i3lam_aser_15-web

Page 1

‫�لـعــدد ‪� - 15‬أغ�سط�س ‪2012‬‬

‫جملة‬ ‫شسهرية تصسدر عن مركز سسلطان بن زايد لل‬

‫قافة وا‬ ‫ث‬

‫عالم‬ ‫إل‬

‫اإلعالم الرمضاني‪ ..‬برامج قنوات ومالحق صحف‬ ‫اإلعالم الموجه ‪ ..‬ودعوات األنبياء‬ ‫فاهم النعيمي‪ :‬مشروع عنكبوت يؤسس للتعليم والبحوث‬ ‫عبد العزيز البابطين‪ :‬المرأة أجمل ما في الكون كله‬ ‫حوارات الشاشة في األردن ‪ ..‬وإشهار األسلحة النارية‬ ‫اإلخبارية السورية‪ ..‬ضحية أم طرف في النزاع؟‬ ‫سلمى وشيماء‪ ..‬المالذ اآلمن بين «العسكري» و «مرسي»‬

‫فيروز زياني‪:‬‬

‫قناة اجلزيرة لي�ست �سرا مطلقا‬

‫سالمة أحمد سالمة‪..‬‬ ‫رحيل �سحفي م�ستقل‬

‫عمار عبد ربه‪:‬‬

‫�أحد�ث �لربيع �لعربي‬ ‫اأفقدت ال�سورة بريقها‬

‫عبداهلل رشيد‪:‬‬ ‫جر�ئدنا مب�ستوى‬ ‫�سحف احلائط املدر�سية !‬

‫« الفنانون‪ ..‬ومواقع التوا�سل االجتماعي»‬




‫اأ�رسع يف خطواتها‬ ‫من �شجرة«الباولينا»‬

‫الإعالم والع�رص‬ ‫اأكرب املعار�ض الفن ّية يف ال�رشق‬ ‫الأو�صط‪� ،‬صور فوتوغرافية‪ ،‬لوحات‪،‬‬ ‫متاثيل‪ ،‬اأعمال فنية متنوعة اأخرى‪،‬‬ ‫حما�رصات ثقافية عن عمق الفنون‬ ‫باأنواعها‪ ،‬جمتمع فني كامل من‬ ‫خمتلف اجلن�صيات‪ ،‬اأ�صهر الأ�صماء‬ ‫وتلك املغمورة الواعدة‪ ،‬حتى فن ال ّدمى‬ ‫وجد له مكان‪ ،‬بل ومكان كبري‪ ،‬يف‬ ‫الواقع اإنه مكان �صا�صع‪ ..‬ذلك بع�ض‬ ‫من كل‪ ..‬فقط يف الإمارات‪.‬‬

‫الفنون في اإلمارات‪..‬‬ ‫وثبات الزمن حني ترت�سف االإبداع‬

‫ملن يحب الفنون باأنواعها‪ ،‬ملن يحتاجها‪ ،‬وملن‬ ‫يفكر اأن يحبها يوم ًا‪ ،‬كل ذلك توفره الإمارات‪،‬‬ ‫لي�س فقط مبعنى اأن تاأتي بباري�س ولوحاتها‬ ‫ال�سريالية وغريها اإلينا هنا‪ ،‬ولي�س فقط اأن‬ ‫تاأتي ب�اأج��واء اإيطاليا يف �سباقاتها ومعار�س‬ ‫الر�سامني وم�سممي الأزي��اء‪ ،‬ولي�س فقط اأن‬ ‫تكون ور�س العمل الفنية جامعة لل�سغار والكبار‬ ‫واأخرى خم�س�سة للعائالت وتلك لل�سباب وهذه‬ ‫للمحرتفني وحتى املبتدئني‪.‬‬ ‫مناف�سة العامل‬ ‫ً‬ ‫لي�س ذلك فقط‪ ،‬بل مبعنى اأن تنتج فنا تناف�س‬ ‫ب��ه ال�ع��امل وفنانني اإم��ارات �ي��ني وغ��ريه��م ممن‬ ‫اأنتجتهم الإم��ارات‪ ..‬رمبا لي�ست املناف�سة غاية‬ ‫هنا كما قلت‪ ..‬رمبا الأكرث دقة اأن اأقول البناء‬ ‫لالإن�سان وامل�ستقبل‪ ،‬البناء يف زم��ن قيا�سي‪،‬‬ ‫والتميز هنا بدوره لي�س غاية قدر ما هو و�سيلة‬ ‫لنحت ذلك الإن�سان وتلك املكانة له‪.‬‬

‫الزمن الفني يف الإمارات اختزل ب�شكل‬ ‫مذهل‪ ،‬ما ياأخذ �شنني عدداً يف دول كثرية اأخرى‬ ‫ل داعي لذكرها هنا‪ ،‬لع ّلها فقط ت ّتخذ مث ً‬ ‫ال حلد‬ ‫ولو قريب‪ -‬اجنز هنا يف وقت قيا�شي وينجز‬‫غريه تباعاً من دون اأن يفقد املحتوى اأو �شرعة‬ ‫التحقق‪ ،‬فالهتمام باأرقى اأوجه الفنون دائماً ما‬ ‫يكون اأ�شعب من تلك الألوان الفنية التجارية‬ ‫التي تطبع العامل اإىل حد كبري‬

‫الزمن الفني يف الإمارات اختزل ب�سكل مذهل‪،‬‬ ‫ما ياأخذ �سنني ع��دد ًا يف دول كثرية اأخ��رى ل‬ ‫داعي لذكرها هنا ‪-‬لع ّلها فقط تتّخذ مث ًال حلد‬ ‫ول��و قريب‪ -‬اجن��ز هنا يف وق��ت قيا�سي وينجز‬ ‫غريه تباع ًا من دون اأن يفقد املحتوى اأو �سرعة‬ ‫التحقق‪ ،‬فالهتمام باأرقى اأوجه الفنون دائم ًا‬ ‫ما يكون اأ�سعب من تلك الألوان الفنية التجارية‬ ‫التي تطبع العامل اإىل حد كبري‪.‬‬ ‫اأم��ا تلك الفنون الراقية التي نق�سد ه��ي ما‬ ‫�ستجدونه يف ال�ل��وف��ر اأب��وظ �ب��ي‪ ،‬ومعرو�سات‬ ‫متاحف ال�سعديات الثقافية ومعار�س الفنون‬ ‫الت�سكيلية كتلك يف مركز الغاف بدبي وقاعة‬ ‫امل�سرح الوطني باأبوظبي‪ ،‬وغريها الكثري مما‬ ‫ل يت�سع املجال له هنا للتعداد فقط فما بالك‬ ‫بالتفا�سيل‪.‬‬ ‫اأبرز الأ�سماء الفنية العاملية تقدم اأعمالها هنا‪،‬‬ ‫بل تتناف�س من اأجل ذلك‪ ..‬ل ميكن بالطبع اأن‬ ‫نن�سى الأ�سماء الإماراتية كذلك‪ ،‬منها‪ :‬د‪.‬جناة‬ ‫مكي و حممد املزروعي اللذان اأقاما معر�سني‬ ‫يف االفرتة القليلة املا�سية‪.‬‬ ‫املثري لالإعجاب والتقدير كذلك تلك الت�سهيالت‬ ‫التي توفر ملحبي الفن واملبتدئني طلبة كانوا‬ ‫اأم اآخ��ري��ن‪ ..‬ور�سات عمل جمانية‪� ..‬سهادات‬ ‫تدريبية‪ ..‬اأجهزة واأدوات وا�ستديوهات جمانية‬ ‫لكل من يرغب يف بع�س املراكز الكربى يف دبي‬ ‫مث ًال‪.‬‬ ‫ال�سمو عن اجلفاف‬ ‫الباب مفتوح اإذن‪ ..‬لي�س عليك اأن تدقه‪ ،‬لأن‬ ‫الدعوة موجه اإليك لأن تلج لعامل اأرحب ي�سمو‬ ‫بك بعيد ًا عن جفاف احلياة املعا�سرة‪ ،‬اأو يبقيك‬ ‫فيها لكن بوعي ومعرفة اأكرب وخيارات اأكرث‪ ..‬ل‬


‫لبد اأن نث ّمن هذا‬ ‫التقارب ب�شورته اخلالقة يف الإمارات‪،‬‬ ‫الأجمل بعد هذا اإدراك النماء الفكري‬ ‫والروحي يف هذه امل�شاألة‪ ،‬ل يجب اأن متر‬ ‫علينا مرور الكرام‪ ،‬كوننا مت�شلني بها من‬ ‫قريب اأو بعيد‪ ،‬يجب اأن نفلح يف التقاط‬ ‫بريق املكان واللحظات املميزة وليدة جمهود‬ ‫هائل‪ ،‬وا�شرتاتيجية ذكية اختزلت‬ ‫زمن الإجناز بهذا ال�شكل‬

‫تنتهي احلكايات والتجارب التي يقدمها هذا‬ ‫الواقع الثقايف الفني‪.‬‬ ‫يف الإمارات ميكنك اأن ترت�سف الفن ارت�ساف ًا‪،‬‬ ‫فت�ستمتع على اأوت ��ار الثقافة وال�سمو وع��وامل‬ ‫الإب��داع بني اإم��ارات الدولة‪ ،‬فمث ًال الفعاليات‬ ‫املقامة تاأتي اإليك اأح�ي��ان� ًا‪ ،‬مثل ن��ادي اأف��الم‬ ‫الذي يعر�س �سهري ًا اأف�سل ما اأنتجته ال�سينما‬ ‫الوثائقية العربية والغربية وغريها من الأفالم‬ ‫الطويلة واحلائزة على جوائز‪ ،‬ويجمع قاعدة‬ ‫بيانات لري�سل الدعوات للجمهور من خمتلف‬ ‫اجلن�سيات �سواء من مهتمني اأو هواة اأو عامة‬ ‫النا�س‪.‬‬ ‫كثري من �سباب اأبوظبي قد قال اإن��ه مل يهتم‬ ‫بالأفالم الوثائقية �سوى بعد دعوات هذا النادي‬ ‫ال��ذي ل يكتفي بالعر�س بل ي�سركه بجل�سات‬ ‫ح��واري��ة وع��رو���س اأف��الم ق�سرية وا�ست�سافة‬ ‫ملمثلني وخمرجني‪ ،‬ناهيك عن اأن كل ما يعر�س‬ ‫يراعى فيه امل�ستوى العايل والتجديد والتميز‬ ‫بعيد ًا عن الأفالم التجارية‪.‬‬ ‫رونق �سحري‬ ‫ويف دبي ل ميكن اأن تهداأ قاعات املعار�س يف‬ ‫دي�سكفري‪ ،‬كتلك التي يقيمها غالريي اأيام تلو‬ ‫الأخ��رى‪ ،‬وكانت اأحدثها للم�سور الفوتوغرايف‬ ‫املميز عمار عبد ربه يف معر�س بعنوان «اتبع‬ ‫القائد»‪ ،‬ويف تلك امل�ساحات الهائلة لي�س غالريي‬ ‫اأيام وحده‪ ،‬بل متتلئ واجهات زجاجيات وقاعات‬ ‫كبرية باأ�سكال فنية مذهلة ما بني الكال�سيكيات‬

‫لوحة للفنانه الإماراتية د‪ .‬جناة مكي‬

‫والع�سرية وحتى «التقليعات الفنية» فتتجول بني‬ ‫اأعجب التماثيل واأغرب الأ�سكال وتوؤخذ بلوحات‬ ‫هائلة يطفح الإب� ��داع منها‪ ،‬ق��د تقف تتاأمل‬ ‫ل�ساعات لن تكفيك يف معار�س اأبوظبي ودبي‪.‬‬ ‫العجيب هنا اأن كل ما ل ميت ل�سلة ببع�سه‬ ‫يتداخل يف رون��ق �سحري م��ا فيجذب النا�س‬ ‫على اختالف م�ساربهم واألوانهم‪ ،‬مما يذكرين‬ ‫مب�ع��ر���س ال��دم��ى الأخ���ري يف دب��ي وم�سرحية‬ ‫«‪ »Cats‬ال�سهرية‪ ..‬كاأن الزمن والعامل واأل��وان‬ ‫الطيف جت�سدوا م�ع� ًا لت�سكيل ال��واق��ع الفني‬ ‫الثقايف لإم���ارات ال�ي��وم وامل�ستقبل اإذ تراها‬ ‫اأمامك قريبة‪ ..‬يكفي اأن متد يدك فتلم�سها‪.‬‬ ‫اأيام العروبة الذهبية‬ ‫يذكرين هذا الغنى يف الإم��ارات باأيام العروبة‬ ‫الذهبية يف املا�سي البعيد‪ ،‬تاأخذين الذكرى‬ ‫لأجواء خيالية كانت تخاجلني واأنا اأغو�س بني‬ ‫دفتي كتب التاريخ امل�سرف‪ ،‬ف �اأرى احل�سارة‬ ‫والرقاء والعلم والإبهار‪ ،‬وكاأن ذلك حلم لذيذ‬ ‫اأخ��اف اأن اأفيق منه‪ ،‬لكني حني اأغلق الكتاب‬ ‫واأن �ظ��ر ح��ويل للبالد‪ ،‬اأج ��دين اأف�ك��ر كيف اأن‬ ‫��س��ذرات تلك الأج ��واء‪ ،‬التي فقدت منذ زمن‬ ‫وقتلنا ال���س��وق اإل�ي�ه��ا‪ ،‬ت�ع��ود ب�ب��طء لت�سعرين‬ ‫بالفخر؟‪ ،‬فال ميكن اإل اأن ن�سعر بذلك ونحن‬ ‫نرقب احلركة الفنية الثقافية يف الإمارات‪.‬‬ ‫اجلميل بحق يف الفعاليات والإجنازات الثقافية‬

‫الفنية ذلك التقارب اللطيف بني املختلفني‪..‬‬ ‫احتفاء بعظمة الختالف املغبون حقه يف عاملنا‬ ‫املجنون اليوم‪.‬‬ ‫مرة اأخرى لبد اأن نث ّمن هذا التقارب ب�سورته‬ ‫اخلالقة يف الإم��ارات‪ ،‬الأجمل بعد هذا اإدراك‬ ‫النماء الفكري والروحي يف هذه امل�ساألة‪ ،‬ل يجب‬ ‫اأن متر علينا مرور الكرام‪ ،‬كوننا مت�سلني بها‬ ‫من قريب اأو بعيد‪ ،‬يجب اأن نفلح يف التقاط بريق‬ ‫املكان واللحظات املميزة وليدة جمهود هائل‪،‬‬ ‫وا�سرتاتيجية ذكية اختزلت زمن الإجناز بهذا‬ ‫ال�سكل‪.‬‬ ‫كنت اأحادث �سديق ًا من ا�سرتاليا حني �ساألني‬ ‫عن الإم��ارات وما املمتع فيها‪ ..‬كانت الإجابة‬ ‫اأن املتعة هنا لي�ست تقليدية كما كان يظن‪ ،‬يف‬ ‫الإم ��ارات ل ميكن اأن متل اإل حني تريد اأنت‬ ‫ذل��ك‪ ..‬الأج ��واء الفنية الثقافية يف الإم��ارات‬ ‫«‪ »One of a kind‬على راأيهم‪ ..‬فع ًال «فريدة من‬ ‫نوعها»‪ ،‬من زخمها لن ي�سعك الوقت للحاق بها‬ ‫ككل‪ ..‬وعدين ذلك ال�سديق بالزيارة يف اأقرب‬ ‫فر�سة‪ ..‬لي�س لأجلي بالطبع‪.‬‬ ‫اأينما ول ّيت وجهك يف الإم��ارات‪� ..‬ستجد اأنواع‬ ‫الفنون تتاألق وتبنى اأم��ام��ك ب�سرعة ك�سرعة‬ ‫منو ك�سجرة الباولينا ال�سينية البديعة‪ ،‬تلك‬ ‫ال�سجرة الثمينة ب�اأزه��اره��ا الرائعة وظاللها‬ ‫الوارفة‪ ،‬وفوائدها اجلمة‪ ..‬بقي فقط اأن ناأمل‬ ‫اأن تعي�س اأطول من الباولينا‬


‫‪161‬‬

‫‪78‬‬ ‫مبتداأ‬

‫ُترى اإىل اأين يتجه الإعالم يف دولنا‬ ‫العربية؟‪ ..‬يعد هذا ال�شوؤال هو املدخل لإجابات‬ ‫يطالعها القارئ يف هذا العدد اجلديد من «الإعالم‬ ‫والع�شر»‪.‬‬ ‫لقد تعددت الإجابات وتنوعت من خالل حوارات وحتقيقات‬ ‫وا�شتطالعات للراأي‪ ،‬وقد ك�شفت يف معظمها عن توظيف متع ّمد‬ ‫لالإعالم‪ُ ،‬م�شلته تكري�س واقع جديد‪ ،‬مو�شوم بالعنف اللفظي‬ ‫واليدوي‪ ،‬ويف حالة خميفة ومفزعة للجوء اإىل رفع ال�شالح على الهواء‪..‬‬ ‫اإنه عنف يف الأر�س وعنف على ال�شا�شات واجلرائد‪ ،‬اأدى اإىل وفاة ال�شحايف‬ ‫امل�شري عاجل اجلوجري على خلفية النقا�س حول الو�شع يف �شوريا‪.‬‬ ‫لكن هذا العدد ل يخلو من وقفات يف مطات بعينها ت�شي مب�شتقبل‬ ‫اأف�شل لالإعالم برغم من الرحيل املتوا�شل ل�شحافيني كان لهم الدور‬ ‫البارز يف تكري�س �شدقية الإعالمي العربي‪ ،‬نذكر هنا حتديداً‬ ‫ال�شحايف امل�شري «�شالمة اأحمد �شالمة»‪ ،‬الذي يعد مرجعية يف‬ ‫اإبداء الراأي ب�شدق ومو�شوعية‪ ..‬ومن اأجل م�شتقبل اأف�شل‬ ‫�شتوا�شل «الإعالم والع�شر» متابعتها لأهم الق�شايا‪..‬‬ ‫وكل عدد واأنتم بخري‪.‬‬ ‫رئي�ض التحرير‬


‫‪7‬‬

‫الرتوي�صة‬ ‫الرتوي�صة‬

‫رئي�س مركز �شلطان بن زايد للثقافة والإعالم‬

‫�سمو �ل�سيخ �سلطان بن ز�يد �آل نهيان‬

‫‪132‬‬

‫املـديــر الـعـام رئي�س التـحــري ــر‬

‫حبـيـب ال�سـايـغ‬ ‫الهيـئـة الإ�شـتـ�شــاريــة‬

‫عـبـد احلـمـيـد اأحـمـد‬ ‫عـلــي حمـمـد �ســمـو‬ ‫حـمــدي قـنـديــل‬ ‫عـزالـديــن ميـهــوبـي‬ ‫�سعيد الكفراوي‬ ‫مدير التحرير‬

‫خــالــد عـمـر بـن ققــه‬ ‫هيئة التحرير‬

‫ابـراهـيــم احلـ�سـن‬ ‫جـنـات بـو منجـل‬ ‫رجاء مرهون‬ ‫الرتجمة‬

‫عـبـدالـرحيـم اآيت عال‬ ‫املدير الفني‬

‫فــواز ناظــم‬ ‫ر�شوم‬

‫حـ�سـن اأدلـبـي‬ ‫حممد بريم‬ ‫ت�شوير‬

‫جـورج د‪� .‬سـوفاين‬ ‫�سريف ال�سني‬ ‫الإخراج والت�شميم‬

‫غــادة حـجــاج‬ ‫املدير الإداري‬

‫عبداهلل املن�سوري‬

‫سعر النسخة‬

‫االشتراكات‬

‫‪46‬‬

‫م�شوؤولة الت�شويق‬

‫ن�ســاء اخلـاجـة‬ ‫الت�شويق‬

‫اأحمد عبا�س‬ ‫التحرير‪ :‬هـاتف‪00971 2 6666612 :‬‬ ‫فـاك�س‪00971 2 6660700 :‬‬ ‫‪i3lam.mag@cmc.ae‬‬ ‫الت�سويق‪ :‬هـاتف‪00971 2 6505533 :‬‬ ‫فـاك�س‪00971 2 6505577 :‬‬ ‫�س‪.‬ب‪ :‬اأبو ظبي ‪i3lam.asr@cmc.ae - 5727‬‬

‫الإمارات العربية املتحدة ‪ 10‬دراهم ‪ -‬اململكة العربية ال�شعودية ‪ 10‬ريالت ‪ -‬الكويت دينار واحد ‪� -‬شلطنة عمان ‪ 800‬بي�شة ‪ -‬قطر ‪10‬‬ ‫ريالت ‪ -‬مملكة البحرين دينار واحد ‪ -‬اليمن ‪ 200‬ريال ‪ -‬م�شر ‪ 5‬جنيهات ‪ -‬ال�شودان ‪ 250‬جنيهاً ‪ -‬لبنان ‪ 5000‬لرية ‪� -‬شورية ‪100‬‬ ‫لرية ‪ -‬اململكة الإردنية الها�شمية ديناران ‪ -‬العراق‪ 2500 :‬دينار ‪ -‬فل�شطني ديناران ‪ -‬اململكة املغربية ‪ 20‬درهماً ‪ -‬اجلماهريية الليبية ‪4‬‬ ‫دنانري ‪ -‬اجلمهورية التون�شية ديناران ‪ -‬اجلزائر ‪ 250‬دينار‪ -‬بريطانيا ‪ 3‬جنيهات ‪� -‬شوي�شرا ‪ 7‬فرنكات ‪ -‬دول الحتاد الأوروبي ‪ 4‬يورو‬ ‫ الوليات املتحدة الأمريكية وكندا ‪ 5‬دولرات‪.‬‬‫لالأفراد داخل الدولة‪ )100( :‬درهم ‪ /‬لالأفراد من خارج الدولة‪ )150( :‬درهماً ‪ /‬للموؤ�ش�شات داخل الدولة‪ )150( :‬درهماً ‪/‬‬ ‫للموؤ�ش�شات من خارج الدولة‪ )200( :‬درهم‪.‬‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫حما�رصة‬

‫‪8‬‬

‫تجربتي في‬ ‫ترجمة الشعر‬

‫د‪� .‬صهاب غامن‬

‫مرتجم و�صاعر اإماراتي‬

‫بداأ حبي لل�صعر منذ املدر�صة البتدائية وبداأت‬ ‫حماولتي احلقيقية لكتابة ال�صعر يف املدر�صة‬ ‫الثانوية‪ ،‬اأما يف كلمتي هنا ‪-‬يق�صد املحا�رصة‪-‬‬ ‫ف�صاأحتدث عن عالقتي برتجمة ال�صعر‪ ،‬فعلى الرغم‬ ‫من اأن جمالت درا�صاتي املنهجية وتخ�ص�صي‬ ‫وخربتي العملية كانت يف الهند�صة والإدارة‬ ‫والقت�صاد اإل اأن حبي لل�صعر قادين اإىل جتربة ترجمة‬ ‫ال�صعر من العربية اإىل الإنكليزية ومن الإنكليزية‬ ‫اإىل العربية‪ ،‬واأي�صا ً من لغات اأجنبية اأخرى اإىل‬ ‫العربية من خالل ترجمات اإنكليزية جيدة‪.‬‬

‫واقت�سرت ج�ه��ودي يف جم��ال ال��رتج�م��ة على‬ ‫جمال ال�سعر فقط لإمياين باأن ترجمة ال�سعر‬ ‫ينبغي اأن يقوم بها �ساعر اإن اأمكن‪ ،‬ولذلك مل‬ ‫اأقتطع �سيئ ًا من وقتي لرتجمة غري ال�سعر‪.‬‬ ‫ناين والبعو�سة‬ ‫واأرجو اأن ت�سمحوا يل ببدء كلمتي بقراءة مناذج‬ ‫من ترجماتي‪ ،‬الأول منها من ال�سعر البيتي اأو‬ ‫العمودي لأن الأ�سل بذلك ال�سكل ولذلك اأثبت‬ ‫الأ�سل يف الورقة‪:‬‬ ‫«اقـ ــراأ بــوجـهــي» لل�شاعر الـيــزابـيــت بــراونـنــج‬ ‫(‪)1861 – 1806‬‬

‫اطلعت على راأي اجلاحظ يف كتاب‬ ‫احليوان الذي يقول فيه»‪ ..‬وف�شيلة‬ ‫ال�شعر مق�شورة على العرب‪ ،‬وعلى من تكلم‬ ‫بل�شان العرب‪ ،‬وال�شعر ل ي�شتطاع اأن يرتجم ول‬ ‫يجوز عليه النقل ومتى ح ِّول‪ ،‬تقطع نظمه‪،‬‬ ‫وبطل وزنه‪ ،‬وذهب ح�شنه‪ ،‬و�شقط مو�شع‬ ‫التعجب منه‪ ،‬و�شار كالكالم املنثور‬

‫ل�شت اأهواك… ل�شت اأجروؤ اأن اأهواك فاأترك‬ ‫قلبي الكئيب وحيدا‬ ‫اإن مــن يبتغ ال ــورود يرمها يف الب�شاتني‪ ..‬ل‬ ‫يرود البيدا‬ ‫ل توؤاخي احلياة موتاً !! فال تخف�س ل�شكواي‬ ‫�شدوك املعهودا‬ ‫اإن ت�شع يف ال�شجيج‪« .‬ل�شت اأقــدر اأن اأهــواك»‬ ‫فاقراأ وجهي ت َر التاأكيدا‬ ‫رمبا كنت قد ع�شقتك يوماً حني كانـت روحي‬ ‫تطيـر بعيدا‬ ‫اإمنــا الـيــوم حــني اأ�شمع جنــوى ينـزف القلـب‬ ‫خائــراً مكـدودا‬ ‫اأنت لو رمت مهجتي قبل اأن يذبل خدي لنلت‬ ‫حبا فريدا‬ ‫ول�شاهدت ب�شمتي وهي ت�شدو‪ :‬يا حبيبي اقراأ‬ ‫بوجي الق�شيدا‬ ‫«البعو�شة تــدرك» ل «د‪ .‬هـ‪ .‬لورن�س (‪1885-‬‬ ‫‪ – )1930‬اإجنلرتا‪ ،‬بريطانيا‬ ‫البعو�شة تدرك متاماً‬ ‫بـاأنـهــا عـلــى الــرغــم مــن �شغر حجمها وح�س‬ ‫مفرت�س‬ ‫ولكنها على كل حال ل متت�س اأكرث من طاقة‬ ‫معدتها‬ ‫اإنها ل متت�س �شيئاً من دمي لتودعه بنكا!ً‬


‫ناين لـ «كامال ثريا» (‪)1934-2009‬‬ ‫«ناين» اخلادمة احلامل‬ ‫�شنقت نف�شها يف اأحد الأيام يف املرحا�س‬ ‫وظـلــت معلقة ه ـنــاك‪ ،‬كــدمـيــة �ـشــوهــاء‪ ،‬ثــالث‬ ‫�شاعات طوال‬ ‫اإىل اأن ح�شرت ال�شرطة‬ ‫وعندما كانت الــريــح تهب فتديرها برفق يف‬ ‫حبلها‬ ‫ك ــان يـ ــرتاءى ل ـنــا‪ ،‬نـحــن الــذيــن كـنــا اأط ـفــالً‬ ‫يومئذ‪،‬‬ ‫اأن «نـ ـ ــاين» كــانــت ت ـقــوم بــرق ـ� ـشــة م�شحكة‬ ‫لت�شليتنا‬ ‫منت الأع�شاب ب�شرعة‪ ،‬وقبل نهاية ال�شيف‬ ‫ك ــان ــت الأزهـ ـ ـ ـ ــار الـ ـ�ـ ـشـ ـف ــراء ت ـعــانــق املــدخــل‬ ‫واحليطان‪،‬‬ ‫واأ�شبح املرحا�س املهجور كاأنه مذبح يف معبد‬ ‫اأو �شريح لقدي�شة ميتة‬ ‫بعد عام اأو عامني �شاألت جدتي ذات يوم‬ ‫هل تذكرين «ناين» املمتلئة الداكنة‬ ‫التي كانت تغ�شلني بجانب البئر؟‬ ‫حركت جدتي نظارة القراءة على اأنفها‬ ‫وحملقت يف وجـهــي و�ـشـاألــت ‪« :‬نـ ــاين»‪ ...‬من‬ ‫هي؟‬ ‫وبهذا ال�شوؤال انتهت «ناين»‪.‬‬ ‫كل احلقائق تنتهي هكذا ب�شوؤال‪.‬‬ ‫اإن هذا ال�شمم املتعمد يح ّول املوت اإىل خلود‬ ‫وال�شيء الأكيد اإىل رخو غري اأكيد‪.‬‬ ‫اإنهم مظوظون اأولئك الذين ي�شاألون اأ�شئلة‬ ‫ثم مي�شون قبل جميء الإجابة‬ ‫اأول ـئــك احل ـك ـمــاء الــذيــن يـحـيــون يف منطقة‬ ‫�شامتة زرقاء‬ ‫ل تخامر اأذهانهم ال�شكوك‬ ‫لأنهم ميتلكون ذلك ال�شالم املتخرث‬ ‫املنطمر يف احلياة‬ ‫كاللحن يف بي�شة الوقواق‪،‬‬ ‫كال�شهوة يف الدم‪،‬‬ ‫اأو كالن�شغ يف اأوعية ال�شجرة‪.‬‬ ‫ال�سعر مرتجم ًا‬ ‫واأع��ود اإىل حديثي عن جتربتي فعندما كنت‬ ‫�سبي ًا كنت كثري ًا ما اأقلب اأي كتاب اأريد يف مكتبة‬ ‫والدي ال�ساعر د‪ .‬حممد عبده غامن وكان والدي‬ ‫ل مينعني بل ي�سجعني على ذل��ك‪ ،‬بل وعندما‬ ‫كنا اأنا و�سقيقي قي�س الذي يكربين بعام واأ�سهر‬ ‫يف مرحلة املدر�سة املتو�سطة عهد اإلينا والدي يف‬

‫العطلة ال�سيفية باإعادة ترتيب‬ ‫مكتبته وفهر�ستها مبا فيها من‬ ‫كتب عربية واإنكليزية وبع�س‬ ‫الكتب الفرن�سية وكانت جتربة‬ ‫ت��رك��ت اأث��ره��ا الإي �ج��اب��ي يف‬ ‫نف�سي اإىل يومنا هذا‪.‬‬ ‫وكان يف تلك املكتبة بع�س كتب‬ ‫ال�سعر امل��رتج��م مثل ترجمة‬ ‫حم�م��د ال���س�ب��اع��ي ل��رب��اع�ي��ات‬ ‫اخليام وترجمة اأني�س املقد�سي‬ ‫ل �ق �� �س �ي��دة ال���ذك���رى لأل �ف��ري��د‬ ‫تين�سون‪ ،‬وقد ق��راأت �سفحات من‬ ‫تلك الكتب يف تلك الأي��ام ولكن مل‬ ‫ترث اهتمامي فقد كنت اأراها اأقرب اإىل‬ ‫النظم‪.‬‬ ‫وق��د اط�ل�ع��ت اأي �� �س � ًا يف مكتبة وال� ��دي على‬ ‫ت��رج �م��ات اآرب� ��ري للمعلقات ومل �خ �ت��ارات من‬ ‫ال�سعر العربي املعا�سر اإىل الإنكليزية من‬ ‫�سمنها ق�سائد مليخائيل نعيمة واإيليا اأبوما�سي‬ ‫وخايل علي حممد لقمان‪ ،‬وجزء ًا من ق�سيدة‬ ‫لوالدي بعنوان (اأن��ني) ترجمه نظم ًا وترجمت‬ ‫اأنا الن�سف الآخ��ر نرث ًا بعد ذلك بعدة عقود‪،‬‬ ‫وعندما ن�سرت ما ترجمته كتبت اإحدى قارئات‬ ‫ال�سحيفة ت�سكرين وت�سكر ال�سحيفة على»‬ ‫هذا الكنز من امل�ساعر الرائعة ول جتد كلمات‬ ‫تعرب بها عن تقديرها للدكتور غامن» ول اأدري‬ ‫هل كانت تعني د غامن الأب ال�ساعر اأو د‪ .‬غامن‬ ‫البن املرتجم‪.‬‬ ‫وم��ع اأن �ن��ي ك�ن��ت اأ��س�م��ع اأن ال�سعر ل يرتجم‬ ‫ف�ق��د اآم �ن��ت ب�اإم�ك��ان�ي��ة ت��رج�م��ة بع�س ال�سعر‬ ‫ت��رج�م��ة �سعرية جميلة م�ن��ذ ك�ن��ت ط��ال�ب� ًا يف‬ ‫املدر�سة الثانوية وذل��ك عندما قدمت لنا يف‬ ‫درو���س الأدب الإنكليزي من��اذج من ترجمات‬ ‫ال�ساعر الإنكليزي الفكتوري اإدوارد فتزجرالد‬ ‫لرباعيات عمر اخليام‪ ،‬وهي ترجمة فاتنة كانت‬ ‫ال�سبب الرئي�سي لنت�سار ترجمات اخليام اإىل‬ ‫لغات اأوروبية عديدة بل اإن كثري ًا من الرتجمات‬ ‫العربية ل��رب��اع�ي��ات اخل �ي��ام ك��ان��ت م��ن خالل‬ ‫ترجمة فتزجرالد‪ ،‬بل وح��اول��ت حتى يف تلك‬ ‫املرحلة ترجمة رباعية اأو رباعيتني من ترجمات‬ ‫فتزجرلد اإىل ال�سعر العربي املنظوم‪.‬‬ ‫روؤية اجلاحظ‬ ‫ول �ق��د اط�ل�ع��ت ب�ع��د ذل��ك ب���س�ن��وات ع�ل��ى راأي‬

‫منذ نحو عامني اأطلقت‬ ‫الإمارات عدة مبادرات مهمة‬ ‫يف جمال الرتجمة واأهمها‬ ‫م�شروع «كلمة» يف اأبوظبي‬ ‫الذي ي�شعى لرتجمة ‪ 100‬كتاب‬ ‫�شنوياً‪ ،‬وم�شروع ترجم يف دبي‬ ‫الذي ي�شعى لرتجمة ‪1000‬‬ ‫كتاب كل ثالث �شنوات‬

‫اجل��اح��ظ يف ك �ت��اب احل �ي��وان ال ��ذي ي �ق��ول»‪..‬‬ ‫وف�سيلة ال�سعر مق�سورة على ال�ع��رب‪ ،‬وعلى‬ ‫من تكلم بل�سان العرب‪ ،‬وال�سعر ل ي�ستطاع اأن‬ ‫يرتجم ول يجوز عليه النقل ومتى ح ِّول‪ ،‬تقطع‬ ‫نظمه‪ ،‬وبطل وزنه‪ ،‬وذهب ح�سنه‪ ،‬و�سقط مو�سع‬ ‫التعجب منه‪ ،‬و�سار كالكالم املنثور‪ ،‬والكالم‬ ‫املنثور املبتداأ على ذلك اأح�سن واأوقع من املنثور‬ ‫الذي ح ِّول من موزون ال�سعر‪.»..‬‬ ‫واحلقيقة اأن ف�سيلة ال�سعر لي�ست مق�سورة‬ ‫على العرب‪ ،‬فعلى �سبيل املثال اأبدع هومريو�س‬ ‫الإل �ي��اذة والأودي �� �س��ة قبل ك��ل ال�سعر العربي‬ ‫بقرون‪ ،‬كما اأن راأي اجلاحظ بخ�سو�س ترجمة‬ ‫ال�سعر فيه �سيء من الت�سييق‪ ،‬ف�سحيح اأن‬ ‫الق�سيدة الراقية يكاد يكون من امل�ستحيل اأن‬ ‫ترقى ترجمتها اإىل نف�س م�ستوى الن�س يف لغته‬ ‫الأ�سلية‪ ،‬ولكن ما ل ي��درك جله ل ينبغي يف‬ ‫نظري اأن يرتك كله‪.‬‬ ‫لقد قال اأحد املثقفني العرب اإن الغربيني يظلون‬ ‫يراجعون اأفكارهم ونظرياتهم وهكذا اأع��ادوا‬ ‫النظر يف نظريات داروي��ن وف��روي��د وغريهما‬ ‫بينما العرب ل يراجعون اأفكارهم ب�سكل كاف‪.‬‬ ‫ورمب ��ا ك��ان راأي اجل��اح��ظ يف ترجمة ال�سعر‬ ‫من��وذج � ًا ل�الأف�ك��ار ال�ت��ي ك��ان��ت ت�ستحق اإع��ادة‬ ‫النظر فيها منذ عهد بعيد‪ ،‬فرمبا ك��ان راأي��ه‬ ‫م��ن الأ��س�ب��اب يف ال�ت�اأخ��ر يف ترجمة الأ�سعار‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫حما�رصة‬

‫‪10‬‬


‫الأجنبية اإىل العربية قرون ًا طويلة اإىل اأن بداأت‬ ‫يف ع�سر النه�سة‪ ،‬ولكني اأرى اأن ال�سبب الذي‬ ‫جعل العرب يهملون ترجمة ال�سعر يف الع�سر‬ ‫العبا�سي الأول وزمن بيت احلكمة‪ ،‬الذي اهتموا‬ ‫فيه برتجمة علوم وفكر اليونان والفر�س والهنود‬ ‫وال�سريان ب��ل اأي�س ًا ببع�س الأع �م��ال الأدب�ي��ة‬ ‫مثل كليلة ودمنة‪ ،‬لي�س اإميانهم باآراء مثل راأي‬ ‫اجلاحظ ولكن لأن ال�سعر ارتبط عند �سعوب‬ ‫مثل الإغ��ري��ق وال�ه�ن��ود ب��احل��دي��ث ع��ن الآل�ه��ة‬ ‫املتعددة التي يرف�سها الإ��س��الم‪ ،‬ورمب��ا اأي�س ًا‬ ‫لأن ال�سعر �سعب الرتجمة‪ ،‬ولأن العرب كانوا‬ ‫معتدين كثري ًا ب�سعرهم ويظنون اأنهم م�ستغنون‬ ‫به عن �سعر ال�سعوب الأخرى‪.‬‬ ‫وللرتجمة غايات‬ ‫وميكن تلخي�س اهتمامي برتجمة ال�سعر يف‬ ‫الأ�سباب التالية‪:‬‬ ‫اأو ًل‪ :‬ر�سالة اإن�سانية وهي اإمياين باأن ال�سعر يعرب‬ ‫عن روح الأمة بل رمبا كان اأق�سر الطرق لفهم‬ ‫اأي��ة اأم��ه وم�ساعرها‪ ،‬ولذلك فرتجمته ت�سكل‬ ‫و�سيلة مهمة للتوا�سل بني الثقافات خ�سو�س ًا يف‬ ‫زمننا الذي ترتدد فيه مقولة �سراع احل�سارات‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬ر�سالة قومية وجمالية وهي رغبتي يف نقل‬ ‫بع�س الق�سائد العربية التي فتنتني يف �سباي اأو‬ ‫اأعجبتني بعد ذلك اإىل غري العرب وهم ب�سكل‬ ‫عام يجهلون ما لدينا من �سعر راق يف خمتلف‬ ‫الع�سور‪ ،‬ولكني ق�سرت النماذج التي اأترجمها‬ ‫على الع�سر احلديث‪ ،‬وظللت اأن�سرها يف زوايا‬ ‫اأ�سبوعية يف �سحف وجم��الت اإنكليزية حملية‬ ‫لعدة �سنوات‪ ،‬وكانت ردود فعل القراء الأجانب‬ ‫اإيجابية مما �سجعني على ال�ستمرار‪.‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬ر�سالة ثقافية وهي رغبتي يف تقدمي مناذج‬ ‫من ال�سعر الأجنبي الرفيع للقارئ العربي‪ .‬وقد‬ ‫حدث اأن �ساألني اأح��د اأ�سدقائي من ال�سعراء‬ ‫العرب الذين ل يعرفون اللغات الأجنبية بكل‬ ‫جدية‪« :‬هل لالإنكليز �سعر؟»‪ ،‬فاأجبت‪« :‬يكفي يا‬ ‫�سديقي اأن لديهم �سك�سبري»‪.‬‬ ‫والنماذج التي كنت اأترجمها من ال�سعر الأجنبي‬ ‫كانت م��ن ع�سور خمتلفة‪ ،‬ولكن كنت اأي�س ًا‬ ‫اأطمح من خالل ترجمة مناذج حديثة راقية اأن‬ ‫اأقنع العرب الذين يكتبون ما اأظنه هلو�سات من‬ ‫�سعر زائف اأن ال�سعر احلديث يف الغرب لي�س‬ ‫ب�سكل عام جمرد هلو�سات كما يظن بع�سهم‪،‬‬ ‫اأو على الأقل اأقنع القارئ العربي الذي ي�سيء‬ ‫الظن بال�سعر الغربي اأن يف بع�سه الكثري من‬

‫ال�سعرية واملتعة‪.‬‬ ‫واأخ � � � ��ري َا‪ :‬اق �ت �ن��اع��ي ب� �اأن‬ ‫ترجمة ال�سعر ممكنة يف‬ ‫بع�س الأحيان ولي�س كل‬ ‫الأح �ي��ان خ�سو�س ًا اإذا‬ ‫ك ��ان امل��رتج��م ��س��اع��ر ًا‬ ‫يتقن اللغتني املنقولة‬ ‫منها وامل�ن�ق��ول��ة اإليها‬ ‫ومطلع ًا على الثقافتني‬ ‫وال �ب �ي �ئ �ت��ني واأي�����س�� ًا‬ ‫املناخ التاريخي للن�س‬ ‫املرتجم واأن يكون حمب ًا‬ ‫اأو متفاع ًال م��ع الن�س‬ ‫الذي يرتجمه‪.‬‬ ‫ول� ��ذل� ��ك ف� �ق ��د ح��ر� �س��ت‬ ‫يف ت��رج �م��ات��ي ع �ل��ى اخ�ت�ي��ار‬ ‫الن�سو�س التي اأفهمها واأتفاعل‬ ‫معها فالفهم والتفاعل مهمان جد ًا‬ ‫ولي�س مهم ًا كثري ًا اأن تكون الق�سيدة‬ ‫معروفة و�ساعرها م�سهور ًا‪ ،‬وحر�ست اأي�س ًا‬ ‫على اختيار الن�سو�س التي تقدم فكرة جديدة‬ ‫اأو ��س��ور ًا جديدة اأو بناء ج��دي��د ًا يختلف عما‬ ‫تعودنا عليه يف �سعرنا‪ ،‬اأوالتي اأخالها �ستعجب‬ ‫املتلقي‪.‬‬ ‫واحلقيقة اأن الن�سو�س القابلة لرتجمة جميلة‬ ‫هي ن�سبة �سغرية من الق�سائد‪ ،‬ول �سك اأن‬ ‫اأ�سهل الن�سو�س ترجمة لدى �ساعر مرتجم هي‬ ‫ق�سائده هو نف�سه وحتى هنا قد يجد �سعوبة‬ ‫يف ترجمة بع�س ن�سو�سه البليغة التي تتمتع‬ ‫مبو�سيقى الوزن والقافية اإذ قد ت�سقط الرتجمة‬ ‫يف �سيء من النرثية‪.‬‬ ‫�سعر ًا ونرث ًا‬ ‫يف جتربتي ال�سخ�سية اأقوم برتجمة الق�سائد‬ ‫العربية املوزونة �سواء كانت «بيتية» اأو «تفعيلية»‬ ‫اإىل الإنكليزية ترجمة نرثية لأن�ن��ي اأظ��ن اأن‬ ‫حماولة نظمها �ستعاين من التكلف فالإنكليزية‬ ‫لي�ست لغة الأم بالن�سبة يل على ال��رغ��م من‬ ‫تعلمي لها منذ الطفولة وا�ستعمايل لها بكرثة‬ ‫منذ عقود‪.‬‬ ‫وكذلك يف ترجمتي لل�سعر الإنكليزي امل��وزون‬ ‫املقفى اأترجمه يف معظم الأحيان ترجمة نرثية‬ ‫بلغة اأحاول اأن تكون �ساعرية حتافظ على املعاين‬ ‫وال�سور وترتيبها ح�سب الأ�سل قدر الإمكان‪.‬‬ ‫واأظ��ن اأن من املفيد لل�ساعر العربي املرتجم‬

‫الرتجمة النرثية تكون يف‬ ‫العادة اأقرب اإىل الن�س الأ�شلي‬ ‫من الرتجمة ال�شعرية التي‬ ‫قد ت�شحي ببع�س الدقة‬ ‫يف اللتزام بالأ�شل‪ ،‬ولكنها‬ ‫تكت�شب بع�س جماليات ال�شعر‬ ‫مثل مو�شيقى الوزن‬

‫حني يرتجم ق�سيدة عربية اإىل الإنكليزية اأن‬ ‫ي�ستعني اإذا ك��ان ذل��ك ممكن ًا ب�ساعر متمكن‬ ‫لغته الأ�سلية هي الإنكليزية لينقح الق�سيدة اأو‬ ‫ي�سفي عليها الوزن اإذا اأحب اأن يفعل ذلك‪.‬‬ ‫ولكن اأحيان ًا عند ترجمة الق�سائد الإنكليزية‬ ‫املوزونة فقد اأترجمها اإىل �سعر عربي بيتي اأو‬ ‫تفعيلي اإذا ق��ادين تفاعلي التلقائي مع الن�س‬ ‫اإىل ذل��ك ال�سكل‪ ،‬اأم��ا يف حالة ق�سائد النرث‬ ‫الإنكليزية اأو الأجنبية التي اأترجم ترجماتها‬ ‫اإىل العربية فاأكتفي برتجمة نرثية‪.‬‬ ‫وعموم ًا ي�ستحيل نقل ال�سعر امل��وزون اإىل �سعر‬ ‫من نف�س ال��وزن اللهم رمب��ا بني بع�س اللغات‬ ‫املتقاربة كتلك التي من اأ�سل لتيني على �سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬و�سواء كانت الرتجمة موزونة اأو نرثية‬ ‫ل ي�ستطيع املرتجم اأن ينقل بع�س املح�سنات‬ ‫البديعية كاجلنا�س مث ًال‪.‬‬ ‫ويف بع�س كتبي لرتجمة ال�سعر الإنكليزي ن�سرت‬ ‫الأ�سل بجانب الرتجمة‪ ،‬وذل��ك لكي ي�ستطيع‬ ‫القارئ اأو الناقد اأو الطالب الذي يدر�س علم‬ ‫وفن الرتجمة اأن يقارن وي�ستفيد ب�سكل اأكرب‪.‬‬ ‫جمموعات �سعرية‬ ‫وق��د ب��داأت م�سروعي اخلا�س بالرتجمة عام‬ ‫‪ 1989‬يف زاوي��ة اأ�سبوعية يف ملحق ل�سحيفة‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫حما�رصة‬

‫‪12‬‬

‫اأثناء القائه املحا�رصة‬

‫اقتناعي باأن ترجمة ال�شعر‬ ‫ممكنة يف بع�س الأحيان‬ ‫ولي�س كل الأحيان خ�شو�شاً‬ ‫اإذا كان املرتجم �شاعراً يتقن‬ ‫اللغتني املنقولة منها واملنقولة‬ ‫اإليها‪ ،‬ومطلعاً على الثقافتني‬ ‫والبيئتني واأي�شاً املناخ‬ ‫التاريخي للن�س املرتجم واأن‬ ‫يكون مباً اأو متفاع ً‬ ‫ال مع‬ ‫الن�س الذي يرتجمه‬

‫خليج ت��امي��ز ال �ت��ي دع�ت�ن��ي ل�ت�ق��دمي ترجمات‬ ‫لق�سائدي فبداأت باإحدى ق�سائدي ولكني عدت‬ ‫لل�سحيفة واقرتحت اأن اأو�سع نطاق ما اأترجمه‬ ‫لي�سمل من��اذج من ال�سعر الإم��ارات��ي الف�سيح‬ ‫املعا�سر فوافقت ال�سحيفة فن�سرت يف الأ�سبوع‬ ‫التايل ترجمة لق�سيدة (موت بائع ال�سحف‬ ‫مديكال) لل�ساعر حبيب ال�سايغ التي نالت‬ ‫اهتمام ًا كثري ًا من الهنود وحدثوين عن ذلك‪.‬‬ ‫ث��م ات�ف�ق��ت م��ع ال�سحيفة ع�ل��ى اأن ت�سمل‬ ‫ترجماتي مناذج من ال�سعر العربي يف القرن‬ ‫الع�سرين وق�سائدي وق�سائد الإماراتيني‪،‬‬ ‫ثم انتقلت ترجماتي بعد نحو ثالثة اأع��وام‬ ‫اإىل م��الح��ق �سحف وجم��الت اأخ ��رى مثل‬ ‫جلف نيوز وال�سندغة واآف��اق ثقافية ومين‬ ‫اأوبزرفر‪ ،‬كما قمت يف نف�س الوقت برتجمة‬ ‫مناذج جميلة من ال�سعر الأجنبي يف جمالت‬ ‫مثل دبي الثقافية وال�سدى والرافد ومالحق‬ ‫ثقافية للخليج والبيان والحتاد‪ ،‬اإلخ‪.‬‬ ‫وكنت اأجمع تلك الرتجمات يف كتب وقد ن�سرت‬ ‫منها حتى الآن ‪ 21‬جمموعة �سعرية منها ‪10‬‬ ‫جمموعات مرتجمة من العربية اإىل الإنكليزية‪،‬‬

‫كما ن�سرت ‪ 11‬جمموعة من ال�سعر الأجنبي‬ ‫الذي ترجمته اإىل العربية‪ ،‬وهذه املجموعات من‬ ‫بينها «ظ��الل احل��ب» «اأ�سداف ولآل��ئ» ‪« -‬من‬ ‫اأر���س �سباأ» «ق�سائد من القرن الع�سرين من‬ ‫فل�سطني»‪« ،‬اإذا وق�سائد اأخرى»‪« ،‬لآلئ ومترات»‬ ‫«ال�سونتة ‪ 18‬وق�سائد اأخ��رى» «م��ع احلباري‬ ‫وال �ب �ج �ع��ات»‪« ،‬ق���س��ائ��د م��ن ك ��ريال» «اأقم�سة‬ ‫ال�سماء» وغريها‪.‬‬ ‫ق�سائد اأعجبتني‬ ‫وقد كنت يف اختياري للق�سائد العربية اأركز‬ ‫على مناذج ل�سعراء معروفني من بلدان عربية‬ ‫خمتلفة ثم اأجمع ق�سائد كل بلد عربي يف كتاب‪،‬‬ ‫اأم��ا اخ�ت�ي��اري للق�سائد الإنكليزية للرتجمة‬ ‫فع�سوائي اإىل حد ما يعتمد اأ�سا�س ًا على التفاعل‬ ‫مع الن�س‪ .‬فخالل ق��راءة ال��دواوي��ن ال�سعرية‬ ‫والكثري من املختارات ال�سعرية عرب ال�سنني‬ ‫اأتوقف من حني اإىل اآخر اأمام ق�سيدة تعجبني‬ ‫اأ�سعر اأنها منا�سبة للرتجمة فاأقوم برتجمتها اأو‬ ‫اأحتفظ ب�سورة منها اأو اأ�سجل موقعها اإىل اأن‬ ‫اأجد الوقت املنا�سب لرتجمتها‪.‬‬


‫واأنا �سخ�سي ًا اأعتقد اأن الق�سائد التي ت�سلح‬ ‫للرتجمة‪ ،‬اأي الق�سائد التي حتتفظ بكثري من‬ ‫ت�اأث��ريه��ا‪ ،‬ه��ي ن�سبة حم��دودة م��ن الق�سائد‪،‬‬ ‫ول��ذل��ك اأج��د بع�س ال �ع��ذر للجاحظ يف راأي��ه‬ ‫الآن��ف الذكر‪ .‬وترجمة الق�سائد التفعيلية يف‬ ‫راأيي اأ�سهل يف الغالب من ترجمة ال�سعر البيتي‬ ‫(العمودي) ل�سعوبة ترجمة البالغة التي قد‬ ‫تكون فيه‪ ،‬ول��ذل��ك مل يتمكن ل امل�ست�سرقون‬ ‫ول العرب من ترجمة املتنبي مث ًال اإىل اللغات‬ ‫الأخرى ترجمات تفيه حقه‪ ،‬وملثل هذا ال�سبب‬ ‫ظل املتنبي �سبه جمهول لدى الأجانب‪.‬‬ ‫والرتجمة النرثية تكون يف العادة اأق��رب اإىل‬ ‫الن�س الأ�سلي من الرتجمة ال�سعرية التي قد‬ ‫ت�سحي ببع�س الدقة يف اللتزام بالأ�سل ولكنها‬ ‫تكت�سب بع�س جماليات ال�سعر مثل مو�سيقى‬ ‫ال���وزن‪ ،‬وامل�ه��م ه��و اأن يفهم امل��رتج��م الن�س‬ ‫وي�ستوعبه لكي يقدم ترجمة معقولة‪ ،‬واملرتجم‬ ‫ك �ث��ري ًا م��ا ي�ج��اب��ه ن�سو�س ًا غام�سة ومغلقة‬ ‫خ�سو�س ًا يف ال�سعر احلداثي‪ ،‬فاإما اأن ي�سرف‬ ‫النظر عن ترجمة مثل ذلك الن�س‪ ،‬اأو يغامر‬ ‫برتجمته ح�سب تف�سريه له الذي قد يكون بعيد ًا‬ ‫عن ق�سد ال�ساعر‪.‬‬ ‫ن�س موا ٍز‬ ‫ويف ترجمة ال�سعر هناك لغة جمازية واملرتجم‬ ‫يف ال��واق��ع يبدع ن�س ًا م��وازي � ًا ولي�س مطابق ًا‬ ‫لالأ�سل‪ ،‬ون�سمع اأحيان ًا تهمة ملرتجم ال�سعر‬ ‫باخليانة وامل�ساألة يف نظري لي�ست خيانة يف‬ ‫كثري من الأح��وال ولكن حماولة لتقدمي ن�س‬ ‫اإبداعي مواز قد ينجح كثري ًا اأو قلي ًال‪ ،‬واملهم اأن‬ ‫يحاول املرتجم اأن يبقى قريب ًا من الأ�سل قدر‬ ‫الإمكان ول يتقول على كاتب الأ�سل‪.‬‬ ‫واحلقيقة اأن امل��رتج��م املتمكن امل�ب��دع كثري ًا‬ ‫م ��ا ي���س�ت�م�ت��ع ب��ال��رتج �م��ة ع �ل��ى ال ��رغ ��م من‬ ‫ال�سعوبات‪،‬ول يخفى على ال �ق��ارىء اأن��ه من‬ ‫املمكن اأن تكون هناك ترجمات �سعرية كثرية‬ ‫لنف�س الق�سيدة‪ ،‬خمتلفة باختالف املرتجمني‬ ‫وقد ت�ستعمل اأوزان ًا خمتلفة‪ ،‬كما ميكن اأن تكون‬ ‫هناك اأك��رث من ترجمة نرثية‪ ،‬بل اإن املرتجم‬ ‫نف�سه قد يقوم باأكرث من ترجمة �سعرية اأو نرثية‬ ‫تختلف ح�سب مزاجه وتفاعله مع الن�س يف وقت‬ ‫قيامه بالرتجمة‪.‬‬ ‫وعلى �سبيل املثال فقد ترجم رباعيات اخليام‬ ‫اإىل العربية نحو‪�� 30‬س��اع��ر ًا واأدي �ب � ًا اإم��ا عن‬ ‫الفار�سية اأو عن ترجمات اإنكليزية‪ ،‬ولعل اأول‬

‫كنت يف اختياري للق�شائد العربية اأركز على مناذج‬ ‫ل�شعراء معروفني من بلدان عربية خمتلفة ثم‬ ‫اأجمع ق�شائد كل بلد عربي يف كتاب‪ ،‬اأما اختياري‬ ‫للق�شائد الإنكليزية للرتجمة فع�شوائي اإىل حد ما‪،‬‬ ‫يعتمد اأ�شا�شاً على التفاعل مع الن�س‬

‫من ترجمها اإىل العربية ال�ساعر املهجري فوزي‬ ‫املعلوف ثم ترجمها ودي��ع ب�ستاين عام ‪1911‬‬ ‫وبعده الأديب امل�سري حممد ال�سباعي واأحمد‬ ‫زك��ي اأب��و �سادي واأح�م��د رام��ي ال��ذي تغنت اأم‬ ‫كلثوم ببع�س ما ترجمه‪ ،‬فنالت تلك الرتجمة‬ ‫درجة عالية من ال�سهرة‪.‬‬ ‫وم��ن اأف���س��ل م��ن ترجمها ال���س��اع��ر ال�ع��راق��ي‬ ‫اأح �م��د ال �� �س��ايف ال�ن�ج�ف��ي والأدي � ��ب ال�ع��راق��ي‬ ‫عبداحلق فا�سل ال��ذي ترجمه ًا �سعر ًا ون��رث ًا‬ ‫وكذلك ترجمها �سعر ًا ون��رث ًا ال�ساعر العراقي‬ ‫جميل �سدقي الزهاوي‪ ،‬وممن ترجموها اأي�س ًا‬ ‫العراقي د‪ .‬جميل املالئكة‪ ،‬والأردين وهبي التل‬ ‫امللقب بعرار والبحريني اإبراهيم العري�س‪.‬‬ ‫وترجمها اإىل ال�سعر العامي باللهجة امل�سرية‬ ‫توفيق مفرج واإىل النرث اأحمد حامد ال�سراف‪،‬‬ ‫وممن ترجم بع�س الرباعيات الأديب امل�سري‬ ‫اإبراهيم عبد القادر امل��ازين وال�ساعر الأديب‬ ‫عبا�س حممود العقاد‪.‬‬ ‫اأم��ا اآخ��ر ترجمة ح�سب علمي فهي لل�ساعر‬ ‫الإماراتي حممد �سالح القرق فقد ترجم نحو‬ ‫مائتني من الرباعيات متوخي ًا الدقة بالرجوع‬ ‫اإىل الأ� �س��ل ال �ف��ار� �س��ي‪ ،‬واأي �� �س � ًا ال��س�ت�ف��ادة‬ ‫م��ن ال��رتج�م��ات الإن�ك�ل�ي��زي��ة ل ��روزن ولإدوارد‬ ‫فتزجرالد‪.‬‬ ‫رباعيات اخليام‬ ‫وع��ن حم��اولت��ي ه��ذه كتب الناقد املتخ�س�س‬ ‫يف ترجمات اخليام د‪ .‬يو�سف بكار يف اإحدى‬ ‫املقالت قائ ًال‪« :‬اأم��ا الرتجمة نف�سها فلي�ست‬ ‫حرفية‪ ،‬بل ات�سالية معنوية‪ ،‬حافظ املرتجم يف‬ ‫كل رباعية منها على مف�سلها الأ�سلي وبوؤرتها‬ ‫املركزية وفكرتها الواحدة الدقيقة والر�سالة‬

‫التي ترغب يف اإي�سالها‪ ،‬وهذا هدف كل رباعية‬ ‫يف هذا اجلن�س الأدبي عند اأهله الأول وما اأكرث‬ ‫ما غاب عن عدد غفري من مرتجمي الرباعيات‬ ‫العرب والأجانب»‪.‬‬ ‫فهنا يعطينا الأ�ستاذ الناقد وجهة نظره يف اأن‬ ‫الرتجمة ‪-‬على الأقل يف رباعيات اخليام‪ -‬يجب‬ ‫اأن حتافظ على املف�سل الأ�سلي والبوؤرة املركزية‬ ‫ويكفي اأن تكون ات�سالية معنوية ولي�ست حرفية‪.‬‬ ‫اأم��ا بخ�سو�س اأه�م�ي��ة البيئة اجل�غ��راف�ي��ة يف‬ ‫ال�سعر فيكفي اأن يالحظ القارئ ‪-‬على �سبيل‬ ‫املثال‪ -‬كيف اأن �سك�سبري يف ال�سونتة ‪ 18‬فكر‬ ‫مب�ق��ارن��ة فتاته اجلميلة ب�ي��وم �سيفي وذل��ك‬ ‫جلمال ال�سيف يف بالده اإجنلرتا الباردة املناخ‬ ‫حيث يفرح الإنكليز بظهور ال�سم�س التي جتلي‬ ‫عنهم ال�سباب (ومازلت اأتذكر متام ًا كم كنت‬ ‫اأفرح بالأيام امل�سرقة الدافئة والنادرة يف فرتة‬ ‫الدرا�سة اجلامعية الأوىل يف اإ�سكوتلندا)‪ ،‬بينما‬ ‫لو �سبه �ساعر يف بلد ك��الإم��ارات حبيبته بيوم‬ ‫�سيفي خلطر لها اأنه يق�سد هجاءها‪.‬‬ ‫اأود اأن اأن��وه اإىل اأن��ه منذ نحو عامني اأطلقت‬ ‫الإمارات عدة مبادرات مهمة يف جمال الرتجمة‬ ‫واأهمها م�سروع كلمة يف اأبوظبي ال��ذي ي�سعى‬ ‫لرتجمة ‪ 100‬كتاب �سنوي ًا‪ ،‬وم�سروع ترجم يف‬ ‫دبي الذي ي�سعى لرتجمة ‪ 1000‬كتاب كل ثالث‬ ‫�سنوات اأي نحو كتاب يومي ًا‪.‬‬ ‫ويعمل امل���س��روع��ان ح��ال�ي� ًا على ال��رتج�م��ة من‬ ‫اللغات الأجنبية وخ�سو�س ًا الإنكليزية و الأملانية‬ ‫والفرن�سية وال�سبانية اإىل العربية ولكن ل‬ ‫ي�ستبعدان يف امل�ستقبل الرتجمة من العربية اإىل‬ ‫اللغات الأخ��رى‪ ،‬وقد ن�سر م�سروع كلمة �سمن‬ ‫ما ن�سر عدة جمموعات من الرتجمات ال�سعرية‬ ‫من عدة لغات اأجنبية‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫يف حما�رضة باملهرجان‬ ‫الرم�شاين امل�شرتك‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫تغطية‬

‫‪14‬‬

‫علي آل هاشم‪:‬‬ ‫االإمارات على النهج والطريق امل�ستقيم‬

‫اأبوظبي ‪ -‬الإعالم والع�رص‬ ‫اأ�صاد م�صت�صار ال�صوؤون الق�صائية والدينية‬ ‫يف وزارة �صوؤون الرئا�صة �صماحة ال�صيد‬ ‫علي بن ال�صيد عبد الرحمن اآل ها�صم مبا‬ ‫اأخذته دولة الإمارات من خطوات لتباع‬ ‫النهج الكرمي والطريق امل�صتقيم باغتنام‬ ‫حلول �صهر رم�صان املبارك لتكثف املعارف‬ ‫الدينية‪ ،‬والعلوم النافعة‪ ،‬وعمدت اإىل‬ ‫ا�صتقطاب رجال العلم واأقطاب الفكر‬ ‫والذكر‪ ،‬م�صريا ً اإىل الدور الذي يطلع به مركز‬ ‫�صلطان بن زايد للثقافة والإعالم يف هذا‬ ‫ال�صدد‪ ،‬موجها ً التحية والدعاء والتقدير‬ ‫والإجالل ل�صموه وللعاملني معه‪.‬‬

‫واأكد ع�سو جممع البحوث الإ�سالمية بالأزهر‬ ‫ال�سريف على اأهمية البحث والجتهاد وحت�سيل‬ ‫ع�ل��وم ال��دي��ن وال��دن�ي��ا على اخ �ت��الف فروعها‬ ‫واأنواعها وتطبيقاتها‪ ،‬م�سري ًا اإىل اأن نهو�س‬ ‫الأمم وتفا�سلها �سيكون مبا حتققه من اإجنازات‬ ‫تنموية �سناعية واقت�سادية مع وجود للعدالة‬ ‫الجتماعية‪.‬‬ ‫جاء ذلك يف حما�سرة األقاها يف م�سرح اأبوظبي‬ ‫«ك��ا��س��ر الأم � ��واج» �سمن ف�ع��ال�ي��ات امل�ه��رج��ان‬ ‫الرم�ساين «‪ »7‬ال��ذي يقام بتنظيم م�سرتك‬ ‫من مركز �سلطان بن زاي��د للثقافة والإع��الم‬ ‫ونادي تراث الإمارات‪ ،‬وحملت املحا�سرة عنوان‬ ‫«الدين القيم» يف ر�سالة تهدف اإىل اأحياء الفكر‬ ‫املعتدل‪.‬‬ ‫اعرتاف بالف�سل‬ ‫وا�ستهل اآل ها�سم املحا�سرة بتقدمي ال�سكر‬ ‫اجلزيل والعرتاف بالف�سل ل�سمو ال�سيخ �سلطان‬ ‫بن زاي��د اآل نهيان لتحمله الكرمي بالحتفال‬ ‫والحتفاء بهذا ال�سهر العظيم‪ ،‬ودعمه املتوا�سل‬ ‫للفكر والرتاث العربي والإ�سالمي اخلالد‪ ،‬وهو‬ ‫ينبثق عن نهج اآبائه واأ�سالفه املتمتعني بر�سوان‬ ‫اهلل عامة‪ ،‬وحر�س والده ال�سيخ زايد رحمه اهلل‬ ‫خا�س ًة‪.‬‬ ‫واأ�سار اإىل اأن حر�س ومتابعة �سموه جاءا وليد‬ ‫اإدراك���ه ال�ق��وي مب��ا ل�ل��رتاث م��ن قيمة ل تقدر‬ ‫بثمن‪ ،‬وما للدين من اأهميته يف بناء املجتمعات‪،‬‬ ‫م�سيف ًا «وه��ا هنا ال�ي��وم ن��رى ال�سيخ �سلطان‬ ‫مع�سود ًا باأخيه رئي�س ال��دول��ة واإخ��وان��ه وهم‬ ‫متكاتفون بف�سل اهلل على اإر�ساء قواعد القيم‬

‫واملثل والرتاث اخلالد العظيم»‪.‬‬ ‫واأ�ساد مبا اأخذته دولتنا الفتية «الإم��ارات» من‬ ‫خطوات لتباع النهج الكرمي والطريق امل�ستقيم‬ ‫باغتنام حلول �سهر رم�سان امل�ب��ارك لتكثف‬ ‫املعارف الدينية‪ ،‬والعلوم النافعة‪ ،‬فت�ستقطب‬ ‫رجال العلم واأقطاب الفكر والذكر‪ ،‬م�سري ًا اإىل‬ ‫الدور الذي يطلع به مركز �سلطان بن زايد اآل‬ ‫نهيان يف هذا ال�سدد‪ ،‬موجه ًا ل�سموه التحية‬ ‫والدعاء والتقدير والإج��الل ل�سموه وللعاملني‬ ‫معه‪.‬‬ ‫علم‪ ..‬وحديث‬ ‫وتناول ال�سيخ اآل ها�سم يف حما�سرته �سرح ًا‬ ‫حلديث نبوي �سريف يتناول معاين الدين القيم‪،‬‬ ‫وي�سري اإىل اأن الب�سرية حتوي اأنواع ًا واأ�سناف ًا‬ ‫خمتلفة ومتعددة من النا�س يف مدى ا�ستفادتهم‬ ‫وا�ستثمارهم لعلوم ال��دي��ن والدنيا يف خدمة‬ ‫�سوؤونهم اخلا�سة و�سوؤون الآخرين‪.‬‬ ‫واأردف‪ :‬اأخ��رج البخاري يف �سحيحه بال�سند‬ ‫املت�سل اأن ر�سول اهلل «�سلى اهلل عليه و�سلم» قد‬ ‫قال‪« :‬اإن مثل ما بعثني اهلل به من الهدى والعلم‬ ‫كمثل غيث اأ��س��اب اأر��س� ًا فكانت منها طائفة‬ ‫طيبة‪ ،‬قبلت املاء فاأنبتت الكالأ والع�سب الكثري‪،‬‬ ‫وكان منها اأجادب اأم�سكت املاء‪ ،‬فنفع اهلل بها‬ ‫النا�س ف�سربوا منها و�سقوا وزرع��وا‪ ،‬واأ�ساب‬ ‫طائفة منا اأخرى‪ ،‬اأمنا هي قيعان ل مت�سك ماء‬ ‫ول تنبت كالأ‪ ،‬فذلك مثل من فقه يف دين اهلل‪،‬‬ ‫ونفعه مبا بعثني اهلل به‪ ،‬فعلم وعلم‪ ،‬ومثل من‬ ‫مل يرفع بذلك راأ�س ًا‪ ،‬ومل يقبل هدى اهلل الذي‬ ‫اأر�سلت به»‪.‬‬


‫ول �ف��ت م�ست�سار � �س �وؤون ال��رئ��ا��س��ة اإىل �سرح‬ ‫القرطبي لهذا احلديث ال�سريف‪ ،‬ال��ذي �سبه‬ ‫العلم وال��دي��ن باملطر الكثري ال��ذي ي�اأت��ي اإىل‬ ‫النا�س وهم يف اأ�سد احلاجة اإليه‪ ،‬وكذلك كان‬ ‫حال النا�س قبل بعثة الر�سول الكرمي اإليهم‪.‬‬ ‫وا�ستدرك‪ :‬كما كان املطر يحول الأر�س اجلدباء‬ ‫اإىل نافعة‪ ،‬ف�اإن العلم والنور يحولن ال�سعف‬ ‫وال�ه��وان اإىل القوة واملنعة وال�سمو‪ ،‬مو�سح ًا‪:‬‬ ‫اأن ر��س��ال��ة املحمدية ك��ان��ت لإخ���راج النا�س‬ ‫«كل النا�س» من ظلمات ال�سرك والوثنية لنور‬ ‫اإخال�س العبادة اإىل اهلل الواحد الأحد الفرد‬ ‫واإىل التحرر الالئق بالإن�سان الكرمي‪.‬‬ ‫اأ�سناف الب�سرية‬ ‫ق�سم‬ ‫وبح�سب اآل ها�سم‪ ،‬ف �اإن ر�سول اهلل قد ّ‬ ‫النا�س ع��رب احل��دي��ث امل��ذك��ور اإىل ‪ 3‬اأق�سام‬ ‫واأ� �س �ن��اف‪ ،‬وال �ن��ا���س امل�ن���س��وب��ون اإىل الق�سم‬ ‫الأول والعاملون مبقت�ساه هم اأ�سرف النا�س‬ ‫واأف�سلهم‪ ،‬فالواحد منهم اإن�سان ع�سق العلم‪،‬‬ ‫فاجتهد فيه‪ ،‬واتقن الفهم يف دين اهلل القيم‪،‬‬ ‫وه��و من فهم اأحكام دينه باإخال�س واعتدال‬ ‫وعلم غريه بكل توا�سع واأدب‪ ،‬فلم يكتم علم ًا‬ ‫اأمر اهلل باإظهاره‪.‬‬ ‫واأف��اد‪ :‬اإن عامل الدين كالأر�س النقية الطيبة‬ ‫اخل�سبة املباركة التي نزل عليها الغيث واملطر‪،‬‬ ‫فربت واهتزت وانبتت الثمرات‪ ،‬م�سري ًا اإىل اأن‬ ‫الأمم الب�سرية اليوم ل تتناف�س اليوم مب�ساحة‬ ‫الأرا� �س��ي ال�ت��ي متتلكها‪ ،‬وع��دد �سكانها‪ ،‬بل‬ ‫تتقارع مبنجزاتها القت�سادية والعلمية مع‬

‫�صماحة ال�صيد علي الها�صمي‬

‫اللتزام بعدالة الت�سريع‪.‬‬ ‫وق� ��ال ال���س�ي��خ ال���س�ي��د ع �ل��ي‪ :‬اإن املجتمعات‬ ‫التي تنجح يف النهو�س والعلو هي تلك التي‬ ‫ت��زده��ر بالعلماء واحل�ك�م��اء‪ ،‬ويكرث فيها من‬ ‫يتبعون الدين القيم‪ ،‬ويقل فيها ن�سبة اجلهال‬ ‫وال�سفهاء‪ ،‬م�سري ًا اإىل اأن اهلل �سبحانه وتعايل‬ ‫قد ف�سل اأبينا اأدم على املالئكة مبا منحه من‬ ‫علم «وعلم اأدم الأ�سماء كلها»‪.‬‬ ‫واأردف‪ :‬واأم��ا ال�سنف ال�ث��اين‪ ،‬فهم كالأر�س‬ ‫اجل��ذاب اجلافة املمتدة‪ ،‬فرغم ع��دم قدرتها‬ ‫على ال�ستفادة من املاء الذي اأم�سكته تلك‪ ،‬اإل‬ ‫اأنها حتفظه‪ ،‬لي�سقي به الآخرون زرعهم ويرووا‬ ‫به دوابهم‪« ،‬يف هذه احلالة‪ ،‬تنتفع النا�س بعلم‬ ‫وم�ع��ارف غريهم‪ ،‬فهم حفظوا العلم وعلموه‬ ‫لغريه‪ ،‬اإل اأنهم مل ينتفعوا به»‪.‬‬

‫ال�شيد علي اآل ها�شم‪ :‬اإن ال�شيخ زايد‬ ‫كان ولياً «واهلل اأعلم» لأن الولية لي�شت‬ ‫بكرثة العلم‪ ،‬واإمنا بالإلهام الذي مينحه اهلل‬ ‫«�شبحانه وتعاىل» ملن ي�شاء من عباده‪ ،‬فقد كان‬ ‫ال�شيح زايد ملهماً‪ .‬هذه ال�شخ�شية العظيمة‬ ‫التي عملت على اإقامة دولة الإمارات العربية‬ ‫املتحدة يف ع�شر الت�شرذم‬

‫وب��ني اآل ها�سم اأن الق�سم الثالث من النا�س‬ ‫وف���ق ت���س��وي��ر احل��دي��ث‪ -‬ه��م ك�م��ا الأر����س‬‫املنحدرة الياب�سة ال��ذي ل ي�ستقر عليها املاء‬ ‫لعدم ا�ستوائها‪ ،‬وهي ت�سوير مثل ملن مل يقبل‬ ‫بهدى اهلل‪ ،‬ويكره تعاليم الإ�سالم‪ ،‬ويظهر على‬ ‫األ�سنته البغ�ساء لكل م�سلم‪.‬‬ ‫ترويج االأكاذيب‬ ‫واأ���س��اف‪ :‬اإن ه� �وؤلء الب�سر يجهلون اأح�ك��ام‬ ‫ال�سريعة الإ�سالمية‪ ،‬ويبيحون لأنف�سهم الت�سريع‬ ‫مبا مل ي �اأذن به اهلل‪ ،‬كما يعملون على ترويج‬ ‫الأك��اذي��ب عن الإ�سالم وامل�سلمني‪ ،‬كمن يقول‬ ‫منهم‪ :‬اإن الإ�سالم انت�سر بال�سيف واأن الر�سول‬ ‫الكرمي قد اأتى بال�سر ولي�س باخلري‪.‬‬ ‫وت�ط��رق اإىل م��ا ورد على ل�سان ب��اب��ا بندك�س‬ ‫ال�ساد�س ع�سر ‪-‬بابا الفاتيكان‪ -‬من ت�سريحات‬ ‫م�سيئة لالإ�سالم منذ زم��ن ُ‬ ‫وط�ل��ب بالعتذار‬ ‫عنها‪ ،‬فلم يوفق بذلك‪ ،‬م�سدد ًا على اأن الواجب‬ ‫يحتم على العقالء من كل ملة اح��رتام جميع‬ ‫الأدي ��ان ال�سماوية‪ ،‬وك��ذل��ك اح��رتام خامتهم‬ ‫النبي حممد «�سلى اهلل عليه و�سلم»‪.‬‬ ‫ومل يختم اآل ها�سم حما�سرته من دون تذكر‬ ‫القائد ال�سيخ زايد‪ ،‬طيب اهلل ثراه اإذ قال‪ :‬اإن‬ ‫ال�سيخ زايد رحمه اهلل تتمثل به اأمة‪ ،‬فهو مل يكن‬ ‫نبينا ولكنه «واهلل اأعلم» كان ولي ًا لأن الولية‬ ‫لي�ست بكرثة العلم‪ ،‬واإمنا بالإلهام الذي مينحه‬ ‫اهلل «�سبحانه وت�ع��اىل» مل��ن ي�ساء م��ن عباده‪،‬‬ ‫فقد كان ال�سيح زايد ملهم ًا‪ ..‬هذه ال�سخ�سية‬ ‫العظيمة التي عملت على اإقامة دولة الإمارات‬ ‫العربية املتحدة يف ع�سر الت�سرذم‪ ،‬واتفق‬ ‫العرب على اأنه حكيمهم‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫األمن القومي‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪56‬‬

‫مفاهيم متداولة‬

‫يعود ا�ستخدام م�سطلح «الأم ��ن» اإىل نهاية‬ ‫احلرب العاملية الثانية حيث انت�سر ا�ستخدامه‬ ‫مب�ستوياته املختلفة‪ ،‬طب ًقا لطبيعة الظروف‬ ‫امل�ح�ل�ي��ة والإق �ل �ي �م �ي��ة وال��دول��ي��ة‪ ،‬اإذ ت �ع��ددت‬ ‫التعريفات‪ ،‬ومنها ما ارتكز يف البداية على‬ ‫مفهوم القوة الع�سكرية من منظور ا�سرتاتيجية‬ ‫احلماية من اخلطر اخلارجي‪.‬‬ ‫وبهذا املعنى تُع ّرف دائرة املعارف الربيطانية‬ ‫«الأم��ن القومي» باأنه‪« :‬حماية الأم��ة من خطر‬ ‫القهر على يد قوة اأجنبية»‪.‬‬ ‫وي �� �س��ب يف ه���ذا الجت � ��اه ت �ع��ري��ف م��ورت��ون‬ ‫بريكاويتز يف كتابه (الأمن القومي الأمريكي‪:‬‬ ‫ق��راءة يف النظرية وال�سيا�سة)‪ ،‬وخمت�سره‪:‬‬ ‫«الأمن القومي يعني حماية الدولة من اخلطر‬ ‫اخلارجي»‪.‬‬ ‫تاأمني كيان الدولة‬ ‫ول �ك��ن ه��ذا امل �ف �ه��وم ت �ط��ور لي�سمل الأخ �ط��ار‬ ‫الداخلية واخلارجية‪ ،‬واملثال على ذلك تعريف‬ ‫الدكتور علي الدين ه��الل‪ ،‬عميد كلية العلوم‬ ‫ال�سيا�سية يف جامعة القاهرة �سابقا‪« :‬الأم��ن‬ ‫القومي ه��و ت�اأم��ني كيان ال��دول��ة‪ ،‬اأو ع��دد من‬ ‫ال��دول‪� ،‬سد الأخطار التي تهدده من الداخل‬ ‫ومن اخل��ارج‪ ،‬وتاأمني امل�سالح احليوية للدولة‬ ‫وخ �ل��ق الأو�� �س ��اع امل��الئ�م��ة لتحقيق اأه��داف�ه��ا‬ ‫وغاياتها القومية»‪.‬‬ ‫وكذلك تعريف الأمري احل�سن بن طالل‪ ،‬رئي�س‬ ‫منتدى الفكر ال�ع��رب��ي‪ ،‬ال��ذي ي�ق��ول‪« :‬لالأمن‬ ‫القومي مفهومان‪ :‬الأول �سيق‪ ،‬يقت�سر على‬ ‫حماية الرتاب الوطني وكيان الدولة ومواردها‬ ‫من الأخطار اخلارجية‪.‬‬

‫د‪ .‬نايف علي عبيد‬ ‫باحث عربي‬

‫املفهوم الأ�شمل لالأمن القومي‪ ،‬هو‬ ‫ما اأ�شار اإليه روبرت مكنمارا‪ ،‬وزير الدفاع‬ ‫الأمريكي الأ�شبق يف كتابه (جوهر الأمن)‪،‬‬ ‫حيث قال‪« :‬اإن الأمن يعني التطور والتنمية‪،‬‬ ‫�شواء منها القت�شادية اأو الجتماعية اأو‬ ‫ال�شيا�شية يف ظل حماية م�شمونة»‬

‫وال �ث��اين اأو� �س��ع‪ ،‬ميتد م��ن اجلبهة الداخلية‪،‬‬ ‫وحماية هوية املجتمع وقيمه‪ ،‬ويوؤ ّمن املواطن‬ ‫�سد اخلوف‪ ،‬وي�سمن له حد ًا اأدنى من الرفاهية‬ ‫وامل�ساركة ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫اإل اأن املفهوم الأ�سمل هو ما اأ�سار اإليه روبرت‬ ‫مكنمارا‪ ،‬وزي��ر ال��دف��اع الأم��ري�ك��ي الأ�سبق يف‬ ‫كتابه (جوهر الأم��ن)‪ ،‬حيث ق��ال‪« :‬اإن الأمن‬ ‫يعني التطور والتنمية‪� ،‬سواء منها القت�سادية‬ ‫اأو الجتماعية اأو ال�سيا�سية يف ظ��ل حماية‬ ‫م�سمونة»‪.‬‬ ‫ركائز ثالث‬ ‫اإن الأم ��ن احلقيقي للدولة اأو ملجموعة دول‬ ‫متحالفة ‪-‬ك�م��ا ي��راه��ا م�ك�ن�م��ارا‪« -‬ينبع من‬ ‫معرفتها العميقة للم�سادر التي تهدد خمتلف‬ ‫قدراتها ومواجهتها لإعطاء الفر�سة لتنمية تلك‬ ‫القدرات تنمية حقيقية يف كافة املجالت �سواء‬ ‫يف احلا�سر اأو امل�ستقبل»‪.‬‬ ‫وما يق�سده مكنمارا يف تعريفه هو يف الواقع‬ ‫الأم� ��ن ال �� �س��ام��ل‪ :‬ال���س�ي��ا��س��ي والق �ت �� �س��ادي‬ ‫والجتماعي والع�سكري والأمني‪.‬‬ ‫وم��ن اأج��ل �سياغة الأم��ن القومي ل��دول��ة –اأو‬ ‫جمموعة دول– ل بد من ال�ستناد اإىل ركائز‬ ‫ثالث اأ�سا�سية‪:‬‬ ‫اأو ًل‪ :‬اإدراك التهديدات �سواء اخلارجية منها اأو‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬ر�سم ا�سرتاتيجية لتنمية �ساملة‪� ،‬سيا�سية‬ ‫واقت�سادية واجتماعية وع�سكرية واأمنية‪.‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬توفري القدرة والإرادة والعمل امل�سرتك‬ ‫لتنفيذ هذه ال�سرتاتيجية‪.‬‬ ‫واأخ��ري ًا نقول‪ :‬اإن مفهوم (الأم��ن القومي) هو‬ ‫مفهوم �سامل لكافة نواحي احلياة‪ ،‬ال�سيا�سية‬ ‫والقت�سادية والجتماعية والع�سكرية والأمنية‪.‬‬ ‫ومن هذا املنطلق على الدولة اأن تويل كل هذه‬ ‫العوامل اأهمية خا�سة من اأج��ل تعزيز اأمنها‬ ‫القومي لتحقيق الأم��ن وال�ستقرار والرفاهية‬ ‫والتقدم‪ ،‬وليكون لها‪ ،‬اأي�س ًا‪ ،‬دور موؤثر على‬ ‫ال�سعيدين الإقليمي والدويل‪ ،‬لكن لبد لنا من‬ ‫التاأكيد هنا على اأهمية حتديد دقيق للتحديات‬ ‫وال �ت �ه��دي��دات ال�ت��ي ت��واج�ه�ه��ا ع�ل��ى امل�ستويني‬ ‫ال��داخ�ل��ي واخل��ارج��ي‪ ،‬وعلى ال�سرتاتيجيات‬ ‫واملواقف ال�سرورية والعملية التي يجب على‬ ‫الدولة اأن تتخذها ملواجهة هذه التحديات‬ ‫والتهديدات‪ ،‬خا�سة يف ظل ع�سر العوملة‬ ‫التي تتال�سى فيها احل�سون اجلغرافية‬ ‫والطبوغرافية‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫حوار‬

‫‪18‬‬

‫اأكد اأن م�شتوى احلريات «دون ال�شفر»‬

‫عبداهلل رشيد‪:‬‬

‫جرائدنا مب�ستوى �سحف احلائط املدر�سية!‬

‫حوار ـ رجاء مرهون‬ ‫راأى عبدالله ر�صيد مدير مكتب «جلف‬ ‫نيوز» باأبوظبي‪ ،‬وكاتب عمود «دبابي�ض»‬ ‫املوقف من طرف «جريدة الحتاد»‪ ،‬اأن‬ ‫م�صتوى احلريات ال�صحافية انخف�ض‬ ‫موؤخرا ً اإىل ما دون ال�صفر‪ ،‬م�صريا ً اإىل‬ ‫اأن �صدر امل�صوؤولني يف املوؤ�ص�صات‬ ‫احلكومية الحتادية واملحلية‪ ،‬قد �صاق‬ ‫عن قبول النقد ال�صحايف والإعالمي‪،‬‬ ‫واأن هنالك �صغوطاً‪ ،‬وتعليمات‬ ‫وخطوطا ً حمراء كثرية «بل اإنها اأكرث‬ ‫من اخل�رصاء»‪.‬‬


‫واأك��د ر�سيد يف لقاء مع «الإع��الم والع�سر» اأن‬ ‫اأ َو َج احلريات ال�سحافية تزامن مع وجود �سمو‬ ‫ال�سيخ عبداهلل بن زايد اآل نهيان على راأ�س وزارة‬ ‫الإع ��الم‪ ،‬وموؤ�س�سة الإم ��ارات ل�الإع��الم اأي�س ًا‬ ‫«عام ‪ 2000‬حتديد ًا»‪ ،‬معرب ًا عن اأمله يف عودة‬ ‫ال�سحافة الإماراتية اإىل ع�سرها الذهبي‪.‬‬ ‫وق��ال ر�سيد اإن اجل��رائ��د املحلية ب��الإم��ارات‬ ‫ت�سبه اليوم على نحو كبري �سحف احلائط يف‬ ‫املدار�س‪ ،‬واإن ال�سحف التي ت�سدر يف الكليات‬ ‫واجلامعات اأف�سل ح��ا ًل منها‪ ،‬لفت ًا اإىل اأنها‬ ‫�سهدت انخفا�س ًا يف م�ستوى �سقف طرحها‬ ‫وم���س�ت��وى احل��ري��ة ال�ت��ي تتمتع ب�ه��ا ع�ل��ى نح ٍو‬ ‫مفاجئ‪ ،‬ومن دون اأي موؤ�سرات م�سبقة اأو تدرج‬ ‫يف الهبوط‪.‬‬ ‫واأ��س��اف‪ :‬اإن الوزير اأو رئي�س الهيئة اأو مدير‬ ‫الدائرة اليوم ل يقبل النقد‪ ،‬وعليهم جميع ًا اأن‬ ‫يفهموا اأن ال�سحافة ل حتمل اأي عداء �سخ�سي‬ ‫لهم‪ ،‬واإمنا عداء القلم مع اخلطاأ فقط‪.‬‬ ‫«الإع��الم والع�سر» �ساألت ر�سيد عن تفا�سيل‬ ‫توقيف عموده «دبابي�س»‪ ،‬وبداياته واأبرز مالمح‬ ‫م�سرية عمله مع جريدة «الحت ��اد»‪ ،‬واأ�سباب‬ ‫ارت �ف��اع �سقف احل��ري��ات يف ال�سحف املحلية‬ ‫الناطقة بالإجنليزية مقارنة بنظريتها العربية‪،‬‬ ‫والعديد من الق�سايا الأخ��رى‪ ،‬وفيما يلي ن�س‬ ‫اللقاء‪:‬‬ ‫• دعنا ن�شتهل لقاءنا باحلديث عــن بداية‬ ‫م ـ� ـشــواركــم امل ـه ـنــي‪ ،‬ك ـيــف دخ ـل ـتــم اإىل عــامل‬ ‫ال�شحافة؟‬ ‫�سجعني على دخول هذا العامل هو‬ ‫اإن اأول من ّ‬ ‫ال�سحايف عبداهلل عبدالرحمن‪ ،‬ولن اأغفل دور‬ ‫الأ�ستاذ خالد حممد اأحمد الذي كان اأول رئي�س‬ ‫حترير جلريدة «الحت��اد»‪ ،‬واأول رئي�س منتخب‬ ‫جلمعية ال�سحافيني‪ ،‬وه��و من اأوائ��ل الأق��الم‬ ‫الذين �سجعوا املواطنني على النخراط يف العمل‬ ‫ال�سحايف‪.‬‬ ‫التقيته يف اأوائل مار�س ‪ ،1980‬واأبديت رغبتي يف‬ ‫العمل من دون حتديد ق�سم معني‪ ،‬واأفرز اللقاء‬ ‫ال��ذي مل ي�ستمر اأك��رث م��ن �ساعة ع��ن ترحيبه‬ ‫الكبري‪ ،‬واأ� �س��ار اإىل اأن اأب ��داأ العمل بعد اأي��ام‬ ‫معدودة‪ ،‬وبداأت فعلي ًا يف ‪ 3‬مار�س ‪.1980‬‬ ‫علي اأن اأبداأ من ق�سم اأر�سيف املعلومات‪،‬‬ ‫اقرتح ّ‬ ‫وهو اأحد الأق�سام الغنية لإ�سراف جمال بدوي‬ ‫عليه‪ ،‬وه��و واح��د من موؤ�س�سي جريدة الوفد‪،‬‬ ‫ومن هذا الق�سم بداأت يف كتابة املقالت‪ ،‬واأبدى‬ ‫خالد ت�سجيع ًا كبري ًا ملا كتبته‪ ،‬ومن ثم نقلني اإىل‬

‫ق�سم الأخبار اخلارجية‪ ،‬حيث تاأ�س�ستُ ب�سكل‬ ‫�سحيح يف كتابة الأخبار والتقارير واملو�سوعات‬ ‫ال�سحافية‪.‬‬ ‫غوا�س يف العمق‬ ‫• اأ�ـشـهـمــت جتــربـتـكــم يف جــريــدة «الحت ــاد»‬ ‫بخلق عــالقــة قــويــة مــع ال ـقــارئ الإمــاراتــي‪..‬‬ ‫كيف ت�شتح�شرون التجربة اليوم؟‬ ‫اإن العالقة مع القارئ بداأت عرب �سفحات «راأي‬ ‫النا�س»‪ ،‬حني كنت اأكتب با�سم م�ستعار يف عمود‬ ‫حمل عنوان «من الأعماق»‪ ،‬وتوقيع «غوا�س»‪ ،‬اإذ‬ ‫تناوب عليه عدة زمالء من جن�سيات خمتلفة‪،‬‬ ‫ولقي العمود اأ�سداء وا�سعة مع املجتمع املحلي‬ ‫الذي كان يتوق ملعرفة كاتبه‪.‬‬ ‫ت�سلمت اأن���ا ال �ع �م��ود ب�سكل ي��وم��ي ك��ام��ل يف‬ ‫منت�سف ‪ 82‬وا�ستمررت يف كتابته مل��دة اأرب��ع‬ ‫�سنوات‪ ،‬بالإ�سافة اإىل كتابتي ملقالت اأخرى‬ ‫حملت ا�سمي عن ق�سايا اجتماعية واقت�سادية‬ ‫و�سيا�سية «تناولت الق�سايا اخلارجية ب�سكل‬ ‫اأكرب»‪.‬‬ ‫املرحلة الثانية من تعميق العالقة مع القارئ‬ ‫حدثت بعد اأن اأنهيت اإجازة تفرغ درا�سية ملدة‬ ‫‪� 4‬سنوات يف اأمريكا لغاية عام‪2000‬م‪ ،‬وتزامنت‬ ‫عودتي مع حتويل �سفحات «دنيا» اإىل ملحق‪،‬‬ ‫وبداأت يف كتابة عمود «دبابي�س»‪ ،‬والذي ا�ستمر‬ ‫ل� ‪� 8‬سنوات‪ ،‬وخلقت من خالله عالقة اأقوى مع‬ ‫القارئ‪.‬‬ ‫ورغم اإن العمل حينها كان مرهق ًا‪ ،‬فقد اأم�سكت‬ ‫زم��ام الأق���س��ام اخل��ارج�ي��ة «الأخ �ب��ار الدولية‬ ‫واملرا�سلني الأجانب‪ ،‬الرتجمة»‪ ،‬وكذلك مركز‬ ‫ال�ب�ح��وث وال��درا� �س��ات‪ ،‬ب��الإ��س��اف��ة اإىل كتابة‬ ‫عمودي اليومي‪ ،‬اإل اأنه كان ممتع ًا ملا متيزت به‬ ‫تلك الفرتة من �سقف حريات عال‪.‬‬ ‫اإن �سقف احل��ري��ة يف «‪ »2004 – 2000‬متيز‬ ‫بارتفاعه عندما كان �سمو عبداهلل بن زايد‬ ‫اآل نهيان وزي��ر ًا لالإعالم ورئي�س ًا ملجل�س‬ ‫اإدارة موؤ�س�سة الإم � ��ارات ل �الإع��الم‪،‬‬ ‫وه��ذه الو�سعية مل ترفع من م�ستوى‬ ‫وحمتوى املقال والعمود فقط‪ ،‬بل‬ ‫�سمل التاأثري الإيجابي‪ ،‬الأخبار‬ ‫والتقارير والق�س�س اليومية‪.‬‬ ‫• هل اأفهم من كالمكم اأن‬ ‫هـ ــذه احل ــال ــة ق ــد �ـشـهــدت‬ ‫تغري اً؟‬

‫اإن م�ستوى احلريات اليوم و�سل اإىل ما دون‬ ‫ال�سفر‪.‬‬ ‫�سغوط وتعليمات‬ ‫• ملاذا حدث هذا التحول‪ ،‬براأيك؟‬ ‫ل�ق��د � �س��اق � �س��در امل �� �س �وؤول��ني يف امل�وؤ��س���س��ات‬ ‫احل�ك��وم�ي��ة امل�ح�ل�ي��ة والحت ��ادي ��ة بال�سحافة‬ ‫والإعالم‪ ،‬وهنالك �سغوط‪ ،‬وتعليمات وخطوط‬ ‫حمراء كثرية «بل اإنها اأكرث من اخل�سراء»‪.‬‬ ‫اإن اأوج ع�سر احلريات ال�سحافية ك��ان عام‬ ‫‪ ،2000‬مع وجود �سمو ال�سيخ عبداهلل بن زايد‬ ‫اآل نهيان على راأ���س وزارة الإع��الم‪ ،‬وموؤ�س�سة‬ ‫الإمارات لالإعالم‪ ..‬كنت اأكتب واأحظى بت�سجيع‬ ‫«كان داعم ًا لنا»‪.‬‬ ‫• هــل تـعـتـقــدون اأن الـتـغـيــريات احلكومية‬ ‫الأخــرية والتحولت الإقليمية قد ت ـوؤدي اإىل‬ ‫حدوث تغيري اإيجابي يف هذه امل�شاألة؟‬ ‫مم �ك��ن‪ ،‬ل ن�ستطيع ال �ت��وق��ع اأو اجل� ��زم‪ .‬هل‬ ‫الظروف الإقليمية �ستلقي بتاأثرياتها على واقعنا‬ ‫الإعالمي؟‪ ..‬اأعتقد اأن الأو�ساع التي متر بها‬ ‫املنطقة توؤكد على اأن حرية الإع��الم يجب اأن‬ ‫تتو�سع لت�سخي�س الأخ�ط��اء‪ ،‬ومواجهتها ومنع‬ ‫تفاقمها‪ ،‬وم��ن ث��م تاأثريها على واق��ع النا�س‬ ‫واأم��ور حياتهم‪ .‬اإن �سحفنا املحلية اليوم ‪-‬من‬ ‫دون ا��س�ت�ث�ن��اءات‪ -‬ت�سبه �سحف احل��ائ��ط يف‬ ‫امل��دار���س‪ ،‬ب��ل �سحف اجلامعات اأف�سل ح��ا ًل‬ ‫منها‪ ..‬لقد �سهدت انخفا�س ًا يف م�ستوى �سقف‬ ‫طرحها وم�ستوى احلرية التي تتمتع بها على نح ٍو‬ ‫مفاجئ‪ ،‬ومن دون اأي موؤ�سرات م�سبقة اأو تدرج‬

‫ال�شحايف ل يعتزل اأو‬ ‫يتقاعد‪ ،‬فالعمل ال�شحايف‬ ‫م�شتمر اإىل نهاية العمر‪ ،‬ولكن اإذا‬ ‫ما مت فر�س اأمر معني‪ ،‬فيجب على‬ ‫ال�شخ�س اأن يختار التوقيت‬ ‫املنا�شب‪ ،‬واأعتقد اأنني اخرتت‬ ‫التوقيت الأن�شب‪ ،‬فا�شتمراري يف‬ ‫الكتابة لن يكون بالقوة ذاتها‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫يف النخفا�س‪ ،‬فالوزير اأو رئي�س الهيئة اأو مدير‬ ‫الدائرة اليوم ل يقبل النقد‪ ،‬وعليهم جميع ًا اأن‬ ‫يفهموا اأن ال�سحافة ل حتمل اأي عداء �سخ�سي‬ ‫لهم‪ ،‬واإمنا عداء القلم مع اخلطاأ فقط‪.‬‬ ‫• قبل اأن انتقل اإىل حيثيات خروجكم من‬ ‫«الحتاد»‪ ،‬اأود اأن احتدث عن فرتة انقطاعكم‬ ‫لإجازة درا�شية «‪2000-96‬م»‪ ،‬فرغم خربتكم يف‬ ‫العمل الإعالمي ومبتكم له‪ ،‬اإل اأنكم قررمت‬ ‫درا�شة تخ�ش�س «نظم املعلومات» عو�شاً عن‬ ‫«ال�شحافة» اأو «الإعالم»‪ ..‬ملاذا؟‬ ‫اإن «نظم اإدارة املعلومات» لي�ست بعيدة عن‬ ‫املجال الإعالمي‪ ،‬فهي لي�ست جما ًل منف�س ًال‬ ‫ع��ن عملنا‪ ،‬كما ه��و احل��ال م��ع درا� �س��ة تقنية‬ ‫املعلومات وهند�سة الكمبيوتر‪ ،‬واأم ��ا اإدارة‬ ‫املعلومات فهي جزئية اأ�سا�سية لإدارة اأي عمل‬ ‫اإع��الم��ي ن��اج��ح‪ ...‬اإن ث��ورة الكمبيوتر وب��روز‬ ‫ا��س�ت�خ��دام �سبكة الإن��رتن��ت‪ ،‬وك��ذل��ك حمبتي‬ ‫للتقنية‪ ،‬هي العنا�سر التي دفعتني اإىل اختيار‬ ‫التخ�س�س‪.‬‬ ‫ق�سية ع�سق‬ ‫• ه ـنــالــك م ــن يـ ــرى � ـ ـشـ ــرورة اأن يـحـمــل‬ ‫ال�شحافيون �ـشـهــادات اأكــادميـيــة يف الإع ــالم‪،‬‬ ‫تـ ـ ُرى هــل اأثـ ــرت ه ــذه الآراء بـ ـاأي �ـشـكــل على‬ ‫اأدائكم اأو ا�شطدمت بكم؟‬ ‫ل‪ ،‬اإن اأ�سهر �سحافيي العامل مل يدر�سوا الإعالم‬ ‫اأو ال�سحافة كتخ�س�س‪ ،‬فالعمل الإع��الم��ي‬ ‫وال�سحايف هو ق�سية ع�سق اأو ًل‪ ،‬واإن وجدت‬ ‫املوهبة اإل اأن عامل ال�ستمرارية مرتبط بحالة‬ ‫الع�سق بالدرجة الأوىل‪ ،‬والدرا�سة ل متنح هذه‬ ‫امل�ساعر والدوافع‪.‬‬

‫اإن القارئ يف اخلليج حتديداً ل‬ ‫يقبل التعبريات واجلمل املجازية‬ ‫و«ل اللف والدوران»‪ ،‬بل هو يطلب‬ ‫ت�شخي�شاً وا�شحاً للنواق�س والعيوب‬ ‫واإ�شار ًة مبا�شر ًة اإىل اجلهات والقرارات‬ ‫اخلاطئة‪ ..‬تعودت يف كتاباتي دائماً‬ ‫على الأ�شلوب املبا�شر‪ ،‬ولكنني ل‬ ‫اأ�شتطيع اليوم الكتابة بذات الأ�شلوب‬

‫حوار‬

‫‪20‬‬

‫عبدالله ر�صيد يف حوار مع الزميلة رجاء مرهون‬

‫ب��ال�ن���س�ب��ة يل‪ ،‬اأع �ت �ق��د اأن ال��درا���س��ة ك��ان��ت‬ ‫�ست�ساعدين يف �سقل موهبتي‪ ،‬ولكنها لن حتل‬ ‫مكان الرغبة وهي الأ�سا�س‪.‬‬ ‫• لنتحدث عن حيثيات وظــروف خروجكم‬ ‫مــن «الحتـ ــاد»‪ ،‬مــا هــي خلفية تقاعدكم من‬ ‫اجلريدة يف عام ‪2008‬؟‬ ‫اأ�سباب ل اأح ّبذ اأن اأذكرها‪ ،‬اإن عملية التقاعد‬ ‫مل حت�سل برغبة مني‪ ،‬واإمن��ا لأ�سباب خا�سة‬ ‫باملوؤ�س�سة‪ ،‬وهي اأ�سباب اإدارية بالدرجة الأوىل‪.‬‬ ‫ت�سريحات هندية‬ ‫• اأوقف عمودكم ال�شهري يف جريدة الحتاد‬ ‫«دبابي�س» يف اأواخــر ‪ 2008‬ب�شبب مقالة؟ هل‬ ‫لك اأن حتدثنا عن تفا�شيل الق�شية؟‬ ‫اإن الق�سية حدثت بعد اأن متت اإحالتي للتقاعد‬ ‫من جريدة «الحت��اد» عام ‪ ،2008‬وا�ستمراري‬ ‫بالكتابة معهم ع��رب «عقد خ��ارج��ي»‪ ..‬ق��ررت‬ ‫يومها اأن اأكتب عن خلفية الت�سريحات التي‬ ‫اأطلقها وزير العمل الهندي يف موؤمتر اأقيم يف‬ ‫البحرين حول العمالة الأجنبية‪ ،‬والذي نقل عن‬ ‫رئي�س وزرائه طلب ًا وا�سح ًا مبنح العمالة الهندية‬ ‫املقيمة يف اخلليج حقوق ًا اجتماعية و�سيا�سية ملا‬ ‫لها من «حقوق تاريخية يف بناء بلداننا»‪.‬‬ ‫ا�ست�سعرت مبدى خطورة الت�سريحات املنقولة‬ ‫�ال‪ ،‬ول اأعتقد‬ ‫عن �سخ�سيات هندية ٍ‬ ‫بثقل ع� ٍ‬ ‫اأن مواطن ًا خليجي ًا كان ليقبل بهذه املطالبات‬ ‫والت�سريحات التي تدعو اإىل حقوق �سيا�سية‬ ‫«اأي حقوق باملواطنة»‪.‬‬ ‫ارت� �اأي ��ت اأن اأم��ام �ن��ا خ �ط��ر ًا يف حت ��ول ه��ذه‬ ‫امل�ط��ال�ب��ات اإىل �سيغة واآل �ي��ة اأك ��رب واأق ��وى‬ ‫ع��رب ال��ذه��اب اإىل الأمم املتحدة‪ ،‬مث ًال‪..‬‬ ‫نحن كمواطنني خليجيني ن�سكل اأقلي ًة‬ ‫يف ‪ 5‬دول «جميع دول املجل�س با�ستثناء‬ ‫عمان وال�سعودية»‪ ،‬و�سيعني حتقق هذه‬

‫املطالب خ�سراننا لهويتا وثقافتنا ووجودنا‪.‬‬ ‫دفعني اإح�سا�سي بخطورة املوقف اإىل كتابة ‪3‬‬ ‫مقالت لتن�سر يف عمود دبابي�س حتت عنوان «يف‬ ‫اجلو غيم» اإل اأن اأي� ًا منها مل ين�سر‪ ،‬فجمعتها‬ ‫واأر�سلتها اإىل ج��ري��دة «اخل�ل�ي��ج» التي رحبت‬ ‫ون�سرتها‪ ،‬فوجئت بتوقف العمود يف «الحتاد ً»‪،‬‬ ‫ب ��دوري‪ ،‬مل اأناق�سهم يف ه��ذه اخل�ط��وة بتات ًا‪،‬‬ ‫فا�ستجداء الكتابة لي�س من �سخ�سيتي وطباعي‪.‬‬ ‫اعتزال العب‬ ‫• هل يعرتيكم اأي �شعور بالندم اإزاء اخلطوة‬ ‫التي اتخذمتوها واأدت اإىل توقيف العمود؟‬ ‫ل بتات ًا‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪« :‬وع�سى اأن تكرهوا �سيئ ًا‬ ‫وه��و خ� ُري لكم»‪ ،‬فقد �سهد ع��ام ‪ 2009‬بدايات‬ ‫انهيار حرية ال�سحافة يف الإم��ارات‪ ،‬وم�ستوى‬ ‫احلرية و�سل اإىل ما دون ال�سفر‪ ،‬وا�ستمراري‬ ‫�سيوؤدي بالنتيجة اإىل فقد كثري من امل�سداقية‬ ‫التي اكت�سبتها مع قرائي ملدى �سنوات‪.‬‬ ‫اإن العملية متت يف التوقيت املنا�سب‪ ،‬وكما هي‬ ‫احل��ال م��ع لع��ب ال�ك��رة ال��ذي يقرر الع�ت��زال‬ ‫وهو يف اأوجه‪ ،‬ول ينتظر اإىل اأن تتقهقر حالته‪،‬‬ ‫ويطالبه اجلمهور بالعتزال‪.‬‬ ‫ال�سحايف ل يعتزل اأو يتقاعد‪ ،‬فالعمل ال�سحايف‬ ‫م�ستمر اإىل نهاية العمر‪ ،‬ولكن اإذا ما مت فر�س‬ ‫اأم��ر م�ع��ني‪ ،‬فيجب على ال�سخ�س اأن يختار‬ ‫التوقيت املنا�سب‪ ،‬واأعتقد اأنني اخرتت التوقيت‬ ‫الأن�سب‪ ،‬فا�ستمراري يف الكتابة لن يكون بالقوة‬ ‫ذاتها‪.‬‬ ‫القارئ اخلليجي‬ ‫• هل تتم ّنون العودة ُجمدداً اإىل عامل كتابة‬ ‫العمود؟‬ ‫نعم‪ ،‬ولكنني ل اأ�ستطيع اليوم الكتابة بذات‬ ‫النف�س والقوة ال�سابقة‪ ،‬وبالأ�سلوب ذاته‪ ،‬تعودت‬


‫يف كتاباتي دائم ًا على الأ�سلوب املبا�سر‪ ،‬وهي‬ ‫ال�سيغة الأن�سب التي يطلبها القارئ يف التعاطي‬ ‫مع الق�سايا العامة‪.‬‬ ‫اأنا اأتكلم عن القارئ يف اخلليج حتديد ًا‪ ،‬فهو‬ ‫ل يقبل التعبريات واجلمل املجازية و«ل اللف‬ ‫وال� ��دوران»‪ ،‬ب��ل ه��و يطلب ت�سخي�س ًا وا�سح ًا‬ ‫للنواق�س والعيوب واإ�سار ًة مبا�سر ًة اإىل اجلهات‬ ‫والقرارات اخلاطئة‪.‬‬ ‫واق��ع احل��ري��ات ال�سحفية ال��ذي انخف�س اإىل‬ ‫ما دون ال�سفر‪ ،‬ل ي�سمح يل اأن اأكتب بذات‬ ‫امل�ستوى‪.‬‬ ‫• لكم جتربة يف قيادة فرق واأق�شام بجريدة‬ ‫«الحتـ ـ ــاد»‪ ،‬كـيــف ت ــرون مـنـتــج ه ــذه الأق ـ� ـشــام‬ ‫ال ـيــوم؟ ومــا ال ــذي يـجــب اأن يـ�ـشــاف اإلـيـهــا اأو‬ ‫يغري فيها؟‬ ‫ل اأود احلديث عن جريدة واح��دة فقط‪ ،‬اأود‬ ‫اأن اأعقد مقارنة بني جميع ال�سحف املحلية‬ ‫الرئي�سية اليومية لأج��د اأنها �سحف حائط‪،‬‬ ‫هي يف الواقع‪ ،‬لي�ست اإل «�سوية ورق ومكتوب‬ ‫عليه ك��الم»‪ ،‬بل اإن ‪ % 99‬منها اأخبار اأُخ��ذت‬ ‫من وك��الت الأن�ب��اء عرب عملية «ق�س ول�سق»‬ ‫جمردة‪.‬‬ ‫ل ي��وج��د اأي ع�م��ل ��س�ح��ايف‪ ،‬ف�ه��ي خ��ال�ي��ة من‬ ‫التحقيقات املحلية و«ا��س�ت�ط��الع��ات ال ��راأي‬ ‫ال�سحف‬ ‫املحرتمة»‪ ،‬وهنالك ا�ستثناء يف بع�س ّ‬ ‫الإجنليزية التي تطرح ق�سايا حملية ب�سيغة‬ ‫اأقوى من اجلرائد العربية واإن بن�سبة ب�سيطة‪،‬‬ ‫رغم اأنها تخاطب الأجنبي بالدرجة الأوىل‪.‬‬ ‫اإن م��ا ي��دل��ل ع�ل��ى �سيق ��س��در امل���س�وؤول��ني يف‬ ‫التعاطي م��ع و�سائل الإع ��الم وال�سحافة هو‬ ‫تخ�سي�س اأغ�ل��ب اجل�ه��ات احلكومية املحلية‬ ‫والحت��ادي��ة ملتحدث ر�سمي وحيد للتحدث مع‬ ‫ممثلي ال�سحف اأو �سركة عالقات عامة لتعميم‬ ‫البيانات على اجلرائد‪.‬‬ ‫امل�سكلة اأن الأ��س�ل��وب��ني املعتمدين لي�س لهما‬ ‫عالقة بالعمل ال�سحايف‪ ،‬فاملتحدث الر�سمي هو‬ ‫موظف يعمل يف اإحدى الدوائر‪ ،‬واختري لينطق‬ ‫با�سم الوزارة اأو الهيئة‪ ،‬واأما �سركات العالقات‬ ‫العامة‪ ،‬فاأغلب موظفيها ل ميلكون احلد الأدنى‬ ‫من مفاهيم العمل ال�سحايف والإعالمي‪ ،‬مما‬ ‫اأدى بالنتيجة اإىل تدمري العمل املهني‪.‬‬ ‫خبري منافق!‬ ‫هنالك ج�ه��ات حكومية تعتقد ب �اأن جلبها ملا‬ ‫ي�سمى ب� «خرباء عامليني» يعطيها �سفة دولية‪،‬‬

‫امل�سكلة اأن ه�وؤلء فع ًال حمرتفون‬ ‫ومار�سوا العمل املهني يف دول غربية‬ ‫ك��ربى كاأمريكا اأو بريطانيا‪ ،‬اإل اأن‬ ‫موؤ�س�ساتنا تدفعهم وتدربهم على الكذب‬ ‫والنفاق وحجب املعلومة‪ ،‬فبدل اأن ن�ستفيد‬ ‫من خربتهم‪ ،‬ن�سهم نحن بخف�س معايريهم‬ ‫املهنية‪.‬‬ ‫اأنا كمدير مكتب ل� «جلف نيوز» اأعاين كثري ًا يف‬ ‫�سبيل املعلومة‪ ،‬ف� «اخلبري» ميار�س الكذب اأو‬ ‫النفاق اأو اإخفاء املعلومة‪ ،‬واأحيان ًا هو ميار�س‬ ‫الثالثة دفعة واح ��دة‪ ،‬فت�سبح ال�سحف بني‬ ‫خيارين‪ ،‬الأول اأن تقبل مبا ياأتيها من بيانات‬ ‫واأخ��ب��ار م��ر��س�ل��ة‪ ،‬وه ��ذا م��ا ي���س��ود ال�سحف‬ ‫الناطقة بالعربية‪ ،‬واأم ��ا ال �ث��اين‪ ،‬ف��اأن تلتف‬ ‫وت�سعى اإىل املتابعة واملعلومة بعيد ًا عن رقابة‬ ‫املتحدث وموظف العالقات العامة‪ ،‬وه��ذا ما‬ ‫حتاول بع�س ال�سحف الأجنبية ال�سعي اإليه واإن‬ ‫على نح ٍو حمدود‪.‬‬ ‫• تفاعل املجتمع الإماراتي مع ما تطرحونه‬ ‫يف عـ ـم ــودك ــم ع ـلــى ن ـحــو وا� ـ ـشـ ــع‪ ،‬و� ـش ـعــر اأن‬ ‫مقالتكم قــد لم�شت م�شكالته الأ�شا�شية‪،‬‬ ‫اإل اأن ك ـثــرييــن ا�ـشـتـهـجـنــوا ن ـقــدكــم للفكر‬ ‫والتقاليد واملظاهر الدينية‪ ،‬األ ترى �شرورة‬ ‫اأن يراعى الذوق العام عند كتابة املقال؟‬ ‫اإن عملية احل�سول على ر�سا وت��واف��ق جميع‬ ‫النا�س ح��ول م�ساألة ما م�ستحيلة ول��ن حت�سل‬ ‫اأب��د ًا‪ ،‬نحن ل�سنا يف املدينة الفا�سلة‪ ..‬العملية‬ ‫تنطبق على املقال والعمود والبحث والدرا�سة‬ ‫والكتاب‪ ،‬ومهما حاول الكاتب اأن مي�سك الع�سا‬ ‫من املنت�سف‪ ،‬فلن يحوز قبول اجلميع‪.‬‬ ‫اأن��ا اأكتب وفق قناعتي دائم ًا‪ ،‬واإن كنت اأدرك‬ ‫ب�سكل م�سبق اأن اجل ��زء الأك���رب م��ن ق��رائ��ي‬ ‫ومتابعي لن يتفق معي اأحيان ًا‪ ..‬امل�ساألة لي�ست‬ ‫ّ‬ ‫مهمة بالن�سبة يل‪ ،‬اأتوقع رد الفعل‪ ،‬ولكنه ل يوؤثر‬ ‫على قراري بالكتابة والتناول‪.‬‬ ‫اإن موقفي اإزاء اجلماعات الإ�سالمية وا�سح‬ ‫وث��اب��ت منذ ب��داي��ة م���س��واري ال���س�ح��ايف‪ ،‬ومل‬ ‫يتغري بتغري نظرة ومواقف جمتمعاتنا ودولنا‪..‬‬ ‫لقد �سكل ع��ام ‪ 2001‬عالمة فارقة يف روؤيتنا‬ ‫كخليجيني اإىل اجلماعات الإ�سالمية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫اختلف التعاطي معها على امل�ستويني الر�سمي‬ ‫وال�سعبي‪.‬‬ ‫فهذا املوقف كان وا�سح ًا وثابت ًا منذ دخويل عامل‬ ‫ال�سحافة‪ ،‬وانتقدت ه �وؤلء منذ الثمانينيات‬ ‫عندما كان احلديث عنهم �سلب ًا‪ ،‬وطرح الأ�سئلة‬

‫اإن اأغلب امل�شوؤولني يف احلكومات املحلية‬ ‫والحتادية لديهم ع�شق اإىل حب الظهور‬ ‫يف و�شائل الإعالم الأجنبية‪ ،‬ونفور من‬ ‫التعامل مع الإعالم املحلي‪ ،‬فعندما‬ ‫نطالب اأحد امل�شوؤولني بالتعليق على‬ ‫الت�شريحات املهمة التي ت�شدر عن‬ ‫م�شوؤولني حكوميني اأجانب‪ ،‬يرف�س‪،‬‬ ‫ونفاجئ بت�شريح له يف وكالت دولية‬ ‫كـ»رويرتز» يف اليوم الذي يليه‬

‫حولهم غري مقبول بتات ًا‪.‬‬ ‫واأث� ��ارت اإح ��دى م�ق��الت��ي ال�ت��ي حملت عنوان‬ ‫«اجل �ه��اد ل ي�ب��داأ م��ن البيت الأب�ي����س» �سج ًة‬ ‫كبري ًة‪ ،‬فقد انتقدت خاللها حتركات ولقاءات‬ ‫للمجاهدين الأفغان يف وقت كان امل�سا�س بهم‬ ‫كفر ًا‪ ،‬وبالنتيجة اأر�سلوا يل تهديدات بالقتل‬ ‫والت�سفية ومل اأكرتث‪ ،‬واأما اليوم فالواقع تغري‪،‬‬ ‫والنا�س بداأت تدرك حقيقة هذه التيارات‪.‬‬ ‫«الكاتب النابغة» ‪ ..‬و«اإعالم نفخ»‬ ‫• ك ـن ـتــم ت ـك ـت ـبــون يف ال ـق ـ� ـشــايــا امل ـح ـل ـيــة‪،‬‬ ‫ال�شيا�شية‪ ،‬اخلــارجـيــة‪ ،‬القت�شاد‪ ،‬الريا�شة‪،‬‬ ‫بع�شهم لقبكم بــ«الـكــاتــب الـنــابـغــة» مــن بــاب‬ ‫النقد‪ ،‬هل اأثاركم اللقب؟‬ ‫كاتب العمود ال�سحايف لي�س متخ�س�س ًا‪ ،‬هنالك‬ ‫�سحافيون متخ�س�سون‪ ،‬والعمود يعني اإمكانية‬ ‫تناول اأي ق�سية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• األ ترون اأن التخ�ش�س يف الكتابة والتناول‬ ‫�شيكون جمدياً اأكرث؟‬ ‫اإذا كان الكاتب باحث ًا متخ�س�س ًا‪ ،‬فالبقاء يف‬ ‫دائ��رة التخ�س�س اأف�سل له وملتلقي املعلومة‪،‬‬ ‫واأما العمود‪ ،‬فهو فكرة و»اإ�ساءة �سريعة» حول‬ ‫ق�سية ما‪.‬‬ ‫• عـ ّـربمت مــراراً عن انزعاجكم من الإعــالم‬ ‫الريا�شي وو�شفتموه ب ـ «اإعــالم نـفــخ»‪ ،‬اليوم‬ ‫الأ�شوات ال�شحافية امل�شتاءة من اأداء الفرق‬ ‫الوطنية ترتفع‪ ،‬كيف تق ّيمون موقف واأداء‬ ‫الإعالم الريا�شي اليوم؟‬ ‫الإع��الم الريا�سي ما زال خم�س�س ًا للنفخ‪،‬‬ ‫ف��ال�ن�ق��د ق�ل�ي� ٌل ج� ��د ًا‪ ،‬وامل� ��دح وال�ت�م�ج�ي��د هما‬ ‫ال �� �س��ائ��دان‪ ..‬اإن اأك ��رث م��ن ‪ 80%‬م��ن حمتوى‬ ‫ال�سفحات الريا�سية يف جمالت قليلة م�سموح‬ ‫ب�ه��ا‪ ،‬ول ت��رتك اأث � ��ر ًا‪ ..‬ال���س�ح��ايف والإع���الم‬ ‫الريا�سي متحفظان يف م�ساألة النقد للحفاظ‬ ‫على التوازنات‪ ،‬وهنالك اأقالم «غري ريا�سية»‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫ا�ستطاعت اأن تخلق لها م�ساحة‪.‬‬ ‫امل���س�األ��ة الأه ��م تتمثل يف ال��دل��ع امل ��ادي ال��ذي‬ ‫يعي�سه الالعبون‪� ،‬سواء كانوا مواطنني اأم غري‬ ‫مواطنني‪،.‬فالقيمة املادية ل�سيارات لعب واحد‬ ‫فقط‪ ،‬ت�ع��ادل جممل م��ا �ُ��س��رف على املنتخب‬ ‫اللبناين باأكمله يف ‪� 5‬سنوات‪ ،‬والنتيجة املوؤ�سفة‬ ‫اأن اأخرجنا اللبنانيون من كاأ�س العامل ‪..2011‬‬ ‫اإن ما �سرف على تاأهيل املنتخب اللبناين ب�سيط‬ ‫ج��د ًا اإذا م��ا ق��ورن مب��ا ي�سرف على لعبينا‬ ‫و�سياراتهم و�سعرهم‪.‬‬ ‫• هل تطالبون بتخفي�س املخ�ش�شات؟‬ ‫ل‪ ،‬اأطالب ب�«احرتاف �سح»‪.‬‬ ‫عن�سرية التوطني‬ ‫• كتبتم كثرياً يف ق�شية «التوطني» ولم�شتم‬ ‫هــاج ـ�ــس الإم ــاراتـ ـي ــني وط ـمــوحــات ـهــم يف هــذه‬ ‫الق�شية‪ ،‬هــل تعتقدون اأنـكــم و�شلتم اإىل اأي‬ ‫م�شلة اإيجابية عرب هذه املقالت؟‬ ‫نعم‪ ،‬اإن الق��رتاح��ات واحل�ل��ول التي طرحتها‬ ‫خالل مقالتي ال�سابقة بداأت تاأخذ حيزها اإىل‬ ‫التنفيذ‪ ..‬اأ�سرت حينها اإىل عدد من الوظائف‬ ‫الب�سيطة التي ممكن اأن ي�سغلها املواطنون‬ ‫الذين يحملون موؤهالت متو�سطة‪ ،‬ومنها مندوبو‬ ‫ال�سركات‪ ،‬وهي وظيفة تتطلب مهارات حمدودة‪.‬‬ ‫اإن م �ق��الت��ي ح�م�ل��ت م�ط��ال�ب��ات بق�سر ه��ذه‬ ‫الوظيفة على املواطنني فقط‪ ،‬وقد اأ�سدر وزير‬ ‫العمل ق��رار ًا بهذا ال�سدد‪ ،‬وين�س على ح�سر‬ ‫�سغل هذه الوظيفة على الإماراتيني واخلليجيني‪.‬‬ ‫نحن كاإماراتيني ن�سكل اأقلية ل تتعدى ال�‪% 10‬‬ ‫يف اأف�سل الأح��وال‪ ،‬يف ظل هذا الواقع‪ ،‬ل يزال‬ ‫لدينا عاطلون عن العمل‪ ،‬األي�س هذه النقطة‬ ‫معيبة يف حقنا‪ ،‬ومل��ن يتهموين بالعن�سرية‬ ‫ل�ت�ن��اويل ق�سية ال�ت��وط��ني‪ ،‬اأق ��ول ل�ه��م‪ :‬ع��ودوا‬ ‫واأقراأوا مقالتي «�سح»‪.‬‬ ‫خلل‪ ..‬وجلنة‬ ‫املوؤ�سف حقيقة هو ما و�سلت اإليه اللجنة املعنية‬ ‫بدرا�سة اخللل يف الرتكيبة ال�سكانية وو�سع‬ ‫احل�ل��ول لها‪ ،‬وم��ا اقرتحته م��ن اعتماد نظام‬ ‫الدفع الإل�ك��رتوين يف حمطات البنزين لإلغاء‬ ‫العمالة فيها‪ ،‬والتي ل تتجاوز يف جممل تعدادها‬ ‫ال� ‪ 50‬األف عامل‪ ..‬لدينا وافدون يتجاوز عددهم‬ ‫‪ 7‬ماليني‪ ،‬وهم يتحدثون عن ب�سعه اآلف!‬ ‫اإن القانون ي�سمح ملن يحمل رخ�سة و�سج ًال‬ ‫جتاري ًا ملمار�سة اأي ن�ساط �سغري‪ ،‬ب �اأن يجلب‬

‫حوار‬

‫‪22‬‬

‫اأ�سرته‪ ،‬واأخوته‪ ،‬واأب��اه‪ ،‬وتتو�سع امل�ساألة لت�سمل‬ ‫«‪ 8‬ف�ئ��ات ممكن اأن يح�سلوا على اإق��ام��ة يف‬ ‫الإمارات ملجرد حمل رخ�سة حمل ب�سيط‪.‬‬ ‫هنا يجب اأن يبداأ التغيري‪ ،‬فال ت�سمح جميع دول‬ ‫العامل اإل بجلب الزوجة والأولد‪ ،‬ل َلم ال�سمل‪،‬‬ ‫وهذه امل�ساألة اأي�س ًا تتم وفق �سروط‪ ،‬األ يفر�س‬ ‫ح�سور هذا احلجم من املرافقني توفري خدمات‬ ‫اإ�سافية من م�ست�سفيات و�سوارع؟‪.‬‬ ‫• م�شاألة «الـتــوطــني» تـاأخــذ حـيــزاً كـبــرياً من‬ ‫م�شاحة كتاب الأعمدة اليوم يف الإمارات‪ ،‬كيف‬ ‫تق ّيمون متوى وم�شمون هذه املقالت؟‬ ‫اأنا ك�سحايف وقارئ‪ ،‬ل يجذبني اإي ًا مما يطرح‬ ‫يف ال�سحافة املحلية العربية‪ ،‬واأقراأ �سطرين يف‬ ‫اأف�سل الأح��وال‪ ،‬ول يوجد عمود يف �سحافتنا‬ ‫اليوم ممكن اأن يعمل اإثارة اأو �سجة‪.‬‬ ‫ا�ستبعاد مواطنني‬ ‫• يف املقابل‪ ،‬تنتقدون باأنكم مل تتب ُنوا ما‬ ‫كـنـتــم تـتـطــالـبــون ب ــه‪ ،‬فـقــد اأو� ـش ـي ـتــم بـاإقــالــة‬ ‫جمموعة مــن الــزمــالء يف «الحت ــاد» بدواعي‬ ‫عدم الكفاءة عندما ت�شلمتم منا�شب اإداريــة‪،‬‬ ‫األي�شت هي الذراع واملربرات ذاتها التي تتخذها‬ ‫املوؤ�ش�شات لتربير �شعف ن�شب التوطني «نق�س‬ ‫الكفاءات»؟‬ ‫ل‪ ،‬اأو�سيت با�ستبعاد «الفا�سلني» فقط‪ ،‬عملت مع‬ ‫جمموعة رائعة يف ال�سحيفة «اأحمد املن�سوري»‬ ‫ال��ذي يح�سر اليوم �سهادة الدكتوراه‪ ،‬و�سعيد‬ ‫ع�سكر ال��ذي اأدار ‪ 5‬ق�ط��اع��ات يف املوؤ�س�سة‪،‬‬ ‫وحممد الكعبي الذي حتمل م�سوؤولية قطاعات‬ ‫كبرية اأي�س ًا‪ ،‬و�سيماء الهرمودي الذي تعمل الآن‬ ‫باملجل�س التنفيذي حلكومة اأبوظبي‪ ،‬اأرج��و اأن‬ ‫ت�ساأيل جميع هوؤلء‪ ،‬و�سيخربونك عن جتربتنا‬ ‫الرائعة يف العمل �سوية‪.‬‬ ‫هنالك اأ�سخا�س ك��ان��وا يعملون يف �سفحات‬ ‫«دنيا» عندما كانت تابعة لق�سم املحليات‪ ،‬وهم‬ ‫لي�سوا اأ�سحاب مهارات �سعيفة فقط‪ ،‬بل اإن‬ ‫ا�ستعدادهم لتطوير اأنف�سهم واللتزام بالعمل‬ ‫م �ع��دوم‪ ،‬فالعمل ال�سحايف ال �ت��زام بالدرجة‬ ‫الأوىل‪ ،‬وقلت لهوؤلء «اآ�سف‪ ،‬ل اأ�ستطيع التعامل‬ ‫معكم‪.‬‬ ‫• اليوم اأنتم ت�شغلون من�شب مدير مكتب‬ ‫«جلف نـيــوز» يف اأبــوظـبــي‪ ،‬هــل لــك اأن حتدثنا‬ ‫عــن حـيـثـيــات انـتـقــالـكــم للعمل يف ال�شحافة‬ ‫الإجنليزية؟‬ ‫تربطني ع��الق��ة خا�سة وحميمية م��ع رئي�س‬ ‫حترير اجلريدة الأخ عبداحلميد اأحمد‪ ،‬وهو‬

‫علي العودة اإىل ال�سحافة يف مايو‬ ‫من اق��رتح ّ‬ ‫‪« 2009‬اأي بعد توقفي ب� ‪� 6‬سهور فقط»‪.‬‬ ‫اأح�س�ست بحاجتي اإىل خو�س جتربة خمتلفة‪،‬‬ ‫كما اأن ال�سحف الناطقة بالإجنليزية تتمتع‬ ‫ب�سقف اأعلى من احلرية‪ ،‬واإن كان ب�سيط ًا‪ ،‬ولن‬ ‫اأغ�ف��ل اأن اأ��س��ري اإىل اأن حجم ق��راء ال�سحف‬ ‫الإجنليزية اأكرب بكثري من العربية‪ ...‬جميع هذه‬ ‫العوامل دفعتني اإىل خو�س التجربة‪ ،‬واأنا �سعيد‬ ‫بها‪ ،‬واأ�سافت يل الكثري‪.‬‬ ‫انحياز لالأجنبي‬ ‫• هنالك �شوؤال اأخري اأود اأن اأختم به لقاءنا‪،‬‬ ‫تـت ـمـيــز ال ـ� ـش ـحــافــة الإجن ـل ـيــزيــة يف اخلـلـيــج‬ ‫بــارت ـفــاع الـ�ـشـقــف اإذا مــا قــورنــت ب�شقيقاتها‬ ‫العربية الـ�ـشــادرة عــن ذات املوؤ�ش�شة يف بع�س‬ ‫الأحيان‪ ،‬ك�شحايف عمل يف املجالني‪ ،‬ما اأ�شباب‬ ‫هذه احلالة يف تقديركم؟‬ ‫هنالك ع��دة اأ��س�ب��اب‪ ،‬اإن اأغ�ل��ب العاملني يف‬ ‫ال�سحف الإجن �ل �ي��زي��ة ه��م اأج��ان��ب اأو ع��رب‬ ‫واآ�سيويون يحملون جن�سيات اأجنبية‪ ،‬فالعرب‬ ‫هم قلة قليلة‪ ،‬وهوؤلء جاءوا من بيئة �سحافية‬ ‫احرتافية‪ ،‬اأهلتهم اإىل اإع��داد حتقيق �سحايف‬ ‫حقيقي‪ ،‬وعقلية الأ�سخا�س «روؤ�ساء التحرير»‬ ‫الذين يديرون هذه ال�سحف خمتلفة اأي�س ًا‪.‬‬ ‫• اأح ـ ـيـ ــان ـ ـاً جنـ ــد رئ ـي ـ� ــس ال ـت ـح ــري ــر ذاتـ ــه‬ ‫لل�شحيفتني‪ ،‬وهـنــالــك اخـتــالف يف ال�شقف‪،‬‬ ‫وال�شوؤال هنا‪ :‬ملاذا؟‬ ‫اإن رئي�س التحرير ينظر اإىل ال �ق��ارئ هنا‪،‬‬ ‫وامل�سوؤولون يهتمون ب��اخل��ارج‪ ،‬وم��ا يفكر فيه‪،‬‬ ‫وما ينظر اإليه‪ ،‬ويهملون املواطن املحلي اإىل حدٍ‬ ‫كبري‪.‬‬ ‫اإن امل�سوؤولني احلكوميني اأي�س ًا ي�سغطون ب�سكل‬ ‫اأق��ل على ال�سحف الإجن�ل�ي��زي��ة وي��رغ�ب��ون يف‬ ‫اإظهار اأن هنالك حرية تعبري ونقا�س دائر‪ ،‬كما‬ ‫اأنهم يعلمون جيد ًا اأن ال�سحايف الأجنبي لن‬ ‫يقبل �سغط ًا متوا�س ًال وقد ينفجر‪.‬‬ ‫م��ن ن��اح�ي��ة اأخ���رى ف� �اإن اأغ �ل��ب امل �� �س �وؤول��ني يف‬ ‫احلكومات املحلية والحتادية لديهم ع�سق اإىل‬ ‫حب الظهور يف و�سائل الإعالم الأجنبية‪ ،‬ونفور‬ ‫أعطيك مثا ًل‪:‬‬ ‫من التعامل مع الإعالم املحلي‪� .‬سا ِ‬ ‫اإننا نطالب اأحد امل�سوؤولني دائما بالتعليق على‬ ‫الت�سريحات املهمة التي ت�سدر عن م�سوؤولني‬ ‫حكوميني اأج��ان��ب‪ ،‬اإل اأن��ه يحتقر ال�سحافة‬ ‫املحلية وممثليها ومندوبيها‪ ،‬وجن��ده م��ع كل‬ ‫ح��دث اأو ت�سريح ع��امل��ي‪ ،‬مي�ن��ح ت�سريحات‬ ‫لوكالت دولية ك� «رويرتز» وغريها‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫ج�صور‬

‫‪24‬‬

‫اعترب الإمارات بيئة ُمطمئنة و ُم�شجعة للإبداع‬

‫عمار عبد ربه‪:‬‬

‫اأحداث «الربيع العربي » اأفقدت ال�سورة بريقها‬

‫حوار ‪ -‬ال�صيماء خالد‬ ‫واجهات املعار�ض الفنية العامرة يف دبي‬ ‫ت�صتجلب الف�صول اأحيانا ً لغرابة اأو‬ ‫جلمال ما يعر�ض‪ ،‬بع�صها قد نتجاوزه‬ ‫عابرين‪ ،‬وغريها مما قد نقف عنده‬ ‫لوهلة مبتعدين عن م�صاغل احلياة‬ ‫ومتاعبها لعامل الفن بتعدد اأطيافه‪،‬‬ ‫لكن تبدو من بينها واجهة جتذب العني‬ ‫وت�صتوقف الكثريين لف�صول من نوع‬ ‫اآخر‪ ،‬ملو�صوع غري اعتيادي‪ ،‬وحتديدا ً اأمام‬ ‫«غالريي اأيام»‪ ،‬فمن الواجهة الزجاجية‬ ‫�صورة فوتوغرافية كبرية لـ «�صدام‬ ‫ح�صني» مي�صحها عامل �صئيل احلجم‬ ‫مقارنة بها‪ ،‬وهناك على جدار اآخر برزت‬ ‫�صورة «معمرالقذايف» بزيّه الر�صمي‬ ‫ُمزينا بالنيا�صني ملفتة ب�صكل مفاجئ‬ ‫لزوار معر�ض ‪،Follow the Leader‬‬


‫العامل العيقري �صتيفن هوكينز‬

‫بينما امللكة اإليزابيث تط ّل م�سرتقة النظر خلف‬ ‫الباب‪ ،‬وهاهو العبقري «هوكينغ» وم��ن خلفه‬ ‫لوحة ل� «مارلني مونرو»‪ ،‬و«بنازير بوتو» تنظر‬ ‫اإىل ال�سماء‪ ،‬والرئي�س «ب�سار الأ��س��د» مي�سك‬ ‫يد زوجته «اأ�سماء» حتت ندف الثلج ُمتدّثرين‬ ‫باملعاطف‪ ،‬و«�سرياك» و«بو�س» يتواجهان كعدو‬ ‫يرتب�س باآخر‪.‬‬ ‫تلك بع�س من �سور الفنان «عمار عبد ربه»‬ ‫يف معر�سه املنفرد ال��راب��ع يف دب��ي بعد �سبعة‬ ‫معار�س اأخرى م�سرتكة‪.‬‬ ‫وعمار ال�سوري الأ��س��ل‪ ،‬الفرن�سي اجلن�سية‪،‬‬ ‫��س��اح��ب اأع �م��ال ن���س��رت يف اأك ��رب املوؤ�س�سات‬ ‫ال�ع��امل�ي��ة‪ ،‬م�ث��ل ‪ Time Magazine‬و ‪Paris‬‬ ‫‪ Match‬و ‪ Der Spiegel ، Le Monde‬وال�سرق‬ ‫الأو�سط‪ ،‬وظهرت �سوره على اأكرث من ‪ 60‬غالف ًا‬ ‫للمجالت‪ ،‬كما زار معر�سه على موقع ‪Flicker‬‬ ‫اأكرث من مليونني‪.‬‬ ‫�س ّور ق��ادة اأم��ريك��ا واحل��رب يف ال�ع��راق وليبيا‬ ‫ولبنان وع��دي��د ًا م��ن ال ��دول الأخ� ��رى‪ُ ،‬و��س��و ًل‬ ‫لت�سويره لأ�سهر النجوم مثل «مايكل جاك�سون»‬ ‫وم�ه��رج��ان «ك ��ان» واأ��س�ب��وع الأزي� ��اء الفرن�سي‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫�سم معر�سه يف دبي ال�سهر املا�سي ‪� 15‬سورة‬ ‫ن ��ادرة ل�سخ�سيات �سهرية ت� ّن��وع��ت جوانبها‬ ‫وجمعت بينها القيادة وفكرة الزعامة والتميز‬ ‫يف لقطات جاذبة‪ ،‬مما مل تعتد العني روؤيته‪،‬‬ ‫وتباينت الآراء حولها‪ ،‬فقد كانت اأول ال�سور‬ ‫التي بيعت تلك لب�سار الأ�سد وزوجته‪ ،‬و�سورة‬

‫ب�صار الأ�صد واأ�صماء حتت ندف الثلج‬

‫امللكة اإليزابيث الثانية‪ ،‬ثم امللك فهد‪ ،‬و�سورة‬ ‫ل�ساحب ال�سمو ال�سيخ حممد ب��ن را��س��د اآل‬ ‫مكتوم‪ ،‬نائب رئي�س الدولة رئي�س جمل�س الوزراء‬ ‫حاكم دب��ي‪ ،‬غري اأن اأك��رث ال�سور التي اأث��ارت‬ ‫ج��د ًل كانت تلك اخلا�سة ب � «معمرالقذايف»‪،‬‬ ‫وكارل بروين‪ ،‬وبنازير بوتو‪ ..‬الإعالم والع�سر‬ ‫جتولت بني ال�سور رفقة عمار عبد ربه وكان لها‬ ‫معه احلوار التايل‪:‬‬ ‫هــل مي ـكــن اأن حتــدث ـنــا عــن ف ـكــرة امل ـعــر�ــس‪،‬‬ ‫واختيارك ل�شور من دون غريها؟‬ ‫الفكرة ول��دت م��ن رح��م ‪ 22‬ع��ام� ًا م��ن العمل‬ ‫�دي �سور متنوعة‬ ‫كم�سور �سحفي‪ ،‬توافرت ل� ّ‬ ‫ك �ث��رية لل�سخ�سيات ال �ع��ام��ة ولل�سيا�سيني‬ ‫وللمعارك وغريها من الأح��داث‪ ،‬ولحظت اأن‬ ‫�سور الزعماء لها �سحر غريب على النا�س‪ ،‬فهي‬ ‫ت�سدّهم وتربز ف�سولهم وتطرح ت�ساوؤلت عدة‬ ‫خا�سة عن ق�سة ال�سورة‪ ،‬بينما ال�سور الأخرى‬ ‫كالأزياء اأو ال�سينما برغم اأن لها جمهور ًا وا�سع ًا‬ ‫اإل اأنها لي�ست مبنزلة �سور القادة‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫الأ�سا�س اأردت تقدمي معر�س من نوع خمتلف‪.‬‬ ‫القذايف‪« ..‬اتبع القائد»‬ ‫ملاذا اخرتت عنوان «‪»Follow the leader‬‬ ‫«اتبع القائد»‪ ،‬وكثري من ال�شخ�شيات‬ ‫الـ ـت ــي و� ـش ـعــت �ـ ـش ــوره ــا ت ـع ـتــربهــا‬ ‫الأغلبية طغاة اأو مت�شاقطني؟‬ ‫اخ ��رتت ال�ع�ن��وان للهالة املحيطة‬ ‫بالزعماء �سلب ًا اأو اإيجاب ًا‪ ،‬ولحظت‬

‫اأن الآراء ت�ساربت بني من اأحب وث ّمن‪ ،‬ومن كره‬ ‫وغ�سب لوجود ال�سورة نف�سها لزعيم اأو اآخر‪،‬‬ ‫مت�سنا ب�سكل ما‪ ،‬هناك‬ ‫فكل تلك ال�سخ�سيات ّ‬ ‫ن��وع من ال�سلة بيننا وب��ني ال�ق��ادة‪ ،‬واللقطات‬ ‫التي عر�ست كانت تلك التي مل نعهدها من قبل‪،‬‬ ‫مثل الوليد بن طالل مع ميكي ماو�س‪ ،‬وبروين‬ ‫تنظر باإغواء لزوجها �ساركوزي‪ ،‬و�سورة زين‬ ‫العابدين بن علي وزوجته ليلي‪ ،‬وهي تعدل ياقة‬ ‫�سرتته بينما‪� ،‬سورة بورقيبة يف اخللفية يبدو‬ ‫غا�سبا‪ ..‬وهكذا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من اأين لك اجلراأة حتى تعر�س �شورا كهذه‬

‫هناك نوع من ال�شلة بيننا‬ ‫وبني القادة‪ ،‬واللقطات التي‬ ‫عر�شت كانت تلك التي مل نعهدها‬ ‫من قبل‪ ،‬مثل الوليد بن طالل مع‬ ‫ميكي ماو�س‪ ،‬و«بروين» تنظر باإغواء‬ ‫لزوجها �شاركوزي‪ ،‬و�شورة زين‬ ‫العابدين بن علي وزوجته ليلى‪ ،‬وهي‬ ‫تعدل ياقة �شرتته‪ ،‬بينما �شورة بورقيبة‬ ‫يف اخللفية يبدو غا�شباً‪ ..‬وهكذا‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫�صورة بنازير بوتو التي وُ�صعت على غالف «التامي»بعد اغتيالها‬

‫يف وقــت قد تكون الأغلبية فيه تعلن نقمتها‬ ‫على الزعماء؟‬ ‫�دي �سور كثرية‬ ‫مل اأق�سد ا�ستفزاز النا�س‪ ،‬ول� ّ‬ ‫ل�سخ�سيات قيادية حمبوبة كامللكة رانيا تالعب‬ ‫اأطفالها مث ًال‪ ،‬لكني فنان‪ ،‬يهمني تقدمي �سيء‬ ‫يح ّرك النا�س ويده�سهم وي�سوقني لتباين ردود‬ ‫اأفعالهم‪ ،‬القذايف مثال‪ ،‬كثري ممن زاروا املعر�س‬ ‫كرهوه و�سخروا منه‪ ،‬ولكن كان هناك عدد من‬ ‫النا�س اأعلنوا حمبتهم له وترحمهم عليه وحازت‬ ‫�سورته باللبا�س الع�سكري والنيا�سني اإعجابهم‪،‬‬ ‫فكل ي��رى بعينه‪ ،‬فمثال ج��اءين اأح��ده��م وقال‬ ‫يل‪�« :‬سورة رائعة بينت �سخافته بعد�ستك»‪..‬‬ ‫ثم جاءين �سخ�س اآخر‪ ،‬وع ّلق قائ ًال‪� ..« :‬سورة‬ ‫رائعة بينت فخامته كم اأحبه‪ ،‬لقطة ممتازة!»‪.‬‬ ‫الأمر بالنهاية يختلف من منظور �سخ�س لآخر‪،‬‬ ‫وهذا من جمال ال�سورة الفنية ومداها الوا�سع‪،‬‬ ‫و�سورة امللك عبد اهلل البع�س راآه �سغري ًا للغاية‬ ‫اأمام ك�سوة الكعبة‪ ،‬البع�س راأى اأن املعنى كون‬ ‫ال�سلطة �سئيلة اأمام الرب و�سلطة الدين‪ ،‬والغري‬ ‫راأى �سيئ ًا خمتلف ًا‪ ،‬التنا�سب بني حجم الإن�سان‬ ‫وحجم ما يتعلق بالإله‪ ..‬اإلخ‪.‬‬ ‫ل ـكــن � ـشــورة الـ ـق ــذايف ممــا ي ـعــرب ع ـنــه ع ـنــوان‬

‫ج�صور‬

‫‪26‬‬

‫�صورة مل�صق للقذايف اأكرب من احلجم الطبيعي‬

‫املعر�س كزعيم وقائد اأمل تكن مبالغة؟‬ ‫كان زعيم ًا يف وقت ما‪ ،‬وعبارة «اتبع القائد»‬ ‫اأو الزعيم ن�سمعها عن اأ�سخا�س كرث ويف نهاية‬ ‫املطاف كل ال�سخ�سيات التي عر�ستها لديها‬ ‫من يتبعها‪ ،‬وهناك اإ��س��ارة يف �سمري املجموع‬ ‫تعرب عنها تلك العبارة وهي تعني الكثري‪.‬‬ ‫ال�سحايف ‪ ..‬الفني‬ ‫الطاغية اأو الزعيم كيف ميكن للم�شور اأن‬ ‫ينقده وي�شخر منه بتقنية الت�شوير؟‬ ‫اأنا كم�سور �سحايف واإعالمي اأرف�س التالعب‬ ‫لغر�س اإب��راز م�ساعري ب�سكل ظ��امل‪ ،‬الأمانة‬ ‫اأ�سا�س يف عملي‪ ،‬لكن مث ًال اإذا ما ا�ستخدمنا‬ ‫عد�سة عري�سة ‪ wide angle‬واقرتبنا كثري ًا من‬ ‫ال�سخ�س بها �سيبدو �سخيف ًا اأو م�سحك ًا‪ ،‬واإذا‬ ‫ما ا�ستخدمنا عد�سة لالإبعاد وتركنا م�سافة‬ ‫لت�سوير �سخ�س رفيع �ستعطيه قوة وهيبة قد ل‬ ‫تكون فيه‪ ،‬لكن اأنا كم�سور �سحايف مطلوب مني‬ ‫تقدمي �سورة جيدة واأمينة‪ ،‬مث ًال يف معر�سي‬ ‫ه��ذا مل اأ��س�ت�خ��دم ح�ت��ى بع�س ال�ف��وت��و��س��وب‪،‬‬ ‫وامل�سور ل ميلك اإظهار �سخ�سية ما يكرهها‬ ‫ب�سكل �سيئ اإذا ما كانت موؤ�س�سته ترف�س ذلك‪،‬‬

‫فالأمر غالب ًا يعود ل�سيا�سة املوؤ�س�سة‪ ،‬ومهمتي‬ ‫علي احلياد‪ ،‬فال‬ ‫كاإعالمي ونزاهة املهنة حتتم ّ‬ ‫اأ�سع م�ساعري اخلا�سة فيما األتقط‪ ،‬وال�سحايف‬ ‫املغايل يف ر�سائل يح�سوها يف �سورة �سخ�س ما‬ ‫مهما كان‪ ،‬يعترب خبيث ًا براأيي‪ ،‬وعموم ًا النا�س‬ ‫تقراأها كيفما تريد‪ ،‬وح�سب ما و�سلتهم من‬ ‫معلومة‪.‬‬ ‫يف �سورة «علي عبد اهلل �سالح» بدا فيها خمتبئ ًا‬ ‫خلف جي�سه ليحميه م��ن �سعبه وح��ول��ه مئات‬ ‫ال�سور له �ساع وجهه بينها‪ ،‬واإذا كان من اأمر‬ ‫مزعج يف تلك اللقطة فقد خلقه هو كموقف‪،‬‬ ‫بالن�سبة يل اأ��س�غ��ط على ال��زر وف�ق��ط‪ ،‬اأري��د‬ ‫احلقيقة كما هي‪ ،‬كما �سورة امللكة اإليزابيث‬ ‫تطل م��ن وراء ال�ب��اب بانتظار ��س��رياك ال��ذي‬ ‫تاأخر‪ ،‬و�سورة بنازير بوتو مميزة بدورها فيها‬ ‫ت�سرع واأمل وتفرد اأنثى وقوة �سخ�سية‪ ،‬واغتيلت‬ ‫ه��ي لكن �سورتها الباقية ك��ان��ت على غالف‬ ‫التامي وتناقلتها كل و�سائل الإع ��الم‪ ،‬تاأثريي‬ ‫الوحيد كان اإيقاف اللحظة‪.‬‬ ‫هذا الت�شوير‪ ..‬هل نعتربه عم ً‬ ‫ال �شحفياً اأم‬ ‫فنياً؟‬ ‫هو �سحايف كعمل‪ ،‬كان الهدف ت�سجيل موقف‪،‬‬


‫لكن يف الوقت ذاته احل�س الفني متواجد‪ ،‬مهما‬ ‫كانت ال�سخ�سيات عامة اخرتت �سور ًا من عني‬ ‫الف�سول‪ ،‬يف مواقف قد يراها النا�س عادية لكن‬ ‫احل�س الفني مييزها‪ ،‬وقد يتواجد هذا احل�س‬ ‫باأي حلظة حتى لو كانت و�سول زعيم اإىل املطار‬ ‫بح�سب ف�سول عني امل�سور ومتيزه‪ ،‬فقد يرى ما‬ ‫مل يره كل من حوله‪ ،‬واأحيان ًا الده�سة تفر�س‬ ‫نف�سها ب�سكل فني رغم رغبتي كم�سور �سحايف‬ ‫األ اأبتعد عن الإط��ار ال�سحايف املعني ح�سب‬ ‫احلاجة‪.‬‬ ‫ما الفرق بينهما؟‬ ‫مثل الفرق بني الكاتب ال�سحايف والأدي��ب اأو‬ ‫ال�ساعر‪ ،‬والت�سوير الفني يعطي حرية اأكرب‬ ‫وي�سمح بالتحرك على م�ستويات عدة وا�ستخدام‬ ‫برامج اأكرث‪ ،‬لكن يف الت�سوير ال�سحايف نحتاج‬ ‫للعنا�سر وامل�ع�ل��وم��ات وغ��ريه��ا ك�م�ج��ال عمل‬ ‫بالدرجة الأوىل‪ ،‬ولكن النوعني يحمالن متعة‪.‬‬ ‫�سيل ال�سور‬ ‫األ تـ ــرى اأن ب ــري ــق تـ ـاأث ــري الـ ـ�ـ ـش ــورة اآخ ــذ‬ ‫بالرتاجع؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ل‪ ،‬ب��ل ا ّت �خ��ذت ب�ع��دا ج��دي��دا م��ع التكنولوجيا‬ ‫والكامريات الرقمية‪ ،‬لكن بريق تاأثري امل�سور‬ ‫هو املرتاجع‪ ،‬فقد اختفى ما كان يعرف مب�سور‬ ‫احل��ي مث ًال‪ ،‬وامل�سور ال�سحايف ب��دوره يعاين‬ ‫اليوم خا�سة يف عاملنا العربي فقد اأ�سبحت‬ ‫املوؤ�س�سات الإع��الم�ي��ة ق��د جتعل امل�ح��رر يقوم‬ ‫بالت�سوير «اإنه دبر حالك»‪ ،‬اإذ هناك انتقا�س‬ ‫م��ن ق��در امل�سور واإن�ت��اج��ه املهني‪ ،‬وج��زء من‬ ‫ذلك راجع ل�سيل ال�سور منخف�سة اجلودة من‬ ‫املوبايل مما يلتقطه العامة يف اأح��داث الربيع‬ ‫العربي‪ ،‬فانخف�ست تربية العني على ال�سور‬ ‫اجليدة‪ ،‬اإذن بريق مهنة الت�سوير تراجع‪.‬‬ ‫على ذكر الربيع العربي‪ ،‬كانت هناك اتهامات‬ ‫باأن �شور الأحــداث كما يجري يف �شوريا مثال‬ ‫مفربكة‪ ،‬هل هذا �شحيح؟‬ ‫اأغلب ما راأيت من �سور الأحداث مل تكن مزورة‪،‬‬ ‫ويف �سوريا ظل الإعالم الر�سمي ال�سوري يقول‬ ‫العك�س ويوؤكد اأن املظاهرات حتدث يف العراق‬ ‫اأو قطر‪ ..‬ال��خ‪ ،‬ثم خرج الرئي�س نف�سه ُمتهم ًا‬ ‫املتظاهرين بتقا�سيهم اأموا ًل ليقوموا بتمثيلية!‪،‬‬ ‫لكن اأغلب ما يعر�س حقيقي‪ ،‬اأم��ا فيما خ�س‬ ‫ليبيا فقد راأي��ت الكثري من ال�سور التي حوت‬ ‫تالعب ًا‪.‬‬ ‫هــل امل ـكــان ال ــذي تن�شر فـيــه ال ـ� ـشــورة هــو ما‬

‫يعطيها انطباعاتها امل�شتمدة‬ ‫اأح ـ ـي ــان ـ ـاً م ــن و� ـش ـي ـلــة الـنـ�ـشــر‬ ‫ومكانتها؟‬ ‫بالطبع امل�ك��ان م�وؤث��ر ح�سب الو�سول‬ ‫ل�ل�ن��ا���س‪ ،‬ه��ذا ي �وؤث��ر ع�ل��ى ح �ي��اة ال���س��ورة‬ ‫بعد ال�سورة‪ ،‬لكنه ل يغريها ذاتها وقيمتها‪،‬‬ ‫ف �اإذا كانت ال�سورة مميزة ج��د ًا تبحث عنها‬ ‫موؤ�س�سات الإعالم‪ ،‬فت�سبح لها حياتها اخلا�سة‬ ‫وقد ين�سرها النا�س باأنف�سهم‪.‬‬ ‫مع هوكينز‪ ..‬وبنازير‬ ‫ه ّ‬ ‫ال رويت لنا ذكرياتك مع بع�س من �شخو�س‬ ‫هذه ال�شور؟‬ ‫يف اأواخ� � ��ر ‪ 2001‬ذه �ب��ت م ��ن ب��اري ����س اإىل‬ ‫كامربيدج حتى األتقط �سورة هوكينز وكان اأن‬ ‫قابلتني زوجته قبل دخويل لتحذرين من كونه‬ ‫يكره الت�سوير وامل�سورين كونهم يحدثونه‬ ‫عادة با�ستخفاف كاأنه ل ي�ستطيع فهمهم رغم‬ ‫عبقريته!‬ ‫وق��ال��ت‪ ..« :‬اإن ��س��در م�ن��ك م��ا ��س��اب��ه ذل��ك‪،‬‬ ‫ف�ستجده ي�سغط الزر يف كر�س ّيه ويبتعد وتعترب‬ ‫الأمر منتهي ًا �ساعتها»‪.‬‬ ‫وكان ذلك يف اعتباري واأخذت وقتي يف انتظار‬ ‫رده‪ ،‬ح�ي��ث يطبعه ع�ل��ى اجل �ه��از ث��م يتحدث‬ ‫الكمبيوتر مبا يريد قوله‪ ،‬حينها لفت انتباهي‬ ‫�سورة ملارلني مورنو خلفه ف�ساألته عنها فقال‪:‬‬ ‫«‪ ..‬اأن��ا اأحبها وزوج�ت��ي تغار منها‪ ،‬ل��ذا حاول‬ ‫اأن جتعلها وا�سحة يف لقطاتي لأزع��ج زوجتي‬ ‫قلي ًال!‪ .‬وحني ن�سرت ال�سور ات�سل بي مكتبه‬ ‫ليح�سل على اإحدى لقطاتي لكتابه اجلديد»‪.‬‬ ‫ومع بنازير بوتو اأذك��ر قلقها من لون �سفتيها‬ ‫حيث مل تكن ت�سع حمرة‪ ،‬وبقيت اأردّد طوال‬ ‫وقت الت�سوير كم اأنها جميلة ولي�ست بحاجة‬ ‫ل��ذل��ك‪ ،‬واأن ه��ذا بال�سبط م��ا يجعل �سورتها‬ ‫برونق خا�س‪ ،‬وبالفعل طبيعتها جعلت ال�سورة‬ ‫بالغة التاأثري واجلذب‪.‬‬ ‫ويف � �س��ورة � �س��رياك وب��و���س ع��ام ‪ 2004‬اذك��ر‬ ‫اإح�سا�سي وكاأين يف الغرب القدمي وهما ينظران‬ ‫لبع�سهما بذلك ال�سكل‪ ،‬حيث كانت هناك اأزمة‬ ‫وقتها كما نذكر ب��ني اأم��ريك��ا وفرن�سا ب�سبب‬ ‫احل��رب على ال�ع��راق‪ ،‬وب��دا وكاأنهما جاهزان‬ ‫ملعركة‪ ،‬خا�سة بو�س ال��ذي بدا ب��ارد ًا مع �سبه‬ ‫جتهم وكاأنه يحاول الرتكيز قبل النق�سا�س‬ ‫و�سرياك يقف بثبات يف وجهه‪.‬‬ ‫ويف ع��ام ‪ ،2009‬يف العيد الأرب �ع��ني مل��ا �سمي‬

‫كثري ممن زاروا املعر�س كرهوا �شورة‬ ‫القذايف و�شخروا منه‪ ،‬ولكن كان هناك‬ ‫عدد من النا�س اأعلنوا مبتهم له‬ ‫وترحمهم عليه‪ ،‬وحازت �شورته‬ ‫باللبا�س الع�شكري والنيا�شني اإعجابهم‪،‬‬ ‫فكل يرى بعينه‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال جاءين اأحدهم‬ ‫وقال يل‪�« :‬شورة رائعة بينت‬ ‫�شخافته بعد�شتك»‪ ..‬ثم‬ ‫جاءين �شخ�س اآخر‪ ،‬وع ّلق‬ ‫قائ ً‬ ‫ال‪� ..« :‬شورة رائعة‬ ‫بينت فخامته كم‬ ‫اأحبه‪ ،‬لقطة ممتازة!»‬

‫ب �ث��ورة ال �ف��احت يف اح�ت�ف��ال�ي��ة ك ��ربى ح�سرها‬ ‫زعماء العامل كنت اأ�سورها لوكالة ال�سحافة‬ ‫الفرن�سية (‪ )AFP‬اأحببت تلك ال�سورة كانت‬ ‫خيالية براأيي‪ ،‬ف�سخ�سية القذايف خا�سة جد ًا‬ ‫وقتها كنت اأدرك التحول الذي ح�سل من �ساب‬ ‫يف ال�‪ 27‬من عمره يحبه النا�س متبا�سط ًا اإىل‬ ‫حميطه ال��ذي ك��ان فيه يومها –يوم اأخ��ذت‬ ‫ال�سورة– ملك ًا مبعنى الكلمة‪.‬‬ ‫ذكرياتي معهم عموم ًا اأكرث من ممتعة وغريبة‪،‬‬ ‫اأحيان ًا من ال�سعوبة الو�سول لهم مع حواجز‬ ‫املكتب الإع��الم��ي والأم ��ن وغ��ريه‪ ،‬لكن منهم‬ ‫م��ن راف �ق��ت يف ط��ائ��رات خ��ا��س��ة‪ ،‬ومنهم من‬ ‫راأي��ت جوانبهم الإن�سانية‪ ،‬واأن��ا اأجال�سهم مع‬ ‫عائالتهم‪ ..‬وهكذا‪.‬‬ ‫م ــاذا يـجـنــي املـ�ـشــور مــن قــربــه اأو ب ـعــده من‬ ‫ال�شخ�شيات التي يلتقط �شورها؟‬ ‫امل�ت�ع��ة‪ ،‬اأن��ا يف مهنتي ه��ذه اأت�سلى واأكت�سف‬ ‫واأغامر‪ ،‬امللل ل يقربها‪ ،‬كما اأن فيها ما يجعل‬ ‫ح �ي��اة امل �� �س��ور مم �ي��زة وه ��ي ف �ك��رة امل�ج�ه��ول‬ ‫امل�ستمر‪ ،‬مث ًال رحلة الكت�ساف حالة دائمة‬ ‫فنتحرك كم�سورين ح��ول ال�ع��امل ون�سادف‬ ‫الكثري بحلوه ومره‪ ،‬واملفاجاآت ل تنتهي‪ ،‬بينما‬ ‫البع�س يف اأعمالهم يفتقدون ه��ذا العن�سر‪،‬‬ ‫الذي يجعلنا ندرك قيمة احلياة ونعي�سها بالفعل‬ ‫اأكرث من غرينا‪.‬‬ ‫بــراأيــك مــاذا يظل من هــذه ال�شخ�شيات التي‬ ‫عرفت غري قراراتها وما ي�شاع عنها؟‬ ‫��س��وره��م‪ ،‬اأم��ا ا ّأي �سور تلك ف��ال اأع ��رف‪ ،‬ول‬ ‫اأ�ستطيع اأن اأح�ك��م‪ ،‬ه��ذا الأم��ر يبقى لالأيام‪،‬‬ ‫فهنالك دائ�م� ًا �سور تبقى يف ال�ب��ال م��ن دون‬ ‫غريها ك�سورة جيفارا ونظرته الثورية املميزة‬ ‫وتلك ل��ه م��ع ال�سيجار‪ ،‬و��س��ورة عبد النا�سر‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫مبت�سم ًا ن��اظ��ر ًا ل �الأف��ق والأم���ري عبد ال�ق��ادر‬ ‫وهكذا‪ ..‬هناك لغز ما يف �سبب بقاء �سور من‬ ‫دون غريها يف الأذهان‪.‬‬ ‫مــا راأي ــك بـعــر�ــس �ـشــور ال ـقــذايف الأخـ ــرية له‬ ‫بتلك الطريقة؟‬ ‫اأنا كرهت ذلك‪ ،‬املوت له حرمة‪ ،‬وكل �سخ�س‬ ‫مهما اق��رتف له حق فيها‪ ،‬ك��ان ذل��ك انتهاك ًا‬ ‫براأيي‪.‬‬ ‫يقال عن حياة امل�شورين اإنها جنونية‪ ،‬واإنهم‬ ‫هم ذاتهم جمانني‪ ..‬ما راأيك؟‬ ‫بكل تاأكيد‪ ،‬لكني اأرى اأن املجتمعات ككل حتتاج‬ ‫جلرعة ج�ن��ون‪ ،‬فمن ن�سفهم بذلك ينتجون‬ ‫الكثري يف احلياة‪ ،‬ثم اإن النا�س اجلديني يجعلون‬ ‫املكان ُمم ًال و ُمزعج ًا اأحيان ًا‪.‬‬ ‫كـيــف وج ــدت الإم ـ ــارات كبيئة ثـقــافـيــة كهذه‬ ‫الفعاليات املقامة معك وغريها؟‬ ‫وجدت جو ًا ُمطمئن ًا و ُم�سجع ًا لالإبداع‪ ،‬فمثالً‬ ‫تعرفت يف زيارتي الأخرية على موؤ�س�سة ا�سمها‬ ‫«ت�سكيل» ت�سمح للفنانني اإن كانوا اإماراتيني‬ ‫اأم اأجانب اأن ي�ستعملوا جتهيزات‪ ،‬اأنا كم�سور‬ ‫اأح�ل��م مب��ا فيها م��ن ا�ستديو ت�سوير واأح��دث‬ ‫الأجهزة والطباعة‪ ،‬وفيها الكثري للم�سممني‬ ‫والر�سامني والنحاتني‪ ،‬وه�ك��ذا‪ ،‬وت��وف��ري مثل‬ ‫هذا جمان ًا لأمر ممتاز ل جتدينه يف دول كربى‬ ‫ح��ول العامل‪ ،‬كما لحظت اهتمام النا�س هنا‬ ‫بالنكهات الثقافية املختلفة خالل تواجدي يف‬ ‫غالريي اأيام‪ ،‬فالكثريون يف هذه البالد لديهم‬

‫امل�شور ل ميلك اإظهار‬ ‫�شخ�شية ما يكرهها ب�شكل‬ ‫�شيئ اإذا ما كانت موؤ�ش�شته‬ ‫ترف�س ذلك‪ ،‬فالأمر غالباً‬ ‫يعود ل�شيا�شة املوؤ�ش�شة‪ ،‬ومهمتي‬ ‫علي‬ ‫كاإعالمي ونزاهة املهنة حتتم ّ‬ ‫احلياد‪ ،‬فال اأ�شع م�شاعري اخلا�شة‬ ‫فيما األتقط‪ ،‬وال�شحايف املغايل يف‬ ‫ر�شائل يح�شوها يف �شورة �شخ�س‬ ‫ما مهما كان‪ ،‬يعترب خبيثاً براأيي‪،‬‬ ‫وعموماً النا�س تقراأها كيفما تريد‪،‬‬ ‫وح�شب ما و�شلتهم من معلومة‬

‫ج�صور‬

‫‪28‬‬

‫عمار عبد ربه يف حوار مع الزميلة ال�صيماء خالد‬

‫ف�سول وتذوق للجمال والفن‪.‬‬ ‫اأزمة العقل‬ ‫بحكم تعاملك مــع العديد منها‪ ،‬كيف ترى‬ ‫ت ـنــاول امل ـوؤ� ـش ـ� ـشــات الإعــالم ـيــة يف الإم ـ ــارات‬ ‫لل�شورة؟ هل هو منطي اأم متنوع؟‬ ‫اأظن اأن املوؤ�س�سات العربية مبا فيها الإماراتية‬ ‫ل زال��ت تفتقر للنظرة التي نطمح لها يف فن‬ ‫ال�ت���س��وي��ر‪ ،‬كبلد م�ث��ل ه��ذا بطموحه ال�ع��ايل‬ ‫وم�ستواه الفريد ويف حبه ل�الأف�ك��ار العاملية‪،‬‬ ‫فكما اأع��رف‪ ،‬الإم��ارات تريد اأن تكون �سباقة‬ ‫ومت�سدرة مب�ستوى عاملي‪ ،‬اإذ ًا يفرت�س اأن تكون‬ ‫موؤ�س�ساتها الإعالمية من باب اأوىل على هذا‬ ‫القدر من الطموح‪.‬‬ ‫ملاذا براأيك هذا الفتقار؟‬ ‫امل�سرفون على املوؤ�س�سات الإعالمية‪ ،‬غالب ًا مما‬ ‫راأيتهم‪ ،‬ذوو ثقافة ت�سويرية �سعيفة‪ ،‬ولهذا‬ ‫�ستاأخذ وقتها حتى تفهم النتقاء الت�سويري‪.‬‬ ‫هل بتعاملك مع املوؤ�ش�شات الإعالمية الكربى‬ ‫حول العامل وجدت الفرق وا�شحاً؟‬ ‫نعم بالتاأكيد‪ ،‬نفتقد يف عاملنا العربي ب�سكل‬ ‫خميف يف موؤ�س�ساتنا الإعالمية من غياب حمرر‬ ‫ال�سور (‪ ،) Photo Editor‬يف نيويورك تاميز‬ ‫ول��وم��ون��د هناك �سخ�س يعتلي ه��ذا املن�سب‬ ‫ويتفق مع الوكالت ورئي�س التحرير حتى يكون‬ ‫له �سورة مميزة‪ ،‬وخطه اخلا�س‪ ،‬لذلك متيزت‬ ‫موؤ�س�ساتهم‪ ،‬وامل�سكلة لدينا لي�ست اقت�سادية بل‬ ‫هي يف اإدراك الأمور‪ ،‬يف اأزمة العقل‪ ،‬والأمر هنا‬ ‫يعود للقرار يف عاملنا العربي‪.‬‬ ‫كيف ذلك؟‬ ‫م�ث� ًال‪ ،‬يقولون‪« :‬نحن م�سطهدون يف‬ ‫ال���س��ور ال �ت��ي ت �وؤخ��ذ ل�ن��ا يف الإع ��الم‬ ‫الغربي‪ ،‬حيث يتم تقدمينا ب�سورة‬

‫اإرهابيني اأو ن�ساء حمجبات اأو‪ ،‬اأو ‪« ...‬ردي هو»‪:‬‬ ‫هل لدينا نحن موؤ�س�سات �سحافية وت�سويرية‬ ‫تعطي تلك ال�سورة التي نريد؟!‪ ،‬بالطبع ل‪ ،‬هل‬ ‫لدينا نية لعمل ذلك؟‪ ،‬بالطبع ل!‪ ،‬اإذن �سنبقى‬ ‫حتت رحمة من ي�سوروننا‪ ،‬فلو اأننا نتخذ القرار‬ ‫مل يكن ذل��ك ليكلفنا ج��زء ًا مما ي�سرف على‬ ‫اأ�سغر الف�سائيات‪.‬‬ ‫‪ ..‬هيا �س ّور نف�سك كما تريد!‪ ،‬اعمل ل�سورتك‬ ‫التي تريد‪ ،‬هذا ما اأدعو له‪ ،‬فمث ًال يف وفاة ويل‬ ‫العهد ال�سعودي اإذا طلبنا �ُ��س��ور ًا من الوكالة‬ ‫ال�سعودية الر�سمية عن الفقيد لن تبعث �سوى‬ ‫�سور �سعيفة امل�ستوى‪ ،‬واأح�ي��ان� ًا‪ ،‬ويف مواقف‬ ‫اأخرى‪ ،‬قد ل تر�سل �سيئ ًا باملرة‪ ،‬هذه موؤ�س�سات‬ ‫اإعالمنا الر�سمية‪ ،‬ما الذي نفعله نحن م�ساد‬ ‫لل�سورة الظاملة براأينا عنا؟‬ ‫«ن�سالون» ‪ ..‬و«باباراتزي»‬ ‫هل ت�ش ّللت يوماً لأخذ �شورة؟‬ ‫��س�وؤال لطيف‪ ،‬نعم فعلت‪ ،‬ك��ان ذل��ك ُممتع ًا‪،‬‬ ‫م�ث� ًال اأخ ��ذت � �س��ور ًا ل�ل�ق��ذايف وم��ن ح��ول��ه من‬ ‫�سخ�سيات مل تكن معروفة مبالحمها وكنت‬ ‫اأخاطر حينها‪ ،‬وغريها الكثري من املواقف‪ ،‬اأما‬ ‫من اأمتع التحقيقات الت�سويرية التي قمت بها‬ ‫لباري مات�س‪ ،‬فقد كانت عن «الن�سالني»‪ ،‬لك اأن‬ ‫تتخيلي �سعوبة التقاط هكذا �سور حلذر هوؤلء‪،‬‬ ‫كانت هذه وجتارب م�سابهة من اأمتع اللحظات‬ ‫التي ق�سيت ب�سحبة الكامريا وروح املغامرة‪.‬‬ ‫اأيــن تــرى مــوقــع املـ�ـشــور ال�شحايف يف اللعبة‬ ‫الإعالمية؟‬ ‫هناك مطبوعات غربية قائمة ككل على ال�سور‬ ‫مثل اأ�سبوعية ب��اري مات�س وه��ال��و ماجازين‬ ‫ون��ا� �س �ي��ون��ال ج �ي��وغ��راف �ي��ك‪ ،‬وغ��ريه��ا‪ ،‬ب��دون‬ ‫م�سورين هذه املطبوعات ل وجود لها‪ ،‬هنا يكون‬


‫مكان امل�سور حموري كمكان ال�سورة بالطبع‪،‬‬ ‫الأمر خمتلف يف عاملنا العربي كما قلت‪ ،‬وكاأن‬ ‫ال�سور تاأتي من حيث ل تدري‪ ،‬باأي �سعر بخ�س‪،‬‬ ‫وه��ذا ما ي�سعف موقع امل�س ّور لدينا بطبيعة‬ ‫احلال‪.‬‬ ‫مــا راأي ــك بـفـكــرة املـ�ـشـ ّور اجلــا�ـشــو�ــس‪ ،‬املتعلق‬ ‫بال�شيا�شة ونوع خمتلف من الباباراتزي بعيداً‬ ‫عن ت�شوير الفنانني؟‬ ‫ن�سبة كبرية من الباباراتزي ظهرت وتزايدت‪،‬‬ ‫وهذا نتيجة تدهور املهنة‪ ،‬وجمالها مي�سي‪ ،‬وقد‬ ‫ل نحب هذا النوع لكن فيه �سيء من ال�سحافة‪،‬‬ ‫ولها �سوق و�سناعة كاملة‪ ،‬اأن��ا اأخالقي ًا اأرى‬ ‫الباباراتزي ّ‬ ‫يتدخل اأحيان ًا فيما ل يعنيه‪ ،‬لكن‬ ‫م��ن ناحية تطبيق ذل��ك على ال�سيا�سة فقليل‬ ‫جد ًا‪ ،‬هذا ل ينفي وجودهم عموم ًا‪.‬‬ ‫كيف ميكن للم�شور اأن ي�شبح جنماً؟‬ ‫مهنتنا هذه هي مهنة اجلندي املجهول‪ ،‬النا�س‬ ‫تعرف �سورنا لكن ل تعرفنا‪ ،‬لي�ست من املهن‬ ‫التي يفرت�س ب�ساحبها اأن يكون جنم ًا‪ ،‬واأن‬ ‫ي�سري اأحدهم م�سهور ًا اأكرث من غريه الأمر له‬ ‫�ساأن بالعالقات العامة‪ ،‬وبالطبع نوعية العمل‬ ‫املمتازة اأو ًل‪ ،‬والرتويج للعمل‪ ،‬فهناك م�سور‬ ‫يع ّرف نف�سه للموؤ�س�سات ب�سكل ترويجي‪ ،‬الأمر‬ ‫الذي ل اأحبه‪ ،‬لكن هناك بع�س ًا من الزمالء من‬ ‫يقوم بذلك‪.‬‬ ‫لأي درجة قد ي�شل التناف�س بني امل�شورين؟‬ ‫اإىل اأق�سى احل��دود‪ ،‬ه��ذه املهنة من اأك��رث ما‬ ‫يحمل التناف�س وال�سرعة وامل�ه��ارة والعالقات‬ ‫ب��ال�ط�ب��ع‪ ،‬ل��ك اأن تتخيلي ق�س�س ًا ك �اأف��الم‬ ‫الأك�سن حتدث يف مهنتنا خالل تناف�س امل�سور‬ ‫ال�سحفي مع زمالئه‪ ،‬هناك بع�س الق�س�س‬ ‫�سنيعة كالكذب والت�سويه و�سرقة �سور الغري‪،‬‬ ‫مم��ا ي��ذك��رين بق�سة ع��ن تناف�س حمموم بني‬ ‫م�سورين كانا يف حفلة مبوناكو‪ ،‬فقد يتوجب‬ ‫عليهما التقاط �سورها يف ال�سبعينيات‪ ،‬وكان‬ ‫عليهما الو�سول ب�سرعة اإىل مطار ني�س‪.‬‬ ‫ذهبا يف �سيارتني منف�سلتني بعد نهاية احلفل‪،‬‬ ‫و�سبق اأحدهما الآخر‪ ،‬واأ�سيب على الطريق بعد‬ ‫اأن حتطمت �سيارته‪ ،‬فخرج ووقف يحاول جعل‬ ‫اأح��د يلتقطه لي�ساعده‪ ،‬وك��ان اأن راآه امل�سور‬ ‫الآخ��ر فتجاوزه واأ� �س��رع اإىل امل�ط��ار‪ ،‬وبعد اأن‬ ‫اطماأن على اإر�سال ال�سور عاد لذلك امل�سور‬ ‫الزميل ليطمئن عليه‪ ،‬وحني و�سل اإليه قال ذلك‬ ‫امل�سور امل�ساب‪ :‬قد اأوظفك عندي لأن ال�سورة‬ ‫بالن�سبة لك اأهم من م�ساعدة اإن�سان!‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪30‬‬

‫اإعادة نظر‬

‫فتوى معاقة‬ ‫امل�ساألة ‪-‬وهم املخت�سون يف اأمر الإعاقة الذهنية‪ -‬فت�سو�ست الروؤية على‬ ‫القارئ‪.‬‬

‫نا�رص حممد نوراين‬ ‫�صحايف �صوداين‬

‫ندوات ك ُّلها‬ ‫علي �سفحات �سحف وم�ساحاتٌ ف�سائية و�ساحات‬ ‫ٍ‬ ‫تواطاأت َّ‬ ‫التفتت اإىل الإعاقة بعيون الإفتاء‪ ،‬بدا يل املو�سوع مثري ًا ل�سهية اختبار‬ ‫مقاربات الإع��الم ل�سوؤوننا نحن اأ�سحاب «الأمل اجلميل» كما يحلو يل‬ ‫اأن اأعزي نف�سي اأحيان ًا‪ ..‬زاد من اإغرائي اأن الفتوى غدت وقد امتالأ بها‬ ‫الهواء املبثوث ماد ًة اإعالمي ًة بامتياز َّ‬ ‫تتفن يف اجلذب وتناف�س ب�سراو ٍة‬ ‫من اطماأنوا زمن ًا لحتكارهم الأثري‪.‬‬ ‫تخ�س�ست يف‬ ‫�سفحات‬ ‫ق َّلبت‬ ‫ٍ‬ ‫خم�س�س ٍة لالإفتاء اأفردتها جمل ٌة وليد ٌة َّ‬ ‫َّ‬ ‫�ساأننا‪ ،‬مت َّلكني الإعجاب لأن فكرة اللتفات لالإعاقة ومعاجلة ق�ساياها‬ ‫لكن الإحباط كان مرتب�س ًا ب�سروري املبدئي‪،‬‬ ‫الفقهية جديرة بالتقدير‪َّ ،‬‬ ‫ا�سرتعى انتباهي اأو ًل ا َّأن الفتاوى كانت خجولة العدد واأ َّنها جاهزة هاجر‬ ‫واقت�سادي اإىل اآخر مغاير متام ًا ‪،‬‬ ‫بها منتقوها من بلدٍ و�سياقٍ ثقا ٍ ّيف‬ ‫ٍّ‬ ‫مبعنى اأن خ�سو�سية الإعاقة يف بيئتها جرى جتاهلها‪َّ ،‬ثم كانت الإعاقة‬ ‫الذهنية بكل ت�س ُّعبها وتع ُّقد حالتها هي ما وقع الختيار عليها لتكون‬ ‫َّ‬ ‫إجابات هي امل�سكلة ل احلل؛ لأنها ك�سفت‬ ‫حمل �سوؤال امل�ستفتي لنفجع با ٍ‬ ‫تو�سل اإليه‬ ‫عن‬ ‫فارقٍ‬ ‫زمني مقداره على اأقل تقدير ع�سرة قرون بني ما َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ما�س كان اجلنون فيه هو‬ ‫وبني‬ ‫اليوم‬ ‫إعاقة‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫من‬ ‫وع‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫يف‬ ‫العلم‬ ‫ٍ‬ ‫الو�سف املختزل لكل طيف ال�سطرابات النف�سية والذهنية عند علماء‬ ‫ذلك الزمان ال�سحيق والذي ا�ستعادته هذه الفتاوى من غري اإعادة نظر!‬ ‫تعال عن �سوؤال اأه��ل الذكر يف‬ ‫ال�سطور املوؤذية التي ق��راأت ت�سبب فيها ٍ‬

‫ما ت�س ّور ُه عن هوؤالء؟‬ ‫يف مكانٍ اآخ��ر كنت م��وع��ود ًا ب �اأ ٍمل م�سابه‪ ،‬لكن ه��ذه امل��رة ك��ان يف ن��دو ٍة‬ ‫َّ‬ ‫مفت عارم ال�سهرة مل يوؤخر‬ ‫نظمتها جمعي ٌة خا�س ٌة مبتالزمة داون‪ ،‬جنمها ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫�سدمتنا مبا �سيديل به‪ ،‬بادرنا باأنه يطلع ل�ساعته على الأ�سئلة الأ�سا�سية‬ ‫مت�س حماور جوهر َّية يف حياة املنتمني لهذا ال َّنوع من‬ ‫التي اأع� َّ�دت وهي ُّ‬ ‫الإعاقة‪ ،‬ثم راعني ال�سيخ وهو ُيظهر عايل ثقته بعلمه مبو�سوعه‪ ،‬الذي‬ ‫كان من اأب�سع جتليات جهله به اأنه طوال الندوة ته َّرب من النطق با�سم‬ ‫«متالزمة داون»‪ ،‬غري ا َّأن ما ل ميكن اأن اأقاوم ح�سار �سوئه هو ا�ستخفاف‬ ‫ف�سيلته مب�ساعر اأولياء اأمور اأ�سحاب هذه الفئة الذين جلاأوا اإىل علمه‬ ‫ب�اإحل��اح وع�ق��دوا حوله ال�ن��دوة واأح���س��روا اأب�ن��اءه��م‪ ،‬ك��ان املفتي يطوف‬ ‫بالو�سف على ه �وؤلء ال�سغار بني اأنهم اأ�سبه باحليوانات‪ ،‬وب��ني اأنهم‬ ‫اأطفال‪ ،‬وبني اأنهم كالبالغني �سوا ًء ب�سواء‪ ..‬حتى اأ�سابتني مع الغثيان‬ ‫حري ٌة وت�ساءلت‪ :‬ما الت�س ُّور الذي يحمله ال�سيخ عن هوؤلء؟ األ يقولون يف‬ ‫الفقه اإن احلكم على ال�سيء فر ٌع عن ت�سو ُّره؟!‬ ‫�ساعقة مفتي‬ ‫ال�سيخ ذاته الذي ل يخطئني �سوته �سادفني من جديد ذات �سا�س ٍة عالية‬ ‫امل�ساهدة‪ ،‬وقد ت�سدى اأي�س ًا لالإعاقة مع اآخرين تط َّرقوا اإليها من جوانب‬ ‫لكن ال�سيخ ولأنه ميثل وجهة النظر الدينية‬ ‫طبي ٍة ونف�سي ٍة واجتماعية‪َّ ،‬‬ ‫ذات احل�سا�سية واخل�سو�سية‪� -‬س َّكل يف تقديري موقف ًا �سلبي ًا ا�ستثنائياً‬‫من الإعاقة ل اأ�سك يف ال�سرعة الفائقة لت�ساع دائرة تب ِّنيه من متل ِّقيه‬ ‫الذين ل يفرقون بني راأي ال�سيخ ال�سخ�سي واحلكم الإلهي الثابت‪.‬‬ ‫كانت احللقة عن زواج ذوي الإعاقة من غريهم‪ ،‬وكان ممثلون عن هذه‬ ‫الزيجات ح�سور ًا على الهواء ‪« ،‬فاأهداهم» ال�سيخ فتوى من �ساأنها يف‬ ‫وحب وثيق‬ ‫ظني اأن تخلخل قوة الرباط الزوجي بني من ارت�سى عن‬ ‫اقتناع ٍ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫القرتان بذات اإعاقة اأو العك�س‪ ،‬ذلك اأن ف�سيلته اأدخل الإعاقة يف دائرة‬ ‫الكفاءة التي ت�سرتط يف الزواج اإما حم�سور ًة يف الدين واخللق كما دلت‬ ‫بع�س الأحاديث واإما متو�سع ًة عند بع�س الفقهاء لدواعي اجتماعية يف‬ ‫اعتبارات الن�سب وامل�ستوى التعليمي والقت�سادي ونحوها‪ ،‬ال�سيخ اأمعن‬ ‫يف الإبانة ‪-‬اأو اإن �سئت يف الإيالم‪ -‬فقال اإن من يقبل ب�سريك حيا ٍة ذي‬


‫‪31‬‬

‫اإعاق ٍة يكون متف�س ًال ل َّأن زوجه ذا الإعاقة لي�س كفوؤ ًا له!! ل ي�ساورين‬ ‫أزواج بدوا يف احللقة‬ ‫اأدنى �سك يف ا َّأن هذه الكلمات نزلت �ساعق ًة على ا ٍ‬ ‫�سعيدين باختيارهم‪ ،‬واأظنهم كانوا ينتظرون من ال�سيخ خطاب ًا اإن�ساني ًا‬ ‫يراعي امل�ساعر اأو ًل واأخري ًا‪..‬‬ ‫�سحك‪ ..‬اأم بكاء؟‬ ‫راجعت هذا الواقع املر للفتوى الإعاقية مع اأطروحة ماج�ستري يف الفقه‬ ‫تناولت عبادات ذوي الإعاقة وانحب�ست يف ما ر أات��ه املذاهب يف زاهر‬ ‫عهدها‪ ،‬ومل يك ِّلف الباحث اآلته العلمية اأن َّ‬ ‫يطل بها على م�ستجدات‬ ‫امل�ساألة‪ ،‬ق��راأت ما ل تعرف معه اأت�سحك اأم تبكي! كيف جمع بع�سهم‬ ‫حريت اإمامة‬ ‫مث ًال هذا الكفيف مع ابن الزنى يف بع�س الأحكام؟! وكيف َّ‬ ‫الأعمى اأئمة الفقه؟! مع اأن الر�سول عليه ال�سالم اأذن لبن اأم مكتوم‬ ‫الأعمى يف الأذان والإمامة ‪ ،‬بل وا�ستخلفه على املدينة‪.‬‬ ‫لكن �سيئ ًا من اإ�سراقٍ فاأجاين متحدي ًا هذه الظلمة التي �سدلها بع�س من‬ ‫َّ‬ ‫يقدر قدر الإعاقة والفقه كليهما‪ ،‬الإ�سراق جاء من خارج الدائرة‬ ‫مل ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫الفقهية ‪ ،‬باحثٌ قانو ٌّ‬ ‫نا�سط يف حقوق ذوي الإعاقة ق��ارن بني اآخر‬ ‫ين‬ ‫ما اتفق عليه املجتمع ال��دويل يف املجال وبني الروؤية املتقدمة لالإعاقة‬ ‫قدمتها ال�سريعة الإ�سالمية قراآن ًا و�سري ًة نبوي ًة ومتابع ًة‬ ‫وذويها التي َّ‬ ‫لجتهادات م�ستنرية‪ ،‬راأى مث ًال ا َّأن ما‬ ‫من ال�سحابة والتابعني‪ ،‬وتو�سل‬ ‫ٍ‬ ‫ن�ست عليه التفاقية الدولية حلقوق الأ�سخا�س ذوي الإعاقة من اإلزام‬ ‫َّ‬ ‫الدولة بالتهيئة البيئية لهذه الفئة �سبق اإليه اخلليفة الرا�سد عمر‬ ‫بن اخلطاب حني حت َّمل بحكم موقعه على راأ�س الدولة عرثات‬ ‫احليوانات ل الب�سر فقط اإذا هو مل يع ِّبد لها الطريق‪.‬‬ ‫ق�سور يف الفهم‬ ‫ل�ست اأ�ستهدف يف هذا التطواف الفقهي ‪-‬بني مقروء‬ ‫الإع��الم الإع��اق��ي ومرئ ِّيه وال �ن��دوات‪ -‬العلماء الذين‬ ‫اأ��س��اءوا يف ظني لالإعاقة والفقه مع ًا‪ ،‬لكني اأ�س ِّوب‬ ‫نقدي اإىل ما هو اأهم من الأ�سخا�س‪ ،‬اأعني ما يحملهم‬ ‫على هذا النمط من اخلطاب الديني الإعاقي وهو‬ ‫الق�سور يف فهم الإعاقة وعدم مواكبة التطور الذي‬ ‫اأح��رزه يف م�سمارها الطب وال��درا��س��ات النف�سية‬ ‫وعلوم الرتبية اخلا�سة‪ ،‬حتى غدت الإعاقة يف كث ٍري‬ ‫من حالتها �ساأن ًا �سديد التعقيد ينبغي اأن يحال مل ُّفه‬ ‫اإىل املجامع الفقهية‪ ،‬وبذا تتحقق املراجعة املطلوبة‬ ‫لعتقاد جازم باأن الإعاقة كما هي يف الت�سور الفقهي‬ ‫ٍ‬ ‫ال�سائد قد ح�سم اأمر احلكم عليها العلماء الأوائل‪.‬‬ ‫ا َّإن ال��ذي يق ِّلب طرفه و�سمعه يف ال�سا�سات يعرف اأن‬

‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪3‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2011‬‬

‫الإفتاء قد مالأ الهواء‪ ،‬واأن الإعاقة ينبغي اأن َّ‬ ‫حتتل منه موقعها الذي‬ ‫وعي ل ي�ست�سهل الأمور‪ ،‬وهنا اأذكر‬ ‫علم وجدي ٍة وعن ٍ‬ ‫ت�ستحق‪ ،‬لكن عن ٍ‬ ‫مو�سوع ي�سلح لأط��روح��ة دك�ت��وراة يف الفقه‬ ‫اأن زمي ًال ا�ست�سارين يف‬ ‫ٍ‬ ‫التوحد ودللته على بع�س املفاتيح‬ ‫فاقرتحت عليه اأن يتناول ا�سطراب ُّ‬ ‫التي تعينه‪ ،‬ثم غبت عنه زمن ًا لأجده قد �سرب �سفح ًا عن اقرتاحي‬ ‫واختار اأن يبحث يف اأحكام ال�ستاء يف ال�سريعة الإ�سالمية! اأدرك��ت‬ ‫تتحدى اجلا ِدّين من الفقهاء بقدر ما‬ ‫حينها اأن الإعاقة ودهاليزها َّ‬ ‫ق�سرت اإمكان َّياته‬ ‫من‬ ‫أما‬ ‫ا‬ ‫إعالميني‪،‬‬ ‫ت�ستف ُّز احرتافية املتقنني من ال‬ ‫َّ‬ ‫ليقدم‬ ‫ع��ن ه��ذا امل�ستوى فهو م��ن ي�سرع اإىل �سلوك الطريق ال�سهل ِّ‬ ‫الإعاقة بالأبي�س والأ�سود يف زمن الديجيتال والآي فون‬

‫ل�صت اأ�صتهدف يف هذا التطواف الفقهي‪ ،‬بني‬ ‫مقروء الإعالم الإعاقي ومرئ ّيِه والندوات‪ ،‬العلماء الذين‬ ‫اأ�صاءوا يف ظني لالإعاقة والفقه معاً‪ ،‬لكني اأ�ص ِّوب نقدي‬ ‫اإىل ما هو اأهم من الأ�صخا�ض‪ ،‬اأعني ما يحملهم على هذا‬ ‫النمط من اخلطاب الديني الإعاقي وهو الق�صور يف فهم‬ ‫الإعاقة وعدم مواكبة التطور الذي اأحرزه يف م�صمارها‬ ‫الطب والدرا�صات النف�صية وعلوم الرتبية اخلا�صة‬ ‫خم�ص�ص ٍة لالإفتاء اأفردتها جمل ٌة وليدةٌ‬ ‫ق ّلَبت �صفحاتٍ‬ ‫َّ‬ ‫تخ�ص�صت يف �صاأننا‪ ،‬مت ّلَكني الإعجاب لأن فكرة اللتفات‬ ‫َّ‬ ‫لالإعاقة ومعاجلة ق�صاياها الفقهية جديرة بالتقدير‪ ،‬لك َّن‬ ‫الإحباط كان مرتب�صا ً ب�رصوري املبدئي‪ ،‬ا�صرتعى انتباهي‬ ‫اأول ً اأ َّن الفتاوى كانت خجولة العدد واأن َّها جاهزة هاجر بها‬ ‫واقت�صادي اإىل اآخر مغاير متاما ً‬ ‫ّ‬ ‫منتقوها من بل ٍد و�صيا ٍق‬ ‫ٍّ‬ ‫ثقايفٍ‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫بني موؤيد ل�شتهدافها‬ ‫وراف�ض له‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫تلفاز‬

‫‪32‬‬

‫اإلخبارية السورية‪..‬‬ ‫�سحية اأم طرف يف النزاع؟!‬

‫دم�صق ‪ -‬الإعالم والع�رص‬ ‫بغ�ض النظر عن اجلهة التي كانت وراء‬ ‫ا�صتهداف قناة الإخبارية ال�صورية‪ ،‬فقد كان‬ ‫م�صهد دماء الإعالميني والتقنيني التي �صالت‬ ‫داخل اأروقة املبنى وعلى جدرانه وميكروفوناته‬ ‫كافيا ً لإطالق �صيحات ال�صتنكار والتنديد من‬ ‫كل مكان‪.‬‬ ‫ففي م�صهد ماأ�صاوي‪ ،‬امتدت يد العنف واآلة‬ ‫القتل اإىل �رصح اإعالمي جل ما ارتكبه اأنه‬ ‫جلاأ اإىل املعلومات والأخبار وال�صور ك�صالحه‬ ‫الوحيد‪ ،‬بغ�ض النظر عن م�صدرها‪.‬‬

‫فباأمر م��ن جهة وح�سية‪ ،‬اتخذ ال �ق��رار‪ ،‬دمر‬ ‫مبنى الإخبارية‪� ،‬سقط ال�سحايا‪ ،‬وا�ستحالت‬ ‫حديقة الورود املحيطة باملبنى ركام ًا‪ ،‬جمموعة‬ ‫جتردت من قيمها واأخالقهاأ‪ ،‬والأهم اإن�سانيتها‪،‬‬ ‫وو�سعت حرية التعبري جانب ًا‪ ،‬ليقتحموا �سور‬ ‫الإخبارية ويقتلوا احلرا�س وبع�س ًا من كوادرها‪،‬‬ ‫وليعملوا حقدهم واإرهابهم يف مبانيها بحيث‬ ‫اأحرقوا غرفة الأخبار بكل جتهيزاتها‪ ،‬وغرف‬ ‫البث وال�سيانة‪ ،‬واملونتاج‪ ،‬واأجنحة الإدارة‪،‬‬ ‫وال�ستوديوهات التي كانت قيد التجهيز للبث‬ ‫املبا�سر‪ ،‬كما دم��رت الكامريات واحلوا�سيب‬

‫انق�شم الف�شاء الإعالمي حول �شوريا‬ ‫يف العامل كما الواقع على الأر�س اإىل ق�شمني‪،‬‬ ‫ق�شم ينقل وجهة نظر النظام ال�شوري‪ ،‬والق�شم‬ ‫الثاين ينقل وجهة نظر املتمردين اأو الثوار‪ ،‬لكن‬ ‫اإحدى القنوات التي اعتادت اأن تنقل هي هذه‬ ‫الأخبار‪ ،‬حتولت هذه املرة اإىل ال�شحية بنف�شها‬ ‫بعدما طال تفجري اإرهابي قناة الإخبارية ال�شورية‬ ‫واأ�شفر عن مقتل عدد من كوادرها‬

‫واأح��رق الأث��اث وفجرت اجل��دران وال�سقوف‪،‬‬ ‫ب�ع��دم��ا ن�ه�ب��ت م��ا ا��س�ت�ط��اع��ت م��ن جت�ه�ي��زات‬ ‫وتقنيات و�سيارات‪.‬‬ ‫كانت ر�سالتها وا�سحة‪ ،‬وه��ي ا�سكات �سوت‬ ‫هذه الف�سائية املح�سوبة على النظام‪ ،‬لكن ما‬ ‫ارتكبته‪ ،‬كان اأمر ًا ل يغتفر‪ ،‬واأعاد اىل الواجهة‬ ‫ق�سية حملة على الإعالميني‪ ،‬وو�سائل الإعالم‬ ‫كافة‪.‬‬ ‫بوق النظام‬ ‫لقد انق�سم الف�ساء الإعالمي حول �سوريا يف‬ ‫العامل كما الواقع على الأر�س اإىل ق�سمني‪ ،‬ق�سم‬ ‫ينقل وجهة نظر النظام ال�سوري‪ ،‬والق�سم الثاين‬ ‫ينقل وجهة نظر املتمردين اأو الثوار‪ ،‬لكن اإحدى‬ ‫القنوات التي اعتادت اأن تنقل هي هذه الأخبار‪،‬‬ ‫حتولت هذه املرة اإىل ال�سحية بنف�سها بعدما‬ ‫ط��ال تفجري اإره��اب��ي قناة الإخبارية ال�سورية‬ ‫واأ�سفر عن مقتل عدد من كوادرها‪.‬‬ ‫م��ا اإن ت �ن��اه��ى اإىل م �� �س��ام��ع ال��ع��امل خرب‬ ‫ا�ستهداف الإخ�ب��اري��ة التي تو�سف باأنها‬ ‫اأح��د «اأب ��واق النظام ال���س��وري» م��ن قبل‬ ‫امل �ت �م��ردي��ن رغ ��م اأن �ه��ا ق �ن��اة م�ستقلة‬ ‫ح�سبما �سرح امل���س�وؤول��ون فيها‪ ،‬حتى‬ ‫بداأ ترا�سق التهامات‪ ،‬فقد �سبق وزير‬ ‫الإعالم ال�سوري عمران الزعبي اجلميع‬ ‫عندما حمل م�سوؤولية التفجري لالحتاد‬ ‫الأوروبي وجامعة الدول العربية وموؤامرة‬ ‫من اخلارج وو�سع هذا التفجري يف �سياق‬ ‫احلرب الإعالمية النف�سية التي ت�سهدها‬ ‫�سوريا‪ ،‬ونتيجة لف�سل الإع��الم الكاذب يف‬


‫«الإخبارية ال�صورية» وم�صهد من الدمار اليومي يف �صوريا‬

‫ك�سب احل��رب ال��دائ��رة �سد الرئي�س ال�سوري‬ ‫ب�سار الأ�سد‪ ،‬ل�سيما بعد اأن اأعلن الرئي�س ب�سار‬ ‫الأ�سد اأن �سوريا �ستك�سب املعركة يف الإع��الم‬ ‫وعلى الأر�س ويف الف�ساء‪.‬‬ ‫بينما اعتربت املعار�سة من جهتها‪ ،‬اأن من�سقني‬ ‫ع��ن اجلي�س ال���س��وري ه��م م��ن ��س� ّن��وا الهجوم‬ ‫املذكور كونهم يريدون ا�ستهداف كل املوؤ�س�سات‬ ‫التي متار�س الت�سليل الإعالمي على حد قولهم‪.‬‬ ‫ا�ستهداف االإعالم‬ ‫رغم ا�ستهدافها‪ ،‬ل زالت الإخبارية توا�سل بثها‪،‬‬ ‫وقد اعترب اأف��راد طاقمها «اأن الهجوم امل�سلح‬ ‫ال��ذي تعر�سوا ل��ه ب��ات ي�سكل ع��ام� ًال اإ�سافي ًا‬ ‫حلمل �سعلة احلقيقة واإي�سال ال�سورة ال�سادقة‬ ‫عما يجري يف �سوريا اإىل العامل‪ ،‬والت�سميم على‬ ‫الدفاع عن عزة وكرامة �سوريا»‪ ،‬موؤكدين اأنهم‬ ‫يحر�سون على نقل ال�سورة كما هي‪ ،‬على عك�س‬ ‫الت�ه��ام��ات التي توجه اليهم باأنهم يفربكون‬ ‫الأخبار وال�سور ل�سالح النظام ال�سوري‪.‬‬ ‫يف حني قال اأحد روؤ�ساء حترير الأخبار يف قناة‬ ‫الإخ�ب��اري��ة‪« :‬اإن الإعالميني والعاملني الذين‬ ‫ا�ست�سهدوا مل يكن بيدهم اإل �سالح الكلمة‬ ‫ف �اأراد الإرهابيون ا�سكاتها وكبتها ومل يجدوا‬ ‫اإل ال�ع�ب��وات ال�ن��ا��س�ف��ة‪ ،‬ف�ح��ول��وا امل �ك��ان اإىل‬ ‫دمار وخراب حتى اإنه مل ينج ا�ستديو اأو اأي‬ ‫اأجهزة فيه من التخريب»‪ ،‬مت�سائ ًال عن اأي‬ ‫حرية يتحدثون وما هو موقف العالم العربي‬

‫والغربي من هذه اجلرمية؟‪.‬‬ ‫وهناك من اعترب اإن هذا ال�ستهداف الذي حلق‬ ‫بالإخبارية لي�س فقط موجها �سد القناة واإمنا‬ ‫�سد منظومة الإعالم ال�سوري‪ ،‬ويعد ا�ستكما ًل‬ ‫ل��س�ت�ه��داف الع ��الم املح�سوب على النظام‬ ‫عرب التحري�س امل�ستمر على ال�سا�سات‪ ،‬وقرار‬ ‫اجلامعة العربية بوقف البث الف�سائي للقنوات‬ ‫ال�سورية على ق�م��ري عرب�سات ون��اي��ل �سات‪،‬‬ ‫والعقوبات التي فر�سها الحتاد الأوروب��ي على‬ ‫القنوات ال�سورية املرئية‪.‬‬ ‫يذكر اأن مقر القناة الإخبارية ال�سورية متواجد‬ ‫يف ريف دم�سق‪ ،‬ويف منطقة مليئة باملزارع‪ ،‬وقد‬ ‫ح�سلت القناة على �سعبية كبرية ج��د ًا لدى‬ ‫اأن�سار النظام يف دم�سق لأنها‪ ،‬واإن كانت اأعلنت‬ ‫ا�ستقاللها‪ ،‬اإل اأنها اتخذت موقف ًا وا�سح ًا �سد‬ ‫الثوار‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فقد اأدانت ف�سائل املعار�سة‬ ‫هذه املجزرة وهذا العدوان الرخي�س على قناة‬ ‫الإخ�ب��اري��ة ال�سورية‪ ،‬واأع��رب��وا ع��ن ت�سامنهم‬ ‫الكامل م��ع الإع ��الم احل��ر‪ ،‬حتى واإن ك��ان��وا ل‬ ‫يتفقون معه‪ ،‬اإذ اأن اخلالف يف وجهات النظر ل‬ ‫يحل بال�سالح والدم‪.‬‬ ‫وب� ��راأي امل�ع��ار��س��ني ف� �اإن جماعة من�سقة عن‬ ‫اجلي�س ال���س��وري‪ ،‬رمب��ا ت�ك��ون ن�ف��ذت الهجوم‬ ‫�سد الإخبارية‪ ،‬لأنها مل تعد حتتمل ما و�سفوه‬ ‫«بالفربكة» و«مداراة احلقائق»‪ ،‬حتى اأن هناك‬ ‫م��ن مل ي�ستبعد اأن تكون �سبيحة النظام من‬ ‫اقرتفت ه��ذا الفعل ل�ستدرار العطف ال��دويل‬

‫ودعم اجلهات الإعالمية حول العامل‪.‬‬ ‫انطالقة القناة‬ ‫وي�سري نا�سطون معار�سون اإىل اأنه وقبل اندلع‬ ‫الثورة ال�سورية باأ�سهر‪ ،‬كانت قناة الإخبارية‬ ‫ال�سورية تتح�سر لالنطالق برباجمها عرب بث‬ ‫جتريبي‪ ،‬ومل ينتظر ال�سوريون الثوار حينها من‬ ‫الف�سائية‪ ،‬التابعة للحكومة ال�سورية‪ ،‬ال�سيء‬ ‫الكثري فهي ت��دور يف فلك الإع ��الم احلكومي‬ ‫وتروج ملقولته كما اأثبتت من اليوم الأول‪.‬‬ ‫يف ب��داي��ة انطالقتها و�سعت القناة �سعارات‬ ‫املو�سوعية واملهنية واحليادية لكنها �سرعان ما‬ ‫تخلت عن احليادية منذ اللحظة الأوىل حلظة‬ ‫ان��دلع النتفا�سة ال�سعبية يف اأرج ��اء البالد‬ ‫وتبنت موقف النظام‪.‬‬ ‫وق ��د �سنفها ال��ث��وار يف خ��ان��ة ق �ن��اة ال��دن�ي��ا‪،‬‬ ‫اململوكة ل��رج��ال اأع�م��ال مقربني م��ن النظام‪،‬‬ ‫التي تعد املنرب الأول للحكومة ال�سورية اإىل‬ ‫ج��ان��ب ال�ت�ل�ف��زي��ون ال �� �س��وري ال��ر� �س �م��ي‪ ،‬وق��د‬ ‫ا�ستاء املتظاهرون منها بعد و�سفها اإياهم يف‬ ‫ن�سراتها الإخبارية «باحلثالة والعمالء ومتعاطي‬ ‫املخدرات»‪.‬‬ ‫تكتف بنقل‬ ‫وب��راأي املعار�سني ف �اإن القناة مل ِ‬ ‫وجهة نظر النظام ال�سوري يف ما يجري من‬ ‫اأح ��داث‪ ،‬بل راح��ت تقلب احلقائق راأ��س� ًا على‬ ‫عقب‪ ،‬فتجعل ال�سحية قات ًال والقاتل �سحية‪ ،‬اإذ‬ ‫منذ بداية الثورة �س ّنت هذه القناة هجوم ًا على‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫تلفاز‬

‫‪34‬‬

‫الرئي�ض ب�صار الأ�صد‬

‫الثائرين‪ ،‬ناعتة اإياهم باأ�سنع الأو�ساف‪.‬‬ ‫ويف اأي��ام اجلمعة التي اع�ت��اد ال�سوريون على‬ ‫التظاهر فيها‪ ،‬كانت تن�سر مرا�سليها يف كل‬ ‫املدن واملحافظات ليقولوا اإن اأعداد املتظاهرين‬ ‫ل تتجاوز الع�سرات‪ ،‬يف حني كانت �ساحات املدن‬ ‫تغ�س باملطالبني باحلرية‪ ،‬ل بل اإنها‬ ‫والقرى ّ‬ ‫عمدت اإىل ال�سخرية من املتظاهرين‪ ،‬وقالت‬ ‫اإحدى املذيعات يف اأحد اأيام اجلمعة‪ :‬اإن النا�س‬ ‫خرجت ل�سكر اهلل على ت�ساقط الأمطار ولي�س‬ ‫احتجاج ًا على النظام ال�سوري‪ ،‬وهو ما اأطلق‬ ‫موجة من ال�سخرية بحقها وح��ق القناة عرب‬ ‫�سفحات و�سائل التوا�سل الجتماعي الفي�سبوك‬ ‫وتويرت‪.‬‬ ‫يذكر اأن الإخ�ب��اري��ة ال�سورية ه��ي ع�ب��ارة عن‬ ‫�سركة حكومية مت� ّول من دافعي ال�سرائب يف‬ ‫�سوريا‪ ،‬وتتبع اإداري ًا وزارة الإعالم ريثما ي�سدر‬ ‫مر�سوم رئا�سي باإن�سائها‪.‬‬ ‫وت�سري م�سادر النا�سطني اإىل اأن القناة مل تكن‬ ‫مهياأة للخروج اإىل الف�ساء‪ ،‬اإل اأن اندلع الثورة‬ ‫جعل امل�سوؤولني عن الإعالم يف النظام ال�سوري‬

‫ي�سرعون عملية اإطالقها‪.‬‬ ‫مواقف مت�ساربة‬ ‫وع�ل��ى ال��رغ��م م��ن مواقفها ال��داع�م��ة للنظام‬ ‫هناك من الثوار من ا�ستنكر العمل الإرهابي‬

‫بحق القناة و�سقوط عدد من الإعالميني بهذه‬ ‫الطريقة الب�سعة‪ ،‬موؤكدين اأن من حق اجلميع‬ ‫التعبري عن راأيه‪ ،‬واإن كان من املع�سكر الآخر‪.‬‬ ‫بيد اأن هناك فريق ًا اآخر من الثوار ممن يرى‬ ‫اأنه يجب عدم التعامل مع الإخبارية على اأنها‬ ‫و�سيلة اإعالمية ح��رة‪ ،‬بل اإنها و�سيلة اأ�س�سها‬ ‫النظام لت�سبح بوق ًا اإ�سافي ًا ينطق با�سمه ويربر‬ ‫جمازره‪.‬‬ ‫ويرف�س ه �وؤلء اأن يتم التعامل مع الإخبارية‬ ‫امل�ستهدفة باعتبارها و�سيلة اإعالمية كونها‪،‬‬ ‫ومنذ بداية الثورة مل تعد منرب ًا اإعالمي ًا‪ ،‬بل‬ ‫حتولت اإىل مركز للمخابرات ال�سورية ت�سوق‬ ‫الأك��اذي��ب وت��روج اإ��س��اع��ات �سلبية ع��ن الثوار‬ ‫املنتف�سني اإىل حد ل يطاق‪.‬‬ ‫ه��ذا‪ ،‬وك��ان تنظيم «جبهة الن�سرة» قد اأعلن‬ ‫م�سوؤوليته ع��ن تفجري مقر حمطة تلفزيون‬ ‫«الإخبارية ال�سورية» يف دم�سق‪ ،‬وقالت جمموعة‬ ‫«�سايت انتليجن�س»‪ ،‬ومقرها الوليات املتحدة‬ ‫واملتخ�س�سة يف مراقبة املواقع الإ�سالمية على‬ ‫الإن��رتن��ت‪ ،‬اإن «جبهة الن�سرة»‪ ،‬وه��ي جماعة‬ ‫اإره��اب�ي��ة‪ ،‬اأعلنت يف ر�سالة بثت يف منتديات‬ ‫اإ�سالمية على الإنرتنت امل�سوؤولية عن الهجوم‬ ‫ال���ذي ��س��ن يف ‪ 27‬ي��ون�ي��و امل��ا� �س��ي ع�ل��ى مقر‬ ‫الإخبارية ال�سورية‪.‬‬ ‫واأو��س�ح��ت «��س��اي��ت انتليجن�س» اأن جماعة‬ ‫الن�سرة قالت يف بيان ن�سر يف ‪ 30‬يونيو‪ :‬اإن‬ ‫الغارة على الإخبارية كانت رد ًا على القناة‬ ‫التي تعمل «كذراع �ساربة» حلكومة الرئي�س‬ ‫ب�سار الأ�سد‬

‫رغم ا�شتهدافها‪ ،‬ل زالت قناة الإخبارية توا�شل بثها‪،‬‬ ‫وقد اعترب اأفراد طاقمها «اأن الهجوم امل�شلح الذي تعر�شوا له‬ ‫بات ي�شكل عام ً‬ ‫ال اإ�شافياً حلمل �شعلة احلقيقة واإي�شال ال�شورة‬ ‫ال�شادقة عما يجري يف �شوريا اإىل العامل‪ ،‬والت�شميم على الدفاع‬ ‫عن عزة وكرامة �شوريا»‪ ،‬موؤكدين اأنهم يحر�شون على نقل‬ ‫ال�شورة كما هي‪ ،‬على عك�س التهامات التي توجه اليهم باأنهم‬ ‫يفربكون الأخبار وال�شور ل�شالح النظام ال�شوري‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪36‬‬ ‫�صاهدنا‬

‫تبثه قناة اأبوظبي الإمارات‬

‫«هال وغال»‪..‬‬ ‫برنامج اآمن لكل النا�س‬

‫م�صاهدة ‪ -‬مانيا �صويد‬ ‫يف العا�رصة م�صاء كل خمي�ض تعر�ض قناة اأبوظبي الإمارات برناجما ً له طابعه املميز‪،‬‬ ‫هادئ‪ ،‬جاد‪ ،‬يعك�ض جهد واإتقان القائمني عليه‪ ،‬يعرف كيف ينتقي �صيوفه من بني‬ ‫ال�صخ�صيات املحببة لدى �رصائح وقطاعات كبرية من امل�صاهدين‪ ،‬معد اإعدادا ً دقيقا ً‬ ‫يف مهنيته‪ ،‬مفيدا ً يف مادته‪ ..‬اإنه «برنامج هال وغال» الذي ينتمي اإىل الربامج احلوارية‬ ‫الرتفيهية املنوعة‪ ،‬يحاور ال�صيف يف كل الأمور‪ ،‬يف ال�صاأن العام ويف �صوؤونه اخلا�صة‪،‬‬ ‫تقدمه الإعالمية نادية بركات‪.‬‬

‫بالإ�سافة اإىل اأن اأع��داد متابعيه تتزايد يوم ًا‬ ‫بعد يوم‪ ،‬حيث مت ّكن الربنامج من ا�ستقطاب‬ ‫�سرائح متنوعة من امل�ساهدين‪ ،‬فا�ستطاع بذلك‬ ‫اأن يجمع بالن�سبة ملتابعيه بني الكرثة والتنوع‪،‬‬ ‫ومع مرور الأي��ام نالحظ اأن برنامج هال وغال‬ ‫ير�سخ اأقدامه ويثبت وجوده على عك�س الكثري‬ ‫من الربامج امل�سابهة التي اندثرت‪ ،‬اأو على الأقل‬ ‫تراجعت �سعبيتها بعد اأن اأ�سابت م�ساهديها‬ ‫بامللل‪.‬‬ ‫باقة مميزة‬ ‫ينتقي الربنامج �سيوفه بعناية‪ ،‬فمن املالحظ‬ ‫اأن هذا النتقاء ل ي�سعى خلف من حقق ال�سهرة‬ ‫فح�سب‪ ،‬لكنه يعتمد يف اختياره على البحث عن‬ ‫من له ق�سية يدافع عنها واأه��داف نبيلة ي�سعى‬ ‫اإىل حتقيقها‪.‬‬ ‫ومن بني ال�سيوف املميزين الذين ا�ستقبلهم‬ ‫الربنامج اأذكر على �سبيل املثال‪ :‬يعقوب عبداهلل‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪� ،21/6/2012‬سيماء علي يف‬ ‫حلقة اخلمي�س ‪� ،14/6/2012‬سهام ال�سع�ساع‬

‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،7/6/2012‬با�سمة حمادة‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،31/5/2012‬بدرية اأحمد‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،10/5/2012‬عادل خمي�س‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،3/5/2012‬ن�سرين طاف�س‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،26/4/2012‬هبة الدري يف‬ ‫حلقة اخلمي�س ‪ ، ،12/4/2012‬ر�سا �سربتجي‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،31/3/2012‬تركي الدخيل‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،16/2/2012‬با�سم ياخور‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،23/2/2011‬وليد توفيق يف‬ ‫حلقة اخلمي�س ‪ ،30/6/2011‬اأحمد اجل�سمي‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،16/6/2011‬جومانا مراد‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،9/6/2011‬مايا دي��اب يف‬ ‫حلقة اخلمي�س ‪ ،7/4/2011‬حياة الفهد يف‬ ‫حلقة اخلمي�س ‪ ،7/7/2011‬عبد اهلل الروي�سد‬ ‫يف حلقة اخلمي�س ‪ ،21/7/2011‬وغريهم‪.‬‬ ‫ل�ق��د ح��اول��ت اأن اأج���د ب��ني م��ن ا�ست�سافهم‬ ‫الربنامج �سيف ًا ثقي ًال اأو غري مرغوب فيه فلم‬ ‫اأج��د‪ ،‬جميعهم م��ن دون ا�ستثناء �سخ�سيات‬ ‫لها وزنها وتاأثريها يف املجتمع العربي‪ ،‬ويتمتع‬ ‫الكثري منهم ب�سعبية كبرية‪.‬‬

‫اعرتاف ال�سع�ساع‬ ‫كثرية ه��ي امل�ق��الت والأخ �ب��ار والتقارير التي‬ ‫ن�سرت عن الربنامج منها ما اأثنى عليه ومنها‬ ‫ما وج��ه اإليه �سهام النقد‪ ،‬وعلى اأي الأح��وال‬ ‫اإذا ا�ستثنينا بع�س احللقات التي ات�سمت‬‫بالإيقاع البطيء فكادت اأن ت�سيب امل�ساهد‬ ‫بامللل لأ�سباب ترجع اإىل التعجل يف الإعداد تارة‬ ‫وترجع اإىل عدم التوفيق يف اختيار الوقت املالئم‬ ‫لظهور �سيف بعينه ت��ارة اأخ��رى‪ -‬ف�اإن غالبية‬ ‫احل�ل�ق��ات ك��ان��ت م�سوقة م�ث��رية‪ ،‬لف�ت��ة للنظر‬ ‫وجتعل الربنامج يرقى اإىل م�ساف الربامج‬ ‫الآمنة التي ل نرتدد يف متابعتها وم�ساهدتها من‬ ‫داخل بيوتنا‪.‬‬ ‫من ذل��ك احللقة التي اأذيعت م�ساء اخلمي�س‬ ‫املوافق ال�سابع من يونيو املا�سي وا�ست�سافت‬ ‫ال�ساعرة ال�سورية �سهام ال�سع�ساع‪ ،‬افتتحت‬ ‫مقدمة الربنامج احللقة ب�سوؤال مد ٍو وجهته اإىل‬ ‫ال�سع�ساع‪( :‬لالأ�سف البع�س يقول اإن الإن�سان‬ ‫املثقف اأحيان ًا‪ ،‬مع الع�ت��ذار جلميع املثقفني‪،‬‬


‫من العدل اأن نبدي على الربنامج‬ ‫ما نراه من مالحظات ت�شب يف �شاحله‬ ‫و�شالح امل�شاهد من وجهة نظرنا‪ ،‬يحق‬ ‫لنا اأن ن�شاأل‪ :‬ملاذا القت�شار على ا�شت�شافة‬ ‫الفنانات والفنانني والقليل القليل من‬ ‫الأديبات والأدباء وال�شاعرات وال�شعراء‬ ‫والإعالميات والإعالميني؟‪ ،‬اأين الآخرون؟‪،‬‬ ‫اأين العلماء واملخرتعون؟‪ ،‬اأين ال�شا�شة‬ ‫ورجال الدولة؟ اأين الريا�شيون والذين‬ ‫حققوا بطولت؟ هل الربنامج‬ ‫خم�ش�س لأهل الفن فقط؟‬ ‫نادية بركات يف حوار مع حياة الفهد‬

‫هو �سيف ي�سبب قلي ًال من امللل)‪ ،‬وكاأن مقدمة‬ ‫الربنامج تطرح ب�سوؤالها ق�سية تراجع مكانة‬ ‫ودور الثقافة واملثقفني يف حياتنا واأن امل�ساهد‬ ‫مل يعد ذوقه يتجه اإىل �سماع ال�سعر اأو متابعة‬ ‫الأدب‪ ،‬ثم عادت بركات باأ�سلوب دبلوما�سي كي‬ ‫ل تكون كامل�سيف الذي يوحي اإىل �سيفه باأنه‬ ‫غ��ري م��رغ��وب فيه لت�ستثني �سيفتها م��ن هذه‬ ‫ال�سفة‪.‬‬ ‫واع��رتف��ت ال�سع�ساع مب��ا �سرحت ب��ه مقدمة‬ ‫ال��ربن��ام��ج واأرج �ع��ت امل�سوؤولية ع��ن ذل��ك اإىل‬ ‫الكتاب وال�سعراء والأدب��اء اأنف�سهم وو�سفتهم‬ ‫باأنهم يعي�سون عاملهم الفوقي البعيد عن نب�س‬ ‫النا�س و�ساقت مث ًال بنزار قباين الذي متكن من‬ ‫تغيري هذا املفهوم وعا�س مع يوميات النا�س‪.‬‬ ‫عادل عبدالروهاب!‬ ‫ويف حلقة اخلمي�س املوافق احلادي والع�سرين‬ ‫من يونيو املا�سي ا�ست�سافت املمثل الكويتي‬ ‫يعقوب عبد اهلل‪ ،‬وفيها مل�ست ن��ادي��ة بركات‬ ‫جرح ًا ثقافي ًا نعي�سه يف العقود الأخ��رية يتعلق‬ ‫بامل�سرح ودوره بني الت�سلية والتثقيف‪ ،‬رامية‬ ‫بذلك �سهم ًا اأ�ساب امل�سرح التجاري املتطلع اإىل‬ ‫مبيعات التذاكر فح�سب‪ ،‬وكاأنها فتحت بذلك‬ ‫باب ًا لل�سيف ليخرج كل ما يف جعبته من هموم‬ ‫تتعلق بامل�سرح الكويتي والإهمال الذي اأ�سابه‪.‬‬ ‫ويف حلقة اخلمي�س امل��واف��ق الثالث م��ن مايو‬ ‫ا�ست�ساف الربنامج الفنان ال�سعودي ع��ادل‬ ‫خمي�س‪ ،‬وك��ان اأه��م ما اأثارته نادية بركات يف‬ ‫تلك احللقة هو ق�سية املواهب املتميزة التي‬ ‫ل تلقى اهتمام ًا من جانب املعنيني بالفنون يف‬ ‫العامل العربي‪ ،‬وقدمت اإىل امل�ساهدين �سهادة‬

‫علنية على الهواء مبا�سرة كان املو�سيقار الراحل‬ ‫حممد عبد الوهاب اعرتف فيها منذ اأكرث من‬ ‫ع�سرين عام ًا مبوهبة ع��ادل خمي�س واأعطاه‬ ‫مبوجبها ا�سمه لي�سبح عادل عبد الوهاب‪.‬‬ ‫اأدب احلوار‬ ‫يذكرنا برنامج هال وغال بربامج الزمن القدمي‬ ‫يف �ستينيات و�سبعينيات القرن املا�سي‪ ،‬وقت‬ ‫اأن كانت الربامج احلوارية ترقى مب�ساهديها‬ ‫اإىل الأف�سل‪ ،‬فبالإ�سافة اإىل املظهر الالئق‬ ‫الذي يجمع بني الأناقة واحل�سمة مع ًا ل ت�سمع‬ ‫�سراخ ًا ول �سباب ًا‪ ،‬ل تلحظ مقاطعة ول �سرقة‬ ‫كامريا‪ ،‬تخو�س مقدمة الربنامج نادية بركات‬ ‫يف كل امل�سائل بجراأة من دون خوف ولكن باأدب‬ ‫وب�سوت معتدل وباألفاظ اأقل ما تو�سف به اأنها‬ ‫األفاظ مهذبة‪.‬‬ ‫اإذا و�سعت حلقة من برنامج هال وغال جنباً‬ ‫اإىل جنب مع حلقة اأخ��رى من برامج النعيق‬ ‫وال �� �س��راخ وال���س�ب��اب واإ� �س �ه��ار ال���س��الح التي‬ ‫انت�سرت وا�ست�سرت على الف�سائيات العربية‬ ‫�ستجد نف�سك تقول من دون تردد‪ :‬لي�س عيب ًا‪،‬‬ ‫بل الأ�سح‪ ،‬اأن يلجاأ البع�س اإىل التغريد خارج‬ ‫ال�سرب‪ ،‬األي�س من حق البالبل اأن حتلق بعيد ًا‬ ‫عن الغربان؟‪.‬‬ ‫ف�اإذا كان الربنامج ي�سبه الكثري من الربامج‬ ‫املنتمية اإىل النوعية نف�سها يف فكرته وطريقة‬ ‫اإعداده اإل اأنه يتميز عن الكثري من تلك الربامج‬ ‫ب��الأ��س�ل��وب املهني الح���رتايف ال ��ذي ي�ق��دم به‬ ‫واحرتامه للم�ساهد الذي يتابعه باختيار الالئق‬ ‫وجتنب النابي من الألفاظ‪.‬‬ ‫اأين االآخرون؟‬ ‫لكن من العدل اأن نبدي على الربنامج ما نراه‬ ‫من مالحظات ت�سب يف �ساحله و�سالح امل�ساهد‬

‫م��ن وج�ه��ة ن�ظ��رن��ا‪ ،‬يحق لنا اأن ن���س�األ‪ :‬مل��اذا‬ ‫القت�سار على ا�ست�سافة الفنانات والفنانني‬ ‫والقليل القليل من الأديبات والأدباء وال�ساعرات‬ ‫وال���س�ع��راء والإع��الم �ي��ات والإع��الم �ي��ني؟ اأي��ن‬ ‫الآخرون؟ اأين العلماء واملخرتعون؟ اأين ال�سا�سة‬ ‫ورجال الدولة؟ اأين الريا�سيون والذين حققوا‬ ‫بطولت؟ هل الربنامج خم�س�س لأهل الفن؟‪.‬‬ ‫واإذا كان كذلك فلم تتنوع اأ�سئلته وتتجاوز اإىل ما‬ ‫هو اأبعد من الفنون؟ مادام يخو�س يف كل الأمور‬ ‫وي�ساأل عن كل الأ�سياء‪ ،‬ويقدم اإىل امل�ساهد ما‬ ‫هو اأرقى من الت�سلية لي�سل به اإىل متعة املعرفة‬ ‫والتثقيف اإىل جانب متعة الرتفيه فلي�ستقبل‬ ‫�سيوف ًا من فئات اأخ��رى يحبها امل�ساهد اأي�س ًا‬ ‫ويتابعها مثلما يتابع اأه��ل الفن‪ ،‬وبذلك يكون‬ ‫الربنامج اأك��رث م�ساهدة وي�ستقطب قطاعات‬ ‫متباينة و�سرائح متنوعة من امل�ساهدين‪ ..‬اإنه‬ ‫جمرد اقرتاح كي ينفتح الربنامج اأكرث ويزاوج‬ ‫بني الرتفيه والثقافة‪.‬‬ ‫راأي النا�س‬ ‫ق� ��راأت تعليقات امل���س��اه��دي��ن ع�ل��ى ال��ربن��ام��ج‬ ‫ولح �ظ��ت اأن �ه��م اأج�م�ع��وا على حبهم ملقدمته‬ ‫واحرتامهم لها‪ ،‬كما لحظت اأن بع�سهم يعتب‬ ‫على ال��ربن��ام��ج اأن ��ه مل ي�ست�سف �سخ�سيات‬ ‫من دولهم‪ ،‬بالإ�سافة اإىل البع�س الآخر الذي‬ ‫ي�ستنبط م��ن تعليقه اأن��ه يبحث ع��ن التجديد‬ ‫ل�سيما يف انتقاء ال�سيوف وياأمل يف اأن يرى‬ ‫تنوع ًا اأكرب يف اختيارهم‪ ،‬ولأنني ل اأ�ستطيع اأن‬ ‫اأجزم باأن القائمني على الربنامج ق��راأوا اأو مل‬ ‫يقراأوا تلك التعليقات فاإن الأمانة تقت�سي اأن‬ ‫اأنقلها اإىل ملعب هال وغ��ال للنظر يف تلبيتها‬ ‫وال�ستجابة لرغبات امل�ساهدين باعتبارها‬ ‫امليزان احل�سا�س لدرجة جناح الربنامج‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫حوار‬

‫‪38‬‬

‫متحدثة عن جتربتها‪ ،‬وتعاطي الإعلم العربي مع الثورات العربية‪:‬‬

‫فيروز زياني‪:‬‬

‫قناة اجلزيرة لي�ست �سر ًا مطلق ًا‬

‫حوار ‪ -‬جنات بومنجل‬ ‫فريوز زياين لطيفة وودودة‪ ،‬هذا ما‬ ‫مل�صته يف �صخ�صيها واأنا اأحاورها‪..‬‬ ‫هي الوجه الإعالمي الذي يطل علينا‬ ‫يف ن�رصات اأخبار قناة اجلزيرة وبع�ض‬ ‫براجمها‪ ..‬كانت بدايتها يف التلفزيون‬ ‫اجلزائري ل�صنوات‪ ،‬عرفت بانحيازها‬ ‫لعملها الإعالمي ورغبتها يف حتري‬ ‫املو�صوعية واملهنية يف عملها‪..‬‬ ‫تعي�ض عالقة حب كبرية متبادلة مع‬ ‫الكامريا وان�صغالت النا�ض‪.‬‬


‫الإع��الم�ي��ة ف��ريوز زي��اين ت�وؤك��د باأنها ل تع�سق‬ ‫اأ�سواء ال�سهرة ول ّ‬ ‫تف�سل احلوارات اأبد ًا‪ ،‬غري‬ ‫اأن�ه��ا خ�ست جملة «الإع���الم والع�سر» بهذه‬ ‫امل�ساحة من تلقائيتها يف احلديث عن تفا�سيل‬ ‫مهمة يف حياتها‪ ،‬وع��ن عملها وان�سغالتها‪،‬‬ ‫فاأجابت من دون حتفظ على الكثري من اأ�سئلتنا‬ ‫املتعلقة ب�ق�ن��اة اجل��زي��رة وال� �ث ��ورات العربية‬ ‫وغريها‪ ..‬وفيما يلي ن�س احلوار‪.‬‬ ‫• كيف كانت البدايات؟‬ ‫ف��ريوز اإع��الم�ي��ة ج��زائ��ري��ة ب��داأت م���س��وراي يف‬ ‫التلفزيون اجلزائري‪ ،‬واأكن كل الحرتام لهذه‬ ‫املوؤ�س�سة التي تعلمت فيها الكثري‪ ،‬وه��ي التي‬ ‫دربتني على العمل الإعالمي‪ ،‬ومنحتني الكثري‬ ‫علي‪ ،‬التحقت بالعمل‬ ‫واأعرتف بف�سلها الكبري ّ‬ ‫يف قناة اجلزيرة �سنة ‪.2000‬‬ ‫• الــوالــد ممد بــوعــزارة اإعــالمــي كبري ‪..‬‬ ‫كيف تاأثرت ب�شخ�شيته يف حياتك؟‬ ‫وال ��دي رج��ل ي�ق�دّر وج�ه��ات ن�ظ��ري ويحرتمها‬ ‫كثري ًا‪ ،‬تعلمت منه الكثري‪ ،‬اإل اأنه كان معار�س ًا‬ ‫للتحاقي بال�سحافة على اعتبار اأنها مهنة‬ ‫املتاعب‪ ،‬وك��ان يقول يل ك��وين مهند�سة فهي‬ ‫مهنة تليق بك اأكرث‪ ،‬لأنني �ساعتها كنت متفوقة‬ ‫يف الريا�سيات والفيزياء واملواد العلمية عموم ًا‪.‬‬ ‫وبالفعل در�ست «اإلكرتونيك» يف جامعة هواري‬ ‫بومدين للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬ولكن الإعالم كان‬ ‫ُحلم ًا‪ ،‬وبقي ُحلم ًا‪ ،‬ودخلت اإىل جمال الإعالم‬ ‫من دون علمه وخل�سة‪ ،‬وحت��دي��د ًا اإىل الإذاع��ة‬ ‫اجلزائرية وكان عمري حينها ‪�18‬سنة‪ ..‬تقدمت‬ ‫للوظيفة يف الإذاع ��ة ك �اأي ف��رد ع��ادي‪ ،‬وكنت‬ ‫�ساعتها مبجرد اأن اأنطق با�سمي يعرفون من‬ ‫اأكون‪ ،‬كل ذلك حدث مع ا�سراري اأن ل يعرف‬ ‫وال��دي عن املو�سوع �سيئ ًا‪ ،‬اإل اأن ا�سم والدي‬ ‫فتح يل الأبواب واأجريت التجارب ال�سوتية ومت‬ ‫اختياري �ساعتها ب�سبب الكفاءة‪� ،‬سحيح اأن‬ ‫ا�سم الوالد �سمح يل ب�اأن اأدخ��ل الإذاع��ة‪ ،‬لكن‬ ‫لي�س هو من فر�سني‪ ،‬بل كانت مهنيتي‪ ،‬لأنه‬ ‫ل ميكن مهني ًا فر�س اإع��الم��ي على امل�ساهد‪،‬‬ ‫فامل�ساهد ذكي جد ًا والف�ساء الإعالمي مفتوح‬ ‫يف كافة الجتاهات وبامكانك بجهاز التحكم‬ ‫باليد اإزاح��ة اأي اإعالمي من امل�سهد‪ ،‬وبالتايل‬ ‫الكفاءة هي املعيار الوحيد لفر�سك و�سمان‬ ‫ا�ستمراريتك وبقائك يف ه��ذه ال�ساحة الرثية‬ ‫والتي يتواجد بها مناف�سون كرث فع ًال‪.‬‬

‫ف�سل عبد القادر عوملي‬ ‫• اأمل يكن لــديــك هاج�س اأنــك‬ ‫و�شلت ب�شبب ا�شم والــدك‪ ،‬ولي�س‬ ‫لأنك فريوز زياين؟‬ ‫ب�سراحة كثري من النا�س كانوا يعتقدون‬ ‫اأن الوالد فع ًال قد اأ�سهم يف املو�سوع‪ ،‬لكني‬ ‫اأوؤكد اأن والدي كان �سد دخويل جمال الإعالم‪،‬‬ ‫وحني التحقت بالإذاعة اأبدى موافقة يف الأخري‪،‬‬ ‫غري اأنه طلب مني الكتفاء بذلك واأل اأذهب اإىل‬ ‫التلفزيون‪ُ ،‬مربر ًا ذلك باأن التلفزيون موؤ�س�سة‬ ‫علي ك�ث��ري ًا ك �اأي اأب‬ ‫�سعبة‪ ،‬وه��و ك��ان يخاف ّ‬ ‫يخاف على ابنته‪ ،‬فاأنا اأم الآن لأربع بنات واأقدّر‬ ‫علي اأنذاك‪.‬‬ ‫متام ًا خوفه ّ‬ ‫غري اأين بطبعي �سخ�سية م�ساك�سة واأفر�س‬ ‫اآرائ��ي‪ ،‬حتى حني ذهبت اإىل التلفزيون‪ ،‬كان‬ ‫الأم��ر جم��رد �سدفة‪ ،‬ف�اأح��د ال�سيوف الذين‬ ‫ا�ست�سفناهم يف الإذاع ��ة الثقافية ك��ان يعمل‬ ‫يف التلفزيون‪ ،‬وح��ني ح��اورن��اه �ساألني مل��اذا ل‬ ‫اأج��رب العمل يف التلفزيون‪ ،‬مل يكن قد خطر‬ ‫يومها هذا املو�سوع ببايل‪ ،‬اإل اأنه اأكد يل اأنه‬ ‫بامكاين اأن اأكون وجه ًا تلفزيوني ًا جيد ًا‪ ،‬وذهبت‬ ‫لأداء التجربة من دون علم الوالد‪ ،‬امل�سادفة‬ ‫الأغ��رب اأن عبد القادر العلمي يوم عملت يف‬ ‫الإذع��ة كان مديرها ويوم التحقت بالتلفزيون‬ ‫كان على راأ�س هذه املوؤ�س�سة اأي�س ًا‪ ،‬وقد كان من‬ ‫الذين اآمنوا مبوهبتي و�سد على يدي ومنحني‬ ‫الفر�سة‪ ،‬فكانت البداية من خالل و�سع �سوتي‬ ‫على الإ�سهارات اخلا�سة بالأفالم وامل�سل�سالت‬ ‫والربامح‪ ،‬ثم اأجريت جتربة التقدمي وتدربت‬ ‫با�سرار منه يف موؤ�س�سة التلفزيون اإل اأن جاء‬ ‫اأوان ظ �ه��وري على ال�سا�سة‪ ،‬احلقيقة اأنني‬ ‫مل اأ��س��ع ومل اأرد يف البداية فع ًال يف الظهور‬ ‫على ال�سا�سة‪ ..‬اأنا ل�ست دخيلة على الإع��الم‪،‬‬ ‫حبي لهذه املهنة منذ ال�سغر وال�سدفة التي‬ ‫خدمتني‪ ،‬هما من قاداين اإىل ذلك‪ ،‬ورغم هذا‬ ‫كله فقد ظل الوالد متخوف ًا‪.‬‬ ‫كما اأود اأن اأوؤكد يف هذا احلوار اأنه ل يفرت�س‬ ‫ب �اأول �ي��اء الأم���ور اأن ي�ك��ون��وا ح��اج��ز ًا يقف بني‬ ‫اأولدهم وما يحبون‪ ،‬فابنتي مث ًال تقول يل باأنها‬ ‫تريد اأن تكون كاتبة‪ ،‬واأنا من باب الن�سح اأقول‬ ‫لها اكملي تعليمك واهتمي بدرا�ستك اأو ًل‪ ،‬لكن‬ ‫من لديه ملكة الكتابة ل ميكن ف�سله عنها لأنه‬ ‫حتى واإن ذهب بعيد ًا عنها �سيعود اإليها ذات‬ ‫يوم‪ ،‬كل ما علينا هو اأن نتعهد هذه النبتة واأن‬

‫كثري من النا�س كانوا يعتقدون اأن الوالد‬ ‫فع ً‬ ‫ال قد اأ�شهم يف املو�شوع‪ ،‬لكني اأوؤكد اأن‬ ‫والدي كان �شد دخويل جمال الإعالم‪،‬‬ ‫وحني التحقت بالإذاعة اأبدى موافقة‬ ‫يف الأخري‪ ،‬غري اأنه طلب مني الكتفاء‬ ‫بذلك واأل اأذهب اإىل التلفزيون‪ ،‬مربراً‬ ‫ذلك باأن التلفزيون موؤ�ش�شة �شعبة‬

‫نرعاها ونوفر لها الإمكانات املنا�سبة‪.‬‬ ‫• النـ ـتـ ـق ــال م ــن ال ـع ـمــل يف الإذاعـ ـ ـ ــة اإىل‬ ‫الـتـلـفـيــزون هــو حت ــدٍ اآخـ ــر‪ ،‬ه ـنــاك اجلـمـهــور‬ ‫والـ�ـشــا�ـشــة وال ـكــامــريات وغــري ذل ــك‪ ،‬حدثينا‬ ‫عن عملية النتقال من ال�شوت اإىل ال�شوت‬ ‫وال�شورة؟‬ ‫يبقى العمل يف الإذاع��ة بالن�سبة يل هو العمل‬ ‫املف�سل‪ ،‬لأنه عمل �ساحر متام ًا‪ ،‬هناك توا�سل‬ ‫بينك وبني امل�ستمع‪ ،‬وهناك عالقة وثيقة تن�سج‬ ‫وتوا�سل رائ��ع ل مينحه ل��ك التلفزيون‪ ،‬رمبا‬ ‫لأنك ت�سعر يف التلفزيون كاأن الكامريا تراقبك‬ ‫وه��ي م�سلطة عليك‪ ،‬لكن املتلقي يف الإذاع��ة‬ ‫فباإمكانك اأن تهم�س له كاأنه �سديقك املقرب‪،‬‬ ‫لكن يف كلتا احلالتني اذا كان الإن�سان �سادق ًا‬ ‫وعلى طبيعته ف�سوف يتعامل مع املايكروفون اأو‬ ‫الكامريا ب��ذات الطريقة وميكنه من خاللهما‬ ‫تو�سيل ر�سالة للم�ساهد وامل�ستمع على ال�سواء‪.‬‬ ‫النتقال م��ن الإذاع ��ة اإىل التلفزيون مل يكن‬ ‫�سادم ًا لأن��ه كان متدرج ًا‪ ،‬واأن��ا دائم ًا اأحر�س‬ ‫على اأن ل اأدخل جما ًل اإل اإذا كنت مقتنعة به‬ ‫لأنني يف حالة درا�سة دائمة‪ ،‬اأح�سر ملقابالتي‬ ‫كما يفعل الأط�ف��ال ال�سغار من خ��الل الورقة‬ ‫والقلم‪ ،‬واأويل كل مقابلة اأجريها الكثري من‬ ‫الهتمام‪.‬‬ ‫حب االأوطان‪ ..‬والر�سالة االإعالمية‬ ‫• الأب اإعالمي والــزوج اإعالمي ‪ ،‬كيف هي‬ ‫احلياة يف هذا اجلو الإعالمي بتميز؟‬ ‫م��ا مي�ي��زه��ا اأن ج��ل اأح��ادي �ث �ن��ا تتمحور ح��ول‬ ‫الإع��الم لالأ�سف ال�سديد‪ ،‬نحاول اخلروج من‬ ‫جو الكتئاب خا�سة اأنه عملنا يف الفرتة الأخرية‬ ‫عملنا كله هو عبارة عن تغطية اأخبار احلروب‬ ‫وامل �اآ� �س��ي والأوج � ��اع‪ ،‬وه��ذا ه��و ال�غ��ال��ب و�سط‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫حوار‬

‫‪40‬‬

‫فريوز زياين يف حوار مع الزميلة جنات بومنجل‬

‫الأ� �س��رة‪ ،‬حتى ال��وال��د ح��ني ي��زورن��ا يف العطلة‬ ‫لق�ساء الإج��ازة‪ ،‬يغلق هاتفه لريتاح‪ ،‬اإل اأننا‬ ‫جند اأنف�سنا يف نقا�سات حمتدمة حتى �ساعات‬ ‫ال�سباح الأوىل‪ ،‬نناق�س ال���س�اأن اجل��زائ��ري‬ ‫وال�ع��رب��ي‪ ،‬حتى مو�سوع ال �ث��ورات العربية هو‬ ‫حمور نقا�س دائم مع زوجي يف البيت‪ ،‬لكن هذا‬ ‫ل مينع اأن الإن�سان لبد اأن يف�سل نف�سه عن‬ ‫كل هذه املجريات‪ ،‬فحني نكون يف العمل لبد‬ ‫اأن نعطي املجهود كله لعملنا واأن جنتهد للعمل‬ ‫فقط‪ ،‬لكن مبجرد اخل��روج من العمل اأح��اول‬ ‫اأن اأكون مع اأولدي تلك الأم التي تلعب وتطبخ‬ ‫وتذاكر وت�ستمع اإىل اأولدها‪ ،‬هذه املعادلة التي‬ ‫يجب اأن يقوم بها الإن�سان يف حياته‪.‬‬ ‫• الذهاب اإىل قطر واللتحاق بقناة اجلزئرة‪،‬‬ ‫هل حــدث ذلــك لأن التلفزيون اجلــزائــري مل‬ ‫يعد ير�شي طموح فريوز الإعالمي؟‬ ‫ك��ل الأ� �س �ي��اء ال�ت��ي قابلتني خمططة م��ن اهلل‬ ‫�سبحانه وتعاىل‪ ،‬فهناك اأ�سياء حتدث وم�سارات‬ ‫يخو�سها الإن�سان قد ل يكون م�سوؤو ًل عنها‪.‬‬ ‫اأنا مل اأ�سع لاللتحاق بقناة اجلزيرة بل هم من‬ ‫ات�سلوا ب��ي‪ ،‬يف وق��ت مل اأك��ن اأفكر اأن��ه �سياأتي‬ ‫يوم من الأيام اأعي�س فيه واأتنف�س واأحيا خارج‬ ‫بوالدي ومل‬ ‫اجلزائر‪ ،‬لأنني فع ًال مرتبطة جد ًا‬ ‫ّ‬ ‫يكن اأح��د يتوقع اأن اأخ��رج م��ن اجل��زائ��ر لأين‬ ‫اأح��ب وطني حب ًا ل يعادله اإل حب اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫نحن ُنظلم حني نو�سف اأحيان ًا لالأ�سف ال�سديد‬ ‫باملرتزقة وما اإىل غري ذلك من الأو�ساف‪ ،‬لكن‬ ‫ل م�سكلة‪ ،‬اأنا موؤمنة بالر�سالة الإعالمية التي‬ ‫اأوؤديها وهذا ل ي�سر بحبي لوطني وحب الأوطان‬ ‫من الإميان‪.‬‬ ‫ال��وال��د ك��ان م�ع��ار��س� ًا ب���س��دة لأن اأخ���رج من‬

‫اجلزائر‪ ،‬حتى و�سلنا اإىل مرحلة كان يجب اأن‬ ‫اأتخذ فيها قراري واتخذته و�سافرت اإىل قطر‬ ‫والتحقت بقناة اجل��زي��رة مل��دة اأ�سبوع‪ ،‬قابلت‬ ‫امل�سوؤولني يف القناة وقدموا يل عر�س ًا رائع ًا‪،‬‬ ‫لي�س مادي ًا فقط واإمن��ا اللتحاق باجلزيرة يف‬ ‫حد ذات��ه يف ذل��ك الوقت ك��ان منتهى حلم اأي‬ ‫اإع��الم��ي‪ ،‬وك��ان لب��د اأن اأت�خ��ذ ق ��راري حينها‬ ‫وبعيد ًا عن رف�س الوالد من دون اأن اأجرحه‪ ،‬لكنه‬ ‫قايل يل موؤخر ًا‪ :‬اأين اتخذت القرار ال�سحيح‪،‬‬ ‫فاأولدنا ل�سنا اأو�سياء عليهم‪ ،‬ولي�سوا ملك ًا لنا‪،‬‬ ‫نحن نوجههم يف حدود معرفتنا لكن من دون‬ ‫اأن ن�سادر حرية اختيارهم طيلة الوقت‪ ،‬واأحمد‬ ‫اهلل اأن اخليار كان �سائب ًا وموفق ًا فاأولياء الأمور‬ ‫دائم ًا يت�ساحمون‪.‬‬ ‫لكل قناة اأجندتها‬ ‫• اأنت الآتية من اجلزائر اإىل قناة اجلزيرة‪..‬‬ ‫كيف وجدتها اأثناء املمار�شة؟‬ ‫النظرة ال�سائدة اأن قناة اجلزيرة لها اأجندة‬ ‫تنفذها وولء جلهات معينة‪ ،‬وهذا يقال عنها‬ ‫وع��ن قناة العربية وغريهما من الف�سائيات‬ ‫الأخ��رى خا�سة بعد ان��دلع ال�ث��ورات العربية‪،‬‬ ‫وجل�سة منتدى الإعالم العربي يف دورته احلادية‬ ‫ع�سرة � دبي مايو ‪ � 2012‬واخلا�سة بالقنوات‬ ‫التلفزيونية وتعاطيها مع الثورات العربية قد‬ ‫احتدم فيها النقا�س حول هذا املو�سوع‪ ،‬اأعتقد‬ ‫اأن��ه م��ن ب��اب مم��ار��س�ت��ي‪ ،‬ول�ست م���س�وؤول��ة يف‬ ‫اجلزيرة غري اأنني اأعترب نف�سي جزء ًا من هذه‬ ‫القناة التي اأعمل بها منذ ‪� 12‬سنة‪ ،‬اأوؤكد لك اأنه‬ ‫لي�س هناك من يفر�س علينا نحن الإعالميني‬ ‫قو ًل اأو فع ًال يف عملنا‪ ،‬لأنه من اخلطاأ الت�سور‬

‫الإعالمي حممد بوعزارة‬

‫اأننا اأدوات يتم حتريكها ب�»الرميوت كنرتول»‬ ‫لي�س هناك اأب��د ًا اأي ام��الءات تفر�س علينا يف‬ ‫قناة اجلزيرة اأثناء عملنا‪.‬‬ ‫م�ساألة الأج�ن��دة التي مت احلديث عنها اأثناء‬ ‫اجلل�سة املذكورة حدث حولها نقا�س طويل منذ‬ ‫زمن ‪ ،‬اأود اأن اأ�سري باأنه لي�س هناك من و�سيلة‬ ‫اعالمية حمايدة مائة باملائة‪ ،‬مبا فيها الإعالم‬ ‫الغربي‪ ،‬فاأنا حني اأنحاز للق�سية الفل�سطينية‬ ‫فاأنا يف نظر الإعالم الغربي ل�ست مهنية‪ ،‬ولكن‬ ‫كيف ينظر لنا ال�سارع العربي وكيف يق ّيمنا ؟‪.‬‬ ‫اإن ال�سعب العربي على ام �ت��داده يحيي اأداء‬ ‫اجلزيرة التي حتولت منرب ًا للق�سية الفل�سطينية‬ ‫وللمواطن الفل�سطيني واأب ��رزت فع ًال معاناة‬ ‫الفل�سطينيني‪.‬‬ ‫اأما املحك الآن يف الثورات العربية‪ ،‬فكل واحد‬ ‫يرى ويقيم وفق ًا لأهوائه وما يوافق معتقداته‪،‬‬ ‫اأنا اأحرتم كل وجهات النظر وكل واحد له كامل‬ ‫احلرية يف اإب��دائ�ه��ا‪ ،‬ف �اإذا ك��ان خط اجلزيرة‬ ‫ينحاز لل�سارع العربي وي��زع��ج البع�س ممن‬ ‫يختلفون مع وجهة النظر فاأنا اأحرتمها‪ ،‬لكن ل‬ ‫تخون القناة ول تقل اإنها تعمل وفق ًا لأجندة‪.‬‬ ‫اأن��ا ك�ف��ريوز اأق ��ول باأننا غطينا ك��ل ال �ث��ورات‪:‬‬ ‫التون�سية وامل�سرية واليمنية والليبية و�سو ًل اإىل‬ ‫�سوريا التي اأحدثت ال�سرخ يف ال�سارع العربي‬ ‫وحتى لدى الإعالميني اأنف�سهم‪.‬‬ ‫التغطية ك��ان��ت ان �ح �ي��از ًا وا� �س �ح � ًا لالإن�سان‬ ‫ال �ع��رب��ي‪ ،‬ت�غ�ط�ي��ة ب�ن�ف����س ال �ط��ري �ق��ة وال�ن�ه��ج‬ ‫والتعاطي فلماذا �سفقوا لنا يف تغطية الثورة‬ ‫التون�سية وامل�سرية‪ ،‬وح��ني و�سل الأم��ر اإىل‬ ‫الثورة ال�سورية ح�سل النق�سام‪ ،‬اأترك الإجابة‬ ‫لعقل املتلقي وهو يفهمها‪.‬‬


‫اأن��ا ل األ ��وم اأح���د ًا على ذل��ك‪ ،‬فمن الطبيعي‬ ‫الخ �ت��الف يف وج �ه��ات ال�ن�ظ��ر‪ ،‬ه�ن��اك قنوات‬ ‫اأخ��رى اأي�س ًا من غري ال�سورية منحازة لوجهة‬ ‫النظر الأخرى‪.‬‬ ‫ف�ف��ي ال �ك��رث م��ن امل� ��رات ي �ك��ون �سيف ب��رام��ج‬ ‫اجلزيرة من النظام ال�سوري ولكنه يعتذر يف‬ ‫اآخر حلظة فنحرج على الهواء‪ ،‬لبد من روؤية‬ ‫ال�سورة كاملة من دون اتهام بالتق�سري‪.‬‬ ‫• غ ـيــاب مم ـثــل ق ـنــاة اجل ــزي ــرة عــن جل�شة‬ ‫مـنـتــدى الإعـ ــالم الـعــربــي املتعلقة بــالـقـنــوات‬ ‫التلفزيونية وتعاطيها مــع الـثــورات العربية‬ ‫كيف ميكن قراءته يف �شوء هذا الطرح ؟‬ ‫اأخ�سى ما اأخ�ساه اأن يفهم غيابه على اأنه هروب‪،‬‬ ‫ك��ان لب��د اأن يكون م��وج��ود ًا فللجزيرة وجهة‬ ‫نظرها التي توؤمن بها وعليها اأن تدافع عنها‬ ‫اأمام هذا الكم الهائل من النتقادات‪ ،‬كان يجب‬ ‫اأن يح�سر اأحد امل�سوؤولني يف القناة ليو�سل وجهة‬ ‫النظر ويقتنع اجلميع بها‪ ،‬لقد �ساألت عن �سبب‬ ‫الغياب وعرفت اأنهم من�سغلون بحدث معني‪ ،‬ول‬ ‫اأعتقد اأن��ه تهرب فهذا لي�س من �سيمنا‪ ،‬لأننا‬ ‫نحن يف اجلزيرة الأكرث جراأة‪.‬‬ ‫ال�سعب امل�سري‪ ..‬وربيع اجلزائر‬ ‫•دور الإعــالم وحتري�شه على الثورات‪ ،‬لقد‬ ‫قيل الكثري بخ�شو�س وقــوف قـنــاة اجلــزيــرة‬ ‫وراء حركات التغيري يف الوطن العربي‪ ..‬ما‬ ‫تعليقك؟‬ ‫اإن اأي موؤ�س�سة حترتم نف�سها ‪-‬واجلزيرة عمرها‬ ‫‪� 12‬سنة من العمل‪ -‬من املعيب اأن نفكر باأنها‬ ‫حتر�س جمموعة من ال�سباب للقيام بالثورة‪.‬‬ ‫اإن ال�سعب امل�سري �سعب عظيم ومن ال�سذاجة‬ ‫القول باأن جمموعة من النا�س حر�ستهم قناة‬ ‫على ا�سقاط نظام‪ ،‬هذا لي�س ب�سحيح‪ ،‬ال�سعب‬ ‫امل�سري كان يعاين الأمرين يف ظل نظام فا�سد‬ ‫ظامل‪� ،‬سادر احلريات وقزم بلد ًا بحجم م�سر‬ ‫وخلق م�سكلة بني م�سر واجلزائر للتغطية على‬ ‫عجزه واأ�سياء اأخرى‪ ،‬ومن الجحاف القول اإن‬ ‫قناة ح ّر�ست عدد ًا من ال�سباب للقيام بالثورة‬ ‫‪ ،‬فالثورة قام بها كل اأطياف ال�سعب امل�سري‬ ‫وانتف�سوا على الظلم واجلور الذي عانوا منه‪.‬‬ ‫اجلزيرة منذ اأول يوم وقفت مع ال�سعب امل�سري‬ ‫وتطلعاته لعقود ونفتخر بوقوفنا اإىل جانبه‪،‬‬ ‫ال�ساأن ذاته بالن�سبة لتون�س فنحن نقدم ن�سرة‬ ‫مغاربية‪ ،‬و ُك ّنا من اأوائل النا�س الذين حت�س�سوا‬ ‫الثورة يف تون�س‪.‬‬

‫من كان ي�سدق اأن ال�سعب التون�سي �سينتف�س‬ ‫ويخرج اإىل ال�سوارع‪ ،‬لقد كانت قناة اجلزيرة‬ ‫موجودة وهذا الذي يدعو النا�س لأن ت�ساأل كيف‬ ‫تتواجد بال�سدفة‪ ،‬نحن قريبون من ال�سعب‬ ‫ونب�س ال�سارع مما يجعلنا متفطنني ملا يحدث‪،‬‬ ‫ول نتواجد بال�سدفة‪ ،‬فمن باب اأوىل اأن نكون‬ ‫متواجدين قريب ًا من ال�سعب العربي‪ ،‬ول تن�سي‬ ‫نحن ممنوعون من التواجد يف بلدي اجلزائر‪،‬‬ ‫واأنا اأاأ�سف لذلك فعال ً‪.‬‬ ‫• ع ـلــى ذكـ ــر اجلـ ــزائـ ــر‪ ،‬ه ــل يـ ـوؤث ــر غ ـيــاب‬ ‫مـكـتــب لـلـجــزيــرة ه ـنــاك عـلــى تغطية الـ�ـشـاأن‬ ‫اجلزائري؟‬ ‫هذا الأمر ميكن اأن اأعيده لغياب الراأي الآخر‪،‬‬ ‫ه�ن��اك م��ن الأ��س�خ��ا���س م��ن يفكر يف اأن قناة‬ ‫اجلزيرة تعمل �سد اجل��زائ��ر‪ ،‬لكن ما يحدث‬ ‫ه��و العك�س فنحن ن�سعى للح�سول على راأي‬ ‫امل�سوؤولني اجلزائريني ونتعب يف احل�سول على‬ ‫هواتفهم ون�ح��اول الت�سال بهم لأخ��ذ وجهة‬ ‫النظر الأخ ��رى ‪ ،‬لكن يف اآخ��ر حلظة يغلقون‬ ‫هواتفهم‪!..‬‬ ‫اإذا كانت لديهم وجهة نظر اأخرى وهم مقتنعون‬ ‫بها‪ ،‬يجب اأن يدافعوا عنها وب�سرا�سة‪ ..‬اإن‬ ‫اجل��زائ��ر عا�ست ثورتها وربيعها العربي قبل‬ ‫اجلميع يف اأك�ت��وب��ر ‪ ،1988‬وه��و اأم ��رل يعرفه‬ ‫ل �الأ� �س��ف ال���س��دي��د امل���س��اه��د ال �ع��رب��ي ون��ال��ت‬ ‫اجلزائر ن�سيبها من احلريات ومن التعددية‬ ‫احلزبية وكل ما ن�ساهده الآن يف م�سر وتون�س‬ ‫وليبيا ودف�ع�ن��ا ثمنه ع�سرية � �س��وداء اأدم��ت‬ ‫ق �ل��وب اجل��زائ��ري��ني‪ ،‬م��ن اخل �� �س��ارة اأن ب�ل��د ًا‬ ‫بحجم اجلزائر لديه هذا الإرث �سواء الثورة‬ ‫التحريرية املجيدة اأو ثورة اأكتوبر ‪ ، 1988‬ونغلق‬ ‫على اأنف�سنا بهذا ال�سكل‪ ،‬مادام لدينا اأمر نحن‬ ‫مقتنعون به ملا ل نقنع الآخر بوجهة نظرنا‪ ،‬نحن‬ ‫لدينا تعددية يف الإع��الم‪ ،‬ولدينا اإع��الم حر‪،‬‬ ‫لدينا اأنا�س يف اجلزائر ل يخ�سون يف احلق‬ ‫لومة لئم‪ ،‬ما الذي يخيفهم من اجلزيرة؟‬ ‫اإعالمي ًا‪ ،‬اإنها خ�سارة كبرية اأن ل تتواجد‬ ‫اجلزيرة يف اجلزائر‪ ،‬لبد اأن جنعلها‬ ‫تعمل ث��م نحا�سبها بعد ذل��ك على‬ ‫مهنيتها‪ ،‬اإن قناة اجلزيرة لي�ست‬ ‫�سر ًا مطلق ًا ولي�ست ال�سيطان‪.‬‬ ‫باإماكنك اأن تدع الفرق الإعالمية‬ ‫تعمل وتكن رقيب ًا عليها‪ ،‬عموم ًا‬ ‫كل مكاتب اجلزيرة املوزعة يف‬ ‫كل مكان تخ�سع لقيود معينة‪،‬‬

‫نحن يف اجل��زائ��ر �سباقون يف حرية الإع��الم‬ ‫والتعبري وثورتنا �سابقة للثورات العربية‪ ،‬ملاذا‬ ‫نخاف من اجلزيرة؟‪ ،‬اإن كانت لدينا وجهة نظر‬ ‫فعلينا اي�سالها‪.‬‬ ‫االإعالمي‪ ..‬والنجومية‬ ‫• ظهرت بع�س القنوات اجلزائرية اجلديدة‬ ‫موؤخراً (ال�شروق و النهار وغريهما‪ )..‬كيف‬ ‫تقرئني ذلك؟‬ ‫اإنه لأمر جميل ظهورها وكان لبد من وجودها‬ ‫وق��د ت�اأخ��رن��ا ك�ث��ري ًا يف اط��الق ه��ذه القنوات‪،‬‬ ‫اإن ب �ل��د ًا بحجم اجل��زائ��ر ن��ال ح��ري��ة التعبري‬ ‫وال�ت�ع��ددي��ة احلزبية منذ ��س�ن��وات‪ ،‬قبل باقي‬ ‫الدول العربية‪ ،‬التي تثور فيها ال�سعوب اليوم من‬ ‫اأجل ك�سر �سنم احلزب الواحد العتيد‪ ،‬كان لبد‬ ‫اأن نكت�سح هذا املجال منذ زمن‪ ،‬فلدينا كفاءات‬ ‫يف اجل��زائ��ر وخ��ارج�ه��ا م��ن زم��الء وزم�ي��الت‪،‬‬ ‫اأ�سد على اأيديهم واأمت�ن��ى لهم التوفيق واآم��ل‬ ‫اأن يكونوا مناف�سني لنا‪ ،‬لأن الف�ساء الإعالمي‬ ‫يت�سع وباإمكان هذه القنوات اأن تكون مناف�سة‪،‬‬ ‫لأنها قنوات ك��ان يجب اأن تتواجد لتبني وجه‬ ‫اجلزائر بكل تراثها وثرائها الب�سري واجلغرايف‬ ‫واملادي‪ ..‬اإنني اأفتخر بجزائريتي‪ ،‬لأن اجلزائر‬ ‫رقم �سعب يف املعادلة‪ ،‬لكن اآن الأوان اأن نربز‬ ‫ذل��ك من خ��الل ف�سائيات تعتمد على املهنية‬ ‫واملو�سوعية قدر الإمكان‪.‬‬ ‫�سحيح �ستكون هناك اأخطاء كثرية ‪ ،‬و�سحيح‬ ‫اأن البداية تكون دوم ًا مربكة‪ ،‬وهذا اأمر �سحي‬

‫ل يفرت�س باأولياء الأمور اأن يكونوا‬ ‫حاجزاً يقف بني اأولدهم وما يحبون‪،‬‬ ‫فابنتي مث ً‬ ‫ال تقول يل باأنها تريد اأن‬ ‫تكون كاتبة‪ ،‬واأنا من باب الن�شح اأقول‬ ‫لها اأكملي تعليمك واهتمي بدرا�شتك‬ ‫اأو ًل‪ ،‬لكن من لديه ملكة الكتابة ل‬ ‫ميكن ف�شله عنها لأنه حتى واإن ذهب‬ ‫بعيداً عنها �شيعود اإليها ذات يوم‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫ميكن لالإن�سان اأن يتعلم م��ن اأخ�ط��ائ��ه‪ ،‬ومع‬ ‫الوقت �ستفر�س القنوات اجلزائرية نف�سها لي�س‬ ‫حملي ًا فقط واإمن��ا عربي ًا‪ ،‬وهو اأمر �سيكون يف‬ ‫م�سلحة الإعالم العربي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• يتاأثر الإعالمي اأحيانا مب�شاهد اأو اأخبار‬ ‫يقدمها‪ ..‬لقد راأيــت لك دموعاً على ال�شا�شة‬ ‫ت ـاأثــراً ببع�س الأحـ ــداث يف فـلـ�ـشـطــني‪ ..‬فهل‬ ‫ميـكــن ل ـالإعــالمــي اأن يـفـ�ـشــل بــني مـ�ـشــاعــره‬ ‫ال�شخ�شية وبني عمله؟‬ ‫ل يفرت�س بالإن�سان اأن يرتك العنان مل�ساعره‪،‬‬ ‫اإل اأننا يف نهاية الأم��ر نحن ب�سر‪ ،‬طبع ًا اأنا‬ ‫اأح��اول اأن اأكبح جماح غ�سبي جتاه �سيا�سيني‬ ‫اأحيان ًا مي��ررون مواقفهم وهم كاذبون‪ ،‬ونحن‬ ‫نعرف وامل�ساهد يعرف ذل��ك اأي���س� ًا‪ ،‬ولكنك‬ ‫ت�سطر لتكبت م�ساعر الغ�سب بطريقة مهنية‪.‬‬ ‫يف اأحيان كثرية نتاأثر باأ�سياء واأح��داث ونكبت‬ ‫�سعورنا‪ ،‬ويف النهاية نحن ب�سر وم��راآة عاك�سة‬ ‫للم�ساهد يف بيته ‪ ،‬فمثلما هو يتاأثر اأن��ا اأي�س ًا‬ ‫اأتاأثر‪.‬‬ ‫هناك �سديقة حدثتني عن اإعالميني انف�سلوا‬ ‫ع��ن ال��واق��ع و يت�سرفون ت�سرفات ل يجوز‬ ‫ل�الإع��الم��ي اأن يت�سرفها ول يتحدثون حتى‬ ‫لالإعالم ذاته ويرتفعون عن النا�س وواقعهم‪.‬‬ ‫اأنا ل اأبحث عن النجومية‪ ،‬واأعتقد اأنه اإذا ابتعد‬ ‫الإعالمي عن امل�ساهد الذي هو �سبب انت�ساره‬ ‫واإذا كان يبحث عن النت�سار والنجومية فعلى‬ ‫الطامع اأو الراغبة يف النجومية اأن تعمل راق�سة‬ ‫اأو فنانة اأو مغنية‪ ،‬اأقول ملثل هوؤلء لقد اأف�سدمت‬

‫يبقى العمل يف الإذاعة بالن�شبة‬ ‫يل هو العمل املف�شل‪ ،‬لأنه عمل �شاحر‬ ‫متاماً‪ ،‬هناك توا�شل بينك وبني امل�شتمع‪،‬‬ ‫وهناك عالقة وثيقة تن�شج وتوا�شل رائع‬ ‫ل مينحه لك التلفزيون‪ ،‬رمبا لأنك ت�شعر‬ ‫يف التلفزيون كاأن الكامريا تراقبك وهي‬ ‫م�شلطة عليك ‪ ،‬لكن املتلقي يف الإذاعة‬ ‫فباإمكانك اأن تهم�س له كاأنه �شديقك املقرب‬

‫حوار‬

‫‪42‬‬

‫فريوز زياين و منتهى الرحمي‬

‫املجال الإعالمي بهذه الت�سرفات‪ ،‬لي�س خطاأ اأن‬ ‫يحبك النا�س‪ ،‬لكن ل ت�سيء اإليهم ول حتتقرهم‬ ‫ول تبتعد عنهم‪.‬‬ ‫فاأنا مبجرد و�سويل اإىل اجلزائر ومبجرد اأن‬ ‫اأرت��اح قلي ًال من ال�سفر واحلقائب‪ ،‬اأول �سيء‬ ‫اأق��وم به هو اأين اأذه��ب لركوب �سيارات النقل‬ ‫اجلماعي حتى اأ�ستمع اإىل النا�س وم�سكالتهم‪،‬‬ ‫اأ�ستمع لنب�س ال�سارع‪ ،‬فمن اخلطاأ النف�سال‬ ‫عن النا�س‪ ،‬واأن��ا واح��دة منهم‪ ،‬نحن مل ناأت‬ ‫من الف�ساء‪ ..‬اأنا من عائلة ب�سيطة واأنا �سغرية‬ ‫ركبت �سيارة الأج��رة وركبت احلافلة وجربت‬ ‫الزحام وتداخلت مع النا�س‪ ،‬وهذا الذي ي�سنع‬ ‫اإعالمي ًا ناجح ًا ل ينف�سل علن ال��واق��ع‪ ،‬فمن‬ ‫نخاطب نحن اإذا؟‬ ‫اإذا ك ّنا نخاطب الرئي�س وامل�سوؤول فهذا هراء‬ ‫وهذا لي�س دور الإعالمي احلقيقي‪ ،‬اإمنا دوره‬ ‫اأن يخاطب املواطن‪ ،‬ويلم�س داخله ويعرب عن‬ ‫ق�ساياه‪.‬‬ ‫اأنا اأفتخر اأن القنوات العربية‪ ،‬اجلزيرة مث ًال‪،‬‬ ‫اأ�سهمت بطريقة جميلة ج��د ًا يف زي��ادة الوعي‬ ‫ل��دى امل��واط��ن ال�ع��رب��ي وه��و اأم ��ر ل مي�ك��ن اأن‬ ‫يلومنا عليه اأح��د‪ ،‬ه��ذا املواطن ال��ذي اأ�سبح‬ ‫اليوم ينادي بالتعددية احلزبية ويطالب باأن‬ ‫ل ي�سرق الرئي�س ثروته ويوزعها على اأبنائه‬ ‫ويورثها لأحفاده‪ ،‬املواطن الذي اأ�سبح يخرج يف‬ ‫املظاهرات ويتحدث ويعلو �سوته‪ ،‬املواطن الذي‬ ‫اأ�سبح يفتح فمه يف ال�سارع ولي�س عند طبيب‬ ‫الأ�سنان‪ ،‬كما كانت تفعل �سعوب عربية كثرية‬ ‫يف ال�سابق‪.‬‬ ‫هيكل‪ ..‬واملخزون املعريف‬ ‫• م ــا ت ـق ـي ـي ـمــك ل ـل ـمــوقــف اجل ــزائ ــري‬ ‫الر�شمي جتاه الثوات العربية؟‬

‫اأنا اأحرتم �سيادة الدول وك ٌل حر يف موقفه‪ ،‬لي�س‬ ‫علي اأن اأقيم موقف اجل��زائ��ر‪ ،‬لأن كل واحد‬ ‫ّ‬ ‫يبني مواقفه بناء على م�ساحله اخلا�سة‪ ،‬واأهل‬ ‫مكة اأدرى ب�سعابها‪ ،‬اأنا ل�ست يف ال�سلطة‪ ،‬اإنني‬ ‫اإعالمية جزائرية حتاول قدر الإمكان اأن تلتزم‬ ‫لدي اأن اأقيم موقفهم‪.‬‬ ‫مبو�سوعيتها‪ ،‬ولي�س ّ‬ ‫للم�سوؤولني هناك اأ�سبابهم وم�ساحلهم للحكم‬ ‫يف املو�سوع‪ ،‬وكل بلد وف��رد يبني مواقفه بنا ًء‬ ‫لدي وجهة نظر خا�سة يف‬ ‫على ما هو مقتنع به‪ّ ،‬‬ ‫املو�سوع ولكن اأف�سل اأن اأحتفظ بها لنف�سي‪.‬‬ ‫• � ـش ـوؤايل الأخ ــري‪ ،‬مقابلتك مــع الإعــالمــي‬ ‫املـ�ـشــري الـكـبــري مـمــد ح�شنني هيكل كانت‬ ‫من اأهــم احلــوارات التي اأجريتها‪ ،‬ما الالفت‬ ‫يف هــذه ال�شخ�شية‪ ،‬مــا الــذي جعل هيكل يف‬ ‫ت�شورك حا�شراً دائماً يف امل�شهد الإعالمي كل‬ ‫هذه ال�شنوات؟‬ ‫ما لفتني يف الأ�ستاذ هيكل وهو �سيء رائع‪ ،‬تذكره‬ ‫للتفا�سيل‪ ،‬لديه ذاك��رة ح ّية فوق ما ميكن اأن‬ ‫تتخيلي‪ ،‬اإن ال�سحايف الناجح لبد اأن يكون لديه‬ ‫خمزون فكري ومعريف ويحفظ الأ�سياء ويخزنها‬ ‫�سواء من القراءات اأو م�سايرته لالأحداث‪ ،‬لأن‬ ‫ما نعي�سه اليوم �سي�سبح ذات يوم تاريخ ًا ي�سهم‬ ‫يف تكوين املخزون الفكري لل�سخ�س‪ ،‬واأعتقد اأن‬ ‫هذا من الأ�سباب التي جعلته مميز ًا‪ ،‬ول �سك‬ ‫اأن لديه ملكات اأخرى ولكن هذا ما لفت نظري‪.‬‬ ‫اأمتنى حني يتقدم العمر بي اأن ي�سبح يل مثل‬ ‫هذا املخزون الفكري واملعريف واأبقى اأتذكره‬ ‫لأن��ك تعاي�س اأ��س�ي��اء ك�ث��رية‪ ،‬فعليك اأن تبقى‬ ‫ُمتيقن ًا وتعرف متى ت�ستعملها وحتللها وتربوزها‬ ‫وتربزها‪ ،‬و تلك قمة الإب��داع‪ ،‬واأمتنى اأن اأ�سل‬ ‫كاإعالمية لهذا امل�ستوى م�ستقب ًال‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪44‬‬

‫الصحف القومية في مصر‪..‬‬ ‫من وصاية الى أخرى‬ ‫منذ الأيام الأوىل للثورة امل�سرية‪ ،‬اختلطت نداءات «ال�سعب يريد ا�سقاط‬ ‫النظام» و«ارحل ارحل ارحل» باأخرى ل تقل اأهمية عن تغيري النظام ككل‪،‬‬ ‫وتتع ّلق خ�سو�س ًا بالدعوة اإىل حترير ال�سيا�سة التحريرية لل�سحف القومية‬ ‫التي بقيت عقود ًا رهينة احلزب احلاكم واأجهزته وحت ّولت ُبوق ًا له‪ ،‬وانطلقت‬ ‫تلك ال ّنداءات خ�سو�س ًا من مبداأ اأهمية ال�سحافة احلرة كمراآة للمجتمع‬ ‫ورقيب ًا على اأداء املوؤ�س�سات املجتمعية وك�سف الف�ساد‪.‬‬ ‫بدا الثوار جديني يف �سعيهم اإىل النتقال باملوؤ�س�سات ال�سحافية القومية‬ ‫التي متلكها احلكومة امل�سرية وتوجهها‪ ،‬من مهمة التعبئة الرامية اإىل ح�سد‬ ‫الراأي العام حول �سيا�ساتها واجراءاتها اإىل ر�سالة ال�سحافة احلرة التي‬ ‫تعك�س توجهات ال��راأي العام‪ ،‬وبدت معهم امرباطورية ال�سحف القومية‬ ‫التي متلكها احلكومة امل�سرية ت�ستعد مل�ستقبل اأكرث اإ�سراق ًا يليق ب� «م�سر‬ ‫اجلديدة» التي حتررت من ال�ستبداد‪ ،‬م�ستقبل تت�ساوى فيه الفر�س لكل‬ ‫الآراء والأطياف الجتماعية والثقافية وال�سيا�سية لعر�س احلقائق كما هي‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬على غرار اأخطاء اأخرى وقعت فيها الثورة‪ ،‬يبدو اأن «الثوار» اأو بع�س ًا‬ ‫ممن قطفوا ثمار ال�ث��ورة‪ ،‬تخلوا عن هدفهم الكبري‪ ،‬واكتفوا ب� «تطهري‬ ‫ال�سحافة» الذي متثل مبجرد اق�ساء روؤ�ساء حترير هذه ال�سحف وروؤ�ساء‬ ‫جمال�س اإدارتها من رموز العهد البائد ليح ّل حملهم اآخرون حم�سوبني على‬ ‫العهد احلايل‪ ،‬يقومون بالوظيفة نف�سها حيال اأوليائهم اجلدد ويتحولون مع‬ ‫الوقت بوقا لهم‪.‬‬ ‫قرن من ال�سحافة‬ ‫وت�سمل المرباطورية ال�سحافية التي متلكها الدولة امل�سرية وتوجهها‬ ‫منذ �ستينيات القرن املا�سي ثماين موؤ�س�سات �سحافية قومية‪ ،‬ت�سدر ‪55‬‬ ‫مطبوعة �سحافية يومية واأ�سبوعية وف�سل ّية‪ ،‬ويعمل فيها اأربعة الف �سحايف‬ ‫ميثلون اأكرث من ثلثي اأع�ساء نقابة ال�سحافيني امل�سريني‪ ،‬واأكرث من ‪ 20‬الف‬ ‫اإداري وعامل‪ ،‬ومتلك هذه المرباطورية اأ�سو ًل تقدر مبليارات اجلنيهات‪،‬‬ ‫مبا فيها عقارات واأرا�س وجامعات خا�سة و�سركات �سناعية وجتارية تعمل‬ ‫يف جمالت خمتلفة ل �سلة لها بال�سحافة‪ ،‬بينها �ستة �سروح تعترب جزء ًا‬ ‫من تاريخ م�سر والوطن العربي‪ ،‬ثالثة منها يتجاوز عمر كل منها قرن ًا وهي‬ ‫«الأهرام» و«دار الهالل» و«دار املعارف»‪.‬‬

‫ا�سطلعت هذه املوؤ�س�سات باأدوار بارزة ‪ ،‬واإن بدرجات متفاوتة‪ ،‬يف معارك‬ ‫حترير م�سر وال�سعب والدفاع عن الدميوقراطية‪ ،‬وكانت ول تزال اأحد‬ ‫اأعمدة بناء النه�سة امل�سرية والعربية‪ ،‬منذ نهاية القرن التا�سع ع�سر‪.‬‬ ‫واإذ كان ثمة ما يربر يف حينه دخول الدولة امل�سرية جمال اإدارة ال�سحف‬ ‫واإ�سدارها بعد ثورة يوليو‪ ،‬ثم نقل ملكية املوؤ�س�سات ال�سحافية الكربى عام‬ ‫‪ 1960‬اإىل «الحت��اد القومي»‪ ،‬ل �سك يف اأن هذا المر انعك�س �سلب ًا على‬ ‫حرية ال�سحافة وحول ال�سحف اأ�سبه بالن�سرات الإعالمية‪.‬‬ ‫و�سرعان ما انعك�س ذل��ك اأي�س ًا على الأو��س��اع القت�سادية للموؤ�س�سات‬ ‫ال�سحافية القومية ب�سبب الف�ساد واإه��دار املال العام يف بع�س اإداراتها‪،‬‬ ‫ولأن املالك‪� ،‬سواء اأكان «الحتاد القومي» اأو الحتاد ال�سرتاكي» اأو «جمل�س‬ ‫ال�سورى» مل يكن يهمه اإل اأن يوفر تعبئة الراأي العام وراء �سيا�سة احلكومة‪.‬‬ ‫تطهري ال�سحافة‬ ‫ومع الوقت‪ ،‬اأ�سبحت ال�سحف القومية ناطقة با�سم احلزب احلاكم يف‬ ‫م�سر‪ ،‬الأمر الذي اأثار حفيظة ال�سحافيني الذين انتف�سوا اأكرث من مرة‬ ‫حماولني التحرر‪ ،‬ولئن جنحوا يف ا�ست�سدار قانون تنظيم ال�سحافة عام‬ ‫‪ 1996‬الذي ين�س يف املادة ‪ 55‬منه على اأن تكون «ال�سحف القومية م�ستقلة‬ ‫عن ال�سلطة التنفيذية وعن جميع الحزاب‪ ،‬وتعترب منرب ًا للحوار الوطني‬ ‫بني كل الآراء والجتاهات ال�سيا�سية والقوى الفاعلة يف املجتمع»‪ ،‬بقيت‬ ‫هذه املادة حرب ًا على ورق لأن الفقرة الوىل من املادة نف�سها تن�س على‬ ‫اأن ال�سحف القومية مملوكة للدولة‪ ،‬ميار�س حقوق امللكية عليها جمل�س‬ ‫ال�سورى الذي ظل احلزب الوطني املنحل يحتل الغالبية فيه‪.‬‬ ‫كان بديهي ًا اأن يتفاءل ذوو الراأي احلر ب�سفحة جديدة لل�سحف القومية‬ ‫بعد طي �سفحة احلزب الوطني‪ ،‬وانتقال البالد اإىل يد من عانى طوي ًال‬ ‫احتكار ال�سلطات والراأي‪ ،‬بيد اأن الواقع على الأر�س بدد هذا التفاوؤل‪ ،‬فما‬ ‫اأن اكتملت النتخابات الت�سريعية الأوىل التي ت�سهدها البالد منذ الثورة‪،‬‬ ‫حتى بداأت الغالبية اجلديدة ترث ل مقاعد ال�سلطة البائدة فح�سب‪ ،‬واإمنا‬ ‫ممار�ساتها اأي�س ًا‪.‬‬ ‫وبني ليلة و�سحاها ا�ستبدل �سعار «حترير ال�سحافة» ب�«تطهري ال�سحافة»‪،‬‬ ‫و�سار ال�سغل ال�ساغل لل�سطات اجلديدة اإق�ساء رم��وز عهد مبارك من‬


‫رياح التغيري‬

‫موناليزا فريحة‬ ‫�صحافية لبنانية‬

‫املوؤ�س�سات ال�سحافية القومية وال�سعي اإىل ا�ستبدالهم باآخرين موالني لها‬ ‫يتولون التعبري عن اآرائها وح�سد الراأي العام ل�سيا�ساتها‪.‬‬ ‫ماآل امللكية‬ ‫يختلف اخل��رباء امل�سريون يف تو�سيف حل للم�ساكل املرتاكمة لل�سحف‬ ‫القومية‪ ،‬فثمة من يدعو اإىل حتريرها من ملكية الدولة املمثلة يف جمل�س‬ ‫ال�سورى وو�ساية املجل�س الأعلى لل�سحافة يف ما يخ�س �سوؤون اإدارتها‪ ،‬لأن‬ ‫هذه ال�سيغة حولت هذه املوؤ�س�سات من ملكية �سعبية ‪-‬تتمتع بالإ�ستقالل‪،‬‬ ‫وتعرب عن خمتلف اجتاهات ال��راأي العام ح�سب الن�س الد�ستوري‪ -‬اإىل‬ ‫ملكية خا�سة للنظام ال�سيا�سي تقوم على تربير مواقفه واجتاهاته وترويجها‬ ‫والتعتيم على احلقائق ووجهات النظر الأخرى املخالفة‪.‬‬ ‫وهناك اآخرون يرون اأن نقل امللكية هذه املوؤ�س�سات من الدولة اىل اإمللكية‬ ‫اخلا�سة ل يحل امل�سكلة‪ ،‬بحجة اأنه ل ميكن التفريط يف موؤ�س�سات بهذا‬ ‫احلجم وهذا التاريخ‪ ،‬ونقل ملكيتها اإىل اإىل راأ�سماليني اأفراد ل يعرفون يف‬ ‫اأي اجتاه �سيقودونها‪.‬‬ ‫غري اأن ثمة �سريحة وا�سعة م�سرة على وجوب اإعفاء جمل�س ال�سورى من‬ ‫�سلطة ممار�سة حق امللكية على هذه المرباطورية‪ ،‬ونقل هذه ال�سالحية‬ ‫اإىل جمل�س وطني لل�سحافة يكون م�ستق ًال متام ًا عن كل ال�سلطات والأحزاب‬ ‫يتو ّ‬ ‫ىل اإدارتها على اأ�س�س مهنية واقت�سادية �سليمة‪ ،‬ويجعلها منرب ًا للتعبري‬ ‫عن الراأي احلر‪.‬‬ ‫معايري االختيار‬ ‫وزاد احلاح اإيجاد حل لهذه العالقة امللتب�سة املعايري التي حددها جمل�س‬ ‫لختيار روؤ�ساء حترير ال�سحف القومية والتي دخلت ال�سجال يف �ساأن دور‬ ‫املجل�س يف افقاد املوؤ�س�سات اأهميتها وا�ستقاللها‪ .‬فقد اأخذ �سحافيون‬ ‫كرث على هذه املعايري افتقارها اإىل الكثري من ال�سروط املهنية‪ ،‬على‬ ‫غرار اأن يكون املر�سح مثال قد تدرج يف امل�سوؤولية التحريرية داخل‬ ‫املوؤ�س�سة اأو اأن يكون قد تقلد من�سب رئي�س ق�سم على اأقل تقدير‪.‬‬ ‫ويف راأي البع�س اأن ال�سروط التي حددها ال�سورى تكت�سب طابعا‬ ‫�سيا�سيا وينق�سها الكثري من املعايري املهنية‪ ،‬الأمر الذي من �ساأنه‬

‫اأن ينعك�س �سرره على ال�سحيفة املعنية‪.‬‬ ‫اإىل ذلك‪ ،‬اأخذ �سحافيون على تركيبة اللجنة املكلفة اختيار روؤ�ساء حترير‬ ‫ال�سحف القومية يف جمل�س ال�سورى‪ ،‬يف اإ�سارة اإىل �سمها اأع�ساء من حزب‬ ‫احلرية والعدالة‪ ،‬احلاكم حالي ًا‪.‬‬ ‫ويف هذا ال�ساأن‪ ،‬تعالت الأ�سوات القائلة اإن «اأهل مكة اأدرى ب�سعابها»‪ ،‬يف‬ ‫دعوة اإىل وجوب اأن تتمحور حيثيات اختيار روؤ�ساء حترير ال�سحف حول‬ ‫املعايري املهنية اخلال�سة‪ ،‬من دون ا ّأي حم�سوبيات‪.‬‬ ‫عموم ًا‪ ،‬تبدو انتفا�سة ال�سحف القومية يف م�سر يف اأولها‪ ،‬ول �سك يف اأن‬ ‫�سعب ًا ي�سق طريقه ب�سعوبة من اجتاه طي �سفحة كئيبة ا�ستمرت اأكرث من‬ ‫ثالثة عقود‪ ،‬يدرك متام ًا اأن �سحافة حرة وحقيقية تتطلب اأكرث من جمرد‬ ‫اق�ساء وا�ستبعاد رموز نظام بائد‬

‫ت�صمل المرباطورية ال�صحافية التي متلكها‬ ‫الدولة امل�رصية وتوجهها منذ �صتينيات القرن‬ ‫املا�صي ثماين موؤ�ص�صات �صحافية قومية‪ ،‬ت�صدر ‪55‬‬ ‫مطبوعة �صحافية يومية واأ�صبوعية وف�صل ّية‪ ،‬ويعمل‬ ‫فيها اأربعة الف �صحايف ميثلون اأكرث من ثلثي اأع�صاء نقابة‬ ‫ال�صحافيني امل�رصيني‪ ،‬واأكرث من ‪ 20‬األف اإداري وعامل‪ ،‬ومتلك‬ ‫هذه المرباطورية اأ�صول تقدر مبليارات اجلنيهات‬ ‫على غرار اأخطاء اأخرى وقعت فيها الثورة امل�رصية‪ ،‬يبدو اأن‬ ‫«الثوار» اأو بع�صا ً ممن قطفوا ثمار الثورة‪ ،‬تخلوا عن هدفهم‬ ‫الكبري‪ ،‬واكتفوا بـ «تطهري ال�صحافة» الذي متثل مبجرد اق�صاء‬ ‫روؤ�صاء حترير هذه ال�صحف وروؤ�صاء جمال�ض اإدارتها من رموز‬ ‫ّ‬ ‫ليحل حملهم اآخرون حم�صوبني على العهد‬ ‫العهد البائد‪،‬‬ ‫احلايل‪ ،‬يقومون بالوظيفة نف�صها حيال اأوليائهم اجلدد‬ ‫ويتحولون مع الوقت بوقا ً لهم‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫كنت‬ ‫م�صوؤول‬ ‫لالإعالم‬

‫‪46‬‬

‫املدير العام ال�شابق للوكالة العربية للأخبار العلمية‬

‫فداء ياسر الجندي‪:‬‬ ‫مهمة االإعالم العلمي عطف احلا�سر على املا�سي‬

‫حوار ـ حممد ح�صني طلبي‬ ‫تقوم فكرة هذا احلوار على طرح‬ ‫ت�صاوؤلت تراكمت ومنذ �صنني طويلة‬ ‫حتفر يف ذهن الإن�صان العربي‪ ،‬وترتكز‬ ‫على �رصورة اإعطاء اجلهد العلمي‬ ‫(املحت�صم) يف هذه املنطقة حق‬ ‫الظهور والإعالن عن نف�صه‪ ،‬حتى‬ ‫يكون الأقرب واملبادر من اأجل خدمة‬ ‫وحترير الإن�صان احلامل لهذا الهم‪� ،‬صواء‬ ‫يف دياره اأو يف ديار التغرب‪ ،‬لينطلق‬ ‫جرا ً وجمتهدا ً كغريه يف هذا العامل‬ ‫الف�صيح‪.‬‬


‫وبحث ًا عن اإجابة لها حاورت «الإعالم والع�سر»‬ ‫املهند�س ف��داء يا�سر اجل �ن��دي‪ ،‬امل��دي��ر العام‬ ‫ال�سابق للوكالة العربية لالأخبار العلمية‪ ،‬التي‬ ‫انطلقت �سريع ًا ثم و ِئدت �سريع ًا‪ ،‬كواحدة من‬ ‫املوؤ�س�سات الواعدة يف ميادين الثقافة والإعالم‬ ‫العلميني‪ ،‬والتي كان ينتظر منها الكثري بدون‬ ‫�سك‪ ،‬بعد اأن خذلتنا منظومة الإع��الم العربي‬ ‫الر�سمية وغري الر�سمية‪ ،‬منذ اأن انفتح العامل‬ ‫على بع�سه بال�سكل الذي نعرفه هذه الأيام‪.‬‬ ‫اقرتبنا من الرجل � الذي كان اأحد موؤ�س�سي هذه‬ ‫الوكالة‪ ،‬الكاتب العلمي املعروف‪ ،‬والنا�سط يف‬ ‫املنتديات العلمية‪ ،‬ومن اأب��رز منابرها‪ ،‬جملة‬ ‫(‪ ،)PC Magazine‬املخت�سة بتقنية املعلومات‬ ‫ويف غريها‪ ،‬اقرتبنا منه بهدف امل�ساعدة على‬ ‫رفع �سقف اهتمام املواطن العربي حتى يدخل‬ ‫يف قامو�سه اأق�سى م��ا ي�ستطيع م��ن ثقافات‬ ‫وم�سطلحات م�ع��ا��س��رة‪ ،‬بلغة عربية رائقة‬ ‫انتظرت ذلك طوي ًال‪ ..‬وفيما يلي ن�س احلوار‪:‬‬ ‫بداية‪ ،‬ملاذا‪ ،‬وكيف كانت فكرة اإن�شاء الوكالة؟‬ ‫ك��ان ه��ذا امل�سروع ح�سيلة ح��وارات ونقا�سات‬ ‫ول�ق��اءات مثمرة‪ ،‬بني اأط��راف عديدة‪ ،‬جمعت‬ ‫بينهم روؤية م�سرتكة‪ ،‬وهي انطلقت من مالحظة‬ ‫الق�سور ال�سديد يف و�سائل الإعالم العربية‪ ،‬عن‬ ‫تغطية ما يتعلق بالثقافة العلمية‪ ،‬تلك الثقافة‬ ‫التي لبد من ن�سرها وتدعيمها وتطويرها يف‬ ‫اأي جمتمع ي��راد له اأن يرتقي ويتطور وياأخذ‬ ‫مكانه ب��ني ال ��دول املتقدمة‪ ،‬وم��ن اأه��م وج��وه‬ ‫ذلك الق�سور الإعالمي‪ ،‬ال�سعف ال�سديد الذي‬ ‫يعاين منه املحتوى العربي على ال�سبكة العاملية‬ ‫(الإن��رتن��ت) يف جم��ال الثقافة العلمية‪ ،‬وقد‬ ‫كان يل لقاء مع هيئة حترير جملة اإلكرتونية‬ ‫كانت ت�سدر يف ليبيا‪ ،‬وخمت�سة بق�سايا تقنية‬ ‫املعلومات واحلا�سوب‪ ،‬وذلك اأثناء زيارتي اإىل‬ ‫ليبيا قبل ح��وايل �سبع �سنوات‪ ،‬للم�ساركة يف‬ ‫منا�سبة اإعالمية‪.‬‬ ‫لقد اأبدى الزمالء هناك‪ ،‬ا�ستعدادهم لت�سخري‬ ‫اإمكانيات جملتهم يف دعم موقع يهتم بالأخبار‬ ‫العلمية‪ ،‬ومت ّدعم الفكرة وتبنيها وتوفري الغطاء‬ ‫القانوين لها من قبل املوؤ�س�سة العربية للعلوم‬ ‫والتكنولوجيا‪ ،‬ومقرها يف ال�سارقة يف دول��ة‬ ‫الإم��ارات العربية املتحدة‪ ،‬ومت اإطالق الوكالة‬ ‫ر�سمي ًا يف املوؤمتر ال�ساد�س لآفاق البحث العلمي‬ ‫يف امل�غ��رب‪ ،‬ع��ام ‪ .2007‬وهكذا ن��رى اأن هذه‬ ‫ال��وك��ال��ة ك��ان��ت وبامتياز ح�سيلة عمل عربي‬ ‫جماعي امتد من املحيط اإىل اخلليج‪.‬‬

‫املقر الرئي�شي للوكالة كان‬ ‫يف مدينة الزاوية يف ليبيا‪ ،‬ومت‬ ‫افتتاحه بح�شور رئي�س املوؤ�ش�شة العربية‬ ‫للعلوم والتكنولوجيا الدكتور عبد اهلل‬ ‫النجار‪ ،‬وكانت الكوادر التي تعمل يف‬ ‫معظمها هي كوادر املجلة الإلكرتوينة‬ ‫الليبية‪� ،‬شالفة الذكر‪ ،‬وعلى راأ�شها‬ ‫رئي�س حتريرها املهند�س‬ ‫عمر التومي‬

‫«الزاوية»‪ ..‬واأيام اأحمد زكي‬ ‫هــل مــن فكرة عــن الإمكانيات التي انطلقتم‬ ‫بها؟‬ ‫املقر الرئي�سي للوكالة كان يف مدينة الزاوية‬ ‫يف ليبيا‪ ،‬ومت افتتاحه بح�سور رئي�س املوؤ�س�سة‬ ‫العربية للعلوم والتكنولوجيا الدكتور عبد اهلل‬ ‫النجار‪ ،‬وكانت الكوادر التي تعمل يف معظمها‬ ‫هي ك��وادر املجلة الإلكرتوينة الليبية‪� ،‬سالفة‬ ‫الذكر‪ ،‬وعلى راأ�سها رئي�س حتريرها املهند�س‬ ‫عمر التومي‪ ،‬وكان هناك العديد من املرا�سلني‬ ‫والكتاب العلميني الذين يتعاونون مع املوقع‪،‬‬ ‫وح�ق��ق امل��وق��ع يف ف��رتةوج �ي��زة جن��اج � ًا لف�ت� ًا‪،‬‬ ‫وب��داأت املواقع واملطبوعات الأخ��رى تنقل عنه‪،‬‬ ‫ومت توقيع عقد لتزويد الطبعة العربية من جملة‬ ‫(نا�سيونال جيوغرافيك)‪ ،‬التي ت�سدر يف م�سر‬ ‫ببع�س ما ين�سره موقع الوكالة‪ ،‬ولكن يف النهاية‬ ‫توقفت الوكالة بعد الأح ��داث وامل �ع��ارك التي‬ ‫�سهدتها مدينة الزاوية الليبية‪ ،‬وهي مقر اأ�سرة‬ ‫حترير امل��وق��ع كما اأ�سلفنا‪ ،‬ول ت��زال اجلهود‬ ‫جارية لإعادة اإطالقها‪.‬‬

‫كيف ّ‬ ‫خططتم ملواجهة التحدي‪ ،‬خا�شة واأن‬ ‫املــو� ـشــوع يعترب جــديــداً يف احل ـيــاة الثقافية‬ ‫العربية؟‬ ‫اإن جمتمعنا مثل ك��ل املجتمعات فيه م��ن كل‬ ‫ال���س��رائ��ح‪ ،‬رمب��ا ك��ان��ت ال�سريحة ال�ت��ي تتابع‬ ‫ما هو ج��اد يف جمتمعنا اأق��ل من مثيالتها يف‬ ‫املجتمعات املتقدمة‪ ،‬ولكنها موجودة‪ ،‬واأزع��م‬ ‫اأنها لي�ست �سريحة �سغرية‪ ،‬غري اأنها فقدت‬ ‫الأم��ل يف وج��ود اإع��الم علمي ج��اد مفيد‪ ،‬يتم‬ ‫تقدميه بطرق جذابة‪ ،‬وقد ثبت اأنه يف املرات‬ ‫القليلة التي جنحت فيها اإحدى و�سائل الإعالم‬ ‫يف تقدمي اإع��الم علمي جاد بطرق احرتافية‪،‬‬ ‫وجدت من يتابعها ويهتم بها‪ ،‬والأمثلة على ذلك‬ ‫عديدة‪ ،‬منها مث ًال جملة العربي الكويتية‪ ،‬التي‬ ‫تربت على ثقافتها اأجيال من ال�سباب العرب‪،‬‬ ‫ول زلت اأذكر كيف كنا ننتظر �سدورها بفارغ‬ ‫ال�سرب‪ ،‬وكانت بع�س املكتبات يف دم�سق تبيعها‬ ‫يف ال�سوق ال�سوداء باأعلى من اأ�سعارها املعتادة‪،‬‬ ‫ولزبائنها فقط‪ ،‬ولي�س من جيلنا من ل يذكر‬ ‫�سل�سلتي «م��ع اهلل يف الأر�� ��س»‪ ،‬و«م��ع اهلل يف‬ ‫ال�سماء» لرئي�س حتريرها الأول الدكتور اأحمد‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫كنت‬ ‫م�صوؤول‬ ‫لالإعالم‬

‫‪48‬‬

‫فداء يا�رص يف حوار مع الزميل ح�صني طولبي‬

‫زكي‪ ،‬وهي مقالت علمية متميزة‪ ،‬ول زالت هذه‬ ‫املجلة واأمثالها (وهي لالأ�سف قليلة) تلقى اإقبا ًل‬ ‫كبري ًا من �سريحة وا�سعة من القراء‪.‬‬ ‫األ تعتقدون اأن اأمــامـكــم حتــديــات كبرية من‬ ‫اأجل تكري�س ثقافة اأخرى يف املجتمع العربي‪..‬‬ ‫ماذا تتوقعون؟‪ ،‬وكيف �شتواجهون؟‬ ‫ل �سك اأن التحديات كبرية‪ ،‬ولن يكون طريق‬ ‫جمتمعنا العربي نحو تكري�س الثقافة العلمية‬ ‫�سه ًال مي�سر ًا‪ ،‬ولكننا نعتقد اأنه لي�س بال�سعب‬ ‫امل�ستع�سي اإذا حتققت بع�س العوامل‪ ،‬واأولها‬ ‫�سدق النية وه��و اأم��ر مطلوب يف كل عمل‪ ،‬ثم‬ ‫الثقة يف قابلية املجتمع العربي لهذا التوجه‪،‬‬ ‫فاإذا بداأنا العمل ونحن ن�سك يف تقبل املجتمع‬ ‫العربي فلن ن�سل اإىل �سيء‪.‬‬ ‫و�سبيلنا اإىل حتقيق اأه��داف�ن��ا‪ ،‬العتماد على‬ ‫املتاح من الإمكانيات وعدم انتظار الدعم من‬ ‫احل�ك��وم��ات اأو م��ن غ��ريه��ا‪ ،‬فال�سائد يف كثري‬ ‫من املوؤ�س�سات والروابط العلمية والثقافية هو‬ ‫العتماد على احلكومات يف دعم العمل العلمي‪،‬‬ ‫ويتخذ القائمون على تلك املوؤ�س�سات من �سعف‬ ‫الدعم احلكومي ع��ذر ًا للتق�سري يف الإجن��از‪،‬‬ ‫وواجبنا كاأفراد وموؤ�س�سات اأن نقوم مبا تتيحه‬ ‫لنا الإمكانيات املتوفرة حتى نعذر اأم��ام اهلل‬ ‫واأم��ام الأم��ة‪ ،‬ول جنادل هنا يف اأن احلكومات‬ ‫لو تبنت هذا التوجه ودعمته لكان يف ذلك خري‬ ‫كبري‪ ،‬ولكن رمب��ا لها يف بع�س البالد العربية‬ ‫اأولويات اأخرى‪.‬‬

‫ول اأ�سك يف اأن الدعم �سياأتي اإن راأت احلكومات‬ ‫منا اإجن� ��ازات‪ ،‬ولنا يف جت��ارب غرينا ع��ربة‪،‬‬ ‫وح�سب علمي فاإن معظم روابط الإعالم العلمي‬ ‫العاملية التي نعرفها غري حكومية ول تتلقى دعم ًا‬ ‫من حكوماتها‪ ،‬ف �اإذا ما اأخ��ذن��ا ه��ذه العوامل‬ ‫بعني العتبار فاإننا ناأمل التمكن من مواجهة‬ ‫التحديات‪.‬‬ ‫ع�سر «اجلزيرة لالأطفال»‬ ‫ذك ــرت مــن بــني ال ـعــوامــل الـتــي تعينكم على‬ ‫حتقيق اأهــداف ـكــم‪ ،‬الـثـقــة يف قــابـلـيــة املجتمع‬ ‫العربي لتوجهكم‪ ..‬هل هذا من باب التفاوؤل‬ ‫اأم اأن هناك حقائق وا�شحة هي التي �شاعدتكم‬ ‫ودفعت بامل�شروع اإىل الأمام؟‬ ‫الأمران مع ًا‪ ،‬فهو تفاوؤل ولكنه لي�س عاطفي ًا بل‬ ‫مبني على حقائق مو�سوعية موجودة على اأر�س‬ ‫الواقع‪ ،‬الظاهر اأننا يف ع�سر «الفيديو كليب»‪،‬‬ ‫ولكن هذا ل يعني اأن املجتمع العربي كله غارق‬ ‫يف هذا التيار‪ ،‬فال زالت هناك �سريحة واعية‬ ‫تبحث ع��ن املعلومة العلمية اجل ��ادة‪ ،‬ولكنها‬ ‫اأعر�ست عن و�سائل الإعالم العربية عندما راأت‬ ‫اأنها ل حتقق ما تريد‪ ،‬ويف احلالت التي مت ّكنت‬ ‫و�سائل الإعالم من تقدمي الربامج اجلادة بثوب‬ ‫ق�سيب‪ ،‬كان اإقبال اجلمهور العربي عليها كبري ًا‪،‬‬ ‫وقد ذك��رت اآنف ًا مثال جملة العربي‪ ،‬ول يخلو‬ ‫الواقع اليوم من بع�س الأمثلة‪ ،‬فمع حمطات‬ ‫اللهو والطرب‪ ،‬ظهرت حمطات جديدة جادة‪،‬‬

‫ولها جمهورها العري�س‪.‬‬ ‫م��ن اأه ��م الأم �ث �ل��ة يف راأي� ��ي حم�ط��ة اجل��زي��رة‬ ‫لالأطفال‪ ،‬كم اأ�سعد عندما اأرى اأولدي ال�سغار‬ ‫ينتقلون م��ن ب��رام��ج ال �� �س��ور امل�ت�ح��رك��ة اإىل‬ ‫برامج قناة اجل��زي��رة لالأطفال ملتابعة بع�س‬ ‫ال��ربام��ج العلمية‪ ،‬فعجبت م��ن ذل��ك‪ ،‬وتابعت‬ ‫بع�سها معهم‪ ،‬واإذا هي برامج يف غاية الإتقان‬ ‫واحلرفية املهنية والعلمية‪ ،‬وكذلك اجلاذبية‬ ‫الإعالمية‪ ،‬وبلغت جاذبيتها حد ًا جعل الأطفال‬ ‫يف�سلون بع�س براجمها على اأف��الم الر�سوم‬ ‫املتحركة‪ ،‬وال��ذي يثلج ال�سدر اأنها كلها بلغة‬ ‫عربية ف�سحى �سليمة‪ ،‬واأن جميع املذيعني‬ ‫وهم من الفتيان والفتيات غالب ًا‪ ،‬يتمتعون بلغة‬ ‫ف�سيحة ول�سان قومي‪.‬‬ ‫ومنها اأي�س ًا بل من اأهمها‪ ،‬حمطة (نا�سيونال‬ ‫جيوغرافيك اأبوظبي)‪ ،‬وهي تقدم على مدار‬ ‫ال�ساعة برامج علمية غاية يف ال��روع��ة‪ ،‬وبلغة‬ ‫عربية ف�سحى �سليمة‪ ،‬واأ��س�ب��ح لها جمهور‬ ‫عري�س م��ن املتابعني واملهتمني على ام�ت��داد‬ ‫الوطن العربي‪ ،‬و�سجع ذلك على اإ�سدار الطبعة‬ ‫العربية من جملة (نا�سيونال جيوغرافيك)‪،‬‬ ‫فالقت رواج ًا كبري ًا‪.‬‬ ‫هذه وغريها من الأمثلة تدح�س مقولة «اجلمهور‬ ‫عايز ك��دة» ال�سهرية‪ ،‬ف �اإذا ماقدمنا للجمهور‬ ‫العربي الإع��الم العلمي ب�سكل حريف وج��ذاب‪،‬‬ ‫فاإننا ل ن�سك يف اأننا �سنك�سبه و�سرن�سي طموح‬ ‫ال�سريحة الباحثة عن املعرفة‪ ،‬اأم��ا ال�سرائح‬ ‫الأخرى املنجرفة وراء الثقافة «الالجادة»‪ ،‬اإن‬ ‫�سح التعبري‪ ،‬ف�اإن تقدمي امل��ادة العلمية ب�سكل‬ ‫جذاب اإعالمي ًا كفيل باأن ياأتي بها اأو بق�سم كبري‬ ‫منها ملتابعة اخلرب العلمي والهتمام به‪.‬‬ ‫نعلم اأن الثقافة العلمية يف اأوطاننا تعاين من‬ ‫ر�شوخ الأقــدام لأ�شباب كثرية منها ما يتعلق‬ ‫بامل�شطلح املت�شارع‪ ..‬هل من توا�شل مع بع�س‬ ‫املجمعات اللغوية مث ً‬ ‫ال لرت�شيخ هذا الأمر؟‬ ‫قد يتبادر للوهلة الأوىل اأن م�سكلة امل�سطلحات‬ ‫هذه م�سكلة عوي�سة‪ ،‬ولكنها لي�ست كذلك‪ ،‬وحلها‬ ‫ت�ساعد عليه عوامل عديدة‪ ،‬منها املرونة الفائقة‬ ‫واحليوية املده�سة للغة العربية‪ ،‬والتي ت�ستطيع‬ ‫اأن تواكب اأي تقدم واأن تلبي اأي م�سطلح‪ ،‬ومنها‬ ‫اأي�س ًا مقولة «احل��اج��ة اأم الخ ��رتاع»‪ ،‬فعندما‬ ‫تقرر و�سائل الإع ��الم اأن تتوجه اإىل املجتمع‬ ‫العربي �ست�سطر اإىل اأن تبحث عن امل�سطلح‬ ‫املنا�سب �سوا ًء كان ذلك عند املجامع اللغوية اأو‬ ‫غريها‪.‬‬


‫ان�ظ��ر م�ث� ًال اإىل الإع ��الم ال��ري��ا��س��ي‪ ،‬جت��د له‬ ‫م�سطلحاته العربية اخل��ا��س��ة ال�ت��ي اأ�سبح‬ ‫الإعالميون الريا�سيون العرب ي�ستخدمونها‬ ‫حول العامل العربي‪ ،‬مثل «الت�سلل»‪ ،‬و«ال�سربة‬ ‫الركنية» وغريهما‪ ..‬لقد اأ�سبح لديهم قامو�سهم‬ ‫ال��ري��ا��س��ي اخل��ا���س‪ ،‬وك��ذل��ك ق �ن��اة اجل��زي��رة‬ ‫لالأطفال مث ًال‪ ،‬حيث اإنها تخاطب الأطفال بلغة‬ ‫علمية عربية خال�سة ب�سيطة �سافية كما ذكرنا‬ ‫اآن �ف � ًا‪ ،‬ومل يكن امل�سطلح العلمي ح��ائ� ًال دون‬ ‫ا�ستخدامها‪ ،‬واأن��ا مث ًال اأكتب يف جملة عربية‬ ‫خمت�سة بتقنية املعلومات‪ ،‬ت�سدر منذ اأكرث من‬ ‫ع�سر �سنني‪ ،‬ومل اأواجه م�سكالت مع امل�سطلح‪،‬‬ ‫عند ا�ستعمال م�سطلح عربي جديد؟‬ ‫ي��وج��د �سك يف معرفة ال �ق��ارئ مل��ا يقابله من‬ ‫امل�سطلح الأجنبي‪ ،‬حيث يتم و�سع امل�سطلح‬ ‫الأجنبي بني قو�سني‪ ،‬في�سيب بذلك ع�سفورين‬ ‫بحجر واحد‪ :‬نقل امل�سطلح العربي للجمهور‪،‬‬ ‫واإث�ب��ات مرونة وق��درة لغتنا اخل��ال��دة‪ ،‬وهناك‬ ‫جهود كبرية يقوم بها اأ�سحاب الغرية على اللغة‬ ‫العربية وتوفر للباحث عن امل�سطلح م��راده‪،‬‬ ‫منها م�ث� ًال القامو�س الطبي العربي املوحد‬ ‫الذي اأ�سدره املكتب العربي لتن�سيق التعريب‪،‬‬ ‫التابع لحتاد املجامع اللغوية العربية‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫معجم امل�سطلحات املعلوماتية الذي اأ�سدرته‬ ‫اجلمعية ال�سورية للمعلوماتية‪ ،‬وهو عمل �سخم‬ ‫يكاد يكون مو�سوعة م�سغرة لتقنية العلومات‪،‬‬ ‫ي�سم بني دفتية تعريب ًا ملا يقرب من ع�سرة اآلف‬ ‫م�سطلح معلوماتي حا�سوبي‪ ،‬وهو متوفر اأي�س ًا‬ ‫بال�سيغة الرقمية على �سكل قر�س مدمج ويف‬ ‫موقع اجلمعية املعلوماتية ال�سورية الإلكرتوين‪.‬‬ ‫اأمــا جمامع اللغة العربية فهي تقوم بجهد‬ ‫م�شكور‪ ،‬ولكن جهدها لن يوؤتي ثماره كاملة‬ ‫ما مل ي�شبح لقراراتها نفوذ تدعمه القوانني‬ ‫احل ـكــوم ـيــة‪ ،‬فـمــا ال ـفــائــدة مــن اأن تـقــوم‬ ‫امل ـجــامــع بــو� ـشــع مـ�ـشـطـلــح جــديــد ول‬ ‫تفر�س احلكومات العربية ا�شتخدامه‬ ‫يف املـنــاهــج املــدر�ـشـيــة واحلـكــومـيــة ويف‬ ‫و�شائل الإعالم؟‪.‬‬ ‫ويف املوؤمتر الأخري ملجمع اللغة العربية‪ ،‬الذي‬ ‫عقد يف �سهر اآذار (مار�س) املا�سي يف م�سر‪،‬‬ ‫وال��ذي ��س��ادف ال��ذك��رى اخلام�سة وال�سبعني‬ ‫لإن�ساء هذا املجمع‪ ،‬اأ�سار ال�ساعر فاروق �سو�سة‬ ‫مدير اجلل�سة الفتتاحية‪ ،‬اإىل اأن املجمع ب�سدد‬ ‫التقدم اإىل جمل�سي ال�سعب وال�سورى مب�سروع‬ ‫تعديل لقانون جممع اللغة العربية يجعل من‬

‫قوانينه اأحكام ًا ذات �سلطة تنفيذية ملزمة‪،‬‬ ‫وهذا اإن مت ف�سيكون خطوة كبرية على طريق‬ ‫حماية اللغة العربية‪ ،‬وعلى طريق الل�ت��زام‬ ‫بامل�سطلح العربي‪.‬‬ ‫�سطاآن االأدب‪ ..‬وبحر العلم‬ ‫نعتقد اأن اجلمعيات العلمية الب�شيطة كانت‬ ‫م ـتــواجــدة مــن ع ـقــود‪ ،‬ك ـيــف ك ــان تــوا�ـشـلـكــم‬ ‫معها كنوا ٍد بها بع�س اخلــربة يف التعامل مع‬ ‫املخرجات العلمية؟‬ ‫ك��ان م��ن اأه��م اأه ��داف وكالتنا اأن تكون �سلة‬ ‫ال��و� �س��ل ب��ني ال�ن���س��اط��ات العلمية يف ال�ع��امل‬ ‫العربي وب��ني املواطن العربي‪ ،‬و�ساعدنا على‬ ‫ذلك ال�سبكة الوا�سعة من الأع�ساء التي كانت‬ ‫تغطي ال �ع��امل ال�ع��رب��ي ج�غ��راف�ي� ًا واإع��الم �ي � ًا‪،‬‬ ‫جغرافي ًا بانت�سارها يف خمتلف الدول العربية‪،‬‬ ‫واإعالمي ًا بتنوع ن�ساطاتها وو�سائل الإعالم التي‬ ‫تعمل فيها‪ ،‬من مرئية ومطبوعة واإلكرتونية‬ ‫يف خمتلف فروع العلم من بيئة و�سحة وتقنية‬ ‫وغريها‪ ،‬وقد كنا نطالب اجلمعيات املعنية اأن‬

‫تتوا�سل معنا وتطلعنا على ن�ساطاتها واأعمالها‬ ‫لنقوم بدورنا يف ن�سر اأخبارها بطرق عديدة‪،‬‬ ‫على موقعنا ال�سبكي‪.‬‬ ‫ذكــرت قبل قليل الدكتور اأحـمــد زكــي رحمه‬ ‫اهلل‪ ،‬ودوره يف تر�شيخ الثقافة العلمية عرب‬ ‫جمـلــة ال ـعــربــي‪ ،‬مــا راأي ـكــم يف تـلــك الـتـجــربــة‪،‬‬ ‫وكيف ميكن تكرارها؟‬ ‫دعني اأقل لك �سيئ ًا حول جتربة املرحوم اأحمد‬ ‫زك��ي‪ ،‬اإن مم��ا جعل جتربته مم�ي��زة وف��ري��دة‬ ‫من نوعها اأن��ه من القالئل ج��د ًا الذين جمعت‬ ‫مقالته بني املحتوى العلمي والأ�سلوب الأدبي‬ ‫ال�سيق امل���س��وق‪ ،‬اأذك ��ر م�ث� ًال مقالة ل��ه ب��داأه��ا‬ ‫بق�سيدة اأحمد �سوقي ال�سهرية‪:‬‬ ‫م�شناك جفاه مرقده‬ ‫وبكاه ورحم عوده‬ ‫وراح ي�ستعر�س اأب�ي��ات�ه��ا معلق ًا عليها بخفة‬ ‫ْ�س ُر عنها اأف�سل النقاد‪ ،‬وي�سوق‬ ‫ور�ساقة‪َ ،‬يق ُ‬ ‫عليها تعليقات اأدبية لطيفة حتى تخال اأنك ل‬ ‫تقراأ يف مقالة علمية‪ ،‬بل اأدبية‪ ،‬حتى اإذا و�سل‬ ‫اإىل قول ال�ساعر‪:‬‬

‫كان هناك العديد من‬ ‫املرا�شلني والكتاب العلميني الذين‬ ‫يتعاونون مع املوقع‪ ،‬وحقق يف فرتة وجيزة‬ ‫جناجاً لفتاً‪ ،‬وبداأت املواقع واملطبوعات الأخرى‬ ‫تنقل عنه‪ ،‬ومت توقيع عقد لتزويد الطبعة‬ ‫العربية من جملة (نا�شيونال جيوغرافيك)‪ ،‬التي‬ ‫ت�شدر يف م�شر ببع�س ما ين�شره موقع الوكالة‪،‬‬ ‫ولكن يف النهاية توقفت الوكالة بعد الأحداث‬ ‫واملعارك التي �شهدتها مدينة الزاوية الليبية‪،‬‬ ‫وهي مقر اأ�شرة حترير املوقع‪ ،‬ول‬ ‫تزال اجلهود جارية‬ ‫لإعادة اإطالقها‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫مولي وروحي يف يده‬ ‫قد �ش ّيعها �شلمت يده‬ ‫َّبني ما فيه من بالغة وبيان‪ ،‬ثم اأثنى على هذا‬ ‫ال��دع��اء العظيم‪ ،‬وه��و ال��دع��اء ب�سالمة اليد‪،‬‬ ‫مربر ًا ذلك باأن اليد ع�سو ب�سري معجز هائل له‬ ‫من ال�سفات ما ل يتمتع به اأي ع�سو اآخر‪ ،‬من‬ ‫مرونة الع�سالت والقدرة على القب�س ومقابلة‬ ‫الإبهام لالأ�سابع وتعدد حماور احلركة ووو‪..‬‬ ‫وهكذا اأدخل القارئ يف بحر العلم منطلق ًا من‬ ‫�سطاآن الأدب‪ ،‬وتابع ال�سرح العلمي بالأ�سلوب‬ ‫نف�سه الذي كان ي�سرح به ال�سعر‪ ،‬وهذا من‬ ‫اأه��م اأ��س��رار جن��اح جتربته‪ ،‬ونحن اإذ نرى‬ ‫جتربة (العربي العلمي) نباركها ونثمنها‪،‬‬ ‫ونتمنى اأن ن��رى فيها ويف غريها م��ن يكتب‬ ‫بهذا الأ�سلوب اجلذاب النادر لي�سوق النا�س اإىل‬ ‫املادة العلمية بحادي اجلمال البياين‪.‬‬ ‫تـكــريـ�ــس مـفــاهـيــم الإعـ ــالم الـعـلـمــي يف و�شط‬ ‫النا�شئة العرب‪ ،‬األ يرتبط اأحياناً ب�شيء من‬ ‫القرتاب من تاريخ العلوم عند العرب؟‬ ‫ك��ان للنا�سئة ح��ظ كبري م��ن اه�ت�م��ام امل��وق��ع‪،‬‬ ‫ولكن ل بد هنا من تعاون بقية مكونات املجتمع‬ ‫العلمي‪ ،‬وخا�سة املدار�س‪ ،‬ذلك لأننا يف ع�سر‬ ‫اأ�سبحت فيه و�سائل التوا�سل مي�سرة للجميع‪،‬‬ ‫واإن وج��ود األ�ي��ات التوا�سل يف اأي��دي النا�سئة‬ ‫�سالح ذو حدين‪ ،‬فهي و�سيلة للعلم واملعرفة‬ ‫والبحث اإن اأُح�سن ا�ستخدامها‪ ،‬و�سيلة للهو‬ ‫واإ�ساعة الوقت اإن اأ�سيء ا�ستخدامها‪ ،‬ونرى اأن‬ ‫مهمة املدار�س هي الأهم يف اإن�ساء جيل علمي‬ ‫يواكب التطور العلمي احلا�سل حالي ًا ‪ ،‬ولكن‬ ‫لالأ�سف ف �اإن و�سع مدار�سنا ل ي�سر من هذه‬ ‫الناحية فال زالت مناهجنا التعليمية تعتمد على‬ ‫ح�سو املعلومة يف ذهن الطالب‪ ،‬بينما املطلوب‬ ‫اأن يركز التعليم على اأن نعلم الطالب كيف‬ ‫يح�سل هو على املعلومة من مظانها‪ ،‬وكيف‬ ‫يحاول اأن يفهمها اإن ا�ستع�سى عليه فهمها‪ ،‬واأن‬ ‫نحرك عنده هاج�س البحث عن املعرفة‪ ،‬واأن‬ ‫نعلمه طريقة التفكري العلمي‪ ،‬ولزالت معظم اإن‬ ‫مل يكن كل املناهج التعليمية املدر�سية يف العامل‬ ‫العربي بعيدة عن هذا الأمر‪ ،‬ونرجو اأن تتدارك‬ ‫وزارات الرتبية يف البالد العربية ه��ذا الأم��ر‬ ‫يف اأ�سرع وقت لأنه اأ�سبح اأمر ًا حيوي ًا يتعلق به‬ ‫م�ستقبل اأجيالنا الآتية‪.‬‬ ‫اأما �سوؤالك عن تاريخنا العلمي‪ ،‬فهو بال �سك‬ ‫نا�سع مفعم ب��الإجن��ازات والنجاحات‪ ،‬ونحن‬ ‫لنريد بعثه من ب��اب البكاء على الأط��الل اأو‬

‫كنت‬ ‫م�صوؤول‬ ‫لالإعالم‬

‫‪50‬‬

‫ل يخلو الواقع العربي اليوم‬ ‫من مطات جديدة جادة‪ ،‬ولها‬ ‫جمهورها العري�س‪ ،‬من اأهم الأمثلة يف‬ ‫راأيي مطة اجلزيرة لالأطفال‪ ،‬وكم اأ�شعد‬ ‫عندما اأرى اأولدي ال�شغار ينتقلون من‬ ‫برامج ال�شور املتحركة اإىل برامج قناة‬ ‫اجلزيرة لالأطفال ملتابعة بع�س الربامج‬ ‫العلمية‪ ،‬فهي تبث برامج يف غاية الإتقان‬ ‫واحلرفية املهنية والعلمية‪ ،‬وكذلك‬ ‫اجلاذبية الإعالمية‬

‫الف�ت�خ��ار ال �ف��ارغ مب��ا �سنع الآب ��اء والأج���داد‪،‬‬ ‫ولكننا نريد لنا�سئتنا اأن ي�سعروا باأنهم ينتمون‬ ‫اإىل اأمة عظيمة كانت يوم ًا ت�سود العامل بالعلم‬ ‫واملعرفة‪ ،‬ولي�س هناك ما مينع اأن تعود كذلك‬ ‫اإن �سح ال�ع��زم وت��وح��دت اجل �ه��ود‪ ،‬ون��ري��د اأن‬ ‫يعرفوا اأن العلماء كانوا ياأتون من بريطانيا اإىل‬ ‫طليطلة‪ ،‬فال ي�سمح لهم بدخول مدار�سها قبل‬ ‫اأن يخ�سعوا لدورة مكثفة يف اللغة العربية‪ ،‬لغة‬ ‫العلوم والبتكار يف ذلك الزمان‪ ،‬نريد اأن يكون‬ ‫ذلك دافع ًا لهم على البذل والعطاء ل خمدر ًا‬ ‫يلهيهم التغني به عن العمل‪ ،‬فيقنعوا باأجماد‬ ‫املا�سي ويقعدوا عن ال�سعي للم�ستقبل‪.‬‬ ‫اللغة الإعالمية املطلوبة لهذه املهمة هي لغة‬ ‫ت�ع�ط��ف احل��ا� �س��ر ع�ل��ى امل��ا� �س��ي‪ ،‬وذل���ك عن‬ ‫طريق التنقيب عن اإجن ��ازات العلماء العرب‬ ‫املعا�سرين‪ ،‬وم��ا اأك��رثه��ا‪ ،‬ث��م بيانها للنا�س‬ ‫وربطها ب��الإجن��ازات املا�سية‪ ،‬قد تده�س اإذا‬

‫علمت اأنه يف موؤمتر اآفاق البحث العلمي العربي‬ ‫الذي يقام كل عامني‪ ،‬يجتمع اأكرث من األف عامل‬ ‫عربي‪ ،‬يف خمتلف املجالت‪ ،‬وهم موزعون حول‬ ‫ال�ع��امل‪ ،‬وك��ل منهم متميز ياخت�سا�سه‪ ،‬ومن‬ ‫براجمنا وخططنا امل�ستقبلية‪ ،‬اأن نعمل وبالتعاون‬ ‫مع املوؤ�س�سة العربية للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬التي‬ ‫تنظم املوؤمتر املذكور‪ ،‬والتي تتوا�سل مع هوؤلء‬ ‫العلماء با�ستمرار لدعم البحث العلمي يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬اأن نعمل معها على اإبراز ن�ساط هوؤلء‬ ‫العلماء اإع��الم�ي� ًا‪ ،‬لن�سل املا�سي باحلا�سر‪،‬‬ ‫وليعلم اأبناء هذا اجليل اأنهم ينتمون اإىل اأمة‬ ‫عظيمة‪ ،‬ل ين�سب اإبداع اأبنائها‪ ،‬وهذا ما نوؤمل‬ ‫اأن يبث روح التفاوؤل بني اأبناء الأمة‪ ،‬ول �سيما‬ ‫اجليل اجلديد‪ ،‬ليكون العتزاز باملا�سي وروؤية‬ ‫احلا�سر والأم ��ل بامل�ستقبل ح��اف��ز ًا لهم على‬ ‫العطاء واإع��ادة ال�سرية العلمية امل�سرقة لهذه‬ ‫الأمة العظيمة‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫بغ�س النظر عن اأي تقييم فاإن الإعالم الرم�شاين‬ ‫حا�شر جتارة ومك�شباً وحتى تعبداً‪ ،‬ولكن ال�شخ من‬ ‫ناحية البث التلفزيوين والإذاعي ومن ناحية ال�شحف‬ ‫املكتوبة يفوق حجم ال�شتيعاب يف العامل الإ�شالمي مهما‬ ‫حاولنا اأو ادعينا اأننا �شنتابع‪ ،‬وقد يعود ذلك للتنوع‪،‬‬ ‫لكن الذي يخيفنا جميعاً هو اأن يكون اإعالماً‬ ‫مو�شمياً مثلما هي جل ق�شايانا‬

‫يحل رم�سان كل عام ومعه ياأتي اإعالمه اخلا�س‪ ،‬ولي�س هذا نتاج الع�سر‬ ‫وو�سائله املتعددة‪ ،‬اإمن��ا هو مرتبط بحالة التجدّد الإمي��اين لدى امل�سلمني‬ ‫ح�سب فهمهم لهذا الركن من الدين‪ ،‬ولكل �سعب وعلى امتداد جغرافية العامل‬ ‫اأ�ساليب تعبريه الثقافية واملجتمعية لهذا ال�سهر الق�سيل‪.‬‬ ‫ال�ستعداد اخلا�س واملبكر ل�سهر رم�سان هو بداية الإعالم عنه‪ ،‬وقد يح ّرك‬ ‫ما يف الأفئدة ليظهر ما بداخلها فتحدد بذلك منط العالقات ونوعها‪ ،‬وح�سب‬ ‫مراجع التاريخ فقد كان امل�سلمون يف خمتلف املراحل ي�ستغرقون جزء ًا كبري ًا‬ ‫من هذا ال�سهر يف العبادة‪ ،‬حتى اإنه يخيل للقارئ اأنه �سهر ملحو اأو لتغيري منط‬ ‫احلياة‪ ،‬وقليل من النا�س من يوا�سل ال�سري على دربه وكثري يرتاجع بعد ذلك‪،‬‬ ‫ولكل ظروفه واأ�سبابه‪.‬‬ ‫حديثنا هنا ل ينظر لرم�سان من زاوي��ة العبادة واإمن��ا من جانب اإعالمه‬

‫دروب‬ ‫الوعي‬

‫‪60‬‬

‫‪60‬‬

‫اخلا�س وحتديد ًا يف ع�سرنا‪ ،‬حتى اأنه اأ�سبح لدينا ما ميكن اأن نطلق عليه‬ ‫الإعالم الرم�ساين‪ ،‬وهذا النوع من الإعالم‪ ،‬اإن اعتربناه تخ�س�س ًا‪ ،‬ي�سارك‬ ‫فيه اأغلب امل�سلمني كل ح�سب وعيه واإدراكه‪ ،‬لكن يف الغالب يحم ّلون ال�سهر من‬ ‫الناحية الزمانية‪ ،‬مبا يف ذلك الأمور امل�سروعة فوق طاقته‪.‬‬ ‫طريق «الهوى»‬ ‫فمث ًال ل اأفهم‪ ،‬وقد حاولت ل�سنوات اإدراك ذل��ك‪ ،‬ج��دوى اإع��داد �سفحات‬ ‫متعددة يف اجلرائد حول رم�سان اأو اإع��داد ملفات خا�سة ومالحق تن�سر‬ ‫كل يوم‪ ،‬حيث اإنه لي�س يف مقدور القارئ متابعة كل هذا مهما اأوتي من حب‬ ‫للقراءة وللتثقيف وحتى للمتعة‪ ،‬لكن الهدف التجاري لل�سحف واملجالت‬ ‫وا�سح‪ ،‬فكمية الإعالنات التي تزيد يف رم�سان تتطلب اأن تكون هناك مالحق‬ ‫اأو �سفحات اإ�سافية‪ ،‬وهنا تختلط مكا�سب املوؤ�س�سات الإعالمية اأو �سعيها‬ ‫للربح باأهمية ال�سهر‪ ،‬مع اأن هذا ل ينعك�س يف الغالب على حركة ال�سائمني‬ ‫وعالقاتهم اإل فيما ندر‪ ،‬ومع هذا كله يظل عمل ال�سحف واملجالت على ما‬ ‫فيه من نقائ�س اأهون بكثري من عمل الف�سائيات‪.‬‬ ‫فظاهرة الإعالم الرم�ساين يف الف�سائيات متثل ماأ�ساة حقيقية لنا جميع ًا‪،‬‬ ‫ذلك لأن النف�س مي ّالة للهوى‪ ،‬وقد ّمت توفري‪ ،‬اأو اإعداد‪ ،‬كل ما ميكن اأن يلهيها‬ ‫عن اجلانب التعبدي على اعتبار اأن هناك جانب ًا مرح ًا اأو متعة يجب اأن يتوفر‬ ‫لل�سائمني بعد الإفطار‪ ،‬وقد يكون هذا اأمر ًا مطلوب ًا يف حالت بعينها‪ ،‬خا�سة‬ ‫اإذا ما نظرنا لذلك من ناحية عموم العبادة‪ ،‬واعتربنا اأن الربامج التثقيفية‬ ‫وامل�سل�سالت ذات امل�سمون اجليد وغريهما ت�س ّكل م�ساهمة فاعلة بوعي‬ ‫ح�ساري‪ ،‬لكن الواقع وح�سب م�ساهدات النا�س‪ ،‬واأعتقد اأن معظمنا ي�سرتك يف‬ ‫هذا‪ ،‬هو على خالف ذلك متام ًا‪.‬‬ ‫حر ّية امل�ساهدة‪ ..‬والقناعات‬ ‫من ال�سعب اإعطاء حكم عام حول تلك الأعمال‪ ،‬جلهة اأن رف�سها اأو قبولها‬

‫خا‬

‫لد عمر‬

‫بن ققه‬


‫يخ�سع لأمرين‪ ،‬الأول فهم امل�ساهد للدين‪ ،‬والثاين مدى قابلية امل�ساهد‬ ‫نف�سه ملثل تلك الأعمال‪� ..‬سحيح اأن كثريين ممن ي�ساهدون تلك الأعمال‬ ‫ينتقدونها‪ ،‬ولكنهم يقعون دائم ًا يف حرية بعد مرور الزمن الرم�ساين‪ ،‬ولي�س‬ ‫مطلوب ًا على �سعيد امل�ساهدة اأن نوؤثر يف النا�س مبغريات بعينها مثل امل�سابقات‬ ‫واجلوائز وكل ما يفتح �سهية امل�ساهد‪ ،‬مثلما هو غري مقبول ذلك الراأي الذي‬ ‫يوؤكد دائم ًا على اأن امل�ساهدة التليفزيونية حتديد ًا هي بيد امل�ساهد حيث ميكنه‬ ‫اأن يغري من قناة لأخرى ح�سب قناعاته ورغباته‪ ،‬اأو ًل‪ :‬لأن امل�ساهدة اأمر ل غنى‬ ‫عنه لالإن�سان املعا�سر‪ ،‬وثاني ًا‪ :‬جميع الأعمال التي تبث الهدف منها امل�ساهدة‪،‬‬ ‫وبالتايل ل يجوز القول اإن حرية املتابعة يف�سل فيها اأن ينتهي امل�ساهد اإىل‬ ‫اإغالق التلفزيون قي حال عدم اإعجابه بهذا العمل اأو ذاك‪ ،‬والذين يطرحون‬ ‫مثل هذا الراأي يتنا�سون اأن هناك �سعور ًا جمعي ًا عام ًا‪ ،‬وجداني ًا يف الغالب يف‬ ‫ال�سعائر والعبادات لي�س اأثناء اأدائها فقط ولكن �سمن ف�سائها الزمني اأي�س ًا‪.‬‬ ‫مهما يكن‪ ،‬علينا اأن نرف�س وب�سدة توظيف م�ساألة حرية الختيار بفر�س‬ ‫قناعات بعينها على النا�س‪ ،‬اأو على امل�ساهدين‪ ،‬ثم القول اإن عليهم اأن ل‬ ‫يكونوا بال تلفزيون يف ع�سر الف�سائيات‪ ..‬اإننا نوظف و�سائل الع�سر تلك مبا‬ ‫ل يخدم الأهداف الكربى والفا�سلة للدين وللح�سارة‪ ،‬وجتليات ذلك‪ ،‬حول‬ ‫ما ذكرنا اآنفا‪ ،‬نراها يف كل هذا ال�سخ عرب و�سائل الإعالم املختلفة للمنتوج‬ ‫الدرامي والرباجمي‪ ،‬ومفهومنا بكرم ال�سهر اخت�سرناه يف املنع خالل النهار‬ ‫والإباحة يف الليل‪ ،‬وكاأننا نف�سل نهار ال�سهر عن ليله يف عملية تق�سيم تبدو‬ ‫غريبة ومناق�سة للدين‪.‬‬ ‫لكن هل هذا الإع��الم الرم�ساين‪ ،‬اإن ج��ازت لنا الت�سمية‪ ،‬يحمل �سلبيات‬ ‫فقط من دون اإيجابيات؟‪ ،‬وماذا عن امل�سل�سالت الدينية حتديد ًا؟‪ ،‬األي�ست‬ ‫ا�ستح�سار ًا للتاريخ‪ ،‬ومنها ما هو �سرح للفقه‪ ،‬وثالث ك�سف عن الدين املعاملة‪،‬‬ ‫ورابع تبيان للعدالة واحلق‪ ..‬الخ؟‬ ‫تلك الأ�سئلة وغريها فيما يتعلق بامل�سل�سالت الدينية حتديد ًا تنبع من التطور‬ ‫التاريخي للعمل الدرامي‪ ،‬ذلك اأنه واإىل وقت قريب كان ما يعد ل�سهر رم�سان‬ ‫يتعلق بق�سايا متفق حولها جلهة متثيلها حتى واإن كانت تطرح على ال�ساحة‬

‫اإلعالم الرمضاني‬ ‫‪ ..‬برامج قنوات‬ ‫ومالحق صحف‬

‫جد ًل اأو حوار ًا اأو نقا�س ًا‪ ،‬ثم تطورت الأمور الآن‬ ‫اإىل متثيل اأدوار ل�سخ�سيات لها قد�سيتها‬ ‫وعليها الكثري من املحاذير منها اأنها‬ ‫تتمتع بقد�سية خا�سة‪ ،‬وثانيها‪:‬‬ ‫اأن الأ�سخا�س الذين ميثلون‬ ‫اأدواره ��ا يفرت�س فيهم اأن ل‬ ‫يكونوا مثلوا قبلها ول بعدها‪،‬‬ ‫وثالثها اأن ل ُحتدث فرقة اأو خالف ًا‬ ‫بني امل�سلمني‪ ،‬حتى اإن بع�س املهتمني‬ ‫اأ�سبح يرى اأن امل�سل�سالت الدينية الراهنة‬ ‫تبحث عن اأوجه اخلالف ول يهمها التاأكد‬ ‫من اجلانب التاريخي للحدث مبا تطرحه من‬ ‫ق�سايا كانت حمل خالف بني امل�سلمني‪.‬‬ ‫م�سل�سل «يو�سف ال�سديق»‬ ‫لي�س هذا فقط‪ ،‬بل اإنها قد تكون مناق�سة ملقا�سد ال�سريعة‬ ‫رغهم اأهمية طرحها‪ ،‬فمث ًال اخلطورة يف م�سل�سل يو�سف ال�سديق‪،‬‬ ‫ح�سب م�ساهدتي وفهمي‪ ،‬لي�س فقط متثيل دور النبي يو�سف عليه ال�سالم‪،‬‬ ‫ولكن لأن امل�سل�سل ينتهي اإىل اأن �سلطة الإمامة اأعلى �سلطة من النبوة‪ ،‬وكاأن‬ ‫فكرة امل�سل�سل قائمة على اأ�سا�س مذهبي‪ ،‬لكن امل�سل�سل اإخراج ًا ون�س ًا ومتثي ًال‬ ‫وديكور ًا واختيار ًا للمواقع يعد من اأروع امل�سل�سالت‪.‬‬ ‫من جهة اأخ��رى يختلط اأحيان ًا التوظيف ال�سيا�سي للتاريخ بتقدمي ر�سالة‬ ‫اإعالمية ترويجية للعنف مث ًال كما هو يف م�سل�سل احلجاج‪ ،‬ويتم الختالف‬ ‫حول القراءة اأو امل�ساهدة مل�سل�سالت احل�سن واحل�سني‪ ،‬ول ندري ما ال�سجة‬ ‫التي �سيثريها م�سل�سل عمر‪� ..‬سحيح اأن مازن احلايك ممثل �سركة اإل اإم‬ ‫بي �سي قد �سرح لإذاعة مونتي كارلو يف يوليو املا�سي اأن امل�سل�سل لقي اإقبا ًل‬ ‫جلهة تعاقد �سركات كربى لبثه مبا فيها قنوات بريطانية وفرن�سية واإندوني�سية‬ ‫وماليزية‪ ،‬واأن امل�سل�سل موافق عليه من علماء كرث‪ ،‬لكنه تنا�سى باملقابل اأن‬ ‫هنالك هجمة اإعالمية اأخرى ورف�س ًا من علماء ُكرث يف العامل الإ�سالمي‪.‬‬ ‫بغ�س النظر عن اأي تقييم فاإن الإعالم الرم�ساين حا�سر جتارة ومك�سب ًا وحتى‬ ‫تعبد ًا‪ ،‬ولكن ال�سخ من ناحية البث التلفزيوين والإذاعي ومن ناحية ال�سحف‬ ‫املكتوبة يفوق حجم ال�ستيعاب يف العامل الإ�سالمي مهما حاولنا اأو ادعينا اأننا‬ ‫�سنتابع‪ ،‬وقد يعود ذلك للتنوع‪ ،‬لكن الذي يخيفنا جميع ًا هو اأن يكون اإعالم ًا‬ ‫مو�سمي ًا مثلما هي جل ق�سايانا‪.‬‬ ‫قد تكون مهمة قراءتنا هذه‪ ،‬ولكن الأهم الدخول يف حوار بناء وجاد وفاعل‬ ‫على مدى جدوى التاأثري املق�سود على زمن النا�س وحتويله يف معظمه اإىل‬ ‫جتارة‪ ،‬ي�سبح امل�سلمون مثل من ترك ال�سهر قائم ًا‪ ،‬لأن ما ي�سغلهم اأو يلهيهم‬ ‫اأك��رث مما يجذبهم نحو القيم اجلمالية‪ ،‬ورف�س ه��ذه احلالة يتطلب بعث ًا‬ ‫وجتديد ًا فكري ًا وعملي ًا‪ ،‬وهذا من اأجل طرح اإعالمي رم�ساين متميز ل ميثل‬ ‫اإجماع ًا عام ًا‪ ،‬ولكن نلتقي على الأقل يف بع�س خطوطه العامة‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫حوار‬

‫‪54‬‬

‫ُمعلنا ً جتاهل جمل�ض ال�شورى لآلية اختيار روؤ�شاء التحرير‬

‫حسن أبو طالب‪:‬‬ ‫على االإعالم امل�سري اأن ال يكون فاع ًال �سيا�سي ًا‬

‫حوار ‪ -‬علي عطا‬ ‫فتحت ثورة ‪ 25‬يناير ‪ 2011‬يف م�رص‪،‬‬ ‫باب اجلدل ب�صاأن اأمور كثرية‪ ،‬يف مقدمها‬ ‫�رصورة اإعادة النظر يف منظومة الإعالم‪،‬‬ ‫لتاليف ما اعرتاها من ف�صاد مرتاكم‪،‬‬ ‫وو�صع حد لرتهلها وفو�صاها التي يرى‬ ‫كثري من املراقبني اأنها �صبب رئي�صي‬ ‫يف ت�صليل الراأي العام واإثارة الفنت‬ ‫وال�صطرابات‪ ،‬لي�ض فقط على امل�صتوى‬ ‫ال�صيا�صي‪ ،‬واإمنا كذلك على امل�صتوى‬ ‫الجتماعي ما يجعل الأمر اأ�صد خطراً‪.‬‬


‫اأداء الإعالم يعك�س حال‬ ‫الرتباك بعدما وقع يف خطاأ‬ ‫ا�شرتاتيجي متنا�شياً اأن دوره هو اأن‬ ‫يك�شف احلقيقة‪ ..‬ل اأن يكون طرفاً يف‬ ‫العملية ال�شيا�شية‪ ..‬ل ينبغي اأن يكون‬ ‫جزءاً من امل�شهد ال�شيا�شي‪ ،‬ول اأن‬ ‫يكون فاع ً‬ ‫ال �شيا�شياً‪ .‬الإعالم يجب اأن‬ ‫يكون مايداً‪ ،‬ي�شاعد الراأي العام‬ ‫على ا�شتيعاب ما يجري وتفهمه‬

‫ويحظى هذا الأم��ر باهتمام موؤ�س�سات معنية‬ ‫عدة‪ ،‬بينها معهد الأه��رام الإقليمي لل�سحافة‬ ‫الذي �سارك اأخري ًا يف تنظيم موؤمتر يف القاهرة‬ ‫ح��ول «م�ستقبل الإع ��الم امل��رئ��ي وامل�سموع يف‬ ‫م�سر»‪ ،‬واأع��د «اآل �ي��ة» لختيار روؤ� �س��اء حترير‬ ‫ال�سحف القومية‪ ،‬ف�س ًال عن �سعيه لتاأ�سي�س‬ ‫نقابة لالإعالميني امل�سريني‪ ..‬هنا ح��وار مع‬ ‫م��دي��ر «معهد الأه� ��رام الإقليمي لل�سحافة»‬ ‫الدكتور ح�سن اأب��و طالب‪ ،‬يتناول فيه طبيعة‬ ‫عمل املعهد وعدد ًا من الق�سايا الإعالمية التي‬ ‫تت�سدر امل�سهد امل�سري يف الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ن ــود يف ال ـبــدايــة ال ـت ـعــرف عـلــى طـبـيـعــة عمل‬ ‫املعهد؟‬ ‫معهد الأهرام الإقليمي لل�سحافة هو اأول بيت‬ ‫خربة يف جمال ال�سحافة والإع��الم يف م�سر‬ ‫واملنطقة العربية‪ ،‬اأن�سئ العام ‪ 1993‬وهو يقدم‬ ‫دورات متخ�س�سة يف ال�سحافة التطبيقية‬ ‫واللغة الإجن�ل�ي��زي��ة والكومبيوتر‪ ،‬كما يقدم‬ ‫ال�ست�سارات واخل��دم��ات الإع��الم�ي��ة للهيئات‬ ‫املحلية والإقليمية والتعليمية واملهنية‪ ،‬وهو‬ ‫متخ�س�س يف جمال التدريب وتقدمي اخلدمات‬ ‫الإع��الم �ي��ة لل�سركات وامل���س��ال��ح احلكومية‪،‬‬ ‫ويهدف اإىل مالحقة التطورات املت�سارعة يف‬ ‫جانبها املهني والتكنولوجي‪.‬‬ ‫ب��داأ املعهد ن�ساطه بتقدمي برامج تعليم اللغة‬ ‫الإجن�ل�ي��زي��ة لل�سحافيني‪ ،‬ث��م ام �ت��د لي�سمل‬ ‫خم�ت�ل��ف امل� �ج ��الت ذات ال �ع��الق��ة ب�سناعة‬

‫ال�سحافة‪ ،‬مثل التحرير‪ ،‬الإدارة‪،‬‬ ‫الإعالنات‪ ،‬تكنولوجيا املعلومات‪..‬‬ ‫والإبداع ال�سحايف‪.‬‬ ‫ويقوم املعهد بالتعاون مع وزارة‬ ‫اخل��ارج�ي��ة واحت��اد ال�سحافيني‬ ‫ال� �ع ��رب ب�ت�ن�ظ�ي��م ال��ع��دي��د من‬ ‫ال��دورات التدريبية لل�سحافيني‬ ‫العرب والأجانب‪ ،‬وقد بداأت وحدة‬ ‫الإع��الم البيئي يف املعهد ن�ساطها‬ ‫يف الن�سف الأول م��ن ع��ام ‪1998‬‬ ‫ا�ستجابة لالأهمية املتزايدة التي متثلها‬ ‫ق�سايا البيئة ف��ى م�سر‪ ،‬وه��ي ت�سدر‬ ‫مطبوعة «اآف��اق بيئية» التي تهدف اإىل ن�سر‬ ‫الوعي البيئي‪.‬‬ ‫ويعقد املعهد ع�سرات الندوات واملحا�سرات فى‬ ‫جمال الإعالم وق�سايا املجتمع‪ ،‬وي�ست�سيف لها‬ ‫�سخ�سيات دولية مرموقة‪ ،‬كما ينظم العديد‬ ‫من املوؤمترات بالتعاون مع هيئات وموؤ�س�سات‬ ‫دول�ي��ة‪ ،‬وي�سمل ن�ساطه الإع��الم املتخ�س�س‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬الإعالم ال�سياحي الذي ي�سارك فيه خرباء‬ ‫يف ال�سياحة من دول عربية واأجنبية‪.‬‬ ‫بجانب ه��ذا ك ّله يوفر املعهد ع��دد ًا من املنح‬ ‫التدريبية لل�سحافيني يف كربيات املوؤ�س�سات‬ ‫الإع��الم��ي��ة يف اأوروب� � ��ا وال� ��ولي� ��ات امل�ت�ح��دة‬ ‫الأم��ري �ك �ي��ة‪ ،‬ب��الإ� �س��اف��ة اإىل اخل� ��ربات التي‬ ‫ي�ستقدمها املعهد للتدريب فيما ي�ستجد من‬ ‫تطورات فى �سناعة الإعالم عاملي ًا‪.‬‬ ‫نقابة لالإعالميني‬ ‫مـ ـ ــاذا مت ب ـع ــد انـ ـعـ ـق ــاد م ـوؤمت ــر‬ ‫«م ـ� ـش ـت ـق ـبــل الإعـ ـ ـ ـ ــالم امل ــرئ ــي‬ ‫وامل ـ� ـش ـمــوع يف م ـ� ـشــر» وال ــذي‬ ‫�ـشــارك املعهد يف تنظيمه مع‬ ‫كل من «نقابة الإعالميني‪-‬‬ ‫حتـ ــت الـ ـتـ ـاأ�ـ ـشـ ـيـ ـ� ــس» وه ـي ـئــة‬ ‫الإذاعة الربيطانية؟‬ ‫اللجنة الت�سريعية يف جمل�س‬ ‫ال�سعب امل�سري واف�ق��ت على‬ ‫م�سروع اإن�ساء نقابة لالإعالميني‬ ‫باعتباره م��ن تو�سيات امل�وؤمت��ر‪،‬‬ ‫وك���ان ي�ف��رت���س اأن ت �ت��وىل اللجنة‬ ‫نف�سها ��س��وغ ه��ذا امل���س��روع يف �سورة‬ ‫نهائية متهيد ًا لإقراره وحتى نقطع الطريق‬ ‫على حم��اولت تفتيت املهنة باإن�ساء اأك��رث من‬

‫نقابة لالإعالميني‪ ،‬ل��ول �سدور حكم املحكمة‬ ‫الد�ستورية العليا بحل املجل�س‪ ،‬وبذلك جت ّمد‬ ‫الو�سع حلني انتخاب برملان جديد‪ ،‬لكننا دفعنا‬ ‫اأي�س ًا يف اجت��اه الن�س على ا�ستقالل الإع��الم‬ ‫وحريته يف الد�ستور اجلديد للبالد‪.‬‬ ‫هل ميكن اأن حتدد لنا من موقعك املهني ما‬ ‫ينق�س ال�شحافة امل�شرية الآن؟‬ ‫ال�سحافة امل�سرية الآن تعي�س حلظة ارتباك‬ ‫�سديد ن��اجت م��ن تنوع اأمن��اط امللكية‪ ..‬هناك‬ ‫م�ل�ك�ي��ة ع��ام��ة حت��ت م�ظ�ل��ة امل�ج�ل����س الأع �ل��ى‬ ‫لل�سحافة‪ ،‬وهي ملكية ذات طابع معنوي ولي�س‬ ‫مادي ًا‪ ،‬واملجل�س الأعلى لل�سحافة ي�سع اأطر ًا‬ ‫تنظيمية لعمل املوؤ�س�سات ال�سحافية‪ ،‬ولكنه ل‬ ‫يتدخل مبا�سرة يف اأدائها‪ ،‬ولي�ست له ولية على‬ ‫الأداء القت�سادي اخلا�س بها‪ ،‬واملوؤ�س�سات‬ ‫ال�سحافية القومية تخ�سع يف اختيار روؤ�ساء‬ ‫حترير �سحفها ملوافقة جمل�س ال�سورى‪.‬‬ ‫كل هذا يوؤدي اإىل �سيء من الرتباك يف تنظيم‬ ‫العالقة‪ ،‬خا�سة واأن جمل�س ال�سورى امل�سري يف‬ ‫ثوبه اجلديد اخلا�سع لأكرثية اإ�سالمية يرغب‬ ‫يف اإعادة ت�سكيل منط ملكية ال�سحف القومية‬

‫وظيفتنا يف املعهد تتمثل يف‬ ‫التدريب ال�شحايف والإعالمي وفق‬ ‫معايري رفيعة امل�شتوى اأ�شا�شها احلياد‬ ‫وامل�شداقية واملو�شوعية وك�شف احلقيقة‬ ‫كما هي وعدم ممار�شة دور �شيا�شي �شد‬ ‫اجتاه معني‬ ‫ملجل�س ال�شورى‪ ،‬بعد الرجوع اإىل‬ ‫اجلهات املعنية اأن يختار روؤ�شاء حترير‬ ‫الإ�شدارات التابعة لكل موؤ�ش�شة قومية من‬ ‫بني قائمة الرت�شيحات الواردة من‬ ‫املوؤ�ش�شات ال�شحافية‬ ‫القومية ذاتها‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫حوار‬

‫‪56‬‬

‫الإ��س��دارات التابعة لها‪ ،‬وعلى جمل�س الإدارة‬ ‫يف امل�وؤ��س���س��ات ال�سحافية ال�ق��وم�ي��ة اأن‬ ‫يتخذ الإج��راءات املنا�سبة والقرارات‬ ‫ال�ت�ن�ف�ي��ذي��ة ب �� �س �اأن احل �ف��اظ على‬ ‫احلقوق املعنوية واملادية لروؤ�ساء‬ ‫التحرير الذين �سيتم تخلية‬ ‫منا�سبهم للروؤ�ساء اجلدد‪.‬‬ ‫الجتاه الثوري يف م�شر يتم‬ ‫ي �� �س �ك��ل جم��ل�����س اإدارة‬ ‫التعبري عنه من الناحية التنظيمية يف‬ ‫امل �وؤ� �س �� �س��ة ال���س�ح��اف�ي��ة‬ ‫عدد ل ح�شر له من الئتالفات‪ ،‬مع غياب‬ ‫ال �ق��وم �ي��ة م ��ع اجل�م�ع�ي��ة‬ ‫ال�شفافية‪ ،‬ول نعرف من يديرها‪ ،‬ول‬ ‫العمومية للموؤ�س�سة جلنة‬ ‫من ميو ّلها‪ ،‬وما هي لوائحها الداخلية‬ ‫خ��ا� �س��ة مب���س�م��ى « جلنة‬ ‫تر�سيحات املوؤ�س�سة»‪ ،‬فى‬ ‫واأهدافها على املدى البعيد‬ ‫حدود ‪ 7‬اأع�ساء‪ ،‬اثنان من‬ ‫جمل�س الإدارة‪ ،‬وثالثة من‬ ‫اجلمعية العمومية‪ ،‬واثنان من‬ ‫ال�سحافيني الكبار يف املوؤ�س�سة‪،‬‬ ‫ع�ل��ى اأن ت��ر��س��ح ال�ل�ج�ن��ة م��ن بني‬ ‫اأع�سائها رئي�س ًا يتوىل اإدارة �سوؤونها‬ ‫فى امل��دة املحددة لعمل اللجنة يف حدود‬ ‫اأربعة اإىل �ستة اأ�سابيع كحد اأق�سى‪.‬‬ ‫ولرئي�س اللجنة اأن يدير الجتماعات ويخاطب‬ ‫اجلهات املعنية داخل املوؤ�س�سة ولي�س خارجها‪.‬‬ ‫وينتهي عمل اللجنة بتقدمي لئحة املر�سحني‬ ‫ملجل�س الإدارة مع �سبب اأو اأ�سباب الرت�سيح‪.‬‬ ‫من ملكية معنوية اإىل ملكية مادية‪ ،‬ونحن قمنا‬ ‫ت�ك��ون مهمة جلنة تر�سيحات روؤ� �س��اء حترير‬ ‫بالرد على هذه الفكرة‪.‬‬ ‫الإ���س��دارات اخلا�سة باملوؤ�س�سة على النحو‬ ‫ميار�س‬ ‫ال�سورى‬ ‫جمل�س‬ ‫من ناحية اأخ��رى ب��داأ‬ ‫التاىل‪ :‬و�سع املعايري اخلا�سة باختيار روؤ�ساء‬ ‫من‬ ‫القومية‬ ‫ال�سحف‬ ‫�سغوط ًا معنوية على‬ ‫حترير الإ�سدارات التابعة للموؤ�س�سة‪ ،‬ولها اأن‬ ‫�الم‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫وا‬ ‫الثقافة‬ ‫للجنة‬ ‫خ��الل تقرير اأويل‬ ‫ت�ستعني باملعايري ال��واردة يف التقرير املبدئي‬ ‫وال�سياحة‪ ،‬وردت فيه اتهامات للموؤ�س�سات‬ ‫للجنة الثقافة والإع��الم وال�سياحة يف جمل�س‬ ‫باأنها مرتع للف�ساد‪ ،‬وتبنى اأ�سلوب ًا جديد ًا لتعيني‬ ‫ال�سورى مبا يتنا�سب مع طبيعة املوؤ�س�سة ذاتها‬ ‫روؤ�ساء حترير ال�سحف القومية بحيث يتدخل‬ ‫وطبيعة اإ� �س��دارات �ه��ا‪ .‬واأن ت�ك��ون م��دة رئي�س‬ ‫مبا�سرة من خالل معايري واآلية و�سعها بنف�سه‬ ‫التحرير ثالثة اأعوام قابلة للتجديد فرتة اأخرى‬ ‫متجاه ًال املوؤ�س�سات ال�سحافية‪ ،‬واأدى هذا‬ ‫واحدة‪ ،‬وفق ًا ملا تراه اللجنة‪.‬‬ ‫الأم��ر اإىل ح��الت رف�س يف بع�س املوؤ�س�سات‬ ‫ت��ق��وم ال �ل �ج �ن��ة ب�ت�ق���س��ي الأو� � �س� ��اع امل�ه�ن�ي��ة‬ ‫ومنها «الأهرام»‪ .‬وقمنا يف املعهد بتنظيم لقاء‬ ‫والقت�سادية والإن�سانية يف الإ�سدارات التابعة‬ ‫مفتوح مع ال�سحافيني انتهى اإىل بلورة اآلية‬ ‫للموؤ�س�سة ال�سحافية القومية‪ ،‬ولها اأن حت�سل‬ ‫جديدة عر�سناها على جمل�س ال�سورى لكنه‬ ‫على البيانات ال�سرورية لعملها من الإدارات‬ ‫جتاهلها‪.‬‬ ‫املعنية باملوؤ�س�سة‪ ،‬ولها اأن توفد بع�س اأع�سائها‬ ‫للتعرف على ظروف عمل كل اإ�سدار على حدة‪،‬‬ ‫اآلية بديلة‬ ‫ومناق�سة بع�س العاملني فيها عن ظروف عمل‬ ‫وما هي عنا�شر تلك الآلية البديلة؟‬ ‫الإ��س��دار وروؤيتهم لتطويرها‪ .‬وتكون الأولوية‬ ‫حق كل موؤ�س�سة �سحافية قومية على حدة فى‬ ‫للرت�سيح لأب �ن��اء الإ� �س��دار ذات���ه‪ .‬كما تكون‬ ‫اأن ت�سع الآلية املنا�سبة لختيار روؤ�ساء حترير‬ ‫مناق�سات اللجنة يف �سرية ت��ام��ة‪ ،‬ولي�س لها‬

‫اأن تن�سر تفا�سيل اجتماعاتها اأو تن�سر لئحة‬ ‫الرت�سيحات التي تتفق عليها باأي وجه كان‪.‬‬ ‫يكون القرار بالإجماع كلما اأمكن ذلك اأو باأغلبية‬ ‫ل تقل عن اأربعة اأع�ساء‪ ،‬ويف كل الأحوال يعترب‬ ‫ال �ق��رار م�ل��زم� ًا للجميع‪ ،‬م��ع ع��دم ج��واز قيام‬ ‫اللجنة برت�سيح اأي من اأع�سائها لرئا�سة حترير‬ ‫اأي اإ�سدار كان‪.‬‬ ‫تُر�سح اللجنة ثالثة اأ�سماء لالإ�سدار اليومي‪،‬‬ ‫وا�سمني لالإ�سدار الأ�سبوعي وللدوريات ال�سهرية‬ ‫اأو ال��رب��ع �سنوية‪ .‬تقدم ه��ذه الأ��س�م��اء ملجل�س‬ ‫الإدارة‪ ،‬ويقوم جمل�س الإدارة باإبالغ جمل�س‬ ‫ال���س��ورى بالرت�سيحات اخلا�سة ب�اإ��س��دارات‬ ‫املوؤ�س�سة‪.‬‬ ‫ملجل�س ال�سورى بعد الرجوع اإىل اجلهات املعنية‬ ‫اأن يختار روؤ��س��اء حترير الإ� �س��دارات التابعة‬ ‫لكل موؤ�س�سة قومية من بني قائمة الرت�سيحات‬ ‫ال���واردة م��ن املوؤ�س�سات ال�سحافية القومية‬ ‫ذاتها‪.‬‬ ‫عدم احرتام املوؤ�س�سات‬ ‫هــل ه ـنــاك مــا يــدعــو اإىل ال ـق ـلــق ع ـلــى حــريــة‬ ‫ال�شحافة يف ظــل رئي�س ينتمي اإىل جماعة‬ ‫«الإخ ـ ـ ـ ــوان امل ـ� ـش ـل ـمــني»‪ ،‬ف ـ� ـشـ ًـال ع ــن هـيـمـنــة‬ ‫اأع ـلــى عـلــى حـكــم ال ـبــالد متمثلة يف «املجل�س‬ ‫الع�شكري»؟‬ ‫اخل��وف هو من ع��دم اح��رتام التعددية وعدم‬ ‫اح ��رتام امل�وؤ��س���س��ات‪ ..‬اإذن لب��د م��ن اح��رتام‬ ‫امل�وؤ��س���س��ات‪ ،‬لي�س مبعنى ع��دم ال�ن�ق��د‪ ..‬هذه‬ ‫املوؤ�س�سات ينظم حركتها الد�ستور الذي يحب‬ ‫اأن يكون حمل احرتام اجلميع‪ ،‬بحيث ل توجد‬ ‫هيمنة باملعنى ال��ذي يتبادر اإىل ال��ذه��ن‪ ،‬لأن‬ ‫حركة ال���س��ارع ال�سيا�سي اأع�ل��ى م��ن اأن تكون‬ ‫خا�سعة جلهة ما‪.‬‬ ‫هناك اأخطاء كثرية وقعت فيها القوى ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫وانق�سام ال�سارع وعدم القدرة على التبلور يف‬ ‫اجتاهات اأ�سا�سية‪ ،‬فالجتاه الثوري مث ًال يتم‬ ‫التعبري عنه من الناحية التنظيمية يف عدد ل‬ ‫ح�سر له من الئتالفات‪ ،‬مع غياب ال�سفافية‪،‬‬ ‫ول نعرف من يديرها‪ ،‬ول من ميولها‪ ،‬وما هي‬ ‫لوائحها الداخلية واأهدافها على املدى البعيد‪.‬‬ ‫كما جتتهد الئتالفات الثورية للح�سد وللتعبري‬ ‫عن اآراء �سيا�سية‪ ،‬وبالتايل مل جند من ميكن اأن‬ ‫ن�سميه ممث ًال جامع ًا لها‪ ،‬وينطبق الأمر نف�سه‬ ‫على الليرباليني واأن�سار التيار امل��دين‪ ،‬وهذا‬ ‫اأرب��ك الو�سع ال�سيا�سي‪ .‬يف وقت ل يوجد فيه‬


‫د�ستور‪.‬‬ ‫اأم ��ا ت�ي��ار الإ���س��الم ال�سيا�سي ف �اإن��ه ين�سوي‬ ‫يف تنظيمات ع ��دة‪ ،‬اأب��رزه��ا ح��زب «احل��ري��ة‬ ‫والعدالة»‪ ،‬الذراع ال�سيا�سية جلماعة «الإخوان‬ ‫امل�سلمني»‪ ،‬وقد ا�ستفاد من فكرة الدين وارتباط‬ ‫امل�سريني بها لتوظيفها يف العمل ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫اإذن املجتمع منق�سم راأ�سي ًا‪ .‬ن�سف املجتمع لي�س‬ ‫را�سي ًا عن الرئي�س‪ ،‬وهذا �سي�سع عليه �سغوط ًا‪،‬‬ ‫واأداء الإعالم يعك�س حال الرتباك بعدما وقع‬ ‫يف خطاأ ا�سرتاتيجي ُمتنا�سي ًا اأن دوره هو اأن‬ ‫يك�سف احلقيقة‪ ،‬ل اأن يكون طرف ًا يف العملية‬ ‫ال�سيا�سية‪ ..‬ل ينبغي ل��ه اأن يكون ج��زء ًا من‬ ‫امل�سهد ال�سيا�سي ول اأن يكون فاع ًال �سيا�سي ًا‪،‬‬ ‫الإع��الم يجب اأن يكون حمايد ًا‪ ،‬ي�ساعد الراأي‬ ‫العام على ا�ستيعاب ما يجري وتفهمه‪.‬‬ ‫�سحافة الثورة‬ ‫هل اأفرزت الثورة امل�شرية �شحافة تعرب عنها‬ ‫من وجهة نظرك؟‬ ‫ مل تفرز الثورة �سحافتها التي ت�ساعد املجتمع‬‫على اأن يتغري �سلوك ًا ومنهج ًا‪ ..‬هناك �سحف‬ ‫ادّعت اأنها حتمل فكر الثورة وت�سع م�سداقيتها‬ ‫على م��دى قبول امل �ي��دان لها‪ ،‬واأ��س�ح��اب هذه‬ ‫ال�سحف وحمرروها يعتقدون اأنهم كلما اأفرطوا‬ ‫يف ا�سرت�ساء امليدان‪ ،‬فاإن ذلك يعطيهم �سهادة‬ ‫باأنهم جزء من الثورة‪.‬‬ ‫هذه ال�سحافة و�سعت لنف�سها �سقف ًا معين ًا وهو‬ ‫ا�سرت�ساء فئة معينة يف املجتمع‪ ،‬واملطلوب اأن‬ ‫يكون هناك ه��دف اأك��رب‪ ..‬م�ساركة يف عملية‬ ‫تغيري وتو�سيع املدارك وك�سف احلقائق من دون‬ ‫انحياز لجتاه على ح�ساب اجتاه اآخر‪.‬‬ ‫ال�سحف امل�سرية متالئ الآن تيار ًا بعينه‪ ،‬بعدما‬ ‫ذهب حمللون اإىل اأن هذا التيار هو �س ّيد امل�سهد‪،‬‬ ‫ويف ه��ذا ابتعاد ع��ن املهنية‪ ،‬وم��ن ث��م فقدان‬ ‫للم�سداقية وجتاهل حلقيقة اأن التنوع ظاهرة‬ ‫�سحية وف�ي��ه اإع ��الء لالأ�س�س املهنية‪ ،‬لذلك‬ ‫وظيفتنا يف املعهد تتمثل يف التدريب ال�سحايف‬ ‫والإعالمي وفق معايري رفيعة امل�ستوى‪ ،‬اأ�سا�سها‬ ‫احل �ي��اد وامل���س��داق�ي��ة وامل��و� �س��وع��ي‪ ،‬وك�سف‬ ‫احلقيقة كما هي‪ ،‬وعدم ممار�سة دور �سيا�سي‬ ‫��س��د اجت ��اه م �ع��ني‪ ..‬عملنا حت�ل�ي� ًال مل�سمون‬ ‫ج��ري��دة ق��وم�ي��ة ف��وج��دن��ا اأن ‪ 77‬يف امل�ئ��ة من‬ ‫اإجمايل ما تن�سره يتعلق بحزب واحد‪ ..‬األي�س‬ ‫هذا دلي ًال على عدم املهنية وغياب ال�سيا�سة‬ ‫التحريرية؟‬

‫ح�صن اأبو طالب يتو�صط نقيب ال�صحافيني ممدوح الويل وال�صحايف ال�صاعر فاروق جويدة‬

‫اأحد موؤمترات معهد الأهرام الإقليمي لل�صحافة‬

‫ال�شحف امل�شرية متالئ الآن تياراً‬ ‫بعينه‪ ،‬بعدما ذهب مللون اإىل اأن هذا‬ ‫التيار هو �ش ّيد امل�شهد‪ ،‬ويف هذا ابتعاد‬ ‫عن املهنية‪ ،‬ومن ثم فقدان للم�شداقية‬ ‫وجتاهل حلقيقة اأن التنوع ظاهرة‬ ‫�شحية وفيه اإعالء لالأ�ش�س املهنية‬


‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬ ‫العدد ‪15‬‬ ‫الإعالم والع�رص‬ ‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬ ‫العدد ‪15‬‬ ‫الإعالم والع�رص‬

‫غادة ال�صمان‬

‫‪58‬‬

‫املنطقة احلرة‬

‫تلك المرأة‪ ..‬سأقتلها!‬ ‫التقيت بجارتي يف م�سعد «ناطحة ال�سحاب»‬ ‫الباري�سية حيث اأقيم ومعها حقيبة �سفر �سغرية‪،‬‬ ‫وكعادتها حت��اورن��ا ح��ول الطق�س فهو مو�سوع‬ ‫(حمايد)‪ ،‬وقلت‪ :‬لها اإن الطق�س جميل اليوم‬ ‫ي�سلح ل �الإج��ازة‪ ،‬وتوقعت اأن جتيب كما منذ‬ ‫عقدين من اللتقاء (احلميم!) بها لدقيقتني‬ ‫يف امل�سعد‪ ،‬ولكنها خرجت عن (الن�س) هذه‬ ‫املرة� وقالت‪:‬‬ ‫ ل�ست ذاهبة اإىل الإج��ازة بل اإىل امل�ست�سفى‬‫جلراحة!‪.‬‬ ‫�ساألتها‪ :‬هل ابنتك اأو ابنك بانتظارك اأم��ام‬ ‫املدخل ملرافقتك اإىل هناك؟‬ ‫قالت بغ�سة‪� :‬ساأذهب وحدي‪.‬‬ ‫تولت تلك املراأة ال�سرقية التي تقطنني متابعة‬ ‫احلوار وقالت بلهفة‪ :‬ل يعقل اأن تذهبي مبفردك‬ ‫اإىل امل�ست�سفى‪�/‬ساأرافقك‪.‬‬ ‫ح��اول��ت اإ��س�ك��ات تلك امل� ��راأة ال�ت��ي تتدخل يف‬ ‫تفا�سيل حياتي وب��رن��اجم��ي ال�ي��وم��ي وف�سلت‬ ‫كعادتي اأمامها!‬

‫تالوة فعل الندامة‬ ‫وه�ك��ذا راف�ق��ت اجل ��ارة اإىل امل�ست�سفى‪ ،‬فقد‬ ‫هالني اأن تذهب ا ُأم اأو جدَ ة مبفردها للخ�سوع‬ ‫لعملية جراحية ل�ستئ�سال ورم (كما فهمت‬ ‫منها) والتحقق مما اإذا كن خبيث ًا اأو ل‪ ،‬وحيدة‬ ‫هكذا لأن اأولده��ا واأحفادها يعلنون‪ :‬ل وقت‬ ‫لدينا‪ ،‬لكرثة العمل وامل�ساغل!‬ ‫قالت امل��راأة التي تقطنني‪ :‬هذا غري مقبول يف‬ ‫كوكبنا!‬ ‫راف�ق��ت اجل ��ارة اإىل امل�ست�سفى وجل�ست اإىل‬ ‫جانب �سريرها وه��م يو�سبونها لتذهب فجر‬ ‫اليوم التايل اإىل غرفة العمليات واأنا اأتلو (فعل‬ ‫الندامة) على ما كتبته ذات ي��وم يف الوطن‪،‬‬ ‫وانتقدت فيه عاداتنا العربية مبرافقة الأ�سرة‬ ‫كلها للمري�س (بل والقبيلة) اإىل امل�ست�سفى اإذا‬ ‫تعر�س اأحد اأفرادها لعملية جراحية‪.‬‬ ‫يومها اعرت�ست على ازدحام امل�ست�سفيات باأهل‬ ‫املري�س واأ�سدقائه وج��ريان��ه وهجومهم على‬

‫غرفته بكثري من ال�سو�ساء مما قد يربك عمل‬ ‫الطبيب واملمر�سات‪ ..‬ولكنني اليوم اأقول‪ :‬اإذا‬ ‫كان اخليار بني «الز ّفة» ال�سرقية « و»الوح�سة»‬ ‫الغربية‪ ،‬فاإنني اأنتقي زحام الأهل على الطريقة‬ ‫ال�سرقية ول «ع��زل��ة» املري�س على الطريقة‬ ‫الغربية‪!.‬‬ ‫ابنة «زقاق اليا�سمني»‬ ‫ات�سلت ب�ج��ارت��ي لال�ستف�سار ع��ن �سحتها‪،‬‬ ‫فقالت اإن��ه �سار بو�سعها مغادرة امل�ست�سفى‪،‬‬ ‫لكن اأحد ًا من اأولدها مل يح�سر لذلك الغر�س‬ ‫ولأنها لي�ست اجلارة الأوىل التي تاأمرين «املراأة‬ ‫ال�سرقية» يف اأعماقي مبرافقتها‪� ،‬سرت اأعرف‬ ‫اأن امل�ست�سفيات الباري�سية ل تطلق �سراح‬ ‫املري�س اإل اإذا جاء من يرافقه‪.‬‬ ‫قلت لها‪� :‬ساأح�سر ح��ا ًل‪� ..‬ساأ�سطحبك اإىل‬ ‫بيتك‪..‬‬ ‫وكنت قد رف�ست ا�ست�سافة كلبها عندي لأنني‬ ‫مل اآلف ذلك‪ ،‬مع اإعالين ال�ستعداد ل�ست�سافة‬


‫قطة اإذا كانت لديها‪.‬‬ ‫امل��راأة التي تقطن اأعماقي‪ ،‬تلك ال�سرقية ابنة‬ ‫«زق��اق اليا�سمني» خلف «اجل��ام��ع الأم ��وي» يف‬ ‫علي با�ستمرار رغباتها ول اأملك اإل‬ ‫دم�سق متلي ّ‬ ‫طاعتها ‪-‬معظم الأحيان‪!-‬‬ ‫جنازتك ودفنك‪ ..‬نحن نتوالهما!‬ ‫كم انفطر قلبي حني و�سل اأولد اأحد جرياين‬ ‫بعد وف��اة وال��ده‪ ،‬وب��ال دمعة مطالبني باإحراق‬ ‫اجلثة فالتكاليف بخ�سة‪ ،‬وهم يتهام�سون عن‬ ‫الو�سية وملن الرثوة!‬ ‫ول��ذا مل يده�سني اأن يو�سي بع�س اأ�سدقائي‬ ‫الغربيني باأموالهم اإىل الكلب‪ ..‬وب��داأت اأفهم‬ ‫العالقة احلميمة بينهم والكالب‪.‬‬ ‫فحني اأعدت جارتي اإىل بيتها معتذرة (!) من‬ ‫كلبها الذي مل اأ�ست�سفه (تركت املهمة حلار�س‬ ‫املبنى)‪ ،‬هجم عليها ب�سوق وحنان افتقدته من‬ ‫بني الب�سر‪ ..‬واأدرك��ت اأن و�سيتها برتك مالها‬ ‫للكلب لي�س املق�سود بها غرامها به بل عتاب‬ ‫الأولد وعقابهم‪ ،‬اأما الكلب امل�سكني فذريعة‪.‬‬ ‫وب��داأت اأفهم ملاذا تنت�سر الإعالنات الفرن�سية‬ ‫يف ال�سحف واأجد بع�سها يف �سندوقي الربيدي‬ ‫عن ترتيبات دفن امليت امل�ستقبلي الذي يطالع‬ ‫ذلك الإع��الن‪ ،‬ويعطي النقود مقدم ًا لل�سركة‬ ‫املخت�سة بذلك‪ ،‬وكنت اأده�س لالأمر لكن القليل‬ ‫من الورثة ير�سى باإنفاق حوايل ‪ 30‬األف دولر‬ ‫لقرب لئ��ق للراحل يف قلب باري�س يف مقربة»‬ ‫مونبارنا�س» مث ًال اإىل جانب �سارتر و�سيمون دو‬ ‫بوفوار‪ ،‬اأو مقربة (مونتمارتر) اأو (بريل�سيز)‬ ‫اإىل جانب �سوبان والفريد دي مو�سيه وجورج‬ ‫�ساند و�سواهم‪ ،‬اأي ًا كانت و�سية الراحل‪.‬‬ ‫نحن كعرب نده�س لهذا النمط من الإعالنات‬ ‫غري املوجودة يف �سحافتنا ونت�ساءم من احلديث‬ ‫عن طقو�س دفننا‪ ،‬لكن بع�س الفرن�سيني يعرف‬ ‫اأنه حني ميوت �سيتقا�سمون مرياثه ول يهدرون‬ ‫دولر ًا على جنازته اأو قربه ولذا يقوم بالتاأمني‬ ‫على موته «بد ًل من التاأمني على احلياة»!‬

‫ف�سل خطة االغتيال‬ ‫وبداأت اأفهم اأي�س ًا ملاذا كانت املمر�سات يده�سن‬ ‫لأنني مل اأف��ارق زوج��ي حتى يف غرفة العناية‬ ‫الفائقة وب�اإذن خطي من طبيبه بعدما تو�سلت‬ ‫اإليه (وك��ان عربي الأ�سل) ووعدته بال�سمت‬ ‫املطبق وعدم اإزعاج اأحد‪ ،‬لأنني اأريد فقط اأن‬ ‫يقع نظر زوجي على وجه األيف حني يفتح عينيه‪،‬‬ ‫ومل اأكن لأغيب اإل حني يجل�س ابننا الذي جاء‬ ‫من نيويورك حيث يعمل ليكون اإىل جانب والده‪.‬‬ ‫وكان يهالني اأن بقية املر�سى يف جناح العناية‬ ‫الفائقة وال �غ��رف الأخ ��رى قلما يلمحون ظ ًال‬ ‫من اأحباب الأم�س (اأو ما توهموه كذلك) اأيام‬ ‫العنفوان‪ ..‬ول يزورهم اإل ن��ادر ًا بع�س الأبناء‬ ‫والأقارب الذي يجهلون «�سلة الرحم»‪.‬‬ ‫ثمة طقو�س عربية تنبع من القلب الإن�ساين اأريد‬ ‫علي تلك‬ ‫التخلي عنها (ول اأ�ستطيع) متليها ّ‬ ‫املراأة ال�سرقية التي تقطنني‪ ،‬تتعبني وحترمني‬ ‫من التحول اإىل باري�سية حقيقية بعد ربع قرن‬ ‫ونيف من الإقامة يف باري�س‪.‬‬ ‫خططتُ لغتيالها لأرت��اح‪ ،‬ولكن ما حيلتي مع‬ ‫ال��الوع��ي ال��ذي ي�ستويل على اأح��الم��ي وينطق‬ ‫فيها اجلميع بالعربية ل بالنكليزية اأو الفرن�سية‬ ‫وهما لغتان اأثرثر بهما طوال النهار والليل منذ‬ ‫عقود؟‪..‬‬ ‫التاأمني على املوت‬ ‫أر�سلت جارتي بعد �سفائها ع�سرات من‬ ‫مل��اذا ا ْ‬ ‫باقات الأوركيدة البي�ساء مالأت بيتي كهدية واأنا‬ ‫مل اأفعل �سيئ ًا ل تقوم به اأية جارة عربية مهما‬ ‫كانت م�ساغلها‪.‬‬ ‫قبل اأع ��وام ق��ررن��ا (زوج��ي واأن ��ا) ال �ع��ودة اإىل‬ ‫بريوت‪ ،‬وكتبت ذلك اإىل �سديقتي (ال�سامية)‬ ‫مثلي الأديبة الراحلة �سلمى احلفار الكزبري‬

‫التي ت�سادف اأنها كانت جارتي يف بريوت بعدما‬ ‫عا�ست ط��وي� ًال يف ال�غ��رب مثلي‪ ،‬وع ��ادت اإىل‬ ‫الوطن قبلي ب�اأع��وام‪ ،‬وظهر اليوم التايل جاء‬ ‫�سائقها يقرع الباب حام ًال �سينية طعام وحلوى‬ ‫وهدية للبيت خرزة زرقاء وعبارة «ما �ساء اهلل»‬ ‫للربكة‪ ،‬بال�سبط كما ج��رت العادة يف دم�سق‬ ‫القدمية حيث ولدنا وكما كانت تفعل جداتنا‬ ‫مرحبة باجلار‪.‬‬ ‫�سحيح اأن�ن��ا اأحيانا نخنق جرياننا بالتدخل‬ ‫يف �سوؤونهم ور�سد حياتهم حتى نعتدي على‬ ‫حريتهم ال�سخ�سية‪ ،‬لكننا ل�سنا باملقابل بحاجة‬ ‫اىل «عيد اجل��ريان» الغربي ال��ذي اخرتعوه يف‬ ‫ال�سنوات الأخرية ليتعارف اجلريان فيما بينهم‬ ‫خارج م�سعد املبنى اأو ردهته‪.‬‬ ‫ت�ساألني �سديقاتي الفرن�سيات بده�سة م�ستنكرة‪:‬‬ ‫اأما زال ابنك يقيم معك؟‬ ‫اأجيبهن‪ :‬نعم‪ ،‬ريثما يتزوج‪ ،‬تلك عاداتنا‪.‬‬ ‫ولأن الأ��س��رة العربية متما�سكة ن�سبي ًا ‪-‬على‬ ‫ال��رغ��م م��ن عللها كلها‪ -‬ت�ب��دو ال�ع��الق��ة اأك��رث‬ ‫اإن�سانية‪ ،‬وقلما يطلب اأب م��ن اب�ن��ه م�غ��ادرة‬ ‫البيت يف �سن الع�سرين‪ ،‬وق ّلما ُيو ِدع ابن والده‬ ‫اأو والدته يف «دور امل�سنني»‪ ،‬وامل�سوؤول يف الغرب‬ ‫لي�س الأولد وحدهم بل روح العالقات العائلية‬ ‫والإن�سانية و�سعار الأنا‪ ..‬اأنا واأنا‪ ..‬ول اأحد‪.‬‬ ‫مزايا الغرب اأعرفها جيد ًا‪ ،‬ولكن األي�س بو�سعنا‬ ‫اأن نتطور ح�ساري ًا وتكنولوجي ًا كعرب من دون‬ ‫اأن نفقد بع�س اإن�سانيتنا؟ رمب��ا ك��ان ذل��ك هو‬ ‫التحدي الأول الذي تواجهه املجتمعات العربية‬ ‫اليوم‪ ،‬ترى هل �سياأتي يوم منار�س فيه «التاأمني‬ ‫على املوت» مثلهم؟ ل‪...‬ل‪..‬لن‬

‫�شحيح اأننا اأحيانا نخنق جرياننا بالتدخل يف �شوؤونهم‬ ‫ور�شد حياتهم حتى نعتدي على حريتهم ال�شخ�شية لكننا‬ ‫ل�شنا باملقابل بحاجة اإىل «عيد اجلريان» الغربي الذي اخرتعوه‬ ‫يف ال�شنوات الأخرية ليتعارف اجلريان فيما بينهم خارج‬ ‫م�شعد املبنى اأو ردهته‬ ‫ثمة طقو�س عربية تنبع من القلب الإن�شاين اأريد التخلي عنها‬ ‫علي تلك املراأة ال�شرقية التي تقطنني‪ ،‬تتعبني وحترمني‬ ‫(ول اأ�شتطيع) متليها ّ‬ ‫من التحول اإىل باري�شية حقيقية بعد ربع قرن ونيف من الإقامة يف باري�س‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ظهرن يف مقال«منى‬ ‫الطحاوي» يف جملة «فورن‬ ‫بولي�شي»الأمريكية‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫لءات‬

‫‪60‬‬

‫كاتبات عربيات‬ ‫في الغرب‪..‬‬ ‫ُيلب�سن الن�ساء اأحزمة العفة‬

‫لندن ـ لينا اأبوبكر‬ ‫لو كانت �صهرزاد على قيد احلياة لقتلتكن‬ ‫جميعا ً ولكن‪ ..‬امل�صاألة اإذن ل تتعلق بالدفاع‬ ‫عن حقوق املراأة التي ينتهكها الرجل‬ ‫ال�رصقي من دون اأي رادع ح�صب ما ترى‬ ‫بع�ض الكاتبات العربيات اللواتي اأخذن على‬ ‫عاتقهن الدفاع عن تلك احلقوق املغت�صبة‬ ‫ووجدن يف الإعالم الغربي ملعبا ً ف�صيحا ً‬ ‫لهن يهرولن فيه جيئة وذهابا ً وهن يعزفن‬ ‫على وتر احلرية واحلق وخرق التابوهات‬ ‫واخلروج من الغرف املغلقة وما اإىل هنالك‬ ‫من م�صميات تعيد الأمة اإىل ع�صور خلت‬ ‫من اجلهل والتخلف وال�صتعباد القائم على‬ ‫نظام الرق واجلواري ووووو‪....‬‬

‫امل���س�األ��ة تتعلق بالرق�س اخلبيث على راأ���س‬ ‫احلقيقة حني تتجاوز املغريات التي تثري �سهية‬ ‫الكتابة كل القيم الجتماعية والأع��راف التي‬ ‫حتكم املجتمع اأك��رث من ال�سرائع نف�سها‪ ،‬وقد‬ ‫يغدو الإعالم الغربي هنا و�سي ًا �سرعي ًا على تلك‬ ‫ال�سهية لالأ�سف !‬ ‫امل�ساألة تتعلق بالواأد احلديث ذاك الأفظع من‬ ‫واأد اجلاهلية‪ ،‬ولكنه هذه املرة ياأتي على يد ما‬ ‫تكيده الن�ساء باأقالمهن التي كاملحاريث تطمر‬ ‫متام ًا كما حتفر حني تلذ اجلثث وي�سبح الرتاب‬ ‫�ستار ًا على اجلرمية وال�سحافة الغربية مقربة!‬ ‫«القر�سانة»‪ ..‬ومغارة الكنز‬

‫ملاذا اإذن ياأتي هذا التوح�س الأ�سبه مبو�سة ن�ساز‬ ‫يف دار عر�س هي الغابة التي تك�سر عن اأنياب‬ ‫م�سمرة يف غرف التحرير وكوالي�س ال�سحون‬ ‫الطائرة �سمن مطبخ ف�سائي ملغوم بوجبات‬ ‫م�سمومة؟‬ ‫مل يذكر التاريخ �سوى قر�سانة واحدة لن تتكرر‬ ‫�سوى عندما ترث من حمالة احلطب األف جيدٍ‬ ‫م�سد‪ ..‬اإنهن الن�ساء وما اأدراك ما الن�ساء؟‪،‬‬ ‫من ْ‬ ‫رمبا كان عليك اأن ت�ساأل نيت�سه لكي يدلك على‬ ‫مكمن ال�سر‪ ،‬اأقول قويل هذا واأنا اأ�سع ذكورتي‬ ‫جانب َا حني اأكتب‪.‬‬ ‫كثريات هن اللواتي مت ا�سطهادن بفعل القيود‬

‫ريت�صارد جولد �صتون‬

‫منى الطحاوي‬


‫ورث الغرب اأ�شاطري اليونانيني القدامى اخلا�شة‬ ‫با�شطهاد املراأة خالل احلروب عن طريق «حزام فينو�س»‬ ‫والذي �شمي فيما بعد «حزام العفة» ح�شب املفهوم الكن�شي يف‬ ‫الثقافة الدينية الغربية‪ ،‬وهو حزام حديدي يحيط املنطقة‬ ‫ال�شفلى من ج�شد املراأة ويتم اإحكام اإغالقه بقفل يظل‬ ‫مفتاحه مع الزوج‪ ،‬كي ي�شمن عدم خيانة زوجته له خالل‬ ‫غيابه! فاأي ا�شتعباد تاأباه اجلواري وقطط الليل امل�شردة‪.‬‬ ‫هل فع ً‬ ‫ال ميكن للكاتبات العربيات يف املهجر العتماد‬ ‫على املنابر الإعالمية الغربية من اأجل الدفاع عن حقوق‬ ‫املراأة العربية؟ هل حقاً الإعالم الغربي – يف �شمته الغالبة ‪-‬‬ ‫هو ال�شاحة النظيفة التي ت�شن من خاللها تلك‬ ‫الكاتبات معاركهن امللطخة بحرب يتغذى على‬ ‫دماء �شحايا اخلتان وليلة الدخلة؟‬

‫الجتماعية التي ت�سبه الأحكام العرفية‪ ،‬وكذلك‬ ‫كثري من الرجال والأطفال هم الذين يرزحون‬ ‫حت��ت وط� �اأة اأع���راف تعمل ب�ق��ان��ون ال �ط��وارئ‬ ‫منذ مئات ال�سنني‪ ..‬وهذا بالطبع لن يعني اأن‬ ‫امل��راأة لي�ست عن�سر ًا م�ست�سعف ًا يف املجتمع‬ ‫العربي ول ينالها اجلزء الأكرب من الظلم واأنها‬ ‫لي�ست ال�سحية الأمثل له‪ ،‬ولكنه لن يعني يف‬ ‫كل الأحوال اأن يتحول الظلم اإىل مادة للتجارة‬ ‫الإعالمية يف اأجهزة تتغذى وتقتات على هذا‬ ‫النوع من الق�سايا لي�س تعاطف ًا بقدر ما هو‬ ‫ي�سب يف خانة ال�ستغالل لأغرا�س غري قائمة‬ ‫اأبد ًا على ح�سن النوايا من قبل ال�ستعمار على‬ ‫اعتباره «حب ًا قدمي ًا» اأو خلية نائمة قد ت�ستيقظ‬ ‫يف اأية حلظة‪.‬‬ ‫الإع� ��الم ال�غ��رب��ي ه��و م �غ��ارة ال�ك�ن��ز وال���س��وء‬ ‫وال�سهرة التي تطرقها تلك الأقالم وهي ترتدي‬ ‫قفازات عابثة يف بالط ال�سلطة الرابعة التي‬ ‫تفر�س الب�ساط الأحمر لها كي تت�سقلب عليها‬ ‫بخفة وم��رون��ة بهلوانة ت�سري على قفازاتها‬ ‫امل�ستعارة بدل قدميها ‪...‬فاأي عار ؟‬ ‫الرجل ال�سرقي‪ُ ..‬‬ ‫وكره املراأة‬ ‫جملة « ‪ » FOREIGN POLICY‬ال�سهرية هي‬ ‫التي حمل غالفها عنوان تلك املقالة املن�سورة‬ ‫بتاريخ ‪ 23-04-2012‬التي تو�سلت اإىل قراءتها‬ ‫من خالل مقالة الأ�ستاذ بكر عوي�سة املن�سورة‬ ‫يف �سحيفة اإيالف الإلكرتونية بتاريخ ‪30-‬اأبريل‬

‫– ‪ ،2012‬وقد تاأمل فيها مقالة «ملاذا يكرهوننا»‬ ‫التي كتبتها الكاتبة الأمريكية من اأ�سل عربي‬ ‫«منى الطحاوي» يف املجلة النيويوركية الآنفة‬ ‫الذكر‪.‬‬ ‫غالف املجلة حمل �سورة لمراأة عربية ترتدي‬ ‫برقع ًا‪ ،‬وج�سده ًا عباءتها ال�سوداء – و�ساأتعر�س‬ ‫للغالف بالتف�سيل يف ال�سطور القليلة الالحقة‬ ‫ يف هذه املقالة‪ -‬العنوان جاء بالبنط العري�س‬‫«مل��اذا يكرهوننا؟»‪ ،‬اأم��ا من هم اأولئك الذين‬ ‫يكرهوننا؟ فهم الرجال ال�سرقيون احلاقدون‬ ‫على املراأة ح�سب ما ت�سمنته املقالة‪ ،‬والتي تبني‬ ‫بها اأن اأه��م عنا�سر حترر امل��راأة العربية تتم‬ ‫باكتمال الن�سوة يف عملية املعا�سرة بني الزوجني‬ ‫مع العتذار من احلياء!‬ ‫امللفت اأن امل ��راأة العربية التي تخو�س غمار‬ ‫الكتابة يف الغرب تدخلها من هذا الباب حتديد ًا‬ ‫لكي تكتمل م��الم��ح البطولة يف الع�ت�ب��ارات‬ ‫الغربية‪ ،‬والقائمة على التمرد على احلياء على‬ ‫اعتباره تابوه ًا !!! فواعجباه!‬ ‫تبداأ الكاتبة مقالتها باإيراد مقتطف من مقالة‬ ‫زميلة لها من�سورة يف جملة عربية‪ ،‬حتدثت فيها‬ ‫عن ق�سة حقيقية لم��راأة عربية م��ات زوجها‬ ‫فجاأة ومل تكرتث ملوته‪ ،‬الذي جاء بعد معا�سرة‬ ‫باردة مل يكرتث بها هو لإر�سائها جن�سي ًا‪ ،‬بحيث‬ ‫ت�سبح ال�سالة للزوجة جما ًل بدي ًال لتفريغ تلك‬ ‫الرغبة!!!‬ ‫الكاتبة تدعو امل��راأة العربية اإىل اإعالء �سوتها‬

‫ب�«ملاذا يكره الرجل ال�سرقي الن�ساء»؟‬ ‫هذه هي الر�سالة التي تتفانى الكاتبة‬ ‫لها من خالل ا�ستعرا�س ق�سايا اأتخم‬ ‫بها الإعالم الغربي واأ�سبحت عادية جد ًا‬ ‫ومملة لكرثة ما مت تداولها عربه من خالل‬ ‫كل �سخ�سية انتهازية ت�ستغل ق�سية «اخلتان‪،‬‬ ‫واملعا�سرة الزوجية ال �ب��اردة و��س��رب الن�ساء‬ ‫والزواج من اأربعة‪.»...‬‬ ‫العفة‪ ..‬وحزام« فينو�س»‬ ‫يف ذات الوقت الذي تعمدت فيه التغا�سي عن‬ ‫و�سع املراأة الغربية يف جمتمعها ومعاناتها من‬ ‫العن�سرية بني اجلن�سني‪ُ ،‬م�سرحة باأنها لن‬ ‫تتطرق اإىل هذا املو�سوع‪ ،‬رغم اأن القمع الذي‬ ‫واجهته املراأة الغربية يف الع�سور الو�سطى يفوق‬ ‫بكثري ما تواجهه املراأة العربية منذ تاريخ الواأد‬ ‫اإىل الآن‪ ،‬حيث عزلها النظام الكن�سي عز ًل تام ًا‬ ‫واعتربها عورة اإذ دعاها اإىل الرتهنب بحجة‬ ‫التعفف والطهارة‪ ،‬عداك عما ورثه الغرب من‬ ‫اأ�ساطري اليونانيني القدامى با�سطهاد امل��راأة‬ ‫خ��الل احل���روب ع��ن ط��ري��ق «ح���زام فينو�س»‬ ‫وال��ذي �سمي فيما بعد «ح��زام العفة» ح�سب‬ ‫املفهوم الكن�سي يف الثقافة الدينية الغربية‪ ،‬وهو‬ ‫حزام حديدي يحيط املنطقة ال�سفلى من ج�سد‬ ‫املراأة ويتم اإحكام اإغالقه بقفل يظل مفتاحه مع‬ ‫الزوج‪ ،‬كي ي�سمن عدم خيانة زوجته له خالل‬ ‫غيابه ! فاأي ا�ستعباد تاأباه اجلواري وقطط الليل‬ ‫امل�سردة!‬ ‫اأم��ا يف ع�سرنا احل��دي��ث ف �اإن م�ساألة اإر��س��اء‬ ‫الرجل للمراأة جن�سي ًا هي م�ساألة مل تزل خا�سعة‬ ‫للبحوث العلمية لأن الربود اجلن�سي عند املراأة‬ ‫يف كل اأقطار العامل يع ّد م�سكلة مل تزل تبحث‬ ‫ع��ن ح��ل ول تتعلق بعرق ال��رج��ل اأو �سرقيته‪،‬‬ ‫فلماذا ُيع ّد الأمر ا�سطهاد ًا يف العامل العربي‪،‬‬ ‫بينما هو م�سكلة ف�سيولوجية تبحث عن حل يف‬ ‫خمتربات الأطباء واخلرباء النف�سيني يف اأوروبا‬ ‫واأمريكا؟‪.‬‬ ‫�سحايا اخلتان‪ ..‬و�سحايا غزة‬ ‫هل فع ًال ميكن للكاتبات العربيات يف املهجر‬ ‫العتماد على املنابر الإعالمية الغربية من‬ ‫اأجل الدفاع عن حقوق املراأة العربية؟ هل حق ًا‬ ‫الإع���الم ال�غ��رب��ي – يف �سمته الغالبة ‪ -‬هو‬ ‫ال�ساحة النظيفة التي ت�سن من خاللها تلك‬ ‫الكاتبات معاركهن امللطخة بحرب يتغذى على‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫دماء �سحايا اخلتان وليلة الدخلة؟‪.‬‬ ‫وه ��ل ف �ع � ًال ي���س�ب��ح ه ��ذا الإع � ��الم ه��و الأم‬ ‫ترييزا التي تن�سر القيم ال�سمحاء وتدافع عن‬ ‫حقوق املظلومني واملظلومات يف حني اأن هذا‬ ‫الإع��الم هو ذاته الذي اأخفى جرائم ال�سذوذ‬ ‫والغت�ساب التي ارتكبها اجلنود الأمريكان‬ ‫يف �سجن اأبوغريب مث ًال؟‪ ،‬وهو نف�سه الإعالم‬ ‫ال��ذي رف�س عر�س �سور �سحايا احل��رب على‬ ‫غ��زة التي �سنتها ق��وات الحتالل ال�سرائيلي‬ ‫يف دي�سمرب ‪ 2008‬وارتكبت فيها اأفظع املجازر‬ ‫والنتهاكات الإن�سانية يف ا�ستخدام اأ�سلحة‬ ‫حمرمة دولي ًا‪ ،‬واأقفل ملف التحقيق بها ‪ ،‬الذي‬ ‫بداأته جلنة غولد�ستون ببعثة من الأمم املتحدة‬ ‫لتق�سي احلقائق وقد ك�سف القا�سي اجلنوب‬ ‫اأفريقي ريت�سارد غولد�ستون نف�سه يف برنامج‬ ‫خا�س للجزيرة وقتها عن تهديدات مت توجيهها‬ ‫لأع�ساء اللجنة؟‪.‬‬ ‫ث��م اإن��ه نف�س الإع���الم ال��ذي ي �ب��ارك جرائم‬ ‫�سيا�ساته املتمثلة باإلغاء حق ال�سعوب يف تقرير‬ ‫م�سريها‪ ،‬وهنا اأ�ستذكر برناجم ًا وثائقي ًا اأعدته‬ ‫وبثته القناة الربيطانية الرابعة قبل ما يقارب‬ ‫الثالثة اأع��وام يف ذك��رى وع��د بلفور‪ ،‬اعتربت‬ ‫فيه ال�سعب الفل�سطيني ُمتخلف ًا واأن الوعد جاء‬

‫حمل غالف جملة « ‪FOREIGN‬‬ ‫‪ » POLICY‬ال�شهرية �شورة لمراأة‬

‫عربية ترتدي برقعاً‪ ،‬وج�شدها مغطى‬ ‫يعباءتها ال�شوداء‪ -‬وجاء العنوان‬ ‫بالبنط العري�س «ملاذا يكرهوننا؟»‬ ‫ملقالة كتبتها الكاتبة الأمريكية من‬ ‫اأ�شل عربي «منى الطحاوي»‪ ،‬اأما من‬ ‫هم اأولئك الذين يكرهوننا؟ فهم‬ ‫الرجال ال�شرقيون احلاقدون على‬ ‫املراأة ح�شب ما ت�شمنته املقالة‪.‬‬

‫لءات‬

‫‪62‬‬

‫حتديد ًا يف املجتمع الغربي‪ ،‬ويتحكم بها النظرة‬ ‫اخلاطئة للمجتمعات ال�سرقية والثقافة العربية‬ ‫عموم ًا‪ ،‬وقد تكون ال�سورة املغلوطة هي نتاج ما‬ ‫�سدّرته اأق��الم عربية من ن�ساء دخلن الإعالم‬ ‫الأوروب ��ي والأم��ري�ك��ي على اعتبارهن �سحايا‬ ‫ملجتمعاتهن العربية‪ ،‬ومتمردات عليها!‪.‬‬ ‫كثري من الأ�سر العربية وغريها عانت وتعاين‬ ‫م��ن اختطاف اأبنائها منها‪ ،‬وه��و الختطاف‬ ‫ال��ذي ي�سوغه ال�ق��ان��ون بحجج اأم�ن�ي��ة اأغلبها‬ ‫خا�سع للنظرة اخلاطئة عن املجتمع العربي على‬ ‫اعتباره جمتمع العنف والإرهاب وال�سطهاد‪.‬‬

‫غالف جملة فورن بولي�صي‬

‫كمباركة لقيام دولة ا�سرائيل كي تنقذ بريطانيا‬ ‫– التي اعتربت نف�سها و�سية كدولة منتدبة –‬ ‫ال�سعب الفل�سطيني باحتالل دخل فل�سطني عن‬ ‫طريق ع�سابات �سهيونية‪ ،‬ارتكبت اأفظع املجازر‬ ‫يف تاريخ الإب��ادة العرقية والتهجري الق�سري‪،‬‬ ‫ل بل وباركت عملية حترير الفل�سطينيني من‬ ‫جهلهم بالعرتاف بدولة ا�سرائيل‪ ،‬وهي التي‬ ‫ك��ان��ت ت��زج ال�ي�ه��ود ع�ل��ى اع�ت�ب��اره��م عن�سر ُا‬ ‫مرفو�س ُا من املجتمع الأوروبي باأحياء عازلة يف‬ ‫اأوروبا �سميت «باجليتو اأو الكيبوت�س»؟‬ ‫من ال�سرير‪ ..‬اإىل فورن‬ ‫ه��ذا ه��و الإع���الم ال�غ��رب��ي يف �سمته الغالبة‪،‬‬ ‫فكيف اأتعامل مع هذه املقالة – بغ�س النظر‬ ‫ع��ن الكاتبة وت��اري��خ ن�سالها يف جم��ال حقوق‬ ‫املراأة – كيف اأتعامل مع املقالة على اعتبارها‬ ‫مادة نزيهة وهي تدخل من ال�سرير اإىل «فورن‬ ‫بولي�سي»؟‬ ‫ال �ك��ات �ب��ة ت �ن��اول��ت اخل��ت��ان م�ست�سهدة‬ ‫ب�اأم�ه��ا ك �اأح��د ��س�ح��اي��اه‪ ،‬م��ع العلم اأن‬ ‫املجتمعات الغربية اأي�س ًا هي حبي�سة‬ ‫اأعرافها وتقاليدها‪ ،‬بل اإن قوانني‬ ‫�سنتها احلكومات الغربية نزو ًل عند‬ ‫م��ا تفر�سه تلك الأع���راف ال�ت��ي قد‬ ‫تتناق�س مع التقدم العلمي واملنطق‬ ‫والع��ت��ب��ارات الإن �� �س��ان �ي��ة‪ ،‬وه�ن��اك‬ ‫قوانني اأخرى تبتعد عن مبداأ العدالة‬ ‫متام ًا بالتعامل مع املراأة العربية «الأم»‬

‫ت�سويه جمال العباءة‬ ‫اأ�ستغرب حقيقة اأن ي�اأت��ي ه��ذا امل�ق��ال بنف�س‬ ‫ال�ط��رح ال��ذي اع�ت��دن��اه م��ن نف�س النوعية من‬ ‫الأقالم التي ل تاأتي عادة بجديد‪ ،‬ورمبا يكون‬ ‫اجلديد الوحيد يف مقالة الطحاوي هو الغالف‬ ‫الذي و�سعته املجلة للمقالة حيث يحمل �سورة‬ ‫ام ��راأة مب��الم��ح عربية ت��رت��دي برقع ًا وع�ب��اءة‬ ‫�سوداء �سفافة هي ج�سدها‪.‬‬ ‫�سورة الغالف من الناحية الفنية قمة يف الروعة‬ ‫والإبداع‪ ،‬ولو اأنه مل ياأت مع مقالة الطحاوي التي‬ ‫حملت اإ�ساءة للمراأة العربية والثقافة العربية‬ ‫واملجتمع ال�سرقي – لكان الغالف معرب ًا عن‬ ‫تاأمل اآخر للعباءة كرداء للجمال والفتنة والأنوثة‬ ‫بكل جتلياتها الغاوية والإب��داع �ي��ة‪ ،‬ولكن لأن‬ ‫الغالف جاء مع مقالة ت�سيء للمراأة اأكرث مما‬ ‫تن�سفها فاإنه �سوه �سورة العباءة العربية وكان‬ ‫عن�سري ًا اأكرث من العن�سرية نف�سها‪ ،‬وم�سطهد ًا‬ ‫ملا األغى اجل�سد اإذ اعتربه عباءة للعزلة وال�سجن‬ ‫وه��و م��ا ل يليق باأ�سالة ه��ذا ال��زي ال��ذي يتم‬ ‫ت�سويهه‪ ،‬يف ح��ني ل ي �ج��روؤ ه��ذا ال �غ��رب على‬ ‫الإ�ساءة للزي الياباين اأو ال�ساري الهندي بنف�س‬ ‫الطريقة‪ ،‬واحلق كل احلق على املقالة‪.‬‬ ‫ثورة «الغرف املو�سدة»‬ ‫اأ�ستغرب اأن تطالب امل�ق��ال��ة ب �ث��ورات عربية‬ ‫حقيقية تبداأ من �سرير غرفة النوم «الغرف‬ ‫املو�سدة» كما اأطلقت عليها حتى ليبدو الأمر‬ ‫لأول وهلة دع��وة لفتح الأب��واب خ��الل اللتقاء‬ ‫ال�سرعي بني الزوجني ؟ فهل هذه هي طراوة‬ ‫الثورة اأم ن�سمات احلرية يا �ست؟‪.‬‬ ‫ك�ل��ه ول ت�ل��ك ال �ت��ي ت��ري��د اأن ت�ق�ت��ل ��س�ه��رزاد‬ ‫‪...‬ب�سراحة اأجد من التفاهة اخلو�س يف هذه‬ ‫اجلرمية احلمقاء‪ ،‬لأن الكتاب الذي يحمل هذا‬


‫العنوان يحوي م�سمون ًا �سبق ًّي ًا «اإيروتيكي ًا» يخل‬ ‫باحلياء والقيم الإن�سانية عامة ولي�ست ال�سرقية‬ ‫فقط‪ ...‬فجل ما ترتئيه الكاتبة التي ارتكبت‬ ‫اجلرمية بل�سان عجمي هو اأن تتمرد املراأة اأي�س ًا‬ ‫يف ال�سرير‪ ..‬و«يا دي ال�سرير»!!!‬ ‫ما اأعرفه اأن �ساحبة هذا الكتاب وافقت على‬ ‫دعوة اأكرب حمطة عربية اإليها يف لندن لتناق�س‬ ‫مو�سوع اجلرمية «اأعني قتل �سهرزاد» وملا تبني‬ ‫لها اأنها �ستكون يف مواجهة كاتبة هذه ال�سطور‬ ‫ف ّرت من ق�سورة فكان هذا الفرار خري دليل على‬ ‫زيف ادعاء التمرد والثورة واحلرية‪.‬‬ ‫اإن كان جل ما تتمناه املثقفة العربية من احلرية‬ ‫هو ال�سرير‪ ،‬فلن تلوم ح�سني مبارك على مت�سكه‬ ‫حتى اللحظة الأخرية باآخر ما تبقى له من ثورة‬ ‫ق�سر الرئا�سة‪« :‬املرتبة (الفر�سة)»!‬ ‫امل�ست�سرقون‪ ..‬وهروب اجلواري‬ ‫اإن كل تلك التوجهات امل�سبوهة نحو حترير املراأة‬ ‫وال��دع��وة اإىل مت��رده��ا على جمتمعها وقيمها‬ ‫واأعرافها – التي ل تخلو من علل‪ -‬ما هي اإل‬ ‫تعبري عن ال�سخرة ونظام اجل��واري احلديث‬ ‫ال ��ذي ي�سبه م��ا ��س��اد يف حقبة ال�ست�سراق‪،‬‬ ‫حيث كانت اجل ��واري تهرب م��ع امل�ست�سرقني‬ ‫على اعتبارهم فاحتني لل�سرق ح�سب ال��روؤى‬ ‫ال�ستعمارية التي جنحت اأول م��ا جنحت يف‬ ‫اإغراء العبيد واجلواري واخلونة‪.‬‬ ‫اإن من تدعني املناداة بحقوق املراأة هن اأول من‬ ‫تنتهكنها ملا تت�سللن كالل�سو�س اإىل غرف النوم‬ ‫وتعبثن باأ�سرار الأع�سا�س ال�سرية‪ ،‬من دون اأن‬ ‫تتاأملن كتاب «حتفة العرو�س» حتى تدركن اأن‬ ‫اأه��م عن�سر لتثقيف املجتمع العربي عالئقي ًا‬ ‫وحت��ري��ره اأي���س� ًا‪ ،‬ه��و ال�ستغناء ع��ن ال�سرير‬ ‫والحتفاظ بو�سائده فقط !‬ ‫ثم اإن انتهاك اخل�سو�سية هو م�سادرة للحرية‬ ‫ول�ك��ن بطريقة مقلوبة‪ ،‬خا�سة مل��ا ي�اأت��ي هذا‬ ‫النتهاك ُم�س ُوه ًا ُم�ساب ًا بالعوار اأو احلول‪ ،‬اأفال‬ ‫ُيعد كل هذا فع ًال ثقافي ًا �سائن ًا يتكئ على �سرقة‬ ‫التهمة وتربئة املتهم؟‬ ‫مبعنى اآخر هو اإل�ساق تهمة بالأمة‪ ،‬مل ترتكبها‬ ‫اأو لي�ست لها اأ�س ًال متام ًا‪ ،‬كاأنه ا�سترياد لثقافة‬ ‫احل��زام «ح��زام العفة» ويا اأم��ة فكي احل��زام‪..‬‬ ‫فكي احلزام!‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪28‬‬

‫‪28‬‬

‫‪ ..‬في عالقةاإلعالم بالديمقراطية‬ ‫اإذا انتهج الإع��الم ثقافة التربير والتمجيد والإ�سادة وامل��دح والت�سبيح‪،‬‬ ‫فهذا يعني اأن الأمة قد اختارت النفاق اجلماعي والجتماعي وابتعدت عن‬ ‫ال�سفافية وال�سراحة والنقد والنقد الذاتي والراأي والراأي الآخر‪ ،‬يف هذه‬ ‫احلالة ي�سبح اخلطاب الإعالمي دمن ون معنى ول جدوى‪ ،‬بل جنده قد‬ ‫حبل بالتناق�سات ال�سارخة بني الواقع واملفربك‪ ،‬و هذا يعني �سلل اأو عقم‬ ‫قطاع ا�سرتاتيجي يف املجتمع �سمي يف الغرب بال�سلطة الرابعة ويف اأمريكا‬ ‫بكلب احلرا�سة‪.‬‬ ‫هنا تطرح بع�س الأ�سئلة منها‪ :‬ملاذا �سلل النظام الإعالمي يف معظم الدول‬ ‫العربية؟‪ ،‬وما هي اأ�سباب عدم فعاليته وم�سداقيته؟‪ ،‬وملاذا ثقافة التنظري‬ ‫لل�سلطة وثقافة التملق وثقافة التربير و"كل �سيء على اأح�سن ما يرام"‪،‬‬ ‫بد ًل من ال�ستق�ساء والنقد والك�سف عن احلقائق وامل�ساهمة يف‬ ‫اإر�ساء ثقافة الراأي والراأي الآخر وال�سوق احلرة لالأفكار؟‪.‬‬ ‫العالقة بني الإع��الم واملجتمع عالقة جدلية وعالقة‬ ‫تاأثري وتاأثر‪ ،‬فالإعالم القوي بحاجة اإىل جمتمع‬ ‫م��دين ق��وي واإىل الف�سل بني ال�سلطات واإىل‬ ‫ق�ساء م�ستقل وحياة دميقراطية �سفافة‬ ‫ووا� �س �ح��ة امل� �ع ��امل‪ ،‬وع �ل��ى امل�ن�ظ��وم��ة‬ ‫يعترب الإعالم املنرب‬ ‫الإعالمية يف املجتمع اأن تنا�سل من‬ ‫الرئي�صي للدميقراطية‪،‬‬ ‫اأج��ل ك�سب املزيد من احلرية‬ ‫وال� �س �ت �ق��الل �ي��ة واحل��رف �ي��ة‬ ‫ولل�صوق احلرة لالأفكار‪،‬‬ ‫واملهنية وكذلك امل�سداقية‬ ‫وللراأي والراأي الآخر‪ ..‬فهو‬ ‫واحرتام اجلميع‪.‬‬

‫موؤ�ص�صة ت�صهر على تنوير‬ ‫الراأي العام وت�صكيله‬ ‫حيث اأن الراأي العام هو‬ ‫ال�صلطة احلقيقية يف‬ ‫املجتمع‪ ،‬والإعالم الفعال‬ ‫الذي ينتج الدميقراطية‬ ‫ويوؤثر فيها ويتاأثر بها‪.‬‬

‫�سوق حرة لالأفكار‬ ‫ي� �ع� �ت ��رب الإع � � � � ��الم امل��ن��رب‬ ‫الرئي�سي للدميقراطية ولل�سوق‬ ‫احلرة لالأفكار وللراأي وال��راأي‬ ‫الآخ��ر‪ ،‬فهو موؤ�س�سة ت�سهر على‬ ‫تنوير ال��راأي العام وت�سكيله‪ ،‬حيث‬ ‫اإن هذا الأخري هو ال�سلطة احلقيقية‬ ‫يف املجتمع‪ ،‬والإع ��الم الفعال ال��ذي‬ ‫ينتج الدميقراطية ويوؤثر فيها ويتاأثر بها‬ ‫هو ذلك الإعالم الذي ي�ستند اإىل جمتمع‬ ‫مدين فعال واإىل قوى م�سادة داخل املجتمع‬

‫تعمل على اإف��راز ثقافة دميقراطية وح��راك �سيا�سي يقوم على املراقبة‬ ‫وك�سف احلقائق ومواجهة الف�ساد والتجاوزات وا�ستغالل النفوذ وال�سلطة‪.‬‬ ‫الإ�سكال املطروح هو اأن اجلميع يلوم وينتقد الإع��الم‪ ،‬وك�اأن القطاعات‬ ‫الأخرى يف املجتمع العربي باألف خري وعلى اأح�سن ما يرام‪ ،‬واحلقيقة هي‬ ‫العك�س متام ًا حيث اإن معظم القطاعات يف املجتمع تعاين من م�سكالت‬ ‫وتناق�سات ع��دة‪ ،‬ف��الإع��الم م��ا ه��و اإل نظام فرعي م��ن النظام الكلي‬ ‫وبذلك فهو جزء ل يتجزاأ من هذا النظام‪.‬‬ ‫فالدول العربية بحاجة اإىل اإ�سالح النظام واإىل حترير الفرد يف املجتمع‬ ‫واإىل توفري م�ستلزمات و�سروط ال�سوق احل��رة لالأفكار واملجتمع املدين‬ ‫واملوؤ�س�سات امل�ستقلة الدميقراطية التي توؤمن باحلرية وبال�سفافية وبالنقد‬ ‫والنقد الذاتي‪ ،‬فاأ�سباب عقم الإعالم العربي متعددة وخمتلفة‪ ،‬منها ما‬ ‫يتعلق باملحيط الذي تعمل فيه‪ ،‬ومنها ما يتعلق باحلرفية واملهنية‪ ،‬ومنها ما‬ ‫يتعلق بامل�سداقية‪ ،‬ومنها كذلك ما يتعلق بالعالقة مع ال�سلطة والعالقة مع‬ ‫م�سادر الأخبار واملعلن‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالعوامل اخلارجية كالتبعية والقيم‬ ‫الدخيلة‪ ..‬الخ‪.‬‬ ‫دمقرطة االإعالم‬ ‫هناك من يطالب ه��ذه الأي��ام باإلغاء وزارات الإع ��الم‪ ،‬على اعتبار اأن‬ ‫نهاية الإعالم احلكومي اأ�سبحت اأمر ًا مفرو�س ًا يف ع�سر العوملة واملجتمع‬ ‫املعلوماتي والرقمي وع�سر الإنرتنت‪ ،‬وكاأن م�سكلة الإعالم العربي تنح�سر‬ ‫يف بريوقراطية وزارات الإعالم فقط‪ ،‬لكن هل اإلغاء وزارات الإعالم �سيحل‬ ‫م�سكالت الإعالم العربي ويجعل منه اإعالم ًا فعا ًل وقوي ًا‪ ،‬اإعالم ًا م�ستق ًال‬ ‫ق��ادر ًا على النقد وال�ستق�ساء وك�سف العيوب واإ�سراك اجلماهري يف‬ ‫عملية التنمية امل�ستدامة واملمار�سة ال�سيا�سية و�سناعة القرار وحتديد‬ ‫م�سريها؟‬ ‫الإع��الم العربي م�سوؤول عن ت�سكيل ال��راأي العام وتن�سيط ال�سوق احلرة‬ ‫لالأفكار وتزويد املجتمع املدين بالأخبار واملعلومات والتقارير والتحليالت‬ ‫وغري ذلك‪ ،‬لنت�ساءل‪ :‬ملاذا يوجد الإعالم العربي يف احلالة التي هو عليها‬ ‫اليوم؟‪ ،‬وهل املوؤ�س�سة الإعالمية هي اأداة �سلطة اأم اأداة املجتمع باأ�سره‬ ‫ومبختلف ال�سرائح الجتماعية التي ت�سكله؟‪ ،‬وه��ل عملية التوا�سل بني‬ ‫ال�سلطة واجلماهري عملية عمودية اأم اأفقية؟هل امل ّمول هو املحدد الرئي�سي‬ ‫ملخرجات و�سائل الإعالم؟‪ ،‬وهل �ستوؤدي اإىل دمقرطة الإعالم؟‪.‬‬ ‫املالحظ ّ‬ ‫واملطلع على خمرجات الإعالم العربي يدرك امل�ساكل والتناق�سات‬ ‫الكبرية واملتعددة التي يعاين منها هذا الإع��الم‪ ،‬فاملوؤ�س�سة الإعالمية‬ ‫العربية ما زالت يف الكثري من الدول العربية مل ترق اإىل املوؤ�س�سة الإعالمية‬


‫روؤى‬ ‫د‪ .‬حممد قرياط‬

‫كلية الت�صال ـ جامعة ال�صارقة‬

‫باملعنى الكامل للكلمة �سواء من حيث الإدارة اأو الت�سيري اأو التنظيم اأو‬ ‫الهيكلة اأو الو�سائل اأو الكادر الب�سري اأو املهنية اأو احلرفية‪.‬‬ ‫ففي الكثري من احلالت نالحظ امل�ساومات والتجاوزات واملتاجرة باملهنة‬ ‫على ح�ساب مبادئ املهنة و�سرفها واأخالقها‪ ،‬وغالب ًا ما تُ�ستعمل املوؤ�س�سة‬ ‫الإعالمية لأغرا�س وم�سالح �سيقة جد ًا تكون يف �سالح فئة معينة اأو حزب‬ ‫معني اأو تيار معني على ح�ساب الغالبية العظمى من اأفراد املجتمع‪.‬‬ ‫مدح وت�سبيح‬ ‫وهذا ما لحظناه خالل تفاعل الإع��الم العربي مع الثورات التي عرفتها‬ ‫دول عربية عديدة خ��الل ال�سنتني املا�سيتني وخا�سة الإع��الم الر�سمي‬ ‫منه‪ ،‬ففي هذه الظروف تنعدم ال�سرتاتيجية‪ ،‬وتكون ال�سيا�سة الإعالمية‬ ‫غري وا�سحة املعامل‪ ،‬هالمية تركز على التعبئة ال�سيا�سية والتنظري لل�سلطة‬ ‫واملدح والت�سبيح‪ ،‬وكذلك الرتفيه والت�سطيح واإفراغ الق�سايا من حمتواها‬ ‫احلقيقي‪ ،‬فنجد اخلطاب الإعالمي يف اجتاه واهتمامات وان�سغالت ال�سارع‬ ‫يف اجتاه اآخر‪ ،‬وهذا ما ينتج اغرتاب ًا منظم ًا للجماهري‪.‬‬ ‫تعاين املنظومة الإعالمية العربية من جملة من املعوقات وامل�ساكل املهنية‬ ‫والتنظيمية جعلتها تف�سل يف حتقيق الكثري من مهامها ال�سرتاتيجية يف‬ ‫املجتمع‪ ،‬ومبا اأن ال�سحافة العربية يف اأي جمتمع عربي ل ت�ستطيع اأن‬ ‫تكون فوق النظام والأطر التي ي�سري وفقها املجتمع ككل بحيثياته وعنا�سره‬ ‫ونظمه‪ ،‬فاإنها باعتبارها جزء ًا فرعي ًا من النظام الذي تعمل فيه وتتعاطى‬ ‫معه تتاأثر باملناخ ال�سيا�سي والقت�سادي والجتماعي ال�سائد‪.‬‬ ‫فال�سلطة يف العامل العربي ما زالت تنظر لل�سحافة كاأداة لتثبيت �سرعيتها‬ ‫وو�سيلة لتعبئة اجلماهري وجتنيدها‪ ،‬وحتى دور ال�سحايف يف املجتمع ُينظر‬ ‫له على اأنه مكمل لدور ال�سلطة واأجهزتها املختلفة‪ ،‬فهو مطالب بالتغطية‬ ‫واملدح والت�سبيح‪ ،‬لكنه اإذا ا�ستق�سى وحقق وانتقد في�سبح من املغ�سوب‬ ‫عليهم‪ ،‬فمعظم قوانني الن�سر واملطبوعات يف العامل العربي جاءت جمحفة‬ ‫ومق�سرة يف حق املوؤ�س�سة الإعالمية ويف حق ال�سحايف‪ ،‬الأمر الذي اأفرز‬ ‫عند هذا الأخري ثقافة الرقابة والرقابة الذاتية ومن ثمة قتل ثقافة �سحافة‬ ‫ال�ستق�ساء والبحث عن احلقيقة وقتل روح امل�سوؤولية واللتزام والنزاهة‬ ‫واملو�سوعية عند ال�سحايف‪ ،‬مما يوؤثر �سلب ًا على الدميقراطية‪.‬‬ ‫التحدي االأكرب‬ ‫التحدي الأك��رب الذي يواجه ال��دول العربية يف جمال الإع��الم هو حتريره‬ ‫وحترير الطاقات واملهارات والإب��داع��ات‪ ،‬ويتمثل يف ال�ستثمار الأمثل يف‬

‫القدرات والطاقات والإمكانيات املادية والب�سرية لإر�ساء قواعد وم�ستلزمات‬ ‫�سناعة اإعالمية متطورة ر�سيدة وفعالة وقوية ت�ستطيع اأن ت�سكل الراأي‬ ‫العام وال�سوق احلرة لالأفكار واملجتمع املدين الذي يوؤ�س�س للدميقراطية‬ ‫ولاللتزام وال�سفافية واحلوار ال�سريح والبناء من اأجل م�سلحة اجلميع‪.‬‬ ‫وكل تلك الأمور تتطلب الدرا�سة والبحث واإقامة عالقة متينة وتفاعل وتبادل‬ ‫وحوار �سريح بني ال�سلطة واملوؤ�س�سة الإعالمية‪ ،‬والقائم بالت�سال وم�سادر‬ ‫الأخبار واجلمهور من اأجل اإر�ساء قواعد الثقة وامل�سداقية والفعالية يف‬ ‫الأداء‪ ،‬وبهذا تتوفر امل�ستلزمات وال�سروط لو�سع ا�سرتاتيجية اإعالمية‬ ‫و�سيا�سات اإعالمية تنه�س بالعباد والبالد اإىل م�ساف ال��دول املتقدمة‬ ‫والفاعلة يف العامل‪.‬‬ ‫ويف الأخ��ري يجب طرح ال�سوؤال التايل‪ :‬ماذا نريد من الإع��الم يف الوطن‬ ‫العربي؟‪ ،‬هل املحافظة على الو�سع الراهن وبذلك التربير والتنظري اأم‬ ‫تغيري الو�سع وبذلك ال�ستق�ساء والنقد والك�سف عن الأخطاء والتجاوزات‪.‬‬ ‫�سوؤال يجب الإجابة عليه ب�سراحة و �سجاعة اإذا اأردن��ا لالإعالم العربي‬ ‫مكانة ودور ًا يف الدميقراطية والتنمية امل�ستدامة‪ ،‬فال دميقراطية بدون‬ ‫اإعالم قوي وفعال‪ ،‬ول اإعالم قوي بدون دميقراطية‬

‫ال�صلطة يف العامل العربي ما‬ ‫زالت تنظر لل�صحافة كاأداة‬ ‫لتثبيت �رصعيتها وو�صيلة‬ ‫لتعبئة اجلماهري و جتنيدها‪ ،‬وحتى‬ ‫دور ال�صحايف يف املجتمع يُنظر‬ ‫له على اأنه مكمل لدور ال�صلطة‬ ‫واأجهزتها املختلفة‪ ،‬فهو مطالب‬ ‫بالتغطية واملدح والت�صبيح‪ ،‬لكنه‬ ‫اإذا ا�صتق�صى وحقق وانتقد فاإنه‬ ‫ي�صبح من املغ�صوب عليهم‪.‬‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ال�شحافة امل�رضية والعربية‬ ‫فقدت فيه زاوية «من قريب»‬

‫القاهرة ـ حممد اأبو الف�صل‬ ‫مهنة ال�صحافة اأو مهنة البحث‬ ‫عن املتاعب‪ ،‬كما يحلو لكثريين من‬ ‫تعج باألوان‬ ‫العاملني يف بالطها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واأ�صكال خمتلفة من الطيف‬ ‫ال�صيا�صي‪ ،‬مييني اأو ي�صاري‪ ،‬اإ�صالمي اأو‬ ‫علماين‪ ،‬حكومي اأو معار�ض‪ ،‬والقليل‬ ‫ممن ع�صقوا العمل يف دروبها ودهاليزها‬ ‫مل ينتموا لأي من الت�صنيفات‬ ‫ال�صابقة‪ ،‬اإميانا ً بال�صتقالل ورغبة يف‬ ‫قول كلمة بحرية وميال ً‬ ‫للم�صي يف‬ ‫ّ‬ ‫�صبيل ل يخ�صع لعملية ت�صنيف‬ ‫متع�صفة ومغر�صة يف بع�ض الأحيان‪.‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫اأهل املهنة‬

‫‪66‬‬

‫سالمة أحمد سالمة‪..‬‬ ‫رحيل �سحايف» م�ستقل»‬

‫ويع ّد ال�سحايف امل�سري �سالمة اأحمد �سالمة‬ ‫ال��ذي رح��ل ي��وم ‪ 11‬يوليو‪-‬متوز املا�سي واحد‬ ‫من هوؤلء الذي ع�سقوا ا�ستقالليتهم يف احلياة‬ ‫املهنية وال�سيا�سية‪ ،‬واعتربها خط ًا اأحمر ي�سعب‬ ‫جتاوزه اأو حتى القرتاب‪ ،‬ومع ذلك جنح يف اأن‬ ‫يكون قريب ًا من كل التيارات واأن يتجاوز جميع‬ ‫التناق�سات بقلمه ال��الذع واحلا�سم‪ ،‬وعرف‬ ‫يف اأو���س��اط ال�سحافيني وال�ن�خ��ب امل�سرية‬ ‫ب�اأن��ه �ساحب ع�م��ود «م��ن ق��ري��ب»‪ ،‬ال��ذي كان‬ ‫فاكهة ال�سحافة امل�سرية لفرتة طويلة‪ ،‬لأنه‬ ‫كان يتطرق فيه لكثري من الق�سايا ال�سيا�سية‬ ‫ال�سائكة وامللفات املعقدة يف زمن كان جتاوز‬ ‫احل� ��دود واخل��ط��وط ي�ع��ر���س ��س��اح��ب القلم‬ ‫للق�سف ورمبا يدخله ال�سجن اأحيان ًا‪.‬‬ ‫من االأهرام‪ ..‬اإىل ال�سروق‬ ‫عموده «من قريب» الذي ظل يكتبه يف جريدة‬ ‫الأه��رام على مدار ‪ 15‬عام ًا‪ ،‬كان نافذة مهمة‬ ‫لكثري من القراء للتعرف على متوجات وتعاريج‬

‫ظل �شالمة اأحمد �شالمة يكتب عموده‬ ‫«من قريب» يف جريدة الأهرام على مدار ‪15‬‬ ‫عاماً‪ ،‬كان نافذة مهمة لكثري من القراء للتعرف‬ ‫على متوجات وتعاريج ال�شيا�شة امل�شرية يف عهد‬ ‫الرئي�س ال�شابق ح�شني مبارك‪ ،‬حتى اأن كثرياً من‬ ‫ال�شحافيني واملثقفني‪ ،‬عندما يلتقون كان عموده‬ ‫يحتل جانباً من نقا�شهم‪ ،‬لأنه يحمل جديداً كل‬ ‫ال وب�شرية ومعلومات اأي�شاً‬ ‫يوم‪ ،‬فكراً وحتلي ً‬

‫ال�سيا�سة امل�سرية يف عهد الرئي�س ال�سابق‬ ‫ح�سني مبارك‪ ،‬حتى اأن كثري ًا من ال�سحفيني‬ ‫واملثقفني عندما يلتقون كان عموده يحتل جانب ًا‬ ‫من نقا�سهم‪ ،‬لأنه يحمل جديد ًا كل يوم‪ ،‬فكر ًا‬ ‫وحتلي ًال وب�سري ًة ومعلومات اأي�س ًا‪ ،‬فهو مبثابة‬ ‫وجبة د�سمة لقارىء طاردته مقالت يف بع�س‬ ‫ال�سحف القومية ت�سبح بحمد الرئي�س ال�سابق‬ ‫ّ‬ ‫وجنليه‪.‬‬ ‫وعندما تعر�س مل�سايقات �سيا�سية ومهنية‬ ‫نقل عموده «من قريب» عام ‪ 2008‬اإىل جريدة‬ ‫ال�سروق امل�ستقلة‪ ،‬التي اأ�سهم يف تاأ�سي�سها يف‬ ‫تلك الفرتة وتوىل رئا�سة جمل�س حتريرها‪ ،‬بعد‬ ‫حوايل ع�سرين عام ًا ق�ساها يف من�سب مدير‬ ‫حترير جريدة الأهرام‪ ،‬وكان خالل هذه الفرتة‬ ‫واحد ًا من اأبرز العقول امل�سوؤولة عن جزء معترب‬ ‫من ال�سيا�سة التحرير لل�سحيفة الأع��رق يف‬ ‫م�سر والوطن العربي‪.‬‬ ‫�ساعدتني ظ��روف العمل يف اأن اأق��رتب كثري ًا‬ ‫ولدي ثالثة‬ ‫من الراحل �سالمة اأحمد �سالمة‪ّ ،‬‬ ‫مواقف موؤثرة ومبا�سرة‪ ،‬اأحكيها لأول مرة على‬ ‫�سفحات مطبوعة عربية اأو م�سرية‪ ،‬وبقدر‬ ‫م��ا حتمل م��ن معان ونفحات �سخ�سية‪ ،‬لكن‬ ‫رمب��ا ت�سهم روايتها يف اإلقاء جانب من بع�س‬ ‫احلقائق الغائبة عن الرجل لدى كثريين‪ ،‬وهي‬ ‫يف جمملها تك�سف عن بعد اإن�ساين عرفه عن‬ ‫الراحل من لزموه اأو تعاملوا معه عن كثب‪ ،‬وكان‬ ‫كل من يقرتب منه يظل م�سدود ًا اإليه‪ ،‬وي�سعى‬ ‫ليجد احلجج ليعود اإليه م��رة اأخ��رى‪ ،‬خا�سة‬ ‫جيلي الذي تطلع مبكر ًا اإىل كل من هم يف قامة‬ ‫الأ�ستاذ �سالمة بانبهار‪ ،‬لي�س فقط لتوا�سعه‬ ‫اجلم‪ ،‬لكن لأنك نادر ًا ما جتد يف غابة �ساحبة‬


‫يف حوار معه عرفت منه‬ ‫حبه ال�شديد لزوجته الأملانية واعتزازه‬ ‫بولديه اللذين حر�شا اأن يعمال يف جمال‬ ‫بعيد عن ال�شحافة حتى ل يظلما‪ ،‬وقال‬ ‫اإن من ح�شن حظه اأن ميولهما بعيدة عن‬ ‫علي حكايات من الدور‬ ‫هذه املهنة‪ ،‬وق�س ّ‬ ‫الذي لعبته زوجته يف حياته والظروف التي‬ ‫جمعته بها واأدت لزواجهما وع�شقه للعب‬ ‫مع اأحفاده وحبه لزيارة مدينة الغردقة‬ ‫على البحر الأحمر وولعه بالفل�شفة‬ ‫ومدى تاأثره بالعي�شة لفرتة‬ ‫طويلة يف اأملانيا‬

‫اجلاللة عموم ًا �سحافي ًا‪ ،‬دمث ًا وخلوق ًا ومتزن ًا‬ ‫وموهوب ًا وجمتهد ًا ومبدع ًا وينكر ذاته دائم ًا‪،‬‬ ‫حتى اأن��ه كان مق ًال يف الظهور يف الف�سائيات‬ ‫التي اأ�سبحت حافلة باأن�ساف املوهوبني من‬ ‫ال�سحافيني‪ ،‬ولعل �سيل الكتابات التي حفلت‬ ‫بها �سحف م�سرية وعربية يبني لأي درجة كان‬ ‫الراحل حمبوب ًا يف و�سط اجلماعة ال�سحفية‪.‬‬ ‫‪ 3‬مواقف‪ ..‬ومعان كثرية‬ ‫املوقف الأول‪ ،‬يتعلق برف�سه ملحاولت الت�سييق‬ ‫التي كانت متار�س عليه‪ ،‬ب�سكل مبا�سر وغري‬ ‫مبا�سر‪ ،‬من قبل بع�س اجلهات الر�سمية يف‬ ‫م�سر‪ ،‬فقد دخلت عليه مكتبه ذات م��رة يف‬ ‫�سيف ع��ام ‪ 2006‬يف الطابق ال��راب��ع بجريدة‬ ‫الأه��رام‪ ،‬ووجدته مهموم ًا وحزين ًا‪ ،‬وك��ان بداأ‬ ‫يكتب عموده يوم ًا بعد يوم‪ ،‬ف�ساألته عن �سبب‬ ‫�سيقه‪ ،‬فقال اأت�ع��رف مل��اذا ب��داأت اأك�ت��ب هذا‬ ‫العمود (من قريب) ثالثة اأيام فقط يف الأ�سبوع‪،‬‬ ‫�ساألت‪ :‬ملاذا؟ قال‪ :‬لأنني اأ�سعر اأنني «اأنفخ يف‬ ‫قربة مقطوعة‪ ..‬ولذا حاولت اأن اأريحهم مني‬ ‫طوال الأ�سبوع ومع ذلك ل توجد فائدة‪.‬‬ ‫حاولت اإثنائه وقلت له القيمة احلقيقة والتقدير‬ ‫عند القارىء العادي الذي ينتظرك كل �سباح‪،‬‬ ‫ومع ذلك ا�ستمر على حاله من الوجوم الذي‬ ‫�سعرت باأنه و�سل اإىل حد الياأ�س‪ ،‬ل�سيما عندما‬ ‫حكى جانب ًا مما تعر�س له من عتاب مبطن من‬ ‫رئي�س التحرير (اأ�سامة �سرايا يف ذلك الوقت)‬ ‫بطريقة اأ�سعرته اأنه ميثل عبئ ًا له‪ ،‬وقد انتهت‬ ‫العالقة بتوقفه عن الكتابة يف الأه��رام نهائي ًا‬

‫والنتقال اإىل �سحيفة ال�سروق عام ‪.2008‬‬ ‫وقتها توقع كثريون اأن ينطفىء جنم �سالمة‬ ‫لأنه ترك جريدة عريقة وذهب لأخرى مبتدئة‪،‬‬ ‫غري اأنه خيب الظنون و�ساعد وجود ا�سمه على‬ ‫الرتوي�سة وظهور مقالت يف يكون يكون لل�سروق‬ ‫ثمن ًا مهني ًا لئق ًا خالل فرتة وجيزة‪.‬‬ ‫املوقف الثاين‪ ،‬عندما طلبت منه قبيل ابتعاده‬ ‫ع��ن الأه� ��رام اإج���راء ح��وار معه حت��ت عنوان‬ ‫«الوجه الآخ��ر يف حياة �سالمة اأحمد �سالمة»‬ ‫�سمن �سل�سلة ح��وارات اأجريتها ون�سرتها يف‬ ‫اإح ��دى ال�سحف الإم��ارات �ي��ة‪� ،‬سملت املفكر‬ ‫امل�سري ال�سيد ي�سني والدكتور م�سطفى الفقي‬ ‫والدكتور اأحمد كمال اأبو املجد وامل�ست�سار طارق‬ ‫الب�سري والكاتب ال��راح��ل حممد �سيد اأحمد‬ ‫واآخرين‪ ،‬تطرقت فيها اإىل اجلوانب الإن�سانية‬ ‫والج�ت�م��اع�ي��ة‪ ،‬اأي غ��ري ال�سيا�سية‪ ،‬يف حياة‬ ‫هوؤلء‪ ،‬والن�ساأة والتكوين والتعليم والأ�سخا�س‬ ‫ال��ذي��ن ت�اأث��ر بهم ك��ل واح��د وه �ك��ذا‪ ،‬وبالفعل‬ ‫ا�ستجاب الرجل‪ ،‬واأجريت احلوار معه يف مكتبه‬ ‫بالأهرام‪ ،‬الذي ا�ستمر نحو ثالث �ساعات‪ ،‬مل‬ ‫يكل اأو ميل من اأ�سئلتي ال�سخ�سية‪ ،‬املتطفلة‬

‫اأحيان ًا‪.‬‬ ‫وخ��الل ه��ذا احل��وار عرفت ع��ن ق��رب �سالمة‬ ‫الإن�سان ال��ذي كنا ن�سمع عنه ول ن��راه كثري ًا‪،‬‬ ‫بحكم عالقات العمل فهو مدير التحرير واأنا‬ ‫حمرر وباحث باجلريدة ل تربطني به عالقات‬ ‫مبا�سرة ب�سورة يومي ًا‪ ،‬واإن وجدت فهي يف حدود‬ ‫�سيقة ل ت�سمح باكت�ساف املناطق الإن�سانية يف‬ ‫�سخ�سيته بعمق‪.‬‬ ‫وقد عرفت منه حبه ال�سديد لزوجته الأملانية‬ ‫واع�ت��زازه بولديه اللذين حر�سا اأن يعمال يف‬ ‫جمال بعيد عن ال�سحافة حتى ل يظلما‪ ،‬وقال‬ ‫اإن من ح�سن حظه اأن ميولهما بعيدة عن هذه‬ ‫علي حكايات من الدور الذي لعبته‬ ‫املهنة‪ ،‬وق�س ّ‬ ‫زوج�ت��ه يف حياته وال �ظ��روف التي جمعته بها‬ ‫واأدت لزواجهما وع�سقه للعب مع اأحفاده وحبه‬ ‫لزيارة مدينة الغردقة على البحر الأحمر وولعه‬ ‫بالفل�سفة ومدى تاأثره بالعي�سة لفرتة طويلة يف‬ ‫اأملانيا‪ ،‬وغري ذلك من الق�س�س التي جتعلك‬ ‫تقرتب من �سالمة الإن�سان‪ ،‬وتعرف �سر توا�سعه‬ ‫وجت��د تف�سري ًا لتاألقه و ُم� ��ربر ًا حلفاظه على‬ ‫التوا�سل مع جميع التيارات ورف�سه النحياز‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫الراحل �صالمه مع هيكل‬

‫اأهل املهنة‬

‫‪68‬‬

‫‪..‬مع زمالئه يف مرحلة ال�صباب‬

‫ل�ساحب �سلطة اأو القرتاب ممن لديه جاه اأو‬ ‫الحتالل الربيطاين‪ ،‬وهي الفرتة التي كانت‬ ‫وق��د عر�س عليك ذل��ك م��رار ًا ورف�ست‪ ،‬متى‬ ‫مال‪.‬‬ ‫حافلة بالأمواج ال�سيا�سية املتالطمة يف م�سر‪،‬‬ ‫�سوف اأت�سلم منك مقال ال�سحافة؟‬ ‫املوقف الثالث‪ ،‬حدث قبل وفاته بحوايل اأ�سبوع‪،‬‬ ‫وعندما تخرج يف كلية الآداب ق�سم فل�سفة من‬ ‫قال اأمهلني يوم ًا اأو يومني للتفكري و�ساأعاود اأنا‬ ‫فبحكم عملي كم�سرف على �سفحات ال��راأي‬ ‫جامعة القاهرة عام ‪ 1953‬كانت م�سر تخل�ست‬ ‫الت�سال بك‪ ،‬وعندما مر يومان وثالثة فكرت‬ ‫بجريدة الأه ��رام طلب مني رئي�س التحرير‬ ‫من ال�ستعمار‪ ،‬وب��داأت تخطو خطواتها الأوىل‬ ‫اأن اأحادثه مرة ثانية‪ ،‬ثم تراجعت لأنني اأعرف‬ ‫(حممد عبد الهادي عالم) اإعداد �سفحة عن‬ ‫نحو بناء دولة ع�سرية‪ ،‬الأمر الذي جذبه اإىل‬ ‫التزامه دقته يف املواعيد‪ ،‬ففهمت الر�سالة واأنه‬ ‫ال�سحافة القومية وما تتعر�س له من هجوم من‬ ‫عامل ال�سحافة‪ ،‬وب��داأ العمل يف جريدة اأخبار‬ ‫ل يزال على موقفه الراف�س وخجله هو الذي‬ ‫قبل جمل�س ال�سورى (الغرفة الثانية يف الربملان‬ ‫اليوم عام ‪ 1954‬كمحرر ل�سوؤون اخلارجية ثم‬ ‫منعه من م�سارحتي‪ ،‬وت�اأك��دت من ذل��ك بعد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫امل�سري) ال��ذي و�سع معايري جديدة لختيار‬ ‫عمل مرا�سال للجريدة يف اأملانيا خالل الفرتة‬ ‫كتابته مقال بعنوان «اأزمة ال�سحافة القومية»‬ ‫روؤ�ساء حترير ال�سحف القومية لقيت معار�سة‬ ‫من ‪.1964 - 1957‬‬ ‫يف جريدة ال�سروق يوم ‪ 7‬يوليو‪ -‬متوز املا�سي‪،‬‬ ‫من قطاع عري�س من العاملني فيها‪ ،‬ولأنه من‬ ‫وع�ن��دم��ا لفتت م��و��س��وع��ات��ه الأ� �س �ت��اذ حممد‬ ‫وبعد اأربعة اأيام رحل �سالمة عن عاملنا‪.‬‬ ‫ال�سعوبة اإعداد �سفحة يكتب فيها �سيوخ املهنة‬ ‫ح�سنني هيكل اأقنعه بالنتقال للعمل يف الأهرام‪،‬‬ ‫الفو�سى‬ ‫إىل‬ ‫ا‬ ‫الطريق‬ ‫ً‬ ‫يف م�سر ول ي��وج��د بينهم الأ��س�ت��اذ �سالمة‪،‬‬ ‫وانتقل للعمل يف اأملانيا اأي�سا عام ‪ 1969‬ثم عاد‬ ‫فقد اأخ��ذت على عاتقي مهمة التحدث معه‬ ‫�سالمة ولد عام ‪ 1932‬وت�سكل وعيه ال�سيا�سي‬ ‫اإىل القاهرة وتقلد منا�سب متعددة ب�سحيفته‬ ‫لكتابة مقال حول هذا املو�سوع‪ ،‬ويف اعتقادي‬ ‫قبل ثورة ‪ 23‬يوليو‪ -‬متوز ‪ ،1952‬اأي خالل فرتة‬ ‫حتى و�سل اإىل من�سب مدير ع��ام التحرير‪،‬‬ ‫اأن��ه �سيكون مدخلي للكالم معه للعودة مرة‬ ‫وقام يف عام ‪ 1999‬بتاأ�سي�س جملة فكرية �سهرية‬ ‫اأخ��رى لبيته الأول (جريدة الأه��رام)‪ ،‬بالفعل‬ ‫متخ�س�سة بعنوان «الكتب وجهات نظر» ت�سدر‬ ‫هاتفت الرجل وعندما قلت له اأنا فالن ب�سرعة‬ ‫عن دار ال�سروق‪ ،‬وتركها عام ‪ 2008‬بعد تقلده‬ ‫ق��ال ال��رج��ل «ف��اك��رك» و�ساألني ع��ن اأح��وايل‬ ‫من�سب رئي�س جمل�س التحرير بجريدة ال�سروق‬ ‫واأح��وال اجلورنال‪ ،‬فقلت له احلمد هلل‬ ‫امل�ستقلة‪ ،‬والتي وا�سل العمل بها حتى وافته‬ ‫ول ينق�سنا �سوى عودتك للكتابة‪،‬‬ ‫املنية‪.‬‬ ‫ف�سعرت ب� «همهمة» يف �سوته‪.‬‬ ‫وك��ان اآخ��ر مقالته بال�سحيفة قبل‬ ‫وق �ب��ل اأن اأ��س�ت�ب��ني م��ا يقوله‬ ‫وفاته بيومني فقط بعنوان «الطريق‬ ‫عندما لفتت مو�شوعاته الأ�شتاذ ممد‬ ‫اأردف � ��ت ق��ائ� ً�ال وب���س��رع��ة‪:‬‬ ‫اإىل الفو�سى» انتقد فيه جرمية‬ ‫اأ�ستاذ �سالمة ب�سراحة اأنا‬ ‫أهرام‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫للعمل‬ ‫بالنتقال‬ ‫أقنعه‬ ‫ا‬ ‫هيكل‬ ‫ح�شنني‬ ‫قتل طالب يف مدينة ال�سوي�س‬ ‫ع��اي��زك تكتب جلريدك‬ ‫على اأيدي جماعة اأطلقت على‬ ‫وانتقل للعمل يف اأملانيا اأي�شاً عام ‪ ،1969‬ثم عاد اإىل‬ ‫الأهرام مقا ًل عن هموم‬ ‫نف�سها «الأمر باملعروف والنهي‬ ‫القاهرة وتقلد منا�شب متعددة ب�شحيفته حتى و�شل‬ ‫ال �� �س �ح��اف��ة ال�ق��وم�ي��ة‪،‬‬ ‫عن املنكر» وطالب اجلماعات‬ ‫اإىل من�شب مدير عام التحرير‪ ،‬وقام يف عام ‪1999‬‬ ‫واأن ��ك لزم �ستمنحني‬ ‫الإ�سالمية بتربئة �ساحتها من‬ ‫بعنوان‬ ‫متخ�ش�شة‬ ‫�شهرية‬ ‫فكرية‬ ‫جملة‬ ‫أ�شي�س‬ ‫ا‬ ‫بت‬ ‫�� �س ��رف م� ��ن اأع� � ��ادك‬ ‫ه��ذه اجلرمية النكراء‪ ،‬واإذا‬ ‫«الكتب وجهات نظر» ت�شدر عن دار ال�شروق‪ ،‬وتركها‬ ‫لبيتك الأول‪ ،‬فقال هذه‬ ‫ك��ان ق�ل��م ��س��الم��ة ت��وق��ف عن‬ ‫م���س�األ��ة ع��اي��زة تفكري‪،‬‬ ‫عام ‪ 2008‬بعد تقلده من�شب رئي�س جمل�س‬ ‫الكتابة‪ ،‬لكن �سوف تظل قيمته‬ ‫ق �ل��ت ل��ه ل �ن��دع م��و��س��وع‬ ‫وقامته عالية لدى حمبيه ومن‬ ‫التحرير بجريدة ال�شروق امل�شتقلة‪ ،‬والتي‬ ‫ً‬ ‫ال �ع��ودة النهائية جانبا‪،‬‬ ‫يعرفون معنى ال�ق��دوة ويقدرون‬ ‫وا�شل العمل بها حتى وافته املنية‬ ‫لأنني اأعرف مدى �سعوبتها‬ ‫�ساحب كل قلم اأ�سيل‬


‫‪69‬‬

‫على الهواء مبا�رضة‬ ‫عرب ف�شائية عراقية‬

‫خرب‬

‫وفاة الصحافي المصري‬ ‫عادل الجوجري‪..‬‬ ‫دفاع ًا عن �سوريا‬

‫القاهرة ـ الإعالم والع�رص‬ ‫عودتنا م�صاهد التقتيل التي تراها ال�صعوب‬ ‫العربية‪ ،‬بدءا ً من فل�صطني وحتى �صوريا‪ ،‬مرورا ً‬

‫بالعراق وليبيا ولبنان واليمن‪ ،‬عدم النفعال‬ ‫وامتالك قدرة نادرة على التعاي�ض معها‪ ،‬لكن‬ ‫اأن ترى اإعالميا ً عربيا ً ي�صقط اأمام عينيك وعلى‬ ‫الهواء مبا�رصة دفاعا ً عن ق�صية عربية اآمن بها‪،‬‬ ‫فهذا اأ�صبح من امل�صتحيالت‪ ،‬يف زمن يقتل فيه‬ ‫ال�صقيق �صقيقه ويتاآمر فيه العربي على العربي‪.‬‬ ‫ما حدث م�صاء الأربعاء ‪ 11‬يوليو‪ -‬متوز الفائت‬ ‫على �صا�صة قناة احلدث العراقية‪� ،‬صيء يفوق‬ ‫اخليال‪ ،‬حيث �صقط ال�صحايف امل�رصي عادل‬ ‫اجلوجري مغ�صيا ً عليه وهو على الهواء يف برنامج‬ ‫«نقطة �صاخنة» اأثناء نقا�ض حاد مع املعار�ض‬ ‫باجلي�ض ال�صوري احلر العميد ح�صام الدين العواد‪.‬‬

‫وكان مو�سوع احللقة التي اأدارها املذيع حممد‬ ‫عبدالعال ح��ول ت�سليح اجلي�س ال�سوري ودور‬ ‫رو�سيا يف ال�ساأن ال�سوري‪ ،‬وقد �سقط اجلوجري‬ ‫مغ�سي ًا عليه بعد اإ�سابته بجلطة دماغية ب�سبب‬ ‫انفعاله املفرط دف��اع� ًا عن النظام ال�سوري‪،‬‬ ‫ال��ذي ك��ان ي��رى ال��راح��ل اأن��ه يتعر�س مل�وؤام��رة‬ ‫ا�سرائيلية ت�سهم فيها جهات اإقليمية ودولية‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫الق�سايا‪ ..‬والرحيل‬ ‫اجل��وج��ري ال��ذي ت��ويف ع��ن عمر يناهز ال� � ‪56‬‬ ‫عام ًا وتخرج عام ‪ 1979‬يف كلية الإعالم بجامعة‬ ‫القاهرة‪ ،‬معروف مبيوله النا�سرية ودفاعه عن‬ ‫الق�سايا العروبية‪.‬‬ ‫وقد انت�سر الفيديو ال��ذي نطق فيه اجلوجري‬ ‫بهذه الكلمات على كثري من مواقع التوا�سل‬ ‫الجتماعي وحظي بن�سبة م�ساهدة كبرية‪ ،‬وبداأ‬ ‫يتناقله رواد في�سبوك وتويرت ويوتيوب على نطاق‬ ‫وا�سع‪ ،‬والكل �ساهد اللحظات الأخرية قبل اأن‬

‫كتب الراحل عادل اجلوجري جمموعة‬ ‫كبرية من املقالت يف كثري من ال�شحف امل�شرية‬ ‫واألف عدة كتب اأبرزها‪« ،‬النمر الآ�شيوي‪ ..‬مهاتري ممد»‬ ‫و«اأحمدي جناد ‪ ..‬رجل يف قلب العا�شفة» و«املوؤامر ال�شهيونية‬ ‫على �شوريا» وكتب يف مقدمة هذا الكتاب عبارات قوية توؤكد‬ ‫انحيازه وتعاطفه واهتمامه ال�شديد ب�شوريا‪ ،‬جاء فيها‪ :‬اإىل جيل‬ ‫مل يولد بعد‪� ..‬شيطالع يف هذا الكتاب �شفحات مما يجري يف‬ ‫حلظة تاريخية حا�شمة يف تاريخ �شوريا والوطن العربي‪ ،‬حيث‬ ‫املوؤامرة تتحرك على رقعة �شطرجن وحيث اأن�شودة النت�شار على‬ ‫قوى ال�شر �شطرها اأبطال اجلي�س العربي ال�شوري‬

‫عادل اجلوجري‬

‫يفارق احلياة‪ ،‬حيث �سعر بدوران‪ ،‬اعتقد كل من‬ ‫راأى احللقة اأنه موؤقت و�سيعود ملوا�سلة حديثه‪،‬‬ ‫لكن بعد حلظات ق�سرية ب��داأ يفرك بيديه يف‬ ‫عينيه ثم �سقط مغ�سي ًا عليه‪ ،‬ومت قطع الإر�سال‪.‬‬ ‫ثبات املواقف‬ ‫وق��ال��ت امل �ع �ل��وم��ات ال �ت��ي ر��س�ح��ت م��ن داخ��ل‬ ‫ال�ستديو اأن اجلوجري فارق احلياة قبل نقله‬ ‫اإىل م�ست�سفى ق��ري��ب م��ن مقر ق�ن��اة احل��دث‬ ‫العراقية يف مدينة ‪ 6‬اأكتوبر امل�سرية‪ ،‬وجرى‬ ‫ت�سييع جنازته يف اليوم التايل‪ ،‬بالقاهرة ومت‬ ‫دفنه يف م�سقط راأ�سه مدينة الإ�سماعيلية التي‬ ‫تبعد عن القاهرة نحو ‪ 300‬كليومرت‪ ،‬وتقع على‬ ‫قناة ال�سوي�س‪.‬‬ ‫ع ��رف ع��ن اجل ��وج ��ري ع ��دم ت�غ�ي��ري م��واق�ف��ه‬ ‫وب��دا حتى اآخ��ر نف�س يف حياته منخرط ًا يف‬ ‫الق�سايا التي تهم ال�سعوب العربية‪ ،‬وراأ�س‬ ‫حترير �سحيفة الأنوار امل�سرية وجملة الغد‬ ‫العربي وكان يدير املركز العربي لل�سحافة‬ ‫والن�سر يف م�سر‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ل يظهر عرب �شا�شاته‬ ‫و�شحفه اإل ما يريده يف‬ ‫الوقت وامل�شاحة‬

‫زينة اأحمد‬

‫كاتبة عربية‬

‫«دعوين اأتكلم» عنوان ل�صهادة دومتيال باريو�ض‬ ‫دو �صنغارا‪ ،‬وهي امراأة من املناجم البوليفية‪،‬‬ ‫اأ�صدرت �صهادتها هذه يف كتاب يف العام‬ ‫‪ 1980‬من القرن املا�صي‪.‬‬ ‫دومتيال زوجة اأحد عمال املناجم‪ ،‬واأم ل�صبعة‬ ‫اأطفال‪ ،‬حاولت اإي�صال معاناة عمال املناجم‬ ‫يف منطقتها اإىل العامل اأجمع‪ ،‬واحلديث‬ ‫عن هذا الأمر طويل للغاية‪ ،‬لكن امللفت يف‬ ‫كتابها الذي جاء على هيئة م�صاهدات حية‪،‬‬ ‫اأنها اأ�صارت اإىل الت�صهيالت التي كانت تقدم‬ ‫ل�صكان قريتها عند �رصاء «التلفزيون» مبا يوفر‬ ‫لهم احل�صول عليه‪ ،‬باأق�صاط مريحة للغاية‬ ‫على خالف اأجهزة كهربائية اأخرى‪.‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫عاملنا‬

‫‪70‬‬

‫اإلعالم ضوء مبهر‪..‬‬ ‫يخفي جتليات احلقيقة‬ ‫اأنيقات العامل‬ ‫واحلقيقة اأن «التلفزيون» لي�س كاأي جهاز اآخر‪،‬‬ ‫اإذ اأرجعت دومتيال اأ�سباب هذه الت�سهيالت‪ ،‬اإىل‬ ‫اأن ت�ساهد الن�سوة يف قريتها عرب «التلفزيون»‬ ‫جميالت واأن�ي�ق��ات ال �ع��امل‪ ،‬وي�سبح حلم كل‬ ‫واحدة منهن اأن تكون مثل هذه اجلميلة‪ ،‬التي‬ ‫ر ّوج لها الإعالم‪.‬‬ ‫بب�ساطة كانت هذه املمار�سات حتدث قبل ثالثني‬ ‫عاما‪ ،‬فكيف النتيجة هي الآن يف اأنحاء العامل‪،‬‬ ‫ويف مناطقه الفقرية قبل مناطقه الغنية‪.‬‬ ‫عرب نظرة �سريعة ميكن معرفة كم من اخلطوات‬ ‫قطعتها الن�ساء يف طريق الأناقة العاملية‪ ،‬وكم‬ ‫منهن جل �اأن اإىل عمليات التجميل‪ ،‬حتى لو‬ ‫كانت الكلفة كل ما ميلكن‪ ،‬وهذا ما يعيد يف كل‬

‫اأخبار املجتمع املخملي‪ ،‬الف�شائح‪،‬‬ ‫اهتمامات النجوم‪ ..‬اإنها مواد رئي�شة يف‬ ‫الإعالم‪ ،‬لكن ما يهم �ش ّناع القرار يف العامل‬ ‫بالتاأكيد لن تكون هكذا موا�شيع‪ ،‬ول هكذا‬ ‫اأخبار‪ ،‬فمن يهتم بها حقيقة هم عامة النا�س‪،‬‬ ‫والذين ي�شكلون الأغلبية التي يراهن عليها‬ ‫اجلميع من �شيا�شيني‪ ،‬واقت�شاديني‪ ،‬وفنانني‬ ‫وريا�شيني‪ ،‬وكل من له م�شلحة مع العامة‪،‬‬ ‫اأو لديه القدرة على ت�شيريها‬

‫مرة طرح �سوؤال جوهري‪ :‬هل الإعالم بريء يف‬ ‫تقدميه لأي مو�سوع يف هذا العامل؟‬ ‫م��ن ه��ذه احل��ال��ة فقط ميكن حتليل امل��وق��ف‪،‬‬ ‫لقد غاب عن معظم الن�ساء الهتمام بالعديد‬ ‫من الق�سايا املهمة يف واقعهن ل�سالح املظهر‬ ‫اخلارجي‪ ،‬بكل ما يحمله من تفا�سيل خمتلفة‪،‬‬ ‫باختالف ال�سركات التي ت��ر ّوج لها‪ ،‬وحت��اول‬ ‫بالتايل اأن تغري زبائنها باأية و�سيلة‪ ،‬وهو ما‬ ‫ي�سهم يف ت�سويق املنتجات ال�سناعية على‬ ‫اختالفها‪ ،‬ل�سالح مالكها ع��رب ال �ع��امل‪ ،‬اإىل‬ ‫جانب تنفيذ بع�س ال�سيا�سات الإعالمية‪ ،‬التي‬ ‫تخفي من وراء الربيق اخلادع اأهداف ًا مل تكن‬ ‫يوم ًا بريئة‪.‬‬ ‫هيمنة اإعالمية‬ ‫بالعودة اإىل �سناعة الإعالم‪ ،‬ل اأعتقد اأنه ميكن‬ ‫الختالف باأن اأحد �سانعيه املعا�سرين امله ّمني‬ ‫هو «روب��رت م��ردوخ»‪ ،‬منذ اأن اأحكم �سيطرته‬ ‫على ال�سوق الإعالمية يف موطنه ا�سرتاليا‪ ،‬وقام‬ ‫بتو�سيع ن�ساطه اإىل اأن حتول يف العام ‪ 1969‬اإىل‬ ‫بريطانيا‪ ،‬ومن ال�سحيفة التي ا�سرتاها وهي‬ ‫‪ News of The world‬الأ�سبوعية‪ ،‬كانت بداية‬ ‫اإع��الم جديد‪ ،‬اأدى اإىل حجم توزيع و�سل اإىل‬ ‫‪ 6.2‬مليون ن�سخة‪ ،‬وذلك بعد اأن بدل �سيا�ساتها‬ ‫التحريرية‪ ،‬مرة بعد اأخرى‪ ،‬ومن جريدة تعتمد‬ ‫على الريا�سة والف�سائح اجلن�سية‪ ،‬اإىل اعتماد‬ ‫التحرير على املو�سوعات اجلن�سية والرتكيز‬ ‫على العناوين ذات احلجم الكبري‪.‬‬ ‫وا�ستمر مردوخ يف �سيا�سته هذه‪ ،‬وطورها‬ ‫يف ال���س�ح��ف ال �ت��ي ا� �س��رتاه��ا لح �ق � ًا‪،‬‬ ‫وا�ستحدث يف بع�سها ركن ًا لفتاة عارية‪،‬‬ ‫وركز على اأخبار الف�سائح وما يحدث يف‬


‫روبرت ماردوخ‬

‫املجتمع املخملي‪.‬‬ ‫وتعامل مع الأح��داث والأخبار كب�ساعة ميكن‬ ‫ت�سيي�سها وت�سويقها ب�سكل موؤثر ومربح يف ذات‬ ‫الوقت‪ ،‬مهما كان الثمن الأخالقي‪ ،‬واآم��ن من‬ ‫زمن طويل بالإنرتنت كلغة العامل القادمة‪ ،‬مثل‬ ‫اإميانه بالتكنولوجيا اجلديدة‪ ،‬وع�سر ال�سرعة‪،‬‬ ‫واعترب مردوخ من اأقوى املمهدين للعوملة‪ ،‬وك�سر‬ ‫احل��دود احل�سارية والثقافية‪ ،‬بهدف التغلغل‬ ‫بقلب املجتمعات لع�سرنتها‪.‬‬ ‫ا�ستثمار مدرو�س‬ ‫اأخبار املجتمع املخملي‪ ،‬الف�سائح‪ ،‬اهتمامات‬ ‫النجوم‪ ،‬اإن�ه��ا م��واد رئي�سة يف الإع ��الم‪ ،‬لكن‬ ‫م��ا يهم �سناع ال�ق��رار يف ال�ع��امل بالتاأكيد لن‬ ‫تكون هكذا موا�سيع‪ ،‬ول هكذا اأخ �ب��ار‪ ،‬فمن‬ ‫يهتم بها حقيقية ه��م عامة النا�س‪ ،‬والذين‬ ‫ي�سكلون الأغلبية التي يراهن عليها اجلميع من‬ ‫�سيا�سيني‪ ،‬واقت�ساديني‪ ،‬وفنانني وريا�سيني‪،‬‬ ‫وكل من له م�سلحة مع العامة‪ ،‬اأو لديه القدرة‬ ‫على ت�سيريها‪.‬‬ ‫ولهذا اأ�سبح الإعالم بال منازع هو الأكرث قدرة‬ ‫على ت�سكيل وتكوين ال�سخ�سية‪ ،‬وخلق القناعات‬ ‫والهتمامات‪ ،‬يف اأنحاء العامل باأ�سره‪ ،‬حتى اأنه‬ ‫يلتقط النجوم من ال�سماء لي�سنعها من جديد‬ ‫على الأر���س‪ ،‬واإل ما الذي يربر اأن يغمى على‬ ‫واحد من اجلمهور ا�ستطاع بعد عناء طويل مل�س‬ ‫تعج‬ ‫يد ٍ‬ ‫مغن‪ ،‬كان يغني على اأحد امل�سارح التي ّ‬ ‫بال�سبان وال�سابات‪ ،‬وما الدوافع وراء الأخبار‬ ‫ال �ت��ي تنت�سر ب��ني ف��رتة واأخ� ��رى ع��ن اعتقال‬ ‫�ساب لح��ق فنانته املف�سلة اأو «جنمته» كما‬ ‫يقال‪ ،‬بطريقة مزعجة‪ ،‬واإن اختلفت الأ�سماء‬

‫واجلن�سيات‪ ،‬يبقى امل�سهد ككل داخل اإطار مل‬ ‫يتغري‪.‬‬ ‫اإذن مل يظهر الإع��الم عرب �سا�ساته و�سحفه‪،‬‬ ‫اإل ما يريد يف الوقت وامل�ساحة‪ ،‬التي يريد‪ ،‬يف‬ ‫وقت يعي�س فيه من يقدّمون خدمات جليلة لهذا‬ ‫العامل يف الظل‪ ،‬فكم واحد من العامة يعرف‪،‬‬ ‫اأو يثريه ف�سوله اأن يقراأ خ��رب ًا اإن ظهر على‬ ‫ا�ستحياء عن اآخر التطورات يف عالج ال�سرطان‪،‬‬ ‫اأو غريه من اأمرا�س فتاكة‪ ،‬اأو من هم هوؤلء‬ ‫العلماء الذين تو�سلوا اإىل ه��ذه الكت�سافات‬ ‫املهمة من العالجات؟‪ ،‬وال�سوؤال الأهم هل يتم‬ ‫هذا برباءة؟‪.‬‬ ‫اإن كان ح�سن النوايا موجود ًا كما يعتقد البع�س‪،‬‬ ‫فلما مل يك ّر�س الإعالم عرب �سنينه اإل للفنانني‬ ‫من ممثلني ومغنني‪ ،‬وتابع عرب و�سائله املختلفة‬ ‫اأدق التفا�سيل مهما كانت تافهة يف حياتهم‪،‬‬ ‫لي�سنع منهم بالفعل جن�س ًا اآخ��ر من الب�سر‪،‬‬ ‫رمبا لهذا تق�سدوا اأن يطلقوا عليهم جنوم ًا‪،‬‬ ‫لي�س لأنه متاح للجميع اأن يراهم‪ ،‬ول يطالهم‪،‬‬ ‫كما هي النجوم يف ال�سماء‪ ،‬بل لأنهم اأ�سبحوا‬ ‫خامة جديدة من الب�سر‪� ،‬سنعها الإعالم بعناية‬ ‫فائقة‪ ،‬من دون اأن يغفل عن ا ّأي تف�سيل فيها‪،‬‬ ‫م��ن اأج��ل ا�ستثمارها بالطريقة التي وج��دت‬ ‫لأجلها‪.‬‬ ‫متاهة التفا�سيل‬ ‫احلال ي�سبح اأكرث تعقيد ًا وكارثي ًة‪ ،‬حني يتناول‬ ‫الإع��الم م�سري ال�سعوب‪ ،‬يف براجمه ون�سرات‬ ‫اأخ�ب��اره‪ ،‬وحتليالته‪ ،‬اإذ ل يخفى على اأح��د اأن‬ ‫الإع��الم موجه‪ ،‬ول يوجد كما يدعون اإع��الم‬ ‫بريء وحيادي‪ ،‬حتى واإن اأظهر هذا بكل و�سيلة‪.‬‬

‫مل يظهر الإعالم عرب �شا�شاته‬ ‫و�شحفه‪ ،‬اإل ما يريد يف الوقت وامل�شاحة‪،‬‬ ‫التي يريد‪ ،‬يف وقت يعي�س فيه من يقدّمون‬ ‫خدمات جليلة لهذا العامل يف الظل‪ ،‬فكم واحد‬ ‫من العامة يعرف‪ ،‬اأو يثريه ف�شوله اأن يقراأ‬ ‫خرباً اإن ظهر على ا�شتحياء عن اآخر التطورات‬ ‫يف عالج ال�شرطان‪ ،‬اأو غريه من اأمرا�س فتاكة‪،‬‬ ‫اأو من هم هوؤلء العلماء الذين تو�شلوا‬ ‫اإىل هذه الكت�شافات املهمة‬ ‫من العالجات؟‬

‫والأه��م يف حالت الأح��داث ال�ساخنة‪ ،‬جند اأن‬ ‫كل ما يقدم ي�سع امل�ساهد يف دوامة‪ ،‬ل تقوده اإل‬ ‫اإىل دوامة جديدة‪ ،‬اإن مل تقده اإىل متاهة‪ ،‬بدء ًا‬ ‫من التفا�سيل التي تظهر بني فرتة واأخرى على‬ ‫اأنها ت�سريبات من هنا اأو هناك تقلب مفاهيم‬ ‫امل�ساهد‪ ،‬اأو ظهور اأ�سخا�س لتاأكيد اأو نفي‬ ‫املعطيات التي خل�س اإليها بعد حتليل طويل‪،‬‬ ‫لي�سل يف النهاية اإىل الت�سليم ب �اأن ق��درات��ه‬ ‫العقلية اأقل بكثري من ا�ستيعاب ما حدث اأو قد‬ ‫يحدث على اأر�س الواقع‪ ،‬وما قد يخفيه الإعالم‬ ‫ب�ستاره القامت اللون‪ ،‬والقادر على اإخفاء كل لون‬ ‫خلفه اإل لونه هو‪.‬‬ ‫فهو قد يخفي احلقيقة اأو يبددها‪ ،‬لي�سبح عامة‬ ‫امل�ساهدين يف حالة من ال�سراع الفكري‪ ،‬فاإن‬ ‫اأبعدتهم اهتماماتهم عن التفكري بخ�سو�سيات‬ ‫الفنانني وف�سائحهم‪ ،‬يدخلون يف رحلة التيه‬ ‫وهم يبحثون عن حقيقة ما لي�سدقوها‪ ،‬فهذا‬ ‫ال ��ذي ي�ت��اح ي�ق��ود الأغ�ل�ب�ي��ة اإىل ع��امل ال��وه��م‬ ‫والحتمالت‪ ،‬التي بناها الإعالم‪ ،‬واأثر بها بن ّية‬ ‫ُم�سبقة‪ ،‬كما مل يتم التاأثري على النا�س من قبل‬ ‫عرب التاريخ الإن�ساين بكل مراحله وتقلباته‪،‬‬ ‫حتى ح��ني مي��ار���س النا�س حقهم النتخابي‪،‬‬ ‫بالتاأكيد لن ينتخبوا اإن�سان ًا بعيد ًا عن الظل‬ ‫الإعالمي‪ ،‬هذا الظل والنور الذي يتناف�س فيه‬ ‫الإعالم مع ال�سم�س يف اإ�سراقها وغروبها على‬ ‫هذا العامل بوقت حم�سوب ودقيق للغاية‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫خليجيات‬

‫‪72‬‬

‫ُمعتربا ً «البوادي» اأ�رضاره وبئر حكاياته الوفية‬

‫عبد العزيز البابطين‪:‬‬ ‫املراأة اأجمل ما يف الكون كله‬

‫حوار ‪ -‬كرمية كاظم ال�صعدي‬ ‫دائم ال�صفر والرتحال‪ ..‬ع�صق البوادي‪،‬‬ ‫وع�صق ال�صعر‪ ،‬واأطلق عليه من قبل‬ ‫بع�ض ال�صعراء لقب «رجل الفيايف»‬ ‫و«�صقر الفيايف»‪ ..‬كان اهتمامه بالأدب‬ ‫والثقافة والعلوم واللغة العربية منذ‬ ‫نعومة اأظافره‪ ،‬تاأثرا ً بوالده «رحمه‬ ‫الله»‪ ،‬ومن اأخيه ومن الزائرين الذين كان‬ ‫ال�صعر زادهم يف جل�صاتهم الواعية‬ ‫كما يقول البابطني‪.‬‬


‫�صميح القا�صم‬

‫�صعاد ال�صباح‬

‫ر�صوى عا�صور‬

‫ل�سغفه بالثقافة واللغة جعل منهما م�سروع‬ ‫حياته‪ ،‬فقد اأن�ساأ موؤ�س�سة البابطني التي تعنى‬ ‫بال�سعر والأدب والثقافة‪ ،‬وقدّم من خالل هذه‬ ‫املوؤ�س�سة العديد من اجلوائز لالأدباء وال�سعراء‬ ‫يف كل اأنحاء العامل واأهمها جائزة عبد العزيز‬ ‫�سعود البابطني لالإبداع ال�سعري‪.‬‬ ‫كتب ل�ل�م��راأة ون�ظ��ر اإل�ي�ه��ا ك�اأج�م��ل خم�ل��وق يف‬ ‫البادية‪ ،‬بل ويف الكون وعنها قال‪ :‬اأنا اأنظر اإىل‬ ‫اإبداع املراأة على اأنه كامل‪ ،‬بل هو يتفوق اأحيا ًنا‬ ‫على اإب��داع الرجل‪ ،‬ولدينا عرب التاريخ ن�ساء‬ ‫كتنب ال�سعر الذي ظل خملد ًا حتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫وعلى �سعيد جتربتنا اخلا�سة‪ ،‬فاملراأة ال�ساعرة‬ ‫ت �� �س��ارك يف ك��ل اأم �� �س �ي��ات م�وؤ��س���س��ة ج��ائ��زة‬ ‫عبدالعزيز �سعود البابطني لالإبداع ال�سعري‪،‬‬ ‫ففي ال �ع��ام ‪2010‬م ف ��ازت ب�ج��ائ��زة املوؤ�س�سة‬ ‫التكرميية ال�ساعرة مليعة عبا�س يف ال��دورة‬ ‫الثانية ع�سرة‪ ،‬وم��ن قبل يف ال��دورة العا�سرة‬ ‫فازت باجلائزة التكرميية للموؤ�س�سة ال�ساعرة‬ ‫�سعاد ال�سباح‪ ،‬وقبلها يف الدورة اخلام�سة فازت‬ ‫باجلائزة التكرميية ال�ساعرة ال��رائ��دة نازك‬ ‫املالئكة؛ ويف ال��دورة الرابعة ف��ازت باجلائزة‬ ‫ذاتها ال�ساعرة فدوى طوق‪.‬‬ ‫جم�ل��ة «الإع � ��الم وال �ع �� �س��ر» ال�ت�ق��ت ال�ساعر‬ ‫و�ساحب موؤ�س�سة عبد العزيز �سعود البابطني‬ ‫للثقافة والأدب ال�سيخ عبد العزيز البابطني‬ ‫وكان لها معه هذا احلوار التايل‪:‬‬ ‫•اهتمامكم ب���الأدب وال�ث�ق��اف��ة وال�سعر منذ‬

‫الطفولة‪ ،‬ت �اأث��ر ًا بوالدكم رحمه اهلل وم��ن ثم‬ ‫اأخيكم‪ ،‬هل هذا يعني اأن البيت له اأثر يف تنمية‬ ‫مواهب وق��درات الطفل ومن ثم تاأتي املتابعة‬ ‫والقراءة؟‬ ‫الكت�ساب الثقايف املبكر‪ ،‬له الأث��ر الإيجابي‬ ‫العميق يف الكرب‪ ،‬وه��ذا ما تلم�ستُه �سخ�س ًّيا‪،‬‬ ‫فلقد كانت اجلل�سات الأدبية التي تعقد يف ديوان‬ ‫الأه��ل مبثابة احل��اف��ز ال��ذي يوقد �سعلة حبي‬ ‫لالأدب و�سغفي بال�سعر ب�سكل خا�س حتى اليوم‪،‬‬

‫واأحمد اهلل اأ ّنني تربيت يف بيت حت ّفه اأغ�سان‬ ‫الأدب‪�� ،‬س��واء م��ن اأه��ل البيت نف�سه‪ ،‬اأو من‬ ‫الزائرين الذين كان ال�سعر زادهم يف جل�ساتهم‬ ‫الواعية‪ ،‬لذلك اأوؤيد ما طرحته يف �سوؤالك كما‬ ‫اأوؤك��د اأن هذا وح��ده قد ل يكفي‪ ،‬اإذ ياأتي دور‬ ‫التجربة ال�سخ�سية لحق ًا لي�سكل رافد ًا للنتاج‬ ‫ال�ف�ك��ري الإن �� �س��اين‪ ،‬وه��و م��ا ي�سقل م�ه��ارات‬ ‫املوهبة التي �سبق وت�سكلت ج��راء التن�سئة يف‬ ‫ال�سغر‪.‬‬

‫نحن ل�شنا متع�شفني‬ ‫�شد هذا ال�شعر ب�شكل اأعمى‪ ،‬فقد‬ ‫فازت ق�شائد تفعيلة بجوائزنا كما ي�شارك‬ ‫يف اأم�شياتنا �شعراء من اأ�شحاب هذا الجتاه‪،‬‬ ‫فنحن اإذاً ل�شنا �شد ال�شعر احلر‪ ،‬واإمنا‬ ‫�شد من يخ ّرب اللغة ويهدم الأوزان‬ ‫والقوايف واملو�شيقى ليقول كالماً‬ ‫لي�س �شعراً ثم ي�شميه �شعراً‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫خليجيات‬

‫‪74‬‬

‫البابطني مع الزميلة كرمية ال�صعدي‬

‫بوح البوادي‬ ‫•اأ�سدرمت ديوانني‪« :‬بوح البوادي» و «م�سافر‬ ‫يف ال�ق�ف��ار» ه��ل هما جتربتكم الأوىل‪ ،‬وهل‬ ‫ال �ب��وادي ل�ه��ا اأث ��ر يف ح�ي��اة ال�ب��اب�ط��ني وعلى‬ ‫جتربته ال�سعرية؟‬ ‫على �سعيد العمل امل�ط�ب��وع فهما جتربتي‬ ‫�دي ق �ب��ل ذل ��ك ال �ك �ث��ري من‬ ‫الأوىل‪ ،‬ول �ك��ن ل�� ّ‬ ‫الق�سائد التي ُن�سرت يف ال�سحف‪ ،‬اأو التي‬ ‫األقيتها على املنابر اأما بالن�سبة للبوادي فهي‬ ‫اإح��دى اأب��رز م�ساحات اإلهامي ال�سعري‪ ..‬يف‬ ‫ال�سحاري تنطلق املخيلة اإىل اأق�سى حدودها‬ ‫م�ستح�سرة معها ما م�سى من اأي��ام جميلة‪،‬‬ ‫وت���س�ت��دع��ي يف ن�سائمها � �س��ور ًا م��ن الأم ����س‬ ‫لرتتقي نحو ذاكرتها القدمية حيث الأ�سدقاء‬ ‫واأزق��ة الطفولة واخل�ط��وات الأوىل نحو عامل‬ ‫ال�سعر اجلميل‪ ،‬لذلك فالبوادي هي املخيلة‬ ‫احلية التي ل تنام ول تندثر �سفحاتها مهما‬ ‫طال الزمان‪ .‬والكثري من ق�سائدي كتبتها يف‬ ‫ال�سحراء‪.‬‬ ‫• هل «بوح البوادي» تبوح باأ�سراركم؟‬ ‫ل‪ ،‬بل حتتفظ بها‪ ..‬البوادي مكمن اأ�سراري‬ ‫وبئر حكاياتي الوفية وبع�س ال�سعراء اأ�سماين‬ ‫علي لقب «�سقر‬ ‫«رج��ل الفيايف» والآخ��ر اأطلق ّ‬ ‫ال �ف �ي��ايف»‪ ،‬ف�ق��د ق��ال ع�ن��ي ال���س��اع��ر �سليمان‬ ‫اجلاراهلل‪:‬‬

‫�سباح اخلري يا رجل الفيايف‬ ‫ويا من ل يقر له قرا ُر‬ ‫عليك حتيتي ما لح �سب ٌح‬ ‫َوم َّر الليل يعقبه النهار‬ ‫فاأتبعه ال�ساعر ال�سيخ عبدالرحمن عثمان املال‬ ‫بق�سيدة قال فيها‪:‬‬ ‫�سباح اخلري يا �سقر الفيايف‬ ‫ومن كل القلوب له قرا ُر‬ ‫قي�س‬ ‫اإليك حتيتي ما َّ‬ ‫حن ٌ‬ ‫اإىل لياله وا�ستاقت نوار‬

‫• اأنتم دائمو ال�سفر‪ ،‬وال�سفر فيه فوائد كثرية‬ ‫ك��الط��الع على ثقافات الآخ��ري��ن وجتاربهم‪،‬‬ ‫اأي الأم��اك��ن ك��ان لها الأث��ر يف اإث��راء جتربتك‬ ‫ال�سعرية؟‪ ..‬وملاذا؟‬ ‫ل�ك��ل م�ك��ان خ�سو�سيته ال�ت��ي تعك�س ثقافته‬ ‫وجغرافيته ومالحمه التي ل ي�سبهها مكان اآخر‪،‬‬ ‫ولذلك كثرية هي البالد التي اأ ّثرت يف جتربتي‪،‬‬ ‫وعاد ًة ما تتفتح القريحة يف البالد التي ت�سكل‬ ‫يل �سجن ًا خا�س ًا اأو ذك��رى ما‪ ،‬وهناك العديد‬ ‫من الق�سائد التي كتبتها خالل �سفراتي‪ ،‬فمث ًال‬ ‫�دي ق�سيدة بعنوان «زم��ن اخلطوب» كتبتها‬ ‫ل� ّ‬ ‫يف القاهرة‪ ،‬وق�سيدة «ال��درب اخلالد» كتبتها‬ ‫يف جنيف وق�سيدة «غرورنهد» كتبتها يف ني�س‬ ‫بفرن�سا وق�سيدة «ح�سرة احلبيبة» يف العراق‬ ‫وق�سيدة «ت�سرد» يف اململكة العربية ال�سعودية‪..‬‬ ‫وق�سائد اأخ��رى يف املغرب و�سوريا ولبنان‪..‬‬ ‫�ست قريحتي على كتابة ال�سعر‬ ‫وبالد اأخرى َح َّر ْ‬ ‫كالأندل�س املوحية بتاريخها العريق والتي تبوح‬ ‫يل باأم�سنا البهي كلما زرتها‪.‬‬ ‫املراأة‪ ..‬وجمال الكون‬ ‫•تكتب للمراأة وتتغزل بجمالها‪ ،‬وهذا ما كان‬ ‫منذ القدم‪ ،‬ال�ساعر ي�سافر من مكان اإىل اآخر‬ ‫ويتغزل مبا هو جميل واملراأة كانت اأجمل �سيء‬ ‫يف البادية‪ ،‬هل هي كذلك فع ًال؟‬

‫البوادي هي اإحدى اأبرز م�شاحات‬ ‫اإلهامي ال�شعري‪ ..‬يف ال�شحاري تنطلق املخيلة‬ ‫اإىل اأق�شى حدودها م�شتح�شرة معها ما م�شى من اأيام‬ ‫جميلة‪ ،‬وت�شتدعي يف ن�شائمها �شوراً من الأم�س لرتتقي نحو‬ ‫ذاكرتها القدمية حيث الأ�شدقاء واأزقة الطفولة واخلطوات‬ ‫الأوىل نحو عامل ال�شعر اجلميل‪ ،‬لذلك فالبوادي هي املخيلة‬ ‫احلية التي ل تنام ول تندثر �شفحاتها مهما طال الزمان‪.‬‬ ‫والكثري من ق�شائدي كتبتها يف ال�شحراء‬


‫املراأة لي�ست هي فقط اأجمل ما يف البادية‪ ،‬بل‬ ‫رمبا يف الكون كله‪ ،‬ولكن مع ذلك فاأنا ل اأنظر‬ ‫اإىل امل��راأة فقط من الناحية اجلمالية‪ ،‬بل من‬ ‫الناحية العقلية والفكرية ك��ذل��ك‪ ،‬ل�ه��ذا اأن��ا‬ ‫من املوقنني مب�ساركة امل��راأة يف املجتمع‪ ،‬اأما‬ ‫من الناحية ال�سعرية واملتعلقة بجمالية املراأة‬ ‫ورهافتها‪ ،‬فاأجيبك باأبياتي التي بعنوان «ربيع‬ ‫اجلمال»‪:‬‬ ‫احلب يف نف�سي فاأ�سحى‬ ‫ت�سامى ُّ‬ ‫كنربا�س عال فوق العوايل‬ ‫ٍ‬ ‫ي�سيء �سماء دنيا كنتُ فيها‬ ‫اأعي�س بظلم ٍة والقلب خايل‬ ‫احلب يف اأخالق «�سلمى»‬ ‫ع�سقت ُّ‬ ‫و «�سلمى» حبها اأزكى اخل�سال‬ ‫جمال الق ّد ا ُ‬ ‫أهيف من غ�سون‬ ‫بغنج اأو دلل‬ ‫اإذا‬ ‫ْ‬ ‫ما�ست ٍ‬ ‫داج‬ ‫لها �سع ٌر كعمق الليل ٍ‬ ‫ال�سها فيه بدال‬ ‫تناو�سني ُّ‬ ‫باد‬ ‫و�سب ٌح يف جبني الوجه ٍ‬ ‫ربيع ًا م�سرق ًا عذب اجلمال‬ ‫وهُ ْد ٌب واللحاظ غزت فوؤاد ًا‬ ‫منيع احل�سن يف اأعتى نزال‬ ‫وخ ٌّد ِخلتُه ورد ًا تُباهي‬ ‫به َّ‬ ‫كل الورود زها بخال‬ ‫وثغ ٌر با�س ٌم فيه ملا ُهَ‬ ‫تز ِّي ُن ُه ال�سفاه مع الالآيل‬ ‫وجي ٌد اأ ْت َل ٌع ي�سمو بها ًء‬ ‫يغار حل�س ِن ِه جي ُد الغزال‬ ‫•كيف تنظرون اإىل اإبداع املراأة الأدبي؟‪ ،‬وملاذا‬ ‫هي حماربة من قبل الآخ��ري��ن؟‪ ،‬وه��ل حققت‬ ‫مكانتها الأدبية اليوم؟‬ ‫اأنظر اإىل اإب��داع امل��راأة على اأن��ه كامل‪ ،‬بل هو‬ ‫يتفوق اأحيان ًا على اإب��داع الرجل‪ ،‬ولدينا عرب‬ ‫التاريخ ن�ساء كتنب ال�سعر الذي ظل خملد ًا حتى‬ ‫يومنا ه��ذا‪ ،‬ول��و ذك��رتُ الأ�سماء هنا ملا كفت‬ ‫م�ساحة الورق‪ ،‬وا�سمحي يل اأن اأخالفك الراأي‬ ‫ذهبت اإليه من اأن املراأة حماربة‪ ،‬فاأجد اأن‬ ‫يف ما ِ‬ ‫املراأة اأخذت مكانتها ال�سعرية الالئقة بها قدمي ًا‬ ‫وحديث ًا‪ ،‬واملكتبات متتلئ بالدواوين ال�سعرية‬ ‫وتدخلن‬ ‫ل�ساعرات اأ َّث ��رنَ يف امل�سهد ال�سعري‬ ‫َّ‬ ‫حتى يف توجيه م�ساراته‪.‬‬ ‫وع �ل��ى ��س�ع�ي��د جت��رب�ت�ن��ا اخل��ا� �س��ة‪ ،‬ف��امل��راأة‬

‫طموحنا ل يتوقف عند حدود معينة‪ ،‬وكل ما‬ ‫يحقق الفائدة للفكر الإن�شاين فنحن ل‬ ‫نتاأخر عنه فهو م�شروعنا الفرتا�شي‪،‬‬ ‫وقد قدمنا يف مركز الرتجمة للقارئ‬ ‫العربي كتباً على درجة عالية من الأهمية‪،‬‬ ‫ونقلنا اإليه ع�شارة الذهن الغربي علمياً‬ ‫وفكرياً‪ ،‬وبالتايل فكل الحتمالت‬ ‫قائمة لنقل نتاج الإبداع العربي اإىل‬ ‫الآخر ولكن لي�س ذلك مدرجاًيف‬ ‫برناجمنا على املنظور القريب‬

‫ال���س��اع��رة ت���س��ارك يف‬ ‫ك��ل اأم �� �س �ي��ات موؤ�س�سة‬ ‫ج��ائ��زة ع�ب��دال�ع��زي��ز �سعود‬ ‫ال�ب��اب�ط��ني ل �الإب��داع ال���س�ع��ري‪،‬‬ ‫وف� �ف ��ي ال � �ع� ��ام م ��اق� �ب ��ل امل��ا� �س��ي‬ ‫( ‪ )2010‬ف� ��ازت ب �ج��ائ��زة امل �وؤ� �س �� �س��ة‬ ‫التكرميية ال�ساعرة مليعة عبا�س يف ال��دورة‬ ‫ال �ث��ان �ي��ة ع �� �س��رة ل�ل�م�وؤ��س���س��ة‪ ،‬وم ��ن ق �ب��ل يف‬ ‫ال��دورة العا�سرة ف��ازت باجلائزة التكرميية‬ ‫للموؤ�س�سة ال�ساعرة �سعاد ال�سباح‪ ،‬وقبلها‬ ‫يف ال ��دورة ال��راب�ع��ة ف��ازت ب��اجل��ائ��زة ذاتها‬ ‫ال�ساعرة فدوى طوقان‪ ،‬ويف الدورة اخلام�سة‬ ‫فازت باجلائزة التكرميية ال�ساعرة الرائدة‬ ‫نازك املالئكة‪ ،‬ولك اأن تالحظي اأنني اأحتدث‬ ‫فقط عن اجلائزة التكرميية‪ ،‬لأن اآلية منحها‬ ‫ح�سب الالئحة الأ�سا�سية للموؤ�س�سة م�سندة‬ ‫اإ َّ‬ ‫يل بو�سفي رئي�س جمل�س اأم�ن��اء املوؤ�س�سة‬ ‫بالت�ساور م��ع اأع���س��اء جمل�س الأم �ن��اء‪ ،‬اأم��ا‬ ‫اجلوائز الأخ��رى فهي تخ�سع كلية لقرارات‬ ‫جل��ان التحكيم التي ل يقرتب اأح��د منا يف‬ ‫املوؤ�س�سة من حدود عملها على الإطالق‪.‬‬ ‫والدة واخلن�ساء‪ ..‬واملالئكة‬ ‫• َمن م��ن ال�ن���س��اء ال �ع��رب �ي��ات ح�ق�ق��ت ه��ذا‬ ‫احل�سور عربي ًا وعاملي ًا يف ال�سعر والأجنا�س‬ ‫الأدبية الأخرى؟‬ ‫اإن الأ��س�م��اء ك�ث��رية ج��د ًا‪ ،‬واأخ���س��ى اأن اأب��داأ‬ ‫بالعد فال اأنتهي‪ ،‬من ولدة بنت امل�ستكفي‬ ‫واخل �ن �� �س��اء م� ��رور ًا ب �ف��دوى ط��وق��ان ون��ازك‬ ‫امل��الئ�ك��ة و� �س��و ًل اإىل �سعاد ال�سباح وجنة‬ ‫ال�ق��ري�ن��ي ورو� �س��ة احل ��اج‪ ،‬ويف غ��ري ال�سعر‬ ‫ميكننا اأن نتوقف طوي ًال اأمام اأ�سماء من مثل‬ ‫مي زي��ادة‪ ،‬ولطيفة ال��زي��ات وغ��ادة ال�سمان‬ ‫واأه � ��داف � �س��وي��ف ور���س��وى ع��ا� �س��ور وليلى‬ ‫العثمان وحنان ال�سيخ وغريهن الكثريات‪.‬‬ ‫• تعيب على من يكتب ال�سعر احلر‪ ،‬رغم اأن‬ ‫نازك املالئكة كتبت ق�سيدة «الكولريا»؟‬ ‫نحت موؤ�س�سة‬ ‫اأو ًل لقد �سبق كما قلت لك‪َ ،‬م ْ‬ ‫جائزة عبدالعزيز �سعود البابطني لالإبداع‬ ‫ال�سعري اجلائزة التكرميية لل�ساعرة نازك‬ ‫امل��الئ�ك��ة‪ ،‬وه��ي م��ن موؤ�س�سي ح��رك��ة ال�سعر‬ ‫احل���ر‪ ،‬ك �م��ا اأ� �س��درن��ا اأي �� �س � ًا ك �ت��اب � ًا ي�سم‬

‫حما�سراتها يف جامعة الكويت‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫وف��اء م��ن املوؤ�س�سة لتجربة ه��ذه ال�ساعرة‪،‬‬ ‫فنحن ل�سنا متع�سفني �سد هذا ال�سعر ب�سكل‬ ‫اأعمى‪ ،‬فقد فازت ق�سائد تفعيلة بجوائزنا‬ ‫كما ي�سارك يف اأم�سياتنا �سعراء من اأ�سحاب‬ ‫ه��ذا الجت��اه‪ ،‬والأك��رث م��ن ه��ذا اأن اجلائزة‬ ‫التكرميية للموؤ�س�سة منحت لعدد من اأب��رز‬ ‫ال�سعراء الذين كتبوا اإبداعاتهم من ال�سعر‬ ‫احل��ر من اأم�ث��ال‪� :‬سميح القا�سم يف ال��دورة‬ ‫ال�ساد�سة‪ ،‬وحميي الدين فار�س يف ال��دورة‬ ‫التا�سعة‪ ،‬فنحن اإذ ًا ل�سنا �سد ال�سعر احلر‪،‬‬ ‫و إامن��ا �سد من يخ ّرب اللغة ويهدم الأوزان‬ ‫والقوايف واملو�سيقى ليقول كالم ًا لي�س �سع ًرا‬ ‫ثم ي�سميه �سعر ًا‪.‬‬ ‫عا�سق ال�سعر العمودي‬ ‫• هل باعتقادكم اأن من يكتب ال�سعر احلر‬ ‫تنق�سه املوهبة اأم املفردة اأو اللغة؟‬ ‫امل�ساأله هنا فردية فهناك جت��ارب ل ميكن‬ ‫جت��اه �ل �ه��ا ت��اري �خ �ي � ًا‪��� ،‬س��واء ات �ف �ق��تُ معها‬ ‫�سخ�سي ًا اأم اخ�ت�ل�ف��ت‪ ،‬ول�ك��ن م��ن الناحية‬ ‫الفنية اأن��ا اأع�سق ال�سعر العمودي واأعتربه‬ ‫رك �ي��زة ال�سعر احل�ق�ي�ق��ي‪ ،‬وا ّأي خ��روج عنه‬ ‫ه��و حم��اول��ة جت��ري��ب‪ ،‬وه �ن��اك م��ن ي �ج � ّرب‬ ‫وهو متمكن من اللغة‪ ،‬ولكن باملقابل هناك‬ ‫م��ن يخرج ع��ن ال�ع�م��ودي لأن��ه ل يقدر عليه‬ ‫وتنق�سه املفردة املعربة واللغة القوية‪.‬‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫•ال�سعر العمودي هو ديوان العرب‪ ،‬هل اليوم‬ ‫بقي حمافظ ًا على خ�سائ�سه ومميزاته مثلما‬ ‫كان من قبل ال�سعراء املحدثني اأو املعا�سرين‬ ‫اليوم؟‬ ‫ال�سعر العمودي �ساأنه �ساأن اأي م��ادة يف هذه‬ ‫احل �ي��اة‪ ،‬فهو ق��اب��ل للتبدل وال�ت�غ��ري‪ ،‬والأك�ي��د‬ ‫اأن الق�سيدة العربية قبل الإ��س��الم هي غري‬ ‫الق�سيدة يف ع�سور الإ�سالم‪ ،‬وغري تلك التي‬ ‫يتم�سك بها اليوم ممن يدافعون عن بقائها‬ ‫واأ�سالتها‪ ،‬وم��ن الطبيعي اأن تتطور اأدوات‬ ‫اللغة وتتبدل اأ�ساليب التعبري‪ ،‬مبا يتنا�سب‬ ‫وح �ج��م امل� �ف ��ردات ال �ك �ث��رية امل �ت��اح��ة ال �ي��وم‬ ‫ج��راء القفزات الهائلة للب�سرية على كافة‬ ‫امل�ستويات‪ ،‬ولكن املالحظ اأنه يف زمن ندرة‬

‫قدمت موؤ�ش�شة البابطني خالل‬ ‫دورتنا الثانية ع�شرة يف �شراييڤو‬ ‫(عام ‪2010‬م) منحة جلامعة �شراييڤو‬ ‫بتمويل ترجمة خم�شة ع�شر كتاباً من روائع‬ ‫الأدب العربي اإىل اللغة البو�شنية وطباعتها‬ ‫خالل ثالث �شنوات بواقع خم�شة كتب �شنوياً‪،‬‬ ‫وقد راأى الزمالء مبعهد ال�شت�شراق بجامعة‬ ‫�شراييڤو بعد جتربة ال�شنة الأوىل اأن يعاد‬ ‫التوزيع لي�شبح معدل الرتجمة ثالثة كتب‬ ‫�شنوياً ملدة خم�س �شنوات ل�شمان جودة الختيار‬ ‫وجودة الرتجمة فوافقنا على ذلك‬

‫خليجيات‬

‫‪76‬‬

‫نازك املالئكة‬

‫ال�صاعرة فدوى طوقان‬

‫املعطيات املتاحة يف الع�سور ال�سالفة‪ ،‬كانت‬ ‫الق�سيدة اأكرث جزالة من الآن‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫اأن ه�ن��اك ال�ي��وم اأزم ��ة ��س�ع��راء ولي�س اأزم��ة‬ ‫�سعر‪.‬‬ ‫•اأ�س�ستم جائزة عبدالعزيز �سعود البابطني‬ ‫لالإبداع ال�سعري منذ عام ‪ 1989‬يف القاهرة‪،‬‬ ‫ول تزال قائمة‪ ،‬كيف تق ّيمون ما و�سلت اإليه‪،‬‬ ‫وهل حققت امل�ستوى املطلوب؟‬ ‫ً‬ ‫ي�ف��رت���س اأن ل اأج �ي��ب �سخ�سيا ع��ن ه��ذا‬ ‫ال�سوؤال واأترك الإجابة لو�سائل الإعالم التي‬ ‫تتناقل اأن�سطتنا بكثافة‪ ،‬اأو لالأكادمييني‬ ‫واملثقفني ب�سكل عام ممن يح�سرون ندواتنا‪،‬‬ ‫ولكن مع ذلك �ساأفتح نافذة �سغرية على‬ ‫ما تو�سلت اإليه املوؤ�س�سة حتى الآن‪..‬‬ ‫لقد ت ّو�سعت اأن�سطتنا منطلقني من‬ ‫قاعدة العمل ال�سعري اإىل ف�ساء‬ ‫ح��وار احل���س��ارات وامل��راك��ز‬ ‫ال� �ع ��دي ��دة وال ��رتج� �م ��ات‬ ‫وكرا�سي اللغة العربية‪،‬‬ ‫ك��م��ا ت��و� �س �ع��ت رق �ع �ت �ن��ا‬ ‫اجل �غ��راف �ي��ة فانطلقنا يف‬ ‫�ستى الجت��اه��ات اجلغرافية‬ ‫واإىل خم �ت �ل��ف دول ال� �ع ��امل‪،‬‬ ‫واأ�سبحت احتفالياتنا تتم برعايات‬ ‫على اأعلى م�ستوى‪ ،‬مما يعك�س اأهمية ما‬ ‫نقدمه‪.‬‬ ‫• ع�سقكم للغة العربية جعلكم تطلقون م�سروع‬ ‫الرتجمة من اللغة العربية‪ ،‬اأي ترجمت الكتب‬ ‫القدمية والقيمة اإىل اللغات الأخرى‪ ،‬هل تعده‬

‫هذا م�سروع ًا لنطالقة اللغة العربية والأدب‬ ‫العربي اإىل دول غربية ملعرفة قيمة ما هو موجود‬ ‫لدينا؟‬ ‫طموحنا ل يتوقف عند ح��دود معينة‪ ،‬وك��ل ما‬ ‫يحقق الفائدة للفكر الإن�ساين فنحن ل نتاأخر‬ ‫عنه فهو م�سروعنا الفرتا�سي‪ ،‬وقد قدمنا يف‬ ‫مركز الرتجمة للقارئ العربي كتب ًا على درجة‬ ‫عالية من الأهمية‪ ،‬ونقلنا اإليه ع�سارة الذهن‬ ‫الغربي علمي ًا وفكري ًا‪ ،‬وبالتايل فكل الحتمالت‬ ‫قائمة لنقل نتاج الإبداع العربي اإىل الآخر ولكن‬ ‫لي�س ذل��ك م��درج� ًا يف برناجمنا على املنظور‬ ‫القريب‪ ،‬واإن كنا قد قدمنا خالل دورتنا الثانية‬ ‫ع�سرة ب�سراييڤو (عام ‪2010‬م) منحة جلامعة‬ ‫�سراييڤو بتمويل ترجمة خم�سة ع�سر كتاب ًا‬ ‫من روائ��ع الأدب العربي اإىل اللغة البو�سنية‬ ‫وطباعتها خالل ثالث �سنوات بواقع خم�سة كتب‬ ‫�سنوي ًا‪ ،‬وق��د راأى الزمالء مبعهد ال�ست�سراق‬ ‫بجامعة �سراييڤو بعد جتربة ال�سنة الأوىل اأن‬ ‫يعاد التوزيع لي�سبح معدل الرتجمة ثالثة كتب‬ ‫�سنوي ًا ملدة خم�س �سنوات ل�سمان جودة الختيار‬ ‫وجودة الرتجمة فوافقنا على ذلك‪.‬‬ ‫خوان كارلو�س‪ ..‬وابن زيدون‬ ‫•جهودكم يف اإن �� �س��اء ال�ع��دي��د م��ن امل��دار���س‬ ‫واجلامعات يف دول عديدة‪ ،‬هل حقق النجاح‬ ‫يف ما ت�سبون اإليه من التعليم وتر�سيخ اللغة‬ ‫العربية؟‬ ‫لقد مت تخريج اأعداد ًا كبرية من الدار�سني عرب‬ ‫كرا�سي اللغة العربية التي اأقمناها يف عدد‬


‫من ال��دول الغربية‪ ،‬وهو يلبي ج��زء ًا مقنع ًا من‬ ‫طموحنا يف انت�سار اللغة العربية التي اأ�سبحت‬ ‫اأ�سا�سية يف بع�س املناطق بعد ما لفتنا الأنظار‬ ‫اإليها‪ ،‬مثل الأندل�س التي اأق ّرت حكومتها تدري�س‬ ‫اللغة العربية يف مدار�سها‪ .‬ومثل التعريب الذي‬ ‫اأر�سينا اأ�س�سه يف ج��زر القمر ولدينا العديد‬ ‫من الدورات اخلا�سة باللغة العربية اإىل جانب‬ ‫الكرا�سي‪ ،‬وجميعها خرجت اآلف الدار�سني‬ ‫ال�سغوفني واملتمكنني من لغتنا اجلميلة‪.‬‬ ‫• يقولون اإنكم مولعون بالأندل�س والقرى‬ ‫الأندل�سية ملا فيها من اإ�سهامات ح�سارية‬ ‫اإ� �س��الم �ي��ة رائ� �ع ��ة‪ ..‬ف �ه��ل اه �ت �م��ام �ك��م ه��ذا‬ ‫�سيرتكز على دول اأخرى؟‬ ‫ه��و �سغف ولي�س ول �ع � ًا‪ ،‬وه��و ن��وع م��ن ال��وف��اء‬ ‫لتاريخنا ال��ذي اأَ� َ�ّ�س����س هناك ح�سارة فيها‬ ‫تعددية نادرة‪ ،‬وتعاي�س �سلمي يعترب منوذج ًا‬ ‫ي�ح�ت��ذى ب��ه ل��ذل��ك اأق �م �ن��ا دورة ه �ن��اك ع��ام‬ ‫‪2004‬م حت��ت رع��اي��ة امل�ل��ك خ��وان كارلو�س‬ ‫بعنوان «دورة ابن زي��دون» ومل ينقطع عملنا‬ ‫هناك من �ساعتها‪ ،‬فاأقمنا دورات للمر�سدين‬ ‫ال�سياحيني وكرا�سي للغة العربية‪ ،‬واأقمنا‬ ‫جائزة عبدالعزيز �سعود البابطني العاملية‬ ‫للدرا�سات التاريخية والثقافية يف الأندل�س‪،‬‬ ‫وهي جائزة قيمتها ثالثون األف دولر اأمريكي‬ ‫تقدم �سنوي ًا لأف�سل بحث يتناول دور القرى‬ ‫الأندل�سية التي اأ�سهمت يف �سنع احل�سارة‬ ‫الأن��دل���س�ي��ة ومل ت �اأخ��ذ حقها م��ن ال��درا��س��ة‬ ‫والبحث ال��ذي حظيت ب��ه امل��دن الأندل�سية‬ ‫الكربى كقرطبة واإ�سبيلية وغرناطة‪.‬‬ ‫وقد فازت باجلائزة يف دورتها الأوىل الباحثة‬ ‫الدكتورة اآنا اآر�سيونا عن بحثها «دور القرى‬ ‫الأندل�سية يف الإ� �س �ه��ام احل���س��اري وال��وج��ود‬ ‫الإ�سالمي يف مدينة (اآبلة) من القرن احلادي‬ ‫ع�سر اإىل ال �ق��رن ال���س��اد���س ع�سر» وق��د قمنا‬ ‫برتجمة الكتاب اإىل الإجنليزية والعربية لتعميم‬ ‫الفائدة‪ ،‬كما قدموا يل م�سكورين جائزة رفيعة‬ ‫هي جائزة «توما الكويني» يف جامعة قرطبة‪.‬‬ ‫دورة «ابن زيدون» يف قرطبة‬ ‫• مركز البابطني حلوار احل�سارات كان له دور‬ ‫يف اإثراء اللغة العربية عن طريق الدورات للغة‬ ‫العربية ودورات يف الإر�ساد ال�سياحي والتاريخي‬

‫واحل �� �س��اري‪ ،‬ه��ل ك��ان ه��ذا م��ن اأج��ل‬ ‫تو�سيل اللغة والأدب العربي للدول‬ ‫الأخ� � ��رى ب���س�ك�ل�ه��ا ال�سحيح‬ ‫وم �ع��رف �ت �ه��م ب��احل �� �س��ارة‬ ‫الإ�سالمية والعربية؟‬ ‫لحظنا خالل وجودنا‬ ‫لإق ��ام ��ة دورة «اب��ن‬ ‫زي� � ��دون» يف ق��رط�ب��ة‬ ‫ورمب��ا قبل ذلك اأي�س ًا‪،‬‬ ‫ب �اأن ه�ن��اك مغالطات من‬ ‫ق�ب��ل امل��ر� �س��دي��ن ال�سياحيني‬ ‫ن��اج�م��ة ع��ن ع��دم اط ��الع وا��س��ع‬ ‫ع�ل��ى ت��اري�خ�ن��ا‪ ،‬ف�ف�ك��رن��ا بت�سحيح‬ ‫هذه املعلومات عن طريق عمل دورات‬ ‫لهم تت�سمن معلومات نا�سعة عن تاريخنا‪،‬‬ ‫اإىل جانب دورات يف اللغة العربية وذلك كي‬ ‫يكون هناك ان�سجام بني ما ي�سرحونه للزوار‬ ‫وبني ما يقتنعون به عن اأهمية هذا التاريخ‬ ‫ولغة النا�س ال��ذي��ن �سنعوه وق��د جنحنا يف‬ ‫هذا امل�سمار جناح ًا جيد ًا‪.‬‬ ‫• هل ا�ستطاع احلوار بني الغرب وال�سرق اأن‬ ‫يحقق ال�سالم يف املنطقة ويحل الأزمات‪ ،‬وما‬ ‫دور الإعالم يف ذلك؟‬ ‫احلوار بني احل�سارات اأو الثقافات مو�سوع‬ ‫�سائك ولي�س �سه ًال اأن يحل بهذه الب�ساطة‪،‬‬ ‫وبهذه ال�سرعة‪ ،‬لكن ما نفعله نحن‪ ،‬ويفعله‬ ‫غرينا‪ ،‬هو تقريب امل�سافات وجت�سري الهوة‬ ‫بني ال�سعوب مبا يخلق نوع ًا من لغة ال�سالم‬ ‫ن�ستطيع اأن ن���س��ل م��ن خ��الل�ه��ا اإىل كلمة‬ ‫«حوار» كبديل عن «�سراع» احل�سارات‪.‬‬ ‫وق ��د مت�ك�ن��ت م�وؤ��س���س�ت�ن��ا م �ن��ذ ع ��ام ‪2004‬‬ ‫وحتى الآن جمع عدد كبري جد ًا من اأ�سحاب‬ ‫احل�سارات املختلفة واملفاهيم املتباينة ديني ًا‬ ‫وثقافي ًا فالتقوا وحتاوروا وخرجوا بتو�سيات‬ ‫جيدة‪ ،‬كما اأن لالإعالم الدور الأمثل يف ذلك‪،‬‬ ‫فاإن �ساء ا َّأجج ال�سراع‪ ،‬واإن �ساء اأطفاأه‪ ،‬وقد‬ ‫كان الإعالم مثالي ًا واإيجابي ًا مع دوراتنا التي‬ ‫اأقمناها حتى الآن‪.‬‬ ‫• ن�ل�ت��م ال �ع��دي��د م��ن � �س �ه��ادات ال��دك �ت��وراه‬ ‫ال�ف�خ��ري��ة م��ن ع ��دة ج��ام �ع��ات‪ ،‬وال �ع��دي��د من‬ ‫الأو�سمة من روؤ�ساء الدول‪ ،‬ما اأثرها عليكم؟‬ ‫اأنظر بعني ال�سكر والتقدير لكل من كرمني‬

‫لحظنا خالل وجودنا لإقامة دورة‬ ‫«ابن زيدون» يف قرطبة ورمبا قبل‬ ‫ذلك اأي�شاً‪ ،‬باأن هناك مغالطات من‬ ‫قبل املر�شدين ال�شياحيني ناجمة عن‬ ‫عدم اطالع وا�شع على تاريخنا‪ ،‬ففكرنا‬ ‫بت�شحيح هذه املعلومات عن طريق‬ ‫عمل دورات لهم تت�شمن معلومات‬ ‫نا�شعة عن تاريخنا‪ ،‬اإىل جانب دورات‬ ‫يف اللغة العربية وذلك كي يكون هناك‬ ‫ان�شجام بني ما ي�شرحونه للزوار وبني‬ ‫ما يقتنعون به عن اأهمية هذا التاريخ‬ ‫ولغة النا�س الذين �شنعوه وقد جنحنا‬ ‫يف هذا امل�شمار جناحاً جي‬

‫ب�سهادة دكتوراه اأو غريها من الأو�سمة‪ ،‬واأعترب‬ ‫اأن هذا التكرمي لي�س ل�سخ�سي فقط بل هو للعلم‬ ‫ب�سكل عام ولكل من اأ�سهم بنجاح عمل املوؤ�س�سة‬ ‫منذ انطالقها وحتى الآن‪ ،‬ل بل لكل طالب علم‬ ‫يف اأي مرحلة كان له الهتمام نف�سه الذي لدينا‪.‬‬ ‫•كثري من و�سائل الإع��الم املرئية وامل�سموعة‬ ‫وامل�ق��روءة مليئة بالأخطاء الإمالئية واللغوية‬ ‫والنحوية‪ ..‬هل هناك م�سروع للحد من هذه‬ ‫الظاهرة؟‬ ‫بالفعل نحن اأقمنا دورات للمذيعني واملذيعات‬ ‫يف اأماكن خمتلفة ودول عديدة‪ ،‬وقد حتققت‬ ‫فوائد كثرية من هذه ال��دورات‪ ،‬ولكن مع ذلك‬ ‫نحن نرى اأن العبء الأك��رب يقوم على اجلهة‬ ‫الإع��الم�ي��ة التي يعمل بها امل��ذي�ع��ون‪ ،‬فهناك‬ ‫اليوم حمطات باأكملها تبث براجمها بالعامية‪،‬‬ ‫وهنا تكمن اخلطورة الأكرب على اللغة ويتوجب‬ ‫على ه��وؤلء الن�ت�ب��اه اإىل ذل��ك‪ ،‬وال �ع��ودة اإىل‬ ‫ح�سن اللغة الأم‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫من م�شاريعها‬ ‫امل�شتقبلية املوؤمتر الثالث‬ ‫ّ‬ ‫لحتاد وكالت اأنباء العامل‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫وكالت‬

‫‪78‬‬

‫وكالة األنباء‬ ‫السعودية‪..‬‬

‫خطوات ثابتة نحو التم ّيز واالنت�سار‬ ‫الريا�ض ‪ -‬مي�صون عبدالرحمن اأبوبكر‬ ‫حققت وكالة الأنباء ال�صعودية «وا�ض»‬ ‫وعلى امتداد اأربعة عقود تقدما ً كبريا ً يف اأداء‬ ‫ر�صالتها املت�صلة باإبراز منجزات اململكة‬ ‫ومكت�صباتها‪ ،‬واإي�صال �صوتها‬ ‫اإىل العامل‪ ،‬بدعم متوا�صل من قبل‬ ‫احلكومة ال�صعودية اإميانا ً باأهمية‬ ‫الوكالة والدور الإعالمي املنوط بها‪.‬‬

‫واأ�سهمت خدمات «وا�س» يف اإثراء خمتلف و�سائل‬ ‫الإع��الم املحلية ال�سعودية «املرئية وامل�سموعة‬ ‫وامل �ق��روءة»‪ ،‬وا�ستطاعت اأن تكون واح��دة من‬ ‫امل�سادر املوثوقة التي يلجاأ اإليها الإعالميون‬ ‫واملواطنون‪ ،‬واملقيمون على حد �سواء‪.‬‬ ‫واأ�سحت الوكالة م�سدر ًا خربي ًا لعدد كبري من‬ ‫و�سائل الإع��الم العاملية‪ ،‬ملا احتلته من مكانة‬ ‫وث�ق��ة يف نقل اأح ��داث وفعاليات اململكة‪ ،‬ول‬

‫تنتظر وكالة الأنباء ال�شعودية‬ ‫والعاملون فيها ب�شغف النتقال اإىل‬ ‫املبنى اجلديد الذي د�شنه وزير الثقافة‬ ‫والإعالم د‪ .‬عبدالعزيز بن ميى الدين‬ ‫خوجة وبدئ التنفيذ الفعلي له‪ ،‬على اأن‬ ‫�شيتم اإجناز املبنى يف غ�شون �شنتني من‬ ‫الآن‪ .‬ويع ُد املبنى الذي اتخذ مكانه يف حي‬ ‫ال�شحافة «الريا�س» هيك ً‬ ‫ال فنياً فريداً يف‬ ‫ت�شميمه‪ ،‬مييزه هيكل للكرة الأر�شية‬

‫يخفى على اأح��د ما حظيت به من مركز بارز‬ ‫يف املنظومة الإعالمية الدولية‪ ،‬بل اأ�سبحت‬ ‫ت�ساهي اأعرق وكالت الأنباء يف العامل‪.‬‬ ‫فريق واحد !‬ ‫وم��واك�ب� ًة للتطور ال�سريع يف جم��ال الت�سال‬ ‫واملعلومات‪� ،‬سعت «وا�س» جاهدة بكل اإمكاناتها‬ ‫وب ��روح الفريق ال��واح��د وال�ت�ع��اون ال��ذي مييز‬ ‫العاملني فيها اإىل مواكبة التطورات املهنية‬ ‫والتقنية يف ه��ذا العامل ال��ذي يت�سف ب�سرعة‬ ‫التغري‪ ،‬اإذ حققت قفزات كبرية يف ا�ستخدامها‬ ‫اأج��ه��زة ح��دي�ث��ة ُا��س�ت�ب��دل��ت ب�ت�ل��ك التقليدية‬ ‫القدمية‪.‬‬ ‫وتنتظر الوكالة والعاملون فيها ب�سغف النتقال‬ ‫اإىل املبنى اجلديد ال��ذي د�سنه وزي��ر الثقافة‬ ‫والإعالم د‪ .‬عبدالعزيز بن حميى الدين خوجة‬ ‫وبدء التنفيذ الفعلي له‪ ،‬على اأن يتم اإجناز‬ ‫املبنى يف غ�سون �سنتني من الآن‪.‬‬ ‫وي�ع� ُد املبنى ال��ذي اتخذ مكانه يف حي‬ ‫ال���س�ح��اف��ة « ال��ري��ا���س» ه�ي�ك� ًال فني ًا‬ ‫فريد ًا يف ت�سميمه‪ ،‬مييزه هيكل الكرة‬ ‫الأر�سية‪ ،‬حيث من املخطط اأن تنري ما‬ ‫ميثل الياب�سة نهار ًا وينري البحر م�سا ًء‪.‬‬ ‫وبداأ فعلي ًا العمل يف اإن�ساء املبنى الذي‬ ‫ُ�سمم ليلبي احتياجات الوكالة وي�ساعد‬ ‫يف التعزيز من اأداء العاملني فيها‪ ،‬و�سيكون‬ ‫معلم ًا من معامل العا�سمة ملا تتوافر فيه من‬


‫اإمكانات تتنا�سب مع متطلبات العمل الإعالمي‬ ‫الحرتايف‪.‬‬ ‫ثورة تقنية‬ ‫ودف ��ع ارت �ف��اع اه�ت�م��ام ال� ��راأي ال �ع��ام بخدمة‬ ‫«وا���س» ومتابعتها الوكالة اإىل دخولها يف ثورة‬ ‫تقنية تواكب الع�سر‪ ،‬كما عقدت �سل�سلة من‬ ‫ال��ور���س التدريبية الهادفة لتاأهيل منت�سبيها‬ ‫يف كل املجالت‪ ،‬بل وافتتحت مركز ًا للتدريب‬ ‫الإعالمي بهدف تطوير و�سقل قدرات ومهنية‬ ‫من�سوبي ال��وك��ال��ة وحت�ق�ي��ق رغ �ب��ات ع��دد من‬ ‫اجلهات الراغبة يف ال�ستفادة من خدماته‪.‬‬ ‫و�سهد امل��رك��ز عقد دورات تدريبية مرتبطة‬ ‫باجلوانب الإخبارية والتقنية يف جمال الت�سوير‬ ‫الحرتايف‪ ،‬واأ�سبح املركز م�سدر ًا مهم ًا لإثراء‬ ‫وتاأهيل �سحافيي «وا�س»‪ ،‬ومن ثم الإعالميني يف‬ ‫قطاعات الوزارة‪ ،‬وال�سحافيني خارجها اأي�س ًا‪.‬‬ ‫ويف اإط��ار �سعيها لبلوغ انت�سار دويل اأك��رب‪ ،‬مل‬ ‫تكتف الوكالة مبا لديها من ‪ 7‬مكاتب خارجية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ومبرا�سليها املنت�سرين يف قارات العامل والذي‬ ‫يناهز عددهم نحو ع�سرين مرا�س ًال‪ ،‬اإذ اأعلنت‬ ‫ع��ن ت��وج�ه�ه��ا ن�ح��و ت�ع��زي��ز وج��وده��ا يف �سرق‬ ‫ال�ق��ارة الآ�سيوية واأوروب� ��ا‪ ،‬حيث عزمت على‬ ‫افتتاح مقرات جديدة للوكالة يف كل من رو�سيا‬ ‫«مو�سكو» وماليزيا‪ ،‬ناهيك عن التو�سع يف اإيجاد‬ ‫مرا�سلني هناك‪.‬‬ ‫متكني املراأة‬ ‫واإعما ًل لروؤية الوكالة يف متكني املراأة ال�سعودية‬ ‫التي اأثبتت كفاءتها وقدرتها يف العمل الإعالمي‪،‬‬ ‫يهتم بن�ساطات‬ ‫ا�ستحدثت «وا�س» ق�سم ًا ن�سائي ًا ُ‬ ‫املراأة والطفل واملنا�سبات الن�سائية‪ ،‬ليدفع قدم ًا‬ ‫بتعزيز العمل الن�سائي الذي تقوده ‪ 7‬مرا�سالت‬ ‫يعملن م��ن داخ��ل اأرا� �س��ي اململكة‪ ،‬واأخ��ري��ات‬ ‫يعملن يف مكاتبها خارج حدودها‪.‬‬ ‫وتفاع ًال م��ع النمو امل�ط��رد ل�سبكات التوا�سل‬ ‫الجتماعي‪ ،‬اأطلقت وكالة الأن�ب��اء ال�سعودية‬ ‫�سفحتها اخلا�سة على موقع « في�سبوك» لتعر�س‬ ‫ع��ربه��ا اأخ �ب��اره��ا املتنوعة يف �ستى امل�ج��الت‬ ‫«ال�سيا�سية والقت�سادية والثقافية والجتماعية‬ ‫والريا�سية» جلميع املهتمني واملتابعني لها يف‬ ‫خمتلف اأنحاء‪ ،‬وذلك عرب «‪facebook.com/‬‬ ‫‪.»spa.gov‬‬ ‫وت �ت �ي� ُ�ح ال���س�ف�ح��ة م�ت��اب�ع��ة اآخ���ر امل���س�ت�ج��دات‬ ‫الإخبارية من وكالة الأنباء ال�سعودية‪ ،‬وت�سمل‬

‫�صورة للحرم املكي بعد �صالة الع�صاء والرتاويح (ت�صوير وا�ض)‬

‫�صورة للمنتخب ال�صعودي يف األعاب القوى لدورة اآ�صيا ال�صاد�صة ع�رصة (وا�ض)‬

‫جولة ا�صتطالعية من اجلو تظهر فيها الأرا�صي املقد�صة(وا�ض)‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫وكالت‬

‫‪80‬‬

‫مدير الوكالة(وا�ض) مع الزميلة مي�صون اأبو بكر‬

‫�سفحة « وا���س» على «في�سبوك» خدمة ال�سور‬ ‫املحدّثة اآني ًا يف متابعة امل�ستجدات والأح��داث‬ ‫الإخبارية‪ ،‬كما اإنها ت�ستقبل من خالل ال�سفحة‬ ‫اآراء املتابعني لل�سوؤون الإخبارية والإعالمية‪.‬‬

‫ال �ث��اين ال��ذي عقد يف ل�ن��دن يف �سهر اأكتوبر‬ ‫‪2011‬م انعقاد املوؤمتر الدويل الرابع يف الريا�س‬ ‫يف منت�سف نوفمرب ‪2013‬م حتت �سعار «ابتداع‬ ‫وكالة اأنباء جديدة للقرن الواحد والع�سرين»‪.‬‬

‫حوار اأتباع االأديان‬ ‫واأم ��ام الوكالة ع��دد م��ن امل�ساريع امل�ستقبلية‬ ‫املهمة‪ ،‬واأب��رزه��ا ال��دع��وة اإىل امل�وؤمت��ر الثالث‬ ‫لحت��اد وك ��الت اأن �ب��اء ال �ع��امل‪ ،‬وال ��ذي انبثقت‬ ‫فكرته من الدعوة التي اأطلقها خادم احلرمني‬ ‫ال�سريفني للحوار بني اأتباع الأدي��ان والثقافات‬ ‫املعا�سرة واحل�سارات‪ ،‬وعززتها دعم وموافقة‬ ‫وزير الثقافة والإعالم على عقد املوؤمتر‪.‬‬ ‫وتاأتي هذه اخلطوة جت�سيد ًا وتفاع ًال مع فعاليات‬ ‫املوؤمتر الثالث لحتاد وكالت اأنباء العامل الذي‬ ‫ُعقد يف الأرج�ن�ت��ني يف �سهر اأك�ت��وب��ر ‪2010‬م‪،‬‬ ‫حينما قدم املدير العام لوكالة الأنباء ال�سعودية‬ ‫الدعوة الر�سمية لعقد املوؤمتر الرابع يف اململكة‬ ‫العربية ال�سعودية ‪2013‬م‪.‬‬ ‫ولقى العر�س ال�سعودي باإقامة املوؤمتر الرابع‬ ‫يف الريا�س‪ ،‬ترحيب ًا دولي ًا ورغبة للم�ساركة يف‬ ‫فعالياته من املجل�س الدويل لوكالت الأنباء يف‬ ‫العامل الذي عقد يف «مدريد» يف �سهر يناير من‬ ‫عام ‪2010‬م‪.‬‬ ‫وحت���س��ري ًا لفعاليات امل �وؤمت��ر‪ُ ،‬عقد الجتماع‬ ‫التنفيذي الأول له يف «الريا�س» ب�سهر فرباير‬ ‫من العام املا�سي ‪2011‬م‪ ،‬فيما اأَ َق � َر الجتماع‬

‫ح�سور وجوائز‬ ‫وتاأكيد ًا على مكانتها وح�سورها‪ ،‬ظفرت «وا�س»‬ ‫بعدد من اجلوائز املهمة التي عززت من ا�سمها‬ ‫وح�سورها على امل�ستوى الإقليمي وال��دويل‪ ،‬اإذ‬ ‫فازت بجائزة اأح�سن تقرير للعام ‪ 2008‬م يف‬

‫م�سابقة احتاد وكالت الأنباء العربية « فانا»‪،‬‬ ‫عن تقرير حمل عنوان «مدائن �سالح الأثرية»‪،‬‬ ‫كما ح��ازت «وا���س» على جائزة اأف�سل �سورة‬ ‫�سمن امل�سابقة التي نظمها احتاد وكالت الأنباء‬ ‫العربية عام ‪2010‬م‪.‬‬ ‫ويف ت�سريح ل� «الإع��الم والع�سر»‪ ،‬اأك��د مدير‬ ‫وكالة الأنباء ال�سعودية عبداهلل بن فهد احل�سني‬ ‫اأن الوكالة تعمل حالي ًا على اإيجاد تعاون وتوا�سل‬ ‫اأك��رب م��ع وك��الت الأن �ب��اء اخلليجية والعربية‬ ‫وال��دول �ي��ة ع��رب ت �ب��ادل اخل� ��ربات وال ��زي ��ارات‬ ‫ملن�سوبيهم من اإعالميني وفنيني‪ ،‬يف حماولة‬ ‫منها لتكري�س امل�ساركة وال�ستفادة من التجارب‬ ‫وتقوية الروابط وعرى التعارف‪.‬‬ ‫ولفت احل�سني يف ت�سريحه اإىل اأن «وا�س» ت�سرع‬ ‫الآن يف خماطبة ال��وك��الت الإقليمية لتفعيل‬ ‫وجت�سيد هذا التوجه‪ُ ،‬م�سري ًا اإىل �سعي الوكالة‬ ‫للتحول نحو موؤ�س�سة تعمل وفق قواعد و�سوابط‬ ‫اأقل تاأثر ًا بالعمل البريوقراطي‪.‬‬ ‫وق��ال‪ :‬اإن ما �سهدته وكالة الأن�ب��اء ال�سعودية‬ ‫من اإجن��ازات وما حققته من قفزات نوعية ما‬ ‫كان ليتحقق لول الدعم الكبري الذي حظيت به‬ ‫وكالة الأنباء ال�سعودية من لدن خادم احلرمني‬ ‫ال�سريفني و�سمو ويل عهده الأم��ني‪ ،‬واملتابعة‬ ‫املتوا�سلة من وزي��ر الثقافة والإع��الم‪ ،‬وجهود‬ ‫اجل �ن��ود املجهولني م��ن حم��رري��ن وم�سورين‬ ‫وفنيني واإداريني متميزين‬

‫اأكد مدير وكالة الأنباء ال�شعودية عبداهلل بن‬ ‫فهد احل�شني يف ت�شريح لـ «الإعالم والع�شر» اأن‬ ‫«وا�س» �شرعت يف خماطبة الوكالت الإقليمية‬ ‫والدولية‪� ،‬شعياً لإيجاد تعاون وتوا�شل اأكرب معها‪،‬‬ ‫م�شرياً اإىل �شعي الوكالة للتحول نحو موؤ�ش�شة تعمل‬ ‫وفق قواعد و�شوابط اأقل تاأثراً بالعمل البريوقراطي‪.‬‬ ‫تكتف الوكالة‬ ‫ويف اإطار �شعيها لبلوغ انت�شار دويل اأكرب‪ ،‬مل ِ‬ ‫مبا لديها من ‪ 7‬مكاتب خارجية‪ ،‬ومبرا�شليها املنت�شرين يف‬ ‫قارات العامل والذي يناهز عددهم نحو ع�شرين مرا�ش ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫اإذ اأعلنت عن توجها نحو تعزيز وجودها يف �شرق القارة‬ ‫الآ�شيوية واأوروبا‪ ،‬حيث عزمت على افتتاح مقرات جديدة‬ ‫للوكالة يف كل من رو�شيا «مو�شكو» وماليزيا‬


‫‪81‬‬

‫خ‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫لدائر‬

‫ة‬

‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫خالدالرو�صان‬ ‫كاتب اأردين‬

‫اإلعالم ‪ ..‬والقدرة على‬ ‫عرض قضايا الرأي العام‬ ‫لالإعالم ر�سائله الإن�سانية الكثرية وهو يقوم باأدائها من خالل‬ ‫اأهداف وغايات يحددها وبوا�سطة طرق وو�سائل واآليات يختارها‪،‬‬ ‫ومن وظائفه ن�سر الوعي العام والدفاع عن ق�سايا النا�س وحماولة‬ ‫الو�سول اإىل احلقيقة‪..‬الخ‪ ،‬لكن هناك وظيفة ودور ًا مهم ًا ي�سطلع‬ ‫به الإعالم عادة وهو حماولة اإثارة ق�سايا تهم الراأي العام بق�سد‬ ‫اإبرازها والتنويه بها‪ ،‬ثم عمل نقا�س جمتمعي م�ستفي�س حولها‪،‬‬ ‫مما يدفع اأ�سحاب القرار واملعنني بهذه الق�سايا يف النهاية اإىل‬ ‫امل�ساهمة يف اإيجاد حلول واقرتاح تو�سيات ملعاجلة هذه املوا�سيع‪.‬‬ ‫وبقدر ما يكون الإعالم قادر ًا على اإبراز ذلك بحيادية ومو�سوعية‬ ‫وحرف ّية عالية بقدر ما يكون ناجح ًا وموؤثر ًا يف معاجلة الق�سية‬ ‫التي طرحها للراأي العام‪.‬‬ ‫بني بيئتني‬ ‫واملتابع مث ًال لبع�س ما يعر�س يف حمطات ف�سائية غربية يلحظ‬ ‫اأن هناك بع�س الربامج واملواد والتقارير الإعالمية‪ ،‬ولي�س الكل‬ ‫طبع ًا‪ ،‬يتم عر�سها باأ�سلوب فيه �سيء من املو�سوعية واملهنية‪،‬‬ ‫حيث يتناولون ق�سايا مهمة وح�سا�سة يف جمتمعاتهم وم�سكالت‬ ‫ومع�سالت كثرية يعي�سونها‪ ،‬فيتم تقدميها بطرق عر�س ونقا�س‬ ‫واإخراج ناجح ومتنا�سب ومتخ�س�س اإىل حد ما‪ ،‬بق�سد طرحها‬ ‫للراأي العام واإحداث نقا�س وتعاط مو�سوعي و�سفاف حولها‪ ،‬حتى‬ ‫ينتبه لها اأ�سحاب القرار يف النهاية‪.‬‬ ‫يف ال�ساحة الإعالمية العربية هناك حماولت جرت لعمل برامج‬ ‫وح�سا�سة ومت طرحها للراأي‬ ‫ومواد اإعالمية تثار فيها ق�سايا مهمة ّ‬ ‫العام ملناق�ستها‪ ،‬لكن ق�سم ًا كبري ًا من هذه املحاولت اإ ّما يعتمد‬ ‫الإث��ارة‪ ،‬اأو يتجاوز اخل�سو�سيات واخلطوط احلمراء اأو يعر�س‬ ‫ق�سايا هام�سية �سطحية غري جادة اأو يقوم بعر�س وتقدمي واإخراج‬ ‫الق�سية املق�سودة ب�سكل غري احرتايف وبال مو�سوعية مهنية‪.‬‬ ‫ف�ا ّأي طرح لق�سايا ال��راأي العام يجب اأن يكون على م�ستوى من‬ ‫العمق والتخ�س�س وبطرق فيها اتقان‪ ،‬ويجب ح�سد كل الإطراف‬ ‫اأ�سحاب العالقة بالأمر للم�ساركة يف نقا�سها مما يجعلك يف‬ ‫النهاية حت�سل على منتج اإعالمي مميز وناجح‪.‬‬

‫«القد�س ّية»‪ ..‬وتطوير االأداء‬ ‫ول��و لحظنا م��ا ي�ط��رح يف الإع ��الم العربي لوجدنا اأن ج��زء ًا‬ ‫كبري ًا منه ركز على ق�سايا ل يتنا�سب طرحها مع خ�سو�سيات‬ ‫جمتمعاتنا املحافظة‪ ،‬وبع�سها ترك الق�سايا املهمة امللحة وا�ستغل‬ ‫على اأمور جانبية اأو نخبوية‪ ،‬ومت عر�س ق�سايا وموا�سيع كثرية‬ ‫من دون اأن يقوم العاملون اأو الفريق الإعالمي ببذل جمهود اأكرث‬ ‫يتنا�سب مع املادة املطروحة‪ ،‬اأو ا�ستخدام بع�س اأ�ساليب وتقنيات‬ ‫الإعالم املتنوعة‪ ،‬اأو التنويع بطرق عر�س املادة‪.‬‬ ‫نعم هناك عدة مع ّوقات وحدود اأمام ذلك من مثل عدم وجود‬ ‫احل��ري��ة الكاملة وال�ستقاللية الإع��الم�ي��ة الكافية واحلماية‬ ‫القانونية وال�سيا�سية الالزمة والتمويل املادي املطلوب والتحكم‬ ‫بو�سائل الإع ��الم م��ن جهات ع��دة وت�سيي�سها ل�سالح اأجندة‬ ‫خمتلفة‪ ،‬وك��ل ذل��ك يحول من دون اإنتاج م��واد اإعالمية متقنة‬ ‫وهادفة ت�سلح لأن تكون ق�سايا راأي عام‪ ،‬لكن رغم هذه املعوقات‬ ‫الهائلة لب��د للج�سم الإع��الم��ي العربي يف القليل املتاح له من‬ ‫تطوير اأدائه وتقنياته يف هذا املجال لتقدمي اإنتاج اإعالمي راق‪،‬‬ ‫يراعي فيه قد�سية دينه وخ�سو�سية جمتمعه ويخدم من خالله‬ ‫ق�سايا اأمته ومطالب وحقوق �سعوبها وكرامة اإن�سانها‬

‫اأن‬ ‫لعربي لوجدنا حها مع‬ ‫يف الإعالم ا يتنا�شب طر الق�شايا‬ ‫ما يطرح ق�شايا ل شها ترك مت عر�س‬ ‫لو لحظنا ً منه ركز على حافظة‪ ،‬وبع� اأو نخبوية‪ ،‬و الفريق‬ ‫اأو‬ ‫امل‬ ‫ريا‬ ‫ية‬ ‫جزء ًا كب يات جمتمعاتناعلى اأمور جانب يقوم العاملونطروحة‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫املادة امل‬ ‫خ�شو� امللحة وا�شتغلثرية من دون اأ �شب مع‬ ‫كرث يتنا‬ ‫ة‬ ‫ك‬ ‫املهمشايا وموا�شيع جمهود اأ‬ ‫ق� مي ببذل‬ ‫الإعال‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫بات من ال�شروري اإعادة النظر‪ ،‬عرب اأ�شحاب املوؤ�ش�شات‬ ‫ووزارات الإعالم وجمال�س الإعالم والهيئات‪ ،‬يف متوى‬ ‫الربامج احلوارية جلهة �شياغة متواها ومتابعة‬ ‫اأهدافها‪ ،‬على الأقل ما يتعلق باملوا�شيع التي‬ ‫مت�س حياة املواطن ب�شكل مبا�شر‪� ..‬شحيح اأن‬ ‫هذا قد يبدو تقييداً للحرية املتاحة‬ ‫حالياً‪ ،‬لكن �شرورة التوجيه تقدم‬ ‫حماية للمجتمع وللمهنة ومل�شتقبل‬ ‫العالقات بني اأفراد املجتمع‬

‫‪82‬‬

‫‪82‬‬

‫العنف في البرامج‬ ‫الحوارية‪ ..‬إلى أين؟!‬ ‫تعدد الربامج احلوارية وتنوعها يف الف�سائيات العربية‪ ،‬اإ�سافة نوع ّية جلهة تعويد امل�ساهد العربي‬ ‫على احلوار والنقا�س‪ ،‬وهي على م�ستوى اآخر يفرت�س اأن تنقلنا اإىل م�ساحة اأو�سع من التالقي اأو حتى‬ ‫الختالف من اأجل الت�سحيح‪ ،‬اأو اإ�سافة املعلومة‪ ،‬اأو التدقيق فيها‪.‬‬ ‫�سجعة يف البداية‪ ،‬ومت التعويل عليها يف اإثراء‬ ‫اعتماد ًا على الروؤية ال�سابقة بدت تلك الربامج ُم ّ‬ ‫النقا�س‪ ،‬وقد ح ّركت مياه ًا راكدة يف جمتمعاتنا العربية‪ ،‬لكنها مع الأيام اأخذت طابع ًا اآخر‪ ،‬ونقلت‬ ‫عنف املجتمع اإىل ال�سا�سة‪ ،‬فو�س ّعت من دائرته‪ ،‬ثم اأحلت من خالل ما يعرف ب � «تلفزيون الواقع»‬ ‫ما يحدث يف احلياة اليومية للنا�س‪ ،‬مبا فيها الق�سايا املرفو�سة اجتماعي ًا‪ ،‬عنف ًا بني املتحاورين‪.‬‬ ‫لقد كان اختيار ذلك النوع من الربامج من امل�سرفني على القنوات الف�سائية حل�سابات مادية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫اأنها اأقل تكلفة مقارنة بالربامج الأخرى‪ ،‬واأ�سرع ل�سانعي ال�سيا�سيات يف القنوات الف�سائية لتحقيق‬ ‫اأهدافهم‪ ،‬خ�سو�س ًا واأنها حظيت بجاذبية خا�سة من امل�ساهدين‪ ،‬كونها طرحت �سيغ ًا جديدة‬ ‫للنقا�س مل تعهدها املجتمعات العربية‪ ،‬غري اأنها يف املح�سلة انتهت اإىل نوع من ال�سدام اللفظي ثم‬ ‫اإىل العنف العملي‪ ،‬اإن جاز التعبري‪ ،‬ومل ت�سلم منها ل القنوات احلكومية ول اخلا�سة‪ ،‬مع العرتاف‬ ‫اأنها يف هذه الأخرية اأكرث‪.‬‬ ‫لقد بات من ال�سروري اإعادة النظر‪ ،‬عرب اأ�سحاب املوؤ�س�سات ووزارات الإعالم وجمال�س الإعالم‬ ‫والهيئات‪ ،‬يف حمتوى تلك الربامج جلهة �سياغة حمتواها ومتابعة اأهدافها‪ ،‬على الأقل ما يتعلق‬ ‫باملوا�سيع التي مت�س حياة املواطن ب�سكل مبا�سر‪� ..‬سحيح اأن هذا قد يبدو تقييد ًا للحرية املتاحة‬ ‫حالي ًا‪ ،‬لكن �سرورة التوجيه تقدم حماية للمجتمع وللمهنة ومل�ستقبل العالقات‬ ‫بني اأفراد املجتمع‪ ،‬ناهيك عن �سورة الإن�سان العربي اأمام امل�ساهد الآخر‬ ‫الذي يتابعه‪.‬‬ ‫الأمر خميف للغاية‪ ،‬وتع ّدى درجة القلق بعد اأن حت ّول العنف اللفظي‬ ‫يف ال��ربام��ج احل��واري��ة اإىل ت�سابك ب��الأي��دي‪ ،‬ث��م التهديد املبا�سر‬ ‫بال�سالح داخ��ل الأ�ستديو‪ ،‬حتى ك �اأن الأم��ر ب��دا نوع ًا من املزايدة‪،‬‬ ‫واملعارك الدائرة اليوم يف الربامج احلوارية عرب الف�سائيات هي‬ ‫نتيجة منطقية ملا يح�سل على الأر���س‪ ،‬ول ميكن جتاهل ما يحدث‬ ‫اليوم يف كثري من القنوات الف�سائية‪ ،‬لكن الهتمام هنا يتعدى املتابعة‬ ‫والرف�س اأو النقد‪ ،‬اإىل العمل من اأج��ل طرح �سيغ جديدة للخطاب‬ ‫تكون الأولوية فيه لل�سلم الجتماعي‬

‫مقال‬

‫حبيب ال�صايغ‬


‫الفنانون‪ ..‬ومواقع التوا�سل االجتماعي‬ ‫��ستطالع‬ ‫الفنانون العرب‪ ..‬تغريدات على جدران خجولة‬ ‫حتقيق‬ ‫االإعالميون والفنانون العرب‪ ..‬تقهقروجفاء اأم منو وازدهار؟‬ ‫من م�سر‬ ‫الفنانون على مواقع التوا�شل‪ ..‬اأ�شواء وقائمة �شوداء‬ ‫من اجلزائر‬ ‫الفنانون‪ ..‬جهل للتويرت بالإجماع والف�شيبوك على من ا�شتطاع‬ ‫من لبنان‬ ‫الفنانون على مواقع التوا�شل‪ ..‬م�شاحة للتكذيب وال�شهرة‬ ‫من فرن�سا‬ ‫الو�شائط الجتماعية والفن‪ ..‬حرية وكثري من التيه‬ ‫ختام امللف‬ ‫الفنانون والتوا�شل الجتماعي‪ ..‬تغريد وتعليق و�شعبية وا�شعة‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأكدوا اأن «الفي�شبوك» و «تويرت»‬ ‫وجهان لعملت متعددة‬

‫اإ�صتطالع ‪ -‬ال�صغري �صالّم‬ ‫خرب وفاة الوجه التلفزيوين والفكاهي‬ ‫الفرن�صي اإيلي �صمحون انت�رص كالنار يف‬ ‫اله�صيم يف الثاين ع�رص من يوليو املن�رصم‬ ‫على �صبكات التوا�صل الجتماعي‪ ،‬وتوالت‬ ‫التعازي من كبار ال�صخ�صيات يف املجتمع‬ ‫اإل «املتويف»‪ ،‬فقد فاجاأ النا�ض بكتابة‬ ‫تغريدة على ح�صابه يف التويرت من العامل‬ ‫الآخر‪ ،‬حتمل عبارة «اأوؤكد وفاتي»!‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫ا�صتطالع‬

‫‪84‬‬

‫اإلعالميون العرب‪..‬‬ ‫تغريدات على جدران خجولة!‬

‫اإن �ه��ا نكتة � �س��وداء ت�ط��رح م��ن ج��دي��د ال���س�وؤال‬ ‫امللح حول عالقة الإعالميني مبوقعي التوا�سل‬ ‫الجتماعي في�سبوك وتويرت‪ ،‬وحجم الهتمام‬ ‫بهما يف احلياة اخلا�سة‪ ،‬وهل باتا �سروريني‬ ‫يف املجال املهني لرجال ال�سحافة ون�سائها؟‪..‬‬ ‫«الإع ��الم والع�سر» اقرتبت من الإعالميات‬ ‫والإعالميني العرب‪ ،‬وغا�ست معهم يف عاملي‬ ‫«التويرت» و«الفي�سبوك»‪ ،‬واعت�سرت اأفكارهم‬ ‫عن العاملني الفرتا�سيني اللذين كادا اأن يطغيا‬

‫زينب البحراين‪ :‬لي�س من العجيب‬ ‫م�شادفة اأ�شرار تنجم عن اإدمان تلك‬ ‫املواقع والجنراف يف تبذير الوقت‬ ‫عليها من دون حدود‪ ،‬منها عدم اإيجاد‬ ‫الوقت لإجناز مهام اأخرى‪ ،‬والتفريط يف‬ ‫التوا�شل الجتماعي املبا�شر مع الأهل‬ ‫والأ�شحاب‪ ،‬ون�شيان هوايات اأخرى‬

‫على العامل احلقيقي عند البع�س‪.‬‬ ‫اإن ع��دد امل�سرتكني العرب يف موقع التوا�سل‬ ‫الجتماعي «في�سبوك» يتجاوز الع�سرين مليون ًا‬ ‫ومئتني وع�سرين األف �سخ�س‪ ،‬وهو رقم ي�سري‬ ‫اإىل الرت �ف��اع يف ك��ل ثانية وحل�ظ��ة‪ ،‬لكن هذا‬ ‫امل��وق��ع ومناف�سه «ت��وي��رت»‪ ،‬ورغ��م انت�سارهما‬ ‫امل��رع��ب‪ ،‬اإل اأنهما ل ي ��زالن ي�ث��ريان الكثري‪،‬‬ ‫هذا ما دفع الأديبة والكاتبة ال�سعودية زينب‬ ‫علي البحراين اإىل القول‪« :‬اإنها رغم متابعتي‬ ‫با�ستمرار ل� «تويرت» و«في�سبوك» اإل اأين اأحاول‬ ‫عدم الجنراف نحو اإدمان ت�سفحهما ليل نهار‬ ‫لئال يفرت�سا اأوقاتي املخ�س�سة لإجناز اأعمال‬ ‫مهمة اأخرى»‪.‬‬ ‫وت�سيف‪ :‬اإنهما مفيدان بكل ت�اأك�ي��د‪ ،‬لأنهما‬ ‫وهباين فر�سة التعرف اإىل مبدعني واإعالميني‬ ‫م��ن خمتلف اأق �ط��ار ال��وط��ن ال�ع��رب��ي وب �ل��دان‬ ‫املهجر والتوا�سل معهم ومعرفة اجلديد من‬ ‫اأخبارهم واأخ�ب��ار منجزاتهم الأدب�ي��ة والفنية‬ ‫من دون عوائق كبرية ف�س ًال عن التوا�سل مع‬ ‫الأ�سدقاء‪ ،‬والتعرف اإىل مبدعني من جميع بقاع‬ ‫الأر���س‪ ،‬اإىل جانب التعبري عن اآرائي اخلا�سة‬ ‫بحر ّية غري حمدودة‪ ،‬عدا عن ال�سق الرتفيهي‬ ‫ُ‬ ‫والتعليمي املتمثل بالتعرف اإىل جوانب جديدة‬ ‫من الفكر وم�ستجدات احلياة‪.‬‬ ‫وت �وؤك��د زي �ن��ب‪« :‬ك��ل م��ا زاد ع��ن ح��ده انقلب‬ ‫� �س��ده»‪ ،‬ول نن�سى الأ���س��رار ال�ت��ي تنجم عن‬ ‫اإدمان تلك املواقع والجنراف يف تبذير الوقت‬


‫عليها من دون ح��دود‪ ،‬جم�سدة يف عدم اإيجاد‬ ‫الوقت لإجناز مهام اأ�سا�سية اأخرى‪ ،‬والتفريط‬ ‫يف ال�ت��وا��س��ل الج�ت�م��اع��ي امل�ب��ا��س��ر م��ع الأه��ل‬ ‫والأ� �س �ح��اب‪ ،‬ون�سيان ه��واي��ات جميلة تتطلب‬ ‫اخلروج عن اإطار العامل الفرتا�سي الإلكرتوين‬ ‫اإىل العامل الواقعي املتدفق باحلياة»‪.‬‬ ‫وت�سري اإىل اأن تلك ال�ساحات واملواقع ل زالت‬ ‫ت�ع��اين م��ن ح�سور بع�س اأع�سائها ال��ذي��ن ل‬ ‫يحرتمون اأ�سول احلوار احل�ساري‪ ،‬واأبجديات‬ ‫التعامل م��ع ال ��راأي الآخ��ر م��ن دون وق��اح��ة اأو‬ ‫تع�سب‪.‬‬

‫ال حدود للمعلومة‬ ‫اإن ال �ع �ل��م وال�ت�ك�ن��ول��وج�ي��ا‬ ‫وتطبيقاتهما كانا وما يزالن‬ ‫يف ت� �ط ��ور م �� �س �ت �م��ر‪ ،‬ي �ق��ول‬ ‫الإعالمي والباحث عبد القادر‬ ‫ب��وم�ي��دون��ة م��دي��ر م��رك��ز «وات ��ا»‬ ‫ل �ل��درا� �س��ات والأب� �ح ��اث البيئوية‬ ‫ع�سو اجلمعية الدولية للمرتجمني‬ ‫واللغويني ال �ع��رب‪ ،‬مو�سح ًا اأن العلم‬ ‫والتكنولوجيا مل يتعر�سا البتة لنك�سة اأو‬ ‫وعكة بل هما كما ال��ذري��ة بع�سهم من ظهور‬ ‫بع�سهم يف متوالية عددية ل تنتهي ل اليوم ول‬ ‫غد ًا‪.‬‬ ‫ويلفت اإىل اأن الإن���س��ان يبتكر ك��ل ي��وم طرقاً‬ ‫جديدة لتح�سني حياته اأر�س ًا وبحر ًا وجو ًا‪ ،‬فمن‬ ‫يظن اأنه �سوف يرى اأو ي�سمع اأن التطور العلمي‬ ‫والتكنولوجي قد و�سل اإىل حده الأق�سى فقد‬ ‫اأ�ساب فكره ال�سلل‪ ،‬مردف ًا‪ :‬واأما عن املوقعني‬ ‫«تويرت» و«في�سبوك»‪ ،‬فقد ي�سبحان بعد ع�سرية‬ ‫من الزمن فقط كما الآلة الكاتبة �سابق ًا «اهلل‬ ‫يذكرها بخري»‪.‬‬

‫خ�سائر كبرية‬ ‫لقد و�سل الأمر مع «التويرت» و«الفي�سبوك» اإىل‬ ‫ما ي�سبه الإدم��ان لكن زينب علي البحراين ل‬ ‫ت�ستبعد اإمكانية ال�ستغناء عنهما‪ ،‬وتوؤكد «ل‬ ‫يوجد �سيء يف احلياة غري ممكن»‪ ،‬مهما كان‬ ‫�سعب ًا اأو ل يتفق مع اإيقاع الع�سر‪ ..‬فهناك بلدان‬ ‫مازالت مواقع التوا�سل الجتماعي حمجوبة‬ ‫عنها كال�سني مث ًال‪ ،‬ومازالت احلياة الإعالمية‬ ‫فيها م�ستمرة من دون م�سكالت!‬ ‫وت�ستطرد‪ :‬لكن حماولة البتعاد عنهما متام ًا‬ ‫يف وطننا العربي قد ت �وؤدي اإىل خ�سائر كبرية‬ ‫يف التوا�سل مع زمالء املهنة ومبدعي احلرف‬ ‫الأنيق‪ ،‬ل �سيما مع انفجار ثورة الإع��الم التي‬ ‫تتطلب ت��واج��د ًا م�ستمر ًا وح���س��ور ًا مكثف ًا يف‬ ‫ع�سرنا احلا�سر‪ ،‬لأن كل غياب طويل يعطي‬ ‫م�ساحة كبرية لن�سيانك �سريع ًا واللتفات لأ�سماء‬ ‫اأخرى قد تكون اأقل منك موهب ًة واجتهاد ًا‪.‬‬

‫جدل وامل�سداقية‬ ‫اإن اجلدل الدائر اليوم ل يتناول حول ال�سيطرة‬ ‫على احلياة املهنية وال�سخ�سية لالإعالميني‬ ‫اإمنا يف كيفية ا�ستعمالها و ال�ستفادة منها وكذا‬ ‫املحاذير التي حتوم حولها ويف ال�سياق هذا تقول‬ ‫الإعالمية واملذيعة فاطمة بن حوحو اإن‪ :‬اأي‬ ‫�سحايف يعتمد على التوا�سل مبختلف اأ�سكاله‪،‬‬

‫زينب علي البحراين‬

‫اأ�صماء مرامرية‬

‫عبد القادر بوميدونه‪ :‬اإن الإن�شان‬ ‫يبتكر كل يوم طرقاً جديدة لتح�شني‬ ‫حياته اأر�شاً وبحراً وجواً‪ ،‬فمن يظن‬ ‫اأنه �شوف يرى اأو ي�شمع اأن التطور‬ ‫العلمي والتكنولوجي قد و�شل‬ ‫اإىل حده الأق�شى فقد اأ�شاب فكره‬ ‫ال�شلل‪ .‬واأما عن املوقعني «تويرت»‬ ‫و«في�شبوك»‪ ،‬فقد ي�شبحا بعد‬ ‫ع�شرية من الزمن فقط كما الآلة‬ ‫الكاتبة �شابقاً «اهلل يذكرها بخري»‬

‫واأما م�سادر املعلومات والأخبار فتبقى متنوعة‬ ‫ومن بينها املوقعون‪ ،‬فهما و�سيلتان ع�سريتان‬ ‫مهمتان يف حياتنا اليومية‪.‬‬ ‫وت�ستطرد‪ :‬تبقى الفائدة من هذه الو�سيلتني هي‬ ‫تو�سيع دائ��رة املعارف والعالقات الجتماعية‬ ‫والنت�سار‪ ،‬واأما الأ�سرار الكامنة فيهما‪ ،‬فتتمثل‬ ‫بانت�سار ظ��اه��رة الإ� �س��اع��ات وع��دم ال��دق��ة يف‬ ‫املعلومة والرتويج لالأخبار التي لي�ست بال�سرورة‬ ‫�سحيحة‪.‬‬ ‫وتختتم حديثها قائل ًة‪ :‬اأرى اأن العلم يتقدم‬ ‫وب�سرعة مده�سة وب��ال�ت��ايل ك��ل ��س��يء متوقع‬ ‫بخ�سو�س احتمال ظهور مواقع توا�سل جديدة‬ ‫ق��د حت��ول «الفي�سبوك» و«ت��وت��ري» اإىل مواقع‬ ‫تقليدية قدمية‪.‬‬

‫اإيلي �صيمون‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫ا�صتطالع‬

‫‪86‬‬

‫ي �ح��اول حم��اك��اة طريقة «الفي�سبوك»‪ ،‬ولكن‬ ‫ال�سوؤال هل �سي�ستطيع فعل ذلك؟‬

‫منهم وهو يت�سلل اإىل الغرف اخللفية‪ ،‬ليدخل‬ ‫املاخور ويتعلق مبجهول «اإلكرتوين»‪ ،‬مرة يناديه‬ ‫عرو�س البحر واأخرى �سندريال!!‬ ‫ويك�سف وحيد عن فكر ٍة راودت��ه اأك��رث من مرة‬ ‫ب �اأن يغلق ح�سابه‪ ،‬فرغم الفائدة اأن ت�سلك‬ ‫الأخبار يف حلظتها‪ ،‬اإل الثمن ال��ذي ميكن اأن‬ ‫تدفعه‪ ،‬كبري جد ًا «عالقات م�سبوهة‪ ،‬جت�س�س‬ ‫من طرف واحد‪..‬تهاو لهمم كنت حترتم فيها‬ ‫اأخالقها قبل اأن ي�سقط «اب��و الهول» يف �سارع‬ ‫الهرم الفاي�س بوكي‪.‬‬ ‫ويختتم ت�سريحه قائ ًال‪ :‬كثرية هي املواقف التي‬ ‫تدفعك للعودة اإىل عامل الورقة وقلم الر�سا�س‬ ‫هروب ًا من «الزيف»‪ .‬واأما بالن�سبة ل�«تويرت»‪ ،‬فاإن‬ ‫«الفي�سبوك» كفاين عن البحث عن حيز اآخر‪،‬‬ ‫ويكفيني ماحلقني من اأخيه حتى ل اأفكر فيه‪.‬‬

‫اإنعا�س القلوب‬ ‫ل خ��الف اإذن ب��ني الإع��الم�ي��ني والإع��الم�ي��ات‬ ‫حول اأن «في�سبوك» و«تويرت» وغريهما من مواقع‬ ‫التوا�سل الجتماعية باتت �سرورية وهو ما ما‬ ‫توؤكده الإعالمية واملذيعة بقناة الآن الف�سائية‬ ‫منى يو�سف ال�ت��ي تو�سح اأن ه��ذي��ن املوقعني‬ ‫يحتالن مكانة ذات اأهمية ق�سوى يف حياتها‬ ‫اخلا�سة واأي�س ًا حياتها العملية نظر ًا مليزتها‬ ‫التفاعلية‪ ،‬وما توفره من �سرعة احل�سول على‬ ‫املعلومة‪.‬‬ ‫وت�سيف‪ :‬اأن تلك املواقع الجتماعية و«الفي�سبوك»‬ ‫بالأخ�س‪ ،‬اأ�سهمت يف عملية اإنعا�س القلوب‬ ‫العربية يف ربيعها املفعم ب��ال �ث��ورات‪ ،‬وال��ذي‬ ‫اأط��اح ويطيح بجبابرة الطغيان‪ ،‬اإذ �سمحت‬ ‫هذه املواقع بالتوا�سل وبت�سدير اأخبار و�سور‬ ‫الثورات واحلراك ال�سعبي يف العامل العربي‪.‬‬ ‫غ��ري اأن ي��و��س��ف ت���س�ت��درك ق��ائ �ل � ًة‪ :‬اإن م��واق��ع‬ ‫التوا�سل الجتماعية �سالح ذو حدين فلكل �سيء‬ ‫ايجابياته و�سلبياته‪ ،‬ويبقى من واجبنا املوازنة‪،‬‬ ‫م�سرية اإىل اأن ال�ستفادة ال�سخ�سية متثلت يف‬ ‫قدرتها على الو�سول لأ�سدقاء قدامى مل تكن‬ ‫لت�سل لهم يف يوم من الأي��ام ف�س ًال اأن دورها‬ ‫يف التعرف على اأ�سدقاء ج��دد والتوا�سل مع‬ ‫الأقارب امل�سافرين‪.‬‬ ‫وت��رى الإعالمية يو�سف اإمكانية ظهور مواقع‬ ‫اجتماعية اأخرى‪ ،‬لكنها ل اأعتقد باأنها �ستتفوق‬ ‫على «في�سبوك» و«ت��وي��رت»‪ ،‬كما ه��و احل��ال مع‬ ‫موقع «ماي �سبي�س» اخلا�س ب� «الهومتيل» والذي‬

‫مق�س الرقيب‬ ‫م��ن زاوي ��ة م�غ��اي��رة‪ ،‬ي �وؤك��د ال�ك��ات��ب ال�سحايف‬ ‫بجريدة البالد اأ�سامة وحيد اإن «الفي�سبوك»‬ ‫ف�سا ٌء وا�س ٌع‪ ،‬يتخل�س عربه من �سيف الرقابة‬ ‫وال�ت��وازن��ات التي ترف�سها م�سالح اجلريدة‪،‬‬ ‫فمن خالله ميكنني اأن اأقفز على كافة اخلطوط‬ ‫احلمراء‪ ،‬لأ�سيغ راأيي من دون اعتبار للمفردات‬ ‫وللمعاين التي كثري ًا ما اأجل �اأ اإليها لكي اأراوغ‬ ‫مدير التحرير وكذلك رئي�س التحرير‪.‬‬ ‫وي �� �س �ت��درك‪ :‬يف «ال�ف�ي���س�ب��وك»‪ ،‬اأك���ون اأن ��ا ول‬ ‫«مق�س» غ��ريي‪ ..‬ما اأف�ك��ره فيه اأرم��ي به اإىل‬ ‫الأفق‪ ..‬هو كج�سر اأقطعه يومي ًا‪ ،‬حكاية جميلة‬ ‫بالن�سبة يل‪ ،‬فبالإ�سافة اإىل ما �سبق من حترر‪،‬‬ ‫فقد مكنني من اكت�ساف «مكنونات» بع�س من‬ ‫كنت اأقدرهم‪.‬‬ ‫ي�سبه وح �ي��د ال��واق��ع يف ع ��امل «ال�ف�ي���س�ب��وك»‬ ‫باجللو�س يف غرفة النوم‪ ،‬حيث يتحرر «البا�سا»‬ ‫من مالب�سه لريمي بكلمة ل يدير لها با ًل‪ ،‬فاإذا‬ ‫بها تك�سف �سخ�سيته دفعة واحدة‪ ،‬لفت ًا اإىل اأن‬ ‫هذا ما حدث فعلي ًا مع كثريين‪ ،‬فظهروا عرا ًة اإل‬ ‫من «خجلهم» ومالحمهم امل�ستعارة التي كثري ًا‬ ‫ما يلب�سونها مبجرد اأن يخرجوا ل�سارع النفاق‪.‬‬ ‫ويبني‪ :‬اإن «الفي�سبوك» و«تويرت» لي�سا حديقة‬ ‫وردية ول مدينة فا�سل‪ ،‬ف�سدمته متثلت بحجم‬ ‫احلرمان الذي اكت�سفته يف كثري من املثففني‪ ،‬ف�‬ ‫«الفي�سبوك» اأطاح بهمم يف الإعالم ويف الثقافة‬ ‫بعدما �سادفت يف م�سواري معه‪ ،‬كم من «كبري»‬

‫اإتيكيت االإنرتنت‬ ‫يف مقابل النظرة احل��ذرة ه��ذه‪ ،‬هناك وجهة‬ ‫نظر متفائلة جتاه �سبكات التوا�سل الجتماعي‬ ‫وميثلها الإعالمي وخبري الإتيكيت طارق عبد‬ ‫العزيز ال�سمريي الذي يوؤكد اأن ا�ستفادته من‬ ‫هذه املواقع كبرية جد ًا‪.‬‬ ‫يقول ال�سمريي‪ :‬ا�ستطعت اأن األتقي بغريي من‬ ‫الزمالء الإعالميني ونبني ج�سر ًا من التوا�سل‬ ‫الهادف والرثي يف عامل الإعالم‪ ،‬حتى باتت هذه‬ ‫املواقع كاملجال�س واملقاهي التي نلتقي يف ظلها‬ ‫ونتناق�س بعدة اأمور‪ ،‬بل من خاللها ا�ستطعت اأن‬ ‫اأ�سل اإىل العديد من امل�سادر واملعلومات التي‬ ‫ت�سهم يف ال�سبق الإعالمي‪.‬‬

‫طارق عبد العزيز ال�صمريي‬

‫طارق عبد العزيز ال�صمريي‬

‫حياة عمور‬


‫وي �ت��اب��ع‪ :‬ط�ل��ع م��ن خ��الل ه��ذه ال��و��س��ائ��ل على‬ ‫امل�ستجدات اأو ًل ب� �اأول‪ ،‬ل��ذا اأن��ا م��ن متابعيها‬ ‫با�ستمرار من خالل جهاز املوبايل اأو الكومبيوتر‬ ‫املحمول‪ ،‬م�سيف ًا «اأما بخ�سو�س �سلبياتها‪ ،‬فهي‬ ‫تكمن غالب ًا يف جهل ثقافة اتيكيت الإنرتنت‬ ‫والتعامل مع �سفحات الفي�سبوك من خالل ن�سر‬ ‫ال�سور اأو غريها من الأمور يف �سفحتك بدون‬ ‫اإذنك وقد ت�سيء هذه الأ�سياء ل�سخ�سك اأمام‬ ‫الآخرين‪.‬‬ ‫غربة اإعالمي‬ ‫ومن باب الغربة والبعد عن الأهل والأ�سحاب‬ ‫اأط ��ل الإع ��الم��ي وامل��ذي��ع ك �م��ال ع �م��ان بقناة‬ ‫رو�سيا اليوم من مدينة مو�سكو ليوؤكد اأن مواقع‬ ‫التوا�سل الجتماعي تتيح له فر�سة التوا�سل مع‬ ‫عدد كبري من الأ�سدقاء والزمالء عرب العامل‪،‬‬ ‫مردف ًا «اإن بع�س اأ�سدقاء الدرا�سة والطفولة‬ ‫ال��ذي��ن ف�ق��دت الت���س��ال بهم توا�سلت معهم‬ ‫جمدد ًا بف�سل «الفي�سبوك»‪.‬‬ ‫ويو�سح اإن بع�س الأخ�ب��ار والأح ��داث ت�سلني‬ ‫ع��رب ح�سابي يف «ت��وي��رت» قبل وك ��الت الأن�ب��اء‬ ‫والف�سائيات التي تتاأخر اأحيان ًا يف نقل اخلرب‪،‬‬ ‫والأمر ذاته ينطبق على «الفي�سبوك»‪.‬‬ ‫لكن اإمكانية التوا�سل مع الأ��س��دق��اء والأه��ل‬ ‫والأخبار العاجلة التي توفرها مواقع التوا�سل‬ ‫الجتماعي ل تعني وفق ال�سحايف كمال عمان‬ ‫الن�سياق وراءها بطريقة عمياء‪ ،‬موؤكد ًا حر�سه‬ ‫على احل�ف��اظ على خ�سو�سيته‪ ،‬فلي�ست اأي‬ ‫معلومة قابلة للن�سر‪ ،‬ولي�س كل طالب لل�سداقة‬

‫عبد القادر بوميدونة‬

‫فاطمة بن حوحو‪ :‬اإن اأي �شحفي يعتمد على‬ ‫التوا�شل مبختلف اأ�شكاله‪ ،‬واأما م�شادر املعلومات‬ ‫والأخبار فتبقى متنوعة ومن بينها املوقعون‪ ،‬فهما‬ ‫و�شيلتان ع�شريتان مهمتان يف حياتنا اليومي‪ ،‬وتبقى‬ ‫الفائدة من هذه الو�شيلتني هي تو�شيع دائرة املعارف‬ ‫والعالقات الجتماعية والنت�شار‪ ،‬واأما الأ�شرار‬ ‫الكامنة فيهما‪ ،‬فتتمثل بانت�شار ظاهرة الإ�شاعات‬ ‫وعدم الدقة يف املعلومة والرتويج لالأخبار‬ ‫التي لي�شت بال�شرورة �شحيحة‬

‫مقبو ًل قبل التمحي�س يف معلوماته بح�سب‬ ‫تعبريه‪.‬‬ ‫وي �وؤك��د وج ��ود الكثري م��ن اأ��س�ح��اب الأ��س�م��اء‬ ‫وال�سور امل�ستعارة‪ ،‬معلن ًا رف�سه التعامل مع‬ ‫اأ�سخا�س جمهولني‪ ،‬ورفع �سعار «لي�س كل من‬ ‫اأق�ب��ل �سداقته م�سموح ل��ه ب��الط��الع على كل‬ ‫من�سوراتي»‪.‬‬ ‫واأم� ��ا ف�ي�م��ا ت�ع�ل��ق ب�اإم�ك��ان�ي��ة ال��س�ت�غ�ن��اء عن‬ ‫«في�سبوك» و«ت��وي��رت»‪ ،‬فيلفت املذيع كمال اإىل‬ ‫اأن حالها كحال الهاتف النقال والتلفزيون‬ ‫وال�سيارة وغريها من املبتكرات التكنولوجية‬ ‫التي ت�سللت اإىل حياتنا والتي نت�ساءل اليوم كيف‬ ‫كانت حياتنا قبل اخرتاعها والكثري منا اليوم ل‬ ‫يت�سور حياته ب��دون هاتف نقال اأو بيته بدون‬ ‫تلفزيون اأو �سيارة‪ ،‬لكننا يف النهاية ن�ستفيد من‬ ‫خدماتها ولن منوت بدونها‪.‬‬

‫حواجز جغرافية‬ ‫واأما ال�سحايف والنا�سط ال�سبابي حممد عالل‪،‬‬ ‫ف��ريوي ق�سته مع مواقع التوا�سل الجتماعي‬ ‫باإيقاع ممتع قائ ًال‪« :‬تربطني عالقة قوية مع‬ ‫«الفي�سبوك»‪ ،‬خالف ًا ل� «التويرت» الذي ل اأملك‬ ‫فيه ح�ساب ًا‪ ،‬بينما دخلت عامل الأول عام ‪2007‬‬ ‫حمل ا�سمي احلقيقي‪.‬‬ ‫ويوا�سل عالل‪ :‬لقد اأ�سبح اليوم جزء ًا ل يتجزاأ‬ ‫من حياتي اليومية والإعالمية مع ما يقدمه يل‬ ‫من خدمة التوا�سل مع العامل ومعرفة دقيقة عن‬ ‫حقيقة الأو�ساع يف العامل العربي بعك�س التقارير‬ ‫الإعالمية التي تركز على اخلرب واحلدث فقط‪.‬‬ ‫ويبني ال�سحايف النا�سط حر�سه على اأن يكون‬ ‫معظم اأ�سدقائه يف «الفي�سبوك» من الو�سط‬ ‫الإعالمي العاملي والعربي‪ ،‬حتى ي�سمن توا�س ًال‬ ‫اإع��الم �ي � ًا اأك ��رب وت �ب��ادل للمعارف امل�سرتكة‪،‬‬ ‫م�سري ًا اإىل اأن املوقع ال�سهري قد ك�سر احلواجز‬

‫فاطمة بن حوحو‬

‫فوزي �صعد الله‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫اجلغرافية ومكن العامل من التوا�سل الدائم‬ ‫باأقل تكلفة‪.‬‬ ‫وي ��ردف‪ :‬اإن�ن��ا ال�ي��وم نت�سارك يف الهتمامات‬ ‫ونتبادل اخلربات وحتى امل�ساعر التي تعرب عليها‬ ‫بال�سغط على زر «اأعجبني» وننتج التعليقات‬ ‫التي ت�سنع جو ًا حميمي ًا بني الأ�سدقاء بطريقة‬ ‫تف�سي اإىل العزلة الجتماعية‪ ،‬فعربه متكنت‬ ‫من التوا�سل مع زمالء الدار�سة القدامى الذين‬ ‫مل اأكن اأ�سمع عن اأخبارهم منذ زمن‪ ،‬كما اأنه‬ ‫�سمن يل التوا�سل الدائم مع اأ�سدقاء يف م�سر‬ ‫الذين در�ست معهم وعملت معهم اأي�س ًا‪.‬‬ ‫واأم��ا عن اأ�سرار «الفي�سبوك»‪ ،‬فيقول‪ :‬ل �سك‬ ‫اأن كل و�سيلة لديها عيوب ومميزات‪ ،‬ورغم اأن‬ ‫املوقع وا�سع النت�سار يعرف على اأنه اأحد و�سائل‬ ‫التوا�سل الجتماعي‪ ،‬اإل اأن من عيبه اأن يق�سى‬ ‫على التوا�سل الجتماعي احلقيقي فق�ساء‬ ‫اأوق��ات طويلة اأم��ام �سا�سة الكمبيوتر اأ�سبحت‬ ‫ال�سمة الغالبة يف املجتمعات احلديثة‪.‬‬ ‫ويلفت اإىل اأن «الفي�سبوك» ي�ستهلك الكثري‬ ‫م��ن ال��وق��ت على ح�ساب ال�ستمتاع باخلروج‬ ‫يف الف�سح واجل��ولت واللقاءات العائلية‪ ،‬لقد‬ ‫اأ�سبحنا اأكرث حر�س ًا للح�سول على انطباعات‬ ‫اإيجابية من اأ�سدقاء «الفي�سبوك» الفرتا�سيني‬ ‫على احل�سول على انطباعات من الأ�سخا�س‬ ‫احلقيقيني ال��ذي��ن يعي�سون حولنا كاجلريان‬ ‫وزم��الء العمل‪ ،‬وعموم ًا تبقى ميزة وعيب كل‬ ‫و�سيلة يف �سلوك امل�ستخدم‪.‬‬

‫ا�صتطالع‬

‫‪88‬‬

‫اأ�شامة وحيد‪« :‬الفي�شبوك»‬ ‫ف�شا ٌء وا�ش ٌع‪ ،‬يتخل�س عربه «من �شيف‬ ‫الرقابة والتوازنات الذي ترف�شها م�شالح‬ ‫اجلريدة»‪ ،‬فمن خالله ميكنني اأن اأقفز‬ ‫على كافة اخلطوط احلمراء‪ ،‬لأ�شيغ‬ ‫راأيي من دون اعتبار للمفردات وللمعاين‬ ‫التي كثرياً ما اأجلاأ اإليها لكي اأراوغ مدير‬ ‫التحرير وكذلك رئي�س التحرير‬

‫راأ�س على عقب‬ ‫م��اذا ل��و مت غلق موقع «الفي�سبوك»‪ ،‬يت�ساءل‬ ‫ال�سحايف والنا�سط حممد عالل لي�سارع اإىل‬ ‫الرد «اإن حياة املاليني �سوف تتغري راأ�س ًا على‬ ‫عقب وحينها �سوف ن�ستقر عند مرحلة جديدة‬ ‫من البحث عن و�سيلة اأقوى تعو�سنا عنه‪ ،‬م�سري ًا‬ ‫اإىل اأن التجارب الإن�سانية توؤكد اأن تكنولوجيا‬ ‫التوا�سل الجتماعي تتطور على ح�ساب بع�سها‬ ‫البع�س‪.‬‬ ‫وي�ستطرد‪ :‬يف اعتقادي اأن الو�سيلة القادمة‬ ‫ملا بعد «الفي�سبوك» و«ت��وت��ري» لن ت�ستطيع اأن‬ ‫تنجح اإل بعد اأن ت�سمن احلفاظ على امتيازات‬ ‫وخ�سائ�س الو�سيلة القدمية‪ ،‬اإذ يبقى عن�سر‬ ‫ال�سرعة والتكلفة هو م�سدر جناح الو�سائل‪،‬‬ ‫فالهاتف املحمول ج��اء على اأنقا�س الهاتف‬ ‫الثابت وجنح لأنه حافظ على مميزات القدمي‬

‫وقدم مميزات اإ�سافية‪.‬‬ ‫وي �� �س��ري اإىل اأن الأم � ��ر ذات� ��ه ي�ن�ط�ب��ق على‬ ‫«الفي�سبوك» ال��ذي ميتاز ب�اأن��ه يختزل جميع‬ ‫و�سائل التوا�سل القدمية من الر�سائل واملكاملات‬ ‫وال�سورة والفيديو وكل ذلك باأقل تكلفة وب�سرعة‬ ‫اأكرب‪.‬‬ ‫غري اأن الواقع يظهر اأن لي�س جميع الإعالميني‬ ‫مبهورين مبواقع التوا�سل الجتماعي ومندجمني‬ ‫معها فالباحث والإعالمي فوزي �سعد اهلل املقيم‬ ‫يف باري�س يقول‪ :‬ل عالقة يل ب�«تويرت» وبقية‬ ‫املواقع با�ستثناء «الفي�سبوك»‪ ،‬بل اإن هذا الأخري‬ ‫اأي�س ًا ل اأعتربه �سروري ًا بقدر ما اأفتحه من حني‬ ‫لآخر على �سبيل الف�سول وللتوا�سل ال�سخ�سي‬ ‫مع بع�س الأ�سدقاء ل اأكرث‪.‬‬ ‫ويعتقد �سعد اهلل اأن هذه املواقع مل تقدم له اأية‬ ‫خدمة يف املجال املهني‪ ،‬م�سري ًا اإىل اأن بالإمكان‬ ‫ال�ستغناء عنها لوجود خيارات وبدائل كثرية‬ ‫اأخ��رى للتوا�سل مع الأ�سدقاء ولالطالع على‬ ‫امل�ستجدات‪.‬‬ ‫منافع‪ ..‬واأ�سرار‬ ‫الفي�سبوك والتويرت لي�ست األعاب كومبيوتر كما‬ ‫يعتقد البع�س ممن ل يزالون بعيدين عن هذا‬ ‫العامل الفرتا�سي‪ ،‬واإمنا هما و�سيلة عمل فعالة‬ ‫و�سريعة‪ ،‬هذا ما توؤكده نائب رئي�س حترير جملة‬ ‫حواء ال�سادرة بالقاهرة �سمر الد�سوقي التي‬ ‫اعتربت اأن مواقع التوا�سل الجتماعي اأ�سبحت‬ ‫طريقها للح�سول على املعلومات والتي ت�سهد‬ ‫انت�سارها قبل اأي و�سيلة اإعالمية اأخرى‪.‬‬ ‫ت �ق��ول ال��د� �س��وق��ي‪ :‬ك �اإع��الم �ي��ة اأع� ��رتف اأن�ن��ي‬

‫كمال عمان‬

‫حممد عالل‬


‫كثري ًا ما اأح�سل على املعلومات والأخ�ب��ار من‬ ‫مواقع التوا�سل الإعالمي قبل و�سائل الإعالم‬ ‫التقليدية لذا اأحر�س على ت�سفحهما قبل النوم‬ ‫يومي ًا‪ ،‬لأن هذا ميدين اأي�س ًا ب�سورة تف�سيلية‬ ‫عن ردود اأفعال املواطن العادي والتي �ستبداأ يف‬ ‫الظهور على ال�ساحة يف اليوم التايل بناء على‬ ‫احلدث نف�سه وما مت تبادله من روؤى ووجهات‬ ‫نظر حوله‪.‬‬ ‫وتلفت اإىل اأن هذه العملية تنطوي على بع�س‬ ‫املخاطر‪ ،‬لكرثة ما يتم بثه من �سائعات‪ ،‬مما‬ ‫يوجب على الإعالمي اأن يعتربها جمرد حمطة‬ ‫للح�سول على املعلومة ومداها‪ ،‬ومن ثم يبحث‬ ‫بنف�سه ويتاأكد من مدى �سحة اأي معلومة يتم‬ ‫تداولها اإلكرتوني ًا من م�سادرها‪.‬‬

‫واأجنبية‪ ،‬ومن ثمة الط��الع اأك��رث على خربات‬ ‫مهنية اأ�سهمت يف تطوير امل�ستوى الذي بداأت‬ ‫ب��ه‪ ،‬م��رة اإىل ا�ستحالة ال�ستغناء ع��ن هذين‬ ‫املوقعني كونهما اأ�سبحا و�سيلة «من�سطة» للو�سط‬ ‫الإعالمي‪.‬‬ ‫وت ��ردف‪ :‬ق��د تظهر ب��دائ��ل لهما على امل�ستوى‬ ‫البعيد‪ ،‬فكل م��ا ي�سهم يف فعالية التوا�سل‬ ‫وحتريك املعلومة ب�سكل اأو�سع بتقنيات اأف�سل‬ ‫مبا�سرة ي�سبح حمط اأنظار الإعالميني على‬ ‫�سبيل التخ�سي�س‪.‬‬ ‫اإن اأغلب الإعالميني اجتماعيون بطبعهم‪ ،‬فمن‬ ‫النادر اأن يكون الإعالمي اإنطوائي ًا منزوي ًا اإل‬ ‫من �سذ عن القاعدة‪ ،‬وم��ن ه��ذا الباب ت�سدد‬ ‫املذيعة حياة عمور على اأهمية يف التوا�سل مع‬ ‫الآخرين كونها تويل اهتمام ًا كبري ًا للعالقات‬ ‫الإن�سانية وهو ف�ساء كبري للنقا�س‪.‬‬ ‫وبح�سبها‪ ،‬فاإن الأمر لي�س مهم ًا اأو اأ�سا�سي ًا على‬ ‫امل�ستوى املهني‪ ،‬م�سري ًا اإىل اأن «الفي�سبوك»‬ ‫�ساعدها يف اخلروج من املواقف الر�سمية وك�سر‬ ‫العديد من التابوهات من خالل النقا�سات التي‬ ‫يفتحها هذا الأخريمن تقارب وتعارف بني كل‬ ‫الثقافات والأدي��ان وهو ف�ساء لربط العالقات‬ ‫الجتماعية والإن�سانية‪.‬‬

‫اإعالمي انطوائي‬ ‫مبداأ التوا�سل هو دائم ًا حمور النطالق نحو‬ ‫اكت�ساب بداية عملية يف برنامج اأي اإعالمي‬ ‫يبحث ع��ن خ�ب��اي��ا ال��وج��ه الآخ� ��ر اأوال �� �س��ورة‬ ‫الأخرى بني كل ما ميتلكه من مدخالته اخلا�سة‬ ‫من املعلومات‪ ،‬وكاإعالمية تقول نهاد اآيت اإدير‪:‬‬ ‫اإن حجم اهتمامي بهذين املوقعني قد تعدى‬ ‫حدوده من الروتني اليومي اإىل �سرورة خا�سة‬ ‫تنح�سر يف متابعة كل ما ميت �سلة باملجال‬ ‫املذكور من جهة‪ ،‬وتبادل الأفكار والأطروحات‬ ‫املتعلقة بامل�ستجدات التي ن�سايرها باأقالمنا يف‬ ‫ال�سحافة املكتوبة من جهة اأخرى‪.‬‬ ‫وت�ستدرك‪ :‬اإن «في�سبوك» و«ت��وي��رت» اأت��اح��ا يل‬ ‫فر�سة التوا�سل م��ع اأ��س�م��اء اإع��الم�ي��ة عربية‬

‫اأجيال ال تكتفي‬ ‫واأخ���ري ًا ي�اأت��ي ��س��وت �سبابي اأو م��ن اأ�سبحوا‬ ‫يحملون �سفة «ن�سطاء �سبابيني» وهي ال�سفة‬ ‫التي اأ�سهمت �سبكات التوا�سل الجتماعي يف‬ ‫تر�سيخها كم�سطلح وكواقع‪ ،‬فتقول النا�سطة‬

‫نهاد اآيت ايدير‬

‫منى يو�صف‬

‫اأ�سماء مرامرية‪ :‬ب�سفتي نا�سطة �سبابية اأتعامل‬ ‫ب�سكل دائم مع «الفي�سبوك» و«تويرت»‪ ،‬واأرى اأن‬ ‫هذه املواقع الجتماعية فر�ست علينا التعامل‬ ‫معها حيث اإنها اأ�سبحت بوابة بال حدود للتفتح‬ ‫على الآخر والتعامل معه‪.‬‬ ‫وتوؤكد‪ :‬اأن التكنولوجيا كغريها من الأ�سياء اإذا‬ ‫اأح�سنا ا�ستعمالها عادت علينا باخلري والعك�س‬ ‫�سحيح‪ ،‬اأم��ا يف ما يخ�س اإمكانية ال�ستغناء‬ ‫ع�ن�ه��ا ف��ال اأع�ت�ق��د ذل��ك ف�ه��ذه امل��واق��ع مكان‬ ‫جيد للتوا�سل والتعارف من اأجل تبادل الآراء‬ ‫والنقا�س اأي ت�سبه املنتديات املفتوحة فقط يجب‬ ‫معرفة كيفية التحكم فيها العامل يف تقدم وتطور‬ ‫�سريع‪ ،‬م�سرية اإىل اأن الأجيال التي �سبقتنا ما‬ ‫كانت تعرف هذه املواقع ورمبا الأجيال القادمة‬ ‫لن يكفيها الفي�سبوك وتويرت و�ستخرتع ما هو‬ ‫اأقوى منها‪.‬‬ ‫وتختتم حديثها قائلة‪ :‬مثلما اختفت الر�سالة‬ ‫القادمة اإلينا عرب موزع الربيد يف «مظروف»‬ ‫حتمل الأخ �ب��ار ومثلما غابت «الآل ��ة الراقنة»‬ ‫و�سارت ن�سي ًا من�سي ًا قد ياأتي زمن يختفي فيه‬ ‫الكومبيوتر‪ ،‬بل اإن البع�س بداأ ير�سح الكومبيوتر‬ ‫املكتبي لالختفاء‪ ،‬وترك املجال اأمام الكومبيوتر‬ ‫اللوحي ال��ذي �سيعو�س ال�سبورة يف املدار�س‬ ‫اأي�س ًا‪ ،‬مردف ًة‪ :‬اإن رجال الإعالم هم يف اخلط‬ ‫الأول من جبهة عامل الت�سال فاإنهم هم اأول‬ ‫من يتاأثر اإيجاب ًا اأو �سلب ًا بها‪ ،‬تفاع ًال معها اأو‬ ‫اغرتاب ًا ورف�س ًا‬

‫ممد عالل‪:‬‬ ‫اإن ما يعيب هذه الواقع‬ ‫ق�شاءها على التوا�شل‬ ‫الجتماعي احلقيقي‪ ،‬فق�شاء‬ ‫اأوقات طويلة اأمام �شا�شة‬ ‫الكمبيوتر اأ�شبحت ال�شمة‬ ‫الغالبة يف املجتمعات احلديثة‪،‬‬ ‫و«الفي�شبوك» ي�شتهلك منا‬ ‫الكثري من الوقت على ح�شاب‬ ‫ال�شتمتاع باخلروج يف الف�شح‬ ‫واجلولت واللقاءات العائلية‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫بعد انت�شار‬ ‫«تويرت» و«في�شبوك»‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫حتقيق‬

‫‪90‬‬

‫اإلعالميون‬ ‫والفنانون العرب‪..‬‬

‫عالقة تقهقر وجفاء اأم منو وازدهار؟‬ ‫رجاء مرهون‬ ‫�صهدت مواقع التوا�صل الجتماعي ح�صورا ً‬ ‫وتواجدا ً مطردا ً للفنانني واملطربني واملمثلني العرب‬ ‫يف الآونة الأخرية‪ ،‬وت�صدر امل�صهد الفني على‬ ‫«تويرت» و«في�صبوك» جنوم عرب كان بع�صهم عازفا ً‬ ‫ومقال ً يف ظهوره الإعالمي‪ ،‬فيما اأ�صبح اليوم‬ ‫ح�صوره يف هذه املواقع يومياً‪ ،‬وتفاعله مع خمتلف‬ ‫الأحداث مبا�رصا ً و�رصيعاً‪.‬‬ ‫ومع ظهور هذه املوجة اجلديد‪ ،‬اأ�صار عدد من‬ ‫املوؤ�ص�صات الإعالمية وال�صحف واملجالت يف‬ ‫تقاريره اإىل اأن الفنانني اليوم �صبه عازفون عن‬ ‫الت�رصيح اإليهم حول اآخر التطورات والأحداث‬ ‫واخلطوات يف م�صريتهم الفنية وحياتهم اخلا�صة‪.‬‬

‫ولفت بع�س التقارير ال�سحافية املتهكمة اإىل‬ ‫اأن «تويرت» حتديد ًا اأ�سبح �ساحة قتال مفتوحة‬ ‫بني الفنانات وبع�سهن البع�س‪ ،‬كما اأن اجلمهور‬ ‫املتابع لهن‪ ،‬مل ي�سلم من �سهام التجريح والردود‬ ‫العنيفة‪ ،‬م�سريين يف الوقت ذاته اإىل اأن اأغلب‬ ‫ه �وؤلء امل�ساهري ي�سعون معلومات وتفا�سيل‬ ‫هام�سية‪ ،‬بخالف ما كان يطرح �سمن ر�سالة‬ ‫احلوار ال�سحفي واللقاء التلفزيوين‪.‬‬ ‫«الإعالم والع�سر» �ساألت عدد ًا من ال�سحافيني‬ ‫النا�سطني ب��دوري��ات مطبوعة �سادره يف دول‬ ‫اخلليج العربي‪ ،‬حول التاأثري الذي األقته املوجه‬ ‫اجلديدة على عالقتهم بامل�ساهري والفنانني‪،‬‬

‫تامر عبداحلميد‪:‬‬ ‫عززت التحولت يف عامل الت�شال العمل‬ ‫الإعالمي‪ ،‬واأَثرت التحقيقات والتقارير‬ ‫حول الو�شط الفني‪ ،‬ومل ت�شهم يف ت�شرر‬ ‫اأو �شعف العالقة بني الفنانني امل�شاهري‬ ‫والإعالميني كما يذهب البع�س‬ ‫طارق البحار‪ :‬مواقع التوا�شل الجتماعي‬ ‫مل ت�شهم يف زعزعة وخلخلة العالقة بني‬ ‫الإعالمني وامل�شاهري‪ ،‬فاملعرفة ال�شخ�شية‬ ‫والثقة هي العوامل احل�شم يف تعاطي الفنان‬ ‫مع ال�شحايف اأو الإعالمي وتزويده باملعلومة‬ ‫احل�شرية‪ ،‬وهذه العنا�شر مل تتغري بح�شور‬ ‫«تويرت» اأو «في�س بوك»‬

‫ومدى تاأثري التوجه اجلديد على اأدائهم واملنتج‬ ‫والر�سالة الإعالمية اأي�س ًا‪ ،‬كما حاولت معهم‬ ‫اأن تقيم املحتوى املطروح يف و�سائل الإع��الم‬ ‫اجلديد والتي تدار ب�سكل �سخ�سي وفردي‪.‬‬ ‫اإجازة �سيفية‬ ‫يف البداية‪ ،‬ا�ستطلعنا راأي رئي�س ق�سم الأخبار‬ ‫الفنية مبجلة «امل��راأة اليوم» تامر عبداحلميد‬ ‫ال��ذي نفى نفي ًا قاطع ًا اأن يكون وج��ود و�سائل‬ ‫التوا�سل الجتماعي قد اأثرت �سلب ًا على عالقة‬ ‫الفنانني وامل�ساهري مبحرري الأخبار الفنية‪،‬‬ ‫م�سري ًا اإىل اأنه ا�ست�سعر عك�س ذلك‪ ،‬بل اإن هذا‬ ‫التطور قد عزز من العالقة واملنتج الإعالمي‬ ‫على حدٍ �سواء‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬اإن وجود مواقع �سهرية ك�»تويرت» و«في�س‬ ‫بوك» اأدى اإىل الت�سهيل على ال�سحايف يف طريقه‬ ‫ملعرفة اآخر اأخبار الفنانني �سواء كانت �سخ�سية‬ ‫اأو عملية‪ ،‬من دون احلاجة اإىل الت�سال بهم‬ ‫ب�سيغة مبا�سرة‪.‬‬ ‫واأردف‪ :‬اإن ه��ذه ال�ت�ح��ولت يف عامل‬ ‫الت �� �س��ال ع ��ززت ال�ع�م��ل الإع��الم��ي‬ ‫واأث��رت التحقيقات والتقارير عن‬ ‫الو�سط الفني‪ ،‬ومل ت�سهم يف ت�سرر‬ ‫العالقة اأو انح�سارها و�سعفها كما‬ ‫يذهب البع�س‪.‬‬ ‫وت��اب��ع ق��ائ � ًال‪ :‬اإن �ن��ا الآن نعي�س‬ ‫اأجواء الإجازة ال�سيفية والظهور‬ ‫الإعالمي للفنانني حمدود يف هذه‬ ‫ال�ف��رتة‪ ،‬اإل اأن ال�سحايف املتابع‬ ‫ميكن اأن يعرف املكان الذي ي�سافر‬


‫اإل�ي��ه ك��ل فنان ع��رب ال�سور التي ي�سعها على‬ ‫و�سائل التوا�سل الجتماعي‪ ،‬وبعد عودته من‬ ‫الرحلة‪ ،‬ميكننا التوا�سل معه عرب الهاتف ملعرفة‬ ‫بع�س املعلومات عن الرحلة وما نتج عنها‪.‬‬ ‫عزوف الفنانات!‬ ‫واأ� �س��ار اإىل اأن و�سائل التوا�سل الجتماعي‬ ‫اأ�سبحت اإح��دى م�سادر املعلومات بالن�سبة‬ ‫لل�سحايف‪ ،‬م�سيفا «لكنها لي�ست م�سدر ًا رئي�س ًا‪،‬‬ ‫ل�سيما واإن الفنان ين�سر هذه املعلومات على‬ ‫املالأ‪ ،‬لذا �سيكون الأمر �سعب ًا على ال�سحايف اأن‬ ‫يح�سل على معلومة خا�سة به تظهر تفرده عن‬ ‫غريه»‪.‬‬ ‫ورف�س عبداحلميد ما تطرحه بع�س التقارير‬ ‫الإعالمية من اعتماد الفنانات على ا�ستخدام‬ ‫ه��ذه الو�سائل لن�سر حتركاتهن واأخ�ب��اره��ن‪،‬‬ ‫وبالنتيجة عزوفهن عن الت�سريح لل�سحافيني‬ ‫والإعالميني‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬رغم وجود بع�س احل�سابات اخلا�سة على‬ ‫مواقع التوا�سل الجتماعي‪ ،‬اإل اأنني اأ�ستطيع‬ ‫اجلزم باأن هناك بع�س التحركات ال�سخ�سية‬ ‫واخل��ا��س��ة ج��د ًا ال�ت��ي ي�سعب على اأي فنانة‬ ‫ن�سرها على مثل ه��ذه احل�سابات‪ ،‬واأغلبهن‬ ‫يف�سلن البوح بهذه املعلومات لو�سائل الإعالمية‬ ‫املكتوبة‪.‬‬ ‫وبالن�سبة ملحتوى هذه املواقع‪ ،‬قال عبداحلميد‪:‬‬ ‫اإن ما يقدمنه من معلومات قد تكون ذات قيمة‬ ‫عالية عند البع�س‪ ،‬اإل اأن لي�س لها اأهمية عند‬ ‫اآخرين‪.‬‬ ‫اأقوى‪ ..‬واأمنت‬ ‫من جانبه‪ ،‬اأكد رئي�س ق�سم املنوعات بجريدة‬ ‫«ال �ب��الد» البحرينية ط��ارق البحار اأن عالقة‬ ‫الفنانني واملمثلني باملحررين املتخ�س�سني‬ ‫بال�سوؤون الفنية اأ�سبحت بف�سل و�سائل التوا�سل‬ ‫الجتماعي اأقوى واأمنت‪.‬‬ ‫واأ�سار اإىل اأن التاأثري طال ال�سحافيني والعاملني‬ ‫يف املجال الإعالمي و�سمل الفنانني اخلليجيني‬ ‫والعرب والأج��ان��ب‪ ،‬مبين ًا اأن النت�سار الوا�سع‬ ‫لل�سبكات الجتماعية يف املنطقة جعل ا�ستغالل‬ ‫هذه الو�سيلة ال�سهلة والرائجة يف متناول اجلميع‬ ‫وب�سغطة زر واحد فقط‪.‬‬ ‫ول�ف��ت اإىل ع��الق��ات��ه اجل �ي��دة م��ع ال�ع��دي��د من‬ ‫الفنانني والفنانات داخل وخارج الوطن العربي‪،‬‬ ‫ُمو�سح ًا اأن و�سائل التوا�سل الجتماعي �سهلت‬

‫عمرو دياب يقاطع الإعالم ويتخاطب مع جمهوره مبا�رصة‬

‫باطما تلجاأ لالإعالم التقليدي بعد اأن اأثارت �صفحتها زوبعة‬

‫من و�سوله ل�سركات النتاج الفني يف هوليود‪،‬‬ ‫حيث اأ�سحى على عالقة باملمثلني واملغنيني‬ ‫هناك‪ ،‬ويعرف اأخبارهم خطوة بخطوة‪ ،‬الأمر‬ ‫الذي اأثر على اأدائه ك�سحايف وعلى ال�سفحات‬ ‫الفنية اليومية التي ي�سرف عليها‪.‬‬ ‫واأردف‪ :‬بعد اأن كنت اأعتمد على الرتجمة من‬ ‫املجالت الفنية والوكالت الإخبارية يف ال�سابق‪،‬‬ ‫اأ�سبحت الآن اأخذ جزء ًا كبري ًا من اأخباري من‬ ‫املواقع الر�سمية لهوؤلء النجوم الذين اأر�سل‬ ‫لهم ن�سخ ًا مما اأن�سره عنهم واإن كانت مكتوبة‬ ‫بالعربية!‬ ‫ولفت اإىل اأن «تويرت»‪ ،‬و«في�س ب��وك» وغريهما‬ ‫باتت م�سادر للح�سول على الأخ�ب��ار واإع��داد‬ ‫تقارير ال�سحافيني والإعالميني ممن يحر�سون‬ ‫على مواكبة اآخر التطورات والتغريات يف عامل‬ ‫الإعالم والت�سال‪.‬‬ ‫معرفة �سخ�سية‬ ‫وق� ��ال‪ :‬ب��ال��رغ��م م��ن ��س�ع��وب��ة احل �� �س��ول على‬ ‫احل�سابات احلقيقية و�سط الكم الهائل من‬ ‫امل��واق��ع غري الر�سمية لع�ساق ه �وؤلء النجوم‪،‬‬

‫ولكني اأجدها مفيدة وتغذي املعلومات اخلا�سة‬ ‫عن الفنانني كم�سدر يومي متنوع‪.‬‬ ‫واأك��د البحار اأن م��واق��ع التوا�سل الجتماعي‬ ‫مل ت�سهم يف زع��زع��ة وخ�ل�خ�ل��ة ال �ع��الق��ة بني‬ ‫الإعالميني وامل�ساهري‪ ،‬م�سري ًا اإىل اأن العالقة‬ ‫واملعرفة ال�سخ�سية والثقة هي العوامل احل�سم‬ ‫يف تعاطي الفنان مع ال�سحايف اأو الإعالمي‬ ‫وتزويده باملعلومة احل�سرية‪ ،‬وهذه العنا�سر مل‬ ‫تتغري بح�سور «تويرت» اأو «في�سبوك»‪.‬‬ ‫ويف اإطار احلديث عن الآث��ار التي تركتها هذه‬ ‫املواقع الجتماعية على عمل املحرر وال�سحايف‪،‬‬ ‫ق��ال البحار‪ :‬لقد اأث��رت ب�سورة ممتازة على‬ ‫عملي يف اإع��داد ال�سفحات الفنية واملنوعات‪،‬‬ ‫م��ردف� ًا‪« :‬اأق��وم وب�سكل اأ�سبوعي بعمل تقارير‬ ‫وا�ستطالعات �سبابية حول اأم��ور ومو�سوعات‬ ‫خفيفة تتعلق ب�ه��م‪ ،‬واحلقيقة اأن ��ا ا�ستخدم‬ ‫«تويرت» و«الفي�سبوك» يف طرح الأ�سئلة عليهم‬ ‫ب�سورة عامة وانتظار الإجابات»‪.‬‬ ‫وراأى الزميل البحار اأن الفنانني الغربيني اأكرث‬ ‫ن�ساط ًا وحما�س ًا يف التفاعل عرب ح�ساباتهم‬ ‫ال�سخ�سية‪ ،‬اإذ اأن الفنانني يف هوليود يخربون‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫حتقيق‬

‫‪92‬‬

‫عن خطواتهم بدقة متناهية اأثناء ت�سجيلهم‬ ‫لأل �ب��وم غنائي اأو فيلم �سينمائي‪ ،‬ك �اأن ي�سع‬ ‫النجم عبارة «انتهينا من ت�سوير م�سهد القتل‬ ‫يف فيلم ك��ذا» اأو «اأن��ا يف ال�ستديو الآن اأ�سجل‬ ‫اأغنية جديدة لألبومي املقبل»‪ ،‬م�سيف ًا «واأم��ا‬ ‫الفنانني يف دول اخلليج فهم لالأ�سف ك�ساىل»‪.‬‬ ‫ذو حدين‬ ‫من جهتها اأكدت املحررة ال�سحافية يف جملة‬ ‫ال�سدى مرمي كيوان‪ ،‬اأن وجود و�سائل التوا�سل‬ ‫الجتماعي «تويرت» و«في�سبوك» ترك اآثار ًا �سلبي ًة‬ ‫واإيجابية على عمل وتقارير املحررين العاملني‬ ‫يف اأخبار ال�سوؤون الفنية واملنوعات‪ ،‬اإل اأن الأثر‬ ‫الإيجابي يبدو اأكرب واأكرث و�سوح ًا‪.‬‬ ‫وقالت‪ :‬اإننا اليوم نتابع امل�ساهري والفنانني عن‬ ‫كثب‪ ،‬ونعلم تفا�سيل دقيقة عن حياتهم اخلا�سة‬ ‫والعملية‪ ،‬اإل اأننا ل ن�ستطيع كتابة هذه املعلومات‬ ‫والأحداث كخرب يف املجلة اأو اجلريدة‪ ،‬فهنالك‬ ‫ماليني اأخرى تعرف املعلومة ذاتها‪.‬‬ ‫واأك � ��دت ك �ي��وان اأن ال �ع��الق��ة ب��ني امل �ح��رري��ن‬ ‫ال�سحافيني والفنانني ل زالت قوية‪ ،‬ومل توؤثر‬ ‫و�سائل التوا�سل الجتماعي عليها ب�سكل كبري‬ ‫لغاية اللحظة‪ ،‬اإذ اأن امل�ساهري ل زالوا يف حاجة‬ ‫اإىل الإعالم التقليدي كو�سيط وناقل للمعلومة‬ ‫اإىل قاعدة كبرية وعري�سة من جمهورهم ل‬ ‫متتلك اأي �سفحات على ال�سبكتني ال�سهريتني‪.‬‬ ‫ولفتت اإىل اأن و�سائل التوا�سل الجتماعي‬ ‫ع��ززت من العالقة بني امل�ساهري واملحررين‬ ‫يف اأق�سام اأخ�ب��ار املنوعات‪ ،‬م�سرية اإىل اأنها‬ ‫ت�ستخدم هذه املواقع لطلب موعد حني ل متلك‬

‫مرمي كيوان‪ :‬العالقة بني املحررين‬ ‫ال�شحافيني والفنانني ل زالت قوية‪،‬‬ ‫ومل توؤثر و�شائل التوا�شل الجتماعي‬ ‫عليها ب�شكل كبري لغاية اللحظة‪ ،‬اإذ اأن‬ ‫امل�شاهري ل زالوا يف حاجة اإىل الإعالم‬ ‫التقليدي كو�شيط وناقل لقاعدة كبرية‬ ‫وعري�شة‪ ،‬من جمهورهم‪ ،‬ل متتلك اأي‬ ‫�شفحات على ال�شبكتني ال�شهريتني‬

‫تامر عبداحلميد‬

‫طارق البحار‬

‫اأرقام الت�سال اخلا�سة بالفنان‪ ،‬اإذ يعاود مدير‬ ‫اإعماله الت�سال يف اأحيانٍ كثرية‪.‬‬

‫م��ن التدفق يف املعلومات‪ ،‬اإل اأن�ه��ا غالب ًا ما‬ ‫تكون تفا�سيل عن حتركات واأحداث غري مهمة‬ ‫وق�سايا هام�سية يف حياته اخلا�سة‪.‬‬ ‫واأردف� ��ت‪ :‬كما ه��ي احل��ال يف و�سائل الإع��الم‬ ‫التقليدي‪ ،‬اأ�سبحت هذا املواقع امل�ستخدمة من‬ ‫قبل املاليني م�سرح ًا للخالفات واللوم والعتب‬ ‫بني جن��وم العامل العربي‪ ،‬واأ�سبح التوتر بني‬ ‫الفنانني املتناف�سني اليوم اأكرث و�سوح ًا من ذي‬ ‫قبل‪.‬‬ ‫وح���ول م ��دى اع �ت �م��اد ه ��ذه امل��واق��ع كم�سدر‬ ‫ملعلومات ال�سحايف وبناء تقاريره‪ ،‬قالت‪ :‬نحن‬ ‫نتابع هذه املواقع واحل�سابات‪ ،‬اإل اأن بع�سها‬ ‫م�سروق ول يخ�س بال�سرورة الفنان �ساحب‬ ‫الإ� �س��م وال���س��ورة املرتبطة بال�سفحة‪ ،‬ول��ذا‬ ‫فيجب علينا ال�سوؤال‪.‬‬

‫ح�سور متفاوت‬ ‫واأ�سارت اإىل اأن بع�س الفنانني مقلون يف الظهور‬ ‫على ال�سا�سات واأغلفة املجالت‪ ،‬اإل اأنهم مكرثون‬ ‫يف تواجدهم على هذه الو�سائل‪ ،‬كما هو احلال‬ ‫مع املطربة اللبنانية اإلي�سا التي ت�ستخدم برنامج‬ ‫«تويرت» ب�سكل يومي مكثف‪ ،‬فيما كان ظهورها‬ ‫الإعالمي خفيف جد ًا اإذا ما قورنت بغريها‪.‬‬ ‫ول�ف�ت��ت ال��زم�ي�ل��ة ك �ي��وان اإىل اأن ال �ع��دي��د من‬ ‫الفنانني ق��د ا�ستخدم ه��ذه الو�سائل للتعبري‬ ‫عن حالة الت�سامن الن�ساين والجتماعي مع‬ ‫الأق �ط��ار العربية التي �سهدت ح��راك� ًا �سعبي ًا‬ ‫وا�سطرابات يف الآون��ة الأخ��رية‪ ،‬اأي اأن عملية‬ ‫التوا�سل ا�ستخدمت لإظهار املوؤازرة والتعاطف‬ ‫وامل�ساندة‪ ،‬ولي�س لنقل اخلرب اأو املعلومة‪.‬‬ ‫وح��ول طبيعة املعلومة التي ير�سلها امل�ساهري‬ ‫عرب مواقع التوا�سل الجتماعي‪ ،‬اأج��اب��ت‪ :‬اإن‬ ‫الفنانني يقدمون خطواتهم العملية‪ ،‬وحتركاتهم‬ ‫ال�سخ�سية‪ ،‬لفتة اإىل اأن اآلف املعجبني قد‬ ‫يعتربون وجود فنان يف اأحد املطارات معلومة‬ ‫مهمة بالن�سبة لهم‪.‬‬ ‫تفا�سيل هام�سية‬ ‫واأما املحرر اأول يف جملة «اأرى» عباده اإبراهيم‬ ‫اأح�م��د امل�ع��از‪ ،‬ف�اأ��س��ارت اإىل اأن وج��ود و�سائل‬ ‫التوا�سل الجتماعي «تويرت»‪« ،‬في�سبوك» مل يوؤثر‬ ‫على نحو وا�سع على عالقة الفنانني واملمثلني‬ ‫وجن��وم ال�ف��ن ب�سحافيي ال �� �س �وؤون الفنية يف‬ ‫املوؤ�س�سات الإعالمية‪.‬‬ ‫وقالت‪ :‬خالف ًا لل�سابق‪ ،‬نحن الآن لدينا دراية‬ ‫بتفا�سيل اأك ��رث دق ��ة ح ��ول حت��رك��ات الفنان‬ ‫وخطواته مع خمتلف الأط��راف املكونة للمنتج‬ ‫الفني �سواء كان مو�سيقي ًا اأو غنائي ًا‪ ،‬اأو �سينمائي ًا‬ ‫اأو تلفزيوني ًا‪.‬‬ ‫واأو�سحت املعاز اأن هذه الو�سائل خلقت حالة‬

‫ظهور نادر‬ ‫وح ��ول م��ا ي �ط��رح م��ن ت��وج��ه ال�ف�ن��ان��ات لن�سر‬ ‫حتركاتهن واأخ �ب��اره��ن ع��رب و��س��ائ��ل الإع��الم‬ ‫اجلديد‪ ،‬وعزوفهن عن الت�سريح ملمثلي الإعالم‬ ‫التقليدي‪ ،‬اأفادت الزميلة املعاز‪ :‬مل ا�ست�سعر هذا‬ ‫التغيري بنف�سي‪ ،‬ومل اأتعر�س اإىل موقف مماثل‪،‬‬ ‫اإل اأنني �سمعت عن حالت مماثلة‪.‬‬ ‫وتابعت‪ :‬تربطني ع��الق��ات م��ع فنانني‪ ،‬داخ��ل‬ ‫وخ���ارج دول ��ة الإم� � ��ارات‪ ،‬ومل ت�ت�اأث��ر عالقتي‬ ‫بهم باملرة‪ ،‬وبالإمكان ب�سهولة الت�سال بهم‬ ‫وبوكالئهم‪ ،‬اإل اأن هنالك ع��دد ًا من الفنانني‬ ‫ال��ذي��ن ل يتعاطون م��ع ال�سحافيني وو�سائل‬ ‫الإعالم اإل نادر ًا‪.‬‬ ‫وا�ستدركت قائلة‪ :‬اإن بع�سهم يلجاأ اإلينا عندما‬ ‫تواجهه م�سكلة اأو ق�سية كربى‪ ،‬واآخرون يعتقدون‬ ‫اأن اأ�سماءهم وحدها تكفي جلذب اجلماهري‪،‬‬ ‫مما يدفعهم اإىل لفتح �سفحة �سخ�سية على‬ ‫«تويرت» و«في�سبوك» لطالع النا�س على حياتهم‬ ‫اليومية‪.‬‬ ‫ودللت على كالمها بالإ�سارة اإىل النجم امل�سري‬ ‫عمرو دي��اب‪ ،‬ومقاطعته الكاملة للموؤ�س�سات‬


‫عباده املعاز‬

‫مرمي كيوان‬

‫عبدالغني بو�رصه‬

‫اأو� �س��اط��ه‪ ،‬ف�م��ا ب��ال��ك ب��الأم �ي��ة ال��رق�م�ي��ة التي‬ ‫الإعالمية ل�سنوات طويلة‪ ،‬اإل اأنه بادر باإن�ساء‬ ‫يلزمنها �سنوات طويلة للتغلب عليها‪.‬‬ ‫�سفحته على موقع «ت��وي��رت» مع ت�ساعد عدد‬ ‫وحتدث عن ا�ستمرار اأهمية ال�سحافة الفنية‬ ‫م�ستخدميه‪ ،‬م�سرية اإىل اأن دي��اب يتفاعل‬ ‫امل�ت�خ���س���س��ة واحل ��اج ��ة اإىلاحل��رف �ي��ة‬ ‫ب�سكل متميز مع حمبيه ومعجبيه‪ ،‬واأظهر‬ ‫التوا�شل‬ ‫و�شائل‬ ‫املعز‪:‬‬ ‫عباده‬ ‫الإعالمية مع تنامي ا�ستخدام و�سائل‬ ‫امتنان ًا كبري ًا لهم ملا اأبدوه من م�ساعر‬ ‫يف‬ ‫التدفق‬ ‫من‬ ‫حالة‬ ‫خلقت‬ ‫الجتماعي‬ ‫اإزاء وفاة والدته موؤخر ًا‪.‬‬ ‫الإع�� ��الم اجل ��دي ��د‪ ،‬م �� �س��ري ًا اإىل‬ ‫ً‬ ‫عن‬ ‫تفا�شيل‬ ‫تكون‬ ‫ما‬ ‫ا‬ ‫غالب‬ ‫أنها‬ ‫ا‬ ‫إل‬ ‫ا‬ ‫املعلومات‪،‬‬ ‫الزوبعة التي اأثريت موؤخر ًا حول‬ ‫مثقفون رقميون‬ ‫حتركات واأحداث غري مهمة وق�شايا هام�شية‬ ‫م�ساألة حجاب الفنانة املغربية‬ ‫يف حياته اخلا�شة‪ ،‬كما اإن بع�س هذه احل�شابات‬ ‫م��ن ج��ان �ب��ه‪ ،‬اأك� ��د ال���س�ح��ايف‬ ‫ال�ساعدة دنيا باطما‪ ،‬والتي‬ ‫م�شروق ول يخ�س بال�شرورة الفنان �شاحب الإ�شم‬ ‫املتخ�س�س ب��ال���س�وؤون الفنية‬ ‫بداأت اأول ف�سولها مع �سورة‬ ‫وال�شورة املرتبطة‪ ،‬ولذا فيجب علينا ال�شوؤال دائماً‬ ‫والثقافية ب�ج��ري��دة «ال �ع��رب»‬ ‫تظهرها وه��ي حمجبة على‬ ‫القطرية عبد الغني بو�سرة‬ ‫«الفي�سبوك»‪.‬‬ ‫اأن و�سائل التوا�سل الجتماعي‬ ‫عبدالغني بو�شره‪ :‬رغم ما ن�شهده من انفجار رقمي‬ ‫�سغب �سحايف‬ ‫اأث � ��رت ب���س�ك��ل ك �ب��ري ووا� �س��ح‬ ‫اإل اأن تاأثري و�شائل التوا�شل الجتماعي على‬ ‫ال�شحافة الفنية املطبوعة يبقى مدوداً‪ ،‬اإذ اإن‬ ‫على ع��الق��ة الفنانني واملمثلني‬ ‫وت��اب��ع‪ :‬اإن ُج��ل و�سائل الإع��الم‬ ‫التي‬ ‫العتبارية‬ ‫مكانتها‬ ‫الورقية‬ ‫لل�شحافة‬ ‫بل‬ ‫بالعاملني بالو�سط الإعالمي‪،‬‬ ‫املطبوعة والإلكرتونية قد تلقفت‬ ‫ً‬ ‫كل‬ ‫أ�شبحت‬ ‫ا‬ ‫ولو‬ ‫تتزحزح‬ ‫لن‬ ‫اأن املو�سوع �سمل املثقفني اأي�سا وما‬ ‫ال�سورة واأ�سارت اإىل اأن الفنانة قد‬ ‫افرتا�شية»‬ ‫«حياتنا‬ ‫ال�سفحات‬ ‫يظهر من اإبداعاتهم على‬ ‫حتجبت‪ ،‬يف حني اأنها اأرادت اأن تاأخذ‬ ‫الثقافية والفنية‪.‬‬ ‫راأي متابعيها على �سفحتها ال�سخ�سية يف‬ ‫واأ�� �س���اف‪ :‬اأ��س�ب�ح�ن��ا ال��ي��وم ن��ق��راأ اأخ� �ب ��ار ًا‬ ‫منظرها ومظهرها باحلجاب ال�سرعي فقط‪،‬‬ ‫مما يظهر بو�سوح اأن ه��ذه امل��واق��ع ل تعطينا‬ ‫تت�سدر ال�سفحات املتخ�س�سة ماأخوذة من‬ ‫احلقيقة كاملة‪ ،‬ويبقى �سغب ال�سحايف باأ�سئلته‬ ‫«الفي�سبوك» اأو «تويرت» كم�سدر ر�سمي‪ ،‬كما‬ ‫�سرورة ملحة ل ما منا�س منها‪.‬‬ ‫تن�سر ال�سحف ال�سور التي يبثها الكاتب اأو‬ ‫وا�ستح�سر الزميل بو�سره واقعة حدثت موؤخر ًا‬ ‫الفنان اأو املطرب اأو الت�سكيلي‪.‬‬ ‫حياة افرتا�سية‬ ‫اأي�سا‪ ،‬وتظهر حجم التفاعل احلتمي بني مواقع‬ ‫ولفت اإىل اأن بع�س الفنانني مل يعودوا يعتمدون‬ ‫واأ��س��اف بو�سره‪ :‬رغ��م ه��ذا النفجار الرقمي‬ ‫التوا�سل الجتماعي والإع ��الم التقليدي مع‬ ‫على عملية اإر�سال خرب اأو بيان �سحايف اإىل هذه‬ ‫اإل اأن تاأثري و�سائل التوا�سل الجتماعي على‬ ‫ت�ط��ورات الأو� �س��اط الفنية والثقافية‪ ،‬م�سري ًا‬ ‫اجلريدة اأو تلك املجلة‪ ،‬بل يكتفون مبا يبثونه‬ ‫ال�سحافة املطبوعة يبقى حم��دود ًا‪ ،‬اإذ تبقى‬ ‫اإىل الهجمة التي قادها مغردون قطريون على‬ ‫على �سفحاتهم ال�سخ�سية يف مواقع التوا�سل‬ ‫لل�سحف الورقية مكانتها العتبارية التي لن‬ ‫م�سرحية «م��واط��ن ب��امل�ق�ل��وب» ملنتجها اأدي��ب‬ ‫الجتماعي‪.‬‬ ‫تتزحزح واإن اأ�سبحت كل «حياتنا افرتا�سية»‬ ‫العو�سي بحجة اأنها منافية لالآداب والأخالق‪.‬‬ ‫وق��ال‪ :‬اإن ال�سحافيني املتابعني لهذه الو�سائل‬ ‫بح�سب تعبريه‪.‬‬ ‫واختتم ك��الم��ه ق��ائ � ًال‪ :‬اإن احلملة املناه�سة‬ ‫اأ�سبحوا يتلقون الأخبار ويعيدون ن�سرها بعد‬ ‫اأطلقت على «ت��وي��رت»‪ ،‬بيد اأن العو�سي ارت �اأى‬ ‫ودلل على كالمه بالإ�سارة اإىل النطاق املحدود‬ ‫اأن يكون الرد عرب ال�سحافة املكتوبة‪ ،‬عندما‬ ‫ً‬ ‫اإج� ��راء ات���س��ال ه��ات�ف��ي م��ع ال�ف�ن��ان واملثقف‬ ‫ل�ستخدام العامل الرقمي‪ ،‬قائال‪ :‬رغم اأن زوار‬ ‫دعا النقاد واملهتمني اإىل م�ساهدة العر�س قبل‬ ‫ال�سبكة العنكبوتية واملتمكنون منها واملمتلكون‬ ‫املعني من اأج��ل التاأكد من اخل��رب‪ ،‬خمافة اأن‬ ‫احلكم عليه وت��وزي��ع التهامات املجانية دون‬ ‫خليوطها ي��زداد يوم ًا بعد ي��وم‪ ،‬اإل اأن وطننا‬ ‫تكون ال�سفحة قد وقعت حتت هيمنة قرا�سنة‬ ‫ت�سور �سامل‬ ‫العربي م��ازال يعاين م��ن الأم�ي��ة املتف�سية يف‬ ‫الإنرتنت‪.‬‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫منهم واكد وال�شاوي‬ ‫ويو�شف واأبوالنجا‪..‬‬ ‫وهند �شربي‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫من م�رص‬

‫‪94‬‬

‫فنانو مصر على مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي‪..‬‬ ‫اأ�سواء وخالفات وقائمة �سوداء‬

‫القاهرةـ حممد اأبو الف�صل‬ ‫جاء زمان على الفنانات والفنانني يف م�رص‬ ‫كان لكل واحدة اأو واحد �صحايف يحتكر‬ ‫اأخباره ويبثها عن طريقه من خالل و�صائل‬ ‫اإعالم خمتلفة‪ ،‬ويف ذلك الزمان اإذا اأردت‬ ‫مثال ً اأن تعرف اأخبار اأم كلثوم فعليك اأن‬ ‫تتبع كتابات م�صطفى اأمني‪ ،‬واإذا رغبت‬ ‫يف معرفة تفا�صيل حياة �صعاد ح�صني‬ ‫فاقراأ ما ين�رصه مفيد فوزي‪ ،‬اأما عبد‬ ‫احلليم حافظ فكان اجلميع يت�صابق اإليه‬ ‫وكان الرجل لديه ذكاء اجتماعي فطري‬ ‫بحيث مل ي�صمح لأحد اأن يحتكر اأخباره اأو‬ ‫يطلع على اأدق خ�صو�صياته‪ ،‬للدرجة التي‬ ‫جعلت من ق�صة زواجه من �صعاد ح�صني‬ ‫مادة د�صمة لالإعالم‪ ،‬حتى هذه اللحظة‬ ‫مل يقدم اأحد دليال ً حقيقيا ً على زواجهما‪،‬‬ ‫وقد رحل الفنان الكبري ول نزال ن�رصب‬ ‫اأخما�صا ً يف اأ�صدا�ض‪ ،‬هل تزوج حليم من‬ ‫ال�صندريلال اأم ل؟‬

‫الزمن تط ّور‪ ،‬وو�سائل الإعالم تقدمت وتو�سعت‬ ‫وتنوعت‪ ،‬واأ�سبح املجال الفني �ساحة خ�سبة‪،‬‬ ‫حتظى باإقبال كبري من العاملني والعامالت‬ ‫يف ب��الط �ساحبة اجلاللة‪ ،‬وتقل�س الحتكار‬ ‫واأ�سحى الفنان ملك جمهوره والإعالم اأي�س ًا‪،‬‬ ‫لأن الأخري هو الذي ي�سلط الأ�سواء‪ ،‬وهو اأي�س ًا‬ ‫الذي يجلب ال�سهرة‪ ،‬وكم من فنانة وفنان �سعد‬ ‫ب�سرعة ال���س��اروخ ب�سبب ال��ذك��اء الإع��الم��ي‪،‬‬

‫وك��م موهبة فنية ظلمت وان��دث��رت لتوا�سعها‬ ‫اأو لعدم اهتمامها مب��دى التاأثري الإع��الم��ي‪،‬‬ ‫وم��ع اأن املنفعة اأو امل�سلحة املتبادلة حكمت‬ ‫العالقة بني الطرفني‪ ،‬غري اأن الكثافة‪ ،‬الفنية‬ ‫والعالمية‪ ،‬التي حتظى بها م�سر ر�سخت من‬ ‫ه��ذه العالقة‪ ،‬لكنها كانت يف بع�س الأحيان‬ ‫تنحرف عن م�سارها الطبيعي‪ ،‬فتارة تدخل باب‬ ‫ت�سفية احل�سابات‪ ،‬فاإذا رغب اأحد ال�سحافيني‬

‫مل تعد ال�شحافة اأو التليفزيون اأو‬ ‫الف�شائيات‪ ،‬باأنواعها العامة واملتخ�ش�شة‪،‬‬ ‫هي الوحيدة العاملة يف الف�شاء الإعالمي يف‬ ‫م�شر‪ ،‬بل بزغ جنم ما ي�شمى مبواقع التوا�شل‬ ‫الجتماعي اأو ح�شب امل�شطلح اجلديد الذي‬ ‫بداأ ي�شق طريقه و�شط احلقول املختلفة‬ ‫«الإعالم الجتماعي»‪ ،‬واأهم الأ�شماء التي‬ ‫ارتفعت اأ�شهمها‪ ،‬تويرت وفي�شبوك ويوتيوب‪.‬‬


‫تامر ح�صني‬

‫النتقام يقوم باإطالق وابل من ال�سائعات التي‬ ‫تنال من الفنان اأو الفنانة‪ ،‬وتارة اأخرى يتعمد‬ ‫ال�ط��رف��ان (ال�ف�ن��ان وال�سحايف) اأو اأحدهما‬ ‫اختالق اأحداث اأو الت�سخيم منها بهدف جلب‬ ‫تعاطف اجلمهور جتاه فنان معني اأو حتقيق‬ ‫"فرقعة اإعالمية" ل�سحايف مبتدىء يبحث‬ ‫عن ال�سهرة باأي طريقة‪.‬‬ ‫�سعوبة حتديد الفوا�سل‬ ‫عندما تطورت و�سائل الإعالم وظهرت‬ ‫عليها اآث��ار النعمة التكنولوجية يف‬ ‫الآون� ��ة الأخ � ��رية‪ ،‬ب ��داأ الأم� ��ر ي�اأخ��ذ‬ ‫م�سارات واجتاهات متنوعة‪ ،‬اأهم ما‬ ‫مييزها يف م�سر ثالث �سفات رئي�سية‪:‬‬ ‫الأوىل تعدد املنافذ الإعالمية‪ ،‬فلم تعد‬ ‫ال�سحافة اأو التليفزيون اأو الف�سائيات‪،‬‬ ‫باأنواعها العامة واملتخ�س�سة‪ ،‬هي الوحيدة‬ ‫العاملة يف الف�ساء الإعالمي يف م�سر‪ ،‬بل بزغ‬ ‫جنم ما ي�سمى مبواقع التوا�سل الجتماعي اأو‬ ‫ح�سب امل�سطلح اجلديد الذي بداأ ي�سق طريقه‬ ‫و�سط احلقول املختلفة "الإعالم الجتماعي"‪،‬‬ ‫واأه��م الأ�سماء التي ارتفعت اأ�سهمها‪ ،‬تويرت‬ ‫وفي�سبوك ويوتيوب‪ ،‬ورغ��م التداخل ال�سديد‬ ‫و�سعوبة حتديد الفوا�سل بينها‪ ،‬لكن لكل منها‬ ‫مهام اإعالمية تختلف ن�سبي ًا عن الأخ��رى‪ ،‬من‬ ‫حيث ال�سكل وامل�سمون والهدف النهائي‪.‬‬ ‫ويف جميع الأحوال جنحت هذه الو�سائل يف اأن‬ ‫تر�سخ اأقدامها لدى قطاع كبري من الفنانني‪،‬‬ ‫حيث اأ�سحت يف مقدمة الو�سائل التي يعتمد‬

‫خالد ال�صاوي‬

‫جلاأت فئة كبرية من الفنانني‬ ‫امل�شريني اإىل ا�شتخدام مواقع‬ ‫التوا�شل الجتماعي كمنابر اإعالمية‬ ‫خا�شة بهم‪ ،‬فاملطرب عمرو دياب مثالً‬ ‫اأن�شاأ مطة اذاعية على الإنرتنت‬ ‫خا�شة به لبث اأغانيه‪ ،‬و�شار على دربه‬ ‫فنانون اآخرون‪ ،‬يف ماولة ملخاطبة‬ ‫اجلمهور بطريقته واحلد من �شلطة‬ ‫الحتكار التي متار�شها بع�س‬

‫عليها يف معرفة املعلومات والطالع على ال�سور‬ ‫والفيديوهات‪ ،‬ويف هذا ال�سياق �سطعت مواقع‬ ‫اإعالمية متعددة يف م�سر‪ ،‬وب��داأت تلعب دور ًا‬ ‫مهم ًا يف حتريك كثري من املياه الراكدة‪.‬‬ ‫ال�ث��ان�ي��ة‪ ،‬جل��وء فئة ك�ب��رية م��ن الفنانني اإىل‬ ‫ا�ستخدام مواقع التوا�سل الجتماعي كمنابر‬ ‫اإعالمية خا�سة بهم‪ ،‬فاملطرب عمرو دياب مث ًال‬ ‫اأن�ساأ حمطة اإذاعية على الإنرتنت خا�سة به‬

‫خالد اأبو النجا‬

‫لبث اأغانيه‪ ،‬و�سار على دربه فنانون اآخرون‪ ،‬يف‬ ‫حماولة ملخاطبة اجلمهور بطريقته واحلد من‬ ‫�سلطة الحتكار التي متار�سها بع�س ال�سركات‪،‬‬ ‫وبقدر ما كانت هذه املواقع و�سيلة اأو نافذة جيدة‬ ‫ليطل منها الفنان اأو الفنانة على اجلمهور‬ ‫يف الوقت وبالطريقة التي يريدها‪ ،‬بقدر‬ ‫ما حتولت اإىل و�سيلة لن�سر الف�سائح‬ ‫الفنية‪ ،‬عرب طريقتني‪ ،‬اإحداهما اإعادة‬ ‫ن�سر وبث مقاطع جرى ت�سجيلها يف‬ ‫اأوقات �سابقة وتن�سل منها الفنان اأو‬ ‫الفنانة لأ�سباب مهنية اأو اأخالقية اأو‬ ‫لظروف التحول والتغري اأو الكف عن‬ ‫اأداء اأدوار قبلها يف فرتة معينة‪.‬‬ ‫والأخ ��رى تتعلق بق�س ول�سق �سور‬ ‫واأ� �س��وات لفنانني وف�ن��ان��ات مب��ا يوحي‬ ‫بغري الغر�س الذي جرى عملها من اأجله‪،‬‬ ‫وكلها ت�سب يف خانة الف�سائح‪ ،‬بغر�س ت�سويه‬ ‫ال�سورة‪ ،‬ويف احلالتني هناك انحراف اإعالمي‬ ‫مثل اأح��د عيوب الثورة التكنولوجية احلديثة‪،‬‬ ‫ويف م�سر بداأت �سرطة امل�س ّنفات الفنية ت�سدد‬ ‫من رقابتها وتتابع املواقع التي تخرتق الآداب‬ ‫العامة وحتا�سب املزورين‪.‬‬ ‫الفنان ال�سحايف‬ ‫الثالثة‪ ،‬حتول الفنان اإىل �ساحب �سبق �سحايف‪،‬‬ ‫ف�م��ن خ ��الل احل��ر���س ع�ل��ى ام �ت��الك ح�ساب‬ ‫�سخ�سي ع�ل��ى م��واق��ع ال�ت��وا��س��ل الجتماعي‬ ‫املختلفة‪ ،‬اأ�سبح كل فنان اأو فنانة �سحافي ًا يف‬ ‫حد ذات��ه‪ ،‬يبث الأخبار اأو ًل على موقعه ومنه‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫من م�رص‬

‫‪96‬‬

‫واجتماعي معني ميكنه من التعامل مع الإنرتنت‬ ‫والتنقل ب��ني امل��واق��ع املختلفة‪ ،‬يف ح��ني تبدو‬ ‫ال�سريحة الأعظم تعتمد على الو�سائل التقليدية‬ ‫لالأ�سباب نف�سها‪.‬‬

‫تي�صري فهمي‬

‫خالد يو�صف‬

‫ياأخذ طريقه اإىل الن�سر يف كثري من و�سائل‬ ‫الإعالم‪ ،‬ومل تلغ هذه الطريقة دور ال�سبق الذي‬ ‫تقوم به ال�سحافة طبع ًا‪ ،‬والتي يحر�س غالبية‬ ‫العاملني يف املجال الفني على امتالك اأخبار‬ ‫خا�سة بهم‪ ،‬عرب عالقاتهم واإميان الفنان باأن‬ ‫هناك هام�س ًا لبد اأن ي�سمح به لل�سحافة ول‬ ‫يحرقه اإعالمي ًا بالن�سر على مواقع التوا�سل‬ ‫الجتماعي‪.‬‬

‫ل ي��زال الإع ��الم ل��ه اأهميته للفنان والفنانة‬ ‫وي�سعب عليه اأو عليها اإي �ج��اد اأي م�ساحة‬ ‫لل�سدام‪ ،‬ب�سبب الف�ت�ق��اد ل� �الأدوات الكثرية‬ ‫وامل�وؤث��رة‪ ،‬فمهما كان حجم ال��دور ال��ذي تلعبه‬ ‫مواقع التوا�سل الإعالمي (الجتماعي) فهي‬ ‫تظل حم��دودة مقارنة بالو�سائل الأخ��رى‪ ،‬كما‬ ‫اأنها تخاطب جمهور ًا نخبوي‪ ،‬ل يجيد فقط‬ ‫القراءة والكتابة‪ ،‬لكن اأي�س ًا من م�ستوى مادي‬

‫انت�شر التعبري بالكلمة من‬ ‫خالل التحري�س على امل�شاركة‬ ‫يف الثورة اأو اإبداء الراأي يف بع�س الأحداث‪،‬‬ ‫فمث ً‬ ‫وجه ذات مرة دعوة على‬ ‫ال الفنان عمرو واكد ّ‬ ‫في�شبوك للخروج للتظاهر‪ ،‬كما اأن الفنانة هند‬ ‫�شربي تعاطفت مع ما يجري يف م�شر وحفل‬ ‫ح�شابها على في�شبوك باحل�س على التظاهر مع‬ ‫ال�شباب املتواجدين يف ميدان التحرير‪.‬‬

‫ثورة يف امليدان‪ ..‬ويف االإعالم‬ ‫الواقع اأن ثورة ‪ 25‬يناير‪ -‬كانون الثاين‪ ،‬ميكن‬ ‫التاأريخ لها باعتبارها عالمة فا�سلة يف احلياة‬ ‫ال�سيا�سية امل�سرية‪ ،‬وميكن اأي�س ًا‪ ،‬بالقيا�س‬ ‫على ذلك‪ ،‬القول اإنها نقطة مركزية يف احلياة‬ ‫الإعالمية عموم ًا وو�سائل التوا�سل الجتماعي‬ ‫ب�سفة خا�سة‪ ،‬لي�س لأن هذا النوع من الإعالم‬ ‫احل��دي��ث ك��ان حم��رك� ًا رئي�سي ًا للثورة‪ ،‬ب��ل لأن‬ ‫الإقبال عليه فاق جميع التوقعات‪ ،‬وعند عدد‬ ‫كبري من الفنانني والفنانات حتول اإىل ركيزة‬ ‫اأو حم��ور انطالق للتعبري عن الآراء والأفكار‬ ‫والنخراط ال�سيا�سي ب�سورة وا�سعة النطاق‪.‬‬ ‫لقد ازدحمت اأو ان�سغلت مواقع كثرية مبعارك‬ ‫اختلط فيها الفن بال�سيا�سة والعك�س‪ ،‬واأ�سحى‬ ‫كل فنان اأو فنانة يف م�سر لديه ح�ساب �سخ�سي‬ ‫يطل منه على جمهوره‪ ،‬وقد ك�سفت الثورة بكل‬ ‫اأحداثها وتطوراتها عن حمددات متنوعة جتعلنا‬ ‫نقول بارتياح اإن مواقع التوا�سل الجتماعي‬ ‫حتولت اإىل من�سة مهمة‪ ،‬رمبا توؤثر م�ستقب ًال يف‬ ‫خريطة كثري من التوازنات الإعالمية والفنية‪.‬‬ ‫هناك جمموعة من ال�سواهد التي تعزز هذا‬ ‫ال��س�ت�ن�ت��اج‪ ،‬يف مقدمتها الك�سف ع��ن وج��ه‬ ‫�سيا�سي لعدد كبري م��ن الفنانني والفنانات‪،‬‬ ‫بعد اأن ك��ان معظمهم ُمتهم ًا ب��ال�ع��زوف عن‬ ‫النخراط يف املجال ال�سيا�سي‪ ،‬ب�سبب عملية‬ ‫التجريف املتعمدة التي كانت �سائدة �سابق ًا‪،‬‬ ‫وم��ن وح��ي الثورة راأينا مواقف ن��ادرة لفنانني‬ ‫ع��ربوا عن روؤاه��م ال�سيا�سية من خالل مواقع‬ ‫التوا�سل الجتماعي‪ ،‬فالكثري منهم نزل ميدان‬ ‫التحرير و�ساركوا يف الثورة‪ ،‬وبداأت اإ�سهاماتهم‬ ‫تظهر عرب في�سبوك وتويرت ويوتيوب بال�سوت‬ ‫وال�سورة‪ ،‬ناهيك عن التعبري بالكلمة للتحري�س‬ ‫على امل�ساركة يف الثورة اأو اإبداء الراأي يف بع�س‬ ‫الأح��داث‪ ،‬فمث ًال الفنان عمرو واكد وجه ذات‬ ‫مرة دعوة على في�سبوك للخروج للتظاهر وقال‪:‬‬ ‫اإذا مل ي�سارك املواطن فلي�س من حقه اأن يلوم‬ ‫ال�سلطة على ما تفعله به ولكن عليه بالتغيري ‪..‬‬ ‫التغيري اإللي هو امل�ساركة‪ ،"..‬كما اأن الفنانة هند‬ ‫�سربي تعاطفت مع ما يجري يف م�سر وحفل‬ ‫ح�سابها على في�سبوك باحل�س على التظاهر‬


‫مع ال�سباب املتواجدين يف ميدان التحرير بقلب‬ ‫القاهرة‪.‬‬ ‫فنانون‪ ..‬و�سيا�سيون‬ ‫تواىل تفاعل الفنانني يف جميع املواقف تقريب ًا‪،‬‬ ‫فعقب اأحداث ما�سبريو العام املا�سى والتي راح‬ ‫�سحيتها ع��دد من الأق�ب��اط‪ ،‬ج��راء �سدام مع‬ ‫ق��وات من اجلي�س‪ ،‬حيث قالت الفنانة ب�سرى‬ ‫على في�سبوك «ه��و اي��ه اللي بيح�سل يف البلد‬ ‫يا جدعان‪ ..‬اأدخل ال�ستدريو ‪� 3‬ساعات اأخرج‬ ‫األقي البلد اتقلبت وحظر جتوال ثاين هو احنا‬ ‫بنم�سي ل�ق��دام ول ب��رنج��ع ل ��ورا‪ ..‬ال�ط��ف بينا‬ ‫يارب»‪.‬‬ ‫وكتب املخرج واملنتج تامر حبيب «مينا نف�س‬ ‫ح��روف م��ني»‪ ،‬وق��ال املطرب حممود الع�سيلي‬ ‫على تويرت «م�سلمني وم�سيحيني �سلوا وادعو اهلل‬ ‫اأن يحفظ م�سر من الفتنة واجلهل والظلم»‪.‬‬ ‫وبعد جناح الدكتور حممد مر�سي يف انتخابات‬ ‫رئا�سة اجلمهورية‪ ،‬كتب الفنان خالد اأبو النجا‬ ‫تغريدة على تويرت طالب فيها اإعطاء مر�سي‬ ‫فر�سة وق��ال‪« :‬ثورتنا م�ستمرة ل�سقاط حكم‬ ‫الع�سكر ومنع حكم املر�سد»‪.‬‬ ‫وق��ال��ت ال�ف�ن��ان��ة �سهري امل��ر� �س��دي اإن �ه��ا غري‬ ‫متخوفة على م�ستقبل الفن يف ظ��ل الرئي�س‬ ‫اجلديد‪ ،‬وعلى هذا املنوال كانت مواقع التوا�سل‬ ‫الجتماعي و�سيلة اإعالمية اأ�سا�سية للتعبري عن‬ ‫مواقف الفنانني‪ ،‬وانتقل جزء كبري منها اإىل‬ ‫و�سائل خمتلفة‪ ،‬وقدمت ه��ذه جنوم ًا ملعوا يف‬ ‫امليدان وعلى �سفحاتها اأي�س ًا‪ ،‬مثل عمرو واكد‬ ‫وخالد ال�ساوي وخالد اأبو النجا وخالد يو�سف‬ ‫واأح �م��د عيد وجيهان فا�سل وتي�سري فهمي‪،‬‬ ‫بالإ�سافة اإىل املطرب حمزة منرة‪ ،‬الذي و�سف‬ ‫باأنه مطرب الثورة وبات ظاهرة على كثري من‬ ‫املواقع الإليكرتونية باأغانيه ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫�سجال اإلكرتوين‬ ‫اإذا كانت مواقع التوا�سل الجتماعي د�سنت‬ ‫بع�س الأ�سماء كفنانني و�سيا�سيني‪ ،‬فاإن الكثري‬ ‫م��ن �سفحاتها حت��ول اإىل �ساحة �سجال بني‬ ‫م �وؤي��دي وم�ع��ار��س��ي ال �ث��ورة‪ ،‬وظ �ه��رت اأ�سماء‬ ‫ح�سبت ع�ل��ى م��ا يطلق عليه عنا�سر ال�ث��ورة‬ ‫امل �� �س��ادة‪ ،‬وم��ن الق�سايا ال�ت��ي احتلت حيز ًا‬ ‫كبري ًا على املواقع املختلفة‪ ،‬ما و�سف بالقائمة‬ ‫ال�سوداء‪ ،‬وهي القائمة التي اأعدها �سباب الثورة‬ ‫ون���س��روه��ا على الإن��رتن��ت‪ ،‬و��س� ّم��ت جمموعة‬ ‫كبرية م��ن الفنانني والفنانات ال��ذي��ن اتهموا‬

‫اإذا كانت مواقع التوا�شل الجتماعي‬ ‫د�شنت بع�س الأ�شماء كفنانني و�شيا�شيني‪،‬‬ ‫فاإن الكثري من �شفحاتها حتول اإىل �شاحة‬ ‫�شجال بني موؤيدي ومعار�شي الثورة‪،‬‬ ‫وظهرت اأ�شماء ح�شبت على ما يطلق عليه‬ ‫عنا�شر الثورة امل�شادة‪ ،‬ومن هوؤلء املطرب‬ ‫عمرو دياب‪ ،‬وتامر ح�شني‪ ،‬وعمرو م�شطفى‪،‬‬ ‫والفنان اأحمد ال�شقا‪ ،‬والفنانة عفاف �شعيب‪،‬‬ ‫ونبيلة عبيد‪ ،‬ووفاء عامر‪ ،‬وغريهم‪..‬‬

‫بالوقوف �سد الثورة‪� ،‬سواء ب�سبب مواقفهم بعد‬ ‫اندلعها اأو ج��راء اقرتابهم من نظام مبارك‬ ‫وبع�س رموزه‪ ،‬ومن هوؤلء املطرب عمرو دياب‪،‬‬ ‫وتامر ح�سني‪ ،‬وعمرو م�سطفى‪ ،‬والفنان اأحمد‬ ‫ال�سقا‪ ،‬والفنانة عفاف �سعيب‪ ،‬ونبيلة عبيد‪،‬‬ ‫ووفاء عامر‪ ،‬وغريهم‪..‬‬ ‫رغ��م اأهمية ال��دور الإع��الم��ي ملواقع التوا�سل‬ ‫بالن�سبة لعدد كبري منهم واعتمادهم عليها‬ ‫كمنابر فنية و�سيا�سية‪ ،‬اإل اأنها كانت اأحيان ًا‬ ‫و�سيلة للخداع‪ ،‬حيث ا�ستغ ّلها بع�س الأ�سخا�س‬ ‫يف انتحال اأ�سماء فنانني وفنانات‪ ،‬اإما لت�سويه‬ ‫�سورتهم وبث اأخبار واإث��ارة مو�سوعات وفتح‬ ‫ق�سايا م�سيئة‪ ،‬اأو لن�ت�ح��ال �سخ�سية فنان‬ ‫معني والن�سب واخلداع با�سمه‪ ،‬ولعل الق�سية‬ ‫ال�سهرية التي فجرها قيام �سخ�س بانتحال‬ ‫�سخ�سية وكيل اأعمال املخرج خالد يو�سف اأبرز‬ ‫دليل على ذلك‪ ،‬حيث ادعى هذا ال�سخ�س اأن‬ ‫يو�سف كلفه باختيار وجوه جديدة للم�ساركة يف‬

‫اأعمال �سينمائية ومن ثم طلب من الراغبات‬ ‫احل �� �س��ور اإل �ي��ه وق���ام ب�ت���س��وي��ره��ن مبالب�س‬ ‫مثرية‪ ،‬زاعم ًا اأن ذلك بطلب من املخرج خالد‬ ‫يو�سف‪ ،‬ثم قام بتهديد الفتيات‪ ،‬اإما مبمار�سة‬ ‫الرذيلة معه ومع غريه‪ ،‬اأو ن�سر هذه ال�سور على‬ ‫الإنرتنت‪ ،‬الأمر الذي �سبب م�ساكل ليو�سف اإىل‬ ‫اأن مت القاء القب�س على ال�سخ�س الذي انتحل‬ ‫�سخ�سيته‪.‬‬ ‫احل��ا� �س��ل اأن اله��ت��م��ام مب ��واق ��ع ال �ت��وا� �س��ل‬ ‫الجتماعي ظاهرة عاملية بامتياز‪ ،‬فك ّل النجوم‬ ‫ت�ق��ري�ب� ًا‪ ،‬اأ��س�ب�ح��وا يف�سلون ا��س�ت�خ��دام ه��ذه‬ ‫الو�سيلة الإعالمية ال�سريعة‪ ،‬باعتبارها اأحد‬ ‫اأهم الو�سائل التي تربطهم باجلمهور مبا�سرة‪،‬‬ ‫ويف م�سر ازده ��رت ب�سورة �سريعة‪ ،‬واتخذ‬ ‫منها كثري م��ن الفنانني يف اأر� ��س املحرو�سة‬ ‫اأداة جل�س نب�س اجلمهور جتاه ق�سايا واأفكار‬ ‫واأعمال معينة واأ�سحت نافذة مهمة ودلي ًال على‬ ‫القرتاب من قاعدة رئي�سية منه (اجلمهور) يف‬ ‫�سبيلها لالت�ساع‪ ،‬ومع اأنها اأرخت بظالل �سلبية‬ ‫على و�سائل العالم التقليدية‪ ،‬لكن �سوف تظل‬ ‫الأخرية الباب امللكي للو�سول اإىل ال�سريحة اأو‬ ‫الكتلة الأكرب من اجلمهور‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ب�شبب حمدودية امل�شتوى‬ ‫الثقايف لغالبيتهم‬

‫اجلزائر ‪ -‬ح�صان زهار‬ ‫يف حماولة البحث عن معنى الفنان اجلزائري‪،‬‬ ‫يف خطوة اأوىل قبل البحث يف اأدائه الإعالمي‬ ‫واأدوات التوا�صل الجتماعي‪ ،‬من املهم‬ ‫التنبيه اأول‪ ،‬اأن هذا املفهوم هالمي للغاية‪،‬‬ ‫فال �صيء ي�صبط اإمكانية «ل�صق» �صفة‬ ‫فنان على كثري من الفنانني اجلزائريني‪ ،‬حيث‬ ‫اإن ال�صائع واملتداول يف هذا البلد الكبري‪ ،‬اأن‬ ‫الذي ف�صل يف حياته العلمية (يف الكثري من‬ ‫الأحيان) لي�ض اأمامه اإل اأن ي�صبح فناناً‪.‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫من اجلزائر‬

‫‪98‬‬

‫الفنانون الجزائريون‪..‬‬ ‫يجهلون «التويرت» باالإجماع ‪ ..‬و«الفي�سبوك»‬ ‫على من ا�ستطاع‬

‫لكن بعيد ًا عن ه��ذه املقدمة ال��الذع��ة‪ ،‬والتي‬ ‫ميكن اأن نفتح لها مقا ًل منف�س ًال‪ ،‬ميكن التاأكيد‬ ‫على حقيقة اأن الفنانني اجلزائريني ما زالوا‬ ‫بعيدين ب�سكل كبري عن م�سايرة و�سائل الت�سال‬ ‫احلديثة‪ ،‬وذلك رغم حاجز الرقابة والت�سييق‬ ‫املمار�س عليهم يف و�سائل الإع��الم التقليدية‬ ‫(تلفزيون‪ ،‬اإذاع��ة و�سحف)‪ ،‬حيث اإن اأع��داد ًا‬ ‫�سئيلة ج��د ًا منهم‪ ،‬رمب��ا ي�ع��دون على اأ�سابع‬ ‫اليد الواحدة من حاولوا اإن�ساء «املدونات»‪ ،‬اأو‬

‫يقول ال�شاب و�شيم‪ :‬اإن الفي�شبوك‬ ‫فر�شة كبرية للفنان املبتدئ من اأجل ال�شهرة‪،‬‬ ‫وهو الراأي نف�شه يتقا�شمه مع ال�شاب ه�شام‬ ‫خليلي الذي ركز على �شرورة و�شع �شوره‬ ‫والفيديوهات اخلا�شة بالأغاين حتى يعرفه‬ ‫اجلمهور‪ ،‬بينما يرى ال�شاب يا�شني اأن‬ ‫الفي�شبوك �شاهم بحوايل ‪ 80‬باملائة يف �شهرة‬ ‫الفنانني‪ ،‬معترباً اأن الفي�شبوك موقعاً‬ ‫للتعارف والإ�شهار اأكرث منه �شيء اآخر‬

‫�سفحات «ال�سكايروك»‪ ،‬واملواقع الإلكرتونية‪ ،‬اأو‬ ‫حتى ا�ستعمال «التويرت» على الرغم من انت�ساره‬ ‫الوا�سع يف باقي دول العامل‪ ..‬بينما ال�سواد الأكرب‬ ‫من الفنانني اجلزائريني اختاروا «الفي�سبوك»‬ ‫بو�سفها و�سيلة �سهلة وفعالة لت�سجيل احل�سور‬ ‫على الأق��ل‪ ،‬وحماولة الرتويج لالأعمال الفنية‬ ‫التي ينجزونها‪ ،‬وكذا التوا�سل وتبادل الآراء مع‬ ‫املعجبني واجلمهور ب�سفة عامة‪.‬‬ ‫لكن هذا احليز ال�سيق املتبقي لعموم الفنانني‬ ‫اجل ��زائ ��ري ��ني‪ ،‬ت �ب� ّ�ني م��ن خ ��الل ت�ت�ب��ع بع�س‬ ‫�سفحاته‪ ،‬مدى حمدودية التوا�سل‪ ،‬وحمدودية‬ ‫ال�ط��رح‪ ،‬حتى ل نقول م��دى «الإب �ت��ذال» ال��ذي‬ ‫ي�سقط فيه البع�س‪ ،‬وهذا مرتبط ب�سكل كبري‬ ‫كما قلنا بامل�ستوى الثقايف للكثري من النماذج‬ ‫التي قد متلك ال�سوت اجلميل‪ ،‬لكنها فقرية‬ ‫اإىل اأبعد احل��دود للغة التوا�سل املقنعة لآخر‪،‬‬ ‫وه��و الأم��ر ال��ذي بقدر ما اأدى اإىل اأن يتحول‬ ‫الفي�سبوك اإىل و�سيلة ت��روي��ج‪ ،‬اأدى اأي�سا مع‬ ‫البع�س اإىل ك�سر ال�سورة امل�سرقة التي يعرفها‬ ‫النا�س عن البع�س الآخر‪.‬‬ ‫«في�سبوكيا»‪ ..‬و«ال�سم االأحمر»‬ ‫اأك � ��رث ال �ف �ن��ان��ني اجل ��زائ ��ري ��ني امل���س�ت�غ�ل��ني‬ ‫بالفي�سبوك‪ ،‬جند ال�ساب ن�سرو الذي ورغم‬ ‫وج��وده بالوليات املتحدة منذ �سنوات طويلة‪،‬‬ ‫اإل اأنه يتوا�سل ب�سكل مكثف مع «اأبناء البلد»‪،‬‬ ‫حيث ين�سر يف �سفحته التي تعرف اإقبا ًل كبري ًا‬


‫فلة عباب�صة‬

‫زكية حممد‬

‫و�سجلت اآلف املعجبني‪ ،‬با�ستمرار وانتظام‬ ‫بع�س اأغ��ان�ي��ه ال�ق��دمي��ة واجل��دي��دة‪ ،‬وال�سور‬ ‫ال�سخ�سية‪ ،‬بالإ�سافة اإىل التوا�سل املبا�سر مع‬ ‫املعجبني‪ ،‬وحماولة معرفة ما يجري يف الوطن‪..‬‬ ‫وب�سبب ك��رثة املتوا�سلني‪ ،‬ا�سطر ن�سرو اإىل‬ ‫اإن�ساء �سفحة اأخرى لتلبية طلبات كل معجبيه‪.‬‬ ‫ب ��دوره ين�سط ال���س��اب ب��الل ب�سكل مكثف يف‬ ‫الفي�سبوك‪ ،‬خا�سة بتجديده ال��دائ��م لأغانيه‬ ‫الراق�سة‪ ،‬وكذلك يفعل املطرب اأمازيغ كاتب‬ ‫الذي ا�سطر اأي�س ًا اإىل فتح �سفحة ثانية با�سم‬ ‫غريب هو «ال�سم الأحمر»‪ ،‬ن�سبة ل�سم الفرقة‬ ‫املو�سيقية التي يقودها حالي ًا‪ ،‬م��ع ا�ستغالل‬ ‫وا� �س��ح ل�ه��ذا الف�ساء بعك�س ب��اق��ي الفنانني‬ ‫الآخ��ري��ن‪ ،‬يف ال��رتوي��ج لأط��روح��ات��ه ال�سيا�سية‬ ‫والرغبة يف التغيري‪.‬‬ ‫وتن�سط الفنانة زكية حممد ب�سكل وا�سح يف هذا‬ ‫الف�ساء‪ ،‬حيث بداأت يف الآونة الأخرية يف ن�سر‬ ‫�سور اأبنائها ب�سكل لفت‪ ،‬بينما فتحت الفنانة‬ ‫�سلوى �سفحتها موؤخر ًا اأي�س ًا‪ ،‬مع فارق اأن ابنتها‬ ‫هي التي تديرها نيابة عنها‪.‬‬ ‫ومنذ �سهر جانفي‪/‬يناير املا�سي انظم اإىل‬ ‫الفي�سبوك الفنان ايدير‪ ،‬رغم اأنه معروف عنه‬ ‫اأن��ه ل ي�ستخدم الإمي �ي��ل لكنه اأع�ل��ن �سراحة‬ ‫يف �سفحته اأن اأح��د اأ�سدقائه هو من ن�سحه‬ ‫بذلك‪ ،‬و قال يف ر�سالة مطولة اأنه بناء على طلب‬ ‫جمهوره قرر فتح �سفحته هذه‪.‬‬

‫وقد اعرتف يف تعليقاته اأنه اأ�سبح مدمن ًا على‬ ‫الفي�سبوك وجمهوره زاد حيث جت��اوز الثالثة‬ ‫اآلف معجب‪.‬‬ ‫ويقول ال�ساب و�سيم اإن الفي�سبوك فر�سة كبرية‬ ‫للفنان املبتدئ من اأج��ل ال�سهرة‪ ،‬وه��و ال��راأي‬ ‫نف�سه يتقا�سمه مع ال�ساب ه�سام خليلي الذي‬ ‫رك��ز على ��س��رورة و�سع �سوره والفيديوهات‬ ‫اخل��ا� �س��ة ب ��الأغ ��اين ح�ت��ى ي�ع��رف��ه اجل�م�ه��ور‪،‬‬ ‫بينما يرى ال�ساب يا�سني اأن الفي�سبوك �ساهم‬ ‫بحوايل ‪ 80‬باملائة يف �سهرة الفنانني‪ ،‬معتربا‬ ‫اأن الفي�سبوك موقع للتعارف والإ�سهار اأكرث منه‬ ‫�سيء اآخر‪.‬‬ ‫اأما ال�ساب جنيم فقال‪ :‬يعنيني كثريا التوا�سل‬ ‫مع اجلمهور على الفي�سبوك‪ ..‬يف الغالب ا ّ‬ ‫أن�سط‬ ‫ال�سفحة مبعية واب ما�سرت‪ ،‬واأرى يف ال�سفحة‬ ‫نف�سها و�سيلة مهمة للتوا�سل مع توقف ال�ستغال‬ ‫على موقعي الإل �ك��رتوين اخل��ا���س في�ستغلها‪،‬‬ ‫يف الغالب‪ ،‬من اأجل اإدراج اأغانٍ والإعالن عن‬ ‫مواعيد احلفالت‪.‬‬ ‫و�سمن هذه القائمة ميكن اإدراج اأعداد اأخرى‬ ‫ك�ب��رية م��ن الفنانني على غ ��رار الفنانة رمي‬ ‫تعكو�ست‪ ،‬التي تتوا�سل باحت�سام‪ ،‬والفنان‬ ‫عثمان بن داود وغريهم كثري‪.‬‬

‫الهواة‪ ..‬وال�سهرة‬ ‫اأما الفئة التي ا�ستفادت من ال�سهرة فهي فئة‬ ‫«ال�سباب» مثل ال�ساب توفيق‪ ،‬الذي اأ�سبح «فنان ًا‬ ‫فاي�سبوكي ًا» بامتياز‪ ،‬وذل��ك بطلب من اأول د‬ ‫احلومة اأو اأولد احلارة‪ ،‬كما يقول‪.‬‬ ‫و كذلك ال�ساب وحيد وفرقة «اأفريكا جنغل»‬ ‫وهي فرقة متخ�س�سة يف «الهيب هوب» حيث‬ ‫ا�ستهرت يف الفي�سبوك وت��وي��رت‪ ،‬ما مكنها يف‬ ‫ما بعد من اإنتاج الألبومات الفنية اجلديدة‪،‬‬

‫امل�ساهري ي�سبقهم املعجبون‪..‬‬ ‫ولأن امل�ساهري ت�سبقهم �سهرمت دائم ًا‪،‬‬ ‫وجدنا اأن م�ساهري الفن اجلزائري‪،‬‬ ‫وب �ع �� �س �ه��م ��س�ب�ق�ت�ه��م ��س�ه��رت�ه��م‬ ‫اإىل ال �ع��امل ك �ل��ه‪ ،‬ل ي�ل�ق��ون ب��ا ًل‬ ‫لتكنولوجيا الت�سال اجلديدة‪،‬‬ ‫رمبا ب�سبب الغرور اأو ال�سعور‬ ‫ب�ع��دم احل��اج��ة اإىل ال�سهرة‪،‬‬ ‫وم ��ن ذل ��ك اأن اأم���ري اأغ�ن�ي��ة‬ ‫ال��راي ال�ساب مامي اعرتف‬ ‫يف لقاء �سحايف اأنه لي�س عنده‬ ‫ح�ساب على موقع التوا�سل‬

‫الجتماعي الفي�سبوك من منطلق اأن��ه ميلك‬ ‫�سهرة عاملية‪ ،‬ولي�س ب��ه ح��اج��ة اإىل الدعاية‬ ‫لنف�سه عرب احل�ساب الجتماعي املذكور ‪ .‬لكن‬ ‫املعجبني وه��م يف اجل��زائ��ر باملاليني تربعوا‬ ‫بفتح ع�سرات ال�سفحات على موقع التوا�سل‬ ‫الجتماعي با�سم ال�ساب مامي‪ ،‬تتداول اأغانيه‬ ‫ب�سكل وا�سع‪.‬‬ ‫كما يحظى مغني الراي الآخر‪ ،‬العاملي ال�ساب‬ ‫خالد‪ ،‬وا�سمه الكامل خالد حاج اإبراهيم‪ ،‬بنف�س‬ ‫ال�سهرة الطاغية‪ ،‬ورمبا كان نف�س ال�سبب وراء‬ ‫اإحجامه عن التوا�سل يف تلك امل��واق��ع‪ ،‬فاحت ًا‬ ‫املجال لع�سرات ال�سفحات التي فتحت با�سمه‬ ‫م��ن ط��رف املعجبني‪ ،‬حيث تتابع ك��ل �سغرية‬ ‫وكبرية عن ن�ساطاته وحفالته يف خمتلف اأنحاء‬ ‫ال�ع��امل‪ ،‬وك��ان اآخ��ره��ا الإع��الن��ات التي اطلعنا‬ ‫عليها يف ا�ستطالعنا هذا‪ ،‬وكانت تتحدث عن‬ ‫جولة ملك الراي يف ل�س باملا�س بجزر الكناري‬ ‫الإ�سبانية‪.‬‬ ‫كما يحظى �سيخ الأغنية اجلزائرية الفنان رابح‬ ‫دريا�سة بقدر كبري اأي�س ًا من ال�سفحات التي‬ ‫ين�سطها املعجبون‪.‬‬ ‫ورغ��م اأن الفنان حممد ف �وؤاد وم��ان يعد �سوت ًا‬ ‫ج��زائ��ري � ًا مم �ي��ز ًا يف ع��امل ال �ف��ن‪ ،‬وم��ع ذل��ك‬ ‫يتوا�سل با�ستمرار عرب الفي�سبوك‪ ،‬لكن عندما‬ ‫�ساألناه عن الإ�سافة التي قدمها له الفي�سبوك‪،‬‬

‫اأكرث الفنانني اجلزائريني امل�شتغلني‬ ‫بالفي�شبوك‪ ،‬جند ال�شاب ن�شرو الذي ورغم‬ ‫وجوده بالوليات املتحدة منذ �شنوات طويلة‪،‬‬ ‫اإل اأنه يتوا�شل ب�شكل مكثف مع «اأبناء البلد»‪،‬‬ ‫حيث ين�شر يف �شفحته ‪-‬التي تعرف اإقبا ًل كبرياً‬ ‫و�شجلت اآلف املعجبني‪ ،‬با�شتمرار وانتظام‪-‬‬ ‫بع�س اأغانيه القدمية واجلديدة‪ ،‬وال�شور‬ ‫ال�شخ�شية‪ ،‬بالإ�شافة اإىل التوا�شل املبا�شر مع‬ ‫املعجبني‪ ،‬وماولة معرفة ما يجري بالوطن‪..‬‬ ‫وب�شبب كرثة املتوا�شلني‪ ،‬ا�شطر ن�شرو اإىل‬ ‫اإن�شاء �شفحة اأخرى لتلبية طلبات كل معجبيه‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫قال‪ :‬الفي�سبوك �ساهم ب�سكل كبري يف تقريبي‬ ‫من كل الذين يحبونني‪ ،‬واخت�سر امل�سافة بيني‬ ‫وبينهم واأ�سبح توا�سلي معهم مبا�سر ًا‪ ..‬اإل اأنه‬ ‫مل ي�ساهم يف �سهرتي لأين اأعتقد اأن ال�سهرة‬ ‫يجلبها الإبداع ولي�س الفي�سبوك‪.‬‬ ‫واملوؤكد اأن الكثري من الفنانني القدامى وحتى‬ ‫املخ�سرمني اأو م��ا يعرف بجيل الثمانينيات‬ ‫وال�سبعينيات ل يتوا�سل اإل قلي ًال عرب �سفحات‬ ‫الفي�سبوك مع معجبيهم عك�س ما هو موجود يف‬ ‫الدول الغربية اأو حتى الدول العربية على الأقل‪،‬‬ ‫وهذا له ما يربره من الناحية التقنية والعلمية‪،‬‬ ‫فالكثري من هوؤلء الفنانني القدامى ل يتقنون‬ ‫الإع��الم الآيل ولي�ست لهم دراي��ة به لذلك هم‬ ‫اأبعد ما يكونون عن ا�ستعمال النت‪.‬‬ ‫وبالإ�سافة اإىل الفنانني امل�ساهري الأح�ي��اء‪،‬‬ ‫وه��م بطبيعة احل��ال ب �اأع��داد ك�ب��رية‪ ،‬لحظنا‬ ‫اأي�سا تزايد عدد ال�سفحات التي حتمل �سور‬ ‫واأغ� ��اين فنانني راح �ل��ني‪ ،‬على غ ��رار ال�ساب‬ ‫ح�سني‪ ،‬ال�سيخة الرميتي واحلاج حممد العنقى‬ ‫وغريهم‪.‬‬

‫من اجلزائر‬

‫‪100‬‬

‫ال�صاب خالد‬

‫في�سبوك اأن�ساأها معجبون بالفنانني دون اأن‬ ‫تكون لهم عالقة مبا�سرة باإدارة اأعمال الفنان‪،‬‬ ‫مثلما يحدث يف ال��دول العربية‪ ،‬وغالبية هذه‬ ‫ال�سفحات ل عالقة لها بن�ساط الفنان‪ ،‬بل‬ ‫ت�ستغل ا�سمه يف الدعاية ل�سفحات اأخرى‪ ،‬مثل‬ ‫�سفحات الفنانني �سالح اأوقروت‪ ،‬وال�ساب خالد‬ ‫واملطربة فلة عباب�سة‪ ،‬وفنانني اأخرين‪.‬‬ ‫�سخ�سي ًا لدي جتربة مع الفنان كرمي �ساكر‪،‬‬ ‫فقد �سعيت من اأجل اأن اأن�سئ له �سفحة على‬ ‫الفي�سبوك‪ ،‬ل�ك��ن يف ظ��ل تنقله ال��دائ��م بني‬ ‫اجل��زائ��ر وفرن�سا‪ ،‬وع��دة دول عربية ي�سرف‬ ‫اآراء املدونني املهتمني‬ ‫فيها على م�ساريع‪ ،‬تعذر تقدمي ت�سور نهائي‬ ‫ي �ق��ول امل� ��دون ي��و��س��ف ب�ل�ع��وج ��س��اح��ب م��دون��ة‬ ‫لل�سفحة التي اأ�سرف عليها تطوعي ًا من اأجل‬ ‫(ال�ف��زاع��ة) التي ه��ي م��ن ب��ني اأك��رب امل��دون��ات‬ ‫اإع �ط��اء م�سحة اح��رتاف �ي��ة لتعامل الفنانني‬ ‫اجلزائرية‪ :‬لي�س هنالك تفاعل بال�سكل املعروف‬ ‫اجلزائريني مع ال�سبكة الجتماعية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫بني الفنان اجلزائري ومعجبيه عرب ال�سبكات‬ ‫اتفقنا اأن��ا وك��رمي عليه لن�ستغل عليه يف وقت‬ ‫الجتماعية‪ ،‬فحتى ال�سفحات املوجودة على‬ ‫لحق حني ي�ستقر لفرتة يف اجلزائر‪.‬‬ ‫يف ظ��ل ع ��دم اه �ت �م��ام ال �ف �ن��ان��ني امل�ح��رتف��ني‬ ‫بالفي�سبوك‪ ،‬وال�سبكات الجتماعية اإج�م��ا ًل‬ ‫وب�سكل خا�س تويرت ويوتيوب‪ ،‬ب��رز الفنانون‬ ‫الهواة وا�ستغلوا هذا الفراغ ليقدموا منتوجهم‬ ‫جلمهور ال�سبكات الجتماعية‪ ،‬الأم��ر ال��ذي‬ ‫��س��اه��م يف خ�ل��ق جن��وم ج��دد ل�ع��ل اأب��رزه��م‬ ‫ابراهيم احميدة املعروف با�سم «اإربا‬ ‫اإرب��ا» يف جمال الكوميديا‪ ،‬و«مي�سو‬ ‫اجن� ��ل» يف جم ��ال غ �ن��اء «الر‬ ‫اآن ب��ي»‪ ،‬واللذين تعامال مع‬ ‫الفي�سبوك ويوتيوب بطريقة‬ ‫رغم اأن الفنان ممد فوؤاد ومان يعد‬ ‫حمرتفة من خ��الل ربط‬ ‫�شوتاً جزائرياً مميزاً يف عامل الفن‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫احل�سابني معا‪ ،‬ون�سر‬ ‫يتوا�شل با�شتمرار عرب الفي�شبوك‪ ،‬لكن عندما‬ ‫الفيديوهات ب�سورة‬ ‫�شاألناه عن الإ�شافة التي قدمها له الفي�شبوك‪،‬‬ ‫منتظمة‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫قال باأن الفي�شبوك �شاهم ب�شكل كبري يف تقريبي‬ ‫اأو�سل احميدة اإىل‬ ‫اأن ي �� �س �ب��ح جن��م‬ ‫من كل الذين يحبونني واخت�شر امل�شافة بيني‬ ‫ك��وم�ي��دي��ا‪ ،‬تتهافت‬ ‫وبينهم واأ�شبح توا�شلي معهم مبا�شراً‪ ..‬اإل اأنه‬

‫مل ي�شاهم يف �شهرتي لأين اأعتقد اأن ال�شهرة‬ ‫يجلبها الإبداع ولي�س الفي�شبوك‬

‫ال�صاب مامي‬

‫عليه ال�سركات من اأجل الفوز به كوجه اإعالين‪،‬‬ ‫لت�ستحوذ عليه اإحدى �سبكات الهاتف املحمول‪،‬‬ ‫يف �سفقة ج�سدت م��دى اإمكانية جن��اح �سوق‬ ‫ال�سبكات الجتماعية‪ .‬كما جنح «مي�سو اجنل»‬ ‫يف تكري�س اإ�سمه‪ ،‬لي�سبح جنم ًا تعر�س كليباته‬ ‫ال�ت��ي ي�ق��وم باإنتاجها بو�سائله اخلا�سة على‬ ‫الف�سائيات اجلزائرية‪.‬‬ ‫ميكن القول كنتيجة‪ ،‬اإن غياب الوعي باأهمية‬ ‫ه��ذه الو�سائط ه��و ال��ذي يقف كحاجز اأم��ام‬ ‫ا�ستغاللها‪ ،‬يف الوقت الذي ي�ستخدم فيه الكثري‬ ‫من الفنانني ح�سابات �سخ�سية‪ ،‬الأم��ر الذي‬ ‫يطرح اإ�سكالية النجومية يف اجلزائر‪.‬‬ ‫حما�سن‪ ..‬وعورات‬ ‫ل يخلو عامل الفنانني الفي�سبوكيني يف اجلزائر‬ ‫من طرائف وملح‪ ،‬حيث بقدر ما تظهر هذه‬ ‫التقنية بع�س حما�سنهم‪ ،‬تظهر اأي�سا م�ساوئهم‬ ‫ورمبا عوراتهم اأي�س ًا‪ ،‬من ذلك ظهور عمليات‬ ‫الحتيال‪ ،‬و�سرقة جهد الآخرين‪ ،‬على غرار ما‬ ‫قام ال�ساب جلطي باإطالقه اأغنية فنية جديدة‪،‬‬ ‫مبنا�سبة عيد الأم‪ ،‬و ن�سرها على �سفحته‬ ‫اخلا�سة ع��رب «الفي�سبوك»‪ ،‬وع��رب اليوتيوب‬ ‫وج��اءت مبو�سيقى الأغنية التي حققت رواج� ًا‬ ‫كبري ًا يف الوطن العربي للفنانة اللبنانية اإلي�سا‪،‬‬ ‫والتي حتمل عنوان «ع ب��ايل»‪ ،‬وه��و ما اعتربه‬ ‫البع�س حماولة بناء جناح على ح�ساب غريه من‬ ‫الفنانني‪.‬‬ ‫اأم ��ا ال�ف�ن��ان عثمان ب��ن داوود‪ ،‬ف�ي�اأخ��ذ عليه‬ ‫املراقبون اأنه ين�سر اأي كالم‪ ،‬بل وح ّول �سفحته‬ ‫اإىل جدارية لل�سورال�ساخرة التي ل معنى لها‬ ‫يف الكثري من الأحيان‪ ،‬مبا يدلل على حمدودية‬ ‫قاتلة يف م�ستوى التفكري‪.‬‬ ‫يف املقابل‪ ،‬ان�ف��ردت الفنانة املعتزلة ال�سابة‬ ‫خ� ��رية‪ ،‬ب�ن���س��ر � �س��ور ل �ه��ا ع��رب �سفحتها يف‬ ‫الفي�سبوك‪ ،‬وهي ترتدي احلجاب برفقة زوجها‬


‫«اأحمد» يف املنزل‪ ،‬وذلك للرد على ال�سائعات‬ ‫التي ترددت عرب الفي�سبوك اأي�س ًا حول نزعها‬ ‫للحجاب‪ ،‬وتالعبها مب�ساعر املعجبني‪.‬‬ ‫وكانت ال�سابة خرية قد اأرفقت ن�سر تلك ال�سور‬ ‫التي اأح��دث��ت �سجة ك��ربى‪ ،‬بقولها «اأن��ا ل�ست‬ ‫رابعة العدوية» قبل اأن ت�سيف «لقد ا�سطرت‬ ‫لن�سر �سوري هذه احرتام ًا لكل املعجبني بخرية‬ ‫الإن�سانة قبل الفنانة»‪.‬‬ ‫واأ� �س��اف��ت ال�سابة خ��رية «ل�ست جم��ربة على‬ ‫الإعالن عن كل ما اأفعل بيني وبني خالقي‪ ،‬ول‬ ‫اأ�سمح لإن�سان بالتدخل يف حياتي اخلا�سة‪،‬‬ ‫لأنني عانيت من ال�سائعات يف ال�سابق كثري ًا‪،‬‬ ‫ول�ست م�ستعدة للمعاناة اأكرث»‪.‬‬ ‫فنانون‪ ..‬و�سا�سة‬ ‫واأنا اأجنز هذا ال�ستطالع‪� ،‬سعقت بخرب �سابق‬ ‫ع��ن تنظيم املجل�س ال�سعبي الوطني (اإح��دى‬ ‫غرفتي الربملان)‪ ،‬حللقة تدريبية حول موقعي‬ ‫التوا�سل الإجتماعي «في�س بوك»و»تويرت»‪ ،‬حيث‬ ‫اأظهرت هذه احللقة مدى جهل غالبية النواب‬ ‫بهذه التكنولوجيات احلديثة‪ ،‬وكيفية التعامل‬ ‫معها حتى يف اإط��ار عملهم اليومي‪ ،‬وخا�سة‬ ‫ال�ن��واب امل�سنون منهم‪ ،‬بل اإن بع�سهم يعترب‬ ‫ذل��ك اأح��د و�سائل التج�س�س التي ت�ستخدمها‬ ‫ال��س�ت�خ�ب��ارات الأم��ري �ك �ي��ة‪ ،‬وب��ال �ت��ايل ف�ه��م ل‬ ‫يفكرون اأ�س ًال حتى يف الإقرتاب منها‪.‬‬ ‫وعندما يكون ال�سا�سة يف اجلزائر مبثل هذا‬ ‫التفكري‪ ،‬وه��م الذين من املفرت�س اأن يكونوا‬ ‫يف مقدمة املجتمع ل�سحبه نحو ترقية الأداء‬ ‫الإع��الم��ي‪ ،‬ميكننا اأن نفهم بطبيعة احل��ال‪،‬‬ ‫تخلف الفنانني اجلزائيني عن مواكبة التطور‬ ‫احلا�سل يف جمال تقنية التوا�سل الجتماعي‬ ‫وتكنولوجيا الت�سالت اجلديدة‪.‬‬ ‫ورمب���ا ك ��ان ال���س�ب��ب وراء ه ��ذه ال �ظ��اه��رة يف‬ ‫اعتقادي‪ ،‬هو ان�ع��دام اآل�ي��ات تخريج الفنانني‬ ‫كما ال�سيا�سيني كما غري ذلك‪ ،‬فالتزوير الذي‬ ‫ياأتي بال�سيا�سي اجل��اه��ل العاجز حتى عن‬ ‫اإيجاد خلق فكرة واحدة فما بالك بالت�سويق‬ ‫لها اإعالمي ًا‪ ،‬هو نف�سه ال��ذي يفر�س نف�سه‬ ‫مع ظاهرة تفريخ الفنانني يف الغالب داخل‬ ‫«ال�ك�ب��اري�ه��ات» ولي�س داخ��ل املعاهد الفنية‬ ‫العليا‪ ،‬وبالنتيجة ن�سبح اأم��ام فنانني «على‬ ‫قد احلال»‪ ،‬يف م�ستوى اأدائهم الفني‪ ،‬كما يف‬ ‫م�ستوى ت�سويق اأنف�سهم اإعالمي ًا‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫منهم راغب علمة‬ ‫واألي�شا ونان�شي عجرم‬ ‫وهيفاء وهبي‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫من لبنان‬

‫‪102‬‬

‫الفنانون اللبنانيون‬ ‫على مواقع التواصل‪..‬‬ ‫م�ساحة للتكذيب ون�سراالأخبار وال�سهرة‬

‫بريوت ـ الإعالم والع�رص‬ ‫تعترب مواقع التوا�صل الجتماعي‪،‬‬ ‫كالفي�صبوك وتويرت‪ ،‬من اأبرز الو�صائل‬ ‫واأجنعها لتاأمني التوا�صل الدائم بني الفنان‬ ‫وجمهوره‪ ،‬اإذ يرى فيها الكثري من الفنانني‬ ‫م�صاحة جمانية و�صعبية لإعالن اأعمالهم‬ ‫اجلديدة وتكذيب الإ�صاعات والرد على‬ ‫النتقادات وال�صتماع اإىل اآراء وتعليقات‬ ‫اجلمهور‪ ،‬ل بل اأحيانا ً للتوا�صل و"التعارك"‬ ‫بني الفنانني اأنف�صهم‪.‬‬

‫هذا وترتاأ�س الفنانات اللبنانيات قائمة الفنانني‬ ‫العرب ممن ي�ستخدمون الفي�سبوك وتويرت‪،‬‬ ‫ولعل اأبرزهم األي�سا التي تعد «املغردة» الأوىل‬ ‫على «ت��وي��رت»‪ ،‬ونان�سي عجرم‪ ،‬وهيفاء وهبي‬ ‫التي جمعت عدد ًا كبري ًا جد ًا من املعجبني على‬ ‫�سفحاتها عرب املوقعني الجتماعيني‪ ،‬وتت�سع‬ ‫ال��الئ�ح��ة لت�سم م��ريي��ام ف��ار���س وجن��وى كرم‬ ‫ونوال الزغبي وقمر‪ ،‬وباقة كبرية من الفنانات‬ ‫والفنانني الذين يتناف�سون على جمع اأكرب قدر‬ ‫من املتتبعني واملعجبني‪.‬‬ ‫بناء على رغ�ب��ات اجلمهور‪ ،‬تقوم امل��زي��د من‬

‫ل تختلف تغريدات مرييام فار�س‬ ‫وكارول �شماحة وجنوى كرم عن تغريدات‬ ‫البقية‪ ،‬فهن يعلن عن ن�شاطاتهن وتفا�شيل‬ ‫اأعمالهن اجلديدة ومكان اإقامتهن وحالتهن الذهنية‬ ‫واجل�شدية وين�شرن �شورهن… يذكر اأن عجرم‬ ‫و�شماحة من املقربات لإلي�شا عرب تويرت حيث‬ ‫تطمئن كل واحدة على الأخرى بني احلني والآخر‬

‫الفنانات اللبنانيات باقتحام الفي�سبوك اأو ًل‬ ‫وم ��ن ث��م ت��وي��رت‪ ،‬فعلى �سبيل امل �ث��ال‪ ،‬قامت‬ ‫الفنانة نان�سي عجرم يف الآونة الأخرية بافتتاح‬ ‫�سفحة لها على «تويرت» للتوا�سل مع معجبيها‬ ‫ب�سكل مبا�سر واطالعهم على جديدها يومي ًا‪،‬‬ ‫فاأ�سبحت يف وقت ق�سري متلك اأكرب �سفحات‬ ‫ال �ف �ن��ان��ني ال �ع��رب ع �ل��ى امل ��وق ��ع‪ ،‬ح �ي��ث ي�ب��دي‬ ‫معجبوها امل��زي��د م��ن اله�ت�م��ام بكل م��ا تقوم‬ ‫بن�سره ل �سيما �سورها مع طفلتيها وزوجها‪.‬‬ ‫حرب بني األي�سا ‪ ..‬وهيفاء‬ ‫اأما هيفاء وهبي فهي من املغردات الأقدم على‬ ‫تويرت وه��ي م��وج��ودة ب�سكل يومي ومبا�سر ول‬ ‫ت�ستعني مبديري اأعمالها بل اإنها ت�سرف بنف�سها‬ ‫على �سفحتها وتكتب حول كل ما يطراأ لها‪ ،‬كما‬ ‫اأنها ت�ستغل املوقع من اأجل الرد على اأي انتقاد‬ ‫يطاولها يف زحمة امل�سكالت التي تتعر�س لها‪،‬‬ ‫ول تتوانى عن مهاجمة بع�س الفنانات يف حال‬ ‫تعر�سن لها اأو �سرحن �سدها‪ ،‬والبع�س ي�سفها‬ ‫باأنها �ساحبة امل�سكالت الأكرث على املوقع‪ ،‬بينما‬ ‫هي ترد بان الغرية الفنية هي التي تت�سبب لها‬ ‫بهذه امل�ساكل‪.‬‬ ‫كما اأن هيفاء �سريحة للغاية وجتيب على كافة‬ ‫اأ�سئلة املعجبني مهما كانت حمرجة وخا�سة‪،‬‬ ‫خ�سو�س ًا واأنها تتمتع بذكاء كبري‪ ،‬ويف الآونة‬ ‫الأخرية كتبت تغريدة على تويرت للرد على‬


‫تعد هيفاء وهبي من املغردات الأقدم‬ ‫على تويرت وهي موجودة ب�شكل يومي‬ ‫ومبا�شر ول ت�شتعني مبديري اأعمالها بل‬ ‫اإنها ت�شرف بنف�شها على �شفحتها‪ ،‬ول‬ ‫تتوانى عن مهاجمة بع�س الفنانات يف حال‬ ‫تعر�شن لها اأو �شرحن �شدها‪ ،‬والبع�س‬ ‫ي�شفها باأنها �شاحبة امل�شكالت الأكرث على‬ ‫املوقع‪ ،‬بينما هي ترد باأن الغرية الفنية هي‬ ‫التي تت�شبب لها بهذه امل�شاكالت‬

‫األي�صا املغردة الأوىل على تويرت‬

‫الي�سا‪ ،‬فقد �ساأل اأح��د الأ�سخا�س الي�سا على‬ ‫تويرت عن �سبب قيام هيفاء وهبي باإعادة ن�سر‬ ‫التعليقات ال�سيئة التي تطال األبومها اجلديد‬ ‫«اأ�سعد واحدة» من خالل قيامها ب� ‪،Retweet‬‬ ‫ف ��ردت اإل�ي���س��ا‪ «:‬اأع�ت�ق��د اأن ال�سبب ه��و اأن�ه��ا‬ ‫حتبني»يف م��ا اعتربته هيفاء «لط�سة» لها ل‬ ‫�سيما واأنهما كانتا على خالف يف ال�سابق‪.‬‬ ‫وردت هيفاء على الفور «الي�سا يا حياتي‪ ،‬ل‬ ‫تبدئي معي‪ ،‬اأنا ل اأقوم باإعادة ن�سر التعليقات‬ ‫ال�سلبية‪ ،‬ولي�ست م�سكلتي اإن كان النا�س يكذبون‬ ‫عليك‪ ..‬وحبك ظاهر ووا�سح» وهو ما اأدى اىل‬ ‫جتدد اخلالف بينهما‪.‬‬ ‫من ناحية اأخرى فاإن هيفاء تفاخر بجمهورها‬ ‫على الفي�سبوك‪ ،‬اإذ قالت يف اإح��دى املقابالت‬ ‫اإن جمهورها كبري وقوي ل ميكن اأن ي�ستهان به‬ ‫واإن عدد املنت�سبني اإىل �سفحتها يبلغ الآلف‪،‬‬ ‫والرقم يرتفع باطراد‪ ،‬موؤكدة اأنه بالآلف ولي�س‬ ‫باملاليني غامزة من قناة الفنانني والفنانات‬ ‫الذين ي�سرتون املعجبني واإن كانوا من الهند‬ ‫اأو النيجر‪ ،‬ويف �سياق اآخ��ر‪ ،‬اأك��دت هيفاء اإنها‬ ‫حاملا بداأت بكتابة تغريداتها على موقع التوا�سل‬ ‫الجتماعي‪ ،‬بداأ الكل يقلدها من الفنانات‪.‬‬ ‫توا�سل مبا�سر‬ ‫ب��دوره��ا‪ ،‬تقوم اإلي�سا بالتوا�سل املبا�سر مع‬ ‫معجبيها الذين يفوق عددهم ال�ستني الف ًا‪ ،‬فهي‬ ‫تكتب كل ما يخطر على بالها‪ ،‬وتطلعهم على‬ ‫ما تقوم به ب�سكل يومي‪ ،‬وعلى اآرائها ال�سيا�سية‬

‫وم�ساريعها الفنية وتن�سر �سور ًا لها وهي تتناول‬ ‫طعام الغداء اأو الع�ساء مع املقربني منها‪ ،‬كما‬ ‫تتوا�سل مع غريها من الفنانات‪ ،‬كنان�سي عجرم‬ ‫واأم��ل حجازي وتقوم بتهنئتهن يف حال �سدور‬ ‫اأي جديد لهن‪ .‬علم ًا اأنها افتتحت ح�سابها على‬ ‫تويرت قبل هيفاء وهبي بوقت طويل على عك�س‬ ‫ما تدّعي الأخرية‪.‬‬ ‫واملوؤ�سف اأن مثل هذه ال�سراعات بني الفنانني‪،‬‬ ‫التي ظهرت ب�سكل كبري على �سفحات املواقع‬ ‫الج�ت�م��اع�ي��ة حت��ول��ت يف بع�س الأح��ي��ان اإىل‬ ‫ع��داوات وتبادل �ستائم توىل مهمتها اجلمهور‬ ‫الذي توا�سل مع فنانيه اإلكرتوني ًا‪.‬‬ ‫هذا ول تختلف تغريدات مرييام فار�س وكارول‬ ‫�سماحة وجن��وى ك��رم ع��ن ت�غ��ري��دات البقية‪،‬‬ ‫فهن يعلن عن ن�ساطاتهن وتفا�سيل اأعمالهن‬ ‫اجل��دي��دة ومكان اإقامتهن وحالتهن الذهنية‬ ‫واجل���س��دي��ة وين�سرن �سورهن… ي��ذك��ر اأن‬ ‫عجرم و�سماحة من املقربات لإلي�سا عرب تويرت‬ ‫حيث تطمئن كل واحدة على الأخرى بني احلني‬ ‫والآخر‪.‬‬ ‫اأم��ا الفنانون اللبنانيون ال�سبان فيبدون يف‬ ‫معظمهم اأكرث بعد ًا عن هذه املواقع الجتماعية‪،‬‬ ‫فمعني �سريف مث ًال يقول اإن��ه ل ميلك الوقت‬ ‫ل�ستيعاب ال�ك��م ال�ه��ائ��ل م��ن املعجبني وال��رد‬ ‫عليهم باإن�ساف‪ ،‬ولي�س باإمكانه اأن يوكل هذه‬ ‫املهمة اإىل فريق اإعالمي كونه غري م�سوؤول عن‬ ‫ما ين�سر عن ا�سمه‪.‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬هناك بع�س الفنانني ممن يقبلون على‬

‫هيفاء وهبي‬

‫نان�صي عجرم وماليني املعجبني‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫نوال الزغبي‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫من لبنان‬

‫راغب عالمه‬

‫‪104‬‬

‫جنوى كرم‬

‫اآلف دولر كافية ل�سراء قرابة ‪ 100‬األف معجب‬ ‫ت�سب يف م�سلحته بل تفقده جمهوره يف بع�س‬ ‫الفي�سبوك وتويرت بقوة واإن كان عددهم قلي ًال‪،‬‬ ‫على في�سبوك ب�سفحة موقع الفنان‪ ،‬كذلك‬ ‫فال�سوبر �ستار راغب عالمة‪ ،‬اختار الفي�سبوك‬ ‫الأحيان‪.‬‬ ‫احل��ال مع تويرت‪ ،‬وهناك �سركات متخ�س�سة‬ ‫لريوج من خالله لأغنيته امل�سورة «بت ِفل»‪ ،‬هذا‬ ‫كما اأنها تظهر حجم الفنان وما اإذا كان يتمتع‬ ‫ما اعتربه هدية جلمهوره‪.‬‬ ‫بهذا التحايل‪ ،‬ومن الفنانني الذين واجهوا هذه‬ ‫ب�سعبية كبرية اأم العك�س‪ ،‬لكن يف الآونة الأخرية‬ ‫بينما ي�سكو الكثري من الفنانني ل �سيما على‬ ‫التهامات مرييام فار�س والي�سا‪.‬‬ ‫يجري اللتفاف على هذا الأمر‪ ،‬فهناك بع�س‬ ‫الفي�سبوك من وجود ح�سابات مزيفة با�سمهم‪،‬‬ ‫مع ذل��ك‪ ،‬وبرغم بع�س ال�سلبيات التي يجري‬ ‫م��واق��ع الإن��رتن��ت العربية ال�ت��ي ت��ربع بفربكة‬ ‫منهم على �سبيل املثال الفنانة قمر التي تقول‬ ‫احلديث عنها بني الفينة والأخ��رى‪ ،‬ف�اإن هذه‬ ‫عدد املعجبني على �سفحة ما مبا فيها اأع��داد‬ ‫«اإن هناك ‪ 100‬قمر مزيف على الفي�سبوك‪،‬‬ ‫املواقع الجتماعية تقدم الفنان للجمهور ب�سكل‬ ‫املتابعني على الفي�سبوك وتويرت‪ ،‬وي��رتدد اأن ‪5‬‬ ‫لكن الأمر ل يزعجني اأبد ًا وهو دليل على كرثة‬ ‫اأك��رث عفوية و�سال�سة وتقل�س امل�سافة بينه‬ ‫املعجبني وحمبتهم»‪.‬‬ ‫وبينهم‪ ،‬فعلى �سبيل املثال‪ ،‬فمن يريد اأن يرى‬ ‫كذلك الفنان جاد �سويري فيعترب التوا�سل مع‬ ‫جمموعة املالب�س التي متلكها هيفاء وهبي‪ ،‬اأو‬ ‫معجبيه عرب مواقع التوا�سل الجتماعية اأمر ًا‬ ‫نان�سي عجرم وه��ي ت�سيء �سجرة امليالد يف‬ ‫ميدّه بالطاقة لتقدمي الأف�سل‪ ،‬م�سيف ًا‪«:‬اإن ردم‬ ‫منزلها مع ابنتها‪ ،‬اأو راغب عالمة يرتدي ثياب‬ ‫الهوة بيني وبني اجلمهور ل يوؤثر على جنوميتي‪،‬‬ ‫البيت مع ولديه وزوجته‪ ،‬اأو عا�سي احلالين‬ ‫بل يعززها»‪.‬‬ ‫يدخن الرنجيلة على ال�سرفة‪ ،‬ما عليه اإل‬ ‫اأن يت�سفح الفي�سبوك وتويرت‪.‬‬ ‫خطوة �سرورية‬ ‫ه �ك��ذا ف�ت�ح��ت ��س�ب�ك��ات ال�ت��وا��س��ل‬ ‫يعترب النقاد اأن الغزو الفني ملواقع‬ ‫الجتماعي جم��ا ًل للفنانني كي‬ ‫ال�شبان‬ ‫اللبنانيون‬ ‫الفنانون‬ ‫ال�ت��وا��س��ل الج�ت�م��اع��ي واآخ��ره��ا‬ ‫يكونوا على طبيعتهم ويروجوا‬ ‫«تويرت» خطوة �سرورية للفنانني‬ ‫يبدون يف معظمهم اأكرث بعداً عن هذه‬ ‫لأنف�سهم‪ .‬كما اأنهم ا�ستلموا‬ ‫لتو�سيع جم��ال ال�ت��وا��س��ل مع‬ ‫املواقع الجتماعية‪ ،‬فمعني �شريف مث ً‬ ‫ال‬ ‫زم� ��ام اأم ��وره ��م الإع��الم �ي��ة‬ ‫قاعدتهم اجل�م��اه��ريي��ة‪ ،‬اإل‬ ‫يقول اإنه ل ميلك الوقت ل�شتيعاب‬ ‫باأنف�سهم‪ ،‬حتى ب��ات تويرت‬ ‫اأن �ه��م ي� �ح ��ذرون‪ ،‬يف ال��وق��ت‬ ‫ب ��دي ��ل ال� �ف ��ري ��ق الإع ��الم ��ي‬ ‫عليهم‬ ‫والرد‬ ‫املعجبني‬ ‫من‬ ‫الهائل‬ ‫الكم‬ ‫نف�سه‪ ،‬م��ن اأن ه��ذه امل��واق��ع‬ ‫امل ��واك ��ب‪ ،‬واأ� �س �ب��ح ال �ف � ّن��ان‬ ‫�سالح ذو حدين لأنها تك�سف‬ ‫باإن�شاف‪ ،‬ولي�س باإمكانه اأن يوكل هذه‬ ‫ميرر ر�سائله بنف�سه من دون‬ ‫�سخ�سية‬ ‫جوانب جديدة من‬ ‫املهمة اإىل فريق اإعالمي كونه غري‬ ‫اأي و��س�ي��ط‪ ،‬وي� ّ�ط�ل��ع على راأي‬ ‫تعليقات‬ ‫�الل‬ ‫ال �ف �ن��ان‪ ،‬م��ن خ�‬ ‫م�شوؤول عن ما ين�شر با�شمه‪.‬‬ ‫اجلمهور باأعماله واأ�سلوبه وفنه‬ ‫يكتبها اأو م��واق��ف يتخذها‪ ،‬ل‬ ‫ب�سكل مبا�سر ومن دون تلميع‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫يف اِنتظار اِجنلء اجلو‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫من فرن�صا‬

‫‪106‬‬

‫الوسائط االجتماعية‬ ‫والفن في فرنسا‪..‬‬ ‫حرية وكثري من التيه‬ ‫ّ‬

‫باري�ض ـ �صعيد من�صي‬ ‫يف اأملانيا وال�صويد‪ ،‬ظهرت‬ ‫اإىل الوجود اأحزاب ت�صمى‬ ‫اأحزاب القرا�صنة‪ ،‬وهي‬ ‫اأحزاب يقت�رص ن�صاطها على‬ ‫الإنرتنت‪ ،‬ولكن عندما تنخرط‬ ‫هذه الأحزاب يف ال ِنتخابات‬ ‫وتدخل الربملان‪ ،‬مثلما حدث‪،‬‬ ‫موؤخراً‪ ،‬يف اأملانيا‪ ،‬فاإنها‬ ‫ت�صبح اأحزابا ً مثل غريها من‬ ‫الأحزاب‪ ،‬ورمبا هذا ما �صيحدثُ‬ ‫للو�صائط الجتماعية‬ ‫اجلديدة لالإنرتنت‬ ‫(«فاي�صبوك»‪« ،‬تويرت»‪،‬‬ ‫واملدونات ال�صخ�صية وغريها)‬ ‫يف عالقاتها مع جمالت‬ ‫الفن وال�صحافة والأدب‪.‬‬

‫يف الفن‪ ،‬با�ستثناء اأ�سكال قليلة جديدة مثل‬ ‫و�سع‬ ‫«ال�سريط الوثائقي الإل �ك��رتوين» ال��ذي َّ‬ ‫جمال فن ال�سريط ال�سينمائي الوثائقي‪ ،‬ميكن‬ ‫القول باأن الو�سائط الجتماعية اأفادت الفنانني‬ ‫ب�سيئني اث �ن� ْ�ني اأول�ه�م��ا م��زي��د م��ن احل��ري��ة يف‬ ‫جتريب اأ�سكال جديدة يف جمال التعبري وال�سيء‬ ‫الثاين يتمثل يف منحهم قدرة اأكرب يف الظهور‬ ‫اأم���ام اجل�م�ه��ور ع�ل��ى م�ستوى ال �ف��ردي وعلى‬ ‫م�ستوى ال��رتوي��ج لإنتاجهم ويف منحهم بع�س‬ ‫احلرية للتجريب و للتعبري‪.‬‬

‫ق �ب��ل ف� ��رتة ل �ي �� �س��ت ب��ال �ق �� �س��رية م ��ن ظ �ه��ور‬ ‫«ماي�سباي�س» و«في�سبوك» و«تويرت» وغريها من‬ ‫ال�سبكات الجتماعية‪( ،‬يف اأوا� �س��ط �سنوات‬ ‫‪ ،)2000‬كانت حياة الفنانني باخل�سو�س يف‬ ‫الغرب‪ ،‬قد اأ�سبحت حتت اأنظار قراء ال�سحف‬ ‫وم�ساهدي القنوات التلفزيونية لأ�سباب ل عالقة‬ ‫لها بحرية التعبري‪ ،‬واإمنا لأ�سباب جتارية‪ ،‬بحيث‬ ‫اأن ال�سركات املالكة لتلك الو�سائط تقاي�س حب‬ ‫اجلمهور للتل�س�س وتتبع الأخ�ب��ار املثرية يف‬ ‫حياة النجوم والفنانني‪ ،‬بالإ�سهار‪.‬‬


‫الكاتب الفرن�صي ريجي�ض جوفري‬

‫الكاتب و الناقد الفرن�صي فيليب �صولري‬

‫الكاتب الفرن�صي فريديريك بيغبيدي‬

‫اأحاديث عن «اأنا‪ ،‬االآن»‬ ‫واليوم‪ ،‬ي�ستعر�س الفنانون حياتهم واأجزاء من‬ ‫اأعمالهم على ال�سبكات ا ِلجتماعية وهم يطبقون‬ ‫املثل القائل‪« :‬اإذا مل تتحدث اأنتَ عن نف�سك فاإن‬ ‫الآخرين �سيتحدثون عنك بطريقتهم»‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬اأ�سبحت هذه الو�سائط جما ًل حلديث‬ ‫الفنانني والكتاب وال�سحافيني على م�ساركاتهم‬ ‫يف ن ��دوات اأو ح�ف��الت‪ ،‬وع��ر���س لإنتاجهم اأو‬ ‫اإدراج ًا لعناوين اإلكرتونية حتيل اإىل اأعمالهم‪.‬‬ ‫ول �ك��ن اأك� ��رث ال��و� �س��ائ��ط ت�خ�ت����س ب �اأح��ادي��ث‬ ‫ه �وؤلء امل�ساهري اأو ال�سخ�سيات عن اأنف�سهم‬ ‫واأم��زج�ت�ه��م ول�ه��وه��م‪ ،‬ب��ل وح�ت��ى احل��دي��ث عن‬ ‫حيواناتهم الأليفة‪ ،‬اأكرث مما حتدث عن جوهر‬ ‫اأعمالهم وت�اأث��ريه��ا الجتماعي‪ ،‬فعلى �سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬ث��ار اجل��دل‪ ،‬منذ ح��وايل �سهرين‪ ،‬على‬ ‫�سبكة «تويرت»حول ت�سريح نقدي حاد للمخرج‬ ‫ال�سحفي «ماتيو كازوفيت�س»‪ ،‬خم��رج اأف��الم‬ ‫ملتزمة اآخرها‪ ،‬فيلم « نظام والأخ��الق» (عن‬ ‫عملية ع�سكرية �سد احتجاز رهائن يف كاليدونيا‬ ‫اجلدية يف عهد الرئي�س ال�سرتاكي «فران�سوا‬ ‫ميتريان»‪ ،‬يف ثمانينيات القرن املا�سي)‪.‬‬ ‫وبالطبع‪ ،‬ف �اإن ه��ذا املخرج ال��ذي ك��ان متاأثر ًا‬ ‫بغياب رد فعل زمالئه واملثقفني عموم ًا على منع‬ ‫عر�س فيلمه يف كاليدوينا اجلديدة (اإ�سافة اإىل‬ ‫طبعه امل�ساك�س) مل يف�سر ‪-‬ول ي�ستطيع ذلك‪-‬‬ ‫موقفه يف برقية ل تتعدى ‪ 140‬حرف ًا‪.‬‬ ‫خالف ًا للمخرج «كازوفيت�س»‪ ،‬تعر�س الباحث‬ ‫والناقد الفرن�سي املعروف «فيليب �سولري�س»‬ ‫اإىل الطرد من اأ�سبوعية «لوجورنال دو دميان�س»‬ ‫ب�سبب برقية ق�سرية اأو «تويت» (زقزقة اأو‬ ‫تغريدة) تعر�س فيه للحديث عن «تويت» اآخر‬ ‫ن�سرته رفيقة حياة الرئي�س الفرن�سي اجلديد‬ ‫تاأييد ًا خل�سم زوج��ة الرئي�س يف النتخابات‬ ‫الت�سريعية الفرن�سية الأخرية‪.‬‬ ‫وبالطبع‪ ،‬فاإن من�سئي الو�سائط الجتماعية مل‬ ‫ي�سغلوا هذه الو�سائط من باب ت�سجيع حرية‬

‫التعبري‪ ،‬واإمن��ا لأ�سباب جتارية معروفة ت�سمح‬ ‫لهم ببيع قوائم ومالمح م�ستعملي هذه ال�سبكات‬ ‫لل�سركات التجارية‪.‬‬ ‫وق��د ف��هِ ��م الكثري م��ن الفنانني وغ��ريه��م هذا‬ ‫موقعي‬ ‫الأم ��ر‪ ،‬فنجد‪ ،‬على �سبيل امل �ث��ال‪ ،‬يف‬ ‫ْ‬ ‫«ماي�سباي�س» و«تنبلر» حم��الت بيع اإلكرتوين‬ ‫(ت�سارك فيه �سركات مثل «��س��وين») وتخ�س‬ ‫عر�س اأو و�سع اأج��زاء من اأع�م��ال مو�سيقية‬ ‫موجهة للمحبني وملحبني فعليني اأو كامنني‪،‬‬ ‫�سي�سبحون فيما بعد جمهور قاعات يحيي فيها‬ ‫الفنانون حفالتهم‪.‬‬

‫فيه باإعالن عن �سدور كتبه واأوقات بث لقاءاته‬ ‫التلفزيونية‪ ،‬اأو الكاتب ال��روائ��ي «األيك�ساندر‬ ‫ج ��اردان» اأو «بيري اأ��س��ول��ني»‪ ،‬الكاتب والناقد‬ ‫رئي�س حترير �سابق ملجلة «لري»‪ ،‬الذي‪ ،‬باملقابل‪،‬‬ ‫مي�ل��ك م��دون��ة �سخ�سية ب �ع �ن��وان «ج�م�ه��وري��ة‬ ‫الكتب»‪.‬‬ ‫وحل�سن احلظ ف�اإن الأم��ر ل يقت�سر على حب‬ ‫الظهور والرنج�سية فثمة جمال للحرية؛ ففي‬ ‫كتاب بعنوان «كتاب الوجوه ‪-‬جريدة فا�سكبوكية‬ ‫‪ ،»2011 � 2010‬على �سبيل امل �ث��ال‪ ،‬اأق��دم��ت‬ ‫«�سيلفي غرا�سيا» على جمع �سور فوتوغرافية‬ ‫مرفقة بتعاليق مطولة م�ستقاة من �سفحتها‬ ‫على الفي�سبوك‪ ..‬وكانت النتيجة كتاب ًا مثري ًا‬ ‫وذكي ًا وجمي ًال‪.‬‬ ‫اإنه «اإ�سفاء للدميقراطية املفرطة على الأدب»‪،‬‬ ‫ح�سب الناقد واجلامعي الفرن�سي «األك�ساندر‬ ‫ج�ي�ف��ن» ال ��ذي ي�سيف‪« :‬اإن قيمة ال�سبكات‬ ‫الجتماعية لي�ست قيمة مفهومة على اأنها‬ ‫وتفاعل‪،»...‬‬ ‫اأ�سلوب رفيع واإمن��ا ك �اأدب تبادُل‬ ‫ُ‬

‫مع الكتاب‪ ..‬االأمر خمتلف‬ ‫وم��ن جهة ثانية‪ ،‬يتباهى الكثري من الفنانني‬ ‫بعدد ُمتا ِبعيهم على «تويرت» اأو على «في�سبوك»‬ ‫وغريها من الو�سائط التي اأ�سبحت مرايا يُظهِ ر‬ ‫فيها الفنانون نرج�سيتهم‪ ،‬واإل كيف نف�سر‬ ‫هذا «التويت» القريب من الالمعقول للكاتب‬ ‫الفرن�سي «ريج�س ج��وف��ري» عندما يقول «يف‬ ‫هذه اللحظة‪ ،‬اأحب الزبدة»‪ ،‬و«من يحب اأطباء‬ ‫الأ�سنان هو طبيب اأ�سنان؟»‪.‬‬ ‫وذه��ب احل��ال ببع�س ال�ق��راء اإىل اأن ين�سئوا‬ ‫�سفحات ل�سخ�سيات روائ �ي��ة وق��د علق اأح��د‬ ‫ال�ك�ت��اب على ذل��ك ب�ق��ول��ه‪« :‬ت �� �س��وروا اأن كل‬ ‫�سخ�سيات ال ��رواي ��ات ت �ب��داأ ح �ي��اة ج��دي��دة‬ ‫وتتحدث فيما بينها يف ع��امل ِافرتا�سي‪،‬‬ ‫و�ستكون تلك كوميديا ب�سرية تفاعلية‪،‬‬ ‫حيث �سيج�سد اأبطال ال��رواي��ات‪ ،‬يف‬ ‫نهاية الأمر‪ُ ،‬حلمهم القدمي األ وهو‬ ‫التحرر من موؤلفيهم»‪.‬‬ ‫ويف ف��رن �� �س��ا‪ ،‬دائ� �م� � ًا‪ ،‬يف�سل‬ ‫بع�س الكتاب الكتفاء بعر�س‬ ‫كتبهم واأن�سطتهم فقط‪ ،‬من‬ ‫ه �وؤلء الكتاب «م��ارك ليفي»‬ ‫�ساحب الكتاب‪ ،‬بيعت منه‬ ‫ماليني الن�سخ‪ ،‬الذي يكتفي‬

‫قبل فرتة لي�شت بالق�شرية‬ ‫من ظهور «ماي�شباي�س» و«في�شبوك»‬ ‫و«تويرت» وغريها من ال�شبكات‬ ‫الجتماعية‪( ،‬يف اأوا�شط �شنوات ‪،)2000‬‬ ‫كانت حياة الفنانني باخل�شو�س يف‬ ‫الغرب‪ ،‬قد اأ�شبحت حتت اأنظار ق ّراء‬ ‫ال�شحف وم�شاهدي القنوات التلفزيونية‬ ‫ُّ‬ ‫لأ�شباب ل عالقة لها بحرية التعبري‪،‬‬ ‫واإمنا لأ�شباب جتارية‪ ،‬بحيث اأن ال�شركات‬ ‫املالكة لتلك الو�شائط تقاي�س حب‬ ‫اجلمهور للتل�ش�س وتتبع الأخبار املثرية‬ ‫يف حياة النجوم والفنانني‪ ،‬بالإ�شهار‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫ويذهب اإىل القول‪ :‬اإن بع�س الكتاب اأف�سل على‬ ‫ال�سبكة الجتماعية منهم يف ال ُكتب‪.‬‬ ‫هايكو الياباين‬ ‫وميكن ت�سبيه هذه الأ�سكال الق�سرية‪ ،‬املولودة‬ ‫يف الو�سائط الجتماعية‪ ،‬بال� «هايكو» الياباين‬ ‫احل َكم‪ ،‬وهي‬ ‫(ق�سائد ق�سرية) اأو بالأمثال اأو ِ‬ ‫ن�سو�س فيها‪ ،‬ح�سب املخت�سني‪ ،‬اإفراط كبري يف‬ ‫متلك احلا�سر اأو «الأنا الآن»‪ ،‬ولكنها اأنا تت�سخم‬ ‫بالآخر وجتد ِانعكا�سه فيه‪ ،‬من خالل التعليقات‬ ‫والتفاعل‪ ،‬وهو ما يجعل هذا الأدب‪ ،‬مثلما يرون‪،‬‬ ‫اأدب� ًا طاحم ًا يف اإنتاج عوامل متعددة الأ�سوات‬ ‫ووجهات النظر والتبعرث‪ ،‬يف نف�س الوقت الذي‬ ‫تُقام فيه ج�سو ٌر ن�سية غري منتظرة‪ ،‬يف اأغلب‬ ‫الأحوال‪ ،‬من خالل التوارد احلر للخيالت‪.‬‬ ‫ه��ذا ال�ع��امل ال��رح��ب ال��ذي ي�سبح فيه اخليال‬ ‫املبعرث للمئات م��ن ال���ذوات يرف�سه اآخ��رون‬ ‫الكتاب و ُبرج الكاتب‪ ،‬فالكاتب واملخرج‬ ‫مف�سلني ِ‬ ‫«ف��ري��دي��ري��ك بيغبيدي» اأغ �ل��ق �سفحته على‬ ‫«في�سبوك» مندد ًا ب � «وَهَ م الت�سارك ال�سطحي»‪.‬‬ ‫ومثله‪ ،‬اأب��دى الروائي «نيكول ف��راغ» ِا�سمئزازه‬ ‫من «وقاحة امل��رء يف ِا�ستعرا�س ذات��ه واإخبار‬ ‫كل العامل باأنه ِانتهى‪ ،‬على التو‪ ،‬من التبول‪،‬‬ ‫والتظاهر باأذواق جريئة زائفة»‪.‬‬ ‫وب��ني الرغبة يف التجريب ويف ِارت �ي��اد ع��وامل‬ ‫جديدة والإن�سياح يف الرنج�سية‪ ،‬يف�سل فريق‬ ‫ثالث من الكتاب ا�ستعمال الو�سائط الجتماعية‬ ‫للتحاور مع القراء مثل «فيليب جاينادا» و«�سريج‬ ‫جونكور» الإط��الع على ما يقوله القراء والرد‬ ‫عليهم‪ ،‬لأن تلك الو�سائط «�سناديق بريدية‬ ‫كبرية»‪ ،‬اأو «ر�سائل مفتوحة»‪ ،‬وهي اأف�سل من‬ ‫الهاتف ال��ذي ق��د يزعج امللتقي عندما يكون‬ ‫الوقت غري مالئم‪.‬‬ ‫هل خاب ظن الرواد؟‬ ‫ال�سحافة ه��ي الأخ� ��رى‪ ،‬تقف مرتبكة اأم��ام‬ ‫ه��ذه الو�سائط الجتماعية‪ ،‬ف� «تويرت» اأ�سبح‬ ‫اأداة اأكرث �سرعة من وكالت الأنباء‪ ،‬وقد اأثبت‬ ‫«ت��وي��رت»‪ ،‬على �سبيل املثال‪� ،‬سرعة يف اإي�سال‬ ‫اخلرب عند حدوث كوارث طبيعية اأو ِا�سطرابات‬ ‫ِاجتماعية ت�سعى ال�سلطات اإىل اأن ل ت�سل اإىل‬ ‫الراأي العام‪.‬‬ ‫ولكن يف التناف�س بني و�سائل الإع��الم ِالتجاأت‬ ‫هذه الو�سائل اإىل فتح �سفحات خا�سة بها على‬ ‫«تويرت» وعلى «في�سبوك»‪ ،‬ولكن لي�س من ال�سهل‬

‫من فرن�صا‬

‫‪108‬‬

‫زع��زع��ة و�سائل الإع ��الم التقليدية على هذا‬ ‫احلقل‪ ،‬لناأخذ مثال «املدونات ال�سخ�سية»‪ ،‬التي‬ ‫هي و�سيط رمبا من اأول الو�سائط ظهور ًا على‬ ‫الإنرتنت اإىل جانب جمموعات النقا�س‪.‬‬ ‫يف كتابه «نهاية اجلرائد وم�ستقبل الإع��الم»‪،‬‬ ‫ويف ف�سل ب�ع�ن��وان «ت � َع� ُ�ب اأ��س�ح��اب امل��دون��ات‬ ‫ال�سخ�سية»‪ ،‬اأب� ��دى «ب��رين��ار ب� ��ويل»‪ ،‬رئي�س‬ ‫حترير �سابق للمجلة القت�سادية الفرن�سية‬ ‫«ليك�سبان�سيون» ت�ساوؤم ًا اإزاء عجز الو�سائط‬ ‫الإعالمية اجلديدة عن لعب الدور الذي كانت‬ ‫ت�وؤدي��ه و�سائل الإع ��الم التقليدية‪ ،‬ويف كتابه‬ ‫امل��ذك��ور‪� ،‬سرب م�ث��ا ًل بتعب اأو اإره ��اق اأوائ��ل‬ ‫اأ�سحاب املد ّونات ال�سخ�سية‪ ،‬وبالفو�سى التي‬ ‫�سادت مو�سوعة مثل « ويكيبيديا» (وهي جزء‬ ‫من الو�سائط اجل��دي��دة)‪ ،‬التي اأ�سبح كل من‬ ‫ودب ي�ستطيع امل�ساركة يف اإعدادها مبا الكل‬ ‫هب َّ‬ ‫َّ‬ ‫اأ�سبح يدّعي التخ�س�س‪ ،‬ح�سب قوله‪.‬‬ ‫مدونة «فري�ساك»‬ ‫ويف ف���س��ل ف��رع��ي ب �ع �ن��وان «ت �ع��ب اأ� �س �ح��اب‬ ‫املدونات ال�سخ�سية»‪ ،‬اأورد الكاتب اأمثلة لرواد‬ ‫تلك امل��دون��ات وهجرانهم امل �ج��ال‪ ،‬ف�� «لويك‬ ‫لومور»‪ ،‬املُد ِّون‪-‬املُقاول»‪ ،‬ذهب ليعمل حل�ساب‬ ‫الرئي�س الفرن�سي ال�سابق «نيكول �ساركوزي»‪،‬‬ ‫و«فري�ساك»‪ ،‬اأحد اأهم املدونني الفرن�سيني‪ ،‬قرر‬ ‫غلق مدونته ال�سخ�سية بعد عجزه عن ممار�سة‬ ‫م��ا اع �ت��اد على عمله وه��و «ال �ت �ح��ادث وقطف‬ ‫الأ�سياء من هنا وهناك من دون مراقبة»‪.‬‬ ‫وقال «فري�ساك» باأن العديد من الهواة يريدون‬ ‫اأن ي�سبحوا حمرتفني بعد عجز اأغلبهم عن‬ ‫ممن‬ ‫العي�س مبردود مدوناتهم‪ ،‬واأن الع�سرات ّ‬ ‫يعرفهم من املدونني يق�سدون م�سالح البطالة‬ ‫يف فرن�سا‪ ،‬لأن�ه��م مثلما ي�سيف‪ ،‬مار�سوا ما‬ ‫ل يجب القيام به اأي التقليد والن�سخ وتغذية‬ ‫ال�سجيج ب�سجيج اأك��رب‪ ،‬ومدوناتهم «لي�ست‬ ‫مدونات مبعنى و�سيط �سخ�سي للنقا�س»‪،‬‬ ‫واإمن ��ا و��س��ائ��ط �سغرية للنقل وال�ت�ج��ارة‬ ‫واإغراء حمركات البحث‪.‬‬ ‫وق��د ق��ال «ن��ارف�ي��ك»‪ ،‬وه��و م��دون اآخر‬ ‫حاذق‪ ،‬مبرارة‪ ،‬باأنه «قيل لنا باأن هذه‬ ‫املحتويات (التي حتملها الو�سائط‬ ‫اجلديدة) �ستعو�س املحتويات التي‬ ‫تنتجها ال�سناعات ال�ق��دمي��ة يف‬ ‫جم��ال الثقافة وو�سائل الإع��الم‪،‬‬ ‫واأن��ه��ا ث���ورة دمي �ق��راط �ي��ة‪ ،‬حيث‬

‫�سيجري تعوي�س الأ�سرار بظرفاء والأك��رث من‬ ‫ذل��ك‪ ،‬فقد قيل يل ب�اأن �ساحب هذا الربنامج‬ ‫الرائع �سي�ستطيع احل�سول على اأم��وال كثرية‬ ‫من عمله‪ ..‬هذا هي ر�سالة الويب ‪ ، 2.0‬وقد‬ ‫�سمعتها جيد ًا‪.‬‬ ‫وه���ذه ال��ر� �س��ال��ة‪ ،‬ح���س��ب راأي � ��ي‪ ،‬ه��ي حم�س‬ ‫اإيديولوجيا تنكم�س‪ ،‬وهو اأم��ر يثري ِارتياحي‪،‬‬ ‫وح�سب الباحث «ب��ويل» ف �اإن الأم��ر ل يخ�س‬ ‫فرن�سا فقط‪ ،‬بل اإن اأمريكا ت�سهد حالة مماثلة‪.‬‬ ‫وي���س��رب ل��ذل��ك مب �ث��ا ْ‬ ‫يل املُ ��د ِّون � ْ�ني «ج��ا��س��ون‬ ‫كالكاني�س» امل ��دون ال�سهري ال��ذي ف�سل غلق‬ ‫مدونته وتعوي�سها بقائمة اإر�سال جد حمدودة‬ ‫ت�سمح له بتبادل مثمر مع الآخرين واملُد ِّون «دان‬ ‫جيلمور» ال�سحفي املتخ�س�س يف التكنولوجيا‬ ‫والقت�ساد‪.‬‬ ‫وقد انتهى احلال ب� «برينار بويل» اإىل القول ‪:‬‬ ‫«ومبا اأن ال�سوق ل ي�سمح باإنتاج اإعالم ذي نوعية‬ ‫ممتازة‪ ،‬فرمبا يتوجب علينا اأن نت�سور اأن اإنتاج‬ ‫ه��ذا الإع ��الم‪ ،‬يف امل�ستقبل‪� ،‬سيكون كخدمة‬ ‫عمومية»‪.‬‬ ‫وهذه اخلدمة العمومية التي ميكن اأن ت�سديها‬ ‫م�وؤ��س���س��ات م�ث��ل ال� � «ب��ي‪.‬ب��ي‪� �.‬س��ي» اأو اإذاع ��ة‬ ‫وت �ل �ف��زي��ون ك �ن��دا اأو ��س�ح��ف ع��امل �ي��ة تو�سف‬ ‫باملرجعية مثل «نيويورك تاميز»‪ ،‬و«وول �سرتيت‬ ‫جورنال» و«غارديان» و«كوريري ديال�سريا»‪ ،‬وهي‬ ‫�سحف ينبه املوؤلف اأنها �سحف خا�سة‪ ،‬ولك ّنها‬ ‫لي�ست تابعة ملجموعات اقت�سادية كبرية‬

‫يتباهى كثري من الفنانني بعدد‬ ‫ُمتا ِبعيهم على «تويرت» اأو على‬ ‫«في�شبوك» وغريها من الو�شائط التي‬ ‫اأ�شبحت مرايا ُيظهِر فيها الفنانون‬ ‫نرج�شيتهم‪ ،‬واإل كيف نف�شر هذا‬ ‫«التويت» القريب من الالمعقول للكاتب‬ ‫الفرن�شي «ريج�س جوفري» عندما يقول‬ ‫«يف هذه اللحظة‪ ،‬اأحب الزبدة»‪ ،‬و«من‬ ‫يحب اأطباء الأ�شنان هو طبيب اأ�شنان»‬



‫‪2012‬‬ ‫والع�رصالعدد ‪ 15‬ا‬ ‫والع�رص‬ ‫‪2012‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫أغ�شط�س ا‬ ‫العدد ‪15‬‬ ‫إعالمإعالم‬ ‫ال ال‬ ‫امللف‬ ‫ختام‬

‫الفنانون ودوامة‬ ‫التواصل االجتماعي‪..‬‬ ‫تغريد وتعليق‬ ‫وشعبية واسعة‬

‫�صفيق طاهر‬

‫�صحايف لبناين ـ مدير «اأورينت بر�ض»‬

‫‪110‬‬

‫يف ع�سر الإن��رتن��ت وال �ت��وا� �س��ل الج�ت�م��اع��ي‬ ‫اللحظي‪ ،‬مل يعد باإمكان الفنانني البقاء بعيد ًا‬ ‫ع��ن ��س�ف�ح��ات الفي�سبوك وت��وي��رت وغريهما‬ ‫من و�سائل الت�سال اجلماهريية‪ ،‬التي تتيح‬ ‫الفر�سة لهم للتوا�سل املبا�سر مع جمهورهم‬ ‫وحمبيهم من دون اأي و�سيط اإعالمي‪.‬‬ ‫فمع ثورة مواقع التوا�سل الجتماعي ل حاجة‬ ‫بعد اليوم لل�سحف واملجالت واملقابالت لتكون‬ ‫�سلة الو�سل بني الفنان واجلمهور ولتنقل اآخر‬ ‫اأخباره واأعماله‪ ،‬فاأ�سبح باإمكان الفنان نف�سه‬ ‫اأن ي�سع حمبيه يف �سورة ما يقوم به دقيقة‬ ‫بدقيقة‪ ،‬ك��ون��ه يتم ّكن م��ن احل��دي��ث املبا�سر‬ ‫وال�سريع معهم اأو حتى ن�سر ر�سائل ق�سرية اأو‬ ‫تغريدات حول ما يفعله ومكان وجوده وغريها‬ ‫من الأخبار ال�سخ�سية‪.‬‬ ‫وه�ن��اك ع��دد م��ن الفنانني اللبنانيني العرب‬ ‫ال�ن��ا��س�ط��ني ب���س�ك��ل ي��وم��ي ع��رب ه ��ذه امل��واق��ع‬ ‫الجتماعية‪ ،‬والذين باتوا ميتلكون املاليني من‬ ‫املعجبني واملتتبعني ويف طليعتهم هيفاء وهبي‬ ‫والي�سا ونان�سي عجرم وباقة كبرية من املمثلني‬ ‫والفنانني‪ ،‬لكن كيف ت�وؤث��ر و�سائل الت�سال‬ ‫الجتماعي على حياة الفنان وم�سريته؟‪ ..‬وما‬ ‫هي تداعياتها الإيجابية وال�سلبية؟‬ ‫لقد اأ�سبحت و�سائل الت�سال الجتماعي ل�سيما‬ ‫الفي�سبوك وتويرت نوافذ مفتوحة تقرب امل�سافات‬ ‫بني الفنانني واجلمهور‪ ،‬لذلك يقوم عدد متزايد‬

‫م��ن الفنانني بافتتاح ح�سابات خا�سة بهم‬ ‫وبالإ�سراف �سخ�سي ًا على �سفحاتهم وما ين�سر‬ ‫فيها اأو بتكليف مديري اأعمالهم‪ ،‬اأو فريق عمل‬ ‫متكامل لأداء ه��ذه املهمة فقط‪ ،‬والبقاء على‬ ‫التوا�سل مع اجلمهور‪.‬‬

‫اختفاء امل�سافات‬ ‫يف الواقع‪ ،‬اأذاب��ت مواقع التوا�سل الجتماعي‬ ‫تلك امل�ساحة الوهمية بني امل�ساهري واملعجبني‬ ‫يف اأن �ح��اء ال �ع��امل‪ ،‬ف�سفحات الفنانني على‬ ‫الفي�سبوك وتويرت وكذلك مواقع بث �سرائط‬ ‫الفيديو والكليبات مثل «يو تيوب» اأ�سهمت يف‬ ‫جعل هذه العالقة بني الطرفني تزداد قوة يوم ًا‬ ‫بعد يوم‪ ،‬وقد اختار امل�ساهري مواقع التوا�سل‬ ‫الج�ت�م��اع��ي لك�ت���س��اب �سعبية اإ��س��اف�ي��ة بني‬ ‫اجلماهري والرتويج لالأعمال الفنية واملو�سيقية‪،‬‬ ‫وهو ما جعل هذه ال�سبكات الجتماعية مغرية‬ ‫لعدد كبري من امل�ساهري‪.‬‬ ‫وت��زداد اأهمية مواقع التوا�سل ل��دى الفنانني‬ ‫ال�ساعدين ال��ذي��ن يعملون و��س��ط حقل فني‬ ‫��س��ا��س��ع ب�ح�ي��ث ي �ح �ت��اج��ون لإب � ��راز ��س��ورت�ه��م‬ ‫واأعمالهم وت�سليط ال�سوء عليها‪ ،‬باخت�سار‬ ‫ه��م ي�ب�ح�ث��ون ع��ن ال���س�ه��رة وال�ن�ج��وم�ي��ة ل��دى‬ ‫جمهور ي�ستخدم و�سائل الت�سال الإلكرتونية‬ ‫ب�سكل متزايد‪ ،‬وبالتايل فهي ت�سكل وا�سطة‬ ‫لرتويج الأعمال الفنية ونقدها خ�سو�س ًا و�سط‬ ‫الكم الهائل واملتنامي من الفنانني �سواء يف‬ ‫عامل التمثيل اأو الغناء‪ ،‬كما اأنها تعترب و�سيلة‬ ‫للحوار مع اجلمهور‪ ،‬كا�ست�سارته حول اأعمال‬ ‫م�ستقبلية‪ ،‬معرفة اآرائه بعمل ما‪ ،‬الإجابة على‬ ‫اأ�سئلته وا�ستف�ساراته‪ ،‬ومعرفة ردات فعله‬ ‫وانتقاداته‪ ،‬على �سبيل املثل‪ ،‬عمد‬ ‫املمثل امل�سري خالد ال�ساوي‬ ‫اأخ��ري ًا اإىل الطلب من حمبيه‬ ‫على الفي�سبوك اأن يغدقوا‬ ‫املغنية الأمريكية ليدي غاغا‬ ‫عليه ب�سيل من النتقادات‬ ‫ل�سخ�سيته وعمله حتى‬ ‫(‪� 26‬شنة) هي جنمة مواقع التوا�شل‬ ‫يتمكن من حت�سني نف�سه‬ ‫الجتماعي الأوىل بال منازع حيث تت�شدر‬ ‫واآدائ��ه وقد كتب �سعار ًا‬ ‫القائمة من خالل وجود اأتباع باملاليني‬ ‫لف �ت � ًا «ي��وم ال�سراحة‬ ‫على �شفحاتها‪ ،‬فعلى موقع تويرت لديها‬ ‫ال � �ع� ��امل� ��ي‪ ..‬م� ��ا خ��اب‬ ‫متابعون يقدر عددهم باأكرث من‬ ‫من ا�ست�سار» وا�ستقبل‬ ‫‪ 18‬مليوناً من جميع اأنحاء العامل‬ ‫النتقادات ب�سدر رحب‪.‬‬ ‫ع��ل��م��ا اأن احل� � � ��وار م��ع‬


‫اجل�م�ه��ور لي�س فقط ح��ول م�سائل ال �ف��ن‪ ،‬بل‬ ‫حول خمتلف امل�سائل ال�سيا�سية والجتماعية‪،‬‬ ‫وقد برز ذلك اأخري ًا اأثر الثورات العربية حيث‬ ‫قام فنانون كرث‪ ،‬ل �سيما يف م�سر‪ ،‬با�ستغالل‬ ‫�سفحاتهم على الفي�سبوك وح�ساباتهم على‬ ‫ت��وي��رت لإب� ��داء اآرائ �ه��م ال�سيا�سية ب��الأح��داث‬ ‫اجلارية‪.‬‬ ‫بنظر الكثريين فاإن و�سائل الت�سال الإلكرتوين‬ ‫مثل الفي�سبوك وتويرت هي خدمة جيدة للفنان‬ ‫ال��ذي يريد حتقيق النت�سار وتو�سيع قاعدته‬ ‫ال�سعبية اإىل حد كبري من حيث التوا�سل امل�ستمر‬ ‫مع حمبيه وع�ساق فنه ب�سكل جماين ومن دون‬ ‫ح��اج��ة اإىل ��س��رك��ات اإع ��الن وت���س��وي��ق للقيام‬ ‫بهذه املهمة‪ .‬حتى اأن الكثري ي�ستعينون بخرباء‬ ‫متخ�س�سني لي�س فقط لإن�ساء �سفحات على‬ ‫الفي�سبوك بل اأي�س ًا لإن�ساء مواقع خا�س بهم‬ ‫تن�سر فيها اأعمالهم و�سورهم‪ ،‬لأن اجلمهور ل‬ ‫بد اأن يعرف كل �سيء عن النجم الذي يحبه‪.‬‬ ‫ممار�سات م�سيئة‬ ‫لكن هذا اجلانب الإيجابي لتقنيات الت�سال‬ ‫ي�ق��اب�ل��ه ج��ان��ب ��س�ل�ب��ي‪ ،‬اإذ مي�ك��ن اأن ي�سبب‬ ‫للفنانني املتاعب وامل�ساكل التي م��ن اأب��رزه��ا‬ ‫ترويج ال�سائعات التي تتطلب جهد ًا كبري ًا من‬ ‫اأجل تو�سيحها اأو دح�سها‪ ،‬خ�سو�س ًا �سائعات‬ ‫الوفيات واملر�س والتهامات الأخالقية‪ ،‬لكن‬ ‫هنالك م��ن ل��ه راأي مغاير اإذ اأن��ه ينظر اإىل‬ ‫مواقع التوا�سل الجتماعي على اأنها و�سيلة‬ ‫ملواجهة ال�سائعات‪ ،‬فكثري ًا ما تطلق ال�سائعات‪،‬‬ ‫واجلمهور ب�سهولة ميكنه اأن يدخل اإىل �سفحة‬ ‫الفنان ملعرفة �سحة ما يرتدد‪.‬‬ ‫ولالأ�سف فاإن بع�س الأ�سخا�س امل�سيئني حولوا‬ ‫ه��ذه الو�سائل اإىل اأداة ل�الإ��س��اءة اإىل الفنان‬ ‫وت�سويه �سورته‪ .‬ففي بع�س الأح�ي��ان قد يجد‬ ‫ال �ف �ن��ان ر� �س��ائ��ل ع�ل��ى �سفحته اخل��ا� �س��ة من‬ ‫اأ�سخا�س ل يعرفهم يوجهون له بع�س العبارات‬ ‫اجلارحة من دون �سبب‪ ،‬اأو ي�ستمون حمبيه اأو‬ ‫ينتقدونه ب�سكل م�سيء اأو ي�سعون ل��ه �سور ًا‬ ‫مفربكة وحم��رج��ة مل�سايقته ل اأك ��رث واإث ��ارة‬ ‫ا�ستياء معجبيه‪.‬‬ ‫اإغالق احل�سابات‬ ‫يف الواقع ورغم اأن العديد من النجوم وامل�ساهري‬ ‫ي�ستخدمون مواقع التوا�سل الجتماعي لتو�سيع‬

‫رغم اأن العديد من النجوم وامل�شاهري ي�شتخدمون‬ ‫مواقع التوا�شل الجتماعي لتو�شيع قاعدة‬ ‫معجبيهم وجماهريهم‪ ،‬لكن لكل �شيء اإيجابياته‬ ‫و�شلبياته ومواقع التوا�شل الجتماعي لي�شت‬ ‫ا�شتثناء‪ ،‬فالعديد من النجوم اأغلقوا ح�شاباتهم‬ ‫لأنهم وجدوا فيها اخرتاقاً خل�شو�شياتهم اأو‬ ‫لأنها تقلل من جنوميتهم يف حال مل يكن لديهم‬ ‫الكثري من الأ�شدقاء واملتتبعني واملعجبني على‬ ‫�شفحاتهم‪ ،‬اأو لأ�شباب اأخرى‬

‫ق��اع��دة معجبيهم وج �م��اه��ريه��م‪ ،‬ل�ك��ن لكل‬ ‫�سيء اإيجابياته و�سلبياته وم��واق��ع التوا�سل‬ ‫الجتماعي لي�ست ا�ستثناء‪ ،‬فالعديد من النجوم‬ ‫اأغلقوا ح�ساباتهم لأنهم وج��دوا فيها اخرتاق ًا‬ ‫خل�سو�سياتهم اأو لأنها تقلل من جنوميتهم‬ ‫يف ح��ال مل يكن لديهم الكثري من الأ�سدقاء‬ ‫واملتتبعني واملعجبني على �سفحاتهم‪ ،‬اأو لأ�سباب‬ ‫اأخ��رى منها �سيق الوقت وع��دم قدرتهم على‬ ‫متابعة تلك ال�سفحات باأنف�سهم اأو عدم الثقة‬ ‫مبن يدير تلك ال�سفحات اخلا�سة بهم‪.‬‬ ‫ويف هذا الإطار‪ ،‬تعر�س الكثري من ال�سخ�سيات‬ ‫امل�سهورة لنتحال اأ�سمائهم و�سخ�سياتهم يف‬ ‫مواقع التوا�سل الجتماعي‪ ،‬وبطريقة احرتافية‬ ‫تقنع الآخ��ري��ن اأن �ه��م ب��ال�ف�ع��ل مي�ت�ل�ك��ون تلك‬ ‫ال�سفحات‪ ،‬ول يخلو الأم��ر من تعمد الإ�ساءة‬ ‫وافتعال اخلالفات وامل�ساكل لتلك ال�سخ�سيات‪،‬‬ ‫ل �سيما من لهم ح�سور بارز يف امل�سهد الإعالمي‬ ‫والفني‪ ،‬ومع تكرار البيانات ال�سحافية التي‬ ‫يلجاأ اإليها امل�ساهري لنفي امتالكهم للح�سابات‪،‬‬ ‫بات اأغلب مرتادي مواقع التوا�سل الجتماعي‬ ‫ي�سكك يف م�سداقية ح�سابات امل�ساهري‪ ،‬وفقدت‬ ‫بذلك املواقع الجتماعية اهتمام واإقبال بع�س‬ ‫امل�ساهري من باب «ابعد عن ال�سر وغني له»‪.‬‬ ‫فقد تتفاجاأ اأحيان ًا بوجود نحو ‪ 30‬ح�ساب ًا با�سم‬ ‫فنان واحد على الفي�سبوك اأو تويرت مما يفقد‬ ‫ال�سفحات م�سداقيتها ويجعلك يف حرية حول‬ ‫ال�سفحة احلقيقية للفنان التي ل ميكن متييزها‬ ‫عن تلك الزائفة‪ ،‬و�سواء ح�سر امل�ساهري اأم‬ ‫غ��اب��وا ف �اإن ح��الت انتحال ال�سخ�سية ت�سهد‬ ‫تزايد ًا مطرد ًا‪.‬‬

‫الليدي غاغا‬ ‫ما ل يعرفه كثريون‪ ،‬اأن هناك �سركات عالقات‬ ‫ع��ام��ة واإع��الن��ات ت��وظ��ف فريق ًا متكام ًال من‬ ‫املحرتفني وامللمني بخدمات الإع��الم اجلديد‪،‬‬ ‫تتعاقد مع م�ساهري وفنانني لبناء اأ�سمائهم‬ ‫واإعطائهم جماهريية «وهمية» يف عامل �سبكات‬ ‫ال �ت��وا� �س��ل الج �ت �م��اع��ي كالفي�سبوك وت��وي��رت‬ ‫ويوتيوب‪ ،‬مقابل مبالغ مالية‪.‬‬ ‫ي�ق��ول م �� �س �وؤول يف اإح ��دى ��س��رك��ات ال�ع��الق��ات‬ ‫ال�ع��ام��ة‪ :‬مل يعد � �س��ر ًا ب��ني م���س�وؤويل �سركات‬ ‫العالقات العامة التعاقد مع اأ�سماء معروفة لقاء‬ ‫مبالغ مالية ت�سل يف بع�س الأحيان اإىل اآلف‬ ‫الدولرات‪.‬‬ ‫وجت ��در الإ�� �س ��ارة يف اخل �ت��ام اإىل اأن املغنية‬ ‫الأمريكية ليدي غاغا (‪� 26‬سنة) هي جنمة‬ ‫مواقع التوا�سل الجتماعي الأوىل بال منازع‬ ‫حيث تت�سدر القائمة من خ��الل وج��ود اأتباع‬ ‫باملاليني على �سفحاتها‪ ،‬فعلى موقع تويرت لديها‬ ‫متابعون يقدر عددهم باأكرث من ‪ 18‬مليون ًا من‬ ‫جميع اأنحاء العامل‪.‬‬ ‫بالإ�سافة اإىل كل ه �وؤلء املاليني على تويرت‪،‬‬ ‫يتابع اأخ �ب��ار واأع �م��ال ل�ي��دي غ��اغ��ا على موقع‬ ‫الفي�سبوك اأكرث من ‪ 50‬مليون ًا حول العامل‪ ،‬ولدى‬ ‫ليدي غاغا اأكرث من ‪ 1.3‬مليار من املتابعني على‬ ‫بث اأ�سرطة الفيديو ال�سهري يوتيوب‪.‬‬ ‫يذكر اأن ليدي غاغا التي ت�ستهر بغرابة الأطوار‬ ‫دخلت عامل الغناء عام ‪ 2006‬ومنذ ذلك احلني‬ ‫اكت�سبت ��س�ه��رة ع��امل�ي��ة وح�ق�ق��ت ال�ك�ث��ري من‬ ‫الإجنازات مثل ح�سولها على ‪ 5‬جوائز غرامي‪،‬‬ ‫ودخ��ول �ه��ا م��رت��ني مل��و��س��وع��ة غيني�س ل �الأرق��ام‬ ‫القيا�سية‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪112‬‬

‫م�صاهد‬ ‫ثقافية‬

‫اهتزاز أسس‬ ‫المنظومة اإلعالمية‬

‫حنفي جايل‬

‫املالحظ اأن الإعالم التقليدي‪ ،‬يتخلى‬ ‫طواعية يف هذه اللحظات عن ال�صتفادة‬ ‫من اإمكانياته املتاحة يف �صبيل التحقق من‬ ‫اخلرب و�صدقيته‪ ،‬وبالتايل فهو يفرط يف واجب‬ ‫من واجباته وميزة من مزاياه‪ ،‬ما يجعل‬ ‫م�صداقيته تتاأرجح وتهتز‪.‬‬

‫قبل حوايل العام تناولت يف هذه الزاوية اجلدل الدائر حول الإعالم التقليدي‬ ‫والإعالم البديل‪ ،‬وا�ستعر�ست بع�س َا من جوانب هذا اجلدل وانتهيت اإىل اأن‬ ‫امل�ساألة فيها وجوه‪ ،‬واأن اجلدل �سي�ستمر حول هذا املو�سوع‪ .‬ويف العدد الفائت‬ ‫تطرقت اإىل م�ساألة اهتزاز بع�س القيم واختفاء بع�س الأخ��الق املهنية من‬ ‫منظومة الإعالم‪ ،‬العربي على الأقل منها‪ ،‬وكنت اأحتدث عن غياب احليدة‬ ‫والنزاهة واملو�سوعية‪ ،‬وعن اخللط بني الراأي واخلرب‪ ،‬واأجدين الآن مدفوع ًا‬ ‫للحديث حول اهتزاز اآخر اأراه يحدث يف اأ�سا�س منظومة الإعالم التقليدية‬ ‫التي من املفرت�س اأنها مازالت تتم�سك بالقيم التي ادعيت اأن بع�سها قد اهتز‬ ‫بالفعل‪.‬‬ ‫هذا الهتزاز‪ ،‬يف تقديري‪ ،‬ل يهدد الإعالم التقليدي فقط‪ ،‬ولكن يهدد ال�سكلني‬ ‫مع ًا‪ ،‬ويتمثل يف اعتماد الإعالم التقليدي على بع�س و�سائط الإعالم البديل‪،‬‬ ‫ومن بينها و�سائط التوا�سل الجتماعي يف بث اأخبار اأو ن�سرها اأو اإذاعتها‪.‬‬ ‫ومكمن اخلطورة اإن الإعالم التقليدي‪ ،‬يتخلى طواعية يف هذه اللحظات عن‬ ‫ال�ستفادة من اإمكانياته املتاحة يف �سبيل التحقق من اخلرب و�سدقيته‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فهو يفرط يف واج��ب من واجباته وميزة من مزاياه‪ ،‬ما يجعل م�سداقيته‬ ‫تتاأرجح وتهتز‪ ،‬يف الوقت الذي يعطي الإعالم البديل ثقة يف نف�سه‪ ،‬قد ل تكون‬ ‫قائمة على اأ�سا�س من مهنية اأو مو�سوعية‪ ،‬وي�سفي عليه �سرعية رمبا مل يحن‬ ‫الوقت بعد لإك�سابها اإياه‪.‬‬ ‫خطورة حرية املدونني‬ ‫وقد حتدثنا �سابق ًا عن خطورة اخللط بني حرية الإعالم‪ ،‬وبني حرية اأ�سحاب‬ ‫امل��دون��ات وغريها من و�سائط التوا�سل الجتماعي‪ ،‬ومل ننكر على ه�وؤلء‬ ‫حقهم يف كتابة اأو اإذاعة وبث ما ي�ساوؤون‪ ،‬وتركنا احلكم على قانونية ذلك‬ ‫من عدمه للقوانني اخلا�سة التي تنظم ا�ستخدام هذه الو�سائط‪ ،‬وقلنا اإن‬ ‫الإعالم التقليدي تقوم عليه موؤ�س�سات لها اأنظمتها املالية والإداري��ة‪ ،‬ويعمل‬ ‫فيها ع�سرات بل مئات من الأفراد من خمتلف التخ�س�سات‪ ،‬ولها اأهدافها‪،‬‬ ‫ولها هام�س من احلرية ترت�سيه لنف�سها اأو تفر�سه بنف�سها‪ ،‬وتعمل يف اإطاره‬ ‫وتتحمل تبعاته‪ ،‬مراعية يف كل ذلك م�سالح اأ�سحابها‪ ،‬وحماولة مراعاة‬ ‫م�سالح العاملني فيها يف حني اأن ال�سحافة اأو املدونات واملواقع الإخبارية‬ ‫الإلكرتونية لي�س لها من كل ذلك �سيء‪ ،‬ما يجعل املقارنة هنا غري عادلة‪.‬‬ ‫واملتابع للم�سهد الإعالمي يرى اأن��ه بعد احل��رب العاملية الثانية اأ�سبحت‬ ‫ال�سحافة‪ ،‬وبخا�سة اخلا�سة منها‪ ،‬خدمية اأكرث منها اإخبارية‪ ،‬وا�ستمر‬ ‫ه��ذا الو�سع قائم ًا اإىل منت�سف ال�ق��رن الع�سرين تقريب ًا‪ ،‬وك��ان‬ ‫الإعالميون يقفون خ��ارج احل��دث‪ ،‬ويحاولون بحيدة ومبو�سوعية‬ ‫اأن ينقلوا تفا�سيله وتطوراته‪ ،‬ثم تغري هذا امل�سهد يف منت�سف‬ ‫ال�سبعينيات من القرن املا�سي‪ ،‬ليقرتب الإعالميون من احلدث‬ ‫اأكرث فاأكرث‪ ،‬ثم ليدخلوا يف �سلبه‪ ،‬حماولني التعرف على املزيد‬ ‫من هذه التفا�سيل وتلك التطورات‪ ،‬ثم ليحدث هذا اخللط‬ ‫الذي اأ�سرت اإليه قبل قليل بني اخلرب والراأي‪ ،‬وبني نقل احلدث‬ ‫و�سناعته اأو توجيهه‪.‬‬


‫هناك بالفعل من يدقق ومن ي�ستنكر ومن يعاقب بالإعرا�س عن ما يقدموه‪،‬‬ ‫وهو اجلمهور الذي ميكن خداع بع�سه كل الوقت اأو خداعه كله بع�س الوقت‪،‬‬ ‫ولكن من امل�ستحيل خداعه كل الوقت‪.‬‬

‫لكن حديث اليوم جد خمتلف‪ ،‬ولنبداأ بالبحث عن اأ�سبابه‪ ،‬واأولها غياب‬ ‫الوعي باأهمية املهنة التي ننتمي اإليها ودوره��ا يف ت�سكيل ال��راأي العام‬ ‫واإ�سهامها يف تكوين الوعي اجلمعي لالأمة‪ ،‬والذي يحتم التحلي بكل القيم‬ ‫الإيجابية‪ ،‬ومنها ال�سدق يف الطرح‪ ،‬والتوازن يف التناول‪ ،‬والرقي يف اللغة‪،‬‬ ‫اإعالميو«ال�سدفة»‬ ‫واحل�سن يف الهندام‪ ،‬و�سبط النف�س والثبات النفعايل‪ ،‬وغريها‪ ،‬والبعد‬ ‫ال�سبب اخلام�س يتمثل يف �سهولة ن�سر املحتوى الإع��الم��ي‪ ،‬واختفاء‬ ‫يف الوقت نف�سه عن كل القيم ال�سلبية‪ ،‬مبا فيها ت�سيد الأخطاء‪ ،‬وت�سويه‬ ‫النماذج النمطية يف هذا ال�سبيل وظهور مناذج جديدة تعتمد التكنولوجيا‬ ‫احلقائق‪ ،‬وتلبي�س احلق بالباطل والعك�س‪ ،‬اإىل غري ذلك اأي�س ًا‪.‬‬ ‫والتقنيات املتقدمة‪ ،‬وم�سارعة كثري من املحطات وال�سحف اإىل اإدخال هذه‬ ‫ثم ناأتي اإىل �سبب ثان‪ ،‬وهو «ال�ست�سهال»‪ ،‬يف نقل اأخبار غري موثوق يف‬ ‫التكنولوجيا وال�ستفادة من تلك التقنيات‪ ،‬ما اأدى اإىل ت�سرب هذا املحتوى‬ ‫�سدقيتها‪ ،‬اأو من دون التحقق من هذه امل�سداقية‪ ،‬ول �سك يف اأن هذا‬ ‫من يد مالكي الأداة الإعالمية‪ ،‬ليتوجه‪ ،‬وبو�سوح‪ ،‬اإىل متلقي اخلدمة‪ ،‬ونتج‬ ‫يتعار�س مع ما ا�ستقر عليه العرف و�سدقه الواقع من اأن ال�سحافة‪ ،‬هي‬ ‫عن هذا الو�سع ظهور ما ميكن ت�سميتهم « اإعالميي ال�سدفة» اأو «اإعالميني‬ ‫مهنة البحث عن املتاعب‪ ،‬وهذا القول ين�سحب بدرجة اأو باأخرى على بقية‬ ‫و�سائل الإع��الم التقليدي‪ .‬ول ميكن هنا القبول بحجج اأو م��ربرات مثل‬ ‫من اجلماهري» وخ��ري مثال لذلك ما �ساهدناه يف كل من تون�س و�سوريا‬ ‫احلر�س على ال�سرعة يف نقل اخلرب اأو النفراد به‪ ،‬اأو ال�سبق الإعالمي اأو‬ ‫وم�سر واليمن من قدرة اأنا�س عاديني على الو�سول اإىل مواقع الأحداث‬ ‫غري ذلك‪ ،‬لأن كل ما �سبق يتوارى ويختفي يف حالة ظهور عدم �سدقية ما‬ ‫التي غاب عنها الإعالميون املحرتفون ل�سبب اأو اأكرث‪.‬‬ ‫اأ�سرعنا اإىل نقله‪ ،‬اأو انفردنا به اأو �سبقنا فيه غرينا‪ ،‬ثم ينال من �سدقية‬ ‫ال�سبب ال�ساد�س رمبا كان اقت�سادي ًا‪ ،‬حيث تلجاأ بع�س و�سائل الإعالم‪ ،‬اأو‬ ‫ومو�سوعية وثقة الو�سيلة التي ظنت خطاأً اأنها مبا فعلته قد اأح�سنت �سنع ًا‪.‬‬ ‫بع�س العاملني فيها اإىل ا�ستخدام و�سائط اأقل كلفة من تلك التي ي�ستخدمها‬ ‫�سيطرة الكم‬ ‫الإعالميون املحرتفون‪ ،‬ومن ثم توفري الوقت واجلهد واملال‪� ،‬سواء جلهة‬ ‫وهناك �سبب ثالث اأ�سوقه مطمئن ًا‪ ،‬واأود لو اأن اأح��د ً‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫أي‬ ‫ا‬ ‫�ر‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫خالفني‬ ‫ا‬ ‫انتقال كامريات وعربات الت�سوير اخلارجي اأو جلهة م�ساريف وبدلت‬ ‫و�سححه يل‪ ،‬وهو الهتمام بالكم‪ ،‬على ح�ساب الكيف‪ ،‬فتلك امل�ساحات‬ ‫النتقال لأطقم العمل‪ ،‬اأو جلهة ت�سغيل الإعالميني املحرتفني اأوقات ًا اإ�سافية‪،‬‬ ‫الكبرية يف ال�سحف‪ ،‬وتلك ال�ساعات الطويلة يف املحطات الإذاع�ي��ة‬ ‫اأو جلهة تعيني اإعالميني جدد‪ ،‬ل�سد النق�س الناجم عن ات�ساع رقعة التغطية‬ ‫والف�سائية اأراها من وجهة نظري‪ ،‬دافع ًا مللئها باأي �سيء وبكل �سيء‪ ،‬وطبع ًا‬ ‫وكرثة الأحداث وت�سارعها‪.‬‬ ‫التنازل يف �سبيل ذلك عن بع�س الثوابت التي ا�ستقرت‪ ،‬كما اأ�سلفت‪ ،‬يف‬ ‫واأجدها �سانحة للتاأكيد على اأن هناك معايري يجب اللتزام بها وعدم‬ ‫�سمري �سيوخ املهنة‪ ،‬والتي يظن بع�س �سبابها اأنها اأ�سبحت «دقة قدمية»‪.‬‬ ‫اإغفالها‪ ،‬ومنها �سرورة اأن تتوافر لدى الإعالمي املهارات التي متكنه من‬ ‫وهنا اأنتقل اإىل �سبب راب��ع هو «بع�س ه �وؤلء ال�سباب» املنت�سبني اإىل‬ ‫احل�سول على املعلومات‪ ،‬اإ�سافة للموهبة طبع ًا‪ ،‬والتي ميكن اأن‬ ‫املهنة‪ ،‬واأزعم اأن جزء ًا منهم ا�ستفاد من �سقوط احلواجز‬ ‫ت�سقل مع الوقت وبالتدريب والحتكاك والعمل امل�ستمر‪،‬‬ ‫و�سعف ال�سدود التي كانت حتول من دون الدخول‬ ‫واأن��ه م��ن املهم ج��د ًا ت��واف��ر ال�ق��درة على رواي��ة‬ ‫اإىل املجال‪ ،‬حتت وط�اأة الأح��داث املتالحقة‪،‬‬ ‫احل ��دث‪ ،‬وبخا�سة يف حالتي ال�سحافة‬ ‫وات�ساع م�ساحات التغطيات على م�ستوى‬ ‫والإذاع� ��ة‪ ،‬لأن احل��دث دائ�م� ًا واح��د‪،‬‬ ‫املتابع للم�صهد الإعالمي يرى‬ ‫ال�ع��امل‪ ،‬واحل��اج��ة اإىل م��ن ي�سد خانة‬ ‫ول �ك��ن الخ �ت��الف ي �ك��ون يف كيفية‬ ‫م��ا‪ ،‬يف وق��ت م��ا‪ ،‬يف مكان م��ا‪ ،‬واأن‬ ‫اأنه بعد احلرب العاملية الثانية‬ ‫تناوله ونقله واحلديث عنه‪.‬‬ ‫ج��زء ًا اآخر ا�ستفاد من اإمكانياته‬ ‫وي�ب�ق��ى م��ن الإن �� �س��اف ال�ق��ول‬ ‫اأ�صبحت ال�صحافة‪ ،‬وبخا�صة اخلا�صة‬ ‫يف التعاطي مع و�سائط التوا�سل‬ ‫اإن اعتماد الإع��الم التقليدي‬ ‫وا�صتمر‬ ‫إخبارية‪،‬‬ ‫ا‬ ‫منها‬ ‫أكرث‬ ‫ا‬ ‫خدمية‬ ‫منها‪،‬‬ ‫الج��ت��م��اع��ي‪ ،‬ف � �اأق� ��دم‪ ،‬على‬ ‫على الإع��الم البديل يف نقل‬ ‫ا�ستخدامها‪ ،‬وعلى ا�ستحياء يف‬ ‫هذا الو�صع قائما ً اإىل منت�صف القرن‬ ‫الأخبار وتق�سي بع�سها لي�س‬ ‫بداية الأم��ر‪ ،‬يف نقل اأو تداول‬ ‫�سر ًا حم�س ًا‪ ،‬لأنه اأ�سفر‪ ،‬يف‬ ‫الع�رصين تقريباً‪ ،‬وكان الإعالميون يقفون‬ ‫خرب اأو معلومة‪ ،‬ونظر ًا لعدم‬ ‫حالت معينة‪ ،‬عن اكت�ساف‬ ‫وج��ود من يدقق اأو ين�سح اأو‬ ‫خارج احلدث‪ ،‬ويحاولون بحيدة ومبو�صوعية‬ ‫اإما اإعالميني جيدين‪ ،‬واإما‬ ‫اللعبة‪،‬‬ ‫يعاقب فقد ا�ستمراأ‬ ‫اأن ينقلوا تفا�صيله وتطوراته‪ ،‬ثم تغري هذا‬ ‫خ��ام��ات ج �ي��دة ت�سلح لأن‬ ‫وم���س��ى ل ي �ل��وي ع�ل��ى ��س��يء‪،‬‬ ‫تكون كذلك‬ ‫امل�صهد يف منت�صف ال�صبعينيات من‬ ‫وهوؤلء يجب عليهم اأن يعلموا اأن‬

‫القرن املا�صي‪ ،‬ليقرتب الإعالميون‬ ‫من احلدث اأكرث فاأكرث ‪.‬‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ينتهي يف الغالب‬ ‫ل�شالح الدين‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫من التاريخ‬

‫‪114‬‬

‫تصدي اإلعالم الموجه‬ ‫لدعوات األنبياء‪..‬‬

‫منهج واحد من اآل فرعون اإىل قري�س‬ ‫�صامح حممد‬

‫باحث م�رصي‬

‫لالإعالم تاأثري كبري على الراأي العام‪ ،‬فهو‬ ‫م�صاهم اأ�صا�صي يف ت�صكيل الراأي العام‬ ‫وتوجيهه وتكوين اجتاهاته وتعبئته جتاه‬ ‫ق�صية معينة اأو توجيهه لهدف بذاته‪،‬‬ ‫ونتيجة لهذا التاأثري ي�صتطيع الإعالم‬ ‫اإحداث تغيري ح�صاري و�صلوكي نحو الأ�صواأ‬ ‫اأو الأح�صن‪ ،‬وقد يوؤدي الإعالم املوجه اإىل‬ ‫حتويل الباطل حقاً‪ ،‬واحلق باطالً‪.‬‬

‫ويف ع�سر الف�ساء املفتوح اإعالمي ًا‪ ،‬والقنوات‬ ‫الف�سائية املتعددة الجت��اه��ات والن�ت�م��اءات‪،‬‬ ‫نرى اأثر التوجيه الإعالمي يف كثري من الق�سايا‬ ‫وخا�سة التي تتعار�س وتتناق�س م��ع التوجه‬ ‫ال�سعبي يف تاأييده لق�سية م��ا‪ ،‬يتكتل الإع��الم‬ ‫املوجه وي�سحذ اأ�سلحته ويجند جنده‪ ،‬لإ�سعاف‬ ‫هذا التاأييد اأو لقلبه راأ�س ًا على عقب‪ ،‬م�ستغ ًال‬ ‫قدرته على التوجيه يف خلق �سلوك جديد يخدم‬

‫كان لآلة فرعون الإعالمية‬ ‫ال�شبق والريادة يف جمال الإعالم‬ ‫املوجه‪ ،‬حيث واجه دعوة نبي اهلل‬ ‫مو�شى التي يرى فيها خطراً داهماً‬ ‫عليه ببيانات اإعالمية موجهة اإىل‬ ‫الراأي العام للت�شدي لهذا اخلطر‬ ‫الداهم ولتوجيه الراأي العام اإىل‬ ‫حيث يريد ويرجو‬

‫هدف احلملة الإعالمية‪.‬‬ ‫وبالعودة اإىل املا�سي جند اأن هذه �سيا�سة متبعة‬ ‫منذ القدم‪ ،‬حيث يقوم الإعالم املوجه بدور غري‬ ‫نزيه ل يتفق اأبد ًا ور�سالة الإعالم ال�سامية‪ ،‬فهو‬ ‫ي�سكك ويهمز ويلمز ‪ ،‬ويقلب احلقائق ويهول من‬ ‫ال�سغائر‪ ،‬ويقلل من الإيجابيات حتى ي�سل اإىل‬ ‫الهدف املن�سود وهو توجيه الراأي العام يف اجتاه‬ ‫اآخر اأو نحو هدف معني‪.‬‬ ‫فرعون‪ ..‬والراأي العام‬ ‫وك��ان لآل��ة فرعون الإعالمية ال�سبق والريادة‬ ‫يف جم��ال الإع��الم امل��وج��ه‪ ،‬حيث يواجه دعوة‬ ‫نبي اهلل مو�سى التي ي��رى فيها خطر ًا داهم ًا‬ ‫عليه ببيانات اإعالمية موجهة اإىل الراأي العام‬ ‫للت�سدي لهذا اخلطر الداهم ولتوجيه الراأي‬ ‫العام اإىل حيث يريد ويرجو‪.‬‬ ‫فبداأ اأو ًل باإعالم النا�س بف�سله على مو�سى‪،‬‬ ‫اأن��ه هو من رب��اه ورع��اه ومن غري املعقول اأن‬ ‫ي��رد مو�سى (عليه ال�سالم) ه��ذا اجلميل‬ ‫بالوقوف يف وجه من ميكن اعتباره مبثابة‬ ‫ال��وال��د ل ��ه‪ ..‬ي�ق��ول اهلل ت�ع��اىل يف �سورة‬ ‫ال�سعراء ( َ‬ ‫قال اأَ َ ْمل ُن َر ِّب َك ِفي َنا َولِيدً ا َو َل ِب ْثتَ‬ ‫ِفي َنا ِمنْ ُع ُم ِر َك ِ�س ِن َني )‪.‬‬ ‫ثم ح��اول تذكريه بف�سل اآخ��ر وه��و عدم‬ ‫اللحاق به واإلقاء القب�س عليه عندما قتل‬ ‫رج � ًال م��ن اأه��ل م�سر ع��ن طريق اخلطاأ‬ ‫وه��رب اإىل م��دي��ن‪ ،‬وال�ت��ذك��ري يحمل نربة‬ ‫تهديد ‪َ (،‬و َف َع ْلتَ َف ْع َلت َ​َك ا َّل ِتي َف َع ْلتَ َواأَ ْن��تَ ِمنَ‬


‫ا ْل َكا ِف ِرينَ )‪.‬‬ ‫ولي�سغل النا�س عن الق�سية الأ�سا�سية وجعلهم‬ ‫يتجهون اإىل الهتمام باأمر اآخر يتكلم عن احلياة‬ ‫اخلا�سة مبو�سى وكثري ًا ما ين�سغل الراأي العام‬ ‫مبثل هذه الأمور التي تتعلق باخل�سو�سيات‪ ،‬ثم‬ ‫بعد ذلك يتجه اإىل التجريح ال�سخ�سي ‪ ،‬فيغايل‬ ‫يف اإمكاناته ال�سخ�سية ويحقر من �سخ�سية‬ ‫مو�سى ويقلل من �ساأنه‪ ..‬يقول اهلل تعاىل يف‬ ‫�سورة الزخرف ( َو َنادَى ِف ْر َع ْونُ ِيف َق ْو ِم ِه َق َال َيا‬ ‫الَ ْن َها ُر َ ْ‬ ‫جت ِري‬ ‫َق ْو ِم اأَ َل ْي َ�س ِيل ُم ْل ُك ِم ْ�س َر وَهَ � ِ�ذ ِه ْ أ‬ ‫ِم��نْ َ ْ‬ ‫�ري ِمنْ‬ ‫حت ِتي اأَ َف� َ�ال ُت ْب ِ�س ُرونَ ) (اأَ ْم اأَ َن��ا َخ� ْ ٌ‬ ‫ني َو َل َي َكا ُد ُي ِب ُني ) يعري مو�سى‬ ‫هَ َذا ا َّل ِذي هُ َو َمهِ ٌ‬ ‫باأنه األثغ ل ي�ستطيع نطق بع�س احلروف نطق ًا‬ ‫�سحيح ًا‪.‬‬ ‫ويتجرد م��ن ك��ل القواعد الأخ��الق�ي��ة التي قد‬ ‫حتكم العمل الإعالمي فيبداأ يف عملية تخويف‬ ‫كبرية من مو�سى ومن دعوته ليغري اجتاه الراأي‬ ‫ال�ع��ام‪ ،‬فيدعي اأن مو�سى ج��اء لهدم املجتمع‬ ‫وتقوي�س اأركان الدولة ‪ ..‬يقول اهلل تعاىل على‬ ‫ل�سان الإع��الم املوجه يف �سورة طه ( َقا ُلوا ِاإنْ‬ ‫هَ � َ�ذ ِان َل َ�س ِاح َر ِان ُي� ِ�ري��دَ ِان اأَنْ ُيخْ ِر َجا ُك ْم ِمنْ‬ ‫اأَ ْر ِ�س ُك ْم ِب ِ�س ْح ِر ِه َما َو َي ْذهَ َبا ِب َط ِري َق ِت ُك ُم ْاملُ ْث َلى)‬ ‫وي�ستغل العامل الديني يف املعركة ويخوفهم من‬ ‫�سياع ال�ستقرار فيقول ( ِاإ ِّين اأَ َخ� ُ‬ ‫�اف اأَنْ ُي َب ِد َّل‬ ‫ال ْر��ِ�س ا ْل َف َ�سادَ) �سورة‬ ‫ِدي َن ُك ْم اأَ ْو اأَنْ ُي ْظهِ َر ِيف َْ أ‬ ‫غافر‪.‬‬ ‫دور املكان‪ ..‬والزمان‬ ‫وواج �ه��ت قري�س اأي���س� ًا ر��س��ول اهلل �سلى اهلل‬ ‫عليه و�سلم بحرب اإعالمية �سر�سة‪ ،‬ا�ستخدمت‬ ‫فيها طاقتها الإعالمية ووجهتها لغر�س واحد‬ ‫وهو ت�سويه دعوة النبي‪ ،‬لتقف يف وجه الدعوة‬ ‫اجلديدة‪ ،‬ولتحمي مكانتها ومكت�سبات ال�سادة‬ ‫يف قري�س ولتمنع القبائل الأخ��رى من التاأثر‬ ‫بدعوة النبي‪ ،‬واأول امل�ساهمني يف هذه احلرب‬ ‫الإعالمية هو عم النبي عبد العزى بن عبد‬ ‫املطلب (اأب ��و ل�ه��ب) وه��ذا ��س��الح ق��وي يف يد‬ ‫املاكينة الإعالمية لقري�س‪ ،‬حيث الت�سويه ياأتي‬ ‫من اأق��رب النا�س وه��ذا يدعم من وجهة نظر‬ ‫الإعالم املوجه درجة امل�سداقية حلديثه‪ ،‬فكان‬ ‫النبي يدعو القبائل لدينه يف مو�سم احلج وعمه‬ ‫خلفه يهتف ويقول ل ت�سدقوه فاإنه ك ّذاب‪.‬‬ ‫وتعقد قري�س اجتماع ًا على اأعلى م�ستوى لتنظيم‬ ‫حملة اإعالمية جديدة موجهة للداخل واخلارج‬ ‫للوقوف �سد دع��وة النبي‪ ،‬وت��وىل رئا�سة هذا‬

‫هذه اجلموع تبني ف�صل الإعالم املوجه وامل�صاد‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫الجتماع الوليد بن املغرية املخزومي‪ ،‬وح�سره‬ ‫كل زعماء قري�س لتنظيم هذه احلملة الإعالمية‬ ‫الكبرية‪ ،‬التي تهدف اإىل ت�سويه �سورة النبي‬ ‫و��س�ح��اب�ت��ه‪ ،‬وب �ع��د اج�ت�م��اع ط��وي��ل واأخ���ذ ورد‬ ‫ا�ستقروا على ر�سالة اإعالمية وا�سحة وحمددة‬ ‫وهو اأن حممد ًا �ساحر‪ ،‬واأ�سحابه م�سحورون‬ ‫وم�ف�ت��ون��ون ب��ه‪ ،‬وه��ذه ر��س��ال��ة م��وح��دة حتى ل‬ ‫يت�ستت اجلهد وتعدد الآراء في�سعف التاأثري‪.‬‬ ‫وتختار قري�س الزمان واملكان املنا�سبني‪ ،‬وقت‬ ‫احل��ج حيث ت�ت��واف��د القبائل على مكة لأداء‬ ‫الن�سك‪ ،‬وه��ذا يعترب وق��ت ال��ذروة الإعالمية‬ ‫حيث تتوافد القبائل على مكة‪ ،‬واملكان البلد‬ ‫احل��رام ال��ذي هو مركز جزيرة العرب‪ ،‬وهذا‬ ‫يدل على اأن حرب قري�س الإعالمية كانت معدة‬

‫من التاريخ‬

‫‪116‬‬

‫جيد ًا‪ ،‬وجمهز ًا لها بكفاءة‪ ،‬ومل تكن موجهة‬ ‫اعتباط ًا‪.‬‬ ‫وانت�سرت الآلة الإعالمية لقري�س يف كل مكان‬ ‫ت�سوه وت�س ّفه وتوجه ال��راأي العام اإىل م�ساألة‬ ‫واحدة وهي اأن حممد ًا �ساحر‪ ،‬وتتوجه اأول ما‬ ‫تتوجه اإىل زعماء القبائل و�سادة القوم‪ ،‬حتى‬ ‫اإن اأحدهم وهو الطفيل بن عمرو الدو�سي قال‪:‬‬ ‫بلغ من تاأثري قري�س على عقلي‪ ،‬وتخويفهم يل‬ ‫من �سحر حممد واأثره اأين ح�سوت اأذين ُكر�سف ًا‬ ‫(يعني قطن ًا) حتى ل اأ�سمع له‪.‬‬ ‫دور «حمالة احلطب»‬ ‫وا�ستخدموا ال�سعر يف التجريح ال�سخ�سي‬ ‫للنبي حيث كانت زوجة عمه «اأبو لهب» حمالة‬ ‫احلطب كما �سماها القراآن وا�سمها احلقيقي‬ ‫(اأم جميل) تقول‪:‬‬ ‫مذمم ًا ع�سينا واأمره قلينا ودينه اأبينا‬ ‫ودارت عجلة الآلة الإعالمية املوجهة‪ ،‬وروجت‬ ‫الإ�ساعات‪ ،‬ون�سرت الأكاذيب‪ ،‬وات�سلت بزعماء‬

‫القبائل وحاولت النيل من الدعوة الوليدة ومن‬ ‫�ساحبها‪ ،‬ولكن ومع كل هذا اجلهد والتخطيط‬ ‫ينقلب ال�سحر على ال�ساحر ويدخل ع��دد من‬ ‫زعماء القبائل يف الإ� �س��الم‪ ،‬مثل الطفيل بن‬ ‫عمرو ال��دو��س��ي‪ ،‬و�سماد الأزدي‪ ،‬وع�م��رو بن‬ ‫عب�سة‪ ،‬ويبداأ ات�سال النبي باأهل املدينة من‬ ‫الأن�سار‪.‬‬ ‫واملده�س اأن الإعالم املوجه كان �سبب ًا يف �سوؤال‬ ‫هوؤلء عن الدين اجلديد والتعرف على مبادئه‪،‬‬ ‫والغريب اأن اإ�سالم �سماد الأزدي كان ب�سبب‬ ‫احلملة الإعالمية املوجهة �سد النبي‪ ،‬حيث‬ ‫قالوا عنه اإنه جمنون‪ ،‬فقال �سماد وكان يعالج‬ ‫النا�س من اجلنون عن طريق الرقية لعلي اأرقي‬ ‫حممد ًا في�سفيه اهلل على يدي‪ ،‬فلما ذهب للنبي‬ ‫وعر�س عليه الأمر قال‪( :‬اإن احلمد هلل نحمده‬ ‫ون�ستعينه‪ ،‬من يهده اهلل فال م�سل ل��ه‪ ،‬ومن‬ ‫ي�سلل فال ه��ادي له‪ ،‬واأ�سهد اأن ل اإل��ه اإل اهلل‬ ‫وحده ل �سريك له‪ ،‬واأن حممد ًا عبده ور�سوله )‬ ‫فلما �سمع �سماد هذه الكلمات اأ�سلم من فوره‪..‬‬ ‫وك��ان��ت ه��ذه نتيجة م��ن نتائج حملة التوجيه‬ ‫الإعالمي لقري�س‬

‫اأول امل�شاهمني يف احلرب الإعالمية‬ ‫على الر�شول �شلى اهلل عليه و�شلم هو عمه‬ ‫عبد العزى بن عبد املطلب (اأبو لهب) وهذا‬ ‫�شالح قوي يف يد املاكينة الإعالمية لقري�س‪،‬‬ ‫حيث الت�شويه ياأتي من اأقرب النا�س وهذا‬ ‫يدعم من وجهة نظر الإعالم املوجه درجة‬ ‫امل�شداقية حلديثه‪ ،‬فكان النبي يدعو القبائل‬ ‫لدينه يف مو�شم احلج وعمه خلفه يهتف‬ ‫ويقول ل ت�شدقوه فاإنه كذاب‬

‫مل يبق من اإعالمهم اإل اآثارهم‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫فيه اأنتج ‪ 57‬فيلما ً‬ ‫ومت ت�شوير ‪ 125‬اأخرى‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫بني‬ ‫ال�صطور‬ ‫فنون‬

‫‪118‬‬

‫استديو مصر‪..‬‬

‫ذاكرة م�سر ال�سينمائية‬

‫�صعيد الكفراوي‬ ‫مل�رص‪ ،‬اأواخر القرن التا�صع ع�رص‬ ‫اأ�صبقية القرتاب من زمن احلداثة‪.‬‬ ‫متتلك ذاكرة القاهرة والإ�صكندرية‬ ‫الكثري من حوادث ذلك الزمان!!‬ ‫يف ال�صيا�صة والثقافة ونظم احلكم‬ ‫وعلم الجتماع الإن�صاين‪ ،‬ومن ثم‬ ‫القوة الناعمة «الثقافة» التي كانت‬ ‫الأمم تقدم نف�صها بها!!‬

‫كانت يف ذلك الوقت تبحث عن طرق جديدة‬ ‫للتغيري‪ ،‬عك�ست اأح��وال م�سر وحركة احلياة‬ ‫ال�سيا�سية وك�سفت عن عالئق القيم التي ت�سكل‬ ‫طموح النا�س نحو الرقي والتقدم‪.‬‬ ‫م���س��ر ال �ت��ي ا� �س �ت �ف��ادت م��ن م�ن�ج��ز ال �غ��رب‬ ‫احل �� �س��اري‪ ،‬ومتنت عالقتها الثقافية بهذا‬ ‫ال��غ��رب‪ ،‬م�ن��ذ ب ��داأ ط�ي��ب ال��ذك��ر حم�م��د علي‬ ‫م�سروعه‪ ،‬وكذلك حفيده اخلديوي اإ�سماعيل‪،‬‬ ‫ذلك اخلديوي الذي ان�سغل طوال عمره بحلم‬ ‫اأن تكون م�سر جزء ًا من اأوروب��ا‪ ،‬فاأر�سله جده‬ ‫وال�ع��دي��د م��ن البعثات التي ع��ادت لت�سهم يف‬ ‫اإح��داث نه�سة تنويرية ك��ان من اأك��رث جتليها‬

‫ح�سور ًا تلك اجلماعة من املفكرين وال�سيا�سيني‬ ‫الليرباليني العظام ‪ :‬الأفغاين حممد عبده‪� ،‬سعد‬ ‫زغلول‪ ،‬قا�سم اأمني‪ ،‬طه ح�سني‪ ،‬العقاد‪ ،‬يحيى‬ ‫ح�ق��ي‪ ،‬جنيب حم�ف��وظ وغ��ريه��م م��ن ال�سوام‬ ‫الفارين من ظلم العثمانيني وكذلك العراقيني‬ ‫وب��الد املغرب العربي‪ ،‬وجماعة الفنانني بكل‬ ‫اأ�سكالهم‪.‬‬ ‫اخرتاع عجيب‬ ‫ك��ان��ت م�سر يف ذل��ك احل��ني م ��الذ ًا لطالبي‬ ‫احلرية‪ ،‬وغريها من اأ�سكال العي�س الكرمي!!‬ ‫وكانت مدينة الإ�سكندرية متثل ف�ساء عا�ست‬ ‫فيه الأق�ل�ي��ة م��ن ك��ل جن�س ووط��ن ليتم�سروا‬

‫يذكر تاريخ هذا ال�شتديو اأن طلعت حرب‬ ‫حاول اجلمع بني الفنانني الكبريين اأم كلثوم‬ ‫وعبد الوهاب‪ ،‬وب�شبب مواقف �شخ�شية اعتذر‬ ‫عبد الوهاب واأنتج �شتديو م�شر لأم كلثوم‬ ‫اأفالم ن�شيد الأمل ووداد و�شالمة وفاطمة‬ ‫وغريها من الأفالم املو�شيقية الرائعة‬


‫عبد الوهاب‬

‫جنيب الريحاين‬

‫ولي�سبحوا ج ��زء ًا مهم ًا م��ن اأ��س�ب��اب الرقي‬ ‫والتقدم !! طليان وفرن�سي�س واجنليز ويونان‬ ‫وقبار�سة واأرمن ويهود‪ ،‬وغريهم!!‬ ‫ك��ان��ت الإ�سكندرية تعج بالثقافات‪،‬‬ ‫وتتنف�س حرية التجارة‪ ،‬وازده��ار‬ ‫الق �ت �� �س��اد‪ ،‬وت �ن��ري ال�ك��وزم��وب��و‬ ‫اأن�شاأ بنك م�شر‪ ،‬ا�شتديو م�شر‬ ‫لتينية مقاهيها‪ ،‬ومنتدياتها‪،‬‬ ‫يف العام ‪ ،1934‬ذلك الكيان القت�شادي‬ ‫وم� ��راك� ��زه� ��ا ال��ث��ق��اف��ي��ة‪،‬‬ ‫وت� �ي ��ارات� �ه ��ا‪ ،‬وم��اله �ي �ه��ا‪،‬‬ ‫املهم الذي تاأ�ش�س خللق م�شتقبل يف‬ ‫و�سالت الغناء املفتوحة على‬ ‫ال�شينما‪ ،‬ظل يتطور عرب ال�شنني‪..‬‬ ‫اللهو واملتعة‪.‬‬ ‫وكان طلعت حرب من املوؤمنني بتجديد‬ ‫يف ه � ��ذا امل � �ن� ��اخ ال �ن �� �س��ط‬ ‫القت�شاد يف ذلك البلد الزراعي‪ ،‬وكان‬ ‫ا�ستقبلت الإ�سكندرية اأول‬ ‫عرو�س ال�سينما‪.‬‬ ‫يهتم مبا هو ثقايف‪.‬‬ ‫كان العر�س الأول بالإ�سكندرية‬ ‫قبل اأن يعر�س يف باري�س‪ ،‬حيث‬ ‫اأر�سلت دار «لوميري» الفرن�سية‪،‬‬ ‫وهي الدار الأوىل التي حركت فيلم ًا‬ ‫�سينمائي ًا يف ال��ع��امل‪ ..‬ج��اء مبعوث‬ ‫ال�سركة اإىل م�سر ليقوم بت�سوير اأول فيلم‬ ‫�سينما عن معامل الإ�سكندرية‪ ،‬واملناطق الأثرية‬ ‫القدمية مبدينة القاهرة‪ ،‬وعلى نيل م�سر‪ ،‬ومت‬ ‫ذلك على ‪� 35‬سريط ًا عر�ست يف جميع اأنحاء‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫اأحد الأجانب املتم�سرين‪.‬‬ ‫كان اأول عر�س �سينمائي قد عر�س يف اإحدى‬ ‫كان جناح هذا الفن اجلديد مبثابة نافذة على‬ ‫مقاهي الأج��ان��ب على كورني�س املدينة ‪ ..‬يف‬ ‫عامل من الغرابة دفع الإ�سكندرية بكل طوائفها‬ ‫العام ‪ 1897‬اأن�سئت اأول �سالة عر�س ميلكها‬ ‫اإىل ال �ت �ع��رف ع�ل�ي��ه‪ ،‬وم ��ن ث��م الن �ف �ت��اح على‬

‫اأم كلثوم‬

‫العامل ال��ذي تاأتي منه ال�سور‪ ،‬ولقد اكت�سفت‬ ‫الإ�سكندرية يف ال�سينما قدر ًا من اإح�سا�س خا�س‬ ‫�ساعدهم على فهم بع�س م�سكالت جمتمعهم‪.‬‬ ‫يف مدينة القاهرة‪ ،‬يف العام ‪ 1900‬اأقيمت‬ ‫اأول دار ع��ر���س يف مقهى «�سانتي»‬ ‫بالأزبكية‪ ..‬جنح العر�س جماهريي ًا‪،‬‬ ‫وخرج النا�س من الأحياء الراقية‬ ‫وال�سعبية مل�ساهدة هذا الخرتاع‬ ‫العجيب‪ ..‬بداأت مرحلة جديدة‬ ‫من اإن�ساء دور العر�س املختلفة‪،‬‬ ‫وي�سهد العام ‪ 1905‬اإن�ساء ثالث‬ ‫من دور العر�س يف القاهرة‪،‬‬ ‫وب�سبب جن��اح عر�س الأف��الم‬ ‫دخ �ل��ت ال �ت �ج��ارة يف اإن�ت��اج�ه��ا‪،‬‬ ‫واأجن��زت حمالت عزرا ودروي�س‬ ‫اليهودية يف العام ‪ 1907‬فيلمها‬ ‫الأول‪ ،‬ويف العام ‪ 1917‬اأنتجت �سركة‬ ‫«�سي�سيا» اأوىل الأف��الم الطويلة وقد‬ ‫�سارك يف متويله بنك روما و�سور بكامله‬ ‫يف مدينة الإ�سكندرية‪.‬‬ ‫حلظة حتول‬ ‫جاء العام ‪ 1920‬وكانت طبقة رج��ال الأعمال‬ ‫امل�سريني الذين ملكهم اخل��دي��وي اإ�سماعيل‬ ‫الأر�س‪ ،‬وا�ستغلوا بالتجارة‪ ،‬وعرفوا الت�سدير‬ ‫وال�سترياد‪ ،‬و�ساركوا الأجانب يف جتارة القطن‪،‬‬ ‫برتول م�سر يف ذلك احلني‪ ،‬كانوا قد كونوا راأ�س‬ ‫مالهم اخلا�س امل�ستثمر يف ال�سناعة وغريها‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫بني‬ ‫ال�صطور‬ ‫فنون‬

‫‪120‬‬

‫ح�صني ريا�ض‬

‫اأنور وجدي‬

‫حممود املليجي‬

‫من الن�ساط التجاري‪ ،‬من ذلك احلني نظروا‬ ‫اإىل الفن اجلديد نظرة مغايرة‪ ..‬يف العام ‪1920‬‬ ‫فكر بع�س رجال الأعمال امل�سريني بقيادة رجل‬ ‫القت�ساد واملوؤ�س�س احلقيقي للن�ساط املايل‬ ‫امل�سري طلعت با�سا ح��رب يف اإن�ساء �سركة‬ ‫لل�سينما ومت و�سع اأ�سا�س �سركة م�سر للتمثيل‬ ‫وال�سينما براأ�سمال قدرة ‪ 15‬األف جنيه ل غري‪.‬‬ ‫ك��ان��ت حل�ظ��ة ال�ت�ح��ول احلقيقية يف �سناعة‬ ‫ال�سينما امل�سرية هي اإن�ساء بنك م�سر‪ ،‬وكان‬ ‫اإن�ساء هذا البنك ميثل اإيقاظ الوعي الوطني‪،‬‬

‫وامل�ساهمة الكربى يف ال�ستقالل القت�سادي‬ ‫عن اقت�ساد الأجانب‪ ،‬واملحتل الجنليزي‪ ،‬بل‬ ‫كان اأول موؤ�س�سة اقت�سادية نبهت امل�سريني‬ ‫لقيمة نتاجهم الوطني‪ ،‬واأ�سهم يف اإن�ساء العديد‬ ‫من ال�سركات ومن بينها �ستديو م�سر‪.‬‬ ‫كان ا�ستديو م�سر البداية احلقيقة لإن�ساء فن‬ ‫�سينمائي وطني بكل عنا�سره‪.‬‬ ‫ان�ساأ بنك م�سر‪ ،‬ا�ستديو م�سر يف العام ‪،1934‬‬ ‫ذل��ك الكيان القت�سادي املهم ال��ذي تاأ�س�س‬ ‫خللق م�ستقبل لهما يف ال�سينما‪ ،‬ظ��ل يتطور‬ ‫عرب ال�سنني‪ ..‬وكان طلعت حرب من املوؤمنني‬ ‫بتجديد القت�ساد يف ذلك البلد الزراعي‪ ،‬وكان‬ ‫يهتم مبا هو ثقايف‪ ،‬لذلك كانت خطة ا�ستديو‬ ‫م�سر ت�سمل الأتي‪:‬‬ ‫• ت�سجيع الإنتاج ال�سينمائي امل�سري‪ ،‬والعمل‬ ‫على تطويره ليواكب حركة الفنون يف الداخل‬ ‫واخلارج‪.‬‬ ‫• تطوير اأدوات تلك ال�سناعة بربطها مبا‬ ‫ينجز خارج البالد‪ ،‬وبالتايل كان النظر‬ ‫لتجهيز جيل من املثقفني �سينمائي ًا‪،‬‬ ‫فاأر�سلت البعثات لتعليم فن الت�سوير‬ ‫والديكور واملكياج‪ ،‬و�سافر الرواد‬ ‫الأوائ� ��ل ل�ف��ن ال�سينما‪ :‬اأح�م��د‬ ‫ب ��درخ ��ان وم��وري�����س ك���س�ب��ان‬ ‫«اإخ��راج» ح�سن مراد وحممد‬ ‫ع �ب��د ال �ع �ظ �ي��م «ت �� �س��وي��ر»‪.‬‬ ‫م�سطفى وايل «�سوت» ‪ .‬ويل‬ ‫الدين �سامح «ديكور»‪ .‬نيازي‬ ‫م�سطفى «م��ون �ت��اج» ‪ .‬ومت‬

‫تعيني املمثل ال�سهري حينذاك اأحمد �سامل مدير ًا‬ ‫ل�ستديو م�سر‪ .‬ويومها �سرح طلعت حرب با�سا‬ ‫«اأن ال�سينما �سرح ع�سوي للتعليم ل غنى مل�سر‬ ‫عن ا�ستخدامه يف اإر�ساد �سواد النا�س‪.‬‬ ‫تواىل اإنتاج الأف��الم‪ ،‬وكان على ا�ستديو م�سر‬ ‫اأن يتوا�سل مع الإنتاج يف اخل��ارج وي�سرتك يف‬ ‫مهرجانات ال�سينما العاملية باإنتاجه من اأفالم‬ ‫حملية‪.‬‬ ‫بداأ ال�ستديو اإنتاجه اخلا�س باإنتاج ن�سرة اأخبار‬ ‫اأ�سبوعية تتحدث عن الأحداث يف م�سر تعر�س‬ ‫يف دور ال�سينما‪.‬‬

‫اأنتج ا�شتديو م�شر اأهم فيلمني واقعيني‬ ‫يف تاريخ ال�شينما هما‪ :‬فيلم العزمية‬ ‫لكمال �شليم وبطولة فاطمة ر�شدي‬ ‫وح�شني �شدقي‪ ،‬وكان اأول الأفالم الذي‬ ‫نبه ال�شينما لغنى احلارة امل�شرية وما‬ ‫يجري بها من اأحداث و�شراعات بني من‬ ‫ميلكون ومن تخلوا اأياديهم من العملة‬

‫احلارة امل�سرية‬ ‫لقد اأقيم ا�ستديو م�سر على م�ساحة كبرية من‬ ‫الأر�س باجليزة‪ ،‬يف طريق الأهرام‪ ،‬وكان وحده‬ ‫يف ف�ساء ال�سحراء الآن حتوطه املباين من كل‬ ‫جانب‪ ،‬وتغرقه الزحمة بالليل والنهار‪.‬‬ ‫وق��د ك��ان م�ب�ن��اه ي�سم ب��الت��وه��ات الت�سوير‬ ‫ال�سينمائي والديكور والت�سوير واملونتاج وغرف‬ ‫املالب�س‪ ،‬ولقد اأه ��داه ال��رائ��د الأول لل�سينما‬ ‫امل�سرية حممد بيومي عدد ًا من اآلت الت�سوير‪،‬‬ ‫كما �سم الأ�ستديو وم��ا ي��زال دي �ك��ور ًا للحارة‬ ‫امل�سرية التي �سورت بها الكثري من الأف��الم‬ ‫امل�سرية منذ بداية الإنتاج يف العام ‪.1935‬‬ ‫اأ�سهم يف ازدهار فن ال�سينما يف م�سر‪ ،‬وطوره‪،‬‬ ‫وحمله العديد م��ن الأ�سئلة� التي كانت تهتم‬ ‫باملتغريات التي حت��دث يف ال��واق��ع‪ ،‬وعالقات‬ ‫الب�سر‪ ،‬اأخ��الق�ه��م‪ ،‬القيم التي يعي�سون بها‪،‬‬ ‫رغبتهم يف تغيري حياتهم اإىل الأح�سن‪ .‬اأ�سهم‬


‫ليلى مراد‬

‫ماري كويني‬

‫يف ذلك بع�س الأجانب املتم�سرين من اأمثال‬ ‫‪ :‬الأخ��وان لما‪ ،‬توجو مزراحى‪ ،‬اأحمد جالل‪،‬‬ ‫ا�ستيفان رو�ستي‪ ،‬املنتجة عزيزة اأمري‪،‬‬ ‫اأ�سيا داغر منتجة فيلم �سالح الدين‬ ‫ف��ى ال���س�ت�ي�ن�ي��ات‪ ،‬م� ��اري كوينى‬ ‫اللبنانية التي �ساركت يف تطوير‬ ‫ال�سينما‪ ،‬ومن النجوم يو�سف‬ ‫ل�شتديو م�شر ذلك الدور التنويري‬ ‫وهبي وعبد ال��وه��اب وليلي‬ ‫الذي قدمه لرقي م�شر‪ ،‬والذي انتقل‬ ‫مراد واأنور وجدي وح�سني‬ ‫بفن ال�شينما من الهواية اإىل الحرتاف‪،‬‬ ‫ري��ا���س وحم�م��ود املليجى‬ ‫ومن �شنعة ميار�شها الأجانب‪ ،‬اإىل فن‬ ‫وكلهم من اأب�ن��اء اأ�ستديو‬ ‫متخ�ش�س ميار�شه امل�شريون‪ ،‬هوؤلء‬ ‫م�سر‪ ،‬كما نبغ ال�سوام‬ ‫وال���س��وري��ون اأم �ث��ال فريد‬ ‫الذين اأ�شهموا بال�شك يف اإيقاظ وعي‬ ‫الأط��ر���س واأخته اأ�سمهان‪،‬‬ ‫الأمة‪ ،‬واأ�شاءوا جانباً مهماً من التعرف‬ ‫�م‬ ‫وج � ��ورج اأب �ي ����س وغ��ريه�‬ ‫على الدنيا وما يجري فيها‬ ‫اأم� �ث ��ال‪ :‬ف � �وؤاد اجل ��زاي ��ريل‪،‬‬ ‫جنيب الريحاين‪ ،‬ب�سارة واليم‪.‬‬ ‫بهيجة حافظ‪.‬‬ ‫من الهواية اإىل االحرتاف‬ ‫كما يذكر تاريخ هذا ال�ستديو اأن طلعت حرب‬ ‫ح��اول اجلمع بني الفنانني الكبريين اأم كلثوم‬ ‫وعبد الوهاب‪ ،‬وب�سبب مواقف �سخ�سية اعتذر‬ ‫عبد الوهاب واأنتج �ستديو م�سر لأم كلثوم اأفالم‬ ‫ن�سيد الأمل ووداد و�سالمة وفاطمة وغريها من‬ ‫الأفالم املو�سيقية الرائعة‪.‬‬ ‫كما اأنتج �ستديو م�سر اأهم فيلمني واقعيني يف‬

‫تاريخ ال�سينما هما‪ :‬فيلم العزمية لكمال �سليم‬ ‫وبطولة فاطمة ر�سدي وح�سني �سدقي وكان اأول‬ ‫الأفالم الذي نبه ال�سينما لغنى احلارة امل�سرية‬ ‫وما يجري بها من اأح��داث و�سراعات بني من‬

‫يو�صف وهبي‬

‫ميلكون ومن تخلوا اأياديهم من العملة‪.‬‬ ‫كان الفيلم الثاين هو ال�سوق ال�سوداء اإخ��راج‬ ‫التلم�ساين وبطولة عماد حمدي وك��ان وجه ًا‬ ‫ج��دي��د ًا على ال�سينما امل�سرية‪ ،‬وعالج‬ ‫الفيلم ق�سية ف�ساد ال�سوق‪ ،‬وكان اأول‬ ‫الأف��الم التي اهتمت بهذا اجلانب‬ ‫من احلياة امل�سرية‪.‬‬ ‫لقد مت ت�اأم�ي��م �ستديو م�سر‪،‬‬ ‫وانتقلت ملكيته اإىل ال��دول��ة‬ ‫امل �� �س��ري��ة يف ال �ع��ام ‪، 1960‬‬ ‫واأ��س�ب��ح م��ن اأم ��الك القطاع‬ ‫العام بعد اأن اأنتج ‪ 57‬فيلم ًا من‬ ‫العام ‪ 1936‬حتى العام ‪،1956‬‬ ‫كما مت ت�سوير ‪ 125‬فيلم ًا يف‬ ‫ا�ستوديوهاته حتى العام ‪.1960‬‬ ‫ل�ستديو م�سر ذلك الدور التنويري‬ ‫الذي قدمه لرقي م�سر‪ ،‬والذي انتقل‬ ‫بفن ال�سينما من الهواية اإىل الإحرتاف‪،‬‬ ‫وم ��ن �سنعة مي��ار��س�ه��ا الأج ��ان ��ب‪ ،‬اإىل فن‬ ‫متخ�س�س ميار�سه امل�سريون‪ ،‬ه �وؤلء الذين‬ ‫اأ�سهموا بال�سك يف اإيقاظ وعي الأمة‪ ،‬واأ�ساءوا‬ ‫جانب ًا مهم ًا من التعرف على الدنيا وما يجري‬ ‫بها‪ ،‬فكان اأحد الو�سائط املعرفية لرقي البلدان‪،‬‬ ‫ومنارة للمعارف‪ ،‬والتعبري عن اأحالم الفقراء‬ ‫والب�سطاء من الب�سر على مدى مائة عام‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫رحلت الكوابي�ض‬ ‫والهلو�شة يف انتظار‬ ‫«رينيه مارغريت»‬

‫اأبوظبي ‪ -‬ال�صيماء خالد‬ ‫هناك يف عوامل الالوعي ت�صتلقي مع الأحالم‬ ‫والكوابي�ض والهلو�صة طرق ل تعد ول حت�صى‪،‬‬ ‫مفاجئة لأبعد احلدود‪ ،‬قامتة اأحياناً‪ ،‬وم�صوقة‬ ‫ومثرية يف اأحيان اأخرى بني جمموعات من غري‬ ‫املحتمل وغري املتوقع‪ ،‬واكت�صاف عوامل الرغبة‬ ‫والعنف املعقدة واخلفية‪ ..‬هذا جزء ب�صيط من‬ ‫احلديث عن ال�رصيالية وموا�صيعها من �صمن‬ ‫�صل�صلة حوارات الفنون لـ «اللوفر اأبوظبي» الذي‬ ‫يقام يف منارة ال�صعديات بتنظيم هيئة اأبوظبي‬ ‫لل�صياحة والثقافة‪ ،‬حيث يتم اختيار مو�صوع‬ ‫خمتلف يف كل مرة يتعلق باأحد ن�صاطات‬ ‫املتحف املقبلة مع الفتتاح املرتقب اأو غريها‬ ‫مما جتري له التح�صريات املتوا�صلة‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫الأن�صطة الثقافية العامة التي تعترب اإ�صافة‬ ‫لإمارة اأبوظبي ولالإمارات ككل‪.‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫فعاليات‬

‫‪122‬‬

‫حوارات«اللوفر »أبوظبي‬

‫اأحالم يف مكان اآخر‬

‫جل�سة نقا�سية مع اجلمهور‪ ،‬م�سحوبة بور�سة‬ ‫يف ه��ذه امل��رة ق��دم «دي��دي��ه اأوتنغييه» املدير‬ ‫امل�ساعد يف املتحف ال��وط�ن��ي للفن احلديث‬ ‫عمل خ�س�ست للعائالت حت��ت ا�سم «األ�ع��اب‬ ‫مركز «جورج بومبيدو»‪ ،‬رفقة «لورن�س ديه كار»‬ ‫�سريالية»‪.‬‬ ‫مديرة اإدارة التن�سيق الفني من وكالة متاحف‬ ‫حتاول �سل�سلة حوارات الفنون املنتظمة عموماً‬ ‫فرن�سا‪ ،‬حما�سرة بعنوان «اأحالم يف مكان اآخر‪،‬‬ ‫اإلقاء ال�سوء على الأع�م��ال الفنية يف اللوفر‬ ‫الكوابي�س والهلو�سة‪ :‬موا�سيع ال�سريالية»‪ ،‬تلتها‬ ‫اأبوظبي‪ ،‬وتقدم جوانب رائعة ملجموعة متنوعة‬ ‫م��ن ثقافات ال�ع��امل‪ ،‬خ��الل املناق�سات ميكن‬ ‫للمهتمني والأف� ��راد ا�ستك�ساف ع��وامل الفن‬ ‫ب���س��ورة ممتعة اأي���س� ًا‪ ،‬يف حم��اول��ة لرت�سيخ‬ ‫تلك الر�سالة احل�سارية حلوار الثقافات التي‬ ‫ينادي بها لوفر اأبوظبي‪ ،‬كذلك ا�ستك�ساف‬ ‫عبقرية الب�سر بتنوعها‪.‬‬ ‫ركزت املحا�سرة على التعريف مبجموعة‬ ‫من اللوحات املختارة وا�ستك�ساف عوامل‬ ‫ديديه اأوتنغييه‪ :‬اخرتنا ا�شم‬ ‫الفن ال�سريايل وحركاته‪ ،‬كون اللوفر‬ ‫«الكوابي�س والهلو�شة‪ ..‬اأحالم‬ ‫اأبوظبي �سيعر�س جمموعة مهمة من‬ ‫يف مكان اآخر» للفعاليات املقامة‬ ‫ال �ل��وح��ات �ستجلب م��ن ل��وف��ر فرن�س‬ ‫عن ال�شريالية كونه جزء موري‬ ‫ومتاحف وطنية فرن�سية اأخرى‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫مهم منها هو الالوعي‪ ،‬و�شوؤال‬ ‫لوحات من مركز ج��ورج بومبيدو‪،‬‬ ‫املخيلة يف عامل الأحالم‪ ،‬هناك‬ ‫وغريه من متاحف فرن�سا‪.‬‬

‫ما خلف الواقع‪ ،‬اإن �شياغة ذلك‬ ‫والتقاطه هو ما حاولت �شرحه»‬

‫اجلانب املظلم‬ ‫ويف حديث ل� «الإعالم والع�سر»‬ ‫تقول ديه كار‪ ..« :‬بانتظار افتتاح‬ ‫املتحف هنا يف اأبوظبي عام ‪2015‬‬


‫جانب من احل�صور‬

‫�سيكون هناك دائم ًا ما يحدث ومع هذه العملية‬ ‫الطويلة‪ ،‬ومن �سمن التح�سريات تاأتي �سل�سلة‬ ‫م��ن امل�ح��ا��س��رات للخرباء ال�ب��ارزي��ن واأم�ن��اء‬ ‫متاحف واأك��ادمي �ي��ني‪ ،‬ي��رك��زون على الأ�سئلة‬ ‫الرئي�سية يف تاريخ الفن لتعرف اجلهور على‬ ‫ر�سائل املتحف الفنية والتاريخية»‪.‬‬ ‫ومبا اأن كل الفعاليات بهذا ال�ساأن تعتمد على‬ ‫عر�س عمل اأو جمموعة اأعمال مما �سيجلب‬ ‫للوفر اأبوظبي‪ ،‬فقد مت الرتكيز خالل احلوار‬ ‫هذه املرة على اأعمال الفنان البلجيكي رينيه‬ ‫مارجريت‪ ،‬واأ�س�س احلركة ال�سريالية والإرث‬ ‫ال�سريايل‪ ،‬و�ستجلب اأعمال رينيه مارجريت‬ ‫لأبوظبي لتعر�س يف افتتاح اللوفر هنا‪ ،‬وقد‬ ‫وق��ع الخ�ت�ي��ار عليه ك��ون��ه اأح��د اأه��م مفاتيح‬ ‫احلركة ال�سريالية‪.‬‬

‫�سوؤال املخيلة‬ ‫م��ن جهته ي �ق��ول «دي��دي��ه اأوت �ن �غ �ي �ي��ه»‪..:‬‬ ‫اخرتنا هذا ال�سم للفعاليات املقامة عن‬ ‫ال�سريالية كونه جزء حموري مهم منها‬ ‫هو الالوعي‪ ،‬و�سوؤال املخيلة يف عامل‬ ‫الأح��الم‪ ،‬هناك ما خلف الواقع‪ ،‬اإن‬ ‫�سياغة ذلك والتقاطه هو ما حاولت‬ ‫�سرحه»‪.‬‬ ‫ويرى اأوتنغييه اأن اجلانب املظلم‬ ‫م��ن احل��رك��ة ال �� �س��ري��ال �ي��ة ك��ان‬ ‫ا��س�ث�ن��ائ�ي� ًا ون�� ��ادر ًا‪ ،‬يف اأرب �ع��ني‬ ‫عام ًا حني كانت احلرب العاملية‬ ‫الثانية‪ ،‬تلقي بظاللها ال�سوداوية‬ ‫للدمار والدماء والقلق والرعب‪،‬‬ ‫ف�ط�ب��ع ذل ��ك الأع� �م ��ال امل�ت��زام�ن��ة‬

‫لورن�س دي كار‪ :‬بانتظار‬ ‫افتتاح املتحف هنا يف‬ ‫اأبوظبي عام ‪� ،2015‬شيكون هناك‬ ‫دائماً ما يحدث ومع‬ ‫هذه العملية الطويلة‪ ،‬ومن‬ ‫�شمن التح�شريات تاأتي‬ ‫�شل�شة من املحا�شرات للخرباء‬ ‫البارزين واأمناء متاحف‬ ‫واأكادمييني‪ ،‬يركزون على‬ ‫الأ�شئلة الرئي�شية يف تاريخ الفن‬ ‫لتعرف اجلهور على ر�شائل‬ ‫املتحف الفنية والتاريخية‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫فعاليات‬

‫‪124‬‬

‫معها بطبيعة احلال‪ ،‬بينما فيما بعد عاد الأمل‬ ‫اجل��دي��د وح��رك��ات ال �ت �ح��رر‪ ..‬اإل ��خ‪ ،‬فاختلفت‬ ‫مظاهر اللوحات‪..« ،‬مل تكن اأجواء ال�سوداوية‬ ‫وال�ق�ت��ام��ة وال��رع��ب ��س��ائ��دة ط ��وال ال��وق��ت يف‬ ‫ال�سريالية‪ ،‬لكنها ك��ان��ت مم�ي��زة ب�ح��ق‪ ،‬لهذا‬ ‫�سمناها جزئي ًا ل�سلتها الوثيقة بعامل الأحالم‪،‬‬ ‫فالكوابي�س حت��دث ب��دوره��ا ح��ني نن�ساب يف‬ ‫عقلنا الباطن‪ ،‬كذلك كونها اأحد اأهم موا�سيع‬ ‫ال�سريالية‪».‬‬ ‫ر�سالة اأبوظبي العاملية‬ ‫وتتذكر ديه كار النتقادات ال�سديدة يف فرن�سا‬ ‫حني اأعلن عن لوفر اأبوظبي‪ ،‬وتقول‪..« :‬اأعتقد‬ ‫اأن الفرن�سيني وقتها مل يفهموا حق ًا الأم��ر‪،‬‬ ‫فانتقدونا بق�سوة‪ ،‬اأح��د اآم��ايل لهذا امل�سروع‬ ‫اأنه مع الدعاية اجليدة حني ي�سل للنا�س اأكرث‬ ‫وهذا ما �سيحدث‪� -‬سيتفهم ال�سعب الفرن�سي‬‫هذه ال�سراكة مع الإمارات كونها �سراكة عاملية‬ ‫وثقافية‪ ،‬و�سيعرفون كيفية اأن تكون على م�ستوى‬

‫مت دفع احل�شور �شغاراً‬ ‫وكباراً لتذكر م�شهد الأحالم‬ ‫املميز والباقي يف الذاكرة‪ ،‬ومما‬ ‫اإذا كانوا قد حلموا ومل يكملوا‬ ‫وغريه من ثنايا عوامل الأحالم‬ ‫والكوابي�س‪ ،‬كذلك يف ماولة‬ ‫ل�شتك�شاف العقل الالوعي‪ ،‬ومن‬ ‫هنا القدرة على التخيل‪ ،‬وبعيد‬ ‫ر�شومات بدت وا�شحة اأنها تقع يف‬ ‫املنطقة خلف باب الذاكرة اليومية‬ ‫مما نفعله يف النهار اأو �شاعات‬ ‫ال�شحو‪ ،‬وحازت هذه الور�شة بالذات‬ ‫الهتمام باعتبار تلك اجلاذبية املميزة‬ ‫للحديث عن الأحالم والكوابي�س‬

‫ديديه اأوتنغييه‬

‫لورن�ض دي كار‬

‫احل ��وار ب��ني الثقافات املختلفة واحل���س��ارات‬ ‫املتنوعة‪ ،‬وه��ذا �سلب الر�سالة العاملية للوفر‬ ‫اأبوظبي‪.‬‬ ‫وتعتقد ديه كار اأن الفرن�سيني لديهم فهم منفتح‬ ‫للرتاث وقيمه‪ ،‬فت�سيف‪..« :‬لدينا يف فرن�سا‬ ‫اأ�سياء واأم��ور رائ�ع��ة باإمكاننا م�ساركتها مع‬ ‫العامل باأ�سره‪ ،‬دون النتقا�س منا اأو خ�سارتنا‬ ‫لأي منها اأو هويتنا‪ ،‬اإن الأمر ككل براأيي بحث‬ ‫وحماولة تقريب فهم روح امل�ساركة»‪.‬‬ ‫وقد �ساهم اإقبال الإماراتيني على املتاحف‬ ‫حني يحلون زوار ًا يف فرن�سا يف فكرة م�سروع‬ ‫اللوفر اأب��وظ�ب��ي‪ ،‬حيث ت�وؤك��د دي��ه ك��ار اأن‬ ‫ه��ذا ما دف��ع لبداية التعاون بني اللوفر‬ ‫وم��رك��ز ج��ورج يف مومبيدو والإم ��ارات‬ ‫لإقامة ذلك امل�سروع ال�سخم‪..« ،‬تلك‬ ‫العالمات املميزة يف فرن�سا كاملتاحف‬ ‫��س�ت�ك��ون يف الإم � � ��ارات‪ ،‬م��ن زاوي ��ة‬ ‫اأخ ��رى ه��ذا اأم ��ر م�ث��ري لالهتمام‪،‬‬ ‫فكما ت�ع��ر���س ل��وح��ات يف باري�س‬ ‫ت�ع��ر���س يف اأب��وظ �ب��ي! ‪ ..‬ول��رمب��ا‬ ‫ياأتي الفرن�سيون لزيارة اأبوظبي‬ ‫لي�ستك�سفوا اللوحات»‪.‬‬ ‫وب���س�وؤال�ه��ا ع��ن م��دى اهتمام‬

‫الإم��ارات �ي��ني واجلن�سيات الأخ ��رى هنا باأمر‬ ‫كاللوفر اأب��وظ�ب��ي اأك ��دت دي��ه ك��ار اأن��ه ح�سب‬ ‫مقابالت وبحوث اأجرتها فهم فخورين مبقدرة‬ ‫بالدهم على خطوة جريئة كهذه وهم ينتظرون‬ ‫ب�سغف‪ ،‬كما اأن املجتمع الفني يكاد يطري فرح ًا‬ ‫بهكذا خطوة‪.‬‬ ‫اأم ��ا اوتينغييه في�سيف‪..« :‬ك �م��ا اله�ت�م��ام‬ ‫الإعالمي يف فرن�سا يبلغ ذروته بالفنون‪ ،‬فال‬ ‫ميكن روؤي ��ة معر�س فني م��ن دون النتظار‬ ‫�ساعتني مع احلركة الكبريو ومالحقة الإعالم‬ ‫لها‪ ،‬ه��ذا م��ا ن�اأم��ل روؤي�ت��ه م��ع افتتاح املتحف‬ ‫ون�ساطات املكان الثقافية والفنية‪ ،‬بيد اأنه لبد‬ ‫يل من القول‪ :‬اإن اهتمام الإعالم يف الإمارات‬ ‫بالأمر حتى اللحظة ُم�سرف لكنه لزال بعيد ًا‬ ‫عن حتقيق املفرو�س‪.‬‬ ‫لزالت الفكرة الأ�سا�سية من �سل�سلة احلوارات‬ ‫تقدمي لوفر اأبوظبي للمحليني يف الإم ��ارات‬ ‫وال�ت�ع��ري��ف ب��ه وب �اأب��رز م��ا �سي�ست�سيف‪ ،‬ويف‬ ‫ه��ذه امل��رة اخ�ت��ريت ح��رك��ة مهمة م��ن القرن‬ ‫الع�سرين هي احلركة ال�سريالية فر�سة لدعوة‬ ‫اأه��م اخل��رباء لعر�س ملحات عن مما �سيجلب‬ ‫من لوفر فرن�سا‪ ،‬كتوثيق لل�سالت مع متاحف‬ ‫فرن�سا وعر�سها‪ ،‬حيث تقدم العملية هنا يف‬


‫اأبوظبي خطوة بخطوة لتبداأ امل�ساركة احلقيقية‬ ‫م��ع اأب��وظ�ب��ي‪ ،‬لرتفع تلك الفكرة ال�سامية يف‬ ‫بناء الفن والثقافة‪ ،‬حيث يتو ّقع اأن��ه بعد هذا‬ ‫ب� ‪� 10‬سنوات �سيكون ه��ذا املتحف عظيم ًا يف‬ ‫جمموعاته بروح متجددة فقط يف اأبوظبي‪.‬‬ ‫هل تتذكر اأحالمك؟‬ ‫ب�ع��د ع��ر���س ل �ب��داي��ات ال���س��ري��ال�ي��ة وفنانيها‬ ‫وال�ت�ع��ر���س ملفهومها وم��ا ي�ح��وي��ه م��ن خليط‬ ‫غني‪ ،‬كانت اخلطوة التالية يف ور�سة العمل‬ ‫«األعاب �سريالية»‪ ..‬وكان ال�سوؤال‪ ،‬هل تتذكر‬ ‫اأح��الم��ك؟‪ ،‬ومت دف��ع احل�سور �سغار ًا وكبار ًا‬ ‫ل�ت��ذك��ر م�سهد الأح� ��الم امل�م�ي��ز وال �ب��اق��ي يف‬ ‫الذاكرة‪ ،‬ومما اإذا كانوا قد حلموا ومل يكملوا‬ ‫وغ��ريه م��ن ثنايا ع��وامل الأح ��الم والكوابي�س‬ ‫كذلك يف حماولة ل�ستك�ساف العقل الالوعي‪،‬‬ ‫ومن هنا القدرة على التخيل‪ ،‬وبعيد ر�سومات‬ ‫بدت وا�سحة اأنها تقع يف املنطقة خلف باب‬ ‫ال��ذاك��رة ال�ي��وم�ي��ة مم��ا نفعله يف ال�ن�ه��ار اأو‬ ‫�ساعات ال�سحو‪.‬‬ ‫وحازت هذه الور�سة بالذات الهتمام باعتبار‬ ‫تلك اجلاذبية املميزة للحديث عن الأح��الم‬ ‫والكوابي�س‪ ،‬فبينما طفق ال�سباب املراهقون‬ ‫بر�سم كوابي�سهم وا�ستك�سافها م��رة اأخ��رى‬ ‫يف م���س�ح��ات ق��امت��ة م��ال الأط��ف��ال ملجموعة‬ ‫املل�سقات التي قدمت اأثناء الور�سة للتعريف‬ ‫بفن الل�سق ال���س��ري��ايل‪ ،‬ال��ذي ك��ان و�سيلة‬ ‫�سائعة لإنتاج الأعمال الفنية املت�سمة باخليال‬ ‫الوا�سع والتجريب‪ ،‬مما جعل خال�سة هذه‬ ‫املل�سقات �سور ًا عجيبة خارجة عن الواقع‬ ‫املعتاد‪.‬‬ ‫ل � �ق� ��د ب� � � � ��داأت ت� �ق� �ن� �ي ��ة ل� ��� �س ��ق ال� ��� �س ��ور‬ ‫( ‪ )Decalcomania‬م �ت �ج��اورة م��ع ك�سط‬ ‫احلبيبات عام ‪ 1937‬يف جتربة للفنان الأملاين‬ ‫ماك�س اإيرن�ست اأح��د الدادائيني ال�سابقني‪،‬‬ ‫ال��ذي �سغط �سفحة م��ن ال��ورق على �سطح‬ ‫مطلي واأع��اد نزعها ثم و�سعها خلف �سورة‬ ‫مطبوعة‪ ،‬يف ح��ني اأن ك�سط احلبيبات هي‬ ‫عملية يك�سط من خاللها الطالء اجلاف من‬ ‫على لوحة زيتية للح�سول على لوحة حمددة‬ ‫املعامل‪ ،‬ومن ثم كان فن الل�سق متنف�س ًا مهم ًا‬ ‫لل�سرياليني ال��ذي��ن اع�ت�ق��دوا فيه م�ساعد ًا‬

‫للك�سف عما يدور يف عقلهم الباطن بالإ�سافة‬ ‫لنعكا�سات �سور الثقافة ال�سائدة‪.‬‬ ‫البيان الر�سمي لل�سريالية‬ ‫وال�سريالية ن�ساأت ر�سميا ع��ام ‪ ،1924‬ولكن‬ ‫ا�ستخدام هذا املطلح بد أا قبل ذلك‪ ،‬وحتديد ًا‬ ‫يف ال �ع��ام ‪ 1917‬وذل���ك ع �ن��دم��ا ا�ستخدمه‬ ‫ال�ساعر والكاتب امل�سرحي الفرن�سي جيلوم‬ ‫اأبولينري يف النغمات املو�سيقية لربنامج رق�س‬ ‫الباليه «ا�ستعرا�س»‪ ،‬وك��ان��ت ال�سريالية يف‬ ‫البداية حركة اأدبية متحالفة مع حركة دادا‬ ‫«ال��دادائ��ي��ة»‪ ،‬وظ �ه��رت ر�سميا ع��ام ‪،1924‬‬ ‫عندما و�سع ال�ساعر الكاتب اأندريه بريتون ما‬ ‫يعرف ب� «البيان الر�سمي لل�سريالية» ون�سح‬ ‫من خالله الفنانني اكت�ساف عقلهم الباطن‬ ‫لبتداع الفن‪ ،‬ولقد اأ�سبحت ال�سريالية حركة‬ ‫عاملية وفكرية و�سيا�سية‪ ،‬ت�اأث��ر بها بريتون‬ ‫الأخ���س��ائ��ي النف�سي امل�ت�م��ر���س‪ ،‬وال���س�ع��راء‬ ‫مثل لوي�س اأراغ��ون وب��ول اإل��وارد‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫ال�ن�ظ��ري��ات النف�سية وال��درا� �س��ات املتعلقة‬ ‫ب��الأح��الم ال �ت��ي ق��ام ب�ه��ا �سيجموند ف��روي��د‬ ‫والأف� �ك ��ار ال�سيا�سية ال �ت��ي ن ��ادى ب�ه��ا ك��ارل‬ ‫مارك�س‪.‬‬ ‫تت�سارك ال�سريالية الكثري من الالعقالنية‬ ‫ال� �ت ��ي ت �ت �� �س��م ب �ه��ا ال� ��دادائ � �ي� ��ة‪ ،‬ف�ن�ظ��م‬ ‫ال���س��ري��ال�ي��ون الأ�� �س ��الء امل �ت �ح��درون يف‬ ‫اأغلبهم من باري�س‪ ،‬عرب اأن�سطة جماعية‬ ‫كا�سرتاحة م��ن الأو� �س��اع ال�سيا�سية‬ ‫العنيفة التي كانت �سائدة للتخفيف‬ ‫من حدة ال�سكوك التي �ساورتهم يف‬ ‫العامل ككل حينذاك‪ ،‬ثم كان نتاج‬ ‫اأع�م��ال�ه��م غ��ري م �األ��وف لأب�ع��د حد‬ ‫يف اأحيان كثرية‪ ،‬ولقد بداأ ينظر‬ ‫اإىل ال�سريالية على اأنها احلركة‬ ‫الأك ��رث ت �اأث��ري ًا يف ف�ن��ون القرن‬ ‫ال�ع���س��ري��ن‪ ،‬ح�ي��ث مل يقت�سر‬ ‫وجود �سخ�سيات مثل �سلفادور‬ ‫دايل‪ ،‬ومان راي‪ ،‬على اإحداث‬ ‫ت �اأث��ري ه��ائ��ل ع�ل��ى ه��ذا الفن‬ ‫الرائد‪ ،‬بل متكن العديدون من‬ ‫جعل احلركة معروفة على نطاق‬ ‫وا� �س��ع م��ن خ��الل اأع �م��ال جتارية‬

‫يف املو�سة والت�سوير الفوتوغرايف والدعاية‬ ‫والإعالن والأفالم‪.‬‬ ‫تال�ست احلركة ال�سريالية يف اأوروبا مع اندلع‬ ‫احلرب العاملية الثانية على الرغم من جذورها‬ ‫يف فرن�سا‪ ،‬اإل اأن هجرة العديد من ال�سرياليني‬ ‫اإىل الوليات املتحدة خالل تلك الفرتة اأتاحت‬ ‫لهم فر�سة ن�سر اأفكارهم على نطاق اأو�سع‪ ،‬فقد‬ ‫ترك العديدون مثل اإيرن�ست وما�سون اأوروب��ا‬ ‫متجهني اإىل ن�ي��وي��ورك حيث اأع ��ادت احلركة‬ ‫ال�سريالية اإحياء نف�سها‪.‬‬ ‫اأث��رت ال�سفات التي ات�سمت بها ال�سريالية‪،‬‬ ‫من تخيالت ورمزية عميقة وا�ستخدام تقنيات‬ ‫ال�ط��الء املنقحة والب�ت�ع��اد ع��ن التقاليد على‬ ‫الأج�ي��ال الالحقة من اأه��م الفنانني‪ ،‬كما اأن‬ ‫حافز ال�سرياليني لتحريك اجلانب الالواعي‬ ‫من العقل واهتماماتهم يف الأ�ساطري والبدائية‪،‬‬ ‫اأ�سهم با�ستمرار يف تاأثريها على اأطياف فنية‬ ‫اأخرى حتى اليوم‬

‫تلك العالمات املميزة‬ ‫يف فرن�شا كاملتاحف �شتكون‬ ‫يف الإمارات‪ ،‬من زاوية اأخرى‬ ‫هذا اأمر مثري لالهتمام‪،‬‬ ‫فكما تعر�س لوحات يف باري�س‬ ‫تعر�س يف اأبوظبي!‪ ..‬ولرمبا‬ ‫ياأتي الفرن�شيون اإىل زيارة‬ ‫اأبوظبي لي�شتك�شفوا اللوحات‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ويني‬ ‫مانديال ‪..‬‬ ‫شريكة‬ ‫النضال‬ ‫والحلم‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪126‬‬

‫كانت ظ ًال لليل اأمة‪ ،‬وظ ًال ل�سوت وقامة‪ ..‬كانت‬ ‫امراأة بلون احلق‪ ،‬بحجم الق�سية‪ ..‬كانت الوجه‬ ‫الذي هزم به�سا�سة البت�سامة‪ ،‬حقد ًا‪ ،‬جيو�س ًا‪،‬‬ ‫نظام ًا وتر�سانة‪!!..‬‬ ‫كانت تقيم بني �سجن و�سجن‪ ،‬وكانت تقيم يف‬ ‫�سجن و�سجن‪ ،‬وبني ال�سجنني كانت ترعى حقل‬ ‫اجلروح‪ ،‬وتُطعم َغده بع�س الأمل‪ ،‬ويف ال�سجنني‬ ‫كانت حتتار باأيهما تختار اأن تقيم اأو ًل‪ ،‬ففي‬ ‫الأول كانت تقيم الأم��ة الأه��ل‪ .‬ويف الثاين يقيم‬ ‫(الوطن) الرجل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الإن�سان الأرقى والأنقى‪ ،‬هو الأكرث خلودا وبقا ًء‬ ‫يف الأر�� ��س! اأم��ا ال���س��واد الأع �ظ��م فهم جمرد‬ ‫�سواد يف نظر �سريعة التميز العن�سري املقيتة‪،‬‬ ‫َك ُم من العبيد واخل��دم‪ ،‬املجردين من اأدميتهم‬ ‫واإن�سانيتهم‪ ،‬فهم لي�سوا اإل جمرد اآلت‪ ،‬وطاقات‬ ‫ت�ستخدم حني احلاجة وخارج زمن احلاجة اإليها‪،‬‬ ‫حيث تدخل امل�ساحات حيز التمييز والتحقري‬ ‫والتحييد والت�سغري‪ ،‬وحيز ال�سمت والعدم‪.‬‬ ‫ماليني الب�سر ال�سمر ممن ُيعمدُون �سواعدهم‬ ‫واأج�سادهم يومي ًا يف احل�ق��ول وامل��راف��ئ بعرق‬ ‫ال��رتاب‪ ،‬ويجيئون اإىل ه��ذه احلياة ويخرجون‬

‫منها‪ ،‬وهم جمرد اأرقام يف حمت�سدات‪.‬‬ ‫�سجن كب ٍري يحوي األ��ف باب‬ ‫اإنهم يعي�سون يف ٍ‬ ‫ً‬ ‫وب��اب‪ ،‬حيث يدخلونه �سباحا ويعودون اإليه يف‬ ‫امل�ساء بال قامات اأو األ�سنة اأو رقاب‪ ..‬اإنهم ماليني‬ ‫الن�ساء والرجال ممن يبقون من�سيني على هوام�س‬ ‫الدفاتر وال�سجالت‪ ،‬وعلى هوام�س خطب يف‬ ‫املنا�سبات‪ ،‬ويحيون يف وطن ي�سجلون فيه كل يوم‬ ‫يف حال غياب‪.‬‬ ‫حقوق �ساذة!‬ ‫اإنهم ن�ساء ورجال جنوب اأفريقيا الذين عاي�سوا‬ ‫واحدة من اأب�سع جتارب حياة (النخا�سة) يف ظل‬ ‫نظام عن�سري حت�سن وراء منظومة قانونية‬ ‫كر�ست للرجل الأبي�س حقوق ًا �ساذة ومنافية‬ ‫لالأدمية‪ ،‬وجعلت من ذوي الب�سرة ال�سمراء يف‬ ‫مراتب دونية ل يت�ساوون فيها حتى مع بع�س‬ ‫اأ�سناف احليوانات!‬ ‫اإنهم يعي�سون يف بلد مينع ال�سواطئ وامل�سابح على‬ ‫ال�سود والكالب ومينع املطاعم واملقاهي وامل�سارح‬ ‫ودور ال�سينما على ال�سود والدواب‪ ،‬حيث جمتمع‬ ‫ل يفتح اأح �ي��اءه و��س��وارع��ه‪ ،‬وقلبه وح�سنه اإل‬ ‫لالأبي�س‪ ،‬ول يدّخر جهد ًا لتحييد الأ�سود‪ ،‬وتقيده‬

‫بني ال�صحايف وال�صيا�صي‬ ‫مدين عامر‬ ‫اإعالمي جزائري‬

‫نظرا ً لرمزية دور ويني وح�صورها‪ ،‬فاإن النظام‬ ‫العن�رصي بجنوب اأفريقيا مل يبخل عليها باملالحقات‬ ‫والعتقال‪ ،‬والعزل عن النا�ض‪ ..‬فخطاباتها يف نظره كانت‬ ‫تنقل مر�صا ً خطريا ً اإىل الآخرين‪ ،‬هو وباء هواء احلرية الذي‬ ‫كانت تن�رصه باحتجاجات الرف�ض بالرق�ض والغناء‪ ،‬فيما‬ ‫لقبها املاليني من اأبناء �صعبها بـ(نومزامو) التي تعني يف‬ ‫اللغة (الأفريكانية) املراأة التي حتاول‬

‫داخل زنزانة وكيان اللون‪.‬‬ ‫اإنهم يعي�سون حيث يقيد دور الأ�سود وح�سوره يف‬ ‫حمت�سدات تهني اأدمية النا�س‪ ،‬تقيده يف مزارع‬ ‫ومراع وحقول ل يزيد فيها دوره عن دور وقيمته‬ ‫عن احليوان الذي يرعاه‪ ..‬حيث �سيا�سات الأذى‬ ‫والإق�ساء‪ ،‬حولت اأف��راد اأم��ة كاملة اإىل جمرد‬ ‫اأكوام من الب�سر‪ ،‬حيث مت�سي‪ ،‬وتتوقف‪ ،‬وتوقف‬ ‫بالنهي والأمر!‬ ‫الت�س ّبثبامل�ستحيل‬ ‫ورغ��م �سيا�سات الت�سييق واحل�سار والزدراء‬ ‫والحتقار‪ ،‬ومع وج��ود التغييب الق�سري ملاليني‬ ‫الب�سر ع��ن �ساحات وميادين �سناعة القرار‪،‬‬ ‫وحرمانهم من حقهم يف الختيار‪ ،‬اإل اأن الت�سبث‬ ‫بامل�ستحيل (باحلق) يف الإن�سانية كان مبداأهم‬ ‫باإ�سرار‪.‬‬ ‫يف جمتمع بهذه املقايي�س واملتاري�س واحلواجز‪،‬‬ ‫ا�ستلمت ال�سيدة ويني مانديال من الرجل الرمز‬ ‫نيل�سون مانديال القابع يف ال�سجن مهمة الإبقاء‬ ‫على جمرة التحرر م�ستعل ًة يف القلوب ومتقد ًة يف‬


‫‪127‬‬

‫ال�سمائر‪ ،‬ورغم احل�سار امل�سروب على حركتها‬ ‫و�سوتها‪ ،‬اإل اأنها ا�ستطاعت اأن متتد يف النا�س‬ ‫اأم ًال‪ ،‬ووجع ًا وحلم ًا بغد كانت تعد به (غد ًا)‪.‬‬ ‫بني اأحياء و�سوارع جوهان�سبورغ‪ ،‬ويف �ساحات‬ ‫وحمت�سدات �سويتو وبريتوريا وعلى هوام�س مدينة‬ ‫الكاب‪ ،‬كانت ال�سيدة ويني مانديال جتاور النا�س‬ ‫ومت�سي بينهم وت�سري معهم يف مواجهة كالب‬ ‫ودبابات النظام لرتفع حق الإن�سان الأ�سود وترافع‬ ‫عن احلق يف احلياة وامل�ساواة‪.‬‬ ‫احتجاجات راق�سة‬ ‫ونظر ًا لرمزية دوره��ا وح�سورها‪ ،‬ف�اإن النظام‬ ‫العن�سري مل يبخل عليها باملالحقات والعتقال‪،‬‬ ‫وعزلها عن النا�س‪ ..‬فخطاباتها يف نظره كانت‬ ‫تنقل م��ر��س� ًا خ �ط��ري ًا اإىل الآخ��ري��ن‪ ،‬ه��و وب��اء‬ ‫ه��واء احلرية ال��ذي كانت تن�سره باحتجاجات‬ ‫الرف�س بالرق�س والغناء‪ ،‬فيما لقبها املاليني‬ ‫من اأبناء �سعبها ب�(نومزامو) التي تعني يف اللغة‬ ‫(الأفريكانية) املراأة التي حتاول‪.‬‬ ‫ل �ق��د ظ �ل��ت حم � ��اولت وي �ن��ي م �� �س �ت �م��رة‪ ،‬رغ��م‬ ‫�سدمات احلياة و�سد النظام لها وت�سييقه على‬ ‫(اأح��الم�ه��ا)‪ ،‬فبعد اعتقال رفيق دربها ورفيق‬ ‫ن�سالها نيل�سون مانديال واإيداعه ال�سجن‪ ،‬حاولت‬ ‫اأن تكون رافد ًا ل�سوت الرجل الذي تُهربه كل يوم‬

‫من بني الق�سبان وتزرعه يف القلوب والأذهان‪.‬‬ ‫جنحت وي�ن��ي يف الإب �ق��اء على نيل�سون الرمز‬ ‫(اأم � ً�ال) حي ًا يف النا�س‪ ،‬و�سوت ًا يف احلناجر‪،‬‬ ‫و إا� �س��رار ًا يف ال�سدور وال�سواعد‪ ،‬ومعتقد ًا يف‬ ‫القلوب‪ ،‬ورمز ًا يف املحافل واملنابر‪ ،‬وظلت ويني‬ ‫تقاوم وتنا�سل عن ق�سية ال�سعب والزوج الوطن‪،‬‬ ‫حتى انهار النظام البغي�س ال��ذي تهاوى حتت‬ ‫ال�سرار اجلميل ل�سعب كان جدير ًا باحلياة‪.‬‬ ‫وظ �ه��رت دلل���ة ورم���ز ال �ن �ج��اح ب ��الإف ��راج عن‬ ‫(نيل�سون مانديال) يف فرباير ‪ 1990‬من جزيرة‬ ‫روب��ن‪ ،‬ليوا�سل مع ال��زوج��ة (الرفيقة) �سباق‬ ‫ال�سهور والأعوام الأخرية من عمر نظام التمييز‬ ‫العن�سري لبلوغ خط النهاية ال��ذي اأجن��ز فيه‬ ‫نيل�سون وويني حلم ال�سعب ب �اأن ي�سبح �سيد ًا‬ ‫لقراره ووطنه‪ ،‬واأن يعي�س يف جمتمع يكون فيه‬ ‫الإن�سان قرين ًا لالإن�سان‪ ،‬ولي�س عبد ًا ل��ه‪ ،‬واأن‬ ‫يت�ساوى النا�س يف اأدميتهم حقوقهم وواجباتهم‪.‬‬ ‫لقاء االأ�سطورة‬ ‫وحظيت ب�سرف ا�ستقبال وي�ن��ي ونيل�سون يف‬ ‫برنامج تلفزيوين بعد اأ�سابيع من حترير مانديال‪،‬‬ ‫وخروجه من ال�سجن‪ ،‬لال�ستفادة من درو�س وعرب‬

‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪3‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2011‬‬

‫التجربتني‪ ،‬وم��ن الإمي��ان الأ�سطوري‬ ‫الذي هزم مئات ال�سنوات من احلقد‬ ‫وال�سغينة والظلم‪.‬‬ ‫اأج��ل‪ ،‬اإن��ه الإمي ��ان ال��ذي تفوق‬ ‫فيه الأه��ازي��ج والأغ ��اين على‬ ‫اأ� �س��وات امل��داف��ع والقنابل‪،‬‬ ‫وجنح املت�سلحون به يف ك�سر‬ ‫امل�ت��اري����س واجل� ��دران التي‬ ‫بناها النظام العن�سري بني‬ ‫النا�س والنا�س‪.‬‬ ‫لقد اأربكني التاريخ عندما‬ ‫التقيتها‪ ،‬فقد كنت اأتعرث يف‬ ‫اأكوام الكالم‪ ،‬الذي ميكن اأن‬ ‫يقال يف هذا املجال لمراأة بهذا‬ ‫الزخم الأ�سطوري (املبهر) حد‬ ‫جالل الإكبار‪.‬‬ ‫وبعد دخ��ول ال�ستوديو وبينما كنت‬ ‫ت��ائ �ه � ًا يف ال �ب �ح��ث ع ��ن م �ف��ات �ي��ح ه��ذه‬ ‫ال�سخ�سية‪ ،‬بداأت ويني اللقاء «بعد حتية منها‬ ‫ومن نيل�سون» باحلديث عن ما حتتله اجلزائر من‬ ‫مكانة خا�سة يف قلب �سعبنا وتاريخنا و�سوارعنا‬ ‫وحاراتنا التي بها نتح�سن‪ ،‬وفيها ننا�سل»‪.‬‬ ‫قالت ويني‪ :‬اإن اجلزائر كانت راف��د ًا لأ�سواتنا‬

‫و�ساعد ًا لق�سيتنا‪ ،‬فيما قاطعها نيل�سون قائ ًال‪:‬‬ ‫اإن تدريبي الع�سكري كان هنا «اجلزائر» قبل اأن‬ ‫اأعود اإىل بالدي‪ ،‬واأكرب الدرو�س بعد تخ�س�ست‬ ‫يف املحاماة ا�ستوحيته من الق�سية اجلزائرية‪،‬‬ ‫التي علمتني اأنه ما �ساع حق وراءه مطالب‪.‬‬ ‫�سريكة احللم‬ ‫�ساألتها عن املهمة والدور الذي لعبته يف الإنابة عن‬ ‫نيل�سون بقيادة اجلماهري اأثناء احل�سد لق�سيتها‪،‬‬ ‫وما دفع بها اإىل ال�ساحات وامليادين يف الداخل‬ ‫ويف اخل��ارج‪ ،‬فاأجابت بتوا�سع يجلله اخلجل‪:‬‬ ‫اأنا مل اأنب عنه لأنه مل يغب عن اأذه��ان النا�س‪،‬‬ ‫اإذ كان الأطفال والرجال والن�ساء (الغيتوهات)‬ ‫واملحت�سدات ي�سرون على مناداتي با�سمه (لي�س‬ ‫لكوين قرينته) بل لأين �سريكته يف احللم‪.‬‬ ‫واأ��س��اف��ت وي�ن��ي‪ :‬ك��ان النا�س يعيدون �سياغة‬ ‫تفا�سيل احللم كما ن�سج نيل�سون األوانه‪ ،‬وكانوا‬ ‫يحلمون برفع قاماتهم التي اأجربها الذل والظلم‬ ‫على النحناء‪ ،‬وبالبيت كالذي ي�سكنه الأبي�س‪،‬‬ ‫وامل�سبح الذي يرتاده الأبي�س‪ ،‬واخلبز الأبي�س‬ ‫ال��ذي ياأكله الأب�ي����س‪ ..‬لقد كانوا يحلمون بغد‬ ‫اأبي�س تلغي �سم�سه م�سافات الألوان التي باعدت‬ ‫بني الإن�سان والإن�سان‪.‬‬

‫واأردف��ت يف اللقاء‪ :‬لقد حر�س نيل�سون من وراء‬ ‫الق�سبان على اإبقاء احللم ومده بطاقة ال�سرب‬ ‫والإمي��ان حتى ل يذ ُبل‪ ،‬ولكي ل تكف احلناجر‬ ‫ع��ن الغناء‪ ،‬ول جت��ف م�ساتل الأط �ف��ال‪ ،‬وحتى‬ ‫يظل الطفل حممو ًل على ال�سواعد والأكتاف ويف‬ ‫الأكف‪.‬‬ ‫هكذا كانت ويني امل��راأة والرمز والوطن والأم‬ ‫والأم��ة والق�سية واحل��ري��ة قبل اأن تدخل دورة‬ ‫أاخ��رى من الزمن‪ ،‬حني ُ�سوهت ال�سورة ولطخ‬ ‫ال�سم بعد اأن �ساع و�ساد باأنها كانت موؤ�س�سة ظلم‬ ‫وف�ساد‪ ،‬واإن على نطاق �سيق اأو ل يكاد‪.‬‬ ‫اأجل‪ ،‬اإنه قدر الأ�سماء الكبرية التي ترقى اإىل حد‬ ‫وحجم الق�سية‪ ،‬لذلك فاإن الذين يرفعون عالي ًا‪،‬‬ ‫ويرف�سون ال�ق��رارات الفردية بالنزول الإرادي‬ ‫الفردي‪ ،‬واأم��ا انف�سالها عن نيل�سون احلكيم‪،‬‬ ‫فك ّر�س القناعة عند الآخرين ممن كانوا يف خانة‬ ‫ال�سك حتى (حني)!‬ ‫وان كان انف�سالها عن نيل�سون يف نظر البع�س‬ ‫خروج ًا من خانة (الأم) الأ�سطورة‪ ،‬وخروج ًا‬ ‫من روح الأم��ة‪ ،‬اإل اأنها بالن�سبة لآخرين تظل‬ ‫لون حلم النا�س‪ ،‬وال�سيدة التي ن�سجت من وهج‬ ‫الوجع وحبات الدمع‪ ،‬األوان راية ترفع اليوم بكل‬ ‫ال�سواعد‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اختلط فيه‬ ‫القومي بالوطني‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫اأرواح‬ ‫يف املهب‬

‫‪128‬‬

‫إعالمنا المرئي‪..‬‬ ‫بني عبور احلدود واالكتفاء باملحلي‬

‫د‪ .‬نا�رص اجليالين‬

‫كاتب م�رصي مقيم يف اإيطاليا‬

‫�صادت الف�صائيات‪ ،‬واأ�صبح مذيعو‬ ‫الربامج احلوارية فيها ل يقلون اأهمية‬ ‫عن روؤ�صاء حترير ال�صحف اليومية‪،‬‬ ‫وانت�رصت الثقافة املرئية امل�صموعة‬ ‫على ثقافة القراءة‪ ،‬وانت�رص منوذج‬ ‫الإعالم العابر للحدود‪ ،‬لكن ذلك ل‬ ‫يبدو اأنه نهاية الطريق‪.‬‬ ‫مبرور الوقت انتبه القائمون على‬ ‫الإعالم العربي العابر للحدود الوطنية‬ ‫اإىل وجود م�صكلة بداأت يف التفاقم‪،‬‬

‫بل وبداأت تك�سف وجه ًا مهم ًا من اأوجه الق�سور‬ ‫يف هذا الإع��الم‪ ،‬األ وهي م�سكلة كيفية تناول‬ ‫الق�سايا املحلية‪ ،‬بل وتوفري امل�ساحة الكافية‬ ‫لها‪ ،‬ثم ق�سية توقيت البث التي فر�ست نف�سها‬ ‫على القنوات الف�سائية العربية اأكرث من غريها‪،‬‬ ‫وف��وق كل �سيء ق�سية حتديد اجلمهور الذي‬ ‫�سيتوجه اإليه الإعالن‪.‬‬

‫�سحيح اأن هذه الربامج مل تقدم اأي جديد من‬ ‫حيث ال�سكل اأو امل�سمون‪ ،‬غري اأنها اأف�سحت‬ ‫م�ساحة كبرية ملناق�سة ق�سايا الداخل امل�سري‬ ‫بقدر كبري من احلرية والعمق‪.‬‬ ‫لقد اأظ�ه��رت ه��ذه التجربة م��دى احلاجة اإىل‬ ‫الرتاجع باجتاه الداخل‪ ،‬فلم يعد عبور احلدود‬ ‫الوطنية هدف ًا براق ًا بالن�سبة لوا�سعي اخلطط‬ ‫الإع��الم�ي��ة‪ ،‬وخا�سة بالن�سبة لإع��الم القطاع‬ ‫اخلا�س الذي يرتبط ممولوه بح�سابات حمل ّية‬ ‫داخلية‪ ،‬اأك��رث مما يعنيهم حتقيق مدى اأو�سع‬ ‫م��ن الن �ت �� �س��ار ب��ني اجل �م �ه��ور ال �ع��رب��ي ع��ام��ة‪،‬‬ ‫وبا�ستثناء القوة الناعمة التي يحققها التوجه‬ ‫اإىل خ� ��ارج احل� ��دود ال��وط �ن �ي��ة ع �ل��ى م�ستوى‬

‫�صعار ام بي �صي اك�صن‬

‫�صعار قناة اأبوظبي‬

‫«البيت بيتك»‬ ‫وق��د ب��داأت اإره��ا��س��ات ه��ذا التحول م��ع جناح‬ ‫برنامج» البيت بيتك» على الف�سائية امل�سرية‪،‬‬ ‫وما تاله من جناح لربناجمي ت�سعني دقيقة على‬ ‫قناة املحور‪ ،‬والعا�سرة م�ساء على قناة درمي‪،‬‬


‫ال�سيا�سة اخلارجية‪ ،‬وخا�سة يف جمال‬ ‫العالقات العربية‪-‬العربية‪ ،‬ل يبدو‬ ‫اأن هذا التوجه م�ستمر يف احلفاظ‬ ‫على الربيق الذي كان له مع بدايات‬ ‫القرن اجلاري‪.‬‬ ‫لقد اأقبل املعلنون على الربامج التي‬ ‫تناق�س ال�ساأن الداخلي خماطبني‬ ‫جمهور ًا حمدد ًا ووا�سح ًا‪ ،‬وانح�سر‬ ‫املعلنون الراغبون يف الإع��الن على‬ ‫القنوات ذات التوجه العربي العابر‬ ‫ل�ل�ح��دود الوطنية يف ع��دد حم��دود‬ ‫من ال�سركات العاملية الكربى التي‬ ‫تبيع منتجاتها اإىل �سائر اجلمهور‬ ‫ال �ع��رب��ي ك�ب�ي�ب���س��ي‪ ،‬وك��وك��ا ك��ول‪،‬‬ ‫وماكدونالد‪ ،‬اأما ال�سركات التي تبيع‬ ‫منتجاتها داخل اأقطار عربية بعينها‬ ‫فقد ف�سلت القنوات الف�سائية التي‬ ‫تخاطب جمهورها ب�سكل خا�س‪ ،‬وهو ما‬ ‫دفع باجتاه العودة اإىل الداخل الوطني‪.‬‬

‫بداأت اإرها�شات التحول نحو التعامل‬ ‫مع الق�شايا املحلية مع جناح برنامج‬ ‫«البيت بيتك» على الف�شائية امل�شرية‪،‬‬ ‫وما تاله من جناح لربناجمي «ت�شعني‬ ‫دقيقة» على قناة املحور‪ ،‬و«العا�شرة‬ ‫م�شاء» على قناة درمي‪� ،‬شحيح اأن هذه‬ ‫الربامج مل تقدم اأي جديد من حيث‬ ‫ال�شكل اأو امل�شمون‪ ،‬غري اأنها اأف�شحت‬ ‫م�شاحة كبرية ملناق�شة ق�شايا الداخل‬ ‫امل�شري بقدر كبري من احلرية والعمق‬

‫وبيئية ح��ول الع�سوائيات يف القاهرة‪،‬‬ ‫و�سبل اإ�سالحها‪ ،‬كنت اأعلم تفا�سيل‬ ‫امل �اأ� �س��اة اخل��ا��س��ة ب�ساكنى امل�ق��اب��ر‪،‬‬ ‫وكنت ق��د اأدرك ��ت م��ن خ��الل زي��ارات��ي‬ ‫اإىل بلدان خمتلفة اإ�سالمية واأوروبية‪،‬‬ ‫اأن مقابر م�سر ل ت�سبه مثيالتها من‬ ‫حيث اأن�ه��ا حتتوي على فناء للزيارة‬ ‫وغ��رف للدفن‪ ،‬وغ��رف اأخ��رى لإقامة‬ ‫زائري املقربة الذين يح�سرون اإليها يف‬ ‫الذكرى الأربعني للوفاة ويف غريها من‬ ‫املنا�سبات‪ ،‬وما يلزم لهوؤلء الزائرين‬ ‫م��ن ح �م��ام��ات‪ ،‬وه ��و م��ا ل ع��الق��ة له‬ ‫مبقابر غري امل�سريني‪ .‬كما اأن عطف‬ ‫الأغ �ن �ي��اء م��ن اأ� �س �ح��اب ه��ذه املقابر‬ ‫على الفقراء وال�سماح لهم بالإقامة‬ ‫فيها كان قد مت يف اإطار اأحداث مفجعة‬ ‫يف التاريخ امل�سري‪ ،‬ب��داأت بهزمية �سبعة‬ ‫و�ستني وتهجري �سكان م��دن القنال‪ ،‬وم��رور ًا‬ ‫باأزمة اإ�سكان ال�سبعينيات التي رافقتها موجة‬ ‫نزوح كبرية من الريف اإىل املدينة‪ ،‬و�سو ًل اإىل‬ ‫مت�سرري الزلزال‪ ،‬يف وقت عجزت فيه الدولة‬ ‫عن القيام بدورها اأو تراخت عن القيام به‪.‬‬

‫امل�ساعر القبلية‬ ‫ل �سك اأنه كان �سعور ًا رائع ًا ذلك الذي كنا ن�سعر‬ ‫به كاإعالميني ت�سل ر�سائلنا الإعالمية اإىل‬ ‫عموم ال�سعب العربي عرب القنوات الف�سائية‬ ‫العابرة للحدود الوطنية‪ ،‬فقد كان هناك خليط‬ ‫م��ن الن�سوة وع��بء امل�سوؤولية‪ ،‬لكن العقبات‬ ‫واملتاعب كانت هناك بانتظارنا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فامل�ساعر القبلية‪ ،‬التي م��ا زال��ت ج ��زءا من‬ ‫العقل العربي يف كل مكان‪ ،‬طرحت عائق ًا من‬ ‫احل�سا�سية والكرامة الوطنية ال�سكلية‪ ،‬بد ًل من‬ ‫حتمل امل�سوؤولية جتاه الوطن بوعي ون�سج‪ ،‬ووقع‬ ‫هذا العبء على اأكتاف جيلنا من الإعالميني‬

‫الذين ت�سادف وجودهم يف القنوات الف�سائية‬ ‫حني انفتحت ال�سماوات لها‪.‬‬ ‫واأذكر اأنني مع بداية عملي يف برنامج «اأبرياء»‬ ‫كنت اأ��س��اه��د قناة فرن�سية تعر�س برناجم ًا‬ ‫وثائقي ًا حول م�سر‪ ،‬وهالني ما قدّمه الربنامج‬ ‫عن �سكان املقابر يف القاهرة‪ ..‬ك��ان املرا�سل‬ ‫عل ملنطقة املقابر‬ ‫الفرن�سي يعر�س �سور ًا من ٍ‬ ‫املتاخمة ملنطقة القاهرة الفاطمية‪ ،‬وهو يخلط‬ ‫اأ� �س��وات الآذان مبو�سيقى حزينة‪ ،‬ويتحدث‬ ‫عن م�سريني ينامون يف اأح�سان اجلثث‪ ،‬مل‬ ‫اأمن ليلتي‪ ،‬فقد اآملني خلط احلقائق يف ذلك‬ ‫الربنامج الوثائقي‪.‬‬ ‫كنت اأعلم من خالل درا�ستي يف كلية الفنون‬ ‫اجلميلة حيث كنا نقوم بعمل م�ساريع معمارية‬

‫الغ�سيل الو�سخ‬ ‫وانطالق ًا من اإح�سا�سي بامل�سوؤولية ق��ررت اأن‬ ‫اأتناول املو�سوع �سمن برنامج اأبرياء‪ ،‬اأردت اأن‬ ‫اأ�سرح الأ�سباب وراء ولدة امل�سكلة‪ ،‬واأن اأو�سح‬ ‫طبيعة املقربة امل�سرية التي هي فرعونية قبل‬ ‫اأن تكون اإ�سالمية اأو م�سيحية مما جعلها مكان ًا‬ ‫قاب ًال لإيواء الب�سر‪ ،‬ولعلمي بح�سا�سية املو�سوع‪،‬‬ ‫فقد عر�سته يف احلد الأدنى من الوقت �سمن‬ ‫حلقة عن م�سكالت القاهرة‪ ،‬ت�سمنت ازدحام‬

‫�صعار برنامج العا�رصة م�صاءا ً‬

‫�صعار برنامج البيت بيتك‬

‫�صعار قناة ام بي �صي‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫املرور والع�سوائيات والتلوث‪ ،‬وحر�س ًا مني على‬ ‫خلق م�ساحة من الأمل فقد عر�ست جتربة املدن‬ ‫اجلديدة املحيطة بالقاهرة ب�سكل اإيجابي رمبا‬ ‫اأكرث مما هي احلقيقة‪.‬‬ ‫كنت اأعمل على احللقة وبداخلي حر�س �سديد‬ ‫على اأن ل اأ�ستفز احل�سا�سية الوطنية ال�سكلية‬ ‫اأو ما اأ�سفه اأن��ا بامل�ساعر القبلية‪ ،‬واأن اأدف��ع‬ ‫امل�ساهد للتعاطف م��ع امل�سكلة والبحث معي‬ ‫ع��ن احل��ل ب��داف��ع وط�ن��ي‪ ،‬ورغ��م ك��ل ذل��ك فقد‬ ‫كان رد فعل اجلمهور هو ال�سدمة‪ ،‬وقد مل�ست‬ ‫ذل��ك ب�سكل وا� �س��ح م��ا ب��ني زم��الئ��ي يف قناة‬ ‫اأبوظبي من الإعالميني امل�سريني‪ ،‬مل يتعاطف‬ ‫اأح��د منهم‪ ،‬واجل�م�ي��ع ك��ان��وا �ساخطني‪ ،‬لكن‬ ‫مب�ستويات تدرجت ما بني رف�س تناول الفكرة‬ ‫على قناة غري م�سرية انطالق ًا من مبداأ عدم‬ ‫ف�سح م�سر خ��ارج ح��دود م�سر!! وبني رف�س‬ ‫تناول الفكرة اأ�س ًال باعتبارها ن�سر ًا ل� «غ�سيلنا‬ ‫ال��و��س��خ»‪ ،‬البع�س اتهمني ب�اإ��س��اءة الت�سرف‬ ‫والبع�س الآخر اعتربين خائن ًا !!‪.‬‬ ‫لقد اأو�سحت يل هذه التجربة �سعوبة الأجواء‬

‫ل �شك اأنه كان �شعوراً رائعاً ذلك‬ ‫الذي كنا ن�شعر به كاإعالميني‬ ‫ت�شل ر�شائلنا الإعالمية اإىل‬ ‫عموم ال�شعب العربي عرب‬ ‫القنوات الف�شائية العابرة‬ ‫للحدود الوطنية‪ ،‬فقد كان‬ ‫هناك خليط من الن�شوة وعبء‬ ‫امل�شوؤولية‪ ،‬لكن العقبات‬ ‫واملتاعب كانت هناك بانتظارنا‬

‫اأرواح‬ ‫يف املهب‬

‫‪130‬‬

‫الفل�سطينية يف لبنان‪ ،‬ودون النظر ب�سكل واقعي‬ ‫اإىل ح��دود انت�سار كل من اللهجتني يف نطاق‬ ‫اجلمهور العربي ب�سكل عام‪.‬‬

‫خريي رم�صان‬

‫التي يجب علينا كاإعالميني اأن نعمل فيها‪،‬‬ ‫فاحل�سا�سية التي يعتربها البع�س وطنية تخلق‬ ‫ردود فعل غ��ري عقالنية تعوق اإدراك الواقع‬ ‫ون�ق��ده واإ� �س��الح��ه‪ ،‬يف ح��ني ل ت�ع��دو اأن تكون‬ ‫تع�سب ًا بدائي ًا ل عالقة له ل باإدراك الواقع ول‬ ‫بنقده‪ ،‬ناهيك عن العمل على اإ�سالحه‪.‬‬ ‫اللهجات والف�سحى‬ ‫وعندما انتهيت من العمل على حلقة ق��وارب‬ ‫امل��وت حول الهجرة غري ال�سرعية من املغرب‬ ‫اإىل اإ�سبانيا واجهت حقيقة �سعوبة فهم العامية‬ ‫امل�غ��رب�ي��ة بالن�سبة للكثريين م��ن ال�ع��رب‬ ‫امل�سارقة‪ ،‬كنت �سخ�سي ًا اأفهم اللهجة‬ ‫املغربية واأحب طريقة نطقها‪ ،‬واأجدها‬ ‫عربية ذات طابع بدوي لكن اأكرث حلن ًا‬ ‫ونعومة من اللهجات اخلليجية‪ ،‬لكن‬ ‫ومع مالحظتي اأن اأغلب العاملني يف‬ ‫املونتاج مل يفهموا اأق��وال الفالحني‬ ‫املغاربة‪ ،‬ق��ررت اأن اأ�سيف ترجمة‬ ‫من اللهجة املغربية اإىل اللغة العربية‬ ‫الف�سحى مكتوبة اأ�سفل ال�سا�سة‬ ‫ح�ت��ى ل اأف �ق��د م��ن اجل �م �ه��ور من‬ ‫ي�سعب عليهم فهمها‪.‬‬ ‫وم��رة اأخ ��رى حت�سر احل�سا�سية‬ ‫ال �ق �ب �ل �ي��ة‪ ،‬وي �غ �� �س��ب اأ� �س��دق��ائ��ي‬ ‫املغاربة لأنني وفرت هذه الرتجمة‬ ‫اإىل الف�سحى بالن�سبة لأق��وال‬ ‫العامة باللهجة املغربية‪ ،‬بينما مل‬ ‫اأوفرها لأقوال نظرائهم املتحدثني‬ ‫باللهجة اللبنانية قي حلقة املخيمات‬

‫�ساعة الذروة‬ ‫ك��ان حتديد �ساعة ال ��ذروة ه��و الآخ ��ر م�سكلة‬ ‫ع�س ّية على احل��ل بالن�سبة للقنوات العابرة‬ ‫ل�ل�ح��دود ال��وط�ن�ي��ة‪ ،‬ف��ال�ف��ارق يف التوقيت بني‬ ‫اأب��وظ�ب��ي يف اأق�سى امل�سرق العربي واململكة‬ ‫املغربية يف اأق�سى غرب العامل العربي يبلغ اأربع‬ ‫�ساعات‪ ،‬وهو ما يعني انتهاء اليوم يف اأبوظبي‬ ‫يف حني يبداأ وقت الذروة يف اجلزائر واملغرب‪،‬‬ ‫فكيف �سنقوم بتوزيع اخلريطة الرباجمية‪ ،‬وهل‬ ‫�سن�سحي بجمهور املغرب يف الوقت الذي نطمح‬ ‫فيه لنت�سار عربي وا�سع اأم �سنتخلى عن جمهور‬ ‫اخلليج؟‬ ‫فيما بعد مت اتخاذ قرار ببث اأبوظبي زائد اثنني‪،‬‬ ‫وهي قناة تعيد بث القناة الأ�سلية متاأخر ًة عنها‬ ‫ب�ساعتني‪ ،‬وقد اأثبت هذا احلل ج��دواه خا�سة‬ ‫عند اإذاع ��ة امل�سل�سالت وحلقات التحقيقات‬ ‫الوثائقية‪ ،‬اأما يف حالة الأخبار فقد جلاأت قناة‬ ‫اجلزيرة اإىل تخ�سي�س ف��رتة لأخبار املغرب‬ ‫العربي ت��ذاع يف وق��ت متاأخر بالن�سبة لتوقيت‬ ‫قطر‪ ،‬لكنه يبقى وقت الذروة يف املغرب‪.‬‬ ‫املزيد من التخ�س�س‬ ‫كانت جمموعة ال� اآي اأر تي قد قادت التوجه نحو‬ ‫التخ�س�س‪ ،‬فابتدعت قناة خا�سة بالأفالم‪،‬‬ ‫واأخ��رى بالريا�سة‪ ،‬وثالثة لالأغاين‪ ،‬و�سرعان‬ ‫ما انت�سرت الفكرة‪ ،‬فظهرت قنوات لالأطفال‪،‬‬ ‫وق �ن��وات دينية واأخ���رى تعليمية‪ ،‬ب��ل وق�ن��وات‬ ‫خم�س�سة بالكامل للكوميديا من برامج فكاهية‬ ‫وم�سرحيات م�سحكة‪ ،‬وتقل�ست القنوات العامة‬ ‫اإىل ع��دد حم��دود بالن�سبة لإج�م��ايل القنوات‬ ‫الناطقة بالعربية‪ ،‬وك��ان ه��ذا التخ�س�س قد‬ ‫تعمق اأك��رث قي جم��ال املجالت ال��دوري��ة‪ ،‬ولعل‬ ‫ظهور جملة تني ا�سطاف هي اأك��رب دليل على‬ ‫جت��ذر الظاهرة‪ ،‬حيث قدمت ه��ذه املجلة لغة‬ ‫�سبابية واإخراج ًا فني ًا �سبابي ًا تنفذه اأيدي �سابة‬ ‫للقراء من ال�سباب متمردة على العديد من‬ ‫التقاليد ال�سحافية التي كانت تبدو را�سخة‪،‬‬ ‫وكان اللجوء اإىل اللهجة العامية يف الكتابة يعمل‬ ‫يف واقع الأم��ر باجتاه النكما�س داخل احلدود‬ ‫الوطنية‪ ،‬بل واأح�ي��ان� ًا داخ��ل طبقة معينة‪ ،‬اأو‬


‫جمموعة حمددة من اجلماعة الوطنية‪.‬‬ ‫الثورات العابرة للحدود‬ ‫اأذكر اأنني كنت يف البحرين يف �سيافة الزميل‬ ‫الكاتب ال�سحايف ب�سام الزوادي‪ ،‬وكنا نتحدث‬ ‫ع��ن الأو� �س��اع ال�سيئة ال�ت��ي مي��ر بها املجتمع‬ ‫العربي‪ ،‬وفوجئت به ي�ساألني‪ :‬متى �ستتحركون‬ ‫يف م�سر؟ واأردف نحن يف اأنحاء العامل العربي‬ ‫ننتظر اأن تتحركوا كي نتحرك!!‬ ‫كان ال�سمت ال��ذي كان يحلو للرئي�س ال�سابق‬ ‫مبارك و�سفه بال�ستقرار يخفي رف�س ًا وغ�سب ًا‬ ‫�سعبي ًا ينتظر اإ�سارة البدء كي يتحرك‪ ،‬وعندما‬ ‫ب��داأ الدكتور الربادعي دعمه للجبهة الوطنية‬ ‫للتغيري وزاد ن�ساط حركة كفاية‪ ،‬كان وا�سح ًا‬ ‫بالن�سبة يل اأن �سيئ ًا ما �سيحدث‪ ،‬لكن ماهيته ما‬ ‫تزال غام�سة‪ ،‬وبينما كانت جموع املثقفني حتلم‬ ‫بالتغيري كانت طوابري امل�ستفيدين من الو�سع‬ ‫ترتب�س وحتاول خنق اأية حماولة للتعبري‪ ،‬حتى‬ ‫و�سل الأم��ر بنظام مبارك اإىل ال�سغط على‬ ‫ال�سلطات الكويتية كي تقوم برتحيل جمموعة‬ ‫من امل�سريني اإىل القاهرة ب�سكل غري اإن�ساين‬ ‫وم��ن دون منحهم الوقت جلمع حاجياتهم اأو‬ ‫�سحب اأموالهم من البنوك‪ ،‬ل ل�سيء اإل لأنهم‬ ‫قرروا عقد اجتماع ملوؤازرة الدكتور الربادعي‪.‬‬ ‫انفجرت تون�س بعد ذلك ب�سكل مفاجئ لت�سبق‬ ‫م�سر يف اإ�سقاط نظامها البولي�سي‪ ،‬و�سرعان‬ ‫ما هزت م�سر العامل يف توقيت بالغ احل�سا�سية‬ ‫بثورتها التي ت�سدرت اأخبارها و�سائل الإعالم‬ ‫عرب العامل‪ ،‬وبدا اأن التاأثري لن يقف عند حدود‬ ‫العامل العربي‪ ،‬وت��رددت فكرة اإمكانية انت�سار‬ ‫ال �ث��ورة‪ ،‬الأم��ر ال��ذي فر�س نف�سه على تعامل‬ ‫الإعالم العربي الر�سمي ككل مع الربيع العربي‬ ‫واأح��داث��ه‪ ،‬ف��زاد م��ن جرعة الرتفيه‪ ،‬واأعطى‬ ‫ال�ساأن الداخلي م�ساحة اأكرب‪ ،‬يف حماولة للحد‬ ‫من التاأثري الثوري القادم مما وراء احل��دود‪،‬‬ ‫وهو ما كان كافي ًا ملزيد من العزلة والنكما�س‪،‬‬ ‫وتراجع الإعالم العابر للحدود الوطنية‪.‬‬ ‫لكن اأداء الإع���الم الر�سمي امل���س��ري خالل‬ ‫الثورة‪ ،‬وت��ردده بل واإخفاءه احلقائق يف بع�س‬ ‫مراحل تلك ال�ث��ورة قد اأ��س��اب م�سداقيته يف‬ ‫ال�سميم‪ ،‬حتى و�سف البع�س كبار الإعالميني‬ ‫امل�سريني باأنهم �سحرة فرعون الذين ي�ساعدونه‬ ‫على خداع النا�س‪ ،‬وقد �سب هذا الأداء ال�سيئ‬

‫منى ال�صاذيل‬

‫يف م�سلحة القنوات العابرة للحدود الوطنية‪،‬‬ ‫فقد تابع النا�س قناة اجلزيرة‪ ،‬وقناة ال� بي بي‬ ‫�سي العربية‪ ،‬وقارنوا بني ما تبثه هذه القنوات‬ ‫وبني ما تبثه القنوات امل�سرية الر�سمية‪ ،‬مما‬ ‫حدا باأحد اأ�سدقائي وهو من القاطنني قرب‬ ‫ميدان التحرير بالقاهرة لأن يقول‪ :‬كنت اأ�ساهد‬ ‫الف�سائية امل�سرية فاأجد ال�سوارع خالية‪ ،‬ثم‬ ‫اأنظر من النافذة فاأجد النا�س كلهم يف ال�سارع‪،‬‬ ‫فبداأت اأقلب بني القنوات بحث ًا عن احلقيقة‪ ،‬اأنا‬ ‫ل اأعتقد اأننا �سن�ستغني عن م�ساهدة القنوات‬ ‫غ��ري امل�سرية بعد الآن‪ ،‬حتى ول��و مل‬ ‫يعجبنا اأداءه��ا يف بع�س الأحيان‪،‬‬ ‫فالتوازن بني قنوات متعددة ومن‬ ‫ال �ب �ل��دان ال�ع��رب�ي��ة املختلفة اأم��ر‬ ‫اإي �ج��اب��ي ي���س��ب يف م�سلحتنا‬ ‫جميع ًا‪.‬‬ ‫ما بعد الربيع العربي‬ ‫من الوا�سح اأن الإعالم العربي‬ ‫ال �ع��اب��ر ل �ل �ح��دود ال��وط�ن�ي��ة قد‬ ‫ا�ستعاد �سرعيته واأهميته خالل‬ ‫ال��رب�ي��ع ال�ع��رب��ي‪ ،‬لكن ات�ساع‬ ‫ن �ط��اق ا� �س �ت �خ��دام الإع� ��الم‬ ‫اجلديد من مواقع اإلكرتونية‬ ‫وغ ��رف ال �� �س��ات‪ ،‬وا�ستقبال‬ ‫الأخ� � �ب � ��ار ع� ��رب � �س �ف �ح��ات‬ ‫الفي�سبوك قد فر�س عام ًال‬ ‫جديد ًا على معادلة الإعالم‬ ‫ال �ع��رب��ي امل �ع��ا� �س��ر‪ .‬ك �م��ا اأن‬ ‫ظهور املزيد من و�سائل الإعالم‬

‫امل�ستقلة يف م�سر وتون�س �سيفر�س هو الآخر‬ ‫تغريات دراماتيكية على ال�ساحة الإعالمية‪،‬‬ ‫فهناك جيل جديد من امل�ستهلكني مل يعد ير�سى‬ ‫بدور املتلقي ال�سلبي الذي تفر�سه عليه و�سائل‬ ‫الإع���الم التقليدية‪ ..‬جيل ي��ري��د اأن ي�سارك‬ ‫ويتفاعل مع الأخبار والأح��داث‪ ،‬ومل يعد يكفيه‬ ‫�سرائط الر�سائل الق�سرية التي تعر�سها بع�س‬ ‫القنوات اأ�سفل ال�سا�سة ليعرب عن راأي��ه‪ ،‬كما‬ ‫مل تعد تقنعه امل��داخ��الت الهاتفية التي تبدو‬ ‫معدة �سلف ًا قبل بث الربامج‪ ،‬ومل تعد ت�ستهويه‬ ‫املواقع الإخبارية الإلكرتونية التي ل تف�سح له‬ ‫املجال كي يقول وجهة نظره‪ ،‬وهو جيل �سيفر�س‬ ‫التغيري لي�س فقط يف ال�سارع ال�سيا�سي ولكن يف‬ ‫ال�سارع الإعالمي اأي�س ًا‪.‬‬ ‫وع�ن��دم��ا ان�ف�ج��رت ال �ث��ورة امل���س��ري��ة ق��ال يل‬ ‫�سديقي اأحمد حماد وهو دكتور مهند�س مهاجر‬ ‫اإىل كندا اإن��ه حزين لأن التغيري مل ي �اأت من‬ ‫جيلنا‪ ،‬فقلت له‪:‬ل تن�س اأن جيل ال�سباب تربى‬ ‫على ال�ب��ذور التي غر�سناها‪ ،‬ول��ول م�ساهمة‬ ‫ال�سادقني م ّنا ما جاء هذا اجليل‬

‫اأذكر اأنني مع بداية عملي يف‬ ‫برنامج «اأبرياء» كنت اأ�شاهد قناة‬ ‫فرن�شية تعر�س برناجماً وثائقياً‬ ‫حول م�شر‪ ،‬وهالني ما قدمه‬ ‫الربنامج عن �شكان املقابر يف القاهرة‪..‬‬ ‫كان املرا�شل الفرن�شي يعر�س �شوراً‬ ‫من علٍ ملنطقة املقابر املتاخمة ملنطقة‬ ‫القاهرة الفاطمية‪ ،‬وهو يخلط اأ�شوات‬ ‫الآذان مبو�شيقى حزينة‪ ،‬ويتحدث عن‬ ‫م�شريني ينامون يف اأح�شان اجلثث‪ ،‬مل‬ ‫اأمن ليلتي‪ ،‬فقد اآملني خلط احلقائق يف‬ ‫ذلك الربنامج الوثائقي‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫ا�صرتاتيجيات‬

‫‪132‬‬

‫تعتمد على م�شاهمة‬ ‫اجلالية من اأ�شل فل�شطيني‬ ‫واملعجزة القت�شادية‬

‫استراتيجية تشيلي‬ ‫اإلعالمية تجاه العرب‬

‫ح�صن ابراغ‬

‫‪ 1945‬عن طريق ال�ساعرة غابريال مي�سرتال‬ ‫‪ Gabriela Mistral‬و�سهدت �سنة ‪ 1970‬و�سول‬ ‫اأول رئي�س �سيوعي يف العامل للحكم بالنتخاب‬ ‫املبا�سر هو �سلفادور األيندي ‪Salvador Allende‬‬ ‫وكانت �سنة ‪ 2010‬اأول دولة من اأمريكا اجلنوبية‬ ‫تنظم ملنظمة التعاون القت�سادي‪ ،‬ويتوقع لها‬ ‫خ��رباء املنظمة اأن ت�سبح بعد عقد من الآن‬ ‫�سمن جمموعة الدول ال�سناعية‪.‬‬

‫مقاربة من ثلج ونار‪..‬‬

‫كاتب و�صحايف مغربي‬

‫اإن ت�صيلي دولة فريدة على اأكرث من �صعيد‪،‬‬ ‫فجغرافيا متتد يف �صكل �رصيط م�صتطيل‬ ‫يزيد طوله عن ‪ 4300‬كيلومرت‪ ،‬يف حني ل‬ ‫يتجاوز متو�صط عر�صه عن ‪ 200‬كيلومرت‬ ‫ميتد من �صحراء اأتاكاما اإىل القطب اجلنوبي‪،‬‬ ‫ويوجد بها ‪1300‬بركان وقمم �صاهقة يقارب‬ ‫ارتفاعها ‪ 7000‬مرت‪ ،‬و�صاحل يزيد طوله عن‬ ‫‪ 6500‬كيلومرت‪ ،‬وهي من الدول القليلة يف‬ ‫العامل التي توجد اأرا�صيها يف ثالث قارات‪.‬‬

‫فاجلزء الأك��رب من م�ساحة ت�سيلي يوجد بني‬ ‫�سل�سلة جبال الأنديز و�ساحل املحيط الهادي يف‬ ‫اأمريكا اجلنوبية‪ ،‬بينما تتبعها اثنتان من اأ�سهر‬ ‫جزر القارة الأقيانو�سية‪ ،‬وهما جزيرة اإي�سرت‬ ‫بتماثيلها الغام�سة وجزيرة خوان فريناندي�س‬ ‫التي عا�س بها روبن�سون ك��روزو‪ ،‬وتتبع �سيلي‬ ‫اأي�س ًا منطقة مهمة من اأرا�سي القارة القطبية‬ ‫اجلنوبية‪.‬‬ ‫واملفارقة الطبيعية الأخرى هي‪ :‬اأن هذه الدولة‬ ‫توجد بها كل املناخات‪ ،‬حيث متتد من �سمال‬ ‫مدار اجلدي باأق�سى ال�سمال اإىل جزر دييغو‬ ‫رامري�س على م�سارف القطب اجلنوبي‪ ،‬لذلك‬ ‫فهي تلقب باأر�س «الثلج و النار»‪.‬‬ ‫وت�سيلي من الدول الرائدة يف اأمريكا اجلنوبية‬ ‫حيث تبلغ ن�سبة التعليم بها ‪ 96،5%‬فازت باأول‬ ‫جائزة نوبل ل �الآداب يف اأمريكا اجلنوبية �سنة‬

‫وجود فل�سطيني‬ ‫هذه الدولة التي ا�ستعمرها الإ�سبان �سنة ‪1540‬‬ ‫وا�ستقلت �سنة ‪ 1818‬ن��ال��ت �سهرتها كبوابة‬ ‫للمحيط الهادئ بعد رحلة ماجالن ال�سهرية‬ ‫حول العامل �سنة ‪ ،1522‬وملدة زهاء اأربعة قرون‬ ‫كان م�سيق ماجالن املمر الوحيد للو�سول اإىل‬ ‫ال�سواحل الغربية للقارة الأمريكية‪ ،‬وكانت‬

‫�صاحل املحيط الهادئ قرب فينا ديل مار‬


‫ت�شيلي من الدول القليلة يف العامل‪ ،‬التي‬ ‫توجد اأرا�شيها يف ثالث قارات‪ ،‬فاجلزء الأكرب‬ ‫من م�شاحة ت�شيلي يوجد بني �شل�شلة جبال‬ ‫الأنديز و�شاحل املحيط الهادي يف اأمريكا‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬بينما تتبعها اثنتان من اأ�شهر‬ ‫جزر القارة الأقيانو�شية‪ ،‬وهما جزيرة اإي�شرت‬ ‫بتماثيلها الغام�شة وجزيرة خوان فريناندي�س‪،‬‬ ‫التي عا�س بها روبن�شون كروزو‪ ،‬وتتبع �شيلي‬ ‫اأي�شاً منطقة مهمة من اأرا�شي‬ ‫القارة القطبية اجلنوبية‬ ‫متاثيل رايا روبي‬

‫موانئ ت�سيلي من بويرتو مونت ‪Puerto Montt‬‬ ‫يف اجلنوب اإىل فالبارايي�سو ‪ Valparaíso‬يف‬ ‫الو�سط‪ُ ،‬و�سو ً‬ ‫ل اإىل اأنتوفاغ�ستا ‪Antofagasta‬‬

‫يف ال�سمال حمطات اإجبارية لبحارة ال�سرق‬ ‫والغرب قبل افتتاح قنال بنما �سنة ‪.1914‬‬ ‫وقد ارتبطت هذه الأر�س الق�سية يف عالقتها‬ ‫بالعرب بق�سة تختلف ك ّلي ًا عن مثيالتها يف‬ ‫اأمريكا اجلنوبية‪ ،‬ف �اإذا كانت الربازيل اأر�س‬ ‫هجرة لبنانية والأرجنتني اأر�س هجرة �سورية‪،‬‬ ‫فاإن ت�سيلي كانت اأر�س هجرة فل�سطينية وهي‬ ‫ال�ي��وم حتت�سن اأك��رب جالية فل�سطنية خ��ارج‬ ‫العامل العربي متثل غالبية الن�سف مليون عربي‬ ‫وت�سيلي من اأ�سل عربي‪ ،‬الذين ي�سكلون ن�سبة‬ ‫‪ 3%‬من التعداد العام لل�سكان البالغ ‪ 17‬مليون‬ ‫ن�سمة‪.‬‬ ‫وقد عرفت ت�سيلي منذ نهاية القرن التا�سع ع�سر‬ ‫وبداية القرن الع�سرين رغبة من املهاجرين‬ ‫العرب يف الن��دم��اج ال�سريع من خ��الل تعليم‬ ‫اأبنائهم باللغة الإ�سبانية‪ ،‬وتاأ�سي�س النوادي‬ ‫الثقافية الجتماعية التي حتافظ على احلد‬ ‫الأدنى من الرتابط الجتماعي‪ ،‬وقد ّمت تاأ�سي�س‬ ‫اأول ن��اد عربي بت�سيلي يف مدينة اأنتوفاغ�ستا‬ ‫�سنة ‪ ،1902‬ولئن اآثر الكثري من اأف��راد اجليل‬ ‫الأول من املهاجرين العمل كتجار متنقلني يف‬ ‫القرى الت�سيلية النائية‪ ،‬فاإنه بداية من عام‬ ‫‪ 1915‬بداأ ظهور جيل من املهنيني املتعلمني من‬ ‫اأ�سول عربية يف جم��الت مهمة كالطب وطب‬ ‫الأ�سنان والهند�سة‪ ،‬ويعترب النادي الفل�سطيني‬ ‫ال��ذي تاأ�س�س �سنة ‪ 1914‬وحت��ول �سنة ‪2000‬‬

‫العا�صمة �صنتياغو‬

‫اإىل موؤ�س�سة من اأهم الهياكل العامة لالأجيال‬ ‫املتعاقبة من الفل�سطينيني والت�سيليني من اأ�سل‬ ‫فل�سطيني‪.‬‬ ‫ول �ئ��ن ك��ان امل�ع�ه��د ال�ث�ق��ايف الت�سيلي العربي‬ ‫ب��ال�ع��ا��س�م��ة ��س��ان�ت�ي��اغ��و ‪ Santiago‬وم��رك��ز‬ ‫ال��درا���س��ات ال �ع��رب �ي��ة ب�ج��ام�ع��ة ف��ال��رباي�ي���س��و‬ ‫‪ Valparaíso‬م��ن اأه��م املوؤ�س�سات الثقافية‬ ‫والأكادميية املرموقة التي تعنى بال�ساأن العربي‪،‬‬ ‫اإل اأن اأ��س�ه��ر املوؤ�س�سات العربية يف ت�سيلي‬ ‫واأكرثها تاأثري ًا يف الراأي العام لي�ست ل علمية ول‬ ‫اأكادميية ول حتى ثقافية‪ ...‬اإنها ريا�سية‪ ،‬وهي‬ ‫ن��ادي كرة قدم يحمل ا�سم «النادي الريا�سي‬ ‫الفل�سطيني» ‪Palestino Club Deportivo‬‬

‫الذي فاز بالدوري الت�سيلي �سنتي ‪ 1955‬و‪1978‬‬ ‫وكاأ�س ت�سيلي �سنتي ‪ 1975‬و‪ 1977‬وك��اد يفوز‬ ‫بلقب دوري �سنة ‪ 2008‬حيث اأنهى امل�سابقة يف‬

‫مركز الو�سيف‪.‬‬ ‫وام �ت��داد ًا لهذا التاأثري الريا�سي ح�سل بطل‬ ‫ت�سيلي م��ن اأ��س��ل فل�سطيني على امليداليتني‬ ‫الذهبيتني الوحيدتني لت�سيلي منذ اأول م�ساركة‬ ‫اأومل�ب�ي��ة لها �سنة ‪ 1896‬ويتعلق الأم ��ر بالعب‬ ‫التن�س ن�ي�ك��ول���س م�سعود ‪Nicolás Massú‬‬ ‫ال ��ذي اأح� ��رز ذهبيتي ف ��ردي ال��رج��ال ث��م يف‬ ‫زوج��ي الرجال مع زميله فرناندو غون�سالي�س‬ ‫‪ Fernando González‬يف دورة اأثينا ‪،2004‬‬ ‫ليكون بذلك لعب التن�س الوحيد يف العامل الذي‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫فاز بذهبيتني يف نف�س الدورة الأوملبية‪.‬‬ ‫واعتبار ًا اإىل اأن الهجرة الفل�سطينية اإىل ت�سيلي‬ ‫تختلف جذري ًا عن الهجرة العربية لدول اأمريكا‬ ‫الالتينية وال�ت��ي توقفت تقريب ًا بعد احل��رب‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬فاإن ت�سيلي عرفت ول تزال قدوم‬ ‫اأجيال جديدة من الفل�سطينيني لال�ستقرار بها‬ ‫كلما ا�ستدت الظروف‪ ،‬كما كانت احل��ال �سنة‬ ‫‪ 2008‬عندما ا�ستقبلت حكومة الرئي�سة مي�سال‬ ‫با�سليه ‪ Michelle Bachelet‬عدد ًا من الالجئني‬ ‫الفل�سطينيني العالقني اآنذاك بالعراق‪.‬‬ ‫وه��ذا املعطى الدميوغرايف والجتماعي �سكل‬ ‫ال�سرتاتيجيتني الإعالميتني اللتني اأثرتا بعمق‬ ‫وتناوبتا‪ -‬لدى �سانع القرار يف �سانتياغو وهما‬‫ا�سرتاتيجيتا الثلج والنار‪.‬‬ ‫اجليل االأول‪ ..‬وا�سرتاتيجية الثلج‬ ‫كانت ت�سيلي منذ ا�ستقاللها دولة جذب للهجرة‬ ‫الأوروب��ي��ة وحكمتها اأر�ستقراطية م��ن اأ�سل‬ ‫اإ�سباين ب�سكل جعلها دولة حمافظة كانت حتت‬ ‫تاأثري النظرة ال�ستعمارية الأوروبية للعرب‪.‬‬ ‫وق� ��د ان �ع �ك ����س ذل� ��ك ع �ل��ى ال��ن��ظ��رة ال �ع��ام��ة‬ ‫للمهاجرين العرب الفارين من تبعات الحتالل‬ ‫العثماين والذين اأطلق عليهم ا�سم «الأت��راك»‬ ‫‪ Los Turcos‬لأنهم دخلوا البالد بوثائق �سفر‬ ‫عثمانية‪.‬‬ ‫وق��د رف�س ه �وؤلء اأن ُين�سبوا اإىل اجلهة التي‬ ‫كانت �سبب ًا اأ�سا�سي ًا يف هجرتهم لأوطانهم‬ ‫فرف�سوا هذا التو�سيف‪ ،‬ومل يفهم الت�سيليون‬ ‫�سبب ا�ستفزاز هذا امل�سمى للقادمني اجلدد‪.‬‬ ‫كما اأن عدم املعرفة باللغة الإ�سبانية والحتفاظ‬ ‫ب�ج��ان��ب م��ن ال� �ع ��ادات ال�ع��رب�ي��ة ال�غ��ري�ب��ة عن‬ ‫الت�سيليني جعل اندماج اجليل الأول �سعب ًا‪.‬‬ ‫وق��د مالت ت�سيلي الر�سمية يف بدايات القرن‬

‫ا�صرتاتيجيات‬

‫‪134‬‬

‫الع�سرين اإىل احلد من هذه الهجرة‪ ،‬وقد رد‬ ‫املهاجرون العرب على ذلك بالت�سحية بلغتهم‬ ‫الأم وتف�سيل تدري�س اأبنائهم بالإ�سبانية‪،‬‬ ‫وت�سريع اندماجهم باملجتمع للتمكن من اللغة‬ ‫واك�ت���س��اب ال���س�ه��ادة ال�ت��ي تعفيهم م��ن املهن‬ ‫اليدوية والزراعية وخماطر التجارة املتنقلة‬ ‫بالأرياف‪.‬‬ ‫وتدريجي ًا انتظمت اجلالية الفل�سطينية اآنذاك‬ ‫مع بداية الع�سرينيات يف نواد اجتماعية ح�سب‬ ‫مدنهم الأ�سلية وكانت كل من بيت حلم وبيت‬ ‫جال حتظيان بتمثيل مهم‪.‬‬ ‫اجليل االأول‪ ..‬وا�سرتاتيجية النار‬ ‫ثروة ت�سيلي احلقيقية هي النحا�س حيث لديها‬ ‫ثلث املخزون العاملي منه وقد كان هذا املعدن‬ ‫�سر رفاه البلد وماآ�سيه لأن بلد «اأق�سى الأر�س»‪،‬‬ ‫كما �س ّماها الهنود املابوت�سي‪ ،‬وجدت نف�سها مع‬ ‫بداية من ثالثينيات القرن املا�سي ال�سريك‬ ‫ال�سرتاتيجي ل�سركات الت���س��الت الدولية‪،‬‬ ‫التي كانت حتتاج لهذه املادة عالية التو�سيل ملد‬ ‫خطوط الهاتف يف العامل بر ًا وبحر ًا‪ ،‬و قد اأدى‬ ‫ذلك اإىل ازده��ار ت�سيلي يف حني كانت اأوروب��ا‬ ‫تعي�س فرتة ع�سيبة‪.‬‬ ‫وقد اأق��دم اجليل الثاين من املهاجرين العرب‬ ‫وخا�سة منهم اأبناء التجار املتعلمون على افتتاح‬ ‫م�سانع ن�سيج وم��واد غذائية‪ ،‬فتغريت النظرة‬ ‫اإليهم تدريجي ًا‪ ،‬وقد اقرتب الي�سار تدريجي ًا من‬ ‫هذه الطبقة اجلديدة وتف ّهم مطالبها خا�سة‬ ‫بعد النكبة �سنة ‪.1948‬‬ ‫وقد بداأ الظهور القوي للي�سار الت�سيلي يف مطلع‬ ‫اخلم�سينيات م��ع ا�ستقالل ال�ب�ل��دان العربية‬ ‫وث��ورة ‪ 1952‬يف م�سر و ان��دلع حرب التحرير‬ ‫اجلزائرية �سنة ‪ ،1954‬وقد كان النجم ال�ساطع‬ ‫لهذا التيار املت�سامن مع العرب هو الطبيب‬

‫�صعار اجلامعة الكاثوليكية بفالبارايي�صو‬

‫والنقابي �سلفادور األيندي ال��ذي تقدم اأرب��ع‬ ‫م��رات متتالية لالنتخابات الرئا�سية �سنوات‬ ‫‪ 1952‬و ‪ 1958‬و ‪ 1964‬قبل اأن يفوز �سنة ‪،1970‬‬ ‫ويكون اأول رئي�س �سيوعي يقع انتخابه يف العامل‪.‬‬ ‫وق��د حظي ��س�ل�ف��ادور األ�ي�ن��دي اأث �ن��اء م�سريته‬ ‫ال�سيا�سية بدعم قوي من وجوه عربية �سنعت‬ ‫ت��اري��خ الت�سيلي احل��دي��ث‪ ،‬وم�ن�ه��م ب��الأخ����س‬ ‫�سريخيو بيطار ‪ Sergio Bitar‬ال��ذي ك��ان من‬ ‫اأقرب املوؤيدين ل�سلفادور األيندي‪ ،‬واأ�سند اإليه‬ ‫واحدة من اأهم الوزارات يف ت�سيلي اآنذاك وهي‬ ‫وزارة املعادن التي اأ�سرفت على تاأميم مناجم‬ ‫النحا�س �سنة ‪.1971‬‬ ‫كما حفلت ال��دائ��رة الداعمة للرئي�س األيندي‬ ‫با�سم عربي وازن يف ت�سيلي هو املخرج من اأ�سل‬ ‫فل�سطيني ميغيل ليتني ‪ ،Miguel Littín‬الذي‬ ‫يعترب اأك��رب خم��رج �سينمائي ت�سيلي معا�سر‪،‬‬ ‫حيث اأ�سهم يف تكري�س فكر الي�سار الت�سيلي الذي‬ ‫كان م�ساند ًا للفل�سطينيني بعد نك�سة ‪.1967‬‬ ‫وقد اأخ��رج ليتني يف هذا ال�سدد الفيلم الذي‬ ‫يعتربه اأغلب الت�سيليني العمل الأهم يف التاريخ‬ ‫الفني للبلد وهو فيلم «ذئب نولتورو»‪ ،‬و هو يروي‬ ‫ق�سة هزت ال��راأي العام الت�سيلي تتحدث عن‬ ‫رجل كان يعمل طيلة حياته تقريب ًا كاحليوان‬ ‫وا�ستعاد اآدميته‪ ،‬بعد اأن ارتكب جرمية ودخل‬ ‫ال�سجن‪ ،‬حيث مت تعليمه كيف ي�سبح اإن�سان ًا‪،‬‬ ‫وكيف ي�سبح مواطن ًا ت�سيلي ًا �ساحل ًا قادر ًا على‬ ‫العي�س يف املجتمع‪ ،‬وحني اأ�سبح كذلك ّمت قتله‪.‬‬ ‫اجليل الثاين‪ ..‬وا�سرتاتيجية اجلليد‬ ‫عا�ست ت�سيلي ي��وم ‪� 11‬سبتمرب ‪ 1973‬اأحداث ًا‬ ‫ع�سيبة حيث عار�س اجلي�س خطط الرئي�س‬ ‫املنتخب‪ ،‬وعمل على الإطاحة به بالقوة للتخل�س‬ ‫م��ن وج ��ود ال�ي���س��ار يف احل �ك��م‪ ،‬وق��دح��ا��س��رت‬ ‫قوات وزير الدفاع اأوغو�ستو بينو�سيه ‪August‬‬

‫�صعار احتفال الت�صيلي بالذكر ‪ 200‬لقيام ثورتها‬


‫‪ Pinochet‬ق���س��ر امل��ون �ي��دا‬ ‫وق�سفته بالطريان‪.‬‬ ‫ومن حتت الأنقا�س وجه �سلفادور األيندي عرب‬ ‫اإحدى الإذاعات خطاب ًا ُموؤثر ًا لالأجيال القادمة‬ ‫من الت�سيليني اأكد فيه اأنه لن ي�ست�سلم قائ ًال‪:‬‬ ‫«اأنا واثق اأن الت�سحية لن تذهب �سدى‪ ،‬واإنها يف‬ ‫اأقل الأحوال �ستكون عقوبة معنوية ثقيلة �سرتزح‬ ‫حتتها اجلرمية والغدر واخليانة»‪.‬‬ ‫وبعد معارك �سر�سة‪ُ ،‬ع��رث على الرئي�س ميتاً‬ ‫وت��راوح��ت الفر�سيات ب��ني اأن��ه انتحر اأو قتل‬ ‫لتدخل بذلك ت�سيلي مرحلة حالكة من تاريخها‬ ‫عندما متت ت�سفية قيادات الي�سار‪ ،‬والق�ساء‬ ‫على اأن���س��اره‪ ،‬وق��د كانت ردة الفعل الدولية‬ ‫م�ستنكرة لنقالب مل ي�سلم منه حتى الأدي��ب‬ ‫الت�سيلي بابلو ن��ريودا ‪ Pablo Neruda‬اأكرب‬ ‫�سعراء اأمريكا اجلنوبية واحلائز على جائزة‬ ‫نوبل �سنة ‪ ،1971‬الذي تويف بعد اأ�سبوعني من‬ ‫النقالب‪ ،‬وهو الذي كان �سوت ًا منا�سر ًا للعرب‬ ‫يف ت�سيلي وخ��ارج�ه��ا‪ ،‬حيث ك��ان اأي�س ًا اأ�سهر‬ ‫دبلوما�سييها يف فرتة حكم األيندي‪.‬‬ ‫‪Moneda‬‬

‫‪،La‬‬

‫�سجن «�سريخيو بيطار»‬ ‫وم��ن الت�سيليني املنا�سرين للعرب امتدت يد‬ ‫اجل��رنال بينو�سيه للت�سيليني من اأ�سل عربي‬ ‫ال��ذي��ن عملوا م��ع ��س�ل�ف��ادور األ�ي�ن��دي يف ذروة‬ ‫حرب اأكتوبر ‪ ،1973‬حيث قام اجلي�س الت�سيلي‬ ‫باعتقال الوزير �سريخيو بيطار ُ�سجن‪ ،‬ثم نفي‬ ‫اإىل جزيرة داو�سون ‪ Dawson‬ك�سجني �سيا�سي‪،‬‬ ‫حيث األ��ف كتاب ًا ُمهم ًا للغاية عن هذا الع�سر‬ ‫ا�سمه «اجلزيرة رقم ‪ ،»10‬لقي لحق ًا جناح ًا‬ ‫ك�ب��ري ًا حيث طبع اأك��رث م��ن ع�سر م ��رات‪ ،‬كما‬ ‫ترجم اإىل العربية‪.‬‬ ‫وق��د عرفت ف��رتة ال�سبعينيات منع الأح��زاب‬ ‫الي�سارية وح��رق الكتب ال�سيوعية واعتقالت‬ ‫وا�سعة يف �سفوف الطلبة والنقابيني‪ ،‬مما اأدى‬ ‫ملغادرة العديد من منا�سري األيندي لت�سيلي‪،‬‬ ‫ومنهم �سريخيو البيطار ال��ذي عا�س �سنوات‬ ‫طويلة باملنفى‪.‬‬ ‫وطوال فرتة احلكم الع�سكري الذي امتد ل�سبع‬ ‫ع�سرة �سنة ن��اأت ت�سيلي بنف�سها ع��ن العامل‬ ‫العربي‪ ،‬ليقينها اأن اأغلب مواطنيها من اأ�سل‬ ‫فل�سطيني وعربي هم منا�سرون للي�سار‪ ،‬ول‬ ‫تريد اأن متنحهم �سند ًا خارجي ًا يقويهم ويزيد‬ ‫من �سقف مطالبهم ال�سيا�سية‪ ،‬خا�سة بعد اأن‬ ‫نالت مرثية «بابلو ن��ريودا» لأحمد ف �وؤاد جنم‬

‫اأكرب م�صبح يف العامل موجود يف الت�صيلي‬

‫�سهرة يف العامل العربي وو�سلت مرتجمة اإىل‬ ‫ت�سيلي‪.‬‬ ‫وتكاد العالقات العربية الت�سيلية يف هذه الفرتة‬ ‫تنح�سر يف مباراة يتيمة يف كاأ�س العامل ‪1982‬‬ ‫باإ�سبانيا فازت فيها اجلزائر على ت�سيلي ‪.3-2‬‬ ‫وم ��ع ��س�ق��وط ح��ائ��ط ب��رل��ني �سنة ‪ 1989‬ع��اد‬ ‫ال�سعب الت�سيلي للتحرك مطالب ًا بنهاية احلكم‬ ‫الع�سكري‪ ،‬وه��و م��امت له با�ستفتاء رف�س فيه‬ ‫موا�سلة حكم اوغو�ستو بينو�سيه‪ ،‬مم��ا مهد‬ ‫لعودة احلكم املدين ليغلق قو�س اآخر دكتاتورية‬ ‫ع�سكرية يف اأمريكا اجلنوبية‪.‬‬

‫اأ�سل عربي‪ ،‬ونظر ًا ملجهوداته كلفته احلكومة‬ ‫الت�سيلية بوزارة التعليم وهو مكان مهم واأ�سا�سي‬ ‫يف اأي بلد واأنا اأي�س ًا اأعلم اأن اأنا�س ًا كثريين‪..‬‬ ‫كثريين جد ًا يعتقدون باأن �سريخيو ي�سلح لأن‬ ‫يكون رئي�س ًا عظيم ًا للبالد»‪.‬‬ ‫واع �ت �ب��ار ًا ل�ك��ون الت�سيليني م��ن اأ� �س��ل عربي‬ ‫انخرطوا يف ال�سيا�سة وتركوا احلياد جانب ًا‪ ،‬فاإن‬ ‫و�سول اأن�سارهم الي�ساريني اإىل احلكم يعني‬ ‫بال�سرورة اأن ال�سرتاتيجية الإعالمية للدولة‬ ‫الت�سيلية ممنوعة من احلياد فهي اإما مع اأو �سد‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫متارا اأكو�ستا‪ ..‬والقمر االأخري‬ ‫وقد عاد املخرج كارلو�س ليتني ليطبع الذاكرة‬ ‫ال�سيلية بعمل �سينمائي ج��دي��د ع��ن البعد‬ ‫الإن�ساين لفل�سطني‪ ،‬من خالل اختياره ملمثلة‬ ‫ت�سيلية من اأ�سول غري عربية هي الفنانة متارا‬

‫اجليل اجلديد من ا�سرتاتيجية النار‬ ‫مع ع��ودة احلكم امل��دين لت�سيلي ت�سكل حتالف‬ ‫من قوى ميينية وي�سارية ر�سح تباع ًا عدة روؤ�ساء‬ ‫معار�سني لبينو�سيه‪ ،‬ومطالبني مبحاكمته بعد‬ ‫اأن عدل الد�ستور ب�سكل مينحه ح�سانة مدى‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫وق��د ع��اد الي�سار تدريجي ًا للحكم �سنة ‪2000‬‬ ‫بوا�سطة ريكاردو لغو�س‪ Recardo Lagos‬قبل‬ ‫اأن ينتخب الت�سيليون �سنة ‪ 2006‬اأول رئي�سة‬ ‫ي�سارية هي مي�سال با�سليه ‪Michelle Bachelet‬‬ ‫مما مهد لعودة رف��اق األيندي الأح�ي��اء لإدارة‬ ‫الدولة‪ ،‬وعلى راأ�سهم �سريخيو بيطار الذي‬ ‫اأ�سندت اإليه واحدة من اأهم الوزارات يف‬ ‫ت�سيلي وهي وزارة التعليم‪ ،‬حيث قام‬ ‫ارتبطت تلك الأر�س الق�شية ‪-‬ت�شيلي‪-‬‬ ‫بو�سع ا�سرتاتيجية متكاملة تقطف‬ ‫يف عالقتها بالعرب بق�شة تختلف ك ّلياً عن‬ ‫اليوم ت�سيلي ثمارها باعتبارها‬ ‫ثالث اأ� �س��رع اقت�ساد من��و ًا يف‬ ‫مثيالتها يف اأمريكا اجلنوبية‪ ،‬فاإذا كانت الربازيل‬ ‫ال �ق��ارة الأم��ري�ك�ي��ة والعا�سر‬ ‫اأر�س هجرة لبنانية والأرجنتني اأر�س هجرة‬ ‫عاملي ًا‪.‬‬ ‫�شورية‪ ،‬فاإن ت�شيلي كانت اأر�س هجرة فل�شطينية‬ ‫ويقول ميغيل ليتني عن رفيق‬ ‫وهي اليوم حتت�شن اأكرب جالية فل�شطنية خارج‬ ‫درب��ه �سريخيو بيطار‪« :‬ما‬ ‫يدعونا اإىل الفخر اأن��ه من‬ ‫العامل العربي متثل غالبية الن�شف مليون عربي‬

‫وت�شيلي من اأ�شل عربي‪ ،‬الذين ي�شكلون ن�شبة ‪3%‬‬ ‫من التعداد العام لل�شكان البالغ ‪ 17‬مليون ن�شمة‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫ا�صرتاتيجيات‬

‫‪136‬‬

‫اإنني لن اأ�ستطيع اأداء هذا الدور» فوجد لها‬ ‫ميغيل ليتني ح ًال عملي ًا‪ ،‬حيث تقول اإنه‬ ‫طلب منها اأن ت�ستمع «طول الوقت اإىل‬ ‫الأغنيات العربية يف ال�سيارة»‪.‬‬ ‫لئن كان املعهد الثقايف الت�شيلي العربي‬ ‫وي �ق��ول م�ي�غ�ي��ل ل�ي�ت��ني ع��ن ه��ذه‬ ‫بالعا�شمة �شانتياغو ‪ Santiago‬ومركز الدرا�شات‬ ‫التجربة‪« :‬اأهم ما يف الأمر اأن‬ ‫العربية بجامعة فالربايي�شو ‪ Valparaíso‬من‬ ‫اأح��د ًا مل ي�ساوره ال�سك اأب��د ًا‬ ‫اأهم املوؤ�ش�شات الثقافية والأكادميية املرموقة‬ ‫من ناحية ال�سكل‪ ،‬وهذا �سيء‬ ‫التي تعنى بال�شاأن العربي‪ ،‬اإل اأن اأ�شهر املوؤ�ش�شات‬ ‫اأ�سا�سي يف املمثل‪ ،‬مل ي�سكوا‬ ‫يف اأنها عربية اأو فل�سطينية‪،‬‬ ‫العربية يف ت�شيلي واأكرثها تاأثرياً يف الراأي العام‬ ‫حتى النا�س حني كنا ن�سور يف‬ ‫لي�شت ل علمية ول اأكادميية ول حتى ثقافية‪..‬‬ ‫بيت �ساحور اأو بيت جال‪ ،‬كانوا‬ ‫اإنها ريا�شية‪ ،‬وهي نادي كرة قدم يحمل ا�شم‬ ‫ي�سححون امل��الب����س ويقولون‬ ‫ً‬ ‫«النادي الريا�شي الفل�شطيني»‬ ‫م �ث �ال اإن ه ��ذا ال� ��رداء خ��اط��ئ‪،‬‬ ‫كما جاءت �سيدة واأعطتها ف�ستان‬ ‫جدتها‪ ،‬وه��ذا ي��دل على اأنهم كانوا‬ ‫يعتقدون اأنها فل�سطينية من دون �سك‪..‬‬ ‫اأثناء الت�سوير ا�ستطاعت اأن تبدو وكاأنها‬ ‫امراأة فل�سطينية‪ ،‬وهو �سيء خا�س جد ًا‪ ،‬ل اأعلم‬ ‫كيف جنحت متارا يف هذا‪ ،‬لكنها تتمتع بتلك‬ ‫القدرة»‪.‬‬ ‫اأكو�ستا ‪ Tamara Acosta‬لتقوم ب �اأداء الدور‬ ‫القنوات التلفزيونية اجلامعية‬ ‫الرئي�سي باللغة العربية يف فيلم «القمر الأخري»‬ ‫هكذا اإذ ًا اأحدث العرب يف ت�سيلي اأث��ر ًا عميق ًا‬ ‫ل��درج��ة اأن �سكان بيت �ساحور مل يعرفوا اأن‬ ‫اجتماعي ًا وثقافي ًا واقت�سادي ًا و�سيا�سي ًا وحتى‬ ‫البطلة غري عربي ّة و هم يتابعون ت�سوير الفيلم‪.‬‬ ‫ريا�سي ًا‪ ،‬وقد ب��داأ جيل ال�سباب باأخذ امل�سعل‬ ‫وع��ن ه��ذه التجربة تتذكر مت��ارا كيف وجهها‬ ‫من خالل الحت��اد العام للطلبة الفل�سطينيني‬ ‫ميغيل ليتني‪ ،‬قائلة‪« :‬عندما تلقيت الن�س مل‬ ‫بت�سيلي «اأوخ�ي��ب» ‪ ،UGEP‬ال��ذي ا�ستفاد من‬ ‫اأ�ستطع نطق الكلمات‪ ،‬فبكيت وقلت لنف�سي‪:‬‬ ‫كون قانون الإعالم يف ت�سيلي ي�سمح للجامعات‬

‫غالف كتاب الإغرتاب العربي يف الت�صيلي‬

‫اأفي�ض فيلم عن معاناة �صريخيو بيطار‬

‫باإن�ساء قنوات تلفزيونية يف مدنها للتعريف‬ ‫مب�ساغل ال�سباب الت�سيلي من اأ�سل عربي لي�س‬ ‫فقط يف العا�سمة �سانتياغو ولكن اأي�س ًا يف‬ ‫جامعات الأقاليم ال�سمالية واجلنوبية‪.‬‬ ‫وق��د ج��اء ه��ذا ال�ستثناء ال��ذي يكاد اأن يكون‬ ‫فريد ًا يف العامل لأن اأول بث تلفزيوين يف ت�سيلي‬ ‫مت بوا�سطة اجلامعة الكاثوليكية بفالبارايي�سو‬ ‫‪� Valparaíso‬سنة ‪ ،1957‬ثم يف �سنة ‪ 1959‬بداأت‬ ‫قناة اجلامعة الكاثوليكية الت�سيلية التي ت�سمى‬ ‫القناة ‪.Canal 13‬‬ ‫و يف �سنة ‪ 1962‬تدعمت �سبكة البث التلفزيوين‬ ‫الأر�سي من خالل تنظيم كاأ�س العامل‪ ،‬حيث وقع‬ ‫بث املباريات ب�سكل مبا�سر‪.‬‬ ‫وتوجد اليوم يف ت�سيلي ‪ 63‬حمطة تلفزيونية منها‬ ‫اأربع قنوات تلفزيونية جامعية لكل من اجلامعة‬ ‫الكاثوليكية بفالبارايي�سو وج��ام�ع��ة ت�سيلي‬ ‫امل�ستقلة وجامعة كون�سيب�سيون ‪Concepción‬‬ ‫وجامعة ماجالن بالإقليم اجلنوبي‪.‬‬ ‫وتقدم قناة اجلامعة الكاثوليكية بفالبارايي�سو‬ ‫برناجم ًا اأ�سبوعي ًا كل يوم �سبت ا�سمه «جذور‬ ‫عربية» موجه للت�سيليني من اأ�سل عربي‪.‬‬ ‫اإذاعة «ال�سرق االأو�سط» وجملة‬ ‫«ال�سمري»‬ ‫ويف �سنة ‪ 2009‬انطلقت من العا�سمة �سانتياغو‬ ‫«اإذاع � ��ة ال �� �س��رق الأو�� �س ��ط» ‪Radio Medio‬‬ ‫‪ Oriente‬ب�سبكة مكونة من ‪ 25‬مرا�س ًال دولي ًا‪،‬‬ ‫وب�سبكة ب��رام��ج ن�سفها باللغة الإ��س�ب��ان�ي��ة‪،‬‬ ‫ون�سفها الآخ��ر باللغة العربية‪ ،‬وه��ي موجهة‬

‫مقال لغابريال غار�صيا مركيز‬


‫خرب‬ ‫للعرب املقيمني بت�سيلي وللت�سيليني من اأ�سل‬ ‫عربي ولبقية الت�سيليني الذين يريدون التعرف‬ ‫على اأخبار املنطقة العربية ب�سكل مبا�سر‪.‬‬ ‫كما ت�سدر بت�سيلي واح��دة من اأج��ود املجالت‬ ‫العربية باأمريكا اجلنوبية وهي جملة «ال�سمري»‬ ‫ال �� �س��ادرة باللغة الإ��س�ب��ان�ي��ة ع��ن «موؤ�س�سة‬ ‫فل�سطني»‪ ،‬وال �ت��ي ي��راأ���س حت��ري��ره��ا �سليمان‬ ‫من�سور‪ ،‬وتقول عنها الدكتورة هبه اهلل العطار‪،‬‬ ‫اأ��س�ت��اذ الأدب الإ� �س �ب��اين واأم��ري �ك��ا الالتينية‬ ‫امل�ساعد بجامعة كليفالند الأمريكية‪ :‬اأجريت‬ ‫درا��س��ة عن جملة «ال�سمري» ال�سادرة باللغة‬ ‫ال�سبانية فى ت�سيلى‪ ،‬وتو�سلت اإىل اأن «املهنية‬ ‫العالية التى حققتها جملة ال�سمري مكنتها من‬ ‫املناف�سة»‪ ،‬حيث تعترب املجلة اليوم ج��زء ًا من‬ ‫امل�سهد الإعالمي املقروء يف ت�سيلي‪.‬‬ ‫ومنذ �سنة ‪ 2000‬و العودة الهادئة للي�سار اإىل‬ ‫احلكم‪ ،‬تر�سخت لدى �سانع القرار الت�سيلي فيما‬ ‫يتعلق باأ�س�س ال�سرتاتيجيا الإعالمية الت�سيلية‬ ‫اجلديدة جتاه العامل العربي قناعاتان‪ :‬الأوىل‬ ‫هي‪ :‬اأن اجلالية الت�سيلية من اأ�سل فل�سطيني‬ ‫ا�ستقرت ب�سكل نهائي يف البلد واأ�سدت خدمات‬ ‫عديدة لت�سيلي‪.‬‬ ‫وال�ق�ن��اع��ة الثانية اأن «امل�ع�ج��زة القت�سادية‬ ‫الت�سيلية» التي حتققت يف العقدين املا�سيني‬ ‫حتتاج اإىل توطيد العالقات القت�سادية مع كل‬ ‫املجموعات القت�سادية الكربى يف العامل مبا‬ ‫فيها العامل العربي‪.‬‬ ‫انطالق ًا من هذا التحليل الذي �ساندته الرئي�سة‬ ‫با�سلية ان�خ��رط��ت ت�سيلي يف حتييد املقاربة‬ ‫ال�سيا�سية ال�سرفة يف نظرتها التاريخية للعامل‬ ‫ال�ع��رب��ي‪ ،‬واآث� ��رت ب�ن��اء ع��الق��ات ا�سرتاتيجية‬ ‫متوازنة مع العامل العربي‪ ،‬اأي ًا كان التيار احلاكم‬ ‫يف البلد ميين ًا اأو ي�سار ًا‪.‬‬ ‫ويف ه��ذا النطاق مت تاأ�سي�س غ��رف��ة التجارة‬ ‫العربية الت�سيلية �سنة ‪ ،2007‬والنفتاح على‬ ‫م�ن��اط��ق اأخ ��رى م��ن ال �ع��امل ال�ع��رب��ي غ��ري دول‬ ‫الهجرة التاريخية وهي فل�سطني ولبنان و�سوريا‬ ‫والأردن‪.‬‬ ‫ومن هنا جاء الهتمام بالتوا�سل الثقايف مع‬ ‫املغرب لكونه بلد ًا تعترب فيه اللغة الإ�سبانية اللغة‬ ‫الثالثة بعد العربية والفرن�سية‪ ،‬وقد مت تنظيم‬ ‫معار�س اأدبية وفنية عديدة يف البلدين‪ ،‬كما‬ ‫قامت املغرب ببناء مركز ثقايف مبدينة اإيكيكي‬ ‫‪ Iquique‬باأق�سى ال�سمال الت�سيلي‪ ،‬والتي توجد‬ ‫بها جالية عربية مهمة‪.‬‬

‫وامليزة الكربى لل�سيا�سة الإعالمية الت�سيلية‬ ‫اجل��دي��دة ه��ي اأن �ه��ا اأخ��رج��ت ال�ب�ل��د م��ن فخ‬ ‫ال�ت�ج��اذب��ات التاريخية‪ ،‬ال�ت��ي م�ي��زت تاريخه‬ ‫احلديث حيث تتوا�سل لأول مرة اإرادة النفتاح‬ ‫الإيجابي جتاه العامل العربي‪ ،‬رغم عودة اليمني‬ ‫اإىل احلكم لأول م��رة منذ ع�سرين �سنة‪ ،‬بعد‬ ‫انتخاب الرئي�س �سيب�ستيان بينيريا ‪Sebastián‬‬ ‫‪� Piñera‬سنة ‪.2010‬‬ ‫وقد حر�ست ت�سيلي �سمن ا�سرتاتيجيتها العربية‬ ‫اجل��دي��دة على اأن ت��ويل اأهمية ل��دول اخلليج‬ ‫العربي عامة‪ ،‬والإمارات خا�سة حيث‪ ،‬افتتحت‬ ‫بها اأول �سفارة ت�سيلية يف اخلليج العربي �سنة‬ ‫‪ ،2009‬واأن���س��ات يف دب��ي ف��رع� ًا اإقليمي ًا ملكتب‬ ‫التجارة اخلارجية الت�سيلية‪ ،‬وقد �سهدت وترية‬ ‫املبادلت التجارية ارتفاع ًا مهم ًا حيث ارتفعت‬ ‫واردات الإم��ارات من ت�سيلي بن�سبة ‪ 76.7%‬يف‬ ‫الن�سف الأول من �سنة ‪ 2011‬بقيمة ‪ 75‬مليون‬ ‫دولر‪.‬‬ ‫متاثيل رابا نوي‬ ‫ومبنا�سبة اح�ت�ف��ال دول ��ة الإم � ��ارات العربية‬ ‫املتحدة بالذكرة الأربعني من لقيام الحت��اد‪،‬‬ ‫قدم رئي�س جمهورية �سيلي �سيبا�ستيان بينريا‬ ‫ل�ساحب ال�سمو ال�سيخ خليفة بن زايد اآل نهيان‬ ‫رئي�س الدولة‪ ،‬حفظه اهلل‪ ،‬ن�سخة من التماثيل‬ ‫احلجرية الفريدة املوجودة بجزيرة اإي�سرت‪،‬التي‬ ‫ت�سمى باللغة البولينيزية رابا نوي ‪Rapa Nui‬‬ ‫والتي تعترب مفخرة ت�سيلي‪.‬‬ ‫ويبلغ ارتفاع الن�سخة املقدمة من ن�سب املواآي‬ ‫‪ Moai 3‬اأمتار ون�سف‪ ،‬ويزن ثالثة اأطنان يف‬ ‫حني ي�سل ارتفاع التماثيل الأ�سلية اإىل ‪ 15‬مرت ًا‬ ‫للواحد وتزن اأكرث من ‪ 90‬طن ًا‪.‬‬ ‫واعتبار ًا لأن هذه التماثيل الرتاثية �ستعر�س يف‬ ‫املنطقة الثقافية بجزيرة ال�سعديات‪ ،‬فهي توؤكد‬ ‫الرهان طويل امل��دى لت�سيلي على مد اجل�سور‬ ‫الثقافية مع العامل العربي‪ ،‬ووعيها باأن العالقات‬ ‫م��ع ال�ع��امل العربي انتقلت م��ن كونها معادلة‬ ‫داخلية لت�سبح فر�سة دولية‪.‬‬ ‫بهذا اخل�سو�س يقول املثل الت�سيلي ال�سهري «يف‬ ‫اأية قرية ت�سيلية �ستجد حتم ًا �سرطي ًا واأ�سقف ًا‬ ‫وفل�سطيني ًا»‪ ،‬وهو مثل يوؤطر باخت�سار وو�سوح‬ ‫الروؤية الإعالمية الت�سيلية جتاه العرب حيث‬ ‫اإنها معطى داخلي ببعد دويل خرجت من ن�سف‬ ‫قرن من التجاذب لتدخل املرحلة اخلام�سة‪..‬‬ ‫مرحلة التوافق‬

‫اإي�شابيل ال�شرقية‪ ..‬واإرها�شات نوبل‬ ‫لالآداب ‪2012‬‬ ‫تعترب الكاتبة اإي�شابيل األيندي ‪Isabel‬‬ ‫‪ Allende‬ابنة اخ الرئي�س الي�شاري ال�شابق‬ ‫اأ�شهر اأديبات ت�شيلي حالياً‪ ،‬وقد عا�شت جانباً‬ ‫من طفولتها يف بريوت نهاية اخلم�شينيات‬ ‫حيث ا�شتوحت عدداً من اأعمالها الأدبية‬ ‫اجلديدة من بيئة ال�شرق‪ /‬ومنها رواية‬ ‫«حكايات ايفالونا» التي تدور اأحداثها يف‬ ‫م�شر وباأ�شلوب قريب من تقنية الق�ش�س‬ ‫الق�شرية لدى �شهرزاد‪.‬‬ ‫ومبنا�شبة �شدور هذه الق�شة التي لقت‬ ‫ترحيب ال�شحافة الأدبية الت�شيلية تعرتف‬ ‫اإي�شابيل األيندي اأنها كانت منذ فرتة املراهقة‬ ‫حتت تاأثري القوة اخليالية لق�شة «األف ليلة‬ ‫وليلة»‪ ،‬التي اكت�شفتها يف بريوت‪ ،‬ومل ت�شتطع‬ ‫التخل�س من عبئها اإل عندما األفت ن�شختها‬ ‫الت�شيلية من هذا الكتاب‪.‬‬ ‫ويف الق�شة الأوىل املعنونة بـ ـ «كلمتان»‬ ‫تتحدث الكاتبة عن �شهرزادها الت�شيلية‪،‬‬ ‫وتقول‪« :‬متتهن امراأة ت�شمي نف�شها بيلي�شا‬ ‫كريبو�شكولريو بيع الكلمات‪ ،‬تتنقل من مكان‬ ‫اإىل اآخر وحتوز على �شهرة وا�شعة يف القرى‬ ‫واملدن‪ ،‬وهي تبيع ب�شاعتها ب�شعر منا�شب‪،‬‬ ‫«فبخم�شة �شنتافو تقدم اأ�شعاراً مرجتلة‪،‬‬ ‫حت�شن من نوعية الأحالم‪ ،‬وبت�شعة‬ ‫وب�شبعة ّ‬ ‫تكتب ر�شائل للمحبني‪ ،‬وباثني ع�شر تع ِّلم‬ ‫�شتائم مدثة لأعداء لدودين‪ ،‬ومن ي�شرتي‬ ‫منها بخم�شني �شنتافو تهم�س له يف اأذنه‬ ‫بهدية هي كلمة �شرية لها قدرة على اإبعاد‬ ‫الكاآبة»‪.‬‬ ‫وقد حازت اإي�شابيل على جائزة الآداب‬ ‫الت�شيلية �شنة ‪ ،2010‬وجائزة هان�س كري�شتيان‬ ‫اأندر�شن لالآداب �شنة ‪ 2011،‬مما ميهد لها‬ ‫الطريق مُ�شتقب ً‬ ‫ال‪ ،‬لتكون ثاين اأديبة ت�شيلية‬ ‫مر�شحة للفوز بجائزة نوبل لالآداب‪.‬‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫من دهاليز الإعلم‬ ‫يف م�رض اإىل كوالي�ض‬ ‫ال�شيا�شية يف ال�شودان‬

‫القاهرة ـ الإعالم والع�رص‬ ‫يف كل بالد الدنيا ترتاجع فر�ض العتداء‬ ‫على احلريات‪ ،‬لكن يبدو هذا التقليد ل‬ ‫زال غري متداول يف بع�ض الدول العربية‪،‬‬ ‫والغريب اأن هذا النوع من الأزمات‬ ‫اأ�صبح عر�صة لثارة مزيد من امل�صكالت‬ ‫ال�صيا�صية‪ ،‬التي تتفاقم عندما‬ ‫تتعلق مبواطنني اأجانب‪ ،‬ولعل ما حدث‬ ‫لل�صحافيتني امل�رصيتني يف ال�صودان‪،‬‬ ‫�صلمى الورداين و�صيماء عادل‪ ،‬يحكي‬ ‫جانبا ً مهما ً من جوانب التداخل الكبري‬ ‫واخلطري الذي يحدث‪ ،‬اإذا جرى تكاتف اأبعاد‬ ‫حقوق الإن�صان واحلريات مع ح�صابات‬ ‫ال�صيا�صة ومقت�صيات الأمن‪.‬‬

‫اإن عودة �شيماء يف الطائرة الرئا�شية‬ ‫التي اأقلت مر�شي من اأدي�س اأبابا بعد‬ ‫ح�شوره القمة الأفريقية حمل جملة من‬ ‫الدللت ال�شيا�شية‪ ،‬فعملية الإفراج اأ�ش ً‬ ‫ال‬ ‫جاءت بعد لقاء مر�شي بالرئي�س عمر الب�شري يف‬ ‫اأثيوبيا‪ ،‬كما اأن ذهابها من اخلرطوم اإىل اأدي�س‬ ‫اأبابا وعودتها اإىل القاهرة على طائرة الرئي�س‬ ‫هدف اإىل توظيفه �شيا�شياً واإعالمياً باعتبار اأن‬ ‫الرئي�س هو املنقذ واملالذ جلميع امل�شريني‬

‫هموم‬ ‫اإعالمية‬

‫‪138‬‬

‫قصتا سلمى وشيماء‪..‬‬ ‫لعبة املالذ االآمن بني «الع�سكري»‬ ‫والرئي�س مر�سي‬ ‫الق�ستان ت�ع��ودان اإىل تاريخني و�سخ�سيتني‬ ‫خمتلفتني‪ ،‬لكنهما مت�سابهتان يف البلدين‬ ‫اللذين تتعلقان بهما‪ ،‬اأي م�سر وال���س��ودان‪،‬‬ ‫فق�سة اعتقال ال�سحافية �سلمى الورداين (بنت‬ ‫الأديب امل�سري حممود الورداين) يف اخلرطوم‬ ‫ترجع اإىل يوم ‪ 21‬يونيو‪ -‬حزيران املا�سي‪ ،‬حيث‬ ‫ذهبت م��وف��دة م��ن �سبكة «ب�ل��وم��ربج» الأملانية‬ ‫منذ ح��وايل �ستة اأ�سهر ملتابعة �سوؤون واأح��وال‬ ‫ال�سودان‪.‬‬ ‫الورداين‪ ..‬والف�ساء االإلكرتوين‬ ‫واعتقالها يف ذل��ك ال�ي��وم ج��اء‪ ،‬ح�سب رواي��ة‬ ‫اأجهزة الأم��ن ال�سودانية‪ ،‬على خلفية دخولها‬ ‫جامعة اخلرطوم التي كانت تعج باملظاهرات‬ ‫والحتجاجات بدون ت�سريح‪.‬‬ ‫يف حني قالت �سلمى اإن اعتقالها مت خارج اأ�سوار‬ ‫اجلامعة‪ ،‬ونتيجة مكيدة ب�سبب مو�سوعاتها‬ ‫ال�ساخنة عن ال�سودان‪ ،‬والتي كانت تن�سرها‬ ‫بع�س و�سائل الإعالم الدولية‪.‬‬ ‫ب�سرف النظر عن �سحة اأي من الروايتني‪،‬‬ ‫ف �اإن ق�سة العتقال والف ��راج عنها بعد نحو‬

‫�صلمى الورداين‬

‫�ساعات فقط‪ ،‬ثم ترحيلها من مطار اخلرطوم‬ ‫اإىل القاهرة ك�سفت عن بع�س الدللت املهمة‪،‬‬ ‫اأب��رزه��ا اأن اع�ت�ق��ال ال� ��ورداين م��الأ الف�ساء‬ ‫الإل�ك��رتوين الرحب‪ ،‬حيث اأر�سلت لأ�سدقائها‬ ‫خ��رب العتقال ع��رب الفي�سبوك‪ ،‬ال��ذي��ن قاموا‬ ‫بدورهم بت�سكيل حالة �سغط رهيبة �سملت جميع‬ ‫و�سائل الإعالم امل�سرية تقريب ًا‪ ،‬ومنها انتقلت‬ ‫اإىل منظمات حقوق الإن�سان‪ ،‬وبعد وقت قليل‬ ‫اهتمت احلكومة امل�سرية‪ ،‬يف وج��ود املجل�س‬ ‫الأعلى للقوات امل�سلحة كحاكم وحيد للبالد‪ ،‬اأي‬ ‫قبل انتخاب الرئي�س حممد مر�سي‪ ،‬وا�سطرت‬ ‫احلكومة ال�سودانية لالإفراج عن �سلمى‪ ،‬وانتهت‬ ‫الق�سة ب�سالم‪.‬‬ ‫اأما ق�سة اعتقال ال�سحافية �سيماء عادل يف‬ ‫اخل��رط��وم ي��وم ‪ 2‬ي��ول�ي��و‪ -‬مت��وز‪ ،‬فهي تختلف‬ ‫عن ق�سة �سلمى يف نواحي ال�سخب احلقوقي‬ ‫والتناول الإعالمي واجل��دل ال�سيا�سي‪ ،‬فعادل‬ ‫ك��ان��ت م��وف��دة م��ن �سحيفة ال��وط��ن امل�سرية‬ ‫امل�ستقلة‪ ،‬وج��رى القب�س عليها بعد و�سولها‬ ‫ب�اأ��س�ب��وع واح ��د ف�ق��ط وم��ن مقهى ل�الإن��رتن��ت‬ ‫ا�ستخدمته لإر�سال تغطيتها لأحداث مظاهرات‬

‫�صيماء عادل‬


‫الرئي�ض حممد مر�صي‬

‫اخلرطوم‪ ،‬كما اعتقلت برفقة �سحافية �سودانية‬ ‫اأخرى‪.‬‬ ‫وق��ال��ت اخل��رط��وم اإن�ه��ا مل تكن متلك اأوراق� �اً‬ ‫تثبت اأنها فى مهمة �سحافية بال�سودان‪ ،‬ومن‬ ‫دون ال��دخ��ول يف تفا�سيل ال���س��واب واخل�ط�اأ‬ ‫يف الدخول اأو الإج��راءات املتبعة يف مثل هذه‬ ‫احلالت‪ ،‬فاإن م�سكلة �سيماء عادل كانت اأكرث‬ ‫تعقيد ًا م��ن �سلمى ال � ��ورداين‪ ،‬لأن �ه��ا حت ّولت‬ ‫ب�سرعة ال��ربق اإىل ق�سية راأي ع��ام‪ ،‬خا�سة‬ ‫بعد اأن ا�ستمر اعتقال �سيماء مل��دة اأ�سبوعني‬ ‫تقريب ًا‪ ،‬ومار�ست اجلماعة ال�سحافية يف م�سر‬ ‫�سغوط ًا كبرية على القيادة ال�سيا�سية يف كل من‬ ‫القاهرة واخلرطوم‪.‬‬ ‫عودة مع الرئي�س‬ ‫ال��واق��ع اأن ق�سة �سيماء ع ��ادل‪ ،‬ا�ستخدمت‬ ‫كورقة �سيا�سية يف اأي��دي جميع الأط��راف التي‬ ‫دخلت على خطها‪ ،‬منذ اعتقالها يف ‪ 2‬يوليو‪-‬‬ ‫مت��وز وحتى الإف��راج عنها يف ‪ 15‬يوليو‪ -‬متوز‬ ‫وعودتها يف الطائرة الرئا�سية يف اليوم التايل‬ ‫برفقة الرئي�س امل�سري حممد مر�سي‪ ،‬وهناك‬ ‫جمموعة من ال�سواهد التي توؤكد هذا ال�ستنتاج‪.‬‬ ‫الأول‪ :‬اأنه جرى ا�ستخدامها كو�سيلة لت�سفية‬ ‫احل���س��اب��ات ب��ني نقيب ال�سحافيني مم��دوح‬ ‫الويل‪ ،‬املح�سوب على التيار الإ�سالمي‪ ،‬واأع�ساء‬ ‫جمل�س النقابة واملح�سوب غالبيتهم على التيار‬ ‫الي�ساري‪ ،‬وات�ه��م النقيب ب�اأن��ه متقاع�س عن‬ ‫بذل اجلهود لالإفراج عن �سيماء عادل‪ ،‬ب�سبب‬ ‫جماملته لنظام احلكم ال�سالمي يف اخلرطوم‪،‬‬

‫امل�صري حممد ح�صني طنطاوي‬

‫وعدم رغبته يف ف�سح ممار�ساته ال�سلبية‪ ،‬ويف‬ ‫هذا ال�سياق جرت مياه كثرية من الرتا�سقات‬ ‫والتهامات املتبادلة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اأن بع�س و�سائل الإع��الم‪ ،‬وقفت خلفها‬ ‫ق��وى ح��زب�ي��ة خم�ت�ل�ف��ة‪ ،‬ا��س�ت�خ��دم��ت الق�سية‬ ‫ملمار�سة �سغوط �سيا�سية على جماعة الإخوان‬ ‫امل�سلمني ال�ت��ي ينتمي اإل�ي�ه��ا الرئي�س حممد‬ ‫مر�سي‪ ،‬يف حماولة لك�سف عجزها عن التعامل‬ ‫م��ع ق���س�ي��ة ب�سيطة ك �ه��ذه‪ ،‬ومت ��ت امل �ق��ارن��ة‬ ‫بالت�سريح والتلميح مل�ساألة الإفراج عن �سلمى‬ ‫ال��ورداين بعد �ست �ساعات فقط‪ ،‬ا ّب��ان عهد‬ ‫املجل�س الع�سكري‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬اأن عودة �سيماء يف الطائرة الرئا�سية‬

‫التي اأقلت مر�سي من اأدي�س اأبابا بعد ح�سوره‬ ‫ال�ق�م��ة الأف��ري�ق�ي��ة ح�م��ل جملة م��ن ال ��دللت‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬فعملية الإف��راج اأ�س ًال جاءت بعد‬ ‫لقاء مر�سي بالرئي�س عمر الب�سري يف اأثيوبيا‪،‬‬ ‫كما اأن ذهابها من اخلرطوم اإىل اأدي�س اأبابا‬ ‫وعودتها اإىل القاهرة على ط��ائ��رة الرئي�س‬ ‫هدف اإىل توظيفه �سيا�سي ًا واإعالمي ًا باعتبار‬ ‫اأن الرئي�س هو املنقذ واملالذ جلميع امل�سريني‪،‬‬ ‫والأخطر اأنه عزز القناعات حول فر�س تطوير‬ ‫العالقات بني القاهرة واخلرطوم‪ ،‬اعتماد ًا على‬ ‫وج��ود هوية اإ�سالمية للنظام ال�سيا�سي يف كل‬ ‫من البلدين‪ ،‬وطي ال�سفحة القامتة التي كانت‬ ‫�سائدة خالل عهد الرئي�س ال�سابق‬

‫ق�شة اعتقال �شلمى الورداين والإفراج عنها‬ ‫بعد نحو �شاعات فقط‪ ،‬ثم ترحيلها من مطار اخلرطوم‬ ‫اإىل القاهرة ك�شفت عن بع�س الدللت املهمة‪ ،‬اأبرزها اأن‬ ‫اعتقال الورداين مالأ الف�شاء الإلكرتوين الرحب‪ ،‬حيث اأر�شلت‬ ‫لأ�شدقائها خرب العتقال عرب الفي�شبوك‪ ،‬الذين قاموا بدورهم‬ ‫بت�شكيل حالة �شغط رهيبة �شملت جميع و�شائل الإعالم امل�شرية‬ ‫تقريباً‪ ،‬ومنها انتقلت اإىل منظمات حقوق الإن�شان‪ ،‬وبعد وقت‬ ‫قليل اهتمت احلكومة امل�شرية‪ ،‬يف وجود املجل�س الأعلى للقوات‬ ‫امل�شلحة كحاكم وحيد للبالد اأي قبل انتخاب الرئي�س ممد‬ ‫مر�شي‪ ،‬وا�شطرت احلكومة ال�شودانية لالإفراج عن‬ ‫�شلمى‪ ،‬وانتهت الق�شة ب�شالم‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ال�شيا�شي متهم لكن ماذا‬ ‫عن م�شوؤولية الإعلم‪..‬؟‬

‫عمان ــ ح�صني الروا�صدة‬ ‫فجرت حادثة اإ�صهار ال�صالح‬ ‫ّ‬ ‫يف اأحد الربامج احلوارية على‬ ‫ف�صائية اأردنية خا�صة‪ ،‬زوبعة‬ ‫من اجلدل الإعالمي وال�صيا�صي‪،‬‬ ‫بداأت على �صبكات التوا�صل‬ ‫الجتماعي وبع�ض و�صائل الإعالم‬ ‫الأردنية‪ ،‬ثم انتلقت اإىل و�صائل‬ ‫اإعالم عرب ّية ودول ّية اأي�صاً‪.‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫عنف‬ ‫الف�صائيات‬

‫‪140‬‬

‫حوارات « الشاشة»‪..‬‬ ‫من تراشق األحذية إلى إشهار األسلحة النارية‬

‫هذه ‪-‬بالطبع‪ -‬مل تكن املرة الأوىل التي يتابع‬ ‫فيها اجلمهور الأردين «و�سالت» من امل�ساحنات‬ ‫و ال�سرب وال�ستائم بني متحاورين �سواء يف‬ ‫ب��رام��ج ح��واري��ة اأو حت��ت قبة «ال��ربمل��ان»‪ ،‬فقد‬ ‫�سهدت اإحدى جل�سات الربملان الأردين حادثة‬ ‫ترا�سق ب��الأح��ذي��ة م��ن النائب يحيى ال�سعود‬ ‫باجتاه زميله النائب جميل النمري‪ ،‬ور�سدت‬ ‫و�سائل الإع��الم �سورة «احل��ذاء الطائر» فيما‬ ‫اأط�ل��ق على جل�سة ال��ربمل��ان اآن ��ذاك (‪ 17‬يونيو‬ ‫‪« )2012‬جل�سة حوار الأحذية»‪ ،‬اأو «دميقراطية‬ ‫الأحذية املتطايرة»‪.‬‬ ‫لكن اجلديد يف امل�سهد اأن حادثة التال�سن التي‬ ‫وقعت بني حممد ال�سوابكة النائب يف الربملان‬ ‫احل� ��ايل‪ ،‬وب ��ني م�ن���س��ور ��س�ي��ف ال��دي��ن م��راد‬

‫النا�سط ال�سيا�سي والربملاين ال�سابق انتهت اإىل‬ ‫اإ�سهار الأول �سالح ًا ناري ًا على الثاين‪ ،‬ور�سدت‬ ‫كامريات برنامج (ق�سية على الهواء) الذي كان‬ ‫يبث على قناة (جو�سات) على الهواء مبا�سرة‬ ‫(‪ 6‬يوليو املا�سي) «� �س��ورة» الرجلني وهما‬ ‫يت�سارعان داخل ال�ستديو منذ اإن بداأ ال�سوابكة‬ ‫ب���س��رب م���راد ب �ح��ذائ��ه وح �ت��ى ن�ه����س وب�ي��ده‬ ‫«امل�سد�س»‪ ،‬وظ ّل يطارده لتهديده اأو تخويفه‪.‬‬ ‫متابعة‪ ..‬وقراءات‬ ‫و��س��ائ��ل الإع� ��الم تباينت يف تغطية احل��دث‪،‬‬ ‫فبينما ت�سابقت املواقع الإلكرتونية الإخبارية‬ ‫اإىل تناقل اخل��رب بال�سورة وال�سوت‪ ،‬اكتفت‬

‫مطاردة بال�صالح على الهواء« قناة جو�صات»‬


‫و�سائل الإعالم �سبه الر�سمية بالإ�سارة‬ ‫اإليه‪ ،‬فيما اهتم بع�س كتّاب الأعمدة‬ ‫بالتعليق ع�ل��ى احل��ال��ة باعتبارها‬ ‫تعك�س الواقع ال�سيا�سي والجتماعي‬ ‫يف الأردن‪ ،‬يف ظل ا�ستع�ساء م�سروع‬ ‫الإ�سالح وت�ساعد حدة العنف يف‬ ‫املجتمع‪.‬‬ ‫ال��الف��ت اأن خ��رب «اإ��س�ه��ار ال�سالح»‬ ‫حظي بتغطية نحو ‪ 250‬موقع ًا و�سحيفة‬ ‫ووكالة اأنباء عاملية‪ ،‬فقد ت�سدر اخلرب‬ ‫� ُ��س �ح �ف � ًا ك ��ربى م �ث��ل ال��وا� �س �ن �ط��ن بو�ست‬ ‫ون �ي��وي��ورك ت��امي��ز والإن��دب �ن��دن��ت واجل��اردي��ان‬ ‫وموندو الإ�سبانية وغريها من ال�سحف‪ ،‬كما‬ ‫نقلته وك��الت مثل‪ :‬البي بي �سي ورو�سيا اليوم‬ ‫وقنوات اإخبارية اأب��رزه��ا فوك�س نيوز و�سكاي‬ ‫نيوز و�سي اإن اإن‪..‬الخ‪.‬‬ ‫ت��راوح��ت ردود الفعل الإع��الم�ي��ه املحلية بني‬ ‫ق��راءات هادئة لهذه الظاهرة اجل��دي��دة على‬ ‫املجتمع الأردين وب ��ني ا�ستخدامها لإن�ت��اج‬ ‫جمموعة من «النكت» الالذعة‪ ،‬وبني توظيفها‬ ‫�سيا�سي ًا لإدان ��ة اأداء «ال��ربمل��ان» باعتبار اأن‬ ‫اأغ�ل��ب اأب�ط��ال ال�سبتاك ‪��-‬س��واء بالأحذية اأو‬ ‫بامل�سد�سات‪ -‬هم نواب حاليون اأو �سابقون‪.‬‬ ‫يف �سحيفة «الد�ستور» الأردنية اليومية راأى‬ ‫الكاتب «عريب الرنتاوي» مبقالته املن�سورة‬ ‫يف(‪ 9‬يوليو املا�سي) اأن واقع احلياة ال�سيا�سية‬ ‫�سمح لالأحذية اأن جتد لها وظيفة جديدة‪،‬‬ ‫فقد حتولت من حافظه للقدم وم�ساعدة على‬ ‫امل�سي اإىل اأداة من اأدوات (احلوار الوطني )‬ ‫يزداد اللجوء اإليها يف حالت الحتقان‪ ،‬كما‬ ‫ميكن اأن تكون امتداد ًا �سناعي ًا (لل�سان ) لكن‬ ‫هذه الأحذية ‪-‬ب��راأي الكاتب‪ -‬مل تعد ت�سفي‬ ‫غليل املتحاورين‪ ،‬لذا تبعها �سروع بالقتل على‬ ‫الهواء مبا�سره و�سالح ناري‪.‬‬ ‫���س�� ّن��اع ال �ن �ك��ت ع �ل��ى � �س �ب �ك��ات ال �ت��وا� �س��ل‬ ‫الجتماعي اأبدعوا اأي�س ًا يف ا�ستثمار حوار‬ ‫الأح��ذي��ة وامل���س��د��س��ات‪ ،‬فقد انت�سرت نكتة‬ ‫تقول اإن رئي�س جمل�س ال�ن��واب ق��رر اجبار‬ ‫اأع���س��اء ال��ربمل��ان على ال��دخ��ول حفاة ب��دون‬ ‫اأح ��ذي ��ة‪ ،‬ف�ي�م��ا ك �ت��ب � �س �ب��اب ال �ف �ي ����س ب��وك‬ ‫تعليقات �ساخرة حتت �سعار (ف�سحتونا ‪)!..‬‬ ‫ودع��ا آاخ��رون اإىل ل��زوم اإدخ��ال الدبابات يف‬

‫تابع اجلمهور الأردين عدة‬ ‫مرات «و�شالت» من امل�شاحنات وال�شرب‬ ‫وال�شتائم بني متحاورين �شواء يف برامج‬ ‫حوارية اأو حتت قبة «الربملان»‪ ،‬منها حادثة‬ ‫ترا�شق بالأحذية من النائب يحيى ال�شعود‬ ‫باجتاه زميله النائب جميل النمري يف اإحدى‬ ‫جل�شات الربملان الأردين‪ ،‬ور�شدت و�شائل‬ ‫الإعالم �شورة «احلذاء الطائر» فيما اأطلق على‬ ‫جل�شة الربملان اآنذاك (‪ 17‬حزيران ‪)2012‬‬ ‫«جل�شة حوار الأحذية»‪ ،‬اأو «دميقراطية‬ ‫الأحذية املتطايرة»‬

‫كل برامج حواري لكي يكتمل امل�سهد‪.‬‬ ‫العنف‪ ..‬ومزاج «االأردين»‬ ‫ل �ك��ن ح��ني ت��دق��ق يف ال��ظ��اه��ره ب���س��وره��ا‬ ‫ال�ت� ّ�ي ت��درج��ت م��ن ح��دة التال�سن اإىل تبادل‬ ‫ال�ستائم‪ ..‬اإىل الرتا�سق بالأحذية‪ُ ،‬و�سو ًل اإىل‬ ‫اإ�سهار ال�سالح تكت�سف اأن عنوان هذا (الألبوم‬ ‫)ه��و العنف‪ ،‬وم��ع اأن ال��الف��ت ه��و اأن اأبطال‬ ‫امل�سل�سل هم من عنا�سر النخب ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫اإل اأنه يعك�س اأي�س ًا حالة الن�سداد ال�سيا�سي‬ ‫والجتماعي التي األقت بظاللها على املجتمع‬ ‫الأردين‪ ،‬ووفق ًا للقراءة ال�سيا�سية الهادئة فقد‬ ‫و�سلت النخب اإىل طريق م�سدود اأ�سبح فيه‬ ‫احل��وار ُمتعذر ًا‪ ،‬ل ب�سبب ا�ستع�ساء الدخول‬ ‫يف عملية الإ��س��الح التي تطالب بها اأغلبية‬ ‫املجتمع منذ نحو عامني‪ ،‬واإمنا ب�سبب الأو�ساع‬ ‫ال�سعبة‪ ،‬وم��ا يحدث يف بع�س‬ ‫القت�سادية ّ‬ ‫دول الإقليم من حتولت وم�ساهد عنف دموية‬ ‫ال�سحف وال�سا�سات‪.‬‬ ‫تتناقلها ّ‬ ‫وه��ذه انعك�ست على م��زاج املواطن الأردين‬ ‫واأ ّثرت يف �سلوكه‪ ،‬اأ�سف اإىل ذلك اأن اأبطال‬ ‫امل�ساجرات العنيفة يف معظم احل��الت هم‬ ‫�سيا�سيون وق �ف��وا ��س��د م���س��روع الإ� �س��الح‪،‬‬ ‫ورمب��ا يعرب ا�ستخدامهم للو�سائل العنيفة‬ ‫ك��رد على خ�سومهم املطالبني بالإ�سالح‬ ‫ُموؤ�سر ًا على (اإفال�سهم �سيا�سي ًا)‪ ،‬اأو على‬ ‫حماولة النتقام من خ�سومهم واق�سائهم‬

‫بالقوة‪ ،‬وفق ًا لبع�س املحللني‪.‬‬ ‫واإذا ك��ان��ت بع�س و�سائل الإع��الم‬ ‫ح � ّم �ل��ت ال �� �س �ي��ا� �س��ة وال �� �س �ي��ا� �س��ي‬ ‫م�سوؤولية هذا العنف‪ ،‬واعتربت اأن‬ ‫ذل��ك موؤ�سر على انهيار منظومة‬ ‫ال�ق�ي��م اأو ع�ل��ى ان��ح��دار م�ستوى‬ ‫احل� ��وار واأخ��الق��ي��ات اخل���س��وم��ة‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬فاإن ال�سوؤال الغائب هو‪:‬‬ ‫هل يتح ّمل الإعالم م�سوؤولية ماحدث؟‬ ‫م�سوؤولية «جو�سات»‬ ‫لالإجابة عن ذلك ميكن ال�ستئنا�س مبا حدث‬ ‫يف ق�سة (اإ�سهار امل�سد�س) فالف�سائية التي‬ ‫ج��رت فيها الواقعة معروفة برباجمها التي‬ ‫تعتمد الإث��ارة ال�سيا�سية يف ج��ذب اجلمهور‬ ‫و�سو ًل اإىل جذب الإع��الن‪ ،‬واختيار ال�سيفني‬ ‫يف ال��ربن��ام��ج ك��ان (م�سمم ًا) ل�ه��ذه الغاية‪،‬‬ ‫باعتبارهما منتاق�سني �سيا�سي ًا‪ ،‬وال�ت��درج‬ ‫يف ط��رح الأ�سئلة ث��م ت�سخني اأج ��واء احل��وار‬ ‫ُو��س��و ًل اإىل (النقطة احل��رج��ة) التي انفجر‬ ‫فيها امل��وق��ف تعطي للم�ساهد انطباع ًا ب�اأن‬ ‫مقدم الربنامج مل يتدخل لتهدئة الرجلني اأو‬ ‫«لتربيد» احل��وار‪ ،‬كما اأن احللقة مل تتوقف‬ ‫عند ب��داي��ة «ج��ول��ة» امل�سارعة ب��الأح��ذي��ة ثم‬ ‫بامل�سد�س‪ ،‬فقد ظلت الكامريا تنقل ال�سورة‬ ‫على ال�ه��واء مبا�سرة حتى النهاية‪ ،‬زد على‬ ‫ذلك اأن مقاطع «الطو�سة» ت�سربت بعد �ساعات‬ ‫اإىل املواقع الإلكرتونية ومت تداولها فيما قامت‬ ‫القناة التلفزيونية باإعادة بث احللقة يف اليوم‬ ‫التايل‪.‬‬ ‫اإذن يتحمل الإع��الم (قناة جو�سات حتديد ًا)‬ ‫ق�سط ًا وافر ًا من م�سوؤولية احلدث الذي جرى‪،‬‬ ‫�سواء اإذا ق�سد الإث��ارة وما يرتتب عليها من‬ ‫ق�سر مقدم الربنامج احلواري‬ ‫منافع‪ ،‬اأو اإذا ّ‬ ‫يف «اإدارة» احل��وار وتوجيهه وتربيد �سخونته‬ ‫اإذا لزم الأم��ر‪ ،‬وه��ذه امل�سوؤولية الخالقية اأو‬ ‫املهن ّية ترتب على و�سائل الع��الم (واجبات)‬ ‫بحق املجتمع‪ ،‬يفرت�س اأن تراعيها‪ ،‬ومراعاتها‬ ‫ل يعني اأب ��د ًا النتقا�س م��ن «ح��ري��ة» اأط��راف‬ ‫احل��وار يف التعبري عن اأفكارهم ول من حرية‬ ‫اجلمهور يف ال�ستماع لوجهات النظر املختلفة‬ ‫وتلقي املعلومات‪ ،‬واإمنا تعني حماية هذه احلرية‬ ‫من الإ�ساءة و�سوء ال�ستخدام‪ ،‬وحماية �ساحب‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫عنف‬ ‫الف�صائيات‬

‫‪142‬‬

‫ال�ت��ي تفر�سها ع��وام��ل خمتلفة‪ ،‬ك�م��ا يعك�س‬ ‫واق��ع الإع��الم اخلا�س ال��ذي ما زال��ت جتربته‬ ‫متوا�سعة‪.‬‬

‫فو�صى و�صتائم حتت قبة جمل�ض النواب‬

‫الراأي الآخر من الإيذاء‪ ،‬ورمبا القتل اأي�س ًا‪.‬‬ ‫االإعالم الر�سمي‪ ..‬غائب‬ ‫واإذا ك��ان غالب ًا م��ا جت��د مثل ه��ذه الق�س�س‬ ‫املثرية م�ساحات وا�سعة يف الف�سائيات اخلا�سة‪،‬‬ ‫ويف املواقع الإخبارية الإلكرتونية �سواء من حيث‬ ‫ال�ست�سافة اأو الرتويج و التعليق‪ ،‬فاإنها ل حتظى‬ ‫بالتغطية الالزمة يف و�سائل الإع��الم الر�سمية‬ ‫و�سبه الر�سمية‪ ،‬ورمب��ا ميكن تف�سري �سباق‬ ‫القطاع الإع��الم��ي اخلا�س نحو ه��ذه الربامج‬ ‫امل�ث��رية ك��ردة فعل لنخفا�س م�ستوى احلرية‬ ‫الإعالمية املتاحة يف و�سائل الإعالم الر�سمية‪.‬‬ ‫يذكر هنا اأن التلفزيون الر�سمي مث ًال تعمد عدم‬ ‫ت�سوير ترا�سق الأحذية يف الربملان رغم اأنه كان‬ ‫موجود لتغطية جل�سة جمل�س النواب كلها اآنذاك‪،‬‬ ‫كما جتنب ومعه ال�سحف اليومية �سبه الر�سمية‬ ‫التعليق على م�ساجرة ال�ن��ائ��ب ال ��ذي اأ�سهر‬ ‫م�سد�سه‪ ،‬ورمبا كان ال�سبب وراء ذالك �سيا�سي ًا‪،‬‬ ‫لكن يبقى امل�ح��ذور الجتماعي حا�سر ًا وراء‬ ‫ذلك‪ ،‬نظر ًا حل�سا�سية العالقات الجتماعية يف‬ ‫جمتمع ت�سيطر عليه «البنية الع�سائرية»‪،‬حيث‬ ‫يخ�سى اأن يثري التناول الإعالمي الر�سمي لها‬ ‫هواج�س وح�سا�سيات �سارة بتما�سك املجتمع‬ ‫و�سالمته ح�سب بع�س امل�سوؤولني‪.‬‬ ‫لكن رغم تنامي حدة ظاهرة العنف يف املجتمع‬ ‫الأردين‪ ،‬وم��ا ترتب عليها من اهتمام ر�سمي‬ ‫واإعالمي‪ ،‬خا�سة فيما يتعلق بعنف اجلامعات‪،‬‬ ‫فاإن حالت العنف التي ترتبط بالنخب ما تزال‬

‫مو�سوع ًا للنقا�س العام يف ال�سارع وال�سالونات‬ ‫ال�سيا�سية فقط‪ ،‬اأما التناول الإعالمي الهادئ‬ ‫وامل��و��س��وع��ي وامل�ه�ن��ي ‪ -‬ق��ان��ون�ي� ًا واجتماعي ًا‬ ‫و�سيا�سي ًا‪ -‬فما زال حمدود ًا وغالب ًا ما ينح�سر‬ ‫يف الإثارة اأو الرف�س والإدانة‪ ،‬وهذا رمبا يعك�س‬ ‫واقع الإع��الم الأردين الر�سمي ومدى الرقابة‬ ‫احلكومية املفرو�سة عليه ب�سكل مبا�سر اأو غري‬ ‫مبا�سر‪ ،‬اإ�سافة اإىل الرقابة الذاتية ال�سارمة‬

‫�لربيع �لأردين‬ ‫من ناحية اأخ��رى‪ ،‬ف�اإن تزامن امتداد العنف‪،‬‬ ‫�سواء يف الربملان اأو على ال�سا�سات اأو يف ال�سارع‬ ‫مع ما جرى يف «الربيع الأردين» الذي مل يكتمل‬ ‫بعد‪،‬هذا التزامن وما ي�ستدعيه من متابعات‬ ‫وق � ��راءات‪ ،‬رمب��ا دف��ع الإع� ��الم ال��ر��س�م��ي اإىل‬ ‫عدم اخلو�س يف املو�سوع ب�سكل عميق‪ ،‬مثلما‬ ‫دفع الإع��الم اخلا�س باأنواعه اإىل «اقتحامه»‬ ‫وال�ستثمار فيه‪� ،‬سواء لك�سب اجلمهور واإر�سائه‬ ‫اأو لتحقيق ال���س�ه��رة‪ ،‬اأو ل �غ��اي��ات التوظيف‬ ‫ال�سيا�سي و�سراعاته التي احتدمت بني بع�س‬ ‫القوى يف املجتمع الأردين‪.‬‬ ‫من املفارقات اأن م�سكلة «العنف» الجتماعي‬ ‫التي طرحت اإعالمي ًا بق ّوة منذ �سنوات على‬ ‫احلكومة وع�ل��ى جمل�س ال �ن��واب‪ ،‬وج��دت مثل‬ ‫هذه الردود من قبل اأع�ساء يف الربملان قدموا‬ ‫«للمجتمع» وعلى الهواء مبا�سرة منوذج ًا يحتذى‬ ‫به لالأ�سف‪،‬ل برتا�سق الأح��ذي��ة فح�سب واإمن��ا‬ ‫باإ�سهار الأ�سلحة النارية‪ ،‬خا�سة بعد اأن ت�سربت‬ ‫معلومات بدخول نحو ثلث اأع�ساء الربملان اإىل‬ ‫اجلل�سات وهم يتز ّنرون م�سدّ�ساتهم ال ّثمينة‬

‫اجلديد يف امل�شهد الإعالمي اأن حادثة‬ ‫التال�شن التي وقعت بني ممد ال�شوابكة‬ ‫النائب يف الربملان احلايل‪ ،‬وبني من�شور �شيف‬ ‫الدين مراد النا�شط ال�شيا�شي والربملاين ال�شابق‬ ‫انتهت اإىل اإ�شهار الأول �شالحاً نارياُ على الثاين‪،‬‬ ‫ور�شدت كامريت برنامج (ق�شية على الهواء)‬ ‫الذي كان يبث على قناة (جو�شات) على الهواء‬ ‫مبا�شرة (‪ 6‬يوليو املا�شي) «�شورة» الرجلني‬ ‫وهما يت�شارعان داخل ال�شتديو منذ اأن بداأ‬ ‫ال�شوابكة ب�شرب مراد بحذائه‪ ،‬وحتى‬ ‫نه�س وبيده «امل�شد�س»‪ ،‬وظ ّل يطارده‬ ‫لتهديده اأو تخويفه‬



‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫مقالت اأني�ض من�شور‬ ‫و�شمريعطا الله اأمنوذجا‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫حتت املجهر‬

‫‪144‬‬

‫«فيروس»‬ ‫األخطاء النحوية‪..‬‬ ‫يجتاح اإعالمنا العربي‬

‫عدنان ع�صيمة‬ ‫كاتب و�صحايف �صوري‬

‫اأزعم اأن هذا العنوان الذي اخرتته ملقالتي‬ ‫ل يحمل �صيئا ً من املبالغة‪ ،‬بل يعرب عن‬ ‫حقيقة واقعة وموؤملة يعي�صها اإعالمنا‬ ‫العربي املعا�رص بكافة اأ�صكاله املكتوبة‬ ‫وامل�صموعة واملرئية‪.‬‬ ‫خا�صة بعد اأن اأ�صبح «فريو�ض» الأخطاء‬ ‫النحوية اأكرث قدرة على النت�صار والتغلغل‬ ‫يف �صلب لغتنا العربية اجلميلة ليف�صد‬ ‫ن�صو�صها‪ ،‬ويق ّو�ض اأركانها‪ ،‬وي�ص ّو�ض‬ ‫اإيقاعها املو�صيقي العذب‪.‬‬

‫ونحن نقراأ ون�سمع ونرى كل يوم كيف اأن الكتّاب‬ ‫واملذيعني واملتحدثني يف احلوارات التلفزيونية‬ ‫ل يرعوون عن تك�سري وحتطيم اأب�سط اأ�سول‬ ‫وقواعد النحو وال�سرف‪ ،‬ومل يعد مما ي�ستثري‬ ‫امل�ساعر اأو يزيد من معدّل اإفراز«الأدرينالني»‬ ‫يف ال���دم‪ ،‬اأن يعمد بع�س م�ساهري ال�ك� ّت��اب‬ ‫واملتكلمني على الهواء اإىل ن�سب الفاعل ورفع‬ ‫املفعول ب��ه‪ ،‬وه��ي م��ن الأخ �ط��اء ال�ت��ي مل يكن‬

‫لقد راأينا موؤخراً كيف اأن و�شائل‬ ‫الإعالم العربية كانت يف حالة ا�شتنفار‬ ‫دائم ب�شبب اأحداث الربيع العربي‬ ‫والنتخابات امل�شرية وماكمة الرئي�س‬ ‫ال�شابق ح�شني مبارك‪ .‬و�شهدنا اأثناء عقد‬ ‫احلوارات واللقاءات التلفزيونية التي‬ ‫ان�شرفت اإىل تغطية هذه الأحداث‪ ،‬العديد‬ ‫من املحللني ال�شيا�شيني واخلرباء والق�شاة‬ ‫وهم يحملون املعاول امل�شحوذة ليقوموا‬ ‫بتحطيم قواعد ال�شرف والنحو‬ ‫العربي اأثناء اأحاديثهم‪.‬‬

‫يرتكبها اأولد املدار�س ال�سغار قبل عقود‪ ،‬ول‬ ‫ندري كيف فقدت اأحرف اجل ّر ق ّوتها اخلارقة‬ ‫على ك�سر الأ�سماء‪ ،‬وجت ّردت اأحرف الن�سب من‬ ‫قدرتها على فتح الفعل امل�سارع يف الن�سو�س‬ ‫املكتوبة اأو املقروءة‪.‬‬ ‫وي �ب��دو اأن �ن��ا اأ�سبحنا نعي�س الآن يف «ع�سر‬ ‫الت�سامح اللغوي» حتى بات من ال�سخف ال�سديد‬ ‫اأن تتوقف اأمام اأقرانك وزمالئك عند الأخطاء‬ ‫النحوية التي تتكرر يف ال�سحف اأو على �سا�سات‬ ‫التلفاز من دون ع ّد اأو ح�ساب‪ ،‬لأنهم �سيعدّونك‬ ‫متحذلق ًا ومن�سرف ًا ع��ن فهم فحوى الكالم‬ ‫مقابل الهتمام بال�سكليات والقوالب‪.‬‬ ‫فريو�س االأخطاء النحوية‬ ‫ع�ن��دم��ا ت�ت���س��ارع الأح� ��داث وي �ت��داخ��ل بع�سها‬ ‫ببع�س‪ ،‬تزداد قدرة فريو�س الأخطاء النحوية‬ ‫على النت�سار‪ ،‬ولقد راأينا موؤخر ًا كيف اأن‬ ‫و�سائل الإع��الم العربية كانت يف حالة‬ ‫ا�ستنفار دائ��م ب�سبب اأح ��داث الربيع‬ ‫العربي والنتخابات امل�سرية وحماكمة‬ ‫الرئي�س ال�سابق ح�سني مبارك‪.‬‬ ‫و� �س �ه��دن��ا اأث� �ن ��اء ع �ق��د احل�� ��وارات‬ ‫واللقاءات التلفزيونية التي ان�سرفت‬ ‫اإىل تغطية هذه الأحداث‪ ،‬العديد من‬ ‫املحللني ال�سيا�سيني واخلرباء والق�ساة‬ ‫وهم يحملون املعاول امل�سحوذة ليقوموا‬ ‫بتحطيم قواعد ال�سرف والنحو العربي‬


‫اأني�ض من�صور‬

‫اأث �ن��اء اأح��ادي�ث�ه��م‪ .‬ول�ع��ل م��ن ثالثة الأث ��ايف اأن‬ ‫ي�سيب هذا الفريو�س حتى القا�سي الأعلى يف‬ ‫املحكمة امل�سرية الذي نطق باحلكم يف ق�سية‬ ‫الرئي�س ال�سابق ح�سني مبارك‪ ،‬والذي ارتكب‬ ‫اأك��رث من ع�سرين خطاأ نحوي ًا خ��الل اأق��ل من‬ ‫ع�سرين دقيقة‪.‬‬ ‫واأذكر اأن الأخطاء النحوية كانت متثل م�سكلة‬ ‫حقيقية يف دول املغرب العربي عقب ال�ستقالل‬ ‫وح�ت��ى ��س�ن��وات ال�سبعينيات والثمانينيات‪،‬‬ ‫وبخا�سة يف اجلزائر التي كتب يل اأن اأعي�س‬ ‫فيها م��ن اأوا� �س��ط ال�سبعينيات حتى اأوا��س��ط‬ ‫الت�سعينيات‪ .‬وميكن تف�سري ذلك بب�ساطة يف اأن‬ ‫�سعوب هذه الدول عا�ست دهور ًا وهي تنطق لغة‬ ‫امل�ستعمر‪ ،‬اإل اأننا نرى الآن كيف جنح املغاربة‬ ‫ب�سكل مثري ل�الإع�ج��اب يف اإع ��ادة الأم ��ور اإىل‬ ‫ن�سابها‪.‬‬ ‫وظ �ه��رت يف ت�ل��ك ال� ��دول ك��وك�ب��ة م��ن ال�ك� ّت��اب‬ ‫املبدعني ال��ذي��ن حت ّلت كتاباتهم بالف�ساحة‬ ‫والبالغة واخل�سوع ّ‬ ‫املقن لأ�سول وقواعد النحو‬ ‫وال�سرف‪ ،‬وك��ان يقف وراء ه��ذه ال�سحوة يف‬ ‫اجلزائر عدد من املبدعني الغيورين على ال�ساد‬ ‫من اأمثال الدكتور عبد امللك مرتا�س والدكتور‬ ‫اأبو القا�سم �سعد اهلل والدكتور عبد اهلل ركيبي‬ ‫واأبو العيد دودو وغريهم كثري‪.‬‬ ‫ال ت�سححوا مقاالتي!‬ ‫وه�ن��اك الكثري م��ن الق�س�س الطريفة التي‬ ‫ت�ستحق اأن تُروى عن م�ساكل الأخطاء النحوية‬ ‫والطباعية يف ال�سحافة املغاربية اأي��ام زمان‪،‬‬ ‫ومنها تلك التي رواه��ا يل ال�سديق والكاتب‬ ‫ال���س��وري م�سطفى �سليمان ال��ذي ك��ان يعمل‬

‫حتيه كاريوكا‬

‫�صمري عطا الله‬

‫اأ��س�ت��اذ ًا للغة العربية يف اأح��د معاهد مدينة‬ ‫الرباط يف اأوا�سط الثمانينيات‪.‬‬ ‫فقد كان ي�ستكي من كرثة الأخطاء النحوية التي‬ ‫تخرج بها مقالته يف جريدة «ال َع َلم» بالرغم‬ ‫من اأنه كان ير�سلها اإىل رئي�س التحرير‬ ‫مكتوبة بخط ال�ي��د وبلغة �سليمة ل‬ ‫ل ميكن اأن ُتعزى الأخطاء‬ ‫غ�ب��ار عليها‪ ،‬وق� � ّرر ذات م�� ّرة اأن‬ ‫النحوية املتكررة للكاتب اأو املتحدّث‬ ‫يق�سد مكاتب اجلريدة ليتحدث‬ ‫على الهواء مبا�شرة اإىل ال�شدفة اأو‬ ‫ع��ن ه��ذه الأخ��ط��اء م��ع رئي�س‬ ‫ال�ت�ح��ري��ر‪ ،‬وح���س��ل م�ن��ه على‬ ‫عدم الرتكيز‪ ،‬بل اإنها تاأتي من اجلهل‬ ‫وعد بعدم تكرار هذه الأخطاء‬ ‫باأ�شول وقواعد النحو وال�شرف‪ .‬وكثرياً‬ ‫وب �ت �اأن �ي��ب امل���س�ح�ح��ني على‬ ‫ما يطلق الن ّقاد والل�شانيون على هذه‬ ‫اإهمالهم‪ ،‬وطلب منه اأن يكتب‬ ‫الظاهرة م�شطلح « َع َوج الل�شان»‪ ،‬وهو‬ ‫مقا ًل ي�سرح فيه هذه الأخطاء‬ ‫تعبري وا�شح عن ظاهرة خروج الن�شو�س‬ ‫حتى يربىء نف�سه اأمام القراء‬ ‫املكتوبة اأو املقروءة عن ال�شوابط‬ ‫واعد ًا اإياه بن�سره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الإيقاعية اجلميلة التي تع ّد من اأهم‬ ‫وك� ��ان م��ن امل���س�ح��ك اأك� ��رث اأن‬ ‫هذا‬ ‫امل�سحح الذي تك ّفل مبراجعة‬ ‫ّ‬ ‫م ّيزات اللغة العربية‪.‬‬ ‫املقال كان يقوم بعمله بطريقة اآل ّية‬ ‫بحتة‪ ،‬ومن دون اأن يك ّلف نف�سه حماولة‬ ‫فهم فحوى املو�سوع‪ ،‬فما كان منه اإل اأن قام‬ ‫بت�سحيح الن�سو�س التي و�سعها الكاتب �سمن‬ ‫اأقوا�س كبرية وهي حتمل الأخطاء النحوية حتى‬ ‫تطابق م�سمونها مع الن�سو�س امل�سححة التي‬ ‫(ل ت�سححوا اأخطائي!!)‪.‬‬ ‫اأدرجها الكاتب يف مقاله �سمن اأقوا�س اأخرى‪.‬‬ ‫وكانت النتيجة اأن خ��رج املقال وه��و خ��ال من‬ ‫و«ع َوج الل�سان»‬ ‫«اللحن»‪َ ..‬‬ ‫اأي معنى اأو ق�سد ميكن للقارىء اأن يفهمه‪،‬‬ ‫ول ميكن اأن تُعزى الأخطاء النحوية املتكررة‬ ‫ومب��ا اأ� �س��اء للكاتب ولل�سحيفة اأك��رث واأك��رث‪،‬‬ ‫للكاتب اأو املتحدّث على ال�ه��واء مبا�سرة اإىل‬ ‫ومل يت�س ّرب الياأ�س اإىل نف�س الكاتب فكتب يف‬ ‫ال�سدفة اأو ع��دم الرتكيز‪ ،‬بل اإنها تاأتي من‬ ‫�سم فيه هذا اخلطاأ‬ ‫ال�سحيفة مقا ًل جديد ًا ّ‬ ‫اجلهل باأ�سول وقواعد النحو وال�سرف‪ ،‬وكثري ًا‬ ‫اجلديد اإىل الأخطاء ال�سابقة واختار له عنوان‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫حتت املجهر‬

‫‪146‬‬

‫�صمري عطا الله مروة كردية‬

‫ما يطلق الن ّقاد والل�سانيون على هذه الظاهرة‬ ‫«ع َوج الل�سان»‪ ،‬وهو تعبري وا�سح عن‬ ‫م�سطلح َ‬ ‫ظاهرة خروج الن�سو�س املكتوبة اأو املقروءة عن‬ ‫ال�سوابط الإيقاعية اجلميلة التي تُع ّد من اأهم‬ ‫م ّيزات اللغة العربية‪ ،‬وكثري ًا ما يطلق النقاد‬ ‫على هذه الظاهرة اأي�س ًا م�سطلح «اللحن»‪.‬‬ ‫وهذا يعني اأن الكاتب املتم ّر�س والعارف باأ�سول‬ ‫النحو وال�سرف ي�سعر اأثناء الكتابة باأن قلمه‬ ‫م�سبوط ك �اأوت��ار ال �ع��ود اأو ك�اأ��س��اب��ع البيانو‪،‬‬ ‫وينطبق ال�سعور ذاته على املتحدث عرب التلفاز‬ ‫وال ��ذي ي�ع��رف كيف ي�سبط ل�سانه على تلك‬ ‫القواعد‪.‬‬ ‫ويخطىء من يظن اأن الأخ�ط��اء النحوية هي‬ ‫حكر على الكتّاب املبتدئني‪ .‬وكثري ًا ما يتندّر‬ ‫عتاة امل�سححني اللغويني يف كربيات ال�سحف‬ ‫وامل �ج��الت ب��الأخ�ط��اء ال�سنيعة ال�ت��ي يرتكبها‬ ‫م�ساهري الكتّاب واملوؤلفني‪.‬‬ ‫وقد ل يحتاج املرء اإىل �سهاداتهم حتى يتل ّم�س‬ ‫ه��ذه ال�ظ��اه��رة‪ ،‬ب��ل يكفيه اأن يتابع م��ا يكتبه‬ ‫بع�سهم يومي ًا على �سفحات اجل��رائ��د اأو ما‬ ‫ينطقون ب��ه ع��رب و��س��ائ��ل الإع� ��الم امل�سموعة‬ ‫واملرئية‪.‬‬ ‫واأ�سوق فيما يلي ن�س ًا كام ًال لعمود «مواقف»‬ ‫للكاتب الكبري والأدي��ب الراحل اأني�س من�سور‬ ‫والذي ن�سرته جريدة الأهرام بتاريخ ‪ 17‬نوفمرب‬ ‫‪ 2011‬اأي بعد وفاته ب�سبعة وع�سرين يوم ًا (تويف‬ ‫يف ‪ 21‬اأك�ت��وب��ر)‪ ،‬وتع ّر�س فيه ملو�سوع �سغف‬ ‫امل��راأة بالأزياء وبلغ عدد كلماته ‪ ،247‬متمني ًا‬ ‫على م�سحح املجلة اأن ل يعمد اإىل ت�سحيحه‬ ‫بعد اأن اأدرجته �سمن قو�سني كبريين من دون‬

‫�صعار جريدة ال�رصق الأو�صط‬

‫اأن اأغري فيه �سيئ ًا‪:‬‬ ‫(الزياء هي تطوير يف ورقة التوت‪ ..‬مرة جتعلها‬ ‫�سغرية ومرة كبرية ومرة �سفافة ومرة داكنة‪..‬‬ ‫وتت�سع ورقة التوت فتغطي اجل�سم كله اأو تعريه‪..‬‬ ‫والأزياء لي�ست للوقاية من احلر والربد‪ ..‬وامنا‬ ‫لك�سف مفاتن امل��راأة لأنها تريد اأن ت�ستعر�س‬ ‫ولأن الرجل يريد اأن يري!‬ ‫قال اأ�ستاذنا العقاد‪ :‬اإن حياة املراأة تتلخ�س يف‬ ‫هذه العبارة الق�سرية‪ :‬اإنها تتجمل وتتعر�س‬ ‫وتنتظر!‬ ‫واملو�سة هي و�سط بني الحت�سام والتعري و�سيء‬ ‫غريب اأن جند يف التوراة ان الرب عند اليهود‬ ‫يلعن امل ��راأة املتربجة ويتوعدها ب �اأن يجعلها‬ ‫�سلعاء‪ ،‬واأن يحطم غرورها من كل مالديها اإذا‬ ‫اأ�سرت علي اخليالء ولفت الأنظار والتحري�س‬ ‫علي الرذيلة‪..‬‬ ‫وقد جاء يف �سفر ا�سعياء ال�سحاح الثالث ان‬ ‫ال��رب ق��د ك��ره بنات �سهيون لأن�ه��ن يتبخرتن‬ ‫ومي�سني ممدودات الأعناق وغامزات بعيونهن‬ ‫وخ��اط��رات يف م�سيهن وي�سخ�سخن باأرجلهن‬ ‫ويعاقبهن الرب ويعري عورتهن وينزع اخلالخل‬ ‫وال�سفائر واحللق وال�ساور والرباقع واخلوامت‬ ‫والثياب املزخرفة والقم�سان وبدل من الروائح‬ ‫العطرية تكون العفونة‪..‬‬ ‫ويف �سفر �سفنيا ال�سحاح الأول يقول‪ :‬و�سوف‬ ‫اأعاقب الروؤ�ساء وجميع الذين يرتدون مالب�س‬ ‫غريبة!‬ ‫ول �سيء ي��دل علي قلق امل��راأة وع��دم �سعورها‬ ‫بالأمان اإل هذه الزي��اء املو�سة التي تتغري من‬

‫حني ايل اآخر واملراأة ت�سايرها وحتر�س عليها‪..‬‬ ‫فهي حتر�س علي التغري وحتر�س علي القلق‬ ‫وم�سممو الزياء يعرفون جيدا ماذا تريد املراأة‬ ‫وما الذي يريحها!)‬ ‫والزي��اء ي�سممها رجال فيهم اأنوثة اأي اأقرب‬ ‫ايل امل ��راأة واأ� �س��رع ايل فهمها وه��م وه��ن بال‬ ‫منطق!‬ ‫وكما اأن امل��راأة بعد اأن خرجت ايل العمل لن‬ ‫تعود ايل البيت فكذلك �سوف ترتدي املراأة ورقة‬ ‫التوت اأو األف ورقة توت حالل؟ حرام؟ ان هناك‬ ‫عقدا �سريا بني الرجل وامل��راأة هي تتعري وهي‬ ‫وهو �سعيدان بذلك!)‪.‬‬ ‫وبالرغم من اأننا هنا يف ح�سرة الكاتب العمالق‬ ‫اأني�س من�سور الذي اأثرى املكتبة العربية بعدد‬ ‫كبري من املوؤلفات‪ ،‬اإل اأن ذلك ل يعني اأن��ه مل‬ ‫يكن يرتكب الأخطاء ويقع يف الهفوات‪ .‬ولقد‬ ‫يبدو ذلك جل ّي ًا من خالل هذا الن�س الذي يربز‬ ‫فيه اإهماله يف و�سع العالمات‪ ،‬وتنقيط الألف‬ ‫املق�سورة لتتحول اإىل ياء‪ ،‬واإ�سقاط الهمزات‪،‬‬ ‫وتفكك معاين بع�س اجلمل‪ ،‬والقفز من جملة‬ ‫اإىل اأخرى قبل اكتمال املعنى‪ .‬ويبدو بو�سوح اأن‬ ‫اأني�س من�سور مل يراجع الن�س قبل دفعه اإىل‬ ‫اجلريدة لكرثة م�ساغله وتعدد اجلرائد التي‬ ‫كانت تتهافت على نتاجاته الفكر ّية‪ ،‬اأو لأنه كان‬ ‫يعلم علم اليقني اأن النقد الأدب��ي عند العرب‬ ‫انتهى اإىل غري رجعة‪ ،‬واأن الن ّقاد ماتوا وانتهوا‬ ‫مبوت اأمثال الع ّقاد الذي ي�ست�سهد به يف عموده‬ ‫بعبارة غري مفهومة‪.‬‬


‫بالرغم من اأننا يف ح�شرة الكاتب‬ ‫العمالق اأني�س من�شور الذي اأثرى املكتبة‬ ‫العربية بعدد كبري من املوؤلفات‪ ،‬اإل اأن ذلك‬ ‫ل يعني اأنه مل يكن يرتكب الأخطاء ويقع‬ ‫يف الهفوات‪ .‬ولقد يبدو ذلك جل ّياً من خالل‬ ‫هذا الن�س ( مقاله ب�شحيفة الأهرام بتاريخ‬ ‫‪ 17‬نوفمرب ‪ ) 2011‬والذي يربز فيه اإهماله‬ ‫يف و�شع العالمات‪ ،‬وتنقيط الألف املق�شورة‬ ‫لتتحول اإىل ياء‪ ،‬واإ�شقاط الهمزات‪ ،‬وتفكك‬ ‫معاين بع�س اجلمل‪ ،‬والقفز من جملة اإىل‬ ‫اأخرى قبل اكتمال املعنى‪.‬‬

‫«�سطحات» �سمري عطا اهلل‬ ‫وقد ل يقل كاتب العمود اللبناين ال�سهري �سمري‬ ‫عطا اهلل عن الأديب الراحل اأني�س من�سور يف‬ ‫ح�سو اأعمدته باجلمل الغريبة الناق�سة وغري‬ ‫املفهومة‪ ،‬ونختار منها ع�م��ود ًا ن�سره يف عدد‬ ‫جريدة «ال�سرق الأو�سط» ليوم الأحد امل�سادف‬ ‫للرابع والع�سرين من �سهر يونيو ‪ 2011‬اختار له‬ ‫عنوان «ي�سار حتية كاريوكا» ونعر�سه فيما يلي‬ ‫على القارىء املتم ّعن حتى يقف على ما ت�سمنه‬ ‫من «�سطحات تعبريية» وجمل مفككة واأخطاء‬ ‫نحوية وا�ستعمال خاطىء لعالمات التنقيط‪،‬‬ ‫واأ��س��ري م��رة اأخ��رى على م�سحح املجلة اأن ل‬ ‫يعمد اإىل ت�سحيح اأي كلمة اأو عالمة من الن�س‬ ‫احل��ريف امل��درج اأدن ��اه واملح�سور ب��ني قو�سني‬ ‫كبريين‪:‬‬ ‫(ي�سار حتية كاريوكا‪ :‬اإىل ما قبل ق��راءة هذا‬ ‫الكتاب‪ ،‬كنت بني الذين عا�سوا مع انطباع �سبه‬ ‫عام‪ ،‬هو اأن الراق�سة ال�سهرية حتية كاريوكا‪،‬‬ ‫بل رمبا اأ�سهر راق�سة �سرقية يف ال�سينما‪ ،‬كانت‬ ‫ اإىل جانب الرق�س ‪ -‬منا�سلة من منا�سالت‬‫الي�سار العربي‪ .‬ويف مرحلة من مراحل ال�سباب‬ ‫كان اأهل الي�سار يحتقرون من ينظر اإىل «توحة»‬ ‫نظرة دنيوية تب�سيطية‪ ،‬رمزها الع�سا البلدي‬ ‫و� �س��ورت �ه��ا ال �ه��ز م��ن حت��ت ال�ع�ن��ق اإىل حتت‬ ‫القدمني‪.‬‬ ‫وكم �سعرت بالذنب لأنني ف�سلت يف اكت�ساف‬

‫الي�سار عند ال�سيدة توحة‪.‬‬ ‫وم��ا ا�ستطعت‪ ،‬على الرغم من‬ ‫اجلهد‪ ،‬اأن اأتبني �سفات الن�سال ما بني‬ ‫و�سلة واأخرى‪ .‬ومل اأجروؤ مرة على اأن اأطرح اأي‬ ‫�سوؤال حول الن�سال الي�ساري يف رقرقات ال�سيدة‬ ‫توحة‪ ،‬خوفا من اأن اأتهم بالغباء اأو بالرجعية‬ ‫اليمينية‪ ،‬اأو باأنني من الذيليني الإمربياليني‬ ‫ال��ذي��ن اأخفقوا يف اإدراك البعد الن�سايل يف‬ ‫هزهزات حتية‪.‬‬ ‫عرب الزميل جنم عبد الكرمي عامل امل�ساهري‪،‬‬ ‫كما ه��ذه احل �ي��اة‪ ،‬بالطول وب��ال�ع��ر���س‪ .‬ذهب‬ ‫اإىل مقابلة ول ديورانت‪ ،‬موؤرخ القرن املا�سي‪،‬‬ ‫يف اأمريكا‪ ،‬واإىل بيت طه ح�سني يف القاهرة‪.‬‬ ‫عمل يف الإخراج ويف التمثيل ويف ال�سيناريو ويف‬ ‫امل�سرح ويف الغناء‪ ،‬ول يزال‪ .‬واإذا �سمعت �سوتا‬ ‫جهوريا رو�سيا ياأتي من نوافذ باري�س اأو م�سارح‬ ‫لندن فاعرف‪ ،‬حفظك اهلل‪ ،‬اأنه الهاوي الأبدي‬ ‫جنم عبد الكرمي‪.‬‬ ‫اأهمية معظم املقابالت التي اأجراها اأبو اأجمد‬ ‫ح��ول ال �ك��رة الأر� �س �ي��ة اأن معظمها م�سجل‪.‬‬ ‫والأهمية الثانية اأنها مقابالت اأجراها جنوم‬ ‫ال�ع��امل م��ع جن��م‪ ،‬ال��ذي ل�ست اأ��س��ك حلظة يف‬ ‫اأن��ه طلب يد النجمات الالتي قابلهن يف �سن‬ ‫ال�سعادة واأن ال��ذي رف�س اأو اعتذر هو اأي�سا‬ ‫جنم‪ .‬لأن جنم حالة ب�سرية خيالية ل�سدة ما‬ ‫هي حقيقية‪ .‬ولأن الذين يعرفونه يعرفون قبل‬ ‫اأي �سيء اأنهم لن يعرفوه‪ ،‬لأن �سدقه واحد‬ ‫واأ�سخا�سه كثريون‪ .‬م�سرح ف��ردي ج��وال حول‬ ‫العامل ومونولوج متنقل مثل يوربيدي�س ل حاجة‬ ‫به اإىل م�ساند اأو حم��اور‪ .‬يح�سر ومعه جميع‬

‫�صعار جريدة الأهرام‬

‫اأ�سخا�سه مثل الر�سوم املتحركة التي كان ميثل‬ ‫جميع اأدوارها ب�سوت هدار اأو �سوت طفل‪.‬‬ ‫يف كتابه اجلديد «�سخ�سيات عرفتها وحاورتها»‬ ‫ دار ريا�س الري�س‪ ،-‬تك�سف حتية كاريوكا‬‫لنجم عبد ال �ك��رمي‪ ،‬ال�ك��ذب��ة ال�ت��ي ق��ال��ت اإنها‬ ‫دخلت ال�سجن لأنها ي�سارية وتعمل �سد النظام‪:‬‬ ‫«�سوف يا خويا‪ .‬ل ي�سار ول حاجة‪ .‬زوجي كان‬ ‫بكبا�سي «‪ ..»1954‬يحب نف�سه ويحب اأناقته‬ ‫ويحب الن�ساء‪� .‬سبطوه ويف البيت �سالح‪ .‬خدونا‬ ‫ال�سجن واأن��ا بقيت هناك ‪ 100‬ي��وم‪ .‬ث��م قال‬ ‫لهم دي توحة بتاعة فن ورق�س ومالها�س يف‬ ‫ال�سيا�سة!‪ ..‬اأفرجوا عنها‪ .‬وخرجت فورا‪ ..‬اإىل‬ ‫الطالق)‪.‬‬ ‫هكذا يبداأ عمود �سمري عطا اهلل‪ ،‬الفائز بعدة‬ ‫ج��وائ��ز ع��ن كتابة العمود ال�سحفي‪ ،‬وهكذا‬ ‫ينتهي‪ ،‬ول �سك اأنه ما كان لي�سمح لنف�سه بن�سر‬ ‫مثل هذا العمود لومل يكن يعلم علم اليقني اأن اآلة‬ ‫النقد الأدبي عند العرب متعطلة متام ًا ومتوقفة‬ ‫عن الدوران منذ بداية �سنوات الثمانينيات من‬ ‫القرن املا�سي‪ ،‬وميكنني اأن اأفرت�س باأنه لو ن�سر‬ ‫هذا العمود يف �سنوات ال�ستينيات ملا كان له اأن‬ ‫وح ّرا�س الكلمة‪.‬‬ ‫ينجو من �سيوف الن ّقاد ُ‬ ‫ولالأ�سف ال�سديد فاإنك عندما تتناول ظاهرة‬ ‫�سلبية خطرية فاإنك ل ت�ستطيع اأن ت�ستعني اإل‬ ‫بنماذج قليلة ل�سرحها‪ ،‬وهذا ي�سبه حال الطبيب‬ ‫الباحث الذي ل يجد ث ّمة من داع لذكر اأ�سماء‬ ‫معني حتى يقدّم �سروحه‬ ‫كل امل�سابني مبر�س ّ‬ ‫املف�سلة عن اأعرا�سه واأخطاره‪ ،‬واإمن��ا يكتفي‬ ‫باختيار منوذج اأو منوذجني فح�سب‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫�صدى‬ ‫اجلامعات‬

‫‪148‬‬

‫الرئي�ض التنفيذي للم�رضوع يف جامعة خليفة‬

‫فاهم النعيمي‪:‬‬

‫«عنكبوت» م�سروع يوؤ�س�س للتعليم والبحوث‬

‫حوار‪ -‬اإبراهيم احل�صن‬ ‫املعرفة هي اأحد اأهم الأهداف‬ ‫ال�صرتاتيجية التي ينظر اإليها‬ ‫القائمون على اأمر الدولة‪ ،‬كاأمنوذج‬ ‫متكامل يف الو�صول اإىل جمتمع‬ ‫معريف فكرا ً ومنهجاً‪،‬لهذا ي�صعون‬ ‫اإىل تر�صيخ بيئة معرفية متجددة‬ ‫ت�صهم يف بناء املجتمع‪ ،‬وُ�صول ً‬ ‫اإىل م�صتوى نوعي ومتميز يف الأداء‬ ‫الفردي املوؤ�ص�صي‪.‬‬


‫وت�سري الأدبيات ذات العالقة اإىل اأن دور تقنية‬ ‫الت �� �س��ال وامل�ع�ل��وم��ات يف التعليم اجلامعي‬ ‫�سيكون له تاأثري متعدد الأبعاد‪ ،‬خا�سة مع �سيوع‬ ‫تطبيق مفهوم التعلم امل��رن‪ ،‬حيث ت�ستخدم‬ ‫التقنيات يف القاعات الدرا�سية من جهة‪ ،‬وجعل‬ ‫التعليم متاح ًا يف مواقع واأوق��ات خمتلفة من‬ ‫جهة اأخرى‪ ،‬مما يعني اأن احلدود الفا�سلة بني‬ ‫التعليم يف املدينة اجلامعية والتعليم عن بعد‬ ‫�ست�سبح اأقل و�سوح ًا اأو اأكرث �سبابية‪ ،‬لأن ثقافة‬ ‫التقنيات اجل��دي��دة‪ ،‬احلالية لي�ست حمايدة‬ ‫بالن�سبة للقيم كناقالت للحقائق واملعلومات‬ ‫واإمن���ا حت�م��ل ق�ي�م� ًا وم�ع�ت�ق��دات واأول��وي��ات‬ ‫منتجيها‪ ،‬مما يعني �سرورة املحافظة‬ ‫ع �ل��ى ال� �ت���وازن ب ��ني اخل���س��و��س�ي��ة‬ ‫الثقافية والثقافات الأخرى‪.‬‬ ‫�سمن هذه الروؤية ياأتي م�سروع‬ ‫«ع �ن �ك �ب��وت»‪ ،‬ال� ��ذي اأوج ��دت ��ه‬ ‫الدولة لت�سهيل مهمة الباحثني‪،‬‬ ‫وه� ��ذا م ��ن ��س�م�ي��م اأه��داف �ه��ا‬ ‫ال� �س��رتات �ي �ج �ي��ة ل �ل �ع��ام ‪2020‬‬ ‫«التعليم اأو ًل»‪ ،‬واأي�س ًا للو�سول اإىل‬ ‫اقت�ساد م�ستدام مبني على املعرفة‪.‬‬ ‫ملزيد م��ن التف�سيل ح��ول ه��ذا امل�سروع‬

‫يف جامعة خليفة يف اأبوظبي‪ ،‬حاورت «الإعالم‬ ‫وال�ع���س��ر» ال��دك�ت��ور ف��اه��م النعيمي الرئي�س‬ ‫التنفيذي لل�سركة الوطنية للبحوث والدرا�سات‬ ‫(عنكبوت)‪ ،‬حول امل�سروع واأهدافه وخطواته‬ ‫امل�ستقبلية‪ ..‬وفيما يلي ن�س احلوار‪:‬‬

‫تعترب �شبكة عنكبوت اأحد‬ ‫اأهم املقومات الأ�شا�شية يف دعم‬ ‫منو اقت�شاد الإمارات‪ ،‬وت�شهم يف‬ ‫ازدهار م�شتقبله‪ ،‬ومن خالل �شبكتها‬ ‫ذات العتماديةالعالية‪ ،‬وفائقة ال�شرعة‬ ‫لالت�شال ب�شبكة الإنرتنت‪ ،‬فاإنها تقدم‬ ‫للباحثني القنوات املالئمة لالت�شال‬ ‫بزمالئهم الباحثني يف كل‬ ‫اأنحاء العامل‪.‬‬

‫• بداية‪ ،‬ماذا عن وجود العنكبوت يف جامعة‬ ‫خليفة؟‬ ‫تعترب �سبكة ع�ن�ك�ب��وت اأح ��د اأه ��م امل�ق��وم��ات‬ ‫الأ�سا�سية يف دعم منو اقت�ساد الإمارات‪ ،‬وت�سهم‬ ‫يف ازده��ار م�ستقبله‪ ،‬ومن خالل �سبكتها ذات‬ ‫العتمادية العالية‪ ،‬وفائقة ال�سرعة لالت�سال‬ ‫ب�سبكة الإنرتنت‪ ،‬فاإنها تقدم للباحثني القنوات‬ ‫املالئمة لالت�سال بزمالئهم الباحثني يف كل‬ ‫اأنحاء العامل‪ ،‬واإجراء البحوث املكثفة والتعاون‬ ‫مع املراكز البحثية املنت�سرة حول العامل‪.‬‬ ‫وتعمل على دعم اجلامعات‪ ،‬ومراكز البحوث‬ ‫واملدار�س‪ ،‬املراكز العلمية‪ ،‬وامل�ست�سفيات‬ ‫التعليمية والتعليم عن بعد‪ ،‬ولتوفري‬ ‫الإط � ��ار ال�ع��ري����س م��ن ال�سبكات‬ ‫املتخ�س�سة‪ ،‬التي ل تدخل يف‬ ‫ال�سبكات املحلية التي تدخل يف‬ ‫الإنرتنت‪.‬‬ ‫املنتديات‪ ..‬واآفاق التعاون‬ ‫• ما هي اأهداف امل�شروع ؟‬ ‫الأه ��داف الأ�سا�سية التي ي�سعى‬ ‫اإليها م�سروع «عنكبوت» هي‪ :‬حتقيق‬ ‫وتاأ�سي�س وت�سغيل �سبكة للتعليم والبحوث‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫يف الإمارات العربية املتحدة‪ ،‬وت�ستطيع العديد‬ ‫من اجلهات واملوؤ�س�سات العاملة يف الإم��ارات‬ ‫م��ن قطاعات خمتلفة اأن تن�سم اإىل ع�سوية‬ ‫�سبكة عنكبوت مثل‪ :‬موؤ�س�سات التعليم العايل‪،‬‬ ‫موؤ�س�سات التعليم الأهلية‪ ،‬امل��دار���س‪ ،‬حدائق‬ ‫احليوان واملتنزهات الطبيعية‪ ،‬املتاحف واملواقع‬ ‫الأث��ري��ة‪ ،‬املكتبات ال�ع��ام��ة‪ ،‬وم��راك��ز خدمات‬ ‫الرعاية ال�سحية‪.‬‬ ‫كما ميكن للجهات الأخ��رى التي لديها وحدة‬ ‫اأب�ح��اث وترغب يف التوا�سل مع اأح��د اأع�ساء‬ ‫عنكبوت‪ ،‬لال�ستفادة من خدماته لالأغرا�س‬ ‫البحثية ح���س��ر ًا‪ ،‬وذل��ك بعد احل���س��ول على‬ ‫موافقة من قبل الع�سو املعني وعنكبوت اأي�س ًا‪.‬‬ ‫• ماذا تفعل �شبكة عنكبوت الآن؟‬ ‫ت�ق��وم ال�سبكة ب��رب��ط اجل�ه��ات الأك��ادمي �ي��ة مع‬ ‫بع�سها بع�س ًا ب�سبكة ات�سال متقدمة تعتمد على‬ ‫برتوكول الإن��رتن��ت‪ ،‬واإق��ام��ة منتديات ملناق�سة‬ ‫اآفاق التعاون‪ ،‬والبحث باأ�سلوب جماعي تعاوين‬ ‫�سمن اجلامعات واملعاهد يف الإمارات‪ ،‬وتوفري‬ ‫الآليات الالزمة التي تتيح م�ساركة املحا�سرات‬ ‫اجلامعية والتعليمية وال�ن��دوات الت�سجيع علي‬ ‫الربط ما بني اأنظمة املكتبات ما ي�سهل الو�سول‬ ‫اإىل حمتوياتها‪.‬‬ ‫الدفع باجتاه املزيد من التعاون مع اجلامعات‬ ‫العاملية – رب��ط املعاهد واجل��ام�ع��ات العاملية‬ ‫يف ال��دول��ة م��ع اجل��ام�ع��ات وامل�ع��اه��د الأم حول‬ ‫العامل – متكني ت�سغيل التطبيقات على �سبكة‬ ‫بروتوكول الإنرتنت‪.‬‬ ‫فكرة عربية جديدة‬ ‫• هل يوجد مثيل لهذه ال�شبكة يف املحيط‬ ‫العربي؟‬

‫�صدى‬ ‫اجلامعات‬

‫‪150‬‬

‫لأع�سائها وفرة مادية من خالل اأ�سلوبها القوي‬ ‫يف ال�سراء اجلماعي ملتطلبات اأعمالهم يف جمال‬ ‫اخلدمات وال�سبكات وعلى امل�ستوي الوطني‪.‬‬ ‫ويف جم��ال ال�ب�ح��ث حت �ت��اج امل�ع��اه��د يف وقتنا‬ ‫الراهن اإىل �سبكة ذات قدرات متقدمة لإدارة‬ ‫وم�ساركة كمية �سخمة من امللفات واملعلومات‪،‬‬ ‫وتطوير الأدوات املتقدمة والتطبيقات والربامج‬ ‫والتي ت�سكل جمتمعة حلو ًل للم�ساكالت التي‬ ‫تزداد تعقيد ًا مع مرور الزمن‪.‬‬ ‫وبالن�سبة للتعليم التفاعلي‪ ،‬فاإنه ميكن لالأ�ساتذة‬ ‫ك�سر حواجز ال�سفوف التعليمية التقليدية‪،‬‬ ‫وفتح الأبواب اأمام عامل من امل�سادر التعليمية‪،‬‬ ‫واحل�سول على ال�سور املبا�سرة عالية اجلودة‪،‬‬ ‫والأدوات التعليمية مثل النماذج ثالثية الأبعاد‬ ‫للقلب الب�سري‪.‬‬ ‫احتاد مكتبات‬ ‫• من اأين حت�شلون على الدعم مل�شروعكم؟‬ ‫نح�سل على ال��دع��م م��ن �سندوق تكنولوجيا‬ ‫امل �ع �ل��وم��ات والت �� �س��ال ال �ت��اب��ع لهيئة تنظيم‬ ‫الت�سالت يف الإمارات وجامعة خليفة‪.‬‬

‫يف العامل العربي‪ ،‬تعترب العنكبوت فكرة جديدة‪،‬‬ ‫غري اأن دولة الإمارات �سبقت كعادتها‪ ،‬فاأن�ساأنا‬ ‫�سبكة خا�سة مع اأمريكا ومع كل اجلامعات يف‬ ‫الإم ��ارات خ�سي�س ًا للتعليم‪ ،‬والتعليم اليوم‬ ‫اأ�سا�س رقي كل دولة واأ�سا�س لكل اقت�ساد‪ ،‬ودولة‬ ‫الإمارات لديها خطة يف ال�سنوات املقبلة‪ ،‬جلهة‬ ‫اأن يكون ما بني ‪ 38% – 36‬من اقت�سادها مبني ًا‬ ‫على املعرفة‪.‬‬ ‫اجلدير بالذكر اأن �سبكة عنكبوت الآن تربط‬ ‫اجل��ام�ع��ات يف دول��ة الإم� ��ارات ب�سرعة ت�سل‬ ‫اإىل ‪ 10‬جيجابايت يف الثانية‪ ،‬بحيث ميكن‬ ‫للمتعاملني معها م��ن ط��الب واأ� �س��ات��ذة من‬ ‫ال��و� �س��ول اإل �ي �ه��ا ب���س��رع��ة ت���س��ل اإىل ‪1‬‬ ‫جيجابايت يف الثانية‪.‬‬ ‫• هل من فوائد اأخرى تقدّمها‬ ‫الأهداف الأ�شا�شية‬ ‫عنكبوت؟‬ ‫اإن�ه��ا تن�سر روح التعاون‬ ‫التي ي�شعى اإليها م�شروع‬ ‫بني الطالب والأ�ساتذة‬ ‫«عنكبوت» هي‪ :‬حتقيق وتاأ�شي�س‬ ‫العاملني يف اجلهات‬ ‫وت�شغيل �شبكة للتعليم والبحوث يف‬ ‫الأكادميية والبحثية‬ ‫يف الإم � � � � � � ��ارات‪،‬‬ ‫الإمارات العربية املتحدة‪ ،‬وت�شتطيع‬ ‫وال� �ت ��وا�� �س ��ل ف�ي�م��ا‬ ‫العديد من اجلهات واملوؤ�ش�شات‬ ‫بينهم والنفتاح على‬ ‫العاملة يف الإمارات من قطاعات‬ ‫جمتمعات بحثية عاملية‬ ‫ذات اآف��اق وا�سعة‪ ،‬كما‬ ‫خمتلفة اأن تن�شم اإىل ع�شوية‬ ‫تطوير‬ ‫ت�سعى «عنكبوت» اإىل‬ ‫�شبكة عنكبوت‬ ‫امل�ساريع يف الإم��ارات انطالق ًا‬ ‫م��ن ك��ون�ه��ا م��رك��ز ًا ع��امل�ي� ًا لختبار‬ ‫امل�ساريع واخلدمات ال��رائ��دة‪ ،‬ما يوؤدي‬ ‫اإىل ابتكار خدمات ومنتجات جديدة‪.‬‬ ‫اأم��ا على امل�ستوى الق�ت���س��ادي‪ ،‬فاإنها توؤمن‬


‫يف العامل العربي‪ ،‬تعترب العنكبوت‬ ‫فكرة جديدة‪ ،‬غري اأن دولة الإمارات‬ ‫�شبقت كعادتها‪ ،‬فاأن�شاأنا �شبكة خا�شة‬ ‫مع اأمريكا ومع كل اجلامعات يف‬ ‫الإمارات خ�شي�شاً للتعليم‬

‫• و�شركاوؤكم من هم؟‬ ‫مبداأ ال�سراكة ثقافة جديدة على املجتمع‪ ،‬ونحن‬ ‫�سركاء مع وزارة الرتبية و�سركة ات�سالت‪ ،‬لهذا‬ ‫فاإننا ندعم اأي مبادرة ت�ساعد التعليم وت�ساعد‬ ‫البحوث‪.‬‬ ‫• ما هو حجم امل�شروع الآن؟‪.‬‬ ‫الآن ع�ن��دن��ا ‪ 56‬ف��رع � ًا م��ن ج��ام�ع��ة وم��در��س��ة‬ ‫مربوطة ب�سبكة األياف ب�سرية عالية ال�سرعة(‬ ‫‪ 10‬جيجا ) واحد منها مربوط باألياف ب�سرية‬ ‫مبا�سرة تربط بها كل اجلامعات يف الإم��ارات‬ ‫واأمريكا‪ ،‬والإم ��ارات هي الدولة الوحيدة بني‬ ‫دول اخلليج والعامل العربي التي متتلك مثل هذه‬ ‫ال�سبكة‪.‬‬ ‫وقبل �سهرين مت اختيار عنكبوت كاأف�سل م�سروع‬ ‫ناجح من قبل اآي تي‪ ،‬ومت هذا الختيار يف‬ ‫عر�س خا�س ب�سوي�سرا يف املوؤمتر ال��دويل‬ ‫للمعلومات‪.‬‬ ‫• ما هي خططكم امل�شتقبلية؟‬ ‫نحن ب�سدد اإن�ساء احت��اد مكتبات ي�سم ‪20‬‬ ‫جامعة ومكتبات عامة‪ ،‬وه��و ما يوفر الكثري‬ ‫للجامعات‪ ،‬علم ًا ب�اأن اأوروب��ا كلها مرتبطة مع‬ ‫بع�سها‬

‫د‪.‬فاهم يف حوار مع الزميل اإبراهيم احل�صن‬

‫م�صهد من جامعة خليفة‬

‫مبنى جامهة خليفة‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫‪150‬‬

‫اأبو املعاجم‬ ‫لنعدام املطر فيها وانعدام احلياة‪ ،‬ولهذا فاإنها هنا‬ ‫مبثابة تطهري للنف�س الإن�سانية من �سرور املدنية‬ ‫واآثامها‪.‬‬

‫�سكل الرحيل يف الفكر الأوروب��ي امل�سيحي بحثا عن‬ ‫التوبة واخلال�س‪ ،‬كما كان مو�سوع ًا رائج ًا يف الثقافة‬ ‫والأدب الغربيني‪ ،‬ولذلك فهم ينطلقون اإىل الرحلة‬ ‫باعتبارها رحلة قوامها املحن و�سروب املعاناة‪ ،‬وثمة‬ ‫مفهوم اآخر للرحيل يف الثقافة الغربية‪ ،‬وهو مفهوم‬ ‫اأقل خطورة وعدوانية‪ ،‬ويتجلى يف ال�سعي الرومان�سي‬ ‫وراء الرحلة مما اأ�سفى على ال�سرق العربي م�سحة‬ ‫�سعرية على م�سهد الغروب يف �سحراء �سبه اجلزيرة‬ ‫العربية‪ ،‬اأو على امل�سهد النادر للبدوي وهو مي�سي‬ ‫بقافلة جماله نحو الأفق‪.‬‬ ‫ومل تكن � �س��ورة ال���س�ح��راء يف ذاك ��رة الأوروب �ي��ني‬ ‫وا�سحة متام ًا‪ ،‬فالإغريق قالوا عنها‪ :‬اإنها بالد العرب‬ ‫ال�سعيدة‪ ،‬ويف الكتاب املقد�س وردت ال�سحراء على‬ ‫اأنها رم��ز للخطيئة واجل��وع والفقر والقحط وذلك‬

‫ال�سحراء‪ ..‬واأم العرب‬ ‫اأما يف القرون الو�سطى فقد نظر اإليها الأوربيون على‬ ‫اأنها جمرد اأر���س قاحلة نفيت اإليها ال�سيدة هاجر‬ ‫عليها ال�سالم اأم النبي اإ�سماعيل (عليه ال�سالم)‪،‬‬ ‫وم��ن ن�سله خرجت خري اأم��ة اأخرجت للنا�س‪ ،‬وهي‬ ‫زوجة اإبراهيم اخلليل الذي تركها وولدها اإ�سماعيل‬ ‫يف واد غري ذي زرع ل حياة فيه ﴿ َر َّب َنا اإِ يِّين اأَ ْ�س َكنتُ‬ ‫ِمن ُذ يِّر َّي ِتي ِب َو ٍاد َغ ْ ِري ِذي َز ْر ٍع ِعندَ َب ْي ِت َك املُ َح َّر ِم َر َّب َنا‬ ‫ا�س َت ْه ِوي ِاإ َل ْيهِ ْم‬ ‫ال�سال َة َف ْاج َع ْل اأَ ْفئِدَ ًة يِّمنَ ال َّن ِ‬ ‫ِل ُي ِقي ُموا َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َوا ْر ُز ْق ُهم يِّمنَ الث َم َر ِات ل َعل ُه ْم َي�سك ُرونَ ﴿‪ ،‬فاأكرمها اهلل‬ ‫�سبحانه وتعاىل باأن فجر بئر ماء بني يديها هو بئر‬ ‫زمزم لت�سرب منه وولدها‪ ،‬وقد عرفت بالتاريخ باأم‬ ‫العرب العدنانيني‪.‬‬ ‫اأم��ا يف كتابات املوؤرخني الذين كتبوا عن احلمالت‬ ‫ال�سليبية اإىل امل�سرق فقد كانت ال�سورة اأي�س ًا غري‬ ‫وا�سحة وغري من�سفة‪ ،‬فقد كتبوا عن عرب ال�سحراء‬ ‫باأنهم كانوا ينتظرون نهاية املعارك لينق�سوا على‬ ‫املهزومني لغنم املغامن‪.‬‬ ‫ويف القرن الرابع ع�سر و�سفهم الرحالة الإنكليزي‬ ‫جون ما ندفيل باأنهم وح�سيون وق�ساة‪ ،‬لكن ع�سر‬

‫يقلب ثي�صجر يف مقدمة كتابه"الرمال العربية‪ ،‬القيم‬ ‫الغربية على راأ�صها‪ ،‬فهو يهاجم ب�رصا�صة الوليات املتحدة‬ ‫الأمريكية معتقدا ً اأنها حتاول فر�ض ثقافتها التكنولوجية‬ ‫املادية الأجنبية على ال�صعوب يف كل اأنحاء العامل‪ ،‬ويرى‬ ‫الأمريكيني اأنهم اأنا�ض وقحون ومتكربون تعوزهم الأ�صول‬ ‫والتارخ والتقاليد‪ ،‬ومن ناحية اأخرى ميتدح ثي�صجر احل�صارة‬ ‫الإ�صالمية ويرى اأن قيمها النبيلة كفيلة ببقائها‪.‬‬

‫التنوير يف اأوروبا ر�سم لهم �سورة مغايرة متام ًا‪ ،‬فقد‬ ‫اأ�سبح عربي ال�سحراء رم��ز ًا للبدائي النبيل الذي‬ ‫جتتمع فيه �سفات اخلليل النبيل و�سفات احلرية‬ ‫وال�ستقاللية والب�ساطة‪ ،‬كما يف عبارة جني لوي�س‬ ‫بركهاردت الرحالة ال�سوي�سري الذي �سافر وعا�س مع‬ ‫البدو يف جزيرة العرب‪.‬‬ ‫غري اأن الرحالة الذين قدموا اإىل ال�سرق الأو�سط بعد‬ ‫احل��رب العاملية الأوىل كان موقفهم اأك��رث اإن�ساف ًا‪،‬‬ ‫خا�سة اأول�ئ��ك ال��ذي��ن وج��دوا يف ال��رب��ع اخل��ايل من‬ ‫جزيرة العرب وال�سحراء الكربى يف املغرب واجلزائر‬ ‫متنف�س ًا رومان�سي ًا‪ ،‬وواح��ة فكرية ا�ستظلوا بها من‬ ‫عناء املدينة والدمار الروحي الذي اجتاح اأوروبا بعد‬ ‫احلربني الأوىل والثانية‪.‬‬ ‫«ثي�سجر»‪ ..‬والرمال العربية‬ ‫لكن يبدو اأن اأكرث الكتابات اإن�ساف ًا جاءت يف كتابات‬ ‫ويلفريد ثي�سجر وج��ون فيلبي وغريهم‪ ،‬ف�"ثي�سج"‬ ‫مثال‪ ،‬الذي عا�س مع البدو خم�س �سنني‪ ،‬كان مبهور ًا‬ ‫ب�سرب البدو و�سجاعتهم وت�ساحمهم وكرمهم ونبلهم‪،‬‬ ‫اإذ وجد حياتهم حياة مفرطة يف ال�سعوبة‪ ،‬ماء �سحل‬ ‫اأجاج‪ ،‬وخبز معفر بالرمال‪ ،‬وحتمل كبري ل�سدة الربد‪،‬‬ ‫ولفح احلر حيث ل ظل ول �سجر ول �سحاب‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫كانوا �سابرين غري متذمرين‪.‬‬ ‫ويرى ثي�سجر اأنهم تقبلوا م�سقة حياتهم باأنفة وعزة‬ ‫نف�س‪ ،‬وي�سرب م�ث��ا ًل على نبلهم واإخال�سهم ب�اأن‬ ‫نقوده كانت مودعة يف اخل��رج يف كي�س من اخلي�س‬ ‫ورغم الفقر املدقع ملرافقيه فاإن اأحد ًا مل يفكر يوم ًا‬ ‫يف �سرقته‪ ،‬بل تقا�سموا معه الطعام بالت�ساوي عندما‬ ‫كانوا ي�سطادون اأي حيوان من ال�سحراء‪ ،‬كما حتدث‬ ‫عن احلفاوة البالغة للعرب يف ال�سحراء الذين قدموا‬ ‫له اللنب رغم فقرهم املدقع‪ ،‬ومن ميزاتهم كما يرى‬ ‫ثي�سجر �سفة الإيثار‪ ،‬فهم يقدمون له كل ما اأعدوه‬ ‫من طعام باعتباره �سيف ًا ح� ّل عليهم رغ��م اأنهم ل‬ ‫ميلكون غريه‪ ،‬كما حتدث عن ان�سباطهم يف �سلواتهم‬ ‫و�سيامهم رغم العط�س واجلوع يف ال�سحراء‪ ،‬ورغم‬ ‫اأن��ه غري م�سلم فقد عاملوه ب�اأدب ولطف ومل يكونوا‬ ‫متع�سبني �سده كونه ن�سراني ًا‪.‬‬ ‫يقلب ثي�سجر يف مقدمة كتابه الرمال العربية القيم‬


‫كانوا يف منطقتنا مرا�سلني بال حدود‬ ‫الرحالة والمستشرقون‪ ..‬مفاهيم غريبة عن‬ ‫الرحيل وصور عن حياة« العربي»‬ ‫الغربية على راأ�سها‪ ،‬فهو يهاجم ب�سرا�سة الوليات‬ ‫املتحدة الأمريكية معتقد ًا اأنها حت��اول فر�س‬ ‫ثقافتها التكنولوجية املادية الأجنبية على ال�سعوب‬ ‫يف ك��ل اأن �ح��اء ال �ع��امل‪ ،‬وي��رى الأمريكيني اأنهم‬ ‫اأنا�س وقحون ومتكربون تعوزهم الأ�سول والتارخ‬ ‫والتقاليد‪ ،‬وم��ن ناحية اأخ ��رى ميتدح ثي�سجر‬ ‫احل�سارة الإ�سالمية ويرى اأن قيمها النبيلة كفيلة‬ ‫ببقائها‪.‬‬ ‫بع�س النقاد و�سف فل�سفة ثي�سجر بالرومان�سية‬ ‫املفرطة‪ ،‬ومنهم هيلجا غراهام‪ ،‬الذي ذكر‪«:‬اأن‬ ‫ثي�سجر مل يدرك اأن قدرة التحمل بالن�سبة للبدو‬ ‫مل تكن ريا�سة مازو�سية ي�ستعذبونه‪،‬ا واإمنا كانت‬ ‫فقط البديل الوحيد يف اأيديهم»‪.‬‬ ‫تاأثري «لوران�س العرب»‬ ‫يت�ساءل املرء فيما اإذا كان ثي�سجر قد جاء اإىل‬ ‫ال�سحراء العربية دون اأن يكون قد ك� ّون فكرة‬ ‫م�سبقة عنها؟‪ ..‬من املوؤكد اأن ثي�سجر قراأ للوران�س‬ ‫العرب‪ ،‬وقد كان ُمعجب ًا به كما قراأ لبقية الرحالة‬ ‫الربيطانيني الذين جاوؤوا اإىل جزيرة العرب مثل‬ ‫ريت�سارد بريتون وغ��ريه و�سكلت قراءاته خلفية‬ ‫ذهنية عن ال�سحراء العربية‪ ،‬كما اأن ثي�سجر‬ ‫وقد در�س التاريخ يف اأك�سفورد كان لديه ت�سور‬ ‫مو�سوعي عن تاريخ تلك املنطقة غري اأن لوران�س‬ ‫كان له ن�سيب الأ�سد يف ال�ستحواذ عليه‪ ،‬فقد‬ ‫كان ثي�سجر معجب ًا به اأ�سد الإعجاب ومت ّنى لو اأنه‬ ‫قابله‪.‬‬ ‫ومن يقراأ كتابات لوران�س ميكنه اكت�ساف تاأثريها‬ ‫على ثي�سجر خا�سة يف نظرته لل�سخ�سية الفريدة‬ ‫ل�سكان ال�سحراء ومتيزهم عن غريهم يف القدرة‬ ‫على حتمل �سظف العي�س حيث كان يطلق عليها‬ ‫موت ًا يف حياة‪.‬‬ ‫ويرى اأي�س ًا اأن البدوي تخل�س من جميع العالئق‬ ‫املادية وو�سائل الراحة وكل احلاجات الفائ�سة‬ ‫لتحقيق احل��ري��ة ال�سخ�سية التي ت��الزم معها‬ ‫اجلوع واملوت على ح�سب تعبريه‪.‬‬ ‫اإن اإلقاء نظرة على الأدب الأوروب��ي والأمريكي‬ ‫وم��ا كتبوه عن ه��ذا املو�سوع ي��درك م��دى ذيوع‬

‫ه��ذه ال�سورة الرومان�سية بني الغربيني‪ ،‬فقد‬ ‫كتبت هارييت بت�سر �ستو يف مقدمتها ل�‪« :‬األف‬ ‫ليلة وليلة» تقول‪ :‬مل يكن اأقل روعة ذلك املو�سم‬ ‫ال�ساحر عندما كان كل �سيء حويل ي�سبح مو�سع ًا‬ ‫للعبث واللهو‪ ،‬فيما كنت طفلة تتوق اإىل دارها‬ ‫وهي يف منزل ريفي منعزل‪ ،‬وحتف بنا �سحابة من‬ ‫روؤية ذهبية‪ ،‬فنم�سي و�سط العفاريت واجلنيات‬ ‫والق�سور امل�سحورة والأ�سجار التي تثمر جوهر ًا‬ ‫واأودي� ��ة م��ا���س‪ ،‬واأ�سبحنا اأ� �س��دق��اء حميميني‬ ‫ل�سندباد البحار‪ ،‬وعرفنا كل اجلواهر يف نوافذ‬ ‫ق�سر عالء الدين‪ ،‬وتبحرنا يف فنون ال�سحر وفك‬ ‫طال�سمه‪.‬‬ ‫االبتالء ‪ ..‬واالختبار‬ ‫ورغ��م وج��ود التباينات يف النظرة للعربي فقد‬ ‫قدم امل�ست�سرقون الأجانب خدمات كثرية لالأدب‬ ‫العربي وللتاريخ العربي والإ�سالمي اأمثال فلهاوزن‬ ‫وكارل بروكلمان الذي ترجم عمله ال�سخم «تاريخ‬ ‫ال�سعوب الإ�سالمية»‪ ،‬وج��اء نولدكه بكتابه عن‬ ‫تاريخ القراآن ليلقى �سهرة كبرية لدى الأكادمييني‬ ‫العرب‪ ،‬كما جاء كتاب البارون فون اأوبنهام عن‬ ‫البدو يف اأربعة جملدات ليفتح نوافذ من التوا�سل‬ ‫بني الغرب وال�سرق‪.‬‬ ‫ورغم اأهمية هذه الكتابات ل بد اأن نقول �سيئ ًا‬ ‫يف اللغة العربية التي تعامل معها هوؤلء املوؤرخون‬ ‫والرحالة وامل�ست�سرقون وهي دقة املعاين يف اللغة‬ ‫العربية ومرادفاتها الكثرية للمعنى الذي يختلف‬ ‫يف اجلملة ح�سب املعنى‪ ،‬وهذه الفوارق يف اللغة‬ ‫هي خا�سية فريدة متيز بها لغتنا العربية تلك‬ ‫الفوارق التي اأ�سار اإليها اأبو هالل الع�سكري يف‬ ‫كتابه الفوارق اللغوية‪ ،‬ون�سوق هنا بع�س الأمثلة‬ ‫للقارئ ليدرك عظمة هذه اللغة التي حفظها لنا‬ ‫القراآن الكرمي‪:‬‬ ‫فالفرق بني البتالء والختبار‪ :‬اأن البتالء ل يكون‬ ‫اإل بتحميل املكاره وامل�ساق‪ .‬والختبار يكون بذلك‬ ‫وبفعل املحبوب‪ ،‬األ ترى اأنه يقال اختربه بالإنعام‬ ‫عليه ول يقال ابتاله بذلك‪ ،‬ويجوز اأن يقال اإن‬ ‫البتالء يقت�سي ا�ستخراج ما عند املبتلي من‬

‫د‪ .‬حممد فاحت زغل‬ ‫الطاعة واملع�سية‪ ،‬والختبار يقت�سي وقوع اخلرب‬ ‫بحاله يف ذلك‪.‬‬ ‫ومن الأمثلة الفرق بني التذلل والتوا�سع‪ :‬فالتذلل‬ ‫اإظهار العجز عن مقاومة من يتذلل له‪ .‬والتوا�سع‬ ‫اإظهار قدرة من يتوا�سع له �سواء كان ذا قدرة على‬ ‫املتوا�سع اأو مل يكن‪.‬‬ ‫رغم الأ�سلوب الأدبي الذي كتب به ثي�سجر كتابه‬ ‫الرمال العربية والذي �سيغ يف لغة اأدبية ت�سف‬ ‫حياة ال�سحراء كملحمة‪ ،‬اإل اأنه مل يقف عند هذه‬ ‫الفروق اللغوية يف لغتنا العربية يقول‪:‬‬ ‫«نظرت من ح��ويل‪ ،‬اأبحث بالغريزة عن مهرب‬ ‫م��ا‪ ..‬مل يكن هناك حد مل��د ب�سري يف مكان‬ ‫ما يف ه��ذا امل��دى املطلق‪ ،‬اندجمت ال��رم��ال يف‬ ‫ال�سماء‪ ،‬ويف ذلك الف�ساء الالمتناهي مل اأ�ستطع‬ ‫اأن اأرى اأي كائن حي‪ ،‬ول حتى نبات ًا ذابال ميكن اأن‬ ‫يعطيني بع�س الأمل»‪.‬‬ ‫لقد انتظر ثي�سجر ع�سر �سنوات‪ ،‬حتى فكر يف‬ ‫اإجناز عمله الرائع عام ‪1959‬‬


‫والع�رص‬ ‫إعالموالع�رص‬ ‫االلإعالم‬

‫‪20122012‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫العدد ‪15‬ا ا‬ ‫العدد ‪15‬‬

‫يف ذكراهم‬

‫‪154‬‬

‫رحلت قبل ‪� 5‬شنوات‬

‫نازك المالئكة‪..‬‬

‫رائدة ال�سعر العربي احلديث‬ ‫عبد املنعم عثمان‬ ‫يف ‪ 20‬من يونيو املا�صي‪ ،‬حلت الذكرى‬ ‫اخلام�صة لرحيل رائدة ال�صعر العربي‬ ‫احلديث ال�صاعرة العربية العراقية‬ ‫الكبرية نازك �صادق املالئكة التي‬ ‫كتبت ال�صعر وهي ل تزال يف العا�رصة‬ ‫من عمرها‪ ،‬فيما يوؤكد النقاد اأنها قد‬ ‫قامت بثورة على الق�صيدة العربية‬ ‫عام ‪ 1947‬عندما كتبت ق�صيدتها‬ ‫ال�صهرية «الكولريا»‪.‬‬ ‫بكت الطفلة وهي مت�ض اأر�ض الوجود‬ ‫لأول مرة‪ ،‬وبقيت تبكي بكاءً �صارخا ً‬ ‫طويال ً بلغ �صمع اأبيها الذي كان ينتظر‬ ‫نباأ قدومها بلهفة يف غرفة جماورة‪.‬‬ ‫ودخلت فتاة يبدو عليها التعب‪ ،‬وقالت‬ ‫وهي تلتقط اأنفا�صها‪« :‬فتاة طفلة‪ ،‬ل‬ ‫تبتئ�ض على كل حال‪ ،‬فاملهم �صحة‬ ‫والدتها»‪.‬‬ ‫خرجت ناقلة خرب الولدة‪ ،‬و�صاد الغرفة‬ ‫�صكون عميق انقطع بعد حلظات‪،‬‬ ‫وتعاىل �صوت دقات �صاعة بعيدة‪ ،‬طاملا‬ ‫دوت ف�صمعتها املدينة باأكملها‪ ،‬دقات‬ ‫�صاعة الف�صلة يف بغداد‪ ،‬لتبداأ الآن‬ ‫احلياة ف�صال ً جديدا ً وعاما ً جديداً‪.‬‬

‫«الآن يولد عام ‪ 1342‬الهجري ومبولده ولدت‬ ‫هذه الطفلة ‪-‬ابنتي الأوىل‪ .»-‬ويف �سباح اليوم‬ ‫الذي تاله‪ ،‬كتب يف مفكرته‪« :‬يوم الأربعاء ‪30‬‬ ‫م��ن ذي احل�ج��ة ‪ 1341‬قبيل منت�سف الليل‬ ‫بخم�س دقائق ولدت ابنتي نازك‪».‬‬ ‫�سر التكوين‬ ‫هذه املقدمة كتبها الأديب املغرم باللغة العربية‬ ‫ودرا�سة الفقه واملنطق وال�سعر‪� ،‬سادق املالئكة‬ ‫عند ولدة ابنته ال�ساعرة العراقية نازك املالئكة‬ ‫رائدة ال�سعر العربي احلديث يف اأغ�سط�س ‪1923‬‬ ‫والتي م�ست اإىل بارئها يف ‪ 20‬يونيو ‪ 2007‬منذ‬ ‫خم�س �سنوات‪.‬‬ ‫اإن ذكر هذه املقدمة �سرورة‪ ،‬فهي مبثابة الغزل‬ ‫ال��ذي ن�سجت م��ن خيوطه وا�ستخل�ست من‬ ‫معانيه �سخ�سية نازك املالئكة‪ ،‬وجاءت ترتجم‬ ‫��س��ورة حقيقية ع��ن ال ��ذات وال��واق��ع‪ ،‬اإذ كان‬ ‫�سعرها يعك�س ما يعتمل يف دواخلها واأعماقها‪.‬‬ ‫وب��رع��ت ن ��ازك ب� �اأن تنظم ��س�ع��ر ًا ع��ن نف�سها‬ ‫املنطوية التي تختزنها منذ طفولتها املبكرة‪،‬‬ ‫وال��وح���س��ة والغ� ��رتاب ال��ذي حت�س ب��ه ال��ذات‬ ‫العراقية يف واقع مليء بالتناق�سات احلادة‪.‬‬ ‫اأبوها هو �سادق املالئكة �ساحب موؤلفات عده‪،‬‬ ‫اأهمها مو�سوعة دائ��رة معارف النا�س‪ .‬ومتيز‬ ‫�سادق بكونه رج ًال عملي ًا واقعي ًا مغرم ًا باللغة‬ ‫العربية ودرا�سة الفقه واملنطق وال�سعر‪.‬‬ ‫واأما والدتها �سلمى عبد الرزاق‪ ،‬فكانت مغرم ًة‬ ‫ب �ق��راءة الق�س�س و� �س��ري الأب� �ط ��ال وال�سعر‬ ‫العذري‪ ،‬وعمدت اإىل ن�سر ال�سعر يف املجالت‬ ‫وال�سحف العراقية با�سم «اأم نزار املالئكة»‪.‬‬ ‫ا�سم‪ ..‬ونبوءة‬ ‫واأما اختيار ا�سم «نازك» � وهو ا�سم تركي � فجاء‬

‫تزامن ًا مع ولدتها عقب احل��راك ال��ذي قادته‬ ‫الثائرة ال�سورية «نازك العابد» �سد ال�سلطات‬ ‫الفرن�سية‪ ،‬مما دفع جدها اإىل اأن ي�سميها نازك‬ ‫اإكرام ًا للثائرة وتيمن ًا بها‪ .‬وقال يومها‪�« :‬ستكون‬ ‫ابنتنا ن��ازك م�سهورة كنازك العابد اإن �ساء‬ ‫اهلل»‪ ،‬ف�سدقت نبوءة جدها وكانت كذلك يف‬ ‫�ساحة ال�سعر احلر احلديث‪.‬‬ ‫در��س��ت ن��ازك املالئكة اللغة العربية يف دار‬ ‫املعلمني العالية ببغداد‪ ،‬وتخرجت فيها عام‬ ‫‪ ،1944‬كما التحقت مبعهد الفنون اجلميلة‬ ‫وتخرجت يف ق�سم املو�سيقى‪ ،‬ثم توجهت لدرا�سة‬ ‫اللغات الالتينية والإجنليزية والفرن�سية يف‬ ‫ال��ولي��ات املتحدة الأم��ري�ك�ي��ة‪ ،‬وح�سلت على‬ ‫�سهادة ماج�ستري يف الأدب املقارن من جامعة‬ ‫«و�سكن�سن» يف الوليات املتحدة الأمريكية‪.‬‬ ‫عملت يف جم��ال التدري�س بجامعة ب�غ��داد ثم‬ ‫جامعة الب�سرة‪ ،‬ومن بعدها يف جامعة الكويت‪.‬‬ ‫وانتقلت للعي�س يف ب��ريوت ملدة عام واح��د‪ ،‬ثم‬ ‫�سافرت ع��ام ‪ 1990‬على خلفية ح��رب اخلليج‬ ‫الأوىل اإىل القاهرة‪ ،‬وكانت حمطتها الأخرية اإذ‬ ‫توفيت ودفنت فيها بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 2007‬عن‬ ‫عمر ناهر ال�‪� 83‬سنة‪.‬‬ ‫جدل اأدبي‬ ‫ك�ث��ريون ي��رون اأن ن��ازك املالئكة ه��ي اأول من‬ ‫كتبت ال�سعر احل��ر يف الأدب ال�ع��رب��ي‪ ،‬وعلى‬ ‫خلفية ذلك ن�سب ج��دال اأدب��ي كبري بني نازك‬ ‫املالئكة وبدر �ساكر ال�سياب حول اأ�سبقية كتابة‬ ‫ال�سعر احلر‪ ،‬واأكدت نازك هذه الفكرة بنف�سها‬ ‫يف كتابها « ق�سايا ال�سعر املعا�سر»‪ ،‬حني ذكرت‬ ‫باأنها اأول من نظم ق�سيدة ال�سعر احلر‪ ،‬وهي‬ ‫ق�سيدة «الكولريا» عام ‪.1947‬‬ ‫واأما الثاين ‪-‬يف راأيها‪ -‬فهو بدر �ساكر ال�سياب‬


‫بق�سيدته «هل كان حب ًا؟» يف ديوانه «اأزه��ار‬ ‫ذابلة» الذي ُن�سر يف ال�سنة ذاتها‪ .‬ولعل اللتبا�س‬ ‫واخللط حول «من كتب ال�سعر احلر اأو ًل؟»‪ ،‬يرجع‬ ‫اإىل اأن نازك املالئكة بداأت يف كتابة ال�سعر احلر‬ ‫يف فرتة زمنية مقاربة جد ًا لزمالئها ال�سعراء‪،‬‬ ‫وه��م ب��در �ساكر ال�سياب و��س��اذل طاقه وعبد‬ ‫الوهاب البياتي «الأربعة يعتربون رواد ال�سعر‬ ‫احلديث يف العراق»‪.‬‬ ‫ا�سرار‪ ..‬وتنازل‬ ‫اإل اأن ن��ازك تنازلت عن راأي�ه��ا بع�س ال�سيء‬ ‫عندما كتبت ع��ام ‪ 1962‬يف مقدمة الطبعة‬ ‫اخلام�سة من كتابها‪ ،‬وقالت‪« :‬اأدري اأن هناك‬ ‫�سعر ًا ح��ر ًا نظم يف ال�ع��امل العربي قبل �سنة‬ ‫‪� 1947‬سنة نظمي لق�سيدتي «الكولريا»‪ ،‬فقد‬ ‫فوجئت اأن هناك ق�سائد حرة معدودة ظهرت‬ ‫يف املجالت الأدبية منذ ‪ ،1932‬وهو اأمر عرفته‬ ‫من الباحثني لأنني مل اأق��راأ بعد تلك الق�سائد‬ ‫يف م�سادرها»‪.‬‬ ‫ورغم اأن م�ساألة ال�سبق يف «الريادة» مل حت�سم‬ ‫بعد‪ ،‬غري اأن نازك توؤكد ‪-‬كما اأوردت يف ذات‬ ‫الكتاب اأي�س ًا‪ -‬اأن بداية حركة ال�سعر احلر‬ ‫كانت يف العراق عام ‪ ،1947‬ومن بغداد حتديد ًا‪،‬‬ ‫حيث زحفت هذه احلركة وامتدت حتى غمرت‬ ‫الوطن العربي كله‪.‬‬ ‫ترى املالئكة التي متردت على املاألوف يف بناء‬ ‫الق�سيدة العربية‪ ،‬وهي الرائدة الأوىل يف جمال‬ ‫ال�سعر احلديث اأن لل�سعر بعد ًا فني ًا حر ًا ل يعرف‬ ‫احل��دود اأو القيود‪ ،‬لكنها يف الوقت ذاته توؤكد‬ ‫على �سرورة التزام ال�سعراء اجلدد بعن�سري‬ ‫ال��وزن والقافية واإن كان ذلك يف �سطر �سعري‬ ‫واحد ولي�س يف بيت من �سطرين‪.‬‬ ‫وت�وؤك��د اأن ال�سفة ال�سعرية من دون اللتزام‬ ‫بهذين العن�سرين تنتفي عن كل كتابة تدعي‬ ‫ذلك؛ لأن الوزن والقافية يف نظرها هما اأ�سا�س‬ ‫الإيقاع الداخلي للق�سيدة واأ�سا�س امليثاق الذي‬ ‫يربط ال�ساعر باملتلقي‪.‬‬ ‫الق�سيدة االأوىل‬ ‫واأكد النقاد اأن نازك قامت بثورة على الق�سيدة‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة ع ��ام ‪ 1947‬ع�ن��دم��ا ك�ت�ب��ت ق�سيدة‬ ‫«ال�ك��ول��ريا» ال�سهرية‪ ،‬وال�ت��ي ج��اءت نتاج ًا ملا‬ ‫�سمعت به من اأخ�ب��ار �سيئة ع��ن ال��وب��اء الذي‬ ‫اأُ�سيب به كثري من امل�سريني‪ ،‬فتجاوبت املالئكة‬

‫معهم بكتابتها هذه الق�سيدة يف زمن قيا�سي‬ ‫والذي قارب ال�ساعة فقط‪.‬‬ ‫وخرجت الق�سيدة معربة عن انفعالتها على‬ ‫�سكل اأ�سطر غري مت�ساوية‪ ،‬فيما انتقد والدها‬ ‫�سادق املالئكة ال�سكل الذي �سيغت به الق�سيدة‬ ‫وخ��روج �ه��ا ع��ن ال�سكل التقليدي للق�سيدة‬ ‫العربية‪ .‬وهنا انطلقت الثورة واجل��دل الدائم‬ ‫بني املحافظني على البناء العمودي للق�سيدة‬ ‫ودعاة ال�سعر احلر‪.‬‬ ‫ومت ن�سر ق�سيدة «الكولريا» يف جملة العروبة‬ ‫ال�سادرة ببريوت يف الأول من دي�سمرب‪،1974‬‬ ‫وهذا جزء من الق�سيدة‪:‬‬ ‫�شكَنَ اللي ُل‬ ‫اأ�ش ِغ اإىل َو ْقع َ�شدَى الأ َنّاتْ‬ ‫يف ُع ْمق الظلمةِ‪ ،‬حتتَ ال�شمتِ ‪ ،‬على الأمواتْ‬ ‫َ�ش َ‬ ‫ت�شطرب‬ ‫رخ ٌات تعلو‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يلتهب‬ ‫يتدفق‪،‬‬ ‫حزن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫يتعرث فيه َ�شدى الآهاتْ‬ ‫يف ِّ‬ ‫ُ‬ ‫غليان‬ ‫كل فوؤا ٍد‬ ‫ال�شاكن ا ُ‬ ‫أحزان‬ ‫يف الكو ِخ‬ ‫ِ‬

‫يف كل مكانٍ رو ٌح ت�شر ُخ يف ُ‬ ‫الظ ُلماتْ‬ ‫ال�ساعرة الناقدة‬ ‫نازك املالئكة لي�ست �ساعرة مبدعة فح�سب‪ ،‬بل‬ ‫ناقدة مبدعة اأي�س ًا‪ ،‬فقد جمعت بني نوعني من‬ ‫النقد‪ ،‬نقد النقاد ونقد ال�سعراء فهي متار�س‬ ‫النقد ب�سفتها ن��اق��دة متخ�س�سة‪ ،‬ومتار�س‬ ‫اأي�س ًا نقد ال�سعر «ال�سعر احلديث على وجه‬ ‫اخل�سو�س» ب�سفتها الرائدة يف جماله‪.‬‬ ‫ح�سلت نازك ‪-‬التي بداأت كتابة ال�سعر وهي يف‬ ‫العا�سرة من عمرها‪ -‬على جائزة البابطني عام‬ ‫‪ 1996‬تقدير ًا لدورها يف ميالد ال�سعر احلر‪ ،‬كما‬ ‫اأقامت دار الأوب��را امل�سرية احتفا ًل‬ ‫كبري ًا تكرمي ًا لها‬

‫در�ست نازك املالئكة اللغة العربية يف‬ ‫دار املعلمني العالية ببغداد وتخرجت فيها‬ ‫عام ‪ ،1944‬كما التحقت مبعهد الفنون‬ ‫اجلميلة وتخرجت يف ق�سم املو�سيقى‪ ،‬ثم توجهت‬ ‫لدرا�سة اللغات الالتينية واالإجنليزية والفرن�سية‬ ‫يف الواليات املتحدة االأمريكية‪ .‬وح�سلت على �سهادة ماج�ستري يف‬ ‫االأدب املقارن من جامعة «و�سكن�سن» يف الواليات املتحدة االأمريكية‬

‫ح�سلت نازك ‪-‬التي بداأت كتابة ال�سعر وهي يف العا�سرة من‬ ‫عمرها‪ -‬على جائزة البابطني عام ‪ 1996‬تقدير ًا لدورها يف ميالد‬ ‫ال�سعر احلر‪ ،‬كما اأقامت دار االأوبرا امل�سرية احتفا ًال كبري ًا تكرمي ًا لها‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫يف الذكرى اخلم�شني‬ ‫لل�شتقلل‬

‫من�صة‬ ‫القراء‬

‫‪156‬‬

‫الثورة الجزائرية‪..‬‬ ‫حركة ال�سعب وح�سن ال�سارع‬

‫حممد بوطريق‬

‫وزير مفو�ض ب�صفارة اجلزائر يف اأبوظبي‬

‫كانت ال�صاعة ال�صفر‪ ،‬من تلك الليلة‪،‬‬ ‫ليلة اأول نوفمرب املباركة عام ‪ ،1954‬ملا‬ ‫تناغم ال�صدى بني قمم جبال اجلزائر‪،‬‬ ‫�صدى �صوت البنادق الذي اأيقظ‬ ‫امل�صتعمر من نومه العميق‪ ،‬وحول‬ ‫اأحالمه الوردية اإىل كابو�ض لزمه طول‬ ‫الزمن الذي بقي له يف هذه الديار‪ ،‬قبل‬ ‫اأن يغادرها اإىل غري رجعة‪.‬‬

‫يف خ�شم ال�شتعداد للثورة‬ ‫املباركة ‪ ،‬قال اأحد الرجال‬ ‫لبع�شهم‪ ،‬كيف نعلنها ونحن‬ ‫قلة ومل نع َد ال�شعب لذلك‬ ‫اإعداداً جيداً؟‪ ..‬وما كان الرد‬ ‫من اأحد الرجال الأبطال اإل اأن‬ ‫قال‪« :‬األقوا بالثورة اإىل ال�شارع‬ ‫يحت�شنها ال�شعب» وقد �شدق‬

‫يف تلك الليلة‪ ،‬ذات الن�سائم الباردة‪ ،‬انت�سرت‬ ‫رائحة البارود فعمت ربوع البالد‪ ،‬واأيق�ست كل‬ ‫جزائري من غفوته‪ ،‬بينما اأزكمت اأنف املعتدي‪،‬‬ ‫واأدخ�ل��ت يف قلبه ال��رع��ب‪ ،‬وحولت حياته اإىل‬ ‫جحيم‪.‬‬ ‫وعد‪ ..‬ووعيد‬ ‫انتف�س احلكام الفرن�سيون بانزعاج وقالوا‪:‬‬ ‫اإن ه �وؤلء ق��وم خارجون عن القانون‪ ،‬واأق�سم‬ ‫جرنالتهم بالوعد للمعمرين «امل�ستدمرين»‬ ‫باإعادة النظام اإىل مدن وقرى اجلزائر‪ ،‬واإف�ساء‬ ‫الأمن والأم��ان والطماأنينة‪ ،‬لهم ولأبنائهم‪ ،‬يف‬ ‫ديار لي�ست ديارهم‪ ،‬وبالوعيد لهوؤلء «الفالقة»‬ ‫ال��ذي��ن ل يحرتمون ق��ان��ون ال�ستعباد وال��ذل‬ ‫والهوان‪ ،‬و�سولت لهم اأنف�سهم امل�سا�س براحة‬ ‫امل�ستعمر املدلل‪ ،‬ولل�سعب اجلزائري كله‪ ،‬الذي‬ ‫من كنفه خرج ه�وؤلء اخلارجون عن القانون‪،‬‬ ‫واأبرقوا اإىل باري�س باأنهم �سيق�سون على هذه‬ ‫ال�سعلة يف ب�سعة اأيام‪.‬‬ ‫اأم��ا ال�سعب اجل��زائ��ري فا�ستقبل فجر ذلك‬ ‫ال �ي��وم امل��ب��ارك بتبا�سري ح�ب�ل��ى ب��الآم��ال‬ ‫الواعدة‪ ،‬مقرونة بعقد العزم على الثنائية‬ ‫املقد�سة «الن�سر اأو الإ�ست�سهاد»‪.‬‬ ‫يف ذلك اليوم الأغ��ر‪ ،‬اأح�س اجلزائري‬ ‫با�ستعادة رج��ول�ت��ه وك��رام �ت��ه‪ ،‬واأب ��رم‬ ‫�سلح ًا مع ذاته على األ يكون اإل «هو»‪،‬‬ ‫ج��زائ��ري ح ��ر‪ ،‬راأ� �س��ه يف ال�سماء‬ ‫وقلبه على اأر�سه التي اأو�ساه جده‬ ‫باحلفاظ عليها‪ ،‬وع��دم التنازل‬ ‫ع��ن �سرب منها فخلع ع��ن نف�سه‬ ‫ث ��وب الإدم� � ��اج ال� ��ذي رم �ت��ه به‬

‫فرن�سا امل�ستعمرة‪ ،‬وتو�ساأ من جنا�ستها‪ ،‬وارتدى‬ ‫اللبا�س الطاهر لآبائه‪ ،‬واهتدى اإىل البندقية‬ ‫ال �ت��ي ح ��ارب ب�ه��ا ج��ده ال��روم��ان وغ��ريه��م يف‬ ‫القرون الغابرة‪ ،‬فنف�س عنها الغبار وودع اأهله‬ ‫وقبل اأولده‪ ،‬ووا�سى زوجته‪ ،‬واأق�سم باأن ل يهداأ‬ ‫له بال‪ ،‬من اليوم ف�ساعد ًا اإل اإذا طهر اأر�سه‬ ‫من دن�س هذا الدخيل البغي�س‪ ،‬وا�سرتجع ذاته‪،‬‬ ‫اأو اللتحاق بالرفيق الأعلى‪.‬‬ ‫قطعة من فرن�سا‬ ‫لقد جرب ال�سعب اجلزائري الطرق «احل�سارية»‬ ‫وال��دمي �ق��راط �ي��ة ع �ل��ى ن �ه��ج ف�ل���س�ف�ت�ه��م منذ‬ ‫الع�سرينيات‪ ،‬فاأن�ساأ منابر �سيا�سية للمطالبة‬ ‫بحقوق �سعب اغت�سبت‪ ،‬فتحرك ع��رب جنم‬ ‫�سمال اإفريقيا‪ ،‬ثم حزب ال�سعب اجلزائري‪،‬‬ ‫تلته اأحزاب اأخرى واأخ��رى‪ ..‬كما ان�سوى حتت‬ ‫راي��ة جمعية العلماء امل�سلمني‪ ،‬فنا�سل وكافح‬ ‫�سلمي ًا‪ ،‬ولكن اللعبة ال�سيا�سية ك��ان يديرها‬ ‫ال�ستعمار‪ ،‬ومل تكن نظيفة‪ ،‬ول مت�ساوية‪ ،‬ول‬ ‫متكافئة‪ ،‬فهم يريدون امل�سخ والإندماج لطبقة‬ ‫معينة من ال�سعب اجلزائري‪ ،‬والباقي ي�سنف‬ ‫�سمن ال��درج��ات ال�سفلى لل�سعب الفرن�سي‪،‬‬ ‫لأن همهم الوحيد هو هذه الأر�س الطيبة التي‬ ‫يريدها قطعة من فرن�سا وللفرن�سيني فقط‪ ،‬اأما‬ ‫ال�سعب اجلزائري فله الفقر والأمرا�س والأمية‬ ‫والت�سريد والظلم وال�ستعباد‪ ،‬ثم الندثار‪.‬‬ ‫ولكن هيهات اأن يكون لفرن�سا ما تريد‪ ،‬فقد جاء‬ ‫�سوت من اأعماق اجلزائر يقول‪:‬‬ ‫�سعب اجلزائري م�سل�م واإىل الع�روبة ينت�س�ب‬ ‫من قال حاد عن اأ�س�له اأو قال مات فقد كذب‬ ‫مل ي�ستطع النهج ال�سيا�سي ا��س��رتداد ما اأخذ‬


‫باحلديد وال�ن��ار‪ ،‬ومل يفلح يف اإ�سالح ما كان‬ ‫يف�سده املعمر واأف ��راد اجلي�س الفرن�سي‪ ،‬ومل‬ ‫ينجح يف اإع��ادة احلرية والكرامة لهذا ال�سعب‬ ‫امل�سطهد ورفع راأ�سه اأمام ال�سعوب‪.‬‬ ‫طريق التحرير‬ ‫مل تكن احل��رب متكافئة‪ ،‬فاجلي�س الفرن�سي‬ ‫يعترب من اأق��وى اجليو�س واأعتاها يف العامل‪،‬‬ ‫و�سباطه تخرجوا من جامعات وكليات فرن�سا‬ ‫احلربية‪ ،‬وكان وراءه احللف الأطل�سي‪ ،‬وميلك‬ ‫الأ�سلحة الع�سرية من الدبابات والطائرات‪،‬‬ ‫وبح�ساب الع�سكريني فاإن فرن�سا �ستنت�سر يف‬ ‫احلرب حتما‪.‬‬ ‫اأما ال�سعب اجلزائري فلم يكن ميلك �سيئ ًا من‬ ‫ذلك‪ ،‬ولكنه كان ميلك �سالح ًا اأقوى واأفتك من‬ ‫�سالح فرن�سا واحللف الأطل�سي مع ًا‪ ،‬اإنه �سالح‬ ‫الإمي��ان بالق�سية‪ ،‬و�سالح الدفاع عن الكرامة‬ ‫والأر�س والعر�س والذات‪.‬‬ ‫ف ��دوى ��س��وت اآخ ��ر م��ن زن��زان��ة يف �سجن من‬ ‫�سجون فرن�سا‪ ،‬من ابن بار من اأبناء اجلزائر‪،‬‬ ‫نبع من رمالها واأحجارها يقول‪:‬‬ ‫نحن جند يف �شبيل احلق ثرنا‬ ‫واإىل ا�شتقاللنا باحلرب قمنا‬ ‫مل يكن ي�شغى لنـا ملا نطقنا‬ ‫فاتخذنا رنة البارود وزنـا‬ ‫وعزفـنا نغمة الر�شا�س حلنـا‬ ‫وعقدنا العزم اأن حتيا اجلزائر‬ ‫فاشسهدوا‬ ‫ويف خ�سم ال�ستعداد للثورة امل�ب��ارك��ة‪� ،‬ساأل‬ ‫اأح��د ال��رج��ال‪ :‬كيف نعلنها ونحن قلة ومل نعدَ‬ ‫ال�سعب لذلك اإع��داد ًا جيد ًا؟ وما كان الرد من‬ ‫اأحد الرجال الأبطال‪ ،‬وهو ال�سهيد «العربي بن‬ ‫مهيدي» اإل اأن قال «األقوا بالثورة اإىل ال�سارع‬ ‫يحت�سنها ال�سعب»‪ .‬وقد �سدق حد�س الرجل‪،‬‬ ‫وكيف ل؟!‪ ،‬وهو قاهر جرنالت فرن�سا وخمطط‬ ‫حرب امل��دن‪ ،‬الذي قال فيه اجل��رنال الفرن�سي‬ ‫بيجار‪« :‬ل��و اأن يل ثلة م��ن اأم �ث��ال العربي بن‬ ‫مهيدي لفتحت العامل»‪.‬‬ ‫باجتاه املق�سلة‬ ‫التحم الرجل وامل��راأة والطفل يف خندق واحد‪،‬‬ ‫ولكل منهم دور يلعبه وا�ستطاعوا ن�سر الرعب‬ ‫واخل��وف يف نفو�س املعمرين‪ ،‬واأف��راد اجلي�س‬ ‫الفرن�سي يف اجلبال‪ ،‬ويف القرى‪ ،‬ويف املدن ويف‬

‫من ثورة التحرير اجلزائرية‬

‫ال�سحراء‪ ..‬يف كل مكان‪ .‬وح��رك العدو اآلته‬ ‫الدمارية‪ ،‬ف��زرع امل��وت يف كل بيت حتى ارتوت‬ ‫الأر�س بدماء اأبنائها حتى الثمالة‪.‬‬ ‫ويف وطي�س الوغى‪ ،‬األقت اأراذل فرن�سا القب�س‬ ‫على ذل��ك ال��رج��ل العمالق فقالت ل��ه‪« :‬مل��اذا‬ ‫تخبئ ن�ساوؤكم القنابل يف قفات وت�سعها يف‬ ‫اأم��اك��ن يرتادها الفرن�سيون‪ ..‬اأن�ت��م ق��وم غري‬ ‫متح�سرين‪ ،‬فكان الرد قاطع ًا كال�سيف‪ :‬اأعطونا‬ ‫طائراتكم ودباباتكم نعطيكم قفاتنا‪ ،‬فاقتيد‬ ‫البطل اإىل مق�سلة الغدر واجلنب‪ ،‬وهو يف �سموخ‬ ‫ك�سموخ الأورا�س وجرجرة‪.‬‬ ‫خا�س ال�سعب اجلزائري ثورته ملدة �سبع �سنوات‬ ‫ون�سف ال�سنة‪ ،‬ذاق خاللها كل اأن��واع التعذيب‬ ‫والتنكيل والغتيالت واغت�ساب احلرائر ليل‬ ‫نهار‪ ،‬ق��رى باأكملها دم��رت‪ ،‬حقول من القمح‬ ‫وال�سعري اأحرقت‪ ،‬اآلف اأ�سجار الزيتون اقتلعت‪،‬‬ ‫ماليني احليوانات اأب�ي��دت‪ ،‬بيوت هدمت على‬ ‫�ساكنيها اآلف م��ن الب�سر ه�ج��رت و��س��ردت‪.‬‬ ‫زرعوا الأر�س األغام ًا بدل القمح‪ ،‬وطوقوا حدود‬ ‫اجلزائر بالأ�سالك ال�سائكة املكهربة ‪،‬وجمع‬ ‫النا�س يف حمت�سدات �سيقة ل تتوافر فيها اأدنى‬ ‫�سروط املعي�سة‪ ،‬وا�ستعملوا الطائرات والدبابات‬ ‫احل��دي �ث��ة‪ ،‬والأ��س�ل�ح��ة امل �ح �ظ��ورة دول �ي � ًا وغ��ري‬

‫املحظورة‪ ،‬وعمل على عزل الثورة عن ال�سعب‬ ‫داخلي ًا‪ ،‬وعن العامل‪ ،‬خارجيا‪.‬‬ ‫الن�سر‪ ..‬اأو ال�سهادة‬ ‫ولكن عزمية اجلزائري مل تثن‪ ،‬و�سوكة الثورة‬ ‫مل تك�سر‪ ،‬وزاده ذلك اإ�سرار ًا بالتم�سك بالعهد‬ ‫ال ��ذي قطعه ع�ل��ى نف�سه وبثنائيته املقد�سة‬ ‫«الن�سر اأو الإ�ست�سهاد»‪ ،‬فكان لهذا ال�سعب‬ ‫الثائر ما اأراد‪ ،‬الن�سر وال�ست�سهاد مع ًا‪.‬‬ ‫ال�ست�سهاد بدفعه اأكرث من مليون ون�سف مليون‬ ‫م��ن ال�سهداء وه��و م��ا ك��ان ي�ع��ادل رب��ع �سكان‬ ‫اجلزائر حينها �سقطوا على مذبح احلرية‪.‬‬ ‫الن�سر ب�ط��رده ال�ستعمار ال��ذي وج��د نف�سه‬ ‫يهرول ليجد لنف�سه مكان ًا على باخرة العودة‪،‬‬ ‫وي�سلك نف�س الطريق التي جاء منها ذات يوم‬ ‫من �سنة ‪.1830‬‬ ‫ولكن هذه املرة يحمل على كتفيه اأثقال الهزمية‬ ‫والإنك�سار واملذلة‪ ،‬ووخ��ز ال�سمري من جرائم‬ ‫اإن�سانية اقرتفها يف حق �سعب اأعزل‪ ،‬ل ذنب له‬ ‫�سوى اأنه مل يقبل امل�سخ‪ ،‬وتاريخ ًا اأ�سود �سيظل‬ ‫و�سمة عار يف جبينه اإىل اأن يرث اهلل الأر�س‬ ‫ومن عليها‪.‬‬ ‫وتلكم كلمات يف الثورة اجلزائرية‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪15‬‬

‫ا�شتعان فيه موؤلفه جو�شت‬ ‫فان باأمثلة عملية‬

‫عر�ض ‪ -‬جنات بومنجل‬ ‫اإن كتاب «تكنولوجيا الإعالم‪ :‬روؤى‬ ‫نقدية» من تاأليف الأ�صتاذ جو�صت فان‬ ‫لوون وترجمة �صويكار زكيت‪ ،‬وقد نقل‬ ‫اإىل العربية من قبل موؤ�ص�صة حممد‬ ‫بن را�صد اآل مكتوم �صمن برناجمها‬ ‫«ترجم»‪ ،‬الذي �صعت ول تزال من خالله‬ ‫اإىل اإثراء املكتبة العربية باأف�صل ما‬ ‫ق ّدمه الفكر العاملي من معارف وعلوم‬ ‫عرب نقلها اإىل اللغة العربية‪،‬‬

‫اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫كتب‬

‫‪158‬‬

‫«تكنولوجيا اإلعالم»‪..‬‬ ‫كتاب يطرح نظريات وتاأويالت لفهم اأعمق‬

‫وهو كتاب اإعالمي قيم يقدم حتلي ًال نظري ًا‬ ‫ي�سور مدى تعقيد عمليات الإعالم‪ ،‬كما يحث‬ ‫ال �ق��ارئ على حت��دي الفر�سيات الأ�سا�سية‬ ‫املجردة يف جمال الإع��الم كاأجهزة الت�سال‬ ‫ويربز كيف ميكن اأن توؤثر اأهداف تكنولوجيا‬ ‫الإع � ��الم وا� �س �ت �خ��دام��ات �ه��ا واأ� �س �ك��ال �ه��ا على‬ ‫امل�سمون‪.‬‬ ‫ياأتي هذا الكتاب �سمن جمموعة من الكتب‬ ‫الإعالمية التي اأ�سدرها املوؤلف وهي حماولة‬ ‫مل�ع��رف��ة كيفية م���س��اع��دة الأ� �س �ك��ال املختلفة‬

‫ل��و� �س��ائ��ل الإع � ��الم م��ن خ ��الل ن �ق��ل وحت�ل�ي��ل‬ ‫جمريات الأح��داث يف املجتمع وقدرتها على‬ ‫ت�سكيل تاأويالتنا وتوقعاتنا وروؤان��ا وادراكنا‬ ‫للواقع‪.‬‬ ‫تاأويالت‪ ..‬وتوقعات‬ ‫ي�ستعني ال�ك�ت��اب باأمثلة عملية م��ن الإع��الم‬ ‫القدمي واجلديد مل�ساعدة القراء على التفكري‬ ‫يف الق�سايا املعقدة التي تتعلق مبكانة الإعالم‪،‬‬ ‫حيث ي�ساعد ه��ذا الكتاب على اإي �ج��اد اآلية‬

‫تعد هذه الدرا�شة اإ�شافة للدرا�شات الإعالمية‬ ‫املوجودة يف املكتبات العربية‪ ،‬خا�شة ما يرتجم منها وينقل‬ ‫اإىل اللغة العربية من قبل موؤ�ش�شات رائدة يف عملية ترجمة‬ ‫الكتب املهمة‪ ،‬وهي بحوث مهمة وذات فائدة اأكادميية وبحثية‬ ‫بالن�شبة خلريجي وطالب اجلامعات واخلريجني من كليات‬ ‫الإعالم‪ ،‬ودار�شي الدوريات اخلا�شة بالنظرية الجتماعية‬ ‫والنظريات النقدية املت�شلة بها ي�شتعينون بها يف اإعداد‬ ‫بحوثهم‪ ،‬ويذكون بها معارفهم وثقافتهم يف هذا املجال‬


‫اإن هذا الكتاب هو رحلة عرب نطاق‬ ‫وا�شع من التاأمالت النظرية املت�شعبة حول‬ ‫و�شائل الت�شال التي توحدت يف ماولة‬ ‫لالإجابة على �شوؤال مهم وهو‪ ،‬ما الذي اأحدثته‬ ‫هذه التكنولوجيا ودورها يف جت�شيد املمار�شات‬ ‫الجتماعية والثقافية والت�شكيل والتكوين وهي‬ ‫تكنولوجيا مكونة من اأربعة عنا�شر مهمة هي‬ ‫ال�شكل‪ ،‬املادة‪ ،‬ال�شتخدام امللزم واملهارة‬

‫خالقة لفهم العملية الإعالمية واإر�ساء اأ�س�س‬ ‫متينة ملحاولة فهم الوظيفة الفعلية لالإعالم‪،‬‬ ‫كما ي�ستعني بدرا�سات حالة واأمثلة من الأدوات‬ ‫املنزلية واألعاب الكمبيوتر والطباعة والراديو‬ ‫والتليفزيون لتاأكيد ما طرحه‪.‬‬ ‫وتاأتي تلك التاأويالت يف �سوء اأعمال وكتابات‬ ‫ون �ظ��ري��ات ع�ل�م��اء الإع� ��الم اأم �ث��ال‪ :‬رامي��ون��د‬ ‫ول �ي��ام��ز ورولن� � ��د ب ��ارث ��ز ووال � ��رت ب�ن�ج��ام��ني‬ ‫وم��ار���س��ال م��اك �ل��وه��ان وغ� ��ريه م��ن رج ��الت‬ ‫الإعالم البارزين‪.‬‬ ‫وي �ع��د ال �ك �ت��اب رح �ل��ة ع��رب ن �ط��اق وا� �س��ع من‬ ‫ال �ت �اأم��الت ال�ن�ظ��ري��ة املت�سعبة ح��ول و�سائل‬ ‫الت �� �س��ال ال �ت��ي ت��وح��دت يف حم��اول��ة لطرح‬ ‫جمموعة من الأ�سئلة من بينها (ماهي و�سائل‬ ‫الإع��الم‪ ،‬مل��اذا يتحول املزيد من املو�سوعات‬ ‫اإىل الإعالم؟‪ ،‬كيف يتوا�سل النا�س مع الإعالم‬ ‫لبناء اأحداث حياتهم اليومية؟‪ ،‬بالإ�سافة اإىل‬ ‫الإجابة على �سوؤال مهم وهو‪ :‬ما الذي اأحدثته‬ ‫هذه التكنولوجيا ودورها يف جت�سد املمار�سات‬ ‫الجتماعية والثقافية والت�سكيل والتكوين وهي‬ ‫تكنولوجيا مكونة من اأربعة عنا�سر مهمة هي‬ ‫ال�سكل‪ ،‬امل��ادة‪ ،‬ال�ستخدام امللزم واملهارة؟‪.‬‬

‫ومن هنا فان التحليل الإعالمي يجب اأن يهتم‬ ‫بهذه النواحي الأرب��ع التي تتكون منها كافة‬ ‫تكنولوجيات و�سائل الو�ساطة‪.‬‬ ‫موقع لل�سراع‬ ‫يقول املوؤلف‪ :‬اإن الهدف من هذا الكتاب هو‬ ‫ت�سليط ال���س��وء على الو�سيط التكنولوجي‬ ‫وت �ق��دمي اأ� �س �ل��وب اآخ ��ر يف ال�ت�ن�ظ��ري لو�سائل‬ ‫الإع��الم التي ل تخت�سر الو�سيط اإىل جمرد‬ ‫اأداة ف �ق��ط‪ ،‬وي�ت�ح�ق��ق ذل ��ك ب�ت��وف��ري مقدمة‬ ‫للكتابات النظرية حول و�سائل الإع��الم‪ ،‬التي‬ ‫تعطينا الفر�سة بو�سوح وبب�ساطة و�سمن ًا‬ ‫والتي متكننا من م�ساءلتها‪ ،‬ذل��ك اأن عملية‬ ‫و�سع نظرية لالإعالم مل يكن اأمر ًا مت اخرتاعه‬ ‫من ل�سيء‪ ،‬بل مت تناوله ب�سكل كبري‪.‬‬ ‫م��ن ج��ان��ب اآخ ��ر اأ ّك� ��د اأن ط�ل�ب��ة ال��درا� �س��ات‬ ‫يواجهون ب��روؤي��ة خا�سة‪ ،‬فحواها‬ ‫الإعالمية َ‬ ‫اأن و�سائل الإع ��الم جم��رد اأداة �سيا�سية اأو‬ ‫موقع لل�سراع‪ ،‬وذل��ك وفق ًا لأجندة �سيا�سية‬ ‫�سريحة‪ ،‬ويف اململكة املتحدة مت تف�سري ذلك‬ ‫اأ�سا�س ًا بعالقته بالق�سايا اخلا�سة بالقوة‬ ‫وال�سيطرة‪ ،‬اأما يف الوليات املتحدة الأمريكية‬

‫فيتم مناق�سة ذل��ك يف اأط ��ر ع�م��ل جماعية‬ ‫مرتبطة بحرية الو�سول وال �ت��وازن وال�ع��دل‪،‬‬ ‫بينما ينظر اإىل ه��ذه الو�سائط يف دول مثل‬ ‫ال�سني على اأنها نظام ثقايف حيث ينظر اإىل‬ ‫و�سائل الإع��الم ك� �اأدوات اأو مواقع لل�سيا�سة‬ ‫الثقافية‪.‬‬ ‫اإن درا�سات و�سائل الإعالم تبدو للطلبة وكاأنها‬ ‫ملحق للعلوم ال�سيا�سية‪ ،‬ولكنها تخلق يف ذات‬ ‫الوقت التاأثري والنطباع باأن و�سائل الإعالم‬ ‫هي‪ :‬جمرد اأدوات للقوة اأو ال�سلطة ال�سيا�سية‬ ‫وهي اأي�س ًا مواقع لل�سيطرة وال�سراع‪ ،‬وبالتايل‬ ‫ف ��رغ م �ف �ه��وم و� �س��ائ��ل الإع � ��الم م��ن حم �ت��واه‬ ‫احلقيقي‪ ،‬وحت ّول اإىل اأمر اآخر‪.‬‬ ‫يف فهم العامل‬ ‫ي �وؤك��د امل �وؤل��ف ع�ل��ى اأن م��ن طبيعة و��س��ائ��ل‬ ‫الإعالم اأنها قائمة على فكرة التو�سط‪ ،‬والتي‬ ‫ت�سبه ك�ث��ري ًا م��ا يطلق عليه علماء الجتماع‬ ‫عملية التفاعل‪ ،‬ل��ذل��ك ميكن احل��دي��ث عن‬ ‫و�سائل الإع ��الم ك�سكل م��ن اأ�سكال التفاعل‬ ‫الجتماعي‪ ،‬والتي تعمل على تعزيز الن�ساط‬ ‫الجتماعي والثقايف‪ ،‬ا�ستند الباحث يف حتليل‬


‫الإعالم والع�رص‬

‫العدد ‪156‬‬

‫‪20122011‬‬ ‫أغ�شط�س‬ ‫انوفمرب‬

‫�رصح �صورة‬

‫هذه الوظائف على جمموعة من كتب علماء‬ ‫الجتماع واملثقفني الذين تطرقوا اإىل تاأثريات‬ ‫و�سائل الإعالم وتقنيات الو�ساطة التي تعمل‬ ‫على م�ساعدتنا يف فهم ال�ع��امل ال��ذي نعي�س‬ ‫فيه‪ ،‬كما يرى املوؤلف اأن التطورات احلديثة‬ ‫يف و�سائل الإع��الم التي دفعت اإىل مزيد من‬ ‫الواقعية‪ ،‬قد حثت اأي�س ًا اإىل ظهور اإمكانات‬ ‫اأعظم للوهم والت�سليل‪.‬‬ ‫ولع ّل ه��ذا الكتاب يندرج �سمن ال ُكتب التي‬ ‫ت �ت �ح��دث ع��ن و� �س��ائ��ل الإع�� ��الم كمنظمات‬ ‫ومنتجات وكتقنيات‪ ،‬وه��ي الأك��رث اأهمية يف‬ ‫طرحه‪ ،‬ويهدف اإىل مناق�سة مو�سوع تناول‬

‫كتب‬

‫‪160‬‬

‫و�سائل الإع ��الم كتكنولوجيا‪ ،‬وال��ذي م ّكننا‬ ‫م��ن �سرح م��دى اأهمية و�سائل الإع ��الم عند‬ ‫الرتكيز على املوؤ�س�سات واملنظمات واملنتجات‪،‬‬ ‫بالإ�سافة اإىل ذل��ك‪ ،‬فمن خ��الل م�سار هذا‬ ‫الكتاب يت�سح اأن نوعية و�سائل الإع��الم لها‬ ‫تاأثري مبا�سر على ما تقدمه هذه الو�سائل‪ ،‬كما‬ ‫تطرح الدرا�سة اأكرث امل�سارات تاأثري ًا لتنظري‬ ‫تكنولوجيا الإعالم‪.‬‬ ‫اإن عملية الإعالم تبدو معقدة نوع ًا ما لكرثة ما‬ ‫يتداخل فيها املجال النظري وم�سائل التقنية‪،‬‬ ‫ولكرثة ما يطرح من خاللها من اأدوار تتّ�سع‬ ‫وتزيد مع الزمن وت�سمل اأوجه ًا كثرية مل�ساألة‬ ‫الإعالم والو�سائط التكنولوجية‪ ،‬التي تتطور‬ ‫يوم ًا بعد اليوم‪ُ ،‬متخذة اأ�سكا ًل جديد ًة وروؤى‬ ‫خمتلفة‪ ،‬لذلك تعد ه��ذه ال��درا��س��ة اإ�سافة‬ ‫للدرا�سات الإعالمية امل��وج��ودة يف املكتبات‬ ‫العربية‪ ،‬خا�سة ما يرتجم منها وينقل اإىل‬ ‫اللغة العربية من قبل موؤ�س�سات رائ��دة يف‬ ‫عملية ت��رج�م��ة ال�ك�ت��ب امل�ه�م��ة‪ ،‬وه��ي بحوث‬ ‫مهمة وذات فائدة اأكادميية وبحثية بالن�سبة‬ ‫خلريجي وطالب اجلامعات واخلريجني من‬ ‫كليات الإعالم‪ ،‬ودار�سي الدوريات اخلا�سة‬ ‫بالنظرية الجتماعية والنظريات النقدية‬ ‫املت�سلة بها ي�ستعينون بها يف اإعداد بحوثهم‬ ‫وي��ذك��ون ب�ه��ا م�ع��ارف�ه��م وث�ق��اف�ت�ه��م يف ه��ذا‬ ‫املجال‬

‫يواجهون‬ ‫اأ ّكد املوؤلف اأن طلبة الدرا�شات الإعالمية َ‬ ‫بروؤية خا�شة‪ ،‬فحواها اأن و�شائل الإعالم جمرد اأداة‬ ‫�شيا�شية اأو موقع لل�شراع‪ ،‬وذلك وفقاً لأجندة �شيا�شية‬ ‫�شريحة‪ ،‬ويف اململكة املتحدة مت تف�شري ذلك اأ�شا�شاً‬ ‫بعالقته بالق�شايا اخلا�شة بالقوة وال�شيطرة‪ ،‬اأما يف‬ ‫الوليات املتحدة الأمريكية فيتم مناق�شة ذلك يف اأطر‬ ‫عمل جماعية مرتبطة بحرية الو�شول والتوازن والعدل‬

‫معلومات عن الكتاب ‪:‬‬ ‫• الكتاب‪ :‬تكنولوجيا‬ ‫الإعالم‪ ..‬روؤى نقدية‬ ‫• املوؤلف‪ :‬جو�شت فان‬ ‫لوون‪/‬ترجمة �شويكار‬ ‫زكي‬ ‫• النا�شر‪ :‬جمموعة‬ ‫النيل العربية‪-‬القاهرة‬ ‫• عدد ال�شفحات‪236 :‬‬ ‫املوؤلف يف �شطور‪:‬‬ ‫يعمل جو�شت فان لوون‬ ‫اأ�شتاذاً يف االتحليل‬ ‫الإعالمي مبعهد‬ ‫التحليل الثقايف التابع‬ ‫جلامعة نوتنجهام ترينت‬ ‫باجنلرتا‪ ،‬وهو اأحد‬ ‫الأ�شاتذة املهتمني بالكتابة‬ ‫عن الق�شايا ذات العالقة‬ ‫بالإعالم‪ ،‬وهو موؤلف‬ ‫كتاب (املخاطر الثقافية‬ ‫والتقنية ) ال�شادر عام‬ ‫‪ ،2002‬كما ن�شر اأي�شاً‬ ‫العديد من املقالت حول‬ ‫التكنولوجيا واملخاطر‬ ‫والتغري الجتناعي‬ ‫والثقايف‪ ،‬وهو يعمل اأي�شاً‬ ‫رئي�س حترير �شحيفة‬ ‫الف�شاء والثقافة‪.‬‬


‫عفو ًا‪..‬‬

‫عبد احلميد اأحمد‪..‬‬ ‫هل ال تزال‬ ‫«االأزمنة» عربية؟‬

‫‪161‬‬

‫الإعالم والع�رص العدد ‪ 15‬اأغ�شط�س ‪2012‬‬


‫ا‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ع‬ ‫الم‪..‬‬ ‫امراأة‬ ‫مل يكن توجهي نحو الكتابة والتاأليف‪،‬‬ ‫ق � ��رار ًا حل �ظ �ي � ًا اأ�� �س ��دره اأو اأخ �ف �ي��ه‪،‬‬ ‫ب��ل ك��ان��ت ح��اج��ة اأت ��وج ��ه اإل �ي �ه��ا بكل‬ ‫اأحا�سي�سي‪ ،‬وق��د وج��دت فيها نف�سي‬ ‫وكياين‪.‬‬ ‫ل �ط��امل��ا اع �ت��ربت ال �ك �ت��اب��ة ك��احل��دي�ق��ة‬ ‫الغناء انتقل من حقل لآخر‪ ،‬لذا كنت‬ ‫ول زلت اأرى واأ�ساهد واأعي�س يف رحاب‬ ‫عامل جميل ا�سمه الأدب‪.‬‬ ‫م��ن ه�ن��ا ي �اأت��ي ت �ن��وع��ي‪ ،‬ف �ت��ارة اأك�ت��ب‬ ‫الق�سة الق�سرية واأعي�س مع اأحداثها‬ ‫و�سخو�سها يف مكانها وبيئتها‪ ،‬فكانت‬ ‫جمموعتي الأوىل «ل�ي�ل��ة ال�ع�ي��د» ع��ام‬ ‫‪2003‬م �سدرت عن م�سروع اإ�سراقات‬ ‫ال �ت��اب��ع ل ��دائ ��رة ال �ث �ق��اف��ة والإع � ��الم‬ ‫بال�سارقة‪ ،‬ثم جمموعتي الق�س�سية‬ ‫الثانية «وجه اأرملة فاتنة» عام ‪2008‬‬ ‫عن م�سروع قلم‪.‬‬

‫تكتبها هذا العدد‪:‬‬

‫فاطمة املزروعي‬ ‫‪162‬اإماراتية‬ ‫كاتبه‬

‫‪162‬‬

‫الإعالم والع�رص العدد ‪ 15‬اأغ�شط�س ‪2012‬‬

‫حفزين هذا النجاح فكتبت م�سرحية‬ ‫ثانية بعنوان «ح�سة» وجنحت اأي�س ًا‬ ‫وف� � ��ازت ب��ج��ائ��زة امل �� �س��رح �ي��ني م��رة‬ ‫اأخرى‪ ،‬وقامت دائرة الثقافة والإعالم‬ ‫باإ�سدارها يف كتاب‪.‬‬

‫«املقالة املعرف ّية»‬ ‫ا��س�ت�ه��واين ال�ت�ن��وي��ع وه ��ذا ال�ت�ن�ق��ل يف‬ ‫رح��اب الكلمة وع��وامل الأدب‪ ،‬فدخلت‬ ‫ع ��امل ك �ت��اب��ة ال �� �س �ي �ن��اري��و م��ع ال�سبق‬ ‫وال� �س��رار والرت�سد‪ ،‬فكتبت «تفاحة‬ ‫نورة» وقد ح�سلت على املركز الثالث‬ ‫يف مهرجان اأبوظبي ال�سينمائي ‪،2009‬‬ ‫كما ح�سلت على ج��ائ��زة ال�سيناريو‬ ‫يف «اخ�ت�ف��اء» ث��م ت��وج ه��ذا ب �اأول فيلم‬ ‫ي�خ��رج اإىل ال �ن��ور «ت�ف��اح��ة ن ��ورة» من‬ ‫اإخراج منال علي بن عمرو‪ ،‬وعر�س يف‬ ‫اليوم اأ�شع رحايل يف عوامل املقالة‪،‬‬ ‫مهرجان اخلليج يف دبي ‪.2010‬‬ ‫ك��ان احل �ق��ل الأج �م��ل يف ال�ك�ت��اب��ة هو‬ ‫والتي ي�شعدين اأن اأ�شميها «املقالة‬ ‫تاأليف ق�س�س الأط�ف��ال‪ ،‬وفيه غنيت‬ ‫املعرفية» التي اأحاول خاللها اأن يجد‬ ‫الطني والزجاج‬ ‫ل�ل��رباءة بكل حرية وعفوية ف�سدرت‬ ‫واملفيدة‪،‬‬ ‫اجلديدة‬ ‫املعلومة‬ ‫القارئ‬ ‫جمموعة «رح�ل��ة علبة �سفيح» لتفوز‬ ‫ويف الرواية خلقت عامل ًا وا�سع ًا وقامت ًا‬ ‫ف�شرد ال�شواهد ياأتي من املا�شي‬ ‫بجائزة الأطفال عام ‪ 2010‬وت�سدر يف‬ ‫ومت�سابك ًا يف رواية «زاوية حادة» التي‬ ‫كتاب جميل مر�سوم بالألوان وال�سور‬ ‫�سدرت ع��ام ‪ ،2008‬واأ��س��ع اللم�سات‬ ‫ال�شحيق‪ ،‬لعلنا نفهم واقعنا‬ ‫يف عام ‪.2011‬‬ ‫النهائية على رواي��ة ثانية لعلها ترى‬ ‫م�شتقبلنا‬ ‫ون�شت�شرف‬ ‫وال�ي��وم اأ�سع رح��ايل يف ع��وامل املقالة‬ ‫النور قبل نهاية العام اجلاري‪.‬‬ ‫وال�ت��ي ي�سعدين اأن اأ�س ّميها «املقالة‬ ‫ث��م ق��ررت اأن اأغ��و���س يف اأت��ون ال�سعر‬ ‫املعرف ّية» التي اأحاول خاللها اأن يجد‬ ‫واأح��اول التحليق والبتعاد‪ ،‬فاأ�سدرت‬ ‫القارئ املعلومة اجلديدة واملفيدة‪ ،‬ف�سرد ال�سواهد ياأتي من املا�سي‬ ‫جمموعتي ال�سعرية الأوىل «ديوان بال عزاء» و�سدرت عام ‪ ..2009‬مل‬ ‫ال�سحيق‪ ،‬لعلنا نفهم واقعنا ون�ست�سرف م�ستقبلنا‪.‬‬ ‫يكن تنقلي من فن اأدبي لآخر هو الهدف والتحدي بقدر املحاولة اأن‬ ‫اأح��اول خاللها تنمية الثقافة ون�سر املعرفة بعفوية وب�ساطة من دون‬ ‫ي�سل �سوتي لأكرب عدد من النا�س من دون ا�ستثناء‪ ،‬لذا مل اأتردد يف‬ ‫تعقيد امل�سطلحات واللغويات‪ ،‬فاأكتب يف جريدة الحتاد‪ ،‬وب�سفة‬ ‫خو�س غمار الكتابة امل�سرحية‪.‬‬ ‫غري منتظمة يف مطبوعات اأ خ��رى منها ا لأ�سبوعي وال�سهري‪ ،‬لعل‬ ‫لقد مار�ست هذا الفعل واأن��ا اأتخيل نف�سي اأج��وب خ�سبة امل�سرح من‬ ‫ال�سوت ي�سل ويعم‪.‬‬ ‫الزاوية حتى الزاوية‪ ،‬ويف اأحيان كنت اأ�ست�سعر نظرات اجلمهور الذي‬ ‫و ب��ا ل�ت�اأ ك�ي��د ل��ن ت�ك��ون ه��ذه حمطتي ا لأ خ ��رية يف ع��امل جميل ا�سمه‬ ‫يجل�س اأمامي وي�سغي لكلماتي ويتفح�س حركاتي ونظراتي‪ ،‬فكانت‬ ‫ا لأدب‪ ،‬وما دام القلب ينب�س فاإن احلب يتكاثر‪ ،‬ولن يرتدد القلم‬ ‫م�سرحيتي الأوىل «الطني وال��زج��اج» والتي ق��در لها اأن تفوز باملركز‬ ‫يف التعبري وحماولة التحليق‪ ،‬ل ل�سيء اإ من��ا من اأ ج��ل كائن اأجمل‬ ‫الأول يف م�سابقة جمعية امل�سرحيني‪ ،‬ويتم حتويلها اإىل حقيقة على‬ ‫ي�ستحق كل خري ا�سمه ا لإن�سان‬ ‫م�سرح مهرجان ال�سباب يف دبي عام ‪.2009‬‬

‫عشق التنوع‪ ..‬ورحلة في عوالم األدب!!‬


‫نادي تراث االإمارات ي�سدر‬

‫ة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ث‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ف‬ ‫�ملجلة‬ ‫�‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ربي ًا‬

‫الآن‬

‫كــتــاب يـــوزع جمــان ـ ًا مــع الــعــدد كــل �سهر‬

‫تـتــوفــر فـ ــي مـكـتـبــات الــوطــن الـعــربــي واأوروبـ ــا‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.