ŮňŴ ĮŻijĔĜ ķĔŻ
One World, 6 Continents
ěēijĔŨǞē ğēĴĜ
اﻟﻤﻌﻘﺼﺔ اﻟﻤﻌﻘﺼﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺎﺷﻄﺔ وﻫﻲ اﻟﻤﺠﺪﻟﺔ واﻟﻔﻼﻳﺔ واﻟﻌﻜﺎﻓﺔ -أو اﻟﻌﺠﺎﻓﺔ -واﻟﻤﻀﻔﺮة وﻣﻴﺰﺗﻬﺎ ا%ﺳﺎﺳﻴﺔ أﻧﻬﺎ اﻣﺮأة ﺗﺤﺴﻦ اﻟﻤﺸﻂ ﻗﺪﻳﻤﺎ وﺗﺘﺨﺬه ﺣﺮﻓﺔ ﻟﻬﺎ ،واﻋﺘﻤﺪ ﻗﺒﻮل اﻟﻤﻌﻘﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺤﻠﻲ ً ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻴﻦ ﻣﻬﻤﻴﻦ ،ا%ول :اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻤﻬﻨﻲ وﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﻬﺎ أﻧﻮاع اﻟﻄﻴﻮب وا%ﻣﺸﺎط واﻟﺘﺴﺮﻳﺤﺎت اﻟﺴﺎﺋﺪة وﻗﺘﻬﺎ ﻟﻠﺼﻐﺎر واﻟﻜﺒﺎر وﺗﺴﺮﻳﺤﺎت اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ﻛﺎﻟﺰواج وا%ﻋﻴﺎد ،أﻣﺎ اﻟﺠﺎﻧﺐ اGﺧﺮ ﻓﻬﻮ ا%ﺧﻼﻗﻲ.
ﺑﺮزة ﺗﺮاث
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻣﻲ اﻟﻄﻔﻞ ﺳ ّﻨﻪ إن اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﺗﺘﺠﻠﻰ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت واﻻﺣﺘﻔﺎﻻت. واﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ وﺗﺄﻣﻠﻬﺎ ،ﻫﻮ ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺎت اﻹﻧﺴﺎن ﻟﺤﻴﺎﺗﻪ ﺑﺠﻮاﻧﺒﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻌﺎدة ،أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻫﻮ اﻻﻋﺘﻴﺎد ،ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻷﻣﺮ ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ،ﻓﺈن اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ اﻻﺛﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﻔﻠﻜﻠﻮر ﻣﺜﻞ ﻗﺎﻣﻮس »آﻳﻜﻪ ﻫﻮﻟﺘﻜﺮاس« ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻌﺎدات .ﻳﺼﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﻠﻮك ﻳﻌﺘﺎده اﻹﻧﺴﺎن ،وﻣﺎ ﻳﻠﻔﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻫﻮ وﺻﻔﻪ ﻟﻠﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺆدى »ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻔﻮﻳﺔ« ،ﺗﺪاوﻟﻬﺎ ﻳﺘﺤﻘﻖ »ﺑﺼﻮرة ﻻ ﺷﻌﻮرﻳﺔ«. ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﻤﺎرس ﻫﺬه اﻟﻌﺎدات وﻳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ دون ﻣﺴﺎءﻟﺔ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ؛ ﻷﻧﻪ اﻋﺘﺎد ﻋﻠﻰ ﺗﺄدﻳﺘﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ؛ ﻷن ﻣﺼﺪرﻫﺎ ﻫﻮ اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻘﺪون ﻣﻦ ﻳﺤﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ. ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﻓﻬﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺗﺮاﺛﻬﻢ ،اﻟﺬي ﺧﻠﻔﻪ اﻷﺳﻼف ﻳﺘﻮارﺛﻮﻧﻪ ً ﺟﻴﻞ ،دون ﻣﻌﺮﻓﺔ دﻻﻻﺗﻪ اﻷوﻟﻰ وأﺻﻠﻪ ،وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬا اﻷﺻﻞ ﺗﻔﻴﺪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺼﺎدر ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻟﻘﺪ ﻓﻜﺮت ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻌﺎدات اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﻤﺒﻜﺮة، أﻻ وﻫﻲ ﻋﺎدة ﺗﺒﺪﻳﻞ اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻸﺳﻨﺎن اﻟﻠﺒﻨﻴﺔ؛ ﻟﺘﻨﻤﻮ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﻷﺳﻨﺎن اﻟﺪاﺋﻤﺔ .ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺒﺪﻳﻞ ﺑﻌﺪ ﺳ ّﻦ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺮﻣﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﺳﻨﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺸﻤﺲ. ﻳﻘﻮل اﻟﻄﻔﻞ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ إﻳﺎﻫﺎ: »ﻫﺎج ﺿﺮس ﺣﻤﺎر ،وأﻋﻄﻴﻨﻲ ﺿﺮس ﻏﺰال« .اﻷﻣﺮ ذاﺗﻪ ﻳﺘﻜﺮر ﻓﻲ دوﻟﺘﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ وﻗﻄﺮ ،وﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮل اﻟﺒﻨﺖ ﻣﺜﻼ» :ﺧﺬي ﺳ ّﻦ اﻟﺤﻤﺎر ،واﻋﻄﻴﻨﻲ
130
د .ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ
ﺳ ّﻦ ﻋﺮوﺳﻪ« .إن ﻫﺬه اﻟﻌﺎدة ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ،ﻓﻔﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب »ﺑﻠﻮغ اﻷرب ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣﻮال اﻟﻌﺮب«، ﻳﺬﻛﺮ ﻣﺤﻤﻮد ﺷﻜﺮي اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﺎدة ،واﺿ ًﻌﺎ ﻟﻬﺎ ﻋﻨﻮاﻧًﺎ ﻫﻮ »ﺗﺨﻴﻼت اﻟﻌﺮب وﺧﺮاﻓﺎﺗﻬﻢ« ،ﻓﺎﻟﻐﻼم ﻳﺮﻣﻲ ﺳ ّﻨﻪ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ اﻟﺸﻤﺲ: »أﺑﺪﻟﻴﻨﻲ ﺑﺴ ّﻦ أﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻟﺘﺠ ِﺮ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﻬﺎ آﻳﺎﺗﻚ أو أﻳﺎؤك، وﻫﻤﺎ ﺷﻌﺎع اﻟﺸﻤﺲ« .ص 318 وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺻ ّﻨﻔﻬﺎ ﺿﻤﻦ اﻟﺘﺨﻴﻼت واﻟﺨﺮاﻓﺎت ،ﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ ر ّدﻫﺎ إﻟﻰ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﻌﺒﺎدة اﻟﺸﻤﺲ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ آﺛﺎر ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎدة ﻓﻲ ﻋﺎدات اﻟﻌﺮب وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ ،ﻟﺘﺴﺘﻤﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،ﻟﻤﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﺣﻴﺚ اﻧﻄﻤﺲ اﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻋﺒﺎدة ﻟﻠﺸﻤﺲ ،ﻟﻴﺼﻴﺮ ﻋﺎدة ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل ﻣﻊ ﺟﻬﻞ ﻷﺻﻠﻬﺎ. ﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻓﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ أﻃﻔﺎل اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻫﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﺳ ّﻦ ﻏﺰال .ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺗﺄﺛﻴ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﻳﺸﺒﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺘﻪ، اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺜﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻈﺒﺎء واﻟﻐﺰﻻن .وﻟﻮ ذﻫﺒﻨﺎ أﻋﻤﻖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻼﺑﺪ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ أن اﻟﻐﺰال ﻫﻮ اﺳﻢ ﻣﻦ أﺳﻤﺎء اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﻳﻄﻠﺐ ﺳ ّﻨﺎ ﻣﻀﻴﺌًﺎ ﻻﻣ ًﻌﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ ،ﺳ ّﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﻐﺰاﻟﺔ. ﻫﻜﺬا ﻳﺘﻤﺎﺛﻞ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻣﻊ ذﻟﻚ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي وﻟﺪ ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻒ و ﺧﻤﺴﻤﺌﺔ ﺳﻨﺔ .ﻟﻌﻞ ﻫﺬا دﻟﻴﻞ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ أن ﻋﺎداﺗﻨﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ ﺗﻨﻬﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻟﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻮﻏﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم ،ﻳﺼﻠﻨﺎ ﺑﻤﻮروث اﻷﺟﺪاد ﻣﻨﺬ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ *ﺑﺎﺣﺜﺔ وأدﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺎرات
اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺠﻮاﺋﺰ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً و 194أﻟﻒ درﻫﻢ ،ﻻﻓﺘًﺎ إﻟﻰ أن اﻟﺠﺎﺋﺰة ﺷﻬﺪت ﻓﺮ ًﻋﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻟﻸﺳﻠﻮب اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻴﺔ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺑﻨﺺ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﻮﺻﻒ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ،ﻣﻊ ﻣﻨﺢ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻻﺧﺘﻴﺎر أﺷﻜﺎل اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ وﺣﺠﻢ اﻟﻘﻠﻢ ﻓﻲ إﻧﺠﺎز اﻟﺤﻠﻲ. ﺗﻀﻤﻦ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﻋﺮﺿً ﺎ ﻓﻨ ًﻴﺎ ﺑﻌﻨﻮان »ﻓﻲ ﻇﻼل اﻟﺒﺮدة« ﺗﻨﺎول ﺳﻴﺮة اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ،ﺗﺄﻟﻖ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻹﻧﺸﺎد اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻄﻔﻲ ﺑﻮﺷﻨﺎق واﻟﻔﻨﺎن اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺴﺎف ،وﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎر ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﺒﻮﺻﻴﺮي واﻟﺒﺎرودي وﺷﻮﻗﻲ ﻣﻦ أﻟﺤﺎن اﻟﻤﻠﺤﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻧﺎﺻﺮ. اﻟﻔﺎﺋﺰون ﺑﺎﻟﺠﻮاﺋﺰ
وﻛﺎﻧﺖ ﺟﻮاﺋﺰ اﻟﺒﺮدة ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ :ﻓﻲ ﻓﺌﺔ ﺧﻂ اﻟﺜﻠﺚ اﻟﺠﻠﻲ ﺣﺠﺒﺖ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻴﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ دﺑﻠﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﺟﺎء ﻣﺤﻤﺪ ﻳﺎﻣﺎن ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻜﺮر ،وﺣﺼﻞ ﺳﻴﺪ أﺣﻤﺪ دﺑﻠﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﺟﺎء ﻳﻠﻤﺎز ﻃﻮران ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺮاﺑﻊ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻞ اﻟﻤﺼﺮي أﺣﻤﺪ ﺧﺎﻣﺴﺎ. ﺣﺴﻦ اﻟﻬﻮاري ً وﻓﻲ ﻓﺌﺔ اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ ﻓﺎز ﺳﻠﺠﻦ ﻗﻴﺮﺟﺼﻼن ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،وﻣﺤﺴﻦ ﻣﺮادي ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻣﻨﺎﺻﻔﺔ ،وﻣﺤﺴﻦ أﻗﻤﻴﺮي وﻣﻬﺪي ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻣﻨﺎﺻﻔﺔ ،وأﻓﺴﺎﻧﺔ ﻣﻬﺪوي وﻣﻌﺼﻮﻣﺔ ﻣﺮادي ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻨﺎﺻﻔﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻓﺎز ﺳﺮاب آر وﻛﻠﺜﻮم ﻛﻮﻛﺮﺟﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻨﺎﺻﻔﺔ ،وﻓﺎز ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻨﺎﺻﻔﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻣﺮادي وﻋﺴﻜﺮ ﻣﺮادي ﻣﻦ إﻳﺮان. وﻓﻲ ﻓﺌﺔ اﻟﺤﺮوﻓﻴﺔ ﺣﺠﺒﺖ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻴﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻲ اﻟﺠﺎك ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻮدان ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﻓﺎز ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر داودي ﻣﻦ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﺟﺎء ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮواق ﻣﺤﻤﺪ اﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺮاﺑﻊ ،وﺣﻞ ﻋﻘﻴﻞ ﻣﺼﻄﻔﻰ أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺨﺎﻣﺲ وﺟﺎء ﻣﻬﻨﺪ وﻟﻴﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻛﻨﺪا ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻜﺮر. أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻔﺼﻴﺢ ﻓﻘﺪ ﻓﺎز ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻮﻟﻰ أﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول وﺟﺎء وﻓﻴﻖ ﺟﻮدة اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ وﺣﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﻴﺴﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ وﺟﺎء ﺻﻼح رﻣﻀﺎن ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺮاﺑﻊ. وﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻰ ﺟﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﻤﻴﺮي ﻣﻦ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ،ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﻓﺎز ﻋﺘﻴﻖ ﺧﻠﻔﺎن ﺳﺎﻟﻢ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻌﺒﻲ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﺟﺎء أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻔﻀﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ وﻣﺰﻧﺔ رﺑﻴﻊ ﻣﺒﺎرك اﻟﺒﺮﻳﻚ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻨﺎﺻﻔﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
129
İŀĴŨ
ﻣﻌﺼﻮﻣﺔ ﻣﺮادي اﻟﻔﺎﺋﺰة ﺑﺎﻟﺰﺧﺮﻓﺔ
اﻟﻤﻬﻨﺪس وﻟﻴﺪ اﻟﺰﻋﺎﺑﻲ أﺣﺪى اﻻٔﻋﻤﺎل اﻟﻔﺎﺋﺰة
اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻔﺎﺋﺰة ﻟﻠﻔﻨﺎن ﻋﻠﻲ ﺟﺎك
ﺗﺄﻛﻴﺪا ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻳﺔ اOﺳﻼم اﻟﺴﻤﺤﺔ ً
ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﺑﺠﻮاﺋﺰ اﻟﺒﺮدة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻄﻔﺔ
ﻛ ّﺮم ﻣﻌﺎﻟﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻬﻴﺎن ﺑﻦ ﻣﺒﺎرك آل ﻧﻬﻴﺎن ،وزﻳﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺸﺒﺎب وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،اﻟﻔﺎﺋﺰﻳ َﻦ ﻓﻲ اﻟﺪورة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة ﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﺒﺮدة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻤﻬﺎ اﻟﻮزارة ﺳﻨﻮﻳﺎً اﺣﺘﻔﺎ ًء ﺑﺎﻟﻤﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺸﺮﻳﻒ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻓﺌﺎﺗﻬﺎ اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺸﻘﻴﻪ اﻟﻔﺼﻴﺢ واﻟﻨﺒﻄﻲ ،واﻟﺨﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺤﺮوﻓﻴﺔ ،واﻟﺰﺧﺮﻓﺔ واﻟﺘﻲ ﺷﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ 800ﻣﺘﺴﺎﺑﻖ. ﺣﻀﺮ اﻻﺣﺘﻔﺎل اﻟﺬي ﺷﻬﺪه اﻟﻤﺴﺮح اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺻﻘﺮ ﻏﺒﺎش وزﻳﺮ اﻟﻌﻤﻞ ،ﺻﻘﺮ ﻏﺒﺎش واﻷدﻳﺐ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺮ وﻟﻔﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ واﻟﺤﻀﻮر. ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻗﺎل ﻣﻌﺎﻟﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻬﻴﺎن ﺑﻦ ﻣﺒﺎرك آل ﻧﻬﻴﺎن: »إﻧﻨﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻧﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻋﺘﺰازِﻧﺎ وﻓﺨﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻹرادة ،وﺷﺪة اﻟﻌﺰﻳﻤﺔ، وﻋﻈﻤﺔ اﻟﺮوح ،وﺗﻄﻮﻳﻊ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻌﻘﻞ ،إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺧﻴﺮ وﻧﺠﺎح ﻟﻠﺤﻴﺎة واﻷﺣﻴﺎء«.
128
ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﺑﺠﻮاﺋﺰ اﻟﺒﺮدة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ
وﺗﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ إﻟﻰ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،وزﻳ ِﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ، ﺻﺎﺣﺐ ﻓﻜﺮة اﻟﺠﺎﺋﺰة وﻣﻨﺸﺌﻬﺎ وﻗﺖ أن ﻛﺎن وزﻳ ًﺮا ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم ،وﻗﺎل إن اﻟﺠﺎﺋﺰة ﻓﺮﺻﺔ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﻤﻮاﻫﺐ ﻟﻴﺘﺤﻠﻘﻮا ﺣﻮل ﺑﺮدة اﻟﺒﻮﺻﻴﺮي ﻣﺴﺘﻠﻬﻤﻴﻦ وﻋﻤﻼ ﺛﻘﺎﻓ ًﻴﺎ ﻣﺘﻤﻴ ًﺰا ،وأﺿﺎف» :إن اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻤﻮﻟﺪ إﺑﺪا ًﻋﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا واﺑﺘﻜﺎ ًرا ﻧﺎﻓ ًﻌﺎ ً اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺸﺮﻳﻒ ،وﻗﺼﻴﺪة اﻟﺒﺮدة ﻣ ًﻌﺎ ،ﻫﻮ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﺣﺎﻓﺰ ﻳﺪﻓﻊ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺪﻳﻨﻨﺎ اﻟﺤﻨﻴﻒ ،وﺑﺄﻣﺘﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة« ،ﻻﻓﺘًﺎ إﻟﻰ أن دوﻟﺔ اﻹﻣﺎر ِ ات راﺋﺪة ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻔﺮص أﻣﺎم اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟِﺘﺄﻛﻴﺪ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﻺﻧﺴﺎنِ ﺣﻘﻪ ،وﻗﺎل :إن اﺣﺘﻔﺎ َءﻧﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺠﺎﺋﺰة ،ﻫﻨﺎ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،إﻧﻤﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﻮاﻟﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﻳﻨﺒ ِﺜﻖ ﺑِﺎﻷﺳﺎسِ ،ﻣﻦ دﻋﻢ ﻗﺎد ِة اﻟﻮﻃﻦ ،ﻣﻤﺜﻠﻴﻦ ﻓﻲ ِ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎنِ ، رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠ ُﻪ ورﻋﺎه – وﺳﻤﻮه ﻳﺸﺠﻊ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار :ﻛﺎﻓﺔ ﻋﻨﺎﺻ ِﺮ اﻟﻔﺨﺮ واﻻﻋﺘﺰاز ،ﺑِﺎﻧﺘﻤﺎﺋِﻨﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺪﻳﻦِ اﻟﺤﻨﻴﻒ ،ووﻻﺋِﻨﺎ ﻟﻺﻣﺎر ِ ات اﻟﻌﺰﻳﺰ ِة واﻟﻐﺎﻟﻴﺔ«. وﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﻟﻤﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ﻗﺎل اﻟﻤﻬﻨﺪس وﻟﻴﺪ اﻟﺰﻋﺎﺑﻲ ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻟﺘﺮاث واﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺸﺒﺎب وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻊ» :إن اﻟﺠﺎﺋﺰة ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت واﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺨﺪﻣﺔ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻤﻴﺰ ،واﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮا إﻧﺠﺎزات وإﺑﺪاﻋﺎت ﻣﺘﻤﻴﺰة« وأﺿﺎف :إن اﻟﻘﻴﻤﺔ
ﻣﻌﺎﻟﻢ أﺛﺮﻳﺔ ﺗﺤﻜﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﺗﻢ اﻟﻜﺸﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ 32ﻛﺸﻔًﺎ أﺛﺮﻳًﺎ ﺗﺮﺟﻊ ﻟﻠﻌﺼﺮ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻲ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺠﺰاﺋﺮ ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻷﺛﺮﻳﺔ اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺔ ،ﻗﻨﻄﺮة اﻟﻤﺎء ،وﺑﻘﺎﻳﺎ ﺟﺴﺮ اﻟﻘﻨﻄﺮة. وﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﻟﺤﻮاﻟﻲ 80ﻫﺠﻮﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ اﻷﺛﺮﻳﺔ ﺟﺒﻞ اﻟﻮﺣﺶ ،وﻣﻐﺎرة اﻟﺪﺑﺒﺔ ،وﻣﻐﺎرة اﻷروي، وﻣﻐﺎرة اﻟﺤﻤﺎم ،وﺳﻴﺪي ﻣﺴﻴﺪ. ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺘﺢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻰ ﻋﻬﺪ أﺑﻲ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ دﻳﻨﺎر )55ﻫـ -62ﻫـ / 681 – 674م( ﻓﻘﺪت أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ ﻃﻮال ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻟﺬﻟﻚ اﺧﺘﺎر أﺑﻲ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ أن ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ »ﻣﻴﻼ« ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻠﺒﻼد وﻟﻴﺲ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ. ﺣﺘﻰ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﻴﻦ ) 975 – 923ﻫـ 1567-1517 /م( وﻣﻦ أﺑﺮز ﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة رﺟﺐ ﺑﺎي وﺣﺴﻴﻦ ﺑﺎي اﻟﺬﻳﻦ أﻋﺎدوﻫﺎ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻺﻗﻠﻴﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى ،وﻗﺪ ﺗﺮﻛﻮا ﻟﻨﺎ أﻗﺪم ﻣﻌﻠﻢ أﺛﺮي إﺳﻼﻣﻲ ﺑﻬﺎ وﻫﻮ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬى ﺟﺪد ﻓﻰ 1136م ،وﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻷﺧﻀﺮ وﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎﻣﻊ ﺳﻮق اﻟﻐﺰال، اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻓﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ أﺳﻠﻮب ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺴﻤﻰ »أﻗﺒﻴﺔ وﻗﺒﺎب«. وﻳﻌﺪ ﻗﺼﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﺎي أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻷﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 150ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﺒﻼﻃﺎت اﻟﺨﺰﻓﻴﺔ ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ 150ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺪة واﻟﺘﻴﺠﺎن ،ﻏﻴﺮ اﻷﺑﻮاب اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ،واﻟﻨﺎﻓﻮرات اﻟﺮﺧﺎﻣﻴﺔ ،وأﺣﻮاض اﻟﺴﻤﻚ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﻤﻦ رﺳﻮم ﺟﺪارﻳﺔ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ وﻻﻳﺎت اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻣﺜﻞ رﺳﻮم ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،وأﺧﺮى ﻟﺒﻴﺖ اﻟﻤﻘﺪس ،وﻫﻮ ﻳﻌﺪ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻤﺰارات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻄﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺤﻀﺎري ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ،وﻗﺪ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺣﻮاﻟﻰ 5000ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ.
وأﺳﺮة اﻟﻔﻜﻮن :ﻋﺒﺪاﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﻔﻜﻮن ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ )988ﻫـ- 1585م(. ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮدت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺤﺮوﺑﻬﺎ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ، وﻋﻦ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺑﻤﻮﻗﻌﻬﺎ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ،ﺳﺘﺠﺪ ﺿﺎﻟﺘﻚ اﻟﻤﻨﺸﻮدة ،ﺳﺘﺮى اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﺑﺬاﺗﻪ ،ﺳﺘﺘﺤﺪث إﻟﻴﻚ اﻟﻘﺼﻮر واﻟﺠﺴﻮر اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ،ﻣﻌﻠﻨ ًﺔ ﻓﻲ ﺟﺮأة ﻋﻦ ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻰ اﻻﺳﺘﻤﺮار ،ﻟﺘﻜﻮن ﺷﺎﻫﺪا ً ﻋﻠﻰ ﻋﺼﻮر أورﺛﺘﻨﺎ أﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ .وﺳﺘﺠﺪ ﻧﻔﺴﻚ أﻣﺎم ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺣﺘﻰ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ واﻷوروﺑﻴﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎرت أن ﺗﺘﻠﻮن ﻓﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﻠﻮن اﻟﺸﺮق ،ﻓﺤﻮﻟﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ اﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ إﺷﻌﺎع ﺛﻘﺎﻓﻲ وﺣﻀﺎري ودﻳﻨﻲ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ
ﻋﻠﻤﺎء ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ا0واﺋﻞ
ﻗﺪﻣﺖ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺣﻮاﻟﻰ 197ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻓﻰ ﺷﺘﻰ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻷدﺑﻴﺔ ،ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻟﺪ وﺗﺮﻋﺮع ﺑﻬﺎ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺎﺟﺮوا إﻟﻴﻬﺎ وأﻛﻤﻠﻮا ﻣﺴﻴﺮة ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﺎﺗﻬﺎ ،وﺗﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء 138 ﻣﺠﻠﺪا ً ،ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ. وﺗﺘﻤﻴﺰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﻀﻦ أﺳﺮا ً ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﻔﺼﻰ ،ﻳﺘﻮارﺛﻮن اﻟﻌﻠﻢ أﺑﺎً ﻋﻦ ﺟﺪ وﻣﻦ أﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺮ ،أﺳﺮة ﺑﻨﻰ ﺑﺎدﻳﺲ ) أﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺑﺎدﻳﺲ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﻲ( وﻫﻮ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،وﻛﺎن ﻟﻪ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻋﺎش ﺑﻬﺎ ﻓﻰ اﻟﻘﺮن )7ﻫـ 13 -م( ﻓﺄﻗﺎم اﻟﻤﺪارس وأرﺳﻰ ﻟﻠﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻓﻰ ﻣﺠﺎﻻت ﻋﺪة وﻛﺬﻟﻚ أﺳﺮة ﺑﻨﻲ ﻗﻨﻔﺬ )ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﻴﻤﻮن ﺑﻦ ﻗﻨﻔﺬ(
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
127
İŀĴŨ
ﺗﻤﺮدت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ
ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺠﺴﻮر اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ
ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻦ ،ﺛﺎﻟﺚ أﻛﺒﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ
اﻟﻘﺎﻫﺮة -راﻧﻴﺎ ﻫﻼل
أﻗﺎﻣﺖ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﺮاث واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﺑﻴﺖ وﺗﻌﺪ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ إﻗﻠﻴﻢ ﺷﺮق اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،وأﻗﺪم وأﻋﺮق ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴﻨﺎرى -اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻻﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ -ﻧﺪوة ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﺰاﺋﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺤﺼﻨﺔ ﺗﺤﺼﻴ ًﻨﺎ ﻃﺒﻴﻌ ًﻴﺎ ﺑﺸﻬﺎدة ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ..دراﺳﺔ ﻓﻰ اﻟﻌﻄﺎء اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﻤﻮروث اﻹدرﻳﺴﻲ ،واﻟﺒﻜﺮي ،واﺳﺘﺮاﺑﻮن ،وﻳﺎﻗﻮت اﻟﺤﻤﻮي . اﻷﺛﺮي« ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر دﺣﺪوح أﺳﺘﺎذ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﺗﻴﺒﺎزة ﺑﺎﻟﺠﺰاﺋﺮ. ﻣﺤﻄﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ أوﺿﺢ اﻟﺪﻛﺘﻮر واﺳﺘﻄﺮد دﺣﺪوح» :اﺗﺨﺬ اﻟﻤﻠﻚ »ﺳﻴﻔﺎﻛﺲ« ﻣﻦ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر دﺣﺪوح أن اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪً ا ﻛﺎن ﻟﻌﻤﻖ ﻟﻠﺒﻼد ﻣﻦ ﻋﺎم 203-206ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ﺛﻢ اﺗﺨﺬﻫﺎ وﻟﺪه »ﻣﺎﺳﻴﻨﺴﺎ« إرﺛﻬﺎ اﻟﺤﻀﺎري ،وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻤﻤﺘﺪ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎم ﺑﻌﻤﻞ دراﺳﺎت وأﺑﺤﺎث ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻨﻮﻣﻴﺪﻳﺔ .وﻓﻲ ﻋﺎم 46ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد دﺧﻠﻬﺎ اﻟﺮوﻣﺎن ﻋﺪﻳﺪة ﻋﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻨﻬﺎ دراﺳﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ واﻟﻘﺒﻮر ﺑﻬﺎ ،وأﺧﺮى وﻣﻦ اﻟﻌﺎم 251 27-ﻣﻴﻼدﻳﺎً ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻟﺴﺮﺗﻲ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ أﻃﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ دراﺳﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻰ اﻟﻘﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ زراﻫﺎ اﻻﻣﺒﺮاﻃﻮر أرﻣﺎﻧﻲ ﻗﺴﻄﻨﻄﺎن وﺟﺪد أﺳﻮارﻫﺎ ﻋﺎم 313م ﻣﻨﺤﻬﺎ اﻟﻌﺼﻮر .وأﺿﺎف أن اﻷﺻﻞ ﻓﻲ اﺳﻢ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ ﻫﻮ »ﻛﻴﺮﻃﻦ« وﻫﻮ اﺳﻤﻪ ﻻﻋﺠﺎﺑﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﻬﺎ ورﻏﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺗﺨﻠﻴﺪ ذﻛﺮاه ﺑﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ أن اﺳﻢ ﻧﻮﻣﻴﺪي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﻪ ﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﺮوﻣﺎن ﺷﻤﺎل اﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﺬﻛﺮى ﻣﻘﺮوﻧﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮة اﻟﺘﻲ ﻋﺸﻘﻬﺎ ،إﻟﻰ وﻣﻌﻨﺎه اﻟﻘﻠﻌﺔ ،ﺛﻢ أﺻﺒﺢ »ﺳﻴﺮﺗﺎ« ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺮوﻣﺎن ﺣﺘﻰ ﻋﺎم 313أن ﺳﻘﻄﺖ ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﻮﻧﺪال ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﻣﺪن ﺷﻤﺎل اﻓﺮﻳﻘﻴﺎﻋﺎم 455م . وﺗﺴﻬﻴﻼ وﺑﺪأت ﻓﻌﻠﻴﺎ ً ﻓﻲ اﻟﻀﻌﻒ وﺗﺮاﺟﻊ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﻮن ً ﻣﻴﻼدﻳﺎً اﻟﻰ أن اﺗﺨﺬ ﺷﻜﻠﻪ ﻗﺒﻞ اﻷﺧﻴﺮ ﻓﻜﺎن »ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻨﺔ« وﺣﻜﻤﻮﻫﺎ ﻋﺎم 539م«. ﻟﻠﻨﻄﻖ أﺻﺒﺢ ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ. 126
ﻗﺴﻨﻄﻴﻨﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮ
ﻗﻠﺐ اﻟﻜﻼم
ﺋﺎً وأﻫﺘﻚ ﺳﺘﺮك ﺣـــﺎﻻ ﻓﺤﺎﻻ ﻣﻨﻌﺖ اﻟﻘﺮى وأﻣـﺠﺖ اﻟﻌﻴﺎﻻ
ﺗﻔﺎﺟﺄ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻬﺬا اﻟﺮد اﻟﺸﻌﺮي اﻟﻔﺬ ،ﻣﻌﻠﻨﺎً ،ﻟﻴﺲ إﻋﺠﺎﺑﻪ ﺑﻜﻼﻣﻬﺎ ﺳﺄﻛﺸﻒ ﻋﺮﺿﻚ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻲ ﻓﻘﻂ ،وإﻧﻤﺎ ﺑﺴﺤﺮ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﻐﻼّب ﻛﺄﻧﺜﻰ ..وﺳﺄﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﻳﺎ ﻓﻴﺎ ﻋﺎﻣﺮ اﻟﺨﻴﻞ ﻳﺎ زﻳـــﺪﻫﺎ ﺷﺎﻋﺮة؟ أﺟﺎﺑﺖ :أﻧﺎ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ .أأﻧﺖ ﻣﺘﺰوﺟﺔ؟ ﺳﺄﻟﻬﺎ اﻟﻤﻠﻚ.. ﻓﺮ ّدت ﻣﻦ ﻓﻮرﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ :ﻻ ..ﻻ ،أﻧﺎ ﺟﺎرﻳﺔ ﻟﺪى اﻟﺘﺎﺟﺮ اﻟﻤﻌﻠّﻢ رﻣﻴﻚ واﺿﺤﺔ إذا ً ﻧﺒﺮة اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺎر اﻟﻨﺎﻗﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮة -اﻟﻤﻠﻜﺔ، ﺑﻦ ﺣﺠﺎج. وﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻧﺎﺷﻬﺎ ﺣﺘﻰ أﺧﻼﻗﻴﺎً ،وﻧﺎل أﻳﻀﺎً ﻣﻦ أﻗﺎرﺑﻬﺎ، وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ إﻻّ أن ذﻫﺐ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،وﺳﺄﻟﻪ ﺷﺮاءﻫﺎ ،وﻫ ّﺪد »ﺑﻜﺸﻒ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً وﻫﺘﻚ ﺳﺮﻫﺎ ﺣﺎﻻً ﻓﺤﺎﻻ«. ﻓﻠﺒّﻰ اﻟﺘﺎﺟﺮ ﻃﻠﺐ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ..وﻣﺎ ﺳﻮى أﻳﺎم ﺣﺘﻰ ﺗﺰوﺟﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬا ﻛﻠﻪ ،ورﺑﻤﺎ ﻏﻴﺮه أﻳﻀﺎً ،ﺑﺪأت اﻟﺸﺎﻋﺮة واﻟﻤﻠﻜﺔ اﻟ ُﻤﻬﺎﻧﺔ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ،ﺛﻢ راح ﻳﻔﻀّ ﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ زوﺟﺎﺗﻪ وﻣﺤﻈ ّﻴﺎﺗﻪ ،ﻛﻴﻒ ﻻ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ ﺗﺤﺮﻳﺾ ﻣﻠﻴﻜﻬﺎ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد ﻋﻠﻰ وزﻳﺮه ﺑﻦ وﻫﻲ اﻣﺮأة ذات ﺟﻤﺎل اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ،وﺻﺎﺣﺒﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ،وﺣﻀﻮر ﻋﻤﺎر؛ واﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ أن ﺳﻬﻢ اﻟﺤﻘﺪ ﻳﺜﻘﺐ ﺣﺘﻰ درﻗﺔ اﻟﺴﻠﺤﻔﺎة.. ﻣﻬﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮ ،وﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻋﻴﺎن ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻘﺎﺑﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ إﻻّ أن اﺳﺘﺠﺎب ﻟﺮﻏﺒﺔ زوﺟﺘﻪ ،ﻓﻘﺘﻞ وزﻳﺮه وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ أن ﺗﺆﺛﺮ ﺑﻄﻐﻴﺎن ﺟﺎرف ،ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ وﺷﺎﻋﺮه اﻟﻤﻘ ّﺮب ﻣﻨﻪ زﻣﻨﺎً ﻃﻮﻳﻼً ،ﺑﻔﺄس ﻓﻠﻘﺖ رأﺳﻪ وأﺑﻘﻰ اﻟﻔﺄس، ﻣﻠﻴﻜﻬﺎ اﻟﻘﻮي اﻟ ُﻤﻬﺎب ،ﺣﻴﺚ أﻧﺴﺘﻪ ،ﻣﺜﻼً ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺻﻮﻟﻬﺎ ﻋﻦ ٍ ﻋﻤﺪ ،ﻓﻲ اﻟﺮأس. وﻣﺎﺿﻴﻬﺎ ﻛﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ،وإﻟﻰ ﺣ ّﺪ ﻳﻔﻮق اﻟﺘﺼﻮر ،وﺗﻜﺸﻒ أوراق اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻷﻋﻤﻰ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺗﻌﺪﻳﻞ اﺳﻤﻪ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺎﻷﺳﺎس :ﻟﻠﺸﺎﻋﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻴﻜﻬﺎ ،ﻋﻦ ﺻﻮرة ﻏﺮﻳﺒﺔ وﻃﺮﻳﻔﺔ ﻻ ﺑ ّﺪ ﻣﻦ ذﻛﺮﻫﺎ. »اﻟ ُﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻠﻪ« ،ﻓﻠ ّﺒﻰ ﻃﻠﺒﻬﺎ وﺻﺎر اﺳﻤﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ» :اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ وﻣﻔﺎدﻫﺎ أﻧﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻠﻜﺔ اﻋﺘﻤﺎد ﺗﺘﺠ ّﻮل ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﺷﻮارع اﻟﻠﻪ« ،أو«اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ« ،ﺗﻜﻨﻴﺎً ﺑﺎﺳﻤﻬﺎ» :اﻋﺘﻤﺎد« وﻣﺤﺎﻛﺎة ﻟﻪ. ﻣﺪﻳﻨﺔ إﺷﺒﻴﻠﻴﺔ ،رأت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻳﺒﻌﻦ اﻟﻠﺒﻦ وﻫ ّﻦ راﻓﻌﺎت أﺛﻮاﺑﻬﻦ ﻋﻦ أرﺟﻠﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﻄﻴﻦ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد: اﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻨﺎﻓﺲ وﺟﻮاري وﺑﻨﺎﺗﻚ ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺴﻮة«؛ ﻓﻨﺰل »أﺷﺘﻬﻲ أن أﻓﻌﻞ أﻧﺎ ّ ﺎﻫﺎ ﻨ وﺗﻤ اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ اﻋﺘﻤﺎد ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮة أﻋﺠﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻮزﻳﺮ اﺑﻦ ﻋﻤﺎر ّ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻋﻨﺪ رﻏﺒﺘﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ اﺳﺘﺒﺪل اﻟﻄﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻨﺒﺮ واﻟﻤﺴﻚ ﻓﺴﺤﻖ ﺛﻢ ُﺟﺒﻞ ﺑﻤﺎء اﻟﻮرد ﺣﺘﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ .وﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﺎدر ﺗﻘﻮل إﻧﻪ ﻋﺸﻘﻬﺎ ﻋﺸﻘﺎً ﺟﻨﻮﻧﻴﺎً ،وﻟﻢ ﻳﺸﺄ واﻟﻜﺎﻓﻮر ،ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﺮهُ ، أن ّ ﻳﻈﻞ ﻣﺘﻜﺘﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺸﻘﻪ ﻫﺬا ،ﻓﻔﺎﺗﺤﻬﺎ ﺑﺎﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ،أﺻﺒﺢ ﻟﺰﺟﺎً ﻛﺎﻟﻄﻴﻦ ،وﺟﻠﺐ ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺮب واﻟﺤﺒﺎل ،ﻓﺨﺮﺟﺖ اﻋﺘﻤﺎد ﻏﻴﺮ ﻫﻴّ ٍ ﺎب ﺑﺄﻧﻬﺎ زوﺟﺔ ﻣﻠﻴﻜﻪ ووﻟﻲ ﻧﻌﻤﺘﻪ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد .أﻣﺎ ﻣﻊ ﺟﻮارﻳﻬﺎ وﺑﻨﺎت اﻟﻤﻠﻚ ﻳﺮﻓﻌﻦ أﺛﻮاﺑﻬﻦ وﻳﺨﻀﻦ ﻓﻲ ﻃﻴﻦ اﻟﻤﺴﻚ ﻳﻮم ذات دﺗﻪ ﺪ وﻫ ﻣﺸﺎﻋﺮه، ﻣﻊ ﺗﺘﺠﺎوب وﻻ ﻣﻨﻪ ﺗﻨﻔﺮ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﻲ، ّ واﻟﻌﻨﺒﺮ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻠّﻒ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻋﻤﻠﻪ ﻫﺬا ﻣﺎﻻً ﻛﺜﻴﺮا ً وﻣﺒﻬﻈﺎً أُﺧﺬ ﺑﻤﻔﺎﺗﺤﺔ أﻣﺮه أﻣﺎم اﻟﻤﻠﻚ .وﻟ ّﻤﺎ ﻳﺌﺲ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺎﺷﻖ ﻣﻦ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻻﺣﻘﺎً. اﻟﻤﺘﻜﺮرة واﻟﻤﺤﻤﻮﻣﺔ ،ﻫﺠﺎﻫﺎ ﺑﻘﺼﻴﺪة ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ: وﺳﺒﻴﺖ ﺑﻨﺎﺗﻪ، وﺣﻴﻦ ﺳﻘﻂ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻋﻦ ﻋﺮﺷﻪ اﻟﺒﺎذخ ،وأُﺳﺮ وﻧُﻔﻲ ُ ﺗﺨﻴﺮﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻨﺎت اﻟﻬـــــﺠﺎ ن رﻣﻴﻜﻴﺔ ﻣﺎ ﺗﺴﺎوي ﻋــــﻘﺎﻻ ﺗﺬﻛّﺮ ﻫﺬه اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻟﺰوﺟﺘﻪ ﻋﻦ ﺑﻨﺎﺗﻪ: ﻳﻄﺄن ﻓﻲ اﻟﻄﻴﻦ واﻷﻗﺪام ﺣﺎﻓﻴﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻄﺄ ﻣﺴﻜﺎً وﻛﺎﻓﻮرا ﻓﺠﺎءت ﺑﻜﻞ ﻗﺼﻴـــﺮ اﻟﻌﺬا ر ﻟﺌﻴﻢ اﻟﻨﺠﺎرﻳﻦ ﻋـــ ّﻤﺎً وﺧﺎﻻ ﻗﺼــــــــﺎر اﻟﻘﺪود وﻟﻜﻨﻬﻢ
أﻗـــﺎﻣﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺮوﻧﺎً ﻃــــﻮاﻻ
أﺗﺬﻛﺮ أﻳﺎﻣـــــــﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎ
وأﻧﺖ إذا ﻟــﺤﺖ ﻛﻨﺖ اﻟﻬﻼﻻ
أﻋﺎﻧﻖ ﻣﻨﻚ اﻟﻘﻀﻴﺐ اﻟﺮﻃﻲ وأﻗﻨﻊ ﻣﻨﻚ ﺑﺪون اﻟﺤــــــﺮا
ب وأرﺷﻒ ﻣﻦ ﻓﻴﻚ ﻣﺎء زﻻﻻ م ﻓﺘﻘﺴﻢ ﺟﻬﺪك أن ﻻ ﺣـﻼﻻ
وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ راﺣﺖ اﻋﺘﻤﺎد ﺗﻠﻮم اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻌﺪ ﺧﻠﻌﻪ ،ﻗﺎﺋﻠﺔ ﻟﻪ: »واﻟﻠﻪ ﻣﺎ رأﻳﺖ ﻣﻨﻚ ﺧﻴﺮا ً« .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ» :وﻻ ﻳﻮم اﻟﻄﻴﻦ؟! ﻓﺎﺳﺘﺤﺖ وﺳﻜﺘﺖ ﺧﺠﻼً .ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺎد ﻫﺬه اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﻨﺎج وﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ رﺟﻠﻬﺎ اﻟﻌﺎﺷﻖ ،ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻋﺎودﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻛﺄن ﺷﻴﺌﺎً ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
125
اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﺠﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﺎرت ﻣﻠﻜﺔ أﺷﺒﻴﻠﻴﺔ
ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﻋﺮض ﻣﺴﺮﺣﻴﺘﻪ »ﻣﺠﻨﻮن إﻟﺰا« ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮح ﻫﻴﻜﻞ ﺟﻮﺑﻴﺘﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﻌﺔ ﺑﻌﻠﺒﻚ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺳﻨﺔ ُ ،1974ﺳﺌﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻮي آراﻏﻮن ،واﻟﺬي ﻛﺎن رﻋﻰ ﺷﺨﺼﻴﺎً ﺣﻔﻞ اﻓﺘﺘﺎح اﻟﻌﺮض :أي اﻣﺮأة أﺣﺒﺒﺖ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺣﺒﻚ اﻷزﻟﻲ ﻹﻟﺰا؟ أﺟﺎب» :ﺷﺎﻋﺮة ﻋﺮﺑﻴﺔ أﻧﺪﻟﺴﻴﺔ ﻓﺎﺗﻨﺔ ﺗﺪﻋﻰ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ، وﻫﻲ اﻟﺠﺎرﻳﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻠﻜﺔ أﺷﺒﻴﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ«.. أي ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺰوﺟﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد وﻋﺎﺷﺖ ﻣﻌﻪ، وأﻧﺠﺒﺖ ﻟﻪ ،وﻧﻔﻴﺖ ﻣﻌﻪ إﻟﻰ »أﻏﻤﺎت« ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ...وﻫﻜﺬا إﻟﻰ أن دﻓﻨﺎ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﺿﺮﻳﺢ واﺣﺪ ،ﻗﺒﺮﻫﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻗﺒﺮه. وإذا ﻣﺎ أردﻧــﺎ ّ ﻓﻚ ﻟﻐﺰ ﺣﺐ آراﻏــﻮن اﻟﺮﻣﺰي ﻟﻠﺸﺎﻋﺮة اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ إﻻّ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻤﻠﺤﻤﻲ« اﻟﻜﺒﻴﺮ: »ﻣﺠﻨﻮن إﻟﺰا« ،اﻟﺬي ﻳﺘﻄﺮق ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﺘﻄﺮق ،ﺷﻌﺮا ً وﻧﺜﺮا ً، إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺳﻘﻮط ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ ،وآﺧﺮ أﻳﺎم اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ،إﺑّﺎن ﻋﻬﺪ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺸﻬﻴﺮ أﺑﻮﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﻣﺘﻀﺎﻣﻨﺎً ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻤﻴﻤﻲ وأﺛﻴﺮي ﻣﻊ ﺣﻀﺎرة أﺟﺪادﻧﺎ اﻟﻌﺮب ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا اﻟﺠﺴﺮ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻧﺘﻘﺎل أوروﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت إﻟﻰ اﻟﻨﻮر ..ﻧﻮر اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﺤﻀﺎري. ﻛﻤﺎ ﻳﺠﻮل آراﻏﻮن ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺧﺎت اﻟﺤﺐ اﻟﻌﻤﻴﻖ وﻧﺠﻮى ﺻﺒﺎﺑﺎﺗﻪ وﺟﺮاﺣﺎﺗﻪ اﻟﻌﺬﺑﺔ واﻟﻤﻌﺬّﺑﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺎﻋﺮ ﻏﺮﻧﺎﻃﻲ ﺟ ّﻮال اﺳﻤﻪ ﻗﻴﺲ ،وﻳُﻠﻘّﺐ ﺑﺎﻟﻤﺠﻨﻮن ،ﻳﻬﻴﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ وراء اﻣﺮأة ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ،وﺣﻴﻦ ﺗﻈﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺮأة ،ﺑﻠﺤﻤﻬﺎ ودﻣﻬﺎ، ﻳُﺤ ّﻤﻠﻬﺎ اﺳﻢ »إﻟﺰا« ،وﺗﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ زوﺟﺘﻪ وﻣﻠﻬﻤﺔ أﺷﻌﺎره ،ﺣﺘﻰ آﺧﺮ ﻳﻮم ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ .وﺛﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﺮﺑﻂ ﻫﻨﺎ ﺑﻴﻦ »إﻟﺰا« آراﻏﻮن ،اﻟﻤﺮأة اﻟﺮاﺋﻌﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮة ،واﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ ،اﻟﻤﺮأة اﻟﺮاﺋﻌﺔ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ، وﻗﺪ ﺣﻮﻟﻬﻤﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ -اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ إﻟﻰ ﻛﻴﺎن رﻣﺰي أﻧﺜﻮي
124
أﺣﻤﺪ ﻓﺮﺣﺎت
واﺣﺪ ﻟﻠﻌﺸﻖ اﻟﺬاﺗﻲ واﻟﺤﻀﺎري ،ﺗﻈﻞ ﺗﺘﻼﻣﺢ ﺗﺠﻠﻴّﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻧﻘﺮأ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ واﻟﻌﺸﻖ اﻟﻤﺘﺠﺎوز. ﻓﻤﻦ ﻫﻲ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ ﻫﺬه؟ وﻣﺎ اﻷدوار اﻟﺘﻲ اﻃّﻠﻌﺖ ﺑﻬﺎ ﻛﺸﺎﻋﺮة وﻛﻤﻠﻜﺔ؟ وﻛﻴﻒ أﺛﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد وﺧﻠﺒﺖ ﻟﺒّﻪ؟ وﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻛﺒﻴﺮات ﻧﻮن اﻟﻨﺴﻮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ؟ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ أﺑﺮع وأﺟﻤﻞ وأذﻛﻰ ﺷﺎﻋﺮات اﻷﻧﺪﻟﺲ .ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎرﻳﺔ ﻷﺣﺪ ﺗﺠﺎر أﺷﺒﻴﻠﻴﺔ اﻟﻜﺒﺎر، واﺳﻤﻪ رﻣﻴﻚ ﺑﻦ ﺣﺠﺎج اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻠﻢ واﻷدب ،ﻓﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺟﺎرﻳﺘﻪ أﺻﻮل اﻟﻘﺮﻳﺾ واﻟﺤﺪﻳﺚ وﺑﻌﺾ ﻣﺒﺘﺪﻳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻷرﺳﻄﻴﺔ ،ﻓﺄﻇﻬﺮت ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﻠّﻢ ،ﻧﺒﻮﻏﺎً ﻣﻠﺤﻮﻇﺎً اﻧﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺘﻪ وأﺑﺪﻋﺘﻪ وﺣﺎﺟﺠﺖ ﺑﻪ. ﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﺘﺐ اﻷﺧﺒﺎر واﻟﺴﻴﺮة اﺳﻤﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻟُﻘّﺒﺖ ﺑﺎﻋﺘﻤﺎد، واﺷﺘﻬﺮت ﺑﺎﻟﺮﻣﻴﻜﻴﺔ ،ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺎﺟﺮ رﻣﻴﻚ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ واﺣﺪة ﻣﻦ ﺟﺎرﻳﺎﺗﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪات .وﺗﺆﻛﺪ اﻟﺮواﻳﺎت أن ﺻﻠﺘﻬﺎ ﺑﺄﻋﻈﻢ ﻣﻠﻮك اﻷﻧﺪﻟﺲ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺎد ،ﺑﺪأت ﺣﻴﻦ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻷﺧﻴﺮ ﻳﺘﻨﺰه ﻣﻊ اﺑﻦ ﻋﻤﺎر) ،ﺷﺎﻋﺮه ووزﻳﺮه اﻟﻤﻌﺮوف( ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﺘﻨﺰﻫﺎت اﻟﻤﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ »اﻟﻮادي اﻟﻜﺒﻴﺮ« .وﺣﺪث أن ﻫ ّﺒﺖ رﻳﺢ ﻋﺎﺻﻔﺔ واﺻﻄﺨﺐ اﻟﻨﻬﺮ وزردت ﻣﻴﺎﻫﻪ ،ﻓﺄﻧﺸﺪ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ: ﺻﻨﻊ اﻟﺮﻳﺢ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء وزرد ﺛﻢ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ وزﻳﺮه اﻟﺸﺎﻋﺮ أن ﻳُﻜ ّﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻄﺮ ،ﻓﺄﻃﺮق اﺑﻦ ﻋﻤﺎر ﻣﻔﻜﺮا ً ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل ،ﻣﺤﺘﺎرا ً ﻓﻲ أﻣﺮه ﻣﺘﺒﻠّﺒﻼً ،ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻣﺮأة إﻻّ أن ﻧﻬﻀﺖ وﺻﺎﺣﺖ ﻣﻜﻤﻠﺔ ﺷﻄﺮ ﺑﻴﺖ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ: أي درع ﻟﻘﺘﺎل ﻟﻮ ﺟﻤﺪ
وﻳﻘﻮل :إن ﻣﻨﺘﻮﺟﺎت ﻫﺬا اﻟﻤﻌﺪن ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻦ وزاوﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ وﺗﺠﺬب إﻟﻴﻬﺎ اﻷﻧﻈﺎر ،ﺧﺎﺻﺔ اﻷواﻧــﻲ اﻟﻤﻨﻘﻮﺷﺔ ﻛﺎﻷﺑﺎرﻳﻖ واﻟﻤﺰﻫﺮﻳﺎت واﻟﺼﺤﻮن واﻷﻃﺒﺎق، وﻳﺸﻴﺮ إﻟــﻰ أن ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻫــﺬه اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ واﻟﺼﺒﺮ واﻟﻮﻗﺖ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدي ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ ﺳﻮى ﺣﺮﻓﻲ ﻣﺘﻤﺮس ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﺮﻓﺘﻪ،
ﻓﻬﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺗﺘﻢ ﺑﺎﻟﻄَﺮق ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﺎس وﻧﻘﺶ رﺳﻮﻣﺎت وأﺷﻜﺎل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ودﻗﻴﻘﺔ. وﺗﺘﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﺎس ﺑﺎﻟﻴﺪ وﺑﺂﻻت وأدوات ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻛﺎﻟﻤﻄﺮﻗﺔ واﻟﻤﺴﺎﻣﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻀﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻗﻄﻌﺔ ﻧﻔﺤﺔ اﻟﺘﻤﻴﺰ واﻷﺻﺎﻟﺔ. وﻳﻀﻴﻒ اﻟﺼﺎغ إدرﻳﺲ :ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﺶ ﺑﻌﺪ اﺧﺘﻴﺎر ﻧﻮع اﻵﻧﻴﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ وﺷﻜﻠﻬﺎ، ﺛﻢ ﻧﺮﺳﻢ اﻷﺷﻜﺎل واﻟﻨﻘﻮش اﻟﻤﺨﺘﺎرة ،ﺑﺄﻗﻼم ﻧﻘﺶ ﻓﻮﻻذﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ وﺑﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﻄﺮﻗﺔ واﻟﺴﻨﺪان ﻧﻄﺮق ﻋﻠﻰ ﺧﻂ اﻟﺮﺳﻢ إﻟﻰ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﻨﻘﺶ وﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﻄﻠﻮب وﻟﻜﻞ رﺳــﻢ دﻻﻟــﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ.
وﺗﻀﻴﻒ :ﻳُﺼﻨﻊ اﻟﺴﺠﺎد ﻣﻦ ﺻﻮف اﻟﺨﺮاف، وﻳﻠﻮن ﺑﺄﻟﻮان ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ 100%ﻣﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ اﻟﻤﺠﻔﻔﺔ. وﺣﻮل ﻃﺮﻳﻘﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺰﺧﺎرف واﻟﻨﻘﻮش ﺗﻘﻮل ﺻﻔﻴﺔ :ﻻ ﺗﺘﻘﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣﻼت ﺑﺸﻜﻞ أو رﺳﻢ ﻣﻌﻴﻦ ،اﻷﻣﺮ ﻣﺘﺮوك ﻟﺨﻴﺎﻟﻬﻦ وإﺑﺪاﻋﻬﻦ، اﻟﻤﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻄﻮط وﺟﻤﺎل اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ
اﻟﺴﺠﺎد ا0ﻣﺎزﻳﻐﻲ
ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﺠﺎد اﻷﻣﺎزﻳﻐﻲ أو اﻟﺰرﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻤﻞ ﺣﺮﻓﻲ ﺗﺮاﺛﻲ ﻋﺮﻳﻖ ﻻ زاﻟﺖ ﻧﺴﺎء اﻟﻤﻐﺮب ﺗﻤﺎرﺳﻨﻪ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم ،ﺑﻞ وﻳﻌﺘﻤﺪن ﻓﻲ دﺧﻠﻬﻦ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،.وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﺻﻔﻴﺔ أﻣﻴﻦ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﺮك اﻟﺨﻴﻮط ﻣﻦ ﻳﺪﻫﺎ وﻫﻲ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻬﻨﺘﻬﺎ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔُ :ﺟﻞ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻌﺎﻣﻼت ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﺠﺎد اﻷﻣﺎزﻳﻌﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﻠﻘﻴﻦ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎً ﻧﻈﺎﻣﻴﺎً ،وﻳﻜﺴﺒﻦ رزﻗﻬﻦ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﻌﺔ اﻟﺘﻲ ورﺛﻨﻬﺎ ﻣﻦ أﻣﻬﺎﺗﻬﻦ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
123
İŀĴŨ
ﻓﻨﻮن اﻟﻤﻐﺮب ﺗﺘﺄﻟﻖ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
أﺑﻮﻇﺒﻲ -اﻟﻔﺎﺿﻞ ﺑﻮﻋﺎﻗﻠﺔ
ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻤﻐﺮب ﺣﻀﻮره اﻟﻤﻤﻴﺰ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻨﻮع ﺛﻘﺎﻓﻲ وإرث ﻋﺮﻳﻖ؛ اﻟﺠﻨﺎح اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺿﻤﻦ ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻛﺎن ﻻﻓﺘﺎً ﺑﺤﻖ ،ﻟﻤﺎ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺪﻫﺸﺔ ﻟﻠﺰوار ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﺤﺴﻦ اﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ،اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺘﻰ ﻳﺸﺘﻬﺮ ﺑﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻤﻐﺮب. داﺧﻞ اﻟﺠﻨﺎح ﺳﻮف ﺗﺪﻫﺸﻚ اﻷﻟﻮان وﺗﺄﺧﺬك اﻟﺪﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺎز ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺸﻐﻮﻻت اﻟﻴﺪوﻳﺔ ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪن أو اﻟﺨﻴﻮط أو اﻟﺰﺟﺎج. اﻟﻤﻨﺘﻮﺟﺎت اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻟﺪى اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ دﻳﻜﻮر اﻟﺒﻴﺖ وﻓﻲ ﺟﻬﺎز اﻟﻌﺮوس وﻛﺄوان ﻓﺎﺧﺮة ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻀﻴﻮف أو ﻹﻫﺪاﺋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺑﺮﻏﻢ أن اﺳﺘﺨﺪام اﻷواﻧﻲ اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﺔ اﻧﺤﺴﺮ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﺑﺴﺒﺐ ﻃﻐﻴﺎن اﻟﺰﺟﺎج واﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ ،إﻻ أن اﻷﺳﺮ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻔﺘﺨﺮ ﺑﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﻨﺤﺎس ﺑﻔﻀﻞ ﺟﻤﺎل زﺧﺮﻓﺘﻬﺎ اﻟﻔﺮﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺪل ﻋﻠﻰ إﺑﺪاع 122
ﻓﻨﻮن اﻟﻤﻐﺮب
وﺣﺮﻓﻴﺔ اﻟﺼﺎﻧﻊ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ. اﻟﺼﺎغ إدرﻳﺲ ﺣﺮﻓﻲ ﻳﻤﺘﻬﻦ اﻟﻨﻘﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﺎس ﻳﻘﻮل :أﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎس اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﻤﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة، ورﺛﺖ ﻣﻬﻨﺘﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺬي ورﺛﻬﺎ ﺑﺪوره ﻣﻦ واﻟﺪه ،وأُﻋﻠّﻢ ُ وﻗﺪ أوﻻدي أﻳﻀً ﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ اﻟﺮاﻗﻲ. ﻳﺆﻛﺪ إدرﻳﺲ أن ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﻻرﺗﺒﺎط ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﺑﻌﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ أﺻﻴﻠﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﻛﺎﻟﺰواج ،واﻟﺪﻳﻜﻮرات اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻴﺖ ﻣﻐﺮﺑﻲ. ﻳﻀﻴﻒ إدرﻳﺲ :ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﺤﺎس ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺤﺮﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ،وﻣﻦ اﻟﺤﺮف اﻟﻴﺪوﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺣﺮﻓﻴﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ﻣﺘﻤﺮﺳﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻓﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺮج اﻟﻘﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﺗﺤﻔﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺗﺜﻴﺮ اﻹﻋﺠﺎب واﻟﺪﻫﺸﺔ.
ﺛﻘﺎﻓﺎت
ﺟﻮزي ﻛﺮﻓﻴﺮﻧﻴﺎ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﻮزﺑﻴﻘﻲ ﻗﺮأت ﻓﻲ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﺳﻴﺮة ذاﺗﻴﺔ ﻷﺳﺘﺎذي اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ وﻳﺪﻋﻰ ﺟــﻮاو ﻧﻮﻏﻴﺮا داﻛﻮﺷﻄﺎ ﺗﺤﻜﻲ ﺳﻴﺮة ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻤﻮزﺑﻴﻖ Moçambiqueﻣﻦ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻣﻦ 1949إﻟﻰ 1974إﺑﺎن اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ .وﺻﻒ ﺟﻮاو اﻟﻤﻮزﺑﻴﻖ وﺻﻔًﺎ دﻗﻴﻘًﺎ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ وﻗﺘﺬاك ﺗﺴﻤﻰ ﻟﻮرﻧﺴﻮﻣﺎرﻛﺶlourenço ، marquesﺳﻴﺘﻐﻴﺮ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل وﺳﻴﺼﺒﺢ اﺳﻢ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﺎﺑﺘﻮ maputoوﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﻮزﺑﻴﻖ. ﻓﻲ وﺻﻔﻪ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮرﻧﺴﻮﻣﺎرﻛﺶ وﻗﻒ ﺟﻮاو ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺑﺎﻧﺒﻠﻮﻧﺎ واﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ درس ﺑﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ وﺻﻒ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ واﻟﺴﺎﻛﻨﺔ. ﺑﺪأت أﻋﺮف اﻟﻤﻮزﺑﻴﻖ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺟﺰء ﻣﻨﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻨﻲ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻟﻮرﻧﺴﻮﻣﺎرﻛﺶ آﻧﺬاك ﻗﻠﺐ اﻟﻤﻮزﺑﻴﻖ ،اﻟﺬي ﻳﺤﻜﻲ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻋﺠﻴﺒﺔ ذات ﻋﺎﻟﻢ ﻏﺮاﺋﺒﻲ .وﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﺎﻋﺮ اﺳﻤﻪ ﺟﻮزي ﻛﺮﻓﻴﺮﻧﻴﺎ josé carveirinhaاﻟﺬي ﻇﻞ ﺣﺎﺿ ًﺮا ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﻮزﺑﻴﻘﻴﺔ إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا .ﻫﻮ ذا ﺟﻮزي ﻛﺮﻓﻴﺮﻧﻴﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬي رأى اﻟﻨﻮر ﻋﺎم 1922 ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮرﻧﺴﻮﻣﺎرﻛﺶ ،وﻓﻴﻬﺎ ﺳﻄﻊ ﻧﺠﻤﻪ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻓﺎﻗﺖ ﺗﻮﻗﻌﺎت ﺳﺒﻴﻼ ،ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻪ أﺑﻨﺎء ﺟﻴﻠﻪ .ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﻟﻢ ﻳﻌﺮف إﻟﻴﻬﺎ ً اﻟﺤﻴﺎة ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺮأ وﻳﻜﺘﺐ ،وﺑﻌﺼﺎﻣﻴﺘﻪ وﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺸﻌﺮاء اﻷﻓﺎرﻗﺔ اﻟﻨﺎﻃﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ .إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺮز ﻓﻲ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮرﻧﺴﻮ ﻣﺎرﻛﺶ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻬﻤﺘﻪ ﺣﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻤﺎت اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﻴﺴﺠﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺸﺎﻃﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ،ﻣﻜﺚ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ زﻫﺎء ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ،ﺗﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ أن إرادة اﻻﻧﺴﺎن ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻛﺴﺮﻫﺎ ،وأن اﻟﺸﻌﻮب ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﺳﺘﺘﺤﺮر وﺗﺄﺧﺬ اﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ .وﺑﺨﺮوﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻦ ﺗُ ﱢﻮج ﺑﺘﺮأﺳﻪ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ اﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻧ ﱢُﺼﺐ ﻋﻀﻮا ﻓﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻓﻴﺮﻧﻴﻠﻴﻮ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﺘﺐ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﻳﺤﻜﻰ أن« ...ﻳﻘﻮل:
ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي@
ﻳﺤـــــﻜﻰ أن ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻘﻮل أﺷـﻴﺎءﻧﺎ وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺴﻄﺔ وﻣﺘﻨﺒﺌﺔ ﻳﺤـــــﻜﻰ أن ﻣﺎذا ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺸــــﺎﻋﺮ ﻳﺤــﺲ ﺑﺎﻟﻨــــــــﺎس
ﺗﺤﻜﻲ ﻗﺼﻴﺪة » ﻳﺤﻜﻰ أن« اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻤﻮزﺑﻴﻘﻴﺔ اﻟﻀﺎرﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺪ اﻟﺸﻴﻮخ واﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﺣﻜﺎﻳﺘﻬﺎ ﻟﻸﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر، ﻳﺴﻤﻊ ﻫﺆﻻء ﻓﺘﻨﺸﺮح ﺻﺪورﻫﻢ وﻳﻔﺮﺣﻮن ﻟﺴﻤﺎﻋﻬﺎ ،ﻷن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮد واﻟﺘﺸﻮﻳﻖ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺼﻐﺎر ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺒﺎر ﻳﺤﺒﻮﻧﻬﺎ .ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻮزي ﻛﺮﻓﻴﺮﻧﻴﺎ ﻣﺎ أن ﺗﻘﻮل اﻟﻘﺼﻴﺪة إﻻ وﻳﺘﺒﺎدر إﻟﻰ ذﻫﻨﻚ اﺳﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻮزي .ﺷﻜﻠﺖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﻮزﻣﺒﻴﻘﻲ ﺣﺪﺛ ًﺎ ﻫﺎ ًﻣﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺤﻜﻲ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ وأﺣﺎﺳﻴﺲ اﻟﺸﻌﺮاء وﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ أزﻣﻨﺔ وﻫﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ ،واﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﻤﻌﻴﺶ ،واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﺒﻬﻢ ،اﻟﺬي ﻳﺄﻣﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﺸﻌﺮاء أن ﻳﻜﻮن ﺧﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ.وﻫﻮ ﻣﺎ ﻋﺒﺮت ﻋﻨﻪ ﻗﺼﻴﺪة » ﻳﺤﻜﻰ أن ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻮزﻣﺒﻴﻘﻲ ﺟﻮزي ﻛﺎرﻓﻴﺮﻧﻴﺎ .ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻟﺠﻮزي ﻛﺎﻓﻴﺮﻧﻴﺎxibugo : ﻋﺎم ،1964ودﻳﻮان آﺧﺮ وﻫﻮ e maria 1980ﻋﺎم ،1988وأﺧﻴﺮا دﻳﻮاﻧﻪ اﻟﺬي اﻗﺘﻄﻔﻨﺎ ﻣﻨﻪ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة وﻫﻮ«karingana wa » karinganaﻋﺎم .1974ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺋﺰ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ وﻃﻨﻲ ودوﻟﻲ .ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة . Alexandre daskalosﺣﺼﻞ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ .ﻓﻲ ﻋﺎم 2003ﺳﺘﻮدع اﻟﻤﻮزﺑﻴﻖ ﺷﺎﻋﺮﻫﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺟﻮزي ﻛﺮﻓﻴﺮﻧﻴﺎ وداﻋﺎ أﺧﻴﺮا ﻟﻴﺘﺮك ﻟﺒﻠﺪه واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺼﻴﺪة ﺑﻌﻨﻮان »ﻳﺤﻜﻲ أن« ﻟﻘﺪ ﻇﻠﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب أﺑﻨﺎء ﺷﻌﺒﻪ إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا *ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
121
ūŵŭŘ
اﻷﻫﺮاﻣﺎت ﻋﺒﺮ اﻟﺮﻣﺎل ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﺮس ﻓﻲ أﺣﺪث ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ وأﻛﺜﺮﻫﺎ إﺗﻘﺎﻧًﺎ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺪف ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻣﻦ دﻋﻢ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺑﻬﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎن اﻟﺤﺴﻨﻲ اﻹﻋﺪاد ﻫﺪﻓﺎ ﻓﻨﻴﺎ ،ﻷن ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻨﺎء أو ﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﺘﺤﺼﻴﻨﺎت واﻟﻄﺮق واﻟﺠﺴﻮر واﻟﻘﻨﻮات وﻛﻞ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ. ﻟﻘﺪ ﺳﺠﻞ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ﻛﻞ ﻣﺎ واﺟﻬﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﻨﺤﻮﺗﺎت اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ اﻟﺒﺮوز وآﻻف اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻬﻴﺮوﻏﻠﻴﻔﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎم ﻫﺆﻻء اﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻮن اﻟﺸﺒﺎن ﺑﻨﺴﺦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﺷﺪﻳﺪة ،ﺣﺘﻰ أﻧﻬﻢ اﺣﺘﻔﻈﻮا ،ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت ،ﺑﺸﻮاﻫﺪ اﻟﺒﻨﺎءات واﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻤﻨﻘﻮﺷﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﻔﻰ أﺛﺮﻫﺎ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﻣﻌﺒﺪ إﻳﺰﻳﺲ ﻋﺒﺮ اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ إﺳﻨﺎ، اﻟﺬي دﻣﺮ ﻋﺎم 1828أﺛﻨﺎء ﺣﻜﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ .وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻋﻠﻢ اﻟﻤﺼﺮﻳﺎت ﺑﺪأ ﻣﻊ وﺻﻒ ﻣﺼﺮ .وﻓﻲ ﻋﺎم ،1822ﻧﺠﺢ »ﺷﺎﻣﺒﻠﻴﻮن« ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﺳﻢ ﺑﻄﻠﻴﻤﻮس ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺜﻼث اﻟﻤﻨﻘﻮﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﺮ رﺷﻴﺪ ،وﻫﻲ اﻟﻬﻴﺮوﻏﻠﻴﻔﻴﺔ واﻟﺪﻳﻤﻮﻃﻴﻘﻴﺔ واﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ .وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻨﺼﻮص ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ. اﻟﻔﻦ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ
رﻳﺸﺔ اﻟﻔﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰءا ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺤﻤﻠﺔ ،ﻟﻘﺪ اﻣﺘﺪت ﻳﺪ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻴﺼﻮر ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺴﺮاب ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ أدﻫﺸﺖ أﻋﻀﺎء وﺟﻴﺶ اﻟﺤﻤﻠﺔ إﺑﺎن ﻣﺴﻴﺮﻫﻢ اﻟﺸﺎق ﻣﻦ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺨﻮم اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،إذ أﻧﻪ ﺑﻔﻌﻞ اﻹرﻫﺎق واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ،ﻻح ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﻣﻨﻈﺮ ﻗﺮى ﺗﻮﻣﺾ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺟﺰر ﻓﻲ ﻣﻴﺎه ﺑﺤﻴﺮة ﺗﻈﻞ ﺗﺘﺮاﺟﻊ أﻣﺎم أﻋﻴﻨﻬﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻴﺮ ،وﻗﺪ ﻓﺴﺮ ذﻟﻚ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺤﻤﻠﺔ »ﻣﻮﻧﺞ« ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ذﻛﺮ ﻓﻴﻪ أن اﻟﻈﺎﻫﺮة ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ
اﻧﻜﺴﺎر ﺛﻨﺎﺋﻲ داﺧﻞ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ،ﻣﻘﺪ ًﻣﺎ إﺿﺎﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ،ﻛﻤﺎ ﺻﻮر اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺒﺤﻴﺮات اﻟﻤﺎﻟﺤﺔ ﻓﻲ ﺣﻮض ﻧﻬﺮ »ﻧﻄﺮون اﻟﺠﺎف« 60ﻛﻢ ﻏﺮﺑﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة. ﺻﻮر ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ، ورﺳﻤﻮا اﻟﻔﻘﺎرﻳﺎت واﻟﻄﻴﻮر وﺑﻌﺾ اﻟﺰواﺣﻒ ﻣﺜﻞ ﺳﻠﺤﻔﺎة اﻟﻨﻴﻞ واﻟﺘﻤﺴﺎح ،وأﺳﻤﺎك اﻟﺒﺸﻴﺮ اﻟﻤﺘﻌﺪد اﻟﺰﻋﺎﻧﻒ وﺳﻤﻚ اﻟﺮﻋﺎد وﻏﻴﺮه، ﻣﻤﺎ ﻗﺪم إﺿﺎﻓﺎت ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻮرﻓﻮﻟﻮﺟﻲ .ﻛﻤﺎ أﻟﻒ »ﺳﺎﻓﺎﻳﻨﻲ« ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻤﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻷﺑﻲ ﻣﻨﺠﻞ« ،ﺗﻨﺎول ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻄﺎﺋﺮ. وﻗﺪم رﺳﻮﻣﺎت ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺮوﻋﺔ واﻟﺪﻗﺔ ﻟﻠﺤﺸﺮات واﻟﻘﺸﺮﻳﺎت ﻣﻊ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﻌﺪ إﺿﺎﻓﺎت ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺤﺸﺮات .وﻗﺪ ﻣ ّﺪﻧﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻠﻮﺣﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻋﻦ اﻟﺮﺧﻮﻳﺎت .وﻫﻨﺎك رﺳﻮم ﻓﻲ اﻟﻨﺒﺎت واﻟﻤﻌﺎدن ،وﺻﻞ ﻋﺪدﻫﺎ إﻟﻰ 15ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 100 رﺳﻢ ﺗﻮﺿﻴﺤﻲ ﻟﺼﺨﻮر ﻣﺼﺮ ودراﺳﺔ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺘﻬﺎ وﻛﻠﻬﺎ إﺿﺎﻓﺎت ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ .وﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻄﺐ ﺻﻮر اﻟﺮﺳﺎم اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﻤﺮﺿﻰ ﻳﻌﺘﺮﻳﻬﻢ اﻟﺤﻤﻰ اﻟﺼﻔﺮاء واﻟﺤﺰام وﻣﺮض اﻟﻔﻴﻞ وﺿﻤﻮر اﻟﺨﺼﻴﺘﻴﻦ ،واﻟﺮﻣﺪ واﻟﻄﺎﻋﻮن اﻟﺪﺑﻠﻲ .وﻧﺠﺪ أﺧﻴ ًﺮا اﻟﻤﻬﻨﺪس »ﻓﻮﻟﻨﻴﻚ« ﻳﺼﻤﻢ ﻋﺪة ﻟﻮﺣﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺤﺖ ﻣﺼﺮ ﺷﻬﻴﺔ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم ﺷﺘﻰ ﺳﻴﺎﺳﻴًﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴًﺎ وﺟﻐﺮاﻓﻴًﺎ وزراﻋﻴًﺎ واﻗﺘﺼﺎدﻳًﺎ ،ﺑﻞ وﻓﻲ دراﺳﺔ اﻹﻧﺴﺎن ذاﺗﻪ. ﻟﻘﺪ ﻋﺮف اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻛﻴﻒ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ وأن ﻳﻘ ّﺪر وﻳﺮﺳﻢ ﻣﺎ ﻳﺮاه ﺑﻜﻞ أﻣﺎﻧﺔ ،ﻣﻤﺎ وﻓﺮ ﻟﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﺣﺼﻴﻠﺔ ﻣﻌﺎرف أﺛﺮﻳﺔ وﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﺧﻼ ﻟﻌﻠﻮم ودراﺳﺎت أﺧﺮى ً ﺑﺪورﻫﺎ
ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺟﻴﻤﺲ دي ﻟﻮﺛﺮﺑﻮرغ
120
اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ
أو ﻋﺸﺮ ﻟﻮﺣﺎت ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ،ﺗﺒﺪأ ﺑﻄﺒﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻤﻜﺎن ،ﺗﻠﻴﻬﺎ ﺻﻮرة ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎء ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﺣﻴﻨﺬاك ،ﻣﺘﺮ ًﻋﺎ ﺑﺎﻟﺮﻣﺎل ،وﺣﻮﻟﻪ اﻷﻋﻤﺪة اﻟﻤﺤﻄﻤﺔ واﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،واﻷﺳﻮار اﻟﻤﺘﺪاﻋﻴﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺰﻳﺪ ـ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ـ ﻣﻦ روﻋﺔ اﻟﻤﻬﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﻠﻪ .ﺛﻢ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﺨﻄﻄﺎت أﺳﺎﺳﻴﺔ وﻗﻄﻮ ًﻋﺎ وﺗﻼﻻً .وﻳﻠﻴﻬﺎ ﻣﺰدوﺟﺎت ورﻗﻴﺔ ﺗﺼﻒ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ واﻟﻨﻘﻮش اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ اﻟﺒﺮوز واﻟﻤﻨﺤﻮﺗﺎت اﻷﺧﺮى ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻄﻮح اﻟﻤﻐﻄﺎة ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻤﻨﻘﻮﺷﺔ .وﺑﻌﺪ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻤﺼﻤﻤﻮن أﺧﻴ ًﺮا ﻣﻦ ﻋﺮض ﻣﺎ رأوه ﺑﻜﻞ دﻗﺔ ،ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﻌﻨﺎن ﻟﻴﻌﻴﺪوا ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻷﺧﻴﺮة
ـ وﺑﻌﻴﻦ اﻟﺨﻴﺎل ـ ﺻﻮرة اﻟﺒﻨﺎء ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻹﺑﺪاﻋﺎت ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﺎﻧﻴﻦ أو آﺛﺎرﻳﻴﻦ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻣﻬﻨﺪﺳﻴﻦ وﻋﺪد ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﻴﻦ ،ﺻﻐﻴﺮي اﻟﺴﻦ ﺟﺪا ،وﻛﺎن اﻟﺮﺳﻢ واﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋ ْﻴﻦ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻴﻦ .ﻓﻜﺎن اﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻮن اﻟﻤﺪرﺑﻮن ،اﻟﻤﺰودون ﺑﻠﻮح ﻟﻠﺮﺳﻢ وورق ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ وﻗﻠﻢ وﻣﺴﻄﺮة وﺑﻮﺻﻠﺔ ،ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ رﺳﻢ ﺻﻮرة ﻣﺒﺪﺋﻴﺔ ﻷي ﺑﻨﺎء ﻛﺎن .وﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎس ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺑﻌﺎد ،ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ إﻇﻬﺎر اﻟﺮﺳﻢ ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ،وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺢ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر اﻟﻤﻜﺘﻤﻠﺔ ،إﺣﻴﺎء ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻮﻗﻮف أﻣﺎم واﺟﻬﺔ اﻟﻜﺮﻧﻚ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻣﺜﻼ ،أو اﻟﺘﻤﻌﻦ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
119
ūŵŭŘ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮة ﺑﺮﻳﺸﺔ ﻛﺮو
ﺛﻮرة اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻻٔوﻟﻲ
أذﻫﻠﺘﻬﻢ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ﺑﻨﺎﺗﻬﺎ ،ﻓﻤﻤﺎ أﺑﻬﺮ ﻋﻠﻤﺎء وﻣﻬﻨﺪﺳﻲ اﻟﺤﻤﻠﺔ ﻣﻌﺎﺑﺪ اﻟﻜﺮﻧﻚ ،واﻷﻗﺼﺮ ﺑﻴﻦ أﻃﻼل ﻃﻴﺒﺔ ،وﻳﺮوي ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻴﺎن وﺛﻘﺖ ﻣﻘﻮﻟﺘﻪ: »وﻗﻒ اﻟﺠﻴﺶ ﺑﺄﺳﺮه ﻓﺠﺄة وﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ذﻫﻮل ،وأﺧﺬوا ﻳﺼﻔﻘﻮن ﺑﺒﻬﺠﺔ وﺳﺮور«. ﻟﻘﺪ دون اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﻮن ﻓﻲ وﺻﻒ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻮرق ﺟﻤﻴﻊ اﻷواﺑﺪ ،ﻣﺜﻞ ﺟﺰﻳﺮة ﻓﻴﻠﺔ وﻛﻮم أﻣﺒﻮ وإدﻓﻮ وإﺳﻨﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷواﺑﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﻃﻴﺒﺔ ،ﻣﺄﺧﻮذﻳﻦ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻫﺎﺑﻮ وﻣﻌﺒﺪ رﻣﺴﻴﺲ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺠﻨﺎﺋﺰي، ﺗﻘﻊ ﺧﻠﻔﻬﻤﺎ أﺿﺮﺣﺔ ي اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻊ وﺗﻤﺜﺎﻟﻲ ِﻣ ْﻤﻨﻮن اﻟﻀﺨﻤﻴﻦ ﻳ وادي اﻟﻤﻠﻮك، ْ وﺗﻠﻮح ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﻤﺎ ﻋﺒﺮ ﻨﻴﻞ اﻟﻨﻴﻞ أﻋﻤﺪة اﻷﻗﺼﺮ واﻟﻜﺮﻧﻚ ﺔ. اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ. وﻓﻲ ﺳﻴﺮﻫﻢ ﻣﻊ ﻣﺠﺮى ﺮ اﻟﻨﻬﺮ أﻃــﻠــﻮا ﻓﺠﺄة ﻋﻠﻰ أروع ﻷﻋﻤﺎل اﻷﻋﻤﺎل . دﻧﺪره .وﺑﻌﺪ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ أن ﺳﺠﻞ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺻﻮر ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻒ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ،اﺳﺘﺄﻧﻒ ﺳﻴﺮه ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻤﺎل إﻟﻰ ِﻣ ْﻤﻔﻴﺲ وأﻫﺮاﻣﺎت اﻟﺠﻴﺰة..
118
ﻴﻌﺔ ﺗﺴﺠﻴﻞ رواﺋﻊ اﻟﻔﻦ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ
ﻗﻊ ﻳُﺮﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ
اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻣﻌﺪﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ. ﻳﺬﻛﺮ أن ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت اﺗﺨﺬ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻷﻣﻴﺮ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﻲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻛﺘﺨﺪا اﻟﺴﻨﺎري ﻣﻘ ًﺮا ﻷﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻮم واﻟﻔﻨﻮن ،وﻣﻨﻬﻢ :رﻳﺠﻮ ،وﻫﻮ رﺳﺎم ،وﺳﺎﻓﻴﺠﻨﻲ وردوﺗﻴﻪ ،وﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وإدوارد دي ﻓﻴﻴﺮ ﺗﻴﺮاج وﺑﺮوﺳﺒﻴﺮ ﺟﻮﻟﻮاز وﻓﻴﻔﺮ ،وﻫﻢ ﻣﻬﻨﺪﺳﻮن ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻓﻨﺎﻧﻴﻦ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮه ﻣﺮﺳ ًﻤﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﺜﻞ :ﻣﻮﻧﺞ دﺑﺮ ﺗﻮﻟﻴﻪ وﻛﺎرﻓﻴﻠﻠﻲ ..اﻟﺦ. وﻛﺎن اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﺖ ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻟﺤﻤﻠﺔ وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺮﺳﻢ ،وﻧﺸﺮوا ﺻﻮرﻫﺎ ﺿﻤﻦ ﻛﺘﺎب وﺻﻒ ﻣﺼﺮ. وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﻮت ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻴﺖ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻚ ،وﺑﻴﺖ ﺳﻠﻴﻤﺎن أﻏﺎ ،وﻗﺼﺮ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻚ ،وﻗﺼﺮ اﻷﻟﻔﻲ ﺑﻚ )ﻣﻘﺮ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ(، وﺑﻴﺖ ﺣﺴﻦ ﻛﺎﺷﻒ )ﻣﻘﺮ اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ(. وﻳﻈﻞ أﺷﻬﺮ اﻛﺘﺸﺎف ﺣﻘﻘﺘﻪ ﻫﺬه اﻟﺒﻌﺜﺔ ﻫﻮ ﺣﺠﺮ رﺷﻴﺪ ،اﻟﻤﻮﺟﻮد ﺣﺎﻟﻴًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ .وﻗﺪ ﺗﻨﺎزل ﻋﻨﻪ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن ،ﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎﻧﻌﺔ ﺷﺪﻳﺪة ،ﻟﻠﻘﻮات اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮدﺗﻬﻢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﻋﺎم 1801م ،وﻟﻜﻦ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺨﺒﺮاء اﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻦ أﻧﺠﺰت أﻳﻀً ﺎ ﻓﻲ أرض
ﺻﻮرة ﻟﻨﺎﺑﻠﻴﻮن أﻣﺎم أﺑﻮ اﻟﻬﻮل ،ﺟﺎن ﻟﻴﻮن ﺟﻴﺮوم ،اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ
ﻟﻘﺪ ﺣﻤﻞ ﻏﺰو ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻟﻤﺼﺮ ﻋﻠﻤﺎء وﻣﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﻓﺮﻧﺴﻴﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻨﻴﻞ، وﺑﺪوره ﺣﻤﻞ ﻫﺆﻻء رواﺋﻊ اﻟﻨﻴﻞ إﻟﻰ أوروﺑﺎ ﺗﻘﻮل اﻟﻤﺼﺎدر إﻧﻪ ﻓﻲ أول ﻳﻮﻟﻴﻮ 1798م ،ﻇﻬﺮ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺷﺎﻃﺊ اOﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،أﺳﻄﻮل ﻣﻜﻮن ﻣﻦ 400ﺳﻔﻴﻨﺔ ،ﻧﺰل ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ ﻣﻊ ﻏﺮوب ﺷﻤﺲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،وﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﺰوارق اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﺟﻴﺶ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ 36أﻟﻒ ﺟﻨﺪي ﺗﺤﺖ إﻣﺮة ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت
اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ أﺷﻴﺎء ﻛﺜﻴﺮة أﺧﺮى ذات أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺟﻤﻌﺘْﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ِﺳﻔْﺮ ﺧﺎﻟﺪ ﺿﺨﻢ َﺳ ﱠﺠﻞ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺢ أﻵﺛﺎري ،وأﺑﺤﺎﺛﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ واﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺸﺆون اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻐﺮﻳﺐ. ﻛﺘﺎب وﺻﻒ ﻣﺼﺮ اﻟﺬي ﻃُﺒﻊ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 1809و1828م ،ﻣﻘُﺴﻢ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﻫﻲ :ﻣﺼﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻣﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. ﺗﻜ ّﻮن اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻵﺛﺎرﻳﺔ ﻟﻠﻘﺴﻢ اﻷول أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﺠﻤﻮع ﺛﺮوة اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺘﻮﺿﻴﺤﻴﺔ ،وإﻟﻴﻬﺎ ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻌﺼﻮر ﻣﺼﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،إذ إن اﻷوروﺑﻴﻴﻦ ﻗﺪروا ﺣﺠﻢ وادي اﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻠﻬﻢ ﻟﻠﺸﻤﻮل واﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮش اﻟﻤﻬﻮﻟﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ أول ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻠﻐﺮب ﺑﺄرض اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮوى ﻣﻦ أﻗﺎوﻳﻞ ﻋﻦ ﺣﺠﻢ اﻷﻫﺮام واﺗﺠﺎﻫﻬﺎ وﻟﻐﺰ أﺑﻲ اﻟﻬﻮل .وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻋﻦ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﻠﻴﺎ أي ﺷﻲء ﻟﺬا ﻛﺎﻧﺖ رﺣﻠﺘﻬﻢ ﻣﺪﻫﺸﺔ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ رأوه ﻣﻦ آﺛﺎر
رﺳﻢ أﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻟﻠﻌﻠﻮم واﻟﻔﻨﻮن اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻜﺮﻧﻚ
ﺣﺠﺮ رﺷﻴﺪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
117
ūŵŭŘ
اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻟﻔﻨﺎﻧﻲ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ
د .رﺿﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻴﻢ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ رﺿﻮان
اﺳﺘﺤﻀﺮت اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ )- 1798 1801م( إﻟﻰ ﺟﻮار آﻟﺘﻬﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﻤﻄﻮرة ﺣﺴﺐ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ زﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ،أدوات اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم واﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﺎ ﺳﺠﻠﺘﻪ ﺣﻀﺎرة أوروﺑﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي.
ﻓﺎﻟﻤﺤﻘﻖ إن ﻣﻨﻈﻤﻲ اﻟﺤﻤﻠﺔ ،أﺿﻒ إﻟﻰ ﺻﻔﻮف ﺟﻴﺸﻬﻢ وﺗﻘﻨﻴﺎﺗﻪ ،اﺻﻄﺤﺒﻮا ﻣﻌﻬﻢ ﻋﻠﻤﺎء ﻣﺘﺨﺼﺼﻴﻦ وﻣﻌﻤﺎرﻳﻴﻦ وﻣﻬﻨﺪﺳﻴﻦ، وأوﻟﺌﻚ ﺧﻠﻔﻮا ﻟﻮﺣﺎت ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ذو اﺗﺼﺎل ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺆرخ ﻟﻸﺣﺪاث واﻟﻤﻌﺎرك اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻳﺼﻮر آﺛﺎر ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ،وﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﻼد اﻟﺤﺎﻟﻲ )ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي( وﻋﺎداﺗﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه وﻗﻴﻤﻪ وﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. رﻏﻢ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ ،إﻻ أن ﻏﺰو ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت ﻟﻠﺸﺮق ﻏﻴﺮ ـ ﻻ ﻣﻨﺎص ـ ﻣﺴﺎر ﻧﻈﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻹدارة واﻟﺤﻜﻢ ﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻋﻼﻧﺎ ﺑﻘﺮب زوال آﺧﺮ ﻧﻈﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻼﺣﻖ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ اﻧﺪﻟﻌﺖ 116
اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ
اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻲ ) 1914ـ 1918م(، واﻟﺘﻲ اﻟﺘﻬﻤﺖ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ اﻟﺘﻬﻤﺖ ُﻣﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺠﺎﺛﻢ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪر اﻟﻌﺮب ﻗﺮاﺑﺔ أرﺑﻌﺔ ﻗﺮون ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ. ﻟﻘﺪ ﺣﻤﻞ ﻏــﺰو ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻟﻤﺼﺮ ﻋﻠﻤﺎء وﻣﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﻓﺮﻧﺴﻴﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻨﻴﻞ ،وﺑﺪورﻫﻢ ﺣﻤﻞ ﻫﺆﻻء رواﺋﻊ اﻟﻨﻴﻞ إﻟﻰ أوروﺑﺎ ﺗﻘﻮل اﻟﻤﺼﺎدر إﻧﻪ ﻓﻲ أول ﻳﻮﻟﻴﻮ 1798م ،ﻇﻬﺮ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺷﺎﻃﺊ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،أﺳﻄﻮل ﻣﻜﻮن ﻣﻦ 400ﺳﻔﻴﻨﺔ ،ﻧﺰل ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ ﻣﻊ ﻏﺮوب ﺷﻤﺲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،وﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﺰوارق اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﺟﻴﺶ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ 36أﻟﻒ ﺟﻨﺪي ﺗﺤﺖ إﻣﺮة ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت. ﻳﻠﻖ ﻫﺬا أي ﻣﻘﺎوﻣﺔ ،ﺳﺎرع إﻟﻰ وﻟﻤﺎ ﻟﻢ َ ﺗﺴﻴﻴﺮ ﺟﻨﻮده ،ﻓﻲ أﺗــﻮن اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻟﻜﻲ
ﻳﻠﺤﻘﻮا اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺑﺤﻜﺎم ﻣﺼﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻷﻫﺮام ﻓﻲ 21ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ ﻧﻔﺴﻪ. وﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ،دﻣﺮ اﻷﻣﻴﺮال »ﻧﻴﻠﺴﻮن« اﻷﺳﻄﻮل اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ أﺑﻲ ﻗﻴﺮ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،ﺗﺎرﻛًﺎ ﻗﻮة اﻟﺤﻤﻠﺔ ﻣﻌﺰوﻟﺔ ﻓﻲ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺪﻳﺮ ﺷﺆوﻧﻬﺎ وﺗﺴﺘﻜﺸﻔﻬﺎ ﻃﻮال اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺜﻼث اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ. وﺑﻌﺪ ﻋﺎم ﺗﺮك ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﺟﻨﻮده وﺗﺴﻠﻞ ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺼﺎر اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻋﺎﺋ ًﺪا إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﺗﺎرﻛًﺎ اﻟﻘﻴﺎدة إﻟﻰ ﻛﻠﻴﺒﺮ وﻣﻌﻪ أﻋﻀﺎء أول ﺑﻌﺜﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﺮاﻓﻖ ﺣﻤﻠﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ،ﻛﺎن ﻗﻮاﻣﻬﺎ وﻋﺎﻣﻼ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت ً وﻣﻬﻨﺪﺳﺎ 151ﻋﺎﻟ ًﻤﺎ ً ﺷﺘﻰ .وﻗﺪ اﺧﺘﻴﺮت ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺼﺮي ،اﻟــﺬي ﺗﺄﺳﺲ ﺑﻤﺒﺎدرة ﻣﻦ ﺑﻮﻧﺎﺑﺮت ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮن ﻧﺴﺨﺔ
ﻋﺎﻟﻢ اﻓﺘﺮاﺿﻲ ،وﻫﻮ ﺑﻬﺬا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻛﺎﺗﺐ اﻓﺘﺮاﺿﻲ .أﻣﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا أن ﻣﻦ ﻛﻨﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﺤﺎﻓﻈﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻔﻨﻲ واﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﻠﺰﻣﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﺑﻞ وﻳﻨﺘﺠﻮن ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﻘﺪوﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﱠﺎب اﻟﺸﺒﺎب .إن ﺟﻨﻮح اﻟﻜﺘﱠﺎب ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻧﺤﻮ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻳﺆﻛﺪ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﺘﻘﻨﻴﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﻌﺎم وﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،وﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺜﺒﺖ ﻫﺬا ﻷﻧﻪ ﻇﺎﻫﺮ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ إﺛﺒﺎت ،ﻏﻴﺮ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺨﺺ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺳﻠﻮﻛﻪ؛ ﻓﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻫﺬا ﺗﻜﺮﺳﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻊ وأﺻﺒﺢ ﻟﻬﺎ ﺳﻤﺎت )اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺎﻟﻲ ،وﻫﻲ ﺗﻮﺟﻪ آﺧﺮ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ،وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﺴﻤﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺑﺪأت ﺗﺘﻘﻠﺺ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﺊ وﺗﺄﺧﺬ أﺑﻌﺎدا وأﺷﻜﺎﻻ ﻣﺘﻌﺪدة ،وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺳﻴﺘﺴﻢ ﺑﺴﻤﺔ )اﻟﻌﻘﻠﻨﺔ( وﻫﻮ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ و اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻪ ﻟﻠﻮﻟﻮج إﻟﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،ﺣﺘﻰ ﺗﺒﺪأ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺑﺎﻟﺘﻤﻠﺺ ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ وﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻧﺰوﺣﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس )ﻋﻘﻠﻨﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺤﻴﺎة( ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﺘﺄﺳﺴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﺴﻴﻄﺮة ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس أﺛﻨﺎء ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ واﻟﻌﻠﻢ ﻛﺈﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﻤﺎ اﺳﺘﺨﻠﺼﻪ ﻣﺎرﻛﻮزه ﻣﻦ ﻧﻘﺪه ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﺎﻛﺲ ﻓﻴﺒﺮ ،ﻓﻴﻘﻮل :
ﺳﻴﻤﻴﺎء
)رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺘﻘﻨﻲ ذاﺗﻪ إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ .وﻟﻴﺲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺑﺪءا ،إﻧﻤﺎ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ﺳﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ،ﺳﻴﻄﺮة ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ،ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ ،ﺣﺎﺳﺒﺔ( ،وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أن اﻷﻫﺪاف اﻟﻤﺘﻌﻴﻨﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﻤﺘﺄﺳﺴﺔ ﻋﻠﻰ إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻵﻟﺔ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ذاﺗﻬﺎ ،وﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻬﺎ . وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ )اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ( و)اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ( ﻣﺘﺄﺳﺴﺔ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاﺑﺖ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﺤﺪدة وﻟﻬﺎ أﻫﺪاف واﺿﺤﺔ ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻨﻔﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﺘﻘﻨﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ أو ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،وإﻧﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮر واﻷﺷﻜﺎل اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪو أﻧﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ذات ﺳﻤﺎت واﺿﺤﺔ أو ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ رﻗﻤﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﺳﻤﺎت ﻋﺎﻣﺔ . إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﻫﻨﺎ أن ﻧﺆﺳﺲ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻘﻨﻲ وﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ،إﻧﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﻓﺎدة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺪم وﻳﻌﺰز ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ وﻳﺆﺳﺲ ﻟﻨﻬﻀﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ذات أﺑﻌﺎد ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ واﻋﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ )اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ( اﻟﺠﺎﻫﺰة ذات اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ *ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎء ،ﻋﻤﺎن
ﺗﻮاﺻﻴﻒ ﺳﺪه واﺳﺘﺮﻳﺢ ﺑﺎب ْﻳﺠﻴﻚ ْﻣ َﻨﻪ رﻳﺢّ ، ٍ
ﻳﺠﻴﻚ :أي ﻳﺄﺗﻴﻚ. واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﺮﻳﺢ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ .وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﺑﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ وﻻ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ واﻗﻄﻊ ﻣﺴ ّﺒﺒﺎﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﺮﻳﺢ وﺗﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﻬﺪوء. وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺨﻀﺮ: ﻳﺎذك ﻟـﻮ ﻫـﻮ ﺻﻐﻴﺮ ﻟﻠﺮﻳﺢ ﺑﺎب إن ﻃﻠﻖ ﺗﺮﺗﺎح ﻧﻔﺴﻚ ﻛﺜﻴﺮ ﺳــﺪّ ﻩ وزﻳــﺪه ﻏﻠﻖ ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻠﺤﺰم ﻓﻲ ﻗﻄﻊ داﺑﺮ أﻳﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ واﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺈﻏﻼق اﻟﺒﺎب دوﻧﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻠﻮم ﻧﻔﺴﻚ ﻷﻧﻚ ﺗﻌﺮف ﻋﺎﻗﺒﺔ اﻷﻣﻮر ﻟﻼﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺐ ﻟﻚ اﻟﺼﻌﺎب.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
115
اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وإﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻛﺘﺐ ﻛﻮﻧﺪﻳﺮا ﻣﺮة أن وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺗﻌﻤﻞ » ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻀﺨﻢ وﺗﻮﺟﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺺ ،إﻧﻬﺎ ﺗﻮزع ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻧﻔﺲ اﻟﺘﺒﺴﻴﻄﺎت واﻟﺼﻴﻎ اﻟﺠﺎﻫﺰة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ« ،وﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺮأي أراد أن ﻳﻌﺮض ﺧﻄﻮرة ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﺷﻌﺐ ﻋﻦ آﺧﺮ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﺮره ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺿﺪ اﻟﺮاﻫﻦ( ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﺮض أن وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺤﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻔﻜﺮ ﻷول ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ )ﻓﻜﺮا ﻛﻮﻛﺒﻴﺎ ﻛﻮﻧﻴﺎ( ـ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮه ـ وﻫﻮ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﺮر ذﻟﻚ ﻳﻘﺮره ﻟﻴﺲ ﻻﻓﺘﺮاض ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻣﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ وﻓﻜﺮ ﺷﻤﻮﻟﻲ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ اﻟﺬي ﻟﺤﻖ اﻟﻮﺟﻮد ﺑﻔﻀﻞ اﻛﺘﺴﺎح اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﺬي أﺻﺎب ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ وإﻟﻰ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ . وﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا أن اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻠﺬوﺑﺎن واﻟﺘﻤﺎﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﺧﺼﺎﺋﺺ وﺳﻤﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻷﻧﻬﺎ ﻫﻮﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ؛ وﻫﺬا اﻟﺘﻤﺎﻫﻲ أو اﻟﺬوﺑﺎن ﺣﺘﻤﻲ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج ﻟﻘﺮار إداري أو ﺣﺘﻰ ﺳﻴﺎﺳﻲ .إﻧﻪ ﻗﺪر ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻻﻧﻔﺘﺎح اﻟﺘﻘﻨﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈن اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺑﻮاﺑﺔ اﻻﻧﻔﺘﺎح ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻊ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺳﻮاء أأﻧﺘﺠﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ أو ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻟﺘﻨﺸﺊ ﻋﻼﻗﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺘﺄﺳﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮاﺻﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ وﺻﺮاﻋﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ذات أﻧﺴﺎق ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة . وﻓﻲ ﻫﺬا ﻳﻌﺮض ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ( ﺧﻼل ﻓﺼﻞ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺴﻤﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ أﺳﻤﺎه )اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺤﺴﻴﺔ( اﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ،وﺑﻴﻦ )اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ( اﻟﻔﻬﻢ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺬي ﻧﺪرﻛﻪ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء واﻷﺣﺪاث ،إﻧﻤﺎ ـ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ـ )ﻫﻮ ﻛﻨﻤﻂ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺑﺪﺋﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪات(.
114
ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ @
وﻫﻮ ﻫﻨﺎ ﻳﻌﺮض ﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺳﻴﺮورة ﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﺄﻛﺪ اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺬي ﺳﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ )ﻓﻌﻞ اﻟﺘﻜﻠﻢ( . وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة أن ﺗﻔﻴﺪﻧﺎ ﻫﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮض ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻮاﺻﻠﻴﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة؛ ﻓﻬﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺮﺑﺘﻴﻦ اﻟﺤﺴﻴﺔ واﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل ﺿﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺮورة إﻟﻰ )اﻟﻔﻌﻞ( اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺌﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ وﺗﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻏﺮارﻫﺎ ﻧﻤﻄﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺮورة أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺮورات اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﺟﺪﻳﺪة . وﻟﻌﻠﻨﺎ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﻘﺎﻻت ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻦ )اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ(، وﻫﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ أﻧﺘﺠﺘﻬﺎ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺮورة ﺗﺸﻜﻞ أﺳﺴﺖ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻤﺘﺪة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ واﻟﻔﻌﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ أن ﻧﻘﻮل أن وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻴﻮم ﺗﻨﺘﺞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﻬﺬا ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺴﺮدﻳﺔ وﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ أﻳﻀﺎ أﻧﻤﺎﻃﺎ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺘﺸﻜﻼت اﻟﻤﺘﺄﺳﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﻤﻨﻔﺘﺤﺔ . إن ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ )ﻛﻮﻧﻴﺔ /ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ( ﺳﺎﻋﺪت ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻞ أﻧﻤﺎط ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،وﻫﻲ أﻧﻤﺎط ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﺤﺪدة ﻣﻨﻬﺎ؛ )اﻹﻳﺠﺎز( ،و)اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ( ،و)اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻮرة( .وﻫﻲ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻇﻬﺮت ﻣﻊ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻜﺮﺳﺖ اﻟﻴﻮم وأﺻﺒﺤﺖ ﺳﻤﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﺼﻮص .وﻧﺤﻦ ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﻄﻔﺮة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﺘﺴﺎرﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﻬﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻊ أﻧﺘﺠﺖ ﺟﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﱠﺎب ﻟﻬﻢ ﺳﻤﺎت ﻣﺤﺪدة ،ﺳﻴﻨﺘﻤﻮن ﻻﺣﻘﺎ ﻟﺠﻴﻞ ﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻨﺸﺮ اﻟﻮرﻗﻲ أو ﺣﺘﻰ اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات واﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﺠﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ إﻧﺘﺎﺟﺎ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ
زاوﻳﺔ أﺧﺮى
اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ َ اﻟﻮ ْﻋ َ ﻲ اﻟ Xﺘﺮاﺛُﻲ َ إن اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻷﺛﺮي اﻟﺬي ﺗﺰوره اﻟﻴﻮم ﻛﺎن ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻣﺎ ﻣﻤﻠﻮ ًء ﺑﺎﻟﻨﺸﺎط واﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ،وﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ آﺛﺎ ًرا أو اﺧﺘﻔﺖ ﺗﺤﺖ ﻃﺒﻘﺎت ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة واﻟﺘﺮاب ،وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮء ﺑﺬل ﺟﻬﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﺘﺨﻴﻞ ﺣﺠﻤﻬﺎ اﻷﺻﻠﻲ وﻓﺨﺎﻣﺘﻬﺎ ،وﻻ ﺗﺰال ﻫﺬه اﻵﺛﺎر ﻗﺎﺋﻤﺔ رﻏﻢ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻫﺰات أرﺿﻴﺔ ،وﺣﺮوب ،وﺣﺮاﺋﻖ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻤﻨﺎخ واﻷﻣﻄﺎر وﺗﻠﻮث اﻟﺠﻮ ،زد ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻻﻋﺘﺪاءات واﻟﺴﺮﻗﺔ. واﻵن ﻟﻚ أن ﺗﺘﺼﻮر اﻷﺛﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﺮﻛﻪ ﻣﺮور آﻻف اﻷﺷﺨﺎص ﻓﻮق أﺣﺠﺎر ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻋﻦ أﻟﻒ ﻋﺎم ،أو ﻣﺎذا ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻷﺛﺮ ﻟﻮ أن ﻛﻞ زاﺋﺮ أﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻗﻄﻌﺔ رﺧﺎم أو ﻓﺴﻴﻔﺴﺎء ﻛﺘﺬﻛﺎر ،أو ﺣﻔﺮ اﺳﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮد ،أو ﺟﺪار ،وﻫﻞ ﺗﻌﻲ اﻟﻀﺮر اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻟﻤﺴﻪ ﺑﺮﻳﺌﺔ ﻟﺘﻤﺜﺎل ،أو ﺗﺴﻠﻖ ﻧﺼﺐ ﻷﺧﺬ ﺻﻮرة ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻜﺮر اﻟﻤﺸﻬﺪ آﻻف اﻟﻤﺮات؟ ﻻ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻠﻤﺴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﺑﻞ ﻓﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻀﺮر اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ آﻻف وآﻻف اﻟﻠﻤﺴﺎت ،وﻫﻞ ﺗﺪرك ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻼزم ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﺗﺮاه ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺟﻴﺪة ،وﻛﻢ ﻳﻜﻠﻒ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ ،وﻣﺎل ،وأدوات وﻣﻌﺪات ،ودﻋﻢ ورﻗﺎﺑﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ؟ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؛ ﻳﻬﺪف اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ،وإﻟﻰ إﻳﺠﺎد أﻓﻀﻞ اﻟﻈﺮوف ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻪ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻠﻒ إﻟﻰ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻤﻜﻦ .واﻟﺘﺤﺪي ﻫﻨﺎ ﻫﻮ إﻳﺠﺎد ﺗﻮازن ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻤﻌﻠَﻢ اﻷﺛﺮي ،واﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ وﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻒ ،وﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﻦ ﻋﻦ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﻟﻤﻌﻠَﻢ أن ﻳﻄﻠﺒﻮا ﺗﻌﺎون اﻟﺠﻤﻬﻮر ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ إﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ زﻳﺎدة اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻟﻤﻮﻗﻊ واﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ ،وﺿﺮورة ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﻪ.
د .أﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ
ﻻ ﺷﻚ أن ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ داﺋﻤﺔ ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺻﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ، إﻻ أن ﺟﻬﻮدﻫﻢ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﺒﺜﻴﺔ ﺑﺪون إﺷﺮاك اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺘﺮاث ،أي ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻟﺘﺮاث وﻧﺸﺮﻫﺎ ،ﻓﺈذا أرادت أﻣﺔ أن ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاﺛﻬﺎ اﻟﻤﺎدي وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي ،ﻓﻠﻦ ﺗﺠﺪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻲ ﻷﻧﻪ اﻟﺴﻴﺎج اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﻟﺘﺮاث واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ. واﻟﺤﻖ أن ﻫﺬا اﻟﺤﻔﺎظ ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ إﻻ ﺑﺈدراك ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺘﺮاث وأﻫﻤﻴﺘﻪ وﻗﻴﻤﺘﻪ ،وأﻧﻪ ﻣﻦ إﻧﺠﺎز اﻷﺟﺪاد اﻟﻘﺪﻣﺎء ،وﻫﻮ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺮﺋﻴﺲ واﻟﺒﻜﺮ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﺬي ﻳﺠﺴﺪ ﻣﺒﻠﻎ اﺟﺘﻬﺎد أوﻟﺌﻚ اﻷﺟﺪاد اﻟﺬﻳﻦ ﺧﻠﻔﻮا ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻟﻸﺣﻔﺎد ،ﻟﺬا ﻳﺠﺐ ﻧﻘﻠﻪ وﺗﻮرﻳﺜﻪ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ورﺛﻨﺎه ﻧﺤﻦ ﻋﻦ أﺟﺪادﻧﺎ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﻨﺎك وﺳﺎﺋﻞ ﻋﺪﻳﺪة ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻲ ﺗﺮاث اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﺘﺮﻣﻴﻢ ،واﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ،واﻟﺤﺮاﺳﺔ ،وإﻧﺸﺎء اﻟﻤﺨﺎزن اﻟﺤﺼﻴﻨﺔ، واﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ،وﺗﻐﻠﻴﻆ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺳﺮﻗﺔ اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻴﻌﺎﻣﻞ ﺳﺎرق اﻵﺛﺎر ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺳﺎرﻗًﺎ ﻟﺤﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻠﻘﺎت ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻣﺔ ،وﻣﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻌﺎﻣﻞ ﻛﺨﺎﺋﻦ ﻟﻮﻃﻨﻪ ،إﻻ أﻧﻪ وﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻳﻈﻞ واﺿ ًﺤﺎ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻫﻮ وﺣﺪه اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺴﻪ اﻟﻮاﻋﻲ ،وإدراﻛﻪ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﻘﻴﻤﺔ وأﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻛﻮﻧﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ. وﻧﺄﻣﻞ أن ﻧﺘﺨﻄﻰ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ وﺻﻮﻻً إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث واﻋﺘﺒﺎره رﻛﻦ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ،وﻫﻲ أﻣﻨﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻗﺪ ﻻ ﻧﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻵن ،ﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻻ ﻧﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً ﻷن اﻟﺘﺮاث ﻳﺪﺧﻞ ﻫﻮ اﻷﺧﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،واﻟﺘﺸﺒﺚ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﻫﻮ إﺻﺮار ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺬ ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﺘﺤﻀﺮ واﻟﺮﻗﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
113
ŪŤĔőŤē ĴżňĔĸĉ
ﺑﺄي ﺧﻠﻖ أراد ،ﻓﺠﻌﻞ ﻳﺘﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺛﻌﺒﺎن ﺿﺨﻢ اﻟﺠﺜﺔ ،إﻟﻰ ﺗﻨﻴﻦ ﻋﻈﻴﻢ اﻟﺠﺮم ،إﻟﻰ أﺳﺪ ﺑﺎدي اﻟﻨﻮاﺟﺬ ،إﻟﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء ﻟﻪ ﺳﺤﺮه وﻗﻮة ﺣﻴﻠﺘﻪ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل وأوﺿﺎع ،ﺛﻢ اﻧﻘﻠﺐ إﻟﻰ ﻋﺠﻞ ذي ﻗﺮﻧﻴﻦ ﻛﺒﻴﺮﻳﻦ ،وﺑﺪأ ﻳﻨﻄﺢ ﻫﺮﻗﻞ ،وﻫﺮﻗﻞ ﻳﺘﻘﻴﻪ ،ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺒﻄﻞ أن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻘﺮﻧﻴﻪ ﺑﻜﻠﺘﺎ وﻏﻞ ،ﺣﺘﻰ ﻛﺴﺮ أﺣﺪ ﻗﺒﻀﻴﺘﻪ ،وﺟﻌﻞ ﻳﺨﺒﻂ ﺑﺮأﺳﻪ اﻷرض ﻓﻲ ﻋﻨﻒ ّ اﻟﻘﺮﻧﻴﻦ وﻓﺮ أﺧﻴﻠﻮس ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺪان ﻫﺎرﺑًﺎ ﻻ ﻳﻠﻮى ﻋﻠﻰ ﺷﻲء. ودوى اﻟﻤﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺘﺼﻔﻴﻖ ،واﻧﺪﻟﻌﺖ اﻟﺤﻨﺎﺟﺮ ﺑﺎﻟﻬﺘﺎف ،وﺗﺪﻓﻖ اﻟﻨﺎس ﻧﺤﻮ ﻫﺮﻗﻞ ﻳﺤﻤﻠﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻨﺎق ،وﺗﻘﺪﻣﺖ دﻳﺎﻧﻴﺮا ﻓﺤﻴﺎﻫﺎ اﻟﺒﻄﻞ ﺑﻘﺒﻠﺔ ﻓﺮدوﺳﻴﺔ ﺧﺎﻟﺪة ،ﻻ ﻳﺰال ﺻﺪاﻫﺎ ﻳﺮن ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎه اﻟﻤﺤﺒﻴﻦ. وﺗﻢ اﻟﻌﺮس ،واﻧﻄﻠﻖ ﻫﺮﻗﻞ ﺑﺰوﺟﻪ ﻳﺠﻮب اﻵﻓﺎق .وﺣﺪث أن اﻋﺘﺮﺿﻪ ﻧﻬﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ أن ﻳﻌﺒﺮه وﻣﻌﻪ دﻳﺎﻧﻴﺮا ،ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻜﺮه ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺘﺤﻤﻪ ،إذا ﺳﻨﺘﻮر ﻋﻈﻴﻢ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺤﻤﻞ زوﺟﺘﻪ ﻓﻴﻌﺒﺮ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺑﻌﻴﺪ ﺳﺎﻟﻤﺔ آﻣﻨﺔ ،ﺛﻢ ﻳﺮﺗﺪ ﻓﻴﺤﻤﻠﻪ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ، وﻗﺒﻞ ﻫﺮﻗﻞ ،وﻧﺴﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ اﻟﺴﻨﺘﻮر ﻣﻦ ﻋﺪاوة وﺑﻐﻀﺎء، وﺣﺮب ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺗﺪﻣﻰ ﻟﻬﺎ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ،وأﻋﺎن ﻫﺮﻗﻞ زوﺟﺘﻪ ﻓﺎﺳﺘﻮت ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺴﻨﺘﻮر ،وﺧﺎض ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺎء وﻫﻮ ﻳﻄﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺮح ،وﻳﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﻨﻰ واﻵﻣﺎل ،ﻓﻤﺎ ﻛﺎد ﻳﺒﻠﻎ اﻟﺸﺎﻃﺊ اﻵﺧﺮ ﺣﺘﻰ ﻋﺪا ﻋﺪ ًوا ﺷﺪﻳﺪا ﻟﻴﻜﻮن ﺑﻤﻨﺠﺎة ﻣﻦ ﺳﻬﺎم ﻫﺮﻗﻞ ،وﻟﻜﻦ دﻳﺎﻧﻴﺮا ﺻﺮﺧﺖ ﺻﺮﺧﺔ ﻣﺪوﻳﺔ ﻧﺒﻬﺖ زوﺟﻬﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻓﻄﻦ إﻟﻰ ﺧﻴﺎﻧﺔ اﻟﺴﻨﺘﻮر ،ﺷﺪ ﻗﻮﺳﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،وأرﺳﻞ إﻟﻰ اﻟﺴﻨﺘﻮر ﺳﻬ ًﻤﺎ ﻣﺴﻤﻮ ًﻣﺎ. وأﺣﺲ اﻟﺴﻨﺘﻮر ﺑﺴﻢ اﻟﻤﻮت ﻓﺄﻗﺴﻢ ﻟﻴﻜﻴﺪن ﻟﻬﺮﻗﻞ ﻓﻴﺬﻳﻘﻪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﻢ ،ﻓﻘﺎل ﻟﺪﻳﺎﻧﻴﺮا» :أﻳﺘﻬﺎ اﻟﻔﺘﺎة! ﻻ ﺗﺜﻘﻲ أن ﺣﺐ ﻫﺮﻗﻞ داﺋﻢ ﻟﻚ، ﺑﻞ أﻛﺒﺮ اﻟﻈﻦ أﻧﻪ ﻣﻨﺼﺮف ﻋﻨﻚ إﻟﻰ ﻓﺘﺎة أﺧﺮى ﺗﻜﻮن أﺟﻤﻞ وأﺻﺒﻰ، وﻣﺎ أﺣﺴﺒﻚ إﻻ ذاﻛﺮة ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻳﺘﻔﺎﻧﻰ ﻓﻲ ﺣﺐ أوﻣﻔﺎﻟﻴﻪ ،ﻓﺨﺬي ﻗﻤﻴﺼﻲ ﻫﺬا ﻓﺎﺣﻔﻈﻴﻪ ﻟﺪﻳﻚ ،ﺣﺘﻰ إذا أﺣﺴﺴﺖ ﻣﻦ زوﺟﻚ ﺟﻔﻮة، أو رأﻳﺖ ﻓﻴﻪ ﻓﺘﻮ ًرا ،ﻓﺎﺑﻌﺜﻲ ﺑﻪ إﻟﻴﻪ ﻟﻴﻠﺒﺴﻪ ،وأﻟﻘﻲ ﻓﻲ روﻋﻪ أﻧﻪ ﻳﺤﻔﻈﻪ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ إن ﻓﻌﻞ ،ﻋﺎد إﻟﻴﻚ ﺑﻘﻠﺐ ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﺤﺐ، وﻧﻔﺲ ﻣﻠﺘﺎﻋﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺷﻮق وﺗﻮق« ،ﺛﻢ ﺧﺮ اﻟﺴﻨﺘﻮر ﻣﻴﺘًﺎ! وأﺧﺬت دﻳﺎﻧﻴﺮا اﻟﻘﻤﻴﺺ اﻟﻤﻀﺮج ﺑﺎﻟﺪﻣﺎء اﻟﻤﺴﻤﻮﻣﺔ ،وﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻬﻢ ﺷﻲء ﻋﻈﻴﻢ» :ﻣﻦ أوﻣﻔﺎﻟﻴﻪ ﻫﺬه؟ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ أوﻣﻔﺎﻟﻴﻪ؟ 112
وﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ !
ﻛﺎن ﻳﺤﺐ ﻓﺘﺎة ﻏﻴﺮي؟ وﺣﻖ زﻳﻮس ﻷﺳﺄﻟﻨﻪ ،ﻫﺎ ﻫﻮ ذا ﻗﺪ ﺳﺒﺢ إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ«. وﻟﻘﻴﺘﻪ ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ ،ﻓﺎﻋﺘﺮف ﻟﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺷــﻲء ،وﻃﻤﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﺘﻪ وإﺧﻼﺻﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﺮأة ﻻ ﻳﻌﺮف ﻫﺬا اﻻﺳﺘﺴﻼم اﻟﻤﻌﺴﻮل ﻟﻠﻜﻠﻤﺎت اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻇﻞ اﻟﻮﺳﻮاس ﻳﺪب ﻓﻲ ﻧﻔﺲ دﻳﺎﻧﻴﺮا ،ﺣﺘﻰ ﻛﺎن ﻫﺮﻗﻞ ﻓﻲ إﺣﺪى ﺟﻮﻻﺗﻪ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﻋﻨﺪ أﺑﻴﻬﺎ ﻣﻠﻚ ﻛﺎﻟﻴﺪون، ﻓﻄﺎﻟﺖ ﻏﻴﺒﺘﻪ ،وذﻫﺒﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﻈﻨﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﺬﻫﺐ. وذﻛﺮت اﻟﻘﻤﻴﺺ ورددت ﻋﺒﺎرات اﻟﺴﻨﺘﻮر ،ﻓﻨﻬﻀﺖ ﻣﻦ ﺗﻮﻫﺎ وأرﺳﻠﺘﻪ ﻣﻊ إﺣﺪى وﺻﻴﻔﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻫﺮﻗﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺂه اﻟﺒﻌﻴﺪ ،وأوﺻﺖ اﻟﻮﺻﻴﻔﺔ أن ﺗﺬﻛﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﺂﺛﺮ اﻟﻘﻤﻴﺺ ﻣﺎ وﺳﻮس ﺑﻪ اﻟﺴﻨﺘﻮر ،ﻓﻠﻤﺎ ﻟﺒﺴﻪ ﻫﺮﻗﻞ، اﻟﺘﺼﻖ ﺑﻪ اﻟﺘﺼﺎﻗًﺎ ،وأﺧﺬ اﻟﺴﻢ ﻳﺸﻴﻊ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﻪ اﻟﺤﺪﻳﺪي ﻓﻴﺬﻳﺒﻪ وﻳﻔﺘﺘﻪ. وﺻﺮخ اﻟﺒﻄﻞ ﺑﻼ ﺟﺪوى ،وﻛﻠﻤﺎ ﺣﺎول اﻧﺘﺰاع اﻟﻘﻤﻴﺺ ﻛﺎن ﺟﻠﺪه ﻳﺘﻤﺰق ،وﻟﺤﻤﻪ ﻳﺘﻬﺮىء ،وﻳﺘﺼﺒﺐ اﻟﺪم ﻣﻦ ﻓﻮق وﻣﻦ ﺗﺤﺖ ،ﺛﻢ أﻧﻔﺴﺎ ،وﻃﻔﻘﺖ روﺣﻪ ﺗﻮدع ﻫﺬا اﻟﺠﺜﻤﺎن أﺧﺬت ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺴﺎﻗﻂ ً اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻲ دﻣﻮع وآﻫﺎت ﺣﺎرة ،وﻟﻔﻆ ﻧﻔﺴﻪ اﻷﺧﻴﺮ وﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ وﻳﻘﻮل :ﻧﻔﺴﻲ ﻓﺪاء ﻟﻚ ﻳﺎ دﻳﺎﻧﻴﺮا
ﻫﺮﻗﻞ وﺗﻤﺜﺎل Nessusﺳﻨﺘﻮر ﻓﻲ ﻟﻮﺟﻴﺎ دي ﻻﻧﺰي ﻓﻲ ﻓﻠﻮرﻧﺴﺎ ،إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
111
ŪŤĔőŤē ĴżňĔĸĉ
وﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ ! ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺮﻛﺔ
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻘﺪ ًرا ﻟﻬﺮﻗﻞ أن ﻳﺮﻓﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﻌﻴﻢ ﻣﻊ زوﺟﺘﻪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ دﻳﺎﻧﻴﺮا ،إذ دﺑﺮت ﻟﻪ »ﺣﻴﺮا « رﺑﺔ اﻟﺸﺮ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﺲ أن أﺑﺎه زﻳﻮس ﻓﻀّ ﻞ أﻣﻪ » أﻟﻜﻤﻴﻦ« ﻋﻠﻴﻪ، وأوﻏﺮت ﻟﻠﺴﻨﺘﻮر اﻟﺬي ﻧﺼﻔﻪ اﻷﻣﺎﻣﻲ ﻟﺮﺟﻞ واﻟﻨﺼﻒ اﻷﺳﻔﻞ ﻟﺤﺼﺎن ـ أن ﻳﺨﻮن ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻫﺮﻗﻞ وﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻣﻘﺘﻠﻪ! ﻣﻨﺬ أن وﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎً ﻫﺮﻗﻞ ﻋﻠﻰ اﺑﻨﺔ ﻣﻠﻚ أوﻧﻴﻮس وﻫﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺰﻫﻮر ﺣﺘﻰ ﻫﺎم ﺑﻬﺎ ﺣ ًﺒﺎ وﺑﺎدﻟﺘﻪ ﻫﻲ ﻏﺮا ًﻣﺎ ﺑﻐﺮام ﻏﻴﺮ أن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ أن دﻳﺎﻧﻴﺮا ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﻤﺖ ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ ﻷﺧﻴﻠﻮس ،أﺣﺪ آﻟﻬﺔ اﻷﻧﻬﺎر ،رﻏﻤﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،و ﻃﻤﺄﻧﻬﺎ ﻫﺮﻗﻞ اﻟﻌﺎﺷﻖ ﺑﺄﻻ ﺗﻘﻠﻖ وأﻧﻪ ﺳﻴﺬﻫﺐ إﻟﻰ أﺑﻴﻬﺎ اﻟﻤﻠﻚ وﻳﻨﻬﻲ اﻷﻣﺮ ﻣﻌﻪ. أﺣﺴﻦ ﺗﺤﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻃﻠﺐ ﻳﺪ دﻳﺎﻧﻴﺮا . . .وﻛﺎن أوﻧﻴﻮس ﺣﺴﻦ واﺳﺘﺄذن ﻫﺮﻗﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﻚ ،وﺣﻴﺎه أﺣﺴ ﻗﻮﺗﻪ ﺎﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﻛﻞ ﻣﻠﻮك ﻫﻴﻼس وأﻣﺮاﺋﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻗﺪ أﺟﺎب ﻳﻌﺮف ﻣﻦ ﺑﺄس اﻟﺒﻄﻞ وﻋﻈﻴﻢ ﻪ أﺧﻴﻠﻮس إﻟﻰ ﺧﻄﺒﺘﻪ وﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺳﺨ ﺨﻂ اﺑﻨﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺰواج ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﺳﺨﻂ ﻛﻨﺖ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ وﻋﺪت أﺧﻴﻠﻮس أن ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ دﻳﺎﻧﻴﺮا، إﻟﻴﻪ ﻫﺮﻗﻞ اﺳﺘﺒﺸﺮ وﻗﺎل :ﻟﻘﺪ ﺖ ﻟﺠﺒﺮوت، وﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻮل واﻟﻄﻮل واﻟﺠ واﻟﺠﺒﺮوت ،ﻟﻜﻨﻲ ﻳﻮﻣﺎﺎ ﺗﻠﺘﻘﻴﺎن ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻻ أﻓﻀﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ ،ﺑﻞ ﻧﺠﻌﻞ ﻟﻜﻤ ﻤﺎ ﻳﻮ ًﻣ ﻟﻜﻤﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻓﻤﻦ ﻳﺼﺮع ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻛﺎن ﻛﻔﺆا ﻟﺪﻳﺎﺎﻧﻴ ﻟﺪﻳﺎﻧﻴﺮا. وﻗﺒﻞ ﻫﺮﻗﻞ ،ورﺿﻲ أﺧﻴﻠﻮس ،ﺟﺘﻤ ﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ واﺟﺘﻤﻊ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻳﺸﻬﺪون اﻟﺼﺮاع اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﺒﺎرﻳﻦ اﻟﻌﻨﻴﺪﻳﻦ ،وﻛﺎن ﻛﻼﻫﻤﺎ واﺛﻘﺎ ﺴﻪ، ﺑﻨﻔﺴﻪ ،ﻻ ﻳﺨﺎﻣﺮه ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﻓﻠﻠﻤﺎ ، ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻘﺎﺑﻼ، أدﻧﻰ ﺷﻚ ﻓﻲ أﻧﻪ ﻓﺎﺋﺰ ﻋﻠﻰ ﺛﺎرت ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﻤﺎ اﻟﻌﻮاﺻﻒ ،ﻛﺎﻧﺖ أﻧﻈ ﻈﺎر اﻟﻨﺎس أﻧﻈﺎر ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺴﻮاﻋﺪﻫﻤﺎ وﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻴﻞ ﻗﻠﻴﻞ أﺧﺬت واﻟﻤﻠﻌﺐ ﻳﻬﺘﺰ ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻪ ﺐ اﻷرض ﺗﺮﺗﺠﻒ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻬﻤﺎ، ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﻛﺜﻴﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ دﻳﺎﻧﻴﺮا ﺗﻄﻞ ﻦ ﻣﻦ ﻣﻘﺼﻮرﺗﻬﺎ وﺗﻜﺎد ﺗﻐﺺ ﺑﺮﻳﻘﻬﺎ إﺷﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻞ، ﻫﺮﻗﻞ ،وﻛﺎن ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻛﻠﻤﺎ ﺧﺎرت ﻗﻮاه ،ﻧﻈﺮ ﻬﺎ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﻈﺮة ﻓﺘﺘﺠﺪد ﺑﻬﺎ روﺣﻪ وﺗﺘﻀﺎﻋﻒ ﻗﻮﺗﻪ وﻳﻤﻤﺘﻠﺊ وﻳﻤﺘﻠﺊ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻵﻣﺎل .وﻛﺄن أﺧﻴﻠﻮس ﻗﺪ ﻄﻦ ﻓﻄﻦ إﻟﻰ ﺟﺒﺮوت ﻫﺮﻗﻞ ،وﻛﺎن ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺸﻜﻞ ﻜﻞ ﻳﺘﺸﻜﻞ
110
وﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ !
ﺑﻼده ،وﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻳﻤﺜﻞ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﺣﺘﻔﺎﻻت ﻛﺄس اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻟﻜﺮة اﻟﻘﺪم ،وﻳﺘﺬﻛﺮ ﻓﻲ أﺣﺪ ﻟﻘﺎءاﺗﻪ اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ: »ﻗﺒﻞ اﻟﻐﻨﺎء وﻟﻤﺪة أﺳﺒﻮع أﺗﻨﻘﻞ وﺣﻴﺪا وﻣﻦ دون أن ﻳﻌﺘﺮض ﻃﺮﻳﻘﻲ أﺣﺪ أو ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ ﺟﻤﻬﻮر! وﺑﻌﺪ اﻟﻐﻨﺎء ﺻﺮت أﺷﻖ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﺪق إﻟﻲ ﺑﺄن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻄﺮب واﻟﺸﺎرع واﻟﺴﻮق وﺳﻂ إﺷﺎرات اﻟﺠﻤﻴﻊ ّ ﺳﻴﺪي ﻳﺎﺳﻴﺪ ﺳﺎداﺗﻲ«. ﻟﻘﺪ ﺗﻤﻴﺰ ﺻﻮت ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﺑﺎﻟﺪفء واﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ ﺻﻮت ﻓﺮﻳﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدا ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن أداءه ﻣﻦ ﻧﻮع ﺧﺎص
ﻳﺘﻘﻦ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﺻﻮت ﻣﺮادف ﻟﻠﺒﻼد ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ ﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻣﻊ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ .ﻛﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰت اﺧﺘﻴﺎراﺗﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ اﺑﻨﺔ ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻴﻒ ﻷداﺋﻪ ﻧﻜﻬﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺗﻤﺎﻣﺎ أﻧﻬﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﻻﻧﺘﺸﺎر واﻟﺸﻬﺮة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وأﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ أﻣﺎﻧﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮﺻﻴﻞ ﻧﺘﺎج اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻻﻣﺎراﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮي اﻟﻮاﺳﻊ ..وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﺨﺘﺎر اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻤﻌﺒﺮة ﻋﻦ أدق اﻟﻌﻮاﻃﻒ واﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ وﺟﻤﻴﻞ ..وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻧﺨﺘﺎر ﺗﺠﺮﺑﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﺸﺮات اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى »اﻟﺘﻲ ﻧﺄﻣﻞ أن ﻧﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻄﻮر ﻻﺣﻘﺔ« وﻫﻤﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺘﻴﺞ ﺑﻦ روﺿﺔ وﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ أﺣﻤﺪ اﻟﻜﻨﺪي اﻟﻤﺮر. ذﻛﺮ ﻟﻲ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ اﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺣﺒﻴﺐ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻠﻘﺎءات اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ أن اﻟﻔﻨﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻗﺎل ﻟﻪ »إﻧﺎ داﺋﻤﺎ أﺳﻌﻰ ﻟﻬﺪف ﻣﺤﺪد وﻫﻮ ﺗﺄﺳﻴﺲ أﻏﻨﻴﺔ إﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﻬﺠﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻧﻐﻤﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷرض واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ« وﻓﻌﻼ ﻛﺎن ﻟﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻄﺎﺋﻪ اﻟﺬي اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ أﺟﻤﻞ ﻓﺘﺮات اﻟﻌﻄﺎء اﻟﻔﻨﻲ ﺧﻠﻴﺠﻴﺎ وﻋﺮﺑﻴﺎ ) اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت واﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت( أﻧﺠﺰ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺟﻤﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﺸﻌﺮاء ﺑﺎرزﻳﻦ ﻧﺄﻣﻞ أن ﻧﻮاﺻﻞ إﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺎت أﺧﺮى ،ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺪد اﻟﻤﻘﺒﻞ وﻗﻔﺔ ﻣﻊ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻋﺘﻴﺞ ﺑﻦ روﺿﻪ :أول ﺷﺎﻋﺮ ﺗﻐﻨﻰ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪه ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ،وأﺣﻤﺪ اﻟﻜﻨﺪي ـ ﺳﻴﺪ اﻟﺨﻮد .إﻟﻰ ﻟﻘﺎء
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
109
ūŵŭŘ
اﻟﻬﻮاﻣﻞ وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻤﻴﺖ ﺻﺒﺨﺔ اﻟﻬﻮاﻣﻞ« وﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﻟﻴﻮا ﻓﻲ وأﻳﺔ ﺧﻄﻮة؟ ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﻨﺠﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺮﻗﺖ ﻓﻲ ﺳﻤﺎء ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ .ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺣﻠّﺖ ﻛﺎرﺛﺔ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺨﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﺘﻪ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ. اﻧﺘﻬﺎء ﻣﺠﺪ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﻄﻮر اﻟﺤﺪث اﻟﺠﻠﻞ اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف ﻓﻲ أﺣﺪ ﻟﻘﺎءاﺗﻪ اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺳﺮد ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺎت: اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ .ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺔ 1952ﻫﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻷﻛﺜﺮ ذﻫﺒﻨﺎ إﻟﻰ ﻗﻄﺮ ودﺧﻠﺖ ﻫﻨﺎك اﻟﻤﺪرﺳﺔ ..أول ﺷﻲء ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻲ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺮزق واﻟﻌﻤﻞ ،وﻣﺜﻠﺖ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﻴﻦ زﻣﻨﻴﻦ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻔﻼت وﻣﻌﺴﻜﺮات اﻟﻜﺸﺎﻓﺔ وﺟﻠﺴﺎت اﻟﺴﻤﺮ اﻟﻄﻼﺑﻴﺔ ،وﻛﻨﺖ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأت ﻋﻮاﺋﻞ إﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺠﺎورة وﺳﻂ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻔﻼت أﻏﻨﻲ ،ﺳﻮاء اﺳﺘﻤﻌﻮا ﻟﻲ أو ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮا ،وﻟﻢ ﻛﺎﻟﻜﻮﻳﺖ وﻗﻄﺮ واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ. أﻛﻦ أدري ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻞ ﻳﻮﻣﻬﺎ ! وﻳﻀﻴﻒ ﻣﺘﺨﻴﻼ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة : وﺣﻴﻦ اﻧﺘﻘﻞ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ »ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ« ﻣﻊ واﻟﺪه وﻋﻤﻪ وﻋﻤﻮم »ﻛﻨﺖ ﺣﻴﻨﻤﺎ أﺻﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺮح اﻟﺼﻐﻴﺮ ،أﻧﺴﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ أﻫﻠﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ ﺑﺪأ ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﻳﺼﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮف ﻣﻦ ﻫﻢ ﺷﻌﺮاؤﻫﺎ ،واﺳﺘﻤﺮ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﻫﻜﺬا ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ واﻟﻤﺪرﺳﺔ واﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺧﺸﺒﺔ ﺣﺘﻰ أﻧﻬﻴﺖ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ وﻋﺪت ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺮح اﻟﻤﺪرﺳﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ ،أﺑﻮﻇﺒﻲ«. وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺑﺪأت ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮر ..إﻧﻪ اﻵن ﺿﻤﻦ وﻣﺎﺑﻴﻦ اﻟﻌﻴﻦ وﻟﻴﻮا ،وﺑﻴﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ ودﺑﻲ ،ﺻﺎر ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻜﺸﺎﻓﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺄﺧﺬه إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺣﺎت أوﺳﻊ اﻷول ﻋﻦ أرﺷﻴﻒ ﺑﻼده ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺠﻬﻮﻟﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻟﻴﺸﻖ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺑﻴﻦ ﻛﺒﺎر ﻣﻄﺮﺑﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ اﺳﻤﺎ ﻓﻨﻴﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ أﺣﺪ ﺳﻮى اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻀﻴﻖ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ أو اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ..وﺑﺪأ ﺟﺎﺑﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻻﻣﺎراﺗﻴﺔ واﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻳﺸﺎر ﻟﻪ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻊ ﺷﻌﺮاء اﻟﺤﻔﻼت وﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر وﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم . أﻣﺜﺎل ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻮﻗﻴﺶ وﺳﺎﻟﻢ اﻟﻜﺎس ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﻌﻤﺮ ﻳﺄﺧﺬ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻨﻀﻮج، وﻋﺘﻴﺞ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ روﺿﻪ ﺣﻴﺚ اﺳﺘﻤﺮت ﺣﺎﻣﻼ ذاﻛﺮة ﻋﺎد ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ إﻟﻰ اﻹﻣﺎرات ً ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت »ﻋﻮدﺗﻪ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ـ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ، ﻣﻦ ﻗﻄﺮ« وﺣﺘﻰ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ،وﻓﻴﻬﺎ وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ؟ ذﻟــﻚ ﻫﻮ اﻟــﺴــﺆال ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ وﺟﺪ أﻣﺎﻣﻪ ﻓﺮﺻﺔ دراﺳﺔ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﺗﺄﺳﻴﺴﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻌﺪ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺗﺸﻬﺪ وﻓﻌﻼ ذﻫﺐ ودرس ﻫﻨﺎك ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﺗﻌﻠﻢ ً ﻣﺪاه اﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻐﻤﺎت واﻟﻤﻘﺎﻣﺎت وأﺣﺐ اﻟﺴﻴﻜﺎه واﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ واﻟﺒﻴﺎت واﻟﺤﺠﺎز واﻟﻨﻬﺎوﻧﺪ ،ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻳﺘﻌﺮف ﺟﻬﻮ ًدا ﻓﺮدﻳﺔ ذات ﻋﻤﻖ وﻣﻮﻫﺒﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ، ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺪراﻣﻴﺔ واﻟﺴﻴﻤﻔﻮﻧﻴﺎت ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻘﺼﻴﺪة وﻫﻲ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻳﺘﻤﺘﻊ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ إﺣﺴﺎس اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﺑﻬﺎ ﺣﻘﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ ﻛﺎن ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻛﺎن ﻳﺸﺪه ﻛﺜﻴ ًﺮا وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪأ ﻳﺪﻧﺪن ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم اﻟﺨﺎﻟﺪة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ إﻣﺎرة أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ أﻏﻨﻴﺔ وﻳﺤﻔﻆ ﻗﺼﻴﺪة »ﺻﺎح ﺑﺰﻗﺮ ﻟﻤﻨﺎدي«. وﻃﻨﻴﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻋﻴﺪ ﺟﻠﻮس اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن اﻷول ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺳﻨﺔ 1967م ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓﺮﻗﺔ إﻟﻰ رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻓﺄﺷﺎر ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺪ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺑﺄن ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻰ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﺗﻮﻟﻰ رﺋﺎﺳﺔ ﻗﺴﻢ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ اﻹذاﻋﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻋﺎد ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ،وﺑﺪأ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،وﻫﻨﺎك اﻟﺘﻘﻰ ﺑﺎﻟﺮاﺋﺪ اﺳﺤﻖ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻔﺮﻗﺔ وﺗﺪرب ﻣﻌﻪ ﻳﻌﻴﺶ ذﻟﻚ اﻟﻤﺨﺎض اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻛﺸﺎب ﻣﺘﺤﻤﺲ ﻟﻠﻐﻨﺎء ،وﻣﺘﺤﻤﺲ أﻳﻀﺎ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ذات اﻹﻳﻘﺎع اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻤﺘﻜﺮر ،واﻟﺬي ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻨﻴﺔ وﻧﺠﺤﺖ. أﺷﻴﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﻠﺴﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻣﻦ ﻻﻗﻂ أﺧﺒﺎر . . . ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ..ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻪ راﺋﺪة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻏﻨﻴﺔ ﺑﻌﺪ أﻏﻨﻴﺔ ﻋﻴﺪ اﻟﺠﻠﻮس ﺑﻌﺎم واﺣﺪ ﻋﻤﻞ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻣﻮﻇﻔًﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺮﻛﺐ ﻣﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻛﺎن اﻟﻠﻘﺎء اﻟﻤﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻹذاﻋــﺔ ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ »ﻻﻗﻂ أﺧﺒﺎر« ،ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻠﺘﻘﻂ ﺟﺪﻳﺪ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﻬﻢ أﻳﻀﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻜﻨﺪي ﺷﺎﻋﺮ »ﺳﻴﺪ اﻟﺨﻮد« ،وﺗﺰاﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،وﻳﺴﺘﻤﻊ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺸﻐﻒ وﻫﻮ ﻳﺮددﻫﺎ ،وﻳﺘﻤﻨﻰ اﻟﻠﻘﺎء ﻣﻊ ﻟﻘﺎء ﺷﺎﻋﺮ آﺧﺮ ﻫﻮ ﻋﺘﻴﺞ ﺑﻦ روﺿﺔ ﺷﺎﻋﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪ »ﻏﺰﻳﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻐﻨﺎء ﺑﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻓﺮﻗﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ..ﻓﻲ ﻫﺬه ﻓﻠﺔ وزارﻧﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺼﺮ«. اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺎن داﺋﻢ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ رأس اﻟﺨﻴﻂ ،ﺷﺄﻧﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄن ﺟﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﻋﺎم 1975ﺣﻤﻞ ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻷﻏﻨﻴﺘﻴﻦ »ﺳﻴﺪي ﻳﺎﺳﻴﺪ ﺳﺎداﺗﻲ وﻏﺰﻳﻞ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﻌﻮن ﺧﻄﻮﺗﻬﻢ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﺗﺮى أي ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻠﺔ« إﻟﻰ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺪم ﻛﻞ ﻣﻄﺮب ﺧﻠﻴﺠﻲ ﻓﻘﺮة ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ
108
ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ
ﻟﻘﺪ ﻋﺎش اﻟﻔﻨﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻣﺴﻜﻮ ًﻧﺎ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻓﻬﻮ ﺣﻴﻦ ﺑﺪأ ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﺤﻴﻄﻪ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،وﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻣﻴﺎ ًﻟﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ،اﻟﺬي ﻳﻘﻮده إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺎت ا%ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، واﻟﻤﻮاﻛﺒﺔ ﻟﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ِ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻨﻜﻬﺔ ﺑﻼده ﻓﻲ اﻟﻜﻠﻤﺔ واﻟﻨﻐﻤﺔ
ﻟﻠﻮﻧﻪ اﻟﺨﺎص ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻐﺮه اﻟﻄﺮق اﻷﺧﺮى وﻟﻢ ﻳﺴﻊ ﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺸﺎر أو اﻟﻜﺴﺐ اﻟﻤﺎدي ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﺷﺪﻳﺪ اﻻﺣﺘﺮام ﻟﻔﻨﻪ وﻟﻮﻧﻪ. إﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﺤﻰ ﻧﺘﻨﺎول ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻘﻴﻤﻲ ،وﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،واﻟﺘﻤﻴﺰ اﻟﺬي ﺗﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ ..إﻧــﻪ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺑﻼده ،ﺻﻮت ﺑﻼده اﻟﺸﻌﺮي ،وﻟﻬﺠﺔ ﺑﻼده اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﺧﺰﻳﻨﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻨﻔﺴﻲ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻏﺐ ﺑﺘﻜﺮار اﻟﺼﻮرة اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳــﻮﻣــﺬاك ،ﺣﻴﺚ ﻫﻨﺎك ﻋﺸﺮات اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ واﻟﺼﻮر اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟ ُﺠﻤﻞ اﻟﻠﺤﻨﻴﺔ اﻟﻤﻜﺮرة ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮة ﻋﺎدﻳﺔ، رﺑﻤﺎ أﺣﺪ أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ﺑﻨﺎء ﺷﻌﺮ ﻏﻨﺎﺋﻲ ﺿﻤﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺤﺪد وﻣﻌﺮوف ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻳﻨﺘﺞ اﻷﻏﺎﻧﻲ ذات اﻟﺼﻮر اﻟﻌﺎﻣﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻜﻞ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ »واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻌﺪى ﻣﻔﺮدات أﺣﺒﻚ وﻳﺎﻫﺎﺟﺮ وﺣﺒﻴﺒﻲ «......ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﻨﺎؤﻫﺎ وﺻﻮرﻫﺎ وﻃﺒﻴﻌﺔ ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ..ذﻟــﻚ ﻣﺎ وﺟــﺪه ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل »اﻟﻜﻮس اﻟﻤﻄﻠﻲ واﻟﻜﻮس اﻟﻌﺸﻮﻳﻪ وﻳﺎ ﻃﻴﺮ وﻇﺒﺘﻚ ﺑﺘﺪرﻳﺐ وﻏﺰﻳّﻞٍ ﻓﻠّﻪ« وﻋﺸﺮات اﻟﺼﻮر اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن . ﺑﺪاﻳﺎت ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ
وﻟﺪ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ اﻟﻤﺮﻳﺨﻲ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ ﺳﻨﺔ 1952ﻓﻲ ﻣﺤﻀﺮ ﺻﺒﺨﺔ »ﻗﺮﻳﺔ أﻏﻠﺐ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
107
ūŵŭŘ
ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ
)(2-1
ذاﻛﺮة اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟqﻏﻨﻴﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺔ اOﻣﺎراﺗﻴﺔ
ﻣﺆﻳﺪ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ
داﺋﻤﺎ ﻫﻨﺎك أﻏﻨﻴﺔ ﺗﻮﻗﻆ ذاﻛﺮة اﻟﺤﻨﻴﻦ ،واﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺗﻌﺮﻳﻒ آﺧﺮ ﻟﻠﺒﻼد ،وﺟﻮاز ﺳﻔﺮ ﻧﺎﺑﺾ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﻨﺴﻰ وﻟﻮ ﻓﻲ زﺣﻤﺔ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،أو ﺣﻴﻦ ﻧﺮﺣﻞ ﺑﻌﻴﺪً ا ﻋﻦ اﻟﻤﻬﺪ اﻷول واﻟﺴﻤﺎء اﻷوﻟﻰ ،أو ﺣﻴﻦ ﻧﻐﺮق ﻓﻲ زﺣﻤﺔ اﻹﻧﺸﻐﺎل وﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﺤﺎل!
ﺷﻬﺪت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻪ ،ﻟﻜﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻟﻪ ﻣﻴﺰة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﻬﻮ ذو ﻣﺮاﺣﻞ ﺛﻼث ،ﻛﺎﻧﺖ اﻷوﻟﻰ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة اﻟﺸﺒﺎب ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺪورات اﻟﺪراﺳﻴﺔ وﻣﺼﺎﺣﺒﺔ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻊ اﻷﻟﺤﺎن اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﻌﺮﻳﺒﺔ وﺗﺮاﻛﻢ اﻟﺨﺒﺮة. ﻧﺒﺮة ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة
106
ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ
أﺣﻤﺪ اﻟﻜﻨﺪي
إن رﻛﺎﺋﺰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ أي ﺑﻘﻌﺔ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ،ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد وﻓﺮﻳﻖ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ،ﺑﻞ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺔ ،وﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﻄﺮب ﻳﺠﺪد ،وﻣﻄﺮب راﺣﻞ ﺗﺮك زﻣﻦ أﻏﻨﻴﺘﻪ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﻟﻴﺲ اﻷﻏﻨﻴﺔ ﻓﻘﻂ .. ذﻟﻚ اﻟﺘﺮاﻛﻢ ﺳﻨﺴﻤﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﺟﺰءا ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، وﻧﻘﻮل ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك أﻏﻨﻴﺔ ﻧﺴﻤﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻨﺸﻌﺮ ﺑﺎﻧﺘﻤﺎء ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ وﺟﻤﻴﻞ ،وﺑﻬﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻮﻟﺪ ﺷﺎب ﻣﻮﻫﻮب ﻓﻴﺠﺪد ،وﻳﻘﻮل ﻫﺬه أﻏﻨﻴﺘﻲ أﺧﺬت ﻧﻐﻤﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﺤﻦ ﻛﺎن أﺟﺪادﻧﺎ ﻳﺘﻐﻨﻮن ﺑﻪ ..واﻷﻏﻨﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺳﺲ ﻟﺬاﻛﺮة وﺟﺪاﻧﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺟﺪا ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ ،واﻟﻔﻨﺎن ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﻠﻮن اﻟﻔﻨﻲ اﻷول ،اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎول ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻷرض واﻟﺨﺒﺮة وﻋﻄﺮ اﻟﻠﻬﺠﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ..وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﻧﻌﻴﺪ إﻟﻰ اﻟﺬاﻛﺮة ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻔﻨﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،اﻟﺬي ﺣﻘﻖ ﺑﺠﻬﻮده وﻣﻮﻫﺒﺘﻪ ﺣﻀﻮ ًرا ﻓﻨﻴًﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻏﺎﻧﻴﻪ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﻓﻲ ذاﻛﺮة اﻷﺟﻴﺎل. ﻟﻘﺪ ﻋﺎش اﻟﻔﻨﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻣﺴﻜﻮﻧًﺎ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻓﻬﻮ ﺣﻴﻦ ﺑﺪأ ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﺤﻴﻄﻪ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي، وﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻣﻴﺎﻻً إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ،اﻟﺬي ﻳﻘﻮده إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺎت اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،واﻟﻤﻮاﻛِﺒﺔ ﻟﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻨﻜﻬﺔ ﺑﻼده ﻓﻲ اﻟﻜﻠﻤﺔ واﻟﻨﻐﻤﺔ ،ﻓﺒﺪأت رﺣﻠﺔ اﻟﺮﻳﺎدة ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ إﻟﻰ اﻹذاﻋﺎت واﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺳﻮرﻳﺎ وﻟﺒﻨﺎن ،اﻟﻌﺮاق و ُﻋﻤﺎن ،ﻣﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب ،اﻷردن واﻟﻜﻮﻳﺖ ،ﻗﻄﺮ واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ...ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺼﻮت اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮة ﺑﺮﺻﻴﺪ ﺑﻠﻎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺘﻲ أﻏﻨﻴﺔ ﻓﻲ رﺑﻊ ﻗﺮن ..وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻮﺛﻴﻘﻴﺔ أو ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻔﻨﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻧﺴﻌﻰ إﻟﻰ إﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻤﻴﺰ اﻟﺬي ﺧﺮج ﺑﻪ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن، وﻧﺘﻨﺎول ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﺬي ارﺗﺒﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻬﻢ ﺑﺎﻷﻏﻨﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم .إﻧﻨﺎ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺘﻤﻴﺰ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺮاﺣﻞ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ،وﻫﻲ : اﻟﺼﻮت :ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﺣﻨﺠﺮة داﻓﺌﺔ ،ﻫﻲ اﺑﻨﺔ ﺑﻴﺌﺘﻪ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻄﻖ واﻟﻤﺨﺎرج وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻐﻤﺔ ﺣﺘﻰ أﻧﻪ »رﺑﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ اﻟﻠﻜﻨﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎء اﻻﻣﺎراﺗﻲ. وﻓﻲ ﺟﺪا ﻟﺸﻌﺮاء ﺑﻼده ﻣﻦ ﺑﺤﺜﻪ اﻟﺪؤوب ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺎت أﻏﺎﻧﻴﻪ :إﻧﻪ ﱞ اﻟﻘﺪاﻣﻰ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﻔﺘﺶ ﻋﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻨﺘﺸﺮا ﺑﺸﻜﻞ واﺳﻊ وﻻ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻧﻌﺮﻓﻪ اﻟﻴﻮم ،وﻻ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻛﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت وﻏﻴﺮﻫﺎ. أﻟﺤﺎﻧﻪ :اﺳﺘﻔﺎد ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻦ ﻧﺒﺮة رواد اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وأوﻟﺌﻚ اﻟﺒﺪو اﻟﺴﺎﺋﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء وﻫﻢ ﻳﺆدون وﻧّﺎﺗﻬﻢ وﺗﻐﺮوداﺗﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ذﻟﻚ اﻟﻨﻐﻢ اﻟﺒﻴﺌﻲ اﻟﻤﺘﻔﺮد اﻟﺬي أﺧﺬه ﺟﺎﺑﺮ وﻃﻮره وﻓﻖ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺠﺘﻬﺪ وﻳﺤﻠﻢ وﻳﺴﻌﻰ »ﻏﻨﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أﻟﺤﺎﻧﻪ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﺪ ﻗﻠﻴﻠﺔ«. روﺣﻴﺔ اﻷداء :ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﺎف ﻟﻬﺎ روﺣﻴﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻷداء ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ اﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺷﻐﻒ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺼﺎدق وﻟﻴﺲ اﻟﻤﺆدي ،واﻟ ِﻌ َﺮب اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪه ﻃﺮﺑﺎ وﺟﻤﺎﻻ ،وﻣﻦ ﺣﻴﺚ وﻗﻔﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اﻟﻤﺴﺮح اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮي اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻲ ،أو ﻓﻲ ﺗﺴﺠﻴﻼﺗﻪ اﻹذاﻋﻴﺔ واﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ. ﺗﻮاﺻﻠﻪ ﻣﻊ ﻟﻮﻧﻪ اﻟﺨﺎص :ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﺟﺎﺳﻢ وﻓﻴﺎ
ﺧﻮاﻃﺮ ﺷﺎﻋﺮ
اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻣﺠﺮد ﻣﻼذ ﺑﺴﻴﻂ أﺗﻌﺎﻃﺎه ﺣﻴﻦ أﻫﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ،أو ﻫﻤﻮم اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ وأﻧﺎ ﺻﻐﻴﺮ ،أﻟﻮذ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻣﺘﺨﻴﻠﺔ ﺗﺠﻨﺒﻨﻲ واﻗﻌﺎً ﺑﺎﺋﺴﺎً )ﻻ أزال أﻋﻴﺶ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻨﻪ(، أم رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰءا ً ﻣﻦ أدﺑﻴﺎت ﺗﻜﻮﻳﻨﻲ )ﻗﺒﻞ أن أﻋﺮف اﻷدب( ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺑﻠﻮرة اﻟﺘﺨﻴﻴﻞ واﺳﺘﻘﺼﺎء اﻟﺤﺒﻜﺔ واﻟﺪراﻣﺎ وﺳﺮد اﻷﺣﻮال ﺑﺪرﺟﺔ ﺗﻔﺎرق اﻟﻮاﻗﻊ وﻻ ﺗ ُﻠﻐﻴﻪ؟ أﻣﺎ ﻫﺠﻮﻣﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺪاﺋﻢ ﻋﻠﻰ دور اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ :ﻓﻸﻧﻲ ﺷﺨﺺ ﺑﺪاﺋﻲ اﻣﻲ ﺑﺎﺋﺲ( ،أو ﻣﺠﻨﻮن ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺒﻮل )أﺑﻜﻲ ﻣﻦ ﻣﺸﻬﺪ ﻏﺮ ّ اﻟﻜﻮن )ﺗﻔﺘّﺢ زﻫﺮة ُﺧﺰاﻣﻰ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﻔﻮﺗﺔ ﺳﻜﺮ ،ﻟﻮن أذن اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺮام ،اﻧﺼﻬﺎر ﺷﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ رأس اﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﺘﺤﺔ ﻓﺴﺘﺎن ﻣﺠﻬﻮل ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻢ اﻟﺤﺮام ،إﺻﺒﻊ ﻃﻔﻞ َ إﺻﺒﻌﻚ ﻻ ﺣﻴﺚُ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ،ﺟﻨﻮن ﺷﺎﻋﺮ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺗﻬﺬي ﻓﻲ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺧﻴﺎﻟﻪ وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻟﻬﺎ دﻓﻌﺎً ،إﻟﺦ(. ﺻﻮﻓﻲ ﻣﺠﺬوب ﻟﻸﻟﻮان )وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﻏﺮاﻣﻲ ﺑﺎﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أﻳﻀﺎً ﻷﻧﻲ ّ اﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد( ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ أﻓﻘﺪ ﺟﺰءا ً ﻣﻦ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪ )إذ ﻻ ﻋﺪواﻧﻲ زﻟﺖ أﺧﺎف ﻣﻦ ﻫﺠﻮم ﻗﻄﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ( .وﺑﻴﻨﻤﺎ أﻧﺎ ّ ﺗﺒﺮﻳﺮي أﺧّﺎذ )أﻓﺮح ﻟﻤﺮأى ﺷﻈﺎﻳﺎ اﻟﺒﻄﻞ وﻫﻲ ﺗﻨﺘﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء( ّ أﺣﺐ اﻟﺮﻗﺺ ﺷﻔﺎﻓﺎً ،ﻟﻜﻨﻲ ﻻ أﻣﺎرﺳﻪ إﻻ ﺳﻴﺮا ً ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻮارع ﻓﻲ ّ ﻧﻔﺴﻲ ﺣﺰﻳﻦ )ﺗﻨﺘﻔﺾ روﺣﻲ ﻛﺎﻟﺬﺑﻴﺤﺔ ﻟﺮﻗﺼﺔ أﻧﺘﻮﻧﻲ ﻓﻀﺎء ّ ﻛﻮﻳﻦ ﻓﻲ »زورﺑﺎ« ،أو ﺳﻌﺎد ﺣﺴﻨﻲ ﻓﻲ »زوزو« ،أو ﺧﺼﻴﺼﺎً أﻓﻼم اﻟﺒﺎﻟﻴﺮﻳﻨﻴﺎت اﻟﻤﺄﺳﻮﻳﺔ(. ﺗﺸﻜّﻞ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺮﻣﻮز اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨ ّﻤﻂ ﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜﻴﺮة ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺸﺮ :ﻓﻬﻨﺎك ﺑﻄﻞ ﻣﺘﺎح ﻟﻜﻞ ﻃﺒﻊ ،وﻫﻨﺎك ﻓﻜﺮة ﻣﺨﺰوﻧﺔ ﺗﻠﻬﺐ ﺧﻼﻳﺎ اﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ ،وﻫﻨﺎك اﻣﺮأة ﺳﻬﻠﺔ اﻟﻤﻨﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻴﻞ ﻟﺪى ﻛﻞ ﺟﻮﻋﺎن أو ﻣﺮاﻫﻖ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺎ ﻫﻲ ﻣﺨﺰون اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﻣﺨﺰون اﻟﺬاﻛﺮة ّ اﻛﻤﻲ .أرى اﻟﺴﺮد )ﻓﻲ دورﺗﻪ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻔﻴﻠﻢ( ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺨﺘﺼﺮ اﻟﺘﺮ ّ اﻟﺤﻴﺎة اﺳﺘﺠﻼﺑﺎً ﻵﺧﺮﻫﺎ .وﻫﻨﺎ ﻳﺼﻞ اﻟﻤﻮت .ﻓﻬﻞ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ
ﻣﻊ اﻟﻤﻮت ﻛﺎﻟﺸﻬﻮة ﻟﻠﻮﺟﻮد ،ﻛﺄﻧﻪ ﺟﺰء ﻣﻦ دورة اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻲ ﺗﺒﺪأ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻬﻲ وﻗﺪ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺣﻴﺎة ﻣﻨﺴﻮﺧﺔ ،وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ )وﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪا ً ﺗﺬﻛّﺮﻧﻲ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،إذ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﺮ واﻟﺘﺒﺪﻳﻞ واﻟﺘﺪاول واﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺔ واﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واﻟﻌﺸﻖ واﻟﺘﻤﻜﻦ واﻟﻮﺟﻮد وﺑﻜﺮة اﻟﻔﻴﻠﻢ(. ﺑﻌﺪ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻧﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﺬات أو اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ أو اﻟﺘﻮﺗﺮ ،اﻟﻼواﻗﻌﻴﺔ اﻟﺤﺮة أو ﺧﻠﺨﻠﺔ اﻟﺰﻣﻦ ،واﻟﺠﺴﺪ اﻟﻄﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺤﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ واﻟﻨﻌﻮﻣﺔ واﻟﺨﻴﺎل .اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ زاد ﻣﻦ ﻻ زاد ﻟﻪ ،أﻳﻘﻮﻧﺔ اﻟ ُﻤﻌﻮِزﻳﻦ ِ وﺣﺮ ٌز ﻟﻠﻀﺎﻟّﻴﻦ. ﺑﻴﻦ اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺒﺎﻳﻦ وﻗﺘﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺎن: اﻟﺘﺨﻴﻴﻠﻲ .وﻫﻮ ﻳﺸﺘﻤﻞ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ووﻗﺖ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﻄﻘﺴﻲ اﻟﻮﻗﺖ ّ ّ ّ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ واﻗﻌﻴﻦ ﻣﺘﺠﺎورﻳﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﻴﻦ :اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻔﺎدح اﻟﺼﺮﻳﺢ اﻟﺮﻣﺰي .ﻛﻤﺎ ﺗﺆﺷّ ﺮ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ وواﻗﻊ اﻟﻔﻴﻠﻢ ّ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻊ ﻣﺪن وﻋﻮاﻟﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﺠﺰء ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ أﺷﺪ ﺗﻌﻘﻴﺪا ً وﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ أﻛﺜﺮ ﻣﻐﺎﻳﺮة .ﻗﺪ ﺗُﺠﺒﺮﻧﺎ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ أن ﻧﻌﻲ ﻛﻴﻒ ﻧﺮى اﻟﻴﻮﻣﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗُﻐﻴّﺮ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ )ﻣﺜﺎﻻً :ﻓﻴﻠّﻴﻨﻲ ﻓﻲ وﺟﻮدﻧﺎ ّ ﻓﻴﻠﻢ » .(…«8,5ﻓﻴﻠّﻴﻨﻲ :أﺳﻄﻮرة ﻣﺤﻤﻮﻣﺔ ﺗﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﻀﻮء ﻣﻦ دون أن ﻧﻌﺮف ﻣﺘﻰ وﻻ ﻛﻴﻒ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻴﻠّﻴﻨﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻤﺜﻘﻒ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻴﺌﻮس ﻣﻨﻬﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻔﻘﺪ اﻟﻘﺪرة أﺑﺪا ً ﻋﻠﻰ اﻻﺗّﺼﺎل ﺑﺎﻟﺠﻤﻬﻮر ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺻﺎرت أﻓﻼﻣﻪ أﺷ ّﺪ ﺗﻌﻘﻴﺪا ً .وﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻜﻮن اﻟﻮﻓﺎء ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل أي ﻋﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ ّ ّ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻘﻴﺎﺳﺎً ﻟﻠﺤﻜﻢ ّ ﻛﺎﻟﻔﻴﻨﻮ ﻣﺮة ،ﻓﻤﻊ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻧﻌﺘﺮف ﺑﺄن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻨﻪ ﻳﺮﺑﻄﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ .ﻓﺎﻟﻔﻴﻠﻢ اﻟﺬي ﻇﻨﻨﺎ أﻧﻨﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪه ﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻷﻳﺎﻣﻨﺎ .ﻛﻤﺎ ﻧﺘﻠﻔّﺖ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻧﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺮة ،ﻣﺴﺘﻮﺣﺸﻴﻦ ،ﻛﻤﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﻷﺧﻴﺮ .أﻗﻮل: وﻗﺪ ﻳﺤﻴﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ واﺣﺪة ،ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﻄّﺮﻫﺎ ﺷﺎﻋ ٌﺮ ﺑﻌ ُﺪ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة!
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
105
ĕŵőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
ﻓﻲ ﻫــﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ ﺣﺘﻰ اﻛﺘﺸﻔﺖ اﻟﻤﺎء وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻤﻲ ﺑﺮوﻃﺔ ﺟﻤﻌﺎ ﻟﻜﻠﻤﺘﻲ »ﺑﺌﺮ« و«روﻃﺔ« ،و ﻳﺮﺟﺢ اﻟﺒﻌﺾ أن ﻫﺬه اﻟﺒﺌﺮ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﺣﺪﺛﻬﺎ ﻫﺮﺗﻤﺔ ﺑﻦ أﻋﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن واﻟ ًﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺳﻨﺔ 180ﻫـ796 /م. وﺗﻜﺸﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮاﺟﻊ أن اﻟﻤﻌﻠﻢ ﺑﺼﻐﺘﻪ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ أﻋﺎد ﺑﻨﺎءه وﺗﻨﻈﻴﻤﻪ اﻟﺒﺎي ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺮاد ﻋﻨﺪ إﻗﺎﻣﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﻴﺮوان ﺳﻨﺔ 1101ﻫـ 1690 /م. وﻗﺪ اﻫﺘﻢ اﻷدﺑــﺎء واﻟﺸﻌﺮاء ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ ﺣﻴﺚ ورد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ وﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺷﻌﺮ اﺑﻦ ﺷﺮف ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ: ﻳﺎ ﺑﻴﺪ روﻃﺔ واﻟﺸﻮارع ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻣﻌﻤﻮرة أﺑﺪا ﺗﻐﺾ وﺗﻤﺘﻠﻲ
ﻣﺪﺧﻞ ﺑﺌﺮ ﺑﺮوﻃﺔ
اﻟﻤﻌﻠﻢ وﻳﻠﺘﻘﻂ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺻﻮ ًرا ﺗﺬﻛﺎرﻳﺔ ﺛﻢ ﻳﻐﺎدرون ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻻﺣﺘﺮاز وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎم ﻋﺎدة ﻋﻨﺪ زﻳﺎرة اﻷﺿﺮﺣﺔ أو ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺛﻤﺔ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﻟﻠﺠﻤﻞ وﺷﺮب ﻟﻠﻤﺎء ووﺿﻊ ﻣﻼﻟﻴﻢ ﻫﻨﺎك ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺼﺪﻗﺔ واﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺎرﻳﻒ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ...أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺮوج ﺑﺨﻼف ذﻟﻚ ﻓﻼ أﺳﺎس ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺔ وﻫﻮ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺼﺪر ﻳﻮﺛﻘﻬﺎ. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻻ وﺟﻮد ﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺷﺤﻴﺤﺔ ﻓﻬﻮ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮر اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ» ﻟﻠﺔ ﻋﺎﻳﺸﺔ ﺑﺮوﻃﺔ«اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺪاوﻟﻬﺎ إﺣﺪى اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻫﻲ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺨﻴﺎل إذ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻤﺼﺎدر ﺣﻮﻟﻬﺎ .ﻛﻤﺎ ﺗﺮوج ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺄﺛﻮرة ﻋﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻛﻠﺒﺔ أﺣﺪ اﻟﻔﺎﺗﺤﻴﻦ وﺗﺪﻋﻰ روﻃﺔ ﻗﺪ اﺷﺘﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻄﺶ ﻓﺤﻔﺮت 104
ﺑﺌﺮ ﺑﺮوﻃﺔ
ﻣﻌﻠﻤﺎ ﻣﻬﻤ ًﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﺑﺮوﻃﺔ ً ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﻴﺮوان وﻣﺤﻄﺔ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻟﻠﺰاﺋﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻨﻄﻖ ً ً وﺷﻤﻮﺧﺎ رﻏﻢ ﻣﺠﺪا ﺗﺎرﻳﺨﺎ وﺗﻌﺒﻖ ً اﻟﺴﻨﻴﻦ وﻫﻮ ﻣﻌﻠﻢ ﻣﺎﺋﻲ ﻳﻄﺮح اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ا%ﺳﺌﻠﺔ ﻓﺜﻤﺔ ﺻﻔﺤﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﻏﺎﺑﺮة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻪ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أن ذﻟﻚ ﻳﺒﺪو ﻋﺴﻴ ًﺮا
ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻌﻠﻢ ﺑﺮوﻃﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﻴﺮواﻧﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻣﻨﺼﻒ اﻟﻮﻫﺎﻳﺒﻲ اﻟﺬي وﻇﻒ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻓﻲ أﺣﺪ ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻟﺼﺎدرة ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة »ﻣ ْﻦ َرﻳْﻄ ِﺔ اﻟﻔﺘﻴﺎنْ ﻫﺬا اﻟﺨﺒﺎ ُء ﺗ َـﺨﺬﻧَﻪُ ﻟﻠﻌﺎﺷﻘﻴ َﻦ ُﻣــــ َﻤﺪّ دًا.. ﻫﺬا اﻷدﻳﻢ ﺑﺴﻄ َﻨﻪُ ُ ﻮج وﻻ أ ْﻣ ٌﺖ ـ ُﻋ ِ ـﻜﺎﻇ ٍّﻴﺎ، ُ ـ واﻷرض ﻻ َﻋ ٌ ﻋﻠﻰ إﻳﻘﺎعِ داﻟﻴ ٍﺔ وأﺳﻮ َر ٍة وأﺷْ ٍ ﻨﺎف ُﻣﺪ ّور ٍة ﻛــــﻬﺬي اﻷ ْر ِض.. واﺳﻌ ٌﺔ ﻛﻬﺬي اﻷ ْر ِض ،وﻫﻲ ﺗـــﺪور ﺑﻲ..
ﻓــــﻲ ﺑﺌـــ ِﺮ ُروﻃَـ َﺔ.. ﻳﺎ ﻗﻮا ِد ِ ﻳﺴﻲ اﻟﺤﺒﻴﺴ َﺔ ِ ﺛﻢ أﻧﺖ ..دُورِي ّ ﺛﻢ دُورِي ﺑِﻲ.. دُورِيّ .. ﺑِـــــ َﻨﺎ.. ﻣﺎ دا َر ِ ﻓﻴﻚ اﻟﻤــــــﺎ ْء ﻟﻢ إﻧّﻲ ﻷ ْر ِﻣﻲ َ اﻷرض ﻣﻦ ﺳ ّﺘﻴﻦَ ..ﻟﻜ ْﻦ ْ أُ ﺻـــﺐ ْ أﺻ ْﺒ ُﺖ ﺻــﺒﺎ َﺣ َﻬﺎ؛ ﻣﺎ ﻗﺪ َ ِﻣــ ْﻦ ﺧﺎﺋـــﻄﻲ اﻷﻟـــﻮانِ واﻷﺿْ ـــﻮا ْء« ﻳﺸﻜﻞ ﺑﺮوﻃﺔ ﻣﻌﻠ ًﻤﺎ ﻣﻬﻤﺎً ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﻴﺮوان وﻣﺤﻄﺔ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻟﻠﺰاﺋﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻨﻄﻖ ﺗﺎرﻳﺨًﺎ وﺗﻌﺒﻖ ﻣﺠ ًﺪا وﺷﻤﻮﺧًﺎ رﻏﻢ اﻟﺴﻨﻴﻦ وﻫﻮ ﻣﻌﻠﻢ ﻣﺎﺋﻲ ﻳﻄﺮح اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻓﺜﻤﺔ ﺻﻔﺤﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﻏﺎﺑﺮة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻪ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أن ذﻟﻚ ﻳﺒﺪو ﻋﺴﻴ ًﺮا
واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ »ﺑﺮوﻃﺔ«أﺛﺎرت ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ ﺣﻨﻴ ًﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻷﻳﺎم اﻟﺨﻮاﻟﻲ ﺣﻴﻦ ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻄﻦ ﻫﻨﺎك...أرى ﻧﻔﺴﻲ أﺗﺒﻊ اﻟﻮاﻟﺪ واﻟﺨﺎل ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺮوان اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ أو »اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﻲ« ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﺘﺴﺎﻛﻨﻮن وأﺻﻌﺪ اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﻤﺨﻴﻔﺔ آﻧﺬاك ﺣﻴﺚ اﻟﺠﻤﻞ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻋﻦ اﻟﺪوران... ﻫﻨﺎ »ﺑﺮوﻃﺔ« اﻟﺬي ﻛﺎن ﺿﻴﻮﻓﻨﺎ اﻟﻘﺎدﻣﻮن ﻣﻦ ﺑﺎدﻳﺘﻨﺎ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻨﺎ ﻳﺤﺮﺻﻮن ﻋﻠﻰ أن ﻳﻤﺮوا ﺑﻪ أﺛﻨﺎء أﻳﺎم اﻟﺰﻳﺎرة وﻣﺎ زال ﻛﺬﻟﻚ رﻏﻢ اﻟﺴﻨﻮات ورﻏﻢ ﺿﻴﻖ اﻷﻣﺰﺟﺔ ﻳﺴﺘﻬﻮي اﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ ﻣﻦ أﺻﻘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﺮﺑًﺎ وأﺟﺎﻧﺐ وﻣﻦ ﻣﺘﺴﺎﻛﻨﻲ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺠﺎورة ،وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻀﻴﺎﻓﺔ اﻟﻘﻴﺮواﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻤﻞ اﻃﻼع اﻟﺰوار ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ »ﺑﺮوﻃﺔ« ﻟﻘﻀﺎء ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ واﻛﺘﺸﺎف ﻣﺎ ادﺧﺮﺗﻪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ. ﻫﻨﺎك ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺮ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ وﻓﻲ إﺣﺪى اﻷزﻗﺔ ﻳﻘﻊ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ...ﺑﻨﺎﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﺰﺧﺮﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﺰﺧﺎرف ﺟﻤﻴﻠﺔ وﺑﺠﺎﻧﺐ ﻣﺴﺠﺪ ﺻﻐﻴﺮ وﻫﻮ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻠﻮﻟﺐ...ﻋﻠﻰ واﺟﻬﺔ اﻟﺪﺧﻮل ﻧﻘﺶ ﺷﻌﺮي ﻣﺆرخ ﺑﻤﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻫﺠﺮي وﺗﺤﺪﻳﺪا ﺳﻨﺔ1101وﻳﻘﻮل ﻣﻄﻠﻌﻪ: ﻓﻠﻠﻪ رب اﻟﺠـــﻮد د ّر ﺳــﻘﺎﻳﺔ ﺑﺪا ﺣـــﺴﻨﻬﺎ ﻟﻠﻨـﺎﻇﺮﻳﻦ ﻓﺄﻳﻘﻨﺎ ﻳﺮﺗﻘﻲ اﻟﺰوار اﻟﺪرﺟﺎت إﻟﻰ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻠﻮي ﺣﻴﺚ ﻳﻠﻮح اﻟﺠﻤﻞ ﻣﻌﺼﻮب اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ وﻫﻮ ﻣﻮﺻﻮل ﺑﺎﻟﺒﺌﺮ وﻳﺪور ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار وﻓﻲ ﻛﻞ دورة ﻳﺼﻌﺪ اﻟﻤﺎء ...ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ اﻟﺠﻤﻞ ﻋﻦ اﻟﺪوران ﻣﻨﺬ ﻳﺆﺗﻰ ﺑﻪ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ ﺻﻐﻴ ًﺮا ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺠﺰ وﻳﺬﺑﺢ وﻳﻌﻮض ﺑﺂﺧﺮ... ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻌﺎدة اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻃﻮال ﻋﻘﻮد وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أن ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺗﻐﻴﺮ وأﺻﺒﺢ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﻟﺠﻤﻞ ﻳﺘﻢ ﺑﻌﺪ ﻗﻀﺎء ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ. ﻳﺘﺰاﺣﻢ اﻟﺰوار ﻋﻠﻰ ﺷﺮب اﻟﻤﺎء ﻓﻲ أوان ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﻓﺮﻫﺎ اﻟﻤﺸﺮﻓﻮن ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ ﺗﺒﺮﻛًﺎ واﻗﺘﻨﺎ ًﻋﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺮوج ﻋﻦ ﻗﺪراﺗﻪ اﻟﻌﻼﺟﻴﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﺣﺴﺐ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻌﺎﻟﺞ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺮاض وﻳﺸﺒﻬﻪ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﻤﺎء زﻣﺰم وﻳﺘﺪاوﻟﻮن ﺣﻜﺎﻳﺎت ﺣﻮﻟﻪ...ﻳﺤﺐ اﻟﺰوار ﺷﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺎء وﻳﻮﺻﻮن ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺻﻴﻬﻢ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﻀﺮورة اﻟﻌﻮدة ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أﺧﺮى...ﻳﺘﻔﺮﺟﻮن ﻋﻠﻰ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
103
ĕŵőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
وﻣﺎزال اﻟﺠﻤﻞ ﻳﺪور
ﺑﺌﺮ ﺑﺮوﻃﺔ ﻓﻠﻜﻠﻮر ﻣﻤﺰوج ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺮوان ﺗﻮﻧﺲ -رﻳﺎض ﺧﻠﻴﻒ
ﻳﺨﻄﻮ زوار اﻟﻘﻴﺮوان ﺧﻄﺎﻫﻢ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺷﻮارﻋﻬﺎ وﻫﻢ ﻓﻲ ﺷﻮق وﻟﻬﻔﺔ ﻟﺰﻳﺎرة ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﺿﻔﺎﻓﻬﺎ...ﻫﻨﺎك ﺣﻴﺚ ﻳﺼﻠﻚ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺤﻀﺎرة واﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺨﺎﻟﻴﺔ وﺗﺮﺗﺒﻚ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻐﺎرﺑﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﺑﺼﻤﺎت اﻟﻤﺸﺮق وﻧﻜﻬﺘﻪ...ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻻرض ﺗﻄﺎﻟﻌﻨﺎ اﻻﺳﻮار واﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻻﺿﺮﺣﺔ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄن ﻛﻞ اﻟﻤﺪن اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻄﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ وﻟﻜﻦ اﻟﻼﻓﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺮوان أن ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻘﻂ رﺳ ًﻤﺎ دﻳﻨ ًﻴﺎ ﺗﺎرﻳﺨ ًﻴﺎ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻮ ًﻋﺎ آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﺜﻞ ﻓﺴﻘﻴﺔ اﻷﻏﺎﻟﺒﺔ وﺑﺌﺮ ﺑﺮوﻃﺔ ﻣﻮﺿﻮع ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ اﻟﻴﻮم.
اﻟﻘﻴﺮوان ،ﺗﻮﻧﺲ
102
ﺑﺌﺮ ﺑﺮوﻃﺔ
ﺗﻤﺜﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻜﺐ اﻻٔﺳﺒﺎﻧﻴﺔ
إن ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻬﻤﻮﻣﺔ ﺑﺎﻧﻜﺴﺎر أﻣﺘﻬﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺑﺮوﻣﻴﺜﻴﻮس ﻋﺮﺑﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻧﻴﺮان اﻟﻬﺰاﺋﻢ ﻗﺪ أﺗﺖ ﻋﻠﻴﻪ وﺣﻮﻟﺘﻪ إﻟﻰ رﻣﺎد ﺧﺎﻣﺪ إﻻ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺟﺬوة اﻟﺮﻣﺎد ﻛﺎﻟﻌﻨﻘﺎء ﺣﺎﻣ ً ﻼ ﻣﻌﻪ اﻟﻤﻴﻼد واﻟﺒﺸﺎرة ﺑﺘﺠﺪد ا%ﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ. وﻓﻰ ﺳﻌﻴﻬﺎ اﻟﺪاﺋﺐ Oﻋﺎدة إﺣﻴﺎء ﻣﻮروث زاﺋﻞ وﺑﻨﺎء أﻧﺪﻟﺲ ﺟﺪﻳﺪة ﻻﺗﻨﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮة ﺗﺪﻳﻦ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺛﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺷﻔﻴﺮ اﻟﻜﻮارث وﻫﺎوﻳﺔ اﻟﺒﺆس.
و ﺗﻈﻤﺎ و ﻳﺼﻌﺪﻫﺎ اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻛﺴﻴﺮاً ﻓﻴﺜﻘﻞ ﻓﻲ رأﺳﻬﺎ اﻟﻠﻴﻞ أﻧــﺖ ﺗﻈـــﻬﺮ َ وﺗﻐﺴﻞ وﺟﻪ ﺑﺜﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺗﺮﺑﺔ اﻻﻧﺘﻈﺎر و ﺗﻜﺴﺮ ﺳﺎﻋﺔ ﺣــﺎﺋﻄﻪ اﻟﻤــــﻮﺟﻌﺔ ﺗﻔ ﱡﺮ إﻟﻰ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﺗﺤﻔﺮ اﻟﺒﺌﺮ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﺒﺌﺮ ﻳﻨﺘﺼﺐ اﻻﻧﺘﻈﺎر ﻳﻨﺎﺟﻲ ﻓﺘــــﺎة ﻏﺪا ﺧﺎدﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻼط ﻣــﺘﺎﻫﺘﻬﺎ ﻫﻨﺎك وراء اﻟﻈﻼم أﺣﺮك ﻛﺎﺋﻦ ﺿﻮﺋﻲ و ﻟﻜﻨﻨﻲ – ذات ﺿﻮء – زﻟﻠﺖ ﺑﻤﻔﺮدة رﻃﺒﺔ ﻓﺄﺳﺮع ﻟﻴﻞ ﻳﻤﺪ ﻋﺒﺎءﺗﻪ ﻓﻮق ﻛﻞ ﺣـﺮوﻓﻲ اﻟﺘﻲ اﻧﻜﺸﻔﺖ ﺳﺎﻋﺔ اﻻﻧـﻬﻴﺎر
اﻟﺠﻤﻞ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻐﺎﺑﺸﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪارج اﻟﺮﻫﺎﻓﺔ واﻹﻳﺤﺎء ﻣﺴﻔﺮة ﻋﻦ ﻣﻮﻫﺒﺔ أﻛﻴﺪة ﻟﺸﺎﻋﺮة ﺻﺎﻋﺪة واﻋﺪة : ﺳﺄﻣﻀﻲ ﺑﺤﺰﻧﻚ ﻧﺤﻮ ﻗﺮى ﺗﺮﻓﺺ اﻟﻔﺘﻴﺎت ﺑﺄﻋــﻴﺎدﻫﺎ وﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻛـﻞ ﺣﺰن ﺿــﻔﻴﺮة ﻟـــﻴﻞ ﺗﻀﻲء ﺑﺮﻗﺼﺘﻬﻦ ﻓﻴﺤﺘﺮق اﻟﺤــﺰن أﺑﻘﻲ ﺣﺮﻳﻘﻚ ﻓـــﻲ راﺣﺘﻲ و أرﻓﻌﻪ ﻧﺤﻮ ﻗﻠﺒﻲ ﻷﻃﻔﺌﻪ أﺗﻌﺮف أﻧﻚ ﺟﻮﻫﺮ أﺷﻴﺎﺋﻲ اﻟﻀﺎﺋﻌﺎت وأﻧﻚ ﻣﺒﺪأ ﺣـﺰن ﺗﻠﻮذ دﻣﻮﻋﻚ ﻓﻴـــﻪ؟ أﺗﻌﺮف أﻧﻚ ﺗﻨـﻄﻘﻨﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺪﻋﻮك ﺻﻤﺘﻲ؟
وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﺘﺸﺎﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎت اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺗﻮﻣﺎس ﺳﺘﻴﺮﻧﺰ إﻟﻴﻮت ،ﺗﻀﻊ ﻏﺎﺑﺶ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻟﺼﻘﺮ ﻗﺮﻳﺶ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻤﺨﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮى ﺑﻠﻴﻞٍ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ أﻋﻴﻦ اﻟﺸﻌﻮب وﻏﺼﺒﺎً ﻹرادﺗﻬﺎ ﺿﺪ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻣﺔ وﻓﻰ ﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻬﺎ ﺻﻘﺮ ﻗﺮﻳﺶ ﺗﻮاﺻﻞ اﻟﺒﻄﻠﺔ ﺣﻮارا ً ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻄﻠﻖ .وﻓﻲ ﻣﺬﻫﺐ إﻟﻴﻮت اﻟﻨﻘﺪي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﻴﻴﻢ أى ﻣﻌﻪ .وﻓﻰ ﺧﺘﺎم ﻣﻨﺎﺷﺪﺗﻬﺎ اﻟﺤﻤﻴﻤﺔ إﻳﺎه ﻟﻴﻬﺐ إﻟﻰ ﻧﺠﺪﺗﻬﺎ ﺗﺮﻗﻰ ﺷﺎﻋﺮ إﻻ ﺑﻤﺪى ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﻤﻮروﺛﻪ وﻋﺒﺮ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺄﺳﻼﻓﻪ وﺳﺎﺑﻘﻴﻪ ﻣﻦ اﻷدﺑﺎء اﻟﻌﻈﺎم» :إﻧﻤﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ أو اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻤﺎ ﻟﻌﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﺑﻤﻦ رﺣﻞ ﻋﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ أﺳﻼﻓﻬﻤﺎ اﻟﺸﻌﺮاء واﻷدﺑﺎء«. وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺛﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺮي اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﻓﺈن ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ ﻻ ﺗﺠﺪ ﺣﺮﺟﺎً ﻓﻲ ﺗﺒﻨﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺮي ﻟﺸﻌﺮاء ﻏﺮﺑﻴﻴﻦ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل إﻟﻴﻮت وﻣﻦ ﺳﺎر ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺘﻪ ،وﻻ ﺗﺮى ﻏﺎﺑﺶ أي ﺑﺄس أوﺗﺴﺘﺸﻌﺮ أﻳﺔ ﻏﻀﺎﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ ﻛﺄﺳﻼف ﻏﺮﺑﻴﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺑﺌﺔ ﺑﻤﻌﻴﺎر اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺬي ﺣﺪده ﺳﻠﻔﺎً اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻫﺎروﻟﺪ ﺑﻠﻮم وﺿﺮﺑﺖ ﺑﻪ ﻏﺎﺑﺶ ﻋﺮض اﻟﺤﺎﺋﻂ
ﻣﺴﺠﺪ ﻗﺮﻃﺒﺔ أﺳﺴﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﻋﺎم 170ﻫـ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
101
ĘĝšŤē śŵĸ
اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ﺑﺪﻻً ﻣﻦ دﻣﺸﻖ. وﻓﻲ أﻋﻘﺎب ﻓﺮار ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪاﺧﻞ وﻧﺠﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸﻣﻮﻳﻴﻦ إن ﺟﺎز اﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻳﻠﻢ اﻟﺮﺟﻞ ﺷﻌﺚ وﺷﺘﺎت اﻟﻘﻮى اﻷﻣﻮﻳﺔ واﻷﻧﺼﺎر ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﻟﻴﻌﺒﺮ ﺑﻬﻢ ﻣﻀﻴﻖ ﺟﺒﻞ ﻃﺎرق وﺻﻮﻻً ﻟﻠﺠﻨﻮب اﻷﺳﺒﺎﻧﻲ ﺣﻴﺚ أﻗﺎم ﻗﻮاﻋﺪ إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ ﻋﻈﻤﻰ اﺳﺘﻌﺼﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺰوال ﻣﺪة ﺳﺒﻌﺔ ﻗﺮون وﻧﻴﻒ ).(1492 - 755 ﻓﻰ راﺋﻌﺘﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ »داﺧﻠﻮن« ﺗﻨﻌﻲ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ ﺿﻴﺎع اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺳﺘﻌﺎدﻫﺎ اﻷوروﺑﻴﻮن ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺆﻣﺮات واﻟﻐﺰو واﻻﺣﺘﻼل ﻟﺘﻌﻮد إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ إﺑﺎن اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ إﺷﺎرة ﻻ ﺗﺨﻔﻰ إﻟﻰ اﻟﻀﻴﺎع اﻟﻤﺎﺛﻞ واﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ واﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ. وﺑﻘﺼﻴﺪﺗﻬﺎ ﺗﻠﻚ وﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﻞ ﻓﻲ وﺟﺪاﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺮب وﻣﺎ ﻳﺠﻴﺶ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ وﺟﺪ وﻫﻮل ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺑﻜﻠﻴّﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﺻﻘﺮ ﻗﺮﻳﺶ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻛﻞ ﺟﺮاﺣﺎت وﻋﺬاﺑﺎت أﻣﺔ أﺿﻨﺎﻫﺎ اﻟﻬﻮان وأذﻟﺘﻬﺎ اﻟﻬﺰاﺋﻢ اﻟﻤﺘﻜﺮرة: ﺗﺄﺧﺮت أم أن وﻗـﺘﻚ ﺣﺎنَ َ اﻷﻓﻘﻲ ﻷن ﺗﺼﻌﺪَ اﻟﻤﻨﺰل ﱠ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ.. ِ وﺗﻔﺘﺢ ﻛﻞ ﻧﻮاﻓﺬه ﻟﻠﺸﺮوق اﻟ ُﻤ َﻌ ْﻨ َﻮنِ ﻣـﺎز ِ اﻟﺸـــﻤﺲ ﺗﻨــﻤﻮ ﺑﻌﺎﻓﻴ ِﺔ اﻻﻧﺘـــﻈﺎرِ.. اﻟﺖ ُ وﺗﺠﺮي إﻟﻰ ﻏﺮﺑﻬﺎ ﻛﻔـــــﺘﺎ ٍة ﺗﻮاري ﺣـــﻜﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓــﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻛ ﱢُﻞ ﻧﻬﺎر. وﺗﻠﺒﺲ ُﺣﻠﱠﺔ ِﻣ ْﺤﺮاﺑﻬﺎ..وﺗﺼﻠﻲ ﻗﺮﻳﺶ ﻣﻦ اﻟﻌــــﺒﺚ اﻟﻤﺘﻤﺮد ﻟ ُﺘﺴﻌﻒ ﺻﻘﺮ ٍ ﻓﻲ ﺣﻠﻤﻪ إن ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻬﻤﻮﻣﺔ ﺑﺎﻧﻜﺴﺎر أﻣﺘﻬﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺑﺮوﻣﻴﺜﻴﻮس ﻋﺮﺑﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻧﻴﺮان اﻟﻬﺰاﺋﻢ ﻗﺪ أﺗﺖ ﻋﻠﻴﻪ وﺣﻮﻟﺘﻪ إﻟﻰ رﻣﺎد ﺧﺎﻣﺪ إﻻ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺟﺬوة اﻟﺮﻣﺎد ﻛﺎﻟﻌﻨﻘﺎء ﺣﺎﻣﻼً ﻣﻌﻪ اﻟﻤﻴﻼد واﻟﺒﺸﺎرة ﺑﺘﺠﺪد اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ .وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن ﻓﻌﻞ اﻻﺣﺘﺮاق ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻷﺳﻄﻮري ﻳﻌﻨﻲ ﺷﻌﻴﺮة اﻟﺘﻄﻬﺮ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﻻﻛﺘﻤﺎل دورة اﻟﺒﻌﺚ واﻟﺨﻼص .وﻫﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪة ﺗ ُﺤﻴﻠﻨﺎ إﻟﻰ اﻟ ُﻤﺨﻠﺺ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻨﺸﻮد اﻟﺬي ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫﻠﻪ ﻣﻬﻤﺔ إزاﺣﺔ اﻟﻤﻮروﺛﺎت اﻟﺮﺛﺔ اﻟﻤﻬﺘﺮﺋﺔ ﺗﻤﻬﻴﺪا ً ﻟﻠﺘﺤﺮر واﻻﻧﻌﺘﺎق. وﻟﻔﺮط إﻋﺠﺎﺑﻬﺎ واﻓﺘﺘﺎﻧﻬﺎ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ ﺻﻘﺮ ﻗﺮﻳﺶ وﻣﻀﺎﻫﺎة اﻟﺘﻀﺤﻴﺎت ﻓﻰ راﺋﻌﺘﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ »داﺧﻠﻮن« ﺗﻨﻌﻲ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ ﺿﻴﺎع ا%ﻧﺪﻟﺲ ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺳﺘﻌﺎدﻫﺎ ا%وروﺑﻴﻮن ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺆﻣﺮات واﻟﻐﺰو واﻻﺣﺘﻼل ﻟﺘﻌﻮد إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ا%وروﺑﻴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ إﺑﺎن اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ إﺷﺎرة ﻻ ﺗﺨﻔﻰ إﻟﻰ اﻟﻀﻴﺎع اﻟﻤﺎﺛﻞ واﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ واﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ. 100
ﺗﺠﻠﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ا;ﻧﺪﻟﺴﻲ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ
اﻟﺠﺴﺎم ﻟﻠﺒﻄﻞ واﻷﻣﻴﺮ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﻪ ﺳﻠﻮك ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺎﺳﺔ واﻟﺤﻜﺎم اﻟﻌﺮب اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻧﺎﻧﻴﺔ واﻧﺘﻬﺎزﻳﺔ ﻓﺈن اﻟﺴﺎردة اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻮان أو ﻗﻨﺎع اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻷﻧﺜﻮي اﻟﺸﻌﺮي وﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻳﺘﻔﻘﺪاﻧﻪ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻛﺎن: ﺗﺄﺧﺮت..أم أن وﻗﺘﻚَ ﺣﺎنَ َ َﻓﻘ ُْﻢ ﻻ ﺗَﻜُ ْﻦ ﻣﺜــﻠﻬﻢ وﺟﺌﻨﻲ ﺑﻤﻞء اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻣﻬﺮاً أﻧﺎ ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎرك ﻣﻨﺬ ﻗﺮاﺑﺔ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻛﺎم اﻟﻬﺰاﺋﻢ ﺿﺎ َع وﻣﻬﺮي اﻟﻤﻐ ﱠﻴ ُﺐ ُر ِ ﻓَﺠِ ﺪْ ﻩُ ﻫﻨﺎك.. ﺑﺮاﻳ ِﺔ ﻧﺼ ٍﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ ﺑﺄﺳـــــﻔﺎرِﻫﻢ َﻒ ﻋﻨﻬﺎ اﻟ ﱠﻨ َﺒﺄْ وأﻛﺎذﻳﺐ ﻳﺄﻧ ُ َ ٍ ﺑﺴﻴﻒ ﺗَ َﺠ ﱠﺮ َد ﻋﻨﻪ اﻟﺼــﺪأ ﺑﺰﻟﺰﻟ ٍﺔ ﻓﻲ ﺧﻄﺎﺑِﻚَ ﺗﻌﻠﻦ أن اﻟﺠﻬﺎ َد َﺑﺪَ أْ.. َﻓﻘ ُْﻢ ﻻ ﺗَﻜُ ْﻦ ِﻣﺜْﻠ َﻬ ُﻢ ﺑﻘﺪس اﻟﺤﺒﻴﺒ ِﺔ ﻣﻬﺮاً وﺟﺌﻨﻲ ِ َوﻗ ُْﻞ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒ ُﺔ إﻧﺎ اﻧﺘـــﺼﺮﻧﺎ اﻟﻌــــﺮﺑﻲ ﻫَﺪَ أْ؟ ﻓﻬﻞ َﻗﻠْ ُﺒ ِﻚ ﱡ وﻓﻰ ﺳﻌﻴﻬﺎ اﻟﺪاﺋﺐ ﻹﻋﺎدة إﺣﻴﺎء ﻣﻮروث زاﺋﻞ وﺑﻨﺎء أﻧﺪﻟﺲ ﺟﺪﻳﺪة ﻻﺗﻨﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮة ﺗﺪﻳﻦ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺛﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺷﻔﻴﺮ اﻟﻜﻮارث وﻫﺎوﻳﺔ اﻟﺒﺆس .وإذ ﺗﺴﺘﺨﻠﺺ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﻌﺒﺮ اﻟﻮاﺟﺒﺔ ﻣﻦ دروس اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ وﻣﺤﻨﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﺮدد ﻓﻰ اﻷﺟﻮاء »ﺻﻴﺤﺎت ﻛﻞ ﺟﺪﻳﺪ وﻟﻴﺪ« ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺴﻮري اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ أﺣﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ )أدوﻧﻴﺲ (، ﻓﺈن ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ ﺗﺘﺤﺪى اﻟﻔﺴﺎد اﻟﺬي ﻳﻨﺨﺮ ﻛﺎﻟﺴﻮس ﻓﻲ أﺳﺎﺳﺎت اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺮاﻫﻦ. وﻓﻰ ﺳﻴﺎق ﻣﺘﺼﻞ ﺗﺼﻮر ﻏﺎﺑﺶ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻬﺎ اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ » ﻓﺨﺮﺟﺖ ﻫﺎرﺑﺔ » ﻟﻘﺎ ًء ﺑﻴﻦ ﺑﺜﻴﻨﺔ ،ﻗﻨﺎع اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻷﻧﺜﻮي ،وﺻﻘﺮ ﻗﺮﻳﺶ .ﻓﺎﻟﺒﻄﻠﺔ اﻟﻘﻨﺎع ﺗﺘﻄﻠﻊ ﺑﻜﻞ ﺗﻮق اﻷﺳﻴﺮة إﻟﻰ ﻣﺨﻠﺺ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﻟﻴﻀﻊ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﻫﻴﻬﺎت ﻫﻴﻬﺎت .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻴﺦ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻴﺄس ﺑﻜﻠﻜﻠﻪ وﺗﺼﺒﺢ ﻗﺎب ﻗﻮﺳﻴﻦ أو أدﻧﻰ ﻣﻦ ﻫﺎوﻳﺔ اﻟﻀﻴﺎع ﻳﻈﻬﺮ اﻟﺼﻘﺮ اﻟﻘﺮﻳﺸﻲ اﻟﻤﺠﻨﺢ: ﺑﺜﻴﻨ ُﺔ ﻣﻌﺸﻮﻗﺔ اﻻﻧﺘﻈﺎر ﺗﻌﺪﱡ دﻗﺎﺋﻘﻪ ﻟﺘﺬوب اﻷﻧﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻛﺄﺳﻪ اﻟﻤﺮ ﻳﺸﺮﺑﻪ ﻓﺘﻄﻮل ﺑﺜﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻧﺨﻠﻪ ﺻﻮت ﻇﻤﺎﻫﺎ و ﻳﻤﺘﺪ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﻞ ُ وﺗﺒﻜﻲ
ﻗﺮﻃﺒﺔ واﻟﺠﺴﺮ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ اﻟﻮادي اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ،إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ )اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ(
وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﻚ ﻓﻲ أن اﻷوﺿﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻰ ﻣﺎ ﺣﺪا ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮة إﻟﻰ وﺿﻊ اﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻷدوار اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺎﺳﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ .ﻓﻲ اﺳﺘﺤﻀﺎرﻫﺎ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺑﺴﻼﻟﺘﻪ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ واﻟﺘﻮاﺷﺞ ﻣﻊ ﻣﻮروث ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﺑﻄﻮﻟﻲ ﺗﻘﺘﺤﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮة أﺻﻘﺎﻋﺎً ﺟﺪﻳﺪة وأﻗﺎﻟﻴﻢ ﺑﻜﺮا ً ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ أﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ إﺳﺎر اﻟﺠﻬﻞ وأﻏﻼل اﻟﺨﺮاﻓﺔ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺿﻌﺖ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي وﻣﻮﺟﺐ وﻓﻌﺎ ٍل ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺳﻴﺮة ﻗﺎرﺋﻬﺎ ﻗﺮاءﺗﻬﺎ ﻟﺘﺎرﻳﺦ أﺳﻄﻮري ﻣﻮ ٍح ٍ وﻣﺴﻴﺮة ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ،ﺻﻘﺮ ﻗﺮﻳﺶ: ُ ﺳﺘﺒــــﺤﺚ ﻋﻨﻚَ ﺧﻠﻒ اﻟﺘﺮاب وأﻧﺖ اﻟﻤﻠﺜ ُﱠﻢ َ
ﺗﺠﻲء ﻋﻠﻰ َﺧ ْﻴ ِﻠﻚَ اﻟﻤ َﺘ َﺴﻠﱢﻞِ ﻣﻦ ﻋﺜﺮات اﻟﺴﺮاب ﻓﻜﻴﻒ ﺳﺘـــﻠﻘﺎك ﺛــــﻴﺎب إﻣــــﺎرﺗِﻬﺎ..وﻫَــ َﺮﺑْ َﻦ واﻟﺤﺎﺋﻜﺎت َر َﻣ ْﻴ َﻦ ُ َ وﻣﺎﺷﻄ ُﺔ اﻟ َﺤ ﱢﻲ ﻣـــــﺎﺗﺖ َ اﻟﺨﺮﻳﻒ ِﺑﺨ َُﺼﻼﺗﻬﺎ. ﻓﻌﺎث ُ ﺗﺄﺧﺮت..أم أن وﻗﺘﻚَ ﺣﺎنَ . َ وﻟﻮ راﺟﻌﻨﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻌﺮﻓﻨﺎ أن ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪاﺧﻞ اﻷﻣﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ / اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ اﻷﻣﻮي اﻟﻨﺴﺐ ﻫﻮ ذاﺗﻪ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻧﺠﺎ ﻣﻦ اﻹﺑﺎدة اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮن اﻟﺼﺎﻋﺪون إﻟﻰ ﺳﺪة اﻟﺤﻜﻢ ﺿﺪ ﺧﺼﻮﻣﻬﻢ اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ اﻟﻤﻴﻼدي واﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺰوال اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﻤﺎﻣﺎً وﺗﺤﻮل ﻋﺎﺻﻤﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
99
ĘĝšŤē śŵĸ
ﺗﺠﻠﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ا%ﻧﺪﻟﺴﻲ
ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ
د .ﺻﺪﻳﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻮﻫﺮ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﺗﺪﺷﻦ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ ﻣﺴﻴﺮﺗﻬﺎ اﻟﺤﺪاﺛﻴﺔ ﺻﻮب ﻗﺒﻠﺔ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺴﻮي اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻤﻠﺘﺰم .وﻳﻜﺘﺴﺐ اﻧﺘﻘﺎدﻫﺎ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻛﺜﺎﻓﺔ ﻏﻴﺮ ﻋﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻬﺎ اﻟﻤﺎراﺛﻮﻧﻴﺔ اﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ »داﺧﻠﻮن« ،واﻟﻤﻬﺪاة إﻟﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪاﺧﻞ اﻟﻤﻌﺮوف ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎً ﺑﺼﻘﺮ ﻗﺮﻳﺶ: أﺗﻰ اﻟﺪاﺧﻠﻮن ﺑﺄﺣﺰاﻧﻬﻢ وﺑﺄﺣـﻼﻣﻬـــﻢ
98
ﺗﺠﻠﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ا;ﻧﺪﻟﺴﻲ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ
اﻟﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺑﻠﻴﻞِ اﻟﺴﻼﺳﻞ ﻗﻴﺪوا َ ﺣﺘﻰ ﻳﻌـــﻮدوا إﻟﻴﻪ أﺗـــــــﻮا ﻏــــﺮﺑﺎ َء ُﻄﻰ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﻠﻬـﺮوب ﺣﻔﺎ ًة ﺳﻮى ﻣﻦ ﺧ ً ﻋﻨﺎوﻳ َﻦ ﻣﺠــﻬﻮﻟ ًﺔ. ﻗﺒﻞ أن ﻳﺪﺧــــﻠﻮا ﻛﻞ ﺛــﻐ ٍﺮ َﻋﻠ َﱠﻖ اﻟﺼﻘ ُﺮ ﻓﻲ ﱢ ﺣﺮوف ﻟﻬﺎﺛﻪ..ﻳﺒﻨﻲ ﺑـــﻬﺎ َ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺷَ ْﺮ ِﻗﻪِ
ﺿﻮء آﺧﺮ
ﻗﻤﺎش اﻟﻜﺴﺘﻮر اﻟﺨﺸﻦ ،ﻓﺼﺎر ﻋﻮض اﻟﻜﻼف ،ﻳﺮﺗﺪي ﺑﺮﻗﻴﺎت وزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،ﻛﻠﺒﺎس ﻳﺪاري ﺑﻪ ﻋﻮرﺗﻪ ،أﻣﺎ »ﺣﺰﺑﺮك« ،ﻓﻘﺪ اﻧﺒﻬﺮ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻼﺑﺲ »اﻟﻤﻴﺮي« ،وﻇﻞ ﻳﺘﺪرب ﻋﻠﻰ ﻓﻚ ﻃﻼﺳﻢ اﻟﺤﺮوف اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ اﻟﻜﻮﺑﻴﺎ ،ﺣﺘﻰ أﺟﺎد اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻗﺒﻞ أﻗﺮاﻧﻪ وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،ﻓﺈذا ﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ ﻓﻲ اﻟﻜﺘّﺎب ﺣﺮﻓﺎً، ﻋﺎد رﻓﺎﻗﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﻴﻮت ﻳﻠﻬﻮن ،وﻋﺎد ﻫﻮ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ،ﻟﻴﻘﺮأ ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺲ واﻟﺪه اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،ﺑﺎﺣﺜﺎً ﻋﻦ اﻟﺤﺮف اﻟﺬي ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ ،وأﺻﺒﺢ اﻵن ﻳﺪاري ﻣﺆﺧﺮة ﻋﻮض اﻟﻜﻼف. وﻋﺒﺮ ﺳﻨﻮات ﻃﻮال ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺔ أﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت ،وﻣﻊ ﺗﻮاﻟﻲ ﺑﺮﻗﻴﺎت اﻟﻮزارة ،وﺗﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ )اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ( ،وﺧﻄﺎﺑﺎت اﻟﺘﻮﺻﻴﺔ، ودﻓﺎﺗﺮ اﻟﺮﺳﻢ ،ﻃﺎﻟﺖ ﻳﺪ أم »ﺣﺰﺑﺮك« ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺪار ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،ﻓﺒﻌﺪ ﻋﻘﺪ ﻛﺎﻣﻞ ،ﻣﺎﺗﺖ زوﺟﺔ اﻟﺤﻜﻤﺪار ،وأﺗﻰ ﺑﺸﺎﺑﺔ ﺻﻐﻴﺮة اﻟﺴﻦ ،ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺼﺪر ،ﺑﻼ ﻫﻤﺔ ﺳﻮى اﻟﺘﻨﻜﻴﺪ ﻋﻠﻰ زوﺟﻬﺎ، وﻫﻨﺎ اﻧﻔﺘﺤﺖ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر ﻟﻮاﻟﺪة »ﺣﺰﺑﺮك« ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺤﻜﻤﺪار ﻳﺴﻮد دﻓﺎﺗﺮا ً ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻛﻞ ﻳﻮم ،ﻛﺎن ﻳﺪﻋﻮﻫﺎ »ﻣﺬﻛﺮوات« ،ﻣﺤﺎوﻻً ﻧﺴﻴﺎن زوﺟﺘﻪ اﻷوﻟــﻰ ،وﺗﺠﻨﺐ اﻟﻌﺠﺰ أﻣﺎم زوﺟﺘﻪ »اﻟﻔﺎﻳﺮة« اﻟﻤﻨﺘﻈﺮة ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻨﻮم ،وﺣﻴﻦ أدرك أن زوﺟﺔ ﻋﻮض ،ﺗﺘﻮﻟﻰ ﺟﻤﻊ اﻷوراق وﺣﺮﻗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺮن ،ﺑﺪأ ﻳﺪون ﻛﻞ ﺷﻲء ،وﻳﺘﺮﻛﻪ ﻟﻠﻨﺎر ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮزوﻗﺔ )وﻫﻮ اﺳﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻷم ﺣﺰﺑﺮك(، ﺗﻌﻮد إﻟﻰ دارﻫﺎ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ،وﻣﻌﻬﺎ »ﻗﻔﺔ« ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﺘﻲ دون ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﻜﻤﺪار ﻛﻞ ﺷﻲء. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻷوراق ،ﻫﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﻤﻠﻜﻲ اﻟﺬي اﻧﻔﺘﺢ أﻣﺎم »ﺣﺰﺑﺮك«، ﻓﻤﻦ ﻛﻼﺳﻴﻦ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻮاﻟﺪ ،إﻟﻰ دﻓﺎﺗﺮ أﻫﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ أﻣﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪة ،ﻛﺎن »ﺣﺰﺑﺮك« ﻳﺸﺮب ﺣﺮﻓﻴﺎً اﻟﻜﻼم اﻟﻤﻜﺘﻮب ،ﻓﻴﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺪﺳﺎﺋﺲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪة ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺒﻌﺾ ،وﻳﺮى أﻣﺎﻣﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻔﻠﻲ ﻟﺮﺟﻞ ﻳﻌﺠﺰ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﻣﻼﻋﺒﺔ زوﺟﺘﻪ اﻟﺸﺎﺑﺔ، وﻳﺮى ﺑﻌﻴﻦ ﺧﻴﺎﻟﻪ ﻋﺒﺮ اﻟﻮرق ،ﻛﻴﻒ ﻳﺤﺎول ﻣﻬﻨﺪس اﻟﺮي أن ﻳﺆدب اﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺑﻤﻨﻊ اﻟﻨﻮﺑﺎت أو ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺤﺼﺔ ،وﻳﻔﻬﻢ ﻟﻤﺎذا ﻳﺼﺮ ﻣﻔﺘﺶ اﻟﺼﺤﺔ ،ﻋﻠﻰ »ﻟﺴﻮﻋﺔ« اﻟﻌﻴﺎل ﺑﺤﻘﻦ ﻣﺴﺘﻮردة ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺪر ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ »اﻟﻜﻮرﻳﺮا« )اﻟﻜﻮﻟﻴﺮا( .ﺗﻌﻠﻢ »ﺣﺰﺑﺮك« ﻛﻞ ﺷﻲء ،وﺣﻴﻦ ﻣﺎت أﺑﻮه ،ﻟﻢ ﻳﺮث ﻣﻨﻪ ﺳﻮى »اﻟﻨﻤﻜﻴﺔ« اﻟﺸﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ، ﻓﻔﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻓﺸﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎري ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎح ﺎب ﻟﻠﺼﻐﺎر ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻄﻴﻖ أن ﻳﻜﺘﺐ ﺻﺒﻲ ﺣﺮﻓﺎً ﻣﻌﻮﺟﺎً ،وﻫﻮ ﻛُﺘّ ٍ
اﻟﺬي ﺗﺮﺑﻰ ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻛﻼﺳﻴﻦ واﻟﺪه ،اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺨﻂ رﻓﻴﻊ وﺑﻘﻠﻢ »اﻟﻜﻮﺑﻴﺎ« ،ﻟﺬا ﻏﺎدر »ﻣﻬﻨﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ« إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺼﻴﻦ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﺑﺎﻟﺤﻘﻦ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ أن ﻣﺪ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﻟﻄﻬﺎرة اﻷﻃﻔﺎل، وﺗﺠﺒﻴﺮ اﻟﻜﺴﻮر ،ﻓﺠﻤﻊ ﻣﺎﻻً ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ أﺑﺪا ً ،وﻷﻧﻪ أدرك ﻋﺪم ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺠﺎب ﻣﺒﻜﺮا ً ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﺷﻲء ﻳﺤﺮك ﺟﺴﺪه ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،ﻗﺮر أﻻ ﻳﺸﺘﺮي ﺑﺎﻟﻤﺎل أرﺿﺎً ،ﻣﺜﻞ ﺑﻘﻴﺔ أﻗﺮاﻧﻪ اﻟﻄﺎﻣﺤﻴﻦ ﻻﻛﺘﺴﺎب ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ،ﺗﻤﺤﻮ ﻋﻨﻬﻢ ﻋﺎر »ﺗﺎرﻳﺦ اﻷوﺟﺮي«. اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻪ اﻟﻤﻄﺎف ﺻﺎﺣﺒﺎً ﻟﺪﻛﺎن ﻳﺒﻴﻊ أي ﺷﻲء ،ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻐﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﺑﺨﺒﺎﻳﺎ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻟﻴﺠﻌﻠﻬﻢ زﺑﺎﺋﻦ ،ﻳﻘﻮل ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ أﺑﻮ ﺣﺴﻴﻦ ،رﻓﻴﻖ »ﺣﺰﺑﺮك«» :اﻟﻨﺎس ﺑﺘﺸﺘﺮي اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻋﺸﺎن اﻟﺒﻴﺎع ﺑﻴﻘﻮﻟﻬﻢ إﻧﻬﺎ ﺣﺎﺟﺔ ،و«ﺣﺰﺑﺮك« ﻛﺎن ﻣﻠﺤﻠﺢ ،ﻳﺠﻴﺐ ﻟﻔﺖ أﺣﻤﺮ ﻣﻦ »ﺑﻴﻬﻤﻮ« ،وﻳﻘﻒ ﻗﺪام اﻟﻤﺤﻞ ﻳﻘﻮﻟﻬﻢ إن اﻟﻠﻔﺖ ﻟﻤﺎ ﻳﻄّﺒﺦ ،ﻳﻮرد ﺧﺪود اﻟﻨﺴﻮان ،وﻟﻮ ﺣﺪ ﺳﺄﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺮدش ،ﻳﻘﻮﻟﻬﻢ »ﺑﻠﺪ ﻣﻮاﺷﻲ«، ﻓﺎﻟﻨﺴﻮان ﺗﻴﺠﻲ وﺗﺸﺘﺮي اﻟﺮﺧﻴﺺ ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻲ ،وﻟﻮ ﺟﺎب ﻓﻲ ﻳﻮم ﻧﻘﻠﺔ ﺷﺎي ،ﻳﺮﺻﻪ ﻗﺪام اﻟﺪﻛﺎن ،وﻣﺎﻳﺮﺿﺎش ﻳﺒﻴﻊ ﻟﺤﺪ ﻣﺎ ﺳﻌﺮ اﻟﻘﺮﻃﺎس ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻄﺎق ﻃﺎﻗﻴﻦ وﺗﻼﺗﺔ ،واﻟﻨﺎس ﺗﻘﻮﻟﻚ ،أﻛﻴﺪ وراه ﺣﺎﺟﺔ«. ﻛ ّﻮن »ﺣﺰﺑﺮك« ﺛﺮوة ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ أﺑﺪا ً ،ﺛﺮوة ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺷﺮاء 5إﻟﻰ 10 أﻓﺪﻧﺔ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ،ﻟﻜﻦ ﻣﻌﻀﻠﺘﻪ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ،أن ﺷﻘﻴﻘﺎﺗﻪ ﺳﻴﺮﺛﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ،وﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﻏﻴﺮه ،أن ﻛﻞ ﻋﺮوض اﻟﺰواج ﻣﻨﻬﻦ ،ﻫﻲ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋﺮوض ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻹرث ،ﻗﺪ ﺗﺼﻞ أﺣﻴﺎﻧﺎً إﻟﻰ ﻣﺨﻄﻄﺎت ﻟﻘﺘﻠﻪ ،وﺣﻴﻦ ﺷﻌﺮ ﺑﺪﻧﻮ اﻷﺟﻞ ،اﺷﺘﺮى ﺑﻤﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﺑﻬﺎﺋﻢ واﺧﺘﻠﻰ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ،ﻳﺤﻠﻖ ﺷﻌﺮ ﺟﻠﺪﻫﻢ ،وﻳﻜﺘﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﺼﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻮص ﻣﻐﻤﻮﺳﺔ ﻓﻲ ﺣﺒﺮ أﺣﻤﺮ ،ﻛﻼﻣﺎً ﻏﺮﻳﺒﺎً، ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺤﻜﻲ ﺑﺎﻟﻤﻌﻜﻮس ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﺧﻄﻪ اﻟﺤﻜﻤﺪار ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺑﺲ ﻋﻮض اﻟﻜﻼف ،وﺣﻴﻦ اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺳﺮده اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻛﺎن ﺷﻜﻞ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻣﺨﻴﻔﺎً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺑﻬﻴﻤﺔ أﻃﻠﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ،ﻣﻨﺰوﻋﺔ اﻟﺸﻌﺮ وﻋﻠﻰ ﺑﺪﻧﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺣﻤﺮاء اﻟﻠﻮن ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻨﺰف ،وﺣﻴﻦ اﻧﻄﻠﻘﺖ اﻟﻤﻮاﺷﻲ ﻟﻠﺸﻮارع أول ﻣﺮة ﻣﻨﺬ أﺳﺎﺑﻴﻊ ،ﻫﺎﺟﺖ وﻃﺎﺣﺖ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت واﻟﻐﻴﻄﺎن ،ﻓﺪﻫﺴﺖ ودﻣﺮت وأﻟﻘﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎرف واﻟﺘﺮع ،وﻓﻴﻤﺎ ﻣﺎت »ﺣﺰﺑﺮك« أﻣﺎم دﻛﺎﻧﻪ ،ﻛﺎن أزواج ﺷﻘﻴﻘﺎﺗﻪ ﻳﺮون »ﺛﺮوة ﻣﻠﻌﻮﻧﺔ« ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻋﻔﺎرﻳﺖ ﺑﺬﻳﻮل ،ﺗﻄﻴﺢ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪة ،وﻻ أﺣﺪ ﻳﻘﺮﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺮﻗﺖ ،وأﺧﺬت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ أﺳﺮارﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﻮد اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت إﻟﻰ اﺳﻄﺒﻞ اﻟﺤﻜﻤﺪار اﻟﺠﺪﻳﺪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
97
»ﺣﺰﺑﺮك« ودﻳﻌﺔ اﻟﺴﻴﺪ ِ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪة ﺳﻮاه ﻣﻌﺪوم اﻟﻨﺴﻞ ،ﻓﺎﻟﻜﻞ ﻳﺘﺒﻌﻮن آﻳﺎت اﻟﺘﻜﺎﺛﺮ ﻣﻊ اﻟﻨﺴﺎء وﺣﺘﻰ ﺣﺠﺎرة اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻛﺎن آﺧﺮ ﻫﻤﻮﻣﻪ ﻃﻔﻼً ﻳﺤﻤﻞ اﺳﻤﻪ ،وأول ﻫﻤﻮم اﻟﺒﻠﺪ ﻛﻠﻬﺎ» ،اﻧﺘﺎج« ﻣﻠﻴﺸﻴﺎ ﺻﻐﻴﺮة ﺗﻌﻴﺚ ﻓﻲ اﻷرض ﻓﺴﺎدا ً إذا أراد اﻷب ،أو اﺷﺘﺪ اﻟﻘﺘﺎل ،أو ﺟﺎءت اﻟﻜﻮﻟﻴﺮا. ﺑﺨﻼف اﻟﻨﺎس اﻟﻤﻬﻤﻮﻣﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻴﺎل ،ﻛﺎن ﺻﻮﺗﻪ ﻣﻦ رأﺳﻪ ،رﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻮم ،ﻻ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﻔﺮض اﻟﻬﻴﺒﺔ ،وﻻ ﻗﺼﻴﺮ ﻣﺪﻛﻮك ﻳﺠﻠﺐ اﻟﻌﺎر ،رأﺳﻪ ﻓﻮق ﻛﺘﻔﻴﻪ ﻛﺒﻄﻴﺨﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺗﺘﺪﺣﺮج ﺑﻼ رﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻴﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﻴﻦ ﺑﻼ اﻧﺒﻌﺎج ﺗﺤﺪﺛﻪ ﻋﻀﻠﺔ واﺣﺪة ،ﻛﺎن ﻳﻘﻮل ﻟﻤﻦ ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﺷﻜﻠﻪ: »اﻟﻤﺄﻣﻮر أﻗﺼﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﺶ اﻟﻌﻤﺪة« ،وﻳﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﻋﺪم إﻧﺠﺎﺑﻪ» :راﺳﻚ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ رﺟﻠﻴﻚ ،وراﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻲ ﻳﺎ أﻋﻮج«. ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ أﺳﻤﺎء ﻋﺪﻳﺪة ،ﻻ أﺣﺪ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻳﺪرك اﺳﻤﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻓﺎﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر اﻟﺠﺮداوي )ﻫﻜﺬا ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻰ ﻧﻔﺴﻪ(، ﻳﻘﻮل ﺑﻌﺪ ﻛﻮﺑﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﺎي ،وﺛﻼﺛﺔ أﻃﺒﺎق ﻣﻦ »اﻟﻌﺎﺷﻮرة« ﺑﻠﻐﺔ ﻣﺘﻘﻌﺮة ردﻳﺌﺔ» :ﺳﻤﺎه أﺑﻮاه ﻣﺤﻤﺪ ،وﺧﺎﻟﻪ أﻃﻠﻖ ﺻﻮﺗﻪ ﻳﺠﻌﺠﻊ وﻗﺎل :ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻔﺎر ،ﻟﻜﻦ ﻋﻤﺘﻪ ،ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ذات ُﺳﻤﺮة إن اﺳﻤﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﻮﺳﻰ«. ﻛﺎن ﻟﻘﺒﻪ ﻃﺎﻏ ًﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻷوراق اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﺣﻴﻦ أراد اﻟﻤﻘﺪس ﻟﺒﻴﺐ ،ﻋﻤﻴﺪ ﻛﺘﺒﺔ اﻟﺴﺠﻞ اﻟﻤﺪﻧﻲ ،أن ﻳﺪوﻧﻪ ﻓﻲ داﺋﺮة اﻟﻨﻔﻮس ،ﻗﺎل ﻟﻨﻔﺴﻪ» :اﻟﻨﺎس ﻛﻠﻬﻢ ﻋﺎرﻓﻴﻦ إن إﺳﻤﻪ ِ )ﺣﺰﺑﺮك(، وأﺑﻮه اﺳﻤﻪ ﻋﻮض اﻟﻜﻼف ،وﺳﺘﻪ ﻣﺎﺗﺖ ﺗﺤﺖ 100راﺟﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻴﻘﻔﻮا ﻟﻬﺎ ﻃﺎﺑﻮر ﻓﻲ اﻟﻐﻴﻄﺎن ،وﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﺗﻌﻤﻞ ﺣﻼﺑﺔ )ﻣﺮﺿﻌﺔ( ﻟﻌﻴﺎل ﺗﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺑﻴﺘًﺎ ،ﻓﻴﺒﻘﻰ اﺳﻤﻪ ﺣﺰﺑﺮك ﻋﻮض اﻟﻜﻼف ،وﺧﻠﻲ اﻟﻌﻀﻤﺔ ﻣﺴﺘﺮﻳﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﺘﻬﺎ«. ورﻏﻢ اﺳﻤﻪ اﻟﻌﺠﻴﺐ ،إﻻ أن رواﻳﺎت أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪة ،أﺟﻤﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮة واﺣﺪة ،ﺟﻌﻠﺘﻪ ﺑﺬات اﻻﺳﻢ .ﻳﻘﻮل ﺟﺎﺑﺮ» :ﻛﺎن أﺑﻮه ﻧﻤﻜﻴﺎً وﻓﻘﻴﺮا ً ﻓﻲ ذات اﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺄﻓﻒ ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻠﺤﻖ
96
أﺣﻤﺪ ﻣﺤﺠﻮب
ﺑﺠﻠﺒﺎﺑﻪ اﻟﻘﺼﻴﺮ اﻟﻤﺸﺤﻮت ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻐﻴﻄﺎن ﻟﻨﺰع اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ ﻣﻦ اﻟﺘﺮع وﺗﺴﻠﻴﻚ اﻟﻤﺼﺎرف ،وﻧﻘﻞ اﻟﺮوث ،وﻋﻠﻒ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ،رﻏﻢ ذﻟﻚ ،ﻛﺎن ﻳﻬﺒﻂ ﺑﺌﺮا ً ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻓﻲ أرض اﻟﺴﺒﺨﺔ ،ﻛﻲ ﻳﻨﻈﻒ ﺟﺴﺪه ،ﺛﻢ ﻳﺨﺮج ﻋﺎرﻳﺎً ﻛﻴﻮم وﻟﺪﺗﻪ أﻣﻪ ،ﻓﻴﺠﻠﺲ ﻗﺮب ﺷﺠﺮ اﻟﺘﻴﻦ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺠﻒ ،ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﻠﺘﻘﻂ ﺟﻠﺒﺎﺑﻪ اﻟﻤﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺟﺬع ﻧﺨﻠﺔ ،وﻳﺮﺗﺪﻳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺤﻢ ،ﻣﺸﻤﺮا ً أﻃﺮاﻓﻪ اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ ،وﻳﺴﻴﺮ ﺣﺎﻓﻴﺎً ﺑﻘﺪﻣﻴﻦ ﻣﺸﻘﻘﺘﻴﻦ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺪﺧﻞ داره«. ﻛﺎن ﻋﻮض اﻟﻜﻼف ﺣﺴﺐ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة ،رﺟﻼً ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﻈﻬﺮه ،ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺛﻤﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﻗﻤﺎش ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻌﺎم ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺠﻠﺒﺎب أﻫﺪﺗﻪ ﻟﻪ زوﺟﺔ ﺷﻴﺦ اﻟﺒﻠﺪ ،أﻣﻴﻦ اﻟﻄﺎﻓﺶ ،ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻫﺬا اﻟﺮداء ﺳﺘﺮه ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻤﺲ وﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻠﻴﻞ ،وﺣﻴﻦ ﻳﺪﺧﻞ إﻟﻰ داره ،ﻳﻨﺰع ﻣﻼﺑﺴﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ،ﻟﻴﺠﻠﺲ ﻋﺎرﻳﺎً ﺑﺠﻮار اﻟﺸﺒﺎك اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻋﺔ »اﻟﻘﻨﺎﻳﺎت« ﺻﻴﻔﺎً ،وﺑﺠﻮاراﻟﻔﺮن اﻟﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﺒﺮد ،ﻛﺎن ﻋﻮض ﻏﺰﻳﺮ اﻟﻨﺴﻞ ،ﻏﻴﺮ أن »ﻃﻠﻘﺎﺗﻪ ﻓﺸﻨﻚ« ،ﻓﻮﺳﻂ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﺑﻄﻨﺎً أﻧﺠﺒﺘﻬﻢ زوﺟﺘﻪ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر إﻻ »ﺣﺰﺑﺮك«. ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ »ﺣﺰﺑﺮك« اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻊ اﻟﻌﻴﺎل إﻻ ﻣﺘﺄﺧﺮا ً ،ﻟﻜﻨﻪ ﺗﻌﻠﻢ ﻗﺒﻠﻬﻢ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻛﺎن ﻃﻔﻼ ﻣﻮﻫﻮﺑﺎً ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﺷﻲء آﺧﺮ ،ﻳﻘﻮل ﻟﺒﻴﺐ«:أﻣﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺪار، وﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺗﻠﻢ اﻟﻮرق اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺘﺎع اﻹﺷﺎرات )ﺑﺮﻗﻴﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ(، وﺗﺸﻴﻠﻪ ،وﻟﻤﺎ ﻣـﺮات اﻟﺒﺎﺷﺎ ﺗﻘﻮﻟﻬﺎ ﺑﺘﻌﻤﻠﻲ إﻳﻪ ﻳﺎ ﻣــﺮة؟ ﺗﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ«:ﺑﺤﻤﻲ ﺑﻴﻪ اﻟﻔﺮن ﻳﺎ ﺳﺘﻲ« ﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻟﺒﻴﺐ )أﻃﻮل أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪة ورﺑﻤﺎ اﻟﻜﻮﻛﺐ ﻋﻤﺮا ً( ،ﻓﻬﻲ أن اﻟﺰوﺟﺔ اﻟﻤﺼﻮﻧﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺮق ﺧﻴﻮط اﻟﻠﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺸﺎت ،وﺗﺠﺪﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﺷﻌﺮ ﺟﻠﻮد اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ،ﻟﺘﺼﻨﻊ ﺧﻴﻮﻃﺎً ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺎﻧﺔ واﻟﻤﺮوﻧﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺨﺪم »اﻟﻮرق اﻟﻤﻴﺮي« ،ﻛﻘﻤﺎش ﺧﻔﻲ ﻣﻊ ﻣﺰﺟﻪ ﺑﺒﻄﺎﻧﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺶ ،ﻟﺘﺼﻨﻊ ﻟﺰوﺟﻬﺎ ﻣﻼﺑﺴﺎ داﺧﻠﻴﺔ ،ﺗﺸﺒﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻠﻮن،
ً ﺳﻼﻟﺔ ﻛﺎن ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻣﻐﻔﻼ ﺣﺘﻰ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ وﺳﻌﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻻﻋﺘﺮاف ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ اﻟﻤﺒﻜﺮ«. اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺠﺴﺪ ﻓﻲ إﺻﺮاره ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻋﻦ دور اﻹﺳﻼم ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ واﻵﺑﺎء ﺗﻀﻤﻴﻦ إﻋﻼن ﻓﺮﺟﻴﻨﻴﺎ ﻟﻠﺤﻘﻮق اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم ،1776وﻫﺬه اﻟﻔﻘﺮة اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ ،وﻣﺪى اﺳﺘﻔﺎدﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ اﻹﺳﻼم،ﺧﻼل وﺿﻊ اﻟﺘﻲ وردت ﻓﻲ إﻋﻼن ﻓﺮﺟﻴﻨﻴﺎ ﻫﻲ »:إن اﻟﺪﻳﻦ ،أو اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺬي اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ،ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺣﻮل ﻧﺪﻳﻦ ﺑﻪ ﻟﺨﺎﻟﻘﻨﺎ ،وأﺳﻠﻮب ﺗﺄدﻳﺘﻪ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﺪﻳﻦ وﺣﺪود اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ .ﻛﺎن اﻟﻤﺆﺳﺴﻮن واﻹﻗﻨﺎع ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮة أو اﻟﻌﻨﻒ، اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻲ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻣﺨﻮﻟﻮن ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻳﺪور اﻟﻜﺘﺎب ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮع: وﻛﺎن ﻧﻘﺎﺷﻬﻢ ﻳﺘﻤﺤﻮر ﺣﻮل ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﺘﺴﺎو ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺤﺮﻳﺔ ،وﻓﻘًﺎ ﻟﻤﺎ ﻳﻤﻠﻴﻪ أﻣﻴﺮﻛﺎ واOﺳﻼم ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ، اﻟﺠﺪﻳﺪة وﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﺑﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ ﺿﻤﻴﺮﻫﻢ ،وإﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﺘﺒﺎدل ﻋﻠﻰ وﻳﺸﻜﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺣﺼﺮي أم ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﻮاﻓﻖ دﻳﻨﻲ. اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﻤﺤﺒﺔ واﻹﺣﺴﺎن ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺬي ﺳﻴﻨﺺ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺑﻌﺾ«. ﻋﺼﺮ ﺧﻼل اﻟﻐﺮب ﻣﻨﻪ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺘﺴﺎوﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ وﻓﻲ ﻇﻞ إﺻﺮار واﺿﻌﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﻨﻈﺮات اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻲ ج ﻮ ﺗ و اﻟﻨﻬﻀﺔ، ُ ﱢ ﺳﻴﻌﻨﻲ ﺑﺪاﻫﺔ ﺣﻖ أي ﻣﻨﺘﺴﺐ إﻟﻰ دﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟــﻤــﺴــﺎواة ﻓــﻲ ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ،ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ اGﺑﺎء اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﻃﺮﺣﺖ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺗﺴﺎؤﻻ ﺷﻐﻞ إﻣﻜﺎن وﺻــﻮل ﻣﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ، اﻟﻘﻴﺎدات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺣﻮل إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ وﺻﻮل وﻫﻲ ﻧﻘﻄﺔ اﺳﺘﻮﺟﺒﺖ ﺟﺪﻻً واﺳ ًﻌﺎ ﺧﻼل رﺟﻞ ﻣﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﺣﻜﻢ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة. ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻋﻦ دور اﻟﻨﺺ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬه .ﺑﻞ إن ﻓﻜﺮة ﻣﻘﺎوﻣﺔ واﺳﺘﻌﺮﺿﺖ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺟﻔﺮﺳﻮن ﺣﻴﺚ ﻳﺮى ﻓﻲ اOﺳﻼم وﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻘﺮآﻧﻲ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮة ﺑﻘﻮة أن« ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺷﺨﺎص ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن أﺣﺮا ًرا ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ اGﺑﺎء ﺑﻴﻦ دار اﻟﺬي اﻟﻨﻘﺎش وﻟﻬﺎ ﺟﻤﻬﻮرﻫﺎ اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﺬي ﻳﺮث ﺗﺎرﻳﺨًﺎ ﻣﻦ ﻋﻦ آراﺋﻬﻢ ﻓﻲ أﻣﻮر اﻟﺪﻳﻦ ،واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ اﻟﺼﺮاع اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ واﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎش ،وإن اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻦ ﻳﻀﻌﻒ أو ﻳﻮﺳﻊ ا%ﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ،ﺧﻼل وﺿﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻣﻘﺎﺗﻼ ً ﻓﻲ أوروﺑــﺎ .ﻟﻜﻦ ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن ﻛﺎن أو ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ أﻫﻠﻴﺘﻬﻢ اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق«. وﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﺒﺎدئ ا%ﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ رﺋﻴﺴ ًﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻘﻮق ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت وﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ إﻋﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻓﻘﻂ، ﺷﺄن ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻮاﻃﻦ ا%ﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺘﺴﺐ إﻟﻰ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ. ﺑﻞ ﻇﻠﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻤﺴﺎواة أوﺳﻊ ﺳﻌﻰ ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن إﻟﻰ اﻻﻃــﻼع ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺠﺎل ﻃﻮال وﺳﺎﺋﺮ ا%ﻗﻠﻴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واOﺛﻨﻴﺔ ﻊ م اﻟــﺪراﺳــﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻟﻌﻞ أﺑــﺮز اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻹﺳــﻼم ،ﺑﺪأﻫﺎ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ ا%رض ا%ﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﻘﺮن ﻮرج ﺳﻴﻞ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﺟﻮرج ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻳﻳﺪ اﻟﻘﺲ اﻟﻤﻌﻤﺪاﻧﻲ ﺟﻮن ﻟﻴﻼﻧﺪ ﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻘﺮآن ،وﻫﻲ ﺗﺤﻮي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺬي داﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،واﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮ أن»اﻟ ﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﺣــﻮل اﻹﺳــﻼم ،ﻛﻤﺎ اﻃﻠﻊ أن»اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ« ﻓﻲ ﻣﻮﻃﻨﻪ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﻓﻮﻟﺘﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ )ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻫﻲ »أﺳﻮأ اﻟﺸﺮور« ،وذﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﺘﺮ ﺪاء ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ( ،وﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﺪاء ﺗﻌﺘﺮف ﺑﺎﻟﻤﺴﺎواة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﺗﺮددت أﺻﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن ﻓﻲ ﺣﺎل ﻣﻦ أﺻﺪاء إﺧﻼص ﻟﻴﻼﻧﺪ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺣﻘﻮق اﻟﺘﺸﻮﻳﺶ ﻓﻲ ﺷﺄن اﻹﺳﻼم .ﻟﻢ ﻳﻐﺐ ﻋﻨﻪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺼﻮرة ﻣﺘﻜﺮرة ﻓﻲ ﻣﻮاﻋﻈﻪ ﺑﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ وﻓﻲ دور اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻜﻨﺴﻴﺔ وﻣﻘﺎﻻﺗﻪ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻧﻘﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ إﻟﻰ أوروﺑﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻛﺎن ﻳﻤﻘﺖ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻔﺘﺮ ﻌﺼﺐ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻳﺴﻮد ﻓﻴﻪ اﻟﺠﻬﻞ واﻟﺘﻌﺼﺐ ﺗﻔﺘﺮض أن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس أرﻓﻊ ﺷﺄﻧًﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻀ اﻟﺪﻳﻨﻲ .ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﺮاﺟﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻵﺧﺮ ،ﻛﻲ ﻳﻤﻨﺤﻮﻫﻢ ﻏﻔﺮاﻧًﺎ، ﻴﻴﺰ ﻋﻨﻬﺎ ﻇﻠﺖ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﻌﺪم اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻓﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس ﻳﺠﺐ أن اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻳﻳﻜﻮﻧﻮا أﺣﺮا ًرا وﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﺘﺴﺎو ﺑﺑﻌﻴ ًﺪا ﻣﻦ أي ﺗﺼﻨﻴﻒ دﻳﻨﻲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ .ﺧــﺎض ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺿﺪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
95
ĘĝšŤē śŵĸ اOﺳﻼم واGﺑﺎء اﻟﻤﺆﺳﺴﻮن
دور اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ا%ﻣﺮﻳﻜﻴﺔ
د .ﻫﻮﻳﺪا ﺻﺎﻟﺢ
ﻳﺄﺗﻲ ﻛﺘﺎب»ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن واﻟﻘﺮآن ،اﻹﺳﻼم واﻵﺑﺎء اﻟﻤﺆﺳﺴﻮن« ﻟﺪﻳﻨﻴﺲ أ.ﺳﻴﻠﺒﻴﺮغ ،اﻟﺬي ﺗﺮﺟﻤﻪ ﻓﺆاد ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ وﺻﺪر ﻋﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ )ﻣﺆﻣﻨﻮن ﺑﻼ ﺣﺪود( ،ودار ﺟﺪاول ﻟﻴﺼﻮر ﺣﻴﺎة وواﻗﻊ اﻹﺳﻼم واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺒﻞ 11ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ وﺑﻌﺪه. واﻟﺠﺪﻳﺪ أن اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻋﺎدت إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺎﻹﺳﻼم ﻣﻨﺬ إﻋﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل وﻛﺸﻔﺖ ﺟﻬﻮد اﻵﺑﺎء اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﻓﻲ اﻹﻓﺎدة ﻣﻦ ﻗﻴﻢ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ وﺿﻊ دﺳﺘﻮرﻫﻢ.
ﻳﺪور اﻟﻜﺘﺎب ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮع :أﻣﻴﺮﻛﺎ واﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ،وﻳﺸﻜﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻪ اﻟﻐﺮب ﺧﻼل ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،وﺗُ ﱢﻮج ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﻨﻈﺮات اﻵﺑﺎء اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻋﻦ دور اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﻧﻲ وﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺬي دار ﺑﻴﻦ اﻵﺑﺎء اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ،ﺧﻼل وﺿﻊ اﻟﺪﺳﺘﻮر وﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﺄن ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ وﺳﺎﺋﺮ اﻷﻗﻠﻴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻹﺛﻨﻴﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. وﺗﻘﻮل إن اﻟﻘﺮآن اﺣﺘﻞ ﻣﻮﻗﻊ ﺳﺠﺎل ﺑﻴﻦ ﻣﺆﻳﺪ ﻻﺳﺘﻠﻬﺎم ﺑﻌﺾ ﻣﺒﺎدﺋﻪ وﺑﻴﻦ ﻣﻌﺎرض ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻋﺪاء دﻳﻨﻲ ﻛﺎن ﺳﺎﺋ ًﺪا ﺿﺪ اﻷدﻳﺎن ﻏﻴﺮ ﺧﺼﻮﺻﺎ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ. اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ، ً وﻳﺸﻜﻞ اﻟﻜﺘﺎب وﺛﻴﻘﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ زﻣﻨﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮوب اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻨﺪﻟﻌﺔ ﻓﻲ اﻷﻗﻄﺎر اﻷوروﺑﻴﺔ وﺗﺤﺼﺪ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﻖ اﻟﺬي ﺗﺤﺘﻜﺮه ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺔ أو ﺗﻠﻚ ،واﻟﻬﺮﻃﻘﺔ واﻟﻜﻔﺮ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻬﻤﺎ اﻟﻤﺬاﻫﺐ واﻟﻄﻮاﺋﻒ ﻛﺎﻓﺔ. ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻗﺼﺔ ﻣﺜﻴﺮة؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎم 1765م ،أي ﻗﺒﻞ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ »ﺑﻴﺎن اﻻﺳﺘﻘﻼل« ﻗﺎم ﺗﻮﻣﺎس ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن ﺑﺎﻗﺘﻨﺎء ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻹﺷﺎرة اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ 94
دور اﻟﻘﺮآن
ﺑﺎﻹﺳﻼم اﻟﺬي اﺳﺘﻤﺮ ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺎﺑﻊ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﺣﻮل ﻟﻐﺎت اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وﺗﺎرﻳﺨﻪ واﻷﺳﻔﺎر إﻟﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻣﺪوﻧًﺎ ﻣﻼﺣﻈﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﺣﻮل اﻹﺳﻼم وﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ رﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي اﻟﻌﺎم ،اﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮف واﻟﻌﺎدة. وﻗﺪ ﺳﻌﻰ ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن إﻟﻰ ﻓﻬﻢ اﻹﺳﻼم ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻣﺸﺎﻋﺮ ازدراء ﺷﺨﺼﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺪﻳﻪ ﺣﻴﺎل ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ ،وﻫﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﻓﻲ إﻧﻜﻠﺘﺮا وأﻣﻴﺮﻛﺎ، ﺑﻴﺪ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ ،ﺗﻤﻜﻦ ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1776م ﻣﻦ ﺗﺼﻮر اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻼده اﻟﺠﺪﻳﺪة. ﺗﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻜﺘﺎب»:أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻣﺜﻠﺖ ﻣﻘﺪﺳﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ دﻟﻴﻼ ﺗﺎرﻳﺨﻴًﺎ ﺻﻔﺤﺎت ﺟﻴﻔﺮﺳﻮن واﻟﻘﺮآن ً ً اﻹﺳﻼم ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة ﺑﻌﺾ أواﺋﻞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ وﺗﻮﻗﻬﻢ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ذﻟﻚ اﻟﺪﻳﻦ .وﺑﻤﺎ أﻧﻨﻲ أﺳﺘﺎذة ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻓﻘﺪ أردت ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء ﻋﻦ اﻹﺳﻼم وﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﻮا اﻟﺪﻳﻦ وﺗﺎرﻳﺨﻪ. وﻟﺪﻫﺸﺘﻲ ،وﺟﺪت أن ﻛﺜ ًﺮا ﻣﻦ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ،ﻋﻠﻰ رﻏﻢ ﺗﺮاث اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ اﻟﻌﻨﻴﺪ ﻣﻦ أوروﺑﺎ ،رﻓﻀﻮا اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻠﻤﺨﺎوف اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺮوج ﻻﺿﻄﻬﺎد اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .وﻓﻀﻠﻮا أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ورﺛﺔ ﺳﻼﻟﺔ أﻗﻞ ﺷﻬﺮة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ اﻷوروﺑﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﺧﻮاﻃﺮ
اeﻓﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﺨﻮارج ﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻄﺮح اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻺﺳﻼم إﻻ وﺗﺬﻛﺮ اﻟﺨﻮارج ﺑﻜﻞ ﺳﻮء ،وﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻟﺨﻮارج ﻛﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻣﻌﻴﻦ ،ﻻ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ ﻓﻜﺮة ﻣﺘﺠﺪدة وﺗﺼﻮر ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻜﺮار ﻓﻲ أي زﻣﺎن وﻣﻜﺎن. ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﻧﻘﻮل ﻣﻦ ﻫﻢ اﻟﺨﻮارج؛ ﻷﻧﻨﺎ ﻫﻜﺬا ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ آﺧﺮ ﻏﺎﺋﺐ ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺳﻴﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﻤﺎدى ﻓﻲ ذﻣﻪ ووﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﻀﻼل دون أن ﻧﺘﺴﺎءل ﻟﻤﺎذا ﻫﻮ ﺿﺎل؟ اﻷَوﻟﻰ واﻷﻛﺜﺮ ﻓﺎﺋﺪة ﻟﻨﺎ أن ﻧﺴﺄل ﻛﻴﻒ ﻳﻔﻜﺮ اﻟﺨﻮارج؟ وﻛﻴﻒ ﻫﻮ ﺗﺼﻮرﻫﻢ ﻋﻦ اﻹﺳﻼم؟ وﻟﻤﺎذا ﻳُﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻀﻼل؟ وﻫﻞ أﺣﺪﻧﺎ ﻣﻌﺮض ﻷن ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ دون أن ﻳﺸﻌﺮ؟ ﻫﻜﺬا ﺗﻜﻮن ﻟﻸﺳﺌﻠﺔ ﻗﻴﻤﺔ أﻛﺒﺮ ،وﺗﻜﻮن ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﺎﺋﺪة ﻟﻨﺎ، ﻓﻌﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻧﻬﺠﻬﻢ ﻓﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،ﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺬﻣﻬﻢ وﺻﺐ اﻟﻠﻌﻨﺎت ﻋﻠﻴﻬﻢ ورﺑﻤﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﻢ أﺣﺪﻧﺎ وﻫﻮ ﻻ ﻳﺪري. اﻟﺨﻴﻂ اﻟﺬي ﻧﺼﻞ ﺑﻪ إﻟﻰ آﻓﺔ ﻓﻜﺮ اﻟﺨﻮارج ﻳﺒﺪأ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺨﻼف ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﻌﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس؛ ﻓﺤﻴﻦ رﻓﻌﻮا ﺷﻌﺎر »إن اﻟﺤﻜﻢ إﻻ ﻟﻠﻪ« ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك اﻋﺘﺮاض ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺎر ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎن اﻻﻋﺘﺮاض ﻓﻲ اﻷﺛﺮ اﻟﻤﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﻢ اﻟﺨﺎﻃﺊ ﻟﻶﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬوﻫﺎ ﺷﻌﺎ ًرا. ﻋﻠﻲ أن ﻳﻠﻔﺖ أﻧﻈﺎرﻫﻢ إﻟﻰ ﺳﻮء ﻓﻬﻤﻬﻢ ﻟﻶﻳﺔ وأﺧﺒﺮﻫﻢ ﺣﺎول ٌ أﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن إن اﻟﺤﻜﻢ إﻻ ﻟﻠﻪ وﻳﻘﺼﺪون إن اﻹﻣﺮة إﻻ ﻟﻠﻪ؛ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻔﺮﻗﻮا ﺑﻴﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺤﻜﻢ وﻣﻔﻬﻮم اﻹﻣﺮة. ﻇﻨﻮا أن ﺣﻜﻢ اﻟﺒﺸﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﻴﻦ ﻫﻮ ﻣﻨﺎزﻋﺔ ﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ؛ ﻓﺬﻛﺮﻫﻢ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﺎﻵﻳﺔ » َوإِ ْن ِﺧ ْﻔﺘُ ْﻢ ِﺷﻘ َ َﺎق ﺑَ ْﻴ ِﻨ ِﻬ َﻤﺎ ﻓَﺎﺑْ َﻌﺜُﻮا َﺣ َﻜ ًﻤﺎ ﱢﻣ ْﻦ أَ ْﻫﻠِ ِﻪ َو َﺣ َﻜ ًﻤﺎ ﱢﻣ ْﻦ أَ ْﻫﻠِ َﻬﺎ« ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ردﻫﻢ إﻻ
ﻧﺒﻴﻞ اﻟﻌﻴﺴﻮي
ﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻋﻦ إﺳﻠﻮﺑﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎج ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻟﻮا إن ﻫﺬا أﻣ ٌﺮ ﺣﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻤﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﺠﺎﺋﺰ وﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ،وﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻟﺠﺄوا إﻟﻰ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ إﻟﻰ ﺟﺎﺋﺰ وﻏﻴﺮ ﺟﺎﺋﺰ ،ﺑﻌﺪ ﻧﻔﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻄﻠﻘًﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺮاﺟ ًﻌﺎ ﻣﺘﺨﻔ ًﻴﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻜﺒﺮ ،وﻫﻨﺎ اﺳﺘﺸﻬﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﺂﻳﺔ أﺧﺮى ﺗﻬﺪم ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻪ ،ﻓﺒﻌﺪ أن ﺻﻨﻔﻮا اﻷﺣﻜﺎم إﻟﻰ أﺣﻜﺎم ﻟﻠﻪ ،وأﺣﻜﺎم ﻓﻮض اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﺟﺎل؛ اﺳﺘﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺼ ْﻴ َﺪ َوأَﻧﺘُ ْﻢ ُﺣ ُﺮ ٌم اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﺂﻳﺔ »ﻳَﺎ أَﻳﱡ َﻬﺎ اﻟ ِﱠﺬﻳ َﻦ آ َﻣ ُﻨﻮا ﻻَ ﺗَ ْﻘﺘُﻠُﻮا ﱠ َو َﻣﻦ ﻗَﺘَﻠَ ُﻪ ِﻣﻨﻜُﻢ ﱡﻣﺘَ َﻌ ﱢﻤ ًﺪا ﻓَ َﺠ َﺰا ٌء ﱢﻣﺜ ُْﻞ َﻣﺎ ﻗَﺘَ َﻞ ِﻣ َﻦ اﻟ ﱠﻨ َﻌﻢِ ﻳَ ْﺤ ُﻜ ُﻢ ِﺑ ِﻪ َذ َوا َﻋ ْﺪ ٍل ﱢﻣﻨ ُﻜ ْﻢ«. وﻫﻨﺎ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻪ وﻫﻮ اﻟﺠﺰاء ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻮض اﻟﺤﻜﻢ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﺎل رﻏﻢ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﻪ ،وﻫﻜﺬا أﺟﺒﺮﻫﻢ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاﺟﻊ ﻓﻲ ﺣﺠﺘﻬﻢ. وﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻫﺬه ﻫﻲ آﻓﺔ اﻟﺨﻮارج؟ ﻫﻞ اﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻟﻤﻐﻠﻮط ﻫﻮ ﺟﺮﻣﻬﻢ اﻷﻛﺒﺮ؟ أﻇﻦ أن اﻟﺠﺮم اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻮارج ﻟﻴﺲ ﻓﻰ ﺗﺄوﻳﻠﻬﻢ اﻟﻤﻐﻠﻮط إﻃﻼﻗًﺎ ،وﻻ ﻓﻲ إﻇﻬﺎر ﺣﺮﺻﻬﻢ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﻠﻪ ،ﺣﺘﻰ وإن أوﻟﻮﻫﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺠﺮم اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺨﻮارج ﻫﻮ ﻓﻲ ﻓﺮﺿﻬﻢ اﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ واﻟﺤﺎﻛﻢ ،اﻟﺠﺮم اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﻓﻲ إﺣﺴﺎﺳﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﺪﻳﻦ وﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ،اﻟﺠﺮم اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﻓﺮض رأﻳﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻘﻮة ،وﺗﻜﻠﻴﻔﻬﻢ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻠﻔﻬﻢ ﺑﻪ أﺣﺪ. ﻫﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﻜﺮ ﻣﺘﺠﺪد أم أن اﻟﺨﻮراج ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﺋﺪة؟ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺆال اﻷﻫﻢ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
93
ijēŵĨ
ﻗﺎﺋﺪ اﻷﻣﻪ ،ﻟﻘﺪ ﺳﺠﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﺮت ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء زاﻳﺪ وﻫﻢ ﻳﺬرﻓﻮن اﻟﺪﻣﻊ وﻳﺘﻌﺎﻧﻘﻮن ﺗﻌﺰﻳﺔ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً ،وﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن إﻻ اﻟﺼﺒﺮ واﻟﺘﺄﺳﻲ واﻟﺪﻋﺎء ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ. ﻟﻘﺪ راﻓﻖ اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻼت اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﻣﻴﺮﺗﻪ ﺗﺴﺠﻞ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ وﺳﻜﻨﺎﺗﻪ ،وﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﻤﺔ اﻟﺴﻌﺎدة وﻫﻮ ﻳﺴﺠﻞ ﺷﻌﻠﺔ اﻟﻨﺸﺎط ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻏﻠﺒﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ أوج ﻗﻮﺗﻬﻢ ،ﻓﻜﺎن اﻟﻨﺒﺮاس واﻟﻤﺜﻞ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﺬى ﺑﻪ.
وﺗﺜﻴﺮ إﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺼﻮر اﻟﺬي ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻛﻞ إن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺷﺪ اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ ﻃﻮال ذﻟﻚ اﻟﺤﺲ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر ﻟﺤﻈﺎت إﻏﻼق ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻠﻪ ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻌﺪﺳﺔ واﻟﺘﻘﺎط اﻟﺼﻮر. واﻟﻘﺎﺋﺪ ،ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻛﻤﺎ أن ﻣﻦ أﺟﻤﻞ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺰ ﺑﻬﺎ ﻫﻲ واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﻴﺎﺿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻬﻴﺎن ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻞ أﺑﻨﺎء زاﻳﺪ ﻣﻊ واﻟﺪﻫﻢ ،ﺑﻦ ﻣﺒﺎرك آل ﻧﻬﻴﺎن وﻫﻮ ﻳﻘﺒﻞ رأس واﻟﺪه ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻗﺒﻼﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ رأﺳﻪ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﺑــﺈذن اﻟﻠﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺎرك ﺑﻦ وﻳﺪﻳﻪ وﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺰ أﺟﻤﻞ ﺻﻮر اﻟﻮﻓﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻃﻬﺎ وﻻﺗﺰال ﺗﺸﻜﻞ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻔﺮح ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻬﺎ أﺛﻨﺎء ﺗﻐﻄﻴﺘﻪ واﻹﻛﺒﺎر ﻓﻲ آن واﺣﺪ ،ﻓﻼ ﻳﻤﻠﻚ إﻻ أن ﻳﻌﻴﺪ وﺗﺼﻮﻳﺮه ﻟﻠﻘﺎﺋﺪ اﻟﺮاﺣﻞ ﺗﻜﺮار ﺗﺼﻔﺤﻪ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺼﻮر وﺗﻠﻚ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﻃﻮال ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺼﻮرا رﺳﻤﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد.
ﺻﻮر ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء
إن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺷﺪ اﻟﻤﺼﻮر اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ ﻃﻮال ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻠﻪ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدة واﻟﻘﺎﺋﺪ ،ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﻴﺎﺿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻞ أﺑﻨﺎء زاﻳﺪ ﻣﻊ واﻟﺪﻫﻢ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻗﺒﻼﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ رأﺳﻪ وﻳﺪﻳﻪ وﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﻴﺘﻪ ﻣﻦ أﺟﻤﻞ ﺻﻮر اﻟﻮﻓﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻬﺎ أﺛﻨﺎء ﺗﻐﻄﻴﺘﻪ وﺗﺼﻮﻳﺮه ﻟﻠﻘﺎﺋﺪ اﻟﺮاﺣﻞ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪﻳﻬﺎ أﺑﻨﺎء زاﻳﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﺗﺤﺮك ﻣﺸﺎﻋﺮه وﺗﻠﻬﺐ ﺧﻴﺎﻟﻪ وﻫﻮ ﻳﺘﺤﻴﻦ اﻟﻔﺮص اﻟﻤﻮاﺗﻴﺔ ﻻﻟﺘﻘﺎط اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻬﺪﻳﻬﺎ ﻷﺑﻨﺎء اﻟﻘﺎﺋﺪ
92
ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ
ﻣﻬﻨﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻻ ﺗﻮرث
ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ أن أﺣ ًﺪا ﻣﻦ أوﻻده اﻟﺴﺘﺔ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻬﻮاﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،ﻓﻬﻮ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل آﻧﻔًﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ أﻳﺔ ﻣﻴﻮل ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﻟﻜﻦ اﻟﺼﺪﻓﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺼﻮ ًرا رﺳﻤﻴًﺎ وﺗﻐﻴﺮ ﻣﺠﺮى ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻟﺬا ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺮث أﺣﺪ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻪ ﻣﻬﻨﺘﻪ ﻋﻨﻪ أو ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﺣﺪوث ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ ﻣﻊ أﺣﺪﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻌﻪ
ﻳﺮى اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ أن ﺟﻤﺎل اﻟﺼﻮرة ﻻ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎﺳﻖ اﻟﻠﻮﻧﻲ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻤﻴﺔ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ واﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻟﺤﺪث ﻟﻦ ﻳﺘﻜﺮر أﺑﺪا ،ﻓﺘﻜﻮن ﻛﺎﻟﺸﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ وﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم، ﻓﻜﻞ اﻟﺼﻮر ﺗﺸﻜﻞ ذاﻛﺮة اﻟﻤﺼﻮر وﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻊ ﻛﺎﻣﻴﺮﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺳﺠﻠﺖ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﺮت، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺑﺪوره ﺟﺰءا ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺨﺎﻟﺪة. وﺗﺤﻈﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮر ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺰة ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﻮر ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ وﻛﺎن ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ أن ﻳﺮﻳﻬﺎ وﻳﻬﺪﻳﻬﺎ إﻟﻰ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﻮخ واﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺠﻌﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺮار واﻹﺑــﺪاع ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻮاﻃ ًﻨﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﺠﺎﻻً ﺟﺪﻳًﺪا ﻓﻲ ﻧﻮﻋﻴﻪ اﻟﻌﻤﻞ وﻫﻮ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻐﺮاﻓﻲ ﻟﻠﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﻤﺘﻪ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺷﺤﺬﺗﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ واﻹﻃﺮاء اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﻣﻨﻬﻢ. اﻟﺼﻮرة اﻟﺤﺰﻳﻨﺔ
ﻻ ﺗﺰال ذﻛﺮى ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة ﺗﻤﻸ ﻋﻴﻨﻲ اﻟﻤﺼﻮر ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮع واﻟﺘﺄﺛﺮ ،وﻫﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻦ ﻳﻮﻣﺎ اﻟﺘﻘﺎﻃﻬﺎ ﺑﻜﺎﻣﻴﺮﺗﻪ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﻘﻂ اﻟﺼﻮر اﻷوﻟﻰ ﻟﻨﻌﺶ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه وﻫﻮ ﻣﻠﻔﻮف ﺑﻌﻠﻢ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ ﺑﻨﺎﻫﺎ ﺑﻌﺮﻗﻪ وﺗﻌﺐ ﺳﻨﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﺻﺪﻗﻬﺎ وﻋﻮده ﺣﺘﻰ أﺗﺎه اﻟﻴﻘﻴﻦ ،ﻓﻜﺎن ﻳﻐﺎﻟﺐ دﻣﻮﻋﻪ وﻣﺸﺎﻋﺮه اﻟﺤﺰﻳﻨﺔ ﻛﺤﺎل ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷرض ﺑﻔﻘﺪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
91
ijēŵĨ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺼﻮر ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻃﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﻤﺼﻮر ،ﻛﻤﺎ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ﻋﺰﻳﺰة ﻋﻠﻴﻪ ً ﺑﺒﺎﻧﻲ اﻟﻮﻃﻦ وﻣﺆﺳﺲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻓﻲ ﺣﻠﻪ وﺗﺮﺣﺎﻟﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻌﺪ اﻟﺼﻮرة ا%وﻟﻰ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻘﻄﻬﺎ ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ –رﺣﻤﻪ ا} -ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻪ ا%وﻟﻰ ا%ﺟﻤﻞ وا%ﻓﻀﻞ ﺧﻼل ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ،وﻗﺪ ﻧﺸﺮت ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ آﻧﺬاك ﺑﻌﺪ أن ﺣﺎزت ﻋﻠﻰ إﻋﺠﺎب وزﻳﺮ اOﻋﻼم وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ أﺟﻤﻞ ﺻﻮرة
ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺼﻮر ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻃﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﻤﺼﻮر ،ﻛﻤﺎ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ﻋﺰﻳﺰة ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺒﺎﻧﻲ اﻟﻮﻃﻦ وﻣﺆﺳﺲ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ً ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻓﻲ ﺣﻠﻪ وﺗﺮﺣﺎﻟﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻌﺪ اﻟﺼﻮرة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻘﻄﻬﺎ ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ –رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻪ اﻷوﻟﻰ اﻷﺟﻤﻞ واﻷﻓﻀﻞ ﺧﻼل ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ،وﻗﺪ ﻧﺸﺮت ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ آﻧﺬاك ﺑﻌﺪ أن ﺣﺎزت ﻋﻠﻰ إﻋﺠﺎب وزﻳﺮ اﻹﻋﻼم وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة ﻗﺪ ﺷﻜﻠﺖ اﻟﺪاﻓﻊ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻪ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع واﻹﻟﺘﺼﺎق ﺑﻜﺎﻣﻴﺮﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺻﺎﺣﺒﺘﻪ ﻃﻮال رﺣﻠﺘﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ وﻻ ﺗﺰال ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم.
90
ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ
ﻳﻘﻮل ﻓﻼح ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﺪﻳﻮي ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ ،اﻟﻤﺘﺰوج واﻟﺬي ﻟﻪ ﺳﺘﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء ،أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺎوﻳًﺎ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻲ أي ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻗﺒﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺪورة ،وأﻧﻪ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ وﻛﺎﻟﺔ أﻧﺒﺎء اﻹﻣﺎرات ﻛﻤﻮﻇﻒ ﻟﻸرﺷﻴﻒ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻤﻞ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ،وﻋﻨﺪ اﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎره ﺑﺎﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪورة ﻟﺘﻜﻤﻠﺔ اﻟﻌﺪد اﻟﻤﻄﻠﻮب وﻫﻮ 19ﻣﻮاﻃ ًﻨﺎ ،وﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﺗﻘﺎن ﻣﻬﺎرات اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وﺣﺎز ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻋﻠﻰ دورﺗﻪ ﻟﻴﺒﺪأ ﻣﺴﻴﺮة اﻟﺘﺼﻮﻳﺮاﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻲ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ،وﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﺧﻼل ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ أرﺷﻴﻒ ﺻﻮر ﺧﺎص ﻳﺮﺑﻮ ﻣﺨﺰوﻧﻪ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 800أﻟﻒ ﺻﻮرة ﻳﻌﺘﺰ ﺑﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ وﺑﺬﻛﺮى ﺗﺼﻮﻳﺮﻫﺎ. اﻟﻤﻬﻤﺔ ا0وﻟﻰ
ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻷوﻟﻰ ﻷي ﻣﺼﻮر ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن ﻣﻦ أﺻﻌﺐ اﻟﻤﻬﺎم ،وﻧﻈﺮا ﻟﺤﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻛﺎن ﻟﻪ اﻟﺸﺮف أن ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎره ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن – ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه – أﺛﻨﺎء اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ أﺣﺪ اﻟﺴﻔﺮاء ﻓﻲ ﻋﺎم 1988م ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﻣﺤﻔﻮرة ﻓﻲ ﺧﻴﺎﻟﻪ واﻟﺘﻲ ﻋﺎش ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻟﻔﺘﺮة أﺳﺒﻮع ﻛﺎﻣﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﻠﻘﺎء وﻫﻮ ﻻ ﻳﺼﺪق أﻧﻪ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ أداء ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻤﺔ ،اﻟﺘﻲ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺼﺪق ﺗﺤﻘﻘﻪ ﺑﻌﺪ أن ﺣﺪث ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻗﺒﻠﻪ ﻋﻤﺎ ﺳﻮف ﻳﻮاﺟﻬﻪ ﻣﻦ ﺿﻐﻮﻃﺎت ﻧﻔﺴﻴﺔ و ارﺗﺒﺎك ﻛﻮﻧﻬﺎ أول ﻣﺮة ﻟﻪ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ. ﻟﻘﺪ أدى ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻤﺔ إﻟﻰ ذﻳﻮع اﺳﻤﻪ واﻋﺘﻤﺎده ﻛﻤﺼﻮر رﺳﻤﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻼت واﻟﺰﻳﺎرات اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﻴﻮخ واﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ،و أﺗﺎح ﻟﻪ ذاك اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻻﻟﺘﻘﺎط اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺛﻘﺘﻬﺎ ﻋﺪﺳﺘﻪ ،ووﺷﺎﻫﺎ ﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﻤﻤﻴﺰ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺰواﻳﺎ اﻟﻔﻨﻴﺔ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
89
ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ:
اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ أدﺧﻠﺘﻨﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ
ﺣﺎوره -ﺳﺮور ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻌﺒﻲ
ﻫﻮ أﺣﺪ رﺟﺎل اﻟﻮﻃﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻟﻬﻢ اﻟﺴﺒﻖ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﺼﺤﻔﻲ و اﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ أم اﻟﻤﺘﺎﻋﺐ وﻫﻲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ. اﻟﻀﻴﻒ ﻫﻮ اﻟﻤﺼﻮر اﻟﺼﺤﻔﻲ ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﻟﺘﺤﻘﻮا ﺑــﺪورات ﺗﺨﺼﺼﻴﻪ رﺳﻤﻴﺔ ﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﺼﺤﻔﻲ وذﻟﻚ ﻋﺎم 1988م ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻜﻞ وزﻳﺮ اﻹﻋﻼم اﻟﺮاﺣﻞ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ آل ﺣﺎﻣﺪ ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ،أول دورة ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺗﺨﺼﺼﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ،وﺗﺸﻜﻠﺖ ﻣﻦ 19ﻣﻮاﻃ ًﻨﺎ ﻟﻤﺪة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ.
88
ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ
اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ أدﺧﻠﺘﻨﻨﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ
ﻳﺤﺘﻮي أرﺷﻴﻔﻪ ﻋﻠﻰ 800أﻟﻒ ﺻﻮرة
ﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺘﻨﻲ
ijēŵĨ
ﻣﻦ رﻣﻮز زاﻟﺤﻴﺮة
اﻟﺸﻴﺦ ﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ): (1994-1925
ﺣﺎﻛﻢ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻣﻦ ﻋﺎم 1951إﻟﻰ 24ﻳﻮﻧﻴﻮ ،1965أﺣﺪ رواد اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﺑﺪأ ﻗﻮل اﻟﺸﻌﺮ وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة, وواﺗﺘﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺼﻘﻞ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ ﺣﻴﻦ ﻧﻔﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،وﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺳﻜﻨﻪ ﻧﺪوة ﻟﻸدب واﻟﺸﻌﺮ ،ﻋﺎﻳﺶ ﻣﺸﺎﻛﻞ أﻣﺘﻪ ﻓﺎﻧﻌﻜﺲ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه ،وﻫﻮ ﻣﻠﺘﺰم ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻤﻘﻔﺎة ذات اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻮاﺣﺪ ،دواوﻳﻨﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ :وﺣﻲ اﻟﺤﻖ ،1953 اﻟﻔﻮاﻏﻲ ،1956ﻓﻲ ﺟﻨﺔ اﻟﺤﺐ ،1961ﺻﺤﻮة اﻟﻤﺎرد ،1982ﻟﻬﺐ اﻟﺤﻨﻴﻦ .1990
ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ )اﻟﺤﻴﺮة(
ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ )اﻟﺤﻴﺮة( اﻟﻴﻮم :ﺧﻴﺮان ﺗﻐﻴﺮت ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ ﻛﺘﻐﻴﺮ ﻣﻼﻣﺢ ﻣﻦ ﻳﻤﺮون ﺑﻬﺎ ،وﺑﻘﺎﻳﺎ ﺟﺪران ﻟﺒﻴﻮت ﻋﺎﻣﺮة ،وﺑﻀﻊ ﻧﺨﻼت ﺗﺘﺤﺮق ﻟﻀﻮء أزرق ﺣﺠﺒﻪ ﻣﺎرد إﺳﻤﻨﺘﻲ ،وذرات رﻣﻞ ﻣﺸﺪوﻫﺔ!! ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻋ ّﻦ ﻟﺨﺎﻃﺮك ﻳﻮﻣﺎ ان ﺗﻤ ّﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﺘﻤﻬﻞ!! واﺳﺘﺤﻀﺮ ﻋﻤﺮا ﻏﺎدر ﺣﺪود اﻟﻮﻗﺖ واﻧﻬﻤﺮ ﻃﻴﻔﺎ. ﺗﻤ ّﻬﻞ!! وراﻗﺐ ﻋﻴﻮن اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺪاﻣﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺴﺘﻌﺬب أﻧﻔﺎﺳﺎ ﺗﻴﻤﻢ وﺟﻬﻬﺎ ﺻﻮب اﻟﺒﺤﺮ. ﺗﻤ ّﻬﻞ!! رﺑﻤﺎ أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺄﻧﻔﺎس ﺧﻠﻔﺎن ﺑﻦ ﻣﺼﺒﺢ وﻫﻮ ﻳﺬوب أﻟﻤﺎ وﺟﻮى ﻓﻲ ﻣﺴﺎء ﻣﺜﻘﻞ ﺗﻤ ّﻬﻞ!! وﺗﺤﺴﺲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻨﺒﺾ واﻗﺒﺾ ﻋﻠﻰ اﻷﻟــﻢ ،واﺻﻎ ﻟﺸﻮق ارﺗﻮاء ...وﻻ ارﺗﻮاء
ﻣﻦ رﻣﻮز زاﻟﺤﻴﺮة
ﺑﺎﻟﻨﺒﺾ ﺟﻤﻌﺘﻬﻢ ،ﻟﻴﺸﻜّﻠﻮا ﻣﺴﺎ ًرا راﺋ ًﺪا ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، وﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ. أﺷﻌﺎرﻫﻢ اﻟﻤﻐﺘﺴﻠﺔ ﺑﺼﻔﺎء اﻟﻤﻮج واﻧﺤﻨﺎء اﻟﺒﻄﺎح ،اﻟﻤﺘﺸﻮﻗﺔ ﻟﻨﺠﻤﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﻣﺘﺪﺛﺮة ﺑﺎﻟﻮﻋﺪ ،اﻟﻤﺸﺘﻌﻠﺔ اﻧﺘﻤﺎء ﻟﻸرض ،اﻟﻤﺘﻮﺷّ ﺤﺔ ﺑﻤﻌﺎﻧﻲ ﺗﺠﺴﺪ اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻟﺠﺎدة ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺤﺐ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﻨﺒﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ ّ اﻹﻣﺎراﺗﻲ. إﺑﺪاﻋﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ اﻣﺘﺪت ﻟﺘﻐﻄﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ،واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺘﺄﺧﺮة ،ﺟﺎءت ﺷﻬﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻋﻲ ﻻﺑﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﻃﻦ، ورؤﻳﺘﻪ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،وﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺪاع. وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻟﺤﻴﺮة ﻫﻲ اﻟﺤﻴﺮة!! ﻳﻤﻀﻲ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻳﺘﺴﺎرع ﺧﻄﻮه وﻳﻨﺴﺎﻫﺎ!! ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ):(2000-1925
ﻛﺎﺗﺐ وأدﻳﺐ وﺷﺎﻋﺮ وﺗﺎﺟﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ،وﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﻧﻈﻢ أوﻟﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪه وﻫﻮ دون اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه، أﺳﻬﻢ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﻏﺮﻓﺔ ﺗﺠﺎرة وﺻﻨﺎﻋﺔ دﺑﻲ ﺳﻨﺔ 1965م، وﻛﺎن ﻟﻪ ﺑﺎع ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل اﻟﺨﻴﺮ ،ﺣﻴﺚ اوﻗﻒ ﺟﺰءا ً ﻣﻦ ﺛﺮوﺗﻪ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ،أﻋﻠﻦ ﺳﻨﺔ 1987م ﻋﻦ ﺟﺎﺋﺰة ﺳﻨﻮﻳﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻸﺑﺪاع اﻟﻔﻜﺮي اﻷدﺑﻲ وأﺧﺮى ﻟﻼﺑﺘﻜﺎر اﻟﻌﻠﻤﻲ ،وﺣﻤﻠﺖ ﻛﻼﻫﻤﺎ اﺳﻤﻪ ،واﺳﺲ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﻮﻳﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ أرﺑﻌﻴﻦ اﻟﻒ ﻛﺘﺎب ،ﺗﺮك دﻳﻮاﻧﺎ ﻏﻨﻴﺎ ﺑﺎﻷﺷﻌﺎر ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان :دﻳﻮان ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻌﻮﻳﺲ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
87
ūĔšŨ ęĴżĸ
ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺑﺼﺒﺮ وﻋﻠﻰ أﺣﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺮ وﺻﻮل اﻟﻤﺠﻼت ﻣﻦ اﻟﺸﺎم وﻣﺼﺮ واﻟﻌﺮاق واﻟﺤﺠﺎز ،ﻟﺘﺼﻞ ﺑﻌﺪ ﺻﺪورﻫﺎ ﺑﺜﻼﺛﺔ أو أرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ،وﺑﺎت اﻷﻣﺮ أﺳﻬﻞ ﻋﻨﺪ ﻓﺘﺢ اﻟﺨﻂ اﻟﺼﺤﺮاوي ﺑﻴﻦ ﺑﻐﺪاد ودﻣﺸﻖ .ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺤﻒ ﻛﺼﺤﻴﻔﺔ اﻷﻫﺮام وﻣﺠﻠﺔ اﻟﻬﻼل وآﺧﺮ ﺳﺎﻋﺔ وﺻﻮت اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ واﻷزﻫﺮ ،ﻓﺘﺤﺖ ﻧﺎﻓﺬة ﺟﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻹﺣﺪاث ،وﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺴﻬﻤﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ وﻋﻲ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻟﺠﻴﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺒﺔ وﺗﺄﺑﻰ )اﻟﺤﻴﺮة( إﻻ أن ﺗﺘﻤﺎﻫﻰ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ وﻃﻦ ﻛﺒﻴﺮ ،إﻻ أن ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻷﻣﺔ وﻳﻈﻞ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﺧﺎﻓﻘﺎ ﻟﻮﻃﻦ ﻳﻐﺘﺼﺐ ،ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ أﻟﻤﻪ ﺑﺎﻟﺨﻄﺐ اﻟﻤﺸ ﱢﻬﺮة ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ،واﻟﺪاﻋﻴﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﻨﻬﺎض اﻟﻬﻤﻢ، ﻟﻴﺤﻤﻞ ﺑﻌﺾ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ وﻫﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ ﺷﺮف أن ﻳﻜﺘﺐ أﻣﺎم اﺳﻤﻪ ﻓﻲ ﻣﻠﻔﺎت اﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ» :ﺷﺨﺺ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻏﻮب ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ« وأن ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻦ وﻃﻨﻪ ،وﺗﻢ ﻧﻔﻴﻪ إﻟﻰ )ﻋﺪن( ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻴﻠﺘﻘﻲ ﺑﻜﺒﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ، وﻋﻨﺪ ﻋﻮدﺗﻪ أﺣﻀﺮ ﻣﻌﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت واﻟﻨﻔﺎﺋﺲ اﻷدﺑﻴﺔ،
ﻣﻦ رﻣﻮز زاﻟﺤﻴﺮة
ﺧﻠﻔﺎن ﺑﻦ ﻣﺼﺒﺢ ):(1946-1932
ﺷﺎﻋﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ،وﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ رواد اﻟﺸﻌﺮ واﻷدب ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻣﺎت ﻓﻲ رﻳﻌﺎن ﺷﺒﺎﺑﻪ، ﺻﺪر ﻟﻪ دﻳﻮان ﺷﻌﺮ ﻣﻦ إﻋﺪاد ﺷﻮﻗﻲ راﻓﻊ ﺳﻨﺔ ،1990ودراﺳﺔ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻮﻣﻠﺤﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺷﻌﺮه ﻧﺸﺮت ﺑﺠﺮﻳﺪة اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺳﻨﺔ ،1987وﺻﺪرت ﻓﻲ ﻛﺘﺎب.
86
اﻟﺤﻴﺮة ..ارﺗﻮاء وﻻ ارﺗﻮاء
ﻣﻦ رﻣﻮز زاﻟﺤﻴﺮة
ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺳﻒ أن ﺗﺴﻠﻂ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت وا%ﺑﺤﺎث اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﺒﺤﺮﻳﻦ وﻗﻄﺮ وﻋﻤﺎن وﺗﻐﻔﻞ ﻋﻦ ذﻛﺮ اOﻣﺎرات ،ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﻨﻴﺖ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻘﺪ ﺧﻠﺖ ﻣﻦ اOﺷﺎرات إﻟﻰ دوﻟﺔ اOﻣﺎرات ﺑﻞ ﻗﻞ أن ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﻋﺎﺑﺮة إﻟﻰ ﺷﻌﺮاﺋﻬﺎ
ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﻄﻮع ) 1874م1958 -م(: ﻣﺆرخ وأدﻳﺐ ﺳﺎﻫﻢ ﺑﺪور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﻴﻂ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وأرﺳﻰ دﻋﺎﺋﻢ أول ﺑﻠﺪﻳﺔ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻋﺎم 1927م أﻻ وﻫﻲ ﺑﻠﺪﻳﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ، أوﻛﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﺻﻘﺮ أﻣﺮ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻘﺎﺳﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﻋﺎم 1953م ،ﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت وأﻫﻤﻬﺎ :اﻟﺠﻮاﻫﺮ واﻟﻶﻟﺊ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻤﺎن اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ .ﻣﻄﺒﻮع وﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ د .ﻓﺎﻟﺢ ﺣﻨﻈﻞ، وﻋﻘﻮد اﻟﺠﻤﺎن ﻓﻲ أﻳﺎم آل ﺳﻌﻮد ﻓﻲ ﻋﻤﺎن.
وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ أﻗﺎﻣﻬﺎ ﺑﺪاره اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة ،ﻓﺎﺗ ًﺤﺎ أﺑﻮاﺑﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻢ. وﺑﺮﻏﻢ اﻟﻈﻼل اﻟﻜﺌﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻴﻢ ﺑﺜﻘﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﺑﺮﻏﻢ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻤﺘﺮدي ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻜﺴﺎد اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻧﺮاﻫﺎ ﻗﺪ اﺳﺘﻠﻬﻤﺖ رؤاﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﺤﺮ ﻳﺘﺠﻠّﺪ، وﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺠﺮ ﻳﺘﺠ ّﺪد ،وﻇﻠﺖ ﻣﺪارﺳﻬﺎ ﻣﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ أداء دورﻫﺎ ﺑﻤﺴﻬﺎﻣﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ. اﻟﺤﻴﺮة ﺗﻨﻬﺾ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ
وﺗﻈﻞ اﻟﺤﻴﺮة ﻛﻤﺎ ﻫﻲ داﺋ ًﻤﺎ ،ﻣﺘﺠﺪدة ﺗﻮﻗًﺎ وﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ،ﻳﻤﻀﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺰﻣﺎن ،وﻣﻊ ﺧﻄﻮه ﺗﺴﺘﻠﻬﻢ ﻓﻀﺎء اﻟﺤﺮف ﻓﻲ ﻋﺸﻖ ﻟﻤﺪارات اﻟﻘﺼﻴﺪة .ﻛﺎن ﻗﺪرﻫﺎ اﻷﺟﻤﻞ أن ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻷﺟﻤﻞ ،وﺗﺘﻮﻫﺞ ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ راﺑﻄﺔ ﻻ ﺗﺬﺑﻞ ،ﻛﺎن ﻗﺪرﻫﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻮﻃﻦ ﺷﻌﺮاء ﻣﺮﻣﻮﻗﻴﻦ اﺳﺘﺸﻔّﻮا رؤاﻫﺎ ،ﻓﻜﺎن ﻟﻬﻢ دور ﻣﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻧﺨﺒﺔ اﻣﺘﻄﻮا ﺟﻮاد اﻟﻜﻠﻤﺔ ،وﺷﻜﻠﻮا ﺻﻔﻮة ﻣﺜﻘﻔﺔ ﻗﺪﻣﺖ آﺛﺎ ًرا ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻧﻬﻀﺖ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ وﻗﺖ ﺑﺎﻛﺮ ،ﻟﻴﻠﺘﻒ ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻜﻮﻛﺒﺔ ﺷﻌﺮاء ﺷﺎرﻛﻮﻫﻢ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ وﺗﺄﺛﺮوا ﺑﻬﻢ. )ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﺤﻴﺮة( وﻫﻮ اﻟﻠﻘﺐ اﻟﺬي أﻃﻠﻘﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺒﺪاﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻌﻮﻳﺲ :ﺗﺎﺟﺮ اﺳﺘﻬﻮاه اﻟﺸﻌﺮ( وﺑﻪ اﺷﺘﻬﺮوا ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻴﻠﻴﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ،اﻟﺠﻴﻞ اﻷول :ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ،أﻣﺎ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻔﺮﺳﺎﻧﻪ :ﺧﻠﻔﺎن ﺑﻦ ﻣﺼﺒﺢ) (6وﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ)(7 وﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ).(8 ﺷﺎء اﻟﻠﻪ أن ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﺼﺪاﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﺒﺎب ،وأن ﺗﻘﻮى ﻋﻠﻰ أﻣﺮ ﻣﺸﺘﺮك ﻫﻮ ﺣﺐ اﻷدب واﻟﺸﻌﺮ ،ﻣﻨﺎﺧﺎت اﻟﺤﻴﺮة اﻟﻤﺤﺘﻔﻴﺔ
ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺤﻤﻮد )1852م1958 -م(:
ﻣﻦ رﻣﻮز زاﻟﺤﻴﺮة
ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺤﻤﻮد ،اﺳ ًﻤﺎ ﻏﺪا ﻣﻨﺎرة أﺿﺎءت ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻬﺪى ،إﻧﻬﺎ )اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤﺤﻤﻮدﻳﺔ( ،ﺷﺮﻓﻬﺎ أﻧﻬﺎ أول ﻣﺪرﺳﺔ أﻧﺸﺌﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷرض ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﻫﻲ أول ﻣﺪرﺳﺔ ﺷﺒﻪ ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﺗﻢ اﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ رﺳﻤﻴﺎً ﻓﻲ 1907م ،ﺳﻤﻴﺖ ﺑﺎﻟﺘﻴﻤﻴﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﻠﻴﻞ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ،واﻟﻤﺤﻤﻮدﻳﺔ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺤﻤﻮد .وﻇﻠﺖ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻣﻨﺎرة ﻟﻠﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﻋﻼﻣﺔ ﺑﺎرزة ﺗﺆﺷﺮ ﻟﺒﺪاﻳﺎت ﺗﻄﻮر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات. وﺑــﺤــﺮص ودفء اﺣﺘﻀﻨﺖ )اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﺘﻴﻤﻴﺔ( اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻮت ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻬﻤﺔ ،وﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻘﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪروس واﻟﻤﺤﺎﺿﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺤﻴﻂ. إﺻﺮارﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﻘﺔ اﻟﻨﻮر اﻟﺬي ﻋﻢ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺟﻌﻠﻬﺎ
ﻣﻦ رواد اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﻦ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺠﻠﻴﻠﺔ :ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤﺤﻤﻮدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وإرﺳﺎﻟﻪ أول ﺑﻌﺜﺔ دراﺳﻴﺔ إﻟﻰ ﻗﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻛﻤﺎ أﺳﺲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﺘﻴﻤﻴﺔ وﻫﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﺗﺼﺪى ﻟﻤﺤﺎوﻻت اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ.
ﻣﻦ رﻣﻮز زاﻟﺤﻴﺮة
ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ )1932م(:
ﻣﺆرخ إﻣﺎراﺗﻲ ،ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﻋﺎم 1958م ﻋﻠﻰ دﺑﻠﻮم اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﻐﺎت ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ وﻟﻘﺪ ﺳﺎﻋﺪﺗﻪ دراﺳﺘﻪ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ وﺗﻌﻠﻤﻪ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻃﻼع واﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻷﺟﻨﺒﻴﺔ وﺗﻘﺎرﻳﺮ اﻟــﻮﻛــﻼء واﻟﻤﻨﺪوﺑﻴﻦ واﻹﻧﺠﻠﻴﺰ واﻟﺮﺣﺎﻟﺔ .وﻟﻪ ﺗﻌﻘﻴﺒﺎت وﺗﻌﻠﻴﻘﺎت ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﻤﺎ ﻛﺘﺒﻮه ،ﺗﻌﻠﻖ ﺑﻜﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻷﺧﺒﺎر واﻷﻧﺴﺎب .ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﺣﺠﺔ وﻣﺮﺟﻌﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹﻣﺎرات وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،أﻋﺪ دراﺳﺎت وﺷﺠﺮات ﻟﻸﺳﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وﺑﻼد اﻟﺸﺎم واﻟﻤﻐﺮب ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ دول اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎره ﻋﻀﻮا ً ﺑﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎم اﻟﺪوﻟﺔ .وﻛﺎن ﻣﺴﺆوﻻً ﻋﻦ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ .ﻋﻀﻮ ﻣﺆﺳﺲ ﻟﻨﺪوة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻠﻮم ﺑﺪﺑﻲ ،وﻋﻀﻮ ﺑﻤﺠﻠﺲ إدارﺗﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 1987ﺣﺘﻰ ،2003وﻗﺪ ﺗﻢ ﻛﺬﻟﻚ اﺧﺘﻴﺎره ﻋﻀﻮا ً ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ أﻣﻨﺎء ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻌﺪة دورات.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
85
ūĔšŨ ęĴżĸ
ﻣﻦ رﻣﻮز زاﻟﺤﻴﺮة
ﺳـﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ )1887م1959 -م(: ﺷﺎﻋﺮ وأدﻳــﺐ إﻣﺎراﺗﻲ ،ﻣﻦ رواد اﻟﺸﻌﺮ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻛﺘﺐ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻔﺼﻴﺢ واﻟﻤﺤﻜﻲ، ﺗﻨﺎول ﻓﻲ ﺷﻌﺮه اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻐﺰارة ،إذ ﺗﻜﺎد ﻻ ﺗﺨﻠﻮ أﻳﺔ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻣﻦ ﻫــﺬه اﻟﻤﻀﺎﻣﻴﻦ ﺑﻨﺤﻮ أو آﺧﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻋﻨﻲ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻹﺻﻼح، ﺗﻢ ﺟﻤﻊ ﺷﻌﺮه ﻋﺎم 1979م وﻃﺒﻊ ﺿﻤﻦ دﻳﻮان ﺳﻤﻲ )ﻧﺪاء اﻟﺨﻠﻴﺞ(.
ﻣﺒﺎرك ﺳﻴﻒ اﻟﻨﺎﺧﻲ )1897م1982 -م( : أدﻳﺐ وﺷﺎﻋﺮ إﻣﺎراﺗﻲ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ أﺣﺪ رﺟﺎﻻت اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻷواﺋــﻞ ورواد اﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻷدﺑﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣـــﺎرات ،وأﺣــﺪ رﺟــﺎﻻت اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬﻳﻦ أﺳﺴﻮا اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺳﺎﻫﻤﻮا ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻓﻲ ﻣﺪارﺳﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ،ﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻼت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أرض اﻹﻣــﺎرات واﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﺑﺎن اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ.
84
اﻟﺤﻴﺮة ..ارﺗﻮاء وﻻ ارﺗﻮاء
ﻟﻜﻦ اﻟﻤﻬﻢ أﻧﻬﺎ ﺗﻮﻫﺠﺖ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺠﻔﺎف وﺣﺮﻗﺔ اﻟﺼﺤﺮاء ،وﻇﻠﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺣﻀﺎرﻳﺔ، ﻣﻤﺘﺸﻘﺔ ﺗﺮاﺛ ًﺎ ﻋﻤﻴﻘًﺎ) .ﺣﻴﺎة ﻣﺘﺮﻓﺔ ﻧﺸﻴﻄﺔ ﺗﻔﻴﺾ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ( ،ﻫﺬا وﺻﻔﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻬﺎ .وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺳﻨﺒﺪأ. ﺳﻨﺒﺪأ ﻣﻦ ﺷﻬﺮة ذاﺋﻌﺔ أﺳﺒﻐﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﺑﺼﻴﺪ اﻟﻠﺆﻟﺆ وﺗﺠﺎرﺗﻪ ،ﻟﺘﻐﺪو ﺣﺎﺿﺮة ذات اﺗﺼﺎل ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ .ﻫﺬا اﻟﺮﺧﺎء اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻨﺤﻬﺎ ﻛﻞ أﺳﺒﺎب اﻟﻘﻮة ،ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻠﺬ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻤﺎل ،ﺑﻞ ﺗﺪﺛﺮت ﺑﻄﻴﺒﺔ وﻛﺮم ،ﻳﻘﺎل إن اﻟﻤﺤﺎﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺤﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺤﻤﻼ ﻗﺪ اﻧﻘﻄﻌﺖ ﺣﺒﺎﻟﻪ أو ً ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻐﻔﻮ ﺑﺄﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﻒ .وأن أﻧﺎﺳﻬﺎ إذا ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪوا ﺟﺮﻓﺘﻪ اﻟﻤﻴﺎه ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻨﺰﻟﻮن ﻟﻠﺒﺤﺮ وﻳﺘﺤﻤﻠﻮن ﻋﻨﺎء إﻋﺎدﺗﻪ ﻣﻦ دون أن ﻳﻌﺮﻓﻮا ﺻﺎﺣﺒﻪ. ﻣﻌﺎﻧﻘﺘﻬﺎ ﻟﻸﻓﻖ ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﺼﻬﺮ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﺗﻔﺪ إﻟﻴﻬﺎ وﺗﺘﺸﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺎت أﺧﺮى ،ﺣﻴﺚ اﻟﺮﺣﻼت اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﻟﻠﻤﻮاﻧﺊ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻛﺒﻐﺪاد واﻟﺒﺼﺮة واﻟﺒﺤﺮﻳﻦ وﻣﺴﻘﻂ واﻟﻬﻨﺪ وﺳﻮﻗﻄﺮة وﻋﺪن .أﺟﻮاؤﻫﺎ اﻟﻤﻨﻔﺘﺤﺔ أﺗﺎﺣﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺑﻴﺌﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ذات ﺣﻀﻮر أدﺑﻲ ﻗﻮي ،وﻣﻨﺎرة ﻟﻺﺷﻌﺎع اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،وﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﻨﺢ اﻟﺤﺐ ﺑﻼ ﻗﻴﻮد وﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ،ﻓﻘﺪ اﺣﺘﻀﻨﺖ ﺣﻀﻮ ًرا ﻗﻮﻳًﺎ ﻟﺮﺟﺎل ﺷﻜﻠﻮا ﻋﻼﻣﺔ ﻓﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻄﺎء ،ﻣﻨﻬﻢ :ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ) (1وﻣﺒﺎرك ﺳﻴﻒ اﻟﻨﺎﺧﻲ) (2وﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺤﻤﻮد) (3وﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﻮﻳﺲ) (4وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﻄﻮع) ،(5وأَ ﱠﻣﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء ﻧﺠﺪ واﻹﺣﺴﺎء واﻟﺰﺑﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬﺮت ﺑﻌﻠﻤﺎﺋﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﺑﻮا اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺸﻌﺎن ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ واﻟﺸﻴﺦ اﻟﺮﺟﺒﺎﻧﻲ .ﻛﻤﺎ زارﻫﺎ ﻋﻠﻤﺎء أﺟﻼء ﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺮب وأﻓﻐﺎن. ﻋﻠﻰ ﺛﺮاﻫﺎ ﺧﻂ اﻟﻨﻮر أول ﺳﻄﻮره ،وﻛﺘﺐ اﺳ ًﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺴﻪ اﻟﺼﻔﺤﺎت ﻋﻠﻰ ﻳﺪ :ﻋﻠﻲ ﺑﻦ
اﻟﺸﺎرﻗﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
83
ūĔšŨ ęĴżĸ
ﻗﻠﺐ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﻨﺎﺑﺾ
اﻟﺤﻴﺮة..
ارﺗﻮاء وﻻ ارﺗﻮاء
ﻣﺮﻳﻢ ﺟﻤﻌﺔ ﻋﺒﺪاk
أوراﻗﻨﺎ ﺗﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﻮات ﺑﻌﻴﺪة ﻏﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺮ ،ﻋﻠﻰ وﻃﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻓﻲ ﺣﺮ ﻋﺼﻲ أن ﻫﺬه اﻟﻬﺠﻴﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ )ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻟﻠﻤﻜﺎن أن ﻳﻜﻮن( ،ﺗﻌﻠﻦ ﻓﻲ زﻣﻦ ّ اﻷرض ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﺪﺑﺎء ﻛﻤﺎ ﺗﻮﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﻮﻫﻢ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺎﺑﻀﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ﻣﺘﺸﺒﺜﺔ ﺑﻌﻤﻖ اﻟﺤﻀﺎرة رﻏﻢ ﻗﺴﻮة اﻟﻈﺮوف ،ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ أن ﺗﺴﻄﺮ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ أوراق اﻧﺒﻬﺎر.
ﻓﻤﻤﺎ ﻳﺆﺳﻒ أن ﺗﺴﻠﻂ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت واﻷﺑﺤﺎث اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﺒﺤﺮﻳﻦ وﻗﻄﺮ وﻋﻤﺎن وﺗﻐﻔﻞ ﻋﻦ ذﻛﺮ اﻹﻣﺎرات ،ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﻨﻴﺖ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻘﺪ ﺧﻠﺖ ﻣﻦ اﻹﺷﺎرات إﻟﻰ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺑﻞ ﻗﻞ أن ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﻋﺎﺑﺮة إﻟﻰ ﺷﻌﺮاﺋﻬﺎ، وﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ دراﺳﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻧﻮرﻳﺔ اﻟﺮوﻣﻲ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ودراﺳﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﻫﺮ ﺣﺴﻦ ﻓﻬﻤﻲ ﻋﻦ ﺗﻄﻮر اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ . ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أرﺿً ﺎ ﺟﺪﺑﺎء!! ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻴﺎﻧًﺎ ﺣﻴٍّﺎ ﻳﻨﺒﺾ ﻓﻴﻪ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﻤﻰ )اﻟﺤﻴﺮة(. واﻟﺤﻴﺮة ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻫﻲ ﺑﻠﺪة ﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ ﻗﺎﻃﻨﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻣﺲ ،ﺗﻘﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻋﺠﻤﺎن ،ﺗﻌﺮف ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ )ﺑﻀﺎﺣﻴﺔ اﻟﺤﻴﺮة( وﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻫﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ اﻟﻔﺸﺖ واﻟﺮﻓﺎﻋﺔ. ﻣﺘﻤﻬﻼ وﻫﻲ ﺗﻨﺜﺮ ﺗﺤﺖ ً ﻣﻦ أﻳﻦ ﻧﺤﻜﻲ ﻗﺼﺘﻬﺎ؟ واﻟﺘﺎرﻳﺦ آﻧﺬاك ﻛﺎن ﻳﻤﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻄﻮاﺗﻪ ﻋﺒﻖ اﻷوﻟﻴﻦ وﺗﺴﺘﺸﺮف دروب اﻵﺗﻲ ،ارﺗﺂﻫﺎ اﻟﺴﺎﻟﻜﻮن أﻋﻤﺎ ًرا ﻓﺎرﺗﻀﺘﻬﻢ أﻗﻤﺎ ًرا وﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪى .ﻛﻤﺎ اﻟﺸﻤﺲ ،ارﺗﻀﺖ أن ﺗﻜﻮن ﺷﺮق )اﻟﺸﺎرﻗﺔ(، اﺳﺘﺸﻔﺖ ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻬﺎ ﻣﻦ زرﻗﺔ وﺧﻀﺮة وﺳﻤﺮة ،وﺧﻴﺮان ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻃﻴﺒﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ )ﺣﻴﺮة ﺟﺪﻳﺪة( ﺗﻮﻏﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﺴﻎ وﻃﻦ ارﺗﻤﻰ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ ﺑﺤﺮ واﺳﺘﻠﺬ اﻟﻤﻮج. اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻲ أﺻﻞ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻴﺮة ،وﻳﺮوي اﻟﻮاﻟﺪ )ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻛﻨﻮن اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ( رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،إﻣﺎم ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺤﻴﺮة ﻟﻤﺪة ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻓﻲ ﻟﻘﺎء ﻓﻲ ﺷﺒﻜﺔ وﻣﻨﺘﺪﻳﺎت )ﻛﻞ اﻟﻨﺎس( اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ،أﻧﻪ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ ﺗﺄﻛﻴﺪ أن اﺳﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ )اﻟﺤﺎرة( ﻧﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﻴﻮت اﻟﻄﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬﺮت ﺑﻬﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮى آﺧﺮون أن أﻫﻠﻬﺎ اﺣﺘﺎروا ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻜﻨﻮﻫﺎ أول ﻣﺮة ،ﺛﻢ اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ )اﻟﺤﻴﺮة(.
82
اﻟﺤﻴﺮة ..ارﺗﻮاء وﻻ ارﺗﻮاء
اﻟﻠﻪ ﻳــــــــــﺠﺎزﻳﻜﻢ ﺑﺤـــــــﺎﺣﻴﺮ
)(3
ﻳـــــــــﻠﻮ درن ﺑﻴﺾ اﻟﻐــــــﻨﺎدﻳﺮ
ﻻﻣــــــﻮﻧﻲ اﻟﻌــــ ّﺬال ﻳﺎ ﺣـــﻤﻴﺪ
أﻓﺮش ﻓﺮاﺷﻲ ﻓــــــــــﻮق ﻣــﺤﺎر ﻳﻜـــــﺎن ﺑﺘﺠﺎزي ﻳــــــــﺎ ﺑــــ ّﺤﺎر
)(4
ﺛـــــﺮﻧﻲ ﻣـــﺠﺎﺳﻲ ﻋـــﻮق ﻟﻤﻜﻴﺪ
ﻟﻲ ﻋﺎد ﻣـــﺎ ﺑﺎﻟـــﺤﺎل ﻳـــــﺪرون اﻻﻋـــــﻮاق ﻻ ﺗﺒﺮي وﻻ ﺗــــــﻬﻮن
)(5
وﻳﻠﻚ ﻋــــﻠﻰ ﻻﻣـــــــــــﺎي وﻳﻠﻚ
وإﻻ رﺟـــــﻮﻋﻲ ﺻـــــﻮﺑﻚ ﻇﻨﻮن
ﻃﻔّـــــﺮت ﻋـــــﻘﻠﻲ ﻣــــﻦ ﺑﺨﻴﺮك
ﺣﺘﻰ اﻟﻌـــــﺮب ﺳـــــ ّﻤﻮك ﻣﻴﻨﻮن
ﺣﻄّﻴﺖ ﻓﻲ ﻣــــﻬﻮاة ﻏــــــــــﻴﺮك
ﻧﺎس ﻋـــــﻠﻰ اﻟــﺨﺎﻃﺮ ﻳـــــﺴﻠّﻮن ٍ
)(6
وش ﺣﻴــــــــﻠﺘﻲ ﻗﻞ اﺣــــــﺘﻴﺎﻟﻲ
ﻳﻮم ﺑﺨﻴ ٍﺮ وﻋـــــــــــﺸﺮ ﻣﻴـــﻬﻮد
اﻷول ﻳـــــــﻠﻲ ﻣﻦ ﺿﺎق ﺑــــــﺎﻟﻲ
ﻋــــــــــﻠﻲ ﺗﺮف اﻟﺨــــﺪود ﻓ ّﺮج ّ
واﻟﻴــــــﻮم ﺑﻲ ﺿﺎق اﻟﻤـــــــﺠﺎﻟﻲ
ﻻ ﻧﺎﺷــــــــ ٍﺪ ﻋـــ ّﻨﻲ وﻣﻨﺸـــــﻮد
اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
81
ƁŔėĸĠ DZƀŔ
ﻋﻴـــــﻨﻲ ﺗــــﺮاﻋﻲ ﻟﻚ َي ﻣﻈــﻨﻮن
ﻟـــــﻜﻦ ﻗــــﻠﺒﻲ ﻓــــﻴﻪ ﻧـــــﻴﺮان
ﻛﻞ ﻣﻦ ﺣﺼﻞ ﻣﻄــــﻠﻮﺑﻪ ﻳـــــﻬﻮن
ﻟﻮ ﺑﻪ وزأ ﻣـــــﻦ ﻋﻠّﺘﻪ ﻫـــــــــﺎن
ﻫﻮﻧﻮا ﻋــــﻠ ّﻴﻪ ﻗــــﺒﻞ ﻻ ﻫــــــﻮن
ﻛﻮد اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻳﻌــــ ّﻮض اﺣﺴـــــﺎن
ﻣـــﺎ ﺑﺎ ﻋﻠـــﻴﻜﻢ ﻣـــــﺎل »ﻗﺎرون«
وإﻻ ﺳﻴﺎدة »ﺳـــــــﺎﺣﻞ ﻋــــﻤﺎن«
ﻣ ّﻮد واﺑﻐــــــــﻴﻜﻢ ﺗــــــــــﻮد ّون
ﻣـــــﺎ ﻃﻴﺞ ﻳﺎﻟﻤـــــﻀﻨﻮن ﺣﻘـﺮان
Ğſĸŕŀ ŖŌĘšŬ
ﻫ ّﺒﻴﺖ ﻳﺎﻟـــــﻜﻮس اﻟﻤــــــــﺪﻳﻤﻲ
ﻣﺨــﺼﻮص ﻣــــــﻦ ز ّد اﻟﻨــــﺴﺎﻣﺎ
ﺷﺮﺗﺎً ﻳــــــــــﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﻨﺪﻳــــــــﻤﻲ
وﻳــــﺰﻳﺪ ﺣـــــــﺎﻟﻲ ﺑﺎﻧﺴـــــﺠﺎﻣﺎ
ﻣﺠﺮور ﻗـــــــــﻠﺒﻲ ﺟــــــﺮ ﺳﻴﻤﻲ
ﻛــــﺄﻧﻲ ﻋـــــﻠﻰ ﺣﺴﺐ اﻻراﻣــــﺎ
اﻟﻠﻪ ﻻ ﺣﻠّﻚ ﻳــــــﺎ ﻫﻮى اﻟـــــﺪار
80
)(1
)(2
أﻛﺸﻔـــﺖ ﻋـــــــﻦ ﺧﺪﱟ ﻛﻤﺎ اﻟﻨﻮر
ﻳﺎزم ﻗﺘـــــــﻴﻞ اﻟﺤــﺐ ﻣﺤـــــﺘﺎر
ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻳـــــﺎ ﻣـــــــــﻬﻀﻮم ﻟﺨﺼﻮر
وان ﻛـــــﺎن ﻫﺬا اﻟﺸﻲ ﻣﺎ ﺻـــــﺎر
ﻳﺸﻬﺪ ﻋــــﻠﻲ اﻟﺒﺮي واﻟﺴـــــــﻮر
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪا Iﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
DZġĚĘń
ﺻـــــــﺎﺑﺘﻨﻲ اﻷﻗـــﺪار ﻳﺎ »ﺧﺼﻴﻒ« ٍ
ﻟﻲ ﻣــــــﺤﺘﺮم ﺷـــــــﻮﻓﻪ وﻟﺒﻼد
ﺣﺘﻰ ﻋﺸﺐ ﻗــﻠﺒﻲ ﺑــــــﺪاه ﻫﻴﻒ
ودﻣـــــﻮع ﻋﻴﻨﻲ ﻓـــــــﻮق ﻟﻮﺳﺎد
اﺑــــــﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺑـــﻮ ﺧﺪﱟ رﻫــــﻴﻒ
ﺷﺮوى اﻟـــﻈﺒﻲ ﻟـــــــﻲ ﺑ ّﺮق وﻋﺎد
ارﻓﻮا وﻋـــــﻘّﻮﻧﻲ ﻋـــــﻠﻰ اﻟﺴﻴﻒ
وإﻻ »اﻟﻠـــــــﺰﻳﻤﺔ« ﺟــــﻨﺐ ﻟﺒﻼد
Ŗěļ ĢƀŰŸ
وﻧّﻴﺖ ﺳــــﺒﻊ أوﻧﺎن ﻣـــــﻦ ﺿﻴﺞ
واﻟﺜﺎﻣـــــﻨﻪ ﺗﺘـــــﺰاﻳﺪ ﺟــــــﺮوح
واﻟﺘﺎﺳــــــــﻌﻪ ﻣــــﻨﻬﺎ ﺑﺪأ اﻟﻮﻳﺞ
واﻟــــﻌﺎﺷﺮة ﺑﺎﺗﺨــــﺮج اﻟـــــﺮوح
ﻳﺎ ﻟــــــﻴﺘﻨﻲ ﻃـــــﻴﺮ اﻟﺘــــﻠﺠﻠﻴﺞ
ﻳﻮم اذﻛﺮه أﺻــــﻔﺞ ﺑﺎﻟــــــﺠﻨﻮح
أﻧﺼــــــﻰ دﻳﺎر اﻟﺨـــــﻞ ع اﻟﺪﻳﺞ
أواﻳﻪ اﻟﻤـــــــــــﻀﻨﻮن وآﻧــــﻮح
ﺷــــﻮﻓﻪ ﻳـــــﺸﺎﻓﻲ ﻛﻞ ﺗـــﻌﻮﻳﺞ
ﻟﻲ ﺑ ّﺮق ﺑﻌـــﻴﻨﻪ ﺷـــــﻔﺎ اﻟـــﺮوح
ŦġƀĚ ęķij
ﻋـــﻠﻲ درب ﺑﻴــــﺘﻚ َم أﻫـــــﻮن ّ
ﻳﻨﺴـــــــﺎح ﺑﺎﻟﻲ ﺑــــــــــﺨﻠﻮاﺗﻚ
ﻟــــﻮ ﻋــــﺎﻧﻰ ﻟﻐﻴﺮك ﻧﺼــــــﻴﺘﻚ
واﻧﺠﺮ ﻗﻠﺒﻲ ﻣــــــــــﻦ ﺻــــﻔﺎﺗﻚ
وان ﻛــــﻨﺖ ﺑﺎﺻــــﻠّﻲ ﻗــــﺮﻳﺘﻚ
ﻻﺑﺪ ﺗﻜــــــــﺘﺐ ﻟــــــــﻲ ﺻﻼﺗﻚ
ﺣﻲ زور ﻣﻴــــــﺘﻚ ﻣــــــﺎ دﻣﺖ ﱟ
اﺗﻚ ﻳﺮﺣﻢ ﺷــــﺮاﺗﻲ ﻟﻲ ﺷـــــــــﺮ ﻚ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر
ﻋﺒﺪا kﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
79
žĸōŨė ƁĬĸĨ
اﻷول أﻋـــــﺎﻳﻲ ﻋـــــــــﻨﻚ وا ْﻳﺤﺪ
واﻟﻴﻮم روﺣﻲ ﺷـــــــﻔﺖ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ
ﻣﺎ ﺑﺎ ﻋﻠﻴــــــــــــﻜﻢ ﺣـــــﺪ ﻳﺸﻬﺪ
ﺑﺎﻟﻠّﻲ ﺟــــــﺮى واﻧﺘﻮا ﻣــــﺴ ّﻮﻳﻦ
أرﺑﻊ ﺧــــﻄﺎ ﺳــــــ ّﻮﻳﺖ ﺑﺎﻟـــــﻌﺪّ ﻳــــﻮم اﺳــــﺘﻮﻳﺘﻮا ﻋـــــﻨﺪ ﻛﻞ ﺣﺪ
ﺗﺘﺤﺴﺐ إﻧﺎ ﻋـــــﻨﻚ ﺳــــــﺎﻫﻴﻦ ّ ٍ ﻗﻴﻆ وﻫــــﺎدن ﻓـــﻲ اﻟــــﺒﻼدﻳﻦ
ﻳـــــﺎز اﻟﻘـــــﻠﺐ ﻋــــﻨﻜﻢ وﺑـــ ّﻨﺪ
ﺷﺮوى اﻟﻘـﻄﺐ واﻟﻴﺎه ﻧـــــﺠﻤﻴﻦ
اﻷول ﻟــــﻜﻢ ﺳـــــــــــﺪﱟ ﻣ ّﻴـــــﻮد
واﻟﻴـــــﻮم أﻓﻀــــﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻴﻦ
اﻟــــــﻌﻴﻦ ﻣﺎ ﺗﻐـــــﻀﻲ ﺑـــــﻤﺮﻗﺪ
ﻳﻮم اﻧﺘــــــﻮا أول ﻟــــــﻲ ﻣ ّﺒﺮﻳﻦ
وﻳﻮم اﻟﻤـــــــﻠﺢ ﻗﺪ ﺧـــــﺎس د ّود
ﺟــــﺮﺣﻲ اﻟــﻄﺮي ﺑﻴــﺎﺧﺬ ﺳﻨﻴﻦ
ƁĠĘěŬ ǡ
ﻓﻲ ﻣــــــﺒﺎﺗﻲ ﺷــــــﻔﺖ روﻳﺎﺗﻲ
ﻟﻲ ﺟﺮى ﻟﻲ ﻫــــــــــﻮب ﻣﺨﻔ ّﻨﻪ ٍ ﻧﻜــــﻴﺘﺎت ﻳﻐـــــﻄ ّﻨﻪ ﺑـــــــــــﻮ
ﻣــــــــــﻦ ﻇﺒ ّﻴﺎت اﻟﻤـــــــﻬ ّﻴﺎﺗﻲ ﻛــــﺎد ﻓـــــــﻲ اﻟــﻄﻮﻓﺎت ر ّداﺗﻲ
ﻟﻴﺖ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺻـــــﺎر واﻟﻨـــــــ ّـﻪ ﻣﺎ ﻗﻄــــــﻌﺖ اﻟﻈــــــــﻦ ﻣﺘﻠّﻨﻪ
ﻳﺎ ﺷــــﻔﺎ روﺣــــــﻲ وﻋــــــﻼﺗﻲ
ﻋــــــــــﺬاب ﺻـــــﺮت ﺷﺎﻛ ّﻨﻪ ﻳﺎ ٍ
آه أﻧــــــــــﺎ ﺑﺎ ّون وﻧـــــــــــّﺎﺗﻲ
ﺑﺎﻟﺒﻜﺎ ﻟـــــــــﻮ ﺗﻨـــﻔﻊ اﻟـــــﻮﻧّﻪ
ﻛﺎن ﺣـــــــﻠﻢ اﻟﻠﻴﻞ ﺛ ّﺒــــــــــﺎﺗﻲ
ﺧ ّﺒــــﺮﻧ َﻴﻪ ﻛــــــﺎن ﻗــــــــــﺎرﻧّﻪ
زارﻧــــــﻲ ﺣــــــﻠﻮ اﻟـــــﻤﻼﻗﺎﺗﻲ
78
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪا Iﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
ŃŹřŨė
ﻛـــﻞ ﻣﺎ ﺗــــﺬﻛّﺮ ﺧـــــﺎﻃﺮي ﻧﺎس
زاد اﻟﻬـــــــﺠﺮ ﻓﻲ ﺣــﺎﻟﻲ ﻧﻘﻮص
اﻟﻠﻪ أﻛـــــﺒﺮ ﻳﺎ ﻫـــــﻲ أﻫـــﻮاس
ﺗــــﻄﺮو ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻲ واﻧﺎ ﻏـــــﻮص
وﻳـــــﺪق ﻗــﻠﺒﻲ دق اﻷﺟــــﺮاس
وآﺻﻴﺢ ﻛ ّﻨﻲ ﺗـﻘﻮل ﻣﻘــــــــﺮوص
ﻧﻨﺼﻰ اﻟﻤــــــﻐﺎص وﻧﻴﺐ ﻟﺨﻤﺎس
ﻣﻦ ﻟﺞ وﻳﻦ اﻟﻘﻮع ﻣﺨــــــــﺒﻮص
واﺣــــﻨﺎ ﻋـــــﻠﻰ ﻧﺎﺑﺮ وﻏــــﻄّﺎس
ﻫﻨﺎك وﻳﻦ اﻟــــــــﻴﺎرح ﻳــــﺤﻮص
واذا ارﺗـــﺤﻠﻨﺎ ﺗـــــ ّﻤﺖ اﻛــــﺪاس
ﻣﻦ ﻋــــــــﻘﺒﻨﺎ واﻟﻬﻴﺮ ﻣﻤـــﻐﻮص
واذا ﻧﺘــــــــﺮﻧﺎ ﻧﺒـــﻐﻲ ل »داس«
ﻳﻮم اﻟـــــﺸﻤﺎل ﺗﻘــــــﻄّﻊ ﻗﻠﻮص
واذا ﻟﻔــــــﻴﻨﺎ ﻧــــــﺮﻓﻊ اﻟــــﺮاس
ﻣﺎ ﻧﺮد ﺑﺎﻟﻘــــــﻄﻌﺎن ﺑﻘــــﺼﻮص
ﻛـــﻠّﻪ ﻷﺟﻞ ﻣـــــﺪﻗﻮق ﻟﻠـــﻌﺎس
ﻟﻲ ﻣﺎ ﺷﻜﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﻦ ﻣـﻨـﻘﻮص
ﺳﻴــــﺪ اﻟـــﻤﻬﺎ ﻣﻔــﺮوق اﻻﺿﺮاس
ﺗﺮف اﻟﺼﺒﺎ ﺑﻮ ﺧـــﺼﺮ ﻣﺨـــﻤﻮص
ﻣﻦ دون وﺻﻠﻪ ﺳـــــﻴﻮف واﺗﺮاس
ﺟﻨﺪ وﺣـــﺮس ﻋﻦ ﺳﻄﻮة ﻟﺼﻮص
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر
ﻋﺒﺪا kﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
77
ĘűƀŜ ĜĭŨė ĘűƀŜ Ĝ
76
اﻟـــــــــــﺒﺎرﺣـﻪ زاد اﻟــــــﻮﻧﻴﻨﺎ
ﻳﺎ ﺻـــــــﺎﺣﺒﻲ ﻗﻠّﺖ ﺑـــﻲ اﻋـﻮان
واﺑﺮﺣﺖ ﻣـــــــــﺤﺰونٍ ﺳــﺠﻴﻨﺎ
ﻛ ّﻦ ﺑﺤــــــــﺸﺎﻳﻪ وﻗـــــــﺪ ﻧﻴﺮان
ﻣﺎ ﻫ ّﻤﻨﻲ ﻏﺒـــــــﺮ اﻟﺴــــــﻨـﻴﻨﺎ
وﻻ ﻫﻤـ ّـﻨﻲ ﻟـــــﻮ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻛـــــﺎن
ﻣﺎ ﺑـﻲ أﻧﺎ ﻣﻦ ﻋـــــــــــﺴﺮ دﻳﻨﺎ
ﻣــــــﺎﺟﻮد ﻟـــــﻲ ﻳﻮﻓﻲ اﻟـــﺪﻳّﺎن
ﻟﻜﻦ ﺑﻲ ﻣـــــــــﻦ ﺣـــﺐ زﻳـﻨﺎ
ﻃــﻔﻞٍ ﻋـــــﻠﻰ ﻛــﻞ اﻟــــﻤﻼ زان
ﻣﺘـــــﺒ ّﺰي ﺑﺤﺴــــــــــﻨﻪ ﻋـﻠﻴﻨﺎ
ﻣـﺎ ﻃﺎع ﻓﻴﻨﺎ ﻳﻔــــــﻌﻞ اﺣــــﺴﺎن
إن ﻗﻠﺖ ﻓﻴﻨﺎ اﻟﺤـــــــــــﺐ ﻓﻴﻨﺎ
ﻟﻜـــﻦ ﻓـــــــﻴﻚ اﻟﺤــــﺴﻦ ﻓﺘﺎن
ﻗﻄﻊ اﻟﺼﺪاﻗﻪ ﻗﻄـــــــــﻊ ﺷـﻴﻨﺎ
ﻳﺎ زﻳـــــﻦ ﻣﻨﻚ اﻟﺼــــــﺪ ﻗﺼﺮان
ﺣﻴﺪ اﻟﻬﻮى ﻻول ﺳـــــــــــﻤﻴﻨﺎ
واﻟﻴـــــــــﻮم ﻋﻨﻲ و ّﻗﻒ وﺣــــﺎن
ﻟﻮ ﻟﻠﻬﻮى ﻗﺎﺿﻲ ﺷــــــــــــﻜﻴﻨﺎ
ﻳـﺎﺧﺬ ﻧﺼــــﻒ واﻟﺤــــﻖ ﻣــﻴﺰان
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪا Iﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر
ﻋﺒﺪا kﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
ŮDžƀġǬė ĘŰč
ﺑﺖ م اﻟﻬﻢ اﻟﺒﺎرﺣـــــﻪ ﻣــــﺎ ّ
ﻧﻴﺮان ﻗــــﻠﺒﻲ ﺗﺸـــﺘﻌﻞ ﻓـﻴﻪ
وﻧّﻴﺖ وﻓـــــﻮادي ﺗـــــﺤﻄّﻢ
ﺣــــﻄﻢ اﻟﺰﺟﺎج وﻣﻦ ﻳﺪاوﻳﻪ
ﻣـــــــــﺎ ﺛﺎﺑﻨﻲ ﺧـﺎلٍ وﻻ ﻋﻢ
وﻻ ﺻــــﺪﻳﺞٍ ﻟــﻲ ﺑﺸــــﺎﻛﻴﻪ
ﻟـﻮ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﻟﻤــــﺤﻴﻂ ﻣﺎ ﺗﻢ
ﻳﺒﺲ وﻏﺪا ﺿـــﺤﻀﺎح ﺗﺎﻟــﻴﻪ
ﻟـــﻮ ﻓﻲ ﻗـــﺼﺮ ﺷﺎﻣﺦ ﺗﻬﺪّ م
واﻟﻠﻪ ﻣـــﺎ ﺗــــﻌﻠﻢ ﺑـــﻘﺎﺻﻴﻪ
ﻗـــــﻔّﺎ وﺧــــــــﻼﻧﻲ ﻣــﺘ ّﻴﻢ
ر ّوح ﺑــﺮوﺣﻲ ﺻﻮب ﻫـــﺎﻟﻴﻪ
داﻳﺲ ﻧــــــﺤﺲ ﺑﻲ ﻣﺎ ﺗﻠ ّﻮم
ﻫﺬا ﻋﺪم اﻻﻧـﺼﺎف ﻟــﻲ ﻓﻴـﻪ
ﻛــﻢ و ﻛﻢ و ﻛـــﻢ ﻓﻲ ﻛﻢ ٍ
أﺑﻜﻲ ﻋـــﻠﻴﻪ ﺳــﻨﻴﻦ واﻟﻌــﻴﻪ
ﻣــــﺎ ﻳﺪري ﺑﺤـــﺎﻟﻲ و ﻳﻌﻠﻢ
اﻧــــﻲ ﺷـﻔﻴﺞٍ ﺑــــﻪ واراﺷﻴﻪ
اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
75
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
ﻣﺘﺤﻒ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ
ﻋﺎدة اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪﻋﻮن ﻏﺰﻟﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﺬﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻦ ﻳﺤﺒﻮن، ﻛﻤﺘﻨﻔﺲ وﺣﻴﺪ ﻟﺒﺚّ اﻟﺤﺐ واﻟﺸﻜﻮى. وﻧﻈﺮا ً ﻟﺮﺣﻴﻠﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺎت اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻓﻘﺪﻧﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﺑﺮﺣﻴﻞ رواﺗﻬﺎ ،وﺑﻘﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻣﺎ زاﻟﻮا ﻳﺘﻐﻨﻮن ﺑﻬﺎ ﻣﻦ دون ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺼﺎﺣﺒﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﺟﻮدﺗﻬﺎ وﺟﻤﺎل أﺑﻴﺎﺗﻬﺎ وﺳﻬﻮﻟﺔ ﺣﻔﻈﻬﺎ .وﻣﻌﻈﻢ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻗﺼﻴﺮة ﻻ ﺗﺘﻌﺪى اﻟﺨﻤﺴﺔ أﺑﻴﺎت ﻓﻲ أﻏﻠﺒﻬﺎ ،وأﻏﻠﺐ اﻟﻈﻦ أﻧﻪ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﻐﻮص ،وﻛﺎن اﻟﺒﺤﺎرة ﻳﺘﻐﻨﻮن ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ »ﻧﻬﻤﺎت« ﺑﺤﺮﻳﺔ .رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻃﻮل ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻓﻘﺪت وﺑﺘﺮت ﺑﻤﺮور اﻟﺰﻣﻦ. أﻣﺎ أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻤﻌﻈﻤﻬﺎ ﻏﺰل ،ورﻏﻢ أﻧﻪ ﻋﺎش ﻓﻲ زﻣﻦ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻴﻪ ﻃﺎﻏﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ ﺷﺆون اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ وﻋﺠﻤﺎن وﻏﻴﺮﻫﺎ ،إﻻ أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﺷﻜﺎوى ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻟﻪ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﻨﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ أن ﻫﻨﺎك ﺷﻌﺮاء ﻛﺜﺮ ﻋﺎش ﻣﻌﻬﻢ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،أﻣﺜﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻌﺮوف ﻳﻌﻘﻮب اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ واﻟﺸﺎﻋﺮة آﻣﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﺴﻦ واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺴﻤﻦ واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺸﻤﺎم واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻜﺘﻮم ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ رﺣﻤﺔ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻠﺘﻘﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻟﻪ أي ﻗﺼﻴﺪة ﻳﺸﺎﻛﻲ ﻓﻴﻬﺎ أﺣﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﻌﺮاء .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻪ أﺻﻴﺐ ﺑﺤﻤﻰ »اﻟﻮﻫﻒ« ﻓﻲ
74
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪا Iﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
أواﺧﺮ أﻳﺎﻣﻪ ،ﻓﺎﻧﻘﻄﻊ ﻋﻦ ﻗﻮل اﻟﺸﻌﺮ .وﻟﻮ ﻋﺎش -رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -ﻷﺻﺒﺢ ﺷﺎﻋﺮا ً ذا ﺷﺄن ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات اﻟﻜﺒﺎر. وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻋﺘﺒﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي أﺣﺪ رواد اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﺑﺮﻏﻢ ﻗﻠﺔ ﻣﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ،إﻻ أن ﻣﺎ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻨﻪ أﺑﻴﺎﺗﻪ اﻟﻘﺼﻴﺮة وﻛﻠﻤﺎﺗﻪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺘﺒﻮأ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻤ ّﻴﺰة ﺑﻴﻦ ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات ،وأﻋ ّﺪﻩ أﺣﺪ ر ّواد اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،اﻟﺬﻳﻦ أﺳﺴﻮا ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺬي أدﺧﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت وﻛﻠﻤﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺗﺤﺎﻛﻲ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺒﻴﺌﺔ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻓﻲ ﺷﻌﺮه
اﻹﺑﻞ« ﻫﻲ وﺳﻴﻠﺔ رزﻗﻬﻢ وﺣﻴﺎﺗﻬﻢ. ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻤﻞ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺷﺘﺪ ﻋﻮده ،ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ﺑﺤﻜﻢ ﻋﻤﻞ واﻟﺪه ﻛﻨﻮﺧﺬا ﻟﺴﻔﻴﻨﺘﻪ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ »ﻫﺎورﻳﻪ«. وﻗﺪ د ّرﺑﻪ واﻟﺪه ﻋﻠﻰ رﻛﻮب اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﺎﻓﺮه ،ﻓﻌﻤﻞ ﻏﻴﺼﺎً ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ وﻋﺎﻧﻰ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻋﺐ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﻐﻮص ،وﻟﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻐﻮص وأﻫﻮاﻟﻪ ،وﻟﻤﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ أوﻛﻠﺖ إﻟﻴﻪ ﻣﻬﻤﺔ »ﻧﻮﺧﺬا« ﻃﻮﻳﻼ ،وﺣﺴﺐ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﻴﻨﺘﻬﻢ »ﻫﺎورﻳﻪ« ،إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻴﻬﺎ ً ﻣﺎ ذﻛﺮه اﻟﻮاﻟﺪ اﻟﻮﺟﻴﻪ اﻟﻤﺮ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي ) (80ﻋﺎﻣﺎً ،ﻣﻦ دﺑﻲ: »ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ إﻧﺠﺎز اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻤﻮﻛﻮﻟﺔ اﻟﻴﻪ ،وﺗﻜﻤﻠﺔ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻐﻮص ﻣﻊ زﻣﻼﺋﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻓﻘﺪ زاد ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺮض وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺗﺤﻤﻠﻪ ،ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻌﻴﺪوه إﻟﻰ »اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ« ﻋﻨﺪ أﻫﻠﻪ واﺑﻨﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﻓﺄﻧﺰﻟﻮه ﻓﻲ »ﺟﻤﻴﺮا« ﺑﺪﺑﻲ ،وﻫﻨﺎك ﻗﻀﻰ ﻟﻴﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﻒ اﻟﺒﺤﺮ ،ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻗﺎل ﻫﻨﺎك آﺧﺮ ﻗﺼﻴﺪة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﻗﺪ ذﻛﺮﻫﺎ ﻟﻲ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻤﺮ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ ،وﻧﻨﺸﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﻮﺿﻮع ،ﻳﺴﺘﻬﻠﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ :ﻓﻲ ﻣﺒﺎﺗﻲ ﺷﻔﺖ روﻳﺎﺗﻲ /ﻟﻲ ﺟﺮى ﻟﻲ ﻫﻮب ﻣﺨﻔ ّﻨﻪ وﻗﺪ ﻧﻘﻠﻮه ﻓﻲ ﺻﺒﺎح اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﺤﺮا ً إﻟﻰ اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ، ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻄﻞ إﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﺗﻮﻓﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺑﻤﺮض »اﻟﻮﻫﻒ« ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﺑﻨﻪ. وﻧﻈ ًﺮا ﻟﻘﺼﺮ ﺣﻴﺎة ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﺳﻮى ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ،وﻳﻘﻮل أﻫﻠﻪ وأﻗﺎرﺑﻪ واﺑﻨﻪ أﺣﻤﺪ، أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ راﻏﺒﺎً -رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻐﻮص ،وﻛﺎن
ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ً .ﺧﺎﺻ ًﺔ وأﻧﻪ ﻛﺎن ﺷﺎﻋﺮا ً ﻣﻔ ّﻮﻫﺎً ،واﻟﺸﻌﺮاء –ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺒﺎب – ﻳﺮﻏﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺘﻐﺰل ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻼت ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء، وﻳﻜﺮﻫﻮن اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻛﺜﻴﺮا ً ﻋﻦ دﻳﺎرﻫﻦ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻐﻮص .ﻟﺬا ﻓﻘﺪ أﺣﺲ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة وﺑﻜﺒﺖ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻣﻤﺎ زاد ﻣﻦ ﺣﺰﻧﻪ وﻧﻘﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻮص. وﻗﺪ اﻧﻌﻜﺲ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه اﻟﺬي ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﺬ ّﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻐﻮص وأﻫﻮاﻟﻪ ،واﻟﺘﻐ ّﺰل ﺑﺎﻟﺤﺒﻴﺐ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻨﻪ وﺣﺮﻣﺎﻧﻪ ﻣﻨﻪ. وﻳﺬﻛﺮ اﺑﻨﻪ أﺣﻤﺪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻻ ﻳﺴﺎﻓﺮ إﻟﻰ اﻟﻐﻮص، ﺑﻞ ﻳﻔﻀﻞ اﻟﺬﻫﺎب ﻣﻊ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر اﻹﺑﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﻴﻆ ﻓﻲ واﺣﺔ ﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ ﻓﻲ ﺑﺮ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰﺧﺮ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﺑﺎﻟﺮﻃﺐ واﻟﻤﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ. وﻳﺬﻛﺮ اﺑﻨﻪ ﻛﺬﻟﻚ ،أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ رﺣﻤﻪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ رﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻘﻀﻲ اﻟﺼﻴﻒ ﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎً ،وﻛﺎن ﺻﺪﻳﻘﻪ وﻧﺪﻳﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ .وﺑﺠﺎﻧﺐ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ إﺑﻞ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺮ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ »اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ » ،ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻋﺎﻫﺎ وﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺎ ،وﻫﻮ دﻟﻴﻞ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻪ ﻟﻠﺒﺮ واﻟﺒﺪاوة وﺑﻐﻀﻪ ﻟﻠﺒﺤﺮ وأﻫﻮاﻟﻪ. ﻟﻮﻋﺔ وأﺳﻰ وﺗﺬﻣﺮ
ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ أﺷﻌﺎره اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺪر، ﻳﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻗﻴﻞ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺎﻟﻐﻮص ،وﻫﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺪى ﻟﻮﻋﺘﻪ وأﺳﺎه وﺗﺬ ّﻣﺮه ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻣﻦ ٍ ﻣﺮض ﻣﺎ. اﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﺑﻌﺾ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﺗﻜﺎد ﺗﻘﻄﺮ ﻣﻨﻬﺎ دﻣﻮع اﻟﻐﺮام وﻟﻮﻋﺔ ﻋﺸﻖ اﻟﺤﺒﻴﺐ .وﻫﻮ اﻟﻤﻠﻤﺢ اﻷﻫﻢ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن -رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ – رﻏﻢ ﻗﺼﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺤﺒّﺎً ﻋﺎﺷﻘﺎً ،ﻳﻬﻮي اﻟﺠﻤﺎل ،وﻫﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
73
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
واﻟﺪه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻓﻲ ،ﻗﺎل» :ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ذﻛﺮه ﺟ ّﺪي ﺧﻤﻴﺲ ،ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺪود 30أو 32ﻋﺎﻣﺎً«. ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺤﺪد –ﺑﺎﻟﺘﻘﺮﻳﺐ -أن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬي ﺗﻮﻓﻲ ﺑﻌﺪ وﻻدة اﺑﻨﻪ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﺳﻨﺔ 1938م ﺑﺜﻼث ﺳﻨﻮات ﻗﺪ ﺗﻮﻓﻲ ﻋﺎم 1941م. وﻋﻠﻴﻪ ﺗﻜﻮن ﺳﻨﺔ ﻣﻴﻼده )ﻋﻠﻰ اﻓﺘﺮاض أﻧﻪ ﺗﻮﻓﻲ وﻋﻤﺮه 32ﻋﺎﻣﺎً( ﻫﻲ ﺳﻨﺔ 1909م. رﺣﻞ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻋﻦ دﻧﻴﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﻋﺰ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﺮض ﺷﺪﻳﺪ ،وﻋﻦ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮل اﺑﻨﻪ أﺣﻤﺪ إﻧﻪ ﻳﺬﻛﺮه ﻛﺎﻟﺤﻠﻢ ﻗﺒﻴﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﺑﺸﻬﻮر وﻫﻮ ﻳﺰﺣﻒ ﻣﺮﻳﻀﺎً إﻟﻰ ﻣﻜﺎن اﻟﺜﺮى واﻟﺘﺮاب اﻟﺒﺎرد اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺿﻊ آﻧﻴﺔ ﺣﻔﻆ وﺷﺮب اﻟﻤﺎء ،ﻟﻴﻀﻊ اﻟﺘﺮاب اﻟﺒﺎرد ﻋﻠﻰ ﺻﺪره وﻫﻮ ﻳﺘﺄ ّوﻩ ﻣﻦ اﻟﻤﺮض واﻷﻟﻢ واﻟﺤﺮارة اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﺪره، رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺸﺎﻋﺮﻧﺎ أﺧﻮة أﺷﻘﺎء ،ﻓﻘﺪ ﺗﻮﻓﻴﺖ أﻣﻪ أﺛﻨﺎء وﻻدﺗﻪ ،وﺗﺰوج واﻟﺪه ﺑﺄﺧﺮى ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻬﺎ ،وأﻧﺠﺒﺖ ﻟﻪ اﺑﻨﺎً ﺗﻮﻓﻲ ﻛﺬﻟﻚ وﻋﻤﺮه ﺳﻨﺘﺎن، وأرﺑﻌﺔ ﺑﻨﺎت إﺣﺪاﻫﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﺟﺪة اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻌﺮوف ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺮ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻟﺪه. ﺑﺤﺚ ﻋﻦ أﺻﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ
ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻊ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،اﻧﺘﻘﻠﺖ أﺳﺮ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ آل ﺑﻮ ﻣﻬﻴﺮ اﻟﻜﺮام ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﻠ ّﻴﻪ« ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ ،إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ« ﺑﺄم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻤﻜﺎن اﻷﻧﺴﺐ ﻟﺘﻠﻚ اﻷﺳﺮ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ ﻟﺴﻨﻴﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ. ﻟﻢ ﻳﻨﺎﺳﺒﻬﻢ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ »اﻟﻠ ّﻴﻪ« ،أو رﺑﻤﺎ ﻃﻤﺤﻮا إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻃﺮق ﻋﻴﺸﻬﻢ ورزﻗﻬﻢ ،أو رﺑﻤﺎ واﺟﻬﺘﻬﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻌﺎب ﻣﻊ اﻟﺤﺎﻛﻢ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻣﺼﺪر رزﻗﻬﻢ ﻛﺎن اﻟﻐﻮص ،ﻓﺎﺳﺘﻘﺮوا ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ«، ﺑﺄم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،ﺧﻼل ﺣﻜﻢ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻌﻼ ) ،(1904-1867اﻟﺬي ر ّﺣﺐ ﺑﻬﻢ وأﻋﺎﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ »اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺑﻠﺪة أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ اﻷﺻﻠﻴﺔ. ﻛﺎﻧﺖ » اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ« ﻓﻲ ذﻟــﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻤﺜّﻞ ﻣﻠﺘﻘﻰ أﻫــﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﻌﺞ ﺑﺴﻔﻦ وﻗﻮارب اﻟﺼﻴﺪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺠﺎﻟﺴﻬﺎ واﻟﻐﻮاﺻﻴﻦ ،وﻛﺎن ﺑﺤﺮﻫﺎ ّ ﺗﻀﺞ ﺑﺎﻟﻄﻮاوﻳﺶ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ وأﻫﻠﻪ .ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﺑﻮاﺑﺔ ّ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ وﻣﺪﺧﻞ ﺳﻮرﻫﺎ اﻟﺤﺼﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﻛﺎن اﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺣﺎﻛﻢ اﻹﻣﺎرة أن ﻳﻌﻔﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺿﺮﻳﺒﺔ »اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﻮاﺧﺬة اﻟﻐﻮص ﻟﻠﺸﻴﻮخ واﻟﺤﻜﺎم .وﻗﺪ واﻓﻖ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻬﻢ واﺳﺘﻘﺮارﻫﻢ ﻓﻲ »اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ« ،وأﺻﺒﺤﻮا ﻣﻦ أﻫﻞ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،وﻣﺎ زال ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻫﻨﺎك ﺣﺘﻰ اﻵن. ﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺮ ﻣﻦ آل ﺑﻮﻣﻬﻴﺮ اﻟﻜﺮام ،رﺟﺎل ﻳﻤﺜّﻠﻮن اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ، وﺑﻴﺪﻫﻢ اﻟﺤﻞ واﻟﺮﺑﻂ ،ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﻮﻧﻬﻢ أﺻﺤﺎب ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص
72
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪا Iﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
وﻧﻮاﺧﺬﺗﻪ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﻮﺟﻴﻪ »ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻦ اﻟﻤﺮ«. ﺿﻤﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮا ﻣﻦ »اﻟﻠ ّﻴﻪ« ﺑﺴﻔﻨﻬﻢ وﺧﺪﻣﻬﻢ وﺣﺸﻤﻬﻢ، ﻛﺎن اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻦ اﻟﻤﺮ وﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻪ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻏﻮص ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻧﻮع »ﺻﻤﻌﺎ« ،واﺳﻤﻬﺎ »ﻫﺎورﻳﻪ« ،ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻔﺮاﺗﻪ ﻟﻠﻐﻮص ،واﻋﺘﺎد أن ﻳﺒﺤﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ »ﺟﻤﻴﺮا« ﺑﺪﺑﻲ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﻤﻮﻳﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﻨﺎك. ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺗﺰ ّوج »ﺧﻤﻴﺲ« ﺑﺈﺣﺪى ﻗﺮﻳﺒﺎﺗﻪ وﺗﺪﻋﻰ »ﺣﺼﺔ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﻴﺪ« اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﻴﺖ رﺣﻤﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ أن أﻧﺠﺒﺖ ﻟﻪ وﻟ ًﺪا أﺳﻤﺎه واﻟﺪه »ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ« ،ﻋﺎش ﻓﻲ ﻛﻨﻔﻪ ورﻋﺘﻪ ﻣﻌﻪ ﺟ ّﺪﺗﻪ ﻟﻮاﻟﺪه ﺑﻜﻞ ﻋﻄﻒ وﺣﻨﺎن. ﻧﺸﺄة اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻴﺘﻴﻢ
أﻣﻀﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﻓﻲ ٍ ﺑﻴﺖ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﺧﺪم وﺣﺸﻢ ﺗﺤﺖ ﻇﻞ واﻟﺪه رﺟﻞ اﻟﺒﺤﺮ وﻧﻮاﺧﺬا اﻟﻐﻮص اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻦ اﻟﻤﺮ. وﻛﺎن رﺟﻼ ﻣﺸﻬﻮرا ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻟﺪى اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺸﻴﻮخ .وﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺠﻠﺲ ﻛﺒﻴﺮ »ﺳﺒﻠﺔ« ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻓﻴﻪ ﺿﻴﻮﻓﻪ وز ّواره .ﻛﻤﺎ ﻛﺎن إﻣﺎﻣﺎً ﻟﻠﺼﻠﻮات وﻗﺎرﺋﺎً ﻟﻠﻘﺮآن وﻃﺒﻴﺒﺎً ﺷﻌﺒﻴﺎً ﻳﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺿﻰ وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﻦ ﺑﻠﺪﻏﺎت اﻟﺤﺸﺮات وﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﻮ ﺗﺮﻋﺮع ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ،وﻫﻮ ﻳﺮى واﻟﺪه ﻳﻘﻮد اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺒﺮ ﻗﻠﻴﻼً راﻓﻘﻪ ﻓﻲ رﺣﻼﺗﻪ وأﺻﺒﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أﺣﺪ أرﻛﺎن اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ »ﻫﺎورﻳﻪ« ،وﻫﻮ ﻣﺎ زال ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺼﺒﺎ. وﻧﻈﺮا ً ﻟﻘﺮب ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﻠﺰﻳﻤﺔ« ﻣﻦ اﻟﺒﺮ، ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻠّﻖ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﺒﺮ واﻟﺼﺤﺮاء واﻹﺑﻞ ،وﻟﻢ ﻳﺘﺤ ّﻤﺲ ﻟﻤﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ واﻟــﺪه ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،وﻓﻀّ ﻞ ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺪو ،وﺗﻌﻠّﻖ ﺑﻔﻨﻮن اﻟﺒﺎدﻳﺔ وأﺷﻌﺎرﻫﺎ وﺳﻴﻄﺮ اﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ ﻟ ّﺒﻪ، ﻟﻢ ﻻ! وﻣﺪﻳﻨﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن ﺗﺰﺧﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻜﺒﺎر أﻣﺜﺎل ﻳﻌﻘﻮب اﻟﺤﺎﺗﻤﻲ وﻫــﺪوب ،واﻟﺸﻤﺎم واﻟﺴﻤﻦ وﺑﻦ ﺻﻨﻘﻮر وآﻣﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﺴﻦ . . .وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﻮس اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺼﻐﺮه ﻗﻠﻴﻼً وﻛﺎن ﺻﺪﻳﻘﻪ. ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺸﺄة اﻟﻄﻔﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻦ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي ،ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﺬي ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺧﺘﺼﺎرا ً »ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻤﺮ«. ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﻟﻢ ﻳﻌﺮف اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻌﺮوف ﺣﺎﻟﻴﺎً ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻬﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻷﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻲ اﻟﻐﻮص وﺻﻴﺪ اﻟﺴﻤﻚ ،وﻷﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ »ﻣﻜ ّﺪة
ﺗﻠﻚ اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ داﻓ ًﻌﺎ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻲ اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ، وﻫﻨﺎك اﻟﺘﻘﻴﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻤﺮﺣﻮم ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﻀﺪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺻﺎﺣﺐ اﻷﺑﻴﺎت ﻋﺰ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،وﻗﺪ ﺳ ّﺠﻠﺖ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻘﺎﻃﻊ. ﻛﻤﺎ اﻟﺘﻘﻴﺖ اﻟﺴﻴﺪ ﺟﻤﻌﺔ ﺣﺴﻦ ،وﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻮاﻟﻲ ﻣﻦ »ﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ« ،وﻛﺎﻧﺎ أﻳﻀً ﺎ ﻳﻌﺮﻓﺎﻧﻪ واﻟﺘﻘﻴﺎ ﻣﻌﻪ .أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻨﻘﻮر )95 ﻋﺎ ًﻣﺎ( ﻣﻦ دﺑﻲ )ﻣﻦ ﺳﻜﺎن أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ أﺳﺎﺳﺎً( أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻤﺮ ﻓﻘﺪ أﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ وﻗﺎل» :ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ رﺟﻼً اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺎً ،وﺷﺎﻋﺮا ً ﺑﻠﻴﻐﺎً ،زاﻣﻠﺘﻪ وﺟﺎﻟﺴﺘﻪ ﻛﺜﻴﺮا ً، ﻛﺎن ﺑﺪوﻳﺎ ً ،وداﺋﻤﺎ ً ﺑﻌﺼﺎﻣﺘﻪ )أي ﺑﻌﻤﺎﻣﺘﻪ اﻟﺒﺪوﻳﺔ أو »اﻟﺤﻤﺪاﻧﻴﺔ« ،ﻟﻘﺎء ﻣﻊ اﺑﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﺎ(« .وﻟﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ إن ﻛﺎن ﻳﺬﻫﺐ ﻣﻌﻬﻢ إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﻓﻲ دﺑﻲ اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﺎﺑﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ٍ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت واﻓﻴﺔ أﻛﺜﺮ. ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ! ﻗﺎل ﻣﺘﻌﺠﺒﺎً» :ﻻ ،ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ روﺣﻪ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي ،وﺑﻌﺾ أﻗﺎرﺑﻪ ،وﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺦ ،ﻳﻌﺘﺰ ﺑﻨﻔﺴﻪ وﺑﻤﻨﺰﻟﺘﻪ ،وﻛﺎن ﻻ ﻳﺘﻨﺎزل ﻷﺣﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ .ﻛﺎن واﻟﺪه ﻳﻘﻮل» :ﻟﻢ أﻋﺎﺻﺮ واﻟﺪي ،إذ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ رﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻋﻤﺮي ﻣﻌﺮوﻓﺎً وﻣﺠﻠﺴﻬﻢ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﺼﺎرﻳﻌﻪ أﻣﺎم اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﻛﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات« وﻣﺤﺪﺛﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ ﻋﺎم 1938م ،وﻟﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ
إﻟﻰ ﺳﻮق اﻟﺴﻤﻚ ،اﻟﻜﻞ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ وإﻟﻰ وﺳﺎﻣﺘﻪ وﺷﺨﺼﻴﺘﻪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة«. وﻗﺪ ﺳ ّﺠﻠﺖ ﺑﻌﺾ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ ﻣﻦ اﺑﻦ ﺻﻨﻘﻮر ،ووﺟــﺪت أن اﻟﻤﺮﺣﻮم ﺣﻤﺪ ﺑﻮﺷﻬﺎب ﻧﺸﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻀﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﻌﺮوف »ﺗﺮاﺛﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ«. وﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﻮاﺻﻠﺖ ﻣﻊ اﻷخ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻬﻴﺮي ،اﻟﺬي ﻫﺪاﻧﻲ –ﻣﺸﻜﻮ ًرا -إﻟﻰ اﺑﻦ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻳُﺪﻋﻰ أﺣﻤﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺰﻫﺮ ﻓﻲ دﺑﻲ ،وأﻣ ّﺪﻧﻲ ﺑﺄرﻗﺎﻣﻪ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
71
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ
ﺣﻴﺎ ٌة ﻗﺼﻴﺮة وأﺛﺮ ٌ ﻋﻈﻴﻢ
ﻋﺒﺪا kﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي ﺷﺎﻋﺮ اﻟﻐﺰل واﻟﺸﺠﻦ د .راﺷﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ
واﺟﻬﺘﻨﻲ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﻴﺮة وأﻋﻤﺎل ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﺑﻴﺎت ﻟﻬﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ داﻓﻌﻲ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ، ﺑﻌﺪ أن ﺳﻤﻌﺘﻬﺎ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺣﻮم ﻣﻄﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ. ﻛﻨﺖ أﺳﻤﻊ اﺳﻤﻪ ﻳﺘﺮدّد ﺑﻴﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻣﺴﻌﻮد ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺬﻳﺪ ،وﻗﺪ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ وﺑﺎدﻳﺘﻬﺎ ،وﻫﻢ ﻛﺎن ﻣﻌﺠﺒﺎً ﺑﺸﻌﺮه أﺷﺪ اﻻﻋﺠﺎب ،ﺗﻘﻮل اﻷﺑﻴﺎت: ﻳﻮم ﺑﺨﻴﺮ وﻋﺸﺮ ﻣــﻴﻬﻮد ﻳﺘﻐ ّﻨﻮن ﺑﺄﺑﻴﺎﺗﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ وﻧﻬﻤﺎﺗﻪ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ .وﻋﻨﺪﻣﺎ وش ﺣﻴﻠﺘﻲ ّﻗﻞ اﺣﺘﻴﺎﻟﻲ ٍ أﺳﺄﻟﻬﻢ ﻋﻨﻪ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﺮد ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺷﺎﻋ ًﺮا ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﻣﻦ »أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ« ،أو ﻣﻦ »اﻟﻠﺰﻳﻢ« ،ﺗﻮﻓﻲ ﻣﻦ زﻣﺎن وﻟﻢ اﻷول ﻳﻠّﻲ ﻣﻦ ﺿﺎق ﺑﺎﻟﻲ ﻓ ّﺮج ﻋﻠ ّﻴﻪ ﺗﺮف ﻟﺨـــﺪود ﻳﻌﺎﺻﺮه أﺣﺪﻫﻢ. وﻷن اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ ﻳﺪﻋﻮك ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ وﻋﻦ ﻗﺎﺋﻠﻪ؛ واﻟﻴﻮم ﺑﻲ ﺿﺎق اﻟﻤﺠﺎﻟﻲ ﻻ ﻧﺎﺷ ٍﺪ ﻋﻨﻲ وﻣـــــﻨﺸﻮد
70
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪا Iﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
ﻣﺪارات
اﻟﺸﻴﺦ ،اﻟﻔﻨﺎن ،اﻟﺸﺎب ﺗﺘﻄﻮر اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺑﺘﻄﻮر اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ .وﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻠﻤﺲ ذﻟﻚ ﺑﺠﻼء .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺸﻴﺦ« و«اﻟﺸﻴﺨﺔ« ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻤﺒﺪع ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻐﻨﺎء .وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ إﻻ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﻠﺼﻖ ﺑﻤﻦ ﻳﺸﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﻹﺻﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻪ. ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺸﻴﺦ ذاﻛﺮة ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ .وﻳﺘﺒﻴﻦ أن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻦ ،أﻳﻀﺎ ،ﺑﺴﺒﺐ اﻣﺘﻼك أﺳﺮار اﻟﺼﻨﻌﺔ وآداﺑﻬﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ .وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﻐﻨﻲ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ درﺟﺎت اﻷداء اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ واﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ﺑﺪون اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺦ ﻳﻼزﻣﻪ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﻠﺴﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرس ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺒﺮاﺗﻪ .وﻗﺪ ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻼزﻣﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﺎح ﻟﻪ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﻴﺨﺎ .وﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﻣﻦ اﻷﻗﻮال اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل: »اﻟﺸﻴﺦ ﺑﻼ ﺷﻴﺦ ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺨﺎ« .واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺬﻟﻚ أن ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻲ أﻧﻪ ﺷﻴﺦ ،وﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬ أﺳﺮار »اﻟﻤﺸﻴﺨﺔ« ﻋﻦ ﺷﻴﺦ ﻣﻌﺮوف ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ أو أﺻﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ اﻷداء ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺮﻗﻰ إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ. ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ »اﻟﻤﺸﻴﺨﺔ« أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻐﻨﺎء ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺼﻨﺎﺋﻊ اﻟﻤﻨﺘﻤﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى آداﺑﻬﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ .ﻓﺎﻟﺤﺮﻓﺔ واﻟﺼﻨﻌﺔ ﻓﻲ أي ﻣﺠﺎل ﻻ ﺑﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ »ﻣﻌﻠﻢ« ،ﻳﻨﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ »اﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻦ« اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻀﻮن زﻫﺮة ﻋﻤﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻲ أﺻﻮل اﻟﺤﺮﻓﺔ ﺑﻘﺼﺪ إﺗﻘﺎﻧﻬﺎ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﻴﻦ »اﻟﻤﻌﻠﻢ« ﻓﻲ اﻟﺤﺮف اﻟﻴﺪوﻳﺔ ،و«اﻟﺸﻴﺦ« ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ،و«اﻟﻔﻘﻴﻪ« ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .إﻧﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻳﻤﺜﻠﻮن اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﻌﺐء رﻋﺎﻳﺘﻬﺎ وﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ وﻧﻘﻠﻬﺎ. ﺑﺪأت ﻫﺬه اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺑﺎﻟﺰوال اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ »اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ« .وﻟﻘﺪ أدى ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺣﻠﻮل ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﻔﻨﺎن« ﻣﺤﻞ »اﻟﺸﻴﺦ« .ﻓﺎﻟﻔﻨﺎن اﻟﻌﺼﺮي ﻣﻐﻦ ،وﻣﻄﺮب ،ﻳﺆدي ﻛﻠﻤﺎت ﺑﻠﺴﺎن ﺷﺎﻋﺮ ،وﺗﻠﺤﻴﻦ ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ .أﻣﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻓﺘﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ
د .ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ @
ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت ،وﻫﻮ ﻗﻠﻤﺎ ﻳﺒﺪع ﻣﻦ ﻋﻨﺪه ،ﻓﺄﻏﻠﺐ ﻣﺎ ﻳﺆدﻳﻪ، ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﻣﺤﻔﻮﻇﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻗﺎوﻣﺖ اﻟﺰﻣﻦ .وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺼﻠﺔ ﺑﺒﻴﺌﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ واﻷﺻﻠﻴﺔ )اﻟﺒﺎدﻳﺔ( ،ﻓﺈن ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﻬﺠﺮة اﻟﻘﺮوﻳﺔ أدت إﻟﻰ ﺑﺮوز اﻟﻤﻮاﻫﺐ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ذات اﻷﺻﻮل اﻟﻘﺮوﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ اﻷﺟﻮاء اﻟﺠﺪﻳﺪة .ﺳﻴﺘﻮاﺻﻞ اﻹﺑﺪاع اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺎﻟﻄﺮق ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﺘﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ .ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺼﻄﻠﺤﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺘﻼءم ﻣﻊ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﺑﺮز ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺸﻌﺒﻲ« ،ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﺸﻴﺦ واﻟﺸﻴﺨﺔ .وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﻄﻮاﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﺗﻨﻘﻞ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻋﺘﺰاز ،ﻣﺜﻼ ،اﺳﻢ »اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺼﺎﺣﺐ ﺑﻦ اﻟﻤﻌﻄﻲ« و«اﻟﺸﻴﺨﺔ ﻓﺎﻃﻨﺔ ﺑﻨﻲ اﻟﺤﺴﻴﻦ« وﺻﻮرﺗﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻼف اﻷﺳﻄﻮاﻧﺔ ،ﺻﺎرت اﻷﺷﺮﻃﺔ ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ »اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺸﻌﺒﻲ« )ﺣﺠﻴﺐ ﻣﺜﻼ( ،وﺑﺎﺗﺖ ﺷﺮﻛﺎت اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ إﺿﻔﺎء اﻷﻟﻘﺎب اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ. ﻓﻬﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻫﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﺪور ﺣﻔﻆ ﻫﺬا اﻟﻤﻮروث اﻟﻔﻨﻲ وﺗﻄﻮﻳﺮه وﻫﻲ ﺗﺸﺘﻐﻞ ،إﻻ ﻓﺌﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﺑﻼ ﻣﺸﻴﺨﺔ؟ وﻫﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ »اﻟﺸﻴﺦ« إﻟﻰ »اﻟﻔﻨﺎن« دال ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮل ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ؟ أم أﻧﻪ ﻓﻘﻂ اﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ »اﻟﻬﺠﺎﻧﺔ« اﻟﻔﻨﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻌﺒﻴﺔ وﻻ ﻋﺼﺮﻳﺔ؟ ﻣﻊ ﻓﻨﻮن »اﻟﺮاي« ذات اﻷﺻﻮل ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ، ﺳﻴﺒﺮز ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﺸﺎب« .وﺻﺎر ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ داﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻌﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻐﻨﺎء .وﻻ ﺗﺨﻔﻰ دﻻﻟﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺢ ﻫﻲ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﻦ »اﻟﺸﻴﺦ« ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻮﻇﻒ ﻫﻨﺎ ﻛﻤﻘﺎﺑﻞ ﻟـﻪ ،ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أﻧﻬﺎ ﺗﻄﻮﻳﺮ واﺧﺘﻼف ﺑﻞ وﺗﺠﺎوز. ﻓﻬﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل دال ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ أم ﺛﻮرة ﻋﻠﻴﻬﺎ. إﻧﻪ ﺳﺆال ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ؟ * ﻧﺎﻗﺪ وﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
69
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
،اﺑﻦ ﻫﺎرون اﻟﺮﺷﻴﺪ ) 198ﻫـ ـ 218ﻫـ( ،ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻋﺎﻣﻞ ﻛﺜﺮت وﻛﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺘﺄﺛﺮ ﻣﻨﻪ اﻟﺸﻜﻮى» :ﻗﺪ ﻛﺜﺮ ﺷﺎﻛﻮك ،وﻗﻞ ﺷﺎﻛﺮوك ،ﻓﺈﻣﺎ اﻋﺘﺪﻟﺖ ،وإﻣﺎ ﺑﺎﻵداب واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ :اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ،واﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ،واﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ، اﻋﺘﺰﻟﺖ«. وﻟﻜﻦ رﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻠﻌﺮب أﺻﺎﻟﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻹﻳﺠﺎز اﻟﺬي ﻇﻬﺮ ﻓﺎﻟﻤﺄﻣﻮن اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻳﺄﻣﺮ ﻋﺎﻣﻠﻪ اﻟﺬي ﻛﺜﺮت ﻣﻨﻪ اﻟﺸﻜﻮى ،وﺗﻀﺠﺮ ﺟﻠ ًﻴﺎ واﺿ ًﺤﺎ ﻓﻲ أﻣﺜﺎﻟﻬﻢ وﺣﻜﻤﻬﻢ ﺛﻢ ﺗﻮﻗﻴﻌﺎﺗﻬﻢ. اﻟﻨﺎس ﻣﻨﻪ ،ﻳﺄﻣﺮه ﺑﺎﻻﻋﺘﺪال ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ،و إﻻ ﻋﺰﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ. وﻗﺪ ﺑﺮع ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ :أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر ،واﺑﻨﻪ اﻟﻤﻬﺪي ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ،وﻫﺎرون اﻟﺮﺷﻴﺪ ،واﺑﻨﻪ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ :اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ،وا0ﺳﺒﺎب اﻟﻤﺄﻣﻮن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس ،وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ وزراء اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ. ﻟﻌﻠﻨﺎ ﻗﺪ ﻻﺣﻈﻨﺎ أن اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻻ وﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ أن اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ازدﻫﺮت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻷول، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻓﻲ أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮا ًرا ﻻزدﻫﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ،ﺛﻢ ﺿﻌﻒ ﺷﺄﻧﻬﺎ، اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ،ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﻦ ﻣﺎل اﻟﻨﺜﺮ اﻟﻔﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﺼﻨﻌﺔ واﻹﻃﺎﻟﺔ ،وذﻟﻚ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ واﻟﻮﺿﻮح ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة ،واﻹﻳﺠﺎز ﻷن ﻗﻮام اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻫﻮ اﻹﻳﺠﺎز واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ. ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ،وﺟﻤﺎل اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻟﻄﻒ وﺧﺘﺎ ًﻣﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﻧﺪﻋﻮ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ إﻟﻰ اﻹﺷﺎرة. دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻟﻔﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ،ذﻟﻚ أﻣــﺎ ﻋــﻦ اﻷﺳــﺒــﺎب اﻟﺘﻲ أدت إﻟﻰ اﻟﻔﻦ اﻟﺬي ﻧﺴﻴﻨﺎه أو ﺗﺠﺎﻫﻠﻨﺎه ،ﻓﻠﻌﻞ ﻫﺬه ﺷﻴﻮع واﺳﺘﻤﺮار ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺪراﺳﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ أﺑــﻌــﺎدا ً ﻧﻔﺴﻴﺔ اﻟﻌﺒﺎس ،ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺠﻤﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وأدﺑﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻠﻲ :ﺗﻨﻮع ﺷﺆون اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻛﺜﺮة ﺣﺎﺟﺎت ﻳﻮﺿﺤﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ اﻟﻨﺜﺮي اﻷﺻﻴﻞ ﻓﻲ أدﺑﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻨﺎس وﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ ،وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺑﺘًﺎ ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ ،ودﻗــﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮ اﻟﻘﺎدة، ـ اﻟﺼﻮر ،ﻣﺨﺘﺎرات ﻣﻦ ﻓﻦ اﻟﺨﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺗﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﺗﺴﺎع ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ.
68
اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت
ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺔ ﺑﻴﻦ رﺋﻴﺲ وﻣﺮؤوس، ﻓﻬﻲ أﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﺎﻟﺘﺄﺷﻴﺮات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ اﻵن. ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻓــﻌــﺎل ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻤﺎء ،ﻷﻧﻬﺎ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﺗﺮد ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث ﺣﺪﺛﺖ ،واﻟﻤﻄﻠﻮب ﺑﻴﺎن اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺣﺪاث. ﻟﻘﺪ ﻇﻬﺮت اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي، واﺳﺘﻤﺮت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ،واﺷﺘﺪت ﻇﻬﻮ ًرا ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ،ﻧﻈ ًﺮا ﻷﻧﻬﺎ ﺻﺎرت ﻣﻬﻨﺔ رﺳﻤﻴﺔ ﻣﻌﺘﺮف ﺑﻬﺎ ﻳﻘﻮل اﺑــﻦ ﺧــﻠــﺪون :وﻣــﻦ ﺧﻄﻂ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ،وﻫﻮ أن ﻳﺠﻠﺲ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺣﻜﻤﻪ وﻓﺼﻠﻪ ،وﻳﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ أﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ،واﻟﻔﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﺘﻠﻘﺎة ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺑﺄوﺟﺰ ﻟﻔﻆ وأﺑﻠﻐﻪ. ]اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ،اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ.[619 ، ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ
رﻓﻊ ﺻﺎﺣﺐ ﺧﺮﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺼﻮر اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ ) 136ﻫـ 158 -ﻫـ(، رﺳﺎﻟﺔ ،ﻇﻬﺮ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ أن ﻋﺎﻣﻠﻪ أﺳﺎء ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺮف ،ﻓﻮﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﺷﻜﻮت ﻓﺄﺷﻜﻴﻨﺎك ،وﻋﺘﺒﺖ ﻓﺄﻋﺘﺒﻨﺎك ،ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺘﺄﻫﺐ ﻟﻔﺮاق اﻟﺴﻼﻣﺔ«. و)أﺷﻜﻴﻨﺎك( أي أﻧﺼﻔﻨﺎك ،وﻗﻀﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺒﺎب ﺷﻜﺎﻳﺘﻚ ،و )أﻋﺘﺒﻨﺎك( أي ﻗﺒﻠﻨﺎﻋﺘﺒﻚ. واﻟﻤﻨﺼﻮر ﻫﻨﺎ ﻳﺨﺒﺮ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﺳﺎن اﻟﺬي أﺳﺎء اﻟﺘﺼﺮف ﺑﺄﻧﻪ أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻪ ،وﻟﻜﻨﻪ أﺳﺎء إﻟﻰ اﻟﻨﺎس ،ﻓﻮﺟﺐ ﻋﺰﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر. وﻛﺘﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺼﻮر أﻳﻀً ﺎ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﺑﻤﺼﺮ ،ﻳﺸﻜﻮ ﻧﻘﺼﺎن ﻧﻬﺮ اﻟﻨﻴﻞ ،ﻓﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻘﻮﻟﻪ: »ﻃﻬﺮ ﻋﺴﻜﺮك ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد ،ﻳﻌﻄﻚ اﻟﻨﻴﻞ اﻟﻘﻴﺎد«. وﻣﻌﻨﻰ )اﻟﻘﻴﺎد( اﻟﺰﻣﺎم ،واﻟﻤﺮاد وﻓﺮة اﻟﺨﻴﺮ، واﻟﻤﻨﺼﻮر اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻫﻨﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﻟﻌﺎﻣﻠﻪ ﺑﻤﺼﺮ أن اﻟﻔﺴﺎد ،وﻣﺎ ﻳﺮﺗﻜﺒﻪ ﺟﻨﻮده ﻣﻦ ﻣﻮﺑﻘﺎت ،ﻫﻮ اﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﻧﻘﺼﺎن ﻧﻬﺮ اﻟﻨﻴﻞ ،وأن ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺼﺎن ﻣﺎ ﻫﻮ إﻻ ﻋﻘﺎب ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻻ ﻳﺰول إﻻ ﺑﺼﻼح اﻟﺤﺎل واﻷﺣﻮال.
ورﻓﻌﺖ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﻬﺪي ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ) 158ﻫـ 169 -ﻫـ( ،ﻗﺼﺔ رﺟﻞ ﺣﺒﺲ ﻓﻲ دم ،ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :وﻟﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺎص ﺣﻴﺎة«. واﻟﻘﺼﺎص ﻫﻮ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﻲ، واﻟﻤﻬﺪي ﻳﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻮﻗﻴﻌﻪ أن ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻓﺠﺰاؤه اﻟﻘﺘﻞ ،وﺑﻬﺬا ﻳﻌﻢ اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻟﺴﻼم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، وﻫﺬه إﺷﺎرة ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺪي ﺑﺄن اﻟﻮاﺟﺐ ﻗﺘﻞ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ. وﺑﻌﺚ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﻬﺪي أﻳﻀً ﺎ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﺑﺄرﻣﻴﻨﻴﺎ ﻳﺸﻜﻮ ﻟﻪ ﺳﻮء ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺮﻋﻴﺔ ،ﻓﻮﻗﻊ إﻟﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﺧﺬ اﻟﻌﻔﻮ ،وأﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮف ،وأﻋﺮض ﻋﻦ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ«. واﻟــﻌــﺮف ﻫــﻮ :اﻟــﻤــﻌــﺮوف ،واﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ: اﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ ،واﻟﻤﺮاد ﻫﻨﺎ :اﻟﺴﻔﻬﺎء واﻟﺤﻤﻘﻰ. واﻟﻤﻬﺪي ﻳﺄﻣﺮ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﺑﺄن ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف، وﻳﻌﻔﻮ ﻋﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻬﻔﻮات ،وﻳﺘﺠﻨﺐ اﻟﺴﻔﻬﺎء واﻟﺤﻤﻘﻰ ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن. ووﻗﻊ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻫــﺎرون اﻟﺮﺷﻴﺪ ) 170ﻫـ - 193ﻫـ ( إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺧﺮﺳﺎن ،وﻗﺪ ﺑﺪا ﺗﺰﻣﺮ اﻟﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻴﻪ» :داو ﺟﺮﺣﻚ ﻻ ﻳﺘﺴﻊ«. ﻓﻬﻮ ﻳﻨﺼﺢ ﻋﺎﻣﻠﻪ ﺑﺨﺮﺳﺎن أن ﻳﺘﺪارك أﻣﺮه، وﻳﺤﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻨﺎس ﻗﺒﻞ ﻓﻮات اﻵوان. ووﻗــﻊ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺮﺷﻴﺪ أﻳﻀً ﺎ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺒﺮاﻣﻜﺔ ،ﺑﻘﻮﻟﻪ » :أﻧﺒﺘﺘﻬﻢ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،وﺣﺼﺪﺗﻬﻢ اﻟﻤﻌﺼﻴﺔ« .ﻳﺒﻴﻦ اﻟﺮﺷﻴﺪ رأﻳــﻪ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺒﺮاﻣﻜﺔ ،ﻓﻴﻘﻮل :إﻧﻬﻢ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻄﻴﻌﻴﻦ، ﻳﻮﻓﻮن ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﻟﻠﺨﻠﻔﺎء ،ﻋﻈﻢ ﺷﺄﻧﻬﻢ ،وﺣﻴﻦ ﺧﺎﻧﻮا ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺧﻴﺎﻧﺘﻬﻢ. وﻗﻮﻟﻪ )أﻧﺒﺘﺘﻬﻢ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،وﺣﺼﺪﺗﻬﻢ اﻟﻤﻌﺼﻴﺔ(: ﺷﺒﻪ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﺮاﻣﻜﺔ وﻗﺪ ﻇﻬﺮوا ﺑﺴﺒﺐ إﺧﻼﺻﻬﻢ، ﺑﺎﻟﺒﺬور اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ ،وﺗﺘﺮﻋﺮع ،ﺛﻢ ﺷﺒﻬﻬﻢ وﻗﺪ ﻧﻜﺒﻮا ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻤﺮدﻫﻢ وﺧﻴﺎﻧﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺰروع اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﺪ ,ﺛﻢ ﺣﺬف اﻟﻤﺸﺒﻪ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻮرﺗﻴﻦ ،وأﺑﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻴﻪ وﻫﻮ أﻧﺒﺘﺖ ،وﺣﺼﺪت ،وﻫﻤﺎ اﺳﺘﻌﺎرﺗﺎن ﻣﻜﻨﻴﺘﺎن، ﺳﺮ ﺟﻤﺎﻟﻬﻤﺎ أﻧﻬﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮان أﺛﺮ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،وأﺛﺮ اﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻣﺎدﻳﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﻫﻲ ﺻﻮرة اﻟﺒﺬور وﻫﻲ ﺗﻨﻤﻮ ،واﻟﺰروع وﻫﻲ ﺗﺤﺼﺪ. ووﻗﻊ اﻟﻤﺄﻣﻮن اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ،ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
67
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ واﻗﻌﺔ اﻟﺤﺮة ،ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻲ أﺳﻔﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﻓﻼ ﺗﺄس ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮم.«.. وﻛﺘﺐ اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺜﻘﻔﻲ إﻟﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ) 65ﻫـ 86 -ﻫـ( ،ﻳﺨﺒﺮه ﺑﻘﻮة ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻷﺷﻌﺚ ،ﻓﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﺑﻀﻌﻔﻚ ﻗــﻮى ،وﺑﺨﻮﻓﻚ ﻃﻤﻊ«. وﻛﺘﺐ ﻗﺘﻴﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ إﻟﻰ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ) 96ﻫـ 99 -ﻫـ( ،ﻳﺘﻬﺪده ﺑﺎﻟﺨﻠﻊ، ﻓﻮﻗﻊ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻘﻮﻟﻪ »:واﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ«. وﻛﺘﺐ أﺣﺪ ﻋﻤﺎل ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ )99 ﻫـ 101 -ﻫـ( ،إﻟﻴﻪ ﻳﺴﺘﺄذﻧﻪ ﻓﻲ أن ﻳﺮﻣﻢ أو ﻳﺼﻠﺢ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﻻﻫﺎ ،ﻓﻮﻗﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :اﺑﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪل ،وﻃﻬﺮ ﻃﺮﻗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ«] .أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ رﺑﻪ ،اﻟﻌﻘﺪ اﻟﻔﺮﻳﺪ، .[393 /5
اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻣﻊ ﻛﺜﺮة ﺷﻮاﻏﻞ اﻟﺨﻠﻔﺎء واﻟﺤﻜﺎم واﻟﻘﺎدة ،وﺗﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ودﻗﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،وﺳﺮﻋﺔ ﺑﺪﻳﻬﺘﻬﻢ. ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ أدى إﻟــﻰ ﻇﻬﻮر ﻫــﺬا اﻟﻠﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،اﻟﺬي ﺳﻤﻲ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت، وﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻔﺎروق ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب )رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ(، ﺛﻢ اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ،ﺛﻢ زاد اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺘﺎب ،واﻟﺨﻠﻔﺎء ،ورﺟــﺎل اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ) 132ﻫـ 656 -ﻫـ( ،واﺷﺘﻬﺮ ﺑﺎﻟﻤﻬﺎرة واﻟﺘﺠﻮﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء، واﻟﻮزراء ،واﻟﻜﺘﺎب. وﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺳﻨﺬﻛﺮ ﻟﻚ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣــﻮي ،وﻃﺎﺋﻔﺔ أﺧﺮى ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ،ﻣﻌﻠﻘﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ ،ﻣﻮﺿﺤﻴﻦ أﻫﻢ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﻤﺎ ﻗﺪر أﻫﻢ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﻗﻴﻌﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻹﻣﻜﺎن. ا0ﻣﻮﻳﺔ
ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ ا0ﻣﻮي
ﻛﺘﺐ رﺑﻴﻌﺔ ﺑﻦ ﻋﺴﻞ اﻟﻴﺮﺑﻮﻋﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎن ) 41ﻫـ 60 -ﻫـ( ،ﻳﺴﺄﻟﻪ أن ﻳﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء دار ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮة اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ،ﺑﺈﺛﻨﻰ ﻋﺸﺮ أﻟﻒ ﺟﺬع ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻞ ،ﻓﻮﻗﻊ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :أدارك ﻓﻲ اﻟﺒﺼﺮة ،أم اﻟﺒﺼﺮة ﻓﻲ دارك؟!«. وﻛﺘﺐ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ اﻟﻤﺮي إﻟﻰ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ) 60ﻫـ 64 -ﻫـ( ،ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﺄﻫﻞ ﻟﻌﻠﻨﺎ ﻗﺪ ﻻﺣﻈﻨﺎ أن اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻓﻲ أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ ا%ﻣﻮي، ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ واﻟﻮﺿﻮح ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة، واOﻳﺠﺎز ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ،وﺟﻤﺎل اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻟﻄﻒ اOﺷﺎرة
66
اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت
اﻹﻳﺠﺎز ﻓﻲ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ،ﻣﻊ اﺣﺘﻮاء اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻀﻤﻮن. ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ر ًدا ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺗﺄﺷﻴﺮة ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ. اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋــﻦ اﻟﺴﺠﻊ اﻟﻤﺘﻜﻠﻒ. ﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺔ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ آﻳﺔ ﻣﻦ آﻳﺎت اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،أو ﻣﻘﺘﺒﺴﺔ ﻣﻨﻪ. ﺳﺆاﻻ اﺳﺘﻨﻜﺎرﻳًﺎ ،أو ﺗﻜﻮن اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺔ ﻋﺘﺎﺑًﺎ ،أو ً ﺗﻜﻮن ﺗﻮﺿﻴ ًﺤﺎ ،وﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻬﺎرة اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ ،وﺳﺮﻋﺔ ﺑﺪاﻫﺘﻪ ،وﺑﻼﻏﺘﻪ.
وﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺮاﺷﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب )رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ( ] 13ﻫـ 23 -ﻫـ[ ،إﺑﺎن ﻓﺘﻮﺣﺎﺗﻪ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻀﺮورة ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ،وﻣﻼءﻣﺘﻪ ﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ. ﻓﻦ ﻋﺮﺑﻲ أﺻﻴﻞ
وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻦ رأى أن ﻓﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻗﺪ أﺧﺬه اﻟﻌﺮب ﻋﻦ اﻟﻔﺮس ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: – 1إن اﻟﻌﺮب ﻗﺪ ﻋﺮﻓﻮا ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺼﻠﻮا ﺑﺎﻟﻔﺮس اﺗﺼﺎﻻً ﻣﺒﺎﺷ ًﺮا ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻓﺮق ﺑﻴﻦ ﺗﻮﻗﻴﻌﺎﺗﻬﻢ ﻗﺒﻞ اﺗﺼﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﺮس، وﺑﻌﺪ أن اﺗﺼﻠﻮا ﺑﻬﻢ. – 2اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻼﺋﻢ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﻞ ﺑﻔﻄﺮﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻹﻳﺠﺎز ،وﻣﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺎن ،وﺳﺮﻋﺔ ﺧﺎﻃﺮ. ﻧﻌﻮد ﻟﻨﻘﻮل :ﺣﻴﻦ اﺗﺴﻌﺖ رﻗﻌﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﺗﻨﻮﻋﺖ ﺷﺆوﻧﻬﺎ ،وﻛﺜﺮت ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﻨﺎس وﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ،وﺗﻄﻠﺒﺖ ﺑﻌﺾ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
65
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
× ÄìÏæ داو ﺟﺮﺣﻚ ﻻ ﻳﺘﺴﻊ
ﻓﻦ ﻋﺮﺑﻲ أﺻﻴﻞ ﻟﻢ ﻧﺄﺧﺬه ﻋﻦ اﻟﻔﺮس ! د .ﻳﺴﺮي ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﻋﺒﺪ اk
اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻦ ﻧﺜﺮي ﻋﺮف ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ) 41ﻫـ ـ 132 ﻫـ( ،وإن ﻗﺎل ﺑﻌﻀﻬﻢ :إﻧﻪ أﻣﻮي اﻟﻨﺸﺄة. وﻗﺒﻞ أن ﻧﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﺮض ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﺄﺧﻮذ ﻣﻦ )وﻗﻌﺖ اﻹﺑﻞ( أي اﻃﻤﺄﻧﺖ ﺑﺎﻷرض ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺸﺒﻊ ﺑﺸﺮب اﻟﻤﺎء ،وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﻮﻗﻊ ﻳﻄﻤﺌﻦ إﻟﻰ ﺗﺼﺮﻓﻪ ﻟﻸﻣﺮ ،وﻗﻀﺎﺋﻪ ﻓﻴﻪ ،أو ﻣﻦ وﻗﻊ ﻇﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء أي ﻗــﺪره ،ﻷن اﻟﻤﻮﻗّﻊ ﻳﻜﺘﺐ رأﻳﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﺪﺑﺮ].اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ،ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ،ﻣﺎدة وﻗﻊ[ وﻣﻨﻪ :وﻗّﻊ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ،أي ﺑ ّﻴﻦ ﻓﻲ إﻳﺠﺎز رأﻳﻪ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، واﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎب أو ﻃﻠﺐ ﺑﺮأﻳﻪ ﻓﻴﻪ ]ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ،اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺟﻴﺰ ،ﻣﺎدة وﻗﻊ[.
واﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻦ ﻧﺜﺮي ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﻔﻦ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﻀﻤﻮن ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﻄﻠ ًﺒﺎ ﻳﺮاد ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻨﺎء ﻓﻨﻲ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻣﻊ إﻳﺠﺎزﻫﺎ ﺗﻌﺪ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺟﻮاﺑًﺎ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ. واﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻋﺒﺎرة ﻣﻮﺟﺰة ،ﺳﻠﻴﻤﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،دﻗﻴﻘﺔ اﻟﻔﻜﺮة ،ﻣﺮﻛﺰة، ﺗﺤﻤﻞ رأي ﻛﺎﺗﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻮى ،أو ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ،أو ﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻌﻴﻦ. 64
اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت
إﺿﺎءه
اﻟﺠﻤﻌﻲ ،ﻓﻴﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺬات وﻫﻲ ﺗﺴﺘﻨﺸﻖ ﻫﻮاء اﻟﺤﻴﺎة. ﺑﻞ إن اﻟﻤﻘﺪﻣﺎت اﻟﻄﻠﻠﻴﺔ أو اﻟﻐﺰﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻬﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪه ،ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻗﻨﺎع ﺷﻌﺮي ﻳﺘﺨﺬه ﻟﻺﻓﺼﺎح ﻋﻦ اﻟﺴﺆال اﻟﺠﻮﻫﺮي اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎﻃًﺎ وﺛﻴﻘًﺎ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ اﻟﻮﺟﻮدي، ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺬات وﻫﻲ ﺗﻌﺮي ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻤﻜﺎﺑﺪة واﻻﺣﺘﺮاق اﻹﺑﺪاﻋﻴﻴﻦ. ﻳﻘﻮل ﻃﺮﻓﺔ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺪ: ﻟﺨﻮﻟﺔ أﻃﻼل ﺑﺒﺮﻗﺔ ﺗﻬﻤﺪ ﺗﻠﻮح ﻛﺒﺎﻗﻲ اﻟﻮﺷﻢ ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻴﺪ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺪاﻟﻴﺔ؛ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺬات اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺮة وﺟﻮدﻳﺔ؛ اﻷﻃﻼل ﻫﻲ أﺛﺮ ﺧﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﺪت ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻐﻴﺎب، ﻓﻴﺘﻢ اﺳﺘﺤﻀﺎرﻫﺎ ،ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﺮﺳﻢ ،ﻛﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ﻻﺳﺘﻜﻤﺎل اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﻤﻔﺘﻘﺪة ،وﻣﺎ ﻳﺬﻛﻲ ﻣﻦ ﻧﻴﺮان ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻷﺑﺪي ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻫﻮ ﻓﻌﻞ )ﺗﻠﻮح( ﻛﺈﺷﺎرة ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻀﻮر اﻟﻤﻌﻨﻮي ﻟﻠﺬات اﻟﻤﺨﺎﻃَﺒﺔ ﻓﻲ ذات ِ اﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ،ﺣﻀﻮر ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻋﺒﺮ ﻟﻔﻈﺔ ﻗﻤﻴﻨﺔ ﺑﺎﻟﺘﺪﺑﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻣﺼﺪ ًرا ﻣﻬ ًﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻛﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ )ﻛﺒﺎﻗﻲ اﻟﻮﺷﻢ( ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺤﻨﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد ﻛﻤﻜﺎﺑﺪة ﺷﻌﺮﻳﺔ ،ﻓﺎﻷﺛﺮ اﻟﻤﺎدي ﻳﺸﻜﻠﻪ ﻫﺬا اﻟﻠﻔﻆ )اﻟﻮﺷﻢ( وﻳﺤﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ )ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻴﺪ( ،إﻧﻪ وﺷﻢ ﻳﺒﺼﻢ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ . وﻧﺮﺣﻞ ﻣﻊ ﺷﺎﻋﺮ آﺧﺮ ،ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ،اﻟﺬي ﻧﺮوم ﻣﻦ وراءه إﺑﺮاز اﻟﺤﻀﻮر اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﺬات اﻟﺸﺎﻋﺮة ،وﻫﻮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻛﻠﺜﻮم اﻟﺬي اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ وﻫﻢ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ؛ ﻳﻘﻮل : ﺗﺬﻛﺮت اﻟﺼﺒﺎ واﺷﺘﻘﺖ ﻟﻤﺎ رأﻳﺖ ﺣﻤﻮﻟﻬﺎ أﺻﻼ ﺣﺪﻳﻨﺎ
اﻟﻤﺘﻘﺪة ﺑﻨﺎر اﻟﻠﻮﻋﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ. ﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ »اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ« ،ﺷﺎﻋﺮ ﻳﺠﺎﺑﻪ اﻟﻤﻮت واﻟﻔﻨﺎء؛ وﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻫﺬا اﻟﻬﺎﺟﺲ اﻟﻤﻘﻠﻖ ﻟﻠﺬات اﻟﺸﺎﻋﺮة ،ﻛﺎن اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﻟﺼﻮت اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺗﻘﻴﺔ ﻓﻨﻴﺔ وﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﺘﻤﺮﻳﺮ ﺧﻄﺎب اﻟﺬات ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺟﻞ ﺷﻌﺮاء ذاك اﻟﻌﺼﺮ إﻻ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﻢ؛ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ ﻋﻨﺘﺮة ﺑﻦ ﺷﺪاد ﻫﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬي اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﻘﻮض اﻟﻤﺄﻟﻮف ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل إﺑﺮاز ﻛﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﺬات ﻳﻘﻮل : ﻳﺎ دار ﻋﺒﻠﺔ ﺑﺎﻟﺠﻮاء ﺗﻜﻠﻤــــــﻲ وﻋﻤﻲ ﺻﺒﺎﺣﺎ دار ﻋﺒﻠﺔ واﺳـﻠـﻤﻲ ﻳﺨﺒﺮك ﻣﻦ ﺷـــﻬﺪ اﻟﻮﻗﻴﻌﺔ أﻧﻨﻲ أﻏﺸﻰ اﻟﻮﻏﻰ وأﻋﻒ ﻋـﻨﺪ اﻟﻤﻐﻨﻢ ﻓﺼﻴﻐﺔ اﻟﻨﺪاء ،ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ اﺳﺘﺜﺎرة ﻟﻠﺘﻲ ﻳﺘﻮﺟﻪ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎب وﻫﻲ ﻋﺒﻠﺔ ،ﻟﺘﺪرك ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻫﻨﺎ ،ﻣﺎﻫﻮ إﻻ ذات ﺗﻘﻮل ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻢ ،ﻟﻴﺮﺳﻢ ﻣﻼﻣﺢ ﻫﺬه اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﻋﺒﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺬﻛﺮ ،أﻳﻀً ﺎ ﺑﻀﻤﻴﺮ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﺼﻮغ اﻟﺬات ﻟﻐﺔ ﻣﺘﺸﺤﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪي واﻹﺑﺎء واﻟﻌﻤﻖ اﻟﻮﺟﻮدي. إن ﺷﻌﺮﻳﺔ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﺗﺘﺄﺗﻰ ﻣﻦ ﻫــﺬه اﻟﺨﺼﻴﺼﺔ اﻟﻤﺤﺎﻛﺎﺗﻴﺔ ﻟﻠﺬات ،ﻓﻲ ﺗﻮاﺷﺞ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻮاﺷ ًﺠﺎ ﺗﺮاﺟﻴﺪﻳًﺎ؛ ﺗُ َﻮﻃﱢ ُﻦ ﻣﻌﺎﻟﻤﻪ ﺗﺠﺮﺑﺔ زﻫﻴﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﻰ ،ﻓﺒﻌﺪ اﻹﻃﻼﻟﺔ اﻟﻤﻌﺘﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﻞ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﻨﺎﺑﻀﺔ ﺑﺎﻟﺴﺄم و اﻟﻤﻌﺒﺮة ﻋﻦ اﻟﺤﻨﻖ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد ﻳﻘﻮل: ﺳﺌﻤﺖ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺤﻴﺎة وﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﺣﻮﻻ -ﻻ أﺑﺎ ِ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ً ﻟﻚ -ﻳﺴﺄم
ﻓﺎﻟﺬات ،وﻫﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﺼﻴﺮ اﻟﻤﻮت واﻟﻔﻨﺎء ،ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻬﺎ ﺳﻮى ﻓﺴﻴﺎق اﻟﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮي ،ﻣﺤﺎورﺗﻪ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺸﻘﻬﺎ أو ﺗﺤﺒﻪ ،اﻹﻋﻼن ﻋﻦ رؤﻳﺘﻬﺎ ﻟﻠﻜﻮن اﻟﻤﺘﻮﺷﺤﺔ ﺑﺮؤﻳﺔ اﻟﺘﺒﺮم/اﻟﺴﺄم ﻣﻨﻬﺎ، ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺤﺎورة ﺗﻤﻜﻨﺖ اﻟﺬات ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﻗﻴﻮد وأﻏﻼل ورﻓﺾ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻫﻲ دﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،ﻟﺘﻔﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻬﺎ؛ ﻟﺘﻘﻮل ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ؛ ﺑﺼﻴﻐﺔ وﺟﻮدﻳﺔ ﻣﻬﺪ ﻫﺬه اﻟﺬات ،واﻟﺼﻮت اﻟﻤﻜﺘﻮم ﺑﺪواﻋﻲ اﻻﻧﺘﻤﺎء إﻟﻰ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، * ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﺎﻟﺘﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻮى وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻬﺮب ﻣﻦ أداء ﺿﺮﻳﺒﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻤﺎﻋﻲ ،ﻟﻠﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺬات واﻹﻧﺼﺎت إﻟﻰ اﻟﺬﺑﺬﺑﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
63
اﻟﺸﺎﻋﺮ »اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ« ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ واﻟﺬات
ﺻﺎﻟﺢ ﻟﺒﺮﻳﻨﻲ @
ﺛﻤﺔ ﺻﻮرة ذﻫﻨﻴﺔ ﺳﺎﺋﺪة ﻋﻦ اﻟﺬات اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻟﻠﺸﻌﺮاء اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم )ﻣﺎ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ( ،ﻣﻠﺨﺺ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ،أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ذاﺗ ًﺎ ﻣﻨﻬﻤﻜﺔ ﻓﻲ اﻧﺸﻐﺎﻻت ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺑﻌﻴﺪة ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﺎﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ. إﻻ أن ﻫﺬا اﻻرﺗﺒﺎط اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻘﺒﻴﻠﺔ – وإن ﻛﺎن ﺻﺤﻴ ًﺤﺎ -ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ »اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ« ﻣﻦ اﻹﻧﺼﺎت إﻟﻰ ﺳﻴﺮة ذاﺗﻪ ،ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻟﻘﻬﺎ وﺗﻔﺎﻋﻠﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻬﻮاﺟﺲ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻮارﻳﻬﺎ ﻣﺨﺎﻓﺔ أن ﻳُﻨﻌﺖ ﺑﺎﻟﺴﻠﺒﻴﺔ وﻳﺼﺒﺢ ﺧﺎرج ﺳﻴﺎق اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،وﻛﺎن ﻳﻮﻇﻒ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻛﻴﺎﻧﻪ اﻟﻤﻬﺪد ﺑﺎﻟﺘﻼﺷﻲ داﺧﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﺮ ﺑﺼﻮت اﻟﻔﺮد. واﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺧﻠﻔﻪ اﻟﺸﻌﺮاء »اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻮن« ،ﻻ ﺷﻚ واﺟﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﻗﻮﻟﻪ ،ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻨﺘﺮة ﺑﻦ ﺷﺪاد ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﻀﻮر اﻟﺴﺎﻃﻊ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺮي اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺬي رﻛّﺰ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاز ﻓﺤﻮﻟﺘﻪ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺎﺗﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺿﺎرﺑًﺎ ﻋﺮض اﻟﺤﺎﺋﻂ ﻛﻞ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﻟﺘﻲ اﻟﺘﺼﻘﺖ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ »اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ« ،ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺷﻌﺮ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻻ ﺷﻌﺮ ذات ،وﻏﻴﺮه ﻛﺜﻴﺮون ﻛﻄﺮﻓﺔ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺪ واﻣﺮئ اﻟﻘﻴﺲ وﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻛﻠﺜﻮم واﻟﻨﺎﺑﻐﺔ اﻟﺬﺑﻴﺎﻧﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺎﺑﻐﺔ اﻟﺬﺑﻴﺎﻧﻲ ﻣﺨﺎﻃ ًﺒﺎ اﺑﻨﺘﻪ : ﻫﻨﺎ اﻟﺬات ﺗﻮﺟﻪ دﻋﻮة ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻟﻠﻐﻮص ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ، ِﻛﻠِﻴ ِﻨﻲ ﻟِ َﻬ ﱢﻢ ﻳﺎ أُ َﻣ ْﻴ َﻤ َﺔ ﻧ ِ َﺎﺻﺒﻲ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ﻣﻨﻬﺎ ،ذاﻛــﺮة اﻟــﺬات ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺬا وﻟﻴﻞٍ أﻗﺎﺳﻴﻪ ﺑﻄﻲء اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﺘﺼﺤﺮاﻟﻤﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﻠﻞ ﻛﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻐﻴﺎب ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن واﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻫﻨﺎ ،ﻳﺴﺘﺸﻒ أن اﻟﺸﻐﻞ اﻟﺸﺎﻏﻞ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻛﺎن ﻫﺬه اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻴﻬﺎ ،إﺷﺎرة ﻟﺒﻴﺒﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻀﻮر أي اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ، اﻟﻤﻜﺎﺑﺪات ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮي ذاﺗﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮة ،ﻓﺘﻐﺪو رﻫﻴﻨﺔ أﺳﺌﻠﺔ ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ واﻟﻄﻠﻞ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻤﺎه وﺟﻮدي، وﺟﻮدﻳﺔ؛ ﻓَ َﻬ ﱡﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﺮﻗﺔ اﻹﺑﺪاع ،أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻋﻦ ﻗﻠﻖ وﺟﻮدي ﻓﻌ ْﺒﺮ اﻟﻄﻠﻞ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﻤﺘﻮارﻳﺔ وراء أﺳﻮار اﻟﻬﻢ ﻳﺴﺎوره ،وﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺆرﻗًﺎ وﻣﻌﺬﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻤﺼﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻤﻮت اﻟــﺬي ﻳﺘﺮﺑﺺ ﺑﻪ ،إﻧﻪ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﻠﻴﻞ ﻟﻴﺒﺜﻪ ﻟﻮاﻋﺠﻪ اﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ واﻟﻤﺸﺘﻌﻠﺔ ﺑﻨﻴﺮان اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ. ﻗﺲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ،ﻣﺎ ﻋ ّﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺟﻞ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻴﻦ ،ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ -ﻓﻲ رأﻳﻲ -ﺑﺆرة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺮ؛ ذﻟﻚ أن اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺳﻔﺮ وإﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺬات؛ ﻓﺎﻟﻤﺸﺎق اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻜﺒﺪﻫﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻣﺤﻨﺔ اﻟﺬات اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻟﻚ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﺰﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﻴﺮ ﻣﺤﺎﺻﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻤﻮت ،إذ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻈﺎﻣﺊ ﻟﻠﻘﺮاءة اﻟﺠﺎدة واﻟﻤﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ،اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أﻧﻬﺎ ﻣﻄﻴﺔ اﻟﺬات ﻻﺗﺨﺎذ اﻟﺼﺤﺮاء ذرﻳﻌﺔ ﻟﻺﻓﺼﺎح ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﺒﻤﺠﺮد ﻣﺎ ﻳﻘﻄﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ اﻟﻔﻴﺎﻓﻲ ﻳﻠﺞ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ اﻟﻐﺎﻳﺔ واﻟﻬﺪف ،ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻣﺎ ﻫﻮ إﻻ ﻣﺮآة ﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺬات . ﻳﻘﻮل اﻣﺮؤ اﻟﻘﻴﺲ: ﻗﻔﺎ ﻧﺒﻚ ﻣﻦ ذﻛﺮى ﺣﺒﻴﺐ وﻣﻨﺰل ﺑﺴﻘﻂ اﻟﻠﻮى ﺑﻴﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﺤﻮﻣﻞ
62
ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ أن اﻟﺨﻴﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﺗﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ُﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وأﻳﺎم اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺸﻬﻮرة، وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺷﺮﻗﺖ ﺷﻤﺲ اOﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،رﻓﻊ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ا} ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ وأﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ
»اﻟﻌﺮاق اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ« وﺳﻮرﻳﺔ ،ﻣﺸﻴﻞ ﻛﻴﻠﻮ وﻣﺤﻤﻮد ﻛﺒﻴﺒﻮ )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﻟﻨﺪن :ﺷﺮﻛﺔ دار اﻟﻮراق ﻟﻠﻨﺸﺮ اﻟﻤﺤﺪودة ،(2007 ،ص .131 - 11دﻳﻜﺴﻮن :ﻋﺮب اﻟﺼﺤﺮاء) ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،(1996 ،ص .384 ،538 ،537 - 12اﻟﻠﻴﺪي آن ﺑﻠﻨﺖ:ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺑﺪو اﻟﻔﺮات ﻋﺎم ،1878أﺳﻌﺪ اﻟﻔﺎرس؛ ﻧﻀﺎل ﺧﻀﺮ ﻣﻌﻴﻮف )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،دﻣﺸﻖ :دار اﻟﻤﻼح ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ، ،(1991ص 144؛ Lady Anne Blunt: Bedouin Tribes of the Euphrates, (New .York: Harpers & Brothers Publisher, 1879), P. 125 - 13ﻟﻴﺪي آن ﺑﻠﻨﺖ :رﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﻧﺠﺪ ﻣﻬﺪ اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،أﺣﻤﺪ إﻳﺒﺶ )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،دﻣﺸﻖ :دار اﻟﻤﺪى ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻨﺸﺮ ،(2005 ،ص 147؛ ﻋﻮض اﻟﺒﺎدي :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .122 - 14أﻟﻮﻳﺰ ﻣﻮزﻳﻞ :ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،رﺣﻼت وﻣﻐﺎﻣﺮات ﻓﻲ ﺷﻤﺎل ﺟﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮب ،1915-1908ﻋﺒﺪ اﻹﻟﻪ اﻟﻤﻼح )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،أﺑﻮ ﻇﺒﻲ :ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺮاث ،(2010 ،ص .64 - 15ﻣﻜﻲ اﻟﺠﻤﻴﻞ :اﻟﺒﺪو واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق) ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،(2005 ،ص .177 - 16ﺟﻮﻫﻦ ﺟﺎﻛﻮب ﻫﻴﺲ :ﺑﺪو وﺳﻂ اﻟﺠﺰﻳﺮة )ﻋﺎدات– ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ-
ﺣﻜﺎﻳﺎت وأﻏــﺎن( ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﻮد ﻛﺒﻴﺒﻮ ،ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻌﺘﻴﺒﻲ )ﺑﻐﺪاد :دار اﻟﻮراق ﻟﻠﻨﺸﺮ اﻟﻤﺤﺪودة ،(2010 ،ص .142 ،139 - 17أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﻧﺼﺮ :اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ أدب اﻟﺮﺣﻼت، )اﻟﺪوﺣﺔ :ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ﻟﺪول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،(1995 ،ص .56 - 18ﺟﻮﻫﻦ ﺟﺎﻛﻮب ﻫﻴﺲ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .153 ،151 - 19ﻣﺎﻛﺲ أوﺑﻨﻬﺎﻳﻢ :رﺣﻠﺔ إﻟﻰ دﻳﺎر ﺷﻤﺮ وﺑﻼد ﺷﻤﺎل اﻟﺠﺰﻳﺮة، ﻣﺮاﺟﻌﺔ وﺗﺪﻗﻴﻖ ﻣﺤﻤﻮد ﻛﺒﻴﺒﻮ) ،ﺑﻐﺪاد :دار اﻟﻮراق ﻟﻠﻨﺸﺮ،(2007 ، ص .125 ،123
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
61
śĔŘǚē įĔżĜijē
ﺗُﺮﺑﻰ ﻟﺪى ﻋﺘﻴﺒﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﺴﻮداء ،وﺗُﻔﻀﻞ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟ ُﻤﻄﻴﺮ واﻟﻌﻮازم وﻋﺠﻤﺎن ذات اﻟﻠﻮن اﻟﻤﺎﺋﻞ ﻟﻠ ُﺤﻤﺮة ،وﻳُﻔﻀﻞ اﻟﺪوﺷﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻴﺮ اﻷﻧﻮاع اﻟﺴﻮداء اﻟﺪاﻛﻨﺔ ،أﻣﺎ ُﻣﺮة وﻗﺤﻄﺎن ﻓ ُﻴﻔﻀﻠﻮن اﻷﻟﻮان اﻟﺪاﻛﻨﺔ. وﺗﻔﺘﺨﺮ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟ ُﻤﻄﻴﺮ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ »اﻟﺸﺮف«، وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻹﺑﻞ أﺳﻮد ﻏﺎﻣﻖ .وﻳﻬﺘﻢ أﻓﺮاد اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻮع ،وﻟﻪ رﻋﺎﺗﻪ، وﻳﻔﺘﺨﺮون ﺑﺄﻧﻪ أﻓﻀﻞ اﻷﻧﻮاع .وﺗُﺴﺘﺨﺪم »اﻟــﺸــﺮف« ﻓﻲ اﻟﺤﺮب ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، وﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ُﻣﻄﻴﺮﻳًﺎ ذﻟﻮﻻ ﻣﻦ ﻧﻮع »اﻟﺸﺮف«).(11 وﺗﺮﺑﻲ ﻋﺸﻴﺮة اﻟﺮوﻟﺔ »اﻟﻤﺮﻛﺐ« ،وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ .وﺗ ُﺮﺑﻲ ﻋﺸﻴﺮة اﻟﺠﻐﺎﻳﻔﺔ ﺑﻌﺾ اﻹﺑﻞ ذات اﻟﺴﻨﺎم اﻟﺘﻲ ﻳُﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﻤﺎﺛﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻮاع اﻷوروﺑﻴﺔ) .(12وﻳُﺮﺑﻲ اﻟﺸﺮارات أﻓﻀﻞ اﻹﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﻟ ُﻤﺴﻤﺎة »ﺑﻨﺎت ﻋﺪﻳﻬﺎن«) .(13وﻋﺸﻴﺮة اﻟﻔﺪﻋﺎن ﻣﺸﻬﻮرة ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﻨﻮق اﻟﺒﻴﺾ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﻌﺮف ﺑـ »اﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ«) .(14وﺑﺼﻮرة ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺠﻤﺎل اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل ،واﻟﺴﻮداء ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ).(15 ﺗ ُﺸﻜﱢﻞ ﻗﻄﻌﺎن اﻹﺑﻞ ﺛﺮوة اﻟﺒﺪوي .ﻓﺎﻟﺠﻤﻞ ﻳﻘﺪم ﻟﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻟﻠﺤﻴﺎة .ﻓﻬﻮ داﺑﺔ اﻟﺮﻛﻮب واﻟﺤﻤﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،وﻳﻮﻓﺮ ﻟﻪ اﻟﺤﻠﻴﺐ واﻟﻠﺤﻢ واﻟﺼﻮف واﻟﺠﻠﺪ ،واﻹﺑﻞ ﻫﻲ اﻟﺜﺮوة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺒﺪوي ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻠﺒﻦ واﻟﻠﺤﻢ ﻳُﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ وﺑﺮ اﻹﺑﻞ اﻟﺬي ﻳﻐﺰل ،وﻳُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺻﻨﻊ اﻟﺨﻴﺎم وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎدة اﻟﻮﻗﻮد ،وﻫﻮ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻠﺪﺧﻞ ﻛﺴﻠﻌﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﺗﺒﺎدﻟﻴﺔ ،وﺑﻮل اﻹﺑﻞ أداة ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ،ﻓﻬﻢ ﻳﻐﺴﻠﻮن ﺑﻪ ﺷﻌﺮﻫﺎ »ﻷﻧﻪ« ﺣﺴﺐ ﻗﻮل أﺣﺪ اﻟﺒﺪو »ﻳﻨﻈﻒ اﻟﺮأس وﻳﻘﺘﻞ اﻟﻘﻤﻞ وﻳﻨﻤﻲ اﻟﺸﻌﺮ«) .(16وﻳﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺒﺪو ﺑﻮل اﻹﺑﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ وﺟﻊ اﻟﻌﻴﻮن ).(17 ﻳﺰﻳﻦ اﻟﺒﺪو اﻟﻨﻮق اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻰ ﻟﻐﺮض اﻟﻮﻻدة واﻟﺤﻠﻴﺐ ﺑﻮﺿﻊ ﻗﻼدة ذات ﺷﺮاﺷﻴﺐ ﻓﻲ ﻋﻨﻘﻬﺎ ،وﺗﺴﻤﻰ »دﺑﺪوب« .وﺣﺴﺐ ﺷﺮح أﺣﺪ اﻟﻘﺤﺎﻃﻴﻦ ﻟﺠﻮﻫﻦ ﺟﺎﻛﻮب ﻫﻴﺲ »اﻟﺪﺑﺪوب ﻫﻮ ﺑﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻮف ﺑﺜﺨﻦ اﻟﺬراع وﺑﻄﻮل 25ﺳﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﺎم واﻟﺨﻠﻒ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺎﻣﻬﺎ ،ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻫﺬه اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺟﻴﺪة«. وﻻ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺰﻳﻨﺔ إﻻ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﻮق) .(18وﻳﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺒﺪو ﺧﻴﻮﻃﺎ ﻣﺘﺪﻟﻴﺔ ،وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﻟﺘﺰﻳﻴﻦ اﻟﺠﻤﻞ ،ﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻬﺪوب« .وﻳﻄﻠﻖ اﻟﺒﺪو اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰء اﻟﻌﻠﻮي ﻣﻦ ﻟﺠﺎم اﻟﺠﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﻤﺴﻚ اﻷﺟﺰاء اﻟﺠﻠﺪﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻦ وراء اﻟﺮأس »ﻋﻀﺮ« وﻳﺰﻳﻦ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﺘﺪﻟﻴﺔ)(19
اﻟﻬﻮاﻣﺶ: - 1ﻣﺎرﺳﻴﻞ ﻛﻮرﺑﺮ ﺷﻮك :اﻟﺒﺪوي اﻷﺧﻴﺮ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪوﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ اﻹﻟﻪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﺴﺎﻗﻲ ،(2003 ،ص .107 - 2ﻋﺎدل ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻴﻦ» :اﻟﺨﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« ﻣﺠﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ ،اﻟﻌﺪد اﻷول واﻟﺜﺎﻧﻲ ،اﻟﻤﺠﻠﺪ ) ،23رﺟﺐ– ﺷﻌﺒﺎن /رﻣﻀﺎن -ﺷﻮال 1422ﻫـ/ أﻛﺘﻮﺑﺮ -ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ /دﻳﺴﻤﺒﺮ 2001م– ﻳﻨﺎﻳﺮ 2002م(. - 3رﻓﻌﺖ اﻟﺠﻮﻫﺮي :ﺷﺮﻳﻌﺔ اﻟﺼﺤﺮاء ﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ) ،اﻟﻘﺎﻫﺮة: اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺸﺆون اﻟﻤﻄﺎﺑﻊ اﻷﻣﻴﺮﻳﺔ ،(1961،ص .140 - 4دﻳﻜﺴﻮن :ﻋﺮب اﻟﺼﺤﺮاء) ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ،(1996 ، ص .192 - 5ﺟﻤﺎل ﻣﺤﻤﻮد ﺣﺠﺮ :اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ) ،اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ :دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ،(2008 ، ص .214 - 6دي ﻻروك :رﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺸﺮﻗﻲ وﻣﻀﺎﻳﻖ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ) ،أﺑﻮ ﻇﺒﻲ :اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،(1999 ،ص ،91 .92 - 7ﺟﻴﻤﺲ رﻳﻤﻮﻧﺪ وﻟﺴﺘﻴﺪ :رﺣﻠﺘﻲ إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻮاﻟﻲ داود ﺑﺎﺷﺎ ،ﺳﻠﻴﻢ ﻃﻪ اﻟﺘﻜﺮﻳﺘﻲ )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﺑﻐﺪاد :ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺛﻮﻳﻨﻲ،(1984 ، ص .37 - 8ﺟﻴﻤﺲ رﻳﻤﻮﻧﺪ وﻟﺴﺘﺪ :ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻤﺎن ،رﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﺴﺎﻗﻲ ،(2002 ،ص .63 - 9ﻟﻮﺛﺮ ﺷﺘﺎﻳﻦ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .60 ،59 *ﺻﺤﻔﻲ وأﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻣﺼﺮي - 10ﻣﺎﻛﺲ ﻓﺮاﻳﻬﻴﺮ ﻓﻮن أوﺑﻨﻬﺎﻳﻢ :اﻟﺒﺪو ،اﻟﺠﺰء اﻷول :ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ
60
ﺳﺒﺎﻗﺎت وﻣﺰاﻳﻨﺎت اKﺑﻞ واﻟﺨﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو
ﺟﻌﻠﻮه ﻳُﺸﺎرك ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ،واﺧﺘﺎروﻧﻲ ﺧﻴﺎﻻً ﻟﻪ .وﺑﻌﺪ أن ﺳﻠﻤﻨﻲ اﻟﺤﺼﺎن، ﻋﻘﺐ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺸﻌﺎن ﺑﺎرﺗﻴﺎح ﻗﺎﺋﻼ» :ﺣﺼﺎﻧﻚ أﺳﺮع ﺣﺼﺎن ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة«. إﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺟﻠﺴﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮج، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻫﻴ ًﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ّ وﻗﺪت »ﺧﺮاﻓﺎن« إﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺗﺠﻤﻊ اﻻﻧﻄﻼق ،ﻛﺎن ﻳﻨﻔﺦ وﻳﺼﻬﻞ وﺟﺴﻤﻪ ﻧﺎﻗﻼ ﻳﺮﺗﺠﻒ ،وﻣﺎ إن رأى اﻷﻓﺮاس ﺣﺘﻰ أﺧﺬ ﻳﺪور ﺣﻮﻟﻬﻦ ﻣﺘﺒﺨﺘ ًﺮاً ، إﻟﻴﻬﻦ ﻫﻴﺠﺎﻧﻪ ،وﻏﻢ أن ﺑﺈﻣﻜﺎن أي ﻓﺎرس أن ﻳﻠﺠﻢ ﺣﺼﺎﻧﻪ إذا أﻣﺴﻚ ﻋﻠﻲ ﻟﺠﻤﻪ ،رﺑﻤﺎ ﺧﻔﻒ ﺑﺰﻣﺎﻣﻪ ،إﻻ أﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ »ﺧﺮاﻓﺎن« اﺳﺘﺤﺎل ّ ﻗﻠﻴﻼ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ رؤﻳﺔ »رﻳﻤﺔ« )زوﺟﺔ ﻟﻮﺛﺮ ﺷﺘﺎﻳﻦ( وﻫﻲ ﻋﻨﻲ ً ﺗﻘﻒ ﻣﻊ اﻟﻨﺴﻮة أﻣﺎم ﺧﻴﺎﻣﻬﻦ ﺗﻠﻮح ﻟﻲ. ﻳﻘﻊ ﻣﻜﺎن اﻻﻧﻄﻼق ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﻣﺘﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻤﺔ ،وﻧﻘﻄﺔ اﻟﻮﺻﻮل ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ﺗﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮﻳﻦ ،ﻫﺒﻄﻨﺎ ﻋﻦ ﺧﻴﻮﻟﻨﺎ ﻟﻨﺘﻔﺤﺺ اﻷﺣﺰﻣﺔ واﻟﺴﺮوج ،اﺳﺘﻌﺪا ًدا ﻟﻠﺤﻈﺔ اﻻﻧﻄﻼق، اﻟﺘﻲ ﻣﺎ إن ﺣﺎﻧﺖ ﺣﺘﻰ أﺧﺬ اﻟﺪم ﻳﺘﺪﻓﻖ إﻟﻰ وﺟﻨﺘﻲ ﺑﺴﺮﻋﺔ، وأﺧﺬ ﻗﻠﺒﻲ ﻳﺪق ﺑﻘﻮة ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﻴﻦ ﺷﺎﺧﺼﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎﻫﻨﺎ ،وﻛﺎن ﺣﺼﺎﻧﻲ ﻳﺘﺤﺮك ﺗﺤﺘﻲ ﻛﺎﻟﺸﻴﻄﺎن ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻲ ﺣﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺟﻊ ،ﻛﺎن اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﺨﻴّﺎﻟﺔ ﻣﻌﺘﻠﻴﻦ ﺻﻬﻮة ﻓﺮﺳﻴﻬﻤﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻄﻠﻘﺖ اﻟﻔﺮس اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻣﻦ دون ﺣﺚ ﻓﺎرﺳﻬﺎ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ »ﺧﺮاﻓﺎن« إﻻ ان اﻧﻄﻠﻖ وراءﻫﺎ ﻛﺎﻟﺴﻬﻢ ،وﺑﺪﻻ ﻣﻦ رﻳﺎﺿﺔ ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ،ﺗﺤﻮل اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻣﻄﺎردة إﻧﺎث .أﻣﺎ ﻋﺒﻴﺪ وﻓﻨﺮ وﺣﻤﻴﺪ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺟﺮي اﻷﻓﺮاس ﺑﻬﻢ ﻗﻔ ًﺰا أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ اﻧﻄﻼﻗًﺎ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ،وﺑﺪوا ﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻔﺎف واﻧﺘﺸﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ واﺣﺪة ﻣﻨﺎ«).(9 رؤﻳﺔ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻟﻤﺰاﻳﻨﺎت اrﺑﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو ﻏﺰﻻن ﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن
ﺗﺤﺎول ﻛﻞ ﻗﺒﻴﻠﺔ أو ﻋﺸﻴﺮة ﻧﻴﻞ أﺣﺴﻦ اﻹﺑﻞ ﺑﺎﻟﺘﺰاوج ،وﺗﻬﺘﻢ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ ﻧﻮع ﺧﺎص ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ اﻷﻓﻀﻞ ،ﻓﺎﻟﺠﻤﺎل اﻟ ُﻤﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪى اﻟﻀُ ﻔﻴﺮ ،واﻟﺮوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺰة ﻫﻲ اﻟﺒﻴﻀﺎء) .(10أﻣﺎ اﻹﺑﻞ اﻟﺘﻲ
ﺗﺤﺎول ﻛﻞ ﻗﺒﻴﻠﺔ أو ﻋﺸﻴﺮة ﻧﻴﻞ أﺣﺴﻦ اOﺑﻞ ﺑﺎﻟﺘﺰاوج ،وﺗﻬﺘﻢ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ ﻧﻮع ﺧﺎص ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ا%ﻓﻀﻞ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
59
śĔŘǚē įĔżĜijē
ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺪان واﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﺘﻔﺮﺟﻮن ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء. وﺣﺎﻟﻤﺎ ﻳﺮى اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻟﺮاﻳﺔ ارﺗﻔﻌﺖ ﻓﻲ ﺻﻒ اﻟﻨﺴﺎء ﻳﻄﻠﻘﻮن أﻋﻨﺔ ﺧﻴﻮﻟﻬﻢ ﻓﻤﻦ ﻓﺎز ﺑﻬﺎ أوﻻً ﻛﺎن اﻟﺴﺎﺑﻖ؛ ﻓﺈذا ﻃﺎرده أﺣﺪ أﻗﺮاﻧﻪ وأﺧﺬﻫﺎ ﻣﻨﻪ ﻛﺎن اﻟﻔﺎﺋﺰ وإﻻ ﺑﻘﻲ اﻟﻔﻮز ﻟﻸول. وﻓﻲ ﺻﺒﺎح ﻳﻮم اﻟﺨﺘﺎن ﻳﺘﺴﺎﺑﻖ اﻟﺮﺟﺎل ﺳﺒﺎﻗًﺎ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻴﻞ أو اﻟﻬﺠﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،إﻻ إﻧﻬﻢ ﻳﺮﻓﻌﻮن ﻗﻔﻄﺎﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺮ أو اﻷﻃﻠﺲ ﻛﺮاﻳﺔ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺪﻳﻞ اﻷﺣﻤﺮ ،وﺗﺮﻓﻊ اﻟﺮاﻳﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة اﻣﺮأة ﺟﻤﻼ).(3 ﺗﺮﻛﺐ ً ﻳﻘﻮل ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ دﻳﻜﺴﻮن ،Patrick Dicksonاﻟﺮﺣﺎﻟﺔ واﻟﻤﺆرخ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق واﻟﻜﻮﻳﺖ » :1959-1914اﻟﻌﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻛﻤﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ واﻻﺣﺘﻔﺎل وﺗﺒﺎدل اﻟﺰﻳﺎرات، ﺷﻜﻼ أﻛﺜﺮ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻣﻌﻮزﻳﻦ ﻳﺄﺧﺬ اﻻﺣﺘﻔﺎل ً ﺑﺴﺎﻃﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﺎﻟﻴﻔﻪ«).(4 ﻳﺘﻤﺘﻊ اﻟﺤﺼﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻤﻮاﺻﻔﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﻳﻨﻔﺮد ﺑﻬﺎ ﻛﻨﻘﺎء اﻟﺪم وﺟﻤﺎل اﻟﻤﻈﻬﺮ واﻟﺴﺮﻋﺔ وﻗﻮة اﻟﺘﺤﻤﻞ وﻧﺤﻮﻫﺎ .وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﻟﻮﺛﺮ ﺷﺘﺎﻳﻦ ،lohar Steinاﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺮﺣﻠﺘﻪ إﻟﻰ دﻳﺎر ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺷﻤﺮ ﺳﻨﺔ ،1962أن ﻛﻞ ﺑﺪوي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ أن ﻳُﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻞ اﻷﺛﻘﺎل واﻟﺠﻤﻞ اﻟﻤﺨﺼﺺ ﻟﻠﺮﻛﻮب ،إذ ﻳﻜﻮن اﻷول ﺛﻘﻴﻼ وﺿﺨ ًﻤﺎ وﺑﻄﻴﺌًﺎ ،واﻵﺧﺮ ﺧﻔﻴﻒ اﻟﺤﺮﻛﺔ وﺳﺮﻳ ًﻌﺎ ،أﻣﺎ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ وﻳﻠﻔﺮﻳﺪ ﺛﻴﺴﺠﺮ ،Wilfred Thesigerاﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺮﺣﻼت ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻊ اﻟﺨﺎﻟﻲ وﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ ) ،(1950-1945وﺿﻤﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺮﻣﺎل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« ﻓﻼﺣﻆ أن ﺑﺪو اﻹﻣﺎرات ﻳﺘﺨﺬون اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺤﻴﻠﻮﻟﺔ ﻣﻦ دون اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎل اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق واﻟﻨﻴﺎق) .(5وذﻟﻚ ﺣﻔﺎﻇًﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﻮﻳﺘﻬﺎ وﻗﻮﺗﻬﺎ وﻧﺸﺎﻃﻬﺎ. ﻳﻘﻮل اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ دي ﻻروك ، de Larocheاﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺮﺣﻠﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة )اﻟﻴﻤﻦ( ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ ،1713-1711إن »أﻛﺜﺮ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﺷﻴﻮ ًﻋﺎ وأﻋﻈﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺠﻤﻞ ،ﺧﺎﺻﺔ
58
ﺳﺒﺎﻗﺎت وﻣﺰاﻳﻨﺎت اKﺑﻞ واﻟﺨﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو
اﻟﺠﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗُﺮﺑﻰ ﻟﻠﺴﺒﺎق ،واﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺮف ﺑﺎﻟﻬﺠﻦ ،ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﻨﻘﻞ اﻷﺛﻘﺎل ،وﺗ ُﺪرب وﻫﻲ ﺻﻐﻴﺮة ﺑﺎﻟﻀﺮب واﻟﺘﻤﺮﻳﻦ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ،ﻛﻲ ﺗﺮﻛﺾ ﺑﺴﺮﻋﺔ .وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣﺪﻫﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻗﻄﻊ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻓﺮﺳﺨًﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺼﺒﺎح ،اﻷﻣﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﺤﺠﻢ ﻫﺬا اﻟﺤﻴﻮان وﺑﻄﺌﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ«).(6 وﻗﻀﻰ ﺟﻴﻤﺲ رﻳﻤﻮﻧﺪ وﻟﺴﺘﻴﺪ ،James Raymond Wellsted اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻌﺪة أﺳﻔﺎر ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )،(1831-1830 »وﻗﺘًﺎ ﻣﻤﺘ ًﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺪ ،وﻗﺬف اﻟﺠﺮﻳﺪ وﻣﻤﺎرﺳﺎت أﺧﺮى« ،وﻗﺬف اﻟﺠﺮﻳﺪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻄﻮن ﻇﻬﻮر اﻟﺨﻴﻞ، وﻫﻲ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﻬﻮﻛﻲ) .(7وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﺮﺣﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﺎن ﻋﺎم 1835دﻋﺎه ﺷﻴﺦ ﺑﺪو اﻟﺠﻨﺒﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﺎق اﻹﺑﻞ ،ﻓﻠﺒﻲ اﻟﺪﻋﻮة .وﻳﺼﻒ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﻘﻮﻟﻪ» :وﻣﺎ إن ﺣﻞ اﻟﻤﺴﺎء ﺣﺘﻰ ﺗﻮاﻓﺪت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺪو ،وأﻗﻴﻢ ﺳﺒﺎق ﻟﻠﻬﺠﻦ اﺷﺘﺮك ﻓﻴﻪ ﺟﻤﻼن ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺒﺔ ،وﺟﻤﻼن ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺑﻮ ﻋﻠﻲ .واﺳﺘﻬﻮاﻧﻲ اﻷﻣﺮ ﺟ ًﺪا ﻓﻠﻢ أﻛﻦ ﺷﺎﻫﺪت ﺳﺒﺎﻗًﺎ ﻟﻠﻬﺠﻦ .ﺳﻴﻄﺮ اﻟﻤﺘﺴﺎﺑﻘﻮن ﻋﻠﻰ إﺑﻠﻬﻢ ﺑﺨﻴﻮط رﺑﻄﺖ إﻟﻰ أﻧﻮﻓﻬﺎ )اﻟﺨﺰام أو اﻟﺮﺳﻮن( واﺳﺘﻤﺘﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎق .ﻏﻴﺮ أن اﻷﺑﻞ ﻟﻢ ﺗﻘﺎﺳﻢ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺬل ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ وﻫﻲ ﺗﺠﺮي ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﺮﻋﺔ اﻹﺑﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،وﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ أﻗﺼﻰ ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﺣﺜﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻛﻤﺎ أن ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ﺧﺮﻗﺎء إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ«).(8 ﺗﺸﺘﻬﺮ ﻋﺸﺎﺋﺮ ﺷﻤﺮ اﻟﺠﺮﺑﺎ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،وﺷﻬﺮة ﺧﻴﻮﻟﻬﺎ ﻃﺒﻘﺖ اﻵﻓﺎق ،واﻟﻨﺎس ﻳﻤﺘﺪﺣﻮن ﺧﻴﻮﻟﻬﺎ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻠﺖ .وﻳﺬﻛﺮ ﻟﻮﺛﺮ ﺷﺘﺎﻳﻦ أن اﻟﻌﺸﻴﺮة ﺗُﻨﻈﻢ »ﺳﺒﺎﻗﺎ ﻟﻠﺨﻴﻮل ،ﻳﺼﻞ ﻟﻜﻴﻠﻮﻣﺘﺮﻳﻦ دورﻳﺎً« .ﻳﻘﻮل» :ﺑﻌﺪ ﺗﻨﺎول اﻟﻘﻬﻮة ،ﺑﺪأت اﻻﺳﺘﻌﺪادات ﻟﺴﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ،ﺧﻠﻒ اﻟﺨﻴﻤﺔ وﻗﻔﺖ ﺧﻤﺲ أﻓﺮاس ﻣﺴﺮﺟﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺤﺼﺎن اﻟﺬﻛﺮ »ﺧﺮاﻓﺎن« ،ﻓﺮﺑﻄﻮه ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﻣﻦ اﻷﻓﺮاس، ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻃﻠﺐ اﻟﺴﻔﺎد ،وﻳُﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻬﻴﺎج ورﻏﻢ ذﻟﻚ
د .ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي@
ﺗﺆدي ﻇﺮوف اﻟﺒﻴﺌﻪ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﻌﺮاق، إﻟﻰ أن ﻳﻬﺘﻢ اﻟﺒﺪو ﺑﺎﻹﺑﻞ واﻟﺨﻴﻮل ،وﺗﺰرع ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺣﺐ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ .ﻓﺎﻟﺠﻤﺎل أﻫﻢ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻨﻘﻞ واﻟﺘﺠﺎرة .واﻟﺨﻴﻞ ﻟﻬﺎ ﺷﺄن ﻛﺒﻴﺮ ﻻرﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﻢ وﺣﺮوﺑﻬﻢ وﻋﺎداﺗﻬﻢ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﺮﺑﻴﺘﻬﺎ وﺗﺴﻴﻴﺴﻬﺎ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺎ؛ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺮص اﻟﺒﺪو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻋﺮاس واﻷﻋﻴﺎد وﺣﻔﻼت اﻟﺨﺘﺎن ،ﺣﻴﺚ ﺗُﺼﺒﺢ اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﻔﺎﺋﺰة ﻣﻮﺿﻊ ﻓﺨﺮ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ،وﻳﺰﻳﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ،وﻣﻦ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﻳﺤﻮز اﻟﺸﻬﺮة ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ .وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ﻣﺎرﺳﻴﻞ ﻛﻮرﺑﺮ ﺷﻮك Marcel Korber Chuckأن »اﺑﻦ ﺣﺠﻨﺔ« ،ﺷﻴﺦ ﻋﺸﻴﺮة اﻟﻨﻔﻌﺔ ،ﻗﺪ ﺣﺎز اﻟﺸﻬﺮة ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺪو ﻻﻣﺘﻼﻛﻪ ﻓﺮﺳﻴﻦ راﺋﻌﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻴﻞ اﻟﺴﺒﺎق ،ﻫﻤﺎ »ﻛﺮوش ورﺑﺪا«).(1 وﻋﺮف اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻞ واﻟﻬﺠﻦ واﻟﺮﻣﻲ واﻟﺼﻴﺪ، ﺑﺪﻻﻟﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي وﺿﻌﻪ زﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﻔﺎﻛﻬﻲ )ت 948ﻫـ1541 /م( ،ﺑﻌﻨﻮان »ﻣﺒﺎﻫﺞ اﻟﺴﺮور واﻹرﺷﺎد ﻓﻲ اﻟﺮﻣﻲ واﻟﺴﺒﺎق واﻟﺼﻴﺪ واﻟﺠﻬﺎد« واﻟﻤﺤﻔﻮظ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺒﺎرﻳﺲ ،ﺗﺤﺖ رﻗﻢ .(2).2834
وﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ أن اﻟﺨﻴﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﺗﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻛُﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وأﻳﺎم اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺸﻬﻮرة ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺷﺮﻗﺖ ﺷﻤﺲ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،رﻓﻊ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ وأﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻓﺸ ّﺮع ﺗﻌﻠﻢ رﻛﻮﺑﻬﺎ ،ودﻋﺎ إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﻴﻨﻬﺎ ،إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ إﻛﺮام اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺨﻴﻞ ،واﻋﺘﺰازﻫﺎ ﺑﻬﺎ. ﻳﺠﺮي اﻟﺒﺪو ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ واﻟﺨﻴﻞ ﻓﻲ أﻳﺎم اﻷﻋﻴﺎد واﻷﻓﺮاح ،وﻋﻮدة اﻟﺤﺠﻴﺞ ،واﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻀﻴﻮف ،وأﻫﻢ ﺳﺒﺎق ﻳﺘ ّﻢ ﻓﻲ أﻳﺎم ﻋﻴﺪ اﻷﺿﺤﻰ وﺧﺘﺎن اﻷوﻻد. رﺟﺎﻻ وﻧﺴﺎ ًء ﻓﻲ ﻣﻴﺪان ﻣﺘﺴﻊ ﻳﺼﻠﺢ وﻷﺟﻞ اﻟﺴﺒﺎق ﻳﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﺪو ً ﻟﻠﺴﺒﺎق ﻓﺘﻘﻒ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻪ وﻓﻲ ﻳﺪ إﺣﺪاﻫﻦ ﻣﻨﺪﻳﻞ أﺣﻤﺮ ﻣﺮﻓﻮع ﻋﻠﻰ ﻋﺼﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ راﻳﺔ .وﻳﻘﻒ اﻟﻔﺮﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
57
śĔŘǚē įĔżĜijē
ﻫﻘﺎوي ﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن
56
ﺳﺒﺎﻗﺎت وﻣﺰاﻳﻨﺎت اKﺑﻞ واﻟﺨﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو
Í Ëí ¡ ì ¥
ﻓﻲ ا%ﻋﻴﺎد وا%ﻓﺮاح وﻋﻮدة اﻟﺤﺠﻴﺞ واﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻀﻴﻮف وﺧﺘﺎن ا%وﻻد
ﺳﺒﺎﻗﺎت وﻣﺰاﻳﻨﺎت اOﺑﻞ واﻟﺨﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو ﻛﻤﺎ رﺻﺪﻫﺎ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ
ﻳُ ﻨﴩ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﳌﺮﻛﺰ اﻟﻌﺮيب ﻟﻸدب اﻟﺠﻐ ﺮاﰲ »ارﺗﻴﺎد اﻵﻓﺎق« -أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﻟﻨﺪن اﻟﺬي ﻳﺮﻋﺎه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﺴﻮﻳﺪي
ﻳﺮ 2016 ﺒﺮاﻳﺮ ﻓﺒﺮاﻳﺮ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳ ﺒﺮاﻳ
55
رؤﻳﺎ
ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة اrﻣﺎراﺗﻲ وﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﻨﻬﻤﺮ ،اﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﻮﻣﺾ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮل، وﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﺒﺎدرة )ﻋﺎم ...2016ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة( اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺆﻛﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﻴﻦ ﻟﻦ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻣﻨﺤﻨﺎ ﺑﺴﺨﺎء ،وﻋﻦ اﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻋﻘﻞ اﻷﻣﺔ ورﻗﺮﻗﺔ وﺟﺪاﻧﻬﺎ ،وﻫﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﻼح أﻣﻀﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة ﻟﻨﻌﻴﺪ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌﻘﻮل واﻷﻓﺌﺪة؟ اﻟﺤﻖ أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﻌﻠﻦ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أن اﻟﺸﻐﻒ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻫﻮ اﻟﻤﻔﺘﺎح اﻷﻫﻢ ﻟﺘﻄﻮر اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،وأن اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ زراﻋﺔ ﻓﻮاﻛﻪ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻳﺘﻜﺊ دو ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﻤﺘﻔﺘﺤﺔ واﻟﻘﻠﻮب اﻟﻤﺘﻮﺛﺒﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ واﻻﻛﺘﺸﺎف واﻻﺑﺘﻜﺎر .وﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﺄ ًوا ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﻄﺎردون اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ،وﻛﺎن اﻟﺤﻜﺎم ﻳﻨﻔﻘﻮن ﺑﺴﺨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻌﺮف اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﻰ أﻫﻢ إﻧﺠﺎزات اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﻟﻨﺎ ﻓﻲ )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( أﺳﻮة ﺣﺴﻨﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺰدﻫﺮ اﻷﻣﻢ إذا ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺤﻜﺎم ﻣﺘﻔﺮدﻳﻦ ﻳﻘﺪرون ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻷدب واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وﺳﺄواﻓﻴﻚ ﺗ ًﻮا ﺑﻘﺒﺲ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻴﺮة ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻤﺘﻔﺮد ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ. ﻟﻘﺪ أﺳﺲ )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر ) 775 /754م( ،إذ ﺧﺼﺺ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﺘﻤﻴﺰا ﻓﻲ ﻗﺼﺮه ،ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻘﻴﻦ ،وﻳﻀﻢ أﻗﺴﺎ ًﻣﺎ ﻟﻤﺴﺎﻛﻦ اﻟﻄﻼب واﻷﺳﺎﺗﺬة ،وﻗﺎﻋﺎت ﻟﻠﻜﺘﺐ واﻟﺪرس واﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ،وأﺧﺮى ﻟﻨﺴﺦ اﻟﻜﺘﺐ وﺗﺨﺰﻳﻨﻬﺎ وﺗﺠﻠﻴﺪﻫﺎ .واﺳﺘﺤﻀﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻣﺘﺮﺟﻤﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺮس واﻟﺮوم ﻳﻨﻘﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أﻫﻢ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ أﻫﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد ،ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺮف أﺑﻨﺎء اﻟﻌﺮوﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻬﻢ ،وﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ ازدﻫﺮ ﻧﺸﺎط ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮه ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ )أول ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ( ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻨﺸﺎﻃﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ واﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺲ
54
ﻧﺎﺻﺮ ﻋﺮاق @
ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم ﺣﺪﻳﺚ ﺑﻤﻘﻴﺎس اﻟﻌﺼﺮ. ﺑﻠﻎ )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( ذروة ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﺘﺰاﻳ ًﺪا ،وأﻧﻔﻖ اﻟﻤﺄﻣﻮن ) 833 /814م( ،ﺣﻴﺚ أوﻻه اﻫﺘﻤﺎ ًﻣﺎ ً اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ اﻟﺨﺎص ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻫﺬا اﻟﺼﺮح اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻟﻤﺬﻫﻞ، ﺣﺘﻰ وﺻﻞ ﻋﺪد اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﻮﻳﻬﺎ ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻧﺤﻮ 300 أﻟﻒ ﻛﺘﺎب ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﺮوع اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺐ إﻟﻰ اﻟﺤﺴﺎب ،وﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،وﻣﻦ اﻷدب إﻟﻰ اﻟﻔﻠﻚ .وﻫﻜﺬا اﺳﺘﻄﺎع أﺟﺪادﻧﺎ اﻷواﺋﻞ أن ﻳﺴﻬﻤﻮا ﺑﻨﺼﻴﺐ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة .ﻟﺬا ﻻ ﻋﺠﺐ وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ أن ﻳﻘﻮد اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻨﺎﺑﻬﻮن ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻘﺪم واﻻزدﻫﺎر ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﺪاﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﻨﺎس -ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺸﺒﺎب -ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺰود ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻨﺢ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﺨﻠﻖ واﻻﺑﺘﻜﺎر .ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺠﺐ اﻟﺤﻔﺎوة ﺑﻤﺒﺎدرة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺘﻌﻴﺪ ﻟﻠﻘﺮاءة اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻤﻌﺮوف ،وﺳﺘﺪﻓﻊ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻷﻫﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪؤوب ﻟﻮﺿﻊ اﻟﺨﻄﻂ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻟﺘﺆﺗﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﻄﻴﺒﺔ أﻛﻠﻬﺎ ،وﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪي ﺷﻚ ﻟﺤﻈﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ أن اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺒﺎدرة ﺳﺘﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت وأﻧﺸﻄﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة وﻧﺎﺟﺤﺔ ،وأن اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻮرﻗﻲ -وﺣﺘﻰ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ -ﺳﻴﻠﻘﻰ اﻟﺪﻋﻢ واﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﻋﺎم ،2016ﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻹﻣﺎرات اﺗﻜﺄت دو ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﻣﺪﻫﺸﺔ ...وﻫﻲ ﺿﺮورة أن ﺗﺘﻔﻮق وﺗﺘﻘﺪم وﺗﺤﺮز اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻷوﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻋﻮدﺗﻨﺎ داﺋ ًﻤﺎ. ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﻷول ﺣﻘﻖ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻗﻔﺰة ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻛﺒﺮى ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﺴﺴﻮا )ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ( ،واﻟﻴﻮم ﻧﺄﻣﻞ أن ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺒﺎدرة )ﻋﺎم ...2016ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة( اﻷﻫﺪاف اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ *ﺑﺎﺣﺚ ورواﺋﻲ ،ﻣﺼﺮ
زاوﻳﺔ
ﻣﻔﺘﻮﺣﻴﻦ ﻟﻠﺸﻴﻮخ وأﺑﻨﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻷﺟﻤﻞ ﻋﺸﺮ إﺑﻞ )ﻣﺤﻠﻴﺎت أﺻﺎﻳﻞ +ﻣﺠﺎﻫﻴﻢ(. ﻛﻤﺎ ﺗﻘ ّﺪم ﻣﺰاﻳﻨﺔ ﺑﻴﻨﻮﻧﺔ ﻟﻺﺑﻞ ،اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ زاﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺻــﻮرة أﺧــﺮى ﺗﺘﺴﻖ ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻼﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻹﺑﻞ وﺗﺮاﺛﻬﺎ وﺗﻜﺮﻳﻢ ﻣﺮﺑﻴﻬﺎ وﻣﻼﻛﻬﺎ وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﺸﺒﺚ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻷﺻﻴﻞ ،وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻷواﺻﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ ،وﺻﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺤﻀﺎري ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻗﻠﻮب ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي أﺑﻨﺎﺋﻬﺎً ، ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺰﻳﺰ دورﻫﺎ اﻟﺘﺠﺎري واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ. وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻴﺎق ﻳﻘ ّﺪم ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﺻﻮرة ﻣﺸﺮﻗﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻻﺣﺘﻔﺎء اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻷﺻﻴﻞ ﺑﺎﻹﺑﻞ وﺗﺮاﺛﻬﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺗﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن، اﻟﺬي ﻳﻘﺎم ﻓﻲ ﺳﻮﻳﺤﺎن ،ﺣﻴﺚ ﺗﺸﺎرك ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ آﻻف اﻟﻤﻄﺎﻳﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﺑﺠﻤﺎﻟﻬﺎ وذﻻﻟﺘﻬﺎ ،ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻷﺟﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ وﺗﺘﻮﻳﺠﻬﺎ ﻛﻨﻤﺎذج ﻟﻠﺠﻤﺎل ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﺘﺮﺳﻴﺦ ﻫﺬا اﻟﻤﻮروث وﺣﻔﻈﻪ ﻟﻸﺟﻴﺎل. وﺗﻬﺪف ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ إﻟﻰ إﺑﺮاز اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻺﺑﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،وﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﻤﻼك ﻋﻠﻰ اﻗﺘﻨﺎﺋﻬﺎ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ أي ﺗﻬﺠﻴﻦ أو ﺷﻮاﺋﺐ ،وﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺸﺮوط اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﺟﻤﺎل اﻹﺑﻞ اﻟﻤﺤﻠﻴﺎت اﻷﺻﺎﻳﻞ: أن ﺗﻜﻮن اﻹﺑﻞ ﻣﺤﻠﻴﺔ ،ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ أي ﻧﻮع ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﺘﻬﺠﻴﻦ ،وﻣﻦ اﻷﻣﺮاض اﻟﻤﻌﺪﻳﺔ ﻣﺜﻞ )اﻟﺠﺮب أو اﻟﻘﺮع ،وأن ﻳُ ِ ﻘﺴ ْﻢ اﻟﻤﺎﻟﻚ أن اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻪ وﻣﺤﻠﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ وﻋﻠﻰ ذﻣﺘﻪ. وﺗﺘﻮﻳ ًﺠﺎ ﻷﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ وﺗﻌﺰﻳ ًﺰا ﻟــﺪورﻫــﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺗــﺮاث اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
واﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻘﺪ وﺟﻪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﺷﻮط ﺟﺪﻳﺪ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻻﺑﻞ اﻷﺻﺎﻳﻞ ﻟﻔﺌﺔ اﻟﺤﻮل ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ )ﺷﻮط اﻻﻧﺠﺎز( ﻓﻲ اﻟﺪورة اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،2016دﻋ ًﻤﺎ ﻟﻤﻼك اﻹﺑﻞ وﻣﺮﺑﻴﻬﺎ وﺗﺸﺠﻴﻌﺎ ﻟﻬﻢ وﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻟﻼرﺗﻘﺎء ﺑﻤﺰاﻳﻨﺎت اﻻﺑﻞ وإﻧﺘﺎج أﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼﻻت واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
53
ﻣﺰاﻳﻨﺔ اrﺑﻞ اﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺘﺮاث اOﻣﺎراﺗﻲ ا%ﺻﻴﻞ ﻟﻺﺑﻞ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺳﺎﻣﻘﺔ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ،واﻹﻣﺎراﺗﻲ ﺑﺸﻜﻞ أﺧﺺ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻤﺜّﻞ ﻣﺎﺿﻴﻪ وﺗﺮاﺛﻪ وﺗﻌﻜﺲ ﻣﻠﻤﺢ ﺗﻮاﺻﻠﻪ واﺗّﺼﺎﻟﻪ ﻣﻊ إرﺛﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﻀﺎرب ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ درج ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ أراد ﺑﻬﺎ وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﺑﺮاز اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻠﻬﺎ اﻹﺑﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،وذﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﺤﻴﻠﻪ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﻣﻈﺎﻫﺮ ذﻟﻚ اﻻﺣﺘﻔﺎء وﻣﻴﺎدﻳﻨﻪ ﺑﻮﺿﻮح ﻛـ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻈﻔﺮة اﻟﺘﺮاﺛﻲ وﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ وﻣﻬﺮﺟﺎن ﺑﻴﻨﻮﻧﺔ ﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻤﺜّﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻤﺮﺑﻲ اﻹﺑﻞ وﻣﻼﻛﻬﺎ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎء ﺑﺼﻔﺎﺗﻬﺎ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻋﺮﺳﺎ ﺗﺮاﺛﻴًﺎ ﺑﻬﻴ ًﺠﺎ ﺗﺆﻣﻪ ﺟﻤﻮع ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ً ﻏﻔﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ وﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ﻣﻦ ﻋﺸﺎق اﻹﺑﻞ وﻣﺤﺒﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﺼﺪر رزق ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ وﻣﻨﺒ ًﻌﺎ ﺛﺮﻳًﺎ ﻳﻨﻬﻠﻮن ﻣﻨﻪ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ واﻟﻌﺎدات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ. وﻳﻤﺜّﻞ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻈﻔﺮة ﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ ،اﻟﺬي ﺑﺪأت دورﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ،2008أﻛﺒﺮ ﺗﻈﺎﻫﺮة ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﻮق ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ،ﻧﺎف ﻣﺠﻤﻮع ﺟﻮاﺋﺰﻫﺎ ﻋﻠﻰ 55ﻣﻠﻴﻮن درﻫﻢ إﻣﺎراﺗﻲ )ﻣﺎ ﻳُﻘﺎرب 15ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر أﻣﺮﻳﻜﻲ( ﻣﻨﻬﺎ 225 ﺳﻴﺎرة ،ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ 15ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ وﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ. ﺿﻮاﺑﻂ وﺷﺮوط
ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻷﺑﻨﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻓﻲ اﻷﺷــﻮاط اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺄﺻﺤﺎب اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﻮخ ،وﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻤﻦ ﻋﻤﺮه أﻗﻞ ﻣﻦ 21ﺳﻨﺔ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ،ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻺﺑﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻟﻤﺮة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ، واﻟﺴﻤﺎح ﻟﻺﺑﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻮط اﻟﻔﺮدي اﻟﻤﻔﺘﻮح اﻻﺷﺘﺮاك
52
ﻣ ّﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر
ﺑﺸﻮط اﻟﺒﻴﺮق ﻓﻘﻂ ،وﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﻹﺑﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺷﻮط اﻟﻈﻔﺮة )اﻟﺴﺖ( ﻣﻦ ﺳﻦ اﻟﻤﻔﺮودة إﻟﻰ ﺳﻦ اﻟﺤﻮل ،وأﺷﻮاط )اﻟﺘﻼد (20ﻣﻦ ﺳﻦ اﻟﻤﻔﺮودة ﻓﻤﺎ ﻓﻮق ،وﺷﻂ ﺑﻴﻨﻮﻧﺔ )اﻟﺠﻤﻞ (20ﻣﻦ ﺳﻦ اﻟﻤﻔﺮودة ﻓﻤﺎ ﻓﻮق ،وأﺷﻮاط اﻟﺒﻴﺮق ـ أﻻ ﻳﻘﻞ اﻟﻌﺪد ﻋﻦ 50 ﻧﺎﻗﺔ ـ ﻣﻦ ﺳﻦ اﻟﻤﻔﺮودة ﻓﻤﺎ ﻓﻮق ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺬﻻﻟﺔ واﻟﺠﻤﺎل ﻋﺎﻣﻞ رﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺗﺤﻜﻴﻢ اﻟﻤﺤﻠﻴﺎت اﻷﺻﺎﻳﻞ .ﻣﻨﻊ اﻹﺑﻞ اﻟﻤﻬﺠﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ أﺷﻮاط اﻟﻤﺤﻠﻴﺎت اﻷﺻﺎﻳﻞ وأﺷﻮاط اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ اﻷﺻﺎﻳﻞ ،وﻣﻨﻊ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻤﻄﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻘﺔ واﻹﺑﻞ اﻟﻤﺮﻳﻀﺔ أو اﻟﻤﺼﺎﺑﺔ ﺑﺄي ﻣﻦ اﻟﻔﻄﺮﻳﺎت ،واﺳﺘﺒﻌﺎد اﻟﻤﻄﻴﺔ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺒﻮﻏﺔ ﻓﻲ أي ﺟﺰء ﻣﻦ ﺟﺴﻤﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻹﺑﻞ اﻹﺑﻞ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ، واﻟﻤﺨﺪرة ﻓﻲ اﻟﺸﺎرب ،وﻛﺬﻟﻚ اﻹﺑﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻼﻣﺔ ـ ﺗﻲ ـ ﻟﻔﺤﺺ ﺗﻄﺎﺑﻖ اﻟﺪم ﻓﻲ ﺷﻮط اﻟﺒﻴﺮق ،أو ﺷﻮط ﺑﻴﻨﻮﻧﺔ اﻟﺠﻤﻞ 20 أو ﺷﻮط اﻟﻈﻔﺮة )اﻟﺴﺖ( .ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻖ اﻟﺘﺮﻓﻴﻊ ﺑﻴﻦ اﻷﺷﻮاط ،وﻳﺠﺐ اﻟﺘﻘﻴﺪ اﻟﺘﺎم ﺑﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺴﻨﻴﻦ ،وﻳﺘﻢ اﺳﺘﺒﻌﺎد اﻟﻤﺸﺎرك ﺣﺎل اﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﻏﺸﻪ أو ﺗﻼﻋﺒﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮوط وﻳﺤﺮم ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺠﻮاﺋﺰ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﺪة ﺛﻼث ﺳﻨﻮات .وﻻ ﻳﺤﻖ ﻷﻋﻀﺎء اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ أو ﻟﺠﺎن اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ واﻟﻔﺮز واﻟﺘﺸﺒﻴﻪ واﻟﺘﺴﻨﻴﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ ﺑﺈﺑﻠﻬﻢ أو ﻣﺸﺎرﻛﺔ أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻤﺎﻟﻚ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻄﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻮط اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻦ أﺷﻮاط اﻟﻔﺮدي أو اﻟﺠﻤﻞ ،وﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻤﺘﺴﺎﺑﻖ اﻻﻧﺴﺤﺎب ﺑﻌﺪ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺸﻮط ﺣﺘﻰ إﻋﻼن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ، واﻟﺘﺰام ﻛﻞ ﻣﺸﺎرك ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﺮوط وﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ ،وإذا ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻤﻞ اﻟﻨﺼﺎب ﻓﻲ أي ﺷﻮط ﻣﻦ اﻷﺷﻮاط ﻓﺴﻮف ﻳﺘﻢ إﻟﻐﺎؤه إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺸﺮوط اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ وآﻟﻴﺎﺗﻬﺎ وﺿﻮاﺑﻬﺎ اﻟﺼﺎرﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻔﻞ اﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ واﻟﻤﺼﺪاﻗﻴﺔ واﻟﻨﺰاﻫﺔ واﻟﻤﺴﺎواة ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺘﺴﺎﺑﻘﻴﻦ. وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد أﺷﻮاط اﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ 70ﺷﻮﻃًﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺮر إﺿﺎﻓﺔ ﺷﻮﻃﻴﻦ
ﻛﺎٔس اﻻٕﺑﻞ ﻓﻲ اﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ
اﻟﺨﺘﺎﻣﻲ ﻟﻜﺄس ﺟﻼﻟﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ وﻳﺤﺼﻞ اﻟﻔﺎﺋﺰون أواﺧﺮ ﻋﺎم 1989م ،إﻟﻰ أن أﻗﻴﻢ اﻟﻤﻀﻤﺎر اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺸﺤﺎﻧﻴﺔ وﺑﺪأت ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﺋﺰ ﻗﻴﻤﺔ .وﻓﻲ ﻋﺎم 2006م ﺗﻢ إﺷﻬﺎر اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎم 1990م ،وﻳﺸﻤﻞ ﻣﻨﺼﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ وﻣﺴﺘﺸﻔﻰ اﺗﺤﺎد ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺎﺳﻢ »اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺑﻴﻄﺮﻳﺎً وﻋﺰﺑﺎً ﻹﻳﻮاء اﻟﻬﺠﻦ. اﻟﻬﺠﻦ« وﻛﺎن ﻟﻪ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ .وﻟﻼﺗﺤﺎد اﻟﻌﻤﺎﻧﻲ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺮاﻣﺞ وأﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﻜﻮﻳﺖ . . .ﺑﻄﻮﻟﺔ ﺧﻠﻴﺠﻴﺔ ﻛﺒﺮى ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ ،وﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻷﻧﺸﻄﺔ أﻫﻤﻬﺎ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺴﻨﻮي ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻇﻔﺎر. اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻫﻨﺎك ،وﻗﺪ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﻄﻮﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻋﺎم 2000م، ﻗﻄﺮ . . .ﻣﻴﺎدﻳﻦ ﻋﺪﻳﺪة وﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﺒﻄﻮﻻت اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺸﺎرك وﻓﻮد ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد ﻧﻈﻢ أول ﺳﺒﺎق ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ ﻋﺎم 1973م ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻔﺮع ﻏﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺴﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺤﺎﻧﻴﺔ واﺷﺘﺮﻛﺖ ﻓﻴﻪ 300ﻣﻦ اﻟﻬﺠﻦ .وأول ﻣﻴﺪان أﻗﻴﻤﺖ ﻛﻤﺎ ﺑﺪأت ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت اﻹﺑﻞ ﻋﺎم 2010م ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻫﻮ ﻣﻴﺪان اﻟﺮﻳﺎن ﻋﺎم 1974م .ﺛﻢ اﻧﺘﺸﺮت ﻣﻴﺎدﻳﻦ ﺑﺎﻟﻜﻮﻳﺖ ،وﻻ ﻳﻨﺤﺼﺮ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻹﺑﻞ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ اﻟﺴﺒﺎق ،ﻓﺎﻓﺘﺘﺢ ﻣﻴﺪان اﻟﺒﺮﻗﺔ ﻋﺎم 1977م وﻛﺎن أﻃﻮل ﻣﻴﺪان أﻗﻴﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ،ﺗﺸﺠﻴﻌﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻨﺤﻰ ﻫﻨﺎك ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺘﻈﻢ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت رﺳﻤﻴﺎً ﻋﻠﻴﻪ ،وﻇﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮا ً ﺣﺘﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻷﺻﻴﻞ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
51
įİőŤē ŚťŨ اrﻣﺎرات . . .ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺴﺒﻖ
ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﺛﺒﺔ
ﺗﻌﺪ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻣﻦ أﻛﺜﺮ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎً ﻳﻌﻘﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺛﺒﺔ ﺑﺄﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ أﺑﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﺳﺒﺎق ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ،وﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺴﺒﻖ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻫﺠﻦ ﻟﻠﻬﺠﻦ ،وﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻫﻢ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺪوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺒﺮى ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻗﺪ أوﻟﺖ اﻻﻣﺎرات اﻫﺘﻤﺎﻣﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺘﺤﺪة. اﻟﻤﻮروث اﻻﺻﻴﻞ اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎﻃﺎً وﺛﻴﻘﺎً ﺑﺄﺳﻠﻮب اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺪوﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ، وﺗﻘﺎم ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻠﻬﺠﻦ وﺗﺮﺻﺪ ﻟﻠﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻮاﺋﺰ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻳﻌﻘﺪ ﺳﻨﻮﻳًﺎ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﻳﺤﺎن ،ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ﻣﺎﻟﻴﺔ وﻋﻴﻨﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،وﻣﻦ أﺑﺮز ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت: ورﻋﺎﻳﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،وﻳﻬﺪف إﻟﻰ إﺣﻴﺎء اﻳﺪ ز اﻟﺸﻴﺦ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻓﻲ اﻷﺻﻴﻞ اﺛﻲ ﻳﻤﺘﺪ ﺗﺎرﻳﺦ ﺳﺒﺎق اﻹﺑﻞ اﻟﺘﺮ رﻳﺎﺿﺎت اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد وإﻧﻌﺎش وﺗﻮاﺻﻞ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻲ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ،وﻳﻌﺪ أﻛﺒﺮ ﺗﺠﻤﻊ ﻟﻠﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻷﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات .وﺗﻌﺪ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺗﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻹﺑﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ أﺣﺪ أﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ. آل ﻧﻬﻴﺎن ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ )ﺷﺎرة زاﻳﺪ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻠﻬﺠﻦ( ،وﻗﺪ ﺗﺤﻮل ﺣﺎﻟﻴﺎً إﻟﻰ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﺣﺘﻔﺎﻟﻲ ﺗﺸﺎرك ﻓﻴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮة آﻻف ﻣﻄﻴﺔ، اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ 2000 . . .ﺟﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺎدرﻳﺔ وﻳﺤﺼﻞ اﻟﻔﺎﺋﺰون ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ »ﺟﺎﺋﺰة زاﻳﺪ اﻟﻜﺒﺮى«. ﺗﻘﺎم ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ،ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا0ﺻﻴﻠﺔ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﺳﺒﺎق ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﻴﻦ اﻟﺸﺮﻳﻔﻴﻦ اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﻬﺠﻦ ،اﻟﺬي ﺑﺪأ ﺑﺪأ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻣﺸﻮاره ﻋﺎم 2012م ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻮان ﺑﺈﻣﺎرة رأس ﻋﺎم 1974م وﻫﻮ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺸﺘﺮك اﻟﺨﻴﻤﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻻﻧﻄﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ أرﺳﺖ اﻟﺪﻋﺎﺋﻢ واﻷﺳﺲ اﻟﺘﻲ ﺳﺎر ﻓﻴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2000ﺟﻤﻞ ،ﺑﺤﻀﻮر 20أﻟﻔﺎً إﻟﻰ 30أﻟﻒ ﻣﺘﻔﺮج .وﻫﻮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻋﺎﻣﺎً ﺗﻠﻮ آﺧﺮ ﺑﺘﻮاﺟﺪ وﺣﻀﻮر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻼك اﻟﻬﺠﻦ .أﻓﻀﻞ اﻟﻌﺮوض اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺠﻨﺎدرﻳﺔ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﺬي وﺧﻼل ﻋﺎم 2013م ،ﺣﻂ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن رﺣﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻠﺒﺴﺔ ﺑﺈﻣﺎرة أم ﻳﻌﻘﺪ ﻓﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم. اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 2014م ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺬﻳﺪ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﺑﻌﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺟﺎءت اﻟــﺪورة اﻟﺮ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن . . .ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻼك ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﺘﻠﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة ﻋﺠﻤﺎن ،واﻟﺘﻲ أوﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻗﺎﺑﻮس ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻫﺘﻤﺎ ًﻣﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ﺑﺘﺮاث اﻹﺑﻞ اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ واﺻﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺗﺄﻟﻘﻪ وﺣﻀﻮره اﻟﻤﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻷﺻﻴﻠﺔ وﻳﻘﺎم ﻫﻨﺎك ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻨﻮي ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻳﺸﻤﻞ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻬﺠﻦ اﻷﺧﺮى. ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ وﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ واﻟﻤﺤﺎﻟﺐ واﻟﺴﺒﺎق
ﺳﺒﺎق ﺟﻤﺎل ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ
50
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻳﻘﺎم ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻴﻜﺎﻧﻴﺮ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ﻓﻲ دﻳﺴﻤﺒﺮ أو ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ،إدﺧﺎل ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮات اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان وﺗﻌﺮف اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻮﻃ ًﻨﺎ ﻟﻠﻤﺰرﻋﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻹﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ اﻷوروﺑﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺴﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ. ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺪ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺰارع ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻓﻲ آﺳﻴﺎ. ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﻪ وﺑﻤﺒﺎدرة ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،اﺣﺘﻀﻨﺖ وﻳﺠﺘﻤﻊ رﻋﺎة اﻹﺑﻞ واﻟﺴﻴﺎح ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻤﺸﺎﻫﺪة ﻣﻨﻄﻘﺔ »ﺑﻮاﺗﻴﻴﻪ« اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،أول ﺳﺒﺎق ﻟﻠﻬﺠﻦ. أﻧﺸﻄﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺴﻨﻮي اﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ورﻛﻮب اﻟﺨﻴﻞ وﻣﺴﺎﺑﻘﺎت ﻟﻠﺮﺳﻢ اﻟﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ أﺟﺴﺎد اﻹﺑﻞ ﺑﺎﻟﺤﻼﻗﺔ ﺣﻴﺚ أﺷﻬﺮ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺑﺪاﻳﺔ أوﻧﻬﺎﻳﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ، ﺗ ُﺰﻳﻦ ﺑﺎﻛﺴﺴﻮارات ﺧﺎﺻﺔ. ﻓﻬﻲ ﺟﺰء أﺻﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﺗﻘﺎم ﻃﻮال اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ أوروﺑﺎ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت .إﻻ أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺴﺠﻞ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺠﺤﺖ اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺠﻤﺎﻟﻬﺎ وﻓﺮادﺗﻬﺎ ﻓﻲ أن ﺗﺘﺨﻄﻰ ﺣﺪود اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ أرض اﻟﺜﻠﺞ ﻓﻲ أوروﺑﺎ .وﻛﺎن اﻟﺘﺮﺣﻴﺐ ﺑﻬﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ،ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ إﻟﻰ رﻳﺎﺿﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﺳﺘﻤﺪت ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ واﺟﺮاءاﺗﻬﺎ ﻓﻔﻲ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2009م ،ﺑﺪأت اﺳﺘﻌﺪادات ﻣﺪﻳﻨﺔ زﻳﻮرخ –وﺳﻂ ﻣﻦ ﺗﺮاث اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﻳﻖ .وﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ اﺳﺘﻌﺮاض ﻷﺑﺮز ﺳﺒﺎﻗﺎت ﺳﻮﻳﺴﺮا -ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ أول ﺳﺒﺎق دوﻟﻲ ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وأﻗﻴﻢ ﻫﻨﺎك ﺳﻨﺔ اﻟﻬﺠﻦ أو اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻓﻲ دول ﻣﺠﻠﺲ 2010م .ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻔﻜﺮة ﻫﻮ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ،اﻟﺬي ﺣﺎول اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ.
ﺳﺒﺎق اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻻٔردن
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
49
įİőŤē ŚťŨ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺠﻤﻞ ﺣﻔﻆ ﻟﻠﺬاﻛﺮة واﺳﺘﺸﺮاف ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻟﻴﺒﻴﺎ . . .ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر اﻻﺳﺘﻘﺮار وﺗﻌﺪدت اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎر »اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻇﻞ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺳﻨﻮﻳﺔ ﺗﻘﺎم ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻄﻮارق ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب ّ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﺠﻬﻮﻳﺔ« وﺗﺠﺮى ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻮق ﻣﻀﻤﺎر اﻟﻠﻴﺒﻲ ،ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻜﺒﺮى ،وﻛﺎن ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ رﻣﻠﻲ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﺧﻼﻟﻪ اﻹﺑﻞ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻗﺼﻮى ﺛﻢ ﺗﻨﻬﻴﻪ ﺑﺴﺮﻋﺔ أدﻧﻰ. ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وﺳﻂ ﺗﻈﺎﻫﺮه ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ﻫﻨﺎك ،ﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﺗﻮﻗﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﺑﻌﺪ أﺣﺪاث اﻟﺜﻮرة ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ،وﻋﺪم وﺟﻮد ﺗﻮﻧﺲ . . .ﻋﻴﺪ اﻟﺠﻤﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ آﻣﻨﺔ ﻷي ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ أو اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ. ﻳﻌ ّﺪ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺼﺤﺮاء ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ دوز -600ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮ ﺟﻨﻮب ﻏﺮﺑﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺗﻮﻧﺲ -واﺣ ـ ًﺪا ﻣﻦ أﻗﺪم اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻣﺼﺮ . . .ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 1887م ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻹﺑﻞ وأﻋﺮﻗﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺄﺳﺲ ﺳﻨﺔ 1910م وﻛﺎن اﺳﻤﻪ »ﻋﻴﺪ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻇﺎﻫﺮة ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻋﺎم 1887م. اﻟﺠﻤﻞ« ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳُﻌﻨﻰ ﺑﺴﺒﺎق أﺟﻤﻞ اﻟﻤﻬﺎري وأﺳﺮﻋﻬﺎ .وﺗﻌﺪ »دوز« وﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت ﻣﻦ دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺘﺤﻔًﺎ ﺻﺤﺮواﻳًﺎ ﻓﺮﻳ ًﺪا ﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،اﻟﺘﻰ ﺗﺮﺑﻰ وﺗﻨﺘﺞ أﻋــﺪا ًدا ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ذات اﻷﺻﻮل اﻟﺮاﺳﺨﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم وﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﺈﺗﻘﺎن أﻏﻠﺐ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻟﻔﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ .اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ،وﻣﻦ ﺷﺪة اﻋﺘﺰاز اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪوﻳﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻬﺠﻦ، ﻳُﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ »ﺑﺴﺘﺎن اﻟﻌﺮب« ،وﻳﻀﻌﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ. ﺳﻮرﻳﺎ . . .ﺳﺒﺎق ﻫﺠﻦ ﺑﺪﻋﻢ ﻗﻄﺮي وﻳﻘﺎم ﺳﺒﺎق اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻞ ﻋﺎم ،ﻟﻜﻦ ﻓﻲ إﻃﺎر ﻣﺤﺪود ﻇﻞ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺴﻨﻮي اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻈﻤﻪ دوﻟﺔ ﻗﻄﺮ ﺿﻤﻦ ﻧﺴﺒﻴﺎً،ﺗﺸﺎرك ﻓﻴﻪ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ ﻫﻨﺎك ،ﻣﻊ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺪﻣﺮ أﺣﺪ أﻫﻢ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪﻫﺎ ﻣﺸﺎرﻛﺎت ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎت ﻣﺼﺮﻳﺔ أﺧﺮى وﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺗﺪﻣﺮ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺬي ﺗﻤﻴﺰ ﻃﻮال ﺳﻨﻮات إﻗﺎﻣﺘﻪ ﺑﺤﻀﻮر وﻣﻨﺬ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺗﺸﻬﺪ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻴﺔ ﺳﺒﺎﻗًﺎ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮي ﻏﻔﻴﺮ ،إﻻ أن اﻟﻈﺮوف اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﺳﻮرﻳﺎ ﻗﺪ دوﻟ ًﻴﺎ ﻟﻠﻬﺠﻦ ،ﺗﻮﻗﻒ ﻟﻔﺘﺮة ﺑﻌﺪ ﺛﻮرة 25ﻳﻨﺎﻳﺮ ﺛﻢ أﻋﻴﺪ ﺗﻨﻈﻴﻤﻪ ﻣﻦ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ إﻳﻘﺎف ﻫﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﻤﻬﻢ. ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺎرس 2014م. ﻛﻤﺎ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺳﻴﻨﺎء -ﺷﺮﻗﻲ ﻣﺼﺮ -ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ . . .اﻻﺣﺘﻼل ﻳﻌﻄﻞ اﻻﺣﺘﻔﺎل اﻷﺻﻴﻠﺔ وﺗﺤﺘﻀﻦ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 1997أﺷﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت وﻫﻮ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻻﺣﺘﻼل ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ،ﺗﺄﺧﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم »ﻣﻬﺮﺟﺎن وﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ« ،اﻟﺬي ﻳﺸﻬﺪ إﻗﺒﺎﻻً ﻫﺎﺋﻼً ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺣﺘﻰ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،2012ﺣﻴﻦ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت واﻟﺴﻴﺎح ،وﻳﻌﻘﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺘﻈﻢ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻛﻞ ﻋﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ»اﻟﺠﻤﺎل« ﻓﻲ ﻏﺰة ،ﻟﺘﻜﻮن اﻟﻨﺸﺎط اﻷول ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻓﺼﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ. ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻗﻄﺎع ﻏﺰة .ﺗﺒﻌﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺌﺮ ﺳﺒﻊ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺐ ﻷول ﻣﺮة ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻟﺴﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎم اﻟﻬﻨﺪ . . .ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻬﺠﻦ ﺑﻴﻜﺎﻧﻴﺮ 2015م ،وﺿﻤﺖ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﺠﻤﺎل اﻹﺑﻞ وﺳﺒﺎﻗﺎً ﻟﻠﻬﺠﻦ. ﻳﻌﺪ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺑﻴﻜﺎﻧﻴﺮ ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻬﺠﻦ ،وﻫﻮ
48
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺳﺒﺎق إﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ
اﻟﺠﺰاﺋﺮ . . .اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﺪوف
اﻧﻀﻤﺖ اﻟﺠﺰاﺋﺮ إﻟﻰ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻹﺑﻞ )اﻟﻬﺠﻦ( ﺑﻌﺪ اﺟﺘﻤﺎع ﻋﻘﺪﺗﻪ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ )اﻟﻤﻬﺎري( ﺑﺎﻟﻨﺎدي اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ﻟﺴﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ 2011م .وﻓﻲ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 2014م ،اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻓﻲ »ﺗﻨﺪوف« اﻟﺪورة اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺴﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ،ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ وﻻﻳﺎت ادرار ،وﺗﻤﻨﺮاﺳﺖ ،وورﻗﻠﺔ ،واﻟﻤﻨﻴﻌﺔ ،وﻏﺮداﻳﺔ ،وﺑﻨﻲ ﻋﺒﺎس ،وﺑﺸﺎر ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺘﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ. اﻟﺴﻮدان . . .إﺑﻞ ﺷﻬﻴﺮة وﺳﺒﺎﻗﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ
ﺗﺸﺘﻬﺮ اﻟﺴﻮدان ﺑﺈﺑﻠﻬﺎ ،وﻳﻌﺪ ﻧﻮﻋﺎ »اﻟﺒﺸﺎري« و»اﻟﻌﻨﺎﻓﻲ« ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻬﺠﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺠﻮدة واﻷﺻﺎﻟﺔ ،إﻻ أن ﺗﺎرﻳﺦ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺎﻟﺴﻮدان ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوف ،وﻟﺬﻟﻚ ﻋﺎدة ﻳﺒﺪأ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺎم 2008م ﺣﻴﻦ اﻧﻄﻠﻖ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﺑـ»ﻛﺴﻼ« ﺑﻤﻴﺪان ﺳﺒﺎق ﺑﻮﻃﻠﺤﻪ ﻟﻠﻬﺠﻦ وﺑﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮداﻧﻲ ﻟﻠﻬﺠﻦ. وﻓﻲ ﻋﺎم 2014م اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ ﻟﺴﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻮدان ،ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ آ ِل ﻧﻬﻴﺎن وﻟﻲ ﻋﻬﺪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻧﺎﺋﺐ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘﻮات اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺑﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ،ﻋﻠﻰ أن ﻳﻮاﺻﻞ ﺳﺮﻳﺎﻧﻪ ﺳﻨﻮﻳًﺎ. اﻟﻤﻐﺮب . . .ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻮن وﺧﺮاﻓﺔ اrﺑﻞ
ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﺧﺮاﻓﺔ ﺗﻘﻮل :إن اﻹﺑﻞ ﺗﻌﻴﺶ 33ﺳﻨﺔ و 3أﺷﻬﺮ و 3أﻳﺎم و 3دﻗﺎﺋﻖ ،ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ أﻗﻴﻢ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻮن ﻋﺎم 2011م ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻨﻮي ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
47
įİőŤē ŚťŨ
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﺘﺠﺎب
ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ اﺣﺘﻔﺎﺋﻨﺎ ﺑﻤﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻓﻲ دورﺗﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻧﻘﺪم ﻫﻨﺎ ﺟﻮﻟﺔ رﺻﺪ ﻷﺑﺮز ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻓﻠﺘﻜﻦ ﺑﺪاﻳﺔ ﺟﻮﻟﺘﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻷردﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎدت رﻳﺎﺿﺎت وﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻨﻌﺪم ،إﻟﻰ أن ﻧﺠﺢ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﺎدﺗﻬﺎ؛ ﻓﻔﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ ﺳﻨﺔ 2008م أﻗﻴﻢ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ »وادي رم« ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﺔ ﺳﺒﺎق ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻳﺤﻤﻞ اﺳﻢ اﻟﺮاﺣﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﺑﺤﻀﻮر ﻣﻌﺎﻟﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺣﻤﺪان آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﺴﺘﺸﺎر ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ اﺗﺤﺎد ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات. وﺗﻘﺎم ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻨﻮي ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ واﻫﺘﻤﺎم ﺧــﺎص ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﺒﺎر ﻣﺴﺆوﻟﻲ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ اﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ وﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻛﺒﻴﺮة وﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﻬﺠﻦ وﻣﺮﺑﻲ اﻹﺑﻞ اﻷردﻧﻴﺔ ﻓــﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻔﺌﺎت واﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت وﺳــﻂ ﺣﻀﻮر اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ واﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ واﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وأﺑﻨﺎء اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺤﻠﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺮﻛﺰ اﻟﺠﻬﻮد ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺎﻷردن ﻣﻦ ﺧﻼل إﻗﺎﻣﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻟﻠﻬﺠﻦ ﺑـ »وادي رم« ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم وﺑﻬﺪف ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻷردﻧﻴﺔ اﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ.
46
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ
ŽėőĽŤē ĴőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
Dzdž ń Ž dž ĩǂŨ ƁġǑĩŨėŸ DŽ ǂũŔǂ džħŹǃũİǃ ĢǑ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻃﺮﻳﻒ اﻟﺤﺮﺑﻲ
ـــﻮج َﻋـــﻠَـــﻰ ِﺻــﻴــ ْﺮ واﻟـــ ﱠﺠـــﺘـــﻲ ﻟَـــ ﱠﺠ ْ ـــﺖ ُﺧــــﻠُـ ْ
وأ ْﻣــــــ َﻦ اﻟـــ ُﺒـــﻜَـــﺎء َﻋــﻴــﻨــﻲ ﺗَـــ َﻨـــ ّﺜـــﺮ َﺑ ـﻠَ ـﻠْــﻬــﺎ
اﻟـــﻠـــﻪْ َﻋـــﻠَـــﻰ اﻟـــﻠﱢـــﻲ ﻳـــ ْﺒـــﻌـــﺪَ نﱠ اﻟــ َﻤــﻐَــﺎوﻳــ ْﺮ
اﻟـــ َﻴـــﺎ ﻗــﻠَــ ْﺘــ ِﻨــﻲ ﺑـــﺎﻟـــ ﱠﺮ َﺳـــ ْﻦ َﻣــــﺎ َﺣ ـ َﻤ ـﻠْــﻬــﺎ
ـــﻢ اﻟـــ ُﻌـــﻮ ْد وأﻧِـــﻴـــ ْﺮ ـــﺐ َﻋــﻠ ـ َﻴــﻬــﺎ ﻧَـــﺎ ِﻋ َ اﻧْـــ َﻬ ْ
واﺑْـــ ِﻌـــﺪْ ﻟِـ ِ وح َﻋـــ ْﻦ دَا ْر أ ْﻫـﻠَـ َﻬــﺎ ـﻄــﻴـ َ ـﻒ اﻟــــ ﱡﺮ ْ
وأ ُﺣ ْ ـــــﻂ ِﻣــــ ْﻦ دُوﻧــــﻲ ِﻣــﻄَــ ْﻴــﺮ اﻟ ـ َﻤ ـ َﻨــﺎﻋــﻴ ـ ْﺮ
ـﻢ َﻣـــﺎ َو َﻫ ـﻠْــﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻟـــﺪﱢ َﻳـــﺮة اﻟــﻠﱢــﻲ ُﺣ ـﻜْ ـ َﻤ ـ ُﻬـ ْ
َــﻠــﺐ ﻫَــــﻮ ْد ﻻَ ﺗــﺨــﻴـ َـﻞ اﻟ ـ َﺤــﻤــﺎرﻳ ـ ْﺮ ﻳَـــﺎ اﻟــﻘ ْ
ــﻒ اﻗــﺬﻟــﻬــﺎ َﺣـــــﺬ َر أﺗــ ِﺨ َ ــﺴ ْ ــﻴــﻞ اﻟـــﻠﱢـــﻲ ﺗــ َﻨ ﱢ
ﻻح ﻟـــﻚْ ﻏَــﻴــ ْﺮ ﺗَﺨﻤﻴ ْﺮ ﺑَــــ ْﺮ َق اﻟــﻀﱠ ـ َﺤــﻰ ﻟـــ ْﻮ ْ
ــﺾ َﻫــﻠ ـﻠْ ـ َﻬــﺎ ـــﺎح وﻻَ ﻳـــ َﻬـــﻴـ ْ َﻣــــﺎ َﻫــــﺎ ﺿَ ــــﺤـ ْ
وﻓــﻜــ َﺮﺗــﻲ ﻳَـــــﻮ ْم أ ْﻓـــ َﺘـــﻜـــ ْﺮ ﻓـــﻲ اﻟــﻐَــﻨــﺎدﻳــ ْﺮ
ﻋــ ْﻦ ِﻓ ـﻜْــﺮﺗــﻲ َﻣــﺎ ْﺣـــ ٍﺪ َد َرى وﻳـ ْ ــﺶ َﻋ َﻤﻠ َﻬﺎ
ِف ﻟﻬﺎ ﻧِﻴ ْﺮ ﺷُ ــﻜــﻞٍ ِﻣـــ َﻦ اﻟــﺨَــﻔَــﺮ ْ ات َﻣــﺎ ا ْﻋــــﺮ ْ
ــﺮف َﻣــ ْﻌــﻘُــﻮﻟــ َﻬــﺎ ِﻣــــ ْﻦ ﻫَــ َﻮﻟْــ َﻬــﺎ ﻣـــﺎ ﻳـــ ْﻨـــ َﻌـ ْ
ــﻒ ِﺣـــ َﺒـ َ ــﺎل اﻟ ـ ﱠﻨــﻮاﻋــﻴ ـ ْﺮ ــﻒ ﻛ ـ َﻤــﺎ ﺗُـــﻮ ِﻫـ ْ ﺗُـــﻮﻫـ ْ
ــﻒ َﻋ ـ َﺠ ـﻠْ ـ َﻬــﺎ ﻣــ ِﺜ َ اﻟــﺴــﻮاﻧــﻲ ﻳَــــﻮ ْم ﻳُـــﻮﻫـ ْ ــﻞ ّ
ـــﻢ اﻟ ـ ﱠﺘــﻘــﺎﻃــﻴ ـ ْﺮ ــﻞ اﻟــــﺪﱠ َﻣــــﺎ ْر و ُﻣـــﺜـ َ ِﻣـــﺜـ َ ــﻞ ُﺳـ ﱠ
اﻟـــ َﻴـــﺎ َﻫـــــ َﻮى ﻛَـــ ْﺒـــﺪَ اﻻﺑـــــ ْﻦ آد ْم ِد َﺑــﻠْــ َﻬــﺎ
َــﺎت اﻟــﺤــﻨــﺎﺟــﻴـ ْﺮ واﻟــﺒــﻴــﺾ ِﻓــﻴــﻬــ ْﻦ َﻣــﻄْــﻠــﻘ َ ْ
َــﺮﻳــﺐ ُو ُرو َد َﻫــــــــﺎ َﻣـــﺎ َو َﻫــﻠ ـ َﻬــﺎ ُﺳــــ َﻮى اﻟــﻘ ْ
ُوﻟـــ َﻴـــﺎ أﻃَ ــﻠــﻘــﺖ َﺑــﻠ ـ ُﻌــﻮ َﻣــﻬــﺎ ِﻛــ ﱠﻨــ َﻬــﺎ اﻟــﺒــﻴـ ْﺮ ْ
ــﺐ اﻟـــ ﱠﺮﺟـــﺎل َﻣـــﺎ أﻛْـــﺜَـــ ْﺮ َﻋ ـ َﻴ ـﻠْ ـ َﻬــﺎ وﺗُـــ ْﻘـــﺸَ ـ َ
ـــﻊ ﻧَـــﻮاوﻳـــ ْﺮ واﻟــﺒــﻴــﺾ ﻓــﻴــﻬــ ْﻦ ﻋــﺸــﺒــ ٍﺔ ﻣـ ْ
ــﻒ زَﻋـــﻠـــ َﻬـــﺎ ﻧَـــــــــﻮار ٍة واﻟــــ ّﻨــــﺸــــ ْﺮ ﻳَـــﻘـــﻄـ ْ
َﺳــﻨــﺤــﺎﺗَــﻬــﺎ زﻳــــ َﻨــــﻪْ ُوﻓـــﻴـــ َﻬـــﺎ ﺷَ ــﻨــﺎﻛــﻴــ ْﺮ
ٍ ِﺷـــﻨـــﻜـــﺎ ْر ﺷَ ﺧــﺒــﻴــﺚ ِﻓــﺸَ ــﻠــ َﻬــﺎ ــــــــﺎذوب ٍ
ــــﻊ ﺑَــﻮاﻃــﻴــ ْﺮ واﻟـــﺒـــﻴـ ْ ــﺾ ﻓــﻴــﻬــ ْﻦ َﻓـــﻀـــ ٍﺔ َﻣ ْ
ﻛــﺒــﻴــ ٍﺮ َﻋ ـ َﻘ ـﻠـﻠ ـ َﻬـ ﺎـﺎ وأﺳــــ ْﻌــــﺪْ ِﻣـــــ ْﻦ َﺣـــﻈـــ ْﺔ ﻛـــﺒـــﻴـــ َ
2016 ﻓﺒﺮاﻳﺮﺮ 16 196ﻓﺒ ﻌﺪد 96 اﻟﻌﺪد ﺗﺮاث /اﻟﻌ ﺗﺮاث
45
įİőŤē ŚťŨ
وﺗﺒﺪأ اﻹﺑﻞ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻠﻎ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ واﻟﺮﻛﺾ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻨﻊ إﻋﺎدة ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺘﻲ ﺷﺎرﻛﺖ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ إﻟﻰ ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ،وﻳﻤﺮ إﻋﺪاد اﻹﺑﻞ ﺑﺄي ﺷﻮط ﻣﻦ أﺷﻮاط اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺑﺄﻳﺔ أﺷﻮاط أﺧﺮى ﺑﺘﻠﻚ ﻟﻠﺴﺒﺎق ﺑﻤﺮاﺣﻞ أرﺑﻌﺔ ،وﻫﻲ: اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،وﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﻤﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت أوﻻً :اﻻﺧﺘﻴﺎر – وﻫﻮ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻬﺠﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ واﻷﺻﺎﻟﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻨﻊ اﺷﺘﺮاك ﻧﻴﺎق أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﻮخ واﻟﻌﻤﺮ. ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺗﺤﺖ اﺳﻢ أﺣﺪ أﺑﻨﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ،وﺗﺴﺘﺒﻌﺪ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺘﻲ ﺛﺎﻧﻴﺎً :اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ– وﻫﻮ إﻋﺪاد اﻟﻬﺠﻦ ﻟﻠﺴﺒﺎق وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺗﺸﺎرك ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت أرﺑﻊ ﻣﺮات ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 8ﻛﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺸﺤﻢ اﻟﺰاﺋﺪ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ وﻣﺤﺪدة ﻣﻊ اﻟﻌﻴﻮل )اﻟﺸﺮﺳﺔ( وﺗﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت إذا ﻛﺮرت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺛﻼث ﻣﺮات ،وﻳﺘﻢ ﻓﺤﺺ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺜﻼث اﻷواﺋﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺗﺪرﻳﺐ ﻣﺴﺘﻤﺮ. ﺛﺎﻟﺜﺎً :اﻟﺘﺪرﻳﺐ – ﺣﻴﺚ ﺗﺨﻀﻊ اﻟﻬﺠﻦ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ أو ذات اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺸﻄﺎت وﻳﺆﺟﻞ ﺗﺴﻠﻴﻢ اﻟﺠﻮاﺋﺰ ﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﻫﺬه اﻟﻬﺠﻦ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻛﻲ ﺗﺄﻧﺲ إﻟﻰ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺴﺒﺎق وﺗﺂﻟﻒ ﻟﺤﻴﻦ ﻇﻬﻮر ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻔﺤﺺ اﻟﻄﺒﻲ .ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻨﻊ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﺣﻮﻟﻬﺎ ،وﺗﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﺗﻘﺎم ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺳﻨﻮﻳ ًﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎً ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺴﺒﺎق وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﻓﻲ اOﻣﺎرات Oﺑﺮاز اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺿﺮب اﻟﻬﺠﻦ ﻋﻨﺪ اﻻﻧﻄﻼق ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﻗﺎت وﺣﺘﻰ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻛﻴﻠﻮ وﻧﺼﻒ ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺮاﻋﻰ أن ﻓﺼﻠﻲ اﻟﺸﺘﺎء واﻟﺮﺑﻴﻊ. اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ا%ﺻﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻨﺪﺛﺮ، ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺮب ﺧﻔﻴﻔﺎً وﻏﻴﺮ ﻣﺆﻟﻢ أو ﻣﺆذ ،وأن راﺑﻌﺎً :اﻟﻘﻠﺺ – وﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺤﺎذاﺗﻬﺎ ا%ﻣﺠﺎد ﺑﻌﺼﺮ اﻟﺸﺒﺎب وﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﺗﻨﺒﻴﻪ اﻟﻬﺠﻦ ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﺒﻜﺮة أو ﻗﻌﻮد ﻟﻴﺒﺪأ ﻣﻌﻬﺎ اﻻﻧﻄﻼق وﻣﻦ ورﻳﺎﺿﺔ ا%ﺟﺪاد. اﻟﺴﺮﻋﺔ .وﻳﻤﻨﻊ أﻳﻀﺎ اﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ﺑﺎﻟﻌﺼﺎ واﻟﺬي ﺛﻢ ﻳﻨﺤﺮف ﻋﻨﻬﺎ ﻓﺘﺴﺘﻤﺮ ﻫﻲ ﺑﺎﻻﻧﻄﻼق ﻓﻲ ﻳﺴﻤﻰ )ﺧﺎﻟﻲ( ﻟﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻠﺤﻖ ﻣﻦ أذى ﻟﻠﻬﺠﻦ اﻟﺴﺒﺎق. اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻨﻊ اﺳﺘﺨﺪام اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ رﻛﻮب ﻫﺠﻦ اﻟﺴﺒﺎق ﺷﺮوط اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ وﻳﻘﺘﺼﺮ رﻛﻮب اﻟﻬﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺗﺘﻌﺪد ﺷﺮوط اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ وﺗﺘﻨﻮع ﺣﻴﺚ أﻋﺪادﻫﺎ ﻣﻤﻦ ﻫﻢ ﺑﻤﺴﺘﻮى راﻛﺒﻲ اﻟﺨﻴﻮل )اﻟﺠﻮﻛﻲ( ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻘﻞ وزﻧﻪ ﻋﻦ وﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ وﻣﻠﻜﻴﺘﻬﺎ وﺳﻠﻮﻛﻬﺎ وﻓﻮزﻫﺎ وﺿﺮﺑﻬﺎ وﻓﺤﺼﻬﺎ ﻣﻦ 45ﻛﻐﻢ ،وﻳﺘﻢ ﻓﺤﺺ راﻛﺒﻲ اﻟﻬﺠﻦ ﻃﺒﻴﺎ ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﻟﻴﺎﻗﺘﻬﻢ اﻟﺼﺤﻴﺔ، اﻟﻤﻨﺸﻄﺎت وﻓﺤﺺ راﻛﺒﻬﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺸﺮوط اﻟﻤﻨﺼﻮص وﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ارﺗﺪاء اﻟﺨﻮذة اﻟﻮﻗﻴﺔ ﻟﻠﺮأس ،وﻳﺤﺮم ﻣﻦ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﻤﻬﻢ ،أن ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ أﻋﺪاد اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﻬﺠﻦ ﺑﻜﻞ ﺷﻮط ﻣﻦ اﺷﻮاط اﻟﺴﺒﺎق ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻋﺪدﻫﺎ ﻣﻦ *ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﻣﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺎ 25إﻟﻰ ،30وﺗﻤﻨﻊ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺼﻐﻴﺮة دون ﺳﻦ اﻟﺠﺬع ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ
44
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اKﻣﺎرات
اﻟﻘﺮن :ﺣﺒﻞ ﻳﻘﺮن ﻓﻴﻪ ﺑﻌﻴﺮان. اﻟﻬﺠﺎر :اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺬي ﻳﺸﺪ ﺑﻪ رﺳﻎ اﻟﺒﻌﻴﺮ. اﻟﻌﻘﺎل :اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺬي ﺗﺸﺪ ﺑﻪ رﻛﺒﺔ اﻟﺒﻌﻴﺮ. اﻟﻘﻴﺪ :اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺬي ﺗﻘﻴﺪ ﺑﻪ ﻳﺪا اﻟﺒﻌﻴﺮ وﻳﺘﺮك ﻟﻴﺮﻋﻰ ﻣﻦ دون أن ﻳﺒﺘﻌﺪ. اﻟﺮﻓﺎق :اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺬي ﻳﺸﺪ ﺑﻪ ﻋﻀﺪ اﻟﺒﻌﻴﺮ ﻟﺌﻼ ﻳﺴﺮع. اﻟﻄﻮال :اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺬي ﻳﺸﺪ ﺑﻪ اﻟﺒﻌﻴﺮ ﻓﻴﻤﺴﻚ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻄﺮﻓﻪ اﻵﺧﺮ وﻳﺮﺳﻞ ﻴﺮ اﻟﺒﻌﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻋﻰ. اﻟﺸﺪاد :اﻟﺠﺰء اﻟﺨﺸﺒﻲ اﻟﻤﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻇﻼف اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ واﻟﺼﻼﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﻊ أﻣﺎمم اﻟﺴﻨﺎم. اﻟﺒﻄﺎن :اﻟﺤﺰام اﻟﺬي ﻳﻠﻒ ﺣﻮل اﻟﺼﺪر ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ اﻟﺸﺪاد. اﻟﺤﻘﺐ :اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺬي ﻳﺸﺪ ﺑﻪ اﻟﺮﺣﻞ أو اﻟﺸﺪاد إﻟﻰ ﺑﻄﻦ اﻟﺒﻌﻴﺮ. اﻟﺴﺎﺣﺔ :ﺑﺴﺎط ﺻﻮﻓﻲ ﻟﻪ ﻓﺘﺤﺘﺎن ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻮق اﻟﺸﺪاد أو اﻟﺮﺣﻞ. اﻟﻤﺤﻮى :ﻟﻔﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺻﺮة ﺗﻮﺿﻊ ﺧﻠﻒ اﻟﺴﻨﺎم وﺗﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺸﺪاد ﻛﻲ ﺲ ﻳﺠﻠﺲ اﻟﺮاﻛﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ وإذا ﻣﺎ وﺿﻌﺖ ﺧﻠﻒ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻬﻲ ﻟﻠﺮذﻳﻒ. اﻟﺨﺮج :وﻋﺎء آﻻت اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺮج. اﻟﺠﺎﻋﺪ :ﺟﻠﺪ ﺧﺮوف أو ﻏﻴﺮه ﻳﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺮج ﻹراﺣﺔ اﻟﺮاﻛﺐ. اﻟﺘﺮوﻳﺾ واﻟﺘﺪرﻳﺐ
ﻳﺒﺪأ ﺗﺮوﻳﺾ اﻟﻬﺠﻦ وإﻋﺪادﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز )(4ﺳﻨﻮات ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ وﻗﺪ ﺗﻤﺘﺪ ﻓﺘﺮة اﻹﻋﺪاد واﻟﺘﺮوﻳﺾ ﻟﻤﺪة ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﻴﻦ. وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺮﺑﺎط اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺗﺮوﻳﺾ اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻓﻲ ﻛﻴﺲ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﺮﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﻨﻔﺮد وﻳﻘﺘﺼﺮ ﻓﻲ إﻃﻌﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻴﻞٍ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻒ ﻟﺘﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺮوض ،وأﻛﺜﺮ ﻣﺮوﻧﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻳﺮة واﻻﻧﻘﻴﺎد.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
43
įİőŤē ŚťŨ
أﺑﻨﺎء ﺑﻌﺾ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻷﺧﺮى اﻟﻤﺠﺎورة )ﻗﻄﺮ ،اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،ﻋﻤﺎن ،وﺗﻘﺎم ﺳﻨﻮﻳﺎً اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻓﻲ ﻛﻤﺎ ﺷﻜّﻞ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﺗﺤﺎد ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﻣﻨﻌﺮﺟﺎً ﺣﺎﺳﻤﺎً ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻹﻣﺎرات ،وﺗﺒﻠﻎ اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﺳﻨﻮﻳﺎً ﺑﻤﺌﺎت اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﻬﻤﺔ. اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت واﻟﺸﺮﻛﺎت واﻟﺒﻨﻮك واﻟﺘﺠﺎر ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص. ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺴﺒﺎق
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺴﺒﺎق ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺴﺘﺪﻳﺮة وﺑﻄﻮل) (10ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮات وﻗﺪ اﻧﺘﺸﺮت ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ واﻟﻤﻌﺪة إﻋــﺪادا ً ﺟﻴﺪا ً ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ اﻟﻘﺮى اﻟﺼﻐﻴﺮة واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪوﻳﺔ ،ﻓﺘﻤﺎرس وﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ .وﺗﺘﻮزع ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎدﻳﻢ ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ :ﻣﻴﺪان اﻟﺴﻠﻊ ،ﻏﻴﺎﺛﻲ ،ﻣﺪﻳﻨﺔ زاﻳﺪ ،اﻟﺮﻗﻴﻌﺎت، اﻟﻮﻗﻦ ،اﻟﻮﺛﺒﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،اﻟﻮﺛﺒﺔ ،ﺳﻴﺢ ﺻﺒﺮا ،رﻣﺎح ،اﻟﺴﺎد ،ﺳﻮﻳﺤﺎن، اﻟﺠﺒﻴﺐ ،اﻟﺴﻤﺤﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،اﻟﻤﺮﻣﻮر ،اﻟﻬﺒﺎب ﻓﻲ دﺑﻲ ،ﻣﻴﺪان اﻟﺬﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،اﻟﺘﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺠﻤﺎن ،ﻣﻴﺪان اﻟﻠﺒﺴﺔ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ، ﻣﻴﺪان اﻟﺴﻮان رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ.
اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﻗﺎت
وﻗﺪ ﺑﺪأت ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻧﺎﺟﺤﺔ ﺧﻼل ﻋﺎﻣﻲ )1998 و (1999ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ وأﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﺗﺤﺎد ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ . اﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت
ﺗﻤﺘﺎز إﺑﻞ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﻌﺪة ﺻﻔﺎت ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻤﻨﺤﻬﺎ اﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺧﻮض ﻏﻤﺎر اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﻨﺠﺎح ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت رﺷﺎﻗﺔ اﻟﻘﻮام، وﻃﻮل اﻟﻘﺎﻣﺔ ،وﻧﺤﺎﻓﺔ اﻟﺠﺴﻢ ،وﻃﻮل اﻷرﺟــﻞ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻷرﺟﻞ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ،وﺧﻔﺔ وزن وﺻﻐﺮ اﻟﺨﻒ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﺠﺴﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻤﺘﺎز ﺑﻄﻮل اﻟﺮﻗﺒﺔ وﺻﻐﺮ اﻷﻧﻒ ،ﻋﻠﻰ أن اﻷﻫﻢ ﻓﻲ إﺑﻞ اﻟﺴﺒﺎق ،ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف أﻧﻮاﻋﻬﺎ ،ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺎ وﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ ،ﻷن اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺠﻴﺪة أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﺗﻘﺎم ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺳﻨﻮﻳﺎً ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻹﺑﺮاز اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻋﻨﺎﻳﺔ وﻣﻀ ّﻤﺮ ﺟﻴﺪ ،وﺗﺘﻄﻠﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻮازم اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ: واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻨﺪﺛﺮ ،اﻟﺨﻄﺎم :اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻓﻲ ﻃﺮﻓﻪ ،وﻳﻘﻠﺪ اﻟﺒﻌﻴﺮ ﺛﻢ ﻳﺜﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻄﻤﺔ. وﻟﺘﺬﻛﻴﺮ اﻟﺸﺒﺎب ﺑﻌﺼﺮ اﻷﻣﺠﺎد ورﻳﺎﺿﺔ اﻷﺟﺪاد. 42
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اKﻣﺎرات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
41
įİőŤē ŚťŨ
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اOﻣﺎرات ﻋﻨﺎق اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣ ّﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر @
ﻳﻨﺘﻈﻢ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺿﻤﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،وﺗ ّﻨﻢ ﻋﻦ ﺗﻌﻠﻖ وﺗﻮاﺻﻞ ﻋﻤﻴﻖ ﻣﻊ ﺗﺮاث اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻋﺒﺮ اﻟﺤﻘﺐ واﻷزﻣــﺎن ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ وﻟﻴﺪة ﻧﺸﺄة اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺑﻞ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺄﺷﻮاط ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰءاَ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻲ وﻛﺎن ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻳﺘﻢ ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎق ﻓﺮدي أو ﺟﻤﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺳﺮة أو اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ، ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﺎرة ﻛﺎﻷﻋﺮاس أو ﺣﻔﻼت اﻟﺨﺘﺎن ،أو ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت دﻳﻨﻴﺔ ﻛﺎﻷﻋﻴﺎد ،أو أﺧﺮى ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺸﻴﻮخ واﻟﺤﻜﺎم ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻮاﺋﺰﻫﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳ ًﺔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ» ،ﻛﻴﺲ ﺗﻤﺮ ،ﻗﻬﻮة ،ﻏﺘﺮة ،إﻳﺰار ،أو ﻧﻘﻮداً ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻄﻮر ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺎق وﻳﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻢ ﺗﺮاﺛﻲ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮي ﻳﺘﺮﻗﺒﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻼك اﻹﺑﻞ ورﻛﺎﺑﻬﺎ وﻳﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻬﺎ وﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻣﻦ ﺷﻴﻮخ ووﺟﻬﺎء وأﻋﻴﺎن. أول ﺳﺒﺎق ﺗﺎرﻳﺨﻲ
وﺗﺤﺘﻔﻆ اﻟﺬاﻛﺮة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺑﺄﻗﺪم ﺳﺒﺎﻗﻴﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻴﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة أﻗﻴﻤﺎ ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ ،ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ،وﻗﺪ ﻛﺎن اﻷول ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺪﻳﻊ ﺑﺤﻀﻮر اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ وﺷﺎرك ﻓﻴﻪ ﺑﺜﻼث ﻫﺠﻦ ﻫ ّﻦ ):ﻣﺤﻨﺔ ،اﻟﻜﺮاﻧﻴﺔ، اﻟﻤﺠﻨﻮن ،ﻛﻤﺎ ﺷﺎرك ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻌﻼ ﺑـ )اﻟﺴﻜﺮاﻧﺔ ،اﻟﻤﺴﻚ ،اﻟﺴﺎﻳﺤﺔ( وﻓﺎزت اﻟﺴﻜﺮاﻧﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺎق. ﺣﻈﻲ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺸﻬﺮة أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻷول وﻛﺎن ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ وﻗﺪ ّ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻮﻳﺤﺎن ،وﻗﺪ ﻓﺎزت ﻧﺎﻗﺘﻪ )اﻟﻤﻨﺤﺎف( ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺎق. ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد
وﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎم اﻻﺗﺤﺎد ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ أو اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﻤﺴﺨﺮة ﻟﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺷﻤﻠﺖ
40
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اKﻣﺎرات
ﺿﻮء آﺧﺮ
ﺗﻮرﻳﺜﻪ ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﻌﻴﺪ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ذاﻛﺮة اﻟﻤﻜﺎن ،وﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﻜﻞ ﻗﻴﻤﻪ وﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ وﻣﻜﺎﻧﺔ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،وﺗﺠﺪد ﻣﻮارد اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﺼﺪ ًرا ﻣﻬ ًﻤﺎ ﻳﻌﺰز ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻬﺎ. وأﻧﻮاع اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ،وﻫﻲ رﻳﺎﺿﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ ﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم وﺑﻌﺪه ،وﺗﻮارﺛﺘﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر .وﻫﻲ ﺗﺮاث ﻋﺮﻳﻖ ﺗﻘﺪره اﻟﺪوﻟﺔ أﻳﻤﺎ ﺗﻘﺪﻳﺮ ،وﺗﻀﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻼﺋﻘﺔ ﺑﻪ ،وﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻫﺘﻤﺎ ًﻣﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا، وﻣﻦ ﺑﻌﺪه أﺑﻨﺎؤه اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘﺒﺮوﻫﺎ رﻳﺎﺿﺔ اﻷﺟﺪاد اﻟﺘﻲ ﺗﺜﻴﺮ اﻟﺤﻤﺎس واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺑﻴﻦ ﺷﺒﺎب اﻹﻣﺎرات ،وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ زﻳﺎدة اﻟﺘﺮاﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﻢ .ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﻤﺤﺎﻟﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﺄﺗﻲ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻴﻬﺎ أﺑﻨﺎء اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺣﺪب وﺻﻮب ،ﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات ﺑﻬﺠﺘﻬﺎ، ﻓﻴﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﺤﺒﺔ .وأﻳﻀﺎ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺤﺮف واﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﺻﻴﺪ اﻟﻠﺆﻟﺆ ،واﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﺼﻘﻮر، ورﻳﺎﺿﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺮﻛﻮب اﻟﺘﺤﻤﻞ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺠﺬب اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل. وﺗﺤﻈﻰ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺑﺎﺣﺘﺮام ﻛﺎﻓﺔ أﻃﻴﺎف اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺰز ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ وﺗﺪﻋﻢ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺘﻪ .وﺗﺮﺳﺦ ﻓﻲ أذﻫﺎن اﻟﺸﺒﺎب أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ أﻣﺮ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻟﺮﻓﻌﺔ اﻟﻮﻃﻦ اﻗﺘﺼﺎدﻳًﺎ وﺳﻴﺎﺳﻴﺎً واﺟﺘﻤﺎﻋ ًﻴﺎ ﻗﺮاءات ﻣﻬﻤﺔ: • Sulayman Khalaf: Poetics and Politics of Newly Invented Traditions in the Gulf: Camel Racing in the United Arab Emirates (Ethnology, Vol. 39, No. 3, Summer, 2000), .Pp. 243- 261 • Sayyid H. Hurreiz: Folklore and Folklife .in the United Arab Emirates, London 2013
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
39
اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺧﻂ دﻓﺎع ﻣﻨﻴﻊ ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اrﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺷﻴﻮخ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺗﺠﺮﺑﺔ وﺣﺪوﻳﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻋﺎم 1971ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﻴﺦ »زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن« رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ورﻓﻴﻖ درﺑﻪ اﻟﺸﻴﺦ »راﺷﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم« رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﻛﺎن اﻟﺘﺤﺪي اﻷﺻﻌﺐ أﻣﺎم أﺻﺤﺎب اﻟﺪوﻟﺔ ﻫﻮ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻻﻧﻄﻼق ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻣﺘﻄﻮرة. وإﻣــﺎرات اﻟﺨﻠﻴﺞ -ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف -ﻣﻦ اﻟﻘﺪم ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺸﻜﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻣﻦ ﻣﻮروﺛﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﻮﻳﺔ دوﻟﺔ ﻓﺮﻳﺪة ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ اﺗﺴﻤﺖ ﺑﻬﺎ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻨﻔﻂ ،وﺗﺄﺛﻴﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻛﺎﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺗﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت )إﻧﺘﺮﻧﺖ( واﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت واﻟﺒﺚ اﻹذاﻋﻲ وﻛﺎﻓﺔ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﻘﺮوءة ،ﻣﻦ ﺻﺤﻒ وﻣﺠﻼت وﻛﺘﺐ .إﻻ أن ﺣﻜﺎم اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﻗﺪ ﺣﺎوﻟﻮا ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،وﺗﺬﻛﻴﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻬﻮﻳﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﻋﺎم ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻤﻴﺰة ﻟﺮﺑﻂ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺼﺎﻋﺪة ﺑﻤﻴﺮاث اﻷﺟﺪاد ،ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗﺄﺛﻴ ًﺮا واﺿ ًﺤﺎ. وﺗﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات آﻟﻴﺔ دﻓﺎﻋﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺿﺪ ﺗﻬﺪﻳﺪات اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وﺣﻤﺎﻳﺔ ﻷﺟﻴﺎل ﺟﺪﻳﺪة ﺑﺪأت ﺗﻤﺘﺺ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﺟﻮد آﻻف اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮل أﺣﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث» :ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر آﻟﻴﺔ دﻓﺎﻋﻴﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺒﺌﺔ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ،وﺗﻌﺰﻳﺰ روح اﻟﻮﺣﺪة ،وﺗﻮﻟﻴﺪ ﻃﺎﻗﺎت ﺟﻤﺔ ،ﻻزﻣﺔ
38
د .واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ
ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ أي ﻋﺪوان ﺧﺎرﺟﻲ ،ﻫﺬا اﻟﻌﺪوان ﻻ ﻳﻠﺰم أن ﻳﻜﻮن ﺟﻴﺸً ﺎ، ﺷﻜﻼ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ«. ﻓﻘﺪ ﻳﺄﺧﺬ ً ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ،ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ .ﺳﺎﻫﻢ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﻮاع اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ اﻧﻔﺘﺤﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺒﺎب ﻣﻔﺘﻮح ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺈدﺧﺎل ﻛﻞ ﺟﺪﻳﺪ. ﺳﻬﻼ ﻓﻲ ﻋﺼﺮه ﻟﻜﻨﻪ ﺻﻌﺐ ﻋﻠﻰ إن اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻛﺎن ً اﺳﺘﻴﻌﺎب اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ،إﻻ أن ﻗﻄﻊ اﻟﺼﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺘﺠﺪد ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻌﺒﺔ ﺧﻄﺮة ﻗﺪ ﺗﺘﺒﺪد ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﻔﺼﺎل اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻋﻦ ﻗﺪﻳﻢ آﺑﺎﺋﻬﻢ .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺎدات اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺜﻴﺮ ﺷﻬﻴﺔ اﻟﺸﺒﺎب ،ﻛﺎن ﻟﺰا ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺈﻧﺸﺎء ﺣﺎﺋﻂ دﻓﺎﻋﻲ ﻣﻨﻴﻊ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ .ﻓﺎﻧﺘﺸﺮت ﻧﻮادي ﺣﻔﻆ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ رﺑﻮع اﻹﻣــﺎرات ،وأﻫﻤﻬﺎ »ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ« و»إدارة اﻟﺘﺮاث ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ« .ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻣﺜﻞ »ﻣﺘﺤﻒ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﻮﻃﻨﻲ« و»ﻣﺘﺤﻒ دﺑﻲ« و»ﻣﺘﺤﻒ اﻟﻠﻮﻓﺮ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ« و»ﻣﺘﺤﻒ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن« و»ﻣﺘﺤﻒ زاﻳﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ« و»ﻣﺘﺤﻒ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ« وﻏﻴﺮﻫﺎ .وأﻗﻴﻤﺖ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮرﻳﺔ دورﻳًﺎ ،ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺤﻞ ﻧﻈﺮ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ. وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺘﺬب اﻟﺰاﺋﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺮؤﻳﺘﻬﺎ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻋﻠﻰ رأس ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ،واﻟﺘﻲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺮوﻳﺞ اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﻫﻲ ﺟﺎذﺑﺔ ﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﺸﺒﺎب ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ،وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﺚ روح اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻮق ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﻣﺒﻌﺚ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻟﻬﻢ ﻟﻠﻤﻮاﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻴﻪ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﺿﻮء
اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻋﻨﺼﺮ ﻗﻮي ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺼﻮرة اﻟﻜﻠﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ .ﻟﺬا ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﻣﺤﻄﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻨﺎول ﺻﻮرة اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ .ﻣﻦ أﺑﺮز ﻫﺬه اﻟﻘﺮاءات ﻗﺮاءة ﻧﺼﺮت ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺘﻲ رﻛﱠﺰ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺮﻣﺰي ﻟﺼﻮرة اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺤﻤﻞ دﻻﻻت ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﻈﺎﻫﺮة اﻟﻄﻠﻞ واﻟﺮﺣﻠﺔ .ﺣﻴﺚ ﻳﺮى أﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪو » رﻣﺰا ً ﻟﻺرادة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﺤﻢ اﻷﻫﻮال ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻵﻣﺎل« وأن اﻟﺸﺎﻋﺮ »ﻳﺤﺸﺪ ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ ﻛﻞ ﺻﻔﺎت اﻟﻘﻮة واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻤﻞ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ذاﺗﻪ«. وﻻ ﻳﺄﺧﺬ رﻣﺰ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻫﻨﺎ ﻃﺎﺑﻌﺎً ﻣﻴﺜﻴﻮدﻳﻨﻴﺎً ،ﺑﻞ ﻳﻠﺘﺤﻢ ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﻌﻴﺶ ﻟﻴﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ؛ ﻓﺎﻟﻨﺎﻗﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﻌﺎدل اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ اﻟﺬي وﻇﻔﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮﻋﻦ إرادة ﻗﻬﺮ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻘﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ .وﻳﺸﻴﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ إﻟﻰ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺻﻮرة اﻟﺤﻴﻮان ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ؛ ﻻ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺻﻮرا ً ﻣﺒﺎﺷﺮة وﺗﻘﺮﻳﺮﻳﺔ وﺻﻔﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ رﻣﺰا ً ذا دﻻﻻت ﻣﺘﺸﻌﺒﺔ؛ ﻓﺘﻐﺪو اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻫﻲ إرادة اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﺎﻫﺎ. ﻟﻘﺪ ﺑﺤﺚ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻋﻦ ﻣﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻗﺴﺎوة اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺣﺘﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ إرادة اﻟﺘﺤﺪي اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺸﺪﻫﺎ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﻗﺔ ،ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻫﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻤﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺜﺒﺎت واﻻﺿﻤﺤﻼل ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻄﻠﻠﻴﺔ .ﻟﺬا ﻓﺎﻟﻨﺎﻗﺔ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﺑﻤﺠﺮد ذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة وراء رﻣﺰ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ أو اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ .إﻧﻬﺎ اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﻐﺎﺋﺐ اﻷﻛﺒﺮ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ اﻛﺘﺴﺒﺖ ﺟﻤﺎﻟﻴﺘﻬﺎ وﺗﻔﺮدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ . ﻓﻲ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻗﺎل ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺸﺎﻓﻲ اﻟﺸﻮري إن ارﺗﺒﺎط ﺻﻮرة
د .ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻋﻴﻄﺔ @
اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻟﻄﻠﻠﻴﺔ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻤﻮت /اﻟﺤﻴﺎة؛ ﻓـﺈذا »ﻛﺎن اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻗﺪ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺻﻮرة اﻟﻄﻠﻞ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﺎﻗﺔ -أي اﻟﺤﺎﺿﺮ -ﻳﺆﻛﺪ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ إن اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻫﻲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﺺ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻓﻀﺎء اﻟﺜﺒﺎت اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻄﻠﻞ .ﻓﻬﻲ ﻋﻨﻮان اﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﺨﻼص اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺪى اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ. وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻨﺎﻗﺔ ﻛﻤﺎ وﻇﻔﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺻﻮرة ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻣﻦ أوﺻﺎف وﺣﺮﻛﺎت وﻧﺤﻮﻫﺎ .ﻫﺬه اﻟﺼﻮر ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر وﻟﻴﺲ ﻓﻜﺮة واﺣﺪة .إﻧﻬﺎ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻌﻲ واﻟﺨﻴﺎﻟﻲ ،ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﺎش واﻟﻤﻴﺜﻴﻮدﻳﻨﻲ .ﺻﻮرة ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻤﻖ اﻟﺪﻻﻟﺔ واﻣﺘﺪادﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻜﻞ ﻣﺂﺳﻴﻪ واﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺴﺤﻴﻖ ﺑﻜﻞ ﻣﻴﺮاﺛﻪ .وﺑﻬﺬا ﻳﻘﺪم »اﻟﺸﻮري« ﺻﻮرة اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ .ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﺒﺎدة ﺑﻌﺾ اﻷﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ؛ إذ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﺠﺮد ﺣﻴﻮان ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ، ﻟﻜﻦ اﺣﺘﻠﺖ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪ وﺻﻒ اﻟﺸﻌﺮاء ﻟﻬﺎ أﺛﻨﺎء رﺣﻠﺘﻬﻢ، ﻛﻤﺎ أن ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻴﻞ ﻗﺪ أﺿﻔﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﻘﺪاﺳﺔ .ﻟﺬا ﺟﻠﺘﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻟﻮاﻗﻌﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ وﻗﺪاﺳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .ﻫﺬه اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻗﻠﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﺣﻴﻮاﻧﺎً آﺧﺮ ﺣﻈﻲ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﻔﻌﻞ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻗﺪﺳﻴﺔ اﻟﻨﺎﻗﺔ وﺗﺄﻟﻴﻬﻬﺎ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺰاوج ﺻﻮرة اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻌﻲ واﻟﻤﻴﺜﻴﻮدﻳﻨﻲ *ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
37
įİőŤē ŚťŨ
ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﺮﻫﺎ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﻘﻠﻮﺻﺔ )ﻣﺮﺑﻮﻃﺔ ﻓﻲ ﻧﺎﻗﺔ أﺧﺮى(، وﺗﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 20إﻟﻰ 30ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮا ً ﺣﺴﺐ رﻏﺒﺔ وﺧﺒﺮة اﻟﻤﻀﻤﺮ، وﺗﻤﺸﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎﻗﺔ )ﺧﺒﺎً أو ﻣﺸﻴﺎً( ،واﻟﻤﺸﻲ ﻫﻮ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﻌﺎدي ،واﻟﺨﺐ ﻫﻮ اﻹﺳﺮاع ﻓﻴﻪ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم )اﻟﻘﻠﺺ( ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ )اﻟﻌﻴﻮل( وﻫﻲ اﻟﻨﺎﻓﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻄﺮب ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﻓﺘﺮﺑﻂ ﺑﻨﺎﻗﺔ أﺧﺮى ﺗﻘﻮدﻫﺎ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 100ﻣﺘﺮ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎق ،ﺛﻢ ﺗﺘﺮك ﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. و)اﻟﻤﻀﺤﻰ( ﻫﻮ ﻃﻌﺎم اﻟﺼﺒﺎح اﻟﺬي ﻳﻘﺪم ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ وﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻴﺮ واﻟﺘﻤﺮ واﻟﻠﺒﻦ ،و)اﻟﻤﻌﺸﻰ( ﻃﻌﺎم اﻟﻌﺸﺎء وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻴﺮ واﻟﺘﻤﺮ ﻣﻀﺎﻓﺎً إﻟﻴﺔ اﻟﺤﺐ ،وﻫﻨﺎك )اﻟﺴﻌﻮط( أي اﻟﻄﻌﺎم اﻟﺪﺳﻢ اﻟﺬي ﻳﻘﻠﺐ ﻟﻺﺑﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق وﻳﺸﻤﻞ اﻟﺴﻤﻦ واﻟﻌﺴﻞ واﻟﺒﻴﺾ وﻳﻘﺪم ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺴﺒﺎق ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﺬل اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﺠﻬﻮدا ً ﻛﺒﻴﺮا ً وﺗﻜﻮن ﻗﺪ اﺳﺘﻨﻔﺪت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺗﻬﺎ وﻗﺪرﺗﻬﺎ وﺻﺤﺘﻬﺎ ،ﻓﻴﻠﺠﺄ اﻟﻤﻀﻤﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻌﻮط ﻟﺘﻌﻮﻳﻀﻬﺎ ﻋﻤﺎ ﻓﻘﺪﺗﻪ ،وﻫﻮ ﻳﺘﻢ ﻣﺮة واﺣﺪة ﺑﻌﺪ اﻟﺴﺒﺎق ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﻀﺮر ،وﺗﺮﺗﺎح ﺑﻌﺪه ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺟﺴﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﺒﺔ اﻟﺪﺳﻤﺔ. وﻫﻨﺎك )اﻟﻤﻤﻄﻲ( وﻫﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺠﻬﺰ اﻹﺑﻞ ﻟﻤﻴﺪان اﻟﺴﺒﺎق، و)اﻟﺮﻛﺒﻲ( ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﻮد اﻟﺠﻤﻞ أﺛﻨﺎء اﻟﺴﺒﺎق وﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻜﻮن ﺛﻘﻴﻞ اﻟﻮزن ،ﻛﻲ ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ اﻻﻧﻄﻼق ،وﻳﺴﺘﺨﺪم اﻵن »روﺑﻮت آﻟﻰ« ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺮﻳﻤﻮت ﺑﻌﺪ ﺗﺠﺮﻳﻢ رﻛﻮب اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق. وﻳﻜﻮن ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻌﻤﺮ واﻟﺠﻨﺲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻰ: - 1اﻟﺤﻮل -:ﺟﻤﺎل ﻋﻤﺮﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 7ﺳﻨﻮات وﻫﻲ رﺑﺎﻋﻴﻪ أو ﻓﺎﻃﺮ. - 2اﻟﺰﻣﻮل -:اﻟﺬﻛﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎل ﻋﻤﺮه أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 7ﺳﻨﻮات. - 3اﻟﺬﻟﻮل -:ﻧﺎﻗﺔ ﻋﻤﺮﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات. - 4اﻟﺴﺪاﺳﻴﺎت -:اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﺮﻫﺎ 7-6ﺳﻨﻮات. - 5ﺛﻨﺎﻳﺎ -:اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﺮﻫﺎ 5ﺳﻨﻮات . - 6ﺛﻨﺎﻳﺎ ﺟﻌﺪان -:اﻟﺬﻛﻮر ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺎﻳﺎ . - 7ﺛﻨﺎﻳﺎ أﺑﻜﺎر -:اﻹﻧﺎث ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺎﻳﺎ. - 8اﻟﻴﺬاع -:ﻫﺠﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ 4ﺳﻨﻮات ) ذﻛﻮرا ً و إﻧﺎﺛﺎً(. - 9اﻟﻤﻀﺎرب -:ﻫﺠﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ 3ﺳﻨﻮات. - 10اﻟﺴﻮداﻧﻴﺎت -:ﻫﺠﻦ ﺗﺴﺘﻮرد ﻣﻦ اﻟﺴﻮدان وﻳﺨﺼﺺ ﻟﻬﺎ ﺷﻮط أو أﻛﺜﺮ. ﻳﺠﺮي اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺨﻤﺲ ﺳﺮﻋﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻛﻠﻤﺎ زادت اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻗﻠﺖ اﻟﺴﺮﻋﺔ إذ ﻳﺪرﻛﻪ اﻟﺘﻌﺐ وﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﺳﺮﻋﺘﻪ أﺛﻨﺎء اﻟﻜﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮ اﻷول ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق إﻟﻰ ) (65ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮا ً ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﻨﺎﻗﺺ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً، واﻟﻬﺠﻦ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺘﻪ ﻣﻦ ) (30إﻟﻰ )(40 ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮا ً ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻳﻜﻮن اﻟﻔﻮز ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻪ. وأﻏﻠﺐ اﻟﻤﻀﻤﺮﻳﻦ ﻳﺪرﺑﻮن ﻫﺠﻨﻬﻢ ﻗﺒﻞ اﻧﻄﻼق اﻟﻤﻮﺳﻢ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ﻳﻮﻣﻴﺎ وﻳﺘﻢ ﻗﻴﺎس اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي ﺗﻘﻄﻌﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﺪرﻳﺐ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﻣﻨﺢ اﻟﻬﺠﻦ
36
ا ﻟﻤﻀﻤﺮ
اﻟﺒﺮﺳﻴﻢ واﻟﺸﻌﻴﺮ ﻟﺘﻜﺘﺴﺐ اﻟﺴﻌﺮات اﻟﺤﺮارﻳﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ وﺑﺨﺼﻮص اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻼ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻴﻄﺮة ﻣﻦ ﻣﻼك ﻣﻌﻴﻨﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻦ ﻳﺒﺬﻟﻮن ﺟﻬﺪا واﻫﺘﻤﺎﻣﺎ وﺧﺒﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ ﻟﻬﻢ أﻓﻀﻞ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ. أﺻﺒﺤﺖ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻣﻮروﺛﺎً ﺛﻘﺎﻓﻴﺎً ﺗﻢ ﺗﻨﻤﻴﺘﻪ ﺑﻔﻀﻞ ﻓﻜﺮ ﺣﻜﺎم اﻹﻣﺎرات اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺪﺧﺮون ﺟﻬﺪا ً ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﺸﻌﺒﻰ وﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻰ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻓﻲ أرﺟﺎء اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻰ واﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻟﺘﻈﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻤﻴﺰة ﻟﺸﻌﻮﺑﻨﺎ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﺎرة ﻋﺮﻳﻘﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ إﻻ اﻟﻘﻠﻴﻞ *ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻣﺼﺮ
اﻟﻤﺮاﺟﻊ: - 1اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ – ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ – اﻵﻳﺔ ،27ﺳﻮرة اﻟﻐﺎﺷﻴﺔ – اﻵﻳﺔ .17 - 2اﻹﻣــﺎرات أول دوﻟﺔ ﺗﻘﻴﻢ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻛﺒﺮى ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ – ﺟﺮﻳﺪة اﻹﺗﺤﺎد -اﻟﺜﻼﺛﺎء 13ﻣﺎرس .2012 - 3اﻟﻤﻀﻤﺮون ..ﻣﺮاﻓﻘﻮن ﻟﻠﺤﻼل ﻓﻲ اﻟﺤﻞ واﻟﺘﺮﺣﺎل – رﺿﺎ اﻟﺒﻮاردي أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺮؤﻳﺔ – 8دﻳﺴﻤﺒﺮ 2013م. - 4اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ ..ﻓﻦ وﻋﻠﻢ وﺧﺒﺮة – ﻣﻮﻗﻊ ﻧﺎدى دﺑﻰ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ – ﺑﺪون ﺗﺎرﻳﺦ. - 5ﻣﺠﻠﺔ اﻷﺻﺎﻳﻞ –اﺗﺤﺎد اﻹﻣﺎرات ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ -اﻹﻣﺎرات – اﻟﻌﺪد 36ﻳﻨﺎﻳﺮ 2011م. - 6ﺟﻤﺎل اﻹﺑﻞ اﻷﺻﺎﻳﻞ -ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻟﻺﺑﻞ – ﻧﺎدى ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات – ﻓﺒﺮاﻳﺮ .2012 - 7ﻛﺘﺎب اﻟﺠﻤﻞ ) اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ( -روﺑﺮت إﻳﺮوﻳﻦ – ﺗﺮﺟﻤﺔ أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد -ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺮاث – 2012م. - 8ﺣﻜﺎﻳﺔ )اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ( درة اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات -راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ – ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث – اﻟﻌﺪد
واﺟﺘﻬﺎد ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻠﺸﻮط اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ وﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ اﻋﺪاد ﻫﺠﻨﻪ ﻟﻠﺸﻮط اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ. وﻣﻦ أﻫﻢ ﻋﻮاﻣﻞ ﻧﺠﺎح اﻟﻤﻀﻤﺮ ﻓﻲ إﻋﺪاد اﻟﻬﺠﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﻬﺠﻦ، ﻓﺎﻟﻬﺠﻦ راﻋﻴﻬﺎ ﻳﻌﺮف إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺮﻛﺾ أم ﻻ ﻣﻦ ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ،وﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﻄﻮاﺗﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﺴﻴﺮ، وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺎﻣﻞ اﻷﻛﻞ ﻓﺎﻟﻬﺠﻦ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﻄﻰ اﻷﻛﻞ ﺑﺘﻮازن ،ﻓﻜﺜﺮة اﻷﻛﻞ ﺗﻨﻔﺦ ﺑﻄﻦ اﻟﻤﻄﻴﺔ وﺗﻀﺮﻫﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻠﺔ اﻷﻛﻞ ﺗﻀﺮﻫﺎ وﺗﻨﺰل ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ،وﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻤﻴﺰ اﻟﻤﻀﻤﺮ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ واﻟﻬﺪوء وﻋﺪم اﻻﺳﺘﻌﺠﺎل أو اﻻﻧﻔﻌﺎل .وﻳﻜﺘﺴﺐ اﻟﻤﻀﻤﺮ ﺧﺒﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺳﻨﻮات ﺧﻼل ﺗﻮﻟﻴﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ، ﺗﺠﻌﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻧﻈﺮة ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻬﺠﻦ، وﻣﺪى ﻓﻮزﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت.وﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺗﺸﻬﺪه ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺻﺒﺢ ﻋﻠﻢ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻬﺠﻦ »اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ« ﻣﻬﻤﺎً وﻣﻌﻘﺪا ً ،ﻓﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺒﺮة ﻓﻘﻂ ﻻ ﻳﺆدى ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺘﻤﻴﺰة وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرب ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام أﻛﺜﺮ ﻣﻦ
إن اﻟﻤﻀﻤﺮ اﻟﻨﺎﺟﺢ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻔﺎرق )اﻟﻬﺠﻦ( وﻳﻈﻞ ﻳﺸﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻌﻢ واﻟﻤﺸﺮب وﺗﺪرﻳﺒﺎت اﻟﻤﻴﺪان إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻬﺎ
ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﺘﺠﻬﻴﺰ ﻫﺠﻦ اﻟﺴﺒﻖ ﻓﺎﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻤﻮﺳﻢ وﺗﻌﻄﻲ اﻟﻔﺮص ﻟﻠﻤﻀﻤﺮﻳﻦ ﻟﻠﺘﺠﺮﻳﺐ واﻻﺳﺘﻘﺮار ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ ،وﻟﻬﺬا أﺻﺒﺢ اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ ﻋﻠﻤﺎً ﻳﺤﺘﺎج ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﺪرﻳﺐ وﻣﻨﺎﻫﺞ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻀﻤﺮﻳﻦ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﻤﻀﻤﺮون ﻓﻰ دوﻟﺔ اﻟﺘﻌﻠّﻢ ﻣﻦ اﻟﺪروس وﺗﺪارك اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﻲ اOﻣﺎرات أن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻌﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً. ﻣﺎدﻳ ًﺎ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻮ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ وﻻ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻨﺠﺎح ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑﻞ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻤﻮروﺛﺎت اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ واﻟﺼﺒﺮ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻤﻔﺎرﻳﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻊ اOﻣﺎرات ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ اﻟﻤﺪﺧﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻻﻗﺘﻨﺎء اﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮف اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻋﻴﺒ ًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻀﻤﺮ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ أﻗﻮى اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،أن ﻳﺪﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻤﺠﺮد اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﻤﻀﻤﺮ اﻟﺠﻴﺪ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﺜﺒﺖ ﺑﺮاﻋﺘﻪ ﻓﻲ واﻟﺮﺑﺢ اﻟﻤﺎدي ﻣﺮﺣﻠﺔ »اﻟﺘﻔﺤﻴﻢ« ،وﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺪرﻳﺐ اﻹﺑﻞ ﻹﻛﺴﺎﺑﻬﺎ ﻟﻴﺎﻗﺔ ﺑﺪﻧﻴﺔ ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن وﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ،و)اﻟﻤﻀﻤﺮ( ﻫﻮ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت. اﻟﻤﺪرب) ،اﻟﺘﻔﺤﻴﻢ( ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺪرﻳﺐ اﻹﺑﻞ ﻹﻛﺴﺎﺑﻬﺎ ﻟﻴﺎﻗﺔ ﺑﺪﻧﻴﺔ ،وﻳﻜﻮن ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ ذﻟﻚ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ،أﻣﺎ )اﻟﺘﺤﻔﻴﺰ( وﻫﻨﺎك ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﻳﺘﺪاوﻟﻬﺎ اﻟﻤﻀﻤﺮون ﻓﻴﻌﻨﻲ ﺗﻬﻴﺌﺔ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻹﻟﻘﺎء ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ) :اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ( أي ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻬﺠﻦ ﻟﺪﺧﻮﻟﻬﺎ اﻟﻄﻌﺎم ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق‹› .اﻟﻤﺴﺮاح‹‹
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
35
įİőŤē ŚťŨ
ﺟﻤﻞ ﻗﻠﻴﻞ اﻟﻠﺤﻢ اﻟﺮﻗﻴﻖ ،ﻳﻘﺎلٌ : واﻟﻀﱠ ﺎ ِﻣ ُﺮُ : ﺿﺎﻣﺮ وﻧﺎﻗﺔ ﺿَ ﺎﻣ ٌﺮ وﺿَ ﺎﻣﺮةٌ. ﻓﻔﻲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ اﺧﺘﺎر اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻨﻮق اﻟﻀﺎﻣﺮة ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ اﻟﺸﺎﻗﺔ واﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺄﺗﻲ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﻴﻖ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺧﻒ وزن اﻹﺑﻞ وﻛﺎﻧﺖ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺸﺤﻢ واﻟﻠﺤﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ أﺳﺮع وﺳﺎرت ﻷﻳﺎم ﻃﻮﻳﻠﺔ. وﻗﺪ ورث اﻟﻤﻀﻤﺮون ﻓﻰ اﻹﻣــﺎرات ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ وﻧﺠﺤﻮا ﻓــﻲ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻣﻬﺮ اﻟﻤﻀﻤﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻞ وﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. واﻟﻤﻀﻤﺮ ﻳﻌﻤﻞ ﺧﻠﻒ اﻟﻜﻮاﻟﻴﺲ ﻣﺮاﻓﻘﺎً ﻟﻠﻬﺠﻦ ،وﻣﺸﺮﻓًﺎ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻌﻤﻬﺎ وﻣﺸﺮﺑﻬﺎ وﺗﺪرﻳﺒﺎت اﻟﻤﻴﺪان ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ ،وﻟﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄﻣﺮاض اﻹﺑﻞ وﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ. واﻟﺘﻀﻤﻴﺮ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻬﺠﻦ ،وإﻛﺴﺎﺑﻬﺎ اﻟﻠﻴﺎﻗﺔ اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫﻠﻬﺎ ﻟﺪﺧﻮل اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،وﻳﺒﺪأ اﻟﻤﻀﻤﺮ ﻋﻤﻠﻪ ﻗﺒﻞ وﻻدة اﻟﻬﺠﻦ وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ
34
ا ﻟﻤﻀﻤﺮ
ﺑﺎﻷﻣﻬﺎت وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺎ وﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﻟﺪﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﺟﺎﻫﺰة ﻓﻰ ﺳﻦ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﺨﻮض اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت. إن ﻣﻬﻨﺔ اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ ذات ﻃﺎﺑﻊ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺗﻬﺪف إﻟﻰ ﻏﺮس روح اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺮف إﻟﻰ ﻣﻀﻤﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﺘﻰ أﻧﺤﺎء اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وذات ﻃﺎﺑﻊ ﻧﻔﺴﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻰ ﻧﺠﺎح اﻟﻤﻀﻤﺮ ﻓﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻬﺠﻦ وﻓﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ وﺻﻔﺎﺗﻬﺎ وﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة ﻋﻴﻨﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻄﻴﻌﺔ ﻟﻪ ﻣﻨﻔﺬة ﻷواﻣﺮه. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﻤﻀﻤﺮون ﻓﻰ دوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات أن اﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ ﻟﻴﺲ ﻣﺎدﻳﺎً ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻋﻮاﻣﻞ ﻧﺠﺎح اﻟﻤﻀﻤﺮ ﻓﻲ إﻋﺪاد اﻟﻬﺠﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﻬﺠﻦ ،ﻓﺎﻟﻬﺠﻦ راﻋﻴﻬﺎ ﻳﻌﺮف إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺮﻛﺾ أم ﻻ ﻣﻦ ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ،وﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﻄﻮاﺗﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﺴﻴﺮ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺎﻣﻞ ا%ﻛﻞ ﻓﺎﻟﻬﺠﻦ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﻄﻰ ا%ﻛﻞ ﺑﺘﻮازن
ﻫﻮ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروﺛﺎت اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺮف اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻋﻴﺒﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻀﻤﺮ أن ﻳﺪﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻤﺠﺮد اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺮﺑﺢ اﻟﻤﺎدي ،ﻷن اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث ﻫﻮ اﻟﺪاﻓﻊ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺪى اﻟﻤﻀﻤﺮﻳﻦ ،وﻫﻮ اﻟﺘﺮﺗﻴﺐ اﻷول ﻓﻲ ﺳﻠّﻢ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻪ ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻷوﻟــﻰ ﻓﻰ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،وﺗﺤﻘﻴﻖ ﺟﻮاﺋﺰ وأرﺑﺎح ﻣﺎدﻳﺔ. وﻋﻠﻰ ﻣﻀﻤﺮ اﻟﻬﺠﻦ أﻻ ﻳﺴﺘﻌﺠﻞ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻹﻧﺠﺎزات ﻗﺒﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻗﺘﻨﺎء أﻓﻀﻞ وأﻧﻘﻰ اﻟﺴﻼﻻت ﻣﻦ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ. إن اﻟﻤﻀﻤﺮ اﻟﻨﺎﺟﺢ ﻫﻮ اﻟــﺬي ﻻ ﻳﻔﺎرق )اﻟﻬﺠﻦ( وﻳﻈﻞ ﻳﺸﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻌﻢ واﻟﻤﺸﺮب وﺗﺪرﻳﺒﺎت اﻟﻤﻴﺪان إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻬﺎ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻳﻜﻮن اﻟﻐﻴﺎب اﻟﻤﺘﻜﺮر وﻋﺪم اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻀﻤﺮ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺸﻞ ،وﻛﻞ ﻣﻀﻤﺮ ﻟﻪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ وﺗﺮﺗﻴﺐ وﺗﺨﻄﻴﻂ واﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ
ﺻﻔﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺗﺤﺪد ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﻀﻤﺮ
ﻳﺨﺘﺎر اﻟﻤﻀﻤﺮ ﻧﺎﻗﺘﻪ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ وﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﺮ ﺻﻔﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻟﻨﺴﺐ واﻟﻘﻮة واﻟﻨﺸﺎط واﻟﻬﺪوء واﻟﺼﺒﺮ. وﺗﺘﻤﻴﺰ اﻟﻬﺠﻦ ﺑﻌﺪة ﺻﻔﺎت ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻤﻀﻤﺮ ﺻﻌﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ وﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ وﺗﺄﻫﻴﻠﻬﺎ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺻﺪ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻬﺎ ﺟﻮاﺋﺰ ﻗﻴﻤﺔ. ﻓﺎﻟﻬﺠﻦ ﺗﺘﺠﺎوب ﻣﻊ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﻄﻴﺐ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﻤﺪاﻋﺒﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻬﻴﺞ وﻳﺘﻐﻴﺮ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ ﻟﻘﻠﺔ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ أو ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ ﺑﻘﺴﻮة. ﻓﺎﻟﻬﺠﻦ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﺤﻘﺪ واﻟﻐﻴﺮة واﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻤﻦ ﻳﺆذﻳﻬﺎ ،واﻟﻬﺠﻦ ﺗﺨﺎف ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻦ أي ﺷﻲء ﻏﺮﻳﺐ ﺣﻮﻟﻬﺎ ،وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻮد وﻫﻲ ﺳﻬﻠﺔ اﻟﺘﻄﺒﻊ ﻓﻼ ﺗﺒﺮك أو ﺗﻨﻮخ أو ﺗﻘﻒ إﻻ إذا ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮت راﻋﻴﻬﺎ اﻟﺬي اﻋﺘﺎدت ﺣﺪاءه، وﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺬاﻛﺮة ﻗﻮﻳﺔ ﺗﻌﺮف اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﺖ ﺑﻬﺎ ،وﺣﺮﻛﺎت ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ واﻹﺷﺎرات اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺪرﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ واﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟﺪﻳﺎرﻫﺎ وﻣﺮاﻋﻴﻬﺎ. دور اﻟﻤﻀﻤﺮ
ورد ﻟﻔﻆ ﺿﺎﻣﺮ ﻓﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻰ اﻵﻳﺔ 27ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ ﻓﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: » َوأَ ﱢذ ْن ِﻓﻲ اﻟ ﱠﻨﺎس ﺑِﺎﻟْ َﺤ ﱢﺞ ﻳَﺄْﺗ َُﻮك ِر َﺟﺎﻻً َو َﻋﻠَﻰ ﻛ ﱢُﻞ ﺿَ ﺎ ِﻣﺮٍ« اﻛﺘﺸﻔﺖ أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻔﻬﻴﺔ ﺗﺪﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ أن أول ﻣﻀﻤﺮ ﻓﻰ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ دوﻟﺔ اOﻣﺎرات ،ﻫﻮ واﻟﺪ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« اﻟﺬى ورد ذﻛﺮه ﻓﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻓﻲ اOﻣﺎرات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
33
įİőŤē ŚťŨ
اﻟﻤﻀﻤﺮ ّ
ﻓﻨﺎن اﻟﻬﺠﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ@
ﻋﻨﺪﻣﺎ أردت اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أول ﻣﻀﻤﺮ ﻟﻠﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻟﻢ أﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻗﺮأت إﺷﺎرات ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﺤﺪدة ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻣﻤﺎ دﻓﻌﻨﻲ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات وﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻔﺎﺟﺄة. ﻓﻘﺪ اﻛﺘﺸﻔﺖ أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻔﻬﻴﺔ ﺗﺪﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ أن أول ﻣﻀﻤﺮ ﻓﻰ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻫﻮ واﻟﺪ »اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ« اﻟﺬى ورد ذﻛﺮه ﻓﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻓﻲ اﻹﻣــﺎرات ،واﻟﺬى وﺿﻊ ﻻﺑﻨﻪ ﺑﺮﻧﺎﻣ ًﺠﺎ ﻟﺘﺄﻫﻴﻞ ﺛﻼث ﻧﻮق أﺻﻴﻠﺔ ﻟﻴﺨﺘﺎر ﻣﻨﻬﺎ واﺣﺪة ﺗﻜﻮن رﻓﻴﻘﺘﻪ ﻓﻰ رﺣﻠﺔ ﺑﺤﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ،واﺳﺘﻤﺮ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻨﻮق ﻟﻤﺪة ﻋﺎم ﻛﺎﻣﻞ ،وﻧﻮع اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ اﻟﺘﻰ ذﻛﺮت ﻓﻰ ﻗﺼﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﻫﻲ اﻟﻠﺒﻦ واﻟﺘﻤﺮ واﻟﺒﺮﺳﻴﻢ واﻟﺴﻤﻦ واﻟﻌﺴﻞ ،وﻫــﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ اﻟﻤﻀﻤﺮ اﻵن ﻟﻠﻬﺠﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺪﻫﺎ ﻟﻠﺴﺒﺎق ،واﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎح اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ وواﻟﺪه ﻓﻲ »اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ« ﻫﻮ ﻫﺮوب ﻧﺎﻗﺔ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ ﺑﻪ وﺑﺤﺒﻴﺒﺘﻪ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﻣﻦ دﻳﺎر واﻟﺪﻫﺎ اﻟﻤﻌﻨﻰ، وﻓﺸﻞ ﻧﻮق اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﺎق ﺑﻬﺎ .و ُﻳ َﻌﺪ ﺗﺪرﻳﺐ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻹﺑﻞ )اﻟﻬﺠﻦ( ﻣﻮروﺛﺎً ﺛﻘﺎﻓﻴﺎً ﻻ ﻳﺰال أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﻤﺴﻜﻴﻦ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ رﻏﻢ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻬﺎﺋﻞ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﺟﻠﺒﻪ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،وﻳﺮﺗﺒﻂ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ ارﺗﺒﺎﻃﺎً وﺛﻴﻘﺎً ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻔﺮﻳﺪ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات وﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ أﺳﻠﻮب اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺪوﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺗﻌﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻹﺣﻴﺎء ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺰواج ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻴﻮم رﻳﺎﺿﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗﻤﺘﺎز ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﺟﻴﺪ ،وﻣﺼﺪراً ﻟﺜﺮاء اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ. وﻛﺎﻧﺖ اﻹﻣﺎرات أول دوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﻘﻴﻢ ﺳﺒﺎﻗﺎً ﻟﻠﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،رﺻﺪت ﻟﻪ ﺟﻮاﺋﺰ ﻣﺎﻟﻴﺔ وﻋﻴﻨﻴﺔ دﻓﻌﺖ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻬﺠﻦ. 32 32
ا ﻟﻤﻀﻤﺮ
وﻟﻢ ﺗﻘﻒ اﻹﻣﺎرات ﻋﻨﺪ ﻧﺸﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻣﺤﻠﻴﺎً ﻓﻘﻂ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻢ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻓﻲ أﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﺗﺤﺎد ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﺣﻴﺚ أﻗﻴﻢ ﻛﺄس ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ أﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ أﻋﻮام 2000-1999-1998ﺑﻤﻴﺪان ”واﻳﻠﺪ وﻳﻚ اﻟﻤﻠﻜﻲ ﻟﻠﺨﻴﻮل“ وﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﺒﻴﺔ اﻷﺳﺘﺮاﻟﻴﻴﻦ ﻛﻤﺎ أﻗﻴﻢ ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﺳﺒﺎق ﻋﺎم ،1997وﺳﺎﻫﻢ اﺗﺤﺎد ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﻀﻤﺎر ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻷردﻧﻴﺔ ﻋﺎم ،2008 واﻧﺘﺸﺮت ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ واﻟﻤﻌﺪة إﻋﺪادا ً ﺟﻴﺪا ً ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ ،وﺗﻌﺪﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺮى اﻟﺼﻐﻴﺮة واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪوﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ. وﻣﻦ أﺷﻬﺮ أﻧﻮاع اﻹﺑﻞ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺑﺎﻹﻣﺎرات )ﻇﺒﻴﺎن وﺻﻮﻏﺎن واﻟﻮرى وﻣﺼﻴﺤﺎن( وﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﻬﺠﻴﻦ ﻇﻬﺮت ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻼﻻت أﺧﺮى أﻛﺜﺮ أﺻﺎﻟﺔ وﻟﻜﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع ﻣﻴﺰات ﻳﻨﻔﺮد ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﺮه. وﻛﻠﻤﺔ اﻟﻬﺠﻦ أو )اﻟﺠﻴﺶ( ﻫﻮ اﺳﻢ ﺟﻤﻊ ﻟﻺﺑﻞ اﻟﺠﺎﻫﺰة ﻟﻠﺮﻛﻮب وﻣﻔﺮدﻫﺎ ذﻟﻮل ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ )اﻷﻧﺜﻰ( ورﻛﺒﻲ ﻟﻠﺠﻤﻞ )اﻟﺬﻛﺮ( ،وﻗﺪ ورد ذﻛﺮ اﻹﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻵﻳﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ واﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ )أﻓﻼ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻹﺑﻞ ﻛﻴﻒ ﺧﻠﻘﺖ( وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﺼﺺ واﻷﺷﻌﺎر واﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، وﺗﺸﻜﻞ اﻹﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ % 65ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻹﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻳﺘﻤﻴﺰ اﻟﺠﻤﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷﺻﻴﻞ ﺑﺄﻧﻪ أﺣﺎدي اﻟﺴﻨﺎم ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺟﻤﺎل أوروﺑﺎ وأﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ وأﻣﺮﻳﻜﺎ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺴﻨﺎم.
İżŁŝŤē ğēĴĜ ŮŨ
ĜűĩŬ Žŭũļ ĜšŔ ŮſĴŠ Ůļķ
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ Û´ Ê#
ـﺐ ﻗـــﻔـــ ٍﺮ ﺧـــﻼ ﻣـــﻦ ﻛُــــﻞ ﺑـــﻴـ ٍ ــﺐ ٍ رﺳــــﻢ ﻗـــﺪﻳـ ْ ــﺖ ﻣــﻄــ ﱠﻨ ْ ــﻢ ُﻋــﻘــﺐ ﺳــﻠــﻤــﻰ ﻣــﺠ ـ ﱠﻨـ ْ ﱠــﺐ ــﺎب ﱠ ﻋــﻔﱠــﻦ آﻳــﺘــﻪ ﻧــﺴــﺞِ اﻟــﺠــﻨــﻮﺑــﻲ واﻟــﺼــﺒــﺎ وﻣـــﺪﺟـــﻦ ﺳـــﺤـ ٍ ﻫـــﻞ ﻓــﻴــﻬــﺎ وﺳــﻜ ْ ــــﺪاج ﻣـ رﺑـــﺮب اﻟــﺴــﻔــﺎﻧــﺞ واﻟـــﻔـــﺮاﻗـــﺪ ورﺑﱠــﻬــﺎ ﺷــــﺮوى ُرﺑـــﺎﻫـــﺎ ﻋـــﺎم ﺗــﺴــﻌــﻴ ـ ْﻦ ْ ْ ْ ﺧــﻠــﻴــﻠــﻲ ﻟـــﻮ ﻋـــ ﱠﺠـ ْ ـﺬب ــﺖ اﻟــﻨــﺠــﻴــﺒــﺔ ﺑﺮﺑﻌﻬﺎ اﻗــﻀــﻰ ﺑــﻬــﺎ او ﻃـــﺎ َر اﻟـــﻔـــﺆا َد اﻟــﻤــﻌـ ْ ّْ ـﺐ ازج اﻟ ـ ُﺒــﻜــﺎ ﻓــﻲ ر ْ اس ﻣــﺎ ﻧـــﺎف ﻣﻨﻬﺎ وﻗــﻠــﺒــﻲ ﻟــﻜــﻨــﻪ ﻓـــﻲ رﺳـــﻮﻣـــﻪ ﻣــﻘــﻀﱠ ـ ْ ْ ـﺐ وﻫـــﻮ ﻣــﺜــﻞ ﻣــﺤــﺼ ـ ْﻦ ﻋــﻴــﻠـ ٍـﻢ ﻗــﻔﱠــﻮا اﻫﻠﻪ ﻋــﻨــﻪ ﻳــــﻮ ْم دا َر اﻟـــﺤـــﻮل وﻻ ﻣــﺜ ـ ﱠﻘـ ْ ـــﺎب ُﻣــﻐــﺮ ْم وﻻ ﻋـــــﺮ َ وﻧــﺠــﻢ اﻟــﺴــﻌــﻮ ْد اﻧــﻬــ ْﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻏــــ ﱠﺮ ْب اض اﻟـــــﺪار ﻣـــﻦ ﺟـ ْ َ ﺗــﻮﺳ ْ ﻣﻠﻌﺐ اﻟــﺮﻋــﺎﺑــﻴــﺐ اﺷــﻌــﻴــﺐ ـﺢ ــﻤــﺖ ﻋــﻠــﻤــﺎنَ اﻟــﻤــﻨــﺎزل وﺑــــﺎنَ ﻟﻲ ﻣــﻜــﺜـ ْ ﱠ ْ ْ ْ ﺧــــﻼف اﻷُ ﻧـــــﺲ دارا ْم ﺟِ ــﻨــﺪب وﺧـــ ﱠﺒـــﺎ ﻣــﻨــﻴــﺮه واﻟـــﻤـــﻨـــﺎ ْر اﻟـــﺴـــﻮاﻣـــ ْﺮ ﻛــ ﱠﻨــﻪ ْ ْ ْ ﻣــﺬﺑــﺬب ُــﻤــﺖ ﻓــﻴــﻬــﺎ ْ رﺳــــﻮم ﻗ ــﺐ وﺳــﻠــﻤــﻰ ﺑﻘﺎﻳﺎ وﻻ ﻣــﻦ ٍ ﻓـــﻼ ﻣـــﻦ ﻫـــﻮى زﺑـــﻴـ ْ ْ ﻣﻄﻠﺐ ا ُر ْد اﻟــﻨــﺠــﻴــﺒــﺔ واﻟــــﺪرﻳــــﺪي ﻳــﻘــﻮدﻫــﺎ وﻳــﻘــﻮل ﻣــﺎﻟــﻚْ ﻓــﻲ ﺟ ـ َﺒــﺎ اﻟــــﺪار ْ ﻋــﻠــﻲ اﻣــﺸــﺎﺟــﺮه ﻛـــﻞ ﻣــﺸــ َﺮ ْب واﺑـــﺪى ﺑﻔﻌﻠﻪ ﻣــﺎ اﺧﺘﻔﻰ ﻣــﻦ ﺳﺮﻳﺮﺗﻲ وﻛـــــﺪﱠ ْر ّ ﻣﺼﻌﺐ ﻣــﺤــﺎ اﻟــﻠــﻪ رﺟــــﻞٍ ﻣـــﺎ ﻳــﻌــﺎﻧــﻲ رﻓــﻴــﻘــﻪ ﻋــﻠــﻰ ﻛــﻞ اﻣـــ ٍﺮ ﺳــﺎﻋــ َﺔ اﻟــﻀــﻴـ ْـﻖ ْ ﱠــﺐ وزﻟﱠـــﻴـــﺖ ﻋـــﻦ رﺳـ َ ـــﻢ اﻟــﺤــﺒــﺎﻳـ ْ ـﺐ ﻣـــﻼز ْم ﻛــﻤــﺎ ّْزل ﺑـــــــ ﱠﺮاقٍ ﺳــــﺮى ﺛـ ﱠ ـــﻢ ﺧــﻠ ْ ﺘﻌﺐ اﻻ ﻳــﺎ ﻋــﻘــﻴـ ْـﻞ اﻧـــﺨـــﺎكْ واﻟـــﺤـــﺎل ﻣــﺎ ﺑَﻬﺎ ﻣــﻦ اﻟﺤﻴﻞ ﻣ ـ َﻦ ٍ ﻗﻠﺐ ﻣ ـ َﻦ اﻟــﻮﺟــﺪْ ُﻣ ْ
2016 ﻓﺒﺮاﻳﺮﺮ 16 اﻟﻌﺪدد 196ﻓﺒ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪ
31
įİőŤē ŚťŨ
ﻋﻦ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻓﻘﺎل» :إن اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬا اﻟﺮاﻛﺐ اﻵﻟﻲ ﻳﻌﻜﺲ ﺣﺮص دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب ﻫﺠﻦ اﻟﺴﺒﺎق ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﺑﻬﺎ واﻻﻟﺘﺰام ﺑﻘﺮار ﻣﻨﻊ اﺳﺘﺨﺪام اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ رﻛﻮب ﻫﺬه اﻟﻬﺠﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت .واﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز اﻟﻤﺼﻨﻮع ﻣﺤﻠﻴﺎً ﺑﺪﻻً ﻋﻨﻬﻢ وﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮف ﻫﻮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﻛﺐ اﻟﻤﻄ ّﻴﺔ وﺑﻨﻔﺲ اﻟﺤﺠﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،وﻫﻮ ﻳﺆدي ﻧﻔﺲ اﻟﻐﺮض وﻳﺤﻔّﺰﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﺾ اﻟﺴﺮﻳﻊ ﺑﺎﻟﺠﻬﺎز اﻟﻤﺜﺒﺖ ﻓﻴﻪ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﻤﺘﺎزة ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق .وﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻨﺴﻰ
30
اﻟﺮﻛﺒﻲ اNﻟﻲ
أﻧﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﺗﻢ ﺗﻄﻮﻳﻊ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ رﻳﺎﺿﺘﻨﺎ ﻫﺬه«. وﻟﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﻣﺰاﻳﺎ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز وأﻳﻬﻤﺎ أﻓﻀﻞ اﻹﻧﺴﺎن أم اﻟﺠﻬﺎز اﻵﻟﻲ ﻗﺎل» :ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﻳﺆدي ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻬﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺮاﻛﺐ اﻟﻌﺎدي ﻣﻦ ﺿﺮﺑﺎت وﺣﺮﻛﺎت وأﺻﻮات وﻏﻴﺮه ،وﻫﻮ أﻗﻞ ﺗﻜﻠﻔﺔ وأﻗﻞ وزﻧﺎً وﺧﻄﻮرة ،،وﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻌﺪد اﻟﺬي ﻧﺮﻳﺪه ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺟﻬﺰة وﺑﺄﻗﻞ ﺗﻜﻠﻔﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺣﻈﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﺑﻘﺒﻮل ورﺿﺎ أﺻﺤﺎب اﻹﺑﻞ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻣﺎرات ﻓﻘﻂ وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ،وأﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻴﻄﺒّﻖ ﻋﺮﺑﻴﺎً وﻋﺎﻟﻤﻴﺎً ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً«
ﻣﺎ ﻫﻲ وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻌﺼﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎز اeﻟﻲ؟
ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻌﺼﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎز ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎدة اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻋﻄﺎﺋﻬﺎ اﻷواﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻀ ّﻤﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﺎﺑﻌﻬﺎ ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎرع ﻓﻲ ﻣﺠﺎراﺗﻬﺎ ﺑﺴﻴﺎرﺗﻪ أو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺼﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻌﻴﺪة وﻫﺬه اﻷواﻣﺮ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ: ﺷﺪّ اﻟﺨﻄﺎم :إذا ﺣ ّﺮك اﻟﺠﻬﺎز ﺑﺎﻟﺮﻳﻤﻮت اﻟﺬي ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ أﻋﻠﻰ ،ﻓﺈن اﻟﺨﻄﺎم ﻳﺸ ّﺪ اﻟﻨﺎﻗﺔ ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺸﻌﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ وﻛﺄن اﻟﺮاﻛﺐ ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ أن ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ ،ﻓﺘﻘﻞ اﻟﺴﺮﻋﺔ .واﻟﻤﺪرب ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ أن ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻄﺎﻗﺘﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﺣﺘﻰ ﻳﺸﺘﺪ اﻟﺴﺒﺎق. ﻋﺼﺎ ﻓﻮق :إذا ﺣ ّﺮك اﻟﺠﻬﺎز اﻟﻌﺼﺎ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻘﻂ وﺑﺪون ﺣﺮﻛﺔ، ﻓﻬﺬا ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮﻫﺎ ورﻛﻀﻬﺎ ﺑﺪون ﺗﻮﻗّﻒ أو ﺧﻮف وﺑﺪون زﻳﺎدة اﻟﺴﺮﻋﺔ وﻫﻲ ﺗﻌﻲ ذﻟﻚ.
ﻋﺼﺎ ﺧﺎﻟﻲ :وﻫﻮ اﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ﺑﺎﻟﻌﺼﺎ ﻟﺘﺨﻮﻳﻒ »اﻟﻤﻄﻴّﺔ« ،وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ ﺑﻬﺪوء. ﻋﺼﺎ وراء :وﻫﻲ ﺗﺤﺮﻳﻚ اﻟﻌﺼﺎ ﻋﻜﺲ اﻟﺴﻴﺮ ،أي ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻒ ،وذﻟﻚ ﻹﺷﻌﺎرﻫﺎ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺿﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﺧﺮﺗﻬﺎ ﻓﺘﺰﻳﺪ اﻟﺴﺮﻋﺔ. ﻋﺼﺎ ﺟﺪّ ام أي ﻟﻸﻣﺎم :وﻫﻮ إﻳﻬﺎم اﻟﻤﻄﻴﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺿﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺎم ﻟﺘﺰﻳﺪ ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ ﺑﺸﺪة ،وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻟﺴﺒﺎق وﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أو اﻟﻤﻨﺼﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ زﻣﻴﻼﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻌﻦ اﻟﻠﺤﺎق ﺑﻬﺎ. وﻹﺛﺮاء اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻓﻴﺔ واﻻﻃﻼع ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻦ ﻗﺮب وﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻘﺪ اﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﺑﻤﻀ ّﻤﺮ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻴﻒ اﻟﻜﻌﺒﻲ اﻟﻄﻲ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻗﺪ ر ّﺣﺐ ﺑﻨﺎ وﻋﺮض ﻓﻲ ﻋﺰﺑﺘﻪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ّ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺟﻬﺰة اﻵﻟﻴﺔ أو »اﻟﺮﻛﺒﻲ اﻵﻟﻲ« وﻗﺪ ﺳﺄﻟﺘﻪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
29
įİőŤē ŚťŨ ﻣﺠﺴﻢ اﻟﺮﻛﺒﻲ اeﻟﻲ ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ّ ﻟﺮﺟﻞ آﻟﻲ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻄﻔﻞ ،ﻳﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ أو اﻟﺠﻤﻞ ﻟﻴﻘﻮده أﺛﻨﺎء اﻟﺴﺒﺎق ،وزﻧﻪ أﻗﻞ ﻣﻦ 3ﻛﺠﻢ وﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺑﻞ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺟﻬﺎز )روﺑﻮت( ﻣﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ وﻳﺘﻠﻘﻰ اﻟﻤﻀﻤﺮ. ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ّ ﻳﺘﻜﻮن اﻟﺮﻛﺒﻲ اGﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ آﻟﺔ اﻟﺘﺜﻘﻴﺐ )درﻳﻞ( وﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺒﻄﺎرﻳﺔ وﻫﻲ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﺑﺄﺣﺠﺎم وﺳﺮﻋﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ )ﻓﻮﻟﺖ(.
ﺣﺪﻳﺪي ﻟﻪ أرﺑﻊ أرﺟﻞ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ أﻋﻼه ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺮأس ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻧﻪ إﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ. وﻳﺒﻄّﻦ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﻛﺎﻣﻼً ﺑﻘﻤﺎش ﻗﻮي ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﻤﻄ ّﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ واﺣﺘﻜﺎﻛﻪ ﺑﺠﺴﻤﻬﺎ .وﻳﺘﺪﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺎز أرﺑﻌﺔ ﺣﺒﺎل ﻣﻦ أﻋﻠﻰ وﻣﻦ أﺳﻔﻞ ،وذﻟﻚ ﻟﺘﺜﺒﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﻗﺔ .وﺗﺨﺘﻠﻒ أﻟﻮان ﻫﺬه اﻷﺟﻬﺰة ﺣﺴﺐ ﻟﻮن اﻟﻘﻤﺎش وﺷﻌﺎر ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ ﺟﻬﺎز اﺗﺼﺎل اﻟﻨﺪاء )اﻟﺮﻳﻤﻮت(. وﻳﺤﺘﻮي أﻳﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺎز ﺗﺤﻜﻢ وذراع ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ )ﻋﺼﺎ( ،ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺳﻤﺎﻋﺘﻴﻦ. وﻗﺒﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ﻳﺘﻢ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﺑﺼﻮرة ﺟ ّﻴﺪة وﻗﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺪاد ﻓﻲ ﻇﻬﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ أﺛﻨﺎء اﻟﺴﺒﺎق .وﻣﻊ اﻧﻄﻼق ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﻳﻘﻮم ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺎﻗﺔ أو ﻣﻀﻤﺮﻫﺎ ﺑﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﻣﻦ ﺳﻴﺎرﺗﻪ ﺧﺎرج اﻟﻤﻴﺪان ،وﻳﺒﺪأ ﺑﺈﻋﻄﺎء أواﻣﺮ ﻟﻠﺠﻬﺎز ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺎً ﺑﺬﻟﻚ ﺟﻬﺎز اﻟﺘﺤﻜﻢ ،اﻟﺬي ﻳﻜﻮن أﻳﻀﺎ ﻣﺘﺼﻼً ﺑﺎﻟﺮﻛﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ .وﻧﺘﻴﺠ ًﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺘﺤﺮك اﻟﺬراع اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎز ﻟﺘﺤﻔﻴﺰ اﻟﻨﺎﻗﺔ وزﻳﺎدة ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ ،أو ﺿﺮﺑﻬﺎ إن اﺳﺘﺪﻋﻰ اﻷﻣﺮ ذﻟﻚ ،وﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز ﻋﻦ 7ﻛﻢ ،وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﺪة ﺷﺤﻨﻪ ﺑﺎﻟﺒﻄﺎرﻳﺔ أرﺑﻌﺔ أﺷﻮاط )ﻣﺮاﺣﻞ( ،وﺑﻮاﻗﻊ 8ﻛﻢ ﻟﻜﻞ ﺷﻮط أو ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺮي .ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺗﺪرﻳﺒﺎت اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﻓﻲ ﻣﻔﺎﺣﻴﻤﻬﺎ أو ﺳﺒﺎﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻀ ّﻤﺮﻫﺎ أو اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ رﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﺗﺬﻟﻴﻞ اﻟﻨﻮق اﻟﺼﻐﻴﺮة )اﻟﺼﻌﺐ( وﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ اﻟﺮﻛﺾ وﺗﺮﻛﻴﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻛﺄﻧﻪ إﻧﺴﺎ ٌن راﻛﺐ. 28
اﻟﺮﻛﺒﻲ اNﻟﻲ
اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻣﻨﻊ اﻷﻃﻔﺎل ،إﻟﻰ أن ﺗﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم 2006إﻟﻰ ﻓﻜﺮة ﺟﺪﻳﺪة ،وﺗﻢ اﺑﺘﻜﺎر »اﻟﺮﻛﺒﻲ اﻵﻟﻲ«. وﻫﻮ اﻟﺠﻬﺎز اﻟﺬي ﻧﺠﺢ ﻧﺠﺎﺣﺎً ﺑﺎﻫﺮا ً وﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻜﻠﺔ رﻛﻮب اﻹﺑﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،وﺗﻨﻔﺲ اﻟﻨﺎس اﻟﺼﻌﺪاء ،ﻓﺮب ﺿﺎر ٍة ﻧﺎﻓﻌﺔ .وﻣﺎزال اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز إﻟﻲ اﻟﻴﻮم وﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮه ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﺪم ﻻﺣﻘﺎً واﺑﺘﻜﺮ ﻣﺜﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻣﺜﻞ ﻗﻄﺮ واﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﻜﻮﻳﺖ وﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن. وﺑﺎﺑﺘﻜﺎر ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز اﻷﺧﻴﺮ وﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺎق )واﻟﺬي ﺑﺪأ ﻓﻲ ﻋﺎم (2007أﺛﺒﺖ ﻧﺠﺎﺣﻪ وﺑﺪأ ﺑﺎﻻﻧﺘﺸﺎر واﻟﺘﻮﺳﻊ ،وﻓﺮح اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻪ ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮاﺟﻬﻬﻢ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﺪدﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗّﻒ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ واﻟﻌﻮدة ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟــﻮراء ،وﻟﻘﺪ ﺣﻈﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز اﻵﻟﻲ ﺑﻘﺒﻮل ﻋﺸّ ﺎق وﻣﺤﺒﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﻋﺎد اﻟﻤﻼّك ﺑﻘﻮة إﻟﻰ ﻣﻴﺪان اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺑﻞ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت أﻣﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ اﻻﻃﻼق. ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺮﻛﺒﻲ اeﻟﻲ؟
ﻣﺠﺴﻢ ﻟﺮﺟﻞ آﻟﻲ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻄﻔﻞ ،ﻳﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ّ ﻇﻬﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ أو اﻟﺠﻤﻞ ﻟﻴﻘﻮده أﺛﻨﺎء اﻟﺴﺒﺎق ،وزﻧﻪ أﻗﻞ ﻣﻦ 3 ﻛﺠﻢ وﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺑﻞ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺟﻬﺎز )روﺑﻮت( ﻣﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ وﻳﺘﻠﻘﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻀ ّﻤﺮ. ﻳﺘﻜﻮن اﻟﺮﻛﺒﻲ اﻵﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ آﻟﺔ اﻟﺘﺜﻘﻴﺐ )درﻳﻞ( وﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺒﻄﺎرﻳﺔ وﻫﻲ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﺑﺄﺣﺠﺎم وﺳﻌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ )ﻓﻮﻟﺖ( .وﻛﻠﻤﺎ زاد اﻟﻔﻮﻟﺖ )ﺷﺪة اﻟﺘﻴﺎر( زادت ﻗﻮة ﺿﺮﺑﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ٍ اﺧﺘﻼف ﻃﻔﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﻮزن .وﻳُﺜﺒﺖ ﻫﺬا )اﻟﺪرﻳﻞ( ﻋﻠﻰ ﻫﻴﻜﻞ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
27
įİőŤē ŚťŨ اﺧﺘﺮاع إﻣﺎراﺗﻲ ﻟﺨﺪﻣﺔ اOﻧﺴﺎن
اﻟﺮﻛﺒﻲ اeﻟﻲ روﺑﻮت ﻫﺠﻦ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺤﺪﻳﺚ
د .راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ
وﺗﻮﺳﻌﺖ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ،وﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻧﺘﺸﺮت ّ ﻣﺠﺮد ﻫﻮاﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺗﻬﻢ واﺣﺘﻔﺎﻻﺗﻬﻢ، ﺑﻞ أﺻﺒﺤﺖ رﻳﺎﺿﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﻮاﻋﺪ وﻣﻮاﻋﻴﺪ وﻋﺸﺎق ،وﺑﺎﺗﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻮردًا ﻣﺎﻟ ًﻴﺎ ﻟﻤﻼّك اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﺗﻮا ﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻼك أﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼﻻت ،وﻳﺼﺮﻓﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﻣﻮال اﻟﻄﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ واﻟﺘﻀﻤﻴﺮ واﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺟﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﺋﺰ اﻟﻔﻮز ،ورﻓﻊ اﺳﻌﺎر اﻟﻨﻮق اﻟﻔﺎﺋﺰة ﻟﺒﻴﻌﻬﺎ ﺑﺄﻏﻠﻰ اﻷﺛﻤﺎن ،ﺣﺘﻰ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ أرﻗﺎم ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﺎق ﺳﻌﺮ أﻏﻼﻫﺎ ﻋﺸﺮات اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺪراﻫﻢ.
ﻣﻼك اﻟﻬﺠﻦ واﻟﻤﻀ ّﻤﺮون ﻓﻲ اﺑﺘﻜﺎر ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻜﺒﻴﺮ ،اﺟﺘﻬﺪ ّ وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ واﻵﻟﻴﺎت اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺘﻤﻜﻴﻦ اﻟﻨﻮق أو اﻟﺠﻤﺎل ﻣﻦ اﻟﻔﻮز ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻣﻦ ﺗﺪرﻳﺐ وﺗﻀﻤﻴﺮ وﻃﻌﺎم ﻣﻤﻴّﺰ. وﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺒﻬﻮا إﻟﻴﻬﺎ ﺿﺮورة اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﺧﻒ »رﻛﺒﻲ« ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺸﻜﻞ وزﻧًﺎ إﺿﺎﻓ ًﻴﺎ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺑﻂء ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻨﺎﻗﺔ أو اﻟﺠﻤﻞ ،وﻛﺎن اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﻤﺘﺎح ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام رﻛﺒﻴّﻪ ﻣﻦ ﺻﻐﺎر اﻟﺴﻦ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ أوزاﻧﻬﻢ ﻋﻦ 18ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣﺎً .وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺗﻮﻗﻒ اﺣﺘﺮا ًﻣﺎ ﻟﻘﺮار ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻟﺬي أﺻﺪرﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم .2005 وﻗﺪ اﻟﺘﺰﻣﺖ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﺮار ﻓﻮر ﺻﺪوره ،وﻗﺎﻣﺖ دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺘﻘﻨﻴﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ووﺿﻌﺖ اﻹﺟﺎءات اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﻌﺪم ﺣﺪوث ذﻟﻚ. وﻇﻦ ﻛﺜﻴﺮون أن رﻳﺎﺿﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ وﻟﻦ ﺗﻘﻮم ﻟﻬﺎ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺄﺛﺮ ﺳﻴﺮ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت ﻟﻔﺘﺮة إﻻ أن ﻗﺮﻳﺤﺔ اﻟﻤﺒﺪع اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻟﻢ ﺗﻠﺒﺚ أن اﻧﺘﺼﺮت وﺻﺪق ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮى أن »اﻟﺤﺎﺟﺔ أم اﻻﺧﺘﺮاع«. اﻟﺤﺎﺟﺔ أم اﻻﺧﺘﺮاع
اﺣﺘﺎر ﺑﻌﺾ ﻣﻼك اﻹﺑﻞ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﺼ ّﺮف ﺑﺈﺑﻠﻬﻢ ورﻓﻀﻮا ﺗﺮك ﻫﺬه 26
اﻟﺮﻛﺒﻲ اNﻟﻲ
اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺪر ﻋﻠﻴﻬﻢ دﺧﻼً ﺟﻴﺪا ً ،وﺗﻌﺒﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻨﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ .ﻓﻘﺎﻣﻮا ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ رﻛﺾ اﻹﺑﻞ ﺑﺮﻛﺒﻴّﻪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ أو اﻟﺸﺒﺎب ﻣﻤﻦ ﻻ ﺗﻘﻞ أوزاﻧﻬﻢ ﻋﻦ 45 ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣﺎً ﺗﻨﻔﻴﺬا ً ﻟﻘﺮار اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻤﻨﻊ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺼﻐﺎر ،إﻻ أن اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ وﻟﻢ ﺗﺆ ِد اﻟﻬﺪف اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ ،ﻓﺒﺪأ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻔﻜﺮون ﻓﻲ ﺣﻠﻮ ٍل داﺋﻤﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ،وﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ، ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺑﺬﻟﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪورات وﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺴﺒﺎق ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺸﺮاء اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ﺑﺮﻏﺒﺔ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت واﻧﺘﻈﺎر ﻓﻮزﻫﺎ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺑﻴﻌﻬﺎ. ﻓﺒﺪأ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺒﺪاﺋﻞ ﻟﻠﺮﻛﺒﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺎﺳﺘﻠﻬﻢ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻜﺮة ﺳﻴﺎرات ﻟﻌﺐ اﻷﻃﻔﺎل اﻵﻟﻴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،واﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ وزﻧﻬﺎ ﻋﻦ 2أو 3ﻛﺠﻢ ﺑﺒﻄﺎرﻳﺎﺗﻬﺎ ،ووﺿﻌﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر إﺑﻞ اﻟﺴﺒﻖ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﺤﻜّﻢ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ .ﺛﻢ اﺳﺘﺨﺪم ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺎﻛﻴﻨﺎت ﻣﺎﺳﺤﺎت زﺟﺎج اﻟﺴﻴﺎرات اﻷﻣﺎﻣﻲ ،ووﺿﻌﻮا ﺑﺪﻻً ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺳﺤﺎت ﻋﺼﺎﺗﻴﻦ أو ﻋﺼﺎ واﺣﺪة ،ﻟﻀﺮب اﻟﻨﺎﻗﺔ وﺣﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮي ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﺤﺮك اﻟﻌﺼﺎ ﻟﻸﻣﺎم وإﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ ،ﻓﺘﻀﺮب ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺘﻴﻦ .وﻫﻜﺬا ﺑﺪأ اﻟﻜﻞ ﻳﺒﺘﻜﺮ ﻓﻜﺮة ﺟﺪﻳﺪة وﻳﺠ ّﺮﺑﻬﺎ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺴﺒﺎﻗﺎت ،وﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻓﻲ
ﺿﻮء آﺧﺮ
أﻟﻮان اrﺑﻞ ﻣﺴﻤﻴﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻳﻄﻠﻘﻬﺎ اﻟﺒﺪو ﻋﻠﻰ أﻟﻮان اﻹﺑﻞ ﻟﻠﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ، ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻪ أﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﺼﺤﻰ ﻣﺜﻞ »اﻟﻌﻔﺮاء« وﻫﻲ ﻓﻲ أﺻﻞ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ،وﻫﻮ وﺻﻒ ﻣﻄﺎﺑﻖ ﻟﻠﻤﻮﺻﻮف وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ« اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻹﺑﻞ ذوات اﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد؛ وﻫﻮ اﺳﻢ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺟﻬﻤﺔ اﻟﻠﻴﻞ اﻟﻤﻌﺘﻢ. أﻣﺎ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻤﻔﺮدات ﻓﺘﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻬﺠﺔ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ وأﻟﻮان اﻹﺑﻞ ﺣﺴﺐ رأي اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺪو ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﺗﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻣﺼﻄﻠﺤﻴﻦ رﺋﻴﺴﻴﻦ ﻫﻤﺎ :اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ واﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ. ﺗﻨﺪرج ﺗﺤﺖ اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ اﻷﻟﻮان اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻮاد ﻣﺜﻞ :اﻟﺼﻬﺐ: وﻫﻲ ذات اﻟﻠﻮن اﻷﻗﻞ ﺳﻮا ًدا ،اﻟﺰرق :وﻫﻲ زرﻗﺎء اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ، واﻟﺼﻔﺮ وﻫﻲ ﺻﻔﺮاء اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺻﻔﺎرﻫﺎ ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻦ اﻟﺴﻮاد. أﻣﺎ اﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ ﻓﻴﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻮﺿﺢ »اﻟﻌﻔﺮ« وﻫﻲ ذات اﻟﻠﻮن اﻷﺑﻴﺾ ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸﻘﺢ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻻﺣﻤﺮار ،واﻟﺤﻤﺮ وﻫﻲ ذات اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ﻣﺼﺤﻮﺑﺎ ﺑﺎﻟﺒﻴﺎض ﻓﻲ اﻟﻴﺪﻳﻦ ،واﻟﺸﻌﻞ وﻫﻲ ذات اﻟﻠﻮن اﻷﺷﻘﺮ وﻣﻨﻬﺎ »اﻟﺸﻘﺮاء واﻟﺪﻋﻤﺎ واﻟﺒﻴﺎﺿﻴﺔ«، واﻟﺼﻔﺮ اﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ :وﻫﻲ ذات اﻟﻠﻮن اﻷﺻﻔﺮ اﻟﻤﺼﺤﻮب ﺑﺎﻟﺴﻮاد ﻓﻲ أﻋﻠﻰ اﻟﺴﻨﺎم وﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺬﻳﻞ ،واﻟﺰرق اﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ وﻟﻮﻧﻬﺎ أﺑﻴﺾ ﻣﺼﺤﻮب ﺑﺴﻮاد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﻔﻴﻦ. وﻳٌﻼﺣﻆ أن ﻫﻨﺎك ﻟﻮﻧﻴﻦ ﻣﻮﺟﻮدﻳﻦ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ وﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ وﻫﻤﺎ »اﻟﺰرق واﻟﺼﻔﺮ« ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻗﺘﺮاب اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﻮاد ﻳﺼﺒﺤﺎن ﺿﻤﻦ اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ واﻟﻌﻜﺲ إذا أﺻﺒﺢ اﻟﻠﻮن ﻓﺎﺗﺤﺎ ﺻﻨﻔﺎ ﺿﻤﻦ اﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ .ﺗﺨﻀﻊ ﻣﺰاﻳﻴﻦ اﻹﺑﻞ ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻋﺸﺎق اﻗﺘﻨﺎء اﻟﻤﻤﻴﺰ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻼﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺮأس ﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﻬﺪﻟﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﻔﻞ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑــ »وﻓﺎ اﻟﺴﺒﺎل« »اﻟﺴﺒﺎل ﻫﻮ اﻟﺒﺮﻃﻢ أو اﻟﺸﻔﺎه اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ« ،وأن ﺗﻜﻮن اﻟﻠﺤﻰ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑــ »ﻃﻔﺤﺎن اﻟﻠﺤﻰ« »اﻟﻠﺤﻰ ﻫﻮ اﻟﺒﺮﻃﻢ أو اﻟﺸﻔﺎه
ﻧﺎﺟﻲ اﻟﻌﺘﺮﻳﺲ
اﻟﺴﻔﻠﻴﺔ« ،وأن ﻳﻜﻮن اﻟﺨﺪ ﻋﺮﻳﻀﺎ واﻟﺮأس ﻛﺒﻴﺮا »واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﺨﺪ ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻰ إﻟﻰ اﻟﺮﻗﺒﺔ« ،وأن ﻳﻜﻮن اﻟﻌﺮﻧﻴﻦ ﻃﻮﻳﻼ وﻣﺮﺗﻔﻌﺎ وﻣﻘﻮﺳﺎ »اﻟﻌﺮﻧﻴﻦ ﻫﻮ اﻷﻧﻒ« .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸذن ﺗُﻔﻀﻞ ذات اﻷذان اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ ،واﻟﻘﺼﻴﺮة اﻟﻤﺘﺄﺧﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺎﺗﻴﺮ. أﻣﺎ ﻛﺒﺮ اﻟﺮأس ﻓﻴﻌﺘﺒﺮ أﻫﻢ اﻟﺼﻔﺎت ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻊ ﻛﺒﺮ اﻟﺮأس وﻓﺎ ﺳﺒﺎل وﻃﻔﺤﺎن ﻟﺤﻰ وﻃﻮل ﻋﺮﻧﻴﻦ وﻋﺮض ﺧﺪ وأذن ﺟﻤﻴﻠﺔ، ﻓﻬﺬا ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 50ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ إﻟﻰ 70ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎل اﻟﻨﺎﻗﺔ. »ﻋﺮﻳﺾ أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺼﻔﺎت اﻟﻘﻮام ﻓﻴﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺬراع ﺟﻠﻴﻼ ٌ وﻗﻮي اﻟﻌﻈﻢ«. وأن ﺗﻜﻮن اﻟﺴﺎق ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻋﻈﻢ اﻟﺴﺎق ،وأن ﺗﻜﻮن أﻓﺨﺎذﻫﺎ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻠﺤﻢ ،وأن ﻳﻜﻮن اﻟﺨﻒ واﺳﻊ اﻻﺳﺘﺪارة ،واﻟﺒﻌﺾ ﻻ ﻳﺤﺐ ذات اﻟﺨﻒ اﻟﺼﻐﻴﺮ .وﻫﻨﺎك ﺻﻔﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻓﻲ اﻹﺑﻞ ذات اﻟﺠﻤﺎل ﻣﺜﻞ أن ﺗﻜﻮن ذات ﻧﺤﺮ وزور واﺳﻌﻴﻦ ،وأن ﻳﻜﻮن اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺬي ﻳﻐﻄﻲ اﻟﺴﻨﺎم ﻛﺜﻴﻔﺎ أﺟﻌ َﺪ ،أﻣﺎ ذات اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ اﻟﺴﺎﺋﺐ ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﻣﻼك اﻹﺑﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮن ﻓﻴﻔﻀﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻫﻴﻢ اﻟﻐﺮاﺑﻴﺔ »أﺳﻮد ﻗﺎﺗﻢ« واﻟﻮﺿﺢ اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﻨﻘﻴﺔ، وﻫﻲ ﺻﻔﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ أﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة ﺗﻨﺎﺳﻖ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻌﺎم ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﺟﺴﻢ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻪ. وأﺧﻴﺮا ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﺎس وﻫﻮ«اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﻷﺳﺮي« ﻃﻴﺒﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﺤﻞ أﻃﻴﺐ ،وﻫﻮ ﺷﺮط ﻏﻴﺮ ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﻤﺰاﻳﻦ؛ ﻷن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ﻳﻘﺎل ﺷﻌﺒﻴﺎ ﻋﻨﻬﺎ» :ﻫﺎده روﺣﻬﺎ« ،وﺗﻌﻨﻲ أن ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎن أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻣﺠﻬﻮﻻ ،أﻣﺎ اﻟﺒﻜﺮة وﻫﻲ اﻷﻧﺜﻰ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻼ ﻳﺸﺘﺮط ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳﺎﺳﻬﺎ ،ﺳﻮا ًء ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة أو اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
25
įİőŤē ŚťŨ
ﺳﻮاء ﻟﻠﺘﻠﻘﻴﺢ أو اﻟﺘﺼﺮف ﺑﻬﺎ ﻛﺒﻴﻌﻬﺎ ﻟﻠﺬﺑﺢ أو اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻟﻘﻠﺺ اﻹﺑﻞ اﻟﺠﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺐ. ﺳﻼﻻت إﺑﻞ اﻟﺴﺒﺎق
ﻫﻲ اﻟﺴﻼﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻹﺑﻞ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ وﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺎت« ،وﻛﺬﻟﻚ اﻹﺑﻞ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ واﻹﺑﻞ اﻟﻤﻬﺠﻨﺔ واﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺧﻠﻴﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺴﻮداﻧﻲ. ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺳﺒﺎق اﻟﻬﺠﻦ
وﺗﻘﺎم ﻫﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺼﺒﺎﺣﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺟﺎزات ﺧﺎﺻﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﺳﺒﻮع وﻣﺒﻜ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ واﻟﻨﺼﻒ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﺧﻼل ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء .ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺎم ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت أﺳﺒﻮﻋﻴﺔ وﺗﻮزع ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻮاﺋﺰ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺴﻴﺎرات وﺳﻴﻮف اﻟﺬﻫﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ. اrﺑﻞ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق
ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻹﺑﻞ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف ﺳﻼﻻﺗﻬﺎ ﻣﻦ أب وأم وﺟﺪ .وﻳﺒﺪأ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻨﻮق اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﺪءا ً ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻬﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ وﺗﺴﻤﻰ »ﻓﻄﺎﻣﻴﻦ« ﺟﻤﻊ اﻟﻤﻔﺮد »ﻓﻄﻴﻢ« ،وﻻ ﺗﺸﺎرك ﻫﺬه ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ٍ ﺣﻴﻨﺌﺬ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺗﺪ ّرب ﻓﻘﻂ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﻋﺎﻣﻬﺎ اﻟﺜﺎﻟﺚ وﺗﺴﻤﻰ »ﺣﺞ« ،وﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاك ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ ذات اﻟﻤﺪى اﻟﻘﺼﻴﺮ أي ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﺠﺮي .وﻫﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻮق إﻟﻰ ﺳﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات وﻳﺘﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﺣﺎﻟﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ،وﺗﻠﻘﻴﺤﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮن أﻣﺎً ﺗﻨﺘﺞ وﺗﺴﺘﺨﺪم إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻟﻠﺴﺒﺎق أﻳﻀﺎً ،ﺧﺎﺻ ًﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺎﻗﺔ أﺻﻴﻠﺔ ﺟﻴﺪة ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺪاول اﻟﻨﻮق اﻟﻔﺎﺋﺰة ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻊ واﻟﺸﺮاء ،ﻳﺤﺎول ﻛﺒﺎر اﻟﺘ ّﺠﺎر واﻟﺸﻴﻮخ وﻣﺤ ّﺒﻲ اﻟﻬﺠﻦ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮق اﻟﺠﻴّﺪة وﺷﺮاءﻫﺎ ﺑﺄرﻓﻊ اﻷﺛﻤﺎن واﻟﻔﺨﺮ ﺑﺎﻣﺘﻼﻛﻬﺎ واﻟﺴﺒﻖ ﺑﻬﺎ. اﻟﺘﺪرﻳﺐ أو اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ
ﻳﺘﻢ ﺗﺪرﻳﺐ ﻫﺬه اﻟﻬﺠﻦ ﻳﻮﻣﻴﺎً ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ أﺷﺨﺎص ﻣﺨﺘﺼﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺐ وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﻬﺠﻦ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺎم ﻟﻬﺎ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﺗﺠﺮﻳﺒﻴﺔ وﺗﺤﻔﻴﺰﻳﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ وﺗﻜﻮن ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮع ،وﺗﺴﻤﻰ »ﻣﻔﺎﺣﻴﻢ« ﺟﻤﻊ »ﻣﻔﺤﺎم« وﻫﻮ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺘﻨﺸﻴﻄﻲ أو اﻟﺘﺤﻔﻴﺰي وﻓﻴﻬﺎ ﻳﻌﺮف اﻟﻤﺪرب أو اﻟﻤﻀ ّﻤﺮ ﻗﺪرة ﻧﺎﻗﺘﻪ أو ﺟﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻻﺷﺘﺮاك ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ،ﻓﺈن اﻛﺘﺸﻔﻮا أﻧﻬﺎ ﻣﻤﺘﺎزة وﻓﻴﻬﺎ أﻣﻞ ﻟﻠﺴﺒﻖ واﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ اﻫﺘﻤﻮا ﺑﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻷﻛﻞ واﻟﺘﺪرﻳﺐ ،واﻋﺘﻤﺪت ﻟﻼﺷﺘﺮاﻛﺎت وإن اﻛﺘﺸﻔﻮا أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ وأن ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﺿﻌﻴﻔﺔ ،اﻫﺘﻤﻮا ﺑﻬﺎ وﻋﺎﻟﺠﻮﻫﺎ وأ ّﺟﻠﻮا اﺷﺘﺮاﻛﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺮ ٍ ات ﻗﺎدﻣﺔ .أﻣﺎ إذا اﺳﺘﻤﺮت ﻓﻲ ﻋﺪم ﻗﺪرﺗﻬﺎ وﻣﻨﺎﻓﺴﺘﻬﺎ ﻟﻠﺮﻛﺾ ،أﺧﺮﺟﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﻋﺰﺑﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺐ وأﻋﺎدوﻫﺎ ﻟﺤﻈﺎﺋﺮ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ،
24
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ
ﻫﻨﺎك ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ واﻟﺘﻲ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻫﺎ ﻣﻀ ّﻤﺮو وﻣﻼك اﻟﻬﺠﻦ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﺣﺪﻳﺜﺔ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻷول ﻣﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ وأﺧﺮى ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻣﺘﻮارﺛﺔ وأﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت: اﻟﻤﻀ ّﻤﺮ :وﻫﻮ ﻣﺪرب إﺑﻞ اﻟﺴﺒﺎق ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻪ أﻳﻀﺎً »اﻟﻤﻤﻄّﻲ«. اﻟﺘﻀﻤﻴﺮ :أي اﻟﺘﺪرﻳﺐ وﻳﻜﻮن ﺑﺘﺪرﻳﺐ ﻧﺎﻗﺔ اﻟﺴﺒﻖ أو ﺟﻤﻞ اﻟﺴﺒﻖ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺮﻳﺎﺿﺘﻪ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﺑﻄﻌﺎﻣﻪ اﻟﻤﻘ ّﻨﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ أﻳﻀﺎً »اﻟﻤﻄﺄ« او »اﻟﺘﻤﻄّﻲ«. اﻟﺮﻛﺒﻲ :وﻫﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺮﻛﺐ اﻟﻨﺎﻗﺔ أو اﻟﺠﻤﻞ وﻳﻘﻮده ﺧﻼل اﻟﺴﺒﺎق وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن وزﻧﻪ ﺧﻔﻴﻔﺎً. اﻟﺪورة :وﻫﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﺴﺒﺎق. اﻟﺮﻳﺲ :وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ Raceأي اﻟﺴﺒﺎق ،وﻗﺪ اﻧﺘﺸﺮت ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺣﺪﻳﺜﺎً وﺑﺸﻜﻞٍ واﺳﻊ ﺑﻴﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻬﺠﻦ. اﻟﻤﻔﺤﺎم :ﺳﺒﺎق اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ أو ﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﺾ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ، وأﺻﻠﻬﺎ ﻳﻔ ّﺤﻢ ،ﻓ ّﺤﻢ ،ﺗﻔﺤﻴﻤﺎً. اﻟﻘﻠﻴﺼﺔ :اﻟﻨﺎﻗﺔ أو اﻟﺠﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻟﻘﻠْﺺ أو ﻗﻴﺎدة ﺳ ْﻴﺮ اﻹﺑﻞ ﺧﻼل ﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ وﻫﻮ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻘﺎﻃﺮة ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻛﺒﻴﺮا ً وﻗﻮﻳﺎً وﻫﺎدﺋﺎً وﻣﺆدﺑﺎً. اﻟﻨﺎﻣﻮس :ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻟﻠﺘﻬﻨﺌﺔ ﺑﺎﻟﻔﻮز ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ،وﻳﻘﺎل ﻟﺼﺎﺣﺐ وﻣﻀ ّﻤﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﻔﺎﺋﺰة
ﺗﻄﻮرت اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ً ﻣﺒﺎﺷﺮة وﻧﻘﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮاء ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﺎت ورُﺗﺒﺖ ووﺿﻌﺖ ﺟﻮاﺋﺰ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺛﻢ ﻧﻈﻤﺖ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻟﺘﺒﺪأ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم وﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺴﺒﺎق ﺧﺘﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ أﺑﺮﻳﻞ.
ﻳﻜﻦ ﻳﺘﻮﻗﻌﻬﺎ أﺻﺤﺎب ﻫﺬه اﻻﺑﻞ ،ﻓﻮﺻﻠﺖ أﻏﻼﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺋﺰات ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻰ 100 أﻟﻒ درﻫﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،ﺣﺘﻰ وﺻﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻰ ﻋﺪة ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺪراﻫﻢ ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ اﻟﺴﺒﻮق أو ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻘﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻖ. واﺳﺘﻤﺮ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺗﻨﻈﻴﻤﺎً ﺟﻴﺪا ً وﺑﺪأ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ وﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ أﻳﻀﺎً وﻋﻤﻞ ﻣﻨﺼﺎت رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻛﺎﻟﺸﻴﻮخ وﻛﺒﺎر اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ واﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ وأﺻﺤﺎب اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺎﺑﻌﻮن إﺑﻠﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق. وﺗﻄﻮرت اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ وﻧﻘﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮاء ﻣﺒﺎﺷﺮ ًة ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﺎت و ُرﺗﺒﺖ ووﺿﻌﺖ ﺟﻮاﺋﺰ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺛﻢ ﻧﻈﻤﺖ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻟﺘﺒﺪأ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم وﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺴﺒﺎق ﺧﺘﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ أﺑﺮﻳﻞ. وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﺑﺎﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺎت ﻫﻨﺎك ﻣﻴﺪان اﻟﻮﺛﺒﺔ وﻣﻴﺪان ﻧﺪ اﻟﺸﺒﺎ ﺑﺪﺑﻲ ،ﺛﻢ أﺿﻴﻔﺖ ﻣﻴﺎدﻳﻦ أﺧﺮى ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻷﺧﺮى ﻣﺜﻞ ﻣﻴﺪان اﻟﻤﻘﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ واﻟﺘﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺠﻤﺎن وﻣﻴﺪان اﻟﻠﺒﺴﺔ ﻓﻲ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ وﻣﻴﺪان اﻟﺬﻳﺪ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻣﻴﺪان اﻟﺴﻮان ﺑﺮأس اﻟﺨﻴﻤﺔ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
23
įİőŤē ŚťŨ
ﺳﻨﻮﻳًﺎ ،ﺟﺮت اﻟﻌﺎدة ﻋﻠﻴﻪ ،ﻛﺎن ﻳﻘﺎم ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻲ دﺑﻲ ﺑﻴﻦ ﻫﺠﻦ اﻟﻨﺎﻗﺔ .وﺗﺒ ّﻴﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أن أول ﺳﺒﺎق رﺳﻤﻲ أﻗﻴﻢ داﺧﻞ ﺟﺰﻳﺮة ﺷﻴﻮخ اﻹﻣﺎرات وﺧﺎﺻﺔ ﺷﻴﻮخ دﺑﻲ وأم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ .ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎم أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻛﺎن ﻋﺎم 1974م ،وﺗ ّﻮﺿﺢ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر أﺣﺠﺎم راﻛﺒﻲ ﻫﺬه ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻓﻲ ﻋﺠﻤﺎن ورأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺧﻼل اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت واﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت اﻹﺑﻞ وأﻋﻤﺎرﻫﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮاوح ﺑﻴﻦ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮ. اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ. وﺑﻌﺪ أن ﺗﻘﻠّﺪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺪى إﻟﻰ اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ﺟﻞ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ وأﻣﺮ ﺑﻌﻤﻞ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﻄ ّﻮرت ﻫﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ،ﻓﺄﻧﺸﺌﺖ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﺎم 1966م أوﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ّ ﻫﺠﻦ داﺋﻤﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ورﺻﺪ ﺟﻮاﺋﺰ ﻗ ّﻴﻤﺔ ﻹﺑﻞ اﻟﺒﺪو ،ﻛﻤﺎ أﻗﻴﻤﺖ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺪد ﻓﻲ اﻟﺨﻼء ﺑﻨﻘﺎط اﻟﺒﺪاﻳﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ وﻳﺴ ّﻤﻮﻧﻬﺎ »اﻟﻤﺪى« ،ﻓﺄﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺴﻤﻰ ﺟﺪﻳﺪ وﺳ ّﻤﻴﺖ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ. وﻋﻠﻴﻪ ﺑﺪأ ﻫﻨﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻟﻬﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ »ﻣﻴﺎدﻳﻦ« ﻣﻔﺮد »ﻣﻴﺪان« ﻓﻲ ﺷﺘﻰ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ .ﻓﺄﻗﻴﻢ ﻣﻴﺪان ﻓﻲ اﻟﻮﺛﺒﺔ ﻫﺠﻦ اﻟﺴﺒﺎق ﻳﻤﺘﻄﻴﻬﺎ رﺟﺎل أو ﺷﺒﺎب ﺻﻐﺎر اﻷﺟﺴﺎم ﻗﻠﻴﻠﻮ اﻟﻮزن ،وآﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﺪ اﻟﺸﺒﺎ ﺑﺪﺑﻲ ،وآﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺬﻳﺪ ،وﺑﻴﺎﺗﻪ ﺑﺪأ ﻣﻼك اﻹﺑﻞ ﻳﺪ ّرﺑﻮن ﺻﻐﺎر اﻟﺴﻦ ﻟﺮﻛﻮب ﻫﺬه اﻹﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ،ﺑﺄم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،ورأس اﻟﺨﻴﻤﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،وﺗﻢ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﻫﺬه وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف اﻟﻔﻮز ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺮاﻛﺐ اﻟﺨﻔﻴﻒ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ﺑﻜﻞ اﻟﻀﺮورات اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺴﺒﺎق .ﺛﻢ ﺑﺪأ أﺻﺤﺎب إﺑﻞ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر اﻻوزان اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ ﻟﺮﻛﻮب إﺑﻠﻬﻢ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت .وﺑﺪأ اﻟﺸﻴﻮخ ﻓﻲ ﺷﺮاء اﻹﺑﻞ اﻟﻔﺎﺋﺰة ﺑﺄﺳﻌﺎر ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻟﻢ
22
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ
ﺗﻤﺘﺪ رﻳﺎﺿﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ رﻳﺎﺿﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺄﻧﺴﻮن ﺑﻬﺎ وﻳﻤﺎرﺳﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت ا%ﻓﺮاح ﻛﺎ%ﻋﻴﺎد واﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﺰواج وزﻳﺎرات اﻟﻀﻴﻮف وذﻟﻚ ﻛﺘﻜﺮﻳﻢ ﻟﻬﻢ
وﻗﺪ ﺗﻄﻮرت ﻫﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻤﺎرﺳﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻓﺮاح ﻓﻘﻂ ،إﻟﻰ ﺳﺒﺎﻗﺎت ﺷﻬﻴﺮة ،ﺗﻨﺘﻘﻞ أﺧﺒﺎرﻫﺎ وﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻛﻠﻬﺎ. وﻗﺪ ﺑﺪأ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺑﺪءا ً ﻣﻦ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﻳ ّﻨﻚ ﻳــــﻬﺪّ ن ﻣـــﺜﻞ ﻫــﺪّ اﻟﺸﻮاﻫﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ .وﻳﺬﻛﺮ اﻟﻮاﻟﺪ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻦ زﻋﻞ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻳـــ ّﺰاﻏﻤﻦ ﻳــــ ّﺰارﻗﻦ ﺷــﺒﻪ ﻟــــﺤﺮار رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -ﻗﺼﻴﺪة ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ دﺑﻲ ﻳﺪﻋﻰ »ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺼﺒﺢﺑﺎﻟﻘﻴﺰي« ﻓﻲ ﺳﺒﺎقٍ أﻗﻴﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﺮا ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ ﻳﺘﻤﺎﻳﻠﻦ ﻳﺴــﺮى وﻣــ ﱟﺮ ﻋﻠﻰ ﻳـــﻤﻴﻦ ﻧﺎﻗﺔ ﻟﺸﺨﺺ ﻳﺪﻋﻰ »ﺑﻦ أﺣﻤﺪ« ،وﺗﺴﻤﻰ ﻧﺎﻗﺘﻪ »ﺑﻨﺖ اﻟﺼ َﻌﺐ« ﻣﺜﻞ اﻟﻨﻌﺎم اﻟﻠّﻲ ﻣــﻦ اﻟﺼﺒﺢ ﻧــﺸّ ﺎر ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ: إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل: »ﺑﻨﺖ اﻟﺼﻌﺐ« ﻣﻘﺼﻮ ِدﻳَﻪ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﺧﺼﻴﺘﻬﺎ واﺷﺨــــﺼﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻷﺷــﻌﺎر ّ ﻓــــﻴﻬﺎ دﻻﻳﻞ ﻟﻠﺴـــﺒﻖ ﻳﺎ ﻣﻀـــﺎﻧﻴﻦ ﺷـــــﻮﻓﻮا وﺑﺮﻫﺎ واﺳﺘﻌﻴﺪوا ﺑﺎﻻﻧـﻈﺎر
ﻛﻤﺎ أﻗﻴﻢ ﺳﺒﺎق ﻣﺸﻬﻮر ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺎم 1955م وﻗﺪ ﻓﺎزت ﻓﻴﻪ ﻧﺎﻗﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻫﺰاع ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ وﺗﺴﻤﻰ »ﻣﻨﺤﺎف«. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ 75 -ﻋﺎﻣﺎً ،أن ﻫﻨﺎك ﺳﺒﺎﻗًﺎ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
21
įİőŤē ŚťŨ
ﻣﻦ اﻟﻤﺪى إﻟﻰ اﻟﻤﻴﺪان
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ رﻳﺎﺿﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ
أﺑﻮ ﺧﺎﻟﺪ
ﺗﻤﺘﺪ رﻳﺎﺿﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ رﻳﺎﺿﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺄﻧﺴﻮن ﺑﻬﺎ وﻳﻤﺎرﺳﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻷﻓﺮاح ﻛﺎﻷﻋﻴﺎد واﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﺰواج وزﻳﺎرات اﻟﻀﻴﻮف وذﻟﻚ ﻛﺘﻜﺮﻳﻢ ﻟﻬﻢ .وﻓﻲ اﻻﻣﺎرات اﺷﺘﻬﺮت ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻌﺮوف ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺻﺪى ﻛﺒﻴﺮ وﻻ ﺗﺰال، واﺷﺘﻬﺮت ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ ﺳﻼﻻت ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ
20
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ
ﻣﺎ زال إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﻮد ﺳﺒﺎﻗﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم .وأﺷﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﺴﻼﻻت ﻣﺼﻴﺤﺎن وﻇﺒﻴﺎن وﺻﻮﻏﺎن وﻫﻲ اﻟﻤﺴﻴﻄﺮة ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﺎت اﻻﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻦ »اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺎت« أو »اﻟﻤﺤﻠﻴﺎت« .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ دورات ﻟﻠﺴﺒﺎﻗﺎت أو ﺣﻠﺒﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم، وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻘ ّﻨﻨﺔ أو ﻣﻨﻈﻤﺔ وﻻ ﺗﻌﻨﻲ رﻳﺎﺿﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻨﻲ ﻫﻮاﻳﺔ وﻓﺮﺣﺎً وﺗﺴﻠﻴﺔ ،وﺗﺤﺪﻳﺎً أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﻴﻦ أﺻﺤﺎب ﺗﻠﻚ اﻹﺑﻞ، واﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﺎﻣﺘﻼك أﻓﻀﻞ اﻟﺴﻼﻻت.
ﻷول ﻣﺮة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،وﺑﻴﻦ اﻟﻤﻬﺮي أﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻨﺎك إﻟﻰ ذﻟﻚ أﻛﺪ ﻫﻤﺎﻳﻢ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺪﻳﺮ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺴﻌﻮد ﻟﻠﺴﻴﺎرات ﺣﺮص ﺧﻤﺴﺔ ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻟﻠﺒﺚ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺣﻮل ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت وﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺤﺪث اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ دﻋﻢ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺒﺎدرات اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة وﺑﺨﺎﺻﺔ ،وﺗﻐﻄﻲ ﻫﺬه اﻟﺒﺮاﻣﺞ ﻧﺤﻮ 16ﺳﺎﻋﺔ ﻳﻮﻣﻴﺎ ،ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺚ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺠﻢ وأﻷﻫﻤﻴﺔ ،وﻗﺎل إن اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻨﻮات ﻓﻀﺎﺋﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة . اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ وﻃﻨﻴﺔ واﺟﺒﺔ. ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻬﺎ وﺟﻬﺖ ﻣﻨﻴﺮة اﻟﻤﺮزوﻗﻲ ﻣﺪﻳﺮة اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺘﺠﺎري ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻸﻋﻼف واﻟﺪﻗﻴﻖ اﻟﺸﻜﺮ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن أﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن وإﻟﻰ رﺋﻴﺲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﻨﺎ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻹﺑﻞ اﻷﺻﺎﻳﻞ ،وﺳﺒﺎق اﻻﺑﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻨﻜﻮن ﺟﺰءا ﻣﻦ ﺟﻬﻮد ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات ﻓﻲ ﺣﻔﻆ اﻟﺘﺮاث اﻷﺻﻴﻞ ،وﻳﺘﻀﻤﻦ 18ﺷﻮﻃًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﻳﻮﻣﻴﻦ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ وﺗﺄﺻﻴﻠﻪ ﺳﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺞ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ال ًﻧﻬﻴﺎن )ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه( وأوﺿﺤﺖ أن ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻤﺤﺎﻟﺐ )اﻟﺤﻼب( ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻻﻣﺎرات ودول اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻸﻋﻼف واﻟﺪﻗﻴﻖ ﺗﺘﻮزع ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺤﻰ ﻣﻨﻬﺎ :ﺟﻨﺎح ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ . ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺸﺮﻛﺔ ،ووﺟﻮد ﻓﺮﻳﻖ ﻣﺘﺨﺼﺺ ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر واﻟﻀﻴﻮف ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ 80دﻛﺎﻧًﺎ إﺳﺘﻔﺴﺎرات اﻟﺠﻤﻬﻮر أﻧﻮاع اﻻﻋﻼف واﻟﺘﻐﺬﻳﺔ . ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ وﺟﻬﺖ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮف أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻟﻌﺮض ﺗﻨﻮﻳﻌﺎت ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ اﻟﺸﻜﺮ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ إﻟﻰ راﻋﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن واﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ،ﻣﺸﻴﺮة ﻟﻠﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ وﻋﺮوض ﻓﺮق اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،واﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﺣﺮص ﻣﺼﺮف أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻻﺳﻼﻣﻲ إﻟﻰ دﻋﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺒﺎدرات وااﻟﺤﻔﻼت اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ،وﻳﺆﻣﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺧﻴﻢ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺪم ﺗﺮاﺛﻨﺎ وﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﻋﺎداﺗﻨﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ ،ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ووﺳﺎﺋﻞ ﻧﻘﻞ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﻛﺪة أن رﻋﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻹﺟﺮاءات واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ وﻳﺴﺮ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ إﺣﻴﺎء ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات .
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
19
įİőŤē ŚťŨ
اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات إن ﻋﻤﻞ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻠﺠﺎن اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺪأ ﻣﺒﻜﺮا ،وذﻟﻚ ﺗﻨﻔﻴﺬا ﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ،ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻤﻴﺰة وﻧﻮﻋﻴﺔ ﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ، 2016ﻫﺬه اﻟﺘﻈﺎﻫﺮة اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺗﺠﺎوز ﺣﺪود دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ أﺷﻘﺎﺋﻨﺎ ﻓﻲ دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ،ﺑﻞ وﺟﺬب أﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت وﺑﺮاﻣﺞ وﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻷﺻﺎﻳﻞ ،وﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺤﺎﻟﺐ . وأﺿﺎف إن اﻟﻠﺠﺎن اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ أدت ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺑﺤﻤﺎﺳﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻨﺎك إﻫﺘﻤﺎم وﺗﺄﻛﻴﺪ ﻣﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ رؤﺳﺎء اﻟﻠﺠﺎن ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎت ﺟﻴﺪة وﻣﻤﻴﺰة ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺰﻳﺎرات اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ ﺷﺒﻪ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻻدارة وﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺴﺎﻧﺪة ﺳﻮاء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺮاﻓﻖ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﻳﺤﺎن ،أو إﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ واﻟﺰوار واﻟﻀﻴﻮف واﻻﻋﻼﻣﻴﻴﻦ. وﺗﺤﺪث ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻐﻄﻴﺎت اﻻﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ،ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻟﺰﺧﻢ واﻟﺘﻨﻮع واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺚ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ،وﻗﺎل :إن ﻫﺬا اﻟﺘﻤﻴﺰ ﺑﺪأ ﻣﻨﺬ اﻟﻴﻮم ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﻧﻘﻞ وﻗﺎﺋﻊ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺼﺤﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮاء ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ ﻗﻨﺎة ﻳﺎس اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺸﺮﻛﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻼﻋﻼم اﻟﺮاﻋﻲ اﻻﻋﻼﻣﻲ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﺤﺪث ،ﻣﺆﻛﺪا أن ﻫﺬه اﻟﻤﺒﺎدرة ﻣﻦ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﺗﺤﺪث
18
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 2016
وأﺿﺎف اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺧﻼل اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﺬي ﻋﻘﺪه ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻟﻺﻋﻼن ﻋﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن :ﻳﺄﺗﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻓﻲ إﻃﺎر اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻨﺎدي اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ إﺣﻴﺎء رﻳﺎﺿﺎت اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد وإﻧﻌﺎش وﺗﻮاﺻﻞ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻬﺠﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻷﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات. وأوﺿﺢ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ أن ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻧﺸﺎﻃﺎت ﺟﺪﻳﺪة أﺑﺮزﻫﺎ إﺿﺎﻓﺔ ﺷﻮط إﻧﺠﺎز اﻟﺤﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﺰاﻳﻨﺔ ،وﻫﻮ ﺷﻮط ﻳﻀﻢ ﺻﻔﻮة
اﻟﺼﻔﻮة ﻓﻲ اﻻﺑﻞ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺖ إﻧﺠﺎزات ﻓﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﻤﺰاﻳﻨﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. واﺧﺘﺘﻢ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺑﺎﻻﺷﺎدة ﺑﺪور اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺮاﻋﻴﺔ ﻟﻠﺤﺪث وﻫﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻸﻋﻼف واﻟﺪﻗﻴﻖ ،و ﻣﺼﺮف أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻻﺳﻼﻣﻲ ،و ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺴﻌﻮد ﻟﻠﺴﻴﺎرات ،ووﺳﺎﺋﻞ اﻻﻋﻼم ﻟﺪورﻫﺎ ﻓﻲ إﺑﺮاز ﻫﺬا اﻟﻌﺮس اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ. ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺘﻪ ﻗﺎل ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ ﻣﺸﺮف ﻋﺎم اﻟﻠﺠﺎن اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
17
įİőŤē ŚťŨ
ﺷﻮط ُﻣﺒﺘﻜﺮ ﻳﻀﻢ ﺻﻔﻮة اﻟﺼﻔﻮة ﻣﻦ إﺑﻞ اﻹﻧﺠﺎزات ﻓﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﻤﺰاﻳﻨﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ّ وﺑﺚ ﻓﻀﺎﺋﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺎﻳــ ﺻــ ا ﺪان ﻣـﻴـ
ﻞ
ﺪ اﻟ
AN LT
ن ﺳﻠ AL ED HERITAGE FESTIV
ZAY
SU
اﺛ ﻲ
ﻣﻬ
ــ ﺮ ﺟ ــ ﺎ
ﻄ ﺎ ن ﺑـ
ﻦز
ا ﻳــ
N
BI
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 2016 ﻳﻀﻲء ﺳﻤﺎء ﺳﻮﻳﺤﺎن ﺣﺘﻰ 13ﻓﺒﺮاﻳﺮ
أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﺗﺮاث
اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻳﻨﺎﻳﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،2016واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻓﺒﺮاﻳﺮ اﻟﺠﺎري ،اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻣﻴﺪان ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﻮﻳﺤﺎن ،ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ورﻋﺎﻳﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات .وﻗﺎل ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ رﺋﻴﺲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻸﻧﺸﻄﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات: إن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻳﺄﺗﻲ اﻗﺘﺪاء ﺑﻤﺎ رﺳﻤﻪ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ،ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻬﺠﻦ وإرﺳﺎء ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ ﻛﺮﻳﺎﺿﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت واﻫﺘﻤﺎم ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ﻟﺘﻌﻜﺲ ﺻﻮرة ﻣﺸﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﻣﻮروﺛﻨﺎ اﻟﺸﻌﺒﻲ.
16
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 2016
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻋﻨﺎق اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ 16
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 2016
20
ﻣﻦ اﻟﻤﺪى إﻟﻰ اﻟﻤﻴﺪان
25
أﻟﻮان اOﺑﻞ
26
اﻟﺮﻛﺒﻲ اGﻟﻲ ،اﺧﺘﺮاع إﻣﺎراﺗﻲ ﻟﺨﺪﻣﺔ اOﻧﺴﺎن
31ﺷﻌﺮ :رﺳﻢ ﻗﺪﻳﻢ ﻋﻘﺐ ﺳﻠﻤﻰ ﻣﺠﻨﺐ 32
اﻟﻤﻀﻤﺮ ،ﻓﻨﺎن اﻟﻬﺠﻦ
37اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ 38
اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ :ﺧﻂ دﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ
40
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ :ﻋﻨﺎق اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ
ﻴﺮ 45ﺷﻌﺮ: ﻮج َﻋ َﻠﻰ ِﺻ ْ ﱠ واﻟﺠﺘﻲ ﻟَ ﱠﺠ ْﺖ ُﺧﻠُ ْ 46
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ
52ﻣﺰاﻳﻨﺔ اOﺑﻞ ،اﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺘﺮاث اOﻣﺎراﺗﻲ ا%ﺻﻴﻞ
2 201 2016 ﻳﺮ 016 ﻓﺒﺮاﻳﺮﺮ اﻳﺮ ﺒﺮ ﻳ ﻓﺒﺮﺮ 1196ﻓﻓﺒﺒ 19 96 9 ﻌﺪدد 6 اﻟﻌﺪد ﻌﺪ ﺪ اﻟﻌ
15 15
ŽńĔũŤē ŮŨ ijĔőļĉ
ĜƀŤėĸǬė ķĘƀİ ėŸĴŀ ŲĩŶŨė Ūŵė Ęſ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ
ﻳـــﺎ اﻫـــﻞ اﻟـﻬــﺠــﻦ ﺷــــﺪوا ﺧــﻴـــﺎر اﻟـﻤــﺮاﻛــﻴــﺐ ﺑـــــﺎﻻﺷـــــﺪة واﻷﺟـــــــــﻮاد ودﻧـــــــــﻮا ذﻻﻳـــــــــﻞ ة ﺣـــــــﻮلﻣــﻜــﺎﻟـــﻴـــﻒﻧـــﻔـــﺎﺟــــﻰﺳـــﻼﻫـــﻴــــﺐ اﻷﺷـــﻬـــﺎد اﻷ ـﻬـــﺎد روس ﻷ ﻳــﻮﻃـــﻦ ﻗـــــﺎع اﻟــﺒــﻴـــﺪ ﻣـــــﻊ وس زرﻓـــﺎﻟـــﻬـــﻦ ﺑــــﺎﻟـــــﺪو ﺑــــﻴـــــﻦ اﻟــﻌـــﺮاﻗـــﻴـــﺐ ﺷــــﺎف ﺻــﻴـــﺎد ـﺎف ﺷـــﺮوى اﻟــﺤــﺬر م اﻟــﺒــﻌــﺪ وإن ــــﺎف ﻳـــﺎ رﻛـــﺐ ﻋــﻮﺟــﻮا ﻟــــﻲ ﻓــــﻼ ﻧــﻴـــﺐ ﻋــﺘــﻴــﺐ ﻋــﻮﺟـــﻮا ﻗــــﺪر ﻣـــــﺎ ﻳــﻐــﻠـــﻲ اﻟـــﺒـــﻦ ﺑــﻘــﻨـــﺎد ﻛـــﺎس ﻳـﻔــﻴــﻖ اﻟـــﺮاس ﻣـــﻦ اﻟـﻜــﻴــﻒ وﻳــﻄــﻴــﺐ وﺧـــﻼف ﻳــــﺎ أﻫــــﻞ اﻟــﻬــﺠــﻦ ﺷــــﺪوا ﺑـﺘــﺤــﻴــﺎد ﺑــﻜــﺘـــﺐ ﻧـــﻈـــﺎم ﻓـــــﻲ ﻃـــــﺮوس اﻟـﻤــﻜــﺎﺗــﻴــﺐ ﻳـﻠــﻲ اﻟـﻔــﻬــﺎﻣـﻰ ﻋـــــﻦ ﺣـــﻜـــﻲ ﻛـــــﻞ ﻧـــﻘـــﺎد ﻣـــﻨــــﻲ ﺗــﻌـــﻨـــﻮا ﺑـــﺎﻟـــﻮﻓـــﺎ ﻳـــــــﺎ ﻣـــﻨـــﺎدﻳـــﺐ ﺣــﺜـــﻮا ﺳــــﺮى اﻟــﻌــﻴــﺮات ﺳـــﻴـــﺮوا ﺑــﺎﻟــﻮﻛـــﺎد ﻫـــﺠــــﻮا ﻋــﻠــﻴــﻬـــﻦ ﺑــﺎﻟـــﺨـــﻼ ﻛــﺎﻟــﻤــﺬاﻫــﻴــﺐ ﻫـــــﺞ اﻟــﻔــﻬـــﺪ ﻟــﻲ ﻋـــــﺎد ﻟــﻠــﺼــﻴــﺪ ﻫــــــﺪاد ﻣـــــﺎ ﻛـــﺎدﻫـــﻦ ﺑـــﻌــــﺪ اﻟــﻨـــﻴـــﺎ واﻟــﻤــﻄــﺎﻟــﻴــﺐ ﺑــــــﺰل ﻣـــﻄـــﺎﻳـــﺎ ﻳـــﺪﻧـــﻴـــﻦ ﺷـــــــﻂ اﻷﺑــــﻌــــﺎد ﺑـﻘـﺒــﺎﻟــﻜــﻢ ﻏــــﺮب اﻟــﻮﻃـــﻦ ﺻــــﻮب ﻟــﻤــﻐــﻴــﺐ دﻳــــــﺮة ﺻــﻨـــﺎدﻳـــﺪ اﻟـــﻤــــﻼ ﺳــــــﻮر اﻟــــﺒــــﻼد زﺑــــﻦ اﻟـﻤــﺨــﻴــﻒ وﺿــــﺪ ﻋــــﻦ ﻛـــــﻞ ﺣـــﺮﻳـــﺐ ﻟــﻴــﻤــﻦ وﺻــﻠــﺘــﻮا ﻳـــﺎ ﻃــﺮوﺷـــﻲ ﻓـــﻼ ﻋــــﺎد ﺗـﻔـﺸــﻮن ﻣـــﺎ ﻓـــﻲ اﻟــﻄــﺮش ﺑــﻴــﻦ اﻟـﻤـﻌــﺎزﻳــﺐ ﻮن ﻳـــﻮﻟـــﻰ ﺳـــﺮﻳـــﺮة ﻣـــــﺎ ﺑـــﻜـــﻢ ﻛــــــﻞ ﺣـــﺴــــﺎد
14
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
13
ĴŲĽŤē ğēĴĜ
ﺟﻴ ًﺪا ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ وﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ واﻟﻤﺮاﻓﻖ واﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻹﺷﺮاف ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﺎدر اﻟﻔﻨﻲ وﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ واﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ وﺑﻨﺎء ﺣﺎﻟﺔ ﺻﺤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻻﺣﺘﺮام أوﻻ« . اﻟﻤﺘﺒﺎدل ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺷﻌﺎر ﺑﻮذﻳﺐ »أﺧﻼق اﻟﻔﺮﺳﺎن ً اﺷﺘﻤﻞ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﺎق اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺘﺄﻫﻴﻠﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 40ﻛﻢ ﺿﻤﻦ ﺟﻮﻟﺔ واﺣﺪة ﺷﺎرك ﻓﻴﻪ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻔﺎرﺳﺎت ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ إﺳﻄﺒﻼت وأﻧﺪﻳﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،واﻟﺴﺒﺎق اﻟﺘﺄﻫﻴﻠﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 80ﻛﻢ ﺿﻤﻦ ﺛﻼث ﻣﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 40ﻛﻢ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ 24ﻛﻢ واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ 16ﻛﻢ .وأوﺿﺤﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﺴﺒﺎﻗﺎت ﻓﻲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﺎص ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻧﻄﻼق ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻨﺎدي اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻘﺪرة 2016 – 2015أن ﻫﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻲء ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻀﻴﺮات ﻣﺒﻜﺮة ﺗﻬﺪف اﻟﻰ ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺨﺮاط ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
12
اﻷﺻﻴﻠﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ إﻋﺪاد أﺟﻴﺎل ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻔﺎرﺳﺎت واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺘﻲ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻨﺎﺷﺌﺔ وﻃﻠﺒﺔ اﻟﻤﺪارس واﻟﻬﻮاة ﺿﻤﻦ ﻣﺸﺮوﻋﻨﺎ اﻟﺬي ﺑﺪأﻧﺎه ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ﺳﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﻨﺎدي ﻹﻋﺪاد اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن وﺗﺄﻫﻴﻠﻬﻢ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﻓﺮﺳﺎن اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﺨﻮض اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة . وأﻋﺮﺑﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻋﻦ ﺳﻌﺎدﺗﻬﺎ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﺒﻮق ﻓﻲ اﻟﺤﺪث ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺎﻣﻲ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ وﺗﻄﻮرﻫﺎ ورﻳﺎدة ﺑﻮذﻳﺐ ﻓﻲ ﺟﺬب اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻲ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة ﻓﻲ أﺟﻮاء ﺻﺤﻴﺔ ﻣﻦ اﻻﺷﺮاف واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ وﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت واﻟﻤﺴﺎﻋﺪات واﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﺑﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﺪدﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت ﺑﻮذﻳﺐ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻔﺎرﺳﺎت اﻟﻤﺪرﺑﻴﻦ ﻋﻠﻰ أﻛﻤﻞ وﺟﻪ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﻔﺮاء اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ اﻻﻣﺎرات ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ» :رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة« ﺣﺎﻟﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗُﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﺟﻴﻞ ﻣﺴﺆول
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺘﺄﻫﻴﻠﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة
ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات ﻣﻊ إﻧﺸﺎء ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ ﻣﻄﻠﻊ ﻋﺎم 2004واﻟﺮاﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﺄﻫﻴﻞ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻔﺎرﺳﺎت اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ واﻟﺸﺒﺎب وﻃﻠﺒﺔ اﻟﻤﺪارس ﻣﻦ اﻟﻬﻮاة وﻣﺪ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﺑﺪﻣﺎء ﺟﺪﻳﺪة ﻛﻞ ﻓﺘﺮة ﻟﻐﺎﻳﺎت اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ وﻣﻔﺮدات ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ وﺗﻮاﺻﻠﻬﺎ ﻋﺒﺮ اﻷﺟﻴﺎل.
وﻓﻲ اﻹﻃﺎر ﻧﻔﺴﻪ ،وﺗﻨﻔﻴﺬًا ﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات ،اﺳﺘﻀﺎﻓﺖ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺨﺘﻢ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺘﺄﻫﻴﻠﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﻟﻤﺪة ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﺗﺤﺎد اﻻﻣﺎرات ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻟﺘﺄﻫﻴﻞ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ »ﺑﻮذﻳﺐ« ﻣﺮﻛﺰ رﻳﺎدي ﻟﺘﺄﻫﻴﻞ اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻔﺎرﺳﺎت ﻟﺪﺧﻮل اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ. ﻳﺄﺗﻲ ذﻟﻚ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺬي وﺟﻪ ﺑﻪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ وﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ »ﺑﻮذﻳﺐ« ﻣﺮﻛ ًﺰا رﻳﺎدﻳًﺎ ﻟﺘﺄﻫﻴﻞ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻔﺎرﺳﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻤﻮاﺻﻔﺎت دوﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻤﺴﺎرات اﻟﻤﻤﻬﺪة
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
11
ĴŲĽŤē ğēĴĜ
ﺣﻀﺮ ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت اﻟﺨﺘﺎم وﺣﻔﻞ ﺗﺘﻮﻳﺞ وﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﻌﺎدة ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻸﻧﺸﻄﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات وﻣﺤﻤﺪ ﻣﻬﻴﺮ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻣﺪﻳﺮ إدارة ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻻﺳﺘﺸﺎرﻳﺔ اﻟﺴﻴﺪة دﻳﺪري ﻫﺎﻳﺪ وﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﻣﻼك وﻣﺮﺑﻲ اﻟﺨﻴﻮل وأﺻﺤﺎب اﻹﺳﻄﺒﻼت وأﻧﺪﻳﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ و ﺟﻤﻬﻮر ﻛﺒﻴﺮ .وﺛﻤﻦ ﺳﻌﺎدة ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻸﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺟﻬﻮد ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎﺗﻪ اﻟﺴﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ إﻧﺠﺎح ﻫﺬا اﻟﺤﺪث اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ اﻟﻤﺨﺼﺺ ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺘﺤﻤﻞ ...ﻣﺆﻛ ًﺪا أن ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺳﻤﻮه وﺣﻀﻮره اﻟﻴﻮﻣﻲ وﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻟﻜﺎﻓﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ راﺋﻌﺔ ﻟﻠﻘﺪرة ﺿﻤﻦ وﻋﻲ ﺗﺎم ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ودورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ وﺟﺬب اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ.
ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات. ﺗﻀﻤﻨﺖ اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ أرﺑﻌﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت رﺋﻴﺴﻴﺔ ،ﺷﺎرك ﻓﻲ ﺟﻮﻻﺗﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ 600ﻓﺎرس وﻓﺎرﺳﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ إﺳﻄﺒﻼت وأﻧﺪﻳﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ .ﻫﻲ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 90ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا ،وﻣﻨﺎﻓﺴﺎت ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 100ﻛﻢ ،واﻟﺴﺒﺎق اﻟﺘﺄﻫﻴﻠﻲ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 80ﻛﻢ )ﻧﺠﻤﺔ واﺣﺪة( ،وﺳﺒﺎق اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻨﺎﺷﺌﻴﻦ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120 ﻛﻢ ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ )ﻧﺠﻤﺘﺎن(.
ﻛﺄس ﻧﺎدي ﺗﺮاث اrﻣﺎرات ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ
ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺘﺼﻞ ،وﻓﻲ إﻃــﺎر ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻨﺎدي اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻘﺪرة 2016/2015ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻴﺎدﻳﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺨﺘﻢ ﻗﺪ ﺷﻬﺪت اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻛﺄس ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣــﺎرات ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ،اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ اﻟﻨﺎدي ﻟﻤﺪة ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم ،ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﺗﺤﺎد اﻹﻣﺎرات ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ،ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ورﻋﺎﻳﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،رﺋﻴﺲ 10
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ» :رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة« ﺣﺎﻟﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗُﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﺟﻴﻞ ﻣﺴﺆول
وﻓﻲ ﺧﺘﺎم ﺗﺼﺮﻳﺤﻪ وﺻﻒ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑـ »اﻹﻧﺠﺎز اﻟﻨﻮﻋﻲ« ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺑﻨﻮد اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺑﻮذﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﻨﻘﺎط وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻣﺆﻛ ًﺪا ﺳﻤﻮه رﺿﺎه اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﺣﺘﻰ اﻵن ﺳﻮاء ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬا اﻟﺴﺒﺎق أو اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻷﺧﺮى ﺿﻤﻦ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻛﺄس ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﻷﻓﻀﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻴﻞ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺘﻤﺖ ﺑﻨﺠﺎح ﻻﻓﺖ.
ﺟﺎء ذﻟﻚ ﺧﻼل ﺣﻔﻞ اﺧﺘﺘﺎم ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت وﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻛﺄس ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﻷﻓﻀﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﺗﺤﺎد اﻹﻣــﺎرات ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ واﺳﻌﺔ وﺗﻀﻤﻨﺖ ﺛﻼﺛﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﺳﺘﻬﻠﺖ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎق اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﻤﻔﺘﻮح ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 90ﻛﻢ، وﺳﺒﺎق ﻛﺄس ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﺸﺒﺎب واﻟﻨﺎﺷﺌﻴﻦ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﻷﻓﻀﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻴﻞ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 120ﻛﻢ ،وﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 100ﻛﻢ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
9
ĴŲĽŤē ğēĴĜ ﻛﺮم اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﻓﻲ ﻛﺄس ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ّ
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ:
»رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة« ﺣﺎﻟﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗُﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﺟﻴﻞ ﻣﺴﺆول
أﺑﻮﻇﺒﻲ -وام
ﻗﺎل ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات إن اﻹﻧﺠﺎز اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة ﻻ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺠﻮاﺋﺰ ﺑﻞ ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ وﺻﺤﺔ اﻟﺨﻴﻮل .وأﺿﺎف ﺳﻤﻮه» :إن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺘﺤﺪي اﻷﻫﻢ اﻟﺬي أراه ﻣﻨﺴﺠ ًﻤﺎ ﻣﻊ أﻫﻤﻴﺔ وﻋﺮاﻗﺔ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ«. ﺟﺎء ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺧﺎص ﻟﺴﻤﻮه أدﻟﻰ ﺑﻪ ﻟﻘﻨﺎة »ﻳﺎس« اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﺣﻀﻮره وﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻪ ﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت ﺳﺒﺎق اﻟﺨﻴﻮل ذات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ /اﻟﻤﻮاﻃﻨﻮن /ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﻷﻓﻀﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻴﻞ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 100ﻛﻢ.
8
وأﺿﺎف ﺳﻤﻮه ﻓﻲ ﻣﻌﺮض رده ﻋﻠﻰ ﺳﺆال ﺣﻮل رؤﻳﺘﻪ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺑﻌﺪ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻘﺪرة ﺑﻮذﻳﺐ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :إﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﺪرة ﻛﻜﻞ -وﻻ ﻧﻘﻮل ﺳﺒﺎق اﻟﻘﺪرة ﺑﻞ ﻳﺤﺴﻦ اﻟﻘﻮل رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة- أرى أﻧﻬﺎ ﻛﺮﻳﺎﺿﺔ ﻋﺮﻳﻘﺔ أﺧﺬت ﻣﺴﺎﺣﺔ وﺣﻴ ًﺰا واﺳ ًﻌﺎ ﺑﺠﺬﺑﻬﺎ ﺑﻘﻮة ﻷﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻤﻤﺎرﺳﺘﻬﺎ وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺨﻴﻮل ذات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺣﻴﺚ ﻧﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎق ﻟﻘﺪرة اﻹﻣﺎرات أن ﺗﺘﻄﻮر وﺗﺮﺗﻘﻲ وﻓﻖ ﻧﻬﺞ ﻓﻨﻲ ﻣﺪروس وﻓﻬﻢ واع ﻟﻘﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ وﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ وأن ﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺮد ﺳﺒﺎﻗﺎت ﺗﺘﻮاﻟﻰ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺗﺸﻜﻞ ﺣﺎﻟﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ زﺧﻢ وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻦ وﺑﻨﺎء ﺟﻴﻞ ﻣﺴﺆول ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻜﻞ اﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﺲ رﻳﺎدة ﻓﺮوﺳﻴﺔ اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺎرﻃﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت«.
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ» :رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة« ﺣﺎﻟﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗُﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﺟﻴﻞ ﻣﺴﺆول
ŃĘİ ķėŹĬ
88
ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ: اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ أدﺧﻠﺘﻨﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ' Ûà # Ø/ # Î,' /($ Ðئ# ÐÙÙ 'è %ã .} Ð Ûà # & Ð p( } ¤Ù±# % # &3 è Ø©.  "3¢ &1988 ' Ð . ]ÐÙÎ /($# Ù £ Ø/ . ".} Û ° ]-$# -( p' " p )# ÛÎÍæ ÄÙ° ç# ĸ/( 'è Í} # . Û %( # Ê # » :"/ÊØ !#¥
ĞŔŹűŬ ĞƀŜĘšĤ ĞƀĤėĸĠ
ﺗﺼﺪر ﻋﻦ: ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث -ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،أﺑﻮﻇﺒﻲ
} ( ª . ]ÐÙÎ /($# Ø/ # . p $( #  (# Ú Ù ¢ ) . ]Û(Ù$ % ]&/Ù# 1 ( Û # Û ¼/ /Ã# Ø/ # ' Û Ù ' }p # ".æ ª (# 1$ « + Ø/ 0 ¦ . ,Î' % ª } / Ä#} 800 Ð' } ÛÃÙ° } )µØ.
اﳌﴩف اﻟﻌﺎم
98
ƁŔŸķĺŭŨė ĴŭĬč Ĵŀėķ ùij
ﺗﺠﻠﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ
ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
ŲſĴŨė ĊǟŔ ĴƀŨŸ
# аp Ù¢æ Ø ±# , Û ¼ Ú/ Î# ±# $ É / Ù p # , Ù ' ² Ú/ , / # ¶ # + Ê Í Ø. .&ª $(# Û Ù # ]«Ï/$¢ » '/ /(# ÙÍ/ (# , pÙ É ÛÂ Ø Ù¼  (# Ù #
b .²Ø É Ê Ù£Ø Á. (# %¢ p# Ð( # p 1# p,(# .
øijĴŕŨė ŸķĸĭŬŸ ĊėĸŕŀŸ ęĘDžġŤ د.راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،ﻧﺎﺟﻲ اﻟﻌﺘﺮﻳﺲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﺔ اﻟﻌﻤﺪة ،د.ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻋﻴﻄﺔ، د.واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ ،د.ﻣ ّﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ،ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺴﺘﺠﺎب ،ﻧﺎﺻﺮ ﻋﺮاق، د.ﻋﻠﻲ ﻋﻔﻴﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﻏﺎزي ،ﺻﺎﻟﺢ ﻟﺒﺮﻳﻨﻲ ،د.ﻳﺴﺮي ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ،د.ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ، ﻣﺮﻳﻢ ﺟﻤﻌﺔ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ،ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻨﻘﺒﻲ ،ﺳﺮور ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻌﺒﻲ ،ﻧﺒﻴﻞ اﻟﻌﻴﺴﻮي ،د.ﻫﻮﻳﺪا ﺻﺎﻟﺢ، أﺣﻤﺪ ﻣﺤﺠﻮب ،د.ﺻﺪﻳﻖ ﺟﻮﻫﺮ ،رﻳﺎض ﺧﻠﻴﻒ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ،ﻣﺆﻳﺪ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺮﻛﺔ ،د.أﺷﺮف ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﻤﺪ ،ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ ،د.رﺿﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﻴﻢ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ رﺿﻮان، ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي ،أﺣﻤﺪ ﻓﺮﺣﺎت ،راﻧﻴﺎ ﻫﻼل ،ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻄﻔﺔ ،د.ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ.
اﻻﺧﺮاج واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻏﺎدة ﺣﺠﺎج
اﳌﻮﻗﻊ ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ: www.mags.ae
ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﳌﺠﻠﺔ : Ø # . 2 Û ¸/ - p (# Ù # '2 'waleedalaa@hotmail.com : Ø # Øp
'00971556929190 :%Ø / 026666130 :Ä + ' p( } : Ø©/ # ".Õ marketing@cmc.ae +971 56 3150303
اﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت : #.p# ¢ Ð' Âç# /)+ 100 : 'è #. %¢ Âç# b b Õ($# / (+ 150 : #.p# %¢ Õ($# - (+ 150 .)+ 200 #.p# ¢
} Ø©/ -&3 é# Û ¸/
02 4145050 : Â 8002220 : ÛÍ (# )É # +971 02 4145000 : £# Ð' " 3# distribution@admedia.ae
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
7
اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎت
64
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة اﻻﻣﺎراﺗﻲ
54 62اﻟﺸﺎﻋﺮ ”اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ“ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ واﻟﺬات 64اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻦ ﻋﺮﺑﻲ أﺻﻴﻞ 69اﻟﺸﻴﺦ ،اﻟﻔﻨﺎن ،اﻟﺸﺎب 82اﻟﺤﻴﺮة ..ارﺗﻮاء وﻻ ارﺗﻮاء 87اﻟﺤﺼﺒﺎه 93ا7ﻓﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﺨﻮارج 94دور اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ”أﻣﺮﻳﻜﺎ“! ”ﺣﺰﺑﺮك“ 96ودﻳﻌﺔ اﻟﺴﻴﺪ ِ ﻏﺎﺑﺶ 98ﺗﺠﻠﻴﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﺎﺑﺶ 102ﺑﺌﺮ ﺑﺮوﻃﺔ :وﻣﺎزال اﻟﺠﻤﻞ ﻳﺪور 105اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ 106ذاﻛﺮة اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟKﻏﻨﻴﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺔ اJﻣﺎراﺗﻴﺔ 110وﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ ! 114اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وإﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ 116اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻟﻔﻨﺎﻧﻲ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺴﻴﺔ
اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﺠﺎرﻳﺔ
124 126ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻤﺮدت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ! 128ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ﺑﺠﻮاﺋﺰ اﻟﺒﺮدة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ
130
ﻲ اﻟﻄﻔﻞ ﺳﻨّﻪ! ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻣﻲ
114 ĞƀĠėķĘŬđ ğĘļėķij ĞƀĠėķĘŬđ ğ ğĘļėķij
ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﻮزﻣﺒﻴﻘﻲ
121 ﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 122ﻓﻨﻮن اﻟﻤﻐﺮب ﺗﺘﺄﻟﻖ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ أﺳﻌﺎر اﻟﺒﻴﻊ 2 Ø 10 É - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è b '(250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ ÐØ # $ ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ
b 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # - Ï ÎØ Ù(° ,# Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+ . 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ
6
ķĸĭŭŨė ŲŬŬ 2016 ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ % (' Ï Ù,Í " pØ © Ð Ï $ ¤Ù±# /( Ð' (Ø Ø . ,Ù /
Ø ,Í Ê$ Í ] 'è Ú Í Ùã #.p# Ùã /( # Û # ]2016 Û # pØ © Ð Ï $ Ï ,' Ù#  ۴ (# Ø ÎØ ,° Ú Í )ٹΠ]Ú # Ø Â ,° Ð' ± # # 1 (
55
şĘŜǠė ijĘƀĠķė
.Ï Ø/ ÎØp( Ð ,# É Ï pÙ' ÛÂ 'è
ﺑﻞ واﻟﺨﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪوrﺳﺒﺎﻗﺎت وﻣﺰاﻳﻨﺎت ا
´ Ø Û (# Ù ° 1Ê $' /Î (# - ' . - Ù# Ã Ï ,(# % (Ø. b
ﻓﻲ ﻋﻴﻮن اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ
' b' ( ) ÎØ bØ/Î pb Ù$Ê p Ø. ] Ê Î(# . #.p# Í} Ð' Ð ,#
´ Ø Ø/ . µ Ï Ù,Í " pØ © Ð Ï $ ¤Ù±# /( ,Ù / ¹Â (# % } Ð' +pÙ# Ê . , Ã' Ï/ . ,( . ,ã Ù . Ð ,# Û '. 3' Ù ± . Û ±# . /(# . ÙÎ /# Ø/,# Í / 1$
. , Ø . + . , & ( +2 Ð' pت' 1$ % è
Û' # . Ð ,# . %Ù£# É &3 è % É # Á Ê# p ÐØp# ÐØ© - ´. Ú¦# # #2p ]pÙ # . ÛÂ ° è . . # + '» Ï /Î ](&1541 /4+948 ) Û, Ã# ÛÂ -Î' £ Í ·/Ã (# . « , # . pÙ # . Ë # . Û' #
Ù # Ð ,# É ´ Ø # / ' Ø µ / Ï ,(# p Ø.
-# É ' )+æ p Î+ ]2834 )É ] Ø ÙÎ /# (#
É.} ÛÂ ,Í/ (Ø. , Ï/ Í~ Ø Û # Ø # %+} ´ Ø Í
]Á/Ùµ# " Ê . ] Ù # / . ] Âæ . Ù æ & Ø} ÛÂ
Ù Ù # ت # . Ù$£# ". Û $Ø/ /Î 1# p ( Û #
%Ù£# . Ð ,# É .p # Ú Ø » : ,Î'. ]!#¥ Ð # #
.),# )Ø !#¥. Á/Ùµ# Ø©. .ª# 2 Ã . Ù æ Âæ
h .« 2.æ Ï ¢. 1 ´æ pÙ & Ø} ÛÂ ) Ø Ë )+}.
$ ' ¦Î' Ù# Á. (# 1Î (# Ð ,# É , ° '2 ÛÂ. b
, , ° . ]" ª 2. Ù 0p ,# Ï . ] Ù´ (# ÙÎÙ (£# /ÊØ Ú¦# /+ , Í " © ' Û # ] $Ù æ Ù # % è Ð' (,' 23
Ï ¼/ . Ï Ù ¸. Ï Ù ' 23 # *¦+ ,°}. .& Øæ *¦+ ÛÂ , É b Ì$ Ø Û # . ´ # É/# ÛÂ % è Ù /Í 1$ Ù# Ù (# Û+.
70
." Ù$ (# " .} " ÙÍ ( # " Ð,Ù$
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ
ÛÎ Í (Í . ] ´ Ø ÛÎ 2. (¹Î' .} ÎhÎÊ' Ð )#. ]& Øæ *¦+
ﺣﻴﺎ ٌة ﻗﺼﻴﺮة وأﺛﺮ ٌ ﻋﻈﻴﻢ
b ÛÂ Ù# / /(# % ' $ .} É $# . Ì # ÛÂ Ð )# b b ¢ Ã # . ]% è !$ } ÐÙ Íb Ù } Øp . ] Ù$ . Â. Ø /+
اﻟﻤﻬﻴﺮي ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺎﻟkﻋﺒﺪا
Û , (' Ù$( Ð' $Ê Í . äb ٱ äb Ù° É # *¦+ / pÉ.
" ( }. Ù Ð # ÛÂ Ù / ÛÎ , .
£' Ð '} ä±Í~ ] }. } É # *¦+ h/ !#¥ p . ,$
b ÐØ/ÙÊ# &} ÛÂ ¢. ] Ù# (±# 'è ÛÂ Ð #
b ÛÂ "Ï pÙ'" Ã' "ÐØ Ù'" Ù h( . pØp 1( ' ,Ù$ Ì$ ~Â ]"0p(# "
Ð' b(ØpÉ b ° -Í/ Ð # pØªØ 2 -Î ),#~ } 'pÎ .
Ú¦# "¤Ø # . # Ë Î ^Ð ,# É " Ä$( 2016 Û # pØ © Ð
.)+p }
. 23 # %µÂ} 3 '
Ì Î(# ÐÙ , ã Í. + ¢} %Ê Î ] Ù,° É 1# ] ÊÂ Âæ
ÐÙ h Ø -( ( } Î . (# Ù(¢ Ð -$# p ±#
,Í/ h( Ø. Ø ,Î# . Ø p # ÊÎ 3£# ÛÂ p Í 'p ,#
. Ø # - (,Í. Ø ±# - Ù ~ Ï/hν Ø )+. ] , Ø .
Ï $ Ï ,' Ð' pØp # .p# ÛÃ Í p # ¦+ ÛÂ .Ì Î(# 1 °
* Ø )#. Ï '© Ð' ÛÂ/ ] « (ت$# » Ð' .} ]“ÐØ/ÙÊ# &}”
ÛÂ Ê # . Û´ Ø # . Û # 0/ (# 1# ÙÂ ' Â ´ Ï/ Ø Ï} %'~Í
pÊ ^-$ã É Ð . -Î $# / pØ %ت # ±# Ïæ.
.Ï ,(# -'pÊØ Ú¦#
.-Î $# Û Â ±# ¦,# Ù } Í
5
2016 ﻓﺒﺮاﻳﺮ196 اﻟﻌﺪد/ ﺗﺮاث
اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎت
ijĴŕŨė ğĘſŹġĭŬ ijĴŕŨė ŞũŬ
ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﻋﻨﺎق اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ Ï ,' Ù#  ۴ (# Ø ÎØ ,° Ø ,Í Ê$ Í # # 1 ( Û # ]2016 Û # pØ © Ð Ï $ Ú Í ,(¹ÎØ Û # ]Ú # Ø Â ,° Ð' ± ]Ï Ø/ ÎØp( Ð ,# É Ï pÙ' Û 'è pØ © Ð Ï $ ¤Ù±# /( Ð' (Ø Ø . ,Ù / " Ú Í Ùã #.p# Ùã /( # % (' Ï Ù,Í ¶ ÛÊ$Í $Ø/ É Ð ,# É #. . 'è :Ä$(# ¦+ "3¢ ,Ù$ /µ#
14ﺷﻌﺮ :ﻳﺎ أﻫﻞ اﻟﻬﺠﻦ ﺷﺪوا ﺧﻴﺎر اﻟﻤﺮاﻛﻴﺐ 16ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 2016 20ﻣﻦ اﻟﻤﺪى إﻟﻰ اﻟﻤﻴﺪان :ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ رﻳﺎﺿﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ 25أﻟﻮان اOﺑﻞ 26
اﻟﺮﻛﺒﻲ اGﻟﻲ ،اﺧﺘﺮاع إﻣﺎراﺗﻲ ﻟﺨﺪﻣﺔ اOﻧﺴﺎن
31ﺷﻌﺮ :رﺳﻢ ﻗﺪﻳﻢ ﻋﻘﺐ ﺳﻠﻤﻰ ﻣﺠﻨﺐ 32اﻟﻤﻀﻤﺮ ،ﻓﻨﺎن اﻟﻬﺠﻦ 37اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ 38اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ :ﺧﻂ دﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ 40ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ :ﻋﻨﺎق اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻴﺮ 45ﺷﻌﺮ: ﻮج َﻋ َﻠﻰ ِﺻ ْ ﱠ واﻟﺠﺘﻲ ﻟَ ﱠﺠ ْﺖ ُﺧﻠُ ْ 46ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻬﺠﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ 52ﻣﺰاﻳﻨﺔ اOﺑﻞ ،اﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺘﺮاث اOﻣﺎراﺗﻲ ا%ﺻﻴﻞ
4
ğēĴĜ ēĴżŨĔŠ
ﻲ اeﻟﻲ اeﻟﻲ اﻟﺮﻛﺒﻲ اﻟﺮﻛ ﺒ روﺑﻮت ﻫﺠﻦ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺤﺪﻳﺚ -
ص 26
@turath_cmc
ﻣﻦ اﻟﻤﺪى إﻟﻰ اﻟﻤﻴﺪان
ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر
ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اOﻣﺎرات اﻟﻌﺪد 196ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016
ﻓﻼح اﻟﻜﺒﻴﺴﻲ: اﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ أدﺧﻠﺘﻨﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ
ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ: ﻋﺒﺪا} ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺮ اﻟﻤﻬﻴﺮي
ﻓﻨﻮن اﻟﻤﻐﺮب ﺗﺘﺄﻟﻖ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
اﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻓﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻻ ﺻﻠﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟ ُﻔﺮس
ذاﻛﺮة اﻟﺤﻨﻴﻦ ﻟ ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺔ اrﻣﺎراﺗﻴﺔ
ﻣﻠﻒ ﺧﺎص ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 2016