ěēijĔŨǞē ğēĴĜ
ﻗﺎﺋﻤﻞ ﻟﻠﺼﻼة ﻓﻲ دوﻟﺔ ا ﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة، ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺒﺪﻳﺔ ﻫﻮ أﻗﺪم ﻣﺴﺠﺪ أﺛﺮي ﻣﺎ زال ً وﺗﻘﻊ اﻟﺒﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺣﻮاﻟﻲ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا اﻟﻰ اﻟﺸﻤﺎل ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻔﺠﻴﺮة
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
131
ﺑﺮزة ﺗﺮاث
اﻟﻘﻤﺮ اﻟﺬي أﻛﻠﺘﻪ اﻟﺤﻮﺗﻪ ﻗﺼﺺ ﺷﺎﺋﻘﺔ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﺗﻔﺴﺮ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ وﺳﺒﺒﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر ،ﺗﻌﻨﻲ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻣﺎ ،ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻟﺘﺸﻜﻞ ﻟﻬﻢ ﺗﻔﺴﻴﺮات ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،واﻟﻘﻮى اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻓﻴﻬﺎ، ﻣﻊ ارﺗﺒﺎﻃﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﺑﺪورة ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻴﻼد وﻋﻤﻞ وزواج ﺛﻢ ﻣﻤﺎت.ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻨﺎول أﻳﻀﺎ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﺣﻼم؛ أي أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﻌﺎﺷﺔ ،ﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺘﺮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ واﻟﻌﻘﻞ اﻟﺠﻤﻌﻲ ،ﺣﻴﻦ ﻧﺮاﻫﺎ اﻵن ﻟﻨﺘﺄﻣﻠﻬﺎ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺟﻤﻊ اﻟﺘﺮاث وﺗﻮﺛﻴﻘﻪ ،ﻓﻼ ﻧﻘﻴﺴﻬﺎ ﺑﻤﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻤﻨﻄﻖ واﻷﺣﻜﺎم اﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﺟﺰء ﻋﺰﻳﺰ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ. إن ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺗﺤﺎول ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻣﻮر ﺗﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎؤل واﻟﻐﻨﻰ واﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺤﻆ اﻟﺤﺴﻦ، ﻣﻊ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﺘﺸﺎؤم واﻟﻔﻘﺮ واﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ،ﻣﻊ ﺗﻌﻠﻴﻠﻬﺎ ﻟﻤﺠﺮﻳﺎت ﻟﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻬﺎ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻣﻊ أﻳﺎﻣﻬﻢ وﻟﻴﺎﻟﻴﻬﻢّ . اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻣ ّﺮ اﻟﺪﻫﻮر واﺧﺘﻼف اﻷﺟﻴﺎل ،ﻗﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﺘﺒﺪﻳﻞ واﻟﺘﺤﻮﻳﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ ،وإن ﺑﻘﻲ اﻟﺠﻮﻫﺮ واﺣﺪا ،أﺿﻒ ﻟﺬﻟﻚ اﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺔ ﻷﺧﺮى ،ﻣﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻃﻔﻴﻒ. ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻗﺪ ﻧﺠﺪ ﺗﺸﺎﺑﻬﺎ واﺿﺤﺎ ،أﻋﺮض ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺜﺎﻻ ﻣﻦ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺮاق وﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،أﻻ وﻫﻮ أ ّم اﻟﺼﺒﻴﺎن ،ﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻔﺎرﻳﺖ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﺳﺮﻗﺔ اﻟﺼﺒﻴﺎن ﺣﺪﻳﺜﻲ اﻟﻮﻻدة ﻣﻦ أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ، ﻛﻤﺎ أﺷﺎر ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻇﻢ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻀﻴﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ .ﻧﺠﺪ اﻷﻣﺮ ذاﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺘﻀﻴﻴﻖ ﺣﺎﻻت اﻟﺴﺮﻗﺔ واﻗﺘﺼﺎرﻫﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل اﻷﻗﻞ وﺳﺎﻣﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺠﻦ ﺗﺴﺘﺒﺪل اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ اﻟﻘﺒﻴﺢ،
130
اﻟﻘﻤﺮ اﻟﺬي أﻛﻠﺘﻪ اﻟﺤﻮﺗﻪ
د.ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ@
ﺣﻴﻦ ﺗﺨﻄﻔﻪ؛ ﻟﻴﻄﻠﻖ ﻟﻘﺐ ﻣﺒﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻔﻞ؛ ﻳﻌﻠﻞ ﻣﺆﻟﻔﺎ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ذﻟﻚ؛ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻮاﺳﺎة ﻟﻸم اﻟﺘﻲ أﻧﺠﺒﺖ ﻃﻔﻼ أﻗﻞ ﺟﻤﺎﻻ؛ أو ﺳﺨﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻃﻔﻠﻬﺎ. ﻫﺬا اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻳﻤﻜﻦ إرﺟﺎﻋﻪ إﻟﻰ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ذﻫﺐ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻇﻢ ﺳﻌﺪ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﺄ ّم اﻟﺼﺒﻴﺎن ﻳﺮﺟﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﻻﻣﺎﺗﺸﻮ ،اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺎدت ﺧﻄﻒ اﻷﻃﻔﺎل ﺣﺪﻳﺜﻲ اﻟﻮﻻدة ﻣﻦ أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ. ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻷﺧﺮى ﻣﻤﻦ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻃﻔﺎل أﻳﻀﺎ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺸﻮن ﺿﻴﺎﻋﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻤﺪون إﻟﻰ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺳﻦ اﻟﻐﺰال ﻓﻲ رﻗﺒﺔ اﻟﻄﻔﻞ أو ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺘﻪ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن اﻟﻌﺮب ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻋﻠﻘﺖ ﺳﻦ اﻟﺜﻌﻠﺐ أو اﻟﻬﺮة ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻔﻞ ،وﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻪ .ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻴﻞ ﺳﻦ اﻟﻐﺰال ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺎﺷﻴﺔ اﻟﺠﻦ ،اﻟﺘﻲ ﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﻮرات اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﻮﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺠﻦ ﻟﻠﻄﻔﻞ. ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻷﺧﺮى اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﺗﻌﻠﻴﻞ ﺳﺒﺐ ﺣﺪوث ﺧﺴﻮف اﻟﻘﻤﺮ ﻣﺜﻼ ،ﻓﻨﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ وﻗﻄﺮ ﺗﻔﺴﻴﺮا ﻟﻬﺎ ،أﻻ وﻫﻮ أﻛﻞ اﻟﺤﻮﺗﻪ ﻟﻠﻘﻤﺮ .إن اﻟﺤﻮﺗﻪ ﻫﻲ ﺣﻴﻮان ﺿﺨﻢ ﺗﺨﻴﻠﻮه ،ﻣﺮاﻗﺒﺎ ﻟﻠﻘﻤﺮ إن ﺗﺤﺮك ﻋﻦ ﻣﺴﺎره ،ﻓﺎﻷﻛﻞ ﻫﻮ ﻋﺎﻗﺒﺘﻪ؛ ﻟﻴﻬﺮع اﻟﺮﺟﺎل ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺻﻼة اﻟﻜﺴﻮف ،وأﻣﺎ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻴﻨﺸﻐﻠﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮع ﻓﻲ اﻟﻬﻮاوﻳﻦ؛ ﻛﻲ ﻳﺼﻞ اﻟﺼﻮت ﻟﻠﺴﻤﺎء، ﻣﻐﻨﻴﺎت »ﻳﺎ اﻟﺤﻮﺗﻪ ﻫﺪي ﻗﻤﺮﻧﺎ« وأﻣﺎ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻓﺮأت أن ﻟﻠﻘﻤﺮ دﻳﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺪده .واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻤﺘﻊ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻄﻮل ،وﻟﻬﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﻗﺎدﻣﺔ @ ﺑﺎﺣﺜﺔ وأدﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺎرات
ﺳﺎد اﻟﻈﻠﻢ ﻟﻔﺘﺮات ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ،أﺣﺪ أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮات ﻫﻲ اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ دق اﻟﻔﻘﺮ واﻟﻈﻠﻢ رﻗﺎب ﻓﺌﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ ﻓﻼﺣﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻤﻠﻴﻮن وﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺘﻰ ﻋﺠﺰ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮﺳﻤﻲ آﻧﺬاك ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ أﺟﻮﺑﺔ ﺷﺎﻓﻴﺔ ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮواﺗﺄﻣﻮال ورد اﻟﻈﻠﻢ ،ﻓﻜﺎن اﻟﺤﻞ ﻓﻰ اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺻﻮرة ﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﺎن أﻟﻪ اﻟﺸﺎدوف
ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻨﺪوة اﻟﺘﻲ أﻗﻴﻤﺖ ﻓﻰ ﻣﺮﻛﺰ دال ﻟ\ﺑﺤﺎث واﻟﺪراﺳﺎت ،اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ ا^ﺳﺘﺎذ ﻋﺼﺎم ﻓﻮزي ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺨﻄﻮط »ﻫﺰ اﻟﻘﺤﻮف ﻓﻲ ﺷﺮح ﻗﺼﻴﺪة أﺑﻲ ﺷﺎدوف« ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻰ ،واﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ اﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ودراﺳﺎت اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ
أﻗﺎﻣﻮا أﺿﺮﺣﺔ ﻷوﻟﻴﺎء ﻳﻌﺎﻟﺠﻮن أﻣﺮاﺿﺎ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ، ﻓﻮاﺣﺪ ﻷﻣﺮاض اﻟﺠﻠﺪﻳﺔ ،وآﺧﺮ ﻟﻠﻌﻘﻢ ،وﻏﻴﺮه ﻟﺮد اﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ،وﻫﻜﺬا. وﻳﺘﻨﺪر ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻲ ﻓﻴﺼﻒ أﺳﻤﺎء أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﻓﻴﺮوي أﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك اﻣﺮأة ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺗﺼﻠﻲ اﻟﻈﻬﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﺋﻼ »أﻣﺎ أﺳﻤﺎؤﻫﻢ ﻓﻬﻲ ﻛﺄﺳﻤﺎء اﻟﻌﻔﺎرﻳﺖ أو رﻗﻊ اﻟﺸﻼﺗﻴﺖ ،ﻓﻴﺴﻤﻮا ﺣﻨﻴﺠﻞ وﺟﻠﻴﺠﻞ وﻋﻔﺮود وﻋﻤﻮم وزﻋﻴﻂ وﻣﻌﻴﻂ دﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻠﺐ ﺟﺎﺋﻊ أﺧﺬ ﺑﻔﻤﻪ رﻏﻴﻔﺎ ﻣﻤﺎ ﺧﺒﺰت ﻣﺘﺠﻬﺎ ﻟﻠﺨﺎرج، ﻓﺄﻣﺴﻜﺘﻪ ﻣﻦ أذﻧﻪ وﻧﻬﺮﺗﻪ وﺷﺘﻤﺘﻪ وأﺧﻠﺼﺖ اﻟﺮﻏﻴﻒ ﻣﻦ ﻓﻤﻪ ﺛﻢ وﺑﺮﻏﻮث واﻟﻌﻔﺶ«. أﺗﻤﺖ ﺻﻼﺗﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث. وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ واﻟﻤﻨﺘﻘﺎة ،أﻇﻬﺮت اﻟﻤﺤﺎﺿﺮة ﻧﻈﺮة ôĿíĉ õîœîļă ﺛﻢ ﻣﻀﻰ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﺼﺎم ﻓﻮزي ﻓﻲ ﻃﺮح ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻟﻄﺮاﺋﻒ اﻟﻔﻼح اﻟﻤﺼﺮي ﻟﻠﻔﻘﻴﻪ ،ﻓﻘﺪ روى أﻧﻪ دﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺤﻤﻴﺪي اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﻤﺨﻄﻮط ﺣﻮل ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﻔﻼﺣﻲ ،وﻓﻲ اﻹﻃﺎر أﺣﺪ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺮﻳﻒ وﻗﺎل ﻟﻪ »ﻫﻞ ﻋﻨﺪك ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﻘﺮآن؟« ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪم ﺗﺤﻠﻴﻼ ﺷﻴﻘﺎ ﻟﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎم ﺑﺘﻔﻜﻴﻚ ﻛﻠﻲ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ وﺻﻮﻻ وﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺤﻤﻴﺪي ﻫﻮ ﺷﻴﺦ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻴﻦ ﺑﻤﺼﺮ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﺟﻠﺲ إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻤﺎﻫﻲ ﻫﺬا اﻟﻄﺮح وﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ أﻧﻈﺮه ﻟﻚ ،ﻓﺠﻠﺲ ﻋﻨﺪه ،وإذا ﺑﺮﺟﻞ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻴﺦ وﻗﺎل وﻣﻌﻄﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﻼح اﻟﺬي ﻋﺎﻧﻰ اﻟﺴﺨﺮة واﻻﺿﻄﻬﺎد ،وﻣﺎرس ﻟﻪ ﻫﻞ ﻋﻨﺪك ﻳﺎ ﺳﻴﺪي ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻣﺴﻠﻢ؟ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺧﺬ ﻫﺬا – ﻣﺸﻴﺮا ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻜﺎم ،ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ،اﻟﻘﻬﺮ واﻟﻌﻨﻒ وﻛﻞ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺠﺒﺎﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺬي ﻳﺴﺄل ﻋﻦ ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﻘﺮآن -وﻃﺮده ﻣﻦ ﻋﻨﺪه ،ﻓﺘﻌﺠﺐ واﻻﺳﺘﻐﻼل ،ﻛﺎن ﻳﺒﺤﺚ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﻋﻮن اﻟﺴﻤﺎء وﻧﺠﺪﺗﻬﺎ ،اﻟﺤﺎﺿﺮون ﻣﻨﻪ ،ﺛﻢ إﻧﻬﻢ ﺳﺄﻟﻮه ﻋﻦ ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﻘﺮآن ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ أﻧﺎ وﻣﺎرس ﺑﻔﻄﺮﺗﻪ ﻧﻤﻄﺎ ﻣﻦ أﻧﻤﺎط اﻟﺘﺪﻳﻦ ﺣﺎول ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﻘﺮﻳﺐ اﻟﻠﻪ ﻓﻘﻴﻪ اﻟﺮﻳﻒ ،أﻋﻠﻢ أوﻻد ﺑﻠﺪي اﻟﻘﺮآن ،وﻗﺪ ﺛﻘﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﻄﻮﻟﻪ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻌﻞ أﺣﺪا اﺧﺘﺼﺮه ﻓﻴﻜﻮن أﺳﻬﻞ ﻋﻠﻰ اﻷوﻻد إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﻪ ،ﺣﻴﺚ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة اﻟﺪاﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ. ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
129
İŀĴŨ
ﻗﺮاءة ﻓﻲ »ﻫﺰ اﻟﻘﺤﻮف«
اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻔﻼﺣﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ĽŜŋ îŔŇíč ª óĎŋîĸĿí
ﺳﺎد اﻟﻈﻠﻢ ﻟﻔﺘﺮات ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ،أﺣﺪ أﻫﻢ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮات ﻫﻲ اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ دق اﻟﻔﻘﺮ واﻟﻈﻠﻢ رﻗﺎب ﻓﺌﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ ﻓﻼﺣﻲ ﻣﺼﺮ ،ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻤﻠﻴﻮن وﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺘﻰ ﻋﺠﺰ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮﺳﻤﻲ آﻧﺬاك ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ أﺟﻮﺑﺔ ﺷﺎﻓﻴﺔ ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوات واﻷﻣﻮال ورد اﻟﻈﻠﻢ ،ﻓﻜﺎن اﻟﺤﻞ ﻓﻰ اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ. ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻨﺪوة اﻟﺘﻰ أﻗﻴﻤﺖ ﻓﻰ ﻣﺮﻛﺰ دال ﻟﻸﺑﺤﺎث واﻟﺪراﺳﺎت ،اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﺼﺎم ﻓﻮزي ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻣﺨﻄﻮط »ﻫﺰ اﻟﻘﺤﻮف ﻓﻲ ﺷﺮح ﻗﺼﻴﺪة أﺑﻲ ﺷﺎدوف« ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺸﺮﺑﻴﻨﻰ ،واﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ اﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ودراﺳﺎت اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ.
ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،أوﺿﺢ ﻓﻮزي اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،واﻟﻔﺎرق ﺑﻴﻦ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻄﻠﻖ واﻟﺘﺪﻳﻦ ﻛﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺺ واﻟﺴﻴﺎق اﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﻤﻤﺎرس ﻓﻴﻪ ،ودرﺟﺔ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﺿﺒﻂ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮع ،وﺻﻮﻻ ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﻔﻼﺣﻲ واﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺪﺧﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﺗﺤﻠﻴﻠﻲ ﻟﺮاﻫﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺼﺮي وﻗﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻤﺨﻄﻮط. ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﻓﺒﻴﻦ أن اﻟﻔﻼح ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ، ً ﻓﻘ ًﺮا ،ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻔﻆ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻪ ﺑﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﺪﻳﻨﻲ وﻳﻀﻴﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻮروث اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻰ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺤﻮل اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻳﺪه ﻟﻮاﻗﻌﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺒﻴﺌﻲ واﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ واﻟﻨﺴﺞ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻓﺎرﺗﺒﻂ اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﻔﻼﺣﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺎﻟﻄﻘﻮس واﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ودورة ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺸﺮ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﻨﺨﺒﻮي ﻣﺘﻌﺎﻟﻴﺎً ﻣﻨﻤﻘﺎً ﻣﺠﺮدا ً ﻣﻦ اﻟﻤﻮروﺛﺎت واﻟﻘﺼﺺ واﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎت اﻟﺪارﺟﺔ. وأﺷﺎر ﻓﻮزي إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺨﻄﻮط ﻫﺰ اﻟﻘﺤﻮف ،ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺳﻢ ﻓﻲ رأﻳﻪ ﺻﻮرة واﺿﺤﺔ ﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻔﻼح اﻟﻤﺼﺮي وﻫﻤﻮﻣﻪ وﻣﺸﻜﻼﺗﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ودرﺟﺔ وﻋﻴﻪ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ،وإدراك اﻟﻠﻪ وﻓﻖ ﺗﺼﻮرات ﻓﻄﺮﻳﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ واﻟﻮﺿﻮح ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻨﺼﻮص وﺗﺼﻮرات اﻟﻔﻘﻬﺎء. ﻓﻜﺎن ﻳﺼﻔﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ ﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜﻴﺮة ،وﺑﺎﻟﺒﻠﻪ واﻟﻐﺒﺎء أﺣﻴﺎن 128
اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻔﻼﺣﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ
أﺧﺮى ،ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﻣﻼﺑﺴﻬﻢ اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ وﻧﺴﺎﺋﻬﻢ اﻟﻤﺰﻋﺠﺎت وأﺳﻤﺎء أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻔﻬﻮﻣﺔ ﻓﻴﻘﻮل ﻋﻨﻬﻢ: أﻫﻞ اﻟﻔﻼﺣـــــﺔ ﻻ ﺗﻜـــــﺮﻣﻬﻢ أﺑﺪا ﻓﺈن إﻛــﺮاﻣﻬﻢ ﻓــــــﻲ ﻋﻘﺒﻪ ﻧــــﺪم ﻳﺒﺪو اﻟﺼﻼح ﺑﻼ ﺿـــــﺮب أو أﻟــــﻢ ﺳــﻮد اﻟﻮﺟﻮه إذا ﻟﻢ ﻳﻈﻠﻤﻮا ﻇﻠـﻤﻮا ورﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﺒﺪو ﺿﺪ اﺳﺘﺴﻼﻣﻬﻢ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﻴﺎة وﺗﻜﻴﻔﻬﻢ ﻣﻌﻬﺎ ،إﻻ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻧﺠﺪه ﻣﺘﻮرﻃﺎً ﻣﻌﻬﻢ ﺑﺸﺪة وﻣﺆازرا ﻟﻬﻢ ،ﻓﻴﻘﻮل ﻋﻨﻬﻢ »ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﺘﻤﻌﻮن ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻟﺤﺴﺎب اﻷﻣﻮال وﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻬﻢ راﻛﻊ وﻻ ﺳﺎﺟﺪ« ،وﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﺳﺬاﺟﺘﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺎﺟﻤﻬﻢ اﻟﻨﻤﻞ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻟﻮن »ارﺣﻞ أﻳﻬﺎ اﻟﻨﻤﻞ ﻛﻤﺎ رﺣﻠﺖ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﻮب ﻣﺸﺎﻳﺦ اﻟﻘﺮى« ،وﻓﻰ اﻟﺪﻋﺎء ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﺘﻜﺮون ﺻﻴﻐﺎ ﺳﻬﻠﺔ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ دﻋﺎء ﻓﻼح ﺑﺴﻴﻂ »ﻳﺎرب ﺧﻠﻲ ﻟﻨﺎ ﺑﻬﺎﻳﻤﻨﺎ وﻛﻼﺑﻨﺎ وﻗﻄﻄﻨﺎ وﻃﻠﻊ ﻟﻨﺎ زرﻋﻨﺎ وﺧﻠﻲ وﻟﺪي ﻋﻄﻮس«. وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﻣﻮاﻗﻒ واﺿﺤﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﻟﻬﻢ ﻳﺪ اﻟﺒﻄﺶ واﻟﻈﻠﻢ ،ﻓﻜﺎن اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺪارج ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻳﻘﻮل »اﺑﻦ اﻟﺤﺮام ﻳﺎﻗﻮاس ﻳﺎﻣﻜﺎس« ،وﻳﻘﺼﺪون أﻧﻪ إﻣﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﺎﻣﻠﻲ اﻟﻘﻮس وﻫﻢ ﻋﻠﻴﺔ اﻟﻘﻮم وﻣﻨﻔﺬو اﻟﺴﻠﻄﺔ ،وإﻣﺎ ﻣﻦ ﻳﺘﻘﺎﺿﻮن اﻟﻤﻜﻮس. وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺑﺘﻜﺎرﻫﻢ أدﻋﻴﺔ واﺑﺘﻬﺎﻻت وﺗﻮاﺷﻴﺢ ﺗﺨﺺ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﺗﻌﺞ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻼت اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﻟﻬﻢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ،ﻓﻬﻢ أﻳﻀﺎ
أوراق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ
أﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻠﻘﻴﻨﻨﺎ إﻳﺎه ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ أو ﻣﺎ ﻫﻮ واﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﺮﻓﻪ ،ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻓﻴﺎً ﻟﻨﺼﺒﺢ أﺷﺨﺎﺻﺎ ﻓﺎﻋﻠﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻟﺬا ﻧﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﻳﻮاﺻﻞ اﻟﺴﻌﻲ ً ﻧﺤﻮ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وﺗﺰوﻳﺪ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﻘﻠﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺪورات اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ أو ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻬﻮده اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة واﻻﻃﻼع. وﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﺷﺨﺺ ﻧﺎﻗﺺ ،ﺑﻞ ﻳﻌﻨﻲ وﺑﻜﻞ وﺿﻮح أﻧﻪ إﻧﺴﺎن ﻃﺒﻴﻌﻲ وﻓﺎﻫﻢ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﻌﻴﺐ أو اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ إﻧﺴﺎن أﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﻔﺴﻪ وزﻳﺎدة إﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﻗﺪراﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ؟ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﻮرش اﻟﺘﺪرﻳﺒﻴﺔ ﺗﻜﺴﺐ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، وﺗﻜﺴﺒﻪ اﻟﺠﺮأة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﺤﻴﺎة ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ أو اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أو ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻤﻮاد واﻟﺪروس اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎﻫﺎ وﺣﻔﻈﻨﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻋﺪ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮاﺣﻠﻬﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،إﻻ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ أﻋﻈﻢ وأﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻻ ﻳﺰال ﻫﻨﺎك ﺷﻲء ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻟﻤﻮاﻛﺒﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﻘﺪم اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،ﻓﻤﻦ أﺟﻞ أن ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺼﻤﻮد واﻟﺘﻤﻴﺰ وﺑﻘﻮة وﺳﻂ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﺳﻊ ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت ﻣﺎﺛﻠﺔ وواﺿﺤﺔ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﻧﺤﺘﺎج ﻟﻠﻤﻌﺎرف واﻟﻌﻠﻮم واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺸﻬﺎدة ،ﻷن ﻫﺬه اﻟﺠﻮاﻧﺐ ﺗﻤﻨﺤﻨﺎ اﻟﺨﺒﺮات اﻟﺘﻲ ﻧﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻬﺐ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﺿﻌﻴﻒ أو إﻧﺴﺎن ﻣﺘﻌﺜﺮ. ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﺬاﺗﻲ ﻟﻠﻘﺪرات اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻳﻔﺘﺮض أن ﺗﻜﻮن ﻣﺴﺘﻤﺮة وﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ وﻟﻜﻦ ﺑﺬﻛﺎء وﺗﺸﻮﻳﻖ اﻟﻨﻔﺲ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﺣﺴﻦ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻮرش واﻟﺪورات اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ، واﻟﺘﻲ ﻓﻌﻼ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻚ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ وﺗﻨﻘﺺ ،وﻻ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﻟﻤﺠﺎﻻت أﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﻬﺎ ،ﻷن ﻫﺬا ﺳﻴﺴﺐ ﻟﻚ اﻟﺴﺄم وﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻗﺪ
ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ
ﻳﺴﺒﺐ ﺗﺪاﺧﻞ وﺗﻌﺎرض ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻻ ﺗﻨﺴﻰ اﻟﻘﺮاءة ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺠﺐ أﺧﺬﻫﺎ ﻛﻮاﺟﺐ وﻫﻢ ،ﺑﻞ اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﺗﺴﻠﻴﺔ وﺗﺮﻓﻴﻬﺎً ،وﺗﺒﻌﺎ ﻟﻬﺬا أﺣﺴﻦ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﺗﻘﺮأ ،وﻛﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﺄن ﻟﻜﻞ واﺣﺪا ﻣﻨﺎ ﻣﻴﻮﻻﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ،ﻓﺈذا أﺣﺴﻨﺖ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﻳﻨﺎﺳﺒﻚ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻟﻚ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ. وأﻋﻮد ﻟﻠﺘﺪرﻳﺐ ،ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﻫﺬا اﻟﺰﺧﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺪرﻳﺒﻴﺔ وأﻳﻀﺎ اﻟﻤﺪرﺑﻴﻦ اﻟﻤﺘﺠﻮﻟﻴﻦ إذا ﺻﺢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،ودون اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﻣﺪى دﻗﺘﻬﺎ وﺣﺮﻓﻴﺘﻬﺎ ،أﺗﻮﺟﻪ ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﺬي ﻟﺪﻳﻪ رﻏﺒﺔ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻧﻔﺴﻪ وﻗﺪراﺗﻪ ،ﺑﺄن ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺴﻦ اﻻﺧﺘﻴﺎر واﻟﺘﻘﺼﻲ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أي ﻣﺮﻛﺰ وﻣﻔﺮدات اﻟﺪورة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﻬﺎ وﺗﻜﺒﺪ ﻋﻨﺎء اﻟﺪﻓﻊ اﻟﻤﺎﻟﻲ ،ﺛﻢ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﺨﺮوج دون ﻓﺎﺋﺪة ،ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺒﺐ ﻋﺰوﻓﺎً وﻋﺪم ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺠﻬﺪ ﻟﻠﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﺬاﺗﻲ. ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ أن ﻫﻨﺎك ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﺪرﻳﺒﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﺸﺄ إﻻ ﺑﻬﺪف ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻜﺴﺐ اﻟﻤﺎدي ،وﻧﻌﻠﻢ أن ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪا ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻣﺨﺮﺟﺎت وﻗﻮة ﺑﺮاﻣﺞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺪرﻳﺒﻴﺔ ،ﻟﺬا ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ اﻟﺘﻨﺒﻪ واﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺠﺪﻳﺘﻬﺎ وﻗﻮة ﺑﺮاﻣﺠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻟﻨﺎ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻤﺮﺟﻮة. وﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳﺠﺐ اﻟﺘﺬﻛﺮ أن ﻟﺪﻳﻨﺎ وﺳﺎﺋﻞ أﺧﺮى وﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﺑﺴﻂ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺰوﻳﺪ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮات واﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻲ ﻧﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻚ أن ﺗﻜﻮن أﻧﺖ ﻣﺪرب ﻧﻔﺴﻚ ﻓﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺷﺒﻜﺔ اﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺳﻬﻠﺖ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت و ﻃﺮق ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ دورك أﻧﺖ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺠﻴﺪة و اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻧﻔﺴﻚ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ... وﺗﺬﻛﺮ دوﻣﺎ أن أي ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺼﻠﻬﺎ أﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻤﺎ ﻫﻮ أﻫﻢ وأﻋﻈﻢ @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ ا ﻣﺎرات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
127
ūŵŭŘ
وﻳﻌﺪ اﻟﺴﻤﺎع أو اﻟﺮﻗﺺ اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻟﻠﺪراوﻳﺶ اﻟﺪوارﻳﻦ ،ﻣﻦ أﺷﻬﺮ ﻓﻨﻮن اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ، وﻫــﻮ ﻃﻘﺲ ﻟﻪ رﻣﺰﻳﺘﻪ ،ﻓﺎﻟﺜﻴﺎب اﻟﺒﻴﺾ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﺪﻳﻬﺎ اﻟﺮاﻗﺼﻮن ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﻷﻛﻔﺎن، واﻟﻤﻌﺎﻃﻒ اﻟﺴﻮد ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﺮ ،وﻗﻠﻨﺴﻮة اﻟﻠﺒﺎد ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ ﺷﺎﻫﺪة اﻟﻘﺒﺮ ،واﻟﺒﺴﺎط اﻷﺣﻤﺮ ﻳﺮﻣﺰ إﻟﻰ ﻟــﻮن اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻐﺎرﺑﺔ، واﻟﺪورات اﻟﺜﻼث ﺣﻮل ﺑﺎﺣﺔ اﻟﺮﻗﺺ ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺜﻼث ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺮب إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ،وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻠﻢ ،واﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻤﺆدي إﻟﻰ اﻟﻮﺻﺎل .وﺳﻘﻮط اﻟﻤﻌﺎﻃﻒ اﻟﺴﻮد ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺨﻼص ،واﻟﺘﻄﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ، وﺗﺬﻛﺮ اﻟﻄﺒﻮل ﺑﺎﻟﺼﻮر ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. وداﺋﺮة اﻟﺮاﻗﺼﻴﻦ ﺗﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻔﻲ داﺋﺮة، ﻳﻤﺜﻞ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻗﻮس اﻟﻨﺰول أو اﻧﻐﻤﺎس اﻟﺮوح ﻓﻲ اﻟﻤﺎدة ،وﻳﻤﺜﻞ اﻵﺧﺮ ﻗﻮس اﻟﺼﻌﻮد ،أي ﺻﻌﻮد اﻟﺮوح إﻟﻰ ﺑﺎرﺋﻬﺎ .وﻳﻤﺜﻞ دوران اﻟﺸﻴﺦ ﺣﻮل ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺸﻤﺲ وﺷﻌﺎﻋﻬﺎ ،أﻣﺎ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺪراوﻳﺶ ﺣﻮل اﻟﺒﺎﺣﺔ ﻓﺘﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻜﻮﻧﻲ ،ودوران اﻟﻜﻮاﻛﺐ ﺣﻮل اﻟﺸﻤﺲ وﺣﻮل ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ. وﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ ﻫﻲ اﻷﻧﻴﻦ،
126
اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ أﻧﻴﻦ وﺑﻬﺠﺔ واﻧﻄﻼق!
وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﺴﻌﺔ ﻗﺮون ﻣﻦ ﺗﻄﻮرﻫﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﻣﺼﺮ ،أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔﺗﺸﻊ ﺑﻬﺠﺔ. وﺑﺴﺆاﻟﻨﺎ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر»ﻋﺎﻣﺮ اﻟﺘﻮﻧﻲ« اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻤﻌﻬﺪ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻔﻨﻲ ﺑﺄﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن وﻣﺆﺳﺲ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ ﺑﻤﺼﺮ ﻋﻦ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي آﻟﺖ إﻟﻴﻪ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ اﻵن ،ﻗﺎل :إن ﻛﺎن اﻟﺪوران ﻋﻦ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ ﻳﺤﻤﻞ
ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻪ اﻟﺤﺰن ،ﻓﺎﻟﺪوران ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺒﻬﺠﺔ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ،ﻓﺎﻟﻤﻮﻟﻮي ﻳﺪور وﻳﺘﻤﺎﺛﻞ ﻣﻊ اﻟﻜﻮن ﻓﺮﺣﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺎﺛﻞ اﻟﺪوران ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ .ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺒﺘﻬﺞ ﻣﻦ ﻳﻐﻨﻲ ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺘﻪ وﻻ ﻳﺒﺘﻬﺞ ﻣﻦ ﻳﻨﺸﺪ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻟﻠﻪ ورﺳﻮﻟﻪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺣﺮج ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻵﻻت أو أﻟﻮان اﻟﺘﻨﻮرة ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻷﺳﺎس اﻟﻠﻮن اﻷﺑﻴﺾ اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻞ اﻷﻟﻮان ،وﺗﺤﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎءة اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻧﺮى اﻟﻌﺒﺎءة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ أﻟﻮان اﻟﻄﻴﻒ اﻟﺴﺒﻌﺔ ،وﻛﺄﻧﻬﺎ رﺣﻠﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﺗﻌﻮد ﺑﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى. وأﺿﺎف »اﻟﺘﻮﻧﻲ« أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺮوض ﻋﻠﻴﻨﺎ داﺋﻤﺎ أن ﻧﺠﺘﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ،ﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺼﻨﻊ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث وﻧﻀﻴﻒ إﻟﻴﻪ، وﻳﻤﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم أن ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﺄﺧﺬون ﻋﻨﺎ أو ﻳﻄﻮروا ﻣﺎ ﺑﺪأﻧﺎه ،ﻓﻴﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻮﻟﻮﻳﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﺑﻔﻠﺴﻔﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ،أدواﺗﻬﺎ إﺳﻼﻣﻴﺔ وﺻﻮﻓﻴﺔ وﺑﻌﺪﻫﺎ إﻧﺴﺎﻧﻲ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺻﻨﻌﻨﺎ إﻃﺎرا ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ
ﻏﻀﺐ أﻫﻞ ﻗﻮﻧﻴﺔ وﻏﺎروا ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺷﻤﺲ واﻟﺮوﻣﻲ،ﻓﻬﺪدوا ﺷﻤﺲ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﻋﺪة ﻣﺮات؛ ﺣﺘﻰ ﻏﺎدر ﻃﻤﻌﺎً ﻓﻲ روح ﺟﻼل اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻟﻢ ﻳﻐﺎدر ﺧﻮﻓﺎًً؛ ﻟﻜﻨﻪ ﻏﺎدر ﻛﻲ ﻳﺤﺮق ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺎﻟﺸﻮق واﻟﺤﻨﻴﻦ؛ ﻏﺎدر وﺑﺪاﺧﻠﻪ ﻣﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻟﻨﻈﻢ اﻟﺸﻌﺮ .ﻛﺎن اﻟﺘﺒﺮﻳﺰي ﻣﺆﻣﻨﺎً ﺑﺄن داﺧﻞ اﻟﺮوﻣﻲ ﺷﺎﻋﺮا ﻟﻢ ِ ﻳﺄت ﻣﺜﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻏﺎدر وأﺻﺒﺢ اﻟﺮوﻣﻲ وﺣﻴﺪا ً ﺣﺰﻳﻨﺎً ،ﺣﺘﻰ ﻗﺎل :واﻟﻠﻪ ﻟﻮ أﺗﺎﻧﻲ اﻟﻨﺎس ﺑﺨﺒﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ اﻟﺘﺒﺮﻳﺰي؛ ِ ﻷﻫﺪﻳَ ﱠﻦ ﺣﺎ ﺣﺎﻣﻞ اﻟﺨﺒﺮ روﺣﻲ .وﺟﺎءت اﻷﻧﺒﺎء أن ﺷﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﺸﺎم؛ ﻓﺄرﺳﻞ اﻟﺮوﻣ اﻟﺮوﻣﻲ اﺑﻨﻪ ﺳﻠﻄﺎن وﻟﺪ ﻟﻴﺄﺗﻲ ﺑﻪ إﻟﻰ ﻗﻮﻧﻴﺔ ،وﻋﺎد إﻟﻰ ﺧﻠﻮﺗﻪ ﻣﻊ ﺟﻼل ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺘﻪ ،وﻋﺎد اﻟﻘﻴﻞ واﻟﻘﺎل ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺟﺎءت إﺣﺪى ﻓﺎﺧﺘﻔﻰ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ.ﻻ أﺣﺪ ﻳﻤﻠﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ؛ ﻓﺎﺧ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺆال اﺧﺘﻔﺎﺋﻪ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪأ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ إﺟﺎﺑﺔ ﻗﺎﻃﻌ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺸﻌﺮ وﻛﺎن أول ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻫﻮ دﻳﻮان ”ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﺒﺮﻳﺰي“ أو اﻟﻜﺒﻴﺮ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻼه ﺑﺪﻳﻮاﻧﻪ اﻟﻤﺜﻨﻮي اﻟﺬي ﺗﺼﺪرﺗﻪ ﻗﺼﻴﺪة اﻟﺪﻳﻮان اﻟﻜ اﻟﻨﺎي«. »أﻧﻴﻦ اﻟﻨﺎي اﻟﺮوﻣﻲ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﺬﻛﺮ ﻛﺴﺒﻴﻞ أﻛﻴﺪ ﻛﺎن اﻟﺮوﻣ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻓﺎﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻪ ،ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻤﺮﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﻘﻮة ،ﻟﺪرﺟﺔ أن اﻟﻤﺮﻳﺪ ﻳﻔﻨﻰ ﺛﻢ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﺗﻄﻮرت ﻓﻜﺮة اﻟﺮﻗﺺ اﻟﺬي وﺻﻞ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﻄﻘﻮس ،وﻗﺪ ﺷﺠﻊ اﻟﺮوﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺬ
اﻹﺻﻐﺎء ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻓﻴﻤﺎ أﺳﻤﺘﻪ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ »اﻟﺴﻤﺎع« ،ﻓﻴﻘﻮم اﻟﺸﺨﺺ ﺑﺎﻟﺪوران ﺣﻮل ﻧﻔﺴﻪ ﻫﺎﺋﻤﺎ ﻣﻊ اﻹﻳﻘﺎع. اﻟﺘﻨﺼﺖ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﻴﻦ رﺣﻠﺔ روﺣﻴﺔ ﺗﺼﻌﺪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻤﺤﺒﺔ ،ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻜﻤﺎل ،رﺣﻠﺔ ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺪوران اﻟﺬي ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺘﺨﻔﺖ أﻧﺎﻧﻴﺘﻪ ﻟﻴﺠﺪ اﻟﺤﻖ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻜﻤﺎل .وﺣﻴﻦ ﻳﻌﻮد اﻟﻤﺮﻳﺪ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻳﻌﻮد ﺑﻨﻀﺞ أﻛﺒﺮ ﻣﻤﺘﻠﺊ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ،ﻟﻴﻜﻮن ﺧﺎدﻣﺎ ﻟﻐﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ دون ﺗﻤﻴﻴﺰ أو ﻣﺼﻠﺤﺔ ذاﺗﻴﺔ .وﻳﻘﻮل »ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ« إن اﻟﺴﻤﺎع أﺛﻨﺎء اﻟﺠﻠﻮس ﻳﺸﻌﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ ،وﻋﻨﺪ اﻟﺪوران ﻳﻌﺮف ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻠﻪ .واﻟﺴﻤﺎع ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ ﻫﻮ ﺗﺬﻛﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻴﻮم اﻟﻤﻴﺜﺎق وﺣﺎﻟﺘﻪ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ.. ﻳﻘﺺ ﺣﻜﺎﻳﺘﻪ ﻓﻬﻮ ﻳﺸﻜﻮ آﻻم اﻟﻔﺮاق ﻗﺎﺋﻼ: اﺳﺘﻤﻊ ﻟﻠﻨﺎي ﻛﻴﻒ ّ ُﻄﻌﺖ ﻣــﻦ ﻣﻨﺒﺖ اﻟﻐــﺎب إﻧﻨﻲ ﻣــﻨﺬ ﻗ ُ واﻟﻨﺎس رﺟـﺎﻻ وﻧﺴـﺎء ﻳﺒــﻜﻮن ﻟﺒــﻜﺎﺋﻲ إﻧـــﻲ أﻧﺸــﺪ ﺻــﺪراً ﻣــــ ّﺰﻗﻪ اﻟﻔـــﺮاق ﺣﺘﻰ أﺷـــــﺮح ﻟﻪ أﻟــــﻢ اﻻﺷﺘــــــﻴﺎق ﻓﻜﻞ إﻧﺴﺎن أﻗـــــﺎم ﺑﻌﻴﺪاً ﻋــــﻦ أﺻﻠﻪ ﻳـــﻈﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻋــــﻦ زﻣـــــﺎن وﺻـــﻠﻪ أﺻﺒﺤﺖ أﻧﻮح ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ وﻧﺎ ٍد ُ ﻟﻘﺪ وﺻــــﺮت ﻗﺮﻳﻨﺎً ﻟﻠﺒﺎﺋﺴﻴﻦ واﻟﺴــــﻌﺪاء ُ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
125
ūŵŭŘ
اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ
أﻧﻴﻦ وﺑﻬﺠﺔ واﻧﻄﻼق!
ĊńĄŃ łŔŋíĎñç Ñí ôòŋ
ﺬﻫﺐ ﺑﺄﺣﺪ ﺷﻮارع ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻊ ﺿﺮﺑﺎت اﻟﻤﻄﺎرق ﻓﻮق ﺻﺤﺎﺋﻒ اﻟﺬﻫﺐ ﻗﻮﻧﻴﻪ ﺑﺎﻷﻧﺎﺿﻮل ،دار ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ ﻷول ﻣﺮة ﺣﻮل ﻧﻔﺴﻪ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﺮﻛﺖ ﻓﻴﻪ دﻗﺎت اﻟﻤﻄﺎرق اﻟﻤﺘﻨﺎﺳﻘﺔ واﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻷﻟﻢ اﻟﺬي ﺗﻤﻠﻚ روﺣﻪ وﻗﻠﺒﻪ .ذﻟﻚ اﻷﻟﻢ اﻟﺬي راﻓﻘﻪ ﻣﻨﺬ ﻓﺮاق ﻣﺮﺷﺪه وأﺳﺘﺎذه ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﺒﺮﻳﺰي .رﻓﻊ ﻳﺪه اﻟﻴﻤﻨﻰ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﻌﻴﻨﺎن ﻣﻌﺘﻤﺪً ا ﻋﻠﻰ رﺟﻠﻪ اﻷﻳﻤﻦ ﻓﺪار دورﺗﻴﻦ ﻣﻐﻤﻀﺘﺎن واﻟﺮأس ﺳﺎﻗﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﻒ ﻤﻦ ً اﻟﻴﻤﻨﻰ ،ﺛﻢ ﺷﺮع ﻓﻲ اﻟﺪوران. ﻮد وﺗﺬوق اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﻔﺎﻧﻲ »ﻫﻞ ﺗﻌﺮف ﻣﺎ اﻟﺴﻤﺎع؟ اﻟﻐﻔﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻤﻄﻠﻖ« اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺒﻠﺨﻲ ،اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻓﻲ ﺑﻠﺦ ﻓﻲ ﺑﻼد إﻧﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻬﺎء ﻦ اﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،ﻓﺘﺮﻋﺮع ﺑﻬﺎ ﻓﺎرس واﻧﺘﻘﻞ ﻣﻊ أﺑﻴﻪ إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ،ﻓﻲ اﻟﺮ ﺑﻌﺔ واﻟﺪه .وﻟﻢ ﺗﻄﻞ إﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻧﺰل ه. اﻟﺒﻠﺪان ﻣﺪدا ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺮ ﻗﺎم أﺑﻮه ﺑﺮﺣﻠﺔ واﺳﻌﺔ وﻣﻜﺚ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻟﺒﻠﺪان ﻓﻲ ﻗﻮﻧﻴﺔ ﺳﻨﺔ 623ﻩ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ دوﻟﺔ اﻟﺴﻼﺟﻘﺔ ﻼﺟﻘﺔ اﻷﺗﺮاك .ﺗﻠﻘﻰ ﻋﻠﻮم اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻔﻘﻪ واﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺗﺮﺑﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ واﻟﺪه ”ﺑﻬﺎء اﻟﺪﻳﻦ وﻟﺪ“ اﻟﺬى ﺗﻮﻓﻲ ﻋﺎم 628ﻫـ ،وﺑﻌﺪ وﻓﺎة ـ، واﻟﺪه ﻋﻬﺪ ﺑﺘﻌﻠﻴﻤﻪ ﺷﻴﺨﻪ اﻟﺴﻴﺪ ”ﺑﺮﻫﺎن اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺮﻣﺬي“ اﻟﺬي أرﺳﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﺸﺎم ﻟﻤﺪة ﺳﺒﻌﺔ ﻌﺔ أﻋﻮام؛ ﻟﻴﺪرس أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ،وﺑﻌﺪﻣﺎ ﻋﺎد؛ ﻗﺮر ﺮر واﻟﻔﺘﻮى. اﻟﺘﺮﻣﺬي اﻻﻧﺰواء وﺗﺮك ﻟﻪ اﻟﻤﺸﻴﺨﺔ ﻮى. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﺳﻬﻼ ﻋﻠﻰ ”ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﺰن اﻟﺮوﻣﻲ“ ،ﻓﻠﻘﺪ اﻧﺼﻬﺮت ذاﺗﻪ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻟﺤﺰن واﻻﻧﺘﻈﺎر ﻟﻤﻌﻠﻤﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻣﻌﻠﻤﻪ اﻟﺬي ﺳﻴﻌﻠﻤﻪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﻮﻧﻴﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺸﻖ .ﻓﻲ ﻋﺎم 1244م ،وﺻﻞ إﻟﻰ ﺔ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﺨﺺ ﻓﺎرغ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ”ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺒﺮﻳﺰي« ،وﻛﺎن ﺒﺤﺚ وﻣﻲ ﺿﺎﻟﺘﻪ ،ووﺟﻪ إﻟﻴﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻸه ﺑﺎﻟﻌﺸﻖ .ووﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺮوﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل ﻻ ﺷﺊ ﺗﺤﺖ ﺟﺒﺘﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻠﻪ ﺳﺆاﻟﻪ اﻷﻫﻢ ،ﻫﻞ أﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ ي ﻟﺬي ﻳﻘﻮل ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻨﺎك ﺣﻖ ﻣﻌﺮﻓﺔ، أﻓﻀﻞ أم اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ اﻟﺬي وﻷن ﺟﻼل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺮوﻣﻲ ﻛﺎن وﻗﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﻮق واﻧﺘﻈﺎر ،ﻓﻘﺪ رد ﻗﺎﺋﻼ »ﺗﻌﺎل أﺳﺘﺎذي زدﻧﻲ ﻋﻠﻤﺎ«.
124
اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ أﻧﻴﻦ وﺑﻬﺠﺔ واﻧﻄﻼق!
ﺗﺮاث اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ
ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺠﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﻃﺮاف ﺑﻐﺪاد ﻧﺸﺄ وﺗﺮﺑﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺠﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻬﺠﺮي ،وﻛﺎن أﺧﻮه ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺪ ﺳﺒﻘﻪ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد واﻟﺘﻘﺮب ﻣﻦ ﻗﺼﺮ اﻟﺨﻼﻓﺔ ،ﻓﺤﺎول ﻋﻠﻲ أن ﻳﻘﺘﺪي ﺑﺄﺧﻴﻪ وارﺗﺤﻞ إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ،ﺣﻴﺚ واﺟﻪ ﻣﺠﺘﻤ ًﻌﺎ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺑﻴﺌﺘﻪ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،ﻣﺠﺘﻤ ًﻌﺎ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻤﻈﺎﻫﺮ واﻟﺒﺬخ، وﺿﺎق ﺑﻪ اﻟﺤﺎل ﻓﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ ﻗﺼﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ أﺑﻮﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ،ﻟﻴﺤﻀﺮ ﻣﺠﻠﺴﻪ وﻳﻤﺪﺣﻪ ﻃﻤ ًﻌﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺤﺔ ﺗﻐﻨﻴﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪور وأﺷﺎر إﻟﻴﻪ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻴﻠﻘﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ،اﺳﺘﻬﻠﻬﺎ ﺑﺘﺸﺒﻴﻬﺎت وأﻟﻔﺎظ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﺎل واﺻﻔًﺎ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ: أﻧﺖ ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ ﻓﻲ وﻓﺎﺋﻚ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ وﻛﺎﻟﺘﻴﺲ ﻓﻲ ﻗـــﺮاع اﻟﺨــﻄﻮب أﻧﺖ ﻛﺎﻟﺪﻟﻮ ﻻ ﻋﺪﻣـﻨﺎك دﻟــــﻮاً ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺪﻻ ﻛﺜـﻴﺮ اﻟ َﺬﻧـــــﻮب وﻛﺜﻴﺮ اﻟﺬَﻧﻮب أي ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺴﻴﻼن ﺑﺴﺒﺐ اﻻﻣﺘﻼء ،وﺑﻤﺠﺮد أن ﻗﺎل ذﻟﻚ اﺳﺘﻨﻜﺮت ﺣﺎﺷﻴــﺔ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻫﺬه اﻷوﺻﺎف وﻫ ّﻢ اﻟﻮزﻳﺮ ﺑﺎﻟﻬﺠﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﻹﺳﻜﺎﺗﻪ ﻟﻜﻦ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺬﻛﺎﺋﻪ وﺣﺴﻦ ﺗﺪﺑﺮه ،ﻣﻨﻊ اﻟﻮزﻳﺮ ﻣﻦ اﻹﺳﺎءة ﻟﻀﻴﻔﻪ ،وﻗﺪر أﻧﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﺟﻴﺪ وﻟﻜﻨﻪ ﻣﺘﺄﺛﺮ ﻻ زال ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻰ ﻓﻴﻬﺎ .وأﻣﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺄن ﻳﺴﻜﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺠﻬﻢ ﺑﺄﺣﺪ ﺑﻴﻮت ﺣﻲ اﻟﺮﺻﺎﻓﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺑﺒﺴﺎﺗﻴﻨﻪ اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ دﺟﻠﺔ ﻗﺮب ﺟﺴﺮ ﺑﻐﺪاد .وﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ذات أﺳﻮاق ﻋﺎﻣﺮة، ﻳﺆﻣﻬﺎ وﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﺔ اﻟﻘﻮم واﻟﺠﻤﻴﻼت اﻟﻤﺘﺮﻓﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء، ﻓﺸﻌﺮ اﺑﻦ اﻟﺠﻬﻢ ﺑﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ واﺳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ اﻟﻤﺘﺮﻓﺔ ،وﺧﺮج ﻳﺘﻨﺴﻢ اﻟﻬﻮاء اﻟﻌﻠﻴﻞ وﻗﺖ اﻟﻐﺮوب ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﻰء دﺟﻠﺔ ،وﻻﺣﻆ ﺣﺴﻦ وﺟﻤﺎل ﻧﺴﺎء ﺑﻐﺪاد ،وﻛﺎن ﻻﻳﺨﺠﻞ ﻣﻦ إﻟﻘﺎء أﺷﻌﺎره ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻗﺎت وﻳﺴﻌﺪ ﺑﺈﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﺸﻌﺮه وإﻃﺮاﺋﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ .ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة اﺳﺘﺪﻋﺎه اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻴﺴﻤﻊ ﺑﻌﺾ ﺷﻌﺮه، ﻓﻘﺎل أﺷﻬﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪه: ﻋﻴﻮن اﻟﻤــﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟـــﺮﺻﺎﻓﺔ واﻟﺠﺴـــﺮ ﺟﻠﺒﻦ اﻟﻬﻮى ﻣـﻦ ﺣﻴﺚ أدري وﻻ أدري
ﻋﺒﺪاﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﺤﻤﺪ@
أﻋﺪن ﻟﻲ اﻟﺸـﻮق اﻟﻘـﺪﻳﻢ وﻟـﻢ أﻛــــﻦ ﺳﻠﻮت وﻟﻜـﻦ زدن ﺟــﻤﺮاً ﻋـﻠﻰ ﺟــﻤﺮ وﻫﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﺮس اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ ﻟﻠﺤﺮوف واﻟﺪﻗﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻊ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺑﻌﻜﺴﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺻﻮرﻫﺎ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺗﻨﺒﺾ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮﻳﺔ واﻟﺮﻗﺔ ،وﺗﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻬﺠﺔ .ﺗﻌﺠﺐ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ وﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻣﻦ أﻣﺮ ﻫﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺸ ّﺒﻪ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﺐ واﻟﺪﻟﻮ ،وﻛﻴﻒ ﺣﻮﻟﺘﻪ ﺣﻴﺎة اﻟﺮﻏﺪ واﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد إﻟﻰ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﺮﻫﻒ اﻟﺤﺲ ،إﻟﻰ درﺟﺔ أن اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ اﻟﺘﻔﺖ ﻟﻤﻦ ﻣﻌﻪ ﻗﺎﺋﻼ» :إﻧﻲ أﺧﺸﻰ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺬوب رﻗﺔ«. أدت ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة إﻟﻰ ﺷﻬﺮة ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺠﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺒﻐﺪادي وﺻﺎر ﻣﻘﺮﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ واﺧﺘﻠﻂ ﺑﻌﻠﻴﺔ اﻟﻘﻮم ،ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﻏﺮام اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﻨﺎوات وﻗﺎل ﻓﻴﻬﻦ ﺷﻌﺮا ً ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ رﻗﺔ ﻣﺸﺎﻋﺮه وﺗﺤﻀﺮه ووﻟﻌﻪ ﺑﻤﻦ ﻳﺤﺐ ،وﺷﺪة ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ اﻟﻌﺬري اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ وﻻ ﻳﺮﺟﻰ ﻣﻨﻪ ﺷﻔﺎء. ﺗﺄﻣﻠﻮا ﺟﺰاﻟﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ وﻗﻮة اﻟﻠﻔﻆ وﻫﻮﻳﺼﻒ وﻟﻌﻪ وﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ﻓﻴﻘﻮل: اﻟﻌﻴﻦ ﺑﻌـﺪك ﻟﻢ ﺗﻨﻈﺮ إﻟــــﻰ ﺣﺴـــﻦ واﻟﻨﻔﺲ ﺑﻌﺪك ﻟـــﻢ ﺗﺴﻜﻦ إﻟﻰ ﺳــﻜﻦ ﻛﺄن ﻧﻔــــﺴﻲ إذا ﻣـــــﺎ ﻏـــﺒﺖ ﻏﺎﺋﺒـﺔ ﺣﺘﻰ إذا ﻋﺪت ﻟﻲ ﻋﺎدت إﻟــﻰ ﺑـــﺪﻧﻲ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ اﺑﻦ اﻟﺠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﺷﺎة اﻟﺬﻳﻦ أوﻏﺮوا ﺻﺪر اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺿﺪه ،ﻓﻐﺎدر ﺑﻐﺪاد واﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﺣﻠﺐ ،وﻓﻲ إﺣﺪى رﺣﻼﺗﻪ ﻫﺎﺟﻤﻪ ﻓﺮﺳﺎن ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﻛﻠﻴﺐ ،وﻗﺎﺗﻠﻬﻢ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﻜﻨﻪ أﺻﻴﺐ ﺑﺠﺮوح ﻟﻢ ﻳﺒﺮأ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ واﻓﺎه اﻷﺟﻞ ،ﻟﻴﺮﺣﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،وﺗﺒﻘﻰ أﺷﻌﺎره وﻗﺼﺎﺋﺪه اﻟﺘﻲ ﺧﻠﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺮاث اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ @ رواﺋﻲ وﻧﺎﻗﺪ ﻣﺼﺮي
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
123
ūēĴũŐ
ﺧﺘﻢ اﺳﻄﻮاﻧﻲ ﻳﻈﻬﺮ إﻟﻪ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ
رﺟﻞ ﺷﻮرﻳﺒﺎك ،ﻳﺎ اﺑﻦ أوﺑﺎرا -ﺗﻮﺗﻮ: ﻗﻮض ﺑﻴﺘﻚ واﺑــــﻦ ﺳـــﻔﻴﻨﺔ، اﺗﺮك ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻚ وأﻧﻘﺬ ﺣﻴﺎﺗﻚ، اﻫﺠﺮ ﻣﺘﺎﻋﻚ وأﻧﻘﺬ ﻧﻔــــﺴﻚ، اﺣﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺑﺬور ﻛﻞ ﻣﺨﻠﻮق ﺣﻲ. واﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘــﻲ أﻧﺖ ﺑﺎﻧــــﻴﻬﺎ. ﺳﺘﺄﺗﻲ وﻓﻖ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻣﻀﺒﻮﻃﺔ، ﻓﻴﺘﺴﺎوى ﻃﻮﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﻋﺮﺿــــﻬﺎ، ﺛﻢ ﻏﻄﻬﺎ ﻛﻤﺎ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺴـﻔﻠﻰ«. ﺗﻤﻠﻴﺖ اﻟﻘﻮل ،ﻗﻠﺖ ﻟﺮﺑﻲ إﻳﺎ: ﻓﻠﻤﺎ ُ أﻣﺮت ﺑﻪ »روﻳﺪك ﺳﻴﺪي .إن ﻣﺎ َ ﺳﻴـــﻠﻘﻰ اﻟﺨــــﻀﻮع واﻟﺘـﻨﻔﻴﺬ. وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ أﺟﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺎؤﻻت اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ واﻟﻨﺎس واﻷﻋﻴﺎن؟« )ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺴ ّﻮاح(. ﺗﺘﺤﺪث رواﻳﺎت اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻛﻮخ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ ﻛﺎن ﻣﺤﻮرا ً ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻄﻞ اﻟﻄﻮﻓﺎن أﺛﻨﺎء ﻧﻮﻣﻪ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆات .ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻜﻮخ اﻟﻘﺼﺒﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﺨﻼص وﻗﺖ اﻟﻜﻮارث واﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت ،وﻓﻲ ّ ﻓﺘﺮات ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﺪاﺋﺪ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺄﻧﻒ وﻇﻴﻔﺘﻪ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﻣﺮﻛﺰا ً ﻟﻠﺘﺠ ﱡﻤﻊ اﻟﺴﻜﺎﻧﻲ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷزواج اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. ّ اﻓﺪﻳﻨﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﺮﺣﺔ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ ﻣﻊ ر رﻗﻴﻢ ﻓﻲ ّ ﻃﻮاﻃﻢ ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﻌﺠﻮل واﻷﺑﻘﺎر ،وﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ﻳﺘﺴﺎءل اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻓﻴﻤﺎ إذا اﻟﻘﺼﺒﻲ ﻳﺸﺎﺑﻬﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﺎن ﺿﺮﻳﺢ اﻟﺮب إﻳﺎ /إﻧﻜﻲ Ea/Enki ّ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ .وﻳُﻌﺘﻘﺪ أن ﺑﻄﻞ ﻃﻮﻓﺎن ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﻛﺎن ﻳﻨﺎم ﻓﻲ ّ ﺿﺮﻳﺢ ﻣﺜﻠﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗ ّﺪم إﻳﺎ Eaﻟﻪ اﻟﻤﺸﻮرة ﺑﺘﺤﻄﻴﻤﻪ ﻟﺒﻨﺎء ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﻘﺎذ ﻧﻔﺴﻪ وأﺳﺮﺗﻪ وﺣﻴﻮاﻧﺎﺗﻪ .ﻫﺬه اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت )اﻷﺑﻘﺎر واﻟﺠﻮاﻣﻴﺲ( ﺗَﻈْﻬﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻗﻴﻤﺎت ،وﻫﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﻴﺪ اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻓﻲ أﻫﻮار اﻟﻌﺮاق. ﻛﺎن اﻟﻘﺼﺐ رﻣﺰا ً ﻟﺮﺑﺔ اﻟﺠﻨﺲ واﻹﻧﺠﺎب واﻟﺘﻜﺎﺛﺮ ،إﻧﺎﻧﺎ )ﻋﺸﺘﺎر( اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﺑﻌﺸّ ﺎﻗﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺐ .ﻟﻘﺪ اﺷﺘﻬﺮت ﻋﺸﺘﺎر رﻣﺰا ً ﻋﺸﻘﻴﺎً أﻳﺮوﺳﻴﺎً ﺻﺎرﺧﺎً ،ﻟﻜﻦ أﺻﻮل اﻟﻮﻋﻲ اﻹﻳﺮوﺗﻴﻜﻲ ﻟﻌﺸﺘﺎر ﺗﻤﺘﺪ ﻓﻲ
اﻷﺳﻄﻮرة اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ إﻟﻰ أﻣﻬﺎ ﻧﻴﻨﻜﺎل »اﻟﺴﻴﺪة اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ« ،زوﺟﺔ اﻟﺮب اﻟﻘﻤﺮ ﻧﺎﻧـّﺎ ، Nannaوﻫﻲ اﺑﻨﺔ أﻧﻜﻲ ﺳﻴﺪ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻌﺬﺑﺔ واﻟﺤﺮﻓﻴﻴﻦ وﺳﻴﺪة اﻟﻘﺼﺐ اﻟﻨﻘﻲ )وﻫﻨﺎ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻷﺻﻞ اﻟﻤﻮﻏﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم ﻟﻨﻴﻨﻜﺎل ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻘﺼﺐ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ(. وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﻓﺈن أﻏﻨﻴﺎت ﻧﻴﻨﻜﺎل وﻧﺎﻧﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺜﺮ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻐﺰل اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ،ﺑﻌﺪ ﻏﺰﻟﻴﺎت إﻳﻨﺎﻧﺎ ودﻣﻮزي .ﺗﻈﻞ ﻧﻨﻜﺎل واﺑﻨﺘﻬﺎ أﻳﻨﺎﻧﺎ ،ﺣﺴﺐ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ،ﻧﺴﻘﺎ أوﻟﻴﺎً وﺷﻤﻮﻟﻴﺎً ﻷﺳﻄﻮرة ودﻳﺎﻧﺔ اﻟﻌﺮوس اﻟﺴﻌﻴﺪة اﻟﺮب اﻟﺸﺎب ﻧﺎﻧﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻠﺨﺺ اﻷﺳﻄﻮرة أن ﻧﻴﻨﻜﺎل اﻟﺼﺒﻴﺔ ﻋﺸﻘﺖ ّ ﻳﻠﺘﻘﻴﻬﺎ اﻟﺮب ﻳﺒﺎدﻟﻬﺎ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ وﻳﺪﻋﻮﻫﺎ ﻓﻮرا ً ﺣﻤﻴﻤﻲ ﺑﻴﻦ ﻗﺼﺐ ﻟﻠﻘﺎء ّ ﺟﻨﻮب اﻟﻌﺮاق ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺤﺐ .ﻧﻴﻨﻜﺎل ذات اﻟﻔﻀﻮل ﺗﺬﻫﺐ ﻟﻠﻤﻮﻋﺪ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﻋﻴﻮن اﻷرﺑﺎب اﻟﻌﻠﻴﻤﻴﻦ اﻷﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎً .ﻳﻠﺘﻘﻴﺎن إذ ْن وﻳﻤﺎرﺳﺎن اﻟﺤﺐ .ﻫﻨﺎك أﻏﻨﻴﺔ ﺳﻮﻣﺮﻳﺔ أﺧﺮى ﺗﺨﺎﻃﺐ ﻓﻴﻬﺎ إﻳﻨﺎﻧﺎ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ: »أﻧﺎ إﻳﻨﺎﻧﺎ ﺳﺄرﺳﻞ ﻣﺒﻌﻮﺛﺎ إﻟﻰ اﻟﺼﻴﺎد أﻳﻀﺎ ذي اﻟﺸﺒﺎك اﻟﻤﻐﻤﻮرة ﺑﻤﻨﺎﺑﺖ اﻟﻘﺼﺐ ،دﻋﻪ ﻳﻬﺪي ﻟﻲ ﺳﻤﻜﺔ ﺷﺒﻮط ﺳﻤﻴﻨﺔ«. وﻓﻲ اﻟﻘﻄﻌﺔ )أ( ﻣﻦ ﺗﺮاﻧﻴﻢ ﻋﺸﺘﺎر ﻧﻘﺮأ]» :ﺳﻄﺮان ﻣﺘﻔﺮﻗﺎن[ ﻧﻴﻨﻴﻐﺎﻻ، اﻟﺴﺎدة..........ﻣﺜﻞ ﺷﺨﺺ ﺻﺨّﺎب .....إﻳﻨﺎﻧﺎ ﺑ ّﻮاﺑﻮك ﺑ ّﻮاﺑﻮ ﻋﺮﺳﻚ ﻣﻦ ﱠ ﺳﺎدةٌ .....اﻷول .....اﻟﺜﺎﻧﻲ ]ﺳﻄﺮ ﻣﺘﻔﺮق[ .ﺻﺎﺋﺪ اﻟﻄﻴﻮر .....واﻟﺼ ّﻴﺎد ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻣﻨﺎﺑﺖ اﻟﻘﺼﺐ .ﺳﺄﺑﻌﺚ رﺳﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﺮاﻋﻲ :ﻟﻜﻲ ﻳﻬﺪي ﻟﻲ أﺟﻮد اﻟﺰﺑﺪة وأﺣﺴﻦ اﻟﺤﻠﻴﺐ .ﺳﺄرﺳﻞ رﺳﻮﻻً إﻟﻰ ﻓﻼﺣﻲ :ﻟﻜﻲ ﻳﻬﺪي ﻟﻲ .....واﻟﻨﺒﻴﺬ .أﻧﺎ اﻟﺴﻴﺪة ﺳﺄﺑﻌﺚ ﻣﺒﻌﻮﺛﺎً إﻟﻰ ﺻﺎﺋﺪ اﻟﻄﻴﻮر ذي اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻤﻔﺮوﺷﺔ :دﻋﻪ ﻳﻬﺪي ﻟﻲ ﻃﻴﺮا ً راﺋﻌﺎً .أﻧﺎ أﻳﻨﺎﻧﺎ ﺳﺄرﺳﻞ ﻣﺒﻌﻮﺛﺎً إﻟﻰ اﻟﺼﻴﺎد أﻳﻀﺎ ذي اﻟﺸﺒﺎك اﻟﻤﻐﻤﻮرة ﺑﻤﻨﺎﺑﺖ اﻟﻘﺼﺐ ،دﻋﻪ ﻳﻬﺪي ﻟﻲ ﺳﻤﻜﺔ اﻟﺸﺒﻮط اﻟﺴﻤﻴﻨﺔّ«. ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ أﺧﻴﺮا أن إﻟﻪ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ )ﻧﻴﻨﻮرﺗﺎ (Ninurtaاﻟﺬي ﻟﻌﻠﻪ أﺳﻄﻮاﻧﻲ ﻣﻦ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد، ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺧﺘﻢ ّ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻳﻘﻮد ﻗﺎرﺑﺎً ﻣﺼﻨﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ ُﺻﻨﻊ ﻟﻪ رأس ﺣﻴﻮان اﻓﻲ رﻣﺰا ً ﻟﻘﺪراﺗﻪ وﻋﻈﻤﺘﻪ .ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺎرب أﻋﻴﺪ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﺧﺮ ّ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻟﻠﺘﺜ ﱡﺒﺖ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت اﻟﻘﻮارب اﻟﻘﺼﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﺟﺘﻴﺎز ﻣﺴﺎﻓﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺤﺪودة @ ﺑﺎﺣﺚ وأدﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق
122
ا3ﺻﻮل اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ ﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻘﺼﺐ
ﻣﻦ أﻫﻮار اﻟﻌﺮاق
واﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎت وﻛﺜﺎﻓﺔ ﻗﺼﺒﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻗﺪ أدرﻛﻮا اﻟﺨﻄﻮرة اﻟﺪاﻫﻤﺔ ĖŃîĀŀÿ ôńĄŀŃ Œij ðĜĸĿí óčîńī
ﻣﻦ وﻗﻮﻋﻬﻢ ﻗﺮب ﻣﻴﺎه ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺮﺣﻢ .ﺗﺒ ﱢﻴﻦ اﻟﺼﻮرة ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﺑﻴﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻘﺮﻳﺔ واﻟﻨﻬﺮ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻐﻀﺐ ﻓﻲ أي ﻟﺤﻈﺔ .إﻧﻬﺎ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺪ ﱢﻣﺮة ﻛﺎن ﻳﺘﻮ ّﺟﺐ اﻟﺤﺬر ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﻨﺎء واﻟﻤﻮاد اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻴﻪ .وﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ أن اﻟﺒﻨﺎﺋﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻴﻤﻮن ﺗﺤﺴﺒﺎً ﻟﻠﻄﻮارئ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺑﻨﺎء ﺧﻔﻴﻒ ،ﻫﻮاﺋﻲ ،ﺳﺮﻳﻊ اﻟﺘﺤﻄﱡﻢ اﻟﻌﻤﺎرة ﱡ ﻟﻜﻦ ﻗﻠﻴﻞ اﻟﻜﻠﻔﺔ وﺳﺮﻳﻊ اﻟﻮﻗﻮف ﺛﺎﻧﻴﺔ. ﻛﻞ ﻋﻤﺎرة أﻫﻮار اﻟﻌﺮاق اﻟﻤﺒﻨﻴّﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﺐ ﻫﻲ ﻋﻤﺎرة ﺳﻮﻣﺮﻳﺔ، أﺳﻤﻴﻨﺎﻫﺎ رﻳﻔﻴﺔ ﻟﻠﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻋﻤﺎرة اﻟﻤﺪن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ،وﻣﺪن اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ اﻟﻤﺒﻨ ّﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﻮب )اﻟﻄﺎﺑﻮق اﻟﺬي ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ وﻃﻴﺪة ﻣﻊ اﺧﺘﻼف ﺣﺠﻢ »اﻟﻄﺎﺑﻮﻗﺔ« اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ( .ﻫﺬه اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﻧﺮاﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .اﻟﻤﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ أﻧﻬﺎ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم دون ﺗﻐﻴﻴﺮات ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ،وﻫﻲ ﺗﻤﺎرِس ﻧﻤﻂ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﻧﻔﺴﻪ .ﻧﻜﺎد ﻧﺰﻋﻢ أن ﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪه ﻓﻲ اﻟﺼﻮر اﻟﻔﻼﺣﻲ ّ ّ اﻟﻤﺮﻓﻘﺔ ﻣﻦ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻟﻸﻫﻮار ﻫﻮ ،ﺣﺮﻓﻴﺎً ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ،ذاﺗﻪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻗﺒﻞ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻼد ﺳﻮﻣﺮ.
وﺻﻠﺖ ﻗﺼﺔ اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ رﻗﻴﻢ واﺣﺪ ﻣﻜﺴﻮر ،ﺿﺎع ﺛﻠﺜﺎه وﺑﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺛﻠﺚ واﺣﺪ ﻣﺸ ّﻮﻩ .وﻳﺒﺪو أن اﻟﻘﺴﻢ اﻟﻀﺎﺋﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻴﻢ، ﺣﺴﺐ ﻓﺮاس اﻟﺴ ّﻮاح »ﻳﺘﺤﺪث ،ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﻣﻠﺤﻤﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ، ﻋﻦ أﺻﻮل اﻵﻟﻬﺔ وﻋﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﻌﻠﻢ ،وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻬﻤﺎت واﻟﺼﻼﺣﻴﺎت ﺑﻴﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﺒﺎﻧﺜﻴﻮن اﻟﺴﻮﻣﺮي .أﻣﺎ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻴﻢ ﻓﻴﺒﺘﺪئ ﺑﺴﻄﻮر ﻣﺸﻮﻫﺔ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان واﻟﺤﻴﺎة اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ، وﻋﻦ أﺻﻞ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻤﻠﻮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺒﻄﺖ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻌﺪ أن أﻇﻬﺮ اﻵﻟﻬﺔ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻤﺪن اﻟﺨﻤﺲ اﻷوﻟﻰ ،اﻟﺘﻲ ﺷُ ﻴﺪت ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ و ُرﻓﻌﺖ اﻟﺼﻠﻮات ﻟﻶﻟﻬﺔ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻧﻔﻬﻢ أن ﻣﺠﻤﻊ اﻵﻟﻬﺔ ،وﻟﺴﺒﺐ اﻟﺒﺸﺮي وﻛﻞ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻏﻴﺮ واﺿﺢ ،ﻗ ﱠﺮر إﻓﻨﺎء اﻟﺠﻨﺲ ّ ﻃﻮﻓﺎن ﺷﺎﻣﻞ ﻳﻐﻤﺮ اﻷرض .ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻨﺺ ﻏﻴﺮ واﺿﺤﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻟﻠﻘﺮاءة، وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻪ ٍ ﻛﺎف ﻟﺮﺳﻢ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺼﺔ«. وﻣﻤﺎ ﻳﺠﻲء ﻓﻲ اﻟﻤﻠﺤﻤﺔ» :ﻓﻨﻘﻞ إﻳﺎ ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ إﻟﻰ ﻛﻮخ اﻟﻘﺼﺐ: »ﻛﻮخ اﻟﻘﺼﺐ ،ﻳﺎ ﻛﻮخ اﻟﻘﺼﺐ ،ﺟﺪا ُر ﻳﺎ ﺟﺪار؛ أﻧﺼﺖ ﻳﺎ ﻛﻮخ اﻟﻘﺼﺐ ،وﺗﻔﻜﱠﺮ ﻳﺎ ﺟﺪار؛
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
121
ūēĴũŐ
ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﻟﺤﻤﺔ وﺳﺪى ﺑﺄﺣﺠﺎم ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻻ أﻛﺜﺮ. ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻲ أذﻫﺎن اﻟﺒﺸﺮ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻫﺬه؟ ﻫﻞ ﺛﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم ﻣﻌﻤﺎري ﻣﺴﺒﻖ )ﻧﻘﻮل اﻟﻴﻮم ﺑﻨﺒﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺒ ّﺠﺢ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻓﻦ اﻟﻌﻤﺎرة(؟ ﻫﻞ ﺛﻤﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﺟﺎﻫﺰة ﺑﺸﺄن ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﺠﺎد ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ؟. اﻟﺴﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ﺗﻘﻮم ﺑﺎﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ، ﻟﻠﺴﺠﺎدة اﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺮﺗﻔﻊ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء .أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻤﺘﻠﻚ، ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ اﻷﻋﻢ ،ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺄﻟﻮف اﻟﻤﺘﺮﻓﻊ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﻓﻨﻬﺎ .ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻤﺪت اﻟﺨﺒﺮة ﻋﻦ أﺳﻼﻓﻬﺎ وﺟﺪاﺗﻬﺎ .ﻛﻞ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ﺗﻤﺘﻠﻚ دﻻﻻت ﺑﺎﻫﺮة :اﻟﺴﻴﺪة ﺗﻬﻴﺊ ﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻌﻤﺎرة ،وﺧﻠﻔﻬﺎ اﻟﻤﻮاد اﻟﺨﺎم اﻟﻀﺮورﻳﺔ ،وإﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻧﺮى ﻧﻤﻮذﺟﺎً ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺎً ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻤﻌﻤﺎري .إن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ أن ﺗﻘﺘﻠﻊ اﻟﻨﺴﻴﺞ ﺑﺮﻣﺘﻪ ،ﻧﻌﻨﻲ اﻟﻌﻤﺎرة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﺗﻌﺎود ﺧﻠﻘﻪ .ﻻ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﻤﻌﺎودة اﻟﻌﻤﻞ وﻗﻮة اﻟﻌﺎدة وﺗﻮﻓﺮ اﻟﻤﻮاد أﻣﺎﻣﻬﺎ .وإذن ﻓﻬﺬه ﻋﻤﺎرة ﻳﻤﻜﻦ اﻗﺘﻼﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺬورﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﻳُﻘﺘﻠﻊ اﻟﻘﺼﺐ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺑﺘﻪ. إن اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﺠﻤﺎع اﻟﺒﻴﻮت اﻟﻤﺒﻨﻴّﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
ﻣﻦ أﻫﻮار اﻟﻌﺮاق
120
ا3ﺻﻮل اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ ﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻘﺼﺐ
)أي ﻗﺮﻳﺔ ﻗﺼﺒﻴﺔ( ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻨﺎﻏﻤﺎً ﺑﻴﻦ أﺷﻴﺎء ﺛﻼﺛﺔ :اﻟﺒﻴﺌﺔ ،وﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﺴﻴﺞ ،واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎء اﻟ ُﻤﻘﺎم وﺳﻂ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ ﺑﻞ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ واﻟﻘﺼﺐ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﻋﻠﻰ أﻃﺮاﻓﻪ. ﻣﻦ اﻟﻨﺴﻴﺞ .ﺗﻮﻓﱢﺮ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﺎ َء َ وﺗﻘ ّﺪم ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﺳﺘﺜﻤﺎرا ً ﻟﻤﻤﻜﻨﺎت اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻘ ّﺪم اﻟﺒﻨﺎء ﺑﻮﺻﻔﻪ اﺳﺘﺜﻤﺎ ًرا ﻟﻠﻀﺮوري ﻣﻦ اﻟﻮا ِﻗ َﻌﻴﻦ اﻟﻤﻮﺻﻮﻓﻴﻦ. اﻟﺒﻨﺎء ﻳﻄﻠﻊ إذن ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻜﻼت ﻏﻴﺎب اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﺼﻠﺒﺔ وﺷﺪة اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ واﻟﺤﺮارة وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻃﻮﻓﺎﻧﻲ ﻗﺪ ﻧﻬﺮي ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﻣﻮرد ﻟﻠﻌﻴﺶ .ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺴﺘﻨﻘﻌﻲ أو ّ ّ ّ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﻔﻴﻀﺎﻧﺎﺗﻪ دون ﺳﺎﺑﻖ إﻧﺬار ﺟﺎرﻓﺎً اﻟﺰرع واﻟﻀﺮع .وﻻ ﺣﻮل ﻟﻠﺒﺸﺮ وﻻ ﻗﻮة ﺑﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻏﺮﻗﻪ. اﻟﺼﻮرة اﻟﻤﻠﺘﻘﻄﺔ ﻣﻦ اﻷﻋﻠﻰ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ اﻟﺼﻌﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺳﻮى أن ﺗﻜﻮن ﻣﺆﻗﺘﺔ، زاﺋﻠﺔ وذات ﺑﺪاﻫﺔ ﻟﻌﻤﻞ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ )اﻟﺼﻴﺪ وزرع اﻟﺮز وﺗﺮﺑﻴﺔ ﺤﺐ ﻟﻠﻤﻴﺎه ﻛﺎﻟﺠﺎﻣﻮس( ،اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻤﺴﺘﻌﺪة ﻷن اﻟﺤﻴﻮان اﻟ ُﻤ ّ اﺳﺘﻬﻠﻜﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ أو اﺳﺘﻬﻠﻜﺘﻬﺎ ﻋﻮاﻣﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻌﺎود ﻧﻔﺴﻬﺎ ْ اﻟﺘﻌﺮﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .ﻟﻢ ﻳُﻬ ﱠﻴﺊ ﻟﺴﻜﺎن أﻫﻮار ﺑﻼد اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ اﻟﻘﺪاﻣﻰ رؤﻳﺔ ﺻﻮرة ﻣﻦ اﻟﺠﻮ ﻟﻘﺮاﻫﻢ .إﻧﻨﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪﻫﺎ اﻟﻴﻮم وﻧﺪرك اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ َﺣ َﺪ ُﺳ ْﻮﻫﺎ ،ﻏﺎﻟﺒﺎً ،ﻓﻲ اﺗﺼﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﻷﻧﻬﺎر
ﻣﻀﻴ
ﻒ ﻓﻲ ﺟﻨ
اﻻٔﻫﻮار،
ﻮب اﻟﻌﺮاق
ﺗﺼﻮﻳﺮ وﻟﻔ
ﺮﻳﺪ ﺗﻴﺴﻐﻴﺮ
اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻓﻊ اﻟﺴﻘﻮف ﻗﺪ أوﺻﻠﻬﺎ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻹﺗﻘﺎن رﻏﻢ ﻫﺸﺎﺷﺔ ﻣﺎدة اﻟﻘﺼﺐ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻨﻬﺎ .ﻫﺬه »اﻟﻬﺸﺎﺷﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ« ﻣﺒﺪأ رﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎرة. ﻳﺴﺎﻫﻢ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺤﺎر ﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﻌﺮاق ،ﻣﻨﺬ أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر ،ﺑﺈﻋﺎدة اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺎدة اﻟﻘﺼﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﺮة ﻛﺜﻴﺮا ً واﻟﺬي ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻓﻲ آن واﺣﺪ ،ﻟﻌﺐ دور اﻟﻤﻜﻴﱢﻒ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﺤﺎﻣﻲ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻪ ﺑﻐﻴﺮه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻠﺘﻬﺮؤ .ﻧﻌﻠﻢ أن ﺑﻨﺎء ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎرة ﻳﺘﻢ ﺑﻨﻮع ﻣﻦ »ﺗﻌﺎوﻧﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ« ،وﻫﺬا ﻣﺒﺪأ آﺧﺮ ﻗﺎﺋﻢ ،ﻣﺮة أﺧﺮى، ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺨﺒﺮة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ ﺗﻤﺲ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﻟﻠﻌﻤﺎرة اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ّ اﻷﻓﺮاد دون اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈﺎت. ﻫــﺬه اﻟﻌﻤﺎرة ﻫﺸﺔ وﻣﺆﻗﺘﺔ وﺟﻤﺎﻋﻴﺔ، وﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻤﻌﻤﺎري ﺛﺎﺑﺖ وﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﻀﺮورات .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻤﺎرة »ﺑﺪاﺋﻴﺔ« ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻄﻠﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻛﻦ ﻻ ﺗﻮﻓﺮ ﺳﻮى اﻟﻤﻠﺠﺄ اﻟﻐﺮﻳﺰي ﻃﺒﻴﻌﻲ ،ﺧﻼق أﻳﻀﺎً، ﻷﻗﻮام ﻣﻨﺪﻏﻤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ّ
ﺑﺎﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻷوﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﻴﺔ ،أﻗﻮام ﺗﺤﺎﻛﻲ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻷوﻟــﻰ وﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻮﺋﺎم .ﻋﻤﺎرة اﻟﻘﺼﺐ ذات ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﻻ ﺷﻚ إﺑﺪاﻋﻲ وﺗﻤﻨﺢ ﺑﻬﺎ ﺗﻨﻘﻞ اﻟﺒﺪاﺋﻲ إﻟﻰ ﻣﺼﺎف ّ اﻟﻌﻤﺎرة ﺑﻌﺪا ً ﻣﻦ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻏﻴﺮ اﻟﺘﺒﺴﻴﻄﻴﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﻲ ،ﺣﺴﺐ ﺿﺮوراﺗﻬﺎ وﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ،ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺤﺴﻮس ورﻫﻴﻒ ،إذا ﻟﻢ ﻧﻘﻞ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺮﻫﺎﻓﺔ .إن ﻟﻤﺴﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺗﻨﻘﻠﻬﺎ ،رﻏﻢ ﺑﺴﺎﻃﺘﻬﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ اﻟﺨ ّﺪاﻋﺔ، ﻣﻦ ﻣﺼﺎف اﻟﺒﺪاﺋﻲ إﻟﻰ ﻣﺼﺎف اﻟﻤﻔﻜﱠﺮ ﺑﻪ: ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎً ﻣﺤ ّﺪدا ً ﻟﻠﻔﻀﺎء .ﺗﻘ ّﺪم ﻋﻤﺎرة أﻫﻮار اﻟﻌﺮاق ﻟﻨﺎ أﻣﺜﻮﻟﺔ ﻧﻤﻮذﺟﻴﺔ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﻋﻤﺎرة ﺗُﺒﻨﻲ ﻟﺘُﻬ ﱠﺪم ،دواﻟﻴﻚ .وﻟﻘﺪ أﻃﻠﻘﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ذات ﻣﺮة »ﻋﻤﺎرة اﻟﺨﺮاب« اﻟﺘﻲ ﺗﻤ ﱢﻴﺰ ﺟﻤﻴﻊ ﻋﻤﺎﺋﺮ ﺟﻨﻮب ﺑﻼد اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ .ﺗﺼﻴﺮ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﺎرة )ﺣﻴﺎﻛﺔ ﻣﻨﺰﻟﻴﺔً(، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗُﺼﻨﻊ ﻋﻠﻰ أﻳﺪي اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻛﻤﺎ ﺗُﺼﻨﻊ اﻟﺴ ّﺠﺎدة أو اﻟﺨﺰﻓﻴﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻳﻤﺘﻠﻜﺎن ﻃﺎﺑﻌﺎ ﻣﺆﻗﺘﺎً وزاﺋﻼً واﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺎً وﺟﻤﺎﻟﻴﺎً ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف .ﺛﻤﺔ اﻟﻘﺼﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ -اﻟﺬي اﻟﺘﻘﺖ ﻋﺸﺘﺎر ﻓﻴﻪ ﻣﻊ أﺣﺪ ﻋﺸّ ﺎﻗﻬﺎ ،-وﻣﻦ
ﺛﻢ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺠﻤﻌﻪ وﻳﻜ ّﻮﻣﻪ ﻓﻲ ﺑﺎﺣﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻗﻌﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻨﻬﺎ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﺛﻢ ﺛﻤﺔ ﻣﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت ﺗﺼﻨﻴﻔﻪ وﺗﻘﻄﻴﻌﻪ وﺗﺸﺬﻳﺒﻪ وﺟﺪﻟﻪ ﺿﻔﺎﺋ َﺮ أو ُﺣﺰﻣﺎً ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻬﻴﺌﺘﻪ ،ﻟﺘﻨﻬﺾ اﻟﻌﻤﺎرة ﺑﻪ .ﺧﻠﻴﺔ ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﻌﻤﻞ ﻳﺪوي .اﻟﻌﻤﺎرة ﻫﻨﺎ ﻣﺤﺾ ﻧﺴﻴﺠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎم اﻷول .وﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﻳﺪوي، ّ دﻟﻴﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﻟﻠﺤﻈﻮﻳﺔ و ُﻋﻤﺮﻫﺎ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺴﻮﺑﺎً ﺑﺪﻗﺔ ﺗﺒﻌﺎً ﻟﺨﺒﺮات اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﻤﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﻣﻮاد اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺼﻤﻮد .ﺳﻴﺘﺸﺎرك اﻟﻨﺴﺎء واﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﻌﻤﺎري اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ، ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﺮح ّ وأﺣﺴﺐ أن ﻟﻠﺮﺟﺎل دورا أﺳﺎﺳﻴﺎً -وﻟﻴﺲ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً -ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻤﺨﻄﻂ اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻠﻤﻨﺸﺂت وأدوارﻫــﺎ وﺣﺠﻮﻣﻬﺎ واﺳﺘﺨﺪاﻣﺎﺗﻬﺎ وﻛﻠﻬﺎ واﺿﺤﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻣﺨﻄﻄﺎ ﻣﻌﺮوﻓﺎً ﺳﻠﻔﺎً. وﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﻧﺴﺎء اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﺴﺞ أﻣﺎم أﻧﻮاﻟﻬ ّﻦ ،ﻳﻘﻤﻦ ﻫﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻷﺻﻮل اﻟﻌﻤﺎرة ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ذاﺗﻬﺎ أﻣﺎم أﻧﻮال ﻣﻔﺘﺮﺿﺔ .ﻟﻴﺲ اﻟﻔﺎرق ﻣﻬﻤﺎً ﺑﻴﻦ ﻧﺴﺞ اﻟﺴﺠﺎدة وﻧﺴﺞ اﻟﻌﻤﺎرة ﻷن اﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
119
ūēĴũŐ
ا^ﺻﻮل اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ ﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻘﺼﺐ ŒòŔĬĿ ĎĻîė
ﻋﻤﺎرة اﻟﻘﺼﺐ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻓﻲ أﻫﻮار ﺟﻨﻮب اﻟﻌﺮاق ﺧﺎﺻﺔ ،ﻋﻤﺎرة ﺳﻮﻣﺮﻳﺔ دون ﺷﻚ .وﻫﻲ ﻋﻤﺎرة ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺟﻠﺒﺖ اﻧﺘﺒﺎه اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﻴﻦ ﻓﻘﺪّ ﻣﻮا ﻟﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻨﺎ. أﻗﺎم اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﻮن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﺎرة ،وﻛﺎﻧﺖ ﻟﺜﻴﺮاﻧﻬﻢ وﻷﺑﻘﺎرﻫﻢ وﺟﻮاﻣﻴﺴﻬﻢ ﻗﻴﻤﺔ رﻣﺰﻳﺔ ﻣﻘﺪّ ﺳﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺴﻮا إدراج ﻧﻤﺎذج
ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل .ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ وﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﻌﺮاق ﻣﺜﻼً ،اﺳﺘﻤﺮت ﻫﺬه اﻟﻌﻤﺎرة، ُﻔﺴﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﺣﺮﻓﻴﺎً ،ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻦ .ﺗ ﱠ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ .ﺗﻘﻮم ﻋﻤﺎرة اﻟﺮﻳﻒ ،ﻓﻲ اﻷﻫﻮار ﻋﻠﻰ اﻹﻓﺎدة ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺑﺖ اﻟﻘﺼﺐ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺑﻨﺎءات ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﻊ ﻣﺎدة اﻟﻘﺼﺐ اﻟﺨﺎم ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺣﺰﻣﺎت ﺳﻤﻴﻜﺔ وﺷﺪﻫﺎ ﺷﺪاً إﻟﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ،ﻟﻜﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺪور أﻗﻮاس ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ، ﺗُ َﺮﻛ ُﱠﺐ ﻓﻮﻗﻬﺎ اﻟﺴﻘﻮف اﻟﻤﺘﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺣﺼﺮ ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ ﺑﺪورﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪ اﻟﻘﺼﺐ.
ﺳﻴﻄﻠﻊ »ﻣﺒﺪأ اﻟﻘﻮس« اﻟﻤﻌﻤﺎري ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ً ،ﻓﻲ ﻋﻤﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ .إن اﻟﻔﺘﺤﺎت واﻷﺑــﻮاب اﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﻌﻤﺎرة ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﺴﺒﺐ وﻇﻴﻔﻲ ﻣﻌﺘﺎد )اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺜﻼً( إﻧﻤﺎ ﻷﺳﺒﺎب أﺧﺮى ،ﻓﺄن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺴﻜﻦ وﺳﻂ ﻋﺎﺋﻠﺔ واﺣﺪة ،ﻣﻊ اﻣﺘﺪادﻫﺎ اﻟﻌﺸﺎﺋﺮي اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻞ راﺑﻄﺔ اﻟﺪم ،ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ وﻇﻴﻔﺔ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻤﺎرة أﻣﺮا ً ﺛﺎﻧﻮﻳﺎً. إن إ ْﺣﻜﺎﻣﺎً ﻟﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﺪور اﻷﻗﻮاس واﻷﻋﻤﺪة
ﺻﻮرة ﻣﻠﺘﻘﻄﺔ ﻣﻦ اﻻٔﻋﻠﻰ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺒﻴ ٔﻴﺔ ﺑﻴﻦ واﻟﻌﻤﺎرة
رﺟﻞ ﻳُﻌﺪ اﻟﻘﺼﺐ ﻟﻠﺒﻨﺎء
ﺳﻴﺪة ﺗﻌﺪ اﻟﻘﺼﺐ ﻟﻠﺒﻨﺎء
118
ا3ﺻﻮل اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ ﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻘﺼﺐ
إﺿﺎءة
اﻻﻳﺒﺮو ﻓﻦ اﻟﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ @
ﻳﻌﺘﺒﺮ »ﻓﻦ اﻹﻳﺒﺮو« أو ﻓﻦ اﻟﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي ،وﻫﻮ ﻳﻌﺪ ﺗﺮاﺛ ًﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛًﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﺎء. ﻧﺸﺄ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻟﺪى اﻷﺗﺮاك ،ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪﻣﺖ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﺆﺧﺮا ﻃﻠﺒًﺎ رﺳﻤﻴًﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﻣﻦ أﺟﻞ إدراج ﻓﻦ اﻟﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء )اﻹﻳﺒﺮو( ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي. وﻗﺪ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة وﺑﻨﺠﺎح ﻣﻦ ﻓﺮض إدراج ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ وﻣﻦ أﺑﺮز ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻧﺠﺪ »ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻘﻬﻮة اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ« وﺛﻘﺎﻓﺔ »اﻟﺮاوي اﻟﺸﻌﺒﻲ« و»اﻟﻤﻮﻟﻮﻳّﺔ« و«ﻋﺮوض ﻗﺮه ﻛﻮز واﻟﺤﺎج ﻋﻮاض« و»اﻟﻤﺼﺎرﻋﺔ اﻟﺰﻳﺘﻴﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ« و»ﻃﻘﻮس اﻟﺴﻤﺎح ﻟﺪى اﻟﻌﻠﻮﻳﻴﻦ اﻟﺒﻜﺪاﺷﻴﻴﻦ« و»ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺨﺮزة اﻟﺰرﻗﺎء« وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة. وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻦ اﻹﻳﺒﺮو ﻣﻦ أﻗﺪم اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ وأﻋﺮﻗﻬﺎ ،ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺮﻛﺴﺘﺎن وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻸﺗﺮاك وﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ آﺳﻴﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ وﺗﻀﻢ اﻟﻴﻮم أرﺑﻊ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺎت ﺗﺮﻛﻴّﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ اﺳﺘﻘﻠﺖ ﻋﻘﺐ اﻧﻬﻴﺎر اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﺴﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻫﻲ ﻛﺎزاﺧﺴﺘﺎن وأوزﺑﻜﺴﺘﺎن وﺗﺮﻛﻤﺎﻧﺴﺘﺎن وﻗﺮﻏﻴﺰﺳﺘﺎن ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﻗﻠﻴﻢ ﺗﺮﻛﺴﺘﺎن اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ اﻟﺬي ﻻ زال ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ اﻟﺼﻴﻦ ﻣﻨﺬ أرﺑﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻦ اﻹﻳﺒﺮو ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ وأﺣﺎﺳﻴﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻷﻟﻮان ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء ﺛﻢ ﻳُﻄﺒﻊ ﻋﻠﻰ ورق ﻣﺮﻣﺮي ﺧﺎص ﻟﻴﻜﻮن ﺗﺤﻔﺔ إﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ .وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻓﻦ اﻹﻳﺒﺮو أوج ازدﻫﺎره ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ وﺗﺤﺪﻳﺪا إﺛﺮ ﻓﺘﺢ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ
)اﺳﻄﻨﺒﻮل( ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1453وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺰوار واﻟﺘﺠﺎر اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺿﺮة اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻋﺮف ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻮرق اﻟﺘﺮﻛﻲ. وﺑﻬﺬا ﺗﺆﻛﺪ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪﻫﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ وﺗﻄﻮرﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ واﻵﺛﺎر اﻟﻤﺎدﻳﺔ وإﻧﻤﺎ ﺗﻤﺘﺪ وﺗﺘﻮﺳﻊ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻼﻣﺎدي وﻫﻮ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮرﻳﺔ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،وﻫﻮ ﺗﺮاث ﻏﻨﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺮأﺳﻤﺎل اﻟﺮﻣﺰي ﻟﻠﺸﻌﻮب @ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
117
ĕŵőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﻐﻨﻲ اﻟﻔﺎﺳﻲ ﻣﺎﻓﺘﺊ ﻳﺮدد ﻛﻠﻤﺎت ﺷﺎﻋﺮ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻣﺮأة اﻟﻌﺮاﺋﺲ ﻋﻠﻰ اﻗﺘﻨﺎء »ﺷﺮﺑﻴﻞ ﻣﺰﻳﻦ ﺑﺨﻴﻮط اﻟﺬﻫﺐ« ﻟﻴﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ أن ﺗﻄﺄ ﻋﻠﻴﻪ »ﺑﺸﺮﺑﻴﻠﻬﺎ« وﻃﺄة ﻋﺰﻳﺰة ) اﻟﻠﻪ ..اﻟﻠﻪ ﻳﺎﻟﻐﺰال ﻣﻮﻻة اﻟﻘﻔﻄﺎن اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﻠﺒﺎس اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻣﻴﺰ داﺋﻤﺎ وأﺑﺪا اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ دوزي اﻋﻠﻲ دوزة اﺗﻜﻮن ﻣﻌﺰوزة ( ﻓﺎن ﻧﻌﻮﻣﺔ اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻳﺼﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ ﻧﺎﻋﻢ وﺛﻮب ﺣﺮﻳﺮ وﻗﻄﻦ ﺣﺮ ﻳﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺎﻗﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ ôŔñĎİńĿí ôķîŇŗí ōĐİ÷ ņŔĜĿí ﻣﺤﻼت ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ وﻓﻲ ﻣﺪن ﻣﺘﻌﺪدة اﺷﺘﻬﺮ ﺻﻨﺎﻋﻬﺎ ﺑﺎﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ إﺧﺮاج ﻓﻲ ﻗﻴﺴﺎرﻳﺔ )ﺳﻮق ﻋﺘﻴﻖ( ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻜﻨﺎس ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻦ أﺻﻞ 120 ﻣﺤﻼ ﻣﺨﺼﺼﺎ ﻟﺨﻴﺎﻃﺔ اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ اﻟﺤﺮ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺳﻮى 31ﻣﺤﻼ وﻫﻮ ﻫﺬا اﻟﺨﻒ اﻟﺠﻤﻴﻞ . ﺗﻘﻮل »ﻋﺎﺋﺸﺔ« اﻟﺼﺎﻧﻌﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻮق اﻻﺣﺒﺎس اﻟﻌﺘﻴﻖ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻮار ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻠﺘﻒ ﺣﻮﻟﻬﺎ اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء إن اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﻳﻄﻠﺒﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪا »ﺷﺮﺑﻴﻞ« ﻣﺪن ﺻﻨﺎع ﺑﺮﻋﻮا ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻓﺔ وأﺧﻠﺼﻮا ﻓﻲ اﻟﻮﻓﺎء ﻟﻬﺎ وﺗﻌﻠﻴﻢ أﺟﻴﺎل ﻓﺎس وﻣﺮاﻛﺶ ﻋﻠﻤﺎ أن ﺷﺮﺑﻴﻞ اﻷﻃﻠﺲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺣﻴﺚ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﺪﻳﺪة أﺻﻮﻟﻬﺎ اﻻﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ أﻓﻀﻞ وأﺟﻤﻞ ﺑﺄﻟﻮاﻧﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺨﺮﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻌﻠﻢ أﺣﻤﺪ اﻟﺼﺒﺎر أﺣﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﺼﻨﺎع اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺄﺳﻒ ﻟﺤﺎل ﻫﺬه وﺑﺘﺼﻤﻴﻤﻪ اﻟﺒﺪﻳﻊ وﺑﺨﻼﺧﻴﻠﻪ )ﺟﻤﻊ ﺧﻠﺨﺎل( اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﺨﻄﻮات اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻋﺎﺋﺪا ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺸﺮﺳﺔ اﻟﺘﻲ أﻏﺮﻗﺖ أﺳﻮاق اﻟﻤﺪن اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ »ﺑﺸﺮﺑﻴﻞ« ﻣﺼﻨﻊ ﺑﺂﻻت ﻻ روح ﻓﻴﻬﺎ أﻓﻘﺪﺗﻪ اﻟﻤﺮأة إﻳﻘﺎﻋﺎ ﺟﻤﻴﻼ وﻓﺎﺗﻨﺎ اﻟﻤﻌﻠﻤﺔ »ﻋﺎﺋﺸﺔ« ﺗﻘﻮل إن أﺳﻌﺎر اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻧﻮع إﻟﻰ آﺧﺮ وﻗﺎره وﻫﻴﺒﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺑﺎرﻛﺘﻬﺎ أﻳﺎدي اﻟﺼﻨﺎع واﻟﺼﺎﻧﻌﺎت اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺎت ﻣﺤﺪدة اﻟﺴﻌﺮ ﻣﺎﺑﻴﻦ ﻋﺸﺮة دوﻻرات أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ إﻟﻰ 300دوﻻر وﻣﺎﺑﻴﻦ ،اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﺼﺒﺎر ﻳﺒﺘﺴﻢ ﺑﻤﺮارة وﻳﺘﺴﺎءل ﺑﺎﺳﺘﻐﺮاب » ﻫﻞ اﻟﺼﻴﻨﻴﻮن اﻟﺴﻌﺮ اﻷول واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻷول ﺻﻤﻢ ﺑﺠﻠﺪ ﻋﺎدي أﻳﻀﺎ ﻳﺼﻨﻌﻮن اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ ؟؟« وﻣﻮاد ﻣﺘﻮﻓﺮة ورﺧﻴﺼﺔ ﻓﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺷﺮﺑﻴﻼً ﻓﺎﺳﻴﺎً ﻣﺰﻳﻨﺎً ﺳﺆال ﻳﻌﺮف اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻨﻪ ﻛﻞ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻛﻞ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺎت ﺑﺨﻴﻮط اﻟﺬﻫﺐ اﻟﺨﺎﻟﺺ واﻟﻤﺒﻄﻦ ﺑﺄﺛﻮاب اﻟﺤﺮﻳﺮ واﻟﻘﻄﻦ اﻟﺨﺎﻟﺺ اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﺟﺮﺑﻦ أو رﺑﻤﺎ ﺗﻌﻮدن أن ﻳﻠﺒﺴﻦ »ﺷﺮﺑﻴﻼ« ﻃﺒﻊ ﻋﻠﻴﻪ )ﺻﻨﻊ واﻟﺬي ﻳﻌﺮف إﻗﺒﺎﻻ ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﻔﻼت اﻟﺰﻓﺎف ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺒﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻦ( ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ أﻧﺎﻗﺔ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ إذن ...؟ 116
اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺳﺤﺮ ﺧﺎص
тАл╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗▓тАм тАля║│я║дя║о я║зя║О╪╡тАм
тАлтАк├│┼О┼А─л ─К┼Д─Г├г ├п─О─░┼Д─┐├нтАмтАм
тАля║Чя╗Ря╗ия║Ц я╗Чя║╝я║Оя║Ля║к ╪зя╗Яя╗дя╗ая║дя╗┤я╗ж ┘И╪г╪▓я║Яя║О┘Д ╪зя╗Яя╗Фя╗ия║Оя╗зя╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я╗┤я╗ж я║Ся║Оя╗Яя╗дя║о╪г╪й я║╗я║Оя║гя║Тя║ФтАм тАл┬╗╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю┬л )я╗гя╗оя╗╗╪к ╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю ┘И╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о ╪зя╗Яя╗Дя╗оя╗│я╗Ю( я║гя╗┤я║Ъ ╪з╪▒я║Чя║Тя╗В я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗ия╗Мя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║к┘К ╪зя╗Яя║ая╗дя╗┤я╗Ю я║Ся║Оя╗Яя╗дя║о╪г╪й ╪зя╗╖я╗зя╗┤я╗Шя║Ф ┘И╪зя╗Яя╗дя║дя║Оя╗Уя╗Ия║Ф я╗Ля╗ая╗░ ╪гя║╗я║Оя╗Яя║Шя╗мя║О ┘Ия║Чя╗Шя║Оя╗Яя╗┤я║кя╗ля║ОтАм тАля╗Уя╗▓ я║Чя╗дя║О┘З я║│я║Оя║гя║о я╗│я║ая╗Мя╗Ю я╗гя╗ж я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя║ия╗Т ╪зя╗Яя║╝я╗Ря╗┤я║о я╗Уя╗▓ ╪зя╗╖╪▒я║Яя╗Ю я╗Ля╗ия╗о╪з┘Ж ╪гя╗зя╗оя║Ыя║ФтАм тАля║┐я║Оя║Яя║ФтАк┬╗.тАм╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю┬л я╗Уя╗▓ ╪зя╗╖я║╗я╗Ю я╗Ыя╗ая╗дя║Ф ╪зя║│я║Тя║Оя╗зя╗┤я║Ф я║Чя╗ия║Оя╗Чя╗ая║Шя╗мя║О ╪зя╗Яя╗оя╗Уя╗о╪п ╪зя╗Яя╗дя╗мя║Оя║Яя║о╪йтАм тАля╗гя╗ж ╪зя╗╖я╗зя║кя╗Яя║▓ ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя║╕я╗дя║О┘Д ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗▓ я╗Яя║Шя║Дя║зя║м я║╖я╗Ья╗ая╗мя║О ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к ┘И╪зя╗Яя╗дя║ия║Шя╗ая╗ТтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗ия╗Дя╗Ц я║Ся║Оя╗Яя╗Мя║Оя╗гя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗┤я║Ф я║гя╗┤я║Ъ я║╗я║О╪▒╪к я║Чя╗ия╗Дя╗Ц я║Ся║Шя║┤я╗Ья╗┤я╗ж я║гя║о┘БтАм тАл╪зя╗Яя║╕я╗┤я╗ж я╗гя║О я╗│я╗Мя╗Дя╗▓ я╗Яя╗ая╗Ья╗ая╗дя║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя╗мя╗┤я║Ф я║Ся║Оя╗Яя╗╝┘Е я║╗я╗оя║Ч┘Ля║О ╪▒я╗зя║Оя╗з┘Ля║О я╗Ля╗ия║к я╗зя╗Дя╗Шя╗мя║ОтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗▓тАм тАл╪зя╗Яя║оя╗зя║Ф ╪зя╗Яя║ая╗дя╗┤я╗ая║Ф я╗зя╗Фя║┤я╗мя║О ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗Мя╗ия╗┤я╗мя║О ╪зя╗Яя╗Ья╗ая╗дя║Ф я╗Ля╗ия║к ╪зя╗Яя╗дя║дя║Тя╗┤я╗ж ┘И╪зя╗Яя╗Мя║Оя║╖я╗Шя╗┤я╗жтАм тАля╗Яя╗╕я╗зя╗оя║Ыя║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗Фя║оя╗Гя║ФтАк ╪МтАмя╗Уя║Оя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю я╗Уя╗▓ я╗гя║ия╗ая╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║оя║Яя╗Ю ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗▓ я╗ля╗о ╪зя╗Яя║дя║м╪з╪б ╪г┘ИтАм тАл╪зя╗Яя╗ия╗Мя╗Ю ╪зя╗Яя╗ия║┤я║Оя║Ля╗▓ ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║к┘К ╪зя╗Яя║м┘К ╪з╪▒я║Чя║Тя╗В я║Ся║Оя╗Яя╗дя║о╪г╪й ╪зя╗Яя╗оя╗Чя╗о╪▒ ┘И╪зя╗╖я╗зя╗┤я╗Шя║Ф я║Ся║Оя╗Яя╗ая║Тя║О╪│тАм тАл╪зя╗╖я║╗я╗┤я╗Ю ┘И╪зя╗Яя╗дя║дя║Оя╗Уя╗Ия║Ф я╗Ля╗ая╗░ я║Чя╗Шя║Оя╗Яя╗┤я║кя╗ля║О ┘И╪░╪з╪к ╪зя╗Яя╗дя╗Ья║Оя╗зя║Ф ╪зя╗╗я║Яя║Шя╗дя║Оя╗Ля╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║оя╗Уя╗┤я╗Мя║ФтАк.тАмтАм
тАл┘Ия║Чя║дя╗Ья╗▓ я╗Чя║╝я║║ ╪гя╗ля╗Ю я╗гя║кя╗│я╗ия║Ф я╗Уя║О╪│ ╪зя╗Яя╗Мя║оя╗│я╗Шя║Ф ╪г┘Ж ╪гя║гя║к ╪зя╗Яя╗дя║дя║Тя╗┤я╗ж ┘Ия╗Ля║к ┘Ия╗Уя╗▓ ╪зя╗╖я╗Пя║Оя╗зя╗▓ ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Ья║Ья╗┤я║о╪й ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║Шя╗Ря╗ия╗░ ┬╗я║Ся║Оя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю┬л ┘И╪зя╗Яя╗дя║о╪г╪йтАм тАля╗гя║дя║Тя╗оя║Ся║Шя╗к я║Ся║Д┘Ж я╗│я╗Фя║о╪┤ я╗Яя╗мя║О ╪зя╗╖╪▒╪╢ ╪░я╗л ┘Ля║Тя║О ╪е┘Ж я╗Чя║Тя╗ая║Ц ╪▓┘И╪зя║Яя╗ктАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗о ╪зя╗╖я╗гя║о ╪зя╗Яя║м┘К я║╗я║Оя║гя║Тя║Ф ╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю ╪зя╗Яя╗Мя╗ия╗о╪з┘Ж ╪зя╗Яя╗Ья║Тя╗┤я║о тАк.тАмтАм тАля╗Ля║ая║░ я╗Ля╗ия╗к я╗Яя╗дя║О я║Чя║дя╗Шя╗Ц ╪зя╗Яя╗дя║о╪з╪п я╗Уя║Дя╗Уя║Шя║Ц я╗Ля╗ая╗┤я╗к я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗дя║о╪г╪й ╪зя╗Яя╗Фя║Оя║│я╗┤я║Ф ╪зя╗╖я║╗я╗ЮтАм тАлтАк ├┤┼Ф┼А┼Ф─╝─Ш├╖ ├╡├о─Г┼О─┐тАмтАм тАля║Ся║Д┘Ж я╗│я║ия╗┤я╗В я╗Яя╗мя║О ┬╗я║╖я║оя║Ся╗┤я╗╝┬л я╗гя╗Дя║о╪▓┘Л╪з я║Ся║ия╗┤я╗о╪╖ я╗гя╗жтАм тАля║Чя║дя║о╪╡ ╪зя╗Яя╗ия║┤я║О╪б я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║о╪и я╗Ля╗ая╗░ ╪▓я╗│я║О╪▒╪й ╪зя╗Яя╗дя║к┘Ж ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Мя║Шя╗┤я╗Шя║ФтАм тАл╪░я╗ля║Р ┘Ия╗ля╗о я╗гя║О я╗│я╗Мя╗ия╗▓ ╪г┘Ж я╗Чя║кя╗гя╗┤я╗мя║О я║│я║Шя╗Дя║Д ╪зя╗Яя║мя╗ля║РтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║╕я╗мя╗о╪▒╪й я║Ся║ия╗┤я║Оя╗Гя║Ф ┘Ия║╗я╗ия║Оя╗Ля║Ф ╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю ┬╗╪зя╗Яя║дя║о ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗▓┬л ┘Ия╗гя╗ж ╪гя║╖я╗мя║о я╗ля║м┘ЗтАм тАл╪гя╗│я╗ия╗дя║О ┘Ия║┐я╗Мя║Шя╗мя║ОтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗▓ я╗Чя║╝я║Ф я║Ся╗ая╗┤я╗Ря║Ф я║Чя╗ия║Оя╗Чя╗ая╗мя║О ╪зя╗Яя║о┘И╪з╪йтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║к┘Ж я╗ля╗ия║О┘Г я╗гя║к┘Ж я╗Уя║О╪│ ┘Ия╗гя║о╪зя╗Ыя║╢ ┘И╪зя║│я╗Фя╗▓ ┘И╪зя╗Яя║оя║Ся║О╪╖ ┘Ия╗ля╗▓ я╗гя║к┘Ж ╪зя║╖я║Шя╗мя║о╪ктАм тАля╗Уя╗▓ ╪ея║╖я║О╪▒╪й я╗Яя║оя║Яя║Оя║гя║Ф я╗Ля╗Шя╗Ю ╪зя╗Яя╗дя║о╪г╪й ╪зя╗Яя╗Фя║Оя║│я╗┤я║Ф я║╗я║Оя║гя║Тя║ФтАм тАля║Ся║Оя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗▓ ╪зя╗Яя║ая╗о╪п╪й я╗гя╗ж я╗зя║Оя║гя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║ая╗ая╗о╪п ┘И╪зя╗Яя║Шя║╝я╗дя╗┤я╗в ┘И╪зя╗Яя║Шя║░я╗│я╗┤я╗жтАм тАл┬╗╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю┬лтАк.тАмтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя╗о╪з╪п ┘И╪зя╗╖я╗Яя╗о╪з┘Ж тАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║░╪зя║Ля║о я╗Яя╗мя║м┘З ╪зя╗Яя╗дя║к┘Ж я║Чя║дя║кя╗│я║к╪з ┘Ия╗╖я║│я╗о╪зя╗Чя╗мя║О ╪зя╗Яя╗Мя║Шя╗┤я╗Шя║ФтАм тАля╗╗я║Ся║к ┘И╪г┘Ж я║Чя║┤я║дя║о┘З ╪зя╗Яя╗дя║дя╗╝╪к ┘И╪зя╗Яя║дя╗о╪зя╗зя╗┤я║Ц ╪зя╗Яя╗Мя║Шя╗┤я╗Шя║Ф я║Ся╗о╪зя║Яя╗мя║Оя║Чя╗мя║О ╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАля║Чя║Шя║░я╗│я╗ж я║Ся║╕я║Шя╗░ ╪гя╗Яя╗о╪з┘Ж ┘И╪гя║╖я╗Ья║О┘Д ┬╗╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю┬л ╪зя╗Яя╗ия║┤я║Оя║Ля╗▓ ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я║Шя╗втАм тАля╗Ля║оя║┐я╗мя║О я╗Уя╗▓ я║╖я╗Ья╗Ю ╪гя╗Ыя║┤я║┤я╗о╪▒╪з╪к я║Ся║Дя╗Яя╗о╪з┘Ж я║Яя╗дя╗┤я╗ая║Ф ┘Ия║Ся╗мя╗┤я║Ф я╗Уя╗▓тАм тАля╗гя║О я╗│я║╕я║Тя╗к я╗Яя╗оя║гя║Ф я║Чя║╕я╗Ья╗┤я╗ая╗┤я║Ф я╗гя╗Фя╗Мя╗дя║Ф я║Ся║Оя╗╖я╗Яя╗о╪з┘Ж ┘И╪зя╗╖я║╖я╗Ья║О┘Д ╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАля║Чя╗Мя╗Ья║▓ я║Яя║О╪░я║Ся╗┤я║Ф я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя║ия╗Т ╪зя╗Яя╗ия║┤я║Оя║Ля╗▓ ┬╗ ╪зя╗Яя║╕я║оя║Ся╗┤я╗Ю┬л я╗Ыя╗дя║ОтАм тАля║Чя╗Мя╗Ья║▓ я╗гя╗мя║О╪▒╪й ╪зя╗Яя║╝я║Оя╗зя╗К ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║к┘К ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗▓ ╪зя╗Яя║м┘К я╗Гя╗о╪▒ я╗ля║м┘ЗтАм тАл╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║кя╗│я║Ф я╗Яя║┤я╗ия╗┤я╗ж я╗Гя╗оя╗│я╗ая║Ф тАк.тАмтАм тАля║Чя║о╪з╪л тАк /тАм╪зя╗Яя╗Мя║к╪п тАк 204тАм╪зя╗Ыя║Шя╗оя║Ся║о тАк2016тАмтАм
тАлтАк115тАмтАм
ĕŵőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
114
اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺳﺤﺮ ﺧﺎص
إﺿﺎءة
ﻛﻲ ﻻ ﻧﻨﺴﻰ »دﺑﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ« ﻣ ّﺮت ﻧﺤﻮ ﺳﺘﺔ ﺷﻬﻮر ﻋﻠﻰ إﻏﻼق ﻣﺠﻠﺔ »دﺑﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ« ﻷﺟﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮم واﻟﺬي أﺛﺎر ﺟﺪﻻً واﺳﻌﺎً ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻹﻋﻼﻣﻴﺔ، وﻣﺎزال ﻧﺒﻀﻬﺎ ﺣﻴّﺎً ﻗﻮﻳﺎً ﻳﺴﺮي ﻓﻲ ﺷﺮاﻳﻴﻦ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﻣﺸﺮوع ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻛﺒﻴﺮ اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ واﻋﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ، ﻓﻨﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺠﻠﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻞ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺼﻤﺔ ﺧﻀﺮاء ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ وأﻏﻨﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺳﻴﺘﺮدد ﺻﺪاﻫﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻨﺎ وذاﻛﺮﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. ﻣﻬﻤﺎ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﺗﺒﻘﻰ ﺷﻬﺎدﺗﻲ ﻣﺠﺮوﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺔ وﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻣﻦ إﻧﺠﺎزات وﻧﺠﺎﺣﺎت ،وﻟﻜﻦ ﻳﺴﻌﺪﻧﻲ أن أﻧﻘﻞ ﻫﻨﺎ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ اﻟﻌﺮب وﺷﻬﺎداﺗﻬﻢ وﺗﺄﻛﻴﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺠﻠﺔ أﺛﺒﺘﺖ ﻣﻨﺬ اﻧﻄﻼﻗﺘﻬﺎ أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ رﻫﺎن ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﺘﻄﻮر وﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﻮﻻت وﺗﺤﺪﻳﺎت اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻧﻠﺘﻔﺖ ﻻ ﻧﺠﺪ إﻻ اﻟﺪﻣﺎر واﻟﻘﺘﻞ واﻻﺣﺘﻜﺎم إﻟﻰ اﻟﻘﻮة وﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻐﻴﻴﺐ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻌﻘﻞ. أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻗــﻮل ﺑﻜﻞ ﺣﻴﺎدﻳﺔ ،وﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ اﻟﻌﺮب أن »دﺑﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ« ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺠﺮد ﻣﺠﻠﺔ وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ،وأﻧﻬﺎ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻳﻌﻮد إﻟﻴﻪ اﻟﻤﺜﻘﻒ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻴﺮﺗﺎح ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮ اﻟﻤﺎدة اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ،أﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟﺸﻬﺮي ﻓﻬﻲ ﺳﺨﺎء أﺻﻴﻞ ﺗﺠﺎه اﻟﻘ ّﺮاء وﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻏﻴﺮ رﺗﻴﺒﺔ ،إذ إن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ اﻟﻌﺮب ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻄﻠﻌﻮن إﻟﻰ ﺻﺪور ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻬﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ رﺣﺎب ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ. ﺗﻈﻞ ﻣﺘﻤﺴﻜﺔ ﺑﺄﻫﺪاﻓﻬﺎ ﻟﻘﺪ ﺣﺮﺻﺖ اﻟﻤﺠﻠﺔ ﻋﺒﺮ 130ﻋﺪدا ً ،أن ّ ورﺳﺎﻟﺘﻬﺎ وﻣﺸﺮوﻋﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻜﻞ ﻋﺰم وﺛﺒﺎت وإرادة وﻃﻤﻮح ،ﻓﻲ زﻣﻦ اﻧﺼﺮف ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﻋﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻷدب واﻟﻔﻦ وإﻋﺪاد أﺟﻴﺎل ﺗﺘﺴﻠﺢ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ واﻟﺤﻮار وﺗﺼﻮن اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث واﻟﻬﻮﻳﺔ. ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺠﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺖ ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻜﺘﺎب
ﻣﺤﻤﺪ ﻏﺒﺮﻳﺲ @
واﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻت ﺛﺎﺑﺘﺔ أﻣﺜﺎل :أدوﻧﻴﺲ ،أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻌﻄﻲ ﺣﺠﺎزي ،د.ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺼﻔﻮر ،د.ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﻤﻘﺎﻟﺢ ،د.ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﻟﻤﺴﺪي ،د.ﻓﻴﺼﻞ اﻟﺪراج ،ﻧﺒﻴﻞ ﺳﻠﻴﻤﺎن ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﺮﻳﺪة اﻟﻨﻘﺎش ،ﺣﺰاﻣﺔ ﺣﺒﺎﻳﺐ ،واﺳﻴﻨﻲ اﻷﻋﺮج، د.ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﺑﺮ ﻋﺮب ،ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻴﻬﻮﺑﻲ ،ﻟﻄﻔﻴﺔ اﻟﺪﻟﻴﻤﻲ ،ﻋﺒﺪه وازن ،اﻟﻴﺎس ﺳﺤﺎب ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰت ﺑﻮﺟﻮد ﺷﺒﻜﺔ ﻣﺮاﺳﻠﻴﻦ ﻣﺤﺘﺮﻓﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ دول أوروﺑﺎ وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وآﺳﻴﺎ، ﻳﻤﺪوﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ واﻟﻤﺜﻴﺮة. أﻣﺎ ﺟﺎﺋﺰة »دﺑﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ« ﻟﻺﺑﺪاع ﻓﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻨﻌﻄﻔﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ ﺣﻴﺎة وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻌﺮب ،ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻤﺎدي أو اﻟﻤﻌﻨﻮي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻓﻘﺪﻣﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ دورة ﺟﻮاﺋﺰ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ،آﺧﺬة ﺑﻴﺪ اﻟﻤﻮﻫﻮﺑﻴﻦ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻟﺒﻨﺎء ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺰدﻫﺮ .اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﻤﺠﻠﺔ وﺟﺎﺋﺰﺗﻬﺎ وﻛﺘﺒﻬﺎ أن ﺗﺘﺮك ﺑﺼﻤﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وأن ﺗﺤﻔﺮ اﺳﻤﻬﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻓﻲ وﺟﺪان اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ واﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎب ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻫﻤﺘﻬﺎ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ إﺑ ـﺮاز اﻟﻤﻮاﻫﺐ واﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة واﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ إﺑﺪاﻋﺎﺗﻬﻢ ،وإﺛﺮاء اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻷدﺑﻲ واﻟﺘﺤﻔﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺎء واﻹﺑﺪاع واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ. ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ اﻷﺧﻴﺮ أن أﺷﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻤﺠﻠﺔ ﻣﺜﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺳﻨﻮاﺗﻬﺎ ﺣﺼﺎد ﺟﻬﻮد ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ وﻋﻤﻞ دؤوب ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ اﻹدارة وأﺳﺮة اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺼﺪق وﺟﺪ وﻣﺜﺎﺑﺮة وﺗﻜﺎﺗﻒ ،وﻫﻲ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻬﺎت دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وإﻣﺎرة دﺑﻲ وﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ واﻟﺘﺰاﻣﻬﺎ ﺑﺮﺳﺎﻟﺘﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ @ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎن
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
113
ĕŵőĽŤē ĴżňĔĸĉ
ﻳﺼﻠﻴﺎن وﻳﻘﺮﺑﺎن اﻟﻘﺮاﺑﻴﻦ ،وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻀﺮﻋﺎن إﻟﻰ اﻵﻟﻬﺔ أن ﺗﺮزﻗﻬﻤﺎ اﻟﺨﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،وﺗﺬﻛﺮا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻹﻟﻪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻟﻬﻤﺎ ﻳﻮم أن ﻏﺎض اﻟﻄﻮﻓﺎن ،ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﺎ ﻣﻦ ﻓﻮرﻫﻤﺎ إﻟﻰ ﻣﻌﺒﺪ دﻟﻔﻰ ،ﻣﻌﺒﺪ أﺑﻮﻟﻠﻮ رب اﻟﻨﺒﻮءات ﻓﺼﻠﻴﺎ ﺻﻼة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺧﺎﺷﻌﺔ ،ﺛﻢ ﻗﺮﺑﺎ اﻟﻘﺮاﺑﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ واﻟﺨﻤﺮ ،ﺛﻢ ﺳﺄﻻ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺬرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺻﻠﺒﻬﻤﺎ ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮن ،ﻓﺴﻤﻌﺎ ﺻﻮت أﺑﻮﻟﻠﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻘﻮل :اﻧﻄﻠﻘﺎ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎل ،وﻟﻴﺠﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻜﻤﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ﺧﻤﺎرا ً ،وﻟﺘﻨﺜﺮا ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻜﻤﺎ ﻋﻈﺎم أﻣﻜﻤﺎ ،ﺗﻜﻦ ﻟﻜﻤﺎ ذرﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﺻﺎﻟﺤﺔ! »ﺛﻢ ﺳﻜﺖ أﺑﻮﻟﻠﻮ، ﻓﺴﺠﺪ اﻟﺰوﺟﺎن اﻟﺒﺎﺋﺴﺎن ،وﻧﻬﻀﺎ ،واﻧﻄﻠﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺳﺒﻴﻠﻬﻤﺎ ،وﻫﻤﺎ ﻻﻳﻔﻬﻤﺎن ﻣﻤﺎ ﻗﺎل أﺑﻮﻟﻠﻮ ﺣﺮﻓﺎً واﺣﺪا ً. ﻳﻨﺜﺮان ﻋﻈﺎم أﻣﻬﻤﺎ؟ ﻛﻴﻒ ﻫﺬا؟ أﻳﺬﻫﺒﺎن إﻟﻰ ﻗﺒﻮر اﻵﺑﺎء ﻓﻴﻨﺒﺸﺎﻧﻬﺎ ،وﻳﻨﺜﺮان ﻣﻨﻬﺎ
ﻫﺪاه ﺗﻔﻜﻴﺮه إﻟﻰ أن اﻷم ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬه اﻷم اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺘﻪ وﻫﻨﺎً ﻋﻠﻰ وﻫﻦ، ﺑﻞ ﻻﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن أم ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺸﺮ ،ﺑﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺨﻼﺋﻖ ،أي ﻫﺬه اﻷرض اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﺗﺮاﺑﻬﺎ ﻛﻞ ﺷﻲء وإذا ﺻﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻠﻦ ﺗﻜﻮن ﻋﻈﺎﻣﻬﺎ إﻻ ﻫﺬه اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ﻓﻲ أرﺟﺎﺋﻬﺎ ذات اﻟﻴﻤﻴﻦ وذات اﻟﺸﻤﺎل، وﻧﻬﺾ دﻳﻮﻛﺎﻟﻴﻦ ،ﻓﺠﻌﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ﻟﺜﺎﻣﺎً ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎول ﺣﺠﺮا ً ﻓﺄﻟﻘﺎه ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ ،ﺛﻢ ﻧﻈﺮ وراءه، ﻓﻤﺎذا رأى؟ ﻟﻘﺪ ﺻﺢ ﺗﺄوي ﻟﻪ إذن ،ﻓﻬﺎ ﻫﻮ ذا ﺷﺎب ﻋﺠﻴﺐ ﺟﻤﻴﻞ اﻟﺨﻠﻖ ،ﺣﻠﻮ اﻟﻠﻔﺘﺎت، وﻗﻒ إزاءه وﻫﻮ ﻳﻨﺎدﻳﻪ :اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ أﺑﻰ! ورد دﻳﻮﻛﺎﻟﻴﻦ اﻟﺴﻼم ،ﺛﻢ ﻫﺘﻒ ﺑﺰوﺟﺘﻪ اﻟﻌﻈﺎم اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ؟ وﻳﻘﻌﺎن ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﺮ واﻟﻔﺮح ﻳﻔﻌﻢ ﻗﻠﺒﻪ ،ﻓﺄﻗﺒﻠﺖ ،وﻧﻈﺮت إﻟﻰ اﻵﺛــﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﻰ ﻋﻨﻬﺎ اﻵﻟﻬﺔ ،ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺎب وﻫﻲ ﻣﻨﺪﻫﺸﺔ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺔ ،إﻻ أﻧﻪ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ؟ ﺗﻘﺪم ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻄﻮﺗﻴﻦ ،وﺗﺒﺴﻢ ﻗﺎﺋﻼً :اﻟﺴﻼم وﺟﻌﻞ دﻳﻮﻛﺎﻟﻴﻦ ﻳﺮدد اﻟﻨﺒﻮءة ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺛﻢ ﻋﻴﻚ ﻳﺎ واﻟﺪﺗﻲ ،اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ! اﻟﻨﺤﺖ اﻟﻐﺎﺋﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﺎﻣﺎت دﻗﻠﺪﻳﺎﻧﻮس ﻓﻲ روﻣﺎ .إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ
112
ﻣﺸﺎﻋﺮ داﻓﺌﺔ أﻧﻘﺬت اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻣﻠﻚ اﻵﻟﻬﺔ ﺣﺎﻛﻢ ﺟﺒﻞ أوﻟﻴﻤﺒﻮس وإﻟﻪ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﺮﻋﺪ. اﻹﻏﺎﺛﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎن
وﻛﺎﻧﺖ اﻵﻟﻬﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﻋﺮش اﻷوﻟﻴﻤﺐ ،وإن ﺣﺴﺐ اﻟﺤﺒﻴﺒﺎن أن أﺣﺪا ً، ﻏﻴﺮ اﻟﻄﻮﻓﺎن وﻏﻴﺮ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ اﻟﺒﺎرﻧﺎس، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻤﺎ ،وﻛﺎن أﻋﻈﻢ اﻵﻟﻬﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮا ً ﻟﻬﺬه اﻟﻘﺒﻠﺔ اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة ،ﻫﻮ ﺳﻴﺪ اﻷوﻟﻴﻤﺐ ﻧﻔﺴﻪ ،زﻳﻮس ،رب اﻟﺴﻤﺎء، ﻓﻠﻘﺪ ﻫﺰت ﻛﻴﺎﻧﻪ ،وزﻟﺰﻟﺖ أرﻛﺎﻧﻪ ،ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﻸ اﻷرﺑــﺎب ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ وﻗــﺎل :ﻛﻼ، ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﻳﺒﻴﺪ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻳﺠﺐ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻫﺬان ﻋﻠﻰ اﻷﻗــﻞ ،ﻟﺘﻜﻮن ﻣﻨﻬﻤﺎ ذرﻳﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ » وﺗﺴﺎءل أﺣﺪ اﻵﻟﻬﺔ ﻓﻲ دﻫﺸﺔ: ذرﻳــﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ؟ ﻓﻘﺎل ﺳﻴﺪ اﻷوﻟﻴﻤﺐ:
وﻟﻢ ﻻ؟ أﻟﻢ ﺗﺴﻤﻌﻮا ﺣﺪﻳﺜﻬﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺒﻠﺔ؟ أﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻨﺎ؟ أﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻳﻌﻄﻔﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﻴﺮ ،وﻳﺮﺛﻴﺎن ﻟﻠﻀﻌﻴﻒ، وﻳﻐﻴﺜﺎن اﻟﻤﻠﻬﻮف؟ ﺛﻢ ﺳﻜﺖ اﻹﻟﻪ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﺤﻈﺔ ،وﻫﺘﻒ ﺑﺸﻘﻴﻘﻪ ﻧﺒﺘﻴﻮن ،رب اﻟﺒﺤﺎر اﻟﺴﺒﻌﺔ ،ﻓﻄﻠﺐ إﻟﻴﻪ أن ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻲ ﺻﺪﻓﺘﻪ ﻟﻴﻐﻴﺾ اﻟﻤﺎء ،وﻳﻌﻮد أدراﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺎر واﻷﻧﻬﺎر ،ﻓﻔﻌﻞ ،وﻟﻢ ﺗﻤﺾ ﺳﺎﻋﺎت ﺣﺘﻰ ﺑﺪت اﻟﺠﺒﺎل ،وﻇﻬﺮت اﻷرض. وﺗــﺰوج اﻟﺤﺒﻴﺒﺎن اﻟﺴﻌﻴﺪان ،وﻣﻀﺖ اﻟﺴﻨﻮن اﻟﻄﻮال ،ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺒﺎ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻬﻤﺎ ذرﻳــﺔ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ أﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
111
ĕŵőĽŤē ĴżňĔĸĉ
ﻣﺸﺎﻋﺮ داﻓﺌﺔ أﻧﻘﺬت اﻟﻌﺎﻟﻢ ôĻĎñ ĊńĄŃ
ﻳﺤﻜﻰ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻗﺪﻳﻢ اﻷزل ،اﻧﺘﺸﺮت اﻟﺸﺮور وﻋﻢ اﻟﻔﺴﺎد واﺧﺘﻔﺖ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﺑﻌﺪ أن ﺳﺎءت أﺧﻼﻗﻬﻢ ،ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ زﻳﻮس ﻛﺒﻴﺮ اﻵﻟﻬﺔ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ أﺑﺮز اﻵﻟﻬﺔ ﻟﻴﻘﺮروا ﺑﺄي وﺳﻴﻠﺔ ﻳﻌﺎﻗﺒﻮا اﻟﺒﺸﺮ واﻧﺘﻬﻮا إﻟﻰ إﻏﺮاق اﻷرض ﺑﺎﻟﻄﻮﻓﺎن! وﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ إﻻ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ ﻣﺠﻠﻠﺔ ﺑﺎﻟﺜﻠﺞ ،ﻫﻲ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ ﺑﺎرﻧﺎس .وﻛﺎن زورق ﺻﻐﻴﺮ ﻳﺘﻬﺎدى ﻓﻮق اﻟﺒﺤﺮ، وﻗﺪ ﺟﻠﺲ ﻓﻴﻪ ﺣﺒﻴﺒﺎن ﻳﺘﻨﺎﺟﻴﺎن ،وﻳﺮﺛﻴﺎن ﻟﻤﺎ ﺣﻞ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ دﻣﺎر .وﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ اﻟﻴﺎﻓﻊ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ اﻟﻌﻤﻴﻘﺘﻴﻦ ﻓﻲ دﻧﻴﺎ اﻟﻤﺎء ﻣﺮة، وﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﺛﻢ ﻳﺘﻤﺘﻢ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﻗﺎﺋﻼً :ﺑﻴﺮﻫﺎ! أﻳﻦ ﻧﻤﻀﻰ؟ وﻣﺎذا ﻳﻜﻮن ﻣﺼﻴﺮﻧﺎ؟ ﻓﺘﻬﺘﻒ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﻴﺎﻓﻌﺔ ﺑﺎﺳﻤﻪ ،ﺛﻢ ﺗﻘﻮل :دﻳﻮﻛﺎﻟﻴﻦ! ﻟﻤﺎذا ﺗﻴﺄس؟ أﻟﻴﺲ ﺳﻴﺪ اﻷوﻟﻴﻤﺐ ﻣﻌﻨﺎ؟ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ أن ﻳﻐﺮق اﻟﻨﺎس وﻧﺒﻘﻰ ﻧﺤﻦ؟ أﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﺗﻘﻴﻴﻦ ﻧﺼﻠﻲ ﻟﻶﻟﻬﺔ وﻧﻘﺪم ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺮاﺑﻴﻦ؟ أﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء ،وﻧﺮﺛﻲ ﻟﻠﻀﻌﻔﺎء ،وﻧﻐﻴﺚ 110
ﻣﺸﺎﻋﺮ داﻓﺌﺔ أﻧﻘﺬت اﻟﻌﺎﻟﻢ
اﻟﻤﻠﻬﻮﻓﻴﻦ؟ ﻟﻘﺪ ﻫﻠﻜﺖ اﻟﺨﻼﺋﻖ ،وﺑﻘﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ،ﻧﺤﻦ ﻓﻘﻂ ،ﻓﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا؟ وﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ أن ﻳﻐﻤﺮ اﻟﻄﻮﻓﺎن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺠﺒﺎل ،وﻻ ﺗﺒﻘﻰ إﻻ ﻫﺬه اﻟﻘﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﻠﻠﻬﺎ اﻟﺜﻠﺞ؟ اﻃﻤﺌﻦ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻓﺎﻟﺴﻤﺎء ﻣﻌﻨﺎ ،اﻃﻤﺌﻦ» وﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ دﻳﻮﻛﺎﻟﻴﻦ اﻟﺤﺒﻴﺐ إﻻ أن ﻳﻤﺪ ﻳﺪه ﻳﺘﻨﺎول ﻳﺪ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ،وإﻻ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ اﻟﺨﻀﺮاوﻳﻦ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺑﺤﺜﺎً ﺷﺪﻳﺪاً ﻣﺘﻮاﺻﻼ ،ﻓﺈذا ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ذﻟﻚ أﺟﺎﺑﻬﺎ :إﻧﻨﻲ إﻧﻤﺎ أﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﻳﺎ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،وﻟﺴﺖ أﺧﺸﻰ ﻫﺬا اﻟﻄﻮﻓﺎن ﻣﻦ أﺟﻠﻲ ،ﺑﻞ ﻟﺴﺖ أﺧﺸﻰ ﻣﻨﻪ إﻻ ﻋﻠﻴﻚ ،ﺑﻞ ﻟﺴﺖ أﺧﺸﻰ إﻻ أن ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﻟﻦ أدع ﻳﺪك ﻫﺬه ﺗﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻳﺪي ،ﻳﺪك اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺤﻠﻮة اﻟﺪاﻓﺌﺔ« ﺛﻢ أوﺷﻚ اﻟﻔﺘﻰ أن ﻳﻬﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻳﻠﺜﻤﻬﺎ ،إﻻ أن اﻟﻔﺘﺎة أﺑﺖ إﻻ أن ﺗﺘﻠﻘﻰ اﻟﻘﺒﻠﺔ اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﻟﺨﺎﻟﺪ اﻟﻤﻘﺪس ،ﻓﻄﺒﻌﻬﺎ اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﻤﻀﻄﺮب ،اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪﻣﻮع ﺗﻨﻬﻤﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﻠﺘﻴﻪ ،ﻓﻲ ﻗﺮﻣﺰ اﻟﺸﻔﺘﻴﻦ اﻟﻤﺮﺗﻌﺸﺘﻴﻦ.
ﺛﻘﺎﻓﺎت
آﻧﺎ ﺑﺮﻧﻜﺎ ،ﺻﻮرة ﻃﺒﻖ ا^ﺻﻞ ﻓﻲ ﻋﻴﺪﻫﺎ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻷرﺑﻌﻴﻦ ،اﺣﺘﻔﻠﺖ اﻟﺴﻔﺎرة اﻷﻧﻐﻮﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط ﺑﺬﻛﺮى ﺟﻼء اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻋﻦ أﻧﻐﻮﻻ ،ﻓﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺤﻔﻞ رﻓﻘﺔ زﻣﻼﺋﻲ اﻟﻄﻠﺒﺔ .ﻟﺪى دﺧﻮﻟﻨﺎ اﻟﺴﻔﺎرة اﻷﻧﻐﻮﻟﻴﺔ اﺳﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﻗﻨﺼﻞ أﻧﻐﻮﻻ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،رﺟﻞ أﺳﻤﺮ ﻃﻮﻳﻞ اﻟﻘﺎﻣﺔ ذو ﺑﻨﻴﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ،اﺳﺘﻘﺒﻠﻨﺎ اﺳﺘﻘﺒﺎﻻ ﺣﺎ ٍّرا وﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﻠﺴﺎدة اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ ﻃﻠﺒﺔ دراﺳﺎت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ. دﺧﻠﻨﺎ ﻗﺎﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺗﺘﻮﺳﻄﻬﺎ ﻧﺎﻓﻮرة ﻋﻠﻰ ﺟﺪراﻧﻬﺎ ﺻﻮر ﻓﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻟﺸﺨﺼﻴﺎت أﻧﻐﻮﻟﻴﺔ رﻓﻴﻌﺔ ﺗﺮﻛﺖ ﺑﺼﻤﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ اﻟﻤﺠﺎﻻت. اﻣﺘﻠﻜﻨﻲ اﻟﻔﻀﻮل ﻓﻲ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺼﻮر، ﻓﺈذا ﺑﻲ أﻣﺎم ﺻﻮرة ﻣﻜﺘﻮب ﺗﺤﺘﻬﺎ )آﻧﺎ ﺑﺮﻧﻜﻮ (...1967ﺗﺄﻣﻠﺖ ﺻﻮرﺗﻬﺎ ﺟﻴﺪا ،وﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﺳﺄﻣﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺼﻮرة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈذا ﺑﺼﻮت ﻳﻨﺎدﻳﻨﻲ :ﻳﺎ ﻫﺬا ،اﻟﺘﻔﺖ ﻓﻠﻢ أﺟﺪ أﺣ ًﺪا ،ﺗﻜﺮر اﻟﺼﻮت، اﻟﺘﻔﺖ ﻣﺠﺪدا ﻗﺒﻞ أن أﻧﺘﺒﻪ إﻟﻰ أن اﻟﺼﻮت ﻳﺄﺗﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﺻﻮرة آﻧﺎ ﺑﺮﻧﻜﺎ :ﻳﺎ ﻫﺬا أﻟﺴﺖ ﻛﺎﺗﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ؟ ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ :ﻣﻦ أﻳﻦ ﺗﻌﺮﻓﻴﻨﻨﻲ؟ ﻗﻬﻘﺖ ﺿﺎﺣﻜﺔ وأردﻓﺖ :أﻋﺮﻓﻚ ﻷﻧﻚ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻦ ﺷﺎﻋﺮة ﻣﻦ ﺳﺎو ﺗﻮﻣﻲ إﺑﺮﻧﺴﻴﺐ اﺳﻤﻬﺎ أوﻟﻴﻨﺪا ﺑﻴﺠﺎ، وﻟﻢ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻨﻲ أﻧﺎ. ِ أﻋﺮﻓﻚ؟ ردت ﺑﻠﻬﺠﺔ ﻗﻮﻳﺔ :أﻧﺖ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻤﻦ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻬﺎ :ﻟﻢ أﻛﻦ رب ﺻﺪﻓﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﻢ ،ﻻ ﻣﻦ ﻳُﻌﺮﻓﻮﻧﻚ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢُ ، ﻗﻠﺖّ : أﻟﻒ ﻣﻴﻌﺎد آﻧﺴﺔ أﻧﺎ ﺑﺮﻧﻜﺎ. ﻗﺎﻟﺖ :داﺋﻤﺎ ﺗﻘﻮﻟﻮﻧﻬﺎ ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻟﻜﻨﻨﻲ أﺻﺪﻗﻚ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻲ ﻫﺬا اﻟﺬي ﺳﺄﻗﻮﻟﻪ ﻟﻚ ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻳﺎ ﻛﺎﺗﺒﻨﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻋﺼﺮ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻟﺘﻘﺪم ،وأن ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﺎﻳﺴﺒﻮك أﺻﺒﺢ ﻳﺼﻨﻊ أﺷﺨﺎﺻﺎ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﻢ وﻳﻘﺪﻣﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ أﻫﻞ اﻟﺸﻌﺮ واﻷدب .إ ّن ﻛﺜﺮة اﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺰﻳﻒ ،ﻓﻘﻂ اﻧﻘﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺰر »إﻋﺠﺎب« ﻟﺘﺮى ﻋﺪد اﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ، وﻫﺬا ﺳﺮ ﻧﺠﻮﻣﻴﺔ اﻟﺒﻌﺾ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺎﻋﺮا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﺰﻫﻮا ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻛﻄﺎﺋﺮ ﻃﺎووس ،ﻟﻜﻦ ﺻﺪﻗﻨﻲ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻫﻮ رﺳﺎﻟﺔ
ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي @
إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء. ﺳﺄﻟﺘﻬﺎ :ﻛﻴﻒ ذﻟﻚ؟ ﻓﺮ ّدت :ﻷن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻳﻌﺒّﺮ ﺑﺄﺣﺎﺳﻴﺴﻪ وﻣﺸﺎﻋﺮه وﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ ذا اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ. ﻗﺎﻃﻌﺘﻬﺎ :اﺿﺮﺑﻲ ﻟﻲ ﻣﺜﺎﻻ ،ﻓﺮ ّدت ﺑﺴﺮﻋﺔ :ﻏﺎرﺳﻴﺎ ﻟﻮرﻛﺎ ،اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺬي آﻣﻦ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ،ﻓﺎﺧﺘﺎر أن ﻳﻌﻴﺶ ﺣ ّﺮا ﺑﺪل اﻟﺨﻨﻮع واﻟﺬل واﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ ،ﻓ ُﺮﻣﻲ ﺑﺮﺻﺎص اﻟﺠﻨﻮد اﻟﺠﺒﻨﺎء ،ﻟﻘﺪ ﻣﺎت ﻟﻮرﻛﺎ ﻓﺒﻘﻴﺖ ذﻛﺮاه إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا. ﻗﻠﺖ :ﺻﺪﻗﺖ ﻳﺎ آﻧﺴﺔ ﺑﺮﻧﻜﺎ ،ﻓﺎﺳﺘﻄﺮدت :ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،إن ُ اﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ أي ﺷﺨﺺ ﺳﻮاء ﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ أو اﻟﺮواﻳﺔ أو اﻟﻘﺼﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺼﻘﻞ ،ﻓﻠﻜﻲ ﺗﻜﻮن ﺷﺎﻋﺮا ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺎﻟﺮوح اﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ . ﻗﻠﺖ :ﺻﺤﻴﺢ ﻳﺎ آﻧﺴﺔ ﺑﺮﻧﻜﺎ ،ﻳﺎه ،ﻟﻘﺪ أﺧﺬﻧﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻌﻴﺪا ِ ﻋﻨﻚ، ُ ِ ِ ﻓﻀﻠﻚ آﻧﺴﺘﻲ؟ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ ﺣ ّﺪﺛﻴﻨﻲ ﻋﻦ ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﺣﺴﻨﺎ ،أﻧﺎ ﺷﺎﻋﺮة وﻟﺴﺖ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻨﻬﻢ، أﻧﺎ ﺷﺎﻋﺮة ﻓﺮﺿﺖ وﺟﻮدي ﺑﺸﻌﺮي اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ،ﻓﺰت ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻛﻼﻛﺲ ﻋﺎم 1997ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﺘﺘﻮﻳﺞ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ إﻧﺼﺎف واﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ .وأﻳﻀﺎ اﻋﺘﺮاف ﺑﻜﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮات اﻷﻧﻐﻮﻟﻴﺎت اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﺑﺼﻤﻦ ﺷﻌﺮﻫﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ِ ﻓﻀﻠﻚ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر :ﺳﺄﻗﻮل ﻟﻚ ﻗﻠﺖ أﺳﻤﻌﻴﻨﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ُ أﺑﻴﺎت ﻣﻦ ﻧﺼﻲ »اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ«» :ﻧﻤﺖ ﻟﻴﻼ ﺑﻐﻄﺎﺋﻲ ﻣﺨﺎﻓﺔ إﺻﺎﺑﺘﻲ ﺑﺎﻟﺒﺮد«. وﻗﺒﻞ أن ﺗُﺘﻤﻢ ﺑﺮﻧﻜﺎ ﻗﺼﻴﺪﺗﻬﺎ ﻗﻄﻊ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺠﻤﻴﻞ، إذ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺑﻪ ﻳﺤﻤﻠﻖ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻼ: ﻫﻞ ﺟﻨﻨﺖ ﺗﺘﺤﺪث ﻣﻊ اﻟﺼﻮرة؟ ﻓﻘﻠﺖ :رﺑﻤﺎ ،ﺳﺄﻟﻨﻲ :أﻟﻴﺲ اﺳﻤﻚ اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﻫﻮ »رﺷﺪي« ،ﻗﻠﺖ: ﺑﻠﻰ ،ﻓﻘﺎل ﺑﺎﺳ ًﻤﺎ :إذن ﻋﺪ إﻟﻰ رﺷﺪك @ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
109
ĕŵőĽŤē ğēĴĜ ŮŨ
اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻮدﻳﺔ وﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻀﺤﻚ واﻟﻤﺰاح ﻗﺒﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺨﺘﺎن ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻤﻮس اﻟﻨﻈﻴﻒ اﻟﺤﺎد وﻣﺤﻠﻮل ﻣﻌﻘﻢ. – 6ﺑﻌﺪ إﺗﻤﺎم ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺨﺘﺎن ،ﺗﻘﻮم )ﻣﻼﻳﺔ( ﺑﻘﺮاءة ﻣﻮﻟﺪ ﺗﺮدد ﻓﻴﻪ اﻷﻫﺎزﻳﺞ واﻟﺼﻠﻮات ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وآﻟﻪ اﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ وﻳﻮزع ﺧﻠﻴﻂ ﻣﻦ اﻟﻔﻮل اﻟﺴﻮداﻧﻲ واﻟﺤﻠﻮﻳﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻀﻮر ﻣﻊ ﻗﻄﻊ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ) 25 /100 /50ﻓﻠﺴﺎً( .ﺛﻢ ﻳﻘﺪم اﻷﻛﻞ )وﺟﺒﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ( ﻟﻠﻨﺴﺎء واﻟﺮﺟﺎل، أﻣﺎ ﻣﻦ ﻓﺎﺗﻪ ﺣﻀﻮر اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓﻮاﻟﺪ اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺘﻜﻔﻞ ﺑﺎﻟﺘﺮﺣﻴﺐ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﻤﺠﻠﺲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻳﻜﻮن ﻋﺎدة )ﻗﺪوع( اﻟﻀﻴﻮف ﻣﻜﻮﻧﺎً ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻮى اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻴﺔ واﻟﺮﻫﺶ وﺧﺒﺰ اﻟﺨﻤﻴﺮ ﻣﻊ اﻟﻘﻬﻮة. – 7ﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻮاﻟﺪة ﻋﻠﻰ ﻃﻘﺲ )اﻟﺸﺒﺔ( ﺗُﺒﺨﺮ ﻃﻔﻠﻬﺎ ﻛﻲ ﺗﺤﻤﻴﻪ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن وﺣﻴﺪﻫﺎ وﺳﻂ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻹﻧﺎث ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻦ، ً وﺗﺨﺎف ﻋﻠﻴﻪ .إن رﻣﺰﻳﺔ اﻟﺸﺒﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺪﺧﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮد اﻷرواح اﻟﺸﺮﻳﺮة واﻟﺴﻴﺌﺔ ،أﻣﺎ ﻛﺮات اﻟﺠﻤﺮ ﻓﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺮق اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﺼﺎدرة ﻣﻦ ﻋﻴﻦ اﻟﺤﺎﺳﺪ /اﻟﺤﺎﺳﺪة وﺗﺒﻌﺪ ﺧﻄﺮﻫﺎ ﻋﻦ اﻟﻄﻔﻞ وأﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ. – 8ﺗﺠﺘﻬﺪ اﻷم ﻃﻮال اﻷﻳﺎم اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﻘﻴﻢ اﻟﺠﺮح ﺑﺸﻜﻞ دوري ﻛﻲ ﻻ ﻳﻠﺘﻬﺐ أو ﻳﺘﻠﻮث ،ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻀﻴﻮف واﻟﻤﻬﻨﺌﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ )اﻟﺒﻼغ( ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ رزﻗﺖ ﺑﺎﻟﻮﻟﺪ وﻋﺎﺷﺖ ﻟﺤﻈﺔ ﺧﺘﺎﻧﻪ ،ﻣﺘﻤﻨﻴﻦ ﻟﻬﺎ أن ﺗﺮاه ﻣﻌﺮﺳﺎً ﻓﻲ ﻳﻮم زﻓﺎﻓﻪ. ĊĔĀĿí óčîŌģ
ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎ أن اﻟﺨﺘﺎن /اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺪه اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻳﺬﻫﺐ ﻧﺤﻮ )ﻃﻬﺎرة اﻟﺠﺴﺪ( ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻜﺘﺴﻲ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﺮى ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻹﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻃﺮﻫﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺣﻮل ﺛﻴﻤﺔ اﻟﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﺎ ﺑﻪ واﺣﺎﻃﺘﻪ ﺑﺴﻮر اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ واﻟﻤﺒﺎح واﻟﻤﺪﻧﺲ ،ﺟﻠﻬﺎ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﻘﻠﺐ ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة.وﻗﺒﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺒﻠﻮغ ،اﻟﺼﺒﻲ ﻣﺜﻼ :ﻻ ﺗﺘﺮك أﺣ ًﺪا ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻚ أو ﻳﺤﺎول ﻳﻠﻘﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات ً اﻟﻌﺒﺚ ،أﻫﺮب ﻣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻲ ﺣﺎل أﻣﺴﻚ أﺣﺪﻫﻢ ﺑﻚ ،أﺣﺬر ﻫﺆﻻء اﻟﻤﻨﺤﺮﻓﻴﻦ ﻫﻨﺎ أو ﻫﻨﺎك ،ﻻ ﺗﺼﺎدق ﻣﻦ ﻫﻢ أﻛﺒﺮ ﻣﻨﻚ ﺳ ًﻨﺎ، واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻴﻎ اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻗﺪﺳﻴﺔ اﻟﺠﺴﺪ وأﻫﻤﻴﺔ أن ﻳﻌﻴﻬﺎ اﻟﺼﺒﻲ ﻛﻲ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ. ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻃﻘﺲ اﻟﺨﺘﺎن /اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ،ﺗﻤﻬﻴﺪا ً اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺎً أﻋﻄﻰ دوره، ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت ذات ﺑﻌﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أﺑﺴﻂ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ أن ﻫﺬا اﻟﻔﺮد ﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻗﺪ ﺣﺎز ﺟﻮاز ﻣﺮور ﺷﺮﻋﻲ ﻟﻴﻜﻮن ﻋﻀ ًﻮا ﻓﻲ
108
اﻟﺨﺘﺎن ﺻﻔﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﻘﺮوي اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ
ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﺑﻤﺒﺎرﻛﺔ ﻃﻘﻮﺳﻴﺔ ﻣﺤﺪدة اﻟﻬﺪف واﻟﻐﺎﻳﺔ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. اﻻﻧﻄﻼﻗﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺑﺪﻳﻬ ًﻴﺎ ﻫﻨﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﺠﻨﺴﻲ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻔﺤﻮﻟﺔ اﻟﺬﻛﺮ ﺣﻴﺚ ﻳُﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﻪ أن ﻳﻤﺎرس دوره اﻟﺰوﺟﻲ ﻣﻊ اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰرع )اﻟﺰوﺟﺔ( وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﻮف ﺗﻨﺠﺐ ﻻﺣﻘﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻞ ﺗﻮﺳﻊ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺮوي اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ إﺑﺎن ﻓﺘﺮات ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻟﻤﻨﺼﺮم ،ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻷﺑﺮز ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻮﻓﺮ اﻷﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،اﻟﻤﺰارع ﻛﺎﻧﺖ وﻗﺘﻬﺎ ﺗﺪار ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﺑﻤﺠﻬﻮداﺗﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ. اﻟﻴﻮم ،ﺗﻐﻴﺮت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻔﺮدات اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة أﺿﺤﺖ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴ ًﺪا ﺣﻴﺚ ﺻﺎرت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻨﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ، ﻋﺮﺿﺔ ﻻﺧﺘﺮاق ﻗﻴﻢ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ،ﻃﻘﺲ اﻟﺨﺘﺎن ﺑﻘﻰ ﻛﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻃﺒﻴﺔ ودﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ وﺿﻌﻪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﻟﻜﻦ ﻓﻘﺪ ﺑﺮﻳﻘﻪ وﺻﺎر ﺑﺎﻫﺘًﺎ ،ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺑﻴﻦ ﺟﺪران اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ،زاﻟﺖ ﻋﻨﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺔ اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻓﺮ ٍح واﺣﺪ ،ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ إﻟﻰ ﻣﺠﺮد اﺣﺘﻔﺎل رﻣﺰي ﺻﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﻴﻮت اﻟﻘﺮﻳﺔ أو اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺗﻤﺮ ﺑﻼ أﺛﺮ! اﺧﺘﻔﻰ )اﻟﻤﺨﺘﻦ( ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﺻﻮرة ﻓﺘﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺻﺎر اﻟﻔﺮد ﻳﺠﻨﺢ ﻟﻠﻌﺰﻟﺔ ﻣﺘﻤﺴﻜًﺎ ﺑﺨﺼﻮﺻﻴﺘﻪ ﻣﻦ وراء ﺑﻴﻮت ﻣﻐﻠﻘﺔ ﺗﺨﻔﺮﻫﺎ ﻛﺎﻣﻴﺮات أﻣﻨﻴﺔ ،ﻛﻲ ﺗﺰور ﺻﺪﻳﻘًﺎ أو ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻷﻣﺮ ﻣﻨﻚ ﻣﻮﻋﺪا ً ﻣﺴﺒﻘﺎً ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت، ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺒﺨﺮت ﺗﻠﻚ اﻟﺮوح اﻟﺤﻤﻴﻤﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻷﻓﺌﺪة اﻟﻨﺎس ﺑﺒﺴﺎﻃﺘﻬﺎ وﻋﻔﻮﻳﺘﻬﺎ ،ﺗﺒﺪﻟﺖ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﺳﻠﻢ ﺗﻄﻮرﻧﺎ اﻟﻌﺼﺮي ،ﻓﻬﻞ ﻫﺬا ﻣﺆﺷﺮ آﺧﺮ ﻋﻠﻰ اﻻﻏﺘﺮاب اﻟﺬي ﻳﺤﺎﺻﺮ اﻟﻤﺮء اﻟﻴﻮم ،ﻓﺘﺨﺘﻞ ﻋﻨﺪه ﻗﻴﻤﻪ وﻫﻮﻳﺘﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺳﺮﻳﻊ اﻻﻧﻄﻼق ﺻﺎر أﺻﻐﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﻗﺮﻳﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ؟ اﻟﻬﻮاﻣﺶ: - 1ﺣﺎج ﺑﻦ ﻗﺮﻳﺶ ،ﺑﺤﺮﻳﻨﻲ ﻛﺎن ﻳﺰاول ﻣﻬﻨﺔ اﻟﺤﻼﻗﺔ وﺧﺘﺎن اﻟﺬﻛﻮر ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﺘﻨﻘﻼ ﺑﻴﻦ ﻗﺮى اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. - 2اﻷﺑﻌﺎد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻟﻠﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ – ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻈﺎﻫﺮة ﺧﺘﺎن اﻹﻧﺎث .د .ﺣﺴﻨﻲ اﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﻈﻴﻢ، أﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ،ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻨﻲ ﺳﻮﻳﻒ. - 3ﻣﺪاﺧﻠﺔ إﺧﺒﺎرﻳﺔ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ واﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻨﺸﺎﺑﺔ.
ﺗﻌﺪ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻛﺨﺘﺎن اﻟﺬﻛﻮر واﻹﻧﺎث ،واﻟﻮﺷﻢ واﻟﻮﺧﺰ واﻟﺤﺠﺎﻣﺔ ،واﻟﻜﻲ وﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﺠﻢ اﻟﻘﺪم اﻷﻧﺜﻮي وﻏﻴﺮﻫﺎ ﺟﺎﻧ ًﺒﺎ ﻣﻬ ًﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﺘﻠﻚ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت ﻻ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻓﻘﻂ أﺑﻌﺎدا ً ﻃﺒﻴﺔ أو ﻋﻀﻮﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ،إﻧﻤﺎ ﺗﺘﺠﺎوز ذﻟﻚ إﻟﻰ أﺑﻌﺎد اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ورﻣﺰﻳﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ،وﺷﺪﻳﺪة اﻟﺜﺮاء ﺗﻤﺜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ(2) . ﻳﺠﻠﺲ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ أﺑﻴﻪ أﻣﺎم »اﻟﻤﺨﺘﻦ« اﻟﺬي ﻳﻘﻮل ﻟﻠﻄﻔﻞ وﻫﻮ ﻳﺆﺷﺮ ﺑﺈﺻﺒﻌﻪ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ :ﺷﻮف اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ .وﺣﻴﻦ ﻳﺮﻓﻊ اﻟﻄﻔﻞ رأﺳﻪ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﺗﺘﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺨﺘﺎن .وﻳﻮﺿﻊ اﻟﺤﻠﻮى واﻟﺮﻫﺶ واﻟﺨﺒﺰ اﻟﻤﺤﻠﻰ اﻷﺣﻤﺮ اﺣﺘﻔﺎﻻً ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎﺋﻼت ﺗﻘﺪم ذﺑﻴﺤﺔ. اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻤﺨﺘﻦ ﻳﻠﺒﺲ ﺛﻮب وﺗﺠﺪه ﻣﺎﺳﻜًﺎ ﺛﻮﺑﻪ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﺟﺴﻤﻪ).(3 ŅîøĈĿí đŎĸģ
– 1اﺟﺘﻤﺎع اﻷﻫﻞ واﻷﺻﺪﻗﺎء وﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﺪﻋﻮة ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻨﻘﻞ اﻷم ﺑﻴﻦ ﺑﻴﻮت اﻟﺤﻲ أو ﻣﻦ ﻳﻨﻮب ﻋﻨﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس اﻟﻤﺨﺘﺎرة أﻧﻪ ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﺒﺎرك ﻛﻴﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺳﻴﺠﺮى ﺧﺘﺎن اﻟﻮﻟﺪ ﻓﻲ
ﻣﻘﺎم أﺣﺪ اﻷوﻟﻴﺎء. – 2ﺗﻌﻤﻞ اﻷم ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻬﻴﺰ أﻣﻮر ﻣﻬﻤﺔ )ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺨﺘﺎن( ﻓﺘﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻤﻞ ﺣﺠﺎب ﻟﺪرء اﻟﺤﺴﺪ ﻋﻦ وﻟﻴﺪﻫﺎ وﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻦ ً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺠﺐ ﻏﻴﺮ اﻹﻧﺎث وﺗﺨﺎف ﻋﻠﻰ وﻟﻴﺪﻫﺎ اﻟﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺣﺴﺪ اﻟﻨﺎس اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻤﻨﻰ ﻟﻬﺎ اﻟﺨﻴﺮ. – 3ﺧﺘﺎن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺮوي ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﻤﻮﻟﻮد اﻟﺬﻛﺮ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﻴﺤﻤﻞ أﺳﻢ أﺑﻴﻪ ،ﻓﻴﺘﻢ ﺗﺨﺼﻴﺺ )ﻋﻘﻴﻘﺔ( ﺧﺮوف ﻳﺬﺑﺢ وﻳﻄﺒﺦ ﺣﻴﺚ ﻳُﻘﺪم ﻟﻠﺤﻀﻮر ،ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ ﻫﻨﺎ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻤﻴﺴﻮرة أﻣﺎ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﺘﻌﻤﺪ إﻟﻰ ﺧﺘﺎن ذﻛﻮرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت واﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ )ﻗﺪوع( ﻣﺘﻮاﺿﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ. – 4ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﻤﻮﻋﻮد ﻳﻌﻤﻞ واﻟﺪ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ دﻋﻮة اﻟﺮﺟﺎل ﺿﻤﻦ داﺋﺮة ﺿﻴﻘﺔ ﻣﻦ اﻷﻫﻞ واﻷﺻﺪﻗﺎء ﻛﻲ ﻳﺤﻀﺮوا اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻓﻴﻘﻮم ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻄﺐ وﻳﺴﺘﺄﺟﺮ ﻗﺪرا ً ﻛﺒﻴﺮة ﻳﺘﻢ ﻃﺒﺦ اﻟﻮﺟﺒﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺗﺘﻜﻔﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺴﺎء أو ﻳﺘﻮﻟﻰ أﻣﺮﻫﺎ ﻃﺒﺎخ ﻣﺤﺘﺮف. – 5اﻟﻤﺨﺘﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺿﻊ ﻧﻈﺮات اﻟﺮﺟﺎل ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺒﺎدﻟﻮن ﻣﻌﻪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
107
тАлтАк─Х┼╡┼С─╜┼д─У ─Я─У─┤─Ь ┼о┼итАмтАм
тАля║зя║Шя║О┘Ж ╪з^┘Ия╗╗╪птАм
тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗о╪▒┘И╪л ╪зя╗Яя╗Шя║о┘И┘К ╪зя╗Яя║Тя║дя║оя╗│я╗ия╗▓тАм тАлтАк┼Е─Л├Ь ├ж┼Д─┐├н ─К┼Д─Г├г ┼Ж┼У─О─Д├▓─┐├нтАмтАм
тАля╗гя╗ж я║зя║Тя║Оя╗│я║О ╪зя╗Яя║м╪зя╗Ыя║о╪й ╪гя║│я║Шя╗Мя╗┤я║к я║╗я╗о╪▒я║Чя╗к ╪зя╗╡┘ЖтАм тАл┘Ия╗ля╗о я╗Уя╗▓ я╗Уя╗ия║О╪б я╗гя╗Шя║О┘Е ╪гя║гя║к ╪зя╗╖┘Ия╗Яя╗┤я║О╪б ╪зя╗Яя║╝я║Оя╗Яя║дя╗┤я╗жтАк╪МтАмтАм тАля╗│я║Шя║Дя╗ля║Р я╗Яя╗Дя╗Шя║▓ ) ╪зя╗Яя║ия║Шя║О┘Ж ( ╪гя║гя║к ╪зя╗Яя║оя║Яя║О┘Д я╗│я╗ия║О┘Ия╗Яя╗ктАм тАл┬╗я╗зя║О╪▒я║Яя╗┤я╗ая║Ф┬л я╗│я╗Фя║оя╗Чя╗К я║Яя╗дя║оя╗ля║О я║Ся║о╪зя║Ля║дя║Ф я║Чя║Тя╗О┘Н я╗Гя║О╪▓я║Яя║ФтАк╪МтАмтАм тАля╗│я║Дя║зя║м я╗гя╗ия╗мя║О я╗зя╗Фя║▓ я╗Гя╗оя╗│я╗Ю я║гя║Шя╗░ я╗│я╗ия║Шя║╕я╗▓ я║гя║ктАм тАл╪зя╗Яя║Ья╗дя║Оя╗Яя║Ф я║Ыя╗в я╗│я║о╪пя╗ля║ОтАк .тАм┘Ия║│я╗В я║гя╗ая╗Шя║Ф ╪зя╗Яя║оя║Яя║О┘Д я╗Уя╗▓ я╗Зя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя║╕я║ая║о╪й я╗│я╗Ья╗о┘Ж ╪зя╗Яя╗Дя╗Фя╗Ю я╗гя╗оя║┐я╗К я║Чя║оя╗Ыя╗┤я║░ я╗Ыя╗Ю ╪зя╗Яя╗Мя╗┤я╗о┘ЖтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║дя║Шя║╕я║к╪й ┘Ия╗ля╗о я╗│я║┤я╗ая╗в я╗гя╗ж я╗│я║к ╪гя╗гя╗к ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я║Тя║к┘ИтАм тАл╪зя╗Яя╗Шя╗ая╗Ц я║Ся║О╪п ┘Ля╗│я║О я╗Уя╗▓ я╗зя╗Ия║о╪й я╗Ля╗┤я╗ия╗┤я╗мя║О я║Ся╗┤я╗ия╗дя║О )я║гя║О╪м я║Ся╗жтАм тАля╗Чя║оя╗│я║╢( тАк ╪М1тАмя╗│я║к┘З ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║о┘Ия╗Чя║Ф ╪▒я╗Пя╗в я╗Ыя║Тя║о ╪зя╗Яя║┤я╗жтАк╪МтАмтАм тАля║Чя╗Шя║Тя║╛ я╗Ля╗ая╗░ я╗Гя║о┘Б ╪зя╗Яя║╕я╗Фя║о╪й я║Ся║ия║Тя║о╪й ╪зя╗Яя╗Мя║О╪▒┘БтАм тАля╗Уя╗╝ я║Чя╗мя║Шя║░тАк ╪МтАмя╗│я║Тя║┤я╗дя╗Ю ╪зя╗Яя║дя║О╪м я╗Чя║О╪▒я║Л┘Ля║О я║│я╗о╪▒╪й ╪зя╗Яя╗Фя║Оя║Чя║дя║ФтАм тАля║Ся╗┤я╗ия╗дя║О ╪зя╗Яя╗Дя╗Фя╗Ю я╗Уя╗▓ я║гя╗Ая╗ж ╪гя║Ся╗┤я╗к я╗│я║дя║О┘И┘Д ╪зя╗╖я║зя╗┤я║отАм тАля╗Яя╗Фя║Ц ╪зя╗зя║Шя║Тя║Оя╗ля╗к ╪ея╗Яя╗░ я╗Ля║╝я╗Фя╗о╪▒ я╗гя║дя╗ая╗Ц я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║┤я╗дя║О╪бтАм тАля║Ыя╗в я║Чя╗ия║░я╗Яя╗Ц ╪зя╗Яя║╕я╗Фя║о╪й я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗ая║дя╗в ╪зя╗Яя╗Дя║о┘К я║Чя║┤я║Шя║Дя║╗я╗ЮтАм тАля╗Чя╗ая╗Фя║Ф ╪зя╗Яя╗Шя╗Ая╗┤я║Р я║гя║Шя╗░ ╪вя║зя║о ╪зя╗Яя╗Мя╗дя╗ая╗┤я║Ф ┘Ия║Ся╗Мя║кя╗ля║О я║Чя╗Мя╗втАм тАл╪зя╗Яя║╝я╗ая╗о╪з╪к я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗ия║Тя╗▓ я╗гя║дя╗дя║к ┘И╪вя╗Яя╗к ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗ля║оя╗│я╗жтАк.тАмтАм тАля╗ля╗▓ ╪░┘К я║╗я╗о╪▒╪й я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗дя║Оя║┐я╗▓ ╪зя╗Яя║ая╗дя╗┤я╗Ю я╗Уя╗┤я╗дя║ОтАм тАля╗│я║Шя╗Мя╗ая╗Ц я║Ся╗Дя╗Шя║▓ ╪зя╗Яя║ия║Шя║О┘Ж я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗о╪▒┘И╪л ╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗Шя║о┘И┘К ╪зя╗Яя║Тя║дя║оя╗│я╗ия╗▓ я╗Ыя╗дя╗дя║О╪▒я║│я║Ф я╗Гя║Тя╗┤я║Ф ╪пя╗│я╗ия╗┤я║ФтАм тАл┘И╪зя║Яя║Шя╗дя║Оя╗Ля╗┤я║Ф я║Чя║дя╗дя╗Ю я║зя║╝я╗оя║╗я╗┤я║Ф я║Ыя╗Шя║Оя╗Уя╗┤я║Ф я╗Яя║╝я╗┤я╗Шя║ФтАм тАля║Ся╗Ья╗┤я╗ия╗оя╗зя║Ф ╪зя╗Яя║ая║┤я║к ┘Ия╗Гя╗мя║О╪▒я║Чя╗ктАк.тАмтАм тАлтАк106тАмтАм
тАл╪зя╗Яя║ия║Шя║О┘Ж я║╗я╗Фя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗о╪▒┘И╪л ╪зя╗Яя╗Шя║о┘И┘К ╪зя╗Яя║Тя║дя║оя╗│я╗ия╗▓тАм
وأﻧﺎ أﻧﻘﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﺗ ًﻤﺎ أﻧﻔﺎﺳﻪ ﺑﺎﻟﺒﻄﺎﻧﻴﺔ .ﻛﺎن ﻗﻠﺒﻪ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻨﺒﺾ؛ اﺑﺘﺴﻤﺖ إذ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ .ﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻋﺪﻳﺪة ﻇﻞ ذﻟﻚ وﻟﻜﻨﻨﻲ ُ رﻓﻌﺖ اﻟﻘﻠﺐ ﻳﺨﻔﻖ؛ وﻟﻜﻨﻪ ﺗﻮﻗﻒ أﺧﻴ ًﺮا .ﺻﺎر اﻟﻌﺠﻮز ﺟﺜﺔ ﻫﺎﻣﺪة. ُ اﻟﺒﻄﺎﻧﻴﺔ واﺿ ًﻌﺎ أذﻧﻲ ﻓﻮق ﺻﺪره .ﻟﻢ أﺳﻤﻊ ﺻﻮﺗًﺎ .أﺟﻞ .ﻛﺎن ﻣﻴﺘًﺎ! ﻣﻴﺘًﺎ ﻛﺎﻷﺣﺠﺎر .ﻟﻦ ﺗﺰﻋﺠﻨﻲ ﻋﻴﻨﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ! إذن أﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮن ،أﺗﻘﻮﻟﻮن ﻫﺬا؟ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن ﺗﺸﺎﻫﺪوا ﻛﻢ ﻛﻨﺖ ﺣﺮﻳﺼﺎ أن أﺿﻊ اﻟﺠﺜﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ أن ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﺑﺘﺮتُ ً ﺣﺮﻳﺼﺎ أﻻ أﺗﺮك ﻗﻄﺮة ﻣﻦ ﻛﻨﺖ اﻟﺮأس أوﻻً ،ﺛﻢ اﻟﺬراﻋﻴﻦ واﻟﺮﺟﻠﻴﻦُ . ً ووﺿﻌﺖ ﺛﻼﺛﺔ، أﻟﻮاﺣﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎء ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﻷرﺿﻴﺔ .ﻧﺰﻋﺖ ُ اﻷﺷﻼء .ﺛﻢ أﻋﺪت اﻷﻟﻮاح إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ،ﺑﺤﺮص ،ﺑﺤﺮص ﺷﺪﻳﺪ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻴﻦ ﻣﺨﻠﻮق أن ﺗﻌﺮف أﻧﻬﺎ ﻧُﺰِﻋﺖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ. ﺳﻤﻌﺖ أﺣ ًﺪا ﺑﺎﻟﺒﺎب .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎ أن اﻧﺘﻬﻴﺖ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ ،ﺣﺘﻰ ُ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺻﺒﺎ ًﺣﺎ ،ﻏﻴﺮ أن اﻟﻈﻼم ﻻ ﻳﺰال ﻣﺨﻴ ًﻤﺎ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﻟﻢ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻮف وأﻧﺎ ﻧﺎزل ﻷﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب .ﻛﺎﻧﻮا ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل، ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﻟﺸﺮﻃﺔ .ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﺠﻴﺮان ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﺻﺮﺧﺔ اﻟﻌﺠﻮز ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﻰ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ؛ ﻫﺆﻻء اﻟﺜﻼﺛﺔ أﺗﻮا ﻟﻴﺴﺄﻟﻮا ﺑﻌﺾ اﻷﺳﺌﻠﺔ وﻳﻔﺘﺸﻮا اﻟﺒﻴﺖ. ﻗﻠﺖ إن اﻟﺼﺮﺧﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺮﺧﺘﻲ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﺘﻔﻀﻠﻮا ﺑﺎﻟﺪﺧﻮلُ . ُ ﻗﻠﺖ إن اﻟﻌﺠﻮز ﻛﺎن ﺑﺎﻟﺨﺎرج؛ ذﻫﺐ ﻟﺰﻳﺎرة أﻧﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ أﺣﻠﻢُ . ﺗﺠﻮﻟﺖ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ أرﺟﺎء اﻟﺒﻴﺖ ﻛﻠﻪ ،ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﻒ. ُ أن ﻳﻔﺘﺸﻮه ﺟﻴ ًﺪا .ﻗﺪﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺔ ﻧﻮم اﻟﻌﺠﻮز .وﻛﺄﻧﻨﻲ
أﻻﻋﺒﻬﻢ ،ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﺠﻠﺴﻮا ﺑﺮﻫﺔ ﻟﻨﺘﻜﻠﻢ. أﺳﻠﻮﺑﻲ اﻟﻬﺎدئ اﻟﺴﻠﺲ ﺟﻌﻞ رﺟﺎل اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﻳﺼﺪﻗﻮن ﻗﺼﺘﻲ. ﻟﺬﻟﻚ ﺟﻠﺴﻮا ﻳﺤﺎدﺛﻮﻧﻨﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ودﻳﺔ .وﻟﻜﻦ ﺑﺮﻏﻢ أﻧﻲ ﺟﺎوﺑﺘﻬﻢ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔُ ،ﺳ ْﺮﻋﺎ َن ﻣﺎ ﺗﻤﻨﻴﺖ أن ﻳﺮﺣﻠﻮا .ﻛﺎن رأﺳﻲ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ رﺣﺖ أﺛﺮﺛﺮ ،وأﺗﻜﻠﻢ أﺳﺮع .ﺻﺎر ُﻧﻲُ . وﺛﻤﺔ ﺻﻮت ﻏﺮﻳﺐ ﻳﺘﺮدد ﻓﻲ أذ ﱠ اﻟﺼﻮت أوﺿﺢ .وﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﺠﻠﺴﻮن وﻳﺘﺤﺪﺛﻮن. ُﻧﻲ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﺮدد ﻓﻲ رأﺳﻲ. ﻓﺠﺄ ًة ُ أدرﻛﺖ أن اﻟﺼﻮت ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ أُذ ﱠ ﻇﻠﻠﺖ أﺗﺤﺪث أﺳﺮع، ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻻ ﺑﺪ أﻧﻨﻲ ﺻﺮتُ ﺷﺎﺣﺒًﺎ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ. ُ وﻳﻌﻠﻮ ﺻﻮﺗﻲ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ .واﻟﺼﻮت ﻳﻌﻠﻮ وﻳﻌﻠﻮ .ﻛﺎن ﺻﻮﺗًﺎ واﻫ ًﻨﺎ ﺧﺎﻓﺘًﺎ ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ ،ﻳﺸﺒﻪ دﻗﺎت ﺳﺎﻋﺔ ﻣﺴﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ وراء ﺟﺪار ،ﺻﻮﺗًﺎ ﻛﻨﺖ أﻋﺮﻓﻪ ﺟﻴ ًﺪا .ﺻﺎر أﻋﻠﻰ وأﻋﻠﻰ .ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ ﻳﺮﺣﻞ اﻟﺮﺟﺎل؟ أﻋﻠﻰ ،وأﻋﻠﻰ. دﻓﻌﺖ ﻣﻘﻌﺪي وﻗﻔﺖ وﻣﺸﻴﺖ ﺑﺨﻄﻮات ﻣﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻐﺮﻓﺔ. ُ ُ ﻋﻠﻰ اﻷرﺿﻴﺔ ﻷُ ْﺣ ِﺪثَ ﻣﺰﻳ ًﺪا ﻣﻦ اﻟﻀﻮﺿﺎء ،رﺑﻤﺎ ﺗﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ رﻓﻌﺖ ﺻﻮﺗﻲ أﻛﺜﺮ .وﻇﻞ اﻟﺮﺟﺎل ﺟﺎﻟﺴﻴﻦ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن اﻟﺼﻮت اﻟﻤﺰﻋﺞ. ُ وﻳﺒﺘﺴﻤﻮن .ﻫﻞ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻌﻮا؟؟ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺄﻛ ًﺪا ﻣﻦ ﻫﺬا .ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﻮا! ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻛﻼ! ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﻮاُ . ﻛﻨﺖ أﻋﺎﻧﻲ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ أُﻃﻴﻖ ،ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻼﻋﺒﻮﻧﻨﻲُ . اﺑﺘﺴﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺼﻮت .أﻋﻠﻰ وأﻋﻠﻰ وأﻋﻠﻰ! ﻓﺠﺄة ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أن أﺣﺘﻤﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا .أﺷﺮتُ إﻟﻰ اﻷﻟﻮاح ﺻﺎﺋ ًﺤﺎ» :أﺟﻞ! أﺟﻞ ،أﻧﺎ ﻗﺘﻠﺘﻪ .ارﻓﻌﻮا اﻷﻟﻮاح وﺳﺘﺮون! ﻗﺘﻠﺘﻪ .وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﻻ ﻳﻜﻒ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻦ اﻟﺨﻔﻘﺎن؟! ﻟﻤﺎذا ﻻ ﻳﻜﻒ!؟«
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
105
ŽũŤĔőŤē ĕįǜē ŮŨ
ﻧﺒﻀﺎت ﻓﺎﺿﺤﺔ ٌ Ŏñ Ņśá čîÿĉç łŀĸñ ÷őĎòě āŜě ôńÿĎ
ﻣﺮﻳﺾ ﺟﺪٍّ ا .وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﺗﻘﻮﻟﻮن إﻧﻨﻲ ٌ ﻣﺮﻳﺾ، ٌ ﺣﻘٍّﺎ! أﺟﻞ ،أﻧﺎ ﻓﻘﺪت اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻲ ،ﻟﻤﺎذا ﺗﻘﻮﻟﻮن إﻧﻨﻲ ﻣﺠﻨﻮن؟ أﻻ ﺗﺮون ُ ﻟﺴﺖ ﻣﺠﻨﻮﻧًﺎ؟ أﻧﻨﻲ أﺳﻴﻄﺮ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻲ؟ أﻟﻴﺲ واﺿ ًﺤﺎ أﻧﻨﻲ ُ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻟﻢ ﻳﺰِد اﻟﻤﺮض ﻋﻘﻠﻲ وﻣﺸﺎﻋﺮي وﺣﻮاﺳﻲ إﻻ ﻗﻮ ًة َو ِﺣﺪﱠ ةً. وﺧﺼﻮﺻﺎ ﺣﺎﺳﺔ ﺳﻤﻌﻲ ،أﺻﺒﺤﺖ أﺷﺪ رﻫﺎﻓ ًﺔ .ﺻﺎر ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ أن أﺳﻤﻊ ً ﺳﻤﻌﺖ أﺻﻮاﺗًﺎ آﺗﻴ ًﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮدوس ُ أﺻﻮاﺗًﺎ ﻟﻢ أﺳﻤﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻄﻠﻘًﺎ. اﻷﻋﻠﻰ؛ وأﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺠﺤﻴﻢ! اﺳﺘﻤﻌﻮا! اﺳﺘﻤﻌﻮا وﺳﺄﺣﻜﻲ ﻟﻜﻢ ﻛﻴﻒ ﺣﺪث ﻫﺬاَ .ﺳ َﺘ َﺮون، ﺳﺘﺴﻤﻌﻮن ﻛﻢ أﻧﺎ ﻋﺎﻗﻞ. ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ أن أﻗﻮل ﻛﻴﻒ ﺗﺴﻠﻠﺖ اﻟﻔﻜﺮة إﻟﻰ رأﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ٌ ﻛﻨﺖ ﻫﻨﺎك أي ﺳﺒﺐ ﻟﻤﺎ ﻓﻌﻠ ُﺘﻪ .ﻟﻢ أﻛﻦ أﻛﺮه اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻌﺠﻮز؛ وإﻧﻤﺎ ُ أﺣﺒﻪ .ﻟﻢ ﻳﺆ ِذﻧﻲ ﻗﻂ .ﻟﻢ أﻛﻦ أرﻳﺪ ﻣﺎﻟﻪ .أﻇﻦ أن ﻋﻴﻨﻪ ﻫﻲ اﻟﺴﺒﺐ. ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺜﻞ ﻋﻴﻦ ﻃﺎﺋﺮ ﺟﺎرح ،ﻋﻴﻦ واﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻴﻮر اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻗﺐ ﻣﺘﺮﺑﺼﺔ ﺑﺤﻴﻮان ﻳﺤﺘﻀﺮ ،ﺛﻢ ﺗﻨﻘﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺜﺔ ﻓﺘﻤﺰﻗﻬﺎ ﻟﺘﻠﺘﻬﻤﻬﺎ .ﻋﻨﺪﻣﺎ رﻣﻘﻨﻲ اﻟﻌﺠﻮز ﺑﻌﻴﻨﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺒﻪ ﻋﻴﻦ اﻟﻨﺴﺮ ﻫﺬه، ﺳﺮت ﻗﺸﻌﺮﻳﺮة ﺑﺎردة ﻓﻲ ﻇﻬﺮي؛ ﺣﺘﻰ دﻣﻲ ﻛﺎد أن ﻳﺘﺠﻤﺪ .وﻫﻜﺬا، ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻦ أن أﻗﺘﻠﻪ ﻷﻏﻠﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﻠﻌﻴﻨﺔ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ.
ﻟﻬﺬا ﺗﻈﻨﻮن أﻧﻨﻲ ﻣﺠﻨﻮن؟ اﻟﻤﺠﻨﻮن ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺨﻄﻂ .وﻟﻜﻦ ﻇﻠﻠﺖ أﺗﻮدد ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺸﺎﻫﺪوا ﻣﺎ ﺣﺪث .ﻃﻮال ذﻟﻚ اﻷﺳﺒﻮع ُ ﻟﻠﻌﺠﻮز ﺑﺄﻗﺼﻰ ﻣﺎ أﺳﺘﻄﻴﻊ. ﻛﻨﺖ أﻓﺘﺢ ﺑﺎﺑﻪ ﺑﺒﻂء .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﻤﺎم اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮةُ ، اﻟﺒﺎب ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ،أُ ِ دﺧﻞ ﻳﺪي ﺛﻢ رأﺳﻲ .ﻓﻲ ﻳﺪي ﻛﺸﺎف ﻣﻐﻄﻰ ﺑﻘﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش ﻟﻜﻲ ﺗﺤﺠﺐ اﻟﻀﻮء ﻛﻠﻪ .ﺛﻢ أﻗﻒ ﺳﺎﻛ ًﻨﺎ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أرﻓﻊ -ﺑﺤﺮص ﺷﺪﻳﺪ -ﻗﻄﻌﺔ اﻟﻘﻤﺎش ،ﻗﻠﻴﻼً ﺟ ٍّﺪا ،ﻟﻜﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﺸﻌﺎع ﻇﻠﻠﺖ أﻓﻌﻞ ﻫﺬا، واﺣﺪ رﻓﻴﻊ ﺑﺄن ﻳﺴﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻴﻦ .ﻟﺴﺒﻊ ﻟﻴﺎ ٍل ُ ﺳﺒﻊ ﻟﻴﺎ ٍل ﻃﻮال ،ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ .داﺋ ًﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻴﻦ ﻣﻐﻠﻘﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﺴﺘﺤﻴﻼً أن أُﻧﻔﱢﺬ اﻟ ُﻤ ِﻬ ﱠﻤﺔ .ﻓﻠﻴﺲ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻌﺠﻮز
104
ﻛﻨﺖ أرﻳﺪ ﻗﺘﻠﻪ؛ وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻋﻴﻨﻪ اﻟﺸﺮﻳﺮة. ﻫﻮ ﻣﻦ ُ ٍ ﻛﻨﺖ أذﻫﺐ إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻪ ،وﺑﺼﻮت داﻓﺊ ودود ،أﺳﺄﻟﻪ ﻛﻴﻒ وﻛﻞ ﺻﺒﺎح ُ ﻛﻨﺖ ﻧﺎم .ﻟﻢ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻪ أﻧﻨﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ،ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺸﺮة ﺗﻤﺎ ًﻣﺎُ ، أﺣﺪق ﻓﻲ وﺟﻬﻪ وﻫﻮ ﻧﺎﺋﻢ. ﺣﺮﺻﺎ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ وأﻧﺎ أﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب .ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔُ ، ﻛﻨﺖ أﺷﺪ ً ﻋﻘﺎرب ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﺋﻂ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺤﺮك أﺳﺮع ﻣﻦ ﻳﺪي .ﻟﻢ أﺷﻌﺮ -ﻗﺒﻞ ﻛﻨﺖ واﺛﻘًﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻄﻠﻘًﺎ -ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﻨﻔﻮان؛ ُ اﻟﻨﺠﺎح. ﻛﺎن اﻟﻌﺠﻮز ﻧﺎﺋ ًﻤﺎ ،ﻻ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻪ أﻧﻨﻲ واﻗﻒ ﺑﺒﺎﺑﻪ .ﺗﺤﺮك ﻓﺠﺄة ﻓﻲ ﺧﻔﺖ؟ ﻛﻼ ..ﻟﻢ أﺧﻒ .ﻛﺎن اﻟﻈﻼم ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﺳﺮﻳﺮه .ﺗﻈﻨﻮن أﻧﻨﻲ ُ واﺻﻠﺖ أدرﻛﺖ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻠﺤﻆ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب. ﻛﺜﻴﻔًﺎ وﺣﺎﻟﻜًﺎ. ُ ُ أدﺧﻠﺖ رأﺳﻲ .أدﺧﻠﺖ ﻳﺪي ﺑﺎﻟﻜﺸﺎف دﻓﻊ اﻟﺒﺎب ،ﺑﺒﻂء ،وﻓﻲ ﻫﺪوء. ُ اﻟﻤﻐﻄﻰ .ﻓﺠﺄة ﺟﻠﺲ اﻟﻌﺠﻮز ﻣﻨﺘﺼﺒًﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺮ وﻫﻮ ﻳﺼﻴﺢ» :ﻣﻦ ﻫﻨﺎك؟!« وﻗﻔﺖ ﺳﺎﻛ ًﻨﺎ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ .ﻟﻤﺪة ﺳﺎﻋﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻢ أﺣﺮك ﺳﺎﻛ ًﻨﺎ .وﻟﻢ أﺳﻤﻌﻪ ُ ﺳﻤﻌﺖ ﻳﻨﺼﺖ ﻓﺤﺴﺐ .ﺛﻢ ﺟﺎﻟﺴﺎ وﻫﻮ ُ ُ ﻳﺮﻗﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺮ ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﻇﻞ ً أدرﻛﺖ أﻧﻪ ﺟﺎﻟﺲ اﻵن اﻟﻌﺠﻮز. ﻣﻦ ﺻﻮﺗ ًﺎ ،ﺻﺮﺧﺔ ﺧﻮف ﺧﺎﻓﺘﺔ أﻓﻠﺘﺖ ُ أدرﻛﺖ أﻧﻪ ﻳﻌﺮف أﻧﻨﻲ ﻣﻮﺟﻮد ﻣﻨﺘﺼ ًﺒﺎ ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺮه ،واﻟﺨﻮف ﻳﻤﻠﺆه؛ ُ ﻫﻨﺎك .ﻟﻢ ﻳ َﺮﻧﻲ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﺴﻤﻌﻨﻲ .ﻓﻘﻂ أﺣﺲ ﺑﻮﺟﻮدي. َ أدرك اﻵن أن اﻟﻤﻮت واﻗﻒ ﻫﻨﺎك. رﺣﺖ أرﻓﻊ ﻗﻄﻌﺔ اﻟﻘﻤﺎش ،ﺣﺘﻰ أﻓﻠﺖ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺎ، ﺌ ﻓﺸﻴ ﺎ ﺌ ﺷﻴ ﺑﺒﻂء، ُ ً ً ﺷﻌﺎع ﻧﺤﻴﻞ ﻟﻴﺴﻘﻂ ﻋﻠﻰ -ﻟﻴﺴﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﻦ اﻟﻨﺴﺮ! ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ- ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﺗﺴﺎﻋﻬﺎ ،واﺷﺘﺪ ﻏﻀﺒﻲ ﻟﺤﻈﺔ راﺣﺖ ﺗﺤﺪق ﻓﻲ وﺟﻬﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة .ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أن أرى وﺟﻪ اﻟﻌﺠﻮز .ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻴﻦ ﻓﻘﻂ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺰرﻗﺎء اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ،واﻟﺪﻣﺎء ﻓﻲ أوردﺗﻲ ﺗﺠﻤﺪت. اﺳﺘﻄﻌﺖ- أﻟﻢ أﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﺄن ﺳﻤﻌﻲ ﺻﺎر ﺣﺎ ٍّدا ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﺮﻳﺐ؟ ُ ٍ ﺣﻴﻨﺌﺬ -أن أﺳﻤﻊ ﺻﻮﺗًﺎ واﻫ ًﻨﺎ ﺧﻔﻴﻀً ﺎ ﻣﺘﺴﺎر ًﻋﺎ ،ﻳﺸﺒﻪ دﻗﺎت ﺳﺎﻋﺔ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗ ُﺴﻤﻊ ﻣﻦ وراء ﺟﺪار .ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺻﻮت ﺿﺮﺑﺎت ﻗﻠﺐ اﻟﻌﺠﻮز. ُ أن أﻗﻒ ﺳﺎﻛ ًﻨﺎ .ﻏﻴﺮ أن اﻟﺼﻮت ﺻﺎر أﻋﻠﻰ .ﻻ ﺑﺪ أن ﺧﻮف اﻟﻌﺠﻮز ﻛﺎن ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ﺣﻘٍّﺎ .وﻛﻠﻤﺎ ارﺗﻔﻊ اﻟﺼﻮت أﻛﺜﺮ ،اﺷﺘﺪ ﻏﻀﺒﻲ ،وﺻﺎر أﻛﺜﺮ إﻳﻼ ًﻣﺎ .وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻐﻀﺐ ﻓﺤﺴﺐ .ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺴﻜﻮن اﻟﺤﺎﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﻠﻒ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻨﻮم ،ﺻﺎر ﻏﻀﺒﻲ ﺧﻮﻓًﺎ -ﻓﺎﻟﻘﻠﺐ ﻛﺎن ﻳﺨﻔﻖ ﺑﺸﺪة اﻧﺪﻓﻌﺖ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ واﺛﻘًﺎ ﻣﻦ أن أﺣ ًﺪا ﺳﻮف ﻳﺴﻤﻊ .ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ! ُ إﻟﻰ اﻟﻐﺮﻓﺔ ﺻﺎﺋ ًﺤﺎُ » :ﻣ ْﺖ! ُﻣ ْﺖ!« أﻃﻠﻖ اﻟﻌﺠﻮز ﺻﻴﺤﺔ ﻓﺰع ﻋﺎﻟﻴﺔ
ﻗﺮاءات
ﻟﺆﻟﺆة ﻣﻴﺴﻮن ﺻﻘﺮ ﻓﻲ رواﻳﺔ )ﺟﺎز( ﺗﺘﺤ ّﺪى اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﻮﻧﻲ ﻣﻮرﻳﺴﻮن اﻟﻘ ّﺮاء ﺑﻜﺘﺎﺑﺘﻬﺎ أرﺑﻌﺔ أﺳﻄﺮ ﺗﻠﺨّﺺ )اﻟﺤﺪوﺗﺔ( ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻬﺎ إﻻ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ وﺷﻜﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﺗﻔﻌﻞ ﻣﻴﺴﻮن ﺻﻘﺮ ﻓﻲ رواﻳﺘﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة )ﻓﻲ ﻓﻤﻲ ﻟﺆﻟﺆة( ﺷﻴﺌﺎً ﺷﺒﻴﻬﺎً ،ﻧﺘﻮﻗّﻊ ﻣﻨﻪ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺴﺎر اﻷﺣﺪاث ودراﻣﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻟﻠﻨﻬﺎﻳﺔ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺴﺘﻌﻴﺮ أﻳﻀﺎً ﻧﻤﻂ )اﻻﺳﺘﻨﺎرة اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ( ﻣﻦ ﺑﺮﻳﺨﺖ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل »ﻟﻴﺲ اﻟﻔﻦ ﻣﺮآة ﻟﻠﻮاﻗﻊ ،ﺑﻞ ﻗ ّﺪوم ﻧﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻫﺬا ﺧﺎرﺟﻲ )أﻧﺎ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ/ اﻟﻮاﻗﻊ« ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻘﺴﻢ اﻟﺮواﻳﺔ إﻟﻰ راوﻳﺔ ّ داﺧﻠﻲ )اﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺴﺮد اﻷﺣﺪاث( .وﻗﺪ ﻧﺴﺘﺰﻳﺪ اﻟﻌﻠﻴﻢ( وراوﻳﺔ ّ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻫﻴﺮﻣﺎن ﻣﻠﻔﻴﻞ )ﻣﻮﺑﻲ رواﻳﺔ وﺿﻌﺖ رﺑﻤﺎ ﻓﻨﻘﻮل إﻧﻬﺎ ّ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ُﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﻟﺘﻘﻴﻢ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ رﻣﺰﻳﺔ )اﻟﺤﻮت( ّ دﻳﻚ( ﻧ َ ﻣﻦ دﻻﻻت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ودراﻣﻴﺔ ،رﻣﺰﻳﺔ )اﻟﻠﺆﻟﺆة( ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺎوﻟﺖ ﻣﻌﺮﻓﻲ وأي إﺷﺎرات أو ﺧﻄﺎب ﺗﺠﻤﻴﻌﻪ ﻣﻦ ﺷﺬرات وﻛﻠﻤﺎت ّ ّ ﻳﺨﺼﻬﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﺘﺎرﻳﺦ) .ﻓﻲ ﻓﻤﻲ ﻟﺆﻟﺆة( ،ﻋﻦ )اﻟﺪار ّ ﺗﺘﺮﺻﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ( ،رواﻳﺔ ﺑﺪﻳﻨﺔ )ﻗﺮاﺑﺔ 600ﺻﻔﺤﺔ(ّ ، ﻣﻴﺴﻮن ﺻﻘﺮ ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻼدﻫﺎ ،ﻋﺒﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻐﻮص ،ﺣﻴﺚ ﻳُﺴﺘﺨﺮج اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ إﻻ ﺷﺎرﻳﻪ )اﻟﻤﺴﺘﻌ ِﻤﺮ( ،وﻻ ﻳﻨﺎل اﻟﻐ ّﻮاص ﻣﻨﻪ إﻻ اﻷﻟﻢ واﻟﻤﺮض واﻟﻔﺎﻗﺔ .ﻛﺎن ﻳﺘﻤﻠّﻚ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ )اﻟ َﻬ ّﻢ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،ﻓﻬﻲ ﻻ اﻟﻮﻃﻨﻲ( ﻓﻲ اﻟﺘﺄرﻳﺦ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،ﺑﺄﺟﻮاء اﻟﺮاوﻳﺔ ّ ّ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺘﺮك ﺷﺎردة أو وارد ًة إﻻ وذﻛﺮﺗﻬﺎ ،ﻣﻤﺎ أﺛﻘﻞ اﻟﺮواﻳﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،ﻓﻔﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﺟﺰاء ﻳﻤﻀﻲ اﻟﺴﺮد ﺑﻄﻴﺌﺎً رﺧﻴﺎً ﺑﺰواﺋﺪ ﻛﺜﻴﺮة، اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻳﻤﻀﻲ اﻟﺴﺮد ﺳﺎﺧﻨﺎً واﻣﻀﺎً ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ أﺟﻮاء اﻟﺮاوﻳﺔ ّ ﺣﻴﻮﻳﺎً ﺗﻨﻘﻄﻊ أﻧﻔﺎﺳﻚ ﻣﻦ ﺗﺘﺒّﻊ ﻣﺎ وراءه ﻣﻦ دراﻣﺎ ﺑﻠﻴﻐﺔ .أﻗﺴﺎم اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﺗﺤﻜﻲ رواﻳﺔ ﻟﻮﺣﺪﻫﺎ ،ﺑﺎﺣﺜﺔ ﺗﺮﻳﺪ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺮاوﻳﺔ ّ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﺿﻤﻨﻪ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻫﻲ ﺷﺨﺼﻴﺎً ،ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎس واﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ،ﻃﻤﻮﺣﻬﺎ وآﻻﻣﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ دون زواق ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﻜﻲ أﻗﺴﺎم اﻟﺮاوﻳﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻲ رواﻳﺔ أﺧﺮى )ﻣﺘّﺼﻠﺔ، ّ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻣﻌﺎً( ﻋﻦ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻟﻠﻐﻮص ﺑﻄﻠﻬﺎ اﻟﻐ ّﻮاﺻﻮن وﻣﺎ ﻳﺪور ﺣﻮﻟﻬﻢ ﻣﻦ أﺣﺪاث دراﻣﻴﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺒ ّﺮ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺮأة
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ @
ﻇﻞ ﻻ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻪ ،إﻟﻰ أن ﺗﺒﺪأ إﺣﺪاﻫ ّﻦ )آﻣﻨﺔ( اﻟﺘﻤ ّﺮد، ﻓﻄﺒﻌﺎً ّ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدة ،ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻄﻼق وﺗﺮﻛﺐ ﺳﻔﻴﻨﺔ وﺗﺒﺪأ ﺗﺠﺎرة ﺗﻈﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻔﺎﻓﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ وﻫﻲ ﺗﻌﺸﻖ ﻏﻴﺮ زوﺟﻬﺎ ،إﻟﻰ ﻟﻜﻨﻬﺎ ّ أن ﺗﻤﻮت ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ )ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ( ﻧﻮﻋﺎً ،وﻳﻤﻀﻲ اﻟﻌﺎﺷﻖ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،وﺑﻄﻼً ﻣﻬﺰوﻣﺎً ﻟﺪى ﻓﻲ ﺗﻴﻪ ،ﻳﺼﺒﺢ ﺷﺒﺤﺎً ﻟﺪى اﻟﺮاوﻳﺔ ّ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ ﺑﻼده ﻓﻲ زﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺮاوﻳﺔ ّ ُﻫﺰأة ،وﻫﻮ ﻳﺘﺼ ّﻮر ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻤﻨﻘﺬ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ّ اﻟﺬل واﻟﻤﻬﺎﻧﺔ. ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﻓﺸﺮﻛﺔ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ )اﻵﺧﺮ( ﻫ ّﻢ ّ واﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺑﺎﺳﺘﻐﻼﻟﻬﻢ أﻳﺎم اﻟﻠﺆﻟﺆ ﺣﺘﻰ أﻳﺎم اﻟﻨﻔﻂ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺨﺼﻴﺔ )وﻟﻴﻢ( اﻟﺠﺎﺳﻮس ﻛﺎﺗﺐ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﻠﻌﻮب اﻟﻮﺳﻴﻢ ،ﻋﺒﺮ رﺳﺎﺋﻠﻪ ﻓﻲ ﺳﻔﻦ اﻟﻐﻮص ﺛﻢ ﻓﻲ ﻛﻴﻨﻴﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻬﻨﺪ ﺑﻌﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺷﺒﻪ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﻜﺎن ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺨﺼﻴﺔ )رام( اﻟﺨﺪوم اﻟﺨﺎﻧﻊ ﺗﺎﺑﻊ آﻣﻨﺔ ،واﻟﺨﺎﺋﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ. )اﻵﺧﺮ( داﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻣﺒﻐﻀﺔ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻗ ّﺪم ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺎت ،ﻓﻬﻲ ﻟﺼﺎﻟﺤﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﺑﻦ اﻟﺒﻠﺪ ،ﺟﺪﻟﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌ ِﻤﺮ/ اﻟﻨﺺ( ﺑﺪءا ً ﻣﻦ اﻟﻐﻼف )وﺟﻪ اﻟﻤﺴﺘﻌ َﻤﺮ! وﻟﻮ ﺗﺘ ّﺒﻌﻨﺎ )ﻋﺘﺒﺎت ّ اﻟﻠﺆﻟﺆي ،وﻋﻠﻴﻪ ﺧﺎرﻃﺔ ﺷﻔّﺎﻓﺔ ﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻐﻮص ﻣﻮﻧﺮو ،ﺑﻌﻘﺪﻫﺎ ّ ﺳﺖ ﻣﻐﺎﺻﺎت ،ﻛﺄﻳﺎم اﻟﺨﻠﻖ، ﺑﺎﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺄﻟّﻒ اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻦ ّ وﺑﻜﻞ ﻣﻐﺎﺻﺔ ّ إﻳﺤﺎ ًء ﺑﻤﻴﻼد ﺑﻠﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺨﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻀﻮج، ﺑﻼﻏﻲ وﺟﺬاذة ﻣﻦ ﺣﻜﻴﻢ /ﺷﺎﻋﺮ ،ﺛﻢ ﺣﺮف )ﻧﻮن( ﺑﺮﻳﺸﺔ ﻋﻨﻮان ّ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ،ﺑﺪﻻﻻﺗﻪ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ )اﻟﺪﻧﻴﺎ /اﻟﻌﺎﻟﻢ /اﻟﻨﺎر واﻟﻨﻮر /اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺨﺺ رﻣﺰﻳﺔ اﻟﻠﺆﻟﺆ .وﺑﻌﺪ اﻟﻤﻐﺎﺻﺔ واﻟﻮﺟﻮد /إﻟﺦ( ،ﺗﺤﺘﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ّ اﻷﺧﻴﺮة ،ﻫﻮاﻣﺶ وﺗﻌﻠﻴﻘﺎت وﺗﺬﻳﻴﻼت ورﺳﺎﺋﻞ وﻣﺮﺟﻌﻴﺎت، ﻟﻜﺄﻧﻚ ﺗﺨﺘﺘﻢ ﺑﺤﺜﺎً ،ﻓﻬﻲ ﻟﻌﺒﺔ اﻻﺳﺘﻨﺎرة اﻟﺒﺮﻳﺨﺘﻴﺔ ،وﺑﻬﺎ أﻳﻀﺎً ﺣﺲ ﺑﺎﻟﺪاﺋﺮة ،ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺈﻳﺬان اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﱞ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﺗﺘﺸ ّﻮف ﻫﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻨﻈﻮرة ،ﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻟﺼﺪق اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺰج أﺣﻴﺎﻧﺎً ﺑﻴﻦ ﻧﻘﺎﺋﺾ أو ّ ﺗﻌﺒﺮ اﻟﺤﺪود ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻷﻧﻮاع @ ﺷﺎﻋﺮ وﻣﺘﺮﺟﻢ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
103
ĘĝšŤē śŵĸ
وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﻮن ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻷدب ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺣﻘﻞ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻣﻦ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺣﻘﻮل اﻟﺠﻬﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وأﻧﻪ ﻓﻦ ﻟﻔﻈﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ً أو ﺳﺎﺣﺔ وﻏﻲ ﻟﻸﻓﻜﺎر .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﻌﺮج ﻓﺮﻳﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ وﻳﺮاه ﻗﺪ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺮى اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻫﻮ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف واﻟﻤﺆرخ وﻋﺎﻟﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﻨﺎﺷﻂ اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻲ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ،وﻫﻮ ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب رأس اﻟﻤﺎل .وﻓﻲ ﺧﺘﺎم رﺣﻠﺘﻪ ﻣﻊ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻤﺎرﻛﺴﻲ ﻳﺜﺒﺖ ﻓﺮﻳﺪ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻷﻧﺠﻠﻮ – أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، وﻫﻲ ﻣﺪرﺳﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻼل ،وﻟﻴﺲ اﻧﻔﺼﺎل ،اﻟﻔﻦ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮف اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﻨﻘﺪ اﻟﻤﺎرﻛﺴﻲ. وﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻳﻘﻮل إﻧﻬﺎ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻷدب إذ ﺗﺮى أن اﻷدب ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وأن ﻓﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻷدﺑﻲ ﻻ ﻳﺘﻢ إﻻ إذا ﻓﻬﻤﻨﺎ ﺣﻴﺎة ُﻣ ْﻨﺸﺌﻪ ،أو ﻫﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻌﻤﻞ اﻷدﺑﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل رﺷﺎد رﺷﺪي ،ﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻣﺒﺎﺷ ًﺮا ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻓﺮوﻳﺪ وﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﺆﺛﺮ » ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻷﺣﻼم » واﻟﺬي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻛﺘﺸﻒ ﻓﺮوﻳﺪ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻪ دراﺳﺔ اﻟﻼﺷﻌﻮر اﻟﺬي اﻛﺘﺸﻔﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ اﻟﺸﻌﺮاء واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻤﻖ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻷدب واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ،وﻛﻠﻬﺎ ﻣﺤﺎوﻻت ﻟﺴﺒﺮ أﻏﻮار اﻟﺮوح اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ. ĊœĊĀĿí ĊĸňĿí
وﻣﺘﺤﺪﺛ ًﺎ ﻋﻦ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ أﻛﺘﺎف إﻟﻴﻮت ورﺗﺸﺎردز وﻣﻦ ﺗﻠﻮﻫﻤﺎ ،ﻳﻘﻮل ﻓﺮﻳﺪ إﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﻟﻠﻨﺺ ،واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻔﺮوق اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ دﻻﻻت اﻟﻜﻠﻤﺎت وﻇﻼل ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﻪ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أدﺑﻴﺔ اﻟﻨﺺ ،ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ أدﺑًﺎ وﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌًﺎ آﺧﺮ .وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﻟﻪ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﺤﺪث ﻓﺮﻳﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻋﻦ اﻷدب اﻟﻤﻘﺎرن وﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻓﻜﺎر وﻋﻦ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﻘﺪ اﻷوﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﻜﻴﺔ .ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻳﺘﺴﺎءل ﻓﺮﻳﺪ ﻣﻊ اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﺗﻴﺮي إﻳﺠﻠﺘﻮن ﻋﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻋﻤﻼً أدﺑ ٍّﻴﺎ ﺟﻴ ًﺪا أو ردﻳﺌًﺎ ،وإﻟﻰ أي ﺣﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﺎرىء ﺣ ٍّﺮا ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮه .ﻛﻤﺎ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ وﻫﻮ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻹﺟﺮاء ﺣﻮار ﺑﻴﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ وﻋﻠﻮم اﻟﺬﻫﻦ واﻟﻤﺦ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺣﻮار ﺗﻨﺨﺮط ﻓﻴﻪ أﻗﺴﺎم ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻠﻐﻮﻳﺎت وﻋﻠﻢ اﻷﻋﺼﺎب وﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺬﻫﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﻳﺮﺗﻮي ﻣﻦ ﻟﻐﻮﻳﺎت ﻧﻌﻮم ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ وأﺑﺤﺎث اﻟﺬﻛﺎء اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺮﻳﻒ آﻻن رﺗﺸﺎردﺳﻦ ﻟﻪ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﻪ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻷدﺑﻴﺔ :ﻛﺎﺗﺒﻮ ﻣﺮاﺟﻌﺎت اﻟﻜﺘﺐ ،ﻓﻴﺤﺎول ﻓﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﺮق ﺑﻴﻦ ﻧﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ اﻟ ُﻜﺘّﺎب وﻫﻤﺎ اﻟﻨﺎﻗﺪ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﺮاﺟﻌﺎت اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ واﻟﻤﺠﻼت ،وﻗﺪ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺮى أن اﻟﻨﻘﺪ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل أﻋﻤﻖ وأﻛﺜﺮ ﺗﻔﺼﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ،
102
ا3دب ﻋﻠﻰ أرﻳﻜﺔ اﻟﻤﺤﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ
وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻤﻨﻊ أن ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻷﺧﻴﺮة ﻣﺴﺎوﻳﺔ ﻟﻠﻨﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ إذا ﺗﻮاﻓﺮ اﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﻘﺪﻳﺮ .وﻫﻨﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﺮﻳﺪ أﻓﻜﻮﻫﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻷدﻳﺐ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﺳﻴﺪﻧﻲ ﺳﻤﻴﺚ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل ﻫﺬا اﻷﺧﻴﺮ ﺳﺎﺧ ًﺮا» :ﻻ ﻳﺠﻤﻞ ﺑﻚ ﻗﻂ أن ﺗﻘﺮأ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻜﺘﺐ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻟﻪ .ﻓﻘﺮاءﺗﻪ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺛﺮ ﺳﻮى إﺻﺎﺑﺘﻚ ﺑﺎﻟﺘﺤﻴﺰ«. öŔŃîňœĊĿí ņŃ ĊœĐŃ
ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺬﻛﺮ ﻛﺬﻟﻚ أن اﻟﻨﺎﻗﺪ واﻟﺸﺎﻋﺮ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻛﺮﻳﺞ رﻳﻦ ﻛﺎن ﻗﺪ أﺻﺪر ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2013ﻛﺘﺎﺑﻪ » زﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺖ« ﻳﺘﺤﺪث ﻓﻴﻪ ﻋﻦ اﻷدب واﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ،وﻳﺮى ﻓﺮﻳﺪ أن ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب ﻫﺬا ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄن ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ واﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻧﻮع ﻋﻨﻴﻒ ﻣﻦ اﻻﻧﻔﺠﺎرات ،دﻳﻨﺎﻣﻴﺖ ﻳﻨﺴﻒ اﻵراء اﻟﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .أﻣﺎ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ واﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﻣﻘﺎﻻً واﺣ ًﺪا ﻓﻘﻂ ﻋﻨﻮاﻧﻪ ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﻘﻮﻟﻪ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻟﻄﻮاﻟﻊ؟ ﻳﻘﻮل ﻓﺮﻳﺪ إن ﻫﺬه اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﺗﻮﻣﻲء إﻟﻰ أن ﺷﻜﻞ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ ﺳﻴﻐﺪو ﻓﻲ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﺎﻟﻎ اﻻﺧﺘﻼف ﻋﻦ ﺷﻜﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺑﻞ ﻋﻦ ﺷﻜﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ .ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺘﻮﻗﻊ اﻧﺪﻣﺎ ًﺟﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ واﻟﻌﻠﻢ ،ﺳﻴﻐﺪو اﻟﻨﻘﺪ ﺗﺠﺎرب ﺗُﺠﺮى ﻓﻲ ﻣﻌﻤﻞ اﻟﻌﻘﻞ أو ﻓﻲ ﻣﻌﻤﻞ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ،وﺳﺘﻜﻮن أﻃﺮه اﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺴﻴﺒﺮﻧﻄﻴﻘﺎ ،ﻓﻴﺰﻳﺎء اﻟﻜﻢ ،اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻮراﺛﻴﺔ ،ﻋﻠﻢ اﻷﺣﻴﺎء اﻟﺠﺰﺋﻲ واﻻﺳﺘﻨﺴﺎخ ،وذﻟﻚ ﻣﻮاﻛﺒﺔ ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ وﺛﻮرة اﻻﺗﺼﺎﻻت واﻟﺘﻔﺠﻴﺮ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻲ وﻇﻬﻮر أﺟﻴﺎل ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺳﻮب واﺗﺴﺎع ﻧﻄﺎق اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺗﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ. وﺑﻌﺪ ،ﻫﺬا ﻛﺘﺎب أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻪ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻛﺎﺗﺐ أو ﻧﺎﻗﺪ أن ﻳﻘﺮأه وأن ﻳﻘﻒ أﻣﺎم ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻤﻬﺎ وﻗﻮف اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ اﻟﻮاﻋﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪه وﻳﺴﺎﻋﺪه ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻹﺑﺪاع
ņŔńÿĎøŃō ĉîĸŇ àîĤćã
أﻳﻀً ﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻓﺮﻳﺪ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل إن ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ أو رادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ، ﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﺣﻘﻠﻨﺎ اﻟﻨﻘﺪي ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻗﻪ إﻟﻰ ﻣﻐﺮﺑﻪ، وأﺛﺎرت ﺟﺪﻻً رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺨﻔﺖ أﺻﺪاؤه ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم .ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺬﻛﺮ أﻳﻀً ﺎ أﻧﻪ أﺛﻨﺎء ﻋﻜﻮﻓﻪ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وإﻋﺎدة ﻗﺮاءة ﻣﺎ ﻗﺮأه ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ وﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎه ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻮرط ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺎدﻧﺎ وﺑﺎﺣﺜﻮﻧﺎ وﻣﺘﺮﺟﻤﻮﻧﺎ ،واﻛﺘﻔﻰ ﺑﺬﻛﺮ ﻣﺜﺎﻟﻴﻦ أوﻟﻬﻤﺎ رواﻳﺔ أوﻟﺪس ﻫﻜﺴﻠﻲ واﻟﺘﻲ ﻳﺘﺮﺟﻤﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ إﻟﻰ »ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﺷﺠﺎع« واﻷﺻﺢ أﻧﻬﺎ »ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﺟﻤﻴﻞ أو ﺑﺪﻳﻊ« ،وﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ رواﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻧﺎﺛﺎﻧﻴﻞ ﻫﻮﺛﻮرن اﻟﺘﻲ ﺗُﺮﺟﻤﺖ إﻟﻰ »اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻘﺮﻣﺰي« واﻟﺼﻮاب ﻫﻮ »اﻟﺤﺮف اﻟﻘﺮﻣﺰي«. ﻓﺮﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ،ﻳﻘﺴﻤﻪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ،اﻷول ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﻮﻧﻪ ﺑـ »ﻣﻴﺮاث اﻷﻣﺲ اﻟﻘﺮﻳﺐ«، واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑـ«اﻟﺼﻮرة اﻟﻴﻮم« ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑـ«وﻋﻮد اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ« ،وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺪارس واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واﻷدﺑﻴﺔ. ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﻳﺘﺤﺪث ﻓﺮﻳﺪ ﻋﻦ اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ وﻧﺸﺄﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،وﻧﺎﺻﺮﻫﺎ ﻓﻘﻬﺎء ﻟﻐﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﻴﻦ ودارﺳﻮن ﻟﻸدب ﻣﺜﻞ ب .ﺗﻮﻣﺎﺷﻔﺴﻜﻲ ،ﻳﻮ .ﺗﻴﻨﻴﺎ ﻧﻮف ور .ﻳﺎﻛﻮﺑﺴﻦ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
101
ĘĝšŤē śŵĸ
ا^دب
ﻋﻠﻰ أرﻳﻜﺔ اﻟﻤﺤﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ĊŔĀńĿí Ċòī ĊńĄŃ IJģîī
ﻛﺎن اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﻋﻲ ﻳﺤﺬر ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ﻣﻦ »ﻣﺠﺎﻋﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ« وﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺎر ﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض وﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر اﻟﻘﻂ وﻣﺤﻤﻮد أﻣﻴﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ورﺟﺎء اﻟﻨﻘﺎش وﻏﻴﺮﻫﻢ .ﺗُﺮى ﻣﺎذا ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻦ إﻳﻔﺎد ﺑﻌﺜﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ أن ﻧﻘﻮل اﻟﻴﻮم وﻗﺪ ﻛﻔّﺖ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ً أﻗﻄﺎر اﻷرض اﻟﻌﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ وﻣﻨﺎﻫﺠﻪ ،واﻟﺨﺒﺮة اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﺑﻜﻞ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ،ﻟﺘﻘﺘﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﺮﻳﺞ ﻧﻤﺎذج أﺣﺎدﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ زاﺋﻔﺔ اﻟﻮﻋﻲ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺪّ ت وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺮﺋﻴﺔ واﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﻣﻨﺎﻓﺬﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﺎب اﻟﻨﻘّﺎد اﻟﻤﻮﻫﻮﺑﻴﻦ ﻟﺘﻐﻤﺮ ﻣﺴﺎﺣﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺜﺮﺛﺮة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻرﺗﺠﺎل اﻟﻜﺘﺎﺑﻲ وﺗﺤ ّﺮم ﻗﺮاءﻫﺎ ﻣﻦ اﻹﺑﺪاع اﻟﺠﺪﻳﺪ واﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻣ ًﻌﺎ؟! ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ د .ﺻﻼح ﻓﻀﻞ ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺘﻪ ﻟﻜﺘﺎب »ﻣﺎ وراء اﻟﻨﺺ. اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا« ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻣﺎﻫﺮ ﺷﻔﻴﻖ ﻓﺮﻳﺪ ،واﻟﺬي ﺻﺪر ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻋﻦ اﻟﺪار اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة. ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺮى أن اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻴﻮم ﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻏﺎﺑﺔ ﻣﺘﺸﺎﺑﻜﺔ اﻷﻏﺼﺎن ،أو ﺻﺤﺮاء ﻣﺘﺮاﻣﻴﺔ اﻷﻃﺮاف ،أو ﻣﺤﻴﻂ ﻣﺼﻄﺨﺐ اﻷﻣﻮاج ،أو ﻣﺘﺎﻫﺔ ﻳﻀﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻄﺎ ،أو ﻫﻮ ﺣﺴﺐ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻘﺎرىء روض ﻧﻀﻴﺮ، ﻣﺘﻨﻮع اﻷزﻫﺎر ،زﻛﻲ اﻟﻌﻄﻮر ،زاﻫﻲ اﻷﻟﻮان .ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ورﻏﻢ اﺧﺘﻼف اﻟﻨﻈﺮﺗﻴﻦ ﻫﺎﺗﻴﻦ ،ﻳﺤﺴﺐ ﻓﺮﻳﺪ أﻧﻪ ﻻ ﺧﻼف ﻋﻠﻰ أﻣﺮ واﺣﺪ وﻫﻮ إن ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺪ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﺬر ٍّﻳﺎ ،ﻓﻲ ﻣﺤﺘﻮاه وﺷﻜﻠﻪ وﻣﺬاﻗﻪ ﻋﻦ أي ﻧﻘﺪ ﺳﺎﺑﻖ.
¸ŒŇîøĔñ ĊķîňĿí
ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺴﺮد ﺑﺪاﻳﺔ آراء ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ ورؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻜُﻨﻬﻪ ،ﻓﻴﺬﻛﺮ أن اﻟﻤﻔﻜﺮ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي اﻟﺴﻴﺮ ﻟﻴﺰي ﺳﺘﻴـﭭن ﻗﺎل ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ إن اﻟﻨﻘﺪ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻮى ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺷﻌﻮر ﻓﺮدي. أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ راح اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ أﻧﺎﺗﻮل ﻓﺮاﻧﺲ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺪ ﻗﺎﺋﻼً إن اﻟﻨﻘﺪ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺮوح ﺑﻴﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺴﺘﺎﻧﻲ ﻳﻄﻮف ﺑﺤﺪاﺋﻖ اﻷدب ﻣﺠﺘﻨﻴًﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷدﺑﻴﺔ ،وﻛﺄﻧﻤﺎ اﻟﻨﺎﻗﺪ ّ 100
ا3دب ﻋﻠﻰ أرﻳﻜﺔ اﻟﻤﺤﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ
ﺑﺴﺘﺎن زﻫﺮة .وﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1924ﻛﺘﺐ اﻷدﻳﺐ واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﭼون ﻣﻴﺪﻟﺘﻮن أﻧﻪ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄن اﻟﻨﻘﺪ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ،وأﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ أﻗﻠﻠﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ اﻟﻨﻘﺎد ،ﻣﻦ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺧﻔﺎء ﻫﺬا ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﻛﺎن ﻫﺬا أﻓﻀﻞ .ﻓﺮﻳﺪ ﻳﺬﻛﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺮع ﻓﻲ وﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻴﺘﻪ أن ﻳﺒﺪأ ﺑﻔﺘﺮة ﺳﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﻫﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ،اﻧﺤﺴﺎر ﻣﻮﺟﺔ »اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ« ﺷﺎﻃﺌﻲ اﻷﻃﻠﻨﻄﻲ ،وﺻﻌﻮد اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ وﻣﺎ أﻋﻘﺒﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻼ ْ أوﻏﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ أدرك اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ أي ﺻﻮرة واﺿﺤﺔ ﻟﻠﻤﺸﻬﺪ اﻟﻴﻮم دون اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﻮراء ﺣﺘﻰ ﻋﻘﻮد اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻷوﻟﻰ، وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﻣﻮﻟﺪ اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ وداﺋﺮة ﺑﺮاغ واﻟﻨﻘﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ وﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ واﻟﻤﺆﺛﺮات اﻟﻔﺮودﻳﺔ واﻟﻤﺎرﻛﺴﻴﺔ. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻗﺮر ﻓﺮﻳﺪ أن ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم 1915ﻋﺎم ﺗﺄﺳﻴﺲ داﺋﺮة ﻣﻮﺳﻜﻮ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ وﻣﻨﻬﺎ ﻧﺒﻌﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺰﺋﻲ اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2014ﻋﺎم ﺻﺪور ﻛﺘﺎب اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻷﻳﺮﻟﻨﺪي دﻳﻨﺲ دوﻧﻮه ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎرة ،وﺑﻬﺬا ﻳﻐﻄﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻗﺮن .ﻳﺘﺴﺎءل ﻓﺮﻳﺪ ﻟﻤﺎذا ﻛﺎن اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ اﻟﻴﻮم ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ؟ وﻳﺮى أن ذﻟﻚ ﻟﻌﺪة أﺳﺒﺎب ﻳﺠﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ وﻫﻲ أن ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺪ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻗﺎرﺋﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻔﻨﻮن أﺧﺮى ،وأﻧﻪ ﻣﻐﺮوس ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺑﺸﺘﻰ أﻧﻮاﻋﻬﺎ، وأن ﻫﻨﺎك ﻧﻘﺎ ًدا ﻳﺴﺘﻌﺼﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ وﻳﺼﻌﺐ إدراﺟﻬﻢ ﻓﻲ أي ﺧﺎﻧﺔ ،وأن اﻟﻨﻘﺪ واﻹﺑﺪاع ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺎ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻣﺘﺪاﺧﻠﻴﻦ وأﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﺘﻤﺎﻫﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻌﺾ ﻧﺼﻮص اﻟﻨﻘﺪ ﻫﻞ ﻫﻲ ﻧﻘﺪ أم إﺑﺪاع؟ وأن ﻫﻨﺎك ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﻨﻘﺪي ﺟﺮت ﻋﻠﻰ أﻗﻼم اﻟﻨﻘﺎد ،ﻧﺤﺘﻮﻫﺎ أو أﺿﻔﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺟﺪﻳﺪة. ﻳﺆﻛﺪ ﻓﺮﻳﺪ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل إن ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ أو رادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ،ﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﺣﻘﻠﻨﺎ اﻟﻨﻘﺪي ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻗﻪ إﻟﻰ ﻣﻐﺮﺑﻪ ،وأﺛﺎرت ﺟﺪ ًﻻ رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺨﻔﺖ أﺻﺪاؤه ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم.
اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ اﻟﻤﻔﻜﺮون ﺑﻬﺪف إﻧﻬﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﻮد واﻟﺘﻄﺮف اﻟﺬي أﻏﻠﻖ ﺑﺎب اﻻﺟﺘﻬﺎد .وﺑﺤﺴﺐ ﻣﻌﺒﺪ ﺧﺎن ﻓﺎﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ إﺿﺎﻓﺔ ﻟﺪﻳﻦ اﻟﻠﻪ ٬وإﻧﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﻄﻬﻴﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﻟﻬﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر اﻟﺬي ﻳﺘﺮاﻛﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎول اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺤﺎوﻻت ﻛﻞ ﻣﻦ :ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وﺟﻤﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ٬وأﻓﺮد ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ وإذﻋﺎﻧﻬﻢ ﻟﻠﻌﻘﻞ ٬وﻛﻴﻒ أﻧﻬﻢ دﺷﻨﻮا ﺗﻴﺎرا ﻋﻘﻼﻧﻴﺎ ذا ﻧﺰﻋﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎن أﺳﺎس اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. اﻹﺳﻼﻣﻴﻴﻦ ﻣﺤﺎوﻻت إﻟﻰ ﻓﻴﻪ ﺗﻌﺮض ﻓﻘﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ أﻣﺎ اﻟﻔﺼﻞ ﻳﺆﻛﺪ ﺻﻴﺎم ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﻋﻲ ا ﺳﻼﻣﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي اﻟﺠﺪد اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎوﻟﻮا إﺧﻀﺎع اﻟﺘﺮاث اﻟﻔﻘﻬﻲ ﺑﺮﻣﺘﻪ ﻷدوات ﻳﺴﻌﻲ إﻟﻰ إﻳﺠﺎد إﺻﻼح دﻳﻨﻲ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻈﺮي واﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ٬ﻣﻦ أول ﻣﺸﺮوع »ﻣﺤﻤﺪ أرﻛﻮن« ﻟpﺳﻼم ا^ﺻﻮﻟﻲ اﻟﻤﻬﻴﻤﻦ ﻟﻴﻜﻮن ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻨﻪ ٬ﻣﻊ ﺿﺮورة ﻣﺮورا ﺑﻤﺸﺮوع اﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﻔﻜﺮ«ﻃﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ« اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ روﺣﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﺴﻖ ﻣﻊ ﻗﻴﻢ ا ﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ واﻟﻤﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺮﺗﻜﺰات رﺋﻴﺴﻴﺔ ا^ﺧﺮ واﻟﻤﺴﺎواة واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ وﺣﺮﻳﺔ ﻫﻲ :اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺤﻮارﻳﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ٬أن اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺪﻳﻦ وﺣﻘﻮق اﻟﻐﻴﺮ٬ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻹﺑﺪاع ﺣﺘﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ أﻣﺎم وﺟﻮد ﺗﺄوﻳﻼت ﻳﺘﻢ ﺗﺠﺎوز ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺜﺒﺎت واﻟﺘﺨﻠﻒ اﻟﺬي ﻣﻐﺎﻳﺮة ﻟﻠﻤﻌﻨﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻟﻠﻨﺺ ٬ﺗﻌﺰز أوﻗﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ آﻓﺎت أﺧﻼﻗﻴﺔ. ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ ا^ﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة اﻟﺘﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎول اﻟﻤﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ«ﻣﺤﻤﺪ ﺗﻤﻨﻊ ﺣﺪوث اﻟﺼﺮاﻋﺎت وﻧﺒﺬ اrﺧﺮ. اﻟﻄﺎﻟﺒﻲ« واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻗﺮاءة دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟﻨﺺ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻹﺗﺠﺎﻫﻲ ﻟﻠﻨﺺ. ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ اﺳﺘﺪﻋﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺮة أﺧﺮى وﻓﻲ اﻟﺘﺄوﻳﻞ وإﻋﺎدة ﻗﺮاءة اﻟﻨﺺ ﺗﻨﺎول ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﺎم ٬ﻳﺴﺘﻬﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ »ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﻴﺪ اﻟﺸﺮﻓﻲ« ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻤﻘﻄﻊ ﻟﻬﺎﺷﻢ ﺻﺎﻟﺢ «:إن اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ ﺑﺘﻔﻜﻴﻚ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻤﻼ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻳﺘﺘﺒﻊ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ ا^ول ﻋﻤﻞ إﺑﺪاﻋﻲ ﺧﻼق ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ٬ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻨﺬ أن أن ﺗﻨﻬﺾ ﺑﺪوﻧﻪ« ذاﻫﺒﺎ إﻟﻲ أن ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺸﻐﻞ ﻋﺮﻓﻬﺎ ا ﻧﺴﺎن وﻛﻴﻒ أﻧﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻤﻔﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻊ ﻣﻨﺬ وﺟﻮده ا^ول ﺑﺤﺪود ا^ﻟﻮﻫﻴﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ٬ﺗﺆﺳﺲ وﻃﻐﻴﺎﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺨﺎص اﻟﺼﻴﻎ اﻟﺘﻮاﻓﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ذات ﺑﺎﻟﺬات اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .وﻳﺬﻫﺐ ﺻﻴﺎم إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ اﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ٬اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻔﻲ ﻓﻲ إﻃﺎرﻫﺎ رؤي ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ اﻟﺼﻴﺎﻏﺎت أن اﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﻗﻴﻢ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ٬إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ دﻻﻻت ﻓﺮدﻳﺔ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﻋﻠﻲ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺠﻴﺪة ٬أو اﻟﻌﺎدﻟﺔ ﻋﻠﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺻﻌﺪة. ﺧﻠﻖ اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت واﻟﺘﺮﺳﻴﻤﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻟﻠﻌﻘﺎﺋﺪ أﻣﺎ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻓﻘﺪ رﺻﺪ ﻓﻴﻪ ﻋﺠﺰ »اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ » ــ واﻟﻄﻘﻮس واﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ. ﻓﻲ ﻋﺎم ﺣﻜﻤﻬﻢ ﻟﻤﺼﺮــ ﻋﻦ إﺣﺪاث اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ وإن ﻛﺎن ﻫﺬا أدى ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ إﻟﻰ ﻇﻬﻮر ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺳﻠﻔﻲ إﺧﻮاﻧﻲ ﺿﺪ اﻟﻘﻮي ﺗﻔﻌﻴﻞ أداة اﻟﺤﻔﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻷﺻﻮﻟﻴﺔ .وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻷﺧﺮي .واﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﺧﻠﺺ ﻓﻴﻪ إﻟﻰ أن اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ .وﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻳﻘﺪم ﺻﻴﺎم ﻹﺣﺪى اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ٬أي ﺑﻤﻌﺎﻧﻲ وﻗﻴﻢ )اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ واﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ٬أﻻ وﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ » واﺋﻞ ﺣﻼق« ﺗﻠﻚ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺴﺎواة واﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻹﺧﺘﻼف واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ( ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ .ﻣﻘﺎﺑﻞ إﻟﻐﺎء اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وإﻧﻤﺎ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻜﻮﻧﻲ ﺣﻴﺚ ﻳﺮي ﺣﻼق أن اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺠﺎﺑﻬﻬﻢ اﻟﻴﻮم ﺗﺤﺪي اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﻟﺘﻜﻮن ﻫﻤﺰة وﺻﻞ ﻻ ﻗﻄﻊ ﺑﻴﻦ اﻷﻃﺮاف اﻟﻤﺘﻌﺎﻳﺸﺔ ﺣﻘﻴﻘﺘﻴﻦ ٬اﻷوﻟﻰ ﻫﻲ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ وﺣﻀﻮرﻫﺎ اﻟﻘﻮي اﻟﺬي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﻜﺎره ٬واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪﻳﻮﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻴﺔ )اﻷﺧﻼق اﻟﻮاﺟﺒﺔ( اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺿﺮورة إﺳﺘﻔﺎدة ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ٬ وﻳﺰﻳﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺪي أن اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻞ إﻋﺎدة ﺗﻬﻴﺌﺔ أي ﺷﻜﻞ ﻣﻘﺒﻮل ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻷﺻﻠﻲ وﻟﻜﻦ ﺗﻈﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﻫﻲ اﻟﻘﺎﻟﺐ اﻟﻤﻔﻀﻞ ﻟﻺﺳﻼﻣﻴﻴﻦ. وﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻳﺘﻄﺮق اﻟﻤﺆﻟﻒ إﻟﻰ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
99
тАлтАк─Ш─Э┼б┼д─У ┼Ы┼╡─╕тАмтАм
тАля╗гя║О я║Ся╗Мя║к ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║Оя╗зя╗┤я║ФтАм тАл┘Ия╗гя║дя║О┘Ия╗Яя║Ф ╪гя╗зя║┤я╗ия║Ф ╪зя╗Яя║кя╗│я╗жтАм тАлтАк─Б┼Н─К┼Д┼Г ─╜├о─а┼З ─Э─О─лтАмтАм
тАля╗Уя╗▓ я╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗к ┬╗я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║о ╪зя╗Яя║ая║Оя╗ля╗ая╗▓┬л╪зя╗Яя║╝я║О╪п╪▒ я╗Ля║О┘Е тАк ┘б┘й┘в┘жтАмя╗│я╗Шя╗о┘Д ╪зя╗Яя║кя╗Ыя║Шя╗о╪▒тАм тАля╗Гя╗к я║гя║┤я╗┤я╗жтАк┬л:тАм╪г╪▒я╗│я║к ╪г┘Ж ╪гя║╗я╗Дя╗ия╗К я╗Уя╗▓ ╪зя╗╖╪п╪и я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗мя║Ю ╪зя╗Яя╗Фя╗ая║┤я╗Фя╗▓ ╪зя╗Яя║м┘КтАм тАл╪зя║│я║Шя║дя║кя║Ыя╗к ╪пя╗│я╗Ья║О╪▒╪к я╗Яя╗ая║Тя║дя║Ъ я╗Ля╗ж я║гя╗Шя║Оя║Ля╗Ц ╪зя╗╖я║╖я╗┤я║О╪б я╗Уя╗▓ ╪г┘И┘Д я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗Мя║╝я║отАм тАл╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║ЪтАк ┘мтАм┘Ия╗ля╗о я╗│я╗ия║║ я╗Ля╗ая╗░ я╗Ля║к┘Е ╪зя╗Яя║Шя║┤я╗ая╗┤я╗в я║Ся║Дя╗│я║Ф я╗Уя╗Ья║о╪й ╪ея╗╗ ╪е╪░╪з я╗Ыя║Оя╗зя║Ц ┘И╪зя║┐я║дя║ФтАм тАл┘Ия╗гя║Шя╗дя╗┤я║░╪йтАк .тАм┘Ия╗Чя║к я╗Чя╗┤я╗Ю я╗Ля╗ж я╗ля║м╪й ╪зя╗Яя╗Шя║Оя╗Ля║к╪й ╪ея╗зя╗мя║О я║Ыя╗о╪▒я╗│я║Ф я╗╖я╗зя╗мя║О я╗зя╗Шя╗ая║Ц ╪г┘И╪▒┘Ия║Ся║ОтАм тАля╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Мя║╝я║о ╪зя╗Яя╗оя║│я╗┤я╗В я║гя╗┤я║Ъ я╗Ыя║Оя╗зя║Ц ╪зя╗Яя║┤я╗ая╗Дя║Ф ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ия╗┤я║Ф я╗гя║Шя║дя╗Ья╗дя║Ф я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя║Тя║╕я║о┘КтАк ┘мтАм╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗Мя║╝я║о ╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║Ъ я║гя╗┤я║Ъ я║Ся║к╪зя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║Шя║дя║о╪▒ я╗гя╗ж я╗ля║м╪й ╪зя╗Яя║┤я╗ая╗Дя║ФтАк┬л.тАмтАм тАл┘Ия╗╖┘Ж я╗Гя╗к я║гя║┤я╗┤я╗ж ╪зя╗зя║дя║О╪▓ я╗Яя╗мя║м╪й ╪зя╗Яя╗Шя║Оя╗Ля║к╪й я╗Уя╗Шя║к ╪г┘Пя║Чя╗мя╗в я║Ся║Оя╗Яя╗Ья╗Фя║о ┘Ия║╗я╗о╪п╪▒ я╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗ктАк┘мтАмтАм тАл┘Ия╗ля╗▓ я╗зя╗Фя║▓ ╪зя╗Яя║Шя╗мя╗дя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ┘Ия║Яя╗мя║Ц я╗Яя╗ая║╕я╗┤я║ж я╗Ля╗ая╗▓ я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя║о╪з╪▓┘В я╗Ля║О┘Е тАк┘б┘й┘в┘етАмтАм тАля╗Ля╗ая╗░ я║зя╗ая╗Фя╗┤я║Ф я╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗к ┬╗╪зя╗╣я║│я╗╝┘Е ┘И╪гя║╗я╗о┘Д ╪зя╗Яя║дя╗Ья╗в┬лтАк.тАмтАм тАля╗гя║О я╗│я║оя║Ся╗В я║Ся╗┤я╗ж я╗Ыя╗Ю я╗гя╗ж я╗зя║О╪п┘Й я║Ся║Ия╗Ля╗дя║О┘Д ╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗Ю ┘И╪зя╗Яя║Шя╗Фя╗Ья╗┤я║о я║Ся╗Мя╗┤я║к┘Л ╪з я╗Ля╗жтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║┤я╗ая╗дя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Тя╗Шя║ФтАк ┘мтАм╪гя╗зя╗мя╗в я╗Чя╗оя║Ся╗ая╗о╪з я║Ся║Оя╗Яя║Шя╗мя╗дя║Ф ╪зя╗Яя║ая║Оя╗ля║░╪й ┬╗╪зя╗Яя╗Ья╗Фя║о┬л я╗гя╗ж я╗Чя║Тя╗ЮтАм тАля╗гя╗╝┘Г ╪зя╗Яя║дя╗Шя╗┤я╗Шя║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗Дя╗ая╗Шя║Ф я║гя║о╪з╪│ ╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗┤я║к╪й ╪зя╗Яя╗Шя╗┤я╗дя╗┤я╗ж я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗ая╗ктАк ┘мтАмя╗│я╗Фя║оя║┐я╗о┘ЖтАм тАл┘Ия║╗я║Оя╗│я║Шя╗мя╗в я╗Ля╗ая╗┤я╗к ┘Ия╗Ля╗ая╗┤я╗ия║ОтАк ┘мтАмя╗╗ я║Чя║┤я║Шя╗мя╗оя╗│я╗мя╗в ╪зя╗Яя║дя╗┤я║О╪й ┘Ия╗Ыя╗┤я╗Т я╗│я║ая╗Мя╗ая╗мя║О ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж ╪гя╗Ыя║Ья║отАм тАля╗│я║┤ ┘Ля║о╪з ┘Ия║│я╗Мя║О╪п╪йтАк┘мтАмя║Ся╗Шя║к╪▒ я╗гя║О я╗│я║┤я║Шя╗мя╗оя╗│я╗мя╗в ╪зя║Чя╗мя║О┘Е ╪г┘К я╗Уя╗Ья║о я╗гя║ия║Оя╗Яя╗ТтАк ╪МтАмя╗│я╗Мя║Шя║Тя║о┘Ия╗зя╗к я╗ля╗втАк╪МтАмтАм тАля║зя║о┘И ┘Ля║Яя║О я╗Ля╗ж ╪зя╗Яя╗дя╗а┘Ся║Ф ┘И╪зя╗Яя║к┘С я╗│я╗жтАк.тАмя╗│я║╕я╗мя║о┘И┘Ж я╗Уя╗▓ ┘Ия║Яя╗оя╗ля╗ия║О ╪ея║Чя╗мя║О┘Е я╗Ля║к┘Е ╪зя╗Яя║Шя║ия║╝я║║тАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗о┘Е ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ия╗┤я║Ф ┘И╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪л ╪зя╗Яя╗Фя╗Шя╗мя╗▓ ┘И╪зя╗╣я║│я╗╝я╗гя╗▓тАк .тАмя╗гя╗ж я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Дя╗ая╗Ц я║Ся║О╪ктАм тАля║Чя║ая║кя╗│я║к ╪зя╗Яя║ия╗Дя║О╪и ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ия╗▓ ╪гя╗г ┘Ля║о╪з я╗гя╗а ┘Ля║дя║О ┘Ия║гя║Шя╗д ┘Ля╗┤я║О я╗Гя║оя║гя╗к ╪зя╗Яя╗Ья║Ья╗┤я║о я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗дя╗Фя╗Ья║оя╗│я╗жтАм тАля╗Ля╗ая╗▓ я╗Гя║О┘Ия╗Яя║Ф ╪зя╗Яя║╕я║о╪н ┘И╪зя╗Яя║Шя║дя╗ая╗┤я╗ЮтАк ┘мтАм┘Ия╗гя╗ж я╗ля║Жя╗╗╪б ╪зя╗Яя║кя╗Ыя║Шя╗о╪▒┬ля║╖я║дя║Оя║Чя║Ф я║╗я╗┤я║О┘Е┬лтАм тАля╗Уя╗▓ я╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗к я╗гя║О я║Ся╗Мя║к ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║Оя╗зя╗┤я║Ф ┘И╪гя╗зя║┤я╗ия║Ф ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж тАк ..тАмя╗гя║дя║О┘Ия╗Яя║Ф я╗Яя║Шя║ая║кя╗│я║к ╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪лтАк┘мтАмтАм тАл╪зя╗Яя║╝я║О╪п╪▒ я║гя║кя╗│я║Ь┘Ля║О я╗Ля╗ж ╪п╪з╪▒ ╪▒┘И╪зя╗Уя║к я╗Яя╗ая╗ия║╕я║о я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Шя║Оя╗ля║о╪йтАк.тАмтАм
тАля╗Ля║Тя║о я║│я║Тя╗Мя║Ф я╗гя║Тя║Оя║гя║Ъ ┘Ия╗гя║О я╗│я╗Шя║О╪▒╪и ╪з┘ДтАк ┘г┘г┘гтАмя║╗я╗Фя║дя║Ф я╗│я║дя║О┘И┘Д я╗гя║Жя╗Яя╗Фя╗к ╪зя╗Яя║Тя║дя║ЪтАм тАля╗Ля╗ж ╪ея║Яя║Оя║Ся║О╪к я║гя╗о┘Д я╗гя╗Мя╗ия╗░ ╪зя╗Яя║ия╗Дя║О╪и ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ия╗▓тАк ┘мтАм┘Ия╗гя║О ╪зя╗Яя╗дя╗Шя║╝я╗о╪п я║Ся╗дя║╝я╗Дя╗ая║втАм тАл╪зя╗Яя║ия╗Дя║О╪и ┘Ия╗ля╗Ю я╗│я╗дя╗Ья╗ж я║Чя╗Дя║Тя╗┤я╗Шя╗к я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗ия║║ ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ия╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗Шя║к╪│ ╪г┘И я╗│я╗ия║┤я║дя║РтАм тАля╗Уя╗Шя╗В я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗ия║╝я╗о╪╡ ╪зя╗Яя║╕я║О╪▒я║гя║Ф╪Я ┘Ия╗ля╗Ю я║Ыя╗дя║Ф я║зя╗Дя║О╪и ╪пя╗│я╗ия╗▓ ┘И╪зя║гя║к я║╖я║Оя╗гя╗ЮтАм тАля║Яя║Оя╗гя╗К ╪г┘Е ╪гя╗зя╗мя║О я║зя╗Дя║Оя║Ся║О╪к ╪пя╗│я╗ия╗┤я║Ф я║Чя╗ия╗Дя╗ая╗Ц я╗гя╗ж я╗гя╗ия╗Дя╗ая╗Шя║О╪к ╪зя╗Яя║Шя║О╪▒я╗│я║ж ┘И╪зя╗Яя║Шя║Д┘Ия╗│я╗ЮтАк╪МтАмтАм тАля╗Ыя╗┤я╗Т я╗зя╗Шя║о╪г я╗Ля╗дя╗ая╗┤я║Ф ╪зя╗╣я║╗я╗╝╪н ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ия╗▓ ┘Ия║Чя║ая║кя╗│я║к ╪зя╗Яя╗Фя╗Ья║о ╪зя╗╣я║│я╗╝я╗гя╗░ я╗гя╗ия║м я╗гя║дя╗дя║ктАм тАля╗Ля║Тя║к┘З ┘Ия║Яя╗дя║О┘Д ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж ╪зя╗╖я╗Уя╗Ря║Оя╗зя╗▓ я║гя║Шя╗░ ╪зя╗╡┘ЖтАк ╪МтАм┘Ия╗Яя╗дя║О╪░╪з я╗Яя╗в я║Чя║╝я║Тя║в я║Чя╗┤я║О ┘Л╪▒╪з я║│я║Оя║Л ┘Ля║к╪зтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя║Ф ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф╪Я ┘Ия╗ля╗Ю я╗зя║дя╗ж я║Ся║дя║Оя║Яя║Ф ╪ея╗Яя╗░ я║Чя║ая║кя╗│я║к я║зя╗Дя║О╪и ╪▒╪зя║│я║жтАм тАля║Ся║Оя╗Яя╗дя╗Мя╗ия╗░ ╪зя╗╣я║╗я╗╝я║гя╗▓ ╪г┘Е ╪гя╗зя╗ия║О я║Ся║дя║Оя║Яя║Ф ╪ея╗Яя╗░ я║зя╗Дя║О╪и я║Яя║кя╗│я║к ╪г┘И я║зя╗Дя║Оя║Ся║О╪ктАм
тАлтАк98тАмтАм
тАля╗гя║О я║Ся╗Мя║к ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║Оя╗зя╗┤я║Ф ┘Ия╗гя║дя║О┘Ия╗Яя║Ф ╪гя╗зя║┤я╗ия║Ф ╪зя╗Яя║кя╗│я╗жтАм
тАля║Яя║кя╗│я║к╪й я║Чя╗ия╗Дя╗ая╗Ц я╗гя╗ж ╪зя╗╖я╗Уя╗Ья║О╪▒ ┘Ия╗Ля╗╝я╗Чя║Шя╗мя║О я║Ся║Оя╗Яя╗о╪зя╗Чя╗К я╗╗ я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗дя║Оя║┐я╗▓╪Я ┘Ия╗Ыя╗┤я╗ТтАм тАля╗│я╗дя╗Ья╗ия╗ия║О ╪░я╗Яя╗ЪтАк :тАмя╗ля╗Ю я║Ся║Ия╗Ля║О╪п╪й я╗Чя║о╪з╪б╪й ╪зя╗Яя╗ия║║ ╪г┘Е я║Ся║ая╗Мя╗ая╗к я║│я║Оя║гя║Ф я╗Яя╗ая║дя╗о╪з╪▒ ┘Ия╗гя║ОтАм тАля╗ля╗▓ я╗Чя╗о╪зя╗зя╗┤я╗ж ╪ея╗Ля║О╪п╪й ╪зя╗Яя╗Шя║о╪з╪б╪й╪Я я╗ля╗Ю я╗│я╗дя╗Ья╗ж я╗Яя╗ая║кя╗│я╗ж ╪г┘Ж я╗│я╗Ья╗о┘Ж ╪г╪п╪з╪й я╗Яя╗ая║Шя╗Ря╗┤я╗┤я║отАм тАл╪зя╗╗я║Яя║Шя╗дя║Оя╗Ля╗░ ╪г┘Е ╪гя╗зя╗к я║Ся╗Дя║Тя╗┤я╗Мя║Шя╗к ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗Фя║о╪╢ ╪ея╗│я╗Шя║Оя╗Ля╗мя║О я╗│я║Ья║Тя║Ц ╪зя╗Яя╗о╪зя╗Чя╗К╪Я ┘Ия╗ля╗ЮтАм тАля║Ыя╗дя║Ф я║Чя╗ия║Оя╗Чя║╛ я╗Уя╗▓ ╪пя╗Ля╗о╪й ╪зя╗Яя╗ия║О╪│ я╗Яя╗ая║Шя╗Ря╗┤я╗┤я║о я║Ся╗┤я╗ия╗дя║О я╗ля╗о я╗│я║┤я╗Мя╗░ я╗Яя║Шя║Ья║Тя╗┤я║Ц ╪▒╪д╪з┘З╪ЯтАм тАл┘Ия╗Пя╗┤я║оя╗ля║О я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Шя╗Ая║Оя╗│я║О ╪зя╗Яя╗дя╗мя╗дя║Ф ┘И╪зя╗╖я║│я║Мя╗ая║Ф ╪зя╗Яя╗дя║Ья║О╪▒╪й я║гя╗оя╗Яя╗мя║ОтАк.тАмтАм тАл┬╗╪в┘Ж ╪зя╗╖┘И╪з┘Ж ╪г┘Ж я╗│я╗Фя╗Ья║о ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж я║Ся╗Мя╗Шя╗ая╗к я╗╗ я║Ся╗Ья╗╝┘Е ╪зя╗Яя╗Фя╗Шя╗мя║О╪б ╪г┘И я║Чя║Д┘Ия╗│я╗╝я║Чя╗мя╗втАм тАля╗Яя╗ая╗ия║╝я╗о╪╡тАк ┘мтАм┘И╪пя╗Уя╗К ╪зя╗Яя╗дя║ая║Шя╗дя╗К ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя╗ия║Ф ┘Ия║Яя╗Мя╗Ю ╪зя╗╖я╗У┘Ая║о╪з╪п я╗│я║Шя║дя║оя╗Ыя╗о┘ЖтАм тАл┘Ия╗│я╗ия╗Ия║о┘И┘Ж ┘Ия╗│я║Шя║кя║Ся║о┘И┘Ж я╗Уя╗▓ я║╖я║Мя╗о┘Ж ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗в я╗гя╗ж я║зя╗╝┘Д я║Чя║Дя╗Гя╗┤я║о ╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║Оя╗зя╗▓┬л тАк.тАмтАм тАля╗│я║Жя╗Ыя║к я║╗я╗┤я║О┘Е я╗Ля╗ая╗░ ╪г┘Ж ╪зя╗Яя╗оя╗Ля╗▓ ╪зя╗╣я║│я╗╝я╗гя╗▓ ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я║┤я╗Мя╗░ ╪ея╗Яя╗░ ╪ея╗│я║ая║О╪птАм тАл╪ея║╗я╗╝╪н ╪пя╗│я╗ия╗▓ я╗│я║┤я║Шя╗ия║к я╗Ля╗ая╗░ ╪▒╪дя╗│я║Ф я╗гя╗Ря║Оя╗│я║о╪й я╗Яя╗║я║│я╗╝┘Е ╪зя╗╖я║╗я╗оя╗Яя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗мя╗┤я╗дя╗жтАм тАля╗Яя╗┤я╗Ья╗о┘Ж я║Ся║кя╗│я╗╝ я╗Ля╗ия╗ктАк ┘мтАмя╗гя╗К я║┐я║о┘И╪▒╪й ╪зя╗Яя╗оя╗Ля╗▓ я║Ся║Дя╗зя╗к я╗│я║┤я║Шя╗ия║к ╪ея╗Яя╗░ ╪▒┘Ия║гя║Оя╗зя╗┤я║Ф я║Чя║Шя║┤я╗ЦтАм тАля╗гя╗К я╗Чя╗┤я╗в ╪зя╗╣я╗зя╗Фя║Шя║О╪н я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╖я║зя║о ┘И╪зя╗Яя╗дя║┤я║О┘И╪з╪й ┘И╪зя╗Яя║Шя║┤я║Оя╗гя║в ┘Ия║гя║оя╗│я║Ф ╪зя╗Яя╗Фя╗Ья║отАм тАл┘И╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж ┘Ия║гя╗Шя╗о┘В ╪зя╗Яя╗Ря╗┤я║отАк ┘мтАмя║Чя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║ая╗Мя╗ая╗ия║О ╪гя╗гя║О┘Е ┘Ия║Яя╗о╪п я║Чя║Д┘Ия╗│я╗╝╪к я╗гя╗Ря║Оя╗│я║о╪йтАм тАля╗Яя╗ая╗дя╗Мя╗ия╗▓ ╪зя╗Яя╗Ия║Оя╗ля║о я╗Яя╗ая╗ия║║тАк ┘мтАмя║Чя╗Мя║░╪▓ я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Шя╗┤я╗в ╪зя╗╖я║зя╗╝я╗Чя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ля║к╪й ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗дя╗ия╗КтАм тАля║гя║к┘И╪л ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪к ┘Ия╗зя║Тя║м ╪зя╗╡я║зя║отАк .тАм┘Ия║Ся║мя╗Яя╗Ъ я╗Яя╗ж я║Чя║Шя║ия║Оя║╗я╗в я╗гя║О я║Ся╗Мя║к ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║Оя╗зя╗┤я║ФтАм тАля╗гя╗К ╪зя╗Яя║кя╗│я╗жтАк ┘мтАм┘Ия║Ся║Оя╗Яя║Шя║Оя╗Яя╗▓ я╗Яя╗ж я╗│я║┤я╗Мя╗░ ╪зя╗╖я║зя╗┤я║о ╪ея╗Яя╗░ ╪ея╗зя╗мя║О╪б ┘Ия║Яя╗о╪п ╪зя╗╖┘Ияпия╗в я╗Уя║Оя╗Яя╗Ая║кя╗│я║ФтАм тАля╗╗ я║Чя╗Мя╗ия╗▓ ╪гя╗Уя╗о┘Д ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж ╪г┘И я║гя║Шя╗░ я╗Пя╗┤я║О╪и ╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗ЮтАк .тАмя╗Уя║И╪░╪з я╗Ыя║Оя╗зя║Ц ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║Оя╗зя╗┤я║ФтАм тАля║Чя║дя║О┘И┘Д я║Чя╗ая╗оя╗│я╗ж я╗гя╗ия╗Дя╗Ц ╪зя╗Яя║дя╗┤я║О╪й я║Ся╗ая╗о┘Ж ╪пя╗зя╗┤я╗о┘КтАк ╪МтАм╪п┘И┘Ж я║│я╗ая║Р я╗Яя╗Шя╗┤я╗в ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж ╪г┘ИтАм тАл┘Ия║Яя╗о╪п┘ЗтАк ╪МтАмя╗Уя║И┘Ж я╗гя║О я║Ся╗Мя║к ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║Оя╗зя╗┤я║Ф я║Чя║┤я╗Мя╗░ ╪ея╗Яя╗░ ╪ея╗Ля║О╪п╪й ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж я╗гя║о╪й ╪гя║зя║о┘ЙтАк╪МтАмтАм тАл┘И╪░я╗Яя╗Ъ я╗Яя║Шя╗Ья║оя╗│я║▓ ╪зя╗Яя║о┘Ия║гя║Оя╗зя╗┤я║О╪к ┘И╪зя╗Яя╗Шя╗┤я╗в ╪зя╗╖я║зя╗╝я╗Чя╗┤я║Ф ╪зя╗╣я╗зя║┤я║Оя╗зя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║╕я║ая╗КтАм тАля╗Ля╗ая╗░ я║│я╗┤я║О╪п╪й ╪зя╗Яя║┤я╗╝┘ЕтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║Шя║┤я║Оя╗гя║в ┘И╪зя║гя║Шя║о╪з┘Е ╪зя╗╡я║зя║о ┘Ия║Чя╗оя╗Гя╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║дя║оя╗│я║ФтАк.тАмтАм тАля╗│я║Шя║Ш┘А┘Ая║Тя╗К ╪зя╗Яя╗дя║Жя╗Яя╗Т я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Фя║╝я╗Ю ╪зя╗╖┘И┘Д я╗гя╗ж я╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗ктАк ┘мтАмя╗Зя║Оя╗ля║о╪й ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж я╗гя╗ия║м ╪г┘ЖтАм тАля╗Ля║оя╗Уя╗мя║О ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж ┘Ия╗Ыя╗┤я╗Т ╪гя╗зя╗к ╪зя╗зя║╕я╗Ря╗Ю я╗гя╗ия║м ┘Ия║Яя╗о╪п┘З ╪зя╗╖┘И┘Д я║Ся║дя║к┘И╪п ╪зя╗╖я╗Яя╗оя╗ля╗┤я║ФтАм тАл┘Ия╗Гя╗Ря╗┤я║Оя╗зя╗мя║О я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗Фя╗Ая║О╪б ╪зя╗Яя║ия║О╪╡ я║Ся║Оя╗Яя║м╪з╪к ╪зя╗Яя║Тя║╕я║оя╗│я║ФтАк .тАм┘Ия╗│я║мя╗ля║Р я║╗я╗┤я║О┘ЕтАм тАл╪ея╗Яя╗░ ╪г┘Ж ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж я╗ля╗о я╗гя║ая╗дя╗оя╗Ля║Ф я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║╝я╗┤я║Оя╗Пя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║оя║Чя║Тя╗Дя║Ф я║Ся║Шя╗Фя║┤я╗┤я║о ╪▒╪д┘КтАм тАл╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗втАк ┘мтАм╪ея╗Яя╗░ я║Яя║Оя╗зя║Р я╗гя║О я╗│я║дя╗дя╗ая╗к я╗гя╗ж ╪пя╗╗я╗╗╪к я╗Уя║о╪пя╗│я║Ф я║Чя║┤я║Оя╗ля╗в я╗Уя╗▓ я║зя╗ая╗ЦтАм тАл╪зя╗Яя║Шя║ая╗ая╗┤я║О╪к ┘И╪зя╗Яя║Шя║оя║│я╗┤я╗дя║О╪к ╪зя╗Яя║ия║Оя║╗я║Ф я║Ся║Оя╗Яя╗оя╗Зя║Оя║Ля╗Т ╪зя╗Яя╗Ья║Оя╗гя╗ия║Ф я╗Яя╗ая╗Мя╗Шя║Оя║Ля║к ┘И╪зя╗Яя╗Дя╗Шя╗о╪│тАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя╗дя║О╪▒я║│я║О╪к ╪зя╗Яя║о┘Ия║гя╗┤я║ФтАк.тАмтАм тАля║Ся╗┤я╗ия╗дя║О я║Чя╗ия║О┘И┘Д ╪зя╗Яя╗Фя║╝я╗Ю ╪зя╗Яя║Ья║Оя╗зя╗▓ я╗гя║дя║О┘Ия╗╗╪к я║Чя║ая║кя╗│я║к ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ж ┘И╪зя╗Яя║ая║к┘Д ┘И╪зя╗╖я╗Уя╗Ья║О╪▒тАм
اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺄرﻳﺦ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم .2012ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧــﺮى ،ﻳُﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أﻧﻤﻮذﺟﺎً ﺑﺤﺜﻴﺎً اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﺑـ»اﻟﺼﺮاﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪا ً ﻟﻠﺪراﺳﺎت ﱢ اﻟﻤﻤﺘﺪة« ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻮاﻓﺮه ﻋﻠﻰ أﺣﺪث اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻼت اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻﻗﺖ ﺑﺤﺼﺎً ودرﺳﺎً وﺗﺨﻠﻴﻼً ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ،2012وأﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ واﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺘﺰاﻣﻨﺔ ﻣﻊ وﺟﻮد اﻷزﻣﺔ واﻟﻨﺰاع ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﻟﻨﻈﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ واﻟﻤﺴﺎﻋﻲ ﻟﺤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻹﻣﺎراﺗﻲ واﻟﺨﻠﻴﺠﻲ واﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺪوﻟﻲ .وأﺧﻴﺮا ً ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺪﻗﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺑﺮوح ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻜﺒﺮى واﻟﺼﻐﺮى اﻟﺪاﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﺼﺮاع واﻷزﻣﺔ ﻣﻌﺎً ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺠﻌﻞ
اﻟﺘﻔﺎؤل ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﺑﺄن ﺟﻴﻼً ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ اﻟ ُﺠﺪد ﺳﻴﻜﻮن ﻛﻔﻴﻼً ﺑﺒﻨﺎء ﻣﻨﺤﻰ دراﺳﻲ ﻳُﻨﺸﺊ ﻧﻤﻄﺎً ﻗﺮاﺋﻴﺎً ﻣﻐﺎﻳﺮا ً ﻟﻠﺴﺎﺋﺪ أو اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي وﻫﻮ ﻳُﻘﺒﻞ ﺑﺎﻟﺪرس واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎﻳﺎ وإﺷﻜﺎﻟﻴﺎت ﻣﻤﺘﺪة اﻟﺼﺮاع ﻓﻲ وﻃﻨﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ إﺣﺎﻻت: - 1اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن :اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث ..إدارة اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ص ،14ﻛﺘﺎب اﻻﺗﺤﺎد، أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻺﻋﻼم ،أﺑﻮﻇﺒﻲ.2016 ، - 2اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .15 - 3اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .15 - 4اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .24 - 5اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .24 - 6اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .25 - 7اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .27
- 8اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .27 - 9اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .27 - 10اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .28 - 11اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .28 - 12اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .29 - 13اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .31 - 14اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .43 - 15اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .53 - 16اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .55 - 17اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .56 – 55 - 18اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .70 - 19اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .77 - 20اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .87 - 21اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .90 - 22اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .96 – 95 - 23اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .96 - 24اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .97 - 25اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .113 - 26اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ص .118 – 117
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
97
ĘĝšŤē śŵĸ
ﻣﻌﺎدﻳﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻺﻣﺎرات ﻛﻌﺪو ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺣﻠﻴﻔﺎً ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ،وﺗﺒﺪو اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻤﻀﻴﻖ ﻫﺮﻣﺰ وراء ﺗﺸ ﱡﺪد إﻳﺮان وﺗﻤﺴﻜﻬﺎ ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺰاع ﺣﻮل اﻟﺠﺰر«).(21 وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ،ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﺼﻄﻠﺢ »ﻋﻘﻠﻴﺔ اﻟﺤﺼﺎر« ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻜﱢﺮ ﺑﻬﺎ اﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن، اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ: وﻳﻌ ﱢﺪد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﱢ أوﻻً :ﺗﺸﻌﺮ إﻳﺮان ﺑﺄﻧﻬﺎ ُﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ،واﻋﺘﺒﺮت أي ﺗﺼﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث ﺟﺰءا ً ﻣﻦ ﺧﻄّﺔ ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻰ اﺣﺘﻮاء اﻟﻨﻔﻮذ اﻹﻳﺮاﻧﻲ. ﺛﺎﻧﻴﺎً :ﺗﺨﺸﻰ إﻳﺮان ﻣﻦ أن ﺗﺆ ﱢدي اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻟﻨﺰاع اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ إﻟﻰ ﺗﺰاﻳﺪ ﻧﻔﻮذ دول ﻋﺮﺑﻴﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻣﺼﺮ ،وﺗﺴﻌﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻔﻮذ. ﺛﺎﻟﺜﺎً :ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺸ ﱢﻮﻩ اﻟﻨﺰاع ﺻﻮرة »اﻟﺜﻮرة اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ« ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ).(22 ﻟﻬﺬا ،ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺄﻧﻪ ،وﻓﻲ ﺿﻮء ﻫﺬه اﻟﻨﻘﺎط» ،رﺑﻤﺎ اﻟﺴﻬﻞ ﻓﻬﻢ أﺳﺒﺎب رﻓﺾ إﻳﺮان اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﻨﺰاع اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰر ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻻ ﻳﺜﻖ ﺑﻤﻮﻗﻔﻪ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺼ ّﻮرﻫﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ«).(23 ﻣﺎذا ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺪوﻟﻲ ﻣﻊ اﻟﻨﺰاع ﺣﻮل اﻟﺠﺰر؟ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺘﺄﻣﻠﻪ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻣﻌﻨﻮن ﺑـ »اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ« ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة
96
اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث إدارة اﻟﺼﺮاﻋﺎت ّ
أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ »أن اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ واﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﻨﺰاع ﺗﺸﻜﱠﻠﺖ وﺗﻘ ّﻴﺪت ﺑﺎﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘﻪ اﻟﻘﻮى اﻷﺧﺮى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة وﻧﻔﻮذﻫﺎ ﻋﻠﻰ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ«) .(24وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺘﻮﻏﱠﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ دراﺳﺔ ُﺟﻤﻠﺔ اﻟﺘﺪﺧﱡﻼت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،وﻳﺴﺘﻌﺮض أدوارﻫﺎ اﻟﻤﺘﺪاﺧﻠﺔ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﻄﺮﻓﻴﺔ واﻟﺒﻴﻨﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺰاﻣﻨﺖ ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﻨﺰاع واﺳﺘﻤﺮاره ﺣﻮل اﻟﺠﺰر ،ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺬي ﻳﺒﺪي ﺗﺮﺣﻴﺒﺎً اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻟﺤﻞ اﻷزﻣﺔ ،واﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺮوﺳﻲ ﻣﺘﻮاﺻﻼً ﺑﺎﻟﺠﻬﻮد اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﱢ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺬي ﺗﻤﻴﺰ ﺑﺎﻻﻋﺘﺪال ،ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺼﻴﻨﻲ اﻟﺬي ﻇﻞ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎً ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻣﻊ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻣﻨﻬﺎ اﻹﻣﺎرات وإﻳﺮان وﻟﻜﻦ دون ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﺰاع ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺘﻌ ﱡﻨﺖ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﺑﻌﺪم اﻟﺘﻔﺎوض اﻟﺤﺎﺳﻢ ﺑﺸﺄﻧﻪ. ôŀńøĄŃ õîŋŎœčîňŔē
إﻟﻰ »اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ« ،ﺣﻴﺚ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻷﺧﻴﺮ وﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﺄن »دوﻻً ﻋ ّﺪة ﻗﺪ أﻋﺮﺑﺖ ﻋﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﺣﻴﺎل اﻟﻨﺰاع ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﻆ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﺪول ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ اﻹﻣﺎرات وإﻳـــﺮان«) .(25ﻟﻴﺨﻠﺺ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ إﻟﻰ وﺟﻮد أرﺑﻌﺔ ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮﻫﺎت ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﺑﺸﺄن اﻷزﻣﺔ ،وﻫﻲ: اﻷول :اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ دون ﺣﺪوث أي ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻤﺘﻨﻊ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻋﻦ اﻟﻀﻐﻂ ﺑﻘﻮة أﻛﺒﺮ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﺗﻐﻴﺮ إﻳﺮان ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺑﻬﺎ أو ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﻟﻠﻨﺰاع ،وﻫﻮ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻷﻛﺜﺮ اﺣﺘﻤﺎﻻً. اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺪوﻟﻲ ﻋﻠﻰ إﻳﺮان ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار ﻋﺰﻟﺘﻬﺎ وﻣﺨﺎوﻓﻬﺎ ﻣﻦ اﻧﺪﻻع اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻘﻴﺎدة ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺘﺒ ّﻨﻰ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﺣﻴﺎل ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺠﺰر. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﻘﻖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻇﺮوف ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻏﻮﺑﺔ؛ وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺣﺪوث أزﻣﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻌ ﱡﺮض اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻟﻬﺠﻤﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ،ﻓﻮﻗﺘﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﻴﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺠﺰر اﻟﻤﺘﻨﺎزع ﻋﻠﻴﻬﺎ إﻟﻰ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﻘﻮة ،...ﻟﻜﻦ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺠﺰر ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺮب إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺴﻠﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﺿﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﺴﺎﻋﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﱢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ. اﻟﺮاﺑﻊ :أن ﺗﺘﺨﻠّﻰ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻋﻦ ﻣﺴﻌﺎﻫﺎ ،وﺗﻘﺮ ﺑﺄن اﻟﻤﺒﺎﺣﺜﺎت اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك رﻏﺒﺔ ﺑﺎﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة ﻟﺪﻋﻢ ﻣﻄﺎﻟﺒﺎﺗﻬﺎ ،وﻫﻮ ﺳﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻓﺘﺮاﺿﻲ).(26 آل -ﻧﻬﻴﺎن وﺑﻌﺪ ،ﻓﺈن دراﺳﺔ اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ 1 )اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث ..إدارة اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ( ﻟﺘﻌ ﱡﺪ واﺣﺪة ﻣﻦ أﺣﺪث اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺠﻴﻮ -ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻬﺎ واﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺠﺖ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺒﺤﺚ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻳﻨﺔ أزﻣﺔ اﻟﺠﺰر ﺑﻴﻦ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻳﺮان
čîĜĄĿí ôŔŀĸī
وﻫﻨﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺄن ﻣﻮﻗﻒ إﻳﺮان ﻳﺒﻘﻰ ﻣﺘﻤﺴﻜﺎً ﺑﺎﻟﺠﺰر؛ »ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺠﺰر أن ﺗﻘﻊ ﻓﻲ أﻳﺪ
اﻟﺮاﺣﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ
ﻫﺬه اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث وﻓﻖ ﻣﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻣﻦ روح ﺳﺎﻟﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺪور ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻨﻮات ﻣﻦ ﺗﺠﺎذﺑﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ودوﻟﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺑﺤﺜﻪ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻇﻞ اﺗﺒﺎع اﻹﻣﺎرات ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﺪى ،وﻓﻲ ﻇﻞ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻦ اﻳﺮان واﻹﻣــﺎرات ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻌﻴﺪ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴﻠﻂ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ اﻷﺿﻮاء ﻋﻠﻰ ﺣﺮاك اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻲ دﺑﻲ وﺣﺪﻫﺎ ﺣﻮاﻟﻲ 400أﻟﻒ إﻳﺮاﻧﻲ ،وﺣﻴﺚ ﺗﻌ ﱡﺪ اﻹﻣﺎرات »واﺣﺪة ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﺷﺮﻛﺎء اﻳﺮان اﻟﺘﺠﺎرﻳﻴﻦ«)،(19 ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﱢﻢ ﻟﺠﻮء اﻹﻣﺎرات إﻟﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺣﻜﻴﻤﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﺎرة اﻳﺮان رﻏﻢ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ ﻃﺎل أﻣﺪﻫﺎ .ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﺳﻴﺘﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﺑﺸﺄن اﻷزﻣﺔ وﻓﻖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺤﺠﺞ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ادﻋﺎءاﺗﻬﺎ ﻓﻴﺴﺘﻌﺮض اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻳﺮان اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺪﻳﻤﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﺑﻞ واﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﺒﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ وﺗﻌ ﱠﺮﺿﺖ ﻟﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻛﺜﻴﺮا ً ﺑﺒﻌﺪﻫﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﱠ اﻟﻘﻮﻣﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ ،اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ،وﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪا ً أﻳﻀﺎً ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻪ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﻣﻊ إﻳﺮان ﺗﺘﻨﻮع ﺑﺤﺴﺐ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﻟﺤﺎل ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ أن »اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة أﻣﺮ ﺑﺎﻟﻎ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻟﻔﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻄﻮرت ،ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ،وﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﻘﻮل إن إﻳﺮان ﻛﺎﻧﺖ دوﻟﺔ ﻋﺪاﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي«).(20
ﻳﻨﺘﻬﻲ ﱠ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ إﻟﻰ أن ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت »ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﻨﺰاع ﺣﻮل اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث أﻣﺮاً ﻋﺴﻴﺮاً ﺟﺪاً ،وﻟﻌﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﺤ ﱢﻘﻖ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻫﻮ ً وﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺠﺎه ﻃﺒﻴﻌﺔ أن ﻳﺒﺪي وﻋﻴ ًﺎ ﺑﺎﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻟﺒﻨﺎء أي ﺗﺤﻠﻴﻞ«
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
95
ĘĝšŤē śŵĸ
اﻟﺮاﺣﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﻇﺮوف اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ آﻧﺬاك.وﻓﻲ ﺧﻀﻢ ذﻟﻚ ،ﻛﺎن اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن واﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﻮن ﻳﺘﻐﻠﻐﻠﻮن ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮاﻗﺒﻮن ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻟﻔﻚ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮب اﻟﻘﻮاﺳﻢ، ﻟﻜ ّﻨﻬﻢ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ اﻧﺘﻬﻮا إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﻣﻊ ﺷﻴﻮخ اﻹﻣﺎرات اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺤﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺧﻀﻌﺖ »ﻫﺬه اﻹﻣﺎرات أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻠﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ...واﺳﺘﻤﺮت اﻷوﺿــﺎع ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻫﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﺟﻼء ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻋﺎم ،(14)«1971ﻟﻜﻦ إﻳ ـﺮان ﻟﻢ ﺗﺘﺨﻞ ﻋﻨﻬﺎ. وﻳﺘﺤ ﱠﺪث اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ ﻋﻦ اﻟــﺪور اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ،ﺣﻴﺚ وﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،1903 وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺣﺘﻞ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن اﻟﺠﺰر ،ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ رﻓﻌﻮا ﻋﻠﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻨﺐ اﻟﻜﺒﺮى وأﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ،وﻓﻲ ﻋﺎم 1908رﻓﻌﻮه ﻋﻠﻰ ﻃﻨﺐ اﻟﺼﻐﺮى .أﻣﺎ اﻹﻣﺎرات وﺑﻌﺪ إﻋﻼﻧﻬﺎ ﻛﺪوﻟﺔ ﻣﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﻋﺎم ،1971ﻓﻘﺪ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎً ﺑﺎﻟﺴﻴﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰر ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻳﺮان ﺗﺆﻛﱢﺪ 94
ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻬﺎ ،وﻇﻠّﺖ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﺠﺰر ﻣﻠﻜﻴﺔ ّ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻨﺰاع ﻣﺤﻞ ﺗﺠﺎذﺑﺎت دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ. وﻳﻨﻬﻲ اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﺑﻘﻮﻟﻪ »ﺟﻮﻫﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ أﻧﻪ ،وﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻮر اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﺛ ﱠﻤﺔ ﺗﻌﺬر ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﻨﺰاع ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات ﺣﻮل اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث؛ إذ إن ﱟ وإﻳﺮان ﺗﺄوﻳﻼت ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺗﺒﺎﻳﻨﺎً ﺟﺬرﻳﺎً ﻟﻸدﻟﺔ، وﻟﻢ ﺗﺒﺪ أي ﻣﻨﻬﻤﺎ اﺳﺘﻌﺪادا ً ﻟﻠﺘﻨﺎزل ﻋﻦ اﻻدﻋﺎءات«).(15 ôŔ÷íčîŃří ôŔēîŃŎŀñĊĿí
ﻳﺘﻮاﻓﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ،واﻟﺬي ﺟــﺎء إﻟــﻰ ﻋــﻨــﻮان »ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺣــﺪة اﻟﻨﺰاع وإدارﺗـــﻪ« ،ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻘﺮوﻧﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻟﺠﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﺟﺮى ﺑﺸﺄن اﻷزﻣﺔ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ ﻋﺎم ،1992أي إﺑﺎن ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﻌﺮاﻗﻲ ،وإﺛﺮ اﺣﺘﻼل إﻳﺮان ﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺟﺰﻳﺮة أﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ،وﻣﻊ أن ذﻟﻚ
اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث إدارة اﻟﺼﺮاﻋﺎت ّ
ﻛﺎن اﺳﺘﻔﺰازا ً إﻻّ أن »اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺷﻜﻼً وﻣﻮﺿﻮﻋﺎً رﻏﻢ أن ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘ ﱡﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺄﻫﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎن«) .(16وﻟﺬﻟﻚ ،ﺳﻠﱠﻂ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ اﻷﺿﻮاء ﻋﻠﻰ اﻵﻟﻴﺎت اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪﺗﻬﺎ دوﻟــﺔ اﻹﻣــﺎرات ﻓﻲ إدارة اﻟﻨﺰاع ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ ،أﻻ وﻫﻲ اﻟﻤﺤﺎدﺛﺎت اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ودﻋﻮات اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ،ووﺳﺎﻃﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﺗﻌﺒﺌﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ«) .(17وﻋﺰز اﻟﺒﺎﺣﺚ ،ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﻟﻔﺼﻞ ،ﻣــﻦ ﺣﻀﻮر ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻘﺮوﻧﺎً ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ ،واﻧﺘﻬﻰ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل: ﻟﻘﺪ »اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ اﻹﻣﺎرات ﺧﻄﺎﺑﺎً واﺛﻘﺎً ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ أﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ اﻟﻤﺘﻨ ﱢﻮﻋﺔ ،ﻣﻤﺘﻨﻌﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت اﻟﺘﺤﺮﻳﻀﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻤﺪة ﻟﺘﺼﻌﻴﺪ اﻟﻤﻮﻗﻒ«).(18 إﻟﻰ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺣﺜﻴﺜﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﺑﺸﺄن ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﱢﺪ أﺣﻘﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻴﺔ
ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻬﺬه اﻟ ﱡﻨﺨﺒﺔ«).(5 ﺑﺄن »ﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ ّ وﻳﺬﻫﺐ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل إﻧﻪ »ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺨﻠﻴﺞ أن ﺗﺴﺘﺜﻤﺮ ﻓﻲ رأﺳﻤﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟ ﱡﻨﺨﺐ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،وإﻧﻨﻲ ﻓﺨﻮر إذ أﻗﻮل إ ﱠن ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﻗ ّﻴﻤﺔ ﺟﺪا ً ﻓﻲ ﺣ ﱢﺪ ذاﺗﻬﺎ ،وﻟﻜ ّﻨﻬﺎ أﻳﻀﺎً ﺗﺴﻠﱢﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره واﺣﺪا ً ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ«).(6 ĐŔĄøĿíō ôŔīŎğŎńĿí
اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن
ﺑﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺣﻴﺎل اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ واﻹﺳﻼم ،ﻗﺎل ﺳﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد» :ﻫﻨﺎك إﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ أن اﻹﺳﻼم ﻛﺒﺶ ﻓﺪاء ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﺪف أﻧﻨﺎ ﻧﻜﺮﻫﻪ ﺣﻴﺎل اﻷﻧﻤﺎط اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ .اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻴﻤﻴﻦ ﻳﻤﺜﻞ اﻟﻬﻤﺠﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻤﺜﻞ اﻟﻴﺴﺎر ﺛﻴﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻘﺮون اﻟﻮﺳﻄﻰ ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﺳﻂ ﻓﻬﻮ ﺷﻲء ﻛﺮﻳﻪ«).(11 ﻓﻲ »ﻣﻘ ﱢﺪﻣﺘﻪ« أﻳﻀﺎً ،ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ إﻟﻰ أن ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت »ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﻨﺰاع ﺣﻮل اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث أﻣﺮا ً ﻋﺴﻴﺮا ً ﺟﺪا ً ،وﻟﻌﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﺤﻘﱢﻖ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻫﻮ أن ﻳﺒﺪي وﻋﻴﺎً ﺑﺎﻟﻤﺸﻜﻠﺔ وﺣﺴﺎﺳﻴ ًﺔ ﺗﺠﺎه ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻟﺒﻨﺎء أي ﺗﺤﻠﻴﻞ«) ،(12وﻫﺬا ﻣﺎ أﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
ﻓﻲ »ﻣﻘ ﱢﺪﻣﺘﻪ« ﻟﻠﻜﺘﺎب ،ﺗﻄ ّﺮق اﻟﺸﱠ ﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن إﻟﻰ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺤﻴﺰ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ﻫﻜﺬا ﻣﺸﻜﻼت ﺟﻴﻮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄن»أﻏﻠﺐ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳــﻂ ﺗــﺆ ﱢدي إﻟﻰ إﺛــﺎرة ﻋﻮاﻃﻒ ﻗﻮﻳﺔ، وﻟﻴﺲ اﻟﻨﺰاع ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث وﻗﻀﺎﻳﺎ أﻣﻦ ĂĿîĜŃō õîīíĎě اﻟﺨﻠﻴﺞ اﺳﺘﺜﻨﺎ ًء ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وإﺣﺪى ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬه ﻳﻘ ﱢﺪم اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب )اﻟﻤﺪﺧﻞ( اﻟﻌﻮاﻃﻒ اﻟﻘﻮﻳﺔ أن ﺟﺎء ﻛﺜﻴ ٌﺮ ﻣﻦ اﻷدﺑﻴﺎت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺻﻴﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﻨﺰاع ﻣﺘﺤﻴﺰة ﺟﺪا ً«).(7 اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻔﺼﻮﻟﻪ اﻟﺴﺒﻌﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﺜﻞ وﻳﻮرد ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﻴﻞ أﺳﻤﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ »اﻟﻨﺰاع ﺣﻮل اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث؛ أﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ، اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﻧﺨﺮﻃﻮا ﻓﻲ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ وﻃﻨﺐ اﻟﻜﺒﺮى ،وﻃﻨﺐ اﻟﺼﻐﺮى ،ﺟﺮﺣﺎً اﻟﻤﺘﺤﻴﺰة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ أﺳﻤﺎء أﺧﺮى اﺗﺨﺬت إن دراﺳﺔ ﱠ اﻟﺸﻴﺦ ﻃﺮﻳﻘﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﺗﺒﺪو اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ،ﺧﺎﻟﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ واﺣﺪة ﻣﺆﻟﻤﺎً وﻣﺜﺎر ﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻦ دوﻟﺔ دﻗﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻳﺮان إﻟﻰ ﺣ ﱟﺪ ﻣﺎ ،ﻧــﺎدرة اﻟﻮﺟﻮد ﻣﺜﻞ »داوود ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت ً اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ«) .(13ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ ﻻ ﻳﻨﺴﻰ ﻫﺮﻣﻴﺪاس« اﻟﺬي ﺗﻨﺎول ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻨﺰاع ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺘﻠﻂ ﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺪوﻟﺔ؛ أﻻ وﻫﻲ اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻨﺰاع ،وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻮ ﺛﻨﺎﺋﻲ، اﻟﺠﺰر ﺑﻴﻦ إﻳﺮان واﻹﻣﺎرات رﻏﻢ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﺸﱠ ﻴﺦ ﺑﻴﻦ دوﻟﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺪاﺛﻴﺔ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻫﻮ أﻳﻀﺎً إﻗﻠﻴﻤﻲ ودوﻟﻲ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﻮارﺛﺘﻪ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺑﺸﺄن ﻫﺬه ا ﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﻣﻊ اﻷﻃﺮاف اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻋﺒﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً، اﻟﻨﺰﻋﺎت ،ﺑﻞ ،وﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ» :ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ دوﻟﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻟﻜ ّﻨﻬﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪاً إﻟﻰ اﻟﻘﺮن ﻓﺎﻟﺘﻤﺴﻚ اﻹﻳﺮاﻧﻲ ﻻ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻋﺎم 1979 ﻷي أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع أن ﻳﺤﻘﱢﻖ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻧﻤﺎ إﻟﻰ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﺷﻴﻮخ وأﻣﺮاء اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ«) ،(8ﻟﻜ ّﻨﻪ ﻳﺼﻒ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﻳﺮان ا ﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﺮﻣﻴﺪاس ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻣﻘﻨﻌﺔ«).(9وﻻ ﺷﻚ أن ﻧﺰاﻋﺎً اﻹﻣﺎرات ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺎﻟﺠﺰر ﻟﻜﻦ اﻟﺪول اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻌﺒﺖ دورا ً ﻓﻲ ﻣﺎ اﻧﺘﻬﺖ إﻟﻴﻪ ﺣﻴﺎزة ﻫﺬه ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ وﺛﺎﺋﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﻋﻤﺎد اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻲ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ ﻳﺮى أن اﺧﺘﻴﺎرا ً ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺠﺰر ﻣﻦ ﻃﺮف إﻳﺮان ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم. »ﺗﺤ ﱢﺪده ﺑﻘﺪر ﻛﺒﻴﺮ اﻟﺘﺤﻴﺰات اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ..وﺗﻌ ﱡﺪ اﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻬﺬا ،ﺳﻴﻨﺼﺮف اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﺜﺎﻻً آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻴﺰ«) .(10ﻋﻠﻰ أن ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﺤﻴﺰ ﻟﻠﻨﺰاع ،ﻓﻴﺄﺧﺬﻧﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ إﻟﻰ ﻋﻤﻖ اﻟﺘﺄرﻳﺦ ﺣﻴﺚ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﺗﺒﺪو ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺘﻌﻠﱢﻖ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ وﺑﺴﻂ ﻧﻔﻮذﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻣﻨﺬ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ذات اﻟﺸﺄن اﻟﺼﺮاﻋﻲ -اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،وﻳﺴﺘﺸﻬﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ ﺳﻨﺔ 1507م ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺳﻄﻮع ﻧﺠﻢ اﻟﻘﻮاﺳﻢ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﺑﻤﺎ أﻣﺎط اﻟﻠﺜﺎم ﻋﻨﻪ إدوارد ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ ،ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﱠﻖ ﻋﺸﺮ ،ﻟﺘﺒﻘﻰ اﻟﺠﺰر ﻳﺘﻨﺎوﺑﻬﺎ اﻟﻌﺮب واﻹﻳﺮاﻧﻴﻮن وﺳﻂ ﺗﺠﺎذﺑﺎت
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
93
тАлтАк─Ш─Э┼б┼д─У ┼Ы┼╡─╕тАмтАм
тАл╪▒╪дя╗│я║Ф я╗Чя║о╪зя║Ля╗┤я║Ф я╗гя╗Ря║Оя╗│я║о╪йтАм
тАл╪зя╗Яя║ая║░╪▒ ╪зя╗Яя║Ья╗╝╪лтАм
тАл╪е╪п╪з╪▒╪й ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя╗дя╗дя║Ш ┘Ся║к╪й я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║ия╗ая╗┤я║Ю ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗▓тАм
тАлтАк─╜┼О─У─Н ─К┼Д─Д┼Г ─╜┼О─У─Н ─ЙтАмтАм
тАля║Чя╗ая╗Мя║Р ╪зя╗Яя║к╪▒╪зя║│я║О╪к ╪зя╗Яя║ая╗┤я╗о тАк -тАмя║│я╗┤я║Оя║│я╗┤я║Ф ╪п┘И╪▒╪з┘Л я╗гя╗мя╗дя║О┘Л я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Ья║╕я╗Т я╗Ля╗ж я║Яя╗о╪зя╗зя║РтАм тАля║╖я║Оя║Ля╗Ья║Ф я╗Ля║к┘С ╪й я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║к╪зя║Ля║о╪й ╪▒я║гя║Оя╗ля║О я╗Уя╗▓ я╗Ля║Оя╗Яя╗дя╗ия║О ╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║ЪтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя╗Мя║Оя║╗я║отАк ╪МтАмя║зя║╝я╗оя║╗я║О┘Л я╗Ля╗ия║кя╗гя║О я║Чя╗Мя║Шя╗дя║к тАк -тАмя╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║к╪▒╪зя║│я║О╪к тАк -тАмя╗Ля╗ая╗░ ╪▒╪дя╗│я║Ф я╗гя╗ия╗мя║ая╗┤я║ФтАм тАля╗гя╗Ря║Оя╗│я║о╪й я╗Яя╗ая║┤я║Оя║Ля║к ╪г┘И ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║к┘К ╪зя╗Яя║м┘К я║Ся║О╪к я╗│я╗мя╗┤я╗дя╗ж я╗Ля╗ая╗░ ╪гя╗Пя╗ая║Р ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Ия╗о╪▒╪з╪ктАм тАл╪зя╗Яя╗Шя║о╪зя║Ля╗┤я║Ф я╗Яя╗ая║╝я║о╪зя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя╗ия║Оя║╖я║Мя║Ф ┘И╪зя╗Яя╗дя╗дя║Шя║к╪й я║Ся╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║к┘И┘Д ┘И╪зя╗Яя║╕я╗Мя╗о╪и я╗Ыя╗дя║╕я╗Ья╗ая║ФтАм тАл╪зя╗Яя║ая║░╪▒ ╪зя╗Яя║Ья╗╝╪л я║Ся╗┤я╗ж я║Яя╗дя╗мя╗о╪▒я╗│я║Ф ╪ея╗│я║о╪з┘Ж ╪зя╗╣я║│я╗╝я╗гя╗┤я║Ф ┘И╪п┘Ия╗Яя║Ф ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║Шя║дя║к╪й ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗Мя╗о╪п ╪ея╗Яя╗░ я╗Ля╗Шя╗о╪п я╗гя║Оя║┐я╗┤я║Ф ┘Ия╗гя║О ╪▓╪зя╗Яя║ЦтАк.тАмтАм тАля╗Яя╗Мя╗Ю я╗гя║О я╗│я╗дя╗┤я║░ я╗Ыя║Шя║О╪и ╪зя╗Яя║╕я▒а я╗┤я║ж ╪зя╗Яя║кя╗Ыя║Шя╗о╪▒ я║зя║Оя╗Яя║к я║Ся╗ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к ╪в┘Д я╗зя╗мя╗┤я║О┘ЖтАм тАл)╪зя╗Яя║ая║░╪▒ ╪зя╗Яя║Ья╗╝╪лтАк ..тАм╪е╪п╪з╪▒╪й ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя╗дя╗дя║Шя║к┘С ╪й я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║ия╗ая╗┤я║Ю(тАк ╪МтАм╪зя╗Яя║╝я║О╪п╪▒ я║Чя║оя║Яя╗д ┘Ля║ФтАм тАля╗гя║Жя║зя║о╪з┘Л я╗Ля╗ж я║│я╗ая║┤я╗ая║Ф ┬╗я╗Ыя║Шя║О╪и ╪зя╗╗я║Чя║дя║О╪п┬л тАк -тАм╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓ я╗Яя╗║я╗Ля╗╝┘ЕтАк ╪МтАмя║┐я╗дя╗ж я╗гя║╕я║о┘И╪╣тАм тАля║Яя╗Мя╗Ю я╗Ля║О┘Е тАк 2016тАмя╗Ля║Оя╗гя║О┘Л я╗Яя╗ая╗Шя║о╪з╪б╪й я╗Уя╗▓ ╪п┘Ия╗Яя║Ф ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя║Шя║дя║к╪й я║Ся║кя╗Ля╗о╪йтАм тАля╗гя╗ж я║╗я║Оя║гя║Р ╪зя╗Яя║┤я╗дя╗о ╪зя╗Яя║╕я▒а я╗┤я║ж я║зя╗ая╗┤я╗Фя║Ф я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к я║Ся╗ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж ╪в┘Д я╗зя╗мя╗┤я║О┘ЖтАк ╪МтАм╪▒я║Ля╗┤я║▓тАм тАл╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║ФтАк ╪МтАмя╗│я║дя╗Фя╗Ия╗к ╪зя╗Яя╗ая╗к ┘Ия╗│я║оя╗Ля║О┘ЗтАк ╪МтАм┘И╪пя╗Ля╗о╪й я║╗я║Оя║гя║Р ╪зя╗Яя║┤я╗дя╗о ╪зя╗Яя║╕я▒а я╗┤я║ж я╗гя║д я▒ая╗дя║к я║Ся╗жтАм тАл╪▒╪зя║╖я║к ╪в┘Д я╗гя╗Ья║Шя╗о┘ЕтАк ╪МтАмя╗зя║Оя║Ля║Р ╪▒я║Ля╗┤я║▓ ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║ФтАк ╪МтАм╪▒я║Ля╗┤я║▓ я╗гя║ая╗ая║▓ ╪зя╗Яя╗о╪▓╪▒╪з╪б я║гя║Оя╗Ыя╗в ╪пя║Ся╗▓тАм тАля╗│я║дя╗Фя╗Ия╗к ╪зя╗Яя╗ая╗к ┘Ия╗│я║оя╗Ля║О┘ЗтАк ╪МтАм╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪зя╗зя╗Дя╗ая╗Шя║Ц я╗Ля║О┘Е тАк 2015тАмя║Чя║дя║Ц я╗Ля╗ия╗о╪з┘Ж )я║Чя║дя║к┘КтАм тАл╪зя╗Яя╗Шя║о╪з╪б╪й ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗▓(тАк.тАмтАм тАля╗Ыя║О┘Ж я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗Ья║Шя║О╪и я╗Чя║к я║╗я║к╪▒ я║Ся║Оя╗Яя╗ая╗Ря║Ф ╪зя╗╣я╗зя║ая╗ая╗┤я║░я╗│я║Ф я╗Уя╗▓ я╗Ля║О┘Е тАк 2013тАмя║Чя║дя║Ц я╗Ля╗ия╗о╪з┘ЖтАм тАл)тАк╪М(The Three Islands Mapping the UAE тАУ Iran DisputeтАмтАм тАл┘Ия╗зя╗мя║╛ я║Ся║Оя╗Яя║Шя║оя║Яя╗дя║Ф ╪зя╗╖┘Ия╗Яя╗░ ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║кя╗Ыя║Шя╗о╪▒ я║Ся║╕я╗┤я║о ╪гя║Ся╗о ╪зя╗Яя╗Шя║о╪зя╗│я║ОтАк ╪МтАм┘И╪▒╪зя║Яя╗Мя╗ктАм тАля╗Гя║О╪▒┘В я╗Ля╗ая╗┤я║О┘ЖтАк ╪МтАм┘Ия║╗я║к╪▒ я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗Мя║О┘Е )тАк (2016тАмя║Ся╗о╪зя╗Чя╗К тАк 138тАмя║╗я╗Фя║дя║Ф я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Шя╗Дя╗КтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║Шя╗оя║│я╗ВтАк .тАм┘И╪зя╗Яя╗Ья║Шя║О╪и я╗Уя╗▓ ╪гя║╗я╗ая╗к ╪гя╗Гя║о┘Ия║гя║Ф я║Яя║Оя╗гя╗Мя╗┤я║Ф я╗зя║Оя╗Чя║╕я╗мя║О ╪зя╗Яя║╕я▒а я╗┤я║ж ╪зя╗Яя║кя╗Ыя║Шя╗о╪▒тАм тАля║зя║Оя╗Яя║к я║Ся╗ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к ╪в┘Д я╗зя╗мя╗┤я║О┘ЖтАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя║Шя║Р я╗гя╗Шя║кя╗гя║Шя╗мя║О я╗Уя╗▓ ╪гя╗Ыя║Шя╗оя║Ся║о тАк╪М2012тАмтАм тАл┘Ия╗Ыя║Шя║Р ╪зя╗Яя║Тя║о┘Ия╗Уя╗┤я║┤я╗о╪▒ я╗гя║Оя╗│я╗Ья╗Ю я╗Ыя╗╝╪▒┘Г я║Чя║╝я║кя╗│я║о╪з┘Л я╗гя║Ж╪▒я║зя║О┘Л я╗Уя╗▓ я╗│я╗ия║Оя╗│я║о тАк .2013тАмя╗│я╗Ая╗Мя╗ия║ОтАм тАл╪зя╗Яя║Шя║╝я║кя╗│я║о ╪зя╗Яя║м┘К я║Яя║О╪б ╪ея╗Яя╗░ я╗Ля╗ия╗о╪з┘Ж ┬╗я╗зя║░╪з╪╣ ╪зя╗Яя║ая║░╪▒ ╪зя╗Яя║Ья╗╝╪л ┘Ия║Чя║д ┘Ся╗оя╗╗╪к ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя║╕я║о┘В ╪зя╗╖┘Ия║│я╗В я╗Уя╗▓ я╗гя╗Дя╗ая╗К ╪гя╗Яя╗Фя╗┤я║Ф я║Яя║кя╗│я║к╪й┬лтАк ╪МтАмя╗│я╗Ая╗Мя╗ия║О я╗Ля╗ия║к я╗гя║┤я║Оя║Ля╗Ю я╗гя╗мя╗дя║ФтАм тАля╗Яя╗Мя╗Ю я╗гя╗ия╗мя║О ╪гя╗ля╗дя╗┤я║Ф ╪г┘Ж я║Чя║Дя║Чя╗▓ ╪зя╗Яя║к╪▒╪зя║│я║О╪к ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к╪й я╗гя╗ж я╗гя╗ия║Оя╗Гя╗Ц ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪ктАм тАл╪░╪зя║Чя╗мя║ОтАк ╪МтАмя╗Уя╗┤я╗Шя╗о┘ДтАк┬╗ :тАм╪ея╗зя╗ия║О я╗зя║дя║Шя║О╪мтАк ╪МтАмя╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╖╪▒я║Яя║втАк ╪МтАм╪ея╗Яя╗░ я╗гя║О╪п┘С╪й ╪гя╗Ыя║Ья║о я║Чя╗Фя║╝я╗┤я╗╝┘Л ┘Ия║Чя║┤я║Шя╗ия║ктАм тАл╪ея╗Яя╗░ ╪п╪▒╪зя║│я║О╪к я║гя║Оя╗Яя║Ф ┘Пя╗гя║┤я║Шя║ия╗ая║╝я║Ф я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║к┘И┘Д )я╗зя╗Фя║┤я╗мя║О(тАк ╪МтАмя╗Яя╗Ья╗▓ я╗зя╗Фя╗мя╗в я║Ся║╕я╗Ья╗ЮтАм тАл╪гя╗Уя╗Ая╗Ю я╗Ыя╗┤я╗Т я╗│я╗ия║Тя╗Ря╗▓ ╪г┘Ж я╗│я║Шя╗Д я▒ая╗о╪▒ ╪е╪п╪▒╪зя╗Ыя╗ия║О ╪зя╗Яя╗Мя║О┘Е я╗Яя╗ая╗дя║┤я║Дя╗Яя║Ф┬л)тАк.(1тАмтАм тАл┘Ия╗Уя╗▓ я║│я╗┤я║О┘В ╪░я╗Яя╗ЪтАк ╪МтАмя╗│я╗Мя║Шя╗Шя║к я╗Ыя╗╝╪▒┘Г я║Ся║Д┘Ж ┬╗╪п╪▒╪зя║│я║Ф ╪зя╗Яя║╕я▒а я╗┤я║ж ╪зя╗Яя║кя╗Ыя║Шя╗о╪▒ я║зя║Оя╗Яя║к я║Ч┘Пя╗Мя║ктАм тАля╗гя║дя║О┘Ия╗Яя║Ф я║Чя║дя╗ая╗┤я╗ая╗┤я║Ф я║╖┘П я║ая║Оя╗Ля║Ф я╗╣я╗Яя╗Шя║О╪б ╪зя╗Яя╗Ая╗о╪б я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗Шя╗Ая╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я╗дя╗Ья╗ж ╪г┘Ж я║Чя║ия║Тя║оя╗зя║ОтАм тАл╪гя╗Ыя║Ья║о я╗гя╗ж я╗Пя╗┤я║оя╗ля║О я╗Ля╗ж я╗Ля╗╝я╗Чя║О╪к ╪зя╗Яя╗Шя╗о╪й я║Ся╗┤я╗ж ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓ ┘Ия╗Гя╗мя║о╪з┘Ж я╗Уя╗▓ ┘И╪зя║гя║к╪й я╗гя╗жтАм тАл╪зя╗Яя╗ия╗Шя║О╪╖ ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗Мя║кя▒б ╪зя╗╖я╗Ыя║Ья║о я║гя║┤я║Оя║│я╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ я╗Ля╗╝я╗Чя║О╪к ╪зя╗Яя╗Дя║оя╗Уя╗┤я╗ж┬лтАк ╪МтАм┘Ия╗│я╗Ая╗┤я╗ТтАк┬╗ :тАм╪ея╗зя╗ия║ОтАм тАля║Ся║дя║Оя║Яя║Ф ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗дя║░я╗│я║к я╗гя╗ж я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║Шя╗Фя║Оя║╗я╗┤я╗Ю ╪е╪░╪з ╪г╪▒╪пя╗зя║О ╪зя╗Яя╗оя║╗я╗о┘Д ╪ея╗Яя╗░ я╗Уя╗мя╗в ╪гя╗Уя╗Ая╗ЮтАм тАля╗Яя╗Ья╗┤я╗Фя╗┤я║Ф я║Чя╗Д я▒бя╗о╪▒ я╗Зя║Оя╗ля║о╪й ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║Ф я║зя╗╝┘Д ╪зя╗╖╪▒я║Ся╗Мя╗┤я╗ж я╗Ля║Оя╗гя║О┘Л ╪зя╗╖я║зя╗┤я║о╪й┬л)тАк.(2тАмтАм тАлтАк92тАмтАм
тАл╪зя╗Яя╗дя╗дя║Шя║к╪й я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║ия╗ая╗┤я║Ю ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗▓тАм тАл╪зя╗Яя║ая║░╪▒ ╪зя╗Яя║Ья╗╝╪л ╪е╪п╪з╪▒╪й ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪ктАм тАл┘СтАм
тАля╗гя╗ж я╗зя║Оя║гя╗┤я║Ф ╪гя║з┘А┘Ая║о┘ЙтАк ╪МтАмя╗зя╗╝я║гя╗Ж я╗Ля╗ая╗░ ┬╗╪зя╗Яя║Шя║╝я║кя╗│я║о┬л ╪г┘Ж я╗Ыя║Оя║Чя║Тя╗к ╪зя║│я║Шя╗Мя║О┘ЖтАм тАля║Ся╗дя║╝я╗Дя╗ая║дя╗┤я╗ж я╗│я╗ия║Шя╗дя╗┤я║О┘Ж ╪ея╗Яя╗░ ╪▒╪зя╗ля╗ж ╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя║Ф ╪зя╗Яя╗Фя╗ая║┤я╗Фя╗┤я║Ф ┘И╪зя╗Яя║┤я╗┤я║Оя║│я╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗дя║ОтАм тАля╗гя║╝я╗Дя╗ая║в ┬╗╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ыя║Ф┬л ┘Ия╗гя║╝я╗Дя╗ая║в ┬╗я╗гя║О я║Ся╗Мя║к ╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ыя║Ф┬л я╗Уя╗▓ ┘Ия║╗я╗Т ╪зя╗Яя║дя║о╪з┘ГтАм тАл╪зя╗Яя║дя╗Ая║О╪▒┘К ┘И╪зя╗Яя╗дя║ая║Шя╗дя╗Мя╗▓ ┘И╪зя╗Яя║┤я╗┤я║Оя║│я╗▓ я║Ся╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║Шя╗┤я╗ж╪Ы я║Яя╗дя╗мя╗о╪▒я╗│я║Ф ╪ея╗│я║о╪з┘ЖтАм тАл╪зя╗╣я║│я╗╝я╗гя╗┤я║Ф ╪░╪з╪к ╪зя╗╖я╗Уя╗Ц ╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ыя╗▓тАк ╪МтАм┘И╪п┘Ия╗Яя║Ф ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя║Шя║дя║к╪йтАм тАл╪░╪з╪к ╪зя╗Яя╗Ья╗┤я║О┘Ж я╗гя║О я║Ся╗Мя║к ╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ыя╗▓╪Ы ┘Ия╗Яя║мя╗Яя╗Ъ я╗│я╗Шя╗о┘Д я╗Ыя╗╝╪▒┘ГтАк┬╗ :тАм╪е┘Ж ╪п╪▒╪зя║│я║ФтАм тАл╪зя╗Яя║╕я▒а я╗┤я║ж я║зя║Оя╗Яя║к ╪в┘Д я╗зя╗мя╗┤я║О┘Ж я║Чя╗ая╗Шя╗▓ ╪зя╗Яя╗Ая╗о╪б я╗Ля╗ая╗░ ┘И╪зя║гя║к╪й я╗гя╗ж ╪гя╗Ыя║Ья║о ╪зя╗Яя║Шя╗Фя║Оя╗Ля╗╝╪ктАм тАл╪пя╗Ч ┘Ля║Ф я╗Уя╗▓ я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗Мя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя║ия║Шя╗ая╗В я╗Яя║дя║Оя╗Яя║Ф ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║Ф╪Ы ╪гя╗╗ ┘Ия╗ля╗▓ ╪зя╗Яя║Шя╗Фя║Оя╗Ля╗╝╪ктАм тАля║Ся╗┤я╗ж ╪п┘Ия╗Яя║Ф я╗гя║О я║Ся╗Мя║к я║гя║к╪зя║Ыя╗┤я║Ф я╗гя╗дя║Ья╗ая║Ф я╗Уя╗▓ ╪п┘Ия╗Яя║Ф ╪зя╗╣я╗г┘А┘Ая║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║Шя║дя║к╪йтАк ╪МтАмя╗Уя╗▓ я╗Ля╗╝я╗Чя║Шя╗мя║О я╗гя╗К ╪п┘Ия╗Яя║Ф я║гя║кя╗│я║Ья║Ф я╗Яя╗Ь ┘Ся╗ия╗мя║О я║Чя╗ия║Шя╗дя╗▓ я║Чя║дя║кя╗│я║к╪з ┘Л ╪ея╗Яя╗░тАм тАл╪зя╗Яя╗Шя║о┘Ж ╪зя╗Яя╗Мя║╕я║оя╗│я╗жтАк ╪МтАмя╗гя╗дя║Ья╗ая║Ф я╗Уя╗▓ я║Яя╗дя╗мя╗о╪▒я╗│я║Ф ╪ея╗│я║о╪з┘Ж ╪зя╗╣я║│я╗╝я╗гя╗┤я║Ф┬л)тАк.(3тАмтАм тАлтАк├│─К┼У─К─А─┐├н ├┤├▓─И┼И─┐├нтАмтАм
тАл┘Ия╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗оя╗Чя║Ц ╪зя╗Яя║м┘К я╗│я╗Ш я▒вя║к┘Е я╗Ыя╗╝╪▒┘Г я║╖я║оя║гя║О┘Л я╗Яя║кя╗╗я╗Яя║Ф я╗ля║мя╗│я╗ж ╪зя╗Яя╗дя║╝я╗Дя╗ая║дя╗┤я╗жтАм тАля╗Чя║к╪▒ я║Чя╗Мя╗ая╗Ц ╪зя╗╖я╗гя║о я║Ся║Оя╗Яя║к┘Ия╗Яя║Шя╗┤я╗ж я╗Ля╗ая╗░ я╗зя║дя╗о я╗гя╗Шя║О╪▒┘ЖтАк ╪МтАмя╗зя║о╪з┘З я╗│я║Шя║д я▒ая║к╪л я╗Ля╗жтАм тАл┘Пя║Яя╗дя╗ая║Ф я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪к ┘И╪зя╗Яя╗ия║░╪зя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя╗дя╗дя║Оя║Ыя╗ая║Ф я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗в я║Ся║╕я║Д┘Ж ╪зя╗Яя║ая║░╪▒тАм тАл╪зя╗Яя╗дя║ия║Шя╗ая╗Т я╗Ля╗ая╗┤я╗мя║ОтАк ╪МтАмя╗Яя╗Ь я▒ая╗ия╗к ╪гя╗│я╗Ая║О┘Л я╗│я║Шя║д я▒ая║к╪л я╗Ля╗ж ╪г╪п┘И╪з╪▒ ╪зя╗Я я▒бя╗ия║ия║Р ╪зя╗Яя╗дя║Ья╗Шя▒ая╗Фя║ФтАм тАл╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к╪й ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Ч┘Пя╗Мя╗ия╗░ я║Ся╗мя╗Ья║м╪з я╗гя║╕я╗Ья╗╝╪к я║Ся╗┤я╗ия╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘И╪гя╗ля╗дя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║к┘И╪▒ ╪зя╗Яя║м┘КтАм тАля╗│я╗дя╗Ья╗ж ╪г┘Ж я╗│я╗ая╗Мя║Тя╗к ╪зя╗Яя║ая╗┤я╗Ю ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║Тя║Оя║гя║Ья╗┤я╗ж я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║╝я║о╪зя╗Ля║О╪ктАм тАл┘И╪зя╗Яя╗ия║░╪зя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗ия╗мя╗в ╪зя╗Яя║╕я▒а я╗┤я║ж ╪зя╗Яя║кя╗Ыя║Шя╗о╪▒ я║зя║Оя╗Яя║к я║Ся╗ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж ╪в┘ДтАм тАля╗зя╗мя╗┤я║О┘ЖтАк ╪МтАм╪зя╗Яя║м┘К ┬╗я╗│┘Пя╗Мя║к ┘И╪зя║гя║к╪з ┘Л я╗гя╗ж я╗ля║Жя╗╗╪б ╪зя╗Я я▒бя╗ия║ия║Р ╪зя╗Яя╗Фя╗Ья║оя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к╪йтАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║Шя║╕я╗Ья▒ая╗Ю ╪зя╗╡┘Ж я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║ия╗ая╗┤я║Ю┬л)тАк .(4тАм┘Ия╗│я╗Мя║Шя╗Шя║к я╗Ыя╗╝╪▒┘Г я╗Уя╗▓ я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя║┤я║Тя╗┤я╗ЮтАм
ﻣﺪارات
اﻟﺮزة ،اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ ،اﻟﻄﺮﺑﻮش ﻻ ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻠﺒﺎس ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺮوي أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺎ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ .إن ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﻼﺣﻲ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻷرض ﺗﺠﻌﻞ ﻛﻞ اﻷﻋﻤﺎل ﻻ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻓﺘﻪ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﺮﺿﻪ أﺑﺪا ﻟﻠﺘﺮاب .ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ ﻓﺌﺎت ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﻴﺾ ،ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﺮوط ﻋﻤﻠﻬﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺒﺎﺳﻬﺎ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﺎﺋﺪ .أﻗﺼﺪ اﻟﻔﻘﻴﻪ واﻟﻤﻐﻨﻲ.ﻳﺒﺪو اﻟﻔﻘﻴﻪ أﻛﺜﺮ ﺗﻤﻴﺰا ﻋﻦ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻠﺒﺎس .ﻓﺠﺒﺘﻪ اﻟﺒﻴﻀﺎء أﺑﺪا ﻧﻘﻴﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻠﻐﺘﻪ ورزﺗﻪ )اﻟﻌﻤﺎﻣﺔ( .ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺜﻞ» :اﺷﺘﺮ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻔﻘﻴﻪ ،وﻻ ﺗﺸﺘﺮ ﺟﺒﺘﻪ« .ﻓﺠﺒﺘﻪ ﺗﻐﺪو رﻫﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻓﺮط ﺗﻨﻈﻴﻔﻬﺎ .أﻣﺎ ﺑﻠﻐﺘﻪ ﻓﻴﻀﻌﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺑﻘﻪ ،وﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻮك ﻛﻲ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻠﺒﺎس ﻏﻴﺮ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﺸﻌﺒﻲ .ﻓﻮﺟﻮده أﻣﺎم ﺟﻤﻬﻮره ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻨﻪ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺘﻪ وﺗﻤﻴﺰه ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻟﺒﺎس اﻟﻤﻐﻨﻲ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻠﻐﻨﺎء .ﻏﻴﺮ أن اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻴﺘﻪ، وﻳﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺷﺎرﺑﻪ .ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻛﺎن ﻳﺘﻔﻨﻦ ﻓﻲ ﺷﺎرﺑﻪ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﻋﺮﻳﻀﺎ ،وﺑﺎرزا ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻓﺖ.ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮض ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺸﻴﺦ إﻟﻰ اﻟﺸﺎب ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ ،ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻠﺒﺎس .ﻛﺎن اﻟﻠﺒﺎس اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻫﻮ :اﻟﺠﺒﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ ،واﻟﺮزة اﻟﺒﻴﻀﺎء، واﻟﺒﻠﻐﺔ اﻟﺼﻔﺮاء ،وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻛﺎن ﻳﻠﺒﺲ اﻟﻘﻔﻄﺎن واﻟﻤﻀﻤﺔ .أﻣﺎ اﻟﺸﻴﺨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت وﺣﺘﻰ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﻓﺘﺘﺤﺰم ﺑﺎﻟﻤﻀﻤﺔ )اﻟﺤﺰام( اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ وﺗﻠﺒﺲ اﻟﺪﻓﻴﻨﺔ واﻟﺘﺤﺘﻴﺔ، واﻟﻘﻔﻄﺎن ،وﺗﺘﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻓﻲ أذﻧﻴﻬﺎ وﺣﻮل رﻗﺒﺘﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻬﻦ ﻣﻦ ﺗﻀﻊ ﺧﻴﻂ اﻟﺮوح ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺘﻬﺎ .ﻫﺬا اﻟﻠﺒﺎس ﺑﺸﻘﻴﻪ اﻟﻤﺬﻛﺮ واﻟﻤﺆﻧﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺎﺣﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .إﻧﻪ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﻴﺰ اﻟﻤﻐﻨﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ .وﻛﺎﻧﺖ رزة اﻟﺸﻴﺦ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﻜﻮن ﺻﻔﺮاء ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻪ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻓﺎﻟﺮزة اﻟﺼﻔﺮاء ﻻ ﻳﺘﺨﺬﻫﺎ ﻋﺎدة ﺳﻮى اﻟﺤﺠﺎج .ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻐﻴﺮ أدى ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ،وﻗﺪ ﺗﻐﻴﺮت اﻟﺼﻮرة واﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ،إﻟﻰ أن ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ،أو اﻟﺘﻲ
د .ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ @
ﻳﻨﺴﺠﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﺑﺨﻴﻮط ﺧﺎﺻﺔ وﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻀﻌﻬﺎ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻤﺮاﻫﻘﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺮوي ﺗﻤﻴﻴﺰا ﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ )اﻟﺸﻴﻮخ( .ﻛﺎن اﺗﺨﺎذ اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﻐﻨﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﻄﻮر ﺑﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﻪ ﺷﻴﺨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺘﺎم ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ .ﻟﻜﻦ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻠﺒﺎس اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت وﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت ﺟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﻨﺎن ،ﺑﺪل أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺮزة، وﻗﺪ ﺻﺎر ﺷﻴﺨﺎ ﺣﻘﻴﻘﺎ ،ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻄﺮﺑﻮش اﻟﻮﻃﻨﻲ ذا اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ أو اﻟﺮﻣﺎدي ،وﻗﺪ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺻﺎر ﻣﺪﻋﻮا إﻟﻰ اﻹذاﻋﺔ ،أو ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﺼﻮﺗﻲ ،أو أﻋﺮاس اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ. وﻛﻤﺎ ارﺗﺒﻄﺖ اﻟﺮزة اﻟﺼﻔﺮاء ﺑﺎﻟﺠﺒﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ،واﻟﺒﻠﻐﺔ اﻟﺼﻔﺮاء، ﺻﺎر اﻟﻄﺮﺑﻮش اﻷﺣﻤﺮ ،ﻣﻘﺘﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺒﺪﻟﺔ واﻟﺤﺬاء واﻟﺠﻮارب ورﺑﻄﺔ اﻟﻌﻨﻖ .ﻇﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ،وﻣﺴﺘﻤﺮة إﻟﻰ اﻵن، وﻗﺪ اﻧﺪﻣﺠﺖ ﻣﻊ اﻟﺼﻮر اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺻﺎرت ﺗﺒﺪو ﻓﻲ ﻟﺒﺎس اﻟﻔﻨﺎن أو اﻟﺸﺎب.ﻟﻢ ﺗﺒﻖ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺗﻤﻴﺰ اﻟﻠﺒﺎس ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﻣﻨﺬ أواﺳﻂ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺎر اﻟﻤﻐﻨﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻨﺎﻧﺎ ﻳﻮﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ .ﻟﻘﺪ ﺻﺎر اﻟﻔﻨﺎن ﻳﻠﺒﺲ أي ﺷﻲء، ﺑﻞ إﻧﻪ ﻳﻤﺎرس ﻏﻨﺎءه ﺑﻤﻼﺑﺲ ﻋﺎدﻳﺔ ،أو ﺣﺘﻰ رﻳﺎﺿﻴﺔ ،ﻣﻊ وﺿﻊ اﻟﻨﻈﺎرات اﻟﺴﻮداء أﺣﻴﺎﻧﺎ .ﻛﻤﺎ أن اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻠﺒﺎس اﻟﻐﺮﻳﺐ :اﻟﺒﺪﻟﺔ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ أو اﻟﺒﺮاﻗﺔ ،أو رﺑﻄﺔ اﻟﻌﻨﻖ اﻟﻔﺮاﺷﺔ ،أو اﻟﺤﺬاء اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ اﻟﻐﺎﻟﻲ اﻟﺜﻤﻦ ،ﻣﻊ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺴﻼﺳﻞ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻨﻖ ،أو اﻟﺨﻮاﺗﻴﻢ ،أو ﺣﻠﻘﺎت اﻟﻴﺪ ،،،أو أﺣﻴﺎﻧﺎ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺰي اﻟﻤﻮﺣﺪ ﻟﻠﻔﺮﻗﺔ .ﻟﻘﺪ ﺻﺎر اﻟﻔﻨﺎن ﻣﺮﺗﺒﻄﺎ ارﺗﺒﺎﻃﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑﺎﻟﺬوق اﻟﺸﺒﺎﺑﻲ. ﻛﻤﺎ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻨﺎﻧﺎت ﺻﺮن ﻳﻠﺒﺲ أﻳﻀﺎ اﻟﻠﺒﺎﺳﺎت اﻟﻌﺼﺮﻳﺔ، وﻗﺪ ﺗﺨﻠﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻤﻀﻤﺔ واﻟﻘﻔﻄﺎن .ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻴﺨﺎت ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ، أو اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﺑﻘﻴﻦ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎت ﺑﺎﻟﻐﻨﺎء ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻟﻘﺮوﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻓﻈﻦ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺰي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي @ ﻧﺎﻗﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
91
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺘﻠﻘﻴﻦ ،وﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺪﻳﺔ ،وﺗﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﻮار ،وﺗﺆﻣﻦ ﺑﺤﻖ اﻻﺧﺘﻼف .ﻓﻄﺮق اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺘﺮﺑﻮي ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻮر اﻟﻤﻬﺎرات اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،وﺗﺤﺪد ﻃﺮق ﺗﻔﻜﻴﺮ اﻷﺷﺨﺎص وﻣﻌﺎﻟﻢ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻬﻢ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺪم أو اﻟﺘﺨﻠﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻓﺎﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺨﻠﻒ واﻟﺘﻘﺪم ﻫﻮ ﻃﺮق اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺤﻴﻂ وﺗﺪﺑﻴﺮ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ،وﻫﻲ أﻣﻮر ﻳﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. إن ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻣﻦ أﻓﻜﺎر وآراء ،ﻧﻌﺪه اﺗﺠﺎﻫﺎت ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ وﻣﺘﻤﻴﺰة ،ﻣﺎزاﻟﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻧﺼﺎﻋﺘﻬﺎ وﻗﻮﺗﻬﺎ وﺣﺠﻴﺘﻬﺎ وﺻﻮاﺑﻬﺎ، وﺗﺘﻮاﻓﻖ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ﻣﻊ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة» .إن اﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟﺨﻠﺪوﻧﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﻴﻮم ،واﺿﺤﺔ أﻛﻴﺪة ،واﻟﺪرس اﻟﺨﻠﺪوﻧﻲ ﻋﻈﻴﻢ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ .أوﻟﻰ اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻪ ،واﻹﻓﺎدة ﻣﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻨﻘﺪي إﻟﻰ واﻗﻊ اﻹﺳﻼم واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ« )(8 واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻳُ َﺴ ﱢﺮ ُع ﺣﺼﻮل اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺠﺪدا ،ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ إﻟﻰ ﻛﻤﺎﻟﻪ، إذا ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ ﺑﺎﻹﻓﺼﺎح واﻟﻤﺤﺎورة. ﻷﺟﻞ ذﻟﻚ ﻳﻘﺘﺮح اﺑﻦ ﺧﻠﺪون أن ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻃﺮﻗﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﻠﻢ واﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ،ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺤﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻘﺪرات وﻣﻬﺎرات اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ اﻟﺒﺮوز وﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻀﺞ واﻟﺘﻄﻮر، ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﺷﺎرﺣﺎً ﻓﻜﺮﺗﻪ» :وأﻳﺴﺮ ﻃﺮق ﻫﺬه اﻟﻤﻠﻜﺔ ﻓﺘﻖ اﻟﻠﺴﺎن ﺑﺎﻟﻤﺤﺎورة واﻟﻤﻨﺎﻇﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ،وﻳﺤﺼﻞ ﻣﺮاﻣﻬﺎ ) .(7ﻓﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﻜﻮن ﻋﺎﻣﻼ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ إذا اﻋﺘﻤﺪ ﻃﺮﻗﺎ ﺗﻮاﺻﻠﻴﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﺗﻠﻘﻴﻨﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﻆ .ﻓﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺤﺮ اﻟﻤﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام وﺗﻘﺪﻳﺮ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ،ﻳﺴﺘﺒﺪل ﻓﻲ اﻟﻔﺮد ﻋﺎدات اﻟﺘﻌﺼﺐ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ،وﻳﻌﻠﻤﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻘﺒﻞ آراء ﻏﻴﺮه وﻳﻘﺪرﻫﺎ ،وﻛﻴﻒ ﻳﺰن آراءه ﺑﻤﻴﺰان اﻟﻐﻴﺮ ،وﻫﺬا ﻣﻦ أﻫﻢ دواﻋﻲ اﻻﺑﺘﻜﺎر واﻟﺘﻄﻮر. ﻛﺎن اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻳﺮى ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ أﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻷﻣﺔ ،ﻟﻜﻦ أي ﺗﻌﻠﻴﻢ؟ وﺑﺄﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ؟ ﻓﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﻌﻘﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﺨﻠﻔﻬﺎ ،ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮه ﻫﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ،أو ﻗﺪرا ﻣﻘﺪرا ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ، ﻓﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺤﻀﺎري )اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ( ﻫﻮ إﻧﺘﺎج ﺛﻘﺎﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻧﺎﺷﺊ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﻨﺎس اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻣﻊ ﺑﻴﺌﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن أداة اﻷﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﺌﺔ أﺟﻴﺎل ﻣﺘﺤﺮرة ،ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ واﻗﻌﻬﺎ اﻟﻤﺎدي، ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﺮف ﻓﻴﻪ وﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﺘﻘﺪم واﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ .ﻟﺬﻟﻚ اﻋﺘﺒﺮ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻃﺮق اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺘﻮى اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ أو ﻃﺮق اﻟﺘﻠﻘﻴﻦ، ﺑﻞ ﺗﺸﻤﻞ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﻠﻢ واﻟﻤﺘﻌﻠﻢ وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،وﻋﻴﺎ ﻣﻨﻪ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ أﺛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ، ﻟﺬﻟﻚ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﺑﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام ﺣﻘﻬﻢ ﻓﻲ اﻷﻣﻦ اﻟﺒﺪﻧﻲ واﻟﻨﻔﺴﻲ ،وﻣﺮاﻋﺎة ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ ،ﺑﺎﻋﺘﻤﺎد ﻃﺮق 90
اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون
@ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث ،اﻟﻤﻐﺮب
ﻫﻮاﻣﺶ: -1اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ،ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ :ﺗﺎرﻳﺦ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون) ،ج :1اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ( ﺑﻴﺮوت ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ 2006 :ص 627 - 2اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ،ص 626 - 3اﻟﻤﻘﻤﺔ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ دروﻳﺶ ج 1ص 362 - 4ﺧﻼف :اﻟﺴﻌﺪﻳﺔ ،اﻵراء اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻋﺪد 28ﺳﻨﺔ 2008ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻨﺘﻮري ،ص 300 - 5ﻣﻘﺪﻣﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ،ﺗﺤﻘﻴﻖ دروﻳﺶ ،دﻣﺸﻖ ،دار ﻳﻌﺮب2006 ، ص 17 - 6اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ،ص 463 - 7اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ،ص 462 - 8اﻟﻌﻠﻮي ،ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﺴﻌﻴﺪ :اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻟﻢ ﻳﺆﺳﺲ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع، ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ،ﻟﻨﺪن ،اﻟﺨﻤﻴﺲ 29ﻣﺎرس 2012اﻟﻌﺪد .12175
Œīîńøÿśí ĎŔŔİøĿíō ŒńŀĬĿí ľěíŎøĿí
ﻧﺒﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون إﻟﻰ أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻠﻘﻴﻨﻲ ﻻ ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻪ اﻟﻤﻠﻜﺔ ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﺮﺑﻮي ،ﻓﺈﻧﻪ -ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ -ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﻋﺎﺟﺰا ﻋﻦ اﻟﺘﺼﺮف ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﺣﻔﻈﻪ» ،ﻓﺘﺠﺪ ﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ،ﺑﻌﺪ ذﻫﺎب اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﻓﻲ ﻣﻼزﻣﺔ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺳﻜﻮﺗﺎً ﻻ ﻳﻨﻄﻘﻮن وﻻ ﻳﻔﺎوﺿﻮن؛ وﻋﻨﺎﻳﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻔﻆ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺟﺔ«» .ﻓﻼ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﺘﺼﺮف ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ؛ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﻣﻦ ﻳﺮى ﻣﻨﻬﻢ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ،ﺗﺠﺪ ﻣﻠﻜﺘﻪ ﻗﺎﺻﺮة ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ ،إن ﻓﺎوض أو ﻧﺎﻇﺮ أو ﻋﻠﱠﻢ .وﻣﺎ أﺗﺎﻫﻢ اﻟﻘﺼﻮر إﻻ ﻣﻦ
ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻧﻘﻄﺎع ﺳﻨﺪه ،وإﻻ ﻓﺤﻔﻈﻬﻢ أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺣﻔﻆ ﺳﻮاﻫﻢ، ﻟﺸﺪة ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﻢ ﺑﻪ ،وﻇﻨﻬﻢ أﻧﻪ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ؛ وﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ«) .(6ﻓﺎﻟﺘﻠﻘﻴﻦ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﺘﻌﻠﻤﺎ ﻋﺎﺟﺰا ﻋﻦ اﻟﺘﺼﺮف ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ،وﻋﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻪ ،وﻋﻦ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. إن اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻳﺘﻴﺢ ﻧﺸﺮ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺤﻮار واﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ ،واﺗﺼﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻓﻜﺎرﻫﻢ واﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﻢ وﻗﻀﺎﻳﺎﻫﻢ ،وﺗﻠﻤﺲ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻴﻬﻢ وﺗﻐﻴﻴﺮ واﻗﻌﻬﻢ .ﻓﻨﺸﺮ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻟﻬﺎ ،ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻰ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
89
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
إﻓﺴﺎد أﺧﻼﻗﻬﻢ ،وذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻷﻫــﺪاف اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻳﻨﺴﻔﻬﺎ .ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﺧﻠﺪون» :إن إرﻫﺎف اﻟﺤﺪ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻀﺮ ﺑﺎﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ،ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ أﺻﺎﻏﺮ اﻟﻮﻟﺪ ،ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﻤﻠﻜﺔ ،وﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﺮﺑﺎه ﺑﺎﻟﻌﺴﻒ واﻟﻘﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻦ ﺳﻄﺎ ﺑﻪ اﻟﻘﻬﺮ وﺿﻴﻖ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ اﻧﺒﺴﺎﻃﻬﺎ ،وذﻫﺐ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ،ودﻋﺎه إﻟﻰ اﻟﻜﺴﻞ ،وﺣﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺬب واﻟﻨﻔﺎق ،وﻋﻠﻤﻪ اﻟﻤﻜﺮ واﻟﺨﺪﻳﻌﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺻﺎرت ﻟﻪ ﻫﺬه ﻋﺎدة وﺧﻠﻘﺎً ،وﻓﺴﺪت ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﺘﻤﺮن واﻟﺤﻤﻴﺔ واﻟﻤﺪاﻓﻌﺔ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﻣﻨﺰﻟﻪ ،وﺻﺎر ﻋﻴﺎﻻً ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮه ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﺑﻞ وﻛﺴﻠﺖ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ واﻟﺨﻠﻖ اﻟﺠﻤﻴﻞ ،ﻓﺎﻧﻘﺒﻀﺖ ﻋﻦ ﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ وﻣﺪى إﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻬﺎ ،ﻓﺎرﺗﻜﺲ وﻋﺎد ﻣﻦ أﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﻴﻦ، وﻫﺬا ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻜﻞ أﻣﺔ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﻘﻬﺮ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺘﻌﻠﻤﻪ واﻟﻮاﻟﺪ ﻓﻲ وﻟﺪه أن ﻻ ﻳﺴﺘﺒﺪا ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺄدﻳﺐ().(2 ﻓﺎﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻳﺮﻓﺾ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﺮﺑﻮي وﻳﺸﺮح آﺛﺎره اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺶء ،وﻳﺪﻋﻮ اﻟﻤﺪرﺳﻴﻦ إﻟﻰ ﺗﻔﺎدﻳﻪ ﻣﺎ أﻣﻜﻨﻬﻢ ذﻟﻚ ،واﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺸﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ وﺗﻬﺬﻳﺒﻬﻢ ،ﻓﺎﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ واﻹرﺷﺎد اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻨﺐ أﺧﻄﺎﺋﻪ ،وﺗﻘﻮﻳﺔ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻬﻴﺄ ﻟﻬﻢ اﻟﻔﺮص اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻛﻲ ﻳﺤﺘﻜﻮا ﺑﺄﺳﺎﺗﺬﺗﻬﻢ وﻳﻨﻘﻠﻮا آراءﻫﻢ وﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة. إن ﻓﻄﻨﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻧﺒﻬﺘﻪ ﻟﺨﻄﻮرة اﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻟﻌﺴﻒ واﻟﻘﻬﺮ اﻟﺘﺮﺑﻮي واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻹﻃــﺎر اﻟﻔﺮدي اﻟﻤﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ واﻟﻤﻤﻠﻮك واﻟﺨﺎدم ،وﻛﺬا ﻓﻲ اﻹﻃﺎر اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﺸﻤﻞ اﻷﻣﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ .ﻓﺎﻟﻘﻬﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ اﻷﻓﺮاد إﻟﻰ اﻟﺨﺒﺚ واﻟﻤﻜﺮ واﻟﺨﺪﻳﻌﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ دواﻋﻲ اﻟﺬل واﻟﻤﻬﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﻢ. 88
اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون
ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ رﻓﺾ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون اﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ واﻟﺸﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ زاوﻳــﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺨﻠﺪوﻧﻲ ،ﺑﺈرﺟﺎﻋﻪ إﻟﻰ اﻷﺳﺒﺎب اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﺴﺎﻳﺮة ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺪﻋﻮات اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ دﻋﺖ إﻟﻰ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﺎﻟﺼﻐﺎر ،ﺑﻞ رﺑﻄﻪ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺸﻤﻮﻟﻲ اﻟﺴﻠﻄﻮي اﻟﻤﺴﺘﺒﺪ واﻟﻘﺎﻫﺮ ﻟﻠﻨﺎس )،(3 ﻓﺎﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻻﺣﻆ ﺑﻔﻜﺮه اﻟﺜﺎﻗﺐ ،أن اﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻦ اﻟﺸﺪة واﻟﺘﻌﺴﻒ ﻓﻲ ﺿﺒﻂ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ،ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ أﻫﺪاف اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻏﺎﻳﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺗﻔﻘﺪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻨﺎء وﺻﻘﻼ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﺮد ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .وﺳﻠﻮك اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ اﻟﺬي ﻳﻨﺴﻒ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،إﻧﻤﺎ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻋﻦ دوره اﻟﺤﻀﺎري واﻟﺘﻨﻤﻮي ،ﻟﻤﺎ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻳﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪا ﻟﺘﺠﻨﺒﻬﺎ ﺑﺴﻠﻮﻛﺎت ﺳﻠﺒﻴﺔ وﻋﺎدات ﺳﻴﺌﺔ ﻛﺎﻟﻤﻜﺮ واﻟﺨﺪﻳﻌﺔ واﻟﻜﺬب واﻟﺘﺰﻟﻒ وﻏﻴﺮه ،ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﺴﺐ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﺻﻔﺎت ﺳﻴﺌﺔ ﺗﻜﻮن أﺳﺎﺳﺎ ﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺳﻠﺒﻲ ﻣﻊ ﻏﻴﺮه ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻗﺪ أدى دورا ﻣﺘﻌﺎرﺿﺎ ﻣﻊ رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،وأﺿﺤﻰ ﻳﻌﺰز اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺴﻴﺊ ﺑﺪل ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ).(4 ﻓﺎﺑﻦ ﺧﻠﺪون دﻋﺎ إﻟﻰ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﻓﺮاد ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﺮاﻋﻲ ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ، وﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻦ ﺻﺎﻟﺤﻴﻦ ﻳﻔﻴﺪون وﻳﺴﺘﻔﻴﺪون ،ﻛﻤﺎ دﻋﺎ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺤﻜﺎم ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ أﻳﻀﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻔﻆ ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ وﺗﺠﻨﺐ اﻟﺸﺪة واﻟﻌﺴﻒ ،ﻟﻴﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﺎﻧﻪ ،واﻣﺘﻼك أﺳﺒﺎب اﻟﺤﻤﻴﺔ واﻟﻤﺪاﻓﻌﺔ .وﺑﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﺳﺒﺎﻗﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺒﺪاد وآﺛﺎره ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻷﻣﺔ واﻷﻓﺮاد ).(5
وﺗﺪرﻳﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﻮن اﻟﺤﻮار وﻗﺒﻮل اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﺮب ﺷﺄﻧﻬﺎ وﻳﺤﺼﻞ ﻣﺮاﻣﻬﺎ. ﻓﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺘﺮﺑﻮي ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻇﻞ ﻋﺒﺮ ﻗــﺮون ﻋﺪة وﻣﺎ ﻳـﺰال ﻳﻮاﺟﻪ ﻋﻮاﺋﻖ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻋﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﻤﺮﺑﻮن، اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة ﻧﻤﻄﻴﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ وﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ وﺣﺎﺟﺎﺗﻬﺎ ،ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮات ﺿﺎرة، ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ وﻗﻊ ﺳﻴﺊ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﻄﻔﻞ وﻧﻤﻮه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺛﻢ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ. Œòŀē ľīîĴ÷ őŎñĎøĿí IJňĬĿí
إن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻼرﺗﻴﺎح ،وﻳﻨﺘﺞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺘﻔﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ ،ﻣﺘﻮاﻓﻘﺔ ﻣﻊ ذاﺗﻬﺎ .ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ،إذا ﺗﻢ ﻓﻲ ﻇﺮوف وﺷﺮوط ﺳﻴﺌﺔ ،ﺳﺒﺒﺎ ﻹﺛﺎرة اﻟﻤﺨﺎوف واﻟﻘﻠﻖ واﻟﻀﺠﺮ ،ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻗﻞ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺴﻠﻴﻢ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻄﻔﻞ وﻳﺸﻮه ﺗﻨﺸﺌﺘﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻳﻨﺘﺞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻣﻨﺴﺤﺒﺔ وﻣﺘﺰﻣﺘﺔ. وﻟﻘﺪ اﻧﺘﺒﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻧﺘﻘﺪ أﺳﻠﻮب اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪا ً ﻓﻲ ﻋﺼﺮه وﻣﺎ زال ،وﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺑﻴﻦ ،ﻣﻌﻠﻤﻴﻦ وآﺑﺎء ،أﻻ ﻳﺴﺘﺒﺪوا ﺑﺎﻟﺼﻐﺎر، ﻷن اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻟﻪ أﺿﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻼب وﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
87
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ĉíĊŌŃ ĎŔñĐĿí
Œīîńøÿśí őŎñĎøĿí ľīîĴøĿí
أﺑﺪى ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون )ت 808ﻩ( ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺎرزا ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ،إذ ﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ زاوﻳﺔ ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ،ﻓﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ وأﺑﺮز ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻀﺮ واﻟﻌﻤﺮان اﻟﺒﺸﺮي ،وارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﺣﺎﺟﺎﺗﻬﺎ وﻇﺮوﻓﻬﺎ ودرﺟﺔ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ورﻗﻴﻬﺎ؛ ﻓﺎﻋﺘﺒﺮه ﻧﺸﺎﻃﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،وﺣﺪد وﻇﻴﻔﺘﻪ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻜﻞ أﻃﻴﺎﻓﻪ وﻃﺒﻘﺎﺗﻪ ،واﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺘﻪ وﺗﻘﻮﻳﺔ ﺻﺮوﺣﻪ وﺑﻨﺎء ﺣﻀﺎرﺗﻪ .وأﺑﺮز اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﺷﺮوﻃﺎ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺠﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻘﻮد إﻟﻰ اﻟﺘﺤﻀﺮ وﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻛﺎن ﻣﺪرﻛﺎ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وإﻋﺎدة اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وﻛﺎن ﻳﻄﻤﺢ ﻹﻧﺸﺎء ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻣﺘﻌﻠﻢ ،ﻣﺘﻨﻮر وﻣﺘﺤﺮر ،ﻟﺬﻟﻚ اﻧﺘﻘﺪ ﻃﺮق اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻤﺘﻮارﺛﺔ ودﻋﺎ ﻹﺣﺪاث ﺛﻮرة ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﺗﻘﻄﻊ ﺻﻠﺘﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻟﺘﻠﻘﻴﻦ واﻟﻌﻨﻒ ،وﺗﺆﺳﺲ ﻟﻌﻼﻗﺎت ﺗﺒﺎدﻟﻴﺔ ﻣﺘﺤﺮرة ﺗﺮاﻋﻲ ﻛﺮاﻣﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ وﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻔﺘﺤﻪ اﻟﺬﻫﻨﻲ وﺗﻨﻤﻴﺔ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ،ﻷﺟﻞ ذﻟﻚ ﻋﺎﻟﺞ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺘﺮﺑﻮي ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﻠﻢ واﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺘﻜﺮة وﻣﻨﻈﺎر ﺟﺪﻳﺪ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ آراؤه ﺗﻤﺜﻞ ﻃﻔﺮة ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﻌﺮﺑﻲ.
اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺘﺮﺑﻮي ﺻﻮرة ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﻳﻜﺘﺴﻲ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻳﻜﻮن اﻧﺘﻘﺎل اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺨﺒﺮات ،واﻛﺘﺴﺎب اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻳﻈﻬﺮ أﺛﺮ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﺶء ،وﺗﺨﻄﻮ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ أﺳﺮع ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻮﻗﻊ. أﻫﻢ اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﻠﻢ واﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮاﺻﻠﻬﻤﺎ اﻟﻴﻮﻣﻲ اﻟﺒﺪﻧﻲ واﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﻌﺎﻃﻔﻲ. ﻳﺆﻛﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻘﻄﺒﻴﻦ ،وﻳﻘﻮل) :اﻟﺒﺸﺮ ﻳﺄﺧﺬون ﻣﻌﺎرﻓﻬﻢ وأﺧﻼﻗﻬﻢ وﻣﺎ ﻳﻨﺘﺤﻠﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺬاﻫﺐ واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺗﺎرة ﻋﻠﻤﺎ، وﺗﺎرة ﺗﻌﻠﻴﻤﺎ ،وإﻟﻘﺎء ،وﺗﺎرة ﻣﺤﺎﻛﺎة وﺗﻠﻘﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﺷﺮة( ) (1ﻓﺎﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﻳﻜﺘﺴﺐ اﻟﺴﻠﻮك واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺘﻠﻘﻲ وﺑﺎﻟﻤﻼﺣﻈﺔ واﻟﺘﻘﻠﻴﺪ .ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ ﻣﺪرﺳﻴﻪ ورﻓﺎﻗﻪ ،وﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻤﺪرﺳﻴﻦ ﻳﻜﻮن أﻗﻮى ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻗﺪوة وﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﺳﻠﻄﺔ. ووﻋﻴﺎ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ وﺗﺄﺛﻴﺮه ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ،ﻳﻮﺻﻲ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﺑﻌﺪم اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻹﻟﻘﺎء واﻟﺘﻠﻘﻴﻦ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺘﺄﺳﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻤﺪرس ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻨﺸﺄ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﺳﻠﺒﻴﺎ ﺧﺎﺿﻌﺎ ،ﺑﻞ وﻳﻘﺘﺮح أن ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل درس ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺠﺪل واﻟﺤﻮار ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﻠﻢ واﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻫﻢ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻤﻜﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻣﺘﻼك ﻣﻬﺎرات اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ واﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ
86
اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون
ﻓﻀﺎءات
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ: أﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮن ﻛﺘﺐ! إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺮﺷﻴﺪة ﻓﻲ اﻹﻣــﺎرات ﻗﺪ أﺻﺪرت ﻋﺪة ﻣﺒﺎدرات ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ اﻟﻘﺮاءة وﺗﻌﺰﻳﺰ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻟﺘﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻳﻜﺘﺸﻒ أن ﺛﻤﺔ أﻓﺮا ًدا ﺗﻌﺎﻣﻠﻮا ﻣﻊ اﻟﻘﺮاءة ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ واﺟ ًﺒﺎ وﻃﻨ ًﻴﺎ ،ﻓﺎﻧﻜﺒﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻬﺎم اﻟﻜﺘﺐ واﻟﺘﺰود ﺑﺎﻟﻤﻌﺎرف ،ﻫﺆﻻء ﻫﻢ ﻣﺜﻘﻔﻮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﺒﺪﻋﻮه ﺑﺎﻣﺘﺪاد ﻗﺮن ﻛﺎﻣﻞ.ﻓﻲ اﻟﻌﺪد اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ إﻟﻴﻚ ﻋﻦ اﻟﺤﻮارات اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺘﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻊ ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻌﺘﺒﺮة ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﻲ ﻣﺼﺮ وﻣﺒﺪﻋﻴﻬﺎ ﺣﻮل ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب ،وﻗﺪ ﻧﺸﺮﺗﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺒﻴﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ )ﻣﻠﺤﻖ ﺑﻴﺎن اﻟﻜﺘﺐ( .أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﺴﻮف أﺧﺒﺮك ﺑﺒﻌﺾ اﻵراء واﻟﻨﻮادر اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻟﻲ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﺜﻘﻔﻮن وأوﻟﺌﻚ اﻟﻤﺒﺪﻋﻮن ﺣﻮل اﻟﻜﺘﺐ وأﺻﺤﺎﺑﻬﺎ وﻣﺂﺛﺮﻫﺎ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﺣﻜﻰ ﻟﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺼﻔﻮر ﻛﻴﻒ ﺑﻬﺮه اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻟﻌﻤﻴﺪ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ )،(1973 /1889 ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﺎﻟﻌﻪ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ وﻫﻮ ﻣﺎزال ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﺮاﺑﻊ اﻹﻋﺪادي ،ﻛﻤﺎ ﻓﺘﻨﻪ ﻛﺘﺎب )اﻟﻤﺎرﻛﺴﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ( اﻟﺬي وﺿﻌﻪ اﻟﻨﺎﻗﺪ واﻟﻤﻔﻜﺮ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ »ﺗﻴﺮي إﻳﺠﻠﺘﻮن« ،ﻓﻘﺮأه ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ واﺣﺪة وﺗﺮﺟﻤﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺘﻴﻦ! ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺻﻼح اﻟﺴﻌﺪﻧﻲ إﻧﻪ ﻣﻔﺘﻮن ﺑﻤﻮﺳﻮﻋﺔ )ﻗﺼﺔ اﻟﺤﻀﺎرة( اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺪة أﺟﺰاء اﻟﻤﺆرخ واﻟﻤﻔﻜﺮ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﻳﻞ دﻳﻮراﻧﺖ ) .(1981 /1885وﻗﺪ رأﻳﺖ اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺗﺘﺼﺪر اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻗﻲ ﺑﻴﺖ اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﺠﻮار ﺻﻮرة ﻟﻪ ﻣﻊ اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻳﺎﺳﺮ ﻋﺮﻓﺎت .أﻣﺎ اﻟﻔﻨﺎن واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﻮح )/1937 (2012ﺻﺎﺣﺐ أﻏﻨﻴﺔ )ﻣﺪد ﻣﺪد ﻣﺪد /ﺷﺪي ﺣﻴﻠﻚ ﻳﺎ ﺑﻠﺪ( ﻓﻜﺎن ﻣﻌﺘﺰا ﺑﺎﻗﺘﻨﺎﺋﻪ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ ﻛﺘﺎب )اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ( ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ اﻟﻘﺪﻳﻢ )اﻟﻔﺎراﺑﻲ 950 /874 /م( ،اﻟﺬي ﻳﻌﺪ أول ﻛﺘﺎب ﻋﻦ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻗﺪ أﻃﻠﻌﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺤﺮص ﺷﺪﻳﺪ،
ﻧﺎﺻﺮ ﻋﺮاق @
ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ اﻟﻌﺎﻣﺮة ﺑﺂﻻف اﻟﻜﺘﺐ واﻟﺪورﻳﺎت اﻟﺪور اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﺘﻪ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﺼﺮ.ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻴﻤﺎن ُﺣ ّﺰﻳﻦ ) (1999 /1909رﺋﻴﺲ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺼﺮي ﻣﺨﻄﺌﺎ ﺣﻴﻦ أوﺿﺢ ﻟﻲ أﻧﻪ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﻮزة ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻤﻊ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﻠﻚ ﻟﻪ ،واﻟﺘﻲ ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ﻧﺤﻮ 40أﻟﻒ ﻛﺘﺎب ،رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﺮﻓﺾ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻣﺒﺪأ اﺳﺘﻌﺎرة اﻟﻜﺘﺐ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻟﻤﺎذا؟ ﻗﺎل ﻟﻲ ﺑﺜﻘﺔ ﻣﺪﻫﺸﺔ) :ﻷﻧﻲ واﺛﻖ ﺑﺄن اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺴﺘﻌﻴﺮوﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﻳﺮدوﻫﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻤﻊ ،وﺳﻴﻄﻤﻌﻮن ﻓﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻬﺎ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ( .اﻟﻤﺨﺮج واﻟﻤﻤﺜﻞ اﻟﻤﺴﺮﺣﻲ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﺳﻌﺪ أدرش ) (2008 /1924دﺑّﺮ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻲ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﻴﻦ أﻛﻮام اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻮزﻋﺔ ﻛﻴﻔﻤﺎ اﺗﻔﻖ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﻮن ﺷﻘﺘﻪ ﺑﺎﻟﺰﻣﺎﻟﻚ ،وﻗﺎل ﻟﻲ ﺑﺼﻮﺗﻪ اﻷﺟﺶ اﻟﻌﻤﻴﻖ) :ﺳﻴﻈﻞ ﻛﺘﺎب إﻋﺪاد اﻟﻤﻤﺜﻞ ﻟﻠﻤﺴﺮﺣﻲ اﻟﺮوﺳﻲ ﺳﺘﺎﻧﺴﻼﻓﻴﺴﻜﻲ أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺛﺮب ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻤﻠﻲ ،وأﺣﺘﻔﻆ ﺑﻌﺪة ﻧﺴﺦ ﻣﻨﻪ ﺑﻠﻐﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ واﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﻘﻨﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ أدرس اﻟﻤﺴﺮح ﻓﻲ روﻣــﺎ( .ﺑﺤﻔﺎوة ﺑﺎﻟﻐﺔ اﺳﺘﻘﺒﻠﻨﻲ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺤﻤﻮد ﻳﺎﺳﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺑﺎﻟﺪور اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﻓﻴﻠﺘﻪ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺷﺎرع اﻟﻬﺮم ﺑﺎﻟﺠﻴﺰة ،وﻟﻢ أﻓﺎﺟﺄ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ وﻣﺎ ﺗﺤﺘﻮﻳﻪ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ أﻋﺮف أن اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺜﻘﻒ ﻛﺒﻴﺮ ،وأﻧﻪ ﻗﺎرئ ﻧﻬﻢ ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ :ﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس ﺗﻘﺘﻨﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أو ذاك؟ أﺟﺎﺑﻨﻲ ﺑﺼﻮﺗﻪ اﻟﺮﺧﻴﻢ) :أﻧﺎ أﻋﺸﻖ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻛﻠﻬﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻤﺴﺮح واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮن، وﺳ ْﻞ وﻻ أﺗﺮدد ﻋﻦ اﻗﺘﻨﺎء أي ﻛﺘﺎب أراه ﻣﻬ ًﻤﺎ ،ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮن ﻛﺘﺐَ ، ﻋﻨﻲ اﻟﺤﺎج ﻣﺪﺑﻮﻟﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة(. ﺣﻘﺎ ...اﻟﻜﺘﺐ ﺧﺒﺰ اﻟﻌﻘﻞ ...وﻣﺎ أﻃﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﺒﺰ @ رواﺋﻲ وﺗﺸﻜﻴﻠﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
85
ĚżĜēijĔŨē ěĔĸēijį
ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻘﻄﺮة ﻋﻠﻰ »اﻟﻤﺎء« ﻓﻬﻮ ﻳﻤﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻔﺮد ﺣﻴﻦ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺠﺘﻤ ًﻌﺎ ،واﻟﺪرﻫﻢ ﺣﻴﻦ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺒﻠﻐًـﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ، وﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞ :ﻗﻄﺮه ﻋﻠﻰ ﻗﻄﺮه ﺗﺼﻴﺮ ﻏﺪﻳﺮ ،واﻟﻨﺎس ﻟﻠﻨﺎس واﻟﻜﻞ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻓﻲ إﺷﺎرة ﻗﻮﻳﺔ إﻟﻰ ﺿﺮورة اﻟﺘﻜﺎﺗﻒ ﻟﻴﺘﻮﺣﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻧﺤﻮ أﻫﺪاف ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻳﻨﺪﻓﻌﻮن ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺪﻓﻊ ﻏﺪﻳﺮ اﻟﻤﺎء ﺑﺸﺪة. ﻟﻴﺴﺖ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل؛ ﻓﺎﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺸﺘﺮك ،وﻻ ﺣﻴﺎة ﻟﻔﺮد دون ﺣﻴﺎة ﻓﺮد آﺧﺮ، وﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞ :اﻟﺒﻴﺮ اﻟﻠﻲ ﺗﺸﺮب ﻣﻦ ﻣﺎﻳْﻬﺎ ﻻ ِ ﺗﻄ ْﻖ ﻓﻴﻬﺎ ِﺣﺼﺎه )ﻣﺎﻳﻬﺎ: ﻣﺎؤﻫﺎ ،ﺗﻄﻖ :ﺗﻠﻘﻲ(. ﻟﻴﺲ اﻟﻔﺮد اﻟﺬي ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ رؤﻳﺔ أﻧﺎﻧﻴﺔ ﺳﻮى إﻧﺴﺎن ﻻ وزن ﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ :ﻣﺎ َﺣ ْﺪ ﻳﺴ ﱢﻮي ﻟﻠﺤﺸﻒ ﻣﻜﺎﻳﻴﻞ؛ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻔﺮد ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺰاﻣﻪ ﻗﻴﻢ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ،واﻟﻌﻤﻞ وﻓﻖ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ. ﻳﻘﻮدﻧﺎ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻸﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ إﻟﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ واﻷﻓﻜﺎر ،أﻫﻤﻬﺎ: 1ـ أن اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺗﻤﻴﺰه ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ ،وأﻧﻪ ﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻗﻴﻢ وﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﺷﺄﻧﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄن ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻷﺧﺮى ﻣﻌﺘﻤ ًﺪا ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺛﺮات ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ وأﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺟﺮى ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﺑﺒﺮاﻋﺔ.
84
أﺧﻼق اﻟﺒﻄﻞ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ا3ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اJﻣﺎراﺗﻴﺔ
2ـ أن ﻧﺴﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل ﺗﺮﺗﺪ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﺛﺮ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﻈﺮوف اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﻬﺖ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ. 3ـ أن اﻷﻣﺜﺎل رﺳﻤﺖ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻗﻴﻤﻬﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ،وﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ أﻗﻮاﻟﻪ وﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺗﻪ ،وأﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻧﻔﱠﺮت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻀﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ وﺣﺪﻫﺎ ،وﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ اﻟﻔﺮدﻳﺔ. 4ـ أن اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻤﻨﺰﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻄﻞ ﻛﺎن ﺣﺎﺿ ًﺮا ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺣﻀﻮ ًرا ﻣﺒﻜ ًﺮا ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن ﺑﻮﺻﻔﻪ وﻃ ًﻨـﺎ، ﻛﺎن ﺣﺎﺿ ًﺮا ﻓﻴﻬﺎ ،أﻳﻀً ـﺎ ،ﺣﻴﺚ دﻋﺖ إﻟﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻌﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺸﺮﻛﺔ. ﻟﻘﺪ ﺳﻌﺖ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ إﻟﻰ ﺑﻨﺎء اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺄﺧﻼق اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﺎ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻮاﺳﻊ ،وﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﻤﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻬﺎ .وأﻛﺪت ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت ﺑﻜﻞ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻳﻌﻤﺮه ،وﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻪ ،وﻳﻔﺘﺪﻳﻪ ﱢ ﻏﺎ ٍل وﻧﻔﻴﺲ؛ ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ وﺟﻮده @ أﺳﺘﺎذ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮر ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ا ﻣﺎرات ـ ﺟﺎﻣﻌﺔ ا ﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا :اﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﻳﻄﻴ ْﻊ ﻳﻀﻴ ْﻊ. ـ اﻟﺘﺄﻧﻲ وﻋﺪم اﻟﺘﺴﺮع ﻓﻲ اﻟﻘﻮل واﻟﻔﻌﻞ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :ﻳﺎ ﻟﻴﺖ رﻗُﺒﺘﻲ ُرﻗْﺒﺔ ﺑﻌﻲ ،ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺆاد واﻟﺸﻔﺘﻴﻦ. ـ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﻮﻫﺮ وﻟﻴﺲ اﻟﻤﻈﻬﺮ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :اﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻚ ﻣﺎ ﻳﺜ ﱢﻤ ْﻨﻚ. ـ ﻋﺮاﻗﺔ اﻷﺻﻞ )اﻟﻨﺴﺐ( ﻋﻨﺪ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺰوﺟﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :ﻟﻲ ﺑﻐﻴﺖ اﻟﻮﻟﺪ د ﱢور ﻟﻪ ﺧﺎل .وﻗﻴﻞ :اﻟ َﺤ ْﺐ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﺬوره؛ ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﺜﻤﺮ ﻫﻮ ﻧﺘﺎج اﻷﺻﻞ اﻟﺬي اﻧﺒﺜﻖ ﻋﻨﻪ. ľĤòŀĿ ôŔīîńøÿśí ôĿĐňńĿí
ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻷول أو اﻟﻌﺘﻴﻖ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻴﺎء وﺣﺪﻫﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻨﻲ اﻷﺟﺪاد وﻗﺪ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺎ ﺧﻠﻔﻪ اﻷﺟﺪاد ﻟﻸﺣﻔﺎد ﺑﻮﺻﻒ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻫﺆﻻء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ وﺗﻘﺘﺮن ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻤﺔ ،وﻣﺎ ﺧﻠﻔﻮه ﻳﻘﺘﺮن ﺑﺎﻟﺜﺮوة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﻘﺪر ﺑﺜﻤﻦ؛ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ :اﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﻋﻨﺪه ﺘﻴﺞ ﻣﺎ ﻋﻨﺪه ﻳِﺪﻳﺪ )ﻋﺘﻴﺞ :ﻋﺘﻴﻖ ،ﻳﺪﻳﺪ :ﺟﺪﻳﺪ( ،وﻗﻴﻞ :اﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﻟَﻪ ِﻋ ْ َ أ ﱠول ﻣﺎ ﻟ ْﻪ ﺛﺎﻧﻲ ،ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن َﻣ ْﻦ ﻳﺘﻨﻜﺮ ﻟﻠﺘﺮاث واﻟﺬﻳﻦ أﻧﺘﺠﻮا ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻨﻜﺮﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺸﺘﺮك ،وﻟﻸﺻﻮل اﻟﺘﻲ اﻧﺒﺜﻖ ﻋﻨﻬﺎ. ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺴﻼح وﺣﺪه ﺗﺘﺸﻜﻞ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻣﺎ اﻟﺴﻼح إﻻﱠ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه ،وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻼح. ﻗﻴﻞ :اﻟﺼﻘﱠﺎر ﺻﻘﱠﺎر وﻟﻮ ﺑﻠ ﱠﻴـﺎ ْ ﻟﻴﺲ اﻟﺒﻄﻞ ﻗﺎد ًرا ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ إﻻﱠ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون
اﻟﻮﺛﻴﻖ ﺑﻴﻦ اﻷﻓﺮاد ،وﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞ :ﻳَﺪ وﺣﺪه ﻣﺎ ﺗﺼﻔﱢﻖ ،ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻷﻫﺪاف ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون .وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺘﻌﺎون أن ﺗﻀﻴﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ َﻣ ْﻦ ﻳﻔﻮق اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻗﻴﻢ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ؛ ﻓﻬﺬا اﻟﺬي ﻳﻔﻮﻗﻬﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻃﺎﻋﺘﻪ ،وﻟﻬﺬا ﺿﺮﺑﻮا ﻣﺜﻼً ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻧﺖ أﻣﻴﺮ واﻧﺎ أﻣﻴﺮ ِﻣ ْﻦ ﻳﻘﻮد اﻟﺤﻤﻴﺮ .وﻫﻮ ﻳﻔﻮﻗﻬﻢ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ،ﻓﻘﺎﻟﻮاَ : ﻳﻘﻈﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺸﻐﻠﻪ ﺷﻲء ﻋﻦ اﻟﺘﻨﺒﻪ ﻷﺣﻮاﻟﻬﻢ؛ ﻓﻘﺪ ﺿﺮﺑﻮا ﻣﺜﻼً، ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ :اذا ﺗﺼﺎدﻗﺖ اﻟﺮﻋﻴﺎن ﺿﺎﻋﺖ اﻟﻐﻨﻢ ،ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﻜﻮن ﻋﻮاﻗﺒﻬﺎ ﻓﺎدﺣﺔ ،وﻣﻨﻌﻜﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﺳﺮه. اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن )اﻟﻮﻃﻦ( ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﻠﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺮ ٌد ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻤﻤﺘﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ َﻣ ْﻦ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﻢ ﺑﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮض ﺧﻴﺮ اﻟﻤﻜﺎن وﺳﺎﻛﻨﻴﻪ ،وﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞِ :ﻣ ْﻦ زرع ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻏﻴﺮ ﺑﻠﺪه ﻻ ﻟﻪ وﻻ ﻟﻮﻟﺪه .وﻓﻲ ﻫﺬا دﻋﻮة إﻟﻰ إﻋﻄﺎء ﺑﻨﺎء اﻟﻮﻃﻦ وﺗﻨﻤﻴﺘﻪ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﻟﺒﻘﺎء اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ أوج ﺧﺼﻮﺑﺘﻬﺎ. ﻟﻴﺲ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺪار ﻋﻠﻰ »اﻟﻤﻨﺰل« ﻓﻬﻮ ﻳﻤﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪه اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﻮﻳٍّـﺎ ﺑﺄﻓﺮاده ،ﻣﻨﻴ ًﻌـﺎ ﻋﻠﻰ أﻋﺪاﺋﻪ، وﻟﻬﺬا ﻗﻴﻞ :اﻟﻴﺪار اﻟﻮ ِِﻃﻲ ﻛﻠﱢﻦ ﻳﺤﻮﻣﻪ )اﻟﻴﺪار :اﻟﺠﺪار ،ﻳﺤﻮﻣﻪ :ﻳﻘﻔﺰ ﻋﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺪاﺧﻞ( ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺿﺮورة أﺧﺬ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ أﺑﻨﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ،وﺗﻀﺎﻣﻨﻬﻢ؛ ﻟﺼﺪ أﻳﺔ أﻃﻤﺎع ﺧﺎرﺟﻴﺔ .ودﻋﺖ إﻟﻰ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺪار وﻋﺪم ﻣﻐﺎدرﺗﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﺒﺎب؛ ﻷن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﺷﺄن وﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ﺧﺎرج داره ،ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞِ :ﻣ ْﻦ راح ﻋﻦ داره ﻗ َْﻞ ﻣﻘﺪار ْه .ﻟﻴﺲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
83
ĚżĜēijĔŨē ěĔĸēijį
ﻣﻦ اﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات
2ـ ﺧﺼﺎﺋﺺ أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ اﻟﻨﻔﻲ اﻟﺬي ﻳﺼﺮف اﻟﺨﻴﺎرات اﻷﺧﺮى اﻟﻤﺘﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺬﻫﻦ ،ﻓﺘﺆدي ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮك ﻣﻌﻴﻦ ،وﻣﻨﻬﺎ :ﺑﻴﻀﺔ اﻟﻴﻮم وﻻ دﻳﺎﻳﺔ ﺑﺎﺟﺮ )دﻳﺎﻳﺔ :دﺟﺎﺟﺔ ،ﺑﺎﺟﺮ :ﻏ ًﺪا( ،وﻫﻲ دﻋﻮة ﻟﻠﻔﺮد ﻻﻏﺘﻨﺎم اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻀﻴﻊ ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ .وﻣﻨﻬﺎ :اﻟﻼل ﻣﺎ ﻳﺮوي اﻟﻌﻄﺸﺎن )اﻟﻼل :اﻟﺴﺮاب(، وﻫﻲ ﺗﺤﺚ ﻋﻠﻰ أﺧﺬ اﻷﻣﻮر ﺑﺠﺪﻳﺔ ،وﻋﺪم اﻟﺴﻌﻲ وراء اﻷوﻫﺎم اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﻮد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮء ﺑﺸﻲء. اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺨﺎﻃﺐ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺒﺎﺷﺮة؛ ﻛﻲ ﺗﻤﺘﺜﻞ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﻣﻨﻬﺎ :اﺻﺒﺮ ﻳﺎ ِﺟ َﻤﻞ ﻟﻴﻦ إﻳﻴﻚ اﻟ ﱢﺮﻳﻊ )ﻟﻴﻦ :إﻟﻰ أن ،إﻳﻴﻚ :ﻳﺄﺗﻴﻚ(، وﻫﻲ دﻋﻮة ﻟﻠﺘﺄﻧﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ. اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم اﻟﺬي ﻳﺆدي أﻏﺮاﺿً ـﺎ ﻣﺘﻌﺪدة ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺆدي ﻏﺮض اﻟﻨﻔﻲ وﻣﻨﻬﺎ :ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻠﺒﻐﻞِ :ﻣ ْﻦ أﺑﻮك؟ ﻗﺎل :ﺧﺎﻟﻲ ﻟﺤﺼﺎن ،وﻫﻲ دﻋﻮة ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ أﺻﺎﻟﺔ اﻟﻨﺴﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺼﺎﻫﺮة. اﻟﺴﺠﻊ اﻟﺬي ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ إﻳﻘﺎ ًﻋـﺎ ﻣﻮﺳﻴﻘ ٍّﻴـﺎ ﺟﺬاﺑًـﺎ وﻣﺆﺛ ًﺮا ،وﻣﻨﻬﺎ: اﻟﺒﺎب اﻟﻠﻲ إﻳﻴﻚ ﻣﻨﻪ اﻟﺮﻳﺢ ِﺳ ﱠﺪﻩ واﺳﺘﺮﻳﺢ ،وﻫﻲ دﻋﻮة ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺼﺪر اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ،أو ﺗﺠﻨﺐ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻴﻬﺎ؛ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻤﺮء ﻗﻠﻘًـﺎ.
ﻟﺪى اﻟﻔﺮد .وﻟﺘﻜﻮن ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺒﻄﻞ ﻣﺤﻘﻘﺔ أﻫــﺪاف اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، وﻧﻤﻮذ ًﺟـﺎ ﻳُﺤﺘﺬى ﺑﻪ .وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ،ﻛ ﱠﺮﻫﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﺿﺪ إرادﺗﻬﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ. ـ ﻳﺒﺪأ إﻋﺪاد اﻟﺒﻄﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ؛ ﻛﻲ ﻳﺘﺸ ﱠﺮب أﺧﻼق اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ رؤﻳﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؛ ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ :اﻟﻘَﻄﻮ اﻟ ُﻌﻮد ﻣﺎ ﻳِﺘﺮﺑﱠﻰ )اﻟﻘَﻄﻮ: اﻟﻘﻂ ،اﻟﻌﻮد :اﻟﻜﺒﻴﺮ( ،و ِﻣ ْﻦ ﺷَ ْﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﻲ ﺷﺎب ﻋﻠﻴﻪ )ﺷﺐ :ﻧﺸﺄ، ﺷﺎب ﻋﻠﻴﻪ :ﻻزﻣﻪ ﻓﻲ ﻛﺒﺮه( .وأﺳﻬﻤﺖ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺣﻴﺚ ﻳُﻨﺸﺄ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ ارﺗﻴﺎد اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ،وﺗﻌﻠﱡﻢ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ذوي اﻟﺸﺄن ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﻰ »اﻟﺴﻨﻊ«. ôĿŎĤòĿí łŔķ
ﻟﻘﺪ ﺣﺜﺖ اﻷﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ،وأﻫﻤﻬﺎ: ـ اﻟﻌﻔﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :اﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻲ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻲ. ـ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﻴﺮ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :اﻋﻤﻞ ﺧﻴﺮ وﻗُﻄﱠﻪ ﺑَ َﺤ ْﺮ. ـ اﻟﻜﺮم ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ ﻟﻠﻀﻴﻮف :اﻟﺒﻴﺖ ﺑﻴﺘﻜ ْﻢ واﻟﻌﻴﺎل ﻋﻴﺎﻟﻜﻢ. اﻟﻨﺎس. اس وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ْ ـ ﻋﺰة اﻟﻨﻔﺲ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :ﺷﻴﻞ اﻟﺴﻼل ﻓﻮق اﻟﺮ ْ ِ اﻟﺪوس ﺗﺮى ْﺜﺮ ﻜ ﺗ ﻻ ـ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ: ْ ْ ôŔĿŎĤòĿí ôŔĜĈĘĿí ﻳﻌﺎﻓﻮﻧﻚ. ـ ﺣﺮﺻﺖ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻠﻰ ـ اﻟﻘﻮة واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :ﻣﺎ ﻳﻄﻴﺮ اﻟﻄﻴﺮ إﻻﱠ ﻣﻦ ﻗ ﱢﻮة ﺟِﻨﺎﺣﻪ. ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،واﻟﺘﺰام اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،وﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ـ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺪﻫﺎء ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞُ :ﺣﻂ ﻋﻘﻠﻚ ﻓﻲ ر ْ اﺳﻚ ﺗﻌﺮف ﺧَﻼﺻﻚ. اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮة؛ ﻟﺘﻜﻮن اﻷﻗﻮال واﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت ﺟﺎﻫﺰة ـ اﻟﺸﻮرى ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :اﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﺎو ْر ﻳِﻨ َﺪم ،وﻗﻴﻞ ﻟﻤﻦ ﻳﻴﺴﺘﺸﻴﺮ
82
أﺧﻼق اﻟﺒﻄﻞ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ا3ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اJﻣﺎراﺗﻴﺔ
اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
ﻋﻠﻰ أﺳﺲ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،ﻛﺎﻟﻘﻮل ﻋﻦ اﻟﻤﺜﻞ :ﺧﻴ ٍﺮ ﺗﻌﻤﻞ ﺷ ٍﺮ ﺗﻠﻘﻰ؛ ﻓﻘﺪ رأﻳﻨﺎ أن اﻷﻣﺜﺎل ﺗﻮ ﱢﺟﻪ ﻟﻔﻌﻞ اﻟﺨﻴﺮ ،وﻟﻴﺲ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺧﻮﻓًـﺎ ﻣﻦ وﻗﻮع اﻟﻀﺮر ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻋﻞ .وﻫﻨﺎ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻬﻢ اﻟﻤﺜﻞ إﻻﱠ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻌﺰﻳﺔ اﻟﻨﻔﺲ ﺣﻴﻦ ﺗﻔﻌﻞ ﺧﻴ ًﺮا وﺗُﺠﺎزى ﺑﻨﻘﻴﻀﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﺷﺨﺎص ﻧﺎدرﻳﻦ ﻗﺪ ﺗﺼﺪﻓﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،أو ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺗﺘﻮﻗﻊ .وﻫﻮ ﻟﻴﺲ دﻋﻮة ﻟﻠﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﺨﻴﺮ ،ﺑﻞ ﻳﻜﺸﻒ ﺣﻘﻴﻘﺔ َﻣ ْﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻳُﻘﺪم ﻟﻪ ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺮ. اﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻤﻜﻮﻧﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ،وأﻫﻤﻬﺎ :اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ، واﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺷﻌﺮه وﻧﺜﺮه .واﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وﻣﺎ ﺟﺎورﻫﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ اﻧﻔﺘﺎح اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﺠﺴﺪا ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ. ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﱢ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
81
ĚżĜēijĔŨē ěĔĸēijį
أﺧﻼق اﻟﺒﻄﻞ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻮﻃﻦ
ﻓﻲ ا^ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا ﻣﺎراﺗﻴﺔ د .إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺣﻤﺪ ﻣﻠﺤﻢ* ﻟﻸﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺟﺪٍّ ا؛ إذ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄﺣﺪاث وﻣﻮاﻗﻒ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺗﺆدي ﻓﻴﻬﺎ أدوارﻫﺎ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﻨﺎع اﻟﺬي ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﺮﺗﺒﻄًـﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﺜﺎل ﺑﻤﺠﻤﻠﻬﺎ ﺗﺤﺎول رﺳﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺈﻋﺠﺎب اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻴﺆﻳﺪﻫﺎ وﻳﺘﺨﺬﻫﺎ ﻗﺪوة ﻟﻪ .وﺳﻴﺘﻨﺎول ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل ﻣﻌﻨﻰ اﻷﻣﺜﺎل وأﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ،وﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ، ﻗﺒﻞ أن ﻳﺤﻠﻞ ﻧﻤﺎذج ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء ﻓﻜﺮة اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻌﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ إﻟﻰ ﺗﺮﺳﻴﺨﻬﺎ ،واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ )اﻟﻮﻃﻦ( ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺒﻜﺮة. واﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﻮ ﻗﻮل ﻣﻮﺟﺰ ،ﻗﻴﻞ ﺑﺎﻟﻠﻬﺠﺔ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ،وﻻ ﻳُﻌﺮف ﻣﻨﺸﺌﻪ اﻷول ،ﻓﻴﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﺒ ًﺮا ﻋﻦ ﻣﻮاﻗﻒ وأﺣﻮل اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻳُﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﻬﺎ ﻟﺘﻘﻮﻳﺔ اﻟﺮأي ﻓﻴﻘﻮم ﻣﻘﺎم اﻟﺤﺠﺔ ﻧﺼـﺎ ﻣﺴﻠﱠ ًﻤـﺎ ﺑﻪ؛ ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ أﺣﺪ واﻟﺪﻟﻴﻞ ،وﻳﻜﻮن ﱠ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أو اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﺳﻴﻮ ﱢﺟﻪ ﺣﺮﻛﺘﻪ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ.
وﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ؛ إذ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺤﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻔﺮدات واﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎول ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ واﻟﻤﻨﻄﻖ واﻟﺮﺻﺎﻧﺔ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﺒﻼﻏﻴﺔ؛ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻧﺘﺎج ﺗﺠﺮﺑﺔ ،وﻫﺬا ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺳﻴﺮورﺗﻬﺎ.وﺗﻨﺒﻊ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻜﻼم ﺗﺄﺛﻴ ًﺮا ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ،وﻳﻮ ﱢﺟﻪ اﻷﻓﺮاد ﻧﺤﻮ أﻓﻜﺎر وﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ إﻋﺪاد اﻟﻨﺶء وﻳﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻗﻴﻢ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ .وﻳﺴ ﱢﻬﻞ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ،وﻳُﺴ ﱢﺮع ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ.وﺗﺤﻈﻰ اﻷﻣﺜﺎل اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ وأﺳﻠﻮﺑﻴﺔ؛ ﺣﺘﻰ ﺗُﺤﺪث ﺗﺄﺛﻴﺮات ﻗﻮﻳﺔ ،وﺳﻨﺘﻨﺎول ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺘﻬﻤﺎ: 1ـ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﻤﻨﻄﻖ واﻟﺮﻣﺰ ﻳﺠﻌﻼن اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻳﻘﻴﺲ اﻷﻣﻮر ﻋﺒﺮ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،ﻓﻴﻮ ﱢﺟﻬﺎن 80
أﺧﻼق اﻟﺒﻄﻞ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ا3ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اJﻣﺎراﺗﻴﺔ
ُﻮﺻﻪ ﻣﺎ ﻳﺒﺎ ﻟﻪ ِﺳﺠﻴﻦ ﺗﻘﺼﻪ اﻟﺨ َ ﻧﺤﻮ ﺳﻠﻮك أﻛﺜﺮ ﺟﺪوى ،وﻣﻨﻬﺎ :اﻟﻠﻲ ﱠ )اﻟﺨﻮﺻﻪ :ورق اﻟﻨﺨﻞ ،ﻣﺎ ﻳﺒﺎ :ﻻ ﻳﺒﺘﻐﻲ ،ﺳﺠﻴﻦ :ﺳﻜﻴﻦ( ،وﻫﻲ دﻋﻮة ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻀﻌﻴﻒ ﻟﻴﻜﻮن اﻟﻤﺮء ﻗﻮﻳٍّـﺎ ﻻ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ، ﻓﺘﺤﻮل دون ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﻸﻣﺎم .وﻣﻨﻬﺎ :اﻟﺴﻤﺠﻪ اﻟﺨﺎﻳﺴﻪ ﺗﺨﻴﱢﺲ اﻟﺴﻤﺞ ﻛﻠﱠﻪ )اﻟﺨﺎﻳﺴﻪ :اﻟﻔﺎﺳﺪه( ،وﻫﻲ دﻋﻮة ﻷﺧﺬ اﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻔﺎﺳﺪﻳﻦ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺆﺛﺮون ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. اﻹﻳﺠﺎز اﻟﺬي ﻳﺆدى ﺑﻜﻠﻤﺎت ﻗﻠﱠﻤﺎ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻌﺸﺮ ﻛﻠﻤﺎت وﻟﻜﻨﻬﺎ ذات ﻣﻌﺎنٍ وﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﺧﺎﺻﺔ إذا ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻗﻮل اﻟﻤﺜﻞ، وﻣﻨﻬﺎِ :ﻋﻴ َﺪﻩ ﺗِﻌﺮف اﺳﻌﻴﺪه ،واﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎم :أن اﻟﻤﺮأة أﺧﺒﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮأة. وﺗﺮﺗﺒﻂ ﻗﺼﺔ اﻟﻤﺜﻞ ﺑﺎﻣﺮأة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﺧﻄﱠﺎﺑﺔ ،ﻓﺘﺮى اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﻦ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﻌﻤﺪ اﻟﺰﻳﺎرة دون ﺳﺎﺑﻖ ﻣﻮﻋﺪ. اﻟﻘﻮل ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪث اﻟﻴﻮﻣﻲ :ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﺳﻴﻤﻴﺎء
ﻣﺘﺠﺪد ﺧﻄﺎﺑﻴﺎ ،ﻓﻜﻞ راو ﻳﻘﺪم ﻟﻨﺎ ﻧﺼﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺨﻄﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ. وﻫﻨﺎ ﺳﻨﺠﺪ أن ﺗﺒﺪﻻت ﺧﻄﺎب اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاوي ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻴﺪ ﺳﺮده ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻔﻖ واﻹﻳﺪﻳﻮﻟﺠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﻵن وﻫﻨﺎ ،ﻟﻴﻘﺪم ﻟﺠﻤﻬﻮره وﻣﺘﻠﻘﻴﻪ ﻧﺼﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺨﻄﺎﺑﻴﺔ ﻣﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠـﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ، واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻫﻨﺎ ﻻ ﺗﺨﺺ اﻷدب وﺣﺪه وإﻧﻤﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﺳﻴﻨﺪرج ﺿﻤﻦ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﺳﻴﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ أدﻟﺠﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا. واﻟﻨﺺ ﻫﻨﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺘﺠﺪد ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﺎﺋﺰ ﻫﻲ : أوﻻً :اﻟﻨﺺ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺎدة ﺗﻠﻔﻈﻴﺔ ﺗﻘﺪم ﺧﻄﺎﺑﺎً. ﺛﺎﻧﻴﺎً :اﻟﺮاوي ﺑﻮﺻﻔﻪ ذاﺗﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺤﻜﺎﺋﻴﺔ واﻟﺨﻄﺎﺑﻴﺔ. ﺛﺎﻟﺜﺎً :اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن اﻟﺨﺎرﺟﺎن ﻋﻦ اﻟﻨﺺ ودورﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺴﻴﻴﺮه وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺠﺪد. راﺑﻌﺎً :اﻟﺘﺒﺌﻴﺮ ،زاوﻳﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺺ ﻓﻲ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن ﻣﺎ .وﻫﻲ رﻛﺎﺋﺰ ﻟﻬﺎ أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﻳﻘﺪﻣﻪ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺮﺻﺪ ﻣﺪى ﺗﺒﺪﻻﺗﻪ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻘﻮﻻً ﻳﻘﻮم ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺿﻴﺔ اﻟﺘﺒﺪل ﺑﺘﺒﺪل اﻷزﻣﻨﺔ واﻷﻣﻜﻨﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ﺧﻠﻔﻪ .إﻻ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺠﺰم ﺑﺘﺒﺪل ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺎب إﻻ إذا ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺪراﺳﺎت ﻋﺪة ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ رﺻﺪ وﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ اﻟﻨﺺ ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ زﻣﻨﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮاﻓﻖ ذﻟﻚ رﺻﺪ وﺗﺤﻠﻴﻞ ﻟﻤﺠﻤﻮع ﻫﺬا اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻟﻤﺘﺠﺪد واﻟﻤﺘﻐﻴﺮ ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﻢ رﺻﺪه ﺳﻮى ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﺘﻔﺮﻗﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺸﻐﻠﺖ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﻬﺎﺟﺮة ﻣﻦ اﻟﺸﺮق إﻟﻰ اﻟﻐﺮب واﻟﻌﻜﺲ وﻫﻲ دراﺳــﺎت ﻳﻨﻘﺼﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺘﺒﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻔﻀﻲ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ
ﻧﺘﻴﺠﺔ واﻋﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق. وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺗﺒﺪﻻت اﻟﺨﻄﺎب ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﻨﺒﻪ إﻟﻰ اﻟﺨﻄﺎب ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﻠﻔﻮﻇﺎ ﻧﺸﻴﻄﺎ واﻟﺘﺰاﻣﺎ إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻓﻬﻮ زاوﻳﺔ ﻣﺮﺋﻴﺔ وزﻣﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،واﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ وﺗﻀﺎرﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،وﻫﺬا ﻣﺎ دﻓﻊ ﺑﺮوﺟﺮ ﻓﺎوﻟﺮ ﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﺨﻄﺎب » اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ واﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻤﻮﻗﻔﻲ اﻟﻤﻨﻘﻮﻻن ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ،«...وﻫﻮ ﺑﻬﺬا ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻨﻪ ﻫﻨﺎ ﺧﻄﺎب ﻟﻪ وﺟﻬﺎن ﻫﻤﺎ )اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ( ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،و)اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻤﻮﻗﻔﻲ( ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ،وﻫﻤﺎ وﺟﻬﺎن ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻷﻧﻪ ﻧﺺ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺸﺎرك ﺑﻴﻦ اﻟﺮاوي واﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻣﺪى ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻤﻮﻗﻒ واﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺺ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮاوي ﻟﻴﻨﺎﺳﺐ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ واﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﺑﻞ واﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي ﻳﻮرد ﻓﻴﻪ .وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن أﻫﻤﻴﺔ دراﺳﺔ اﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺗﺰداد إﻟﺤﺎﺣﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﺒﺪل ﺧﻄﺎﺑﻪ وﺗﻐﻴﺮ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻪ @ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎء ،ﻋﻤﺎن
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
79
اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ وأدﻟﺠﺔ اﻟﺨﻄﺎب ﻳﺒﺪأ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﺤﻤﻴﺮي ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺟﺎﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺆال )ﻣﺎ اﻟﺨﻄﺎب؟( ﺑﻘﻮﻟﻪ ... » :إﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺨﻄﺎب ﺑﻮﺻﻔﻪ اﺳﺘﺮﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﻠﻔﻆ ،أو ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻧﻈﺎﻣﺎً ﻣﺮﻛﺒﺎً ﻣﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ واﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ واﻟﺪﻻﻟﻴﺔ واﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ )اﻟﻨﻔﻌﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮازى وﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﺟﺰﺋﻴﺎً أو ﻛﻠﻴﺎً ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،«...وﻷﻧﻪ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻬﻮ ﻳﻀﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻟﺘﺸﻜﻞ وﺣﺪة ﻟﻐﻮﻳﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ،وﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ -ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺮدﻫﺎ اﻟﺤﻤﻴﺮي – ﻫﻲ ؛ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻤﻌﻴﺎر اﻟﺒﻼﻏﺔ ،وﻧﻈﺎم اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻤﻌﻴﺎر اﻟﻨﺤﻮ واﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،وﻧﻈﺎم اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺒﻴﺎن .ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺨﻄﺎب ﻫﻨﺎ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻠﻔﻆ وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻤﻠﻔﻮظ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ واﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ واﻟﻤﻘﺎم ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ،وﻟﻌﻠﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺠﺎﻻت ﻗﺪ ﺗﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ وﺣﺪﻳﺜﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺨﻄﺎب ﺑﻮﺻﻔﻪ رﻛﻴﺰﻫﺎ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻨﺺ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ؛ ﻓﺎﻟﺨﻄﺎب ﻣﺴﺆول ﻋﻦ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن واﻟﺸﺨﻮص واﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮردﻫﺎ اﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﻜﻲ ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈن اﻟﺸﻜﻼﻧﻴﻴﻦ اﻟﺮوس ﻫﻢ أول ﻣﻦ ﻓﺼﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﻲ واﻟﺨﻄﺎب ﻋﻨﺪﻣﺎ » أﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ أو اﻟﻤﺘﻦ اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ )ﻣﺎ وﻗﻊ ﻓﻌﻼ( ،واﻟﻤﻮﺿﻮع أو اﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ )اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﻳﺘﻌﺮف اﻟﻘﺎرئ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وﻗﻊ( ». وﺑﻬﺬا ﻳﻜﻮن اﻟﺤﻜﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺮر ﺷﻠﻮﻓﺴﻜﻲ – ﻓﻲ ﺗﻔﺮﻳﻘﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺼﺔ واﻟﺨﻄﺎب – ﺑﺄن اﻟﺤﻜﻲ » ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺼﺮا ﻓﻨﻴﺎ ﺑﻞ ﻣﺎدة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻷدب ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺨﻄﺎب وﺣﺪة ﺑﻨﺎء ﺟﻤﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ« ،وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﺤﻜﻲ ﻫﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﺪﻻﻟﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺨﻄﺎب ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ،وﻟﻬﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن ﺷﻠﻮﻓﺴﻜﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻌﺪل ﻋﻦ رأﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﻲ واﻟﺨﻄﺎب ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ ﻳﻤﺜﻼن )اﻟﻈﺎﻫﺮة( اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻤﺘﻠﻘﻴﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ،إﻻ أن ﻋﺰﻟﻬﻤﺎ ﺿﺮورة ﻟﻔﻬﻢ وﺣﺪة اﻟﻨﺺ واﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ ﻷﻏﺮاض ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ
78
اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ وأدﻟﺠﺔ اﻟﺨﻄﺎب
ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ@
ﻋﻤﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﺺ اﻷدﺑــﻲ ،وﻫﻨﺎ ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﻜﺘﻮب ﻣﻨﻪ واﻟﺸﻔﻮي ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﺘﻮﻗﻒ أﻣﺎم اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻧﺼﺎ ﻳﻘﺪم ﺧﻄﺎﺑﻴﺎ ﻓﻨﻴﺎ ﻟﻪ أﺻﻮﻟﻪ وأﻧﺴﺎﻗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻧﺺ إﻟﻰ آﺧﺮ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻠﻨﻮع واﻷﻧﺴﺎق اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﻷن اﻟﻨﺺ – ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ – »ﺧﺎﺿﻊ ﻟﺘﻮﺟﻪ ﻣﺰدوج ﻧﺤﻮ اﻟﻨﺴﻖ اﻟﺪال اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ ﺿﻤﻨﻪ )ﻟﺴﺎن وﻟﻐﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ وﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺤﺪدﻳﻦ( وﻧﺤﻮ اﻟﺴﻴﺮورة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺨﻄﺎب«، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻣﻨﻔﺼﻼ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻧﺴﻘﺎ داﻻ ﺷﺮط أن ﻻ ﻳﻤﺲ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﺒﻨﺎه ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﺼﻼ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻛﺘﻠﺔ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﺗﻨﺘﺠﻪ ،ﻓﺎﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺺ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﺿﻤﻦ ﻧﺴﻖ وﻣﻌﻄﻴﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻨﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﺮورة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ واﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺤﺪﺛﻪ اﻟﻤﺒﺪع )اﻟﻔﺮدي /اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ( ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺒﻨﻴﺔ ،واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺸﺪه واﻋﻴﺎ أم ﻏﻴﺮ واع ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻟﺨﺒﺮة اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺘﻨﺎص ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻧﺼﻴﺎ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺠﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ. وﻟﻬﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺗﺒﺪﻻت اﻟﺨﻄﺎب ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻳﺠﺐ أن ﻧﺪرك أن اﻟﺨﻄﺎب ﻟﻴﺲ ﺛﺎﺑﺘﺎً ﺑﻞ ﻣﺘﻐﻴﺮ ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻟﻨﺺ ﻧﻔﺴﻪ وﻣﻌﻄﻴﺎﺗﻪ ،ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻧﺼﺎً ﺟﺪﻳﺪا وﺣﺴﺐ وإﻧﻤﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻧﺼﺎ ﻧﺸﺄ ﺿﻤﻦ ﻧﺼﻮص ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻪ ،وﻫﻨﺎ ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ وﺻﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮواة اﻹﺧﺒﺎرﻳﻴﻦ وﻫﻢ ﻓﺌﺔ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ،إﻻ أﻧﻪ ﻧﺺ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺤﻜﻲ وأﻧﺴﺎﻗﻪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺧﻄﺎﺑﻪ اﻟﺬي ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻟﻠﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى .إﻧﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻫﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﺒﺪﻻت ذﻟﻚ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﺿﻤﻦ ﻇﺮوف ﺧﺎﺻﺔ وﻣﺮ ﺑﺴﻴﺮورة ﻧﺼﻴﺔ ﻣﺘﻐﻴﺮة ﻋﺒﺮ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻧﺺ )ﺣﻲ( ،ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺪم ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﻧﺼﺎً ﻣﺘﺠﺪدا ً زﻣﺎﻧﻴﺎ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ
ﺳﺎﻧﺖ ﺟﻮزﻳﻒ اﻟﺨﻄﺎﺑﺔ ،ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل @ ﻛﺎﺗﺐ وﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﻮن ا ﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻟﻠﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ
ﻗﺎﻋﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﻗﺪﻳﻢ
إﻟﻰ اﻟﺮاﻫﺐ أﻧﺪرﻳﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﻗﺪ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﺮداب ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺳﺎﻧﺖ ﺟﻮزﻳﻒ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﻞ وﺗﻌﺘﺮض اﻟﺮؤﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء .وﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﻴﻮﻧﻲ ﺷﺨﺺ ﺳﻨﻮﻳﺎً ،وﻟﺪ أﻧﺪرﻳﻪ اﻟﻌﺎم 1845ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻓﻘﻴﺮة وﻋﺎش ﺑﻴﻦ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ أﺧﺎً ،ﻋﻤﻞ ﺑﻮاﺑﺎً ﻓﻲ أﺑﺮﺷﻴﺔ Holy Crossوﻛﺎن ﻳﺪاوي اﻟﻤﺮﺿﻰ ،وﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺷﻔﺎﺋﻬﻢ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1937م ﺣﻀﺮ ﺟﻨﺎزﺗﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ. وﻳﻔﺎﺟﺄ زاﺋﺮ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﻤﺠﺮد دﺧﻮﻟﻪ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﻌﺪد ﺿﺨﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻜﺎزات اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﻄﺎن ،واﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎل ﺑﺄن اﻟﻤﺸﻠﻮﻟﻴﻦ ﻗﺪ أﺗﻮا إﻟﻰ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﺴﺘﻨﺪﻳﻦ إﻟﻴﻬﺎ ،ﺛﻢ ﺧﺮﺟﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻌﺎﻓﻴﻦ .وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ دﻳﺮﺳﺎﻧﺖ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء ﺳﻴﻨﺎء ،وﻟﻢ أر ﺷﺒﻴﻬﺎً ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ،وﻓﻲ داﺧﻞ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺧﺰاﻧﺔ ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﺎ أوراق ﺻﻐﻴﺮة وﻗﻠﻢ ،وﻗﺪ وﺿﻌﺖ ﻟﻜﻲ ﻳﻜﺘﺐ اﻟﺰاﺋﺮ أﻣﻨﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ورﻗﺔ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺪوق .وﻟﻘﺪ رأﻳﻨﺎ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ أﺿﺮﺣﺔ ﺳﻴﺪﻧﺎ اﻟﺤﺴﻴﻦ وأﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة .وﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻟﺤﻘﺖ ﺑﻲ زوﺟﺘﻲ إﻟﻰ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ،وﻛﺎن ذﻟﻚ إﺣﺒﺎﻃﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا ،ﻓﻠﻘﺪ ﺗﻤ ﱠﻨﻴﺖ ﻟﻮ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻲ ﻣﻨﺬ اﻟﻴﻮم اﻷول ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺈﺑﻨﺘﻲ اﻟﺼﻐﺮى ﻫﻴﻼﻧﺎ. أﻧﺠﺰﻧﺎ ﻣﻮﻋﺪﻧﺎ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ﻣﻊ اﻣﺮأة ﻻ زاﻟﺖ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺴﺤﺔ ﺟﻤﺎل ﻏﺎدرﻫﺎ ﻣﻨﺬ أرﺑﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﺪم ﻣﻨﺤﻨﺎ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻰ ﻛﻨﺪا وأﻧﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ وﻃﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ أﻋﺘﺒﺮه وﻃﻨﻲ.
ورﺿﻴﺖ ﺑﻘﺴﻤﺔ اﻟﻘﺪوس ﻓﻴﻨﺎ ،ﺑﻌﺪ أن وﻓﻘﻨﺎ اﻟﻤﻬﻴﻤﻦ ﻓﻲ ٍ ﺛﻼث ﻛﺘﺐ اﻟﺪﻫﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻬﻢ :وﺛﻴﻘﺔ ﺳﻔﺮ ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺻﺎدرة ﻣﻦ أﻛﺒﺮ دوﻟﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ ،ﺿﻐﻂ ﻋﺎل ﻓﻲ ﺷﺮاﻳﻴﻦ اﻟﺪم ،ﺧﻮاﻃﺮ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻤﻠﻴﻬﺎ وﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ،وﻫﻲ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﻢ اﻟﻌﺎﻗﻞ ﺗﺤﺴﺐ ﻟﻪ، وإن ﻛُﺘﺒﺖ ﺗﺤﺴﺐ ﻋﻠﻴﻪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
77
śĔŘǚē įĔżĜijē
ﻋﺪﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻨﺪق اﻟﻮاﻗﻊ وﺳـﻂ اﻟﻤـﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺷـﺎرع ﺷﻴﺮﺑﺮوك Sher brookeاﻟﻤﻠﻲء ﺑﻨﺎﻃﺤﺎت اﻟﺴﺤﺎب وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺴﻮق اﻟﻤﺤﺘﺸﺪه ﺣﻮل اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ واﻟﻤﺘﺎﺣﻒ وﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﺷﻬـﺮ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا وﻫﻲ ﺟﺎﻣﻌـﺔ ﻣﺎﻛﺠﻴﻞ ، Mc Gillاﻟﺘﻲ أﺳﺴﻬﺎ ﻓﻲ أواﺋﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺗﺎﺟﺮ اﻟﻔﺮاء اﻻﺳﻜﺘﻠﻨﺪي »ﺟﻴﻤﺲ ﻣﺎك ﺟﻴﻞ«. وﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ دﺧﻠﻨﺎ إﻟﻰ أﺣﺪ اﻟﻤﺤﻼت اﻟﺘﻲ أدت ﺑﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﻌﺞ ﺑﺎﻟﻤﺘﺎﺟﺮ اﻟﻔﺎﺧﺮة ودور ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﺗﺤﺖ اﻷرض وﻫﻲ ّ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻤﻘﺎﻫﻲ واﻟﻤﻄﺎﻋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ زاﺋﺮﻫﺎ ﻣﻦ أن ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻬﺎ ﺷﻬﻮرا ً ﻋﺪة دون اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻠﺼﻌﻮد إﻟﻰ ﺳﻄﺢ اﻷرض .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺟﻤﺎل اﻟﺘﺠﻮال ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ إﻻ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﺣﺘﻤﻠﻬﺎ ،ﻟﻴﻘﻴﻨﻲ ﺑﺄن ﻓﺘﺮة ﺑﻘﺎﺋﻨﺎ ﺗﺤﺖ اﻷرض ﺳﺘﻜﻮن أﻃﻮل ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻦ ﺑﻘﺎﺋﻨﺎ ﻓﻮﻗﻬﺎ ،ﻓﻠﻤﺎذا اﻟﻌﺠﻠﺔ واﻟﺬﻫﺎب ﺑﺄرﺟﻠﻨﺎ إﻟﻰ أﺳﻔﻠﻬﺎ وﻟﻨﻨﺘﻈﺮ ﻟﻨﻨﺘﻘﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺤﻤﻮﻟﻴﻦ. ﻟﻢ أﻛﻤﻞ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺠﻮﻟﺔ وﺧﺮﺟﺖ ﺳﺮﻳﻌﺎً إﻟﻰ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﺣﻴﺚ اﻟﺒﺮد واﻟﺜﻠﻮج وﻗﺴﻮة اﻟﺸﺘﺎء ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺪت ﻟﻲ أرﺣﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﺔ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﺗﺤﺖ اﻷرض وﻛﺎن ﻫﺬا إﺣﺒﺎﻃﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا. ņœĎ÷îĻ öŇîē ĩčîė
وﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺤﺒﻮن واﻷﺻﺪﻗﺎء ﻗﺪ أوﺻﻮﻧﻲ ﺑﻀﺮورة زﻳﺎرة ﺷﺎرع ﺳﺎﻧﺖ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻴﻪ ﻳﻤﻠﺆﻧﻲ اﻟﻔﺮح ،ﻟﻘﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻲ أن زرت دﻳﺮ ﺳﺎﻧﺖ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء ﺳﻴﻨﺎء ،اﻟﺬي ﺑُﻨﻲ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺟﻮﺳﺘﻴﻨﻴﺎن )551 – 542م( وﻫﻮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﻘﻼع اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺴﺤﻴﻘﺔ، وﻛﺎﻧﺖ اﻻﻣﺒﺮاﻃﻮرة ﻫﻴﻼﻧﻪ واﻟﺪة اﻻﻣﺒﺮاﻃﻮر ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻦ ﻗﺪ أﻣﺮت ﺑﺒﻨﺎﺋﻪ اﻟﻌﺎم 432م ،ﺛﻢ أﻛﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺟﻮﺳﺘﻴﻨﻴﺎن ﻟﻴﻜﻮن ﻣﻌﻘﻼً ﻟﺮﻫﺒﺎن ﺳﻴﻨﺎء وﻗﺪ ﺳﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﺪﻳﺴﺔ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ، ﻟﺮؤﻳﺔ رآﻫﺎ أﺣﺪ اﻟﺮﻫﺒﺎن ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻪ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻧﻘﻠﺖ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻓﺘﻢ ﻧﻘﻞ رﻓﺎﺗﻬﺎ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،وأﻃﻠﻖ اﺳﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﺮ وﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﻠﻬﺎ. وﻟﺴﺎﻧﺖ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ ﻗﺼﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎء ،ﻓﻔﻲ اﻟﻌﺎم 307م ﺣﻀﺮ اﻟﻘﻴﺼﺮ ﻣﻜﺴﻴﻤﺎﻧﻮس اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻻﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ،وﻛﺎن ﻣﺴﺘﺒﺪا ً وﻳﺴﺘﻤﺘﻊ
76
وداﻋ ًﺎ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
ﺑﺘﻌﺬﻳﺐ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ،وأﺻﺪر ﻣﺮﺳﻮﻣﺎً ﺑﻮﺟﻮب اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﺮاﺑﻴﻦ ﻟﻬﺎ وإﻻ ﺗﻌﺮض اﻟﺮاﻓﻀﻮن ﻟﻠﻌﺬاب واﻟﻤﻮت. ووﻗﻔﺖ ﺳﺎﻧﺖ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ ﺑﺄﻋﻮاﻣﻬﺎ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﺠﺮأة أﻣﺎم اﻟﻘﻴﺼﺮ وﺣﻜﻤﺎﺋﻪ ﻣﻨﺪدة ﺑﺎﻷوﺛﺎن واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﻘﻨﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺎﺋﻪ واﻟﺠﻨﻮد ﺑﺪﺧﻮل اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﻓﺠ ّﻦ ﺟﻨﻮن اﻟﻘﻴﺼﺮ وأﻣﺮ ﺑﻔﺼﻞ رأﺳﻬﺎ ﻋﻦ ﺟﺴﺪﻫﺎ. ﺗﻮﺟﻬﺖ إﻟﻰ ﺷﺎرع ﺳﺎﻧﺖ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ واﻟﺪﻣﺎء ﺗﻐﻠﻲ ﻓﻲ ﻋﺮوﻗﻲ ﺣﻴﺎل ﻋﺼﻮر اﻻﺿﻄﻬﺎد وﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪون ﻓﻲ ﻛﺎﺗﺮﻳﻦ ،واﻟﻌﺬاب اﻟﺬي ﻻﻗﺘﻪ ،وﺑﺪأت اﻷﺿﻮاء اﻟﻤﺘﺪاﺧﻠﺔ ﺗﺒﻬﺮﻧﻲ ،اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ اﻟﻔﺨﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﻤﻴﻨﻲ واﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎري وﻧﻮادي ﻋﺮوض اﻻﺳﺘﺮﺑﺘﻴﺰ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن، ﻓﻬﺪأت ﻧﻔﺴﻲ وﺧﻔﺘﺖ ﺛﻮرﺗﻲ واﺳﺘﻌﺬت ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن اﻟﺮﺟﻴﻢ ﻷﺗﺤﺼﻦ ،ودﺧﻠﺖ إﺣﺪاﻫﺎ ﻷرى ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻔﺎﺳﻘﻮن وﻗﺮأت اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ّ واﻟﻔﺎﺳﻘﺎت ،ﻓﺈذا ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﻋﺮاﻳﺎ ﻛﻤﺎ ﺧﻠﻘﺘﻬﻦ أﻣﻬﺎﺗﻬﻦ ،اﻟﻮاﺣﺪة ﻣﻨﻬﻦ ﺗﺮﻗﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺮح ﺧﻼل وﺻﻠﺔ ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ وﻫﻲ ﺗﺴﺘﻐﺮق ﺣﻮاﻟﻲ أرﺑﻊ دﻗﺎﺋﻖ ﻟﺘﺄﺗﻲ أﺧﺮى ﻋﻠﻰ ﺻﻮت اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﻬﻢ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺎﺋﻞ »ﺗﻤﻮت اﻟﺤﺮة وﻻ ﺗﺄﻛﻞ ﺑﺜﺪﻳﻴﻬﺎ«. ﻳﺘﻮﺳﻂ ﻣﺴﺮح اﻟﻨﺎدي ﻗﺎﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ اﻟﻄﺎوﻻت ،وﻳﻜﻔﻲ ﻃﻠﺐ ﻋﺒﻮة ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺮة ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺎدل ﺧﻤﺴﺔ دوﻻرات أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،ﻟﻠﺠﻠﻮس ﺣﺘﻰ اﻟﻔﺠﺮ .وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن رﺳﻢ اﻟﺪﺧﻮل ﻟﺤﺪﻳﻘﺔ اﻟﺤﻴﻮان أرﺧﺺ ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﻟﺮؤﻳﺔ اﻷﺟﺴﺎد اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﻫﻲ ﺗﺘﻠﻮى وﺗﺘﺜﻨﻰ وﻛﺎن ذﻟﻚ إﺣﺒﺎﻃﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻨﺪا .وﻓﻲ ﺻﺒﺎح اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﺎن اﻟﺨﺒﺮ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺎز ﺣﻮل زﻓﺎف ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﺘﻬﺎ ،ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺑﺄن دواﺋﺮ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻔﻮﺿﻰ واﻟﻌﺒﺚ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﺪاﺧﻞ دون وﺟﻮد ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻓﻜﺮﻳﺔ وﻗﻴﻢ أﺧﻼﻗﻴﺔ ﻳﻔﻘﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺻﻼﺑﺘﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .وﻫﻨﺎ ﻳﺒﺮز ﺑﺠﻼء ﻛﻴﻒ أن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد وﺣﻘﻮﻗﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﺆﺳﺴﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وواﺟﺒﺎﺗﻬﺎ. وﻟﻜﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ُﺣﻤﺎﺗﻬﺎ ،ﻫﻜﺬا ﺗﻌﻠﻤﺖ ﺧﻼل رﺣﻼﺗﻲ ،ﻓﻲ دول اﻟﺸﺮق أﺿﺮﺣﺔ أوﻟﻴﺎء اﻟﻠﻪ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ وأﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻳﺤﻤﻮن اﻟﻤﺪن ،وﻓﻲ اﻟﻐﺮب اﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ واﻟﻘﺪﻳﺴﺎت ،وﻟﻤﺎ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻦ »ﺣﺎﻣﻲ« ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل أﺷﺎروا
ﺟﺴﺮ ﺟﺎك ﻛﺎرﺗﻴﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ،ﻋﻨﺪ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ
ôœĐŔŀĀŇří Ņîĸ÷í ŁĊĬñ ĎĈĴĿí
ﻓﻲ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻋﺪم إﺗﻘﺎن اﻟﻠﻐﺔ اﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﺪﻋﺎة ﻟﻠﻔﺨﺮ ،وﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﺒﺪأ ﻛﻼﻣﻚ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎرة اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ » «Bonjourأﻣﺎ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻼﻓﺘﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻴﺒﻚ ﻓﻬﻲ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻘﻂ. وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻛﻴﺒﻚ ،وﻳﺴﻜﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻧﺴﻤﺔ وﺗﻘﻊ ﻓﻮق ﺟﺰﻳﺮة ﻋﻨﺪ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻧﻬﺮي »أوﺗﺎوا« و»ﺳﺎن ﻟﻮراﻧﺲ«. ﺻﻌﺪﻧﺎ ﻣﻊ اﻷﺻﺪﻗﺎء إﻟﻰ » » Mount Royalاﻟﺠﺒﻞ اﻟﻤﻠﻜﻲ ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎك اﺳﺘﻤﺘﻌﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻨﻈﺮ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﺒﺪو ﻛﺎﻟﻠﺆﻟﺆة ﺗﻠﻤﻊ وﺳﻂ اﻷﺿــﻮاء .وﻟﻘﺪ ﺳﺒﻘﻨﺎ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺼﻌﻮد اﻟﻤﺴﺘﻜﺸﻒ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺟﺎك ﻛﺎرﺗﻴﻴﻪ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻌﺎم 1535م ،وﻫﻮ اﻟﺬي
أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻹﺳﻢ وﻻ ًء ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻓﺮاﻧﺴﻮا اﻷول ،ﻓ ُﻌﺮﻓﺖ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﺳﻢ »ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل« ﻗﺎدﺗﻨﺎ ﺧﻄﻮاﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺮﻓﺄ وﺑﻌﺾ اﻟﺴﻔﻦ ،وﺗﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻤﺘﺠﻤﺪة ،واﻟﺴﺎﺣﺔ اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﻣﺮﺻﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎرة ،واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﺣﺠﺮﻳﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ،أﺳﻄﺤﻬﺎ ﻣﻨﺤﺪرة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﻤﻨﻊ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺜﻠﻮج ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻓﻲ ﺷﺎرع ﻧﻮﺗﺮدام ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ » «Hotel de villeﺣﻴﺚ أﻃﻠﻖ دﻳﺠﻮل ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻓﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،1967ﺻﻴﺤﺘﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺗﺰال ﺗﻠﻬﺐ ﺣﻤﺎس اﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﻴﻦVive«: «le Quebec Libreﺗﺤﻴﺎ ﻛﻴﺒﻚ ﺣﺮة وﻣﻦ ﻫﻨـﺎك ﺗﺠﻮﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻧﻮﺗﺮدام وﻫﻲ أﺻﻐﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺎرﻳﺲ، اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺣﻲ إﻟﻴﻚ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﺄﻫﺐ ﻟﻼﻧﻄﻼق ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
75
śĔŘǚē įĔżĜijē
ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﻗﺎﻋﺔ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻫﻲ ﺑﻨﺎء ﻧﻤﻂ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ،ﻛﻴﺒﻴﻚ ،ﻛﻨﺪا
ﻓﻴﻤﻴﻪ« اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﻀﺮه واﻟﺪي ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ،ﻓﻄﻠﺒﺘﻪ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺾ اﻟﻤﺨﻔﻮق ،وﻛﺎن ﻟﺬﻳﺬا ً وﺷﻌﺮت ﻋﻨﺪ ﺗﻨﺎوﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﺸﻮة ،داﻋﻴﺎً ﻟﻠﻌﻤﺔ ﻛﻮرا ﺑﺎﻟﻌﻤﺮ اﻟﻤﺪﻳﺪ ،وﻟﺨﺎﻟﺘﻲ ﺑﻄﻮل اﻟﺒﻘﺎء ،وﻟﺠﺪﺗﻲ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻨﻮر، وﻛﻨﺖ أﻇﻨﻬﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﻦ إﻋﺪاد اﻟﻌﺠﺔ وﻓﻜﺮت ﺟﺪﻳﺎً ﺑﺎﻓﺘﺘﺎح ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻄﺎﻋﻢ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻻ ﺗﻘﺪم اﻟﻮﺟﺒﺎت إﻻ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺾ وﻧﺤﻦ اﻟﻨﺸﺎﻣﻰ ﻟﻨﺎ ﺑﺎع ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻮل ﺑﺎﻟﺒﻴﺾ ،واﻟﻔﻼﻓﻞ ﺑﺎﻟﺒﻴﺾ، وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺾ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺾ »اﻟﻜﺎﻓﻴﺎر« وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺸﻤﻞ داﺋﺮة زﺑﺎﺋﻨﻲ اﻟﻔﻘﺮاء واﻷﻏﻨﻴﺎء وﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،وﺳﺄﺳﻤﻴﻪ »ﻛُﻞ ﻫﻨﻴﺌﺎً ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻤﺔ ﻧﻔﻴﺴﻪ«، أو »ﻛﻞ واﺷﻜﺮ ﻋﻨﺪ ﻃﺎﻧﻂ ﺗﺮﻳﺰ«» ،ﻋﻠﻰ ﻛﻴﻔﻚ ﻋﻨﺪ ﺟﻮﻟﺪا«… وﺑﺬﻟﻚ ﺳﺘﺘﺴﻊ داﺋﺮة زﺑﺎﺋﻨﻲ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﺳﻜﺎن اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ..اﻟﻜﺒﻴﺮ. ĚŀĈńĿí ĒœĊĸĿí ĪĀøňŃ
اﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﻋﻘﺐ اﻹﻓﻄﺎر ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻟﺸﻤﺎل ،ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺘﺠﻊ ﺷﺘﻮي ﻳﺴﻤﻰ اﻟﻘﺪﻳﺲ اﻟﻤﺨﻠﱢﺺ St.souveurوﻳﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﺣﻮاﻟﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎرة .وﻛﺎن ﻣﻨﻈﺮ اﻷﻃﻔﺎل وﻫﻢ ﻳﺘﺰﻟﺠﻮن ﺟﻤﻴﻼً ،واﻟﺘﻘﻄﺖ زوﺟﺔ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻣﻦ اﻷرض ﻗﻄﻌﺔ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ اﻟﺪوﻻرﻳﻦ وﻣﺎ أن اﺳﺘﻜﻤﻠﻨﺎ اﻟﻤﺴﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﻋﺜﺮت أﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻌﺔ أﺧﺮى ﺗﻠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻠﺞ ﻓﺎﻟﻘﺘﻄﺘﻬﺎ واﻋﺘﺒﺮﺗﻬﺎ ﺗﻤﻴﻤﺔ اﻟﺤﻆ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ أﺗﺨﻠﻰ ﻋﻨﻬﺎ .وﻗﻀﻴﻨﺎ أوﻗﺎﺗﺎً 74
وداﻋ ًﺎ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
ﻣﺘﺤﺴﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ اﻟﺬي ذﻫﺐ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺘﺰﻟّﺠﻴﻦ ّ اﻷﻳﺎم واﻟﺴﻨﻮات ،ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺰﻟﺞ ،وﺑﺎﻟﻜﺎد ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﻤﻐﻄﺎة ﺑﺎﻟﺜﻠﻮج ،وﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻳﻘﻮل :ﻳﺎ ﻟﻴﺖ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻷوﻻد ﻣﻌﻨﺎ ﻟﻜﺎﻧﻮا ﺗﺰﻟﺠﻮا وﻓﺮﺣﻮا ،وﻟﻢ ﻳﺠﺮؤ أﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ: ﻟﻴﺖ ﻛﻨﺎ ﺷﺒﺎﺑﺎً ﻻﺳﺘﻄﻌﻨﺎ اﻟﺘﺰﻟﺞ .وﺣﻤﺪﻧﺎ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ وﺻﻮﻟﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻴﺎرة ﺳﺎﻟﻤﻴﻦ. اﻧﺘﻘﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﺘﺠﻊ ﺷﺘﻮي آﺧﺮ ﻻ ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻷول ﻛﺜﻴﺮا ً ،ﻳﺴﻤﻰ »Mont «olympiaﺟﺒﻞ أوﻟﻤﺒﻴﺎ ،وﻛﺎن ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻟﻤﺘﺰﻟﺠﻴﻦ .ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺻﻴﺔ أﺣﺪ اﻟﺸﻮارع ﺷﺨﺺ ﻳﻤ ﱢﻬﺪ ﺑﻜﻠﺘﺎ ﻳﺪﻳﻪ اﻟﺜﻠﺞ اﻟﻤﺘﺴﺎﻗﻂ ﻋﻠﻰ ﻃﺎوﻟﺔ أﻣﺎﻣﻪ ،ﻓﺎﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ﻓﺈذا ﺑﻪ ﻳﺒﻴﻊ ﻋﺼﺎرة ﺷﺠﺮة »اﻟﻤﺎﺑﻞ« اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬت ورﻗﺘﻪ رﻣﺰا ً رﺳﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻛﻨﺪا ،وﻳﺘﻢ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﻌﺼﺎرة ﻣﻦ ﺧﻼل وﺿﻊ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺼﻨﺒﻮر ﻓﻲ ﺟﺬع اﻟﺸﺠﺮة وﻋﺒﺮه ﺗﺴﺘﻘﻄﺮ إﻟﻰ وﻋﺎء وﺿﻊ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﻟﺘﺠﻤﻴﻊ اﻟﻌﺼﺎرة اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮي ﻏﻠﻴﻬﺎ ﻻﺣﻘﺎً ﺛﻢ ﻳﻀﻊ اﻟﺒﺎﺋﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺼﺎ ﺻﻐﻴﺮة وﻳﻐﻤﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻴﺮ وﻳﻤﺮرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻠﺞ اﻟﻤﺒﺸﻮر ﻓﺘﺼﺒﺢ ﻛﺎﻵﻳﺲ ﻛﺮﻳﻢ .رﻏﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﺬ ﱡوق ﻣﺎ ﻧﺮاه ،ﻓﻔﻌﻠﻨﺎ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻃﻌﻤﻬﺎ ﻟﺬﻳﺬا ً ،وﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ »«Maple Popsicle وﻫﻲ ﺗﺒﺎع ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء وﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺪﻋﻰ »Caban au /Sucreﻛﻮخ اﻟﺴﻜﺮ«.
ﻣﻨﺎزل ﻓﻴﻜﺘﻮرﻳﺎ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
ﺑﻨﺎء ﺳﻮق ﺑﻴﻨﺴﻮﻛﻮر اﻟﻘﺪﻳﻢ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﻮق اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 100ﺳﻨﺔ -ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
ﺑﺎﻟﻄﺒﻖ :ﻗﻄﻌﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻟﺤﻢ اﻟﻌﺠﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﻛﺒﻴﺮة ﺟﺪا ً ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻃﻴﺒﺔ اﻟﻤﺬاق وﻛﺎﻹﺳﻔﻨﺞ ،أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻤﻠﺒﻦ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﻟﻠﺤﻢ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺤﻀﺮ إﻟﻲ ﺣﻠﻮى ﻛﻨﺪﻳﺔ ﺷﻬﻴﺮة ،أﺟﺎﺑﻨﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﻠﻮﻳﺎت ﻛﻨﺪﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ .ﻓﺎﻛﺘﺸﻔﺖ أن ﻻ وﺟﻮد ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻛﻨﺪﻳﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻛﻮﻧﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎً ﻣﺒﻨ ّﻴﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﺔ واﻹﻳﻤﺎن ،اﺳﺘﻄﺎع ﺑﻘﻮة ﻋﻤﻠﻪ ودﻗﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﻪ واﺣﺘﺮاﻣﻪ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﻳﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ إﺣﺪى اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ اﻟﻜﺒﺮى .ﻓﻴﺎ ﻟﻠﺤﺴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺬي ﻳﻤﺘﺪ ﺗﺎرﻳﺨﻪ إﻟﻰ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻮات ،وﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت وﺟﻮده ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻗﻮﺗﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ وﻣﻘﺪار ﻣﺴﺎﻫﻤﺘﻪ
ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻌﺼﻮر. ﻓﻲ ﺻﺒﺎح اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ اﺻﻄﺤﺒﻨﻲ اﻷﺻﺪﻗﺎء إﻟﻰ ﻣﻄﻌﻢ ﺷﻬﻴﺮ ﻻ ﻳﻘﺪم ﺳﻮى وﺟﺒﺘﻲ اﻹﻓﻄﺎر ،واﻟﻐﺪاء ،ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ »ﺳﺎن ﻟﻮران« وﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﺮوﻋﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻛﻴﺒﻚ ،وﻳﺴﻤﻰ »ﺷﻲ ﻛﻮرا «Che Cora أي ﻋﻨﺪ ﻛﻮرا اﻟﻄﻼء اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻟﻠﻤﻄﻌﻢ ﺑﺮاق ﻃﻔﻮﻟﻲ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻷﺧﻀﺮ واﻷﺣﻤﺮ واﻷﺻﻔﺮ ،وﻫﻮ ﺧﻔﻴﻒ اﻟﻈﻞ ،ﻳﻘﺪم ﻛﻞ وﺟﺒﺎﺗﻪ ﻣﻤﺰوﺟﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺾ ،ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻄﻌﺎم ،ﻓﻮﺟﺪت اﻟﻌﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻘﻨﻬﺎ ﺟﺪﺗﻲ ،واﻷوﻣﻠﻴﺖ ﻣﻊ اﻟﺠﺒﻨﺔ اﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﺔ ،واﻟﺒﻴﺾ »اﻟﻌﻴﻮن« ﻣﻊ اﻟﻠﺤﻢ اﻟﻤﻘﺪد .ووﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎي ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺬﻫﺐ ﺑﻪ اﻷﻳﺎم ﻣﻦ ذﻛﺮﻳﺎت ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺤﻠﻖ ﺣﻮل ال »ﺳﻮﻣﻮن
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
73
śĔŘǚē įĔżĜijē ĎĠć IJēŎœ ĉŎńĄŃ
ﻟﻢ أﺗﺼﻮر أن ﺗﻠﺒﻴﺘﻲ ﻟﻠﺪﻋﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻴﺘﻬﺎ ﻟﺰﻳﺎرة ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﺳﺘﻜﻮن ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻓﺎﻟﻄﺮﻳﻖ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻣﻤﻠﱠﺔ ،اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ إﻟﻰ ﻟﻨﺪن زﻫﺎء ﺳﺒﻊ ﺳﺎﻋﺎت وﻫﻨﺎك أﻣﻀﻴﻨﺎ وﻗﺘﺎً ﻣﻤﺎﺛﻼً ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ اﻟﺘﺮاﻧﺰﻳﺖ ﺑﻤﻄﺎر ﻫﻴﺜﺮو ،اﻟﺬي ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ وﺑﺎﻷﺳﻮاق ،وﻛﺄﻧﻚ ﻓﻲ أﻛﺴﻔﻮرد ﺳﺘﺮﻳﺖ ،وﺳﺒﻊ ﺳﺎﻋﺎت أﻳﻀﺎً ﻓﺼﻠﺖ ﻣﺎﺑﻴﻦ اﻹﻗﻼع ﻣﻦ ﻫﻴﺜﺮو واﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل. ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺋﺮة ﺗﺴﻠﻤﺖ ﺑﻄﺎﻗﺔ دﺧﻮل – ﻻﻧﺪﻧﻎ ﻛﺎرد -وﻷول ﻣﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻛﻨﺖ أرى ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺛﻼث ﺻﻔﺤﺎت ،ﺑﺨﻂ ﺻﻐﻴﺮ ﺑﺎﻟﻠﻐﺘﻴﻦ اﻻﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،وﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ أﺳﺌﻠﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﻀﺠﺮ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﺜﻼً :ﻫﻞ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﻚ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮة آﻻف دوﻻر؟ ﻓﺄﺟﺒﺖ ﺑـ »ﻧﻌﻢ« ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎر ﺳﺄﻟﻨﻲ ﺿﺎﺑﻂ اﻟﺠﻮازات ﺣﻮل ﺻﺤﺔ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ،ﻓﺄﺟﺒﺖ ﺑﺎﻹﻳﺠﺎب ،ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ أﺣﺎﻟﻨﻲ إﻟﻰ زﻣﻴﻠﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ رﺗﺒﺘﻪ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﺨﻮض ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺟﻤﺎل اﻟﻜﻮن ،ﻓﺎﻧﻔﺮﺟﺖ أﺳﺎرﻳﺮي ودﻧﺪﻧﺖ ﺑﺄﻏﻨﻴﺔ ﻋﺒﺪاﻟﺤﻠﻴﻢ ﺣﺎﻓﻆ »ﻳﺎﻋﻴﻨﻲ ﻳﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﺟﺮى إﻳﻪ« ،وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ أن أﺗﺒﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﻣﻨﻌﺰل ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺮاﻧﺎ اﻟﺮﻛﺎب اﻵﺧﺮون ﻓﺄﻛﻤﻠﺖ »واﻟﺪﻧﻴﺎ اﺣﻠﻮت ﻛﺪه ﻟﻴﻪ« ،ﻓﺤﻤﺪت اﻟﻠﻪ أن ﻣﻼﺑﺴﻲ ﻣﻦ ﻣﺎرﻛﺔ »آرﻣﺎﻧﻲ« ﻗﺪ أدت ﻣﻔﻌﻮﻟﻬﺎ ،وأن وﺳﺎﻣﺘﻲ ﻗﺪ أوﻗﻌﺖ ﺑﺄول ﻛﻨﺪﻳﺔ أﻗﺎﺑﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻔﺮﻧﺠﺔ .وﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﻨﺰ ٍو ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ :ﻫﻞ ﺗﺜﻖ ﺑﻲ؟ ﻓﺄﺟﺒﺖ: ﻃﺒﻌﺎً .ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻀﺒﺎط أﻛﺜﺮ إﻏﺮا ًء وﻛﻴﻒ ﻻ أﺛﻖ ﺑﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﺤﻤﻞ وﺟﻪ ﻣﻼك وﺟﺴﺪ ﻧﺤﺘﻪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وأﺣﺴﺴﺖ ﺑﻬﺎ وﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻳﻘﻮل: ﻛﺎﻣﻞ اﻷوﺻﺎف ﻓﺘﻨﻲ واﻟﻌﻴﻮن اﻟﺴﻮد ﺧﺪوﻧﻲ. ﺣﻲ ﻣﻠﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﻓﻲ اﻟﺨﺮﻳﻒ
أﻓﻘﺖ ﻣﻦ أﺣﻼﻣﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ أن أرﻳﻬﺎ اﻟﻌﺸﺮة آﻻف دوﻻر ،ﻓﻨﺎوﻟﺘﻬﺎ إﻳﺎﻫﺎ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﻛﺪت ﻣﻦ اﻟﻤﺒﻠﻎ أﻋﺎدﺗﻪ إﻟﻲ، وﻛﺘﺒﺖ إﻓﺎدة ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺤﻖ ﻟﻲ اﻟﺨﺮوج ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺒﻠﻎ ﻟﺪى ﻣﻐﺎدرﺗﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻬﺎ: أﻫﺬا ﻛﻞ ﺷﻲء؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻧﻌﻢ .ورﺣﺒﺖ ﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ﻣﺘﻤ ﱢﻨﻴﺔ ﻟﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﺳﻌﻴﺪة. وأردت أن أﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ إﻟﻰ أﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ أن ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﺪق ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ اﻟﻤﺒﻠﻎ وﻗﺖ ﺗﺸﺎء ،وﻟﻜﻨﻲ ﺧﺸﻴﺖ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻲ اﻟﻤﻄﺎف ﺑﺄن أﺗﺄﻛﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﻠﻎ ﻣﻨﻔﺮدا ً ﻓﻲ أﺟﻮاء رﻃﺒﺔ. ŅîĜĄĿí ðŇċ łĬĤŃ
وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺄﻟﺖ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺑﺄﻣﻮر ﻛﻨﺪا ،ﻋﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﻄﻌﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ،ﻛﺎن اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ اﻟـــ »ﻛــﻮ دو ﺷﻴﻔﺎل Queue De ،«Chevalوﻫﻮ ﻳﻌﻨﻲ »ذﻧــﺐ اﻟﺤﺼﺎن« 72
وداﻋ ًﺎ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
ﻓﺬﻫﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﻟﺘﻨﺎول ﻃﻌﺎم اﻟﻐﺪاء ﺑﺮﻓﻘﺔ أﺣﺪ اﻷﺻﺪﻗﺎء .ﻛﺎن اﻟﻤﻄﻌﻢ ﻣﻤﻴﱠﺰا ً :ﺷﻌﺎره ﺣﺼﺎن ﺑﺎﻟﻠﻮﻧﻴﻦ اﻷﺑﻴﺾ واﻷﺳﻮد ،ﻳﻌﺪو راﻓﻌﺎً ذﻧﺒﻪ إﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ ،أﻣﺎ اﻷرﺿﻴﺔ ﻓﻤﻦ اﻟﺨﺸﺐ ذي اﻟﻠﻮن اﻟﺪاﻛﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺠﺪران اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ رﺳﻮﻣﺎت اﻟﺨﻴﻮل ،ﺗﺸﻌﺮك وﻛﺄﻧﻚ ﻓﻲ أﺣﺪ ﻣﻄﺎﻋﻢ ﺑﻼد اﻟﻌﻢ ﺳﺎم. ﺟﺎء اﻟﻨﺎدل اﻟﺬي ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺴﻤﻨﺔ ﻣﻌﻪ أﻗﺼﻰ ﺣﺪودﻫﺎ ،إﻟﻰ درﺟﺔ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺨﺎﻟﻪ ﻳﺘﺪﺣﺮج ﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺎﺗﺠﺎﻫﻚ ،ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﺒﺔ اﻟﻜﻨﺪﻳﺔ اﻷﺷﻬﺮ ﻷﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ،ﻓﺎﺳﺘﻐﺮب ﺳﺆاﻟﻲ ﺛﻢ أﺟﺎﺑﻨﻲ ﺑﻌﺪ ﺗﻔﻜﻴﺮ :ﻻ ﻳﻮﺟﺪ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻫﻲ أﺷﻬﺮ وﺟﺒﺔ ﺗﻘﺪﻣﻮﻧﻬﺎ؟ ﻓﻘﺎل» :اﻹﺳﺘﻴﻚ« ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻫﻞ ﻧﻴﻮﻳﻮرك. ﻓﻘﻠﺖ :ﺟﻴﺪ ،ﻓﻠﺘﺄﺗﻨﻲ ﺑﻄﺒﻖ ﻣﻨﻪ ﻣﺸﻮي ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ .will doneﻓﻘﺎل :إذا ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺘﺬوﻗﻲ اﻟﻄﻌﺎم ،ﻓﻌﻠﻴﻚ ﺑﺎﻹﺳﺘﻴﻚ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟــﺸــﻮاء .ﻓﺄﺟﺒﺖ ﺑﻌﺪم اﻟﻤﻤﺎﻧﻌﺔ .ﺟﺎء
Í Ëí ¡ ì ¥
وداﻋ ًﺎ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
ﺗﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
71
وﺣﻬﺔ ﺳﻔﺮ
ﻃﻔﻼن ﻓﻲ »ﺑﺎﺑﻞ« ﻛﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﺻﺒﺎﺣﺎ ،ﻓﻲ ﺻﻴﻒ ﻗﺎﺋﻆ ،ﻣﻦ أﺻﻴﺎف ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﻨﺼﺮم ،ﺻﺒﻴﻴﻦ ﻛﻨﺎ؛ ﻣﺤﻤﺪ ،وأﻧﺎ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻤﺮاﻧﺎ ﻗﺪ ﺟﺎوزا اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ وﺑﻀﻌﺔ ﺷﻬﻮر .ﺗﺴﻠﻠﻨﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻴﻨﺎ، ﺳﺤﺒﺖ دراﺟﺘﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻣﻜﺎﺑﺤﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻟﻴﻬﺎ اﻟﺼﻐﻴﺮﻳﻦ ،ﺗُﺮﺟﻊ أﺣﺪﻫﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﻗﺪﻣﻚ؛ ﻓﺘﺘﺴﻤﺮ اﻟﺪراﺟﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻃﺮاز ﻓﺮﻳﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﺑﺎﻷﺣﺮى؛ ﻛﻨﺖ أﺗﻤﻴﺰ ﻋﻦ أﻗﺮاﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺗﻨﺎ ﺑﺎﻣﺘﻼك دراﺟﺔ ،ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﻣﻜﺎﺑﺤﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺪاﻟﻴﻬﺎ! ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻔﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ أﺻﺤﺎﺑﻲ ،ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺣﺴﺪوﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻼﻛﻲ إﻳﺎﻫﺎ .ﺧﻄﻄﻨﺎ ﻟﻠﺮﺣﻠﺔ ﻣﺴﺒﻘﺎ ،رﺑﻤﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺄﺳﺒﻮع أو أﻛﺜﺮ؛ ﻟﺬا ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻣﺎ اﺗﻔﻖ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أﻣﻮال ،ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﻌﺘﺒﺮا ،ﺗﻌﺎﻇﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﺣﺪ ﺧﻤﺴﺔ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻗﺮﺷﺎ؛ رﺑﻊ ﺟﻨﻴﻪ ﻛﺎﻣﻞ ،ﺛﺮوة ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻄﻔﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻧﺎ ﻓﻲ ذاك اﻟﻮﻗﺖ ،ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻮى ﻓﻲ اﻷﻋﻴﺎد ،واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﺎرة. »ﺻﻨﺎدﻳﺪ«؛ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄﻧﺎ ﺑﻬﺎ ،ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻃﻨﻄﺎ- ﺷﺒﻴﻦ اﻟﻜﻮم ،ﺟﻨﻮب ﻃﻨﻄﺎ ﺑﺴﺒﻌﺔ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮات ،وﺷﻤﺎل ِﺷﺒﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا ،ﻓﻲ ﻗﻠﺐ دﻟﺘﺎ اﻟﻨﻴﻞ .ﺗﺘﺎﺧﻤﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺠﻨﻮب ﻗﺮﻳﺔ أﺧﺮى ،ﻫﻲ »ﺑﺎﺑﻞ« ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮﻫﺎ رﺣﻠﺘﻨﺎ اﻷوﻟﻰ .ﻛﻨﺎ ﻗﺪ اﻋﺘﺪﻧﺎ أن ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ؛ ﻃﻨﻄﺎ ،ﻓﻲ اﻷﻋﻴﺎد واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ،ﻧﺒﺘﺎع ﻣﻨﻬﺎ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ؛ ﻛﺄن ﻳﺮﻏﺐ أﺣﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺷﺮاء ﻣﻼﺑﺲ ﺟﺪﻳﺪة ،أو ﺣﺬاء ،أو –وﻻﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺳﺮﻳﻦ -ﺣﻘﻴﺒﺔ؛ ﻟﺰوم اﻟﻤﺪرﺳﺔ .ﻧﺬﻫﺐ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎرة اﻷﺟﺮة ،ﻣﻦ ﻧﻮع »واز« اﻟﺘﻲ ﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻘﺮن ،أو ﺑﺤﺎﻓﻠﺔ ﻻ أدري ﻧﻮﻋﻬﺎ ،ﺗﻤﺮ ﻣﻦ أﻣﺎم اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ،وﺗﺘﻌﻄﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻌﻤﻞ .ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻗﺪ ﺟﺮﺑﻨﺎ ﻓﻲ
70
ﻃﻔﻼن ﻓﻲ »ﺑﺎﺑﻞ«
ﻣﺤﻤﻮد ﺷﺮف @
اﻟﺴﺎﺑﻖ أن ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮﺳﻴﻠﺔ أﺧﺮى ،ﻛﺎﻟﺪراﺟﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺨﺘﺮ ﻃﻨﻄﺎ وﺟﻬﺔ ﻟﺮﺣﻠﺘﻨﺎ اﻷوﻟﻰ .ﻛﺎﻧﺖ »ﺑﺎﺑﻞ« ﻫﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ. ﺗﻘﻊ »ﺑﺎﺑﻞ« إﻟﻰ ﺟﻨﻮب »ﺻﻨﺎدﻳﺪ« ﺑﺄرﺑﻌﺔ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮات .ﻛﻨﺖ أﻟﻬﺚ ﻗﺒﻞ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ،وأﻧﺎ أﻗﻞ ﺻﺪﻳﻘﻲ أﻣﺎﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪراﺟﺔ؛ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﺒﺎدل اﻷدوار ﻣﺒﻜﺮا ﻋﻤﺎ ﺧﻄﻄﻨﺎ ﻟﻪ .وﺻﻠﻨﺎﻫﺎ ﺳﺮﻳﻌﺎ؛ ﺑﻔﻀﻞ ﻧﺸﺎط اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻻﻋﺘﻴﺎدي ،ﻓﺎﻧﺤﺮﻓﻨﺎ ﻳﺴﺎرا ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺸﺮق، ﺣﻴﺚ ﺳﺘﻘﺎﺑﻠﻨﺎ »ﺟﻨﺰور« ﺑﻌﺪ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﻳﻦ ،ﻣﺘﻤﺪدة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷرض ،وﻳﺨﺘﺮﻗﻬﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻤﻬﺪ ،ﻳﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ،اﻟﺬي ﻳﺼﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺟﻨﻮﺑﺎ واﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ﺷﻤﺎﻻ .ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺮﻳﺘﻴﻦ ﺑﺪأﻧﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺠﻮع ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻮﺣﺸﺔ؛ ﻓﺎﻟﻮﺟﻮه اﻟﺘﻲ ﻧﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﻦ واﻵﺧﺮ وﺟﻮه ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ،ﻻ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻌﺘﺎدة ﻟﻨﺎ ،ﻓﻼﺣﻮن اﺳﺘﻴﻘﻈﻮا ﻣﺒﻜﺮا ،ﻳﺠﺮون وراءﻫﻢ ﺑﻬﺎﺋﻤﻬﻢ، ﻣﺘﻮﺟﻬﻴﻦ ﻧﺤﻮ ﺣﻘﻮﻟﻬﻢ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﻘﺮﻳﺔ .أو ﺻﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻋﻤﺮﻳﻨﺎ ﻳﻠﻬﻮن ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻗﺎت ﻓﻲ ذاك اﻟﺼﺒﺎح اﻟﺮاﺋﻖ ،ﻻ ﻳﻜﺎدون ﻳﻨﺘﺒﻬﻮن ﻟﻘﺮﻳﻨﻴﻦ ﻟﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ دراﺟﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻧﻜﻮن ﻗﺪ اﺑﺘﻌﺪﻧﺎ؛ اﺗﻘﺎء ﻷﻳﺔ ﻣﻨﺎوﺷﺎت ﺗﺤﺪث وﻧﺤﻦ ﺑﻌﻴﺪان ﻋﻦ أرﺿﻨﺎ ،ﻓﻴﺤﺪث ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﻤﺪ ﻋﻘﺒﺎه .ﺗﻮﻗﻔﻨﺎ أﻣﺎم ﻣﺤﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻳﺒﻴﻊ اﻟﺤﻠﻮى ،وﺑﻌﺾ اﻷﺷﻴﺎء اﻷﺧﺮى ،واﺷﺘﺮﻳﻨﺎ ﺑﺮﺑﻊ اﻟﺠﻨﻴﻪ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ »ﺑﺴﻜﻮﻳﺖ«. أﻛﻠﻨﺎه ﻓﻲ ﻏﻤﻀﺔ ﻋﻴﻦ ،واﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﻣﺠﺪدا .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﺪ ﺟﺎوزت ﺣﻴﻨﺌﺬ اﻟﻌﺎﺷﺮة ﺻﺒﺎﺣﺎ .وﻛﺎن ﻳﺒﺪو أن ﻳﻮﻣﻨﺎ ﺳﻴﻄﻮل، وأن ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻛﻬﺬه ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻲ اﻵن أن أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ :وﺟﻬﺔ اﻟﺴﻔﺮ اﻷوﻟﻰ ..ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ) .ﻳﺘﺒﻊ( @ ﺷﺎﻋﺮ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﻓﻀﺎءات
اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ 2-1 »ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﺮﻳﻖ ،ﻣﻄﺎﻟﺐ إﻳﺮاﻧﻴﺔ ،ﻣﻤﺎﻧﻌﺔ إﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،وأﻣﻴﺮ ﻃﻴﺐ« ﺗﺘﺪاول اﻷﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺎﺗﻨﺎ دوﻣﺎ أن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻻ ﻳﺘﻌﺪى ﺑﻀﻊ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺮﺳﺦ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﺟﻤﻌﻴﺎ ﻟﻔﻜﺮة أن اﻟﺨﻠﻴﺞ ﺑﻼ ﺟﺬور ،ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻧﺠﺪ أن ﻣﺎ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻳﻮﻣﻴﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﺮدات ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﺗﻜﺸﻔﻬﺎ رﻣﺎل اﻟﺼﺤﺮاء، ﻳﻨﻔﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة ﺗﻤﺎﻣﺎ ،وأن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻛﺎﻟﺒﺤﺮ اﻟﻌﻤﻴﻖ، ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﻏﻠﻨﺎ ﻓﻴﻪ وﺟﺪﻧﺎ ﺟﺪﻳﺪا ،ﻣﻤﺎ ﻳﻐﺮي ﻛﻞ ﺑﺎﺣﺚ ﺑﺎﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ واﻟﻐﻮص ﻓﻴﻪ واﻛﺘﺸﺎﻓﻪ. ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف ﻋﺎم ﻛﺎﻧﺖ »اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ« ﻣﻄﻤﻌﺎ ﻟﻠﻐﺰاة اﻟﻔﺎﺗﺤﻴﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺒﺎﺑﻠﻲ اﺗﺠﻬﺖ أﻧﻈﺎر ﺣﻜﺎم ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﻟﻼﺳﺘﻴﻼء ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ دوﻟﺔ اﻟﺴﺎﺳﺎﻧﻴﻴﻦ ﺿﻤﺘﻬﺎ إﻳﺮان إﻟﻰ إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺘﻬﺎ ،وﻇﻠﺖ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ وﻻﻳﺔ »ﺷﺎﻫﺒﻮر« ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﻤﻴﻼدي .وﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﺑﺎﺳﻢ »ﺗﻴﻠﻮس« أو »أرادوس« )ﻣﺎ زال اﺳﻢ »أراد« ﻣﺘﺪاوﻻ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﻤﺤﺮق( .وورد اﺳﻢ ﺗﻴﻠﻮس ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﻤﺆرخ »ﺑﻼﻳﻦ« اﻟﺬي أﺷﺎد ﻛﺜﻴﺮا ﺑﻶﻟﺌﻬﺎ وأﺣﺠﺎرﻫﺎ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ. وﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎء اﻵﺛﺎر أن اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻫﻲ اﻟﻤﻮﻃﻦ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠﻔﻴﻨﻴﻘﻴﻴﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء ،وﻣﻨﻬﺎ اﻧﻄﻠﻘﻮا ﺳﺎﻟﻜﻴﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﻼل اﻟﺨﺼﻴﺐ إﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎن ،ﺣﻴﺚ ﺑﻨﻮا ﺣﻀﺎرﺗﻬﻢ .وﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ ﻣﺎ ذﻛﺮه اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ »ﺳﺘﺮاﺑﻮ« ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ Geographica ﻣﻦ أن اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﺟﺰر اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﺗﺸﺒﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻘﺎﺑﺮ اﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﻴﻦ ،وأن ﺳﻜﺎن ﻫﺬه اﻟﺠﺰر ﻳﺬﻛﺮون أن أﺳﻤﺎء ﺟﺰاﺋﺮﻫﻢ وﻣﺪﻧﻬﻢ ﻫﻲ أﺳﻤﺎء ﻓﻴﻨﻴﻘﻴﺔ .وﻗﺎل أﻳﻀﺎ إن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺪن ﻫﻴﺎﻛﻞ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﺔ ..وﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻢ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ،أﺳﻤﺎء أﻣﺎﻛﻦ ﻓﻲ ﺷﺮق اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻔﺲ أﺳﻤﺎء اﻟﻤﺪن اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄﻫﺎ اﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ
د .واﺋﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ
اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ،ﻣﺜﻞ »ﺻﻮر« ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ ﻋﻤﺎن ،و« ُﺟﺒَﻴْﻞ« وﺟﺰﻳﺮة »أرواد« ..وﻳﻌﺰز ﻫﺬا اﻟﺮأي ﻣﺎ ذﻛﺮه »ﺟﺎك ﺑﻴﺮﻳﺒﻲ« ﻣﻦ أن اﻟﻘﺒﻮر اﻷﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻜﺒﺮى ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،ﺗﺸﺒﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺪﻫﺶ اﻟﻨﻮاوﻳﺲ اﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﺔ .وﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ إﻧﺸﺎء ﻣﺴﺘﻌﻤﺮات ﻓﻴﻨﻴﻘﻴﺔ ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ. وﻗﺪ ﺣﺴﻢ »أﻣﻴﻦ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ« ﻫﺬا اﻟﺠﺪل ﻗﺎﺋﻼ» :اﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﻮن ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺮب ﺳﺎﻣﻴﻮن .ﺑﻞ أﻧﻬﻢ ﻋﺮب اﻷﺻﻞ .ﻧﺰﺣﻮا ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻃﺊ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻴﻒ وﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻓﻲ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﺰﻣﺎن«. وﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف أﻧﻪ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺣﺘﻰ اﻟﻘﺮن 16م ﻛﺎن ﻳﻄﻠﻖ اﺳﻢ »اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ« ﻋﻠﻰ ﺷﺮق اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ دون ﺗﻤﻴﻴﺰ ،وﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺪﻗﺔ ﻣﺘﻰ اﺧﺘﺼﺖ ﺑﻪ ﺟﺰر اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮق اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ »ﺟﻮرج رﻳﻨﺘﺰ« أن اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ »اﺑﻦ اﻟﻤﺠﺎور« ﺑﺎﻟﻘﺮن 13م، واﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ »اﺑﻦ ﺑﻄﻮﻃﺔ« ﻓﻲ اﻟﻘﺮن 14م ،ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻦ أﻗﺪم ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪم اﺳﻢ »اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ« ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰر دون ﺑﺎﻗﻲ ﺷﺮق اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
69
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ĿĔĬ ijēŵĨ
ﱠﻘﺖ ﺑﻴﻦ أﺑﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻟﻈﺮﻳﻔﺔ ﻓﺘﺨﺒﺮﻧﻲ أﻧﻚ وﻓ َ اﻟﻘﺎﺳﻢ وأﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ,وﻣﻦ اﻟﻄﺮاﺋﻒ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟ ُﻤﺤﺘﺴﺐ ﻓﻲ ﺗﺒﻴﻴﻦ ﺷﻮاذ اﻟﻘﺮاءات واﻹﻳﻀﺎح ﻋﻨﻬﺎ ﻷﺑﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﺟﻨﻲ؛ إذ ررﻏﺐ ﺑﺘﺄﻟﻴﻔﻪ اﺑﺘﻐﺎء اﻟﻤﺜﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ وﺟﻞ، وأﺳﻤﺎه ﻛﺘﺎب اﻟ ُﻤﺤﺘَ َﺴﺐ ﻟﻴﺪل ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪه ﺑﻪ ،ﻻ ȿŒñĎĬĿí łĿîĬĿí Œij ĶŔĸĄøĿí ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳُﺪﻳﺮه ﻋﻠﻴﻪ. اﻟﻌﺮﺑﻲ؟ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻮﺿﻊ رؤﻳﺘﻜﻢ ﻣﺎ ّ اﻻﺟﺎﺑﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل .وﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أﺷﻴﺎء اﺳﺘﻮﻗﻔﺘﻚ أﺛﻨﺎء ﺑﺤﺜﻚ؟ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻃﻔﺮة ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻧﻮﻋ ّﻴﺔ واﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺨﻄﻮط ﻋﺮف ﻟﻘﺪ ﻫﻨﺎ: ﻗﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﻮﻓﻴﺎت اﻟﻮاﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ أﻗﺮأ وأﻧﺎ اﺳﺘﻮﻗﻔﺘﻨﻲ ﻣﻼﺣﻈﺘﺎن :اﻷوﻟﻰ: ّ ﻟﻠﺼﻔﺪي )764ﻫـ( ﻋﺒﺎرﺗﻪ ﻫﺬه »:ﻧﺤﻤﺪُﻩُ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﺖ إﺧﺮاﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﻨﻮر ،واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎ وإﺧﺮاﺟﺎً وﻧﺸﺮا ً وﺗﻮزﻳﻌﺎً ،ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺑﺼﺎﺋﺮﻧﺎ ﺗﺠﻮل ﻓﻲ ﻣﺮآة اﻟ ِﻌﺒَﺮ ،وﺗﻘﻒ ﺑﻤﺸﺎﻫﺪة اﻵﺛﺎر ﻋﻠﻰ أﺣﻮال َﻣﻦ واﻗﻊ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳّﺔ .وﻷﺻﺤﺎب اﻟﻜﻮدﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ َﻏﺒَﺮ ،وﺗﻌﻠﱠﻢ ﺑﻤﻦ ﺗﻘﺪم أ ﱠن َﻣﻦ ﺗﺄ ﱠﺧ َﺮ ﻳُﺸﺎرﻛُﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺪم ،ﻛﻤﺎ َ اﺷﺘﺮك ﻓﻲ رأي ﻓﻲ ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت ،ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ – ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮه – ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻣﺎ ﻳﺼﻔﻮﻧﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﺑﻌﺾ )808 اﻟﺮﻓﻊ اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﺒﺮ« ،وﺟﺎل ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮي ﻋﻨﻮان اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ّ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ وﻫﺰال وﺗﺸﻮﻳﻪ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﺮاث. ﻫـ( اﻟﺬي وﺿَ َﻌ ُﻪ ﻟﺘﺎرﻳﺨﻪ »:ﻛﺘﺎب اﻟ ِﻌ َﺒﺮ ودﻳﻮان وﻳﺮى اﻟﻜﻮدﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﻮن ﺷﺄن اﻟﻤﻨﺘﻘﺪﻳﻦ ﻟﻤﺎ اﻟﻤﺒﺘﺪأ واﻟﺨﺒﺮ ،ﻓﻲ أﻳﺎم اﻟﻌﺮب واﻟﻌﺠﻢ واﻟﺒﺮﺑﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ؛ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻴﺎ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﻠﻴﻪ و َﻣﻦ ﻋﺎﺻﺮﻫﻢ ﻣﻦ ذوي اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻷﻛﻴﺮ« ،ﻓﻠﻌﻞ ّ ﺿﺮورة إﻋﺎدة ﻛﻞ ﻣﺎ ُﺣﻘﱢﻖ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاث؛ إﻻ ﻓﻲ ﻋﺒﺎرة اﻟﺼﻔﺪي ﻣﺎ ﻳُﻤﻜﻦ أن ﻳُﺴﺘﻠ َﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﻨﺎدر ﻣﻨﻬﺎ .وأرى أن اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻨﻮان ﺗﺎرﻳﺦ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون. ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ ،وﻋﻦ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻜﺸﺎف ﻟﻠﺰﻣﺨﺸﺮي اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص؛ أﺻﺒﺤﺖ واﺿﺤﺔ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ، اﻟﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 538ﻫـ »«:اﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ اﻟﺬي أﻧﺰل وﻫــﻲ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻣﺴﺘﻤ ﱠﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا وﺳ ﱠﻮ َر اﻟﻘﺮآن ﻛﻼﻣﺎً ﻣﺆﻟّﻔﺎً ﻣﻨﻈﻤﺎً ...ﱠ وﻓﺼﻠَﻪ ُﺳﻮرا ًَ ، اﻟﺘﺮاث ﺑﺎﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻬﺎ إﻟﻴﻨﺎ؛ ﻣﻨﺸﻮرا ً آﻳﺎﺗﻪ ،وﻣ ﱠﻴ َﺰ ﺑﻴﻨﻬﻦ ﺑﻔﺼﻮل وﻏﺎﻳﺎت« ،واﻟﻔﺼﻮل واﻟﻐﺎﻳﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻋﻆ واﻟﺤﻜﻢ؛ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎب أو ﻣﺤﻘﱠﻘﺎً .وﺳﺘﻈﻞ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻷﺑﻲ اﻟﻌﻼء اﻟﻤﻌﺮي اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 449ﻫـــ. ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﻗﺎﺋﻤﺔ؛ ﻛﻠﻤﺎ دﻋﺖ وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل إن ﻫﺎﺟﺲ اﻹﺑﺪاع ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻀﺮورة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ .وﺳﺘﻈﻞ اﻵﻣﺎل ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﻤﻦ ﻳﺴﻤﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻌﻘﻮدة ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت؛ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ أﺛﺮ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﻤﻐﻨﻲ – ﻣﺜﻼ -إﻧﻤﺎ ﻫﺪﻓﻪ أن ﻳُﻘﺪم ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻳُﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﻏﻴﺮه ،وﻣﻦ ﻳﻘﺪم ﻛﺘﺒﺎ ﻋﻨﻮاﻧﻪ اﻟﻤﻘﻨﻊ إﻧﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﻮل إن ﻣﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ .وأرى أن ﻣﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴّﺔ ﻋﺎ ّﻣﺔ ،وﻳﻜﻮن ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻟﻠﻘﺮاء ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﻊ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻪ ،وﻫﻜﺬا. ﻟﻪ ﻫﺬا اﻟﺪور اﻟﺨﻄﻴﺮ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ؛ أن ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺠﻼت ﻋﻠﻤ ّﻴﺔ ﺗﺘﻮﻟّﻰ اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺎت ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻚ أﻫﺪاف أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﺘﻲ أﻋﺮب ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎﺑﻚ؟ ﺻﺤﻴﺢ أن ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻳُﻌﺮب ﻋﻦ ﻏﺎﻳﺘﻴﻦ :اﻷوﻟﻰ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﺼﺤﻴﺤ ّﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻷﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻨﺸﺮ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎت اﻟﻌﻨﻮان داﺧﻞ اﻟ ُﻬ ِﻮﻳﱠﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴّﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ ﻋﻠﻤﻴﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ .وﻗﺪ ﺗﺮاﻛﻢ اﻟﻴﻮم ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻓﻲ ﺿﻮء ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻋﻠﻢ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻟﻠﻜﺘﺎب اﻟﻤﺨﻄﻮط .ﻟﻜﻦ ﻛﺎن اﻹﺷﻜﺎﻻت اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺖ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ،وﻣﺎ ﺗﺰال ﺗﻮاﺟﻬﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻏﺎﻳﺎﺗﻲ أﻳﻀﺎ إﺛﺒﺎت أن ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﻨﻮان ﻛﺎن اﻧﺒﺜﺎﻗﺎً ﻃﺒﻴﻌ ّﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ؛ اﺳﺘﻤﺪادا ً ﻣﻦ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ،واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ واﻓﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ إﺧﺮاﺟﻬﺎ ،وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ واﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ. اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ؛ ﻓﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﺬي وﺿﻊ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺨﺘﻢ ﻟﻠﻮﺣﻲ اﻹﻟﻬﻲ ،وﻳﺤﺘﺎج اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻟﻤﻠﻤﺔ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،وﺗﻨﻘﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﺋﺐ واﻟﺘﻜﺮار، واﻟﺬي ﻫﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﺟﺎء ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﺟﻤﻌﺎء؛ ﻋﻨﻮاﻧﻪ :وﺑﻌﺪ ﻓﺤﺼﻪ وﺗﻤﺤﻴﺼﻪ ،واﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻮ ﱠﺟﻪ إﻟﻰ واﻗﻊ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻦ )اﻟﻘﺮآن( ،وﻟﻜﻞ ﺳﻮرة ﻓﻴﻪ ﻋﻨﻮان ،وأن اﻟﻤﺎدة اﻟﻤﻌﺠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻔﻈﺔ اﻧﺘﻘﺎدات؛ ﺗﻌﻘﺪ ﻧﺪوات ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ دﻟﺖ ﻋﻠﻰ اﻧﺒﺜﺎﻗﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻟﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻛﻤﺎ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎن ّ دﻟﺖ ﻋﻠﻰ ارﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﺣﻀﻮر اﺻﻄﻼﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ .وﻏﺎﻳﺔ اﻟﻐﺎﻳﺎت ﻋﻨﺪي إﺛﺒﺎت وﺟﻮد ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻌﻴﺖ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻲ) :ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻫﺎﺟﺲ اﻹﺑﺪاع(. اﻟﺘﺮاث ّ
68
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺎس أﺣﻤﺪ أرﺣﻴﻠﺔ :إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺿﺮورة ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ
ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ،أو ﺑﻌﻴ ٌﺪ ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ، أو ﻣﺨﻄﻮﻃﺎً ﻛُﺘﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﺳ ُﻢ ﻏﻴ ِﺮ ﻣﺆﻟ ِﻔﻪ؛ وأﺳﺒﺎب ذﻟﻚ؛ أن ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﺒﻌﺜﻪ ﺧﺒﺜُﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺤ ِﻮ اﺳﻢ اﻟﻜﺘﺎب ،واﺳﺘﺒﺪاﻟﻪ ﺑﻪ اﻟﻜﺘﺎب ِﺧﻠْﻮا ً اﺳﻤﺎً آﺧﺮ ،وإن ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺠﺪ َ ﻣﻦ اﺳﻢ اﻟﻤﺆﻟﻒ واﺳﻢ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻓﻴﻀﻊ اﺳﻤﺎً ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺮاه ﺻﻮاﺑﺎً« وﻗﺪ ﺗﺘﻌﺪد اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ ﻟﻠﻜﺘﺎب اﻟﻮاﺣﺪ ﻷﺳﺒﺎب ،ﻣﻨﻬﺎ :إﺣﺴﺎس ﻣﺆﻟﻔﻪ أن ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ﻻ ﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﻤﻄﻠﻮب ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ وﻟﻴﺪ اﻹﻋﺠﺎب ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب ،وأن ﺟﺪﻳﺮ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻨﺎوﻳﻦ .واﻷﺻﻞ أن ﻳﻠﺘﺰم اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﻌﻨﻮان واﺣﺪ ،وأﻻ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻨﻮاﻧﺎ واﺣﺪا ً. ņœōîňĬĿí IJëíĎģ
ﻣﺎ أﺷﻬﺮ ﻃﺮاﺋﻒ اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﻻﺣﻈﺘﻬﺎ ﺣﺎل ﺑﺤﺜﻚ؟ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻒ أن ﻧﺠﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻞ اﺳــﻢ ﻋﻨﻮان؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءات ﻷﺑﻲ ﻃﺎﻫﺮ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ
اﻟﻤﻘﺮئ اﻟﺴﺮﻗﺴﻄﻲ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 455ﻟﻠﻬﺠﺮة ،وذﻛﺮ اﺑﻦ ﺧﻠﻜﺎن أن ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻨﻮان ﻫﺬا ﻛﺎن ﻋﻤﺪة اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺎﻟﻘﺮاءات ،وﻧُﺴﺐ إﻟﻰ ﻳﺎﻗﻮت اﻟﺤﻤﻮي ) 626ﻫـ( ﻛﺘﺎب ﺑﻌﻨﻮان ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎب اﻷﻏﺎﻧﻲ ،وﻻﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻛﺘﺎب ﻋﻨﻮاﻧﻪ :اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ ) 685ﻫـ( ُ ﺗﺴﻤﻴﺔ َﻣﻦ ﻟ ِﻘﻴﺘُﻪ ﻣﻦ اﻷﻋﻼم ،وﻟﻠﺒﻘﺎﻋﻲ ) إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ 885ﻫـ( :ﻋﻨﻮان اﻟﺰﻣﺎن ﻓﻲ ﺗﺮاﺟﻢ اﻟﺸﻴﻮخ واﻷﻗﺮان ،وﻛﺘﺎب ﻋﻨﻮان اﻟﻌﻨﻮان ،وﻻﺑﻦ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ ) ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ 927ﻫـ( ﻛﺘﺎب اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ ﺿﺒﻂ ﻣﻮاﻟﻴﺪ ووﻓﻴﺎت أﻫﻞ اﻟﺰﻣﺎن ،وﻫﻨﺎك ( )790ﻫـ( ﻋﻨﻮان ﺟﺎء ﻓﻲ رؤﻳﺎ :اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ﻳﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﺸﻐﻼ ﺑﻮﺿﻊ ﻪ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت -وﻛﺎن ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أن ﺳ ﱠﻤﺎ ُه ﻋﻨﻮان اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺄﺳﺮار اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ - أﺧﺒﺮه أﺣﺪ ﺷﻴﻮﺧﻪ أﻧﻪ رآه ﻓﻲ م اﻟﻤﻨﺎم وﻓﻲ ﻳﺪه ﻛﺘﺎب ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻨﻪ ،ﻓﺄﺧﺒﺮه اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ أﻧﻪ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت ،ﻗﺎل :ﻓﻜﻨﺖ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
67
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ĿĔĬ ijēŵĨ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﻠﻤﺎت؛ ﺗﺸ ّﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻟ ُﻴﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮ ُﻋﻪ ﺳﺠﻴﻨﺎً ﻟﻬﺎ ،وﻣﻨﺼﻬﺮا ً ﻓﻴﻬﺎ .وﺗﺄﺗﻲ ﺑﺮاﻋﺔ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ُﻣﺤﺎﺻﺮة اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻧﺤﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﻠﻤﺎت؛ ﺗﺸ ّﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻟ ُﻴﺼﺒﺢ ﻣﻮﺿﻮ ُﻋﻪ ﺳﺠﻴﻨﺎً ﻟﻬﺎ ،وﻣﻨﺼﻬﺮا ً ﻓﻴﻬﺎ. ﻧﻮد إﻟﻘﺎء اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎﺑﻚ ﻫﺬا واﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺠﺎﺋﺰة )ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺮاﺛﻰ(؟ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻛﺎن اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث ّ ّ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ أﻫ ﱢﻤﻴﱠﺔ اﻟﻌﻨﻮان ودﻻﻟﺘﻪ ووﻇﻴﻔﺘﻪ وﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ،وﻛﺎن ﻣﻨﻄﻠﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺎدة اﻟﻤﻌﺠﻤﻴّﺔ ،ﻟﻠﻔﻆ ﻋﻨﻮان ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ ﻣﻦ دﻻﻟﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ داﺧﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ،ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻧﺒﺜﺎﻗﻪ ّ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟ ُﻬﻮﻳّﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .أﻣﺎ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺨﻄﻮط ،ﻓﺄردت اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻓﻲ ﺻﺤﺘﻪ واﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ُﻫﻮﻳﱠﺘﻪ، ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻧﺘﻪ و ُﺣ ْﺮ َﻣ ِﺘﻪ. ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻌ ﱠﺮف أﻫﻞ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻜﺘﺐ؟ وﺑﻢ ﻳﺴﺘﻌﺎن ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ؟ ﻳﺴﺘﻌﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻘﱡﻖ ﻣﻦ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة؛ ﻣﻤﺎ ﻫﻢ ﻣﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺔ اﻟﻐﻼف :وﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﻘﻴﺔ ﻧُﺴﺦ اﻟﻜﺘﺎب إن ُوﺟﺪت، واﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ؛ إذ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﺎ اﺧﺘﺎره ﻣﻦ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﻪ .ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻬﺎرس ،وﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاﺟﻢ واﻟﻄﺒﻘﺎت ،وﻓﻬﺎرس اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت...وﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻳﺬﻛﺮ د .رﻣﻀﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺘﻮاب )ت2001م( وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ 66
ﻋﺒﺎس ﺑﻦ أﺣﻤﺪ أرﺣﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﻟﻴﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺮاﻛﺶ ﺳﻨﺔ 1949م ،ﺗﺨﺼﺺ ﻓﻰ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط، وﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ دﺑﻠﻮم اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع )اﻟﺒﺤﻮث اﻹﻋﺠﺎزﻳﺔ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻬﺠﺮي اﻟﺮاﺑﻊ( ،1982ودﻛﺘﻮراه اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ )اﻷﺛﺮ اﻷرﺳﻄﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ واﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﻴﻦ إﻟﻰ ﺣﺪود اﻟﻘﺮن اﻟﻬﺠﺮي اﻟﺜﺎﻣﻦ( 1991م. اﺷﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺑﻜﻠﻴﺎت اﻵداب ،اﻟﺮﺑﺎط، ﻣﺮاﻛﺶ ،اﻟﻘﻨﻴﻄﺮة – وﻓﻰ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘﺮى ،ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ. اﻷرﺳﻄﻲ اﻷدﺑﻲ ،اﻷﺛﺮ ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ :اﻟﺒﺤﻮث اﻹﻋﺠﺎزﻳﺔ واﻟﻨﻘﺪ ّ ّ اﻟﻬﺠﺮي اﻟﺜﺎﻣﻦ ،ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼﻏﺔ واﻟﻨﻘﺪ إﻟﻰ ﺣﺪود اﻟﻘﺮن ّ اﻷرﺳﻄﻲ ﻟﺪى ﻣﺆرﺧﻲ اﻟﻨﻘﺪ واﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﻴﻦ ،ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ّ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻫﺎﺟﺲ اﻹﺑﺪاع ،اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث ّ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ،ﻓﻴﻠﺴﻮف ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ :ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻓﻜﺮ واﻻﺳﺘﺸﺮاق ّ ﻃﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ,اﻟﻜﺘﺎب وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﺎﺣﻆ , أﻣﺠﺪ اﻟﻄﺮاﺑﻠﺴﻲ ) :(2001 – 1916ذﻛﺮى ﻋﻠﻢ ﻣﺮ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ, ﻫﺬا ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﻧﺤﻮ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻣﻘﺎﻟﺔ. وﻗﺪ ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎر ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﻌﻨﻮان :ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ وﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺨﻄﻮط( ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ّ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻠﻮم )أﻟﺴﻜﻮ(؛ ﻟﻴﻜﻮن ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻟﺴﻨﺔ 2016م؛ ﺗﺜﻤﻴﻨﺎً ﻟﻺﺿﺎﻓﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘ ّﻴﺔ اﻟﺬي ﻗ ّﺪﻣﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺼﻮص. ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ )ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻜﺘﺎب وﺗﻮﺛﻴﻖ ﻋﻨﻮاﻧﻪ( ،أن اﻟﻤﺤﻘﻖ ) ﻗﺪ ﻳﻘﻀﻲ ﺷﻬﻮرا ً وﺳﻨﻮات وﻫﻮ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ،واﻟﺘﻬ ّﺪي إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﺤﺔ ﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ(. ŅíŎňĬĿí ïîŔį
ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺎب اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺨﻄﻮط ،ﻟﺴﺒﺐ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب؛ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺪﺧﻞ اﻟﻤﺤﻘّﻖ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،وﻣﺎ ﺣﺪود ﻫﺬا اﻟﺘﺪﺧﻞ؟ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﺤﻘﻖ أن ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻲ أﻣﺮ ذﻟﻚ اﻟﻐﻴﺎب .ﻣﻨﻬﺎ إذا وﻗﻊ ﻃﻤﺴﻪ أو ﻃﻤﺲ ﺟﺰء ﻣﻨﻪ ،وﻛﺎن ﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻜﺘﺎب ،وإذا ﻛﺸﻒ اﻟﻤﺤﻘﱢﻖ أﻧﻪ ﺣﺪث ﺗﺰﻳﻴﻔﻪ ،أو أن ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﺎت ﻗﺒﻞ إﺗﻤﺎﻣﻪ ،وﺑﻘﻴﺖ ﻣﻨﻪ ﺟﺰازات ﺑﺪون ﻋﻨﻮان .وﻳﻨﻈﺮ ﻫﻨﺎ – ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل – ﻣﺎ ذﻫﺐ إﻟﻴﻪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺟﻮاد )ﺗـ1969م(، وﻣﺎ اﺷﺘﺮﻃﻪ ﻣﻦ ﻛﻤﺎل أدوات اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻟﺪى اﻟﻤﺤﻘﻖ ،ﺣﻴﻦ ﻗﺎل: )ورﺑﻤﺎ ﻳُﺼﺎدف اﻟﻤﺤﻘﻖ ﻣﺨﻄﻮﻃﺎً ﻗﺪ ﻛُﺘﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ ﻻ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺎس أﺣﻤﺪ أرﺣﻴﻠﺔ :إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺿﺮورة ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ
ﻣﺎ رؤﻳﺘﻜﻢ ﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ ﺗﺮاث اﻟﻤﺨﻄﻮط اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وأﻫﻤ ﱠﻴﺔ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﺒﺸﺮ ّﻳﺔ؟ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻫﻲ اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺘﻲ رﺻﺪت ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺒﺸﺮي ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻌﻮب ،ودﻟّﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ آﺛﺎرﻫﺎ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ؛ اﻟﻔﻜﺮ ّ ﻣ ّﻤﺎ ﺗﺪاوﻟﻪ أﻫﻞ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﺮك اﻟﺤﻴﺎة؛ ﻓﺎﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ ﻋﻼﻣﺎت ﻓﻲ ﻣﺴﺎر اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ؛ ِﺳ َﻤﺎتٌ داﻟ ٌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺨﺘﺰﻧﻪ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻣﻴﻦ؛ ﺳﻤﺎتٌ ﺗ ُﻌﺮب ﻋﻦ ﻣﺮاﻣﻲ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ،وﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ .وﺗﺘﻤﺜﻞ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻰ أﻧﻪ ﺑﻮاﺑﺔ ﻳﻘﺘﺤﻢ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺎب ،وﻳﺴﻌﻰ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ إﻟﻰ اﻛﺘﻨﺎه ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺑﻼﻏﺔ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ، وﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﻮة إﻳﺤﺎﺋﻴﺔ ﺑﻘﻴﻤﺔ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻪ .ﻗﻮة ﺗﺤﻔﱢﺰ اﻟﻘﺎرئ وﺗﻐﺮﻳﻪ ﺑﺎﻛﺘﺸﺎف ﻣﺎ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺘﺎب .وﻟ ﱠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺆﻟﱢﻒ ﻫﻮ أﻋﺮف اﻟﻨﺎس ﺑﻤﻮﺿﻮع ﻛﺘﺎﺑﻪ ،وأﻧﻪ اﺧﺘﺎر ﻟﻪ ﻋﻨﻮاﻧﺎً ﻳُﻌﺮب ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ؛ ﻓﺈن اﻟﻘﺎرئ ﻳﺘﻄﻠﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءﺗﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻨﻮان ،أن ﻳﻜﺘﺸﻒ ﺧﺒﻴﺌﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ اﻟﻤﺆﻟﻒ أﺻﺪق ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋ ّﻤﺎ ﻳﺮﻣﻲ إﻟﻴﻪ .ﻓﺎﻟﻌﻨﻮان ﻳﺨﺘﺰل ﺑﺪﻗﺔ ،ﺣﺴﺐ ﺻﻴﺎﻏﺘﻪ ،ﻗﺼﺪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وﻳﻜﻮن ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﻨﻄﺮة ﻋﺒﻮر إﻟﻰ ﻛُﻨﻪ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻓﻬﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺗ ُﻨﺒﺊ اﻟﻘﺎرئ إﻟﻰ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺼﺪﻫﺎ اﻟﻤﺆﻟﻒ .وﺗﺘﺸﻜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ أو ﻛﻠﻤﺎت؛ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ دور ﺣﺼﺎر اﻟﻤﻮﺿﻮع واﺧﺘﺼﺎر ﻟﺤﻘﻴﻘﺘﻪ ،وإﻋﻄﺎء ﻟﻤﺤﺔ ﻋﻨﻪ ،وإﺷﺎرة داﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺧﻔﻲ ﻣﻦ ﻣﺮاد ﺻﺎﺣﺒﻪ ،أو ﻣﺎ ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻴﻪ.وﻗﺪ اﻋﺘﺒﺮ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﻌﻮﻧﻲ اﻟﻌﻨﻮان )ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻣﻌﺠﺰة(؛ ﺗﺨﺘﺼﺮ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺼﻔﺤﺎﺗﻪ ﺑﻞ ﻣﺠﻠﺪاﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎت ﻳﺴﻴﺮات .واﻟﻌﻮﻧﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب) :اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﻜﺘﺎب، ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ وأﻫﻤﻴﺘﻪ ،وﺳﺎﺋﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ وإﺣﻜﺎﻣﻪ ،أﻣﺜﻠﺔ ﻟﻸﺧﻄﺎء( وﻫﻮ ﺑﺤﺚ راﺋﺪ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻪ ،ﻛﺎن ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻀﻞ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﻨﻮان، ﻃﺮح ﻓﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﺮض ﻣﺤﻘﻘﻲ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ وإﺷﻜﺎﻻت ﻓﻲ ﺿﺒﻄﻬﺎ ،واﻟﺘﺤﻘﱡﻖ ﻣﻨﻬﺎ .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ رﺻﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ. ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ اﺧﺘﺰال وﻇﻴﻔﺔ ﻟﻠﻌﻨﻮان ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ورد ﻓﻲ )ﻣﺎدّة ﻋﻨﻮان( ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ؛ ﻣ ّﻤﺎ ﺳﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺘﻪ ،ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ؟ اﻟﻤﻌﺠﻢ ّ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻳﺘﺄﺛ ّﺮ ﻓﻲ وﺟﻮده ﺑﻮﻇﻴﻔﺘﻴْﻦ :اﻷوﻟﻰ ﻻﺣﻈﺖ أن اﻟﻌﻨﻮان ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ ّ ﻫﻲ أَ ْﺳ ُﺮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻜﺘﺎب ووﺿْ ﻌﻪ داﺧﻞ ﺷﺮﻧﻘﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻇﻴﻔﺘﻪ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺪ ،واﻹﻳﺤﺎء ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﺳﺠﻨﻬﺎ ّ ﺑﺎﻟﻤﻀﻤﻮن ،ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻮاﻓﻖ واﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﺑﻴﻦ ﺻﻴﻐﺔ اﻟﻌﻨﻮان وﻣﻮﺿﻮع اﻟﻜﺘﺎب.وﻣﻤﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﻌﺠﺐ ﻓﻲ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﻌﻨﻮان ووﻇﺎﺋﻔﻪ :أن ﻟﻪ ﺷﺮف اﻟﺘﻘﺪم واﻟﻈﻬﻮر واﻟﻌﻠﻮ ،وﻫﻮ ﻓﻲ ذات اﻟﻮﻗﺖ أﺳﻴﺮ ﻟﻤﻮﺿﻮع اﻟﻜﺘﺎب؛ ﺣﺒﻴﺲ ﻟﻪ .واﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﻳُﺼﺒﺢ ﻫﺬا اﻟﺴﺠﻴﻦ ﻓﻲ اﻵن ذاﺗﻪ ﻣﻔﺘﺎﺣﺎً ﻟﻘﺮاءة اﻟﻜﺘﺎب، ﻳﺼﺢ ﺗﺤﺮﻳﺮه ﻣﻦ أﺳﺮه! وﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺴﻪ ذاك ،ﻳﺴﻌﻰ وﺑﻮاﺑﺔ ﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻪ ،وﻻ ﱡ اﻟﻌﻨﻮان أن ﻳﺤﻘﻖ وﻇﻴﻔﺔ إﻏﺮاﺋﻴﺔ ﺗﺴﺘﻤﻴﻞ اﻟﻘﺎرئ ،وﺗﺆﺛ ﱢﺮ ﻓﻲ ﻓﻜﺮه ووﺟﺪاﻧﻪ؛ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ اﻟﻌﻨﻮان ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت ﺟﻤﺎﻟ ّﻴﺔ ﻓﻨ ّﻴﺔ إﻳﺤﺎﺋ ّﻴﺔ ﺑﻤﻮﺿﻮع اﻟﻜﺘﺎب. وﺗﺄﺗﻲ ﺑﺮاﻋﺔ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ُﻣﺤﺎﺻﺮة اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻧﺤﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ أو
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
65
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ĿĔĬ ijēŵĨ
ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻟﺴﻨﺔ 2016م
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺎس أﺣﻤﺪ أرﺣﻴﻠﺔ: إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺿﺮورة ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ
ĒœŎīĊńĄŃ ʼnčōîă
ﻗﺎل اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺎس أﺣﻤﺪ أرﺣﻴﻠﺔ إن اﻟﻌﻨﻮان »ﺑﺮﻗﻴﺔ ﻣﻌﺠﺰة« ،وﻫﻮ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﻌﻮﻧﻲ ﻟﺒﻴﺎن أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ،إذ أن اﻟﻌﻨﻮان ﻳﺨﺘﺼﺮ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺼﻔﺤﺎﺗﻪ ﺑﻞ ﻣﺠﻠﺪاﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎت ﻳﺴﻴﺮات. ﻓﻲ ﺣﻮارﻧﺎ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻌﻪ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﺧﺘﻴﺎر ﻣﻌﻬﺪ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺨﻄﻮط( ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟﻌﻨﻮان :ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ وﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ّ ﻟﻴﻜﻮن ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﻟﺴﻨﺔ 2016م ،أﻛﺪ أرﺣﻴﻠﺔ أن »اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ ﻋﻼﻣﺎت ﻓﻲ ﻣﺴﺎر اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ« ،ﻷﻧﻬﺎ »رﺻﺪت ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺒﺸﺮي ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻌﻮب ،ودﻟّﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ آﺛﺎرﻫﺎ اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ؛ ّ ﻣ ّﻤﺎ ﺗﺪاوﻟﻪ أﻫﻞ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﺮك اﻟﺤﻴﺎة«. وأﺷﺎر إﻟﻰ أن ﻟﻠﻌﻨﻮان وﻇﻴﻔﺘﻴﻦ اﻷوﻟﻰ دﻻﻟﻴﺔ واﻷﺧﺮى إﻏﺮاﺋﻴﺔ، وﻗﺎل اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﻨﻮان داﺧﻞ اﻟ ُﻬ ِﻮ ﱠﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣ ّﻴﺔ ،وﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻓﻲ ﺿﻮء ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻋﻠﻢ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻟﻠﻜﺘﺎب اﻟﻤﺨﻄﻮط ،أﺳﻔﺮت ﻋﻦ إﺛﺒﺎت أن ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻌﻨﻮان ﻛﺎن اﻧﺒﺜﺎﻗﺎً ﻃﺒﻴﻌ ّﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ واﻓﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ. وﺟﺪد أرﺣﻴﻠﺔ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت وﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﻌﻀﻬﺎ؛ وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﻀﺮورة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ.
64
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺎس أﺣﻤﺪ أرﺣﻴﻠﺔ :إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺿﺮورة ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻛﻴﺎﻧﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ
ľŔĔĿí ņŃî÷ ś ľŔŌē ĪŀÖģ
ٍ ﺷﺮت ﻳﺜ ّﺒﺖ واﻟﻬﺒﻮب ﻳﻨﻮﺑــﻲ إن ﻳﺎ ﺑﻬﻮر وﻻ ﺗﻼ ﻋــــﺮﻗﻮﺑﻲ ﻓﻬﻮ ﻳﻤﺪح ﻫﺒﻮب ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وﻳﻘﻮل ﻋﻨﻬﺎ إﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮة وداﺋﻤﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻗﻄﻌﺖ ﻫﺬه اﻟﻬﺒﻮب ﻣﻦ اﻟﺮﻣﺎل واﻟﺴﻴﻮح واﻟﻬﻀﺎب
ﻳﻘﻮل أﻫﻞ اﻹﻣــﺎرت» :اذا ﻃﻠَﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﺗﺎﻣﻦ اﻟﺴﻴﻞ«، وﻣﻌﻨﺎه أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع ﺳﻬﻴﻞ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻜﻮن ﺣﺬرﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺎن اﻷودﻳﺔ ﻓﻼ ﻧﺴﻜﻦ أو ﻧﺨ ّﻴﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎرﻳﻬﺎ ،وﻫﺬه ﻛﻨﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﻮﻗّﻊ اﻟﻤﻄﺮ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ أي وﻗﺖ واﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻋﻮاﻗﺒﻪ. ﻣﺘﻠﺼ ٍﺺ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﺴﻬﻢ« ﺳﻬﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ّ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء« ،أي ﺗﺤﺬروا ﻣﻦ أﺣﺪﻛﻢ ﻓﻬﻮ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻮن وﺳﻴﻨﺸﺮه .وﻫﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا ﻳﺆﻛﺪون ﻣﻌﺘﻘﺪﻫﻢ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل أن » ﺳﻬﻴﻞ أول ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻊ ،ﻳﻄﻠﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء«. ﻛﻤﺎ ﻳﻜ ّﻨﻮن ﻋﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ ﺷﻴﺌﻴﻦ ،ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن» :ﻣﺜﻞ ﺳﻬﻴﻞ واﻟﻴﺎه« ،واﻟﻤﻌﺮوف أن ﻧﺠﻢ اﻟﻴﺎه ﻫﻮ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻘﻄﺒﻲ وﻫﻮ ﺷﺒﻪ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻨﺪ ﻣﺤﻮر دوران اﻷرض ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ، وﺑﻮاﺳﻄﺘﻪ ﺗﻌﺮف اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻷرﺑﻌﺔ ،وﻳﺴﻤﻴﻪ اﻟﻌﺮب اﻟﻘﺪﻣﺎء ﻧﺠﻢ اﻟﺠﺪي ،وﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻧﺠﻢ » اﻟﻴﺎه« .وﺗﺼ ّﻮر ﻛﻢ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻷرض وﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ .ﻟﺬا ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻀﺮﺑﻮن ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻣﺒﺎﻟﻐ ًﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ اﻹﺛﻨﻴﻦ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
63
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
واﻟﻄﻞ ﻫﻮ اﻟﻨﺪى .وﻳﻘﻮل أﻧﻚ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻷﻫﻮﻳﺔ واﻟﻨﺴﺎﺋﻢ ّ ﺣﻴﺚ أﻧﻚ ﺗﺬﻛّﺮ اﻟﻤﺤﺐ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﺴﺘﺨﻴﺮا ً وﻧﺎﺳﻴﺎً ﺣ ّﺒﻪ، وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺪﺣﺎً ﻟﻬﺒﻮب ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻤﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺘﻌﻠﻘﻪ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻪ اﻟﺬي ﻳﺘﺬﻛﺮه داﺋﻤﺎً. őĎŋîĨĿí ĽŜŋ ņñ ĊŔĬē
ﻣﺘﻮﻓﻲ ﻋﺎم 1972م ،ﻓﻴﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻤﺎت ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻫ ّﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﻼً وﻟﻢ ﻳﺬق اﻟﻨﻮم ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ذﻛّﺮﺗﻪ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﺘﻪ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻨﻪ، ﺗﻬﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻨﺴﻤﺎﺗﻬﺎ ﻓﻘﻀﻰ اﻟﻠﻴﻞ ﺳﻬﺮاﻧﺎً ﻳﺘﺨﻴّﻠﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﺒﻮب ﺳﻬﻴﻞ ّ اﻟﻌﻠﻴﻠﺔ ،ﻓﻴﻘﻮل: ﻬﺒﻮب ﻳﺎ ﻣــــــﻦ ﺳﻬﻴﻞ ﺣﻲ ْﺑ ٍ ّ ﻫﺒﺎﻳﺒﻪ ع اﻟﻴﻨﺐ ﺟــــــﺬﻳﺎت ﺟﻦ اﻟﺪﺟـــــــﺎ وﺗﺜﺎﻟﺚ اﻟﻠﻴﻞ واﻧﺎ ﻧﻈﻴﺮي ﻣـــــــﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺎت إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة..
أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻫﻼل اﻟﻈﺎﻫﺮي ،ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻦ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،ﺣﻴﺚ ﻃﻠﻮﻋﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻬﺎء ﻓﺘﺮة اﻟﻘﻴﻆ وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﺤﻀّ ﺎر أو اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﻴﻦ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ﺳﻴﻐﺎدرون اﻟﻌﻴﻦ إﻟﻰ ﻓﻴﺘﺤﺴﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﻳﻠﻮم ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ .ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ، ّ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ: ŒŀĴİĿí ŁōĎĠă ņñ ĎŔńī ņñ Ñí Ċòī أﻗﺒـﻞ ﺷـــﺘﺎﻳﻪ وادﺑﺮ اﻟﺤـــــﺮ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ﺑﻦ ﺣﻀﺮوم اﻟﻐﻔﻠﻲ ،ﻓﻴﻀﻴﻒ ﻟﻨﺎ ٍ وﻻ ﻟﻲ ﺑﺨﺖ ﻣﻦ ﻳﻄﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻬﻤﺔ آﺛﺎر ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل: ﻣ ّﺮ اﻟﺸﺘﺎء واﺗـــــﻼه ﺻـــﻴﻒ أي أن اﻟﺸﺘﺎء ﻗﺪ اﻗﺘﺮب واﻟﺼﻴﻒ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ وﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ أن ﻳﻐﺎدر وﺑﺎﻧﺖ ﻟــﻮاﻫﻴﺐ اﻟﺒﺸـــــــﺮ أﺣﺒﺎﺑﻲ واﺣﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺼﻴﻔﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻳﻠﻮم ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ وﺣﻄّﻮا ﺛﻤـــﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﻴﻒ ﻷﻧﻪ اﺳﺘﻌﺠﻞ ﻓﻲ ﺑﺰوﻏﻪ ،وﻳﺮﺛﻲ ﺣﻈﻪ ﻓﻴﻘﻮل: وﺳﻬﻴﻞ ﻛـــــــﺪ ﺑـــﺎن وﻇﻬﺮ أن ﻟﻴﺲ ﻟﻪ )ﺑﺨﺖ( أي ﺣﻆ ،ﺧﺎﺻ ًﺔ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة.. ذﻟﻚ اﻟﻨﺠﻢ ،ﻓﻴﻌﺘﺒﺮه ﻧﺬﻳﺮ ﺷﺆم ﻟﻪ ﻷﻧﻪ ﺳﻴﻔﺮﻗﻪ ﻋﻦ أﺣﺒﺎﺑﻪ. ﻓﻬﻮ ﻏﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻣﻨﺬ اﻟﺸﺘﺎء وﺑﻌﺪه وﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﺼﻴﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺎﻧﺖ ﺑﺸﺎرة اﻟﺮﻃﺐ ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﻫﻼل اﻟﻈﺎﻫﺮي ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻨﺎ ﺣﻴﺚ إن ﻃﻠﻮع اﻧﺘﻬﺎء ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ ووﺿﻊ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ أوﻋﻴﺘﻪ. ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻛﺎن إﺷﺎرة رﺟﻮع اﻟﻤﺼﻄﺎﻓﻴﻦ إﻟﻰ وﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺮﻃﺐ وﺗﺤ ّﻮﻟﻪ ﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻛﺄﺑﻮﻇﺒﻲ ودﺑﻲ واﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ، إﻟﻰ ﺗﻤﺮ ﻋﻨﺪ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،واﻟﺬي ﻫﻮ دﻟﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﻗﻀﺎﺋﻬﻢ ﻓﺘﺮة اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺎت. ﻋﻠﻰ ﻗﺪوم اﻟﺸﺘﺎء ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻣــﺎزال ﻳﻨﺘﻈﺮ ذات اﻟﺠﻮ اﻟﻠﻄﻴﻒ. ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ اﻟﺬي اﻓﺘﻘﺪه ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ ،ﻓﻬﺎ ﻫﻲ ﺳﻨﺔ أﺧﺮى ﻗﺎدﻣﺔ وﻫﻮ ﺑﻌﻴ ٌﺪ ﻋﻨﻪ. ŒīōčĐńĿí čōĎē ņñ ĊŔĬē أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﻤﻄﻴﻮﻋﻲ ﻣﻦ دﺑﻲ ،ﻣﺘﻮﻓﻲ، دﺑﻲ، ﻣﻦ اﻟﻤﺰروﻋﻲ، أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺳﺮور ﻓﻴﻘﻮل ﻓﻲ ﺗﻐﺮودﺗﻪ: 62
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮاء اJﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ
ľŔŌē ĩŎŀģ þëîøŇ
ﻧﺴﻤﺎت ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ .واﻟﻤﺴﻚ ﻫﻮ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻌﻄﺮ. وﻳﻘﻮل ان ﻋ ّﺮﻳﺾ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ أي ﻧﺴﻴﻢ ﺳﻬﻴﻞ أﺳﻬﺮه ،ﻻﻧﻪ ﺟﺎء ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻜﺎن ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ واﺗﻰ ﺑﺮﻳﺤﺔ ﻋﺮﻗﻪ ،ﻓﻈﻞ ﻳﺘﻜﺮه ﺳﺎﻫﺮا ً ﻃﻮال اﻟﻠﻴﻞ. وﻓﻲ وﻧّﺔ أﺧﺮى ﻳﻘﻮل ﺟﻮﻳﻬﺮ: ﻳــــــﺎ اﻟﻤﻄﻠـــﻌﻲ ﻟﻤــــﻄﻠّﻪ ﻋــــﻦ اﻟﻬﺒــــﺎﻳﺐ ﻏﻴــــــــﺮ ﺗــــﺬﻛّـــــــــــــﺮ اﻟﻤــــﺘﻮﻟّﻪ ﻟـــﻮ ﻧﺎﺳـــــﻲ وﻣﺴﺘﺨـــــﻴﺮ وﻫﻨﺎ ﻳﻤ ّﺠﺪ ﻣ ّﺮة أﺧﺮى ﻧﺴﻴﻢ اﻟﻤﻄﻠﻌﻲ اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻧﺠﻢ ﻃﻞ، و«اﻟﻤﻄﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺑﻪ ّ ّ ﺳﻬﻴﻞ ،ﻓﻴﻘﻮل ﻋﻨﻪ ﻳﺎ ذا اﻟﻨﺴﻴﻢ اﻟﺮﻃﺐ،
ﻣﻦ أﻗﻮال وأﻣﺜﺎل أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث إﺛﺮ ﻃﻠﻮع ،ﻳﻘﻮﻟﻮن: »ﻋﻘﺐ ﺳﻬﻴﻞ إﻻ ﻣﺪ ٍة ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﺸ ٍﺮ ﺗﻌﺎف اﻟﻴﺎزﻳﺎت ﻣﻘﻴﻠﻬﺎ، وﻋﺸ ٍﺮ ﻳﻌﺎف ﻣﺒﺮد اﻟﺜﺮى ،وﻋﺸ ٍﺮ ﻳﻄﻴﺮ اﻟﻬﻴﻴﺮ وﻳﻨﺠﻠﻲ، وﻳﻄﻴﺮ م اﻟﻔ ّﻴﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن اﻏﺒﺮا«. ﻓﻬﻢ ﻳﺸﺮﺣﻮن ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ أرﺿﻬﻢ، ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻴﺎزﻳﺎت -أي اﻟﻐﺰﻻن -ﺗﺘﺮك ﻣﻘﻴﻠﻬﺎ وﺟﻠﻮﺳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻈﻞ ﺧﻼل ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎر ،وﺗﻌﺎﻓﻪ وﺗﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﺨﻼء ﺣﻴﺚ ﻟﻄﺎﻓﺔ اﻟﺠﻮ واﻋﺘﺪاﻟﻪ .وﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜ ّﻨﻮن ﺑﺎﻟﻐﺰﻻن ﻋﻦ اﻟﻤﺎﺷﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻴﺒﻬﺎ وﻟﺤﻤﻬﺎ .وﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮة أﻳﺎم اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻳﻜﺮه اﻟﺜﺮى واﻷرض اﻟﻤﺒﻠﻠﺔ ،وﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﺮودﺗﻪ ،ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﻨﻈّﻒ اﻟﻤﺮاﻋﻲ ﻣﻦ اﻷﻋﺸﺎب اﻟﺠﺎﻓﺔ أو اﻟﻴﺒﺴﺔ وﺗﻄﻴﺮ اﻟﺮﻳﺎح ﻳﺒﻴﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﻮ ،ﻣﻤﺎ ﺗﺰﻳﻞ اﻟﺮﻳﺢ اﻷﻏﺒﺮة واﻟﺮﻣﺎل ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﻈﻞ واﻟﺴﻜﻦ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
61
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻓﻬﻮ ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻠﻪ أن ﻳﻨ ّﺰل اﻟﻐﻴﺚ واﻷﻣﻄﺎر ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻈﻔﺮة ءﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺼﻔﺮي وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ .ﻓﻴﺘﺨﻴّﻞ اﻟﻐﻴﻮم ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻤﻐﻴﺐ ،وﻓﻴﻬﺎ أﻧﻮار اﻟﺒﺮق اﻟﺸﺪﻳﺪ، وﺗﺘﻜ ّﻮم ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺤﺐ وﺗﻈﻬﺮ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﻤﻢ ﻧﺨﻴﻞ ﺑﺎرزة ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء. ﺗﻠﻚ دﻋﻮة اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻤ ّﻨﺎﻫﺎ ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،وﻟﻢ ِ ﻳﺄت ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺜﺎً وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻠﻢ أن اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻤﻮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻫﻲ أﻣﻄﺎر اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺸﺮ ﻋﻨﻬﺎ ذﻟﻚ اﻟﻨﺠﻢ. ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﻤﺎت ﺑﺎﻟﺸﺘﺎء وﺑﺎﻷﻣﻄﺎر اﻟﻤﻮﺳﻤﻴﺔ وﺑﻤﻮاﺳﻢ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺤﻴﺎ واﻟﻤﺮاﻋﻲ اﻟﺨﻀﺮاء اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ ﺣﻼﻟﻬﻢ ﻣﻦ إﺑﻞٍ وﻏﻨﻢ وﻣﺎﺷﻴﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ﻣ ّﺠﺪوا ﺗﻠﻚ اﻟﻬﺒﻮب اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ وﺗﻐ ّﻨﻮا ﺑﻬﺎ وﻣﺎ زاﻟﻮا ﻳﺬﻛﺮوﻧﻬﺎ إﻟﻰ اﻵن ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ.وﻧﻈﺮة إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮاﺋﻨﺎ اﻟﻘﺪاﻣﻰ واﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ،ﻧﺠﺪ أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻣ ّﺠﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻬﺒﻮب واﻟﻨﺴﺎﺋﻢ ،وذﻛﺮوﻫﺎ ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ ﻣﻘﺮوﻧﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ﺑﻬﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻤﻮﺳﻤﻴﺔ وﻧﺒﺖ اﻟﻌﺸﺐ واﺧﻀﺮار اﻟﻤﻐﺎﻧﻲ. ŒŀŃîŌĿí þŔøī ņñ ĊŔĬē
ﻓﻬﻨﺎك ﻣﺜﻼً اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺘﻴﺞ اﻟﻬﺎﻣﻠﻲ اﻟﺬي ﻋﺎش ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻈﻔﺮة ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﻓﻲ ﻓﺘﺮ ٍة ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺮات ﻓﻲ دﺑﻲ ،وﺗﻮﻓﻲ ﻋﺎم 1945م ،ﻳﻘﻮل: ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﻣﺨﺘﺎل ﺑﺮقٍ ﺷــــــﺎﻣﻲ ﺻﻔﺎري اﻟﻰ ﺑﺎﻧﺖ ﻧﺠﻮم ﺳـﻬﻴﻞ ﺗﻨﺰو ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ اﻟﻤــﻐﻴﺐ رداﻳﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﻼل اﻟﺒﺮوق ﺷـــﻌﻴﻞ وﺗﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﻗﺪم اﻟﻘﻨﻮف ﺷﻮاﻣﺦ ﺑــﻮار ٍع ﻛ ّﻨﻬﺎ ﺟـــﻤﻴﻢ ﻧﺨﻴـــــﻞ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة.
60
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮاء اJﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ
ĮœîĜĿí ĎŌœŎÿ
أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻮﻳﻬﺮ اﻟﺼﺎﻳﻎ وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻘﺪاﻣﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻓﻴﻘﻮل ﻓﻲ وﻧّﺘﻪ: ﺳـــــﻬﻴﻠﻲ اﻟﻴـــــﻨﻮﺑﻲ ﻳـــــــﺎ ّ ﻳــــــﻠّﻲ ﺗـــــــﺠﻲ زﻓـــــﺰاف ﺑـــــــــﺮدك ﺗــــﻠﻰ ﻟﺠـــﻨﻮﺑﻲ ﻟــــــــﻮ ﻟــــــﻪ رﺿﻔﺖ ﻟ ْﺤﺎف إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة.. وﻫﻮ ﻳﻘﺼﺪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت أن ﻫﺒﻮب ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺒﺎردة ﻗﺪ ﺑ ّﺮدت أﻃﺮاﻓﻪ وﻟﻢ ﻳﻔﺪ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻠﺤﺎف اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ،وﻫﻮ ﻫﻨﺎ ﻳﻤﺪح ﺗﻠﻚ اﻟﻬﺒﻮب وﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺑﺎردة ﺟﺪا ً .وﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة أﺧﺮى ﻋﻨﺪﻣﺎ ذﻛﺮﺗﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ أﺗﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻃﻠﻮع ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻪ ﻓﺄﺳﻬﺮﺗﻪ وﻗﺪ أﺗﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺮﻳﺤﺔ ﻋﺮق ذﻟﻚ اﻟﻤﺤﺒﻮب، ﻳﻘﻮل ﺟﻮﻳﻬﺮ: ﻋ ّﺮﻳﺾ ﻣــــــــﻦ اﻟﺠﻨـــــﻮﺑﻲ ﻃـــــــــﺮف اﻟﻌﻴـــــــﻦ أ ّرﻗَﻪ ﺟﺎ ﻣـــــﻦ ﻃــــﺮف ﻣﺤﺒﻮﺑﻲ ﻳـــــــﻠّﻲ ﻣﺴــــﻚ ا ْﻋـــــﺮﻗﻪ واﻟﻌ ّﺮﻳﺾ ﻫﻮ أﺣﺪ ﻣﺴﻤ ّﻴﺎت اﻟﻨﺴﻴﻢ اﻟﻌﻠﻴﻞ ،وﺳ ّﻤﻰ ﺑﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ً ً وﻋﺎدة ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ أُﻓﻮل ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ وﻗﺪوم ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء، ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﺼﻔﺮي« ،وﻫﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻴﻒ واﻟﺨﺮﻳﻒ وﻣﺪﺗﻪ ﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒ ًﺎ.
ﻳﻜﻮن ﺑﺪاﻳﺔ ﻃﻠﻮع ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ﻫﻮ ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺴﺎب درور اﻟﺴﻨﺔ ،وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻣﺪة ﻛﻞ در ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ،ﻟﺘﻜﻤﻞ 360ﻳﻮﻣ ًﺎ ،وﺗﺘﻢ ﺣﺴﺒﺘﻬﺎ ﺑﺘﻜﺮار اﻟﻌﺸﺮة أﻳﺎم ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺎﺋﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ وﻟﻜﻦ ﺗﻨﺎزﻟﻴ ًﺎ وﻫﻜﺬا ،ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺠﻤﻮع 360ﻳﻮﻣ ًﺎ أي ﺳﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ .ﻛﻤﺎ أن اﻟﻨﻬﺎر ﻳﻘﺼﺮ وﻳﺒﺪأ اﻟﻠﻴﻞ ﻳﻄﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء
ﻣﻦ أﻗﻮال وأﻣﺜﺎل أﻫﻞ ا ﻣﺎرت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث إﺛﺮ ﻣﺪة ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﺸ ٍﺮ ﺗﻌﺎف اﻟﻴﺎزﻳﺎت ﻃﻠﻮع ،ﻳﻘﻮﻟﻮن»:ﻋﻘﺐ ﺳﻬﻴﻞ إﻻ ٍ ﻣﻘﻴﻠﻬﺎ ،وﻋﺸ ٍﺮ ﻳﻌﺎف ﻣﺒﺮد اﻟﺜﺮى ،وﻋﺸ ٍﺮ ﻳﻄﻴﺮ اﻟﻬﻴﻴﺮ وﻳﻨﺠﻠﻲ، اﻟﻔﻴﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن اﻏﺒﺮا«. وﻳﻄﻴﺮ م ّ
ŒòĬĘĿí ĎĬĘĿí Œij ľŔŌē łĀŇ
ﺳﺄﺗﻨﺎول ﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ .وﻫﻨﺎك ﻋﺪة ﻣﺴﻤﻴﺎت ﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ ﻣﺜﻞ ﺳﻬﻴﻞ واﻟﻴﻤﺎﻧﻲ واﻟﻤﻄﻠﻌﻲ واﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻤﻴﺎت. وﻗﺪ ارﺗﺒﻂ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ﺑﺎﻷﻣﻄﺎر اﻟﻤﻮﺳﻤﻴﺔ ﻓﺴ ّﻤﻮا اﻷﻣﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰل ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﺎﻷﻣﻄﺎر اﻟﻤﻮﺳﻤﻴﺔ ،أو اﻟﻮﺳﻤﻲ ،وﻣﻌﻨﺎه أن ﻫﺬه اﻷﻣﻄﺎر ﺗﻨﺰل ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺒﺎرد اﻟﺬي ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﺘﺨﻀﺮ اﻷرض وﺗﻨﻤﻮ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻟﺸﺠﻴﺮات اﻟﺼﻐﻴﺮة، ﻟﺬﻟﻚ ﺳ ّﻤﻮا ﻫﺬه اﻷﻣﻄﺎر ﺑﺄﻣﻄﺎر اﻟﻮﺳﻤﻲ .وﻗﺪ أﺷﺎروا ﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ وأﻗﻮاﻟﻬﻢ وﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﻢ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﻐ ّﻨﻮا ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺋﻢ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻃﻠﻮع ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،ﻓﺴ ّﻤﻮﻫﺎ ﺑﻌﺪة أﺳﻤﺎء ﻣﺜﻞ ﻫﺒﻮب ﺳﻬﻴﻞ ،أو ﻫﺒﻮب اﻟﻴﻨﻮﺑﻲ أو اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ،أو ﺷﺮﺗﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ .ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﻫﺒﻮب اﻟﺸﺮﺗﺎ ،أو ﺷﺮﺗﺎ اﻟﻤﻄﻠﻌﻲ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻬﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻄﻠﻌﻪ. اﺳﺘﺨﺪم اﻟﺸﻌﺮاء ﻫﺒﻮب ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم، وذﻟﻚ ﺗﻤﺎﺷﻴﺎً ﻣﻊ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﻣﻨﺎخ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﻠﻄّﻔﻬﺎ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻨﺴﻤﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺻﺒﺎﺣﺎً وﻣﺴﺎ ًء ،ﻓﺘﻠﻄﻒ أﺟﻮاءﻫﻢ اﻟﺤﺎرة .وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﻨﺴﻤﺎت ﻓﻲ أﻋﻘﺎب ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺼﻴﻒ واﻟﻘﻴﻆ اﻟﺤﺎر ،ﻓﺘﺒﺸﺮﻫﻢ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
59
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ واﻟﻤﻄﻠﻌﻲ واﻟﺠﻨﻮﺑﻲ
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮاء ا ﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ
ŒīōčĐńĿí Ċńăã Ċėíč ĉ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻼﻣ ًﺔ ﻋﻠﻰ أُﻓﻮل ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ وﻗﺪوم ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء ،وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﺼﻔﺮي« ،وﻫﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻴﻒ واﻟﺨﺮﻳﻒ وﻣﺪﺗﻪ ﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً. وﺗﺒﺪأ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺜﻠﺚ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ،وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎت ﻃﻠﻮﻋﻪ أن اﻟﺠﻮ ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻻﻋﺘﺪال وﺗﻨﺨﻔﺾ ﻓﻴﻪ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت أدﻧﻰ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﺮارة اﻟﺼﻴﻒ اﻟﻼﻫﺒﺔ ،ﺣﺘﻰ أن اﻟﻤﺎء ﻳﺒﺪأ ﻳﺒﺮد ﻓﻲ أوﻋﻴﺘﻪ وﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓﻲ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻈﻞ .وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن أول ﻃﻠﻮع ﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ،وﻳﻘﻮﻟﻮن » :ﺳﻬﻴﻞ ﺗ ّﻮﻩ ﻃﻠﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء« ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﻄﻠﻊ ﻓﻲ اﻷرض ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪون، ﺣﻴﺚ ﻳﻼﺣﻆ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء. وﻳﻘﻮﻟﻮن إن اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،أن اﻹﺑﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﺮب ﻣﻦ اﻷﺣﻮاض أو ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﺗﻬﺎب وﺗﺨﺎف ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ،وﻳﺠﺰﻣﻮن أﻧﻬﺎ ﺗﺮى ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺎع اﻟﻤﺎء ﻓﺘﺨﺎف ﻣﻨﻪ. 58
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮاء اJﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ
وﻣﻊ ﺑﺰوغ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﺒﺪأ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﻓﻲ ﺗﺠﻬﻴﺰ أراﺿﻴﻬﻢ ﻟﺰراﻋﺔ اﻷﺷﺠﺎر ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﻓﺴﻞ اﻟﻨﺨﻴﻞ وزراﻋﺔ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺎﻟﺨﻀﺮاوات وﻏﻴﺮﻫﺎ .ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺒﺸﺮ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﺑﻘﺪوم اﻟﺸﺘﺎء واﻷﻣﻄﺎر اﻟﻤﻮﺳﻤﻴﺔ واﺧﻀﺮار اﻟﺼﺤﺎري ﺑﺎﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻷﻋﺸﺎب اﻟﺘﻲ ﻳﻔﺮح ﺑﻬﺎ اﻟﺒﺪو، ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ ﻣﺮاﺑﻌﻬﺎ وﻣﻐﺎﻧﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ. ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺪاﻳﺔ ﻃﻠﻮع ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ﻫﻮ ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺴﺎب درور اﻟﺴﻨﺔ، وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻣﺪة ﻛﻞ در ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ،ﻟﺘﻜﻤﻞ 360ﻳﻮﻣﺎً ،وﺗﺘﻢ ﺣﺴﺒﺘﻬﺎ ﺑﺘﻜﺮار اﻟﻌﺸﺮة أﻳﺎم ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺎﺋﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ وﻟﻜﻦ ﺗﻨﺎزﻟﻴﺎً وﻫﻜﺬا ،ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺠﻤﻮع 360ﻳﻮﻣﺎً أي ﺳﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ .ﻛﻤﺎ أن اﻟﻨﻬﺎر ﻳﻘﺼﺮ وﻳﺒﺪأ اﻟﻠﻴﻞ ﻳﻄﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء. وﻫﻨﺎك ﺗﺤﻮﻻت ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻼﻣﻊ، إﻻ إﻧﻨﻲ ﻟﻦ أﺗﻌ ّﺮض إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ وآﺛﺎره ،وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﺄﺗﻨﺎول ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻤﺜﻼً ﺑﺘﺮاﺛﻪ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،وﻓﺮﺣﺔ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﺑﺒﺰوغ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ واﻟﺨﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮﻋﻪ ،ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺗﻌﺎﺑﻴﺮﻫﻢ اﻷدﺑﻴﺔ ﻣﻦ أﻣﺜﺎ ٍل وأﻗﻮال وﻣﻌﺘﻘﺪات وﺷﻌ ٍﺮ ﺷﻌﺒﻲ.
إﺿﺎءة
ﺳﻬﻴﻞ
ﻣﻦ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺼﺤﺮاء إﻟﻰ »ﻧﺎﺳﺎ« ﺳﻤﻴﺮ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺮﻳﻒ @
ﻗﻴﻞ ﻷﻋﺮاﺑﻲ :أﺗﻌﺮف اﻟﻨﺠﻮم؟ ﻗﺎل :وﻫﻞ ﻳﺠﻬﻞ أﺣﺪ ﺳﻘﻒ ﺑﻴﺘﻪ! »ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ« ﻳﺒﺸﺮ ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ وﻳﺘﺮﻗﺐ اﻟﻌﺮب ﻗﺪوﻣﻪ ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻬﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر وﻓﻲ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ »إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﺗﺄﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ وﺗﻠ ّﻤﺲ اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻴﻞ«. وﻛﻠﻤﺔ ﺳﻬﻴﻞ ﺗﺼﻐﻴﺮ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﺳﻬﻞ ،ﻳﺪل ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﻳﺸﺮق ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺑﻼد اﻟﺸﺎم ،وﻗﺒﻴﻞ ﺷﺮوق اﻟﺸﻤﺲ، وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ أﻗﺼﻰ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻤﺎء ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. اﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﻚ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﻴﻼ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻌﺮى ﻟﻜﻮﻛﺒﺔ اﻟﻘﺎﻋﺪة ،وﺛﺎﻧﻲ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ً اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ ،وﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪه ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺣﺎرس اﻟﺴﻤﺎء ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﺎﺋﻤﺔ أﺷﺪ اﻟﻨﺠﻮم ﺳﻄﻮ ًﻋﺎ. ﻳﺴﻬﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺣﻴﺚ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﻊ ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎﻗﻪ ﻓﻼ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺠﻨﻮب إﻻ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ ،وﺗﺤﺪﻳﺪا ً ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻨﻪ ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻇﻬﻮره ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﻔﺼﻠﻲ واﻧﺘﻬﺎء رﻳﺢ اﻟﺴﻤﻮم. ﻟﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻮادر وﻋﻼﻣﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ: • ﻳﻔﺊ اﻟﻈﻞ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻣﻌﺪو ًﻣﺎ ﺧﻼل اﻟﺼﻴﻒ. • ﻳﺒﺪأ ﻃﻮل اﻟﻠﻴﻞ وﻗﺼﺮ اﻟﻨﻬﺎر وﺑﺮودة آﺧﺮ اﻟﻠﻴﻞ. • ﺗﻬﺐ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺮﻃﺒﺔ. • ﺗﻤﻴﻞ اﻟﺸﻤﺲ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺠﻨﻮب ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻮدﻳﺔ. • ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻇﻬﻮره ﺑﻤﻮﺳﻢ اﻟ ُﺮﻃﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ. • ﺗﻘﻞ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﺗﺪرﻳﺠ ًﻴﺎ وﻳﺒﺪأ اﻟﺠﻮ ﺑﺎﻻﻋﺘﺪال ﻟﻴﻼً. • ﺑﻌﺪ ﻣﻮﻋﺪ ﻃﻠﻮﻋﻪ ﺑـ 52ﻳﻮﻣﺎً ﻳﺪﺧﻞ ﺣﺴﺎب »اﻟﻮﺳﻢ« وﻫﻲ 52 ﻳﻮﻣﺎً إذا ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻄﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻧﺎﻓﻌﺎً ﻟﻠﺒﺮ واﻟﺒﺤﺮ. • ﻓﻲ اﻟﺒﺮ ﺗﻨﺒﺖ أﻧﻮاع ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻻ ﺗﻨﺒﺖ إﻻ ﻓﻲ ﻣﻄﺮ
ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ،ﻛـ«اﻟﻜﻤﺄه« أو »اﻟﻔﻘﻊ«. ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺮص اﻟﻌﺮب وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻛﺎن ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻳﺴﻤﻮن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺼﺤﺮاء ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺮب ﺗﺘﻐﻨﻰ ﺑﻪ وﺗﺬﻛﺮه ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل أﺑﻮ اﻟﻌﻼء اﻟﻤﻌﺮي: »و)ﺳﻬﻴﻞ( ﻛ َﻮ ْﺟ َﻨ ِﺔ ِ اﻟﺤ ﱢﺐ ﻓﻲ اﻟﻠﱠﻮن اﻟﻤﺤﺐ ﻓﻲ اﻟﺨﻔﻘﺎنِ «. وﻗﻠﺐ ِ ﱢ ﻳﻔﺮح ﺑﺮؤﻳﺔ ﺳﻬﻴﻞ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮﻋﻪ ،ﻛﺄﻫﻞ »اﻟﻘﻨﺺ« ﻷن ﺳﻤﻮم اﻟﻘﻴﻆ ﻗﺪ ﻃﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس. أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻘﺪ اﺗﺨﺬﺗﻪ وﻛﺎﻟﺔ اﻟﻔﻀﺎء اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ »ﻧﺎﺳﺎ« وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﻼﺣﺔ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ،ﻓﻤﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻤﺮﻛﺒﺎت اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺎراﺗﻬﺎ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﻜﻮن. ﺗﻢ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم ذوات اﻟﻌﻤﺮ اﻟﻘﺼﻴﺮ وﻗﺪ ﺣﺴﺐ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻤﺮه ﺗﻘﺪﻳﺮﻳﺎ ﺑﻤﻘﺪار 27ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻨﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻋﻨﺪه اﻟﻨﺠﻮم ﻟﺘﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﺛﻘﺐ أﺳﻮد. ﻳﺒﻠﻎ ﺣﺠﻤﻪ 70ﻣﺮة ﻣﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﺸﻤﺲ وﺿﻮؤه أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺿﻮء اﻟﺸﻤﺲ ب 13ﻣﺮة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﺮارﺗﻪ ﺗﺒﻠﻎ ﺿﻌﻒ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ. إذا وﺿﻊ اﻟﻨﺠﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن اﻟﺸﻤﺲ ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺼﻞ اﻟﻰ ﻣﺪار ﻛﻮﻛﺐ ﻋﻄﺎرد @ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ا^ردن
اﻟﻤﺮاﺟﻊ: • ﻣﺠﻠﺔ ﺑﻴﺌﺘﻨﺎ – اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ /اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻋﺪد.118 • ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺮﻳﺎض ﻋﺪد اﻷرﺑﻌﺎء 7أﻳﻠﻮل .2016 • ﻣﻮﻗﻊ وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻧﺒﺎء اﻷردﻧﻴﺔ. • ﻣﻮﻗﻊ اﻷﻣﺎرات اﻟﻴﻮم.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
57
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻛﻤﻴﺔ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻵﺑﺎر ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻴﺎة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﺮي اﻷراﺿﻲ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﻳﺘﻢ ﺣﻔﺮ ﺣﻔﺮات ﺻﻐﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﻲء اﻟﺒﺤﺮ وﺣﻴﻦ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻨﺠﻢ ﺗﻤﺘﻠﻲء اﻟﺤﻔﺮ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻓﻬﺬه إﺷﺎرة ﻟﻠﺼﻴﺎد أن اﻟﺴﻤﻚ أﺻﺒﺢ واﻓﺮا ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮوﻳﻐﻨﻮن ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ: ﺷﺪوا ﻳــــﺎ ﺷــﺒﺎب ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻌﺎﻛﻢ وﻟــﻴﻠﺔ اﻟﻜـــــﻴﺎب ﻻ ﺗــــــــــــــﻬﺎب وﺧﻠﻲ ﺷﺒﻜﺘﻚ ﻓـﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻛﻼب وﻟﻴﻠﺔ اﻟﻤﻄــــــﻼع إذا ﻃﻠﻌﺖ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻃـــــﻤﺎع ÷ ôŔńŀī õîĄŔĄĜ
čōčĊĿí łŀī ïîĔă ôŔĴŔĻ
واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻠﺒﺮوﻓﻴﺴﻴﺮ ﺑﺮﻛﺔ؛ ﻳﺒﺪأ ﺣﺴﺎب اﻟﺪرور ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،وﻳﻜﻮن اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﻣﻮﻋﺪ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﻞ اﻟﻔﺮق ﻣﻦ أﻳﺎم إﻟﻰ ﺷﻬﺮ ﻛﺎﻣﻞ، وﻗﺪ رﺑﻂ اﻟﻌﺮب ﺑﻴﻦ رؤﻳﺔ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ وأﺳﺎﻃﻴﺮ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻨﻬﺎ أﻧﻪ زوج )اﻟﺠﻮزاء( ،وزوج اﻟﺸﻌﺮى وﻫﻮ ﻣﻦ ﻓﺘﻴﺎن اﻟﻴﻤﻦ ،أﻣﺎ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻘﺪ رﺑﻄﻮا ﻓﻲ ﺷﻌﺮﻫﻢ ﺑﻴﻦ ﻇﻬﻮره وأﻟﻢ اﻟﻔﺮاق ﻷن اﻟﻌﺮب ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﺮﻛﺔ ﻓﻲ أﺳﺎﻃﻴﺮﻫﻢ ﻳﺮون أن رؤﻳﺔ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻗﺪ ﺗﺜﻴﺮ اﻟﻮﺣﺸﺔ واﻟﺨﻮف ،ﻣﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺆﺷ ًﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﺣﺒﺎب واﻟﺼﺤﺐ واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت
ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻷﺑﺮز ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺒﺮوﻓﻴﺴﻴﺮ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﺮﻛﺔ ﻳﻘﻮل :ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻫﻮ ﺛﺎﻧﻲ أﻟﻤﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺒﺔ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﺣﻮاﻟﻲ 310ﺳﻨﺔ ﺿﻮﺋﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ اﻏﺴﻄﺲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺎم أي ﻓﻲ اواﺧﺮ اﻟﺼﻴﻒ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺠﻨﻮب وﻛﺎن اﻟﻌﺮب ﻳﺴﺘﺒﺸﺮون ﺑﻪ ﺧﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل ،وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ رددوا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ«اذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻃﺎب اﻟﻠﻴﻞ واﻣﺘﻨﻊ اﻟﻘﻴﻞ«، وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﻳﺤﺪدون وﻗﺖ ﺣﺮاﺛﺔ أراﺿﻴﻬﻢ وزراﻋﺔ ﺣﻘﻮﻟﻬﻢ اﺳﺘﻌﺪادا ﻟﻨﺰول اﻟﻤﻄﺮ ،واﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺑﻪ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺴﻴﻞ واﻟﻤﻄﺮ أﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪات ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺑﺨﺼﻮص ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ان ﻃﻠﻮﻋﻪ ﻳﻌﻨﻲ اﻻﻧﺨﻔﺎض اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻟﺪرﺟﺎت اﻟﺤﺮارة اﻧﻤﺎ ﻫﻮ اﺷﺎرة وﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ أن أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺼﻞ اﻻرض ﺑﺼﻮرة أﻛﺜﺮ أﻓﻘﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺒﺐ اﻧﻜﺴﺎر ﺣﺪة اﻟﺤﺮ وﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮب ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ازدﻳﺎد ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻻﺟﻮاء ،وﺑﺪء ﻓﺘﺮة ﺗﺴﻤﻰ دﺧﻮل اﻟﺪرور ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻘﺴﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﺜﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم وﻛﻞ ﻋﺸﺮة اﻳﺎم ﺗﺴﻤﻰ »درا ً » ،وﻳﺒﺪأ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺤﺮارة ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺠﺮ ﺛﻢ ﺗﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر. أﻣــﺎ ﻋﻠﻢ اﻟــﺪرور ﻓﻬﻮ ﺣﺴﺎب ﻓﻠﻜﻲ ﻋﺮﻓﻪ أﺑﻨﺎء اﻟﻌﺮب ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم وﻳﻘﺴﻢ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻰ 35ﻗﺴﻤﺎً ﻳﺴﻤﻰ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺑـ »در« وﻛﻞ در ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ اﻟﺪر اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ ،ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ ﻓﺼﻮل ﻫﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺼﻔﺮي -اﻟﺸﺘﺎء -اﻟﺼﻴﻒ -اﻟﻘﻴﻆ وﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ اﻟﻔﺼﻮل اﻷرﺑﻌﺔ وﻫﻲ اﻟﺨﺮﻳﻒ -اﻟﺸﺘﺎء -اﻟﺮﺑﻴﻊ – اﻟﺼﻴﻒ، وﻓﺎﺋﺪة ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ أﻧﻪ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﻧﺴﺐ اﻷوﻗﺎت ﻟﻠﺰراﻋﺔ وﺟﻨﻲ اﻟﺜﻤﺎر وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﻤﻮر ،واﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﻣﻦ رﻳﺎح وأﻣﻄﺎر، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺮﻓﺔ أوﻗﺎت ﺗﻜﺎﺛﺮ اﻷﺳﻤﺎك وﻣﻮﺳﻤﻪ وأﻧﺴﺐ اﻷوﻗﺎت ﻟﺼﻴﺪه وﻛﺬﻟﻚ ﻫﺠﺮة وﻗﺪوم اﻟﻄﻴﻮر اﻟﺒﺮﻳﺔ واﻟﺒﺤﺮﻳﺔ .
56
»ﺟﺤﺮ اﻟﺪﻳﻚ« ﻳﺤﻔﻆ أﺳﺮار اﻟﺪرور ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
اﻟﺤﺎج ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻗﺲ
وﻳﻀﻴﻒ اﻟﺪﻗﺲ» :ﻗﻞ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﻨﺠﻮم وﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، إﻻ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ذات ﻓﺎﺋﺪة ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺳﻮاء ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒﺮ أو اﻟﺒﺤﺮ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺠﺎر اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﻳﺴﺎﻓﺮون ﻣﻦ ﻏﺰة ﻟﻠﻌﺮﻳﺶ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم ﻫﻲ دﻟﻴﻠﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺴﻴﺮون ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﻀﻠﻮا ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء أو ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﻲء اﻟﺒﺤﺮ«. وﻳﺮى اﻟﺤﺎج اﻟﺪﻗﺲ أن اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﺴﻄﺎء وﻃﻴﺒﻴﻦ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺗﺸﻌﺮ وﺗﻌﺮف ﻟﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة واﻋﺘﻘﺪوا أن ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺜﻼﺛﺔ ً ﻧﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﻘﺼﺪه إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻃﻴﺐ اﻟﻘﻠﺐ وﻧﻘﻲ اﻟﺴﺮﻳﺮة وﻟﺪﻳﻪ ﻣﻘﺼﺪ ﺷﺮﻳﻒ وﺣﻼل ﻣﻦ ﺣﻠﻪ وﺗﺮﺣﺎﻟﻪ .ﻳﻘﻮل» :ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺴﺐ ﻧﻴﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻮﻳﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺴﻔﺮ ﻳﻌﺘﻘﺪ أن ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم ﺗﺴﻴﺮ وﺗُﺴﻴّﺮ ﻟﻪ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻫﺪﻓﻪ«.
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻏﺰة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺳﺎﺣﻠﻴﺔ وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺼﻴﺪ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻜﺎن اﻟﻨﺎس ﻗﺪﻳﻤﺎ – واﻟﻜﻼم ﻟﻠﺪﻗﺲ -ﻳﺴﺘﺮﺷﺪون ﺑﻬﺬه اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﻤﺘﻰ ﻇﻬﺮت ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن ﻇﻬﻮرﻫﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺒﺤﺮ ﺳﻮف ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻚ ،ﻓﻴﻠﻘﻲ اﻟﺼﻴﺎدون ﺑﺸﺒﺎﻛﻬﻢ ﻓﻴﻪ ،أﻣﺎ ﺣﻴﻦ »ﺗﺘﺼﻠﺐ اﻟﻨﺠﻤﺔ« ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺒﻴﺮﻫﻢ ،ﻓﻴﺒﺪأ اﻟﺼﻴﺎدون ﺑﺠﻤﻊ ﻋﺘﺎدﻫﻢ وﻋﺪﺗﻬﻢ واﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ. ôńĀŇ łŀĔ÷ ôńĀŇ
ﻳﻘﻮﻟﻮن إن ﻧﺠﻤﺔ ﺗﺴﻠﻢ ﻧﺠﻤﺔ ،وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ﺗﺘﺒﻊ ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﺰﻣﻦ ،أي اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﻦ دون اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻴﺪوﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
55
тАля╗гя╗ая╗Т ╪зя╗Яя╗Мя║к╪птАм
тАлтАк ─│┼┤─│─░┼д─У ─Ы─Ф─Ц─Ф─╣─и┼┤ ╚Х┼ж┼╝┼▓─╕тАмтАм
тАл╪вя║зя║о ╪зя╗Яя╗Мя║О╪▒я╗Уя╗┤я╗ж я║Ся║┤я╗мя╗┤я╗ЮтАм
тАл┬╗я║Яя║дя║о ╪зя╗Яя║кя╗│я╗Ъ┬лтАм
тАля╗│я║дя╗Фя╗Ж ╪гя║│я║о╪з╪▒ ╪зя╗Яя║к╪▒┘И╪▒ я╗Уя╗▓ я╗Уя╗ая║┤я╗Дя╗┤я╗жтАм тАлтАк ┼Ж─Ф─Г ├о┼Д─У ┼Ж┼Ф─д─Ф┼А─│тАмтАм
тАл╪зя╗ля║Шя╗в ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Р ╪зя╗Яя╗Фя╗ая║┤я╗Дя╗┤я╗ия╗▓ я╗гя╗ия║м ╪зя╗Яя╗Шя║к┘Е я║Ся╗дя╗Дя║Оя╗Яя╗К ╪зя╗Яя╗ия║ая╗о┘ЕтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗ия╗Ия║о я╗Уя╗┤я╗мя║О ┘Ия╗гя╗Мя║оя╗Уя║Ф я╗гя╗ия║О╪▓я╗Яя╗мя║О я╗╗╪▒я║Чя║Тя║Оя╗Гя╗мя║О я║Ся║дя╗┤я║Оя║Чя╗мя╗в ╪зя╗Яя╗┤я╗оя╗гя╗┤я║ФтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗ая╗┤я╗Ю ┘И╪зя╗Яя╗ия╗мя║О╪▒тАк ╪МтАм╪ея╗╗ ╪г┘Ж я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗в ╪зя╗зя║кя║Ыя║о ╪г┘И я╗Ыя║О╪п я║Ся╗дя╗о╪ктАм тАля╗Ыя║Тя║О╪▒ ╪зя╗Яя║┤я╗ж ┘Ия╗Ля║к┘Е ╪зя╗ля║Шя╗дя║О┘Е ╪зя╗╖я║Яя╗┤я║О┘Д ╪зя╗Яя╗╝я║гя╗Шя║Ф я║Ся║Оя╗Яя║дя╗Фя║О╪╕ я╗Ля╗ая╗┤я╗ктАм тАл┘И╪зя╗Яя║Шя╗дя║┤я╗Ъ я║Ся╗ктАк.тАмтАм тАл╪ея╗╗ ╪г┘Ж я╗гя║О я╗Чя║Оя╗Яя║Шя╗к я╗Яя╗ия║О ╪зя╗Яя║дя║Оя║Яя║Ф ╪г┘Е я╗гя║дя╗дя║к я╗гя╗ж я╗Пя║░╪й я╗│я║Тя╗Шя╗▓ я║Ся║О╪итАм тАл╪зя╗╖я╗гя╗Ю я╗гя╗Фя║Шя╗о ┘Ля║гя║О я║Ся║Ия╗гя╗Ья║Оя╗зя╗┤я║Ф я║Яя╗дя╗К ┘Ия║Чя╗оя║Ыя╗┤я╗Ц я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║оя╗Уя║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя║ия║Тя║о╪й я╗гя╗ж ╪гя╗ля╗ая╗мя║ОтАк ╪МтАмя║Чя╗Шя╗о┘ДтАк┬╗ :тАм╪е┘Ж ╪зя╗╗я╗ля║Шя╗дя║О┘Е я║Ся╗Ия╗мя╗о╪▒ я╗зя║ая╗втАм тАля║│я╗мя╗┤я╗ЮтАк ╪МтАм┘Ия║Ся║Оя╗Яя║Шя║Оя╗Яя╗▓ я║Чя║Шя║Тя╗К я║гя║┤я║Оя║Ся║О╪к ╪зя╗Яя║к╪▒┘И╪▒ я╗╗ ╪▓╪з┘Д я╗Чя║Оя║Ля╗дя║ОтАм тАля╗Уя╗▓ я╗гя╗ия╗Дя╗Шя║Ф я╗зя║Оя║Ля╗┤я║Ф ┘Ия║╗я╗Ря╗┤я║о╪й я╗гя╗ж я╗Чя╗Дя║О╪╣ я╗Пя║░╪й ┘Ия╗ля╗▓ я╗гя╗ия╗Дя╗Шя║ФтАм тАля║Яя║дя║о ╪зя╗Яя║кя╗│я╗ЪтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗▓ я╗Чя║оя╗│я║Ф я║╗я╗Ря╗┤я║о╪й я║Чя║Тя╗Мя║к я╗Ля╗ж я╗гя║кя╗│я╗ия║Ф я╗Пя║░╪йтАм тАля║гя╗о╪зя╗Яя╗▓ тАк 8тАмя╗Ыя╗┤я╗ая╗оя╗гя║Шя║отАк ╪МтАмя║гя╗┤я║Ъ я╗│я╗Ья║Ья║о ╪зя╗Яя║оя╗Ля║О╪й ╪зя╗Яя║Тя║┤я╗Дя║О╪б ╪зя╗Яя║мя╗│я╗жтАм тАля╗╗ ╪▓╪зя╗Яя╗о╪з я╗│я╗Мя╗┤я║╕я╗о┘Ж я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗Фя╗Дя║о╪й я╗Уя╗▓ я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗Гя╗ЦтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия║Чя╗Мя║Шя╗дя║к я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗Шя║оя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║Тя║┤я╗┤я╗Дя║Ф я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя║░╪▒╪зя╗Ля║Ф ┘Ия╗│я╗Дя╗ая╗ЦтАм тАля╗Ля╗ая╗┤я╗мя║О ┬╗╪зя╗Яя║┤я╗ая║Ф ╪зя╗Яя╗Ря║м╪зя║Ля╗┤я║Ф я╗Яя╗Шя╗Дя║О╪╣ я╗Пя║░╪й┬лтАк ╪МтАм┘Ия╗╗ ╪▓╪з┘Д ╪гя╗ля╗ая╗мя║ОтАм тАля╗│я║Шя║Тя╗Мя╗о┘Ж ╪зя╗Яя╗Дя║о┘В ╪зя╗Яя║Тя║к╪зя║Ля╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ я║Чя║дя║кя╗│я║к я╗гя╗о╪зя║│я╗в ╪зя╗Яя║░╪▒╪зя╗Ля║ФтАм тАля║зя║╝я╗оя║╗я║О я╗гя╗К ╪зя╗Яя║дя║о┘И╪и ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪пя╗Ыя║Ц ╪зя╗Яя╗Шя║оя╗│я║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗Ля║░я╗Яя║Шя╗мя║О я╗Ля╗жтАм тАля║Ся║Оя╗Чя╗▓ я╗Чя╗Дя║О╪╣ я╗Пя║░╪йтАк.тАмтАм тАлтАк ├┤┼У─О─У ├┤─░─┐ ─Н┼Н─Н─К─┐├нтАмтАм
тАл┘Ия║Чя╗Ая╗┤я╗Т ╪зя╗Яя║дя║Оя║Яя║Ф ╪г┘Е я╗гя║дя╗дя║ктАк┬╗ :тАмя║Ся║Оя╗Яя╗ия║┤я║Тя║Ф я╗Яя╗ия║О я╗Уя╗Шя║к я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я║гя║┤я║Оя║Ся║О╪к ╪зя╗Яя║к╪▒┘И╪▒тАм тАля╗ля╗▓ ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║Шя║дя╗Ья╗в я╗Уя╗▓ я║гя╗┤я║Оя║Чя╗ия║ОтАк ╪МтАм┘И╪е┘Ж я╗Ыя╗ия║Ц ╪гя╗зя║О я╗гя║Ья╗╝ я╗Чя║к ╪гя║┐я╗Мя║Ц я╗ля║м┘ЗтАм тАл╪зя╗Яя║дя║┤я║Оя║Ся║О╪к тАк-тАм╪г┘К я╗зя║┤я╗┤я║Шя╗мя║ОтАк -тАмя╗╖┘Ж ╪гя║г ┘Ля║к╪з я╗Яя╗в я╗│я╗Мя║к я╗│я╗мя║Шя╗в я║Ся╗мя║ОтАк ╪МтАм╪▒я╗Пя╗в ╪гя╗зя╗мя║О я╗Ыя║Оя╗зя║ЦтАм тАля║Чя║┤я╗┤я║о я║гя╗┤я║Оя║Чя╗ия║ОтАк ╪МтАмя╗Уя╗Мя╗ия║кя╗гя║О я╗Ыя╗ия║О я╗зя║┤я║Д┘Д я║Ся╗Мя╗Ая╗ия║О ╪зя╗Яя║Тя╗Мя║╛ я╗ля╗Ю я╗зя║дя╗ж я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║┤я║Шя╗┤я╗жтАм тАл╪г┘И ╪зя╗Яя║┤я║Тя╗Мя╗┤я╗ж я╗Уя╗Шя║к я╗Ыя╗ия║О я╗зя╗Фя╗мя╗в я╗Яя╗мя║м┘З ╪зя╗Яя║дя║┤я║Оя║Ся║О╪к я║Яя╗┤я║к╪з ┘ЛтАк ╪МтАм┘Ия╗│я║Тя║к╪г ╪зя╗Яя║дя║┤я║О╪и я╗Яя╗мя║ОтАм тАля╗гя╗К я╗Зя╗мя╗о╪▒ я╗зя║ая╗в я║│я╗мя╗┤я╗ЮтАк ╪МтАм┘Ия╗Ля╗ая╗┤я╗к я╗Ыя╗ия║О я╗зя║┤я╗┤я║о ┘Ия╗зя╗Шя║┤я╗в ╪гя╗│я║О┘Е ╪зя╗Яя║┤я╗ия║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗Яя║мя╗Яя╗Ъ я╗Уя╗Шя║ктАм тАля║╗я║О╪║ ╪зя╗Яя║ия╗┤я║О┘Д ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗▓ ╪зя╗Яя╗Фя╗ая║┤я╗Дя╗┤я╗ия╗▓ я║Ся╗Мя║╛ ╪зя╗╖я╗гя║Ья║О┘Д ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя║оя║Чя║Тя╗Дя║ФтАм тАля║Ся╗ия║ая╗в я║│я╗мя╗┤я╗Ю я║зя║╝я╗оя║╗я║ОтАк ╪МтАм┘Ия╗╗ ╪▓я╗Яя║Ц ╪гя║гя╗Фя╗Ия╗мя║О я║гя║Шя╗░ ╪зя╗╡┘Ж ┘Ия╗гя╗ия╗мя║ОтАк┬╗ :тАм╪з┘Ж я║╖я╗Фя║ЦтАм тАля╗зя║ая╗в я║│я╗мя╗┤я╗Ю я╗╗ я║Чя╗Шя║о╪и ╪зя╗Яя║┤я╗┤я╗ЮтАк ╪МтАм┘И╪з┘Ж я║╖я╗Фя║Ц я╗зя║ая╗в я║│я╗мя╗┤я╗Ю я╗Яя╗┤я╗ая║Ф ╪зя╗Яя║дя╗Ж я╗╗тАм тАля║Чя╗Мя╗оя║┐я╗мя║ОтАк ╪МтАм┘И╪з┘Ж я║╗я║дя╗ая╗Ъ я║Ся╗┤я║О╪к я║Ся║О╪к я╗Уя╗┤я╗мя║ОтАк ╪МтАм┘И╪з┘Ж я║╖я╗Фя║Ц я╗зя║ая╗в я║│я╗мя╗┤я╗Ю я╗╗ я║Чя║Оя║зя║ктАм тАля╗Чя║оя║╖я║О┘Л я╗гя╗ж я╗гя║о┘З ┘Ия╗Яя╗о я╗Ыя║Оя╗зя║Ц ╪гя╗гя╗Ъ┬лтАк.тАмтАм тАлтАк54тАмтАм
тАл┬╗я║Яя║дя║о ╪зя╗Яя║кя╗│я╗Ъ┬л я╗│я║дя╗Фя╗Ж ╪гя║│я║о╪з╪▒ ╪зя╗Яя║к╪▒┘И╪▒ я╗Уя╗▓ я╗Уя╗ая║┤я╗Дя╗┤я╗жтАм
тАл┘Ия╗Ля╗ж я╗зя║ая╗в я║│я╗мя╗┤я╗Ю ╪зя╗Яя║м┘К я╗Ля╗ая╗░ ╪гя║│я║Оя║│я╗к я╗│я║Шя╗в я║гя║┤я║О╪и ╪зя╗Я┘А┘Ая║к╪▒┘И╪▒ я║гя║┤я║Тя╗дя║ОтАм тАля║Чя╗Мя║О╪▒┘Б ╪гя╗ля╗Ю я╗Уя╗ая║┤я╗Дя╗┤я╗ж я╗Чя║кя╗│ ┘Ля╗дя║ОтАк ╪МтАмя╗│я║дя║кя║Ыя╗ия║О ╪зя╗Яя║дя║О╪м я╗гя║дя╗дя║к ╪зя╗Яя║кя╗Чя║▓ я╗гя╗ж я╗Пя║░╪йтАк╪МтАмтАм тАля╗│я╗Шя╗о┘ДтАк┬╗ :тАмя╗зя║ая╗в я║│я╗мя╗┤я╗Ю я╗Ля║Тя║О╪▒╪й я╗Ля╗ж тАк 3тАмя╗зя║ая╗о┘Е я║Чя╗Ия╗мя║о я╗г ┘Ля╗Мя║О я╗Ля╗ая╗░ я║╖я╗Ья╗Ю ╪зя╗Яя╗дя╗┤я║░╪з┘ЖтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║┤я╗дя║О╪бтАк ╪МтАм┘Ия╗│я╗Ья╗о┘Ж я╗Яя╗мя║О ╪░я╗│я╗Ю я╗гя╗Ая╗▓╪б я╗гя║Ья╗Ю ╪зя╗Яя║Шя╗Дя║оя╗│я║░ ╪зя╗Яя╗Фя╗ая║┤я╗Дя╗┤я╗ия╗▓ ╪зя╗Яя║м┘КтАм тАл╪зя║│я║Шя╗оя║гя╗░ я╗зя╗Шя╗оя║╖я╗к я╗гя╗ж я║╖я╗Ья╗ая╗мя║ОтАк ╪МтАм┘Ия║Чя╗Ия╗мя║о ┘Ия║Чя╗Ая╗▓╪б я╗Ыя╗Ю я╗Уя║Шя║о╪й ┘Ия║Чя║ия║Шя╗Фя╗▓ я╗Яя╗┤я╗Ия╗мя║отАм тАля╗гя╗Ья║Оя╗зя╗мя║О я╗зя║ая╗в ╪вя║зя║о┬лтАк.тАмтАм тАл┘Ия║гя║┤я║Р ╪зя╗Яя║дя║О╪м ╪зя╗Яя║кя╗Чя║▓ я╗Уя║И┘Ж ┬╗я║│я╗мя╗┤я╗Ю я╗│я╗Ия╗мя║о я║Ся║Оя╗Яя║Шя║Тя║О╪п┘Д я╗гя╗К я╗зя║ая╗в ╪вя║зя║о я╗│я║┤я╗дя╗░тАм тАля║С┘А┬╗╪зя╗Яя║дя╗Ц ┘И╪зя╗Яя║Тя║Оя╗Гя╗Ю┬лтАк ╪МтАм┘Ия╗│я║о┘Й ╪г┘Ж ╪зя╗Яя╗ия║О╪│ я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗оя╗Чя║Ц ╪зя╗Яя║дя║Оя╗Яя╗▓ я╗╗ я╗│я╗Мя║оя╗Уя╗оя╗зя╗мя║ОтАм тАл┘Ия╗│я║ия║Оя╗Уя╗о┘Ж я╗гя╗ия╗мя║О я╗╖я╗зя╗мя║О я║Чя║╕я║Тя╗к ╪зя╗╣я║╖я║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя╗Ая╗оя║Ля╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я╗ая╗Дя╗Шя╗мя║О ╪зя╗╗я║гя║Шя╗╝┘ДтАм тАл╪зя╗╣я║│я║о╪зя║Ля╗┤я╗ая╗▓ ╪гя║Ыя╗ия║О╪б ╪▒я║╗я║к я║гя║оя╗Ыя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя╗Шя║О┘Ия╗гя║Ф ╪зя╗Яя╗Фя╗ая║┤я╗Дя╗┤я╗ия╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗│я╗Мя║Шя╗Шя║к┘И┘Ж ╪гя╗зя╗мя║ОтАм тАля╗зя║мя╗│я║о я╗Яя║дя║о╪и ╪г┘И ╪зя╗Ля║Шя║к╪з╪б я╗гя╗Шя║Тя╗Ю┬лтАк.тАмтАм
ﺻﻴﺪﻫﺎ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﺔ وآﺧﺮون ﻛﺒﺎب رزق ﻟﺒﻴﻌﻬﺎ. ľŔŌē čäû
ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻒ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺪاوﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺰﺣﺔ ﻣﻤﺰوﺟﻪ ﺑﻠﻮن اﻟﺨﺮاﻓﺔ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﻴﻨﺎء وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮم اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻊ ﻇﻬﻮره ،ﻣﺎ ﻳﺮووﻧﻪ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ »ﺳﻬﻴﻞ« ﺑـ »ﺑﻨﺎت ﻧﻌﺶ« وﻫﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻧﺠﻮم أﺧﺮى ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻤﻌﺎﻛﺲ ﻟﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،وﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺗﻮﻗﻴﺘﻪ، وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻟﻈﻬﻮرﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻄﻴﻞ ﻛﻞ ﻧﺠﻤﺘﻴﻦ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ وﻛﺄﻧﻬﻦ ﻳﺤﻤﻠﻦ ﻧﻌﺸً ﺎ. وﺗﻘﻮل اﻟﻤﺰﺣﺔ أن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻗﺘﻞ واﻟﺪ ﺑﻨﺎت ﻧﻌﺶ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب ﺛﻢ ﻳﺴﺎرع ﺑﺎﻻﺧﺘﻔﺎء ،وﺑﻨﺎت ﻧﻌﺶ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل ،وﺗﺨﺘﻔﻲ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻫﻨﺎك ﺛﺄ ًرا ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻳﺠﺒﺮ ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻬﻮر واﻻﺧﺘﻔﺎء ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻬﻦ ﻓﻴﻨﺘﻘﻤﻦ ﻣﻨﻪ ﻟﺮوح واﻟﺪﻫﻦ. ĽŎŔĔĿîñ číČŇç
وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﺒﺪو ﻓﻲ ﺳﻴﻨﺎء أن ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ » اﻧﺬار ﻟﻤﻦ ﻳﺴﻜﻨﻮن ﺑﻄﻮن اﻟﻮدﻳﺎن ﻻﻗﺘﺮاب ﺣﻠﻮل اﻟﺸﺘﺎء وﻣﻮاﻋﻴﺪ ﺗﺴﻠﻞ اﻟﺴﻴﻮل ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻌﻴﺪه ،وﻳﻘﻮﻟﻮن »ان ﺷﻔﺖ أﺳﻬﻴﻞ ﻳﺎ ﻣﻘﺮب اﻟﺴﻴﻞ« ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻳﻔﻴﺪﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻻ وﺳﻴﻠﺔ ﻷﻫﻠﻬﺎ ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ إﻻ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﺗﻘﻠﺒﺎﺗﻬﺎ واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻬﺎ ﻟﺘﻼﻓﻲ
أﺧﻄﺎرﻫﺎ وﻏﺪر ﺗﻘﻠﺒﺎت اﻷﺟﻮاء. ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ﺳﻜﺎن اﻟﺼﺤﺮاء ﻓﻲ أزﻣﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻜﻨﻮن ﺑﻴﻮت اﻟﺸﻌﺮ ،ﺣﻴﺚ أﻧﻪ ﺑﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ إﺧﺮاج اﻟﺒﻴﻮت وإﻋﺎدة ﺗﻬﻴﺌﺘﻬﺎ واﺧﺘﻴﺎر ﻣﻜﺎن ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻨﺼﺒﻬﺎ ﻟﻘﻀﺎء ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء ،أو ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﺎ وإﺣﻀﺎر ﻛﻞ أدوات ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻻ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻨﻪ ﺳﻴﻞ ،وﻻ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﻪ اﻟﺮﻳﺎح ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ،وﺗﻬﻴﺌﺔ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ﻟﺪواﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ واﻹﺑﻞ. àíĎĬĘĿí ôŀŔĈŃ
وﻟﻢ ﻳﻐﺐ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻦ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺒﺪو ،واﻋﺘﺒﺮه ﻛﺜﻴﺮون ﻣﻨﻬﻢ ﺟﺰ ًءا أﺳﺎﺳ ًﻴﺎ ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﻤﻜﺎن ،وﺗﻮﺛﻴﻖ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮون ﺑﻬﺎ ،وﺗﻐﺰﻟﻮا ﺑﺠﻤﺎل ﻃﻠﻌﺘﻪ ،وﺗﻜﻮﻳﻨﻪ وﻫﻴﺒﺘﻪ ،ﻳﻘﻮل أﺣﺪﻫﻢ : ﻣﻄﻼع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻟﻴﺎ ﺣﻠﻴﻠﺔ /زي ﻏﺮة ﺗﻀﻮي ﻋﻠﻲ ﻛﻞ اﻻرﻛﺎن وﻳﺮﺑﻂ ﺷﺎﻋﺮ ﺳﻴﻨﺎء »ﺣﻤﺪان اﻟﺘﺮاﺑﻴﻦ« ﺑﻴﻦ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻮه وﺣﺒﻪ ﻟﺴﻴﻨﺎء: ﻳﺎﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﻟﻲ ﻋــــﻠﻴﻚ اﻧﺖ اﻟﺘﺴـﺎﻫﻴﻞ ﻟﻨﻲ ﻛﺘﻤﺖ اﻟﺴـﺮ ﻟﺠﻠﻚ اﻧﺎ اﺑـــــﻮح ﺳﻴﻨﺎ ء ﻏﻼﻛﻲ ﻓﻲ ﻋﻴﻮن اﻟــﺮﺟﺎﺟﻴﻞ ﺗﺴﺘﺎﻫﻠﻲ ﻳﺮﺧﺺ ﻟﻜﻲ ﻏــﺎﻟﻲ اﻟﺮوح اﻧﺘﻲ ﻏﻼﻛﻲ ﻓﻮق ﻋﻦ ﻧﺠــﻤﺔ اﺳﻬﻴﻞ ﻧﺮﺟﺎ ﻟﻜﻲ اﻟﻌﺰم وﻓﺮﺣﺔ وﻣﺼــــﻠﻮح
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
53
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
»ﻣﻦ وﻳﻦ ﻣﺎ ﺷﻔﺘﻪ ﺑﻴﻐﺪي رﺣﻴﻠﻪ«
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺳﻴﻨﺎء إﻧﺬار ﺑﺎﻟﺘﺠﻬﻴﺰ ﻟﻤﻔﺎﺟﺂت اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ôĤŔīŎñã ĊńĄŃ
ﻟﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« ﻓﻲ ﺳﻤﺎء ﺻﺤﺮاء ﺷﺒﺔ ﺟﺰﻳﺮة ﺳﻴﻨﺎء دﻻﻻت ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺳﻜﺎن ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﻓﻲ ﻣﺴﺎر اﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﻟﻠﺨﺮﻳﻒ وﺑﻮادر اﻟﺸﺘﺎء، وﻇﻬﻮره ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻳﻌﻨﻲ إﻧﺬا ًرا ﺑﺎﻟﺘﺠﻬﺰ ﻟﻤﻔﺎﺟﺂت اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺴﻴﻮل وﺳﻘﻮط اﻟﻤﻄﺮ اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ. ﻓﻲ »ﺳﻴﻨﺎء« ،ﻳﻈﻬﺮ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ أو »اﺳﻬﻴﻞ« ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻄﻘﻮن اﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ،وﺑﻈﻬﻮره -ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻌﻤﺮون- ﺗﻨﻜﺴﺮ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﺘﻲ ﺗﺮاﻓﻘﻬﻢ ﻃﻮال ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ وﻳﺒﺪأ اﻟﺠﻮ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺴﻦ ﺑﺎﻧﺨﻔﺎض ﻣﻠﺤﻮظ ﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺤﺮارة. وﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺪام أو اﻣﺘﻄﺎء اﻟﺮواﺣﻞ ﻫﻲ وﺳﻴﻠﺔ اﻟﺤﻞ واﻟﺘﺮﺣﺎل ﺗﻨﺎﻗﻞ أﻫﻞ ﺳﻴﻨﺎء ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ» :ﺧﻒ اﻟﺴﺮي وﻻ ﺗﻬﺎب اﻟﻘﻮاﻳﻞ«، ﻓﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻷﺟﻮاء ﺗﺤﺴﻨﺖ، وﻳﻤﻜﻨﻚ أن »ﺗﺨﻒ اﻟﺴﺮي« أي ﻻ ﺗﺘﻌﺠﻞ اﻟﺴﻴﺮ ﻣﺒﻜ ًﺮا ،و»ﻻ ﺗﻬﺎب اﻟﻘﻮاﻳﻞ« ،أي ﻻ ﺗﺨﺸﻰ ﺣﺮارة اﻟﻀﺤﻰ واﻟﻈﻬﻴﺮة اﻟﺤﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻘﻴﻠﻮﻟﺔ. 52
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺳﻴﻨﺎء
وﻳﺼﻒ أﻫﺎﻟﻲ ﺳﻴﻨﺎء ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﺼﺤﺮاء ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ» :ﻣﻦ وﻳﻦ ﻣﺎ ﺷﻔﺘﻪ ﺑﻴﻐﺪي رﺣﻴﻠﻪ« أي أﻧﻪ ﻧﺠﻢ ﻣﺘﺄﻫﺐ داﺋﻤﺎ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻇﻬﻮره ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻃﻮﻳﻼ ،وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺨﺘﻔﻲ ،ﻟﺬا ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺘﺮﻗﺒﻮن ﻃﻠﻌﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻪ ،وﻳﻜﻮن ﺑﺰوﻏﻪ ﺑﻈﻬﻮر ﻣﺒﺎﻏﺖ ﻣﻦ وراء اﻟﺘﻼل ﻟﻤﻦ ﻳﺴﻜﻨﻮن اﻟﺸﻤﺎل ،أو اﻟﺠﺒﺎل ﻟﻤﻦ ﻳﺴﻜﻨﻮن اﻟﻮﺳﻂ واﻟﺠﻨﻮب ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة ﺳﻴﻨﺎء ،ﺛﻢ ﻳﻌﻠﻮ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻗﺒﻞ اﺧﺘﻔﺎءه ﺑﺎﻟﻌﻮدة ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻃﻠﻮﻋﻪ. ĊŔĜĿí čŎĠăō ðģĎĿí ýŎĠŇ
ارﺗﺒﻂ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺳﻜﺎن ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻴﻨﺎء اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ
اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺑﺎﻛﺘﻤﺎل ﻧﻀﺞ »اﻟﺒﻠﺢ« وﻇﻬﻮر »اﻟﺮﻃﺐ« ،وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺪارج »أﺳﻬﻴﻞ ﺑﻴﺨﻠﻲ اﻟﺮﻃﺐ ﻫﻴﻞ« أي أﻧﻪ دﻻﻟﺔ وﻣﺆﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻀﻮج اﻟﺮﻃﺐ، وﻫﺬا ﻳﻔﻴﺪ أﺻﺤﺎب ﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪﻳﻦ ﻋﻨﻬﺎ ،واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰرﻋﻮن اﻟﻨﺨﻴﻞ وﻳﻘﻮم ﺑﺨﺪﻣﺘﻪ ﻣﺰارﻋﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ،وﻟﻜﻦ ﻳﺤﻀﺮﻣﻼﻛﻪ ﺧﻼل ﻣﻮﺳﻢ ﻧﻀﻮج اﻟﺮﻃﺐ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺠﻨﻴﻪ وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻌﺠﻮة ،وﺑﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻧﻪ ﻧﻀﺞ وﻳﺸﺪون اﻟﺮﺣﺎل إﻟﻴﻪ. ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻢ »اﻟﺼﻴﺪ« إذ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ اﻟﻄﻴﻮر اﻟﻤﻬﺎﺟﺮة ﻣﻦ وراء اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻟﻤﻨﺎﻃﻖ أﻛﺜﺮ اﺳﺘﻘﺮا ًرا ﻓﻲ أﺟﻮاﺋﻬﺎ، وﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﻄﻴﻮر»اﻟﺴﻤﺎن«» ،اﻟﻤﺮع« وأﻧﻮاع أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ،ﻳﺘﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ
ﻫﻮاﻣﺶ: 1ﺟﻮرﺟﻮ ﻏﻮﺗﺸﻲ :رﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي ،ﺷﻴﺮﻳﻦ إﻳﺒﺶ )ﺗﺮﺟﻤﺔ( ،أﺣﻤﺪ إﻳﺒﺶ )ﺗﺤﺮﻳﺮ وﺗﻌﻠﻴﻖ() ،أﺑﻮ ﻇﺒﻲ :ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺮاث ،(2010 ،ص .61 2ﻣﻜﻲ اﻟﺠﻤﻴﻞ :اﻟﺒﺪو واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق) ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ و اﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،(2005 ،ص 55 ، 54؛ ﺷﻔﻴﻖ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺒﺎر اﻟﻜﻤﺎﻟﻲ :اﻟﺸﻌﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو) ،ﺑﻴﺮوت :ﻛﺘﺐ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ، ،(2002ص .42 3ﻛﺎرﺳﺘﻦ ﻧﻴﺒﻮر :رﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وإﻟﻰ ﺑﻼد أﺧﺮى ﻣﺠﺎورة ﻟﻬﺎ ،اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻋﺒﻴﺮ اﻟﻤﻨﺬر )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﺑﻴﺮوت :ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﻌﺮﺑﻲ ،(2007 ،ص .181 4ﻟﻮي ﺟﺎك روﺳﻮ :رﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻨﺔ ،1808ﺑﻄﺮس ﺣﺪاد )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﺑﻴﺮوت :اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻮﻋﺎت ،(2010 ،ص .61 5ﺳﻤﻴﺮ ﻋﻄﺎ اﻟﻠﻪ :ﻗﺎﻓﻠﺔ اﻟﺤﺒﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﻮن إﻟﻰ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺨﻠﻴﺞ) ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﺴﺎﻗﻲ ،(1994 ،ص 183 ،182؛ ﻋﻮض اﻟﺒﺎدي: اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻷوروﺑﻴﻮن ﻓﻲ ﺷﻤﺎل اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ )ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﻮف ووادي اﻟﺴﺮﺣﺎن( ) ،1922-1845ﺑﻴﺮوت :اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻮﻋﺎت، ،(2002ص .23 6ﻟﻴﻮﻧﻬﺎرت راووﻟــﻒ :رﺣﻠﺔ اﻟﻤﺸﺮق إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﻳﺎ وﻟﺒﻨﺎن وﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ،ﺳﻠﻴﻢ ﻃﻪ اﻟﺘﻜﺮﻳﺘﻲ )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﺑﻐﺪاد :ﻣﻨﺸﻮرات وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن ،(1977 ،ص .210 7ﺟﻮﻫﻦ ﺟﺎﻛﻮب ﻫﻴﺲ :ﺑﺪو وﺳﻂ اﻟﺠﺰﻳﺮة )ﻋــﺎدات ،ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ، ﺣﻜﺎﻳﺎت وأﻏﺎن( ،ﻣﺤﻤﻮد ﻛﺒﻴﺒﻮ )ﺗﺮﺟﻤﺔ( ،ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻌﺘﻴﺒﻲ )ﺗﻘﺪﻳﻢ() ،ﺑﻐﺪاد :دار اﻟﻮراق ﻟﻠﻨﺸﺮ اﻟﻤﺤﺪودة ،(2010 ،ص -،133 .135 8رﻓﻌﺖ اﻟﺠﻮﻫﺮي :ﺷﺮﻳﻌﺔ اﻟﺼﺤﺮاء ﻋﺎدات وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ) ،اﻟﻘﺎﻫﺮة :اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺸﺌﻮن اﻟﻤﻄﺎﺑﻊ اﻷﻣﻴﺮﻳﺔ ،(1961،ص.40 9ﺟﻮﺳﺎن وﺳﺎﻓﻴﻨﻴﺎك» :أﻋﺮاف ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻔﻘﺮاء ) ،«(6ﻣﺤﻤﻮد ﺳﻼم زﻧﺎﺗﻲ )ﺗﺮﺟﻤﺔ( ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﺮب ،اﻟﺠﺰء ،8 ،7اﻟﺴﻨﺔ ) 28ﻳﻮﻟﻴﻮ -أﻏﺴﻄﺲ
،(1993ص .501 500- 10ﻣﺎرﺳﻴﻞ ﻛﻮرﺑﺮ ﺷﻮك :اﻟﺒﺪوي اﻷﺧﻴﺮ ،اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪوﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻋﺒﺪ اﻹﻟﻪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ )ﺗﺮﺟﻤﺔ() ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﺴﺎﻗﻲ،(2003 ، ص .45 11دﻳﻜﺴﻮن :ﻋﺮب اﻟﺼﺤﺮاء) ،ﺑﻴﺮوت :دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ،(1996 ، ص .43-41 12أﻟﻮﻳﺲ ﻣﻮزل» :أﺧﻼق ﻋﺮب اﻟﺮوﻟﺔ وﻋﺎداﺗﻬﻢ« ،ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺴﺪﻳﺲ)ﺗﺮﺟﻤﺔ( ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺪارة ،اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ ،اﻟﺴﻨﺔ ) 10اﻟﻤﺤﺮم ،(1405ص.138-135 13أﻟﻮﻳﺲ ﻣﻮزل :ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .139 14اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .140
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
51
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻓﺘﺘﺨﻠﻰ اﻟﺴﺤﺎﺑﺔ اﻟﻮﺟﻠﺔ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻴﺎه ،ﺛﻢ ﺗﺘﺒﺪد وﺗﺘﻼﺷﻰ .وأﺣﺐ اﻟﻐﻴﻮم إﻟﻰ اﻟﺒﺪو ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﻰ »اﻟﺴﺤﺎﺑﺔ« أو »اﻟﺴﺤﺎب« ،وﻫﻲ رﻣﺎدﻳﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ ﻳﺼﻔﺮ ﻟﻮﻧﻬﺎ، ﻻ ﺗﺘﺒﺪد ﺣﺘﻰ ﺗُﻤﻄﺮ .و«اﻟﻤﺰﻧﺔ« ﺻﻐﻴﺮة ﺑﻴﻀﺎء ،ﺗﻨﻀﻢ إﻟﻴﻬﺎ ﺳﺤﺐ ﻛﺜﻴﺮة أﺧﺮى ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻓﺘﺮﺗﻔﻊ اﻟﺴﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ ،وﺗﺴﻮد ﺑﻌﺾ أﺟﺰاﺋﻬﺎ ،وﺗﻠﻤﻊ اﻟﺒﺮوق ﻓﻲ ﺣﻮاﺷﻴﻬﺎ ،وﺗﺰﻣﺠﺮ ﺑﺎﻟﺮﻋﻮد ،ﺛﻢ ﺗﺜﻤﺮ ﻣﻄ ًﺮا ﻏﺰﻳ ًﺮا .وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﻘﻮل اﻟﺒﺪو» :أﻧﺖ ﻣﺰﻧﺔ اﻟﻐﺮا اﻟﻠﻲ ﻏﺸﺎﻧﺎ ﻫﻠﻠﻬﺎ ،وأﻫﻠﻲ ﺑﻚ ﻫﻠﻮﺗﻴﻦ، ﻫﻠﻮة اﻷرض ﺑﺒﻼﻟﻬﺎ« .أي :أﻧﺖ أﻳﺘﻬﺎ اﻟﻤﺰﻧﺔ اﻟﻐﺮاء ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ أدﻫﺸﻨﺎ ﻣﻄﺮﻫﺎ ،ﻧﺮﺣﺐ ﺑﻚ ﺗﺮﺣﻴﺒﻴﻦ؛ ﻛﺘﺮﺣﻴﺐ اﻷرض ﺑﺒﻠﻠﻬﺎ).(12 ĵĎĘŇ ľŔŌĔĿí ôĬŀģ
ﺗﺒﺪأ اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو ﻣﻊ أول ﻣﻄﺮ ﻏﺰﻳﺮ »ﺳﻬﻴﻞ« ﻓﻲ أواﺋﻞ أﻛﺘﻮﺑﺮ، ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر اﻟﻨﺠﻢ ُ اﻟﺴﻬﻴﻞ ﻧﺸ ّﺮق« ،أي ﻟﻘﺪ وﻳﻘﻮﻟﻮن» :ﻃﻠﻌﺔ ُ أراﻧــﺎ ﺳﻬﻴﻞ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﻠﻨﻤﺾ إﻟﻰ اﻟﺼﺤﺮاء
50
دﻻﺋﻞ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ،ﺑﻌﺪ أن ﻳﺒﺮﺣﻮا ﺣﺪود اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺄﻫﻮﻟﺔ واﻟﻤﺰروﻋﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮن اﻧﺘﺠﺎ ًﻋﺎ ﻟﻠﻜﻸ واﻟﻤﺮاﻋﻰ .و ُﻣﺪة ُﺳﻬﻴﻞ أرﺑﻌﻮن ﻟﻴﻠﺔ، وﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﺜُﺮﻳﺎ ،وﻣﺪﺗﻬﺎ ﺧﻤﺲ وﻋﺸﺮون ﻟﻴﻠﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ اﻟﺠﻮزاء وﻣﺪﺗﻬﺎ ﻛﻤﺪة اﻟﺜﺮﻳﺎ. وﻳُﺴﻤﻰ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ »اﻟﺼﻔﺮي« ،ﺛﻢ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺸﻌﺮى ،وﺗﻠﺒﺚ أرﺑﻌﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ،وﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳُﺴﻤﻰ اﻟﺸﺘﺎ ،وﺑﻌﺪه ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺴﻤﺎك وﻳﻈﻞ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ أﺑﺮﻳﻞ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺠﻮم ،ﺛﻢ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺼﻴﻒ، اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﺑﺪاﻳﺔ ﻳﻮﻧﻴﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﺛﻢ ﻳﺨﻠﻔﻪ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺠﺎف »اﻟﻘﻴﻆ« ﻣﻤﺘ ًﺪا أرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﺣﺘﻰ ﻧﺤﻮ أواﺋﻞ أﻛﺘﻮﺑﺮ .وﻫﻜﺬا ﻳﻌﺮف اﻟﺒﺪو ﻟﻠﻌﺎم ﻓﺼﻮﻻ ﺧﻤﺴﺔ :اﻟﺼﻔﺮي :ﺗﺴﻌﻮن ﻟﻴﻠﺔ »ﻣــﻦ أول أﻛﺘﻮﺑﺮ إﻟــﻰ أول ﻳﻨﺎﻳﺮ«. واﻟﺸﺘﺎ :أرﺑﻌﻮن ﻟﻴﻠﺔ إﻟﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻦ 20ﻓﺒﺮاﻳﺮ. ﺗﺘﺒﻌﻪ ﻓﺘﺮة ﺗُﺴﻤﻰ أﺣﻴﺎﻧًﺎ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﺘﺎ ،وﺗﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻣﺎرس ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ، ﺛﻢ اﻟﺴﻤﺎك :ﺧﻤﺴﻮن ﻟﻴﻠﺔ ،أي ﺗﻤﺘﺪ إﻟﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ أﺑﺮﻳﻞ .ﻓﺎﻟﺼﻴﻒ إﻟﻰ أول ﻳﻮﻧﻴﻪ، ﻳﻘﺴﻢ اﻟﺒﺪو ﺛﻢ أﺷﻬﺮ اﻟﻘﻴﻆ اﻷرﺑﻌﺔ)ّ .(13 اﻷﻣﻄﺎر إﻟــﻰ :اﻟﻮﺳﻢ اﻟﺸﺘﻮي ،واﻟﺴﻤﺎك اﻟﺼﻴﻔﻲ ،وﻳﺘﻀﻤﻦ اﻷول أﻣﻄﺎر اﻟﺴﻬﻴﻼوي، واﻟﺜﺮوي ،واﻟــﺠــﻮزاوي ،أي أﻣﻄﺎر ُﺳﻬﻴﻞ،
واﻟﺜﺮﻳﺎ ،واﻟﺠﻮزاء .وﺣﺎﻟﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ُﺳﻬﻴﻞ ﻳُﻐﺎدر اﻟﺒﺪو ﻣﺨﻴﻤﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﻘﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻷودﻳﺔ ،وﻓﻲ ﺑﻄﻮن اﻟﺸﻌﺎب اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﺠﺎﻓﺔ .وﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط أﻣﻄﺎر وﻓﻴﺮة ﻓﻲ أﻋﺎﻟﻲ اﻷودﻳﺔ ،ﻳﻨﺪﻓﻊ اﻟﻤﺎء ﻋﺒﺮ اﻟﻘﻨﻮات ،ﺣﺎﻣﻼ ﻣﻌﻪ اﻟﻤﺨﻴﻤﺎت ،وﻣﻔﺮﻗًﺎ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت :اﻟﺒﺪو وﻣﺎﺷﻴﺘﻬﻢ ،ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن» :ﻟﻴﺎ ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺴﻬﻴﻞ؛ ﻻ ﺗﺄﻣﻦ اﻟﺴﻴﻞ ،وﺗﻠﻤﺲ اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ« ،ﻷن اﻟﺘﻤﺮ ﻳﻜﻮن ﻧﺎﺿ ًﺠﺎ ،وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎء .وإذا ﺗﺸﺮﺑﺖ اﻷرض ﺑﺎﻟﻤﻄﺮ »أرض ﻣﻮﺳﻮﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺨﺮﻓﻲ« ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﻔﺘﻖ ﻋﻦ ورﻳﻘﺎت اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺤﻮﻟﻴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ذات اﻟﺨُﻀﺮة اﻟﺸﺎﺣﺒﺔ .وإذا ﻛﺎن اﻟﻮﺳﻢ اﻟﺜﺮوي ،أو ﻣﻄﺮ اﻟﺜﺮﻳﺎ وﻓﻴ ًﺮا؛ ﻓﺈن اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﺗﺒﻠﻎ أﻗﺼﻰ ﻧﻤﻮ ﻟﻬﺎ ،وﺗﺮﻋﻰ اﻹﺑﻞ ﻋﺸ ًﺒﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮل اﻟﺸﺘﺎء .واﻟﻮﺳﻢ اﻟﺜﺮوي أﻫﻢ اﻷﻣﻄﺎر، ﻓﻬﻮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺤﺎﺳﻢ ﻟﻠﺮﻋﻲ ،وﻳﻀﻤﻦ اﻟﻤﻄﺮ اﻟﺠﻮزاوي اﻟﻮاﻓﺮ اﻟﻤﻤﺘﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ واﺳﻌﺔ ﻧﻤﻮ اﻷﻋﺸﺎب واﻷﺷﺠﺎر ،وﻳﻄﺮد ﺷﺒﺢ اﻟﺠﻮع، وﻳﺄﺗﻲ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﻌﺪه ﻣﻄﺮ ﻳُﺪﻋﻰ »اﻟﺘﻮﻳﺒﻊ« ﻓﻲ وﻗﺖ ﻇﻬﻮر اﻟﺪﺑﺮان ،ﻓﻴﺘﻢ اﻟﺨﺼﺐ اﻟﺬي ﺟﻠﺒﺘﻪ أﻣﻄﺎر اﻟﺠﻮزاء .وﻻ ﻳﻀﻤﻦ اﻟﻤﻄﺮ اﻟﺸﺘﻮي ،اﻟﺬي ﻳُﺴﻤﻰ اﻟﻨﻘﻀﺎن ،ﻧﻤ ًﻮا ﺟﻴ ًﺪا ﻟﻸﻋﺸﺎب ،إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ ﻧﺒﺘﺖ ﺑﻌﺪ أﻣﻄﺎر اﻟﻮﺳﻢ اﻟﺸﺘﻮي)(14
أﻧﺒﺎء ﻋﻈﻴﻤﺔ ،ذﻟﻚ أن اﻟﻨﺠﻢ »اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺪب اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺷﻮﻫﺪ ﻓﻮق اﻷﻓﻖ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻠﻴﻞ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن 25ﻳﻮ ًﻣﺎ ﺳﻴﻄﻠﻊ »اﻟﻮﺳﻤﻲ« ،أو اﻧﺘﺸﺎر ﻧﺠﻮم ُﺳﻬﻴﻞ واﻟﺜﺮﻳﺎ واﻟﺠﻮزاء :إﻧﻪ اﻟﺨﺮﻳﻒ اﻟﻌﺮﺑﻲ .وإذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻄﺮ ﻏﺰﻳﺮ ،وﺧﺎﺻﺔ وﻗﺖ ﻇﻬﻮر اﻟﺜﺮﻳﺎ ،ﻓﺈن ُﻋﺸﺐ اﻟﺼﺤﺮاء ،واﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺤﻮﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ذورة ﺗﻔﺘﺤﻬﺎ ،وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻺﺑﻞ أن ﺗﺮﻋﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮل ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺒﺪأ اﻟﺸﺘﺎء .وأﻣﻄﺎر اﻟﺨﺮﻳﻒ ﺿﺮورﻳﺔ؛ ﻷن أﻣﻄﺎر اﻟﺸﺘﺎء اﻟﻮﻓﻴﺮة وﺣﺪﻫﺎ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ،ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﺬﺑﻞ اﻟ ُﻌﺸﺐ ﻓﻲ ﺷﻤﺲ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﺤﺎرة ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻧﻤﻮه«) .(10وﻳﺒﺪأ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺘﺮﺣﺎل اﻟﺴﻨﻮي ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺪو ﻣﻦ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺤﻞ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﻤﻄﺮ ،وﺗﺒﺪأ اﻟﻐﻴﻮم اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﺎﻟﺘﺠﻤﻊ ،وﻣﺮة أﺧﺮى ﻳﺪب اﻟﻨﺸﺎط ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺪو ،إذا ﻳُﺼﺒﺢ ﻧﺠﻢ ُﺳﻬﻴﻞ ﻣﻤﻜﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ ﻋﻨﺪ اﻷﻓﻖ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ، وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺻﻴﻒ رﻫﻴﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺒﺪو ،وﺗﻘﻞ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ وﺣﺎﺟﺔ ﻣﻮاﺷﻴﻬﻢ ﻟﻠﻤﺎء).(11 ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺒﺪو أن اﻟﻬﻼل ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺠﻠﺐ اﻟﻤﻄﺮ ،ﻓﺤﺎﻟﻤﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻤﻄﺮ ﻳﻤﺘﺺ اﻟﻬﻼل اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻓﻲ ﻗﻄﺮات ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻟﺼﻐﺮ ،وﻳﺼﻒ اﻟﻬﻼل ﻫﺬه اﻟﻘﻄﺮات ﺻﻔﻮﻓًﺎ ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ ،وﻳﺼﻮغ ﻣﻨﻬﺎ أﺑﺨﺮة وﺳﺤﺒًﺎ ﺧﻔﻴﻔﺔ )ﻏﻴﻢ( ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﻴﺪ ،ﺛﻢ ﻻ ﻳﻜﺎد اﻟﻨﺠﻢ
ُﺳﻬﻴﻞ ﻳﺒﺪو ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﻓﻲ اﻟﺨﺮﻳﻒ ،ﺣﻴﻦ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﺒﺪو ﻣﺎء ﻟﻬﻢ ،وﻻ ﻣﺮﻋﻰ ﻟﻘﻄﻌﺎن ﻣﺎﺷﻴﺘﻬﻢ ،ﻓﻴُﺮﺳﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻠﻚ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ ،ﻓﻴﺄﻣﺮ اﻟﻘﻄﺮات أن ﻳﻠﺘﺌﻢ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ،وﻫﻜﺬا ﺗﺆﻟﻒ اﻟﺴﺤﺐ اﻟﺪاﻛﻨﺔ ،ﻓﻴﺠﺮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﻤﺎل ﺣﻴﺚ ﻳُﺼﻔﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ ،ﺛﻢ ُ اﻟﺴﺤﺐ اﻟﺴﺤﺐ ُﺳﺤﺒًﺎ ﺻﻐﻴﺮة )ﻏﻴﻢ( أﻛﺜﺮ ﻓﺘﻀﺤﻰ ُ ﻳُﻀﻴﻒ إﻟﻰ ﻫﺬه ُ ﻛﺜﻴﻔﺔ ،وأﺧﻴ ًﺮا ﻳﺴﺘﺎﻗﻬﺎ أﻣﺎﻣﻪ ،وﻫﻮ ﻗﺎﺑﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺼﺎ )اﻟﻤﺤﺠﺎن(، اﻟﺬي ﻳﺴﻮق ﺑﻪ ﻣﻄﻴﺘﻪ ﻓﻮق أراﺿــﻲ اﻟﺒﺪو ،وﻳﺄﻣﺮﻫﺎ أن ﺗ ُﺴﻘﻂ أﻣﻄﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺮاء ،اﻟﺘﻲ ﺳﻔﻌﺘﻬﺎ اﻟﺸﻤﺲ ﺑﺄﺷﻌﺘﻬﺎ ،وإن ﻗﺎوﻣﺖ أي ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،ﺿﺮﺑﻬﺎ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻤﺤﺠﺎﻧﻪ ُﻣﺤﺪﺛ ًﺎ اﻟﺒﺮق واﻟﺮﻋﺪ،
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
49
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﻨﺠﻮم ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻠﻴﻞ ،واﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﻢ أن ﻳﺴﺘﻴﻘﻈﻮا ﻓﻴﻪ).(6 aľŔŀĿí Ľî÷d ŐĿç aôĘòİĿíd ņŃ
ﻳﻘﺴﻢ اﻟﺒﺪو اﻟﻨﻬﺎر ﺣﺴﺐ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺸﻤﺲ إﻟﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ّ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ،ﻓﻴﺒﺪأ ﻳﻮﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﻐﺒﺸﺔ أو اﻟﺠﻬﻤﺔ ،وﻫﻲ ﻗﺒﻞ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ، ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺑﺰغ اﻟﻀﻮء ،وﻻ ﺗﺰال ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻇﺎﻫﺮة ،ﻳُﺴﻔﺮ اﻟﺼﺒﺢ؛ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن» :ﺷﻖ ﻋﻤﻮد اﻟﻔﺠﺮ« ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻇﻬﺮ اﻟﺸﻔﻖ اﻷﺻﻔﺮ ،وﻻ ﺗﺰال ﻧﺠﻮم اﻟﻤﺮزم واﻟﺴﻬﻴﻞ واﻟﻈﻬﺮة ﺗﺒﺪو ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ،ﻓﺈن اﻟﻨﻮر ﻗﺪ ﺷﻊ ،وﺗُﺴﻤﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﻄﻊ اﻟﺰﻣﻨﻲ »وﻗﺖ ﺗﻤﻴﻴﺰ اﻟﺬﺋﺐ ﻋﻦ اﻟﻜﻠﺐ« ،وإذا ﻣﺎ ﺷﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ ،ﻳُﺴﻤﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ »ﺻﻼة اﻟﻌﺎﺟﺰ«، ﺗﻠﻴﻬﺎ »ﺻﻔﺮة اﻟﺼﺒﺢ« .وإذا ﻣﺎ أﺷﺮﻗﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﺮة ﺗُﺴﻤﻰ »ﻃﻠﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ« ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ارﺗﻔﻌﺖ رﻣ ًﺤﺎ ،ﻳﻘﻮﻟﻮن »اﻟﺸﻤﺲ ﻃﻮل اﻟﺮﻣﻴﺢ« ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺑﻠﻐﺖ رﻣﺤﻴﻦ ،ﺗ ُﺴﻤﻰ »ﺷﺮﻳﻖ« ،وﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻈﻬﺮ ﻳُﺴﻤﻰ »أﺿﺤﻴﺔ« ،وﻳﻠﻴﻪ وﻗﺖ اﻟﻀﺤﻰ ،وﻗﺮب اﻟﻈﻬﻴﺮة ﻳُﺴﻤﻰ »ﺳﻨﻮد اﻟﻘﺎﻳﻠﺔ« ،وﺗﻠﻴﻪ اﻟﻘﺎﻳﻠﺔ أو اﻟﻈﻬﻴﺮة ،وﺑﻌﺪ اﻟﻈﻬﺮ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻼﺗﻴﻦ: اﻟﻈﻬﺮ واﻟﻌﺼﺮ ،أﻣﺎ وﻗﺖ اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻬﻮ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺼﺮ، اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ ﻃﻮل اﻟﻈﻞ ﺿﻌﻒ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وﺣﺘﻰ اﻗﺘﺮاب اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﻴﺐ ،أﻣﺎ وﻗﺖ اﻟﻐﺮوب ﻓﻬﻮ وﻗﺖ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب ،ﻓﺈذا ﻣﺎ وﻟﺪ ﻧﺠﻢ اﻟﺰﻫﺮةُ ،ﺳﻤﻴﺖ اﻟﺼﻔﺮة ،وإذا ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻂ اﻟﻈﻼم ﺑﺎﻟﻀﻮء ﺗﻈﻬﺮ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﻜﺒﻴﺮة ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻏﺎب وﻗﺖ اﻟﺸﻔﻖ ،ﺗﺪﺧﻞ اﻟﻌﺘﻤﺔ ،وﻳﺒﺪأ وﻗﺖ اﻟﻌﺸﺎء ،وﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﻄﻊ اﻟﺰﻣﻨﻲ »اﻟﻌﺸﺎ اﻟﻌﺘﻴﻢ« ،أي ﻗﺒﻞ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ ،وﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰء اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ »ﺗﺎل اﻟﻠﻴﻞ«) .(7وﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻋﺪة ﻧﺠﻮم ﻳﻌﺒﺮﻫﺎ اﻟﻘﻤﺮ ،وﺗﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻘﻤﺮ ﻣﻨﺎزل أو ﻣﺤﻄﺎت .وﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ »اﻟﺸﻮﻟﺔ« ،وﻫﻮ اﻻﺳﻢ ľŔŌēō îœĎüĿí ņŔñ اﻟﺬي ﻳُﻌﻄﻰ ﻟﻠﻨﺠﻤﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻮﺟﺪان ﻓﻲ اﻟﺬﻳﻞ .وﻳﻘﻮل اﻟﺒﺪو :ﻋﻨﺪ أو اء ز واﻟﺠﻮ ان، ﺮ واﻟﺪﺑ اﻟﺜﺮﻳﺎ، وﻫﻲ اﻟﻨﺠﻮم، ﻣﻦ ﻳﻌﺮف اﻟﺒﺪو ﻋﺪد ﻇﻬﻮر اﻟﺸﻮﻟﺔ »اﻟﺘﻨﻬﺪات أﻛﺜﺮ ﻗﻮة ﺗﺤﺖ اﻟﺨﻴﺎم ،وﻳﺘﻔﺮق اﻟﻌﺮﺑﺎن«. اﻟﻤﻴﺰان ،واﻟﺒﺮﺑﺎرة ،واﻟﺸﻌﺮى ،واﻟﺴﻤﺎﻛﺎن ،واﻟﻤﺮزم ،واﻟﺴﻤﺎك اﻟﺒﺮاﻣﺢ وﻋﻨﺪ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺮب ﻳﻌﺒﺮ اﻟﻘﻤﺮ اﻟﺒﻠﺪة ،وﻫﻲ ﻓﻀﺎء ﺧﺎل ﺗ ُﺤﻴﻂ وﺳﻬﻴﻞ ،واﻟﺴ ّﻌﺎﻟﺔ ،أي ﻧﺠﻤﺔ ُ أو اﻷﻋﺰلُ ، اﻟﺼﺒﺢ ،واﻟﺰﻫﺮة ،واﻟﻌﻘﺮب .ﺑﻪ داﺋﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم .أﻣﺎ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﺠﻤﻴﺔ »اﻟﺜﺮﻳﺎ« ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ وﻳﻘﻮل اﻟﺒﺪو :ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺜﺮﻳﺎ أوﻻ أول اﻟﺼﻴﻒ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺠﺮ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺧﻤﺴﺔ ﻧﺠﻮم ﻛﺒﻴﺮة ،وﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺼﻐﻴﺮة ،وﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻧﺠﻢ ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﺄرﺑﻊ ﻋﺸﺮة ﻟﻴﻠﺔ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺒﺮﺑﺎرة ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺨﻤﺲ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻟﻴﻠﺔ »اﻟﺘﻮﻳﺒﻊ« ،وﻫﻮ ﻳُﻤﺎﺛﻞ »اﻟﺪﺑﺮان« ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﻮر .وﻳﺤﺰن اﻟﺒﺪو ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺴﻤﺎﻛﺎن واﻟﻤﺮزم ،وﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع اﻟﺒﺮﺑﺎرة ﺑﺄرﺑﻊ ﻋﺸﺮة ﻟﻴﻠﺔ ،أي ﻓﻲ أول اﻟﺨﺮﻳﻒ ﻳﻄﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ،وﺗﺪوم ﻫﺬه اﻷﻧﺠﻢ ﻓﻲ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮره ،ﺣﻴﺚ ﺗﺠﻒ اﻟﻐﺪران ،وﺗُﺼﺒﺢ اﻟﺤﺮارة ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ، ُ اﻟﻔﻠﻚ ﻋﺸﺮة أﺷﻬﺮ ﻗﻤﺮﻳﺔ ،وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻳﻮ ًﻣﺎ ،إﻟﻰ أواﺧﺮ اﻟﺮﺑﻴﻊ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ وﺗﻬﺐ اﻟﺮﻳﺢ اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ،واﻟﻨﺠﻢ رﻗﻴﺐ »اﻟﺪﺑﺮان« ﻫﻮ اﻟﻘﻠﺐ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﻴﺎب اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻌﺪاﻵﺧﺮ ،ﻓﺘﻐﻴﺐ 40ﻳﻮ ًﻣﺎ ،ﺛﻢ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻈﻬﻮر اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﺠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺠﻮزاء« ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻨﺠﻮم ﺑﺎﻟﺘﺮﺗﻴﺐ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺪ ًءا ﺑﺎﻟﺜﺮﻳﺎ .أﻣﺎ اﻟﻌﻘﺮب ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻓﺄﻗﺴﺎم ،وﺗ ُﻌﺮف اﻟﺜﻼﺛﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗ ُﺸﻜﱢﻞ اﻟﺮأس اﺳﻢ »ﻫﻘﻌﺔ« ،وﻫﻲ إﺣﺪى ﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ، ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب إﻟﻰ اﻟﺸﺮق :اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،اﻟﻴﺪان ،ﺧﺸﻢ اﻟﻌﻘﺮب ،ورﻗﻴﺐ اﻟﺠﻮزاء ﻫﻮ »اﻟﺸﻮﻟﺔ« .أﻣﺎ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﺠﻤﻴﺔ »اﻟﺸﻌﺮي«، ﻓﻬﻲ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻟﺪى اﻟﺒﺪو ،وﻛﺬﻟﻚ »اﻟﻌﺬراء« ،وﻟﻪ ﻧﻮء ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻋﺸﺮة اﻟﻘﻠﺐ ،ذﻳﻞ اﻟﻌﻘﺮب ،اﻟﺸﻮﻟﺔ ،وﻫﻲ آﺧﺮ اﻟﺬﻳﻞ).(8 أﻳﺎم ،وﻫﻮ أول اﻟﻤﻄﺮ ،وﺛﻤﺔ ﻣﺜﻞ ﺑﺪوي ﻳﻘﻮل» :ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺴﻤﺎك )اﻟﻌﺬراء( ﻳﺨﺘﻔﻲ اﻟﻠﻜﺎك )اﻟﺮﻳﺢ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ( اﻟﺴﻬﻴﻞ«).(9 ĎńĸĿí ĽďîňŃ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺮﺣﺎﻻن اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺎن ﺟﻮﺳﺎن وﺳﺎﻓﻴﻨﻴﺎك أن ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺒﺪو ﻋﻦ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺒﺪو ﺑﺎﻟﻨﺠﻮم واﻟﻔﻠﻚ ،ﺑﻤﻮﺳﻢ اﻷﻣﻄﺎر ،إذ ﻳُﺸﻴﺮ اﻟﻨﺠﻮم »ﺑﺪاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ« ،ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﺠﻤﻴﺔ »اﻟﻌﻘﺮب« ،اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﻣﺎرﺳﻴﻞ ﻛﻮرﺑﺮ ﺷﻮك ،إﻟﻰ أن ﻣﺮاﻓﻘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻪ 48
دﻻﺋﻞ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻳﺆﻛﺪ ذﻟﻚ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺪﻧﻤﺎرﻛﻲ ﻛﺎرﺳﺘﻦ ﻧﻴﺒﻮر Carsten Niebuhrﺑﻘﻮﻟﻪ» :ﺣﺎول ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ إﻗﻨﺎﻋﻨﺎ أن اﻟﻌﺮب اﻟﺒﺪو ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮن ﺑﺎﻟﺒﻮﺻﻼت ﺧﻼل رﺣﻼﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء؛ ﻏﻴﺮ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﺟﺪ ﻣﺎ ﻳُﺜﺒﺖ ذﻟﻚ .ﻓﺤﻴﻦ رأوﻧﻲ أﺣﻤﻠﻬﺎ ﺳﺄﻟﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻲ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺄﺟﺒﺘﻬﻢ إﻧﻪ ﺳﺎﻋﺔ ﺗُﺤﺪد ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،أي ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻜﺔ )اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ( ،وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺼﺪون ﻣﻨﺰﻟﻲ ﻟﻼﺳﺘﻌﻼم ﻋﻦ وﺟﻬﺔ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻛﻠﻤﺎ أرادوا اﻟﺼﻼة .ﻓﻬﺆﻻء اﻟﻌﺮب، ﻳﺘﻨﻘﻠﻮن دو ًﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء وﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻄﺮﻗﺎت ﻟﻴﻼ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮم ،ﻓﻠﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻻ ﺟﻴ ًﺪا ،وﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮن ً ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﻠﺒﻮﺻﻠﺔ أﺑ ًﺪا«).(3 ôĬŔòĤŀĿ ņœĊěíĎĿí ľĠijã
ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻮي ﺟﺎك روﺳﻮ Louis Jacques Rousseauأن اﻟﺒﺪو ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺟﻴ ًﺪا اﻟﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺪى اﻟﻨﺠﻮم ،واﻋﺘﺒﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺰاوﻳﺔ أﻓﻀﻞ اﻟﺮاﺻﺪﻳﻦ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ،إذ أﺧﺒﺮوه ﻣﻘﺪ ًﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ﻋﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻷﺟﻮاء ﺑﺪﻗﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳُﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺳﺎﻋﺎت
اﻟﻠﻴﻞ اﺳﺘﺪﻻﻻ ﻣﻦ ﻇﻬﻮر اﻟﻨﺠﻮم وﻏﻴﺎﺑﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻨﻬﺎر ﺑﺄن ﻳُﻤﺴﻜﻮن ﺑﺎﻟﻴﺪ اﻟﻴُﻤﻨﻰ ﻋﻮ ًدا ﺑﻴﻦ اﻹﺑﻬﺎم واﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻋﻤﻮدي ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻜﻒ ﻣﻤﺘﺪة أﻓﻘ ًﻴﺎ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﻴﻘﻊ ﻇﻞ اﻟﻨﺒﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎﺻﻞ اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻓﻴﻘ ّﺪرون ﻋﺪد اﻟﺴﺎﻋﺎت ،اﻟﺘﻲ ﻣﻀﺖ ﻣﻨﺬ ﺷﺮوق اﻟﺸﻤﺲ).(4 ﻳُﺸﻴﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﻨﻠﻨﺪي ﺟﻮرج واﻟﻴﻦ George Wallinإﻟﻰ أن أﻫﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﻮف ،ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺮي اﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ وﻣﺰارع اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻟﻴﻼ ،وﻳُﺨﺼﺺ ﻟﻜﻞ ﺑﺴﺘﺎن ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻋﺎت وﻓﻖ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ، ﻳﺠﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺎء إﻟﻴﻪ ،وﻫﺬه اﻟﺤﺼﺔ ﺗُﺤﺪدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ﻣﻮاﻗﻴﺖ اﻟﺼﻼة ،وﺗُﺤﺪد ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻨﺠﻮم).(5 وﻳُﺤﺎول اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻬﻮﻟﻨﺪي ﻟﻴﻮﻧﻬﺎرت راووﻟﻒ Leonhart Rauwolfﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﺒﺐ ﺑﺮاﻋﺔ اﻟﺒﺪو ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﻠﻚ واﻟﻨﺠﻮم؛ ﺑﺄن ذﻟﻚ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻧﻮﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺼﺤﺮاوي اﻟﻤﻔﺘﻮح ،ﻓﻲ اﻟﻌﺮاء ﻣﻦ دون ﺳﻘﻒ ﻳﺤﻤﻴﻬﻢ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﻤﻌﻨﻮن ﺑﺘﺄﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺤﻔﻞ ﺑﻪ اﻟﺴﻤﺎء ،وﺑﻬﺬا أﺻﺒﺤﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
47
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻛﻤﺎ رﺻﺪﻫﺎ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ
دﻻﺋﻞ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
őďîį Œŀī ŒĴŔĴī Œŀī ĉ
ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻨﺠﻮم ﺑﺤﻴﺎة اﻟﺒﺪو ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺜﻴ ًﺮا ،إذ ﻳﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻟﻠﺘﻮﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ،واﻟﻨﺠﻮم ﻟﻠﺘﻮﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ،وﻻ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﻮﺻﻠﺔ أو اﻟﺴﺎﻋﺔ أو أي وﺳﺎﺋﻞ أﺧﺮى ،ﻓﺒﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻨﺠﻮم ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳُﺤﺪدوا اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻟﻴﻼ، وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻳُﺤﺪدون اﻟﺼﻠﻮات اﻟﻠﻴﻠﻴﺔ، اﻟﺮﻋﻲ ،اﻹﻏﺎرة ،اﻟﺤﺮاﺳﺔ ،اﻟﻨﻮم ،اﻻﺳﺘﻴﻘﺎظ، اﻟﺼﻮم .إذ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﺟﻮرﺟﻮ ﻏﻮﺗﺸﻲ Giorgio Gucciأﻧﻬﻢ »ﻳﻤﺘﻨﻌﻮن ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸﺮاب اﻟﻨﻬﺎر ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﺠﺮ وﺣﺘﻰ ﻇﻬﻮر اﻟﻨﺠﻤﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻋﻨﺪ رؤﻳﺔ اﻟﻨﺠﻮم ﻳﺄﻛﻠﻮن وﻳﺸﺮﺑﻮن«).(1 ﻳُﺪرك اﻟﺒﺪو أﻣﻮ ًرا ﻛﺜﻴﺮة ﺑﺎﻟﺴﻠﻴﻘﺔ ،ﻓﺎﻟﺒﺪوي ذﻛﻲ ﻓﻄﻦ ﺣﺎذق؛ ُﻣﻠﻢ ﻛﻞ اﻹﻟﻤﺎم ﺑﺒﺎدﻳﺘﻪ، ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻜﻨﺎه اﻟﻐﻮاﻣﺾ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻌﺼﻰ ﻓﻬﻤﻬﺎ .واﻟﺒﺪو ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺼﺤﺮاء، وﻃﺮﻗﻬﺎ وﻣﻐﺎورﻫﺎ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺸﺎﺑﻬﻬﺎ، ﻓﺤﻴﺎة اﻟﺘﻨﻘﻞ واﻟﺘﺮﺣﺎل اﻟﺪاﺋﻤﺔ دﻓﻌﺘﻬﻢ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ دروب اﻟﺒﻴﺪاء ،وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻨﺠﻮم ﻟﻼﺳﺘﺪﻻل ﺑﻬﺎ ﻓﻲ أﺳﻔﺎرﻫﻢ ،وﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﺧﺒﺮة ﺑﺎﻟﻔﻠﻚ واﻟﻨﺠﻮم؛ وﻣﻄﺎﻟﻌﻬﺎ وأﻓﻮﻟﻬﺎ، وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان ،وأﺛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﺒﺎت اﻟﺠﻮ ،وﻃﻮل اﻟﻨﻬﺎر وﻗﺼﺮه ،وﻇﻬﻮر اﻷﻋﺸﺎب واﻟﻨﺒﺎﺗﺎت وﺗﻐﻴﺮ اﻟﻔﺼﻮل ،ﻓﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﻣﻌﻴﻦ ﻳﻔﻬﻤﻮن ﻣﻨﻪ ﺣﻠﻮل ﻓﺼﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ أو اﻟﺨﺮﻳﻒ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮن ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﺗﺠﺎﻫﻬﻢ ،وﻳُﺮاﻗﺒﻮن ﺳﻴﺮ اﻟﻨﺠﻮم ،وﻳﺘﺨﺬون ﻣﻨﻬﺎ أدﻟﺔ ﻓﻲ رﺣﻼﺗﻬﻢ).(2
46
دﻻﺋﻞ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺣﺪوث اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﻜﺒﺮى وﺗﻄﻮر اﻟﺘﻠﻴﺴﻜﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻜﻨﺘﻨﺎ ﻣﻦ رؤﻳﺔ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ. ľŔŌē Īŀģ íċç
ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻬﺘﺪي ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺮب -وﻻ ﻳﺰاﻟﻮن -اﻟﻨﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« وﻫﻮ ﺛﺎﻧﻲ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻌﺪ ﻧﺠﻢ »اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ« ،واﻟﻌﺮب ﻳﻌﺮﻓﻮن »ﺳﻬﻴﻼ« ﻣﻦ ﻗﺪﻳﻢ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻬﺘﺪون ﺑﻨﻮره اﻟﺴﺎﻃﻊ إذا ﻣﺎ أرادوا اﻟﺴﻔﺮ وﺧﺎﺻﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب، وﻋﺮﻓﻮا ﻣﻴﻘﺎت ﻇﻬﻮره ﻛﻞ ﻋﺎم ،وﺑﺎﺗﻮا ﻳﺘﺮﻗﺒﻮﻧﻪ ،ﻓﺴﻬﻴﻞ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺼﻴﻒ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻘﺸﻊ اﻟﺤﺮارة اﻟﺸﺪﻳﺪة وﻳﺒﺪأ اﻟﺠﻮ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺪال ﺑﻞ وﻳﺒﺪأ اﻟﻤﻄﺮ -ﻛﺬﻟﻚ -ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺘﻪ -ﻓﻲ اﻟﻨﺰول. وﻗﺪ أﺳﺲ اﻟﻌﺮب اﻷواﺋﻞ ﺗﻘﻮﻳﻤﺎ ﻓﻠﻜﻴﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ ،وﺟﻌﻠﻮا ﻋﺪد أﻳﺎم ﻋﺎﻣﻬﻢ اﻟﻔﻠﻜﻲ 365ﻳﻮﻣﺎ ،واﺗﺨﺬوا ﻣﻦ ﻇﻬﻮر اﻟﻨﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻪ. وﻷن ﻇﻬﻮر اﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻣﻘﺘﺮن ﺑﻤﺠﻲء ﻓﺼﻞ اﻟﺨﺮﻳﻒ، وﺑﺪء ﻧﺰول اﻷﻣﻄﺎر؛ ﻟﺬا ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﻪ اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻠﺤﺮث واﻟﺒﺬر ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ﺗﻜﺜﺮ زراﻋﺔ اﻟﺒﻘﻮل واﻟﺨﻀﺎر، وﺗﻨﺒﺖ اﻟﻜﻤﺄة أو اﻟﻔﻘﻊ ﻛﻤﺎ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وأﻧﻮاع ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﻻ ﺗﻨﺒﺖ إﻻ ﻓﻲ ﻣﻄﺮ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺎم. واﻟﻨﺎﻇﺮ إﻟﻰ »ﺳﻬﻴﻞ« ،ذﻟﻚ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻤﺤﺒﻮب ،ﻻ ﻳﺘﺨﻴﻞ أن ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑﻴﻨﻪ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ اﻟـ 1200 ﺳﻨﺔ ﺿﻮﺋﻴﺔ )اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻄﻌﻬﺎ اﻟﻀﻮء
إﺿﺎءة
ﺧﻼل ﺳﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ 300أﻟﻒ ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة( وﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ذﻟﻚ اﻟ ُﺒﻌﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﻌﺮف أن اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ ﻧﺠﻤﻨﺎ اﻟﺸﻤﺲ وﻛﻮﻛﺒﻨﺎ اﻷرض ﻳﻘﻄﻌﻬﺎ اﻟﻀﻮء ﻓﻲ 8دﻗﺎﺋﻖ و 20ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،وإذا أردﻧﺎ أن ﻧﻘﻄﻌﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﺑﻄﺎﺋﺮة ﻋﺎدﻳﺔ ﺗﻄﻴﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ 100ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﺴﻨﺤﺘﺎج إﻟﻰ 150ﻋﺎﻣﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻤﺲ؛ ﻟﺬا رﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﺨﻴﻞ اﻟﻨﺎﻇﺮ إﻟﻰ ﺳﻬﻴﻞ أن ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑﻴﻨﻪ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،وﻟﻜﻨﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺴﺒﺎﻧﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ. وﻳﺮﺟﻊ ﺷﻌﻮرﻧﺎ ﺑﻘﺮب ﺳﻬﻴﻞ إﻟﻰ ﺳﺒﺐ آﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﻗﺮﺑﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ؛ ﻓﺴﻬﻴﻞ ﻧﺠﻢ ﻛﺒﻴﺮ ،أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻨﺤﻮ 71ﻣﺮة ،وﻳﺸﻊ ﻗﺪ ًرا ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﻀﻮء ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻟﻤﻌﺎن ﺷﺪﻳﺪة ﻓﻨﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻌﻴﻮﻧﻨﺎ اﻟﻤﺠﺮدة أن ﻧﺮاه وﻧﺸﻌﺮ ﺷﻌﻮرا ﻣﺨﺎﺗﻼ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ. وﺳﻬﻴﻞ ﻧﺠﻢ ﻗﺼﻴﺮ اﻟﻌﻤﺮ ،ﻗ ﱠﺪر اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻤﺮه ﺑﻨﺤﻮ 27ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻨﺔ ،وﻫﻮ ﻋﻤﺮ ﻗﺼﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺠﻮم ،ﻓﺸﻤﺴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻋﻤﺮﻫﺎ 4500ﻣﻠﻴﻮن ﺳﻨﺔ وﻳُﻨﺘﻈﺮ أن ﺗﻌﻴﺶ ﻣﺜﻠﻬﺎ -إذا ﻗﺪر اﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎ ذﻟﻚ -أو أﻛﺜﺮ ﺑﻘﻠﻴﻞ ،وﻳﺮﺟﻊ ﻗﺼﺮ ﻋﻤﺮ ﺳﻬﻴﻞ إﻟﻰ اﺳﺘﻬﻼﻛﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻤﺨﺰوﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮد ،اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﺳﻴﺠﻌﻞ ذﻟﻚ اﻟﻤﺨﺰون ﻳﻨﻔﺪ ﻋﻤﺎ ﻗﻠﻴﻞ ،وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻧﻬﺎﻳﺔ »ﺳﻬﻴﻞ«، »ﺳﻬﻴﻞ« ذﻟﻚ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي أﺣﺒﻪ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ووﺿﻌﻮه ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻛﺒﻴﺮة @ ﻛﺎﺗﺐ ورواﺋﻲ ﻣﺼﺮي
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺮى ﻓﻲ ﻃﻮﻛﻴﻮ ,اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ اﻷﻓﻖ
2اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016 ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204
45
ﺳﻬﻴﻞ ..اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻤﺤﺒﻮب ُ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺷﻮر ﻫﺎﺷﻢ@
»وﺑﺎﻟﻨﺠﻢ ﻫﻢ ﻳﻬﺘﺪون«ﻫﻜﺬا أﺧﺒﺮ رﺑﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺠﻮم ،ووﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻗﻲ وﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎ ،اﻟﻬﺪاﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮ وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ ﻛﺎﻟﺒﻮﺻﻠﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪﻫﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻔﺮه ﺳﻮاء أﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﺮ أو اﻟﺒﺤﺮ، وﻫﻲ وﻇﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻷن اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻛﺎن ﺟﻞ اﻋﺘﻤﺎده ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﺮ واﻟﺘﺮﺣﺎل ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﻟﻰ ﺑﻠﺪ وﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ آﺧﺮ ﺑﻐﺮض اﻟﺘﺠﺎرة وﺗﺒﺎدل اﻟﺴﻠﻊ واﻟﻤﺸﺘﺮوات ،وﻟﻮﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺠﻮم ﻟﻤﺎ ﻋﺮف اﻻﻧﺴﺎن ﻃﺮﻳﻘﻪ اﻟﺼﺤﻴﺢ وﻟﺘﺎه ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎرى واﻟﻮدﻳﺎن واﻟﺴﻬﻮل وﻟﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺑﻼده اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺧﺮج ﻣﻨﻬﺎ. ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻴﺮى ﻧﺠ ًﻤﺎ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻓﻴﺴﻴﺮ ﺑﺎﺗﺠﺎﻫﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺼﺪﻫﺎ ﺗﻘﻊ ﺑﺎﺗﺠﺎﻫﻪ ،وﻳﺴﻴﺮ ﻋﻜﺲ اﺗﺠﺎﻫﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻠﺪ ﺗﻘﻊ ﻋﻜﺲ اﺗﺠﺎﻫﻪ ،ﻓﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻫﺬا ﻣﻨﺬ ﺑﺪء اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ وﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ –رﺑﻤﺎ -إﻟﻰ اﻵن. أﺣﺐ اﻟﻨﺎس اﻟﻨﺠﻮم وﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﻬﺎ أﻋﻴﻨﻬﻢ وﻧﻈﻤﻮا ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮ، ﻓﺎﻟﻨﺎﻇﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﺠﻮم ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻮى اﻹﻋﺠﺎب ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﻼﻣﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﻦ ﺻﻔﺤﺔ اﻟﺴﻤﺎء ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺣﺒﺎت ﻟﺆﻟﺆ ﻣﻨﺜﻮرة ﺗﺰﻳﻦ ﺟﻴﺪ اﻣﺮأة ﺣﺴﻨﺎء ﻓﺘﺰﻳﺪﻫﺎ ﺣﺴﻨﺎ وروﻋﺔ. اﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﺣﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﻨﺠﻮم ﻛﺎن ﺣﺒﺎ ﻓﻄﺮﻳﺎ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺜﻼ ﻷن اﻻﻧﺴﺎن ،ﺗﻜﻮﻧﺖ ذراﺗﻪ داﺧﻞ ﺑﻄﻮن ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم ﻗﺒﻞ ﻣﻼﻳﻴﻦ وﻣﻠﻴﺎرات اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻨﺎه ﺣﺪﻳﺜﺎ ،ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ذرات وﻋﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎﻟﺤﺪﻳﺪ واﻟﻨﻴﻜﻞ واﻟﻜﻮﺑﺎﻟﺖ واﻟﻔﻮﺳﻔﻮر ،وﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ واﻟﺬرات ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺑﺪاﺧﻞ اﻟﻨﺠﻮم ﺑﻔﻌﻞ ﺣﺮارﺗﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪة، ﺛﻢ اﻧﻔﺠﺮت ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم وﺗﻨﺎﺛﺮت ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ﺳﺎﺑﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻮاﺳﻊ اﻟﻤﻤﺘﺪ ،ووﺻﻠﺖ أﺟﺰاء ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻷرض ودﺧﻠﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ أﺟﺴﺎم اﻟﺒﺸﺮ وأﺟﺴﺎم ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻌﺮف ذﻟﻚ ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ورﻏﻢ ذﻟﻚ أﺣﺐ اﻟﻨﺠﻮم ،وﻧﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ داﺋﻤﺎ ﻧﻈﺮة إﻋﺠﺎب وﺳﺮور. اﻟﻨﺠﻮم ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮف ﻫﻲ وﺣﺪة ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺠﺮات ،ﻓﺎﻟﺴﻤﺎء اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ
44
ﺳﻬﻴﻞ ..اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻤﺤﺒﻮب ُ
ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ وﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺮات ،واﻟﻤﺠﺮات ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺗﺠﻤﻌﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ وﻛﺜﻴﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم ،ﺗﺤﺘﻮي ﻛﻞ ﻣﺠﺮة ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻋﻠﻰ 2ﻣﻠﻴﺎر ﻧﺠﻢ ،وﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 500ﻣﻠﻴﺎر ﻣﺠﺮة، وﺑﻨﻈﺮة ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﺪاد اﻟﻨﺠﻮم اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻧﺠﺪ أﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﻗﺴﻤﻨﺎ أﻋﺪاد ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم ﻋﻠﻰ أﻋﺪاد اﻟﺒﺸﺮ اﻟﻤﺘﻮاﺟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ؛ ﻟﻜﺎن ﻧﺼﻴﺐ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺑﻨﻲ اﻟﺒﺸﺮ 44ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن ﻧﺠﻢ ،وﻫﻮ ﻋﺪد ﻫﺎﺋﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻪ أو ﻳﻔﻜﺮ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﺪه ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. إذن ﻳﺒﺪو ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ أن اﻟﻨﺠﻮم ﻫﻲ أﻛﺜﺮ ﺳﻜﺎن اﻟﺴﻤﺎء ﻋﺪدا ،وأﻛﺒﺮﻫﻢ ﺣﺠﻤﺎ وﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻤﻮﺟﻮدات، ﻓﺎﻟﺤﻴﺎة ﻣﺜﻼ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺑﺼﻮرة ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﻮم ،أو ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻤﺲ ،إﺣﺪى اﻟﻨﺠﻮم ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺤﺠﻢ ،ﻓﺒﺪاﻳﺔ اﻷرض ﺗﺪور ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﺤﺮارة اﻟﻼزﻣﻴﻦ ﻻﺳﺘﻤﺮار اﻟﺤﻴﺎة، وﺗﺄﺧﺬ اﻷﺷﻌﺔ اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﻟﻠﻨﺒﺎﺗﺎت. ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺤﻴﻮان واﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺬاﺋﻪ .ﻟﻮﻻ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ ﻟﺘﺠﻤﺪت اﻷرض وﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺖ اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻬﺎ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻳﺘﺨﻴﻞ أن ﻫﺬه اﻟﻨﺠﻮم -اﻟﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء -ﺿﺨﻤﺔ وﻛﺒﻴﺮة إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ .ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻨﺠﻮم ﺻﻐﻴﺮة ﺟﺪا ﺑﻨﻔﺲ ﺣﺠﻤﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺮاﻫﺎ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، وﻛﺎن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻈﻦ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،وﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻨﺴﺞ اﻷﺣﺎدﻳﺚ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻋﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﻟﻬﺎ! ﻟﻢ ﻳﻜﻒ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ ﺗﺨﻴﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﺠﻮم ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﺻﻞ أﺑﺪا إﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ أﻧﻬﺎ أﺟﺴﺎم ﺿﺨﻤﺔ ﺟﺪا وﻛﺒﻴﺮة ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻏﺎزات ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ راﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﻤﺎدة ،وﻫﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺎدة ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ :ﺑﻼزﻣﺎ .اﻟﺤﺎﻻت اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻨﺎ ﻫﻲ اﻟﺼﻠﺒﺔ واﻟﺴﺎﺋﻠﺔ واﻟﻐﺎزﻳﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﺑﺪﻗﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺒﻼزﻣﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﻮاد داﺧﻞ اﻟﻨﺠﻮم ،ﻟﻢ ﻳﻌﺮف اﻹﻧﺴﺎن ذﻟﻚ إﻻ ﻣﺆﺧ ًﺮا ،وﺑﻌﺪ
إﺿﺎءة
»ﺳﻬﻴﻞ«
ﻧﺠﻢ ﻛﻞ اﻟﺸﻌﻮب
ﻋﺒﺪا ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ@
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮص اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮب ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ اﻟﻌﺮب وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .وﻗﺪ اﻛﺘﺴﺐ ﻇﻬﻮره أﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪم ﺑﻈﻬﻮره دﻟﻴﻼ ﻓﻲ اﻹﺑﺤﺎر ،وﻫﻲ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻔﻘﺪﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم إذ ﻛﺎن ً إذ أﻧﻪ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﻼﺣﺔ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ. وﻳﺤﻤﻞ ﺳﻬﻴﻞ اﺳﻢ ›ﻛﺎﻧﻮب‹ ﻓﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ أﻗﺪم ﻣﻼﺣﻢ اﻷدب اﻟﻐﺮﺑﻲ ،و‹ﻛﺎﻧﻮب‹ اﺳﻢ ﻗﺎﺋﺪ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺣﻤﻠﺖ ﻣﻴﻨﻴﻠﻮس اﻷﺳﻄﻮري ﻣﻦ اﻟﻴﻮﻧﺎن إﻟﻰ ›ﺗﺮوي‹ ﻻﺳﺘﺮﺟﺎع زوﺟﺘﻪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻫﻴﻠﻴﻦ ﻣﻦ ›ﺑﺎرﻳﺲ‹ أﻣﻴﺮ ﻃﺮوادة اﻟﻌﺎﺟﺰ. ﻳﺠﺴﺪ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ووﻓﻘﺎ ﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺸﺮق اﻷﻗﺼﻰ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ّ اﻟﺨﻔ ّﻴﺔ ﻟﻠﺴﻌﺎدة واﻟﻌﻤﺮ اﻟﻤﺪﻳﺪ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺼﻴﻨﻴﻴﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ أﺳﻄﻮرة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺨﺼﻮﺻﻪ ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﻳﺮى إﻻ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﺼﻴﻦ وﻋﻠﻰ ارﺗﻔﺎع ﻣﻨﺨﻔﺾ ﻓﻲ اﻷﻓــﻖ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﺸﺮﻗﺎ وﻣﺘﻮﻫﺠﺎ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ ،وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﻧﺠﻢ اﻟﻌﺠﻮز« ،أو »ﻧﺠﻢ اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ« ،وﻳﺰﻋﻤﻮن أﻧﻪ ﻳﺠﻠﺐ اﻟﺤﻆ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺮﻏﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ واﻟﺴﻌﻴﺪة. وﻓﻲ ﺗﺮاث ﺷﻌﻮب اﻓﺮﻳﻘﻴﺎ -ﺟﻨﻮب اﻟﺼﺤﺮاء ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺴﻮﺗﻮ- اﻟﺘﺴﻮاﻧﻴﺔ ،وﻓﻨﺪا -ﻳﺤﻤﻞ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ دﻻﻟﺔ ﻣﻮﺳﻤﻴﺔ واﺳﻌﺔ وأﺳﻤﺎء ﻣﺘﻌﺪدة :ﻧﺎﻛﺎ أو ﻧﺎﻧﻐﺎ أو ﻧﺠﻢ اﻟﻘﺮن وﻳﻘﺎل أﻧﻪ »ﻳﻨﻬﻲ اﻟﺴﻨﺔ« و«ﻳﺤﺮق أي ﺷﻲء أﺧﻀﺮ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ« ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺔ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء وذﺑﻮل اﻟﻤﺮوج اﻟﺨﻀﺮاء واﻟﻮاﺣﺎت. وإﻟﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ -ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺔ 1930-ﻛﺎن رﺟﺎل ﻫﺬه اﻟﺸﻌﻮب ﻳﺒﻴﺘﻮن ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻤﺎت ﻋﻠﻰ ﻗﻤﻢ اﻟﺘﻼل ﻣﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﺑﺰوغ اﻟﻨﺠﻢ ﻧﺎﻛﺎ )ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻟﻠﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ( ﻓﺠ ًﺮا .وﻳﻌﻠﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻷول اﻟﺬي ﻳﻠﻤﺢ اﻟﻨﺠﻢ ﻋﻦ اﻟﺤﺪث ﻋﺒﺮ اﻟﻨﻔﺦ ﻓﻲ ﻗﺮن ﻛﺒﻴﺮ ،وﻳﻤﻨﺢ اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻤﺤﻠﻴﻮن ﺑﻘﺮة ﺟﺎﺋﺰة ﻟﻠﻤﺮاﻗﺐ اﻟﻤﺤﻈﻮظ ،ﻷن ﻃﻠﻮع ›ﻧﺎﻛﺎ‹ ﻫﻮ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻮﺳﻢ ﺗﺨﻤﻴﺮ اﻟﺒﻴﺮة واﻧﻄﻼق رﺣﻼت اﻟﺼﻴﺪ واﻹﻏﺎرة ،وﺑﺪء
ﻃﻘﻮس اﻻﻧﺘﺴﺎب ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺎت. ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،د ّون ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺤﺎرة اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺎﺟﺪ ،ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﻤﻼﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻋﺘﻤﺎ ًدا ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻗﺒﺔ اﻟﻨﺠﻮم ،وأﺷﺎر إﻟﻰ أن اﻟﻤﻼﺣﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻮﻣﺒﺎﺳﺎ ،ﺳﻮﻓﺎﻻ ،وﻣﺪﻏﺸﻘﺮ أﺑﺤﺮوا ﻣﻬﺘﺪﻳﻦ ﺑﻨﺠﻮم اﻟﺪب اﻷﻛﺒﺮ. وﺑﺪورﻫﺎ ﺗﺸﻬﺪ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﺴﻮاﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ دار اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻤﻼﺣﺔ اﺳﺘﻨﺎدا إﻟﻰ اﻟﻨﺠﻮم ﻣﻦ ﻃﺮف ﺷﻌﻮب ﺷﺮق اﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺎﺿ ًﺮا ﺑﻘﻮة ،وﻗﺪ اﺳﺘُﻤﺪت ﻣﻌﻈﻢ أﺳﻤﺎء اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺴﻮاﺣﻴﻠﻴﺔ وﺟﻤﻠﺘﻬﺎ 105ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻣﻔﺮدات اﻟﺴﻮاﺣﻴﻠﻴﺔ ﻟﻤﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ دون ﺗﻐﻴﻴﺮ. ﻣﺜﺎﻻ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻨﺠﻮم ودورﻫﺎ وﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ً اﻟﺒﺎرز ﺿﻤﻦ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ اﻻﺳﻼﻣﻲ .وارﺗﺒﻂ اﻟﻨﺠﻢ اﻷﺣﻤﺮ اﻟﺴﺎﻃﻊ ﺑﻤﻮاﺳﻢ اﻷﻣﻄﺎر وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻌﺮب ﻧﺠﻮم »اﻷﻧﻮاء »ﻛﻌﻼﻣﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﻤﻤﻄﺮة وﻫﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ أرﺑﻌﺔ إﻟﻰ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ وأوﻟﻬﺎ ›اﻟﻮﺳﻢ‹ ﻷﻧﻪ ﻳﺴﻢ اﻷرض ﺑﺎﻟﺨﻀﺮة ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ .وﺗﻘ ّﺪم اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻹﺛﻨﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﺣﻮل اﻟﻤﻮاﺳﻢ ﺗﺸﺎﺑﻬﺎ ﻣﺜﻴﺮا ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﻣﻊ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻌﺮب ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ،ﻓﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﺮوﻟﺔ، وﻫﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺷﻤﺎل اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﺗﺒﺪأ ﻋﺎﻣﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻮﺳﻢ اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎء ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﺘﻮﻏﻞ اﻟﺒﺪو إﻟﻰ أﻋﻤﺎق اﻟﺼﺤﺮاء ﻟﻤﺪة أرﺑﻌﻴﻦ أو ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ،وﻛﺎن اﻟﻌﺮب ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻔﺎرغ اﻟﺼﺒﺮ وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻴﻘﻈﻮن ﻟﻌﺪة ﺳﺎﻋﺎت ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺠﺮ ﻟﻴﺮوا ﻣﺎ اذا ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ رؤﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ،ورؤﻳﺘﻪ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺪء اﻧﻜﺴﺎر ﺷﺪة اﻟﺤﺮ واﻧﺘﻬﺎء ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ودﺧﻮل ﻣﻮﺳﻢ اﻷﻣﻄﺎر @ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
43
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻛﻨﻘﻄﺔ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺛﻢ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻔﻦ واﻟﻤﺮﻛﺒﺎت اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎراﺗﻬﺎ اﻟﺒﻌﻴﺪة ورﺣﻼﺗﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻜﻮاﻛﺐ. أﺳﻬﻤﺘﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ إﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻠﻚ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻵن؟ إﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث ﻋﻤﻞ ﺿﺨﻢ ﻳﺘﺠﺎوز ﻗﺪرات اﻷﻓﺮاد وﻳﺤﺘﺎج اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ إﻟﻰ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﻳﻘﻮى ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ إﻻ دول وﻣﺆﺳﺴﺎت ﻛﺒﺮى ،وﻟﻄﺎﻟﻤﺎ دﻋــﻮت إﻟﻰ ﺿﺮورة ﺗﺄﺳﻴﺲ اﺗﺤﺎد ﻋﺮﺑﻲ ﻹﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ ،وﻣﻦ اﻟﻌﺠﺐ أن ﻧﺮى ﺣﺮﻛﺔ اﻹﺣﻴﺎء ﻫﺬه ﺗﺸﻬﺪ ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﻋﻘﻮد ﻧﺸﺎﻃًﺎ ﻣﻨﻈ ًﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻬﺪف إﻟﻰ إﻋﺎدة ﻧﺸﺮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻐﺮب أﻣﺜﺎل ﺟﺎﻟﻴﻠﻴﻮ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ وﻧﻴﻮﺗﻦ ﻓﻲ إﻧﺠﻠﺘﺮا وﺟﺎوس ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ وﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث
ﻣﺸﺘﺮك إﻧﺴﺎﻧﻲ وﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ دوﻟﻴﺔ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﺘﻌﺎون ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺪول. ووﺟﻪ اﻟﻌﺠﺐ ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻟﺘﺮاث اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﺮاﺋﺪة ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻣﻦ أﻋﺠﺐ اﻟﻌﺠﺐ أﻳﻀً ﺎ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ أي ﻧﺸﺎط ﻣﻨﻈﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺤﺮﻛﺔ إﺣﻴﺎء ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﺘﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺬي ﺗﺠﻨﻲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺛﻤﺎره اﻟﻴﻮم. وﻟﻘﺪ اﺳﺘﺒﺸﺮت ﺧﻴ ًﺮا ﺑﺈﻃﻼق »ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ« ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻧﻌﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ آﻣﺎﻻً ﻛﺒﻴﺮة وﻧﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﺪاد ﻣﺪارس ﻋﻠﻤﻴﺔ وﺗﻘﻨﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة ﺗﻨﺎﻇﺮ ﻣــﺪارس اﻷﺟــﺪاد وﺗﻌﻜﻒ ﻋﻠﻰ إﺣﻴﺎﺋﻬﺎ ودراﺳﺘﻬﺎ وﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺑﻠﻐﺎﺗﻪ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل
ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻠﻮم اﻟﻔﻠﻚ واﻟﻔﻴﺰﻳﺎء واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﺆرة اﻻﻫﺘﻤﺎم وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ. čŎĤē Œij îėîñ ĉíæij Ċńăã čŎøĻĊĿí
أﺳﺘﺎذ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء وﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻤﺘﻔﺮغ واﻟﻌﻤﻴﺪ اﻷﺳﺒﻖ ﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،رﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ ﻗﻄﺎع اﻟﻌﻠﻮم اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت ﺑﻤﺼﺮ ،وﻋﻀﻮ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺼﺮي وﻋﻀﻮ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة واﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻻﺗﺤﺎد اﻟﻤﺠﺎﻣﻊ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﻴﻦ اﻟﺸﺮﻳﻔﻴﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﺎم ،2007وﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻟﻠﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﺎم .2008 أﺛﺮى اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻤﺆﻟﻔﺎت ﻓﺮدﻳﺔ أو ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ 90ﻛﺘﺎﺑًﺎ وﻣﺮﺟ ًﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺒﺤﺘﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴﺔ وﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻟﻠﻨﺎﺷﺌﺔ وﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ »اﻟﻌﻄﺎء اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وأﺛﺮه ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ« اﻟﺬي ﺗﺮﺟﻢ إﻟﻰ اﻹﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺔ
42
اﻟﻔﻠﻜﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﺣﻤﺪ ﻓﺆاد ﺑﺎﺷﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﺎﻟﻊ ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻨﺎزﻟﻪ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻮﺿﻊ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺧﺎص ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ، ً اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺧﺎﺻﺔ أﻫﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﻳُﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﺗﻘﻮﻳﻢ اﻟﺪرور« وﻓﻴﻪ ﺗﻘﺴﻢ اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻳﻮم وﻛﻞ »اﻟﺪر« ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﱠ
ôŔñĎĬĿí óĎœĐĀĿí Œij ľŔŌē łĀŇ łēŎŃ
ﻟﻤﺎذا ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪً ا وﻣﺎ أﺑﺮز اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻪ؟ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻫﻮ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻮم ﻛﻮﻛﺒﺔ اﻟﻘﺎﻋﺪة ،وﺛﺎﻧﻲ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ ﻟﻴﻼ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ ﻃﺒﻘًﺎ ﻟﻘﺎﺋﻤﺔ أﺷﺪ اﻟﻨﺠﻮم ﻟﻤﻌﺎﻧًﺎ. اﻟﺴﻤﺎء ً وﺗﺴﻬﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ وﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺼﻴﻒ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺠﻨﻮب ،وﻣﻦ اﻟﺒﻮادر اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮره ﻗﺼﺮ اﻟﻨﻬﺎر وﺑﺮودة اﻟﺠﻮ ﻧﺴﺒﻴًﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺼﺪر ﻗﻮي ﻟﻸﺷﻌﺔ اﻟﺴﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ ،ودﻳﻮان اﻟﻌﺮب ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﻣﺜﻞ ﻗﻮل أﺑﻲ اﻟﻌﻼء اﻟﻤﻌﺮى: ﻬﻴﻞ ﻛﻮﺟﻨ ِﺔ اﻟ ِﺤ ﱢﺐ ﻓﻲ اﻟﻠﻮنِ وﺳ ُ ُ وﻗـﻠﺐ اﻟ ُﻤ ﱢﺤ ِﺐ ﻓــــﻲ اﻟﺨﻔﻘﺎنِ ِ ﺳﻴـــﻮف اﻷﻋﺎدى ﺿ ﱠﺮ َﺟﺘﻪُ دﻣـ ًـﺎ ُ ﻓﺒﻜﺖ رﺣــــﻤﺔ ً ﻟﻪُ ِ اﻟﺸﻌ َﺮﻳﺎنِ ْ وﻳﺘﻜﻮن ﻣﻮﺳﻢ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ 53ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ ﻣﻨﺎزل ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻄﺮﻓﺔ وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺒﺮد اﻟﺠﻮ ﻧﺴﺒ ًﻴﺎ ﺛﻢ »اﻟﺠﺒﻬﺔ« وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﺼﻞ اﻟﺨﺮﻳﻒ وﻣﻌﻬﺎ ﺗﺰداد اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ وﻳﺘﺸﻜﻞ اﻟﻀﺒﺎب، ﺛﻢ »اﻟﺰﺑﺮة« وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﺴﺎوى اﻟﻠﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎر وﺗﺰداد ﺑﺮودة اﻟﻠﻴﻞ ،ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻳﻨﺼﺢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻳﺎﻣﻪ ﺑﻌﺪم اﻟﻨﻮم ﺗﺤﺖ أدﻳﻢ اﻟﺴﻤﺎء ﻟﺸﺪة اﻟﺒﺮد وأﺧﻴ ًﺮا ﺗﺄﺗﻲ » اﻟﺼﺮﻓﺔ » اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺼﺮف اﻟﺤﺮ ﺑﻄﻠﻮﻋﻬﺎ وﻳﻨﺼﺮف اﻟﺒﺮد ﺑﺴﻘﻮﻃﻬﺎ وﻳﻘﻮل أﻫﻞ اﻟﺨﺒﺮة ﺑﻤﻮﺳﻢ »ﺳﻬﻴﻞ » اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺒﺸﺮ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻈﻬﻮره إﻧﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮل اﻟﻈﺮوف اﻟﺠﻮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺒﺪأ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺘﻪ ﺗﺮاﺟﻊ ﻣﻨﺨﻔﺾ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﻤﻮﺳﻤﻲ ﺟﻨﻮﺑًﺎ وﺗﻬﺐ رﻳﺎح ﻗﻮﻳﺔ ﺗﺴﻤﻰ »ﻫﺒﺎﻳﺐ ﺳﻬﻴﻞ« وﻳﺘﺄﺛﺮ اﻟﻄﻘﺲ ﺣﻮل اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﻮاﺻﻒ اﻹﻋﺼﺎرﻳﺔ اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﺴﺤﺐ اﻟﺮﻛﺎﻣﻴﺔ وﻫﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻐﺰﻳﺮة وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﻳﺘﺰاﻣﻦ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻊ اﻫﺘﻢ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﻬﻴﺌﺔ اﻟﻜﻮن وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ورﺑﻄﻮا ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻤﺆﺛﺮة ﻓﻲ اﻋﺘﺪال اﻟﻄﻘﺲ واﻧﺨﻔﺎض درﺟﺔ ﺣﺮارة اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻧﺘﻌﺎش ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺑﻄﻮا ﺑﻴﻦ أﺳﻮاق اﻟﺴﻤﻚ ﻛﻤﺎ ﻟﻮﺣﻆ أن ﻃﻴﻮر اﻟﺴﻤﺎن ﺗﻬﺎﺟﺮ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻄﺮﻓﺔ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ »اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ« وﻫﻮ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻮم اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺘﻲ وﺗﺒﺪأ ﻫﺠﺮة اﻟﻘﻤﻴﺮي واﻟﻜﺮك ﻓﻲ أول ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ وﻳﺒﺪأ ﻣﻮﺳﻢ ﻫﺠﺮة ﻧﺮاﻫﺎ ﻣﻦ ا^رض وﺣﺪوث ﻓﻴﻀﺎن اﻟﻨﻴﻞ ،إذ ﻻﺣﻈﻮا أن ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻔﻴﻀﺎن ﻃﻴﻮر اﻟﻤﺎء ﻓﻲ 26ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ وﻫﺠﺮة اﻟﺼﻘﻮر ﻓﻲ أول أﻛﺘﻮﺑﺮ وﺟﺪﻳﺮ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﺮوق اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ. ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻟﻪ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻼﺣﺔ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻷﻧﻪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
41
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻫﻮ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻮم ﻛﻮﻛﺒﺔ اﻟﻘﺎﻋﺪة، وﺛﺎﻧﻲ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻴ ًﻠﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ ً ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﺎﺋﻤﺔ أﺷﺪ اﻟﻨﺠﻮم ﻟﻤﻌﺎ ًﻧﺎ .وﺗﺴﻬﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻜﺮة ا^رﺿﻴﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ وﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﺼﻴﻒ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺠﻨﻮب ،وﻣﻦ اﻟﺒﻮادر اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮره ﻗﺼﺮ اﻟﻨﻬﺎر وﺑﺮودة اﻟﺠﻮ ﻧﺴﺒ ًﻴﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺼﺪر ﻗﻮي ﻟ\ﺷﻌﺔ اﻟﺴﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ
أﻣﺎ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﺑﺮع ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻬﻮ اﺧﺘﺮاع اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺟﻬﺰة اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺮﺻﺪ ﻛﺎﻟﻤﺰوﻟﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ واﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﺰﻣﻦ وﻣﺜﻞ اﻷﺳﻄﺮﻻب وﻫﻮ اﻷﺳﺎس ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻋﻤﻞ ﺟﻬﺎز »اﻟﺘﻴﻮدوﻟﻴﺖ« اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻲ أﻏﺮاض اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻘﻴﺎس اﻟﺰواﻳﺎ واﻹرﺗﻔﺎﻋﺎت وﺧﻄﻮط اﻟﻄﻮل واﻟﻌﺮض وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻘﻤﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺮوج وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﺴﻴﺎرة ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ واﻟﻤﺸﺎرق واﻟﻤﻐﺎرب وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ. أﻣﺎ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻬﻮ ﻗﻴﺎم اﻟﻤﺮاﺻﺪ اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ وﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﺑﺤﺜﻴﺔ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ رﺻﺪ اﻷﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻧﺠﻮم وﻛﻮاﻛﺐ وأﻗﻤﺎر وﺷﻬﺐ وﻧﻴﺎزك وﻣﺬﻧﺒﺎت وﻛﻞ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ وﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻓﺮ وﻳﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻓﻲ ﻛﺸﻒ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ أﺳﺮار اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻣﺜﻞ ﻣﺮﺻﺪي ﺑﻴﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﺑﺪﻣﺸﻖ وﺑﻐﺪاد وﻛﺎﻧﺖ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﺳﺘﺤﺪاث وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﻈﺮﻳﺎت وﺗﻘﻨﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻐﺮب ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ.
ﻳﺤﺮﺛﻮن أراﺿﻴﻬﻢ وﻣﺘﻰ ﻳﻨﺜﺮون اﻟﺒﺬور اﺳﺘﻌﺪا ًدا ﻟﻨﺰول اﻟﻤﻄﺮ، وﻳﻌﺮف أﻫﻞ اﻟﺒﺮ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺮﻋﻲ واﻟﺘﺮﺣﺎل وﻳﻌﺮف أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺴﻔﺮ. أﺳﺎﺳﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﺎﻟﻊ ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻨﺎزﻟﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎً ، ﻟﻮﺿﻊ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺧﺎص ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺧﺎﺻﺔ أﻫﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ، ﻳُﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﺗﻘﻮﻳﻢ اﻟﺪرور« وﻓﻴﻪ ﺗﻘﺴﻢ اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻳﻮم وﻛﻞ ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﺗﺴﻤﻰ »اﻟ ﱠﺪر« وﺗﺒﺪأ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻊ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺤﺪث اﻧﻜﺴﺎر ﺣﺪة اﻟﺤﺮ واﻋﺘﺪال اﻟﺠﻮ وﻫﺒﻮب اﻟﺮﻳﺎح اﻟﻨﺸﻄﺔ و ﱠدر اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﻣﺸﻬﻮر ﺑﺮﻳﺎﺣﻪ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ وﻳﻜﻮن ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻠﻴﻞ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﺒﺪأ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ وﻓﻴﻬﺎ ﻳﻤﻴﻞ اﻟﺠﻮ ﻟﻠﺒﺮودة وﻳﺘﻨﺎوب ﻫﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر وﻳﻜﻮن ﻇﻬﻮر »ﺳﻬﻴﻞ« ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ إﻟﻰ آﺧﺮه .وﺗﺒﺪأ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻣﺎرس وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺒﺪأ اﻟﺪفء وارﺗﻔﺎع درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة وﺗﻬﺐ رﻳﺎح »اﻟﻨﻌﺎﻳﺎت« ﻓﻲ ﱠدر اﻟﻌﺸﺮ وﻳﻜﻮن ﻇﻬﻮر »ﺳﻬﻴﻞ« ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻠﻴﻞ إﻟﻰ آﺧﺮه ﺛﻢ ﻳﺘﻘﺪم ﻇﻬﻮره ﺗﺪرﻳﺠ ًﻴﺎ وﺗﻘﻞ ﻓﺘﺮة ﻣﻜﻮﺛﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﺘﻰ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﻈﻬﻮر ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﺰاﻣ ًﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﻤﺲ ﻟﻴﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ أواﺳﻂ أﻏﺴﻄﺲ وﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻈﻬﻮر ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻔﺠﺮ، وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻳﻘﻊ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ »ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻐﻮص اﻟﻜﺒﻴﺮ« ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ. وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻋﺪ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻄﻠﻮع ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« ﻓﻬﻮ ﺑﻴﻦ 15إﻟﻰ 28أﻏﺴﻄﺲ إﻻ أن ﻫﺬه اﻟﻔﺮوق ﺗﻌﺪ ﺑﺴﻴﻄﺔ وﻻ ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ وﺗﻄﺎﺑﻘﻬﺎ ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻮ واﻟﺒﺤﺮ وﻣﻮاﻋﻴﺪ اﻟﺰرع واﻟﺤﺼﺎد.
aľŔŌēd łĀŇ ĽďîňŃō ačōčĊĿíd
ﻧﻮد ﻣﻌﺮﻓﺔ »ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور« وﻛﻴﻒ ﻧﺠﺢ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﻠﻢ ﺗﻄﺒﻴﻘﻲ؟ اﻫﺘﻢ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﻬﻴﺌﺔ اﻟﻜﻮن وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ورﺑﻄﻮا ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻤﺆﺛﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺑﻄﻮا ﺑﻴﻦ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ »اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ« وﻫﻮ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻮم اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫﺎ ﻣﻦ اﻷرض وﺣﺪوث ﻓﻴﻀﺎن اﻟﻨﻴﻞ ،إذ ﻻﺣﻈﻮا أن ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻔﻴﻀﺎن ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﺮوق اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ. ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ اﻫﺘﻤﻮا ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﺑﻤﻄﺎﻟﻊ اﻟﻨﺠﻮم وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻨﺎزﻟﻬﺎ ﻻرﺗﺒﺎﻃﻬﺎ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ،ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ دﺧﻮل ﻓﺼﻮل اﻟﺴﻨﺔ وأوﻗﺎت ﻧﺰول اﻟﻤﻄﺮ وﻓﺘﺮات اﻟﺤﺮ واﻟﺒﺮد. وﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﺴﺎب اﻟﻨﺠﻮم ﻳﻌﺮف اﻟﻤﺰارﻋﻮن وأﻫﻞ اﻟﻘﺮى ﻣﺘﻰ
40
اﻟﻔﻠﻜﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﺣﻤﺪ ﻓﺆاد ﺑﺎﺷﺎ
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺑﺎﺷﺎ ﺧﻼل ﺣﻮاره ﻣﻊ ﻣﺮاﺳﻞ ﺗﺮاث
اﻫﺘﻢ اﻟﻌﺮب ﻛﺜﻴ ًﺮا ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ ،ﻧﻮد ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺪاﻳﺎت ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪﻫﻢ؟ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ ﻋﻠﻢ ﻗﺪﻳﻢ ﻗﺪم اﻹﻧﺴﺎن ذاﺗﻪ ،وﻛﺎن ﻟﻠﻘﺪﻣﺎء ﻓﻴﻪ أﺛﺮ ﻣﻠﻤﻮس ،ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻈﻲ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺧﺎص ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ أو ﺑﻌﺪ اﻹﺳـــﻼم ،وﻛــﺎن ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﻋﻠﻢ اﻟﻬﻴﺌﺔ« ﻻرﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺪراﺳﺔ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻷﻓــﻼك واﻟﻜﻮاﻛﺐ وأﻗﺴﺎم اﻟﺒﺮوج وأﺑﻌﺎدﻫﺎ وﺣﺮﻛﺎﺗﻬﺎ وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻟﻔﻠﻚ ﻗﺒﻞ اﻹﺳــﻼم ﻣﻘﺘﺼﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﻜﻮاﻛﺐ واﻟﻨﺠﻮم وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣــﻮال اﻟﺮﻳﺎح وﺣﻮادث اﻟﺠﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﻓﺼﻮل اﻟﺴﻨﺔ وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮاﻋﻴﺪ اﻟﺮﺣﻼت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﺑﻄﻮن ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻬﻢ اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ ﺑﻤﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻄﻼع أﺣﻮال اﻟﻜﻮن ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻐﻴﺐ واﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻟﺤﻆ وأﻣﻮر اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ،وﻗﺪ ﺳﺎد اﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ﺑﻼد اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ وﻻ ﻳﺰال أﺛﺮه ﺑﺎﻗ ًﻴﺎ ﺣﺘﻰ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬه ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺤﺎل ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر اﻹﺳﻼم إذ وﺟﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن داﻓ ًﻌﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻟﻠﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺴﻠﻴﻢ ﺑﻌﺪ أن ﻓﺮض اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺮوﺿً ﺎ ﺗﺴﺘﻠﺰم دراﺳﺔ اﻟﻜﻮن
وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺰﻣﻦ واﻷوﻗﺎت ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮاﻋﻴﺪ اﻟﺼﻼة وﻇﻬﻮر اﻟﻬﻼل وﻣﻮاﻋﻴﺪ اﻷﻋﻴﺎد وﺗﺄدﻳﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﻚ واﻟﻌﺒﺎدات وﺗﺤﺪﻳﺪ اﺗﺠﺎه اﻟﻘﺒﻠﺔ وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺒﻠﺪان وﻏﻴﺮﻫﺎ. وﻣﺎ أﻫﻢ إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ؟ ﻳﻤﻜﻦ إﻳﺠﺎز أﻫﻢ إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺠﺎﻻت :أوﻟﻬﺎ وﺿﻊ اﻟﺠﺪاول اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ »اﻷزﻳـــﺎج« ،وأﺻــﻞ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻗﺪ أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪاول اﻟﻌﺪدﻳﺔ اﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ ﺧﻄﻮﻃﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﺨﻴﻮط اﻟﺴﺪى ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻴﺞ ،وﻋﻠﻢ اﻷزﻳﺎج ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻟﻪ ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺸﻬﻮر واﻷﻳﺎم واﻟﺘﻮارﻳﺦ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،وﻟﻠﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﺗﺂﻟﻴﻒ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ »اﻟﺰﻳﺞ اﻟﺤﺎﻛﻤﻲ« ﻻﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ و»اﻟﺰﻳﺞ اﻟﺼﺎﺑﻲء« ﻟﻠﺒﺘﺎﻧﻲ وزﻳﺞ اﻟﺨﻮارزﻣﻲ وزﻳﺞ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ .وﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ذﻳﻮع ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أﻧﻪ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﺸﻌﺮ واﻷدب.
ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ ﻋﻠﻢ ﻗﺪﻳﻢ ﻗﺪم ا ﻧﺴﺎن ذاﺗﻪ ،وﻛﺎن ﻟﻠﻘﺪﻣﺎء ﻓﻴﻪ أﺛﺮ ﻣﻠﻤﻮس، ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻈﻲ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺧﺎص ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ أو ﺑﻌﺪ ا ﺳﻼم ،وﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﻋﻠﻢ اﻟﻬﻴﺌﺔ« ﻻرﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺪراﺳﺔ ﺗﺮﻛﻴﺐ ا^ﻓﻼك واﻟﻜﻮاﻛﺐ وأﻗﺴﺎم اﻟﺒﺮوج وأﺑﻌﺎدﻫﺎ وﺣﺮﻛﺎﺗﻬﺎ وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
39
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺠﻬﺪ ﻣﺆﺳﺴﻲ ﻓﻲ إﺣﻴﺎء ﺗﺮاث اﻟﻌﺮب اﻟﻔﻠﻜﻲ
اﻟﻔﻠﻜﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﺣﻤﺪ ﻓﺆاد ﺑﺎﺷﺎ:
»ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور« ﺗﻘﻮﻳﻢ ﻓﻌﺎل ņœĊñîĬĿí ņœď ĊńĄŃ ʼnčōîă
ﻗﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺪﻛﺘﻮر أﺣﻤﺪ ﻓﺆاد ﺑﺎﺷﺎ إن »ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور« ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻳ ًﻤﺎ ً ﻓﻌﺎﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻄﺎﺑﻘﻬﺎ ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻮ واﻟﺒﺤﺮ وﻣﻮاﻋﻴﺪ اﻟﺰرع واﻟﺤﺼﺎد ،وأﻛﺪ أن »اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻋﺪ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻄﻠﻮع ﻧﺠﻢ »ﺳﻬﻴﻞ« -ﺑﻴﻦ 15إﻟﻰ 28أﻏﺴﻄﺲ -ﻟﻢ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ ﻣﻦ ﻧﻤﺎذج اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﻬﻴﺌﺔ اﻟﻜﻮن وﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﺮﺑﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻤﺆﺛﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ. وﻗﺎل إن إﺳﻬﺎم اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أﺻﻴﻞ وﻣﺘﻨﻮع ،ﻣﺆﻛﺪً ا أن ﺛﻤﺔ ً ﺗﺠﺎﻫﻼ ﻋﺠﻴ ًﺒﺎ ﻟﻬﺬا اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ إﺣﻴﺎء اﻟﺘﺮاث اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ ﻧﺸﺎﻃًﺎ ﻣﻠﺤﻮﻇًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺬ ﻋﺪة .وأﺿﺎف» :وﻣﻦ أﻋﺠﺐ اﻟﻌﺠﺐ أﻳﻀً ﺎ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ أي ﻧﺸﺎط ﻣﻨﻈﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺤﺮﻛﺔ إﺣﻴﺎء ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﺘﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺬي ﺗﺠﻨﻲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺛﻤﺎره اﻟﻴﻮم«.
38
اﻟﻔﻠﻜﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﺣﻤﺪ ﻓﺆاد ﺑﺎﺷﺎ
اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ اﻟﻤﺘّﺤﺪة اﻟﺠﺒﻠ ّﻴﺔ ﺑﺮﻳﺎح ﺻﻴﻔ ّﻴﺔ ،وﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎح ﺗﻨﺸﺄ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺮاﺟﻊ ﻣﻨﺨﻔﺾ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﻤﻮﺳﻤﻲ. وﻋﻜﺔ ﺳﻬﻴﻞ: ﺗﻬﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻲ ﻟﻠﺮﻳﺎح ﻧﺘﻴﺠﺔ وﻫﻲ ﺳﻬﻴﻞ«، ﺑـ»وﻛﻌﺔ ﻛﻤﺎ ﺗُﻠﻔﻆ ّ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ اﻟﺬﻳﺪ واﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﺗﻨﺸﺄ أﻋﺎﺻﻴﺮ وﻋﻮاﺻﻒ وﺗﻜﻮن ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺴﺤﺐ رﻛﺎﻣ ّﻴﺔ ﻣﻊ أﻣﻄﺎ ٍر ﻏﺰﻳﺮة ،ﻓﺘﺮﺗﻔﻊ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻮ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ آب وﺣﺘّﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ أﻳﻠﻮل. ﺗﻬﺐ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻐﺮﺑ ّﻴﺔ واﻟﺠﻨﻮﺑ ّﻴﺔ، رﻳﺎح ﺳﻬﻴﻠﻲ :وﻫﻲ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﺘﻲ ّ واﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺮف ﺑﺠﻬﺔ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ ،وﻋﺎد ًة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻮم ،إﻻﱠ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻫﺒﻮﺑﻬﺎ ﺻﻴﻔﺎً وﺗﺤﺪﻳﺪا ً ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﻈﻬﻴﺮة.
إﺿﺎءة
ŁŜēří Œij ľŔŌē łĀŇ
ﻟﻢ ِ ﻳﺄت ذﻛ ٌﺮ ﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛﻤﻔﺮد ٍة ﺻﺮﻳﺤ ٍﺔ أو ﺗﺴﻤﻴ ٍﺔ دﻗﻴﻘ ٍﺔ ،إﻻﱠ أﻧّﻪ ﻗُﺼﺪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺑﻴﻦ اﻵﻳﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ وﺧﺎﺻﺔ آﻳﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ واﻟﺤﺴﺎب ،واﻟﺘﻲ ﻳُﻘﺼﺪ ذُﻛﺮت ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺠﻮم، ّ ﺑﻬﺎ ﺣﺴﺎب اﻟﺪرور اﻟﺬي اﺷْ ﺘُ ِﻬ َﺮ ﺑﻪ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﻴﻦ ﺑﻨﺠﻢ اﻟﺸﻌﺮى ،أو أﻫﻞ ُﻋﻤﺎن واﻹﻣﺎرات ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﻴﻦ ﺑﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ، ﺣﻴﺚ اﻋﺘﻤﺪوا ﻓﻲ زراﻋﺎﺗﻬﻢ وﺻﻴﺪﻫﻢ ورﻋﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺪرور .وﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻵﻳﺎت: » ُﻫ َﻮ اﻟ ِﱠﺬي َﺟ َﻌ َﻞ اﻟﺸﱠ ْﻤ َﺲ ِﺿﻴَﺎ ًء َواﻟْ َﻘ َﻤ َﺮ ﻧُﻮ ًرا َوﻗَ ﱠﺪ َرﻩُ َﻣ َﻨﺎز َِل ﻟِﺘَ ْﻌﻠَ ُﻤﻮا ﺎب« ]ﻳﻮﻧﺲ .[5 َﻋ َﺪ َد ﱢ اﻟﺴ ِﻨﻴ َﻦ َواﻟ ِْﺤ َﺴ َ ﺎب اﻟﻠﱠﻪ ﻳَ ْﻮ َم َﺧﻠ ََﻖ »إِ ﱠن ِﻋ ﱠﺪ َة اﻟﺸﱡ ُﻬﻮ ِر ِﻋﻨ َﺪ ﻟﻠﱠ ِﻪ اﺛ ْ َﻨﺎ َﻋﺸَ َﺮ ﺷَ ْﻬ ًﺮا ِﻓﻲ ﻛِﺘَ ِ اﻟﺴ َﻤﺎ َو ِ ات َو ْاﻷَ ْر َض« ]اﻟﺘﻮﺑﺔ .[36 ﱠ َ » َوأﻧﱠ ُﻪ ُﻫ َﻮ َر ﱡب اﻟﺸﱢ ْﻌ َﺮ ٰى« ]اﻟﻨﺠﻢ .[49 » َوﺑِﺎﻟ ﱠﻨ ْﺠﻢِ ُﻫ ْﻢ ﻳَ ْﻬﺘَ ُﺪو َن« ]اﻟﻨﺤﻞ .[16 » َواﻟ ﱠﻨ ْﺠﻢِ إِذَا َﻫ َﻮى« ]اﻟﻨﺠﻢ .[1 اﻟﺼﻴَﺎ ُم ﻛَ َﻤﺎ ﻛُ ِﺘ َﺐ َﻋﻠَﻰ اﻟ ِﱠﺬﻳ َﻦ ِﻣﻦ »ﻳَﺎ أَﻳﱡ َﻬﺎ اﻟ ِﱠﺬﻳ َﻦ آ َﻣ ُﻨﻮا ﻛُ ِﺘ َﺐ َﻋﻠَﻴْ ُﻜ ُﻢ ﱢ ﻗَﺒْﻠِ ُﻜ ْﻢ ﻟَ َﻌﻠﱠ ُﻜ ْﻢ ﺗَﺘﱠﻘُﻮ َن ...ﻟَ َﻌﻠﱠ ُﻜ ْﻢ ﺗَﺘﱠﻘُﻮ َن ) (183أَﻳﱠﺎ ًﻣﺎ ﱠﻣ ْﻌ ُﺪو َد ٍ ات« ]اﻟﺒﻘﺮة .[183 وﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ آﻳﺎت اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺤﻜﻴﻢ. وﻗﺪ ورد ﻓﻲ »اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻷوﺳﻂ« ﻣﺎ رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ،وأﻳﻀﺎً ﻓﻲ »ﻋﻤﻞ اﻟﻴﻮم واﻟﻠﻴﻠﺔ« ﻣﺎ رواه اﺑﻦ اﻟﺴﻨﻲ ،وﻓﻲ »ﻛﺸﻒ اﻷﺳﺘﺎر« ﻣﺎ ٍ ﺣﺪﻳﺚ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻠﻪ إﻻﱠ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ،ﻋﻦ ﻋﻤﺮو رواه اﻟﺒﺰار ،ﻋﻦ ﺑﻦ دﻳﻨﺎر ﺑﺄﻧّﻪ ﻟﻤﺎ ﺻﺤﺐ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ ﺳﻔﺮٍ ،ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ ﻟﺴﻬﻴﻞ إذا ﻃﻠﻊ وﻳﻘﻮل »ﻟﻌﻦ اﻟﻠﻪ ﺳﻬﻴﻼً« ،وﺑﺄﻧّﻪ ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻊ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮل أﻧّﻪ »ﻛﺎن ﻋﺸﺎرا ً – ﻳﺄﺧﺬ ﻋﺸﺮ اﻷﻣﻮال
ﺿﺮﻳﺒﺔ – ﻳﻈﻠﻤﻬﻢ وﻳﻐﺼﺒﻬﻢ أﻣﻮاﻟﻬﻢ ،ﻓﻤﺴﺨﻪ اﻟﻠﻪ ﺷﻬﺎﺑﺎً ،ﻓﺠﻌﻠﻪ ﺣﻴﺚ ﺗ َﺮ ْون«. وﺑﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧّﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻟﻴﻦ وﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠّﺔ ،إﻻﱠ أﻧّﻪ ﻣﺪ ّون وﻣﺬﻛﻮر ،رﻏﻢ ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي واﻟﺬﻫﺒﻲ ﻟﻪ ،وﻗﺪ ﻋ ّﺪوه ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻛﻴﺮ وﻏﻴﺮ اﻟﺼﺤﻴﺢ. ﻳﺒﻘﻰ أن أﺷﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ رواه ﻣﺴﻠﻢ واﻟﺪارﻣﻲ واﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪري ،ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ» :ﻻ ﺗﻜﺘﺒﻮا ﻋ ّﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎً ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺮآن وﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻲ ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺮآن ﻓﻠﻴﻤ ُﺤﻪ«. ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻨﻪ ،ﻳﺒﻘﻰ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،ﻧﺠﻤﺎً ﻳﻌﺘﻠﻲ ﺻﻬﻮة وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ّ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻗﺪ ﻳُﻨﺎﻓﺲ اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﺷﺎﻋﺮﻳﺘﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب @ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ
اﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ. ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺒﻴﺎن – ﻋﺪد 12ﻳﻮﻟﻴﻮ .2013 ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺘﺮاث اﻟﻼ ﻣﺎدي اﻷردﻧﻲ – اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲاﻷردن /اﻟﺰرﻗﺎء. ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻟﻠﺪراﺳﺎت -ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺮﻳﻢ وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻤﺮانﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ -ﻣﻠﺤﻖ اﻟﺨﻠﻴﺞ -ﻣﻠﺤﻖ ﻋﻠﻮم وﺑﻴﺌﺔ د .ﺣﻤﻴﺪ ﻣﺤﻮل اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ 2016 /8 /31 - اﻹﺳﻼم ﺳﺆال وﺟﻮاب -اﻟﻤﺸﺮف اﻟﻌﺎم اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢاﻟﻤﻨﺠﺪ -ﻗﺼﺔ ﺧﺮاﻓﺔ ﻋﻦ ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺰﻫﺮة وﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ /9 /12 - .2007
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
37
ﺳﻬﻴﻞ
اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻼﻣﻊ
أﻧﺪره ﻋﻴﺪ ﻗﺮه@
ﻳُﻌﺘﺒﺮ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻧﺠﻢ اﻟﺒﺪاوة واﻟﺒﺎدﻳﺔ ،ﻋﺮﻓﻪ اﻟﻌﺮب ﻣﻨﺬ اﻟ ِﻘ َﺪم ،وﺗﻐ ﱠﻨ ْﻮا ﺑﻪ ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ ،وﺿﺮﺑﻮا ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒ ّﻴﺔ ِ واﻟﺤﻜَﻢ ،وأُﺛﻴﺮت ﺣﻮﻟﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻷﺳﻄﻮرﻳّﺔ، واﻟﻘﺼﺺ اﻟﺸﻌﺒ ّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺑ ّﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﺑﺤﺠﻢ ﻧﺠﻢٍ ﻻﻣﻊٍ ،ﺣﻴﻜﺖ ﺣﻮﻟﻪ ﺧﺮاﻓﺎت ،ﻛﺎﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﻤﻨﺤﻪ ﻣﻨﺎﻋ ًﺔ ﺿﺪ اﻷﻣﺮاض. ﺑﻬﻲ ﻃﻠﻮ ُﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻼد اﻟﻌﺮب ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﻴﻆ ،وﻫﺬا وﺳﻬﻴﻞ ﻧﺠﻢ ﱞ ﻳُﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻟﻤﻌﺎن ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻤﻠﻔﺖ ﻟﻸﻧﻈﺎر ،واﻟﺬي ﻳُﺮى ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺑﻼد اﻟﺸّ ﺎم ﺑﺪءا ً ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ّ ﻣﻦ اﻟﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ. وﻗﺪ ﺣﻈﻲ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﻛﺒﻴﺮ وﺛﻘﺘﻪ اﻷﻣﺜﺎل ،وﻣﻨﻬﺎ: ﻻ ﺑﻴﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ،وﻻ ﺑﻴﺘْ َﺒﻊ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ: ﻳُﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻟﻠﺬي ﻳﺘﺠ ّﻨﺐ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻳّﺔ ﻣﻐﺎﻣﺮة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻮاﻗﺒﻬﺎ ،أم ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ. إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ّ رق اﻟﻠﻴﻞ: وﻳُﻘﺎل ﻛﺈﺷﺎرة إﻟﻰ ﺗﻐ ّﻴﺮ اﻟﻄﻘﺲ ،ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﻴﻆ إﻟﻰ اﻟﺒﺮد إﺛﺮ رؤﻳﺔ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻷﻓﻖ. ﺳﻬﻴﻞ ﻃﻠﻊ ﻓﻲ اﻟْﻤﺎ: وﻳُﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺒﺪوﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﺸﺘَﻬﺮ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﺣﻴﺚ ﻛﻠﻤﺔ اﻟْﻤﺎ ﻳُﻘﺼﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺎء، وﻳُﺸﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ إﻟﻰ أ ّن ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻼﻣﻊ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﺗﻮرد ﻣﻨﻪ اﻹﺑﻞ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻬﺎﺑﻪ وﺗﻌﺎف اﻟﺸﺮب ،وﻫﻮ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺑﺮودة اﻟﻄﻘﺲ ﺣﺎل ﻇﻬﻮر ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﺪم ﺣﺎﺟﺔ اﻹﺑﻞ ﻟﻠﺸﺮب. إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ،ﺑﺮد اﻟﻠﻴﻞ ،وﺧﻴﻒ اﻟﺴﻴﻞ ،وﻛﺎن ﻟﻠﺤﻮار اﻟﻮﻳﻞ: ﺗﺤﺴﺒﺖ ﻟﻘﺪوم اﻟﺒﺮد ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﻌﺮب ،إذا ﻇﻬﺮ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎءّ ، وﻏﺰارة اﻷﻣﻄﺎر ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳُﺆﺧﺬ ذﻛﺮ اﻹﺑﻞ اﻟﺮﺿﻴﻊ )اﻟﺤﻮار( ﺑﻌﺪ ﻓﺼﻠﻪ ﻋﻦ أ ّﻣﻪ وﻳُﺤﻤﻞ ﻣﻦ أذﻧﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﺮى ﺳﻬﻴﻼً ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء، وﻳُﺤﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻻﱠ ﻳﻌﻮد ﻟﻠﺮﺿﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪﻫﺎ.
36
ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻼﻣﻊ
إذا دﺧﻞ ﺳﻬﻴﻞ ،ﺗﻠﻤﺲ اﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ،وﻳﺒﺮد آﺧﺮ اﻟﻠﻴﻞ: أﻃﻞ وﻫﻮ ﻛﺈﺷﺎرة إﻟﻰ أ ّن اﻟﺘﻤﺮ ﻗﺪ ﻧﻀﺞ وأﺻﺒﺢ وﻓﻴﺮا ً ﺣﻴﻨﻤﺎ ّ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،وأﻳﻀﺎً ﻋﺪم اﻟﻨﺰول ﻓﻲ اﻷودﻳﺔ أو اﻟﻨﻮم ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﺒﺎﻏﺘﻬﻢ ﺳﻴﻮل اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻐﺰﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻬﻄﻞ ﻓﻲ أﻳّﺔ ﻟﺤﻈﺔ، وﺿﺮورة اﻟﺤﻴﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺮد ﻟﻴﻼً. ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻜﺬب اﻟﺤﺴﺎب: وﻫﻲ إﺷﺎرة ﻟﻨﺠﻢٍ ﻳُﻌﺮف ﺑـ)اﻟﻤﺤﻠﻒ( ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻴﺨﺎل اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻧّﻪ ﺳﻬﻴﻞ ﻟﺸ ّﺪة اﻟﺸﺒﻪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،وﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﻄﻠﻊ ﻗﺒﻠﻪ ﺑﻔﺘﺮ ٍة ﻗﺼﻴﺮة ،ﻓﻴﺤﻠﻒ ﺑﻪ ،ﻟﻴﻈﻬﺮ ﺳﻬﻴﻼً وﻳُﻌﺮف اﻟﻤﺰﻳّﻒ ﻣﻦ اﻷﺻﻠﻲ. إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﺗﺄﻣﻦ اﻟﺴﻴﻞ: ﻗﺼﺔ ﺗﻨﺎﻗﻠﻬﺎ اﻟﻌﺮب ،ﺣﻮل رﺟﻞٍ ﻫﺎم ﺳﻨﻮاتٍ وﺟﺎء ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻋﻦ ّ ﻋ ّﺪة ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ اﻟﺮزق ،ﻓﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺷﺮق اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ وﻋﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ، وﺑﻌﺪ أﻋﻮامٍ ﻋﺪﻳﺪة ﺟﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮزق اﻟﻮﻓﻴﺮ ،أﻓﻞ ﻋﺎﺋﺪا ً ﻟﺪﻳﺎره راﻛﺒﺎً اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻓﺎﻟﺘﻘﻰ ﺑﺮﺟﻞٍ ﻳﺴﻜﻦ وﺣﻴﺪا ً ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺪاء ،وﻋﺮف ﻣﻨﻪ أﻧّﻪ ﻳُﺘﺎﺟﺮ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺑﻌﻴ ٍﺮ ٍ ﻛﻞ ﻧﺼﻴﺤﺔ، واﺣﺪ ﻋﻦ ّ ﻓﺎﺷﺘﺮى ﻣﻨﻪ ﺛﻼث ﻧﺼﺎﺋﺢ ﺑﺜﻼث إﺑﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ أوﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ »إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﺗﺄﻣﻦ اﻟﺴﻴﻞ« ،وﺑﺎﻟ ّﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﺪم ﺗﻔ ّﻬﻢ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ ،إﻻﱠ أﻧّﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ وﺻﻞ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮه ﻷﺣﺪ ﻟﻴﻘﻀﻲ ﻟﻴﻠﻪ ﻓﻴﻪ ،رأى ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،ﻓﺎﺳﺘﺪرك ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮدﻳﺎن َ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ وﻫﺐ ﻫﺎرﺑﺎً ،ﺗﺎرﻛﺎً اﻟﻮادي ﺗﺠﺮﻓﻪ اﻟﺴﻴﻮل ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ، ّ وﻧﺠﻰ ﺑﻨﻔﺴﻪ. إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺸﺎ ،ﺑﺸﺮ اﻟﻌﻤﻮد ﺑﺎﻟﺪﻓﺎ: وﻫﻮ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ أﻧّﻪ ﺑﻤﺠ ّﺮد رؤﻳﺔ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﺴﺎ ًء ،ﻓﺈ ّن اﻟﺠ ّﻮ ﺑﺪأ ﺑﺎﻻﻋﺘﺪال ،ووﺟﺐ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻟﺘﻤﺘﻴﻦ ﻋﻤﻮد اﻟﺨﻴﻤﺔ ﻟﻴﺼﻤﺪ أﻣﺎم ﻋﻮاﺻﻒ ﻣﺮﺗﻘﺒﺔ ،وﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺪفء اﻟﻤﻮﻗﺪ. َ ﺳﻬﻴﻞ وﻣﺎ ارﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ أﺳﻤﺎء ﺗﻬﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺷﺒﻪ اﻟﺘﻲ ﺔ ﻳ اﻟﻘﻮ ﻫﺒﺎﻳﺐ ﺳﻬﻴﻞ:وﻫﻲ اﻟﺮﻳﺎح ّ ّ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﻓﺘﻠﻄّﻒ اﻟﺠ ّﻮ ،وﺗﺆﺛ ّﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات
ﺣﺴﺎب اﻟﻔﻠﻚ ﺑﻨﺠــــﻢ اﻟﺜﺮﻳﺎ ﻣﺮﻛــﺐ ﻳﺤـﺮص ﻟــــــﻪ اﻟﻔــــﻼح واﻟﻄﺒـﻴــﺐ ﻓﻴﻼ ﺻﺮت ﺑﺤــﺴﺎب اﻟﺜﺮﻳﺎ ﺟــــﺎﻫـﻞ ﺗﺮى ﻟﻬـــﺎ ﺑﻴـﻦ اﻟﻨـــــﺠـﻮم رﻗﻴــــﺐ اﻟــﻰ ﻏﺎﺑﺖ اﻟﺜـــﺮﻳـﺎ ﺗﺒﻴـﻦ رﻗﻴـــﺒﻬـﺎ وﻳﻼ اﻃﻠﻌﺖ ﺗـــﺮى اﻟﺮﻗـﻴـﺐ ﻳﻐﻴــﺐ وﻻ ﻗﺎرن اﻟﻘﻤــــﺮ اﻟــﺜﺮﻳـﺎ ﺑﺤــــﺎدي ﺑﻌﺪ اﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻋﻘـــﺐ اﻟﻘﺮان ﺗﻐﻴـﺐ وﺳﺒﻊ وﺳﺒﻊ ﻋﺪ ﻟــــﻪ ﺑﻌــــﺪ ﻏﻴﺒﺘـﻪ ﻫﺬﻳﻚ ﻫﻲ اﻟﻜﻨـــﻪ ﺗﻜــــﻮن ﻣﺼﻴـﺐ وﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺗﻄﻠﻊ وﺑﻬﺎ اﻟﻘﻴﻆ ﻳﺒﺘﺪي وﺗﺎﺗﻲ ﺑــــﺮوق وﻻ ﻳﺴــــﻴـﻞ ﺷﻌﻴـﺐ وﻳﻼ ﻣﻀﻰ ﺧـﻤﺲ وﻋـــــﺸﺮﻳﻦ ﻟﻴﻠـﻪ ﺛﻘﻞ اﻟﻘﻨﺎ ﻣـــﻦ ﻓــــﻮق ﻛـﻞ ﻋﺴﻴـﺐ وﺗﻄﻠﻊ ﻟﻚ اﻟﺠــﻮزا وﻫﻲ ﺣﻨﺔ اﻟﺠﻤﻞ وﺗﺎﺗﻲ ﻫﺒﺎﻳـﺐ واﻟﺴــــــﻤـﻮم ﻟﻬﻴـﺐ
واﻟﻰ ﻣﻀــــﻰ ﺧﻤﺲ وﻋـﺸﺮﻳﻦ ﻟﻴﻠـﺔ ﻳﻄﻠﻊ ﻟﻚ اﻟﻤـــﺮزم ﻛﻘـــﻠـﺐ اﻟﺬﻳـﺐ واﻟﻰ ﻣـﻀﻰ ﺧﻤــــﺲ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻟﻴﻠـﺔ ﻳﻄﻠﻊ ﺳـــﻬﻴﻞ ﻣﻜــــــﺬب اﻟﺤﺴﻴـﺐ واﻟﻰ ﻣـــﻀﻰ ﺧﻤﺲ وﻋــﺸﺮﻳﻦ ﻟﻴﻠـﺔ ﺗﻠﻘـﺎ اﻟﺠـــــﻮازي ﻃــــﺮدﻫـﻦ ﺗﻌﻴـﺐ ﺗﻠﻘﺎ اﻟﺠــــﻮازي ﻣـﺎ ﺗﻨﺎﻇـﺮ ﻣﻘــــﻴﻠـﻪ ﻟﻴــــﻠـﻪ ﻧﻬــــــﺎر وﺗﺠﺘﻠـــــﺪ وﺗﻠﻴـﺐ واﻟﻰ ﻣﻀﻰ ﺧﻤــــﺲ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻟﻴﻠــﺔ ﻻ ﺗﺎﻣـﻦ اﻟﻤـــــــﺎ ﺻﻴﺒـــــﻪ ﺻﺒﻴـﺐ ﻣﺼﺎدر: - 1اﻟﻈﻔﻴﺮي ،أﺣﻤﺪ (2010) :ﻣﻘﺎﻟﺔ )اﻟﺜﺮﻳﺎ ﺗﻘﺎرن اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻴﺘﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ( -ﻣﻨﺘﺪﻳﺎت ﻣﻜﺸﺎت )(2010-5-16 - 2ﺷﺒﻜﺔ وﻣﻨﺘﺪﻳﺎت اﻟﺒﺮاري«ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻠﻬﻴﺒﻲ-ﻗﺼﻴﺪة راﺷﺪ اﻟﺨﻼوي ﻓﻲ ﺣﺴﺎب اﻟﻔﻠﻚ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
35
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
وأﺿﺎف اﻟﺨﻼوي إﻟﻰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ أﻏﺮاﺿﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺠﺎﻻت ﺣﺴﺎب اﻷﻳﺎم واﻟﻨﺠﻮم واﻟﻮﺻﻒ واﻷﺟﻮاء اﻟﺠﻮﻳﺔ وﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺰراﻋﺔ وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻄﺮق ﺣﺘﻰ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎب اﻟﺠﻮي وﺿﺮﺑﺎت اﻟﻬﻮاء وﺣﺮﻛﺔ اﻟﺮﻳﺎح وأﻫﻞ اﻟﺰراﻋﺔ وأﻫﻞ اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﺘﺒﻌﻮن ﺣﺴﺎب اﻟﺨﻼوي وﻳﻌﺘﻤﺪوﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﻵن. وﻳﻘﻮل اﻟﺨﻼوي ﻋﻦ اﻟﺒﺮد اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻨﺪ ﻗﺮان اﻟﻘﻤﺮ ﺑﺎﻟﺜﺮﻳﺎ:
ﻳﺠــــــﻲ ﻟﻴــــﺎل ﺑﺮدﻫـــﻦ ﻛــــﻨﺎس ﺛﻤﺎن ﻟﻴﺎﻟﻲ ﻳﺠﻤﺪ اﻟﻤﺎ ﻋــﻠﻰ اﻟﺼـــﻔﺎ ﻳﺨﻠﻲ ﻋﻴـــــﺪان اﻟﻌـــــﻀﺎه ﻳﺒــــﺎس ﻟﻮ ﻛــــﺎن ﻓﻮق اﻟﻌﻮد ﺛـــﻮب وﻓـﺮوه ﻟﻜـــــﻨﻪ ﻋـــــﺎري ﻣـــﺎ ﻋﻠـــﻴﻪ ﻟﺒﺎس وﻳﻘﻮل ﻋﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﺠﻮم ورؤﻳﺘﻬﺎ وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮاﺳﻢ اﻷﻣﻄﺎر ،ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ وإﺧﻼﻓﻬﺎ:
وإﻟـــﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﻤﺮزم ﺷﺒﻊ ﻛﻞ ﻛﺎﻟـــﻒ ﻣﻦ اﻟﻔﻴﺪ واﻧﺤــﻦ اﻟﻠﻴﺎﻟـﻲ ﺷــــﺪاﻳـﺪ وﻧﺠﻮم اﻟﻜﻠﻴﺒﻴﻦ اﻟــﺘﻲ ﺗﻨـﺸﻒ اﻟﺠـﻢ ﻳﻐﻮر ﻓﻴﻬـﺎ ﻣـــﺎ اﻟﻌـــﺪود اﻟﻮﻛــــﺎﻳـﺪ واﻟﻰ ﻏﺎﺑﺖ اﻟﻨﺴــــﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻔﺠﺮ ﻋﻠﻘﻮا ﻣﺨـــــﺎرف ﻓــــﻲ ﻟﻴﻨـﺎت اﻟﺠـــﺮاﻳـﺪ واﻟﻰ ﻣﻀﻰ ﻋـــﻘﺒﻪ ﺛـــﻤﺎن ﻣﻊ ارﺑـﻊ اﻟﺨﺎﻣﺴـﻪ ﻃﺎﻟـﻊ ﺳﻬﻴــــﻞ ﻳﺤــــﺎﻳـﺪ ﺗﺸﻮﻓﻪ ﻛﻘﻠﺐ اﻟﺬﻳﺐ ﻳﻠﻌـﺞ ﺑﻨــــﻮره ﻣﻮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﻏﺮات ﺣـــﺪب اﻟﺠـــﺮاﻳـﺪ واﻟﻰ ﻣﻀﻰ واﺣﺪ وﺧﻤﺴــﻴـﻦ ﻟﻴﻠــــﻪ ﻓﻼ ﺗﺎﻣﻦ اﻟﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻘـﻮق اﻟﺮﻋﺎﻳــــﺪ ﻗﻀﻰ اﻟﻘﻴﻆ ﻋﻦ ﺟﺮد اﻟـﺴﺒﺎﻳﺎ وﻻﺑﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﻴـﻆ إﻻ ﻣﺮﻳﺨـﺎت اﻟﻘــــــﻼﻳـﺪ
ﻣﺘﻰ اﻟﺜﺮﻳﺎ ﻣـــﻊ ﺳﻨﺎ اﻟﺼـﺒﺢ واﻳﻘـﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺧﻀﺮا ودﻋـــﺖ ﺑﺎﻟﺴــــﻨﺎﻳـﺪ وﻳﻘﻮل ﺣﻮل ﺣﺴﺎب اﻟﻔﻠﻚ واﻟﺪرور ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم: ﻣﻦ ﻋﻘﺒﻬﺎ ﻧﺠﻢ ﻛـــــﻤﺎ ﻓـــﺮخ ﻣﺘﻠـﻲ ﻗــــﺎل اﻟﺨـــﻼوي واﻟﺨــــﻼوي راﺷﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸـﻮق ﻳﺘﻠﻴﻬﺎ ﺑﻤﺸﻴﻪ ﻳﻌـــــﺎود ﻋﻤــــﺮ اﻟﻔﺘﻰ ﻋﻘﺐ اﻟﺸﺒﺎب ﻳﺸﻴــﺐ ﺑﻮارح اﻟﺠﻮزا رﺑــــﺎ ﻓﻴـــــــﻪ ﺑﺴﺮﻫـﺎ ﺣﺴﺒﺖ اﻧـﺎ اﻷﻳــــﺎم ﺑﺎﻟﻌـــﺪ ﻛﻠﻬــــﺎ واﺧﺘﻠﻔﺖ اﻻﻟــــﻮان ﺑﻴــﻦ اﻟﺠـــﺮاﻳـﺪ وﻻ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋــﺪ اﻟﺤﺴـــﺎب ﻳــﺼﻴـﺐ
34
اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻼوي ﻓﻠﻜﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ
ﻋﺎش اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ راﺷﺪ اﻟﺨﻼوي ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣﺘﻨﻘﻼ ﺑﻴﻦ اﻟﻬﺠﺮي ،وﺣﻤﻞ ﻟﻘﺐ »ﻓﻠﻜﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ« ،ﻓﻘﺪ ﻗﻀﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ً اﻟﺼﺤﺎرى ﻻ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ وﻗﺪ اﺷﺘﻬﺮ ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﻪ اﻟﺘﺎﻣﻪ ﻟﻠﻄﺮق وﻣﺴﺎﻟﻚ اﻟﺼﺤﺮاء ﻟﻴﻼ وﻧﻬﺎرا. وﻗﺪ أﺑﺪع اﻟﺨﻼوي ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﻟﻠﻨﺠﻮم واﻟﻔﺼﻮل واﻷﻧﻮاء وﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻟﻠﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ وﻛﺎن ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪﻳﻬﺔ وﻣﻦ ﺗﺠﺎرﺑﻪ ﻣﻊ اﻟﺤﻴﺎة ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﻮﻻﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ:
ﻻﺻﺎرت اﻟﺠــــﻮزا أﻣــــﺎم ﻻ ﻛﺄﻧــــﻬﺎ ﻓــــــﺮق اﻟﻈﺒﺎ ﻗﺪ ﻻﺣﻬﻦ ﻟﻮاﺣﻲ ﻓــــﺎﻟﺰرع ﺑﻴﻦ إﻓـــــــﻼت وأﺧـــﻨﺎق واﺷــــﺘﺪ زﻧــــﺪ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻔﻼﺣﻲ وﻳﻘﺎل إﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺣﻀﺮه اﻟﻤﻮت أﺧﻔﻰ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﻣﺎل ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ،وﻗﺎل ﻟﻮﻟﺪه ﺳﻮف أﺻﻒ ﻟﻚ اﻟﻤﻜﺎن ﻓﺈن دﻟﻠﺖ اﻟﻤﺎل ﻓﻬﻮ ﻟﻚ وإن ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺪل ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺴﺘﺤﺮم ﻣﻨﻪ ووﺻﻒ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺑﺎﻷﺑﻴﺎت اﻟﺘﺎﻟﻴﻪ:
ﻋﻦ ﻃﻠﻌﺔ اﻟﺠﻮدي ﻣﻮاﻗﻴﻢ روﺣﻪ وﻋﻨﻬﺎ ﺷﻤﺎل ﻟﻠﻨـﺴﻮر ﻣﻐﻴﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻬﺐ اﻟﻬﻴﻒ رﺟﻌﻪ وﻓﻴﻀﻪ وﺣﺮاوي ﻛـﺎن اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻧــﺠﻴﺐ ﺧﻴﺎر اﻟﺪﻻﻳﻞ ﻃﻠﺤﺔ ﻓﻮق ﺟﺎﻟﻬﺎ ﺧﻴﻤﺔ ﺷﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﻣﺮاح ﻏﺮﻳﺐ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
33
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻼوي ﻓﻠﻜﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ŁŎŀē Łîįčĉ ŁŎŀē
اﻋﺘﻤﺪ اﻟﺒﺪو ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﻮم اﻟﺴﻤﺎء ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ، ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻬﻢ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ أن ﻫﻨﺎك ﺗﻮﻗﻴﺘﺎ ﻣﻮﺛﻘﺎ ﺑﻴﻦ ﻇﻬﻮر اﻟﻨﺠﻢ وﺑﻴﻦ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮأ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎخ ،ﻟﺬا ﻓﻘﺪ اﻫﺘﻢ اﻟﺒﺪوي ﺑﻤﻼﺣﻈﺔ وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻧﺠﻮم اﻟﺴﻤﺎء وﺣﺴﺎب ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ وﻗﺖ ﻇﻬﻮرﻫﺎ وﻃﻮل ﻣﺪة ﻟﻴﺎﻟﻲ وﺟﻮدﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﻐﻴﺒﻬﺎ ،ﻟﻴﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ.واﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﻮم ﻫﻮ أن اﺷﻬﺮﻫﻢ اﻟﻘﻤﺮﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﻨﻘﻠﺔ ﻣﺜﻠﻬﻢ ،ﻓﺸﻬﺮ رﻣﻀﺎن ﻣﺜﻼ ﻗﺪ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﺘﺎء ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻴﻊ ،ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ أو اﻟﺨﺮﻳﻒ ،وﻣﺜﻠﻪ ﺗﺪور ﺑﻘﻴﺔ اﻻﺷﻬﺮ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻷﺷﻬﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﻌﻔﻬﻢ ﻓﻲ ﺿﺒﻂ ﻣﻮاﻗﻴﺖ اﻟﻤﻨﺎخ وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك وﺳﻴﻠﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻴﺖ ﻇﻬﻮرﻫﺎ وﻏﻴﺎﺑﻬﺎ.
32
اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻼوي ﻓﻠﻜﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ
اﻟﻔﻠﻜﻴﻴﻦ وﻫﻢ ﻳﺨﻄﻄﻮن أﺟﺰاء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻣﻊ ﻧﺠﻮم ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن إﻧﺘﺎج ﺧﺮاﺋﻂ ﻣﺴﻄﺤﺔ ﻟﻠﺴﻤﺎء ،ﺗﺤﺪد ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﻮاﻗﻊ وﺗﺤﻮل إﻟﻰ ْأﺳﻄُﺮﻻب ؛ ﺛﻢ ﺗﺮﺷﺪ ﻫﺬه اﻷَ ْﺳﻄُﺮﻻﺑﺎت اﻟﻨﺎس، ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﺠﻮم . ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ أﺑﺪﻋﻮا ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ ،واﺧﺘﺮﻋﻮا أﻧﻮاﻋﺎً ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺴﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎدي ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮوﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء .واﻧﺸﺌﺖ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة أن اﻷرض ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻹﺑﺪاﻋﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻫﻮ ﻣﺎ أﺛﺎر ﺗﻌﺠﺐ ودﻫﺸﺔ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﻨﺼﻔﺔ ﺳﻴﺠﺮﻳﺪ ﻫﻮﻧﻜﺔ ﻣﻦ دﻗﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻠﻘﺎت وﺗﺮﻗﻴﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟﺮاﺋﻊ »ﺷﻤﺲ اﻟﻌﺮب ﺗﺴﻄﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮب«
إﺿﺎءة
@ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﻴﻦ ﺷﻤﺲ – ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﻣﺼﺎدر وﻣﺮاﺟﻊ: • أﺣﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺪﻣﺮداش :ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻛﺘﺎﺑﻚ ، ﻋﺪد .11 • أﺣﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪان :ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ، ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﻋﺪد 131ﻟﺴﻨﺔ .1988 • أﺣﻤﺪ ﻓﺆاد ﺑﺎﺷﺎ :اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﻠﻤﻰ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ،ط ، 1دار اﻟﻤﻌﺎرف .1983 • أﻧﻮر ﻣﺤﻤﻮد زﻧﺎﺗﻲ :اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺤﻀﺎري ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﻮب ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻷﻧﺠﻠﻮ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ،داﺋﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم ،اﻟﺸﺎرﻗﺔ2013 ،م. • ﺟﻮﺳﺘﺎف ﻟﻮﺑﻮن :ﺣﻀﺎرة اﻟﻌﺮب ،ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻋﺎدل زﻋﻴﺘﺮ ،اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب. • دوﻧﺎﻟﺪ ﻫﻴﻞ :اﻟﻌﻠﻮم واﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ :أﺣﻤﺪ ﻓﺆاد ﺑﺎﺷﺎ ،ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﻋﺪد ، 305ﻳﻮﻟﻴﻮ 2004 ،م. • ﺳﻴﺠﺮﻳﺪ ﻫﻮﻧﻜﻪ :ﺷﻤﺲ اﻟﻌﺮب ﺗﺴﻄﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺮب ،ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﻓﺎروق ﺑﻴﻀﻮن ،دار اﻟﺠﻴﻞ ،ﺑﻴﺮوت1993 ،م. • ﻋﻤﺮ ﻓﺮوخ .ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ،دار اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳﻴﻦ ،ﺑﻴﺮوت.1980، • ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﺎدق ﻋﻔﻴﻔﻲ :ﺗﻄﻮر اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺨﺎﻧﺠﻲ . 1977 ، • ﻫﻮارد ﺗﻴﺮﻧﺮ :اﻟﻌﻠﻮم ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻠﻪ اﻟﺸﻴﺦ ، اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ، 2004اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﺘﺮﺟﻤﺔ ،ﻋﺪد .644
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
31
»ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ« إﺑﺪاع ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ د .أﻧﻮر ﻣﺤﻤﻮد زﻧﺎﺗﻲ@
أﺑﺪع اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺒﺸﺮي ،وﺣﻤﻠﻮا ﻣﺒﻜﺮا ً ﻣﺸﻌﻞ اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ أوروﺑﺎ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻇﻼم ﻋﻤﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت .وﻗﺪ ﺷﻬﺪت اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻄﻮر اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وازدﻫﺎرﻫﺎ ﺣﻀﺎرﻳﺎً واﺣﺘﻀﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻠﻤﺎء ،وﺷﻐﻔﻮا ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻓﻨﻮن اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻟﻴﺒﻠﻐﻮا ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻮه ﻣﻦ دﻗﺔ ﻟﻮﻻ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ أﻓﻀﻞ اﻵﻻت اﻟﻤﺘﻮاﻓﺮة آﻧﺬاك ،وأﺑﺪﻋﻮا ﻓﻴﻬﺎ واﺑﺘﻜﺮوا آﻻت ﻓﻠﻜﻴﺔ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻗﺔ واﻹﺑﺪاع ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ ﻣﻤﺎ أﺳﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺷﺆون اﻟﺤﻴﺎة وﺗﻘﺪم اﻟﻌﻠﻮم . ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻵﻻت اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺮاﺻﺪﻫﻢ ﻫﻲ »ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ« ،وﺗﺴﻤﻰ أﺣﻴﺎﻧﺎً »اﻟﻤﻠﺤﻘﺔ« ،أو »اﻟﻤﻠﺤﻘﺎت« . وﺗﻌﺪ أول آﻟﺔ رﺻﺪ ﺻﻨﻌﺖ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،وﻗﺪ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﺑﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﺮوزي ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﺄﻣﻮن )– 170 218ﻫـ 833 786- /م( واﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻋﺼﺮه ﻣﻦ أزﻫﻲ ﻋﺼﻮر اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﻀﺎرة ﺑﺎﻋﺘﺮاف ﻣﺆرﺧﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ
30
»ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ« إﺑﺪاع ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ
ﺣﺪ ﺳﻮاء .وﻗﺪ ازدﻫﺮت اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ ،وﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﻤﺰاﻳﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺎف اﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﺘﺮف ﺑﻬﺎ إﻟﻰ درﺟﺔ أن ﻋﺪدا ً ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت واﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻤﺮاﻛﺰ -ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ -وأن ﻋﺪدا ً ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﺒﺮى ﻗﺪ ﺳﺎرت ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ وﻧﻈﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﺄﻣﻮن .وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﻗﻮل اﺑﻦ اﻟﻨﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »اﻟﻔﻬﺮﺳﺖ«. وآﻟﺔ »ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ« ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﺣﻠﻘﺎت ﻧﺤﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻷﺟﺮام اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ ودواﺋﺮ اﻟﻌﺮوض اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻤﻴﺰاﺗﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻄﻲ ﺗﺼﻮر ﻟﻨﻤﻮذج اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺔ اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ . وذات اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻫﻲ آﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻫﻴﻜﻞ داﺋــﺮي ﺑﻪ ﺣﻠﻘﺎت ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ اﻷرض ،ﺗﻤﺜﻞ ﺧﻄﻮط اﻟﻄﻮل ،وﺧﻄﻮط اﻟﻌﺮض اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ،وﻇﻮاﻫﺮ ﻓﻠﻜﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻛﻤﺴﺎر اﻟﺸﻤﺲ ،وﻫﺬا ﻳﻌﺪ إﺑﺪاﻋﺎً ﻓﻠﻜﻴﺎً ﻋﺎﻟﻲ اﻟﻤﺜﺎل ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ أن اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ اﻗﺘﺮﺑﻮا ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ اﻟﻴﻮم . وﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻤﺲ دواﺋﺮ ﻧﺤﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﺤﺪة اﻟﻤﺮﻛﺰ ،وﺗﻜﻮن اﻷرض ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ واﻷﺟﺮام ﺣﻮﻟﻬﺎ: • اﻟﺪاﺋﺮة اﻷوﻟﻰ :وﺗﺴﻤﻰ داﺋﺮة ﻧﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎر؛ وﺗﻜﻮن ﻣﺜﺒﺘﺔ ﻓﻲ اﻷرض .وﻓﻴﻬﺎ ﻗﻄﺮ ﻣﻘﻌﺮﻫﺎ ﻣﺴﺎو ﻟﻘﻄﺮ ﻣﺤﺪب اﻟﻄﻮل اﻟﻜﺒﺮى. • اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻳﺴﺘﺪل ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺖ اﻟﻜﻮاﻛﺐ. • اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ داﺋﺮة ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺮوج. • اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺮاﺑﻌﺔ :ﺗﺴﻤﻰ داﺋﺮة اﻟﻌﺮوض .وﻗـﻄـﺮ ﻣـﺤـﺪﺑـﻬـﺎ ﻗـﺪر ﻗـﻄﺮ ﻣـﻘـﻌـﺮ ﺣـﻠـﻘـﺔ اﻟـﻄـﻮل اﻟـﺼـﻐـﺮى. • اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ :ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ داﺋﺮة اﻟﻤﻴﻞ. وﻗﺪ وردت ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ ﻧﺎدرة ﻣﻦ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ ﺗﺒﻴﻦ
őĊĀŀĿ ľŔŌē ôīĐij
ﻳﺤﻜﻲ اﻟﻤﺆرخ اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ واﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ أﺣﻤﺪ اﺑﻦ ﻣﺤﺎرب اﻟﻈﻔﻴﺮي أن ﻟﻠﻨﺠﻢ اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ وﻋﺮﻳﻘﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻃﻠﻊ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻞ )ﻓﺰﻋﺔ ﺳﻬﻴﻞ ﻟﻠﺠﺪي( .واﻟﻔﺰﻋﺔ ﻫﻲ اﻟﻨﺠﺪة .واﻟﻤﻌﺮوف أن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻫﻮ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻤﻮﺻﻮف ﺑﺎﻟﺒﺮاد واﻟﻤﻄﺮ واﻟﻤﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﻐﻴﺎب اﻟﻤﻮﺳﻤﻲ. أﻣﺎ اﻟﺠﺪي ﻓﻬﻮ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻘﻄﺒﻲ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﺤﺮك وﻻ ﻳﻐﻴﺐ . وﻳﻀﺮب أﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺜﻞ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻋﺪة واﻟﻨﺠﺪة ﻏﻴﺮ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺪك أﺣﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻋﺪة وﻻ ﻳﻔﻲ ﺑﻮﻋﺪه وﻳﻌﺘﺬر ﺑﺄﻋﺬار واﻫﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮل) :ﻓﺰﻋﺘﻚ ﻟﻲ ﻫﻲ ﻓﺰﻋﺔ ﺳﻬﻴﻞ ﻟﻠﺠﺪي(. وﺛﻤﺔ ﺣﻜﺎﻳﺔ أﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺗﻘﻮل أن ﻧﺠﻢ اﻟﺠﺪي ﻗﺘﻞ اﻟﻨﺠﻢ ﻧﻌﺶ وﻫﻮ أب ﻟﺴﺒﻊ ﺑﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم ،ﻓﺎﻗﺘﺮﺑﻦ ﻣﻦ اﻟﺠﺪي ﻟﻘﺘﻠﻪ ،ﺛﺄرا ً ﻷﺑﻴﻬﻦ ﻧﻌﺶ. وﻳﺴﻤﻲ اﻟﻌﺮب ﺑﻨﺎت ﻧﻌﺶ ﺑـ)اﻟﻨﻌﺎﻳﻢ( ،ﻓﻠﻤﺎ أﺣﺲ اﻟﺠﺪي ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ اﺳﺘﻨﺠﺪ ﺑﺼﺪﻳﻘﻪ اﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ. وﻓﻌﻼً ﺗﺤﺮك ﺳﻬﻴﻞ وﻟﻜﻨﻪ وﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﻤﺎء ﺷﻖ ﻗﺮﺑﺘﻪ ﻓﺘﻨﺎﺛﺮ اﻟﻤﻄﺮ وأرﺳﻞ إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﺠﺪي رﺳﺎﻟﺔ اﻋﺘﺬار ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﻄﺮ وأﻧﻪ ﻣﻀﻄﺮ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻮع ﻟﻮﻃﻨﻪ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻟﻴﺘﺰود ﺑﺎﻟﻤﺎء وﺳﻴﺄﺗﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎدم ،ﻓﻄﻠﺐ اﻟﺠﺪي ﻣﻦ ﻧﺠﻤﻲ »اﻟﺤﻮﻳﺠﺰﻳﻦ« اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻟﻴﺤﺠﺰا ﺑﻨﺎت ﻧﻌﺶ ﻋﻨﺪه رﻳﺜﻤﺎ ﻳﺼﻞ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎدم. وﻟﻜﻦ ﺳﻬﻴﻞ ﻟﻢ ﻳﺄت واﻟﻨﺠﻮم اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺮاود اﻟﺠﺪي ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ، وﻧﺠﻮم ﺑﻨﺎت ﻧﻌﺶ ﻫﻲ ﻧﺠﻮم ﻻ ﺗﻐﻴﺐ وإﻧﻤﺎ ﺗﻨﻌﻄﻒ ﺣﻮل اﻟﺠﺪي ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺴﻤﺎء ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻬﺮﻫﺎ ﺿﻮء اﻟﺼﺒﺎح ﻓﺘﺨﺘﻔﻲ @ أدﻳﺒﺔ وﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ،ا ﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
29
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺴﻨﺔ )اﻟﺴﻴﻞ ( ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ أﻟﻔﻪ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﺠﻮم ﺳﻬﻴﻞ أﺷﺒﻪ ﺑﺮﺣﻰ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﻲ ﻃﺤﻨﺖ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻛﻞ ﺷﻲء ،وﻟﻢ ﺗﺘﺮك ﺳﻮر ﺑﻴﺖ وﻻ دﻛﺔ وﻻ ﻗﺒﺮا ً وﻻ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺎرة ﻟﻤﺴﺠﺪ .ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﻐﻔﺮ ﻛﻠﻤﺎ اﺿﻄﺮﺑﺖ ﺳﻜﻴﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﻤﻴﺪ وﻣﺎﺟﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺑﻨﺪاﺋﻬﺎ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮي اﻟﻔﺠﺎﺋﻌﻲ اﻟﻤﺘﻜﺮر ،راﻛﻀﺔ ﻓﻲ ﻣﻼﻣﺢ ﺗﻌﻠﻤﺖ أول اﻟﺨﻮف واﻟﻔﻮﺑﻴﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻦ ﻫﺒﺎﻳﺐ ﺳﻬﻴﻞ .وﻣﻦ ﺳﻜﻴﻨﺔ ُ إﺷﺎرات ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ﺑﺼﻮرة داﺋﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﺎل ) إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﺗﺄﻣﻦ اﻟﺴﻴﻞ(. ľŔŌē îŌÿō
ﺑﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ،ﻓﻼ ﻳﺘﺴﻊ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺧﺎرج ﺣﻴﺰ اﻻﻧﻌﻜﺎس اﻟﻨﺠﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء وﺑﺮودة اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻏﻴﺮ أن ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻹﻳﻜﻠﻮﺟﻲ واﻟﻔﻠﻜﻲ واﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺎت ﻣﻄﻠﺐ ﻳﻠﺢ ﺑﻀﺮورة اﻟﺘﻘﺼﻲ واﻟﺒﺤﺚ ﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﺴﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﻤﺎوراﺋﻲ أو اﻷﺳﻄﻮري ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﺰاوﺟﻴﺔ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻤﺎء اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻧﺎﻫﻴﻨﺎ ﻋﻦ ﻓﺎﺋﺪة ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻼﻣﻊ ﻟﻤﺎء اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺼﻮرة ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،ﻓﻬﻮ ﻳﻐﺪق ﺑﺎﻷﻣﻄﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة )اﻟﻮﺳﻢ( وﻣﻦ ﺷﺄن اﻷﻣﻄﺎر أن ﺗﻠﻘﺢ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻓﻲ ﺑﻄﻮن اﻟﻤﺤﺎر، ﻓﺘﺘﺴﻊ رﻗﻌﺔ اﻷرزاق اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺮﻣﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ أﻧﻪ ﻳﻮﺳﻢ اﻷرض ﺑﺎﻟﺨﻀﺮة واﻟﻌﺸﺐ واﻟﻜﻸ ﻓﻬﻮ أﻳﻀﺎً ﻳﻮﺳﻢ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺎﻟﻶﻟﺊ، وﻳﻜﻮن ﻣﺮﺻﺪا ً وﻫﺪاﻳﺔ ﻟﻠﺒﺤﺎرة ،ﻓﺒﺤﺴﺐ وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻧﺒﺎء اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻌﺎن ﺑﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ أﻳﻀﺎ اﻟﺒﺤﺎرة اﻟﺼﻴﻨﻴﻮن اﻟﻤﺘﻮﺟﻬﻮن إﻟﻰ ﺑﺤﺎر اﻟﺠﻨﻮب ﻣﺴﺘﺮﺷﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻨﺠﻢ ” ﺳﻬﻴﻞ“ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻧﺠﻢ ﻗﻄﺒﻲ ﺟﻨﻮﺑﻲ .وﺑﻘﻲ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻳﺴﺘﺮﺷﺪون أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻨﺠﻢ ” ﺳﻬﻴﻞ“ ﻓﻲ وﺟﻬﺘﻬﻢ ﺻﻮب اﻟﺠﻨﻮب ،أﻣﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻤﺎل ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺮﺷﺪﺗﻬﻢ ﻫﻲ ﻧﺠﻤﺔ ”اﻟﺜﺮﻳﺎ“ .ﻳﻌﺪ ﻧﺠﻢ ”ﺳﻬﻴﻞ“ اﻟﺬي ﺗﻔﺨﺮ ﺑﻄﻠﻮﻋﻪ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺑﻮادﻳﻬﺎ وﺣﻮاﺿﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﻟﻤﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﻬﻢ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ اﻟﺒﺸﻴﺮ اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ و ﻧﺠﻢ اﻟﻴﻤﻦ و ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ وذﻟﻚ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﻄﻠﻊ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،أي ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ.
ﺗﺒﻘﻰ اﻹﺷــﺎرات اﻷﺧﺮى ﻟﻠﻨﺠﻢ ﻣﺤﻞ ﺑﺤﺚ ورﻳﺒﺔ أﻳﻀﺎً ،ﻓﻠﺴﻬﻴﻞ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ﻟﻢ ﻧﺴﺘﺮﺷﺪ إﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪ ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ واﻟﻨﻤﺎء واﻟﻤﺎء واﻟﺰروع ﻳﺴﺘﻘﺮ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮق واﻻﻧﺪﺛﺎر واﻟﻔﻨﺎء اﻟﻤﺨﻴﻒ وأﻓﻮل ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻤﺎﻟﻚ ﺟﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮف ﻋﺘﻤﺔ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ .ﻣﻦ وﺟﻪ ﺑﻨﺖ داوود ُ ﺗﻌﻠﻤﺖ اﻟﻮﺳﻮﺳﺔ ﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ و ﺷﺎﻋﺮﻳﺔ ﺳﻬﻴﻞ ،وﻣﻦ وﺟﻪ ﺑﻨﺖ ﺣﻤﻴﺪ ُ و اﻟﺤﺬر ﻣﻦ أول اﻟﻬﺒﺎﻳﺐ ،ﻓﺜﻤﺔ ﻋﺎم ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻋﻮام اﻟﺴﻼم واﻟﺮﺧﺎء ﻗﺪ ﻳﻐﻴﺮ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﺰاﺟﻪ ،أو رﺑﻤﺎ ﺗﻐﻀﺒﻪ ﻗﻮى ﺳﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻮن ،أو ﻟﻌﻠﻬﺎ اﻷواﻣﺮ اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻀﻲ ﺑﺄن ﻳﻄﺎﻟﻌﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻐﻴﺮ وﺟﻬﻪ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ اﻟﻤﻌﻬﻮد ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺒﺸﺎرة ،وإﻧﻤﺎ ﺑﻮﺟﻪ اﻟﻤﻬﺎﺟﻢ اﻟﻤﻨﺘﻘﻢ اﻟﻤﻌﺎﻗﺐ ﻟﻠﺨﻄﺎﻳﺎ واﻟﻤﻨﺸﻂ ﻟﺮواﻳﺢ اﻟﺼﻴﻒ واﻟﻌﻮاﺻﻒ óŜĜĿí ôŀò¹ķ ĉĊĄœ ľŔŌē اﻹﻋﺼﺎرﻳﺔ واﻟﺴﺤﺐ اﻟﺮﻛﺎﻣﻴﺔ واﻟﻐﺰو اﻟﻨﺴﺒﻲ اﻟﺤﺎد ﺑﺎﻷﻣﻄﺎر اﻟﻐﺰﻳﺮة .أﺛﺒﺘﺖ ﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ أن اﻟﻤﺤﻮر اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻳﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ ﻧﻘﻄﺔ ﺷﺮوق ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﻤﺤﻮر اﻷﺻﻐﺮ àîńĿí óŎćãō ľŔŌē ﻳﺘﺠﻪ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺷﺮوق اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺼﻴﻒ وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻏﻨﻲ ﺑﺎﻷﻣﺜﺎل اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺠﺖ دﻻﻻﺗﻬﺎ ورﻣﻮزﻫﺎ ﺣﻮل ﻧﺠﻤﺎً ﻋﻤﻼﻗﺎً وﺟﺒﺎرا ً وأﺑﻴﺾ اﻟﻠﻮن وﻳﻌﺪ أﻟﻤﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻌﺪ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،أﻏﻠﺒﻬﺎ ﺗﻤﺤﻮر ﺣﻮل اﻟﺮﺑﺎط اﻷزﻟﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺠﻢ واﻟﻤﺎء ﻧﺠﻢ ”اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ“ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻔﻠﻜﻴﻮن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر وﺗﺪﻓﻖ اﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ واﻷﻣﻄﺎر وﻧﻬﻀﺔ اﻟﻤﺮوج وﺑﺮودة اﻟﻄﻘﺲ ) :إذا ﻃﻠﻊ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻳﺤﺪدون اﺗﺠﺎه اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﺳﻬﻴﻞ ﺗﻠﻤﺲ اﻟﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ( )ﺳﻬﻴﻞ ﺿﺮب ﻓﻲ اﻟﻤﺎ( )ﺳﻬﻴﻞ ﻃﻠﻊ ﻣﻦ ﺣﺘﻰ أن إﺣﺪى اﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻛﺪت أن ﻧﺠﻢ اﻟﻤﺎء( )إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﺗﺄﻣﻦ اﻟﺴﻴﻞ( ،وﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺗﺴﺎءﻟﺖ ﻋﻦ ﺳﻴﺎق ﺳﻬﻴﻞ وﻧﺠﻮم ﺑﻨﺎت اﻟﻨﻌﺶ ﻟﻌﺒﺖ دورا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﺗﺠﺎﻫﺎت ُ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺜﺎل وﻣﺪى ﺗﻮاﺷﺞ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻼﻣﻊ واﻟﻤﺎء اﻟﺬي اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﺘﺮاﻣﻴﺔ اﻷﻃﺮاف ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻫﻮ ﺳﺮ ﻣﻦ أﺳﺮار اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .وﻟﻌﻞ أﻏﻠﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺜﺎل ﺗﺆﻃﺮ اﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
28
اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺧﻮاﻃﺮ ﻣﻦ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي ﺣﺮث اﻟﻤﺎء وﺣﺪد ِ
ﺑﺰغ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ ،وﻃﺎﻟﻌﺘﻨﺎ ﺑﺸﺎرة اﻟﻴُﻤﻦ واﻟﺒﺮﻛﺔ ﻓﺄﺳﻤﻴﻨﺎه )ﺑﺸﻴﺮﻧﺎ اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ( ،ﺳﺘﺨﻀ ﱡﺮ أﺷﺠﺎر اﻟﺴﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺟﺒﺎل اﻟﺒﻼد ،وﻳﺤﻠّﻖ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻃﺎﺋﺮ اﻟﺴﻨﻮﻧﻲ وﺗﻨﺴﺎب ﺑﻨﺖ داوود ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺪول اﻟﺤﻨﻮن ،ﺗﺰرع ﺣﻘﻞ ﺑﻴﺘﻬﺎ ،ﺗﻘﻮل إن اﻟﻤﻄﺮ ﺳﻴﺴﻘﻂ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﺧﻼل اﻷﻳﺎم اﻟﻌﺸﺮة اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻃﻠﻮع ﺳﻬﻴﻞ. ﺗﺘﻨﺒﺄ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ أرﺣﺎم اﻟﺴﻤﺎء ﻣﻦ ﺑﺸﺎرة وأرزاق وﻣﻴﺎه ،ﻧﺮﻗﺐ وﻧﺘﺤﻴﻦ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺰﺣﺰح ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﻳﺢ ﻏﻴﻤﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ﻧﺤﻮ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﺣﻀﻨﻬﺎ ﻣﺎء وﻇﻬﺮﻫﺎ ﺟﺒﻞ. ﻳﺘﺼﻴﺪ اﻟﺠﺒﻞ ﻏﻴﻤﺔ ﺗﻠﻮ ﻏﻴﻤﺔ ،إﻟﻰ أن ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻧﺪاء اﻻﻛﺘﻨﺎز واﻻﻛﺘﻮاء وﻳﺴﻘﻂ اﻟﻤﻄﺮ ،ﻳﻔﺮح اﻟﺒﺸﺮ ﺑﺎﻟﻘﻄﺮ وﺗﻐﻨﻲ اﻟﺼﺤﺎري وﻳﻨﻬﺾ اﻟﻔﻼﺣﻮن إﻟﻰ ﻣﺰارﻋﻬﻢ ،وﻳﻨﺒﺮي اﻟﺤﻄﺎﺑﻮن إﻟﻰ ﻗﻄﻊ أﺧﺸﺎب اﻷﺷﺠﺎر ،ﻓﻬﺬا ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﻤﻴﺪ ﻟﻘﻄﻊ اﻷﺧﺸﺎب وﻓﺼﻞ ﺷﺘﻼت اﻟﻨﺨﻴﻞ ﻋﻦ أﻣﻬﺎﺗﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺨﻀﺮ أوراق أﺷﺠﺎر اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﺮان واﻟﺤﻤﺮاﻧﻴﺔ واﻟﻤﺰﻳﺮع ،وﻳﺼﺪق ﺑﻌﺪ أﻳﺎم ﺗﻨﺒﺆ ﺑﻨﺖ داوود. ľŔŌĔñ āĎĴ÷ ś óãĎŃí
ﺛﻤﺔ اﻣﺮأة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﻔﺮح ﺑﺴﻬﻴﻞ ،ﻻ ﺗﺴﺘﺒﺸﺮ ﺑﻞ
ﺗﻨﺪب اﻟﺤﻆ وﺗﺴﺘﺬﻛﺮ اﻟﻔﻮاﺟﻊ واﻟﺴﻴﻞ) ،ﺳﻜﻴﻨﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﻤﻴﺪ( اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻬﺮت ﺑﺜﻘﻞ اﻟﺴﻤﻊ وﻓﻜﺎﻫﺔ اﻟﻘﻠﺐ واﺿﻄﺮاب ﺳﻜﻴﻨﺔ اﻟﺮوح ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺘﻖ ﺑﺮاﻋﻢ اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﺨﺮﻳﻔﻲ اﻟﺴﻨﻮي ﻣﻊ ﻃﻠﻮع ﺳﻬﻴﻞ. ﺗﻠﻤﻠﻢ ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺻ ّﺮة وﺗﻮدﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺰن اﻟﺒﺎب اﻷﻣﺎﻣﻲ ﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ،وﻻ ﺗﺒﺮح ﺳﻄﺢ ﺑﻴﺘﻬﺎ ،ﺗﻘﻀﻲ ﺟﻞ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻧﺰوﻻً وﺻﻌﻮدا ً ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻟﻢ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﻴﺖ ،ﺗﺮﻗﺒﺎً ﻣﺮا ً وﻓﺰﻋﺎً ﻹﻋﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺎرد أو ﻏﻮل ﻳﻬﻴﺄ ﻟﻬﺎ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺠﺒﻞ ﻳﺘﺮﺑﺺ ﺑﻬﺎ. ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ أﻣﻲ ﺑﺄﻻ ﻧﻼﺣﻖ اﻟﻤﺮأة أو ﻧﺴﻤﻬﺎ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎب اﻟﺒﻐﻴﻀﺔ، ﻓﺎﻟﻤﺮأة ﻣﺴﻜﻴﻨﺔ اﻟﺤﺎل ،ﻏﺮق ﻗﻠﺒﻬﺎ اﻷﻣﻮﻣﻲ ﻣﻊ أﻃﻔﺎﻟﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺴﻴﻮل اﻟﺘﻲ ﺿﺮﺑﺖ ﺑﺴﺎﺗﻴﻦ ﻗﺮى )أَ ْوﻛُــﻮ( )اﺳﻢ ﻓﺎرﺳﻲ ﻟﻘﺮﻳﺔ ﺟﺒﻠﻴﺔ ،وﺗﻌﻨﻲ ﻣﺎء اﻟﺠﺒﻞ( ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺟﺮف ﻣﻌﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻣﻦ أﻃﻔﺎل وﺑﻴﻮت وﻗﻼع وﻧﺨﻴﻞ وﺟﻼﻣﻴﺪ اﻟﺼﺨﻮر، ﻣﺴﺎوﻳﺎً ﺑﻬﺎ اﻷرض ،ﺑﻌﺪ أن أﻏﺮق اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺣﻔﺮة ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ أﺣﺪ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ ﺳﻮى اﻟﻠﻪ وﻣﻼﺋﻜﺘﻪ اﻟﻌﻈﺎم. ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻗﺪ ﻇﻨﻮا ﻣﻊ أول ﻫﺒﺔ ﻟﻠﺮﻳﺢ أﻧﻬﺎ ﻫﺒﺎﻳﺐ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ اﻋﺘﺎد اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﻗﺪوم ﺳﻬﻴﻞ ﺑﻬﺪأة وﻛﺄﻧﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﻳﻠﻘﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ،ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
27
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
اﻣﺮأة ﻻ ﺗﻔﺮح ﺑﺴﻬﻴﻞ!
ﺧﻮاﻃﺮ ﻣﻦ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي ﺣﺮث اﻟﻤﺎء وﺣﺪد ِ őčŎĜňńĿí óŎĿŎĿ
ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﺈﻣﺎرة رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ،ﺗﺴﺘﺒﺸﺮ »ﺑﻨﺖ داوود« ﻣﻌﻠﻨﺔ اﻟﻔﺮح ﻛﻠﻤﺎ اﻗﺘﺮب وﺟﻪ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺟﻨﻮب ﺳﻤﺎﺋﻨﺎ، ﻣﺘﻬﻠﻼً ﻣﺒﺎرﻛﺎً ،ﺑﺎﻋﺜﺎ ﺗﺠﻠّﻴﻪ ﻋﺒﺮ )اﻟﻬﺒﺎﻳﺐ( اﻟﺮﻳﺎح اﻟﻨﺤﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺐ ﻓﻲ اﻟﻔﺠﺮ ﻏﺎﻟﺒﺎً ،ﻟﺘﻌﻠﻦ اﻗﺘﺮاب ﻣﻮﺳﻢ ﻫﺠﺮة اﻟﻐﻴﻮم إﻟﻴﻨﺎ وﺑﺸﺎرات اﻟﻤﻄﺮ واﻟﺨﺼﻮﺑﺔ وﻋﻮدة اﻟﻨﻮارس إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻴﺞ .وﻛﻨﺖ أﻓﺮح ،ﻷن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﻌﻠﻦ أﻳﻀﺎً ﻃﺮد ﻣﻮﺳﻢ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﻤﻮﻟﺪات اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻬﺎ اﻻﻧﻄﻔﺎء اﻟﺠﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺘﻲ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻴﻒ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت.وﻛﺤﺎل ﺑﻨﺖ داوود ﻋﻨﺪ ﺗﺒﺮﻋﻢ ﻛﻞ ﻣﻮﺳﻢ ،ﻻ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻤﺼﺪاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ اﻟﻮرﻗﻲ اﻟﺠﺪاري اﻟﻤﻌﻠﻖ: »ﻫﺬا ﺗﻘﻮﻳﻢ ﻋﻴﺎل اﻟﻤﺪارس« ﺗﺤﺮﻛﻪ ﻫﺎزﺋﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ ﺑﺤﺴﺎب ﺗﻘﻮﻳﻢ ﻋﻴﺎل اﻟﺒﺤﺮ »اﻟﺪّ رور« ،ﻓﺘﻘﺴﻢ اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ،وﻛﻞ
26
اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺧﻮاﻃﺮ ﻣﻦ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي ﺣﺮث اﻟﻤﺎء وﺣﺪد ِ
ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺴﻤﻰ »د ّراً«. ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻓﻬﻢ وإدراك ﺟﻴﺪ ﻣﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺼﻐﺎر ،ﺗﺠﺎﻫﺪ ﺑﻨﺖ داوود ﻓﻲ ﺷﺮح ﻫﺬه اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺑﺘﻜﺮﻫﺎ أﻫﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻧﻈﻤﻮﻫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ووزﻋﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ أﻳﺎم اﻟﺴﻨﺔ ﻟﺘﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﻐﻮص وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد واﻟﺼﻴﺪ واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺠﻮﻳﺔ اﻷﺧﺮى. ﻻ ﺗﺰال ﻫﻲ ﺗﺤﻔﻆ وﺗﺴﺘﺬﻛﺮ ﻫﺬه اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ، وﺗﺴﺘﻌﻴﺪﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﺗﻬﻠﻞ ﻛﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻃﻘﺲ ،وﻧﺒﻮءة ﺟﻮﻳﺔ. ﻛﻠﻤﺎ ﻃﻠﻊ وﺟﻪ ﺳﻬﻴﻞ ﺗﺬﻛﺮﻧﺎ وﺟﻪ ﺑﻨﺖ داوود وﺻﻮﺗﻬﺎ اﻟﻌﺬب اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ ﻣﻌﻴﺔ رواﻳﺢ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺮﻳﻔﻲ ،ﻣﺒﻌﻮﺛﺎً ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ واﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺼﺒﺮ واﻷﺧﺒﺎر اﻟﻤﻨﺘﺸﻴﺔ ﺟﻬﺔ اﻟﺠﻨﻮب ،اﻟﻌﺮض اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ، اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻤﺘﻄﺎﻳﺮة ﺑﺨﻔﺔ ﻣﺒﺎﻫﺞ اﻟﺨﺼﺐ واﻟﺰراﻋﺔ وﺑﺸﺎرة اﻟﻐﻴﺚ وﻗﺖ اﻟﻐﺴﻖ.
)ﻫﺒﺎﻳﺐ ﺳﻬﻴﻞ( ،وﺗﻌﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎح ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻄﻴﻒ اﻟﺠﻮ ،إﺿﺎﻓ ًﺔ ﻟﻬﺬا ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻨﺸﻂ رواﻳﺢ اﻟﺼﻴﻒ ﻣﺆﺛﺮ ًة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠ ّﻴﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﺑﺪءا ً ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺬﻳﺪ وﺣﺘّﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،ﻣﺨﻠّﻔ ًﺔ وراءﻫﺎ اﻟﻌﻮاﺻﻒ اﻹﻋﺼﺎرﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺣﺐ اﻟﺴﺤﺐ ٌ ﻫﻄﻮل ﻏﺰﻳﺮ ﻟﻸﻣﻄﺎر ،وﻳﺒﺪأ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﻐﺰو اﻟﺮﻛﺎﻣﻴّﺔ ،وﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻨﺴﺒﻲ اﻟﺤﺎ ّد ﻟﻠﺮﻃﻮﺑﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ آب ،ﻟﺘﺴ ّﺠﻞ ذروﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺠﻮﻳّﺔ ﺣﺘّﻰ أواﺳﻂ أﻳﻠﻮل ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺠﻮﻳّﺔ اﺳﻢ )وﻋﻜﺔ ﺳﻬﻴﻞ(. ľŔŌē Œij ĎńĸĿí ŁŎĀŇ ĽďîňŃ
إﺿﺎءة
أﺑﻴﺾ ﻧﻴّﺮ ،أﻃﻠﻖ وﻋﺪد اﻷﻳّﺎم ﻓﻴﻬﺎ 13ﻳﻮﻣﺎً ،وﻫﻲ ﻧﺠ ٌﻢ ُ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻻﻧﺼﺮاف اﻟﺤﺮ وﻗﺖ ﻃﻠﻮﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺠﺮ، واﻧﺼﺮاف اﻟﺒﺮد وﻗﺖ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﻓﺠﺮا ً ،وﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﺼﺮﻓﺔ ﻫﻲ آﺧﺮ ﺳﻬﻴﻞ ،ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻋﺘﺪال اﻟﺠﻮ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ،واﺷﺘﺪاد اﻟﺒﺮودة ﺧﻼل ﻓﺘﺮات اﻟﻠﻴﻞ ،وﻳﺴﺘﻤ ّﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﺮس اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻷﺷﺠﺎ ِر اﻷﺧﺮى ،وﻳﺤﺼ ُﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻷرز وﻳﻜﺜُﺮ اﻟ ُﺮﻣﺎن ،وﺗﺰرع اﻟﺒﻘﻮﻟ ّﻴﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﺒﺮﺳﻴﻢ، وﺗﻘﻮل اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة» :إذا ﻃﻠُ َﻌﺖ ِ اﻟﺼﺮﻓﺔَ ، اﺣﺘﺎل ﻛ ﱡُﻞ ذي ِﺣﺮﻓﺔ ،ورأﻳﺖ اﻟﻄﻴﺮ ﺣﻔّﺔ ،وﻓﺸَ ِﺖ اﻟﺨﻔّﺔ« @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ ا^ردن
ﻟﻨﺠﻮم اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﺳﻬﻴﻞ ُ ﻣﻨﺎزل أرﺑﻌﺔ ،ﻫﻲ: ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻄﺮﻓﺔ )ﻧﺠﻢ اﻟﻄﺮﻓﺔ( ،ﺑﺪأ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻳﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ آب ،وﻋﺪد أﻳّﺎﻣﻬﺎ 13ﻳﻮﻣﺎً ،وﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻧﺠﻤﻴﻦ ﺻﻐﻴﺮﻳﻦ ﻳُﻘﺎل ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ )ﻋﻴﻨﺎ اﻷﺳﺪ( ،وﻫﻲ ﻓﺘﺮة اﻋﺘﺪال اﻟﺠﻮ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﻃﻮاﻟﻊ اﻟﺼﻴﻒ ،ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟﺤﺮارة ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻨﻬﺎر ،وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻼﺋﻢ ِ ﻟﻐﺮس ﻓﺴﺎﺋﻞ اﻟﻨﺨﻴﻞ إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻌﺪ ٍد آﺧﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر واﻟﺨﻀﺮاوات اﻟﻤﻨ ّﻮﻋﺔ ،وﻳﻘﻮل اﻟﻌﺮب ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة» :إذا ﻃﻠﻌﺖ ﺣﺴ َﻨﺖ اﻟﺴﻌﻔﺔ ،وﺻﺎ َر اﻟﺘّﻤ ُﺮ ﺗُﺤﻔﺔ«. اﻟﻄُﺮﻓﺔُ ، ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﺠﺒﻬﺔ )ﻧﺠﻢ اﻟﺠﺒﻬﺔ( ،ﺗﺒﺪأ ﻳﻮم اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ أﻳﻠﻮل ،وﻋﺪد أﻳّﺎم ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة 14ﻳﻮﻣﺎً ،وﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻧﺠﻮمٍ أرﺑﻌﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺧﻠﻒ اﻟﻄﺮﻓﺔ وﻓﻴﻬﺎ ﻋﻮج ،أﺣﺪ ﻫﺬه اﻷﻧﺠﻢ ﺑ ّﺮاق وﻫﻮ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻴﻤﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ،وأﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ اﻟﺠﺒﻬﺔ ﻟﺘﺸﺒﻴﻬﻬﺎ ﺑﺠﺒﻬﺔ اﻷﺳﺪ ،وﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻫﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﻓﺼﻞ اﻟﺨﺮﻳﻒ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻮ ﻣﻌﺘﺪﻻً ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ وﻧﻬﺎره ﺣﺎر ،وﻣﻄﺮه ﻧﺎﻓﻊ ،وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻳﺒﺪأ ﺟ ّﺪاد – ِﺻﺮام اﻟﻨﺨﻴﻞ – ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻐﺮس ﻓﺴﺎﺋﻞ اﻟﻨﺨﻴﻞِ واﻟﺨﻀﺎر وﺗ ُﺸﺘّﻞ اﻷﺷﺠﺎر، ﻳﻘﻮل اﻟﻌﺮب ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة» :إذا ﻃﻠُ َﻌﺖ اﻟﺠﺒﻬﺔ ،أُ ِ رﻃﺒَﺖ اﻟ ّﻨﺨﻠﺔ، اﻟﻨﺨﻞ ِﺣﻤﻠﻪ«. وﺣﺴ َﻦ ُ ُ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﺰﺑﺮة )ﻧﺠﻢ اﻟﺰﺑﺮة( ،ﺗﺒﺪأ ﻳﻮم اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻳﻠﻮل ،وﻋﺪد أﻳّﺎﻣﻬﺎ 13ﻳﻮﻣﺎً ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ زﺑﺮة اﻷﺳﺪ أي ﻛﺎ ِﻫﻠﻪ ،وﻫﻢ ﻧﺠﻤﺎن ﻧ ّﻴﺮان ﻳﺄﺗﻴﺎن ﺧﻠﻒ اﻟﺠﺒﻬﺔ ،وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﺴﺎوى اﻟﻠﻴﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﻬﺎر ،وﻳﺘﺤ ّﻮل ٍ ﻟﻄﻴﻒ ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻨﻬﺎر ،وﻳﺒ ُﺮد ﻓﻲ ﻓﺘﺮات اﻟﻠﻴﻞ، اﻟﺠ ّﻮ إﻟﻰ ﺗﻜﻮن رﻳﺎﺣﻪ ﺳﺎﻛﻨﺔ وأﻣﻄﺎره ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻬﻄﻮل ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻐﺰارﺗﻬﺎ، وﻳﺴﺘﻤ ّﺮ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻏﺮس اﻟ ّﻨﺨﻴﻞ واﻟﺰراﻋﺔ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻋﺎم ،وﺗﻘﻮل اﻟﻌﺮب ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة» :إذا ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺰﺑﺮة ،أرﻃﺒﺖ اﻟﺒﺴﺮة«. ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﺼﺮﻓﺔ )ﻧﺠﻢ اﻟﺼﺮﻓﺔ( ،ﺗﺒﺪأ ﻳﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷ ّول،
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
25
اﻟﺪرور وﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ ﻏﺎدة ﺣﻼﻳﻘﺔ @
اﻟﺨﺎص ﺑﺄﻫﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ، ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﺒﺪأ اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ّ واﻟﺬي ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ )اﻟــﺪرور( ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف ﻣﻮﻋﺪ ﻇﻬﻮره إﻻﱠ أ ﱠن ﻫﺬا اﻟﻈﻬﻮر ﻳﺒﺪأ ﻣﻦ ﻳﻮم اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ إﻟﻰ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻫﺬه اﻟﻔﺮوﻗﺎت اﻟﺴﻄﺤﻴّﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻻ ﺗﻘﻠّﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ، واﻟﺘﻄﺎﺑﻖ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺠﻮ ،إﺿﺎﻓ ًﺔ إﻟﻰ ﻣﻮاﻋﻴﺪ اﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺤﺼﺎد. kčōčĊĿí łœŎĸ÷ Ŏŋ îŃ
ﺗﻘﻮﻳﻢ اﻟﺪرور اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﻣﺒﺎﺷﺮ ًة ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﺎﺋ َﺔ ﻳﻮم، ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛ ِﺔ أﻗﺴﺎم ،ﺗﺒﻠﻎ ﻣ ّﺪة ّ وﻛﻞ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ )د ّر(. ّ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ آب، رﻳﺎح ﻧﺸﻄﺔ ﺗﻬﺐ ٌ ﺗﻨﻜﺴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣ ّﺪة اﻟﺼﻴﻒ وﺣﺮارﺗﻪ ،ﺑﺤﻴﺚ ّ ﺗﺨﻔّﻒ ﻣﻦ ﻟﻬﻴﺐ ﺣﺮارة اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ،وﻳﻜﻮن اﻟﻈﻬﻮر اﻷول ﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻠﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻔﺠﺮ. ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻤﻴﻞ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة إﻟﻰ اﻟﺒﺮودة ،وﻳﺒﺪأ ﺗﻨﺎوب ﻫﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر ،وﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء ﻛـ)اﻟﻮﺳﻤﻲ ،ود ّر اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ( ،وﻫﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺸﻬﻮرة ﺑﺮﻳﺎﺣﻬﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴّ ِﺔ اﻟﻘﻮﻳّﺔ ،أﻣﺎ )أرﺑﻌﻴﻦ اﻟﻤﺮﻳﻌﻲ( ﻓﻴﺒﺪأ ﻓﻲ د ّر اﻷرﺑﻌﻴﻦ ،وﻳﺒﺪأ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ُﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ ﺣﺘّﻰ آﺧﺮه. ﻳﺘﻮﺳﻂ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻲ أ ّﻣﺎ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻓﺈ ّن ﻫﺬا اﻟﻨﺠﻢ ّ ُﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ ارﺗﻔﺎع اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸْ ﺮة درﺟﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻖ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ،وﻳﻜﻮن ﻃﻠﻮﻋﻪ ﺑﺤﺪود اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻣﺴﺎ ًء ،أ ّﻣﺎ اﻟﻐﺮوب ﻓﻴﻜﻮن ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﺠﺮا ً ،وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا أﻃﻮل ﻇﻬﻮ ٍر ﻟﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺴﻨﺔ.
24
اﻟﺪرور وﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ
اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺗﺒﺪأ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ آذار ،وﻓﻴﻬﺎ ﻳﺒﺪأ اﻟﺪفء ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻮاﻟﻰ ارﺗﻔﺎع درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة وﺗﻨﺸﻂ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﺮﺑﻴﻌ ّﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ )رِﻳﺎح اﻟ ِﻨﻌﺎﻳﺎت ﻓﻲ د ّر اﻟﻌﺸﺮ ،ورﻳﺎح اﻟﺴﺮاﻳﺎت ﻓﻲ د ّر اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ( ،وﻳﻜﻮن اﻟﻈﻬﻮر ﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻠﻴﻞ وﺣﺘّﻰ ﻣﻨﺘﺼﻔﻪ ،ﺛ ّﻢ ﻳﺘﻘ ّﺪم ﻫﺬا اﻟﻈﻬﻮر ﺑﺸﻜﻞٍ ﺗﺪرﻳﺠﻲ ﺣﺘّﻰ ّ ﺗﻘﻞ ﻓﺘﺮة ﻣﻜﻮﺛ ِﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،وﺑﺤﻠﻮل أواﺳﻂ ّ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ )أواﺋﻞ ﺷﻬﺮ أﻳّﺎر( ﻳﻐﻴﺐ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻗﺒﻞ ﻏﻴﺎﺑﻪ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﺄﻟِﻘﺎً ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺮوب ﻓﻲ اﻟﺠﻬ ِﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴّﺔ ،وﻳﺒﺪأ ﻏﺮوﺑﻪ ﻣﺘﺰاﻣﻨﺎً ﻣﻊ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻳﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻳّﺎر ،وﻣﻦ ﺛ ّﻢ ﻳﺘﻘ ّﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺮوب ،وﻣﻦ ﺛ ّﻢ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ،وﻫﻲ ﻓﺘﺮة ﻏﻴﺎب اﻟﻨﺠﻢ ،وﻳﻘﻊ ﻫﺬا اﻟﻐﻴﺎب ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ )اﻟﻐﻮص اﻟﻜﺒﻴﺮ( ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،وﻓﻲ ُﻣﻨﺘﺼﻒ آب ﻳﻄﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻊ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ ،ﺛ ّﻢ ﻳﺘﻘ ّﺪﻣﻬﺎ ﻻﺣﻘﺎً ﻓﻲ اﻟﺸﺮوق ﻟﻴﻈﻬﺮ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻔﺠﺮ. ôœŎĀĿí õíĎŔİøĿíō ľŔŌē łĀŇ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺘﺤ ّﻮل اﻟﻈﺮوف اﻟﺠﻮﻳّﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن: »إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ،ﺑَ َﺮد اﻟﻠﻴﻞ – أو ﻃﺎب اﻟﻠﻴﻞ – واﻣﺘﻨﻊ اﻟﻘﻴﻞ، وﺧﻴﻒ اﻟﺴﻴﻞ ،وﻷ ّم اﻟﻔﺼﻴﻞ اﻟﻮﻳﻞ ،و ُرﻓﻊ اﻟﻜﻴﻞ«. واﻟﻔﺼﻴﻞ ﻫﻮ ﺻﻐﻴﺮ اﻹﺑﻞ اﻟﺬي ﻳﺘ ّﻢ ﻓﺼﻠﻪ ﻋﻦ أﻣﻪ ﺑﻄﻠﻮع اﻟﻨﺠﻢ، وﻛﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ إذا أراد ِﻓﻌﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺄُذن اﻟﻔﺼﻴﻞ واﺳﺘﻘﺒﻞ ﺑﻪ ﺳﻬﻴﻼً ﻳﺮﻳﻪ إﻳّﺎه ،وﻣﻦ ﺛ ّﻢ ﻳُﻘﺴﻢ ﺑﺄن ﻻ ﻳﺮﺿﻊ ﻣﻦ أﻣﻪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ،ﻣﺘﺬ ّرﻋﺎً ﺑﻔﻠﻮل أﻳّﺎم اﻟﺤ ّﺮ واﻟﻜﻠﻔﺔ ،وﺣﻠّﺖ ﻣﺤﻠﻬﺎ أﻳّﺎم اﻟﺒﺮد واﻟﻬﻮاء اﻟﻠﻄﻴﻒ. ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،ﻳﺒﺪأ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ اﻟﻤﻮﺳﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ رﻳﺎح ﻗﻮﻳّﺔ ﺑﺎﻟﻬﺒﻮب ﺗﺴ ّﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﺮاﺟﻊ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺠﻨﻮب ،وﺗﺒﺪأ ٌ
إﺿﺎءة
أﺳﺎﻃﻴﺮ وأﺷﻌﺎر ﺣﻮل ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻄﻮﻳﺴﻲ@
ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻈﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﻌﺮب ﻗﺪﻳﻤﺎ ً ĎĬĘĿí Œij ľŔŌē łĀŇ
ﺑﺄن ﺳﻬﻴﻼً ﻗﺪ ﻃﻠ َﻊ ِ ﺑﺄرض اﻟ ِﻌﺮاق ،وﻗﺎﺑﻞ ﻫﻨﺎك اﻟﺰﻫﺮة ،ﻓﻀﺤﻜﺖ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ اﺳﻢ )ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺨﺮﻗﺎء( ﻓﻲ ﻗﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ: »أﻟﺴﺖ اﻟّﺬي ﻳُﻘﺎل َ اﻷﺧﻴﺮة ﻗﺎﺋﻠﺔً: ﻓﻴﻚ أﻧﻚ ﻛ َ َ ُﻨﺖ ﻋﺸّ ﺎرا ً – ّ ﻻح ﺑﺴـــﺤﺮ ِه ﻣﺤﺼﻞ إذا ﻛَـﻮﻛ َُﺐ اﻟﺨَـــ ْﺮﻗﺎ ِء َ َ ﻓﻤﺴﺨﻚ اﻟﻠﻪ ِﺷﻬﺎﺑﺎً ﻋﻘﻮﺑ ًﺔ ﻟﻚ؟«. ﺿﺮاﺋﺐ – ﺳﻬﻴﻞ أذاﻋﺖ ﻏَﺰﻟﻬﺎ ﻓــــﻲ اﻟﻘﺮاﺋِ ِﺐ ﺎس ﺣ ّﻘﺎً ،ﻓﻘﺪ »ﻟﻴﺲ ﻛ ﱡُﻞ ﻣﺎ ﻳَﻘﻮﻟ ُﻪ اﻟ ّﻨ ُ ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ ﻧﺠ ُﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻗﺎﺋﻼًَ : ﺨﻚ اﻟﻠ ُﻪ ﻛﻮﻛَﺒﺎً ُﻣﻀﻴﺌﺎً« .وﻳُﺮﻳﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻫﻨﺎ وﺻﻒ اﻟﻤﺮأة اﻟﺨﺮﻗﺎء اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﺘﻘ ُﻦ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻛﻨﺖ اﻣﺮأ ًة ﻓﺎﺟِﺮة ،ﻓ َﻤ َﺴ ِ ﻓﻴﻚ ِ ﻗﺎﻟﻮا ِ ﺑﺄﻧﻚ ِ وﻫﻨﺎﻟﻚ أﺳﻄﻮر ٌة أﺧﺮى ﺗﻘﻮل ﺑﺄن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﻘﺘﻞ أﻧﻬﺎ ﺗﻤ ّﺮر أﻳّﺎم ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺎدي ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ واﻟﺘﺴﻮﻳﻒ، وﺣﻞ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء ﺑﺒﺮده ،ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺪاء ﻧﻌﺶ ،وﻗﺪ ﺣﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻌﺶ ﻓﺈن ﺣﻀﺮ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ّ )ﻧﻌﺶ( ،ﻓﺤﻤﻠﺘﻪ ﺑﻨﺎﺗﻪ اﻟﺴﺒﻊ ﻓﻲ ٍ أرﺑﻌ ٌﺔ ﻣﻨﻬ ّﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺸﺖ اﻟﺜﻼث اﻷﺧﺮﻳﺎت ﺧﻠﻔﻪ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻨﺖ ﻣﻦ ﻗﺮاﺋﺒﻬﺎ ﻹﻋﺎﻧﺘﻬﺎ ،وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ ﻏﺰﻟﻬﺎ. ﻧﻌﺶ ﺑﺄ ّن اﻟﻘﺎﺗﻞ ﻫﻮ )اﻟﻨﺠﻢ وﻫﻨﺎك ﻧﺠﻤﺎن ﻓﻲ ﻣﺠﺮى ﺳﻬﻴﻞ ،ﻳﺴﻤﻴّﺎن اﻟــﻮزن واﻟﺤﻀّ ﺎر، اﻷﺧﻴﺮة ﻋﺮﺟﺎء ،وﻗﺪ اﻋﺘﻘﺪت ﺑﻨﺎت ٍ اﻟﻘﻄﺒﻲ( اﻟﺠﺪي ،ﻓﻘﺮرن ﺑﺄﻻﱠ ﻳﺪﻓﻦ أﺑﻮﻫ ّﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺄﺧﺬ َن ﻳﻨﺘﻤﻴﺎن إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﻮاﻛﺐ )اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ( وﻳﻈﻬﺮان ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮر ﺑﺎﻟﺜﺄر ﻣﻦ ﻗﺎﺗﻠﻪ .وﺗﻀﻴﻒ ﻫﺬه اﻷﺳﻄﻮرة أﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻧﺠﻤﺎن ﺳﻬﻴﻞ ،وﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮر أﺣﺪﻫﻤﺎ ورؤﻳﺔ ﺷﺨﺼﻴﻦ ﻟﻪ ﻳﻘﻮل أﺣﺪﻫﻤﺎ: ﻧﻌﺶ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل -ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﺴﻤﻴﺎن )اﻟﺤﻮاﺟﻴﺰ(َ ،ﻣ َﻬ ﱠﻤﺘُﻬﻤﺎ ﻣﻨﻊ ﺑﻨﺎت ٍ ﻧﻌﺶ ﻳﺪر َن ﺣﻮل اﻟﺠﺪي ،واﻟﺤﻮاﺟﻴﺰ ﻓﻴﺮد ﺻﺎﺣﺒﻪ: إﻟﻰ اﻟﺠﺪي ،ﻓﺒﻘﻴﺖ ﺑﻨﺎت ٍ ﻳﻔﺼﻼن ﺑﻴﻨﻬﻢ ،وﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺑﻘﻲ ُﺳﻬﻴﻼً ﻣﺨﺘﺒﺌﺎً وﺧﺎﺋﻔﺎً ﻣﻦ -ﻟﻴﺲ ﺑﺴﻬﻴﻞ. اﻟﻈﻬﻮر إﻻﱠ ﻣ ّﺮ ًة ﻛﻞ ﺷﻬﺮﻳﻦ ،وﻟﻔﺘﺮ ٍة زﻣﻨﻴّ ٍﺔ ﻣﺤﺪودة.وﻣﻦ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻓﻴﺘﻤﺎرى اﻻﺛﻨﺎن ﺣﺘّﻰ ﻳﺤﻠﻔﺎن ،وﻻ ﺑ ّﺪ ﻣﻦ ﺣﻨﺚ أﺣﺪﻫﻤﺎ ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﺷﻚ ﻛﺜﻴ ٌﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﻲءُ ، اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤ ّﺪث ﻋﻦ ﻫﺮوب ﻫﻨﺎك ﱞ ﻳﻘﺎل ﻋﻨﻪ إﻧﻪ )ﻟﻤﺤﻠّﻒ وﻣﺤ ّﻨﺚ(، ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ،ﺑﻌﺪ أن ﺗﺸﺎﺟﺮ ﻣﻊ زوﺟﺘﻪ وأﻗﺪم ﻋﻠﻰ وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎن ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﻤﻴﻦ ﺑﺄ ّن ﺣﻀّ ﺎر واﻟﻮزن ُﻣ ْﺤﻠِﻔﺎن. ﻗﺘﻠﻬﺎ ،وﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺛﺄر إﺧﻮاﻧﻬﺎ ،ﻗﺎم ﺑﺎﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻤﺎء أ ّﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺷ ّﺒﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ أﺛﻨﺎء ٍ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق اﻟﺘﻨﻮﺧﻲ ،ﻗﺎﺋﻼً: أي ﻧﺠﻢ ،ﻏﻴﺮ أن ﺷﻘﻴﻘﺘﺎ ﺳﻬﻴﻞٍ )اﻟﺸﻌﺮى ﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻪ وﺣﻴﺪا ً دون أن ﻳﺠﺎوره ّ ِ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻬﺒﺎء اﻟﺸﺎﻣ ّﻴﺔ واﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧ ّﻴﺔ( ﻗﺎﻣﺘﺎ ﺑﺎﻟﻠﺤﺎق ﺑﻪ ،وﺗﻤﻜﻨﺖ اﻟﺸﻌﺮى وإ ّن ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ أن ﺗﺮاﻧﻲ ﻓَﺘَﻌﺪ َل ﺑﻲ ﱠ ِ ﺑﻤــــــﻮت أوﻻ ِد اﻟﺰﻧـــﺎء َﻌﺖ ٌ اﻟﻴﻤﺎﻧ ّﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺒﻮر ﻧﻬ ٍﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء – درب اﻟﺘﺒﺎﻧﺔ أو اﻟﻤﺠ ّﺮة – وﺗ ُﻨ ِﻜ َﺮ ﻣﻮﺗ َ ُﻬﻢ وأﻧﺎ ُﺳ ـــــﻬﻴﻞ ﻃَﻠ ُ واﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ أﺧﻴﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﺸﺎﻣﻴّﺔ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺗﺨﻄﻴَ ُﻪ وﻗﺪ أراد اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻫﻨﺎ أن ﻳﻘﻮل ،ﺑﺄﻧﻪ إذا ﻃﻠﻊ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞٍ وﻗﻊ ﺑﺴﺒﺐ ﺿﻌﻔﻬﺎ ووﻫﻨﻬﺎ ،وﺑﻘﻴﺖ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﻤﺎل ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﺑﺎ ُء ﻓﻲ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ،ﻓﻜﺎن ﻫﻮ ﺳﻬﻴﻼً وأﻋﺪاؤه ﻫﻲ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ اﻟﺘﻲ اﻟﻨﻬﺮ ،واﺳﺘﻤ ّﺮت ﻓﻲ اﻟﺒﻜﺎء ﻋﻠﻰ أﺧﻴﻬﺎ وأﺧﺘﻬﺎ ﻟﺪﻫﻮ ٍر ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺣﺘّﻰ ﻣﻦ ﺗﻤﻮت ﻓﺮط ﺣﺴﺪﻫﺎ ﻟﻪ ،وﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺤﺎﺳﺪﻳﻦ اﻷﻋﺪاء ﻛﺄوﻻد اﻟﺰﻧﺎ ﻻ أﺻﻞ ﻟﻬﻢ ﻏﻤﻀﺖ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ،وﻟﻬﺬا ﺳﻤﻴﺖ ﺑﺎﻟﻐﻤﻴﻀﺎء. وﻫﻨﺎك أﺳﺎﻃﻴﺮ أُﺧﺮى ﺗﻘﻮل ﺑﺄن ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞٍ ﻫﻮ زوج اﻟﺠﻮزاء، @ ﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ا^ردن وأﺧﻮ اﻟﺸﻌﺮﻳﺎن وزوج اﻟﺸﻌﺮى ،وﻫﻮ أﺣﺪ ﻓﺘﻴﺎن اﻟﻴﻤﻦ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
23
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻣــﺪري اﻟﺴﺤـﺎﻳـﺐ ﺗﺤﺠـﺒـﻚ ﻣـﺎﻳـــﺠـﻲ ﺿــﻲ وﻻ أﺧــﺘـﻠﻒ ﺿـﻤـﻦ اﻟــﻜـﻮاﻛــﺐ ﻣــﺴــﻴــﺮك ﻳــﺎﻟــﻠــﻲ ﺣـﻔــﺮت اﻟــﺒــﻴـﺮ ﻻﺗــﻬـﺪم اﻟـﻄــﻲ أﺣــــﺬر ﻳـﻄـﻴــﺢ اﻟــﻄــﻲ ﻓــﻲ ﺟـﺎل ﺑــﻴـــﺮك ﻳـﻨـﺤــﺎس ﺷــﺮﺑــﻚ وﻳـﻬـﻤـﺞ ﺻــﺎﻓﻲ اﻟـﻤــﻲ وﺗــﺮﺟــﻊ ﺿــﻮاﻣـﻲ واﻟـﺴـﺒــﺐ ﻣـﻦ ﺣـﻔﻴــﺮك ﺳـﺒـﺤـﺎن ﻣـــﻦ ﻳـﺨــﺮج ﻣـﻦ اﻟﻤـﻴــﺖ اﻟﺤــﻲ ﻋـﻼم ﻣـﺎﻳــﺨــﻔـﻲ ﻋــﻠــﻴــﻨـــﺎ ﺿــﻤـﻴـﺮك )(8
ﻧـــــــﻮب ﺗﺠﻲ ﻫﺎرب وﻧﻮب ﻣﺤﻴﺮاه ﻳــــﺮﺿــﻲ وﻋــﺮ وﻓﻲ ﻃﺮﻓﻬﺎ ﺣﺸﺎده ﻳــــــﻮﻣﻪ ﺳﻤﺮ ﺑﺎﻟﻄﻠﻊ ﺗﻞ وﻋﻄﻴﻨــﺎه وﺳﺒﻘـﻪ ﻣــﻊ ﻓـﺘـﺤـﺔ ﻗـﺰاز اﻟـﻘـﻴﺎده وﻗــــﻔـــﻰ ﻳﻬﺰ اﻟﺮﻳﺶ وﻟﻐﻴﺾ ﻳﺤﺪه ﻣـﻄــﻠﺐ وﻫـﻲ ﻗﺪﻣﻪ ﺳﻮات اﻟﺠﺮادة ﻋــﻘــﺒـــﺔ ﻃﻮاﻫﺎ ﻃﻮﻳﺔ اﻟﺪﻟﻮ ﻟـﺮﺷﺎه ﻣﺮﻫـﻲ وﻟﻮﻃﺎرت ﻃـﻴـﺎر زﻳـﺎدة )(10
وﻳﺼﻒ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﺮﺣﺘﻪ وﻓﺮﺣﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﺮ واﻟﺒﺤﺮ ﺑﻈﻬﻮر ﺳﻬﻴﻞ ،ﻳﻘﻮل:
اﻟﻤﺮاﺟﻊ:
ﻳﺎ ﺳﻬﻴﻞ ﻣﺎ ﺑﻪ ﻧﺠـــــﻢ ﻣﺜﻠﻚ ﻳﻤﺎرﻳﻚ وﺳﻴﺮﺗﻚ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﻛــــﻞ ذﻛـــــﺮﻫﺎ ﺗﻔﺮح ﺑﻚ اﻟﻌـــﺮﺑﺎن ﻻ ﺣـــﻞ ﻃﺎرﻳﻚ وﺑﺮﺟﻚ ﻋــــﻠﻰ ﺑﺮج اﻟﺜــــﺮﻳﺎ وأﺛﺮﻫﺎ أﻏﻠﻴﻚ أﻧﺎ ﻳﺎ ﻧﺠﻢ وأرﻗــﺐ ﻣــﺴﺎرﻳﻚ واﻷرض ﻣﺜــــﻠﻲ اﻳﺘﻐـــﻴﺮ ﺷـــﺠﺮﻫﺎ ﺑﻮﻗﺖ اﻟﺸﺘﺎ واﻟﺼﻴﻒ وﺣﻨﺎ ﺑـﺤﺮأوﻳﻚ واﺣﻮال ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﻨﺪك ﺧـــﺒﺮﻫﺎ)(9 ęîňĸńĿí ïĎķō ľŔŌē
وﻳﻌﺪ اﻟﺼﻴﺪ ﺑﺎﻟﺼﻘﻮر أو اﻟﻤﻘﻨﺎص ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﺴﻜﺎن اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺳﻜﺎن اﻟﺼﺤﺮاء ﺣﻴﺚ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻮاﺳﻊ ﺣﻴﻦ ﺗﻜﻮن ﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻧﻜﻬﺘﻬﺎ وﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ،وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮﻣﻬﻴﻞ دﻏﻴﻢ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻬﺎﺟﺮي ﻓﻲ ﻗﺮب اﻟﻤﻘﻨﺎص وﻃﻠﻮع ﻧﺠﻤﺔ ﺳﻬﻴﻞ:
ﺳــﻬﻴﻞ ﻧﺠﻤــﺔ ﻗﺪﻟﺔ أﻳـــﺎم ﺷﻔـــﻨﺎه وﻗــﻔﺎ ﺳﻤـــﻮم اﻟﻘـﻴﺾ واﻗـﺒﻞ ﺑﺮاده راﻋﻲ اﻟــﻮﻟﻊ ﻳﻔﺮح ﻟﻴﺎ ﺣﻞ ﻃــــﺮﻳﺎه ﺗــﻤﻀﻲ ﻟﻴــﺎﻟـﻴـﻪ ﺳــﺮور وﺳﻌــﺎدة ﻳــــﻨﺴﻰ ﻫﻤـﻮم وﺳﻂ ﺻﺪره ﻣﺨﻔﺎه اﻟـﻠــﻲ ﻳـﻌـﺾ ﻻﻳـﺎم ﺗـﺰﻋــﺞ رﻗـﺎده أﻟــﻴــــﺎ ﻣﻀﻰ ﻟﺴﻬﻴﻞ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺷﻠﻨﺎه ﻣــﻦ ﻣﺮﺑﻄﻪ واﻟﻤﻮس ﻃـﻮف ﻋـﻘـﺎده وﺑـــﻌﺪ أﺳﺒــﻮﻋﻴـــــﻦ ﻳﻨﻘــﺰ دﻋﻴﻨﺎه وﻋـﻘﺒﻪ ﺟﻬﺰ ﻟﻠــﻲ ﺗــﺤــﺐ اﻟـﺸﺮاده ﺧــﻄﻮاﺧـــﺮﻳﺶ ﻣـــﺎﺗﻌﺪا ﻣـــﻌﺸـﺎه ﺑـﻴـﻦ اﻟـﻌﻮاﺳـﺞ ﺿــﺄﻳــﺮ ﻟـﻪ ﻣـﻘـﺎده 22
ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺪرور ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ
- 1اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ ،ﺑﺸﺎﻳﺮ (2016) :ﻣﻘﺎﻟﺔ )ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور ..اﺑﺘﻜﺎرات ﻓﻠﻜﻴﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﺒﺮ واﻟﺒﺤﺮ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ واﻟﺒﺤﺎرة ﻗﺪﻳﻤﺎً( ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺒﻴﺎن – ﻋﺪد/2016 3--5 / 2و 3و - 9ﺷﻜﻌﺔ ،ﻳﻢ (2011) :ﻣﻘﺎﻟﺔ )ﺣﺴﺎب »اﻟﺪرور« ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻄﻘﺲ( -ﻣﻨﺘﺪﻳﺎت ﺳﻴﺪات اﻹﻣﺎرات -إﺿﺎﻓﺔ -31 - . 2011-1 - 4اﻟﻈﻔﻴﺮي ،أﺣﻤﺪ (2010) :ﻣﻘﺎﻟﺔ )اﻟﺜﺮﻳﺎ ﺗﻘﺎرن اﻟﻘﻤﺮ ﻓﻴﺘﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ( -ﻣﻨﺘﺪﻳﺎت ﻣﻜﺸﺎت )(2010-5-16 5و 6و - 7ﺷﺒﻜﺔ وﻣﻨﺘﺪﻳﺎت اﻟﺒﺮاري«ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻠﻬﻴﺒﻲ-ﻗﺼﻴﺪة راﺷﺪ اﻟﺨﻼوي ﻓﻲ ﺣﺴﺎب اﻟﻔﻠﻚ. - 8اﻟﻘﻔﻴﻠﻲ ،ﺣﺴﻴﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ2013-12-7/ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺰﻳﺎرة 2016-9-10 - 10اﻟﻬﺎﺟﺮي ،ﻣﻬﻴﻞ دﻏﻴﻢ ﺟﺎﺑﺮ (2002) :ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻨﺸﻮرة )-10-16 –(2002ﻣﻨﺘﺪﻳﺎت اﻟﻤﺸﻜﺎة.
ŒòĬĘĿí ĎĬĘĿí Œij čōčĊĿí ĎŋîĨŃ ņŃ
ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻛﻞ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ واﻟﻄﻘﻮس ﻷن ﻫﺬا ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ آﻻف اﻟﺼﻔﺤﺎت ،وﻟﻜﻦ ﺗﺤﺪث اﻟﺸﻌﺮاء ﻋﻦ أﻳﺎم اﻟﺒﺮد وﻟﻄﻴﻒ اﻟﻬﻮاء وﺗﺮك اﻟﺠﻮازي ﻟﻠﻤﻘﻴﺎل ﺗﺤﺖ اﻷﺷﺠﺎر واﻟﺮﻋﻲ واﻧﻄﻼق اﻟﺰواﺣﻒ، وﻣﻦ ﻫﺬا ﻗﻮل ﺑﻌﻀﻬﻢ:
ﻫﺒــــﺖ ﻫﺒـــــــــﻮب اﻟﻨﻔـــــﺎﻧﻴﻒ واﻟﺼــــــﻴﺪ ﺧـــــﻠﻲ ﻣﻘــــــــﺎﻳـﻴﻠﻪ وﺳﻬﻴــــﻞ ﻋــــــﻘﺐ اﻟﻐـــــــﺒﺎﺷﻴﻒ واﻟﺒـــــﺮ ﻛﺜــــــﺮوا ﻧـــــــﺰازﻳﻠﻪ )(2 ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺪث اﻟﺸﻌﺮاء ﺣﻮل اﻟﺘﺮﺣﺎل واﻟﺨﺮوج ﻟﻠﺒﺮ وزﻣﻨﻪ ،وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ ﻗﻮل ﺑﻌﻀﻬﻢ:
ﻗﺮب ﻃﻠﻮع اﺳﻬﻴﻞ ﻳﺎ ﻫﻞ اﻟﻤﻜﺎﺷﻴﻒ واﻟﺼﻴﻒ زل وﻃﻠﻌﺔ اﻟﺒﺮ ﻧـﻮﻣﺎس )(3 ĎĬĘĿí Œij ŁŎĀňĿí ĽďîňŃ
وﻋﻦ اﻟﻨﺠﻮم ﻳﻘﻮل ﺷﺎﻋﺮ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﺪد اﻟﻤﻨﺎزل وﻫﻲ 28ﻧﺠﻤﺎً:
ﺷـــﺮﻃﻨﺎ ﺑﻄﻴﻨﺎً ﻟﻠﺜـــــﺮﻳﺎ ﺑــــﺪﺑﺮﻫﻢ وﻫــــﻘﻌﺔ ﻫــــﻨﻊ واﻟــﺬراع وﻧـــﺎﺛﺮ وﻃــــــﺮﻓﻬﻢ ﻣﻊ ﺟﺒــﻬﺔ ﺛــﻢ زﺑـــﺮة وﺻـــــــﺮﻓﺔ ﻋﻮاء واﻟﺴـﻤﺎك وﻏــﺎﻓﺮ زﺑﺎﻧﺎ وإﻛـــﻠﻴﻞ وﻗــــــﻠﺐ وﺷــــﻮﻟﺔ ﻧﻌـــــﺎﺋﻢ ﺑﻠﺪ ذاﺑﺢ وﻫـــــﻮ ﺳـــﺎﺋﺮ ﻛﺬا ﺑﻠﻊ ﺳﻌﺪ اﻟﺴـــــﻌﻮد ﺧـــﺒﺎؤﻫﻢ ﻓــــﻘﺪم وأﺧﺮ ﻟﻠــــﺮﺷﺎء ﻓـــﻬﻮ اﺧﺮ ĺÿîĀă Őŀī őĊĀĿí Ģă
اﻟﺠﺪي ﻫﻮ اﺳﻢ ﺗﻄﻠﻘﻪ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ ﻧﺠﻢ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل ،ﻇﺎﻫﺮ ﻻﻣﻊ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻌﻪ .وﻫﻮ ﻧﺠﻢ ﻳُﻬﺘﺪى ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺮى ،وﺗﺠﺪ اﻟﻌﺮب إذا وﺻﻔﻮا ﻟﻚ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﺗﺴﺮﻳﻪ ﻗﺎﻟﻮا :ﺣﻂ اﻟﺠﺪي ﻋﻠﻰ ﺣﺠﺎﺟﻚ اﻷﻳﻤﻦ أو اﻷﻳﺴﺮ. وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ راﻛﺎن ﺑﻦ ﺣﺜﻠﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ:
اﻟﺠﺪى ﺣﻄﻴﺘﻪ ﺑﻮرك اﻟﻤـــﻄﻴﻪ واﻓﺮق ﻧﺤـــــﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻴﻤﺎﻧﻰ)(7 ĺœčîńœ ĺŀüŃ łĀŇ Ŋñ îŃ ľŔŌē îœ
ﻟﻨﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﻼﻣﻊ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب وﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ واﻟﺒﺤﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺪ واﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺴﻴﺮ ﻟﻴﻼً ،وﻋﻦ ﺳﻬﻴﻞ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﻘﻔﻴﻠﻲ: وﻳـﻦ أﻧـﺖ ﻧـﺠـﻢ ﺳـﻬـﻴــﻞ ﻣـﺎﺗـﺴـﻔـﺮ اﻟــﺤـﻲ أﻋـﺘــﻤـﺖ وﻧــﺠـﻮم اﻟـﺴـﻤـﺎء أﻟـﻠـﻲ ﺗــﻨــﻴـﺮك ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
21
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺪرور ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ŁŎŀē Łîįčĉ ŁŎŀē
ﺗﺤﺪث اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ ﻋﻦ اﻟﻄﻘﻮس اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ واﻟﻤﻨﺎخ ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺮ واﻟﺒﺮد واﻟﻤﻄﺮ واﻟﺮﻳﺎح واﻟﻨﺠﻮم وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﻔﺼﻮل اﻷرﺑﻌﺔ. وﻗﺪ ﻧﻈﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أﺷﻌﺎ ًرا ﺣﻔﻈﻬﺎ اﻟﺘﺮاث ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻗﻴﻞ ﺑﺼﻴﻎ اﻟﺪﻋﺎء ﺑﺄن ﻳﺤﻔﻈﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﺮور اﻟﺒﺤﺮ وﺗﻘﻠﺒﺎت اﻟﻄﻘﺲ وأن ﻳﻮﻓﻘﻬﻢ ﻟﻠﺮزق اﻟﻮﻓﻴﺮ وأن ﻳﻌﻮدوا ﺳﺎﻟﻤﻴﻦ ﻷﻫﺎﻟﻴﻬﻢ .وﺑﻌﻀﻬﺎ أراﺟﻴﺰ ﺗﺤﺪد ﻣﺴﺎرات اﻟﻨﺠﻮم واﺗﺠﺎه اﻟﺮﻳﺢ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮاﻗﻊ وإﺛﺒﺎت اﻟﻄﺮق واﻟﻤﺴﺎﻓﺎت. »واﻟﺪرور ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺗﻢ ﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﺳﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،أي 365ﻳﻮﻣﺎً ﺑﺎﻟﺘﻤﺎم واﻟﻜﻤﺎل ،وﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﻣﻘﺴﻢ ﻟـ 30ﻳﻮﻣﺎً ،واﻟﺜﻼﺛﻮن ﻣﻘﺴﻤﺔ ﻟﺜﻼﺛﺔ أﺟﺰاء ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺸﺮة اﻷوﻟﻰ ﺛﻢ اﻟﻌﺸﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ -وﺗﺴﻤﻰ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺛﻢ اﻟﻌﺸﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﺗﺴﻤﻰ اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺘﻢ اﺣﺘﺴﺎب اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوﻟﻰ وﻳﺘﻢ ﺣﺴﺎب ﻛﻞ در ﺑﻌﺸﺮة أﻳﺎم ﻳﺘﺒﻌﻪ اﻟﺪﺧﻮل ﺑﺎﻟﺪر اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ ،وﺗﺸﻤﻞ اﻟﻌﺸﺮة ،اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ، اﻷرﺑﻌﻴﻦ ،اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ،اﻟﺴﺘﻴﻦ ،اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ،اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ،اﻟﺘﺴﻌﻴﻦ واﻟﻤﺌﺔ ،وﻳﺒﺪأ ﺣﺴﺎب اﻟﺪرور ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺒﺪأ اﻟﺤﺴﺎب ﺑﺘﺎرﻳﺦ 8/15أي ﻧﺼﻒ أﻏﺴﻄﺲ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ،8/20 وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺒﺪأ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ،8/24وﻫﺬه اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮﻋﺪ ﻇﻬﻮر ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ وﺣﺴﺎب أﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻳﻜﻮن أﺿﺒﻂ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ« )(1 20
ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺪرور ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ
إﺿﺎءة
اﻣﺮأة ﻓﺎﺟﺮة ﻓﻤﺴﺨﻚ اﻟﻠﻪ ﻛﻮﻛﺒﺎً ﻣﻀﻴﺌﺎً. ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺨﺮﻗﺎء ،ﻟﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ.: وﻳُﺴﻤﻰ ﺳﻬﻴﻞ ﻛﺬﻟﻚ ُ أذاﻋﺖ ﻏﺰﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاﺋﺐ ﻻح ﺑﺴﺤﺮِة ** ﺳﻬﻴﻞ إذا ْ ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺨﺮﻗﺎء َ ُ ﻳﺮﻳﺪ أ ﱠن اﻟﻤﺮأة اﻟﺨﺮﻗﺎء ) اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﺴﻦ ﻋﻤﻼ إ ّﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﺮﻓّﻪ أو ﻋﺪم ﻗﺎﺑﻠﻴّﺔ( ﻻ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻐﺰل ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ ﺑﻞ ﺗﺘﻤﺎدى ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﻮﻳﻒ واﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ،ﺣﺘﻰ إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ وذﻟﻚ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺒﺮد ﻗﺎﻣﺖ إﻟﻰ ﻗﺮاﺋﺒﻬﺎ ﻟﻴﻌ ّﻨﻬﺎ ،وﺟﻌﻠﺖ ﺗﻔﺮق ﺑﻴﻨﻬﻦ ﻏﺰﻟﻬﺎ ،وﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬه اﻟﻤﻼﺑﺴﺔ ﺳﻤﻲ ﺳﻬﻴﻞ ﻛﻮﻛﺐ اﻟﺨﺮﻗﺎء. وﻓﻲ ﻣﺠﺮى ﺳﻬﻴﻞ ﻧﺠﻤﺎن ﻳﻘﺎل ﻟﻬﻤﺎ :ﺣﻀﺎر واﻟﻮزن وﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺒﺔ اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﻳﻄﻠﻌﺎن ﻗﺒﻞ ﺳﻬﻴﻞ ،وﻣﻦ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺣﻀﺎر واﻟﻮزن ُﻣﺤﻠِﻔﺎن؛ وذﻟﻚ أﻧﻪ إذا ﻃﻠﻊ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻓﺮآه اﻟﺮاﺋﻲ ﻗﺎل ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ :ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻴﻘﻮل ﺻﺎﺣﺒﻪ :ﻟﻴﺲ ﺑﺴﻬﻴﻞ ﻓﻴﺘﻤﺎرﻳﺎن ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻠﻔﺎ ،ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ِ ﺣﻨﺚ أﺣﺪﻫﻤﺎ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﺸﻲء ﻳﻌﺮض ﻓﻴﻪ اﻟﺸﻚ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻗﻴﻞ: إﻧﻪ ﻟﻤﺤﻠﻒ وﻣﺤﻨﺚ.
ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻄﻴّﺐ اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻳﺸﺒّﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺴﻬﻴﻞ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق اﻟﺘﻨﻮﺧﻲ: َوإِ ﱠن ِﻣ َﻦ اﻟ َﻌﺠﺎﺋِ ِﺐ أَن ﺗَﺮاﻧﻲ** ﻓَﺘَ ِ ﻌﺪ َل ﺑﻲ أَﻗ ﱠَﻞ ِﻣ َﻦ اﻟ َﻬﺒﺎ ِء ﻮت أَوﻻ ِد اﻟﺰِﻧﺎءِ َﻌﺖ ِﺑ َﻤ ِ َوﺗُﻨ ِﻜ َﺮ َﻣﻮﺗَ ُﻬﻢ َوأَﻧﺎ ُﺳ َﻬ ٌﻴﻞ ** ﻃَﻠ ُ أي :إذا ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ وﻗﻊ اﻟﻮﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ،ﻓﺠﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ُﺳﻬﻴﻼ، وﺟﻌﻞ أﻋﺪاءه ﺑﻬﺎﺋﻢ ﻳﻤﻮﺗﻮن ﺣﺴﺪا ً ﻟﻪ ،وﺟﻌﻠﻬﻢ أوﻻد زﻧﺎ ﻛﺎﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻻ أﺻﻞ ﻟﻬﻢ. واﺳﺘﻘﻞ ﻧﺎﻗﺘﻪ ّ ﻣﺤﺴﺪ ﻟﻮ أﻧّﻪ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻧﻌﻠﻤﻪ اﻟﻴﻮم، رﺣﻢ اﻟﻠﻪ أﺑﺎ ّ اﻟﺮﻳﺢ وﺳﺎر ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﻀﻮء )أي 300أﻟﻒ ﻛﻴﻠﻮ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( ﻟﺒﻠﻎ وﺳﻔﻴﻨﺘﻪ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺛﻤﺎن ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮ وﻷﺷﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﺸﺎﻣﻴّﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺜﻼث ﺳﻨﻮات أﺧﺮى وﻻﺣﺘﺎج إﻟﻰ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﻟﻴﺒﻠﻎ ﺳﻬﻴﻼً وازداد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺴﻌﺎ @ ﺷﺎﻋﺮ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ا ﻣﺎرت
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
19
ﺳﻬﻴﻞ وﺷﻘﻴﻘﺘﺎه َﻗ ّﺴ َﻢ اﻟﻌﺮب اﻟﻤ ّﺠﺮة إﻟﻰ ﺷﻤﺎل وﺟﻨﻮب ،وأﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﻧﺠﻮم اﻟﺠﺰء اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ اﺳﻢ )اﻟﺸّ ﺎﻣ ّﻴﺔ( ،وﻋﻠﻰ ﻧﺠﻮم اﻟﺠﺰء اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ )اﻟﻴﻤﺎﻧ ّﻴﺔ( ،وزﻋﻤﻮا أ ّن ﺳﻬﻴﻼً واﻟﺸﻌﺮﻳﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ ،ﻓﺎﻧﺤﺪر ﺳﻬﻴﻞ وﺟﺎز ﺧﻂ اﻟﻤﺠ ّﺮة ﺟﻨﻮﺑﺎً؛ ﻓﺼﺎر ﻳﻤﺎﻧﻴّﺎ ،وﺗﺒﻌﺘﻪ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧ ّﻴﺔ ،وﻟﻘّﺒﺖ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮر ،وأ ّﻣﺎ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﺸﺎﻣ ّﻴﺔ ﻓﺄﻗﺎﻣﺖ وﺑﻜﺖ ﻟﻔﻘﺪ ﺳﻬﻴﻞ ﺣﺘّﻰ ﻏﻤﺼﺖ )أي ﺿﻌﻒ ﺑﺼﺮﻫﺎ( ﻓﻠﻘّﺒﺖ ﺑﺎﻟﻐﻤﻴﺼﺎء. واﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴّﺔ ﻫﻲ أﺳﻄﻊ ﻧﺠﻮم اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻤﺲ ،وﻫﻲ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ذﻛﺮ ﺻﺮﻳﺤﺎً ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﻨﺠﻢ: رب اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧ ّﻴﺔ ،وﻳﻘﻮﻟﻮن ورب رب اﻟﺸﻌﺮى« ،أي ّ »وأﻧّﻪ ﻫﻮ ّ اﻟﻨ ّﻴﺮﻳﻦ ،أي ورب اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ. واﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧﻴّﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ )أي ﻧﺠﻤﺎن ﻳﺪوران ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ( ،وﻫﻲ ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺒﺔ اﻟﻜﻠﺐ اﻷﻛﺒﺮ. و اﻟﺸﻌﺮى اﻟﺸّ ﺎﻣ ّﻴﺔ ﺳﺎﺑﻊ أﺳﻄﻊ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ وﻫﻲ ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺒﺔ اﻟﻜﻠﺐ اﻷﺻﻐﺮ. وأﻣﺎ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻌﻤﻼق أﺑﻴﺾ،وﻫﻮ ﺛﺎﻧﻲ أﺳﻄﻊ ﻧﺠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻌﺮى اﻟﻴﻤﺎﻧ ّﻴﺔ ﻣﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻦ اﻷﻓﻖ ،إذا ﻃﻠﻊ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻔﺼﻠﻲ واﻧﺘﻬﺎء رﻳﺢ اﻟﺴﻤﻮم، اﻟﺼﻴﻒ ،ﻋﻨﻰ ﻇﻬﻮره ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﻐ ّﻴﺮ ّ ﺑﻬﻲ. وﻃﻠﻮﻋﻪ ﻓﻲ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ّ ﻳﻘﻮل اﻟﺴﺎﺟﻊ :ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ،وﺑﺮد اﻟﻠﻴﻞ ،وﻟﻠﻔﺼﻴﻞ اﻟﻮﻳﻞ .واﻟﻔﺼﻴﻞ
18
ﺳﻬﻴﻞ وﺷﻘﻴﻘﺘﺎه
ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي @
وﻟﺪ اﻟ ّﻨﺎﻗﺔ ،وﺳ ّﻤﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻔﺼﻠﻪ ﻋﻦ أ ّﻣﻪ ،ﻓﻼ ﻳﺰال ﻟﻠﻔﺼﻴﻞ ﻓﻲ أﻣﻪ ﺣﻆ ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ،ﻓﺈذا ﻃﻠﻊ أﺧﺬ أﺣﺪﻫﻢ ﺑﺄُذن اﻟﻔﺼﻴﻞ ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺒﻞ ﺑﻪ ﻣﻄﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﺮﻳﻪ إﻳّﺎه ﻳﺤﻠﻒ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﺿﻊ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻣﻪ ﻗﻄﺮةً ،وﻳﻔﺼﻠﻪ ﻣﻦ أﻣﻪ. وأﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻳﻌﻈّﻤﻮن اﻟ ِﻔﺼﺎل ﻋﻨﺪ ﻃﻠﻮع ﺳﻬﻴﻞ. وﻗﺎﻟﻮا اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﺸﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﺮﺳﺎم وﻫﻮ ﺑﺎﻟﺴﺮﻳﺎﻧﻴّﺔ ﻣﺮض ﺑﺎﻟﺼﺪر ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ اﻟﺮﻳﺐ ﻟ ّﻤﺎ ﺷﻌﺮ ﺑﺪﻧ ّﻮ أﺟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة رﺛﻰ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﻪ: أﻗﻮل ﻷﺻﺤﺎﺑﻲ ارﻓﻌﻮﻧﻲ ﻓﺈﻧﻨﻲ ** ﻳَﻘَﺮ ﺑﻌﻴﻨﻲ أن ﺳﻬﻴﻞ ﺑﺪا ﻟﻴﺎ وﻟﻸﻋﻤﻰ اﻟﺘﻄﻴﻠﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ: َ وﻃﺎل ﺛﻮا ُء اﻟﻔﺮﻗﺪﻳﻦ ِﺑ ِﻐ ْﺒﻄَ ٍﺔ ** أﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎ أَن َ ﺳﻮف ﻳَﻔْﺘﺮِﻗﺎن اﻳﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﺮﻳﻴﻦ ُﻣ َﺼ ﱢﺮ ٌف ** ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮ ﻻ وانٍ وﻻ ُﻣﺘَﻮان وز َ ﺗﺬﻫﺐ اﻟﺸّ ْﻌﺮى اﻟﻌﺒﻮ ُر ﻟﺸﺎﻧﻬﺎ ** ﻓﺈن اﻟﻐُﻤﻴﺼﺎ ﻓﻲ ﺑَ ِﻘﻴّ ِﺔ ﺷﺎن ﻓﺈن ِ ﻛﻴﻒ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎن و ُﺟﻦ ٌ ﺳﻬﻴﻞ ﺑﺎﻟﺜﺮﻳﱠﺎ ﺟﻨﻮﻧَ ُﻪ ** وﻟﻜ ْﻦ ﺳﻼ ُه َ وذﻟﻚ ﻷن اﻟﺜﺮﻳّﺎ ﺷﺎﻣ ّﻴﺔ ،وﻫﻲ ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺒﺔ اﻟﺜﻮر. وﻣﻦ أﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﻌﺮب :أ ّن ﺳﻬﻴﻼً ﻃﻠﻊ ِ ﺑﺄرض اﻟﻌﺮاق وﻗﺎﺑﻞ اﻟﺰﻫﺮة، أﻟﺴ َﺖ اﻟﺬي ﻳﻘﺎل ﻓﻴﻚ إﻧﻚ ﻛﻨﺖ ﻋﺸّ ﺎرا ً ﻓﻀﺤﻜﺖ إﻟﻴﻪ وﻗﺎﻟﺖْ : ﻣﺤﺼﻞ ﺿﺮاﺋﺐ( ﻓﻤﺴﺨﻚ اﻟﻠﻪ ﺷﻬﺎﺑﺎً ،ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻟﻚ؟ ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ )أي ّ وﻗﺎل :ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟ ّﻨﺎس ﺣﻘﺎً ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻮا ﻓﻴﻚ :إﻧﻚ ِ ﻛﻨﺖ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
17
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﻓﺎرﺗﺤﻠﻮا ﻣﻦ ﺑﻴﻮت اﻟﻄﻴﻦ ﺛﻢ ﺟﺎءﺗﻬﻢ اﻟﺮﻳﺢ واﻟﺒﺮد وﻣﺎﺗﻮا. ĪķíŎńĿí ðĔă ıŜøćí
وﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﺤﺴﺎب اﻟﻔﻠﻜﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،ﻳﻘﻮل أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي» :ﻫﻨﺎك ﻓﺮق د ّر ﻛﺎﻣﻞ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ أﻫﻞ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ،ﻻﺧﺘﻼف ﻣﻮاﻗﻊ اﻷرض ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﺠﻮم ،أﻫﻞ اﻟﻔﺠﻴﺮة ﻳﺴﺒﻘﻮن ﺑﻘﻴﺔ اﻹﻣﺎرات ﺑﻌﺸﺮة أﻳﺎم ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، ﻓﺄﻫﻞ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ )ﺧﻠﻴﺞ ﻋﻤﺎن( ﻳﺮون ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻗﺒﻞ ﺑﻘﻴﺔ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ«. وﻋﻦ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻬﻴﺮي» :ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺪرور ﻗﺴﻢ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺳﻨﺘﻬﻢ إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ ﻓﺼﻮل أﺳﻤﻮﻫﺎ ﻛﺘﺎﻟﻲ »اﻟﺼﻔﺮي« وﻫﻮ اﻟﺨﺮﻳﻒ ،ﺗﺼﻔﺮ ﻓﻴﻪ أوراق اﻟﺸﺠﺮ واﻟﺴﻤﺎء ،ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻪ ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﻴﻦ اﻷوﻟﻰ )ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ( وﻫﻮ ﺣﺎر ﻗﺎﺋﻆ ،ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺒﺮودة ،ﻣﺆذﻧﺎ ﺑﺪﺧﻮل »اﻟﺸﺘﺎ« وﻫﻮ اﻟﺸﺘﺎء، ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ أي ﺷﻬﺮ دﻳﺴﻤﺒﺮ. ﺑﻌﺪه اﻟﺼﻴﻒ وﻫﻮ اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺣﺎﻟﻴﺎً )ﻛﺎن أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻪ ﺻﻴﻔﺎً ﻓﻬﻮ ﺣﺎر أﻳﻀﺎ ﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻞ ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﺤﺮ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻒ( ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻣﺎرس ،وأﺧﻴﺮا ً »اﻟﻘﻴﻆ« وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف اﻵن ﺑﺎﻟﺼﻴﻒ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ« ÷čōčĊĿí IJœĎĬ
»اﻟﺪرور« ﺣﺴﺎب ﻓﻠﻜﻲ ﻗﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب أﻳﺎم اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻋﺸﺮي ﻳﻘﺴﻤﻬﺎ إﻟﻰ ) (36ﻗﺴﻤﺎً ،واﻟﻘﺴﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻋﺮف ﺑـ »اﻟﺪر« ،وﻳﺒﺪأ ﻫﺬا اﻟﺤﺴﺎب ﺑﻄﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ ) ،(15/8وﻳﻌﺮف ﻛﻞ در ﺑﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻪ ،ﻓﻴﻘﺎل) :اﻟﻌﺸﺮ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ واﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ..ﻫﻜﺬا إﻟﻰ اﻟﻤﺌﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺒﺪأ اﻟﻤﺌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( )اﻟﻌﺸﺮ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ واﻟﺜﻼﺛﻴﻦ.. اﻟﺦ( ..وﻟﻘﺪم اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ واﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﻓﻘﺪ ﺳﺠﻠﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮات ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺤﻴﺎة. واﻟﺘﻘﻮﻳﻢ اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺸﻬﻮر اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ وﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪرور واﻟﻄﻮاﻟﻊ واﻷﺑﺮاج وﺿﻤﻦ أي ﻓﺼﻮل اﻟﺴﻨﺔ ﺗﻘﻊ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ رﻣﻮز ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﻮاﺳﻢ وﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻄﻘﺲ وﺗﻘﻠﺒﺎت اﻟﺠﻮ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﺎرئ أن ﻳﺘﻌﺮف إﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ وﻳﺴﺮ.
16
أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي» :اﻟﺪرور« دﻟﻴﻞ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ا3ﺟﺪاد
čōčĊĿí ïîĔă
وﻋــﻦ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟـــﺪرور ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻬﻴﺮي: »اﻟـــﺪرور ﺣﺴﺎب ﻓﻠﻜﻲ ﻗﺪﻳﻢ ﺟــﺪا ً ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻳﻌﻤﺪ إﻟﻰ ﺗﻘﺴﻴﻢ أﻳﺎم اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﺮي إﻟﻰ ) (36ﻗﺴﻤﺎً ،ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﺗﻌﺮف »ﺑﺎﻟ ّﺪر« وﻳﺒﺪأ ﻫﺬا اﻟﺤﺴﺎب ﺑﻄﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم .ﻳﻌﺮف ﻛﻞ ّدر ﺑﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﺸﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻴﻘﺎل :اﻟﻌﺸﺮ ،واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ واﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ،وﻫﻜﺬا إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻌﺎد إﻃﻼق اﻟﻌﺸﺮ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ واﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ...اﻟﺦ«. ĶœčîĔńĿí ĒńĈĿíō ĪĿîĤĿíō čĊĿí
وﻳﺘﺎﺑﻊ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي» :ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﺪ ّر ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻟﻊ ،ﻓﺎﻟﻄﺎﻟﻊ 13ﻳﻮﻣﺎً ،واﻟﺤﺴﺎب ﺑﺎﻟﻄﻮاﻟﻊ ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات وﻋﻤﺎن ﻳﺘﻢ اﻟﺤﺴﺎب ﺑﺎﻟﺪرور«. وﻳﻜﻤﻞ أﺣﻤﺪ» :ﺗ ُﺤﺴﺐ اﻟﺪرور ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺎً ﻣﻦ اﻟﺪر اﻷول ﻟﻠﻤﺎﺋﺔ ) ،أول اﻟﻤﻴﺔ ،ﺛﺎﻧﻲ اﻟﻤﻴﺔ ،إﻟﻰ ﻋﺎﺷﺮ اﻟﻤﻴﺔ ،ﺛﻢ أول اﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ﺛﺎﻧﻲ اﻟﺘﺴﻌﻴﻦ، ﺛﺎﻟﺚ اﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ،ﺛﻢ در اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ،ﺑﻌﺪه اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ،وﻫﻜﺬا ﻣﻦ در إﻟﻰ آﺧﺮ( ﺣﺘﻰ ﻧﻜﻤﻞ 100ﻳﻮم ،وﻣﺎ أن ﻧﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﺷﺮ اﻟﻌﺸﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻮد اﻟﺤﺴﺒﺔ ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ،ﻣﻦ اﻟﻌﺸﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺔ ،وﺑﻌﺪ أن ﻧﻜﻤﻞ ﻣﺎﺋﺔ ﻳﻮم أﺧﺮى وﻳﻨﻘﻀﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ 200ﻳﻮم ،ﻧﻌﻮد ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺎً ﻣﻦ أول اﻟﻌﺸﺮ إﻟﻰ ﻋﺎﺷﺮ اﻟﻤﺌﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺎً ﻣﺮة أﺧﺮى إﻟﻰ ﻋﺎﺷﺮ اﻟﺴﺘﻴﻦ ،وﻫﻜﺬا ﺗﻜﻤﻞ اﻟﺴﻨﺔ 300ﻳﻮم ﺑﺎﻟﺘﻤﺎم واﻟﻜﻤﺎل ،ﻟﺘﺒﻘﻰ آﺧﺮ ﺧﻤﺴﺔ أﻳﺎم ،وﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺤﻠﻴﺎً »ﺑﺎﻟﺨﻤﺲ اﻟﻤﺴﺎرﻳﻖ« اﻟﺘﻲ ﺗُﻜﻤﻞ ﺣﺴﺎب اﻟﺪرور ﻟﻠﺴﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻦ 9إﻟﻰ 13أﻏﺴﻄﺲ ،ﻷن راﺑﻄﺔ ﻫﻮاة اﻟﻔﻠﻚ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺣﺪدت ﻃﻠﻮع ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻳﻮم 14أﻏﺴﻄﺲ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺴﻨﺔ دورﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ«. ĒĸĤĿîñ Łîńøŋí
أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي ﻣﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺪرور ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ﻳﺪون ﺗﻐﻴﺮات اﻟﻄﻘﺲ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،ﻳﻘﻮل: »أﺣﺐ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت ﺣﻮل اﻟﻄﻘﺲ، وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﻋﺎدة ﺧﺎل واﻟﺪي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺪون اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت ﺣﻮل ﺣﺴﺎب اﻟــﺪرور ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻘﻼﺋﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻴﺪون اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﻘﺮاءة آﻧﺬاك ،وﻫﺬا ﻳﻌﺪ ﺗﻤﻴﺰا ً ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت ﺗﻨﻘﻞ ﺷﻔﺎﻫﺔً ،وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﻓُﻘﺪت ﻫﺬه اﻟﻤﺪوﻧﺎت ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ؛ ﺗﻌﻠﻤﺖ أﻳﻀً ﺎ
اﺳﺘﻌﻤﺎل دوﻻب اﻟﺪرور ،اﻟﺬي ﻟﻸﺳﻒ ﺻﺎر ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر ﺟــﺪا ً اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻤﺠﺴﻢ؛ وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أﺣﺎول ﺗﺜﻘﻴﻒ ﻧﻔﺴﻲ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ اﻟﺤﺜﻴﺚ ،ﻓﻬﻨﺎك أﺣﺪاث ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺪرور واﻟﻄﻘﺲ ،أﺷﻌﺮ أن ﻋﻠﻲ ﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ«. ّ ŒñĎĸĬĿíō ŒĬœĎŃ ņŔĬñčŗí
وﺣﻮل »اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻣﺮﻳﻌﻲ« ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻬﻴﺮي: »ﻓﻲ اﻟﺸﺘﺎء ﻫﻨﺎك ﻓﺘﺮﺗﺎن ﻣﻬﻤﺘﺎن ﺗﺘﻜﻮن ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ 40ﻳﻮﻣﺎً وﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺼﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ،وﻫﻤﺎ أرﺑﻌﻮن اﻟﻤﺮﻳﻌﻲ وأرﺑﻌﻮن اﻟﻌﻘﺮﺑﻲ ،ﻓﺎﻷوﻟﻰ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺒﺮودة اﻟﺸﺪﻳﺪة وﺗﺴﺎﻗﻂ اﻷﻣﻄﺎر ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺷﺎﻣﻠﺔ، أﻣﺎ أرﺑﻌﻮن اﻟﻌﻘﺮﺑﻲ ﻓﺘﺘﻤﻴﺰ ﺑﻐﺰارة اﻷﻣﻄﺎر وﺷﻤﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ أن ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮن: اﻟﻌﻘﺮﺑﻲ ﻳﺴﻘﻲ ﺑﺮ وﺑﺤﺮ ،وﻳﻜﻮن ادﻓﺄ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﻳﻌﻲ« وﻳﺘﺎﺑﻊ أﺣﻤﺪ» :ﻓﻲ أرﺑﻌﻴﻦ اﻟﻌﻘﺮﺑﻲ ﺗﺸﺘﺪ اﻟﺮﻳﺢ ،وﺗﺼﺒﺢ ذات ﻋﻮاء ﻛﺼﻮت اﻟﺬﺋﺎب ،ﺣﺘﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺤﻠﻴﺎً ﺑـ»اﻟﻌﻮي« ،ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ﻗﺪ ﻳﻨﺰل اﻟﺒﺮد إﻟﻰ درﺟﺎت ﺣﺮارة ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺒﺪأون ﻓﻲ إﺷﻌﺎل اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ وﺗﻄﻴﺐ ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺴﻬﺮ ﺑﺠﻮار ﺷﺒﺔ اﻟﻀﻮ« ŊijîĄĿ ľŔòŌĿí ĪŔò÷ ŁŎĔĄĿí
ﻫﻨﺎك ﻋﺸﺮة أﻳﺎم داﻓﺌﺔ ﺑﻴﻦ اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﻣﺮﻳﻌﻲ وأرﺑﻌﻴﻦ اﻟﻌﻘﺮﺑﻲ، ﺗﺴﻤﻰ اﻷﻳــﺎم »اﻟﺤﺴﻮم« ،وﻓﻴﻬﺎ ﺗﺮﺗﻔﻊ درﺟــﺎت اﻟﺤﺮارة ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮظ ،ﻓﻴﻈﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس أن اﻟﺒﺮد ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ ،وأﻃﺮف ﻣﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ دﻓﺌﻬﺎ ،ﻋﺒﺎرة ﺗﺠﺮي ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ،ﻓﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن» :اﻟﺤﺴﻮم ﺗﺒ ّﻴﻊ اﻟﺨﺒﻴﻞ ﻟﺤﺎﻓﻪ« ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻫﺬا اﻟﺪفء ﺟﻌﻞ رﺟﻼً »ﺧﺒﻞ« وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻤﻐﻔﻞ ،اﺷﺘﺮى ﻏﻄﺎ ًء ﺛﻘﻴﻼ أول اﻟﺒﺮد ،وﺑﻤﺠﺮد أن ﺟﺎء دفء اﻟﺤﺴﻮم ﺑﺎﻋﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻋﺎد اﻟﺒﺮد ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻴﻪ. ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺴﻮم ﺗﻤﺮ أﻳﺎم ﺑﺎردة ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﺘﺎء وﻗﺪوم اﻟﺮﺑﻴﻊ ،وﻳﻮاﻓﻖ ذﻟﻚ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻓﺒﺮاﻳﺮ وﺑﺪاﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻣﺎرس ﺗﺴﻤﻰ »ﺑﺮد اﻟﻌﻴﻮز« ،وﺣﻮل ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺗﺪور اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت، ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻘﻮل :ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺮد اﻟﻌﻴﻮز ﻧﺴﺒﺔ ﻟﻌﺠﻮز ﺟﺰت ﺻﻮف ﺧﺮﻓﺎﻧﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء أرﺑﻌﻴﻦ اﻟﻤﺮﻳﻌﻲ ،ﺛﻢ ﺟــﺎءت أرﺑﻌﻮن اﻟﻌﻘﺮﺑﻲ ﻓﻤﺎﺗﺖ ﺧﺮﻓﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺮد ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻘﻮل إن اﻟﻘﺼﺔ ﺗﻨﺴﺐ ﻟﻌﺠﻮز ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮف أﺣﻮال اﻟﻄﻘﺲ ،وﺣﺬرت أﻫﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺮد ﺷﺪﻳﺪ ﻗــﺎدم ،وﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬوا ﺑﺘﻨﺒﻴﻬﻬﺎ، ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
15
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ijŴijİŤē ěĔĖĔĹĨŴ ȕŦżŲĸ
ﺣﺴﺎب ﻓﻠﻜﻲ اﺑﺘﻜﺮه ا^ﺟﺪاد
أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي» :اﻟﺪرور« دﻟﻴﻞ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ا^ﺟﺪاد ôŀķîīŎñã ľğîĴĿí ʼnčōîă
ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻢ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺗﻐﻴﺮات اﻟﻤﻨﺎخ ﻻرﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺴﻜﺎن وﺗﺤﺪﻳﺪ رﺣﻼت ﺻﻴﺪ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﻐﻮص وﻣﻮﺳﻢ ﺣﺼﺎد اﻟﺘﻤﻮر وأﻣﻮر ﻣﻌﻴﺸﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺷﻲء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻨﺠﻮم ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻄﻘﺲ ودﺧﻮل اﻟﺸﺘﺎء وﻣﻮاﺳﻢ اﻟﻌﻮاﺻﻒ، أو اﻧﻘﻀﺎﺋﻬﺎ وﺗﻌﺎﻣﺪ اﻟﺸﻤﺲ. ﻟﻬﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ اﺑﺘﻜﺮ أﺟﺪادﻧﺎ ﺣﺴﺎﺑﺎً ﻓﻠﻜﻴﺎً ﻳﺴﻤﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺪرور ،ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات_ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻣﻨﻄﻘﺔ وأﺧﺮى_ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻋﺮﻓﻪ ً ﻣﺠﻬﻮﻻ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮﻳﻦ. أﻳﻀﺎً ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻀﺎؤل اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻪ ،ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻫﻜﺬا اﺳﺘﻬﻞ أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻣﻌﻨﺎ ،واﻟﻤﻬﻴﺮي أﺣﺪ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﺪرور وﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﺎ ،ورﺛﻬﺎ وﺗﻌﻠﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪي واﻟﺪه رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ وﺧﺎﻟﻪ ،ﻳﻀﻴﻒ: »ﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ أراﻗﺐ اﻟﻄﻘﺲ أﺣﺎول اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻛﺎﺗﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ واﻟﺪي وﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺸﺖ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﻛﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮاً أﺟﺎﻟﺴﻬﻢ وأﺳﻤﻌﻬﻢ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن دوﻣﺎً ﻋﻦ اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ،وﻳﺘﺴﺎءﻟﻮن :ﻫﻞ دﺧﻠﺖ اﻟ ُﻌﺸﺮ؟ وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻫﺬه اﻟﺨﻤﺲ اﻟﻤﺴﺎرﻳﻖ! ﻋﺒﺎراﺗﻬﻢ ﺗﻠﻚ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﺗﺴﺎءل ﺑﻌﺪ أن ﻛﺒﺮت ﻗﻠﻴﻼً ﻋﻦ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ،واﺳﺘﻬﻮﺗﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﺻﺮت أﺷﺎرك واﻟﺪي رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺎؤﻻت وﺷﻐﻠﺘﻨﻲ إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ،إذ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺮاﺛﺎ ﺷﻌﺒﻴﺎ ﺗﻠﻴﺪا«. 14
أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻬﻴﺮي» :اﻟﺪرور« دﻟﻴﻞ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ا3ﺟﺪاد
ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد
ﺳﻬﻴﻞ ،وﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور ﺷﻌﺮ :أﻧﺎ َوﻧّﻴﺖ ﻣﺎ ﻟﻲ ﻣﻦ ْﻳﺜﻴﺒﻲ اﻟﻤﻬﻴﺮي» :اﻟﺪرور« دﻟﻴﻞ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ا^ﺟﺪاد ﺳﻬﻴﻞ وﺷﻘﻴﻘﺘﺎه! ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺪرور ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ أﺳﺎﻃﻴﺮ وأﺷﻌﺎر ﺣﻮل ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺪرور وﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي ﺣﺮث اﻟﻤﺎء وﺣﺪد ِ ” ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ“ إﺑﺪاع ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻼوي ،ﻓﻠﻜﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﺳﻬﻴﻞ ،اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻼﻣﻊ ﺑﺎﺷﺎ“:ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور“ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﻓﻌﺎل ”ﺳﻬﻴﻞ“ ﻧﺠﻢ ﻛﻞ اﻟﺸﻌﻮب ﺳﻬﻴﻞ ،اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻤﺤﺒﻮب ُ دﻻﺋﻞ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺳﻴﻨﺎء ”ﺟﺤﺮ اﻟﺪﻳﻚ“ ﻳﺤﻔﻆ أﺳﺮار اﻟﺪرور ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻦ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺼﺤﺮاء إﻟﻰ ”ﻧﺎﺳﺎ“ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮاء ا ﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
13
Ĵőļ
Ɓěƀĥdžſ ŲŬ Ǯ ĘŬ ĢƀDž ŰŸǂ ĘŰč أﻧــــﺎ َوﻧّــــﻴــــﺖ ﻣـــﺎ ﻟـــﻲ ﻣـــﻦ ْﻳــﺜــﻴــﺒــﻲ ْﻣــﺤــﺒــﻲ ﻓـــﻲ اﻟـــ ْﻬـــﻮى ﻃَـــــ ّﻮل ْﻋــﺘــﺎﺑــﻲ ــﺴــ ْﻬــ ْﻤــﻪ ﻣـــﺎ ﺧــﻄــﺎﺑــﻲ ــﺴـــﻬـ ٍ َ ــﻢ ﻟـــﻪ ْﻋــﻄــﻴــﺒــﻲ ﺗْـــ َﻌـــ ﱠﻤـــﺪﻧْـــﻲ ﺑْ َ وﺻـــ ّﻮﺑـــﻨـــﻲ ﺑْـ َ ﻟـــﻮ ﻋـــﺎﻟَـــ ْﺠـــﺖ َﺟـــ ْﺮﺣـــﻲ ﻣـــﺎ ﻳﻄﻴﺒﻲ ْﻫـــ َﺠـــ ْﺮ وﺻــﻠــﻲ وﻛَــــــﺪﱠ ر ﻟـــﻲ ﺷَ ــﺮاﺑــﻲ ﺣــﺒــﻴــﺐ اﻟ ـ َﻘــﻠــﺐ وﺷْ ـــ ْﺒـــﻚ ﻣــﺎ ﺗْﺠﻴﺒﻲ ﺗــﺤــﺎﻛــﻴــﻨــﻲ وﺗَــــﺮ ْﺟــــﻊ ﻟـــﻲ ﺟــﻮاﺑــﻲ وﻻ َﺣـــﺒـــ ّﻴـــﺖ ﻣـــﻦ دوﻧـــــﻚ ﺣﺒﻴﺒﻲ وﺣــﺒــﻚ ﻧـــﺎ ﺷْ ـــ ْﻴـــﻦ ﻳــــﻮم اﻧــــﺖ راﺑـــﻲ ﺑــﻔــﻀــﻠــﻚ ﻻ ﺗْـــ َﺨـــﻠـــ ّﻴـــﻨـــﻲ ﺻــﻮﻳــﺒــﻲ ﺗــﺠــﺎﻓــﻴــﻨــﻲ وأﻧــــــﺎ ﻣـــ ّﻨـــﻚ ﺻـــﻮاﺑـــﻲ ْﺳــﻬــﻴــﺮ اﻟـــﻄـــﺮف ﻣـــﻦ ﻧــﻮﻣــﻲ ﺣﺮﻳﺒﻲ و َﻗـــﻠْـــﺒـــﻲ ﻓـــﻴـــﻪ ﻧــــــﺎ ٍر واﻟــﺘــﻬــﺎﺑــﻲ ـﺼ ـ ْﺒــﺮ ﻣــﻦ ﻃـــﻮل اﻟﻐْﻴﺎﺑﻲ اراﺑــــــﻲ ﺳــﻬــﻴــﻞ ﻣـــﻊ ﻧـــﺠـ ٍ ــﻢ رﺟــﻴــﺒــﻲ وﻻ اﻗـــﻮا اﻟـ َ وﻋـــﻮﻗـــﻲ ﻣـــﺎ ﻳــﺸــﺎﻓــﻴــﻪ اﻟــﻄــﺒــﻴــﺒــﻲ ﺷـــﻔـــﺎي اﻧـــﺘـــﻪ وﺗْـــ َﻌـــﻠـــﻢ ﻛـــﻞ ﻣـــﺎ ﺑﻲ واﺷــــﻮف اﻟـــ َﻮ ْﺻـــﻞ ﻟــﻲ ﻣ ـ ّﻨــﻚ ﺻﻌﻴﺒﻲ وأﻧــــﺎ اﻟــﻤــﻈــﻠــﻮم وازداد اﻟــﻌــﻨــﺎﺑــﻲ ــﺴـــﺪْ ﺛْـــﻮاﺑـــﻲ ﺑــﻌــﻴــﺪ اﻟـــ َﻮ ْﺻـــﻞ ﻣــﻦ ﺷــﻮﻓــﻚ ﺟﺮﻳﺒﻲ ﺗْــــ َﺮ ّﻓــــﻖ ﺑـــﻲ وﻻ ﺗْـــ ْﺤـ َ أﻣـــﻠـــ ّﻴـــﻪ ﻓــﻴــﻚ وﻇـــﻨـــﻲ ﻣـــﺎ ﻳْــﺨــﻴــﺒــﻲ وارﻳـــــﺪ اﻟــ َﻌــﻔــﻮ ﻳـــﺎ زﻳــــﻦ اﻟ ـ َﺠــﻨــﺎﺑــﻲ وﻻ ﻓـــﻲ اﻟـــﺤـــﺐ ﻣـــﻨـــﻘـــﻮ ٍد وﻋــﻴــﺒــﻲ ﻧـــﺮاﻋـــﻲ ﺑـــﻪ وﻫـــﻮ َﻋـــــ ْﺬب اﻟــﻌــﺬاﺑــﻲ ـــﻖ ﻣـــﻦ ﻟِـــﻲ ﺑـــﻪ ْاﺳــﺒــﺎﺑــﻲ وﻻ َﻋــ ﱠﻴــﻨــﺖ ﻟـــﻲ ﻗـــﺎﺿـــﻲ إﻣــﺼــﻴــﺒــﻲ ْﻳـــــ ّﺮد اﻟـــ َﺤ ْ وﺻـــﻠـــﻰ اﻟـــﻠـــﻪ ﻋــﻠــﻰ ﻃـــﻪ اﻟــﺤــﺒــﻴــﺒــﻲ ﺷــﻔــﻴــﻊ اﻟــﺨَــﻠــﻖ ﻓــﻲ ﻳـــﻮم اﻟـ ْﺤــﺴــﺎﺑــﻲ Û . ª(# ÄÙ Î Ã : ±$#
12
وﻗﺪ أﺷﺎرت اﻻﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻣﻨﺬ إﻃﻼق اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل وﺣﺘﻰ اﻵن إﻟﻰ ﺗﺤﺴﻦ وﺗﻄﻮر ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺨﻴﻮل ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺘﻬﺎ وﺻﺤﺘﻬﺎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻄﻮر أﻋﻤﺎل اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﺒﻴﻄﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ اﻟﺨﻴﻮل ﺧﻼل اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪة، اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ اﻟﺴﺮﻋﺔ ﻻ اﻟﺤﺼﺎن ،ﻷن ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺤﺼﺎن ﻫﻲ اﻷﻫﻢ ،ﻛﻮﻧﻪ اﻟﺮﻛﻴﺰة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ واﻟﺜﺮوة ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺘﺤﻤﻞ ،وﻣﺎ زاﻟﺖ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺘﻲ وﺟﺪت اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺮاء واﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ وﻣﺮﺑﻲ اﻟﺨﻴﻞ ،ﺗﺤﺪث ﺻﺪى ﻃﻴﺒﺎ ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻷﻗﻠﻴﻤﻲ واﻟﻌﺎﻟﻤﻲ. وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﻳﺔ ﺳﺎﻧﺖ ﺳﻮﻓﻴﺮ ،ﻛﺎﻣﺒﺮﻳﻮ اﻟﺠﺒﻠﻴﺔ ،ﺟﻨﻮب ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﻗﺪ اﺣﺘﻀﻨﺖ ﻣﻄﻠﻊ ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ دوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻬﺎ 100ﻓﺎرس ﻣﻦ ﻋﺪة دول أوروﺑﻴﺔ ،وﻗﺎﻟﺖ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻞ دﻳﺮوش ،اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺒﺎق ،إن اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺬي وﺿﻌﻪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻣﻴﻦ ،ﻳﻬﺪف اﻟﻰ وﺿﻊ اﻧﻀﺒﺎط أﺧﻼﻗﻲ ﻟﻬﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻞ اﻟﺨﻴﻮل ،وﻳﺸﻜﻞ ﻋﻮدة إﻟﻰ ﺟﺬور اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ
»«ďčã óĎĀė ôìŔòĿíō ôŔēōĎĴĿí ņŔñ ôķŜĬŀĿ ĐŃč
وﺳﻂ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ رﻣﺰﻳﺔ وﻓﻲ ﻟﻔﺘﻪ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﻮاﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن وﺗﺄﻛﻴﺪا ﻋﻤﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻦ دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ،وﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ ارﺗﺒﺎط اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻗﺎم ﺳﻤﻮه ﺑﻐﺮس ﺷﺠﺮة أرز ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺔ اﻷرز ﺑﺎﻻﻃﻠﺲ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ أزرو اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ. وﻗــﺪ ﺗﻤﻴﺰ ﺳﺒﺎق ﻏﺎﺑﺔ اﻷرز اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪرة ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن واﻟﻤﺴﺎرات ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺎت اﻷرز ﺑﺎﻷﻃﻠﺲ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ وﺗﻌﺮف ﺑﺠﻤﺎل ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ وﺗﻨﻮع ﺗﻀﺎرﻳﺴﻬﺎ ،وﻗﺪ اﺗﺴﻤﺖ ﺟﻮﻻت اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺬي ﺷﺎرك ﻓﻴﻪ 40ﻓﺎرﺳﺎ وﻓﺎرﺳﺔ ﺑﺎﻟﻬﺪوء واﻟﺮوﻳﺔ واﻟﻤﺘﻌﺔ ،ﻛﻤﺎ وﺻﻠﺖ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ إﻟﻰ ﻳﺎﻗﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻘﻮاﻧﻴﻦ ﺑﻮذﻳﺐ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
11
ĴŲĽŤē ğēĴĜ
وﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﻟﻠﺘﻠﻔﺰة اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ أﺛﻨﻰ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻮد اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص واﻟﺘﺮاث ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،ووﺟﻪ اﻟﺸﻜﺮ ﻟﻠﺠﻬﺎت اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﺠﻬﻮدﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳﺒﺎق ﻏﺎﺑﺔ اﻷرز اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪرة وﺗﻄﺒﻴﻘﻬﻢ ﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﺑﻮذﻳﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳﻢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ رﻳﺎﺿﺔ رﻛﻮب اﻟﺨﻴﻞ. وﻗﺎل ﺳﻤﻮه :إن ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ ﻟﺮﻛﻮب اﻟﻘﺪرة ﻫﻲ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻔﺎرﺳﺎت أوﻻً ،وﺗﻬﺪف إﻟﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻴﻮل وﺻﺤﺘﻬﺎ وﻟﻴﺎﻗﺘﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ. وأﺿﺎف ﺳﻤﻮه» :إن ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺑﻮذﻳﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﺮﻛﻮب اﻟﻘﺪرة ،ﻟﻢ ﺗﺄت ﻣﻦ ﻓﺮاغ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﺮاﻛﻤﻴﺔ وﺧﺒﺮة ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻛﺎﻓﺔ ،ﻣﺸﺪ ًدا ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة ﻣﻤﺎرﺳﺔ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ أو ﻋﺪم ﻣﻤﺎرﺳﺘﻬﺎ ،وﻻ ﺧﻴﺎر آﺧﺮ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ. وأﻋﺮب ﺳﻤﻮه ﻋﻦ أﻣﻠﻪ ﻓﻲ أن ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻨﺎدي اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ »ﻫﺎرك« زﻣﺎم اﻟﻤﺒﺎدرة وﻳﺆدي دوره ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺼﺤﺔ ﺟﻴﺪة. ÷ óĉîėçō łœĎļ
وﻗﺪ ﺟﺮى اﻟﺴﺒﺎق ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أﺷﻮاط ،اﻷول ﺗﺄﻫﻴﻠﻲ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 20ﻛﻠﻢ ﺗﺄﻫﻞ ﻓﻴﻪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن ،وﻓﺎزت ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻲ ﺳﺒﺎق 40ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘ ًﺮا اﻟﻔﺎرﺳﺔ آﻧﺎ ﻛﻮﻫﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮة اﻟﺤﺼﺎن دو ﺳﺎﻻن ﻣﻦ ﻧﺎدي اﻟﻤﻨﺰه ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ،وﻓﺎزت ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻲ ﺷﻮط اﻟـ 60ﻛﻠﻢ اﻟﻔﺎرﺳﺔ ﻫﻨﺎء اﻟﺴﻤﺎﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮة اﻟﺤﺼﺎن ﺑﺎﻫﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎدي ﻓﺮح ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ، وﻓﻲ ﺳﺒﺎق اﻟـ 80ﻛﻠﻢ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول اﻟﻔﺎرﺳﺔ رﻳﻨﺎت اﻟﺮدواﻧﻲ
10
ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮة اﻟﺤﺼﺎن أﻣﻴﺮة ﻣﻦ ﻧﺎدي ﻓﺮح ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ. وﻓﻲ ﺧﺘﺎم اﻟﺴﺒﺎق ،ﺗﻮج ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات ،اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ اﻷواﺋﻞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻮط ،ﻣﺸﻴ ًﺪا ﺑﺄداﺋﻬﻢ واﻟﺘﺰاﻣﻬﻢ ﺑﻘﻮاﻧﻴﻦ ﺑﻮذﻳﺐ ﻟﻠﺮﻛﻮب ،ﻣﺘﻤﻨ ًﻴﺎ ﻟﻬﻢ وﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻛﻞ ﺗﻘﺪم وازﻫﺎدر. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﺴﺒﺎق ﻗﺪ ﻧﻈﻤﺖ ﻟﻘﺎء ﺗﻮاﺻﻠ ًﻴﺎ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺴﺒﺎق ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻹدارﻳﻴﻦ واﻟﻠﺠﺎن اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺗﻢ ﺧﻼﻟﻪ اﻃﻼﻋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮ ذﻳﺐ ﻟﺮﻛﻮب اﻟﻘﺪرة وﺗﻮﺿﻴﺤﻪ ﻟﻬﻢ ،وﻗﺪ اﺑﺪى اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﺮﺣﻴﺒﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺨﻴﻞ واﻟﺤﻔﺎط ﻋﻴﻠﻬﺎ ،وﻛﻮﻧﻪ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ اﻧﺘﻘﺎء اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ. ôķčîĴĿí ðœċŎñ ĽŎĻŎ÷ōĎñ õîĔńĿ
ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻣﺴﻤﻴﺎت وﺗﺸﻤﻞ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻨﻮدا ّ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ إﻟﻰ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪرة واﻟﺘﺤﻤﻞ ﻷﻓﻀﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺧﻴﻞ ،وﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﻟﻠﺨﻴﻮل اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﺑـ 10ﻛﻢ ،وإﻗﺘﺼﺎر ﻧﻄﺎق اﻟﻤﺴﺎﻧﺪة ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎط اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻤﺤﺪدة ﻟﻜﻞ 1ﻛﻢ ،وﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻔﺮﺳﺎن أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺟﻬﺎز اﻟﺘﺘﺒﻊ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺗﺠﺎوز اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻤﺴﻤﻮح ﺑﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ، واﻋﺘﻤﺎد زﻣﻦ 10دﻗﺎﺋﻖ ﻛﺤﺪ أﻗﺼﻰ ﻟﻮﻗﺖ ﻋﺮض اﻟﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺒﻴﻄﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮاﺣﻞ ،ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن 15دﻗﻴﻘﺔ ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻷﺧﻴﺮة ،ﺛﻢ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﻤﺎد 56ﻧﺒﻀﺔ ﻗﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻛﺤﺪ اﻗﺼﻰ ﻟﻠﻔﺤﺺ اﻟﺒﻴﻄﺮي ﻟﻠﺨﻴﻞ ،واﻋﺘﻤﺎد 50دﻗﻴﻘﺔ ﻛﺰﻣﻦ اﺳﺘﺮاﺣﺔ اﻟﺨﻴﻞ ﺑﻴﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت.
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ ﻳﻐﺮس ﺷﺠﺮة أرز دﻟﻴﻞ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016
9
ĴŲĽŤē ğēĴĜ
ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ
ﻳﺸﻬﺪ ﺳﺒﺎق ﻏﺎﺑﺔ ا^رز اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪرة وﻳﺘﻮج اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ ÷ ęîć ª ùíĎ
ﺷﻬﺪ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﺴﺒﺎق ﻏﺎﺑﺔ اﻷرز اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪرة اﻟﺬي أﻗﻴﻢ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻗﻮاﻧﻴﻦ »ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ ﻟﺮﻛﻮب اﻟﻘﺪرة« ﻓﻲ ﺟﺒﺎل اﻷﻃﻠﺲ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ أزرو ،ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ إﻓﺮان اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ. وﺗﻔﻘﺪ ﺳﻤﻮه ﺑﺤﻀﻮر اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻋﺎﻣﻞ إﻗﻠﻴﻢ إﻓﺮان ،واﻟﺴﻴﺪ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﺮزاق ﻣﻨﺪوب ﻣﻌﺮض اﻟﻔﺮس ﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺪة، وﺟﻤﻊ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ وﻣﺮﺑﻲ وﻣﺎﻟﻜﻲ اﻟﺨﻴﻮل، ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺴﺒﺎق اﻷول ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﺬي ﻧﻈﻤﺘﻪ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻔﺮس ﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪرة اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،واﻻﺗﺤﺎد اﻟﻤﻠﻜﻲ ﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ ﻟﺮﻛﻮب اﻟﻘﺪرة. 8
71
şĘŜǠė ijĘƀĠķė وداﻋ ًﺎ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل
Ï Ê &p Ï. Ù # Ø " Ø Í/' ÛÂ
ĞŔŹűŬ ĞƀŜĘšĤ ĞƀĤėĸĠ :ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗﺮاث-ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث أﺑﻮﻇﺒﻲ،اﻹﻣﺎرات
}p Ï} Ûà Ø. ] £Ã$# p' تÙ$ Í2 ½$#
) )¹ ' '} «Bonjour» Ø # # !'3
½$# / ' Û, ! Ù Û ' # Â3# ½$#
ÛÂ æ ÎØp(# " Ø Í/' . . ÊÂ Ù Í Ã# ÛÂ
ت Ë/ pΠت Ë/Â Ê . ( Í ÐÙØ3' 3 / Í ,Î Ø. ]! Ù .« Í /# Ï «. « . .}» Ú ,Í 1Ê $'
80
ŷƀĠėķĘŬđ ğĘļėķij أﺧﻼق اﻟﺒﻄﻞ واﻟﻮﻋﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻓﻲ ا^ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا ﻣﺎراﺗﻴﺔ
اﳌﴩف اﻟﻌﺎم
ƁŔŸķĺŭŨė ĴŭĬč Ĵŀėķ ùij ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
ŲſĴŨė ĊǟŔ ĴƀŨŸ
Ù(+} 'è ( ' ÛÂ Ù ±# " 'ç# Ù
Ù'/Ø ÄÉ /'. p ~ ¥ ^ pċ Ù Ù'
Ú¦# ÎÉè ÛÂ Ø/Ù # + . } ,ÙÂ Ú Õ ] Ã$ £' Ú¦# b pÙ# Ê # . # 4 ' -Í/ # ]Û ( pÙØ~ 1¹ Ø
1 Û # #/ # Â /´ ÛÂ ,Î' ¥ (Í ÛÂ É Î+ . Ù' # )ÙÊ# . . ' Â ÛÂ (Ð /# ) 1Î ( Û /# . ] ,£Ù 1# Û ±# #
ﻏﺎدة ﺣﺠﺎج
:اﳌﻮﻗﻊ ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ www.mags.ae
]ÚpØ/ # ÃÙ$¢ p( } p( ' ] $É / } %´ Ã# ]Û . ª(# ÄÙ Î Ã ]Ú / Î(# /#/# ] ÊØ3 ¼ ]Û Ø/ # /( ' p( } ]&/$ & ¼ &/$ ]p( ' Ð -$# p ]ÐØp # ÐØ© p( ' ]* É pÙ * pÍ} ]Û Í© /( ' /Í}.
]Ð ( ] Ù / } p( ' ]Ú© ¼ Û$ ÛÃÙÃ Û$ . ])° + /° p( '
)Ù+ %ã .. ] Ø/ p( ' ]Û . ª(# p( } p° . ]ÄØ ±# p( } Ù(
ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﳌﺠﻠﺔ : Ø # . 2 Û ¸/ - p (# Ù # '2 waleedalaa@hotmail.com : Ø # Øp'
00971556929190 :%Ø /'
)Ù+ . ]Û ' p# ±ã ] µ¢ Ä /Ø /( ' ]Á ° /( ' ]ÛÉ/ p# ]"/ p( ' "/ . ]ÐÙ ÊØ pÙ . ] p,' Ù ª# ]Ë Í ]) $' p( }
]Ú 3 ])Ù+ pÙ p( ' ]pÙ (# p p( ' Ä ] .p(' " µÍ h Ð ] /$ p( } ] Ø ¼ p( ' ] p( ' ]Úp° % Ù ]Ï¥Õ(# p d( }
( Â ]p( ' )Ù+ -$# + ]p( ' / Ê(# p ]Û Ù # ° ]p( ' Ð
.Û . ª(# p( ( Â. ]"3+ ÙÍ ]Û . ª(#
026666130 :Ä + p( } : Ø©/ # ".Õ ' marketing@cmc.ae +971 56 3150303 Ø©/ $# 'è
اﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت : #.p# ¢ Ð' Âç# /)+ 150 : 'è #. %¢ Âç# b Õ($# / (+ 150 : #.p# %¢ Õ($# - 2. 200 . 2. 200 #.p# ¢
7
2016 اﻛﺘﻮﺑﺮ204 اﻟﻌﺪد/ ﺗﺮاث
øijĴŕŨė ŸķĸĭŬŸ ĊėĸŕŀŸ ęĘDžġŤ
اﻻﺧﺮاج واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ
ﻳﺎت اﻟﻌﺪد ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت
124
إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت ﺿﺮورة 64ارﺣﻴﻠﻪ :ﻋﺎدة 69اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﺮﻳﻖ ﻓﻲ »ﺑﺎﺑﻞ« 70ﻃﻔﻼن ﻲ
اﻟﺸﻌﺒﻲ وأدﻟﺠﺔ اﻟﺨﻄﺎب 78اﻟﻨﺺ ﺸﻌﺒﻲ
ﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ :أﻧﺎ ﻣﺠﻨﻮن ﻛﺘﺐ! 85ﻋﻨﺪﻣﺎ ل اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ ،اﻟﻄﺮﺑﻮش 91اﻟﺮزة ،ﻄﺎﻗﻴﺔ،
اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ أﻧﺴﻨﺔ اﻟﺪﻳﻦ 98ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ
100اCدب ﻋﻠﻰ أرﻳﻜﺔ اﻟﻤﺤﻠﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ 103ﻟﺆﻟﺆة ﻣﻴﺴﻮن ﺻﻘﺮ ﻧﺒﻀﺎت ﻓﺎﺿﺤﺔ ٌ 104
106اﻟﺨﺘﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﻘﺮوي اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻲ ﺎ ،ﺻﻮرة ﻃﺒﻖ اCﺻﻞ 109آﻧﺎ ﺑﺮﻧﻜﺎ،
110ﻣﺸﺎﻋﺮ داﻓﺌﺔ أﻧﻘﺬت اﻟﻌﺎﻟﻢ
اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ« ﻧﻨﺴﻰ »دﺑﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓ ﺔ 113ﻛﻲ ﻻ ﻧﻨ
114اﻟﺸﺮﺑﻴﻞ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،ﺳﺤﺮ ﺧﺎص 117اﻻﻳﺒﺮو ،ﻓﻦ اﻟﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء
118اCﺻﻮل اﻟﺴﻮﻣﺮﻳﺔ ﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻘﺼﺐ 123ﻋـﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺠـﻬﻢ
124اﻟﻤﻮﻟﻮﻳﺔ ،أﻧﻴﻦ وﺑﻬﺠﺔ واﻧﻄﻼق 127أﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ
128اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻔﻼﺣﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ 130اﻟﻘﻤﺮ اﻟﺬي أﻛﻠﺘﻪ اﻟﺤﻮﺗﻪ
110
أﺳﻌﺎر اﻟﺒﻴﻊ 2 Ø 10 É - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è b '(250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ ÐØ # $ ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ
b Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+ 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # - Ï ÎØ Ù(° ,# . 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ
6
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
ķĸĭŭŨė ŲŬ 56
92
ĜġťŨė şŹļ Ĝġť ث اﻟﺠﺰر اﻟﺜﻼث إدارة اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻤﻤﺘ ّﺪة ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻘﺪﻣﺎء وﻫﻴﺌﺔ اﻟﻜﻮن
ÛÂ p ((# # .. 3 # ª # ) % Ø
ÐÙ . ,ÎÙ / . ( # ÛÂ &/ Î# É /'. Ï/ # äÙ, 'pÊ# ) +
Č ( Ù$£# ]Ï Ù,Í " pØ © Ð Ï $ Ð p# ¢ / p# ¤Ù±$# b b e p # ÐÙÙ 'è ÐÙ # Ð' 3Ù Ï~ (ã É ÎØp# "Ô Ã #
Û # ( # &/ Í (#} /+. " ÙÍ (Ù# 0 ±# " ) Í /,¸ ÐÙ / 'pÎ
Ø µÉ 1$ %Ù$ # . p# % Ê eØ /+. ÚpÙ$Ê # .} pã $#
ÐÙØ (# 'pÉ % Â ' / Í 1$ ), Ù ÛÂ Õ(# + /¹# Ð' p Ï µÙÃ# Ø p Ï} /¹ 2 ¥ ]%ÙÎ# Ï µÙÂ .p . ³ æ Ð' + Í
b b eØ Û 1 Î' Î b3Ùà Ï/ Ù Ø ½' Ùã É (Í å±Î b . Ù # Û # ÎÎ . Û # p (' Ù# ° .
.) Î# ¦+ Ù Í Ð' (±# Ë. ± # ( &pÊ# ¦Î' /( + Ðئ# Ù # ت # Î } pÎ " # Í !#¦ ), ] ,Î# . %Ù$# Û Ù'/Ù# ), Ù , 2 ,#© Î'  '. &/ Î#
# Â. (# ".ªÍ É.}. Î # "/  "/¢ ,#3¢ Ð' Ï/Â Ø . # . Ï/ Ø 1 ' 0 Ê# %+}. Ï/ ª(# Á Ø &/ Î# "3¢ Ð'. # %+} Á Ø. ] (# ".ªÎ# b p .¦ # Ï. ÎØ 1 '. ),Ù´ }
86
. Ã # . pÙ # ) /' # %+} Á Ø. " # . Û # ) /' ´/# } ] ,ÙÂ Ê Ø Û # -#© Î' Â '. "%Ù, " ) Í # ' Í . b
) Á eØ ] Ù$£# %+} ¢. Ù # ت # Ê Î( ¢ )Ø/Ê ." . p# )Ø/Ê " /,Â- "%Ù, " ) Í /$ # ÌÙÉp# p /(# pØp Û Á3 ¢2 Ð' )¼ # . Ù#  Ð' %$Ê 2. Ù p Ë. Ã# *¦+ Ï} 2 - ¼} 28 1# 15 ÐÙ
. # . ª# pÙ /'. # . / # # ' ,Ê . )Ø/Ê #
ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون
/µ# ¶ Ê# ]ÛÊÙ # Û($ # # ¦, ÛÃ Í p # ¦+ ÛÂ
)$ Ø. © Ð' )Ù$ # 1# (4+808 ) Ï.p$¢ Ð 0p } ¹Í
$Ø/ #/ Û+. ] Ù # ت # %+} / ~' Û b($ . b } - Ù$
. ,Â. ¸. , . ( (# - . ]Ú ± #
ÛÂ %Ù, ) Î ÛÃØ Ä$' Ð(´ ,$( ÊØ . . p# 1$ ÛÊÙ # )$ # . Ù ±# pÊ (# . Ù æ ÐÙ , Ø/ ' /Î
Ï ( # . µ # - É3 © }. -Ù  ] ( 2 b ±Í *  ^ ,ÙÉ . ,'pÊ Û - ÃÙ¸. p . ] Ù ( b
µÂ Û Ì$ Û # /(# Ð' É / 1# ] Ø # . °æ .
- Ù(Î ÛÂ & , è . ]- Ê . -Â Ù } % ( (# 'p¢
.ªÙ((# â É " Î Ï} / Í Ã# . Â Ê #
.- µ Î . - . Ø/Ê .
5
2016 اﻛﺘﻮﺑﺮ204 اﻟﻌﺪد/ ﺗﺮاث
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
13
p
'4
# Ä$
ﺳﻬﻴﻞ ،وﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور
Ù $ Û+ . p# /(¹Í. ]Û´ (# Û Ù$£# %+} + ' ª# " ( } pØ Â ÊØ ,#3¢ Ð
/½# .
 '.
' ) /
#
Ø/ # ¢æ Ð' Ù # . pÙ # . ) Î # *¦+ .0 ¢æ
ÛÂ É/' ' Í ( 1¹ Ø Ú¦# %Ù,
1 Í Û # Í (# Û+. ] # ¤Ø .Ä$(# ¦+ Û +p #
12 14 18 20 23 24 26 30 32 36 38 43 44 46 52 54 57 58
4
ﺷﻌﺮ :أﻧﺎ َوﻧّﻴﺖ ﻣﺎ ﻟﻲ ﻣﻦ ْﻳﺜﻴﺒﻲ اﻟﻤﻬﻴﺮي» :اﻟﺪرور« دﻟﻴﻞ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ا^ﺟﺪاد ﺳﻬﻴﻞ وﺷﻘﻴﻘﺘﺎه! ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺪرور ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ أﺳﺎﻃﻴﺮ وأﺷﻌﺎر ﺣﻮل ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ اﻟﺪرور وﻣﻨﺎزل اﻟﻘﻤﺮ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺣﻮل اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي ﺣﺮث اﻟﻤﺎء وﺣﺪد ِ »ذات اﻟﺤﻠﻘﺔ« إﺑﺪاع ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻼوي ،ﻓﻠﻜﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﺳﻬﻴﻞ ،اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻼﻣﻊ ﺑﺎﺷﺎ»:ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪرور« ﺗﻘﻮﻳﻢ ﻓﻌﺎل »ﺳﻬﻴﻞ« ﻧﺠﻢ ﻛﻞ اﻟﺸﻌﻮب ﺳﻬﻴﻞ ،اﻟﻨﺠﻢ اﻟﻤﺤﺒﻮب ُ دﻻﺋﻞ اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺑﺪو ﺳﻴﻨﺎء »ﺟﺤﺮ اﻟﺪﻳﻚ« ﻳﺤﻔﻆ أﺳﺮار اﻟﺪرور ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻦ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺼﺤﺮاء إﻟﻰ »ﻧﺎﺳﺎ« ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺷﻌﺮاء ا ﻣﺎرات اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
46
106
71
110
80
114
ğēĴĜ ēĴżŨĔŠ
وداﻋ ًﺎ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎل ص 71
2
turath_cmc turath_cmc
ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ
ﻧﺎدي ﺗﺮاث ا ﻣﺎرات اﻟﻌﺪد 204اﻛﺘﻮﺑﺮ 2016