻛﻞ أو ﺗﺒﺎع وﻫﻮ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ .واﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻤﺪﻓّﺄ وﺗﻜﻮن اﻟﺴﻤﻜﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ وﺗﻤﻠّﺢ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ وﻻزم ﺗﻨﺸﻒ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺎﺑﻂ واﻟﻨﻴﺴﺮ واﻟﺒﺪح. أﻣﺎ اﻟﺒﻴﺎح ﻓﻴﻌﻤﻠﻮﻧﻪ ﻟﻴّﻦ ﻣﻤﻠﻮح وﺑﺪون ﻣﺎء وﻳﺴﻤﻮﻧﻪ »رزﻳﻢ« ﺟﻤﻊ ﻣﺮزوم. ﻫﻜﺬا ﻳﺘﺼﺮﻓﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﺰاﺋﺪ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ .ﻳﻌﻨﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 90٪ ﻣﻦ ﻟﻲ ﻳﺼﻴﺪوﻧﻪ ﻳﻤﻠﺤﻮﻧﻪ ،واﻟﻤﺎﻟﺢ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻳﺄﺧﺬوﻧﻪ اﻟﺒﺪو وﻳﻮدوﻧﻪ اﻟﻌﻴﻦ .واﻟﻄﺮي ﻳﻮزﻋﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﻳﺞ ﻷن ﻣﺎ ﺣﺪ ﻳﺸﺘﺮي ﺳﻤﻚ ﻣﺎ ﺷﻲ ﻓﻠﻮس واﻳﺪ .وﻓﻲ أواﺧﺮ ﺳﻨﻮات اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﺪأ اﻟﻬﻨﻮد ﻳﺘﻮاﻓﺪون ﻋﻠﻰ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺗﺤ ّﺮك ﺳﻮق اﻟﺴﻤﻚ ﺷﻮي وﺑﺪأ اﻟﺼﻴﺎدون ﻳﺒﻴﻌﻮن ﻣﻦ ﺻﻴﺪﻫﻢ وﻳﺴﺘﻔﻴﺪون. إ ًذا ﻣﺘﻰ وﺻﻠﻜﻢ اﻟﺜﻠﺞ؟ أول ﻣﺎ ﻃﺎح اﻟﺜﻠﺞ ﻧﺰل ﻓﻲ دﺑﻲ وﻫﻨﺎك ﺳ ّﻮوا ﻣﺼﻨﻊ ،وﻛﺎن اﻟﻮاﻟﺪ اﻟﻠﻪ ﻳﺮﺣﻤﻪ ﻳﺮوح اﻟﻰ دﺑﻲ ﻳﺠﻴﺐ اﻟﺜﻠﺞ ﺣﻖ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻠﻲ ﻧﺼﻴﺪه ،واذﻛﺮ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻓﺘﺤﻮا ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﺼﻨﻊ اﻟﺒﻴﺒﺴﻲ ﻛﻮﻻ ،وﻛﺎن ﻟﺰوم اﻟﺜﻠﺞ ﺿﺮوري ﻟﻠﻤﺼﻨﻊ ،ﻓﻘﺎم اﻟﻤﺼﻨﻊ ﺑﻌﻤﻞ ﻣﺼﻨﻊ ﺛﻠﺞ ﻣﻮازي ﻟﻪ وأﺧﺬ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ اﻟﺜﻠﺞ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ وأﻛﺜﺮﻫﻢ ﺻﻴﺎدي اﻟﺴﻤﻚ .ﻓﺘﺤﺮك ﺳﻮق اﻟﺴﻤﻚ ﻟﻸﺣﺴﻦ وﺑﺪأ اﻟﺼﻴﺎدون ﻳﺼﻴﺪون أﻛﺜﺮ وﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻠﺞ وﺣﻔﻆ اﻟﺴﻤﻚ ﻣﺒ ّﺮد أو ﻣﺠ ّﻤﺪ وﺑﻴﻌﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻳﻮم ﻳﻜﻮن ﻣﺎ ﺣﺪ ﻳﺼﻴﺪ وإﻻ اﻷﺣﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ ﺻﻌﺒﺔ ،وﺻﺎر اﻟﻤﺎﻟﺢ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺳﻮق وﻧﺰﻟﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻤﺎﻟﺢ ،واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺗﻄ ّﻮرت اﻷﻣﻮر إﻟﻰ اﻷﺣﺴﻦ. وﺑﻌﺪﻣﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ اﻟﻠﻪ ﻳﺮﺣﻤﻪ ﺳﺎﻋﺪ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ واﻫﺘﻢ ﺑﻬﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻤ ّﺪون اﻟﺒﻠﺪ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎك ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻋﻨﺪه »ﺣﻮز« أي ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻳﺼﻴﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻤﻚ وﻣﺴﺘﺄﺟﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﺗﺒﻘﻰ
24
ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ا Vاﻟﻤﻄﻮع اﻟﻤﻬﻴﺮي
ﻋﻨﺪه ﺑﺪون ﻣﻘﺎﺑﻞ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺪم اﻟﺒﻠﺪ وﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ وﻳﻔﻴﺪ وﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻊ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ .وﻳﻮم ﺻﺪرت اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻣﺎل اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋ ّﻮﺿﻮا اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﺑﻔﻠﻮس وﺑﻨﺎﻳﺎت ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﻮزات ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،واﻟﻤﺴﺎﻛﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻠﺴﻜﺎر أﺻﺒﺤﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺤﻤﻴﺎت ﻳﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺻﺎرت ﻣﻠﻚ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ. أﻧﻮاع اﻟﺴﻤﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ
ﻣﺎ ﻫﻲ أﻧﻮاع اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻠﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ؟ ﻛﻞ اﻷﻧﻮاع ﻟﻲ ﻣﻮﺟﻮدة اﻟﺤﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻋﻨﺪﻧﺎ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻴﺎح واﻟﺒﺪح واﻟﻘﺎﺑﻂ واﻟﻴﻨﻢ واﻟﺸﻌﺮي واﻟﻔﺮش واﻟﻜﻮﻓﺮ واﻟﺤﻮاﻗﻴﻞ واﻟﻨﻴﺴﺮ واﻟﺨﺒﺎط واﻟﻜﻨﻌﺪ واﻟﺼﺎﻓﻲ واﻟﺴﺒﻴﻄﻲ واﻟﻨﻘﺮور واﻟﺸﻌﻢ واﻟﺪردﻣﺎن واﻟﻘﺮﻓﺎ واﻟﻌﻘﻠﻪ .ﻛﻞ ﺷﻲء ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮد. ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﺳﻤﻚ اﻟﻬﺎﻣﻮر؟ اﻟﻬﺎﻣﻮر ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮد ﺑﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺮﻏﻮب واﻳﺪ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺎس ﻣﺎ ﺗﺎﻛﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮ وﻏﻴﺮ ﻣﺮﻏﻮب وﻳﺴ ّﻤﻮﻧﻪ »ﺑﻮﺧﻴﻠﻪ«.
ﺷﻮ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻮﺧﻴﻠﻪ؟ »اﻟﺨﻴﻞ« ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف دواء ﺷﻌﺒﻲ رﻳﺤﺘﻪ زﻓﺮة وﻏﻴﺮ ﻣﺤﺒﺒﺔ، وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻟﻌﻼج اﻟﺘﺨﻤﺔ واﻹﻣﺴﺎك وأوﺟﺎع اﻟﺒﻄﻦ ،ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﻮم ﺗﺎﻛﻞ ﺳﻤﻚ اﻟﻬﺎﻣﻮر ﻻزم ﻳﺎﻛﻠﻮن »ﺧﻴﻞ« ﻋﺸﺎن ﻣﺎ ﻳﻀﺮﻫﻢ ﻟﺤﻢ اﻟﻬﺎﻣﻮر، ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬا اﻷﺳﺎس ﺳ ّﻤﻮه »ﺑﻮﺧﻴﻠﻪ« وﺑﺎﻟﻌﻜﺲ اﻟﺤﻴﻦ ﻧﺎﻛﻠﻪ ،ﻷن ﻫﺬه ﻣﻌﺘﻘﺪات واﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﻬﺎﻣﻮر ﻳﻮم ﻳﺎﻛﻞ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻳﻨﺘﻔﺦ ﺑﻄﻨﻪ وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻟﺤﻤﻪ ﻳﻀﺮاﻹﻧﺴﺎن ،وﻋﺮﻓﻨﺎ أن ﻫﺬا ﺧﻄﺄ ﻷن ﻫﺬه ﻗﺪرة اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻐﻴﺮ واﻟﺼﻐﻴﺮ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﻠّﻲ أﺻﻐﺮ ﻣﻨﻪ ،ﺑﺲ ﻛﺎن اﻷوﻟﻴﻦ ﺣﺬرﻳﻦ واﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ دﺧﺎﺗﺮ وﻋﻼﺟﺎت. ﻫﻞ ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻛﻢ ّ دﻻﻟﻴﻦ ﺳﻤﻚ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ؟ ﻻ ،ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﻮد ،ﻛﻞ واﺣﺪ ﻳﺒﻴﻊ ﺻﻴﺪه ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،وﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن اﻟﺤﺮﻳﻢ اﻟﻌﺠﺎﻳﺰ ﻳﺒﻴﻌﻦ اﻟﺴﻤﻚ ﻷن اﻟﺮﺟﺎل ﻳﻜﻮﻧﻮن ﺗﻌﺒﺎﻧﻴﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﺘﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻜﺒﺎر واﻟﺮﺟﺎل ﻳﺴﺘﺮﻳﺤﻮن. ﺷﻮ رأﻳﻚ ﻳﺎ أخ ﺳﻌﻴﺪ ﻓﻲ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺼﻴﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪة؟ وﻫﻞ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ؟ أول ﻳﺎ أﺧﻲ ﻫﻨﺎك ﺗﻌﺎون ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ،وﻫﺬا اﻟﺤﻴﻦ ﻣﺎ ﺷﻲ واﻧﺘﻬﻰ .ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻛﺎن اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﺼﻴﺪ وﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﺮاﻛﺐ ﻣﺎل ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ،اﻟﺤﻴﻦ ﺗﻐﻴّﺮ ﻛﻞ ﺷﻲ ،أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﻠﻲ ﺗﺼﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ وﻫﻲ اﻟﻠّﻲ ﺗﺒﻴﻊ وأﺻﺒﺢ اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻓﻘﻂ ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ وﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺤﻞ أو »اﻟﺪﻛﺔ« وﻫﻲ
ﻓﻤﺜﻼ واﺣﺪ ﺻﻴّﺎد ﻳﺎﺧﺬ ﺧﻮر اﻟﺒﻄﻴﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﺪﻓﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺰاﻳﺪةً ، ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻤﺪة ﺳﻨﺔ وﻳﺪﻓﻊ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻣﺒﻠﻎ ﻳﺴ ّﻤﻰ »ﺷﻔ ّﻴﻪ« وإذا دﻓﻊ ﻏﻴﺮه أﻛﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ﻟﻲ ﻳﺪﻓﻊ أﻛﺜﺮ. وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻳﻮم ﻣﺜﻼ اﻟﺼﻴﺎد ﻳﺼﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻫﻨﺎك ﺣﻖ ﻣﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﻦ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻓﻔﻲ ﺻﺒﺎح ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﺠﻮن اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﻘﺮﻳﺒﻴﻦ ﻣﻨﻪ وﺟﻴﺮاﻧﻪ وﺟﻤﺎﻋﺘﻪ وﻳﺤﻠّﻴﻬﻢ أي ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ وﻫﺬا ﻻزم وواﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ،وﺟﺰء ﺣﻘّﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،أﻣﺎ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻓﻴﺴ ّﻮﻳﻪ »ﻣﺎﻟﺢ« ،أي ﻳﺠﻔﻔﻪ ﺑﺎﻟﻤﻠﺢ وﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. اﻟﺴﻤﻚ ﺑﻴﻦ اﻻﺳﺘﻬﻼك واﻟﺤﻔﻆ
ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻛﻢ وﺳﺎﺋﻞ ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻤﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺜﻠﺞ واﻟﺘﺒﺮﻳﺪ ،ﻛﻴﻒ ﻛﻨﺘﻮا ﺗﺘﺼﺮﻓﻮن ﺑﺎﻟﻜﻤﻴﺎت اﻟﻠﻲ ﺗﺼﻴﺪوﻧﻬﺎ وﺗﺰﻳﺪ ﻋﻨﻜﻢ؟ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺼﻴﺪ ﻛﻤﻴﺎت ﺿﺨﻤﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺤﻴﻦ ،ﻛﻨﺎ ﻧﺼﻴﺪ ﺑﻘﻴﺎس وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺛﻠﺞ وﻣﺎ ﻧﻌﺮف اﻟﺜﻠﺞ ،ﻛﻨﺎ ﻧﺎﺧﺬ وداﻣﻨﺎ وﺣﺎﺟﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺻﻴﺪﻧﺎ واﻟﺒﺎﻗﻲ )ﻧﺠﻔﻔﻪ( ﻧﻤﻠّﺤﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ،وﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﻣﺎﻟﺢ. ﻫﻞ ﻫﻨﺎك أﻧﻮاع ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﻤﺎﻟﺢ؟ ﻧﻌﻢ أﺷﻬﺮ ﻧﻮع ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﻤﺎﻟﺢ ﻫﻮ اﻟﺒﻴﺎح و اﻟﺒﺪح واﻟﻘﺎﺑﻂ واﻟﻨﻴﺴﺮ ،وﻃﺒﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﻜﻨﻌﺪ واﻟﻘﺒﺎب واﻟﻤﺎﻟﺢ ﻧﻮﻋﻴﻦ ،ﻧﻮع ﻳﺎﺑﺲ وﻧﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﺤﺮ واﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ اﻟﻤﺪﻓّﺄ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
23
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí ﻫﻞ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﻘﻮارب أو اﻟﺒﺎﻧﻮش ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك؟ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺤﺪود .ﻛﺎن أول واﺣﺪ ﺗﺎﺟﺮ اﺳﻤﻪ »أﻣﻴﻦ ﺧﻮري« ﻳﻤ ّﻮل اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ،ﻛﺎن ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ »ﻟﻨﭻ« وﻳﺮوﺣﻮن اﻟﺠﺰر ﻳﺼﻴﺪون ﺳﻤﻚ وﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺮان واﻷﻫﺎﻟﻲ ﻳﺘﻌﺎوﻧﻮن ﻣﻊ ﺑﻌﺾ وﻳﺼﻴﺪون ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة وﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺛﻠﺞ ﻃﺒ ًﻌﺎ ،ﻓﻜﻞ اﻟﻠﻲ ﻳﺼﻴﺪوﻧﻪ ﻳﻤﻠﺤﻮﻧﻪ وﻳﺴ ّﻮوﻧﻪ ﻣﺎﻟﺢ وﻳﺠﻔﻔﻮﻧﻪ وﻳﻮم ﻳﻤﻸؤن اﻟﻠﻨﭻ ﻣﻦ اﻟﻤﺎﻟﺢ رﺟﻌﻮا إﻟﻰ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻋﻨﺪ »أﻣﻴﻦ ﺧﻮري« وﻳﺄﺧﺬه ﻋﻨﻬﻢ وﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﻧﺴﺒﺔ ﻋﻦ ﺗﻌﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻴﺮ وﻓﻠﻮس .وﻫﻮ ﻳﺘﺼﺮف ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺎﻟﺢ وﻳﺒﻴﻌﻪ ﻟﻠﻨﺎس وﻟﻠﺒﺪو وﻳﻮدﻳﻪ اﻟﻌﻴﻦ وﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻟﺒﻴﻌﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﻤﻠﻮح وﻳﺘﺤ ّﻤﻞ اﻟﺴﻔﺮ واﻟﺤﻔﻆ.
ﻣﺮاﻋﻲ اﻟﺴﻤﻚ
أخ ﺳﻌﻴﺪ ،ﻫﻞ ﻛﻞ ﺳﻤﻜﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎن ﻣﻌ ّﻴﻦ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ؟ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻠﻲ ﻓﻴﻪ ﻣﺮاﻋﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻤﻜﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻠﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﺤﺎﻟﺐ واﻟﺸﻌﺎب اﻟﻤﺮﺟﺎﻧﻴﺔ ﻣﺜﻞ أزﻳــﺎ واﻟﻨﻤﺪ وﻫﻮ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﺠﺎد وﺣﺸﻴﺸﻪ أﺳﻮد وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺸﻌﻮره وﻫﻲ ﻳﺮﻋﺎﻫﺎ ﺳﻤﻚ ﺑﻘﺮ اﻟﺒﺤﺮ وﺳﻤﻚ اﻟﺼﺎﻓﻲ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﻴﺶ اﻟﺴﻤﻚ ﺣﻮل اﻟﺠﺰر واﻟﺨﻴﺮان واﻟﻘﺼﺎر ،و»ﺑﺮ اﻟﻤﻮل« ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻚ ﻏﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺮاﻋﻲ اﻟﻠﻲ ﻳﻌﻴﺶ ّ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻤﻚ .وأﻣﺎ اﻟﺤﻴﻦ ﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ اﺧﺘﻔﻰ ﻓﺎﻟﺠﺰر اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺧ ّﺮﺑﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﻋﻲ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﻔﺎرات ،ﻓﺎﻷﺳﻤﺎك ﺑﺪأت ﺗﺮوح ﺑﻌﻴﺪ أو ﺗﺨﺘﻔﻲ.
ﻫﻞ ﻛﻨﺘﻮا ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻮن »اﻟﻤﻴﺪاف« ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻦ ﻣﺎل اﻟﺼﻴﺪ؟ ﻗﻠﻴﻞ ﻛﺎن اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻴﺪاف ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﺮﺳﻮن أي ﻳﺪزّون »اﻟﺒﺎﻧﻮش« ﺑﺎﻟﺠﻨﺎة و«اﻟﺠﻨﺎة« ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﻄﺒﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺷﺠﺮة اﻟﺒﺎﻣﺒﻮ وﻳﺴﻴﺮون ﺑﺤﺮ وﻳﺼﻴﺪون ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻀﺤﻠﺔ وﻫﻨﺎك ﺣﺪوات ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻠﺠﻨﺎة، أﻣﺎ اﻟﻤﻴﺪاف ﻳﺠ ّﺮون ﺑﻪ اﻟﺒﺎﻧﻮش ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻌﻤﻴﻖ أوإذا ﻳﺎﻫﻢ ﻏﻠﻴﻞ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ .وﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﺨﺪم اﻟﺒﻮاﻧﻴﺶ اﻟﺼﻐﻴﺮة )ﺟﻤﻊ ﺑﺎﻧﻮش( ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ،وﻣﺎ ﻳﺴﻴﺮون ﻓﻴﻬﻦ إﻻ ﻟﻸﻣﺎﻛﻦ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺨﻴﺮان واﻟﺠﺰر، ﻣﺜﻼ إﻟﻰ اﻟﺠﺰر اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻣﺜﻞ وﻫﻨﺎك ﻳﺼﻴﺪون ﺑﺎﻟﺴﻜﺎر .وإذا ﺑ ْﻴﺮوﺣﻮن ً »ﻣﺒ ّﺮز« ﻓﻴﺴﺘﺨﺪﻣﻮن »ﻟﻨﭻ« ﻋﻮد .أﻣﺎ ﺳﻤﻚ اﻟﺒﻴﺎح ﻓﻴﺼﻴﺪوﻧﻪ وﻫﻢ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ،ﻷن ﺳﻤﻚ اﻟﺒﻴﺎح ﻣﻮﺟﻮد داﺋ ًﻤﺎ ﻓﻲ »ﺑﺮ اﻟﻤﻮل« وﻫﻮ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﻤﺘﺪ ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ إﻟﻰ ﺳﻮاﺣﻞ ﻗﻄﺮ ،وﻫﻮ ﻏﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺮاﻋﻲ وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻫﻲ أﺷﻬﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﻴﺪ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ؟ اﻟﺨﻴﺮان واﻟﻘﺼﺎﺻﻴﺮ .ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن »اﻟﻘﺮاﻗﻴﺮ« وﻳﻌﻤﻠﻮﻧﻬﺎ اﻟﺠﺰر أﺷﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،وﻫﻲ اﻟﻠّﻲ ﺳ ّﻮوﻫﺎ اﻟﺤﻴﻦ ﻣﺤﻤﻴﺎت ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﻨﺨﻞ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻋﺬق اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻌﺴﻖ« .اﻟﺴﻌﺪﻳﺎت وﻏﻨﺎﺿﻪ وﺑﻮﻃﻴﻴﻨﺔ وراس ﻏﺮاب وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻫﺬه ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻠﻴﺎﻧﺔ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻘﺮﻗﻮر .وﻫﺬا اﻟﻘﺮﻗﻮر ﻧﺼﻴﺪ أﺳﻤﺎك واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ واﻟﺤﻴﻦ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ﻓﻴﻪ أﺳﻤﺎك اﻟﺸﻌﺮي ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻔﺸﺖ )اﻟﺸﻌﺎب اﻟﻤﺮﺟﺎﻧﻴﺔ(. أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﺘﻰ ﻳﺘﻜﺎﺛﺮ اﻟﺴﻤﻚ وﻫﻞ ﻟﻪ وﻗﺖ ﻣﻌ ّﻴﻦ ﻟﻠﺘﻜﺎﺛﺮ؟ ﻧﻌﻢ وﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻧﻈﻤﺖ ﻫﺬا اﻟﺸﻲء ،ﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اﻟﺴﻤﻚ ﻳﻮم ﻳﻌﻖ اﻟﺤﺒﻞ )اﻟﺒﻴﺾ( ﻣﺎﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺪه ﺣﺪ ﻻﻧﻪ وﻗﺖ ﺗﻜﺎﺛﺮه ،وﻛﻞ ﻧﻮع ّ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ -ا ﻳﺮﺣﻤﻪ -ﻗﺎل ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻳﺤ ّﺪد ﺻﻴﺪه ،واﻟﺴﻤﻚ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻤﻨﻊ ﺻﻴﺪه .وأﻏﻠﺐ اﻟﺴﻤﻚ ﻋﻨﺪه »ﺣﻮز« ﻣﺴﺘﺄﺟﺮه ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻨﺪه ﻳﺘﻜﺎﺛﺮ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻓﺒﺮاﻳﺮ )ﺑﺮج اﻟﺤﻮت( إﻟﻰ ﺷﻬﺮ اﺑﺮﻳﻞ ،وﻫﺬه أﻛﺜﺮ ﻓﺘﺮة ﻳﺼﻴﺪون ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻤﻚ ﺑﻜﺜﺮة ﺣﺘﻰ أن أﺳﻌﺎره ﺗﺮﺧﺺ واﻳﺪ. ﺑﺪون ﻣﻘﺎﺑﻞ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺪم اﻟﺒﻠﺪ وﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ ﻛﻞ اSﻧﻮاع ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ،ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻴﺎح واﻟﺒﺪح واﻟﻘﺎﺑﻂ واﻟﻴﻨﻢ واﻟﺸﻌﺮي واﻟﻔﺮش واﻟﻜﻮﻓﺮ واﻟﺤﻮاﻗﻴﻞ واﻟﻨﻴﺴﺮ واﻟﺨﺒﺎط واﻟﻜﻨﻌﺪ واﻟﺼﺎﻓﻲ واﻟﺴﺒﻴﻄﻲ واﻟﻨﻘﺮور واﻟﺸﻌﻢ واﻟﺪردﻣﺎن واﻟﻘﺮﻓﺎ واﻟﻌﻘﻠﻪ
22
ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ا Vاﻟﻤﻄﻮع اﻟﻤﻬﻴﺮي
ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ،ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺗﻨﻈﻢ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ؟ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻗﻮاﻧﻴﻦ وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺗﻨﻈﻢ ذﻟﻚ. ﻓﻤﺜﻼ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻋﺎرف »ﺣﻮزة« أي اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻠﻲ ﻳﺼﻴﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻤﻚ ً وﻣﺎ ﺣﺪ ﻳﺘﻘ ّﺮب ﻣﻨﻪ .وﻛﺬﻟﻚ أﻫﻞ اﻟﺠﺰر ﻣﺎ ﺣﺪ ﻳﺨﺎﻟﻄﻬﻢ أو ﻳﺼﻴﺪ ﻣﻦ ﺟﺰرﻫﻢ وإذا ﺣﺪ ﻳﺎﻫﻢ وﺻﺎد ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ،ﻳﺸﺘﻜﻮﻧﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط وﻳﺼﻠﺢ ﺑﻴﻨﻬﻢ .أﻣﺎ ﻓﻲ »اﻟﺴﻜﺎر« ﻓﺎﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﻛﺎن ﻳﺄﺟﺮ
اﻧﺘﻪ ﻗﻠﺖ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﺤﺴﺮ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻳﺴﺠﻲ وﻣﻌﺎه ﺳﻤﻚ ﻛﺜﻴﺮ .ﻛﻴﻒ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺴﻤﻚ ﻓﻲ اﻟﻴﺎﺑﺴﻪ داﺧﻞ »اﻟﺴﻜﺎر« ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻳﺤﺴﺮ ﻋﻨﻪ اﻟﺒﺤﺮ وﻳﺠﻤﻌﻮﻧﻪ ،ﻷن اﻟﺴﻤﻚ أﻇﻦ ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻊ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻰ اﻟﺪاﺧﻞ أو ﻳﻨﻔﻖ؟ ﻻ ،اﻟﺴﻤﻚ ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻌﻀﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻀﺎن ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﺗﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﻒ وﻳﺴ ّﻤﻮﻧﻬﺎ »ﺳﻄﻮ« ﻳﺨﺘﺒﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻤﻚ وﻳﺠﻮن اﻟﺼﻴﺎدون وﻳﺠﻤﻌﻮن اﻟﺴﻤﻚ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﺎﻛﻦ وﻳﻠﻘﻄﻮﻧﻪ. ﻣﺎ أﺷﻬﺮ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺪوﻧﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺴﻜﺎر ﻫﺬه؟ ﺳﻤﻚ »اﻟﺒﻴﺎح« أﺷﻬﺮ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎد ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،وﻫﻮ ﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ »ﺑﻮري« وﻫﺬه اﻟﺴﻤﻜﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﺑﻜﺜﺮة وإﻟﻰ اﻵن ﻣﻮﺟﻮدة وﻫﻲ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻤﺪ ﺗﻌﻖ ﺣﺒﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻓﺎت ﺑﻌﻴﺪة داﺧﻞ اﻟﺤﻀﺎري ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻷﻧﻬﺎ ّ اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻴﻦ ﺗﻜﺒﺮ أﺳﻤﺎﻛﻬﺎ اﻟﺼﻐﻴﺮة وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻃﺊ أو اﻟﺴﻴﻒ.
اﻟﺘﺮاﺑﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ .اﻟﺤﻴﻦ ﺗﻘﺪر ﺗﺸﺘﺮي ﻣﺌﺔ ﻃﻴﺔ ﻣﻦ اﻻﻟﻴﺎخ ﻣﻦ اﻟﺴﻮق وﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج ﺗﺨﺪم اﻟﻠﻴﺦ ﺑﻨﻔﺴﻚ وﻻ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﺘﻌﺎون ﻣﻦ ﺟﻴﺮاﻧﻚ واﺧﻮاﻧﻚ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ .ﺑﺲ روح اﻟﺴﻮق واﺷﺘﺮ ﺑﻔﻠﻮﺳﻚ أي ﻛﻤﻴﺔ ﺗﺒﺎﻫﺎ .وﺳﻜّﺮ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻠﻲ ﺣﺎﺟﺰﻧّﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ وﺻﻴﺪ ﻛﻤﻴﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎك ﺳﻮاء ﻛﻨﺖ ﻣﺤﺘﺎج ﻟﻬﺎ أو ﻻ وﺑﺪون ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﺟﻴﺮاﻧﻚ وﺑﺪون أن ﺗﻌﻄﻴﻬﻢ ﺳﻤﻜﺔ واﺣﺪة. وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻋﻜﺲ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺠﻤﻴﻞ.
ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻃﺮق أﺧﺮى ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻏﻴﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻷﻟﻴﺎخ؟ ﻧﻌﻢ واﻳﺪ ،ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﻟﻌﻤﻠﻪ واﻟﻜﺎﺑﺮ أو اﻟﺮﻣﺢ .وﻫﻨﺎك اﻟﺤﻈﺮه واﻟﺨﻴﻂ وﻫﺬا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﻴﺪون ﺑﻪ اﻟﺸﻌﺮي ،وﻫﻮ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻀﺤﻠﺔ. ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺼﻴﺪون ﺑﻪ اﻟﻌﻮال وﺑﻘﺮ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺠﺮﺟﻮر ،وﻫﻮ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻀﺤﻠﺔ .وﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف إﻧﻪ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻴﻦ إﻟﻰ ﺟﺰﻳﺮة أﺑﻮ اﻷﺑﻴﺾ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻛﻠﻪ ﺿﺤﻞ ،وﺗﺼﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﻄﺤﺎت ﻣﺎﺋﻴﺔ ﻳﺴ ّﻤﻮﻧﻬﺎ »اﻟﻀﻴﺢ« وﻫﻴﻪ اﻟﻠّﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻤﺮاﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﻤﺠﻬﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻐﺬى ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﺳﻤﺎك .واﻟﻤﺠﻬﺮﻳﺎت ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ اﻟﺤﺸﺮات ﻫﻞ »اﻟﺴﻜﺎر » ﻣﻮﺟﻮد اﻟﺤﻴﻦ؟ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﻮﺟﻮد ،وﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻳﺴ ّﻤﻮﻧﻬﺎ »اﻟﺪﻓﺎره« اﻟﺼﻐﻴﺮة واﻟﺸﺠﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻐﺬى ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،وﺑﺪوره وﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺒﻴّﻦ ﻟﻚ ﻛﻴﻒ ﺗﻐﻴّﺮت ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ وأﺛﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﺘﻐﺬى ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎك اﻟﺼﻐﻴﺮة.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
21
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí اﻟﺼﻴﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ
وﻳﻮم ﺗﺴﺠﻲ اﻟﻤﻮﻳﻪ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻤﻚ ،وﻳﻮم ﻳﺤﺴﺮ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺴﻤﻚ داﺧﻞ ﻫﺬا »اﻟﺴﻜﺎر« ،وﻳﻠﻘﻄﻮﻧﻪ أي ﻳﺠﻤﻌﻮﻧﻪ. وﻫﺬا »اﻟﺴﻜﺎر« ﻳﺘﻢ ﺑﻄ ّﻴﺎت اﻟﻠﻴﺦ. ﻓﻲ أﻳﺎم زﻣﺎن ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴ ّﻮون ﻫﺬه اﻟﻄ ّﻴﺎت ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ ،وﻳﺎاﻟﻠﻪ ﻳﺎ اﻟﻠﻪ، ﻳﺠﻤﻌﻮن أﻣﺘﺎر ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺪة أﻳﺎم واﻟﻠﻲ ﻳﻨﺠﺰ ﻧﺼﻒ ﻣﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺔ ﻫﺬه اﻟﺤﺒﺎل ﻳﻜﻮن أﻧﺠﺰ ﺷﻲء ﻛﺒﻴﺮ.
ﻫﻞ ﺗﺸﻌﺮ ﻳﺎ أخ ﺳﻌﻴﺪ أن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﻗًﺎ ﺑﻴﻦ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺻﻴﺪه ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ،ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻚ ﻣﺎ زﻟﺖ ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ؟ ﻣﺜﻼ وﻗﺖ اﻷول ،ﻟﻲ ﻋﻨﺪه »ﻟﻴﺦ« وﻫﻮ اﻟﻔﺮق واﻳﺪ وﻣﺤﺴﻮس ،ﺧﺬ ً ﻃﻴّﺔ ﺷﺒﺎك اﻟﺼﻴﺪ ،ﻳﺠﺐ أن ﻳُﺸﺎرك ﺑﻪ زﻣﻴﻠﻪ وﺟﻴﺮاﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ »اﻟﺴﻜﺎر« ،ﻳﺠﻤﻌﻮن اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ وﻳﺘﻘﺎﺳﻤﻮﻧﻪ ﺑﻨﻔﻮس راﺿﻴﺔ وﻗﻨﺎﻋﺔ .أﻣﺎ اﻵن ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ »اﻟﺴﻜﺎر« ﻳﻌﻤﻠﻪ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ أﻳﻦ ﺗﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻄ ّﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ؟ واﺣﺪ وﻳﺠﻨﻲ ﻣﻨﻪ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ وﻳﺤﺘﻜﺮه ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻷﻧﻪ اﻟﻄﻴّﺎت ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺑﻐﻴﺖ أﻟﻒ ﻃّﻴﺔ ﺗﻘﺪر ﺗﺸﺘﺮﻳﻬﺎ، ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻠﻴﺦ أو اﻟﺴﻜﺎر ﺑﺘﻌﺐ ﻳﺪه وإﻧﻤﺎ اﺷﺘﺮاه ﺟﺎﻫ ًﺰا ﺑﻌﻜﺲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺎ ﻋﻨﺪك ﻃ ّﻴﺔ وﺣﺪه ،ﻷن اﻟﻄ ّﻴﺎت ﻣﺎل اﻟﺴﻜﺎر ﻛﻨﺎ ﻧﺼﻨﻌﻬﻦ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺘﺮون اﻟﻬﺪوب ﻣﻦ دﺑﻲ ودﺑﻲ ﺗﺴﺘﻮردﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮق. ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪ .وﻫﺬه اﻟﻬﺪوب ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺧﻴﻮط ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ ﻗﻮﻳﺔ ﺟ ًﺪا ﻣﻤﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻜﻤﻞ ﺣﺪﻳﺜﻚ أﺑﻮ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ،أرﺟﻮ أن ﺗﺸﺮح ﻟﻲ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﻣﻊ اﻟﺼﻴﺎد ﻋﺸﺮات اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وﻛﻞ واﺣﺪ ﻳﺸﺘﺮي ﺣﺴﺐ ﺣﺎﺟﺘﻪ وﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻓﻠﻮﺳﻪ .وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻳﻘﻮم اﻟﺼﻴﺎدون »ﻳﻌﻘﺪون« »اﻟﺴﻜﺎر«؟ »اﻟﺴﻜﺎر« ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﺠﺰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﺒﺤﺮ ﻫﺬي اﻟﺨﻴﻮط ،أي ﻳﻨﺴﺠﻮﻧﻬﺎ ،وﻻزم ﻛﻞ ﺻﻴﺎد ﻳﻌﺮف »ﻳﻌﻘﺪ« أو ﻣﺜﻼ ﺗﺤﺠﺰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﻒ ﻳﻨﺴﺞ اﻟﻠﻴﺦ ﻋﻴﻦ ﻋﻴﻦ ﻋﺸﺎن اﻟﻌﻴﻮن ﺗﻜﻮن ﻧﻔﺲ اﻟﺤﺠﻢ .واﻟﻠﻴﺦ اﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﺮ ،ﻳﻌﻨﻲ ً اﻟﺒﺤﺮ وﺗﻤﺪ اﻟﺤﺒﻞ أو اﻟﻠﻴﺦ اﻟﻄﻮﻳﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻪ آﻻف اﻟﻌﻴﻮن ،وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻳﺴ ّﻮون »ﻗ ّﺒﺔ« واﻟﻘ ّﺒﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﺴﺐ ﻃﻮل اﻟﺤﺒﻞ أو ﺣﺴﺐ رﻏﺒﺘﻚ أو ﺣﺴﺐ ﺗﻮاﺟﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻟﻮح ﻳﺴ ّﻮون ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﻌﻴﻮن ،وﺣﺪ ﻳﺴﻮي رﺑﻊ ﻣﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم وﺣﺪ اﻟﻤﺮﻏﻮب ﺻﻴﺪه ،ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻌﻪ ﺑﻨﺼﻒ داﺋﺮة إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ أﺧﺮى ﻋﻠﻰ ﻧﺺ ﻣﺘﺮ وﺣﺪ أﻛﺜﺮ وﺣﺪ أﻗﻠﺸﻲ .وﺑﻌﺪﻳﻦ ﻳﺒﻄﻠﻮﻧﻬﻦ وﻳﺸﺒﻜﻮن اﻟﻴﺎﺧﻬﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ،وﻳﻤ ّﺪوﻧﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ وﻳﺴ ّﻮون »اﻟﺴﻜﺎر«. اﻟﺴﻴﻒ .وﻃﺒ ًﻌﺎ ﻫﺬا ﻳﺘﻢ ﻳﻮم ﻳﻜﻮن اﻟﺒﺤﺮ »ﺛﺒﺮ«.
20
ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ا Vاﻟﻤﻄﻮع اﻟﻤﻬﻴﺮي
اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻠﻲ ﻓﻴﻪ ﻣﺮاﻋﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻤﻜﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺤﻴﻦ ﻓﻜﻠﻪ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ اﺧﺘﻔﻰ، ﺧﺮﺑﺖ اﻟﻤﺮاﻋﻲ، اﻟﺠﺰر اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﻟﺤﻔﺎرات ّ واSﺳﻤﺎك ﺑﺪأت ﺗﺮوح ﺑﻌﻴﺪ أو ﺗﺨﺘﻔﻲ
أﻧﺸﺊ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻣﻦ ﺳﻨﻴﻦ ﻋﺪﻳﺪة ،وﻫﻮ ﻗﺪﻳ ٌﻢ ﺟ ًﺪا ﺑﻤﺠﻠﺴﻪ اﻟﻌﺎﻣﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﺒﻄﻴﻦ ﻣﻦ ر ّواد اﻟﺒﺤﺮ اﻷواﺋﻞ، ﺣﺘﻰ ﻗﻴﺎم ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻋﺎم 1997اﻟﺬي أﻣﺮ ﺑﺈﺣﺘﻀﺎﻧﻪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ورﻋﺎه وﻗ ّﺪم ﻟﻪ -وﻣﺎ زال ﻳﻘ ّﺪم -ﺟﻤﻴﻊ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ اﻟﻀﺮورﻳﺔ ﻟﻴﻈﻞ ﻓﺎﺗ ًﺤﺎ أﺑﻮاﺑﻪ ﺟﻤﻴﻊ أﻳﺎم اﻟﺴﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن اﻟﻜﺮﻳﻢ. ﺑﺤﺎﻧﺐ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻣﺎرﻳﻨﺎ اﻟﺒﻄﻴﻦ ،اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻮل ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ ﻟﻴﺼﺒﺢ أﺷﻬﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ وأﻓﺨﻢ ﻣﺮﺳﻰ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ، ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻄﺎزج ﻳﻮﻣ ًﻴﺎ ﺑﺘﻮﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﺪﺛﻨﺎ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻄﻮع اﻟﻤﻬﻴﺮي ،وﺗﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ »إداﻣﻚ« أو »ﺗﺤﻠﻴﺘﻚ« ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻘﻠﻪ إﻟﻰ ﺳﻮق اﻟﺴﻤﻚ. ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺒﺤﺮي اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻪ ﺻﺒﺎح ﻳﻮم ﻏﺎﺋﻢٍ ﺟﻤﻴﻞ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺪ ،واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل »ﺗﻐ ّﻴﺮ اﻷﺣﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ وﻋﺪم اﺳﺘﻘﺮار ﻣﻴﺎه ﺑﺤﺮ اﻟﺒﻄﻴﻦ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﺠﻮ اﻟﻐﺎﺋﻢ اﻟﺬي ﻳﺒﺸّ ﺮ ﺑﺎﻟﻤﻄﺮ«.
ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻈﻢ اﻟﺼﻴﺪ ،ﻛﻞ ﻳﺘﻘﺮب ﻣﻨﻪ وﻛﺬﻟﻚ واﺣﺪ ﻋﺎرف »ﺣﻮزه« وﻣﺎ ﺣﺪ ّ أﻫﻞ اﻟﺠﺰر ﻣﺎ ﺣﺪ ﻳﺨﺎﻟﻄﻬﻢ أو ﻳﺼﻴﺪ ﻣﻦ ﺟﺰرﻫﻢ أو ﻳﺸﺘﻜﻮﻧﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﻳﻮم اﻟﺼﻴﺎد ﻳﺼﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ﻳﺠﻮن ﺟﻴﺮاﻧﻪ وﺟﻤﺎﻋﺘﻪ وﻳﺤ ّﻠﻴﻬﻢ أي ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ،وﻫﺬا واﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺟﺰء ﺣ ّﻘﻪ ﻓﻴﺴﻮﻳﻪ »ﻣﺎﻟﺢ« ﺑﻨﻔﺴﻪ ،أﻣﺎ اﻟﺒﺎﻗﻲ ّ
وأﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺧﺒﻴﺮ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ أﺑًﺎ ﻋﻦ ﺟﺪ ،ﻳﻌﺎﻳﺶ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻳﻮﻣ ًﻴﺎ وﻳﻌﺮف ﻫﻤﻮﻣﻬﺎ وﺑﻮاﻃﻦ أﺳﺎﺳﻴﺎﺗﻬﺎ وﻧﻤ ّﻮﻫﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت وﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ،وﺑﻌﺪ أن ر ّﺣﺐ ﺑﻲ وﻗ ّﺪم ﻟﻲ ﺿﻴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻤﺮ واﻟﻘﻬﻮة دار ﺑﻴﻨﻨﺎ اﻟﺤﻮار اﻟﺘﺎﻟﻲ.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
19
ŊĄŔĴĿ đîŇ ŊĿ ĎĄòĿí
أﺷﻬﺮ ﺻﻴﺎد ﺳﻤﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ
ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ا pاﻟﻤﻄﻮع اﻟﻤﻬﻴﺮي:
ﺣﻮﻟﻮا ﻣﻬﻨﺔ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ إﻟﻰ ﻧﺰﻫﺔ! اﻟﺤﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب ّ ﺣﺎوره -د .راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ
رﺣﻢ اﻟﻠﻪ أﻳﺎم زﻣﺎن ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن أﻫﺎﻟﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻣﻌﺪودﻳﻦ وﻣﻌﺮوﻓﻴﻦ وﻻ ﻳﺨﺎﻟﻄﻬﻢ ﻏﺮﻳﺐ .ﻛﺎﻧﻮا ﻫﻢ اﻟﺼﻴﺎدون وﻫﻢ اﻟﻌ ّﻤﺎل وﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ،ﻳﺼﻨﻊ ﻋﺪّ ﺗﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻟﻴﺦ وﻣﻦ ﺣﻈﺮة وﻣﻦ ﻗﺮاﻗﻴﺮ وﻣﻦ ﻏﻴﺮه ،ﻳﻨﺼﺐ ﻟﻴﺨﻪ ﻣﻊ زﻣﻼﺋﻪ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻳﺼﻨﻌﻪ ﺑﻴﺪﻳﻪ ،وﻳﺼﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻒ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺑﻴﺘﻪ ،ﻛﺎن اﻟﺴﻤﻚ ﻧﻈﻴﻔًﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮاﻋﻴﻪ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﺸﺘﻰ أﻧﻮاع اﻟﻤﺠﻬﺮﻳﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﺳﻤﺎك .أﻣﺎ اﻵن ﻓﻘﺪ ﺗﻐ ّﻴﺮت ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم وأﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺄﻛﻞ اﻟﺴﻤﻚ ﺑﺪون ﻃﻌﻢ وﺑﺪون ﻣﺬاق وﻗﺪ ﺻﺎده ﻟﻨﺎ ﻋﺎﻣﻞ آﺳﻴﻮي وأﺻﺒﺢ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ »ﺣﻼﻧﺎ« أو »وداﻣﻨﺎ« أو ﺳﻤﻜﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻷﺻﺢ. ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺤﺰﻳﻨﺔ ﺑﺪأ ﻣﻌﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﻤﻄﻮع اﻟﻤﻬﻴﺮي، أﺷﻬﺮ ﺻﺎﺋﺪ ﺳﻤﻚ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﻄﻴﻦ ﺑﺄﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﻋﻤﻴﺪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ﻓﻲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺑﻤﻘﺮ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﺑﺎﻟﺒﻄﻴﻦ ،واﻟﺬي ﻳﻀﻢ أﺷﻬﺮ ﺻﺎﺋﺪي وﻣﻮزﻋﻲ اﻟﺴﻤﻚ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ.
18
ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ا Vاﻟﻤﻄﻮع اﻟﻤﻬﻴﺮي
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ĞĭƀŝŨ ĻĘŰ ŷŨ ĸĭěŨė 18ﺣﻮار ﻣﻊ أﺷﻬﺮ ﺻﻴﺎد ﺳﻤﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻴﻦ 26ﻃﺮق ﺻﻴﺪ اSﺳﻤﺎك ﻓﻲ اGﻣﺎرات 30ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺸﺤﻲ” :اﻟﺠﻼف“ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة 33
ﺷﻌﺮ :ﻃﺎش اﻟﺒﺤﺮ وﻃﻢ ﻟﺤﺪود
34ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ 44ﺣﺜﺒﻮر اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ :اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ رﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺐ واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة 47ﺷﻌﺮ :ذﻋﺬاع اﻟﺮواﻳﺢ 48اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ :ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم 53ﺷﻌﺮ :ﻗﺼﻴﺪة »داس« 54اﻟﻨﻬﻤﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ..رﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﻨﻴﻦ واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻴﺪت ﻗﺒﻞ اﻟﻌﻴﺪ 57ﺷﻌﺮّ : 58
اSﻣﺜﺎل اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ :ﻻﻟﺊ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
ĸŕŀ
ĸŵėŹdžİ ūŹſ ğėķĘěŨė ŪŭĬ ŲŬŸ Dž اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺎﺟﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ*
ﻟﻲ ﻣﺎ ﺑﻨﻰ ﺑﻴﺖ اﻟﺘﻘﻰ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻘﺎ واﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻄﺎت ﻣﺎ واﺣﻰ ﻟﻬﺎ وﻣﻦ ﺣ ّﻤﻞ اﻟﺒﺎرات ﻳﻮم ﺧْﻮاﻫﺮ ﻳﺘﻌﺐ ﻧﻬﺎر اﻟﺨﺐ ﻓﻲ ﻧ ّﺰاﻟﻬﺎ
*اﻟﻤﺎﺟﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ )اﻟﻤﺎﻳﺪي( ) 1781م ــ 1871م( ﺷﺎﻋﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ،ﻳﻤﺜﻞ ﻇﺎﻫﺮة ﻏﻴﺮ ﻋﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ،ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺑﺔ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﻤﺜﻞ ،ودﻗﺔ وﻃﺮاﻓﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ. »ﺑﺎر« ﺑﺎﻟﻔﺎرﺳ ّﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ :ﺛﻘﻞ وﺣﻤﻞ ،وﺟﻤﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺮﺳﻴّﺔ »ﺑﺎرﻫﺎ«،وﻗﺪ ﺟﻤﻌﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ﺑﺎرات ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ اﻷﻟﻒ واﻟﺘﺎء ﻟﻴﻌﻨﻲ »أﺛﻘﺎل«. و)ﺧﻮاﻫﺮ( ﻟﻔﻆ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﻮاء اﻟﺒﺤﺮ إذا ﺳﻜﻦ وﻫﺪأ ،ﻓﻴﻜﻮن اﻟﺒﺤﺮ )ﻣﺨﻮﻫﺮ( أي ﻫﺎدئ اﻟﻤﻮج .وﻧﻘﻮل ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات” :اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻴﻮم ﺧﻮاﻫﺮ“ أي ﺳﺎﻛﻦ ،أ ّﻣﺎ اﻟﺨﺐ ﻓﻬﻲ ﻋﺮﺑ ّﻴﺔ ﻓﺼﺤﻰ وﺗﻌﻨﻲ :اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﻀﻄﺮب ،واﻟﻌﺎﻟﻲ اﻟﻤﻮج. ّ أﺛﻘﺎﻻ ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺘﻬﺎ واﻟﺒﺤﺮ ﻫﺎدىء، واﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﻟﻠﺒﻴﺘﻴﻦ :ﻣﻦ ﺣ ّﻤﻞ اﻟﺴﻔﻦ ً اﻟﺘﺼﺮف ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﺿﻄﺮاب اﻟﺒﺤﺮ) .اﻟﺸﺮح ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻮف ﻳﻜﺎﺑﺪ ﻋﻨﺎء ّ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي(
16
ﺷﻌﺮ
وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮر ،وأﺿﺎف :ﻛﺎن اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻲ وﻣﺎ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺻﻠﺖ ﻣﻊ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﺠﻮم اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. زال ﻟﻪ أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺿﻴﻮف وزوار اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻟﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻣﻦ ﻋﺮوض ﺗﺮاﺛﻴﺔ وﻣﺴﺎﺑﻘﺎت وﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻻﻓﺘًﺎ إﻟﻰ أن اﻟﺴﻮق ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻣﺸﺮق وﻣﺸﺮف ﻳﺪﻋﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص اﻷﺳﺮ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ،وأﺿﺎف :ﻧﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺰداد اﻹﻗﺒﺎل ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻋ ﱠﺒﺮ رﺋﻴﺲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ،ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ، ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻟﻤﺎ ﻳﺸﻬﺪه ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻟﺮاﻋﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻣﻦ ﺗﻄﻮر ﺳﻨﻮي. ﻧﻬﻴﺎن ،ﻟﻠﺠﻬﻮد اﻟﻤﺒﺬوﻟﺔ ﻟﻐﺎﻳﺎت إﺧﺮاج اﻟﺤﺪث ﺑﺼﻮرة ﻣﺸﺮﻗﺔ ،ﺗﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎدة واﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺳﻮﻳﺤﺎن ﺟ ّﺮاء اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺮﺳﻤﻲ واﻟﺸﻌﺒﻲ ،وﺗﻮ ّﺟﻪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻷﻋﻀﺎء وﺣﻮل ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺳﻮﻳﺤﺎن اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻀﺎﻓﺖ ﻓﻲ اﻟﺪورات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ وﻣﺎ ﻳﻨﺒﺜﻖ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﺠﺎن ﻋﺎﻣﻠﺔ ،وﺟﻤﻴﻊ اﻟﺠﻬﺎت ﻧﺠﻮم اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺮﺑﻴﻦ واﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﻴﻦ أﻛﺪ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﺠﻬﻮدﻫﻢ وﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم أن دورة ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﻔﺎﺟﺂت ﺗﻢ إﻋﺪادﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻻﻧﺠﺎح اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻤﺮﺗﻘﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
15
ĴŲĽŤē
ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ورﻋﺎﻳﺔ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ،ﻣﺆﻛ ًﺪا أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻢ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻟﻀﻤﺎن أﻓﻀﻞ أداء ،ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﺟﻬﺎز أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻟﻔﺤﺺ اﻟﻨﻮق واﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻮ ﺣﻠﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض. اﻟﺴﻠﻮﻗﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻟﺠﻤﻴﻊ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ ﻟﺘﻌﺮﻳﻔﻬﻢ ﺑﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن، وﻛﺬﻟﻚ ﻃﺒﺎﻋﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت واﻟﺒﻨﺮات واﻟﻠﻮﺣﺎت اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻮارع ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺿﻮاﺣﻴﻬﺎ ،وأﺷﺎر إﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك ﺗﻌﺎوﻧًﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ وﺧﺎرﺟﻬﺎ، وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻺﻋﻼم اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﻟﻀﻤﺎن أﻓﻀﻞ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺗﻨﻘﻞ اﻟﺤﺪث وﺗﺤﻘﻖ اﻟﻤﺘﻌﺔ واﻟﻔﺎﺋﺪة .ﻻﻓﺘًﺎ إﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺟﺎري ﻻﺧﺘﻴﺎر ﻗﻨﻮات ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻤﻴﺰة ﻟﻌﺮض ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن. ﻣﺰاﻳﻨﺔ اSﺑﻞ
وﺗﻌﺪ ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﻷﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،وﻳﺘﻮﻗﻊ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ أن ﺗﺤﻈﻰ دورة ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﻗﺎل: ﻫﻨﺎك اﺳﺘﻌﺪادت ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻀﻤﺎن ﻧﺠﺎح ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ ،ﻻﻓﺘًﺎ إﻟﻰ أن ﺑﺎب اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮف ﻳﻔﺘﺢ اﻋﺘﺒﺎ ًرا ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺠﺎري ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﺌﺎت اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ. ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺤﺎﻟﺐ
وﺣﻮل ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺤﺎﻟﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم اﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن وﻣﻼك اﻹﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء ،ﻗﺎل :ﺗﺤﻈﻰ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺤﺎﻟﺐ 14
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
وﻳﻌﺪ اﻟﺴﻠﻮﻗﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﺴﺎﺑﻘﺎﺗﻪ ﻟﻠﺴﺮﻋﺔ أو اﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ ﻓﺎﻋﻠﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﻤﻤﻴﺰة ،وﻗﺪ اﺗﺨﺬت اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ ورﺻﺪت ﺟﻤﻴﻊ اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ –وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﻤﻨﺎﻋﻲ- اﻟﺬي أﻛﺪ أن اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺗﺤﺮص داﺋ ًﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻬﻴﺌﺔ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻀﻤﺎن أﻓﻀﻞ أداء ﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎﺗﻬﺎ. اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻲ
وﻳﺘﻤﻴﺰ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﺑﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﺬب اﻟﻀﻴﻮف وزوار اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻟﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻣﻦ ﻋﺮوض ﻟﻠﺘﺮاث اﻻﻣﺎراﺗﻲ ،وﻟﻤﺎ ﻳﻤﺜﻠﻪ ﻣﻦ دﻋﻢ ﻟﻸﺳﺮ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ،وﺣﻮل ذﻟﻚ ﻗﺎل ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ :إن اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻲ واﺣﺪ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت
ﺷﻮط اbﻧﺠﺎز
ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﺗﻤﺖ إﺿﺎﻓﺔ ﺷﻮط ﺟﺪﻳﺪ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻻﺑﻞ اﻷﺻﺎﻳﻞ ﻟﻔﺌﺔ اﻟﺤﻮل ،ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ )ﺷﻮط اﻻﻧﺠﺎز(. وﺗﺄﺗﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﻔﺘﺔ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﻮه ﺑﻬﺪف دﻋﻢ ﻣﻼك وﻣﺮﺑﻲ اﻻﺑﻞ وﺗﺸﺠﻴﻌﻬﻢ ،وﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻟﻼرﺗﻘﺎء ﺑﻤﺰاﻳﻨﺎت اﻻﺑﻞ وإﻧﺘﺎج أﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼﻻت واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﺣﻮل آﺧﺮ اﻻﺳﺘﻌﺪادات ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ﻗﺎل ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ ،ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣــﺎرات وﻣﺸﺮف ﻋﺎم اﻟﻠﺠﺎن اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن :اﺳﺘﻜﻤﻠﺖ اﻟﻠﺠﺎن اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن رﻓﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﻃﻠﺒﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﺠﻬﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺎدي ،وﺗﻢ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻘﺴﻢ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺟﺎري اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻄﻠﺒﺎت ،ﻣﺆﻛ ًﺪا ﺣﺮص ﻟﺠﻨﺔ اﻹﺷﺮاف اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﺪورﻳﺔ ﻟﻠﻤﺘﺎﺑﻌﺔ وﺗﺬﻟﻴﻞ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت واﻟﻌﻘﺒﺎت وذﻟﻚ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن .
اﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻠﺘﺮاث اbﻣﺎراﺗﻲ
وﻗﺎل اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ :إن ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻠﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻷﺻﻴﻞ وﺗﻌﺰﻳﺰ ﺟﻬﻮد ﺻﻮﻧﻪ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻳُﺴﻬﻢ ﻋﺎﻣﺎً ﺑﻌﺪ آﺧﺮ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺳﻮﻳﺤﺎن ﻋﻠﻰ ﺧﺎرﻃﺔ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ُﻣﻌ ّﺮﻓﺎً ﺑﻬﺎ وﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ وأﺻﺎﻟﺘﻬﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات .وأﺿﺎف: ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻣﺎدة دﺳﻤﺔ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻻﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، وﻳﺘﻀﻤﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟﺤﺪث إﻋﻼﻣﻴًﺎ ﻋﻘﺪ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺻﺤﻔﻲ
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
13
ĴŲĽŤē ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺠﺎري
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻣﺸﺮوع ﻃﻤﻮح ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ رﻳﺎﺿﺎت اﻟﻬﺠﻦ واﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ
أﺑﻮﻇﺒﻲ – اﻟﻔﺎﺿﻞ ﺑﻮﻋﺎﻗﻠﻪ
ﺗﺴﺘﻌﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﻳﺤﺎن ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻓﻲ ﻧﺴﺨﺘﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ 31 ﻳﻨﺎﻳﺮ اﻟﺠﺎري إﻟﻰ 13ﻓﺒﺮاﻳﺮ اﻟﻤﻘﺒﻞ .وﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻪ أﺣﺪ أﻫﻢ اﻷﻧﺸﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺻﺎر اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،ﺑﻔﻀﻞ ﺟﻬﻮد ودﻋﻢ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺸﺮو ًﻋﺎ ﻃﻤﻮ ًﺣﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻄﺮق ﻋﻠﻤﻴﺔ وﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ رﻳﺎﺿﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ ،وﺗﺤ ّﻮل إﻟﻰ ﺣﺪث إﻗﻠﻴﻤﻲ وﻋﺎﻟﻤﻲ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻪ وﻣﻀﻤﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺮوح اﻟﺒﺪوﻳﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت واﻟﻨﺸﺎﻃﺎت واﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت ،ﺿﻤﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ واﺳﻊ وﻏﻨﻲ ﺑﺎﻟﻌﺒﻖ اﻟﺘﺮاﺛﻲ واﻻﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻣﻦ ﻣﺰاﻳﻨﺎت اﻻﺑﻞ اﻷﺻﺎﻳﻞ ﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﻔﺌﺎت ،وﺳﺒﺎق اﻹﺑﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،وﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺤﺎﻟﺐ ،وﺳﺒﺎق وﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻟﺴﻠﻮﻗﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻧﺸﺎﻃﺎت ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻛﺎﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،واﻟﺤﺮف اﻟﻴﺪوﻳﺔ ،وﻋﺮوض اﻟﻔﺮق اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻷﻣﺴﻴﺎت واﻟﺤﻔﻼت اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، واﻟﻌﺮوض اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ واﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،واﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﻄﻼﺑﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ.
12
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
واﻷدوات اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ واﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ.
ﺛﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎدي وأوﻟﻴﺎء أﻣﻮر اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺤﻠﻲ.
ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ
أﻓﻜﺎر ﻫﺎدﻓﺔ
وﻳﺒﻴﻦ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ أﻧﻪ ﺗﻢ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ، ﺗﺸﻬﺪ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ،إذ ﺧﺼﺼﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻷﺳﺒﻮﻋﻴﻦ اﻷول واﻷﺧﻴﺮ ﻟﻠﻄﻼب اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﻟﻠﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻨﺎدي، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﺨﺼﻴﺺ اﻷﺳﺒﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻄﺎﻟﺒﺎت اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﺎت ﻟﻠﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ وﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻦ. ﻻﻓﺘﺎً إﻟﻰ أن ﻧﺸﺎط ﻫﺬا اﻷﺳﺒﻮع ﻣﻔﺘﻮح ﻳﻮم اﻟﺜﻼﺛﺎء أﻣﺎم اﻟﻌﺎﺋﻼت واﻷﺳﺮ ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﺒﻨﺎﺗﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻬﺎ ﻓﺮﺻﺔ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﻬﺠﻦ واﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﺮﻣﺎﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺳﻴﻤﺎ وإن ﻧﺠﺎﺣﺎت اﻟﺪورات اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﺣﻘﻘﺖ
وأﺷﺎر اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ،إﻟﻰ أن ﻫﺬا اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ وﻣﻌﻪ اﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎت اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﻛﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﻴﻔﻲ ،وﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺜﺮﻳﺎ ،ﺗﻤﺜّﻞ ﺳﺒﻘﺎ ﻳﺠﺴﺪﻫﺎ ﺗﺮاﺛﻴﺎ ﺷﺒﺎﺑﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻫﻲ ﺗﻌﺪ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ّ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺮﻳﺎدي اﻟﺬي ﺗﺘﺒﻨﺎه ﻗﻴﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺮﺷﻴﺪة ﺿﻤﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺗﺄﺻﻴﻠﻪ ،ورﺑﻂ اﻷﺟﻴﺎل اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻮاﻋﺪة ﺑﻪ ،اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮن ﻫﺬه اﻷﺟﻴﺎل ﻣﻮردا وﻃﻨﻴﺎ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺎ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻓﺮص اﻟﻌﻴﺶ ﻟﻬﻢ ﻣﻊ ﺗﺮاث وﻃﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼﻮرة اﻟﺤﻴﺔ اﻟﻨﺎﺑﻀﺔ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ واﻟﺜﺮاء ﺣﻴﺚ ﻣﻜﺎﻣﻦ اﻹﺑﺪاع ،ﻛﻲ ﻳﺤﻤﻠﻮا ﺑﺎﻋﺘﺰاز واﻗﺘﺪار راﻳﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاث اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
11
ĴŲĽŤē
ﺗﺰﺧﺮ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺎﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﻧﺤﻮ 700ﻃﺎﻟﺐ وﻃﺎﻟﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺴﺒﻲ وﻣﻨﺘﺴﺒﺎت اﻟﻨﺎدي ،وﺗﺘﻴﺢ ﻟﺬوﻳﻬﻢ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﺎ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻛﺎﻓﺔ. أﻗﻴﻤﺖ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﺑﻴﻦ أﺣﻀﺎن ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وﻓﻲ ﺣﺼﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﺑﺈدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﻨﺎدي ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﺴﻤﺤﺔ واﻟﻮﺛﺒﺔ وﺳﻮﻳﺤﺎن واﻟﻌﻴﻦ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ. أﻧﺸﻄﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ
وأوﺿﺢ راﺷﺪ ﺧﺎدم اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ »أﻧﻨﺎ ﻧﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة
10
ﻣﻠﺘﻘﻰ »اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ« اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ -رﺑﻂ ا ﺟﻴﺎل ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ
ﺗﻘﺪﻳﻢ أﻧﺸﻄﺔ وﺑﺮاﻣﺞ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ،وﺗﺮﻋﻰ ﻣﻮاﻫﺒﻬﻢ ،وﺗﻌﺰز اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻨﺎدي ..ﻓﻘﺪ اﻋﺘﻤﺪت اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﻋ ّﺪة ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻐﻨﻲ أﺳﺎﺑﻴﻌﻪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ،وورش اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻤﺤﺎﺿﺮات واﻟــﺰﻳــﺎرات اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ واﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺸﺮاع ،واﻟﻬﺪد ،واﻟﻴﻮﻟﺔ ،واﻟﺘﻴﻠﻴﻤﺎﺗﺶ ،إﺿﺎﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻣﺜﻞ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻜﺸﺘﺔ ،واﻟﻤﻘﻨﺎص ،واﻟﺘﺎﺟﺮ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،واﻟﻀﺒﻌﻴﺔ ،واﻟﻤﻄﺮاش ،ﻓﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﻳﻮﻓﺮه اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻣﻦ أﻧﺸﻄﺔ ﻓﺮوﺳﻴﺔ وﻫﺠﻦ وﺗﺠﺪﻳﻒ وﺷﺮاع ﺗﻘﻠﻴﺪي وﺣﺪﻳﺚ وﺻﻘﺎرة وأﻟﻌﺎب ﺷﻌﺒﻴﺔ ،وﺗﻌﻠﻢ ﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ،وﻓﻘﺮات اﻟﻄﻴﺮان اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ
ﻳﻨﻈﻤﻪ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اGﻣﺎرات
ﻣﻠﺘﻘﻰ »اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ« اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ -رﺑﻂ اSﺟﻴﺎل ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ أﺑﻮﻇﺒﻲ -وام ﺗﺼﻮﻳﺮ -ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺷﻌﺒﺎن
ﻳﻌﻮد اﻟﻄﻼب اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺑﺠﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،إذ أﻃﻠﻖ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ 21ﻣﻦ دﻳﺴﻤﺒﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ 2015اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺪ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ ﻳﻨﺎﻳﺮ اﻟﺠﺎري.
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
9
ĴŲĽŤē
8
ﻣﻠﺘﻘﻰ »اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ« اﻟﺮﺑﻴﻌﻲ -رﺑﻂ ا ﺟﻴﺎل ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ
اﻟﺼﻮرة ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺳﻌﻴﺪ ﺟﻤﻮح -اﻹﻣﺎرات
ķėŹĬ
82
ﺟﺎﺳﻢ اﻟﻨﻌﻤﺔ : اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻧﻤﻮذج ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اSﺻﺎﻟﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة
ĞŔŹűŬ ĞƀŜĘšĤ ĞƀĤėĸĠ
# . Ï/ÎÃ# . Â Ê # ©/ / (# ) É Ùã " É # . ÛÂ 1$ # . p(# Û Ù$£# & ( +2 Ï ( Î# p( } 1$ ) ] Ø Ê# 'è . ] Ù # %Ù Ã Â ÛÂ (# . # æ ÐÙ Û /# ( # !#¥
ﺗﺼﺪر ﻋﻦ: ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث -ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،أﺑﻮﻇﺒﻲ
ÛÂ 'è » Ï} Á ´}. ] p # ¦+ ÛÂ ÐÙ © } É. p (# Ù # pØ © ¤Ù±# /+ ".æ ,Ù Ï~ ªÙ( . ] Ù Ù$¢ 1#.æ Û+ # 1$ · Ã # b
ÎØp' Û - ~±Í. *p#/( . - ] # . Ã# % -* -$# Ù – Ï $ Ð
.«ÌØ # Û´ (# . # Ù ÐÙ #
اﳌﴩف اﻟﻌﺎم
ƁŔŸķĺŭŨė ĴŭĬč Ĵŀėķ ùij ﺷﻴﺨﺔ اﻟﻌﺒﺮي: ﺷ ﻻ ﻣﺴﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻮﻃﻦ ﻓ
102
126 øijĴŕŨė ŸķĸĭŬŸ ĊėĸŕŀŸ ęĘDžġŤ
اﻟﻔﺎﺿﻞ ﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﻪ ،اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺎﺟﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ ،د.راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﻪ ﻋﻠﻲ ،اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،د.ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي ،اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻗﻄﺎﻣﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﺘﺠﺎب ،اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻳﺎﻓﻮر اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ ،د.إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﻠﺤﻢ، اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻄﻲ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻗﻤﺎﺷﺔ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ،اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﻧﻊ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ،ﻣﻔﻴﺪ ﻧﺠﻢ ،د.ﻧﺎدﻳﺔ ﺑﻠﻜﺮﻳﺶ ،د .واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ ،د.ﺻﺪﻳﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻮﻫﺮ ،ﻧﺎﺻﺮ ﻋﺮاق، د .ﻋﻤﺮو ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻣﻨﻴﺮ ،د.ﺳﻬﻴﺮ اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ ،د.ﻫﻮﻳﺪا ﺻﺎﻟﺢ ،ﻧﺒﻴﻞ اﻟﻌﻴﺴﻮي ،ﺗﻘﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺮي ،ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،ﻣﺆﻳﺪ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ ،ﺳﺎﻣﺮ أﻧﻮر اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺮﻛﺔ ،د.ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ ،رﺑﻴﻌﺔ اﻟﻤﻨﺼﻮري ،ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮﻳﺲ ،د.إدرﻳﺲ ﺳﻠﻄﺎن ﺻﺎﻟﺢ، د.ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ.
ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
ŲſĴŨė ĊǟŔ ĴƀŨŸ اﻻﺧﺮاج واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻏﺎدة ﺣﺠﺎج
اﳌﻮﻗﻊ ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ: www.mags.ae
ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﳌﺠﻠﺔ : Ø # . 2 Û ¸/ - p (# Ù # '2 'waleedalaa@hotmail.com : Ø # Øp
'00971556929190 :%Ø / 026666130 :Ä + ' p( } : Ø©/ # ".Õ marketing@cmc.ae +971 56 3150303
اﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت : #.p# ¢ Ð' Âç# /)+ 100 : 'è #. %¢ Âç# b b 150 : #.p# %¢ Õ($# - (+ 150 Õ($# / (+ .)+ 200 #.p# ¢
} Ø©/ -&3 é# Û ¸/
02 4145050 : Â 8002220 : ÛÍ (# )É # +971 02 4145000 : £# Ð' " 3# distribution@admedia.ae
اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
7
اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎت ﻟ ﺤ
88
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ﺷﻌﺮ :ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴﻤﺎء
62 70ﻋﺰﻟﺔ ا ﻣﺎرات واﻧﺘﺼﺎر ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ 80ﺑﺼﻤﺎت أﺻﺎﺑﻊ اﻟﺸﻌﻮب 87ا ﻣﺎرات ،أﻣﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاث اﻟﻌﺮب 88اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺮاع اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ 93ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة ا ﻣﺎراﺗﻲ ،وﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ 94ﻗﺮوش ﻣﻜﺔ أم رﻳﺎﻻت ا ﻣﺒﺮاﻃﻮرة ﻣﺎرﻳﺎ ﺗﺮﻳﺰا! 96ﻃﻴﻮر ﻫﺘﺸﻜﻮك 125ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ اﻟﺘﻤﺴﺎح وﻻ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ اﻟﻔﻼح 98اﺷﺘﺒﺎك اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واEﺳﻄﻮري واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ 126ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺤﻀﺎرات 101اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ 130ﻓﻲ ﺻﺤﺒﺔ اﻟﻜﺘﺎب 105إذا أردﻧﺎ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺘﻘﺪم ĞƀĠėķĘŬđ ğ ĞƀĠėķĘŬđ ğĘļėķij 106رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﻪ 109ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ 110زﻳﻮس اﻟﻌﺎﺷﻖ وﻫﻴﺮا اﻟﻤﻨﺘﻘﻤﺔ! 114ﻋﻘﻞ اﻟﻔﻜﺮة وﻟﻐﺘﻬﺎ 116ﻓﻦ اEراﺑﻴﺴﻚ :ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء إﻟﻰ اﻟﺒﻘﺎء 121ﻣﻴﻐﻴﻞ ﻃﻮرﻏﺎ :ﺷﺎﻋﺮ اEﻣﺠﺎد 122ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﺘﻄﺮف وﻟﻴﺪ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ
116
أﺳﻌﺎر اﻟﺒﻴﻊ 2 Ø 10 É - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è
b ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ '(250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ ÐØ # $b Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+ 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # - Ï ÎØ Ù(° ,# . 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ
6
ķĸĭŭŨė ŲŬ
63
şĘŜǠė ijĘƀĠķė
اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ اﻟﻘﺪس ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﱠ 19 ﻓﻲ اﻟﻘﺮن ال ØÔ # pÊ# 1# ÐÙÙ Í Ã# # # Ð 'æ 1# # . ÎØ (# Á p+æ . ÙÉ ± 2
ﺗﺮاث اﻟﺒﺤﺮ
̱' . . Ù % ' , Ù (# Ïp(# Ø©. ] pÊ(# 'p # Ð Ù#.æ Ê# ı ."/ Î . + Ê# .
. # ÛÂ # ÛÃ Í p # ¦+ ÛÂ
Ê' /+. ]«- ÙÃ# Í -# # » :Ï /Î Ä$(# Ï/ Ø Ï} Í ¢ pÉ.
' ]* Ù# Ð' / # Ï/Â Ø ]- ÙÃ# Í -# # » :"/ÊØ Û ° % ' Ð'
] 3 # !$ # ), Ø© pÎ # # ,, /Ø Ï Û # Ð +/Í/ Û # Ù (# / # ÐÙ -Í.p Ø Ú¦# ÐØ #
.),' '} -Í.p Ø /Í Ú¦# É /# ÐÙ . Ë ±# )#
«* Ù . Ù¢ ¦+ " É ]- Ø Ð' % h
Û+. ] Ã$# ÊØ ( æ pÙ Ï.pÙ Ø Ðئ# Ï. Ù # )+ - ÙÃ$# . Ð . # p ( Ì$ Ø ' Û' /+ / # . ] # Ë ( } Û ±# Û'
-Ù$ p( Ø 2 Ú¦# p ÄÙ µ# ¯ (Ê# Ð' Ù¢ ÛÎ - Ø . ] ,# (
pÙ # %( Ø Ú¦# /+ Ù£# . ] , /É &p # pÙ # .} # . }. Ð,' ÛÂ
. ( æ
Î,' % $Â ] ((# . p# . £# (ÙÉ Ð' Û$ Ø Ï} % (# ". Ø.
\ # ' %' # ¢ Ð' } ¢ Î+ %+. ] ,Í/ÎÂ. +p /É
72 ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
"/ Í ^ # ã ±(# ÌØ # Û Ù$£# # p # Ä$' ÛÂ ÛÃ Í
ﻌﻤﻴﻤﻲ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ﻴﻤﻲ ﻤﻲ ﻤﻴﻤ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب ﻌﻤﻴ ﺷﺎﻋﺮ ﺑﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ
^ , Ù$ Â Ù $# Íb Ø ° -" © '.– Û # Ù$£$# Î# # Ï pÊ#
/ . Ï} ¦Î' ±# "/ÊØ )+p# . Ï ±# Î } "/ÊØ
.} ±# ÛÂ / ]- ± # É3 Ð . -Î Ù $# ÙÎÃ# Ë # b . '
. Ù´ (# ÙÎÙ 3 # ÛÂ ° (É Ð ÃÙ$¢ Ð Û ±#
ÌÙ / Ð (Ø 2 Û # Ù p è - Ù$ ¶ 1$ Á Í. ]-Â . -Î,' ÐÙ b . ,' '} 3Ø/ Á/É/# Ï. Ð' Û # Ù$£# . µ ]Ë© # # - Û # # " °}. Á # . Ð,(# Ð' Ø p
,Ép - ¦Í Î Û # ÄØ £# . Ù æ . Ù ±# Ø # ÛÂ
Ĺ°. / É Ð' É /# - ' ' bØ . ´ Íb © / -Ú Ù # ÛÎÃ# ,Ê#~ . b b h 3Ù# . ]" Ù æ -$É Î ] Î'/Ø 1# ´ - ¦+ ,Ép #- $¸. ]²Ù
' ,Ù 1 ± Û # pã Ê# !#¥ 1$ %Ù#p# . ] ÙÍp# Ù É . (# ,Ù$ "/ # ) Û # *pã É ÎÙ . Û ±# ,Ù ²Ù Ø Ï Û # äÙ # Ð Ù h /#. b . Ø # . 'æ . Ù # . % è 1hν ' (ã p . #
' %' # 1$ ), pÉ 0p'. ê . p æ pÉ. µ Ì( 1$
ÛÂ .p # ( (# ÌÙÉp# Ä /# * ° ÛÂ p Í (
.Ú/Î (# . Ú (# )+ / . ºÃ ])ÙÊ# . " ( # ( µ Î . äÙ #
)¹ ' ªÙ( Ø. ]), . )+pÙ# Ê Í 1# Ø # É # . Ã # Û$(# %, # %Ù( # /$ æ * °
. Ù£ ª æ É. & %
5
2016 ﻳﻨﺎﻳﺮ195 اﻟﻌﺪد
.Ú.p # # .
اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎت ﻟ ﺤ
16
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ijĴŕŨė ŞũŬ
اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻪ ﻧﺎس ﻟﻔﻴﺤﺔ 1 pã # ".p# Ð' p (# Ù # 'è #. ' " .} Ú É2 0/ (# 1$ / ] Ù(Î # ]»  Ð' Ø # *¦+ Ð )#. ]ÛÂ Ê # .} Û ( 2 Û+ ÐÙÎ # ä' Ð' ÊØ µ # " ( ,Í % /µ# ,Ù$ ÛÊ$Í Û # Û # Ù$£# µ Ð' ª Ï Ø ° % (Ø " ªØ 2. Ï Ú¦# # "3¢ Ð' Î+ .&pÊ . Ù
ﺣﻤﻞ اﻟﺒﺎرات ﻳﻮم ْﺧﻮاﻫﺮ 16ﺷﻌﺮ :وﻣﻦ ّ 18ﺣﻮار ﻣﻊ أﺷﻬﺮ ﺻﻴﺎد ﺳﻤﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻴﻦ 26ﻃﺮق ﺻﻴﺪ اSﺳﻤﺎك ﻓﻲ اGﻣﺎرات 30ﻋﺒﻴﺪ اﻟﺸﺤﻲ” :اﻟﺠﻼف“ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة 33
ﺷﻌﺮ :ﻃﺎش اﻟﺒﺤﺮ وﻃﻢ ﻟﺤﺪود
34ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﻧﺎة ﻌﺎﻧﺎ ﻤﻌﺎ ﻟﻤﻌ اﻟﺘﻌﺐ واﻟﻤ 44ﺣﺜﺒﻮر اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ :اﻟﻐﻮص ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺆﻟﺆ رﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻌﺐ 47ﺷﻌﺮ :ذﻋﺬاع اﻟﺮواﻳﺢ 48اﻟﻘﻼﻟﻴﻒ :ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم 53ﺷﻌﺮ :ﻗﺼﻴﺪة »داس« 54اﻟﻨﻬﻤﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ..رﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﻨﻴﻦ واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻴﺪت ﻗﺒﻞ اﻟﻌﻴﺪ 57ﺷﻌﺮّ : 58
4
اSﻣﺜﺎل اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ :ﻻﻟﺊ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
110
ﻛﺎﻣﻴﺮا ﺗﺮاث
ﻓﻨﻮن اSراﺑﻴﺴﻚ
ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ -ص 116
Insta
swaihaan
swaihaan
swaihaan
056-2344383
056-6212224
ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺪد 195ﻳﻨﺎﻳﺮ 2016
اﻟﻘﺪس
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ
اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻳﺮﺑﻂ اSﺟﻴﺎل ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرب اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ
ﺷﺎﻋﺮ » ِﺑ ْﺪع اﻟﻤﻐ ّﻨﻲ«
ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺤﻀﺎرات
ﺷﻴﺨﺔ اﻟﻌﺒﺮي: ﻻ ﻣﺴﺎوﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻮﻃﻦ
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻪ ﻧﺎس ﻟﻔﻴﺤﺔ