ŮňŴ ĮŻijĔĜ ķĔŻ
One World, 6 Continents
ěēijĔŨǞē ğēĴĜ
ﺗﺼﻮﻳﺮ :ﺣﺴﻦ ﻣﺼﻄﻔﻰ
ﻗﺪﻳﻤﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم زي ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ً وﻛﺎن ﻋﺪد أﻓﺮادﻫﺎ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻓﺮ ًدا -ﻣﻦ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻗﺼﺮ اﻟﺤﺼﻦ
ﺑﺮزة ﺗﺮاث
اﻟﺠﺴﻮر ا0وﻟﻰ
)(2-2
ﺗﺤﻈﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎل )ﺗﺮاث – اﻟﻌﺪد 202-أﻏﺴﻄﺲ (2016ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﻟﺪى اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ،ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺜﺮة ﻣﻜﺘﺴﺒﻲ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ ﻣﻌﻀﻠﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ؛ ﻣﻦ أﺟﻞ دﻣﺠﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺮف ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹرﻫﺎﺑﻴﻴﻦ ﻳﺠﻨﺪون ﻣﻌﻬﻢ ذوي اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮن ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻔﻬﻢ ،وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻻزدواﺟﻴﺔ. ﻟﻌﻞ اﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻫﻮ ﺑﻨﺎء ﻫﻮﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ، ّ ﻟﻜﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻷن اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻓﻴﻪ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﻠﻮب ،ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ وﺗﻐﻴﻴﺒﻬﺎ، وﻫﻮ ﻏﻴﺎب ﺷﻜﻠﻲ؛ ﻷن اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺴﺘﻌﺎد ﻋﻨﺪ ﺣﺪوث أﻳﺔ أزﻣﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ أو واﻗﻌﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ أو ﺣﺎدﺛﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ. اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻬﻮﻳﺎت ﻣﻦ ﻣﻤﻴﺰاﺗﻪ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﺬات ﻋﻦ اﻵﺧﺮ ،ﻣﻊ اﺣﺘﺮام ﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼف وﺗﻘﺪﻳﺮه ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺛﺮاء وإﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ اﻷﺧﺮى؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺎﻷﻓﺮاد ﻫﻨﺎ، واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ واﻹﺛﻨﻴﺔ ﻻ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺻﺮا ًﻋﺎ ﺑﻴﻦ ﺛﻘﺎﻓﺘﻴﻦ، وﻻ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺼﻮرة دوﻧﻴﺔ؛ ﻷن اﻟﺬات واﻵﺧﺮ ﻳﺘﻔﺎﻋﻼن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻣ ًﻌﺎ ،ﻓﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻨﻲ ﺑﻪ اﻻﺛﻨﺎن، ﻟﻴﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ أﺻﺤﺎب اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ،ﻟﺘﺠﺎوز اﺧﺘﻼﻓﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻠﺬات أﻳﻀﺎ ﻟﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻟﺬا ﻳﺠﺪر ﺑﺬوي اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ اﻟﺴﻜﻦ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ؛ ﻷن ﺗﺠﻤﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻲ واﺣﺪ ﻳﻐﺬي اﻻﺧﺘﻼف ﺳﻠﺒ ًﻴﺎ؛ ﻣﺆﻛ ًﺪا اﻻﻧﻔﺼﺎل؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻳﻨﻌﺰﻟﻮن ﻋﻦ اﻵﺧﺮ ﻓﻼ ﻳﺘﻔﺎﻋﻠﻮن ﻣﻌﻪ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ً ﺣﻲ ﻣﻮﻟﻨﺒﻴﻚ ﻓﻲ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ؛ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع ﺳﻜﺎﻧﻪ ﻟﺒﻠﺪ واﺣﺪ؛ ﻣﻤﺎ زاد اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﺗﺸﺮذ ًﻣﺎ واﻧﻌﺰاﻻً ؛ ﻟﻴﺴﻬﻞ ﺑﺬﻟﻚ
130
اﻟﺠﺴﻮر ا وﻟﻰ
د.ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ@
ﻃﺮﻳﻘًﺎ ﻟﻺرﻫﺎب. ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﺸﻜﻞ إﻳﺠﺎﺑﻲ؟ إﻧﻪ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻗﻠﻢ واﻟﻌﻴﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﺿﻤﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،إﻧﻪ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻻ ﻳُﻨﺴﻲ اﻟﺬات ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﺑﺎﻧﻐﻤﺎﺳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻟﻴﺲ ﺗﺸﺒﺜًﺎ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻫﻮﻳﺔ ﻣﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ،ﺗﺘﺠﺎور اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻟﻠﻐﺎت ،ﻓﻲ ﺗﺴﺎﻣﺢ وﻋﻴﺶ ﻣﺸﺘﺮك. وأﻫﻢ أدوات اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻫﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻵداب واﻟﻔﻨﻮن؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺠﺴﻮر اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ اﻟﺬات ﺑﺎﻵﺧﺮ ،ﻓﻴﻬﺎ وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻳﺤﺪث اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ،ﻟﻴﺤﻴﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺴﻼم ،ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻷﻣﺜﺎل واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق واﺣﺪ ،ﺑﻞ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﺣﺘﻰ ﻧﺜﺒﺖ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﻏﻴﺮﻧﺎ أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺗﺠﻤﻊ وﻻ ﺗﻔﺮق ،ﺣﺘﻰ ﻧﻀﺮب أﻓﻀﻞ اﻷﻣﺜﻠﺔ وأروع اﻟﻨﻤﺎذج ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻘﻄﻮا ﻓﻲ ﺑﺌﺮ ﻫﻮﻳﺎﺗﻬﻢ اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ @ ﺑﺎﺣﺜﺔ وأدﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺎرات
ﻣﺨﻄﻮط ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻻٔول
ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻟﻲ،وﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺠﻨﺴﻰ ﻟﻠﻤﻮاﻟﻲ ﻓﻰ اﻟﺤﺠﺎز ،وﻗﺪ ﺿﻤﺖ اﻟﺤﺠﺎز ﺷﻌﻮﺑ ًﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ أﺷﻬﺮﻫﺎ :اﻟﻔﺮس واﻟﺘﺮك واﻟﺮوم واﻟﺴﻨﺪ ،ﻣﺜﻠﻮا ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﻌﻤﻮد اﻟﻔﻘﺮي ﻟﻠﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﻮاﻟﻲ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺠﺎز.
ﺗﻮﻗﻔﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ أﻣﺎم دور اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،واﻟﺘﻮﻗﻒ ﺑﺎﻟﺮﺻﺪ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ أﻣﺎم دورﻫﻢ وإﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ، ﻛﺬﻟﻚ دور اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻟﻲ ،واﻟﺸﻌﺮاء، واﻟﻐﻨﺎء واﻟﻤﻐﻨﻴﻦ ،ا0ﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﺠﻢ وﺟﻮد »اﻟﻮاﻓﺪ« ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺪور اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬي ﻟﻌﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اVﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺖ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮب ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺟﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
وﻣﻘﺪار اﻟﺼﺪاق وﺗﻌﻴﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﻘﺪ اﻟﻘﺮان اﻟﺬي ﻳﺴﻤﻰ )اﻟﻤﻠﻜﺔ(. ŒĿíŎńŀĿ ôŔīîńøÿśí óîŔĄĿí وﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻟﻲ ،وﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ وﺗﻈﻬﺮ اﻟﺤﻮادث دور اﻟﻨﺴﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺳﻠﻄﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺸﺒﻴﻚ اﻟﺠﻨﺴﻰ ﻟﻠﻤﻮاﻟﻲ ﻓﻰ اﻟﺤﺠﺎز ،وﻗﺪ ﺿﻤﺖ اﻟﺤﺠﺎز ﺷﻌﻮﺑﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ أﺳﺮ اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻹﺋﺘﻼف اﻟﻌﺮﻗﻲ واﻻﺳﺘﻘﻮاء أﺷﻬﺮﻫﺎ :اﻟﻔﺮس واﻟﺘﺮك واﻟﺮوم واﻟﺴﻨﺪ ،ﻣﺜﻠﻮا ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﻌﻤﻮد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﺗﺸﻜﻴﻞ ﺗﻜﺘﻞ ﻏﻴﺮ ﻋﺮﺑﻲ أﻣﺎم اﻟﻌﺮب واﻣﺘﻴﺎزاﺗﻬﻢ. اﻟﻔﻘﺮي ﻟﻠﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﻮاﻟﻲ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺠﺎز .وﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﺢ أﺷﻜﺎل اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ واﻟﻨﻮازع اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ôŔēîŔĔĿíō ôœĎļĴĿí óîŔĄĿí Őij ŒĿíŎńĿí čōĉ اﻟﺰواج ،اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺗﺒﻨﻰ ﺣﻴﺎة وﺗﻮﻗﻔﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ أﻣﺎم دور اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، أﺳﺮة وﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ وﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ،وأﻏﻠﺐ اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﻓﻰ اﻟﺤﺠﺎز ﺗﺮاﻫﻢ واﻟﺘﻮﻗﻒ ﺑﺎﻟﺮﺻﺪ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ أﻣﺎم دورﻫﻢ وإﺳﻬﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺘﺼﻠﻴﻦ ﺑﺒﻌﻀﻬﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﻤﺼﺎﻫﺮة ،وﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﻔﻘﻪ ،ﻛﺬﻟﻚ دور اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻟﻲ ،واﻟﺸﻌﺮاء ،واﻟﻐﻨﺎء واﻟﻤﻐﻨﻴﻦ، ﻟﻠﺰواج ،ﻓﻐﺎﻟﺒًﺎ ﺗﺘﻢ اﻟﺨﻄﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ ذى اﻟﺤﺠﺔ ،واﻟﺰﻓﺎف ﻓﻰ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﺠﻢ وﺟﻮد »اﻟﻮاﻓﺪ« ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺮم ،وﻓﺴﺮ اﺑﻦ اﻟﻤﺠﺎور ذﻟﻚ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﺑﻄﻮن ﺑﻴﻦ واﻟﺪور اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬي ﻟﻌﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺰواج واﻟﺤﺞ »ﻓﺈذا رﺣﻞ اﻟﺤﺎج دار اﻟﺨﻄﺐ واﻟﻨﻜﺎح واﻷﻓﺮاح اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺖ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮب ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺟﺪ واﻷﻋﺮاس ﺑﺒﻴﻦ اﻟﻨﺎس« ،وﺟﺮت اﻟﻌﺎدة ﻋﻠﻰ زواج اﻟﺒﻨﺖ ﻓﻰ ﺳﻦ ﺻﻐﻴﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ. ﻻ ﻳﺘﻌﺪى اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ،أو اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺸﺎب ﻓﻰ وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﺪور اﻷﺧﻴﺮ ،اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻓﺮﺻﺪت اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ وﺻﻮل اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﺳﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ،ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ إذا ارﻏﺐ اﻟﺰواج ﻣﻦ أﺳﺮﺗﻪ أو ﻣﻦ أﺳﺮة إﻟﻰ ﻣﺮاﺗﺐ ﻋﻠﻴﺎ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺛﻮرات اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﺿﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻮﻳﺔ أﺧﺮى ﺗﺘﺼﻞ اﻟﻨﺴﺎء أول اﻷﻣﺮ ﺑﺒﻌﻀﻬﻦ ﻟﻼﺳﺘﻄﻼع ،وﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻤﺎل واﻟﺘﻲ وﺻﻔﺖ ﺑﺎﻟﻔﺘﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺛﻮرات اﻟﻤﻮاﻟﻲ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻳﺪﻫﺎ ،وﺣﺴﻦ أﺧﻼﻗﻬﺎ وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن وﺟﺪن واﻧﺘﻔﺎﺿﺎﺗﻬﻢ وﻫﺒﺎﺗﻬﻢ ﺿﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻗﻮﺑﻠﺖ ﺑﻨﻮع ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﺘﻘﺪم اﻟﺮﺟﺎل ،وﻳﺠﺮي اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺰواج اﻟﺸﺪة واﻟﺤﺰم واﻟﻜﺒﺖ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
129
İŀĴŨ
ﻣﻮاﻟﻲ اﻟﺤﺠﺎز ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ا0ول ĽŜŋ îŔŇíč óĎŋîĸĿí
ŊĿîļėãō IJŀĄĿí àśō
ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ وﻻء اﻟﺤﻠﻒ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻌﻨﺎه وﻣﺪى ﺷﻤﻮﻟﻪ وﻛﻴﻔﻴﺔ »إﻟﻰ أي ﻣﺪى ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ »ﻃﺒﻘ ًﻴﺎ«؟« ،وﻛﻴﻒ ﻋﻘﺪ اﻟﺤﻠﻒ وأﻣﺎﻛﻨﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه وﻃﻘﻮس ﻋﻘﺪه اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، ﺗﻄﻮر ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ داﺧﻞ ﺳﻴﺎق اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺬ وﻫﻮ أﻛﺜﺮ أﺷﻜﺎل اﻟﻮﻻء ﺷﻴﻮ ًﻋﺎ ﻟﺪى اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم .وﻟﻐﻮﻳﺎ ﻓﺈن ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ،اﻟﺤﻠﻒ ﻫﻮ اﺗﻔﺎق أو ﻋﻘﺪ ﻳﺘﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﻦ أﻃﺮاف ﻳﻘﺮرون ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻌﺎون وﻣﻦ ﺑﻌﺪه دوﻟﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﺮاﺷﺪة ،واﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻮﻳﺔ ،واﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ . . .واﻟﻨﺼﺮة ،واﻷﺻﻞ ﻓﻰ اﻟﺤﻠﻒ أن ﻳﻜﻮن ﺑﻴﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ وﻋﺸﺎﺋﺮ ﻛﺎﻧﺖ إﻟﺦ؟ ﺗﺴﺎؤﻻت ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ راﻧﺪة ﺻﻔﻮت ﻣﺤﻔﻮظ ﻓﻲ أﻃﺮوﺣﺘﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺮﺑﺎط ﺗﺘﻔﺎوت وﺛﺎﺋﻘﻪ. اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ »اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺎز ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻷول » -132وﻻ ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺤﻠﻒ اﻟﺸﻜﻞ اﻷوﺣﺪ ﻟﻠﺘﺂﻟﻒ ،ﻓﺜﻤﺔ ﻣﻔﻬﻮم آﺧﺮ وﻫﻮ 232ﻫـــ874-750 ،م« .واﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟــﻮﻻء ،ﺗﻌﺪدت أﺷﻜﺎﻟﻪ ﻗﺒﻞ اﻹﺳــﻼم ،ﻣﻦ وﻻء ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ درﺟــﺔ اﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب اﻻﺟﻮار ،وﻫﻮ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻃﺮف ﻣﺎ ﻟﻄﺮف آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة. ﺧﻼل اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﻪ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ أﻣﺮ ﻳﻬﺪد وﺟﻮد اﻟﻄﺮف اﻟﺜﺎﻧﻲ أو ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻋــﺮف اﻟﻌﺮب اﻟﻮﻻءات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﺒﻞ اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ .وﻣﻊ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺑﺪا اﻟﻤﻔﻬﻮم ﻳﺘﺨﺬ أﺷﻜﺎﻻً ﻻ ﺗـﺰال اﻟــﺪراﺳــﺎت اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺟﺪﻳﺪة وأﺑﻌﺎ ًدا أﺧﺮى ،ﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﻧﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ »ﻗﻠﻴﻠﺔ« ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ،ﻓﺪﻋﺎ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺴﺎواة اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ »اﻟﻜﻠﻲ واﻟﺸﺎﻣﻞ« ،وﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻘﺎط ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب وﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮب ،وﻳﺘﻤﺘﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻛﺜﻴ ًﺮا أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻳﺪﺧﻞ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮب ﺑﺠﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق »اﻟﻤﻮاﻟﻲ« وإﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺗﻬﻢ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺆﺷ ًﺮا ﻋﻠﻰ واﻻﻣﺘﻴﺎزات اﻟﺘﻰ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن، ﻣﺪى ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻶﺧﺮ اﻟﻮاﻓﺪ إﻟﻴﻪ، وﻧﻈﺮ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﻮاﻟﻰ ﺳﻮاء اﺗﺒﻊ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ أم ﻟﻢ ﻳﺘﺒﻊ .ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺘﻞ ﻧﻈﺮة ﺗﺴﺎﻣﺢ وﻋﺪاﻟﺔ وﺟﻌﻠﻬﻢ ﺟﺰ ًءا ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ راﻧﺪة ﺻﻔﻮت اﻟﻤﻮاﻟﻲ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﻌﺮﻳﻖ، اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻰ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﺗﺨﺬت ﺑﻌ ًﺪا ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ دراﺳﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻤﻌﺰل آﺧﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷوﻗﺎت ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺘﺒﻴﻦ ﻣﻊ اﻟﺪراﺳﺔ. ﻋﻦ دراﺳﺔ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﻮاﻟﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﺤﻮ ًرا ﺣﻴﻮﻳًﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ أﻧﻪ ﺻﻨﻒ اﻟﻤﻮاﻟﻲ إﻟﻰ ﻣﻮاﻟﻲ ﻋﻘﺪ ﻧﺒﺎﻟﻎ إذا ﻗﻠﻨﺎ إﻧﻪ ﺑﺪون دراﺳﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻮاﻟﻲ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ واﺗﻔﺎق ،وﻣﻮاﻟﻲ ﻋﺘﻖ ،وﻣﻮاﻟﻲ رﺣﻢ .وﻫﻨﺎ ﺗﺒﺮز ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻻﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﺪم ﺻﻮرة ﻧﺎﺿﺠﺔ ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﺮﻗﻲ اﻟﻤﻤﺰوج ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ،وﺑﺮوز اﻟﻔﻮارق ﺑﻴﻦ ﻓﺌﺎت ﻓﻰ ﺷﺘﻰ اﻟﻨﻮاﺣﻲ. اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻰ ﻋﺼﺮ اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ ،وذﻟﻚ ﺳﺒﺐ ﺗﻄﻮر وﻛﺎﻧﺖ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺤﻜﻢ واﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ،ﺗﺄﻟﻔﺖ ﻣﻦ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻄﻴﺔ اﻟﻈﺮوف واﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﻣﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻘﻮﺻﻲ ،أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة »ﻣﺸﺮﻓًﺎ اﻷﻣﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ،ﻣﺎ أدى إﻟﻰ اﻧﻘﺴﺎم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻋﺮب وﻣﻮاﻟﻴﻦ ً ورﺋﻴﺴﺎ« ،واﻟﺪﻛﺘﻮرة زﻧﻮﺑﺔ ﻧﺎدي ،أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة وﺑﺪت ﻇﻬﻮر اﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﺸﻌﻮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎرﻋﺖ ﻓﻲ أﺣﺎﻳﻴﻦ وﺧﻀﻌﺖ »ﻋﻀﻮا« ،واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﺣﻤﻮدة ،ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺸﻜﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﺮات. ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻔﻴﻮم »ﻋﻀﻮا«. 128
ﻣﻮاﻟﻲ اﻟﺤﺠﺎز ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ا ول
ﺛﻘﺎﻓﺎت
أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﺗﻮ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺒﺤﺮ وﺻﻠﺖ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ إﻟﻰ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ درﺟﺔ ،ﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﺣﻤﻞ أﻣﺘﻌﺘﻲ ﻣﺘﺠ ًﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﺳﻮى ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮات ﻗﻠﻴﻠﺔ .ﻟﺤﻈﺔ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ ﺟﻠﺴﺖ ﺑﻤﻘﻬﻰ ﻗﺒﺎﻟﺔ اﻟﺒﺤﺮ ،أﻧﻈﺮ إﻟﻴﻪ وأﺗﺄﻣﻞ ﺟﻤﺎﻟﻪ وﻓﻀﺎءه اﻟﻮاﺳﻊ ،ﻓﺈذا ﺑﺸﺨﺺ ﺧﻤﺴﻴﻨﻲ ﻧﺤﻴﻒ ذي ﻗﺒﻌﺔ ﺳﻮداء ،ﻃﻮﻳﻞ اﻟﻘﺎﻣﺔ ،ﺑﻮﺟﻪ أﺑﻴﺾ وأﻧﺎﻗﺔ إﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻳﻘﻒ أﻣﺎﻣﻲ وﻳﺒﺎدرﻧﻲ ﺑﺴﺆال :ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﺠﻠﻮس ﻣﻌﻚ؟ أﺟﺒﺘﻪ :ﻧﻌﻢ ،ﻣﺮﺣﺒًﺎ. ﻓﺴﺄل :ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻓﻨﻲ؟ ﻗﻠﺖ :أﻋﺮﻓﻚ وﻻ أﻋﺮﻓﻚ ،ﻣﻼﻣﺤﻚ ﻟﻴﺴﺖ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻠﻲ. ﻓﺎﺟﺄﻧﻲ ﺑﺎﻟﺠﻮاب :أﻧﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﺗﻮ .ﻓﻘﻠﺖ: أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﺗﻮ ﻣﺎت ﻣﻦ زﻣﻦ. رد ﻋﻠﻲ ﺿﺎﺣﻜﺎ :اﻟﺸﻌﺮاء واﻷدﺑﺎء واﻟﻤﻮﻫﻮﺑﻮن ﻻ ﻳﻤﻮﺗﻮن أﺑ ًﺪا، ﺻﺤﻴﺢ أن أﺟﺴﺎﻣﻬﻢ ﺗﻤﻮت ﻟﻜﻦ أرواﺣﻬﻢ ﺗﻈﻞ ﺑﺎﻗﻴﺔ وﻛﻨﺰﻫﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻳﻈﻞ ﺣﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻷزﻣﻨﺔ. ﻟﺤﻈﺔ ﻟﻢ أﺻﺪق ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻋﻴﻨﻲ .أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﺗﻮ ﻣﻌﻲ! ﻗﻄﻊ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻬﻼل اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻧﺎدل اﻟﻤﻘﻬﻰ :ﻣﺎذا ﺗﺸﺮﺑﺎن؟ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :ﻋﺼﻴﺮ اﻟﻠﻴﻤﻮن ﻟﻲ ،ﺛ ّﻢ ﺳﺄﻟﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮ :وأﻧﺖ ﻳﺎ أﺳﺘﺎذ أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﻣﺎذا ﺗﺸﺮب؟ ﻓﺮ ّد وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ :ﻗﻬﻮة. ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﺮود وﻫﻮ ﻳﺘﺄ ّﻣﻞ ﻣﻨﻈﺮ اﻟﻐﺮوب ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻮل :أذﻛﺮ أﻧﻨﻲ ﻛﺘﺒﺖ ﻗﺼﻴﺪة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﺤﻔﻨﻲ ﺑﻬﺎ أو ﺑﻌﻀﻬﺎ؟ ﻓﻘﺎل :ﺑﻜﻞ ﻓﺮح وأﺧﺬ ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺼﻴﺪة: »ﻗﻀﻴﺖ اﻷﻣﺲ أﺳﻤﻊ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺒﺤﺮ ﻳﻘﻮل أﺳﺘﻤﻊ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ﻧﺒﻜﻲ ،ﻧﻀﺤﻚ ،ﻧﻐﻨﻲ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻦ وﺟﻬﺘﻪ
ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي @
ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺼﻴﺮه اﻟﻔﺎدو وﺑﻌﺪ ﻟﻜﻲ أﻓﺮح ﻗﺎم ،ﻓﺮﻗﺺ ،ﻓﻀﺤﻚ« ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺘﻬﺎ وأﻧﺎ اﺗﺄﻣﻞ اﻟﺒﺤﺮ ،اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻔﺎرﻗﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﺎﻓﺮي ،ﻓﺄﻧﺎ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ وﻟﺪت ﻋﺎم 1897 ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ أﺑﺎرﻧﺘﺶ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻨﺎك ﻋﺸﺖ أﺟﻤﻞ ﻟﺤﻈﺎت ﺣﻴﺎﺗﻲ رﻏﻢ ﻓﻘﺮ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،إذ ﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة ،رﻏﻢ إﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﺒﻜﺮا ﻣﻦ أﺟﻞ إﻋﺎﻟﺔ أﺳﺮﺗﻲ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ. أذﻛﺮ أﻧﻲ ﻗﻤﺖ ﺑﺮﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺒﺤﺮ واﻛﺘﺸﻔﺖ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﺧﺎﺻﺔ أﺛﻨﺎء رﺣﻠﺘﻲ ﻟﺒﻠﺪ أﻧﻐﻮﻻ ،ﻫﻨﺎك ﺑﺪأ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﺴﻜﻨﻨﻲ وﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﺒﺮﺗﻐﺎل .ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺒﺤﺮ أﺟﻤﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻟﻮ ﻧﻈﺮت إﻟﻴﻪ ،ﻛﻦ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﺑﺄﻧﻚ ﺳﺘﺘﺤﺴﻦ وﺳﺘﺼﺒﺢ ﺷﺨﺼﺎ آﺧﺮ .اﻟﺒﺤﺮ ﺟﻤﻴﻞ واﻟﻠﻴﻞ ﻓﻴﻪ أﺟﻤﻞ ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮى ﺗﻠﻚ اﻷﺿﻮاء ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك ﺳﺘﺸﻌﺮ ﺑﺠﻤﺎل اﻟﺤﻴﺎة .ﺗﺄﻣﻠﺖ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﺮارا وﺗﻜﺮارا ،وﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﺄﻣﻞ آﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻋﺒﺮة ،وﻟﺬﻟﻚ ﻇﻞ ﺣﺒﻪ ﻳﺴﻜﻨﻨﻲ وﻻ ﻳﻔﺎرﻗﻨﻲ ﺑﺘﺎﺗﺎ .ﻗﺎل ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﺛﻢ ﺻﻤﺖ .ﻗﺒﻞ أن ﻳﻄﻠﺐ اﻻﻧﺼﺮاف ﻓﺠﺄة: ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻻﻧﺼﺮاف.ﻗﻠﺖ ﻟﻪ :إﻟﻰ أﻳﻦ؟ ﻗﺎل :ﺳﺄدﺧﻞ اﻟﻤﻘﻬﻰ ﻷﺷﺮب ﻛﺄس ﻣﺎء. ﻗﻠﺖ :ﻃﻴﺐ. اﻧﺘﻈﺮت ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻟﻢ ﻳﺄت اﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ،دﺧﻠﺖ اﻟﻤﻘﻬﻰ ﻷﺑﺤﺚ ﻋﻨﻪ ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻢ أﺟﺪه .ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﻪ اﻟﻨﺎدل ﻓﻘﺎل إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮد أﺣ ًﺪا ﻣﻌﻲ ،ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،رﺣﺖ أﺳﺄل اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻜﺒﺎر دون ﺟﺪوى .ﻋﺪت إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﺣﺰﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﻗﻪ ،وﻓﺘﺤﺖ ﺣﺎﺳﻮﺑﻲ، رﺣﻠﺖ ﻣﻨﺬ ﻓﺈذا ﺑﻲ أﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﺗﻮ :ﻋﺰﻳﺰي، ُ ﻋﺎم 1959م ،ﻟﻜﻨﻨﻲ أزور ﻗﺮاﺋﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻷﺧﺮى @ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
127
ĕŵőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
اﻟﺤﺐ واﻟﻌﻈﻤﺔ وﻫﺎﺟﺮت ﻣﻦ دﻣﺸﻖ واﺳﺘﻘﺮت ﻓﻲ ﻗﺼﻮر وﺷﺮﻓﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ. āíĎńĿí ôœĎķ
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎب اﻟﻨﻴﺮب ﻓﻲ ﺣﻠﺐ وﺣﻤﺎة وﻣﻨﻄﻘﺔ ﻋﺮﻧﺔ ﻓﻲ ﺟﺒﻞ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﺑﺰراﻋﺘﻬﺎ ،وﻗﺮﻳﺔ اﻟﻤﺮاح ﻣﻦ أﻧﺠﺢ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻓﻲ زراﻋﺘﻬﺎ واﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬﺮت ﺑﺰراﻋﺔ اﻟﻮردة واﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﻣﻮرد دﺧﻞ اﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻔﻼﺣﻲ ﻗﺮﻳﺔ اﻟﻤﺮاح وﻳﺮﺟﻊ ﻧﺠﺎح زراﻋﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻨﺎخ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺘﺎج اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﺎخ ﻧﺼﻒ ﻗﺎري ،وأرض ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻋﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻤﻌﺪل 800ﻣﺘﺮ ،وأﻣﻄﺎر ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ .ﺗﺒﻌﺪ اﻟﻤﺮاح ﻋﻦ دﻣﺸﻖ ﺣﻮاﻟﻲ 60ﻛﻢ ﺣﻴﺚ وﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﻮاﻟﻲ 600أﻟﻒ ﺷﺘﻠﺔ ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ 1500دوﻧﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﻠﻤﻮن ،وﻫﻲ ﻣﻦ أوﻟﻰ اﻟﻘﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻛﻨﺰا ً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً ﻟﻢ ﻳﺪرك اﻟﻌﺮب إﻻ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﻟﻌﻄﺮﻳﺔ. ôŔĸĘŃĊĿí óĉčŎĿí ıîĤķ ŅîÿĎŌŃ
وﻓﻲ أﻳﺎم ﺟﻨﻲ اﻟﻮردة اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ ﻳﺴﻮد ﻃﻘﺲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺟﻤﻴﻞ وﻣﻠﻔﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺎم ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻨﻮي ﻳﻨﺘﻈﺮه أﻫﺎﻟﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻟﺪوره ﻓﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺼﻼت ﺑﻴﻦ اﻷﺳﺮ واﻟﻌﺎﺋﻼت ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ اﻟﻤﺮاح ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻳﺮوي ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ اﻟﻘﺼﺺ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎ ﻋﻦ وردة دﻣﺸﻖ وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ وﺣﻀﺎرﺗﻬﺎ وﻓﻮاﺋﺪﻫﺎ، وأﻫﻤﻴﺘﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺴﻜﺎن اﻟﻘﺮﻳﺔ ،وذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﻫﺬه اﻟﻮردة ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ زراﻋﺘﻬﺎ 126
اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ..ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻤﻨﻔﻌﺔ
ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻀﻤﺎن ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻛﺮﻣﺰ ﻳﻤﺜﻞ ﺣﻀﺎرة وﻋﻈﻤﺔ ﺑﻼدﻧﺎ ،إذ ﺗﺠﺪ اﻟﻨﺴﺎء واﻟﺮﺟﺎل ﻣﻨﺘﺸﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺴﺘﺎن ﻳﻘﻄﻔﻮن اﻟﻮردة اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ وﻳﺠﻤﻌﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻼل ﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ ﻟﺼﻨﻊ أﻟﻮان ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺷﺮاب اﻟﻮرد اﻟﺬاﺋﻊ ﺻﻴﺘﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﻴﻦ ،وﻣﺎء اﻟﻮرد ،اﻟﻤﺮﺑﺎت واﻟﺰﻫﻮرات ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﺟﺎﻧﺐ ﻻﺳﺘﺨﻼص زﻳﺖ اﻟﻮردة اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ اﻷﻏﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻟﻠﻤﺴﺘﺤﻀﺮات اﻟﺘﺠﻤﻴﻠﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﻛﻴﻠﻮ ﻏﺮام واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻮرد واﺣﺪ ﻟﺘﺮ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﻮرد ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻠﻌﺐ دورا ً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﻤﺎ ﺣﺒﺎﻫﺎ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺳﺤﺮ ﻳﺄﺧﺬ اﻷﻟﺒﺎب وﻳﺒﻌﺚ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ إن ﻛﻞ 4000ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﻮرد ﺗﻨﺘﺞ 1ﻛﻴﻠﻮ ﻏﺮام ﻣﻦ زﻳﺖ اﻟﻮرد اﻟﺸﺎﻣﻲ ،وﺗﻘﺎم ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﻳﻮم اﻟﻘﻄﺎف ﻋﺮوض ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ أﺑﻄﺎﻟﻬﺎ أﻃﻔﺎل اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺰي اﻟﻔﻠﻜﻠﻮري ﺗﺤﻜﻲ ﻗﺼﺔ اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ وﺗﺪﻋﻮ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻷﺟﻴﺎل إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﺮض ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﻴﺪوﻳﺔ ﻣﻦ أﺷﻐﺎل وأﻋﻤﺎل ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻟﺴﻴﺪات اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺷﻜﻠﺖ اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﻣﺼﺪر إﻟﻬﺎم ﻟﻬﻦ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ أﻋﻤﺎﻟﻬﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻘﻮل اﻟﻮردة اﻟﺘﻲ رأى ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻮن رﻣﺰا ً ﻟﻠﺠﻤﺎل واﻟﺤﺐ واﻟﺼﻔﺎء ،وراﺣﺔ اﻟﻘﻠﻮب ،اﺳﺘﻠﻬﻤﻮا وﻣﺰﺟﻮا ﻣﻦ ﺷﺬى اﻷﻟﻮان ﻟﻮﺣﺎت ﺧﺎﻟﺪة ﻋﻜﺴﺖ ﻟﻤﺴﺎﺗﻬﻢ ودفء ﻋﻮاﻃﻔﻬﻢ وﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ رﺳﻢ اﻟﺰﻫﻮر واﻟﻮرود ﺑﺎﻟﺨﻄﻮط واﻷﻟﻮان واﻷﺷﻜﺎل ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ اﻟﺴﻮرﻳﻴﻦ اﻟﻔﻨﺎن ﻧﺼﻴﺮ ﺷﻮرى ،رﺷﺎد ﻗﺼﻴﺒﺎﺗﻲ ،ﻟﺆي ﻛﻴﺎﻟﻲ ،ﻋﻤﺮ ﺣﻤﺪي ،ﺑﺎﺳﻞ اﻷﻳﻮﺑﻲ ،ﻋﺘﺎب ﺣﺮﻳﺐ ،ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻠﻪ ،وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮون @ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ
ﻛﺠﻤﺎل وردة دﻣــﺸــﻖ« ،وﻳــﻘــﻮل أﺣﺪ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ إن ﺳﻮرﻳﺔ أﺧﺬت اﺳﻤﻬﺎ ﻣﻦ وردة دﻣﺸﻖ ،وإن ﺷﻬﺮة اﻟﻐﻮﻃﺔ ﻓﻲ دﻣﺸﻖ ﺑﺰراﻋﺘﻬﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﺳﻮرﻳﺔ ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ »ﺳﻮرﻳﺴﺘﻮن« أي أرض اﻷزﻫــﺎر ،ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﺎﺗﺤﺎً أو ﻏﺎزﻳﺎً أو زاﺋﺮا ً دﺧﻞ إﻟﻰ دﻣﺸﻖ ﻣﻦ دون أن ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻮردﺗﻬﺎ وﻳﺤﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺑﻌﺾ ﺑﺬورﻫﺎ أو ﺷﺘﻼﺗﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮن واﻟﺮوﻣﺎن وﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ واﻷوروﺑﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ ﺧﻼل ﺣﺮوب اﻟﻔﺮﻧﺠﺔ، ﺣﻤﻠﻮا اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ إﻟﻰ ﺑﻼدﻫﻢ ،وﻧﻘﻠﻬﺎ اﻟﺤﺠﺎج اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺗﺮﻛﻴﺎ وإﻳـــﺮان ،ﺣﺘﻰ أن إﺣــﺪى اﻟﻤﺪن اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب وﺗﺪﻋﻰ »ﻗﻠﻌﺔ ﻣﻜﻮﻧﺔ« ﻳﻘﺎم ﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻨﻮي اﺳﻤﻪ
ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻞ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻮن ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﻢ ﻣﻦ دﻣﺸﻖ إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ﺣﻤﻠﻮا ﻣﻌﻬﻢ وردة دﻣﺸﻖ ،وﺣﻴﻦ ﻓﺘﺢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪاﺧﻞ اﻷﻧﺪﻟﺲ واﺳﺘﺘﺐ ﻟﻪ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ أﻣﺮ ﺑﺈﺣﻀﺎر ﻏﺮاس اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ،وزرﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻓﺎﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟﻰ ﻫﻨﺎك واﻧﺘﺸﺮت ﻓﻴﻬﺎ ،وﻻ ﺗﺰال إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا رﺳﻮم اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ ﺑﻼط ﻗﺼﺮ اﻟﺤﻤﺮاء ﻓﻲ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺑﻠﻐﺎرﻳﺎ واد ﻣﻠﻲء ﺑﻬﺎ وﻳﻘﻮل ﻋﻨﻪ اﻟﺒﻠﻐﺎرﻳﻮن إﻧﻪ ﻗﻄﻌﺔ ﻫﺎﺟﺮت ﻣﻦ دﻣﺸﻖ واﺳﺘﻘﺮت ﻟﺪﻳﻨﺎ. ﻟﻘﺪ ﺑﻠﻎ إﻋﺠﺎب اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﺑﻬﺬه ﺧﺺ ﻗﺼﺮه ﺑﻬﺎ وﻣﻨﻊ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻮردة ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ّ اﻟﺸﻌﺐ ﻣﻦ زراﻋﺘﻬﺎ وﻗﺎل» :ﻣﻠﻚ اﻟﻤﻠﻮك
وﻫﺬه اﻟﻤﻠﻜﺔ اﻟــﻮردة وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ اﻵﺧــﺮ« وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﺮد اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺻﻼح اﻟــﺪﻳــﻦ اﻷﻳــﻮﺑــﻲ اﻟــﻘــﺪس ﻣــﻦ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺟﻠﺐ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺟﻤﻞ ﻣﺤﻤﻠﺔ ﺑﻤﺎء اﻟﻮرد اﻟﻤﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ وردة دﻣﺸﻖ ﻟﺘﻄﻬﻴﺮ اﻟﻘﺪس ﻣﻦ رﺟﺲ اﻟﻐﺰاة ،وﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎدة اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎؤوا ﻣﻊ اﻟﺤﻤﻼت اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻛﻮﻧﺖ ﺗﻴﺒﻮ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺮوﻓﻨﺲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ وﻛﺎن ﻣﻮﻟﻌﺎً ﺑﺎﻟﻮرود وﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا ﺗﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﻐﻮﻃﺔ وﺑﺤﺚ ﻋﻦ وردة دﻣﺸﻖ ﻓﺤﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ وﻣﻦ ﺑﺬورﻫﺎ وﻋﺎد إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻴﺰرﻋﻬﺎ ﻫﻨﺎك ،اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ وردة دﻣﺸﻖ أن ﺗﺠﺘﺎز اﻟﺒﺤﺎر ﻟﺘﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﺼﺮ اﻟﻤﻠﻜﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ واﻋﺘﺒﺮت ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺎرات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﻤﺎﻟﻜﺔ .ﻣﻦ دﻣﺸﻖ إﻟﻰ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻃﺎﻓﺖ اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﻟﺘﺰرع ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
125
ĕŵőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
ﺗﻘﻮل ا0ﺳﻄﻮرة إﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ
اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻤﻨﻔﻌﺔ
ĖńĄĿí łœč
ارﺗﺒﻄﺖ اﻟــﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ﺑﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﺐ واﻟﺠﻤﺎل واﻟﻌﻈﻤﺔ، وﺣﻤﻠﺖ ﻃﺎﺑﻌﺎً ﺟﻤﺎﻟﻴﺎً وﺗﺮاﺛﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻳﻘﺎل إﻧﻬﺎ ﻧﺘﺎج ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻬﺠﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﺪة أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﻮرد ،وﻫﻲ ﺷﺠﻴﺮة ﻣﻌﻤﺮة ﺻﻐﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ ،واﺳﻌﺔ اﻟﺘﺤﻤﻞ ﻟﻠﻈﺮوف اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺧﺼﺎﺋﺺ أﻫﻤﻬﺎ اﻹزﻫﺎر اﻟﻐﺰﻳﺮ واﻟﺮاﺋﺤﺔ اﻟﻌﻄﺮﻳﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰة، واﺳ ُﺘﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻄﺮ وﻣﺎء اﻟﻮرد ،واﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻮردة أﻧﻬﺎ ﺗﺰﻫﺮ ﻓﻘﻂ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺳﻨﻮﻳﺎً، ﻟﻬﺎ أﺷــﻮاك ،ﻣﻌﻜﻮﻓﺔ اﻟﻮرﻗﺔ ﻣﻠﻮﻧﺔ ،وذات أذﻳﻨﺎت ﺑﺴﻴﻄﺔ وﺣﺎﻣﻞ اﻟﺰﻫﺮة ذو أﺷﻮاك ﺧﺸﻨﺔ وﻟــﻮن اﻟﺰﻫﺮة ﻳﺘﺮاوح ﺑﻴﻦ اﻷﺣﻤﺮ اﻟﺰاﻫﻲ واﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺸ ّﺮب ﺑﺎﻟﺤﻤﺮة. أول ﻣﻦ اﻛﺘﺸﻒ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻟــﻮردة ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻄﻴﺮ واﻟﺘﻌﻄﻴﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ،وﻫﻲ اﻟﺰﻫﺮة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ ،ﻳﻌﺸﻘﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻳﻔﺘﺨﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻮرﻳﻮن ،واﺗﺨﺬﺗﻬﺎ وزارة اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺷﻌﺎراً ﻟﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ رﻣﺰ ﻟﻤﻌﺮض اﻟﺰﻫﻮر اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﺎم ﺑﺪﻣﺸﻖ ﺳﻨﻮﻳﺎً ،ﻛﻤﺎ ﺧﺼﺼﺖ ﻏﺮﻓﺔ زراﻋﺔ دﻣﺸﻖ ﻣﻨﺤﺔ ﻟﺪراﺳﺔ ّ اﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ واﻟﺪﻛﺘﻮراه ﺣﻮل اﻟﻮردة اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ. 124
اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ..ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻤﻨﻔﻌﺔ
óčŎĤēŗíō óĉčŎĿí
ﻟ ّﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ دﻣﺸﻖ أﻗﺪم ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻣﺄﻫﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻮﻃﺔ دﻣﺸﻖ أﻗﺪم ﻣﻜﺎن ﻣﺰروع ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وأن أول ﺣﺎﺋﻂ وﺿﻊ ﻓﻲ اﻷرض ﺑﻌﺪ ﻃﻮﻓﺎن ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻫﻮ ﺣﺎﺋﻂ دﻣﺸﻖ ،وﻟ ّﻤﺎ آدم وﺣﻮاء ﻧﺰﻻ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ ﻗﺎﺳﻴﻮن اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ دﻣﺸﻖ ،ﻟﺬا ﻳﻘﻮل رواة اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ إن وردة دﻣﺸﻖ ﺟﺎءت ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ وأن اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻏﺮﺳﺖ اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﻮﻃﺘﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﻣﻦ أزﻫﺎر اﻟﺠﻨﺔ، أﺳﻄﻮرة اﻟﺠﻤﺎل وﻟﻮﺣﺔ ﻓﻠﻜﻠﻮرﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﺒﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ. ĆœčîøĿíō óĉčŎĿí
وردة دﻣﺸﻖ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﺑﺮﻗﺘﻬﺎ وﺟﻤﺎﻟﻬﺎ
وﺣﺴﺎﺳﻴﺘﻬﺎ وراﺋﺤﺘﻬﺎ وﻓﻮاﺋﺪﻫﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ واﻟﺘﺠﻤﻴﻠﻴﺔ واﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﺗﻌﻮد ﺑﺘﺎرﻳﺨﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ﺣﻴﺚ أُﺷﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻬﺬه اﻟﻮردة ﻫﻲ ﺳﻮرﻳﺔ ﺛﻢ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ أوروﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ وﻣﻦ ﺛﻢ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻟﺘﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى ﻣﺜﻞ ﺗﺮﻛﻴﺎ ،ﺑﻠﻐﺎرﻳﺎ ،إﻳﺮان ،اﻟﻬﻨﺪ وﻓﺮﻧﺴﺎ. ﻟﻘﺒﺘﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﺳﺎﻓﻮ ﺑـ »ﻣﻠﻜﺔ اﻷزﻫــﺎر« ،وذُﻛﺮت ﻓﻲ اﻟﻤﻠﺤﻤﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻹﻟﻴﺎذة واﻷودﻳﺴﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﻴﻦ أزﻫﺎر ﺣﺪاﺋﻖ ﺑﺎﺑﻞ اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ،وﻓﻲ ﺣﺪاﺋﻖ اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ ذﻛﺮﻫﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ وﻟﻴﻢ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻪ وﺣﻴﻦ أراد وﺻﻒ ﺟﻤﺎل اﻣﺮأة ﻗﺎل »ﺟﻤﻴﻠﺔ
ﻓﻀﺎءات
زﻳﺎرة ﻟﻤﻜﺘﺒﺎت اﻟﻨﺠﻮم أﻋﺎدﺗﻨﻲ ﻣﺒﺎدرة ) 2016ﻋﺎم اﻟﻘﺮاءة( اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻋﺰزﻫﺎ ﺑﻤﺒﺎدرة اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮاءة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ ،رﻋﺎه اﻟﻠﻪ ،أﻗﻮل أﻋﺎدﺗﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺒﺎدرات اﻟﻤﻬﻤﺔ إﻟﻰ ذﻛﺮﻳﺎت ﻃﻴﺒﺔ ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺎب ،إذ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ أﺟﺮﻳﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 30ﺣﻮا ًرا ﻣﻊ ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﻲ ﻣﺼﺮ وﻣﺒﺪﻋﻴﻬﺎ ﺣﻮل ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب ،وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ أن أﺧﺒﺮك ﻣﺘﻰ وﻛﻴﻒ وﻟﻤﺎذا؟ دﻋﻨﺎ ﻧﺒﺪأ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﻦ أوﻟﻬﺎ. ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺟﺮﻳﺪة )اﻟﺒﻴﺎن( اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻣﻜﺘ ًﺒﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ،وﻛﻨﺖ واﺣ ًﺪا ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ أﺳﻬﻤﻮا ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻟﺬي ﺗﺮأﺳﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻷﺳﺘﺎذ ﺟﻼل ﻋﺎرف ﻧﻘﻴﺐ اﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ اﻷﺳﺒﻖ ،ﺛﻢ ﻗﺮرت اﻟﺠﺮﻳﺪة أن ﺗﺼﺪر ﻣﻠﺤﻘًﺎ أﺳﺒﻮﻋ ًﻴﺎ ﻳﺤﻤﻞ اﺳﻢ )ﺑﻴﺎن اﻟﻜﺘﺐ( ،وﻛﻠﻔﺖ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺑﺈﺟﺮاء ﺣﻮارات ﻣﻊ اﻟﻤﺸﺎﻫﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ ﺣﻮل ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﻜﺘﺎب. ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺤﻖ ﻛﺎن ﺑﺎب )ﺣﻜﺎﻳﺘﻲ ﻣﻊ اﻟﻜﺘﺎب( ،وﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺗﻮﻟﻴﺖ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،وﻫﻜﺬا أﺟﺮﻳﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 30ﺣﻮا ًرا ﻣﻊ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻌﺘﺒﺮة ﺳﺄذﻛﺮ ﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻤﺎء ﺗ ًﻮا ،وﻗﺪ اﺧﺘﺮت ﻫﺆﻻء ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﻷﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﻋﺮف أﻧﻬﻢ رﺟﺎل ﻣﺜﻘﻔﻮن ﻳﻌﺸﻘﻮن اﻟﻘﺮاءة وﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﻣﻜﺘﺒﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻬﻤﺔ أذﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ: ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻤﺴﺮح واﻟﻐﻨﺎء اﻟﺘﻘﻴﺖ ،ﻣﻊ ﺣﻔﻆ اﻷﻟﻘﺎب، ﻣﺤﻤﻮد ﻳﺎﺳﻴﻦ وﺻــﻼح اﻟﺴﻌﺪﻧﻲ وﺳﻌﺪ أردش واﻟﻤﻄﺮب واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﻮح ،وﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻹﺑﺪاع واﻟﻨﻘﺪ ﺳﻌﺪت ﺑﺤﻮارات ﻣﻤﺘﻌﺔ ﻣﻊ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻌﻄﻲ ﺣﺠﺎزي وﺟﺎﺑﺮ ﻋﺼﻔﻮر وﻣﺤﻤﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺑﻮﺳﻨﺔ واﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻴﻤﺎن ُﺣﺰﻳّﻦ رﺋﻴﺲ اﻟﻤﺠﻤﻊ
ﻧﺎﺻﺮ ﻋﺮاق @
اﻟﻌﻠﻤﻲ آﻧــﺬاك وﻣﺆﺳﺲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺳﻴﻮط ﻋﺎم 1955ووزﻳﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺼﺮي اﻷﺳﺒﻖ ﻋﺎم ،1965وﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺷﺮﻓﺖ ﺑﻠﻘﺎءات داﻓﺌﺔ ﻣﻊ ﺷﻴﺦ اﻟﺮﺳﺎﻣﻴﻦ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻴﻜﺎر ،وﺣﻠﻤﻲ اﻟﺘﻮﻧﻲ وﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﻧﺠﻴﺐ واﻟﺪﻛﺘﻮر ﺻﺒﺮي ﻣﻨﺼﻮر ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻏﻴﺮﻫﻢ. دﺧﻠﺖ ﺑﻴﻮت ﻫﺆﻻء ،واﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﺎت، وأﺷﻬﺪ أﻧﻨﻲ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﻮزة ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﻤﺤﻤﻮد ﻳﺎﺳﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﺧﺼﺺ اﻟﺪور اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻓﻴﻠﺘﻪ ﻛﻠﻪ ﻟﻠﻤﻜﺘﺒﺔ ،وﻣﺤﻤﺪ ﻧﻮح ﺧﺼﺺ اﻟﺪور اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻓﻴﻠﺘﻪ ﻟﻤﻜﺘﺒﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت واﻟﻨﻮادر ،أﻣﺎ اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﻣﻨﺰل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺼﻔﻮر ﻓﻘﺪ ﻓﺎﺿﺖ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﺤﻮذت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻤﺮات واﻟﻄﺮﻗﺎت ﺑﺎﻟﺸﻘﺔ ووﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻣﺸﺎرف اﻟﺤﻤﺎم! وﻋﻨﺪﻣﺎ زرت ﺳﻌﺪ أردش اﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻨﻲ ﻣﺌﺎت اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﺎﻟﻮن وﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎﻋﺪ واﻟﻄﺎوﻻت ،ﻓﺎﻗﺘﻨﺼﻨﺎ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﻟﻨﺠﻠﺲ ﻓﻴﻪ وﻧﺘﺤﺎور .ﻟﻜﻦ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻮى ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎ /ﻣﺠﻠ ًﺪا ﻓﻘﻂ ،ﻫﻮ اﻟﺮاﺣﻞ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻴﻜﺎر ،ﻓﻠﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ :أﻳﻦ اﻟﺒﺎﻗﻲ؟ ﻗﺎل ﻟﻲ) :ﻟﻘﺪ ﺗﺨﻠﺼﺖ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻷن اﻟﺰوﺟﺔ ،أي زوﺟﺔ، ﺗﺨﺘﻨﻖ ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ ،وﻟﻢ أﺣﺘﻔﻆ ﺳﻮى ﺑﻬﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺪﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻲ(. أﻣﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻴﻤﺎن ُﺣﺰﻳّﻦ رﺋﻴﺲ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻓﻘﺪ رﻓﺾ ﺑﺸﺪة ﻓﻜﺮة اﺳﺘﻌﺎرة اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻤﻊ )ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻮي آﻧﺬاك ﻋﻠﻰ 40أﻟﻒ ﻛﺘﺎب(. أﻣﺎ ﻣﺎذا ﻛﺎن ﻳﻘﺮأ ﻫﺆﻻء؟ ﻓﻔﻲ اﻟﻤﻘﺎل اﻟﻤﻘﺒﻞ @ رواﺋﻲ وﺗﺸﻜﻴﻠﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
123
ĕŵőĽŤē ĴżňĔĸĉ
واﺷﺘﺪ ﺣﺰن اﻟﺜﻴﺎ ﺣﺘﻰ رﻓﻀﺖ أن ﺗﺴﻤﻊ ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ واﺣﺪة ،ﺑﻌﺪ اﻟﻜﻼم اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﻤﻤﻞ اﻟﺬي زﺧﺮﻓﻪ ﻟﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻧﻬﻀﺖ ﻓﺠﺄة ،وﻗﺪ ﺟﻦ ﺟﻨﻮﻧﻬﺎ ،وﻋﻤﻴﺖ ﺑﺼﻴﺮﺗﻬﺎ ،ﻓﺄﺳﺮﻋﺖ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﻮ ،وﻓﺘﺤﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ أودﻋﺘﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ ،واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻘﺮت ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻛﺎن ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﻃﻔﻼ ﻳﻠﻌﻖ أﺻﺎﺑﻌﻪ ،ﻻ ﻳﺮاﻫﺎ أﺣﺪ وﻻ ﻳﻤﺴﻬﺎ أﺣﺪ ،ﻓﺘﻨﺎوﻟﺘﻬﺎ واﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻓﺄة ،وﻗﺬﻓﺖ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﺎرﻫﺎ اﻟﻤﻠﺘﻬﺒﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺼﺮخ وﺗﻘﻮل :ﻟﺘﻤﺖ إذن ﻳﺎ أﺷﻘﻰ اﻷﺑﻨﺎء ﻟﺘﻤﺖ ،ﻟﺘﻤﺖ .وﻛﺎن ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻳﺪاﻋﺐ أﺗﻼﻧﺘﺎ ﻓﻲ ﺧﻠﻮة ﺳﻌﻴﺪة ،وﻳﺸﺮب ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﺷﻬﺪ اﻟﻐﺮام ،ﻛﺎن ﻳﺸﺮب ﺧﻤﺮا ﺣﻼﻻ روﺣﻴﺔ ﻃﻴﺒﺔ ،ﻓﻲ ﻛﺆوس ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎت ﺣﺎﻟﻤﺔ ،ﻳﻄﻠﺐ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ آﺗﻼﻧﺘﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻋﺮوﺳﻪ ،ﻟﺘﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻐﺪ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻠﻜﺔ ﻛﺎﻟﻴﺪون ،وﻟﺘﻤﻸ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﻌﺎدة وﻫﻨﺎء وﺑﻬﺠﺔ .وﻟﻢ ﺗﻜﻦ آﺗﻼﻧﺘﺎ أﻗﻞ ﺳﻌﺎدة ﻣﻦ ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﺑﻬﺬا اﻟﺰواج اﻟﻤﻮﻋﻮد ،وﻗﺪ ﺳﺮﻫﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻛﻔﺆا ﻟﻬﺬا اﻟﻔﺘﻰ وﻟﻲ ﻋﻬﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺎذﺧﺔ اﻟﺸﺎﻣﺨﺔ ،ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ ﻟﻬﺎ أﺑﻮﻟﻠﻮ أﻧﻬﺎ ﻫﻰ أﻳﻀﺎ اﺑﻨﺔ ﻣﻠﻜﻴﻦ ﻛﺮﻳﻤﻴﻦ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺘﺴﻢ ﻟﻤﻠﻴﺎﺟﺮ ﻫﺎﻧﺌﺔ ﺳﻌﻴﺪة ،ﻳﻘﺴﻢ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻓﺎء واﻟﻮﻻء ،وإﻧﻬﻤﺎ ﻟﻔﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻓﺈذا ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﻳﺤﺲ ﻓﺠﺄة آﻻ ًﻣﺎ ﻣﺒﺮﺣﺔ ﺗﻔﺘﻚ ﺑﻪ ،واﻟﻤﻮت ﻳﺴﺮي ﻓﻲ ﻛﻴﺎﻧﻪ ،ﻓﻼ ﻳﻤﻠﻚ إﻻ أن ﻳﺸﻜﻮ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻣﺎ ﺷﻜﺎ إﻟﻰ أﺣﺪ ﻗﻂ ،ﻓﺘﺴﺄﻟﻪ آﺗﻼﻧﺘﺎ ﻋﻤﺎ ﺑﻪ، وﻗﺪ ﻫﺎﻟﻬﺎ أن ﻳﺘﻠﻮى ﻛﺎﻟﻤﻠﺪوغ ﺑﺄﻟﻒ أﻓﻌﻰ ،وﻻ ﻳﺪري ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﻣﺎذا ﻳﻘﻮل ،ﻷن اﻷﻟﻢ ﻛﺎن ﻳﻘﻄﻊ أﻧﻔﺎﺳﻪ ،وﺗﺰﻳﻎ ﻋﻴﻨﺎه ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻀﺮ، وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎ اﻟﻬﺎوﻳﺔ .ﺗﺄﺧﺬه اﺗﻼﻧﺘﺎ ﺑﻴﻦ ذراﻋﻴﻬﺎ وﺗﻐﻤﺮ وﺟﻬﻪ ﺑﺎﻟﻘﺒﻞ ،وﺗﺴﻜﺐ ﻋﻠﻰ رأﺳﻪ اﻟﺠﻤﻴﻞ أﻏﻠﻰ دﻣﻮﻋﻬﺎ .وﻟﻜﻦ ،واأﺳﻔﺎه، ﻟﻘﺪ اﺿﻄﺮﻣﺖ ﻗﻄﻌﺔ اﻟﺨﺸﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﺎر ،واﺿﻄﺮﻣﺖ ﻧﻴﺮان اﻟﻤﻮت
122
اﻟﺤﺴﻨﺎء أﺗﻼﻧﺘﺎ
ﻓﻲ ﺟﺜﻤﺎن ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ،ﺛﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﻗﻄﻌﺔ اﻟﺨﺸﺐ رﻣﺎدا وأﺧﺬت ﺣﻴﺎة ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﺗﻬﻤﺪ ،ﺛﻢ اﻧﺘﻬﺖ اﻟﻘﻄﻌﺔ ﻷن اﻟﻨﺎر أﻛﻠﺘﻬﺎ ،وﻓﺎﺿﺖ روح ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﺎﺿﺖ ﺑﻴﻦ ذراﻋﻲ آﺗﻼﻧﺘﺎ ،ورأﺳﻪ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺻﺪرﻫﺎ، وذﻋﺮت اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ واﻧﺤﻨﺖ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﺗﻘﺒﻠﻪ وﺗﺬرف ﻋﻠﻴﻪ ﻵﻟﺊ دﻣﻮﻋﻬﺎ. ﻣﺴﻜﻴﻨﺔ ،إﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﺪ ﺗﻠﻘﺎه ﺣﺘﻰ ﻓﺎرﻗﺘﻪ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﺐ ﻋﺰﻳﺰ ﻗﺼﻴﺮ اﻷﺟﻞ .وإﻧﻬﺎ ﻟﻜﺬﻟﻚ ،وإذا اﻟﻤﻠﻜﺔ أم ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ اﻟﺸﻘﻴﺔ ﺗﺒﺮز ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺠﺮ ﻓﺠﺄة ،ﻓﺘﺼﺮخ ،وﺗﻌﻮل وﺗﻬﺮع إﻟﻰ اﻟﺤﺒﻴﺒﻴﻦ وﻫﻲ ﺗﺘﻠﻮى ﻣﻦ اﻟﺤﺰن ﻣﺬﺑﻮﺣﺔ اﻟﺼﻮت :وﻟﺪى ،ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻋﻤﻴﺎء ،ﻓﺴﺎﻣﺤﻨﻲ .اﺑﻨﺘﻲ آﺗﻼﻧﺘﺎ ،ﺳﺎﻣﺤﻴﻨﻲ أﻧﺖ ﺣﺒﻴﺒﺔ ،ﺳﺎﻣﺤﻴﻨﻲ ،وﻋﻴﺸﻲ ﻣﻌﻲ وﻋﻴﺸﻲ ﻟﻲ. ﻟﻜﻦ آﺗﻼﻧﺘﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺠﻲ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺸﺐ اﻷﺧﻀﺮ اﻟﻐﺾ ،ﺛﻢ ﺗﻨﺘﺰع أوراﻗًﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻓﺘﻐﻄﻰ ﺑﻬﺎ ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﻘﺒﻠﻪ أﻟﻒ ﻗﺒﻠﺔ ،وﺗﺴﻜﺐ ﻋﻠﯩﻪ أﻟﻒ دﻣﻌﻪ ،ﺛﻢ ﺗﺤﻴﻲ اﻷم اﻟﻤﺤﺰوﻧﺔ وﺗﻘﻮل: ﺳﻴﺪﺗﻰ ،ﻟﻚ ﻋﺰاﺋﻰ ،ﻗﺪ أﻋﻮد إﻟﻴﻚ ﻷﻋﺮف ﺳﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺄﺳﺎة اﻟﻤﻔﺎﺟﺌﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺬرﺗﻨﺎ ﺑﻬﺎ اﻵﻟﻬﺔ ،أﻣﺎ اﻵن ﻓﺎﺳﺘﻮدﻋﻚ آﻟﻬﺔ اﻷوﻟﻴﻤﺐ ،إﻧﻲ ذاﻫﺒﺔ ﻷﻟﻘﻰ واﻟﺪي اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻟﻢ أرﻫﻤﺎ ﻣﻨﺬ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ .ﺑﻞ ﻟﻢ أراﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻗﻂ .وﺗﻌﻮد آﺗﻼﻧﺘﺎ إﻟﻰ وﺟﻪ ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﻓﺘﻘﺒﻠﻪ وﺗﻮدﻋﻪ وﻫﻲ ﺗﺒﻜﻲ ،وﺗﻨﺼﺮف ،وﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺒﺘﻌﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ﺿﺤﻜﺎت، إﻧﻬﺎ ﺿﺤﻜﺎت اﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ اﻟﺸﻘﻴﻴﻦ ،أﺑﻮﻟﻠﻮ ودﻳﺎﻧﺎ ،ﻟﻘﺪ ﺣﻀﺮا ﻟﻴﺸﻬﺪا اﻟﻤﻠﻜﺔ ،وﻫﻰ ﺗﻨﺘﺤﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﻤﺎن وﻟﺪﻫﺎ ﻋﻘﺎﺑًﺎ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺪﻳﻬﺎ وﻫﻲ ﺻﻐﻴﺮة ﻟﻶﻟﻬﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﻗﺎﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺒﺪ @ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺣﻴﻦ رزق »أوﻧﻴﻮﺳﺴﺎ« ،ﻣﻠﻚ ﻛﺎﻟﻴﺮون ،وزوﺟﺘﻪ »أﻟﺜﻴﺎ« ﺑﻮﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ ﻓﺮﺣﺎ وﻇﻨﺎ أن ﺳﻌﺎدﺗﻬﻤﺎ اﻛﺘﻤﻠﺖ ﻏﻴﺮ أن اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻬﻤﺎ إن ﻋﻤﺮه ﻗﺼﻴﺮ ،وأن ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﺤﺘﺮق آﺧﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺸﺐ ﺗﻀﻌﻬﺎ ا0م ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻓﺄة ﻫﺬه اﻟﻠﻴﻠﺔ
وذات ﻳﻮم وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻳﺠﺪ ﻓﺘﺎة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﺼﺎرع اﻟﻮﺣﺶ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ »ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ« إﻻ أن ﻳﻌﺪو ﻧﺤﻮ اﻟﻔﺘﺎة ﺑﺪوره ،ﺣﺘﻰ إذا ﺻﺎر ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺎب ﻗﻮﺳﻴﻦ ،اﻧﺤﻨﻰ ﻣﺤﻴﻴﺎ ﻓﺘﺘﺮك اﻟﻔﺘﺎة دﺑﻬﺎ ،وﺗﺮد اﻟﺘﺤﻴﺔ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺗﺴﺄل اﻟﺸﺎب اﻟﻐﺮﻳﺐ ،ﻋﺎﺑﺮ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﺬي ﻟﻢ ﺗﻄﺄه ﻗﺪم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻏﻴﺮ ﻗﺪﻣﻬﺎ :ﻣﻦ أﻳﻦ ،وإﻟﻰ أﻳﻦ؟ ﻓﻴﺮﺗﺒﻚ ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ وﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﺎة ﺳﺒﺐ ارﺗﺒﺎﻛﻪ ،ﻓﺘﺒﺘﺴﻢ وﺗﻌﺮف اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻰ »أﺗﻼﻧﺘﺎ« أن ﺣﺒﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻔﺘﻰ ،ﻓﺘﺒﺘﺴﻢ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ أﻛﺒﺮ ﺛﻢ ﺗﺴﺄﻟﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى :ﻣﻦ أﻳﻦ ،وإﻟﻰ أﻳﻦ؟ وﻛﻴﻒ ﺣﺪث أن ﻣ ّﺮ اﻟﻔﺎرس ﺑﻬﺬا اﻟﺮﻛﻦ اﻟﻤﻨﻌﺰل اﻟﻤﻮﺣﺶ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ؟ ﻳﻘﻊ اﻻﺛﻨﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ﻟﻜﻦ اﻵﻟﻬﺔ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺧﻮض اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﺷﺮﻃﺎ ﻹﺗﻤﺎم زواﺟﻬﻤﺎ .وﻛﺎن ﻟﻤﻠﻴﺎﺟﺮ ﺧﺎﻻن ﻗﺪ ﺷﻬﺪا ﻣﻌﺎرك ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ وﺷﺠﺎﻋﺘﻬﺎ وﺟﻤﺎﻟﻬﺎ وﻋﺰ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ أن ﺗﺨﺮج أﻣﺠﺎد اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ اﻟﺬي ﻗﺘﻠﺘﻪ اﻟﻔﺘﺎة
وﻣﻐﺎﻧﻤﻪ ﻣﻦ ﻛﺎﻟﻴﺪون ،وأن ﺗﻔﻮز ﺑﺸﺮف ﻗﺘﻠﻪ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺎة اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﺎن ﻣﻦ أﻣﺮﻫﺎ ﺷﻴﺌﺎ ،وإن ﻛﺎﻧﺎ ﻗﺪ ﺷﻬﺪا ﻣﻦ ﺷﺠﺎﻋﺘﻬﺎ وﺣﺴﻦ ﺑﻼﺋﻬﺎ ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﻓﺘﻘﺪﻣﺎ إﻟﻰ ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ﻳﻌﺘﺮﺿﺎن ﻋﻠﻰ إﻫﺪاء ﻛﻨﻮز اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ إﻟﻴﻬﺎ ،وﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﻠﻤﺎت أﺛﺎرت ﺛﺎﺋﺮة اﺑﻦ أﺧﺘﻬﻤﺎ ﻓﻬﺎج ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ وأﻣﺮ ﺧﺎﻟﻴﻪ ﺑﻤﻐﺎدرة اﻟﻤﻴﺪان ،ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻋﺘﺬارﻫﻤﺎ ﻷﺗﻼﻧﺘﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻌﻼ ،ﻓﺘﻨﺎول اﻟﻔﺘﻰ ﺳﻴﻔﻪ ،واﻧﻬﺎل ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻠﻴﻦ ﻓﻘﺘﻠﻬﻤﺎ ،وﻫﻜﺬا اﻧﻘﻠﺐ ﻋﺮس اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺄﺗﻤﺎ .ﻧﻤﺎ اﻟﺨﺒﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻜﺔ آﻟﺜﻴﺎ ،أم ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ ،ﻓﺤﺰﻧﺖ ﻋﻠﻰ أﺧﻮﻳﻬﺎ أﺷﺪ اﻟﺤﺰن وأﻓﻈﻌﻪ ،وﻏﻀﺒﺖ ﻣﻦ اﺑﻨﻬﺎ ،وﻟﻢ ﺗﺪر ﻛﻴﻒ ﺗﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ ،وﻫﻮ ﻓﻠﺬة ﻛﺒﺪﻫﺎ ،وﻗﻄﻌﺔ ﻗﻠﺒﻬﺎ، وﺣﺒﻴﺐ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻷﺧﻮﻳﻬﺎ اﻟﺸﻘﻴﻘﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﻮاﻫﻤﺎ وﺗﻔﺘﺪﻳﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ وﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ آﺧﺮ ﺳﻼﻟﺔ أﺳﺮﺗﻬﺎ ،وﺑﻤﻮﺗﻬﻤﺎ اﻧﻘﻄﻊ ﻋﻤﻮد ﻧﺴﺐ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻛﻠﻬﺎ. ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
121
ĕŵőĽŤē ĴżňĔĸĉ
اﻟﺤﺴﻨﺎء أﺗﻼﻧﺘﺎ ôĻĎñ ĊńĄŃ
ﺣﻴﻦ رزق »أوﻧﻴﻮﺳﺴﺎ« ،ﻣﻠﻚ ﻛﺎﻟﻴﺮون ،وزوﺟﺘﻪ »أﻟﺜﻴﺎ« ﺑﻮﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ ﻓﺮﺣﺎ وﻇﻨﺎ أن ﺳﻌﺎدﺗﻬﻤﺎ اﻛﺘﻤﻠﺖ ﻏﻴﺮ أن اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻬﻤﺎ إن ﻋﻤﺮه ﻗﺼﻴﺮ ،وأن ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﺤﺘﺮق آﺧﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺸﺐ ﺗﻀﻌﻬﺎ اﻷم ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻓﺄة ﻫﺬه اﻟﻠﻴﻠﺔ. ﺗﻨﺘﺒﻪ أﻟﺜﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻮءة ﻗﺒﻞ أن ﺗﺄﺗﻰ اﻟﺮﺳﻞ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ وﺗﺸﻌﺮ ﺑﺸﺆم آﺧﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﺸﺐ أﻟﻘﺖ ﺑﻬﺎ ﻓﻰ اﻟﻨﺎر ﻓﺘﺨﺮﺟﻬﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺤﺘﺮق وﺣﻴﻦ ﻳﻌﻮد اﻟﺮﺳﻞ ﻳﺆﻛﺪون ﻟﻬﺎ أن ﺣﺪﺳﻬﺎ ﻛﺎن ﺻﺤﻴ ًﺤﺎ. وﻳﺸﺐ وﻟﻰ اﻟﻌﻬﺪ »ﻣﻠﻴﺎﺟﺮ« وﻳﺘﺮﻋﺮع ،وﻳﻌﻬﺪ ﺑﻪ أﺑﻮه إﻟﻰ »ﺷﻴﺮون« ،اﻟﺴﻨﺘﻮر اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺒﺎرع ـ ﻧﺼﻒ رﺟﻞ وﻧﺼﻒ ﺣﺼﺎن ـ ﻣﺪرب أﺧﻴﻞ وﻣﺜﻘﻔﻪ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺤﺮب ،ﻓﻴﺆدﺑﻪ وﻳﻬﺬﺑﻪ ،وﻳﺘﻢ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ،وﺟﺮأة اﻟﻘﻠﺐ ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ أﺑﻄﺎل اﻟﻴﻮﻧﺎن وﺻﻨﺎدﻳﺪﻫﺎ.
120
اﻟﺤﺴﻨﺎء أﺗﻼﻧﺘﺎ
وﻓﺘﺤﺖ أﺑﻮاﺑﺎ ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻠﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻻ ﻏﺮاﺑﺔ أن ﻧﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﺻﺪى ﻓﻲ ﺗﺠﺎرب رواﺋﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﺻﻨﻌﺖ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ وﺗﻤﻴﺰﻫﺎ اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺘﺮاث وﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﺟﻤﺎل اﻟﻐﻴﻄﺎﻧﻲ وﻣﺤﻤﻮداﻟﻤﺴﻌﺪي واﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻜﻮﻧﻲ واﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺗﻄﻮل. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﺗﺠﺎه اﻟﺮواﻳﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺠﺮد اﺗﺠﺎه ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻜﻞ واﻟﻠﻐﺔ وإﻧﻤﺎ ﻛﺎن اﺗﺠﺎﻫﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاع اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨﻄﺎب ﺣﻴﺚ ﻧﻠﻤﺲ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺴﺮدي اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺬي ﺿﺦ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺎﻷﺟﻨﺎس اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ.ﻛﻤﺎ ﻧﻠﻤﺲ اﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺠﻼت اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﺮاء وﺗﻨﻮع ...إﻧﻬﺎ ﻋﻮدة إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ وإﻟﻰ اﻷﺟﻨﺎس اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼﻓﻬﺎ و إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﺗﺮاﻛﻴﺒﻬﺎ وﻣﻔﺮداﺗﻬﺎ وﻫﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﻮدة إﻟﻰ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺴﺮدي اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ أﻧﻤﺎط ﺗﺨﻴﻴﻞ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻷﺳﻄﻮري واﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ أﻧﻤﺎط اﻟﺴﺮد واﻟﺤﻜﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺪاوﻟﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد ﻗﺮون. ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻠﻬﻤﺖ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻷﺷﻜﺎل واﻟﺼﻴﻎ واﻟﻤﻮاﺿﻴﻊ وأﻧﻮاع اﻟﻘﺺ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ وﻟﻌﻞ ﺳﺆاﻻ ﻛﺒﻴﺮا ﻳﺘﺒﺪى ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺴﺘﻮى ﻫﻮ ﻣﺪى ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﻨﺸﻮدة وﻣﻮاﻛﺒﺘﻪ ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
إﺿﺎءة
واﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي ،أﻟﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺣﻀﻮر اﻟﺘﺮاث ﻣﻮﻃﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد اﻟﺤﺪﻳﺚ؟ أﻟﻴﺲ ﺑﻮاﺑﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻌﺪد اﻟﺼﻮﺗﻲ واﻟﻠﻐﻮي وﻧﺤﻮ«إﺧﺼﺎب« اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺮواﺋﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺮوح اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻤﻨﺴﻴﺔ؟ وأﻟﻢ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﺘﺮاث إﻟﻰ ﻋﺎﻣﻞ إﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﻫﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﺎﻗﺘﻪ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ؟ @ ﻧﺎﻗﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ
ﺗﻮاﺻﻴﻒ ي درب اﻟﺼﺒﻲ َﻋ َﻮ ْ
أي أن ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺼﺒﻲ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺴﺘﻘﻴﻢ. وﻣﻌﻨﺎه أن اﻟﺼﺒﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺻﻐﻴﺮاً ﺑﻌﺪ ،ﻓﺪاﺋﻤﺎً ﻣﺎ ﻳﺄﺧﺬ اﻷﻣﻮر ﺑﺤﺴﺐ أﻫﻮاﺋﻪ ورﻏﺒﺎﺗﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺧﺒﺮ ًة ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻌﺪ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﻋﻮﺟﺎء ،وﻳﺘﻌﺮض ﻟﻠﻀﺮب واﻟﺘﻮﺑﻴﺦ واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة. ﻫﺬه ﻛﻨﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﻀﺮب اﻧﺘﻘﺎداً ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎت اﻷﻃﻔﺎل وﻋﺪم اﻷﺧﺬ ﺑﻬﺎ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
119
ﻣﻦ اﻟﻬﺎﻣﺸﻲ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻹﺑﺪاﻋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻇﻞ ﻳﺮاوح ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺒﺬ واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻟﻨﻈﺮة اﻟﺪوﻧﻴﺔ وﻟﻜﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﺴﺮدي واﻟﺮواﺋﻲ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺻﻨﻌﺖ ﻟﻪ ﻣﺠﺪا ﺟﺪﻳﺪا وﺟﻌﻠﺘﻪ ﻣﻮﻃﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺘﻬﺎ وﺣﺪاﺛﺘﻬﺎ. ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻏﺰﻳﺮا وﻣﺘﻨﻮع اﻷﺷﻜﺎل ﺣﻴﺚ ﺑﺮع اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ أﻧﻮاع ﺣﻜﺎﺋﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺜﻞ اﻟﺨﺒﺮ واﻟﻨﺎدرة واﻟﻤﻘﺎﻣﺎت واﻟﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻇﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﻬﺎﻣﺶ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻣﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻫﺔ واﻟﺨﻄﻮرة وﻟﻌﻞ ﻣﺮد ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎط ﻷﺻﻮات اﻟﻤﻬﻤﺸﻴﻦ وﻧﻘﺪ ﻟﻠﻈﻮاﻫﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ وﻟﻜﻦ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﺪم ﺗﻌﻼت أﺧﺮى وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺴﺮد ﻳﺮاوح ﻣﻜﺎﻧﻪ أﻣﺎم ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺬي ﻋﺪ دﻳﻮان اﻟﻌﺮب وﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻬﻢ ...ﻓﻠﻢ ﻳﺤﻆ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺒﺠﻴﻞ اﻟﺬي ﺣﻈﻲ ﺑﻪ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﻞ وﺟﺪ ﻓﻀﺎء ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻣﻌﺎدﻳﺎ وﻣﺤﺮﻣﺎ ﻟﻪ وﻣﻬﻤﺸﺎ ﻟﻪ وﻗﺪ ﺗﻤﺖ ﻣﺠﺎﺑﻬﺘﻪ ﻣﺠﺎﺑﻬﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ دﻳﻨﻴﺔ واﺗﻬﻢ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﺎﻻﻓﺘﺮاء واﻟﻜﺬب وﻧﺸﺮ اﻟﺒﻼﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ووﺻﻔﻮا ﺑﺎﻟﺪﺟﺎﻟﻴﻦ واﻟﻤﺤﺘﺎﻟﻴﻦ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﻨﻔﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺞ ﺑﺮﻓﺾ اﻟﻘﺺ واﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻨﻪ وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎب اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ»ﺗﺤﺬﻳﺮ اﻟﺨﻮاص ﻣﻦ أﻛﺎذﻳﺐ اﻟﻘﺼﺎص« ﻓﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻳﺮﺑﻂ رﺑﻄﺎ ﺗﺎﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺺ واﻻﻓﺘﺮاء ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻘﺺ اﺧﺘﻼﻗﺎً ﻟﻸﺣﺎدﻳﺚ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت وﻳﻮرد ﻣﻦ اﻵﻳﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ واﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ووﻗﺎﺋﻊ اﻟﺴﻴﺮة ﻣﺎ ﻳﺤﺮﻣﻪ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻣﻦ واﻗﻌﺔ ادﻋﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮل واﻓﺘﺮاء ﻋﻠﻴﻪ وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺮم اﻟﻘﺺ ﺗﺤﺮﻳﻤﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ وﻳﺴﺘﻨﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﻮاﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻣﻦ ﺗﻤﻴﻢ اﻟﺪاري واﻟﺤﺎرث ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﺣﻴﻦ ﻃﻠﺒﺎ ﻣﻨﻪ ﺗﻤﻜﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺺ...واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻤﺴﺘﻬﺠﻨﺔ ﻟﻠﻘﺺ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
118
ﻣﻦ اﻟﻬﺎﻣﺸﻲ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ
رﻳﺎض ﺧﻠﻴﻒ @
ﺗﺮددت ﻋﻨﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﺜﻞ اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ واﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ. وإذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻷدب ﻗﺪ رﻓﺾ دﻳﻨﻴﺎ وأﺧﻼﻗﻴﺎ ﻓﺈن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻪ »ﻻ ﻧﺼﺎ« ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ وﻗﺪ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ أﻟﻔﺖ ﻛﻤﺎل اﻟﺮوﺑﻲ ﺑﺪورﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ« اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﻘﺺ ﻓﻲ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻨﻘﺪي« وﺿﻊ اﻟﻘﺺ واﻟﻨﻈﺮة اﻟﻤﻌﻴﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻮﻣﻞ ﺑﻬﺎ وﻗﺪ ﺗﺘﺒﻌﺖ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻣﻼﺣﻘﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻠﻘﺺ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺳﻴﻄﺮة اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ اﻷدﺑﻲ واﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻴﻴﺪه وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ وﺧﻄﺎﺑﺎﺗﻬﺎ. ﻫﺬا اﻟﻌﺪاء ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ رواﻳﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ ﺣﻠﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ وﻟﻐﺘﻬﺎ وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﺳﺮدﻫﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ رواﻳﺔ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻫﺸﺎم ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﻤﻮﻳﻠﺤﻲ ﻧﻤﻮذﺟﺎ رواﺋﻴﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻣﻤﺰوﺟﺎ ﺑﺨﻄﺎب اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻧﻮاﻣﻴﺴﻪ وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة اﻣﺘﺪت ﻳﺪ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻟﺘﻌﺘﺒﺮ أن ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ رﺗﻴﺐ وﻣﺰﻋﺞ وﻣﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺮﻛﺐ ﻓﻬﺠﺮ اﻟﺴﺮد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻼ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﺧﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ. وﻣﺎ أن ﺗﺨﻄﺖ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ واﻟﻨﺸﺄة واﻧﻐﻤﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ وﺷﻜﻠﺖ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻣﺸﺎﺑﻬﺎ ﻟﻠﻨﻤﻮذج اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﻋﺎد ﺷﻖ ﻣﻦ اﻟﺮواﺋﻴﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺘﻔﺘﻮا إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ وﻧﻤﺎذﺟﻪ وﻣﻐﺎﻣﺮاﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﻨﻬﻞ ﻣﻨﻪ وﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﺗﺨﺎذا ﻟﻪ ﻛﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﺘﺠﺮﻳﺐ وﻏﻤﺲ اﻟﻨﺺ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﺮوح ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺑﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﺒﻌﻴﺪ وﺗﺠﺎوز اﻟﻮاﻗﻊ ...ﻓﺎﻻﺗﺠﺎه ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺨﺰون اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺮوح ﺳﻠﻔﻴﺔ ﻣﻨﻐﻠﻘﺔ ﺑﻞ ﻛﺎن ﺑﺮوح ﺣﺪاﺛﻴﺔ و ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ وﺑﺎﺣﺜﺔ وﻣﺘﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻊ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ...ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﻴﻞ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ واﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺠﺎﻣﺪة ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ وإﻧﻤﺎ ﺑﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ...واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻻﻗﺖ ﻧﺠﺎﺣﺎ
ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر أن ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻤﻮﻃﺊ ﻗﺪم ﻟﻠﻤﺮأة ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺟﺎل. ﻟﻬﺬا ﻓﺪراﺳﺔ اﻟﺘﺒﺮاع ﻟﻦ ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺣﺪ ﻓﺤﺺ وﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ اﻷدﺑﻲ ،ﺑﻞ ﻻﺑﺪ ﻟﻬﺎ أن ﺗﺘﻮﻏﻞ ﺑﻌﻴ ًﺪا ،ﻟﺘﻌ ّﺒﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻧﺤﻮ ﻓﻬﻢ أﻋﻤﻖ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ أﺣﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﻴﻀﺎﻧﻲ اﻟﻤﺤﺴﻮب ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، واﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أوﺟﻪ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ .دراﺳﺔ اﻟﺘﺒﺮاع وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﻐﺮب ﺗﻤﻜّﻦ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ ﺳﻴﺎق اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ، ﺗﺴﻨﺪه ﺧﻠﻔﻴﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺠﺬورﻫﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎق اﻟﺤﻀﺎرة .ﻓﺎﻟﺴﻴﺎق اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﺬي أﻧﺘﺞ اﻟﺘﺒﺮاع اﻷﻧﺜﻮي ﻫﻮ اﻟﺬي ﻣﻜﻦ اﻟﻤﺮأة اﻟﺒﻴﻀﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺎ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺤﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﺎ ،وﻣﻨﺤﻬﺎ ﺣﻘﻮﻗًﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴًﺔ واﻋﺘﺒﺎ ًرا ً اﺳﺘﻠﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎه اﻟﻐﺮﺑﺎء ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻓﺎﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ اﺳﺘﻐﺮاﺑﻪ ﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ووﺿﻌﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻴﻬﺎ » ،«3وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻷوروﺑﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻓَ ْﻬ ُﻢ ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ودﻻﻻت رﻣﻮزﻫﺎ وﻣﻜﻨﻮﻧﺎت ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ إﻻ ﺑﻤﻘﺎرﺑﺔ وﺿﻌﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ @ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﻫﻮاﻣﺶ: 1وﻟﺪ اﻟﺒﻜﺎي ،ﺑﺎب أﺣﻤﺪ :ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻧﻮاﻛﺸﻮط ،اﻟﻤﻄﺒﻌﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة، ،2002ص 24وص 83 2اﻟﻘﻴﺮواﻧﻲ ،اﺑﻦ رﺷﻴﻖ :اﻟﻌﻤﺪة ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺮ وﻧﻘﺪه )ﺗﺤﻘﻴﻖ :ﻣﻔﻴﺪ ﻗﻤﻴﺤﺔ( ﺑﻴﺮوت ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،1983 ،ص 340 3اﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ :ﺗﺤﻔﺔ اﻟﻨﻈﺎر وﻏﺮاﺋﺐ اﻷﻣﺼﺎر وﻋﺠﺎﺋﺐ اﻷﺳﻔﺎر) ،ﺗﺤﻘﻴﻖ :ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌﻢ اﻟﻌﺮﻳﺎن( ،ﺑﻴﺮوت ،دار إﺣﻴﺎء اﻟﻌﻠﻮم ،1987 ،ص 690
ﻗﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
117
ūŵŭŘ
وﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﺣﺪاث اﻟﺪﻫﺸﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺼﻮر اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﺗﺤﻀﺮ ﺑﻘﻮة ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺮاع ،وﻗﺪ ﻣﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻘﻨﺎﻫﺎ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ذﻟﻚ .ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻢ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ، اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن ﺑﻬﺎ. ﺑﺎﺳﺘﺤﻀﺎر ﻋﺒﺎرات وأﻟﻔﺎظ وأﺳﻤﺎء أﻋﻼم ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺪاول ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻞ اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﻤﺤﻠﻲ. ïŎòĄńĿîñ ðŔòĘøĿí ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﺒﺮاع اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻫﻮ اﻟﺘﺸﺒﻴﺐ ،ﻓﺎﻟﻨﺎﻇﻤﺔ اﻟﻌﺎﺷﻘﺔ اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ وﻧﺠﺪ أﻳﻀﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﺮد ﺑﻤﻮﺿﻮﻋﻬﺎ وﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ ْﻘﻴﻞ ْﺤﺐ اﻟْ َﻤ ْﺠﺤﻮ ْد ...ا ْﻋ َﻞ ُﻣﻼ ْه اﺛ ْ ﺗﺘﺸﺒﺐ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻬﺎ ،إﻣﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ وإﺑﺮاز ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ ووﺳﺎﻣﺘﻪ ،أو ﺑﺎﻹﻋﺮاب اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻜﻲ ﺟﺤﻮد اﻟﺤﺒﻴﺐ) :اﻟ ْ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻧﺤﻮه .ﻓﺘﻘﻮل ﻓﻲ وﺻﻒ وﺳﺎﻣﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ :اﻳْ ُﻌﻮ ْد( ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺤﺐ اﻟﻤﺠﺤﻮد ﻳﻌﻮد ﺛﻘﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ. )ﻋﻨﺪو ﺗﺒﺴﻴ َﻢ ...ﺗﺤﻴﻲ اﻟﻌﻈﺎم اﻟﺮﻣﻴ َﻢ( واﻟﻤﻌﻨﻰ أن ﻟﺪﻳﻪ ﺑﺴﻤﺔ وﻛﺮد ﻓﻌﻞ اﻧﺘﻘﺎﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺤﻮد اﻟﺤﺒﻴﺐ ،وﺻﺪوده ،اﺷﺘﻄﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮة ﺗﺤﻴﻲ اﻟﻌﻈﺎم اﻟﺮﻣﻴﻤﺔ ،ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻛﻠﻬﻢ وﺗﺒﺨﻴﺴﻬﻢ ،ﺗﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮة) :اﻟ ﱠﺮ َ ﺟﺎل ُ وال ...ﺧْﻴ ْﺮ ا ْﻟ َﻤﺎ َدﺧ ُْﻞ ﺑَﺎل( ﻣﻌﻨﺎه :اﻟﺮﺟﺎل ﻻﺷﻲء ،اﻟﺨﻴﺮ أﻻ ﻳﺨﻄﺮ اﻟﺤﺐ. ﻴﺲ ْﺧ َﻮﻳْ َﻢ( واﻟﻤﻌﻨﻰ أن أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎل .ﻓﺎﻟﺸﺎﻋﺮة ﻧﺎﻗﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻛﻠﻬﻢ ،ﻷن ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ِ ِ ِ ِ ﻠ ﺑ ا ﻪ ﻴ ﻓ ﻲ ﻧ ﺎ ﺑ ... ﻢ ﻴ ـﺴ ﺒ ﺗ ﺪ ــ ﻨ ﻋ ) وﺗﻘﻮل: َ َ ُ َ ْ ْ َ َ ْ ْ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻟﺪﻳﻪ ﺑﺴﻤﺔ ﻳﺒﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ إﺑﻠﻴﺲ ﺧﻴﻤﺘﻪ ،ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺷﺪة إﻏﺮاء ﺟﺮﺣﻬﺎ ﺑﺼﺪوده. ﺑﺴﻤﺘﻪ واﻓﺘﺘﺎﻧﻬﺎ ﺑﻬﺎ .وﺗﻘﻮل) :ﺷﻔﺖ ﻓﻲ اﻟ ُﻜ ﱠﻮ ...ﻛﺸﻴﺖ أﻧﻮ ﺗﻤﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﺮأت ﺷﺎﻋﺮة أﺧﺮى ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻨﻜﺎر اﻟﻌﺎدات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ أﻣﺎم ﺣﺒﻬﺎَ ) ،وﻳْــﻞِ ﻣﺎ أﺣﻠُ ﱠﻮ( ،واﻟﻤﻌﻨﻰ :أﻃﻠﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة ،ﻇﻨﻨﺘﻪ ﺷْ ﻘﺎنِ ...ﻣ ْﻦ َﻋﻮاﻳ ْﺪ ﻣﻮرﻳﺘﺎنِ ( ﻣﻌﻨﺎه :اﻟﻮﻳﻞ، ﺗﻤﺮة ﺣﻠﻮة .وﺗﻘﻮل) :أُ ﻻ ﻳَ ْﻜ َﺪ ْر ﻳَ ْﻨ ْ ﻌﺎف... ﻣﺎ أﺷﻘﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ .اﻟﺸﺎﻋﺮة ْ اﻟﺠﻔﺎف( اﻟﻤﻌﻨﻰ :ﻻ ﻳُﻜﺮه ﻟَﺨْﻀَ ْﺮ ﻓْﻌﻴﻤﺎ ْن ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﺒﺮاع اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻫﻮ ﺗﺼﻒ ﺷﻘﺎءﻫﺎ وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﻛﺎﻣﺮأة ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻨﻈﺮ اﻟﺨﻀﺮة ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﺠﻔﺎف. اﻟﺘﺸﺒﻴﺐ ،ﻓﺎﻟﻨﺎﻇﻤﺔ اﻟﻌﺎﺷﻘﺔ اﻟﻌﻮاﺋﺪ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻲ. اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﺸﺒﺐ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻬﺎ ،إﻣﺎ واﻟﺨﻀﺮة ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺳﻤﺮة ﺑﺸﺮة ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ .ﻛﻤﺎ أو ووﺳﺎﻣﺘﻪ، ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ وإﺑﺮاز ﺑﻮﺻﻔﻪ وﻣﻦ اﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺎت اﻟﻄﺮﻳﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻘﻮلَ ) :ﻣ ْﻦ َﻋ ﱠﺰتْ ﻛَ ْﻤ َﻲ ...ﺑَ ْﻜ َﻢ ﻃَ ْﺮ َش َﻋﺪْتْ ُآ َﻋ ْﻤ َﻲ( اﻟﻤﻌﻨﻰ :ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ رﺷﻔﺔ ﺑﺎVﻋﺮاب ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻧﺤﻮه .اﻟﺤﻀﻮر اﻟﻘﻮي ﻟﻺﻋﻼم اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ وﺗﺄﺛﻴﺮ ﺳﻴﺠﺎرة ،أﺻﺒﺖ ﺑﺎﻟﺒﻜﻢ واﻟﺼﻤﻢ واﻟﻌﻤﻰ .ﻓﺘﻘﻮل ﻓﻲ وﺻﻒ وﺳﺎﻣﺔ اﻟﺤﺒﻴﺐ :ﺑﺮاﻣﺠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﻴﻀﺎﻧﻲ ،ﻗﻮل ﺗﺒﺴﻴﻢ ...ﺗﺤﻴﻲ )ﻋﻨﺪو َ اﻟﺸﺎﻋﺮة) :أﻧﺎ وأَ ْدﻳﺎﻧﺎ ...ﻓَ ﱠﻮﺿْ ﻨﺎ اﻷَ ْﻣﺮ ﻟِ َﻤ ْﻮﻻﻧﺎ( ورﺷﻔﺔ اﻟﺴﻴﺠﺎرة ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﺜﻤﺔ. اﻟﺮﻣﻴﻢ( واﻟﻤﻌﻨﻰ أن ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻌﻈﺎم َ دﻳﺎﻧﺎ ﻫﻲ ﺑﻄﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﺴﻞ اﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻲ وﺗﻘﻮل اﻟﻨﺎﻇﻤﺔ اﻟﻌﺎﺷﻘﺔ اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻋﻦ ﺑﺴﻤﺔ ﺗﺤﻴﻲ اﻟﻌﻈﺎم اﻟﺮﻣﻴﻤﺔ، اﻟﻤﺪﺑﻠﺞ اﻟﺸﻬﻴﺮ »رﻫﻴﻨﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ« .ﻓﺎﻧﺪﻣﺎج ﻳﺎﻟﺴﺒْﺤﺎ ْن ...اﻟ َﻮ ْﺣ َﺶ و ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ) :ﻟُﻄْﻔ َْﻚ ﱠ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮة وﺗﻔﺎﻋﻠﻬﺎ ﻣﻊ أﺣــﺪاث اﻟﻤﺴﻠﺴﻞ ﻟْﺤ ْﺮﻣﺎ ْن ﻛْﺮا ْن( واﻟﻤﻌﻨﻰ :ﻟﻄﻔﻚ ﻳﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﻟﺤﺐ وﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ ،ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﻮﺣﺪ ﻣﻊ اﻟﺒﻄﻠﺔ دﻳﺎﻧﺎ ﻓﻘﺪ اﻗﺘﺮن )اﺟﺘﻤﻊ( ﻋﻠﻲ اﻟﺸﻮق واﻟﺤﺮﻣﺎن. اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺐ اﻟﺒﻄﻞ أﻟﻔﺮﻳﺪو اﻟﺬي ﻟﻢ وﺗﻘﻮل) :ﻣﺎ ﻧَ ْﻜ َﺪ ْر ﻧ َْﺼﺒَ ْﺮ ...أﺷْ َﻬ ْﺮ ﺷَ ْﻬﺮﻳﻦ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻟﺤﺒﻬﺎ ،وﻫﻮ ﺣﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﺘﻲ ﻟﻢ اَﺛـْﻠ َْﺖ اﺷْ ُﻬ ْﺮ( واﻟﻤﻌﻨﻰ :ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﺼﺒﺮ ﺷﻬ ًﺮا وﻻ ﺷﻬﺮﻳﻦ وﻻ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ .ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل) :ﻣﻦ ﻣﺘﻦ اﻟﺒ ﱠِﻲ ...وﺳﻴﺖ ﻳﺸﻌﺮ ﻣﺤﺒﻮﺑﻬﺎ ﺑﺤﺒﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺸﺎﻋﺮة ﻳﺎﺋﺴﺔ ﻣﻦ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﻣﺜﻞ دﻳﺎﻧﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ اﻟ ﱠﺪﺷْ َﺮ ﺑﺎ ِد َي( واﻟﻤﻌﻨﻰ :ﻟﺸﺪة ﻣﺎ أﻋﺎﻧﻴﻪ ﺣﺴﺒﺖ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎدﻳﺔ .ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻓﻮﺿﺘﺎ أﻣﺮﻫﻤﺎ ﻟﻠﻪ. إن ﺷﻌﺮ »اﻟﺘﺒﺮاع« ﻛﺴﺎﺋﺮ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﺧﺰان ﻟﻤﺠﻤﻮع ﻋﻦ ذﻫﻮﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺐ ،ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻠﺘﻤﺲ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن. ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻘﻮلَ ) :و ْﻣﺠِــــﻴ ْﻪ ﻟْ َﺒــﺎ َر ْح ...ﻓَ ْﺮ ُح ﺑِﻴ ْﻪ ْاﺳ َﺒ ْﻊ ا ْﺟ َﻮا َر ْح( اﻟﻤﻌﻨﻰ :اﻟﺘﺼﻮرات واﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪأ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﻟﻤﺎ ﺟﺎء اﻟﺒﺎرﺣﺔ ،ﻓﺮﺣﺖ ﺑﻪ اﻟﺠﻮارح اﻟﺴﺒﻌﺔ .ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻌﺎدة وﻳﻨﻤﺤﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ،ﻟﻴﻔﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ وﺗﺼﻮرات واﻓﺪة ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﺴﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ. اﻟﻐﺎﻣﺮة اﻟﺘﻲ أﺣﺴﺖ ﺑﻬﺎ ﺑﻮﺻﺎل ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ. ÷ŏĎćã õîĬœŎň
ĊĬñ îŃã
ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﱠ ْﺒ َﺮا ْع ﻟﻴﺴﺖ ﻗﺎﺻﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺎﻟﻴﻦ اﻟﻤﺬﻛﻮرﻳﻦ، ﻓﺎﻟﺘﺸﺒﻴﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﻴﺐ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ،ﻳﻠﺘﻤﺲ ﺻﻮرا ﺑﻼﻏﻴﺔ وﺗﺸﺒﻴﻬﺎت ﺗﻘﺘﺒﺲ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻤﺘﺪاول اﻟﺪﻳﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺎﻟﺨﺼﻮص وﻻرﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﺎﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎرب
ذﻛﺮ اﺑﻦ رﺷﻴﻖ اﻟﻘﻴﺮواﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻤﺪة ،أن اﻟﻌﺮب ﺗﺼﻒ اﻟﻤﺮأة ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻤﻄﻠﻮب ،ﻻ اﻟﻄﺎﻟﺒﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﺎدة اﻟﻌﺠﻢ » .«2ﻟﺬﻟﻚ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﺤﺪث ﻛﺘﺐ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻦ ﻓﻦ اﻟﻐﺰل ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺮﺟﻞ ،اﻟﺬي ﻳﺒﺚ ﻋﻮاﻃﻔﻪ ﻧﺤﻮ ﻷﻧﺜﻰ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ
116
»اﻟ ّْﺘﺒْﺮاعْ « ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻐﺰل اﻟﻤﺮأة ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻬﺎ
»اﻟﺘﱠ ْﺒﺮاع« ﻓﻦ ﻣﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮي اﻟﺤﺴﺎﻧﻲ ،ﻛﻼم ﻣﻨﻈﻮم ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ اﻟﺘﺸﺒﻴﺐ )اﻟﻐﺰل( ،وﻫﻮ إﺑﺪاع ﺷﻔﻮي ﻧﺴﺎﺋﻲ ﻣﺤﺾ، ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻧﻈﻤﻪ وإﺑﺪاﻋﻪ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺎت ﻓﻘﻂ ،ﺗﺒﺪﻋﻪ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﺒﻴﻀﺎن ﺧﻼل ﺟﻠﺴﺎﺗﻬﻦ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻟﺮﺟﺎل، ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻮﻓﺮ اﻷﺟــﻮاء واﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﻜﻞ ﻓﺘﺎة ﻟﻜﻲ ﺗﺘﻐﺰل ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻬﺎ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.و»اﻟﺘﱠﺒْﺮاع« ﻟﻴﺲ ﻗﺼﻴﺪة، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺠﺮد ﺑﻴﺖ ﻣﻨﻈﻮم ،ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻤﻴﺰات ﺧﺎﺻﺔ ،أوﻟﻬﺎ أﻧﻪ ﺷﻌﺮ ﻧﺴﺎﺋﻲ :ﻓﻬﻮ ﻛﻼم اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺎت ﺗﻐ ﱡﺰﻻً ﻣﻨﻈﻮم ﺗﺒﺪﻋﻪ اﻟﻨﺴﺎء ﱠ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻻ ﻳﺤﻀﺮوﻧﻪ .ﻳﺘﻢ إﻧﺸﺎد اﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺎت ﺧﻼل ﺟﻠﺴﺎت اﻟﻤﺴﺎﻣﺮة اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺒﺮ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻦ ﻋﻮاﻃﻔﻬﻦ وﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻦ ﺗﺠﺎه ﻣﻦ ﻳﺤﺒﺒﻦ ﺑﻜﻞ ﺣﺮﻳﺔ وﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ.وﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻛﺬﻟﻚ أن ﻛﻼ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺋﻞ واﻟﻤﺘﻐﺰل ﺑﻪ ﻣﺠﻬﻮل ،ﻓﺎﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺎت اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ أﺳﻤﺎء اﻟﻨﺎﻇﻤﺎت ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻦ ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﺘﻐﺰل ﺑﻬﻢ، ﻳﻈﻠﻮن ﻣﺠﻬﻮﻟﻴﻦ .ﺗﻜﺘﻔﻲ اﻟﻨﺎﻇﻤﺔ ﺑﺎﻟﺘﻠﻤﻴﺢ
إﻟﻰ ﻣﺤﺒﻮﺑﻬﺎ ،وﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻬﺎ أن ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ أو ﻫﻮﻳﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﻬﺎ .وﺗﻨﺘﺸﺮ اﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮاوﻳﺎت، ﻣﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻨﻄﻠﻖ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﻟﺒﻮح ﺑﻤﻜﻨﻮﻧﺎﺗﻬﻦ ﺑﻜﻞ ﺣﺮﻳﺔ وﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ وﻃﻼﻗﺔ. ﻛﻤﺎ أن اﻟﺘﺒﺮاع ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،واﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ ﻳﺴﻤﻰ »ﻟﻐﻦ« ﻣﻦ اﻟﻐﻨﺎء ،وﻫﻮ ﺷﺪﻳﺪ اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ، ﻳﻨﺸﺪ ﺑﺤﻀﻮر آﻻت اﻹﻳﻘﺎع .واﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺔ ذات إﻳﻘﺎع ﻣﻮﺳﻴﻘﻲ ﻣﺤﺪد ،وﻓﻖ ﻣﻴﺰان ﻣﻌﻠﻮم، واﻟﺘﻘﻄﻴﻊ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺻﺎرم .اﻟﺘﺎﻓﻠﻮﻳﺖ اﻷوﻟﻰ )اﻟﺸﻄﺮ اﻷول( أﻗﺼﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺗﻨﺘﻤﻲ »ﻟﺤﺜﻮ اﺟــﺮاد« اﻟــﺬي ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺘﺎﻓﻠﻮﻳﺖ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ )اﻟﺸﻄﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ( ﻣﻦ »ﻟﺒﺘﻴﺖ اﻟﺘﺎم« ،ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻘﺎﻃﻊ».«1 أﻣﺎ اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻐﻨﺎء ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻮن اﻟﺸﻌﺮي ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻵﻻت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ،وﺑﺄذواق اﻟﻤﻨﺸﺪات، وﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻘﺎﻣﺎت» :اﻟﻠﻴﻦ« و»ﻟﺒﺘﻴﺖ« و»ﻟﻜﺤﻞ« ،وﻣﻘﺎم »ﻟﻜﺤﻞ« أﻗﺮب
اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ .ﻓﻲ اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ،ﺗﺒﺎدر إﺣﺪى اﻟﺤﺎﺿﺮات ﺑﺈﻧﺸﺎد »ﺗَﺒْﺮﻳ َﻌﺔ« ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻫﺎزﻳﺞ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻓﺘﻄﻔﻖ اﻷﺧﺮﻳﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ﺑﺈﺑﺪاع »ﺗﺒﺮﻳﻌﺎت« ،ﺗﺆدﻳﻨﻬﺎ ﺻﺤﺒﺔ اﻹﻳﻘﺎع اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ .ﻓﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺒﻴﻀﺎن ،ﺗﻤﻨﻊ اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ اﻟﻐﻨﺎء إﻻ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺗﺤﻀﺮه اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻘﻂ. و»اﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺔ« ﻧﺺ ﻣﻨﻈﻮم ﻣﻘﺘﻀﺐ وﻣﻜﺜﻒ وﻗﺼﻴﺮ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻓﻦ أدﺑﻲ ﺻﻌﺐ ،ﻷن ﻗﻮاﻣﻪ ﺑﻴﺖ ﺷﻌﺮي واﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺷﻄﺮﻳﻦ، ﻻ ﻏﻴﺮ ،ﻣﻊ ﺿﺮورة اﺳﺘﻴﻔﺎء اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻴﻬﻤﺎ. ﻓﻼ ﺗﻮﺟﺪ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺗﺒﺮاع ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺑﻞ ﺗﻮﺟﺪ ﺗﺒﺮﻳﻌﺎت ،أو أﺑﻴﺎت اﻟﺘﺒﺮاع .وﻳﻤﺘﺎز اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺸﻌﺮي ﺑﺎﻟﻮﺿﻮح واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺻﻮر ﺑﻼﻏﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ .وﺧﺼﺎﺋﺼﻪ اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ واﻟﻌﺮوﺿﻴﺔ واﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ،وﻗﻠﺔ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﺳﻬﻞ اﻟﺤﻔﻆ واﻻﺳﺘﺮﺟﺎع ،ﻳﻨﺴﺎب ﻣﻨﺘﺸ ًﺮا ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ وﺳﺮﻋﺔ ،ﻓﻴﺼﻞ اﻟﺨﻄﺎب إﻟﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪه. وﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن »اﻟﺘﺒﺮﻳﻌﺔ« واﺿﺤﺔ اﻟﻤﻌﻨﻰ ،وﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ، ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
115
ūŵŭŘ
ﺮاع« »اﻟ ْ ّﺘ ْﺒ ْ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻐﺰل اﻟﻤﺮأة ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻬﺎ ĉíĊŌŃ ĎŔñĐĿí
ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻗﺒﺎﺋﻞ »اﻟﺒﻴﻀﺎن« اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﻃﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ »اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ« ،اﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﻤﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ .واﻟﺘﺮاث اﻟﺤﺴﺎﻧﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي ،ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﻠﻬﺠﺔ ً وأﻣﺜﺎﻻ أﻏﻨﺖ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ أداة ﺗﻌﺒﻴﺮ ،وﻳﻨﺘﺞ ﺑﻬﺎ ﺷﻌ ًﺮا وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ. اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺤﺴﺎﻧﻲ ﻳﺴﻤﻰ »ﻟَ ْﻐ َﻦ« ﻣﻦ اﻟﻐﻨﺎء ،وﻫﻮ ﺷﻜﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮي ﻳﻮﻇﻒ ﻓﻲ ﻋﺪة أﻏﺮاض ،اﻟﻤﺪﻳﺢ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﺮﺛﺎء وﻣﺪح اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت، اﻟﻮﺻﻒ ،اﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ. و ُﻳ َﻌﺪﱡ »اﻟ ﱠﺘ ْﺒﺮاع« أﺣﺪ أﻫﻢ أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ،اﻟﺬي ﻳﻤﻴﺰ ﻫﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﻦ ﺳﻮاﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻤﺠﺎورة.
114
»اﻟ ّْﺘﺒْﺮاعْ « ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻐﺰل اﻟﻤﺮأة ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻬﺎ
ﺑﺈﻃﺎر اﻟﻮﻗﺎر واﻻﻟﺘﺰام اﻟﻨﻮﻋﻲ ،ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻈﺮوف اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﻗﺬاﺋﻔﻬﺎ ﻋﺸﻮاﺋ ٍّﻴﺎ ،ﻓﻲ أﺣﻴﺎء اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻵﻣﻨﺔ .ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﺗﺸﻬﺪه ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ ﻣﻦ ﺻﻮﻻت وﺟﻮﻻت ،ﻣﻦ أﺟﻞ رﻓﻊ أﻟﻮﻳﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺮﻛﺰة واﻟﻤﻜﺜﻔﺔ واﻟﺰاﺧﻤﺔ ،ﺑﺄﻧﻔﺎﺳﻬﺎ اﻟﻤﺘﺮددة ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﺴﻜﻮن؟ اﻟﻨﻬﺎر ﻓﻲ اﻟﺨﺎن ،ﺗﻘﺘﺴﻤﻪ اﻟﺒﺎزارات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض أﺷﻬﺮ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﻔﻀﺔ واﻟﻨﺤﺎس واﻟﺼﺪف واﻷراﺑﻴﺴﻚ واﻟﻌﻄﻮر واﻟﻤﺴﺎﺑﺢ واﻟﺒﺮدي واﻟﻌﺎج ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺗﻘﺘﺴﻤﻪ ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺤﺐ ﻛﺮاﺳﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻗﺎت اﻟﺨﺎن إﻟﻰ اﻟﺪاﺧﻞ ،واﻟﻤﻄﺎﻋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻸ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻬﺮﺗﻬﺎ ﻗﺪ ذاﻋﺖ ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ واﻟﺪ أﺣﻤﺪ ﻋﺎﻛﻒ ﻳﻘﻮل» :ﻫﻨﺎ أﻟﺬ ﻃﻌﻤﻴﺔ ،وأﺷﻬﻰ ﻓﻮل ﻣﺪﻣﺲ ،وأﻃﻌﻢ ﻛﺒﺎب ،وأﺣﺴﻦ ﻧﻴﻔﺔ ،وأﻣﺘﻊ ﻛﻮارع ،وأﻧﻔﺲ ﻟﺤﻤﺔ راس« )ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ،ﺻﻔﺤﺔ.(13 : أﻣﺎ اﻟﻠﻴﻞ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻤﻠﻮك ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﺸﺪ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻫﻲ اﻟﻤﺘﺠﺎورة ،واﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻛﺮاﺳﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻗﺎت وﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺨﺎن ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﻐﻠﻖ اﻟﻤﺤﻼت أﺑﻮاﺑﻬﺎ ،وﺗﻨﺤﺴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺒﻴﻊ واﻟﺸﺮاء واﻟﺘﺠﻮل .وﻗﺪ ﺗﻄﻮرت ﻫﺬه اﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﻛﺜﻴ ًﺮا ،واﺧﺘﻠﻔﺖ أﻟﻮان ﻓﻨﻮﻧﻬﺎ ﻋﻦ ﻋﻬﺪ اﻟﺮواﻳﺔ،
ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮد ﻣﻘﺎ ٍه ﺗﻘﺪم »اﻟﺸﺎي اﻟﻤﻨﻌﺪم اﻟﻨﻈﻴﺮ ،واﻟﻘﻬﻮة ﻧﺎدرة اﻟﻤﺜﺎل« )ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ،ﺻﻔﺔ ، (13 :وﺗﺴﻤﺢ ﺑﺄﻟﻌﺎب اﻟﻨﺮد واﻟﺪوﻣﻴﻨﻮ وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﻬﻮى ﺳﻜﺎن اﻟﺤﻰ اﻟﺸﻌﺒﻲ .ﻓﻘﺪ ﺻﺎرت ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﺎﻫﻰ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻜﺎﻓﻴﺘﺮﻳﺎت أو اﻟﻜﺎزﻳﻨﻮﻫﺎت ،ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮﻳﺔ ،وﺗﻌﺪدت أﻟﻮان ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺎم ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻓﺮاح، وﻳﺠﻠﺲ اﻟﻌﺮوﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ،وﻗﺪ ﺗﻌﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ وﺻﻼت اﻟﻌﻮد واﻟﻜﻤﺎن واﻟﺮﺑﺎﺑﺔ ،وﻳﺮدد اﻟﻨﺎس ﺧﻠﻒ اﻟﻤﻄﺮب اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﺑﺘﻬﺎج وﻣﺮح ،وﻗﺪ ﺗﻌﺮض اﻷﻓﻼم وﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﻟﻠﺴﺎﻫﺮﻳﻦ ﺣﺘﻰ اﻟﺼﺒﺎح. أﻣﺎ ﺗﺤﻔﺔ ﻣﻘﺎﻫﻲ اﻟﺨﺎن ﻓﻬﻮ ﻣﻘﻬﻰ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ،ذﻟﻚ اﻟﺠﺰء ﻣﻦ ﻣﻄﻌﻢ ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ،اﻟﺬي اﻓﺘُﺘﺢ ﻋﺎم ،1989ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮاز اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻳﺤﺘﻮي رﻛﻦ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﺸﺐ اﻷروُ ،ﺣ ِﻔﺮتْ ﻋﻠﻴﻪ أﺳﻤﺎء »اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ« اﻟﺸﻬﻴﺮة ،وﻗﺪ زاره ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ،1989وﻛﺘﺐ ﻛﻠﻤﺔ ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ» :ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم اﻟﺴﻌﻴﺪ زرت ﻗﻄﻌﺔ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ ﻋﺒﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﺟﻤﺎل اﻟﺤﺎﺿﺮ، وﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﻦ واﻟﺬوق وﻣﺎ ﺗﺸﺘﻬﻲ اﻷﻧﻔﺲ« @ ﺷﺎﻋﺮ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﻣﻄﺎﻋﻢ وﻣﻘﺎﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺴﻴﻦ
ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ
ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ ﻓﻲ ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ
ﺗﺤﻒ ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
113
ŮŠĔŨĉŴ Ŷċij
اﻟﻘﺎﻫﺮة ،وﻛﺎن ﻣﻦ أﺑﺸﻊ اﻟﺴﺠﻮن وأﺷﺮﺳﻬﺎ وأﻗﺒﺤﻬﺎ .وﺳﺒﺐ إزاﻟﺔ ﻫﺬا اﻟﺴﺠﻦ وﺑﻨﺎء ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻤﺆﻳﺪ ﻣﻜﺎﻧﻪ ،أن اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻤﺆﻳﺪ ﺷﻴﺦ ،ﻗﺒﻞ ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﺤﻜﻢُ ،ﺣﺒ َِﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺠﻦ ﻋﺪة أﻳﺎم ﻗﺎﺳﻰ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺸﺮات اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،ﻓﻨﺬر ﻟﻠﻪ إ ْن ﺗﻴﺴ َﺮ ﻟﻪ ُﻣﻠ ُْﻚ ﻣﺼﺮ أن ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﻘﻌﺔ ﻣﺴﺠ ًﺪا ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻨﺬر ،وﻛﺎن اﺑﺘﺪاء ﺣﻔﺮ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻋﺎم 818اﻟﻬﺠﺮي.وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺟﻨﻮب ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺑﺎب زوﻳﻠﺔ أو ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻤﺘﻮﻟﻲ ،ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﺑﺨﻼف ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻤﺆﻳﺪ ،ﻓﻬﻨﺎك ﺣ ﱠﻤﺎم اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ أﻣﺎم ﺑﺎب اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎﻣﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺑﺤ ﱠﻤﺎم اﻟﻔﺎﺿﻞ ،وﺑﻪ ﻗﺴﻢ ﻟﻠﺮﺟﺎل وآﺧﺮ ﻟﻠﻨﺴﺎء .وﻫﻨﺎك أﻳﻀً ﺎ وﻛﺎﻟﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،وﻗﺪ ﺑﻨﺘﻬﺎ ﻧﻔﻴﺴﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ،وﻣﺎ زال ﻣﺘﺒﻘﻴًﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﺒﻴﻞ ﻧﻔﻴﺴﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ،وﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﻄﻔﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﻤﻴﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﻣﻦ ﺑﺎب زوﻳﻠﺔ .وﺑﺎب زوﻳﻠﺔ ﻫﻮ أﺣﺪ اﻷﺑﻮاب اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻟﻠﻘﺎﻫﺮة اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ ،أﻧﺸﺄه ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺼﻘﻠﻲ ﻋﺎم 359ﻫــ ،وﺟــﺪده ﺑﺪر اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ،وﺗﻘﻊ ﺧﻠﻔﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮ ًة اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ ،وﻓﻮﻗﻬﺎ ﺗﻤﺘﺪ اﻟﻐﻮرﻳﺔ ﺛﻢ اﻟﺼﺎﻏﺔ ﺛﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ،ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل ،وﻗﺪ ُﺳ ﱢﻤﻲ »ﺑﺎب زوﻳﻠﺔ« ﻧﺴﺒ ًﺔ إﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ زوﻳﻠﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻨﺖ ﺑﺠﻮاره ،وأﻃﻠﻖ اﻟﻌﻮام ﻋﻠﻴﻪ »ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻤﺘﻮﻟﻲ«.وﻳُﺮﺟﻊ ﻋﻠﻲ ﻣﺒﺎرك ،ﻓﻲ ﺧﻄﻄﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ إﻟﻰ وﺟﻮد اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻼت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺒﻴﻊ واﻟﻤﻜﺴﺮات واﻟﺸﻤﻮع ،ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺷﺎرع اﻟﺴﻜﺮ ﱠ اﻟﻤﻌﺰ أو داﺧﻞ وﻛﺎﻟﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، ﺑﻜﺎﻣﻴﺮا ﻋــﺎم ،2016ﻋﻨﺪ واﺟﻬﺔ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻤﻜﺴﺮات ﺛﻤﺔ ﻣﺤﻞ ﻳﻌﺮض ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاع ﱠ واﻟﻴﺎﻣﻴﺶ .وﻫﻨﺎك أﻳﻀً ﺎ ﻣﺤﻼت ﺗﻌﺮض أﺷﻜﺎﻻً ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻓﻮاﻧﻴﺲ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺰداد اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن. وإﻟﻰ »ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ« ،ﺑﻜﺎﻣﻴﺮا 2016أﻳﻀً ﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺨﺎن اﻟﻤﻘﺎم ﻣﻦ دون اﻧﻘﻄﺎ ٍع ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻗﺮون ،واﻟﺬي ﻧﻘﻠﺘﻪ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﻴﺔ ،اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻲ رواﻳﺔ »ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ« .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺨﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮون ،ﺛﻢ اﻧﺘﺸﺮت ﻓﻴﻪ ﻣﺤﻼت اﻟﻌﻼﻓﺔ واﻟﻌﻄﺎرة ،وﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺳﻮﻗًﺎ ﻟﻠﻌﺒﻴﺪ .وﻗﺪ ﺗﻤﻴﺰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻔﺎﻃﻤﻲ ﺑﺎﻧﺘﺸﺎر اﻷﺳﻮاق اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة واﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻫﺬه اﻷﺳﻮاق اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ُﺼﺼﺖ ﻛﻞ واﺣﺪ ٍة ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺒﻴﻊ ﺳﻠﻌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ .وﻓﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﻗﻴﺴﺎرﻳﺔ ،ﺧ ْ ﻋﻬﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻐﻮري ،ﺗﻢ إﻧﺸﺎء ﺣﻮاﻧﻴﺖ ورﺑﺎع ووﻛﺎﻻت ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﺴﻮر ،وﻟﻬﺎ ﺛﻼث ﺑﻮاﺑﺎت ،وأﺻﺒﺢ اﻟﺨﺎن ﻣﻌ ٍّﺪا ﻟﺘﺠﺎرة 112
اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وا ﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ا8ﺑﺪاع اﻟﺮواﺋﻲ
اﻟﺠﻮاﻫﺮ اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ،وﺗﻢ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺨﺎن إﻟﻰ ﺣﺎرات ،ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ اﺳﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ :ﺣﺎرة اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ ،ﺣﺎرة اﻟﺼﺎﻏﺔ ،ﺣﺎرة اﻟﻌﻄﺎرﻳﻦ ،ﺣﺎرة اﻟﻘﻤﺎﺷﻴﻦ ،اﻟﺦ ،وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺤﺎرات ﺗﺤﻤﻞ أﺳﻤﺎءﻫﺎ. ﻫﺬا اﻟﺨﺎن ،ﻻ ﻳﺰال ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻣﺮﻛ ًﺰا ﻟﻠﻀﻮﺿﺎء اﻟﻨﻬﺎرﻳﺔ ،واﻟﻠﻴﻠﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺪاﻫﺎ اﻷﻋﻈﻢ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن .وﻗﺪ ﻋﺒﺮت رواﻳﺔ »ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ« ﻋﻦ اﻟﻀﻮﺿﺎء اﻟﻠﻴﻠﻴﺔ ،ﻓﻬﺎ ﻫﻮ »أﺣﻤﺪ ﻋﺎﻛﻒ« ،اﻟﺴﺎﻛﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،1941ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ »أ ْن ﻳﺮﻛﺰ اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ﻟﻤﺎ أﺣﺪﺛﻪ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻤﻜﺎن ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﻴﻘﻈﺔ واﻟﻘﻠﻖ، ﻓﻤﻀﻰ ﻓﻲ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﻓﺎﺗﺮة ﻣﺘﻘﻄﻌﺔ ،وﻣﻀﻰ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﺴﻜﻨﺖ ﺿﻮﺿﺎء اﻟﻨﻬﺎر وﻟﻜﻦ ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﺿﻮﺿﺎء أﺷﺪ وأﻓﻈﻊ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺤﻲ ﺟﻤﻴﻌﻪ ﻛﻤﺴﺮح ﻣﻦ ﻣﺴﺎرح روض اﻟﻔﺮج اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .أﻣﺎ ﻣﺼﺪرﻫﺎ ﻓﺎﻟﻘﻬﺎوي اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺤﻲ ،ﻓﺎﻟﺮادﻳﻮ ﻳﺬﻳﻊ أﻧﺎﺷﻴﺪه وأﺣﺎدﻳﺜﻪ ﺑﻘﻮة وﻋﻨﻒ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻳﺬﻳﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻘﺔ ،واﻟﻨ ّﺪل ﻻ ﻳﻜﻔﻮن ﻋﻦ اﻟﻨﺪاء واﻟﻄﻠﺐ ﻓﻲ أﺻﻮات ﻣﻤﻄﻮﻃﺔ ﻣﻠﺤﻨﺔ: واﺣﺪ ﺳﺎدة ،ﺷﺎي أﺧﻀﺮ ،ﺗﻌﻤﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮزة ،وﺷﻴﺸﺔ ِﺣ ﱢﻤﻲ ،ودق ﻗﻄﻊ اﻟﻨﺮد واﻟﺪوﻣﻴﻨﻮ وأﺻــﻮات اﻟﻼﻋﺒﻴﻦ! ﻓﺨﺎل ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺰدﺣﻢ ﺑﺎﻟﻤﺎرة ﻻ ﻓﻲ ﺷﻘﺔ ،وﻋﺠﺐ ﻛﻴﻒ ﻳﺤﺘﻤﻞ أﻫﻞ اﻟﺤﻲ ﺿﻮﺿﺎءه أو ﻛﻴﻒ ﻳﻐﻤﺾ ﻟﻬﻢ ﺟﻔﻦ؟« )ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ -ﺻﻔﺤﺔ .(26 أﻣــﺎ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻟــﻨــﻬــﺎري ﻟﻀﻮﺿﺎء اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ،ﻓﻴﻨﻘﻠﻪ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ، وذﻟﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺼﺎﻋﺪت إﻟﻰ أﺣﻤﺪ ﻋﺎﻛﻒ اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ »ﺿﺠ ٌﺔ ﻣﺰﻋﺠﺔ وﺿﻮﺿﺎء ﻓﻈﻴﻌﺔ ،ﻓﺄﻧﻜﺮﻫﺎ وأﺻﻐﻰ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه، ﻓﺘﺒﻴﻦ ﻟﻪ أﻧﻬﺎ أﺻﻮات أﻃﻔﺎل ﻳﻠﻌﺒﻮن وﻳﻐ ّﻨﻮن ،وﺑﺪا اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻛﺄﻧﻪ ﻧﺎد رﻳﺎﺿﻲ ﺳﺎذج ،ﻓﻬﺬه ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺪ وﺗﻠﻬﺐ اﻷﻛﻒ ﺑﺎﻟﻄﺮة ،وﻫﺬه ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺒﻠﻲ ،وﺗﻠﻚ ﻋﺼﺒﺔ ﺗﺤﺠﻞ ،وﺗﻠﻚ أﺧﺮى ﺗﺘﺼﺎرع ،واﻗﺘﻌﺪ اﻟﺼﻐﺎر اﻟﻄﻮار ﻳﺮﻗﺼﻮن وﻳﻐﻨﻮن وﻳﺼﻔﻘﻮن. اﺿﻄﺮﺑﺖ اﻷرض وﺿﺞ اﻟﺠﻮ وﺛﺎر اﻟﻐﺒﺎر ﻓﺄﻳﻘﻦ أﻻ ﻗﻴﻠﻮﻟﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻴﻮم«. )ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ،ص.(22 : إن »ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ« ،ﻫﻮ اﻟﺤﻲ اﻟﺰاﺧﻢ ﺑﺄﻧﻔﺎس اﻟﺤﻴﺎة ،ﺣﺘﻰ ﻟﻴﻜﺎد ﺑﻄﻞ اﻟﺮواﻳﺔ ﻳﺘﺴﺎءل ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﺷﻪ ﻟﻴﻼً» :ﻫﻞ ﺑﺨﻮ ٌر ﻳﺤﺘﺮق ﻓﻲ ﻣﺜﻞ أﻧﻔﺎس ﺗﺘﺮدد ﻫﺬه اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ؟ أم ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺬا اﻟﺤﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ٌ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﺴﻜﻮن؟!« )ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ،ص.(32 : ﻫﺬا ﻋﻦ ﺿﻮﺿﺎء اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ،اﻟﻤﺮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺎﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد ،واﻟﻤﺤﺎﻃﺔ
ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺤﺴﻴﻦ
ﺑﺎﻟﺬات ،ﻣﻦ دون ﻏﻴﺮه ﻣﻦ ﺷــﻮارع اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ. وﺑﻜﺎﻣﻴﺮا ﻋﺎم 2016اﻟﻤﻴﻼدي ) 1437اﻟﻬﺠﺮي(، ﺗﺘﺠﻠﻰ »اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ« ﻟﻘﺎرئ اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﻴﺔ ﻣﺤﺘﻔﻈﺔ ﺑﻨﻜﻬﺘﻬﺎ ،ﻛﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﻠﺸﻤﻮع واﻟﺤﻠﻮى واﻟﻤﻜﺴﺮات واﻟﺴﻜﱠﺮ واﻟﻐﻮاﻳﺶ واﻟﻌﺮاﺋﺲ ﱠ واﻟﻔﻮاﻧﻴﺲ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻀﺎﺣﻜﺔ .ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻓــﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﻜﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﺠﻨﻬﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ رﻣـ ًﺰا ﻟﻠﻔﺘﻚ واﻟﺘﻌﺬﻳﺐ واﻟﺘﻨﻜﻴﻞ. ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ »اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ« ،ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،رﻣ ًﺰا ﻵﻻم أﺳﺮة »أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد« واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺼﺮي ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﻬﺪ.وﻫﻜﺬا ،اﺟﺘﻤﻊ اﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد ﻓﻲ ﻗﻤﺎﺷ ٍﺔ واﺣﺪة ﺧﻠﻒ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻤﺘﻮﻟﻲ، ووﻗﱠ َﻊ اﻟﺰﻣﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻪ اﻟﺨﺸﻨﺔ واﻟﻨﺎﻋﻤﺔ ﻣ ًﻌﺎ .وﻗﺪ أﺑﺮز اﻟﺴﺎرد اﻟﻤﺤﻨﻚ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻫﺬا اﻟﻤﻠﻤﺢ اﻻزدواﺟــﻲ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﺛﻼﺛﻴﺘﻪ اﻟﺨﺎﻟﺪة ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺎﺳﻴﻦ وﻛﻤﺎل ﻳﺴﺘﻌﺪان ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﺣﺪﺛﻴﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﻴﻦ :وﻓﺎة اﻷم أﻣﻴﻨﺔ ،وﻗﺪوم ﻣﻮﻟﻮد ﺟﺪﻳﺪ ﻻﺑﻨﺔ ﻳﺎﺳﻴﻦ .ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ» :دﺧﻼ اﻟﺪﻛﺎن اﻟﺼﻐﻴﺮ ،وراح ﻳﺎﺳﻴﻦ ﻳﻨﺘﻘﻲ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻟﻮازم اﻟﻤﻮﻟﻮد اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ :ﻗﻤﺎﻃًﺎ وﻃﺎﻗﻴﺔ وﻣﻨﺎﻣﺔ ،وﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻤﺎل أن رﺑﺎط ﻋﻨﻘﻪ اﻷﺳﻮد اﻟﺬي اﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﺣﺪا ًدا ﻋﻠﻰ واﻟﺪه ﻗﺪ اﺳﺘﻬﻠﻚ ،وأﻧﻪ ﻳﻠﺰﻣﻪ آﺧﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﻮاﺟﻪ ﺑﻪ اﻟﻴﻮم اﻟﺤﺰﻳﻦ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺣﻴﻦ ﻓﺮغ ﻣﻦ ﻳﺎﺳﻴﻦ :رﺑﺎط ﻛﻞ ﻟﻔﺎﻓﺘﻪ وﻏﺎدرا ﻋﻨﻖ أﺳﻮد ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ .وﺗﻨﺎول ﱞ اﻟﺪﻛﺎن ،وﻛﺎن اﻟﻤﻐﻴﺐ ﻳﻘﻄﺮ ﺳﻤﺮة ﻫﺎدﺋﺔ ﻓﻤﻀﻴﺎ ﺟﻨ ًﺒﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﻴﺖ« )اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،ص.(332 : وإن أﺳﺮة أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ إﻻ ﻣﺠﺮد ﻧﺎﻓﺬة ﻳﺮﺳﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ رﺳﺎﺋﻠﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ،وﺗﺤﺎول ﺗﺒﺼﻴﺮه ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺘﻘﺪم ،وﺗﺠﺎوز اﻟﻜﺒﻮات واﻟﻤﺤﻦ.وﻟﻢ ﻳﻜﻦ دوران ﻃﺎﺣﻮﻧﺔ اﻵﻻم، ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﻫﻮ اﻷول ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻖ أن دارت ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ داﺧﻞ ﺟﺪران »اﻟﺴﺠﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮ » اﻟﻘﺪﻳﻢ ،اﻟﺬي ﺣﻞ ﻣﺤﻠﻪ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻤﺆﻳﺪ )ﻻ ﻳﺰال ﻣﻮﺟﻮ ًدا ﺣﺘﻰ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬا( ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺴﺠﻦ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﺧﺰاﻧﺔ اﻟﺸﻤﺎﺋﻞ« ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﻴﺮ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﺷﻤﺎﺋﻞ واﻟﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
111
ŮŠĔŨĉŴ Ŷċij
110
اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وا ﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ا8ﺑﺪاع اﻟﺮواﺋﻲ
ﻣﺌﺬﻧﺔ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة
ﻣﺘﺴﻊ ،ﺑﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﺋﺮ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﻣﻜﺘﺐ ﺑﺮﻳﺪ .وأﻳﻀً ﺎ ﻣﻨﺰل أم ﻳﺎﺳﻴﻦ »ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ،.. ﻣﺮو ًرا ﺑﻌﻄﻔﺔ ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق« )ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ،ص126 : – (127ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻪ أﺛﺮ ﺣﺎﻟﻴًﺎ أو ﻣﻌﺎدل ﻟﻬﻴﺌﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،وﺛﻤﺔ ﺑﻨﺎﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .وﻛﺬﻟﻚ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻠﻤﻘﻬﻰ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻨﺪ ﻧﺎﺻﻴﺔ اﻟﺼﻨﺎدﻗﻴﺔ، اﻟﺬي ﻛﺎن أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻴﺖ زﺑﻴﺪة اﻟﻌﺎﻟﻤﺔ ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺤﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻴﺖ ﻗﺪﻳﻢ ﺣﻘٍّﺎ ،دوره اﻟﺴﻔﻠﻲ ﻳﺸﻐﻠﻪ أﺣﺪ دﻛﺎﻛﻴﻦ اﻟﺮواﺋﺢ واﻟﻌﻄﻮر .أﻣﺎ ﻣﻴﺪان ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻛﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد »ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻣﻴﺪان ذﻗﻦ اﻟﺒﺎﺷﺎ ،ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ اﻟﺰﻫﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻮ أﺷﺠﺎره ،أو ﻳﺴﻤﻴﻪ أﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺧﺮى ﻣﻴﺪان ﺷﻨﺠﺮﻟﻲ ﺳﺎﺣﺒًﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ ﺑﺎﺋﻊ اﻟﺸﻴﻜﻮﻻﺗﺔ اﻟﺘﺮﻛﻲ« )ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ،ص- 191 : (192ﻓﻤﺎ زال ﻋﻠﻰ اﺗﺴﺎﻋﻪ واﺧﻀﺮاره رﻏﻢ اﺧﺘﻔﺎء ﺷﻨﺠﺮﻟﻲ ﺑﺎﺋﻊ اﻟﺸﻴﻜﻮﻻﺗﺔ اﻟﺘﺮﻛﻲ ،اﻟﺬي ﺣﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ أﻗﻔﺎﺻﺎ ﻟﻠﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﺳﻮﺑﺮ ﻣﺎرﻛﺖ ﺣﺪﻳﺚ ،وﻣﺤﻞ ﻳﻌﺮض ً اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ ،وأﺿﻴﻒ ﻟﻠﻤﻴﺪان ،ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻗﺴﻢ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺘﻴﻖ ،أﺣﺪ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﻟﺘﺨﺼﺼﻴﺔ. أﻣﺎ دﻛﺎن أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد »ﻓﻴﻘﻊ أﻣﺎم ﺟﺎﻣﻊ ﺑﺮﻗﻮق ﺑﺎﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ« )ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ،ص ،(43وﻟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﺪرب ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺨ ﱢﻴﻠﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ ،رﻏﻢ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪات اﻟﻬﺎﻣﺸﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻮاﻧﻴﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻫﻨﺎك ،اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ﺣﺮف وﺻﻨﺎﻋﺎت اﻟﻨﺤﺎس واﻷﻟﻮﻣﻨﻴﻮم واﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ واﻟﺨﺸﺐ واﻟﺼﺪف واﻟﻌﻄﺎرة ،ﺣﻴﺚ إن وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻄﻮر ،وﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﻤﻬﺎرة اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻫﻲ أﺳﺎس أﻏﻠﺒﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺤﺮف اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ .وﻟﻌﻞ أﺑﺮز ﻣﺎ ﻳﺼﻨﻌﻪ اﻟﻨﺤﺎﺳﻮن ﻫﻲ اﻷﺑﺎرﻳﻖ اﻟﻤﺸﻐﻮﻟﺔ واﻟﻔﺎزات اﻟﻤﺰرﻛﺸﺔ ،وﺗﺠﺘﺬب ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻮش اﻟﺴﺎﺋﺤﻴﻦ ﻋﺎدة ،ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﻼب اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻣﺎدة ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻳﻨﻘﻠﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﺪرﻳﺒﻴﺔ. أﻣﺎ ﻓﻲ »ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق« ،ﻓﺘﺘﺠﻠﻰ ﺣﺘﻰ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ راﺋﺤﺔ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻣﻊ ﻛﻞ ﻓﺘﺎة أو ﺳﻴﺪة ﺗﺘﺒﺨﺘﺮ ﺑﺎﻟﻤﻼءة اﻟﻠﻒ اﻟﺴﻮداء ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﺿﺎرﺑ ًﺔ ﺑﺼﻴﺤﺎت اﻟﻤﻮﺿﺔ ﻋﺮض اﻟﺤﺎﺋﻂ ،وﻣﺘﺤﺪﻳ ًﺔ »زﻧﻮﺑﺔ« اﻟﻌﻮادة ،اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻌﺖ ﻣﻼءﺗﻬﺎ اﻟﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺻﺎرت اﻣﺮأة إﻓﺮﻧﺠﻴﺔ ﻳﻜﺎد ﻳﺎﺳﻴﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ )ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺘﻲ 274 :و 275ﻣﻦ :ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق( .وﻣﻦ اﻟﻤﺪﻫﺶ ﺣﻘٍّﺎ وﺟﻮد ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻏﻴﺮ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺪﻳﺎت اﻟﻤﻼءة اﻟﻠﻒ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺎرع
ﺟﺎﻣﻊ اﻷزﻫﺮ
ﺧﺪﻳﺠﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺣﻴﻦ ﺗﻠﻜﺄت ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺣﺘﻰ ﺧﻼ ﻟﻬﺎ اﻟﺠﻮ ،ﻓﺎﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺸﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ،وﻟﻢ ﻳﻄﻞ اﻻﻧﺘﻈﺎر ﺑﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻣﺮق ﻣﻦ ﻋﻄﻔﺔ اﻟﺨﺮﻧﻔﺶ ﺿﺎﺑﻂ ﺑﻮﻟﻴﺲ ﺷﺎب ،وﻣﻀﻰ ﻣﻘﺒﻼً ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ« )ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ -ص .(30 وﻟﻜﻲ ﻳﺘﻀﺢ اﻟﻤﻮﻗﻊ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ رﺻﺪ رﺣﻠﺔ ﻛﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد ﻣﻦ ﻣﺪرﺳﺘﻪ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ» :ﻗﻄﻊ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺴﻴﻦ وﻫﻮ ﻳﻘﺮأ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ،ﺛﻢ اﻧﻌﻄﻒ إﻟﻰ ﺧﺎن ﺟﻌﻔﺮ ،وﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺎﺿﻲ، وﻟﻜﻨﻪ ﺑــﺪﻻً ﻣﻦ أن ﻳﻤﻀﻲ إﻟــﻰ اﻟﺒﻴﺖ ﻣﺨﺘﺮﻗًﺎ اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ ،ﻋﺒﺮ اﻟﻤﻴﺪان إﻟﻰ درب ﻗﺮﻣﺰ ﻋﻠﻰ وﺣﺸﺘﻪ وإﺛﺎرﺗﻪ ﻟﻤﺨﺎوﻓﻪ ﻟﻴﺘﻔﺎدى ﻣﻦ اﻟﻤﺮور ﺑﺪﻛﺎن أﺑﻴﻪ، وﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻮ إﻟﻰ اﻟﺸﻄﺮ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺪرب ،وﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻃﺎﻟﻌﻪ ﺳﺒﻴﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ وﻣﺪﺧﻞ ﺣﻤﺎم اﻟﺴﻠﻄﺎن ،ﺛﻢ ﻻﺣﺖ ﻟﻌﻴﻨﻴﻪ ﻣﺸﺮﺑﻴﺎت ﺑﻴﺘﻪ ﺑﻠﻮﻧﻬﺎ اﻷﺧﻀﺮ اﻟﻘﺎﺗﻢ ،واﻟﺒﺎب اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﻤﻄﺮﻗﺘﻪ اﻟﺒﺮوﻧﺰﻳﺔ« )ص .(58 ﺑﻴﺖ اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد إذن وﻓﻖ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﻴﺔ :ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺳﻜﺔ اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ ،واﻣﺘﺪاد ﺷﺎرع ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ )ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ ﻟﺪﻳﻦ اﻟﻠﻪ ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ(، وﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺷﺎرع اﻟﺨﺮﻧﻔﺶ )ﻋﻄﻔﺔ اﻟﺨﺮﻧﻔﺶ ﺳﺎﺑﻘًﺎ( ،وﺑﻤﺤﺎذاة درب ﻗﺮﻣﺰ. وﻟﻌﻞ ﻗﺼﺮ اﻷﻣﻴﺮ ﺑﺸﺘﺎك )ﺗﻢ ﺑﻨﺎؤه ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي( ﺑﺎﺗﺴﺎﻋﻪ وأدواره اﻟﻤﺘﻌﺪدة وﻣﺸﺮﺑﻴﺎﺗﻪ ،ﻫﻮ اﻟﻤﻌﺎدل اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻟﺒﻴﺖ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﺨﺮﻳﻄﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻟﻜﻦ: ﻫﻞ ﻛﺎن اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﺤﻨﻚ ﻳﻘﺼﺪ ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺎء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ؟ وﻫﻞ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺰﻣﻦ ﺳﻴﺤﻔﻈﻪ ﺑﻤﺸﺮﺑﻴﺎﺗﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم؟ واﻟﻄﺮﻳﻒ أﻧﻪ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﺪاﺧﻞ ﻗﺼﺮ اﻷﻣﻴﺮ ﺑﺸﺘﺎك إﺣﺪى اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻟﻔﻨﺎن أﺟﻨﺒﻲ ﺗﺠﺴﺪ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ »ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ« ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻗﺮﻳﺐ اﻟﺸﺒﻪ ،إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻣﻤﺎ ﺻﻮره ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﺧﻼل رواﻳﺘﻪ. أﻣﺎ ﺑﻴﺖ »أم أﻣﻴﻨﺔ« ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر أن ﺗﺬﻫﺐ أﻣﻴﻨﺔ إﻟﻴﻪ »وﻋﻨﺪ ﻛﻞ زﻳﺎرة ﻳﺼﻄﺤﺒﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ ﻓﻲ ﺣﻨﻄﻮر« )ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ،ص ،(43ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻪ أﺛﺮ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﻬﻴﺌﺘﻪ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ اﻟﻤﺮﺻﻮدة ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ، وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻓﻲ »ﻋﻄﻔﺔ اﻟﺨﺮﻧﻔﺶ« ،وﻫﺬه اﻟﻌﻄﻔﺔ ﻗﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺷﺎرع اﻟﺨﺮﻧﻔﺶ ،وﻫﻮ ﺷﺎرع
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
109
ŮŠĔŨĉŴ Ŷċij
اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وا0ﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ اVﺑﺪاع اﻟﺮواﺋﻲ
أﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ً ŒĬijîĘĿí IJœĎė
ﻳﺒﺪو اﻹﺑﺪاع اﻟﺴﺮدي ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻪ ،ﺧﺰاﻧﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻃﺒﻮﻏﺮاﻓﻴﺎ اﻟﻤﻜﺎن ،وﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﻲ آن واﺣﺪ .إن اﻟﻘﺎرئ ﻷﻋﻤﺎل ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة )»ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ«، »ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق«» ،اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ«» ،ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ« ،ﻛﻨﻤﺎذج( ،ﻳﺠﺪ ذاﺗﻪ - إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﺤﻠﻴﻖ اﻟﺨﻴﺎﻟﻲ واﻟﺘﺘﺒﻊ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﺤﺮﻛﺔ وﻣﺼﺎﺋﺮ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت أﻣﺎم ﻛﻨﺰ ﻓﺮﻳﺪ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺮواﻳﺎت وﺻﻒ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﺗﻔﺼﻴﻠ ٍّﻴﺎ ﻟﻸﻣﻜﻨﺔوﻟﻠﺒﺸﺮ ،ﻓﻲ ﻧﻘﺎط زﻣﻨﻴﺔ ﻣﺤﺪدة. وﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ ،أن رﻫﺎن اﻟﺮواﻳﺎت اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﺨﻠﻖ واﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺴﺎرد ﻫﻨﺎ أراد ،ﺑﻮﻋﻲ أو ﻋﻦ ﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻋﻔﻮﻳﺔ ،أن ﺗﺘﺴﻊ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻟﺨﺮاﺋﻂ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺪﻗﺔ ﻟﻸﻣﻜﻨﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺑﺤﺎراﺗﻬﺎ وﻣﻘﺎﻫﻴﻬﺎ وأزﻗﺘﻬﺎ ودﻛﺎﻛﻴﻨﻬﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ ﻗﺮاءة اﻟﺮاوي ﻟﻠﺘﺮاﻛﻴﺐ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ واﻟﻨﻤﺎذج اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ذاﺗﻬﺎ ،ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺧﺮاﺋﻂ ﻣﻦ ﻃﺮاز ﺧﺎص. ﻟﻘﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﺤﻔﻮظ ،أدﻳﺐ ﻧﻮﺑﻞ ،ﺑﺒﺮاﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻜﻨﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮﻳﺔ ﺗﺴﺠﻴﻼً ﺟﻐﺮاﻓ ٍّﻴﺎ ﺻﺮﻳ ًﺤﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺗﺴﺠﻴﻼً ﻓﻨ ٍّﻴﺎ، داﻻً وإﺳﻘﺎﻃ ٍّﻴﺎ ورﻣﺰﻳٍّﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى .وﻫﻨﺎ ﻳﺜﺎر ﺳﺆاﻻن :إﻟﻰ أي ﻣﺪى اﻟﺘﺰم اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺪﻗﺔ ﻓﻲ رﺻﺪه ﺧﺮاﺋﻂ ﻗﺎﻫﺮة اﻟﻤﻌﺰ ﻟﺪﻳﻦ اﻟﻠﻪ اﻟﻔﺎﻃﻤﻲ ووﺻﻒ ﻃﺮﻗﺎﺗﻬﺎ ودروﺑﻬﺎ ﻓﻲ رواﻳﺎﺗﻪ؟ وﻣﺎذا ﻃﺮأ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻜﻨﺔ واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮات ،ﺑﻴﻦ زﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺮواﻳﺎت ،وﺑﻴﻦ ﻟﺤﻈﺘﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻨﺔ )2016م1437 /ﻫـ(؟ ﺑﻮاﺑﺔ ﺑﻴﺖ اﻟﻘﺎﺿﻲ 108
اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ وا ﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ا8ﺑﺪاع اﻟﺮواﺋﻲ
ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ،ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎدل اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ،اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ أو اﻟﻮاﻗﻌﻲ، ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﺨﻴﻞ ﻣﻦ أﻣﻜﻨﺔ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ اﻟﺮواﺋﻴﺔ ،ﻓﻬﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ،دﻛﺎن اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد ،ﺑﻄﻞ اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻳﻌﺎدﻟﻪ، ﻣﻜﺎﻧ ٍّﻴﺎ ،دﻛﺎن ﺣﻘﻴﻘﻲ؟ وإﻟﻰ أﻳﻦ ﺳﻨﺼﻞ إذا ﺗﻮﺧﻴﻨﺎ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮد إﻟﻰ ﻋﻨﻮان ﺑﻴﺘﻪ ،وﻓﻖ ﺳﻄﻮر رواﻳﺔ »ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ«؟ ﺑﻜﺎﻣﻴﺮا ﻋﺎم 2016اﻟﻤﻴﻼدي ) 1437اﻟﻬﺠﺮي( ،ﻻ ﻳﺰال اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻲ اﻷزﻫﺮ واﻟﺤﺴﻴﻦ وﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ وﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻳﺸﻬﺪ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻤﺎ اﺣﺘﻮﺗﻪ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺮاﺋﻂ ،ﻛﻤﺎ أن ﻣﺴﺘﺠﺪات ﻃﺮأت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺮﺻﺪﻫﺎ ﻛﺎﻣﻴﺮا ﻣﺤﻔﻮظ اﻟﻼﻗﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل، ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ »اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﺟ ٍّﺪا« ،اﻟﺘﻲ أﺿﻴﻔﺖ ﺣﺪﻳﺜًﺎ إﻟﻰ ﻣﻬﻦ ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﻫﻲ ﻣﻬﻨﺔ »ﺗﺄﺟﻴﺮ اﻟﻤﻼءات اﻟﻠﻒ واﻟﺒﺮاﻗﻊ ﻟﻠﻔﺘﻴﺎت، واﻟﻄﺮاﺑﻴﺶ اﻟﺤﻤﺮاء ﻟﻠﻔﺘﻴﺎن« ،ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺼﻮروا ﺑﻜﺎﻣﻴﺮات ﻣﻮﺑﺎﻳﻼﺗﻬﻢ وﻫﻢ ﻳﺮﺗﺪوﻧﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ ،ﻣﻬﺪ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮﻳﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ،اﻟﺬي ﺣﺎﻓﻼ ﺑﺄﺳﺎﻃﻴﻦ اﻟﺼﺎﻏﺔ واﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ. ﻻ ﻳﺰال ً وﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ذاﺗﻪ ،ﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ ،وﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ ،ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻜﻨﺔ ،اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ واﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ،وﻓﻖ ﺧﺮاﺋﻂ اﻟﺴﺮد اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﻴﺔ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻴﺘﻪ اﻟﺨﺎﻟﺪة» :ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ«» ،ﻗﺼﺮ اﻟﺸﻮق«» ،اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ«، وﻛﺬﻟﻚ »ﺧﺎن اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ« .واﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ رواﻳﺔ »ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ« ،ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮﻗﻊ ﺑﻴﺖ اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﻮاد ،ﺣﻴﺚ ﻳﺼﻒ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ذﻟﻚ ﺗﻔﺼﻴﻠ ٍّﻴﺎ» :ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺸﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﻊ أﻣﺎم ﺳﺒﻴﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ،وﻳﻠﺘﻘﻲ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺷﺎرﻋﺎ اﻟﻨﺤﺎﺳﻴﻦ اﻟﺬي ﻳﻨﺤﺪر إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب، وﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ اﻟﺬي ﻳﺼﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﺸﻤﺎل« )ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺮﻳﻦ -ﺻﻔﺤﺔ .(6وﺛﻤﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ أﺧﺮى إﻳﻀﺎﺣﻴﺔ» :ﻏﺎدرت اﻷم اﻟﻤﺸﺮﺑﻴﺔ ،وﺗﺒﻌﺘﻬﺎ
ُ ﺷﺮﻓﺔ
اﻟﺘﺮاث واﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺴﻠﻞ اﻟﺘﺮاث إﻟﻰ اﻟﻔﻦ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ،ﺑﺪا ذﻟﻚ واﺿ ًﺤﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻟﻐﺔ اﻷﻟﻮان اﻟﺸﻤﻌﻴﺔ واﻟﻤﺎﺋﻴﺔ واﻟﺒﺎﺳﺘﻴﻞ اﻟﻄﺒﺎﺷﻴﺮي ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﻴﻮود اﻟﻤﻀﻐﻮط واﻟﻜﺎﻧﻔﺎس ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻪ اﺳﺘﻌﺎدة ﻟﻠﺬاﻛﺮة ووﺿﻌﻬﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺤﻤﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮى ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻧﻔﺴﻪ وﻳﻮﺻﻠﻬﺎ ﻟﻌﻴﻦ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ،ﻣﺤﺎﻓﻈًﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺟﺬوره ﻛﻲ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻲ ﺻﺮاع اﻟﻼإﻧﺘﻤﺎء ،وﺧﺎﺻﺔ أوﻟﺌﻚ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻏﺎدروا ﺑﻼدﻫﻢ وﻻ ﻳﺤﻤﻠﻮن ﺳﻮى رﻳﺸﻬﻢ وﺿﻮ ٍء ﺷﺤﻴ ٍﺢ ﻣﻦ اﻟﺬاﻛﺮة. ﻳﺸﻜﻞ اﻟﻤﻮروث اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺎدة ﻏﻨﻴﺔ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﺗﺸﻜﻞ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ،وﻣﺨﺰوﻧﺎً ﺛﻘﺎﻓﻴﺎً ﻋﺎﻟﻴﺎً ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ واﻟﻤﻔﺮدات أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺤﺮوﻓﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،اﻟﺨﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وأﻓﻌﺎل اﻟﺮﻗﺶ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ زﺧﺎرف اﻟﻔﻠﻜﻠﻮر اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺘﻮاﺟﺪ ﻋﻠﻰ اﻷواﻧﻲ واﻟﻤﻼﺑﺲ ورﻣﻮز أﺳﻄﻮرﻳﺔ وﺳﻴﺮ ﺷﻌﺒﻴﺔ وأﻳﻘﻮﻧﺎت وﻣﻬﻦ ﻳﺪوﻳﺔ ووﺷﻢ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺮى اﻧﻌﻜﺎس اﻟﻄﻘﻮس اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺼﻮر ﻋﺪة ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻤﺴﻨﺪﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺘﺠﺎرب ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﻓﺮﻳﺪ ﺑﻠﻜﺎﻫﻴﻪ اﻟﺬي أﻋﺎد اﻟﺮوح إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻛﺎﻟﻮﺷﻢ واﻷﺷﻜﺎل اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺤﻨﺎء ﻓﻲ أﻟﻮاﻧﻪ. وﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻧﺠﺎة ﻣﻜﻲ ﻣﺠﺴﺪة ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﺮأة ﺑﺤﺲ أﻧﺜﻮي رﻓﻴﻊ ،ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﻓﺮدﻳﺔ ،وﺗﺠﺮﺑﺔ أﺧﺮى ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﺳﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺮض ﻋﻨﻮاﻧﻪ »ﻧﺴﺎء اﻟﻈﻞ« ﻳﻈﻬﺮ اﻻﺧﺘﺰال اﻟﻔﻨﻲ وﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻈﻼل وﺳﻄﻮع اﻟﻠﻮن. وﻗﺪ ورد ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺪﻛﺘﻮر إﺣﺴﺎن اﻟﺨﻄﻴﺐ »اﻟﻨﺸﻮء واﻻرﺗﻘﺎء
ﺧﻠﻮد ﺷﺮف@
ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ« ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻜﻨﻴﻚ اﻻﺧﺘﺰال واﺿﺤﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﻣﻨﻰ اﻟﺨﺎﺟﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮل» :ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺧﺘﺰال ﻧﺸﺄت ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻜﻮﻳﻨﺎت ﺗﺼﻤﻴﻤﻴﺔ ﺗﺨﺘﺼﺮ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻻﻧﺸﺎءات اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ إﻟﻰ اﻳﻘﺎﻋﺎت ﻟﻮﻧﻴﺔ ﻣﺰﺧﺮﻓﺔ داﺧﻞ ﺻﻴﻎ ﺑﺼﺮﻳﺔ«. أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﻨﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻲ أﺣﻤﺪ اﻷﻧﺼﺎري اﻟﺬي أﻗﺎم أول ﻣﻌﺮض ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻋﺎم 1971وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻟﻮﺣﺘﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر إﺣﺴﺎن اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺴﺎﺑﻖ ذﻛﺮه ،ﻓﻘﺪ رﺳﻢ ﺑﺴﻜﻴﻦ اﻟﺒﺎﻟﻴﺖ ﻣﻨﻈ ًﺮا ﺟﺒﻠﻴًﺎ ﻳﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ ،ﻧﻘﻠﻪ ﺑﺤﺴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺮوح اﻟﻠﻮﻧﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﺗﺮاﺑﻴﺎت وأﻟﻮان ﺳﻤﺎوﻳﺔ. وﻧﺮى اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺰﻳﻦ اﻟﺬي اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮر اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻋﺒﺮ ﻟﻐﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻓﻘﺪ رﻛﺰ ﻋﻠﻰ إﻇﻬﺎر ﺛﺮاء اﻟﻤﺨﻴﻠﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﺰﻳﻴﻦ اﻟﺜﻮب اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺣﻴﺚ أﻇﻬﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻛﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﺿﺪ ﻣﺤﻮ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ أﻳﻀﺎ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺴﻮري ﻧﺬﻳﺮ ﻧﺒﻌﺔ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﺒﻬﺎء ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻷﺑﻮاب اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎم ﻣﺰاو ًﺟﺎ ﺑﻴﻦ ﺣﺎﺿﺮ اﻟﺸﺎم ﻛﻤﺠﺘﻤﻊ وﺑﻴﻦ ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪا ﻓﻲ ﺗﺠﻠﻴﺎت ﻧﺴﺎﺋﻪ اﻻﻏﻮروﺗﻴﺎت. اﻟﻔﻨﺎن ﻧﺎﻇﻢ اﻟﺠﻌﻔﺮي ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺴﻮرﻳﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺗﻮﻓﻲ وﻟﻢ ﻳﺮض أن ﻳﺒﻴﻊ أي ﺣﺎرة ﻣﻦ ﺣﻮارﻳﻪ اﻟﻤﺆﻃﺮة اﻟﻤﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة، ﻧﻘﻞ ﺣﻮاري دﻣﺸﻖ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﺎزدﺣﺎم وﻣﺸﺎرب وﻣﺂذن وﻛﻨﺎﺋﺲ وﻗﺒﺎب وﺑﻴﻮت وﺷﺨﺼﻴﺎت ﺗﺤﻒ ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻦ @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
107
ŏǙʼnĝĸē
ﺳﺘﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﺮﻳﺢ اﻟﻄﻴﺒﺔ ﻟﺘﺤﺮك ذرة ﻣﺎ ،ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ،ﺳﺘﻌﻴﺪ واﻟﺒﺤﺮﻳﻦ واﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،وﻫﻮ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﻤﺮات اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ اﻟﻨﻈﺎم إﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺬرة ﺑﺘﻨﻔﺴﻚ اﻟﻄ ّﻴﺐ ،ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻷﺛﺮ اﻟﺬي ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺗﻌﺒﺮه 30-20ﻧﺎﻗﻠﺔ ﻧﻔﻂ ﻳﻮﻣﻴﺎً. ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺘﺮﻛﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﺮوﺣﻚ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄن ﻗﺪر اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﺤﻜﻮم ﻳﻘﻊ ﻣﻀﻴﻖ ﻫﺮﻣﺰ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻣﺴﻨﺪم ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻴﻠﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺤﺴﻦ اﻟﻈﻦ واﻹﻳﻤﺎن ﺑﺮﺣﻤﺔ اﻟﺨﺎﻟﻖ. وﻳﻔﺼﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﻴﺎه اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ وﻣﻴﺎه ﺧﻠﻴﺞ ﻣﻜﺮان، وﺑﺤﺮ ُﻋﻤﺎن وﺑﺤﺮ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻄﺔ اﻻﻟﺘﻘﺎء ﻫﺬه اﺳﻢ »ﺑﺎب ﻓﻚ اﻷﺳﺪ«. ŁĊňĔŃ Œij ŒŌĿří ĝĎĬńĿí ņŃ łĿîĬŃ ﺑﺎب ﻓﻚ اﻷﺳﺪ ﺗﺸﻜﻴﻼت ﺟﺒﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ رأس اﻷﺳﺪ ،ﻛﺘﻠﺘﺎن ﺻﺨﺮﻳﺘﺎن ﺗﺒﺪوان ﻣﺴﻨﺪم ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺒﺸﺮي وﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﻓﻜﻲ أﺳﺪ ﻣﻔﺘﻮح ،ﻣﺎ إن ﻳﻠﺠﺄ اﻟﺘﺠﺎر واﻟﺒﺤﺎرة ﻟﻬﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﺴﻨﺪم اﻟﺼﺎﻣﺪة ﻃﻮﻳﻼً ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﻐﺰوات اﻟﻤﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﺣﺘﻰ ﺗﻜﺘﻨﻔﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻷﻣﺎن واﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﺻﻒ واﻟﺘﻴﺎرات ﺣﻴﺚ ﺗﻮاﻟﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺎت اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﻛﺎﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻷﺧﻤﻴﻨﻴﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﻟﻤﺘﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎء ﺑﺤﺮ ُﻋﻤﺎن ﺑﺎﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺴﺎﺳﺎﻧﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺮاﺟﻊ ﻫﺬه اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺎت ﺣﺘﻰ ﺑﺪأ اﻟﻬﺠﻮم ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ اﻟﻐﺰاة اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺪﺛﻮا واﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻀﻴﻖ ﻫﺮﻣﺰ. ﻓﻴﻬﺎ أﺷﻜﺎل اﻟﺪﻣﺎر واﻟﺒﻄﺶ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻛﺰ ﻣﻼﺣﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،واﺳﺘﻤﺮ ﻣﺂﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻼﺷﻲ ﻋﻦ اﻷرض إﻟﻰ أن ﻇﻬﺮت أﺣﺎﻓﻴﺮ ﺟﺒﻞ ﺣﺮﻳﻢ اﻟﺮﺣﻠﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻐﺎﻣﺮة ﺷﻴﻘﺔ ﺑﺴﻴﺎرات اﻟﺪﻓﻊ اﻟﺮﺑﺎﻋﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻗﻮة ﺟﺪﻳﺪة ،أﻏﺎﺛﺖ اﻷﻣﻞ وﻫﻮ ﻓﻲ رﻣﻘﻪ اﻷﺧﻴﺮ وﻃﺮدت اﻟﻐﺰو اﻟﻤﻤﻬﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﺎرات اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ ،ﻣﺮورا ً ﺑﻘﺮى ﺟﺒﻠﻴﺔ وﻣﺰارع اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ وﺷﻜﻠﺖ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة وﻫﻲ اﻟﻘﻤﺢ وأودﻳﺔ ﺧﻀﺮاء ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 1,600ﻣﺘﺮ دوﻟﺔ )اﻟﻴﻌﺎرﺑﺔ( @ رواﺋﻴﺔ ﻣﻦ اVﻣﺎرات ﻋﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺧﺼﺐ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﺄﻣﻞ ﺑﺮوﻋﺘﻬﺎ. ﻣﺎ إن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ اﻟﻤﻨﺒﺴﻄﺔ ﻟﺠﺒﻞ ﺣﺮﻳﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻻرﺗﻔﺎع ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻚ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ أﺣﺎﻓﻴﺮ أﺳﻤﺎك وأﺻﺪاف و أﺣﻴﺎء ﺑﺤﺮﻳﺔ أﺧﺮى ﻣﺘﺤﺠﺮة ،ﻳﻘﺪر ﻋﻤﺮﻫﺎ اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻲ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 250ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻨﺔ ،ﺣﻴﻦ ﻛﺎن اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻳﻐﻤﺮ ﻫﺬه اﻟﻘﻤﻢ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ. ﺟﺰر ﻣﺴﻨﺪم وﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪم ﺳﻼﺳﻞ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎل واﻟﺼﺨﻮر ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺰر ﻣﺜﻞ )ﺟﺰر »ﺳﻼﻣﺔ وﺑﻨﺎﺗﻬﺎ ( )وﺟﺰﻳﺮة ﻣﺴﻨﺪم ( )وﺟﺰﻳﺮة اﻟﻄﻴﺮ ـ واﻟﺘﻲ ﻳﺮﺟﻊ ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﻹﻳﻮاﺋﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻮر ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻧﻮاع واﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬت ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻣﻼذا ً ﻟﻠﺘﻌﺸﻴﺶ(.
106
ﻣﺴﻨﺪم ﻣﻌﺮض ﻓﻨﻲ إﻟﻬﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ
ﺑﺌﺮ ﻋﺘﻴﻖ ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء ﻣﺴﻨﺪم
ﻣﻀﻴﻖ ﻫﺮﻣﺰ )ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ وﻧﺒﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ ( اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻣﺎرﻛﻮ ﺑﻮﻟﻮ. ﻣﻀﻴﻖ ﻋﺮﻳﻖ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ اﻟﺠﺰر اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺴﺎﺣﺮة ،ﻳﺮﺟﻊ ﺳﺒﺐ ﺗﻮﺳﻂ َﻣﻤﻠﻜﺔ ﻫﺮﻣﺰ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎً إﻟﻰ أﻧﻪ ّ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻴﻼدي ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻟﻐﻮﻳﺎً ﻳﻘﺎل ﺑﺄن ﻫﺮﻣﺰ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺎرﺳﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ )أﻫﻮرا ﻣﺰدا( وﻫﻮ إﻟﻪ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﺰردﺷﺘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺪﻳﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﺳﻜﺎن ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻫﺮﻣﺰ. ﻳﻌﺪ ﻣﻀﻴﻖ ﻫﺮﻣﺰ ﻫﻮ اﻟﻤﻨﻔﺬ اﻟﺒﺤﺮي اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﻌﺮاق واﻟﻜﻮﻳﺖ وﻗﻄﺮ
ﻣﻘﺒﺮة أﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺴﻨﺪم
)(ĎĀĄĿí Œij ĺēîŇ ôńû
ﻗﻠﻌﺔ ﺧﺼﺐ ،ﻣﺴﻨﺪم
ﻧﺪاؤك ﻻ ﻳﺼﻞ أﻳﻬﺎ اﻟﻤﺠﻨﻮن اﻟﻤﺴﺠﻮن ﻓﻲ ﺟﺴﺪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،اﻧﻄﻠﻖ ﻳﻤﺎﻣﺔ ً ﻟﻘﺪاﺳﺔ اﻟﺠﺒﺎل ،ﻟﻠﻤﺪى اﻟﺬﻫﺒﻲ أﻣﺎم اﻟﺸﻤﺲ ،ﻋﺴﻰ أن ﺗﺮﻛﺾ ﻓﻲ روﺣﻚ اﻟﻄﻠﻴﻘﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺤﻴﺮة واﻟﺴﺆال ،أﺣﺰاﻧﻚ ﻋﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻬﻢ وﻻ ﺗﻌﺮف ﻣﻴﻌﺎد ﺧﺮوﺟﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻚ ﻋﻈﺎم ،ﺗﺤﻄﻤﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،ﺗﺼﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺸﺎﺷﺔ اﻟﺤﻠﻢ ،ﺗﺪرك وأﻧﺖ ﻋﻠﻰ رأس اﻟ َﻬ َﺮم ﺑﺄن اﻟﺮﻳﺎح ﺗﺴﺤﺒﻚ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ إﻟﻰ اﻟﻠﻪ. ﻗﺒﻞ ﺣﺎدﺛﺔ اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻴﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻵﺷﻮري ﻛﻨﺖ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄن ﺑﻤﻘﺪور اﻟﺒﺸﺮ أن ﻳﺨﻠﺪوا ،ﻧﻌﻢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ أن ﻳﺤﻘﻘﻮا ﺧﻠﻮدﻫﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻨﺤﺖ واﻟﺰراﻋﺔ واﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ ﺑﻜﺎﻓﺔ أﻧﻮاﻋﻬﺎ.... . اﻟﻔﻦ ﻳﻜﻔﻞ ﻟﻬﻢ اﻟﺨﻠﻮد ،ﻟﺬا اﺧﺘﺮت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪء ،ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻮﺻﻮل واﻟﺘﻮاﺻﻞ ،وﻫﻲ اﻟﺸﻲء اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﺳﻴﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺨﺘﻔﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء. ﻟﻜﻨﻚ ﺑﻌﺪ ﻓﺎﺟﻌﺔ ﺗﺤﻄﻴﻢ اﻟﺜﻮر اﻷﺷﻮري ارﺗﺒﻚ إﻳﻤﺎﻧﻚ ﺑﺨﻠﻮد اﻷﺷﻴﺎء! ﻻ ﺷﻲء ﻟﻚ ﻳﺨﻠﺪ. ﺗﺘﺴﺎءل ﻣﻦ ﻳﺤﻤﻲ اﻹرث اﻟﺨﺎﻟﺪ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷرض؟ رﻏﻢ ذﻟﻚ ﺗﺼﻤﺖ ،وﺗﻬﺮب ﻓﻲ داﺧﻠﻚ ﻟﺘﻜﻮن ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻨﻚ. ﻋﻠﻰ ﻗﻤﻢ ﻣﺴﻨﺪم ﺗﺤﻦ أﺻﺎﺑﻌﻚ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻷن اﻟﻠﻪ ﻓﻲ داﺧﻠﻚ ﻳﺤﺮﺿﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻳﺤﺮﺿﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺞ أﺳﻄﻮرة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻚ وﺣﺪك ،وﻟﻦ ﺗﺘﺨﺬ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺳﺒﻴﻼ إﻻ ﺑﺎﻟﻌﺰﻟﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻧﺸﺎﻃﻚ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﺣﻘﻚ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻖ واﻟﺼﻤﺖ واﻟﺘﻨﻔﺲ. ﻓﻲ اﻟﺼﻤﺖ ﺗﺘﺬﻛﺮ داﺋﻤﺎً أﻧﻚ ﻣﺎزﻟﺖ ﺗﺘﻨﻔﺲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ،وأن ذرات أﻧﻔﺎﺳﻚ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
105
ŏǙʼnĝĸē
)(ĎĀĄĿí Œij ŐĸŔēŎŃ Ĺîňŋ
ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺎت اﻟﺒﻜﺮ ﻟﻤﺴﻨﺪم ﺗﻜﻤﻦ ﺟﺎذﺑﻴﺔ أﻟﻴﻔﺔ ﻟﻌﻈﺎﻣﻚ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﻏﻠﺖ ﻓﻲ ﺣﺠﺐ اﻟﺠﺒﺎل أﻛﺜﺮ ،ﻗﻤﻢ وﻣﻤﺮات ﺟﺒﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺒﺚ ﺑﻬﺎ ﻳﺪ اﻟﺒﺸﺮي ﺑﻌﺪ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻬﻮف اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ ُﺣﻔﺮت ﻓﻲ اﻟﺼﺨﻮر اﻟﺨﺎرﺟﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺰﻣﻦ ،أو ﻗﺪ ﻳﻌﻮد اﻧﺘﻤﺎؤﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﺨﻤﻴﻦ واﻟﻤﺨﻴﻠﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺠﺮﻳﺔ ﺣﻴﻦ اﻧﺤﺴﺮ اﻟﻤﺎء ﻋﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر اﻟﻤﺘﺠﻤﻌﺔ اﻟﺴﺎﺑﺤﺔ ﻣﻦ ﺑﻘﺎع ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ. اﻟﺠﺒﻞ اﻟﻤﻨﺤﻮت ﺑﺬاﺗﻪ واﻟﺴﻼﺳﻞ اﻟﻤﺘﻌﺮﺟﺔ اﻟﻮﻋﺮة ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﻟﺸﺮﻳﻂ اﻟﺴﺎﺣﻠﻲ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﻟﻠﺒﺤﺮ ﺗﻘ ّﺪم ﻟﻨﺎ ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻟﻸﻟﻮان اﻟﺮﻣﻠﻴﺔ ،إﻧﻪ ﻧﺤﺖ إﻟﻬﻲ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻹﺑﺪاع واﻟﺪﻗﺔ واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ﺑﻌﺪاﻟﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻄﻮط واﻟﻔﻮاﺻﻞ وﻃﺒﻘﺎت اﻷﻟﻮان اﻟﻤﺘﺪرﺟﺔ، اﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ واﻟﻜﺘﻞ اﻟﻤﺘﻌﻤﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﻤﺎﺛﻴﻞ ﻓﻲ أﺣﺸﺎء اﻟﺠﺒﻞ ﻣﺼﺪر إﻏﺮاء ﻓﻨﻲ ﻟﻨﺤﺎت ﺣﺎﻟﻢ ﻳﺴﻜﻨﻪ اﻟﺠﻤﻮح ،إن ﺟﺒﺎل ﻣﺴﻨﺪم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ دﻋﻮة ﻟﻠﻔﻦ ،رﺳﺎﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﺗﺒﻌﺜﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻛﻞ ﻳﻮم إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺨﻴﻠﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻜﺮة إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن 104
ﻣﺴﻨﺪم ﻣﻌﺮض ﻓﻨﻲ إﻟﻬﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ
ﺳﺎﺣﻞ ﻣﺪﻫﺶ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺧﺼﺐ ،ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺴﻨﺪم
ﻋﺰﻟﺘﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﺮاﺋﺤﺔ ،وﺗﺮﺳﻞ أﺣﻼﻣﻚ إﻟﻰ ﺟﻬﺎت ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ أي ﺧﺎﻃﺮ. ﻣﺴﻨﺪم اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎم ﻓﻲ وداﻋﺔ اﻟﺒﺤﺮ وﺳﻼﻣﻪ اﻷزرق اﻟﺨﺎﻓﺖ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻼﺧﺘﻔﺎء داﺧﻞ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻐﻮص ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻓﻲ اﻟﺼﻤﺖ ،ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ واﺳﺘﺤﺪاث اﻟﺤﻮار اﻟﺪاﺧﻠﻲ وﺗﻨﻈﻴﻒ ﺣﻘﻮل اﻟﺮأس ﻣﻦ ﺧﻮاﺑﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﺎدﻳﺘﻪ اﻟﻄﺎﺣﻨﺔ ،ﻓﺴﺤﺔ ﻧﻤﻨﺢ ﻓﻴﻬﺎ أﻧﻔﺴﻨﺎ أﺣﻘﻴﺔ ﻃﺮح اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ اﻟﻤﺘﺤﺮرة ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﺳﻤﻮم اﻟﺘﻌﺼﺐ واﻟﻤﻌﺎرك اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻴّﺸﻬﺎ ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻟﻘﻮى اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﻤﺘﺼﺎرﻋﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﻴﻼدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺼﺮ اﻟﺰاﺋﻒ. ﻟﻌﻞ ﺟﺒﺎل ﻣﺴﻨﺪم اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﺗﺤﻔﻆ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺪاﻣﻴﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﺧﻠَﺖ ﻋﻦ رأﺳﻬﺎ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت اﻟﻤﻮﺟﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،واﻏﺘﺴﻠﺖ ﺳﺮﻳﻌﺎً ،ﺛﻢ اﻧﺤﻨﺖ ﻟﺘﻌﺎود ﻟﻤﻠﻤﺔ رﻣﺎل اﻟﺸﺎﻃﺊ وأﺣﺠﺎرﻫﺎ اﻟﻤﺘﺸﻈﻴﺔ ،وﺗﻌﻴﺪ ﺗﺰاوﺟﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﺑﺚ ﻋﻼﻗﺔ اﻧﺘﻤﺎء وﻋﺸﻖ ﻳﺒﺨﺒﺦ ﻟﻪ اﻟﻐﻤﺎم ﺑﺄﻣﻄﺎر اﻟﻔﺼﻮل اﻷرﺑﻌﺔ. ﻃﺒﻴﻌﺔ أﻫﻞ ﺟﺒﺎل ﻣﺴﻨﺪم ،اﻟﺸﻤﻮخ واﻟﻜﺒﺮﻳﺎء واﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎة وﺑﻘﺎء وﻋﺰة ،ﺗﺠﺪﻫﻢ ﻳﺘﺸﺒﺜﻮن ﺑﺬاﻛﺮﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮ ،ﻳﺮﻓﻀﻮن ﺗﺮك ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ اﻟﻤﻌ ّﺮﺿﺔ داﺋﻤﺎً ﻟﻠﺴﻴﻮل اﻟﺠﺎرﻓﺔ واﻟﻌﻮاﺻﻒ، ﻻ ﻳﻌﺒﺄون ﺑﻜﻞ دواﻋﻲ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻹﺳﻤﻨﺘﻴﺔ واﻷواﻣﺮ اﻟﻤﻨﺒﻬﺔ ﺑﺘﺮك اﻟﻤﻮاﻗﻊ ﻟﻤﺪ ﺷﺒﻜﺎت ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻟﻄﺎﺑﻮق وﻛﺴﺎرات اﻟﺠﺒﺎل. ﻫﻜﺬا ﻫﻮ ﻃﺒﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﻨﺎد اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ و ﺣﺎﻟﻬﻢ اﻟﻤﻜﺎﺑﺮ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻨﺎدي ﺑﺎﻟﺘﻌﻤﻴﺮ ،ﻳﻈﻨﻮﻧﻪ ﻣﻬﺪدا ً ﻟﻌﺮوﻗﻬﻢ وﺟﺬورﻫﻢ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ، ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎ ﺑﺸﺪة ﺑﺄﺳﻬﻢ ﻓﻲ رﻓﻀﻬﻢ اﻟﺨﻨﻮع ﻋﻨﺪ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أوﻟﺌﻚ اﻟﺸﻘﺮ اﻟﺤﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﻐﺰاة اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮا ﻓﻲ اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﻦ اﻷرض اﻟﺒﻌﻴﺪة واﺳﺘﺒﺎﺣﻮا ﺷﺮف اﻟﺠﺒﺎل؟!
ﺗﺤﻮل اﻟﺠﺒﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﻀﻴﻖ ﻫﺮﻣﺰ ﺣﻴﺚ ﻣﺪﺧﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ إﻟﻰ ﻣﻌﺮض ﻓﻨﻲ ﻋﺎﻟﻤﻲ زاﺧﺮ ﺑﺎﻟﻤﻨﺤﻮﺗﺎت اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ. )ﻫﻨﺎك ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮ( ﻗﺎل دﻳﻜﺎرت ،ﻓﺎﻧﺪﻓﻌﺖ أرواح اﻟﻔﻦ ﺗﻜﺸﻂ ﺟﺒﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺘﺨﺮج ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻷزﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮ ،ﻓﻤﺘﻰ ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻰ ﻣﺴﻨﺪم ذﻟﻚ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺬي ﻳﺨﺮج أﺧﻴﺮا ً ﻣﻦ ﻣﻌﺒﺪ رﺳﻤﻪ، وﺗﻐﻨﻲ ﻳﺪاه ﻓﻲ اﻟﺠﺒﺎل ،ﻟﻴﻨﺤﺖ أﺟﻨﺤﺔ ﻣﺤﻠﻘﺔ ﺑﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺨﻠﻴﺞ وأﻣﻮاﺟﻪ اﻟﻐﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﻖ.
ﻏﺮﻓﺔ ﺗﺨﺰﻳﻦ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻸﻏﺬﻳﺔ واﻹﻣﺪادات ،ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪم
(ĽîòĀĿí đōåč) ŁĊňĔŃ ŐĿç ĩîĴ÷čśí
ﺑﺼﻮرة ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺪﻗﺔ ،أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﻜﻌﻴﺒﻴﺔ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﺗﻤﺎﻣﺎً وﺗﻨﺘﺸﺮ ﺟﺒﺎل )ﻣﺴﻨﺪم ( ﺷﻤﺎل إﻣﺎرة رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻔﺼﻠﻬﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﻮى دﻗﺎﺋﻖ ﻣﻌﺪودة وﺑﻀﻊ أوراق رﺳﻤﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺼﻞ ارﺗﻔﺎﻋﻚ وأﻧﺖ ﺗﻤﻀﻲ ﺑﺤﺬر ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺤﻠﺰوﻧﻲ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻔﻲ ﻣﺘﺮ ﻋﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ رأﺳﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻀﻦ اﻟﻤﻤﺮ اﻟﻤﺎﺋﻲ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻬﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ )ﻣﻀﻴﻖ ﻫﺮﻣﺰ (. إن اﻟﺒﻘﺎع اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺮق ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻲ
ﻣﺴﻨﺪم أو )رؤوس اﻟﺠﺒﺎل( -ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﺗﺴﻤﻴﺔ أﻫﻞ ﺷﻨﺎص وﺿﻮاﺣﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن -ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻤﺮﻛﺰ اﻟﺤﺪ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺧﻠﻴﺞ ﻋﻤﺎن. ﺣﻴﻦ ﺗﺘﻮﻏﻞ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﻘﺮى اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻄ ّﻮق ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻤﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﻤﺎﺷﻴﺔ واﻷﻓﻼج وﻣﻤﺮات اﻷودﻳﺔ ،ﺳﻴﺮﻓﻌﻚ أﺛﻴﺮ راﺋﺤﺔ ﺧﺒﺰ إﺣﺪاﻫﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻮر إﻟﻰ ﺣﺐ ﻋﺘﻴﻖ ﺧﺎﺷﻊ ﻗﺼﻲ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻚ ،إﻧﻬﺎ راﺋﺤﺔ أﻣﻚ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﻌﻔﺔ ﻣﻦ ﻧﺨﻴﻞ ﻣﺴﻨﺪم ،وﻧﺎﻣﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ذرة ﻣﻦ ﻫﻮاﺋﻬﺎ اﻟﻤﺸﺒﻊ ﺑﻤﻠﺢ اﻟﺒﺤﺮ وﻋﺮﻗﻪ ،ﺗﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ
إﻃﻼﻟﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ﻟﻠﺠﺒﺎل ﻓﻲ ﺑﺨﺎ ،ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺴﻨﺪم
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
103
ŏǙʼnĝĸē
ﻣﻌﺮض ﻓﻨﻲ إﻟﻬﻲ
ﻣﺴﻨﺪم
اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ őčŎĜňńĿí óŎĿŎĿ
ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻗﻠﺐ ﺷﺎﻋﺮ ،أو ﻣﺠﻨﻮن ذي ﺣﺪس ،أو روح ﻣﻮﺟﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺷﺠﺎﻋﺔ ﺗﻐﻮص ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻂ ﻋﻤﻴﻖ ،أو ﻟﻌﻠﻚ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺛﻘﺔ اﻟﻘﻔﺰ ،ﻣﻦ ﺻﺨﺮة ﺻﻐﻴﺮة ﻣﻨﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ،ﻟﺘﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ وﺷﻢ ﺟﺬورك ﻓﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ. اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﺰل إﻟــﻰ ﺳﻤﺎء اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺸﺎﻫﻖ واﻟﻤﺘﺮاﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ ،واﻟﻤﻤﺘﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﺎء اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻲ ،ﺟﺬورك ﻓﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻴﻼً ،ﻻ ﺗﺨﻒ ﺗﻠﻚ ﻟﻴﺴﺖ رؤﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ ،إﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺘﻚ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ ﺗﻨﺰل ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ دون أن ﻳﻜﻮن ﻟﻚ ﺧﺒﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ أﻧّﺎك اﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻣﺜﻞ وردة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎء ﺗﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻨﺴﻤﺔ اﻟﺤﺐ ﻣﻊ أﺷﻌﺔ اﻟﻜﻮاﻛﺐ ،ﻓﻲ اﻷﻋﺎﻟﻲ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﻗﻮة اﻟﺼﺨﻮر وأن ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻗﻮة اﻟﻤﻴﺎه ،ﻗﻮة اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻌﺔ ،ﻗﻮة راﺋﺤﺔ اﻟﻮردة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎء. ﺳﺘﺮى اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺎل ﻣﺴﻨﺪم ،ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، وﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮك أﻻ ﻳﺴﺘﻌﺪ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻟﻦ ﺗﺘﺮك ﻣﻼﺣﻈﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺤﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﻣﻜﻨﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،وﻟﻦ ﺗﺤﺎور وﺗﻨﺎﻗﺶ ذاﺗﻚ ،ﻟﻦ ﺗﻔﻜّﺮ ،وﻟﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻜﺮ اﻟﻮﻋﻲ ﻟﺪﻳﻚ ،ﻓﻘﻂ ﻛﻲ ﻻ ﺗﻈﻞ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻓﻔﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻳﻀﻴﻊ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻄﺮﻳﻖ ،إن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻼﺗﻔﻜﻴﺮ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻤﻮج ﺷﻲء ﻓﻲ داﺧﻠﻚ، ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻜﻮاﻛﺐ ،ﻟﻦ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﺄن ﺗﺮاﻫﺎ إن ﻛﻨﺖ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻴﻬﺎ، اﻧﺴﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ ،اﻧﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ ،ادﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﺮاغ واﻟﻌﺪم ،ادﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ وﻋﻴﻨﺎك ﻣﻔﺘﻮﺣﺘﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻖ اﻷﺳﻮد ،ﺳﺘﻨﺰل اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺎل ﻣﺴﻨﺪم، ﻻ ﺗﺴﺘﻌﺠﻞ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺮؤﻳﺎ ﻛﺜﻴﺮاً ،ﻻ ﺗﺘﺮك اﻟﻤﻜﺎن ﺳﺮﻳﻌﺎً ﺑﻌﻮدﺗﻚ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻪ ،ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺮ اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻟﺮؤﻳﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮى ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ اﻟﻤﺠﺮدة )أن ﺗﻜﻮن ﻣﺠﻨﻮﻧﺎً(.
اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي ،واﻟﺠﺒﺎل ،واﻟﻘﻮارب
102
ﻣﺴﻨﺪم ﻣﻌﺮض ﻓﻨﻲ إﻟﻬﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ
اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ ﻣﺠﺮن
اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ آل ﻣﻜﺘﻮم ،وﻣﻌﻬﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮاﻓﻘﻴﻦ ﻣﻦ اﻷﺻﺪﻗﺎء واﻟﻤﻌﺎوﻧﻴﻦ ،إﻟﻰ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن ﻓﻲ ﻋﺎم 1993م .وﻗﺪ ﺣﺪث أن ﻓﻘﺪ ﻃﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،وﺑﺤﺜﻮا ﻋﻨﻪ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،وﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻪ ،وﻛﺎن ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺷﺎب ﻳﺪﻋﻰ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﺨﺒﻮط اﻟﻜﻌﺒﻲ ،وﻳﻨﺎدوﻧﻪ »ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﺨﻴﺒﻂ« وﻫﻮ ﺗﺼﻐﻴﺮ ﻻﺳﻢ »ﺷﺨﺒﻮط« ،وﻫﺬا ﻣﺎ اﻋﺘﺎد أن ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻪ واﻟﺪه ،واﻟﺬي ﻫﻮ ﺣﻲ ﻳﺮزق إﻟﻰ اﻵن وﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻮاﻧﻴﺞ ﻓﻲ إﻣﺎرة دﺑﻲ ﺣﺎﻟﻴﺎً .وﻳﻌﻮد أﺻﻞ »ﺷﺨﻴﺒﻂ« ﻫﺬا إﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﻛﻌﺐ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﺸﻮﻳﻬﻴﻴﻦ، وﻗﺪ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ دﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺼﻔﻮت اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻹﻣﺎرة ﻋﺠﻤﺎن .وﻋﺎش ﻓﻲ دﺑﻲ ﻣﻊ أوﻻده ﻫﻨﺎك، ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﻜﺘﻮم ﺑﻦ راﺷﺪ واﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم .وﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﺣﻜﺎﻳﺘﻨﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎم ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﺨﻴﺒﻂ،
ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﻴﺮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ووﺟﺪه ﺧﻠﻒ اﻟﺠﺒﻞ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﻴﻤﻮن ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ ،ﻓﻔﺮح اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺮ ﺑﻄﻴﺮه اﻟﺬي ﻛﺎن ﻏﺎﻟﻴﺎً ﻋﻨﺪه ﻛﺜﻴﺮا ً ،وﻗﺎل ﺗﻐﺮودة ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﺨﺒﻮط اﻟﻜﻌﺒﻲ ،أو ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﺨﻴﺒﻂ ،ﻳﺸﻜﺮه وﻳﺜﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ وﻫﻮ اﻟﺬي أﻧﻘﺬ ﻃﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻬﻼك وأﻋﺎده إﻟﻴﻪ. ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺮ ﻓﻲ ﺗﻐﺮودﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﺨﺒﻮط اﻟﻜﻌﺒﻲ: أﺳـــﻤﻲ »ﺧﻠﻴﻔﺔ« ﻣﺎ ﺷﺮاﺗﻪ ﺣـــﺪّ ﻳﺮوم ﻳﺮﻗﻰ ﻓﻲ اﻟﺠﺒـــﻞ وﻳـــﻌﺪّ ي ﺷﻬﻢ ﻳﺮوم اﻟﺼﻌﺐ دون ﻣـــﺠﺪّ ي ٍ ﻟﻪ ﺑﺎ ﻳﻐ ّﻨﻲ ﺑــﻮ ﺷﻌـــــﺮ ﻣـــﺴﻮ ّد ﺿﺎﻓﻲ ﻳﺪﻳﻠﻪ ﻣﻜﺴــــﻲ وﻳـــــﻨﻬﺪّ وﻋﻦ ﻟﻲ ﻳﺒﺎه ﻳﻨﺎل ﻣـــــﺎ ﻳـــــﺮﺗﺪﱢ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
101
ĆēĴőĽŤē ěĔŻĔšĨ
اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﺻﺎﺣﺐ ا0دب واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻤﻘﻨﺎص Ċėíč Ŏñ îŌŔļĄœ
ﺗﻌﺪ ﻋﺎﺋﻠﺔ آل ﻣﺠﺮن وﻫــﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻤﺮر اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ دﺑﻲ ،ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﺋﻞ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻫﻨﺎك ،ﺣﻴﺚ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺸﻴﺨﺔ اﻟﻤﺮر، وﻟﻬﻢ ﻧﺴﺐ ﻗﺪﻳﻢ ﻣﻊ ﺷﻴﻮخ آل ﻧﻬﻴﺎن وآل ﻣﻜﺘﻮم .وﻗﺪ اﺷﺘﻬﺮ ﻫــﺆﻻء ﺑــﺎﻷدب وﺣﺐ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺸﻌﺮاء .وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ذﻟﻚ ،اﺷﺘﻬﺮوا أﻳﻀﺎً ﺑﺎﻟﺼﻴﺪ واﻟﻘﻨﺺ ﺑﺎﻟﻄﻴﻮر .وﺗﻨﺤﺪر ﻫﺬه اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻫﻢ اﻷﻛﺒﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺠﺮن اﻟﻤﺮر اﻟﺬي أﻧﺠﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء واﻟﺒﻨﺎت .ﻓﻘﺪ أﻧﺠﺐ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ اﻟﺸﻴﺨﺔ ﺷﻤﺴﺔ ﺑﻨﺖ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﺰوﺟﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﻤﺪان ﺑﻦ زاﻳﺪ اﻷول ،ﺣﺎﻛﻢ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻷﺳﺒﻖ ) ،(1922-1912وأﻧﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ اﺑﻨﺘﻪ اﻟﺸﻴﺨﺔ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻴ ﺗﺰوﺟﻬﺎ ﻴﺦ اﻟﺘﻲ ﺰوﺟﻬ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻲ ﻴ آل ﻣﻜﺘﻮم رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وأﻧﺠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻨﺎﺗﻪ وأﺑﻨﺎﺋﻪ اﻟﻜﺮام وﻫﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﻜﺘﻮم ﺑﻦ راﺷﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﻤﺪان ﺑﻦ راﺷﺪ ،وﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ رﻋﺎه اﻟﻠﻪ .ﻛﻤﺎ أﻧﺠﺒﺖ ﻣﻨﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ.
ﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﻫﺬا ،ﺷﺎﻋﺮا ً وﻣﻐﺮدا ً ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ وﻟﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ واﻟﺘﻐﺎرﻳﺪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .وﻗﺪ أﻧﺠﺐ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻨﺎء،
100
اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن
وﻫﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن أﻃﺎل اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﺮه ،وﺑﻄﻲ ،واﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن رﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺨﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن اﻟﺘﻲ ﺗﺰوﺟﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ،وأﻧﺠﺒﺖ ﻣﻨﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ .وﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻫﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﻓﻘﺪ وﻟﺪ ﻓﻲ ﻋﺎم 1916م ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،وﻛﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﺤﺒﺎً ﻟﻸدب واﻟﺸﻌﺮ ﻣﺜﻞ واﻟﺪه اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ،ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻠﻢ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ »اﻷﺣﻤﺪﻳﺔ« ﺑﺪﺑﻲ وﻫﻲ ﻣﻦ أوﻟﻰ اﻟﻤﺪارس ﻫﻨﺎك ﻣﻊ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺒﺮ ﺗﻌﻠّﻖ ﺑ ب ﺑﺎﻷدب واﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ وأﺻﺒﺢ ﻣﺪرﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ واﺣﻜﺎﻣﻪ وﻓﻨﻮﻧﻪ ،ﻓﻜﺎن ﻳﺤﺐ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺸﻌﺮاء وﻳﺤﻔﻆ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ واﻟﺘﻐﺎر واﻟﺘﻐﺎرﻳﺪ !،ﻣﻤﺎ ﻓﺘﺢ ﻗﺮﻳﺤﺘﻪ وأﺻﺒﺢ ﻳﻘﺮض اﻟﺸﻌﺮ وﻳﻘﻮل اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ واﻟﺘﻐﺎرﻳﺪ ﺑﺪون ﺗﻜﻠّﻒ ﻒ وﺟﻬﺪ ،وﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﻗﻒ او ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻨﺪه ﻣﺰﻣﻞ ،ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻟﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ وﺗﻐﺎرﻳ وﺗﻐﺎرﻳﺪ ﻣﺸﻬﻮرة وﻣﻌﺮوﻓﺔ ،وﺑﺮﻏﻢ ﺗﻮاﺿﻌﻬﺎ اﻻ أن ﺳﻤﻌﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن وﻗﻮة ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﻣﻊ ﻃﻴ ﻃﻴﺒﻪ وﻛﺮﻣﻪ ورﺟﻮﻟﺘﻪ وﺷﻬﺎﻣﺘﻪ ،ﺟﻌﻠﺖ ﻟﺸﻌﺮه اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ ﺷﻬﺮ ًة وﺳﻤﻌﺔ ﻟﺪى اﻟﻨﺎس. ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻌﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺷﺎﻋﺮا ً ﻣﻘﻼً ﻓﻲ ﻗﻮل اﻟﺸﻌﺮ ،إذ أن ﻗﺼﺎﺋﺪه وﺗﻐﺎرﻳﺪه ﻣﻌﺪودة، ﻣﻊ ﻣﻼ ﻣﻼﺣﻈﺔ أن ﺷﻌﺮه ﻳﻌﺪ أﻗﻞ ﺟﻮدة ﻣﻦ ﺷﻌﺮ واﻟــﺪه اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ .ﻛﻤﺎ ﻛﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﺤﺒﺎً وﻣﻐﺮﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﻘﻨﺺ واواﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﺼﻘﻮر وﻟﻪ ﺧﺒﺮة واﺳﻌﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ .وﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﺗﻐﺎرﻳﺪ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ
ﻣﺠﺮن اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ واﻟﻤﻌﺪودة ،ﺗﻐﺮودة ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ ﻧﺎﻗﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ،وﻳﻜﻮن ﺧﺎﻟﻪ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺎزت ﻫﺬه اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻓﻲ أوﻟﻰ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ ﺑﺪﺑﻲ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗ ٌﻨﺎدى ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ إل ﻣﻜﺘﻮم، اﻟﺬي ﻛﺎن ﺻﻐﻴﺮا ً ﻓﻲ وﻗﺘﻬﺎ .وﻗﺪ ﺷﻬﺪ ذﻟﻚ اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن واﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم رﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺟﻤﻴﻊ ﺣﻜﺎم وأوﻟﻴﺎء ﻋﻬﻮد اﻹﻣــﺎرات ،وﻛﺬﻟﻚ ﺿﻴﻮف اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻬﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ آل ﺳﻌﻮد رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻛﺎن ﺣﻴﻨﻬﺎ وﻟﻴﺎً ﻟﻌﻬﺪ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﺟﻤﻮ ٍع ﻏﻔﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ واﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ وﻋﺸّ ﺎق ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ. ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﻓﻲ ﺗﻐﺮودﺗﻪ ﻓﻲ ﻧﺎﻗﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ آل ﻣﻜﺘﻮم: ﻓ ّﺮح ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺴﺒﻖ واﻓْﺮﺣــﻨﺎ ﺑﻪ ﻋﺴﺎه ﻳﺴﺒﻖ دوم ﻓﻲ ﻣﺴـﺤﺎﺑﻪ ﺗــ ّﻤﺖ ذﻟـــﻮﻟــﻪ ﻟﻠﺮﻛﺎب ﻣﻬﺎﺑﻪ ﺣﻤﺮاً دﻟﻴﻬﺎ ودق ﻣــــﻦ ﺳﺤﺎﺑﻪ ﺳﺤﺐ ﻋﺮﻳﺾ ﺣﻴـﺎﺑﻪ ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ّ ٍ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻬﺎ ﻣﺎ ﺣـــﺪ ﻋـــﺪّ رﻛﺎﺑﻪ ْﻳﻌﻠﻪ ذﻛْﺮﻫـــﺎ دوم ﻳﺘﻬ ّﻨﻰ ﺑـــﻪ ﻳﺸﻬﺪ ﻓﻬﺪ واﻟﻠﻲ ﺣﻀﺮ م اﻟﻼﺑﻪ وﻗﺪ ﺗﻮﻓﻲ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﻋﺎم 1995ﻓﻲ دﺑﻲ. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻣﺎﻧﻊ آل ﻣﻜﺘﻮم » «55ﻋﺎﻣﺎً أﻧﻪ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮوى ﻋﻦ اﻟﻤﺮ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ، أﻧﻪ ذﻫﺐ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﻗﻨﺺ ﻣﻊ اﺑﻦ ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ
ﻗﺮاءات
وﺣﻮش ﻳﺤﻴﻰ اﻟﺸﻴﺦ اﻗﻲ ﻳﺤﻴﻰ ﻣﺎ إن ﺗﻠﻤﺲ ﻏﻼف رواﻳﺔ )ﺑﻬﺠﺔ اﻷﻓﺎﻋﻲ( ،ﻟﻠﻤﺒﺪع اﻟﻌﺮ ّ اﻟﺸﻴﺦ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ أﺳﻄﻮرة ،ﺑﺼﻮرة وﺣﺶ ﻏﺮﻳﺐ رﺳﻤﻪ اﻟﻤﺆﻟّﻒ اﻟﻔﻨﺎن ﻧﻔﺴﻪ ،واﺳﻢ اﻟﺪار اﻟﻐﺮﻳﺐ )دار اﻟﻤﻌﻘّﺪﻳﻦ: ﻣﻨﺸﻮرات ﻳُﺴﺎء ﻓﻬﻤﻬﺎ إﻟﻰ اﻷﺑــﺪ( ،وﻻ أدري ﻟ َﻢ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺼﺔ )؟( ﻓﻬﻲ ﻣﺌﺔ ﺻﻔﺤﺔ ،ﻟﻜﻦ ذﻛّﺮﺗﻨﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً ﺑﻤﺜﻠَﻴﻦ )ﺿﻤﻦ أﻣﺜﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮة( ،ﻓﻤﻴﻼن ﻛﻮﻧﺪﻳﺮا ﺻ ّﻮر ﻓﻲ رواﻳﺘﻪ )ﻓﺎﻟﺲ وﻛﻨﺖ أول ﻣﺘﺮﺟﻤﻴﻬﺎ ،دار اﻟﻬﻼل ،(1993ﻃﺒﻴﺒﺎً ،د. اﻟــﻮداع، ُ ﺳﻜﺮﻳﺘﺎ ،ﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﻌﻘﻴﻤﺎت ﺑﻤﺎﺋﻪ ،وﻗﺪ أﻧﺠﺐ ﺷﻌﺒﺎً ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل ﺳﺮا ً ،ﻛﻠﻬﻢ ﻣﺘﻤﺎﺛﻞ ،رﺑﻤﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻜﺮة اﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ،أن ﻳﻤﻸ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺳﻜﻮت ﻓﻴﺘﺰﺟﺮاﻟﺪ )اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﻴﻦ .وﻗﺼﺔ ّ ﻟﺒﻨﻴﺎﻣﻴﻦ ﺑﻮﺗﻮن( ،ﻋﻦ ﻃﻔﻞ وﻟﺪ ﺑﻤﻼﻣﺢ رﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ،وﻛﻠّﻤﺎ أي ﺿ ّﺪ ﻛﺒﺮ ﺻﻐﺮت ﻣﻼﻣﺤﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻮت ﻛﻄﻔﻞ وﻟﻴﺪ ،وﻫﻮ ﻳﺤﺒﻮّ ، أﻧﺴﺎق اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .وﻫﻨﺎ ،أﺳﻄﻮرة ﻣﻦ ﻧﻮع آﺧﺮ ،ﻳﻜﺘﺐ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻦ ﺑﻠﺪة رﺟﺎﻟﻬﺎ ﻋﻘﻴﻤﻮن ،ﻟﻜﻦ ﺳﺎﺣﺮا ً ﻳﺘﺰ ّوج ﻓﺘﺎة ﻓﺘﺤﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﺛﻢ ﻳُﻘﺘﻞ اﻟﺴﺎﺣﺮ ﻟﻴﻠﺘﻬﺎ ،وﺗﻠﺪ اﻟﻤﺮأة ﻣﺴﺨﺎً ﺷﺎﺋﻬﺎً ﺑﻮﺟﻬﻴﻦ ،ﻣﺜﻞ رب اﻟﺒﺪاﻳﺎت واﻟﺘﺤ ّﻮﻻت »ﻳﺎﻧﻮس«ُ ،ﺳ ّﻤﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﺑﺎﺳﻤﻪ ،ﻓﻬﻮ ّ ﺑﺎﻷﺳﻄﻮرة اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ .ﻳﻜﺒﺮ اﻟﻮﺣﺶ أو اﻟﻤﺴﺦ أو اﻟﻔﺤﻞ ،ﻟﻴﺴﺘﺤﻴﻞ ﻗﻮة ﺧﺎرﻗﺔ ﺗﺴﺘﻤﻴﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻨﺴﺎء ،ﻳﺄﺗﻴﻨﻪ ﻟﻄﻠﺐ ِ »ﺣﺠﺎب« ﻓﻴﺤﺒﻠﻦ ﻣﻨﻪ ،وﻫﻜﺬا ﺗﺤﺒﻞ اﻟﻨﺴﺎء وﻳﻠﺪن أﺷﺒﺎﻫﺎً ﻣﻨﻪ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ. ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺨﻠّﺺ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ إﺣﺴﺎﺳﻬﻢ ﺑﺎﻟﺨﺰي ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ ﻟﻴﺴﺖ )ﻃﻠﻴﻌﻲ( ﺑﺎﻟﺨﺮوج ﻣﻊ زوﺟﺘﻪ اﻟﺤﺎﻣﻞ، ﻟﻬﻢ ،ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺠﺮأ رﺟﻞ ّ ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺒﻠﺪة ﻓﺘﻨﺸﺄ ﺻﻨﺎﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪة وﺗﺠﺎرات ﺟﺪﻳﺪة ،ﻟﻨﺴﻴﺎن ﺳﻨﻴﻦ اﻟﻘﺤﻂ ،ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻊ أوﻻد وﺑﻨﺎت ﺑﻮﺟﻬﻴﻦ ،ﻛﻴﻒ ﻳﻄﻌﻤﻨﻬﻢ وﻳﺮاﻋﻴﻦ أﻣﺰﺟﺘﻬﻢ ،ﻓﻮﺟﻪ وﺳﻴ ٌﻢ ﺻﻌﺐ إرﺿﺎؤه ،إﻟﻰ أن ﻳﺄﺗﻲ ﻋﺼﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻃﻼوة ،ووﺟﻪ دﻣﻴﻢ ٌ ّ ﻳﻮم ﺗﻘﺮر اﻟﺒﻠﺪة ﻓﻴﻪ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﻤﻮاﻟﻴﺪﻫﺎ ،ﻓﺘﺄﺗﻲ اﻟﻄﺎﻣﺔ اﻟﻜﺒﺮى، ﻓﺎﻟﻜﻞ ﺣﻴﻦ ﻳﻌﺒﺚ اﻟﻤﻮاﻟﻴﺪ ﺑﺘﺒﺪﻳﻞ آﺑﺎﺋﻬﻢ وأﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺒﻮنّ ، ﻣﺘﻤﺎﺛﻞ ،وﻳﺴﺘﺸﻴﻂ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ دون ﻓﺎﺋﺪة. ٌ
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ @
ﺗﻨﺸﺄ أﻋﺮاف ﺟﺪﻳﺪة ،وﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻫﻮى اﻟﻨﺎس، ﻛﻞ ﻟﻜﻦ ﻳﻌﺘﺎدوﻧﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ،ﻗﺎل أﻟﺒﻴﺮ ﻛﺎﻣﻲ )ﻳﻌﺘﺎد اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ّ ﺷﻲء ،ﺣﺘﻰ اﻟﻤﻮت واﻟﻄﺎﻋﻮن( ،ﻓﺎﻷوﻻد واﻟﺒﻨﺎت ﻳﺒ ّﺪﻟﻮن أﻫﺎﻟﻴﻬﻢ ّ وﻛﻞ ﻛﻞ وﺟﻪّ ، ﻛﻞ ﻓﺘﺮة ،وﻛﻞ وﻟﺪ ﻳﻨﺎم ﻣﻊ ﻓﺘﺎﺗﻴﻦ ،ﺣﺴﺐ رﻏﺒﺔ ّ ﻓﺘﺎة ﻛﺬﻟﻚ ،وﺗﺨﺘﻠﻂ اﻷﻧﺴﺎب ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻳُﺤﺘﻤﻞ ،ﺣﺘﻰ أن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺻﺎر ﻳُﻌﺎﺷﺮ أﻫﻠﻪ ،أو َﻣﻦ ﻳﺴﺎﻛﻨﻬﻢ ،ﻓﻼ ﺗﻌﺮف اﻷم ﻣﻦ ﻳﻨﺎم ﻣﻌﻬﺎ، وﻻ اﻷب ،ﻟﻜﻦ ﺣﻈﻴﺮة اﻷﻋﺮاف اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗُﺴﺎﻳﺮ اﻟﺤﺎل ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻗﺪ اﻷﺻﻠﻲ ،ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﺐ )اﻟﻨﻐﻞ( ﺻﺎروا ﻧﺎﻗﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ )اﻟﻔﺤﻞ( ّ وﻫﻢ ﻳﻀﻐﻄﻮن ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ،ﻓﺎﻧﺘﺸﺮت ﻋﺎدة ﻗﻄﻊ اﻟﻠﺴﺎن ،ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻘﻌﺖ أرض اﻟﺸﻮارع ﺑﺎﻟﺪم ﻣﻦ ﺷﺤﻨﺔ اﻧﺘﻘﺎﻣﻬﻢ اﻟﺼﺎﻣﺖ. ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻧﺘﻮﻗﻌﻬﺎ ،إذ ﻳﻬﺠﻢ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺮ )اﻟﻨﻐﻞ(، ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ َﻫ َﺮﻣﺎً ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة ،ﻟﻜﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﺎﻣﺾ ،ﻓﻼ ﻧﻮﻗﻦ إن ﻣﺎت أم ﻻ ،وﻣﺎذا ﻳﻔﻴﺪ؟ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺤﺎﻟﺖ اﻟﺒﻠﺪة ﺷﻴﺌﺎً آﺧﺮ ،واﻧﻘﻠﺒﺖ اﻷﻋﺮاف ﻣﻦ ﺑُﻐﺾ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺷﻲ ٌء ﻓﻲ ﻣﺤﻠّﻪ ،وﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ ﻋﻮدة ﺷﻲ ٍء إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺣﺪث ﻓﻌﻠﻴﺎً ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻮاﻟﻴﺪ اﻟﻌﺮاق ﺳﺎﻋﺔ ﺿﺮﺑﻪ ،2003ﺣﻴﺚ أﻧﺠﺒﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻮاﻟﻴﺪ ﺷﺎﺋﻬﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻏﺮﻳﺒﺔ. اﻟﺮواﻳﺔ أﺳﻄﻮرة ﻣﺆﺳﻴﺔ ،ﻻ ﻋﺰاء ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ وﻻ اﻷﺧﻼق وﻻ اﻟﻘﻴﻢ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻔﺎرق ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺑﻠﻐﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﺆﻟﻤﺔ ،ﺗﻮﺣﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻜﺸﻒ ،وﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻏﺮاﺋﺒﻴﺔ اﻟﺮواﻳﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻀ ّﻢ ﻗﺮاﺑﺔ 20ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ رﺳﻮم اﻷﺣﺠﺒﺔ ،ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،رﺳﻤﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﺘﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺳﻄﻮرة اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺷﺮة اﻟﻌﻤﻞ ،وﻣﻤﺎ ﻳﺆﺳﻒ ﻓﻘﻂ وﺟﻮد ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻄﺒﺎﻋﻴﺔ واﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﺜﻴﺮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﺎﺗﻤﺔ ﺳﻮداء :إن )ﺗﺎرﻳﺨﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﻣﻦ اﻟﺬل واﻟﻤﻬﺎﻧﺔ، ﺳﻴﺴﺘﻴﻘﻆ ذات ﻳﻮم ﺣﺎﻗﺪا ً ،ﻳﻄﻠﺐ اﻟﺜﺄر(! @ ﺷﺎﻋﺮ وﻣﺘﺮﺟﻢ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
99
ĘĝšŤē śŵĸ
ﺧﺼﺒﺎً ﻳﺸﻲ ﺑﻘﺼﺔ ﺟﻬﻮد اﻹﻧﺴﺎن وﺟﻬﺎده ﻓﻴﺠﺪ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ ﻟﺘﺘﺒﻊ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اVﺻﺪار ﺣﺼﻴﻠﺔ ﺑﺤﺚ ﺳﺎﻋﻴﺎً إﻟﻰ اﻛﺘﺸﺎف ﻣﺠﺎﻫﻴﻞ اﻟﻜﻮﻛﺐ اﻷرﺿﻲ ﻃﻮﻳﻞ وﺗﺄﻣﻞ ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻲ أدب اﻟﺮﺣﻼت اﻟﺮﺣﻠﺔ واﻗﺘﻨﺎص ﻟﺤﻈﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻣﺮﺗﺎدا ً آﻓﺎﻗﺎً ﺟﺪﻳﺪة ،رﻏﺒﺔ ﻓﻲ إدراك ﺑﻌﺾ اﻣﺘﺪ ﻟﻌﺪة ﺳﻨﻮات ،وأﺛﻤﺮ رؤﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة واﻟﻤﻤﺘﻊ .وﺑﺬﻟﻚ ،ﻳﻤﺎرس اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﺘﻨﺘﻪ أﺳ ـﺮار اﻟﻜﻮن وﻓﻬﻢ ﺳﻠﻮك اﻟﺒﺸﺮ وﻃﺮاﺋﻖ ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺮﺣﻠﺔ ،ﺣﺎول ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺳﺤﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ واﻟﻤﺘﻠﻘﻲ .إن ﻋﺠﻴﺐ ﻋﻴﺸﻬﻢ وﻏ ـﺮاﺋــﺐ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت وﻋﺠﺎﺋﺐ أدب اﻟﺮﺣﻼت ﻳﺘﺠﺎوز اﻹﻣﺘﺎع واﻟﻤﺆاﻧﺴﺔ إﻟﻰ واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻤﻮﺟﻮدات ..ﻓﺎﻟﺮﺣﻠﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ درس اﻟﺘﻮزاﻧﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ا0دب و ﺑﻌﺾ ﻧﻘﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ واﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ واﻧﺸﻐﺎﻻﺗﻪ ﺗﺠﺮﻳﺒﻲ وﻣﺪرﺳﺔ ﺗﻌﻠﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﺧﺒﺮات ﺟﺪﻳﺪة اﻟﻌﻠﻮم اVﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ – ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ -ﺟﺰء ﻣﻦ اﻧﺸﻐﺎﻻت ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،وﺗﺮﺷﺪه إﻟﻰ اﺳﺘﺨﻼص اﻟﻌﺒﺮ وﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻤﻜﻦ واﻟﻤﻮاﻋﻆ ﻋﺒﺮ ﻣﻮاﻗﻒ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ و َﻣﺸﺎ ِﻫﺪ أن ﺗﺴﺎﻋﺪ دراﺳﺔ ﻋﺠﻴﺐ أدب اﻟﺮﺣﻼت ﻋﻠﻰ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻋﻤﻞ أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺪ ﻋﻠﻰ رؤﻳﺘﻬﺎ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ ،ﻓﻴﻜﺘﺴﺐ ﻓﻬﻢ ﻋﻘﻠﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن زﻣﻦ ﺗﺪوﻳﻨﻪ ﻟﻠﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺮاءة واﻟﺘﺪاول ﺑﻬﺬا اﻻﺣﺘﻜﺎك ﻗﻮة وﺻﻼﺑﺔ ،وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﺎ دﻓﻊ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮه وﺗﻤﺜﻠﻪ ﻟﻠﺬات واﻵﺧﺮ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻻﻧﺠﻠﻴﺰي ﻓﺮاﻧﺴﻴﺲ ﺑﻴﻜﻮن إﻟﻰ واﻟﻤﺤﻴﻂ ،ﻓﺄﻫﻤﻴﺔ ﻧﺼﻮص اﻟﻌﺠﻴﺐ وﻣﻈﺎﻫﺮه اﻟﻘﻮل» :إن اﻟﺴﻔﺮ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻟﻠﺼﻐﻴﺮ وﺧﺒﺮة ﻟﻠﻜﺒﻴﺮ« .وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺗﺘﺠﺎوز ﻣﺎﻫﻮ ﻣﻦ اﺧﺘﺼﺎص اﻷدب واﻟﻨﻘﺪ ،إﻟﻰ ﻣﺎﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﻬﺎم اﻟﺒﺤﺚ ﻳﺬﻫﺐ أﺣﺪ اﻷدﺑﺎء اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل» :إن اﻟﺮﺣﻼت ﺗﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم أﺧﺮى ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺒﺎراﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، اﻟﻤﺪارس ﺗﺜﻘﻴﻔﺎً ﻟﻺﻧﺴﺎن« .إن ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻬﺎ أدب وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮل اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮوم ﻓﻬﻢ اﻹﻧﺴﺎن.وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺮﺣﻼت ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻋﺠﻴﺒﻬﺎ وﻏﺮﻳﺒﻬﺎ أﻣﺮا ﻣﻤﺘﻌﺎ وﻣﻔﻴﺪا ،وﻓﻲ اﻹﺻﺪار ﺣﺼﻴﻠﺔ ﺑﺤﺚ ﻃﻮﻳﻞ وﺗﺄﻣﻞ ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻲ أدب اﻟﺮﺣﻼت اﻣﺘﺪ اﻵن ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻐﺎﻣﺮة ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺎت ،وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﻘﺎرئ ﻟﻌﺪة ﺳﻨﻮات ،وأﺛﻤﺮ رؤﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺮﺣﻠﺔ ،ﺣﺎول ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺳﻴﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ رﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺠﻴﺐ اﻟﺮﺣﻼت؛ ﻓﺈذا واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺘﻮزاﻧﻲ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻷدب وﺑﻌﺾ ﻛﺎن ﺧﻮض اﻟﺮﺣﻠﺔ أﻣﺮا ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺮوﻋﺔ واﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﺈن »أروع اﻟﺮﺣﻼت اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ وﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻓﻲ رﺣﻼت اﻵﺧﺮﻳﻦ«. واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻋﻤﻞ أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻘﺮاءة واﻟﺘﺪاول. ﻟﻢ ﻳﺰﻳﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺮﺣﻼت ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺬوق ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺘﻮزاﻧﻲ، اﻟﻘﺎرئ اﻟﻤ ﱠﻴﺎل إﻟﻰ اﻟﻌﺠﻴﺐ واﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻷن ﻣﺎ ﻟﻪ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت اﻟﻤﻨﺸﻮرة ﻣﻨﻬﺎ ،ﻛﺘﺎب »أدب اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ رآه اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻛﺎن ﺷﻴﺌﺎ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺣﻘﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻪ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻴﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻐﺮﺑﻴﺔ« ،وﻛﺘﺎب »ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﺗﺪوﻳﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،إﺑﺪاع ﻋﺎﻟﻢ ﻋﺠﻴﺐ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻌﺠﺐ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ« وﻛﺘﺎب »اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ :اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﻷﺑﻌﺎد اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ« وﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﻮﺟﻮد .ﻓﻼ ﻋﺠﺐ أن ﺗُﻌﻠﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺣﻼت اﻧﻔﺘﺎﺣﻬﺎ ﻋﺪة ﻣﻘﺎﻻت ﻣﻨﺸﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﻼت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺠﻴﺐ واﻟﻐﺮﻳﺐ ﺑﺪءا ﻣﻦ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﻌﻨﻮان وﻣﺮورا ﺑﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﺟﻮاﺋﺰ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ ﻣﻨﻬﺎ :ﺟﺎﺋﺰة أﺣﻤﺪ ﻣﻔﺪي ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﻟﺤﻘﻞ اﻟﻌﺠﻴﺐ واﻧﺘﻬﺎء ﺑﻤﺎ ﺗﺘﺮﻛﻪ ﻣﻦ اﻧﻄﺒﺎع ﻟﺪى ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،وﺟﺎﺋﺰة اﻻﺳﺘﺤﻘﺎق اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻧﺎﺟﻲ ﻧﻌﻤﺎن اﻟﻘﺎرئ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺆﺳﺲ ﺑﺬﻟﻚ اﻹﻋﻼن أﻓﻖ اﻧﺘﻈﺎر ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻨﻮع ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻸدب ﺑﻠﺒﻨﺎن 98
اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻓﺘﻨﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﻠﻘﻲ
ﻓﺈن ﻛﺘﺎب »اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻓﺘﻨﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﻠﻘﻲ« ﺳﻴﺘﻴﺢ ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻌﺎدي واﻟﻤﺘﺨﺼﺺ اﻟﺴﻔﺮ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮه ﻣﻦ ﻟﺬة وﻓﺎﺋﺪة وﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻣﻦ ﻣﻮاﺋﺪ دﺳﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﻴﺐ اﻟﻤﻨﺒﺚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ واﻧﺘﻘﺎل وﺗﺤ ّﻮل وارﺗﻘﺎء. ﺗﺘﻔﻨﻦ ﻧﺼﻮص ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺣﻼت ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻌﺠﻴﺐ واﻟﻐﺮﻳﺐ ﺑﺄﻟﻮان ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺸﺔ واﻟﺤﻴﺮة واﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﻴﻐﺪو ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻋﺠﻴﺒﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻷن أﺻﺤﺎب اﻟﺮﺣﻼت ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺰﻳﻨﻮن ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ رﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﺛﺎرة اﻧﺘﺒﺎه اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ وﺗﺸﻮﻳﻘﻪ، وﻟﻴﺲ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺬوق اﻟﻘﺎرئ اﻟ َﻤ ﱠﻴﺎل إﻟﻰ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻷن ﻣﺎ رآه اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻛﺎن ﺷﻴﺌﺎ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺣﻘﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻪ، ﻓـﺄﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎس ﺣﻜﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮر ﺑﺎﻟﻐﺮاﺑﺔ ﻫــﻢ أﻛﺜﺮﻫﻢ ﺗــﺮﺣــﺎﻻ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻮاﺟﻬﻮن »اﻟﺠﺪﻳﺪ« داﺋﻤﺎ وﻳﻜﺴﺮون أﻟﻔﺔ اﻟﻤﻜﺎن واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﻴﻨﻘﻠﻮن ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻣﻐﺎﻳﺮا ﻟﻤﺎ ﺳﺤﻘﺘﻪ اﻟﺮﺗﺎﺑﺔ وﻗﺘﻠﻪ اﻟﻤﻠﻞ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺮﺣﻼت إﺑﺪاع ﻋﺎﻟﻢ ﻋﺠﻴﺐ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﻮﺟﻮد ،ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻮﺿﻮع ﻟﻠﻌﺠﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻴﻪ ،إﻻ أن اﻻﻋﺘﻴﺎد ﻋﻠﻴﻪ واﻷﻧﺲ ﺑﻪ ،ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﺎﻟﺤﻴﺮة ،وﻳﺬﻫﺐ ﺑﻠﺬة اﻟﺤﻴﺎة أﻳﻀﺎ، وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﻖ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺮﺣﻞ وﻟﻢ ﻳﺘﻄﻮر ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺬق ﻋﺠﻴﺐ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪات .إذا ﻛﺎن اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ اﻹﺑــﺪاع اﻷدﺑــﻲ ﻳﺮوم إﻓﺰاع اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ وإﺛــﺎرة اﻧﻔﻌﺎﻟﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ أدب اﻟﺮﺣﻼت ﻳﺴﺘﻬﺪف ﺗﺤﻘﻴﻖ أﺑﻌﺎد ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﻋﺮﻓﺎﻧﻴﺔ ﺧﺎدﻣﺔ ﻟﺴﻤﻮ اﻹﻧﺴﺎن
وﺟﻤﺎﻟﻪ اﻟﺨُﻠﻘﻲ وﺑﻨﺎﺋﻪ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﻤﺘﻮازن. وإذا ﻛﺎن ﻫﺪف اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ اﻷدب ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺢ اﻟﻮاﻗﻊ وﺗﻌﺮﻳﺔ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﺨﺘﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻘﻮﻗﻪ وﺗﺨﻮﻣﻪ ،واﺳﺘﺪراج اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻤﻬﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺰواﻳﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋــﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ واﻹﻓــﺼــﺎح ﻋــﻦ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎﺗﻬﺎ وأﺳﺮارﻫﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ أدب اﻟﺮﺣﻼت ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ذﻟﻚ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻗﺘﺮاح ﺣﻠﻮل ﺑﺪﻳﻠﺔ ﺗﻌﻴﺪ اﻟﺘﻮزان اﻟﻤﻔﻘﻮد وﺗﻌﻴﻦ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺻﻨﺎﻋﺔ واﻗﻊ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻪ وأﺣﻼﻣﻪ ﻓﻲ ﻗﻮة اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ،اﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﺿــﺮورة اﻟﻬﺠﺮة واﻟﺮﺣﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن اﻻﺳﺘﻀﻌﺎف إﻟﻰ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻘﻮة ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :إِ ﱠن اﻟ ِﱠﺬﻳ َﻦ ﺗَ َﻮﻓﱠﺎ ُﻫ ُﻢ اﻟْ َﻤﻶﺋِ َﻜ ُﺔ ﻇَﺎﻟِ ِﻤﻲ أَﻧْﻔ ُِﺴ ِﻬ ْﻢ ﻗَﺎﻟُﻮا ْ ِﻓﻴ َﻢ ﻛُﻨﺘُ ْﻢ ﻗَﺎﻟُﻮا ْ ﻛُ ﱠﻨﺎ ُﻣ ْﺴﺘَﻀْ َﻌ ِﻔﻴ َﻦ ِﻓﻲ اﻷَ ْر ِض ﻗَﺎﻟْ َﻮا ْ أَﻟَ ْﻢ ﺗَ ُﻜ ْﻦ أَ ْر ُض اﻟﻠّ ِﻪ َو ِاﺳ َﻌ ًﺔ ﻓَﺘُ َﻬﺎ ِﺟ ُﺮوا ْ ِﻓﻴ َﻬﺎ﴾) ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء ،اﻵﻳﺔ .(97 :ﻟﺘﺸﻜﻞ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻧﺎﻓﺬة ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻋﺒﺮ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻌﺠﻴﺐ إﻟﻰ ﻣﺄﻟﻮف ،واﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ إﻟﻰ ﻣﻤﻜﻦ .ﻫﻜﺬا ،ﺗﺒﺪو اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻴﺪاﻧﺎً ﻣﻌﺮﻓﻴﺎً وﺛﻘﺎﻓﻴﺎً ﻏﻨﻴﺎً ﺑﺎﻟﺪﻻﻻت واﻟﺮﻣﻮز ،وﻣﺠﺎﻻً
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
97
ĘĝšŤē śŵĸ
اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻓﺘﻨﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﻠﻘﻲ ùíĎ÷ ęîć
ﻋﻦ ﻣﻨﺸﻮرات داﺋــﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹﻋــﻼم ﺑﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﺪوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﺻﺪرت اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟــﻰ ،ﺑﺪاﻳﺔ أﻏﺴﻄﺲ ،2016ﻣﻦ ﻛﺘﺎب »اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻓﺘﻨﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﻠﻘﻲ« ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺘﻮزاﻧﻲ، ﻟﻴﻨﻔﺘﺢ ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺘﻪ ﻷدب اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﺷﻬﺮ اﻟﺮﺣﻼت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺮﻛﺰا ﻋﻠﻰ ﺛﻴﻤﺔ/ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺤﻂ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ واﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﻌﺎً ،وﻣﺼﺪر إﻣﺘﺎع وﻣﺆاﻧﺴﺔ،
96
اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻓﺘﻨﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﻠﻘﻲ
وﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﺬات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻘﺔ ﻓﻲ آﻓﺎق اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﺆﻛﺪا ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻴﻤﺔ اﻷدب ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ودور اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻮﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ اﻟﺼﺒﺮ واﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻌﺎرف،.. وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ اﻟﺮﺣﻼت ﻓﻲ إﺷﺎﻋﺘﻬﺎ. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺣﺪث ﺳﻔﺮ وﺗﺠﻮال ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن أو ﻓﻲ اﻟﻮﻫﻢ واﻟﺨﻴﺎل ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﻜﺎﺋﻦ ﻓﻲ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ ﺷﺮﻃﻲ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن واﻟﻌﺪم. وﻛﺬﻟﻚ ،ﻫﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﻴﻖ ﻋﻦ رﻏﺒﺔ دﻓﻴﻨﺔ ﻓﻲ
اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ،ﺗﻨﺸﺄ ﻣﺘﻮازﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺠﺎرب ﺟﺪﻳﺪة ،أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺒﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻜﺎن ،ﻓﺎﻟﺮﺣﻠﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ رﺣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ،إﻻ أن اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن، ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺮﺣﻼت ،ﻫﻮ ﻣﻜﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻵﺧﺮ أو اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷﺧﺮى ،واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻛﺎﺋﻨﺎت زﻣﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ،وﻓﻬﻢ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺑﻞ وﺗﺸﻮﻓﺎﺗﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ أﺣﻴﺎﻧﺎ .وﺑﺘﻌﺒﻴﺮ آﺧــﺮ ،ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎﻻ ﻣﻦ ﺣﻀﻴﺾ اﻟﺮﻏﺒﺎت واﻷﻫــﻮاء ،إﻟﻰ ﻣﺪارج ﻋﻠﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺎد اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻔﻜﺮي واﻟﺤﻀﺎري .وﻫﻜﺬا
رؤﻳﺔ
ﻣﺤﻜﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻃﺎﻟﻤﺎ أﻓﻨﻴﻨﺎ أﻋﻤﺎرﻧﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﺮدد اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة »ﻣﺤﻜﻮﻣﻮن ﺑﺎﻷﻣﻞ« ،ﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ وﻧﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ أﻏﺼﺎﻧﻬﺎ ﻳﺄﺳﻨﺎ وإﺣﺒﺎﻃﻨﺎ، وﻟﻴﺲ ﺑﺤﻮزﺗﻨﺎ ﺳﻮاﻫﺎ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻣﻦ ذﺑﺢ وﺗﺪﻣﻴﺮ وﺗﺸﻮﻳﻪ واﺣﺘﻼل وإرﻫﺎب ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻷﻣﻞ اﻟﺬي أرﻳﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﺑﺤﻪ اﻟﺪﻣﺎء وأزﻫﻘﺖ اﻷرواح وﺗﺒﺪﻟﺖ اﻟﺸﻌﺎرات واﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ ،ﻗﺪ اﺗﺨﺬ ﻣﻨﻪ أﺷﻜﺎﻻً ﻣﺘﻌﺪدة ﻧﻈﺮا ً ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ وﺣﺴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﻮﻗﻒ ،ﻓﺎﻻﻧﺘﻈﺎر ﻓﻲ ﻧﻔﻖ ﻣﻈﻠﻢ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ أزﻣﺔ ﻣﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻷﻣﻞ ،واﻟﻮﻗﻮف ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ ﻣﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻞ ،واﻟﺼﻤﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻠﻢ واﻟﺠﺮاح ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺎﻷﻣﻞ ،واﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺑﺮ اﻷﻣﺎن ﻣﻌﻘﻮد ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻞ، أﻣﺎ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ ﻓﻬﻤﺎ أﻳﻀﺎً ﻣﻨﺴﻮﺟﺎن ﻣﻦ ﺧﻴﻮط اﻷﻣﻞ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﻠﻬﺚ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻠﺤﺎق ﺑﻪ واﻟﺘﻌﺮف إﻟﻰ وﺟﻬﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،وﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻳﺘﺨﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﻤﻨﺎه وﻳﺮى ﻓﻴﻪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ أو اﻟﺨﻴﺎل، ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻳﺠﺪه اﻟﻤﺨﻠﺺ ،وآﺧﺮون ﻳﺮوﻧﻪ ﺿﻮءا ﻳﺸﻖ ﻋﺒﺎب اﻟﻌﺘﻤﺔ، وﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻳﻘﺮأه ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﻏﻀﺒﻰ أو ﻧﺺ ﻣﺸﺒﻊ ﺑﺎﻟﻘﻬﺮ ،واﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﺒﺮه اﻟﺴﻠﻢ اﻟﺬي ﻧﺼﻌﺪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ إﻟﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ أﺧﺮى وﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺒﻼء. ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺼﻴﺒﺔ أن اﻷﻣﻞ ﻓﻲ واد وﻧﺤﻦ ﻓﻲ واد آﺧﺮ ،ﻫﻮ ﻳﻬﺮول ﺧﻠﻒ اﻟﻐﻴﻢ ﺑﺎﻻﺗﺠﺎه اﻟﻤﻌﺎﻛﺲ ﻟﻠﺘﻼل اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺄﺑﻂ ﺧﺎﺻﺮﺗﻬﺎ ،ﺗﺎرة ﻳﻄﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﺪﻣﺎر ،وﺗﺎرة أﺧﺮى ﻳﺘﺨﺬ ﻗﺎرﻋﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺒﻴﺘﺎً ﻟﻪ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﺸﺎرك اﻷﻃﻔﺎل أﻟﻌﺎﺑﻬﻢ ﻣﻦ دون أن ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﻪ، ﻻ أﻋﺮف ﻛﻴﻒ أﺗﺖ اﻟﺠﺮأة ﻟﺪﻳﻨﺎ ورﺣﻨﺎ ﻧﻨﺴﺒﻪ إﻟﻰ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ، وﻧﻠﺼﻘﻪ ﺑﺤﺎدﺛﺔ ﻫﻨﺎ أو ﻏﺰوة ﻫﻨﺎك ،واﻷﻧﻜﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﺘﻬﻤﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻐﻀﺐ وﻣﺎ أﻃﻮﻟﻬﺎ ،ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﻨﻜﺒﺔ واﻟﻨﻜﺴﺔ واﻟﺤﺮوب اﻟﻌﺒﺜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﺼﻮﻟﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،أﺣﻴﺎﻧﺎً ﻧﻬﺎﺟﻤﻪ اﻧﺘﻘﺎﻣﺎً وﻧﻨﻌﺘﻪ ﺑﺄﺑﺸﻊ اﻟﺼﻔﺎت واﻷﻟﻔﺎظ ،ﺛﻢ ﻧﻌﺘﺬر ﻋﻤﺎ اﻗﺘﺮف ﻓﻜﺮﻧﺎ وﺳﻠﻮﻛﻨﺎ ،وﻣﺎزﻟﻨﺎ ﻧﺠﺘ ّﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ واﻗﻌﺔ وﺻﺎﻋﻘﺔ ﺧﻴﺒﺎﺗﻨﺎ وﻧﺤﺼﺪ
ﻣﺤﻤﺪ ﻏﺒﺮﻳﺲ @
اﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻷﻣﻞ ،وﻣﻦ ﻓﺮط ﻣﺎ رﻣﻴﻨﺎ ﺑﻤﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻨﺎ وأﺧﻄﺎﺋﻨﺎ وأﺣﻼﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻋﺘﻤﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﺣﻠﻮل ﻣﺸﺎﻛﻠﻨﺎ وإدارة ﺷﺆوﻧﻨﺎ ،أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻣﺤﻜﻮﻣﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺠﺎﻻت واﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ،وﻟﻢ ﻧﺒﺎدر إﻟﻰ أي ﻓﻌﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﻮﺣﺪ ﻳﻨﺘﺸﻠﻨﺎ ﻣﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ،واﺧﺘﺮﻧﺎ اﻻﻧﻘﺴﺎم ﺑﺪﻳﻼً ﻋﻦ اﻟﻮﺣﺪة ،واﻟﻤﻬﺎدﻧﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ،وارﺗﻀﻴﺘﺎ اﻟﺼﻤﺖ ﺣﺮﺻﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮ اﻷﻣﻞ. ﻳﺒﺪو أﻧﻨﺎ ﻣﺘﻤﺮﺳﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﻮق ﺑﺎﻷﻣﻞ اﻵﺗﻲ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪﻧﺎ ﻧﺮﺑّﻲ اﻷﻣﻞ ﺷﺒﺮا ً ﺷﺒﺮا ً ﻓﻲ ﺑﻼد ،اﻷﻣﻮات ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎء ،واﻟﻤﺴﻠﺤﻮن ﻳﺰداد ﻋﺪدﻫﻢ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ،واﻟﻌﺎﻃﻠﻮن ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻛﺘﺴﺒﻮا ﺧﺒﺮة اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،واﻟﻤﻬﺎﺟﺮون ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ذﻛﺮﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة ،واﻷﻃﻔﺎل ﻳﻌﺎﻧﻘﻮن اﻟﻤﻮت ﺑﻮﺟﻮه ﺿﺎﺣﻜﺔ ،واﻟﻤﺜﻘﻔﻮن ﻳﻤﺸﻮن ﺑﺎﻟﻤﻘﻠﻮب وﻳﻮﺛﻘﻮن اﻷﺣﻼم اﻟﻤﻨﻬﺰﻣﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ إذا ﻣﺮرت ﻓﻲ ﺷﺎرع أو ﺣﻲ أو أﻳﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وأﺻﻐﻴﺖ إﻟﻰ ﻛﻞ اﻷﺻﻮات اﻟﻤﺘﺄﻫﺒﺔ واﻟﻜﻼم اﻟﻤﺮﺗﺠﻒ ﺳﺘﻨﺤﻨﻲ اﺳﺘﺤﻴﺎ ًء ﻣﻦ وﺟﻊ اﻷﻣﻞ ﺧﻠﻒ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﻚ وﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺑﺾ اﻷﺑﻮاب ،وﺳﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﺼﺎﺑﺎً ﺑﻌﻤﻰ اﻵﻣﺎل ،وﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻴﻪ إﻻ ﺑﺎﻻﻋﺘﺬار ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻜﺘﺐ واﻟﺘﺮاب واﻷرﺣﺎم اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻼب اﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺮ اﻟﻐﺪ. ﻧﻌﻢ ،إﻧﻨﺎ ﻣﺤﻜﻤﻮن ﺑﺎﻟﻬﻼك ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻷﻧﻨﺎ ﻗﺎﺻﺮون أو ﻣﻘﺼﺮون أو ﻣﺨﺪرون ،ﺑﻞ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﻬﻮى اﻟﻠﻌﺐ ﻓﻮق اﻟﺸﺮاﺋﻂ اﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ورؤوس اﻷﺳﻨﺔ ﻣﻦ دون أي اﻋﺘﺒﺎر ﻟﻠﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻲ ﻧﺼﻨﻌﻬﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ، إذ ﻧﺰداد ﻏﺮﻗﺎً ﻓﻲ اﻷﻣﻮر اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺒﺎﻫﺘﺔ ،وﻻ ﻧﺼﻞ إﻻ ﻣﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﻮات اﻷوان ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺄﺗﻲ ﻟﻨﺼﻠﺢ اﻟﺨﻠﻞ اﻟﻤﺰﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺼﻌﺪ ،ﻧﺨﺘﻠﻒ ﻣﺠﺪدا ً ﺣﻮل اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ واﻷﺳﻠﻮب واﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻨﻨﺴﻰ اﻟﺨﻠﻞ وﻳﻀﻴﻊ اﻷﻣﻞ @ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎن
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
95
ĘĝšŤē śŵĸ
اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻧﺠﺎة اﻟﻈﺎﻫﺮي: ﻟﺠﻴﻨﺎﺗﻲ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ
ŒĸøńĿí ÑíĊòī îŋčōîă
ﻧﺠﺎة اﻟﻈﺎﻫﺮي ﺷﺎﻋﺮة إﻣﺎراﺗﻴﺔ ،ﺣﺎﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻜﺎﻟﻮرﻳﻮس ﻟﻐﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وآداﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻟﻬﺎ أرﺑﻌﺔ دواوﻳﻦ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻫﻲ :ﺟﻤﻮح، ﻋﺰﻟﺔ ،اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺒﺤﺮ ،وح.ب :أﻧﺖ. ﺟﺎءت ﺣﺪﻳﻘﺔ اﻟﺸﻌﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﻮراﺛﺔ اﻟﺠﻴﻨﻴﺔ ،ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ، واﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﺎؤﻫﺎ وواﺣﺘﻬﺎ ،أﻣﺎ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ﻓﻌﺎد ًة ﻣﺎ ﻋﻠﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻛﻮﻣﻀ ٍﺔ ﺑﺮقٍ ﻓﻲ اﻟﺒﺎل واﻟﺨﺎﻃﺮ ،وﺗﻘﻮل» :ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ّ ﻫﻮ أن ﻻ أﺟﻌﻞ ﻧﻈﺮي إﻟﻴﻬﺎ ﻋﺎﺑ ًﺮا«.
ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﻌﺮ؟ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﺠﻴﻨﺎﺗﻲ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ،رﻏﻢ إن ﻣﻦ أﻋﺮﻓﻬﻢ ﻣﻤﻦ ﻳﻜﺘﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﻳﻜﺘﺒﻮن اﻟﻨﺒﻄﻲ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺑﺪأت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺼﻴﺤﺔ .ﻫﻜﺬا ﺟﺎءت اﻟﻘﺼﻴﺪة ،ﻫﻜﺬا ﺑﺪون أﺳﺒﺎب وﺗﺨﻄﻴﻂ ،ﻓﻘﻂ وﺟﺪﺗ ُﻨﻲ أﻛﺘﺐ ذات ﻳﻮمٍ ،ﺑﻌﺪ ٍ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻟﺴﻨﻮات ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻪ. اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ »ﻣﺎري ﻛﺎر« ﺗﻜﺘﺐ ﻟﺘﺤﻠﻢ ،ﻟﺘﺘﺼﻞ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻟﺘﻮﺛﻖ وﻟﺘﻮﺿﺢ؛ وﻟﺘﺰور اﻷﻣﻮات؛ وأﻧﺖ ﻟﻤﺎذا ﺗﻜﺘﺒﻴﻦ؟ أﻛﺘﺐ ﻷن اﻟﺸﻌﺮ ﺻﺪﻳﻘﻲ ،ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺬي ﻻ ﺗﺮﺑﻄﻨﻲ ﺑﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ،وﻻ أﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﻲء ،ﺑﻞ أﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻷﺟﻠﻪ. ﻫﻞ ﺗﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻮﺟﻮد أدب ﻧﺴﺎﺋﻲ؟ أؤﻣﻦ ﺑﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ، اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ،وﺧﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﻮﺻﻒ» ،وﻟﻴﺲ اﻟﺬﻛﺮ ﻛﺎﻷﻧﺜﻰ«. ﺗﻜﺘﺒﻴﻦ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ وﻗﺼﻴﺪة اﻟﺘﻔﻌﻴﻠﺔ ،ﻫﻞ ﻫﻨﺎك دواﻓﻊ؟ 94
اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻧﺠﺎة اﻟﻈﺎﻫﺮي :ﻟﺠﻴﻨﺎﺗﻲ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ
اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ ﻫﻲ واﺣﺘﻲ ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﻻ أﺗﻌﻤﺪ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻠﻲ إﻻ اﻻﺗﺒﺎع. ﻣﺎ ،ﻓﺎﻟﻘﺼﻴﺪة ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺎر ﺷﻜﻠﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﺗﺄﺗﻲ ،وﻣﺎ ّ ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ذاﻛﺮﺗﻚ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻷوﻟﯽ»:ﻋﺰﻟﺔ« و»ﺟﻤﻮح«؟ ﻟﺪى ذاﻛﺮﺗﻲ ﻗﺪرة ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﺬاﺗﻲ ،و ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ أﺗﺠﻨﺐ ﺗﺬﻛﺮ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ،ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﻟﺒﻨﺎء اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻲ ذاﻛﺮة ﻏﻴﺮي ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺧﻠﻮدﻫﺎ اﻟﻄﻴّﺐ ،ﻣﺜﻞ ﻗﺼﻴﺪة »:ﻣﺮآﺗﻲ« ﻣﻦ دﻳﻮان ﻋﺰﻟﺔ .أﻣﺎ ﻋﻦ ﺟﻤﻮح ،ﻓﻬﻮ اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﺸﺮ إﻻ ﻟﻠﺘﻮﺛﻴﻖ ،ﻓﻼ أذﻛﺮ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪرﻳ ًﺒﺎ ﺟ ّﻴ ًﺪا ﻟﻘﻠﻢ ﻧﺠﺎة. أﻳﻦ وﻣﺘﯽ ﺗﻜﺘﺒﻴﻦ ﺷﻌﺮك؟ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻣﺘﻐﻴﺮة ،واﻟﻤﺰاج ﻣﺘﻘﻠﺐ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎرﻫﺎ ﺗﻘﻠّﺐ اﻟﻘﺼﻴﺪة ،وﻟﻜﻦ ﻟﻨﺄﺧﺬ اﻷﻏﻠﺐ ،ﻋﺎدﺗﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ ﻧﻬﺎرﻳﺔ ،ﺳﺎﻋﺎت وﺟﻮد اﻟﻀﻮء ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ،وﻟﻜﻨﻨﻲ أﻛﺘﺐ ﻟﻴﻼً وﻟﻜﻦ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﻔﺰازي ﺑﻤﻮاﻗﻒ ﻗﺎﻫﺮة. ﻟﺪﻳﻚ ﻟﻐﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ وﻋﻤﻴﻘﺔ ،ﻣﻦ أﻳﻦ ﺗﺴﺘﻤﺪﻳﻦ أﻓﻜﺎرك؟ اﻟﻘﺮاءة أوﻻً ،ﺛﻢ اﻷﻓﻼم اﻟﻤﺴﺘﻨﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺮواﺋﻴﺔ أو اﻟﺴﻴﺮ اﻟﺬاﺗﻴﺔ. ﻛﻴﻒ ﺗﻘﺒﻀﻴﻦ ﻋﻠﯽ اﻟﻘﺼﻴﺪة؟ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﺸﻌﺮ ﺗﺄﺗﻲ ﻛﻮﻣﻀ ٍﺔ ﺑﺮقٍ ﻓﻲ اﻟﺒﺎل واﻟﺨﺎﻃﺮ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻫﻮ أن ﻻ أﺟﻌﻞ ﻧﻈﺮي إﻟﻴﻬﺎ ﻋﺎﺑ ًﺮا. ّ ﻛﻢ ﻣﺴﻮدة ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ ﺑﻨﺎء اﻟﻘﺼﻴﺪة ،وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻘﺎريء اﻷول؟ ﻣﺴﻮ ّدة أو ﻣﺴﻮدﺗﺎن ،ورﺑّﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺰﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻛﺸﻬ ٍﺮ أو أﻛﺜﺮ، ﺷﺨﺺ ﻣﺤﺪد ،وﻟﻜﻨﻲ أﺑﻌﺜﻬﺎ ﻟﻤﻦ ﻟﺪي ٌ أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﺎرئ اﻷول ،ﻓﻠﻴﺲ ّ ﻳﻜﺘﺒﻦ اﻟﺸﻌ َﺮ ﻣﻦ رﻓﻴﻘﺎﺗﻲ ،أو أﺿﻌﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮ ًة ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻲ. َ ﺑﻢ ﺗﺘﻬﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﺔ ﻧﺠﺎة اﻟﻈﺎﻫﺮي اﻟﻤﺒﺪﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ؟ أذى ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻮ ٌ ﺟﻤﺎل ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻤﺰاﺟﻴﺘﻬﺎ وﻋﺒﺜﻬﺎ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ً ﻣﻘﺎوﻣﺘﻪ. ﻫﻞ ﻣﻦ ﺷﺎﻋﺮة ﺗﺜﻴﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣﻚ وﻓﻀﻮﻟﻚ اﻟﺸﻌﺮي؟ ﺗﻌﺮﻓﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮات اﻟﺸﺎﺑﺎت ،وﺑﺎﻷﺧﺺ ﺷﺎﻋﺮات ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،ﻣﻤﻦ ُ ﻟﺪي اﺳ ٌﻢ واﺣﺪ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أرى ﻋﻠﻰ أﻗﻼﻣﻬﻢ ﻣﺆ ّﺧ ًﺮا ،وﻟﻴﺲ ّ أﻧّﻬﺎ ﺗﺸﻖ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞٍ ﺗﺠﺎﻫﻠُﻪ ﺳﻴﻜﻮن ذﻧﺒًﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻬﺘﻢ وﻗﺎرئ ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺸﻌﺮ
ﻳﺘﺨﺬ ﻋﻨﻮاﻧﻪ /ﻣﻔﺘﺎﺣﻪ اﻷول وﻋﺘﺒﺘﻪ، ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺴﻴﺮة /اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻫﻨﺎ ﺑﺘﻘﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺗﻲ أﻃ ـﺮاف ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻒ ﺣﻮل رﻣﺰ إﻧﺴﺎﻧﻲ واﺣﺪ ﻫﻮ »اﻟﻨﺎﻃﻮري« ﺟﺪ اﻟﺮاوي اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ ﺟﺬ ًرا ﺣﻘﻴﻘ ٍّﻴﺎ ﻣﺎدﻳٍّﺎ وﻣﻌﻨﻮﻳٍّﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﻌﺠﻮﻧﺔ ﺑﻤﻴﺮاﺛﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل أﺣﻮاﻟﻪ وﻛﺮاﻣﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺮزﻫﺎ اﻟﺤﻜﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ واﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﺗﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮد ﻟﺘﺤﻜﻲ وﺗﺸﺘﺒﻚ ﻣﻌﻪ ،وﺗﺨﺘﺰل اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻫﺬا اﻟﺤﻜﻲ اﻟﻤﺘﻮاﺗﺮ، اﻟﻤﻠﺘﺒﺲ ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض؛ ﻓﻬﻲ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﻠﺘﺼﻘﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﺪاﺋﺮة ﻓﻲ ﻓﻠﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ،ﻓﺘﺄﺗﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺨﻮص ذاﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻇﻬﻮرﻫﺎ واﺧﺘﻔﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺒﺎدﻟﻴﺔ ﺳﺮدﻳﺔ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻞ اﻟﻜﺮاﺳﻲ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻮاﻟﻰ ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻫﻴﻦ ﻣﺘﻮازﻳﻴﻦ :أﺣﺪﻫﻤﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ ،واﻵﺧﺮ »ﺳﻜﱠﺮة« أﻳﻘﻮﻧﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺮﻛﺰ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ ُ اﻟﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ وﻣﺤﺮﻛﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻜﺸﻒ واﻟﺘﻘﺼﻲ )واﻟﺪة اﻟﺮاوي ،واﺑﻨﺔ اﻟﺠﺪ اﻷﻛﺒﺮ اﻟﻨﺎﻃﻮري واﻣﺘﺪادﻫﺎ ﻓﻲ اﺑﻨﺘﻬﺎ ﺟﻴﻬﺎن(، وﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ »ﻳﺎﻗﻮﺗﺔ« ﺗﻠﻚ اﻷﻳﻘﻮﻧﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻮازﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﻟﺘﻀﻊ ﺣ ٍّﺪا ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻤﺸﺘﻬﻰ ﺣﺪوﺛﻪ ..وﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎ وراﺑﻄًﺎ ﻟﻜﻞ ﺗﻠﻚ اﻹﺣﺪاﺛﻴﺎت اﻟﺨﻄﻴﻦ ﻳﻘﻒ اﻟﺴﺎرد اﻟﺮﺋﻴﺲ ً
واﻻﺷﺘﺒﺎﻛﺎت اﻟﺴﺮدﻳﺔ.. ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮاﻛﻢ ﻟﺘﻌﻄﻲ ﻧﺴﻴ ًﺠﺎ ﺣﻴﻮﻳٍّﺎ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﺑﻪ وﻋﻲ اﻟﺮاوي إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻧﺸﻐﺎﻟﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺪ اﻷﺳﻄﻮري اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻪ اﻟﺤﺪﻳﺚ دو ًﻣــﺎ ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺠﺪ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ،ذﻟﻚ اﻟﻐﻤﻮض اﻟﺮاﻣﺰ إﻟﻰ ﻗﻮة ﺧﻔﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻠﺘﺤﻒ ﺑﺎﻟﺼﻮﻓﻲ واﻟﻮاﻗﻌﻲ ﺗﺠﺎو ًرا ﻣﻊ ﻣﻼﻣﺢ إﻳﺮوﺳﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻠﺘﺤﻢ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻔﺮدات وﺟﻮد ودﻻﻻت ﻋﻴﻨﻴﺔ ورﻣﺰﻳﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﻣﺎﻃﺔ اﻟﻠﺜﺎم ﻋﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻜﻮت ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻤﺘﺮع ﺑﺎﻟﻐﻤﻮض واﻻﻧﻐﻤﺎس ﻓﻲ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺸﻒ واﻟﻜﺘﻤﺎن ﻣ ًﻌﺎ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮك اﻟﺴﺮد ﺑﻮﻋﻴﻪ اﻟﻄﻔﻮﻟﻲ اﻟﻜﺎﺷﻒ وﺑﺮاءة ذﻟﻚ اﻟﻜﺸﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﻠﻮﻛﻪ وارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺄﻣﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻣﺰ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ إﻟﻰ اﻷرض أو اﻷﺻﺎﻟﺔ: »ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻴﻮن اﻟ ُﻤﺤ ﱢﺪﻗﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻦ آﺧﺮﻫﺎ ،ﻏﻴﺮ ﻣﺼﺪﻗﺔ أن اﻟﺘﻲ أﻣﺎﻣﻬﻢ ُﺳﻜﱠﺮة ﺑﺸﺤﻤﻬﺎ وﻟﺤﻤﻬﺎ ،ﺑﻨﺖ اﻟﻨﺎﻃﻮري ،اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﺑﻦ ﻋﻤﻬﺎ أن ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ﻣﻦ ﻓﻮق ﻇﻬﺮ اﻟﻔﺮس ،ﻳﻮم أن ُﺟﻬﺰت ﻷﺣﺪ أﺑﻨﺎء اﻟﻘﺮارﻳﺔ« ص13 ﺗﻄﻞ ﻫﻨﺎ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﻤﺘﻮارﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻜﺊ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﺮد ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﻌﻠﻬﺎ اﻟﺘﺮاﻛﻤﻲ اﻟﺬي أﺣﺪث ﻫﺬه اﻟﺮوح اﻟﻤﺘﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﺼﺮاع واﻟﻌﻨﺎد وﺗﺄﺻﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﻪ اﻟﺘﻘﺼﻲ واﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ذات اﻟﺴﺎرد اﻟﺮﺋﻴﺲ ،ﻋﻦ ﻓﻚ ﺷﻴﻔﺮة ﻫﺬا اﻟﻠﻐﺰ اﻟﻐﺎﻣﺾ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻤﻮروث ،ذﻟﻚ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺬي ﻳﺄﺧﺬ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﻮص ﻟﻴﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ ﻣﻬ ٍّﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻔﻚ ﻏﻤﻮﺿﻬﺎ وإﺣﺪاث ﻫﺬا اﻟﻠﺒﺲ اﻟﻤﺘﻌﻤﺪ، وﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﻤﻴﻪ ﻣﺘﺎﻫﺔ ﺳﺮدﻳﺔ ﺗﺘﻮازى ﻣﻊ ﻣﺘﺎﻫﺔ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻤﻮروث @ ﻧﺎﻗﺪ وأدﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﻫﻮاﻣﺶ: - 1ﺗﻴﻪ ﻧﻴﻨﺞ ـ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﺻﻴﻨﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة - 2ﺳﻴﺮة اﻟﻨﺎﻃﻮري )رواﻳﺔ( ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﻠﻜﻲ ـ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﻴﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ـ 2013 - 3ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻣﺮﺗﺎض :ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺴﺮد. ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .ﻋﺪد 240اﻟﻜﻮﻳﺖ 1998ص 199
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
93
ĘĝšŤē śŵĸ
ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮروث واﻟﻮﻋﻲ اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ
ﻓﻲ »ﺳﻴﺮة اﻟﻨﺎﻃﻮري« ﻟﻤﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﻠﻜﻲ ĉŎńĄŃ ôŔĤī ĊńĄŃ
»إن اﻟﻘﻮة اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ﻟﻸدب ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ أﻧﻨﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﻤﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑﺼﻮرة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻋﻦ أﻓﻜﺎرﻧﺎ ﺗﺠﺎه اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﺗﻘﺼﻲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة) «(1رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻣﻔﺘﺘ ًﺤﺎ ﻛﺎﺷﻔًﺎ ﺣﻴﻦ ﻧﻠﺞ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﺎر رﺻﺪ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻷدب وإﻋــﺎدة اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﺴﻖ ﺳــﺮدي ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻬﺎ اﻻﻟﺘﻔﺎف واﻟﺘﺒﻠﻮر واﻟﺘﺠﺴﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل آﻟﻴﺎت ﺗﻌﺘﻤﺪﻫﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﺳﺘﻐﺮاﻗﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪور ﻣﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺤﻴﺎة ذاﺗﻬﺎ ،رﺑﻤﺎ ﻹﻋﺎدة إﻧﺘﺎج اﻟﻮاﻗﻊ أو وﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻬﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺪﺳﻴﺔ أو ﻧﺰﻋﻬﺎ ﻋﻨﻪ، أو وﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ أﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ أﻧﺴﺎق اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺠﻞ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺤﺪد ﻛﻞ اﻟﺴﻤﺎت واﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻤﻔﺎرق ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺣﻮاﻟﻪ اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ ﺗﻨﻬﺾ ﻋﻠﻰ اﻹﺗﻴﺎن ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻤﻌﺘﺎد أو اﻟﺨﺎرق ﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،اﻟﻤﺤﺘﻀﻨﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺘﻦ اﻟﻮاﻗﻌﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﻘﻠﻪ اﻟﺴﺮد ﺑﺪوره إﻟﻰ ﻣﺘﻨﻪ اﻟﺮواﺋﻲ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ دو ًﻣﺎ إﻟﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺳﺒﺮ ﻏﻮر اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أو اﻟﻤﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺰن ﺑﻬﺎ أﻃ ـﺮاف اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت واﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت واﻟﻌﻮاﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﻨﻒ ﻫﺬا اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﺤﻴﻮي اﻟﻤﺮاد ﺗﺄﻃﻴﺮه وﺗﺜﺒﻴﺘﻪ ﺗﺒ ًﻌﺎ ﻟﻤﺼﺎدره اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ اﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل وﻋﻲ آﺧﺮ ﻗﺪ ﻳﺘﻨﺎوب ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ اﻟﻤﻨﻘﻮل، واﻟﻤﺘﻮارث ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ،ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أو ﻧﺰع ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﺣﺘﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎﺗﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ إﻟﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺜﺒﺖ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد ،ﻟﺘﺒﻘﻰ. 92
ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮروث واﻟﻮﻋﻲ اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ
ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻳُﻌﺪ وﻟﻮ ًﺟﺎ ﻣﻨﻄﻘ ٍّﻴﺎ إﻟﻰ أﺟﻮاء رواﻳﺔ »ﺳﻴﺮة اﻟﻨﺎﻃﻮري«) (2اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺞ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ ،واﻟﻤﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ اﻟﺸﻔﻴﻒ ،ﻣﺨﺘﻠﻄًﺎ ﺑﻐﺒﺎر اﻷرض وﻃﻴﻨﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻋﺼﺐ اﻟﻮاﻗﻊ /اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب /اﻟﺼﻌﻴﺪ ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ اﻟﺤﻴﺎة ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺧﺎﺻﺔ وﻃﻘﻮس وﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎت وﺳﻘﻮط ﻓﻲ وﻫﺪة اﻟﻤﺴﻜﻮت ﻋﻨﻪ ،واﺣﺘﻮاء اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻻﻟﺘﺤﺎم ﺑﺒﻨﻴﺔ اﻷﺳﻄﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺢ ﻣﻦ ﻣﺤﺪدات اﻟﻤﻜﺎن ودواﻟﻪ واﺷﺘﻌﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑﻴﻦ ﻓﺌﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ، وﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻘﺸﺮة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ وﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﻴﺮة أو اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﺗﺮ وﺗﺘﻨﺎﺛﺮ ﺛﻢ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﺤﺎول وﺿﻊ إﻃﺎر ﻛﺒﻴﺮ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻨﻪ.. ﻓﺎﻟﺼﻮت /اﻟﺮاوي اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﻞ ﺣﻤﻰ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻫﻮ ذاك اﻟﺸﺎب /اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ،
اﻟﺸﺎﻫﺪ اﻟﻤﻨﻘﺴﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﺨﺘﺰﻧﻪ وﻋﻴﻪ اﻟﺒﺼﺮي وﻣﺎ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻤﺆﺟﻠﺔ اﻟﻈﻬﻮر واﻟﺘﻜﺸﻒ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻬﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﺮاوي رواﻳﺘﻪ ﺑﺎﻟﻤﺸﻬﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﺤﻢ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻄﻤﺢ إﻟﻴﻪ ذاﺗﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﻜﺸﻒ واﻟﺘﻘﺼﻲ وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺳﺒﺮ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ.. »ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳﻞ ﺿﻮءﻫﺎ اﻟﻔﺎﺿﺢ، ﻓﺘﺤﺪد اﻟﻤﺮﺋﻴﺎت ،وﻳﺮﺗﺪي ﻛﻞ ﻣﻌﻠﻢ ﺛﻮﺑﻪ وﻟﻮﻧﻪ ،ﺑﺪأت رﺣﻠﺘﻲ اﻟﻤﻠﺤﺔ ،ﺑﻌﺪ زﻣﻦ ﻗﻠﺖ ﻓﻴﻪ :ﻟﻴﺲ أواﻧﻪ« ص7 ﻓﻬﻨﺎ ﻳﺘﺤﺪد اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺮواﺋﻲ ﺑﺰﻣﻦ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﻘﺼﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮواﺋﻲ /اﻟــﺮاوي اﻟﺮﺋﻴﺲ ،واﻟــﺬي ﻳﻠﺘﺤﻢ ﺑﻤﻔﻬﻮم اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺴﺮدي ﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺮوﻳﺔ اﻟﻤﺘﻮاﺗﺮة ،ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن »اﻟﺮواﻳﺔ ﻫﻲ ﻓﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس إﻟﻰ ﻓﻨﻮن اﻟﺤﻴﺰ ﻛﺎﻟﺮﺳﻢ واﻟﻨﻘﺶ«) (3ﻓﻬﻮ ﻣﺮﺗﻜﺰ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺘﻲ
ﻣﺪارات
اﻟﻔﻨﻲ ،اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ ،واﻟﻐﻨﺎء ﺑﺼﻮرة ﺧﺎﺻﺔ ،ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻌﺎد .ﻓﺎﻟﺒﻌﺪ اﻟﻔﻨﻲ ـ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ وﻫﻮ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﻔﻼﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻵﻻت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، أو ﻓﻲ اﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻷرض ،ﻳﺴﺘﻤﺪ ﺑﻌﺪه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺎون أﻓﺮاده ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ :ﻓﺮﻋﻲ اﻟﺒﻘﺮ )اﻟﻨﻮﺑﺔ( ،وﺑﻨﺎء اﻟﺒﻴﻮت ،واﻟﺤﺮث اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ،،،ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ .أﻣﺎ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻴﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﻌﺪﻳﻦ اﻟﺴﺎﻟﻔﻴﻦ، ﺑﺼﻮرة ﻇﺎﻫﺮة أو ﻣﻀﻤﺮة ﻋﺒﺮ أﺷﻜﺎل ﻣﺘﻌﺪدة ،وإن ﻛﺎن اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺼﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺪه اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺤﺪد ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ. اﻟﻐﻨﺎء اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﺮح اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺟﺰء أﺳﺎﺳﻲ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ .ﻓﺎﻟﻔﻼح ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻞ ،واﻟﺮاﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻋﻲ ،واﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺒﺦ أو اﻟﻤﻨﺴﺞ أو ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ ،،،ﻛﻞ واﺣﺪ »ﻳُﻌ ّﺪد« أو »ﻳُﻌﻴّﻂ«. وﻟﻴﺲ »اﻟﺘﻌﺪاد« ﻏﻴﺮ ذﻛﺮ اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻮﺻﻒ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺘﻐﻨﻰ ﺑﻪ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻌﺸﻮﻗﺎ أو ﻣﺘﻮﻓﻰ .وﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻣﻌﺎ ،ﻳﻜﻮن ﻟﺬﻟﻚ اﺗﺼﺎل وﺛﻴﻖ ﺑﺎﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ »اﻟﻤﺘﻐﻨﻲ«. وﻳﻤﻜﻦ ﻗﻮل اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ »اﻟﻌﻴﻄﺔ« .إﻧﻬﺎ ﺗﻌﺪاد ﻣﻦ ﻧﻮع آﺧﺮ ،ﻳﻨﻔﺚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻐﻨﻲ واﻗﻌﻪ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .وﻓﻲ أوﻗﺎت اﻷﻋﺮاس واﻟﻤﺂﺗﻢ واﻟﻤﻮاﺳﻢ ،ﻳﻤﺴﻲ اﻟﺘﻌﺪاد واﻟﺘﻌﻴﺎط ﻋﻤﻼ ﺟﻤﺎﻋﻴﺎ ،ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻐﻨﺎء ،ﺑﻌﺪ أن ﺻﺎرت »رﺑﺎﻋﺎت« ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﺗﺘﻜﻠﻒ ﺑﺬﻟﻚ ،ﺷﺎرك ﺑﺎﻟﺸﻄﺢ ،أو اﻟﺠﺬب أو اﻟﺘﺤﻴﺎر. اﻟﻐﻨﺎء اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﺟﻤﺎﻋﻲ .وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﺮك اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﻼﺣﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ إﻻ واﺳﺘﻐﻠﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﻄﻘﺲ اﻟﻔﻨﻲ ،ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻳﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ .ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ أن اﻷﻧﻮاع اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ )اﻟﻌﻴﻄﺔ ،اﻟﻘﺼﻴﺪة ،اﻟﺴﺎﻛﻦ( ﺗﺘﻘﺎﺳﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﺑﻌﺎد ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻼءم ﻣﻊ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ .ﻳﺒﺮز ﻟﻨﺎ اﻟﺒﻌﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺠﻼء ﻓﻲ ﺣﻀﻮره اﻟﻼﻓﺖ ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﻌﻴﻄﺔ. ﻓـ»اﻟﻌﻴﻄﺔ« وﻫﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﻘﻄﻌﻴﻦ ﻣﺜﻞ ﺣﺒﺔ اﻟﻘﻤﺢ ،ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﺷﺬرة ﺗﻠﺨﺺ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺘﺰﻧﻪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب وﻣﺸﺎﻫﺪ،
د .ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ @
ﻳﻠﺘﻘﻄﻬﺎ ﺑﺬﻛﺎء ،وﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺈﻳﺠﺎز واﺧﺘﺰال .وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺘﺤﻮل ﻛﻞ ﺣﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﻮل ﻳﺘﺪاول ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ .وﻳﻜﻮن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻼم ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﺎة واﻟﻤﻜﺎﺑﺪة .ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻌﻴﻄﺔ أﻗﺮب ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة. أﻣﺎ »اﻟﻘﺼﻴﺪة« ﻓﻴﺘﻮزﻋﻬﺎ ﺑﻌﺪان ﻣﺮﻛﺰﻳﺎن :اﻟﺒﻌﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎول ﻣﺴﺘﺠﺪات اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺮد ﻗﺼﺺ ﺗﺘﺪاوﻟﻬﺎ اﻷﻟﺴﻨﺔ ﻟﻄﺮاﻓﺘﻬﺎ أو ﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺘﺎد ،أو ﺑﻌﺾ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺜﻴﺮ اﻻﺳﺘﻨﻜﺎر واﻻﺳﺘﻬﺠﺎن ،أو ذﻛﺮ اﻟﺘﻌﺎرض ﺑﻴﻦ اﻷﺷﻴﺎء .أﻣﺎ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﺒﺮز ﻣﻦ ﺧﻼل »اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺪﻳﻨﻲ« اﻟﺬي ﻳﺮوي اﻟﻐﺰوات واﻟﻔﺘﻮﺣﺎت ،أو ﻗﺼﺺ اﻷﻧﺒﻴﺎء ،،،وﺗﺒﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ أن اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻈﻞ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻴﻄﺔ أو اﻟﻘﺼﻴﺪة ،ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻣﻤﺎ ﻳﺒﺪع ﻓﻲ »اﻟﻌﻴﻄﺔ« واﻟﻘﺼﻴﺪة ﻣﻌﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻈﻞ ﻗﻠﻴﻼ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺨﺘﺰﻧﻪ اﻟﺬاﻛﺮة. ﻓﻲ »اﻟﺴﺎﻛﻦ« ،ﻳﺒﺪو ﻟﻨﺎ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺠﻼء. ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﻳﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻳﺘﺼﻞ اﺗﺼﺎﻻ وﺛﻴﻘﺎ ﺑﺎﻟﻤﺤﻔﻮظ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻮارﺛﻪ ﻣﻦ أﻗﻮال ﻗﺪﻳﻤﺔ .ﻟﻘﺪ ارﺗﺒﻂ اﻟﺴﺎﻛﻦ ﺑﺎﻷوﻟﻴﺎء واﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ،وذﻛﺮ ﻣﻨﺎﻗﺒﻬﻢ ،واﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ،،،وﺑﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ أوﻟﻴﺎء وﻣﺮاﺑﻄﻴﻦ وﻣﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﻔﻼﺣﻴﺔ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﺠﻤﻊ ،وﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻔﺮح اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ، ﻓﻴﺘﺪاﺧﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ دﻳﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﻘﻮس اﻟﻐﻨﺎء، ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻧﻮاع ،وﺑﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺮﻗﺺ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻪ، ﻣﻦ اﻟﺸﻄﺢ إﻟﻰ اﻟﺠﺬﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻴﺎر... ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺴﺎﻛﻦ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ اﻷﻧﻮاع اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﺼﻮﺗﻲ ـ اﻟﻠﻐﻮي ،ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻵﻻت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﺑﺄﻧﻮاع اﻟﺮﻗﺺ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻳﻤﺘﺰج اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎء اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ @ ﻧﺎﻗﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
91
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺴﺨﺎوي )ت902 .ﻫـ( ،أﻣﺮ ﺑﺈﺣﻀﺎر ﻛﺘﺒﻪ وإﺗﻼﻓﻬﺎ ﻓﺄﺗﻠﻔﺖ. ðøļĿí ľĔį
ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻲ أدت إﻟﻰ ﺿﻴﺎع اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﺨﻄﻮط ﻗﻴﺎم ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻐﺴﻞ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻬﻢ أو ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻏﻴﺮﻫﻢ ،وﻗﺪ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﺾ اﻟ ُﻨﺴﺎخ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻮراﻗﻴﻦ، وذﻟﻚ ﺑﺄن ﻳﻀﻌﻮا اﻟﻜﺘﺐ أو أوراق اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻟﻤﺪة ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﺤﻠﻞ اﻟﺤﺒﺮ ،وﻃﻤﺲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﺿﻴﺎﻋﻬﺎ ﺑﻬﺪف اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﻗﻮال وآراء ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻣﺘﺒﺮﺋًﺎ ﻣﻤﺎ ﻛﺘﺐ ،وﺗﺎﺋ ًﺒﺎ إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﺻﻨﻊ ،أو ﻟﺪواع أﺧﺮى ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .وﻗﺪ ﻳﻠﺠﺄ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ ﻣﺤﻮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﺴﺘﺨﺪ ًﻣﺎ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش اﻟﻤﺒﻠﻮﻟﺔ ﻹزاﻟﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻛﺎن ﻏﺴﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﻠﻔﻆ »ﻣﺤﻮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ« .وﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﻜﺘﺐ أو ﻣﺤﻮﻫﺎ ،ﻣﺎ أورده اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﻤﺮادي اﻟﻜﻮﻓﻲ )ت. 72ﻫـ( ،اﻟﺬي ﻃﻠﺐ إﺣﻀﺎر ﻛﺘﺒﻪ ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ ﻓﻤﺤﺎﻫﺎ .وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻠﺬﻳﻦ أﻗﺒﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻏﺴﻞ ﻛﺘﺒﻬﻢ ،ﺷﻌﺒﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎج )ت160 .ﻫـ(، وأﺑﻮ ﻏﺎﻟﺐ اﻟﺬﻫﻠﻲ »ﻓﺎرس ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ اﻟﺬﻫﻠﻲ« )403- 507ﻫـ( ،وﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻛﺮدان اﻟﻨﺤﻮى )ت424 .ﻫـ( ،واﻟﻤﺒﺎرك ﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎرك أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﻜﺮﺧﻲ )ت585 .ﻫـ( .وﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء؛ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﻄﻠﺐ )ت478 .ﻫـ( ،وﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻜﺮﺧﻲ )ت483 .ﻫـــ( ،وﺷﺠﺎع ﺑﻦ ﻓﺎرس اﻟﺴﻬﺮوردي )ت507 .ﻫـــ( ،وأﺑﺎ ﺑﻜﺮ اﻟﺴﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ )ت510 .ﻫـ( ،وﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺸﻤﻴﻢ اﻟﺤﻠﻰ )ت601 .ﻫـ( وﺻﺪر اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻟﻮﻛﻴﻞ )ت716 .ﻫـ(، واﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺴﻌﻮد أﺣﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ )ت870 .ﻫـ(. ðøļĿí ņijĉ
ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻗﻴﺎم ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ واﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﺪﻓﻦ ﻛﺘﺒﻬﻢ ،أو اﻟﺰج ﺑﻬﺎ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﻐﺎرات ،وﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻳُ َﻌ ّﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ اﻟﺘﻲ اﺑﺘﻠﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﺨﻄﻮط ،ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻌﺼﺐ ،أو ﻗﻠﺔ اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ .وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬي ﻓﻘﺪﻧﺎ ﻣﺨﻄﻮﻃﺎﺗﻬﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﺮف ﻧﺬﻛﺮ :أﺑﻮ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﻼء )ت154 .ﻫـ( ،وﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن )ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻘﺮن 2ﻫـ(. وﻣ َﻤ ْﻦ دﻓﻦ ﺧﺰاﻧﺔ ﻛﺘﺒﻪ :ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺴﻬﺮ اﻟﻘﺮﺷﻲ )ت189 .ﻫـ( ،وﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺨﻔﺎف )ت189 .ﻫـ( ،وأﺑﻲ ﻛﺮﻳﺐ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ )ت. 248ﻫـ( .ودﻓﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ أﺳﺒﺎط )ت199 .ﻫـ( ﻛﺘﺒﻪ ،ودﻓﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ )ت204 .ﻫـ( ﻣﺎ ﻋﻨﺪه ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺤﻮ ،وﻗﺎم ﻣﺆﻣﻞ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻟﻌﺪوي )ت306 .ﻫـ( ﺑﺪﻓﻦ ﻛﺘﺒﻪ ،وأوﺻﻰ اﺑﻦ اﻟﺤﺬاء اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ،ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ )ت. 416ﻫـ( أن ﻳﺪﻓﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻹﻧﺒﺎه ﻋﻦ أﺳﻤﺎء اﻟﻠﻪ« ﻋﻠﻰ ﺻﺪره .وﺟﺎء ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺤﺎﻓﻲ ،ﺑﺸﺮ ﺑﻦ اﻟﺤﺎرث ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،اﺑﻦ ﻋﻄﺎء أﺑﻮ
90
اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻔﻘﻮد
ﻧﺼﺮ اﻟﻤﺮزوى )ت667 .ﻫـ( ،ﻗﻮل اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻋﻨﻪ» :ﻛﺎن ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ، إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺼﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺮواﻳﺔ ،وﻛﺎن ﻳﻜﺮﻫﻬﺎ ،ودﻓﻦ ﻛﺘﺒﻪ ﻷﺟﻞ ذﻟﻚ« .وذﻛﺮ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ أن اﺑﻦ أﺑﻲ ﺣﺠﻠﺔ ،أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺘﻠﻤﺴﺎﻧﻲ )ت776 .ﻫـ( أﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻪ أن ﻳﻮﺿﻊ ﻣﺼﻨﻔﻪ اﻟﺬي ﻋﺎرض ﻓﻴﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﺑﻦ اﻟﻔﺎرض ﻓﻲ ﻧﻌﺸﻪ ،ﺑﻞ ﻳﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﻗﺒﺮه .وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻟﺴﺨﺎوي أن ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء َﻣ ْﻦ ﺗﺮك ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻳﺔ وﻫﻮ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺷﺎدي اﻟﺤﺼﻨﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ )ت881 .ﻫـ(. وﻳﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻮﺿﺢ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺎﺻﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻘﻂ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺪث ﻋﻨﺪ اﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي /اﻟﺴﺎدس اﻟﻬﺠﺮي ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺮﻫﺒﺎن ﻓﻲ اﻷدﻳﺮة ﻳﺤﺮﻗﻮن ﻛﺘﺒﻬﻢ رﺑﻤﺎ ﻟﻨﻔﺲ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻳﺤﺮﻗﻮن ﻛﺘﺒﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺆﻛﺪ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا ﻫﻮ ﺣﺎل اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻓﻜﻢ ﻣﻨﻬﻢ َﻣ ْﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺘﺒﻪ أﻋﺰ ﺷﻲء ﻟﺪﻳﻪ ،وﺧﻴﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻗﻮل اﻟﺠﺎﺣﻆ )– 150 255ﻫـ(]» :اﻟﻜﺘﺎب[ ﻧﻌﻢ اﻟﺬّﺧ ُﺮ واﻟ ُﻌﻘﺪة ﻫﻮ ،وﻧﻌﻢ اﻟﺠﻠﻴﺲ واﻟ ُﻌ ﱠﺪة، ﻴﺲ ﻟِ َﺴﺎﻋ ِﺔ وﻧﻌﻢ اﻟﻨﺸﺮة واﻟﻨﺰﻫﺔ ،وﻧﻌﻢ اﻟﻤﺸﺘﻐﻞ واﻟﺤﺮﻓﺔ ،وﻧِ ْﻌ َﻢ اﻷَﻧِ ُ ِ واﻟﺪﺧﻴﻞ ،وﻧﻌﻢ اﻟ َﻮ ْﺣ َﺪة ،وﻧﻌﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓ ُﺔ ﺑﺒﻼد اﻟﻐﺮﺑﺔ ،وﻧﻌﻢ اﻟﻘﺮﻳﻦ اﻟﻮزﻳﺮ واﻟﻨﺰﻳﻞ« @ ﻋﻀﻮ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ -ﻛﻠﻴﺔ اvداب واﻟﻌﻠﻮم اVﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ رﺷﺪ -ﻫﻮﻟﻨﺪا
ﺣﺮق اﻟﻜﺘﺐ وﻫﻲ أﺷﻬﺮ ﻃﺮق إﺗﻼف اﻟﻜﺘﺐ، ﺣﻴﺚ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ رﻓﻀﻬﺎ اﻟﻌﻠﻨﻲ ﻟﻜﺘﺐ وأﻓﻜﺎر ﻣﻌﻴﻨﺔ .وﻗﺪ ﺑﺪأت ﻇﺎﻫﺮة ﺣﺮق اﻟﻜﺘﺐ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺘﻌﻤﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واVﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﻬﺠﺮي ا0ول
ﺗﻤﺰﻳﻖ وإﺗﻼف اﻟﻜﺘﺐ وﻣﻦ اﻟﻄﺮق ا0ﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻟﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ وﻛﺘﺒﻬﻢ ،اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺘﻤﺰﻳﻘﻬﺎ وﺑﻌﺜﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء،
وﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺻﻔﻲ اﻟﺪﻳﻦ أﺑﻲ اﻟﺴﺮور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ اﻟﻤﺰﺟﺪ اﻟﺰﺑﻴﺪي )ت930.ﻫـ(، وﻫﻮ ﻣ َﻤ ْﻦ اﺷﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ وأﺻﻮﻟﻪ واﻟﺤﺪﻳﺚ وﻋﻠﻮﻣﻪ واﻟﺤﺴﺎب واﻟﻔﺮاﺋﺾ ،وﺑﺮع ﻓﻲ ﻋﻠﻮم ﻛﺜﻴﺮة ،وﺗﻤﻴﺰ ﺑﻔﻘﻪ اﻹﻣــﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ .ﻗﺎل ﺣﻔﻴﺪه أﺑﻮ اﻟﻔﺘﺢ ﺑﻦ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﻤﺰﺟﺪ ﻋﻨﻪ: »ﻛﺎن ﺟﺪي ﺷﺮح ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮات ﻟﻠﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺳﺘﺔ ﻣﺠﻠﺪات ،ﺛﻢ ﻟﻤﺎ رآه ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻮف ﻣﺎ ﺣﻮاه اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻊ واﻟﺨﻼف أﻟﻘﺎه ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻓﺄﻋﺪﻣﻪ« .وذﻛﺮ اﻟﻤﺤﺒﻰ ،أن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻜﺮدي )ت1003.ﻫـــ(، »اﺷﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم أوﻻ وﻓﺎق أﻗﺮاﻧﻪ ،ﺛﻢ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎل ،ورﻣﻰ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء«. ÷ðøļĿí ıŜ÷çō ĶœĐń
وﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻷﺧــﺮى اﻟﺘﻲ ﻟﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ وﻛﺘﺒﻬﻢ ،اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺘﻤﺰﻳﻘﻬﺎ وﺑﻌﺜﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ،وﻣ َﻤ ْﻦ ﻗﺎم ﺑﺬﻟﻚ: ﺳﻔﻴﺎن اﻟﺜﻮري )ت161 .ﻫـــ( ،ﺣﻴﺚ أﻗﺪم ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺰﻳﻖ أﻟﻒ ﺟﺰء وﺗﻄﻴﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺢ وﻗﺎل» :ﻟﻴﺖ ﻳﺪي ﻗُﻄﻌﺖ ﻣﻦ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﺑﻞ ﻣﻦ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ وﻟﻢ أﻛﺘﺐ ﺣﺮﻓًﺎ« .وﻗﺪ أدى اﻟﺠﻔﺎء
ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ إﺗﻼف اﻟﻜﺘﺐ ،ﻓﻘﺪ ذُﻛﺮ أن اﻹﻣﺎم اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻣﺴﻌﻮد ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ زﻳﺪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ )ت. 71ﻫـ( ﻋﻤﺪ إﻟﻰ إﻋﺪام ﻣﺴﻮدة ﻛﺘﺎب »اﻹﻣﺎم ﻻﺑﻦ دﻗﻴﻖ اﻟﻌﻴﺪ« ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن أﻛﻤﻠﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻪ إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻴﻀﺎً ﻓﻲ ﺣﻴﺎة ﻣﺼﻨﻔﻪ .وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺈﺗﻼف ﻛﺘﺒﻬﻢ ،ﻋﻤﺎء اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﺒﺮﺑﺎج )ت855 .ﻫـــ( ،ﻧﻈﻢ دﻳﻮان ﺷﻌﺮ ،ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﺈﺗﻼﻓﻪ وﻫﻮ ﺣﻲ ﻳﺮزق ﺿ ًﻨﺎ ﺑﻜﺮاﻣﺘﻪ وإﻋﻼء ﻟﺸﺄن اﻷدب ﻋﻠﻰ زﻋﻤﻪ. وﻣ َﻤ ْﻦ أﺗﻠﻒ ﻛﺘﺒﻪ ،أﺑﻮ ذر اﻟﺤﺎﻓﻆ ،أﺣﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ )ت884 .ﻫـ( ،ﻳﻘﻮل اﻟﺴﺨﺎوي ﻋﻨﻪ...» : ﻓﻨﻮن اﻷدب ﺑﺮع ﻓﻴﻬﺎ ،وﺟﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺼﺎﻧﻴﻒ ﻧﻈ ًﻤﺎ وﻧﺜ ًﺮا ﺛﻢ أذﻫﺒﻬﺎ ﺣﺴﺒﻤﺎ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﻪ ﻋﻦ آﺧﺮﻫﺎ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ :ﻋﺮوس اﻷﻓﺮاح ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﺮاح ،وﻋﻘﺪ اﻟﺪرر ،واﻵل ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﺴﻠﺴﺎل ،وﺳﺘﺮ اﻟﺤﺎل ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ اﻟﺨﺎل، واﻟﻬﻼل اﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺬار اﻟﻤﺴﺘﺪﻳﺮ، واﻟﺒﺪر إذا اﺳﺘﻨﺎر ﻓﻴﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺬار« .وﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺪﻧﻲ )ت884 .ﻫـ( ،ﻗﺪم إﻟﻰ ﻋﺪن واﺳﺘﻄﻮﻧﻬﺎ واﻗﺘﻨﻰ ﻛُﺘ ًﺒﺎ ﻧﻔﻴﺴﺔ ،وﻛﺎن ﺿﻨ ًﻴﺎ ﺑﻬﺎ، واﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﺧﺰاﺋﻦ ﻓﺄﻋﺪﻣﻬﺎ .وأﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
89
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
ﻓﺒﻌﺚ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي :اﺑﻌﺚ إﻟﻲ ﺑﻜﺘﺐ أﺑﻴﻚ ،ﺚ ﻟﻪ، إﻟﻲ أﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺛﻘﻞ ﻗﺎل ﻟﻲ :اﺟﻤﻌﻬﺎ ﻟﻲ ،ﻓﺠﻤﻌﺘﻬﺎ ، وﻣﺎ أدري ﻣﺎ ﻳﺼﻨﻊ ﺑﻬﺎ ،ﻓﺄﺗﻴﺖ ﺑﻬﺎ ﻓﻘﺎل ﻟﻠﺨﺎدﻣﺔ: »اﺳﺠﺮي اﻟﺘﻨﻮر ،ﺛﻢ أﻣﺮ ﻓﺄﺣﺮﻗﺖ«. أﻣﺎ أﺑﻮ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﻼء ﺑﻦ ﻋﻤﺎر اﻟﻤﺎزﻧﻲ )ت154 .ﻫـــ( أﺣﺪ اﻟﻘﺮاء اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﻤﺸﻬﻮرﻳﻦ، وإﻣﺎم أﻫﻞ اﻟﺒﺼﺮة ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءات واﻟﻨﺤﻮ واﻟﻠﻐﺔ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎم ﺑﺈﺣﺮاق دﻓﺎﺗﺮه اﻟﺘﻲ ﻣﻸت ﺑﻴﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﻘﻒ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻨﺴﻜﻪ. وذﻛﺮ ﻳﺎﻗﻮت اﻟﺮوﻣﻲ )ت626 .ﻫـ( ﻗﻮل أﺑﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺪرﻧﻲ )ت. 215ﻫـ( ،أﻧﻪ »ﺟﻤﻊ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﻮر وﺳﺠﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎر ﺛﻢ ﻗﺎل واﻟﻠﻪ ﻣﺎ أﺣﺮﻗﺘﻚ ﺣﺘﻰ ﻛﺪت أﺣﺘﺮق ﺑﻚ« .وأوﺻﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ،أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺠﻌﺎﺑﻲ اﻟﺤﺎﻓﻆ )ت355 .ﻫـ( ،ﺑﺄن ﺗﺤﺮق ﻛﺘﺒﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ،ﻓﺄﺣﺮﻗﺖ. ﻗﺎل اﻷزﻫﺮي إن اﺑﻦ اﻟﺠﻌﺎﺑﻲ ﻟﻤﺎ ﻣﺎت أوﺻﻰ أن ﺗﺤﺮق ﻛﺘﺒﻪ ﻓﺄﺣﺮﻗﺖ وﻛﺎن ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺘﺐ ﻟﻠﻨﺎس .ﻓﻘﺎل :ﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﺒﻮاب أﻧﻪ ﻛﺎن ﻟﻪ ﻋﻨﺪه ﻣﺎﺋﺔ وﺧﻤﺴﻮن ﺟﺰ ًءا ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ أﺣﺮق .وروى ﻋﻦ اﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ ﻗﻮﻟﻪ» :أﺧﺒﺮت ﺑﻌﻠﺔ اﻟﺠﻌﺎﺑﻲ ﻓﻘﻤﺖ إﻟﻴﻪ ﻓﺮأﻳﺘﻪ ﻳﺤﺮق ﻛﺘﺒﻪ ﻓﺄﻗﻤﺖ ﻋﻨﺪه ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺷﻲء«. أﻣﺎ أﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺴﻴﺮاﻓﻲ )ت385 .ﻫـ( اﻟﺬي ﻳُﻌ ّﺪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻘﺪ أوﺻﻰ وﻟﺪه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻘﻮﻟﻪ »ﻗﺪ ﺗﺮﻛﺖ ﻟﻚ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺑﻬﺎ ﺧﻴﺮ اﻷﺟﻞ ﻓﺈذا رأﻳﺘﻬﺎ ﺗﺨﻮﻧﻚ ،ﻓﺎﺟﻌﻠﻬﺎ ﻃﻌﻤﺔ ﻟﻠﻨﺎر« .ﻟﻘﺪ ذﻛﺮ ﻳﺎﻗﻮت اﻟﺤﻤﻮي ﻓﻲ »ﻣﻌﺠﻢ اﻷدﺑﺎء« أن اﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺣﻤﺎد اﻟﺠﻮﻫﺮي )ت398 .ﻫـ( أﺣﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﻐﺔ وﺻﺤﺎح اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻋﺮﺿﺖ ﻟﻪ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺳﻮﺳﺔ ﻗﻬﺮﻳﺔ ﻓﺤﺮق ﻛﺘﺒﻪ ﻛﻠﻬﺎ ،ﺛﻢ ﺻﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻓﻲ ﻧﻴﺴﺎﺑﻮر ﻓﻘﺎل :أﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎس إﻧﻲ ﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻢ اﺳﺒﻖ إﻟﻴﻪ )ﻳﻘﺼﺪ ﻣﺠﻤﻌﻪ اﻟﺼﺤﺎح( وزﻋﻢ أﻧﻪ ﻳﻄﻴﺮ، ﺛﻢ ﻗﻔﺰ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻓﻤﺎت. وﻗﺪ أﺣﺮق أﺑﻮ ﺣﻴﺎن )ت 400 .ﻫـ( ﻛﺘﺒﻪ اﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ،وﻛﺘﺐ ﻟﺼﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﻣﻔﺴ ًﺮا ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :إن اﻟﻌﻠﻢ ﺣﺎﻃﻚ اﻟﻠﻪ ﻳﺮد ﻟﻠﻌﻤﻞ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺮاد ﻟﻠﻨﺠﺎة ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ ﻗﺎﺻ ًﺮا ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ ﻛﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وأﻧﺎ أﻋﻮذ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻋﺎد ﻛﻼ وأورث ذﻻ –ﻋﻠﻤﻚ اﻟﻠﻪ اﻟﺨﻴﺮ -أن ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ ﺣﻮت ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟﻌﻠﻢ ﺳﺮه وﻋﻼﻧﻴﺘﻪ ،ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳ ًﺮا ﻓﻠﻢ أﺟﺪ ﻟﻪ َﻣ ْﻦ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻪ راﻏ ًﺒﺎ ،وأﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻼﻧﻴﺔ ﻓﻠﻢ أﺻﺐ َﻣ ْﻦ ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻴﻪ ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ،ﻋﻠﻰ أﻧﻲ ﺟﻤﻌﺖ أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻟﻠﻨﺎس وﻟﻄﻠﺐ اﻟﻤﻨﺎﻟﺔ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻟﻌﻘﺪ اﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﻟﻤﺪة اﻟﺠﺎه ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻋﻠﻲ ﻻ ﻓ ُﺤﻤﺮت ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،وﻛﺮﻫﺖ ﻣﻊ ﻫﺬا وﻏﻴﺮه أن ﺗﻜﻮن ﺣﺠﺔ ﱠ ﻟﻲ« .وﻣﻦ ذﻟﻚ أﻳﻀً ﺎ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ أﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺨﻴﺮات )ت467 .ﻫـ( وﻛﺎن ﻳﺤﻔﻆ ﻋﻦ ﻇﻬﺮ ﻗﻠﺐ ﺛﻼﺛﻴﻦ أﻟﻒ ﺑﻴﺖ ﻟﺸﻌﺮاء درﺳﺎ ﻷﺣﺪ اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺴﺎدﺳﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺳﻤﻊ ً ﻳﺪور ﺣﻮل ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ » :و َﻣﺎ ﻗَ َﺪ ُروا اﻟﻠﱠ َﻪ َﺣ ﱠﻖ ﻗَ ْﺪرِﻩ إِ ْذ ﻗَﺎﻟُﻮا َﻣﺎ أَﻧْ َﺰ َل ﻮﺳ ٰﻰ ﻧُﻮ ًرا ﺎب اﻟ ِﱠﺬي َﺟﺎ َء ِﺑ ِﻪ ُﻣ َ اﻟﻠﱠ ُﻪ َﻋﻠ َٰﻰ ﺑَﺸَ ٍﺮ ِﻣ ْﻦ ﺷَ ْﻲ ٍء ﻗ ُْﻞ َﻣ ْﻦ أَﻧْ َﺰ َل اﻟْ ِﻜﺘَ َ 88
اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻔﻘﻮد
َو ُﻫ ًﺪى ﻟِﻠ ﱠﻨ ِ ﻴﺲ ﺗُﺒْ ُﺪوﻧَ َﻬﺎ َوﺗُ ْﺨﻔُﻮ َن ﺎس ﺗَ ْﺠ َﻌﻠُﻮﻧَ ُﻪ ﻗَ َﺮ ِاﻃ َ ﻛَ ِﺜﻴ ًﺮا َو ُﻋﻠﱢ ْﻤﺘُ ْﻢ َﻣﺎ ﻟَ ْﻢ ﺗَ ْﻌﻠَ ُﻤﻮا أَﻧْﺘُ ْﻢ َو َﻻ آﺑَﺎ ُؤﻛُ ْﻢ ﻗُﻞِ اﻟﻠﱠ ُﻪ ﺛ ُ ﱠﻢ َذ ْر ُﻫ ْﻢ ِﻓﻲ َﺧ ْﻮ ِﺿ ِﻬ ْﻢ ﻳَﻠْ َﻌ ُﺒﻮنَ« )ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم :اﻵﻳﺔ ،(91ﻓﻤﺎ ﻛﺎد ﻳﺴﻤﻊ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﺟﻤﻊ ﻛﺘﺒﻪ ﻛﻠﻬﺎ وأﺣﺮﻗﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻫﺬ آوى إﻟﻰ رﻛﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ وﺟﻠﺲ ﻓﻴﻪ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻴﻦ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻠﻪ. ااﺳﻢ اﻟﻠ وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺸﻬﻮرﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺮﻗﻮا ﻛﺘﺒﻬﻢ أﺑﻮ اﻟﻔﺮج ﺑﻦ اﻟﺠﻮزي )ت510 .ﻫـ( ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻤﻠﻚ ﻛﺘﺒًﺎ ﻛﺜﻴﺮة أُﺣﺮﻗﺖ ﺑﺈﺷﺎرة ﻣﻨﻪ. واﻟﺒﻌﺾ أﺣﺮق ﻛﺘﺒﻪ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ذُﻛﺮ أن اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ،أب اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻜﻠﺒﻲ ،اﺑﻦ ﺣﺴﻮن )ت547 . ﻫـ( وﻫﻮ ﻗﺎض ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ أﻳﺎم ﻣﻠﻮك اﻟﻄﻮاﺋﻒ ،وﻛﺎن ﻓﻲ ﺟﻮاره ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ ﻓﻮاﺻﻠﻮا اﻟﻐﺎرات ﻋﻠﻴﻪ ،ﻛﻤﺎ اﺗﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪ ﻓﺜﺎروا ﻋﻠﻴﻪ وﻗﺘﻠﻮا أﺧًﺎ ﻟﻪ ﻛﺎن ﻗﺎﺋﺪ ﺟﻴﺸﻪ ،ﻓﻀﺎع رﺷﺪه ،وﻗﺘﻞ ﺑﻌﺾ ﺑﻨﺎﺗﻪ ﻏﻴﺮة ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻲ ،وأﻃﻠﻖ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ ﻓﺄﺣﺮﻗﻬﺎ. وﻣ َﻤ ْﻦ أﺣﺮق ﻛﺘﺒﻪ ﺗﻐﺮي ﺑﺮﻣﺶ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ )ت820 .ﻫـ( .وﻛﺬﻟﻚ أوﺻﻰ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺒﺮﺳﺎوي )ت950 .ﻫـ( ﺑﺈﺣﺮاق ﻛﺘﺎب ﻟﻪ أﻟﻔﻪ ﻓﻲ اﻟﻬﺰل ﺳﻤﺎه »داﻓﻊ اﻟﻐﻤﻮم« ﺣﻴﺚ ﻧﺪم ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻟﻴﻔﻪ ،وﻟﺰم أن ﻳﺸﺘﺮﻳﻪ ﻣ َﻤ ْﻦ ﻟﻘﻴﻪ ﻋﻨﺪه وﻳﺤﺮﻗﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎر. ðøļĿí ĵíĎįç
إن اﻟﻤﺘﺼﻔﺢ ﻟﻠﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻳﺠﺪ أﺧﺒﺎرا ً ﻋﻦ ﻟﺠﻮء ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ رﻣﻲ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ وﻛﺘﺒﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺎر واﻷﻧﻬﺎر ،وذﻟﻚ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ، وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ﻫﺆﻻء: داود ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ اﻟﻄﺎﺋﻲ )ت165 .ﻫـ( ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺿﻤﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻷدﺑﻴﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﻋﻤﺪ إﻟﻰ ﺗﻔﺮﻳﻐﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻴﺎه ﻧﻬﺮ اﻟﻔﺮات ،وﻗﺎل ﻳﻨﺎﺟﻴﻬﺎ» :ﻧﻌﻢ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻛﻨﺖ، واﻟﻮﻗﻮف ﻣﻊ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻮﺻﻮل ،ﻋﻨﺎء وذﻫﻮل ،وﺑﻼء وﺧﻤﻮل« .وﻓﻲ ذﻟﻚ ﺿﻴﺎع ﺛﺮوة ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة .وذﻛﺮ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻧﻘﻼً ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻄﺒﺮي ﻗﻮﻟﻪ :إﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﻳﻘﻮل :ﻃﻠﺐ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﻮاري )ت240 .ﻫـ( اﻟﻌﻠﻢ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ،ﺛﻢ ﺣﻤﻞ ﻛُﺘُﺒﻪ ﻛﻠﱠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻓﻐ ﱠﺮﻗﻬﺎ .وﻣ َﻤ ْﻦ ﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺮ؛ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺨﻼل )ت311.ﻫـ( ،ﻓﻘﺪ رﻣﻰ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻋﺎﺗﻪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺮ دﺟﻠﺔ. وﺟﺎء ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﺑﻦ اﻟﻌﺮﻳﻒ اﻟﺼﻨﻬﺎﺟﻲ اﻟﻤﻘﺮئ )ت539.ﻫـــ(، ﺻﺤﺎب اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت واﻹﺷﺎرات أﻧﻪ »ﻣ َﻤ ْﻦ ﺿﺮب ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﻤﺎل رواق اﻟﺤﺴﺎد ،ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ،ﻓﺄﺷﺮﻗﺖ ﺑﺄﺿﺮاﺑﻪ اﻟﺒﻼد ،وﺷﺮﻗﺖ ﺑﻪ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﱠ ﺳﻌﻮا ﺑﻪ إﻟﻰ ﺳﻠﻄﺎن ﻋﺼﺮه ،وﺧﻮﻓﻮه ﻣﻦ ﻋﺎﻗﺒﺔ أﻣﺮه ،ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻪ اﻟﻘﻠﻮب ﻋﻠﻴﻪ ،واﻧﻀﻮاء اﻟﻐﺮﺑﺎء إﻟﻴﻪ ،ﻓﻐ ﱠﺮب إﻟﻰ ﻣﺮاﻛﺶ ... ،ﻓﺎﺳﺘﻮﺣﺶ ،ﻓﻐ ﱠﺮق ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ إﻻ ﻣﺎ ﻛُﺘﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﻪ«.
ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؛ إن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺷﻲء واﺣﺪ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﺼﻮره ،ﻓﻘﺪ ﻟﻌﺐ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ دو ًرا ﻫﺎ ًﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻤﺎ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻘﺪم وازدﻫﺎر اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ .إﻻ أن ﻫﻨﺎك ﻋﺪدا ً ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ أﺛﺮت ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮ ذﻟﻚ اﻟﺘﺮاث ﻛﺎن ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺤﺮوب واﻟﻐﺰوات اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺣﻴﺚ ُدﻣﺮت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻤﺤﻦ واﻟﺒﻼﻳﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺠﺎﻋﺎت وﺣﺎﻻت اﻟﻐﻼء واﻟﻔﻘﺮ واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﺎ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﺗﻌﺮض ﻟﻠﺴﻠﺐ واﻟﻨﻬﺐ واﻟﺘﺪﻣﻴﺮ .أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺴﺮﻗﺔ، واﻟﺠﻬﻞ ،واﻟﺘﻌﺼﺐ ،واﻟﻔﺘﻦ ،واﻹﻫﻤﺎل ،وﻋﺪم أﻣﺎﻧﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت. ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاﺟﻢ ذﻛﺮت ﻟﻨﺎ أﺧﺒﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ وﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺬﻳﻦ أﻗﺪﻣﻮا ﻋﻠﻰ إﺗﻼف ﻛﺘﺒﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وذﻟﻚ ﻧﺪ ًﻣﺎ ﻋﻦ اﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻋﺒﺎدة اﻟﻠﻪ ،أو ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ أن ﺗﻀﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺘﺐ ﻏﻴﺮﻫﻢ ،أو ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ أن ﺗﻮﺿﻊ اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻬﻢ ،أو ﺿ ًﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ َﻣ ْﻦ ﻻ ﻳﻌﺮف ﺟﺪواﻫﺎ ،أو َﻣ ْﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ،أو ٍ ﻟﻨﻘﺺ ﺑﺪا ﻓﻴﻬﺎ ،أو ﻷي ﻋﺎرض آﺧﺮ ﺑﺪا ﻟﻪ .وأﻳًﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴ ﱠﻮﻏﺎت ،ﻓﻤﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ؛ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺼﻨﻴﻊ وﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﺎدات أﺿﺎﻋﺖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺛﺮوة ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻤﺨﻄﻮط ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. ﻟﻘﺪ ﺗﺨﻠﺺ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻬﻢ وأﺗﻠﻔﻮﻫﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻋﺪة ،ﻛﺤﺮﻗﻬﺎ ﻋﻤ ًﺪا ﻣﻊ ﺳﺒﻖ اﻹﺻﺮار ،أو ﻏﺴﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء ،أو دﻓﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻦ اﻷرض ،أو ﺗﻄﻴﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ،أو ﺗﻤﺰﻳﻘﻬﺎ ورﻣﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮاء ،أو ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،أو إﻟﻘﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻧﻬﺎر واﻵﺑﺎر أو اﻟﺒﺤﺎر ،أو إﻋﺪاﻣﻬﺎ واﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى .وﺳﻮف ﻧﻌﺮض ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻮﺿﻴﺤﻴﺔ ﻋﻦ ﺳﻠﻮك اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻬﻢ وﻓﻘًﺎ ﻟﻤﺎ ذﻛﺮﺗﻪ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاﺟﻢ. ðøļĿí ĵĎă
وﻫﻲ أﺷﻬﺮ ﻃﺮق إﺗﻼف اﻟﻜﺘﺐ ،ﺣﻴﺚ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ رﻓﻀﻬﺎ اﻟﻌﻠﻨﻲ ﻟﻜﺘﺐ وأﻓﻜﺎر ﻣﻌﻴﻨﺔ .وﻗﺪ ﺑﺪأت ﻇﺎﻫﺮة ﺣﺮق اﻟﻜﺘﺐ ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺘﻌﻤﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻨﺬ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﻬﺠﺮي اﻷول ،وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ: ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ )ت93 .ﻫـ( اﻟﺬي ﺣﺮق ﻛﺘﺒًﺎ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻘﻪ ﺳﻨﺔ 63ﻫـ ،ﺛﻢ ﻧﺪم ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل» :ﻷن ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪي أﺣﺐ إﻟﻲ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻲ ﻣﺜﻞ أﻫﻠﻲ وﻣﺎﻟﻲ«. واﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي )110 21-ﻫـ( إﻣﺎم اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ ،روى اﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ ﻃﺒﻘﺎﺗﻪ ﻋﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ اﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻗﺎل :ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻬﻞ ﺑﻦ اﻟﺤﺼﻴﻦ اﻟﺒﺎﻫﻠﻲ ﻗﺎل :ﺑﻌﺜﺖ إﻟﻰ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
87
тАлтАк─Ж─У─│─З┼┤ ─Ф┼╗─Ф┼Е┼ЬтАмтАм
тАля╗гя║О я║Ся╗┤я╗ж я║гя║о┘В ┘И╪ея╗Пя║о╪з┘В ┘И╪ея║Чя╗╝┘Б ┘Ия╗Пя║┤я╗Ю ┘И╪пя╗Уя╗жтАм
тАл╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪л ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗Фя╗Шя╗о╪птАм тАлтАк ─К┼Ф─У ─К┼Д─Д┼Г ─В─┐├о─Ы ─▒─О─Ч├г ─ЙтАмтАм
тАл╪гя╗Чя║О┘Е ╪зя╗Яя╗дя║┤я╗ая╗дя╗о┘Ж я╗зя╗мя╗Ая║Ф я╗Ля╗ая╗дя╗┤я║Ф ┘Ия║Ыя╗Шя║Оя╗Уя╗┤я║Ф я╗Ыя║Тя║о┘Й я╗Ыя║О┘Ж я╗гя╗ж ╪гя╗ля╗в я╗зя║Шя║Оя║Ля║ая╗мя║О ╪░я╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪лтАм тАл╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя╗▓ ┘И╪зя╗Яя╗Фя╗Ья║о┘К ╪зя╗Яя╗Ая║ия╗в ╪зя╗Яя║м┘К я╗Ля╗Ья╗Т я╗Ля╗ая╗░ ╪ея╗зя║Шя║Оя║Яя╗к я║Чя║Дя╗Яя╗┤я╗Ф┘Ля║О ┘Ия║Чя║оя║Яя╗д ┘Ля║Ф ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║О╪б ╪зя╗Яя╗Мя║о╪итАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя║┤я╗ая╗дя╗о┘Ж я╗Ля╗ая╗░ я╗гя║о ╪зя╗Яя║Шя║О╪▒я╗│я║ж ┘И╪зя╗Яя║м┘К я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я║Чя║░я║зя║о я║Ся╗к я║зя║░╪зя║Ля╗ж ╪зя╗Яя╗Ья║Шя║Р ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф я╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗Мя║╝я╗о╪▒ ╪зя╗Яя╗оя║│я╗Дя╗░тАк .тАмя╗Уя╗ая╗Шя║к я╗Ыя║О┘Ж я╗Яя╗ая╗Ья║Шя║О╪и ╪гя╗ля╗дя╗┤я║Ф ┘Ия╗гя╗Ья║Оя╗зя║Ф я╗Ыя║Тя╗┤я║о╪й я╗Уя╗▓ я╗зя╗Фя╗о╪│ ╪зя╗Яя╗дя║┤я╗ая╗дя╗┤я╗жтАк╪МтАмтАм тАля╗гя╗дя║О я╗Ыя║О┘Ж я╗Яя╗к ╪гя╗Ыя║Тя║о ╪зя╗╖я║Ыя║о я╗Уя╗▓ ╪зя╗зя║Шя║╕я║О╪▒ ╪зя╗Яя╗дя╗Ья║Шя║Тя║О╪к я╗Уя╗▓ я╗Гя╗о┘Д ╪зя╗Яя║Тя╗╝╪п ┘Ия╗Ля║оя║┐я╗мя║ОтАк ╪МтАмя║гя╗┤я║Ъ я║гя║о╪╡тАм тАл╪зя╗Яя║дя╗Ья║О┘Е ┘И╪зя╗Яя║ия╗ая╗Фя║О╪б ╪зя╗Яя╗дя║┤я╗ая╗дя╗о┘Ж я╗Ля╗ая╗░ я║Чя║░┘Ия╗│я║к я║Чя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя╗дя╗Ья║Шя║Тя║О╪к я║Ся║Оя╗Яя╗Ья║Шя║Р ┘И╪зя╗Яя╗дя║ия╗Дя╗оя╗Гя║О╪ктАм тАл╪зя╗Яя╗Шя╗┤я╗дя║ФтАк ╪МтАм┘Ия║Чя╗оя╗Уя╗┤я║о ╪зя╗Яя╗дя║ия║╝я║╝я║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║Оя╗Яя╗┤я║Ф я╗Яя╗мя║м╪з ╪зя╗Яя╗Ря║о╪╢тАк.тАмтАм
тАлтАк86тАмтАм
тАл╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪л ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗Фя╗Шя╗о╪птАм
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
85
ĿĔĬ ijēŵĨ
ﻫﻞ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﻫﻨﺎك راﺑﻄًﺎ ﻧﻔﺴ ًﻴﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺼﻮر واﻟﻌﺪﺳﺔ؟ وﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﻤﺒﺬول ﻟﻠﺨﺮوج ﺑﻌﻤﻞ ﺟﻴﺪ ،ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺑﻴﺌﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﺳﻤﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ وﻧﻴﻞ اﻟﺠﻮاﺋﺰ. وﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺬي اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺸﻐﻠﻬﺎ ،رﺑﻤﺎ ﻳﺼﻞ ﺑﻚ اﻟﺤﺎل أن ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎرﺗﺒﺎﻃﻚ اﻟﺮوﺣﻲ ﺑﺎﻟﻌﺪﺳﺔ ،ﻛﺎرﺗﺒﺎط ﺷﺨﺺ ﻣﺎ اﻟﻤﻘﻴﺎس ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺠﻴﺪة ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺌﺔ؟ ﺑﺒﻴﺌﺘﻪ وﺣﻨﻴﻨﻪ إﻟﻴﻬﺎ إذا إﺑﺘﻌﺪ ،ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﻳﺼﻒ ﻫﻨﺎك ﻣﻘﻴﺎس ﻧﻔﺴﻲ ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ﺑﻴﺌﺘﻪ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻛﻤﺜﺎل ،اﻵن اﻟﺼﻮرة ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﺻﻒ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻴﻦ ،إذا ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﺻﻮرة ﻣﻌﻠﻘﺔ ،وﺷﺪت ﻧﻈﺮه أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻜﻤﺎل ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺼﺮي ﺣﺴﻲ ،اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻟﻤﺪة 10ﺛﻮان إﻟﻴﻬﺎ ورأﻫﺎ ﻣﺮ ًة آﺧﺮى وﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻹﻧﺰﻋﺎج ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺑﺤﻮر وﻣﻜﻮﻧﺎت ﻣﻬﻤﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﻣﺒﺪﺋﻴًﺎ ﺟﻴﺪة ،أﻗﻮل ﻣﺒﺪﺋﻴًﺎ ﻷن اﻷﻣﺮ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻠﺬوق أﻳﻀً ﺎ اﻟﺼﻮرة ﻟﻬﺎ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ،وأﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻗﻮل إن اﻟﺼﻮرة أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻓﻤﺎ ﺗﺮاه ﺟﻤﻴﻼً ﻳﺮاه ﻏﻴﺮك ﺳﻴﺌﺎً ﺑﻨﺴﺐ ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ،ﻫﻨﺎك أﻳﻀً ﺎ أﻟﻒ ﻛﻠﻤﺔ. ﺗﺨﺼﺼﺎت وﻛﻞٍ ﻳﻌﺠﺐ ﺑﺎﻷﻗﺮب إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ. ﻣﺎ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ اﻟﺼﻮرة اﻟﺠﻴﺪة؟ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺤﻮر ﻟﻬﺎ ﺗﻔﻌﻴﻼت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻟﻪ ﻗﻮاﻋﺪه وﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ ،اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﺘﻮﻏﺮاﻓﻲ ﻟﻪ 15ﻗﺎﻋﺪة ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻬﺎ ،وﻻ ﻳﺠﻮز أن ﺗﺄﺧﺬ ﻟﻘﻄﺔ ﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ، اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻟﻴﺲ ﺿﻐﻄﺔ ﻋﻠﻰ زر ،ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ﻷﺧﺬ ﻟﻘﻄﺔ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻟﺴﺎﻋﺎت ورﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﺪ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ وﻳﻐﺎدر ،أﻧﺖ ﻛﻤﺼﻮر ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺸﻐﻮﻻً ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺼﻮرة ،رﺑﻤﺎ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻔﺼﻮل ﻷﺧﺬ ﺻﻮرة ،ﻫﻨﺎك ﻓﺮق ﺑﻴﻦ ﻣﻠﺘﻘﻂ وﻣﺼﻮر ﻣﺤﺘﺮف.
ﻳﻘﻮل ﺳﺘﻴﻒ ﻣﺎﻛﻮري اﻟﻤﺼﻮر اﻻﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،روح اﻟﻤﺼﻮر ﺗﺴﻜﻦ اﻟﺼﻮرة ،وﻳﺪﻋﻰ أﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻤﻴﻴﺰ أﻋﻤﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺌﺎت اﻟﺼﻮر .ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻫﺬا؟ ﻧﻌﻢ ..ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ ﺗﺘﺒﻊ ﺧﻄﻮط اﻟﺼﻮرة ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﻠﺘﻘﻄﻬﺎ ﻓﻜﻞ ﻣﺼﻮر ﻟﻪ ﺑﺼﻤﺘﻪ وﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻤﻴﺰﻫﺎ اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻌﺎدي ،وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺼﻮر اﻟﻤﺤﺘﺮف ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ،اﻟﺨﻄﻮط ﻫﻲ اﻟﺰواﻳﺎ واﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﺼﻮرة ،ﻛﻤﺜﺎل ﻫﻨﺎك ﻓﻦ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻳﺪﻋﻰ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ،و ﻟﻜﻞ ﻣﺼﻮر أﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﺨﺎص ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ .ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ﻳﺘﺸﺎﺑﻬﻮن ﻓﻲ أﺳﻠﻮﺑﻬﻢ ،وﻳﺤﺘﺎج اﻟﺘﻤﻴﺰ وﻗﺘﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺨﺒﺮة.
ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻗﺎوﻳﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺼﻮرة اﻟﺠﻴﺪة أﺻﺒﺤﺖ ﺳﻬﻠﺔ ،ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا اﻟﺪﻳﺠﻴﺘﺎل وﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻔﺘﻮﺷﻮب ،ﻫﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؟ ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﻻ ،اﻟﻔﻴﻠﻢ ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻋﻨﺪ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ رؤﻳﺔ اﻟﺼﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮةً ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﺧﺬ ﻟﻤﻌﺎﻣﻞ اﻟﺘﺤﻤﻴﺾ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻣﺮﺣﻠﺔ أﺧﺮى ﻹﻧﺠﺎز اﻟﻌﻤﻞ ،وﻳﺘﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﺷﺒﺎع اﻷﻟﻮان وﺗﻌﺪﻳﻼت ﻛﺜﻴﺮة ،ﺑﺪﻳﻠﻬﺎ اﻵن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻔﺘﻮﺷﻮب اﻟﺬي اﺧﺘﺼﺮ ﻛﻞ ﻫﺬا ،ﺑﻞ وﻗﺪم اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹﺿﺎﻓﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ارﺗﻔﺎع ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺼﻮرة ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ، ﻫﺬه ﺗﻘﻨﻴﺔ وﻟﻜﻞ زﻣﻦ دوﻟﺔ ورﺟﺎل ،اﻟﺮﻫﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮة وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ .ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻵن ﺑﺴﺒﺐ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة.
ﻫﻞ ﺗﺮى أن اﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﺎدة دﺳﻤﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ؟ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻓﺘﻌﺪد اﻟﺘﺮاث واﺧﺘﻼف أﻟﻮاﻧﻪ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺎدة ﺛﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ اﻟﺤﺬر ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻳﺤﺘﺎج ﻣﻌﺮﻓﺔ ودراﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ،وإﻻ ﺳﻮف ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﻤﻜﻮﻧﺎت اﻟﺼﻮر اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل إذا أردت ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻣﺮأه إﻣﺎراﺗﻴﺔ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺪو ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﺘﺠﺪ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳﺐ ،ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،وﻫﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﺧﺼﻴﺼﺎ ﻟﻐﻴﺮ اﻟﻤﻠﻢ ﺑﺘﺮاث اﻟﺪوﻟﺔ. ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻓﻬﻢ اﻟﺼﻮرة ً ﻳﺠﺐ أﻳﻀً ﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻌﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺪوﻟﺔ، ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺼﻮرة ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ﻟﻬﺪف ﻳﺨﺪم ﺧﺒﺮا ً أو ﺗﻮﺛﻴﻘﺎً.
ﻫﻞ اﻟﺠﻮاﺋﺰ واﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت ﺗﺜﺮي ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات؟ ﺗﻌﺪد اﻟﺠﻮاﺋﺰ واﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت دﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ ﻣﺪى وﻋﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺼﻮرة واﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ،وﻳﻌﺘﺒﺮ أﺳﻠﻮﺑﺎً راﻗﻴﺎً ﻟﻠﻤﻮاﻛﺒﺔ، وإﺛﺮاء ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﺟﻌﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮر واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﻳﻤﻴﺰون ﺑﻴﻦ ﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻇﺎﻫﺮﻳًﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ
ﻣﺎ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻴﻦ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ؟ ﻏﻴﺎب اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ وﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻷن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ أﺻﺒﺢ ﻣﻜﻠﻔﺎً واﻗﺘﻨﺎء ﻣﻌﺪات ﺟﻴﺪة ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل ،ﻓﻼ وﺧﺼﻴﺼﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﻳﻌﻘﻞ أن ﺗﻄﻠﺐ ﺟﻬﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ً ﻋﻤﻼً ﻣﺘﻤﻴﺰا ً وﻣﺴﺘﻮى ﻳﻠﻔﺖ اﻷﻧﻈﺎر وﻳﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﺴﻴﺎح، وﻳﻜﻮن اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺑﻀﻌﺔ دراﻫﻢ
84
ﻣﺮﺷﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي :اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻟﻪ ﺑﺤﻮ ٌر ﻛﺎﻟﺸﻌﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
83
ĿĔĬ ijēŵĨ
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺑﺪاﻳﺘﻚ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ؟ ﺑﺪأت اﻗﺘﻨﺎء ﻣﻌﺪات اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وأﻧﺎ دون اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮي، وﻛﺎﻧﺖ أول ﻛﺎﻣﻴﺮا أﻣﺘﻠﻜﻬﺎ ﻣﺎرﻛﺔ ﻛﺎﻧﻮن ﻓﻠﻤﻴﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل، اﺳﺘﻬﻮاﻧﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وأﺻﺒﺤﺖ ﺷﻐﻮﻓًﺎ ﺑﻪ ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ واﻟﺘﻘﺎط اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت، ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻓﺘﺮة إﻟﻰ أن ﺟﺎءت ﻟﺤﻈﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺎم ،94ووﻓﺮ اﻟﻨﺎدي آﻧﺬاك ﻛﺎﻣﺮﺗﻴﻦ ﻟﻠﻔﻴﺪﻳﻮ واﻟﻔﺘﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ، ﻓﺒﺎدرت ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ وﻗﻤﺖ ﺑﺘﻮﺛﻴﻖ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ .اﻟﻨﺎدي وﻗﺘﻬﺎ ﻧﻈﻢ دورﺗﻴﻦ ﻟﺘﻌﻠﻢ أﺳﺲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻤﺤﺘﺮف، اﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﻮاﺣﺪة ،واﻋﺘﺒﺮﺗﻬﺎ ﻛﺪﻋﻮة ﻻﺣﺘﺮاف اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ،اﻧﻔﺼﻠﺖ ﻋﻦ اﻟﻨﺎدي ﻷﺳﺒﺎب ﻣﻬﻨﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2006اﻣﺘﻠﻜﺖ أول ﻛﺎﻣﻴﺮا ﺧﺼﻴﺼﺎ ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ دﻳﻨﻴﺔ_ دﻳﺠﻴﺘﻞ ﻣﺎرﻛﺔ ﺳﻮﻧﻲ ،اﺷﺘﺮﻳﺘﻬﺎ ً اﻟﻤﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮي _ ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﻬﻴﺖ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻲ ،إﻃﻠﻊ أﺣﺪ اﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺒﺎع اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎﻟﻲ ،أﺷﺎد ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﻌﺎرض اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ إﻇﻬﺎر ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ وﻗﺎل :أﺗﻮﻗﻊ ﻟﻚ ﻣﺴﺘﻘ ًﺒﻼ ﺑﺎﻫ ًﺮا ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺑﺸﺮط اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻣﻬﺎرات اﻟﻤﺼﻮر .ﺑﺪأت اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻌﺎم 2008ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﺪارس وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﺜﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻤﺴﺖ ﺷﻐﻒ اﻟﻄﻼب واﻟﻤﺜﺎﺑﺮة. وﺣﺒﻬﻢ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻛﺎن ﻫﺬا داﻓ ًﻌﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ،ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻣﺎ اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺘﻬﺎ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ؟ اﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﻔﺮﻳﻖ ﻣﺼﻮرﻳﻦ ﻣﺤﺘﺮﻓﻴﻦ ،وﻓﻲ أوﻟﻰ رﺣﻼﺗﻨﺎ ﺳﺄﻟﻨﻲ اﺳﺘﻄﻌﺖ ﺗﻌﻠﻴﻢ 180ﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻲ ﺑﻠﺪﻳﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺧﻼل ﺷﻬﺮﻳﻦ. أﺣﺪﻫﻢ ﻋﻦ ﻃﻤﻮﺣﻲ ،ﻓﺄﺟﺒﺖ وﻗﺘﻬﺎ أود أن أﺻﺒﺢ ﻣﺪرﺑًﺎ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻲ ،وأن أﺻﻞ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،واﻵن أﻣﺘﻠﻚ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﺎ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻚ ﻛﻤﺪرب ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻣﺤﺘﺮف؟ ﻟﻜﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺪرﺑًﺎ ﻧﺎﺟ ًﺤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻔﺮﻏًﺎ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ،ﻟﺘﺴﺘﻄﻴﻊ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ ،وﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﻫﺬا ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻠﻪ. اﻟﻤﻮاﻛﺒﺔ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻛﻞ اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ، اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺛﻮرﻳﺎً ﻣﺘﻄﻮرا ً ﺟ ًﺪا ،ﻳﺠﺐ أﻳﻀً ﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻛﻴﻒ ﺑﺪأت ﺑﻌﺮض أﻋﻤﺎﻟﻚ؟ ﺷﺎرﻛﺖ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرض ﻣﻨﺬ اﻧﻄﻼﻗﺘﻲ ،وﻟﻜﻨﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﻤﺼﻮرﻳﻦ ،ﻷﻧﻬﻢ اﻷﻛﺜﺮ إﻟﻤﺎ ًﻣﺎ وﺷﻐﻔًﺎ وﻫﺬا ﺳﻴﻨﻌﻜﺲ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺮﻳﺜًﺎ وأﻋﻤﻞ ﺑﻬﺪوء ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ أﻋﻤﺎﻟﻲ ﻷﻗﺪم ﻣﻌﺮﺿﻲ ﻋﻠﻰ أداﺋﻚ ﻛﻤﺪرب ،اﻋﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ اﻟﻘﻼﺋﻞ اﻟﺨﺎص وﻛﺎن اﻷول ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،2009واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أُﻓﻀﻞ داﺋ ًﻤﺎ اﻟﻠﺬﻳﻦ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا اﻹﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل.
82
ﻣﺮﺷﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي :اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻟﻪ ﺑﺤﻮ ٌر ﻛﺎﻟﺸﻌﺮ
201 2016 ﺒﺮ 0116 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮﺮ ﺒﺘﻤﺒﺮ ﺳﺒﺘﻤﺒ 203ﺳ ﻌﺪد 3 ﺗﺮاث /ﻟاﻟاﻟﻌﺪدد ﺪد
81
ĿĔĬ ijēŵĨ
ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث ﻛﻤﺎدة ﺑﺼﺮﻳﺔ ﺛﺮﻳﺔ
ﻣﺮﺷﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي :اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻟﻪ ﺑﺤﻮر ٌ ﻛﺎﻟﺸﻌﺮ ôŀķîī Ŏñã ľğîĴĿí ʼnčōîă
اﻟﺼﻮرة اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷﺑﻠﻎ ،ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ، ﺗﺨﺘﺼﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت ،ﺗﺴﺘﻘﻄﻊ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻟﺘﻮﺛﻘﻬﺎ وﺗﺨﻠﺪﻫﺎ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺑﻴﺌﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﺳﻤﺎﺗﻬﺎ وﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺬي اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺸﻐﻠﻬﺎ ،ﻣﺮﺷﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي ﻣﺤﺘﺮف ﺗﺼﻮﻳﺮ وﺿﻊ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺣﻠﻤﺎً واﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ وﺣﻘﻖ ﻣﺎ ﻳﺼﺒﻮ إﻟﻴﻪ.
80
ﻣﺮﺷﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي :اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻟﻪ ﺑﺤﻮ ٌر ﻛﺎﻟﺸﻌﺮ
اﻟﺼﺎدﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪ ﺑﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ .وﻗﺪ اﺷﺘﺮك ﻣﻐﺎرﺑﺔ اﻟﺸﻤﺎل ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﺑﺘﺬﻛﺎر ﻣﺄﺳﺎة اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﻐﺎرﺑﺔ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻷﺧﺮى ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺘﻤﻨﻰ »اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ« و»ﻗﻴﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ«).(6 وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ،أﻋﺘُﺒ َﺮ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺬي رﺑﻄﺘﻪ اﻟﻨﺨﺐ واﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﺄﺳﺎة اﻷﻧﺪﻟﺲ ،وﻫﻲ ﺧﻄﻮط ﺣﻤﺮاء ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻛﺎﻟﺸﺮف ﻣﺜﻼ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ واﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻛﻤﺎ ﻣﺮ ﺑﻨﺎ ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮﻫﻢ داود ﻗﺎﺋﻼ » :ﻛﺎن ﺟﻠﻬﻢ – وﻣﺎزاﻟﻮا -ﻳﺮﺿﻰ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺈراﻗﺔ دﻣﻪ ،ﺑﻞ وﺑﺬل روﺣﻪ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﻤﺲ ﺟﺎﻧﺐ اﻹﺳﻼم ﺑﺴﻮء .وﻗﺪ ﻳﺘﺴﺎﻫﻠﻮن ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ،وﻗﺪ ﻳﺘﺤﻤﻠﻮن اﻷذى ﻓﻲ أﺑﺪاﻧﻬﻢ وأﻣﻮاﻟﻬﻢ وأﻣﻼﻛﻬﻢ ،أﻣﺎ أن ﻳﺘﻌﺮض اﻹﺳﻼم ﻟﻠﺨﻄﺮ ،أو أن ﻳﻨﺘﻬﻚ اﻟﻌﺮض واﻟﺸﺮف ،ﻓﺬﻟﻚ ﻣﺎ دوﻧﻪ ﺧﺮط اﻟﻘﺘﺎد«).(7 وﻗﺪ ﺑﺮزت ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ،ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻫﺎﻣﺔ وﻟﻬﺎ أﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﺜﻘﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺻﺮت اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ، وﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ أﺣﻤﺪ اﻟﺮﻳﺴﻮﻧﻲ ،واﻟﺬي ﺣﺎول أن ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺰن ﺗﺎرة ،وﻣﻦ اﻷﺟﻨﺒﻲ ﺗﺎرة أﺧﺮى ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻓﻲ ردات اﻟﻔﻌﻞ، ﻷﻧﻪ ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ﻟﻌﺐ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺮات ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻟﺼﺎﻟﺤﻪ ،ﻓﻜﺎن ﻳﻌﻤﻞ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻤﺨﺰن اﻟﻤﻬﺰوم).(8 وإﺟﻤﺎﻻ ،ﻋﻤﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﺨﻠﺔ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل، ﺑﻘﺪرﻣﺎ أزم ﻧﻔﺴﻴﺔ اﻟﻔﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪن اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻘﺪر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ،ﻓﻘﺪ أﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮ اﻷﻋﻴﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻬﻤﺎ ﺳﻬﻠﻮا دﺧﻮل اﻻﺣﺘﻼل ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ واﻧﺒﻬﺎرا ﺑﺎﻷﺟﻨﺒﻲ
إﺿﺎءة
اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب« ،ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺮﻳﻒ ،ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﺟﻌﻔﺮ اﺑﻦ اﻟﺤﺎج اﻟﺴﻠﻤﻲ ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﻄﺎون أﺳﻤﻴﺮ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ أﻟﻄﻮﺑﺮﻳﺲ ،ﻃﻨﺠﺔ،2003 ، ص.115 . - 3أﺣﻤﺪ اﻟﺮﻫﻮﻧﻲ» ،ﻋﻤﺪة اﻟﺮاوﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﻄﺎون« ،ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ اﻟﺤﺎج اﻟﺴﻠﻤﻲ ،ج ،2ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﻄﺎون أﺳﻤﻴﺮ، ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﺮاث ،6ﺗﻄﻮان .ﻫـ2001/1421م ،ص.436 . - 4اﻟﺘﻬﺎﻣﻲ اﻟﻮزاﻧﻲ» ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻐﺮب« ،ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮﻳﻒ ،ﺗﻄﻮان، ،1940ص.150 . - 5ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻌﺮوف اﻟﺪﻓﺎﻟﻲ» ،أﺻﻮل اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ اﻟﻤﺠﺪدة واﻟﺴﻠﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة« ،ﻣﻨﺸﻮرات ﻣﺠﻠﺔ أﻣﻞ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ« ،ﻣﻄﺎﺑﻊ اﻟﺮﺑﺎط ﻧﺖ ،اﻟﺮﺑﺎط ،2014 ،ص.19 . - 6اﻟﺘﻬﺎﻣﻲ اﻟﻮزاﻧﻲ» ،اﻟﺰاوﻳﺔ« ،ﻣﺮاﺟﻌﺔ وﺗﻘﺪﻳﻢ :ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺴﻌﻮد ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﻄﺎون أﺳﻤﻴﺮ ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﺮاث ،7 ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺗﻄﻮان ،2008 ،ص.57 . - 7ﻣﺤﻤﺪ داود» ،ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﻄﻮان« ،اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ،ﻣﺮاﺟﻌﺔ وإﺿﺎﻓﺎت :ﺣﺴﻨﺎء داود ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﻄﺎون أﺳﻤﻴﺮ ،ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺗﻄﻮان . ،2009 ،ص.160 . - 8ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ ﻋﺰوز ﺣﻜﻴﻢ » ،اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﺮﻳﺴﻮﻧﻲ واﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺷﻤﺎل اﻟﻤﻐﺮب« ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ ،اﻟﺮﺑﺎط،1981 ، ص.39 .
@ ﺷﺎﻋﺮ وﻣﺆرخ ﻣﻐﺮﺑﻲ
ﻣﺮاﺟﻊ: -1ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺧﻠﻮق اﻟﺘﻤﺴﻤﺎﻧﻲ » ،دراﺳﺎت ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﺷﻤﺎل اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ« ،ﻣﻨﺸﻮرات ﺳﻠﻴﻜﻲ إﺧﻮان، ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ط ،1اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ،1996 ،ص. .73 - 2ﺟﺎن ووﻟﻒ» :ﻣﻠﺤﻤﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﻄﺮﻳﺲ :ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
79
اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ا3ﺳﺒﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﺮب ﺻﺪﻣﺔ اﻟﻔﻜﺮ وردود اﻟﻔﻌﻞ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻣﺎم اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﺗﺠﺎه اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ ﺳﻮى اﺧﺘﻴﺎرﻳﻦ اﺛﻨﻴﻦ؛ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻛﻮاﻗﻊ ﺟﺪﻳﺪ أﻓﺮزﺗﻪ اﻻﺧﺘﻼﻻت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،أو اﻟﺪﻋﻮة ﻟﻠﺠﻬﺎد ﺿﺪ ﻫﺬا »اﻟﻜﺎﻓﺮ« اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻞ اﻟﺒﻠﺪ، واﻟﺬي أﺿﺤﻰ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﻤﺨﻮل ﻟﻪ أن ﻳﺘﺒﻨﻰ وﻳﻘﺘﺮح اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ ﻻزﻣﺔ .وﻳﻄﺮح ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﻋﺪة أﺳﺌﻠﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻤﻮﺿﻮع اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وردود اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮه ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ :ﻣﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ ردود اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﻻﺣﺘﻼل »اﻟﻐﺎﺷﻢ« اﻟﺬي اﺳﺘﻌﻤﺮ ﺑﻼدﻫﻢ؟ وﻛﻴﻒ ﺗﻔﺎﻋﻠﺖ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺸﺮاﺋﺢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻊ واﻗﻊ اﻻﺣﺘﻼل؟ وﻫﻞ ﺛﻤﺔ ﻓﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺨﺐ و»اﻟﻌﻮام«؟ ووﻫﻞ اﺧﺘﻠﻔﺖ ردود اﻟﻔﻌﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺪن واﻟﺒﻮادي؟ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أﻻ ﻧﺨﻠﻂ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ردة ﻓﻌﻞ ﺳﻜﺎن ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺷﻤﺎل اﻟﻤﻐﺮب، وﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺎﻟﻘﻮل إن اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ذﻫﺒﺖ ﻓﻲ ﻃﺮح ﻣﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻄﺮﺣﻴﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﻠﻲ ،ﻷن ردة اﻟﻔﻌﻞ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺟﻬﺎت ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﻛﻞ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻠﻬﺎ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ وﺣﺴﺐ ﺣﻮاﺿﺮﻫﺎ؛ ﻓﺈن ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻞ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺪوﻳﺔ واﻟﺮﻳﻔﻴﺔ اﺧﺘﺎرت اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،إﻟﻰ اﺳﺘﺴﻼم اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ .ﻓﻘﺪ اﺧﺘﺎرت ﻓﺌﺔ أﺧﺮى اﻻﺳﺘﺴﻼم واﻟﺮﺿﻮخ ﻧﺄﻳﺎً ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻦ ﻛﻼ اﻻﺧﺘﻴﺎرﻳﻦ اﻟﺴﺎﻟﻔﻴﻦ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺧﻠﻮق اﻟﺘﻤﺴﻤﺎﻧﻲ »أﻗﻠﻴﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻤﻦ ﺑﺎﻋﻮا ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ«) .(1وﻟﻮ أن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﺲ ﻣﺪﻧﺎ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪون ﻋﻦ ردود ﻓﻌﻞ ﺗﻄﻮان ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻋﻘﺐ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﻔﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎدر -وﺗﺤﻀﺮ ﻟﺪى اﻟﺘﻬﺎﻣﻲ اﻟﻮزاﻧﻲ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺮة -ﻳﺠﺐ أن ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺪة اﻋﺘﺒﺎرات ،أﺑﺮزﻫﺎ أن اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺑﺎﻟﺘﺮﺣﺎب ،ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺴﺘﻔﻴﺪون ﻣﻦ وﺟﻮده ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻛﺎﻟﻘﻮاد واﻟﺒﺎﺷﺎوات وزﻋﻤﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ وﻣﻮﻇﻔﻲ اﻹدارات اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ وﺳﻠﻚ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ
78
اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ا8ﺳﺒﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﺮب ﺻﺪﻣﺔ اﻟﻔﻜﺮ وردود اﻟﻔﻌﻞ
أﻧﺲ اﻟﻔﻴﻼﻟﻲ@
واﻟﺰواﻳﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺘﺠﺎر .أﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﺪن، ﻓﻼ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻋﺪم اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺮﺿﻮخ اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﻤﺴﺘﻌﻤﺮ، ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﺷﻌﻮر اﻟﺮﻓﺾ اﻟﻜﺎﻣﻦ داﺧﻠﻴﺎ وإن اﺳﺘﻤﺮت ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ وﺟﻤﻮدﻫﺎ اﻷزﻟﻲ).(2 أﻣﺎ ردود ﻓﻌﻞ اﻷﻋﻴﺎن ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎﺗﻬﻢ وأﻣﻼﻛﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻟﻬﺬا ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺑﺪا ﻣﻦ ﻣﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻟﻄﻮاﺑﻴﺮ اﻟﺠﻴﺶ اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ أﺣﺴﻦ ﻗﺒﻮل) .(3ﺑﻞ وأﺣﻴﺎﻧﺎ اﺳﺘﺨﺪم اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻷﺟﻨﺒﻲ اﻷﻋﻴﺎن و اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺨﻠﻴﻔﻴﺔ ﻟﺘﻠﻄﻴﻒ اﻷﺟﻮاء ﻣﻊ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺜﺎﺋﺮة ،وﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﻤﺜﻼ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﻴﺔ ﻣﻮﻻي اﻟﻤﻬﺪي، ﻣﺮﻓﻮﻗﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻌﺎم ﺿﻮن ﻟﻮﺳﻴﺎﻧﻮ ﻟﻮﺑﻴﺰ ﻓﺮﻳﺮ ﻣﻤﺜﻼ ﻟﻠﻤﻘﻴﻢ اﻟﻌﺎم اﻟﺠﻨﺮال ﺑﻮرﻛﻴﻄﻲ ،ﻟﺘﻬﺪﺋﺔ اﻷﺟﻮاء ﺑﻀﻮاﺣﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻠﻴﻠﻴﺔ واﻷﻧﺤﺎء اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ. وﻟﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ إن ﺳﻜﺎن اﻟﺮﻳﻒ واﻟﺒﻮادي ،ﻛﺎن ﻟﻬﻢ ﻣﻮﻗﻒ آﺧﺮ ،وردود ﻓﻌﻞ ﻣﻐﺎﻳﺮة ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻮﺿﻊ ﻣﻐﺎﻳﺮا ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺟﻮاﻧﺐ ﺗﻄﻮان اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺮﺿﺦ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻟﻼﺣﺘﻼل ،ﻛﺎن ﻛﻞ زﻋﻴﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻳﺠﻤﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص وﻳﺘﺮأﺳﻬﻢ ﻟﻴﺠﺎﻫﺪوا ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﻦ ﺿﺪ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ).(4 وﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ ،أن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻋﺎش ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﻣﻌﺎﻫﺪة اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ،ودﺧﻮل اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﻟﻠﺒﻼد ﺗﻨﺎزﻋﺎ اﺧﺘﻴﺎرﻳﺎ ﺑﺮز ﻓﻴﻪ ﻋﺎﻣﻼ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ واﻻﺳﺘﺴﻼم ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺎدﻳﺔ واﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻃﺮﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ).(5 وﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ﻛﺎن اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻋﺎﻣﻼ أﺳﺎﺳﻴﺎ ﻓﻲ اﻧﺒﺜﺎق اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرﻳﻌﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻮرت ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺎت ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﺣﺮﻛﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وإﺻﻼﺣﻴﺔ؛ وﻣﺎ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﺘﻬﺎﻣﻲ اﻟﻮزاﻧﻲ ﻋﻦ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،إﻻ ﻣﺜﺎل ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ وﻋﻘﻠﻴ ِﺘﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﺪﺧﻼت اﻷوروﺑﻴﺔ
÷ ôœíĊòĿí õîœĊĄ
وﺣﻮل اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺖ ﺻﻮﻏﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﻛﻮرة ﻇﻬﻮرﻫﺎ ﺗﺆﻛﺪ اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ أن أي ﻣﺸﺮوع أﻳًﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻴﻐﺘﻪ إذا أراد اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ أﻳﺔ ﺗﺤﺪﻳﺎت وﻋﻘﺒﺎت ،ورﺑﻤﺎ ﻻﺳﺘﻌﺪادﻧﺎ اﻷﺛﺮ اﻟﻄﻴﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ واﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ ﺳﻔﺮ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت -وﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﻦ أﻣﻬﺎت- ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎرض اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ اﻟﺠﻨﺎدرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻜﺮار اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت ﻣﻦ دون إﺿﻔﺎء ﻟﻤﺴﺎت ﺗﻮاﻛﺐ اﻟﻌﺼﺮ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺴﻮق ،وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻠﺔ اﻟﺨﺒﺮة ﻟﺪى ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻓﻲ ﺗﺴﻌﻴﺮ اﻟﻤﻨﺘﺞ ﻓﺈﻣﺎ ﻫﻨﺎك ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﺰﻳﺎدة أو
ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻳﺒﺨﺲ اﻟﻌﻤﻞ ﺣﻘﻪ ،وأﻳﻀً ﺎ واﺟﻬﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺟﺬب اﻟﻨﺎس واﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ،وﺑﻔﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺗﻤﻜﻨﺎ ﻣﻦ اﺟﺘﻴﺎز ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﺒﺎت ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﻌﺎون. ôĻčîŃ ôŀĀĔŃ ôœčîĀ÷ ôŃŜī
و ﺗﺸﻴﺮ اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ إﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﺬ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻊ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺻﻮﻏﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﻮق اﻟﻤﺮﻛﺰي ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ ﻃﻴﺮان اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ وﻓﻲ ﻣﻜﺎﺗﺐ اﻟﻄﻴﺮان ذاﺗﻪ ،وﻣﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺴﻌﺪﻳﺎت وﺑﻌﺾ اﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ دﺑﻲ ،وﻧﻄﻤﺢ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ أن ﺗﻨﻮاﺟﺪ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺣﻴﺚ أﺑﺮﻣﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻋﻘﺪا ً ﻟﻠﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
77
ŞżŝĩĜ
وﻣﻨﺘﺠﺎت ﺧﺎم ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻳﺪوﻳﺔ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺿﻴﺎﻓﺔ ﻫﺪاﻳﺎ ﻟﻠﻔﻌﺎﻟﻴﺎت، وﺗﺼﻨﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﺨﺎم اﻹﻣﺎراﺗﻲ وﻳﺪوﻳﺎ وﻋﻠﻰ أﻳﺎدي ﺣﺮﻓﻴﺎت إﻣﺎراﺗﻴﺎت ،ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻦ اﻟﺴﻌﻒ وﻫــﻮ أوراق اﻟﻨﺨﻴــﻞ اﻟﺘــﻲ ﻳﺘــﻢ ﺗﺠﻤﻴﻌﻬــﺎ ﺑﺎﻟﻴــﺪ وﺗﺠﺪﻳﻠﻬــﺎ ﺣﻴــﺚ ﺗﺘﺸــﺎﺑﻚ ﻣــﻊ ﺑﻌﻀﻬــﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﺷــﻜﺎل )واﺳــﻌﺔ ،ﻣﺘﻮﺳــﻄﺔ ،ﺿﻴﻘــﺔ( .وﺗﺨﺘﻠــﻒ أﻟــﻮان اﻟﺨــﻮص ﺗﺒﻌــﺎً ﻻﺳــﺘﺨﺪام اﻟﺼﺒﻐﺔ واﻟﻨﺴﻴﺞ ،وﻳﻜﺜﺮ اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺴﻌﻒ ﻛﺎﻟﺴﻼل اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﺪى ﺟﻨﺴﻴﺎت أﺧﺮى ﻛﺤﻘﻴﺒﺔ ﻟﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺒﺤﺮ وﻫﻲ أﻳﻀﺎ ﺗﻨﺎﺳﺐ ذﻟﻚ ،وﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺴﻌﻒ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻤﻞ أﺧﺮﻳﺎت ﻋﻠﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﻦ اﻟﺘﻠــﻲ وﻫﻮ ﺷــﺮﻳﻂ ﻣﻄــﺮز ﻣﻨﺴــﻮج ﻣــﻦ ﺧﻴــﻮط ﻣﻤﺰوﺟــﺔ ﻣــﻊ ﺷــﺮاﺋﻂ ذﻫﺒﻴــﺔ أو ﻓﻀﻴﺔ ﺗﻤﺘــﺎز ﺑﺎﻟﻠﻤﻌــﺎن ،وﻳﺴــﺘﺨﺪم اﻟﺘﻠــﻲ ﻏﺎﻟﺒــﺎً ﻓــﻲ ﺗﺰﻳﻴــﻦ أﻛﻤــﺎم وﻳﺎﻗــﺎت اﻷﺛــﻮاب ،وﺗﺴــﺘﺨﺪم اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻓــﻲ ﻧﺴــﺞ اﻟﺘﻠــﻲ »اﻟﻜﺎﺟﻮﺟــﺔ« ،وﻫــﻲ وﺳــﺎدة ﻣﺴــﺘﻨﺪة إﻟﻰ ﻗﺎﻋــﺪة ﻣﻌﺪﻧﻴــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺷــﻜﻞ ﻗﻤﻌﻴــﻦ ﻣﻠﺘﺼﻘﻴــﻦ ﻣــﻦ اﻟــﺮأس ﻳﺼﻨﻌﻦ ﻣﻨﻪ أﺳﺎور ﻳﺪ وﺣﻘﺎﺋﺐ وﻃﻘﻢ ﻗﺎﻋﺪة أﻛﻮاب ،وﺣﺴﺐ آﻟﻴﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻬﺎم ،ﺗﻜﻠﻒ أﻳﻀﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺳﻌﻴﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ وزﻳﺎدة ﻓﺮﺻﺔ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﻣﺤﻠﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺴــﺪو وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋــﺎت اﻟﺤﺮﻓﻴــﺔ ذات اﻟﺼﻠــﺔ اﻟﻮﺛﻴﻘــﺔ ﺑﺎﻹﺑــﻞ واﻟﻄﺒﻴﻌــﺔ اﻟﺒﺪوﻳــﺔ ﺣﻴــﺚ اﻋﺘــﺎد اﻟﺒــﺪو ﻋﻠــﻰ ﻧﺴــﺞ وﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ،وﺗﺮﺳﻴﺦ اﻻﺳﻢ اﻟﺘﺠﺎري ﻟﺼﻮﻏﺔ. اﻟﺴــﺪو ﻟﺘﺰﻳﻴــﻦ ﺧﻴﺎﻣﻬــﻢ ﻣــﻦ اﻟﺪاﺧــﻞ وﻋﻤــﻞ ﻓﻮاﺻــﻞ ﻟﻬــﺎ وﻧﺴــﺞ أﻛﺴﺴــﻮارات اﻟﺠﻤــﺎل ،وﻣﻦ أﺑﺮز ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت دﻓﺎﺗﺮ ľńĬĿí ôŔĿá وﺗﺘﻄﺮق اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ إﻟﻰ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮات وﺣﻘﺎﺋﺐ أدوات ﺗﺠﻤﻴﻠﻴﺔ ،وأﻏﻠﻔﺔ ﻟﻸﺟﻬﺰة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ. اﻹﻣﺎرات اﻟﺴﺒﻊ واﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﻠﻘﻲ ﻃﻠﺒﺎت اﻟﻌﻤﻼء ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻬﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ أو ﺧﺎﺻﺔ أو أﻓﺮادا ً ،ﺛﻢ ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻋﻤﻞ ﻧﻤﻮذج ” “sampleﻟﻴﺘﻢ ﻋﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻼء ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ ﻋﻤﻞ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ،وﻓﻲ ﺣﺎل اﻗﺘﻨﺎﻋﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮذج، أو رﻏﺒﺘﻬﻢ ﻓﻲ إﺟﺮاء ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻴﻨﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻌﻤﻞ اﻟﻜﻤﻴﺎت اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺂﻟﻴﺔ ﻣﺘﻘﻨﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﺗﺨﻀﻊ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻓﻮر اﻧﻀﻤﺎﻣﻬﻦ إﻟﻰ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺻﻮﻏﺔ ﻟﺪورات ﺗﺪرﻳﺒﻴﺔ وورش ﻋﻤﻞ ،وﻣﺆﺧﺮا ﺗﻢ دﻋﻮة وﻓﺪ ﻣﻦ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﺣﻮل اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻴﺪوﻳﺔ. ôŔûíĎøĿí õîĀøňńĿí
وﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻛﻬﺪاﻳﺎ ﻣﻜﺘﺒﻴﺔ ودروع رﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﻬﻤﺔ واﻟﻮﻓﻮد وﻣﻨﺘﺠﺎت ﺟﻠﺪﻳﺔ ﻣﻜﺘﺒﻴﺔ وﻗﺮﻃﺎﺳﻴﺔ وﻣﻨﺘﺠﺎت ﺗﻐﻠﻴﻒ ﻫﺪاﻳﺎ ﺗﺬﻛﺎرﻳﺔ وﻫﺪاﻳﺎ ﻟﻠﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ 76
»ﺻﻮﻏﺔ« ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺑﻄﺎﺑﻊ ﻋﺼﺮي
ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺣﻀﻮر اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻣﻘﺘﺼ ًﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﺑﻞ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻓﺖ وﻣﻠﺤﻮظ ﻓﻲ ﺟﻞ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت وازداد اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻗﺘﻨﺎء ﻣﻨﺘﻮﺟﺎت ﺑﻄﺎﺑﻊ ﺗﺮاﺛﻲ ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻻﺣﺘﻴﺎﺟﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻲ أو ﻛﻬﺪاﻳﺎ ﺗﺬﻛﺎرﻳﺔ ﺣﻨﺎن اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ ،ﻣﺒﺎدرة ﺻﻮﻏﺔ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺆﺳﺴﺔ ذات ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻌﺘﻤﺪة ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻌﻨﻴﻪ ﻓﻲ ﺻﻮﻏﺔ ﻓﻌﻼ ﺣﻴﺚ ﻧﻬﺪف أوﻻ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﺮاﺛﻨﺎ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻪ ﺳﻴﻤﺎ وﻧﺤﻦ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻐﺰو اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻬﺪﻓﻨﺎ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت وآﻟﻴﺔ ﻋﻤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت ”ﻳﺪوﻳﺎ“
ôĔēæŃ ŐĿç óčĉîòŃ ņŃ
وﻟﻠﺤﺪﻳﺚ أﻛﺜﺮ ﻋﻦ ﺑــﺪاﻳــﺎت ﺻﻮﻏﺔ ﺗﻘﻮل ﺣﻨﺎن اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ ،ﺗﻨﻔﻴﺬي ﻋﻼﻗﺎت ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺻﻮﻏﺔ :ﻣﺒﺎدرة ﺻﻮﻏﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺆﺳﺴﺔ ذات ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻌﺘﻤﺪة ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺎﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻌﻨﻴﻪ ﻓﻲ ﺻﻮﻏﺔ ﻓﻌﻼ ﺣﻴﺚ ﻧﻬﺪف أوﻻ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﺮاﺛﻨﺎ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻪ ﺳﻴﻤﺎ وﻧﺤﻦ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻐﺰو اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻬﺪﻓﻨﺎ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت وآﻟﻴﺔ ﻋﻤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت ”ﻳــﺪوﻳــﺎ“ ﻓﻨﺘﻮاﺟﺪ ﻓــﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرض اﻟﻤﻘﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ وﺑﻌﺮض ﺣﻲ وﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت أﻣﺎم اﻟﺠﻤﻬﻮر وﻧﺸﻬﺪ اﻗﺒﺎﻻ ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﺰوار ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻬﻦ ﻛﻤﺎ ﻧﻠﺤﻆ رﻏﺒﺔ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺎت ﺳﻮاء
اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ أو اﻟﻤﻘﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺨﺮاط وﺗﻌﻠﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮف ،ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻧﻜﺘﻒ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎرض واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺗﻮاﺟﺪﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﺑﻐﻴﺔ ﺟــﺬب ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ وﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻤﻜﻨﻮن اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،وﻷﻧﻬﻢ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺣﺴﺎ إﺑﺪاﻋﻴﺎ ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻮن ﻟﻤﺸﺎرﻛﺘﻬﻢ إﺿﻔﺎ ًء ﺣﺪﻳﺚ وﻋﺼﺮي ،وﺻﻮﻏﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أن ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ﻟﻮﻻ ﺣﺮص ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻌﻤﻞ وﺟﻬﻮد اﻟﺤﺮﻓﻴﺎت ﻣﻦ اﻷﻣﻬﺎت واﻟﺠﺪات ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﺑﺼﺒﻐﺔ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ واﻟﺤﺪاﺛﺔ دوﻧﻤﺎ أن ﻳﻔﻘﺪ اﻟﻤﻨﺘﺞ ﻋﺒﻖ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻷﺻﻴﻞ، ﻓﺤﺮﺻﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﻤﻬﺎرات اﻟﺮﻳﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺪون رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﻮﻃﻨﻲ ودﻳﻤﻮﻣﻴﺘﻪ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
75
тАлтАк┼Ю┼╝┼Э─й─ЬтАмтАм
тАля╗гя╗ж я╗гя║Тя║О╪п╪▒╪й ╪ея╗Яя╗░ я╗гя║Жя║│я║┤я║ФтАм
тАл┬╗я║╗я╗оя╗Пя║Ф┬лтАм
тАля╗гя╗ия║Шя║ая║О╪к я║Чя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф я║Ся╗Дя║Оя║Ся╗К я╗Ля║╝я║о┘КтАм тАл├╖тАк ┼С─О┼Г├о─м─┐├н ├┤┼Ф─╕├╖ ─╢┼Ф─╕─ДтАмтАм
тАля╗Яя╗в я╗│я╗Мя║к я║гя╗Ая╗о╪▒ ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║ая║О╪к ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф я╗гя╗Шя║Шя║╝ ┘Ля║о╪зтАм тАля╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя║│я║Тя║О╪к ╪зя╗Яя╗оя╗Гя╗ия╗┤я║Ф ┘И╪зя╗Я┘А┘Ая║Ш┘Ая║о╪зя║Ы┘А┘Ая╗┤┘А┘Ая║ФтАк ╪МтАмя║Ся╗ЮтАм тАл╪гя║╗я║Тя║дя║Ц я╗г┘А┘Ая╗оя║Я┘А┘Ая╗о╪п╪й я║Ся║╕я╗Ья╗Ю я╗╗я╗У┘А┘Ая║Ц ┘Ия╗гя╗ая║дя╗о╪╕тАм тАля╗Уя╗▓ я║Яя╗Ю ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя║│я║Тя║О╪к ┘И╪з╪▓╪п╪з╪п ╪зя╗ля║Шя╗дя║О┘Е ╪зя╗Яя╗ия║О╪│тАм тАля║Ся║Оя╗Чя║Шя╗ия║О╪б я╗гя╗ия║Шя╗оя║Яя║О╪к я║Ся╗Дя║Оя║Ся╗К я║Чя║о╪зя║Ыя╗▓ я║│я╗о╪з╪б я╗Ыя║О┘Ж ╪░я╗Яя╗ЪтАм тАля╗╗я║гя║Шя╗┤я║Оя║Яя╗мя╗в ╪зя╗Яя║╕я║ия║╝я╗▓ ╪г┘И я╗Ыя╗мя║к╪зя╗│я║О я║Чя║мя╗Ыя║О╪▒я╗│я║ФтАк ╪МтАмя╗Яя║м╪з я╗Ыя║О┘ЖтАм тАля╗гя╗┤я╗╝╪п я╗гя║Тя║О╪п╪▒╪й я║╗я╗оя╗Пя║Ф я╗Уя╗▓ тАк 2009тАм┘Ия║Чя║Тя╗ия╗▓ я║╗я╗ия║к┘И┘ВтАм тАля║зя╗ая╗┤я╗Фя║Ф я╗Яя╗мя║О я║Чя╗дя║Оя║╖я╗┤я║О я╗гя╗К ╪зя╗╖┘Ия╗Яя╗оя╗│я║О╪к ╪зя╗╗я║│я║Шя║о╪зя║Чя╗┤я║ая╗┤я║ФтАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я║┤я╗Мя╗░ я╗Яя╗мя║О ╪зя╗Яя║╝я╗ия║к┘И┘В я║Ся╗мя║к┘Б я║Чя╗Дя╗оя╗│я║о ┘Ия║Чя║┤я╗оя╗│я╗ЦтАм тАл╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║ая║О╪к ╪зя╗Яя║дя║оя╗Уя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Шя╗дя║к╪й я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪лтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия║Чя║╕я║ая╗┤я╗К ╪зя╗Яя╗дя╗мя║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя║оя╗│я║О╪пя╗│я║Ф я╗Яя╗ая╗дя╗о╪зя╗Гя╗ия╗┤я╗ж ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗гя╗ая╗┤я╗жтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║дя║о┘Б ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф ┘Ия║Чя║дя╗оя╗│я╗ая╗мя║О ╪ея╗Яя╗░ я╗гя║╝я║к╪▒ ╪пя║зя╗ЮтАм тАл╪п╪зя║Л┘А┘Ая╗в я╗Яя╗мя╗в я╗гя╗ж я║зя╗╝┘Д я║зя╗ая╗Ц я║╖я║Тя╗Ья║О╪к я║Чя║┤я╗оя╗│я╗Шя╗┤я║ФтАм тАля╗Яя║Шя╗Мя║░я╗│я║░ я╗У┘А┘Ая║о╪╡ ╪▒я╗│┘А┘Ая║О╪п╪й ╪зя╗╖я╗Л┘А┘Ая╗д┘А┘Ая║О┘ДтАк .тАмя╗гя╗ия║м я║Ся║к╪г╪ктАм тАл┬╗я║╗я╗оя╗Пя║Ф┬л я╗зя║╕я║Оя╗Гя╗мя║О ┘Ия╗ля╗▓ я║Чя╗Шя║к┘Е я╗гя╗ия║Шя║ая║О╪к я║Чя║о╪зя║Ыя╗┤я║ФтАм тАля║Чя║дя║Оя╗Ыя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя║Оя║┐я╗▓ я║Ся╗ая╗дя║┤я║О╪к я╗Ля║╝я║оя╗│я║Ф я║Чя╗о╪зя╗Ыя║Р ╪зя╗Яя║Шя╗Дя╗о╪▒тАм тАл┘И╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ыя║ФтАк ╪МтАмя║Ся║Дя╗зя║Оя╗гя╗Ю ╪ея╗гя║О╪▒╪зя║Чя╗┤я║ФтАк ╪МтАмя║гя╗┤я║Ъ я║Ся║к╪г╪к я╗зя║╕я║Оя╗Гя╗мя║ОтАм тАля║Ся║Оя║│я║Шя║Ья╗дя║О╪▒ тАк 7тАмя║гя║оя╗Уя╗┤я║О╪к ╪ея╗гя║О╪▒╪зя║Чя╗┤я║О╪к я╗гя╗ж я╗Пя╗┤я║Оя║Ыя╗▓ я╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Дя╗Шя║Ф ╪зя╗Яя╗Ря║оя║Ся╗┤я║Ф я╗гя╗ж ╪ея╗г┘А┘Ая║О╪▒╪й ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАк ╪МтАм┘Ия║зя╗╝┘ДтАм тАля╗Ля║О┘Е ╪зя║Чя║┤я╗Мя║Ц ╪▒я╗Чя╗Мя║Ц я╗зя║╕я║Оя╗Гя╗мя║О я╗Яя║Шя╗ия║Шя║╕я║о я╗Уя╗▓ ╪г╪▒я║Яя║О╪бтАм тАл╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАк ╪МтАм┘И╪▓╪з╪п ╪зя╗Чя║Тя║О┘Д ╪зя╗Яя║дя║оя╗Уя╗┤я║О╪к ╪ея╗Яя╗░ ╪г┘Ж ┘Ия║╗я╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя╗┤я╗о┘Е ╪ея╗Яя╗░ тАк 500тАмя║гя║оя╗Уя╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗зя╗И ┘Ля║о╪з я╗Яя╗ая║Шя╗оя║│я╗К я║Чя╗в я║Чя║дя╗оя╗│я╗ая╗мя║ОтАм тАл╪ея╗Яя╗░ я╗гя║Жя║│я║┤я║Ф я╗Яя║Шя╗Дя╗оя╗│я║о ╪зя╗Яя║ия║кя╗гя║О╪к я╗Уя╗▓ я╗Ля║О┘Е тАк2011тАмтАм тАл┘Ия║│я║ая╗ая║Ц ╪▒я║│я╗дя╗┤я║О я╗Уя╗▓ ╪п╪зя║Ля║о╪й ╪зя╗Яя║Шя╗ия╗дя╗┤я║Ф ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪пя╗│я║ФтАм тАл┘Ия║зя║╝я║║ я╗Яя╗мя║О я║╗я╗ия║к┘И┘В я║зя╗ая╗┤я╗Фя║Ф я╗гя╗ая╗┤я╗о┘Ж ╪п╪▒я╗ля╗втАм тАля╗Ыя║о╪гя║│я╗дя║О┘ДтАк ╪МтАм┘И╪гя║╗я║Тя║дя║Ц я╗Ля╗╝я╗гя║Ф я║Чя║ая║О╪▒я╗│я║Ф я╗гя║Тя╗ия╗┤я║Ф я╗Ля╗ая╗░тАм тАл╪гя║│я║О╪│ я╗гя║Шя╗┤я╗жтАк ╪МтАм┘Ия╗Уя╗▓ я╗Ля║О┘Е тАк 2012тАм╪гя╗Гя╗ая╗Шя║Ц я║Ся║о╪зя╗гя║ая╗мя║ОтАм тАля╗Уя╗▓ ╪пя║Ся║О ┘Ия║зя╗о╪▒я╗Уя╗Ья║О┘Ж ┘И╪зя╗Яя╗Фя║ая╗┤я║о╪й ┘И╪▒╪г╪│ ╪зя╗Яя║ия╗┤я╗дя║ФтАм тАл┘Ия╗Ля║ая╗дя║О┘Ж я╗Яя║Шя╗Ря╗Дя╗░ я║Ся║мя╗Яя╗Ъ я╗гя╗Мя╗Ия╗в ╪ея╗гя║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║ФтАк.тАмтАм тАлтАк74тАмтАм
тАл┬╗я║╗я╗оя╗Пя║Ф┬л я╗гя╗ия║Шя║ая║О╪к я║Чя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф я║Ся╗Дя║Оя║Ся╗К я╗Ля║╝я║о┘КтАм
ﺗﺮاث اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ
وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺨﺠﻞ ﻣﻦ وﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﻤﻮﺳﻮس ،ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﺧﺎﻃﺐ إن اﻟﺨـــﻴـﺎم اﻟﻠــﻮاﺗﻲ ﺟـﺌـﺖ ﺗﻄﻠﺒــﻬﺎ ﺑﺎﻷﻣـــﺲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎ واﻟﻴﻮم ﻗﺪ رﺣـﻠﻮا إﺣﺪى ﻣﺤﺒﻮﺑﺎﺗﻪ ﻗﺎﺋﻼ: ﻣﻴﺖ ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮا ﻣــﺎت ،أو ﻫﻮ ٌ وﻛﺎن ﺷﻌﺮه ﻳﺘﻤﻴﺰﺑﺎﻟﺼﺪق اﻟﻔﻨﻲ ودﻗﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮوﻋﺬوﺑﺔ اﻟﻮﺻﻒ ﻓﺰﻳﺪي إذاً ﻗﻠﺒﻲ ﺟﻨـــﻮﻧﺎ ووﺳﻮاﺳﺎ وﺑﻼﻏﺔ اﻟﺼﻮر واﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎت ﻣﻊ ﺣﻜﻤﺔ واﺿﺤﺔ وزﻫﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة، وﺗﺄﻣﻠﻮا ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻒ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻌﺎﺷﻖ: وﻗﺪ وﺻﻒ ﻣﺎﻧﻲ اﻟﻤﻮﺳﻮس ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ أﺷﻌﺮ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ زﻣﻨﻪ اﻟﺬى ﻣﺤﺐ وﻣﺎ ﻓﻲ اﻷرض أﺷﻘﻰ ﻣـــﻦ ٍ ﻋﺎﺻﺮ ﻓﻴﻪ ﻗﺎﻣﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ،ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺒﺤﺘﺮى ،اﻟﺤﺴﻴﻦ وإن وﺟﺪ اﻟﻬﻮى ﻋﺬب اﻟﻤـــــﺬاق ﺑﻦ اﻟﻀﺤﺎك ،دﻋﺒﻞ اﻟﺨﺰاﻋﻲ ،دﻳﻚ اﻟﺠﻦ اﻟﺤﻤﺼﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ، ﺗــﺮاه ﺑــﺎﻛﻴ ًــﺎ ﻓﻲ ﻛـــﻞ ﺣـﻴـــــﻦ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮه ﻣﺆﻟﻔﻮ ﻛﺘﺐ اﻷدب واﻟﺘﺮاث ﻛﺎﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﺨﺎﻓــﺔ ﻓـــﺮﻗــﺔ أو ﻻﺷـﺘــﻴـــﺎق »اﻷﻏﺎﻧﻲ« ،واﺑﻦ ﻋﺒﺪرﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻌﻘﺪ اﻟﻔﺮﻳﺪ« ،وﻣﺤﺐ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﺴﻴﻨﻲ ﻓﻲ »ﺗﺎج اﻟﻌﺮوس« وﻧﺠﺢ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﺎدل اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻓﻴﺒــﻜﻲ إن ﻧــﺄوا ﺷــﻮﻗ ًـﺎ إﻟﻴـــﻬﻢ وﻳﺒﻜﻲ إن دﻧـﻮا ﺧﻮف اﻟﻔــــﺮاق ﻓﻲ ﺟﻤﻊ وﺗﺤﻘﻴﻖ أﺷﻌﺎر ﻣﺎﻧﻲ اﻟﻤﻮﺳﻮس وأﺻﺪرﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻋﺎم 1982م ﻟﻴﺒﻘﻰ اﺳﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮﻣﺤﻤﺪ ﻓـﺘﺴـﺨﻦ ﻋﻴﻨـﻪ ﻋﻨـﺪ اﻟﺘﻨــــــﺎﺋـﻲ وﺗﺴﺨــــﻦ ﻋﻴﻨــﻪ ﻋـﻨـﺪ اﻟﺘــﻼﻗﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ أﺑﻮاﻟﺤﺴﻦ ﺧﺎﻟ ًﺪا ﻓﻲ ﺗﺮاث اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ رواﺋﻲ وﻧﺎﻗﺪ ﻣﺼﺮي
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
73
ﻣﺎﻧﻲ اﻟﻤﻮﺳﻮس ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ازدﻫــﺮت ﺑﻐﺪاد وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﻠﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮاء واﻷدﺑﺎء واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﻐﻨﺎء ،ﻓﺎرﺗﺤﻞ اﻟﻴﻬﺎ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﺼﺮي ﻳﺪﻋﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ أﺑﻮاﻟﺤﺴﻦ ،ﻟﻌﻠﻪ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ، وﻳﺸﻐﻞ ﻣﻮﻗ ًﻌﺎ ﻣﺘﻤﻴ ًﺰا ،ﻳﻘﺮﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻐﺪاد ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰدﺣﻢ ﺑﻤﺌﺎت اﻟﺸﻌﺮاء ،ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻟﻰ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون، وﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺸﺎب ﻓﻲ اﺣﺘﺮاف ﻣﻬﻨﺔ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﻨﻬﺎ رزﻗﻪ، وﻋﺎش ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﺑﺔ وﺷﻈﻒ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻟﻜﻦ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺘﺬوق ﺟﻤﺎل اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ،ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﻳﺘﻐﺰل وﻳﻘﻮل ﺷﻌﺮا ً رﻗﻴﻘﺎً ﻋﺬﺑﺎً ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻻة ،وﻓﻲ ﺑﻨﺎت ﺑﻐﺪاد اﻟﻔﺎﺗﻨﺎت ،وﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﺎ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺣﺐ إﺣﺪاﻫﻦ وﻟﻜﻦ ﻓﻘﺮه وﻋﺪم اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﻤﻈﻬﺮه ،ﺟﻌﻼه ﻻ ﻳﻈﻔﺮ ﺑﺘﻮاﺻﻞ أو ﻋﺎﻃﻔﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﻣﻊ أي ﻣﻤﻦ وﻗﻊ ﻓﻲ ﻏﺮاﻣﻬﻦ ،ﻓﺎﻛﺘﻔﻰ ﺑﺄن ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﻦ ﺷﻌﺮا ً ﻳﻔﻴﺾ ﺑﺎﻟﺼﻮر اﻟﺒﺪﻳﻌﺔ واﻟﻮﺻﻒ اﻟﺮاﺋﻊ اﻟﻤﻌﺒﺮ اﻟﺬي ﻳﻨﻢ ﻋﻦ ﻣﻮﻫﺒﺔ أﺻﻴﻠﺔ وذوق رﻓﻴﻊ ،وﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻔﺮح ﺑﺎﻛﺘﻤﺎل ﺻﻮره اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ وازدﻫﺎرﻫﺎ ﻓﻲ ﺧﻴﺎﻟﻪ اﻟﺨﺼﺐ ،ﻓﻴﺘﻮﻗﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع واﻷﺳﻮاق ،وﻳﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﻪ ﻟﻴﺴﻤﻌﻬﻢ أﺷﻌﺎره اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻳﺜﻴﺮ إﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﺒﻼﻏﺔ أﺷﻌﺎره وﺣﻼوة ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺻﻮر وﺗﺸﺒﻴﻬﺎت ﻋﻤﻴﻘﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻈﻬﺮه اﻷﺷﻌﺚ ﻳﺜﻴﺮ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻌﺠﺐ واﻻﺳﺘﻐﺮاب ،ﻓﻴﺴﺨﺮون ﻣﻨﻪ ،وﻣﻊ ﺗﻜﺮار ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻒ ،اﻋﺘﻘﺪوا ﻣﺴﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮن وأﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﺐ» :ﻣﺎﻧﻰ اﻟﻤﻮﺳﻮس«، أن ﺑﻪ ٍّ واﺷﺘﻬﺮ ﻟﺪرﺟﺔ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻮزراء واﻷﻣﺮاء ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﺪﻋﻮﻧﻪ إﻟﻰ ﻣﺠﺎﻟﺴﻬﻢ ﻟﻴﺴﻤﻌﻮا ﺷﻌﺮه اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺠﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻮ واﻟﻠﺤﻈﺔ، ﻣﺎﻻ ﻳﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ اﻹﻫﺘﻤﺎم وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺪﻫﻢ وﻳﻤﻨﺤﻪ ً ﺑﻤﻈﻬﺮه ﻛﺎن ﻳﺮﻓﺾ وﻳﺴﺎرع ﺑﺎﻻﻧﺼﺮاف ،ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ زاﻫﺪ، ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻹﺑﺎء وﻋﺰة اﻟﻨﻔﺲ ،ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ اﻛﺘﻔﻰ ﺑﺒﻨﺎء ﻛﻮخ وﻋﺎش ﻓﻴﻪ ﻗﺮب ﺳﻮر دﻳﺮ ﻫﺮﻗﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺑﻐﺪاد إﻟﻰ واﺳﻂ، وذات ﻳﻮم أﺗﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺠﺮ وﺣﻄﻮا رﺣﺎﻟﻬﻢ ﺑﺄرض ﻓﻀﺎء
72
ﻣﺎﻧﻲ اﻟﻤﻮﺳﻮس
ﻋﺒﺪاﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﺤﻤﺪ@
ﻗﺒﺎﻟﺔ اﻟﺪﻳﺮ ،وﻛﺎن ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻳﺮاﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﺧﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﺑﻨﺎت اﻟﻐﺠﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎم ،ﺗﺤﻤﻠﻦ اﻟﺠﺮار ﻟﻴﻤﻸﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺪﻳﺮ ،ﻓﺘﻨﻪ ﺟﻤﺎل إﺣﺪاﻫﻦ ،ﻓﺄﺣﺒﻬﺎ وﻋﺸﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ،ﻣﻜﺘﻔﻴًﺎ ﺑﺎﻻﺑﺘﺴﺎم ﻟﻬﺎ أو ﻳﺮﺳﻞ ﻟﻬﺎ إﺷﺎرة ﺑﻴﺪه ،ﻓﺘﺒﺘﺴﻢ وﺗﺒﺘﻌﺪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎء ،وﺑﻌﺪ أﻳﺎم ﻓﻮﺟﻰء ﺑﻬﻢ ﻳﺮﺣﻠﻮن ﻓﺠﺮا ً ،ﻓﺤﺰن ﻟﻔﺮاق ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ،وﻗﺎل ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻏﻨﺎﻫﺎ ﻣﻄﺮﺑﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق واﻟﻜﻮﻳﺖ وﻟﺒﻨﺎن وﻣﺼﺮ وﺧﻠﺪت أﺷﻌﺎره ﻓﻲ ﺗﺮاث اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ : ﻟـﻤﺎ أﻧﺎﺧـﻮا ﻗﺒـﻴــــﻞ اﻟﺼﺒـﺢ ﻋﻴــﺴﻬﻢ وﺣﻤــــﻠﻮﻫﺎ وﺳـــﺎرت ﺑﺎﻟـﺪﺟﻰ اﻹﺑـﻞ ﻓﺄرﺳﻠﺖ ﻣﻦ ﺧـﻼل اﻟﺴﺠﻒ ﻧﺎﻇــــﺮﻫﺎ إﻟﻲ ودﻣــــﻊ اﻟﻌﻴــﻦ ﻳﻨـﻬــﻤـﻞ ﺗـﺮﻧــﻮ َ وودﻋــﺖ ﺑﺒﻨـــﺎن زاﻧــــــــﻪ ﻋﻨــــــﻢ ﻧـﺎدﻳـﺖ ﻻ ﺣﻤﻠـﺖ رﺟـــﻼك ﻳﺎ ﺟﻤــﻞ وﻳﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﻴـﻦ ﻣﺎذا ﺣـــــﻞ ﺑـﻲ وﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎزل اﻟﺒﻴﻦ ﺣــــﻞ اﻟﺒﻴﻦ وارﺗﺤــﻠﻮا ﻳﺎﺣﺎدي اﻟﻌﻴــــﺲ ﻋـﺮج ﻛــﻲ أودﻋﻬﻢ ﻳﺎ ﺣﺎدي اﻟﻌﻴـﺲ ﻓﻲ ﺗـــﺮﺣﺎﻟﻚ اﻷﺟـﻞ إﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻬﺪ ،ﻟـــﻢ أﻧﻘــﺾ ﻣﻮدﺗﻬﻢ ﻳﺎ ﻟﻴﺖ ﺷﻌﺮي ﺑﻄﻮل اﻟﻌـــﻬﺪ ﻣﺎ ﻓـﻌﻠﻮا ﻟﻤﺎ ﻋﻠـﻤﺖ ﺑﺄن اﻟﻘــﻮم ﻗـــــﺪ رﺣــﻠﻮا وراﻫـﺐ اﻟـﺪﻳــﺮ ﺑﺎﻟﻨـــﺎﻗـﻮس ﻣﺸﺘﻐـﻞ ﻳﺎ راﻫﺐ اﻟﺪﻳـﺮ ﺑﺎﻹﻧﺠﻴــﻞ ﺗــــﺨﺒــﺮﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﺒـﺪور اﻟﻠـﻮاﺗـﻲ ﻫـــﺎ ﻫﻨـﺎ ﻧــﺰﻟﻮا أﺟﺎﺑـﻨﻲ وﺷﻜـﺎ ﻣــﻦ ﻓﺠﻌـﺘﻲ وﺑــــﻜﻰ وﻗﺎل ﻟﻰ ﻳﺎ ﻓﺘﻰ ﻫﻞ ﺿﺎﻗﺖ ﺑﻚ اﻟﺤـﻴﻞ
ﺳـــــــــــــﺤﺎب وﻏــــــــﻴﻢ وﻋـــــــــﻠﻰ »اﻟﺮﻣﻴــــــﺮﻳﻢ« ٍ ﻫــــﺒﻮب ودﻳـــــــــــــــــﻢ وﻳـــــــﻘ ّﻴ ﻞ ﻣــــــــــــــﺪﻳﻢ ٍ وﻳﻨــــــــﺤﻲ ﺷــــــــــﻤﺎﻟﻴﻪ وﻳـــــﺪنّ ﺑــــــــــــــــﺮﻋﻮد وع »اﻟﺘـــــــــــﻠﻪ« ﻳــــﺠﻮد وﺻــــــﺨ ّﻴﻒ اﻟـــﻌـــــــــﻮد وﻳﺴـــــﺠﻲ ع ﻟﺤـــــــــﺪود ﻳﺴــــــــــــﻜﻦ ﺣــــــــﻮاﻟﻴﻪ اﻟﻐــــــــــﻴﻢ ﻳــــــــــــﺪﻫﻢ وع ﺳـــــــــﻌﻴﺪ وﺑـــــــﺎﻟﻌﻢ وﻋـــــﺒﻴﺪ ﻳﻨـــــــــــــــــﻌﻢ ﻳــــــــــــﺮوي وﻳــــــــــﻠﺰم وﺗﺸــــــﺮب ﺿــــــــــﻮاﺣﻴﻪ ﻳـــــــــــﺎ وﻳـــــﻦ ﻳــــﺴﻜﻦ وﻳـــــﻌﻠﻪ ﻋـــــــــﻠﻰ »اذن« واﻟﻤــــــــــــــــــــﺮﻋﺪ ﻳﺪنّ ﺻــــــﻐ ّﻴﺮ اﻟﺴــــــــــــــــﻦ وﻳــــــﻠﻴـــــﻦ ﻏــــــــــﺮﺑﻴﻪ ﻳﺴــــــــــ ّﻮي ﺷــــــــــﻬﻮب وﻋﻠﻰ »ﭼـــــــــــــــﺒﭽﻮب« وع ﻛــــــــﻞ ﻋــــــــــﺮﻗﻮب ﻳــــــــــﺮوﻳﻪ ﺑـــــــــﺎﻟﺪوب ﻗﻄّــــــــــــــــﻊ ﻣﺴــــﺎﺟﻴﻪ ﻫــــــــﻮ ﺷــــﻴﺦ وﺳــــــﻨﺎد وع ﺑـــــــــــــﻮﻋﻠﻲ ﻳــــــﺎد ﻳـــــــــــﺴﺠﻴﻪ ﻣﻌـــــــــﺘﺎد ﻣـــــــــــــــﻦ زد اﻷﻋـــــﺒﺎد و»اﻟﺠــــــــــــﺮي« ﻳــــﺮوﻳﻪ
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﻪ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑـ » اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
ﻓﺮﻳــــــــﺞ ﺑـــــــﻮﺟــــﺴﻴﻢ وع »اﻟﻌـــــﻮد« و»اﻟﺴـــﻴﻢ« ع اﻟــــــﻮاﺟﺐ ﻣــــــــــﺪﻳﻢ راﻋـــــﻲ ﻣـــــــــــــــﻼزﻳﻢ اﻟﻠــــــــــــــــــﻪ ﻳﻌﺎﻃــــﻴﻪ
إن ﻳـــــﻴﺖ ﻣﻀــــــــــــﻴﻮم ﺗﻠﻘﻲ ﻟــــــــﻬﻢ رﺳـــــــــﻮم ﺗﺴـــــﻴﺮ ﻣـــــﻜـــــــــــﺮوم ﻋﻴــــــ ٍﺪ ﻋـــــﻘﺐ ﺻــــــﻮم واﻟﻠـــــــــــــﻪ ﻳﻌـــــــﺎﻃﻴﻪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
71
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
şŸĸĚ ŪſĘıĠė وﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻋﻦ اﻷﻣﻄﺎر ﻣﺨﻤﻮﺳﺔ
ﻣــــﻦ ﻏـــﺮب وﺷــــــــﺮوق اﺗﺨــــــــــﺎﻳﻞ ﺑـــــــــــﺮوق ع ﻣـــــــﻔﻠﻲ اﻟﻨــــــــــــﻮق واﺳـــــــــﻘﻰ ع ﻟﻌــــــﺮوق ﻟــــــــــﻲ ﻳﺮﺗﻌــــــــﻦ ﻓـﻴﻪ اﻟﻨـــــــــــــﻘﺎ واﻟﻬـــــــــﻮر ﻳﻌــــــﻠﻪ ﻋــــﻠﻰ »اﻟـــﺪور« ﻟــــــﻴﻦ ﻳــــــــﺎزم ﺑـــــﺤﻮر ﻣـــــﻦ ﺷـــــﺮﺟﻲ »اﻟﺨــﻮر« واﻟﺰﻳـــــــــــــﻦ ﻳــــــﺮ ّوﻳﻪ وع روس اﻟﻜــــــــــــــــﺜﺒﺎن وﻋــــــــــــﻠﻰ »ﺣـــــﻮ ّﻳﺎن« ﻣــــــــــــﺪﻋﻮي اﻷﻋــــــﻴﺎن وع »ﺑـــــــــــــﻮﺻﻠﻒ« ﻻن اﻷ ّول ﻳـــــــــــــــﺸــــــ ّﺘﻴﻪ ﺳﺤـــــــــﺎب ﻳﻨــــــــﺼــﺐ وﻳــــــﻌﻠﻪ ﻋــــﻠﻰ »اﻟﺨـﺐ« واﻟﻈــــــﺎﻣﻲ ﺗــــــــــــﺸﺮب ﻓـــــــﻀﺎﻳﻞ اﻟــــــــــــــﺮب ﺗــــــــــــــﺮوى ﻣــــــﻐﺎﻧﻴﻪ ْـــــــــــﺼﻲ« و»ﺑﻄــــﻴﻦ ﻟﺨ »اﻟﻄﻲ« وﻳــــﻌﻠﻪ ﻋــــــــﻠﻰ ّ ّ وﻳـــــــﺒﻄﻲ ﻳﺴــــــــــــﻘﻲ ﻳﻨــــــــــﺤﻲ وﺟﻨـــــــــﻮب ْ ْ واﻟﻤﻤـــــﺤﻞ اﻳّﻴــــــــــــــﻪ ﻟـــــــــــﻲ ﻳﻜـــــﺮم اﻟﻀـﻴﻒ وﻋﻠـــﻰ »ﻃــــــﻮي ﺳــﻴﻒ« وﻳﻬـــــــــ ّﺒﻪ اﻟــــــــــــﺮﻳﻒ ﺷﺘـــــــﻮي وﺻــــــــــــﻴﻒ ﱟ وﻳــــــﺴﻜﻦ ﻣــــــــــــﻌﺎﻟﻴﻪ ﺻﺒـــــــــﻴﺐ وﻫـــــــــــﺮق وع »اﻟﺸﺒـــــــﻚ« م اﻟﺸـﺮق ٍ رﻋــــــــــــــــﻮ ٍد وﺑـــــــﺮق ﺣﻔـــــــــﺮه ﺳﺒــــﻖ ﺳـــﺮق واﻟﻨــــــــــــﺎس ﺗﻄـــــــﺮﻳﻪ
70
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ »اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
وﻫﺬه إﺣﺪى ﻏﺰﻟﻴﺎﺗﻪ وﻫﻲ ﻣﺜﻠﻮﺛﺔ
ﺣـــــــﻲ إن ﻛـــــــﺎن ﻣــــــــﺎ ر ّوﺣﺖ ﻟــــــﻮ ﺷﻔـــﺖ ﻋــــــــﻮده ﻳﺎ اﻟــــﺨﻮي ّ ﻋﻮﻳــــــﺪ ﻣـــــــﻮ ٍز ﻓــــــﻲ اﻟﻐـــــﺒﻴﺐ وإﻻ اﻟﺜﻨـــــــــــــﺎﻳﺎ ﺟــــــــــــــﻮﻫﺮي ﻟﻲ ﻣــــــــــﻦ اﻟﺤـــــــــــﻴﺎب ﻣــــــ ْـﻌ ّﺰ ّ ﻳﻜّـــــﺎت ﻣـــــﻦ ﺑﺤــــــــﺮ اﻟﻐـــــﺒﻴﺐ واﻟﺒـــــﺮق ﻓـــــــــﻴﻬﺎ ﻳﺸــــــــــــﻌﻠﻲ ﺗﺴـــــــﻘﻲ دﻳـــــــﺎره ﺑﺎﻟﺴــــــــــــﺮي ﺳــــــ ّﻮت ﻋــــﺸﺐ زﻳـــــﻦ وﺧـــﺼﻴﺐ اﻟﻠــــــﻲ ﺣـــــــــﺪاﻫﻢ ﻳﻈﻌــــــــــﻨﻲ اﻟﺴــــــــﺮي ﻳﺎ ذا اﻟﺨــــــــــــــــﻮي ر ّد ْ ﺑﺎﻟﺤــــــﺚ وادﻋـــــــــــﺎﻧﻲ ﺻـــــﻮﻳﺐ وﻃــــﻲ ﻳﻴﺘﻠﻲ ﻳﺴــــــــــــﺠﻲ ﻣﻄﺎﻳﻴــــــــﺢٍ ْ ﻳﻌــــــﻞ اﻟﺴﺤــــــــﺐ ﻣــــــــــﺎ ْ ﺷﻴــــــــــﺐ اﻻﺑﻜـــــﺎر وﻻ ﺗﺸـــــــﻴﺐ و»اﻟﻔـــــﻠﻲ« ﻋــــــﻠﻰ »ﺑــﻴﺎﺗـــــــــﻪ« ﻋﺴــــــــــﺎه ﻣـــــــﻨﺎ ﻳــــــــــــــﺮﺗﺪي ْ ﺟـــﻨﺐ ﻟﺒـــﻴﺐ ْﻣــــــــــﻘﻴﻆ ﺑـــــــــﻮ ٍ
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﻪ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑـ » اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
žŹıŨė Ęſ ųijŹŔ Ģŝŀ ŹŨ
ﻋـــــــــــــــﻠﻰ دﻳـــــﺎره »ﺑﻮﻋـــــﻠﻲ« ــــــــــﻬﻠﻲ ع »اﻟﺬﻳـــﺪ« ﻳﻌـــــــــﻠـﻪ ﻳ ْﻨ ْ ﻋــــــﺴﻦ ﻃﻠـــــﺒﺘﻨﺎ ﺗْﺼـــــــــــــــﻴﺐ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
69
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
Īƀň ŲŬ ĢƀDž ŰŸ ŷĬķĘěŨė وﻫﺬه ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﻀﺎرة إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﺑﺴﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
اﻟــــﺒــــﺎرﺣــــﻪ وﻧّــــﻴــــﺖ ﻣــــﻦ ﺿــﻴــﺞ ﺣـــﺎﺷـــﺎ وﻻ ﻳــﻌــﻠــﻢ ﺑــــﻲ إﻧـــﺴـــﺎن اﻟــــﻐــــﺎﻟــــﻲ دروﺑـــــــــﻪ ﻣــﻐــﺎﻟــﻴــﺞ رﺳـــﻤـــﻪ ﻋـــﻠـــﻰ ﻟــــﻔــــﻮاد ﺳـــﻜّـــﺎن ﻇـــﺎﻣـــﻲ وﻳــــﻔــــﺮح ﺑــﺎﻟــﺘــﻬــ ّﺮﻳــﺞ ﻗـــﻠـــﺐ دوم ﻋــﻄــﺸــﺎن وﻳــــﺤــــﻮم ٍ ﻗــــﻴـ ٍ ـــﻆ ﻣـــﺸـــ ّﺘـــﺖ ﺑـــﺎﻟـــﺘـــﻔـــ ّﺮﻳـــﺞ ﻋـــﺴـــﺎه ﻳـــﺘـــﻌـــﺪّ م م اﻷوﻃــــــﺎن ــﻲ« ﻣـــــ ّﺮوا ﻣــﻄــﺎرﻳــﺞ ﻋــﻠــﻰ »اﻟـــﻔـــﻠـ ْ واﻫــــﻞ اﻟـــﻬـــﻮى ﻗـــــﺎدوا ﺑــﺎﻷﻇــﻌــﺎن ْﺑــــــﻴــــــﺎدلٍ ﺣـــﻠـــﻮ اﻟـــﺘـــﺒـــﺎرﻳـــﺞ ﻣـــﺎﺧـــﺬ ﻣــــﻦ اﻟــــﻐــــﺰﻻن ﻧــﻴــﺸــﺎن ع ﻇـــﻬـــﻮر دﻟـــﻌـــﺎت اﻟــﺨــﻨــﺎﻧــﻴــﺞ وﺣـــﻴـــ ٍﺪ ﻫــﻀــﻊ ﻣـــﻦ ﻣــﻨــﻜــﺒــﻪ ﻻن ﻳــﻨــﻘــﻞ ﺣــﻤــﻠــﻬــﻢ واﻟــﻤــﻌــﺎﻟــﻴــﺞ ﺳــﻌــﻨــﻴــﻦ واﻟــــﺮﻛّــــﻴــــﺐ دﺟـــــﺮان »اﻻﺳــــــﺮار« ﻳــﺒــﻐــﻦ و»اﻟـــﺪواﻧـــﻴـــﺞ« ﺑـــــﺎرد ﻫـــــﻮاه وﻓـــﻴـــﻪ دﻳـــﻤـــﺎن 1 - 1اﻷﺳﺮار ،اﻟﺪواﻧﻴﺞ :ﻣﺼﺎﻳﻒ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﺑﺴﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
68
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ »اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
ŪĭǬė اﺗـــــﻔـــــﻜـــــﺮوا ﻳــــــﺎ ﻣــﺴــﻠــﻤــﻴــﻦ ﺻـــــﻮﻣـــــﻮا وﺻـــــﻠـــــﻮا ﻗــﺎﻧــﺘــﻴــﻦ ان ﻛـــــــﺎن ﻣـــــﻮﻻﻛـــــﻢ ﻳــﻌــﻴــﻦ ﻳـــــــــــﺮ ّد وﻗــــــﺘــــــﻪ واﻟــــﺴــــﻨــــﻲ ﻏـــــﺮب وﺷــــﻤــــﺎل وﺷــــــﺮق زﻳـــﻦ ﻳــﻌــﻠــﻪ ﻋــﻠــﻰ »اﻟـــﺒـــﻄـــﺤـــﺎ« ﻳﻠﻴﻦ واﻟـــــﺒـــــﺎرﺣـــــﻪ ﻧــــﻮﻣــــﻲ ﻏــﺒــﻴــﻦ ﺧــــﺎﻳــــﻠــــﺖ ﺑـــــــــــــ ّﺮاقٍ زﻓـــﻴـــﻦ ـــــﻦ اﻟــﺸــﺎﻣــﺘــﻴــﻦ وﻳْــــﺨــــﻴــــﺐ ﻇـ ّ وﺗــــﺼــــ ّﻴــــﻒ اﻟـــــﻬـــــﺰﻻ ﺳــﻤــﻴــﻦ اﻟـــــﺒـــــﻮش ﻳــــﺰﻫــــﻦ ﺑــﺎﻟــﺤــﻨــﻴــﻦ ﻳــــﺎ ﻃــــﺎرﺷــــﻲ ﻗــــﻢ ﺷـــــﺪّ ﻫــﻴــﻦ أﻧــــﺸــــﺪ ﻋـــــﻦ اﻟــــﺨــــ ّﻴــــﺎل وﻳـــﻦ ﺷــــﺎﻋــــﺮ وﻳـــــﻄـــــﺮوﻧـــــﻪ ﻧـــﺪﻳـــﻢ ﻳـــﻨـــﺼـــﺢ اﻟـــﺠـــﺎﻫـــﻞ واﻟــﻐــﺸــﻴــﻢ رب ﻛـــﺮﻳـــﻢ ﻳــــﺜــــﻨــــﻮن ﻟــــــﻪ ٍ ـــــﺎب ﻛــﻈــﻴــﻢ ﻣـــــﻦ زود ﺳـــــ ّﺤ ٍ ﻓـــــﻲ دارﻫـــــــــﻢ ﻳــــــــﺎزم زﻣـــﻴـــﻢ ﺧـــﻠـــﻔـــﺎن ورﺑــــــﻮﻋــــــﻪ ﺣــﺸــﻴــﻢ ﻛــــﻢ ﻋــــﺮﺳــــ ٍﺔ راﺣـــــــﺖ ﺳــﻤــﻴــﻦ ﻳــﻌــﻠــﻪ ﻋــﻠــﻰ »ﻣـــﻐـــﻴـــﺪر« أﻣــﺪﻳــﻢ وﻋــﻠــﻰ »اﻟـــﺰﺑـــﻴـــﺪة« و«اﻟــﺨــﺸــﻴــﻢ« و ع »اﻟـــﺴـــﺎﻋـــﺪي« ﻳــﻌــﻠــﻪ ﻋﻤﻴﻢ ﻓـــــﻲ دﻳــــــــــﺮ ٍة ﻓـــﻴـــﻬـــﺎ ﻣــﺠــﻴــﻢ ﻣــــﻦ ﻫـــﺠـــﺮﻫـــﻢ ﺣـــﺎﻟـــﻲ ﺳــﺠــﻴــﻢ ـــــﺐ اﻟــﻨــﺴــﻴــﻢ أﻋـــــــــﺪاد ﻣـــــﺎ ﻫـ ّ
ْﻣـــــﺤـــــﻮل ﻣـــــﺎ ﻳـــﺘـــﻜـــﻢ أﻣـــﻄـــﺎر اﻟــــﻠــــﻴــــﻞ ﻛـــــﻠّـــــﻪ واﻟــــﻨــــﻬــــﺎر ٍ وﻗــــــــﺖ ﻋـــــــﺎد ﺳــــﺎر وﻳــــــــــ ّﺮد وﺗــــﻘــــﻮى ﻣـــﻨـــﺎﺑـــﻴـــﺖ اﻻﺷــــﺠــــﺎر واﺳـــﻘـــﻰ ﻋــﻠــﻰ ﺑــﻄــﻮن »اﻷﻫـــــﻮار« ﻋــﻠــﻰ »اﻟــﺤــﻮﻳــﻤــﻲ« و«اﻷﻣـــﻬـــﺎر« ﻓــــﻲ اﻟـــﻘـــﻠـــﺐ وآدﻳـــــــﺮ اﻻﻓـــﻜـــﺎر ﻋـــﻠـــﻰ اﻟــــﻤــــﻨــــﺎزل واﻟـــــﺪﻳـــــﺎر وﻳــــﺮﻋــــﻦ اﻟـــــﺰرﻗـــــﺎ واﻟـــﺨـــﻀـــﺎر وﺗــــــﺮ ّﺟــــــﻊ اﻟــــﻔــــﻄّــــﺮ أﺑــــﻜــــﺎر ﻫـــــــﺬا ﻓـــﻄـــﻴـــﻢ وذا ﺣـــــﻮار ّ ﺣــــــﻂ ﻟـــﺒـــﻄـــﺎﻧـــﻬـــﺎ زوار ﻣـــــﺎ ﻓــﻲ »اﻟـــﺬﻳـــﺪ« واﻻ ع »اﻷﻳـــﻔـــﺎر« أﻧــــــﺎ أﺗـــــﺮﻳّـــــﺎ ﻣــــ َﻨــــﻪ أﺷــــــﻮار ﻣــــﺘــــﺮى وﻗـــﺘـــﻬـــﻢ ﻓـــــﻲ ﻋـــﺴـــﺎر ﻣــــﻦ ﻛـــــﺎن ﻳــﻘــﺒــﻞ ﻟـــﻬـــﻢ أﻋـــــﺬار ﻋــــﻠــــﻰ ﺿـــــﻮاﺣـــــﻲ ﺑــــﺎﻻﺛــــﻤــــﺎر أوﻻد ﺳــــﺎﻟــــﻢ ﻫـــــﻢ أﺧـــﻴـــﺎر ﻫـــــــﺬا ﻧـــﺴـــﻴـــﺐ وذاك ﺟــــﺎر ﻣــــﺎ د ّور ْوا ﻫــــــﺰﻻ اﻟـــﻔـــﻘـــﺎر و ع »ﻟـــــﺒـــــﺮدي« ﻧـــﻔّـــﻪ ﻛــﺒــﺎر ﻃــــﺮق اﻟـــﺠـــﻮاﻓـــﻞ ﻓـــﻲ اﻷﺑـــﺸـــﺎر ﻃــــﺎح »اﻟــــﺠــــﺮي »ﻋــﺸــﺒــﻪ و ﺛــﺎر ﻓـــﻴـــﻬـــﺎ ﺑــــﻨــــﻰ ﻋــــﻤــــﻲ ﻗــــــﺮار م اﻟــــﻌــــﺎم روﺣــــــﻲ ﻓــــﻲ ﺧــﻄــﺎر واﻋـــــــــﺪاد ﻫـــﻤـــﻠـــﻮل اﻷﻣــــﻄــــﺎر
ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﻪ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑـ » اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺸﺎﻛﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﺪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
67
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل: اﻟﺪار ﺣﻜﻤﺖ وآزﻣﺖ ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ
اﺳﺘﺨﺪﻣﻮﻫﻢ واﻣﺴــﻜﻮا ﻟ ْﻌﻴﺎل إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة.
ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﺑ ّﻴﻨﻮا ﺷــــﺎرة ﺧﺮ ّﺑﻮه اﻟﻘﻴــﻆ ﻋــــﺘﺒﺎره
رﻓﺠ ٍﺔ ﻣــﻦ ﺷﻮخ ﻣﺸﻬــﻮره ﻛﻞ ﺑﺸــــــﻮره ﻫﻞ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﱟ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة
وﻗﺪ اﺷﺘﻬﺮت ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻫﺬه اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ôœĎĬĘĿí ŊğíĎįã
وﺳﻴﺎﺳﺘﻪ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن ،ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ دﺧﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﺑﻨﺎء اﻟﻤﺪارس وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻷﺑﻨﺎء ،وﻫﺬه ﻣﻦ ﻋﺎدة ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎرﺿﻮا دﺧﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إﻟﻰ اﻹﻣﺎرات ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺘﺄﺛﻴﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ واﻛﺘﺴﺎب ﻋﺎدات اﻷﺟﺎﻧﺐ واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻦ وﻋﻦ ﻋﺎدات اﻷﻫﻞ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ. وﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ اﻵﺑﺎء واﻻﺟﺪاد ،ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﻟﺸﻌﺮاء ﻳﻌﺎرﺿﻮن اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺑﺪءا ً ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻣﻊ دﺧﻮل اﻹﻣﺎرات ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻔﻂ ﺑﻌﺪ اﻛﺘﺸﺎﻓﻪ، وﺑﺪء ﺗﺪﻓﻖ اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻮاﻓﺪة إﻟﻰ دﺑﻲ وأﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﺸﺎرﻗﺔ، وﻛﺬﻟﻚ دﺧﻮل اﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء واﻟﺴﻴﺎرات وﻏﻴﺮه. óĊœĊĀĿí õíčîŔĔĿîñ õîœĎļĿí ľĸňĿ ŊøğčîĬŃ
ﻟﻢ ﻳﺘﺮك اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻣﺠﺎﻻً ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺸﻌﺮ إﻻ ﻗﺎل ﻓﻴﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺪح وﻓﻲ اﻟﻬﺠﺎء وﻓﻲ اﻟﻮﺻﻒ وﺧﺎﺻﺔ وﺻﻒ اﻹﺑﻞ وﻓﻲ ﺳﻘﻮط اﻷﻣﻄﺎر واﻟﺤﻴﺎ وﺟﺮﻳﺎن اﻷودﻳﺔ .ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎت ﻣﺜﻞ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﺣﺴﻮﻧﺔ ،وﻓﻲ اﻧﺘﻘﺎد ﻣﻨﻊ اﻹﺑﻞ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺎت واﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺴﻴﺎرات ﺑﺪﻻً ﻋﻨﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﻴﻆ ورﺣﻼت اﻟﺼﻴﻒ إﻟﻰ اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﺑﺴﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن. أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﺎوى ﻓﻘﺪ ﺗﺸﺎﻛﻰ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﺮاء أﻣﺜﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺷﻘّﻮي اﻟﻌﻠﻴﻠﻲ اﻟﺬي ﻇﻞ ﻳﺘﺸﺎﻛﻰ ﻣﻌﻪ ﻟﺴﻨﻮات، ﻛﻤﺎ ﺗﺸﺎﻛﻰ ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ رﺣﻤﻪ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻹﻣﺎرات. وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺰل ﻓﻘﺪ أﺑﺪع ﻓﻴﻪ ﻓﻘﺎل أﻓﻀﻞ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻐﺰﻟﻴﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ، وﺗﺄﺗﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻏ ّﻨﺎﻫﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﺿﻤﻦ أﺟﻤﻞ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ وأﺟﻤﻞ اﻷﻟﺤﺎن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ، ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ: ﻏــــﺮب وﺷــــﻤﺎل وﻣﻄﻠـــﻌﻲ ﻳﺎ ﺑﻮ ﻣﻴﻴﺪ اﺛﻨﻴﺖ ﺟـــــــﻴﻞ ﻋــــﻠﻲ اﻟﻴـــــﺰﻳﺮه ﻳـــــﻨﺘﺤﻲ ﻋــــﺎﻳﻨﺖ ﺑ ّﺮاقٍ ﺷـــــــﻌﻴﻞ ﻓـــﻲ دارﻧﺎ ﻣـــــﺎﻟﻪ وﺑـــــــﻲ ﻓﻲ اﻟﺰﻳﻦ ﻟﻲ ﻣﺎﻟﻪ ﻣــــﺜﻴﻞ
وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺎت واﻧﺘﻘﺎدﻫﺎ ﺣﺪث وﻗﺖ اﻟﻤﺼﻴﻒ واﻟﻘﻴﻆ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻋﺘﺎد اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﺪن اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻟﻘﻀﺎء اﻟﺼﻴﻒ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻴﻦ وﺧﺖ وﺣﺘﺎ واﻟﺬﻳﺪ وﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ وﺧﺼﺐ واﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ وﺳﻴﻠﺘﻬﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻹﺑﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒﺮ واﻟﺴﻔﻦ ﻟﻠﺒﺎﻃﻨﺔ وﺧﺼﺐ ،وﺑﻌﺪ دﺧﻮل اﻟﺴﻴﺎرات واﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ واﺳﻊ ،اﻗﺘﺮح ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺷﻴﻮخ اﻹﻣــﺎرات إﻳﻘﺎف اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻹﺑﻞ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﻀّ ﺎر اﻟﻰ اﻟﻮاﺣﺎت واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎرات ﺑﺪﻳﻼً ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻤﻨﻌﻮا اﺳﺘﺨﺪام اﻹﺑﻞ ﻟﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة .. وﻋﻠﻰ اﻹﺑﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء إﻻ أن اﺣﺘﺠﻮا ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ﺑﻦ ﺣﻀﺮوم ﻣﻦ ﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ .أﻣﺎ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺘﺎﺗﺎً ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﻜﺮﻳّﺎت ﻋﻠﻰ اﻹﺑﻞ ،ﻓﻠﻢ أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﺎرﻳﺪ ﻓﻜﺎن ﻳﻐ ّﺮد وﻳﻘﻮل اﻟﺘﻐﺎرﻳﺪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻳﻌﺠﺒﻪ ذﻟﻚ إذ ﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺮاﺣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى ﻗﻮاﻓﻞ اﻟﺤﻀّ ﺎر وﻳﺮاﻓﻘﻬﻢ روﻋﺔ وﺟﻤﺎﻻً ﻋﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه ،إﻻ أﻧﻪ ﻣﻊ اﻷﺳﻒ ﻟﻢ ﻧﺤﺼﻞ إﻻ ﻋﻠﻰ إﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺼﺪون ،ﻓﻘﺎل ﻗﺼﻴﺪة ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻧﺘﺸﺮت ﻛﺜﻴﺮا ً ،ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ :اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ زﻳﺎرﺗﻪ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻫﻮﻳﺪن ﺷﻴﺦ ﺑﻨﻲ ﻗﺘﺐ ﻓﻲ اﻟﺬﻳﺪ
وﻧﻈﺮا ً ﻟﺤﺎﻟﺘﻪ اﻟﻤﺎدﻳﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﺣﺎﺟﺘﻪ اﻟﻰ ﻣﺮﻛﻮﺑﺔ إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل: ﺣﺪوي ﻣﻦ ﺧْﻴﺎر اﻟﺴﻼﻫﻴﺐ ﻟـﻮ ﻓﺎﻃ ٍﺮ ﻋـﺮﺟﻪ وﻓﻴﻬﺎ ﻋﺮاﻣﻪ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﻘﻼﺗﻪ وﺟﻮﻻﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺟﻪ إﻟﻰ ﺷﻴﺦ أﺑﻐﻲ ٍ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺑﻨﻲ ﻗﺘﺐ ﺑﻦ ﻫﻮﻳﺪن ﻓﻲ آواﺧﺮ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت وﻗﺎل ﻟﻪ ﻗﺼﻴﺪة ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻧﺎﻗﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺒﺮ ،وﻳﺤﺘﺎج اﻟﻰ وﺳﻴﻠﺔ ﻧﻘﻞ ،ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ :وﻳﻘﺎل إن اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻫﻮﻳﺪن أﻋﻄﺎه ﻧﺎﻗﺔ ﺟﻴﺪة، ﻋﺎﻧﻲ ﺟﺪا ﻣﺤﻤﺪ اد ّور ﻣﻮاﺟﻴﺐ ﺷﻴﺦٍ ﻳﻠﻲ ﺟﻴﺘﻪ اﻳْﻌ ْﺮف اﻟﻜــﺮاﻣﻪ واﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺟﻮﻻﺗﻪ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﺎدﻳﺔ
66
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ »اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﺷﻌﺮاء اﻟﺘﻐﺎرﻳﺪ اﻻ أﻧﻬﺎ ﻣﻊ اﻷﺳﻒ ﺿﺎﻋﺖ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ اذ ﻟﻢ ﺗﺤﻔﻆ أو ﺗﺴ ّﺠﻞ .أﻣﺎ ﺷﻌﺮ اﻟﻤﺸﺎﻛﺎة ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻫﻮاﻳﺘﻪ وﻛﺎن ﻳﺸﺎﻛﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ واﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺗﺤﺪى اﻟﺸﻌﺮاء اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻓﻴﺎت اﻟﺼﻌﺒﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺨﺘﺎر ﻛﻠﻤﺎت وﺻﻴﻐﺎً ﺻﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪه ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻻﺣﻴﺎن. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﺮاوي اﻟﻤﻌﻤﺮ »ﻋﻤﺮان ﺑﻦ ﻣﺮداس« 100 ،ﻋﺎم ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺠﻤﺎن أن اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻛﺎن ﺻﺪﻳﻘﺎً ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺳﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﺮﻳﺔ ،وﻗﺪ أرﺳﻞ أﺣﺪﻫﻢ ﻣﻦ أﺳﺮة اﻟﺸﻴﻮخ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻊ ﺑﻦ ﺳﺒﺖ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺷﺎﻋ ٌﺮ آﺧﺮ ،وﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ أن ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻤﺜﻠﻬﺎ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﻗﺎﻓﻴﺘﻬﺎ: ورد وزﺑـــــــــــﺎد وﻫـــﺎل ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻔﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ ،ﻓﺄﻏﻠﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻓﻘﺮاء ﺣﻲ ﺑﻨﻈﻢ اﻟﻤﻘﺎﻟﻲ ﻣﺮﺳﻮﻟﻲ ﻳـــــﻮم اﻟــــﺰﻣﺎن اﺣــــﺘﺎل ﻳﺮﻳﺪون ﺳ ّﺪ ﺟﻮﻋﻬﻢ وﻻ ﻳﺮﻳﺪون ﻣﺸﺎرﻳﻊ ،وﻗﺪ ﻗﺎل ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻜﺜﻴﺮ ٍ ﺷـــﺮﻳﻒ ﻏﺎﻟﻲ ﻻﺣﻮﻟﻲ ﻳﺎﺑﻪ اﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ...ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ﻣﺜﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺠﺮن ﺑﻦ ﻣﺠﺮن اﻟﻜﺘﺒﻲ اﻟﺬي ﻗﺎل: اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ ﻟﻲ ﺑﻌﺪ ﻳﻄﺮوﻧﻪ ﻻ ﻳﺎب ﺧﻴﺮ وﻻ ﻧﻔــــــﻊ ر ّﻳﺎل ﺣــــــﺴﻮﻧﻪ وﻻ ﻳﺎﺗﻨﺎ ﻗ ّﻮات ﻋــــﻨﺪ ﺟــﻤﺎل ľijŎŇ ĊŔēō ôŇŎĔă ĶĿîĈĿí Ċòī óčîœďō ŒĴŔŀĈĿí ĎīîĘĿíﻻ ﻓﺎدﻧﺎ ﻧﻮﻓﻞ وﻻ ّ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ... Ł 1964 Łîī õíčîŃří ŐĿç وﻋﻨﺪﻣﺎ زار أﻣﻴﻦ ﻋﺎم ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﺣﺴﻮﻧﺔ اﻹﻣﺎرات ﻋﺎم 1964م ﻟﺮﻓﻊ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻋﻦ اﻷوﺿﺎع ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻘﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻣﺠﺎراة ﻟﻪ: ﺣﻲ ﺑﺨﺒﺮ ﻣﺠﺮن وﻧﻈﻢ ﻓـﻨﻮﻧﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﺮﺗﺐ ﻟﻠﻘﺼـــﻴﺪ أﻣــﺜﺎل ّ واﻗﺘﺮاح اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻟﻌﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻤﺔ ﺣﺴﻮﻧﻪ ﺻﺎدق ﺟﻮاﺑﻪ ﻟﻲ رﻣﺲ ﻣﺎ ﻋﺎل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﻘﺒﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﺗﻢ اﻗﺘﺮاح ﺑﻌﻀﻬﺎ إﻻ أن ﺗﻠﻚ ﻟﻲ ﻗﺎل ﻓﻲ ﻧﻮﻓﻞ وﻓﻲ ّ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﺬ ﻛﻠﻬﺎ وإن ﻛﺎن ﻧﻔﺬ ﺑﻌﻀﻬﺎ ،إﻻ أن اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻷﺻﻠﻲ اﻟﻌﺎم ﻳﺎﻫﻢ وآزﻣﻮا ﻳﺤــــﻈﻮﻧﻪ اﻟﺸﻴﺦ واﻟﻠـﻲ ﻣﺎ ﻋﻨﻪ ﻣـﻦ ﺳﺎل
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
65
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ ôœĎĬĘĿí Ŋ÷ĎŔē
ﻳﻌ ّﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ ،أو اﻟﺸﺎﻋﺮ« اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ« ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻣﻦ ﻛﺒﺎر ﺷﻌﺮاء اﻟﻨﺒﻂ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،إذ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﻓﻄﺎﺣﻞ ﺷﻌﺮاء زﻣﺎﻧﻪ ،وﻟﻪ اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺤﻔﻆ ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻫﺒﺎء ﻗﻞ أن ﺗﺠﻮد اﻹﻣﺎرات إذ ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺸﻌﺮه أﺣﺪ .ﺑﺮﻏﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﺷﺎﻋﺮا ً ّ ﺑﻤﺜﻠﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻨﺎدرﻳﻦ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺷﻌﺮﻫﻢ واﻟﻘﻠﻴﻠﻴﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،،وأﻋ ّﺪﻩ ﻓﻲ ﻣﺼﺎف اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﻤﺮي واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻀﺮ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات اﻟﻜﺒﺎر. وﺣﻴﺚ إن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﻗﻂ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً ،ﻓﻘﺪ اﻋﺘﻤﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺮه ﻓﻲ ﻛﺴﺐ رزﻗﻪ .ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ» :ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﻀّ ﺎر واﻟﻜﺮﻳّﺎت ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﺮاﻓﻖ ﻗﻮاﻓﻞ اﻟﻜﺮﻳّﺎت وﻳﺴﺘﻀﻔﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ اﺳﺘﺮاﺣﺎﺗﻬﻦ ،ﻓﻴﻠﻘﻲ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻣﻦ ﺷﻌﺮه اﻟﺠﻤﻴﻞ ،وﻳﻘﺪﻣﻦ ﻟﻪ اﻷﻛﻞ واﻟﻬﺪاﻳﺎ ﻟﻘﺎء ذﻟﻚ«. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺷﻌﺮه ﻣﺼﺪر رزﻗﻪ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ درﺟﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ذﻟﻚ أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻚ ،وﻗﺪ اﻧﻀﻢ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ إﻟﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺷﻌﺮاء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺬي ﻳﺒﺚ ﻣﻦ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن دﺑﻲ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﺪ ﺑﻮﺷﻬﺎب وﺑﻘﻴﺔ زﻣﻼﺋﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ،وﻛﺎن ﻳﺮاﻓﻘﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﻤﺮي واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺪﻫﻤﺎﻧﻲ واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﻮس واﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺻﻨﻘﻮر واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ واﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ رﺣﻤﺔ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ أﺛﺮوا اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،وﻛﺎن ﻟﻬﻢ ﺻﻴﺖ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌ ّﺪ ﻣﻦ رﻣﻮز اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات.
ﺷﻬﺮا ً ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻣﻬﻢ وﻳﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮ .ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ وأﻧﺎس آﺧﺮﻳﻦ وﻫﻜﺬا .ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺤﻀﺎرة واﻟﻤﻘﻴﻆ ،ﻳﺮاﻓﻖ اﻟﻘﻮاﻓﻞ راﺟﻼً أو راﻛﺒﺎً إﻟﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﻢ ﻓﻲ واﺣﺎت اﻟﻤﻘﻴﻆ ،ﻓﻴﺴﻠّﻴﻬﻢ ﺑﺸﻌﺮه، ﺣﺘﻲ ﻳﺼﻠﻮا إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،ﻓﻴﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﺸّ ٍﺔ ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﻢ ،إﻟﻰ أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ أﺧﺮى أو اﻟﻌﻮدة ﻣﻊ ﻗﺎﻓﻠﺔ أﺧﺮى« .وﻋﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﻪ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ اﻟﻌﺎﺻﻲ » 65ﻋﺎﻣﺎً« ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻤﺔ ﺑﺄم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ إﻧﻪ ،وﻟﻜﻨﻪ )ﻃﺎ َرز( أي ﻋﻤﻞ ﺣﺮﺳﺎً ﻣﺮاﻓﻘﺎً ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺤﻜﺎم ،ﻓﻌﻤﻞ ﻣﺮاﻓﻘﺎً ﻓﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ ﺣﺎﻛﻢ ﻋﺠﻤﺎن اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﺣﺎﻛﻢ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻷﺳﺒﻖ .وﻋﻤﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻌﻼ ﺣﺎﻛﻢ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ اﻷﺳﺒﻖ واﻟﺸﻴﺦ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ ﺷﻴﺦ اﻟﺤﻤﺮﻳﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎً .وﻳﻘﻮل اﻟﺮاوي ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻌﻠﻴﻠﻲ ﻣﺘﻮﻓﻰ ﻋﺎم 2016م ﻣﻦ ﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ «،إن اﻟﺸﻴﻮخ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘ ّﺮﺑﻮﻧﻪ وﻳﺴﺘﺄﻧﺴﻮن ﺑﻘﺮﺑﻪ ﻛﻮﻧﻪ ﺷﺎﻋﺮا ً ﻓﺤﻼً ﻗﻮﻳﺎً ﻓﻲ ﺷﻌﺮه، اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻔﺎرق ﻣﻨﺎﻃﻖ »اﻟﻘﺮن واﻟﻴﻤﺤﻪ واﻟﻮﻳّﺎﻳﻪ« ﻓﻲ ﺑﺮ أم őĎĬĘĿí ŊñŎŀēã وﻗﺪ ﻋﺎش ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺤﻤﺮاء واﻟﺼﺒﻴﺖ واﻟﻐﺎﺑّﺔ اﺷﺘﻬﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺪ اﻟﻤﺜﻠﻮث واﻟﻤﺮﺑﻮع واﻟﻤﺨﻤﻮس، وﺳﻬﻞ اﻟﺠﺮي ﻓﻲ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ«. وﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﻴﺪ اﻟﺬي ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺎﻓﻴﺔ ،وﻳﻜﺎد ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻳﻐﻄﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻞ ﻗﺼﻴﺪه .وﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ Ŋ÷îijō اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻦ أو ﻟﺤﻦ اﻟﻮﻧّﺔ ،اﻟﺬي أﺑﺪع ﻓﻴﻪ .ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﻤﻪ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺎﺻﻲ :ﻓﻲ ﻋﺎم »1978ﻣﺮض اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺮﺿﺎً ﺷﺪﻳﺪا ً وﻛﺎن ﻗﺪ ﻛﺒﺮ واﺳﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺎﺑّﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺤﻤﺮاء ﺑﺮأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﺒﺮ ،ﻓﻲ ﺻﻨﺪﻗﺔ ﺧﺸﺒﻴﺔ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺑﻌﺾ أﻗﺎرﺑﻪ ﻫﻨﺎك ،ﺣﻴﺚ اﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺮض ،ﻓﻨﻘﻠﻮه إﻟﻰ ﻣﻨﺰل اﺑﻨﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﺴﻠﻤﺔ« ﺑﺄم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،وﻇﻞ ﻣﻊ اﺑﻨﺘﻪ ﺗﺮﻋﺎه ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺣﺘﻰ واﻓﺎه اﻷﺟﻞ اﻟﻤﺤﺘﻮم ﻓﻲ أﺣﺪ أﻳﺎم اﻟﺮﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﻋﺎم 1978م .وﻳﻘﻮل اﻟﺴﻴﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺎﺻﻲ » :ﻛﻨﺖ أﻋﻤﻞ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﻃﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،وإذا ﺑﺒﻌﺾ اﻷﺧﻮة ﻳﻨﻘﻠﻮن ﺟﺜﺘﻪ ﻓﻲ ﺳﻴﺎرة ﺟﻴﺐ، وﺟﺎؤوا ﺑﻪ ﻋﻨﺪي ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺸﺮﻃﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺴﺠﻰ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺄﺧﺬﻧﺎه وﻏﺴﻠﻨﺎه وﺻﻠّﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺗﻢ دﻓﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮة أم إﻟﻰ أﻗﺮب ﻣﺴﺠﺪّ ، اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ رﺣﻤﺔ واﺳﻌﺔ«.
64
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ »اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﺳﺒﻖ ،ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﺒﺎﺑﻪ وأﻧﺠﺒﺖ ﻟﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻨﺎء أﺣﺪﻫﻢ ﻣﻌﺎﻟﻲ د. ﻋﻠﻲ راﺷﺪ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ،إذ ﻳﻜﻮن ﺣﻔﻴﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ .ﺛﻢ ﺗﺰوج ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ إﺣﺪى ﻗﺮﻳﺒﺎﺗﻪ أﻳﻀﺎً ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺤﻤﺮاء ﺛﻢ ﻣﺎ ﻟﺒﺚ أن ﻃﻠﻘﻬﺎ ،واﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ زﻳﺠﺎﺗﻪ ﺗﻠﻚ وﻃﻼﻗﺔ ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻬﻰ ﻋﺎزﺑﺎً وﺣﻴﺪا ً ﺑــﺪون زوﺟــﺔ وﻇﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﻪ .ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻘﻴﺮا ً ﻣﻌﺪﻣﺎً ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻮرد رزق أو دﺧﻞ ،ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﻪ راﻛﺒﺎً وﻣﺘﺠ ّﻮﻻً ﺷﺮﻗﺎً وﻏﺮﺑﺎً وﺷﻤﺎﻻً وﺟﻨﻮﺑﺎً ﻣﺘﻨﻘﻼً ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ وﻣﻦ ﻣﻜﺎنٍ إﻟﻰ آﺧﺮ .وﻟﻤﺎ ﺳﺄﻟﺖ اﺑﻦ ﻋﻤﻪ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ اﻟﻌﺎﺻﻲ » 65ﻋﺎﻣﺎً« ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻤﺔ ﺑﺄم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ زﻳﺠﺎﺗﻪ ﺗﻠﻚ ،أﺟﺎﺑﻨﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻘﻴﺮا ً ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺠﺪ ﻗﻮت ﻳﻮﻣﻪ ،وﻛﺎن ﻳﻬﺪف ﻣﻦ زﻳﺠﺎﺗﻪ أن ﻳﻌﻴﺶ وﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻪ، إﻻ أﻧﻪ ﻳﺘﻔﺎﺟﺄ ﺑﺄن زوﺟﺎﺗﻪ ﻓﻘﻴﺮاتٌ ﻣﺜﻠﻪ، ﻓﻴﻄﻠّﻘﻬﻦ .وﻳﻘﻮل ﻋﻨﻪ» :ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﻛ ّﺪﻳﺪا ً ،إذ ﻟﻢ ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﻐﻮص أﺑﺪا ً ،وﻟﻢ ﻳﻜﺪ اﻹﺑﻞ ﻣﺜﻞ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺒﺎدﻳﺔ ،وﻛﺎن اﻋﺘﻤﺎد ﻋﻴﺸﺘﻪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺼﺎﺣﺔ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻗﻮل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﺰﻳﻞ اﻟﺬي ﻳﺴﻠﺐ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﻌﺬوﺑﺘﻪ ،ﻓﻴﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻄﺎﻳﺎ وﻋﻠﻰ ﻫﺒﺎت اﻵﺧﺮﻳﻦ .وأﺻﺒﺢ ﺑﺸﻌﺮه ﻳﻤﺪح اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻳﻘﻮل اﻟﻤﺪح واﻟﻐﺰل اﻟﺠﻤﻴﻞ ،ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﺗﺤﺐ ﺷﻌﺮه وﺗﺴﺘﻤﺘﻊ إﻟﻴﻪ وﻫﻮ ﻳﻠﻘﻴﻪ ﻓﻴﻜﺮﻣﻮﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ«. ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ )85 ﻋﺎﻣﺎً( ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ رﻓﺎﻗﻪ وﻣﻤﻦ ﻋﺎﺻﺮوه، وﺗﺸﺎﻛﻮا ﻣﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪ؛ » ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻃﻴﺐ اﻟﻘﻠﺐ ﻟﻄﻴﻔﺎً ﺣﻤﻴﻤﺎً، ﻳﻬﻮى اﻷﻟﻔﺔ واﻟﺮﻓﻘﺔ وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﺎس ،ﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻨﺰﻻً ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﻗﻂ، وﻛﺎن داﺋﻢ اﻟﺘﻨﻘﻞ راﺟﻼً أو راﻛﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻗ ٍﺔ أو ﺟﻤﻞ إن ﺗﻮﻓﺮا ﻋﻨﺪه ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻳﻤ ّﺮح ﺟﻤﻠﻪ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ وﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻬﻢ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺸﺎء ﻳﻮﻣﺎً أو أﺳﺒﻮﻋﺎً أو
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
63
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
ﻋﺎش ﻣﺘﻨﻘ ًﻠﺎ وﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻨﺰ ًﻟﺎ ﻃﻮل ﺣﻴﺎﺗﻪ
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ »اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ« ŒīōčĐńĿí Ċńăã Ċėíč ĉ
Ŋ÷ĎŔēō Ŋ÷îŔă
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻣﻌﻜﻢ إﺧﻮاﻧﻲ اﻷﻋﺰاء ﺑﺸﺎﻋ ٍﺮ ﻣﻦ ﻓﺤﻮل ﺷﻌﺮاء اﻟﻨﺒﻂ ﻓﻲ اﻹﻣــﺎرات ،ﺷﺎﻋﺮ وﻟﺪ وﻋﺎش وﻣﺎت ﻓﻘﻴﺮاً ،ﺷﺎﻋﺮ ﺗﺤﺪّ ى ﺑﺸﻌﺮه اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﺷﺎﻋ ٌﺮ ﺗﻐ ّﻨﻰ ﺑﺸﻌﺮه اﻟﻔﻨﺎن ﻋﻠﻲ ﺑﻦ روﻏﻪ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت دﺧﻮﻟﻪ ﻣﺠﺎل اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺄﻏﻨﻴﺘﻪ اﻟﻤﺸﻬﻮرة »ﻳﺎ ﺑﻮﻣﻴﻴﺪ اﺛﻨﻴﺖ ﺟﻴﻞ« .ﺷﺎﻋ ٌﺮ ﻛﺎن ﻳﺤﺴﺐ ﻟﻪ اﻟﺸﻌﺮاء أﻟﻒ ﺣﺴﺎب ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺳﺠﺎل اﻟﺸﻌﺮ وﺷﻜﺎوﻳﻪ .إﻧﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ.
وﻟﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ ﻓﻲ ﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻷب ﻳﺪﻋﻰ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ »اﻟﻌﻮﻳﺎن« ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ آل ﺑﻮﺷﺎﻣﺲ اﻟﻜﺮام وﻣﻔﺮدﻫﻢ »ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ« ،وﻗﺪ ﻟﻘﺐ »اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ« ﺗﺼﻐﻴﺮا ً ﻻﺳﻤﻪ ﺧﻠﻴﻔﻪ ،وﻫﻮ اﻟﻠﻘﺐ اﻟﺬي اﺷﺘﻬﺮ ﺑﻪ ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻪ .أﻣﺎ اﻟﺴﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺳﻴﻒ اﻟﺸﺎﻋﺮ » 100ﻋﺎم« ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻠﻤﺔ ﺑﺄم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ وﻗﺪ ﻋﺎش ﻣﻌﻪ وﻳﻌﺮﻓﻪ ﺣﻖ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻓﻴﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻳﻜﺒﺮه ﺳﻨﺎً ،وﻳﻈﻦ أﻧﻪ وﻟﺪ ﻓﻲ »اﻟﺤﻤﺮﻳﺔ« اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ. وﺗﺮﺟﻊ أﺻﻮل واﻟﺪﺗﻪ إﻟﻰ ﻧﻔﺲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ وﻫﻲ )اﻟﻌﻮﻳﺎن( ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﺸﻮاﻣﺲ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ .ﻟﻪ ﻣﻦ اﻷﺧﻮة أ ٌخ واﺣﺪ ﻳﺪﻋﻰ ﺧﻠﻔﺎن ،أﻛﺒﺮ ﻣﻨﻪ ﺳﻨﺎً ،ﻟﻢ ﻳﻌﻘﺐ وﺗﻮﻓﻲ ﻗﺒﻠﻪ. ﺗﺰ ّوج ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻋﺪة ﻣﺮات ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺰوج ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻦ إﺣﺪى ﻗﺮﻳﺒﺎﺗﻪ وأﻧﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ اﺑﻨﺔ .وﻟﻢ ﺗﻄﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻌﻬﺎ إذ ﻛﺎن ﻓﻘﻴﺮا ً ﻣﻌﺪﻣﺎً ﻓﻄﻠﻘﻬﺎ ،وأﺧﺬ ﻣﻌﻪ ﻃﻔﻠﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ أﻗﺎرﺑﻪ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺒﺮت ﺗﺰ ّوﺟﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟﻲ راﺷﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ
62
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ اﻟﻤﻠﻘﺐ »اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ«
وﻫﻮ اﻟﻤﻐﺘﺮب ﻋﻦ ﻟﺒﻨﺎن وﺑﻼد اﻟﻌﺮب ﻟﻌﻘﻮد ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ، ﻛﺎن ﻳﺤﻔﻆ ﺷﻌﺮا ً ﻷﺣﻤﺪ اﻟﺼﺎﻓﻲ اﻟﻨﺠﻔﻲ ،ﻛﺎن ﻗﺎﺋﻠﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ ﻧﺴﻴﻪ ،وﻗﺪ ﻗﺮأه اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺿﻌﻮن ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻋﻠﻰ ﺳﻤﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺠﻔﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺐ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﺸﺘﺮك ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻫﻮ رﺟﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ أﻟﺒﻴﺮ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ .ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﺗﻔﺎﺟﺄ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺮاﻗﻲ، إذ ﺣﺴﺒﻪ ﺑﺰﻳّﻪ اﻟﺒﺪوي اﻟﺒﺴﻴﻂ واﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ ذا ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺠﻬﻮﻻً، وﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ اﺳﺘﺪرك اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﻀﻴﻒ ،ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻜﺘﺐ اﻷﻣﺮ، ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف إﺟﻼﻻً ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ،وأﺟﺮى ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ اﻟﺘﻌﺎرف اﻟﻤﺄﻟﻮف، ﻓﺘﺼﺎﻓﺤﺎ وﺗﻔﺎﺗﺤﺎ ،ﺛﻢ ﺟﻠﺲ اﻟﻨﺠﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﻌﺪ ﻃﺎوﻳﺎً ﺳﺎﻗﻴﻪ، ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺣ ّﺮر ﻗﺪﻣﻴﻪ اﻟﻌﺎرﻳﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻧﻌﻠﻴﻪ. وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺿﻌﻮن» :واﺳﺘﻬﻠﻠﺖ ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻣﻊ اﻟﻨﺠﻔﻲ ﺑﺬﻛﺮ أﺑﻴﺎت ﻟﻪ ﻛﻨﺖ ﻋﺜﺮت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮض ﻣﻄﺎﻟﻌﺎﺗﻲ ،ﻓﺄﻋﺠﺒﺘﻨﻲ ،وﺣﻔﻈﺘﻬﺎ، ﻷﻧﻬﺎ ﺻ ّﻮرت ﻟﻲ ﺷﺎﻋﺮا ً ﺻﻨﻮا ً ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺰوف ﻋﻦ اﻟﻤﺎدة ،إﻻّ ﻣﺎ وأﻇﻞ ،ﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة اﻟﻔﺮق اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ أرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﻲ ﻓﺎت ﻣﻨﻬﺎ وﺳﺘﺮ ّ اﻟﻈﺎﻫﺮة وﺷﻌﺒﻴﺘﻪ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺧﺠﻠﺖ أﻣﺎﻣﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ ،ﻟﺬﻟﻚ ِ أﻧﺴ ُﺖ إﻟﻴﻪ ورﺣﺒﺖ ﺑﻪ ،وراح ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻜﺘﺐ ﻳﺮاﻗﺐ ﺣﺮﻛﺎﺗﻨﺎ ،وﻳﺼﻐﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل ﺟﺬﻻً ﻣﻐﺘﺒﻄﺎً ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮوق ﻟﻌﺎﻗﻞ أن ﻳﺮى ﻣﺠﻨﻮﻧﻴﻦ ﻳﺘﺒﺎدﻻن اﻵراء .أﻣﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﺑﻴﺎت ﻓﻬﻲ: ﻣﺸﻜﻞ ﻣـــﻌﻜﻢ ٌ ﻳﺎ ﻗﻮم ﻣـــــﺎ ﻟﻲ ﻟﻘﺪ اﻗﺘﺴــــﻤﻨﺎ واﻧﺘــــﻬﻰ اﻷﻣـــﺮ ﻟﻜﻢ اﻟﺜﻤـــــــﺎر ﺗﺒــــﺎع راﺑﺤــــﺔ وﻟﻲ اﻟﻤﺮوج اﻟﺨﻀـــــﺮ واﻟــــﺰﻫﺮ وﻟﻜــﻢ ﺳـــــــﻔﺎﺋﻨﻜﻢ ﻣﺤـــــﻤﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻣـــﺎﺧﺮة ،وﻟــــﻲ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﻘﺼـــﺮ ﻟـــــــﻲ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﺎﻇـــﺮه وﻟﻜﻢ أﺛــــﺎث اﻟﻘـــﺼﺮ واﻟﻘـــﺼﺮ وﻟﻜﻢ ﻣـــــﺪﻳﻨﺘﻜﻢ وﻣــــﺎ ﺿـ ّﻤﺖ وﻟﻲ اﻟﻨﺴﻴﻢ اﻟﺤـــﻠﻮ واﻟﻌﻄـــــــﺮ اﻟﺮوح ﻟﻲ ،ﻓﺨﺬوا اﻟﺠﺴﻮم ﻟﻜــــﻢ دﻧﻴﺎﻛﻢ ﻟﻜﻢ ،وﻟـــــــﻲ اﻟﺸﻌـــــﺮ وراح اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺿﻌﻮن ﻛﻠﻤﺎ رﺳﻢ ﺻﻮرة ﻧﺜﺮﻳﺔ ﻣﻨﻪ ﺗ ُﻌﺮب ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ وآراﺋﻪ وﻣﺒﺎدﺋﻪ ،ﻳﺄﺗﻴﻪ اﻟﺠﻮاب ﻓﻮرا ً ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺳﻠﺴﺔ - ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺠﻔﻲ -ﻻ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﻓﻴﻬﺎ وﻻ ﺗﻌﺎﻇﻞ وﻻ إﺑﻬﺎم ،ﺣﺘﻰ أزِف ﻣﻮﻋﺪ اﻹﻧﺼﺮاف .ﻓﻘﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺠﻔﻲ :أﺳﺘﻮدﻋﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺳﺎدة ،ﻓﻜﺎن اﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﺑﺎﻟﺪارﺟﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ» :ﺑﻜﻴﺮ ﺑﻌﺪ..
ﻗﻠﺐ اﻟﻜﻼم
إﻟﻰ أﻳﻦ؟! ..ﻗﺎل اﻟﻨﺠﻔﻲ«:إﻟﻰ ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻮم ،ﻛﻲ ﻳُﻄﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﺑﺂﻟﺔ ﺟﺴﺪﻧﺎ اﻟﺘﻌﺒﻰ ،ﺣﺘﻰ ﺗﻈﻞ ﺗﻀﺦ ﺷﻌﺮا ً ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس واﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎﺋﻬﺎ .ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺿﻌﻮن: ﻟﻠﻪ د ّرك ﻳﺎ ﺷﺎﻋﺮي ،أﻧﺖ ﻗﻠﺘﻬﺎ وﻧﺤﻦ أﻳﻀﺎً ﻧﻌﻤﻞ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ آﻟﺘﻨﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﻨﺎ أن ﻧﺴﺨّﺮ أﻧﻔﺴﻨﺎ اﻟﻤﻨﻬﻜﺔ ﻟﻠﺴﺒﺐ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ّ وﻧﺮﻳﺢ أﺟﺴﺎدﻧﺎ ﻷﺟﻠﻪ. ﻫﻜﺬا ،ﺟﻤﻴﻞ أن ﻳﻌﺘﺮف ﺷﺎﻋﺮ ﺑﺸﺎﻋﺮ آﺧﺮ اﻋﺘﺮاف اﻹﺑﺪاع ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع؛ ﻓﺬاك ﻳَ ِﻨ ّﻢ ﻋﻦ ﺛﻘﺔ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﺑﺈﺑﺪاﻋﻬﻤﺎ .وﻗﺒﻞ اﻹﻧﺼﺮاف »أﺣﺐ ﺷﻌﺮاء ﺑﻠﺤﻈﺎت ،ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺠﻔﻲ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺿﻌﻮن: ّ ﻣﻨﻔﻰ اﻟﻌﻴﺶ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻐﺘﺮﺑﺎت اﻷرض ،وأﻧﺖ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﻬﻼ أﺳﻤﻌﺘﻨﻲ ﺷﻌﺮا ً ﻣﻨﻚ ﻳُﻌ ّﺪل ﻣﺰاﺟﻲ ..ﻓﻠﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ أﻧﻚ ﺷﺎﻋﺮ ّ ﺳﻴﺎﺳﻲ وﻃﻨﻲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺧﻮﺿﻚ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺨﺼﻮﺻﻲ ،ﻏﺰﻻً وﻓﻠﺴﻔﺔ وﺟﻮد«. ودوﻧﻤﺎ ﺗﻌﻠﻴﻖ ،ﻗﺮأ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺿﻌﻮن أرﺑﻌﺔ أﺑﻴﺎت ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﺤ ّﺪﻳﺔ وﻏﻴﺮ ﻫ ّﻴﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ واﻟﻤﺼﻴﺮ: اﺳـــﺘﻘﻞ ﻓﻘـــﻠﺖ ﺷـﻲء ﺣﺎﺻﻞ ْ ﻗﺎﻟﻮا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﺤﻠﻴﻖ اﻟﻨﺴـــــــﻮر ﺟــــﺪﻳﺪا ﻟﺒﻨﺎن ﻓــــــﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ُﻣﺴـــ ّﻮد أﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠــﺪﻳﺪ ُﻣـــﺴ ّﻮدا؟ ﻣـــــــﺎ ّ ذل ّإﻻ ﻟﻺﻟـــــــﻪ ﺗـــــــﻌ ّﺒﺪا ﻻ ُﻳﺤـﺴﺐ اﻟﻤﺘﻌﺒـــــ ّـﺪون ﻋـــــﺒﻴﺪا أﺑﻨﺎؤه ﻣـــــﺜﻞ اﻟﻨــــــﺠﻮم ﺗﻨــــﺎﺛﺮوا وﻏﺪوا ﻟﻪ ﺧﻠﻒ اﻟﺒــــــﺤﺎر ﺟــــﻨﻮدا @ ﺷﺎﻋﺮ وﻣﺘﺮﺟﻢ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎن
ﻣﻘﻬﻰ اﻟﺤﺎج داود ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻴﺞ اﻟﺰﻳﺘﻮﻧﺔ -ﺑﻴﺮوت
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
61
رَ ِﻏﺒﺎ ﺑﻄﻮل اﻟﻌﻤﺮ 0ﺟﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻘﻂ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺿﻌﻮن ،ﺷﺎﻋﺮ ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ ﻣﻬﺠﺮي أﺻﻴﻞ وﻃﺮﻳﻒ ) ،(1966 - 1883ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻮق اﻟﻤﺌﺔ ﻋﺎم ،ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻐﺎدر ﻫﺬه اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺤﺎدث ﺳﻴﺎرة أودى ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎوﺑﺎوﻟﻮ اﻟﺒﺮازﻳﻠﻴﺔ. أﻣﺎ ﻟﻤﺎذا ﻛﺎن واﺛﻘﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﻄﻮﻳﻞ؟ ..ﻓﻸﻧﻪ ﻛﺎن ،وﺑﻌﺪ ﺳﻦ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪا ً ،ﻣﻌﺘﺪﻻً ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً :ﻓﻲ ﻃﻌﺎﻣﻪ وﺷﺮاﺑﻪ ،ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻪ وﻳﻘﻈﺘﻪ ،ﻓﻲ اﻗﺘﺼﺎد ﻏﺮﻳﺰﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮه اﻟﺰوﺟﻲ ،ﻓﻲ ﻋﺪم إﺟﻬﺎد ﻧﻔﺴﻪ وإﻋﻤﺎل رأﺳﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺘﻪ، ﺑﺘﺠ ّﻨﺒﻪ اﻻزدﺣﺎم اﻟﺒﺸﺮي واﻹﺧﻼد ﻣﺎ أﻣﻜﻦ إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﺑﻤﺰاوﻟﺘﻪ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻤﺸﻲ وﻋﺪم اﻟﺮﻛﻮن ﻟﻠﺒﻼدة واﻟﺴﻜﻮن ،ﺑﻮﺛﻮﻗﻪ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ اﺑﻦ ﺳﻼﻟﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻟﻌﻤﺮ ،ﻻ ﺗﻘﺼﻔﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻷوان اﻷﻣﺮاض اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ،ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻮراﺛﺔ اﻟﺒﺪﻧﻴﺔ اﻟﺼﻠﺒﺔ اﻟﻌﺘﻴﺪة .وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﺣﺴﺎﺑﺎً ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ،إﻻّ ﻟﻤﻮﺗﻪ ﺑﺤﺎدث ﺳﻴﺎرة أرﻋﻦ وﻣﻔﺎﺟﺊ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎل وﻫﻮ ﻳﻠﻔﻆ أﻧﻔﺎﺳﻪ اﻷﺧﻴﺮة ،ﻟﻤﻦ ﺑﻘﻲ ﺣﻴّﺎً ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ» :ﻫﺬا ﻣﺎ ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أن أﻋﻤﻞ ﻟﻪ ﺣﺴﺎﺑﺎً ..ﻋﻔﻮك ﻳﺎ رب، ﺣﻘﺎً إن اﻷﻋﻤﺎر ﺑﻴﺪك ﻻ ﺑﻴﺪ ﻋﺒﻴﺪك ،ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻮ ّﻫﻤﻮا واﺳﺘﻮﺛﻘﻮا، وﺗﺒﺼﺮوا وﺗﺬاﻛﻮا واﺣﺘﺎﻃﻮا وﺗﺠ ّﻨﺒﻮا« .وﻣﻊ أن ﻫﺬا وﺻﺎﻟﻮا وﺟﺎﻟﻮاّ ، اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺪ ﻋ ّﻤﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء ﺟﻴﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺘﺮﺑﺎت، وﻛﺘﺐ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ أدب اﻟﺴﻴﺮة ﺑﻌﻨﻮان» :ﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ«، أورد ﻓﻴﻪ إن اﻟﺤﻴﺎة ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ،ذاﻛﺮا ً أن اﻟﺬي ﺣ ّﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺠﺎزم ،أﺣﺪ اﻟﻤﺘﻔﺎﺋﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻐﺮب ،وﻗﺪ أﺻﺪر ﻛﺘﺎﺑﺎً ﺟﻌﻞ ﻋﻨﻮاﻧﻪ» :اﻟﺤﻴﺎة ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﻴﻦ« ،ﻓﺄﻧﻌﺶ ﺑﺘﻔﺎؤﻟﻪ آﻣﺎل اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻤﻦ ﺑﻠﻐﻮا ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻦ أو ﺟﺎوزوﻫﺎ ،وﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﺿﻌﻮن ،اﻟﺬي ﻋﻠّﻖ ﻗﺎﺋﻼً» :ﻛﺎن اﻟﺬي ﻧﺒّﻬﻨﻲ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺤﻴﻮي ،دﺧﻮﻟﻲ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ، وأﻧﺎ ﻻ أزال أﺗﻤﺘّﻊ ﺑﺤﻴﻮﻳﺔ وﻧﺸﺎط وزﻫﻮ اﺑﻦ ﺧﻤﺴﻴﻦ ،ﺣﺘﻰ أن أﺣﺪ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ اﻷدﺑﺎء ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺑﻠﻐﺘﻪ ﻋﺰﻣﻲ ﻋﻠﻰ إﺻﺪار ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻫﺬا ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﻠﻮﻏﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ،ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﻟﻚ أن أﺑﺪى اﺳﺘﻐﺮاﺑﻪ
60
ر َِﻏﺒﺎ ﺑﻄﻮل اﻟﻌﻤﺮ ﺟﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻘﻂ
أﺣﻤﺪ ﻓﺮﺣﺎت @
وأﻋﺮب ﻟﺼﺪﻳﻖ ﻟﻨﺎ ﺷﺎﻋﺮ ﻋﻦ ﺷﻜّﻪ ﻓﻲ ﺻﺪق ﻗﻮﻟﻲ ،ﻋﺎزﻳﺎً إﻳﺎه إﻟﻰ ﺷﻐﻔﻲ ﺑﻤﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻣﺎ ﺗﻮاﺿﻌﻮا ﻋﻠﻴﻪ ،ﻻﻋﺘﻘﺎده أﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ واﻟﺴﺘﻴﻦ. واﺳﺘﻨﺎدا ً إﻟﻰ ﺷﻌﻮري ﻫﺬا رأﻳﺖ أن أﺗﺨﻄّﻰ اﻟﺤ ّﺪ اﻟﺬي وﺿﻌﻪ ذﻟﻚ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﺜﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻟﻌ ّﺪة ،ﻣﻊ إﻧﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﺪﻟﻴﻦ ،ﺑﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺮﻃﻴﻦ ﺣﺘﻰ داﻧﻴﺖ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ؛ وﻟﻢ أﻋﺘﺪل وأﻧﻈّﻢ ﻣﻌﻴﺸﺘﻲ وأﺗﺒﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺼﺤﻴﺔ ّإﻻ ﺑﻌﺪﻫﺎ«. أﻣﺎ ﻟﻤﺎذا ﻛﺎن ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺿﻌﻮن ﻳﻨﺸﺪ ﻃﻮل اﻟﻌﻤﺮ وﻳﻌﻤﻞ ﺣﺜﻴﺜﺎً ﻟﻪ؟ ﻓﻸﺟﻞ ﺷﻲء واﺣﺪ ﻓﻘﻂ ،ﻫﻮ »ﺣﺐ اﻟﺸﻌﺮ واﻻﺳﺘﺰادة ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ« ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪﻧﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﺎﺋﻠﻪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻷدﻳﺐ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ اﻟﺮاﺣﻞ أﺣﻤﺪ أﺑﻮ ﺳﻌﺪ ،وﻫﻮ أﻣﻴﻦ ﻋﺎم أﺳﺒﻖ ﻻﺗﺤﺎد اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﻴﻦ ،وﺻﺪﻳﻖ ﺷﺨﺼﻲ ﺣﻤﻴﻢ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ ،وﻛﻠﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻠﺘﻘﻮن ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻧﺰﻳﻞ ﺑﻴﺮوت اﻟﺪاﺋﻢ :أﺣﻤﺪ اﻟﺼﺎﻓﻲ اﻟﻨﺠﻔﻲ ،وذﻟﻚ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﺎم ،1976وﻫﻮ ﻋﺎم إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻨﺠﻔﻲ ﺑﺮﺻﺎص ﻗ ّﻨﺎص ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ،اﺳﺘﺪﻋﺘﻪ اﻟﺴﻔﺮ اﻟﻌﺎﺟﻞ إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ﻟﻴﻤﻮت ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً. أﻣﺎ ﻣﻜﺎن اﻟﻠﻘﺎء اﻷﺛﻴﺮ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﺸﻌﺮاء واﻷدﺑﺎء ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت، ﻓﻜﺎن ﻣﻘﻬﻰ اﻟﺤﺎج داود ،اﻟﺮاﺑﺾ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺟﺴﺮ ﻣﻦ ﺧﺸﺐ ﻳﻤﺘﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﻴﺎﺑﺴﺔ واﻟﺒﺤﺮ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﺰﻳﺘﻮﻧﺔ« اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﺮف ﻟﺒﻨﺎن وأﺟﻮاءه اﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﺮﻏﻮﺑﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﻤﺸﺆوﻣﺔ .وﻗﺪ ﻓﺮض ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺪﻗﺎء اﻟﺸﻌﺮاء ﻛﻠّﻬﻢ، اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺠﻔﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﻴﺐ ﻟﻪ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻴﻪ وﻳﺮﺗﺎح ﻟﻪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻘﻬﻰ واﻟﻨﺎدﻟﻮن.روى ﻟﻲ أﺣﻤﺪ أﺑﻮﺳﻌﺪ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ أﺣﻤﺪ اﻟﺼﺎﻓﻲ اﻟﻨﺠﻔﻲ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ،ﻛﺎن ﻳﺘﻤ ّﻨﻰ أن ﻳﻄﻮل ﻋﻤﺮه وﻳﺘﻌ ّﺪى ﺳ ّﻦ اﻟﻤﺌﺔ »ﻛﻲ ﻳﻨﺸﺪ اﻟﺸﻌﺮ ،وﻳﺘﺮﺟﻢ ﻟﻌﻈﻤﺎﺋﻪ ،ﺑﻌﺪ ﻋﻤﺮ اﻟﺨﻴﺎم ..ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ﻣﺒ ّﺮر وﺟﻮده وﻣﻌﻨﺎه ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﺰاﺋﻠﺔ« .وأﻓﺎدﻧﻲ اﻷدﻳﺐ أﺑﻮ ﺳﻌﺪ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺿﻌﻮن،
اﻟﻤﺼﺎدر: - 1ﺟﺮﻳﺪة اﻹﻣﺎرات اﻟﻴﻮم ،اﻟﻌﺪد اﻟﺼﺎدر ﺗﺎرﻳﺦ 20ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ،2015ﻣﺆﺳﺴﺔ دﺑﻲ ﻟﻺﻋﻼم. - 2ﺟﺮﻳﺪة اﻻﺗﺤﺎد ،ﻣﻘﺎل رﺣﻼت اﻟﺤﺞ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ،اﻟﻌﺪد اﻟﺼﺎدر ﺑﺘﺎرﻳﺦ .2015 / 9 /22
- 3ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﻣﻠﺤﻖ ﺗﺮاث اﻟﺤﺞ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ -أﻫﺎزﻳﺞ وأﻛﻼت. - 4ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻮﻋﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ،اﻟﻌﺪد ،591ذي اﻟﻘﻌﺪة 1435ﻩ ،ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم ،2014ﻣﻠﻒ ﺧﺎص ﻋﻦ رﺣﻼت اﻟﺤﺞ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ. ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
59
śĔŘǚē įĔżĜijē
رﺣﻠﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺪﻳﺎر ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أﻳﺴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ رﺣﻠﺔ اﻟﺬﻫﺎب ،ذﻟﻚ ﻷن اﻟﺤﺎج ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺮاﺣﺔ وﺳﻌﺎدة ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ،ﻣﻦ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ أداء ﻓﺮﻳﻀﺔ اﻟﺤﺞ أﺣﺪ أرﻛﺎن اﻹﺳﻼم، واﻛﺘﺤﻠﺖ ﻋﻴﻨﺎه ﺑﺮؤﻳﺔ ﺑﻴﺖ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺮام ،ﻓﻴﻘﻮم ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺸﺮاء اﻟﻬﺪاﻳﺎ ﻟﻸﻫﻞ واﻟﺠﻴﺮان ،وﻫﺬه اﻟﻬﺪاﻳﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﺢ ،وﺳﺠﺎﺟﻴﺪ اﻟﺼﻼة، وإﺣﻀﺎر ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﺎء زﻣﺰم ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻳﺠﺐ أن ﻳﺮﺗﻮي ﻣﻨﻪ ﻛﻞ أﻓـﺮاد اﻟﺤﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻄﻦ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺎج ،وﻣﻊ اﻗﺘﺮاب وﺻﻮل اﻟﻘﺎﻓﻠﺔ إﻟﻰ أرض اﻟﻮﻃﻦ ،ﻳﻈﻬﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻤﻄﺮاش أو اﻟﻤﺒﺸﺮ ،وﻫﻮ ﺷﺨﺺ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻤﺴﺎرﻋﺔ ﻹﺑﻼغ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﺑﻮﺻﻮل اﻟﺤﺠﻴﺞ ،ﻟﻘﺎء ﻫﺪاﻳﺎ رﻣﺰﻳﺔ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺳﺮ اﻟﺤﺠﺎج، ﻧﻈﻴﺮ ﻫﺬه اﻟﺒﺸﺮى اﻟﺴﻌﻴﺪة ،ﻓﻴﺨﻴﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻔﺮح واﻟﺴﺮور ،ﺛﻢ ﻳﺒﺪأ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻬﻢ ﺑﺮﻓﻊ اﻟﺮاﻳﺎت اﻟﺨﻀﺮاء ،ﻋﻠﻰ أﺳﻄﺢ ﻣﻨﺎزل اﻟﺤﺠﺎج، واﺧﺘﻴﺎر اﻟﻠﻮن اﻷﺧﻀﺮ ﻟﻬﺬه اﻟﺮاﻳﺎت ،ﻳﻤﺜﻞ رﻣ ًﺰا ﻟﻠﻄﻬﺎرة ،اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﺎج ﺑﺄداﺋﻪ ﻟﻔﺮﻳﻀﺔ اﻟﺤﺞ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﻮن اﻟﺠﻨﺔ ،وﻓﻮر وﺻﻮل اﻟﺤﺎج اﻟﺤﻲ ،ﻳﺒﺪأ اﻷﻫﺎﻟﻲ واﻟﺠﻴﺮان ﺑﺈﻃﻼق ﻋﺪد ﻣﻦ ﻃﻠﻘﺎت ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت إﻋﻼﻧًﺎ ﻋﻦ وﺻﻮﻟﻪ ،ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻨﺜﺮ اﻟﻨﺜﻮر ،وﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﻠﻮﻳﺎت وﻣﻜﺴﺮات وأوراق زﻫﻮر ﺧﻀﺮاء ،وﺑﻌﺾ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺜﺮ ﻓﻮق اﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻠﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻐﻨﻲ اﻷﻫﻞ واﻷﻗﺎرب ﺑﻌﺾ اﻷزﻫﺎﻳﺞ ﺗﺮﺣﺒﻴًﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮدة ،ﺛﻢ ﻳﻘﻮم اﻟﺤﺎج ﺑﺎﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻤﻬﻨﺌﻴﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻀﺮون ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻬﺎ إﻟﻰ أﻫﻞ اﻟﺤﺎج ،ﻣﺜﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ واﻟﻠﺤﻢ ،وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻳﻘﻮم اﻟﺤﺎج ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻬﺪاﻳﺎ اﻟﺘﻲ أﺣﻀﺮﻫﺎ ﻣﻌﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﻣﺎء زﻣﺰم اﻟﻤﺒﺎرك، وﻣﺴﺎﺑﺢ واﻟﻘﺤﻄﻨﻴﺎت )أﻏﻄﻴﺔ اﻟﺮأس( ،وﺑﻌﺾ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ
58
رﺣﻼت اﻟﺤﺞ ا8ﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ..ﻃﻘﻮس وﻋﺎدات
واﻟﺤﻠﻮى اﻟﺘﻲ ﻳﻔﺮح وﻳﺴﻌﺪ ﺑﻬﺎ أﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﺠﻴﺮان .رﻏﻢ ﺗﻘﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وزﺣﻒ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﺗﺼﺎﻻت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،اﻹ أﻧﻪ ﻣﺎزال اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﻴﻮم ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﻄﻘﻮﺳﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻳﻌﻴﺸﻮن أﺟﻮاءﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻷﺟﺪاد، رﻏﺒﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﺪﺛﺎر ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ أﺻﻴﻼ ،ﻳﺠﺐ أن ﻳﻤﺘﺪ إﻟﻰ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺟﺰ ًءا ﺣﻴًﺎ وﺗﺮاﺛ ًﺎ ً @ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺧﻮر ﻛﻠﺒﺎء ،وﻗﺪ ﺣﺞ 32ﻣﺮة ،وﺑﺤﻜﻢ اﻟﺨﺒﺮة اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة رﺣﻼت ﻣﻘﺎوﻻ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺤﺞ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ،أﺻﺒﺢ ً ﺣﺠﺎج اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،ﻋﻤﻮ ًﻣﺎ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ،ﻓﻜﺎن ﻳﺠﻤﻊ وﺧــﻮر ﻛﻠﺒﺎء ً اﻟﺤﺠﺎج وﻳﻨﻘﻠﻬﻢ ﺑﺴﻴﺎرات ﺷﺤﻦ ﻛﺒﻴﺮة إﻟﻰ دﺑﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺴﻔﻦ ،إﻟﻰ اﻟﺨﺒﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺗﺴﺘﻐﺮق ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ ﺷﻬﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﺷﻬﺮﻳﻦ وﻧﺼﻒ، وﻛﺎﻧﺖ أﻳﻀً ﺎ ﻳﻜﺘﻨﻔﻬﺎ ﻣﺸﻘﺔ وﻋﻨﺎء ﺷﺪﻳﺪان ،وﻳﻘﺺ ﺻﺎﺣﺐ أﺷﻬﺮ رﺣﻼت اﻟﺤﺞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ أﺣﻤﺪ ﻧﺼﻴﺐ ،أﻟﻮاﻧﺎً ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺸﻘﺔ ﻓﻲ إﺣﺪى رﺣﻼﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺖ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎج ،داﺧﻞ ﺷﺎﺣﻨﺔ ﻛﺒﻴﺮة óĉŎĬĿí ôăĎij ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ،ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ،ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺪ أداء اﻟﺤﺎج ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ ،ﺗﺒﺪأ اﻟﺤﺮارة اﻟﺸﺪﻳﺪة ،واﺗﺴﺎع اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻣﻠﻴﺔ واﻟﻄﺮق اﻟﻮﻋﺮة ،وﻫﻢ ﻳﺠﻠﺴﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻮﻟﺔ اﻟﺸﺎﺣﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻄﺐ، اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ﻟﻠﻄﺒﺦ ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺎت اﻻﺳﺘﺮاﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ، إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﻄﺐ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺪور، وﺣﻘﺎﺋﺐ اﻟﺤﺠﺎج وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻛﺎن ﻣﻌﻈﻢ ﻟﻴﻼ ﻟﺘﺠﻨﺐ ﺣﺮارة اﻟﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﺸﺎﺣﻨﺔ ً اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺸﺪﻳﺪة ،وﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻼ ﺗﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﻜﺘﺸﻒ اﻟﺴﻴﺎرة ً اﻟﺴﺎﺋﻖ ﻣﻊ ﺑﺰوغ اﻟﻔﺠﺮ ،أﻧﻪ ﺗﺎﺋﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻓﻴﻀﻄﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻮدة ،ﻟﻴﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
57
śĔŘǚē įĔżĜijē þĄĿí ĵĎģ
أﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮق اﻟﺴﻔﺮ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺴﻠﻜﻬﺎ اﻟﺤﺎج اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺮ ﻋﺒﺮ وﺳﻴﻠﺘﻴﻦ ،اﻷوﻟﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺒﺮﻳﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻮاﻓﻞ اﻟﻤﺘﺠﻬﺔ ﻟﻠﺤﺞ ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻐﺮب ،ﺣﺘﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺣﺪود اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺴﺘﻐﺮق ﻧﺤﻮ أﺳﺒﻮﻋﻴﻦ ﺗﻘﺮﺑﻴًﺎ ،ﺛﻢ ﻳﺘﻮﺟﻪ اﻟﺮﻛﺐ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻷﺣﺴﺎء ،ﺛﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﻳﺎض ،اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ ﻧﺤﻮ أﻟﻒ ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮ ،وﻫﻲ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟ ًﺪا ﺗﻮازي ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻗﻄﻌﻪ اﻟﺤﺎج ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻤﺮون ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ،ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ،ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺌﺮ ﻟﻠﻤﺎء ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻻﻏﺘﺴﺎل وﺗﻮﻓﻴﺮ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ،ﺛﻢ ﻳﺒﺪأ اﻹﺣﺮام وﻣﻌﻬﺎ ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ، وﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﺨﻴﻞ ﻋﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺒﺮي اﻟﻄﻮﻳﻞ ،اﻷﻫﻮال اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﺤﺎج ،ﺧﻼل اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﻌﺐ وﻣﺸﻘﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ،ﻫﺬا إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪم اﻷﻣﺎن ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻐﺎرات اﻟﻠﺼﻮص وﻗﻄﺎع اﻟﻄﺮق ،ﻛﻤﺎ أن ﻗﻴﺎدة ﻗﻮاﻓﻞ اﻟﺤﺞ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺳﻬﻠﺔ ،وﻛﺎن ﻳﺘﻢ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺨﺒﺮاء ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺟﻴ ًﺪا اﻟﻄﺮق وأﻣﺎﻛﻦ آﺑﺎر اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺸﺮب ،وأﻣﺎﻛﻦ ﺗﻮاﻓﺮ اﻟﻜﻸ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻋﻰ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﺑﻞ ،وﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻂ ﻣﻦ اﻟﺮاﺣﺔ ﻗﺒﻞ اﺳﺘﻜﻤﺎل اﻟﻤﺴﻴﺮ.
íÒĎĄñ ôŀăĎĿí
أﻣﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻷﺧﺮى ﻓﻄﺮﻳﻖ اﻟﺒﺤﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺠﺎج ﻳﻔﻀﻠﻮن ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻷﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ أﻣ ًﻨﺎ وراﺣﺔ ﻣﻦ ﻋﺒﻮر اﻟﺼﺤﺮاء ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻘﻠﻮن اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺸﺮاﻋﻴﺔ واﻟﺒﺨﺎرﻳﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ ﺟﺰﻳﺮة دﻟﻤﺎ إﻟﻰ ﺑﺤﺮ ﻋﻤﺎن ،ﺛﻢ اﻟﻴﻤﻦ وﺟﺪة ،أو ﻣﻦ دﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﺪﻣﺎم ﺛﻢ ﻳﻜﻤﻠﻮن ﺑ ًﺮا إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة وﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ أﻳﻀً ﺎ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﻮل اﻟﺴﻔﺮ واﻟﻌﻮاﺻﻒ اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض اﻟﺴﻔﻦ ﻟﻠﻐﺮق ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻣﺮاض ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﻣﺜﻞ اﻟﺪوار ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻧﻔﻘﺎت اﻟﺮﺣﻠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻞ ﻛﻠﻔﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ 300روﺑﻴﺔ. õîňăîĘĿí čŎŌħ
ﺷﻜﻼ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﺑﺪأت رﺣﻼت اﻟﺤﺞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﺄﺧﺬ ً ﺑﻈﻬﻮر اﻟﺴﻴﺎرات ،واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻨﻘﻞ اﻟﺤﺠﻴﺞ ،إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،وﻗﺪ ﺑﺪأ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺤﺎج ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻧﺼﻴﺐ ،وﻫﻮ ﻣﻦ
56
رﺣﻼت اﻟﺤﺞ ا8ﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ..ﻃﻘﻮس وﻋﺎدات
واﻟﺴﻜﺮ واﻟﺴﻤﻦ واﻟﻌﺴﻞ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻮن اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻦ ،وﻫﻮ وﻋﺎء ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺪ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺎء ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻨﺎرﻳﺔ اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻨﺎدق ،اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﺤﺠﻴﺞ ﻣﻌﻬﻢ اﺗﻘﺎ ًء ﻟﺨﻄﺮ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻟﻠﺼﻴﺪ، وأﻳﻀً ﺎ اﻟﺘﻤﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻏﺬا ًء ﻟﻺﺑﻞ أﺛﻨﺎء اﻟﺮﺣﻠﺔ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻐﻄﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺶ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺮودة اﻟﻄﻘﺲ ،وﻳﺠﻤﻌﻮن أﺛﻨﺎء اﻟﺮﺣﻠﺔ أوراق ﺷﺠﺮ اﻟﺴﻤﺮ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻄﺤﻨﻬﺎ وﻋﺠﻨﻬﺎ ﻟﻴﻄﻌﻤﻮا ﺑﻬﺎ اﻹﺑﻞ، ﻛﻲ ﺗﻘﻮى ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻴﺮ ،ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ.
āíĎijŗí ôŃîķç ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب ﻟﻠﺤﺞ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ أن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻧﻮى اﻟﺤﺞ ،ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻸﻫﻞ واﻟﺠﻴﺮان ،ﻛﻲ ﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺴﻤﺎح ،إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك أي ﺧﻼف ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺤﺎج ﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ أﺣﺴﻦ ﺻﻮرة ﻗﺒﻞ اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻠﺪﻳﺎر اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﺣﺪﺛ ًﺎ ﺳﻌﻴ ًﺪا ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻸﻫﻞ واﻷﻗﺎرب واﻷﺻﺪﻗﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻟﻜﻞ أﺑﻨﺎء اﻟﻔﺮﻳﺞ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻐﻤﺮﻫﻢ اﻟﺒﻬﺠﺔ وﻳﻌﻤﻬﻢ اﻟﻔﺮح ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم اﻷﻫﻞ واﻷﻗﺎرب واﻷﺻﺪﻗﺎء وأﺑﻨﺎء اﻟﺤﻲ ﺑﻠﺤﻈﺎت اﻟﻮداع اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﻤﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺪﻣﻮع ﻟﻔﺮاﻗﻪ وﻟﺨﺸﻴﺔ أن ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻣﻜﺮوه ،ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺸﺎﻗﺔ واﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻨﻄﻠﻖ اﻟﺮﻛﺐ واﻟﻜﻞ ﻳﻠﻮح ﻟﻪ ﻣﻮد ًﻋﺎ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
55
śĔŘǚē įĔżĜijē
ĊœďŎñã ĉŎńĄŃ Ċńăã IJŀć
ﺣﺮص أﻫﻞ اﻷﻣﺎرات ﻣﺘﺬ اﻟﻘﺪم ،ﻋﻠﻰ ﺗﺄدﻳﺔ ﻓﺮﻳﻀﺔ اﻟﺤﺞ ،ﻣﺘﺤﻤﻠﻴﻦ اﻟﻤﺸﺎق واﻟﻤﺼﺎﻋﺐ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺘﻨﻒ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ،ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮر وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﻮﺻﻼت اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ،ﻓﻲ أﺟﻮاء إﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﺟﺎءت ﻣﺤﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺒﻬﺠﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻣﺰﺟﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺸﻘﺔ ،وإن أﺑﻘﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﺘﻌﺔ أداء اﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ،ﻓﻜﻞ ﺗﻌﺐ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻳﺘﺒﺪد وﻳﺘﻼﺷﻰ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻠﻮح ﻣﻜﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ وﻳﺘﺮاءى اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻌﺘﻴﻖ. îńœĊķ ôŀăĎŀĿ ĉíĊĬøēśí
ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺳﺘﻌﺪادات ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﺒﺪأ ﻗﺒﻞ ﻋﻴﺪ اﻟﻔﻄﺮ اﻟﻤﺒﺎرك ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻨﻮي اﻟﺤﺞ ،ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺮﻓﻘﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻴﺮ وﺗﺴﻌﻰ إﻟﻴﻪ ،ﺛﻢ ﺑﺈﻋﺪاد اﻟﺠﻤﻞ أو اﻟﺮاﺣﻠﺔ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﻋﺒﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺼﺎﺣﺐ اﻟﺤﻤﻠﺔ ،اﻟﺬي ﻳﺸﺘﺮي اﻟﺠﻤﺎل ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺞ وﻳﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،أو ﻓﻲ ﺣﻮﻃﺔ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ،وﻳﻜﻮن اﺧﺘﻴﺎر ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﻤﻠﺔ ﻋﺎدة اﻷﻧﺜﻰ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ،ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫﻠﻬﺎ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﻣﺸﺎق اﻟﻄﺮق أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺮ ،ﺛﻢ ﻳﻘﻮم ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﻤﻠﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺑﺪن اﻹﺑﻞ ،ﻟﻴﻌﺮف ﺑﻬﺎ إﺑﻠﻪ ،إذا ﻣﺎ ﺳﺮﻗﺖ أو ﺿﻠﺖ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،وﺣﻔﺎﻇًﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﻬﺎ 54
رﺣﻼت اﻟﺤﺞ ا8ﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ..ﻃﻘﻮس وﻋﺎدات
ﻣﻦ اﻟﺘﺸﻘﻖ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﻴﺮ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻄﺮق اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﻮﻋﺮة، ﻳﻀﻊ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺪ ﻋﻠﻰ أﺧﻔﺎﻓﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺒﺪأ اﻟﺤﺎج ﻣﻨﻔﺮ ًدا، أو ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﻤﻠﺔ ﻓﻲ إﻋﺪاد اﻟﻤﻮاد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺮﺣﻠﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺷﺮاء ﺧﻴﻤﺔ أو ﺧﻴﺎم ﺳﻬﻠﺔ اﻟﻄﻲ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻨﻈﻴﻒ ،وإﻋﺪاد اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺰاد اﻟﺨﺎص ﺑﻬﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاع اﻟﻤﺆن واﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻧﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻷرز واﻟﻤﺎﻟﺢ »اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻤﻤﻠﺢ« ،واﻟﻌﻮال وﻫﻮ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻤﺠﻔﻒ
Í Ëí ¡ ì ¥
رﺣﻼت اﻟﺤﺞ اVﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻃﻘﻮس وﻋﺎدات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
53
وﺣﻬﺔ ﺳﻔﺮ
»اﻟﻘﻠﻴﺲ« ،ﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن! ﻋﻠﻲ أن أﺗﺮك اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻦ دون دﻟﻴﻞ ﻳﻘﻮدﻧﻲ ﻋﺒﺮ دروب ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ّ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺘﺎﻫﺔ ،اﻟﻈﻼم ﻳﺤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻞ ،ﻳﻄﻠﺐ اﻟﻨﻬﺎر ﺣﺜﻴﺜﺎ ،وﻗﻊ ﺧﻄﻮات اﻻﺛﻨﻴﻦ ﻣﺮﺗﻔﻌﺎ ،ﻳﻌﻠﻮ ،ﻫﺬا ﻳﺴﺎﺑﻖ ذاك ،ﻃﺮﻳﺪة ﺳﻬﻠﺔ ﻻﺑﺪ ﺳﺘﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺸﺮك ،ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ وﻗﻌﺖ ﻓﻴﻪ! ذﻫﺒﺖ »اﻟﺮﻳﺎﻻت« ﻛﻤﺎ ذﻫﺒﺖ رﺑﺎﻃﺔ اﻟﺠﺄش اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﺨﻴﻠﺖ أﻧﻨﻲ أﻣﺘﻠﻜﻬﺎ ،وﻇﻞ رﻓﻴﻘﻲ ﻳﻘﻠﺐ اﻷرض ﺑﻨﺎﻇﺮﻳﻪ، ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻮﺟﻬﻪ ﻳﻤﻨﺔ ﺗﺎرة ،ﺛﻢ ﻳﻌﻮد ﻓﻴﺪﻳﺮﻫﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻴﺴﺎر أﺧﺮى، أرﺑﻜﺘﻨﻲ ﺣﺮﻛﺘﻪ اﻟﻤﺘﻮﺗﺮة وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻨﻘﺼﻨﻲ اﻟﺘﻮﺗﺮ ﺑﺎﻷﺳﺎس. رﻓﻴﻘﻲ ﺳﻬﻞ اﻟﺮﻓﻘﺔ ،ﻃﻴﻊ ،ﻻ ﻳﺄﺑﻪ ﻛﺜﻴﺮا ﻟﻸﺧﻄﺎر ،رﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ؛ رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ أﻋﺘﺎب ﻗﺪﻣﻴﻪ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺳﺘﻮﻗﻔَﻨﺎ اﻟﺮﺟﻞ أﻣﺎم اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻀﻲ إﻟﻰ أﺳﻮاق ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،اﻟﺒﻬﺎر ﺑﺮواﺋﺤﻪ اﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ،واﻟﻤﻠﺒﻮﺳﺎت اﻟﻤﺰرﻛﺸﺔ، اﻟﺤﻨﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﻦ اﻷرﻛﺎن ،ﻧﺎﻋﻤﺔ ،ﺧﻀﺮاء ﻣﺼﻔﺮة ،ﺑﻘﻄﺮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎه ﺳﺘﺼﻴﺮ ﻣﻌﺠﻮﻧﺎ ﺳﺤﺮﻳﺎ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻌﺮوس أن ﺗﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺧﺪﻣﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻔﺘﺘﺢ ﺣﻴﺎة ﺟﺪﻳﺪة .ﻛﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﺎء ،ﺗﻘﻮدﻧﺎ ﺧﻄﻮاﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻼﺷﻲء ،ﻧﺠﺮب اﻟﺤﻠﻮى اﻟﻤﻌﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرﺻﻔﺔ ،وﻧﺴﺄل ﻋﻦ ﻧﻮع اﻟﺴﺠﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ أﺗﻌﺎﻃﺎﻫﺎ ،ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺪﺧﻦ ،ﻗﺎل إﻧﻪ ﺣﺮام ،اﻟﺘﺪﺧﻴﻦ ،أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ،ﻛﻨﺖ أﻗﺮأ ﻧﺼﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﺗﺮاﺛﻲ ﻳﺘﻨﺎول ﺳﻴﺮة »أوﻳﺲ«، ﻓﻠﻢ أﺷﺄ أن أﻗﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ اﺳﺘﺮﺳﺎل اﻟﻘﺮاءة ﻷﺟﺎدﻟﻪ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﺪﺧﻴﻦ ،وﺣﻠﻪ ،ﻣﻦ ﺣﺮﻣﺘﻪ .ﻗﺎل اﻟﺮﺟﻞ :أرﻳﻜﻢ ﻛﻌﺒﺔ أﺑﺮﻫﺔ ،وﺗﺪﻓﻌﻮن ﻟﻲ ﻣﺎﺋﺘﻲ رﻳﺎل ،ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﻊ ﻟﻴﺎل ﻗﺪ ﻣﻀﻴﻦ ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺘﻨﺎ ﻫﻨﺎك ،وﺿﺮﺑَ َﻨﺎ اﻟﺴﺄم ،ﻛﻞ ﺷﻲء ﻫﺎدئ ﺗﻤﺎﻣﺎ ،ﻻ ﺻﻮارﻳﺦ ﺗﻠﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻻ ﻣﺪاﻓﻊ ،ﻻ ﺷﻲء ،ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻬﺪﻳﻦ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ،ﻳﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﺮﺗﻴﺐ ،ﻧﺎﻋﺴﺎ ،وﻛﻨﺎ وﺣﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎﻣﺮة ﺗﻜﺴﺮ اﻹﻳﻘﺎع. »ﻣﺎﺋﺘﺎ رﻳﺎل ﻣﺒﻠﻎ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ اﻷﻣﺮ!« ﻛﺎن ﺟﻮاﺑﻲ إزاء
52
»اﻟﻘﻠﻴﺲ« ،ﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن!
ﻣﺤﻤﻮد ﺷﺮف @
ﻟﻤﻌﺔ اﻟﻔﺮح ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ رﻓﻴﻘﻲ إﺛﺮ ﺳﻤﺎع اﻟﻌﺮض ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺨﻨﺠﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﺒﻪ ،ﻏﻤﻐﻢ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻜﻠﻤﺎت ﻟﻢ أﺗﺒﻴﻨﻬﺎ، وﺳﺎرع ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺑﻘﻄﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاوﻏﺘﻲ ﻟﻴﻮاﻓﻖ ،أﺧﺮج اﻟﻨﻘﻮد أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺟﻴﺐ ﺑﻨﻄﺎﻟﻪ ،ودﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻐﺮﻳﺐ. ﻟﻢ أﻛﻦ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎ ،ﻋﺎدة ﻻ أﺗﻮﺟﺲ ﻣﻦ اﻟﻐﺮﺑﺎء ،ﻟﻜﻨﻨﻲ أﻗﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﺮوض اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،وﻛﺎن ذاك ﻛﺬﻟﻚ .ﺗﺮﻛﻨﺎ ﺧﻠﻔﻨﺎ ﺑﺎب اﻟﻴﻤﻦ، ﺳﺮﻧﺎ ﻋﺒﺮ أزﻗﺔ ﺿﻴﻘﺔ و ﺣﻮا ٍر ﻻ ﺗﺘﺴﻊ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﺮدﻳﻦ ذﻫﺎﺑﺎ وإﻳﺎﺑﺎ ،ذﻫﻨﻲ ﻣﺸﻐﻮل ﺑﻤﺎ ﻻ أﺗﺬﻛﺮه ،ﻓﻘﻂ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻴﻨﺎي ﺗﺘﺎﺑﻌﺎن واﺟﻬﺎت اﻟﻤﻨﺎزل اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻛﺎن اﻟﻌﻤﺮان ﻳﺒﺘﻌﺪ وراءﻧﺎ ،وﺗﺨﻔﺖ اﻷﺻﻮات ،ﻗﺎل اﻟﺮﺟﻞ ﻛﻼﻣﺎ ﻛﺜﻴﺮا و ﻧﺤﻦ ﻧﺘﺒﻌﻪ ،ﻧﺼﻒ ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻻ أﻓﻬﻤﻬﺎ؛ إذ ﻳﺘﺤﺪث ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ،ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻳﺄﻛﻞ اﻟﺤﺮوف ،ﻳﻠﻮﻛﻬﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﻋﻜﺲ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻮك ﺑﻬﺎ أوراق اﻟﻘﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﺮة ﻛﻜﺮة ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺤﺠﻢ ﻓﻲ إﺣﺪى زاوﻳﺘﻲ ﻓﻤﻪ» .اﻟﻘﻠﻴﺲ« ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻨﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻪ ،ﻛﺮرﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮا، وﻟﻢ أﻓﻬﻢ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،وﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻹﻧﺘﺮﻧﺖ، أدرﻛﺖ أﻧﻬﺎ اﻻﺳﻢ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻜﻨﻴﺴﺔ أﺑﺮﻫﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻟﻰ »ﻛﻌﺒﺔ أﺑﺮﻫﺔ«. أﻣﺎم ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺠﻴﺮات اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ﻓﻲ ﻣﻜﺎن أﺷﺒﻪ ﺑﺤﻔﺮة ،ﻣﺴ ّﻮر، ّﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﻜﺎد ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﺎرة ،أﺷﺎر اﻟﺮﺟﻞ :ﻫﺎ ﻫﻲ! ﺗﻠﻔ ﱡ ﺣﻮﻟﻲ ﻷرى وﺟﻪ رﻓﻴﻘﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ أﺣﻤﻖ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﺗﻪ ﺣﺎﻟﻤﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮة اﺧﺘﻔﺖ أﻣﻴﻞ ﻟﻌ ّﺪﻩ َ ﺗﻤﺎﻣﺎ ،وﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻧﻈﺮة ﺣﻴﺮى ،ﺗﻘﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎت؛ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﻇﻞ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي اﺳﺘﻤﻬﻠﻨﺎ ﻟﺤﻈﺎت ﻟﺸﺮاء ﻗﻨﻴﻨﺔ ﻣﺎء ،ﺛﻢ ذﻫﺐ، وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ،ﻛﺎن ﺗﻔﺴﻴﺮي ﻟﻸﻣﺮ أن اﺗﻔﺎﻗﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﻤﻞ إﻋﺎدﺗﻨﺎ ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،أو ﻫﻜﺬا ﺻﺎر! @ ﺷﺎﻋﺮ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
اﻟﺮؤى ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺗﺎرﻳﺨﺎً ﻋﺮﻳﻘﺎً وﻋﻘﻠﻴﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﺒﺪﻋﺔ ،وﻳﺮون أن اﻟﻌﺮب ﻟﻴﺴﻮا دﻋﺎة ﻋﻨﻒ وإرﻫــﺎب وﺣﺮب رﻏﻢ اﻟﻤﻘﻮﻻت اﻟﻤﻮﺟﻮدة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻮرﻫﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ. ﻛﺎن ﺑﺤﺜﻲ ﺣﻮل ﻋﺸﺮ رؤى ﻏﺮﺑﻴﺔ ﺗﻨﺎوﻟﺖ واﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻒ ﻓﻜﺮﻳﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﻐﺮب ﻓﺄﺳﻤﻴﺘﻬﺎ رؤى ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﺸﺮاق. ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻦ أن ﻣﻔﻬﻮﻣﻚ ﻟﻠﻨﻘﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻚ »ﻧﻘﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺘﻌﺎرﻓﻲ« ﻣﺨﺘﻠﻒ ،ﻣﺎ وﺟﻪ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼف؟ ﻻ أﻓﻬﻢ اﻟﻨﻘﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ أو اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ،ﺑﻞ اﻟﻨﻘﺪ ﻫﻮ ﺗﺤﻠﻴﻞ وﺗﻔﻜﻴﻚ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺮؤﻳﺔ ﻻ ﺗﻬﻴﻦ أﺣــﺪا ً وﻻ ﺗﺨﺪش ﺣﻴﺎء أﺣﺪ وﻻ ﺗﻜﻔﺮ أﺣــﺪا ً ﺑﻞ درﺳﺖ ﺻﻮرة اﻵﺧﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ واﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ، ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻠﻜﻨﻲ ﻫﻲ اﻟﺤﻮار واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻛﺬﻟﻚ درﺳﺖ ﺻﻮرة اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺎت اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،وﻇﻬﺮت ﺗﻠﻚ واﻟﻤﻌﻴﺎر اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻫﻮ اﻟﻤﻌﻴﺎر اﻷﻫﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل. اﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﺗﻤﺜﻴﻼت اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ«. ﺛﻢ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﻄﻮﻳﻊ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺮواﻳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ، ŒĴĔŀij ĪijíĊñ Œñĉã ĊĸŇ ووﺟــﺪت أن اﻟﺮواﺋﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﺎ ﺗﺤﻔﻞ ﻧﺼﻮﺻﻪ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻮء وﺳﻠﻄﺖ ﺎ، أﻳﻀً ﻟﻜﻨﻚ اﻋﺘﻨﻴﺖ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ ﻣﺮﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﻌﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺋﻴﺎت واﻟﺠﺴﺪﻳﺎت اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻌﺪة ﻛﺘﺎﺑﺎت ،ﻣﺎ دواﻓﻌﻚ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺤﻮل ،وﻣﺎ رواﺋﻴﺎً وﺗﺨﻴﻠﻴﺎً ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼﻮص ،ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً 13ﻧﺼﺎ رواﺋﻴﺎ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎب أﺑﺮز ﻣﻼﻣﺢ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ؟ »اﻟﺠﺴﺪ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ« ،وﻫﻮ اﻟﻌﻨﻮان اﻷول ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺪأت ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﺮواﻳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺟﺪت أن ﺣﻮاﻟﻲ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻧﺼﺎ اﻹﻣــﺎرات واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وأﻇﻨﻪ اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ رواﺋﻴﺎ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،إزاء ﻫﺬا اﻟﻜﻢ اﻟﻬﺎﺋﻞ وﺟﺪت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺠﺴﺪ ،ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻧﻔﺴﻲ أﻣﺎم ﻓﺮﺻﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﺪراﺳﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﺼﻮص ،ووﻗﻊ اﺧﺘﻴﺎري ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻲ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻷﺑﻴﻘﻮرﻳﺔ دراﺳﺔ ﻣﻮاﺿﻴﻊ ﺗﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺎت ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻞ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ .وإﻟﻰ اﻟﺮواﻗﻴﺔ وﺳﻘﺮاط وأﻓﻼﻃﻮن وﺣﺪﻳﺜﺎً إﻟﻰ ﻫﻮﺛﺮﻳﻞ وﻏﻴﺮه، وﻫﻮ ﻧﻘﺪ ﻣﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻖ ﻓﻠﺴﻔﻲ وﻋﻠﻰ ﺑﻄﺎﻧﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ،زاوﺟﺖ ﺑﻴﻦ اﻷدب وﺑﻴﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺣﺎﻟﻲ ﻛﺤﺎل آﺧﺮﻳﻦ ﻣﺜﻞ ﺟﻮرج ﻃﺮاﺑﻴﺸﻲ وﻏﻴﺮﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ اﻧﻄﻠﻘﻮا ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة اﻟﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ أو ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻣﺜﻞ آﺧﺮﻳﻦ رﺑﻤﺎ اﻧﻄﻠﻘﻮا ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻤﻌﺮوف. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻛﺬﻟﻚ أﻧﺠﺰت ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻋﻨﻮاﻧﻪ »اﻷﻧﻮﺛﺔ اﻟﺴﺎردة :ﻗﺮاءات ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻧﺸﻐﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻮص ﺣﻮاﻟﻲ 14 ً اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ« ،ﺗﻀﻤﻦ ﻣﻦ اﻟﺮواﺋﻴﺎت اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺎت ،ﻟﺮﺻﺪ ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺮواﺋﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ إدﺧﺎل ﺷﺆوﻧﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ﻛﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ واﻟﺠﺴﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺨﻴﻞ اﻟﺮواﺋﻲ وﻓﻲ ﻧﺴﻴﺞ ﺳﺮدي رواﺋﻲ ﻟﻪ ﻫﻮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
51
ijēŵĩŤē ĚĨĔĸ
ﺣﻘﻴﻘﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ أن ﺧﺮﻳﺞ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻣﻨﺎﺳﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث واﻟﺤﺎﺿﺮ وﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت ،ﻓﻲ وزارات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم وﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث ،ﺧﺮﻳﺠﻮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ôĴŀøĈŃ õîŃîńøŋí ﺑﻌﻤﻖ وﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻸﺷﻴﺎء ،ﻫﻞ ﺗﻮﺟﺪ ﺛﻘﺎﻓﺔ -ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﺸﺮوﻋﻚ ﻋﺪة ﻛﺘﺐ ﻣﻬﻤﺔ ،ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮر اﻫﺘﻤﺎﻣﻚ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻄﻖ؟ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻪ ﺑﺤﻘﻮل ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ أﺑﺮز ﻣﺤﺎور ﻫﺬا ﻣﻨﻄﻖ ﻓﻠﺴﻔﻲ. اﻟﻤﺸﺮوع؟ رﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻗﺎل ﻓــﻲ ﻋــﺎم 2000ﻧﺸﺮت أﻃــﺮوﺣــﺘــﻲ ﻓﻲ ùíĎøĿíō ôĴĔŀĴĿí إن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺗﻮاﺟﻪ ﺿﻐﻮﻃﺎت ﻛﺒﻴﺮة اﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ واﻟــﺪﻛــﺘــﻮراه اﻟﻠﺘﻴﻦ ﺗﻨﺎوﻟﺘﺎ اﻟﺘﻴﺎرات ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ﺷﻐﻠﺖ اﻟﻨﻈﺮة إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻛﻞ ﻣﻦْ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻛﺎﻧﻂ وﻫﻴﻐﻞ وﺷﻴﻠﻴﻨﺞ. ﻋﻤﻞ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ،اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﺸﺪدة .وأﻛﺪ أن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻗﺒﻞ أﺣــﺪاث 11ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺑﺪأت ﻛﻴﻒ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة؟ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺤﺮك ا0ﻫﻢ ﻟﻠﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺤﻘﻞ اﻟﻐﺮب واﻹﺳــﻼم ﻣﻨﻄﻠﻘًﺎ ﺣﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﻘﺮن ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻦ رؤى إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ رﺻﺪﺗﻬﺎ ﻟﺪى اﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﺑﺪأت ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻓﻜﺮﻳﺔ ،رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن أدوﻧﻴﺲ اﻧﺸﻐﻞ اﻟﻤﻔﻜﺮون اﻟﻌﺮب ﺑﻘﻀﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮ واﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻴﻦ اﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ ،وأﻧﺠﺰت ﻛﺘﺎب أول ﻣﻦ ﺷﺮع ﺑﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ ،ﺗﺒﻌﺖ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث وأﻧﺠﺰوا ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺸﺎرﻳﻊ »اﻟﻐﺮب واﻹﺳﻼم :اﺳﺘﺪراج اﻟﺘﻌﺎﻟﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ«، ﻛﺒﺮى ﺣﻔﻈﺖ اﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﺗﺨﺬت ﻃﺎﺑ ًﻌﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴًﺎ ،وﻫﻲ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻈﺮة وﻗﺘﻬﺎ أن اﻟﻐﺮب ﻳﺘﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻨﻘﺪي واﻟﻔﻜﺮ ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ رﺑﻄﻮا اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﻳﺮاﻫﻢ أﻣ ًﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻣﺜﻞ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻔﻠﻖ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻳﺮى اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻏﻴ َﺮ ﻣﻨﺘﺞ وﻏﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﺸﻄﺔ زاﻟﺖ ﻣﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ أن ا0ﻣﻞ ،. . .ﻫﺆﻻء ﻛﺘﺒﻮا ﻓﻲ ﻣﺠﺎل رﺑﻂ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺒﺪع .ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ﺗﻐﻴﺮت ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺸﺮق دول ﺑﻌﺾ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ. ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﺗﻘﺎرب اﻟﻨﺎس واﻷدﻳــﺎن ﻣﺼﺮ ،وﻓﻲ دول اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻟﻔﺘﺖ ﻫﺬه واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ،اﻧﻔﺘﺢ اﻟﺤﻮار وﺗﻄﻮر ﻫﻨﺎك اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻫﺘﻤﺎم دارﺳﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻄﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮب واﻟــﻐــﺮب ،وﺗــﻄــﻮرت رؤﻳﺘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻼب ﻣﻦ ﺟﻴﺪ إﻗﺒﺎل ﻣﻊ ﺗﻴﺰﻳﻨﻲ ،وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ اﻟﺠﺎﺑﺮي ،وﺣﺴﻦ ﻓﺄﻧﺠﺰت ﻛﺘﺎﺑﻲ »اﻟﻐﺮب واﻹﺳﻼم :ﻗﺮاءات ﻣﻦ ﻋﺪد ﻓﻲ ﻛﺬﻟﻚ وا0ﻣﻞ دراﺳﺘﻬﺎ. ﺣﻨﻔﻲ ،وﻋﺒﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺨﻄﻴﺒﻲ ،وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ رؤى ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﺸﺮاق«. اﻟﻌﺮوي وﻏﻴﺮﻫﻢ ،وﻫﻢ ﻣﻔﻜﺮون وﻇﻔﻮا ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺛﻢ ﻋــﺪت ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻲ »ﻣﺤﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﺻﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻣﻨﻬﺞ ﻗﺮاﺋﻲ اﻟﻬﻮﻳﺔ« ،ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻷﻧﻲ أﻋﻴﺶ ﻳﻘﺮأ اﻟﺘﺮاث ،ورﺑﻄﻮا ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺎﺿﻲ ﺧﺎرج ﺑﻠﺪي ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﺄﻋﺮاف وﺛﻘﺎﻓﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺑﺘﺪﻣﻴﺮ ﻳﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ وأﻧﺠﺰوا ﻣﺸﺎرﻳﻌﻬﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎب ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻮﺟﺪت أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ أن أﺑﺤﺚ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ أﺣﺪ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻄﻴﺐ ﺗﻴﺰﻳﻨﻲ اﻟﻀﺨﻢ »ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث إﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻬﻮﻳﺔ. ﻳﻤﻜﻦ ﻻ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺂﻣﺮة اﻟﺜﻮرة« وﻛﺘﺎب ﺣﺴﻴﻦ ﻣــﺮوة »اﻟﻨﺰﻋﺎت واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻬﻮﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮم وﻻ ﻓﻠﺴﻔﺔ، دون ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﺼﻮر اﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ«، اﻟﺘﻌﺎرف وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺻﺮاع اﻟﺤﻀﺎرات وﻛﺘﺎب »ﻧﺤﻦ واﻟﺘﺮاث« ﻟﻤﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺎﺑﺮي ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﻴﺎ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﺤﺮ وﻧﻈﺮﻳﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺪ أﺧﺬت ﺗﺘﺒﻠﻮر واﻟﻨﻘﺪي ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺬي أﺛﺎر ﺟﺪﻻً واﺳﻌﺎً وﻛﺒﻴﺮا ً. وﺗﺘﺴﻊ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ،ﻓﻌﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮم واﻟﻮﻃﻦ واﻟﻘﻴﻢ واVﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮؤﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت أن اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺘﻌﺎرﻓﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﻧﻘﺪ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺧﻼل ﻣﻦ إﻻ واﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻻت ﺗﻐﺮﻳﺒﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻌﺎرﻓﻲ« ﺳﻨﺔ 2005م. ﻳﺨﺸﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﻴﺎع اﻟﻬﻮﻳﺔ ،ﻫﺆﻻء أﻣﺴﻜﻮا ﻣﻌﺮﻓﻴﺎً ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻋﻨﻴﺘﻪ ﺑﻤﺼﻄﻠﺢ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﺸﺮاق؟ واﻟﺤﺎﺿﺮ ودﺷﻨﻮا دراﺳﺎت ﺿﺨﻤﺔ ،أﺛﺎرت ﻗﺼﺪت ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺟﺪﻻً واﺳﻌﺎً ﺷﻐﻞ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻘﺮاءة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى 25ﺳﻨﺔ دﻻﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﻴﺎل اﻟﻘﺮاﺋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻐﺮﺑﻲ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﺳﺘﺸﺮاق، ﻣﻀﺖ. أردت أن أﻗﻮل إن ﻫﻨﺎك رؤى إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ اﻟﻐﺮب اﻷوروﺑﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﺠﺰ اﻟﻜﺒﻴﺮ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺮاءة واﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﺣﺘﻰ ﺑﺎﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻫﺬه 50
د .رﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل :ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺮاءة ﻟﻠﺘﺮاث أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ة ﻣﺼﺮ ،وﻓﻲ دول اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻨﺎك اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻣﻊ إﻗﺒﺎل ﺟﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﻋﻠﻰ دراﺳﺘﻬﺎ .واﻷﻣﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻲ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﺻﻢﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. أﺣﺪ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺘﺪﻣﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ ﺪ ﻓﻠﺴﻔﺔ ،وﻻ اﻟﻤﺘﺂﻣﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮر ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ دون ﻠﺴﻔﺔ، ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﻴﺎ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﺤﺮ واﻟﻨﻘﺪي ،وﻻ ﻜﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﻘﻴﻢ واﻟﻮﻃﻦ واﻟﻬﻮﻳﺔ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻴﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ .ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﻌﺎرف -ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ وﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ ورﻳﺎﺿﻴﺎت وﻏﻴﺮﻫﺎ -ﻫﻨﺎك أﻃﺮ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ .ﻒ ﻛﻴﻒ أﻓﻬﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ دون ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ؟ وﻛﻴﻒ أﻓﻬﻢ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎءء ﻣﻦ دون ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء؟ ﻫﺬه اﻟﺤﻤﻼت اﻟﺸﻌﻮاء ﺪ ﺗﺮﻳﺪ ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻌﺮﺑﻲ. رﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﻋﺪم إﻗﺒﺎل اﻟﻄﻼب ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔﻫﻮ ﻋﺪم وﺿﻮح ﻣﺼﻴﺮﻫﻢ ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة أو اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺨﺮج؟ 2 20 2016 ﺒﺮ 016 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮﺮ ﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﺘﻤ ﺒﺘﻤ ﺘﻤ اﻟﻌﺪدد ﺪد ﻌﺪ ﺮاث /ﻟاﻟ ﺪ ث ﺗﺮاث ﺗﺮا
49 49
ijēŵĩŤē ĚĨĔĸ
د .رﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل: ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺮاءة اﻟﺘﺮاث أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ôĴĤī ôńģîij Ŋ÷čōîă
ﻗﺎل اﻟﺪﻛﺘﻮر رﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل إن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺗﻮاﺟﻪ ﺿﻐﻮﻃﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﺸﺪدة .وأﻛﺪ أن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺤﺮك اﻷﻫﻢ ﻟﻠﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺣﻴﻦ اﻧﺸﻐﻞ اﻟﻤﻔﻜﺮون اﻟﻌﺮب ﺑﻘﻀﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث وأﻧﺠﺰوا ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻛﺒﺮى ﺣﻔﻈﺖ اﻟﺬاﺋﻘﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻃﺎﻟﺐ رﺳﻮل ﻓﻲ ﺣﻮاره اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻌﻪ َ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ داﺧﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ،ﻷن اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺘﻄﻮر ﻻ ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻓﻠﺴﻔﺔ وﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﻣﻨﻄﻖ اﻷﺷﻴﺎء، ﻓﻼ ﺛﻘﺎﻓﺔ وﻻ ﺳﻴﺎﺳﺔ وﻻ ﻋﻠﻮم ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻄﻖ ﻓﻠﺴﻔﻲ.
48
وﻛﺄن دراﺳﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻣﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻏﻮب ،ﻛﻴﻒﺗﺮى ﻫﺬا اﻷﻣﺮ؟ ﺑﺪأت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ وﻃﻨﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﺑﺪأت ﺑﺈﻏﻼق أﻗﺴﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷردﻧﻴﺔ ﺑﻀﻐﻮط ﻣﻦ »ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧــﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ« ،وﺗﻮاﺻﻞ ﺿﻐﻂ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴﻠﻔﻲ -ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.أﺷﺎع اﻟﺴﻠﻔﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ »أن ﻣﻦ ﺗﻤﻨﻄﻖ ﺗﺰﻧﺪق« ،وﻫﻲ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻟﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺰاﻟﻲ. وﻫﻜﺬا ﺑﺪأت اﻟﺮﺣﻠﺔ ،وﺗﺮاﺟﻌﺖ أﻗﺴﺎم اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت. اﻷﻣﻞ أن اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ دول اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﻨﻬﺎ
د .رﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل :ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺮاءة ﻟﻠﺘﺮاث أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
47
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
اﻟﺘﻤﻮر ﻓﺈن ﻟﻴﻠﻬﻢ ﻟﻴﺲ أﻗﻞ ﺟﻬﺪا ً ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻮﺟﻬﻮن ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ﻧﺤﻮ »ﺳﻮق اﻟﺘﻤﺮ« ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﻟﻴﺪ اﻟﺒﻮﻧﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﻪ اﻟﻤﻨﺸﻮر ﺑﻤﻮﻗﻊ »ﻛﺎرون اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ« ،ﺣﻴﺚ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻬﻢ أﺣﺪ ﺷﻮارع اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮاﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﻴﻪ ﻟﻌﺪم ﺗﻮﻓﺮ ﺳﻮق ﺧﺎص ﺑﻤﺤﺎﺻﻴﻠﻬﻢ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺤﻴﻦ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﻌﺮض اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج ،ﻟﺘﺤﺘﺪ اﻟﻤﺴﺎوﻣﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺎﺋﻊ واﻟﻤﺸﺘﺮي ﺗﺤﺖ ﺿﻴﺎء اﻟﻘﻤﺮ .ﻛﻤﺎ إن اﻷﻧﻮاع اﻟﺠﻴﺪة ﻻ ﺗﺘﺤﻤﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﻃﻮﻳﻼً ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﻼء ﺛﻤﻨﻬﺎ ﻟﺘﺘﺠﻪ اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت ﺑﻬﺎ ﻧﺤﻮ أﺳﻮاق ﺑﺎﻗﻲ ﻣﺪن اﻟﺠﻬﺔ واﻟﻤﻨﻄﻘﺔ واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺠﺎورة وﺣﺘﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﻐﺮب اﻷﺧﺮى ،وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﻳﺠﺪ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻣﻞ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ واﻟﺤﻔﻆ ،ﻗﺒﻞ إﻋﺎدة ﺗﺴﻮﻳﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة .وﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻫﻨﺎك أﻧﻮاﻋﺎً أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮر اﻟﺠﻴﺪة ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺟﻮدﺗﻬﺎ وﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻳﺸﺘﺮﻳﻬﺎ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻗﺒﻞ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ وﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻷﺳﻮاق اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻴﺘﻀﺎﻋﻒ ﺳﻌﺮﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ،ﻟﻜﻦ ﻣﻬﻤﺎ ﻏﻠﺖ ﻓﻠﻦ ﺗﺼﻞ ﻟﺴﻌﺮ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻔﻮاﻛﻪ اﻷﻗﻞ ﻓﺎﺋﺪة .ﺑﻞ إن ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻴﻪ وﻟﻴﺪ اﻟﺒﻮﻧﺎﺻﺮ ﻫﻮ أن ﺳﻨﻮات اﻟﺠﻔﺎف ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﺒﻨﺎء اﻟﺴﺪود ﻗﺪ أﻟﺤﻘﺖ اﻟﻀﺮر ﺑﺤﻘﻮل اﻟﺘﻤﺮ وواﺣﺎﺗﻪ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻔﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻮة اﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﺨﻴﻞ ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﺪد آﺧﺮ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء وﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻗﺪ اﺗﺨﺬوا ﻣﻦ اﻟﺠﻔﺎف وﺷﺢ اﻟﻤﻴﺎه ﺣﺠﺔ ﻟﻬﺠﺮ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻋﺪم زراﻋﺘﻪ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻮرد آﺧﺮ ﻟﻠﺮزق ،ﺑﻞ ﺗﺤﺎﻳﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﺎت اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺄﻣﻴﻨﻬﺎ وﻋﺪم اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻮﻳﻀﺎت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺑﻌﺪ وﻗﻮﻓﻬﻢ ﺳﺎﻋﺎت ﻓﻲ ﻃﻮاﺑﻴﺮ أﻣﺎم اﻟﻘﺮض اﻟﻔﻼﺣﻲ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﺜﻤﺮة أﻛﺜﺮ ﺗﻌﺮﺿﺎً ﻟﻠﻔﻨﺎء و اﻻﻧﻘﺮاض .ﻫﺬا ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ »ﺿﻤﺎن ﺷﺮاء اﻟﺘﻤﻮر« ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وزارة اﻟﻔﻼﺣﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﺠﻊ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﺑﺠﻔﺎء اﻟﻨﺨﻴﻞ وﺑﻴﻊ ﻣﺎ ﺗﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﺛﻤﺮﻫﺎ ﺑﺜﻤﻦ ﻻ ﻳﺴﺎوي ﺛﻤﻦ اﻟﺤﺸﻒ! .ﻫﺬا وﻗﺪ ﺗﻔﺘﻘﺪ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻌﺎرض ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﻤﻮر ﺗﻌ ّﺮف ﺑﻬﺎ وﺗﺪرج ﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻣﺎ ﺗﻮاﺟﻪ ﻫﺬه اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ اﻟﺠﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ وﻣﺨﺎﻃﺮ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺸﺠﻊ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم أﻛﺜﺮ ﺑﺤﻘﻮل اﻟﻨﺨﻴﻞ وواﺣﺎﺗﻪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﺛﻤﺎرا ً ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﻷﻟﻮان واﻷﺷﻜﺎل واﻷذواق ﻛﺎﻟﺠﻤﺮي واﻟﺤﺒﺎﺑﻮك واﻟﺒﻠﺢ )اﻟﺨﻼل( واﻟﺮﻃﺐ واﻟﺘﻤﺮ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺳﻌﻔﻬﺎ وﻟﻴﻔﻬﺎ وﻇﻠﻬﺎ ﻓﺂﻻف اﻷﺳﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺻﻄﻴﺎف ﻣﺎزاﻟﺖ ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎء إﺟﺎزﺗﻬﺎ اﻟﺮﺑﻴﻌﻴﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺎت ،ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻗﻀﺎء وﻗﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﻤﺘﻨﺰﻫﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ. إن أﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﻧﻼﺣﻈﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﺮ ﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺤﻀﻮر اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻜﻞ اﻷﺟﻨﺎس واﻷﻓﺮاد ﻓﻲ اﻷﺳﺮة ،ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺘﻤﻌﻮن ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣــﺪ ،وﻳﺨﻴﱢﻤﻮن ﻓﻲ واﺣﺎﺗﻬﻢ وﻳﺨﻠﻘﻮن ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﺮح واﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﻓﺘﻘﺎدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻨﺰﻫﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺻﻄﻴﺎف ﻓﻲ اﻟﻤﺪن ،ﺣﻴﺚ إن ﻛﻞ ﻓﺮد ﻳﺨﻠﻖ ﺟﻮه اﻟﺨﺎص ،وﻻ ﻧﺮى ﺑﻮادر ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎل اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ،أو ﺣﺘﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻮﺟﻮد اﻵﺧﺮﻳﻦ @ ﻛﺎﺗﺐ وﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
46
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب
ﻳﺴﺘﺨﺪم ﺟﺬع اﻟﺸﺠﺮة ﻛﺄﺳﻄﺢ ﻟﻠﻤﻨﺎزل اﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻮب اﻟﻠﺒﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .وﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮر أﻳﻀﺎً ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﺸﺘﻘﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺧﻴﻮط اﻟﺠﺮاﺣﺔ وﻛﺮﻳﻤﺎت اﻟﺒﺸﺮة ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺮﺑﻰ واﻟﺸﺮاب ،ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻧﻮاة اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ إﻋﺪاد ﻣﺸﺮوب »ﻗﻬﻮة اﻟﺘﻤﺮ« اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺗﺘﻤﺘﻊ أﻳﻀﺎ ﺑﻔﻮاﺋﺪ ﻏﺬاﺋﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة وﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻮاﻛﻪ ذات ﻃﺎﻗﺔ وﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻷﻟﻴﺎف واﻟﺒﺮوﺗﻴﻦ واﻟﻔﻴﺘﺎﻣﻴﻨﺎت ،وﻟﻬﺎ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻀﻢ. ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻤﺮ وﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ ﺗﺸﻜﻞ ﻗﻔﺰة
ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ واﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺪى ﺳﻜﺎن اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻤﺮ ،ودﻓﻌﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮر وﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ. وﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻫﻮ ازدﻫﺎر اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻈﻬﺮا ً ﻃﺒﻴﻌﻴﺎً ،وإﻧﻤﺎ ﻳﻤﺜﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ وﻣﺼﺪر دﺧﻞ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ وﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﻤﻮر اﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﻄﻔﻬﺎ وﺣﺼﺎدﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺂدب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻧﻬﺎر اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ واﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﻘﻄﻒ ﻋﺎﻣﺮا ً وﻏﻨﻴﺎً ﺑﺎﺳﺘﻌﺪادات ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
45
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﺗﻌﺎون وﺗﻜﺎﻓﻞ إﻧﺴﺎﻧﻲ راﺋﻊ
őōîñĎĬĿí ĐœĐī
ﺗﻘﻊ واﺣــﺎت ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺜﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺟﻨﻮﺑﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺟﺒﺎل أﻃﻠﺲ ﻣﺜﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻃﺎﻃﺎ ودرﻋﺔ وﺗﺎﻓﻴﻼﻟﺖ وﻓﻜﻴﻚ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻧﺨﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺗﻘﺪر ﺑﺤﻮاﻟﻲ 48أﻟﻒ ﻫﻜﺘﺎر، ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺳﻜﺎن ﻣﺪﻳﻨﺔ أرﻓﻮد )اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺟﻬﺔ درﻋﺔ ﺗﺎﻓﻴﻼﻟﺖ( ﻛﻞ ﻋﺎم ﺑﻌﻴﺪ ﺣﺼﺎد وﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻳﺘﺠﺎوز اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻓﻴﻬﺎ 15ﻛﻴﻠﻮﻏﺮاﻣﺎً ﺳﻨﻮﻳﺎً ﻟﻠﻔﺮد .وﺗﺨﺘﻠﻒ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﺼﺎد ﺣﺴﺐ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻤﺮ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻳﻮﺟﺪ ﻧﻮع ﻳﺴﻤﻰ »اﻟﻤﺠﻬﻮل« ،ﻳﺤﺼﺪ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ وﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻠﻀﻴﺎع أو اﻟﺘﻠﻒ وﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺤﺠﻤﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ وﻏﻼء ﺳﻌﺮه ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺤﺼﺪ اﻷﻧﻮاع اﻷﺧﺮى ﺑﻘﻄﻊ ﻓﺮوع اﻟﻨﺨﻴﻞ وﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ.
ﻳﻌﺮف ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب رواﺟﺎً ﺳﻴﺎﺣﻴﺎً واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﻴﺮ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى ﻓﻲ ﺗﺮوﻳﺠﻪ وﺗﻮﻓﻴﺮ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﺜﺮة ،ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﺮوج ﺑﻀﺎﻋﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،ﺣﻴﺚ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻋﻠﻰ أﺷﺪه واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻠﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ أﺳﻮة ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ. ﺗﻌﺪ اﻟﺘﻤﻮر ﺛﺮوة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮب ،ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻣﻮﻗﻊ ﻫﻴﺴﺒﺮﻳﺲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﻗﻄﻌﺎً أراض ﺻﻐﻴﺮة، ﺣﻴﺚ ﻳﺰرﻋﻮن ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺣﺮﻓﻴﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ وأﺷﺠﺎر اﻟﺰﻳﺘﻮن إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ 44
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب
ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﺻﻐﻴﺮة أﺧﺮى ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺰر واﻟﺸﻤﻨﺪر ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﻐﻼل ﻣﻴﺎه اﻟﺮي .وﻳﻌﺪ اﻟﺤﺼﺎد اﻷول ذا ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻮر اﻟﻤﻘﺘﻄﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺷﺠﺮا ً ﻣﺒﺎرﻛﺎً وﻣﻘ ﱠﺪرا ً ﺗﻘﺪﻳﺮا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻳﺘﻢ اﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن أﺣﺪ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة .وﻣﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻳﺘﻢ أﺧﺬ اﻟﺜﻤﺎر اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻸﻛﻞ وأﺧﺮى ﺗﺨﺼﺺ ﻟﻠﻤﺎﺷﻴﺔ ،أﻣﺎ اﻷﻏﺼﺎن ﻓﺘﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺗﺼﻨﻴﻊ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻳﺪوﻳﺔ أو ﻛﺤﻮاﺟﺰ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ ﻣﻦ دون زﺣﻒ اﻟﺼﺤﺮاء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ،
ﺿﻮء
ﻓﻲ ﻧﻔﺎق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺒﻞ ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ،راودﺗﻨﻲ ﻓﻜﺮة ﺷﺮﻳﺮة ﻧﻮ ًﻋﺎ ﻣﺎ .أردت أن أﺟﺪ ﺟﻮاﺑًﺎ ﻟﺴﺆال ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﺎ أرﻗﻨﻲ ﺑﺨﺼﻮص ﺻﺪق اﻟﻨﻘﺪ وﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺘﻪ. ﻫﻜﺬا ﻧﺸﺮت ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺘﻲ ﺑﺎﻟﻔﻴﺴﺒﻮك ﺟﻤﻠﺔ وردت ﻓﻲ رواﻳﺔ »ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﺮاﺷﺔ« ﻟﻠﺠﺰاﺋﺮي واﺳﻴﻨﻲ اﻷﻋﺮج ،ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن أﺷﻴﺮ إﻟﻰ أﻧﻪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ،وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎء ﺻﻔﺤﺘﻲ رأﻳﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻤﻠﺔ» :ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﻚ إﻟﻰ ﺣﺪ اﻻﺣﺘﺮاق«. ﺟﺎءت اﻟﺮدود ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ،ﻣﻨﺘﻘﺪة ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،راﻓﻀﺔ ﻟﻪ ،ﻣﻦ ﺑﺎب أﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﺪم أي ﻣﻨﻄﻖ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ،ﺣﺘﻰ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد وﻫﻢ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎء اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺑﻌﺾ ﻗﺮاء رواﻳﺎﺗﻪ اﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ -ﺑﺄﻧﻬﺎﻣﺒﺘﺬﻟﺔ ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺮاﺑﻂ ﺑﻴﻦ اﻻﻣﺘﻼء واﻻﺣﺘﺮاق ﻣﻨﻌﺪم ﻟﻔﻈًﺎ وﻣﻌﻨﻰ. وﻗﺎل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ واﺣﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻌﻨﺎه أن اﻻﻣﺘﻼء ﻣﻔﻬﻮم واﻻﺣﺘﺮاق ﻛﺬﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻻﻣﺘﻼء ﻣﻘﺮوﻧًﺎ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮاق ﻓﺈن ﻫﺬا ﻳُﺠﻬﺾ اﻻﻧﺪﻫﺎش وﻳﺒﻠﺒﻞ اﻟﻌﻘﻞ .ﻣﻌﺘﺒﺮﻳﻦ أن اﻟﺒﻌﺾ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻰ ﻣﺠﺎزات ﻏﺮﻳﺒﺔ. اﻟﻐﺮﻳﺐ ﺣﻘﺎ ،أن ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت اﻟﺮاﻓﻀﺔ ﻟﻤﺎ ﺳﻤﻮه »اﺑﺘﺬاﻻً ﻟﻐﻮﻳًﺎ« ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎرة ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻨﻘﺎد ﺳﺒﻖ أن اﻣﺘﺪﺣﻮا رواﻳﺔ »ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﻔﺮاﺷﺔ« ،ﺑﻞ واﻋﺘﺒﺮوﻫﺎ ﻓﺘ ًﺤﺎ ﻣﺒﻴ ًﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. إﻻ أن اﻟﻤﺪﻫﺶ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻻﺣﻘًﺎ ،ﻓﺒﻤﺠﺮد أن ﻧﺸﺮت ﺗﻌﻠﻴﻘًﺎ ﻳﻨﺴﺐ اﻟﻌﺒﺎرة ﻟﻮاﺳﻴﻨﻲ اﻷﻋﺮج ،ﺣﺬف ﻛﺜﻴﺮون ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺗﻬﻢ اﻷوﻟﻰ ،وﻋﻠﻘﻮا ﻣﺠﺪدا ﺑﻤﺎ ﻳﺒﺮر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻻﺣﺘﺮاق واﻻﻣﺘﻼء ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎرة ذاﺗﻬﺎ! اﻟﻤﻌﺠﺰ أﻳﻀﺎ أن ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء اﺳﺘﻌﺎن ﺑﻨﻈﺮﻳﺎت وﺗﻔﺎﺳﻴﺮ وﺷﺮوح ﺻﻮﻓﻴﺔ ﺗﺆﻛﺪ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮدة أﺻﻼ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻔﻈﺘﻴﻦ. اﻟﻔﻜﺮة ،أن ﺛﻤﺔ ﻣﺮﺿً ﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴًﺎ أﺻﺎب اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ .أﻓﻀﻞ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ »اﻟﺨﻼﻧﻴﺔ« .وﻫﻮ ﻣﺮض ﺗﺠﺬّر ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻄﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻷدﺑﻴﺔ، إﻟﻰ ﺣﺪ أﻧﻪ ﻣﻨﺢ ﻟﻨﻔﺴﻪ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺗﺴﻔﻴﻪ اﻟﺠﻴﺪ ،وإﻋﻼء اﻟﺮديء، ﻣﻦ ﺑﺎب »أﺧﺪﻣﻚ وﺗﺨﺪﻣﻨﻲ« .أو ﺗﻜﺮﻳﺴﺎ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد اﻟﻜﺎذب ﻓﻲ أن
ﺳﻤﻴﺮ ﻗﺴﻴﻤﻲ@
اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﻌﺮوف ﻻ ﻳﻜﺘﺐ إﻻ ﺟﻴﺪا. أﻋﺘﻘﺪ أن ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪ ﺗﻘﺘﻀﻲ أوﻻً ﻓﺼﻞ اﻟﻨﺺ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻟﻴﻌﺎﻣﻞ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﺳﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ .ﻟﻘﺪ ﺗﺄﻛﺪت ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺠﺮﺑﺘﻲ »اﻟﺸﺮﻳﺮة« ﻛﻤﺎ وﺻﻔﺘﻬﺎ ،أﻧﻨﺎ ﻧﻮاﺟﻪ ﻧﻘﺪا ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﺑﺎة، واﻟﺸﺨﺼﺎﻧﻴﺔ واﻟﻠﺒﺎﻗﺔ اﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎق ،واﻷﺧﻄﺮ أﻧﻪ ﻣﻮؤود ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﻌﺼﺐ ﻟﻬﺬا أو ذاك. اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﻔﻮاﺗﻪ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻄﻮر وﻟﻴﺲ ﺑﻤﺠﺮد اﻻﻋﺘﻘﺎد أﻧﻪ ﺗﻄﻮر ،واﻟﻨﻘﺪ إذا ﺧﺎن ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺘﻪ ﺧﻠﻖ ﻟﻨﺎ ﻛﺎﺋﻨﺎت أدﺑﻴﺔ ﻣﺘﻮﻫﻤﺔ ﺑﺎﻟﻌﻈﻤﺔ وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺬﻟﻚ. وﺣﺪه اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،إذا ﺗﻨﺎول ﻛﺎﺗﺒﺎ ذا ﺻﻴﺖ ،وﺻﻔﻪ ﺑـ»اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮ« ،و»اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ« واﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وﻫﻠﻢ ﺟﺮا ﻣﻦ أوﺻﺎف ﺗﻮﺣﻲ أﻧﻪ ﺳﻴﻨﺘﺼﺮ ﻟﻠﻨﺺ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﻣﻦ رداءة. أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻴﺸﻪ ﻣﻦ ﺗﺪﻫﻮر ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻴﺎﻧﺔ ﻣﻌﺎﻟﻤﻪ ﻟﺨﻄﻬﻢ اﻷول ،ﺗﻤﻜﻦ ﺷﺌﻨﺎ أو أﺑﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷدب اﻟﺮديء اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻳﺘﺼﺪر واﺟﻬﺎﺗﻨﺎ اﻷدﺑﻴﺔ ،وأﺧﺸﻰ ،أﻧﻪ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺳﻴﺤﺪث ﻣﻊ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﺑﺴﺒﺐ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﻘﺎد ﻣﻤﻦ ﺧﺎﻧﻮا ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺘﻬﻢ ،اﺻﺒﺢ أي ﻧﺺ ﻳﺤﻤﻞ وﺻﻒ رواﻳﺔ ﻳﻌﺘﺒﺮ رواﻳﺔ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻫﻨﺎك ﺗﻮاﻃﺆ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﺨﻼﻧﻲ واﻟﻤﺒﺪع اﻟﺮديء.. ﺗﻮاﻃﺆ ﺗﻜﺮﺳﻪ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﻔﻲ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪ .ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﻲ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺮديء وإن ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻄﻤﻮح @ رواﺋﻲ ﺟﺰاﺋﺮي
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
43
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
وأﻣﺎﻛﻨﻬﻢ وﺑﻌﺾ أﻓﺮادﻫﻢ ﻗﺪﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺧﺎص ﺗﻘﺪرﻫﺎ وﺗﻌﺮف اﻟﻄﺮف اﻟﻤﺸﺘﺮي ﺑﻘﻮﻟﻪ»:ﻟﻴﻪ ،ﻫﻲ ﻧﺨﻠﺔ ﺻﺎﻟﺢ؟« دﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ وﻗﻠﻮﺑﻬﻢ اﻟﻄﻴﺒﺔ. ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻣﺎ ارﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ واﻟﺒﻠﺢ واﻟﺘﻤﺮ ،وﻣﻨﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ @ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وا0ﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻧﺨﻠﺔ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺘﻲ أذﻛﺮﻫﺎ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻲ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺪاري ﺑﻤﺤﺎﻓﻆ أﺳﻴﻮط ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﻨﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ارﺗﺒﻂ أﻃﻔﺎل اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﻤﻮﻗﻊ ﺑﺠﻮار اﻟﺴﺎﻗﻴﺔ اﻟﻤﺮاﺟﻊ: ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻪ ﺛﻼث أﺷﺠﺎر ﻧﺨﻴﻞ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺠﺬر واﺣﺪ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﺠﺎر - 1زراﻋﺔ وإﻧﺘﺎج ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺒﻠﺢ ،ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،اﻹدارة اﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ﺗﺴﻤﻰ »ﻧﺨﻠﺔ ﺻﺎﻟﺢ« ﻧﺴﺒ ًﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ اﻟﺬي ﺗﻮﻓﻲ ﻣﻨﺬ ﻟﻺرﺷﺎد اﻟﺰراﻋﻰ ،وزارة اﻟﺰراﻋﺔ ،ﻧﺸﺮة رﻗﻢ 2004 / 929م. ﻋﺸﺮات اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺮات ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻦ أﺟﻤﻞ وأﻃﻌﻢ ﺛﻤﺮات - 2ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،رزق ﻣﻌﻠّﻖ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ،ﺣﺴﻴﻦ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻃﻌﻢ ﺛﻤﺮاﺗﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ »ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺻﺎﻟﺢ« ﻣــﺤــﻤــﻮدHYPERLINK «http://ar.haberler.com/ ، اﻟﺬي ُﺣﻜﻰ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ وأﺻﻴﺐ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﺑﻤﺮض arabic-news-820101/» http://ar.haberler.com/ ﺧﻄﻴﺮ أﻗﻌﺪه ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ وﻛﺎد أن ﻳﻮدي ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ وﻋﺠﺰ اﻷﻃﺒﺎء ﻋﻦ ./arabic-news-820101 ﻣﺪاواﺗﻪ ،وﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم رأى ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻪ أن رﺟﻼً ﻳﺮﺗﺪي ﻣﻼﺑﺲ - 3رﻣﻀﺎن ﻓﻲ اﻟﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ ،اﻟﻔﺮﺣﺔ ﻓﺮﺣﺘﺎن،ﺣﻤﺪي ﺑﻴﻀﺎء ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻠﺢ ﻧﺨﻠﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﺠﻮار اﻟﺴﺎﻗﻴﺔ ،ﻛﺎﻣﻞ ،ﺟﺮﻳﺪة اﻷﺧﺒﺎر16 ،أﻏﺴﻄﺲ 2010م. وﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﻃﻠﺐ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻦ وﻟﺪه أن ﻳﺤﻀﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺛﻤﺮات ﺗﻠﻚ - 4ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﺑﺎﻟﻮادى اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ وﻃﻤﻮﺣﺎت، اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﺻﺎﻟﺢ وﺷُ ﻔﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎً وﻋﺎدت ﻟﻪ ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ ،زﻳﺎد ﺟﺎﺑﺮ ،ﻣﻮﻗﻊ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ 26 ،ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2015م. وﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻧﺬر ﺻﺎﻟﺢ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻟﻠﻪ وأﺻﺒﺤﺖ ﺻﺪﻗﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ - 5ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ،ﻣﻮﺳﻢ اﻷﻓﺮاح ﺑﺎﻟﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺼﺮي، ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ ،ﻓﻜﻞ ﻣﺮﻳﺾ أو ﻣﺘﺄﺧﺮه ﻓﻲ اﻹﻧﺠﺎب ﻣﻮﻗﻊ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ 11،أﻏﺴﻄﺲ 2014م ﻳﻨﺼﺤﻮﻧﻪ أن ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﻠﺢ ﻧﺨﻠﺔ ﺻﺎﻟﺢ وﻛﻢ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺺ ﻟﺤﺎﻻت ﻛﺜﻴﺮة ﺷُ ﻔﻴﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﻨﺎول ﺛﻤﺮات ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ وﻓﻲ اﻟﻘﺮى اﻟﻤﺠﺎورة ﻳﻠﺘﻤﺴﻮن ﻣﻦ ﺛﻤﺮاﺗﻬﺎ اﻟﺒﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﻟﻬﻢ ،ودارت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮل إن َﻣﻠَﻜًﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻫﻮ اﻟﺬي زرﻋﻬﺎ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮل إن أﺣﺪ أوﻟﻴﺎء اﻟﻠﻪ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻣﺮ ﺑﻬﺎ وأﻛﻞ ﻣﻦ ﺛﻤﺮﻫﺎ ﻓﻄﺮح اﻟﺒﺮﻛﺔ ﺑﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺟﻤﻴﻌﺎً واﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺣﺘﻰ أﺷﺠﺎر ﻧﺨﻴﻞ ﻳُ ِ ﺮﺳﻠﻮن أﺑﻨﺎءﻫﻢ ﻟﻨﺨﻠﺔ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﺠﻠﺒﻮن ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺒﻠﺢ ﻟﻠﺘﺒﺮك ﺑﻪ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮت. وﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻀﺮب اﻟﻤﺜﻞ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن أﺣﺪﻫﻢ ﻳﻐﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺛﻤﻦ أي ﺷﻲء ﻳﻤﻠﻜﻪ وﻳﺮﻳﺪ ﺑﻴﻌﻪ ﻳﻌﻠﻖ 42
ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ
اﻟﻨﺨﻞ )وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ذات أﺻﻞ ﻓﺮﻋﻮﻧﻲ ﻗﺪﻳﻢ وﺗﻜﺘﺐ ﻛﺬﻟﻚ »زوﺑﺎط« ﺗﻄﻠﻖ ﻟﻶن ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﻏﺼﺎن اﻟﺒﻠﺢ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﻣ ًﻌﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ -ﻋﺬق اﻟﻨﺨﻴﻞ( ﻳﺮﺟﻤﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎﻟﻄﻮب واﻟﺤﺠﺎرة ﻓﺘﺘﺴﺎﻗﻂ ﺣﺒﺎت اﻟﺒﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻳﺄﻛﻠﻮن اﻟﻨﺎﻋﻢ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺗﺘﻨﺎول اﻟﻤﺎﻋﺰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﺸﻬﻴﺔ اﻷﻃﻔﺎل. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺪ اﻟﻤﺰارع أن ﻧﺨﻠﺘﻪ ﺗﻀﻢ ﻋﺪ ًدا ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻣﻦ »اﻟﻈُﺒﺎط«، ﻳﺼﻌﺪ وﻳﻘﻄﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ »ﺧَﻒ اﻟﻨﺨﻠﺔ« ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﺒﻘﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻀﺞ اﻟﻜﺎﻣﻞ .وﻳﻘﺪم »اﻟﻈُﺒﺎط« ﻟﻠﻤﺎﻋﺰ ﻟﺘﺘﻨﺎوﻟﻪ ،وﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻄﻘﺲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ وﺑﺪاﻳﺔ أﻏﺴﻄﺲ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً .وﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ ﻳﺒﺪأ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻟﻮﻧﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ »اﻷﺻﻔﺮ ،أو اﻷﺣﻤﺮ، أو اﻟﻤﺨﺘﻠﻂ اﻟﻤﻠﻮن« وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻳﺰداد ﻧﺸﺎط اﻟﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر أﺳﻔﻞ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﺟﻤﻬﺎ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺼﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻟﻴﻠﺘﻘﻂ ﺑﻌﺾ ﺣﺒﺎت اﻟﺒﻠﺢ اﻟﺘﻲ ﻳﺪب ﺑﻬﺎ اﻟﻄﻌﻢ اﻟﺠﻤﻴﻞ اﻟﻤﺤﺒﺐ ﻟﺪى اﻟﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر. ŒòĬĘĿí ĽîŔĈĿíō ôŀĈňĿí
ﻧﺴﺠﺖ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻋﻦ اﻷﺷﻴﺎء واﻷﻣﺎﻛﻦ واﻷﺷﺨﺎص ،اﻛﺘﺴﺒﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻤﺮا ً أﻃﻮل وﻗﻴﻤﺔ أﻛﺒﺮ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺪاول واﻧﺘﺸﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻮروﺛﺎً ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻟﻤﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻪ ﻋﺎدة أو ﻣﻌﺘﻘ ًﺪا أو ﺣﺘﻰ ﺧﺮاﻓﺔ ﺗﻤﻨﺢ ﻟﻤﻮاﺳﻤﻬﻢ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
41
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺒﺬري .وﺗﻨﻘﺴﻢ اﻷﺻﻨﺎف إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺻﻨﺎف ذات ﺛﻤﺎر رﻃﺒﺔ )اﻟﻄﺮي( ،وﺗﺸﻤﻞ ﻋﺪة أﺻﻨﺎف ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﺗﺨﺘﻠﻒ أﻟﻮان ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﻤﺮ إﻟﻰ اﻷﺻﻔﺮ واﻷﺻﻔﺮ اﻟﻤﺸﻮب ﺑﺤﻤﺮة ﺧﻔﻴﻔﺔ ،وﺗﺆﻛﻞ ﻋﺎدة ﻃﺮﻳﺔ )ﻃﺎزﺟﺔ( ﺑﻌﺪ اﻟﺠﻤﻊ ﻣﺒﺎﺷﺮة وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎﻧﻲ ،واﻟﺰﻏﻠــﻮل ،واﻟﺴﻤـــﺎﻧﻲ، واﻷﻣﻬـــﺎت ،وﺑﻨﺖ ﻋﻴﺸﺔ ،واﻟﺒﺮﺣﻲ ،إﻟﻰ ﺟﻮار أﺻﻨﺎف ﻣﺤﺪودة اﻻﻧﺘﺸﺎر ﻣﻨﻬﺎ أم اﻟﻔﺮاخ )أم اﻟﻔﺮوخ( ،واﻟﻌﺮاﺑﻲ )ﻋﺮﻳﺒﻲ( ،واﻟﺤﻼوي ،واﻟﺴﺮﺟﻲ. وﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﺻﻨﺎف ﻧﺼﻒ اﻟﺠﺎﻓﺔ ،وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺄن ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﺗﺼﺒﺢ ذات رﻃﻮﺑﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﻤﺎم ﻧﻀﺠﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻛﻤﻴﺎت ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﻴﻮي أو )اﻟﺼﻌﻴﺪي( ،واﻟﻌﻤﺮي ،واﻟﻌﺠﻼﻧﻲ، وﺣﺠﺎزي أﺑﻴﺾ .وأﺧﻴ ًﺮا ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺠﺎﻓﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺎد ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ أﺳﻮان ﺗﻨﻔﺮد ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ ،وﻫﻲ ﺗﻤﻮر ﻓﺎﺧﺮة ذات ﺷﻬﺮة ،أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺴﻜﻮﺗﻲ أو )اﻷﺑﺮﻳﻤﻲ واﻟﺒﺮﻛﺎوي( ،واﻟﺒﺮﺗﻤﻮدا )ﺑﻨﺘﻤﻮدا( ،واﻟﻤﻠﻜﺎﺑﻲ ،واﻟﺠﻨﺪﻳﻠﺔ، واﻟﺠﺮاﺟﻮدا ،واﻟﺪﺟﻨﺔ ،واﻟﺸــﺎﻣﻴﺔ. ĊŔĬĜĿí Œij aŒĠŔĸĿíd łēŎŃ
ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ أﻏﺴﻄﺲ وﺑﺪاﻳﺔ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻳﺒﺪأ ﻣﻮﺳﻢ ﻳﺴﻤﻴﻪ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ﺑـ»اﻟ ِﻘﻴﻆ« أو »اﻟ ِﻘﻴﻀﻲ« ،وذﻟﻚ ﻟﺸﺪة اﻟﺤﺮارة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ،وﺗ ُﺤﺼﺪ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺬرة اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ واﻟﺬرة اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ. وﺗﺸﻬﺪ ﻛﺬﻟﻚ »ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ«. ورﻏﻢ أن أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻻ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺑﻜﺜﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺒﺪاري ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ أﺳﻴﻮط ،إذ ﻳﻤﻠﻚ ﻛﻞ ﻣﺰارع ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻧﺨﻠﺔ وﻋﺸﺮ ﻧﺨﻼت ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﺠﺎر ﺗﻤﺜﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ وﺗﺤﻈﻰ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺗﻔﻮق ﻣﺤﺎﺻﻴﻠﻬﻢ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺰرﻋﻮﻧﻬﺎ وﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ دﺧﻠﻬﻢ وﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺣﺮﺻﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻔﻴﻒ ﻣﻨﺘﺞ ﻧﺨﻼﺗﻬﻢ ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن اﻟﻜﺮﻳﻢ إذ اﻋﺘﺎدوا أﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻨﻪ ﻣﺎﺋﺪة اﻹﻓﻄﺎر. ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻧﻀﺞ اﻟﺒﻠﺢ وﺗﺤﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻟﻮﻧﻪ اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻷﺧﻀﺮ وﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة »اﻟﺮا ِﻣﺦ« ﻳﻨﺘﺸﺮ اﻷﻃﻔﺎل أﺳﻔﻞ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻳﺮﺟﻤﻮن »ﻇُﺒﺎط« 40
ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ
ﻃﻮل اﻟﺜﻤﺮة ،واﻟﺼﻨﻒ اﻟﻤﻨﺰرع ﻓﻲ اﻟﻮاﺣﺎت ﻳﻤﺘﺎز ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺰرع ﺑﺎﻟﻮادي ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺠﻔﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ وذﻟﻚ ﻟﻤﻼءﻣﺔ اﻟﻄﻘﺲ ﻫﻨﺎك ،وﻫﻮ ﻣﻦ أﺟﻮد اﻷﺻﻨﺎف اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺘﺼﻨﻴﻊ واﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻔﻆ ﺛﻤﺎره ﺑﻌﺪ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻟﻤﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ، وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﺗﺼﺪر ﻣﻨﻪ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻠﺨﺎرج ،وﺗﻢ إﻧﺸﺎء ﻋﺪة ﻣﺼﺎﻧﻊ ﻓﻲ اﻟﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺘﻌﺒﺌﺔ وﺗﻐﻠﻴﻒ ﻋﺒﻮات اﻟﺒﻠﺢ وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺼﻨﻊ ﻹﻧﺘﺎج ﻋﺴﻞ اﻟﺒﻠﺢ وﻣﺮﺑﻰ اﻟﺒﻠﺢ واﻟﻌﺠﻮة ،وﺗﻢ إﻧﺘﺎج أﻧﻮاع ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺢ ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻠﺢ اﻟﻤﺤﺸﻲ ﺑﺎﻟﻠﻮز واﻟﺒﻠﺢ اﻟﻤﺤﺸﻲ ﺑﺎﻟﻔﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ و اﻟﺒﻠﺢ اﻟﻤﺤﺸﻲ ﺑﺎﻟﺸﻴﻜﻮﻻﺗﺔ. ĎĜŃ Őij čŎńøĿí ıîňěã
ﻟﻤﺼﺮ ﻣﻴﺰة ﻧﺴﺒﻴﺔ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺜﻼث ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟﺒﻠﺢ ،ﻓﺎﻷﺻﻨﺎف اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺻﻨﻔﺎً ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻋﺪاد ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف ﻣﺤﺪودة اﻻﻧﺘﺸﺎر وﺗﺠﻤﻌﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
39
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
»اﻟﻘﻴﻀﻲ« ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪ و»اﻟﺪﻣﻴﺮة« ﻓﻲ اﻟﻮادي
ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ أﻓﺮاح وﻋﺎدات وأﺳﺎﻃﻴﺮ
Őŀī Ŋ÷îĄė ĊńĄŃ
ĎĜŃ Œij ľŔĈňĿí õîīíčď
ﻣﻊ اﻧﺘﺼﺎف ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﺗﻨﻄﻠﻖ اﻷﻓﺮاح ﻓﻲ ﺑﻴﻮت أﻫﻞ اﻟﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ )اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻤﺼﺮ ،ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، وﻫﻲ أﻛﺒﺮ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎت ﻣﺼﺮ( ،ﻓﺠﻤﻴﻊ اﻟﺰﻳﺠﺎت ﻫﻨﺎك ﺗﺆﺟﻞ ﻟﺤﻴﻦ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﺪﻣﻴﺮة« وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ واﺣﺎﺗﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻠﺢ ﻣﻦ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ .ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﺑﺸﺎﺋﺮ اﻟﺨﻴﺮ ،ﻳﻨﻄﻠﻖ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺄﺳﺮﺗﻪ إﻟﻰ ﺑﺴﺘﺎن اﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﻳﺼﻌﺪ أﺣﺪﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ وﻳﻈﻞ اﻟﺒﺎﻗﻮن أﺳﻔﻠﻬﺎ، ﻳﻔﺮﺷﻮن اﻟﺤﺼﺮ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﺒﻠﺢ ،واﻟﻌﺎدة أن أول »ﻇُﺒﺎﻃﺔ« ﻳﻘﻄﻌﻬﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﺻﺪﻗﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮاء واﻟﺠﻴﺮان ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺑﺴﺎﺗﻴﻦ ﻧﺨﻴﻞ ،وﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﻳُﺮاد ﺑﻪ ﺟﻠﺐ اﻟﺒﺮﻛﺔ. ﻳﺸﺎرك ﺟﻤﻴﻊ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة ﻓﻲ ﺟﻨﻲ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺒﻠﺢ ،ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻄﻊ »اﻟﻈُﺒﺎط« ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻨﻘﻴﺔ اﻟﺒﻠﺢ وﻓﺮزه ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ﻓﻲ أﻗﻔﺎص اﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ وﻳﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﻳﻀﻪ ﻟﻠﻬﻮاء ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻔﺴﺪ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﺑﻴﻊ اﻟﻤﺤﺼﻮل ﻟﻠﺘﺠﺎر أو اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻟﺘﺴﻮﻳﻘﻪ ﻣﺤﻠﻴﺎً أو ﺗﺼﺪﻳﺮه. ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ ،ﻣﻦ أﺷﻬﺮﻫﺎ »ﺑﻠﺢ اﻟﻮاﺣﺎت ﻳﺎ ﺟﻤﻴﻞ ...ع اﻟﻨﺨﻴﻞ ف اﻟﻬﻮا ﺑﺘﻤﻴﻞ«
وﺗﻌﺪ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ أﺳﻮان ،إﻻ أن زراﻋﺎت اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﺼﺮ، وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ﺣﻮاﻟﻲ 14ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺨﻠﺔ ﺗﻨﺘﺞ ﺳﻨﻮﻳﺎً ﺣﻮاﻟﻲ 1.113.270 ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮر .،وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ وواﺣﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻲ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً و 900أﻟﻒ ﻧﺨﻠﺔ ،ﺗﻨﺘﺞ ﺣﻮاﻟﻲ 50أﻟﻒ ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮر ﺳﻨﻮﻳﺎً .وﺗﻌﺪ ﺗﻤﻮر اﻟﻮادي ﻣﻦ أﺟﻮد أﻧﻮاع اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺤﺎر واﻟﺘﺮﺑﺔ اﻟﺨﺼﺒﺔ اﻟﺘﻰ ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺑﺼﻮرة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺰراﻋﺔ .وﺗﺸﺘﻬﺮ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﺑﺈﻧﺘﺎج اﻟﺒﻠﺢ اﻟﺴﻴﻮي اﻟﺬي ﻳﻌﺮف ﺑـ»اﻟﺼﻌﻴﺪي« وﻫﻮ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﺻﻨﺎف ﻧﺼﻒ اﻟﺠﺎﻓﺔ وأﻛﺜﺮﻫﺎ اﻧﺘﺸﺎرا ً ،وﺗﻨﺘﺸﺮ زراﻋﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻮادي اﻟﺠﺪﻳﺪ واﻟﻮاﺣﺎت واﻟﺠﻴﺰة واﻟﻔﻴﻮم وﻳﺒﻠﻎ إﻧﺘﺎج اﻟﻨﺨﻠﺔ 90ﻛﺠﻢ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 150ﻛﺠﻢ ﻓﻲ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻤﻌﺘﻨﻰ ﺑﻬﺎ ،واﻟﺜﻤﺮة ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ إذ ﻳﺼﻞ ﻃﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ 3.5 – 4ﺳﻢ وﻗﻄﺮﻫﺎ 2 – 2.5ﺳﻢ ،ﻟﻮﻧﻬﺎ أﺻﻔﺮ ﻋﻨﺪ اﻛﺘﻤﺎل اﻟﻨﻤﻮ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻄﻮر ،وﺑﻌﺪ أن ﺗﺠﻒ اﻟﺜﻤﺮة ﻗﻠﻴﻼً ﻳﺘﺤﻮل ﻟﻮﻧﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻲ اﻟﺪاﻛﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻀﺞ ،وﻟﺤﻤﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺤﻼوة وﺳﻤﻴﻚ وﻗﻠﻴﻠﺔ اﻷﻟﻴﺎف ،واﻟﻨﻮاة ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻳﻌﺎدل ﻧﺼﻒ
38
ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ
ﺗﺄﻣﻼت
ﺗﻮأﻣﺔ اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺮاث ﻓﻲ ذات اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻐﺰو ﻓﻴﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻵﺧﺮ اﻟﺪﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻠﺒﺲ ،واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻳﻨﺰوي اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،وﺗﻐﻴﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻬﺪد ﺑﺎﻧﻘﺮاض اﻟﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ واﻟﻔﻠﻜﻠﻮر اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ ﺟﺰءا ً ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ. وأﻣﺎم ذﻟﻚ اﻟﻐﺰو ﻻﺑﺪ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﺟﺎدة ﻹزاﻟﺔ اﻟﺼﺪأ ﻋﻦ ﻣﻮروﺛﻨﺎ وإﻋﺎدة اﻻﻋﺘﺒﺎر إﻟﻴﻪ. ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق أﻟﺘﻘﻲ ﺑﻘﻠﻤﻲ وﻓﺮﺷﺎﺗﻲ ﻣﺘﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ واﻟﺮﺳﻢ ﺗﺼﺤﻴﺢ اﻟﻤﺴﺎر ﻧﺤﻮ ﺗﺮاث اﻷﺟﺪاد ﺑﺒﻠﺪاﻧﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ـ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎري واﺣﺪة ﻣﻦ ﻋﺸﺎق اﻟﺘﺮاث وأﺣﺪ اﻟﻜﻮادر اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﺮاث ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻪ وإﺣﻴﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ أذﻫﺎن اﻟﻨﺶء واﻟﺸﺒﺎب ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻔﻘﺪ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻵﺧﺮ وﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﺔ ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ. ﻓﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺤﺘﻀﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺴﻤﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻋﻠﻰ أراﺿﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺨﻴﻠﻪ ﻋﻘﻞ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻣﺼﺮ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻦ ﺛﻠﺜﻲ آﺛﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﺼﻤﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮازات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺳﻮاء إﺳﻼﻣﻴﺔ أو ﻓﺮﻋﻮﻧﻴﺔ أو ﻗﺒﻄﻴﺔ ،واﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﺤﺮﻓﻴﻮن واﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻟﺘُﺸﻜّﻞ ﻛﻴﺎﻧﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻋﻤﻼﻗﺔ. وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﺗﺮاث اﻷﺟﺪاد وﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﺪﺗﻬﺎ أﻧﺎﻣﻞ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ، ودوﻧﺘﻬﺎ أﻗﻼم اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺸﻌﺮاء ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺗﺪرس ﺑﻜﺎﻓﺔ دور اﻟﻌﻠﻢ وﻓﻲ أرﻗﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻫﺬا ﻳﻨﺒﺊ ﻋﻦ ﺗﻮأﻣﺔ اﻟﻔﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاث واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﺗﺼﻮر ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺰواج اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻲ ﺑﻴﻨﻬﻢ. وﻗﺪ ﻛﺮس اﻟﻔﻨﺎﻧﻮن ﺟﻞ ﺟﻬﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ وﺗﺮﺟﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران ﻣﻌﺎﺑﺪﻫﻢ وأﺻﺒﺤﺖ
د .ﺳﻤﺮ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ@
ﻣﻮروﺛﺎً ﺗﺮاﺛﻴﺎً ﺗﺸﻜﻞ ﺣﻀﺎرات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺤﻀﺎرة ﺑﺎﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﺮاق وﺣﻀﺮﻣﻮت ﺑﺎﻟﻴﻤﻦ وﻛﺎﻓﺔ اﻵﺛــﺎرات اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻔﺮت ﺑﺎﻟﺘﻘﺪم ووﺿﻌﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺎف اﻟﺪول اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺮﻗﻲ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻤﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺤﻀﺎرة وﺻﺪرت ﺗﺮاﺛﻬﺎ وﺣﻀﺎرﺗﻬﺎ ِ وﻫﻲ ﺳﺎﻛﻨﺔ ﺑﻤﻜﺎﻧﻬﺎ .وﺣﻮل إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻞ ﺗﺼﻮر آﺧﺮ ﻟﻤﻮروﺛﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺗﻨﻮﻋﻬﺎ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻧﺠﺪ اﻟﻤﺪن اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﺴﻮرﻳﺎ ﻓﻲ ﺣﻤﺺ ودﻣﺸﻖ واﻟﺸﺎم اﻟﺘﻲ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻌﺮب ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺿﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﻃﺮﻓﻲ اﻟﺮﺣﻰ اﻟﻔﺮس واﻟﺮوم واﻟﻠﺬﻳﻦ أرادا أن ﻳﻔﺮﺿﺎ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎك وﻟﻜﻦ ﻫﻴﻬﺎت ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺮرت ﻋﻠﻰ أﻳﺪي رﺟﺎل ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺬﻳﻦ وﺻﻔﻮا ﺑﻌﺮب اﻟﺼﺤﺮاء، ﻓﺎﻟﻤﻮروﺛﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﺗﺆﻛﺪ ﻣﻘﻮﻣﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ واﺣﺪة ،رﻏﻢ اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ إﻻ أﻧﻬﻤﺎ ﻳﺠﺘﻤﻌﺎن ﻓﻲ اﻟﺬوق واﻟﻤﺬاق ﻓﻬﻲ ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻤﺬاق ﻋﺮﺑﻲ وذوق ﺧﺎﻟﺪ ،وﻫﺬا ﻳﺆﻛﺪ أﻳﻀﺎً ﻣﺪى اﻟﺘﻮأﻣﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺮاث @ ﻛﺎﺗﺒﺔ وﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻣﻦ اVﻣﺎرات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
37
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
واﻗﻄﻊ ﺟﺮﻳﺪة ﺧﻀﺮا ﻳﺎ أﺑﻮ اﻟﻌـــﺒﺎﻳﺔ اﻟﻴﺎم ﺗﻀﻞ ﻋﺘﺒﺘﻚ ﺧﻀﺮا ﻋــﻠﻰ ﻣــــﺮ ِ وﻓﻲ ﺣﻼوة اﻟﺒﻠﺢ واﻟﺮﻃﺐ إذا ﻃﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﺘﻐﻨﻰ اﻟﻨﺴﻮة ﻗﺎﺋﻼت: ﻣﺜﻞ ﺻﺒﻴﺐ اﻟﻌﺴﻞ ﻃﻌﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﻲ اﻟﻜﻢ ﻳﺎ ﺣﺮﻣﺔ ﻗﻮﻣﻲ ﺣﻄﻲ اﺑﻨﻚ ﻓـﻲ ِ ﺷﺪي ﻣﻊ رﺟﺎﻟﻚ اﻟﺨــــﻴﺮ اﻟـــــﻮﻓﻴﺮ ﻋﺴﻞ وﻃـﺎﻳﺐ ﺑـــﻠﺢ اﻟﻘـــــﻮارﻳــــﺮ ... وﻋﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﺒﺮﻛﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻄﻒ وﻣﻨﻊ اﻟﺼﻐﺎر ﻣﻦ وطء اﻟﻤﻜﺎن ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﻘﻞ اﻟﺒﺮﻛﺔ وﺗﻘﺪﻳﺴﺎً ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﺜﻤﺮ اﻟﺬي ورد ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﺗﺘﻐﻨﻰ اﻟﻨﺴﻮة ﻗﺎﺋﻼت: اﻟﻤﺰروﻋﺔ ﺑﺎﻟﺒﻠﺢ أن إﻫﺪاء ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺼﻮل ﻳــــﺎ ﺑـــــﺮﻛﺔ رﺑــــــﻲ ﻟﻸﺣﺒﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ أﺳﺒﺎب وﻓﺮة اﻟﻤﺤﺼﻮل ﻓﻲ ﻓــــﻲ ﻫﺎﻟﺒﻴﺪر ﻃﺒــــﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﻘﺒﻞ ،واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ رﺑﺢ وﻓﻴﺮ ﻋﻨﺪ ﻳــــــــﺎ ﺑـــﺮﻛﺔ رﺑــــﻲ ﺑﻴﻊ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻤﺤﺼﻮل. اﻟﻠﻲ رزق ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻌﺬرا ﻳــــــﻜﺘﺮ رﻃــــــــــﺒﻨﺎ ŅŎøœĐŀĿ Ďćáō ĂŀòŀĿ Łîī وﻳـــــــﺒﺎرك ﺑﻠﺤـــــــﻨﺎ ... وﺗﺨﺘﻠﻒ وﻓﺮة ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺒﻠﺢ ﻣﻦ ﻋﺎم إﻟﻰ آﺧﺮ ،وﻳﺆﻛﺪ اﻷﺟﺪاد اﻟﺨﺒﺮاء ﻓﻲ اﻟﺰراﻋﺔ أن óŎĀĬĿí ôīîňě ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻳﺮﺗﺒﻂ ارﺗﺒﺎﻃًﺎ ﺗﺘﻔﺎﺧﺮ اﻟﻨﺴﻮة اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺎت ﺑﺄﻧﻬﻦ ﻳﺼﻨﻌﻦ وﺛﻴﻘًﺎ ﺑﻤﻮﺳﻢ اﻟﺰﻳﺘﻮن ،ﻓﻬﻨﺎك ﻋﺎم ﻟﻠﺒﻠﺢ »اﻟﻌﺠﻮة« اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻨﻊ اﻟﻜﻌﻚ وآﺧﺮ ﻟﻠﺰﻳﺘﻮن ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﺧﻼل ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻦ ﻣﺴﺘﻐﻼت ﻓﻴﻪ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺰﻳﺘﻮن وﻓﻴ ًﺮا ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺼﻮل ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺒﻠﺢ وﻛﺜﺮة اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻴﻪ ورﺧﺺ اﻟﺒﻠﺢ ً ﻗﻠﻴﻼ واﻟﻌﻜﺲ .ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ أﺳﻌﺎره ،إذ ﺗﺨﺼﺺ رﺑﺎت اﻟﺒﻴﻮت وﻗﺘﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻳــﺮدد اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن أﻏﺎﻧﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺸﻜﺮ ﻟﺘﻘﺸﻴﺮ اﻟﺮﻃﺐ ﺛﻢ رﺻﻪ ﺑﻌﺪ إزاﻟﺔ اﻟﻨﻮى ﻓﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ ،ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﺣﺔ ﺑﻮﻓﺮة اﻟﻤﺤﺼﻮل ،وﻓﻴﻬﺎ ﻳﻌﺪدون ﺑﻌﺾ اﻷدوات واﻟﻄﺮق اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﻄﻊ اﻟﻘﻄﻮف ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﺜﻞ: ارﻓـــﻊ راﺳـــﻚ ﻳﺎ اﺑــــﻦ اﻷﺻﺎﻳﻞ راﺳــﻚ ﻋﺎﻟﻲ زي اﻟﻨــﺨﻞ ﻋــــﺎﻟﻲ وﺗﻤﺮة اﻟﺮﺟﺎل ﺧﻴﺮ وﺳﻤﺎرﻫﻢ ﺧﻴﺮ زي ﺗﻤﺮ اﻟﻨﺨﻞ أﺳـــﻤﺮ وﻏــــﺎﻟﻲ... وﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻒ اﻟﺒﻠﺢ ﺗﺘﻐﻨﻰ اﻟﻨﺴﻮة ﻗﺎﺋﻼت: ودو ﺷـــــــــﺒﺎب ﺗﻠـــــــــــــــــﻤﻪ ودو ﺷﺒﺎب .....اﻟﺰرع ﺑﺪو ﻫـــــــﻤﺔ 36
ﻃﻘﻮس ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
ﺻﻮان ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ،وﻳﻮﺿﻊ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺸﻤﺴﺔ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻟﺤﺸﺮات واﻷﺗﺮﺑﺔ ،وﺑﻌﺪ ﺟﻔﺎﻓﻪ ﺑﻌﺪة أﻳﺎم ﻳُﺠﻤﻊ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻗﻮاﻟﺐ داﺋﺮﻳﺔ ،وﻳﺤﻤﺺ ﻓﻲ ﻓﺮن اﻟﻄﺎﺑﻮن وﻳﺤﻔﻆ ﻓﻲ أﻛﻴﺎس ﻧﺎﻳﻠﻮن ﻣﺪﻫﻮﻧﺔ ﺑﺰﻳﺖ اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻟﺤﻴﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ،وﻗﺪ ﺗﻐﻨﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺠﻮدة ﺻﻨﻴﻌﻬﻦ وﺑﺄﻧﻪ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻬﺎرة واﻟﺘﺪﺑﻴﺮ إذ ﻗﻠﻦ: ﺣﻄﻲ ﻋﺠﻮﺗﻚ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﻚ ﻳﺎ ﺑﻨﺖ اﻷﺻﺎﻳﻞ ﻟﻮ ﺟﺎر ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺰﻣﻦ واﻟﺰﻣﻦ ﺟﺎﻳﺮ وآﻣﻨـــــﻲ ﻛـــــــﻌﻜﺎﺗﻚ وﻃـﻌﻤﻲ ﺣـــﺒـﻴﺒﺎﺗــــﻚ ووزﻋﻲ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ روح ﻣﺤﺒﻴــﻨﻚ ĎńøĿí Ēñĉ ôīîňě
وﻫﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﻜﺎد ﺗﻨﻘﺮض ﺑﺴﺒﺐ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ،إﻻ أن ﻫﻨﺎك اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﻦ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺪﺑﺲ ﻳﺪوﻳًﺎ ،إذ ﺗُﺒﻨﻰ ﻏﺮﻓﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ، ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻹﻏﻼق ﺑﺪون ﻧﻮاﻓﺬ ،ﺗُﺠﻤﻊ اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻐﺮﻓﺔ وﺗُﻀﻐﻂ وﺗﺘﺮك ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻴﻞ اﻟﺪﺑﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﻓﺘﺤﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ اﻷﺳﻔﻞ .ودﺑﺲ اﻟﺒﻠﺢ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻏﺬاﺋﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ، وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺋﺪ اﻟﻄﻌﺎم ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺮﺑﻰ، وﻳﻮﺻﻒ ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻘﻮة اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﺮﺟﺎل @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
ôŀĈňĿí łœĎļ÷ đŎĸģ
ﺗﺒﺪأ ﻃﻘﻮس اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ واﻟﺒﻠﺢ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﻄﻘﺲ»ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺨﻠﺔ« ،وﻫﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ إﻋﺪاد اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻟﺤﻤﻞ اﻟﺜﻤﺎر ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻗﻄﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ .ﺗﺒﺪأ ﻃﻘﻮس اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر رﺟﻞ ﻛﺒﻴﺮ اﻟﺴﻦ ﻟﻪ ﻫﻴﺒﺘﻪ وﻗﻴﻤﺘﻪ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮى واﻟﻮرع ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮن ﻣﻊ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺒﺮك .ﻓﻲ ﺣﻀﻮره ﻳﻘﻮم اﻟﺮﺟﺎل ﺑﺘﺸﺬﻳﺐ اﻟﻨﺨﻠﺔ وﺗﻬﺬﻳﺒﻬﺎ ووﺿﻊ اﻟﺴﻤﺎد ﺣﻮﻟﻬﺎ وﺳﻘﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻠﻌﻮن »اﻷﻛﻮاز أو اﻷﻋﺮاس« أي ﻓﺮاخ اﻟﻨﺨﻞ ﻋﻦ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻷم ﻟﻐﺮﺳﻬﺎ ﻓﻲ أﻣﻜﻨﺔ أﺧﺮى ،وﺑﻌﺪ اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﺗﺘﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻘﻴﺢ. وﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﺮددﻫﺎ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﺣﻮل اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ» :ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ِ اﻷﺟﺎوﻳﺪ«. ﺗﻜﺮﻣﻬﺎ ﺑﺘﻜﺮﻣﻚ« ،و»زﻳﻦ ﻳﺎ ﻣﺰﻳﻦ ﺑﻨﺖ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ،ﺗﺘﻔﺮغ اﻟﻌﺎﺋﻼت وﺗﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﻄﻒ اﻟﺜﻤﺎر ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ أﺻﺤﺎب اﻷراﺿﻲ وأﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﻤﺎل ﻣﺨﺘﺼﻴﻦ، وﺗﻌﻘﺐ اﻟﺠﻨﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﺮز اﻟﺒﻠﺢ. ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات اﻟﻤﺘﻮارﺛﺔ أن ﻳﺘﻢ إﻫﺪاء اﻷﻗﺎرب واﻟﻤﻌﺎرف ﺑﺄﻓﻀﻞ وأﺟﻮد أﻧﻮاع اﻟﺒﻠﺢ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﻴﻌﻪ وﺗﺴﻮﻳﻘﻪ. وﺗﻌﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻫﺪاء اﻟﺒﻠﺢ ﻫﺬه واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات اﻟﻬﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺮص أﺻﺤﺎب أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺠﺪ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻗﺪ ﺣﺮص ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ إﻫﺪاء اﻟﺒﻠﺢ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ أو ﻟﺼﺪﻳﻖ أو ﺣﺘﻰ ﺟﺎرة ﻗﺮﻳﺒﺔ أو ﺑﻌﻴﺪة ﻓﺈن أوﻻده وأﺣﻔﺎده ﻳﺤﺮﺻﻮن ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮار ﻫﺬه اﻟﻌﺎدة واﻟﻮﻓﺎء ﺑﻬﺎ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﻟﻠﺠﺪ اﻟﺮاﺣﻞ. وﻫﺪﻳﺔ اﻟﺒﻠﺢ ﻣﻦ أﺟﻤﻞ اﻟﻬﺪاﻳﺎ ﻟﻸﺣﺒﺔ ،وﻳﺮى ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
35
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
ا0ﺟﺎوﻳﺪ زﻳﻦ ﻳﺎ ﻣﺰﻳﻦ ﺑﻨﺖ ِ
ﻃﻘﻮس ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ņĔă îńē
ﻋﺮﻓﺖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ زراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ،واﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أراﺿﻴﻬﺎ، ﺧﺼﻮﺻﺎً أرﻳﺤﺎ واﻷﻏــﻮار وﻏــﺰة .واﻫﺘﻢ اﻟﻤﺰارع اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﺑﺰراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻻ زال ،رﻏــﻢ ﺗﻌﻤﺪ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺒﻐﻴﺾ ﻗﻄﻊ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﻌﻤﺮة ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻄﻤﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﺑﻂ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺑﺄرﺿﻪ ووﻃﻨﻪ. ﻳﻌﺪ »ﺗﻤﺮ اﻟﻤﺠﻬﻮل« ،أو ﻛﻤﺎ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﻌﺾ »ﺑﺘﺮول ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ« أﺣﺪ أﺟﻮد أﻧﻮاع اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ،ﻳُﺰرع ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺒﺤﺮ ﺗﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺴﺒﺔ اﻷﻛﺴﺠﻴﻦ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻧﻜﻬﺔ وﻟﻮﻧﺎً ﻣﻤﻴﺰﻳﻦ. اﻧﻌﻜﺴﺖ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ،ﻣﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ واﻷﻫﺎزﻳﺞ ،واﻧﻔﺮد اﻟﺒﻠﺢ ﺑﺤﻔﻼت وﻃﻘﻮس ﺧﺎﺻﺔ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ أو ﻗﺒﻠﻪ ﺑﺄﻳﺎم ﻗﻠﻴﻠﺔ وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﺸﻬﺮ.
34
ﻃﻘﻮس ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
وﻫﻲ ﺣﻔﻆ اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ أوان ﺧﺰﻓﻴﺔ ﺗُﺴﻤﻰ »اﻟﺨﺮس« ،أو ﺗﺤﻔﻆ ﻓﻲ »اﻟﺨﺼﻒ« اﻟﻤﺼﻨﻮع ﻣﻦ ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،واﻟﻤﺴﻤﻰ »اﻟﺠﺮاب« ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻟﻌﻤﻞ »اﻟﻤﺪﻟﻮك« ،واﻟﺬي ﻳﺘ ّﻢ ﺻﻨﻌﻪ ﻓﻲ اﻷﻏﻠﺐ ﺧﻼل أوﻗﺎت اﻟﻌﺼﺮ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺠﺘﻤﻊ اﻟﻨﺴﻮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﻟﺘﻨﻘﻴﺔ اﻟﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﺋﺐ اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻪ وﻳﺴﻤﻰ »اﻟﺘﻔﺴﻴﺦ« ،وﻫﺬه اﻷﻛﻠﺔ ﺗﻘﺪم ﻣﻊ اﻟﻘﻬﻮة اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﻃﺐ)(5 @ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﻫﻮاﻣﺶ: - 1أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﺷﺎﻣﺲ اﻟﺤﺠﺮي» :اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن«، ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﻌﺪد ) ،68ﻳﻮﻟﻴﻮ ،(2003ص .109
- 2ﻳﺴﺘﺨﺪم أﻫﺎﻟﻲ اﻹﺣﺴﺎء ﻣﺼﻄﻠﺢ »ﺻﻔﺮي« ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد أو اﻟﺼﺮام .وﻓﻲ ﺷﻂ اﻟﻌﺮب »ﻗﺼﺎص اﻟﻨﺨﻴﻞ« ،وﻓﻲ ﻧﺠﺪ واﻟﺤﺠﺎز اﺧﺘﺮاف .ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﺸﺎﻳﺐ» :اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻣﺜﺎل ﻓﻲ اﻹﺣﺴﺎء« ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﻌﺪد ) ،68ﻳﻮﻟﻴﻮ ،(2003ص 71؛ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺒﺎر اﻟﺒﻜﺮ :ﻧﺨﻠﺔ اﻟﺘﻤﺮ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ وﺣﺎﺿﺮﻫﺎ) ،ﺑﻴﺮوت :اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻮﻋﺎت ،(2002 ،ص .405 - 3ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻬﺎﺷﻤﻲ :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص 20 ،19 - 4ﺧﻮرﺷﻴﺪ ﺑﺎﺷﺎ :رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺪود ﺑﻴﻦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ وإﻳﺮان ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ زﻫﺮان )اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﺘﺮﺟﻤﺔ ،(2009 ،ص .164 - 5ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﺳﻂ ﻋﻮده إﺑﺮاﻫﻴﻢ :اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ واﻟﺤﻀﺎري ﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن) ،ﺑﺤﺚ دﻳﺠﻴﺘﺎل ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ www.iraqi- ،(datepalms.net، 2014ص .7 ،6
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
33
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة 24ﻧﻮ ًﻋﺎ ﻣﻨﻬﺎ :ﻗﺶ ﺑﻄﺎش، وﻫﻮ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻷﺻﻨﺎف ﺗﺒﻜﻴ ًﺮا وﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﻃﺐ ،وﻧﻐﺎل ،ﻗﺪﻣﻲ ،ﻣﻨﺤﻲ، ﺧﻤﺮي ،وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﻸﻛﻞ رﻃ ًﺒﺎ إﻻ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﺰاﺋﺪ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ .أﻣﺎ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ،وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد اﻷﺻﻨﺎف اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﻨﻀﺞ اﻟﺘﻲ ﺗُﺠﻨﻰ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة 123ﻧﻮ ًﻋﺎ ،أﻫﻤﻬﺎ :ﻫﻴﺜﻤﻲ، ﻓﺮض ،ﻣﻬﻠﺒﻲ ،ﺑﺮﻧﻲ ،أﺑﻮ اﻟﺪﻋﻦ ،وﺗ ُﺴﺘﺨﺪم رﻃﺒًﺎ وﺗﻤ ًﺮا وﺑﺴ ًﺮا .أﻣﺎ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﺘﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ وﺗﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،وﺗﻨﻀﺞ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺑﻌﺾ أﻧﻮاع ﻳُﻔﺮش ﺑﺎﻟﺤﺼﺮ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺧﻮص اﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘ ّﻢ ﺗﺠﻔﻴﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﺘﺄﺧﺮة اﻟﻨﻀﺞ ،وﻫﻲ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻧﺴﺒﻴًﺎ وﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ :زﺑﺪ ،ﺧﺼﺎب ،وﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻷوﻋﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻷﻧﻮاع ،ﺛﻢ ﺗﻔﺮز وﺗﻨﻘﻰ ﻣﻦ ﺧﻼص ﻋﻤﺎن ،ﻫﻼﻟﻲ ﻋﻤﺎن ،ﻣﺮزﺑﺎن).(3 اﻟﺘﻤﻮر اﻟﻔﺎﺳﺪة ،ﺛﻢ ﺗﻌﺒﺄ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺤﻼت اﻟﺒﻴﻊ، أو اﻟﻤﺪاﺑﺲ ﻻﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺪﺑﺲ أو ﻋﺴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ،أو ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ .أﻣﺎ ôŀĈňĿí čîńû Œňÿ ﺗﻤﺮ ﻧﺨﻠﺔ اﻟﻔﺮض ﻓﻴﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳُﺠﻨﻰ وﻳُﺤﻔﻆ .أﻣﺎ ﺗﺘ ّﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﻨﻲ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑﺪون أي ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﺴﻮر ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗُﺤﺼﺪ أﺛﻨﺎء ﺗﻜ ّﻮن اﻟﺒﺴﻮر ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﻴﺮ رﻃ ًﺒﺎ »ﻋﻀﻴﺪة« ،أي ﺟﺬﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﻴﺪ ،أﻣﺎ إذا ﻣﺎ أﺻﺒﺤﺖ »ﻧﺸﻮة« ،وﺗﺠﻔﻒ وﺗﻄﺒﺦ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻨﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺼﺎﻧﻊ. أو زادت ﻓﻲ اﻟﻄﻮل ،ﻓﻌﻨﺪﺋﺬ ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﻗﻄﻒ ﺛﻤﺮﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗ ُﺮﺗﻘﻰ، وﺗﺨﺘﻠﻒ ﻃﺮق ارﺗﻘﺎء اﻟﻨﺨﻠﺔ ،ﻓﻘﺪﻳ ًﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﺗﻘﻲ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻋﺪة رﺟﺎل ÷Œīîńøÿí ľijîļ÷ō ĢñíĎ وﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ﺟﺬع اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻳﺘﺴﻠّﻤﻮن اﻟﻌﺬوق ﻳُﻌﺘﺒﺮ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻘﻴﻆ ﻧﻤﻄًﺎ ﻣﻦ أﻧﻤﺎط اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﺮاﺑﻂ اﻟﻤﺠﺬوذة وﻳﻤﺮروﻧﻬﺎ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ واﺣ ًﺪا ﺑﻌﺪ اﻵﺧﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﺻﻠﻮﻫﺎ إﻟﻰ ﺑﻴﻦ ﻓﺌﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟ ُﻌﻤﺎﻧﻲ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،إذ ﻳُﺸﺮف ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺒﺴﺘﺎن اﻷرض ،وﻳﺘﻌﺎون ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﻼﺣﻮ ﻋﺪة ﺑﺴﺎﺗﻴﻦ ،وﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺑﻨﻔﺴﻪ ،وﻳﻀﻊ ﺗﻤﻮﻳﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺪاﺋﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺘ ّﻢ ﺻﻌﻮد اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑﺪون واﺳﻄﺔ ﺑﺄن ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﺳﻼل ،وﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺧﻴﻤﺘﻪ أو ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ .وﻳﻤﻨﺢ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻤﺘﺴﻠﻖ ﻋﻠﻰ رﺟﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎﻓﻴﺘﻴﻦ وﻳﺪﻳﻪ اﻟﺨﺎوﻳﺘﻴﻦ ،وﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻫﺬه اﻟﻤﺰرﻋﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد أﺟ ًﺮا ﻣﺎدﻳًﺎ أو ﻋﻴﻨ ًﻴﺎ ،أي اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺘﻌﺒﺔ ﺟ ًﺪا. ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺎر .وﺗﺘﻌﺪد اﻷﻋﻤﺎل ،وﺗﺘﻮزع ﻋﻠﻰ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة ،ﻓﻴﻘﻮم ﺗﻄﻮرت ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺠﻨﻲ ﻟﺘﺘ ّﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻤﺮﻗﺎة ،وﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﻤﻌﻈﻢ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،إذ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻘﻄﻊ اﻟﺘﻤﺮ اﻟﻨﺎﺿﺞ، ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺣﺒﺎل ،اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺘﻴﻦ ﻏﻠﻴﻆ ﺣﻮل ﺟﺬع اﻟﻨﺨﻠﺔ ،ﺗﺘﺼﻞ وﺗﺼﻔﻴﻒ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻗﻄﻊ اﻟﺴﻌﻒ اﻟﻴﺎﺑﺲ وﻏﻴﺮه؛ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن ﺑﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺣﺒﺎل رﻓﻴﻌﺔ ﺣﻮل ﻇﻬﺮ »اﻟﺠﺎﻧﻲ« ،وﻳﺮﺑﻂ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺒﻞ اﻟﻨﺴﺎء واﻷﻃﻔﺎل ﻳُﻌﻬﺪ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻤﻬﺎت ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﻐﻠﻴﻆ ﺑﺤﻠﻘﺔ رﻓﻴﻌﺔ. واﻟﺘﻘﺎط اﻟﺜﻤﺎر اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺤﺼﺎد ،واﻧﺘﻘﺎء اﻟﻨﻮع اﻟﺠﻴﺪ وﻣﻦ اﻟﻤﺒﺘﻜﺮات اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﺘﺨﺪم ﻟﺼﻌﻮد اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻷﺑﺮاج اﻟﺮاﻓﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺮديء .وﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜﻴﺮة ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ »اﻟﺒﻴﺪار« ،وﻓﻲ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ وأﺳﻔﻞ ،وﻋﻠﻰ ﻋﺠﻼت ،وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﺠﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﺄﺧﺬ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ اﻟﺬي ﺗﻨﺘﺠﻪ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳُﻌﻄﻰ ﻧﺨﻠﺘﻴﻦ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﺘﻴﻦ أو أرﺑﻊ ﻧﺨﻼت ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ. أﺟ ًﺮا ﻣﺎدﻳًﺎ ﺳﻨﻮﻳًﺎ .وﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎن آﻻف اﻟﺒﺪو ﻳﺄﺗﻮن إﻟﻰ اﻟﻘﺮى وﻳﺘ ّﻢ ﻗﻄﻒ اﻟﻌﺬوق ﺑﻘﻄﻌﻬﺎ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ ،وﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻣﻞ ﺗﺘﺮاﻛﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺠﻨﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﺸﺮاء .وﻳﺬﻛﺮ ﺧﻮرﺷﻴﺪ ﺑﺎﺷﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻓﻮق ﺑﻌﻀﻬﺎ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﻤﺮ اﻟﺤﺒﻞ ﻫﺎﺑﻄًﺎ ﻣﺘﺜﺎﻗﻼ ﺑﺎﻟﻌﺬوق ﺣﺘﻰ »ﺳﻴﺎﺣﺘﻨﺎﻣﺔ« أﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ ﻳﺘﺮك أﻓﺮاد اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ، ﻳﺴﺘﻠﻤﻬﺎ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺗُﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺬﻧﺎﺑﻴﻞ واﻟﻘﻔﻒ وﻳﺘﺠﻬﻮن إﻟﻰ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﺰروﻋﺔ ﺑﺎﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ إﻏﺎرة واﻟﻤﻨﺸﺎت ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﺻﻨﺎف ﻣﻦ أي ﻋﺸﻴﺮة أﺧﺮى ،وﻟﺠﻨﻲ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺘﻤﺮ).(4 اﻟﻌﻤﺎل :اﻟﺠﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﺴﻠﻖ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،واﻟﻄﻮاش ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﺠﻤﻊ اﻟﺘﻤﺮ ﺗﻠﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺼﺮام أو اﻟﺠﺪاد ﻣﺮﺣﻠﺔ أﺧﺮى ﺗ ُﺴﻤﻰ اﻟﺘﺴﻄﻴﺢ ،ﻓﺒﻌﺪ اﻟﻤﺘﺴﺎﻗﻂ ﺣﻮل اﻟﻨﺨﻠﺔ ،وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻣﺮأة أو اﻷﻃﻔﺎل ،واﻟﻨﺎﻗﻞ ﺟﻨﻲ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻳﺘ ّﻢ ﺗﻌﺮﻳﺾ ﻫﺬه اﻟﺜﻤﺎر ﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن وﻫﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻨﻘﻞ اﻟﺘﻤﺮ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻳُﺨﺼﺺ ﻟﻪ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻬﻴﺄ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض ،وﻳُﺴﻤﻰ »اﻟﻤﺴﻄﺎح » ،ﺛﻢ ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ »اﻟﻜﻨﺎز« 32
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
ﻳُﺴﻤﻰ اﻟﻤﺰارع اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ رﻋﺎﻳﺔ ﺑﺴﺘﺎن وﺗﺘﻢ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ُﻋﻤﺎن ﺑﺎﻟﺒﻴﺪار ،أو اﻟﺨﺪﻳﻢ، ّ اﻟﺒﻴﺪرة ﺑﺎﺗﻔﺎق وﺷﺮوط ،وﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ ﻟﻤﺪة اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد ،وﻳُﻌﻄﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ وﻓﻖ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل؛ إذ ﻳﺮوي اﻟﻨﺨﻴﻞ ،وﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻪ، وﻳﺠﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺮ ،ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،ﻋﻨﺪ ﺑﺪء ﻧﻀﺞ اﻟﺜﻤﺮة ﻣﺴﻤﻰ »اﻟﺒﺴﺮ« ،ﺛﻢ دور »اﻟﺮﻃﺐ«، وﻫﻮ ﺗﺮﻃﻴﺐ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺒﺴﺮ ،ﺛﻢ ﻳﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﺗﻤﺮ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﺗﺤﻮل اﻟﺮﻃﺐ إﻟﻰ ﺗﻤﺮ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺼﺮﻣﻪ ،واﻟﺼﺮام ﻫﻮ ﻗﻄﻊ ﻋﺬوق اﻟﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،واﻟﻤﺰارﻋﻮن اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﻮن ﻟﻬﻢ ﻃﺮﻗﻬﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﺮام اﻟﺘﻤﻮر ﻳُﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ ﺷﺮاب ﻳُﺴﻤﻰ »اﻟﺪﺑﺲ« ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم 0ﻏﺮاض اﻟﺘﺤﻠﻴﺔ ﺑﻌﺪ ا0ﻛﻞ ،أﻣﺎ ﻟُﺐ ﻃﻌﺎﻣﺎ ً ﻟﺬﻳﺬا ﻃﻴﺐ اﻟﻤﺬاق، اﻟﻄﻠﻊ ا0ﺧﻀﺮ ﻓﻴﺆﻛﻞ ً وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳُﻘﻄﺮ ﻳُﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﺳﺎﺋﻞ ﺣﻠﻮ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ »ﻗﺎرا« ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺸﺮﺑﺎت، وﺑﺎVﻣﻜﺎن ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﻟﻰ ﺳﻜﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻮاﻓﺮ اﻟﻤﻬﺎرة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺬﻟﻚ
ﻳُﺴﻤﻰ »اﻟﺮﻗﺎط« ،وﺗﺘ ّﻢ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ وﺳﻂ ﺟﻮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ðģĎĿí ľĠijã ņĻíĊĿí Ďńăŗí
وﺗﺮﻓﻴﻬﻲ وﻏﻨﺎﺋﻲ .وﺣﻴﻦ ﻳﺼﻌﺪ »اﻟﺠ ّﺪاد« إﻟﻰ أﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﺒﺪأ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺄﺳﻔﻞ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺮدﻳﺪ ﺑﻌﺾ اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻬﻢ: ﻳﺎ ﺟـﺪاد اﺧـــﺪم ﻋـــﻠﻰ ﻋـــــﻴﺎﻟﻚ ﻳــــــﺎ ﺟــــﺪاد ﻟـــــﻦ ﻃــﺎح ﻣﻴــــﺮادك وأﻳﻀً ﺎ: ﻫــــــﻴﺒﻼﻧﻲ ﻫـــﻴﺒﻼﻧﻲ ﻫــــﻴﺒﻼﻧﻲ ﺣــــــﺪ راﻗــــــــــﺪ وﺣــــﺪ ﺗﻌـــــﺒﺎﻧﻲ ﺣــــﺪ ﺻﺎﺋﻢ ﺷـــــــــﻬﺮ رﻣﻀـــﺎﻧﻲ ﻟﻌــــــــــﺮق ﺳـــــــــــﻮى ﺧــــــﻴﻼﻧﻲ وأﻫــــــﻠﻚ ﻣـــــﺎزر اﻟﺬرﻋـــــــﺎﻧﻲ أﻫﻠﻚ ﻣـــــــــــﻦ ﺷﻴـــــﺐ وﻃﻔـــﻼﻧﻲ وأﻳﻀً ﺎ: ﺳﻼﻣﺔ ﻋﺬﺑﺘﻨﻲ وأﻧﺎ ﻓــﻮق اﻟﻤـﺴﻴﻠﺔ ﻳﺒﻜﻲ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻋﻠﻲ ﻳﺒﻲ ﺷﻴﻠﻪ وﻳﺪﻳﻠﻪ).(1
ﺗﺘﻨﻮع أﺻﻨﺎف اﻟﺮﻃﺐ اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ إﻻ أن ﺻﻨﻒ اﻟﺮﻃﺐ اﻷﺣﻤﺮ اﻟﺪاﻛﻦ ﻫﻮ أﻓﻀﻠﻬﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺨﻠﻮ ﺻﻨﻒ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻷﺻﻔﺮ أو اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﻟﻨﻮى ،وﻟﻪ ﻧﻜﻬﺔ ﺣﻠﻮة، وﺗﺘﻌﺪد أﺻﻨﺎف اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻻﺧﺘﻼف اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ،وﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻣﻮاﻋﻴﺪ ﻧﻀﺠﻬﺎ ﺧﻼل ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد اﻟﻤﻌﺮوف ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﻘﻴﻆ«)،(2 ﺣﻴﺚ ﻳﻤﺘﺪ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺘﺔ آﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻫﻲ أﻃﻮل ﻣﻮاﺳﻢ »ﻗﻴﻆ« ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ زراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ .ﺗﺒﺪأ ﺑﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺒﺴﻴﻞ ،وﺗﺘ ّﻢ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ وﻫﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻬﺎ أﺑﻨﺎء اﻷﺳﺮة أو اﻟﻘﺮﻳﺔ، وﺗﻤﺜﻞ ﺻﻮرة ﻟﻠﺘﻌﺎون اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺸﺘﺮك. ﻳُﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﻨﺨﻴﻞ »اﻟﻘﻴﻆ« ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن إﻟﻰ ﺛﻼث ﻓﺘﺮات :ﺗﻤﺘﺪ اﻷوﻟﻰ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻳﺘ ّﻢ ﻧﻀﺞ اﻟﺜﻤﺎر، وﺗُﺼﺒﺢ ﺗﻤ ًﺮا ﻣﺘﻤﺎﺳﻜًﺎ ذا ﻗﻮام ،ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ وﺗﺴﺘﻤﺮ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ،وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪد اﻷﺻﻨﺎف اﻟﻤﺒﻜﺮة اﻟﻨﻀﺞ اﻟﺘﻲ ﺗُﺠﻨﻰ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
31
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ ʼnŎ÷ ĽŎį îňĿŎįîŇ ŒŇíŎćç îœ
ﻳﻨﻄﻠﻖ اﻷﻃﻔﺎل ،واﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ،ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻘﻴﺢ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ،وﻫﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮن اﻟﺰﻧﺒﻴﻞ أو اﻟﻤﺨﺮاﻓﺔ أو اﻟﺠﺒﺔ .وﻳﻨﺸﺪون ﻓﻲ ﺗﺠﻮاﻟﻬﻢ ﺗﻐﺎرﻳﺪ ﺗﻘﻮل» :ﻳﺎ إﺧﻮاﻧﻲ ﻧﺎﻏﻮﻟﻨﺎ ﻏﻮل ﺗﻮه« .وﻫﻢ ﻳﻠﺘﻘﻄﻮن ﺣﺒﺎت اﻟﺨﻼل ﺛﻢ اﻟﺒﺮﻋﻢ أو اﻟﺮﻃﺐ وأﺧﻴ ًﺮا اﻟﺘﻤﺮ ،ﻓﺒﻌﻀﻬﻢ ﻳﻌﻠﻔﻪ ﻟﻠﺤﻴﻮاﻧﺎت ،وآﺧﺮ ﻳُﺠﻔﻔﻪ ﻟﻠﺒﻴﻊ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺠﻤﻌﻪ ﻟﻠﻐﺮﺿﻴﻦ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﻴﻦ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ وﻫﻮ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد ﻳﺨﺮج اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﻮن إﻟﻰ ﺑﺴﺎﺗﻴﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻟﻠﺘﻨﺰه ،وﻳﻘﻀﻮن وﻗﺘًﺎ ﻃﻴﺒًﺎ ﺑﻬﺎ، وﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺄﻛﻞ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﻄﺎزج اﻟﻠﺬﻳﺬ وﺳﻂ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻘﺮوﻳﺔ اﻟﻤﻤﺘﻌﺔ واﻟﻤﺴﻠﻴﺔ. وﺑﻴﻦ ﻛﻞ اﻟﻤﺰروﻋﺎت ﻳﻨﻔﺮد اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎﻧﺔ دﺧﻼ اﻷوﻟﻰ ﻟﺪى اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﻴﻦ ،وﻳﺠﻨﻮن ﻣﻨﻪ ً ﻃﻴ ًﺒﺎ .وﻓﺸﻞ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﺘﻤﺮ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻛﺎرﺛﺔ وﺑﻼء ﻛﺒﻴﺮ. Ďń÷ iðģč iĎĔñ
ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺮ ،ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ،ﻋﻨﺪ ﺑﺪء ﻧﻀﺞ اﻟﺜﻤﺮة ﻣﺴﻤﻰ »اﻟﺒﺴﺮ« ،ﺛﻢ دور
30
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
»اﻟﺮﻃﺐ« ،وﻫﻮ ﺗﺮﻃﻴﺐ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺒﺴﺮĺĿîŔī Őŀī ŁĊćí ĉíĊÿ îœ ،
ﺛﻢ ﻳﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﺗﻤﺮ ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﺗﺤﻮل اﻟﺮﻃﺐ إﻟﻰ ﺗﻤﺮ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺼﺮﻣﻪ ،واﻟﺼﺮام ﻫﻮ ﻗﻄﻊ ﻋﺬوق اﻟﺘﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،واﻟﻤﺰارﻋﻮن اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﻮن ﻟﻬﻢ ﻃﺮﻗﻬﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﺮام اﻟﺘﻤﻮر .وﺣﺎﻟﻤﺎ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻧﻀﻮج اﻟﺜﻤﺮة ﺗﺆﻛﻞ ﻃﺎزﺟﺔ ،وﻫﻲ أﻟﺬ ﻃﻌ ًﻤﺎ وأوﻓﺮ ﻋﺼﺎرة وأﻛﺜﺮ ﺗﻐﺬﻳﺔ .ورﺑﺔ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﺎﻫﺮة ﻓﻲ ﺗﺤﻀﻴﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻃﺒﺎق اﻟﻄﻌﺎم اﻟﺸﻬﻲ اﻟﻤﺼﻨﻮع ﺑﺎﻟﺘﻤﺮ، واﻟﻤﻄﻬﻲ ﺑﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺳــﻮاء ﻛﺎن ﻧﻴﺌَﺎ أﺧﻀﺮ ،أو ﺟﺎﻓًﺎ ،أو ﻣﺴﺤﻮﻗًﺎ ،أو ﻣﻐﻠﻴًﺎ ،أو ﻣﻤﺰو ًﺟﺎ ﺑﺎﻟﻠﺤﻢ أو ﺑﺎﻟﺴﻤﻚ ،أو اﻟﻠﺒﻦ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺆﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻃﺒﺎق ﻓﻲ ﻣﻮاﺳﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻳُﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ ﺷﺮاب ﻳُﺴﻤﻰ »اﻟﺪﺑﺲ«، ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻷﻏﺮاض اﻟﺘﺤﻠﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻷﻛﻞ، أﻣﺎ ﻟُﺐ اﻟﻄﻠﻊ اﻷﺧﻀﺮ ﻓﻴﺆﻛﻞ ﻃﻌﺎ ًﻣﺎ ﻟﺬﻳﺬًا ﻃﻴﺐ اﻟﻤﺬاق ،وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳُﻘﻄﺮ ﻳُﺴﺘﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﺳﺎﺋﻞ ﺣﻠﻮ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ »ﻗﺎرا« ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺸﺮﺑﺎت ،وﺑﺎﻹﻣﻜﺎن ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﻟﻰ ﺳﻜﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻮاﻓﺮ اﻟﻤﻬﺎرة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺬﻟﻚ.
ﻳﺘﻮﻗﻒ دور اﻟﻨﻀﺞ ﻋﻠﻰ اﻷﺣــﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ اﻟــﺴــﺎﺋــﺪة ،وﻋﻠﻰ اﻟﺼﻨﻒ ،وﻋﻠﻰ رﻏﺒﺔ اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ،وﻻ ﺗﻨﻀﺞ ﺛﻤﺎر اﻟﻌﺬق اﻟﻮاﺣﺪ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺑﻮﻗﺖ واﺣﺪ ﺧﻼل اﻟﻤﻮﺳﻢ ،وﻗﺪ ﻳﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﻨﻀﺞ ﻓﻲ اﻷﺻﻨﺎف اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺛﻼﺛﺔ أو أرﺑﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ،وﻓﻲ اﻟﻤﺘﺂﺧﺮة ﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﺷﻬﺮﻳﻦ أو ﺛﻼﺛﺔ. ﻳﺒﺪأ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﻨﻀﻮج اﻟﺘﺪرﻳﺠﻲ ،وﺗﻌﺮف ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺑﺎﻟﺒﺸﺎرة ،وﻫﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﻨﻲ اﻟﺮﻃﺐ ،وﺗﻜﻮن ﻋــﺎدة ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ، وﺗﺴﺘﻤﺮ إﻟﻰ ﻓﺘﺮة اﻟﺸﺘﺎء ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺻﻨﺎف، وﺑﻌﺪ ﻧﻀﺞ اﻟﺘﻤﺮ ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﻨﻲ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﻧﻀﺠﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ »اﻟﺠﺪاد« ،ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻋﺎﺋﻠﻴﺔ ،أو ﺑﺸﻜﻞ أوﺳﻊ ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺠﻴﺮان واﻟﻤﻌﺎرف واﻟﻤﺴﺘﺄﺟﺮﻳﻦ أﺣــﻴــﺎﻧــﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﻟﻴﺘﻌﺎوﻧﻮا ﻓﻲ ﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮم »اﻟﺠ ّﺪاد« ﺑﻘﻄﻊ ﺛﻤﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ؛ ﻟﻴﺘﻢ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ »اﻟﺴ ًﻤﻪ« اﻟﻤﻌﺪة ﻟﺬﻟﻚ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮم اﻵﺧﺮون ﺑﺠﻤﻊ اﻟﺘﻤﻮر اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ،ﻓﻴﻤﺎ
őďîį Œŀī ŒĴŔĴī Œŀī ĉ
ﻳُﺴﻤﻰ اﻟﻤﺰارع اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ رﻋﺎﻳﺔ ﺑﺴﺘﺎن وﺗﺘﻢ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ُﻋﻤﺎن ﺑﺎﻟﺒﻴﺪار ،أو اﻟﺨﺪﻳﻢّ ، اﻟﺒﻴﺪرة ﺑﺎﺗﻔﺎق وﺷﺮوط ،وﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﻪ ﻟﻤﺪة ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد ،وﻳُﻌﻄﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ وﻓﻖ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل؛ إذ ﻳﺮوي اﻟﻨﺨﻴﻞ ،وﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻪ ،وﻳﺠﻨﻲ اﻟﺘﻤﺮ، ﻧﻈﻴﺮ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺼﻮل ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻟﻌﺎم ﻛﺎﻣﻞ ﻓﺈن ﻟﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﺨﻠﻪ ﺧﻨﻴﺰي ﻋﺬﻗًﺎ ،وﻟﻪ ﺛﻼث ﻧﺨﻼت ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺳﻢ ً ﻛﺎﻣﻼ ،وﻋﻨﺪ اﻟﺒﻌﺾ ﻻ ﻳُﺤﺪد اﻟﻌﺬق اﻟﺬي ﻳﺄﺧﺬه ﻣﻦ اﻟﺨﻨﻴﺰي ﻓﻘﻂ؛ وإﻧﻤﺎ ﻣﻦ أي ﻧﺨﻠﺔ ﻳﺤﺼﺪﻫﺎ ،وﻳﺤﺼﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺟﺮاﺑﺎت اﻟﺘﻤﺮ .وﻳُﻤﻜﻦ أن ﻳُﻌﻄﻰ ﻣﻘﺪا ًرا ﻣﻦ اﻟﻤﺎل ﻛﺒﺪﻳﻞ ﻋﻦ اﻟﺘﻤﺮ ؛ إذا ﻟﻢ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻳﺘﻢ اﻻﺗﻔﺎق ﺑﻴﻦ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺰرﻋﺔ أﺧﺬه .وﻳُﻤﻜﻦ أن ّ واﻟﺒﻴﺪار ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ رﺷﻴﺪ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻴﺪاراً أو أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺐ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺰرﻋﺔ ،وإن أﺧﻠﻮا ﺑﺸﻲء ﻣﻦ واﺟﺒﺎﺗﻬﻢ ﻓﺈن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺰرﻋﺔ ﻳُﺨﻄﺮ رﺷﻴﺪﻫﻢ، وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﻮﻟﻰ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻣﻌﻬﻢ ،وﻳُﻌﺎﻗﺒﻬﻢ إن ﻟﺰم اﻷﻣﺮ ،وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻤﻨﻘﺮﺿﺔ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
29
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
ﻳﺎ ﺟﺪاد اﺧﺪم ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺎﻟﻚ
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
28
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
أوراق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ
ﻣﺎ اﻟﺬي ﺳﻴﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ؟ ﺛﻖ أﻧﻪ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ اﻛﺘﺸﺎف أو أي اﺧﺘﺮاع ،ﻫﻨﺎك ﻗﺼﺔ ﻣﺮﻳﺮة ﻟﺸﺨﺺ ﻛﺎﻓﺢ وﺳﻌﻰ وراء ﻫﺬا اﻟﻜﺸﻒ واﻻﺧﺘﺮاع ﻣﻦ دون ﻛﻠﻞ، وﻇﻞ ﻳﺤﺎول أن ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻠﻨﺎس ذﻟﻚ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮه اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﻨﺎس اﻟﻤﺤﻴﻄﻴﻦ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﺴﺘﺤﻴﻼً أو ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ و ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺘﻢ اﺗﻬﺎﻣﻪ وﻣﺤﺎرﺑﺘﻪ .ﻫﺬه ﻗﺼﺔ ﺗﺘﻜﺮر ﻛﻞ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻄﺎﻟﻊ ﻗﺼﺺ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻤﻜﺘﺸﻔﻴﻦ. أﻧﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻣﺮت ﺑﻲ ﻣﻮاﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮة رأﻳﺖ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﻃﻔﺎﻻً ﻳﻘﻮﻣﻮن وﺑﻌﻔﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻹي أﻣﻮر ﻏﺮﻳﺒﺔ ،وﻳﺼﻨﻌﻮن ﺑﺄﻟﻌﺎﺑﻬﻢ أﺷﻴﺎء ﻣﻤﻴﺰة ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻜﺒﺎر »ﻏﺮﻳﺒﺔ« ﻓﻤﺎ أن ﻳﻘﻮم ﻫﺬا اﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﺑﻔﻌﻞ ﺷﻲء ﻏﺮﻳﺐ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻳﻀﺤﻜﻮن وﻳﺴﺨﺮون ﻣﻨﻪ ،ﻓﻴﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻋﺎدﺗﻪ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ داﺧﻠﺔ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺣﻘﺎً أﻧﻨﺎ ﻗﻤﻌﻨﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﺻﻐﻴﺮا ً ﺟﺪا ً ،وﻫﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ ذﻟﻚ اﻟﻄﻔﻞ ،إﻻ اﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﺸﻲء اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻧﻘﺮأ اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ ﻷﺷﺨﺎص ﺑﺪأوا ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺑﺄﻓﻜﺎر ﺻﻐﻴﺮة و ﺑﺴﻴﻄﺔ واﻟﻴﻮم ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر واﻗﻌﺎً ﺿﺨﻤﺎً وﻋﻈﻴﻤﺎً، ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت أو اﻟﻤﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ،أو ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎﻋﻢ. إن اﻟﻔﻜﺮة ﺗﻜﻤﻦ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﻋﺎة أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ وﻋﺪم ﻛﺴﺮ ﻣﺠﺎدﻳﻒ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻹﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺪ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ، اﻷﻓﻌﺎل واﻟﺘﺼﺮﻓﺎت وﻣﺎ ﻳﻘﻮم اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺼﻨﻌﻪ ،وﻻ ﻧﻌﻴﺮﻫﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎً، أو ﺗﻀﺤﻜﻨﺎ ،ﻫﻲ ﻧﻮاة وﺑﺬرة ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻠﺮاﻋﻴﺔ واﻟﺴﻘﻲ واﻻﻫﺘﻤﺎم. ﻟﻴﺲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻈﻤﺎء واﻷﺛﺮﻳﺎء وﻟﺪوا وﻓﻲ اﻓﻮاﻫﻬﻢ ﻣﻼﻋﻖ ﻣﻦ ذﻫﺐ ،إﻧﻤﺎ واﺟﻬﻮا اﻷﻣﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ و ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﻄﻴﻦ واﻟﻤﺴﺘﻬﺰﺋﻴﻦ ،و ﻫﺆﻻء ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ ﺗﺠﺎوز ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﺒﺎت ،ﻟﻜﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ ﺗﻢ ﻛﺴﺮه وﺛﻨﻴﻪ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﺣﻼﻣﻪ ،وﺗﻌﺮض ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﻠﻔﺸﻞ.
ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ @
وﻟﻦ أذﻫﺐ ﺑﻌﻴﺪا ﻟﻨﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ اﻟﻔﻴﺴﺒﻮك ،ﻣﺎرك زوﻛﺮﺑﻴﺮغ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﺎدﻳﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،ﻗﺎم ﺑﺈﻧﺸﺎء ﺷﺒﻜﺔ ﺗﻮاﺻﻞ ﻣﺼﻐﺮة ﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﺪه ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻃﺒﻴﺐ أﺳﻨﺎن ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﻌﻠﻮي ،إذ اﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮد واﻟﻨﺰول ﺑﻜﺜﺮة وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ أول ﺷﺒﻜﺔ ﻳﺼﻤﻤﻬﺎ ﻣﺎرك ،وﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ أﺳﺲ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﻴﺲ ﺑﻮك اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻴﻮم. ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ أﻳﻀﺎً ﻫﻲ دﻳﺒﻲ ﻓﻴﻠﺒﺲ واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت ﻣﺤﻼً ﺻﻐﻴﺮا ً ﻟﺒﻴﻊ اﻟﻜﻌﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار رﻏﻢ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﺧﺒﺮوﻫﺎ أن ذﻟﻚ اﻟﻤﺸﺮوع ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺟﺢ وأﻧﻬﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻤﺸﺮوع آﺧﺮ ﻏﻴﺮ »اﻟﻜﻌﻚ اﻟﻤﺤﻠﻰ« إﻻ أن دﻳﺒﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﻬﺎ ،اﻟﻴﻮم أﺻﺒﺤﺖ دﻳﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ ،وﻟﺪﻳﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 350ﻓﺮﻋﺎً ﻟﻠﻜﻌﻚ اﻟﻤﺤﻠﻰ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة. ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن دﻳﺒﻲ ﻓﻴﻠﺒﺲ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﺮث ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ اﺧﺒﺮوﻫﺎ ﺑﺄن ﻣﺸﺮوﻋﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺟﺢ ،ﻓﻬﻲ اﺳﺘﻤﺮت ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﺑﺪأت ﻓﻴﻪ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ أﻧﻮاع اﻟﻜﻌﻚ اﻧﺘﺸﺎرا ً وﺷﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﻛﻤﺎ أن ﻣﺎرك زوﻛﺮﺑﻴﺮغ ﺑﺪأ ﻣﺸﺮوﻋﻪ ﺑﻔﻜﺮة ﺑﺴﻴﻄﺔ وﻫﻲ ﺧﺪﻣﺔ واﻟﺪه ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺷﺒﻜﻪ ﺻﻐﻴﺮه ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻔﻮري. اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ إﻋﺎرﺗﻬﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎً اﻛﺒﺮ وأن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ أﺑﻨﺎؤﻧﺎ وﻧﻨﻤﻴﻬﺎ وﻻ ﻧﺤﺘﻘﺮ أو ﻧﻘﻠﻞ ﻣﻦ أي ﻓﻜﺮة دارت ﻓﻲ أذﻫﺎﻧﻬﻢ اﻟﺼﻐﻴﺮة. ﻓﻤﻦ اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ اVﻣﺎرات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
27
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ،وﻫﻨﺎك ﻣﺜﻞ ﺛﺎنٍ ﻳﻘﻮل» :اﻟﺤﺮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻮرس واﻟﻨﺨﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪرس« وﻳﺮاد ﺑﻪ أن اﻟﻤﺮأة ﺗﺒﺮز ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮرس؛ أي اﻟﻨﺒﺎت اﻟﺬي ﺗﻤﺰﺟﻪ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ ﻓﻴﺠﻠﻮ ﺑﺸﺮﺗﻬﻦ ،وﻳﻜﺴﺒﻬﺎ ﻧﻀﺎرة ،وﻫﺬه اﻟﻤﺮأة ﻛﻤﺎ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺗﺨﻀﺮ إذا ﺗﻢ اﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﻤﻜﺎن ﻣﺜﻞ آﺧﺮ» :اﻟﻄﻮل ﻃﻮل ﻧﺨﻠﺔ ،واﻟﻌﻘﻞ ﻋﻘﻞ اﻟﻤﻐﺮوﺳﺔ ﻓﻴﻪ ،وﻫﻨﺎك ٌ ﺻﺨﻠﺔ« واﻟﺼﺨﻠﺔ ﻫﻲ ﺻﻐﻴﺮة اﻟﻤﺎﻋﺰ ،وﻳﻜ ّﻨﻰ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻋﻦ ﻗﻠﺔ اﻟﻔﻬﻢ ،ﻓﻤﺎ أﺻﻌﺐ أن ﻳﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻪ ﻃﻮل وﺟﺴﻢ ﻣﻜﺘﻤﻞ وﻟﻜﻨﻪ ﻗﻠﻴﻞ اﻟﻌﻘﻞ ،وﺳﻴﻰء اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ. وﻳﺬﻛﺮ ﻣﺼﺒﺢ ﺑﻦ ﻓﺮﺣﺎن ﻣﺜﻼً آﺧﺮ ﻳﻘﻮل» :اﻟﻔﺮض ﻋﻤﻮد اﻷرض ،إن ﻣﺼﺎدر اﻟﻤﻮﺿﻮع: أﻛﻠﺘﻪ ﻫ ّﻨﺎك وإن ﺑﻌﺘﻪ أﻏﻨﺎك« واﻟﻔﺮض ﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻤﻮر ،وﻓﻴﻪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗﻴﻤﺘﻪ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واﺣﺘﻮاﺋﻪ ﻧﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻣﻦ • ﻛﺘﺎب )ﺧﻤﺴﻮن ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ واﺣﺔ اﻟﻌﻴﻦ( • ﻛﺘﺎب )زاﻳﺪ واﻟﺘﺮاث( اﻟﺴﻜﺮ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ» :إن ﺳﺤﺔ اﻟﻔﺮض دواء«. • ﻣﺠﻠﺔ )ﻟﻴﻮا( اﻟﺸﻬﺮﻳﺔ.
–رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -ﻓﻘﺪ أﺿﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ إﺣﺪى ﻣﻔﺮدات اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،وﻫﺬا ﻳﺮﺗّﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎت ﺟ ّﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻨﻴﺎّ وزراﻋﻴﺎّ وإرﺷﺎدﻳﺎً.«.... ﻟﻘﺪ أوﻟﻰ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة، ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﺮاﺛﻬﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻮﺛﻘﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻠﻤﻲ ،وﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ إﺻــﺪارات ﻗ ّﻴﻤﺔ ﻣﻦ إﺻﺪاراﺗﻪ اﺳﺘﻘﻴﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﻤﺎدة ﻋﻦ ﺷﺠﺮة ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ
ŒìŔòĿí ĩōĎĘńĿí đîēã
ﻟﻘﺪ ﺗﺒﻮأت اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﺮﻣﻮﻗﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وأﺻﺒﺤﺖ رﻣﺰا ً اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً ودﻳﻨﻴﺎً ﻓﻲ ﻃﻘﻮس اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ رﻣﺰا ً ﻟﻠﺨﺼﺐ واﻟﻨﻤﺎء واﻟﻌﻄﺎء. وﻗﺪ ورد ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »زاﻳﺪ و اﻟﺘﺮاث« اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ أن اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﻟﻠﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻹﻣﺎرات ﻇﻬﺮت ﻗﺒﻞ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻟﺘﺸﻜﻞ ﻣﻌﻠﻤﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ ﺣﻴﺎة أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات وﺗﺮاﺛﻬﻢ ،و ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت –و ﻻﺗﺰال -ﻛﺜﺎﻓﺔ و اﺗﺴﺎﻋﺎً ﻓﻲ زراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﻴﻦ ،ورأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ،واﻟﻔﺠﻴﺮة ،وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺬﻳﺪ ﺑﺈﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺪن واﻟﺴﻬﻮل واﻟﻮاﺣﺎت. و ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻛﺘﺎب »زاﻳﺪ و اﻟﺘﺮاث« ان اﻫﺘﻤﺎم أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻦ دون اﻟﺤﺎﺿﺮ ،أو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮﻳﻔﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻣﻦ دون اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ –ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه -اﻟﻨﺨﻠﺔ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻤﺸﺮوﻋﻪ اﻟﺒﻴﺌﻲ واﻟﺰراﻋﻲ ﻣﻨﺬ أن ﻛﺎن ﺣﺎﻛﻤﺎً ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ،وﻣﻨﺬ أن ﺑﺪأ ﻓﻲ إرﺳﺎء اﻟﺪﻋﺎﺋﻢ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎً ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ؛ ﺣﻴﺚ ﻗﺎد ﻧﻬﻀﺔ زراﻋﻴﺔ و ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻣﺸﻬﻮدا ً ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق دوﻟﻲ ،وﻣﺎ ﻳﺰال أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻗﺎدة وﺷﻌﺒﺎً ﻳﻔﺎﺧﺮون ﺑﻜﺜﺮة ﻧﺨﻴﻠﻬﻢ و ﺟﻮدة ﺗﻤﻮرﻫﻢ ،و ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ زراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ و إﻧﺘﺎج اﻟﺘﻤﻮر ﺗ ّﻢ إﻧﺸﺎء ﻣﺼﺎﻧﻊ ﺗﻌﻠﻴﺐ اﻟﺘﻤﻮر ﻟﺘﻮﻓﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار أﺷﻬﺮ اﻟﻌﺎم ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ إﻧﺸﺎء اﻟﻤﺨﺘﺒﺮات ﻹﻛﺜﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻋﻼج أﻣﺮاﺿﻬﺎ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺎ ﺑﺼﻮرة ﻋﻠﻤﻴﺔ. وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف ﻓﺈن ﺷﺠﺮة اﻟﻨﺨﻴﻞ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻻﻗﺘﻪ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎم وأﻛﺜﺮ ،وﻫﺬا ﻣﺎ أﻛﺪه ﻣﻌﺎﻟﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻬﻴﺎن ﺑﻦ ﻣﺒﺎرك آل ﻧﻬﻴﺎن وزﻳﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ و ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ أﻣﻨﺎء ﺟﺎﺋﺰة اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻋﺎم 2011ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﺎرس ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ« ﺣﻴﻦ ﻗﺎل» :ﻷﻫﻤﻴﺔ ﺷﺠﺮة ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺰراﻋﻲ ﻟﺪوﻟﺘﻨﺎ اﻟﻔﺘﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﺴﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن 26
اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ
@ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ
وأﻛﺪت ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻷﻏﺬﻳﺔ واﻟﺰراﻋﺔ »ﻓﺎو« ﻋﺎم إذ ﻳﻤﺜﻞ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ % 5.9ﻣﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻢ ،أﻣﺎ 2001أن دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ﻓﻘﺪ اﺣﺘﻠﺖ دوﻟﺔ ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﺳﺎﺑﻊ أﻛﺒﺮ دوﻟﺔ ﻣﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺘﻤﺮ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ،وﻫﻲ ﺗﻨﺘﺞ أﻓﻀﻞ أﻧﻮاع اﻟﺘﻤﺮ. îœíĐŃō ĊëíŎij
وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﻮن اﻟﺘﻤﺮ ﻣﺤﺼﻮﻻً رﺋﻴﺴﻴﺎً ﻳﺤﻘﻖ ﻋﻮاﺋﺪ ﻃﻴﺒﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻓﺈن ﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ دورا ً ﻓﻌﺎﻻً ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺘﺼﺤﺮ ،ووﻗﻒ اﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺒﻴﺌﻲ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻛﻮﻛﺒﻨﺎ ﺑﺄﺳﺮه ،ﻓﺎﻟﺘﺼﺤﺮ ﻳﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎً ﻓﻲ ﻣﻌﻴﺸﺔ ﺧُﻤﺲ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺘﺼﺤﺮ ﻟﺨﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎوم ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻴﺔ ،وﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ أﻛﺜﺮ أﻧﻮاع اﻷﺷﺠﺎر ﺗﻜﻴﻔﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ إذ ﺗﺘﻄﻠﺐ أﻗﻞ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻟﻠﺒﻘﺎء ،وﻫﻲ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﺸﺪﻳﺪة واﻟﺠﻔﺎف ﻧﻬﺎرا ً واﻟﺒﺮودة اﻟﻘﺎرﺳﺔ ﻟﻴﻼً ،وﻟﻬﺎ ﻗﺪرة ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤ ّﻤﻞ ﻣﻠﻮﺣﺔ اﻟﺘﺮﺑﺔ واﻟﻤﺎء؛ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ زراﻋﺘﻬﺎ ورﻋﺎﻳﺘﻬﺎ أﻣﺮا ً ﻻ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻮارد ﻛﺜﻴﺮه.
ﻟﻘﺪ أدرك اﻟﺸﻴﺦ زاﻳــﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻠﻚ اﻻﻋﺘﺒﺎرات واﻟﻬﻤﻮم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮر ﻏﺮس أﺷﺠﺎر ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ أواﺋــﻞ ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺠﺰء ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺷﺎﻣﻞ ﻟﺘﺨﻀﻴﺮ اﻟﺼﺤﺮاء .وﻛﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮه آﻧﺬاك ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ إدراك ﻣﺎ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎﺧﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،واﻟﺘﺼﺤﺮ واﻟﺘﺪﻫﻮر اﻟﺒﻴﺌﻲ. وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﺳﻴﺪة اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻷﺷﺠﺎر واﻟــﺰراﻋــﺎت ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺣﻠّﻪ وﻓﻲ ﺗﺮﺣﺎﻟﻪ ﺑﻤﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ وﺛﻤﺎرﻫﺎ ﻓﺈن ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﺳﺘﻠﻬﻤﺖ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻳﻘﻮل ﻣﺼﺒﺢ ﺑﻦ ﻓﺮﺣﺎن اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﺗﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﻣﺠﻠﺔ »ﻟﻴﻮا« اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ؛ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮة وﻣﻨﻬﺎ» :ﻻ ﺗﺄﺧﺬ اﻟﺤﺮﻳﻤﺔ وﻻ ﺗﻔﺴﻞ اﻟﺼﺮﻳﻤﺔ« وﻳﺤﺚّ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺰواج ﻣﻦ اﻟﻤﺮأة اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻋﻮﻧﺎً ﻟﺰوﺟﻬﺎ ،ﻋﻜﺲ اﻟﻤﺮأة ﻏﻴﺮ اﻟﻨﺎﺿﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻔﺴﻴﻠﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
25
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
وﺗﻘﻮل اﻷرﻗﺎم اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة ﻋﺎﻟﻤﻴﺎً إﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﻮاﻟﻲ 1500 ﻧﻮع ﻣﻦ ﺷﺠﺮة اﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﻣﻨﻬﺎ 250ﻧﻮﻋﺎً ﻓﻲ دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون ﻟﺪول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻟﻴﻮم 120 ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ،وﻳﻘﻮل ﻛﺘﺎب »ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ« اﻟﺬي ﻧُﺸﺮ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أول ﻣﺮة ﻓﻲ ﻋﺎم 2003إن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم 105ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻧﺨﻠﺔ ﻣﺜﻤﺮة ﻣﻨﻬﺎ 50ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺣﺪﻫﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻷرﻗﺎم ﻗﺪ زادت ﻛﺜﻴﺮا ً ﻓﻲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻟﻠﺪﻋﻢ اﻟﺬي ﺗﻘﺪﻣﻪ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﺰراﻋﺔ ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻻﺣﺘﻮاء اﻟﺘﺼﺤﺮ ،وﺗﻮﻓﻴﺮه اﻟﻐﺬاء ﻟﻠﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎرى اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ. وﺗﻮرد ﻣﺠﻠﺔ »ﻟﻴﻮا« اﻟﺸﻬﺮﻳﺔ اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻋﺎم 2005ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ ﻣﺼﺒﺢ ﺑﻦ ﻓﺮﺣﺎن اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ،اﻟﺬي ﻗﻀﻰ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻣﻊ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻳﺮوﻳﻬﺎ وﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺎ ،ﻗﻮﻟﻪ :إن اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﺗﻌﻄﻴﻚ ﻓﺈذا ﻣﻨﺤﺘﻬﺎ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺟﺎدت ﻋﻠﻴﻚ رﻃﺒﺎً وﺗﻤﺮا ً وﻓﻴﺮا ً ،وﻗﺪ ﻗﺎل أﺟﺪادﻧﺎ» :اﻟﺘﻤﺮ ﻣﺴﻤﺎر اﻟﺮﻛﺒﺔ« وﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻓﻮاﺋﺪه ﻛﻐﺬاء رﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻬﻨﺪس ﻋﺒﺪاﻟﺤﻔﻴﻆ ﺧﺎن ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺧﻤﺴﻮن ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ واﺣﺔ اﻟﻌﻴﻦ( :ﻻ ﺗﻀﺎﻫﻲ أي ﺷﺠﺮة أﺧﺮى ﺷﺠﺮة ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ؛ ﻓﺈﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮﻫﺎ ﻏﺬاء ﺟﻴﺪا ً ﻟﻺﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان ،ﺗ ُﺴﺘﺨﺪم ﺟﺬورﻫﺎ وﺳﻌﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻷﺳﻘﻒ واﻟﻤﻈﻼت ،واﻟﺰوارق واﻟﺤﺼﺎﺋﺮ ،واﻟﺤﻮاﺟﺰ وﻣﺼ ّﺪات اﻟﺮﻳﺎح ،واﻷﻋﻤﺪة وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﺣﻄﺒﺎً ﻳﻮﻓﺮ ﻣﺼﺪرا ً ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ. وﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻳﻮﻓﺮ اﻟﻐﺬاء ﻟﻠﺒﺪو ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻣﻨﺬ أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر ،وﻗﺪ ﻋﺎش أﻧﺎس آﺧﺮون ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺠﺮة وﺳﺎﺋﺮ أﺟﺰاﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻓﻲ اﻟﻌﺮاق، وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ وﺷﻤﺎل إﻓﺮﻳﻘﻴﺔ وأﺟﺰاء ﻣﻦ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎنّ ،
24
اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ
ﺑـ»ﺷﺠﺮة اﻟﺤﻴﺎه« و »ﺷﺠﺮة اﻟﺒﺮﻛﺔ« ووﻓﻖ ﻣﺼﺎدر اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻳﻮﻓﺮ اﻣﺘﻼك ﻋﺸﺮ أﺷﺠﺎر ﻣﻦ ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ دﺧﻼً ﺣﺪه اﻷدﻧﻰ 500 دوﻻر أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻠﺰﻳﺎدة اﻟﻤﻄﺮدة ﻓﻲ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﺻﺒﺢ اﻟﺘﻤﺮ ﻣﺤﺼﻮﻻً ُﻣﺪرا ً ﻟﻠﻤﺎل ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ إﻧﺘﺎﺟﻪ. وﻗﺪ ﺑﺪأت اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﻘﻴﻢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺗﻤﻮر ﺣﺪﻳﺜﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﻀﻢ اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ واﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ،وﺗﻄﺮح ﻋﺪدا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ،وﺗُﺒﻴﻦ اﻷرﻗــﺎم أن % 30ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت ﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﺨﺎرج ،وﻗﺪ دﻋﻤﺖ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﺎﺷﻄﺔ آﻻف اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﺑﻌﺮض أﺳﻌﺎر ﻋﺎدﻟﺔ ﻟﻤﻨﺘﺠﻬﻢ اﻟﻤﻔﻀﻞ.
ﻓﻌﻤﺖ أرض اVﻣﺎرات ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم زاﻳﺪ ّ
اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ľīîĘŃ Ľîńÿ
ﻛﺎن ﻟﺤﻠﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن – ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه -ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﻟﺼﺤﺮاء إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺧﻀﺮاء أﻛﺒﺮ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ اﻧﻄﻼق ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻐﺮس ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ أﺷﺠﺎر اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،وﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﺟﻴﺮاﻧﻪ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺳﻬﺎ أﻳﻀﺎً. ﺗﻌﻮد زراﻋﺔ ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻹﻣﺎرات إﻟﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف ﻋﺎم ﻓﻘﺪ ﺳﺠﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻵﺛﺎر وﺟﻮد ﺗﻠﻚ اﻷﺷﺠﺎر ،وﻧﻮى ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻷﺛﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد ،وﻣﻨﻬﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،وﻓﻴﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮوى ﺑﺴﺎﺗﻴﻦ ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ﺑﻤﻴﺎه اﻷﻓﻼج. وﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ زراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻃﻮال ﻗﺮون ﻋﺪﻳﺪة ،وﻟﻤﺎ ﻧﺠﺢ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ ،وﻗﺎﻣﺖ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻋﺎم 1971م ﻛﺎﻧﺖ أرض دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺗﺤﺘﻀﻦ ﺣﻮاﻟﻲ ﻣﻠﻴﻮﻧﻲ ﺷﺠﺮة ﻧﺨﻴﻞ ،وﻛﺎن أﻛﺒﺮ ﺑﺴﺎﺗﻴﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،وﻣﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺬي أوﻻه اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ –ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ – اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻷﺷﺠﺎر ﻧﺨﻴﻞ اﻟﺘﻤﺮ ،ﻗﻔﺰ ﻋﺪدﻫﺎ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 40ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺠﺮة ﻋﺎم 1995م ،ووﺻﻞ ﻋﺪدﻫﺎ ﻋﺎم 2000إﻟﻰ 47ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺠﺮة ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺤﺼﻮﻟﻬﺎ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﻴﺎري درﻫﻢ وﻓﻖ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »ﺧﻤﺴﻮن ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ واﺣﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،ﻟﻤﺆﻟﻔﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻔﻴﻆ ﺧﺎن« وﻳﺮﺟﻊ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ إﻟﻰ ﻋﺸﻖ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ –ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه -ﻟﻬﺬه اﻟﺸﺠﺮة ،وإﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻟﺜﻤﺎرﻫﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان؛ ﻟﺬا زرع أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 38ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺨﻠﻪ ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎً اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد ،وﻏُﺮﺳﺖ ﻋﺪة ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﻟﻄﺮق اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ. ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
23
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
22
اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ
اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ،ﻣﻨﺘﺠﺎت ﻣﺤﻄﺎت اﻷﺑﺤﺎث اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺠﻬﺎز :اﻟﻌﺴﻞ واﻟﺮﻃﺐ وأﻧﻮاع ﻣﻦ ﺣﻤﻀﻴﺎت اﻟﻠﻴﻤﻮن وﻏﻴﺮﻫﺎ .إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻮزﻳﻊ ﻛﺘﻴﺒﺎت وإﺻﺪارات ﺧﺎﺻﺔ ،ﺑﻬﺪف إﺑﺮاز ﻫﻮﻳﺔ اﻟﺠﻬﺎز ،وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺷﺮح ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﺑﻤﺮض ﺳﻮﺳﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ.وأﻛﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺟﺎﺳﻢ ﻣﺤﻤﺪ ،ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻻﺗﺼﺎل وﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻹﻧﺎﺑﺔ ،أن اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ إﻃﺎر اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺠﻬﺎز ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ،ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺪور وﺧﺪﻣﺎت اﻟﺠﻬﺎز ﻟﺘﻮﻋﻴﺔ وﺻﻮﻻ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻫﺘﻤﺎم ً ﻓﺌﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، اﻟﺠﻬﺎز ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ داﺋﺮة ﻣﺒﺎدراﺗﻪ اﻟﺘﻮﻋﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .وأﻋﺮب ﻋﻦ أﻣﻨﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻤﻌﺮض ﻓﺮﺻﺔ ﺳﺎﻧﺤﺔ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺠﻮدة اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺮﻃﺐ ،وﺗﻮﻋﻴﺘﻬﻢ ﺑﻄﺮق اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﺗﺄﺻﻴﻞ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺬي ﻳُﻌﺪ اﻟﻨﺨﻴﻞ أﺣﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ. ôŔīíčĐĿí óōĎüĿí
أﻳﻀً ﺎ ،ﻗﺪم ﺟﻨﺎح اﻟﺠﻬﺎز ﻟﺰواره ،ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ دوره ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،واﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت ﺳﻼﻣﺔ اﻷﻏﺬﻳﺔ واﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺜﺮوة اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ،واﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺮف ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ،واﻟﻤﺒﺎدرات اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺼﺼﻬﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ وﻣﺮﺑﻲ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻧﺼﺎﺋﺢ ﺗﻮﻋﻮﻳﺔ ﻟﻀﻤﺎن ﺗﻮﻓﻴﺮ أﻗﺼﻰ درﺟﺎت اﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ. ÷ĎœŎĤ
وﻳﺴﻌﻰ ﺟﻬﺎز أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،إﻟﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ وﺗﺤﺴﻴﻦ ﻗﻄﺎع اﻟﺜﺮوة اﻟﺰراﻋﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻋﻴﺔ وإرﺷﺎد اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻹﻣﺎرة، اﻧﺴﺠﺎ ًﻣﺎ ﻣﻊ ﺧﻄﺘﻪ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻤﻞ ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻣﺨﺘﻠﻒ أﺷﻜﺎل اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠﻘﻄﺎع ،وﻳﺒﺮز دور اﻟﺠﻬﺎز ﻓﻲ رﻓﺪ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺰراﻋﻲ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻟﻜﻮادر واﻟﺨﺪﻣﺎت واﻟﺘﻘﻨﻴﺎت. ôķîĤĿí aôēĊňŋd
وﻋﺮﺿﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﻫﻨﺪﺳﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻨﺎﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ،ﻧﻈﺎم ﻣﻀﺨﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﻧﻈﺎم ﻣﺤﻄﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺰارع واﻟﻤﻨﺎزل ،وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف ﺗﻮﻋﻴﺔ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﺑﺄﻧﻈﻤﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ،وﻧﺸﺮ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺪورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺟﻬﻮد اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻬﺪر واﻻﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺨﺎﻃﺊ ﻟﻠﻤﻴﺎه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ،وﻳﺘﻀﻤﻦ ﻧﻈﺎ ًﻣﺎ ذﻛﻴًﺎ ﻳﻤﻜّﻦ ﻣﺎﻟﻜﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﺼﻴﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة. ôŔŇíĊŔŃ ôĿŎÿ
ﻣﺠﻠﺔ »ﺗﺮاث« ﺳﺠﻠﺖ ﺟﻮﻟﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ أرﺟﺎء واﺣﺔ ﻟﻴﻮا ،وﻓﻮر اﻟﺪﺧﻮل ﻟﻠﻤﺰارع ﻳﺒﺪو اﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪؤوب ﻓﻲ اﻧﺘﺎج أﻓﻀﻞ اﻟﺮﻃﺐ وﻓﻘًﺎ ﻟﻄﺮق اﻟﺮي واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وﻻ ﻏﺮو أن ﺗﻜﻮن دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات دوﻟﺔ راﺋﺪة ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻤﻮر
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
21
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
ﻓﻀﻼ ﻋﻦ دﻋﻢ ﻣﺰارﻋﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﺘﺮاث واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪً ، ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وأﺻﺤﺎب ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ،ﻣﻀﻴﻔًﺎ أن زﻳﺎدة ﻋﺪد زوار اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻋﺎ ًﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ،ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت، وﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات وأﺑﻨﺎء اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وأُﺳﺮﻫﻢ؛ ﺗﻌﻜﺲ ﻣﺪى ﻧﺠﺎح اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻔﺌﺎت واﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ،ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻛﺮﻧﻔﺎﻟﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺟﺎذﺑﺔ ﻟﻌﺸﺎق اﻟﺘﺮاث واﻷﺻﺎﻟﺔ. ĎòĻŗí āîňĀĿí
اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻣﻦ 6ﻣﻼﻳﻴﻦ إﻟﻰ 7ﻣﻼﻳﻴﻦ درﻫﻢ .وﻳﻮﺿﺢ اﻟﻠﻮاء رﻛﻦ ﻃﻴﺎر ،ﻓﺎرس ﺧﻠﻒ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،رﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ إدارة اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،أن ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﻤﺪان ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻣﻤﺜﻞ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،و ﱠﺟﻪ ﺑﺪﻋﻢ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﻤﺰرﻋﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ ﺑﻤﺒﻠﻎ ﻣﻠﻴﻮن درﻫﻢ ،ﻟﺘﺮﺗﻔﻊ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺠﻮاﺋﺰ ﻟﻠﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻌﺸﺮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ،إﻟﻰ ﻣﻠﻴﻮن و 500أﻟﻒ درﻫﻢ ،ﻣﺆﻛ ًﺪا أن دﻋﻢ ﺳﻤﻮه ﻳﺄﺗﻲ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﺬل اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﻮد واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻤﺰارﻋﻬﻢ ،وﻓﻖ أﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ واﻟﺸﺮوط اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ .وﺷﻤﻠﺖ ﺟﻮاﺋﺰ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت ﻣﺰاﻳﻨﺎت اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ،ﺑﻔﺌﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺴﻊ ،ﻓﺌﺘﻲ اﻟﺪﺑﺎس واﻟﺨﻼص ﻟﻠﻤﺰارع ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻞ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻠﻮﺣﺔ اﻟﻤﻴﺎه ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ 12أﻟﻒ درﺟﺔ ،وﻓﺌﺘﻲ اﻟﺪﺑﺎس ﻟﻠﻤﺰارع اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻠﻮﺣﺔ اﻟﻤﻴﺎه ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ 12أﻟﻒ درﺟﺔ، وﻓﺌﺔ اﻟﺨﻨﻴﺰي ،ﺑﻮﻣﻌﺎن ،اﻟﻔﺮض ،اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ،اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻲ، وأﻛﺒﺮ ﻋﺬج. ÷ĥŎĴĄŃ ùíĎ
ﺟﺎءت ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت »ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ،«2016ﺑﺠﻨﺎح ﻳﻌﺪ اﻷﻛﺒﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ،ﻋﺮﺿﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت ورش اﻟﻌﻤﻞ، واﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ اﻷﺳﺮ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﺎوﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ: ﻣﺸﻐﻮﻻت ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﻣﻨﺘﺠﺎت ورش اﻟﺘﻄﺮﻳﺰ واﻟﺨﻴﺎﻃﺔ ،ورش اﻟﻤﺠﻮﻫﺮات ،ورﺷﺔ اﻷﻧﺘﻴﻚ ،ورﺷﺔ اﻟﺤﺪادة ،ورﺷﺔ اﻟﻨﺠﺎرة .وﺷﻬﺪ اﻟﺠﻨﺎح ﻃﻴﻠﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺗﻮاﻓﺪ أﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ زوار ،ﻟﻼﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮوﺿﺎﺗﻪ ،واﻟﺘﻌﺮف ﻋﻦ ﻗﺮب ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻮد ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل. ﻛﻤﺎ ﻋﺮض ﺟﻨﺎح اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻋــﺪ ًدا ﻣﻦ ﻣﺒﺎدرات اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﻴﻦ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺨﺎرﺟﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺛ ﱢﻖ ﻷﻧﺸﻄﺔ وﺗﺠﺎرب اﻷﺳﺮ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺤﺮف اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ. وأﻛﺪ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻣﻤﺜﻠﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ،اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن؛ ﺣﺮص اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ دورﻳًﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﻤﻌﺎرض اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ إﺗﺎﺣﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،ﺑﻬﺪف ﺗﺮﺳﻴﺦ دور اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲً ، اﻟﻤﺠﺎل أﻣﺎم اﻷﺳﺮ اﻟﻤﺸﻤﻮﻟﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ،ﻟﻺﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺸﺎرﻛﺎت ووﺿﻊ ﺑﺼﻤﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ .ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﺗﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ ﺗﺤﺪي ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت واﻟﻤﻌﻮﻗﺎت ،وﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻄﺎء.
وﻋﻤﺎ ﺷﻬﺪه اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﺣﺠﻢ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﺌﺎت ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺮﻃﺐ ،ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺰروﻋﻲ õîĀøňŃ
إن ذﻟﻚ ﻳﻌﻜﺲ اﻟﻬﺪف اﻷﺳﻤﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،وﻫﻮ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺮض ﺟﻬﺎز أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﺧﻼل ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺪورة
20
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ
ŒûíĎ÷ ĊŌĘŃ
ﺗﻌﺮض اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻏﺮاض واﻷدوات اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﻬﻢ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس ،ﻻﺳﻴﻤﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﻣﻌﺮوﺿﺎت ﻣﻦ اﻟﺤﺮف اﻟﻴﺪوﻳﺔ واﻟﻤﻼﺑﺲ ،وﻣﺸﻐﻮﻻت ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﻌﻄﻮر ،واﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،واﻷﻛﻼت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺰوار ﻣﺸﺎﻫﺪة وﺷﺮاء ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟﻤﻌﺮوﺿﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ. وﺗﺠﺎوز ﻋﺪد زوار اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،ﻫﺬا اﻟﻌﺎم 7 ،آﻻف زاﺋﺮ ﻓﻲ اﻟﻴﻮﻣﻴﻦ اﻷوﻟﻴﻦ، ﺑﺤﺴﺐ ﻋﺒﻴﺪ ﺧﻠﻔﺎن اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ،ﺟﺎءوا ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،واﻟﺠﺎﻟﻴﺎت اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات .ﻛﻤﺎ أﻓﺎد اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﺑﺄن اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻧﻈﻤﺖ ﺧﻼل أﻳﺎم اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻴﻮا، ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻳﺄﺗﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﺎب ﺣﺮص اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻛﺠﺰء ﻣﻦ دﻋﻤﻬﺎ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ وﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،وﺗﺘﻨﺎول اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﺜﻘﻴﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺠﺎﻻت ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﻳﺠﺎد ﺣﻠﻘﺔ وﺻﻞ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﺠﻠﺲ ،ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ.
ﻣﺠﻠﺔ »ﺗﺮاث« ﺳﺠﻠﺖ ﺟﻮﻟﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ أرﺟﺎء واﺣﺔ ﻟﻴﻮا، وﻓﻮر اﻟﺪﺧﻮل ﻟﻠﻤﺰارع ﻳﺒﺪو اﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﻌﻤﻞ ً وﻓﻘﺎ ﻟﻄﺮق اﻟﺪؤوب ﻓﻲ اﻧﺘﺎج أﻓﻀﻞ اﻟﺮﻃﺐ اﻟﺮي واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﻻ ﻏﺮو أن ﺗﻜﻮن دوﻟﺔ اVﻣﺎرات دوﻟﺔ راﺋﺪة ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻤﻮر
ôńŔķ ĐëíŎÿ
رﻓﻌﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ،2016ﻗﻴﻤﺔ ﺟﻮاﺋﺰ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
19
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
رﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ إدارة اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﺑﺤﻀﻮر ﻋﺒﻴﺪ ﺧﻠﻔﺎن اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،ﻣﺪﻳﺮ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ،وﻣﺒﺎرك اﻟﻤﻨﺼﻮري، ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻟﺮﻃﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن. ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎن واﺣﺔ »ﻟﻴﻮا«؛ ﻓﻲ ﺣﺮص ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻮﻓﻮد اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻀﻮر إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮص اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﻤﻨﻈﱢﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮﻫﺎ ﻟﻠﺰوار واﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ .وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ؛ ﻓﺈن ﻋﺪ ًدا ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻓﻮد ﻳﺸﻴﺪ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺠﻴﺪ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ،وﻳﺆﻛﺪ ﺳﻌﺎدﺗﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،اﻟﺬي ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، وﺻﻨﺎﻋﺎت اﻷﺟﺪاد اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ. ʼníĎĻċō Ċœíď þŌŇ
دﻟﻴﻼ ﻧﺎﺻ ًﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮر ﻧﻬﺞ زاﻳﺪ وﺗﺄﺗﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت »ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ« ً وذﻛﺮاه ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،ﻣﻮاﻃﻨﻴﻪ واﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ﻓﻴﻪ، وﺗﺮﺟﻤ ًﺔ ﻟﺤﺒﻪ ﻟﺸﺠﺮة اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ،ورﻋﺎﻳﺘﻪ إﻳﺎﻫﺎ ﺑﻴﺪﻳﻪ اﻟﺤﺎﻧﻴﺘﻴﻦ، واﻧﺴﺠﺎ ًﻣﺎ ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن، رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ »ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ« ،وﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل واﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﻧﻬﻴﺎن ،وﻟﻲ ﻋﻬﺪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻧﺎﺋﺐ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘﻮات اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، ً ﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺮﺷﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﻮروث اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻣﻦ زراﻋﺔ وﺻﻨﺎﻋﺔ وﺣﺮف ﻳﺪوﻳﺔ ،وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ زراﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ وإﻧﺘﺎج اﻟﺘﻤﻮر واﻟﺮﻃﺐ ،ورﻏﻢ ﺣﺮارة اﻟﺼﻴﻒ؛ ﻓﺈن »ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا« ﻟﻠﺮﻃﺐ ﻳﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻤﻜﺎن إﻟﻰ ﺧﻠﻴﺔ ﻧﺤﻞ ﺗﻤﻮج ﺑﺎﻟﺰاﺋﺮﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎح. ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺎم ،ﺗﺸﻬﺪ اﻟﺪورة اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ »ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ« ،ﻣﺌﺎت اﻟﻤﺸﺎرﻛﺎت ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻓﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﻟﻔﺌﺎت :اﻟﺪﺑﺎس واﻟﺨﻼص واﻟﺨﻨﻴﺰي وﺑﻮﻣﻌﺎن واﻟﻔﺮض واﻟﻨﺨﺒﺔ ،وﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ أﺟﻤﻞ ﻣﺠﺴﻢ ﺗﺮاﺛﻲ، وﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺎﻧﺠﻮ واﻟﻠﻴﻤﻮن ،وﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﺰرﻋﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ ،وﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺳﻠﺔ ﻓﻮاﻛﻪ اﻟﺪار ،وﻣﺴﺎﺑﻘﺔ أﻃﻮل ﻧﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﻟﻴﻮا ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺲ اﻫﺘﻤﺎم أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،اﻟﺬي ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺟﻮدة اﻟﻤﺸﺎرﻛﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت .ﻣﻦ ﺳﻤﺎت ﻧﺠﺎح اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن أﻳﻀً ﺎ ،أﻧﻪ ﻳﻨﻌﺶ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ اﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﺮﻃﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻷﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة. وﻗﺪ ﺷﻬﺪت ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺪورة 12ﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ،2016وﻓﻮد أﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ واﻟﺰوار واﻟﺴﻴﺎح ،ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻦ ﻗﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﻌﺮوض اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ،و»اﻟﺸﻴﻼت« اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻷﺟﺪاد. ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺴﻮق اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن؛ رﺟﺎﻻ وﻧﺴﺎء وأﻃﻔﺎﻻً ،اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺬﺑﺘﻬﻢ اﻟﻌﺪﻳ َﺪ ﻣﻦ اﻟﺰوار ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻋﻤﺎرً ، روﻋﺔ اﻟﻤﻌﺮوﺿﺎت وأﺻﺎﻟﺔ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺳﻌﻒ اﻟﻨﺨﻴﻞ، وﻏﻴﺮﻫﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻋﻜﺴﺖ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻣﻬ ًﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة أﺑﻨﺎء اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺸﻲ ﺑﻤﺪى ﻧﺠﺎح اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ﻓﻲ دﻋﻢ وﺻﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﺪﻳﻢ ،واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻻﻧﺪﺛﺎر. 18
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ
ðģĎŀĿ íŎŔĿ ŅîÿĎŌŃ
ﻳﻈﻬﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻟﺬي ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻪ ﻟﻴﻮا ،ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﻬﺎ ﻟﻠﺮﻃﺐ، اﻟﺬي ﻳﻘﺎم ﻛﻞ ﻋﺎم ،ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺔ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﻨﺼﻮر ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ،وزﻳﺮ ﺷﺆون اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ. وﺗﻨﻈﻤﻪ ﻟﺠﻨﺔ إدارة اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ. ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن رؤﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ دورة ،ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻣﺼﺪر ﺟﺬب ﻟﻠﺰوار ،وﻣﻨﺼﺔ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻗﺘﺼﺎدي وﺻﻨﺎﻋﻲ ،وﻳﺤﻴﻲ اﻟﺘﺮاث وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ،ﺑﺄﻧﺸﻄﺔ وﺑﺮاﻣﺞ ﻋ ّﺪة ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة ،ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪدﻫﺎ 220ﺟﺎﺋﺰة ،ﺑﻤﺠﻤﻮع 6ﻣﻼﻳﻴﻦ درﻫﻢ إﻣﺎراﺗﻲ، رﻓﻌﺘﻬﺎ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺎم إﻟﻰ 7ﻣﻼﻳﻴﻦ. وﻳﺤﺼﺪ اﻟﻔﺎﺋﺰون ﺑﺎﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻷوﻟــﻰ ،ﺟﻮاﺋﺰ ﻣﺴﺎﺑﻘﺎت :ﻣﺰاﻳﻨﺔ اﻟﺮﻃﺐ ﻟﻔﺌﺔ اﻟﻨﺨﺒﺔ واﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻲ ،واﻟﻤﺰرﻋﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻴﺔ )اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﺸﺮﻗﻴﺔ(؛ وﻳﻨﺎﻟﻮن اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ أﻣﺎم ﻣﻌﺎﻟﻲ اﻟﻠﻮاء رﻛﻦ ﻃﻴﺎر ﻓﺎرس ﺧﻠﻒ اﻟﻤﺰروﻋﻲ، ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
17
ijŵũĝŤē ŽŭĤ ŪĸēŵŨ
ﻳﺘﺮﺟﻢ ﺣﺐ اVﻣﺎرات ﻟﻠﻨﺨﻠﺔ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ﻧﻮﺳﺘﺎﻟﺠﻴﺎ اﻟﺮوح اVﻣﺎراﺗﻴﺔ ôŀķîīŎñã ľğîĴĿí íŎŔĿ ÷ŐĴĤĜŃ ņĔă ª ĎœŎĜ
ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻈﻔﺮة؛ ﺗﻘﻊ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﻟﻴﻮا ،اﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺮف ﺑﺄﻧﻬﺎ أرض اﻟﺒﺪوي اﻷﺻﻴﻞ ،ﻓﻬﻲ واﺣﺔ ﻋﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ واﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت. ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﻣﻠﺠﺄ أﺑﻨﺎء أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺣﺼﻨﻬﻢ اﻟﻤﻨﻴﻊ ،اﻟﺬي ﻟﻢ ﺗﻄﺄ أرﺿﻪ ﻗﺪم ﻋﺪو .ﺗﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟﺒﻜﺮ ،وﺗﺒﺚ ﻓﻲ اﻟﺮوح ﺣﻨﻴ ًﻨﺎ إﻟﻰ
16
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ
اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﺑﻨﻰ ﺣﺎﺿﺮﻧﺎ اﻟﻴﻮم ،ﻟﺬا ﻓﻬﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺧﺎص ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺮﺷﻴﺪة. ﺗُﻌﺪ »واﺣــﺔ ﻟﻴﻮا« ﻣﻦ أﻫــﻢ اﻟــﻮاﺣــﺎت اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،ﻓﻤﻮﻗﻌﻬﺎ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ ،أو اﻟﺪول اﻟﻤﺠﺎورة .ﻟﺬا؛ ﻇﻠﺖ ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﻘﻮاﻓﻞ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﻨﻮب ً ﺷﻤﺎﻻ أو ﻏﺮﺑًﺎ أو ﺟﻨﻮﺑًﺎ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎﺑﺮة اﻹﻣﺎرات وﺷﺮﻗﻬﺎ ،اﻟﻤﺘﺠﻬﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
اﻟﺘﻤﻮر؛ ﻣﻮاﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﻮر أﻓﺮاح وﻋﺎدات وأﺳﺎﻃﻴﺮ 16
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ ﻳﺘﺮﺟﻢ ﺣﺐ اVﻣﺎرات ﻟﻠﻨﺨﻠﺔ
22
ﻓﻌﻤﺖ أرض اVﻣﺎرات اﻟﻨﺨﻠﺔ؛ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم زاﻳﺪ ّ
28
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن
34
ﻃﻘﻮس ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
38
»اﻟﻘﻴﻀﻲ« ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪ و»اﻟﺪﻣﻴﺮة« ﻓﻲ اﻟﻮادي
44
ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
15
Ĵőļ
ĜƀĨėĸŔ ǡ ŒƀDžšŬ ĘŰŹŨ ﻳــــﺎ دار ﻟــــﻮ ﻳــﻤــﺸــﻲ ﻟــــﻚ اﻟــﺒــﻴــﺐ ﻣــــﺎ ﻟــــﻲ ﺑــﻘــﻴــﻈــﻚ ﺷــــﻒ وإﺳــــﻨــــﺎع ﻟـــــﻜـــــﻦ رﺑـــــــــﻲ ﻟـــــــﻪ ﺗـــﻜـــﺎﺗـــﻴـــﺐ وإﻻ اﻟــــﺨــــﻼ وﻓــــﻴــــﻮﻳــــﻪ وﺳـــــﺎع ﻟــــﻮ اﻧــــــﺎ ﻣـــﻘّـــﻴـــﻆ ﻓــــﻲ ﻋـــﺮاﺟـــﻴـــﺐ أ ِﺧـــــﻴـــــﺮ ﻣـــــﻦ ﻃـــــﻮﻓـــــﺎت وﺟـــــﻼع ﺑــﻴــﻦ ا ْﻣـــﻐـــﻠـــﺲ ﻋــــﺮش و ﻣــﺤــﺎﺑــﻴــﺐ وﻏـــــــﺮاﻳـــــــﺲ ﺑــــﺎﻟــــﺒــــﺎﺳــــﻢ ﻳـــﻨـــﺎع وأﻧـــــﻬـــــﺎر ﺗــــﺠــــﺮي ﻓــــﻲ دواﻋــــﻴــــﺐ ﻳـــﺸـــﻔـــﻲ ﻫــــﻮاﻫــــﺎ ﻟــــﻲ ﺑــــﻪ وﺟــــﺎع ﻣــــﺎ ﺷـــﻔـــﺖ ﻟــــﻚ ﻳــــﺎ دار ﻃـــ ّﺮﻳـــﺐ ﻏـــﻴـــﺮ اﻟــــــــﺬي ﻳـــــﺮﺟـــــﻮن ﻷﻧـــﻔـــﺎع وآﻻف ﻟــــﻲ ﻳـــﻠـــﻘـــﻰ اﻟــﻤــﻄــﺎﻟــﻴــﺐ ﻳــــﺸــــﻮم ﻋـــﻨـــﻚ و ﻳــــﺮﻣــــﺢ اﻟـــﻘـــﺎع ٍ ﻗــــﻴــــﻆ ﻣـــﻠـــﻴـــﻞ وﺷــــﻴــــﻦ وﺗــﻌــﻴــﺐ ﻳـــﻠـــﻔـــﻲ ﻋـــﻘـــﺐ ﻏـــﻴـــﺒـــﻪ و ﻣـــﺮﺑـــﺎع ﻧـــﺘـــﺸـــﺎﻓـــﻘـــﻪ ﻋــــﻨــــﺪ اﻟـــﻴـــﻼﻟـــﻴـــﺐ وﻣـــــﻦ اﻟــــﺮﻃــــﺐ ﺧـــﻠـــﻖ اﻟـــﻠـــﻪ ﺷــﺒــﺎع ﻣـــــﺎ ﻫـــ ّﻤـــﻨـــﻲ ﺑـــﻴـــﻊ و ﺗــﺴــﺎﺑــﻴــﺐ ﺣــــﺸــــﺎ وﻻ ﻟــــﻠــــﺮﺑــــﺢ ﻃـــﻤـــﺎع واﻟـــﺸـــﻲء ﻟـــﻲ ﻣــﻜــﺘــﻮب ﻓـــﻲ اﻟــﻐــﻴــﺐ ﻳــــﺄﺗــــﻲ ورزق اﻟــــﺤــــﻲ ﻣــــﺎ ﺿـــﺎع ﻛــــــﻞ ﻋـــﻠـــﻰ ﺟــــــﺰل اﻟـــﻤـــﻮاﻫـــﻴـــﺐ ّ ﻟــــﻲ ﻳــﺴــﺘــﺠــﻴــﺐ اﻟــــﺪاﻋــــﻲ ْاﺳــــــﺮاع * -Í Ê . - / ªÙ( (# Ú ±# Í2 Ù 'è ±# Û+. ] #  ° .ÚpØ/ # ÃÙ$¢ Î ±ã
14
ﺷﻌﺮ
اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ﺑﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ »ﻳﻤﺜﻞ ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ اﺳﺘﺜﻤﺎر أوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ ﻟﺪى اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﺎت ،ﺧﺼﻮﺻﺎً أن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﻣﻜﺜﻒ وﻳﺤﻔﺰ اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺸﺎف ﻣﻮاﻫﺒﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ وﻋﻤﻞ اﻟﻤﺠﺴﻤﺎت اﻟﻮرﻗﻴﺔ وﺑﺚ روح اﻟﺤﻤﺎس ﺑﻴﻨﻬﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ واﻻﺑﺘﻜﺎر ،واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺮواﺋﻊ اﻷﻗﺪﻣﻴﻦ ،وﺗﻌﺮﻓﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ اﻹرث اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﻐﺮس ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﻮﻻء واﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻠﻮﻃﻦ. ÷ðģĎĿí ņœŎŀ
ﻓﻲ أﺣﺪ أرﻛﺎن ﺻﺎﻟﺔ اﻷﻧﺸﻄﺔ ﺑﺠﺮﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺟﻠﺴﺖ اﻟﻤﺪرﺑﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻇﺒﻴﺔ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ،وﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻃﺎﻟﺒﺎت اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ورﺷﺔ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻋﻦ اﻟﺼﻴﻒ واﻟﻨﺨﻠﺔ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺄﻧﻮاع اﻟﺮﻃﺐ وﺗﻠﻮﻳﻨﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺑ ﱠﻴﻨﺖ ﻟﻬﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد وﻣﺪى ﺣﻔﺎوﺗﻬﻢ ﺑﻬﺎ .وﻓﻲ ورﺷﺔ أﺧﺮى ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﺳﻌﻴﺪة ﻋﻮض اﻟﻮاﺣﺪي ،اﻫﺘﻤﺖ اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت ﺑﺘﻌﻠﻢ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻠﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ورﺷﺔ اﻟﺘﻠﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ. ﻛﻤﺎ ﻣﺎرﺳﺖ اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻘﻠﺔ ،وﺷﺒﻴﺮ ﺷﺒﻴﺮ، واﻟﺨﺎﺗﻢ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻟﻌﺎب اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﻮة اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ وﺗﻨﻤﻲ ﻓﻴﻬﻦ روح اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ
óĊœĎij ôŔûíĎ÷ ôñĎĀ÷ iôŔĿîńĔĿí 35ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮا ً ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻴﺮة 20دﻗﻴﻘﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎرة ﻣﻦ ﻗﻠﺐ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ 12ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮا ً ﻣﻦ ﺷﺮق اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،وﺗﻀﻢ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﺎﺗﻬﺎ ﺛﺮوة ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻓﺮﻳﺪة ﻣﻦ ﻧﺒﺎﺗﺎت وﺣﻴﻮاﻧﺎت ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺎت ﺗﻤﺎﺛﻞ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ إﻛﺜﺎرﻫﺎ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﻘﺮاض ،ﺑﻬﺪف اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺣﻔﻆ اﻟﺘﻮازن اﻟﺒﻴﺌﻲ ﻛﻮاﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ﺟﺮى اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺠﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﻜﻮن واﺣﺪة ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﺤﻤﻴﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات .وﺗﻌﺪ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻧﺎدرة ،ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻓﻲ أﺑﻬﻰ ﺻﻮره ،ﻋﺒﺮ ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻳﻨﻈﻤﻬﺎ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات، ﺑﻮﺻﻔﻪ اﻟﺮاﻋﻲ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻷﻫﻢ اﻟﻤﻨﺎﺷﻂ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻳﺤﺮص ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺻﻴﻞ رﺳﺎﺋﻞ اﻷﺟﺪاد إﻟﻰ اﻷﺣﻔﺎد ﻓﻲ ﻗﺎﻟﺐ ﻋﺼﺮي وﺟﺬاب ﻳﺄﺧﺬﻫﻢ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ إﻟﻰ أﻋﻤﺎق اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات وﻳﻄﻠﻊ زاﺋﺮي اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﻋﻤﺎر واﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﺻﻮر ﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات اﻟﻘﺪاﻣﻲ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺒﻴﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻴﻬﺎ وﻛﻮﻧﺖ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻘﻮي ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﺬي ﻳﺰداد ﺻﻼﺑﺔ ﻋﺒﺮ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﻤﻤﺘﺪة آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻓﻮق ﻫﺬه اﻟﺒﻘﻌﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
13
ĴŲĽŤē ğēĴĜ
وﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ ورﺑﻄﻬﻢ ﺑﻘﻮة ﺑﻤﻔﻬﻮم اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ،وﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﻄﻮﻋﻲ وﺳﻂ أﺟﻮاء ﺷﺒﺎﺑﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺗﺠﺎوزت ﺣﺮارة اﻟﺠﻮ إﻟﻰ إﻧﺠﺎز ﺗﺮاﺛﻲ ﻣﻔﻴﺪ وﻫﺎدف. ﻛﻤﺎ ﺣﻔﻞ اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺘﺎﻣﻲ ﺑﺰﻳﺎرة ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﻮد اﻟﻤﺪرﺳﻴﺔ، ﺗﺼﺪرﺗﻬﺎ زﻳﺎرة وﻓﺪ ﻣﻔﻮﺿﻴﺔ ﻛﺸﺎﻓﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﺿﻢ 26ﺗﻠﻤﻴﺬا ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺤﺒﺴﻲ اﻟﺬي أﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎل وﺗﻔﺮد ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ اﻟﺘﻲ ﻧﺄﻣﻞ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .ﻛﻤﺎ ﻧﻈﻢ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻧﻮﻋﻲ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﻬﺠﻦ واﻟﺮﻣﺎﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ واﻟﺸﺮاع اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺘﻘﻠﻴﺪي واﻟﺮﻣﻠﻲ ،وﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،وﺟﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻟﻬﻴﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ وﺑﻴﺖ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻣﻊ ﻋﺪة ﺟﻬﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ وﺗﻨﻤﻴﺔ ﺧﺒﺮاﺗﻬﻢ وﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ ورﺑﻄﻬﻢ ﺑﻘﻮة ﺑﻤﻔﻬﻮم اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ
ﻟﺪورة ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﻦ اﻟﺤﺪث ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﺣﺠﻢ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ وﺗﻨﻮع وﻏﻨﻰ اﻟﺒﺮاﻣﺞ واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﺳﻮاء اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﺗﻜﺮﻳﺲ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ واﻟﺸﺒﺎب ،أو ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت واﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت وﺗﻔﻌﻴﻞ دور اﻟﻔﺮق اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ،أو ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ أوﻟﻴﺎء أﻣﻮر اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻟﻤﺸﺎرﻛﺎت أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻟﻬﻢ ،واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺄﻣﻮر اﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وأوﺿﺢ اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ أن ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﺗﺆﻛﺪ ﺗﻤﻴﺰه وﺗﻮاﺻﻠﻪ واﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻪ ﻟﻄﻼب ﺟﺪد ﺳﻴﻤﺜﻠﻮن اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﺪث اﻟﺬي ﺗﻌﺰزت ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺎﺑﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ وﻋﺸﻖ ﻣﻮروﺛﻬﻢ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ أو ﺟﺰﻳﺮة اﻷﺣﻼم اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺪرﺳﺔ ﻷﺑﻨﺎء وﻓﺘﻴﺎت اﻹﻣﺎرات ﻟﺘﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﻴﺪ وﻣﻤﺘﻊ ،وإﻋﺪاد أﺟﻴﺎل اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺘﺴﻠﺤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮاث واﻟﺮوح اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻘﻴﺎدﺗﻬﻢ اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ.
÷ôŔňģŎĿí ôœŎŌĿí ĐœĐĬ
čĊĜø÷ ôŔēōĎĴĿí
وﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق ذاﺗــﻪ ،أﻛﺪ راﺷﺪ ﺧﺎدم اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ ،ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎت وأﺷﺎر ﻋﻠﻲ راﺷﺪ رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ،إﻟﻰ أن واﻷﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ إدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ،ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻨﻮﻋﻲ ﺻﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ اﻟﻤﻐﻄﺎة ،ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﻄﺎب % 80ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻟﺮﻏﺒﺘﻬﻢ اﻟﺸﺪﻳﺪة وﺣﺒﻬﻢ ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺟﺮى ﺗﺪرﻳﺒﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﺻﻮل وﻗﻮاﻋﺪ رﻳﺎﺿﺔ اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد ،وﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎر ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻟﺼﻐﺎر اﻟﻤﻤﻴﺰﻳﻦ ،ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﺿﻤﻦ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻤﺘﺨﺼﺺ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ أﻛﺪه ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﻔﺎدوا ﻣﻦ دورات ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺧﻼل اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﺪر ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ) 9ﺳﻨﻮات( ﻣﺮﻛﺰ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وأﺣﻤﺪ ﻋﻼء ﻣﺤﻤﺪ ) 13ﻋﺎﻣﺎ( ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﻴﻦ، وأﺣﻤﺪ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻨﻴﺎدي ) 11ﻋﺎﻣﺎ( ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﻴﻦ ،ﺣﻴﺚ أﺑﺪوا إﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﻤﺴﺘﻮى اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ،وﻗﺎﻟﻮا إﻧﻬﻢ أﺻﺒﺤﻮا أﺻﺪﻗﺎء ﻟﻠﺨﻴﻮل، ﺑﻌﺪ أن ﺗﻌﻠﻤﻮا ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ،واﻷدوات اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ. ÷ôĬëíč ôŔĴŔě ôñĎĀ
ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ،أﻋــﺮب ﻋﻠﻲ اﻟﺰﻋﺎﺑﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻔﻜﺮة اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﻟﺬي ﺣﻀﺮ ﺧﺼﻴﺼﺎً ﻣﻦ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﻋﻦ إﻋﺠﺎﺑﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺘﺎﻣﻲ وﺗﻨﻮﻋﻪ ،ووﺻﻒ ﺧﻄﻮة ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺤﻤﻴﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮوع اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ ﻟﺠﻌﻞ اﻟﺘﺮاث ﻣﺴﺘﺪاﻣﺎً ﻟﺮﺑﻂ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﻤﺎﺿﻴﻪ وﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺠﺬور ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث وﻗﻴﻤﺘﻪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ .ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻦ إﻋﺠﺎﺑﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻔﺮﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻨﺎﺷﺌﺔ وإﻛﺴﺎﺑﻬﻢ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺻﻴﻔﻴﺔ راﺋﻌﺔ ،ﺗﺪﻟﻞ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ اﻟﻨﺎدي ﻓﻲ ﺻﻮن اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺑﺪﻳﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ﻛﺎﻓﺔ .وﺗﻘﻮل رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻷﻧﺸﻄﺔ
» 12اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ« ﺗﺨﺘﺘﻢ ﻣﻠﺘﻘﺎﻫﺎ اﻟﺼﻴﻔﻰ اﻟﺘﺮاﺛﻲ 2016
وأﺷﺎد أﻋﻀﺎء اﻟﻮﻓﺪ ﺑﺠﻬﻮد ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن وﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ وﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎت وﻣﻨﺎﻓﺴﺎت ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ روح اﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻓﻴﻤﺎ اﺗﺴﻤﺖ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮ ﺟﺰﻳﺮة ﺑﺄﺟﻮاء ﺷﺒﺎﺑﻴﺔ ﺣﻤﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮح واﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﺒﻬﺠﺔ. اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮة اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺤﻤﻴﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻧﺎدرة ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ôœĎĄñ ôŀăč ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻣﻨﺎرة ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ. اﺷﺘﻤﻞ اﻟﻴﻮم اﻟﺨﺘﺎﻣﻲ ﻟﻠﻤﻠﺘﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﺗﺼﺪرﺗﻬﺎ رﺣﻠﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻤﻞ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺸﺮاﻋﻲ، ŒĴŔĜĿí ôŔĿîńĔĿí ŐĸøŀŃ وﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ اﺧﺘﺘﻤﺖ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻧﺸﺎﻃﺎت اﻟﻤﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﻣﺜﻞ ﻣﻠﺘﻘﺎﻫﺎ اﻟﺼﻴﻔﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺬي ﺗﻨﻈﻤﻪ ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ ﺳﻨﻮﻳًﺎ إدارة اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﻬﺠﻦ واﻟﺮﻣﺎﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،واﻟﺴﺒﺎﺣﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،واﻟﺸﺮاع اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺮﻣﻠﻲ ،وﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ واﻟﻤﺎﺋﻴﺔ اﻷﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات. ﺷﺎرك ﻓﻲ دورة ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﻧﺤﻮ 1500ﻃﺎﻟﺐ وﻃﺎﻟﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻧﺸﺎط إﻋﺪاد اﻟﻤﻄﻴﺔ ،ﺑﺈﺷﺮاف اﻟﻤﺪرب اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﺤﺴﻦ اﻟﺒﺮﻳﻜﻲ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻣﻊ ﻋﺪة اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻨﺎدي وﻋﺪة ﺟﻬﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ.، وﺷﻬﺪت اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت ﻧﺸﺎﻃﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﻓﻨﻴﺔ ورﻳﺎﺿﻴﺔ ﺟﻬﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ وﺗﻨﻤﻴﺔ ﺧﺒﺮاﺗﻬﻢ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
11
тАлтАк─┤┼▓─╜┼д─У ─Я─У─┤─ЬтАмтАм
тАл┘Ия╗Уя║к╪з я╗гя╗ж ╪гя╗Ыя║О╪пя╗│я╗дя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж ╪▓╪зя╗│я║ктАм тАл╪зя║│я║Шя╗Шя║Тя╗ая║Ц ┘ЛтАм
тАл┬╗╪зя╗Яя║┤я╗дя║Оя╗Яя╗┤я║Ф┬л я║Чя║ия║Шя║Шя╗в я╗гя╗ая║Шя╗Шя║Оя╗ля║О ╪зя╗Яя║╝я╗┤я╗Фя╗▓ ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗▓ тАк2016тАмтАм тАл├╖тАк─Щ├о─З ├╣├н─ОтАмтАм тАл├╖тАк┼Е├о├▓─м─Ч ┼Р─┤─д─Ь┼Г ─О┼У┼О─ЬтАмтАм
тАл╪▓╪з╪▒ ┘Ия╗Уя║к я╗гя╗ж ╪гя╗Ыя║О╪пя╗│я╗дя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж ╪▓╪зя╗│я║к ╪зя╗Яя║ия║Оя║╗я║Ф я║Ся║Дя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАк╪МтАмтАм тАля║Яя║░я╗│я║о╪й ╪зя╗Яя║┤я╗дя║Оя╗Яя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя║Оя║Ся╗Мя║Ф я╗Яя╗ия║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪л ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪ктАк.тАмтАм тАля║┐я╗в ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к тАк 300тАмя╗Ля╗Ая╗о я╗гя╗ж ╪гя╗Ля╗Ая║О╪б ╪зя╗Яя╗мя╗┤я║Мя║Шя╗┤я╗ж ╪зя╗╣╪п╪з╪▒я╗│я║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя║Шя║к╪▒я╗│я║┤я╗┤я║Ф я║Ся║Оя╗╖я╗Ыя║О╪пя╗│я╗дя╗┤я║ФтАк ╪МтАмя║Ся║оя║Ля║Оя║│я║Ф я╗гя║оя╗│я╗в я║╗я╗Шя║о я╗зя║Оя║Ля║РтАм тАл╪▒я║Ля╗┤я║▓ я╗гя║ая╗ая║▓ ╪гя╗гя╗ия║О╪б ╪зя╗╖я╗Ыя║О╪пя╗│я╗дя╗┤я║ФтАк.тАмтАм тАля╗Чя║О┘Е ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к я║Ся║оя╗Уя╗Шя║Ф я║│я╗Мя╗┤я║к я╗Ля╗ая╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗Ля╗▓ я╗гя║кя╗│я║о ╪е╪п╪з╪▒╪йтАм тАл╪зя╗╖я╗зя║╕я╗Дя║Ф ┘Ия╗Ля║Тя╗┤я║к ╪гя║гя╗дя║к я╗Ля║Тя╗┤я║к ╪зя╗Яя╗дя╗мя╗┤я║о┘К я╗гя║кя╗│я║о я║Яя║░я╗│я║о╪йтАм тАл╪зя╗Яя║┤я╗дя║Оя╗Яя╗┤я║Ф я║Ся║ая╗оя╗Яя║Ф я╗гя╗┤я║к╪зя╗зя╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ я╗гя║о╪зя╗Уя╗Ц ╪зя╗Яя║ая║░я╗│я║о╪йтАк ╪МтАм╪зя║│я║Шя╗дя╗КтАм тАля║зя╗╝я╗Яя╗мя║О ╪ея╗Я┘А┘Ая╗░ я║╖┘А┘Ая║о╪н ┘НтАм тАл┘И╪з┘Б я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя║Тя╗┤я║Мя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║Шя╗ия╗оя╗Ля║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя╗┤я║О╪пя╗│я╗ж ╪зя╗Яя╗дя║ия║╝я║╝я║Ф я╗Яя║Шя║к╪▒я╗│я║Р ╪зя╗Яя║╕я║Тя║О╪и ┘И╪зя╗Яя╗ия║Оя║╖я║Мя║Ф я╗гя╗жтАм тАл╪гя║Ся╗ия║О╪б ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║Ф я╗Ля╗ая╗░ ╪▒я╗│я║Оя║┐я║О╪к ╪зя╗Яя╗Фя║о┘Ия║│я╗┤я║Ф ┘И╪зя╗Яя╗мя║ая╗ж ┘И╪зя╗Яя║оя╗гя║Оя╗│я║ФтАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║кя╗│я║Ф ┘И╪зя╗Яя║╕я║о╪з╪╣ ╪зя╗Яя║оя╗гя╗ая╗▓ ┘Ия╗Пя╗┤я║оя╗ля║ОтАк.тАмтАм тАля║Ыя╗в я║╖я║Оя╗ля║к ╪гя╗Ля╗Ая║О╪б ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к я╗Ля║оя║┐я║О┘Л я╗Яя╗ая║╝я╗Шя╗о╪▒ ┘Ия╗Яя╗оя║гя║Ф я╗гя╗жтАм тАля╗Уя╗ж ╪зя╗Яя╗┤я╗оя╗Яя║Ф я╗Чя║кя╗гя╗мя║О я╗Ля║к╪п я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Дя╗ая║Тя║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║┤я║Тя╗┤я╗ж я╗Яя╗дя║оя╗Ыя║░тАм тАл╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║Ф я╗Яя╗ая║╕я║Тя║О╪итАк.тАмтАм тАлтАк┬╗ 10тАм╪зя╗Яя║┤я╗дя║Оя╗Яя╗┤я║Ф┬л я║Чя║ия║Шя║Шя╗в я╗гя╗ая║Шя╗Шя║Оя╗ля║О ╪зя╗Яя║╝я╗┤я╗Фя╗░ ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗▓ тАк2016тАмтАм
тАля╗Ыя╗дя║О ╪▓╪з╪▒ ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к ╪▒я╗Ыя╗ж ╪зя╗Яя╗дя║╕я╗Ря╗оя╗╗╪к ╪зя╗Яя╗┤я║к┘Ия╗│я║Ф ┘И╪зя╗Яя╗дя╗мя╗ж ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф ┘И╪▒я╗Ыя╗ж ╪зя╗Яя╗Дя╗мя╗▓ ┘И╪зя╗╖я╗Ыя╗╝╪ктАм тАл╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я║Ф я╗Яя╗Дя║Оя╗Яя║Тя║О╪к я╗гя║оя╗Ыя║░ ╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║Ф ╪зя╗Яя╗ия║┤я║Оя║Ля╗▓тАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О ╪зя╗Гя╗ая╗К я╗Ля╗ая╗░ ╪▒я╗Ыя╗ж я╗гя║оя╗Ыя║░ ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗ия║┤я║Оя║Ля╗▓тАк ╪МтАм┘Ия║Чя║Оя║Ся╗К я╗гя║ая╗дя╗оя╗Ля║Ф я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗о╪▒╪┤ ╪зя╗Яя╗дя║ия║╝я║╝я║Ф я╗Яя╗ая║╝я╗ия║Оя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя╗┤я║к┘Ия╗│я║Ф я╗гя║Ья╗Ю я║╗я╗ия╗К ╪зя╗Яя╗Ья║дя╗ЮтАм тАл┘И╪зя╗Яя║Тя║ия╗о╪▒ ┘И╪зя╗Яя║╝я║Оя║Ся╗о┘Ж ╪зя╗Яя╗Дя║Тя╗┤я╗Мя╗▓ я╗Яя║╕я║ая║о╪й ╪зя╗Яя║┤я║к╪▒тАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О ╪зя╗Гя╗ая╗К ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к я╗Ля╗ая╗░ я╗гя║дя║Шя╗оя╗│я║О╪к ╪зя╗Яя║оя╗Ыя╗жтАм тАл╪зя╗Яя║Тя║дя║о┘К я║Ся║Ия║╖я║о╪з┘Б ╪зя╗Яя╗дя║к╪▒╪и ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗▓ я║гя║Ья║Тя╗о╪▒ я║Ся╗ж я╗Ыя║к╪з╪│ ╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓ я╗Яя╗ая║Шя╗Мя║о┘Б ╪ея╗Яя╗░ я╗Ыя╗┤я╗Фя╗┤я║Ф я║╗я╗ия║Оя╗Ля║ФтАм тАл╪г╪п┘И╪з╪к я║╗я╗┤я║к ╪зя╗╖я║│я╗дя║О┘Г я║Ся║Оя╗Яя╗Дя║о┘В ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║кя╗│я║ФтАк ╪МтАм┘И╪зя╗╖╪п┘И╪з╪к ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Шя║ия║кя╗гя║Ф я╗Уя╗▓ я╗гя╗мя╗ия║Ф ╪зя╗Яя╗Ря╗о╪╡тАм тАля╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗ая║Жя╗Яя║ЖтАк.тАмтАм тАля║Чя╗в я║Чя╗ия╗Ия╗┤я╗в ╪▒я║гя╗ая║Ф я║Ся║дя║оя╗│я║Ф я╗Ля╗ая╗░ я╗гя║Шя╗ж ╪зя╗Яя║┤я╗Фя╗┤я╗ия║Ф ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ я╗гя║дя╗┤я╗В я╗гя╗┤я║О┘З ╪зя╗Яя║ая║░я╗│я║о╪йтАк ╪МтАмя║Чя╗Мя║о┘БтАм тАл╪гя╗Ля╗Ая║О╪б ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к я╗Уя╗┤я╗мя║О я╗гя╗ж я║зя╗╝┘Д я╗Ля║к╪п я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗ия╗о╪зя║зя║м╪й ╪ея╗Яя╗░ ╪гя╗ля╗дя╗┤я║Ф ╪▒я║гя╗╝╪к ╪зя╗Яя╗Ря╗о╪╡ ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║кя╗│я║ФтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя║ая║Шя╗дя╗К ╪зя╗Яя║Тя║дя║о┘К я╗Уя╗▓ ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪ктАк ╪МтАм┘И╪зя╗╖╪п┘И╪з╪к ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Шя║ия║кя╗гя║Ф я╗Уя╗┤я╗мя║О я╗Ыя╗дя║О ╪▓╪з╪▒┘И╪з я╗гя╗ия╗Дя╗Шя║ФтАм тАл╪гя║╖я║ая║О╪▒ ╪зя╗Яя╗Шя║о┘Е ╪зя╗Яя╗дя╗ая║дя╗┤я║ФтАк ╪МтАм╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗в ╪▓╪▒╪зя╗Ля║Шя╗мя║О я╗Ля╗ая╗░ я╗гя║┤я║Оя║гя║О╪к я╗Ыя║Тя╗┤я║о╪й я╗гя╗ж ╪г╪▒╪╢ ╪зя╗Яя║ая║░я╗│я║о╪йтАк╪МтАмтАм тАля║Ся╗мя║к┘Б я╗Ля╗дя╗Ю я║Чя╗о╪з╪▓┘Ж я║Ся╗┤я║Мя╗▓ я╗Яя╗ая║дя╗┤я║О╪й ╪зя╗Яя║Тя║дя║оя╗│я║ФтАк ╪МтАм┘И╪ея╗Ыя║┤я║О╪и ╪зя╗Яя╗дя╗Ья║О┘Ж я╗гя║┤я║Оя║гя║Ф я║Яя╗дя║Оя╗Яя╗┤я║ФтАм тАля║зя╗Ая║о╪з╪бтАк ╪МтАм┘И╪зя║зя║Шя║Шя╗дя║Ц я║Яя╗оя╗Яя║Ф ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к я║Ся║░я╗│я║О╪▒╪й я║Ся╗┤я║Ц ╪зя╗Яя╗ия╗оя║зя║м╪й я╗Ля╗ая╗▓ я║Ся╗ж я║гя║┤я╗ж ╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓тАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗отАм тАля║Ся╗┤я║Ц я║Чя║о╪зя║Ыя╗▓ я╗Чя║кя╗│я╗в я╗│я╗Мя╗Ья║▓ я╗Гя║о╪▓ ╪зя╗Яя╗Мя╗дя║О╪▒╪й ╪зя╗Яя╗дя║дя╗ая╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║кя╗│я║Ф ┘И╪зя╗Яя╗дя╗о╪з╪п ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Шя║ия║кя╗гя║ФтАм тАля╗Уя╗▓ я║Чя║╕я╗┤я╗┤я║к┘ЗтАк ╪МтАм┘Ия║Чя║ая╗о┘Д ╪зя╗Яя╗оя╗Уя║к я╗Уя╗▓ я╗Ля║к╪п я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗дя║╕я║О╪▒я╗│я╗К ┘И╪зя╗Яя╗дя║о╪зя╗Уя╗Ц ┘И╪зя╗Яя╗дя╗Мя║Оя╗Яя╗в ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║Тя║о╪▓тАм тАл╪гя╗ля╗дя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║ая║░я╗│я║о╪й я╗Ыя╗дя║оя╗Ыя║░ я╗Яя║оя╗Ля║Оя╗│я║Ф ╪зя╗╖я║Яя╗┤я║О┘Д ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к╪й ┘Ия║Чя╗дя╗Ья╗┤я╗ия╗мя╗в я╗гя╗ж я╗гя╗дя║О╪▒я║│я║Ф я╗ля╗о╪зя╗│я║Оя║Чя╗мя╗втАм тАл┘Ия║Чя╗Мя╗ая╗в ╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪л я║Ся║Дя╗зя╗о╪зя╗Ля╗ктАк.тАмтАм
ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ وﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن أﺛﻨﺎء ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﻤﺎ ﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ وﻓﻘﺎ ﻟـ» ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮ ذﻳﺐ«
ﻣﺴﺘﻠﻬﻤﺎ ﺗﺮاث اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻧﻘﺬ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة ً
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
9
ĴŲĽŤē ğēĴĜ
أول ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻟﻪ ﻓﻲ أوروﺑﺎ
»ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ« ﻳﺆﺳﺲ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة ÷ ęîć ùíĎ
ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺔ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣــﺎرات ،اﺣﺘﻀﻨﺖ ﻗﺮﻳﺔ ﺳﺎﻧﺖ ﺳﻮﻓﻴﺮ -ﻛﺎﻣﺒﺮﻳﻮ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ﺟﻨﻮب ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ دوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺌﺔ ﻓﺎرس ﻣﻦ ﻋﺪة دول أوروﺑﻴﺔ ،ﻫﻲ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ وﻓﻨﻠﻨﺪا وﻟﻮﻛﺴﻤﺒﻮرغ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا وإﻣﺎرة ﻣﻮﻧﺎﻛﻮ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺮازﻳﻞ. وﻗﺎﻟﺖ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻞ دﻳﺮوش اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺒﺎق إﻧﻬﺎ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺒﺎق ﻗﺪرة دوﻟﻲ وﻓﻘﺎً ﻟﺸﺮوط »ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ« اﻟﺬي وﺿﻌﻪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،راﻋﻲ اﻟﺴﺒﺎق .ﻣﺸﻴﺮ ًة إﻟﻰ أن ﺳﻤﻮه أﻃﻠﻖ ﻫﺬا اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﺑﻬﺪف وﺿﻊ اﻧﻀﺒﺎط أﺧﻼﻗﻲ ﻟﻬﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻞ اﻟﺨﻴﻮل.
وأﺿﺎﻓﺖ دﻳﺮوش اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﺑﺮز ﻣﺮﺑﻲ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ إن ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺎق ﻳﻌﺪ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺟﺬور اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ. وأوﺿﺤﺖ أن ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ ﻳﻜﺎﻓﺊ اﻟﻔﺎرس اﻟﺬي ﻳﺼﻞ ﺣﺼﺎﻧﻪ إﻟﻰ ﺧﻂ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻲ أﻓﻀﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺪﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﻧﻈﺎم ﺗﻨﻘﻴﻂ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺤﺼﺎن ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ اﻷﻃﺒﺎء اﻟﺒﻴﻄﺮﻳﻮن وﺗﺸﻤﻞ ﻓﺘﺮة راﺣﺔ اﻟﻘﻠﺐ ،درﺟﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ اﻟﺤﺼﺎن ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ. وذﻛﺮت أن اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت ﺷﻤﻠﺖ أرﺑﻌﺔ ﺳﺒﺎﻗﺎت ،ﻫﻲ ﻣﺴﺎﻓﺔ 90ﻛﻠﻢ، ﻟﻺﻧﺎث ،وﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﺸﺒﺎب )أﻗﻞ ﻣﻦ 21ﺳﻨﺔ( ،وﻣﻨﺎﻓﺴﺔ 8
»ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ« ﻳﺆﺳﺲ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة
ﺗﻤﺘﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺘﻴﻦ ﺗﺼﻞ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﻤﺎ إﻟﻰ 75ﻛﻠﻢ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻳﻮﻣﻴﻦ. ﺗﻘﻮل دﻳﺘﺮي ﻫﺎﻳﺪ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻗﺴﻢ اﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﻓﻲ اﺳﻄﺒﻼت ورﺳﺎن :ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎدرة ﺑﻮذﻳﺐ ﺧﻄﻮة ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪا ً ﺷﻜّﻠﺖ ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ .ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻧﺴﺒﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان ،إﻻ أن دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل وﻧﻈﻤﺖ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﻤﻰ ﺳﺒﺎق اﻟﻘﺪرة ﻣﻨﺬ ﺣﻮاﻟﻲ 23 ﺳﻨﺔ ،ﻛﺎن ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﺎراﺛﻮن ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻴﻮل. وﺗﻀﻴﻒ :ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ اﻧﺘﺸﺮت ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ وﺣﻈﻴﺖ ﺑﺸﻌﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﺪوﻟﻲ ،وﻣﻦ دون ﺷﻚ ،ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺸﺎرﻛﺔ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ راﺋﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﻠﻊ دوﻟﺔ ﺑﺪور اﻟﻘﻴﺎدة ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ وﺿﻊ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻟﻬﺎ .وﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات وﻣﺒﺎدرة ﺑﻮذﻳﺐ، ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺗﻤﺎﻣﺎً .وﺗﺆﻛﺪ ﻫﺎﻳﺪ :إن ﺳﺒﺎق اﻟﻘﺪرة اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺳﺮﻋﺔ ﻓﻘﻂ ،وﻣﺒﺎدرة ﺑﻮذﻳﺐ ﺗﺤﺪد اﺧﺘﺒﺎر ﻣﻬﺎرات اﻟﻤﺘﺴﺎﺑﻖ ﻹدارة ﺣﺼﺎﻧﻪ ﻋﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮف ﺑﺸﺮاﻛﺔ ﻣﺤﺘﺮﻣﺔ وﻓﺮﻳﺪة ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺼﺎن واﻟﻔﺎرس ﻹﺛﺒﺎت أﻧﻬﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﺎن »ﺟﺎﺋﺰة ﺗﺤﺪي اﻟﻘﺪرة« .ﻟﻘﺪ اﺟﺘﺬﺑﺖ اﻟﻤﺒﺎدرة ﻗﺪرا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﺎرﺳﺔ اﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻳﺔ »أﻟﻴﻨﺎ ﻫﻮﻓﻴﻠﻦ ﺟﺎرﺳﻴﺎ« ﻗﺪ ﻓﺎزت ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺟﻮادﻫﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷﺻﻴﻞ »ﺑﻴﻨﻚ ﻓﻠﻮﻳﺪ« ﺑﺴﺒﺎق ﻟﻠﻘﺪرة ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 72 ﻛﻠﻢ x 2اﻟﺬي ﺟﺮى ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺘﻴﻦ
─К─Ч─╖─Л┼╕ ─Ш┼┐─Ш┼Й┼а
86
тАл╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪л ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗Фя╗Шя╗о╪птАм ├Ы├В ┬Р┬Тp ├Ы┬П# ┬Ъ├Щ┬Ж ┬╜# + /┬╣# ├Р'
┬╢ ┬Ж & ├Щ├Й ├Ы'3 ├и ├Ы┬Ж # ┬д├Ш ┬П#
─Ю┼Ф┼╣┼▒┼м ─Ю╞А┼Ь─Ш┼б─д ─Ю╞А─д─Ч─╕─а
:тАля║Чя║╝я║к╪▒ я╗Ля╗жтАм тАл я╗зя║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪лтАм-тАля╗гя║оя╗Ыя║░ ╪▓╪зя╗│я║к я╗Яя╗ая║к╪▒╪зя║│я║О╪к ┘И╪зя╗Яя║Тя║дя╗о╪лтАм тАл ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАм╪МтАл╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪ктАм
┬Э .} ),┬З┬П ├Р├Вp┬Ж ($ # . ├Р├Щ├Г#├Х(# ┬Э┬к#
├Р' e├Ш % ├Г# ┬ж+. ]┬Н ┬╜(# 0p ├Ы├В ,┬Ж ├Р' p
├Ы'3 ├Ы'3 ├и ├Ы┬Ж # ┬С ┬П# ,┬Ж ├Ы$┬П┬Ж ├Ы┬П# ┬И├г (#
!! ├Щ┬Жp┬П# / .} ┬И ┬П# ┬Ъ┬Я├Щ┬П├Н ] / ┬г(#
80 тАл╪зя│Мя┤й┘Б ╪зя╗Яя╗Мя║О┘ЕтАм
╞Б┼Ф┼╕─╖─║┼н┼и─Ч ─┤┼н─м─Н ─┤┼А─Ч─╖ ├╣─│ тАля╗гя║кя╗│я║о ╪зя╗Яя║Шя║дя║оя╗│я║отАм
┼▓┼┐─┤┼и─Ч ─К╟Я┼Ф ─┤╞А┼и┼╕
┼Г─Ш─░ ─╖─Ч┼╣─м тАля║╕я╗Мя║отАм тАля╗Мя║отАм тАля╗Ыя║Оя╗Яя║╕я╗Мя║отАм тАля╗Яя║╕я╗МтАм тАля╗Ыя║Оя╗Яя║╕тАм тАля║дя╗о╪▒ ┘М я╗Ыя║ОтАм тАля║Ся║дя╗о╪▒тАм тАля║Ся║дя╗отАм тАля╗Яя║Шя║╝я╗оя╗│я║о я╗Яя╗к я║Ся║дтАм тАля║╝я╗оя╗│я║отАм тАля╗│я║отАм тАл╪зя╗Яя║Шя║╝я╗оя╗│я║отАм тАля╗Яя║Шя║╝я╗отАм тАля║Шя║╝я╗отАм тАл я╗Яя║Шя║Шя║╝тАм:тАля╗гя║оя║╖я║к ╪зя╗Яя╗дя╗мя╗┤я║о┘КтАм тАля╗Яя║Шя║╝тАм
┬Ъ├Ш ┬Т ┬Щ ' ┬З┬П ┬О -├Н /#} ├Б3┬П ├Б3┬П┬в . ┬С ┬П# p ┬О 1$ %( # ├В ┬ж # ┬И┬Я├Ш ┬И┬Я ├Р #. ] ├Ш/ ┬П$#
┬Ъ├Ш . ┬Ъ├В ' ┬Э ┬П ├Ш ┬Ъ├Щ┬Т ┬П# ┬И├Н /┬Я# ├П/(┬╡(# ├Р p ┬П┬З┬О ├Б/ 2 . ]┬С ┬П# ┬Ж ├П/(┬╡(# ├Р p ┬П┬З┬О . ├Щ #
тАл╪зя╗╗я║зя║о╪з╪м ┘И╪зя╗Яя║Шя╗ия╗Фя╗┤я║мтАм :тАл╪зя│Мя╗оя╗Чя╗К я╗Ля▓Ж ╪зя╗╣я╗зя▒░я╗зя║ЦтАм www.mags.ae
┬Ъ( ├В ]% ┬▒' " (┬Ю ]├Ы . ┬к(# p( } p┬░ . ]┬Ъ$├Й /┬Ж} %┬┤ ├Г#
]├Ы ' ┬▒# ( . ]├Р ( ]├Ъ┬й ┬╝ ├Ы$ ├Ы├Г├Щ├Г ├Ы$ . ]├Ы . ┬к(#
├Д$┬в ]├Б ┬░ /( ' ]┬Ъ├Г ┬Ъ( ├В ]├Ъ. ┬Ж # ┬к├Ш┬к ]├Ы$ -┬О ┬░ p( '
тАля╗Ля╗ия║О┘Ия╗│я╗ж ╪зя│Мя║ая╗ая║ФтАм : ├Ш ┬П# . ┬Щ 2 ├Ы┬З┬╕/┬Ж - ┬Щp ┬П(# ┬Ъ├Щ┬Ж # ┬Н '2 waleedalaa@hotmail.com : ├Ш ┬П# ├Шp'
├Н} ]├Ъ ' # ┬Ъ├Щ├К┬О ]p( ' / ├К(# p┬З ]┬Н ├В p( } ]p├Ш┬й/┬Ж} p( } ┬Ъ├Щ p( ' ]├Р├Щ ├К├Ш p├Щ . ]p├Щ p( ' # ├Б ┬░} . ]├Ы#3├Щ├Г#
┬Щ/#/# ])├Щ+ ┬Ж p├Щ p( ' ] ├Ш ┬З┬╝ p( ' ]├Ы├К┬П(# -$# p┬З ] /( '
]├Д├Щ$┬в ┬│ ├Ш ] p,' ├Щ┬Ж┬к# ]├Ы ├В ┬▒# ├Д├Ш ┬░ ]├Б ┬░ /$┬в ]├Ъ / ├О(# ]"3+ ├Щ├Н ]├Ъp┬░ % ├Щ├В ]┬▓( # )├Ш ]├Л ├Н ]┬Ъ ┬Ж p( ' ├Ы . ┬к(# p( ┬Ъ( ├В .
00971556929190 :%├Ш ┬Ж/' 026666130 :├Д┬О + ┬З p( } : ├Ш┬й/┬П# ".├Х ' marketing@cmc.ae +971 56 3150303 ├Ш┬й/┬П$# ┬Н '├и
тАл╪зя╗╗я║╖я║Шя║о╪зя╗Ыя║О╪ктАм :┬Ъ#.p# ┬Э ┬в ├Р' ├В├з# /)+ 150 :┬Н '├и ┬Ъ#. %┬в ├В├з# b ┬Н ├Х($# / (+ 150 :┬Ъ#.p# %┬в ┬Н ├Х($# - 2. 200 . 2. 200 ┬Ъ#.p# ┬Э ┬в
7
2016 тАл я║│я║Тя║Шя╗дя║Тя║отАм203 тАл ╪зя╗Яя╗Мя║к╪птАм/ тАля║Чя║о╪з╪лтАм
├╕─│─┤┼Х┼и─Ч ┼╕─╖─╕─н┼м┼╕ ─К─Ч─╕┼Х┼А┼╕ ─Щ─Ш╟Е─б┼д
тАля╗Пя║О╪п╪й я║гя║ая║О╪мтАм
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
108
ً وﻓﻘﺎ ﻟﺒﺮﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ 8أول ﺳﺒﺎق ﻟﻠﻘﺪرة ﻓﻲ أوروﺑﺎ
10ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﻴﻔﻲ 2016 27ﻣﺎ اﻟﺬي ﺳﻴﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ؟ 37ﺗﻮأﻣﺔ اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺮاث 43ﻓﻲ ﻧﻔﺎق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ 48ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻗﺮاءة اﻟﺘﺮاث! » 52اﻟﻘﻠﻴﺲ« ﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن! 60رﻏﺒﺎ ﺑﻄﻮل اﻟﻌﻤﺮ Bﺟﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻘﻂ 72ﻣﺎﻧﻲ اﻟﻤﻮﺳﻮس » 74ﺻﻮﻏﺔ« ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺑﻄﺎﺑﻊ ﻋﺼﺮي 78اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻻﺳﺒﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻐﺮب 91اﻟﻔﻨﻲ ،اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،اﻟﺪﻳﻨﻲ 92ﻓﻲ »ﺳﻴﺮة اﻟﻨﺎﻃﻮري« ﻟﻤﺼﻄﻔﻰ اﻟﺒﻠﻜﻲ 94اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻧﺠﺎة اﻟﻈﺎﻫﺮي: ﻟﺠﻴﻨﺎﺗﻲ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ
95ﻣﺤﻜﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ
96اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻓﺘﻨﺔ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻤﺘﻠﻘﻲ 99وﺣﻮش ﻳﺤﻴﻰ اﻟﺸﻴﺦ
100اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن.. ﺻﺎﺣﺐ اBدب واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻘﻨﺺ
102ﻣﺴﻨﺪم ..اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ 107اﻟﺘﺮاث واﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
108اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واBﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ اWﺑﺪاع اﻟﺮواﺋﻲ
» 114اﻟﺘﺒﺮاع« ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻐﺰل اﻟﻤﺮأة ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻬﺎ 118ﻣﻦ اﻟﻬﺎﻣﺸﻲ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ 120اﻟﺤﺴﻨﺎء أﺗﻼﻧﺘﺎ
123زﻳﺎرة ﻟﻤﻜﺘﺒﺎت اﻟﻨﺠﻮم
» 124اﻟﻮردة اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ« ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻤﻨﻔﻌﺔ 127أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﺗﻮ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺒﺤﺮ 128ﻣﻮاﻟﻲ اﻟﺤﺠﺎز ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اBول
130اﻟﺠﺴﻮر اBوﻟﻰ )2
(2 -
أﺳﻌﺎر اﻟﺒﻴﻊ 2 Ø 10 É - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è b '(250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ ÐØ # $ ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ
b Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+ 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # - Ï ÎØ Ù(° ,# . 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ
6
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
ķĸĭŭŨė ŲŬ 56
53
şĘŜǠė ijĘƀĠķė şĘ ﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔVرﺣﻼت اﻟﺤﺞ ا Û 'è ( (# Û # $ # p 2 Í Ù ]!#¥ % É Íb Ù }. ] (# Ã# pÙ % É }p b(ØpÉ
ÊÂ # Ð # ÛÂ }p Ø # Ú/ÎØ Ú¦# £±# Ï
) ]-Ù# 1 . Ù£# 1$ -ÎÙ Û # Ù # # #
اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ،اﻟﻨﺨﻠﺔ
¦Í Á Ø ' ) Ø !#¥ Ï . ] $ # .} %( # p
-* -$# Ù – Ï Ù,Í " Ï $ Ð pØ © ¤Ù±# Õ(# pã Ê# )$ # Ï
. $( #
0 # - $( Ë3 Í Û æ } µ¢ Ì Î' 1# # %Ø/ 1$ # -Í Ù Ù ± #. ] 'è Û %Ù£Î# °} Ð' ÐÙØ3' ½#
b . µØ} , ¼
Ù # 'è #. $ ] ( # %Ù£Í °~ & ( +2 ¦,# Ù Í. b # ª (# 2001 & ". Â" ª# . ئ¼æ (¹Î' Ø Ê # ÊÂ. p (#
ÛÂ '} ])# # Í Ð' % 5.9 , Í % (Ø ¥ ] ( $# Î(# ".p# } Ð(´
Î Û+. ]".æ ª (# 'è #. $ pÊÂ & # !#¥ ÛÂ Øp #
62
. ( # /Í} %µÂ} % .. ]&1995 & ° Ï/Ù$' 40 Ð' } 1# ( # %Ù£Í p ªÃÉ pÊÂ
Ú Ù$' / Î ,#/ ' (ÙÉ pÊ ] ° Ï/Ù$' 47 1# 2000 & + p b p -Ã#Õ(# ]ÐÙ # . Û ' Ï/ (¢" Û ' ÌÂ. ])+ .Ï ¢ ºÙà # *¦,# -* -$# Ù – pØ © ¤Ù±# ̱ 1# -$ !#¥ Û %µÃ# Ø.
Ð' } © ¦# ^Ï /Ù # . Ï Íé# + ( # )Ù¹ # ÃÎ# -Í (Ø . ] ±# b e ,Î' ÐÙØ3' p ¼. ] Ù# # ' ÐØ ± # . æ Û -$£Í Ï/Ù$' 38
.Û ¸/ } ' ÛÂ Ø # Ë # "/ 1$
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ ً ﻋﺎش ﻣﺘﻨﻘ ﻼ وﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﺑﻴ ًﺘﺎ ﻃﻮل ﺣﻴﺎﺗﻪ
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﺑﻮﻋﻮﻳﺎ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ «اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑـ»ﻟﺨﻠﻴﻔﻲ
Ð' pØp # Û # )# # Û ( # %Ù£Í °} ÛÎ ) /' .
/ (# . /$ (# pÙ Ê# ÛÃÙ$£# ±# , °
±# ] $£Î# Ù # ³ æ Ï Í Û # ã °/# . 3 # Ì(
]*pã É )¹ ' 1$ Û ½Ø ±# Ð' /Î# ¦+ Ø.
1$ "p Ù ° / ~' Ð' + Ù¼. Ï/ÎÃ# . ]pÙ# Ê # . # . /Ê #
] ÙÂ É Ð' } ,ÙÂ p / Û # pã Ê# ¶ . /(£(# .
Ð' É / 1# ] p # ¦+ ÎÃ$' ÛÂ *p ". Í ' /+. ] (#
p } Ú¦# Íh /# Ð # .} Р±# Ð' /Î# ¦+ 1$ $½Ø.
â É " Î Ï} / Í Ã# . Â Ê # µÂ Û Ì$ Û # /(#
2 .pØ ½ # ° Ð' ÛÃÙ$£# ±# Ï !#¦ ]-ÙÂ
.ªÙ((#
.% .} ºÃ )# ¥ , Ù( ´ Ä æ ' -Í}
5
2016 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ203 اﻟﻌﺪد/ ﺗﺮاث
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد 15
ﺟﻨﻲ اﻟﺘﻤﻮر
p
'4
# Ä$
Ï $ Ð pØ © ¤Ù±# Õ(# pã Ê# )$ # Ï " 1# # %Ø/ -* -$# Ù – Ï Ù,Í
' 0 # - $( Ë3 Í ÛÂ æ } µ¢ Ì Î
] 'è Û %Ù£Î# °} Ð' ÐÙØ3' ½# b . µØ} , ¼ 1$ # -Í Ù Ù ± #. Ê Î' Û ( # %Ù£Í © Ï} ¦# Øp # b ' ^ pÊ Á2 (¢ / Í 1# / 'è 0/Í. ] °æ !$ / . ê ($ %
( ÛÂ , /$( Û # Ø æ É /(# ÛÂ + ' ,ÙÂ. ]ÐÙ # Ê Î' ,Î'. ] 3 # Í} Ä$ £
. 3Âæ * Ù( ( # %Ù£Í ÐÙ 0. Í
16 22 28 34 38 44
ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻟﻴﻮا ﻟﻠﺮﻃﺐ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ ﻋﻤﺎن ﻃﻘﻮس ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻮﺳﻢ ﺟﻨﻲ اﻟﺒﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب
38
74
10
ﻃﻌﺎم ﻳﻮم اﻟﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب اﻟﺼﺤﺮاوي ،ﻧﻈﺮة اﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺣﻠﻮﻳﺎت ا0ﻋﻴﺎد ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،ﻃﻘﻮس اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ وأﺑﻌﺎد إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ 96
4
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
ğēĴĜ ēĴżŨĔŠ
ﻣﺴﻨﺪم ﻣﻌﺮض ﻓﻨﻲ إﻟﻬﻲ -ص 102
2
turath_cmc turath_cmc
ﻧﺎدي ﺗﺮاث اVﻣﺎرات اﻟﻌﺪد 203ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016
ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ
رﺣﻼت اﻟﺤﺞ اVﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻣﺴﻨﺪم ﻣﻌﺮض ﻓﻨﻲ إﻟﻬﻲ
اﻟﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺮن ﺻﺎﺣﺐ ا0دب واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻤﻘﻨﺎص
ﻧﺠﺎة اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻟﺠﻴﻨﺎﺗﻲ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ
»ﺻﻮﻏﺔ« ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺑﻄﺎﺑﻊ ﻋﺼﺮي
•••••••••••
ﻣﻮاﺳﻢ ﺟﻨﻲ
أﻓﺮاح وﻋﺎدات وأﺳﺎﻃﻴﺮ