ěēijĔŨǞē ğēĴĜ
اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ: ﻋﻨﺼﺮ ﻫﺎم ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻧﻈﺎم اﻟﻔﻠﺞ ،وﻫﻮ ﺣﻮض ﻣﻔﺘﻮح اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﺴﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﺮي واﻟﺴﻘﺎﻳﺔ. وﻟﻌﺒﺖ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ دورا اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻫﺎﻣﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻓﻀﺎء ﻟﻠﺤﻮار ،واﻟﺘﺮﻓﻴﻪ.
ﺑﺮزة ﺗﺮاث
ﺳﺤﺎﻳﺔ اﻟﻠﻴﻞ ﻳﺎ وﻳﻠﻬﺎ وﻳﻞ ﻣﺜﻠﺖ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻐﺮي ﺑﺎﺑﺎ ﺳﺤﺮﻳﺎ ،ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ أﺗﺴﺎءل ﻛﺜﻴﺮا ﻋﻨﻬﺎ ،وأﺣﻔﻆ ﻣﺎ ورد ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل أو ﻣﻘﻄﻌﺎت ﺷﻌﺮﻳﺔ .ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر واﻵراء اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺣﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺸﺆون اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،واﻟﺘﻔﺎؤل واﻟﺘﺸﺎؤم وﻛﻴﻔﻴﺔ اﺗﻘﺎء اﻟﻨﺤﺲ ،ﻣﻊ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤ ّﻆ اﻟﺤﺴﻦ. ﻫﻲ ﺗﺮﺳﺨﺖ ﻓﻲ اﻟﻼوﻋﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻋﺎﺑﺮة اﻟﻌﺼﻮر واﻷﻣﻜﻨﺔ، ﻓﻴﺘﻌﺰز دورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻄﻮرة ،ﻟﻴﻨﺤﺴﺮ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻓﻴﺘﺒﻘﻰ اﻟﺴﻦ ،إﺿﺎﻓﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺪاول ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل ،أو ﻣﺎ ﻳﺮدده ﻛﺒﺎر ّ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻮرده ﺑﺸﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ. ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ﻫﻲ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ،أو ﻣﺪى ﺻﺪﻗﻬﺎ ،أو إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺤﻘﻘﻬﺎ ،إن اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻛﺜﻴﺮة، أورد ﻫﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺗﻤﺸﻴﻂ اﻟﻤﺮأة ﺷﻌﺮﻫﺎ ﻟﻴﻼ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻮﻋﺪون ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺸﻂ ﺷﻌﺮﻫﺎ ) ﺗﺴﺤﻲ ( ﺑﺎﻟﻮﻳﻞ واﻟﻬﻼك؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺠﻬﻞ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﻓﻌﻠﺘﻬﺎ ﻫﺬه: ﺳ ّﺤﺎﻳﺔ اﻟﻠﻴﻞ ﻳﺎ وﻳﻠﻬﺎ وﻳﻞ إذا ﻣﺎ دارت ﻋﻦ اﻷﺧﻮ ﺗﺪاري ﻋﻦ اﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﺺ ﻳﺒﺮر اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺳﺒﺐ اﻟﻨﻬﻲ؛ ﺑﺄن ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﻻﺗﻤﺸﻄﻪ ﻟﻴﻼ أﻣﺎم أﺧﻴﻬﺎ ،وإن ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ،ﻓﺎﻷوﻟﻰ أن ﺗﺤﺴﺐ ﺣﺴﺎب اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺤﺎﺳﺪة اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺼﻴﺒﻬﺎ. ﻗﺺ اﻷﻇﺎﻓﺮ ،ﺣﻴﺚ وﻣﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ّ ﻗﺺ اﻷﻇﺎﻓﺮ و رﻣﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ ﻳﺠﻠﺐ اﻋﺘﻘﺪ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﺑﺄن ّ اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺒﺆس ﻷﻫﻠﻪ؛ ﻟﻬﺬا ﺣﺮﺻﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ ،ﻫﻢ ﻳﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ أﻫﻞ دوﻟﺔ ﻗﻄﺮ وﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ. وإن ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻳﺬﻫﺒﻮن إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺑﺄن رﻣﻲ ﻫﺬه اﻷﻇﺎﻓﺮ ﺑﻴﻦ ﺑﻴﺘﻴﻦ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﺑﺈﺛﺎرة ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ. أﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮد اﻟﺠﻦ وإﺑﻌﺎد اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺤﺎﺳﺪة ﻓﺎﺳﺘﺨﺪم اﻟﻨﺎس
130
ﺳﺤﺎﻳﺔ اﻟﻠﻴﻞ ﻳﺎ وﻳﻠﻬﺎ وﻳﻞ
د.ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ@
اﻟﻤﻠﺢ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺮش ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺣﻮل اﻟﺒﻴﻮت اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻟﺘﺤﺼﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻦ واﻟﻌﻴﻮن اﻟﺤﺎﺳﺪة .ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺿﻊ اﻟﻤﻠﺢ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ. ﻣﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ و رﻋﺎﻳﺘﻪ وﺿﻊ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﺗﺤﺖ ﻣﺨﺪة اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺮﺿﻴﻊ؛ ﻟﻴﻨﺎم ﻧﻮﻣﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ .وﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﺤﻢ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻷرﺑﻌﻴﻦ ﺑﻌﺪ وﻻدﺗﻪ؛ ﻓﺈن واﻟﺪﺗﻪ أو ﺟﺪﺗﻪ ﺗﻀﻊ ﺑﺠﻮار رأﺳﻪ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﻠﻮن أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﻜﺒﺮ .ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات رأﻳﺖ رﺿﻴﻌﺎ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ؛ وﺿﻌﺖ أ ّﻣﻪ ﺑﺠﻮار رأﺳﻪ ﻣﻔﺘﺎح ﺳﻴﺎرة ﺛﻤﻴﻨﺔ ،و دﻓﺘﺮ ﺷﻴﻜﺎت وﻧﻘﻮدا؛ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺟﻠﺐ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺒﺮﻛﺔ ﻣﺘﻤﻨﻴﻦ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﺑﺎﻫﺮا. ﻟﻠﺴﻔﺮ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ،ﻫﻢ ﻳﺮون أن أﻓﻀﻞ أﻳﺎم ﺑﺪء اﻟﺴﻔﺮ ﻫﻮ اﻟﺜﻼﺛﺎء ،وأﻣﺎ اﻟﻌﻮدة ﻓﺘﻜﻮن ﻳﻮم اﻷرﺑﻌﺎء؛ ﻷﻧﻬﺎ أﻓﻀﻞ اﻷﻳﺎم ﻓﻲ اﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ .ﺣﻴﻦ ﻳﺘﺮك اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ أﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ، ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻻ ﻳﻨﻈﻔﻮا اﻟﺒﻴﺖ ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻤﺤﻰ أﺛﺮه ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺖ؛ ﺗﺸﺎؤﻣﺎ ﻣﻦ ذﻫﺎﺑﻪ ﻣﻦ دون ﻋﻮدة إﻟﻴﻬﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى ،وﻟﻜﻲ ﻳﻌﻮد إﻟﻴﻬﻢ ﺳﺎﻟﻤﺎ ﻏﺎﻧﻤﺎ. ﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﻫﻨﺎ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺴﻔﺮ ﻗﺪﻳﻤﺎ؛ إﺿﺎﻓﺔ ﻻﻧﻘﻄﺎع ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ وﺿﻴﺎﻋﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،أو وﻓﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ. وﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق ذاﺗﻪ ﺗﻘﻮل اﻟﺴﻴﺪة ﻋﻔﺮاء ﺑﻨﺖ ﺟﻤﻌﺔ ،أﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ زﻳﺎرﺗﻬﺎ ﻹﺣــﺪى اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ، ،ﻏﺴﻠﻮا ﻗﺪﻣﻴﻬﺎ ،ﻫﻲ وﻣﻦ ﺟﺎء ﻣﻌﻬﺎ، اﻋﺘﻘﺎدا ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺄن ﻫﺬا ﺳﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﻮد إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺟﺎذﺑﻴﺘﻬﺎ و ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ،وﻫﻲ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻟﺘﺴﺠﻴﻞ واﻟﺘﻮﺛﻴﻖ @ ﺑﺎﺣﺜﺔ وأدﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﻣﺎرات
ﺳﺎﻣــــــﻲ ﺳــﻌﺪ ،ﻣﺼﺮ
أﻧﺠﻠﻴﻨﺎ ﻳﻮﻧﻎ ،ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ
أﻣــــﻞ ﺟـــﻤﺎل ،ﻣﺼﺮ
ﻓﻴﻜﺘﻮر ﺑﺎث ،ﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ
ﻧﺼﺮ ﺟﻤﻴﻞ ﺷﻌﺚ ،ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
ﻣﻮﻧﺎﻟﻴﺰا ﻣﺎﻳﻮن ،أﻣﺮﻳﻜﺎ
ورﻏﻢ ﻫﺬا ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺣﻔﻼ ﻧﺎﺟﺤﺎ ﺑﻜﻞ اﻟﻤﻘﺎﻳﻴﺲ؛ إذ أﻗﻴﻤﺖ ﻋﻠﻰ ÷àíĎûō iľīîĴ÷ iĩŎň
ﻫﺎﻣﺸﻪ ﻋﺮوض ﻓﻨﻴﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،أﺑﻬﺮت اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ،واﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻐﻔﻴﺮ اﻟﺬي ﺗﺎﺑﻊ اﻟﺤﻔﻞ ،وﻗﺪم اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﺎر ﺳﻤﻴﺮ اﻟﻘﻤﺮي ﻋﺰﻓﺎ ﻣﻨﻔﺮدا ﻋﻠﻰ آﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن .ﻛﻤﺎ ﺗﺎﺑﻌﻪ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ. ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن أﻟﻘﺎﻫﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﻮد ﺷﺮف رﺋﻴﺲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن، وأﻟﻘﺖ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ آﻟﻴﺜﻴﺎ ﻣﺎرﺗﻴﻨﺚ، ﻛﻤﺎ أﻟﻘﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻃﻨﻄﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ زﻛﻲ ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺪر ﻗﺪ أﻟﻘﺎﻫﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺣﺴﻴﻦ ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻠﻐﺎت واﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ .ﺗﻤﺤﻮرت ﺟﻞ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﺣﻮل أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎت ﻓﻲ ﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، واﻟﺘﻨﻮع اﻟﻤﺜﺮي ﻟﻠﻤﺸﻬﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﻳﻖ ﻛﻤﺼﺮ ،وإﻳﺠﺎد ﻓﻀﺎء ﻣﺘﺠﺪد ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻴﻪ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﻘﺎﻋﺎت اﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ،اﻟﺘﻲ ُﺣﺒﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻃﻮﻳﻼ ،ﺣﺘﻰ اﻧﺼﺮف ﻋﻨﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ ﻛﻠﻲ» .اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻜﺮة ﻗﺪﻳﻤﺔ ،ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻗﺪﻳﻢ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗُﻮﻟﻰ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ، وﻣﻬﺮﺟﺎن ﻃﻨﻄﺎ ﻳﺤﻴﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ،ﺑﺒﺮاﻋﺔ« ،ﺑﺤﺴﺐ ﻋﻤﻴﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻃﻨﻄﺎ» .ﻫﺎﻣﺶ اﻟﺤﻀﻮر اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮي ﻻ ﻳﻌﻮض – ﻓﻘﻂ -ﻏﻴﺎب اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻫﻨﺎ؛ إﻧﻤﺎ ﻳﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﺣﺠﻤﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ، اﻟﺬي ﻫﻮ ﻻ ﺷﻲء ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ إزاء وﺟﻮد اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ،واﻟﺸﺮﻳﺤﺔ اﻟﻤﺴﺘﻬﺪﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻧﺸﻄﺔ؛ اﻟﺠﻤﻬﻮر .ﻟﺬا ﻧﺆﻛﺪ :ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻء ﻛﺜﻴﺮا ،ﻫﻢ ﻣﺠﺮد أداة –إذا ﺻﻠﺤﺖ -ﻟﺘﻤﻬﻴﺪ اﻟﺘﺮﺑﺔ أﻣﺎم زراﻋﺔ ﺟﺪﻳﺪة ،ﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ!« .ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ دﻋﺖ اﻟﺤﻀﻮر ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺘﺤﻴﺔ ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺧﻼل ﻛﻠﻤﺘﻪ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻧﺴﺒﻴﺎ!
ﻻ ﺷﻚ أن اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻳﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ؛ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺑﻜﻞ إﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺗﻪ اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،وﺗﻐﻴﺮ ﻧﻤﻂ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺔ أﻳﻀﺎ، وﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻳﻘﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻻﺣﺘﻜﺎك اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺑﺪا واﺿﺤﺎ أﻧﻪ أوﻟﻮﻳﺔ ﻗﺼﻮى ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن؛ إذ ﻳﺤﺮص اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻴﻪ أن ﺗﻘﺎم أﻧﺸﻄﺘﻪ ﻓﻲ ﻓﻀﺎءات ﻣﺤﺮوﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ ﻛﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،أو ﺑﻤﻌﻨﻰ أدق ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ! ﻓﺤﺎوﻟﻮا ﺧﻠﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﺧﻢ واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ اﻟﺸﺪﻳﺪﻳﻦ ،ﺑﺎﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﻛﺜﺮ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺠﺤﻮا ﻓﻴﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌﻘﻮل؛ ﻓﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮي ﻣﻊ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ﻳﻘﺪم دﻟﻴﻼ واﺿﺤﺎ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﺮﻫﺎن :ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻔﻌﻞ ﺛﻘﺎﻓﻲ اذﻫﺐ ﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﺤﺘﺎﺟﻴﻪ .ﻓﻲ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺸﺒﺎب أﻃﻔﺎل وﺷﺒﺎن وﻋﺠﺎﺋﺰ أﻳﻀﺎ، رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪ ﺣﻴﻮاﺗﻬﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ؛ ﻗﺼﺎﺋﺪ ،وﻟﻐﺎت، وأﻓﻜﺎر ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﺗﻈﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر ﻣﺤﻔﻮرة ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة دوﻣﺎ ،ﺗﺨﻠﺨﻞ اﻟﺘﺮاﻛﻴﺐ اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺂﻟﻔﻮا ﻣﻌﻬﺎ ،وﺗﺼﻨﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮاك اﻟﺬﻫﻨﻲ، وﺗﺘﻐﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة .أﺟﻴﺎل ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ أﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻫﻨﺎ، وﺣﻮارات ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ دارت ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﻣﺸﺎرﻛﺎﺗﻬﻢ ،ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺠﻤﻬﻮر، أﺳﺌﻠﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻃﺮﺣﺖ ﺣﻮل ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﺸﻌﺮ ،وﺟﺪواه ،واﻧﻌﺰاﻟﻪ .أﺳﺌﻠﺔ ﺗﻌﻤﻖ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻃﻨﻄﺎ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻣﻦ زاوﻳﺔ اﻹﺗﺎﺣﺔ ،واﻟﺒﻨﺎء .اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻗﺎم ﺑﺰﻳﺎرة ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺳﺮﻃﺎن اﻷﻃﻔﺎل ﺑﻄﻨﻄﺎ ،ﻗﺪﻣﻮا ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻫﻨﺎك ﻫﺪاﻳﺎ ﺗﺬﻛﺎرﻳﺔ ،وﺗﺒﺎدﻟﻮا ﻣﻌﻬﻢ ﺣﻮارات إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ داﻓﺌﺔ ،وﻗﺮأوا ﻟﻬﻢ أﻳﻀﺎ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻷﻟﻢ. »اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﺤﻴﺎة » ﻣﻠﺨﺺ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻤﺎ ﺟﺮى ﻋﻠﻰ أرض ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﻨﻄﺎ .اﻟﺸﻌﺮ ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻔﺎرق أﻳﻀً ﺎ! ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
129
İŀĴŨ ﺷﻌﺮاء ﻣﻦ 33دوﺑﺔ ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ دورة ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻃﻨﻄﺎ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺸﻌﺮ2
ﻓﻲ اﻟﺪورة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻃﻨﻄﺎ اﻟﺪوﻟﻲ
اﻟﺸﻌﺮ ﺷﻌﺮ
ﻛﺎﺋﻦ ﻻ ﻳﻌﺘﺮف ﺑﺎﻟﻠﻐﺎت
ŒòńòĿí ŏōĎŃ ôĬñîøŃ
»اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺼﻨﻊ اﻟﻔﺎرق ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻌﻮب ،واﻟﺸﻌﺮ ﻫﻮ روح اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬه اﻟﺮوح ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺟﻌﻞ اﻟﺤﻴﺎة أﻛﺜﺮ رﺣﺎﺑﺔ« .ﺑﻬﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺧﺘﻤﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ »آﻟﻴﺜﻴﺎ ﺧﻮان ﻣﺎرﺗﻴﻨﺚ« ﻛﻠﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎح اﻟﺪورة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻃﻨﻄﺎ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺸﻌﺮ ،أﻟﻘﺘﻬﺎ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺑﻠﻎ ﻋﺪدﻫﻢ ﺛﻼﺛﺔ وﺛﻼﺛﻴﻦ ﺷﺎﻋﺮا ﻣﻦ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .اﻟﺪورة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﺳﺘﻤﺮت ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻛﺘﻮﺑﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﺤﺎدي واﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﺸﻬﺮ .أرﺑﻌﺔ أﻳﺎم ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺒﻬﺠﺔ ،ﺗﻨﻘﻞ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن –ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ -ﺑﻴﻦ ﻋﺪة ﻣﺪن وﻗﺮى أﺧﺮى ﻣﺠﺎورة ﻟﻤﺪﻳﻨﺘﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ؛ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻃﻨﻄﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻨﻬﺎ دﻟﺘﺎ اﻟﻨﻴﻞ ،ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ. ﻟﻠﻌﺎم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ﻳﻮاﺻﻞ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺗﻪ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ أن اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻳﺤﺘﺎج -ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺒﻪ اﻷﻛﺒﺮ -إﻟﻰ اﻹرادة؛ ﻓﺮﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺖ إﻗﺎﻣﺔ دورة اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ،وﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻮن ﻋﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﺗﻌﻨﺘﻬﻢ؛ ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺧﺮوج اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺪارس اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﻨﺼﺮم ،واﻛﺘﻔﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ داﺧﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .ﻏﻴﺮ أن اﻹرادة ﻫﻨﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ دﻓﻌﺖ ﺑﻤﻨﻈﻤﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ إﻳﺠﺎد ﻓﻀﺎءات أﺧﺮى ﻟﻠﺸﻌﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺸﺒﺎب ﺑﺎﻟﻘﺮى ،واﻷﻧﺪﻳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪن أﺧﺮى. 128
اﻟﺸﻌﺮ ﻛﺎﺋﻦ ﻻا ﻳﻌﺘﺮف ﺑﺎﻟﻠﻐﺎت
óĊăíō àîńē iŐøė õîİĿ
ﺑﻴﻦ ﺳﺖ ﻟﻐﺎت ﺣﻴﺔ ﺗﻮزﻋﺖ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﺸﻌﺮاء ،اﻟﺬﻳﻦ أﺗﻮا ﻣﻦ ﺳﺖ ﻋﺸﺮة دوﻟﺔ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﻗﺎرات؛ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، أوروﺑﺎ ،آﺳﻴﺎ ،وإﻓﺮﻳﻘﻴﺎ .ﻣﻦ ﺗﺴﻊ دول أﺟﻨﺒﻴﺔ ،وﺳﺒﻊ ﻋﺮﺑﻴﺔ .ﻛﺮﻧﻔﺎل ﻣﻦ اﻷﻟﻮان واﻷﺻﻮات؛ اﺣﺘﻠﺖ ﻓﻴﻪ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ واﺟﻬﺔ اﻟﻤﺸﻬﺪ ،ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ،ﻓﻤﻦ ﺧﻤﺲ دول ﻧﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ أﺗﻰ ﺳﺘﺔ ﺷﻌﺮاء؛ ﻣﻦ اﻷرﺟﻨﺘﻴﻦ ،ﻛﻮﺳﺘﺎرﻳﻜﺎ ،ﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ ،ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ ،وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ .ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺮ ،اﻟﺴﻮﻳﺪ ،وﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ .وﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ،ﻟﺒﻨﺎن، ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ،ﺳﻮرﻳﺎ ،اﻷردن ،اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،وﻣﺼﺮ .ﺛﻼﺛﺔ وﺛﻼﺛﻮن ﺷﺎﻋﺮا اﺷﺘﺮﻛﻮا ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﺛﻼث وﻋﺸﺮﻳﻦ أﻣﺴﻴﺔ وﻗﺮاءة ﺻﺒﺎﺣﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺎت اﻵداب ،اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،اﻟﺘﺠﺎرة ،واﻟﻌﻠﻮم ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻃﻨﻄﺎ. ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺷﺒﺎب ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻨﺎدﻳﺪ ،وﻣﺮﻛﺰ ﺷﺒﺎب ﻗﺮﻳﺔ ﻣﻨﺸﺄة اﻟﻜﺮدي. ﻓﻲ ﻧﺎدي اﻟﺼﻴﺪ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﺤﻠﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،ﻧﺎدي زﻓﺘﻰ اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ زﻓﺘﻰ ،ﻧﺎدي اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ،وﻧﺎدي ﻃﻨﻄﺎ اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻃﻨﻄﺎ .إﻟﻰ ﺟﻮار ﺣﻔﻠﻲ اﻻﻓﺘﺘﺎح واﻟﺨﺘﺎم ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرة ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻃﻨﻄﺎ وﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺪر ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ. ïîŔį
اﻟﻼﻓﺖ ﻫﻮ اﻟﻐﻴﺎب اﻟﺘﺎم ﻟﻜﻞ اﻟﺮﺳﻤﻴﻴﻦ ﻋﻦ ﻣﺸﻬﺪ اﻻﻓﺘﺘﺎح ،ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﻀﺮ اﻟﺤﻔﻞ اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻲ أي ﻣﺴﺆول ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻦ وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وﻫﻲ اﻟﺮاﻋﻲ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ،أو ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎم اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ ،ﻓﻘﻂ ﺣﻀﺮ ﺑﻌﺾ ﻣﺴﺆوﻟﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻃﻨﻄﺎ ،وﻣﻤﺜﻞ ﻋﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺪر –وﻫﻤﺎ اﻟﺮاﻋﻴﺎن اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺎن ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن-
ﻣﺮﺻﺪ
»ﺗﺴﻮﺷﺎ« اﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻤﻮروث اﻟﻘﺮاءة ﻋﻦ ﺑﻠﺪ ،ﻻ ﺗﺸﺒﻪ زﻳﺎرﺗﻬﺎ ،أو اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ ﺑﻌﺾ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ، ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﺎ راودﻧﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﺒﻴﺖ دﻋﻮة اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻜﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻟﺤﻀﻮر اﺣﺘﻔﺎﻟﻬﻢ اﻟﺴﻨﻮي ﺑﻌﻴﺪ اﻟﺤﺼﺎد، أو ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ﻋﻴﺪ »ﺗﺴﻮﺷﺎ«. أول ﻣﺎ ﻳﻠﻔﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه اﻹﻋﺪاد اﻟﻤﺘﻘﻦ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮ ﻣﻦ اﻟﻬﺪوء واﻻﻟﺘﺰام واﻟﺪﻗﺔ ،ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺪﻧﺎ اﻧﺠﺎز أﻗﻞ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺎم ﺑﺄﻛﺒﺮ ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﺐ! ﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳ ًﺒﺎ ،ﻓﻜﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،دوﻟﺔ اﺗﺨﺬت ﻗﺮا ًرا ﺟﻤﺎﻋ ًﻴﺎ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﻛﻞ ﻃﺎﻗﺎﺗﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻌﻤﻞ واﻹﺑﺪاع ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻐﻔﻞ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻬﺎ ﻛﺎﻳﺎن ﺟﻮ اﻟﻤﺮﺷﺪة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺴﻔﺎرة ،ﻓﺒﻌﺪ ﻓﻘﺮة ﻣﻦ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،أﺷﺎرت ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ إﻟﻰ أن أﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﻣﻮاﻃﻨﻲ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻷزﻣﺎن ،أن اﻋﺘﺰازﻫﻢ ﺑﺈرﺛﻬﻢ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ وﺣﺮﺻﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺑﻼدﻫﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ. ﻣﻦ اﻟﻤﺒﻬﺞ ﻟﻲ ﺷﺨﺼ ًﻴﺎ أن أﺟﺪ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻷرز ،إذ ﻳﺸﺒﻪ ذﻟﻚ ذاﺋﻘﺘﻨﺎ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ،ﻗﺎﻣﺖ اﻟﻔﺘﻴﺎت ﺑﺈﻋﺪاد ﻛﻌﻜﺔ اﻷرز اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻴﻮم ﺗﺤﺖ إﺷﺮاف ﻃﺎﻫﻴﺎت ﻛﻮرﻳﺎت ،إﻻ أن اﻟﻜﻮرﻳﻴﻦ ﺗﻔﻮﻗﻮا ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻲ اﺑﺘﻜﺎر اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟﺤﻠﻮﻳﺎت ﻣﻦ اﻷرز ،ﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت واﻷﻋﻴﺎد اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،وأﻋﻴﺎد اﻟﻤﻴﻼد ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻨﻮع ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻄﻌﺎم ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت اﻷﺧﺮى. درﺟﺔ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ اﻟﺘﻲ وﺟﺪﺗﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻷﻋﻴﺎد اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ واﻟﻜﻮرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻻﻓﺘﺔ أﻳﻀً ﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ روح اﻟﺘﻌﺎون اﻟﻤﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺮة اﻟﻜﻮرﻳﺔ ،ﻓﻔﻰ ﻛﻮرﻳﺎ ﻋﻴﺪ »ﺗﺸﻮﺳﻮك« ،وﻫﻮ ﻣﻦ أﻗﺪم اﻷﻋﻴﺎد اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻜﺘﻆ اﻟﻄﺮق اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎرات وﺗﻐﻠﻖ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ أﺑﻮاﺑﻬﺎ ﻟﺜﻼﺛﺔ أﻳﺎم، ﻟﻴﺠﺘﻤﻊ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﻴﺎء ذﻛﺮى اﻟﺮاﺣﻠﻴﻦ ،وﻳﺰورون اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ. وﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻋﻴﺪ »ﺗﺸﻮﺳﻮك« ﺗﻤﺘﻠﺊ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺋﺮات
راﻧﻴﺎ ﻫﻼل
واﻟﻘﻄﺎرات ،وﻫﻮ ﻳﺸﺒﻪ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻋﻴﺪ اﻟﻔﻄﺮ وﻋﻴﺪ اﻷﺿﺤﻰ . ﻳﺤﺘﻔﻞ اﻟﻜﻮرﻳﻮن ﺑﻴﻮم ﻣﻴﻼد ﺑﻮذا ،وﻫﻮ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﻤﻴﻼد اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ دﻳﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﺑﺎﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺑﻘﺪوم ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن اﻟﻤﻌﻈﻢ وﺑﺄﻋﻴﺎد اﻟﻜﺮﻳﺴﻤﺎس ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ دﻳﺎﻧﺎﺗﻨﺎ. ﻓﻲ اﺣﺘﻔﺎﻻﺗﻬﻢ ﺑﻤﻴﻼد ﺑﻮذا ﻳﻘﻮم أﺗﺒﺎﻋﻪ ﺑﻄﻘﻮس ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ،وﻳﺴﻴﺮون ﻣﻮاﻛﺐ ﻛﺒﻴﺮة ،وﻳﺰﻳﻨﻮن اﻟﺸﻮارع ﺑﺎﻟﻔﻮاﻧﻴﺲ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ. ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻠﻄﻴﻒ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ارﺗﺪاء اﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺰي اﻟﻜﻮري اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﺑﺎﻋﺘﺰاز ﺷﺪﻳﺪ ،رﻏﻢ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ »اﻟﻬﺎﻧﺒﻮك« وﻫﻮ اﻟﺰي اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﻔﺘﺎة اﻟﻜﻮرﻳﺔ .أﻣﺎ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺮﺗﺪون »ﺗﺸﻮﻛﻮري« وﻫﻮ اﻟﺠﺎﻛﻴﺖ أو اﻟﺴﺘﺮة ،و«ﺑﺎﺟﻲ« وﻫﻮ اﻟﺴﺮوال ،و«ﺗﻮروﻣﺎﻛﻲ« وﻫﻮ اﻟﻤﻌﻄﻒ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﺗﺪون ﻗﺒﻌﺔ وﺣﺰا ًﻣﺎ وﺣﺬا ًء. اﻟﻜﻮرﻳﺎت ﻗﺪﻳﻤﺎً ﻛﻦ ﻳﺮﺗﺪﻳﻦ »ﺗﺸﻮﻛﻮري« ،وﻫﻮ ﺟﺎﻛﻴﺖ ﻗﺼﻴﺮ ﺑﺸﺮﻳﻄﻴﻦ ﻃﻮﻳﻠﻴﻦ ﻳﻜﻮﻧﺎن ﻋﻘﺪة أﻣﺎﻣﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ »ووﺗﻜﻮروم«، وﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ اﻟﺘﻨﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻮق اﻟﻮﺳﻂ وﺗﺴﻤﻰ »ﺗﺸﻴﻤﺎ« ،ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻳﺮﺗﺪﻳﻦ ﺟﻮارب ﻗﻄﻨﻴﺔ وﺣﺬاء ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﺮﻛﺐ. وﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ ﺳﺘﻴﻨﺎت وﺳﺒﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺗﺮاﺟﻊ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟـ«ﻫﺎﻧﺒﻮك« ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ ﻛﺰي ﻋﻔﻮي ،ﻣﺎ دﻋﺎ ﻣﺤﺒﻴﻪ ﻟﺘﻜﺜﻴﻒ ﺟﻬﻮدﻫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺼﻤﻴﻢ أﺷﻜﺎل أﻛﺜﺮ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻻرﺗﺪاﺋﻪ .وﻳﺮﺗﺪي اﻟﻜﻮرﻳﻮن اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻮن »اﻟﻬﺎﻧﺒﻮك« ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﺜﻞ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﻳﺔ، و«ﺗﺸﻮﺳﻮك« ،وأﻋﻴﺎد اﻷﺳﺮة ،ﻣﺜﻞ ﻋﻴﺪ اﻟﻤﻴﻼد اﻟﺴﺘﻴﻦ ﻟﻠﻔﺮد »ﻫﻮان – ﻛﺎب«.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
127
İŀĴŨ ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﺔ ﺑﺜﻴﻨﺔ ﺑﻦ ﻻﺣﺞ ﻣﻨﺤﻮﺗﺔ ﻧﻮن اﻟﻨﺴﻮة ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﺔ ﻋﺰة اﻟﻘﺒﻴﺴﻲ
ﻣﻨﺤﻮﺗﺎت ﻟﻠﻔﻨﺎن اﻻٕﻣﺎراﺗﻲ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ
اﻟﻔﻨﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﺮﻳﺲ
»ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ« اﻟﺮاﻣﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ðŋċ ŅĊĬńĿíō àîĠŔñ ĊŔĿí زارت »ﺗﺮاث« »ﻫﻨﺮ ﺟﺎﻟﻴﺮي« ،واﻟﺘﻘﺖ اﻟﻤﻬﻨﺪس اﻟﻤﻌﻤﺎري اﻟﻔﻨﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﺳﻴﻒ ﻋﻠﻲ اﻟﺴﺎدة ،اﻟﺬي ﺷﺎرك ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻨﻬﺎ :اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻦ واﻟﺘﺸﻜﻴﻼت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ. »اﻟﺒﺪاﻳﺔ« ،وﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ رﺟﻞ ﺑﻠﺒﺎس ﻋﺮﺑﻲ ﻳﺘﺼﻔﺢ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ،و»ﻳﺎ راﺣﻠﻴﻦ« وﺗﻈﻬﺮ ﺑﻌﺾ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺮ ّدﻳﺪة ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﻤﺎﻟﺪ ﺧﻼل رﺣﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ľŔĈňĿí ņŔī اﻟﻤﻨﻮرة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺎل .أﻣﺎ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،وﻗﺪ ﺑﻴﻌﺖ ﻓﻮ ًرا ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﻋﺰة اﻟﻘﺒﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺤﻮﺗﺎت ﻓﻨﻴﺔ ﻣﺴﺘﻮﺣﺎة ﺑﻌﻨﻮان »اﻟﻴﺪ ﺑﻴﻀﺎء واﻟﻤﻌﺪن ذﻫﺐ« ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ وﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ» :ﻋﻴﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ« اﻟﺘﻲ ﺷﺎرﻛﺖ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎح اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ وﻳﺪه اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ،وﻳﺒﺪو اﻟﺮﺳﻎ »ﺳﺪرة« ،ﻟﺨﺪﻣﺎت ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺒﺤﻮث واﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻷﺟﻞ دﻣﺞ واﻷﺻﺎﺑﻊ ﺑﻠﻮن اﻟﺬﻫﺐ .وﻋﻦ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻗﺎل اﻟﺴﺎدة :ﻳﺪ زاﻳﺪ ﻫﻲ رﻣﺰ ذوي اﻹﻋﺎﻗﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻋﺎه ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺨﺔ اﻟﻴﺎزﻳﺔ ﺑﻨﺖ ﺳﻴﻒ آل ﻧﻬﻴﺎن. ﻟﻠﺨﻴﺮ واﻟﻌﻄﺎء ،ﺑﻬﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻛﺎن وﺳﻂ راﺣﺔ اﻟﻴﺪ أﺑﻴﺾ واﻷﺻﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺗﻘﻮل اﻟﻘﺒﻴﺴﻲ» :ﻋﻴﻦ اﻟﻨﺨﻴﻞ« ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺘﻌﻤﻖ ﻓﻲ ﺟﺬور اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺬﻫﺐ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻌﺪﻧﻪ ﻣﻦ ذﻫﺐ أي ﻣﻌﺪن اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،إﻧﻬﺎ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺮب اﻟﻤﺴﺘﻨﺒﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوع اﻟﺴﻔﻠﻰ أﺻﻴﻞ ،ﻛﻤﺎ رﻛﺰت اﻟﻔﻜﺮة ﻋﻠﻰ أن ﻳﻈﻬﺮ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻪ. ﻟﺸﺠﺮة اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ،واﻟﺘﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻘﻄﻊ إﻟﻰ ﺷﺮاﺋﺢ ﺗﺸﺒﻪ وﺿﻢ اﻟﺠﺎﻟﻴﺮي ﻛﺬﻟﻚ أﻋﻤﺎﻻً ﻟﺮواد اﻟﻔﻦ اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻔﻨﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﺮﻳﺲ ،اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﻧﺠﺎة ﻣﻜﻲ ،اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ أﻣﺎﻟﻴﺎ ﺑﺎﻟﺠﺎﻓﻠﺔ .ﻳﺨﺘﺺ ﻗﺴﻢ »آﻓﺎق« ﺑﺎﻟﻤﻨﺤﻮﺗﺎت واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻌﺮض ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺬي ﻳﺸﺮف ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﻨﺴﻖ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﺎﺑﺮﻳﺲ ﺑﻮﺳﺘﻮ ،اﻟﺘﺸﻜﻴﻼت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻤﺒﺘﻜﺮة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎرة اﻟﺴﻌﺪﻳﺎت ،وﻣﻦ اﻟﻘﺮر أن ﺗﺘﻮزع أﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ،ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 2016 وﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﺎﻳﻮ .2017وﻗﺪ ﺟﺮى ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﺘﺸﻜﻴﻼت اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﺑﻬﺪف إﺑﺮاز روﻋﺔ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻔﻨﻲ ورواﺋﻌﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة ﻛﻮﺟﻬﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﺒﺘﻜﺮة .ﻛﻤﺎ ﻳﻬﺪف »آﻓﺎق« إﻟﻰ ﺗﺠﺴﻴﺪ رؤﻳﺔ 126
ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ
ﻋﻤﻞ ﻳﻤﺜﻞ ﺗﺮاث اﻻٕﻣﺎرات ﻟﻠﻔﻨﺎﻧﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺔ ﺳﻠﻮى زﻳﺪان ﺳﻌﺎدة زﻛﻲ ﻧﺴﻴﺒﺔ ﻣﻊ ﻣﺪﻳﺮة ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ دﻳﻼ ﻧﺴﻴﺒﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﻔﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﺣﺪى ﺻﺎﻻت اﻟﻤﻌﺮض
ﻓﻦ اﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻨﻮن اﻟﺸﺎرع ﻣﻦ
ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﺖ دورة ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﺒﺎدرة ﺟﺪﻳﺪة ﺣﻤﻠﺖ اﺳﻢ »ﻣﺠﻠﺲ ﺣﻮار«، ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ اﻟﻤﻨﺴﻘﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ رﻳﻢ ﻓﻀﺔ ،وﻫﻲ ﻣﻨﺼﺔ ﻟﻠﺤﻮارات وﺟﻠﺴﺎت اﻟﻨﻘﺎش ،اﺳﺘﻀﺎﻓﺖ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﺆﺛﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺑﻬﺪف ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﺣﻮل ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻨﻮن ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ. إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻣﻦ ﻋﺮوض ﻷﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ وﻣﻌﺎﺻﺮة ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺻﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻌﺮوض ﻟﻮﺣﺎت ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ وأﻋﻤﺎل ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ وﺗﺮاث دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ أﺷﻐﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻟﻄﻼب اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت وﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﺎرع وإﻋﺪاد اﻷﻃﻌﻤﺔ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
125
İŀĴŨ
»ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ« اﻟﻴﺪ ﺑﻴﻀﺎء واﻟﻤﻌﺪن ذﻫﺐ
ôĴĤī ôńģîij Œòħ Ŏñã
اﻟﻴﺪ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻟﻠﻔﻨﺎن ﺳﻴﻒ ﻋﻠﻲ اﻟﺴﺎدة
اﺧﺘﺘﻤﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺎرة اﻟﺴﻌﺪﻳﺎت )اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ( اﻟﺪورة اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻟـ»ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ« اﻟﺘﻲ أﻗﻴﻤﺖ ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،وﻟﻲ ﻋﻬﺪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻧﺎﺋﺐ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘﻮات اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ. اﻣﺘﺪ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺬي ﺗﻨﻈﻤﻪ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 16و 19ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺧﻼل ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﺗﺠﻮل آﻻف اﻟﺰوار ﺑﻴﻦ 40ﺻﺎﻟﺔ ﻋﺮض ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻦ 20دوﻟﺔ ﺗﻮزﻋﺖ ﺑﻴﻦ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﻌﺮض اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ :اﻟﻔﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،وﺑﺪاﻳﺔ، وآﻓﺎق .وﺗﻨﻮﻋﺖ اﻟﻤﻌﺮوﺿﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ واﻟﺤﻮارات اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ وﻋﺮوض اﻷداء اﻟﺤﻴﺔ. ﺧﺼﺺ اﻟﻤﻌﺮض ﺛﻼث ﻗﺎﻋﺎت ﻟﻌﺮض اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﺎرﻛﺖ ﺑﻬﺎ ﺻﺎﻻت اﻟﻌﺮض ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻣﺒﺘﻜﺮ ،وأﺷﺮف ﻣﻨﺴﻖ ﻓﻨﻲ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻗﺎﻋﺔ .
124
ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ
ﺛﻘﺎﻓﺎت
ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ ﺳﻔﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم 2011ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟــﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎن ﻟﻨﺎ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﻊ اﻟﺸّ ﺎﻋﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮض اﻟ ّﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب ،وﻗﺪ ﺣﻀﺮ ﻫﺬا اﻟﺤﻔﻞ ﺛﻠّﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﻴﻦ وﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ واﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﻴﻦ واﻟﻄﻠﺒﺔ، ُ ﺗﺮأﺳﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ واﻟﻤﺘﺮﺟﻢ اﻟﺘﻲ ﺪوة ﻨ اﻟ ﻋﻦ اﻟﺴﺘﺎر ّ ّ اﻟﺤﻔﻞ .أُﺷﺮع ّ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻨﻌﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻘﺎﻋﺪ اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﻣﺤﺠﻮزة ﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﻴﻦ واﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﻴﻦ، أ ّﻣﺎ اﻟﻤﻘﺎﻋﺪ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ. ﻇﻬﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ ﻳﺘﺄﺑّﻂ ذراع اﻣﺮأة ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤ ّﺮة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ أرى ﻓﻴﻬﺎ اﻟ ّﺮﺟﻞ ،ﺑﺪا ﻗﺼﻴﺮ اﻟﻘﺎﻣﺔ ،ذا وﺟﻪ أﺑﻴﺾ، وﻣﻼﻣﺤﻪ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﻮﻗﺎر ،أ ّﻣﺎ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻪ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﻃﻮل ﻣﻨﻪ ﺑﻘﻠﻴﻞ ،ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻣﺘﺄﻛﺪﻳﻦ ﺣﻴﻨﻬﺎ أﻧﻬﺎ زوﺟﺔ ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ اﻟﺬي ﻗ ّﺪﻣﻪ اﻟﺴ ّﻴﺪ ﺑﻨﻌﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ أ ّوﻻ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﺤﺪث اﻟﺬي ﻧﻨﺘﻈﺮه ،ﻣﺒﺘﺪﺋﺎ اﻟﺘّﻘﺪﻳﻢ ﺑﻮرﻗﺔ ﺳﻴﺮﻳّﺔ ﻟﻠ ّﺮﺟﻞ. اﻟﺴﺎدة اﻟﻜﺮام ﻫﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﺑﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ أﻳّﻬﺎ ّ ﻣﻮاﻟﻴﺪ 1949ﺑﺠﻨﻮب اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ،وﺑﺎﻟﻀّ ﺒﻂ ﺑﺈﻗﻠﻴﻢ »أﻟﻐﺎرﻓﻲ.. »اﻟﻐﺎرﻓﻲ« ﻫﻞ ﻫﻲ »اﻟﻐﺮﺑﻲ«؟ ﻫﻜﺬا ﺗﻤﺘﻢ اﻟﺒﻌﺾ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﺆﻛّﺪ ﺑﻨﻌﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ أﺻﻞ اﻟﺘّﺴﻤﻴﺔ ذا اﻟﺠﺬور اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺧﺼﻮﺻﺎ إﺣﺪى اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﻳﺰال ﺷﺬاﻫﺎ ﻫﻨﺎك، ً ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. ﻫﻜﺬا ﺗﺎﺑﻊ اﻷﺳﺘﺎذ ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﻧﻮﻧﻮ اﻟﺴﺎدة اﻟﻜﺮام ،ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ ﻣﻮر ًدا ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﺪﻳﺪة ،أﻳّﻬﺎ ّ ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺎزة ﻓﻲ ﺷﻌﺒﺔ اﻟﻔﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟ ّﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ،وﺣﺎﺻﻞ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ واﻟﺪﻛﺘﻮراه ،ﻓﻬﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﻛﺒﻴﺮ ،وأﻧﺎ أﺣﺪ اﻟﻤﺘﺘ ّﺒﻌﻴﻦ اﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ ﺑﺄﺷﻌﺎره. اﻟﺴﺎدة اﻟﻜﺮام إﻧّﻨﻲ ﻣﺘﺮﺟﻢ وأﻋﺘﺰ ﺑﺬﻟﻚ وأﻗﻮل ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أﻳّﻬﺎ ّ وﻟﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ أﻧّﻨﻲ ﻋﺸﺖ ﻷﺗﺮﺟﻢ ﻣﺜﻠﻲ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻤﻴﻦ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻘﻂ ﻓﺄﻧﺎ أﺗﺮﺟﻢ ﻟﻠﺸﻌﺮاء اﻟﻤﺆﺛﺮﻳﻦ واﻟﻜﺒﺎر ،وﻧﻮﻧﻮ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻜﺒﺎر.
ﻓﻴﺼﻞ رﺷﺪي @
أﺣﺐ ﻣﻬﻨﺘﻪ أﻳﻬﺎ اﻟﺤﻀﻮر ،ﺟﻮدﻳﺲ ﻣﺜﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﻨﺔ ﻫﻮ أﺳﺘﺎذ ّ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﻤﻌﺎدل اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎة ،إ ّن اﻷﺳﺘﺎذ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺆﺛ ّﺮ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﺘﻪ وﻳﻌﻠﻤﻬﻢ وﻳﺤﺜّﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ .اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﺎ ﺳﺎدة رﺳﺎﻟﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻧﺤﺎول أن ﻧﻮﺻﻠﻬﺎ ﻷﺑﻨﺎﺋﻨﺎ اﻟﻄﻠﺒﺔ. ﻧﻮﻧﻮ ﻳﺎ ﺳﺎدة ﻣﻦ أﻫ ّﻢ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮأﺳﻮا ﻣﺠﻼت أدﺑﻴﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺔ ّ »ﻃﺒﺮﻛﺮﻳﺎ« اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﻬﺎ ﻗﺒﻠﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻠﺤﻤﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻴﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﺮﻧﺎدﻧﻮ ﺑﺴﻮا .ﻫﻨﺎ ﺗﺪﺧّﻞ ﺟﻮدﻳﺲ وﻗﺎل :ﺑﺴﻮا ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﻫﻮ ﻣﻌﻠّﻤﻨﺎ وﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻌﺮف اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻨﻪ ،ﺛ ّﻢ ﻳﺼﻤﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻴﻔﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻸﺳﺘﺎذ ﺑﻨﻌﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﻟﻴﻜﻤﻞ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻨﻪ :ﻧﻌﻢ أﻳّﻬﺎ اﻟﺴﺎدة ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﻓﻘﻂ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺸّ ﻌﺮ ﺑﻞ ﺗﺠﺎوزه ّ إﻟﻰ أﺟﻨﺎس اﺧﺮى ،ﻟﻜ ّﻨﻨﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﺷﺎﻋﺮا وﺣﺴﺐ ،أﻗﻮل ﻫﺬا ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﻓﻘﻂ. أﻳﻬﺎ اﻟﺴﺎدة واﻟﺤﻀﻮر اﻟﻜﺮام ،إن اﻟﺸّ ﻌﺮ ﻻ ﺣﺪود ﻟﻪ ،ﻳﺴﺎﻓﺮ ﻣﻦ ﻟﻐﺘﻪ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻴﻌﺎﻧﻖ ﻟﻐﺎت أﺧﺮى ﻋﺒﺮ اﻟﺘّﺮﺟﻤﺔ .إﻧّﻬﺎ ﻣﻬﻤﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻤﻴﻦ ،أﻗﻮل ﻫﺬا ﻷ ّن اﻟﺘّﺮﺟﻤﺔ ﻫﻲ أﺳﺎس ﺗﻘ ّﺪم اﻟﺸّ ﻌﻮب وازدﻫﺎرﻫﺎ ،ﻳﻮم ﻛﺎن اﻟﻌﺮب ﻫﻢ ﺳﺎدة اﻟﺤﻀﺎرة. اﻟﺴﻔﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮم ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺼﻔﺔ اﻟﺴﺎدة اﻟﻜﺮام ،إ ّن ﻣﻔﻬﻮم ّ أﻳﻬﺎ ّ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ،ﻟﻜ ّﻨﻪ ﻳﺨﺪم اﻷدب أﻳﻀﺎ وﻋﻠﻮم أﺧﺮى، وﺟﻮدﻳﺲ ﻫﻮ ﺳﻔﻴﺮ ﺑﻠﺪه ﻓﻲ ﺑﻠﺪان ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ أﺧﺮى ﺑﻔﻀﻞ وﻟﻌﻞ أﻛﺒﺮ ﺷﻬﺎدة ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺮه اﻟﺬي ﻳﻼﻣﺲ اﻟﺬّات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔّ ، أﻧّﻪ ﺳﻔﻴﺮ اﻟﺸّ ﻌﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ. ﻗﻠﺖ ﻛﻠﻤﺘﻲ ﺷﻜﺮا ﻟﻜﻢ، أﻃﻠﺖ اﻟﺘّﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ُ ُ وﻟﻨﺪ ْع اﻟﺘّﺎرﻳﺦ ﻳﺴﺠﻞ @ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
123
ĴżėĬ źĉij
ﻫﻨﺎك ﻓﻘ ًﺮا ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻧﻮاع اﻟﺰﻳﺘﻮن وأﻟﻮاﻧﻪ ،وأﺿﺎف :ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻷﻣﺮ ﺑﺘﻄﻮر اﻟﺜﻤﺮ اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺧﻀﺮ ﺛﻢ ﻳﻠﻮح ﺛﻢ ﻳﻨﻀﺞ وﻳﺼﺒﺢ أﺳــﻮد اﻟﻠﻮن .وأﻛــﺪ أن اﻟﻔﺮق اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻲ درﺟﺔ اﻟﺤﻤﻮﺿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺰﻳﺖ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻛﻞ درﺟﺔ ﻣﻦ درﺟﺎت اﻟﻨﻀﺞ .ﻓﺎﻟﺰﻳﺖ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻟﺰﻳﺘﻮن اﻷﺧﻀﺮ ﻳﻜﻮن أﻗﻞ ﺣﻤﻮﺿﺔ ،ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ وﻧﺴﺒﺔ اﻟﻜﻠﻮرﻓﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺰﻫﺮي ﻓﺘﻜﻮن ﻧﺴﺒﺔ ﺣﻤﻮﺿﺘﻪ أﻋﻠﻰ واﻟﻜﻠﻮرﻓﻴﻞ أﻗﻞ .أﻣﺎ اﻷﺳﻮد ﻓﺄﻗﻞ ﺣﻤﻮﺿﺔ وﻳﻌﻄﻲ ﻛﻤﻴﺔ زﻳﺖ أﻛﺜﺮ. Ò îüœĊăō î¶ńœĊķ ŅŎøœĐĿí ôīíčď
وأﺷــﺎر اﻷﺻﻔﺮي إﻟﻰ أن أﺷﺠﺎر اﻟﺰﻳﺘﻮن ﺗﺘﺮك إﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﻣﺪﻳﺪ ،وﺗ ُﺠﺪد ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻘﺺ واﻟﺘﻔﺮﻳﻊ ،وﻗــﺎل» :ﻋﻨﺪﻧﺎ أﺷﺠﺎر ﻣﻌﻤﺮة أﺻﺒﺤﺖ »ﺷــﺎﻣــﺎت« ،ﻓﻔﻲ ﺟﺒﻞ اﻟﺰاوﻳﺔ
122
ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن
ﺛﻤﺎرا ﻗﻠﻴﻠﺔ ،وﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺘﻘﻠﻴﻤﻬﺎ وﻗﻄﻊ اﻷﻏﺼﺎن اﻟﺰاﺋﺪة ﻟﻠﺴﻤﺎح ﻟﻸﻏﺼﺎن اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﻈﻬﻮر ،ﻷن اﻟﺠﺬور اﻟﻤﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻷرض ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ إﻧﺘﺎج ﺑﺮاﻋﻢ ﺟﺪﻳﺪة ﻧﺨﺘﺎر ﻣﻨﻬﺎ اﻷﻧﺴﺐ وﻧﺮﺑﻴﻪ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻧﺨﺴﺮ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮة ،ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻄﻊ اﻟﺸﺠﺮة ﺑﻞ ﻧﺘﺮك اﻷﻏﺼﺎن ﺗﻄﻠﻊ ﻣﻦ اﻷرض ﻟﺘﻜﺒﺮ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻧﺄﺧﺬﻫﺎ وﻧﺰرﻋﻬﺎ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى«. ŅŎøœĐŀĿ ôœĊŔŀĸøĿí ôīíčĐĿí
وﻗﺎل إن اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ اﻟﺠﺪد اﺳﺘﻔﺎدوا ﻣﻦ ﺧﺒﺮة اﻷﺟﺪاد ﻵﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وأﺿﺎﻓﻮا إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺰﻳ ًﺪا ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ،وﻗﺎل إن ﻫﻨﺎك إﺿﺎﻓﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ ﻋﻠﻮم اﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻷﺟﺪاد ﻳﺄﺧﺬون ﻣﻦ اﻟﻘﺮم ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺮة ﻫﻨﺎك ﺷﺠﺮات ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﺎ »روﻣﻠﻲ« أي ﻣﻦ ﻟﺰراﻋﺔ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺻﺮﻧﺎ ﻧﺄﺧﺬ أﻳﺎم اﻟﺮوﻣﺎن .وﻫﻨﺎك ﺷﺠﺮة ﻋﻤﺮﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻦ اﻷﻗﻼم )اﻷﻏﺼﺎن( ،وﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺣﻘﻘﺖ أﻟﻒ ﺳﻨﺔ« .وﻗﺎل » :اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻤﻌﻤﺮة ﺗﻌﻄﻲ ﺳﺮﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻮ واﻹﺛﻤﺎر
وأوﺿﺢ اﻷﺻﻔﺮي أن ﻣﻨﺎخ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻮ أﺷﺠﺎرة اﻟﺰﻳﺘﻮن ،وﻣﻨﺤﺘﻬﺎ اﻟﺒﻴﺌﺔ وﺗﻐﻴﺮات اﻟﺠﻮ ﻣﺰاﻳﺎ ﻛﺜﻴﺮة ،ﺛﻢ ﺟﺎءت اﻷدﻳﺎن اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ ﻓﺒﺎرﻛﺘﻬﺎ ،وﺻﺎر اﻻرﺗﺒﺎط دﻳﻨﻴًﺎ روﺣ ًﻴﺎ واﺟﺘﻤﺎﻋ ًﻴﺎ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻳﻌﻤﺪ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺰﻳﺖ اﻟﺰﻳﺘﻮن ،وﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺻﻔﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ،ﻛﻤﺎ ورد ذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﺮﻳﻒ. وﺗﺎﺑﻊ» :إن ارﺗﺒﺎط ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ارﺗﺒﺎط روﺣﻲ وﺟﺴﺪي ،ﻓﻔﻲ ﺳﻮرﻳﺎ إذا اﻋﺘﺪى اﻟﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﺠﺮة زﻳﺘﻮن ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻐﻀﺐ اﻷﻫﻞ ،ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮون ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن اﻣﺘﺪا ًدا ﻟﻬﻢ وﺧﻴ ًﺮا ﻳﺠﺐ أن ﻳﺤﻔﻈﻮه ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻼﺣﻘﺔ ،وﻳﻘﻮﻟﻦ :اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺒﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻤﺮ ﺳﺘﻴﻦ أو ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺸﺠﺮة ﺗﻌﻤﺮ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ،اﻟﻔﺮق ﻛﺒﻴﺮ«.
ôœĉîĜøķí óōĎû ŅŎøœĐĿí
وﻋﻦ ﺗﻨﻮع ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن ،ﻗﺎل اﻷﺻﻔﺮي » :ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺰﻳﺘﻮن وزﻳﺘﻪ، ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن )اﻟﺘﻔﻞ( ،ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻋﺼﻴﺮ اﻟﺰﻳﺘﻮن ،وﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻮاد ﺗﻨﻔﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻤﺨﻠﻔﺎت ﺗﻨﺘﺞ اﻟﺼﺎﺑﻮن وﻣــﻮاد أﺧــﺮى« وأﻛﺪ أن ﺗﺠﺎرب أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺷﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ،أﺛﺒﺘﺖ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﺸﺠﺮة ﻛﺴﻤﺎد ﻋﻀﻮي ﻣﻤﺘﺎز.
وأوﺿﺢ اﻷﺻﻔﺮي اﻟﻔﺎرق ﺑﻴﻦ زﻳﺘﻮن اﻟﻤﺎﺋﺪة وزﻳﺘﻮن اﻟﺰﻳﺖ ،ﻓﺎﻷﺧﻴﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻧﺴﺒﺔ أﻣﻄﺎر ﻋﺎﻟﻴﺔ ،وﻗــﺎل إن ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺼﻤﻮد أﻣﺎم اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺰدﻫﺮ ﻓﻲ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ اﻟﻤﻌﺘﺪﻟﺔ ،وﻳﺨﺘﻠﻒ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻷرض وﻧﺴﺒﺔ اﻷﻣﻄﺎر ،ﻓﻔﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﻌﺘﺪﻟﺔ ﻳﺤﺘﺎج اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻟﻜﻲ ﻳﻨﺘﺞ زﻳﺖ ﻣﻦ 350 إﻟﻰ 400ﻣﻠﻢ ،أﻋﻠﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻜﻮن ﺧﻴﺮا، واﻷﻗﻞ ﻳﻜﻮن ﻣﺮدود اﻟﺰﻳﺖ أﻗﻞ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﻳﻜﻮن اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻟﻸﻛﻞ وﻟﻴﺲ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰﻳﺖ. ŅíŎĿãō ĩíŎŇã
وﻋﻦ ﺗﻨﻮع أﻟــﻮان اﻟﺰﻳﺘﻮن ﺑﻴﻦ اﻷﺳﻮد واﻷﺧــﻀــﺮ وﻣﻤﻴﺰات ﻛﻞ ﻟــﻮن ﻗــﺎل إن
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
121
ĴżėĬ źĉij
ﻣﻌﺘﻘﺪات وﻃﻘﻮس ôĴĤī ôńģîij
رﻏﻢ أن ﺗﺨﺼﺼﻪ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻫﻮ اﻟﻬﻨﺪﺳﺔ اﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻤﻬﻨﺪس ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺎﻳﺰ اﻷﺻﻔﺮي – ﺑﻼ ﺷﻚ -أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻳﺤﺪﺛﻚ ﻋﻦ »اﻟﺰﻳﺘﻮن« ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ زاوﻳﺔ زراﻋﺔ أﺷﺠﺎره واﻟﻔﻨﻮن واﻟﻌﻠﻮم واﻟﻤﻬﺎرات اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ –وﻫﻮ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺧﺒﻴﺮ -إﻧﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺠﺮة اﻟﻤﻌﻤﺮة ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم ،واﻟﻄﻘﻮس واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ -ﺑﻞ واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ -اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﻬﺎ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟﺠﺴﺪﻳﺔ –ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻔﻬﺎ -اﻟﺘﻲ رﺑﻄﺖ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺰﻳﺘﻮن وﺷﺠﺮﺗﻪ وزﻳﺘﻪ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم. ﻳﻨﺘﻤﻲ اﻷﺻﻔﺮي إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻋﺮﻳﻘﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ زراﻋﺔ اﻟﺰﻳﺘﻮن ،ﺷﺎرك ﺑﻌﺪة أﺑﺤﺎث ودراﺳﺎت ﻣﻊ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،ﻛﺎﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺰﻳﺘﻮن ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ ﺑﺎﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،وﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻔﺎو ،وإرﻛﺎدا ،ووزارة اﻟﺰراﻋﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ. اﺳﺘﻬﻞ اﻷﺻﻔﺮي ﻛﻼﻣﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ أن ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻫﻲ أﻗﺪم ﺷﺠﺮة ﻣﺜﻤﺮة ،ﻣﺸﻴ ًﺮا إﻟﻰ أن ﺑﻮاﻛﻴﺮ زراﻋﺘﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ اﻟﻜﺒﺮى، وﺗﻢ ﺗﻬﺠﻴﻨﻬﺎ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم وﻣﻨﻬﺎ اﻧﺘﻘﻠﺖ وﺗﺎﺑﻌﺖ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻋﻦ أﺳﺒﺎب اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻮض اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،ﻗﺎل :إن اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ ﻛﺮﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﺸﺠﺮة ،وﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﻓﻲ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﺸﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻠﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ إذ ﺗﻐﻨﻰ ﺑﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮاء ووﺻﻔﻬﺎ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻷﻃﺒﺎء ،وﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺮاء ﻗﺎل ﻋﻦ ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن )أن ﻻ ﺣﻴﺎة ﺑﺪوﻧﻬﺎ(. وأﺷﺎر اﻷﺻﻔﺮي إﻟﻰ أن اﻟﻨﺎس ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺰﻳﺖ اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم، وﺟﺮﺑﺖ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻓﻲ ﻣﺪاواة اﻷﻣﺮاض ،ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻘﺮﺣﺎت واﻟﺠﺮوح. وأﺿﺎف» :ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻣﻌﻄﺎءة ،ﺗﻌﻤﺮ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وﺗﻤﻨﺢ اﻹﻧﺴﺎن ﺷﻌﻮ ًرا ﺑﺎﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺳﻮف ﺗﻌﻴﺶ ﻟﺘﻌﻄﻲ أوﻻده وأﺣﻔﺎده ،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺒﻌﺖ ﻣﺤﺒﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻬﺬه اﻟﺸﺠﺮة وزاد اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﻬﺎ«. 120
ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن
أوراق ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ
اVﻓﻼس اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،اﻟﻤﻌﻀﻠﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت واﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻛﺜﻴﺮة وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻫﻲ ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ دون اﻵﺧﺮ ،ﺑﻞ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻇﺎﻫﺮة ﻋﺎﻣﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ، واﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺮﻣﺘﻪ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﻜﺘﺎب دون ﺷﻚ ﻳﻤﺮ ﺑﺘﺤﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻮاﺟﻬﻪ ،ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ،وﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ أن وﺳﻴﻠﺔ أي ﻣﺆﻟﻒ ﻫﻮ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،وﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻨﺠﺰه اﻟﺸﻌﺮي أو اﻟﻘﺼﺼﻲ أو اﻟﺮواﺋﻲ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ إﻧﻤﺎ ﺗﺘﻢ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻪ ،رﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ اﻟﻮرﻗﻴﺔ إﻟﻰ اﻻﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ،ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻠﻜﺘﺎب وﺟﻮده ،وﻧﻜﻬﺘﻪ ودﻓﺌﻪ ..أﻗﻮل إن اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ ﻛﺜﻴﺮة ،إﻻ أن ﻣﺎ ﺗﻮاﺟﻬﻪ اﻟﻤﺮأة ﺧﻼل ﻣﺴﻴﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﺗﺤﺪﻳﺪا ﺗﻌﺪ اﻷﻛﺜﺮ وﺿﻮح ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وﻫﺬه اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت ﺗﺨﺘﻠﻒ درﺟﺘﻬﺎ وﺣﺪﺗﻬﺎ وﻗﻮﺗﻬﺎ ،ﻓﻬﻨﺎك ﻧﺴﺎء ﻣﺒﺪﻋﺎت ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻴﻒ اﻟﻘﺼﺔ أو اﻟﺸﻌﺮ أو اﻟﺮواﻳﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﺟﻨﺎس اﻷدﺑﻴﺔ ،ﺗﻮﻗﻔﻦ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺮﻛﺾ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻀﻤﺎر اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،وﻫﻨﺎك أﺳﺒﺎب ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺎﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻦ ﺗﻮﻗﻌﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻊ أول إﺻــﺪار ﻟﻬﺎ ،وأﺧﺮﻳﺎت ﺻﺪﻣﻦ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ اﻧﺘﺸﺎر ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻬﻦ وﻣﺤﺪودﻳﺔ اﻟﻘﺮاء ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻀﺎﻳﻘﺎت أﺳﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﻋﺪم ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻷب أو اﻷﺧﻮة ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﺑﺘﻌﺪت ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم ﺷﻌﻮرﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﻌﻨﻮي أو ﺣﺘﻰ اﻟﻤﺎدي. ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻛﻞ ﺳﻴﺪة أﺧﺬت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﺘﻨﻔﺴﺎً وﻫﻮاﻳﺔ ورﺳﺎﻟﺔ ،ﻋﺪﻳﺪة وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺗﻤﻴﺰﻫﺎ وﺑﻌﺪ أن ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﺪة ﻣﻨﺠﺰات ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ أو اﻟﺸﻌﺮ أو اﻟﻤﺴﺮح أو ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻘﺪ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻷدب ،ﺣﻴﺚ ﺗﺒﻘﻰ اﻟﻌﻮاﺋﻖ ﻣﺴﺘﻤﺮة وﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ. ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت ﺗﺒﻘﻰ وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﺮاﻓﻘﺔ ﻟﻠﻤﺮأة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﺰل ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻬﻤﻮم واﻟﺘﺤﺪﻳﺎت.
ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ @
ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺗﺤﺪﻳﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻳﻮاﺟﻪ اﻷدﺑﺎء اﻟﺮﺟﺎل وﻳﻮاﺟﻪ أﻳﻀﺎ اﻟﻤﺮأة ،إﻧﻪ ﺗﺤﺪي ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻹﺷﺎرة واﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ،وﻫﻮ اﻻﻓﺘﻘﺎر ﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،ﻓﻔﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءة، ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﺰود ﺑﺎﻟﻤﻌﺎرف واﻟﻌﻠﻮم ،ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻨﻬﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ،وﻣﻌﻬﺎ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻄﻮر اﻟﻌﻠﻮم ،ﻓﻼ ﺗﻌﺮف آﺧﺮ اﻷﺧﺒﺎر ،وﺗﺠﻬﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻫﻨﺎ ﻳﺤﺪث ﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻹﺑﺪاع اﻟﻜﺘﺎﺑﻲ ،أو ﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﺟﻮدة ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺄﻟﻴﻔﻪ ،ﻫﻮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة ،ووﺿﻊ اﻟﻤﻴﺰان اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ اﻟﻘﺮاءة أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وﻣﻊ ﻣﺮور اﻷﻳﺎم ودون اﻧﺘﺒﺎه ،ﻳﺒﺪأ اﻟﺘﻜﺮار، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺘﻜﺮار ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ وﻣﻮاﺿﻴﻌﻬﺎ ،وأﻧﺎ أﺳﻤﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ،اﻹﻓﻼس اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،وﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ أي ﻣﺆﻟﻒ ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻤﺮأة ،وﻣﻌﻬﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﺪع أن ﻳﻨﺘﺒﻪ. أؤﻣﻦ ﺑﻘﻮة وذﻛﺎء اﻟﻤﺮأة ،ﺧﺎﺻﺔ اﻷدﻳﺒﺔ ،وأﺛﻖ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﻮاﺋﻖ اﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﺻﻨﺎع ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻨﺔ، إﻻ أن اﻟﺴﻴﺪة اﻷدﻳﺒﺔ إذا اﺷﺘﻐﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﺗﻄﻮﻳﺮ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ، أﻋﺘﺒﺮ أﻧﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺠﺎد ﻣﻊ أول ﺗﺤﺪ ،وﻓﻲ ﻇﻨﻲ أﻧﻪ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺴﺒﺐ ﻧﻜﺴﺔ ﻣﺪوﻳﺔ ﻟﻘﻠﻤﻬﺎ. وأﺧﻴﺮا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ أي ﻳﻮم ﻋﻤﻼ ﺳﻬﻼ أو ﻣﺘﻮاﺿﻌﺎ أو ﺑﺴﻴﻄﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻔﻴﻦ اﻟﻤﺴﻜﻮﻧﻴﻦ ﺑﺎﻹﺑﺪاع واﻟﺘﻤﻴﺰ، ورﻏﻢ ﻫﺬا ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺘﻮﺟﻬﻮن ﻧﺤﻮه ﺑﻜﻞ إرادة واﺣﺘﺮام ﻟﺸﺮوﻃﻪ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﺆﻟﻤﺔ ،وﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ دوﺟﻼس آداﻣﺰ»:اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻤﻞ ﺳﻬﻞ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ إﻻ أن ﺗﺤﺪق ﻓﻲ ورﻗﺔ ﺑﻴﻀﺎء إﻟﻰ أن ﺗﻨﺰف ﺟﺒﻬﺘﻚ« .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ وأﻳﻀﺎ ﻗﺴﻮﺗﻬﺎ ،وﺣﺠﻢ اﻟﺘﻤﻴﺰ واﻹﺑﺪاع اﻟﺘﻲ ﻧﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺬﻫﻞ وﺷﻴﻖ. @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ اVﻣﺎرات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
119
įĔżŐǜē ţŵŀĉ
ņœŎĿîŌĿí ĊŔī ĎŋîĨŃ
ٍ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻋﺮﻗ ّﻴ ٍﺔ ﻛﺎﻷوروﺑ ّﻴﺔ واﻟﻬﻨﻮد اﻟﺤﻤﺮ ،وﺗﺨﻠّﻠﺖ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت اﻷوﻟﻰ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻴﺪ ﺑﻌﺾ اﻷﻟﻌﺎب ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺠﻴﺮان ﻳﺘﺒﺎدﻟﻮن اﻟ ّﺮواﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ اﻟﺤﺎﻟﻴّﺔ اﻟﻤﺘّﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ،ﺗﺰﻳﻴﻦ اﻟﻄﱡﺮﻗﺎت واﻟﻤﻨﺎزل ٍ ﻋﻦ ﻣﻮﺗﺎﻫﻢ ،وﻳﺘﻨﺎﻗﻠﻮن اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟ ُﻤﺮﻋﺒﺔ ﻋﻦ اﻷﺷﺒﺎح ،وﻳﺘﻔﺎﺧﺮون ﺑﺎﻟﻴﻘﻄﻴﻦ اﻟ ُﻤﻀﺎء واﻟﻤﺰﺧﺮف ،وﻣﺰاوﻟﺔ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺴﺎﺧﺮة واﻟ ُﻤﺮﻋﺒﺔ، ُ ﺑﺜﺮواﺗﻬﻢ ،إﺿﺎﻓ ًﺔ ﻟﻌﺪ ٍد ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻷﺧﺮى ﻛﺎﻟﻐﻨﺎء واﻟ ّﺮﻗﺺ. وﺗﻨﻜّﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺳﻮا ًء أﻛﺎﻧﻮا ﻛﺒﺎرا ً أم ﺻﻐﺎرا ً ،ﺣﺘّﻰ ﻻ ﺗﺘﻤﻜّﻦ اﻷرواح اﻟﺸﺮﻳﺮة ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻮف اﻟﺼﻐﺎر ﻣﻦ ٍ ﺑﻴﺖ ﻵﺧﺮ ﺣﺎﻣﻠﻴﻦ اﻟﺴﻼل واﻷﻛﻴﺎس ﻟﻤﻠﺌﻬﺎ ﺑﺄﻧﻮاع اﻟﺤﻠﻮى واﻟﺸﻮﻛﻮﻻ ،ﻣﺮ ّددﻳﻦ ﻋﺒﺎرة: îļœĎŃã ŐĿç ņœŎŀŌĿí ĽîĸøŇí ﻓﻲ أواﺳﻂ اﻟﻘﺮن 19م ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻌ ُﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ﺷﺎﺋﻌﺎً ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ» ،ﺣﻠﻮى أم ﺧﺪﻋﺔ« ...و َﻣﻦ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﻣﻨﺤﻬﻢ اﻟﺤﻠﻮى ،ﻓﺈ ّن اﻷرواح ﻏﺼﺖ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﺸّ ﺮﻳﺮة ﺳﺘﻐﻀﺐ ﻣﻨﻪ وﺗﻌﺎﻗﺒﻪ وﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺣﻠﻮل اﻟﻨﺼﻒ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮنّ ، ﺧﺎﺻﺔ اﻹﻳﺮﻟﻨﺪﻳّﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ، اﻷﻣﻴﺮﻛ ّﻴﺔ ﺑﺎﻟﻬﺠﺮات اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻮاﻓﺪﻳﻦّ ، @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ واﻟّﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻟﻬﻢ اﻟﺪور اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر ﻋﻴﺪ اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ، وازدﻳﺎد ﺷﻌﺒ ّﻴﺘﻪ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺑﺪأ اﻷﻣﺮﻳﻜ ّﻴﻮن ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﻪ ،ﺑﺎﻷزﻳﺎء اﻟﺘﻨﻜﺮﻳّﺔ واﻟﺴﺆال ﻋﻦ اﻟﻤﺎل أو اﻟﻄّﻌﺎم ،وﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺘﻲ وﻗﺮع اﻷﺑﻮابّ ، ﺳﺎدت ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺘﻴﺎت ،ﺑﺄﻧﻬ ّﻦ ﻳﺘﻤﻜ ّﻦ ﻣﻦ ﺗﻜ ّﻬﻦ اﺳﻢ ﻓﺎرس أﺣﻼﻣﻬ ّﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺮد اﻟﻘﺼﺺ اﻟ ّﺮوﻣﺎﻧﺴ ّﻴﺔ ،وﻋﻦ ّ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﺮاﻳﺎ وﻗﺼﺎﺻﺎت اﻟﺘﻔﺎح ...وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎت ﻋﺎم 1800م ،ﺗ ّﻢ ﻗﻠﺐ ﻣﻔﻬﻮم ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ،وﺗﺤﻴﻴﺪه ﻋﻦ ﻗﺼﺺ اﻟﻤﻮت واﻷﺷﺒﺎح واﻟﺸّ ﻌﻮذة - ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻣﻨﺎﺳﺒ ًﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮاء ،ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎل واﻟﻄّﻌﺎم ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮﻋﻬﻢ ﻷﺑﻮاب اﻟﻤﻨﺎزل ،ﻓﺘُﻌﻄﻰ ﻟﻬﻢ ٌ ﺳﻼل ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻛﻌﻚ اﻷرواح، وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻳﻌﺪون وﻳﺘﻌ ّﻬﺪون ﺑﺪورﻫﻢ ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻷرواح أﻣﻮات ﻣﻦ اﻟﺴﻼل -ﻟﻴﻐﺪو ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ُﻋﻄﻠ ٍﺔ ،وﻓﺮﺻ ًﺔ ﻟﺘﻘ ّﺮب اﻟ ّﻨﺎس ﻣﻨﺤﻬﻢ ﺗﻠﻚ ّ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ .وﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ راﻓﻖ ﻃﻘﻮس اﻟﻌﻴﺪ إﻋﺪاد اﻷﻛﻼت اﻟﺸﻌﺒ ّﻴﺔ اﻟﻤﻮﺳﻤ ّﻴﺔ ،واﻷﻟﻌﺎب اﻟﺠﻤﺎﻋ ّﻴﺔ ،واﻧﺘﺸﺮت ﺣﻤﻼت اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻟﻸﻫﺎﻟﻲ ،ﺑﺘﺮك وﻧﺒﺬ ﻛﺎﻓّﺔ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟ ُﻤﺨﻴﻔﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻌﻴﺪ اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ ،ﻓَﻔﻘ َﺪ ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ﻛﺎﻓّﺔ ﻣﺪﻟﻮﻻﺗﻪ اﻟﺪﻳﻨ ّﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻗﻴﻤﻪ اﻟﺨﺮاﻓ ّﻴﺔ ،وﺗﺤ ّﻮل إﻟﻰ ﻳﻮم ﻓﺮ ٍح وﻣﺘﻌ ٍﺔ. 118
»اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ« ﻋﻴﺪ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻷﻟﻔ ّﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﻴﻼد ،ﺣ ّﺪدت اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻴﻮم اﻟﺜّﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ أرواح ﻛﺎﻓّﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ، ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻋــﺎدات ﻣﻬﺮﺟﺎن وأُدﻣــﺞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ٌ ﻠﺘﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ أُﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻴﻨﻬﺎ »ﻋﻴﺪ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺼﺎد ّ اﻟﺴ ّ وﺳ ّﻤﻴﺖ اﻟﻠّﻴﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻠﻴﻠﺔ ﻳﺴﻴﻦ«، اﻟﻘ ّﺪ ُ ﻗُ ّﺪاس »ﻋﻴﺪ اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ« ،وﻣﻊ ﻣﺮور اﻷﻋﻮام ،ﺗﻄ ّﻮر ﻫﺬا اﻟﺼﺒﻐﺔ اﻟّﺘﺮاﺛ ّﻴﺔ اﻟﻌﻴﺪ وﺑﺎت أﺣﺪ أﻫ ﱢﻢ اﻷﻋﻴﺎد ذات ّ اﻟﺸّ ﻌﺒﻴّﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ņœŎĿîŌĿîñ ĽîĴøăśí ôœíĊñ
ﻛﺎﻧﺖ اﺣﺘﻔﺎﻻت ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ﺗ ُﻤﺎرس ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎقٍ ﻣﺤﺪو ٍد ﻓﻲ إﻧﺠﻠﺘﺮا ،ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮات اﻟﺠﻨﻮﺑﻴّﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻛﻮﻻﻳﺔ ﻣﻴﺮﻻﻧﺪ ،وﻗﺪ ﻇﻬﺮت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟ ُﻤﻌﺘﻘﺪات واﻟﻌﺎدات اﻟﺘﻲ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ﻇﻬﻮر اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻧﺪﻣﺎج ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
117
įĔżŐǜē ţŵŀĉ
»اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ« ﻋﻴﺪ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ ʼnĎķ ĊŔī ʼnčĊŇã
أﻫﻢ وأﺷﻬﺮ اﻷﻋﻴﺎد اﻟﺘﻲ ﻋﻴﺪ اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ ﻫﻮ أﺣﺪ ّ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ ﻳُﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ﻣﻦ ّ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤ ّﺘﺤﺪة اﻷﻣﻴﺮﻛ ّﻴﺔ واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﻔﺼﻞ اﻟﺨﺮﻳﻒ ﻋﻦ اﻟﺸّ ﺘﺎء ،ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد وﺑﺪاﻳﺔ ﻇﻞ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺒﺮد واﻟﻈّﻼم ،ﻓﻲ ﱢ اﻟﻮﻓﺮ ِة إﻟﻰ اﻟ ّﻨﺪرة. ņœŎĿîŌĿí ĊŔī ĽŎěã
ﻋﺎ ّﻣﺔ اﻟﺸّ ﻌﺐ ،ﻟﻴﺒﺪؤوا ﺑﺴﺮد ﺗﻨ ّﺒﺆاﺗﻬﻢ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺎزل ﻹﺷﻌﺎل اﻟﻤﻮاﻗﺪ ﻣﻦ اﻟﺸّ ﻌﻠﺔ اﻟﻤﻘ ّﺪﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻄﺤﺒﻮﻧﻬﺎ ﻣﻌﻬﻢ اﻋﺘﻘﺎدا ً ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺤﻤﻴﻬﻢ ﻃﻴﻠﺔ أﻳّﺎم اﻟﺸّ ﺘﺎء. وﻣﺎﻧﻲ ,ﺗﻢ دﻣﺞ وﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط اﻷراﺿﻲ ّ اﻟﺴﻠﺘﻴّﺔ ﺗﺤﺖ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﻟ ّﺮ ّ ﻣﻬﺮﺟﺎن )ﺳﻮﻳﻴﻦ( ﺑﻤﻬﺮﺟﺎﻧﻴﻦ روﻣﺎﻧ ّﻴﻴﻦ ﻫﻤﺎ: ٌ اﺣﺘﻔﺎل ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻓﻴﺮاﻟﻴﺎ :واﻟﺬي ﻳﻮاﻓﻖ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ،وﻫﻮﺑﺬﻛﺮى اﻟﻤﻮﺗﻰ. ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺑﻮﻧﻮﻣﺎ :وﻳﺮﻣﺰ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘّﻔﺎﺣﺔ ،وﻫﻮ ﺗﻜﺮﻳﻢ آﻟﻬﺔ اﻷﺷﺠﺎرﻳﻔﺴﺮ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺘﻘﺎط اﻟﺘّﻔﺎﺣﺔ اﻟﻤﺘّﺒﻌﺔ ﻟﻴﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﻓﻲ واﻟﺜّﻤﺎر ،وﻫﺬا ﻣﺎ ّ ﻋﻴﺪ اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ.
ﺳﺎد اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄ ّن أﺻﻮل ﻋﻴﺪ اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﻬﺮﺟﺎن »ﺳﻮﻳﻴﻦ« ﺷﻌﻮب اﻟﺴﻠﺘﻴّﺔ اﻷوروﺑﻴّﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻫﻲ أو »اﻟﺤﺼﺎد« ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ّ ٌ ﺟﺬورﻫﺎ ﺗﻤﺘ ّﺪ ﻷﻟﻔﻲ ﻋﺎمٍ ﻣﻀﺖ ،ﺳﻜﻨﺖ ﻣﻨﺎﻃﻖ أوروﺑﺎ ،وﺑﺎﻟﺘّﺤﺪﻳﺪ ﻓﻲ إﻳﺮﻟﻨﺪا اﻟﺸّ ﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻧﺠﻠﺘﺮا وﺷﻤﺎﻟﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺄ ّن اﻷﺷﺒﺎح وأرواح اﻟﻤﻮﺗﻰ ﺗﻌﺒﺮ ﺣﺪود ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت ،ﻟﺘﻌﻮد إﻟﻰ اﻷرض ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺟﺎﻟﺒ ًﺔ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﺨﺮاب واﻟ ّﺪﻣﺎر ،ﻣﺴﺒّﺒ ًﺔ إﺗﻼف اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋ ّﻴﺔ ،وﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﻤﻜﺎن أ ّن ﻫﺬه اﻷرواح واﻷﺷﺒﺎح ـﻲ ﻟﻜﻬﻨﺔ )اﻟﺪروﻳﺪس( -وﻫﻢ اﻟﻄّﺒﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺪر إﻟﻬﺎمٍ ووﺣـ ٍ ﻠﺘﻲ -وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤ ّﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘّﻨﺒﺆات اﻟﺴ ﻌﺐ اﻟﻤﺘﻌﻠّﻤﺔ واﻟﻤﺜﻘّﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺸّ ّ ّ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،واﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻔﺼﻞ اﻟﺸّ ﺘﺎء ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺤﺪث ّ ﻳﻨﺼﺒﻮن اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻛﺎن ﺣﻴﺚ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﺷﻬﺮ ﻣﻦ ّﻼﺛﻴﻦ ﺜ واﻟ اﻟﺤﺎدي ﻟﻴﻠﺔ ﻓﻲ ô¸ŔĄŔĔńĿí Œij ņœŎĿîŌĿí ﻣﺸﺎﻋﻞ ﻧﺎرﻳّﺔ ،وﻳﺮﺗﺪون ﻣﻼﺑﺲ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ورؤوﺳﻬﺎ ،ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻠﻤﻴﻼد ،ﻗﺎم اﻟﺒﺎﺑﺎ »ﻏﺮﻳﻐﻮري اﻟﺜّﺎﻟﺚ« ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ وﻳﻘ ّﺪﻣﻮن اﻷﺿﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﻮاﻧ ّﻴﺔ واﻟﻨﺒﺎﺗ ّﻴﺔ ﺗﻘ ّﺮﺑﺎً ﻟﻶﻟﻬﺔ ،ﻓﺘﺘﺤﻠّﻖ ﺣﻮﻟﻬﻢ اﻟﻴﻮم اﻷ ّول ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ،ﻛﻴﻮمٍ ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ اﻟﺸّ ﻬﺪاء واﻟﻘ ّﺪﻳﺴﻴﻦ، 116
»اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ« ﻋﻴﺪ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ
اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻤﺮادة ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ،وﺗﺸﺨﺺ ﺣﻤﺎﺳﺔ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺻﻮب اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،ﻓﺤﻴﻦ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺷﻬﺎدة اﻟﺰور ﺗﺠﺪ إﺷﺎرة ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ، وﻛﺎن ﻣﺘﻜﺌﺎ ﻓﺠﻠﺲ وﻗﺎل أﻻ وﻗﻮل اﻟﺰور ،أﻻ وﺷﻬﺎدة اﻟﺰور ﺣﺘﻰ ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻴﺘﻪ ﺳﻜﺖ .وﺗﺠﺴﺪ اﻹﺷﺎرة ﺗﻐﻴﺮا ﻓﻲ ﻧﺒﺮة اﻟﺼﻮت ﺟﻌﻞ اﻟﺮاوي ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ واﺳﺘﻮاﺋﻪ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮا ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻋﺒﺮ ﻗﻨﻮات ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺘﺤﺪة. ﻓﻤﺜﻼ ﻧﺠﺪ دورا ﻛﺒﻴﺮا ﻹﺷﺎرات اﻟﻴﺪ وﻣﻠﺤﻘﺎﺗﻬﺎ ﻛﺎﻷﺻﺎﺑﻊ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺘﻔﻆ إﺷــﺎرات اﻟﻴﺪ ﺑﺪورﻫﺎ ﻓﻲ اﻹﻓﻬﺎم واﻟﺘﻮاﺻﻞ ،وﺟﺬب اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ،وﺗﻮﻛﻴﺪ آﻟﻴﺔ اﻟﺸﺮح واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ،واﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺣﺘﻰ إﻧﻪ-ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺎ -ﺗﺤﺪث اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻦ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،وﻛﻴﻒ أن ﻣﺮدﻫﺎ إﻟﻰ ﻗﺪرة اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﻒ ،واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،واﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﺎﻓﺔ أﺷﻜﺎﻟﻪ اﻟﻌﻀﻠﻴﺔ أو اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ وﻗﺎﺑﻠﻴﺔ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﺮ واﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ،ورﺑﻤﺎ ﻟﺪور اﻟﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﻬﻢ واﻹﻓﻬﺎم ﻓﺠﺎءت ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻹﺻﺒﻊ وﺗﻮﻇﻔﻪ، وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﺪور اﻟﺘﻮاﺻﻠﻲ ﻹﺷﺎرات اﻟﻴﺪ وﺗﻮﻛﺪه؛ ﻓﺘﺠﺪ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻒ إﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻫﺎﻣﺔ ﻛﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،واﻟﺼﻼة ،ودﻋﺎء اﻟﺴﻔﺮ ،وﺟﺎءت ﻟﻔﻈﺎ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم «:واﻟﻠﻪ ﻣﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ اﻵﺧﺮة إﻻ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ أﺣﺪﻛﻢ إﺻﺒﻌﻪ ﻫﺬه)وأﺷﺎر ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﺑﺔ( ﻓﻲ اﻟﻴﻢ ﻓﻠﻴﻨﻈﺮ ﺑﻢ ﺗﺮﺟﻊ؟«)اﻟﺒﺨﺎري:ﺣﺪﻳﺚ ،(2858 ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺎ إﺻﺒﻌﺎ واﺣﺪا ﻓﻘﻂ؛ إﻣﻌﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻘﻮل ﻫﻨﺎ .وﻓﻲ واﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﻬﻴﺮ«:أﻧﺎ وﻛﺎﻓﻞ اﻟﻴﺘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ﻫﻜﺬا ،وﻗﺎل ﺑﺈﺻﺒﻌﻪ اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ ،وﻓﺮج ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﻮ ذات اﻷﻣﺮ اﻟﻮارد ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ-ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم«:-ﻣﻦ ﻋﺎل ﺟﺎرﻳﺘﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﺪرﻛﺎ دﺧﻠﺖ أﻧﺎ وﻫﻮ اﻟﺠﻨﺔ ﻛﻬﺎﺗﻴﻦ ،وﺿﻢ إﺻﺒﻌﻴﻪ ،أو ﻗﻮﻟﻪ«:أﻧﺎ وﺳﻔﻌﺎء اﻟﺨﺪﻳﻦ ﻛﻬﺎﺗﻴﻦ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ« .وﻗﺪ ﻳﺴﺘﺨﺪم إﺻﺒﻌﻴﻪ ﻟﻠﻤﺠﺎورة اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ،ودﻻﻻت اﻻﻗﺘﺮاب اﻟﺰﻣﻨﻲ ،ﻛﻘﻮﻟﻪ «:ﺑُﻌﺜﺖ أﻧﺎ واﻟﺴﺎﻋﺔ ﻛﻬﺎﺗﻴﻦ ،وﻗﺮن ﺑﻴﻦ
ﺗﻮاﺻﻴﻒ
اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ واﻟﻮﺳﻄﻰ«. دﻻﻟﺔ اﻻﻗﺘﺮاب أﻗﻞ ﺣﻀﻮرا ﻣﻊ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ واﻹﺑﻬﺎم وﻫﻮ ﻣﺎ اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة ﻻﻗﺘﺮاب اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﻘﺎل«: وﻳﻞ ﻟﻠﻌﺮب ،ﻣﻦ ﺷﺮ ﻗﺪ اﻗﺘﺮب ،اﻟﻴﻮم ﻓﺘﺢ ﻣﻦ ردم ﻳﺄﺟﻮج وﻣﺄﺟﻮج ﻫﻜﺬا):وأﺷﺎر ﺑﺈﺻﺒﻌﻴﻪ اﻟﺴﺒﺎﺑﺔ واﻹﺑﻬﺎم ،وﺣﻠّﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ(. وﻗﺪ ﻳﺴﺘﺨﺪم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ إﺻﺒﻊ ﻟﻤﺠﺮد اﻟﻌ ّﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ: ﻗﺎل اﻟﻠﻬﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ وارﺣﻤﻨﻲ وﻋﺎﻓﻨﻲ وارزﻗﻨﻲ)وﻳﺠﻤﻊ أﺻﺎﺑﻌﻪ إﻻ اﻹﺑﻬﺎم( ،أو ﻗﻮﻟﻪ :ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻤﺎ دون ﺧﻤﺴﺔ أوﺳﻖ ﺻﺪﻗﺔ وأﺷﺎر ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻪ .وﻳﺮﺳﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ :ﺧﻂ اﻟﻨﺒﻲ ﺧﻄﺎ ﻣﺮﺑﻌﺎ ،وﺧﻂ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ ﺧﺎرﺟﺎ ﻣﻨﻪ وﺧﻂ ﺧﻄﻮﻃﺎ ﺻﻐﺎرا ،وﻗﺎل :ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن وﻫﺬا أﺟﻠﻪ ﻣﺤﻴﻂ ﺑﻪ أو ﻗﺪ أﺣﺎط ﺑﻪ ،وﻫﺬا اﻟﺬي ﺧﺮج ﻣﻨﻪ أﻣﻠﻪ، وﻫﺬه اﻟﺨﻄﻂ اﻟﺼﻐﺎر اﻷﻋﺮاض ﻓﺈن أﺧﻄﺎ ﻧﻬﺸﻪ ﻫﺬا« ،أو ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺮﺳﻢ ﻟﻴﺒﻴﻦ اﻟﺠﺎدة اﻟﺘﻲ ﻟﻮ ﺣﺎد ﻋﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻫﻠﻚ ،ﺛﻢ ﺗﻼ «:وأن ﻫﺬا ﺻﺮاﻃﻲ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ ﻓﺎﺗﺒﻌﻮه وﻻ ﺗﺘﺒﻌﻮا اﻟﺴﺒﻞ ﻓﺘﻔﺮق ﺑﻜﻢ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻠﻪ« ،وﻳﺴﺘﺨﺪم اﻹﺷﺎرة ﻟﺸﺮح اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاد ﺗﻔﺼﻴﻼ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ إرﺷﺎده اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻮﺟﻮب اﻟﺴﺠﻮد ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻊ ﺛﻢ ﻳﻔﺼﻠﻬﺎ ﺑﺎﻹﺷﺎرة. واﻟﺮﺳﻢ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاد؛ ﻓﺤﻴﻦ ﻳﺮﻳﺪ اﻻﺗﺤﺎد ﺗﺮاه ﻳﺸﺒﻚ ﺑﻴﻦ أﺻﺎﺑﻌﻪ وﻗﺪ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻔﺮﻗﺔ واﻟﺘﻨﺎﺣﺮ ،ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ«:إذا رأﻳﺖ اﻟﻨﺎس ﻗﺪ ﻣﺮﺟﺖ ﻋﻬﻮدﻫﻢ ،وﺧﻔﺖ أﻣﺎﻧﺎﺗﻬﻢ وﻛﺎﻧﻮا ﻫﻜﺬا)وﺷﺒﻚ ﺑﻴﻦ أﻧﺎﻣﻠﻪ( ﻓﺎﻟﺰم ﺑﻴﺘﻚ« .ﻟﻘﺪ ﺗﺮك ﻟﻠﺴﻴﺎق ﺗﻮﺿﻴﺢ اﻹﺷﺎرة ،واﻟﺴﻴﺎق أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ. وﻗﺪ وﻋﻰ اﻟﻔﻘﻪ ﺿﺮورة ﺗﻠﻚ اﻹﺷﺎرﻳﺎت ﺣﺘﻰ ﺗﻢ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ ذاﺗﻬﺎ؛ ﻓﻌﺮﻓﻮا اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﺻﺪر ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ –ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم -ﻣﻦ ﻗﻮل أو ﻓﻌﻞ أو ﺗﻘﺮﻳﺮ ،ﻓﺎﻋﺘﺒﺮوا ﻓﻌﻠﻪ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﺳﻨﺘﻪ، وﻟﻌﻞ ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﺳﻨﺪه ﻳﺒﺮﻫﻦ –أو ﻳﻨﻔﻲ-ﺣﺪﺳﻨﺎ ﺑﺘﺮاﺟﻊ ﻧﺴﺒﺔ اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺮد ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺼﺎﺣﺒﺎت إﺷﺎرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﻤﻘﺼﻮد .رﺑﻤﺎ
إﺿﺎءة
ﺗﻘﺺ ﺣﺒﻞ ﺧﻨﺠﺮ »ﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ«ْ ،ﺗﺼﺎﻟﺞ وﻻ ّ
ﺗْﺼﺎﻟﺞ :ﺗﻠﻤﻊ وﺗﺒﺮق وأﺻﻠﻬﺎ ﺗﺼﻠﻖ ،وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﺎﻣﻴﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻠﻤﻌﺎن.ﺑﻮﺳﻌﻴﺪ :أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص. أي أن »ﺑﻮﺳﻌﻴﺪ« ﻳﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﺨﻨﺠﺮه اﻟﻠ ّﻤﺎﻋﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ أن ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻨﺠﺮ ﻣﺜﻠﻤﺔ ﻛﻠﻴﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺎﺿﻴﺔ ﻫﺸّ ﺔ ﻏﻴﺮ أﺻﻠﻴﺔ ،وﻳﻠﺒﺴﻬﺎ ﻛﺰﻳﻨﺔ ﻓﻘﻂ .اﻧﻈﺮ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل» :اﻟﺤﺲ ﺣﺲ راﻋﺪه ،واﻟﺤﻴﻞ ﺣﻴﻞ ﻳﺎﻋﺪة ،ﻓﻲ ﺣﺮف اﻟﺤﺎء. واﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻳﻘﻮل »اﺳﻤﻊ ﺟﻌﺠﻌﺔ وﻻ أرى ﻃﺤﻨﺎً« ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻧﺘﻘﺎداً ﻟﻠﺸﺨﺺ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﻜﻼم واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ واﻟﻮﻋﻴﺪ وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎً وﻻ ﻳﻨﻔّﺬ وﻋﻴﺪه ،وﻗﺪ ﻳﻀﺮب ﻟﻠﺪﻋﺎﺑﺔ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
115
ﺑﻼﻏﺔ اVﺷﺎرة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﺮﻳﻒ اﻟﻠﻐﺔ ﻛﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻬﺎ وﺟﻮه ﻋﺪة .وﺛﻤﺔ »ﻟﻐﺎت« ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻄﻮﻗﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﻤﻬﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻹﻓﻬﺎم ،ﻛﺎﻹﺷﺎرة وﺗﻌﺒﻴﺮات اﻟﺠﺴﺪ وﻏﻴﺮﻫﺎ. واﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﺷﺎرﻳﺔ ﻗﺪﻳﻢ ،وﻗﺎم ﻓﻲ ﺟﺰء ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺘﻌﺎﺿﺪ اﻟﺒﻴﺎن اﻟﻠﻔﻈﻲ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن اﻹﺷﺎري ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻒ اﻟﺠﺎﺣ ُﻆ اﻟﻌﻼﻗ َﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ«ﺷﺮﻳﻜﺎن« ﻓﻴﻘﻮل» :واﻹﺷﺎرة واﻟﻠﻔﻆ ﺷﺮﻳﻜﺎن ،وﻧﻌﻢ اﻟﻌﻮن« ،ﻓﺘﻜﺎﻓﻞ »اﻟﻠﻐﺎت« ﻫﻮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. واﻹﺷﺎرات ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن» ،ﻋﺎﻣﺔ« .ﻻ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺰﻣﺎن أو ﻣﻜﺎن ،ﻣﺜﻼ«: ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻳﻘﻠﺐ ﻛﻔﻴﻪ«)اﻟﻜﻬﻒ (42:ﻓﻴﺘﻮاﺗﺮ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷوﻗــﺎت واﻟﺒﻼد ﻋﻠﻰ دﻻﻟﺘﻬﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ إﺷــﺎرات اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻨﺒﻮي-أﺣﻴﺎﻧًﺎ-ﺑﺪﻻﻻت ﻣﺆﻗﺘﺔ زﻣﺎﻧﻴًﺎ وﻣﻜﺎﻧﻴًﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم» :ﻓﺎﻇﻔﺮ ﺑﺬات اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺮﺑﺖ ﻳﺪاك«؛ ﻓﺎﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ«ﺗﺮﺑﺖ ﻳﺪاك« ﻳﺤﺘﺎج-اﻵن -ﺗﻔﺴﻴ ًﺮا وﺷﺮ ًﺣﺎ. وﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﻹﺳﻼم ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،وﻛﺎﻧﺖ وﻇﻴﻔﺔ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺮﺳﻮل- ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم-أن ﻳﻔﺴﺮ اﻟﻌﺎم وﻳﺸﺮح اﻟﻐﺎﻣﺾ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻠﻐﺔ اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ اﻟﺪور اﻟﻤﻬﻢ اﻟﺬي ﻧﺮﻳﺪ اﻟﺘﻮﻗﻒ-ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ- ﻣﻌﻪ .وﻗﺪ ازداد ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺎﺿﺪ اﻟﺘﺄوﻳﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﻘﺪي ﻓﺤﻜﻢ اﻟﺮﺳﻮل-ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم -ﻓﻲ أﻣﺮ اﻟﺴﻮداء ،ﺣﻴﻦ ﺳﺄﻟﻬﺎ :أﻳﻦ اﻟﻠﻪ؟ﻓﺄﺷﺎرت ﺑﺮأﺳﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﻘﺎل«:أﻋﺘﻘﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺆﻣﻨﺔ«، وﻫﻮ اﻟﻘﺎﺋﻞ:رب إﺷﺎرة أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻋﺒﺎرة؛ وﻫﻮ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺬي اﻧﻌﻜﺲ ﻋﻨﺪ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻓﻘﺎل«:إذا اﺟﺘﻤﻌﺖ اﻹﺷﺎرة واﻟﻌﺒﺎرة واﺧﺘﻠﻒ ﻣﻮﺟﺒﻬﻤﺎ ﻗﺪﻣﺖ اﻹﺷﺎرة« .اﻟﻠﻐﺔ ﺗﻌﻲ ذﻟﻚ؛ وﻓﻲ ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب ﻗﺎل ﺑﻴﺪه :أﺧﺬ ،وﻗﺎل ﺑﺮﺟﻠﻪ:أي ﻣﺸﻲ ،وﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ اﻟﻌﻴﻨﺎن ﺳﻤﻌﺎ وﻃﺎﻋﺔ أي أوﻣﺄت ،وﻗﺎل اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﻳﺪه :أي ﻗﻠﺐ ،وﻗﺎل ﺑﺜﻮﺑﻪ: أي رﻓﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺎز واﻻﺗﺴﺎع. اﻟﻤﺮوي ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل-ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم-اﻹﺷﺎرات وﻗﺪ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟ ّﻨ ﱡﺺ ﱡ اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ ،ﻓﺠﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﺮﻳﻒ:أﺧﺬ اﻟﺮﺳﻮل ﺑﻤﻨﻜﺒﻲ ﻓﻘﺎل»:ﻛﻦ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺄﻧﻚ ﻏﺮﻳﺐ أو ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ« ،أو ﻗﻮﻟﻪ»:أﻣﺴﻚ ﻋﻠﻴﻚ ﻫﺬا«-وﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ ،-أو ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻹﺷﺎرات اﻟﺤﺮﻛﻴﺔ، ﻣﻦ ﻣﺜﻞ وﺻﻔﻪ ﻟﺤﺠﺎب اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ أﺳﻤﺎء اﻟﺬي ﻳﻀﻌﻪ اﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺤﺠﺎب ،أو إﺷﺎرﺗﻪ «:اﻟﺘﻘﻮى ﻫﻬﻨﺎ ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ
114
ﺑﻼﻏﺔ ا3ﺷﺎرة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﺮﻳﻒ
د .ﻋﻼء اﻟﺠﺎﺑﺮي
اض اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺻﺪره ﺛﻼث ﻣﺮات« .ﻟﻘﺪ اﺿﻄﺮﺗﻪ-ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم -اﻷﻏﺮ ُ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺘﻔﺴﻴﺮﻳﺔ واﻟﻌﻘﺪﻳﺔ أن ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺌﺎت؛ ﻛﺎﻟﻨﺴﺎء أو اﻟﺼﻢ أو ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻓﻮد اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻒ دﻋﻮﻳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ رﺳﻮﻻ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ،أﻣﺎ ﺑﻼﻏﺘﻪ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻤﻬﺎ ﻓﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﻘﺪراﺗﻪ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ اﻟﺠﻠﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ أوﺗﻲ–ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم-اﻟﻘﺮآن وﻣﺜﻠﻪ ﻣﻌﻪ. وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ اﻹﺷﺎرة ،ﻓﻴﻠﻮم اﻟﺴﻴﺪة ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺣﻴﻦ اﻏﺘﺎﺑﺖ ﺳﻴﺪة ﺗﺴﺄﻟﻪ ،وﺑﻌﺪ أن ﻣﻀﺖ ﻋﻨﻪ أﺷﺎرت ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ ﺳﻴﺪة ﻗﺼﻴﺮة .وﺣﻴﻦ ﺳﺄل اﻟﺮﺳﻮل- ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم -اﻣﺮأ ًة ﻗﺎﺋﻼ :أﻳﻦ اﻟﻠﻪ؟ ﻓﺄﺷﺎرت ﺑﺮأﺳﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء، ﻓﻘﺎل :أﻋﺘﻘﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺆﻣﻨﺔ؛ ﻟﻴﻘﺒﻞ ﻧﻄﻖ اﻟﺸﻬﺎدة ﺑﺎﻹﺷﺎرة ،ودون ﺗﺼﺮﻳﺢ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻮاﺗﺮ ﻋﻦ ﺑﻼل ﺑﻦ رﺑﺎح أﺛﻨﺎء وﻗﺎﺋﻊ ﺗﻌﺬﻳﺒﻪ. واﻹﺷﺎرة رﻣﺰ ﻋﺮﻓﻲ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺪﻻﻟﺔ وﺿﻌﻴﺔ ﺟﺎءت ﻣﺘﻮاﺗﺮة ،ﻣﻦ ﻣﺜﻞ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺑﻌﺾ اﻷﺻﺎﺑﻊ اﻵن ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎن ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻷﺻﺒﻊ اﻟﻮاﺣﺪ. اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﺠﺰة دﻳــﻦ اﻹﺳـــﻼم ،واﻟــﻮﻋــﻲ اﻟﻠﻐﻮي واﺣــﺪ ﻣﻦ ﻣﺤﺪدات اﻟﻨﺺ .ﻫﻜﺬا ﻛﺎن اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻣﻘﺎم اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﻳﻢ ،وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن أﺑﺼﺎرﻫﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ،وﺑﺤﺮﻛﺎﺗﻪ وﺳﻜﻨﺎﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻮر ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﻫﻮ ﻣﺎ وﻋﺎه اﻟﺮﺳﻮل واﺳﺘﺜﻤﺮ أﺛﺮه أﻳﻀﺎ ﺣﻴﻦ ﺟﺎءه وﻓﺪ ﺻﻠﺢ اﻟﺤﺪﻳﺒﻴﺔ وأﻗﺎم ﻣﻌﻬﻢ ﻋﺮوة ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد اﻟﺜﻘﻔﻲ ،ﻟﻴﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ-ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ- ارﺗﺒﺎﻃﻬﻢ ﺑﻪ ،ﻓﻌﺎد ﻟﻴﻘﻮل )ﻓﻤﺎ ﺗﻔﻞ إﻻ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ أﺣﺪﻫﻢ، وﺗﺒﺮﻛﻮا ﺑﻪ( .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﺎﺑﻌﻮﻧﻪ ﻟﻔﺘﺎﺗﻪ وﺳﻜﻨﺎﺗﻪ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪا ﺑﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ؛ :ﻓﺮأﻳﻨﺎه ﻳﻀﺤﻚ ﺣﺘﻰ ﺑﺪت ﻧﻮاﺟﺬه ...ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻓﻲ وﺟﻬﻪ اﻟﻐﻀﺐ .وﻗﺪ ﺣﺮص رواة اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ اﻹﺷﺎرات اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺮوي؛ إﻳﻤﺎﻧﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺒﺪاﻫﺔ ﺗﺂزر اﻹﺷﺎرة واﻟﻠﻔﻆ ،ﻓﻠﻺﺷﺎرة دور أوﺿﺢ دﻻﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺄوﻳﻞ واﻟﺘﻔﺎوت ﺣﺘﻰ اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻌﺮب ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪﻳﻢ«:رب إﺷﺎرة أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻋﺒﺎرة« . ﺛﻤﺔ ﻣﻌﻀﺪات ﺑﻼﻏﻴﺔ وﻣﺆﻛﺪات ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ
اﻟﺤﺠﺮ اﻟــﻮردي .اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻳﻨﻘﻠﻪ اﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ إﻟﻰ ﻗﺎﻃﻌﺔ اﻟﻠﻴﺰر ﻟﺘﺸﻜﻞ اﻻﺳﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﺻﻐﺮ ﺣﺠﻢ اﻟﻤﺮﺑﻊ اﻟﺤﺎوي ﻟﻪ ،ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﺼﺮت اﻵﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻔﻨﺎن .وﻟﻜﻦ ﻓﻲ أﺳﻮاق ﻃﻬﺮان اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺎن ﺷﻌﺒﻲ ـ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻌﺮﺿﺤﺎﻟﺠﻲ ـ ﻳﺤﻔﺮ أﺳﻤﺎء ﻃﺎﻟﺒﻲ أﺧﺘﺎم اﻷﺳﻤﺎء ،ﻣﻦ اﻷﻣﻴﻴﻦ ذوي اﻟﺸﻮارب اﻟﺨﺸﻨﺔ ،ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺨﻂ اﻟﻔﺎرﺳﻲ اﻟﻨﺎﻋﻢ. وﻓﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻳﺴﻤﻰ اﻟﺨﺘﻢ اﻟﺸﺨﺼﻲ اﻟﺨﺎص )ﻫﺎﻧﻜﻮ( وﻳﺴﺘﺨﺪم ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ،وﻟﻪ ﺮ ﺣﺒﺮ أﺣﻤﺮ ﺳﻤﻴﻚ ﺧﺎص ﺗﺒﻠﻞ ﺑﻪ أﺳﻔﻨﺠﺔ )ﺷﻮﻧﻴﻜﻮ( ﻟﻄﺒﺎﻋﺔ ﺣﺮوف اﻻﺳﻢ )إﻧﻜﺎن( .وأﻗﺪم ﺧﺘﻢ ﻳﺎﺑﺎﻧﻲ ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ﻳﻌﻮد ﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻧﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ،وﻳﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻮز اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻫﺪﻳﺔ ﻣﻦ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮر اﻟﺼﻴﻨﻲ ﻏﻮاﻧﻎ ووا ،إﻣﺒﺮاﻃﻮر ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻫﺎن اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ) ٢٢٠-٢٥ﻣﻴﻼدي( ،إﻟﻰ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻧﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎم ٥٧ﻣﻴﻼدي .وأﺻﺒﺢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻷﺧﺘﺎم رﺳﻤﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺎم ١٨٧٣م .وﻫﻨﺎك ـ ﺣﺎﻟﻴﺎ ـ ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ ﺛﻼﺛﺔ أﺧﺘﺎم؛ ﺧﺘﻢ ﻣﺴﺠﻞ )ﺟﻴﺘﺴﻮ إن( ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ
واﻟﺒﻴﻊ واﻟﺸﺮاء واﻹﻳﺠﺎر واﻟﻮﺻﻴﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﺠﻴ ﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﻟﺪى اﻟﺒﻠﺪة ﻣﻨﻌﺎ ﻟﻠﺘﺰوﻳﺮ ﻟﻤﻦ ﺑﻠﻎ 155ﻋﺎﻣﺎ أو أﻛﺜﺮ ،وﻫﻨﺎك ﺧﺘﻢ ﻟﻠﺒﻨﻚ )ﻏﻴﻨﻜﻮ إن( ﻋﻨﺪ ﻓﺘﺢ ﺣﺴﺎب ﺑﻨﻜﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﻜﻮن اﻟاﻟﺨﺘﻢ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻼت اﻟﺒﻨﻜﻴﺔ ،وأﺧﻴﺮا اﻟﺨﺘﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺴﺠﻞ )ﻣﻴﺘﻮﻣﻲ إن( ،ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻮد واﻟﻤﺴﺘﻨﺪات ،واﻷوراق اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﺟﺮاءات اﻟﻤﻜﺎﺗﺐ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ اﺳﺘﻼم اﻟﺒﺮﻳﺪ اﻟﻤﺴﺠﻞ .وﻫﺬه اﻷﺧﺘﺎم اﻷﺧﻴﺮة ﻳﻤﻜﻦ ﺻﻨﺎﻋﺘﻬﺎ ﺑﺴﻌﺮ ﺑﺴﻴﻂ ،ﻋﻜﺲ ﻛﻮرﻳﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻣﺰودة ﺑﺤﺒﺮﻫﺎ اﻟﺨﺎص .وﻛﻢ ﻫﻲ ﻛﺜﻴﺮة اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ اﻟاﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ أﺧﺘﺎﻣﺎ ﻟﻸﺟﺎب ﺳﻴﺎﺣﺎ وﻣﻘﻴﻤﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻮﻳﻞ أﺳﻤﺎﺋﻬﻢ ﻟﺤﺮوف ﻛﺎﻧﺠﻲ أو أأﺑﺠﺪﻳﺔ ﻛﺎﺗﺎﻛﺎﻧﺎ ،واﻟﺠﺪﻳﺪ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺧﺘﺎم ااﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻋﺒﺮ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ. ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎن ـ وﺳﻮاﻫﺎ ـ ﺗﻌﻨﻲ أن اﻟﺨﺘﻢ ﻻ ﻳﺰال ﻋﺼﺮﻳﺎ ،وأن ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ اﻟﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺰﻳﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻤﻬﺪ ﻟﻈﻬﻮره ﻣﺠﺪدا، ﻓﻴﺮﺗﺪﻳﻪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻓﻲ ﺻﺮﻋﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻳﺒﻌﺜﻬﺎ اﻷﻣﻞ ﺑﺎﺳﺘﻌﺎدة اﻟﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ واﻟﺮوح اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻌﺎ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
113
ūŵŭŘ
اﻟﻤﺘﺴﻖ ﻣﻊ اﻟﻄﺮاز اﻟﻤﻐﻮﻟﻲ ،اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻮاﻫﺮ واﻷﺣﺠﺎر اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ واﻷﺣﺠﺎر اﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ،وﻧﻘﺶ اﻟﻤﻐﻮل ﻣﻦ ﺣﻜﺎم اﻟﻬﻨﺪ أﺳﻤﺎءﻫﻢ وأﻟﻘﺎﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺎﻗﻮت واﻟﺰﻣﺮد واﻟﻤﺎس ،وﻫﻮ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺑﺪأه اﻟﺘﻴﻤﻮرﻳﻮن )1370 (1507ﻓﻲ ﺑﻼد ﻓﺎرس ،وﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ ،وﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺤﻜﺎم ﺷﺎع اﺳﺘﺨﺪاماﻷﺧﺘﺎم اﻟﻤﻨﻘﻮﺷﺔ ﻟﺪى اﻟﻨﺒﻼء واﻷﺟﺎﻧﺐ واﻟﻨﺒﻼء .ﻓﻨﺠﺪ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ ،ﻳﺤﻤﻞ اﺳﻢ اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﻞ ﺑﺎرﻳﺲ ﺑﺮادﺷﻮ ،أول ﻣﺪﻳﺮ ﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ وﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻪ إﻟﻰ ﻋﺎم 1222ﻫـ 1807 / 1808م.وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺷﺮﻗﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﺳﻤﺎء ﻣﺘﺪاوﻻ ﺑﻪ، إﻻ أن ﻋﻤﻮم ﺑﻠﺪان آﺳﻴﺎ ،واﻟﺸﺮق ٌاﻷﻗﺼﻰ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻻ ﻳﺰال اﻟﺨﺎﺗﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻤﻜﺎﻧﻪ وﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ،وﻻ ﺗﺨﻠﻮ رﺳﺎﻟﺔ رﺳﻤﻴﺔ أو ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﺗﻢ ﻳﺤﻤﻞ اﺳﻢ ﻣﺮﺳﻠﻬﺎ ،وﻗﺪ ﺗﺬﻳﻞ ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ اﻟﺸﻜﻞ، اﻟﻤﺮﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ ،ﺑﻠﻮﻧﻪ اﻷﺣﻤﺮ ـ ﻏﺎﻟﺒﺎ ـ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﻠﻲ ،وﻟﻪ ﻣﺤﻼﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻨﻊ ﺑﻬﺎ. ﻓﻔﻲ ﺷﺎرع إﻧﺴﺎدوﻧﺞ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻜﻮرﻳﺔ ﺳﻮل ،ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻧﻊ أﺧﺘﺎم ﺗﺒﺪو ﻣﺜﻞ ﻋﻠﺒﺔ أﺻﺒﻊ أﺣﻤﺮ اﻟﺸﻔﺎه اﻟﻤﺴﺘﻄﻴﻠﺔ ﺣﺠﻤﺎ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺧﺎﻣﺔ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪم ،أﻫﻮ اﻟﺒﺎزﻟﺖ اﻟﺼﻠﺪ أم
ﺣﺮﻣﺖ اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ا_ﺧﺘﺎم ﻗﺪ ّ ﻓﻲ ﺗﺠﺎرﺗﻬﺎ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺮورﻳﺔ Vﺛﺒﺎت اﻟﻤﻠﻜﻴﺎت ،وﺣﺮم ﻗﺎﻧﻮن ﺻﻮﻟﻮن ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻧﻊ ا_ﺧﺘﺎم أن ﻳﺼﻨﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺴﺨﺔ ﻟﻠﺨﺘﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ،وﻛﺎن اﻟﺨﺎﺗﻢ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺨﺘﻢ، وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﺠﻌﺎرﻳﻦ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ.
112
أﺧﺘﺎم ا;ﺳﻤﺎء ﺑﺼﻤﺔ اﻟﺮوح وﺑﺴﻤﺔ اﻟﺨﻂ
أﺧﺬت ا_ﺧﺘﺎم ا_ﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﺑﻴﻦ ﻫﺮﻣﻲ وﻣﺜﻠﺚ ،داﺋﺮي وﺑﻴﻀﺎوي، ﻣﺨﺮوﻃﻲ وأﺳﻄﻮاﻧﻲ ،وﻓﻲ ذﻳﻠﻬﺎ ﻣﻤﺴﻜﺔ ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﺧﺎﺗﻤﺎ ﻟgﺻﺒﻊ ،أو ﻗﻼدة ﻟﻠﻌﻨﻖ أو ﺣﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻢ .و_ن ا_ﺧﺘﺎم ،ﻣﺒﻜﺮا ،اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻛﺘﻌﻮﻳﺬات وﺗﻤﺎﺋﻢ ،ﻓﻘﺪ ﺣﻤﻠﺖ ﺻﻮر وأﺷﻜﺎل اhﻟﻬﺔ وﻣﺎ ﻳﺮﻣﺰ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎت. وﺗﻨﻘﺶ ا_ﺧﺘﺎم ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮآة ،ﻣﻌﻜﻮﺳﺔ ،ﺣﺘﻰ إذا ﻃﺒﻌﺖ ﻇﻬﺮت ﺳﻠﻴﻤﺔ
اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ واﻷواﻧﻲ اﻟﻄﻴﻨﻴﺔ واﻟﻨﺤﺎﺳﻴﺔ. وﻟﻸﺧﺘﺎم ﺗﺎرﻳﺦ ﻗﺪ ﻳﻮازي ﻋﻤﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻷن اﻷﺟﺪاد اﻷواﺋﻞ اﻛﺘﺸﻔﻮا أﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﺮك آﺛﺎرﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪران ،وﻛﺎﻧﺖ ﻢ أﻛﻔﻬﻢ ،اﻟﻤﺨﻀﺒﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺘﺒﺎدﻻت اﻟﺘﺠ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ،اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻌﺮب اﻷﺧﺘﺎم ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺑﺪﻣﺎء اﻟﻘﻨﺺ وأﻟﻮان اﻷرض ،ﻫﻲ أول اﻷﺧﺘﺎم ﻟﺨﺎﺻﺔ ﻛﺎﻟﻴﻮﻧﺎن واﻟﺮوﻣﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﻠﻮا ﺗﺼﺎوﻳﺮ اﻟﻨﻘﻮد إﻟﻰ اﻷﺧﺘﺎم ،ﺑﻞ اﻟﺒﺼﻤﺎت واﻷﺻﺎﺑﻊ ت ﺗﻮﻗﻴﻌﺎﺗﻬﻢ .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻘﺼﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻛﺘﻔﻮا ﺑﺎﻟﺤﺮوف ،وﻫﻜﺬا ﻛﺎن ﺧﺎﺗﻢ اﻟﺮﺳﻮل )ﺻﻠﻰ اﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ( واﻷﻛﻒ اﻟﻤﺠﻬﻮﻟﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻧﺘﺠﻮل ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺨﺘﻢ ﺑﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻔ اﻟﻔﻀﺔ ﻳﺤﻤﻞ ﻧﻘﺶ »ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﻟﻠﻪ« ،وﺗﻨﺎﻗﻠﻪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺗﻌﺮﻳﻔﻴﺔ. اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪون ﺣﺘﻰ ﻋﺜﻤﺎن ،رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ،اﻟﺬي وﻗﻊ ﻣﻨﻪ أﺧﺬت اﻷﺧﺘﺎم اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ ﺮ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ ﻓﻲ ﺑﺌﺮ »أرﻳﺲ« »أرﻳﺲ« .واﺧﺘﻠﻔﺖ اﻟﻌﺒﺎرات ﻋﻠﻰ أﺧﺘﺎم ﻫﺆﻻء اﻟﺨﻠﻔﺎء، ي، وﺑﻴﻀﺎوي ،ﻣﺨﺮوﻃﻲ ﺟﻤﻴﻌﺎ ،ﺑﻴﻦ ﻫﺮﻣﻲ وﻣﺜﻠﺚ ،داﺋــﺮي ِ ﻓﻨﻘﺶ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ »ﻧ ْﻌ َﻢ اﻟﻘﺎدر اﻟﻠﻪ« ،وﻧﻘﺶ ﻋﻤﺮ وأﺳﻄﻮاﻧﻲ ،وﻓﻲ ذﻳﻠﻬﺎ ﻣﻤﺴﻜﺔ ،ﺳــﻮاء ﻛﺎن ﺧﺎﺗﻤﺎ ﺑﻦ اﻟﺨَﻄﺎب »ﻛﻔﻰ ﺑﺎﻟﻤﻮت واﻋﻈﺎً« ،وﻧﻘﺶ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻟﻸﺻﺒﻊ ،أو ﻗﻼدة ﻟﻠﻌﻨﻖ أو ﺣﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻢ .وﻷن ﻋﻔﺎ ﻋﻔﺎن »آﻣﻨﺖ ﺑﺎﻟﺬي ﺧﻠﻖ ﻓﺴﻮى« ،وﻧﻘﺶ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻷﺧﺘﺎم ،ﻣﺒﻜﺮا ،اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻛﺘﻌﻮﻳﺬات وﺗﻤﺎﺋﻢ ،ﻓﻘﺪ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ،ﻛﺮم اﻟﻠﻪ وﺟﻬﻪ »اﻟﻠﻪ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺤﻖ« .وﻓﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﺻﻮر وأﺷﻜﺎل اﻵﻟﻬﺔ وﻣﺎ ﻳﺮﻣﺰ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ت. ﻛﺎﺋﻨﺎت. اﻟﻌﺼ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﻤﻠﺖ اﻷﺧﺘﺎم ،ﻣﻊ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺤﻜﻢ وﺗﻨﻘﺶ اﻷﺧﺘﺎم ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮآة ،ﻣﻌﻜﻮﺳﺔ ،ﺣﺘﻰ واﻷ واﻷﻟﻐﺎز ،آﻳﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،ﺣﺘﻰ اﻋﺘﻤﺪ ﺧﺘﻢ إذا ﻃﺒﻌﺖ ﻇﻬﺮت ﺳﻠﻴﻤﺔ. اﻟﻄ اﻟﻄﻐﺮة ) ﺗﻮﻗﻴﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎن ( ﺷﻌﺎرا ً ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ، وﻗﺪ ﺣ ّﺮﻣﺖ اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ اﻷﺧﺘﺎم ﻓﻲ ﺗﺠﺎرﺗﻬﺎ، وﻫ وﻫﻮ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻟــﺬي ﺷﺎع ﻟﺪى اﻟﻔﺮس واﻟﻤﻐﻮل ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺮورﻳﺔ ﻹﺛﺒﺎت اﻟﻤﻠﻜﻴﺎت ،وﺣﺮم ﻗﺎﻧﻮن واﻷ واﻷﻓﻐﺎن. ﺻﻮﻟﻮن ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻧﻊ اﻷﺧﺘﺎم أن ﻳﺼﻨﻊ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺴﺨﺔ وﻟﺪ وﻟﺪى اﻟﻤﻬﺮاﺟﺎت ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ ﻃﻮال ﻓﺘﺮة ﺣﻜﻤﻬﻢ ﻟﻠﺨﺘﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ،وﻛﺎن اﻟﺨﺎﺗﻢ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﺨﺘﻢ ،ﻟﺒﺎ وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳ ﺗﺎرﻳﺦ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻊ اﻷﺧﺘﺎم اﻟﻤﻘﻮﺷﺔ ،واﻟﻄﺮاز اﻟﻔﻴﻜﺘﻮري ﺷﻜﻞ اﻟﺠﻌﺎرﻳﻦ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ. ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
111
ūŵŭŘ
أﺧﺘﺎم ا_ﺳﻤﺎء ﺑﺼﻤﺔ اﻟﺮوح وﺑﺴﻤﺔ اﻟﺨﻂ
ĊœĐŔĿí Ŏñã ıĎėã
ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﻘﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺸﺐ ،وﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﻔﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺮ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ُﺻﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺪن ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﺸﻜّﻞ ﻣﻦ ﺧﺎﻣﺎت أﻋﻠﻰ وأدﻧﻰ ،أﻧﻔﺲ وأﺑﺨﺲ ،أﻗﺴﻰ وأﻟﻴﻦ ،ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻤﺎس واﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ ،وﺻﻮﻻ إﻟﻰ اﻟﺰﺟﺎج واﻟﺸﻤﻊ واﻟﻤﻄﺎط، ﺗﻨﻘﻞ ﺟﻤﻴﻌﺎ رﺳﺎﻟﺔ ﺗﺨﺺ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ،ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻤﻪ ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺻﻨﻮ ﻫﻮﻳﺘﻪ؛ إﻧﻬﺎ أﺧﺘﺎم اﻷﺳﻤﺎء ،ﺑﺼﻤﺔ اﻟﺮوح ﺣﻴﻦ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻠﻴﻤﺘﺮات ﻣﺮﺑﻌﺔ ،وﺑﺴﻤﺔ اﻟﺨﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺄﻟﻖ ﺑﺨﺼﻮﺻﻴﺘﻪ ﻓﻴﺼﻮغ أﺑﺠﺪﻳﺔ اﻻﺳﻢ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻓﺮﻳﺪ .ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة أﺳﺘﻌﻴﺪ ذﻟﻚ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﻟﻠﺠﺪ ،ﻳﻤﺪ ﻳﺪه إﻟﻰ ﺻﺪﻳﺮﻳﺘﻪ ،ﺣﻴﺚ رﺑﻂ اﻟﺨﺘﻢ ،اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﺳﻤﻪ ﻏﺎﺋﺮا اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻟﻴﻀﻐﻂ ﺑﻪ وﻗﺪ ﻃﺎﻟﺖ ﺣﺮوﻓﻪ آﺛﺎر ﻣﺪاد اﻟﻤﺤﺒﺮة ﻘﺪﺪﻳﻢ، اﻟﺤﺒﺮ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻠﺒﺔ ﻋﻠﻰ وﺳﺎدة اﻟﺤﺒﺮ اﻟﺼﻐﻴﺮة ،ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻣﺔ ﻟﺤﺒﺮ، اﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ رﺳﻮﻣﺎ وﺣﺮوﻓﺎ ﻻﺗﻴﻨﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻨﻘﻠﻪ إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺗﻮﻛﻴﻞ ،أو وﺛﻴﻘﺔ ﺑﻴﻊ أو ﺷﺮاء ،ﻓﻴﻀﻐﻂ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﻟﻴﺒﺰ اﻻﺳﻢ أﺑﻴﺾ ﻧﺎﺻﻌﺎ، ﺻﻌﺎ ،وﺳﻂ ﺷﻜﻞ ﺑﻴﻀﺎوي أزرق ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺳﺒﻮرة ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ ﺟﺪي ،ﺛﻢ ﻳﻮﻗﻊ ﺗﺤﺘﻬﺎ ،زﻳﺎدة ﺗﺄﻛﻴﺪ ،ﺑﺎﻻﺳﻢ اﻟﺜﻼﺛﻲ .ﻣﺸﻬﺪ ﺸﻬﺪ اﻟﺘﻲ رآه ﺟﻴﻠﻲ وﻛﺎن ﻣﺄﻟﻮﻓﺎ ﻟﺪى اﻷﺟﻴﺎل ﻲ ﺑﺪﻳﻼ ﺳﺒﻘﺘﻨﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻷﺧﺘﺎم واﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ﻼ ﻋﻦ اﻟﺒﺼﻤﺔ ،ﻟﺘﺜﺒﺖ أن اﻟﻤﻮﻗﻊ ﻟﻴﺲ أﻣﻴﺎ! 110
أﺧﺘﺎم ا;ﺳﻤﺎء ﺑﺼﻤﺔ اﻟﺮوح وﺑﺴﻤﺔ اﻟﺨﻂ
وإذا ﻛﺎن ﻓﻦ اﻟﺠﺮاﻓﻴﺘﻲ ـ اﻟﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻮاﺋﻂ ـ ﻗﺪ ﺷﺎع ﻣﺆﺧﺮا ،ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺠﺪران ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻋﻼﻣﺎت وﻋﺒﺎرات ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ ﺑﺎﻷﺧﺘﺎم اﻟﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻮاب ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟﺤﻴﺎزات ،ﺣﻴﺚ ﺻﻨﻌﺖ ﻻﺣﻘﺎ اﻷﺧﺘﺎم اﻷﺳﻄﻮاﻧﻴﺔ اﻟﺤﺠﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺻﻮر اﻹﻟﻬﺔ ورﻣﻮزﻫﺎ .ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﺳﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ،ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ،أﺧﺘﺎم ﻣﻦ ﺧﺎﻣﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﺎﻟﺼﻠﺼﺎل واﻟﻌﻈﻢ واﻟﻌﺎج ،ﺗﺤﻤﻞ أﺳﻤﺎء ﻛﺒﺎر اﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ وﺻﻐﺎرﻫﻢ ،ورﻣﻮز اﻟﻤﻠﻮك وأﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺎت ﻣﺴﻄﺤﺔ أو ﺟﻌﺮاﻧﻴﺔ ﺑﻴﻀﺎوﻳﺔ. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮوف ﻫﻲ اﻷﺳﺎس ،ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ وﺟﻪ اﻟﺨﺘﻢ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻀﺎف اﻟﺮﻣﻮز واﻷرﻗﺎم ،ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺧﺘﻢ ﺧﺸﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻳﻘﺮأ :ﻳﺎ اﻟﻠﻪ ،ﻣﻊ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﻟﻠﻌﺎم اﻟﻬﺠﺮي 1230أﻋﻠﻰ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﺮوﻓﻲ .وﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻒ أن ﺑﻌﺾ اﻷﺧﺘﺎم ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔﻋﻠﻰ ﻋﺠﻴﻦ اﻟﺨﺒﺰ ،ﻛﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮﻓﻲ ﺧﺘﻢ ﻳﺆرخ ﻟﻠﻔﺘﺮة ﺑﻴﻦ 800و 1000ﻣﻴﻼدﻳﺔ ،ﺑﺎﻟﺨﻂ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻳﺤﻤ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﺒﺎرة »ﻛﻞ ﻫﻨﻴﺌﺎ« .وﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ،ﻇﻬﺮت ﻗﺒﻞ 5آﻻف ﺳﻨﺔ وازدﻫﺮت ﻓﻲ اﻷﻟﻒ اﻟﺜﺎﻧﻴ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ﺣﻀﺎرة دﻟﻤﻮن، وﻣﺮﻛﺰﻫ وﻣﺮﻛﺰﻫﺎ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﺣﺎﻟﻴﺎ ،وﻇﻬﺮت أﺧﺘﺎﻣﻬﺎ اﻟاﻟﺪاﺋﺮﻳﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ،واﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻹﺛﺒﺎت
رؤﻳﺔ
إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ وﺻﺮاع اﻟﻤﺨﺎوف ﻣﺜﻞ ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ؛ ﺗﺠﺪ اﺳﺘﻘﻄﺎﺑًﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻫﺎﻣﺸً ﺎ وﺗﺤﺘﻞ ﻓﻴﻪ اﻷﻃﺮاف اﻟﻤﺮﻛﺰ ،وﻫﻜﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﻨﻘﻴﺔ اﻟﺘﺮاث؛ ﻓﺎﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺎول ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻳﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث ﺑﻌﻴﻦ ﻣﻨﺼﻔﺔ ،اﻟﺘﻨﻘﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻃﺮف ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﺮ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﻤﺴﺎس ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره رﻛﻴﺰة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻬﻮﻳﺔ ،وﻛﻞ اﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﺗﻬﺪﻳ ًﺪا ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﻄﺮف ،إﻣﺎ اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ وإﻣﺎ اﻟﺠﻤﻮد واﻟﺘﻘﺪﻳﺲ؛ ﻫﻜﺬا ﻳﺪور اﻟﺼﺮاع ﻋﻨﺪ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻘﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺮم اﻟﺘﺮاث وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺘﻨﻘﻴﺘﻪ ﻣﻤﺎ ﻋﻠﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﻮاﺋﺐ ،وﻳﺮﺟﻊ ﺗﻬﻤﻴﺶ دور ﻫﺬه اﻟﻘﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎوم اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب إﻟﻰ أﺣﺪ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ إﻟﻰ ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻃﺮف ،ورﺑﻤﺎ ﻳﺤﺴﺒﻬﺎ ﻛﻞ ﻃﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺌﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻀﺎدة ،وﻫﻜﺬا ﺗﻀﻴﻊ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻃﺮﻓﻴﻦ ،وﻻ ﺗﺠﺪﻳﺪ وﻻ ﺛﻤﺮة ﻷي ﻗﻀﻴﺔ ﺑﻼ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ، وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺧﻴﺎر ﺻﻌﺐ وﺗﻤﺜﻞ اﻟﻬﺎﻣﺶ ﻓﻲ اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ﻓﻠﻨﺤﺎول أن ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺳﺒﺎب ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻄﺮف ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ -ﻣﻊ اﻷﺧﺬ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻈﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ .-اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻐﺎﺿﺐ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ﻳﻌﻠﻖ ﻛﻞ أﺳﺒﺎب اﻟﻔﺸﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺘﺮاث وﺗﺤﻜﻴﻤﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺼﺮ ،ﻳﻨﺘﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ﻛﻞ ﺷﺎذ ﻟﻴﻀﺮب اﻟﺘﺮاث ﻛﻠﻪ ﺿﺮﺑﺔ واﺣﺪة ﺑﺘﺼﻮﻳﺮه ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻛﻠﻪ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﻫﺬا اﻟﺸﺬوذ ،ﻫﻲ ﺣﺮب وﺟﻮد ﻣﻊ اﻟﺘﺮاﺛﻴﻴﻦ ،ﻳﺮﻳﺪ ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ ﻣﻨﻔﺮدا ،ﻻ وﺟﻮد ﻟﻐﻴﺮه ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ،وﺗﺰداد ﻣﺨﺎوﻓﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻛﻠﻤﺎ ازداد ﻧﻔﻮذ اﻟﺠﺎﻣﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ،ﻳﻌﻄﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﻘﻞ وﻳﻀﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﺊ .اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ ﻫﻮ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻤﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ﻗﻄﻌﻴﺔ اﻟﺜﺒﻮت ﻛﺎﻧﺖ أو ﻇﻨﻴﺔ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻛﻞ اﻗﺘﺮاب ﻣﻦ
ﻧﺒﻴﻞ اﻟﻌﻴﺴﻮي @
إﺣﺪى ﻫﺬه اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت ﻳﺸﻜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪا ﻟﻠﺘﺮاث ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ،ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أي ﻣﻜﻮن ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن ﻇﻨﻴﺎ ﻓﻲ ﺛﺒﻮﺗﻪ ،ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ أن أي ﺗﻔﺮﻳﻂ ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻻﻧﻔﺮاط اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺘﺮاﺛﻲ؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺨﻮض ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻤﺴﻜﻮن ﺑﺎﻟﻤﺨﺎوف اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺣﺮﺑﺎ وﺟﻮدﻳﺔ ﻣﻊ أي ﻓﺮﻳﻖ ﻳﺸﻜﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪا ﻟﻬﺬه اﻟﻬﻮﻳﺔ .ﺗﺘﺤﻮل اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻫﻮﻳﺎﺗﻴﺔ ،ﻳﺤﺎول ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻀﺎء ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ ،وﻫﺬه اﻟﺤﺮب اﻟﺸﺮﺳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﺗﻘﻒ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻛﺒﻴﺮا أﻣﺎم ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ،وﺗﺠﻬﺾ ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺗﺨﺎﻃﺐ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ،وﺗﺄﺧﺬ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺷﻜﻼ رﻣﺎدﻳﺎ ﻓﻲ ﺻﺮاع اﻟﻤﺨﺎوف؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﻔﺰ ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﺿﺪﻫﺎ وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻖ واﻟﺒﺎﻃﻞ .ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻷول أن ﻳﺪرك أن اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﻌﻘﻞ وﺣﺪه ،وأن اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺒﺸﺮي ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﻮﺟﺪان ﻛﺠﺰء أﺻﻴﻞ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻃﻴﻪ ﻣﻊ اﻷﻣﻮر ،وﻳﺤﺘﺎج اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ أن ﻳﻌﻠﻢ أن اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻻ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ اﻹﻳﻤﺎن وﺣﺪه؛ ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺨﺎﻃﺐ اﻟﻌﻘﻞ وﻳﺨﻠﻖ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي وﻫﺒﻪ اﻟﻠﻪ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻛﻤﻠﻜﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻫﺎﻣﺔ وﺑﻴﻦ اﻹﻳﻤﺎن اﻟﺬي ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ أﺣﺪ ﻃﺮﻗﻪ ﺑﺎﻟﺘﺪﺑﺮ واﻟﺘﻔﻜﺮ ،وأن ﺗﻤﻮﺿﻊ اﻟﻌﻘﻞ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﻄﻌﻲ وﻣﺎ ﻫﻮ ﻇﻨﻲ ﻻ ﻳﻤﺜﻞ أي ﺗﻬﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﺮاث وﻻ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ. »اﻟﺘﻨﻘﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ واﻟﻬﺪم« ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﺌﺘﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﺈزاﻟﺔ اﻟﻤﺨﺎوف و ﺑﺎﻗﺘﺮاب ﻛﻞ ﻃﺮف ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ وﺳﻄﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ @ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎت اVﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
109
ěēijĔŨǞē ĮŻijĔĜ ŮŨ óčîŃř ôŔòĤĿí ôŔøœŎļĿí ôüĬòĿí ôķčîĘĿí
ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋــﺎرف اﻟﺸﻴﺦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ« اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﺗﺠﺎه ﺷﻘﻴﻘﺘﻬﺎ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﻦ إرﺳﺎل اﻷﻃﺒﺎء، واﻟﻄﺒﻴﺒﺎت ،واﻟﻤﻤﺮﺿﻴﻦ ،واﻟﻤﻤﺮﺿﺎت، واﻷدوﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ ،واﻟﺼﻴﺎدﻟﺔ ،وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺎدي واﻟﻤﻌﻨﻮي ﻷﺑﻨﺎء اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ آﻧﺬاك ،وﻟﻢ ﺗﻜﺘﻒ ﺑﻬﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺈﻧﺸﺎء اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﻄﺒﻴﺔ، واﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ .وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻤﺴﺘﻮﺻﻔﺎت واﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺑٌﻨﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻮﺻﻒ اﻟﻄﺒﻲ اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﺬي اﻓﺘﺘﺢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻮق ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ ﻣﺴﺘﺄﺟﺮ، ﺑﺘﺎرﻳﺦ )1963-1-16م( وﻗﺪ ﺣﻀﺮ اﻓﺘﺘﺎﺣﻪ ﻳﻮﻣﺌﺬ اﻟﺸﻴﺦ ﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ آﻧﺬاك ،ﺛﻢ ﻧﻘﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮﺻﻒ إﻟﻰ ﻣﻘﺮه اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻨﺒﺎﻋﺔ ﻋــﺎم1971م ،ﺑﺤﻀﻮر اﻟﺸﻴﺦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ آﻧﺬاك ،واﻟﺸﻴﺦ ﺑﺪر اﻟﻤﺤﻤﺪ اﻷﺣﻤﺪ اﻟﺼﺒﺎح رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ رﺋﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ دوﻟﺔ اﻟﻜﻮﻳﺖ .وﻓﻲ ﻋﺎم 1971م ،اﻓﺘﺘﺢ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ
ﻛﺎن ﻟﻠﺪﻛﺘﻮرة ﺳﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن ﻣﺤﺎوﻻت ﻟﻔﺘﺢ ﻋﻴﺎدة ﻓﻲ اVﻣﺎرات اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺤﺔ ،ﺣﻴﺚ وﺟﺪت اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻣﻜﺎﻧ ًﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒ ًﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮي واﻟﻄﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .وﺗﻢ ﻓﺘﺢ اﻟﻌﻴﺎدة ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺪ ﻫﺎرﻳﺴﻮن ،ﺣﻴﺚ ﻋﺎﻟﺠﺖ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻻ ﻳﺰال اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻗﺎﺋﻤ ًﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﻜﻮﻳﺖ. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺎرف اﻟﺸﻴﺦ أن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﻜﺮام
108
ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ
اﻟﺸﻴﺦ ﺻﻘﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ
اﻟﺸﻴﺦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ
اﻷﻣﺮاض اﻟﺼﺪرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﺤﻀﻮر اﻟﺸﻴﺦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ )ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ( آﻧﺬاك ،واﻟﺸﻴﺦ ﺑﺪر اﻷﺣﻤﺪ اﻟﺼﺒﺎح رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ رﺋﻴﺲ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻜﻮﻳﺖ ،ﺑﻌﺪ أن ﻧﻘﻞ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ اﻷﻣﺮاض اﻟﺼﺪرﻳﺔ ﻣﻦ دﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻛﺎن ﻣﻘﺮه ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺎدﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﺑﻘﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺘﻰ أﻟﻐﻲ ﻣﻊ ﻗﻴﺎم اﻻﺗﺤﺎد ،وأﻋﻄﻰ ﻣﺒﻨﺎه ﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ )وﻓﻖ رواﻳﺔاﻟﺪﻛﺘﻮر رﻣﻀﺎن ﺷﺒﻴﺮ(، وﻻ ﻳـﺰال اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﻜﻮﻳﺖ .وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺎرف اﻟﺸﻴﺦ أن ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﻜﺮام، ﻣﻤﻦ ﺗﻄﻮع ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻤﺮﻳﺾ وﺧﺪﻣﺔ
اﻟﻮﻃﻦ ،وﻣﻦ أﺑﺮزﻫﻢ :اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﻜﺮام ،ﺣﻴﺚ ﺷﺎرك ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺮﻳﺾ واﻟﺼﻴﺪﻟﺔ ﻋﺎم1964م. واﻟﺸﻴﺦ راﺷــﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻣﻦ ﺷﻴﻮخ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﻜﺮام ،ﺗﻄﻮع ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﺪﻟﺔ ﻋــﺎم1964م .واﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺎﺟﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻣﻦ ﺷﻴﻮخ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻟﻜﺮام ،ﺗﻄﻮع ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻛﺎﺗﺒﺎً ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻤﻠﻔﺎت واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻤﺴﺘﻮﺻﻒ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﻋﺎم 1962م @ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻣﻦ اVﻣﺎرات
÷ðŔòĤøĿí ôŀĨŃ öĄ÷ ĎŔĘò
ﻋﺎﻧﻰ ﺳﻜﺎن اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ – ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻬﻢ أﺑﻨﺎء ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ -اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣـﺮاض واﻷوﺑﺌﺔ :ﻛﺎﻟﻄﺎﻋﻮن ،واﻟﺠﺪري، واﻟﻜﻮﻟﻴﺮا ،واﻹﺳﻬﺎل ،اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﻣﺎت ﻋﻠﻰ إﺛﺮﻫﺎ اﻵﻻف ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬه اﻷوﺿــﺎع اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻌﻼﺟﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺗﻬﺎﻓﺖ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻤﺒﺸﺮﻳﻦ. ﻳﺘﻔﻖ أﻏﻠﺐ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻋﻠﻰ أن ﻫﺪف أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻣﺰروع اﻹرﺳﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺟــﺎءت إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ ﻧﺸﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ،ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﺮﺿﻰ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻋﻼﺟﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض واﻷوﺑﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺘﻜﺖ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اVﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺑﻬﻢ ،وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﻤﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﺼﺤﻲ اﻟﺬي ﻟﻬﻢ ،وﻗﺪ ﻋﺒﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﺎرﻳﺴﻮن ،أﺣﺪ اﺳﺘﻤﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ وﻣﻮاده اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺸﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮا إﻟــﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ )اﻹﻣﺎرات( ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﻮﺿﻮح ﻗﺎﺋﻼً: »إﻧﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪﻫﻢ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻣﺴﻴﺤﻴﻴﻦ« ،وﻟﻜﻦ ﻳﺘﻔﻖ أﻏﻠﺐ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻋﻠﻰ أن ﻫﺪف اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺆﻛﺪ أن ﻣﺸﺮوﻋﻬﻢ اﻟﺘﻨﺼﻴﺮي ﻓﻲ اVرﺳﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت إﻟﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎء ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ .وﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻤﺒﺸﺮﻳﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ ﻧﺸﺮ اﻟﺪﻳﻦ )اﻷﻃﺒﺎء(اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮا إﻟﻰ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ: ﺻﻤﻮﻳﻞ زوﻳﻤﺮ)(Samuel Zwemer ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ وﺳﺎﺣﻞ اﻹﻣﺎرات ،وﻫﻮ أﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ، وﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﻲ اﻹرﺳﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻛﺎن ﻣﻠ ًﻤﺎ ﺑﺄﻣﻮر اﻟﻄﺐ واﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ،أﻣﻀﻰ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ،زار ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻟﻢ ﻳﺰرﻫﺎ أﺟﻨﺒﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﻟﻪ ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﺗﻨﺎﻗﺶ وﺗﺴﺘﻌﺮض اﻷوﺿﺎع ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻋﺎم 1900م ،زار زوﻳﻤﺮ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﺎدﺋﺎً ﺑﺬﻟﻚ أول زﻳﺎرة رﺳﻤﻴﺔ ﻟﻌﻀﻮ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻹرﺳﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻹﻣﺎرات، وﻗﺪ اﺳﺘﻘﺒﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﻮﻛﻴﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ آﻧﺬاك »ﻋﺒﺪاﻟﻠﻄﻴﻒ اﻟﺴﺮﻛﺎل« اﻟﺬي اﺳﺘﻀﺎﻓﻪ أﺳﺒﻮﻋﺎً ﻛﺎﻣﻼً، واﺳﺘﺨﺪم زوﻳﻤﺮ ﻛﻮﺧﺎً ﺻﻐﻴﺮا ً ﻟﻴﻜﻮن ﻣﻘﺮا ً ﻟﻪ ،وﻋﻴﺎدة ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺮﺿﻰ .وﻗﺪ وﺟﺪ زوﻳﻤﺮ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﻄﺒﻴﺐ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻴﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺿﺎه وﻳﻨﺎﻗﺸﻬﻢ ﻓﻴﻪ،
اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ،ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﺮﺿﻰ وﻋﻼﺟﻬﻢ
ﻟﻜﻦ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻪ ﻓﺸﻠﺖ ،ﺣﻴﻨﻤﺎ أﻋﺮض ﺳﻜﺎن اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻋﻦ ﺳﻤﺎع أﻗﻮاﻟﻪ ،واﻛﺘﻔﻮا ﻓﻘﻂ ﺑﺘﻠﻘﻲ اﻟﻌﻼج اﻟﻄﺒﻲ ،ﻣﻤﺎ دﻋﺎ زوﻳﻤﺮ إﻟﻰ أن ﻳﺼﻒ ﻋﺮب اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﺄﻧﻬﻢ» :ﻗﻮم ﻣﺘﺮددون ذوو ﻗﺴﻮة واﺿﺤﺔ«.
ﺳﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎنSarah Hosman ﻓﻲ ﻋﺎم 1911م وﺻﻠﺖ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن إﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﺴﻘﻂ، وﺑﺪأت ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻋﺪد ﻣﺮﺿﺎﻫﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ﺑﻤﻬﻤﺘﻬﺎ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ إذ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺮأ ﻟﻠﻨﺴﺎء اﻹﻧﺠﻴﻞ. وﻓﻲ ﻋﺎم 1914م اﻓﺘﺘﺢ ﻣﺴﺘﻮﺻﻒ ﻧﺴﺎﺋﻲ ﺳﻤﻲ«ﻣﺴﺘﻮﺻﻒ ﻣﺴﻘﻂ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ« وﻋﻴﻨﺘﻬﺎ اﻹرﺳﺎﻟﻴﺔ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﺚ ﻇﻠﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺎﻋﺪﻫﺎ اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻋــﺎم 1938م ،ﺗﺎرﻛﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮﺻﻒ ﻣﻦ دون ﻃﺒﻴﺐ ﻣﻘﻴﻢ! ﻛﺎن ﻟﻠﺪﻛﺘﻮرة ﺳــﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن ﻣﺤﺎوﻻت ﻟﻔﺘﺢ ﻋﻴﺎدة ﻓﻲ اﻹﻣـــﺎرات اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺤﺔ، ﺣﻴﺚ وﺟﺪت اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻣﻨﺎﺳﺒﺎً ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺘﺒﺸﻴﺮي واﻟﻄﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .وﺗﻢ ﻓﺘﺢ اﻟﻌﻴﺎدة ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺪ ﻫﺎرﻳﺴﻮن، ﺣﻴﺚ ﻋﺎﻟﺠﺖ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳــﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺿﻰ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،إﻻ أن اﻟﻈﺮوف اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﺿﻄﺮت اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن إﻟﻰ اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻓﺸﻞ دورﻫﺎ اﻟﻄﺒﻲ واﻟﺘﺒﺸﻴﺮي ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﺎدت إﻟﻰ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ أي ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺒﺸﻴﺮﻳﺔ. ذﻛﺮ ت أﺣﺪ اﻟﻤﺮاﺟﻊ أﻧﻪ ﺗﻢ ﺑﻨﺎء ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺳﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن ﻋﺎم 1952م ،وﻫﻮ ﺑﺎﻷﺻﻞ ﺑﻴﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻘﺮ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ)رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ( ﻧﺎﺋﺐ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ آﻧــﺬاك ،واﻟﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ)ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ( اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻣﻨﺤﻪ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮرة ﺳﺎرة وﻫﻮ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ اﻷﻣﺮﻳﻜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ. وﻳﻘﻊ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺳﺎرة ﻫﻮﺳﻤﺎن ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺳﻮق ﺻﻘﺮ وﺳﻮق ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﻘﺮ ،وﻫﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ ﻟﻪ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ إﻗﺒﺎل اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻴﻪ، وﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا ﻃﺒﻴﻌﻴﺎً ،ﻷن ﻣﻌﻈﻢ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻳﺘﺮﻛﺰون ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ. وﻛﺎن ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻌﻴﺎدة ﻗﺪ ﺑﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺑﻮق ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻘﻴﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ ﻛﺒﻴﺮة.
ﺻﻤﻮﺛﻴﻞ زوﻳﻤﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
107
ěēijĔŨǞē ĮŻijĔĜ ŮŨ
ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ
) 1971 - 1900م ( őĊňļĿí ïîœċ ņñ IJēŎœ àîńēã
اﻟﻄﺐ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ اﻟﻤﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮروث اﻟﺼﺤﻲ اﻟﺬي اﺳﺘﻤﺪ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ وﻣﻮاده اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. وﻗﺪ ﺷﻤﻞ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﻌﺒﻲ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﺪﻳﺪة ﻟﻠﻌﻼج ،وﻗﺪ ذﻛﺮت اﻟﻤﺼﺎدر ﻋﺪدًا ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻌﻼﺟﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﻨﻬﺎ: اﻟﺘﺠﺒﻴﺮ ،وﻫﻮ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻜﺴﻮر .واﻟﺘﻀﻤﻴﺪ ،وﻫﻮ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﺠﺮوح. واﻟﺤﺠﺎﻣﺔ ،وﻫﻲ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺪم اﻟﻔﺎﺳﺪ واﻟﺴﻤﻮم ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ. واﻟﻌﺼﺎﺑﺔ ،وﻫﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﺼﺪاع .واﻟﻜﻲ ،وﻫﻮ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷورام. واﻟﺒﺘﺮ ،وﻫﻮ ﻋﻼج ﻟﻮﻗﻒ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻤﺮض اﻟﺨﺒﻴﺚ »اﻟﻐﺮﻏﺎرﻳﻨﻪ« ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ أﻋﻀﺎء اﻟﺠﺴﻢ .وﻣﻦ اﻟﻌﻼﺟﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﻤﻄﺒﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ أﻳﻀً ﺎ ﻋﻼج اﻟﺘﻘﺮح :أي اﻟﻘﺮح اﻟﻤﺰﻣﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺟﺰاء ﻣﻦ ﺟﺴﻢ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻮﺻﻔﺎت اﻟﻤﻄﻬﺮة واﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ﻟﻠﺒﻜﺘﻴﺮﻳﺎ أواﻟﻔﻄﺮﻳﺎت ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻤﺎدة اﻟﻤﻄﻬﺮة ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎء ﻫﺬه اﻟﻘﺮوح .وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﺻﻔﺎت» :اﻟﺨﻴﻠﺔ واﻟﺰﻋﺘﺮ واﻟﻤﻠﺢ« واﻟﺨﻴﻠﺔ واﻟﺰﻋﺘﺮ ﻧﺒﺎﺗﺎت اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻲ اﻟﻄﺐ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،إذ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﻮﺻﻔﺎت ﻟﻌﻼج اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض ﻛﺄﻣﺮاض اﻟﺒﻄﻦ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ.
ôķčîĘĿí óčîŃç ŒòòĤŃ ďĎñã ņŃ
أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻣﺰروع ﺑﺪأت ﻗﺼﺔ أﺣﻤﺪ وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﻣﻊ واﻟﺪه ﻟﻠﻬﻨﺪ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮض واﻟﺪه ﻟﻜﺴﺮ ﻳﺪه إﺛﺮ ﺣﺎدث ﻣﻔﺎﺟﺊ. وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺬ واﻟﺪه ﻟﻠﻌﻴﺎدة ﺗﻔﺎﺟﺄ ﺑﻮﺟﻮد أﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ أﻫﺎﻟﻲ اﻹﻣﺎرات واﻟﺨﻠﻴﺞ ﺟﺎءوا ﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﻼج ،ﻓﺎﻧﺒﻬﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻘﺪرة اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻬﻨﺪي ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ واﻟﺪه ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻮاﻇﺐ ﻋﻠﻰ زﻳﺎرة ﻋﻴﺎدﺗﻪ ﻳﻮﻣﻴﺎً ﺧﻼل اﻟﺸﻬﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﺎم ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮﻣﺒﺎي ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ. وﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ ﻛﺎن ﻷﺣﻤﺪ داﻓﻊ آﺧﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﺠﺎرة ،وﻫﻮ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﻄﺒﻴﺔ ﻟﻌﻼج اﻟﻜﺴﻮر ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻫﺘﻢ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻬﻨﺪي
106
ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ
اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺻﺪاﻗﺔ ﺑﺎﺑﻦ اﻹﻣﺎرات :أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺰروع ﺑﺘﻌﻠﻴﻤﻪ ،ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﻌﺎﻳﻨﺔ اﻟﻜﺴﻮر وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﻋﻼﺟﻬﺎ ،وﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﺰﻣﻦ أﺻﺒﺢ أﺣﻤﺪ ﻣﻠﻤﺎً ﺑﺎﻷﻣﺮاض وأﺳﺒﺎﺑﻬﺎ. وﻛﺎن أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣــﺰروع ﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت ،ﻛﺎﻟﻤﺼﺎﺑﻴﻦ ﺑﺎﻟﻜﺴﻮر ،وﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﻦ ﺑﺎﻟﻄﻠﻘﺎت اﻟﻨﺎرﻳﺔ ،وأﻣﺮاض اﻷﻋﺼﺎب، واﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ أﻣﺮاض اﻟﻜﻠﻰ ،وﻳﺼﻒ ﻟﻬﻢ اﻷﻋﺸﺎب اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ. ĊœČĿí ôòŔòģ ŒĀŔňĤĿí ôŃîńă
ذاع ﺻﻴﺖ ﺣﻤﺎﻣﺔ اﻟﻄﻨﻴﺠﻲ ﺑﻴﻦ أﻫﻞ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﻤﻬﺎرﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻼج ﻣﺮﺿﺎﻫﺎ ،إذ ﺗﻔﺘﺢ أﺑﻮاﺑﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﻤﺮﺿﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺼﺪوﻧﻬﺎ ﻟﻠﻌﻼج ﻣﻦ أﻣﺮاض ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،واﺷﺘﻬﺮت ﺑﻘﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻼج اﻟﺮﺑﻮ واﻟ ُﺤﻤﻰ وآﻻم اﻟﻜُﻠﻰ ،وﺣﺘﻰ اﻟﻜﺒﺪ اﻟﻮﺑﺎﺋﻲ )ﺑﻮﺻﻔﺎر( واﻟﺴﺮﻃﺎن .وﻗﺪ ﺣﺎزت »ﺣﻤﺎﻣﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻦ ﻓﻲ أﻃﺮاف إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﺷﻬﺮة واﺳﻌﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﺑﻔﻀﻞ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎء اﻷﻣﺮاض ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺪﻟﻴﻚ ﺟﺴﺪ اﻟﻤﺮﻳﺾ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻮﺻﻔﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻃﺐ اﻷﻋﺸﺎب.
ﺳﻴﻤﻴﺎء
اﻟﺬي ﻟﻦ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻮﻓﺮ ﻣﻤﺎ ﺟﻤﻌﻪ اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﻗﺪﻳﻤﺎ وﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ وﻫﻨﺎك ،ورﺑﻤﺎ ﻟﻬﺬا ﻳﻘﻮل روﻣﺎن ﺟﺎﻛﺒﺴﻮن )ﻣﺎ ﻳﺰال ﻣﺆرﺧﻮ اﻷدب ﻳﺸﺒﻬﻮن إﻟﻰ ﺣﺪ اﻵن اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺰم اﻋﺘﻘﺎل ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ،ﻓﺘﺤﺘﺠﺰ ﺑﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺠﺪه ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺎرﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع .ﻫﻜﺬا ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﻣﺆرﺧﻮ اﻷدب ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ) (...ﻓﺒﺪل ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﻠﻢ ﻟﻸدب ﺗُﻮﺿﻊ ﻛﺘﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ( ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻓﻌﻼ ﺣﺎﻟﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻧﺠﻤﻊ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻄﺎع ﻃﻮﻳﻞ ﻧﺤﺎول إﻧﻘﺎض ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻨﻪ. إن اﻟﻤﺆرخ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺎول ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷدﺑﻲ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ -ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻛﻠﻴﻤﺎن ﻣﻮازان ) -ﻳﺘﻘﻤﺺ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻵن ﻧﻔﺴﻪ( ؛ إذ ﻳﺴﻴﺮ اﻟﺬاﺗﻲ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻣﻌﺎ أﻣﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﻟﻤﺴﺎواة ،وﻫﻨﺎ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﺸﻜﻠﺔ أﺧﺮى وﻫﻲ ﻗﺪرة اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻮازﻧﺔ اﻟﻨﺼﻮص ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﺮدي واﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻨﺺ ﻳﻘﺘﻀﻲ ذﻟﻚ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮازﻧﺎت واﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت ﺗﺤﺪد ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﺿﻤﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮات اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﻘﺼﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ )اﻟﻤﺸﺘﺮك اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ( اﻟﺬي ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻪ ذﻟﻚ اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻞ اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻔﺎﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ وآﺧﺮ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ أﻧﻪ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﺪم ﻗﺪرﺗﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ . وﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺘﻤﺎﺳﻚ ﻟﻸدب ﻛﻠﻴﺎ أو ﺟﺰﺋﻴﺎ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﺪﻳﺪ ُﻫﻮﻳﺔ اﻷدب ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ،وﻫﻲ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرس وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻮﺳﻴﻂ ﺑﻴﻦ – ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر – )ﻗﻄﺒﻲ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﻴﻨﻴﺔ واﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ( ،واﻟﻠﺘﺎن ﺗﺘﺄﺳﺴﺎن ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﻮﻟﱢﺪﻫﺎ وﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺮورة ﺗﻄﻮرﻫﺎ وﺗﻐﻴﺮﻫﺎ ،وﻫﻨﺎ ﺳﻨﺠﺪ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﺴﺎرد أو اﻟﺮاوي اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻜﱢﻞ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ ﺿﻤﻦ ﺗﺸﺎﻛﻼت اﻟﻨﺺ وﺗﻨﻮﻳﻌﺎﺗﻪ ؛ ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻤﺆﻟﻒ – ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل أﻣﺒﺮﺗﻮ إﻳﻜﻮ – )ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﻤﻬﻤﺔ )إﺑﺮام ﻋﻘﺪ( ﻣﻊ ﻗﺎرﺋﻪ ) (...ﺣﻮل ﺣﻮادث ﺗﺨﻴﻴﻠﻴﺔ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺼﺪق ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻳﻬﺘﻢ أﻳﻀﺎً ﺑﺈﻣﺪاده ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻃﻼع ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﻤﺤﻜﻲ( ،وﻫﻜﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﺴﺎرد أواﻟﺮاوي ﺳﻴﺘﻜﻔﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ أرﺳﻄﻮ )ﺗﻨﺴﻴﻖ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ( ﻓﻲ إﻣﺪاد اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺮدي ﺑﺎﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﺑﺮاز اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ، وﺑﻤﺠﺘﻤﻌﻪ اﻟﺬي ﻳﺘﺄﺳﺲ ﺿﻤﻨﻪ وﺿﻤﻦ أﻧﺴﺎﻗﻪ اﻟﺘﺨﻴﻠﻴﺔ . إن إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮﻳﺔ اﻷدب ﻣﻨﺒﺜﻘﻪ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻫﺬه اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ ؛ ذﻟﻚ
ﻷن اﻟﻨﺺ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺰﻣﻨﻲ اﻟﺬي ﻳُﺒﻨﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺺ أﺻﻼ وﻗﺪ ﻳﺘﻐﺎﻓﻞ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ اﻟﻤﺤﺪدة ﻟﻪ إﻻ ﺿﻤﻦ ﺣﺪوده ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺤﻜﻲ ،وﻫﺬا ﻳﺸﻜﻞ ﺗﻤﻔﺼﻼ ﺿﻤﻦ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺰﻣﻨﻲ واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺨﻄﺎﺑﻲ ؛ وﻟﻌﻞ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺴﺎردﻳﻦ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻮل رﻳﻜﻮر ﺑﺜﺎﻟﻮث اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ )اﻟﻮﺻﻒ ،واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،واﻹﻟﺰام( وﻟﻜﻞ ﻣﺠﺎل ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت ﻫﺬا اﻟﺜﺎﻟﻮث ﻋﻼﻗﺎت ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻌﻤﻞ وﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺿﻤﻨﻬﺎ .وﻟﻬﺬا ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺪرك اﻟﻴﻮم ﻫﺬه اﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻤﻠﺤﺔ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷدب ﻣﻦ دون ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻫﻮﻳﺘﻪ ،ﻷن ﻫﺬا اﻷدب ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة ﺷﺨﻮﺻﻪ ﺣﻴﺎة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺑﺸﻜﻞ دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ ،وﻫﻲ ﺣﻴﺎة ﻣﺘﻄﻮرة وﻣﺘﻐﻴﺮة ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺳﺒﺮا ً ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﻮن اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ أو ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ @ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎء ،ﻋﻤﺎن
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
105
ﺳﻴﺮة اﻟﻨﺺ وﺗﺎرﻳﺦ ا_دب )ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺑﺴﺎﻃﺔ ،ﻳﻜﻠﻤﻨﻲ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ،ﻳﺮوي ﻟﻪ ﻗﺼﺔ ،ﻳﺪﻋﻮﻧﻲ إﻟﻰ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺮوﻳﻬﺎ ،وﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻠﺒﻘﺔ – اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺛﻘﺔ أو إﻗﻨﺎع – ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﻳﻘﻴﻨﻴﺎ ﻳﺘﺨﺬه اﻟﺴﺮد وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺘﺨﺬه اﻟﺴﺎرد (...؛ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا ﻳﺒﺴﻂ ﺟﻴﺮار ﺟﻴﻨﻴﺖ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺳﺎرد اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﻋــﻮدة إﻟﻰ ﺧﻄﺎب اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ(، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺤﺎول ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑـ )اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ( ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻷدﺑﻲ )اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ( ،واﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﻧﺼﻮص ﻣﺘﺨﻴﻠﺔ ﻳﺴﺮدﻫﺎ اﻟﺮاوي ﺑﺮؤﻳﺘﻪ وإﺑﺪاﻋﻪ وﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮوﻳﻬﺎ )اﻟﺴﺎرد اﻟﺸﺎﻫﺪ( – ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮه – وﻫﻲ ﻧﺼﻮص ﺗﺘﺨﺬ رؤﻳﺔ ﺳﺮدﻳﺔ ذات ﺑﻌﺪ ﺧﺎرﺟﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺧﻄﺎب اﻟﻨﺺ ﻳﺠﻨﺢ ﻧﺤﻮ اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ إﻗﻨﺎع اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎب ،واﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﻄﺮﺣﻪ ﺟﻴﺮار ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻟﻤﺎذا ﻳﻌﻤﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺮواة إﻟﻰ إﻗﺤﺎم ذوات اﻟﺴﺎرد ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ؟ وﻟﻤﺎذا ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮن ﺿﻤﻴﺮ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ؟ إن اﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﺮد اﻟﻤﻜﺘﻮب وﺣﺴﺐ ﺑﻞ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺮد اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ ﻳﻨﻈﻮي ﺿﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﻄﺮح ،ﻓﺎﻟﻤﻌﺮوف أن اﻟﺮاوي ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺮد اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺷﺎﻫﺪا ً ﻋﻠﻰ وﻗﻮﻋﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﺪرﺟﻪ ﺿﻤﻦ ﻣﻔﻬﻮم )اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ( اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻟﺘﻌﺰﻳﺰﻫﺎ ،واﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ ﻫﻮﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ُﻫﻮﻳﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ )اﻷدب اﻟﻌﺎم( ،وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﺴﺮد ذاﺗﻪ . وﻷن اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،اﻟﻔﺮد واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻫﻲ ﻣﻮﺿﻮع إﻧﺴﺎﻧﻲ ﺧﺎﻟﺺ ،ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، وﻫﻮ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ أو اﻟﺘﻌﺎﻟﻲ أو اﻟﻘﺴﻤﺔ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺼﺎم ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﺗﻨﻘﻠﺐ ﻋﻨﺪه اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ إﻟﻰ اﻏﺘﺮاب – ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺣﺴﻦ ﺣﻨﻔﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ( ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺴﺎراﺗﻬﺎ وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻤﻮد رﻏﻢ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮأ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﻓﻲ ﺗﻄﻮره وﺗﻐﻴﺮه ﻋﺒﺮ اﻷزﻣﺎن ،إذ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ وﺻﻠﻨﺎ اﻟﻨﺺ اﻟﻴﻮم
104
ﺳﻴﺮة اﻟﻨﺺ وﺗﺎرﻳﺦ ا;دب
ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ @
ﻋﺒﺮ اﻟﺮواة اﻟﻤﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻤﻴﺎ إﻻ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻛﻢ اﻟﺘﻐﻴﺮات واﻟﺘﻄﻮرات ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻃﺮأت ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺒﺮ ﺗﻨﻘﻼﺗﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،وﻫﺬا إﺷﻜﺎل ﻳﻈﻞ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻤﺤﻜﻲ ﻟﻌﺪم ﺗﻮﻓﺮ دراﺳﺎت ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻓﻲ )ﻣﻮرﻓﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ( دﻋﺎ ﻓﻼدﻳﻤﻴﺮ ﺑﺮوب ﻓﻲ ﺛﻼﺛﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺣﻜﺎﺋﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﺻﻠﺐ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺸﻜﻠﻲ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺎت واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﺨﺎرج ﻧﺼﻲ ﻋﻨﺪ إﺟﺮاء اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﺼﻲ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ،وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺷﻜﱠﻠﺖ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺗﺤﺪد ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت وﺗﺸﻜﻠﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺑﻨﻴﺔ ﻧﺼﻴﺔ واﺣﺪة ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﺣﻜﺎﻳﺎت أﺧﺮى ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻣﺘﻌﺪدة ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻷن ﺗﻤﺜﻞ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﺗﺘﻮﻟﺪ ﻋﺒﺮﻫﺎ. وﺑﻬﺬا ﻛﺎن ﺑﺮوب ﻣﻦ أواﺋﻞ ﻣﻦ اﺷﺘﻐﻞ ﻋﻠﻰ )اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ( ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ )اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ( اﻟﺘﻲ ﺑﺮرت وﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ أي ﻗﻴﻤﺔ دون وﺟﻮد اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ وﻟﻬﺬا اﺷﺘﻐﻠﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﺮوب ﻋﻠﻰ دواﺋﺮ ﺳﺒﻊ ؛ ﻫﻲ )داﺋﺮة اﻟﻤﺎﻧﺢ ،داﺋﺮة اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ،داﺋﺮة اﻷﻣﻴﺮة وأﺑﻴﻬﺎ ،داﺋﺮة اﻟﻤﺮﺳﻞ، داﺋﺮة اﻟﺒﻄﻞ ،وداﺋﺮة اﻟﺒﻄﻞ اﻟﻤﺰﻳﻒ( ،وﺑﻬﺬا ﻓﺈن ﺑﺮوب ﻗﺪ أﺳﺲ ﻟﻌﻨﺼﺮﻳﻦ أﺳﺎﺳﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻫﻤﺎ : • اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻤﻤﺜﻞ اﻟﻤﺮﺋﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻜﻞ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﻨﺠﺰة داﺧﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،وﻫﻲ ﻛﻴﺎن ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮل واﻟﻌﺮﺿﻴﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد داﺧﻞ اﻟﻨﺺ ﺿﻤﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﻤﻜﻦ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻌﻪ اﻟﺴﺎرد ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ . • اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﺮر وﺟﻮد ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،وﻟﻬﺬا ﻓﻬﻲ ﻋﻨﺼﺮ ﺛﺎﺑﺖ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻤﺴﺎس ﺑﻪ دون اﻹﺧﻼل ﺑﻨﻈﺎم اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻛﻜﻞ ؛ ﻓﻠﻜﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻜﻤﻦ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ دوﻧﻬﺎ . وﻟﻌﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻫﻨﺎ أو ﺗﺄرﻳﺨﻬﺎ ﻳﺆﺳﺲ ﻟﻤﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷدب
ﺗﺮاث اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ
اﻟﻌﺒﺎس وﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ﻓﻮز ﻛﺎن اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ اﻷﺣﻨﻒ ﻣﻦ أرق ﺷﻌﺮاء ﻋﺼﺮه ،وﻛﺎن ﻣﻘﺮﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻫﺎرون اﻟﺮﺷﻴﺪ ،وراﻓﻘﻪ ﻓﻲ ﺣﻤﻼﺗﻪ اﻟﻰ ﺧﺮاﺳﺎن وأرﻣﻴﻨﻴﺎ ،وﺑﺴﺒﺐ ﻗﺮﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﻼط وﺗﺮدده ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺸﻌﺮواﻷدب ،اﺑﺘﻠﻲ ﺑﺤﺐ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﻗﺼﺮ اﻟﺨﻼﻓﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﺗﻘﺮض اﻟﺸﻌﺮ وﺗﺤﻀﺮ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻷدب واﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﻴﺎء ،وﻛﺘﻢ اﻟﻌﺒﺎس ﺣﺒﻪ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺒﺢ ﺑﺎﺳﻤﻬﺎ ﻷﺣﺪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺒﺐ ﻟﻬﺎ ﺣﺮ ًﺟﺎ ،واﻛﺘﻔﻰ ﺑﺄن ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺴﺘﻌﺎر أﻃﻠﻘﻪ ﻟﻠﺘﻤﻮﻳﻪ وﻫﻮ«ﻓﻮز«: ﻛﺘﻤﺖ اﺳﻤﻬﺎ ﻛﺘﻤﺎن ﻣﻦ ﺻﺎن ﻋﺮﺿـﻪ وﺣـــــﺎذر أن ﻳﻔﺸﻮ ﻗﺒﻴﺢ اﻟﺘﺴـــﻤﻊ ﻓﺴـﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓـﻮزا ،وﻟﻮ ﺑﺤﺖ ﺑﺎﺳــــﻤﻬﺎ ﻟﺴﻤﻴﺖ ﺑﺎﺳــــــﻢ ﻫﺎﺋﻞ اﻟﺬﻛﺮأﺷﻨﻊ! وﻗﺪ ﻛﺸﻔﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮة اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻋﺎﺗﻜﺔ اﻟﺨﺰرﺟﻲ ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮراه ،أن »ﻓﻮز« ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ اﻷﺣﻨﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ) ُﻋﻠﻴﺔ ﺑﻨﺖ اﻟﻤﻬﺪي( أﺧﺖ ﻫﺎرون اﻟﺮﺷﻴﺪ، ﻟﺬﻟﻚ ﻋﺎش اﻟﻌﺒﺎس ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺣﺐ ﻋﺬري ﻗﺎﺳﻴﺔ ،واﺿﻄﺮ ﻟﻜﺘﻤﺎن ﺣﺒﻪ رﺿﻮﺧًﺎ ﻟﺮﻏﺒﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ وﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺷﺎة واﻟﺤﺎﺳﺪﻳﻦ، وﻟﻜﻦ اﻟﺜﻤﻦ ﻛﺎن ﻏﺎﻟ ًﻴﺎ ،دﻓﻌﻪ اﻟﻌﺒﺎس أﻟ ًﻤﺎ وﺳﻬ ًﺮا وﺑﻜﺎء وﻣﻌﺎﻧﺎة ﺗﻔﻮق ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺒﺸﺮ ،وﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻘﻮل ﺷﻌ ًﺮا ﻳﻘﻄﺮ ﻋﺬوﺑﺔ ورﻗﺔ وﻳﺸﻴﻊ ﻓﻲ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻌﻪ اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ واﻻﺣﺴﺎس ﺑﻤﻌﺎﻧﺎﺗﻪ: ﻳﺎ ﻓـﻮز ﻳﺎ ﻣﻨﻴــــﺔ ﻋـﺒــــﺎس واﺣﺮﺑـﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺒــﻚ اﻟﻘــﺎﺳﻰ أﺳﺄت إن أﺣﺴﻨﺖ ﻇﻨﻲ ﺑﻜﻢ واﻟﺤﺰم ﺳﻮء اﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻨــــﺎس ﻳﻘـﻠﻘـﻨﻲ اﻟﺸــﻮق ﻓـﺂﺗﻴــﻜﻢ واﻟﻘـﻠﺐ ﻣﻤﻠﻮء ﻣﻦ اﻟﻴــﺎس وﻗﺪ وﺻﻠﺖ ﺑﻪ اﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﺸﻬﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ،أن ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة واﻟﺼﺪ واﻟﻘﺴﻮة ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ،وﻇﻞ ﻗﺎد ًرا ﻋﻠﻰ ﺻﻮن ﺳﺮﻫﻤﺎ وﻛﺘﻤﺎن ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ ﻋﻤﻦ ﻳﺠﺎﻟﺴﻮﻧﻪ وﻳﻌﺠﺒﻮن ﺑﺄﺷﻌﺎره وﻳﻠﺤﻮن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺒﻮح ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ،ﻓﻴﺰداد ﻛﺘﻤﺎﻧًﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻓﻀﺤﺘﻪ دﻣﻮﻋﻪ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺴﺎب ﻣﻦ ﺷﻮﻗﻪ وﻟﻬﻔﺘﻪ
ﻋﺒﺪاﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﺤﻤﺪ@
وﺗﻮﻫﺞ ﻋﺎﻃﻔﺘﻪ ﻧﺤﻮﻫﺎ: ﻻ ﺟﺰى اﻟﻠﻪ دﻣﻊ ﻋﻴﻨﻲ ﺧــﻴﺮا وﺟــﺰى اﻟﻠﻪ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ ﻟﺴﺎﻧﻲ َـﻢ دﻣﻌﻲ ﻓﻠﻴﺲ ﻳﻜﺘـﻢ ﺷﻴﺌـﺎ ورأﻳـﺖ اﻟﻠﺴـــﺎن ذا ﻛﺘﻤـﺎن ﻧ ّ ﻛﻨﺖ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﺘـﺎب أﺧﻔﺎه ﻃﻲ ﻓﺎﺳﺘــــﺪﻟـﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﻨﻮان وﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﻟﻪ اﻟﺒﺤﺘﺮي ﺑﺄﻧﻪ أﻏﺰل اﻟﺸﻌﺮاء وأﺷﺎد ﺑﻪ اﻟﻤﺒﺮد ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺮوﺿﺔ وﻗﺎل ﻋﻨﻪ اﻟﺠﺎﺣﻆ » :ﻟﻮﻻ أن اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ اﻷﺣﻨﻒ أﺣﺬق اﻟﻨﺎس وأﺷﻌﺮﻫﻢ وأوﺳﻌﻬﻢ ﻛﻼﻣﺎ وﺧﺎﻃﺮا ﻣﺎ ﻗﺪر أن ﻳﻘﺼﺮ ﺷﻌﺮه ﻓﻲ ﻏﺮض واﺣﺪ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوزه ﻓﺎﻧﺼﺐ ﺷﻌﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺰل واﻟﻮﺻﻒ وﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎوزه إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﺢ واﻟﻬﺠﺎء«. وﺗﺄﻣﻠﻮا ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻮرﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺤﺐ ﻛﺤﻜﻴﻢ ﻣﺠﺮب ﻓﻴﻘﻮل: اﻟﺤــﺐ أول ﻣـﺎ ﻳـﻜـﻮن ﻟﺠـﺎﺟــ ٌﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺑـﻪ وﺗﺴـﻮﻗـﻪ اﻷﻗـﺪا ُر ﺣﺘﻰ إذا ﺳﻠﻚ اﻟﻔﺘﻰ ﻟﺠﺞ اﻟﻬــﻮى ﺟﺎءت أﻣﻮر ﻻ ﺗﻄـﺎق ﻛﺒـﺎر ﻧﺰف اﻟﺒﻜﺎء دﻣﻮع ﻋﻴﻨﻚ ﻓﺎﺳﺘـﻌﺮ ﻋﻴﻨـﺎ ﻟﻐﻴـﺮك دﻣﻌـﻬﺎ ﻣـﺪرار ﻣﻦ ذا ﻳﻌﻴـﺮك ﻋﻴﻨـﻪ ﺗﺒــﻜﻲ ﺑﻬـﺎ أرأﻳـﺖ ﻋﻴﻨـﺎ ﻟﻠﺒـﻜﺎء ﺗﻌــﺎر وﻛﺎن ﻳﻌﺰي ﻧﻔﺴﻪ وﻳﻮاﺳﻴﻬﺎ ﻣﺴﺘﻠﻬﻤﺎ اﻟﺼﺒﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ : وﻣﺎ اﻟﻨﺎس إﻻ اﻟﻌﺎﺷﻘﻮن ذووى اﻟﻬﻮى وﻻ ﺧﻴﺮ ﻓﻴﻤﻦ ﻻ ﻳﺤــﺐ وﻳﻌﺸـــــﻖ وﻇﻞ ﻣﻘﺘﻨﻌﺎ أن ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﺒﻪ ﻣﺎ ﻫﻲ اﻻ اﺑﺘﻼء ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻠﻪ وﺻﺒﺮه ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻐﻔﺮ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ذﻧﻮﺑﻪ: أﺳﺘـﻐـﻔـﺮ اﻟﻠﻪ إﻻ ﻣﻦ ﻣﻮدﺗﻜـــﻢ ﻓﺈﻧـﻬﺎ ﺣﺴـﻨـﺎﺗﻲ ﻳــﻮم أﻟﻘــــــﺎه ﻓﺈن زﻋﻤﺖ ﺑﺄن اﻟﺤﺐ ﻣﻌﺼــــﻴﺔ ﻓﺎﻟﺤﺐ أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻳﻌﺼﻰ ﺑﻪ اﻟﻠﻪ! وﻋﺎش اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ اﻷﺣﻨﻒ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎً ﺑﺎﻷﻣﻞ وﻣﺨﻠﺼﺎً ﻟﻤﺤﺒﻮﺑﺘﻪ رﻏﻢ ﻗﺴﻮة ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ،ﻓﺬﺑﻞ وﻫﺰل ﺟﺴﻤﻪ وﺗﺪﻫﻮرت ﺻﺤﺘﻪ ﺛﻢ ﻣﺎت ﻟﻴﻨﻀﻢ إﻟﻰ ﻗﺎﻓﻠﺔ ﻋﺸﺎق اﻟﺤﺐ اﻟﻌﺬري، وﻳﺨﻠﺪ اﺳﻤﻪ ﻓﻲ ﺳﺠﻞ ﺗﺮاث اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ @رواﺋﻲ وﻧﺎﻗﺪ ﻣﺼﺮي
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
103
ĚżėőĽŤē ěēİŝĝőũŤē
وﺟﻬﻲ ،ﻓﺠﺮﻳﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﻠﺨﺎرج إﻟﻰ أن وﺻﻠﺖ ﻟﻤﻨﺰﻟﻨﺎ اﻟﻤﺠﺎور ﻟﻬﻢ ،وﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ذﻛﺮت ﻷﻣﻲ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ ﻋﻤﻲ رﺷﺎد ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻟﺒﻴﺘﻪ ﻓﺄﻛﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث وﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺻﺎر ﻳﺼﺪق ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻋﻨﻲ. وﻓﻲ ﻳﻮم ﻛﻨﺖ ﺑﺼﺤﺒﺔ واﻟﺪﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻞ ﺧﻠﻒ ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ ،وﻛﺎن اﻟﺤﻘﻞ ﻣﺰرو ًﻋﺎ ﺑﻨﺒﺎت »اﻟﻔﻮل ِ اﻟﺤﺮاﺗﻲ- اﻷﺧﻀﺮ« وﻓﺠﺄة ﻏﻠﺒﻨﻲ اﻟﻨﻮم ﻓﺘﺮﻛﺘﻨﻲ أﻣﻲ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺳﻴﺪة ﻣﺴﻨﺔ ﻧﺎﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻬﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎدت أﻣﻲ ﺑﻌﺪ دﻗﺎﺋﻖ وﺟﺪﺗﻨﻲ ﺟﺜﺔ ﻫﺎﻣﺪة ﻓﺄﺧﺬت ﻓﻲ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗﻬﺎ –ﺗﻘﻮل – إﻧﻨﻲ ﻋﺪت اﻟﺼﺮاخ وﻋﻨﺪﻣﺎ ُ ﺑﺴﺮﻋﺔ إﻟﻰ ﺟﺴﺪي ،وﻣﺎ أذﻛﺮه أﻧﻨﻲ ﺗﺠﻮﻟﺖ ﺑﻴﻦ زراﻋﺎت اﻟﻔﻮل اﻟﺤﺮاﺗﻲ وﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻨﻬﺎ. وﺗﻌﺪدت ﻣﻐﺎﻣﺮاﺗﻲ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎدت أن ﺗﻮدي @ ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وا_ﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺑﺤﻴﺎﺗﻲ ،وﻋﻨﺪﻫﺎ ﺷﻌﺮ أﻫﻠﻲ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ﻓﻘﺮروا إﺟﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺔ »اﻟﻄﻬﺎرة« ﻟﻲ ﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن إن اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻤﺮاﺟﻊ: اﻟﺘﻮأم ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ »اﻟﻄﻬﺎرة« ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ ِ »اﻟﺴﺮا َﺣﻪ« وﻻ ﺗﺘﺤﻮل روﺣﻪ ﻟﻘﻂ ﻣﺮة أﺧﺮى ،وإذا ﺣﺪﺛﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻄﻬﺎرة ﻋﻘﺐ وﻻدة اﻟﻄﻔﻞ وﻗﺒﻞ • ﺑﺎﺳﺘﻴﺖ – وﻛﻴﺒﻴﺪﻳﺎ – اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ اﻟﺤﺮة. • اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻋﻦ اﻟﺘﻮأم – ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ – إﺷﺮاف أ.د /ﺳﻮزان ﻣﺮور أرﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻻ ﺗﺤﺪث ﻟﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻗﻂ. وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﻢ إﺟﺮاء ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻄﻬﺎرة ﻓﻲ ﺻﺒﺎح أﺣﺪ اﻷﻳﺎم ،وﻓﻲ ﻣﺴﺎء اﻟﺴﻌﻴﺪ -اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ2009 -م. ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم وﻗﻔﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻂ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﺪرون أﺻﻮاﺗًﺎ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻨﺪاء »ﻣﻮا ﻣﻮا ﻣﻮا« وﺗﻜﺮر ذﻟﻚ ﻟﻤﺪة أﺳﺒﻮع ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً. وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﺰن ﻟﻔﻘﺪ رﻓﻴﻘﻬﻢ اﻟﺬي ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻨﻪ. ﻇﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ ﺣﺘﻰ اﻵن وﺳﻤﻌﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻲ واﻟﻘﺮى اﻟﻤﺠﺎورة ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﺪور ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃــﺎر ،وﻫﻮ ﺗﺤﻮل روح اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺘﻮأم إﻟﻰ ﻗﻂ وﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺴﺪه ﺛﻢ ﻋﻮدﺗﻬﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى، وﺑﺤﺜﺖ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻷﺟﺪ ﺗﻔﺴﻴ ًﺮا ﻟﻪ وﻟﻜﻦ ﻓﺸﻠﺖ ،وﻟﻮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﻣﻌﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺨﺼﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ ﻷُ َﺻ ِﺪﻗُﻪ
102
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ ﻗﻂ؟
ﺑﺪأت أﺗﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ وأﺷﻌﺮ ﺑﻬﺎ ،وﻛﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﺄﻣﻮر ﺗﺤﺪث ﻣﻌﻲ وﻟﻜﻦ ﻟﻢ أﺷﻌﺮ ﺑﻐﺮاﺑﺘﻬﺎ ﻟﻘﻠﺔ ﺧﺒﺮﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة وﻛﻨﺖ أﺣﺴﺒﻬﺎ أﻣﻮ ًرا ﻋﺎدﻳﺔ ،ﻓﺒﻌﺪ ﺧﻠﻮدي ﻟﻠﻨﻮم ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﺷﻲ ﻛﻨﺖ أﻏﻮص ﻓﻲ أﺣﻼﻣﻲ ﻓﺄراﻧﻲ ﻗﻔﺰت ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﺪار ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ وﺗﺤﺮﻛﺖ ﻟﻠﺨﺎرج وﻋﻨﺪﻫﺎ أﺟﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻄﻂ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﻲ ،ﻛﻨﺖ أﺗﺤﺮك ﻟﺒﻴﺖ ﻋﻤﻲ راﺷﺪ ﺑﺠﻮار ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ ﺑﺼﺤﺒﺘﻬﻢ أو ﺑﻤﻔﺮدي وأﻗﻔﺰ ﻟﺪاﺧﻞ اﻟﻤﻨﺰل وأﻇﻞ أﺣﻔﺮ أﺳﻔﻞ »اﻟ َﻤ َﻜ ﱠﺒﺔ« وﻫﻰ إﻧﺎء ﻛﺒﻴﺮ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻦ ﻳﻮﺿﻊ أﺳﻔﻠﻬﺎ »ﻣﻮاﺟﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺨﺎر« ﺑﻬﺎ ﻟﺒﻦ ﺟﺎﻣﻮس أو أﺑﻘﺎر ،ﻛﻲ ﺗﺘﺨﻤﺮ ﻟﻴﺘﻢ ﺻﻨﻊ اﻟﺰﺑﺪ واﻟﺠﺒﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ وﺿﻊ »ﻗﺸﺪة اﻟﻠﺒﻦ« ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺑﺔ وﺗﺤﺮﻳﻜﻬﺎ. وﻛﻨﺖ أﺣﻔﺮ أﺳﻔﻞ »اﻟ َﻤ َﻜﺒﱠﻪ« ﺣﺘﻰ أﺻﻞ ﻟﻤﻮاﺟﻴﺮ اﻟﻠﺒﻦ وأﻇﻞ أﺷﺮب ﻣﻦ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﺒﻦ ،وﺑﻌﺪ أن أﻧﺘﻬﻲ أﻗﻮم ﺑﻮﺿﻊ اﻟﺘﺮاب ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﺟﻴﺮ ﻓﻮق اﻟﻠﺒﻦ اﻟﻤﺘﺒﻘﻲ ،وﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﺑﻌﺪ أن أﺳﺘﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻲ ﻛﻨﺖ أﺳﻤﻊ ﻋﻤﻲ وزوﺟﺘﻪ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻣﻊ واﻟﺪﺗﻲ ﻋﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻬﻢ ﻟﻴﻠﺔ أﻣﺲ ،وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻬﺎ إﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺷﺮب وأﻛﻞ ﻣﺎ أرﻳﺪ وﻟﻜﻦ ﺑﺪون وﺿﻊ اﻟﺘﺮاب ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻠﺒﻦ ،وﺗﺘﺤﺪث ﻣﻌﻲ أﻣﻲ وﺗﻄﻠﺐ ﻓﺘﻮﺟﻬﺖ أﻣﻲ ﻟﺒﻴﺖ ﻋﻤﻲ ﻟﺘﺴﺄﻟﻪ َﻋ ﱠﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﺄﻛﺪ ﻟﻬﺎ ﺻﺤﺔ رواﻳﺘﻲ، اﻟﻠﺒﻦ ﻣﻦ أﺷﺮب أن ﻣﻨﻲ أن ﻻ أﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى وﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﻓﻄﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ أن ﻻ ﻳﻀﺮﺑﻨﻲ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺿﺮب اﻟﻤﻮﺟﻮد ﺑﻤﻨﺰﻟﻨﺎ وأﻋﺪﻫﺎ ﺑﻌﺪم ﺗﻜﺮار ذﻟﻚ ،ﻦ وﻟﻜﻦ اﻟﻘﻂ اﻟﻤﺘﺤﻮل ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدي ﻟﻮﻓﺎﺗﻪ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺴﻮﻗﻨﻲ أﻗﺪاﻣﻲ ورﻓﺎﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻂ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ إﻟﻰ أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻹﻳﻘﺎظ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ أﺛﻨﺎء ﺗﺤﻮل ذﻟﻚ اﻟﻤﻜﺎن وأﻛﺮر اﻟﻔﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ. روﺣ روﺣﻪ وﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺴﺪه ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺆدي ﻌﻞ وﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ذﻫﺒﺖ ﻟﻤﻨﺰل ﻋﻤﻲ ﻷﻓﻌﻞ ﻟﻮﻓ ﻟﻮﻓﺎﺗﻪ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ أﻣﻲ ﺗﺘﺮﻛﻨﻲ ﻧﺎﺋﻤﺎً ﺣﺘﻰ أﺳﺘﻴﻘﻆ ﺒﺪو ﻣﺎ أﻓﻌﻠﻪ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺑﻤﻮاﺟﻴﺮ اﻟﻠﺒﻦ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو ﺑﺑﻤﻔﺮدي. أن ﺻﺒﺮه ﻛﺎن ﻗﺪ ﻧﻔﺪ ﻣﻦ ﺗﻜﺮار ﻓﻌﻠﺘﻲ ﻲ اﻟﺘﻲ ووﻛــﺎن ﻟﻲ ﻋﻢ ﻳﺪﻋﻰ »رﺷــﺎد« ﻛﺎن ﻣﻮﻇﻔﺎً ﺗﺴﺒﺐ ﻟﻪ اﻷذى ،ﻓﻘﺎم ﺑﻌﻤﻞ ﻛﻤﻴﻦ ﻟﻲ ﺑﺠﻮار ﺑﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟــﺒــﺪاري ،وﻛــﺎن ﻻ ﻳﺼﺪق ﻣﺎ »ﻣﻜﺒﺔ اﻟﻤﻮاﺟﻴﺮ« وأﺛﻨﺎء ﻗﻴﺎﻣﻲ ﺑﺎﻟﺤﻔﺮ ﻗﺎم ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻋﻨﻲ ﺑﺨﺼﻮص ﺗﺤﻮل روﺣﻲ ﻟﻘﻂ ﺑﻀﺮﺑﻲ ﺑﻌﺼﺎ ﻣﻦ ﺷﺠﺮة اﻟﺮﻣﺎن ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ و»ﺳﺮاﺣﺘﻲ« ﻟﻴﻼً ﻓﻲ ﻣﻨﺎزل أﻗﺎرﺑﻲ وﺗﻨﺎول ﻲ، وﻓﻤﻲ، »ﻧِﺸﻮ رﻣﺎن« ﻓﺄﺻﺎﺑﺖ اﻟﻌﺼﺎ وﺟﻬﻲ اﻷﻃ اﻷﻃﻌﻤﺔ وﻛﺎن ﻳﺼﻒ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺨﺮاﻓﺎت ،وﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻓﺄﺳﺮﻋﺖ ﺑﺎﻟﻬﺮوب ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺳﺮﻳﻌﺎً إﻟﻰ ﻟﻨﺎ، ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ، ﺗﺮ ﺗﺮك ﻋﻤﻲ »اﻟﺤﻤﺎم« اﻟﻤﻄﻬﻮ ﺑﺪون ﻏﻄﺎء َﻋﻠﱠﻨﻲ وﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح اﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻲ ﻟﺘﺠﺪ ﻲ أﻣﻲ أذأذﻫﺐ ﻟﺒﻴﺘﻪ ﻟﻴﺜﺒﺖ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ آﺛﺎر اﻟﺪﻣﺎء ﻋﻠﻰ ﻓﻤﻲ ،وﺳﺄﻟﺘﻨﻲ أﻳﻦ ﻛﻨﺖ ذذﻫﺒﺖ إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻷﻧﻲ ﺗﻮﻗﻔﺖ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻓﺬﻛﺮت ﻟﻬﺎ أن ﻋﻤﻲ راﺷﺪ ﻋﻋﻦ اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻤﻨﺰل ﻋﻤﻲ راﺷﺪ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻨﻪ ﺿﺮﺑﻨﻲ وﻗﺎل ﻟﻲ »ﺑِﺲ« وﻫﻮ ﻧﺪاء ﺧﺎص ﺑﺑﺴﺒﺐ ﺿﺮﺑﻪ ﻟﻲ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎم ﺑﻄﺮد اﻟﻘﻄﻂ. ووﺳﻤﻊ ﻋﻤﻲ اﻟﺼﻮت ﻗﺎم ﺑﺮﻓﻊ اﻟﻤﺴﺪس ﻓﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
101
ĚżėőĽŤē ěēİŝĝőũŤē
وﻣﻌﺘﻘﺪ اﻟﺘﻮأم ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪ ﻳﺪور ﺣﻮل ﻓﻜﺮة »اﻟﺘﺤﻮل« ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي إﻟﻰ ﺟﻨﺲ آﺧﺮ وﻫﻮ اﻟﺤﻴﻮان وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺮوح ﻣﻦ ﺟﺴﺪ ﻵﺧﺮ. وﺣﻴﻮان اﻟﻘﻂ ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ﺗﺪور ﺣﻮﻟﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات، وأﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ﻫﻮ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﺗﺤﻮل اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺘﻮأم إﻟﻰ ﻗﻂ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻮم. واﻟﻘﻂ ﻓﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ »اﻟﺒ ﱠِﺴـﻪ« ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﻒ واﺿﺢ ﻟﻼﺳﻢ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ ﺑﺎﺳﺘﻴﺖ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻣﺼﻄﻠﺢ »ﺑِﺲ« اﻟﺬي ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻪ ﻟﻠﻘﻂ إذا اﻗﺘﺮب ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم وأرادوا ﻃﺮده. kĢķ ŐĿç ľĴĤĿí ĽŎĄøœ IJŔĻ
ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ إن اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﻟﺪون ﺗﻮاﺋﻢ ،وﻗﺒﻞ أن ﺗﺤﺪث ﻟﻬﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺨﺘﺎن وﻳﺴﻤﻮﻧﻬﺎ »اﻟﻄﻬﺎرة« ﻳﺘﺤﻮﻟﻮن أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻮم إﻟﻰ ﻗﻂ، واﻟﺘﺤﻮل ﻻ ﻳﺤﺪث ﻟﻠﺠﺴﺪ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺪث ﻟﻠﺮوح ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﻈﻞ ﻧﺎﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﻓﺮاﺷﻪ وﺗﺨﺮج روﺣﻪ ﻣﻦ ﺟﺴﺪه وﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﻗﻂ »ﺑﺪون ذﻳﻞ« ،وﻫﺬا اﻟﻘﻂ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﻂ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺴﻠﻖ اﻟﻤﻨﺎزل واﻟﺠﺪران وﺗﻨﺎول اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﻄﺎزﺟﺔ وﻟﻴﺲ اﻟﻨﻴﺌﺔ وﺗﻨﺎول ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻷﻟﺒﺎن أﻳﻀﺎً واﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺷﻴﺌًﺎ ﺑﺨﺼﻮص ﺗﻜﺎﺛﺮ ﻫﺬا اﻟﻘﻂ ﻣﻊ اﻟﻘﻄﻂ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ. 100
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ ﻗﻂ؟
وﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﻃﻮال ﻓﺘﺮة ﻧﻮم اﻟﻄﻔﻞ ،وﻳﻜﻮن اﻟﺠﺴﺪ ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﺳﺎﻛﻨﺎً ﺗﻤﺎﻣﺎً وﻻ ﺗﺘﺤﺮك أﻋﻀﺎء اﻟﺠﺴﺪ وﻛﺄن اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻴﺖ ،وإذا ﻗﺎم أﺣﺪﻫﻢ ﺑﻠﻤﺲ اﻟﻄﻔﻞ وﻫﻮ ﻧﺎﺋﻢ ﻗﺪ ﻳﺘﺴﺒﺐ ذﻟﻚ ﻓﻰ إﺻﺎﺑﺘﻪ ﺑﻤﻜﺮوه أو وﻓﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮﻟﻬﻢ. وإذا ﺣﺪﺛﺖ ﻟﻠﻄﻔﻞ إﺻﺎﺑﺔ ﺧﻼل ﻣﺸﺎﺟﺮﺗﻪ ﻣﻊ أﻗﺮاﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻂ أو أى أﺻﺎﺑﺔ ﻟﻮﻗﻮﻋﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻣﺮﺗﻔﻊ أو أن أﺣﺪﻫﻢ ﻗﺎم ﺑﻀﺮﺑﻪ ،ﻳﻈﻬﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ رﺟﻮع اﻟﺮوح ﻟﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى وﻳﻘﻈﺘﻪ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ. وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺘﻮاﺋﻢ »ﻗﻂ أو ﻗﻄﺔ« وأﺣﻴﺎﻧﺎً ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ أم اﻟﺘﻮاﺋﻢ »ﻗﻄﺔ« وذﻟﻚ ﻳﻌﻮد ﻟﻜﺜﺮة اﻹﻧﺠﺎب واﻟﺨﺼﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ. ŒŇíĊŔŃ úĄñ
ﻓﻲ ﻋﺎم 2009م أﺛﻨﺎء دراﺳﺘﻲ ﺑﻤﻌﻬﺪ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺄﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ اﻟﻔﻨﻮن ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ،أﺟﺮﻳﺖ ﺑﺤﺜًﺎ ﻣﻴﺪاﻧﻴًﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻧﺰﻟﺔ اﻟﻘﻨﻄﺮة ﺑﻤﺮﻛﺰ اﻟﺒﺪاري ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ أﺳﻴﻮط ،واﻷﻣﺮ اﻟﺬي دﻋﺎﻧﻲ ﻟﺪراﺳﺔ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻫﻮ وﺟﻮد ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺣﻴﺔ ﻣﺮرت ﺑﻬﺎ ﺑﺨﺼﻮﺻﻪ وﺳﺄﺣﻜﻲ ﻟﻜﻢ ﻣﻼﻣﺢ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ(2). ﻓﻲ ﻋﺎم 1978م ﻛﺎن ﻣﻮﻟﺪي ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺮى ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﻳﻜﺘﻲ ﻓﻲ رﺣﻢ أﻣﻲ ﻃﻔﻠﺔ أﻧﺜﻰ ﺗﺴﻤﻰ »ﻧﻌﻴﻤﺔ« ﻓﺎرﻗﺖ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ﻣﻦ ﻣﻮﻟﺪﻫﺎ ،وﺑﻌﺪ أن وﺻﻞ ﻋﻤﺮي ﺣﻮاﻟﻲ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
99
ĚżėőĽŤē ěēİŝĝőũŤē
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ ﻗﻂ؟ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﺷﺎﺋﻊ ﻋﻦ اﻟﺘﻮاﺋﻢ ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ
Őŀī Ŋ÷îĄė ĊńĄŃ
اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ وﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات وﻗﺪ ﻳﺤﺎرﺑﻮﻧﻬﺎ ،ﻏﻴﺮ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ﻗﺪ ﺗﺄﺧﺬ دﻳﻤﻮﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻼﺑﺴﺎت اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻌﻤﻠﻲ ﺻﺪق اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي ﻟﺘﺮﺳﻴﺦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﻟﺪى أﻓﺮاد اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﻳﺠﺪون اﻟﺤﺠﺔ واﻟﺪﻟﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻤﻨﻜﺮﻳﻦ ﻟﻮﺟﻮده. وﻳﺒﺪو أن اﻟﻘﻂ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻴﺖ )ﺑﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔBastet : (- Bastوﻫﻰ إﺣﺪى آﻟﻬﺔ ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦُ ،ﻋﺒﺪت ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻘﻄﺔ اﻟﻮدﻳﻌﺔ ،أدﻣﺠﺖ ﻣﻊ اﻹﻟﻬﺔ ﺳﺨﻤﺖ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، إذ ﺗَﻤﺜﻞ ﺳﺨﻤﺖ ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻠﺒﺆة اﻟﻤﻔﺘﺮﺳﺔ ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﻀﺐ ﺑﺎﺳﺘﻴﺖ ﺗﺼﺒﺢ »ﺳﺨﻤﺖ« ،وﺗﻨﺘﻘﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء وﻣﻦ ﻫﻮ ذو ﺧﻠﻖ رديء .وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮﺑﺎﺳﺘﻴﺲ )ﺗﻞ ﺑﺴﻄﺔ( ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺰﻗﺎزﻳﻖ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﺒﺎدﺗﻬﺎ ،وﺗﺮﻣﺰ اﻟﻘﻄﺔ إﻟﻰ اﻹﻟﻬﺔ »ﺑﺎﺳﺘﻴﺖ« ،اﺑﻨﺔ إﻟﻪ اﻟﺸﻤﺲ »رع« ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻮرﻫﺎ اﻟﺮﺳﻮﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ اﻣﺮأة ﻟﻬﺎ رأس ﻗﻄﺔ ،ﻟﺬا ﺗُﻌﺘﺒﺮ »ﺑﺎﺳﺘﻴﺖ« إﻟﻬﺔ اﻟﺤﻨﺎن واﻟﻮداﻋﺔ ،ﻓﻘﺪ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺎﻟﻤﺮأة ارﺗﺒﺎﻃﺎً وﺛﻴﻘﺎً. واﺳﺘﺄﻧﺲ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﻄﺔ ﻟﻤﻼﺣﻈﺘﻪ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻄﺎد اﻟﻔﺌﺮان اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ ﺻﻮاﻣﻊ اﻟﻐﻼل ﺗﺄﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ وﺗﻔﺴﺪﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎم اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺘﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت ،وﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﻨﻄﻬﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺤﻨﻂ ﻣﻮﺗﺎه ،وﻗﺪ ﻋﺜﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ إﺣﺪى اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻂ اﻟﻤﺤﻨﻄﺔ ﺗﺤﻨﻴﻄﺎً ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺪﻗﺔ واﻹﺣﻜﺎم ﻳﻨﻢ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ إﻟﻪ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻘﻄﺔ أو ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ اﻣﺮأة رأﺳﻬﺎ رأس ﻗﻂ أو رأس اﻟﻠﺒﺆة، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﺨﺼﻮﺑﺔ واﻟﺤﺐ واﻟﺤﻨﺎن وﺣﺎﻣﻴﺔ اﻟﻤﺮأة اﻟﺤﺎﻣﻞ. »واﻟﺒﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﻘﺪات اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ »اﻟﺮوح« ،ﺗﻜﻮن ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺠﺴﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻐﺎدرة اﻟﺠﺴﺪ ،وﻳﻤﻜﻨﻬﺎ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻴﻪ«)(1
98
ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ ﻗﻂ؟
إﺿﺎءة
ﺟﻨﻴﺔ اﻟﻘﻤﺢ ﻗﺼﺺ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺛﻤﺔ أﻣﺎﻛﻦ رﻏﻢ ﺻﻐﺮﻫﺎ إﻻ إﻧﻬﺎ ﺣﺎﺿﺮة ﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﺗﺎرﻳﺦ ﻋﺮﻳﻖ ،ﻓﻘﺮﻳﺔ »اﻟﻤﺠﻴﻤﺮ« اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺟﻨﻮﺑﻲ ﺳﻮرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ اﻟﺤﺞ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻣﻦ اﻟﻘﺮى اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﻣﺮور ﺣﻀﺎرات ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻐﺴﺎﺳﻨﺔ ،وﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﺘﻔﻆ ﻟﻴﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﺑﺘﻞ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻊ اﻟﻌﺎﻣﺔ »ﺗﻞ ﻏﺴﺎن«. ﺗﻜﺜﺮ اﻷﻗﺎوﻳﻞ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﺘﻞ وﻋﻦ ﺣﺮاﺳﻪ، وﺛﻤﺔ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻠﺔ أن زﻋﻴﻢ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ اﻣﺮؤ اﻟﻘﻴﺲ ﻗﺪ ﻣﺮ ﺑﻘﺮﻳﺔ اﻟﻤﺠﻴﻤﺮ وذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﻌﻠﻘﺘﻪ اﻷوﻟﻰ: ﻛﺄن ذرى رأس اﻟﻤﺠﻴﻤﺮ ﻏﺪوة ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻞ واﻟﻐﺜﺎء ﻓﻠﻜﺔ ﻣﻐﺰل وورد ﻓﻲ ﻣﻌﺠﻢ اﻟﺒﻠﺪان ﻟﻴﺎﻗﻮت اﻟﺤﻤﻮي ص 59اﻟﺠﺰء اﻟﺨﺎﻣﺲ اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ دار اﻟﻔﻜﺮ ﺑﻴﺮوت :اﻟﻤﺠﻴﻤﺮ أرض ﻟﺒﻨﻲ ﻓﺰارة ،وﻗﺎل ﻋﺒﺎد ﺑﻦ ﻋﻮف اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺛﻢ اﻷﺳﺪي : ﻟﻤﻦ دﻳﺎر ﻋﻔﺖ ﺑﺎﻟﺠﺰع ﻣﻦ رﻣﻢ إﻟﻰ ﻗﺼﺎﺋﺮة ﻓﺎﻟﺠــــﻔﺮ ﻓﺎﻟﻬــﺪم إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻴﻤﺮ واﻟﻮادي إﻟﻰ ﻗﻄـﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺨﻂ ﺑﻴﺎض اﻟﺮــﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠــﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﺜﺮ ﻗﺪوم أﺷﺨﺎص ﻏﺮﺑﺎء إﻟﻰ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻤﻮن ﺑﺎﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻓﻚ اﻟﺴﺤﺮ وﻓﻚ اﻟﺤﺴﺪ ،ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ دم اﻟﻄﻴﻮر واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻟﻬﺬا ،وﻳﻘﺮؤون اﻟﻜﻒ واﻟﻄﺎﻟﻊ واﻟﺘﻨﺒﺆات ،ﻳﻤﺴﻜﻮن ﺧﻴﻮﻃﺎ وﻳﻌﻘﺪوﻧﻬﺎ وﻳﻔﻜﻮﻧﻬﺎ ﺑﻨﻔﺨﺔ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻘﺎﺿﻮن ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬا ﻣﺎﻻ.ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﻘﻊ ﻛﺒﺶ ﻓﺪاء ﻟﻬﻢ ﺑﻤﺎﻟﻪ ،ﻳﻘﺎل أﻧﻬﻢ ﺳﺤﺮة. ﺛﻤﺔ ﺣﺎدﺛﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،اﻣﺮأة ﻏﺮﻳﺒﺔ دﺧﻠﺖ إﺣﺪى اﻟﺒﻴﻮت اﻟﺤﺠﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﺗﻤﺘﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﺎ ﺛﻢ
ﺧﻠﻮد ﺷﺮف @
وﺿﻌﺘﻪ ﻓﻲ ﻗﺎرورة ودﺳﺘﻬﺎ ﻓﻲ »ﺣﻨﻚ« اﻟﺒﺎب ،ورﺣﻠﺖ. ﻃﻔﻠﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﺷﺎﻫﺪت ذﻟﻚ وأﺧﺒﺮت اﻟﺠﻤﻴﻊ ،إﻻ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻨﺸﻐﻠﻴﻦ ﺑﺠﻤﻊ ﻣﺤﺼﻮل اﻟﻘﻤﺢ ووﺿﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻮاﻣﻊ. ﻳﻘﺎل إن اﻟﺼﻮاﻣﻊ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺘﻠﺊ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ،وﻟﻮﻓﺮة اﻟﺨﻴﺮ ﺗﺒﻘﻰ أﻛﻴﺎس ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺸﻌﻴﺮ ﺧﺎرج اﻟﺼﻮاﻣﻊ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ. ﻣﻊ إن أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻛﺮﻣﺎء وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻄﻌﻤﻮن اﻟﺠﻴﺮان ﻣﻦ ﺧﻴﺮ اﻟﺮزاق ،ﻟﻜﻦ اﻟﺤﺴﺪ ﻛﺎن ﻳﺘﺮﺑﺺ ﺑﻬﻢ ،ﻳﻘﺎل إن ﺟﺎرة دﺧﻠﺖ ﻣﺮة ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺸﻬﻮرة ﺑﺸﺪة ﺣﺴﺪﻫﺎ ،ﺗﺄﻣﻠﺖ اﻟﺼﻮاﻣﻊ اﻟﻌﺎﻣﺮة، ﻓﺎﻧﻔﺠﺮت ﻟﺘﻮﻫﺎ ﺑﻨﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﻗﻤﺢ ﺿﺎرﺑﺔ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺒﻴﺖ إﻟﻰ اﻟﺠﺪار ،ﺗﻮﻓﻴﺖ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺒﻴﺖ وﻫﻲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺂﻻم ﻛﻮﺧﺰات اﻹﺑﺮ ﻓﻲ أﻛﺘﺎﻓﻬﺎ ،وﺗﻮﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ﺗﺒﺎ ًﻋﺎ. ﻳﺤﻜﻰ إن اﻟﻄﻔﻠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺒﺮت ذﻫﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺷﺎﻫﺪت ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺮأة ،واﺳﺘﺨﺮﺟﺖ اﻟﻘﺎرورة ﻓﻮﺟﺪﺗﻬﺎ ﺗﺤﻮي ﻗﻄﻌﺔ ﻗﻤﺎش ﻣﻬﺘﺮﺋﺔ ﻣﻦ ﺛﻴﺎب ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ دﻣﻴﺔ ﻣﻮﺧﻮزة ﺑﺎﻟﺪﺑﺎﺑﻴﺲ ﻋﻨﺪ اﻷﻛﺘﺎف. ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻗﺮﻳﺔ اﻟﻤﺠﻴﻤﺮ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻗﺼﺺ اﻟﺠﺎن اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼﺎد ،ﻛﻨﺎ ﺻﻐﺎ ًرا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﺪاﺗﻨﺎ ﻋﻦ ﺟﻨﻴﺔ اﻟﻘﻤﺢ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮج ﻟﻠﻨﺴﻮة وﻫﻦ ﻳﺤﺼﺪن وﻳﺮزﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ ،اﻣﺮأة ﺷﻘﺮاء ﺑﻠﻮن اﻟﺬﻫﺐ ،ﻗﺎﻟﺖ ﻹﺣﺪاﻫﻦ أن ﺗﻤﺴﻚ ﺑﺠﺪﻳﻠﺘﻬﺎ ﻛﻲ ﺗﻨﻬﻲ إرﺿﺎع ﻃﻔﻠﻬﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺳﻮف ﺗﻐﻨﻴﻬﺎ ﻟﻮﻟﺪ وﻟﺪﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺮأة ﺗﺒﺎﻃﺄت رﻳﺜﻤﺎ أﻧﻬﺖ ﺟﻤﻊ اﻟﻘﻤﺢ ،ووﻗﻔﺖ ﻟﺘﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ،وإذ زﻣﻴﻠﺘﻬﺎ ﻗﺎدﻣﺔ ﻓﺎﺧﺘﻔﺖ اﻟﺠﻨﻴﺔ @ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﺳﻮرﻳﺎ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
97
ĚżėőĽŤē ěēİŝĝőũŤē ôòĄŃō ýŜī őĎĔĿí ľòĄĿí
ﻣﻠﺨﺼﺎ ﻋﻦ اﻟﺨﺮاﻓﺎت اﻟﺪارﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼج وأورد اﻟﺪﻛﺘﻮر أﺑﻮ ﻋﻮدة ً ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪة ﻃﺮق ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﻤﻮﻟﻮد ،وﻋﺪة ﻓﻮاﺋﺪ واﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﻟﻠﺤﺒﻞ اﻟﺴﺮي اﻟﺬي ﻳﺴﻘﻂ ﺑﻌﺪ اﻟﻮﻻدة ،وﻣﺎ ﺗﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﺮاﻓﺎت ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ رﻏﻢ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﻌﺪو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺒﻞ ﺑﺮوﺗﻴﻨﻲ ﻳﻮﺻﻞ اﻟﻤﺎء واﻷﻛﺴﺠﻴﻦ ﻣﻦ اﻷم ﻟﻠﺠﻨﻴﻦ ،ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺨﺮاﻓﺎت أن اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺴﺮي ﻻ ﻳُﺮﻣﻰ ﻓﻲ اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ وﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳُﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻋﻤﻴﻖ وﺑﻌﻴﺪ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﺗﺼﻞ ﻟﻪ اﻟﻘﻄﻂ واﻟﻜﻼب ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﻤﻮت اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺘﻌﻠﻘًﺎ ﺑﻪ أو ﻳﻤﺮض ،وﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﺼﺎب اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻧﺰل ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺤﺒﻞ ﺑﺎﻟﻌﻘﻢ ﺑﻌﺪ وﻻدة ﻃﻔﻠﻬﺎ .ﻛﻤﺎ أن اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺴﺮي ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﻟﻌﻼج أﻣﺮاض اﻟﻌﻴﻮن ﺑﺘﺠﻔﻴﻔﻪ وﺣﻤﻠﻪ ﻟﻠﻤﺼﺎب ﺑﻤﺮض أو رﻣﺪ ،أﻣﺎ اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺴﺮي اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻦ وﻻدة ﻃﻔﻠﺔ ﻓﻬﻮ ﻳُﺤﻤﻞ ﻟﻴﺤﺘﻔﻆ ﺑﻪ أﻫﻞ ﻃﻔﻞ ﻣﻦ اﻷﻗﺎرب ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﻫﺬه اﻟﻄﻔﻠﺔ ﺳﺘﻜﻮن زوﺟﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻬﺬا اﻟﻄﻔﻞ وﻻ ﻳﻔﺮط ﺑﻪ أﺑ ًﺪا ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﺣﺒﺎل اﻟﻤﻮدة واﻟﻤﺤﺒﺔ. اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮر اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻧﺎﺋﻠﺔ ﻟﺒﺲ ﺣﺪﺛﺘﻨﺎ ﻋﻦ ﻋﻼج ﻗﺪﻳﻢ اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻪ اﻟﺠﺪات ﻟﺤﺎﻻت ﻣﻮت اﻷﻃﻔﺎل ﺑﻌﺪ اﻟﻮﻻدة ﻣﺒﺎﺷﺮة ،ﻻ زال راﺋ ًﺠﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،إذ ﺗﻘﻮم اﻷﻣﻬﺎت ﺑﺮﺑﻂ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻓﻲ ﺣﺒﻞ وإﻧﺰاﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﺌﺮ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻟﻴﻈﻞ ﻓﺘﺮة داﺧﻞ اﻟﺒﺌﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أن ﺟﺴﺪه ﻗﺪ ﻻﻣﺲ ﻗﻌﺮ اﻟﺒﺌﺮ ،ﺛﻢ رﻓﻌﻪ. وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻀﻤﻨﻮن ﻟﻪ اﻟﻌﻴﺶ وﻋﺪم اﻟﻤﻮت. أﻣﺎ اﻷم اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻮت وﻟﻴﺪﻫﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻣﻦ ﻳﻠﻴﻪ ،ﻓﻌﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻘﺮﻳﺐ رﻏﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰ ﻣﻦ أﻧﻒ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﺑﻤﺠﺮد ﻧﺰوﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻢ ،ﻳﻘﺼﺪون ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﻳﺸﻢ اﻟﻤﻮﻟﻮد راﺋﺤﺔ »اﻟﻌﻴﺶ« ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻴﺶ! وﺗﺴﺘﺸﻬﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ﻧﺎﺋﻠﺔ ﻟﺒﺲ ﺑﺎﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﻔﻠﻜﻠﻮرﻳﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﻼج واﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ،وأﺑﺮزﻫﺎ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺨﺮزة اﻟﺰرﻗﺎء ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻻﻧﺴﺎن .إذ ﻳُﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻠﻮن اﻷزرق ﻳﻜﺴﺮ إﺷﻌﺎع اﻟﺤﺴﺪ اﻟﺨﺎرج ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻦ إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء .ﻟﺬﻟﻚ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ اﻟﺨﺮزة اﻟﺰرﻗﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ واﻟﻌﻼج وﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ
ﺷﻜﻞ ﻋﻴﻦ زرﻗﺎء وﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪر اﻟﻄﻔﻞ واﻟﻤﺮأة ،وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎء ﻟﻺﺷﺎرة ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﺪ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮل: اﺳـــﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻜﻲ وﺣﺪة واﻟﺜـــــــﺎﻧﻴﺔ ﺛــــــــﻨﺘﻴﻦ واﻟﺜـــــﺎﻟﺜﻪ ﺧــــﺮزه زرﻗﺎ ﺗـــــﺮ ّد ﻋــــﻨﻚ اﻟﻌﻴــــﻦ ﻃﺒﻴﺒﺔ اﻷﺳﺮة اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳﻤﻴﺤﺔ ﺧﻠﻴﻞ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻬﺎت اﻟﺸﺎﺑﺎت ﻣﺎ زﻟﻦ ﻳﻠﺠﺄن إﻟﻰ اﻟﻄﺮق اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ واﻟﺨﺮاﻓﺎت واﻟﺸﻌﻮذة ﻓﻲ ﻋﻼج أﻃﻔﺎﻟﻬﻦ رﻏﻢ ﺗﻠﻘﻴﻬﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،وﺗﺮى أن ذﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﻀﻮﻋﻬﻦ ﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﺠﺪات واﻷﻣﻬﺎت ،ﻓﻼ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻜﻨﺔ -أي زوﺟﺔ اﻻﺑﻦ- أن ﺗﻌﺎرض ﺣﻤﺎﺗﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﻌﻠﻖ ﻣﺜﻼً ﺧﺮزات ﺧﺎﺻﺔ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﺠﺎج ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻓﻮق ﺳﺮﻳﺮ اﻟﻄﻔﻞ ﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ وأﻣﻪ ﻣﻦ »اﻟﻜﺒﺲ« أي دﺧﻮل اﻣﺮأة ﺣﺎﺋﺾ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻨﺌﺎت ،وﺗﺨﻔﻰ ﻫﺬه اﻟﺨﺮزات ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﻈﻠﻢ ﺑﻌﺪ أن ﻳﻜﺒﺮ اﻟﻄﻔﻞ ،وﺗﺴﺘﻌﻴﺮﻫﺎ اﻟﻨﺴﻮة .وﺗﻀﻴﻒ :ﻫﺬه اﻟﺨﺮزات ﺟﺎري ﺗﺪاوﻟﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻬﺎ اﻷﻣﻬﺎت إﻟﻰ ﻋﻴﺎدﺗﻲ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎت ﻣﻦ ﻋﺪم ﺟﺪواﻫﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺧﺮ ﺣﻤﻠﻬﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ أو ﻣﺮض اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻌﻠﻞ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ
96
ﻣﻌﺘﻘﺪات ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﺮﺿﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺸﺎﺑﺎت ﻗﺒﻞ اﻟﺠﺪات
ﻣﻌﺘﻘﺪات ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﺮﺿﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ņĔă îńē ņŔĤĔŀij
ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ -ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد -ﻻ زال اﻟﻨﺎس ﻳﺤﺘﻔﻈﻮن ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺸﺘﻰ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة ،وﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﻼج ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض. ُﻳﺮﺟﻊ اﻟﺒﻌﺾ اﻟﺴﺒﺐ إﻟﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻻﺣﺘﻼل اﻻﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻦ ،واﻟﺤﺼﺎر اﻟﻤﻔﺮوض ﻋﻠﻰ ﻗﻄﺎع ﻏﺰة ،واﻟﺬي أدى إﻟﻰ ﺿﻌﻒ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﻨﺎس ،واﺿﻄﺮﻫﻢ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺑﺪاﺋﻞ ﻟﻠﻌﻼج اﻟﻤﻜﻠﻒ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻮﻓﺮ ،ودﻓﻌﻬﻢ ﻟﻠﺘﺸﺒﺚ وﻟﻮ ﺑﺎﻟﻮﻫﻢ ﻛﺴﺒﻴﻞ وﺣﻴﺪ أﻣﺎم ﻗﻠﺔ اﻟﺤﻴﻠﺔ. »ﺗﺮاث« ﻓﺘﺤﺖ اﻟﺒﺎب ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺮاﻓﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ وﻻ زاﻟﺖ ﻣﺘﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻟﻠﻌﻼج ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺮاض.
ﺟﻔﻦ اﻟﻜﻔﻞ ﺳﺒﺒﻪ أﻧﻪ رأى ﻃﻌﺎ ًﻣﺎ ﻟﺪى ﺟﻴﺮاﻧﻪ واﺷﺘﻬﺎه وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺬوﻗﻪ ،وﻋﻠﻰ ﺟﻴﺮاﻧﻪ أن ﻳﻌﺎﻟﺠﻮه. óĊēîă ņŔī ŐńĄĿí
ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ،ﺗﺮى أم ﻣﺤﻤﺪ أن اﻟﺤﻤﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ اﻟﻄﻔﻞ ﺳﺒﺒﻬﺎ ﻋﻴﻦ ﺣﺎﺳﺪة ﻧﻈﺮت إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻞ ،وﺗﻘﻮل إﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ اﻛﺘﺸﺎف ذﻟﻚ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺣﺮاق ﻗﻄﻊ ﻣﻦ »اﻟﺸﺒﺔ« أو »اﻟﺸﺐ« ﻓﻲ اﻟﻨﺎر ،وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻴﻮن ﻛﺜﻴﺮ ﺣﺎرة ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ اﻟﺬي ذﻫﺒﺖ إﻟﻴﻪ اﻟﺠﺪات ﺻﺤﻴﺢ. وﺗــﺬاب ﻋﺪة ﻗﻄﻊ ﺻﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﻣــﺎدة اﻟﺮﺻﺎص ﻓﻮق اﻟﻨﺎر وﺗﺴﻜﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء اﻟﺒﺎرد ﺑﻌﺪ ذوﺑﺎﻧﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ وﺿﻊ اﻹﻧﺎء اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻮي اﻟﻤﺎء ﻓﻮق رأس اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻤﺮﻳﺾ ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ »ﻃﺶ اﻟﺮﺻﺎص« وﺣﻴﻦ ﻳﺒﺮد اﻟﺮﺻﺎص ﻓﻲ اﻟﻤﺎء IJŔĬĠĿí ľĴĤĿí ýŜĬĿ ıōĎĈĿí óōĎij ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﻤﺮأة أو اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي أﺻﺎب اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺤﺎﺟﺔ »أم ﺣﺴﻦ« ﺳﻴﺪة ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻦ ،ﺗﻘﺪم اﻟﻌﻼج ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ واﻟﺤﺴﺪ .وﻃﺎﻟﻤﺎ ﻋﺮف اﻟﻤﺴﺒﺐ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻼج ﺑﺎﻷﺛﺮ، ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻄﺮق ﺑﺎﺑﻬﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ اﻷﻣﻬﺎت اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﻳﺤﻤﻠﻦ إذ ﺗﺘﺤﺎﻳﻞ اﻟﻨﺴﻮة ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﻣﻼﺑﺲ أﻃﻔﺎﻟﻬﻦ وﻳﻄﻠﺒﻦ اﻟﻌﻼج. »اﻟﻌﺎﺋﻦ« وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻴﻄًﺎ ﺻﻐﻴ ًﺮا ﻟ ُﻴﺤﺮق أﻣﺎم أﻧﻒ اﻟﻄﻔﻞ أﻫﻢ أﺣﺪ ﻫﻲ اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ اﻟﺨﺮوف ﻓﺮوة ﺗﺸﻴﺮ أم ﺣﺴﻦ إﻟﻰ أن ﻓﻴﺸﻔﻰ. اﻟﻌﻼﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻟﻌﻼج اﻷﻃﻔﺎل ﺣﺪﻳﺜﻲ اﻟﻮﻻدة ﻣﻤﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﻧﻘﺺ اﻟﻮزن ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺄﻣﺜﺎﻟﻬﻢ. ĎĔĬøńĿí ľńĄĿí ĎŔĔŔ÷ ĵĎģ ﻳﺄﺗﻲ ﺛﻢ اﻟﺼﺒﻲ، وﻳﺘﻢ اﻷﻣﺮ ﺑﺄن ﻳﺬﺑﺢ اﻟﺨﺮوف ﺑﻨﻴﺔ ﻋﻼج ﻋﻠﻲ أﺑﻮ ﻋﻮدة أﺳﺘﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ وﻣﺨﺘﺎر ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺷﻬﻴﺮة ﻓﻲ ﻏﺰة أﻫﻠﻪ ﺑﺎﻟﻔﺮوة ﺑﻌﺪ ﺳﻠﺨﻬﺎ وﻗﺒﻞ أن ﺗﺒﺮد ،ﻓﻼ ﻳﺼﺢ اﻟﻌﻼج إذا وﺿﻊ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﻌﻼﺟﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺨﺮاﻓﺎت ﻣ ّﺮ ﻟﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﻮﺿﻊ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ وﻳﻠﻒ ﺑﻬﺎ وﻳُﺘﺮك ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ واﻟﺘﻲ ﻻ زاﻟﺖ دارﺟﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﻨﺎم. وأﻫﻤﻬﺎ ﻋﻼج اﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺴﺮ وﻻدﺗﻬﺎ وﻳﺘﻢ ذﻟﻚ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ وزن زﻳﺎدة ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﺠﺮﺑﺔ، ﻃﺮﻳﻘﺔ »ﻫﺬه ﺣﺴﻦ: ﺗﻘﻮل أم ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺴﺮ وﻻدﺗﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ ﻧﺎﻗﺺ اﻟﻮزن ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺳﻤﻴﻨﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺨﺮوف«. ﻳﻜﻮن زوﺟﻬﺎ وﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻏﻴﺮ راﺿﻴﻦ ﻋﻨﻬﺎ ،وأﻧﻬﺎ ﻣﻘﺼﺮة ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻬﻢ وﺗﺘﻜﺒﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺰوج أن ﻳﻐﺴﻞ ﻛﻌﺐ ņŔĬĿí ċîĄĘĿ ôĴĸĿí ﻗﺪﻣﻪ اﻟﻴﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺎء وﻳﺠﻤﻊ اﻟﻤﺎء اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻟﻐﺴﻞ وﻳﻘﺪم أﻣﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻋﻼج اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻳﺼﺎب ﺑﺎﺣﻤﺮار وﺗﻮرم ﻓﻲ ﺟﻔﻨﻪ ﻓﻲ وﻋﺎء ﻟﻜﻲ ﺗﺸﺮب ﻣﻨﻪ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺴﺮت وﻻدﺗﻬﺎ ،وﻣﻦ ﻓﻴﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »ﺷﺤﺎذ اﻟﻌﻴﻦ« ،وﻋﻠﻰ أم اﻟﻄﻔﻞ أو أﺧﺘﻪ أن اﻟﻄﺮق اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ وﻻدة اﻟﻤﺮأة ﺗﻀﻌﻪ ﻓﻲ »ﻗﻔﺔ« أي وﻋﺎء ﻣﻦ ﺣﺒﺎل اﻟﻠﻴﻒ ،وﺗﻠﻒ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺴﺮ وﻻدﺗﻬﺎ ﻫﻲ أن ﻳﻠﻒ رأﺳﻬﺎ ﺑﻌﻤﺎﻣﺔ اﻟﺰوج ﺑﻴﻮت اﻟﺠﻴﺮان ،ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﻳﻌﻄﻴﻪ رﻏﻴﻔًﺎ وﻳﻀﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﻔﺔ. أوﻋﻤﺎﻣﺔ واﻟﺪه ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻤﺪ اﻟﻘﻮة ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻠﻖ و»اﻟﺤﺰق« وﺗﺮﺟﻊ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﻮرم واﻻﺣﻤﺮار ﻓﻲ ﻣﻦ راﺋﺤﺔ اﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﻤﺮأة أﻗﻞ ﻗﻮة ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ! ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
95
ĚżėőĽŤē ěēİŝĝőũŤē
94
ﺑﺎﻷزﻫﺮ أﻳﻀﺎً اﺧﺘﺎر اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﻓﻬﻞ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ﻧﺘﺸﺎﺟﺮ؟ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﻨﺎﻗﺶ ﺑﺼﺪر رﺣﺐ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﺤﺮﻳﺔ وﻫﺬا اﻟﻤﺒﺪأ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﻤﻤﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻓﺴﺘﺘﻘﺒﻞ اﻵﺧﺮ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻠﺘﻚ أو ﺣﺘﻰ ﺑﻼ ﻣﻠﺔ وأن ﺗﺘﺤﺎور ﺑﺸﻜﻞ إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ اﻷزﻫﺮﻳﻴﻦ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﻨﻔﺲ ﻃﺮﻳﻘﺘﻲ ﻟﻜﻦ دﻋﻨﻲ أﻗﻮل ﻟﻚ أن ﻫﺬا ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﺎﻷزﻫﺮ ﻟﻤﻦ ﻳﻌﻴﻪ. ﺗﺨﺼﺼﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺛﻮب اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺛﻮب اﻟﻨﺎﻗﺪ؟ ﻫﻮ ﺳﺆال ﻳﻤﺜﻞ ﻟﻲ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻛﺒﺮى ،وﻫﻨﺎك ﻛﺘﺎب ﻣﻬﻢ ﻟﻠﻨﺎﻗﺪ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰى رﻳﺘﺸﺎردز اﺳﻤﻪ »اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺸﻌﺮ« ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻪ إن اﻟﺸﻌﺮ ﻟﻴﺲ ﺿﺪ اﻟﻨﺜﺮ ﺑﻞ ﺿﺪ اﻟﻌﻠﻢ ،وﻛﻼً ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻌﻠﻢ ﻳﻄﻤﺢ ﻟﻠﻮﺻﻮل ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻟﻪ ﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ وﻣﻘﺪﻣﺎت ﺗﺆدي ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻋﻔﻮي ﺟﺪا ً وأﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﺨﻼﻗﺔ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﻠﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮوح ،وأﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﻠﺼﺖ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺗﺪﻓﻘﺖ ﺳﻠﻴﻘﺘﻲ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻣﺎرس اﻟﻨﻘﺪ أﺗﺼﺪى ﻟﻪ ﺑﺮوح اﻟﺸﺎﻋﺮ ،واﻟﻨﻘﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ إﺑﺪاع ﻣﻮاز. ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻔﺪت ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻷدﺑﻲ؟ ﻳﺠﺐ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﺎً ،ﻓﺎﻟﺘﺮاث ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻫﻮﻳﺘﻲ ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻗﺮاءﺗﻪ ﺑﻮﻋﻲ ﻗﺮاءة ﺣﻮار ﻣﻌﻪ ،وﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻜﻮن أﺳﺮى ﻓﻲ ﺳﺠﻨﻪ ﻛﻤﻦ ورث ﺑﻴﺘﺎً ﺟﻤﻴﻼً وﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﺘﺠﺪﻳﺪه ﻓﻴﺠﺐ ﻓﺘﺢ اﻟﻨﻮاﻓﺬ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ،وأﻧﺎ أﻗﺮأ ﻛﺜﻴﺮا ً أدﺑﺎً ﺣﺪﻳﺜﺎً وﻣﺘﺮﺟﻤﺎً ﻓﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﺘﺎج ﻟﻌﺪة ﻣﻜﻮﻧﺎت.
ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ: ) ﻗﻤ ٌﺮ و ﺻﺤـــﺮا ٌء ﺗﻬﻴﻰ ُء ﻣـــــﻮﻋﺪا ُ ﺗﻔﺘﺮش اﻟﻤـــﺪى ﻛﺎﻟﺤـــــﻠﻢ وﻋﻤﺎﻣﺔ ِ ﻳﻐﺮس ﻓــﻲ اﻟـــﺮﻣﺎلِ ﻧﺒﻮءة واﻟﺸﻴﺦُ ُ َ اﻟــــﺮﻣﺎل زﻣـــﺮدا ﻟﺖ ﺧـﻀﺮا َء ﺣــــ ﱠﻮ ْ ﻓﻜــــﺄﻧﻪُ اﻟ ِﺨــﻀ ُﺮ اﻟ َﻮﻟِ ُﻰ إذا ﻣـــﺸﻰ ﻳﺒﺘﻞ اﻟﺼـــــﺪى ﺗﺨﻀﱠ ُﺮ ﺧﻄﻮﺗـــــﻪُ و ُ ﻋﺎﺷﻖ ﺷﻌﺐ ﺟﺌﺖ و ﻣﺼ ُﺮ ﻣﻦ ﻣﺼ َﺮ ُ ٌ ٌ ِﻌﺖ ﻣـــــﻦ ﻗﻠﺒﻲ وﻟﻴﺎً ﻣــــــﺮﺷﺪا وﺗﺒ ُ ﻧﻴﻞ ﺗﻌــــﺮﻓﻮن وﻓــــــﺎء ُه وﺑــﻤﺼ َﺮ ٌ ﻟﻠﻄﻴﺒﻴـــــــﻦَ ﻋﺬوﺑـــــﺔ و ﺗـــــﻮددا ِﻜﻢ وﺑﻤﺼ َﺮ ٌ أﻫﻞ ﻳﺤــــــﻠﻔﻮنَ ﺑﺤـــﺒ ْ ﺿﺎﻋﺖ ُﺳﺪى ( ْ و ِﻓﻌـﺎﻟُﻜُﻢ ﻓﻲ ﻣﺼ َﺮ ﻣﺎ
ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﻌﺖ ﺗﻔﺠﻴﺮ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ داﺧﻞ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ ﻟﺘﺴﺎﻳﺮ اﻟﻌﺼﺮ؟ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ أﺳﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﺪءا ً ﻣﻦ ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻰ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺷﻌﺮاء ﻋﻤﻮدﻳﻴﻦ ﻳﺸﻌﺮوﻧﻚ ﺑﺎﻟﺴﺂﻣﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻜﺘﺒﻮن ﻣﻦ ﻧﻈﻢ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﺘﺤﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ روح ﻓﻴﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﻨﺎﺑﻊ اﻟﺘﻲ ﻧﻬﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ روح اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺰﺧﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺛﺮاء ﻟﻐﻮي ﻻ ﺣﺪود ﻟﻪ ،وﺻﻴﺎﻏﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﺘﺠﺪدة
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
93
ĿĔĬ ijēŵĨ
اﻟﻜﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء واﻟﻨﻘﺎد اﻟﻌﺮب ﻟﻴﺤﻈﻰ ﺑﻤﺸﺎﻫﺪة اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻷخ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﺰروﻋﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ وﻛﺎن ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻪ ،ﻓﺎﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﺣﻮﻟﺖ اﻟﺸﺎﻋﺮ إﻟﻰ ﻧﺠﻢ ﻟﻪ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮه ﻋﻠﻰ ﻛﺒﻴﺮ ﻳﻀﻢ ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ واﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ وﻛﺎن رﺟﻼً وﻓﻴﺎً ﻟﺒﻠﺪه اﻣﺘﺪاد اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﺧﺎرﺟﻪ وﻣﺜﻠﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﺮﻳﺪة ﺑﻤﺠﺎل اﻟﺸﻌﺮ و ﻃﺎﻣﺤﺎً ﻓﻲ ﺗﺒﻮﺋﻬﺎ أﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮاﺗﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻘﻬﺎ وﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﻓﻜﺮة اﻟﻔﺼﻴﺢ ،واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ وﻓﻘﻨﻲ اﻟﻠﻪ ﺑﺎﺷﺘﺮاﻛﻲ ﻓﻴﻬﺎ وﻓﻮزي ﺑﻠﻘﺐ أﻣﻴﺮ إﻃﻼق ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ أﻣﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮاء وﻗﺪ رﺛﻴﺘﻪ ﺑﻘﺼﻴﺪة ﻓﻲ دﻳﻮاﻧﻲ اﻷﺧﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮاء. أﻟﻘﻴﺘﻬﺎ ﺑﻤﺮﻛﺰ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻛﻮﻧﺖ ﺻﺪاﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹﺧﻮة اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ﻣﺜﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺳﻠﻄﺎن ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ذﻛﺮﻳﺎﺗﻚ ﺧﻼل اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ وﻛﻴﻒ اﺣﺘﻔﻰ ﺷﻌﺐ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ أﺣﺪ أﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ ﺗﺤﻜﻴﻢ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﻤﻠﻴﻮن وﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﻀﻴﺎف ﺑﻜﻢ؟ أﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ اﻟﺸﻌﺮ ،واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﺪﻫﺶ ﻓﻲ ﺑﻦ ﺗﻤﻴﻢ ،وﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﺼﻌﺐ، إﺿﺎءة ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻴﻒ ﻋﻈﻤﺘﻪ وﺗﻌﺠﺰ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﺸﻜﺮ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﺎ وﺳﻴﻒ اﻟﻤﻨﺼﻮري اﻟﺬي ﻓﺎز ﺑﺠﺎﺋﺰة ﺷﺎﻋﺮ ﻳﻘﺪﻣﻮه ﻟﻀﻴﻮﻓﻬﻢ ،ﻓﻬﻢ ﻛﺮﻣﺎء ﺟﺪا ً وﻫﻢ اﻟﻤﻠﻴﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺎﺿﻲ. دﻛﺘﻮر ﻋﻼء ﺟﺎﻧﺐ ،ﺧﺮﻳﺞ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﺷﻌﺐ راق وﻣﺤﺐ ﺑﺈﺧﻼص ﻟﺸﻘﻴﻘﻪ اﻟﻤﺼﺮي، اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷزﻫﺮ ﻋﺎم 1996م وﻧﺤﻦ ﻧﺒﺎدﻟﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﺤﺐ وﻧﺤﺘﻔﻆ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﻣﺎ اﻟﺬى ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن دراﺳﺘﻚ اﻷزﻫﺮﻳﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ اﻣﺘﻴﺎز ﻣﻊ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺸﺮف ،ﺣﺼﻞ ﻗﺪ أﺿﺎﻓﺘﻪ ﻟﻚ ﻛﺸﺎﻋﺮ؟ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻤﺆﺳﺲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ﻓﻲ اﻷدب واﻟﻨﻘﺪ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ دراﺳﺘﻲ أﻓﺎدﺗﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻌﻤﻘﻲ ﻓﻲ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻗﺪ ورث أﺑﻨﺎؤه اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻘﺪﻳﻢ، اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻓﻘﻬﻬﺎ ﻛﻤﺎ أن دراﺳﺘﻲ ﻟﻠﻘﺮآن ﺣﺐ ﻣﺼﺮ ﻣﺜﻠﻤﺎ ورﺛﻮا ﻧﺒﻞ اﻟﺼﻔﺎت ،وﻗﺪ وﻳﻌﻤﻞ ﻣﺪرﺳﺎً ﺑﻘﺴﻢ اﻷدب واﻟﻨﻘﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺟﻌﻠﺖ ﻟﻐﺘﻲ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺗﻨﻀﺢ ﻣﻦ دون ﻋﺒﺮت ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺐ ﻟﻪ ﺑﻘﺼﻴﺪة ﻓﻲ دﻳﻮاﻧﻲ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷزﻫﺮ. ﻗﺼﺪ ﺑﺎﻟﻤﻔﺮدات اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ و ﻳﻠﻌﻞ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺎ اﻷﺧﻴﺮ أﻟﻘﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻨﻮات أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺳﻜﺎي ﺻﺪر ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺪواوﻳﻦ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ :أﻧﺎ ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ ﻓﻜﺮة ﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺪرس وﻧﺘﺒﻊ ﻧﻴﻮز ،وأﺗﻤﻨﻰ أن أﻛﻮن ﻗﺪ ﻋﺒﺮت ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ وﻳﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮم ،ﻻﻗﻂ وﺣﺪي ،وﻟ ٌﺪ ُ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺬاﻫﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﺄﻧﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ ﻫﺬا اﻟﺮﻣﺰ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ. اﻟﺘﻮت ،ﻣﺘﻮرط ﻓﻲ اﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻦ. ﻣﺜﻼً ﻣﺎﻟﻜﻲ اﻟﻤﺬﻫﺐ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﺑﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺪرس أﻣﺎ أﺟﻤﻞ ذﻛﺮﻳﺎﺗﻲ ﺧﻼل اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻼ أﻧﺴﻰ
92
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻼء ﺟﺎﻧﺐ :اﻟﺘﺮاث ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤﺎوره وﻧﺠﺪده
ijēŵĩŤē ĚĨĔĸ
أﻓﺎد ﻣﻦ دراﺳﺘﻪ ا_زﻫﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻘﺼﻴﺪة
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻼء ﺟﺎﻧﺐ :
اﻟﺘﺮاث ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤﺎوره وﻧﺠﺪده ņœĊñîĬĿí ņœď ĊńĄŃ ʼnčōîă
ﻓﻲ ﺣﻮارﻧﺎ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻌﻪ ،ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻼء ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ أﻣﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮاء ﻟﻌﺎم 2013م ،وﻫﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻨﻈﻤﻬﺎ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺮاث ،إن دراﺳﺘﻪ ﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺟﻌﻠﺖ ﻟﻐﺘﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺗﻨﻀﺢ ﻣﻦ دون ﻗﺼﺪ ﺑﺎﻟﻤﻔﺮدات اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ،وأﺿﺎف :إن أﻫﻢ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﺎﻷزﻫﺮ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻓﻜﺮة ﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺪرس وﻧﺘﺒﻊ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺬاﻫﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. وﻋﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﺑﻴﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﻨﻘﺪ ،ﻗﺎل :أﺧﻠﺼﺖ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻓﺘﺪﻓﻘﺖ ﺳﻠﻴﻘﺘﻲ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻣﺎرس اﻟﻨﻘﺪ أﺗﺼﺪى ﻟﻪ ﺑﺮوح اﻟﺸﺎﻋﺮ، واﻟﻨﻘﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ إﺑﺪاع ﻣﻮاز. وﺣﺬر ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮع أﺳﺮى ﻟﻠﺘﺮاث ،ﻛﻤﻦ ورث ﺑﻴﺘﺎً ﺟﻤﻴﻼً وﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﺘﺠﺪﻳﺪه ،إﻧﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻔﺘﺢ اﻟﻨﻮاﻓﺬ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت. وﻗﺎل إن دراﺳﺘﻪ ﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺳﺎﻋﺪﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ روح اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ ،ﻻﻓ ًﺘﺎ إﻟﻰ أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء ﻣﻤﻦ ﻳﻜﺘﺒﻮن اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﻤﻮدﻳﺔ ﻳﺸﻌﺮوﻧﻚ ﺑﺎﻟﺴﺂﻣﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻜﺘﺒﻮن ﻣﻦ ﻧﻈﻢ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﺘﺤﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ روح ﻓﻴﻬﺎ.
ﻫﻞ ﻟﻨﺸﺄﺗﻚ ﺑﺼﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ودراﺳﺘﻚ اﻷزﻫﺮﻳﺔ أﺛﺮ ﻓﻰ ﺗﻜﻮﻳﻨﻚ اﻟﺸﻌﺮى؟ ﻧﺸﺄت ﻧﺸﺄة ﺻﻌﻴﺪﻳﺔ رﻳﻔﻴﺔ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ رﻓﺎﻫﻴﺔ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﺪن ،ﻟﻜﻦ اﻟﻠﻪ ﻳﻌﻮض أﺑﻨﺎء اﻟﻘﺮى ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺗﺮﻓﻴﻪ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻷﺑﻨﺎء اﻟﻤﺪن؛ ﻓﻘﺪ ﻣﻨﺤﻨﺎ اﻟﻠﻪ ﺑﻘﺮﻳﺘﻨﺎ ﻓﺴﺤﺔ ﻓﻲ اﻷرض ﻓﻜﺎن ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﺪة ﻣﻼﻋﺐ ﻟﻜﺮة اﻟﻘﺪم ﺑﺎﻟﺠﺒﻞ ﻧﻘﻮم ﺑﺘﻤﻬﻴﺪﻫﺎ ﻟﻠﻌﺐ ﻷن ﺑﻠﺪﺗﻲ »ﻋﺮاﺑﺔ أﺑﻮ دﻫﺐ« ﻓﻲ ﺣﻀﻦ اﻟﺠﺒﻞ ﺑﻤﺮﻛﺰ ﺳﻮﻫﺎج ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ .وﻷﻧﻨﻰ ﻧﺸﺄت ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺻﺤﺮاوﻳﺔ ﻓﺴﺘﺠﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺮاء و اﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدا ً ﻓﻲ ﺷﻌﺮي ﻓﻜﻼﻣﻲ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ
اﻟﻤﺜﺎل ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﺗﺤﺐ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻹﺑﻞ وأﻧﺎ رﺑﻴﺖ ﺟﻤﻼً ﻟﺬا ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻲ رﻛﻮﺑﻪ وأﻧﺎ ﺻﻐﻴﺮ ،ووﺻﻠﺖ ﻣﻬﺎرﺗﻲ ﻓﻲ رﻛﻮﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻄﺎﺋﻪ ﺑﺪون ﺗﻨﺨﻴﺘﻪ ،وﻛﺎن أﺳﻠﻮب اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﻗﺮب ﻟﻠﻨﺎس ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﻮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷزﻫﺮي ﻓﺎﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﻤﻌﻬﺪ »ﻋﺮاﺑﺔ أﺑﻮ دﻫﺐ« ﺛﻢ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﺳﻴﻮط ،ودﺧﻠﺘﻬﺎ ﺑﻤﺤﺾ اﺧﺘﻴﺎر واع ﻷﻧﻲ أﻋﺸﻖ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أن أدرس اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وآداﺑﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻨﻲ ﻋﺸﻘﺖ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﺒﻜﺮا ً ﻓﻜﻨﺖ أدرس ﺑﺸﻐﻒ وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﻴﺪ ﻟﻲ ﺗﻌﺮﻓﻲ ﺧﻼل اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺬﻳﻦ أﺻﺒﺤﻮا ﻣﺮﻣﻮﻗﻴﻦ وﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻴﺪ ،ﻣﺜﻞ ﻋﺰت اﻟﻄﻴﺮي ،ودروﻳﺶ اﻷﺳﻴﻮﻃﻲ ،ود .ﻣﺼﻄﻔﻰ رﺟﺐ وﻋﺒﺪ اﻟﺴﺘﺎر ﺳﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺸﺎرﻛﺘﻬﻢ ﺑﺎﻷﻣﺴﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ وﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﺗﻌﻴﻴﻨﻲ ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ﻋﻠﻰ زﻳﺎدة داﺋﺮة ﻣﻌﺎرﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﺣﺘﻜﺎﻛﻲ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻨﺎﺑﻀﺔ. ﻣﺎ ﻇﺮوف اﺷﺘﺮاﻛﻚ ﺑﻤﺴﺎﺑﻘﺔ أﻣﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮاء وﻣﺎذا اﺳﺘﻔﺪت ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ؟ اﺷﺘﺮﻛﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 2013واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻇﻬﻮرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻴﺌﺎً راﺋﻌﺎً وﻣﻌﺪا ً ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ وأﺳﻠﻮب ﺟﺬاب ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ أي ﺷﺎﻋﺮ ﻳﺘﻤﻨﻰ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻨﺒﺮ اﻟﻤﺤﺘﺮم وﺳﻂ ﻫﺬه
أﺛﻨﺎء اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻼء ﺟﺎﻧﺐ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
91
ﺑﺮزة ﺗﺮاث
ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ...ﺗﺮاث ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺠﻬﻮل ﻫﻞ ﻳﻌﺮف اﻟﻌﺮب ﺗﺎرﻳﺨﻬﻢ ﺣﻘﺎ؟ ﺳﺆال ﺳﻴﺠﻴﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮف ﺑﻨﻌﻢ إﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ،وﻣﻦ ﻳﻌﺮف ﻳﺪرك ﺟﻬﻞ اﻟﻌﺮب ﻟﺘﺎرﻳﺨﻬﻢ، واﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﻫﺬا ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ زرت اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻣﺆﺧﺮا ،ورأﻳﺖ أن ﻋﺪدا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﻻ ﻳﻌﺮف ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻣﻦ 30اﻟﻒ ﺳﻨﻪ او ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب ﺷﺮق اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺗﻜﻮﻳﻨﺎﺗﻬﺎ اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ذات ﻗﻴﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ راﺋﻌﺔ ،ﺑﻬﺎ ﺻﺨﻮر رﻣﻠﻴﺔ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﻨﺤﺖ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ ﻓﻲ ﻋﺼﻮر ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻏﻨﻴﻪ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻛﺎﻟﻔﻴﻞ ووﺣﻴﺪ اﻟﻘﺮن واﻟﺰراﻓﺔ واﻟﻜﺮﻛﺪن ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺪل ﻋﻠﻴﻪ رﺳﻮﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ ،وﻟﺨﺼﻮﺑﺔ أرﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺼﻮر ﺷﻜﻠﺖ ﺑﻴﺌﺔ ﺣﺎﺿﻨﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺘﻨﻘﻠﺔ أي أواﺋﻞ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪو أن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺷﻜﻞ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮى ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻰ ﻳﻮﻣﻴﺎت ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ،اﻟﺬﻳﻦ اﺑﺘﻜﺮوا اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻘﺔ اﻟﺤﻴﺎة، ﻋﺎش ﺳﻜﺎن ﻫﺬه اﻟﺤﻀﺎرة ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت وﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮا آﻧﺬاك اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﻟﻴﻔﺔ .وﻓﻰ ﻣﺮﺣﻠﻪ ﺗﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺼﺨﺮﻳﺔ ﻳﻨﺘﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻰ ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ اﻟﻰ اﺳﺘﺌﻨﺎس اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،ﻓﺘﻘﻞ رﺳﻮم ﺻﻴﺪ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،وﺗﻨﺘﺸﺮ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻓﻰ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﻟﻴﻔﺔ ﻛﺎﻷﺑﻘﺎر واﻻﻏﻨﺎم ،وﺗﺒﺪو ﻋﻼﻣﺎت اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮم ﻓﺎﻟﺴﺤﻦ اﻛﺜﺮ ﺟﻤﺎﻻً و ﻫﺪوءا ً، وﻧﺮى ﺑﻬﺎ اﻟﻠﻮن اﻷﺣﻤﺮ واﻷﺑﻴﺾ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺪﻫﺶ ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﻮم
ﺗﺎﺳﻴﻠﻲ
90
ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ...ﺗﺮاث ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺠﻬﻮل
ﺧﺎﻟﺪ ﻋﺰب @
ﻫﻮ ﻇﻬﻮر ﻋﺮﺑﺔ ﻳﺠﺮﻫﺎ ﺣﺼﺎن ،ﻫﺬا ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﻪ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎً ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﻀﺎرة ،وﻳﺒﺪوا أﻧﻪ ﺗﻢ اﺳﺘﺌﻨﺎس اﻟﺤﺼﺎن ﻓﻰ ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ ﺳﻨﺔ 1200ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ،وﻫﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻠﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﺼﺮ اﻟﺒﻘﺮﻳﺎت ،وﻫﻮ ﻋﺼﺮ ﻳﻤﺘﺪ ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ 4000ﺳﻨﺔ اﻟﻰ 1500ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ،وﺗﺘﻤﻴﺰ رﺳﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﺑﻈﻬﻮر رﺳﻮم ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻰ ﺗﺘﺨﻠﻠﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻚ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺎﺟﺊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺳﻨﺠﺪ اﻟﺠﻤﻞ ﻓﻰ رﺳﻮم ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ ،ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮ ﻓﻰ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻜﺒﺮى 5500ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ،واﺳﺘﺌﻨﺴﻪ واﺳﺘﺨﺪﻣﻪ إﻧﺴﺎن ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ 2500ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد، وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺘﻰ ﺗﺄﻗﻠﻤﺖ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻓﻰ اﻻﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ، وأﻧﺘﺸﺮ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﺑﻜﺜﺮة ،وأﺳﺘﻔﺎد اﻟﺮوﻣﺎن ﻣﻦ ﻣﺤﺎرﺑﻲ اﻟﺠﻤﺎل ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻰ اﻟﺘﺠﻮال ﻋﻠﻰ اﻃﺮاف اﻟﺼﺤﺮاء ﻷﻏﺮاض اﻷﻣﻦ ،وﻣﻊ اﺳﺘﺌﻨﺎس اﻟﺠﻤﻞ ،وﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺠﻔﺎف ﺑﻌﺪ ﻋﺼﻮر ﻣﻄﻴﺮة، اﺗﺠﻪ اﻧﺴﺎن ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺿﻔﺎف اﻷودﻳﺔ واﻷراﺿﻲ اﻟﺨﺼﺒﺔ . إن اﻟﺤﺮوب واﻷﺳــﺮة وﻃﻘﻮس اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻓﻰ ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ ﺗﻌﻜﺲ ﻧﻤﻮ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ روﻋﺔ وﺗﻨﻮع وﻛﺜﺎﻓﺔ رﺳﻮم ﺗﺎﺳﻴﻠﻰ داﻓﻌﺎً ﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،وﻳﺰورﻫﺎ اﻟﻴﻮم ﻋﻠﻤﺎء وﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﻳﺠﻬﻠﻬﺎ اﻟﻌﺮب ،وﻟﻌﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ﺗﻌﺮف ﺑﻬﺬه اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻤﺠﻬﻮﻟﺔ @ ﻣﺪﻳﺮ إدارة اVﻋﻼم ،ﺑﻤﻜﺘﺒﺔ اVﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ
ﺗﺎﺳﻴﻠﻲ
وأﺳﻬﻤﺖ أﻓﻌﺎﻟﻬﺎ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻬﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻠﻄﻔﻞ، ﻛﺎﻟﺘﻘﺒﻴﻞ واﻟﻀﻢ واﻟﺮﺑﺖ اﻟﺨﻔﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻴﻪ ﻓﻲ أﻟﻔﺘﻬﺎ ،ورﺑﻂ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ .وﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ،ﺗﻤﻜﻨﺖ اﻟﻤﺤﺒﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ أداء أدوارﻫﺎ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﺒﺮاﻋﺔ ﺗﺎﻣﺔ ،واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻏﺎﻧﻴﻬﺎ أن ﺗﺒﺚ أﺷﻮاﻗﻬﺎ ،وﺣﺰﻧﻬﺎ اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ ﻏﻴﺎب اﻟﺰوج ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻐﻮص ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ. وﻟﻌﻞ داﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎن ،اﻷول :رؤﻳﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻣﺘﺪا ًدا ﻟﺼﻮرة أﺑﻴﻪ .واﻟﺜﺎﻧﻲ :اﺳﺘﺒﺎق اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻓﻲ رؤﻳﺔ اﻟﻄﻔﻞ رﺟﻼً ﻗﺎد ًرا ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة ﻧﺤﻮ اﻷﺣﺴﻦ؛ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺒﻘﺖ اﻟﺰﻣﻦ وﺟﻌﻠﺖ ﻧﻮﻣﻪ ﺑﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ وﻛﺄﻧﻪ ﻋﺮﻳﺲ .إﻧﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺼﺖ اﻷم وﺣﺪﻫﺎ ﺑﺈﺷﺎﻋﺘﻬﺎ داﺧﻞ ﻃﻔﻠﻬﺎ اﻟﻬﻮاﻣﺶ - 1اﻟﻤﻬﺎواة :ﺗُﻄﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻏﺎﻧﻲ ﻫﺪﻫﺪة اﻷﻃﻔﺎل ،وﻗﺪ ﺳﻤﻴﺖ ﺑﻬﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪأ ﺑﻘﻮل اﻷم» :ﻫﻮه أو ﻫﻮوا« اﻟﺬي ﻳﺤﺚ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮم ﺑﻬﺪوء. - 2ﻓﻮزﻳﺔ ﻃﺎرش ارﺣﻤﺔ :اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،رواق ﻋﻮﺷﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ط ،1دﺑﻲ ،1993ص ) 9ﺑﺘﺼﺮف(. - 3ﻋﻮﻳﺪات اﻟﺜﻤﺎم :ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ اﻟﻤﻜﺮوﻫﺔ. ﻗﺮون :ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷزﻫﺎر. - 4ﻳﻨﻮن :ﺟﻨﻮن. - 5رواﻳﺔ ﺷﻔﻮﻳﺔ. - 6رواﻳﺔ ﺷﻔﻮﻳﺔ. - 7ﺣﺎﻣﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ :ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺗﺮاﺛﻲ ،ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻲ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻤﺎﻳﺘﻪ. - 8رواﻳﺔ ﺷﻔﻮﻳﺔ. - 9ﻓﻮزﻳﺔ ﻃﺎرش ارﺣﻤﺔ :اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.116 - 10ﺧﻮص :أوراق اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺠﺎف. - 11اﻟﻐﺒﻴﺐ :أﻋﻤﺎق اﻟﺒﺤﺮ. - 12رواﻳﺔ ﺷﻔﻮﻳﺔ. - 13ﻓﻮزﻳﺔ ﻃﺎرش ارﺣﻤﺔ :اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.14 - 14أﻳﻨﺪﻟﺞ :ﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﺛﻤﺎر اﻟﺘﻤﺮ. - 15ﻋﺬﺟﻴﻦ )ﻋﺬﻗﻴﻦ( :ﻣﻔﺮدﻫﺎ »ﻋﺬق« ،وﻫﻮ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﻤﺤ ﱠﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺜﻤﺮ. - 16اﻟﻤﺮﻳﺞ :اﻟﻔﻄﻮر. - 17اﻟﺤﻮاي :اﻟﺒﺎﺋﻊ اﻟﻤﺘﺠﻮل. - 18دﻳﺎي ﻣﺤﺸﺎ :دﺟﺎج ﻣﺤﺸﻮ ﺑﺎﻷرز.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
89
ĚżĜēijĔŨč ěĔĸēijį
اﻷﻏﻨﻴﺔ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺟﺎورﺗﻬﺎ ،ﻓﺘﺪاﺧﻠﺖ ﻣﻌﻬﺎ ،أو أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﺪت ذﻟﻚ؛ ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﻴﺮ رﺟﻼً ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻀﺮب ﻓﻲ اﻷرض ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻠﺮزق أو اﻟﺴﻔﺮ، ﻓﺄﺗﺖ اﻷﻏﻨﻴﺔ ﺑﻔﺎﻛﻬﺔ ﻻ ﺗﻨﺒﺖ أﺷﺠﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. وﻣﺎ ﻳﺆﻳﺪ ﻫﺬا اﻟﺮأي أن ﻫﻨﺎك أﻏﻨﻴﺔ ﻟﻠﻄﻔﻠﺔ ﺗﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﻧﺴﻘﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺨﻠﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ):(13 ﺻﺒــــــــــﺎﺣﻚ ﺻﺒﺎﺣﻴـــــﻦ ﺻﺒـــﺎح اﻟﻜـــﺤﻞ ﻓـﻲ اﻟﻌﻴﻦ ﺻﺒــــــــﺎح اﻧﻴﺪﻟﺞ ﻧﺨــــﻠﻪ وﻣـــﻦ اﻟﻨﺨﻠﻪ ﻋﺬﺟﻴﻦ )(14 ج ﺗـــــﺎﻛﻠـــــــــﻴﻨﻪ ﻋـــــﺬ ٍ وﻋــــــﺬجٍ ﻳﻮﻓــــﻲ اﻟﺪﻳـﻦ ﺻﺒـــــﺎﺣﻚ ﺑﺎﻟﻤﺒـــــــــﻜﱢﺮ اﻟﻤـﺮﻳﺞ ﺣﻠﻴﺐ وﺳﻜﱠﺮ )(16 ﺻﺒــــــﺎﺣﻚ ﺑﺎﻟﺴـــــــﺮور ﻛــﻤﺎ اﻟﺤــﻮاي ﻳـــﺪور )(17
اﻟﺼﺒﺎح ﺻﺒﺎﺣﻴﻦ :واﺣﺪ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﻔﻌﻞ دوران اﻟﻜﺮة اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ،ﻓﻴﻐﺪو ُ اﻷرﺿﻴﺔ وﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻠﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﺎر ،واﻟﺜﺎﻧﻲ اﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﻳﺤﺪث ﺑﻔﻌﻞ ُﻨﺒﺖ إﻧﻬﺎ ،ﻣﺜﻞ أﺧﻴﻬﺎ ،ﺗﺰﻳﱢﻦ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻳﻦ اﻟﻜﺤﻞ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺮﻋﻲ اﻻﻧﺘﺒﺎه أن ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﻨﺨﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ُ »ﻋﺬﻗﻴﻦ«؛ أي ﻧﺨﻠﺘﻴﻦ ﺑﺤﻤﻠﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮ ،ﻣﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻷﻧﺜﻰ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺜﺮ اﻟﻨﺴﻞ ،وﺑﺎﻟﻜﺜﺮة ﺗُﻮﻓﻰ اﻟﺪﻳﻮن؛ ﻟﻜﻮن اﻟﺮﺟﺎل ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﻲ اﻟﻤﺎل ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ. إن اﻷﻏﻨﻴﺘﻴﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺘﻴﻦ ،ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ ،ﺗﻘﺬف ﺑﺬاﻛﺮة اﻷم ﻋﺒﺮ اﻟﺮؤﻳﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻓﺘﺮى وﻟﺪﻫﺎ ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ آﺧﺮ ﻃﻠ ًﺒﺎ ﻟﻠﺮزق ،وﺗﺮى اﺑﻨﺘﻬﺎ أ ٍّﻣـﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﺗُﻜﺜﺮ اﻟﻨﺴﻞ ،ﻓﺘﺤﻘﻖ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﺳﺘﻤﺮرﻳﺘﻬﺎ .وﻫﺬا ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻟﻌﻞ أﺑﺴﻄﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﺸﻌﺮ اﻷم رﻏﺒﺔ اﺑﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺿﺎﻋﺔ ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ،ﻓﺘﻘﻮل وﺣﻠﻴﺒﻬﺎ ﻳﺘﺪﻓﻖ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻪ: ﻋــــــﻮاﻓﻲ ﻓــﻲ ﺣــــــﺸﺎكْ وﻟﻘﻴﻤـــــﻪ ﻣـــِﻦْ ﻋـــﺸﺎكْ ﻋـــــــــﻮاﻓﻲ ِﻣــﻦْ ﺗﺠﺸﱠ ــــﺎ واﻛﻞ دﻳﺎي ﻣﺤــــﺸﱠ ـﺎ )(18 ﺗﺘﻤﻨﻰ اﻷم ﻟﻄﻔﻠﻬﺎ أن ﻳﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ واﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﺣﻴﻦ ﻳﺸﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﺿﺎﻋﺔ، وﻳﻜﻮن ﺗﺠﺸﺆه دﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ أﺑﺘﻐﻲ ﺗﺄﻛﻴﺪه ،ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻻﺳﺘﺒﺎﻗﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وردت ﻓﻴﻬﺎ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻏﻨﻴﺔ أﺧﺮى ،ﻣﺮت ﻣﻌﻨﺎ ﺣﻴﻦ ﺗﺤﺪﺛﺖ اﻷم ﻋﻦ ﻧﻮم اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﺑﻬﻨﺎء ،وأردﻓﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻧﻮﻣﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﺮﺳﻪ .واﻟﻠﺤﻈﺔ اﻻﺳﺘﺒﺎﻗﻴﺔ ،ﻫﻨﺎ ،أن ﻳﺄﻛﻞ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺪﺟﺎج اﻟﻤﺤﺸﻮ ﺑﺎﻷرز ،ﻛﻤﺎ ﻳﺄﻛﻞ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻜﺒﺎر. ﻟﻘﺪ ﺷﻜﱠﻠﺖ اﻟﻤﻬﺎواة اﻟﻨﻮاة اﻷوﻟﻰ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﻔﻞ؛ ﻓﺎﻷم ﺑﺄداﺋﻬﺎ اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ اﻟﻬﺎدئ ﺗُﺪﺧﻞ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ إﻟﻰ ﻗﻠﺐ ﻃﻔﻠﻬﺎ ،ﻓﻴﺴﺘﺮﺧﻲ ﻟﺪاﻋﻲ اﻟﻨﻮم.
88
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻓﻲ ا;ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا3ﻣﺎراﺗﻴﺔ
وﺗﺼﻨﻊ ﻟﻪ ﻣﻦ أﻏﺼﺎﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺮ وﺟﻬﻪ ﻣﻦ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ .وﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺰوج ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻲ ،ﻳُﻌﻴﺪﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﻄﻔﻞ أﻳﻀً ﺎ ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻲ ،وﻛﺄن اﻷم ﺗﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﻔﻞ اﻣﺘﺪا ًدا ﻟﺼﻮرة أﺑﻴﻪ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﻨﺘﻨﺎوﻟﻪ ﻓﻲ أﻏﻨﻴﺎت أﺧﺮى، ﺗﻌﺒﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻷم ﻋﻦ آﻣﺎﻟﻬﺎ وﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﻮي ﻃﻔﻠﻬﺎ رﺟﻼً ﻛﺄﺑﻴﻪ. ôīîğĎĿíō ðŔăĎøĿí
ﻗﻠﺐ اﻷم ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم ﺗﻐﻤﺮ اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﻜﺒﻴﺮة َ ُﻣﻌﺎﻓﻰ؛ إذ ﻧﺠﺪ اﻟﺴﻌﺎدة ﺗﻔﻴﺾ ﻓﻲ ﺻﻮﺗﻬﺎ وﻓﻲ إﻳﻤﺎءات وﺟﻬﻬﺎ، إﻟﻰ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﻗﺪ ﺗﺮى اﻧﻌﻜﺎس ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺗﺮﺗﺴﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﻃﻔﻠﻬﺎ ،ﻓﺘﻘﻮل ):(12 ﺻﺒــــﺎﺣﻚ ﺻﺒﺎﺣﻴــــــــﻦ ﺻﺒﺎح اﻟﻜـــــﺤﻞ ﺑﺎﻟﻌﻴــــﻦ
ح ﻳﻄـــــــﺮد اﻟﻔـﻘﺮ ﺻـــﺒﺎ ٍ ﺻﺒــﺎحٍ ﻳـــــﻮﻓﻲ اﻟﺪﻳــــﻦ ﺻــﺒﺎﺣﻚ اﻟﺼﺒـــــــــﺎﺣﻲ واﻟــــــﻮرد واﻟﺘﻔـــــــــــﺎحِ وﻋـــــــﻮﻳﻨﺘﻚ ﻫــــﺎﻟﺰﻳﻨﻪ ﺳــــــــــــﻼﱠﺑـــــ ِﺔ اﻻرواحِ
ﻓﺎﻟﺼﺒﺎح اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ إﻃﻼﻟﺔ وﺟﻪ اﻟﻄﻔﻞ ،ﻫﻮ اﺛﻨﺎن ،اﻷول :ﻳﻄﺮد اﻟﻔﻘﺮ؛ ﻷن اﻟﻐﻨﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ وﺟﻮد اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة .واﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻳﺴﺪد اﻟﺪﻳﻮان اﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ؛ ﻷن اﻟﻐﻨﻰ ﺗﻮاﻓﺮ ﺑﻮﺟﻮده ،ﻓﻼ دﻳﻦ ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻣﺴﺘﺤﻘًﺎ ﻟﻠﺪﻓﻊ .وﻫﻮ أﻳﻀً ﺎ ،ﺻﺒﺎح ﻳﻨﻌﻢ ﺑﺠﻤﺎﻟﻪ ﺣﻴﺚ اﻟﻮرد ،وﻓﻲ وﻓﻲ ﺧﻴﺮه ﺣﻴﺚ ﺛﻤﺮ اﻟﺘﻔﺎح .وﺑﻤﺎ أن اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ﻫﻤﺎ اﻟﻨﺎﻓﺬﺗﺎن اﻟﻠﺘﺎن ﺗﺮﻳﻨﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻓﻬﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻮذان ﻋﻠﻰ إﺣﺴﺎس اﻷرواح ﺑﺎﻟﺠﻤﺎل اﻷﺧﱠﺎذ .ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا اﻟﺼﺒﺎح ردﻳﻔًـﺎ ﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺐ اﻷم ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﺑﺴﻌﺎدة. إن اﻟﺮﻗﺔ اﻟﻤﻔﺮﻃﺔ ﻓﻲ أﻟﻔﺎظ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وﺧﻔﺔ اﻟﻘﺎﻟﺐ اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ِذﻛﺮ ﻓﺎﻛﻬﺔ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﺮاوﻳﺔ )اﻟﺘﻔﺎح( ،ﻳﺪﻻن ﻋﻠﻰ أن ﻫﺬه
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
87
ĚżĜēijĔŨč ěĔĸēijį
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻄﺮدﻫﺎ):(6 ﻛــﺎف ،ﻫــــﺎ ،ﻳﺎ ،ﻋﻴﻦ ،ﺻـــﺎد ﻋـــــــــﻦ ﺷ ﱢﺮي ،وﺷـــﺮ اﻟﻌﺒﺎد ﺷ ﱢﺮ اﻟﻠــــــﻲ ﻣـــــﺎ ﺗـﺬﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﺷــ ﱢﺮ اﻟﻌﺒـــــﺪه ،واﻟﺤـــــــ ﱠﺮﻩ ﻓﻘﺪ اﺑﺘﺪأت اﻷم ﻗﻮﻟﻬﺎ ﺑﺎﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ »ﻛﻬﻴﻌﺺ« ﻟﻠﺪﻋﺎء إﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻳﻜﻒ ﺷﺮ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ ﻃﻔﻠﻬﺎ أﻳٍّـﺎ ﻛﺎن ﻣﺼﺪرﻫﺎ ،ﺳﻮا ًء ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﱠ أﻛﺎﻧﺖ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺸﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء :اﻷم ﻧﻔﺴﻬﺎ ،أو اﻟﻌﺒﺪة ،أو اﻟﺤﺮة. وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء :اﻟﻌﺒﺎد ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻣﻤﻦ رأى ﻃﻔﻠﻬﺎ وﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻓﻴﻘﻮل» :ﻣﺎ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ« ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻋﺠﺎب ﺑﻪ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،إﺑﻌﺎد اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺤﺎﺳﺪة. ﻫﺬه »اﻟﻤﻬﺎواة« ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻷم ﺗﺨﺺ ﺑﻬﺎ ﻃﻔﻠﻬﺎ اﻟﺬﻛﺮ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﺗﺸﻤﻞ اﻷﻧﺜﻰ ،أﻳﻀً ﺎ ،وإ ْن ﻛﺎن ﺗﻌﻠﻴﻖ اﻷﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬﻛﺮ وﺣﺪه ،ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺣﺎﻣﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ) .(7وﻣﺎ ذﻛﺮ اﻟﻄﻔﻠﺔ ﺑﺎﻟﻀﻤﺎﺋﺮ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻧﻴﺚ إﻻﱠ ﻣﻦ ﺑﺎب ﻋﺪم ﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻬﺎ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ،وﻣﻦ وﻋﻴﻬﺎ ﺑﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺨﻄﺎب .وﻣﻤﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ اﻷم؛ ﻟﺘﻐﻂ ﻃﻔﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻬﺎ ﺑﻌﻤﻖ ):(8 ﻧـــﺎﻣﻲ ،ﻳــــﺎ ﻣﺴﻌﺪه ،ﻧـــﺎﻣﻲ واﺣـــﻠﻤﻲ أﺳـــــﻌﺪ اﺣﻼﻣـــﻲ ﻻ إﻟﻪ إﻻﱠ اﻟﻠــــــﻪ ،واﻧــــــــــــﺸﻮره ﻋـــــــــﻦ اﻟﺸﻴﻄـﺎن ،وﺣﻀـــــــﻮره ﻧﺎﻣــــــــــﻲ ﻧــــــــﻮﻣﻪ ﻫﻨ ﱢﻴﻪ ﻧﻮﻣ ِﺔ اﻟﻐـﺰﻻن ﻓـــــــــﻲ اﻟﺒﺮﻳﱢﻪ ﻻ إﻟــــــــﻪ إﻻﱠ اﻟﻠﻪ ،وﻣــــــــــﻨﺸﺮه ﻋــــــــﻦ ﻋﻴــــﻦ رﻳـــﺎل ،وﻣــــﺮه ﻧــــــــﺎﻣﻲ ﻧﻮﻣـــــــ ِﺔ اﻟﻬــــﻨﺎ ﻧﻮﻣﺔ اﻟ ُﺤ ﱠﺠﺎج ﻓـــــــــﻲ ﻣﻨــﻰ ﻻ إﻟﻪ إﻻﱠ اﻟﻠـﻪ ،وﻣــــــﺎ ﺷــــــﺎء اﻟﻠﻪ ﺗﻌــــﻤﻲ اﻟﻌــــــــﻴﻮن اﻟﺤــــــــﺎره ﻓﺘﻜﺮار أﺳﻠﻮب اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻬﺎ» :ﻧﺎﻣﻲ« ،ﻳﺪل ﻋﻠﻰ رﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ أن ﻻ إﻟـــــــﻪ إﻻﱠ اﻟﻠـــــﻪ ،ﻋــــــــــﻠﻴﻚ وﻋﻴــــــﻦ اﻟﻠــــﻪ ﻣﻨﺘﻈــــــﺮه اﻟﻴﻚ ﺗﺨﻠﺪ اﺑﻨﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم ﺑﻄﻤﺄﻧﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻄﻤﺌﻦ اﻟﻐﺰﻻن ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺧﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أي ﺷ ﱢﺮ ﻳﺘﺮﺑﺺ ﺑﻬﺎ ،وﻛﻤﺎ ﻳﻨﺎم اﻟﺤﺠﺎج إﻟﻰ ﺑﻴﺖ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﺮام وﺑﻌـــــــــﻮن اﻟﻠــﻪ ،ﻻ ﺷــــــــــــﺮ ﻓﻲ »ﻣﻨﻰ« ﻣﻄﻤﺌﻨﻴﻦ إﻟﻰ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ .وﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ وﻻ َﺳـــــــ ْﻮ ،ﻳﻘــــــﺪر ﻋــــــــﻠﻴﻚ اﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻻ ﺗﺮاود اﻹﻧﺴﺎن اﻷﺣﻼم اﻟﻤﺰﻋﺠﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ اﻟﺮوح وﺳﻌﺎدة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻳﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ .وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺨﺎﻃﺒﻬﺎ اﻷم ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﻨﺪاء ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻬﺎ» :ﻳﺎ ﻣﺴﻌﺪة«؛ إذ ﺗﺤﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﻣﻜﺎ َن اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳُﻨﺎدﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ. وﻓﻲ ﺳﻴﺎق أﻏﺎﻧﻲ »اﻟﻤﻬﺎواه« ،ﻗﺪ ﺗﻠﺠﺄ اﻷم إﻟﻰ ﺗﻄﻮﻳﻊ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﻠﻮﻋﺔ واﻟﺤﺰن ﻟﻬﺬا اﻟﻘﺎﻟﺐ اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ،ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﺒﻮح ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺘﻠﺞ ﺻﺪرﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ أﻟﻬﺒﺘﻬﺎ ﻧﻴﺮان اﻟﻔﺮﻗﺔ ،ﻓﺘﻘﻮل ﻣﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﺷﻮﻗﻬﺎ ﻟﻌﻮدة اﻟﺰوج ﻣﻦ رﺣﻠﺔ اﻟﻐﻮص ﺑﺤﺜًـﺎ ﻋﻦ اﻟﻠﺆﻟﺆ):(9 ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ رﻣـــﺎﻧﻪ ﺑﺜ ِﻤ ْﺮ ،وﺑﺴـــــ ﱢﻮي ﺧُـــﻮص )(10 ﻳﻈﻠﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﻟﻲ ،ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺒﻴﺐ ﻳﻐﻮص )(11
إن ذﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻬﺎ» :ﻻ إﻟﻪ إﻻﱠ اﻟﻠﻪ« ـ اﻟﺬي ﻳﺘﻜﺮر ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺸﻄﺮ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺸﻄﺮ اﻷﺧﻴﺮ ﺣﻴﺚ ﻳﺤﻞ ﻗﻮﻟﻬﺎ» :ﺑﻌﻮن اﻟﻠﻪ« ﻣﻜﺎﻧﻪ ـ ٍ ﻛﺎف ﻟﻴﺤﺮﺳﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن واﻟﺤﺎﺳﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ،وأن ﻳﻤﻨﻊ ﻗﻮى اﻟﺸﺮ اﻷﺧﺮى ﻋﻦ إﻟﺤﺎق اﻷذى ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ :ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ،وﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﺮﺳﻪ؛ ﻷن ﻫﺬا اﻟﺤﺐ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺼﻮ ًرا ﻋﻠﻰ ﻛﻮن اﺑﻨﻬﺎ ﻃﻔﻼً ،إﻧﻪ اﻟﺤﺐ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻐﻴﱢﺮه اﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ أﺑ ًﺪا .وﻳﺘﺰاﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻐﻨﺎء ﺑﺼﻮﺗﻬﺎ اﻟﺸﺠﻲ وﺗﻔﺎﻋﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺟﻮ اﻟﻐﻨﺎء ﺣﻴﺚ ﺗﻀﻢ اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ ﺻﺪرﻫﺎ ،وﺗﻬﺰه ﺑﻠﻄﻒ، وﺗﻘﺒﻠﻪ ،وﺗﺮﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻴﻪ ..وﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أ ﱠن ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﻣﺠﺘﻤﻌﺔً، ﺗﺸﻜﱢﻞ اﻟﻨﻮاة اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻄﻔﻞ. وﺣﻴﻦ ﻳﺸﺘﺪ ﺑﻜﺎء اﻟﻄﻔﻞ ،وﻳﺮﻓﺾ اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻠﻨﻮم ،ﻳﺘﺒﺎدر إﻟﻰ ذﻫﻦ اﻷم أن اﺑﻨﻬﺎ ﻗﺪ أﺻﺎﺑﺘﻪ ﻋﻴﻦ ﺣﺎﺳﺪة ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ،ﻓﺘﺴﻌﻰ إﻟﻰ ذﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﺘﻤﻨﻰ اﻷم أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﻏﻴﺎﻫﺐ اﻟﺒﺤﺎر ﺷﺠﺮة رﻣﺎن ﺗﻈﻠﻞ زوﺟﻬﺎ، 86
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻓﻲ ا;ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا3ﻣﺎراﺗﻴﺔ
ﺣﺐ اﻟﺘﻤﻠﻚ ﻟﻠﻤﺎل ،وﺣﺐ اﻷﻫﻞ ،وﺣﺐ ﻻ ﺷﻲء ﻳﻌﺎدل ﺣﺐ اﻷم ﻻﺑﻨﻬﺎ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﻔﻮق ﱠ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﺜﺮاء .إ ﱠن ﺣ ٍّﺒـﺎ ﻛﻬﺬا ﻣﺠﺒﻮل ﺑﻘﻮة اﻹرادة اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻊ اﻟﻤﻌﺠﺰات؛ إذ ﺗﺤﻴﻞ اﻟﻤﻠﺢ ُﺳ ﱠﻜ ًﺮا ،وﺗﺤﻴﻞ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ اﻟﻜﺮﻳﻬﺔ إﻟﻰ أزﻫﺎر .ﻟﻘﺪ وﻫﺒﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻤﺎل وﺟﻮد ﻫﺬا اﻟﺤﺐ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻬﺎ ،وﺟﻌﻠﻪ ﻣﻐﺮوزًا ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻨﻬﺎ ﻋﺼ ٍّﻴـﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﻼع ﻣﻨﻬﺎ ،وﻟﻮ ﺣﺮى ﺗﺒﺎدل اﻷدوار ﻓﺄﺣﺒﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺒﻪ ﻷُﺻﻴﺐ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮن. ﻳﻌﻠﻮ ﻣﺴﺘﻮى ﻫﺬا اﻟﺤﺐ ،اﻟﻌﺎﻟﻲ أﺻﻼً ،واﻟﻤﺘﺤﻔﺰ إﻟﻰ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ راﺣﺔ اﻟﻄﻔﻞ وﺑﻘﺎﺋﻪ ،إﻟﻰ أﻗﺼﻰ درﺟﺎﺗﻪ ﻣﻤﺰو ًﺟﺎ ﺑﺎﻟﺘﺨﻮف ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﻄﻔﻞ ﺣﻴﻦ ﻳﺨﻠﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم ﻓﻲ أﻏﺎﻧﻲ »اﻟﻤﻬﺎواة«؛ ﻷن اﻟﺤﺐ اﻟﺬي ﺻﻮرﺗﻪ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻐﻴﺎب اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻏﻴﺎب اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻤﺒﺎﻫﺞ اﻟﺤﻴﺎة ﻧﻔﺴﻬﺎ؛ ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻤﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﺗﺤﺒﻪ ،وﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻪ):(5 ﻻ إﻟـــــــــــﻪ إﻻﱠ اﻟﻠﻪ ،ﺗﺤـــــــﺮﺳﻚ ﻓــــــﻲ ﻣﻨﺎﻣــــﻚ ،وﻟﻴﻠـﺔ ﻋــــﺮﺳﻚ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
85
ĚżĜēijĔŨč ěĔĸēijį
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻓﻲ ا_ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اVﻣﺎراﺗﻴﺔ łĄŀŃ Ċńăã łŔŋíĎñç ĉ
اﺣﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ واﻛﺒﺖ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ـ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدﻳﻬﺎ اﻷم ـ اﻟﻤﺮ َ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﺬ ﺗﺮى ﻋﻴﻨﺎه ﻧﻮر اﻟﺤﻴﺎة .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن إدراك ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﺗﺘﻐﻨﻰ ﺑﻪ اﻷم ﻳﺘﺄﺧﺮ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻋﻨﺪ اﻟﻄﻔﻞ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ذات اﻹﻳﻘﺎع اﻟﻬﺎدئ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﺎد إﻟﻰ اﻟﻨﻔﺲ؛ ﻟﻜﻲ ﻳﺴﺘﺮﺧﻲ ﻟﺪاﻋﻲ اﻟﻠﻨﻮم ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻓﻲ أﻏﺎﻧﻲ »اﻟﻤﻬﺎواة« .وﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ذات اﻹﻳﻘﺎع اﻟﺴﺮﻳﻊ ،ﻟﻜﻲ ﺗﺮﺣﺐ ﺑﻪ وﺗﺪﺧﻞ اﻟﺴﺮور إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻪ ﻛﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻨﻴﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ،وﻳُﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺿﺎﻋﺔ .وﻟﻌﻞ أﻏﺎﻧﻲ »اﻟﻤﻬﺎواة«) (1ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ؛ ﻟﻤﺎ ﻧﻬﻀﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺣﻤﻞ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻷﻣﻮﻣﺔ ﺗﺠﺎه وﻟﺪﻫﺎ ،وﻣﻦ ﺑﺚ ﻟﺸﺠﻮﻧﻬﺎ وأﺣﺰاﻧﻬﺎ ،وﺑﻮح ﻣﺎ ﻳﺠﻮل ﺑﻔﻜﺮﻫﺎ إﻟﻴﻪ ،وﻣﺎ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻣﻦ آﻣﺎل وﻃﻤﻮﺣﺎت ﺣﻴﻦ ﻳﻐﺪو رﺟﻼً ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻴﻌﻴﺶ ﺑﺴﻌﺎدة وﻫﻨﺎء.
84
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻓﻲ ا;ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ا3ﻣﺎراﺗﻴﺔ
ľĴĤĿí ŁŎŇō Łŗí ôòĄŃ
ﺗ ُﻌ ﱢﺒﺮ اﻷم ﻋﻦ ﻣﺤﺒﺘﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﻻﺑﻨﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮق ﻣﺤﺒﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ذو ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻓﻬﺬه اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺗﻜﺎد أن ﺗﺼﻞ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ ،وﻫﻮ اﻟﺠﻨﻮن ،ﻓﺘﻘﻮل):(2 ﺣﺐ اﻟﻤـــﺎل واﻷﻫـــﻞ واﻟـﻐﻨﻰ ﺣﺒﻴﺘﻚْ ،ﱢ ﺣﺐ اﻟﻀﻨﻰ ،ﻣـــــﺎ ﺣـــﺎل دوﻧـــﻪ دون ﱢ ﺣــــﺐ ﻳـــﺪﻋﻲ اﻟﻤــﻠﺢ ﺳــﻜﺮ ﺣﺒﻴﺘﻚْ ، ﱟ وﻳﺪﻋﻲ ،ﻋﺴﻰ ﻋﻮﻳﺪات اﻟﺜﻤﺎم ﻗﺮون)(3 ﺣﺒﻴﺘﻚْ ،ﻟـــــﻮ ﺗﺤﺒﻨﻲ ﻛﺜـــــﺮ ٍة ،ﺟــــﺎن ﻣــــــﻦ ﻛﺜــــﺮة ،ﺑــــﺪاك ﻳﻨــــــﻮن)(4 ﺣــــﺐ داﺧــــﻠﻦ ﻣﺴــــﺘﺪاﺧﻞ ﺣﺒﻴﺘﻚْ ، ﱟ وﻣﻐـــــﺮوز ﻟـــﻪ ،ﻣﺎ ﺗـــــﺮاه اﻟﻌﻴــــﻮن
اﻟﺬات ،و ﻣﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻊ اﻷﻧﺴﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠﺖ ذاك اﻟﻤﻘﺮوء وﻓﻖ ﺗﺼﻮر ﻣﻘﺎرﺑﺎﺗﻲ ﻫﺎﺟﺴﻪ اﻷﺳﺎس اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﻃﺮوﺣﺎﺗﻪ ،اﻟﺬي ﻳﺰﺧﺮ ﺑﻪ واﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻪ ،إﺟﺎﺑﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ واﻟﺬات ،ﻓﺎﻟﺘﺮاث ﻣﺎﻫﻮ إﻻ ﺻﻮرة اﻟﺬات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﻤﺘﺒﺼﺮة ﻟﻠﻌﻤﻖ اﻟﻬﻮﻳﺎﺗﻲ .ﻓﺎﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻫﻮ ﻳﺤﺎور اﻟﺘﺮاث وﻳﺘﺠﺎوب ﻣﻊ إﺷﻜﺎﻻﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺘﻮج اﻟﻨﻘﺪي ،ﻻ ﻳﺴﻌﻰ إﻻ ﻹﺿﺎءة اﻟﻤﻌﺘﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻋﺒﺮ آﻟﻴﺔ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ واﻟﺘﺄوﻳﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻹدراك اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ واﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺛﺮاءه ،اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة اﻟﺘﻨﺎول اﻟﻔﻌﺎل ﻟﻬﺬا اﻟﺘﺮاث ﺗﻨﺎوﻻ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻳﻀﻴﻒ إﺿﺎﻓﺎت ﺟﺪﻳﺪة.ﺗﻮزﻋﺖ ﻗﺮاءة اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻧﺰﻋﺎت ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﺘﻌﺪدة اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ زاوﻳﺔ اﻟﻨﻈﺮ .ﻫﻜﺬا ﻧﺠﺪ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻤﺠﺘﺰﺋﺔ، وﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﺪ إﻟﻰ اﻻﺧﺘﻴﺎرات اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻤﺴﺘﺠﻴﺒﺔ ﻟﻠﺨﻠﻔﻴﺎت واﻷﻧﺴﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎول ،و اﻟﻤﺪﻋﻤﺔ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﻤﺘﻮﺧﺎة ،وﻗﺪ أﺳﻬﻢ ﻫﺬا ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﻠﺘﺮاث إﻟﻰ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻶﻟﻴﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎﻫﻲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻸﻫﻮاء واﻟﺮﻏﺒﺎت ،ﻓﻌﻤﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺮاءة ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻄﻴﻞ ُﺳ ﱠﻨﺔ اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ ﺗﺜﻮﻳﺮ اﻹﺑﺪاع اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻗﺮاءة ﻻ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻤﻖ اﻟﻤﺘﻮن اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ زﺧﻢ ﺟﻤﺎﻟﻲ وﻓﻨﻲ .وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻤﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺘﺮاث ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺎﺟﺴﺎ ﻧﻘﺪﻳﺎ وإﻧﻤﺎ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﺒﻨﻴﺔ ﺻﺮاﻋﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﻠﻴﺔ و اﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ؛ اﻟﺘﻲ ﻏﺪت ﻟﺼﻴﻘﺔ ﻧﻘﺪ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﺗﺤﻨﻴﻂ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ ﻗﻮاﻟﺐ ﺟﺎﻣﺪة. ﻛﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻧﺠﺪ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻨﺼﻴﺔ ،وﻧﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﻲ ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ اﻹﻧﺼﺎت إﻟﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺒ َﺪع ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺠﺪة واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ؛ وﻫﻨﺎ ﻣﻜﻤﻦ اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﻮروث ،ﻓﺒﺮز ﻧﻘﺪ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻤﺤﺪث.
ﺗﻮاﺻﻴﻒ
إن اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ »اﻟﻘﺪﻳﻢ« و«اﻟﻤﺤﺪث« ﺻﺮاع ﺑﻴﻦ ﻧﺴﻘﻴﻦ ﻓﻜﺮﻳﻴﻦ ،ﻓﺎﻷول ﻧﻘﻠﻲ أي ﺛﺎﺑﺖ ﻳﺮﻛﻦ إﻟﻰ ﻣﺎﻫﻮ ﻗﺎﺋﻢ ،ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻧﺠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻘﻠﻲ أي ﻣﺘﺤﻮل وﻣﺴﺘﻮﻋﺐ ﻟﻠﺤﺎﺿﺮ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻏﻢ أﺻﻴﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﺤﻔﺰ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ و اﻟﺨﻠﻖ .إن ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻪ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻬﺠﺮي دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺪال ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، اﻟﺘﻲ أﺛﺮت ﻓﻲ اﻟﻼوﻋﻲ اﻟﻔﺮدي ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ،وﺣﺜﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎﻛﺴﺔ واﻟﻤﺮوق ،ﻓﻜﺎن ﺻﻮت اﻟﻌﻘﻞ ﻫﻮ اﻟﻤﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻻﻧﻔﻼت ﻣﻦ إﺳﺎر اﻟﻨﻘﻞ /اﻻﺗﺒﺎع وﻣﻌﺎﻧﻘﺔ اﻟﻌﻘﻞ /اﻹﺑﺪاع اﻟﺬي ﺗﻤﺜﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﻜﺮي ،واﻹﺑﺪاع اﻟﺸﻌﺮي ،إذ ﻛﺎن ﻟﻠﺘﻼﻗﺢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻣﻊ اﻹﻧﺘﺎجﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻴﻦ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ واﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ اﻟﺪور اﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ ﺗﺤﻄﻴﻢ ﺑﻨﻰ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗﺘﺴﺎوق ﻣﻊ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﻮﻟﺔ، ﺑﺨﻠﻖ ﺑﻨﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺳﻤﺘﻬﺎ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻞ ،ﻛﻤﻘﻮم ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،ﻓﺸﻬﺪﻧﺎ ﻇﻬﻮر اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﻲ واﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، واﻧﻌﻜﺲ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺸﻌﺮي اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻟﺬات ﺑﺆرة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ،ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﻮاﺟﺴﻬﺎ وﻗﻠﻘﻬﺎ ،و ُﻋ ﱠﺪ ﺗﻤﺮدا ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮد اﻟﺸﻌﺮ وﺧﺮوﺟﺎ ﻋﻦ اﻷﻋﺮاف اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻣﺤﻂ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺷﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻟﺪن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﻘﻠﻲ ،وﺧﺼﻮﺻﺎ اﻟﻠﻐﻮﻳﻴﻦ ﺑﺪﻋﻮى اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﻧﻲ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎن ﻫﻤﻬﻢ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ.وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻓﻘﺮاءة اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺤﺘﺎج ﻣﻦ اﻟﺪارس ،اﻹﻧﺼﺎت ﺑﻌﻤﻖ إﻟﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺮي واﻟﻔﻜﺮي ،ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺨﻠﻮص إﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺎت ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ وﺣﺘﻤﻴﺔ اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻷﻧﺴﺎق اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻣﺎﻫﻲ إﻻ اﻧﻌﻜﺎس ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺒﻨﻰ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ
إﺿﺎءة
@ ﺷﺎﻋﺮ وﻧﺎﻗﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب
ﺣﺼﻠﺖ رﺟﻞ ،وﻗﺎﻟﺖ َﻋﻮر ّ
رﺟﻞ :ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ اﻟﻌﺮﻳﺲ أو اﻟﺰوجَ - .ﻋ َﻮ ْر :أي أﻋﻮر. وﻣﻌﻨﺎه أﻧﻪ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ اﻧﺘﻈﺮت ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة أن ﻳﺘﻘﺪّ م أﺣﺪ ﻟﻴﺨﻄﺒﻬﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺪّ م ﻟﻬﺎ أﺣﺪﻫﻢ ،ﻋﺪّ دت ﻓﻴﻪ ﻋﻴﺒﺎً ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻓﺮﻓﻀﺘﻪ .وﻛﺎن اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﺗﺘﻐﺎﺿﻰ ﻋﻦ اﻋﻮرار ﻋﻴﻦ واﺣﺪة ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻈﻔﺮ ﺑﺎﻟﺰوج. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻧﺘﻘﺎداً ﻟﻠﺸﺨﺺ ﻳﻄﻮل اﻧﺘﻈﺎره ﻷﻣ ٍﺮ ﻣﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ذﻟﻚ ﻳﺘﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺎﺋﺴﺎً ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮ ل ﻋﻠﻰ أﻗﻠّﻪ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
83
اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﻟﻤﺘﺤﻮل إن ﻗﺮاءة اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ إﻋﻤﺎل آﻟﻴﺎت ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻻ ﺗﺴﻌﻰ ﻹﻋﺎدة اﻟﻤﻨﺘﺞ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺗﺮوم إﻟﻰ ﻓﺘﺢ ﺣﻮار ﻋﻤﻴﻖ ﺑﻐﻴﺔ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻤﺎ ﻳﻜﺘﻨﺰه ﻣﻦ ﺟﻮاﻫﺮ ﻣﺘﻮارﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﺌﺮه اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،ﺑﺈﺿﺎءة ﻋﺘﻤﺎﺗﻪ ،ﻫﺬا اﻟﺤﻮار اﻟﻔﻌﺎل ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﺗﺼﻮر ﻧﻘﺪي ﻳﻔﺘﺢ ﻣﻨﺎﻓﺬ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﻮﻟﻮج إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻖ اﻟﻨﺼﻲ ،واﻟﻨﻘﺪي اﻟﻘﺎﺋﻢ اﻟﻮﺟﻮد .إن اﻟﺤﻮارﻳﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ واﻟﻤﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻫﻲ إﻧﺼﺎت ﻟﻨﺒﺾ اﻟﻤﻘﺮوء اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،ﺳﺘﻜﻮن داﻓﻌﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺜﻮﻳﺮ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺗﻔﻌﻴﻠﻪ ﺑﻄﺮق ﺗﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻤﺎت ﺗﺠﺪﻳﺪﻳﺔ ﺗﺠﺴﺮ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎرئ واﻟﻤﻘﺮوء ،ﻓﺘﺘﺤﻘﻖ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻐﺎﻳﺎت ﻣﻦ وراء اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻟﻴﺲ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ اﺟﺘﺮارﻳﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎرﺑﺔ واﻟﻤﻨﺎوﻟﺔ ،ذﻟﻚ أن أﻳﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻻﺑﺪ ﻟﻬﺎ ،ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪر اﻟﻼزم ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﻤﻴﻖ واﻟﺴﻠﻴﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ،واﻻﺳﺘﻠﻬﺎم اﻟﻔﻌﺎل ﻟﻤﺎ أﻧﺘﺠﻪ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت اﻟﻨﺼﻴﺔ .واﻟﺘﺮاث اﻟﻨﻘﺪي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﺘﺎب ﻣﻔﺘﻮح ﻋﻠﻰ ﺗﺂوﻳﻞ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﻤﻬﺘﻢ واﻟﻨﺎﻗﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻞ ﻣﻨﻪ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻠﻖ ﻣﺘﻦ ﻧﻘﺪي ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ واﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻟﺘﺠﺎوز ،ﻟﻤﻌﺎﻧﻘﺔ ﻣﺎﻫﻮ ﺣﻲ وﺣﻴﻮي ﻓﻴﻪ ،وﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﺣﻴﺎة ،اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻹﻟﻤﺎم ﺑﻪ إﺣﺎﻃﺔ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺪﻗﻴﻖ ،واﻻﺳﺘﻴﻌﺎب اﻟﺠﻴﺪ ﻟﻠﻄﺮوﺣﺎت اﻟﺤﺎﻓﻞ واﻟﺤﺎﺑﻞ ﺑﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺠﺎوز ﻣﺎﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻤﻜﻦ اﻟﻨﻘﺪي ،ﻋﺒﺮ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻤﺪرﻛﺔ ﻷﻋﻄﺎب اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ،و ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺳﻮى ﺗﻜﺮﻳﺲ رؤﻳﺔ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻤﻮروث اﻟﻐﻨﻲ ،ﺑﻤﺎ ﻳﺰﺧﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻄﻴﺎت واﺟﺘﻬﺎدات ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﻣﻊ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺠﺘﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻣﻠﻴﺎ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺨﻄﻲ ﻛﻞ اﻟﻤﻌﻴﻘﺎت اﻟﺬاﺗﻴﺔ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻟﺖ دون ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﺒﺘﻐﻰ .ﻓﺎﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﺬي ﺗﻨﺎول ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻟﻬﺎ ارﺗﺒﺎط ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻤﻨﻤﻂ ﻓﻲ ﻗﻮاﻟﺐ اﻻﺗﺒﺎع ،ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺴﺘﻄﺎﻋﻪ أن ﻳﺨﺮج ﻋﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺪ ﻋﻠﻴﻪ ،داﺧﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺜﺒﺎت واﻟﺴﻜﻮﻧﻴﺔ واﻟﻨﻘﻞ ،ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺎ ﻣﻦ
82
اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﻟﻤﺘﺤﻮل
ﺻﺎﻟﺢ ﻟﺒﺮﻳﻨﻲ @
اﻟﻌﻮاﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺣﺎﻟﺖ دون ﺗﻄﻮر اﻟﻤﻨﺠﺰ اﻟﻨﻘﺪي . إن اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻓﻬﻢ اﻟﺬات ﻓﻲ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ذﻟﻚ أن ﻫﺬه اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت ﻣﺎﻫﻲ إﻻ اﻧﻌﻜﺎس ﻣﻨﻄﻘﻲ وﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ، واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻨﺪاء اﻟﺬات اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ وﺟﻮدﻫﺎ داﺧﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻗﻴﻢ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﺳﻴﺮورة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺣﺎﺑﻠﺔ ﺑﺎﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻢ واﻟﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﺗﺠﻠﻲ اﻟﺼﻴﺮورة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﻨﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺪاﻓﻊ واﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﺑﻴﻦ ﻓﻜﺮ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﺗﺠﺴﺪه اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ،وﻓﻜﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﻞ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺘﻼﻗﺢ اﻟﺤﻀﺎري اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻣﺘﺼﺎص ﻛﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﺳﺘﻴﻌﺎب ﻓﻜﺮ اﻵﺧﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،ﺷﺤﻨﺖ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻄﺎﻗﺎت اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻟﺨﻠﻖ و ﻣﺤﻔﺰة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻷﺳﻠﻢ ﻟﻠﻌﻘﻞ ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﻇﻬﻮر اﻟﻔﺮق اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻟﻌﺒﺖ دورا ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺜﻮﻳﺮ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،واﻹﺳﻬﺎم اﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .وﺗﻔﻌﻴﻞ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺬوﻗﻴﺔ اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻌﺮي ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ .ﻓﻈﻬﺮت ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ورؤى ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻟﻨﻘﺎد اﺳﺘﻮﻋﺒﻮا أن أﻓﻀﻞ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺜﻮﻳﺮ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻫﻮ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺒﻨﺎء واﻟﻤﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻖ .إن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ، ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ اﻟﻴﻮم ،إﻟﻰ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث اﻟﻐﻨﻲ واﻟﺜﺮي، واﻟﺬي ﻣﺎزال ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﺸﻒ وﺳﺒﺮ ﻃﺮوﺣﺎﺗﻪ ،اﻟﺘﻲ ِﺑ ُﻤﻜﻨﻬﺎ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﻨﺴﻴﺔ واﻟﻤﻬﻤﺸﺔ واﻟﻤﻐﻴﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت اﻟﺴﺎﻟﻔﺔ .وﻟﻌﻞ اﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺘﺮاث ﺗﻮزﻋﺖ ﺑﻴﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺼﺮاع ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻠﻬﻤﺖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻜﻴﻴﻔﻬﺎ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ،وأﺧﻴﺮا اﻟﻤﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﻄﻌﻴﻢ اﻟﻤﻘﺮوء ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻷﻋﻄﺎب اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ. وﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜﻞ ﻗﺮاءة ﻟﻠﺘﺮاث ﻣﺎﻫﻲ إﻻ ﻣﺤﺎورة ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻔﻴﺰ
»أﻗﻮل ِ ﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻳﺎ آﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ..ﻟﻘﺪ ﻟﻤﺤﺖ ذﻟﻚ اﻟﺼﻐﻴﺮ وﻫﻮ ﻳﻠﻌﺐ ﺑﻤﻔﺎﺗﻴﺤﻚ ﺑﺎﻷﻣﺲ.. ُ أﻻ ﺗﻌﺮﻓﻴﻦ أن اﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻨﻴ ًﺪا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺒﺮ؟ ﻛﻤﺎ أن اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮآة ﻳﺠﻌﻞ أﺳﻨﺎﻧﻬﻢ ﺻﻠﺒﺔ .ﻫﺬه ﻫﻲ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﺮﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﻃﻔﺎل«. ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﻟﻢ ﺗﺰﻋﻢ أو ﺗﻄﻤﺢ إﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ واﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﺪى اﻟﺨﺎﻟﺔ روﺑﻲ ،اﻟﻄﺒﺎﺧﺔ ،اﻟﺘﻲ »رﺑﺖ ﺧﻤﺴﺔ ودﻓﻨﺖ ﺳﺘﺔ« ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ .أﺣﺴﺖ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻴﻞ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻠﻬﺎ اﻷﻣﻬﺎت ﻟﺤﻞ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﻄﺎرﺋﺔ. أﺟﺒﺮﺗﻬﺎ أﺻﺎﺑﻊ ﺗﻲ ﻧﻮم اﻟﻠﺰﺟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺨﺮج ﻣﺮاﻳﻠﻬﺎ اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻠﺒﺴﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ﻗﺒﻼﺗﻪ اﻟﻤﺒﺘﻠﺔ ..اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ اﻟﻤﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﻨﺎن واﻟﺤﻴﻮﻳﺔ .أﺣﻀﺮت ﺳﻠﺔ اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ، اﻟﺘﻲ ﻧﺎد ًرا ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ،ﻣﻦ اﻟﺪوﻻب وﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول ﻳﺪﻫﺎ ،وراﺣــﺖ ﺗﻘﺺ ﻟﺘﺼﻨﻊ ﺻــﺪرات ﺑﻼ أزرار .اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﺑﻀﻌﺔ أﻳﺎم ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت ﻣﻌﺘﺎدة ﻋﻠﻰ أﺻﻮات اﻟﻀﺤﻚ واﻟﺼﺮاخ واﻟﺜﺮﺛﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮدد ﻓﻲ ﺟﻨﺒﺎت اﻟﺒﻴﺖ ﻃﻮال اﻟﻴﻮم .وﻟﻢ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻷوﻟﻰ وﻻ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أن اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﻨﻮم ﻣﺮﺗﺎﺣﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻠﺘﺼﻖ ﺑﻬﺎ إﻟﻮدي ﺑﺠﺴﺪﻫﺎ اﻟﺴﺎﺧﻦ اﻟﺒﺪﻳﻦ، وأﻧﻔﺎﺳﻬﺎ اﻟﺪاﻓﺌﺔ ﺗﻠﻔﺢ ﺧﺪﻫﺎ ﻣﺜﻞ ﻃﺎﺋﺮ ﻳﻀﺮب اﻟﻬﻮاء ﺑﺠﻨﺎﺣﻪ. وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور أﺳﺒﻮﻋﻴﻦ ،أﺻﺒﺤﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﻣﻌﺘﺎدة ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ،وﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺸﺘﻜﻲ. ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور أﺳﺒﻮﻋﻴﻦ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺤﺪق ﺑﺎﺗﺠﺎه ﻣﻌﻠﻒ اﻷﺑﻘﺎر ذات ﻟﻴﻠﺔ ،رأت ِ ﭬﺎﻟﺴﻦ ﻳﺪور ﺑﻜﺎرﺗﺘﻪ اﻟﺰرﻗﺎء ﻋﻨﺪ ﻣﻨﻌﻄﻒ اﻟﻄﺮﻳﻖ .ﻛﺎﻧﺖ أودﻳﻞ ﺟﺎﻟﺴﺔ ﺑﺠﻮار اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺨﻼﺳﻲ ﻣﻨﺘﺼﺒﺔ وﻣﻨﺘﺒﻬﺔ .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻘﺘﺮب اﻟﻌﺮﺑﺔ ،ﻛﺎن وﺟﻪ اﻟﻤﺮأة اﻟﺸﺎﺑﺔ اﻟﻤﺘﺄﻟﻖ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺳﻌﺎدﺗﻬﺎ ﺑﺮﺟﻮﻋﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ .ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه اﻟﻌﻮدة ،ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ ،أﺻﺎﺑﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﺑﺎﻧﻔﻌﺎل ﻣﺒﻬﻢ .ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل أن ﻳﺘﺠﻤﻌﻮا .أﻳﻦ ﺗﻲ ﻧﻮم؟ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻜﻮخ ،واﺿ ًﻌﺎ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻦ .وﻣﺎرﺳﻴﻠﻴﻦ وﻣﺎرﺳﻴﻠِﺖ؟ ﺗﻘﺼﺎن وﺗﺨﻴﻄﺎن ﻣﻼﺑﺲ اﻟﺪﻣﻰ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﺮﻓﺔ .أﻣﺎ إﻟﻮدي ،ﻓﻜﺎﻧﺖ آﻣﻨﺔ ﺑﻴﻦ ذراﻋﻲ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ؛ وﺻﺮﺧﺖ ﻓﺮ ًﺣﺎ ﻟﻤﺮأى اﻟﻜﺎرﺗﺔ اﻟﺰرﻗﺎء اﻟﺘﻲ ﻋﺎدت ﺑﺄﻣﻬﺎ. ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻣﻨﻔﻌﻠﻴﻦ ،ورﺣﻠﻮا .ﻛﻢ ﻛﺎن اﻟﺠﻮ ﻫﺎدﺋًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺣﻠﻮا! وﻗﻔﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻓﺔ ،ﻣﺤﺪﻗﺔ وﻣﺼﻐﻴﺔ .ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺮى اﻟﻜﺎرﺗﺔ؛ ﺣﻤﺮة اﻟﺸﻔﻖ ﻋﻨﺪ اﻟﻐﺮوب واﻟﻐﺴﻖ اﻟﺮﻣﺎدي اﻟﻤﺎﺋﻞ ﻟﻠﺰرﻗﺔ، أﻟﻘﻴﺎ ﻣ ًﻌﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻮل ﺛﻮﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﺒﺎب اﻟﻘﺮﻣﺰي ،اﻟﺬي ﺣﺠﺐ اﻟﻜﺎرﺗﺔ
ﻋﻦ ﻧﺎﻇﺮﻳﻬﺎ .ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺴﻤﻊ أﺻﻮات ﻋﺠﻼﺗﻬﺎ .وﻟﻜﻦ أﺻﻮات اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻤﺮﺣﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺘﺮاﻣﻰ ﺧﺎﻓﺘﺔ إﻟﻰ ﺳﻤﻌﻬﺎ. اﺳﺘﺪارت داﺧﻠﺔ اﻟﺒﻴﺖ .ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎرﻫﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮك اﻷﻃﻔﺎل وراءﻫﻢ ﻧﻮ ًﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ؛ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺒﺪأ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﻣﻬﻤﺔ إﺻﻼﺣﻬﺎ .ﺟﻠﺴﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺪة .أﻟﻘﺖ ﻧﻈﺮة ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺮة اﻟﺘﻲ ﺑﺪأ اﻟﻤﺴﺎء ﻳﻠﻘﻲ ﺑﻈﻼﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻟﺘﺰداد ﻗﺘﺎﻣﺔ ﺣﻮل ﻇﻞ اﻟﻤﺮأة اﻟﻮﺣﻴﺪة .ﺗﺮﻛﺖ رأﺳﻬﺎ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻮق ذراﻋﻬﺎ اﻟﻤﺤﻨﻴﺔ، وأﺧﺬت ﺗﺒﻜﻲ .أوه ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﻜﺖ! ﻻ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺒﻜﻲ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﺻﻤﺖ. وإﻧﻤﺎ ﺑﻜﺖ ﻛﺎﻟﺮﺟﺎل ،ﺑﻨﺸﻴﺞ ﺑﺪا وﻛﺄﻧﻪ ﻳﻤﺰق أﻋﻤﺎق روﺣﻬﺎ .وﻟﻢ ﺗﻨﺘﺒﻪ إﻟﻰ ﭘﻮﻧﺘﻮ وﻫﻮ ﻳﻠﻌﻖ ﻳﺪﻫﺎ *« «KATE CHOPINﻗﺎﺻﺔ ورواﺋﻴﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ )8ﻓﺒﺮاﻳﺮ /ﺷﺒﺎط 22 1850-أﻏﺴﻄﺲ /آب (1904
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
81
ŽũŤĔőŤē ĕįǜē ŮŨ
ﻧﺪم ŅîñŎė öœîĻ łŀĸñ ÷őĎòě āŜě ôńÿĎ
ﻛﺎﻧﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ’ ‘Aurelieﻣﺘﻴﻨﺔ اﻟﺒﻨﻴﺎن ،ﻣﺘﻮردة اﻟﺨﺪﻳﻦ، وﻗﺪ ﺑﺪأ اﻟﺸﻴﺐ ﻳﻐﺰو ﺷﻌﺮﻫﺎ اﻟﻜﺴﺘﻨﺎﺋﻲ .وﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﺎدﺗﻬﺎ وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺰرﻋﺔ أن ﺗﺮﺗﺪي ﻗﺒﻌﺔ رﺟﺎﻟﻴﺔ ،وﻣﻌﻄﻔًﺎ ﻋﺴﻜﺮ ٍّﻳﺎ ﺑﺎﻟ ًﻴﺎ أزرق اﻟﻠﻮن ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﺒﺎردة. اﻟﺤﺐ ﻗﻠ ُﺒﻬﺎ. ﻳﻌﺮف ﻟﻢ ﻗﺒﻞ. ﻣﻦ اﻟﺰواج ﻓﻲ ﺗﻔﻜﺮ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﻟﻢ ﱠ ﺗﻠﻘﺖ وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻋﺮﺿً ﺎ ﺑﺎﻟﺰواج رﻓﻀﺘﻪ ﺑﻼ ﺗﺮدد ،وﻫﺎﻫﻲ، وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ،ﻟﻢ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻨﺪم ﺑﻌﺪ. ﻛﺎﻧﺖ وﺣﻴﺪة ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻟﻴﺲ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺳﻮى ﻛﻠﺒﻬﺎ ﭘﻮﻧﺘﻮ، واﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ اﻟﺰﻧﻮج اﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ﻓﻲ أﻛﻮاﺧﻬﺎ ،واﻟﻄﻴﻮر اﻟﺪاﺟﻨﺔ ،وﺑﻀﻊ ﺑﻘﺮات ،وﺑﻐﻠﻴﻦ ،واﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ )اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﺼﻘﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﺮس اﻟﻄﻴﻮر( ،ودﻳﻨﻬﺎ. ذات ﺻﺒﺎح ،وﻗﻔﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﻓﻲ ﺷﺮﻓﺘﻬﺎ ،وﻳﺪاﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺒﻴﻬﺎ، ﻟﺘﺘﺄﻣﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر اﻟﺬﻳﻦ ﺻﺪﻣﻬﺎ ﻇﻬﻮرﻫﻢ اﻟﻤﺒﺎﻏﺖ وﻛﺄﻧﻬﻢ ﺳﻘﻄﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﺤﺎب .ﻫﻢ أﺑﻨﺎء أﻗﺮب ﺟﺎراﺗﻬﺎ ،أو ِدﻳﻞ ’ ،‘Odileاﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ -رﻏﻢ ذﻟﻚ -ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ. ﻇﻬﺮت اﻟﻤﺮأة اﻟﺸﺎﺑﺔ ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ﻓﻘﻂ ﻣﺼﻄﺤﺒﺔ أﻃﻔﺎﻟﻬﺎ، وﺣﺎﻣﻠ ًﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة إﻟﻮدي ’ ‘Élodieﺑﻴﻦ ذراﻋﻴﻬﺎ ،وﺳﺎﺣﺒﺔ »ﺗﻲ ﻧﻮم« ’ ‘Ti Nommeﺑﻴﺪ ﻛﺎرﻫﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﺎرﺳﻴﻠﻴﻦ ’‘Marcéline وﻣﺎرﺳﻴﻠِﺖ ’ ‘Marcéletteﺑﺨﻄًﻰ ﻣﺘﻌﺜﺮة. ُﻋﻴﺖ إﻟﻰ وﺟﻬﻬﺎ ُﻣ ْﺤﻤ ﱞﺮ ،ﺷﻮﻫﺖ ﻣﻼﻣﺤﻪ اﻟﺪﻣﻮع واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت .د ْ أﺑﺮﺷﻴﺔ ﻣﺠﺎورة ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺮض أﻣﻬﺎ اﻟﺨﻄﻴﺮ؛ ﻛﺎن زوﺟﻬﺎ ﻣﺴﺎﻓ ًﺮا ﻓﻲ ﺗﻜﺴﺎس؛ وﻛﺎن ِ ﭬﺎﻟﺴﻦ ’ ‘Valsinﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟـ«ﻛﺎ ِرﺗﱠﺔ« ﻟﻴﺄﺧﺬﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﻄﺔ.
»ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻳﺎ آﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ..ﻓﻘﻂ أﺑﻘﻲ ﻫﺆﻻء اﻟﺼﻐﺎر ﻣﻌﻚ ﺣﺘﻰ ِ ﺳﺄزﻋﺠﻚ ﺑﻬﻢ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك أﻋﻮد ..ﻗﺎل دﻳﻮ ’ ‘Dieuإﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى! اﻋﺘﺒﺮﻳﻬﻢ أﻃﻔﺎﻟﻚ ،آﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ..ﻻ ﺗﺪﻟﻠﻴﻬﻢ ..أﻧﺎ ﺷﺒﻪ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ وﺳﻂ اﻷﻃﻔﺎل ..وﻟﻴﺎن ’ ‘Léonﻣﺴﺎﻓﺮ ..ورﺑﻤﺎ ﻻ أﺟﺪ أﻣﻲ اﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺣﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ!« اﺣﺘﻤﺎل ﻣﺮﻋﺐ ﺟﻌﻞ أودﻳﻞ ﺗﺘﺮك أﺳﺮﺗﻬﺎ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﻞ. ﺗﺮﻛﺘﻬﻢ ﻣﺘﺰاﺣﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺷﺮﻓﺔ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ؛ ﻛﺎن ﺿﻮء اﻟﺸﻤﺲ اﻷﺑﻴﺾ ﻳﺨﺒﻂ اﻷﻟﻮاح اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء؛ ﺑﻀﻊ دﺟﺎﺟﺎت
80
ﻧﺪم
ﺗﻨﺒﺶ اﻟﻌﺸﺐ ﻋﻨﺪ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺴﻠﻢ ،ﺻﻌﺪت إﺣﺪاﻫﺎ ﺑﺠﺴﺎرة ﻟﺘﺘﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻓﺔ دوﻧﻤﺎ ﻫﺪف .اﻟﻬﻮاء ﻣﺸﺒﻊ ﺑﺮاﺋﺤﺔ اﻟ َﻘ َﺮﻧْﻔُﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻌﺎﻟﻰ ﺿﺤﻜﺎت اﻟﺰﻧﻮج اﻵﺗﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺣﻘﻞ اﻟﻘﻄﻦ اﻟﻤﺰﻫﺮ. وﻗﻔﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﺗﺘﺄﻣﻞ اﻷﻃﻔﺎل .أﻟﻘﺖ ﻧﻈﺮة ﻓﺎﺣﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎرﺳﻴﻠﻴﻦ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﻧﺢ ﺗﺤﺖ ﺛﻘﻞ إﻟﻮدي اﻟﺒﺪﻳﻨﺔ .ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف ،راﺣﺖ ﺗﺮﻗﺐ ﻣﺎرﺳﻴﻠِﺖ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻂ دﻣﻮﻋﻬﺎ اﻟﺼﺎﻣﺘﺔ ﺑﺤﺰن ﺗﻲ ﻧﻮم وﺗﻤﺮده اﻟﺼﺎﺧﺐ .ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺠﻤﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﺘﺤﺪد ﻛﻴﻒ ﺗﺘﺼﺮف إزاء اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﻤﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ .ﺑﺪأت ﺑﺘﻐﺬﻳﺘﻬﻢ. ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﺗﺒﺪأ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎت اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ وﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻨﺪ ﺣﺎﻓﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،ﻟﻜﺎن ﺑﻮﺳﻌﻬﺎ أن ﺗﻄﺮدﻫﻢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ؛ ﻓﺎﻟﻜﺮار داﺋ ًﻤﺎ ٌ ﺑﺎﻟﻤﺆن ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻄﺎرﺋﺔ .ﻏﻴﺮ أن اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر ﻟﻴﺴﻮا ﺧﻨﺎزﻳﺮ ﺻﻐﻴﺮة :إﻧﻬﻢ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﻣﻬﻴﺄة ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮة. ِ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻏﻴﺮ ﺑﺎرﻋﺔ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻓﻲ رﻋﺎﻳﺔ أﻃﻔﺎل أودﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ. ٍ ﺑﺼﻮت ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﻌﺮف أن ﻣﺎرﺳﻴﻠِﺖ ﺗﺒﻜﻲ داﺋ ًﻤﺎ إذا ﻛﻠﻤﺘﻬﺎ ﻋﺎ ٍل وﺑﻨﺒﺮة آﻣﺮة؟ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه إﺣﺪى ﻏﺮاﺋﺐ ﻣﺎﺳﻴﻠِﺖ .اﻛﺘﺸﻔﺖ وﻟﻊ ﺗﻲ ﻧﻮم ﺑﺎﻟﺰﻫﻮر ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻄﻒ أﺟﻤﻞ زﻫﻮر اﻟﻐﺎردﻳﻨﻴﺎ واﻟﻘﺮﻧﻔﻞ ﺑﺰﻋﻢ دراﺳﺘﻪ ﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻬﺎ. ﻧﺼﺤﺘﻬﺎ ﻣﺎرﺳﻴﻠﻴﻦ ﻗﺎﺋﻠﺔ» :ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻓ ًﻴﺎ أن ﺗﻜﻠﻤﻴﻪ ﻳﺎ آﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ.. ﻳﺠﺐ أن ﺗﺮﺑﻄﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﺮﺳﻲ ..ﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ أﻣﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﻳﺴﻲء اﻷدب«. اﻟﻜﺮﺳﻲ اﻟﺬي ﻗﻴﺪت ﻓﻴﻪ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﺗﻲ ﻧﻮم ﻛﺎن واﺳ ًﻌﺎ وﻣﺮﻳ ًﺤﺎ، ﻓﺎﺳﺘﻐﻠﻪ ﺗﻲ ﻧﻮم ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻠﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﻟﺪاﻓﺌﺔ. ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﺴﺮﻳﺮ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻬﺶ دﺟﺎﺟﻬﺎ ﻟﻠﺤﻈﻴﺮة ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﻄﻔﻮن أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻼﻫﺔ .ﻣﺎذا ﻋﻦ ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻨﻮم اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻴﺲ اﻟﻤﺨﺪة وﺗﻈﻞ ﺗﻀﺮب ﺑﻬﺎ اﻟﻬﻮاء ﺑﻘﻮة ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺮﻗﻊ ﻛﺎﻟﺴﻴﺎط؟ ﻣﺎذا ﻋﻦ ﺣﻮض اﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﺤﻀﺮه ﻟﺘﻀﻌﻪ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻷرﺿﻴﺔ ﻟﻴﻐﺴﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل رﺟﻠﻴﻪ اﻟﻤﺘﺴﺨﺘﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﺒﺘﻴﻦ اﻟﻠﺘﻴﻦ ﻟﻔﺤﺘﻬﻤﺎ اﻟﺸﻤﺲ؟ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎرﺳﻴﻠﻴﻦ وﻣﺎرﺳﻴﻠِﺖ ﺗﻀﺤﻜﺎن ﺑﺸﺪة ﻣﻦ ﻓﻜﺮة أن اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﺗﺘﺼﻮر أن ﺗﻲ ﻧﻮم ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺎم ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﺗﺤﻜﻲ ﻟﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻐﻮل أو ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬﺋﺐ أو ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ؛ أو أن إﻟﻮدي ’ ‘Élodieﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺎم ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﻬﺪﻫﺪﻫﺎ أﺣﺪ وﻳﻐﻨﻲ ﻟﻬﺎ. ﻓﻀﻔﻀﺖ اﻵﻧﺴﺔ أورِﻟﻠﻲ ﻟﻄﺒﺎﺧﺘﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ» :أﻓﻀﱢ ﻞ أن أﻋﺘﻨﻲ ﺑﻌﺸﺮة ﻣﺰارع ﻋﻠﻰ أن أﻋﺘﻨﻲ ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﻃﻔﺎل ..ﺷﻲء ﻣﺰﻋﺞ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ! ﻻ ﺗﺤﺪﺛﻴﻨﻲ ﻋﻦ اﻷﻃﻔﺎل!«
ôŔòĬĘĿí îňĿîüŃã ĶŔûŎ÷ ôŔńŋã
اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﺧﻠﻄًﺎ ﻟﻸﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ وﺗﻨﻮع اﻷﻗﻮال واﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت ،وﻳﻌﺰي ﻳَﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺰروﻋﻲ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﺮآة ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻟﻠﺘﻄﻮر واﻟﻨﻬﻮض اﻹﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺪاﻳ ًﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻣــﺮو ًرا ﺑﺎﻟﻈﺮوف وﺗﺮاﺛﻪ اﻟﺸﻔﺎﻫﻲ وﻋﺎداﺗﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه ،ﻓﻜﻢ ﻣﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺮت اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻔﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺰﻣﻦ وﻃﻮاﻫﺎ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،واﻟﺘﻲ أﺛﺮت ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻨﺴﻴﺎن واﻧﺪﺛﺮت وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻬﺎ وﺟﻮد ،ﻓﺎﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. ﺗﻐﻴﺮت وﺗﻄﻮرت واﻷﺟﻴﺎل ﺗﻌﺎﻗﺒﺖ واﻟﺮﻋﻴﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮى ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺒﺎﺣﺚ: وﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻴﻪ ،ﻳﻘﻮل اﻷول رﺣﻞ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ،ورﺣﻠﺖ ﻣﻌﻬﻢ أﻣﺜﺎﻟﻨﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺸﻌﺐ وﻧﻤﺎ اﻟﻮﻋﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻨﺎ وأﻗﻮاﻟﻨﺎ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻤﻦ ﺗﻮﺛﻖ ﻟﻸﻫﺎﻟﻲ ،ﻓﺘﻐﻴﺮت ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﻢ وأﻓﻜﺎرﻫﻢ، أو ﺗﻜﺘﺐ ،وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﺎ ﺣﺎﻓﻈﻨﺎ ﻋﻠﻰ واﻟﺴﺒﺐ وﺟﻮد ﺛﻘﺎﻓﺎت واﻓﺪة ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺜﺎل واﻷﻗﻮال ﻧﻈ ًﺮا ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻷﻣﺜﺎل واﻟﺤﻜﻢ اﺳﺘﻮﻋﺒﻮﻫﺎ ﻓﺄﺛﺮت اﻟﻴﻮﻣﻲ ،إﻻ أن اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﺪﻧﺎﻫﺎ ﻓﻴﻬﻢ. وﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻠﻴﻞ. وﻳﻜﻤﻞ اﻟﺒﺎﺣﺚ :أﺻﺒﺢ اﻟﻤﻮاﻃﻦ وﺧﺎﺻ ًﺔ اﻟﻨﺶء اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وأﻳﻦ îŌăĎėō ôŔòĬĘĿí ĽîüŃŘĿ ýċîńŇ أﺻﻮﻟﻪ وﻗﻴﻤﻪ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﺑْﺘﻠﻴﺖ ﺑﻚ ﻳﻴﺘﻚ ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺪﻳﻤﻐﺮاﻓﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ، اﺑﺘﻠﻴﺖ ﺑﻚ :اﻻﺑﺘﻼء ﻳﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺮ أو اﻟﺸﺮ وﻣﻌﺮﻓﺘﻪ اءﺗﻪ ﺮ ﻗ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﻓﺼﺎر اﻟﺸﺒﺎب ﻣﺘﻌﻠﻘًﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ، وﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻓﻲ اﻟﻤﺜﻞ ﻳﻘﺼﺪ زﻳﺎرﺗﻪ ﻟﻪ. واﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ﺑﻞ وﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ،ﺧﺎﺻ ًﺔ أﻧﻪ ﻳﻌﺪ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻳﻴﺘﻚ :ﺟﻴﺘﻚ ﻟﻠﺪوﻟﺔ. ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪار ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ أو ﻟﻤﻦ ﺣﻮﻟﻪ، وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻣﻦ ﻳﺰوره ﻓﺠﺄة ﺑﺪون ﺳﺎﺑﻖ إﻧﺬار أو ﻣﻮﻋﺪ أو ﻣﻌﺮﻓﺔ. ÷õíčîŃří Œij ôŔòĬĘĿí ĽîüŃŗí ĶŔûŎ اﺑﻦ آدم ﻣﺎ ﻳﺘﺮس ﻋﻴﻨﻪ إﻻ اﻟﺘﺮاب دوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻷﻣﺜﺎل ﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻳﺴﺘﻌﺮض اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﺤﺎوﻻت اﻷوﻟﻰ ﻳﺘﺮس :ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﺑﻤﻌﻨﻲ ﻳﻤﻸ اﻹﻣﺎرات؛ وﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﺖ أوﻟﻰ اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﻋﻠﻰ ﻳﺪ رﺟﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺘﺮس ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻼح اﻟﻤﺘﻮﻗﻲ ﺑﻪ ،واﻟﺘﺮس ﺧﺸﺒﺔ ﺗﻮﺿﻊ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻔﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﺒﻴﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺻﻨﺪل ،واﻟﺬي أﺻﺪر ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﺧﻠﻒ اﻟﺒﺎب وﺗﻮﺻﺪه. ﺻﻐﻴ ًﺮا ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻳﺤﻮى ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻫﺬا ﻣﺜﻞ أﺻﻠﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮي ﺷﺮﻳﻒ وﻗﺪ ﺷﺎع ﻛﻤﺜﻞ ﺷﻌﺒﻲ ،وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻣﺤﻠ ًﻴﺎ ﺧﺎﺻ ًﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪن اﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ،ﺛﻢ أﺻﺪر ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺜﻞ أن اﻹﻧﺴﺎن داﺋﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﻊ ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ،وﻳﻀﺮب اﻧﺘﻘﺎدا َ ﻟﻠﻄﻤﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺨﺰرﺟﻲ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺎدات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺸﺮاﻫﺔ وﻋﺪم اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺬم ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻫﺎ اﺑﻦ ﺻﻨﺪل. وﻗﺪ أورد ﻓﻴﻪ أﻣﺜﺎﻻً ﺗﺨﺘﻠﻒ ً ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻗﺎم اﻹﻋﻼﻣﻲ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﺈﺻﺪار ﻛﺘﺎب ﻳﺤﻮي أﻳﻀً ﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل وﻫﻲ ﺗﺸﺒﻪ أﻣﺜﺎل إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺼﺒﺎغ وﻋﺒﻴﺪ ﺑﻦ ﺻﻨﺪل إﻻ أﻧﻪ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﺘﻘﺴﻴﻢ ﻫﺬه اﻷﻣﺜﺎل ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻮﺿﻮع وﺷﺮﺣﻬﺎ ﺷﺮ ًﺣﺎ ﻣﻮﺟ ًﺰا. úăîòĿíō ôŔòĬĘĿí ĽîüŃŗí
ﻳﻘﻮل اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﻲ :ﻛﺎن ﻟﻤﺴﻴﺮة ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ دو ٌر ﻓﻲ ﺗﺴﻴﻴﺮ اﺗﺠﺎﻫﻲ واﺧﺘﺼﺎﺻﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ وﺧﺎﺻﺔ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻓﺒﺤﻜﻢ ﻧﺸﺄﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ وﺑﺎﻷﺧﺺ ﻓﻲ واﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ، وﻫﻲ ﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ ،ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺪواﻓﻊ ﻟﺪي ﻓﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﻣﻮرﺛﻨﺎ اﻟﻌﺸﺒﻲ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻋﺸﺖ وﺗﺮﻋﺮت ﻓﻴﻪ دو ٌر ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ أﻓﻜﺎري ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاث.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
79
ĘĝšŤē śŵĸ
ﺗﺤﻮي ﻣﺜﻞ وﻗﻮل ﺷﻌﺒﻲ
ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ا_ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
ôŀķîī Ŏñã ľğîĴĿí
ﺻﺪر ﻓﻲ أﻏﺴﻄﺲ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ »ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة« ،ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر راﺷﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ،وﻳﺤﻮي اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻌﻈﻢ اﻷﻣﺜﺎل واﻷﻗﻮال واﻟﺤﻜﻢ واﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ دوﻟﺔ اﻻﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة. ﺗﺤﺘﻮي اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ 4200ﻣﺜﻞ وﻗﻮل ﺷﻌﺒﻲ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ إﻟﻰ اﻟﺼﺤﺎري واﻟﻮاﺣﺎت واﻟﺠﺒﺎل واﻟﻘﺮى؛ وﻳﺸﻤﻞ اﻟﺠﺰء اﻷول 1075ﻣﺜﻼً ﺷﻌﺒﻴﺎً .وﻗﺪ اﺗﺒﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺤﺮوف اﻷﺑﺠﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﺮﺳﺔ وﻋﺮض وﺷﺮح اﻷﻣﺜﺎل ،ﻟﺬا ﻓﺈن اﻟﺠﺰء اﻷول ﻳﺤﻮي اﻟﺤﺮوف ﻣﻦ اﻷﻟﻒ إﻟﻰ اﻟﺬال ﻓﻘﻂ .وﻗﺪ ﻗﺎم اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﺸﺮح اﻟﻤﺜﻞ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻣﻔﺴ ًﺮا ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ،وذﻛﺮ ﻣﺘﻰ ُﻳﻀﺮب ،وﻟﻢ ﻳﻐﻔﻞ اﻟﻤﺰروﻋﻲ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺬة اﻷﻣﺜﺎل ﻓﺬﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﺪة أﺻﻨﺎف وذﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻧﺘﻴﺠﺔ أو ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻌﺮض أﺧﺒﺎر ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺸﻬﺪ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﺷﻌﺎر اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻫﺬه ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻛﻘﻮﻟﻬﻢ »زادت اﻟﺨﻄﻢ ع اﻟﺮﻛﺎب« وﻳﻀﺮب اﻷﻣﺜﺎل ،ﻓﺬﻛﺮ اﻟﻤﺜﻞ واﻟﺒﻴﺖ اﻟﺸﻌﺮي اﻟﺬي ﺗﻤﺜّﻞ ﺑﻪ. ﻓﻲ زﻳﺎدة ﻧﻮع ﻣﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﻨﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﺑﻄﺎﻟﺔ زاﺋﺪة ،ﻛﺰﻳﺎدة اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ،أو ﻗﻮﻟﻬﻢ :إﻻ ﺣﻨﻴﻦ وﺛﺎري واﻟﻌﻮن ،ﻣﺎ ﻟﻪ ﻃﺎري، ود ّون اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻬﻮاﻣﺶ واﻟﻤﺮاﺟﻊ وأﺳﻤﺎء اﻟﺮواة اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺎوﻧﻮا ﻣﻌﻪ وﻳﻀﺮب ﻓﻲ ﻋﺪﻳﻢ اﻟﻔﺎﺋﺪة .وﻗﻮﻟﻬﻢ :وﺻﻠﺖ اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻟﺒﻄﺎن وﻳﻀﺮب وﺟﻤﻊ ﻣﻨﻬﻢ اﻷﻣﺜﺎل واﻷﻗﻮال اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .ﻳﻘﻮل دﻛﺘﻮر راﺷﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ :ﻓﻲ ﺗﺄزم اﻟﻤﻮﻗﻒ. »اﺳﺘﻐﺮق ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 15ﻋﺎﻣﺎً ،إذ ﺑﺪأت واﺳﺘﻌﺮض اﻟﻜﺘﺎب أﻧﻮاﻋﺎً أﺧﺮى ﻣﻦ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻣﻨﻬﺎ :اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺠﻤﻊ ﻋﺎم 1998م .وﻗﺪ اﻧﺘﻬﻴﺖ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺠﻤﻊ وﺑﺪأت ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻤﺜﻠﻲ وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺒﺮز أﺣﻮال اﻟﻨﺎس اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺸﺮح ،وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺠﺰء اﻷول ﻫﻮ ﺑﺎﻛﻮرة ﻋﻤﻠﻲ اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﻲ .وﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ ﻣﻮﺟﺰة وﻣﻌﺒﺮة ،ﻛﻘﻮﻟﻬﻢ :ﻓﻼن ﻻ ﻳﺴﺮ وﻻ ﻳﻀﺮ ،وﻫﻨﺎك اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻻ أﺿﻤﻦ ﺷﺮح ﻫﺬه اﻷﻣﺜﺎل ،% 100وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺣﺎوﻟﺖ أﻳﻀً ﺎ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،وﻫﻲ أﻗﻮال ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ وﺳﺎﺋﺮ ﻗﺪر اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع أن ّ أﺗﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﺜﻞ وﻓﻬﻤﻪ وﺷﺮﺣﻪ وﻣﺘﻰ ﺧﺒﺮات اﻟﺤﻴﺎة وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺼﻴﻐﺔ ﺗﺠﺮﻳﺪﻳﺔ وﻻ ﻳﻌﺮف ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ،ﻛﻘﻮﻟﻬﻢ ﺷﺮح ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻛﺎﻣﻞ ﺷﺨﺺ ﻟﻜﻞ أن اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﺴﺘﺨﺪم ،وﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ اﻷرزاق ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق ..وﺳﺘﻤﺮ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻋﺮض ﻧﻤﺎذج ﻟﻸﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺜﻞ ﺣﺴﺐ ﻓﻬﻤﻪ وﻗﻨﺎﻋﺘﻪ ،واﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺬي ﻛﺎﻟﻤﺜﻞ اﻟﻤﻮﺣﻲ ،واﻟﻤﺜﻞ اﻟﻤﺴﺘﻞ ﻣﻦ آﻳﺔ ﻗﺮآﻧﻴﺔ أو ﺣﺪﻳﺚ ﺷﺮﻳﻒ، ﻳﻮاﺟﻬﻪ ﻓﻠﻪ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﻌﻴﺪا ً ﻋﻦ ﺷﺮﺣﻲ«. وﻫﻨﺎك اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻤﻘﺘﺒﺲ ﻣﻦ أﺳﻄﻮرة ﺷﻌﺒﻴﺔ ،واﻟﻤﺜﻞ اﻟﻤﺴﺘﻮﺣﻰ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ أو ﺷﻌﺮ. ĽîüŃŗí ĩíŎŇã
ﺗﻨﺎول اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﺷﺮ ًﺣﺎ ﻷﻧﻮاع اﻷﻣﺜﺎل _ اﻷﻣﺜﺎل اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ôŔòĬĘĿí ĽîüŃŗíō õíčîŃří ĪńøĀŃ ﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ_ ﻳﻘﻮل اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟﻤﺜﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺸﻜﻞ واﻟﺘﻜﻮﻳﻦ إﻟﻰ ﻳﺮى اﻟﻜﺎﺗﺐ أن اﻹﻣﺎرات ﺗﻌﺘﺒﺮ وﻋﺎ ًء ﺟﺎﻣ ًﻌﺎ ﻟﻠﻌﺮﻗﻴﺎت واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت 78
ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ا;ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
أﺛﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ
واﻟﻐﺰاﻟﺔ إن ﺷﻄﺤﺖ! إن ﺣﻜﻴﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻈﺎﻟﻴﻢ اﻷدب ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،ﻟﺮ َوﻳﻨﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺆﺳﻴﺔ ،ﻻ ﻧﻌﺮف ﻟﻬﺎ ﺳﺒﺒﺎً ،ﻓﻘﺪ أﺻﺪر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ )ﻋﻠﻲ ﻋﻴﺪ( ّ ﺛﻼث رواﻳﺎت وﻣﺴﺮﺣﻴﺘﻴﻦ وﺧﻤﺲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻗﺼﺼﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺎل ﺟﺎﺋﺰﺗﻴﻦ ﻣﺤﻠﻴﺘﻴﻦ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺠﻬﻮل أو ﻳﻜﺎد ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ أو ﺣﺘﻰ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻘ ّﺮاء ،وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ،أﻃﺎل اﻟﻠﻪ ّ ﻓﻲ ﻋﻤﺮه .أﺻﺪر ﻣﺆ ّﺧﺮا ً رواﻳﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺜﺮاء )ﺷﻄﺢ اﻟﻐﺰاﻟﺔ( ﻓﻲ )رواﻳﺎت اﻟﻬﻼل( ،واﻧﺘﻈﺮتُ أن أرى أﺛﺮا ً ﻫﻨﺎ أو ﻫﻨﺎك ،ﻟﻜﻦ ﺧﺎب ﻇﻨﻲ! ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻲ ﻋﻴﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ رﻳﻔﻴﺔ ﻣﺘﻤﺮدة ﺑﺎﻫﺮة اﻟﻌﻄﺎء اﺳﻤﻬﺎ )ﻧﺎدرة( ،وﻳﺄﺧﺬﻧﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺼﺮﻳﺔ ﺻﻤﻴﻢ ،ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺎﺑﻮ ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺪﺣﻀﻪ ﻣﻦ أﺳﺎﺳﻪ ،ﻳﺼﻒ ﻳﻨﻘﺾ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻼ ﺗﻌﺮف اﻟﻔﻜﺎك ﻣﻨﻪ ،ﻳﺄﺧﺬ ﺑﺘﻼﺑﻴﺒﻚ ّ وﻳﺸﻒ ﺛﻢ ّ أﺳﻄﻮري آﺳﺮ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻦ أُ ّس اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻻ ﻳﺤﻠّﻖ ﺑﻞ ﻳﻐﻮص ﻓﻲ ﺟ ّﻮ ّ ﻓﻲ ﻃﻴﻦ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،وﻣﻨﻪ ﺗﺘﺨﻠّﻖ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺗﺮى ﻣﺼﺮﻳﺔ ﻋﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﺑﺤﻈّﻬﺎ اﻟﺸﻨﻴﻊ ،ﻛﻤﻌﻈﻢ اﻟﻤﺼﺮﻳﺎت، وﻻ ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ إﻻ وﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻨﻴﻒ ،ﻻ ﻳﺮﺣﻢ ،ﻓﻼ وﺟﻮد اﻟﻤﺼﺮي، ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻴﻞ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ّ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ 15ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً أو ﻳﻜﺎد ﻣﻦ ﻋﻨﻮﺳﺘﻪ. ﻧــﺎدرة ،ﺗﻠﺒﺲ اﻟﻨﻘﺎب وﺗﺴﺤﺒﻬﺎ أﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺬﻫﺎب واﻟﺮواح ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ،ﻳﻤﻮت أﺑﻮﻫﺎ ﺑﻌﺪ إﻓﻼﺳﻪ ﻟﺘﺤﺎول اﻣﺘﻼك ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ أﻣﻬﺎ ،ﻓﺘﺘﺰوج رﺟﻼً ﻋﺠﻮزا ً ،ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ﻋﻨﻮ ًة ﺿ ّﺪ رﻏﺒﺔ اﻷم إﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻪ ،وﻳﻤﻮت ﺳﺮﻳﻌﺎً .وﻫﻜﺬا ﺗﺒﺪأ رﺣﻠﺘﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺤﺐ وﺿ ّﺪ اﻟﻮﺣﺪة وﻷﺟﻞ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ،ﻓﺘﺘﺰوج اﻟﻌﻤﺪة ،ﻟﺘﻘﺘﻠﻪ ّ زوﺟﺘﻪ اﻷوﻟﻰ اﻧﺘﻘﺎﻣﺎً ،ﺛﻢ ﺗﺘﺰوج »وﺟﻴﻪ« ،اﻟﻤﺜﻘﻒ اﻟﻤﻬﺬب اﻟﺮﻗﻴﻖ ﻟﻴﻤﻮت ﻣﻦ ﻣﺮض اﻟﻜﺒﺪ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﻮر. اﻟﻨﺺ روﻳﺪا ً ﻓﻲ )ﺷﻄﺢ اﻟﻐﺰاﻟﺔ( ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ »وﺟﻴﻪ« ،ﻳﺘﺮﻗﺮق ّ ﺣﺘﻰ ﻟﺘﺮاه ﺷﻔّﺎﻓﺎً ﻳﻀ ّﻢ ﺣﻨﺎن اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺪب وﻋﻄﺎء، اﻟﻘﺪري ،أو ﺳﻮا ًء ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻤﺜﻘﻒ اﻟﻌﺎﺷﻖ اﻟﻬﺎرب ﻣﻦ ﻣﺄزﻗﻪ ّ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ راﺣﺖ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺸﺎﺷﺔ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻋﺼﺎرة
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ @
ﺟﺴﻤﻬﺎ ،ﻓﻼ ﺗﺒﺨﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺤﻈﺔ وﻻ ﻳُﺨﻴﺐ ﻇﻨﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﺠﺄة ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ،ﺑﻄﻴﻮرﻫﺎ اﻟﻌﺎﺑﺮة ،وﻳُﺤﺘَﻀَ ﺮ ﺑﻴﻦ أﺣﻀﺎﻧﻬﺎ، ﻛﻄﺎﺋ ٍﺮ ﺳﻴﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻘ ّﺮﻩ .وﻣﻦ ﺑﻌﺪ ،ﺗ ُﺴﺘﺜﺎر ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺘﻤﺮدة، وﺗﺒﺎﻟﻎ ﺿ ّﺪ أﻫﻠﻪ ،ﺛﻢ ﺗﺮﺣﻞ ﻓﻲ ﻛﺒﺮﻳﺎء وﺣﺸﻴﺔ ،ﻻ ﻳﻬﻤﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن» :ﻓﺎﻟﺒﺠﻌﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ )ﻛﻤﺎ ﻗﺎل( ﻻ ﺗﻨﺤﻨﻲ ﻟﻠﻐﺮاب!« اﻟﺤﺐ ،وﺗﺜﻘﻞ ﺗﺤﺘﺎر ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻴﺮ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻔﺘﻘﺪ ّ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻮﺣﺪة ،ﻓﺘﺄﺗﻴﻬﺎ رﻏﺒﺔ ﻓﺎﺿﺤﺔ أن ﺗﺘﺰ ّوج ﻣﻤﻦ ﺗﺮﻓﻀﻪ ﺑﻨﺎت ﻓﻴﻬﺞ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺄﺗﻲ إﻧﺎث اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﻘﺰز ﻣﻨﻪّ ، ﺻﺎرﺧﺎً أﻧﻬﺎ ﺗﺮﻓﺾ أن ﺗﺄﺗﻴﻪ ،وﻳﺠﺮي ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع ﻟﺘﺪﻫﺴﻪ ﺳﻴﺎرة. وﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﺗﺠﺪ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﺑﻴﻦ أﺣﻀﺎن ٍ ﻏﺮﻳﺐ وﻟﺺ ﻗﺎﺗﻞ، ٍ ﻋﺒﺪ ّ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،ﺗﻤﻨﺤﻪ ﻣﻔﺎﺗﻨﻬﺎ ﻓﻴﻔﺮح ﺑﺤﺮﻳﺘﻪ: ّﻤﺖ اﻟﻘﺘﻞ. ـ ﻋﺸﺖ ﻋﻤﺮي وﺣﻴﺪا ً ﻣﻨﺒﻮذا ً ،ﻓﺘﻌﻠ ُ ـ أﻧﺎ أﻣﺘﻠﻚ إرادﺗﻲ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺎوي ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻘﺘﻞ ﻋﻨﺪك. ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺨﺸﻮﻧﺔ ،واﻟﻤﺮأة ﻛﺎن ﻧﻘﻴﺾ »وﺟﻴﻪ« ،ﻳﺤﺒﻬﺎ ّ ﺗﺤﺐ اﻟﺨﺸﻮﻧﺔ ،وﺗﺄﻧﺲ ﺑﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧﺎً ،ﻛﻤﺎ ﺗﺄﻧﺲ ﻟﻠﺤﻨﺎن ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ. ﻗﺪ ّ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻤﺮض ﺑﺎﻟﺴﺮﻃﺎن وﻳﻤﻮت ،وﻫﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي أﺣﺒﺘﻪ وأﺣﺒﻬﺎ. ﺗﺮى اﻟﻘﺮﻳﺔ أﻧﻬﺎ ﺷﺆم ،ﻓﻴﺴﻠّﻄﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺎﺳﻘﺎً ﻳﻮاﻋﺪﻫﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻴﻤﻮت .ﻫﻨﺎ ﻳﻨﻄﻠﻖ أﻫﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻟﺤﺮﻗﻪ ّ وﺣﺮﻗﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﺑﻴﺪﻫﺎ وﺗﻠﻘﻲ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺮ. ﻻ ﺗﻬﻤﻚ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺮاءة ،ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ أﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ وأﻗﻞ ﻣﻦ اﻷﺳﻄﻮرة ،إذ ﻳﺄﺧﺬ ﻟﺒﻚ ﺑﺎﻟﺴﺮد اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻤﺘﻤﻜّﻦ ّ اﻟﻘﺪﻳﺮ اﻟﺒﺴﻴﻂ اﻟﻬﺎدئ اﻟﻬﺎدر ﻣﻌﺎً ،ﻣﻊ أﻧﻪ ﻳﻤﻀﻲ ﺧﻴﻄﻴﺎً إﻟﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺘﺮاﺗﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﺎزاﺗﻪ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻨﺴﻰ أﻧﻪ ﻗﺪ دﺧﻞ ﻓﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻚ وﻟﻮ ﻟﺤﻈﻴﺎً ،ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻘﺮاءة ،ﺑﻞ ﻳﻤﻀﻲ ﻓﺘﺮة ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺮاءة ،ﻛﺮﺟﻊ اﻟﺼﺪى ﻓﻲ ﻫﺸﻴﻢ اﻟﻀﻴﺎء @ ﺷﺎﻋﺮ وﻣﺘﺮﺟﻢ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
77
ĘĝšŤē śŵĸ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﺘﺎﺑ ًﺔ ﻋﻠﻤﻴ ًﺔ رﺻﻴﻨﺔً ،ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻓﻴﻬﺎ وﺑﻬﺎ، اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﻴﺔ واﻟﻨﺰاﻫﺔ واﻟﺤﻴﺎد ،وﺷﻜّﻠﺖ أﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ ﻓﺮﻳ ًﺪا وﻧﻤﻄًﺎ ﻣﺎﺋ ًﺰا اﻟﻤﺤﻠﻲ وﻣﺘﻤﺎﺋ ًﺰا ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ واﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ،وﻋﻼﻣ ًﺔ ﻓﺎرﻗ ًﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ ّ واﻟﻌﺮﺑﻲ. واﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ّ ّ وﺧﺘﻢ اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ،أﻣﺎط ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻠﺜﺎم ـ اﺳﺘﻨﺎ ًدا إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗ ّﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﻬﺎ ـ ﻋﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺆرﺧﻨﺎ »ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ« ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ وﺿﻊ ﻧﺼﻮص ﻣﺪ ّوﻧﺘﻪ وأﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻟﺒﺤﺚ ،وﺧﻠﺺ إﻟﻰ ﺧﻼﺻﺎت واﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﻣﻬ ّﻤﺔ. وﺧﻠﺺ اﻟﻤﺆﻟﻒ إﻟﻰ أن اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ اﻋﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻠﻤﻲ واﺿﺢ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ، ﻣﻜّﻨﻪ ﻣﻦ إﻳﻀﺎح اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،وﻧﺴﻒ اﻷﺧﻄﺎء واﻟﺸﺒﻬﺎت اﻟﺘﻲ ر ّوج ﻟﻬﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﺗﻼﻣﺬﺗﻪ و َﻣﻦ ّﻟﻒ ﻟﻔّﻬﻢ ،رد ًﺣﺎ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ؛ ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ اﻟﺤﺎﻗﺪة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .ﻛﻤﺎ اﺗﻜﺄت ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺮﺻﻴﻦ ،واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻷﺻﻴﻞ ،واﻟﻨﻘﻞ اﻷﻣﻴﻦ ،ﻣﻀﻴﻔًﺎ رؤﻳﺘﻪ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ إﻟﻰ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻟﻠﻤﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وﻣﻦ دون ﻣﻮارﺑﺔ أو ﺗﺤﻴّﺰ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘّﺴﻢ ﺣﻘﻼ ﻣﻦ ﺣﻘﻮل اﻷدب ﺑﺎﻟﺸﻤﻮل واﻻﺳﺘﻘﺼﺎء؛ إذ ﻟﻢ ﻳﻐﻔﻞ ﻣﺆرﺧﻨﺎ ً واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ ،إﻻ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﺎﻫﻤ ًﺔ ﻛﺒﻴﺮ ًة ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎن. وﺑ ّﻴﻦ أ ّن ﻛﺘﺎﺑﺎت ﺳﻤﻮه اﺳﺘﻨﺪت إﻟﻰ ﻣﺮﺗﻜﺰات أﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﻫﻲ :اﻻﺳﺘﻘﺮاء، اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ،اﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ،اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﻛﺸﻒ اﻟﻤﺪﻟﻮﻻت واﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ،اﺳﺘﻌﺎدة ﺷﺮاﺋﺢ زﻣﻨﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ووﺿﻌﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻧﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ودراﺳﺔ وﻗﺎﺋﻌﻪ وﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ وﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻠ ّﻤﺲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻮ ّﺟﻪ ،ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﻣﺆرﺧﻨﺎ اﻷدﺑﻴﺔ واﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ
وﻇّﻒ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﺑﻮﺻﻔﻪ اﻟﻤﻌﻴﺎر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻔﻬﻢ اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻧﻄﻼﻗًًﺎﺎ ﻣﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ دار ﻓﻴﻪ ،وﻳﺘﺠﻠﻰ ذﻟﻚ ـ ﺑﻮﺿﻮح ـ ﻓﻲ ﻟﺸﻴﺦ اﻷﺑﻴﺾ ،وﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻪ: رواﻳﺘﻴﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺘﻴﻦ :اﻷﻣﻴﺮ اﻟﺜﺎﺋﺮ ،اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺠﺒﺎر ،اﻟﻨﻤﺮود ،اﻻﺳﻜﻨﺪر اﻷﻛﺒﺮ، اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ،ﻃﻮرﻏﻮت ،ﺷﻤﺸﻮن ر، ﻻﻛﻮ. اﻟﻘﻀﻴﺔ ،اﻟﻮاﻗﻊ ﺻﻮرة ﻃﺒﻖ اﻷﺻﻞ ،ﻋﻮدة ﻫﻮﻻﻛﻮ. ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ دﻻﻻت وأﻛﺪ أن اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻮاﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺳﻤﻲ ،ﺎ ﺣﺴﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻣﻦ وإﺑﺪاع ﻓﻲ ﺻﻮغ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﻀﺎري ،اﻟﻤﻨﺒﺜﻘﺔ ّ أن اﻟﻌﻤﻴﻖ وﻓﻬﻤﻪ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻔﻜﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،دﻟﻴﻞ ﻠﻰ ﻋﻠﻰ إدراﻛﻪ أ ّن اﻷ ّﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺸﺮاف اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺑﺎﻟﻌﻮدة ﺛﺎﺋﻘﻪ، إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ،وﻧﻔﺾ اﻟﻐﺒﺎر ﻋﻦ ﻣﺼﺎدره ووﺛﺎﺋﻘﻪ، واﻟﺤﻴﻒ ﻒ وﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﻞ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ؛ ﻟﺒﻴﺎن اﻟﻈﻠﻢ ﺑﺨﺎﺻﺔ واﻟﻌﺮب اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻣﻮرﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺎن ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ّ ﺑﻌﺎ ّﻣﺔ .وأﺷﺎر إﻟﻰ أن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﺳ ّﺪت وﺧﺼﺎﺻﺎ واﺿ ًﺤﺎ وﻧﻔﻮﻗًﺎ ﺑﻴّ ًﻨﺎ ،ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ، ﻓﺮاﻏًﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ً اﻧﻔﺮد ﺑﻬﺎ ﻣﺆرﺧﻨﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﺮه ،وأﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰﻫﺎ ،اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻷرﺷﻴﻔﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﺸﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌ ًﺔ ﻓﻲ إﻋﺎدة ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﺘﺎﺑ ًﺔ ﻋﻠﻤﻴ ًﺔ وﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔً، ﻛﻞ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺨﻄﺄ واﻷﺣﻜﺎم اﻟﺠﺎﺋﺮة ،اﻟﺘﻲ ﻧﺴﻔﺖ ّ وﺳﻢ ﺑﻬﺎ ﺗﻼﻣﺬة اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ور ّوﺟﻮا ﻟﻬﺎ ﺣﻴ ًﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ .ﻛﻤﺎ ﺗﺤﻴﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ،إﻟﻰ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻤﺆرﺧﻨﺎ ،اﻟﺬي ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺮ ّﻣﺘﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺗﻜ ّﻮن اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﺣﻖ ﺑﺬﻟﻚ وﺟﺪﻳﺮ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ،وﻫﻮ ٌ
ﺧﻠﺺ اﻟﻤﺆﻟﻒ إﻟﻰ أن اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ اﻋﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻣﻜﻨﻪ ﻣﻦ إﻳﻀﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻠﻤﻲ واﺿﺢ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢّ ، روج ﻟﻬﺎ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،وﻧﺴﻒ ا_ﺧﻄﺎء واﻟﺸﺒﻬﺎت اﻟﺘﻲ ّ ردﺣﺎ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ؛ وﻣﻦ ّ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﺗﻼﻣﺬﺗﻪ َ ﻟﻒ ﻟ ّﻔﻬﻢً ، ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ اﻟﺤﺎﻗﺪة ﻋﻠﻰ اVﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
76
ﻣﺆرخ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ
اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﺪ ًء ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻤﺎﻫﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﺛ ّﻢ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺪوﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،ﻣﺮو ًرا ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ واﻟﻤﻮارد اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻬﺎ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻷ ّول ﻣﻦ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ، ﺛ ّﻢ أﺑﺮز اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎت ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﻋﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ وﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ ،ﺷﺮذﻣﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺪﻓﻮﻋﻴﻦ ﺑﻨﺰﻋﺔ اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺣﺎﻗﺪة وﻧﻈﺮة اﺳﺘﻌﻼﺋﻴﺔ ﻧﺎﻗﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺒﺎد؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗ َ ْﻌ ُﺪ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺠ ّﺮد إﻃﻼﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ،ﻓﻲ أﻏﻠﺒﻬﺎ ،وﺗﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ واﻟﺘﺼﺤﻴﺢ واﻟﺘﻤﺤﻴﺺ، ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ اﻟﻨﻘﺪ ﺛ ّﻢ اﻟﻨﻘﺾ. وﺗﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻷ ّول اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ »ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ« ،وﻋﺎد ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﻼﻣﺢ ﺗﺒﻠﻮر اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﺆرﺧﻨﺎ وﺑﻮاﻛﻴﺮ إﻧﺘﺎﺟﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،ﺛ ّﻢ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت ﻣﺪ ّوﻧﺘﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻣﺎ ﺗﻀ ّﻤﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻗ ّﻴﻤﺔ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﻣـــﺎرات ،ﻣــﺮﻛّـ ًﺰا ﻋﻠﻰ ﻣﻀﻤﻮن وﻣﻘﺴ ًﻤﺎ إﻳﺎﻫﺎ ـ اﻧﻄﻼﻗًﺎ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، ّ ﻣﻦ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ـ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺤﺎور :اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻮﻃﻨﻲ، ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ. واﺳﺘﻌﺮض اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ اﻟﻤﺪ ّوﻧﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ،وﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎق اﻟﻤﺤﻠﻲ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻷوروﺑــﻲ :اﻟﺒﺪاﻳﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ،
وﻣﺴﻴﺮة اﻟﻤﺆﻟﻒ ،وﻣﻴﻼد دوﻟــﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،وﺳﻴﺮة ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ، واﻷوﺿــﺎع اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ إﻣــﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي، وﻣﻼﻣﺢ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ. وﻋـــ ّﺮج ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﺳﻤﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ وﺻﻔﻪ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ ﻣﺜﻞ :ﺣﺼﻦ اﻟﺸﺎرﻗﺔ، ﺑﻴﻮﺗﻬﺎ ،ﺷﺠﺮة اﻟﺮوﻟﺔ ،ﺳﻮق اﻟﻌﺮﺻﺔ. وﺗﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،ﻋﻦ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ،وﺑــﺪأ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ »ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ« ﻣﺆرﺧًﺎ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﻌﺮاض رؤﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،واﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي اﻋﺘﻤﺪه ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،وارﺗﻜﺎزه ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ، ﻏﻼف ﻣ ٔﻮرخ اﻟﻌﺼﺮ وﻃﺮاﺋﻖ ﻧﻘﻠﻪ ،واﻟﺘﺰاﻣﻪ اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﻟﺰﻣﻨﻲ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻲ ﻟــﻸﺣــﺪاث ،ﺛ ـ ّﻢ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺘﻲ اﺗﻜﺄ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﺿ ّﻤﺘﻪ ﻣﻦ أﻧﻮاع ،ﺗﻤﺜّﻞ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻨﻬﺎ، ﻳﻨﺎﻗﺶ اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﺒﺎﺣﺚ وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻷرﺷﻴﻔﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ّ ا_ﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣ ّﻨ ـﻲ ﺑﻮﻧﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻣﺆرخ واﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ واﻟﻬﻨﺪﻳﺔ واﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، اﻟﻌﺼﺮ« ،اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻋ ّﺮج ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺪ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻟﻠﻤﺼﺎدر اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ َﻣﺘَ َﺢ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎدﺗﻪ، ﻟﻠﺘﺮاث ،ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﻨﻘﺪ ،واﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻧﻘﺪ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺨﻄﺄ ،إﻟﻰ ﻧﻘﻀﻬﺎ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ أﻋﻤﺎﻟﻪ وﻧﻔﻴﻬﺎ ودﺣﻀﻬ ودﺣﻀﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ واﻟﺒﺮﻫﺎن. اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻻﺳﺘﻈﻬﺎر ﺑﻤﺎ ﺣﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﻛﻤﺎ ﺗﺘ ّﺒ ﺗﺘﺒﻊﻊ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏﻨﻴﺔ وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺳ وﺳﻤﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﺎرﻗﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﺆرﺧﻨﺎ، وﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ :اﻟﻤﻮﺳﻮﻋﻴﺔ ،اﻟﺘﻨ ّﻮع واﻟﺸﻤﻮل، اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎد ،اﻟﺪﻗﺔ واﻟﺘﻤﺤﻴﺺ، اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﻟﺰﻣﻨﻲ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻲ ،ﻣﺆﻛ ًﺪا أن اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ارﺗﻜﺰت اﻟﻤﺤﺮكك اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺤﺔ ﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘ ّﻮم اﻟﺬات ،ﺑﻮﺻﻔﻪ اﻟﻤﺤ ّﺮ واﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑّﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺗﺸﺮب ب ﻣﻨﻬﺎ ،وﻧﻬﻞ ﻣﻣﻦ ﻣﻌﻴﻨﻬﺎ اﻟﺰاﺧﺮ ،وأَﺛ ْ َﺮتْ رؤﻳﺘﻪ اﻟﻤﺆرخ وﺷﺎب ،وﺗﺸ ّﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،وأَﺛ ﱠ َﺮتْت ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺄﺛﻴ ًﺮا ﻋﻤﻴﻘًﺎ. وأﺷﻔﻊ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﻤﻼﺣﻖ ،اﺳﺘﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻷدﺑﻴﺔ واﻟﻤﺴ واﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻟﺴﻤﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ ،ﻣﻮﺿ ًﺤﺎ أن ااﻟﺪراﺳﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﻤﻨ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ،وذﻟﻚ اﻟﻤﻨﻬﺞ ّ ﺑﻬﺪ ﺑﻬﺪف ﺑﻴﺎن أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺴﺎﻫﻤﺎت ﺻﺎﺣ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
75
ĘĝšŤē śŵĸ
ﻣﺆرخ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ôŀķîīŎñã ľğîĴĿí
ﻳﻨﺎﻗﺶ اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﺒﺎﺣﺚ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣ ّﻨـﻲ ﺑﻮﻧﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻣﺆرخ اﻟﻌﺼﺮ« ،اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﻠﺘﺮاث ،2016ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻻﺳﺘﻈﻬﺎر ﺑﻤﺎ ﺣﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏﻨﻴﺔ وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ وﻣﻦ ُﺟ ْﻤﻠَﺘﻬﺎ :اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻟﻌﺪن ،ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟ ُﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟ ُﻌﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﺻﺮاع اﻟﻘﻮى واﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ ،ﺑﻴﺎن ﻟﻠﻤﺆرﺧﻴﻦ اﻷﻣﺎﺟﺪ ﻓﻲ ﺑﺮاءة اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺪ ،ﺑﻴﺎن اﻟﻜﻮﻳﺖ ،ﻣﺮاﺳﻼت ﺳﻼﻃﻴﻦ زﻧﺠﺒﺎر ،ﺟﻮن ﻣﺎﻟﻜﻮﻟﻢ واﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ 1800م ،ﻳﻮﻣﻴﺎت دﻳﻔﻴﺪ ﺳﻴﺘﻮن ،ﻣﺤﻄﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ اﻟﺠﻮﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ،اﻟﺤﻘﺪ اﻟﺪﻓﻴﻦ، اﻟﻘﻮاﺳﻢ واﻟﻌﺪوان اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ،ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺬاﻛﺮة؛ ﺑﺄﺟﺰاﺋﻪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﺳﺮد اﻟﺬات ،اﻟﺘﺬﻛﺮة ﺑﺎﻷرﺣﺎم ،ﻧﺸﺄة اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻜﺸﻔﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،ﺗﺤﺖ راﻳﺔ اﻻﺣﺘﻼل ،ﺳﻴﺮة ﻣﺪﻳﻨﺔ ،اﻗﺘﺼﺎد إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ.
واﺳﺘﻬﻞ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻷﻃﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺒﻨﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪراﺳﺔ ،وﺷﻜّﻠﺖ وروت ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻤﺆرخ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺳﻤﻮ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺗﻜﺎء ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪرس واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺑﻐﻴﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻣﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ وﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻣﺮﺗﻜﺰات ﻗﻮﻳﺔ وﺧﺼﺎﺋﺺ ﻓﺎرﻗﺔ ،ﺗﻨ ّﻢ ﻋﻦ ﻣﺆرخ ﻣﺨﻀﺮم؛ إذ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺠﻲ اﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ واﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، واﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﺤﺪث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ وﻗﺮاءة اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﻌﻴﻦ ﻓﺎﺣﺼﺔ وﻗﻠﻢ ﺟﺎد ﻳﻨﺸﺪ اﻟﺼﺪق واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ واﻟﺤﻴﺎد ،ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻟﻤﻮارﺑﺔ واﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ واﻻﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺘﻨﺪ ـ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ـ إﻟﻰ رﻛﻦ ﺷﺪﻳﺪ ،وﺧﻠﻔﻴﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﺮﻳﻘﺔ ،وﺑُﻌﺪ ﻗﻮﻣﻲ أﺻﻴﻞ ،أﺿﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻃﺎﺑ ًﻌﺎ ﻣﺘﻤﺎﻳ ًﺰا ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻔﻬﻢ ّ واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ. وﺗﺘﺄﻟﻒ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗُﻌ ّﺪ أول دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ وﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺴﻤﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ ،ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺔ وﻣﺪﺧﻞ وﺛﻼﺛﺔ ﻓﺼﻮل وﺧﺎﺗﻤﺔ. ﺗﻨﺎول اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﻘ ّﺪﻣﺔ اﻟﺤﺪود اﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ واﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺔ وﻣﺎ
74
ﻣﺆرخ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ
ﺗﻄﺮﺣﻪ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﺤﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺨﻠﻴﺠﻲ واﻟﻌﺮﺑﻲ، وﻣﺎ ﺗﺤﻴﻞ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻖ وﺷﻤﻮل ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗُﻌ ّﺪ ﺧﻼﺻﺔ ﺟﻬﺪ وﺑﺤﺚ وﺗﻘﺼﻲ ﺳﻨﻮات ﻃﻮال ﺳﺨّﺮﻫﺎ ﻣﺆرﺧﻨﺎ ﺳﻤﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺧﺪﻣ ًﺔ ﻟﻤﺸﺮوﻋﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،اﻟﻬﺎدف إﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم، وإﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ )دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ( ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ،وﺗﻨﻘﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﺋﺐ ،وﺗﻨﻘﻴﺤﻪ ﻣ ّﻤﺎ ﻋﻠﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ دﺳﺎﺋﺲ ،ﻣﻦ ﻟﺪن ﺗﻼﻣﺬة اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ وﻣﻦ ﺣﺬا ﺣﺬوﻫﻢ وﻟﻒ ﻟﻔّﻬﻢ وأﻓﺎض ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻓﺎﺿﻮا ﺳﻌﻴًﺎ ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ ﺗﺰﻳﻴﻒ ﺗﺎرﻳﺦ ّ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﺗﺤﺮﻳﻒ اﻟﻘﻮل ﻋﻦ ﻣﻮاﺿﻌﻪ؛ ﺧﺪﻣ ًﺔ ﻟﻤﺂرﺑﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﻏﺎﻳﺎﺗﻬﻢ اﻵﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﺧﻄﻄﻬﻢ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ اﻧﺒﺮى ﻣﺆرﺧﻨﺎ ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻴﻬﻢ ودﺣﺾ ﺣﺠﺠﻬﻢ اﻟﻮاﻫﻴﺔ ،ﻣﺘﺴﻠّ ًﺤﺎ ﺑﻌ ّﺪﺗﻪ اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻲ وأدواﺗﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ،ﻣﺴﺘﻈﻬ ًﺮا ـ ﺣﻴ ًﻨﺎ ـ ﺑﻤﺎ اﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ وﻋﺘﺎده ّ وﻋﺘﻪ ذاﻛﺮﺗﻪ وﺣﻮﺗﻪ ﺗﻘﺎﻳﻴﺪه ﻣﻦ أﺧﺒﺎر وﺣﻮادث ،ﻋﺎﺻﺮﻫﺎ أو ﻛﺎن ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻴﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻣﺘﻜﺌًﺎ ـ أﺣﻴﺎﻧًﺎ أﺧﺮى ـ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ. ﻗ ّﺪم اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﻣﺪﺧﻠﻪ ﺻﻮرة ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرات
ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ،ورﻓﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻟﻚ اﻟﺼﺤﺮاء«. أﺑﻠﻎ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﺑﻬﺪوء ﻣﻦ دون أن ﻳﺨﺒﺮ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻤﻮﻗﻔﻪ، ﻓﻬﻮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي أﺑﺮم ﺻﻔﻘﺘﻴﻦ ﻣﺘﻀﺎدﺗﻴﻦ ،أوﻻﻫﻤﺎ ﻣﻊ رﺳﻞ ﻫﺘﻠﺮ ﻋﺒﺮ ﻧﺠﻠﻪ إدرﻳﺲ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻤﻨﺪوب اﻟﺴﺎﻣﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻋﺒﺮ وﻟﺪه اﻟﺸﺎذﻟﻲ .ﺻﻤﺖ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻨﺘﻈﺮا ً أﻛﺒﺮ اﻟﻘﻮم ﺳﻨﺎً ﻟﻴﺒﺪا ً اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻓﺘﻜﻠﻢ ﻧﺎﺑﻐﺔ ﺟﻬﻴﻨﺔ ﻃﺎرﺣﺎً ﻣﺎ وﺻﻠﻪ «:ﻃﻠﺒﻮﻧﺎ ﻓﻲ أراﺿﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ،واﻟﺮﻛﺎﻳﺐ ﺷﺎﻟﺖ اﻟﺰﻛﺎﻳﺐ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻬﻢ ﻟﻄﺮﻓﻨﺎ ،ﻗﺎﻟﻮا ﻋﺎﻳﺰﻳﻦ ﻳﺎ ﻋﺮب ﻳﺎ ﻛﺮام ﻧﺼﻮن اﻟﻤﻠﺔ ،وﻛﺒﻴﺮﻧﺎ أﺳﻠﻢ ﻟﻠﻪ وﺟﻬﻪ ،وﻧﺎوي ﻋﻠﻰ ﺣﺶ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ،وﺗﺎرك ﺧﻠﻔﻲ ﻋﺮﺑﺎن ﻳﺘﻤﻨﻮا رﺿﺎ اﻟﻬﺘﻠﺮ«. ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻔﺔ اﻟﻤﻨﺎوﺷﺎت اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﺗﻤﻴﻞ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺟﻨﻮد ﻫﺘﻠﺮ، ﺑﺈﺑﻼﻏﻬﻢ ﺧﻄﻮط اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺴﺮﻳﺔ )اﻵﺑﺎر وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ( ،ﻋﺒﺮ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮات اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ ﺑﻘﻴﺎدة ﻣﻮﻧﺘﺠﻤﺮي ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻗﺮب اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺪود ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﻛﺎن روﻣﻴﻞ ﻳﻄﻤﻊ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻌﺮﺑﺎن أن ﺗﻜﻮن ﻗﻮاﺗﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﺛﻢ اﻟﺴﻮﻳﺲ ﻟﻴﺸﺮخ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ إﻟﻰ ﻧﺼﻔﻴﻦ. وﺳﻂ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي أﺧﺬ ﻳﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻷﻟﻤﺎن ،وﻗﻒ ﺟﺎﺑﺮ ﻓﺒﺪا ﻛﻬﺮم ﻣﻦ اﻟﻈﻞ واﻗﻔﺎً ﻓﻲ اﻟﻬﺠﻴﺮ ،وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ﻟﻮﻓﻮد اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ«:ﻻ ﺟﻮﻧﻲ وﻻ ﻃﻮﻧﻲ ،ﻳﺎ ﻣﺸﺎﻳﺦ اﻟﻠﻲ ﻳﻮﻋﺪ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺮﻓﻊ اﻟﺴﻼح، اﻟﻠﻲ ﻳﺸﻴﻞ اﻟﺒﺎرود ﻳﺮﻳﺪ أرﺿﻚ ﺗﺼﺒﺢ أرﺿﻪ ،ودارك ﺗﺼﺒﺢ داره.. اﻻﻧﺠﻠﻴﺰ ﻣﻨﺎﺟﻴﺲ ،واﻷﻟﻤﺎن وﻻد ﻋﻤﻬﻢ ،واﻟﻠﻲ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻻزم ﻳﻜﻮن ﻟﻴﻪ ﺿﺎﻣﻦ ،وﻣﻴﻦ ﺿﺎﻣﻦ ﻫﺘﻠﺮ؟ ..اﻟﻠﻲ ﻗﺎﻋﺪ ﻫﻨﺎك ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﻪ ﻳﺠﻲ وﻧﺘﻜﻠﻢ«. ﺻﻤﺖ اﻟﺠﻤﻴﻊ أﻣﺎم اﻟﺤﺠﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ ،وذﻫﺐ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪﻳﻦ ﻟﻴﺒﻠﻐﻮا اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻓﻲ ﺧﺒﺎﺋﻪ أن ﻳﺄﺗﻲ ﻟﻠﻤﺸﺎﻳﺦ ،واﻓﻖ اﻟﺮﺟﻞ وأﺗﻰ ﺑﻴﻄﺌﺎً ﻣﺮﺗﺒﻜﺎً ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻘﺎﻣﺔ ﻣﺸﺪود اﻟﺒﺪن ﺣﺎﻣﻼً ﺳﻼﺣﻪ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻲ ﺟﺮاﺑﻪ ،ﻣﺎﺷﻴﺎً ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﺤﺬاﺋﻪ اﻷﺳﻮد
اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻛﻤﺎ ﺳﻴﻘﺎن اﻟﻐﺮاب. ﺟﻠﺲ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﺻﺎﻣﺘﺎً ،ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻧﻜﺸﻔﺖ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ أﻛﺜﺮ ﻋﻦ ﻣﻔﺎوﺿﺎﺗﻪ ﻟﻴﻈﻬﺮ ﺑﻴﻦ وﻓﻮد إﺣﺪى اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ »ﺗﺮﺟﻤﺎن« ﻣﻠﺜﻢ ،ﺗﺒﺪو ﻣﻦ ﻟﻬﺠﺘﻪ أﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﺑﺪوي ،وﻗﻒ ﺟﺎﺑﺮ ﻟﻴﺨﺒﺮ اﻟﺨﻮاﺟﺔ«:ﻋﺎﻳﺰﻳﻦ ﺗﺮوﺣﻮا اﻟﻤﺤﺮوﺳﺔ ،روﺣﻮا ،ﻟﻜﻦ ﻋﺮﺑﻲ ﻳﻄﻠﻊ ﻣﻌﺎك ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ..ﻧﻘﻮﻟﻚ ﻣﻜﺎن ﻛﻞ ﺑﻴﺮ وﻃﺮﻳﻖ ﻛﻞ ﻣﺪق وﺛﻤﻦ ﻛﻞ رﻛﻮﺑﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﻴﻊ وﻻ ﺷﺮا ،ﻻ ﻧﺸﻴﻞ ﺑﺎرودﻛﻢ، وﻻ ﻧﺸﻴﻞ ﻋﻨﻜﻢ ﺑﺎرود اﻻﻧﺠﻠﻴﺰ ،اﻧﺘﻮ وﻻد ﻋﻢ ﻳﺎ ﺧﻮاﺟﺔ وإﺣﻨﺎ ﻋﺮﺑﺎن ،ﻧﻄﻤﻦ اﻟﺨﺎﻳﻒ وﻧﺪل اﻟﺘﺎﻳﻪ وﻧﺮوي اﻟﻌﻄﺸﺎن وﻧﻀﻤﻦ وﻋﻴﺎﻟﻨﺎﻋﻘﻞوﺑﺲ«. ﻧﺎﺳﻨﺎ ﺳﻌﻴﺪ ارﺗﺒﻚ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﺛﺎر اﻟﻠﻐﻂ ﻓﺄﻛﻤﻞ ﺟﺎﺑﺮ»:ﻗﻮﻟﻲ ﻳﺎ ﺷﻴﺦ رﺿﺎ ﻟﻤﺎ ﻳﺒﻌﺘﻮا ﻟﺮﺑﻌﻚ أﻟﻒ ﻃﻮﻧﻲ )ﺟﻨﺪي( ،ﻳﺪﺑﺢ ﻋﻴﺎﻟﻚ وﻳﺸﻴﻞ ﻏﻨﻤﻚ، وﻳﺴﻠﺐ أرﺿﻚ ..ﻫﺎﺗﺮوح ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻫﺘﻠﺮ؟ ..ﻗﻮﻟﻲ ﻳﺎ ﻗﻴﺴﻲ ،ﻫﺎﺗﻘﻮل إﻳﻪ ﻟﻤﺎ ﻳﺸﻴﻠﻮا »اﻟﻜﺎﻣﺐ« ﻣﻦ أرض أﺧﻮاﺗﻚ؟ ﻫﺎﺗﻮدي زوادة ﻟﻸﻟﻤﺎن؟ ..ﻗﻮﻟﻲ ﻳﺎﺷﻴﺦ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ ،ﺣﺎل ﻋﻴﺎﻟﻚ ﻫﺎﻳﻨﺼﻠﺢ ﻟﻤﺎ ﺗﺒﺪل »ﺑﺮﻧﻴﻄﺔ« اﻧﺠﻠﻴﺰي ﺑـ«ﺑﺮﻧﻴﻄﺔ« أﻟﻤﺎﻧﻲ؟ ﻫﺘﻠﺮ أﺣﻠﻰ وﻻ ﺟﻮﻧﻲ ﻳﺎ ﺷﻴﺦ أوﻻد ﻋﻠﻲ؟ ..إﻳﺪي ﻣﻌﺎﻛﻢ ﻟﻮ ﻓﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﺔ ،واﻟﻀﻤﺎﻧﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب اﻟﻜﻠﻤﺔ ،وﻋﻨﺪ اﻟﺨﻮاﺟﺎت ،ﻧﺎﺧﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺳﻴﻞ 5ﻓﻲ ﻛﻞ درب ،وﻣﻦ رﺟﺎل ﻫﺘﻠﺮ )ﻗﺎدﺗﻪ( 3ﻣﻌﺎﻫﻢ اﻟﺴﻼح ﺗﺸﻴﻠﻪ 10 ﺟﻤﺎل ..اﻟﻌﻤﺮ واﺣﺪ ﻳﺎ ﻣﺸﺎﻳﺦ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺒﺎرودة ﺗﺮدﻫﺎ اﻟﺒﺎرودة، واﻟﻜﻴﺪ ﻣﺎ ﻳﺮده إﻻ اﻟﺮﺟﺎل«. ﺳﻘﻂ ﻓﻲ أﻳﺪي اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﺑﺪا اﻻرﺗﺒﺎك ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺪوب ﻫﺘﻠﺮ ،وﺑﺪأ اﻟﺸﻚ ﻳﻀﺮب ﻗﻠﻮب اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻔﺮق اﻟﺠﻤﻊ ﻣﻦ دون اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻜﻠﻤﺔ ﺳﻮاء ،ﻟﻴﻐﺎدر »اﻟﺨﻮاﺟﺔ » ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﻪ ،ﺿﺎرﺑﺎً ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻟﻴﺒﻠﻎ ﻗﺎﺋﺪه أن اﻟﺨﻄﺔ اﻟﻤﻬﻮﻟﺔ ﻗﺘﻠﻬﺎ ﺟﺎﺑﺮ
ﺟﻬﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ
@ ﺷﺎﻋﺮ ورواﺋﻲ ﻣﺼﺮي
دار اﻟﻐﻄﺎ وﻃﺎ ﺗﻮاﺻﻴﻒ
وﻃﺎ :أي ﺗﺤﺖ. أي أن اﻟﻐﻄﺎء اﻟﺬي ﻳﻮﺿﻊ أﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء ،أﺻﺒﺢ ﻓﻲ اﻷﺳﻔﻞ ،أي اﻧﻌﻜﺲ وﺿﻌﻪ. ﻫﺬه ﻛﻨﺎﻳﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﻘﺎل ﻋﻨﺪ اﻧﻌﻜﺎس اﻷﻣﻮر وﻋﺪم ﺳ ْﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﻴﺢ. ﺣﻖ ﺣﻘّﻪ .ﻛﻤﺎ ﺗﻀﺮب ﻻﻧﻌﻜﺎس اﻷوﺿﺎع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻴﺼﺒﺢ اﻟﻌﺰﻳﺰ ذﻟﻴﻼً ﻧﻈﺮاً وﻫﻲ ﺗﻀﺮب ﻟﻠﻨﻘﺪ وﻋﺪم إﻋﻄﺎء ﻛﻞ ذي ّ ﻟﻠﻈﺮوف اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺮت ﺑﻪ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
73
ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺬي أوﻗﻒ روﻣﻴﻞ ﻛﺎن اﻟﺠﻮ ﺣﺎرا ً ﻛﺄن اﻟﻤﺮء ﻳﺘﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﻛﺒﺪه ،ﺳﺎل اﻟﻌﺮق ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻴﻦ اﻟﺬي أﻛﺴﺒﺘﻪ اﻟﺸﻤﺲ ﺣﻤﺮة ،وﻣﺎ إن وﺻﻠﺖ ﺣﻤﺎرة ﺗﺤﻤﻞ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ ،ﺷﻴﺦ ﻣﺸﺎﻳﺦ أوﻻد ﻋﻠﻲ اﻷﺻﻔﺮ إﻟﻰ اﻟﺠﻮار، ﺣﺘﻰ ﻣﺴﺢ اﻟﺨﻮاﺟﺔ ﻋﺮﻗﻪ اﻟﻤﺘﺼﺒﺐ ،وﻗﺎل ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ«:اﻵن أﻗﺎﺑﻞ ﺑﺮﺑﺮﻳﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺎء اﻟﺒﺎرد« ﺛﻢ ﺳﻘﻂ ﻣﻐﺸﻴﺎً ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻬﻮ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ ﺑﺎﻓﺎرﻳﺎ إﻟﻰ ﻗﻠﺐ اﻟﺼﺤﺮاء ﻳﺪﻋﻮ ﻟـ«اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺘﻠﺮ«. ﻟﺸﻬﻮر ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ »رﻛﺎﺋﺐ ﻫﺘﻠﺮ« ﻋﻦ ﺟﺲ ﻧﺒﺾ اﻟﺒﺪو واﻗﺘﻨﺎص اﻟﻔﺮص ،ﻳﻘﻮل ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﺷﻤﺴﺎن ،ﻛﺎﻫﻦ ﻋﺰﺑﺔ ﺷﻜﺸﻮك إن ﻣﻨﻄﻘﺘﻪ ﺧﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻴﺮ واﻟﺒﻐﺎل واﻷﺣﺼﻨﺔ وﻟﻢ ﻳﺘﺒﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮى ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺟﻤﻼ ،وﺳﺖ ﺑﻬﺎﺋﻢ ﺣﻼﺑﺔ .ﻳﻘﻮل اﻟﻜﺎﻫﻦ»:رﺳﻞ ﻫﺘﻠﺮ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺄﺧﺬون ﻛﻞ ﺑﻬﻴﻤﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺮك أﻏﻠﺒﻬﻢ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻫﺆﻻء ﻗﺪﻣﻮا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﺮج ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ إﻟﻰ ﺳﻴﻮة ،ﺣﺘﻰ ﻻﻣﺴﻮا ﻗﺮى اﻟﺒﺤﻴﺮة ﺛﻢ اﻟﻔﻴﻮم ﻣﻨﻄﻠﻘﻴﻦ ﺑﻨﺪاء واﺣﺪ«:اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺘﻠﺮ ﻳﻄﻠﺐ ﻋﻮﻧﻜﻢ«. ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺼﻴﻒ ،ﻛﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ رأس ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻗﺪ ﺗﻮج ﻣﻠﻜﺎً ﺑﻼ ﺧﺎﺗﻢ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ »داراﻟﺮﻣﺎد« وﻣﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺮى اﻟﺼﻮاﻓﻨﺔ وﺑﻴﺖ إدرﻳﺲ وﻋﺰﺑﺔ اﻟﺤﻮاﺗﻢ وﺟﺰﻳﺮة »ﺗﻼت« ﻓﻀﻼً ﻋﻦ دﺧﻠﻮﻫﻢ ﻛﻠﻬﻢ ﺗﺤﺖ ﻋﻤﺎﻣﺘﻪ ﻃﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﺨﻮف ،أو ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﻄﺎﻋﺔ. ﺳﺎﻓﺮ ﺟﺎﺑﺮ ﻧﺤﻮ 30ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا ً ﻓﻮق ﺑﻐﻠﺔ أﺑﻴﻪ اﻟﺸﺎﻣﻴﺔ ،ﺧﺮج ﻓﺠﺮا ً ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻼﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ ،وﺣﻮﻟﻪ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﺨﺘﺎرﻳﻦ ،أوﻟﻬﻢ ﻋﺎﺑﺪ اﻻﺑﻦ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﺸﻴﺦ اﻟﺰاوﻳﺔ اﻷﻣﻴﺮﻳﺔ ،وﺛﺎﻧﻴﻬﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﻠﻴﻢ أﺑﻮ ﺷﻤﺲ ،اﻟﻘﺎﺑﺾ ﺑﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ »آل ﺟﻠﻮل« ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ ﻋﻠﻲ أﻓﻨﺪي اﻟﻨﺎزح ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺗﻴﺐ إﻟﻰ ﺑﺮﻳﺪ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺴﻨﻴﺔ ،واﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺒﺪ اﻟﺘﻮاب ﺧﻀﻴﺮ ،اﻟﺨﺒﻴﺮ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎب واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ،واﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻤﻮاﻃﻦ ﻏﻴﻆ ذوي اﻟﺸﻮارب واﻟﻠﺤﻰ ،أﻣﺎ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻬﻮ ﺧﻔﺎﺟﻲ اﻟﺬي ﺗﺎه أﺑﺎه ﻋﻦ اﻟﺬﻛﺮ ﻟﺘﻌﺪد اﻟﻮاﺻﻠﻴﻦ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻬﻢ اﻟﻮﺳﻴﻊ ،وﻫﻮ ﻧﺼﻒ اﻟﻤﺠﻨﻮن اﻟﻤﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻤﺠﻬﻮل. ﺳﺎﻓﺮ اﻟﺮﻛﺐ ﺑﺪﻋﻮة ﻗﻠﻘﺔ ،ﻓﺸﻴﻮخ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺒِﺮﻛﺔ )ﺑﺤﻴﺮة ﻗﺎرون( ،أدرﻛﻮا أن اﻷﻣﺮ ﺧﻄﻴﺮ ،وأن رﺳﻞ »اﻟﺸﻴﺦ ﻫﺘﻠﺮ« ﺗﺤﻤﻞ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ وﺗﻔﺘﺢ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺮة أﺧﺮى أﻣﺎم
72
ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺬي أوﻗﻒ روﻣﻴﻞ
أﺣﻤﺪ ﻣﺤﺠﻮب @
اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﻦ اﻟﻔﻴﻮم إﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ. ﺣﺎول ﺷﻴﻮخ اﻟﺒﺮﻛﺔ اﻟﻤﻤﺎﻃﻠﺔ ،ﻟﻜﻦ أﺧﺒﺎرا ً ﺑﻮﺻﻮل »رﻛﺎﺋﺐ اﻷﻟﻤﺎن« إﻟﻰ ﻋﺮب اﻟﺮﻣﺎﺣﺔ وﺷﻴﻮخ آل اﻟﺒﺎﺳﻞ واﻟﻬﻮارة واﻟﻤﺠﺎﻳﺪة ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﺳﻮﻳﻒ واﻟﻤﻨﻴﺎ وﻗﻨﺎ واﻟﺒﺤﻴﺮة ،ﻗﺪ أرﺑﻚ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﻓﻠﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ،ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر وﻻء ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ. دﻋﺎ اﻟﺸﻴﻮخ ﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻤﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ دراﻳﺔ ﺑـ«ﺷﻐﻞ اﻟﺒﻨﺎدر«، ﻓﻜﺎن ﺟﺎﺑﺮ ﻫﻮ رأس اﻟﺤﺮﺑﺔ ،ﻓﻬﻮ اﻟﺬي ﺧﺒﺮ اﻟﺒﻼد ﻃﻮﻻً وﻋﺮﺿﺎً، واﺟﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﻴﻖ ﺷﻴﺦ وﻣﻌﻪ ﻣﻌﺎوﻧﻮه ،ﻣﻦ اﻷﺷﺮاف اﻟﺤﺴﻴﻨﻴﻴﻦ ﺟﺎﺑﺮ ،واﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ وﻣﻌﻪ ﻧﺠﻠﻴﻪ ادرﻳﺲ واﻟﺸﺎذﻟﻲ ﻋﻦ أوﻻد ﻋﻠﻲ اﻷﺻﻔﺮ ،أﻣﺎ اﻟﺮﻣﺎﺣﺔ ﻓﺄرﺳﻮا ﻧﺎﺑﻐﺘﻬﻢ ،أﺑﻮ اﻟﺮوس ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﻴﺴﻲ ،ﻓﻴﻤﺎ أوﻓﺪت ﺟﻬﻴﻨﺔ رﻛﺒﺎً ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ رﺟﻼً ﻳﺘﻘﺪﻣﻬﻢ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺠﺮداوي ،اﻟﻌﺠﻮز اﻟﺬي ﻳﺮى ﺑﻨﻮر ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻌﺪﻣﺎ اﻧﻄﻔﺄت ﻋﻴﻮﻧﻪ .ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﺒﺤﻴﺮة ﺟﻠﺲ اﻟﺠﻤﻊ وﻋﻠﻰ رؤﺳﻬﻢ اﻟﻄﻴﺮ، ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺧﺒﺎر ﺗﺘﻨﺎﻗﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻮﻓﻮد ﻋﻦ ﺣﺮﻛﺔ »ﻣﺮاﺳﻴﻞ اﻟﺸﻴﺦ ﻫﺘﻠﺮ« ،ﻓﻴﻤﺎ اﻟﺘﻮﺗﺮ ﻳﺰداد ،ﺣﺘﻰ ﻧﺎﺧﺖ ﻧﺎﻗﺔ ﻣﻄﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﻨﺎء وﻓﻮﻗﻬﺎ ﻫﻮدج ﻣﺸﺪود ﺑﺴﻴﻮر ﻏﺮﻳﺒﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﻔﺖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻴﺮوا »اﻟﺤﺮﻣﺔ« اﻟﺘﻲ أرﺳﻠﺘﻬﺎ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﺎ ﻟﺘﻘﺘﺤﻢ ﺟﻤﻊ اﻟﺸﻮارب واﻟﻠﺤﻰ ..ﻟﻜﻦ ﺧﺒﺎء اﻟﻬﻮدج ﻟﻢ ﻳﻔﺼﺢ ﻋﻦ وﺟﻪ ،ﻇﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺤﻤﻠﻘﻴﻦ ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺣﺠﺮ ،ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻟﻬﻮدج ﺑﺘﺮﻗﺐ ،وﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻔﺼﺪ ﺟﺒﺎﻫﻬﻢ ﻋﻦ ﺣﺒﺎت ﻋﺮق ﻏﻠﻴﻈﺔ ،ﻇﻞ اﻟﻬﻮدج ﺻﺎﻣﺘﺎً ﻛﻘﺒﺮ. ﺗﺠﻤﺪ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ،ﺣﺘﻰ اﻧﻔﻠﺖ أدرﻳﺲ ﻧﺠﻞ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ، ﻟﻴﻄﻮف ﺣﻮل اﻟﺠﻤﻞ ،ﻣﺤﺎوﻻً اﺳﺘﻜﺸﺎف ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺳﺎﻛﻦ اﻟﻬﻮدج، وﺣﻴﻦ ﻓﺸﻞ أﻟﻘﻰ اﻟﺴﻼم ﺑﺼﻮت ﺟﻬﻮري»:ﺳﻼم اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب«، ﻓﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻬﻮدج ﺣﺬاء أﺳﻮد ﻃﻮﻳﻞ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺳﺎق ﺗﺮﺗﺪي اﻟﻜﺎﻛﻲ ،ﻓﺄدرك اﻟﻌﺮﺑﺎن أن ﺑﻴﻨﻬﻢ »ﻣﺮﺳﺎل ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻫﺘﻠﺮ«. اﻓﺘﺘﺢ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺘﻮﻓﻴﻘﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻮﺿﺤﺎً ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﻟﻤﺎن«:ﻫﻢ أﻧﺎس ﺑﻴﺾ اﻟﻮﺟﻮه ﻏﻼظ اﻟﺠﺜﺚ ،ﻻ ﻧﻌﺮف ﻣﻦ ﻟﻐﻮﺗﻬﻢ ﺷﻲء، وﻛﺒﻴﺮﻫﻢ ﻳﺪﻋﻰ ﻫﺘﻠﺮ ﻳﻘﻮل إن رﺳﺎﻟﺘﻪ اﻟﺨﻴﺮ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻻ ﻳﺮﻳﺪ إﻻ رأس ﻛﻞ ﺟﻮﻧﻲ )ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ( ،وﻻ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺑﺎن إﻻ ﺷﺮﺑﺔ ﻣﺎء
اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ أن اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻓﻦ إﺑﺪاﻋﻲ ،وﻟﻴﺲ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﻣﺠﺮد إﺟﺎدة اﻟﻠﻐﺘﻴﻦ اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻋﻨﻬﺎ واﻟﻤﻨﻘﻮل إﻟﻴﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻠﻤﺎً ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻤﻨﻘﻮل وﻣﺮاﻋﺎة اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ أﻳﻀﺎً ﻟﻤﺘﻠﻘﻲ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻦ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻔﻌﻴﻞ اﻟﺤﻮار اﻟﺤﻀﺎري واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﻮب
اVﻣﺎرت ،ﻣﺤﺒﺔ وﻋﺘﺐ! أﻧﺎ أﺣﺐ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،و ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ أﻧﺎ أﺣﺐ اﻹﻣﺎرات ،وﻗﺪ زرﺗﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا ً ،ﻓﺎﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ ﻣﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ إﺣﺪاث ﻧﻬﻀﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ،واﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻜﺒﺮى رﻏﻢ أﻧﻬﻢ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن اﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﺒﺘﺮول ﺿﺨﻤﺎً ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺿﺎءة ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﺣﺘﺮام ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ وآدﻣﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻤﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻫﺘﻤﺎم ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺣﺠﺮ اﻟﺰاوﻳﺔ ﻓﻲ أي ﻧﻬﻀﺔ ،وﻗﺪ زرت دﺑﻲ وأﺑﻮ ﻇﺒﻲ ،ﻟﻜﻦ أﻋﺸﻖ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺠﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﺴﺎﺣﺮ وﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﻟﺨﻼﺑﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻀﻢ ﻗﻨﻮات ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺗﻢ ﺗﺪﺷﻴﻨﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﻣﺬﻫﻠﺔ ،وأﺗﻤﻨﻰ اﻧﺘﻘﺎل ﻫﺬه اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ إﻟﻰ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ .وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺷﺎﻫﺪ ﻣﻼﻣﺢ ﻫﺬه اﻟﻨﻬﻀﺔ أدﻋﻮ ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺣﻜﻴﻤﺎً وﺳﺎﺑﻘﺎً ﻟﻌﺼﺮه ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. وﻟﻜﻦ ﻟﺪي ﻋﺘﺎﺑﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »ﻗﺼﺺ إﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة« إﻟﻰ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻟﻨﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ أﻣﺜﺎل :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺮ ،وﺻﺎﻟﺤﺔ ﻏﺎﺑﺶ ،وﻋﻠﻲ أﺑﻮ اﻟﺮﻳﺶ ،وﻏﻴﺮﻫﻢ، وﻫﺬا ﻛﺘﺎﺑﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ واﻷول ﻋﻦ اﻹﻣــﺎرات ،وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ اﻟﺴﻔﺎرة اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﺑﺈﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻪ أو اﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻪ .أﺳﻮة ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮﺟﻤﺎت اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،أرﺟﻮ اﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ اﻟﺘﺮﺟﻤﺎت اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ أﻳﻀﺎً.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
71
ĿĔĬ ijēŵĨ
ﺗ ُﻌﻨﻰ ﺑﻬﻢ ﻗﺮاءاﺗﻲ ﻓﻬﻢ ﻧُﺴﺎك اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻲ أذﻫﺎﻧﻬﻢ ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ .إﻧﻬﻢ اﻻﻣﺘﺰاج اﻟﺪﻗﻴﻖ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻔﺔ واﻟﺘﺰام اﻟﺤﺮﻳﺔ ،ﻫﺪﻓﺎً وﻣﺴﻌﻰ ﻟﻠﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎً ،ﻣﻦ دون اﺳﺘﺜﻨﺎء؛ وﻋﻠﻴﻪ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺑﻴﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺼﻬﻢ إدوارد ﺳﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺻﻮر اﻟﻤﺜﻘﻒ( ،أو ﺑﻴﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﻢ »ﺟﻮﻟﻴﺎن ﺑﻨﺪا« ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )ﺧﻴﺎﻧﺔ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ( .ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﻫﺬا وذاك ،ﻳﺸﻜﻠﻮن اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﺧﺼﻬﺎ »ﻣﺎﺛﻴﻮ أرﻧﻮﻟﺪ« ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬاﺋﻊ اﻟﺼﻴﺖ )اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻮﺿﻰ( ﻋﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺆول ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺣﺞ ﻣﺘﺼﻞ ﻧﺤﻮ اﻻﻛﺘﻤﺎل ،وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ ﺑﺄﺣﺴﻦ اﻟﻤﺘﻮارث واﻟﻤﻨﻘﻮل. وﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻜﻮاﻛﺒﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وﻗﺎﺳﻢ أﻣﻴﻦ وﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺒﺪ اﻟ ـﺮازق وﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ وأﺣﻤﺪ أﻣﻴﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ .ﻫﺆﻻء ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﻣﺮﺷﺪﻳﻦ وﻣﺮﺑﻴﻦ وﻓﻘﻬﺎء ووﻋﺎظ ،إﻧﻬﻢ أﻗﺮب ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن إﻟﻰ زﻫﺎد ﻓﻲ ﻣﻌﺒﺪ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﻻ ﺗﺸﻜﻞ ﻟﻬﻢ إﻏﺮاءات اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺧﺮى ﺟﺬﺑﺎً ﻣﺎ؛ وﻟﻬﺬا ﻳﻜﻮن ﺣﻀﻮرﻫﻢ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻤﻘﻴﺎس اﻟﺬي ﺗﺤﺪد ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ،ﺻﻔﺎت اﻟﻔﺌﺎت واﻟﻄﺒﻘﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺣﺪودﻫﺎ وواﺟﺒﺎﺗﻬﺎ. ﻫﻞ راودك ﺷﻌﻮر ﻳﻮﻣﺎً ﻣﺎ ﺑﺄﻧﻚ ﺗﺨﺘﻠﻔﻴﻦ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ؟ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﻧﻘﺎرن أﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﺂﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﻜﻞ ﻣﻨﺎ ﻟﻪ ﺳﻤﺎﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻛﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻴﺎدي إﻟﻰ ﺣﺪ أﻧﻨﻲ ﻻ أﻣﺘﻠﻚ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻲ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا
ﺧﺮﻳﻄﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺼﻘﻠﻴﺔ
اﻟﻘﺒﺎب اﻟﺤﻤﺮاء ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎرة اﻻٕﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻘﻠﻴﺔ
70
ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺟﺰﺋﻴﺎً ﻣﻴﻠﻲ إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻨﻄﻮي ﺣﺴﺐ رؤﻳﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﻛﺎة ﻓﻌﻞ ﻣﺎ :أن ﺗﺼﻒ ﻣﺜﻼً ﻣﺸﻬﺪا ً ﻳﺜﻴﺮك ﻋﺎﻃﻔﻴﺎً وﺗﺤﺎول ﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ ﺧﺰﻳﻦ ﻗﺎرىء ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻟﻐﺔ ﺗﺜﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻔﻴﺾ اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي أﺛﺎرﺗﻪ ﻓﻴﻚ. وﺟﺪت دوﻣﺎً أﻧﻨﻲ أﺣﺐ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻲ وأﺣﺒﺒﺖ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻲ ﻧﻘﻞ ﺗﺠﺎرﺑﻲ اﻟﻤﺪﻫﺸﺔ إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ .وﻣﺎ زﻟﺖ أرى ﻧﻔﺴﻲ وﺳﻴﻄﺎً ﻣﺤﺎﻳﺪا ً أو ﺷﻔﺎﻓﺎً ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ .ﻟﺴﺖ أﻋﻠﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻣﺎ إذا ﻛﻨﺖ أرى ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ورﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻷي ﻣﻨﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻟﻴﻘﺎرﻧﻬﺎ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﺨﺘﺮﻋﻮن ﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣﻔﺘﺮﺿﺔ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي ﻳﺠﺪون ﻓﻴﻪ أﻧﻔﺴﻬﻢ. ﻛﻴﻒ ﺗﻘﻴﻤﻴﻦ ﺣﻀﻮر اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ؟ ﻟﻘﺪ ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻣﺨﺘﺎرات ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ اﻟﻌﺮب إﻟﻰ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻣﺜﻞ :ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ اﻟﺬي ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻟﻪ »ﻣﻴﺮاﻣﺎر« ،وإدوار اﻟﺨﺮاط ،وﺻﻨﻊ اﻟﻠﻪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ،وﺳﻠﻮى ﺑﻜﺮ ،وﺣﻨﺎ ﻣﻴﻨﺔ ،وﺳﻠﻴﻤﺎن ﻓﻴﺎض وﻟﻄﻴﻔﺔ اﻟﺰﻳﺎت ،وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻣﻨﻴﻒ ،وﻏﻴﺮﻫﻢ. وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻘﺐ ﻓﻮز ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،1988وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺪأ ﻳﺘﺮاﺟﻊ ﻋﻘﺐ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ إﻟﻰ اﻹﺳﻼم، وﻣﻌﻈﻢ اﻟﺘﺮﺟﻤﺎت ﻣﺘﺪاوﻟﺔ ﺑﺄﻗﺴﺎم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ. ﻣﺎ ﻣﺪى اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ؟ ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻮع ﺻﻌﺐ ،ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك إﻗﺒﺎل ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ، ﻟﻜﻦ اﻟﻴﻮم اﻗﺘﺼﺮ ﺗﻌﻠﻢ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪن اﻟﺠﻨﻮب اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ،ﻓﻼ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺑﺄﻗﺴﺎم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻜﺲ اﻷﻗﺴﺎم اﻷﺧﺮى ﻛﺎﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ واﻟﺼﻴﻨﻴﺔ واﻟﻜﻮرﻳﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﻘﻮن ﺑﺴﺨﺎء ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻐﺎﺗﻬﻢ ،أﻣﺎ اﻟﻌﺮب ﻓﻐﺎﺋﺒﻮن ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ،وﻧﺤﻦ ﻧﻮاﺻﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﺸﻖ اﻷﻧﻔﺲ. ﻧﺴﺐ إﻟﻰ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﻴﻦ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة» :أﻳﻬﺎ اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ..أﻳﻬﺎ اﻟﺨﺎﺋﻦ« ..ﻓﻬﻞ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺧﻴﺎﻧﺔ؟ ﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺧﻴﺎﻧﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺧﻴﺎﻧﺔ ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ وﻣﺸﺮوﻋﺔ إن ﺻﺢ
إﻳﺰاﺑﻴﻼ ﻛﺎﻣﻴﺮا داﻓﻠﻴﺘﻮ:أﺣﺐ ا3ﻣﺎرات; ،ﻧﻬﺎ ﺑﻠﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ
ﻛﻴﻒ ﺗﺮﺻﺪﻳﻦ ﺑﺰوغ ﺗﻄﻮرات اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮب وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ؟ ﺗﻌﺪ ﺟﺰﻳﺮة ﺻﻘﻠﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ،وﻛﺎﻧﺖ ﺻﻘﻠﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻤﻮﻗﻌﻬﺎ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮون ،وﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪه اﻟﻤﺘﺤﺎرﺑﻮن ،وﻻ ﻧﻨﺴﻰ أن اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻛﺎن ﻋﺒﺮ ﻛﻞ ﻋﺼﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﺴﺮﺣﺎً ﻟﺤﻮار اﻟﺤﻀﺎرات وﻣﻌﺒﺮا ً ﻟﻠﻄﺮق اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ .ﻓﻬﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻣﻨﺢ ﺻﻘﻠﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، أي ﺗﺎرﻳﺦ ﺟﺰﻳﺮة ﻳﺘﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻐﺎﻟﺒﻮن أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻴﺎدة ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،ﻓﻬﻲ ﻣﺤﻂ أﻃﻤﺎع اﻟﻤﺤﺎرﺑﻴﻦ واﻟﻤﺴﺎﻟﻤﻴﻦ ،اﻟﺤﻤﻼت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﻬﺠﺮات اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ .إﻧﻬﺎ ﺟﺰﻳﺮة ﺗﻜﺎد ﺗﻼﻣﺲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب وﺗﺼﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﻠﺐ أوروﺑﺎ ﻓﺄﻃﺮاﻓﻬﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻼﻣﺲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ .وﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺼﻘﻠﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ﻧﻈﺮا ً ﻟﺘﻌﺎﻗﺐ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﺜﻼث ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻗﺼﺪ اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ أي اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺛﻢ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. وﻟﻘﺪ وﺟﺪ اﻟﻌﺮب ﺿﺎﻟﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻘﻠﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ وﺛﻘﻮا ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ وﺗﺮﺟﻤﻮا ﻋﻨﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ وﺟﺰﻳﺮة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻻﺑﺪ وأن ﺗﺮوق ﻟﻠﻌﺮب اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ .أﻣﺎ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ دﺧﻠﺖ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻓﺎﺗﺤﺔ أو ﻣﻬﺎﺟﺮة أو ﻣﻨﻔﻴﺔ ،ﻓﻜﺎن ﺧﻠﻴﻄﺎً ﺿﺨﻤﺎً ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻴﺎت ﻋﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﺐ إﻟﻰ أﺻﻮل ﺷﺎﻣﻴﺔ وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻣﺼﺮﻳﺔ وﺗﻮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ .وﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻴﺮﻣﻮ ﺗﻌﺞ ﺑﻬﺬا اﻟﺨﻠﻴﻂ اﻟﻤﺘﻤﻮج اﻟﻤﺘﺤﺮك ﻣﻨﺬ أول ﻋﻬﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﻔﺘﺢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ .وﻛﺎن وﻳﻠﻴﺎم اﻷول ﻳﺘﻜﻠﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻳﺤﻴﻂ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺤﺮس ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،وﻣﻀﻰ وﻳﻠﻴﺎم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮال أﺑﻴﻪ ،ﻓﻜﺎن رﺋﻴﺲ ﻣﻄﺒﺨﻪ رﺟﻼً ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ أﻫﻞ دوﻟﺘﻪ ﻣﺴﻠﻤﻮن ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﺣﺪى اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ أﻗﺮﺗﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ﺳﺠﻼﺗﻬﺎ، واﻷﺧﺮﻳﺎن ﻫﻤﺎ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ واﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ .اﻟﻤﻬﻢ أن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌﺎﻳﺸﺖ ﻣﻊ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ واﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻘﻠﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻳﻨﻢ ﻋﻦ ﺗﺒﺎدل ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺛﺮي ﻗﺪ ﺗﻢ إﻧﺠﺎزه ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺠﺰﻳﺮة. ﻟﺪﻳﻚ اﻫﺘﻤﺎم ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻛﻴﻒ ﺗﻘﻴﻤﻴﻦ ﺟﻬﻮد اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة؟ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﺗﺨﺘﻠﻂ ﻣﻮاﺻﻔﺎت اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﺑﻐﻴﺮﻫﻢ ،ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺜﻘﻔﻮن اﻟﻌﺮب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
69
ĿĔĬ ijēŵĨ
اﻛﺘﺸﻔﺖ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻘﺮرت ﺗﺼﺤﻴﺤﻬﺎ
إﻳﺰاﺑﻴﻼ ﻛﺎﻣﻴﺮا داﻓﻠﻴﺘﻮ: أﺣﺐ اVﻣﺎرات_ ،ﻧﻬﺎ ﺑﻠﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ŒŃŎŔñ ĊĿîć îŋčōîă
ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻤﺴﺘﻌﺮﺑﺔ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ إﻳﺰاﺑﻴﻼ ﻛﺎﻣﻴﺮا داﻓﻠﻴﺘﻮ إن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺘﺮاﺟﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ،إذ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺑﺄﻗﺴﺎم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻜﺲ اﻷﻗﺴﺎم اﻷﺧﺮى ،ﻓﺎﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﻮن واﻟﺼﻴﻨﻴﻮن واﻟﻜﻮرﻳﻮن – ً ﻣﺜﻼ -ﻳﻨﻔﻘﻮن ﺑﺴﺨﺎء ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻐﺎﺗﻬﻢ، أﻣﺎ اﻟﻌﺮب ﻓﻐﺎﺋﺒﻮن ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ،وﻧﺤﻦ ﻧﻮاﺻﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﺸﻖ اﻷﻧﻔﺲ. وأﺿﺎﻓﺖ داﻓﻠﻴﺘﻮ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ أﺳﺘﺎذة ﻟﻸدب اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ روﻣﺎ» :اﻛﺘﺸﻔﺖ وﺟﻮد ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت وﻣﺴﻠﻤﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻛﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺠﻤﻞ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﻮاﺻﻼت ،وﺗﻬﻤﻴﺶ اﻟﻤﺮأة وﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ واﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻋﻘﻞ ودﻳﻦ وأﻫﻠﻴﺔ ، . . .ﻓﻘﺮرت ﺗﺼﺤﻴﺢ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﻤﻐﻠﻮﻃﺔ«. 68
إﻳﺰاﺑﻴﻼ ﻛﺎﻣﻴﺮا داﻓﻠﻴﺘﻮ:أﺣﺐ ا3ﻣﺎرات; ،ﻧﻬﺎ ﺑﻠﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ
ﻛﻴﻒ وﻣﺘﻰ ﺑﺪأت ﻋﻼﻗﺘﻚ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ؟ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ اﻛﺘﺸﻔﺖ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻗﺮب إﻟﻰ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎً ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪان اﻷﺧﺮى اﻟﻤﺠﺎورة ،وﻫﻨﺎك ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺸﺘﺮك ﺑﻴﻨﻨﺎ دﺷﻨﻪ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،وﻣﻌﻈﻢ زﻣﻼﺋﻲ وزﻣﻴﻼﺗﻲ ﻣﻬﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل ،وأﻧﺎ وﻟﺪت ﻓﻲ ﺟﻨﻮب إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ،ﻓﻘﺮرت اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﺿﺪ اﻟﺘﻴﺎر ودراﺳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻗﺮرت ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﻘﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ روﻣﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻻ زﻟﺖ أﻋﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﻛﺄﺳﺘﺎذ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ .وأﺗﺬﻛﺮ أﺳﺘﺎذي اﻟﻤﺴﺘﺸﺮق اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺒﺮوﻓﻴﺴﻮر ﺟﺎﺑﺮﻳﻠﻠﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺪرس ﻟﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ روﻣﺎ اﻟﺬي ﻗﺎل ﻟﻲ ﻋﻠﻴﻚ أوﻻً أن ﺗﻤﻀﻲ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎً ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﻘﺮأﻳﻦ ﺑﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺑﻜﻴﺖ ﻛﺜﻴﺮا ً وﻟﻜﻨﻲ أﺻﺮرت ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻤﺸﻮار. وﻗﺪ اﻛﺘﺸﻔﺖ وﺟﻮد ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت وﻣﺴﻠﻤﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻋﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺠﻤﻞ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﻮاﺻﻼت ،وﺗﻬﻤﻴﺶ اﻟﻤﺮأة وﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ واﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻋﻘﻞ ودﻳﻦ وأﻫﻠﻴﺔ ،ﻓﻘﺮرت ﺗﺼﺤﻴﺢ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﻤﻐﻠﻮﻃﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﺟﻬﻮدي ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر ﻛﺄﺳﺘﺎذة وﻣﺘﺮﺟﻤﺔ.
وروﻋﺔ اﻟﺨﻴﺎل ،وﺣﺴﻦ اﻟﻌﺮض واﻷداء«) » ،(16وﺗﺤﻘﻖ اﻷﻧﻮاع اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻓﻲ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﺘﻬﺬﻳﺒﻲ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ،ﻓﻘﺼﺺ اﻟﺤﻴﻮان ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻗﺼﻴﺮة ﺗﻬﺪف إﻟﻰ أن ﺗﻨﻘﻞ ﻣﻌﻨﻰ أﺧﻼﻗﻴﺎ أو ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺎ ،أو ﺣﻜﻤﺔ، أو ﺗﻨﻘﻞ ﻣﻐﺰى أدﺑﻴﺎ ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻴﻮاﻧﺎت أو ﺟﻤﺎدات أو ﻧﺒﺎﺗﺎت ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﺻﻔﺎت اﻹﻧﺴﺎن وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻤﻠﻪ ،وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ إن اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻀﻞ اﻟﺮﻳﺎدة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﺄﺻﻴﻞ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺤﻴﻮان ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ واﻟﺠﻤﻊ )(17 ﻣﺮاﺟﻊ اﻟﺒﺤﺚ - 1ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ -دور اﻷﺳﻄﻮرة واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟﻄﻘﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﺛﺮاﺋﻬﺎ )رؤﻳﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة( -ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ -اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﻄﻔﻮﻟﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ -اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ- اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻰ -رﺑﻴﻊ .2002 - 2أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ -دور اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﺌﺔ اﻟﻄﻔﻞ -اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻔﻨﻮن ﻃﻔﻞ اﻟﺼﻌﻴﺪ -اﻟﻨﺪوة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻨﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺖ 9/8إﻟﻰ اﻟﺨﻤﻴﺲ .2001 /9/13 - 3ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص131 - 4ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص388 - 5ﻓﻮزي اﻟﻌﻨﺘﻴﻞ -ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ – ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ -ﻫﻴﺌﺔ ﻗﺼﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ – 1999 -ص2 - 6ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ -ص7 - 7أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ -دور اﻷﺳﻄﻮرة واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﯨﺎﻟﻌﺮﺑﻲ – ﻣﺼﺪر ﺳﺎﺑﻖ ص183 - 8أﺣﻤﺪ زﻟﻂ -أﻧﻮاع اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ – اﻟﺨﻄﺎب اﻷدﺑﻲ واﻟﻄﻔﻮﻟﺔ -ﻫﻴﺌﺔ ﻗﺼﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ -ص 21 - 9ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ص.22 - 10ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ -ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص ،183 - 11ﻣﻮﻓﻖ رﻳﺎض -ﺻﻴﻎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت وﺗﻨﻮﻋﻬﺎ -اﻟﺒﻨﻰ اﻟﺤﻜﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ أدب اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ184 - - 12أﺣﻤﺪ زﻟﻂ -أﻧﻮاع اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻰ- ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص 26 ،25 ،24 - 13ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ -ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ -ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ – ص 186 ،185 - 14ن ﻓﺲ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ -ص 187 ،186 - 15دور اﻷﺳﻄﻮرة واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﺌﺔ اﻟﻄﻔﻞ –اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻔﻨﻮن ﻃﻔﻞ اﻟﺼﻌﻴﺪ -ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص 131 - 16ﺣﺴﻦ ﺷﺤﺎﺗﺔ -ﺣﻜﺎﻳﺎت ﻃﻔﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ رﺻﺪ اﻟﻮاﻗﻊ ورؤى اﻟﻐﺪ اﻟﻘﺎدم -ﻃﻔﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺗﺤﺪﻳﺎت اﻟﻮاﻗﻊ وآﻟﻴﺎت اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ -ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺎﺣﺜﻴﻦ -اﻟﻘﻠﻴﻮﺑﻴﺔ ﻣﺎﻳﻮ 2014-ص55 - 17أﺣﻤﺪ زﻟﻂ -اﻟﺨﻄﺎب اﻷدﺑﻲ واﻟﻄﻔﻮﻟﺔ -ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ص .27
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
67
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
ﻳﻄﺎل اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻷدب اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺬاﺗﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻨﺘﻘﺺ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮه ،إﻧﻤﺎ اﻷﻣﺮ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺘﻌﺎﻃﻲ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻌﻬﺎ ،واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻘﺪاﺳﺔ ،أو ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻛﻤﺴﻠﻤﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺑﻞ إن اﻟﻮاﺟﺐ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻜﻞ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﻤﻮروﺛﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻤﻌﻬﺎ وﺗﻨﻘﻴﺤﻬﺎ ودراﺳﺘﻬﺎ وﺗﻌﻤﻴﻤﻬﺎ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ إرﺛﺎ ﻗﻮﻣﻴﺎ وﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ«).(14 õîœîļĄĿí Œij ôŔńŔŀĬøĿíō ôœŎñĎøĿí łŔĸĿí ôŔòĬĘĿí
ﺗﻤﻸ وﻋﺎء ﻛﺒﻴﺮا ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ ،وﺗﻀﻌﻪ ﻋﻠﻲ اﻟﻨﺎر ﺣﺘﻲ ﻳﺸﺘﺪ ﻏﻠﻴﺎﻧﻪ ،ﺛﻢ ﺗﻔﺘﺢ ﻛﻞ ﺧﺎﺑﻴﺔ ،وﺗﺼﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺖ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺘﻠﺖ اﻟﻠﺼﻮص ﺟﻤﻴﻌﺎ أﺷﻨﻊ ﻗﺘﻠﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ أﻳﻀﺎ ،وﻫﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎرىء اﻟﺼﻐﻴﺮ أن ﻳﺘﺴﺎءل ،ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺴﺮوق أن ﻳﻘﺘﻞ اﻟﺴﺎرق ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ) ،(13وﻫﻨﺎك آراء ﻛﺜﻴﺮة ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ رﻓﺾ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮك اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪي اﻟﻄﻮﻳﻞ» ،وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﺮﻓﺾ ﻻ 66
اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وا;ﺳﺎﻃﻴﺮ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻄﻔﻞ
ﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﺻﻔﻮت ﻛﻤﺎل» :اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺠﺎﻧﺐ دورﻫﺎ اﻟﺘﺮﻓﻴﻬﻲ ﻟﻸﻃﻔﺎل وﺛﺮاء ﻋﺎداﺗﻬﺎ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﺪور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن ،وﺑﻄﺮﻳﻖ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺄﺷﺨﺎﺻﻬﺎ وﻛﺎﺋﻨﺎﺗﻬﺎ وأﺣﺪاﺛﻬﺎ ﻣﺼﺪرا ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻤﻌﺎرف ﻟﻸﻃﻔﺎل وﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ ﺑﺄﻧﻤﺎط ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب اﻟﺤﻴﺎة وﺧﺒﺮات اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻘﻠﻴﻨﻲ -أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺗﺨﻠﻖ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل ارﺗﺒﺎﻃًﺎ ﺑﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻮﻃﻦ وأﺣﺪاﺛﻪ وﻗﻴﻤﻪ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ أﻧﻬﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﺼﻐﺎر ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻗﻴﻢ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﻔﺪاء واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﺗﺒﻌﺪﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﻤﻀﺎدة ،ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ اﻟﻮاﻋﻴﺔ. واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺗﻜﺎد أﻳﻀﺎ أن ﺗﻤﺜﻞ ﻛﻞ ﻃﻤﻮﺣﺎت ورﻏﺒﺎت اﻟ ـﺮاوي ﺗﺄﻛﻴﺪا ﻋﻠﻰ إﺑـﺮاز اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ وﺗﺮﺑﻴﺘﻪ وﻋﺸﻘﻪ ﻟﻸرض اﻟﺘﻲ وﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺤﻴﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻳﻄﻌﻢ ﻣﻦ ﺧﻴﺮاﺗﻬﺎ ،وﻳﺸﺮب ﻣﻦ ﻣﺎﺋﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻛﺘﺴﺐ ﺻﻔﺎت ﻫﺬا اﻟﻌﺸﻖ واﻟﺤﺐ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﺻﻔﺎت اﻟﻜﺮم واﻟﺸﻬﺎﻣﺔ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ وﺣﺐ اﻟﻮﻃﻦ واﻷرض واﻟﺘﺪﻳﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﻳﻤﺎن اﻟﻤﺘﻌﻤﻖ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ) (15وﻳﻘﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺣﺴﻦ ﺷﺤﺎﺗﺔ: »إن ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﻘﺼﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺧﻴﺎل اﻟﻄﻔﻞ وﺗﺮﺑﻲ وﺟﺪاﻧﻪ ،وﺗﻨﻤﻲ ذاﻛﺮﺗﻪ وﺗﻌﻮده اﻻﻧﺘﺒﺎه اﻟﺬي ﻳﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ اﻟﻔﻬﻢ وﺗﺤﺼﻴﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ؛ ﺣﻴﺚ إن اﻻﻧﺘﺒﺎه أول ﺧﻄﻮة ﻣﻦ ﺧﻄﻮات اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻄﺒﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ اﻻﺳﺘﻤﺎع ،وﺣﺴﻦ اﻻﺳﺘﻤﺎع أﺳﺎس اﻟﻔﻬﻢ ،وﺣﺴﻦ اﻟﻔﻬﻢ أﺳﺎس ﻟﺤﺴﻦ اﻟﻜﻼم واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﺎ ﻳﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻻﺣﺴﺎس واﻷﻓﻜﺎر ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ وﻗﺼﺘﻬﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺎﻟﺔ اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﺗﺤﺒﺒﻪ ﻓﻲ اﻻﻃﻼع واﻟﻘﺮاءة ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ، وﺗﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺧﺒﺮاﺗﻪ ،وﺗﻨﻤﻲ ﻣﻌﺎرﻓﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﺗﺴﺎﻋﺪه ﻓﻲ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻼﺗﻪ، ﻛﻤﺎ أن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﻌﺔ وﺗﺴﻠﻴﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ ،ﺑﻤﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﺎل اﻟﻔﻜﺮة،
وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻋﻋﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺣﻜﺎﻳﺎت وﻗﺼﺺ أﻟﻒ ﻟﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ، وﺣــﻲ ﺑﻦ ﻳﻘﻈﺎن ،وأﻓﻜﺎر وﻋ وﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﺎت ﺑﺪﻳﻊ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﻬﻤﺬاﻧﻲ اﻟﻬﻤﺬاﻧﻲ ،وﻛﻠﻴﻠﺔ ودﻣــﻨــﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣــﻦ اﻟــﻨــﻮادر واﻷﻣــﺜــﺎل اﻟﻮﻋﻈﻴﺔ ،واﻷدب اﻟﺤﻜﻴﻢ أو اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺴﻠﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻮﻟﺪت ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻋﻦ أﺻﻮل ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻌﺮﺑ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺮاﻗﻴﺔ »ﻓﻤﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ أذاﻋﺘﻬﺎ أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ وﻣﻜﻨﺖ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷدب ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺮﺣﻼت ،وﻟﻘﺪ أوﺣﺖ ﻗﺼﺺ اﻟﺴﻨﺪﺑﺎد إﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﺮﺣﻼت ﻓﻓﻲ اﻟﻐﺮب أن ﻳﺆﻟﻔﻮا ﻋﻦ رﺣﻼﺗﻬﻢ أو ﻋﻤﺎ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮن ﻣﻦ رﺣﻼت ،ﻛﺬﻟﻚ أﺣﻴﺖ ﻗﺼﺺ أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ ﻣﻮﺿﻮع أدب اﻟﺤﻴﻮان ،ﻓﺄﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺠﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻪ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أدب اﻷﻃﻔﺎل واﻟﺼﺒﻴﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻮﺿﻮع أدب ااﻟﺤﻴﻮان أو اﻷدب اﻟﺤﻜﻴﻢ ،وﻛﺎن اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ إﺑﺮازه ﺑﺼﻮرة ﺟﻴﺪة ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻗﺼﺺ أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ« وأﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ أﻫ أﻫﻢ اﻟﻤﻨﺎﺑﻊ
ﻳﺮى »ﺗﻮﻟﻜﻴﻦ« أن اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﺎدة ﺳﻴﺌﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎ_ﺣﺪاث اﻟﻤﻔﺰﻋﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد أﻣﻨﻬﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻰ ،وﺗﺸﻌﺮﻫﻢ ﺑﻌﺪم اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺮى »أﻧﺪرو ﻻﻧﺞ« أن ا_ﺳﺎﻃﻴﺮ ﺗﺜﻴﺮ اﻟﺨﻴﺎل وﺗﻮﺳﻊ اhﻓﺎق وﺗﺜﻴﺮ اﻟﻌﻘﻮل وأن ﻣﺬاﻗﻬﺎ ﻟﺪى أﻃﻔﺎل ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﻣﺬاﻗﻬﺎ ﻟﺪى ا_ﺟﺪاد ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ
اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮي ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺤﻮي ﻧﻤﺎذج ﻋﺠﻴﺒﺔ وﻏﺮﻳﺒﺔ وﻣﺜﻴﺮة ﻓﻲ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﺸﺨﺼﻴﺎت واﻟﺴﺮد ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﺒﺸﺮ واﻟﺤﻴﻮان واﻟﻄﻴﺮ واﻟﺠﻦ واﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ وﺑﺴﺎط اﻟﺮﻳﺢ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﺗﻀﻢ أﺻﻮل ﻛﺘﺎب أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ واﻟﻄﺮﻳﻔﺔ واﻟﻨﺎدرة ،وﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﺨﺼﺐ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﻌﻠﻨﺎ ﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﺬﻛﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺪاوﻟﻬﺎ أو ﺗﺒﺴﻴﻄﻬﺎ ﻟﻠﻨﺎﺷﺌﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب
أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ ﻣﺜﻞ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺑﺴﺎط اﻟﺮﻳﺢ اﻟﺬي ﺟﺎب اﻟﺒﻠﺪان ،واﻟﺠﻮاد اﻟﺨﺸﺒﻲ اﻟﺬي إذا ﻓﺮك ﻋﺮﻓﻪ ﺻﻬﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﻜﻤﺔ ﺻﻨﻌﻪ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻊ ﺑﻬﺎ ،أﻳﻀﺎ ﻗﺼﺔ ﻋﺒﺪه اﻟﻠﻪ اﻟﺒﺮي وﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺒﺤﺮي وﻛﻴﻒ أن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺒﺮي اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﻨﺰل إﻟﻰ أﻋﻤﺎق اﻟﺒﺤﺎر وﻳﺠﻮب ﻓﻴﻬﺎ وﻳﻌﺮف ﺧﻮاﻓﻴﻬﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﻗﺮأﻫﺎ اﻷﻃﻔﺎل أو اﺳﺘﻤﻌﻮا إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺜﻞ :ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ ،ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ واﻟﺪروﻳﺶ، اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻌﺠﻴﺐ ،اﻟﺴﻨﺪﺑﺎد اﻟﺒﺤﺮي ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ اﻟﻤﺜﻴﺮة واﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ وﺗﻨﻤﻲ ﺧﻴﺎﻟﻪ ).(12 õîœîļĄĿí Œij ôŔòŀĔĿí łŔĸĿí ĎŔģîēŗíō ôŔòĬĘĿí
إن رﺻــﺪا دﻗﻴﻘﺎ ﻟﻤﻜﺎﻣﻦ اﻟﺨﻄﻮرة ﻓﻲ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ وﺟﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﻠﻬﺎ –ﺗﺤﺪﻳﺪا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻟﻸﻃﻔﺎل -ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺸﻴﺮ ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻹﻏﺮاق ﻓﻲ اﻟﻘﺪرﻳﺔ واﻟﻘﺴﻤﺔ واﻟﻨﺼﻴﺐ وأﻓﻌﺎل اﻟﺰﻣﻦ وﻣﻜﺎﺋﺪه، واﻟﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ،وﻧﺰﻋﺔ اﻟﺘﺒﺮﻳﺮ، ورد اﻷﻣﻮر إﻟﻰ إرادات ﻣﺴﺘﺘﺮة ،واﻻﻧﺪﻓﺎع واﻟﻄﻴﺶ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺮوي واﻟﺤﺬر ﺿﺮورﻳﻴﻦ ،واﻟﺠﺒﻦ واﻟﺘﻮاﻛﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪق ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺠﺪ ،واﻟﺘﻘﻠﻴﺪ واﻟﺘﻘﻴﺪ واﻟﻘﻮاﻟﺐ، واﻟﺸﻜﻠﻴﺎت اﻟﺠﺎﻫﺰة ،واﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﺨﻮارق، واﻟﺤﻤﺎس اﻟﻠﻔﻈﻲ ،واﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﻤﺸﻌﻮذﻳﻦ واﻟﺪﺟﺎﻟﻴﻦ ،واﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻌﻴﻦ واﻟﺘﺸﺎؤم ..إﻟﺦ. ﻟﻨﺄﺧﺬ ﺣﻜﺎﻳﺔ »ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ« ﻣﺜﻼ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻗﻴﻤﺎ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل ،ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﺪﻫﺎ »ﻛﺎﻣﻞ ﻛﻴﻼﻧﻰ« أن ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ ﻳﺴﺮق اﻟﻠﺼﻮص ،وﻫــﻮ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ »أﻟــﻒ ﻟﻴﻠﺔ وﻟﻴﻠﺔ« ،وﻟﻜﻦ ﻣﻨﻄﻖ اﻷﻃﻔﺎل ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﺴﺎءﻟﻮن ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺠﺎﺋﺰ ﺳﺮﻗﺔ اﻟﻠﺺ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﻌﺎﻗﺐ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻲ اﻟﺴﺮﻗﺔ، ﻟﻴﺴﺘﺮد ﺣﻘﺎ ﻟــﻪ ،ﻓﻜﻴﻒ و«ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ« ﻳﺴﺮق ﻣﺎ ﻻ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ؟ وﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺔ ﻧﺠﺪ »ﻣﺮﺟﺎﻧﺔ« ،ﺧﺎدﻣﺔ »ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ«،
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
65
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
روﻋﺔ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﺘﺼﻮﻳﺮي ﻓﻲ ﺳﺮدﻫﻤﺎ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ،ﻓﺎﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ أو اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻮﻋﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻗﺪم اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ، وﻗﺪ وﺟﺪت ﻗﺼﺺ اﻟﺠﺎن اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ وﻗﺼﺺ اﻟﺤﻴﻮان ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ) (8وﻣﻦ ﻧﺎﻓﻞ اﻟﻘﻮل اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ أن ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ اﺣﺘﻠﺖ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻷﺳﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﻮت اﻟﺨﻠﻔﺎء واﻷﻣﺮاء ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ واﻟﻠﻬﻮ، واﻣﺘﺪت آﺛﺎر ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ إﻟﻰ وﺟﺪان اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻤﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ أدﺑﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ وﺣﺘﻰ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺤﺎﺿﺮ ) ،(9وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺮى أن ﻫﻨﺎك وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻷﺳﻄﻮرة واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻣﻦ ﻋﺪﻣﺔ. وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻷوﻟﻰ :ﻳﻤﺜﻠﻬﺎ ﺗﻮﻟﻜﻴﻦ ،أﺣﺪﻛﺘﺎب اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻴﻦ ،وﻳﺮى أن اﻟﻘﺼﺺ ﻣــﺎدة ﺳﻴﺌﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑــﺎﻷﺣــﺪاث اﻟﻤﻔﺰﻋﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد أﻣﻨﻬﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻰ ،وﺗﺸﻌﺮﻫﻢ ﺑﻌﺪم اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻳﻤﺜﻠﻬﺎ أﻧﺪرو ﻻﻧﺞ–ﻣﺆﺳﺲ ﻋﻠﻢ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ -وﻳﺮى أﻧﻬﺎ ﺗﺜﻴﺮ اﻟﺨﻴﺎل وﺗﻮﺳﻊ اﻵﻓﺎق ،وﺗﺜﻴﺮ اﻟﻌﻘﻮل ،ﻓﻬﻲ ﺑﻬﺬا ﺗﻌﺎدل اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺮواﺋﻴﺔ ﻟﻜﺒﺎر اﻟﻜﺘﺎب، وأن ﻣﺬاﻗﻬﺎ ﻟﺪى أﻃﻔﺎل ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﻣﺬاﻗﻬﺎ ﻟﺪى اﻷﺟﺪاد ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ. أﻣﺎ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﻓﺘﺮى أن أﺷﻜﺎلاﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻤﺮ ﺑﻤﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻌﺼﺮ وﻣﻌﺎﻳﻴﺮه ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌﺎد ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻸﻃﻔﺎل ،وﻳﺸﻤﻞ ﻫﺬا ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﻤﻞ ﺗﻨﻘﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻻت اﻟﻤﻔﺰﻋﺔ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻀﺎرة واﻟﺸﻮاﺋﺐ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. وﻳﻤﺜﻞ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﺪارﺳﻴﻦ اﻟﻌﺮب أﻣﺜﺎل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﻳﻮﻧﺲ ،واﻷﺳﺘﺎذ أﺣﻤﺪ ﻧﺠﻴﺐ، واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﻴﺪ ،واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﺎدي ﻧﻌﻤﺎن اﻟﻬﻴﺘﻲ ،وإن ﻛﺎن اﻷﺧﻴﺮ ﻳﺒﺪي ﺗﺤﻔﻈﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ،ﻳﺠﻌﻠﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻴﻼ ﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻷوﻟﻰ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺸﻴﺮ –اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﻬﻴﺘﻲ -إﻟﻰ أﻧﻪ ﺣﻴﻦ ﺑﺪأت ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺪوﻳﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان، وﺟﺪ أن ﻫﻨﺎك ﺟﺰءا ﻗﻠﻴﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺸﻜﻞ 64
زادا ﻷدب اﻷﻃﻔﺎل ،ووﺟﺪ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻗﺴﻮة أو ﺧﺸﻮﻧﺔ، ﻳﻦ اﻟﺘﺪوﻳﻦ ﻟــﺬا أﻋﻘﺒﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﻮﻳﺮ ﺣﺮﻛﺔ أﺧﺮى ﻣﻜﻤﻠﺔ ،ﻫﻲ ﺗﺤﻮﻳﺮ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﻴﻞ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺔ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻸﻃﻔﺎل، ﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻷﺧﺮى وذﻟﻚ ﺑﻘﺼﺪ أن ﻛﺎن ﻳﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ اﻟﺮاﺷﺪون ﻚ ﺗﻜﻮن ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل )(10 ŒļĄĿí łëîīĉ
ﻣﺘﻴﻦ أﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ: ﻳﻘﻮم اﻟﺤﻜﻲ ﻋﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ دﻋﺎﻣﺘﻴﻦ أوﻻﻫﻤﺎ :أن ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺔ ﻣﺎ ،ﺗﻀﻢ
ﻳﺮى ﻛﺜﻴﺮون ﺿﺮورة ﺗﻨﻘﻴﺔ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎﻻت اﻟﻤﻔﺰﻋﺔ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻀﺎرة واﻟﺸﻮاﺋﺐ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻗﺒﻞ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟgﻃﻔﺎل
أﺣﺪاﺛﺎ ﻣﻌﻴﻨﺔ .ﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ :أن ﻴﻦ ﻳﻌﻴﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻰ ﺑﻬﺎ ﻚ ﺗﻠﻚ ﻘﺔ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻘﺼﺔ وﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬه ﺳﺮدا. ﻓﺎﻟﻘﺼﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺤﻜﻰ ﺑﻄﺮق ﻣﺘﻌﺪدة –ﻛﻤﺎ ذﻫﺐ ﺟﻨﻴﺖ -وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮد ﻓﻲ ﺗﻤﻴﻴﺰ ط أﻧﻤﺎط اﻟﺤﻜﻲ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ،واﻟﻘﺼﺔ ﻻ ﺗﺘﺤﺪد ﻓﻘﻂ ﺑﻤﻀﻤﻮﻧﻬﺎ، ﺑﻬﺎ ﺬا ﻳﻘﺪم ﺎ وﻟﻜﻦ اﻟﺸﻜﻞ أو اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻘﺪ ﻫﺬا اﻟﻤﻀﻤﻮن. وﺗﻘﺪم اﻟﻘﺼﺔ –اﻟﻤﺎدة اﻟﺤﻜﺎﺋﻴﺔ -ﻟﻠﻘﺎرىء ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻴﻐﺘﻴﻦ رﺋﻴﺴﻴﺘﻴﻦ ﻫﻤﺎ :اﻟﺴﺮد، واﻟﻌﺮض ،ﻓﺎﻟﺴﺮد ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﺮاوي أو إﺣﺪى اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ،واﻟﻌﺮض ﻛﺬﻟﻚ ،وﻳﻔﺘﺮض ﺗﻮدروف أن ﻟﻬﺎﺗﻴﻦ اﻟﺼﻴﻐﺘﻴﻦ أو اﻟﻨﻤﻄﻴﻦ – اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ أو اﻟﻌﺮض ،واﻟﺤﻜﻲ أو اﻟﺴﺮد -ﻓﻲ اﻟﺴﺮد اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻣﺼﺪرﻳﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ :اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ :وﻫﻲ ﺣﻜﻲ ﺧﺎﻟﺺ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﺠﺮد ﺷﺎﻫﺪ ﻳﻨﻘﻞ وﻗﺎﺋﻊ وﻳﺨﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ،واﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻻ ﺗﺘﻜﻠﻢ،
اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وا;ﺳﺎﻃﻴﺮ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻄﻔﻞ
وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ ﻻ ﺗﻨﻘﻞ ﺧﺒﺮا ،ﺑﻞ ﺗﺠﺮي أﻣﺎم أﻋﻴﻨﻨﺎ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺳﺮد ،وﻟﻜﻦ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﺴﺮد ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﻓﻲ ردود اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺮواﺋﻴﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ).(11 ôŔòĬĘĿí ôœîļĄĿí čĉîĜŃ
ﻻ رﻳﺐ ﻓﻲ أن أدﺑﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﺼﻮره اﻟﻤﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ زﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ﻇﻬﻮر اﻻﺳﻼم إﻟﻰ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮة وﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻗﺪم ﻣﺎدة ﺧﺼﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻰ ،وﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﻏﻨﻰ اﻟﻤﺼﺎدر اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺠﻦ واﻟﺨﺮاﻓﺔ واﻷﺳﻄﻮرة، ﺑﺤﻴﺚ أﻣﺘﻌﺖ ﺑﻤﻀﻤﻮﻧﻬﺎ اﻟﺜﺮي اﻟﻤﺘﻨﻮع، وﺑﺸﺨﺼﻴﺎﺗﻬﺎ ﻏﻴﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻌﺮب.
ﻛﺎﻣﻼ ﺑﻼ ﻫﺪف ،ﺑﻞ ﻛﺎن وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺪرس واﻟﺘﺜﻘﻴﻒ، اﻟﺤﻜﻲ ً ﻟﺬﻟﻚ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺴﺎن أﻧﻪ »ﺣﻴﻮان ﺣﻜﺎء« ﻳﺠﻴﺪ اﻟﺴﺮد واﻟﺤﻜﻲ، ﻳﻤﺎرﺳﻪ ﺑﺸﻐﻒ ،وﻳﺘﻮارﺛﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﻴﺮاث اﻟﺤﻀﺎرة ،واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ،وأﺣﺪ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﻨﺎﻗﻠﻬﺎ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺤﻜﻲ ﻛﺎن ﻟﻺﻧﺴﺎن وﻣﺎزال »آداة اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺻﺎغ ﻓﻜﺮه اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، واﻟﻌﻤﻠﻲ ،واﺳﺘﻄﺎع ﻣﻦ ﺧﻼﻟﺔ أن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺨﺒﺮات اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،وﻳﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻮﻋﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وإدراك اﻟﺤﻴﺎة وﻓﻬﻤﻬﺎ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ اﺑﺘﺪﻋﺘﻪ ﻋﻘﻠﻴﺘﻪ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻌﺒﻴﺮاﻟﻘﻮﻟﻲ ،واﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ ﺑﺎﻷدب اﻟﺸﻌﺒﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ وﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻮادر) (4وﻳﻘﻮل ﻓﻮزي اﻟﻌﻨﺘﻴﻞ: »وﻋﺎﻟﻢ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻴﻪ أﺑﻄﺎل اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﻤﻐﺎﻣﺮة ،أو ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻷدوات اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ،ﻋﺎﻟﻢ زاﺧﺮ ﺑﺎﻟﻌﺠﺎﺋﺐ، ﻣﻤﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل ،ﻋﺎﻟﻢ ﻳﺒﻌﺚ اﻟﺤﺲ واﻟﺸﻌﻮر ﻓﻲ اﻟﺤﻴﻮان واﻟﻨﺒﺎت واﻷدوات اﻟﺠﺎﻣﺪة ،وﺗﻠﻐﻰ ﻓﻴﻪ أﺑﻌﺎد اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن ،وﺗﻔﻴﺾ ﻓﻴﻪ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻮﻓﺎء واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ،واﻟﻌﺪل وﻳﻨﺘﺼﺮ اﻟﺨﻴﺮ ﻓﻴﻪ داﺋﻤﺎ«)(5
ﺗﻘﺮﻳﺒﻲ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻮاع :اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ،mythsوﻗﺼﺺ اﻟﺨﻮارق ،legends وﻫﻲ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﺗﺪور ﺣﻮل اﻷﺣﺪاث ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،وﺗﺘﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻲ :ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﺒﻄﻞ ، hcro talsواﻟﻤﻠﺤﻤﺔ اﻟﻨﺜﺮﻳﺔ .sagaواﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ :اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .folktales وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮي ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ،ﺗﻨﻈﻢ ﺑﺼﻮرة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﻔﻴﻦ :ﻗﺼﺺ روﻳﺖ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ وﻫﻲ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ وﻗﺼﺺ اﻟﺨﻮارق ،وﻗﺼﺺ ﻗﻴﻠﺖ ﻟﻠﺘﺴﺮﻳﺔ وﻫﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ)(6 óčŎĤēŗíō ôœîļĄĿí
أوﺿﺤﺖ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﺳﻄﻮرة واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺨﺮاﻓﺔ أﻧﻬﺎ ﺟﺎءت ﻟﺘﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺿﺮورة وﺣﺎﺟﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺄى ﺑﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﺼﺪﻳﺔ ،أي أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﻛﻔﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻲ وﺟﻬﺔ ﻣﻦ وﺟﻮﻫﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل ،وﻻ ﺗﻌﻜﺲ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ،وﻻ ﺗﻠﺒﻲ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ،ﺑﻞ إن اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ واﻟﻠﻐﺔ ŒòĬĘĿí ĚĜĸĿí ĩíŎŇã اﻟﻔﺼﺤﻰ ﻟﻸﺳﻄﻮرة ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﻘﺪرات اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﻳــﻘــﺘــﻀــﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ أﻧﻮاع ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪي ،وإذا ﻛﺎن اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻨﺠﺬﺑﻮن ﻛﺜﻴﺮا إﻟﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﻨﻒ ﺑﺸﻜﻞ واﻟﺨﺮاﻓﺔ ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﻓﻠﺒﺴﺎﻃﺘﻬﺎ وﻏﺮاﺋﺒﻴﺔ أﺣﺪاﺛ ا ﻟﻘﺼﺺ أﺣﺪاﺛﻬﺎ اﻟﺰاﺧﺮة ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻻت واﻟﻌﺠﺎﺋﺐ وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﺸ اﻟﺘﺸﻮﻳﻖ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ اﻟـــﺨـــﺎرﻗـــﺔ ﻳﺒﺘﺪﻋﻬﺎ اﻟﺮواة ،وﺗﻜﻤﻦ أأﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻻﺷﺎرة ﻓﻲ ﻛﺴﺮ اﻟﻮﻫﻢ اﻟﻤﺴﻴﻄ اﻟﻤﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ أذﻫﺎن اﻟﺒﻌﺾ، ﺑــﺄن اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟاﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟــﺨ ـﺮاﻓــﺔ ﺻ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل، ﻣﻨﻄﻠﻘﻴﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻏﺮاﺋﺒﻴﺔ أﺣﺪاﺛﻬﺎ وإﻏﺮاﻗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺎﻧﺘﺎزﻳﺎ. ﻳﺸﻴﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﻬﻴﺘﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﺮاث ﻣﻦ اﻟﺤ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ اﻷﻗﺪﻣﻮن إﻟﻰ اﻷﻃﻔﺎل ،وﻳﻌﻮد ﻫﺬا إﻟﻰ أن اﻟﻜﺒﺎر ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻨﺎﻗﻠﻮ ﻳﺘﻨﺎﻗﻠﻮن ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﻢ وﻳﻌﻨﻮن ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﺣﺪﻫﻢ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﺑــﻬــﺎ؛ ﻷﻧﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﻣﺎ ﺗﻨﺴﻰ ﻓﺘﻤﻮت ،وﻟﻢ ﻳﺒﻖ إﻻ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﻴﺾ اﻟﺬي ﻳﻤ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن اﻹﻧﺴﺎن ﺻﺎﻏﻪ ﻟﻸﻃﻔﺎل ) ،(7وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﺪ ﺗﻘﺪم اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ وذاﺋﻘﺔ اﻷﻃﻔﺎ اﻷﻃﻔﺎل ،وﻗﺪ ﻗﺎم راﺋﺪ أدب اﻷﻃﻔﺎل ﻛﺎﻣﻞ ﻛﻴﻼﻧﻲ ﺑﺈﺛﺮاء أدب اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻌﺪ ﺑﻌﺪﻳﺪ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺄﺧﻮذة ﻣﻦ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ،وﻛﻤﺎ ﻳﺮى اﻟﺪﻛﺘﻮر أﺣﻤﺪ زﻟﻂ :أﻧﻪ إذا دﻗﻖ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻤﺆدﺑﻮن واﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ أﻋﻤﺎر وﻣﺪارك اﻷﻃﻔﺎل ،أو إﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺔ )ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ )ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ( اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻟﺘﺤﻘﻖ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ واﻟﺠﻤﺎﻟﻴ واﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل أدب اﻷﻃﻔﺎل ،وﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻟﻦ ﺗﻔﻘﺪ أأﺻﻮل اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﺤﻴﻮان fablesأو اﻷﺳﻄﻮرة mythﺷﻴ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻣﻐﺰى أﻳﻬﻤﺎ أو
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
63
ĆēijćŴ ĔŻĔŅŜ
ﺑﻴﻦ ﺗﺨﻮف واﺳﺘﻬﺠﺎن وﺗﺮﺣﻴﺐ
اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وا_ﺳﺎﻃﻴﺮ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻄﻔﻞ ĩí¸čĐĿí ʼnĊòī
اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺮوﻳﺔ ﻧﺴﺠﻬﺎ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﺸﻌﺒﻲ ،وﺗﺪاوﻟﻬﺎ اﻟﻨﺎس ً ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ ﻣﻀﻴﻔﻴﻦ ﻟﻬﺎ وﻣﺤﻮرﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﺗُﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ »اﻟﺨﺒﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺤﺪث ﻗﺪﻳﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﻵﺧﺮ« ،أو ﻛﻤﺎ ﺗﺼﻔﻬﺎ اﻟﻤﻌﺎﺟﻢ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ »ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻳﺼﺪﻗﻬﺎ اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ،وﺗﺘﻄﻮر ﻣﻊ اﻟﻌﺼﻮر وﺗﺘﺪاول ﺷﻔﺎﻫﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺤﻮادث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أو اﻷﺑﻄﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻨﻌﻮن اﻟﺘﺎرﻳﺦ«.
62
واﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻃﺎﺑﻊ اﻟﻘﺪاﺳﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺑﻄﻮﻻت ﻣﻸى ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺎت واﻟﺨﻮارق ،إﻻ أن أﺑﻄﺎﻟﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻴﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ أو اﻟﺠﻦ، وﻻ دور ﻟﻶﻟﻬﺔ ﻓﻴﻬﺎ ) (1ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﺄﺻﻴﻼ ﺣﻘﻴﻘ ًﻴﺎ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻌﺐ، ً اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻷن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺰاﺟﻪ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﻔﻜﺮي واﻟﻌﻘﺎﺋﺪي، ﻳﺒﺮز ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﺎداﺗﻪ وﺳﻠﻮﻛﻪ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺒﺮات اﻵﺑﺎء واﻷﻣﻬﺎت ﻧﺘﻴﺠﺔ أﻓﻌﺎل أﺟﻴﺎل ﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ »اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ« إن أﺑﺮز اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟﺸﻬﺎﻣﺔ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﻜﺮم واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻮﻃﻦ أو اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻀﻌﻴﻒ واﻟﻤﺮأة ،ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ أﺑﺮزﺗﻬﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻤﺴﺘﻬﺎ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ
اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وا;ﺳﺎﻃﻴﺮ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻄﻔﻞ
اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ) ،(2ﻳﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﻛﻤﺎل :اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺻﻔﻮت ل: ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻫﻲ أﻛﺜﺮ أﻧﻮاع اﻷدب ﻗﻼﻼ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﺒﻲ ً ﺗﻨﺎﻗﻼ ﻣﺠﺘﻤﻊ آﺧــﺮ وﻣــﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻟﻐﻮ ﻳﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ أﺧﺮى ،ﻓﺎﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﺴﻤﻊ ﺔ إﻟﻰ وﺗﻔﻬﻢ ﺛﻢ ﺗﺮوى ﺳﻮاء أﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﺈﻋﺎدة ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ورواﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻓﻨﻲ ﺘﻌﺪﻳﻞ ﺑﻌﺾ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ أو إﺑﺪال ﺣﺪﻳﺚ ،أم ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه ﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺘﻮاﻓﻖ ووﺟــﺪان اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،أم ﻣﻊ ﻓﻜﺮ وﺟــﺪان ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﺻﺮ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ اوي واﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻓﻲ آن ) (3وﻗﺪ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﺮ وي اﻻﻧﺴﺎن ﻣﻨﺬ أن ﻋﺮف اﻟﻜﻠﻤﺔ وﺳﻴﻠﺔ ن ﻋﺮﻓﻬﺎ وﻧﻘﻞ اﻟﺨﺒﺮات ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ ﻧﻘﻞ
ﻟﻘﺎءاﺗﻲ اﻟﺸﺨﺼ ّﻴﺔ اﻟﻤﺘﻜﺮرة ﺑﻪ ،وﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺗﻲ ﻟﻪ ﻓﻲ أﻣﻮر ﻛﺜﻴﺮة ،ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﺗﺪاﺧﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ..واﻟﻌﻜﺲ .أﺗﺬﻛّﺮ ﻣ ـ ّﺮة أﻧﻪ ﻋﻠّﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﻟﻜﺒﻴﺮ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻣﻨﻐﻬﺎم اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺒﺮوﻓﺴﻮر »ﻓﺎن دوﻛﺴﺒﺮج« ،وﻣﻔﺎده أن اﻟﺸﻤﺲ ﺳﺘﻨﻔﺠﺮ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻔﺎد ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺨ ّﺰﻧﺔ ﻓﻴﻬﺎ واﻟﺪاﻓﻌﺔ ﻟﺘﻮ ّﻫﺠﻬﺎ، وﺳﺘﻄﻴﺢ ﺑﺎﻷرض وﺑﻨﻈﺎﻣﻨﺎ اﻟﺸﻤﺴﻲ ﻛﻠﻪ ..ﻋﻠّﻖ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﻗﺎﺋﻼً ،وﺑﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻃﻤﺄﻧﺔ اﻟﻌﺎﻟِﻢ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻣﻌﻪ ﺳﻜّﺎن اﻟﻤﻌﻤﻮرة ﺑﺮﻣﺘﻬﻢ ،إﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات ﺳﻨﺔ ،ﻳﻜﻮن اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي ﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮ اﻟﺸﻤﺲ، وﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳُﻘ ّﺮر ﻟﻬﺎ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﻣﺮﺷّ ﺤﺔ ﻟﻼﻧﻔﺠﺎر أو ﺳﺘﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺑﻴﻠﻪ. ﻓﺘﻲ ،أﺻﺒﺤﺖ ورأى ﻋﻘﻞ أن ﻋﻠﻢ ﺗﻮﻗّﻌﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻫﻮ ﻋﻠﻢ ّ ﺳﻨﺤﺘﻞ ﻛﻞ ّ ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع ﻧﻮاﻣﻴﺴﻪ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،ﻳﻔﻴﺪ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻛﺒﺸﺮ، ﻛﻮاﻛﺐ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﺳﻨﺴﺘﻌﻤﺮﻫﺎ ،وإﻧﻨﺎ ﻋﺎم ،2080 ﺳﻨﺒﻠﻎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻀﻮء ،وﻋﺎم 2100ﺳﻨﻠﺘﻘﻲ ﺑﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻷرض ،وﻓﻲ ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﺴﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺳﻨﻀﻤﻦ ﺑﻘﺎء اﻹﻧﺴﺎن ﺣ ّﻴﺎً أﻃﻮل ﻣﺪة ﻣﻤﻜﻨﺔ. وإذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻳﻌﺪﻧﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ أﻣﺪ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ 130ﺳﻨﺔ، ﻓﻤﺎ ﻧﺮاه )ﻳﺘﺴﺎءل ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ( ﻳﻌﺪﻧﺎ ﻓﻲ أﻣﺪ ﻳﺼﻞ اﻟﻰ 1000 ﺳﻨﺔ ،ﺑﻞ إﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻴﻦ؟! ﺑﻠﻰ ،ﻧﻜﻮن ﺣﺘﻤﺎً ﻗﺪ أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧُﻜ ّﻴﻒ ،ﻻ ﻧﻈﺎم اﻟﺸﻤﺲ وﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ
ﺗﻮاﺻﻴﻒ
أﻧﻈﻤﺔ ﻛﻞ ﻧﺠﻮم ﻣﺠ ّﺮﺗﻨﺎ ورﺑﻤﺎ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺠ ّﺮات ..وﻧﻜﻮن ﺣﺘﻤﺎً ﻗﺪ ﺻﺮﻧﺎ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻳﺘﺨﻠّﻰ ﻋﻦ ﺷﻤﻮس وﻳُﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻤﻮس أﺧﺮى. وﻫﻨﺎ ﻳﺰاﻳﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟِﻢ اﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﻓﺎن دوﻛﺴﺒﺮج ،ورﺑﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﺮح »ﺣﻠﻮﻻً ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﻘﻨﻌﺔ« ﺧﺺ ﻓﺮﺿﻴّﺔ اﻧﻄﻔﺎء ﻟﻪ وﻟﻬﻢ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺎ ّ اﻟﺸﻤﺲ ودﻣــﺎر اﻷرض واﻟﻨﻈﺎم اﻟﺸﻤﺴﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﺑﺮﻣﺘﻪ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ إزاﻟﺔ ﻛﺄس اﻟﺮﻋﺐ واﻹرﻋﺎب ﻋﻦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺟﻤﻌﺎء ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﻓﻬﻮ ﻛﺸﺎﻋﺮ ﻳﺸﻌﺮ ﻣﺴ ّﺒﻘﺎً ﻣﻊ َﺣﻔَﺪة اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻷﺑﻌﺪﻳﻦ ،أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن ﻗﺪ ﻋﺮﻓﻮا ﺑﺮﻫﻴﺐ ﻣﺎ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻟﻬﻢ وﺑﻘﻮا ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﺷﻲء. وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ،ﻣﻦ ﺟﻮ اﻟﻌﻠﻢ وﺟﻮ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻋﺪت ﻷﺳﺄل ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ: ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو أﺳﺘﺎذي اﻟﻜﺒﻴﺮ ،أﻧﺖ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻃﺎﻟﻴﺲ ﻛﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻲ وﻓﻠﻜﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﻧﺺ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ؟ أﺟﺎﺑﻨﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺠﺰم اﻟﺤﺎﻧﻖ» :ﻃﺎﻟﻴﺲ ﺷﺎﻋﺮ وﻛﻔﻰ ..ﺷﺎﻋﺮ ﻳﺮﺳﻢ ﻣﻌﺎدﻻت اﻟﻜﻮن وﻳﻬﻨﺪس ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ ،ﺑﻌﻘﻞ ﻋﺎﻟِﻢ وﺷﺎﻋ ٍﺮ دﻓﻌ ًﺔ واﺣﺪة. ّ وﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ أﻣﺮ، ﻓﺴﻴﻈﻞ اﻟﻌﺎﻟِﻢ ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ﻓﺮد واﺣﺪ، ﻫﻮ اﻟﻤﻮﻟﺞ ﺑﺈﻧﻘﺎذﻧﺎ ﻣﻦ ﺻﻘﻴﻊ اﻟﻌﻘﻞ ،وﺻﻘﻴﻊ اﻟﻜﻮن ودﻣﺎر اﻟﻌﺪم وﻧﻈﺎﻣﻪ اﻟﻤﺘﻮازن ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ«
ﻗﻠﺐ اﻟﻜﻼم
@ ﻛﺎﺗﺐ وﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎن
ﺗﻌﻤﺮﻫﺎ دﺑّﺮﻫﺎ وﻻ ّ
دﺑّﺮﻫﺎ :أي اﺗﺮﻛﻬﺎ ،واﻟﻬﺎء ﻫﻨﺎ ﺿﻤﻴﺮ ﻏﺎﺋﺐ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻫﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﺘﺮك اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻋﺪم ﺗﻌﻤﻴﺮﻫﺎ ﻷﻧﻬﺎ زاﺋﻠﺔ ،وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻣ ّﻴﺖ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ .وﺑﺮﻏﻢ أن ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮاﻗﻊ ،إﻻ أن اﻷﺻﻠﺢ واﻷﻓﻀﻞ أن ﻧﻌﻤﻞ وأن ﻧﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،ﻟﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻨﺎ وﻳﻨﻔﻊ أﺟﻴﺎﻟﻨﺎ واﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻧﺎ وﻻ ﻧﺘﺮك اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﺑﻞ ﻧﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ وﻧﻘﺮﻧﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠ ّﻴﺪ اﻟﺼﺎﻟﺢ. وﻓﻲ اﻷﺛﺮ »اﻋﻤﻞ ﻟﺪﻧﻴﺎك ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﻴﺶ أﺑﺪاً ،واﻋﻤﻞ ﻵﺧﺮﺗﻚ ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﻳﻤﻮت ﻏﺪاً«. ﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﺸﻌﺒﻲ زﻫﺪاً ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻋﺪم اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻤﻐﺮﻳﺎﺗﻬﺎ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
61
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﺜﻞ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻜﺒﺎر ،ﻋﺮﺑﻴﺎً وﻋﺎﻟﻤﻴﺎً ،ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﻧﺮﺟﺴﻴّﺎً ،ﻟﻜﻦ ﻧﺮﺟﺴﻴّﺘﻪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻨﺮﺟﺴﻴّﺔ ﻧﻈﺮاﺋﻪ ﻣﻦ رﻣﻮز اﻟﺸﻌﺮ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻗﻌﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻣﺴﺘﻬﺠﻨﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﻓﻬﻮ ﻣﺜﻼً ﻻ ﻳُﻘﺎرِن ﻧﻔﺴﻪ ،وﻻ ﻳﻘﺒﻞ ،ﺣﺘﻰ أن ﻳﻘﺎرﻧﻪ اﻵﺧﺮون ،ﺑـ»اﻟﺘﻮب ﺗﻦ« ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﻈﺎم ﻛﻤﺎ ﻳﺴ ّﻤﻴﻬﻢ ،وﻫﻢ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه :ﻫﻮﻣﻴﺮوس ،ﻃﺎﻟﻴﺲ ،ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ،ﻏﻮﺗﻪ ،ﻓﺎﻟﻴﺮي ،اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ، أﺑﻮﺗﻤﺎم ،ﺳﻌﺪي اﻟﺸﻴﺮازي ،ﻋﻤﺮ اﻟﺨﻴﺎم وﻫﻮﻟﺪرﻟﻦ .ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺘﺒﺮ أﻧﻪ، وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف اﻷزﻣﻨﺔ واﻟﻘﻴﻢ واﻟﻌﻮاﻟﻢ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،ﻓﺈن ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﺗﻔﻮق ﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ ﺟﻤﻌﺎء ،ﻓﻜﻴﻒ -ﻳﺎ ﺗﺮى -ﺑﺘﺠﺎرب ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺑﻴﻦ ﻇﻬﺮاﻧﻴﻨﺎ ﻛﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ اﻟﻴﻮم ..ﻓﺴﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﻣﺜﻼً ،ﻻ ﻳﻌﺘﺮف ﺑﺸﻌﺮاء اﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ور ّوادﻫﺎ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل :ﺑﺪر ﺷﺎﻛﺮ اﻟﺴﻴﺎب وﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ وأدوﻧﻴﺲ وﺧﻠﻴﻞ ﺣﺎوي وأﻧﺴﻲ اﻟﺤﺎج وﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺎﻏﻮط وﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب اﻟﺒﻴﺎﺗﻲ وﺑﻠﻨﺪ اﻟﺤﻴﺪري وﻏﻴﺮﻫﻢ.. وﻏﻴﺮﻫﻢ؛ وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﻢ »ﻣﺠﺮد ﺣﻮاة ﻛﻼم ﻻ ﻃﺎﺋﻞ ﻣﻨﻪ ،وﻧﺼﻮﺻﻬﻢ ﻻ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺸﻌﺮ واﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺒﺘﺔ« .وﻟ ّﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ :وﻟﻤﺎذا أﻋﻄﻴﺖ ،إذا ً ،ﺟﺎﺋﺰﺗﻚ اﻷدﺑ ّﻴﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺎﻏﻮط؟ أﺟﺎﺑﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر» :ﻷﻧﻪ ﻧﺎﺛﺮ ﺟﻴّﺪ ﻓﻘﻂ ،وﺛﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﺜﺮه ﺣﻴﻮﻳّﺔ ﺟﺎذﺑﺔ وﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ..وﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ ،ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺷﺎﻋﺮا ً«. وﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺷﻌﺮاء »اﻟﺘﻮب ﺗﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ« ،ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻔﻬﻢ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ،ﻓﻠﻘﺪ ﺳﺄﻟﺖ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ :ﻛﻴﻒ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃﺎﻟﻴﺲ اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ ﺷﺎﻋﺮا ً، وﺷﺎﻋﺮا ً اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴّﺎً ،وﻫﻮ ﻓﻴﻠﺴﻮف وﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻲ وﻋﺎﻟﻢ ﻓﻠﻚ ورﻳﺎﺿﻲ، ﻳﻨﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎل واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﺨﺮاﻓﺎت؟ ..وﻗﺒﻞ أن أﻧﻬﻲ ﺑﺴﻂ ﺳﺆاﻟﻲ وﺷﺮﺣﻪ ،ﺑﺎدرﻧﻲ ﻣﺠﻴﺒﺎً ﻣﻦ ﻓﻮره :ﻃﺎﻟﻴﺲ أوﻻً ،ﻟﻴﺲ إﻏﺮﻳﻘﻴﺎً، ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ اﻷوروﺑﻴﻮن وأﻧﺖ ﻣﻌﻬﻢ .إﻧﻪ ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ ﻓﻴﻨﻴﻘﻲ ،وﻗﺪ ﺟﺎء ﻣﻦ ﻓﻴﻨﻴﻘﻴﺎ إﻟﻰ ﻣﻴﻠﻴﺎ ﻻﺟﺌﺎً ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ اﺳﻤﻪ ﻧﻴﻠﻴﺎ ،وﺗﺠ ّﻨﺲ ﺑﺠﻨﺴ ّﻴﺘﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻋﺮف ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻄﺎﻟﻴﺲ اﻟﻤﻴﻼوي ..ﻃﺎﻟﻴﺲ ﻫﺬا ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﻟﻤﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﻋﻠﻮم اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء واﻟﻔﻠﻚ واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ،ﻫﻮ أﻳﻀﺎً ﺷﺎﻋﺮ وﺷﺎﻋﺮ ﻛﺒﻴﺮ .وأردف ﻋﻘﻞ ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﺳﻴﺎق آﺧﺮ :ﺳﺄﻟﻨﻲ ﻣ ّﺮة أﺣﺪ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻴﻦ ﻋﻦ أروع ﻗﺼﻴﺪة ﻗﺮأﺗﻬﺎ
60
اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻠﻤﺎء
أﺣﻤﺪ ﻓﺮﺣﺎت @
ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ،ﻓﺄﺟﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر :ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﻴﺪة /اﻟﺘﺤﻔﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻋﻦ ﻃﺎﻟﻴﺲ ،واﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﺴﺎﺋﻼً وﻣﺠﻴﺒﺎً ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ: » = ﻣﺎ أﻗﺪم ﻣﺎ ﻳُﻌﺒﺪ؟ اﻟﻠﻪ ،ﻷن ﻻ ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻪ= واﻷﺟﻤﻞ؟ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻷﻧﻪ ﻋﻤﻞ اﻟﻠﻪ= واﻷﻛﺒﺮ اﻟﻔﻀﺎء ،ﻷﻧﻪ ﻳﺤﻮي ﻛﻞ ﺷﻲء= واﻷﺳﺮع؟ اﻟﻔﻜﺮ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺪﻓﻊ أﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎن= واﻷﻗﻮى؟ •اﻟﻀﺮورة ،ﻷن ﻷﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ،ﻳﺨﻀﻊ ﻛﻞ ﺷﻲء = واﻷروع ﺣﻜﻤﺔ؟ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻷﻧﻪ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻛﻞ ﺷﻲء= واﻷﻋ ّﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس؟ اﻷﻣﻞ ،ﻷﻧﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺣﺘﻰ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺷﻲء= واﻷﺟﺪى؟ ﻛﻞ ﺷﻲء اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗ ُﻤﻜّﻨﻚ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام ّ= واﻷﺿ ّﺮ؟ اﻟﺮذﻳﻠﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻔﺴﺪ ﻛﻞ ﺷﻲء= واﻷﺳﻬﻞ؟ ِ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘّﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻷ ﱠن اﻟﻤﺮء ﻳﺴﺄم ﻛﻞ ﺷﻲء ،ﺣﺘﻰاﻟﻠﺬة«. łŀĬĿíō ĎĬĘĿí ņŔñ
إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻗـﺮاءة وﻛﺘﺎﺑﺔ ،ﻧﻘﺪا ً وﺗﻨﻈﻴﺮا ً ،ﻛﺎن ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﻣﺄﺧﻮذا ً ﺑﺎﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﻴﻦ وﻋﻠﻤﺎء اﻟﻔﻠﻚ ،وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﻢ ﺷﻌﺮاء ﻓﻲ اﻟﺼﻤﻴﻢ ،وإن ﺑﺄدوات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﺗﻌﺎﺑﻴﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻛﺎن ﻳﻬﺎب أﻃﺮوﺣﺎﺗﻬﻢ ،وﻳﺼﻐﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻜﻞ اﻫﺘﻤﺎم وﺟﺎذﺑﻴّﺔ ﻣﺴ ّﺪدة ..ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻋﻘﺪﺗﻬﻢ اﻟﻌﻠﻤ ّﻴﺔ اﻟﻤﺘﻔ ّﻮﻗﺔ واﻟﻤﺘﺠﺎوزة ،ﺑﺤﺴﺐ
اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﻤﻠﻮن اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ
اﻟﻀﺮورﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﻛﺄﻟﺒﺴﺔ اﻟﺴﻴﺪات وآﻧﺴﺎت اﻟﻤﻠﻚ ،وﻫــﻮ أﻳﻀﺎ اﻟﻤﺴﺆول ﻋﻦ ﺳﺪاد ﻧﻔﻘﺎت أﺑﻨﺎء اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺼﻐﺎر وﻣﺮﺑﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﻫﻮ أﻳﻀﺎً اﻟﻤﺨﺘﺺ ﺑﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺒﻴﺪ واﻟﻨﺼﺎرى واﻟﻤﺴﻨﺪة إﻟﻴﻬﻢ ﺳﻮاء ﻓﻲ داﺧﻞ اﻟﻘﺼﺮ اﻟﻤﻠﻜﻲ أو ﺧﺎرﺟﻪ ،وﻫﻮ اﻟﻤﺴﺆول ﻋﻦ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻐﺬاء واﻟﻜﺴﺎء ﻟﻬﻢ ﺣﺴﺐ اﻟﺤﺎﺟﺎت .وإﻟــﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫــﺬه اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻳﺬﻛﺮاﺑﻦ اﻟﻮزان ﻋﺪة وﻇﺎﺋﻒ أﻗﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ وﺳﻤﻮا واﺧﺘﺼﺎﺻﺎ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﺴﺆول اﻹﺳﻄﺒﻼت ،وﻣﻌﻠﻢ اﻟﺼﻮان ،وإﻣﺎم اﻟﻤﻠﻚ ،وﻗﺎﺿﻲ اﻟﻌﺴﻜﺮ ،وﻣﻌﻠﻢ أوﻻد اﻟﻤﻠﻚ، ورﺋﻴﺲ اﻟﺤﺸﻢ .وﻟﻤﻠﻚ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ أﻟﻒ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺳﺎن وﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎرى اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘﻨﻘﻮا اﻹﺳﻼم ،وﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺮﺗﺐ ﻟﻨﻔﻘﺘﻪ ﻫﻮ وﻟﺤﺼﺎﻧﻪ ،وﻟﻬﺆﻻء اﻟﻔﺮﺳﺎن ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ اﻟﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ وﻳﺴﺮﺣﻬﻢ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻳﺸﺎء. وﻟﻠﻤﻠﻚ أﻳﻀﺎ ﻣﺎﺋﺔ وﺧﻤﺴﻮن ﻓﺎرﺳﺎ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻮﻻدة ،وﻫﻢ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ ﻋﺴﻜﺮﻳﻴﻦ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷواﻣﺮاﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻰ وﺑﺸﺆون اﻟﺤﺮب ،وﻫﻢ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺿﺒﺎط أرﻛﺎن ﺣﺮب .وﻟﺪى اﻟﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ راﺷﻘﻲ اﻟﺴﻬﺎم واﻟﻜﺜﺮﻣﻨﻬﻢ ﻧﺼﺎرى أﺳﻠﻤﻮا ،وﻫﻢ ﻳﻮاﻛﺒﻮن اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺮج راﻛﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ أو ﻓﻲ ﺧﺎرﺟﻬﺎ ،وإﻟــﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﺪة ﻣﺪن ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ رادس، ﻗﻤﺮط ،اﻟﻤﺮﺳﻰ ،ارﻳﺎﻧﺔ ،اﻟﺤﻤـّﺎﻣﺎت ،ﻫﺮﻗﻠﻴﺔ، ﺳﻮﺳﺔ ،اﻟﻤﻨﺴﺘﻴﺮ ،ﻃﺒﻠﻴﺔ ،اﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ،ﺻﻔﺎﻗﺲ، اﻟﻘﻴﺮوان ،ﻗﺎﺑﺲ ،اﻟﺤﺎﻣﺔ
اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﺗﻮﻧﺲ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
59
śĔŘǚē įĔżĜijē اﻣﺮأة ﺗﺮﺳﻢ وﺷﻢ اﻟﺤﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺴﺎﺋﺢ اﻟﻤﻨﺴﺘﻴﺮ ،ﺗﻮﻧﺲ
ﺷﻬﻴﺘﻪ ﻟﻠﻄﻌﺎم ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺎدل ﺛﻼﺛﺔ أﺷﺨﺎص، وﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﺎﻃﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﺎل أﺳﻮا ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜﻤﻞ ،وﻫﺬا اﻟﻤﺨﺪرﻣﻬﻴﺞ ﻟﺪرﺟﺔ ﺧﺎرﻗﺔ وﻳﺴﻤﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﺑﻼط اﻟﻤﻠﻚ ﺑﺼﺎﺣﺐ اﻟﻘﺼﺮ ،ووﻇﻴﻔﺘﻪ ﺗﻨﺤﺼﺮﻓﻲ ﻟﻠﻌﺎدة. ﺣﺮاﺳﺔ ﻗﺼﺮاﻟﻤﻠﻚ واﻟﻘﺼﻮراﻟﻤﻠﻜﻴﺔ واﻷﺑﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻴﻢ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻪ ﺣﺮاﺳﺔ õîŔĜĈĘĿí ð÷íĎŃō ĺŀńĿí ġŜñ اﻟﺴﺠﻮن واﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺮاﻟﻤﻠﻜﻲ اﻟﺨﻂ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻠﻚ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺣﺴﺐ واﻟﻤﺤﺠﻮزﻳﻦ ﻋﻠﻰ ذﻣﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺑﺴﻴﻄﺔ ،ﻛﻤﺎ اﻟﻮراﺛﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺧﺘﻴﺎرأﺑﻴﻪ ﻣﻊ أداﺋﻪ اﻟﻘﺴﻢ ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ إﻗﺮاراﻟﻌﺪل واﻟﻨﻈﺮواﻟﺘﺼﺮف ﻓﻲ أﻣﺎم اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻛﺎﻟﻘُﻮاد واﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻋﻠﻴﻪ وﻛﺄﻧﻪ اﻟﻤﻠﻚ واﻷﺋﻤﺔ واﻟﻘﻀﺎة واﻷﺳﺎﺗﺬة ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﻮت ذاﺗﻪ .وﻳﺨﺘﺺ ﺣﺎﻛﻢ ﺗﻮﻧﺲ وﻫﻮ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻳﻨﺘﺨﺐ ﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ،ﻓﻴﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮش ،اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻓــﻲ ﺑــﻼط اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻨﻈﺮاﻟﻘﻀﺎﻳﺎ وﻳﺤﻠﻒ ﻟﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻤﻴﻦ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،وﺑﻌﺪ واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ وإﺻﺪاراﻷﺣﻜﺎم ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻤﺎ اﻟﻤﻠﻚ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺸﻐﻞ أﺳﻤﻰ ﻳﺘﻔﻖ وﺻﺤﻴﺢ اﻟﻘﺎﻧﻮن. اﻟﻤﺮاﺗﺐ ،وﻳﺴﻤﻰ اﻟﻤﻨﻔﺬ »ﻧﺎﺋﺐ اﻟﻤﻠﻚ« ،أﻣــﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﻜﺎﺗﺐ ووﻇﻴﻔﺔ اﻟﻤﻨﻔﺬ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻘﺎرﻳﺮﻟﻠﻤﻠﻚ ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮوﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﺗﺒﺎت اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﻬﺎ أو ﻳﺘﻢ ﻋﻼﺟﻬﺎ ،وأﺳﺌﻠﺘﻪ ،وﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻓﺘﺢ رﺳﺎﺋﻞ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس وﻫﻮأﻳﻀﺎ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺴﻤﻲ اﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟــﻮاردة ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻦ اﻟﺴﺎﻣﻴﺘﻴﻦ وﻳﺨﺘﺎرﻫﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺘﻴﺎر ،اﻟﺴﺎﺑﻘﺘﻴﻦ »اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﻟﺮاﺑﻌﺔ«. وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻳﺼﺪراﻟﻤﻠﻚ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺴﺎدس ﻓﻲ ﺑﻼط اﻟﻘﺮارﺑﺘﻌﻴﻴﻨﻬﻢ وﺗﺤﺪﻳﺪ اﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﺘﺰﻳﻴﻦ ﻗﺎﻋﺔ اﻟﻤﻠﻚ وﻓﺮﺷﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﺠﺎد اﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ ورواﺗﺒﻬﻢ .واﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻼط واﻟﻤﻔﺎرش وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻜﺎن ﻛﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺗﻔﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻳﺴﻤﻰ اﻟﻤﺰوار وﻫﻮ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﺴﺆول ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ أﻳﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﺪورﻳﺔ أو ﻋﻦ اﻟﺠﻴﺶ واﻟﺤﺮس اﻟﻤﻠﻜﻲ وﺣﺮﻛﺎﺗﻪ وﻧﻘﻠﻪ اﻟﻄﺎرﺋﺔ أو ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ إﻟﻰ أﺧــﺮى ﺑﺤﺴﺐ اﻷﺣــﻮال ،واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﻮزان وﻫﻮ ﻳﺨﺘﺺ أﻳﻀﺎ ﺑﺼﺮف اﻟﻤﻌﺎﺷﺎت ،واﺗﺨﺎذ »ﻳﺨﺘﺺ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺈﻋﻼن اﻟﻘﺮارات اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﺰﻳﺎدﺗﻬﺎ أو ﺗﺨﻔﻴﻀﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ« ،واﻟﺮﺟﻞ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ وﺗﺮﻗﻴﺔ اﻟﻘﺎدة واﻟﺠﻨﻮد إﻟﻰ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻷﻋﻠﻰ .وﺛﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﻠﻚ إذ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻜﻠﻤﻪ ﻓﻲ 58
ﺗﻮﻧﺲ دﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﻮزان اﻟﺰﻳﺎﺗﻲ
أي وﻗﺖ ﻳﺸﺎء .وﻳﺄﺗﻲ اﻟﺨﺎزن ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ،وﻳﺨﺘﺺ ﺑﺘﺴﻠﻢ اﻟﺠﺒﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎة، وﻳﻘﻮم ﺑﺈﻳﺪاﻋﻬﺎ ﻟﺪى أﻣﻨﺎء ﺻﻨﺪوق ﺑﻴﺖ اﻟﻤﺎل ،وﻳﻨﻔﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻮﻻت اﻟﻤﻠﻚ أو اﻟﻮزﻳﺮاﻷول ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺮف ﺑﻴﺪ اﻟﻤﻠﻚ .وﻳﺤﺘﻞ ﻣﺪﻳﺮاﻟﻤﻜﺲ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ، وﻫﻮ اﻟﻤﺴﺌﻮل ﻋﻦ ﺗﻠﻘﻲ رﺳــﻮم اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟــﻮاردة إﻟﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺤﺮا أوﺑﺮا ،وﻟﺪى ﻫﺬا اﻟﻤﻮﻇﻒ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮﻣﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮرﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺘﺼﻮن ﺑﺘﺤﺼﻴﻞ اﻟﺮﺳﻮم واﻟﻀﺮاﺋﺐ ﻣﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺘﻮاﻓﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻠﺘﺠﺎرة أو اﻹﻗﺎﻣﺔ واﻟﺰﻳﺎرة »اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ« .وﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓــﻲ ﺑــﻼط ﻣﻠﻚ ﺗﻮﻧﺲ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﺪﻳﺮاﻟﺠﻤﺎرك »اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ« ،وﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﺳﺘﻴﻔﺎء اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒﺤﺮوﻛﺬﻟﻚ اﻟــﻮاردة ﺑﺤﺮا ،وﻳﻌﻬﺪ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻋﺎدة ﻟﻴﻬﻮدي ﻏﻨﻲ ،وﺗﻘﻊ داﺋﺮة اﻟﺠﻤﺮك ﻋﻠﻰ ﺑﺤﻴﺮة ﺑﺎب اﻟﻮاد ﻗﺮب ﺗﻮﻧﺲ. واﻟﻤﻮﻇﻒ اﻟﻌﺎﺷﺮﻓﻲ ﺳﻠﻚ اﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻼط اﻟﻤﻠﻜﻲ ﻳﺴﻤﻰ آﻣﺮاﻟﺼﺮف ،وﺗﺘﻤﺜﻞ وﻇﻴﻔﺘﻪ ﻓﻲ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ﺷﺆون اﻟﺘﻤﻮﻳﻦ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﻤﺴﺌﻮل اﻷول ﻋﻦ ﺗﻮﻓﻴﺮﺣﺎﺟﺎت اﻟﻘﺼﺮاﻟﻤﻠﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰواﻟﻠﺤﻢ واﻷﺷﻴﺎء
ﻗﻠﻌﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻓﻲ ﺳﻮﺳﺔ
وﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ أرﺑﻌﺔ إﻟﻰ ﺳﺘﺔ أﻣﻴﺎل » ﻣﻦ 10 /8ﻛﻢ » ﺣﻮل اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﻨﺘﺸﺮﻣﺼﺎﻧﻊ ﻋﺪﻳﺪة ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰﻳﺖ ﻻ ﻟﺘﻤﻮﻳﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ، وﻳﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﺣﻄﺐ اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻓﺤﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﻄﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺷﺊ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﻻت اﻷﺧﺮى ،وﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻌﻮزﻫﺎ اﻟﺤﻄﺐ ﻟﻬﺬه اﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻻت ﺑﺎﻟﻘﺪراﻟﺬي ﻳﻌﻮزﺗﻮﻧﺲ. واﻟﻔﻘﺮاﻟﻤﺪﻗﻊ ﻳﺴﻴﻄﺮﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ أﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻨﺴﺎء ،وﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﻓﺈن ﻟﺴﻴﺪات ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻫﻨﺪاﻣﺎ ﺟﺪا وﻳﺘﺰﻳﻦ ﺑﺘﻈﺮف ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج ﻳﺴﺘﺮن وﺟﻮﻫﻬﻦ ﻣﺜﻞ ﻧﺴﺎء ﻓﺎس ،وﻳﺨﻔﻴﻦ وﺟﻮﻫﻬﻦ ﺑﻮﺿﻊ ﻋﺼﺒﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺟﺪا ﻣﻦ ﻗﻤﺎش ﻓﻮق اﻟﺠﺒﻴﻦ ،وﻫﻨﺎك ﺣﺠﺎب آﺧﺮﻳـﺪﻋﻰ ﺳﻔﺴﺎري ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﺑﺎﻋﺔ اﻟﻌﻄﻮرﻫﻢ دوﻣﺎ آﺧﺮﻣﻦ ﻳﻐـﻠﻖ دﻛﺎﻛﻴﻨـﻬﻢ. وﻟﺴﻜﺎن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﺎدة أﻛﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻀﺮﻳﺪﻋﻰ اﻟﺤﺸﻴﺶ »ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ اﻟﺤﺸﻴﺶ ﻣﻦ اﻟﻘﻨﺐ اﻟﻬﻨﺪي وﻳﻀﺎف إﻟﻴﻪ اﻟﺴﻜﺮوﻣﺴﺘﺤﻀﺮات ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ » ،وﻫﻮﻏﺎل ﺟﺪا ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺆﻛﻞ ﻣﻨﻪ ﻣﻘﺪاراوﻧﺴﻪ ،ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮﻣﺮﺣﺎ ،وﻳﺴﺘﻐﺮق ﻓﻲ اﻟﻀﺤﻚ ،وﺗﺰﻳﺪ وﻗﻒ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺴﺎدس أﻣﺎم ﺗﻮﻧﺲ اﻟﺘﻲ أﺣﺴﻦ وﺻﻔﻬﺎ وأﺷﺎد ﺑﺄﻫﻠﻬﺎ وﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ وﺣﺴﻦ ﺗﺪﺑﻴﺮﻫﻢ ،ﻓﺎﻧﻈﺮه ﻳﻘﻮل »ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪا ودﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ« ،وﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺰدﺣﻤﺔ ً ﺗﻜﺎﺛﻔﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ،وﻟﻜﻞ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﺎ ﺑﺴﻜﺎن ﻣﺘﻜﺎﺛﻔﻴﻦ
ﻗﺮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﺠﺒﻞ -ﺳﻴﺪي ﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ،ﺗﻮﻧﺲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
57
śĔŘǚē įĔżĜijē
ôĬœĊòĿí ĒŇŎ÷ ĽďîňŃ
وﺗﺘﻤﻴﺰﻣﻨﺎزل ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﻤﻨﻈﺮﻫﺎ اﻟﺒﺪﻳﻊ ،وﻫﻲ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﺤﺠﺎرة ﻣﺠﻬﺰة وﺟﻴﺪة اﻟﻨﺤﺖ ،وﺳﻘﻮﻓﻬﺎ ﻣﺰداﻧﺔ ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺎﻟﻔﺴﻴﻔﺴﺎء وﺑﺎﻟﺠﺺ اﻟﻤﺠﺰع ،ﻣﻊ ﻓﻦ راﺋﻊ، واﻟﻤﻨﺎزل ﻣﺰوﻗﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷزرق وﺑﺄﻟﻮان زاﻫﻴﺔ أﺧﺮى ،وﻳﻌﻮد ﻫﺬا إﻟﻰ أن أﻟﻮاح اﻟﺨﺸﺐ وأﺧﺸﺎب اﻟﻨﺠﺎرة ﻧﺎدرة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻷن أﻟﻮاح اﻷﺧﺸﺎب اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ردﻳﺌﺔ وﺳﻴﺌﺔ، وﺗﺒﻠﻂ اﻟﻐﺮف ﺑﻤﺮﺑﻌﺎت ﻣﻦ ﺑﻼط ﻣﻄﻠﻲ ﺑﻠﻮن ﻓﺎﺗﺢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺒﻠﻂ اﻟﺼﺤﻦ أﻳﻀﺎ ﺑﺒﻼط ﻣﻄﻠﻲ ﺑﺎﻟﺪﻫﺎن ،وﺑﻴﻮت ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم وﺣﻴﺪة اﻟﻄﺎﺑﻖ ،وﻟﻠﺒﻴﺖ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﺪﺧﻞ ﺑﺪﻳﻊ ﻣﻊ أول ﺑﺎب ﻳﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،وﺑﺎب ﺛﺎن ﻳﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻜﻦ اﻟﺬي ﻳﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺳﻠﻢ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺑﻀﻊ درﺟﺎت ﻣﺒﻠﻄﺔ ﺑﺼﻮرة ﺣﺴﻨﺔ ،وﻳﻠﺠﺄ ﻛﻞ واﺣﺪ إﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﻣﺪﺧﻞ ﺑﻴﺘﻪ أﻛﺜﺮأﻧﺎﻗﺔ وأﻛﺜﺮﺗﺰﻳﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻘﻴﺔ ،إذ ﻳﻘﻒ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن ﻓﻲ ﻣﺪاﺧﻞ اﻟﺒﻴﻮت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺴﻮﻳﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺧﺪاﻣﻬﻢ .واﻟﺤﻤﺎﻣﺎت ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻛﺜﻴﺮة وﻫﻲ أدق ﻧﻈﺎﻣﺎ وأﻛﺜﺮﻳﺴﺮا وﺗﺴﻬﻴﻼ ﻣﻦ ﺣﻤﺎﻣﺎت ﻓﺎس ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻﺗﻀﺎرﻋﻬﺎ ﺟﻤﺎﻻ وﻻ اﺗﺴﺎﻋﺎ .وﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺧﺎرج ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺰارع ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع ﺗﻨﺘﺞ ﻓﻮاﻛﻪ ﻃﻴﺒﺔ وراﺋﻌﺔ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻮدة ،وﻫﻨﺎك ﻋﺪد ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ اﻟﻤﺰروﻋﺔ ﺑﺎﻟﺒﺮﺗﻘﺎل واﻟﻠﻴﻤﻮن وﺑﺎﻟﻮرود وﺑﺰﻫﻮرﺟﻤﻴﻠﺔ أﺧﺮى ،وﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻰ اﻟﺒﺎردو ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص ﺗﻮﺟﺪ اﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ واﻟﻘﺼﻮراﻟﻔﺨﻤﺔ ﻟﻤﻠﻚ ﺗﻮﻧﺲ ،وﻫﺬه اﻟﻘﺼﻮرﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﺼﻮرة راﺋﻌﺔ ﻣﻊ ﻣﻨﺤﻮﺗﺎت ورﺳﻮم ﻛﺜﻴﺮة اﻹﺗﻘﺎن. 56
ﺗﻮﻧﺲ دﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﻮزان اﻟﺰﻳﺎﺗﻲ
ﻓﻨﺎء ﻣﻨﺰل ﻓﻲ ﺳﻴﺪي ﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ
ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﺴﻜﺎن ﻻﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن زراﻋﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﺠﺎورة ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﻠﺐ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻌﺮب ،ﻟﺬا ﻳﺠﻠﺐ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ﻣﻦ اﻷرﺑﺺ وﻣــﻦ ﺑﺎﺟﺔ وﻣــﻦ ﻋﻨﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧــﺎص ،ﻏﻴﺮأن ﻟﺪى ﺑﻌﺾ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ أﻣﻼﻛﺎ زراﻋﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻳﺰرﻋﻮﻧﻬﺎ ﻗﻤﺤﺎ وﺷﻌﻴﺮا ،وﺗﺮوى ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺎﺣﺎت ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻵﺑﺎراﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ أﻃﺮاﻓﻬﺎ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺧﺒﺰﻇﺮﻳﻒ وﺟﻴﺪ ﺟــﺪا ،وﻫﻮ أﺑﻴﺾ اﻟﻠﻮن وﻣﺨﺒﻮزﺑﺸﻜﻞ ﺣﺴﻦ ،وﻫﻮﻻﻳﺼﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﻳﻤﺰج ﻣﻌﻪ اﻟﺴﻤﻴﺪ .وﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺟﺎﻣﻊ ﺟﻤﻴﻞ ﺟــﺪا ،ﻓﺴﻴﺢ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،وﻟﻪ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻋﺪﻳﺪون وﻣﻮارد ﻋﻈﻴﻤﺔ ،وﻫﻨﺎك ﺟﻮاﻣﻊ أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻓﻲ اﻷرﺑــﺎض وﻟﻜﻨﻬﺎ أﻗﻞ أﻫﻤﻴﺔ، وﺗﻀﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﻤﺪارس اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻄﻼب وﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺰواﻳﺎ ﻟﻠﻤﺘﻌﺒﺪﻳﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، وﻫﻲ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﺗﺴﻤﺢ أوﻗﺎﻓﻬﺎ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻴﻬﺎ واﺳﺘﻤﺮاروﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ.وﺗﺴﻴﻄﺮﻋﻠﻰ أﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻘﻴﺪة ﺣﻤﻘﺎء وﻫﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻛﻞ ﻣﺠﻨﻮن ﻳﻘﺬف ﺑﺎﻟﻄﻮب واﻟﺤﺠﺎرة وﻟﻴﺎً ﻣﻦ أوﻟﻴﺎء اﻟﻠﻪ ،وﻳﻘﻮل اﻟﻮزان ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎم » ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻗﺎم اﻟﻤﻠﻚ ﺑﺒﻨﺎء زاوﻳﺔ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﺟﺪا ﻷﺣﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ اﻟﻤﺪﻋﻮ ﺳﻴﺪي اﻟﻀﺎﺣﻰ ،وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻤﺸﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع ﻻﺑﺴﺎ ﻛﻴﺴﺎ ،ﻋﺎري اﻟﺮأس وﺣﺎﻓﻴﺎ ،ﻳﻘﺬف ﺑﺎﻟﺤﺠﺎرة وﻳﺼﺮخ ﻛﺎﻟﻤﺴﻌﻮر، وﻗﺪ ﺧﺼﺺ ﻟﻪ اﻟﻤﻠﻚ دﺧﻼ ﻃﻴﺒﺎ ﻛﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻫﻮ وأﻓﺮاد أﺳﺮﺗﻪ.
ﺳﻴﺪي ﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ -ﻣﺒﻨﻰ ﻧﻤﻮذﺟﻲ
اﻣﺮأة ﺗﻄﺤﻦ اﻟﺤﺒﻮب ﻓﻲ اﻟﺤﻤﺎﻣﺎت ،ﺗﻮﻧﺲ
÷ ĶŔĔňøĿí ôĸŔķĉ ĒŇŎ
اﻟﺴﻴﺮاﻣﻴﻚ -ﺗﻮﻧﺲ
ﺳﻮﺳﺔ
وﻗﺪ وﻗﻒ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺴﺎدس أﻣﺎم ﺗﻮﻧﺲ اﻟﺘﻲ أﺣﺴﻦ وﺻﻔﻬﺎ وأﺷﺎد ﺑﺄﻫﻠﻬﺎ وﻣﻬﺎراﺗﻬﻢ وﺣﺴﻦ ﺗﺪﺑﻴﺮﻫﻢ ،ﻓﺎﻧﻈﺮه ﻳﻘﻮل »ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪا ودﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ« ،وﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺰدﺣﻤﺔ ﺑﺴﻜﺎن ﻣﺘﻜﺎﺛﻔﻴﻦ ﺗﻜﺎﺛﻔًﺎ ﻛﺒﻴ ًﺮا ،وﻟﻜﻞ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﺎ ،وﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺳﻜﺎن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﺔ ،وﺗﺼﻨﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﻗﻤﺸﺔ اﻟﻤﺘﻘﻨﺔ ﻛﻞ اﻹﺗﻘﺎن واﻟﺘﻲ ﺗﺒﺎع ﻓﻲ ﻛﻞ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻫﻲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ اﻟﺴﻌﺮﻛﺜﻴﺮا ﻷﻧﻬﺎ ﻧﺎﻋﻤﺔ وﻣﺘﻴﻨﺔ ،وﻳﺮﺟﻊ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﻨﺴﺎء ﻳﺘﻘﻦ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﻐﺰل ﻛﻞ اﻹﺗﻘﺎن ،وﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺠﻠﺴﻦ ﻓﻮق ﻣﻘﻌﺪ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ وﻳﺪﻋﻦ ﻣﻐﺰﻟﻬﻦ ﻳﺘﺪﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮا، ﻓﻴﻘﻌﺪن ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻧﺎﻓﺬة وﻳﺘﺮﻛﻦ اﻟﻤﻐﺰل ﻳﻨﺰل إﻟﻰ ﺻﺤﻦ اﻟﺒﻴﺖ ،أو ﻳﻨﺰل ﻣﻦ ﺛﻘﺐ ﻣﻔﺘﻮح ﻓﻲ أرﺿﻴﺔ اﻟﺒﻴﺖ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻃﺎﺑﻖ وآﺧﺮ ،وﻧﻈﺮا إﻟﻰ ﺛﻘﻞ اﻟﻤﻐﺰل ﻳﺒﺮم اﻟﺨﻴﻂ اﻟﻤﺸﺪود ﺑﺮﻣﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﺑﺼﻮرة ﺟﻴﺪة وﻋﻠﻰ ﺛﺨﺎﻧﺔ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ. وﻫﻨﺎك ﺳﻮق ﺧﺎص ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻳﺤﻮي ﻋﺪدا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﺗﺠﺎراﻟﻘﻤﺎش ،وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺆﻻء أﻛﺜﺮأﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺛﺮاء ،وﻳﺸﻐﻞ ﺗﺠﺎرآﺧﺮون وﺻﻨﺎع ﻣﻌﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﺴﻮق ،ﻛﺎﻟﻌﻄﺎرﻳﻦ وﺑﺎﻋﺔ اﻷﺷﺮﺑﺔ واﻟﺘﺮﻗﺎﻳﺎت »ﻣﺴﺎﺣﻴﻖ ﻃﺒﻴﺔ ﻣﻐﻠﻔﺔ ﺑﺸﺮاب اﻟﺴﻜﺮواﻟﻌﺴﻞ »وﺑﺎﻋﺔ اﻟﺤﺮﻳﺮ واﻟﻌﻄﻮر واﻟﺨﻴﺎﻃﻴﻦ واﻟﺴﺮاﺟﻴﻦ واﻟﻔﺮاﺋﻴﻦ وﺑﺎﻋﺔ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ واﻟﺤﻼﺑﻴﻦ وﺻﻨﺎع اﻟﺰﻻﺑﻴﺔ »ﻟﻘﻤﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻫﻲ ﻃﻌﺎم ﺷﻌﺒﻰ«، واﻟﻘﺼﺎﺑﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺬﺑﺤﻮن ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺮﺑﻴﻊ واﻟﺼﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﺨﺮاف أﻛﺜﺮﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮاﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﺧﺮى. ŅŎòŔĤĿí ĒŇŎ÷ ľŋã
وأﻫﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻃﻴﺒﻮن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻣﺤﺒﻮﺑﻮن ﺟﺪا ،وﻳﻠﺒﺲ ﺻﻨﺎﻋﻬﺎ وﺗﺠﺎرﻫﺎ وأﺋﻤﺘﻬﺎ وﺟﻤﻴﻊ ﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ ﻫﻨﺪاﻣﺎ ﺟﻤﻴﻼ ﻻﺋﻘﺎ ،وﻳﻀﻌﻮن ﻓﻮق رءوﺳﻬﻢ ﻗﻠﻨﺴﻮة ﻣﻐﻄﺎة ﺑﻘﻤﺎﺷﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن وﻣﻮﻇﻔﻮ اﻟﺒﻼط ﻗﻠﻨﺴﻮة أﻳﻀﺎ وﻟﻜﻦ ﺑﺪون ﻗﻤﺎﺷﺔ ،وﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﺘﻮﻧﺲ اﻟﻜﺜﻴﺮﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺎء ،ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺪرة اﻟﻘﻤﺢ ﻷن ﺳﻌﺮه ﻓﻲ داﺧﻞ اﻟﺒﻠﺪ ﻳﻘﺎرب ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف ﺳﻌﺮه ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﻤﺼﺪرة ﻟﻪ ،وﻳﺮﺟﻊ اﻟﺴﺒﺐ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
55
śĔŘǚē įĔżĜijē ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻨﺴﺘﻴﺮ ،ﺗﻮﻧﺲ
Œŀī ĉíæij ĊńĄŃ
ﺑﻴﻦ ﻳﺪي ﻛﺘﺎب ﻗﻴﻢ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮان »وﺻﻒ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ« ﺳﻄﺮه اﻟﺤﺴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻮزان اﻟﺰﻳﺎﺗﻲ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻓﻲ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ اﻟﻌﺎم 888ﻫﺠﺮﻳﺔ ،وﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺠﻲ. ﻳﻨﺤﺪر اﺑﻦ اﻟﻮزان اﻟﺰﻳﺎﺗﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ أﺳﺮة وﺟﻴﻬﺔ ﺗﻨﺘﺴﺐ إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎس ،ﺷﻐﻞ أﺑﻮه وﻇﻴﻔﺔ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﻮازﻳﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﺘﺪب ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻔﺎرات اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﺪت ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎس ،وﻣﻨﺬ ﺟﻠﺲ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻋﻠﻮﻣﻪ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎس وﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺮوﻳﻴﻦ ﻇﻬﺮ ﺟﺪه وﻧﺒﻮﻏﻪ، وﻟﻤﺎ ﺷﺐ ﻋﻦ اﻟﻄﻮق واﺷﺘﺪ ﻋﻮده رﺣﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺪن اﻷوروﺑﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪه إﺗﻘﺎﻧﻪ ﻟﻠﻐﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﺒﺮﻳﺔ واﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﻬﺎ واﺳﺘﻜﻤﺎل ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﻓﻲ ﻣﺪارﺳﻬﺎ واﻟﺘﺰود ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻣﻬﺎ واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﻓﻨﻮﻧﻬﺎ وآداﺑﻬﺎ وﺧﺪﻣﺔ ﻣﻠﻮﻛﻬﺎ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻘﺮاﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻟﺴﻨﻮات ﻛﺜﻴﺮة ،وﻓﻴﻬﺎ أﻟﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ 54
ﺗﻮﻧﺲ دﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﻮزان اﻟﺰﻳﺎﺗﻲ
اﻟﺬي ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻨﺎ ،وﻗﺪ ﺟﺎءت ﻣﺎدﺗﻪ »اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ« ﻓﻲ ﺣﻮاﻟﻲ 700ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،وﺗﻮزﻋﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻌﺔ أﻗﺴﺎم ،ﺗﻨﺎول ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﻨﻬﺎ أﺻﻞ اﺳﻢ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﺣﺪودﻫﺎ وأﻗﺴﺎﻣﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ،وﺳﻜﺎﻧﻬﺎ اﻷﻓﺎرﻗﺔ واﻟﻌﺮب وﻣﻮاﻃﻨﻬﻢ اﻷﺻﻠﻴﺔ، وأﻟﻮاﻧﻬﻢ وﻋﺎداﺗﻬﻢ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ ،وﻟﻐﺎﺗﻬﻢ وﻟﻬﺠﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت وﺳﺎدت ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻣﺼﺎدرﻏﺬاﺋﻬﻢ وأﻧﻮاﻋﻬﺎ وﻃﺮق ﻃﻬﻴﻬﺎ وﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ،وﻣﻼﺑﺴﻬﻢ وأﺷﻜﺎﻟﻬﺎ وﺧﺎﻣﺎﺗﻬﺎ ،واﻷﻣﺮاض واﻷوﺑﺌﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،وﻣﺤﺎﺳﻦ وﻋﻴﻮب اﻷﻓﺎرﻗﺔ ،واﻟﻤﻌﺎدن واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت واﻟﻄﻴﻮرواﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺘﻲ وﺟﺪت ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ زﻣﻦ رﺣﻠﺔ اﺑﻦ اﻟﻮزان إﻟﻴﻬﺎ ،وﻳﺰﻋﻢ اﺑﻦ اﻟﻮزان ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ أن أﺻﻞ اﺳﻢ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺟﺎء ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺑﻞ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ separaritوﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻧﻔﺼﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﻦ أورﺑﺎ وآﺳﻴﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ اﻷﺣﻤﺮواﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،وإن ﻛﻨﺎ ﻧﺮى أن اﺳﻤﻬﺎ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻮس ﻣﻠﻚ ﺑﻼد اﻟﻌﺮب اﻟﺴﻌﻴﺪة ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎرأﻧﻪ أول ﻣﻦ ﺟﺎء إﻟﻴﻬﺎ وﺳﻜﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻫﺰﻳﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ أﺷﻮر وﻃﺮده ﻣﻦ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ.
Í Ëí ¡ ì ¥
ﺗﻮﻧﺲ دﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﻮزان اﻟﺰﻳﺎﺗﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016 ﺗﺮا
53
وﺟﻬﺔ ﺳﻔﺮ
ﻃﻔﻼن ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻞ )(3 ﻧﺤﻦ ﻧﺼﻨﻊ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ ،ﻧﻄ ّﻮﻋﻬﺎ ،وﻧﺠﻌﻠﻬﺎ ﺑﺎﺗﺴﺎع أﻓﻘﻨﺎ ،أو ﺑﻀﻴﻖ ﻣﺨﻴﻼﺗﻨﺎ اﻟﺬي ﺗﻔﺎﺟﺌﻨﺎ ﺑﻪ أﻣﺰﺟﺘﻨﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ .ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﻤﻲ ﻃﺮﻳﻘﻚ اﻟﺼﺒﺎﺣﻲ ﻧﺤﻮ ﻋﻤﻠﻚ ،أو ﻧﺤﻮ ﻣﺪرﺳﺔ ﺑﻨﺘﻚ، وأﻧﺘﻤﺎ ﺗﺴﻴﺮان ﺟﻨﺒﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ،ﺗﺘﺮﻛﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﺒﺎب؛ ﻟﺘﻠﺤﻖ ﺑﻤﻮﻋﺪ اﺟﺘﻤﺎع ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ :رﺣﻠﺔ .ﺗﻘﻮل »رﺣﻠﺘﻲ اﻟﺼﺒﺎﺣﻴﺔ«. ﺑﻴﻨﻤﺎ »رﺣﻠﺔ ﻣﺴﺎﺋﻴﺔ« ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻐﻠﻐﻞ ﺑﻚ ﻓﻲ ﺿﻔﺎف أﺧﺮى ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻚ اﻟﺘﻲ ﻣﺮت؛ إذ ﻳﺄﺗﻴﻚ وﺟﻪ »ﻣﺤﻤﺪ« ﻃﺎزﺟﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻴﻨﻲ ﻷﺟﺪﻧﻲ ﻣﺘﻤﺪدا اﻟﻨﻬﺎر اﻟﺒﻌﻴﺪ .ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط ﻣﺪ ﱟو ،ﻓﺘﺤﺖ ﱠ ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻤﺎء؛ ﺗﻠﻮح زرﻗﺎء ﺻﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ،ووﺟﻪ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻣﺄﺧﻮذ ﺑﻠﻬﻔﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮي .ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻛﺎﻧﺖ إﺟﺎﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺆاﻟﻲ »ﻣﺎذا ﻛﻨﺖ ﺳﺘﻔﻌﻞ ﻟﻮ ﺗﻄﻮرت اﻷﻣﻮر ﻋﻤﺎ ﺻﺎرت إﻟﻴﻪ؟« :ﻛﻨﺖ أﻓﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺪراﺟﺔ ،ﻗﺎل ،ﻣﺎذا ﺳﺄﺻﻨﻊ ﺑﻬﺎ؟ ﻫﻞ أﻋﻮد ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻴﺘﻚ؟ أم أﻟﻘﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻋﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻮدﺗﻲ وأﻛﻤﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺳﻴﺮا ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺪام!. اﺳﺘﻠﺰم اﻷﻣﺮ ﻣﻨﺎ ﺑﻀﻊ ﺳﺎﻋﺎت أﺧﺮى ﺣﺘﻰ أﺗﻌﺎﻓﻰ ﻣﻦ وﻗﻊ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﻬﺒﻮط ﻣﻦ ﻋﻠﻴﺎﺋﻬﺎ ،ﻧﺤﻮ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﻴﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺐ اﻟﻤﺴﻴﺮ ،واﻟﻬﻠﻊ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻃﻔﻠﻴﻦ ﻛ ّﻨﺎﻫﻤﺎ ،روﻳﺪا روﻳﺪا .أﺻﺮ ﻋﻠﻰ أن ﻧﻜﻤﻞ ﻣﺴﻴﺮﺗﻨﺎ اﻟـ«ﺑﻼ وﺟﻬﺔ« ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ،وﻳﺘﺸﺒﺚ ﺑﺎﻟﻌﻮدة .أﻇﻨﻪ ﻛﺎن أﺣﺼﻒ، وأﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻧﺰﻗﻲ اﻟﻤﻘﻴﻢ ﺳﺎدرا .ﺻﺎر ﻛﻠﻤﺎ ﻗﺎﺑﻠﻨﻲ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺷﺒﺒﻨﺎ ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺄن ﻣﻮﻗﻔﻪ اﺣﺘﻔﻆ ﻟﻲ ﺑﺤﻴﺎﺗﻲ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ .ﻟﻜﻦ َﻣ ْﻦ ﻳﺪري! ﻫﻞ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ أﻛﻤﻠﺖ رﺣﻠﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺳﺄﺻﻴﺮ ﺷﺎﻋﺮا ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ؟ ﻫﻞ ﻛﺎن ﻓﻌﻞ اﻟﺴﻔﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﻀﺮب روﺣﻲ ﺑﻘﻴﺔ ﻋﻤﺮي ،وإﻟﻰ اﻵن؟ ﻫﻞ ﻟﻌﺪم اﻛﺘﻤﺎل اﻟﺪﻫﺸﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﻠﻚ دور ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻲ اﻟﺪاﺋﺐ ﻋﻨﻬﺎ ،وإﻟﻰ اﻵن أﻳﻀﺎ؟ .أﺳﺌﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﺗﻨﺎوﺷﻨﻲ، وﻻ أدري ﻟﻬﺎ إﺟﺎﺑﺔ ﻣﺤﺪدة ،ﺳﻮى أﻧﻨﻲ رﺑﺤﺖ ﺷﻴﺌﺎ أﺳﺎﺳﻴﺎ
52
ﻃﻔﻼن ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻞ )(3
ﻣﺤﻤﻮد ﺷﺮف @
ﻫﻨﺎك؛ ﻓﺘﺤﺖ اﻟﺒﺎب ،ﻓﺘﺤﺘﻪ وﻋﺒﺮت إﻟﻰ ﺿﻔﺘﻪ اﻷﺧﺮى ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻟﻠﺤﻈﺎت ﺧﺎﻃﻔﺔ! ﻋﺪﻧﺎ أدراﺟﻨﺎ ،اﺳﺘﺪرﻧﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻐﺮب ﻣﺠﺪدا ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ،وﺣﻔﻈﺎ ﻟﻤﺎء وﺟﻬﻲ أﺻﺮرت ﻋﻠﻰ أن ﻧﺘﺨﺬ ﻃﺮﻳﻘﺎ آﺧﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﺬي أﺗﻴﻨﺎ ﻣﻨﻪ، ﻓﻬﻨﺎك ،ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻮدة ،ﻳﺘﻘﺎﻃﻊ ﻃﺮﻳﻖ آﺧﺮ ﻳﻤﺮ ﺑﻴﻦ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ﻃﻨﻄﺎ وﻣﺪﻳﻨﺔ ﺷﺒﻴﻦ اﻟﻜﻮم ،ﻳﻮازي اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺰراﻋﻲ اﻟﻮاﺻﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة واﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ،وذﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻳﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺘﻴﻦ اﻷوﻟﻴﻴﻦ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ ﻗﻠﻴﻼ ﻓﻲ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﺘﺮق اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮى ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ اﻷول .ﻳﺸﻖ اﻟﺤﻘﻮل ،وإﻟﻰ ﻳﻤﻴﻨﻪ ،وأﻧﺖ ﺗﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻤﺎل ﺗﻤﺘﺪ ﺑﻤﺤﺎذاﺗﻪ ﺗﺮﻋﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ، اﺳﻤﻬﺎ »اﻟ ﱠﺮﻳﱠﺎح اﻟﻤﻨﻮﻓﻲ« ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻤﻨﻮﻓﻴﺔ .اﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﺷﻤﺎﻻ ﻣﺠﺪدا ﻣﺘﺨﺬﻳﻦ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮات ﺳﻨﺄﺧﺬ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻓﺮﻋﻴﺎ آﺧﺮ ،ﻳﺘﺠﻪ ﻏﺮﺑﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮﻓﻞ ﺻﻨﺎدﻳﺪ ﻓﻲ ﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﺮاب ،ﺗﺼﻨﻌﻬﺎ أﻗﺪام اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ اﻟﻌﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮل ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ .ﻛﺎن اﻟﻈﻼم ﻳﻘﺘﺮب ،و«ﻣﺤﻤﺪ« ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﻗﻴﺎدة اﻟﺪراﺟﺔ؛ ﻓﻠﻢ أﻋﺪ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪوري ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺄس؛ ﻓﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺔ أﻗﺼﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ ،واﻟﻮﺟﻮه اﻟﺘﻲ ﻧﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻟﻨﺎ ،ﺗﺒﺚ ﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻳﺤﺎول اﻟﻈﻼم اﻟﻤﻨﺘﺸﺮ أن ﻳﺒﺪدﻫﺎ. ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺣﻤﻠﻨﺎ ﺟﺎر ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺑﺘﻪ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮﻫﺎ ﺣﻤﺎره ،ﻧﺤﻦ واﻟﺪراﺟﺔ ،وأﻧﺰﻟﻨﺎ أﻣﺎم ﺑﻴﺘﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة. ﺗﻠﻚ ذﻛﺮﻳﺎت ﺑﻌﻴﺪة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻼزﻣﻨﻲ دوﻣﺎ ،وأﺣﻤﻞ ﻟﻬﺎ ﻣﺤﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة؛ ذﻟﻚ أﻧﻬﺎ ﺗﻬﻮﻳﻤﺎﺗﻲ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺮﺣﻠﺔ @ ﺷﺎﻋﺮ وإﻋﻼﻣﻲ ﻣﺼﺮي.
وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ
اﻷوﻟﻰ ﺑﻴﻨﺎ واﺿﺤﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺧﻔﺎء ،وﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﺼﻮراﺗﻨﺎ ﺷﺌﻨﺎ أم أﺑﻴﻨﺎ« ﻫﻮ اﻷﻗﺮب ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﺘﺮاث، وﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻳﺆﻛﺪ ﻣﻌﻀﻠﺔ اﻟﺪارس اﻟﻤﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس واﻟﺘﺤﺪﻳﺪ واﻹﺑﺎﻧﺔ. ﻟﻬﺬا ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﻴﺪ أن ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ، أو ﻧﻤﻄًﺎ ﻟﻺﻧﺘﺎج ،ﻟﻪ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮه اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ،وﻗﻴﻤﻪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،وآﻟﻴﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺪﻻﻟﺔ وﺗﻠﺒﻴﺔ اﻟﺤﺎﺟﺔ ،ﺑﻴﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻴﻦ. رﺑﻤﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺣﻴﺮة اﻟﻮﻗﻮف أﻣﺎم ﺻﻮر ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث وﻃﺮاﺋﻖ ﻛﺜﻴﺮة ﻟﺪراﺳﺘﻪ »ﻣﺎدﻳﺔ -روﺣﺎﻧﻴﺔ - ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ…اﻟﺦ« وﺗﺠﻤﻌﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ دﻋﺎﺋﻢ ﻧﻤﻂ اﻹﻧﺘﺎج ،وﻣﻌﻴﺎر اﻟﻘﻴﻤﺔ. إن اﻋﺘﻤﺪﻧﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ وﻋﺪﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن إﻟﻰ أن ﺗﻘﻠﺺ أﻧﻮاع اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻧﺤﺼﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ واﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻫﻮ ﺗﻄﻮر ﺑﻤﻌﻨﺎه اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ؛ إذ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻘﻠﻲ ﺗﺼﻮر أن ﻓﻌﻞ اﻟﺘﺨﻠﻲ أو ﻓﻘﺪ أدوات وإﻣﻜﺎﻧﺎت ﻫﻮ ﺗﻄﻮر. ﺑﺎﻟﻨﻈﺮة اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث -ودون اﻟﺨﻮض ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺎت ﺗﻄﻮر اﻷﺟﻨﺎس اﻷدﺑﻴﺔ -ﻳﺒﻬﺮﻧﺎ ﺗﻌﺪد أﺷﻜﺎل اﻟﺴﺮد اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻘﺎﻣﺔ واﻟﺴﻴﺮة اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﺨﻄﺒﺔ واﻟﺨﺒﺮ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺘﻲ أﻧﺘﺞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ دﻻﻻﺗﻪ وﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،وﻋﺒﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻦ أﻓﻜﺎره وﻗﻴﻤﻪ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺬي ﺣﻤﻠﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ أﻫﻤﻴﺔ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻷﻗﺮب ﻋﻦ روح اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﻞ ذﻫﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺑﺬور اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻪ ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺣﻴﺎة اﻟﻨﺎس واﻗﻌﺎ. وﻫﻮ ﻣﺎ أﻛﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺎﻃﻲ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث؛ إذ ﺗﺘﻨﻮع أﺷﻜﺎل ﺗﻘﺎﻃﻊ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ اﻟﻤﻮروث ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺎق ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺴﺮد ﺑﺄﺷﻮاط ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻤﻮروث ﺷﻌ ًﺮا أو ﻗﺮآﻧًﺎ أو ﺳﻴﺮة أو ﺣﺘﻰ أﺳﻄﻮرة. اﻵن ﻗﺪ ﻳﺒﺪو اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﺘﻌﺮض ﻟﻨﻤﺎذج ﺷﻬﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﻃﻌﺖ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث ،ﻣﺜﻞ »اﻟﺰﻳﻨﻲ ﺑﺮﻛﺎت« و»وﻗﺎﺋﻊ أﺑﻰ اﻟﻨﺤﺲ اﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻞ« و»رب اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت« و»ﺣﺴﻦ اﻟﺴﻤﺎع وﻃﻴﺐ اﻟﻤﻘﺎم« ...وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻟﻨﺠﺪ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺒﺪع ﻋﻼﻗﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻌﻪ ﺧﻼف اﻟﻨﻤﻄﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺣﺪدﻫﻤﺎ ﻳﻘﻄﻴﻦ ﺳﻠﻔًﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺣﻘﻘﺖ اﻻﺳﺘﻔﺎدة إﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﺳﺘﻌﺎرة اﻟﺒﻨﻴﺔ أو اﻟﻠﻐﺔ أو ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ واﻟﺘﺤﺎور ﻣﻊ ﻧﺺ ﻣﻮروث ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻇﻠﺖ أﻋﻤﺎﻻً ﺗﺤﺼﺮ اﻟﺘﺮاث داﺧﻞ »ﻧﺼﻮﺻﻪ اﻟﻤﻜﺘﻮب« ،دون اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﻌﻘﺪة واﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻫﺬه
اﻟﻨﺼﻮص. ﻟﻜﻦ -وﻷن اﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴ ًﺪا ﻣﻤﺎ ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻴﻪ -اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ رؤﻳﺔ ﺳﻄﺤﻴﺔ اﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ أو ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﺎﻃﻴﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث ﺿﻤﻦ ﻛﺘّﺎب اﻟﺴﺮد ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺣﺼﺮﻫﻢ ﻟﻌﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮاث ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎص ﻣﻊ ﻧﺼﻮﺻﻪ ،إﻧﻪ ﻧﻤﻂ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج ﻳﻬﻤﻞ أدواﺗﻪ وإﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺮر واﺿﺢ. ﻳﻘﻮل إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺻﺤﺮاوي إن اﻟﺴﺮد ﺑﺄﻧﻮاﻋﻪ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻫﻮ »أﺣﺪ ﻃﺮاﺋﻖ ﻧﻘﻞ اﻷﻓﻜﺎر واﻟﻘﻴﻢ ،ووﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ دوراﻧﻬﺎ ﺑﻴﻦ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ، وأداة ﻣﻦ أدوات ﺻﻨﻊ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﺎم«. ﻓﻲ ﺣﺎل أدرﻛﻨﺎ ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻣﻊ ﺗﻌﺪد أﺷﻜﺎل اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺤﺪودﻳﺘﻬﺎ ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ ،ﻣﻊ اﻋﺘﻤﺎدﻧﺎ ﻟﻠﺤﻀﺎرة ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻘﺪ إﻟﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴ ًﺪا ،ﻧﺪرك أﻧﻨﺎ ﻧﺴﻴﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻌﻜﺴﻲ ﻟﻠﺤﻀﺎرة @ ﺷﺎﻋﺮ وﻛﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
51
اﻟﺴﺮد واﻟﺘﺮاث أو اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺴﻮﻳﺔ واﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﺷﺨﺎص وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺮﻫﻮﻧﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺷﺮط اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻪ ﺑﺘﺤﻘﻖ أﻃﺮاﻓﻬﺎً ، إﺟﻤﺎﻻً ﺑﺎﻟﻨﺪﻳﺔ؛ إذ ﻻﺑﺪ ﻟﻬﺆﻻء اﻷﻃﺮاف أن ﻳﻌﺮف ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻔﺴﻪ، واﻵﺧﺮﻳﻦ ،ودواﻓﻊ اﻟﻌﻼﻗﺔ وﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ،ﻟﻴﺘﺒﻴﻦ أي اﻟﻤﺴﺎرات ﺳﻮف ﺗﺴﻠﻚ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ،وأي اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﺳﻮف ﺗﺤﺘﻜﻢ ﻟﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻖ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ. ﻛﺬﻟﻚ اﻷﻣﺮ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻷﺷﺨﺎص واﻷﺷﻴﺎء ،إذ ﻫﻲ -اﻷﺷﻴﺎء - ﺗﺠﻞ ﻟﻘﻴﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ أو اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،أو ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻬﻤﺎ. ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﱟ ﻧﺤﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎﻃﻴﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺸﺘﺒﻜﻮن ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻻﺿﻄﺮاب؛ ﻻ ﻧﺤﻦ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ ذواﺗﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ،وﻻ اﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻏﻴﺮ ﻣﻀﻄﺮب ﻟﻠﺘﺮاث ﻧﻔﺴﻪ ،وﻻ ﻧﺤﻦ اﺳﺘﻘﺮرﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ -ﺑﻀﻤﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺮ -وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮﻳﺒﺔ؛ ﻛﺜﻴﺮون ﻳﺮون ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺳﺒ ًﺒﺎ وﺣﻴ ًﺪا ﻓﻲ ﻣﺸﻜﻼﺗﻨﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻛﻠﻬﺎ ،ﻣﻘﺎﺑﻞ آﺧﺮﻳﻦ ﻳﺮوﻧﻬﺎ اﻟﺼﺮاط اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺨﻼص، وﺗﻌﺎﻣﻠﻮا ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﻄﻔﻴﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺤﻴﺔ، ﻳﻤﺘﺼﻮن ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺘﺒﺮﻳﻦ أﻧﻪ اﻟﺮاﻓﺪ اﻷوﺣﺪ ﻟﻠﺤﻴﺎة ،ﻓﺎﻧﻜﺒﻮا ّ ﻏﻴﺮ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻟﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻬﻼﻛﻪ وﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ،وﻗﺴﻢ ﺛﺎﻟﺚ ﻳﻨﺎدي ﺑﺎﻟﻘﻄﻴﻌﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث وﻫﻮ اﻟﺬي ﻧﻨﺘﺼﺮ ﻟﻪ ،إذ ﻻ ﺑﺪ -ﻛﻤﺎ ﺟﺮت اﻟﻌﺎدة -أن ﻧﻨﺘﺼﺮ ﻟﻔﺮﻳﻖ. ورﻏﻢ اﻟﺘﻨﺎﻣﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﻲ دراﺳﺎت ﻣﺒﺤﺚ اﻟﺘﺮاث ،إﻻ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪراﺳﺎت ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﺒﺮﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ إﺣﺪى وﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث وآﻟﻴﺔ ﺗﺸﻜﻠﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ وﺑﻴﻦ اﻟﺮاﻫﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺘﺮدي ،ﻟﺘﺄﺗﻲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﻜﻮن ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﻪ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ أو اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻨﻪ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ،إﻻ ً اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﺪت إﻟﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ﺑﻌﺪ ﺗﻨﻘﻴﺤﻪ ،ﻣﻦ دون إﻏﻔﺎل ﺗﺒﺎﻳﻦ اﻟﺴﻴﺎق واﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻨﺘﺞ ﻟﻤﺎ وﺻﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﺮاث ،وﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻦ. ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺎل اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻹﺑﺪاﻋﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،واﻟﺬي ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻓﻖ زاوﻳﺔ ﻣﻦ زواﻳﺎ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺠﺎﻫﺰة ،ﻓﺄﺑﺪع ﺿﻤﻦ ﺷﻜﻞ
50
اﻟﺴﺮد واﻟﺘﺮاث أو اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ
ﻣﺼﻄﻔﻰ رزق @
ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻹﺑﺪاع ﻋﻤﻮﻣﺎ واﻟﺴﺮدي ﺗﺤﺪﻳﺪا ﺑﺎﻟﺘﺮاث ،واﻟﺘﻲ ﻟﺨﺼﻬﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي واﻟﺮواﻳﺔ« ﻗﺎﺋﻼ »» :ﻛﺜﻴﺮة ﻫﻲ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة إﺣﺪى اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻴﻤﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﺮدي اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺿﺒﻂ ﻣﺨﺘﻠﻒ أوﺟﻪ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻜﺎﺋﻨﺔ واﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺸﻜﻠﻴﻦ اﻟﺘﺎﻟﻴﻴﻦ: اﻻﻧﻄﻼق ﻣﻦ ﻧﻮع ﺳﺮدي ﻗﺪﻳﻢ ﻛﺸﻜﻞ ،واﻋﺘﻤﺎده ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻹﻧﺠﺎزﻣﺎدة رواﺋﻴﺔ ،وﺗﺘﺪﺧﻞ ﺑﻌﺾ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻨﻮع اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب، ﻓﺘﺒﺮز ﻣﻦ ﺧﻼل أﺷﻜﺎل اﻟﺴﺮد أو أﻧﻤﺎﻃﻪ أو ﻟﻐﺎﺗﻪ أو ﻃﺮاﺋﻘﻪ. اﻻﻧﻄﻼق ﻣﻦ ﻧﺺ ﺳﺮدي ﻗﺪﻳﻢ ﻣﺤﺪد اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﻬﻮﻳﺔ ،وﻋﺒﺮاﻟﺤﻮار أو اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﻨﺼﻲ ﻣﻌﻪ ،ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻧﺺ ﺳﺮدي ﺟﺪﻳﺪ )اﻟﺮواﻳﺔ( ،وإﻧﺘﺎج دﻻﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻪ«. ﻳﻘﻄﻴﻦ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺘﺮاث ﺑﻮﺻﻔﻪ اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻷدﺑﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ ،أو »اﻟﻨﺺ اﻟﺘﺮاﺛﻲ« ،اﻟﺬي ﻳﺸﻤﻞ ﻋﻨﺪه اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ واﻟﺴﻴﺮ أو اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﻤﺮوﻳﺎت اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﻘﺪ اﻷدﺑﻲ »ﻻ ﻧﺺ« ،وﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻷدب -ﺑﺼﻮرة ﻣﺎ ﻣﻌﺒﺮا ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي أﻧﺘﺞ ﻓﻴﻪ ،وﻗﺪ ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻﻣﻌﺒﺮا ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺷﺮاﺋﺤﻪ ﻣﻦ دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻗﺪ واﺟﻬﺖ اﻟﺪراﺳﺎت اﻷدﺑﻴﺔ -وﻣﺎ زاﻟﺖ -ﻣﻌﻀﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاث ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻨﻴﺖ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ أو اﻟﻤﻘﺎرﺑﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاﺛﻲ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻟﺪى اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ، وﻟﻴﺴﺖ ﻣﺼﺎدﻓﺔ أن ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ دراﺳﺎت ﻣﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺳﻮاء ﻣﻨﻈﻮر أرﻛﻮن ﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺘﺮاﺛﻲ، إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ آﻟﻴﺔ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﺠﺎﺑﺮي ﻟﻠﺘﺮاث ﺑﻮﺻﻔﻪ ذات ،وﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺣﺴﻦ ﺣﻨﻔﻲ ،وﺣﺘﻰ أدوﻧﻴﺲ ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻧﺼﺮ ﺣﺎﻣﺪ أﺑﻮ زﻳﺪ »اﻟﺘﺮاث دﻋﺎﻣﺔ ﻣﻦ دﻋﺎﻣﺎت وﺟﻮدﻧﺎ، وأﺛﺮ ﻓﺎﻋﻞ ﻓﻲ ﻣﻜﻮﻧﺎت وﻋﻴﻨﺎ اﻟﺮاﻫﻦ ،وأﺛﺮ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺒﺪو ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ
ﻳــــــﺎ ﻛــــــــﻮس ﻳــــــﺎ د ّﻋـــــﺎﺑـــــﻲ ﺻــــــﻠّــــــﺐ ﻫــــــــــــﻮاك وﻧـــــــﺎح ﻋـــــﻨـــــﺪك ﺑـــــﻨـــــﺪب ﻳــــﻮاﺑــــﻲ ﻟـــــﺤـــــﻠـــــﻮﻳـــــﻦ اﻟـــــﺼـــــﺒـــــﺎح م اﻟـــــﻌـــــﺎم اﻧـــــــﺎ ﻣــﺼــﻄــﺎﺑــﻲ ﻣــــــــﻦ ﻳــــــــــــــــﺎدلٍ ﻣـــــــــــ ّﺰاح ﻣـــــــــﻌـــــــــ ّﺰل اﻷرﻗـــــــــﺎﺑـــــــــﻲ واﻟـــــــــﺨـــــــــﺪ ﺑــــــــــــــﺮقٍ ﻻح واﻧـــــــــــﺎ ﺳـــــﺒـــــﺎﻧـــــﻲ ﺳــــﺎﺑــــﻲ واﻟـــــﻬـــــﺎﻳـــــﻌـــــﻴـــــﻦ ﻃــــﻴــــﺎح ﻟــــــﻮ ﻣــــﻀــــﻨــــﻮﻧــــﻲ درى ﺑــﻲ اﻟـــــــﻘـــــــﻮت ﻟـــــــﻪ ﻣـــــــﺎ ﺳـــــﺎح ر ّﺟـــــــــــﻊ ﻛـــــﺒـــــﺲ اﻟــــﻌــــﻼﺑــــﻲ ٍ ـــــــﻼت ﻓــــــﻲ اﻟـــــﻤـــــﺮاح ﻋـــــــ ْﻴ ﺑـــــﺎﻟـــــﻮف ﺻـــــــﻮب أﺻـــﺤـــﺎﺑـــﻲ ﻛـــــــــﺎن اﻟـــــﻮﺻـــــﻠـــــﻪ ﻣــــﺒــــﺎح
ﺷﺠﻮي ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ّ
ƁĚĘŔDž ij Ęſ ĻŹŤ Ęſ
ƁŰĘſ ĘŬ ūŹűŨėŸ DZŠĘŀ ﺷـــﺎﻗـــﻨـــﻲ واﻟـــــﻨـــــﻮم ﻣــــﺎ ﻳــﺎﻧــﻲ
ــــــﻲ ﻓـــــــﻮق ﻋـــﻴـــﺪاﻧـــﻪ راﻋـــــــﺒـ ٍ
ﺑـــــﻮ ﺻــــﺒــــﺎً ﺗــــﺎﻳــــﻪ وروﻳـــــﺎﻧـــــﻲ
ع اﻟـــﻨـــﻬـــﺪ ﺑـــﺘـــﺸـــﻮف ﻳـــﺪﻻﻧـــﻪ
ﻳــــــﻮم ﺛــــــﺎر وﺧــــــــ ّﺰ ﺑــﻌــﻴــﺎﻧــﻲ
ذاب ﻗــﻠــﺒــﻲ ذوﺑــــــﺔ ْدﻫـــﺎﻧـــﻪ
ﺣـــــﺐ اوزاﻧـــــﻲ واﻟـــﻌـــﺠـــﺐ ﻣـــﻦ ﱟ
ﻋــــﻦ وﺻـــﻠـــﻬـــﻢ دون ﺑــﻴــﺒــﺎﻧــﻪ
ﻗــﻤــﺖ اروز اﻟــﻨــﻔــﺲ وآﻣـــﺎﻧـــﻲ
ﻗـــــﺎل ﻣــــﺎ ﺑــــﻚ ﺗــﻨــﻘــﺾ اﻟــﺨــﺎﻧــﻪ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
49
źŵĥļ ŮĖ ŪŤĔĸ ŮĖ ŹĹżŐ ĴŐĔĽŤē ijĔőļĉ ŮŨ ģıĔũŬ ǁ
ﺷﺠﻮي ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ّ
ĪſĸŁŨĘĚ ƁDž ŰĶǂ İǂ Ǯ ƁŰėŹřŨė اﻟــﻐــﻮاﻧــﻲ ﻟـــﻲ ﺧَـــ َﺬﻧّـــﻲ ﺑــﺎﻟــﺸــﺮﻳــﺞ واﻧــﻬــﺒــﻨــﻲ ﻣــﻦ ﻋــﻘــﺐ ذﻳـــﻚ اﻟﺒﻬﺎه واﻟــﺤــﺴــﺎﻳــﻒ ﻣــﺎ ﺗﻔﻴﺪ اﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺞ وﻻ ﺗــﻘــﻀّ ــﻲ ﻣــﻦ ﻣــــﺮاده ﻟــﻲ ﻳﺒﺎه وآه ﻳــﺎ ﻣــﻦ ونّ وﻧّــــﺎت اﻟــﻐــﺮﻳــﺞ وﻧّــــﺔ اﻟــﻤــﺎﻳــﻮع ﻟــﻲ ﻋــﺎﻳــﻒ ﻋﺸﺎه واﻟــﺴــﺒــﺐ ﻳــﺎ ﻧـــﺎس ﺑـــﻮﻋـــﻮ ٍد دﺟﻴﺞ ﻫــﺎﻳــﻒ اﻟــﺨــﺼــﺮﻳــﻦ ﻟــﻲ ﺗــﺎﻳــﻪ ﺻﺒﺎه وان ﻧﺒﺸﺘﻪ ﻣــﺎ ﺗــﺤــﺪّ ث ﺑﺎﻟﻨﻐﻴﺞ ﻣﺜﻞ ﻣــﺎ ﺗﻌﻄﻲ اﻟﻤﺸﺎﺧﺺ ﻣﻠﺘﻐﺎه ــﻞ ﺷــﻮﻓــﻪ واﻟــﻬــ َﻴــﺮ ﺗﻨﺸﻴﻒ رﻳــﺞ ﻗـ ّ ﺷــﺎ ﻫــﻠــﻴـ ٍ ـﻚ ﻣﺒﺘﻌﺪ ﻋــﻦ ﺷـــﻮف ﻣــﺎه ـــﻢ وﺿــﻴــﺞ ﻓـــﻲ ﻣـــــﺰاره ﻳــﻴــﺘــﻠــﻲ ﻫـ ﱟ وان َﻋــ َﺮض ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ ﺷﻮﻓﻪ وآ ﺣﻼه وﺑـــﺎ ﻧــــﺰوره ﻓـــﻮق ﺳــ ّﺒــﺎح اﻟﻄﺮﻳﺞ ﻣــﺎ ﻳــﻔ ـﻜّــﺮ ﻓــﻲ اﻟــﻮﻋــﺮ وإﻻ ﺳــﻮاه ـﺐ ﻫﺮﻳﺞ وان ﻋﺠﻠﺘﻪ ﺗــﻢ ﺷــﺎ ﺳــﺤـ ٍ ﻋـــﻞ ﻣـــﺮﻛـــﻮز اﻟــﻠــ َﻴــﺪ ﻳــــﺎزم ﻓـــﺪاه ﺑــﺎﻟــﻐــﺼــﺎﻳــﺐ ﻣـــﺎ ﻳــﺤــﻖ وﻻ ﻳﻠﻴﺞ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻧﻪ ﻃــﺎب واﺻــﺨــﻰ ﻣــﻦ ﻫــﻮاه ﻛـــﻢ ذﻟــــﻮل وﻛـــﻢ ﺣــﻴــ ٍﺪ ﻣـــﻊ رﻓــﻴــﺞ ﻣــﺎ ﻳــﻌــﻮﺿــﻦ ﻓــﻲ ﻣــﻬ ـ ّﻴــﻪ و ْﻣــﻌــﺪاه
48
ﺷﺠﻮي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﱠ
وﻫﺬه ﻗﺼﻴﺪة ﻳﺮﺛﻲ ﻓﻴﻬﺎ زوﺟﺔ أﺣﺪ ﺟﻴﺮاﻧﻪ وﻳﺴﻤﻰ »ﺳﻴﻒ«
دار ﻟــﻲ ﻣــﺎ دار ﻟــﻲ واﻧﻈﻤﺖ ﺟﻴﻞ وﻃــﺎب ﻗﻮﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎدﻳﺮ اﻷﺣﺸﺎم ﻏﺼﻦ ﻳﻤﻴﻞ ﻳﺎ »ﻣﻄﺮ« م اﻷﻧــﻮاد ﻛﻞ ٍ وﺗــﺤــﻴــﺎ ﺟـــــﺮوحٍ داﺛــــــﺮات اﻗــــﺪام ﻣــﺎ ﺗــﻄـﻠّــﺐ ﻟـــﻮم »ﻋــﻠــﻴــﺎ« ﻳــﺎ ﻫﺒﻴﻞ وان ﺑــﻜــﺖ ﺑــﻴــﻦ اﻟـــﻌـــﺬارى ﻣــﺎ ﺗــﻼم وﻳــﻦ ﻋــﻮد اﻟــﻤــﻮز ﻟــﻲ ﻣــﺎ ﻟــﻪ ﻣﺜﻴﻞ ﺻــﺎﺑــﺘــﻪ اﻷﻗـــــــﺪار ﻟــﻠــﻪ اﻟـــــﺪوام ﻓــﻲ وﻗــﻮﻓــﻪ ﻣــﺎ ﻳــﻌ ـ ّﻮﺿــﻚ اﻟــﺒــﺪﻳــﻞ ــﻖ ﺑــﺎﻟــﺰﻳــﻦ ﺷـــﺎ ﺑـــﺪر اﻟــﺘــﻤــﺎم ﻓـــﺎﻳـ ٍ ـﺐ ﻋﻠﻴﻞ ﻟــﻮ ﺑــﻜــﺖ ﻟــﻌــﻴــﻮن ﻣــﻦ ﻗــﻠـ ٍ ﻣــﺎ ﻳﻔﻴﺪ اﻟـﻠّــﻲ ﺳﻜﻦ ﻓــﻲ ﻟﺤﻮد ﺷﺎم وﻟـــﻮ ﻳــﻔــﺎدي ﺑــﺎﻟــﺬﻫــﺐ ﻳﺒﻨﺎ ﻋﺪﻳﻞ واﻟــﻬ ـ َﻴــﺮ وان ﻳــﺎك ﻳﺼﻠﻰ م اﻟﻨﻬﺎم ﻟﻴﺖ ﻟﻨﺎ ﻳﺎ »ﺳﻴﻒ« ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻮى ﺣﺠﻴﻞ ﻟــﻴــﺖ ﺧــﻠّــﻚ ﻣﺒﺘﻌﺪ وﻣــﺴــﻴــﺮ ﻋــﺎم ﺳــﻤــﻬــﻮي ﻃــﻮﻳــﻞ ﻋــﻨــﺪﻧــﺎ ﻟــﻠــﺒــﻌــﺪ ٍ ﻫ ْﻘ َﻮﺗﻲ ﻳﺎ »ﺳــﻴــﻒ« ﺣﻴ ٍﺪ ﻣﺎ ﻳﺴﺎم ان ﺗــﺰرﻓــﻞ واﻣــﺘــﺤــﺶ ﺳــﻴــﺮه ﻋﺠﻴﺐ ﻣـــﺎ ﻳــﻄــ ّﻴــﺐ ﻛــﻴــﻔــﺘــﻪ ﻏــﻴــﺮ اﻟــﻠــﺰام ﺑــﺎﻳــﻨــﺎﺣــﻲ ﺑـــﻚ ﻣــﻨــﺎﺣــﺎة اﻟــﺮﺳــﻴــﻞ ّــﻖ ﻟــﻠــﺸــﻮف ﻣــﻦ ﻗــﺒــﻞ اﻟــﻈــﻼم ﺷــﻔ ٍ ــﻢ ﻇﻮﻳﻞ وزرت ﺧ ـﻠّــﻚ واﻳــﺘــﻠــﻰ ﻫـ ﱟ واﺻــﺒــﺤــﺖ ﻟﻬﻤﻮم ﺷــﺎ زول اﻟــﺮﻫــﺎم ﺳﺎﻣﺤﻮﻧﻲ ﻳــﺎ ﻫــﻞ اﻟــﻌــﻮد اﻟﺠﻤﻴﻞ ﺳــﺎﻣــﺤــﻮﻧــﻲ واﻟـــﺼـــﻼة ﻟــﻬــﺎ ﻗــﻴــﺎم وﺗ ـ ّﻤــﺖ اﻷﻗــــﻮال ﻓــﻲ ﺧــﻂ اﻟﺴﺠﻴﻞ ع اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺒﻌﻮث ﺻ ـﻠّــﻮا ﻳــﺎ إﻣــﺎم
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
ﺷﺠﻮي ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ّ
ŪƀĨ ĢŭőŰėŸ Ǯ ķėij ĘŬ Ǯ ķėij
47
źŵĥļ ŮĖ ŪŤĔĸ ŮĖ ŹĹżŐ ĴŐĔĽŤē ijĔőļĉ ŮŨ ģıĔũŬ ǁ
ﺷﺠﻮي ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ّ
ŷŰŹťļ DzřĠ Ĝŵ ůđ Ǐ Dž žķĶŬ Dž ــــﺬري ﺗــﻐ ـ ّﻴــﺮ ﺳﻜﻮﻧﻪ ﻫـــﺐ ﻣـ إن ّ ﱟ وﻧــﻴــﻦ ﻗﻠﺒﻲ ﻳــﺎ ﻣــﻼ ﻣــﺎ ﺗﺴﻤﻌﻮﻧﻪ إن ﻋــﺸ ـ ّﻘــﻮا ﻟــﻪ وﻛــ ّﺘــﻢ اﻟـــﻼل دوﻧــﻪ وﺑﻲ ﻣﻦ ﻏﺪا ﻟﻲ داﺧــﻞ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻮﻧﻪ واﻟــﻠّــﻲ ﻧﻬﺒﻨﻲ وزﺑـــﻦ ﻓــﻲ ﺣﺼﻮﻧﻪ ٍ ﻣـــﻦ ﺑـــﻮ ﻳـــﺪﻳـــﻞٍ ﻛــﺎﺳــﻴــﺎت ﻣﺘﻮﻧﻪ ﻣــﺎ ﻳــﺎﺿــﻊ اﻟــﻄــﻔــﻼن ﻋــﻠــﻰ ﺣﻀﻮﻧﻪ وأﻧــــﺎ أﺷــﻬــﺪ أﻧـــﻪ ﺳــﺮﻗــﻨــﻲ ﺑﻠﻮﻧﻪ وﻫـــﺬي ﺳــﺒــﺎﻳــﺐ ﻣــﻦ ﺗــﻐـﻠّــﻰ زﺑــﻮﻧــﻪ ــﻞ اﻟــﻈــﻮاﻣــﻲ ع ﺑﻮﻧﻪ وﻟـــﻲ ﺗــﻠـ ّﻨــﻲ ﺗـ ّ وﻻ ﻳﻨﺸﺮب ﻣــﺎي اﻟﻜﺪر ﻟﻲ ﻗﻞ ﻟﻮﻧﻪ ﺑــﻴــﺐ ﺗــﻨــﺎﺑــﻊ ﻋﻴﻮﻧﻪ ﻳــﺎ ﻏــﻴــﺮ ﻣــﻦ ٍ وﻳــﺎ ﺟﺎﻳﻤﻴﻦ اﻟــﺪﻳــﻦ ﺻــﻮﻧــﻮا رﻛﻮﻧﻪ أﻋـــــﺪاد ﻣـــﺎ ورقٍ ﺗــﻼﻋــﻰ ﻟﺤﻮﻧﻪ
واﻧﺸﻴﺖ ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻦ ﺿﻤﻴﺮي ﻣﻘﺎﻻت ــﺐ ﻳـــﻄـــﻮي اﻟــﻠــﻔّــﺎت وﻧـــﻴـــﻦ ﺟـــﻴـ ٍ وﻛّــﺮ وﻧﻴﻨﻪ ﻟــﻲ ﺷﻌﻰ اﻻرض ﻟﻴﺘﺎت وﻻ ﺗﻨﻘﻀﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ واﻻوﻗــﺎت وارﻣــﺎﻧِــ َﻴــﻪ رﻣــﻲ اﻟــﻔــﻼﺳــﻲ ﺑﺮﻳﺸﺎت واﻟــﻌــﻨــﻖ ﻋﻨﻖ اﻟ ـﻠّــﻲ ﺗــﺒــﺪّ ل ﺑــﺨـ ّﺰات ﻣﻦ ﺑﻮ ﻧﻬﻮ ٍد ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪ وﺟﻤﺎت وان ﺿــﺤــﻚ ﻣــﺎ راﻧـــﻲ ﺑــﺤــﺐ ﻧﺒﺎت ﻣﺪﻋﻲ ﻣﻌﺎﻟﻴﺞ اﻟﺤﺸﺎ دوم ﺳﺮﻗﺎت ﻣﻬﻲ اﻟﺼﻴﺪ ﻟــﻲ دﻳــﺮ ﻧﺰﻋﺎت ﻫ ّﻴﺖ ّ ﺻ ـ ّﺒــﻮه ﻓــﻲ اﻟــﺨــ ّﺰان ﺳــﻮى ﻋﻼﻣﺎت ﺗﺠﺮي ﺑﻪ اﻻﺷﻜﺎل ﻣﻦ ﻃﻴﺐ ﻣﺎﻳﺎت وﺻـﻠّــﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻃﺎﻋﺎت واﻋــﺪاد ﻣﺎ ﺗﺠﺮي ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻴﻢ ﺳﺎﻋﺎت
ůĘƀŕŨė ƁŔĴŬ ĢƀŠǢ ĸŅŕŨė Dž ــﻲ اﻟــﻌــﻴــﺎن اﻟــﻌــﺼــﺮ ﻻﻗــﻴــﺖ ﻣـــﺪﻋـ ّ ﻳــﺎ ﻧﻘﻲ اﻟــﻌــﺮوض اﻛﺴﺮ ﻓــﻲ اﻟﻌﻴﺎن ﻻﺑــﺲ اﻟﺴﺒﻬﺎن ﻳــﺮﺟــﺢ ﻓــﻲ اﻷوزان ﺷــﺎﻗــﻨــﻲ ﺑــﺄﻣــﺤــﺎن ﻋـــﻮد اﻟــﺨــﻴــﺰران ﺷــﻂ ﺑــﻲ ﺟــﻴــﺪ اﻟــﺮﻋــﺎﺑــﻴــﺐ اﻟــﻠــﻴــﺎن وﺑـــﻮ ﻧــﻬــﻮد وﺻــــﺎم ﻣــﺎ ﻟــ ّﺘــﻊ زﻣــﺎن ﻛــﺎﻧــﻒ اﻻوﺟــــــﺎن ﺑــﺮﻗــﻪ زوﻏــﻴــﺎن و«ﺑﻮﻋﻠﻲ«ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰ اﻟﺸﺎن* ان ﺑــﺪا ﻟــﻚ ﻧــﻮب ﻓــﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺰﻣﺎن
ﻓــﺎﻳــﻖ ﺑــﺎﻟــﺰﻳــﻦ ﻣــﺎ ﻣــﺜــﻠــﻪ وﺻﻴﻒ ٍ زدﺗــﻨــﻲ اﻷوﻫــــﺎن واﺛــﻨــﻲ ﺑﺎﻟﻌﺰﻳﻒ وإن ﺧﻄَﺮ ﻳــﻨــﺪاف واﻟﻤﺸ َﻴﻪ ﺑﻜﻴﻒ ٍ ﺑــﻴــﺎض ﻣــﻨــﺘــﺰغ ﻣــﻦ ﺣــﻴــﺐ ﻟﻴﻒ ﺑــﻮ ذاب ﺣــﺎﻟــﻲ واﻟــﻤــﻨــﺎم إﻻ ﺷﻈﻴﻒ ـــﻢ ﻣﺴﺘﺨﻴﻒ واﻟــﻤــﻌ ـ ّﻨــﻖ ﻋــﻨــﻖ رﻳـ ٍ وﻧـــﻮر ﺧـــﺪّ ﻩ ﻗﻠﺖ ﺑـــﺮقٍ ﻓــﻲ ﻛﻨﻴﻒ ﺿﺎﻳﻔ ّﻨﻚ ﺿﻴﻒ ﻳــﺎ زﺑــﻦ اﻟﻤﺨﻴﻒ ﻣﺎﻟﻴﻴﻨﺎ ﻋــﻨــﻚ ﺑــﺎﻟــﺜــﻮب اﻟﻘﺼﻴﻒ
* ﺑﻮﻋﻠﻲ :اﻟﺸﻴﺦ راﺷﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ ،ﺣﺎﻛﻢ ﻋﺠﻤﺎن اﻟﺴﺎﺑﻖ
46
ﺷﺠﻮي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﱠ
ﻟـﻲ ﻣﺎ رﺑﺖ ﻓﻲ ﻣــــــﺮﺗﻊ اﻟﻬﻮن ﻟﻮف »اﻟﻌــــــــــﻮﻳﺮ« وﺑـــﻠّﻎ اﺧﺒـــﺎر واﻧﺸـــــــﺪ ﻋـﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺠـﻨﻮن
إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل: ﻧـــــــﺎس اﻏـــــﺰار ٍ ﻗـــــــﺎﻟﻮا ﻣﺸ ّﻨـــﻊ ﻋـــــﻠﻰ »ﺑﻴﺎﺗﻪ« ﻃـ ّﻮﻟﻮا ﺳـــــــﻮن ٍ ﺑﻴﺾ ﺻﺨـــــﺎﻳﻒ ﻫﺐ ﺷـــــﺮا اﻟﻘـــﺎر وﺗْﺮى اﻟﻜــــــــﺬوب ﻳﺼﻴﺮ ﻣـﻠﻌﻮن إﻟﻰ أن ﻗﺎل: ﻳﻌــﻞ »اﻟﻌـــــﻮﻳﺮ« ﻣﺤـــﻮل وﻏﺒــــﺎر ﻧﺠــــﻢ ﺻﻔـــﻖ ﻳﺎﻟــﻪ وﻻ ﻳﻬـــﻮن ٍ ﻣـــــــﻮرد ﻋﻴــــــﺎﻳﺰ دﻏـــﻢ وﻛﺒــــﺎر وﻫﺬا ﻛـــــﻼم اﻟﺤـــــــﻖ ﺑﻔـــﻨﻮن واﺳـــــﻘﻰ ﺑﻴﺎﺗﻪ ﻧﻀـــــــﺢ اﻷﻣــــﻄﺎر ﻣــﻦ ﻣــــﺮﻋ ٍﺪ ﻧﺎﺷــــﻲ ﻓﻲ ﻟﻤﺰون إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة. وﺑﻌﺪ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي إﻟﻰ دﺑﻲ واﻟﺴﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ »اﻟﻌﻮﻳﺮ« وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﺗﺬﻛّﺮ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻓﺄﺣﺲ ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ ،وﻗﺎل اﻧﻪ ﻗﺎل ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ ذ ّم ﻓﻴﻬﺎ »اﻟﻌﻮﻳﺮ« ّ ذم ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﻮﻳﺮ ﺑﺪون ﺧﻴﺎره ،ﻓﺎرﺗﺠﻞ ﻗﺼﻴﺪة ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺪح ﻓﻴﻬﺎ دﺑﻲ واﻟﻌﻮﻳﺮ ﻗﺎﺋﻼً: اﻟﺒﺎرﺣـــــــــﻪ واﻧﺘــــــﻮا رﻗــــــــــﻮد ﺧـــــﺎﻳﻠﺖ ﺑـــــــــــــﺮقٍ ﻳﻠﺘــﻈﻲ اﺳﻘــــــــﻰ ﻋـــــﻠﻰ دار اﻷﺳـــــــﻮد ﺳﺤــــﺎب ﻗـــــــﻮي زود ﻣـــــــﻦ ٍ ﻣـــــﺮﻋﺪ وﻻ ﻟـــــــﻪ ﻣــــــﻦ ﻳـــﻬﻮد ودﺑــــﻲ ﻣﺮﻗﺪﻫــــــﺎ دﻓﻲ
إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل: ﻋـــــــﻠﻰ اﻟﻤﻤـــــــﺎﻟﺢ واﻟﻨﺪود وﻋـــــﻠﻰ اﻟﻌـــــــــﻤﺮدي ﻳﺎ وﺣـــﻲ وﻋـــﻠﻰ اﻟﺼـــــــﺪاﻳﺮ ﻳﺎ ﺳﻨــﻮد وﻳﺸــــــﺪ ﺑﻨـــــــــﺪر ع اﻟﻄــــﻮي ﺛﻢ ﻳﻘﻮل: ﺑﻨــــــــﺪب ﺳـــــــــﻼﻣﻴﻦٍ وزود ﺻــــــﻮب اﻟـــــﺬي ﻋــــﺮﺿﻪ ﻧﺠـﻲ
ﻗﻠﻌﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻋﺎم 1941
وﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ: واﻧﺎ ﻋـــــﻠﻰ اﻟﺸﻴـــــﻦ اﻣ ْــﺤﺪود واﻟـــــــﺰﻳﻦ ﻳﺴﻤـــــــــــــﺢ اﻷ ّوﻟﻲ أي أﻧﻪ ﻃﻠﺐ اﻟﻤﻌﺬرة واﻟﺴﻤﻮﺣﻪ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﺬم اﻟﺬي ﺑﺪر ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺠﺎه ﻃﻮي اﻟﻌﻮﻳﺮ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
45
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ ﺧﻮر دﺑﻲ ﻋﺎم 1948
ﻣـــــﻦ ﻗــــــﺎل ﻣﺘﺸﻮﻃــــــﺮ ﻛَ َﺬ ْب ﻃﻠﺒـﺖ واﻟﻤـــــــــﻮﻟﻰ ﺻــــــﺮﻳﻒ إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل: ﻗﺒﻠـــﻪ ﻣﺴــــﺎﻓﺮ ﻓــــــﻲ ﻏﺒﻴﺐ ﺧــــــﺎﻳﻠﺖ ﺑـــــﺮقٍ ﻓــــﻲ اﺷﺘﻌـــﺎل ﻣـــــﺮﻛﺐ ﺳﻴــــﺮه دﻋــــﺐ ﻓــــــﻲ ٍ ﻋــــــــﻠﻰ »ﻳﺪﻳّﻪ« و»اﻟﻐـــــﺮﻳﻒ« ﻃﺒﻴــــــــﺐ وآداوي ﻃـــــــﺒﻴﺐ اﺳــــــــﻘﻰ اﻟﺸـــــﻮاﻣﺦ واﻟﺠﺒـــــﺎل واﺷﻔﻴﻪ ﻣــــــﻦ ﻛـــــﻞ اﻟﺘﻌــــــــﺐ وﻓـــــــﻲ ﺳﻴـــــﺮﻫﻦ ﺳـ ّﻮن زﻓﻴﻒ وﻣﻦ ﻛﺎن ﺟـــــــﺮﺣﻪ ﻓﻴــﻪ ﻏﻴﺐ ﻋﻨــــﺪي ﻣﻬــــــــــــﺎﺑﻴﺶ اﻟﻠﻬـــﺐ إﻟﻰ أن ﻳﻘﻮل: إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺗﺴﻘﻴــــــﻦ ﻳﺎﻟﺒﻄﺤــــﺎ ﻟﻴــــــــــــﺎل ﻣـــــﻦ ﻣــــﺮﻋ ٍﺪ ﺳــــــ ّﻮى ﻗـﺼﻴﻒ وﻗﺪ ﻇﻠّﺖ ﻫﺬه اﻟﺸﻜﺎوى ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺳﻨﻴﻦ ﻋﺪﻳﺪة وﺣﺘﻰ وﻓﺎة اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ. واﻟﻌﺸـــــــــﺐ زاﺧــــﺮ ﺑﺠﺘﻤــــــﺎل واﻟﺴﻨــــــــﻪ ﻣــــــــﺎ ﻇـﻨﻲ ﻳﻬﻴﻒ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ĎœŎĬĿí óĊŔĜķō őŎ¸Āė ņñí ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻟﻢ ﻳﺰل وﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺳﻤﻊ اﻟﻨﺎس اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أوﺻﻠﻮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻓﻲ ﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻣﻊ أﻫﻠﻪ .وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻨﻘﻠﻮن ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﻟﻰ آﺧﺮ، وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ إن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻳﺘﺤ ّﺪاك ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ وأﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أﺣﺪ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻀﻮن ﺷﺘﺎءﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﻮي »ﺑﻴﺎﺗﻪ« .وﻗﺪ ﺣﺪث أن ﻣﺮ أن ﻳﺴﺎﻋﺪه ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺎل اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻗﺼﻴﺪة ﻋﻦ اﻷﻣﻄﺎر ،ﻋﺎرﺿﻪ ﺑﻬﺎ .ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﻮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﻮي »ﺑﻴﺎﺗﻪ« وﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﺴﺎء ﻳﺮﺗﻮن ﻣﻨﻬﺎ، وﺑﻴﻨﻬﻦ اﻣﺮأة ﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻬﻮﻳﻠﺔ« .وﻗﺪ ارﺗﻮى ذﻟﻚ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻃﻮي ﻗﺎﺋﻼً: ﺑﻴﺎﺗﻪ ،إﻻ أﻧﻪ ﻗﺎل ﻗﺼﻴﺪة ﻳﺬ ّم ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﺎﺗﻪ ،ﻓﻘﺎل: ﻳــــــــــــﺎ ﻃﺎرﺷـــــــﻲ ﻳـــــ ّﻮد وز ّر ﻋــــــﻠﻰ ﻇﻬـــــــﺮ ﺑﻜ ٍﺮ ﺳﻤﻴــــــﻦ إن ﻳﻴﺘﻬﻢ م اﻟﺸــــﺮق ﻧﺸّ ﺎر ﻣﻮﺳﻢ ﺿﺤﻰ ﻟﻮ وﻗﺖ ﺿﻴ ّـﻪ ﻋﻴــــــــﺴﻰ ﺗﻨﻘّــــﻰ واﻋﺘـــــــــــﺬر وﻳﻘــــــﻮل ﻣــــﺎ ﻳﺒﻐﻲ ﻋــــــــﻮﻳﻦ ﺗﻠﻘﻰ ﻣﺼـــــﻴﺮﻳّﻪ وﻟﻘﺸــﺎر ﻣﻌــــــــﻼق وﻛـــﻮاره ﺧﻠ ّﻴﻪ ﺛـــــﺮ ﻣـــــــﺎ درى ﺑــــﻪ ﻫــــــﺎﻟﺰﻗﺮ ﻟــــــﻲ ﻣــﻦ دﻫــــﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺳﻨﻴﻦ ﺳــــــﻮ ٍد ﻋﻴﺎﻳﺰﻫﻢ ﺷﺮا اﻟﻘﺎر ﻛْﺒــــﺎر ﻣــــﺎ ﻓﻴﻬـــــﻦ ﺑﻨ ّﻴﻪ إﻟﺦ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﻌﺾ اﻟﻮﺷﺎة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي، وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ إن اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﻗﺪ ﻋﺎرض ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ وﺗﺤ ّﺪاه ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ اﻟﺒﻄﺎح ،وأﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻃﺮﻗﻬﺎ .ﻓﻤﺎ ﻓﺎﺷﺘﻜﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ »اﻟﻬﻮﻳﻠﺔ« إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺷﺠﻮي إﻻ أن ر ّد ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﺼﻴﺪة ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ :وﻛﺎن ﺟﺎرﻫﻢ ،ﻓﻘﺎل ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻣﺪاﻓﻌﺎً ﻋﻦ ﺑﻴﺎﺗﻪ وأﻫﻠﻬﺎ: ّ ﻛﻮس ﻟﻔﺎﻧﻲ واﻟﻬــــــﻮى دار ٍ ﻳـــــــــــﺎ ﻃﺎرﺷــــــــــﻲ ﺷﺪ اﻷدﻳﺐ واﻵن ﻣــــــﺎ ﻏﻀّ ﻴﺖ ﺑﻌﻴـــــــــﻮن ﺗﺴـــــﺮى ﺑﻼ ﻟﻤــــﺲ وﻛﻌــــــــﺐ ﻗــــــﻢ ﻳــــــﺎ ﻧﺪﻳﺒـــﻲ ﻓـــﻮق ﻟﺨـﻴﺎر اﻧﺼــــــــﻰ ﺧﻠﻴﻔﻪ ﻳـــــﺎ ﻧﺪﻳﺐ 44
ﺷﺠﻮي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﱠ
ĎĬĘĿíō őŎĀė ņñ
ﻳﻌ ّﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي أﺣﺪ ﻓﺤﻮل ﺷﻌﺮاء اﻟﻨﺒﻂ اﻟﺸﻌﺒﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،وﻗﺪ ﺷﻜّﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮﻳﻦ اﻟﺮاﺣﻠﻴﻦ ﺷﺒﻴﺮ واﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ﺛﻼﺛﻴﺎً ﺟﻤﻴﻼً وﻗﻮﻳﺎً ،ﻓﻤﻸوا اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺣﺪود إﻣﺎرة رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ اﻟﺒﺮﻳﺔ وﺣﺘﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﺪام ،ﺑﺄﺷﻌﺎرﻫﻢ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ وﺷﻜﺎوي ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺒﻄﺎح واﻷﻣﻄﺎر .وﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﻤﻴّﺰ ﺑﻴﻦ أﺷﻌﺎر ﻫﺆﻻء اﻟﺸﻌﺮاء ،ﻓﺠﻠّﻬﻢ ﻳﺘﻤﻴﺰون ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﻘﻮي واﻟﻠﻐﺔ اﻟﺒﺪوﻳﺔ اﻟﺴﻬﻠﺔ ،وﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ أﺷﻌﺎرﻫﻢ أﺳﻠﻮب اﻟﺮدح ،أﻣﺎ اﻟﺸﻜﺎوى واﻟﻤﺪح واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎت وﻗﺼﻴﺪ اﻹﺑﻞ واﻟﺘﻐﺎرﻳﺪ ﻓﻘﺪ ﺑﺮﻋﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً وأﺻﺒﺤﺖ أﺷﻌﺎرﻫﻢ ﺗﻨﺎﻓﺲ أﺷﻌﺎر اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،ﺑﻞ أﺻﺒﺢ اﻟﺸﻌﺮاء ﻳﺤﺴﺒﻮن ﻟﻬﻢ أﻟﻒ ﺣﺴﺎب ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻌ ّﺮﺿﻮا ﻟﻬﻢ .وﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ أﺷﻌﺎرﻫﻢ اﻟﺸﻐﻞ اﻟﺸﺎﻏﻞ ﻷﻫﺎﻟﻲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ،ﻓﺤﻔﻆ اﻟﺸﻼت اﻟﺠﻤﻴﻊ أﺷﻌﺎرﻫﻢ وﺷﻜﺎوﻳﻬﻢ واﺧﺬ أﺻﺤﺎب ّ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ ﻟﻠﻐﻨﺎء واﻟﻮﻧّﺎت ﻓﻲ ﺣﻔﻼت اﻟﺴﻤﺮ وﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮر اﻟﻤﻄﺎﻳﺎ واﻹﺑﻞ. Ŋ÷îŔĻîĘŃō őŎĀė ņñç
ﺷﺎﻛﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻋﺪدا ً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء إﻻ أن أﻫﻢ ﻣﺸﺎﻛﻴﺎﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻊ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻔﻲ ،ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻣﻄﺎر .ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺷﺠﻮي ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻗﺼﻴﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻦ اﻷﻣﻄﺎر ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ: ﻳـــﻠّﻲ ﺗﺒـــﺪّ ى ﺑﺎﻷﻣــــﺜﺎل ﺷﺎﻋﺮ وﻻ ﻳﺒﻐــــﻲ ﺳﻌﻴﻒ ﻃﻠﺒﺖ ﻣــــــــﻦ رب اﻟﺠــــــــــــﻼل
ﺳﻮق دﺑﻲ ﻓﻲ دﻳﺮة ﻋﺎم 1960
أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﺳﻨﺔ 1963 ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
43
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻟﻘﻤﺔ ﻋﻴﺶ ورزق ،ﻓﺎﺿﻄﺮ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋ ٍﺔ ﻣﻦ أﻫﻠﻪ وﺟﻴﺮاﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺘﻲ آل ﻋﻠﻲ واﻟﻐﻔﻠﺔ ،إﻟﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ دﺑﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أﻓﻀﻞ ﺣﺎﻻً ﻣﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺳﻮﻗﺎً ﺧﺼﺒﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎرة وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻣﺜﻞ ﺑﻴﻊ اﻟﺤﻄﺐ واﻟﻔﺤﻢ واﻟﺜﻤﺎم. ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ ) (90ﻋﺎﻣﺎً» :ﺑﻄﻴﺤﺔ اﻟﺜﻤﺎم ﻛﻨﺎ ﻧﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﺑﺮﺑﻊ أو ﻧﺺ روﺑﻴﺔ إن زادت ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ دﺑﻲ ﺗﺒﺎع ﺑﺴﻌﺮ روﺑﻴﺔ أو روﺑﻴﺔ وﻧﺼﻒ .ﻛﺬﻟﻚ ﺣﻤﻮﻟﺔ اﻟﺤﻄﺐ ﻧﺒﻴﻌﻬﺎ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺠﻤﺎن ﺑﺮوﺑﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ دﺑﻲ ﺑﺮوﺑﻴﺘﻴﻦ ،ﻟﺬﻟﻚ اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺴﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻣﻊ أﻫﻠﻪ وﺑﻌﺾ اﻟﻌﻮاﺋﻞ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ دﺑﻲ وﻛﺎن ﻋﺪدﻫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 10ﻋﻮاﺋﻞ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ وﺑﺎدﻳﺔ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ «.وﻳﻜﻤﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻓﻴﻘﻮل: » ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً .وﻗﺪ اﺳﺘﻘﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ وﺟﻴﺮاﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺼﻴﺺ ﺑﺪاﻳﺔً ،ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻠﻮا إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ »اﻟﻘﺮﻫﻮد« وﻛﺎﻧﺖ أرﺿﺎً ﺧﺎﻟﻴﺔ وﻣﺮﺗﻔﻌﺔ« .وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ ،أﻧﻪ ﺑﻌﺪ أن ﻟﺤﻘﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﻓﻲ دﺑﻲ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻜﻨﻮن ﻓﻲ »اﻟﻘﺮﻫﻮد« ،وﺟﺎورﻫﻢ ﻫﻨﺎك ﺑﺠﺎﻧﺐ أﺧﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺿﻤﻦ ﻣﻦ اﻧﺘﻘﻠﻮا ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺑﺎدﻳﺔ ام اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ .ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ أو ﺳﻌﻒ .وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﺮﺑﻮن ﻣﻦ ﻃﻮي »ﻣﺮﻗﺒﺎت« ﻓﻲ ﺷﻤﺎل دﻳﺮة وﻳﻨﻘﻠﻮن ﻣﻴﺎه ﺷﺮﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ إﺑﻠﻬﻢ ،واﺳﺘﻤﺮ ﺣﺎﻟﻬﻢ ٍ ﺳﻨﻮات ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻘﻠﻴﻠﺔ .ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﻤﻌﻮن اﻟﺤﻄﺐ ﻫﻜﺬا ﻓﻲ »اﻟﻘﺮﻫﻮد« اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺸﺮف واﻟﺨﻮاﻧﻴﺞ وﻣﺮدف ،وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺸﻴﺶ اﻟﺜﻤﺎم وﻳﺒﻴﻌﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﻮق دﻳﺮة ..ﺛﻢ ﻳﺄﺧﺬون ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﻤﺮ وﺳﻤﻚ وأرز وﻏﻴﺮه ،ﻣﻦ ﺳﻮق دﻳﺮة ﻟﻴﺮﺟﻌﻮا إﻟﻰ أﻫﺎﻟﻴﻬﻢ .وﺑﻌﺪ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﻓﻲ دﺑﻲ وإﻧﺸﺎء ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺤﺔ وﻟﺰﻳﺎدة ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻴﺔ ﻓﻲ دﺑﻲ ،اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻊ ﺟﻴﺮاﻧﻪ إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺸﺮف اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻘﺮﻫﻮد ﺑﺤﻮاﻟﻲ 6ﻛﻢ ﺷﺮﻗﺎً ،وﻫﻲ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﺒﺮ وإﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺨﻮاﻧﻴﺞ واﻟﻌﻮﻳﺮ اﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺄﺷﺠﺎر اﻟﻐﺎف ،اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻛﻄﻌﺎم ﻹﺑﻠﻬﻢ وﻛﺤﻄﺐ وﻓﺤﻢ ﻟﺒﻴﻌﻪ واﻟﻌﻴﺶ ﻣﻦ وراﺋﻪ. وﻇﻞ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺸﺮف ،وزاد ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻫﺎﻟﻲ
اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺰﺣﻮا ﻣﻦ ﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ورأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﻫﻨﺎك ،واﺳﺘﻮﻃﻨﻮا ﻓﻴﻬﺎ .واﺳﺘﻤﺮ ﻣﻌﻬﻢ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻄﻞ ﺑﻪ اﻷﺟﻞ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻮﻓﻰ ﻓﻲ ﻋﺎم 1966م ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﻧﺎﻫﺰ اﻟﺨﻤﺴﺔ واﻟﺴﺒﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ودﻓﻦ ﻫﻨﺎك. ﻣﺨﻠّﻔﺎً اﺑﻨﻴﻦ ،ﺗﻮﻓﻲ أﺻﻐﺮﻫﻤﺎ وﻳﺴﻤﻰ أﺣﻤﺪ ،ﺑﺤﺎدث ﺳﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻮﻓﻲ اﻷﻛﺒﺮ وﻳﺪﻋﻰ ﺳﺎﻟﻢ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﺘﻴﻦ ،وﺧﻠّﻔﺎ رﺣﻤﻬﻤﺎ اﻟﻠﻪ ﻋﺪدا ً ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻴﻦ واﻟﺒﻨﺎت. ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ«،ﻋﻤﻞ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﻟﻰ دﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻐﻮص ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﻊ اﻟﺤﺼﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺈزاﻟﺔ اﻟﺮﻣﻞ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﺳﻴﻒ اﻟﺒﺤﺮ أو ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺰر ،ﺣﺘﻰ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺼﺨﺮي اﻷﺑﻴﺾ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﺗﺤﺘﻪ، وﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻘﺼﻪ ﺑﻤﻘﺎﻃﻊ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ﺗﺴﻤﻰ »ﻋﺘﻞ« ،ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ أﻟﻮاح ﻣﺮﺑﻌﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺴﺤﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﺻﺎﻓﻴﺎً ،ﺛﻢ ﻳﺠﻤﻌﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎنٍ آﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮ ،وﻳﺒﻴﻌﻮﻧﻪ ﻟﻠﺴﻔﻦ أو ﻟﻠﺘﺠﺎر ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﺒﻴﻮت وﻏﻴﺮه. وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ أن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻗﻀﻰ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻬﻨﺔ ،ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺸﺮف وﻳﺴﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻈﻠﻮا ﻋﻠﻰ رﺣﻠﺔ اﻟﻤﻘﻴﻆ ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﺑﺴﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن وﻇﻠّﻮا ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ. ﺻﻨﻊ اﻟﺼﺨﺎم ﻣﻦ ﺷﺠﺮ اﻟﻐﺎف
ﺳﻮق دﺑﻲ ﻋﺎم 1948
42
ﺷﺠﻮي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﱠ
وﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف أن ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﻮﻳﺰه واﻟﺮﻫﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻨﻬﺎ ﻗﺒﻴﻠﺔ »اﻟﻐﻔﻠﺔ« ﻓﻲ ﺑﺎدﻳﺔ إﻣﺎرة رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ .واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻫﻨﺎ ﻳﻤﺪﺣﻬﻢ ﻛﻮﻧﻬﻢ أﺧﻮاﻟﻪ ،وﻳﻤﺪح ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻬﺎ اﻟﻤﻄﺮ واﻟﺴﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ دﻳﺮة ﺧﻮاﻟﻲ ،أي دﻳﺎر أﺧﻮاﻟﻪ .وﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ اﻷﺧﻮان اﺛﻨﺎن أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺪﻋﻰ »ﺧﻠﻔﺎن« واﻵﺧﺮ »اﻟﻄﻮﻳﺮ« وﻟﻢ ﻳﺨﻠّﻔﺎ أﺣﺪا ً. ﻋﺎش اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺘﻨﻘﻼً ﺑﻴﻦ ﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ،وﺑﺎدﻳﺔ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ أﻫﻠﻪ وأﺧﻮاﻟﻪ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ أﺻﻌﺐ اﻟﻔﺘﺮات اﻟﺘﻲ ﻣ ّﺮت ﻋﻠﻰ أﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻋﻤﻞ إﻻ اﻟﻤﻜ ّﺪة ﻋﻠﻰ اﻹﺑــﻞ ،أو اﻟﻐﻮص ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﺴﻮاﺣﻞ .ﻓﻜﺎن رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﻨﻘﻞ اﻟﺤﻄﺐ و»اﻟﺜﻤﺎم« وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﺸﺎﺋﺶ أو اﻻﻋﻼف اﻟﺒﺮﻳﺔ ،واﻟﻔﺤﻢ )اﻟﺼﺨﺎم( ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻟﻪ ،وﻳﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻣﺜﻞ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ وﻋﺠﻤﺎن واﻟﺸﺎرﻗﺔ ودﺑﻲ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻴﻨﺰﺣﻮن ﻣﻊ ﻋﻮاﺋﻠﻬﻢ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ ﺑﺴﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻀﻮن أﺷﻬﺮ اﻟﺼﻴﻒ ﻫﻨﺎك وﻳﺮﺟﻌﻮن إﻟﻰ دﻳﺎرﻫﻢ ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻤﻮﺳﻢ .وﺑﻌﺪ ﺗﻮﻟّﻰ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﻤﻌﻼ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ إﻣﺎرة أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﻋﺎم 1929م ،اﻧﻀﻢ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ إﻟﻰ ﺣﺮﺳﻪ أو »اﻟﻤﻄﺎرزﻳﺔ« اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺮﺳﻮﻧﻪ وﻳﺮاﻓﻘﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﻔﺮه وﺗﻨﻘﻠّﻪ ﺑﻴﻦ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ واﻟﻔﻠﺞ .وﻟﻢ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﺻﻠﺘﻪ ﺑﺄﺧﻮاﻟﻪ اﻟﻐﻔﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ وﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ ،وﻛﺎن ﻳﺘﺮدد ﻋﻠﻴﻬﻢ داﺋﻤﺎً ﺧﺎﺻ ًﺔ وأﻧﻪ ﺑﺪأ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻐﺰﻟﻲ اﻟﺠﻤﻴﻞ. ﺗﺰوج ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ آل ﻋﻠﻲ ،واﺳﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ .وﻣﻊ زﻳﺎدة ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻔﻘﺮ اﻟﻤﺪﻗﻊ وﺳﻨﻮات اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺖ ﺑﺄوزارﻫﺎ ﻋﻠﻰ إﻣﺎرات اﻟﺨﻠﻴﺞ وﺷﻌﻮﺑﻪ، ﻓﻘﺪ ﺿ ّﺠﺖ اﻟﻨﺎس وﺑﺪأت اﻟﻬﺠﺮات إﻟﻰ اﻟﺪول اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
41
ŦĐĔėŝŤē ĆēĴőļ
ﺷﻌﺮ ﻗﻮي و ﻟﻐﺔ ﺑﺪوﻳﺔ ﺳﻬﻠﺔ
ﺷﺠﻮي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﱠ
ŒīōčĐńĿí Ċńăã Ċėíč ĉ
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد إﺧﻮاﻧﻲ اﻷﻋﺰاء ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻣﻌﻜﻢ وﻣﻊ واﺣ ٍﺪ ﻳﻌﺪ ﺿﻤﻦ أﺷﻬﺮ ﺷﻌﺮاء اﻹﻣﺎرات اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﻬﻢ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻛﺜﻴﺮاً وﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻟﻰ ﺷﻌﺮﻫﻢ أﺣﺪ .ﺷﺎﻋ ٌﺮ ﻳﻘﻒ ﻣﻊ ﺷﻌﺮاء اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺑﻴﻦ ﺷﻌﺮاء اﻻﻣﺎرات اﻟﻤﺮﻣﻮﻗﻴﻦ .ﺗﻤ ّﻴﺰ ﻗﺼﻴﺪه ﺑﺎﻟﻘﻮة واﻟﺴﻼﺳﺔ ،وﺑﺮع ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻓﻨﻮن اﻟﺸﻌﺮ ﺑﺪءاً ﻣﻦ اﻟﻐﺰل واﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ اﻟﺮﻗﻴﻖ ،واﻧﺘﻬﺎ ًء ﺑﺸﻌﺮ اﻟﻮﺻﻒ وﺧﺎﺻ ًﺔ اﻹﺑﻞ واﻷﻣﻄﺎر .ﻛﻤﺎ ﺑﺮع ﻓﻲ ﻓﻦ اﻟﺘﻐﺮودة. ﺟﻞ ﺷﻌﺮه ﺑﺄﺳﻠﻮب اﻟﺮدح اﻟﺠﻤﻴﻞ اﻟﺴﻬﻞ اﻟﻤﺤ ّﺒﺐ ﻟﻼﺳﺘﻤﺎع. وﺗﻤ ّﻴﺰ ّ ﺷﺎﻋ ٌﺮ أﻋﺪّ ﻩ ﺿﻤﻦ أﻓﻀﻞ وأﻗﻮى ﺷﻌﺮاء اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ. إﻧﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ،ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ »آل ﻋﻠﻲ« اﻟﻜﺮام ،ﻣﻔﺮدﻫﺎ »اﻟﻌﻠﻴﻠﻲ« ،ﻣﻦ ﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ اﻟﺘﻲ أﻧﺠﺒﺖ ﻣﻌﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﺑﻮ ﻋﻮﻳﺎ واﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ اﻟﺮزي اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺷﺒﻴﺮ ،وﻫﻤﺎ زﻣﻴﻼه وﻣﻌﺎﺻﺮاه ،وﻳﻌﺪان ﻣﻦ ﻋﺒﺎﻗﺮة ﺷﻌﺮاء اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺜﻠﻪ ،رﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻌﺎً .وﻗﺪ اﻛﺘﺴﺐ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻟﻘﺐ »ﻣﺸﺮوم« ﻟﺠﺮ ٍح ﻓﻲ ﺷﻔﺘﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ وﻇﻞ ﻳﻌﺮف وﻳﻨﺎدى ﺑﻪ ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﻪ.
40
ﺷﺠﻮي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﱠ
ﺻﻮرة ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻻٕﻣﺎرة دﺑﻲ
اﻟﻤﻠ ّﻘﺐ »ﻣﺸﺮوم«
ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ اﻟﻰ ﻃﺎﺋﻔﺔ »اﻟﻤﺸﺎﺟﻴَﺔ« اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﻄﺤﺎء ،واﻟﻮﻳّﺎﻳﺔ ،وﻟﻴﻤﺤﻪ ،وﻟﻘﺮن وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺒﺎدﻳﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺑﺮ إﻣﺎرة رأس اﻟﺨﻴﻤﺔ وأم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ ﺷﻤﺎﻻً. وﻟﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ »اﻟﺒﻄﺤﺎء« وﻫﻲ »ﺑﻄﺤﺎء آل ﻋﻠﻲ« ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻤﻰ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻄﺤﺎء اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﺮورا ً ﺑﺎﻟﺬﻳﺪ وﻓﻠﺞ اﻟﻤﻌﻼ واﻟﺘﻲ ﺗﻜّﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﺠﺮا ً واﺣﺪا ،ﻳﻌﺒﺮﺑﺎدﻳﺔ أم اﻟﻘﻴﻮﻳﻦ اﻟﻰ »اﻟﻤﺪﻓﻖ« ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ .وﻳﻌﻴﺶ ﺣﻮل ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻄﺤﺎء أﻫﻞ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ آل ﻋﻠﻲ واﻟﻐﻔﻠﻪ واﻟﺸﻮاﻣﺲ وﻏﻴﺮﻫﻢ. ﺗﻘﺪر وﻻدة ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ﺑﺴﻨﺔ 1890ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً. وﻗﺪ وﻟﺪ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻷم ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ »اﻟﻐﻔﻠﺔ« اﻟﻜﺮام ﺗﺪﻋﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺬﻛﺮه اﻟﻮاﻟﺪه روﻳّﻪ ﺑﻨﺖ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﻐﻔﻠﻲ » «80ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺸﺮف ﺑﺪﺑﻲ .أﻣﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ 86 ،ﻋﺎﻣﺎً ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺻﺮي ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ وﻋﺎش ﻣﻌﻪ ﻃﻮﻳﻼً وﺗﺸﺎﻛﺎ ﻣﻌﻪ ،ﻓﻴﻘﻮل » :ﻧﻌﻢ أﺧﻮال اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺷ ّﺠﻮي ،ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻐﻔﻠﺔ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ذﻛﺮﻫﻢ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻗﺼﺎﺋﺪه ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎل: دنّ اﻟـــﺮﻋﺪ واﻟﻴــــﻮد ﻃــــﺎح ﻋـــــﻠﻰ ﺟﻮﻳﺰه واﻟﺮﺣـــــﻴﻞ ﺟﻮﻫـــــﺮ وم اﻟﻔﻀــــﻪ ﻧﺼﺎح دﻳﺮة ﺧــــﻮاﻟﻲ ﻳـــــﺎ ﻫﺒﻴﻞ
اﻟـﻤﺮأة واﻷﻧﻮﺛﺔ. اﻟﺴﻮداء« وﺗﺪﻋﻮ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻓﻲ إﺻﺪارات أﺧﺮى ﻣﺜﻞ »اﻟﺸّ ﻤﺲ ّ ) (1987و »ﻏﺮﺑﺎء ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ« ) (1988و«اﻟﺜّﻮرة اﻟﺤﻤﻴﻤﻴﺔ« ) (1997وﺛﻼﺛﻴﺘﻬﺎ »اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اﻷﻧﺜﻮﻳﺔ« )ﺑﻴﻦ 1999و(2003 إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟـﻤﻠﺘﺒﺲ واﻟـﻤﺘﻨﺎﻗﺾ ﻓﻲ ذواﺗﻨﺎ وﻛﻴﻨﻮﻧﺎﺗﻨﺎ ،ﺑﻴﻦ أﺟﺴﺎﻣﻨﺎ وﻣﺸﺎﻋﺮﻧﺎ ،داﺧﻞ ﻃﻴّﺎت ﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼف اﻟـﻤﻔﺼﻠﻲ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ اﻟ ّﻨﺎس ﻏﺮﺑﺎء ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ وأﺟﺴﺎدﻫﻢ ،وذﻟﻚ ﻟﺤﺮﺻﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك واﻟﻌﺮض .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺒ ّﺮر -ﻋﻨﺪ ﻓﻴﻠﺴﻮﻓﺘﻨﺎ -اﻟ ّﺪﻋﻮ َة إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﺎﻣﺾ وﻣﺠﺎزي ،ﻣﻌﻘّﺪ وﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮم .وﻫﻮ ﻣﺎ أﺛﺎر اﻧﺘﻘﺎدات ﺟ ّﻤﺔ ﻣﻮ ّﺟﻬﺔ ﻟﻠﻤﻌﺠﻢ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻲ ﻋﻨﺪ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﺮﻳﻦ واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪاﺛﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ، آﺧﺬﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﺒﺎن ﻫﺬا اﻟﻠّﻐﻮ اﻟـﻤﺒﻬﻢ واﻟـﻤﻌﻘّﺪ ﺿﺮﺑﺎً ﻣﻦ ﻜﺮي ،أو وﺳﻴﻠﺔ ﻟـﻤﻨﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺘّﺸ ﱡﺪد اﻟ ِﻔ ّ اﻟﻔﺌﺔ اﻟـﻤﺜﻘّﻔﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣـﺤ ّﺪد. ﻳﻈﻞ ﻋﺪم اﻟﻮﺿﻮح ّ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ، وﻋﺪم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ إﺟﺎﺑﺎت ﺣﺎﺳﻤﺔ وﺻﺎرﻣﺔ ﺑﺸﺄن اﻟﻮﺿﻊ اﻷﻧﺜﻮي ،ﺻﻌﺐ اﻟﻤﻨﺎل ،ﻣﺤﻴّﺮا وﻣﻠﺘﺒﺴﺎ .وﻗﺪ ﻃ ّﻮرت ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﺑﺆر اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ﻋﺒﺮ ﻧﻘﺪ ﺑﻌﺾ أﻃﺮوﺣﺎت ﺳﺎﺑﻘﺎﺗﻬﺎ، ﻣﺒﺮزة ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻔﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻷﻣﻮﻣﺔ وﻋﺎﻃﻔﺘﻬﺎ. وﻫﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺑﺬﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ اﻟﺬي ﻗﺎدﺗﻪ ﺳﻴﻤﻮن دي ﺑﻮﻓﻮار ،ﺣﻴﺚ ﺗﻢ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻟﻤﺮأة وﻣﺼﺎدرة اﻷﻣﻮﻣﺔ واﻟﺤ ّﻂ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ وإﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻣﻦ دواﺋﺮ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ .ﻓﺎﻷﻣﻮﻣﺔ ﺗ ُﻌ ّﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻨﺴﻮي ﻋﻘﺒﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺬات اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺒﻮ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎواة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻟﻜﻦ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﺗﻨ ّﺒﻪ ﺑﺤﺬر وﺷﻐﻒ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﻤﻔﺮﻏﺔ ﻣﻦ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺬات اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ وإﺷﻜﺎﻻﺗﻬﺎ، ﻟﺘﺸﻴﺪ ﺑﺪور اﻷﻣﻮﻣﺔ ﻣﻌﺎدﻳﺔ اﻟﻨﺴﻮة اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﻳﻌﺰﻟﻦ اﻟﻤﺮأة ﻋﻦ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ وﺣﺴﺎﺳﻴﺘﻬﺎ وﻫﺸﺎﺷﺘﻬﺎ. ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺪﻋﻮ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻨﺴﺎء إﻟﻰ »اﻟﻮﻻدة أو اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ« وذﻟﻚ ﻟﻴﺒﻘﻰ اﻻﺗﺼﺎل واﻟﺘّﻮاﺻﻞ داﺋﻤﺎ ﻣﻊ ذاﺗﻬﺎ اﻟﻬﺸّ ﺔ اﻟﺨﺼﺒﺔ واﻟﺨﻼّﻗﺔ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗُﻄﺮح إﺷﻜﺎﻻت وﺗﺴﺎؤﻻت ﺣﻮل ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺑﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺗﺘﻮ ّﺟﺲ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮم ﻟﻠﻤﺮأة ،ﻣﻦ زﺟﺮﻫﺎ داﺧﻞ ﺣﺪود واﺳﻌﺔ أو ﺿ ّﻴﻘﺔ اﻟـﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺗ ُﺤﺪثُ ﺷﺮوﺧﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺑﺔ اﻟـﻤﻮﺿﻮع ،وﺗﻜﺘﻔﻲ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﺑﺈﺟﺎﺑﺔ: »اﻟـﻤﺮأة؟ ﻻ أﻋﺮف ﻣﺎ اﻟـﻤﺮأة!« ﺑﺈﻃﺒﺎق اﻟﺼﻤﺖ واﻟﻐﻮر ﻓﻲ
إﺿﺎدة
دﻫﺎﻟﻴﺰ اﻟـﻤﻌﻨﻰ اﻟﺪﻓﻴﻦ ﻟﻔﺮادة اﻟﺬات اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ وإﻋﺎدة اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﻠ ّﻮﻧﺎت أﻫﻮاﺋﻬﺎ ،وﺗﺸﻜّﻼت ﻫﻴﻜﻠﺘﻬﺎ ،وﻛﺸﻒ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ ،واﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺠﻐﺮاﻓﻴﺘﻬﺎ اﻟﺮﻏﺎﺋﺒﻴﺔ واﻟﻐﺮاﺋﺒﻴﺔ. ﻳُـﻤﻜﻨﻨﺎ وﺳﻢ ﻓﻜﺮ ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﺛﻮرة ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ ،ﻟﻮﺿﻊ اﻟﺤﻴﺎة داﺋﻤﺎ ﺗﺤﺖ ﻋﻼﻣﺎت اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم أو أﻣﺎم ﺗﺼ ّﺪع اﻟﻘﻨﺎﻋﺎت وﻗﻠﻖ اﻟـﻤﻌﺘﻘﺪات وﺗﺤ ّﺪي اﻟ ّﺮﻫﺎﻧﺎت .وﻫﻲ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ -اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻓﻲ ﺣﺎﺿﺮﻧﺎ -اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻐﻠﻖ أﺑﻮاﺑﻬﺎ وﻧﻮاﻓﺬﻫﺎ ،ﺣﻔﺎﻇﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أﻛﺜﺮ اﻧﻔﺘﺎﺣﺎً وﺗﻘ ّﺒﻼً ﻟﻼﺧﺘﻼف .ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻤﻖ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﺮد ،وﺳﺒﺮ أﻏﻮاره اﻟ ّﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺪﻓﻴﻨﺔ اﻟﻼّوﻋﻴﺔ ،وﺑﺤﺚ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺼﻮﻓﻴﺔ واﻹﺗﻴﻘﻴﺔ .وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻜ ّﺮﺳﻪ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ داﺧﻞ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺗﻬﺎ اﻟﺠﺎ ّدة ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة @ ﻛﺎﺗﺐ وأﻛﺎدﻳـﻤﻲ ﺟﺰاﺋﺮي
ﻣﺼﺎدر وﻣﺮاﺟﻊ اﻟـﻤﻘﺎل: 1-Julia Kristeva, Semeiotikê. Recherches pour une sémanalyse, Seuil, France, 1969 2-Julia Kristeva, Soleil noir. Dépression et mélancolie, .Gallimard, France, 1987 3-Julia Kristeva, Étrangers à nous-mêmes, Fayard, France, 1988 4-Julia Kristeva, La Révolte intime, Fayard, France, .1997 5-Julia Kristeva, Seule, une femme, Éditions de .l›Aube, France, 2007
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
39
ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ا_ﻧﺜﻮي وﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻗﻠﻖ ّ ﺑﻜﺎي د.ﻣﺤﻤﺪ ّ
ﻓﻲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬه ،ﺗﺘﻤﺘّﻊ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻓﺔ واﻟﻤﺤﻠﻠﺔ اﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﺑﺠﻤﻬﻮر ﻋﺮﻳﺾ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻤﺤﺎﺿﺮاﺗﻬﺎ وﻧﺪواﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺘّﻰ أﺻﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺮ إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺮورا ً ﺑﺎﻟﺼﻴﻦ وأﻣﺮﻳﻜﺎ واﻟﻘﺪس .ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ اﻟﺒﻠﻐﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺎﺟﺮت إﻟﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ وﻫﻲ ﺷﺎﺑّﺔ ﻳﺎﻓﻌﺔ اﻧﻔﺘﺤﺖ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻷدﺑﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ آﻧﺬاك ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ واﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ واﻟﻈﺎﻫﺮاﺗﻴﺔ اﻟﺴﺠﺎﻻت واﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻓﻲ واﻟﻤﺎرﻛﺴﻴﺔ ،وﺗﺄﻗﻠﻤﺖ ﻣﻊ ّ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣ ّﻴﺰت اﻷﺟﻮاء اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﻤﺤﺘﻘﻨﺔ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت .ﺗﻤﺜﻞ أﻃﺮوﺣﺎت ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻣﻊ ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ روﻻن ﺑﺎرث وﺗﻔﻜﻴﻜﻴﺔ ﺟﺎك درﻳﺪا وﺗﺄﺛ ّﺮﻫﺎ اﻟﻮاﺳﻊ اﻻﻣﺘﺪاد ﺑﺠﺎك ﻻﻛﺎن وﻣﻘﻮﻻﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ ،رؤﻳ ًﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ وﻣﻌﻘّﺪة ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ واﻟﻘﻠﻖ اﻷﻧﺜﻮي ،ﻛﻤﺎ ﺗُﻌ ّﺪ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ رﻫﺎﻧﺎت اﻟﺬات وﺗـﻤﺜﻼﺗﻬﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﻔ ّﻦ واﻟﺼﺮاﻣﺔ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺴﻤﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻃ ّﻴﻊ وﻟ ّﻴﻦ. واﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ّ ﻣ ّﺮت ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﺮاﺗﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻣﺘﻘﺎﻃﻌﺔ ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻫﺬه اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت ،وﻫﻲ ﻣﻦ أﺻﻨﺎف اﻟـﻤﺜﻘﻔﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﻛﺘﺴ ُﺒﻮا أﺟﻴﺎﻻً ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ أﻣﺜﺎل ﻓﻴﻠﺴﻮف اﻟﺘّﻔﻜﻴﻚ اﻟ ّﺮاﺣﻞ ﺟﺎك درﻳﺪا أو اﻟـﻤﻔﻜﺮة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ﺟﻮدﻳﺚ ﺑﺘﻠﺮ .وﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺟ ّﺪا أن ﻧﻔﻬﻢ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻬﺎ .وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﺗﻌﻠّﻞ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﺑﺸﺄن أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ ،ﺑﺄن اﻟﻮﺿﻮح واﻟﺼﻮرﻳﺔ أو اﻟـﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻴﻤﺔ ذات رواج ﻛﺒﻴﺮ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺪاﺛﻲ ﻓﺎﺋﻖ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺼﻮرات واﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ واﻟﺮؤى اﻟﻤﺮﻛﺒّﺔ ﻟـﻌﺎﻟﻢ ﻳﺰداد اﺧﺘﻼﻓﺎ واﻏﺘﺮاﺑﺎً ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺗﻠﻚ اﻻﻧﺸﻐﺎﻻت إﻻﱠ ﺑﻠﻐﺔ ﻣﻌﻘ ّﺪة وﺣﺎﺳﻤﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ »ﻟﺴﺎن اﻷب« اﻟﺬي ﻳﻤﺜّﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﻨﻔﻮذ واﻟـﻤﻨﻄﻖ واﻟ ّﻨﺴﻖ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺼﺎرم. واﻟﺪﻳﻨﻲ ّ ﺗﺸﻖ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻃﺮاﺋﻖ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ :ﻧﻀﺎﻟﻴﺔ وﺛﻮرﻳﺔ ﻟﻬﺬا ّ
38
ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ :ﻗﻠﻖ ا;ﻧﺜﻮيّ وﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ
ﻟﻠﺘﺄﺻﻴﻞ ﻟـﻤﻮاﺿﻴﻊ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻬﻮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻤﺮأة واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .وﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﺗﻮ ﱡﺟﻬﻬﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ ،وﻧﺰﻋﺘﻬﺎ اﻹﻟﺤﺎدﻳﺔ ،ﻋﻦ ﺳﻌﻴﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ أو اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ،واﻧﺘﻘﺎﺋﻬﺎ ﻟﻨﺼﻮص ﺻﻮﻓﻴﺔ ﻣﻐﻤﻮرة ﻣﺜﻞ ﻧﺼﻮص ﺗﻴﺮﻳﺰ داﻓﻴﻼ )ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ ﻣﻨﺸﻮرات ﻓﺎﻳﺎر ،(2008ﻣﺴﻘﻄﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮات ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺪاﺛﻴﺔ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻔﻜﻴﻜﻴﺔ واﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻠــﻨﻔﺴﻴﺔ ﻹدراك ﻣﺘﻐﻴﺮات ﻋﺎﻟـﻤﻨﺎ ،وﻗﻀﺎﻳﺎه اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﺑﺮؤى ﺟﺪﻳﺪة وﻓﻬﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ وأﻛﺜﺮ ﻓﻄﻨﺔ. ﺣﻤﻠﺖ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﺣ ّﻤﻰ اﻟﺴﺆال اﻷﻧﺜﻮي ﻃﻴﻠﺔ ﻣﺴﻴﺮﺗﻬﺎ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﻛﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎت واﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺎت إﻟﻰ ﻧﺎﻗﺪة أدﺑﻴﺔ ﻓﺬّة ﺗ ُﺠ ّﻨﺪ أدوات اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ وإﺟﺮاءات اﻟﺘﻨﺎص ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻹﺑﺪاﻋﻲُ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ ﺷﻴﻮع اﺳﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻤﻨﻈّﺮة ﺑﺎرزة ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﺒﺮ أﺳﺌﻠﺘﻬﺎ اﻟـﻤﻠﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ ﺣﻮل اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷﻧﺜﻮﻳﺔ واﺑﺘﻜﺎر ﺧﻄﺎب ﻳﻔﻜّﻚ ﻣﺎ اﻧﺘﻬﺖ إﻟﻴﻪ ﻣﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻦ ﺳﻴﻤﻮن دي ﺑﻮﻓﻮار .ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻓﻲ أﺷﻜﻠﺘﻬﺎ ﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ﻻ ﺗﻠﻬﺚ وراء إﺟﺎﺑﺎت ﻣﺤﺪدة وواﺿﺤﺔ ﻟﻸﻧﺜﻰ واﻷﻧﺜﻮي ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺤﺎول ﺗﻔﺠﻴﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻠﺼﻨﻢ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻳُﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺨﻄﺎب ﻳُﻤﺜّﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ّ اﻟﺬّﻛﻮري. أﻟﻬﻤﺖ ﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﺑﺪراﺳﺎﺗﻬﺎ ﺣﻮل اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻨﺴﻮي ﻓﻲ ﺣﻘﺒﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت واﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎت ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟـﻤﺮأة واﻻﺧﺘﻼف اﻟﺠﻨﺴﻲ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺎع اﻻﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺔ واﻟــﺪول اﻻﻧﺠﻠﻮﺳﺎﻛﺴﻮﻧﻴﺔ .وﺗﺠﻠّﺖ إرﻫﺎﺻﺎت ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ -ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻠــﻨﻔﺴﻴﺔ -ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﻴﺮ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﺒﺮ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟـﻤﻮﺳﻮم» :ﺳﻴﻤﻴﻮﺗﻴﻚ ):(Semeiotike ﺑﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻤﺎﻧﺎﻟﻴﺰ« ) .(1969ﻣﺎ ﻣﻜّﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻟﻠﺠﺴﺪ واﻻﺧﺘﻼف اﻟﺠﻨﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻘﺮاءة وﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻣﺜﻞ ﺗـﻤﺜﻴﻞ
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ Vﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻧﺺ اﻟﻘﺎﻧﻮن وأﻫﺪاﻓﻪ:
- 1ﻳﻬﺪف اﻟﻘﺎﻧﻮن إﻟﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻺﻣﺎرة واﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻪ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ وإدارﺗﻪ واﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻪ ،وﻗﺪ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺎن أﺣﻜﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻺﻣﺎرة ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺎدي اﻷﺟﻨﺒﻲ داﺧﻞ اﻹﻣﺎرة. - 2ﻛﻤﺎ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺎدي ﻣﻠﻜًﺎ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻟﻺﻣﺎرة ،إﻻ إذا أﺛﺒﺖ ﺣﺎﺋﺰ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاث ﻣﻠﻜﻴﺘﻪ ﻟﻪ ،وﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﻮال اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻐﻤﻮر ﺑﺎﻟﻤﻴﺎه ﻣﻠﻜًﺎ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻟﻺﻣﺎرة. - 3ﻧﻈﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﺧﺘﺼﺎﺻﺎت ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﻧﻄﺎق رﻗﺎﺑﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﺎﻹﻣﺎرة ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻪ ،وﻣﻨﺢ ﺗﺮاﺧﻴﺺ إﻧﺸﺎء اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة واﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ. - 4ﺗﻨﺎول اﻟﻘﺎﻧﻮن أﺣﻜﺎم ﻣﻠﻜﻴﺔ وﺣﻴﺎزة اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺎدي ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة ،وإﺟﺮاءات اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻨﻪ أو ﺗﺼﺪﻳﺮه أو إﻋﺎرﺗﻪ أو إﺧﺮاﺟﻪ ﻣﺆﻗﺘًﺎ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرة ،ﻛﻤﺎ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻛﺘﺸﺎف آﺛﺎر ﺑﺎﻟﻤﺼﺎدﻓﺔ واﻟﺠﻬﺎت اﻟﻮاﺟﺐ إﺑﻼﻏﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﻤﺪد اﻟﻤﺤﺪدة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن .ﻛﻤﺎ ﺷﻤﻞ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺎدي اﻟﻤﻨﻘﻮل وﺿﺒﻄﻪ ،واﻹﺟﺮاءات اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺿﻴﺎع اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺎدي اﻟﻤﻨﻘﻮل أو ﺳﺮﻗﺘﻪ. - 5اﺳﺘﺤﺪث اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺳﺠﻠﻴﻦ ﺗﻨﺸﺌﻬﻤﺎ اﻟﻬﻴﺌﺔ ،أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺳﺠﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺎدي ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﺗﻘﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺑﻴﺎﻧﺎت وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺎدي ،واﻵﺧﺮ ﺳﺠﻞ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻨﻮي ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺗﻘﻴﺪ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﻴﺎﻧﺎت وﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻨﻮي. - 6ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺤﻈﺮ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﻣﻦ اﻟﻬﻴﺌﺔ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻧﻘﻞ ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺎدي اﻟﻤﻨﻘﻮل اﻟﻤﻘﻴﺪ ،أو اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ أو اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺎ ،أو اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄي أﻧﺸﻄﺔ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ أو ﺗﺠﺎرﻳﺔ أو زراﻋﻴﺔ أو ﻋﻠﻤﻴﺔ أو اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻊ. - 7ﻧﺺ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ اﻵﺛﺎر ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ ،وﻟﻬﺎ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﺒﻌﺜﺔ ﺗﻨﻘﻴﺐ أو أﻛﺜﺮ ﺗﺤﺖ رﻗﺎﺑﺘﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن ﻛﺎﻓﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻣﻠﻜًﺎ ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻟﻺﻣﺎرة ،وﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺜﺔ ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﺎ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ. ﻛﻤﺎ ﺷﻤﻞ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﻋﻘﻮﺑﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﺒﺲ ﻟﻤﺪة ﻻ ﺗﻘﻞ َﻋ ْﻦ ﺳﻨﺘﻴﻦ وﻏﺮاﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ درﻫﻢ وﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮة ﻣﻼﻳﻴﻦ درﻫﻢ. ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
37
ŹřʼnŁŨ ŮĹĨ ĴŻŵŁĜ
ŽėŌŵĖĉ ęijĔŨǞ ŽŘĔŝġŤē ğēĴĝŤē ūŵŬĔŜ
ﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ3 ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ
36
إﺿﺎءة
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﺸﻘﻴﻪ اﻟﻤﺎدي وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي ﺣﻤﻼت ﻣﻨﻈّﻤﺔ وﻣﻤﻨﻬﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وإزاء ذﻟﻚ ﺗﻌﺎﻟﺖ ﺻﻴﺤﺎت اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﺎدﻳ ًﺔ ﺑﻀﺮورة اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث وﺻﻮﻧﻪ وإﻳﺼﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻼّﺣﻘﺔ ﻟﻀﻤﺎن اﺳﺘﻤﺮارﻳﺘﻪ ووﺟﻮده ﺑﻮﺻﻔﻪ اﻟﻤﻌﺒّﺮ اﻟﺤﻖ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺔ اﻷﻣﻢ وأﺻﺎﻟﺔ اﻟﺸﻌﻮب ،وﻛﻨﺰا ً ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻮز اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻬ ّﺪدﻫﺎ اﻟﻀﻴﺎع ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﺜّﻞ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،اﻟﺬي أﺻﺪره ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ،ﺑﺼﻔﺘﻪ ﺣﺎﻛﻤﺎً ﻟﻺﻣﺎرة ﻣﻨﻌﺮﺟﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻣﺆﺷﺮا ً ﻗﻮﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﺳﻌﻲ اﻹﻣﺎرة إﻟﻰ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳ ًﺔ وﺣﻔﻈﺎً وإدارﺗﻪ واﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻞ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﻤﻜﺎن واﻣﺘﺪاداﺗﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﺑﻤﺎ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺗﻄﻮر اﻟﻌﺼﺮ وﻣﺎ أﺻﺒﺢ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﻣﻦ إﻛﺮاﻫﺎت وﺗﺤﺪﻳﺎت ﺗﻄﺎل اﻟﺘﺮاث، ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮه أو ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻪ وﻣﺎ ﺗﺸﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت ﻟﻀﺒﻂ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة ،ﺣﻴﺚ ﻧ ﱠَﺺ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻠﻚ ﻋﺎم ﻟﻺﻣﺎرة إﻻ إذا أﺛﺒﺖ اﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻠﻜﻴﺘﻪ ﺑﺎﻷدﻟﺔ واﻟﺒﺮاﻫﻴﻦ .ﻛﻤﺎ اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻐﻤﻮر ﺑﺎﻟﻤﻴﺎه ﻣﻠﻜﺎً ﻋﺎﻣﺎً ﻟﻺﻣﺎرة. واﻟﺤﻖ أن ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳُﻌ ّﺪ إﻃﺎرا ً ﻗﻮﻳﺎً وأﺳﺎﺳﺎً ﻣﻜﻴﻨﺎً وﻗﻮﻳﻤﺎً ﻟﻠﻀﺒﻂ واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻟﻠﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻹﻃﺎر اﻟﻤﺆﺳﺴﻲ اﻟﺠﺎﻣﻊ واﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ إدارة وﺗﺪﺑﻴﺮ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة ،وﻫﻲ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺤﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﺒﺮ إدارﺗﻬﺎ ﻟﻠﺘﺮاث ّ ووﺿﻊ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻪ وﻓﻖ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﻣﺤﻜﻤﺔ وأﻃﺮ ﻣﻨﻈّﻤﺔ، واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺗ ّﺨﺎذ ﻛﻞ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ اﻟﻼّزﻣﺔ ﻟﺼﻮن وﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺘﺮاث
د .ﻣ ّﻨ ـﻲ ﺑﻮﻧﻌﺎﻣﺔ @
اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة ،وﻣﻨﺢ ﺗﺮاﺧﻴﺺ إﻧﺸﺎء اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ واﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺳﺠﻠﻴﻦ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﻤﺎدي واﻟﻤﻌﻨﻮي ﻟﺘﻘﻴﻴﺪ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺮاث ﺑﺸﻘﻴﻪ. وﻟﺌﻦ أﻣﻌﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ أﺣﻜﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺗﻔﺮﻳﻌﺎﺗﻬﺎ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ،ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻢ ﻳﺘﻬﺎون ﻣﻊ ﻣﻦ ﺗﺴ ّﻮل ﻟﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﻴﺎزة ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث أو اﻟﻌﺒﺚ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ﺑﻄﺮق ﻏﻴﺮ ﺷﺮﻋﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺮض ﻋﻘﻮﺑﺔ رادﻋﺔ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺤﺒﺲ ﻣﺪة ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﺳﻨﺘﻴﻦ ،واﻟﻐﺮاﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ درﻫﻢ وﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮة ﻣﻼﻳﻴﻦ درﻫﻢ، ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻤﺼﺎدرة اﻵﺛﺎر ﻣﺤﻞ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﺮدﻋﻴﺔ ﺛﻤﺔ ﻣﻠﻤﺢ ﺟﻤﻴﻞ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺘﺴﻮى اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻲ اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻣﺮﺗﻜﺰاﺗﻬﺎ ،واﻟــﺬي ﻳﺸﻲ ﺑﺮﻏﺒﺔ ﺟﺎﻣﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺘﺮاث ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﺼﺎﻋﺪة ﺑﻄﺮق ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺜﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻀﺠﻴﺞ واﻟﻌﺠﻴﺞ ،وﺑﺪأ اﻟﻐﻴﻮرون ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﻳﻨﺬرون ﻣﻦ ﺑﻮادر ﻗﻄﻴﻌﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺎﺿﻲ ،وﺗﺄﺛﻴﺮ ﻛﺒﻴﺮ وﺧﻄﻴﺮ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺪاﻣﺔ اﻟﺘﺮاث ،ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻛﺒﺎدرة أﻣﻞ وإﺷﺮاﻗﺔ ﺻﺒﺢ ﺟﺪﻳﺪ وﺟﻤﻴﻞ وﻣﻨﻴﺮ ﻳﺠﻠﻮ ﻋﺘﻤﺔ اﻟﻠﻴﻞ اﻟﺒﻬﻴﻢ. ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل إن ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺘّﺴﻖ ﻓﻲ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﺻﻮﻧﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺘﻈﻢ ﻓﻲ ِﻋﻘْﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ واﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺜﺎﻗﺒﺔ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ ﺣﺎﻛﻢ اﻹﻣﺎرة اﻟﺮاﻣﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاث ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ روح اﻟﻌﺼﺮ وﻳﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺠﻤﻴﻞ @ ﻛﺎﺗﺐ وﺑﺎﺣﺚ أﻛﺎدﻳﻤﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
35
ŏǙʼnĝĸē
اﻹﻣﺎرات وﻗﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻠﻮم )اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ( ،ﻟﺤﻔﻆ وﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺘﺮاث ،واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻵﺛﺎر ،وﻣﻨﻊ اﻻﺗﺠﺎر ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺸﺮوع ﺑﻬﺎ. ÷ ĉŎŌĀŀĿ þœŎø
ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ ،أﻛﺪ ﻣﻌﺎﻟﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﺒﺎرك ،رﺋﻴﺲ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ إﻟﻰ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي أﺻﺪره ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ »ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ« ،ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،إن اﻟﻘﺎﻧﻮن »ﻳﻌﺪ ﺗﺘﻮﻳ ًﺠﺎ ﻟﻤﺴﻴﺮة اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺠﻬﻮد اﻟﻤﺒﺬوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺻﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻐﻨﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻺﻣﺎرة ،وﺗﻌﺰﻳﺰ ﺣﻀﻮرﻫﺎ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ«. وﻗﺎل» :إن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺳﻴﻤﻜﻦ اﻟﻬﻴﺌﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻬﺎ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺣﻀﻮر اﻹرث اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﺻﻮﻧﻪ ،واﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻪ ،ودﻋﻢ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،وإﻃﻼق وإدارة اﻟﻤﻌﺎرض اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ،واﻟﻤﺘﺎﺣﻒ، ﻣﺎ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺗﺮﺳﻴﺦ ﻣﻜﺎﻧﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻛﻮﺟﻬﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ«. وأﺷﺎر رﺋﻴﺲ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،إﻟﻰ أن إﺻﺪار اﻟﻘﺎﻧﻮن »ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ،وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺤﺮاك اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﺗﺸﻬﺪه إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ،ﺑﻤﺎ ﻳﺸﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻤﻠﻴﺎت إدارة وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻷﺛﺮﻳﺔ واﻟﻮاﺣﺎت واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻨﻮي«. وﻧ ﱠﻮﻩ اﻟﻤﺒﺎرك ،إﻟﻰ أن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫﻞ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻹرث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺤﺎﻓﻞ، اﻟﺬي ﺗﻤﺘﻠﻜﻪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻤﺴﺘﻮى ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻪ. ľŔİĘøĿíō ĪœĎĘøĿí ņŔñ Īńÿ
ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﻪ اﻟﻤﻨﺸﻮر ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ ،24ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺎﻗﺪ واﻟﺒﺎﺣﺚ اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺗﻤﻴﻢ» :ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن، ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،أﻧﻪ ﻏﺎدر اﻟﺠﻤﻞ اﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ وﺗﺸﻐﻴﻼ، ً وﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﺑﺎﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ،ﺑﻞ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺗﺸﺮﻳ ًﻌﺎ وﻣﺒﺎدرة ﻟﻴﺆﺳﺲ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، وﻣﻦ ﻳﻘﺮؤه ﻳﺠﺪه أوﻻً ﻗﺪ ﺣﺪد ﻣﻔﻬﻮم »اﻟﺘﺮاث« ﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﺗﻔﺼﻴﻠ ًﻴﺎ ،ﺛﻢ ﺣﺪد اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻪ«. وﻳﻀﻴﻒ اﺑﻦ ﺗﻤﻴﻢ» :ﻳﻈﻬﺮ أن اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻗﺪ اﺳﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ،وأﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺳﻴﺎق ﺻﻠﺐ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن ﻋﻦ إرﺛﻬﻢ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺰون ﺑﻪ ،وﻓﻬﻤﻬﻢ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ واﻟﺘﺮاث ﻣﻦ أﺟﻞ دﻣﺠﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،وﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎدرات اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺘﻬﺎ أﺑﻮﻇﺒﻲ«.
34
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ 3ﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ
وﺿﻤﻦ ﻣﻘﺎﻟﻪ ،ﻳﻨﻮه اﺑﻦ ﻴﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪا،ا، ﺗﻤﻴﻢ إﻟﻰ أن »اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺎدي ﺗﺤﺪﻳ ًﺪ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذي ﻞ، ﺗﺎرﻳﺨﺎًﺎ ﻟﻢ ﻳﺪ ّون ﻗﺒﻞ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻨﺎ ﺗﺎرﻳ ًﺨ وﻫﻨﺎ ﺗﺤﺘﺎج اﻟﻤﻬﻤﺔ إﻟﻰ ﻣﺨﺘﺼﻴﻦ ﺑﻌﺪ ،ﻗﺪ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﻨﺎ ﺨﺒﺮة ،وﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺤﻆ ﻓﺈن وﺧﺒﺮاء ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺨﺒﺮة، ﺗﻨﺎول اﻵﺛﺎر واﻻﺗﺠﺎر ﺑﻬﺎ«. اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻢ ﻳﻔﺘﻪ ذﻟﻚ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﺘﻪ أﻳﻀً ﺎ ل وﻳﺮى اﺑﻦ ﺗﻤﻴﻢ ،ﻓﺎﺋﺪة ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ،ﻓﻲ أﻧﻪ ﻳﺪﻋﻢ ﺟﻬﻮد ﻬﺎ ووﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺪارة اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ﻓﻲ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ، ﻋﺎﻟﻤﻴًﺎ ،وﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﺑﺮؤﻳﺔ ﻣﺘﺒﺼﺮة ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻤﺒﺮﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ،ﻟﺤﻔﻆ ﺗﺮاث اﻷﻣﻢ وﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء واﻻﻧﻘﺮ ض اض. وأﺧﻴ ًﺮا ﻳﻘﻮل» :إن اﻟﻘﺎﻧﻮن أﺗﻰ ﻓﻲ وﻗﺘﻪ ،وﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ رﻓﻴﻌﺔ ،وﻧﺤﻦ أﺷﺪ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ أن ﻧﻨﺒﻪ اﻟﻨﺎس ﻟﻰ إﻟﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺮاث وﻣﺎ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ ﻣﻦ آﺛﺎر ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻮاﺟﻪ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺿﻴﺎع ﺗﺮاﺛﻬﺎ وآﺛﺎرﻫﺎ ،وﻣﺎ ﺗﻮاﺟﻬﻪ اﻵﺛﺎر وواﺟﻬﺘﻪ ﻣﻦ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﻻ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺤﺮوب وﺣﺪﻫﺎ ،إذ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺘﻘﺪم ﺷﻬﺪ ﺣﺮوﺑًﺎ ﻓﻲ ﺑﻠﺪاﻧﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺠ ّﻨﺐ اﻟﻤﺴﺎس ﺑﺎﻵﺛﺎر اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ذﻟﻚ ﻳﻌﻮد ﺑﻼ ﺷﻚ إﻟﻰ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﻘﻴﻤﺔ اﻵﺛﺎر وﺟﺪواﻫﺎ وﻧﻔﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ﻛﺎﻓﺔ ،اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ«
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
33
ŏǙʼnĝĸē
ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ واﻟﺘﺸﻐﻴﻞ
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ Vﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺗﺘﻮﻳﺞ ﻟﻠﺠﻬﻮد اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ôŀķîī Ŏñã ľğîĴĿí ĩŜĤøēí
أﺻﺪر ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ -ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ -ﺑﺼﻔﺘﻪ ﺣﺎﻛ ًﻤﺎ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ أﻛﺘﻮﺑﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ. وﺟﺪ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺗﺮﺣﻴ ًﺒﺎ وإﺷﺎدة ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺘﺮاث ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﻔﺮداﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﻬﺎ اﻹﻣﺎرة ،ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻏﺮﺑًﺎ وﺷﺮﻗًﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﺰر اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻮق ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺼﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻋﺪدﻫﺎ اﻟﻤﺎﺋﺔ ،ﺗﺤﻤﻞ ﱞ ﻓﺮﻳﺪة ،ﺟﺎء اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻴﺴﺒﻎ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ. ﻳﻘﻮل ﺳﻴﻒ اﻟﺒﺪواوي ،اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ، ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺤﻪ ﻟﻤﺠﻠﺔ »ﺗﺮاث«» :ﺗﺄﺗﻲ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﻤﺎدي وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻓﺄوﺟﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺟﻬﺔ وﺣﻴﺪة ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد، وﻫﻲ ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻣﻨﺤﻬﺎ اﻟﺼﻼﺣﻴﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ،وﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺮﻗﺎﺑﻴﺔ ﻣﺤﺎﺳﺒﺘﻬﺎ وﺗﻘﻮﻳﻢ أداﺋﻬﺎ ،ﺑﻞ وﻳﺪﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻫﺬا اﻷداء«. وﻳﻀﻴﻒ اﻟﺒﺪواوي» :اﻟﻘﺎﻧﻮن واﺿﺢ وﺻﺮﻳﺢ، وﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺮﻛﻨﻴﻪ اﻟﻤﺎدي وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي ،ﻫﻲ ﻣﻠﻚ ﻋﺎم ﻟﻺﻣﺎرة ،وﻫﻮ ﻣﺎ أﻧﻬﻰ اﻟﻠﺒﺲ واﻟﺠﺪل ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﺣﺼﺮ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ وﺣﺴﻢ اﻷﻣﺮ، ﻛﻤﺎ أن اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﻲ أﺣﻜﺎﻣﻪ ﺗﻘﻒ راد ًﻋﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺗﺴﻮل ﻟﻪ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺘﺮاث ﺟﺰء ﻣﻦ وﻃﻨﻪ ،ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻞ ﺣﻤﺎﻳﺘﻪ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ«. 32
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ 3ﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ
وﻳﻀﻴﻒ» :ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﺑﺎﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰز ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﺮاث ﻟﺪى أﺑﻨﺎء اﻟﻮﻃﻦ« ،ﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺸﻬﺪه إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ وﺑﻘﻴﺔ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻣﻦ أﻧﺸﻄﺔ وﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻳﺘﺼﺪر ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات، وﻣﻨﻬﺎ ﻣﻠﺘﻘﻰ اﻟﺴﻤﺎﻟﻴﺔ وﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪرة واﻟﻬﺠﻦ ﻓﻲ ﺑﻮذﻳﺐ وﺳﻮﻳﺤﺎن وﻏﻴﺮﻫﺎ، واﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻨﺎدي ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻛﺎﺳﺮ اﻷﻣﻮاج ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﻛﻠﻬﺎ ﺷﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﻬﺎ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ اﻟﻨﺎدي وراﻋﻲ اﻟﺘﺮاث ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟــﻰ أﻧﺪﻳﺔ أﺧــﺮى ،وﻣﻨﻬﺎ ﻧــﺎدي أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،وﻧﺎدي أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﺸﺮاﻋﻴﺔ واﻟﻴﺨﻮت«. ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺻﺪور اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ ،أﻟﻘﺖ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋــﻼم اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻮد ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،وﻧــﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣـــﺎرات ،واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ أدرﺟﺖ اﻟﺘﺮاث ﺿﻤﻦ ﻣﻘﺮراﺗﻬﺎ اﻟﺪراﺳﻴﺔ أو ﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ،وﻣﺎ ﻳﺒﺬﻟﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرة واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺴﻮا ﺑﻘﻴﻤﺔ ﺗﺮاﺛﻬﻢ ،ووﻋﻮا أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻣﺎرﺳﻮه وﻓﻌﻼ ،ودﻓﻌﻮا أﺑﻨﺎءﻫﻢ وﺑﻨﺎﺗﻬﻢ ﻟﻠﺘﻌﺮف ً ﻗﻮﻻً ﻋﻠﻴﻪ ،وﺣﻔﺰوﻫﻢ ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺴﺪ ﻣﻼﻣﺤﻪ وﺗﻈﻬﺮ ﻋﻈﻤﺘﻪ. وﺗﻮﻗﻊ ﺑﺎﺣﺜﻮن ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮاث ،أن ﻳﻤﻬﺪ إﺻــﺪار ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻐﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﻜﻤﻠﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻃﺒﻲ وﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ إﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ ،وﺻــﻮﻻً إﻟﻰ ﻗﺎﻧﻮن اﺗﺤﺎدي ﺷﺎﻣﻞ وﻓﻌﺎل ﻟﺤﻔﻆ وﺗﺮوﻳﺞ اﻟﺘﺮاث واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ
ﻣﻌﻪ ،وأن ﻳــﺆدي ذﻟــﻚ ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ إﻟــﻰ وﺿﻊ اﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ أن ﺿﻤﺖ اﻟﺼﻘﺎرة وﺑﻌﺾ ﻓﻨﻮﻧﻨﺎ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ. وﻋﺒﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮون ،ﻋﺒﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋــﻼم ،ﻋﻦ ﻃﻤﻮﺣﻬﻢ ﻓﻲ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺮاث أﺑﻮ ﻇﺒﻲ واﻹﻣﺎرت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻻﺳﻴﻤﺎ وأن دوﻟﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
31
2 İżŲĽŤē ŧŵŻ
ﺑﺰف ﺷﻬﺪاء اﻟﻮاﺟﺐ ،ﻟﻬﻮ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻷﻣﺜﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻮة اﻟﻠﺤﻤﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻃﺤﻨﻮن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﺬي ﻳﺒﺬل ﻛﻞ ﺟﻬﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺒﻼد ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺴﻨﻴﻦ. ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﻞ ﻋﻮن ﻷﺳﺮ اﻟﺸﻬﺪاء اﻷﺑﺮار ،وﻟﻢ أﺟﺪ أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ àíĊŌĘĿí ðĻíŎŃ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ – ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ -ﻓﻲ وﺻﻒ ﺷﻬﻴﺪ ﻟﻢ ﺗﻨﻈﺮ ﻗﻴﺎدة اﻟﺒﻼد إﻟﻰ اﻟﺸﻬﺪاء اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻘﻄﻮا اﻟﻮاﺣﺪ ﺗﻠﻮ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻮﻃﻦ واﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ: ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﻌﺰة ،ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ أرﻗﺎم ﺗﻀﺎف إﻟﻰ ﺧﺴﺎﺋﺮ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺿﻄﺮت إﻟﻰ ﺧﻮﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻧﺼﺮة اﻟﺤﻖ ﻋﻴﺪ اﻟﺸﻬﻴﺪ ﻟﻪ اﻟﻤﺤﻞ اﻟﻤﺸﺮق ﺑﺠــــﻼﻟﻪ ﻳــﺰﻫـــﻮ اﻟـــﺰﻣــــــــــــﺎن وﻳـــــــﻮرق واﻟﻌﺪل ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﺑﻨﺎء ﺑﺮره ﻗﺪﻣﻮا أﻏﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ رؤﻳﺔ اﻟﻘﻴﺎدة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻷﻣﻦ اﻷﻗﻠﻴﻤﻲ واﻟﻨﺼﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻤﻬﺎ ﺑﺪﻣـــــﺎﺋــــﻪ وﻋﻄــــــــﺎﺋﻪ ووﻓـــــــﺎﺋﻪ وﻃــــــــﻦٌ ﻳــﺘﻴـــﻪ وأﻣــــﺔ ﺗﺘــــــــﺄﻧﻖ اﻟﻌﻘﻴﺪة ﺗﺠﺎه اﻟﺸﻘﻴﻖ اﻟﻤﺴﻠﻢ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي اﺳﺘﺤﻖ اﻹﺟﻼل واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ، ﻓﻤﺎ أن ﻳﺴﻘﻂ اﻟﺸﻬﻴﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺎرع اﻟﺒﻼد وﺣﺴﺐ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت أﻫــــــﺪى ﻓﻜﺎﻧﺖ روﺣـــــﻪ ﻣﺒــــــﺬوﻟﺔ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﻲ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﺑﺴﺮﻋﺔ إﻋﺎدﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺒﻼد ﻟﺒـــــﻼده ﻓﻠﻬـــﺎ اﻟﻤـــﺤــﻞ اﻷﻟـﻴـــــــﻖ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ إﺳﺘﻘﺒﺎل ﻣﻮﻛﺐ زﻓﺎﻓﻪ إﻟﻰ ﺟﻨﺔ اﻟﺨﻠﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺗـــﺮﺗـــﺪ ﻋﻨـــــــــﻪ اﻟﻨﺎزﻻت ﻣﺸﻴﺤـــــﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ،وﻟﻜﻲ ﻳﺤﻈﻮ ﺑﺎﻟﺘﻜﺮﻳﻢ اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﻢ ﻛﺸﻬﺪاء ﻗﺪﻣﻮا ﻛﻞ وﻳﺼـــــــــﺎن ﺑﺎﻷرواح ﻓﻬـــﻮ ﻣﻄـــــﻮق ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻮﻃﻦ ورﻓﻌﺘﻪ ،وﺑﻬﺬا ﺿﺮﺑﺖ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻤﺜﻞ أﺑﻨﺎء زاﻳــــــــــــﺪ ﻋـــــــــﺎﻫﺪوه ﻓﺪوﻧﻪ اﻟﺮاﺋﻊ ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻫﺆﻻء اﻟﺸﻬﺪاء ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻞ ﻓﻴﻪ ﺟﺜﺚ ﺑﺤﺮ اﻟﺪﻣـــــــــــﺎء ﻋﻠﻰ ﺛـــــــﺮاه ﺗﺪﻓﻖ ﻗﺘﻠﻰ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺒﺎﻏﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻌﻔﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاء وﺗﻨﻬﺸﻬﺎ دواب اﻷرض ﺑﻌﺪ إن ﻏـــــــﺎدر اﻷﺟﺴــــــﺎد ﻓﻴﻠﻖ ﺟﻨـــﺪه أن ﺿﻠﻠﺘﻬﻢ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﺎﻋﻮا ﻟﻬﺎ أﻧﻔﺴﻬﻢ وﺑﻼدﻫﻢ ﺑﺄرﺧﺺ اﻷﺳﻌﺎر. ﻓـــــــــﻮ ًرا ﺗــــــﻼه إﻟﻰ اﻟﺸـــﻬﺎدة ﻓﻴﻠﻖ ﻟﻘﺪ ﺿﺮب أﺑﻨﺎء اﻷﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة أروع أﻣﺜﻠﺔ اﻟﺒﺬل واﻟﻔﺪاء ﻓﻜﺎن ﺣﻘًﺎ أن ﺗﺠﻌﻞ ﻟﻬﻢ اﻟﺒﻼد ﻳﻮﻣﺎً ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﻬﻢ وأن ﺗﺠﻌﻞ ﻟﻬﻢ ﻣﻜﺘﺒﺎ وﻃـــــــــﻦ اﻹﻣﺎرات اﻟﻤﺸــــﺮف ﺷﻌﺒﻪ ً ﺷﻌﺐ اﻟﺒﺴﺎﻟﺔ ﻓــــﻲ اﻟﻜــــﺮاﻣﺔ ﻣﻌﺮق ﺧﺎﺻﺎ ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ أﺳﺮﻫﻢ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدة وﺗﺤﺖ إدارة ﺳﻤﻮ ً
30
ﺷﻬﺪاء ا3ﻣﺎرات
ﺗﺴﺎﻧﺪ اﻟﻌﺪو ﻓﻲ إﻋﺘﺪاﺋﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ووﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺨﻨﺪق اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﺠﻨﺪي اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أرﺳﻞ أﻛﺒﺮ أﺑﻨﺎﺋﻪ ﻟﻴﻜﻮن إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ أﺷﻘﺎﺋﻪ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻬﺔ ،ﻓﻜﺎن ﺣﻀﺮة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن – رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ ،ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺨﺮﻫﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺒﺎﻧﻲ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻓﻲ اﻟﺨﻄﻮط اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء ،وﻫﻮ أﻛﺒﺮ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﺪﻳﻨﻪ ووﻃﻨﻪ وأﻣﺘﻪ .وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ – ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه – ﻓﻲ ﺣﺮب اﻷﻳﺎم اﻟﺴﺘﻪ اﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ 1967م ﻣﻦ أروع أﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء واﻟﻮﻗﻮف إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺸﻘﻴﻖ ﻓﻲ أﺷﺪ اﻟﻤﺤﻦ وأﺻﻌﺐ اﻟﻈﺮوف ،واﻟﺘﻲ ﻗﺪم ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺎدي واﻟﻤﻌﻨﻮي اﻟﺬي ﻣﻜﻦ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ إﻋﺎدة ﺗﺠﻬﻴﺰ ﻗﻮاﺗﻬﺎ اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ وإﻋﺎدة اﺳﺘﻌﺪاداﺗﻬﺎ ﻟﻠﻘﺘﺎل ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ اﻷﺛﺮ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻧﺘﺼﺎرات أﻛﺘﻮﺑﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻬﺎ. وﻟﻘﺪ ورﺛﻨﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻣﻦ أﺑﻴﻨﺎ زاﻳﺪ ،ﻗﻴﻢ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء واﻟﺒﺬل ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺸﺮوط أو ﻣﺤﺪود ﻓﻲ ﺣﺐ وﺳﺒﻴﻞ اﻟﻮﻃﻦ ،ﻓﻜﺎن اﻟﺸﻬﺪاء اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﺘﻬﻢ اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻴﺎدﻳﻦ ﻧﺼﺮة اﻟﻤﻈﻠﻮم واﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷزﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺟﺴﺪ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ وأﺛﺒﺘﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻛﺎن اﻟﺘﻔﺎف اﻟﺸﻌﺐ ﺣﻮل اﻟﻘﻴﺎدة وﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻘﻴﺎدة ﺷﻌﺒﻬﺎ ﻓﻲ أﻓﺮاﺣﻬﺎ
ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﺳﻬﻴﻞ ..أول ﺷﻬﻴﺪ إﻣﺎراﺗﻲ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
29
2 İżŲĽŤē ŧŵŻ
ĊŔŌĘĿí Łã
وﻟﻜﻦ دون اﺳﺘﺴﻼم أو اﻧﻬﺰام أو ﺗﺴﻠﻴﻢ ،ﻓﻜﺎن أن ﺳﻘﻂ أول ﺷﻬﻴﺪ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻼدﻧﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻴﺮوي اﻟﺸﻬﻴﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﺳﻬﻴﻞ ﺧﻤﻴﺲ ﺑﻦ زﻋﻴﻞ اﻟﺪﻫﻤﺎﻧﻲ أرض اﻟﺠﺰﻳﺮة ﺑﺪﻣﺎﺋﻪ اﻟﻄﺎﻫﺮة ،وﻟﻴﻜﻮن أول ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﻔﺨﺮ واﻟﺒﺬل واﻟﻌﻄﺎء ،دون أن ﻳﻠﻴﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ أو ﺗﺨﻮر ﻗﻮﺗﻪ أو ﻳﻬﺎب اﻟﻤﻮت اﻟﺬي رآه ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺬوﻗﻪ ﻓﺪاء ﻟﺒﻼده ﻓﺎﻟﻌﻤﺮ ﻳﻬﻮن ﻋﻨﺪ ﻃﻠﺐ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ واﻟﺨﻠﻮد ،وﺻﺪق اﻟﺸﺎﻋﺮ )ﺑﻦ ﻫﺬال ( ﺣﻴﻦ ﻗﺎل: واﻟﻌﺰ ﻳﻮم ﻳﻐﺎﻣﺮ اﻟﺮﺟﻞ دوﻧﻪ وأﻋﻤﺎر ﻏﻴﺮك ﻣﺜﻞ ﻋﻤﺮك وداﻳﻊ àíĊŌĘĿí ðĻíŎŃō ŒŇîòĿí ĊëîĸĿí đōčĉ
ﻟﻘﺪ ﺣﻖ ﻟﻠﻮﻃﻦ اﻟﺬي ﺗﺸﺮب اﻟﻤﺮﺗﻜﺰات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺣﺪة اﻟﺒﻼد ،وأرﺳﺎﻫﺎ اﻟﻘﺎدة اﻟﻤﺆﺳﺴﻮن وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن – ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه – ﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ،أن ﻳﻔﺨﺮ ﺑﺄﺑﻨﺎﺋﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﺿﺮﺑﻮا أروع اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء ،ﻓﻜﺎن اﻟﻮﻃﻦ ﻋﺰﻳ ًﺰا ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻓﺪوه ﺑﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻞ ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﻜﻞ ﺟﻬﺪ وأﺧﻼص ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻮﻃﻦ ورﻓﻌﺘﻪ ورﻓﻊ راﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺸﺮف واﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء ،واﻟﻮﻗﻮف اﻟﻤﺸﺮف ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺼﻴﺮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻣﺜﺎل اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻹﻗﺪام ،ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻻﺗﺤﺎد وﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﻷوﻟﻰ ﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ إﻧﺪﻟﻌﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻌﺪو اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ، ﻟﻴﻘﻒ ﻣﻌﻠ ًﻨﺎ وﻗﻔﺘﻪ اﻟﺨﺎﻟﺪة وﻣﻮﻗﻔﻪ اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ اﻟﺸﺠﺎع ،ﻣﻌﻠ ًﻨﺎ أن اﻟﺒﺘﺮول اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻴﺲ أﻏﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﺪم اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻣﻨﻊ ﺗﺪﻓﻘﻪ ﻟﻠﺪول اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ
28
ﺷﻬﺪاء ا3ﻣﺎرات
وﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺸﻬﻴﺪ ،ﻓﻼﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ أﻧﺸﺄه ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﻔﺎره ﻋﻠﻰ إﻛﺒﺎر اﻟﻮﻃﻦ وﺣﺒﻪ ﻟﻴﺼﺒﺢ أﻏﻠﻰ ﻣﻦ روﺣﻪ اﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﻴﻪ ،ﻓﺄرﺿﻌﺘﻪ ﺣﻠﻴﺐ اﻟﻮﻻء واﻷﺧﻼق اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﺿﻰ ﺑﺎﻟﻬﻮان واﻟﺬل ،وﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻐﻴﺮ اﻟﻌﺰة واﻟﻜﺮاﻣﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ أم اﻟﺸﻬﻴﺪ رﻣ ًﺰا ﻟﻠﺘﻀﺤﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻓﻠﺬة ﻛﺒﺪﻫﺎ ﻫﺪﻳﺔ رﺧﻴﺼﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ وﻃﻨﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺐ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﺐ وﻟﺪﻫﺎ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺣﺒﻬﺎ ﻟﻮﻃﻨﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ آﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ أن ﺗﻜﺴﺐ اﺑﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﺧﻼق اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫﻠﻪ أن ﻳﺮﺗﻘﻲ ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﺸﺮف واﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺸﺮف واﻹﺑﺎء .وﻛﺎﻧﺖ أم اﻟﺸﻬﻴﺪ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﺎﺑﻨﻬﺎ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺸﺮﻓﺖ ﺑﺎﺳﺘﺸﻬﺎده ﻓﺪاء ﻟﺘﺮاب وﻃﻨﻪ وﺗﻠﺒﻴﺔ ﻟﻨﺪاء واﺟﺒﻪ وﺗﻨﻔﻴﺬًا ﻷواﻣﺮ وﻟﻲ أﻣﺮه ،ﻓﻜﺎﻧﺖ أﺛﻨﺎء رﺣﻠﺘﻪ اﻟﺠﻬﺎدﻳﺔ ﺗﺸﺪ ﻣﻦ أزره وﺗﺬﻛﺮه ﺑﻮاﺟﺒﺎﺗﻪ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﺗﺤﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﺬل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺸﺮﻳﻒ ﻧﻔﺴﻪ وأﺳﺮﺗﻪ وﻗﺒﻴﻠﺘﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ وﻃﻨﻪ اﻟﺬي ﻳﻔﺨﺮ ﺑﻪ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻧﻌﻢ اﻟﻤﺆازر واﻟﻤﺸﺠﻊ ﻟﺠﻨﻮدﻧﺎ اﻟﺒﻮاﺳﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺎﺿﻮا اﻟﻤﻌﺎرك اﻟﻜﺒﺮى ﺑﻘﻠﻮب ﻣﻠﺆﻫﺎ اﻹﻳﻤﺎن واﻟﺼﺒﺮ واﻟﻌﺰاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻠﻴﻦ .ﻟﻘﺪ ﺣﻖ ﻟﻠﻮﻃﻦ أن ﻳﻔﺨﺮ ﺑﺄم اﻟﺸﻬﻴﺪ ﺗﻠﻚ اﻹﻧﺴﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻬﺮت ورﺑﺖ وأﻛﺒﺮت ﻓﻲ ﻧﻔﻮس أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺣﺐ اﻟﻮﻃﻦ واﻟﺪﻳﻦ ،وأﻣﺪﺗﻬﻢ ﺑﺮوح اﻟﺼﺒﺮ واﻟﻌﺰﻳﻤﺔ، وﻗﻮت ﻣﻦ ﻋﺰاﺋﻤﻬﻢ ووﻃﻨﻴﺘﻬﻢ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ،ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺪ واﻟﻴﻘﻴﻦ واﻹﻳﻤﺎن ،ﻓﻜﺎن أن ﺗﺤﻠﻮا ﺑﺎﻟﻘﻮة واﻹﺻﺮار واﻟﺜﺒﺎت واﻟﺠﻠﺪ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷوﻗﺎت اﻟﺼﻌﺒﺔ واﻟﻤﺤﻦ اﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻬﻨﻮا ﻋﻨﺪﻣﺎ رأوا ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻫﻢ ﻳﺮﺗﻘﻮن إﻟﻰ ﺟﻨﺎت اﻟﺨﻠﺪ وﺳﻔﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﺑﻞ زادﻫﻢ إﺻﺮا ًرا ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺑﺬل اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺜﺒﺎت واﻟﺒﺬل واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ،واﻟﻮﻗﻮف ﺻﻔًﺎ ﻗﻮﻳًﺎ ﻣﺮﺻﻮﺻﺎ ﺧﻠﻖ اﻟﻘﻴﺎدة وﻓﺪاء ﻟﻠﻮﻃﻦ. ً ﻟﻘﺪ ﺣﻖ ﻟﻠﻮﻃﻦ أن ﻳﻔﺨﺮ ﺑﺄم اﻟﺸﻬﻴﺪ اﻟﺘﻲ زرﻋﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻔﺨﺮ واﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ ،ورﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻮﻟﺔ واﻟﻔﺪاء اﺳﺘﻤﺮا ًرا ﻟﻨﻬﺞ أﺳﻼﻓﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮﻫﻢ ،ﻓﺴﺎروا ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺠﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﺐ اﻟﻮﻃﻦ واﻟﻘﻴﺎدة ،ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات ﺑﻔﻀﻞ ﺗﻠﻚ اﻷم اﻟﺼﺎﺑﺮة اﻟﻤﺘﺤﺘﺴﺒﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺴﻨﺖ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ،ﻓﺄﺻﺒﺢ وﻃﻨﺎً ﻳﻨﻌﻢ ﺑﺄﺟﻴﺎل ﺗﺴﺘﺸﻌﺮ اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﻔﺨﺮ واﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺴﻬﻞ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ رﻓﻌﺘﻪ واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ أﻣﻨﻪ وﺣﻤﺎﻳﺘﻪ.
ﺗﺮاث /اﻟاﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016 ﺗﺮﺮاث
27
ŵŻ 2 İżŲĽŤē ŧŵŻ
ﺷﻬﺪاء اVﻣﺎرات راﻳﺎت اﻟﻌﺰ واﻟﻔﺨﺮ
ŒòĬļĿí ôĴŔŀć čōĎē
ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﺸﺮف واﻟﺒﻄﻮﻟﺔ واﻟﻔﺪاء ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﻘﻂ اﻟﺠﺴﺪ ﻳﺮﺗﻘﻲ رﺧﻴﺼﺎ ﺗﻠﺒﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺪ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮاق اﻟﺪم ﺗﻨﺘﺸﻲ اﻟﺮوح ﺑﻤﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﺛﻤ ًﻨﺎ ً ﻟﻨﺪاء اﻟﻮﻃﻦ واﻟﻮاﺟﺐ ،وﺗﻠﺒﻴﺔ ﻟﻨﺪاء وﻟﻲ اﻷﻣﺮ ،ﻓﻔﻲ ﺑﻼدﻧﺎ وإن ﺗﻌﺪدت اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺘﻲ ﻳﻔﺨﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻮﻃﻦ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪه ﺗﺄﻟﻘًﺎ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻢ ،إﻻ أن ﻳﻮم اﻟﺸﻬﻴﺪ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻌﻴﺪ اﻟﺬي ﺗﺤﺘﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﺑﻼدﻧﺎ ﺑﺘﻀﺤﻴﺎت أﺑﻨﺎﺋﻪ ﻋﺮﻓﺎﻧًﺎ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ،وﺗﺄﻛﻴﺪً ا ﻟﻠﻮﻻء واﻟﻌﻬﺪ واﻹﺧﻼص ،وﻓﻴﻪ ﻳﻘﻮم اﻟﻮﻃﻦ ﺑﻤﺒﺎدﻟﺔ اﻟﺒﺬل ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻳﺮ واﻟﻌﺮﻓﺎن وﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﺒﺴﺎﻟﺔ واﻹﻗﺪام واﻟﻌﺰاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻠﻦ وﻟﻢ ﺗﺴﺘﻜﻦ أو ﺗﻨﻬﺰم ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻌﺎب اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺘﻬﺎ، ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ إﺑﻘﺎء راﻳﺔ اﻟﻌﺰ واﻟﻮﻃﻦ ﺧﻔﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء. وﺳﻴﺒﻘﻰ اﻟﻮﻃﻦ ﻣﻌﺘﺮﻓًﺎ ﺑﻔﻀﻞ أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ارﺗﻘﻮا ورروا ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ اﻟﻄﺎﻫﺮة أرض ﻣﻌﺎرك اﻟﺸﺮف واﻹﺑﺎء واﻟﻔﺨﺮ واﻟﺒﻄﻮﻟﺔ، وﻫﻢ راﺿﻮن ﻣﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﻄﻴﻌﻮن ﻟﻠﻪ واﻟﻮﻃﻦ ووﻟﻲ اﻷﻣﺮ، ﻓﻠﻢ ﻳﺒﺨﻠﻮا ﻋﻠﻰ وﻃﻨﻬﻢ ﺑﺄرواﺣﻢ اﻟﻄﺎﻫﺮة اﻟﺰﻛﻴﺔ ،ﻟﻴﺒﻘﻰ اﻟﻮﻃﻦ رﻣ ًﺰا ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﻟﻠﺸﻘﻴﻖ واﻟﻘﺮﻳﺐ واﻟﺼﺪﻳﻖ ،ﻣﻨﺎﺻ ًﺮا ﻟﻠﺤﻖ ﻣﻨﺎﻫﻀً ﺎ ﻟﻠﻈﻠﻢ واﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻟﺘﻐﻄﺮس ،واﻹﺻﺮار ﻟﻤﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺜﻮاﺑﺖ اﻟﻤﺼﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺤﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻮﻃﻦ واﻟﻘﻴﺎدة ،واﻟﺘﻲ ﺣﺪدﻫﺎ اﻟﺪﻳﻦ 26
ﺷﻬﺪاء ا3ﻣﺎرات
اﻟﻘﻮﻳﻢ واﻟﺨﻠﻖ اﻟﺮﻓﻴﻊ واﻷﺧﻼق اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﺮﻳﻘﺔ. ﺳﻴﻈﻞ ﻳﻮم 30ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ اﻟﺨﺎﻟﺪ ،ﻫﻮ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ﻓﻴﻪ ﺷﻌﺐ دوﻟﺔ ً إﺟﻼﻻ وﺗﻘﺪﻳ ًﺮا وﺗﺨﻠﻴﺪً ا ﻟﺒﻄﻮﻻت اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺟﻤﻴﻌﺎ، ً وإﺣﺘﻔﺎﻻ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ وﺗﻀﺤﻴﺎت ﻓﻠﺬات أﻛﺒﺎد اﻟﻮﻃﻦ ﺑﺄرواﺣﻬﻢ اﻟﻄﺎﻫﺮة، اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺑﻨﺎؤه ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻷزﻣﻨﺔ ،وﺗﻌﺒﻴ ًﺮا ﻋﻦ اﻹﺧﻼص ﻟﻪ وﻋﺪم اﻟﺘﺮدد ﻓﻲ ﺑﺬل إﻏﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ رﻓﻌﺘﻪ وﺻﻮن ﻛﺮاﻣﺘﻪ وﻋﺰﺗﻪ. ĉîĄ÷śí Ďńī Œij Ľōŗí ĊŔŌĘĿí
ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟﻘﻴﺎم إﺗﺤﺎد دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة، ﻛﺎن اﻟﻮﻃﻦ واﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻟﺘﻜﺮﻳﺲ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻔﺪاء واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻤﺮﺗﻜﺰات اﻟﻮﻃﻦ وإﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺑﺤﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد، وﻗﻴﻤﺔ ﻛﻞ ﺣﺒﺔ رﻣﻞ ﻣﻦ أراﺿﻴﻪ اﻟﻄﺎﻫﺮة ،ﻫﻲ اﻟﺘﻲ دﻓﻌﺖ ﺑﺎﻟﻔﺌﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﺔ اﻟﺘﻲ راﺑﻄﺖ ﻓﻲ ﺟﺰرﻧﺎ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎﺣﺘﻬﺎ ﻗﻮات اﻟﺒﻐﻲ واﻟﻌﺪوان اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺠﺮ اﻟﺜﻼﺛﺎء 30ﻣﻦ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 1971م ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻣﻦ إﻋﻼن ﻗﻴﺎم اﺗﺤﺎد دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺌﺔ إﻻ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺤﺘﻞ اﻟﻐﺎزي ﺑﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ أﺳﺤﻠﺔ ﻓﺮدﻳﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺣﺎوﻟﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺪ اﻟﻌﺪوان اﻟﻐﺎﺷﻢ دون ﺟﺪوى،
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
25
įĔĩĜǘē ěǘĔĤij ŮŨ ĉîĄ÷śí ŁîŔķ ĊĬñ ŊòěîňŃ
ﺣﻀﻮر اﻟﻤﻌﺮض اﻟﺪوﻟﻲ ﻓﻲ دﻟﻬﻲ ﻋﺎم ،1972وﻗﺪ ﻣﺜﻞ اﻹﻣﺎرات اﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﺑﺼﻔﺘﻪ وزﻳﺮا ً ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد واﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ) ،(21وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻧﻔﺮاﺟﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ،وﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ وزارﻳﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻺﺷﺮاف ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎون اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻔﻨﻲ واﻟﻌﻠﻤﻲ اﺳﺘﻨﺎدا ً إﻟﻰ ﺗﺒﺎدل رﺳﺎﺋﻞ ﺑﻴﻦ وزﻳﺮي ﺧﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻟﺘﻜﻮن ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ أﻣﺪﻫﺎ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات وﺗﺠﺘﻤﻊ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻣﺮة ﻛﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ إﺣﺪى ﻋﺎﺻﻤﺘﻲ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ).(22
أول وزﻳﺮ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد واﻟﺘﺠﺎرة ﺗﻮﻟﻰ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ وزارة اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ أول ﺗﺸﻜﻴﻞ وزاري أﻋﻠﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﻤﺮﺳﻮم اﻷﻣﻴﺮي رﻗﻢ ) ،(8ﻟﺴﻨﺔ ،1971ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﺠﻠﺲ وزراء ﻷﺑﻮﻇﺒﻲ )،(18 ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻠﻒ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻮزارة ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺳﻮم اﻷﻣﻴﺮي رﻗﻢ ) (7ﻟﺴﻨﺔ .(19) 1971وﻋﻤﻠﺖ اﻟﻮزارة ﻓﻲ ﻋﻬﺪه ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة @ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ،اVﻣﺎرات اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ أﺳﺲ اﻟﻌﻤﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﺠﺎري ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ، ﻓﻘﺪ أﻗﺮت ﻣﺸﺮوع ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺴﺠﻞ اﻟﺘﺠﺎري ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺸﺆون اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻗﺪ ﺗﻢ وﻓﻘﺎ ﻷﺣﺪث اﻟﻘﻮاﻋﺪ ،ﻛﻤﺎ أﻗﺮ ﻫﻮاﻣﺶ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ﻗﻮاﻋﺪ ﺗﺮاﺧﻴﺺ إﻧﺸﺎء اﻟﺒﻨﻮك ،وﻣﺸﺮوع ﻗﺎﻧﻮن ﻏﺮﻓﺔ 1ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،اﻹﻣــﺎرات ﻓﻲ ذاﻛــﺮة أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ) اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ. اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ( ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻫﻴﺌﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ط ،2013 ،1ص.61 ŅîĤŀē ņñ Ċœíď ĆŔĘĿí ŊĿ čŎĴİńŀĿ ŊøĸijíĎŃ 2وﺛﺎﺋﻖ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ) 1971-1968 ،ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻮﺣﺪة وﻫﻤﻮم راﻓﻖ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ اﻻﺳﺘﻘﻼل( ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.132 ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ زﻳﺎراﺗﻪ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ،ﻓﺴﺠﻠﺖ اﻟﺬاﻛﺮة 3اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.131 اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺮاﻓﻘﺘﻪ ﻟﻪ أﺛﻨﺎء زﻳﺎرﺗﻪ ﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎن ﻋﺎم 1969ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ دﻋﻮة 4اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .132 ﻣﻦ رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺤﻤﺪ أﻳﻮب ﺧﺎن) ،(20ﻛﻤﺎ 5أﺣﻤﺪ زﻛﺮﻳﺎ اﻟﺸﻠﻖ ،وﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﻘﻴﻞ اﻟﺨﻄﻴﺐ ،ﻗﻄﺮ واﺗﺤﺎد راﻓﻘﻪ ﻓﻲ زﻳﺎرﺗﻪ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻹﺳﻼم آﺑﺎد ﻋﺎم .1971 اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﺴﻊ ،اﻟﺪوﺣﺔ ،ﻗﻄﺮ ،1991 ،ص.33 6وﺛﺎﺋﻖ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ) 1971-1968 ،ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻮﺣﺪة وﻫﻤﻮم اﻻﺳﺘﻘﻼل( ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.173 ôŔēîŃŎŀñĊĿí ʼnĉŎŌÿ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺘﻲ ﺳﺠﻠﺘﻬﺎ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺨﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ 7 ،اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.175 ﻣﺴﺎﻫﻤﺘﻪ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻬﻨﺪ واﻹﻣﺎرات ،ﺑﻌﺪ 8ﻗﻄﺮ واﺗﺤﺎد اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﺴﻊ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.34 ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻤﻮد اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ 9اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.35 أدت إﻟﻰ اﻧﻔﺼﺎل ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ )ﺑﻨﻐﻼدﻳﺶ( ،ﻋﻦ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ 10اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.36 ﻋﺎم ،1971إذ ﻛﺎﻧﺖ أول دﻋﻮة رﺳﻤﺔ وﺟﻬﺖ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻫﻲ 11اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.37 12اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.37 13وﺛﺎﺋﻖ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ) 1971-1968 ،ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻮﺣﺪة وﻫﻤﻮم اﻻﺳﺘﻘﻼل( ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.663 14ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺬﻛﺮات ودراﺳﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.329 15اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.340 16وﺛﺎﺋﻖ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ) 1971-1968 ،ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻮﺣﺪة وﻫﻤﻮم اﻻﺳﺘﻘﻼل( ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.713 17ﻗﻄﺮ واﺗﺤﺎد اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.50 ) 18ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة( ،ﻣﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.16 19ﻳﺤﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد ) ،ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة( ،ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺮاث ،ع ،124دﻳﺴﻤﺒﺮ ،2009 ،ص.15 20ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺬﻛﺮات ودراﺳﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ.359 ، 21ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺬﻛﺮات ودراﺳﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.532 22ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻣﺬﻛﺮات ودراﺳﺎت ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.533
24
ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ أول وزﻳﺮ اﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ
ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ﺧﻠﻒ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ،أﺛﻨﺎء اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺠﻞ ﻛﺒﺎر اﻟﺰوار ﻻٔﺣﺪ اﻟﺴﺪود ﻓﻲ اﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻻٔوﻟﻰ ﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎن
وﻣﺸﺎورات ﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎرات ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﺑﻦ زاﻳﺪ وذﻟﻚ ﻟﻠﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻼﺟﺘﻤﺎع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﺪورة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ ﻧﻮاب اﻟﺤﻜﺎم ،ﺗﻜﻮن ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺑﺤﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﻤﻬﻴﺪا ً ﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻼﺗﺤﺎد. اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ وﺧﺎﺻﺔ ﻟﺪورﺗﻪ اﻟﺮاﺑﻌﺔ .ﺷﺎرك اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻟﺠﻨﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻤﻮ ﻧﻮاب اﻟﺤﻜﺎمčŎøēĊĿí ôĬÿíĎŃ ôňĀĿ ôœŎĠī ، اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت أوﻟﻰ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺑﺘﺎرﻳﺦ 13-ﻳﻮﻧﻴﻮ ،-1970ﺗﻤﺨﺾ ﻋﻦ اﻟﺪورة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻌﻘﺪة ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺑﺘﺎرﻳﺦ 25-21أﻛﺘﻮﺑﺮ ،1969 -ﻋﺪة ﻗﺮارات رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ اﻧﺘﺨﺎب زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﺬي ﻛﺎن وﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ،وﺗﻜﻮن ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺴﺎً ﻟﻼﺗﺤﺎد ،وﺗﻤﺖ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻣﻦ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ رﺟﺎﻻﺗﻬﺎ ﻫﻢ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ،أن ﺗﻜﻮن أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﻤﻘﺮ اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻟﻼﺗﺤﺎد ،وﺣﻞ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎدي واﻟﺴﻴﺪ ﻣﺎﻧﻊ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ،واﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻤﺆﻗﺖ ،وﺗﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣﺠﻠﺲ اﻟــﻮزراء ﺑﺪﻻً ﻣﻨﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ آل ﺣﺎﻣﺪ واﻟﺴﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي ،واﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ وﻣﺴﺘﺸﺎرﻳﻬﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﻴﻦ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﻤﺮاﺟﻌﺔ ﺣﺒﺮوش اﻟﺴﻮﻳﺪي ،واﻟﺴﻴﺪ ﻋﺪﻧﺎن اﻟﺒﺎﺟﻬﺠﻲ واﻟﺴﻴﺪ ﻧﺠﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺸﺮوع اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻤﺆﻗﺖ وﺗﻢ ﺗﺮﺷﻴﺢ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ واﻟﺴﻴﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﻓﺮح ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ) .(14وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﻴﺮ ﻋﻤﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺣﻤﻮدي).(13 أﻣﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﺠﻨﺔ ﻧﻮاب اﻟﺤﻜﺎم ﻓﻘﺪ ﻋﻘﺪ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻓﻘﺪ ﻋﻘﺪت اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﺎ اﻷول ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ 20-ﻣﺎرس 1969 ﺗﺎرﻳﺦ 24-أﻛﺘﻮﺑﺮ -1970ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ واﺟﺘﻤﺎع آﺧﺮ ﺑﺘﺎرﻳﺦ 25- ،ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺎم ،وأﻧﺠﺰت اﻟﻤﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻬﺪت إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺟﻬﻮد ﻣﻤﻴﺰة ﺑﺬﻟﻬﺎ اﻷﻋﻀﺎء ،وﺗﻢ إﻋﺪاد ﻣﺴﻮدة اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻤﺆﻗﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺮر ﻋﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﺎم ﻷﺧﺬ ﻣﻮاﻓﻘﺘﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺘﻢ ﻣﺮاﺟﻌﺘﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﺳﺘﺎذ وﺣﻴﺪ رأﻓﺖ).(15 ôŔŇíĐŔńĿí ôňĀĿ ôœŎĠī
ﺷﻐﻞ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ اﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻫﻮ واﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﻮد ﺣﺴﻦ ﺟﻤﻌﺔ) ،(16وﻗﺪ ﻋﻘﺪت ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﻬﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻤﻮ ﻧﻮاب اﻟﺤﻜﺎم ،اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﺎ اﻷول ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻳﻮﻟﻴﻮ ،1970وﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺎ أوﺻﺖ ﺑﻪ اﻟﻠﺠﻨﺔ ،اﻋﺘﻤﺎد اﻟﻨﻔﻂ ﻣﺼﺪرا ً أﺳﺎﺳﻴﺎً ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﻧﻔﻘﺎت اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻟﻠﺴﻨﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻼﺗﺤﺎد، ﻓﺘﺘﺤﻤﻞ ﻛﻞ إﻣﺎرة ﻋﻀﻮ ،ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻘﺪارﻫﺎ % 10ﻣﻦ إﻳﺮادات اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺸﻤﻞ إﻳﺮادات اﻟﻨﻔﻂ ﻫﺬه ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻠﻤﻪ ﻛﻞ إﻣﺎرة ﻣﻦ ﻋﻮاﺋﺪ ورﻳﻊ وﺿﺮاﺋﺐ دﺧﻞ وإﻳﺠﺎر وﻣﻜﺎﻓﺂت اﻣﺘﻴﺎز).(17
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
23
įĔĩĜǘē ěǘĔĤij ŮŨ
رﺋﻴﺴﺎ ﻳﻌﺎوﻧﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ: وﻗﺪ ﻋﻴﻨﺖ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ ً ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ،وﻋﺘﻴﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ،وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻜﻨﺪي(4). öķæńĿí őĉîĄ÷śí ĒŀĀńĿí õîīîńøÿí Œij ʼnčōĉ
ﺷﺎرك ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺎت اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎدي اﻟﻤﺆﻗﺖ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺣﺪ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ ﻹﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﻗﺪ وردت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ آراﺋﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ اﻟﻤﺠﻠﺲ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﻤﺜﻞ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻹﻣﺎرة واﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﻗﺪ ﻋﻘﺪ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎدي اﻟﻤﺆﻗﺖ أرﺑﻌﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻛﺎن أوﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﺳﻨﺔ ،1968ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪوﺣﺔ ﻓﻲ ﻗﻄﺮ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ آل ﺛﺎﻧﻲ رﺋﻴﺲ اﻟﻤﺠﻠﺲ .ﻧﺎﻗﺶ اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ أﺑﺮزﻫﺎ ﻣﻮﺿﻮع »اﻟﺪﻓﺎع اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ« أو »ﺟﻴﺶ ﻣﻮﺣﺪ« ،وﻗﺪ رأى وﻓﺪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ أﻓﻀﻠﻴﺔ ﺗﺄﺟﻴﻞ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻣﺎ ذﻫﺒﺖ إﻟﻴﻪ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻛﺬﻟﻚ ،إذ رأى اﻟﻔﺮﻳﻘﺎن ﺗﺮك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺤﻜﺎم واﻗﺘﺼﺎر دور اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺗﺤﺎدي ﻋﻠﻰ رﻓﻊ ﺗﻮﺻﻴﺎت ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ﻓﻘﻂ).(5 ﻛﻤﺎ ﻧﺎﻗﺶ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻪ اﻷول ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ دراﺳﺔ أﺣﻮال ﻛﻞ إﻣﺎرة ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻲ ﺷﺘﻰ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ووﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،وﻗﺪ رأى وﻓﺪ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺧﻠﻒ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﻤﻜﺘﺐ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات واﻟﺬي ﺗﺴﺎﻫﻢ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻴﻪ ،وﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ) :وﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻳﻜﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻟﺤﻴﻦ وﺿﻊ اﻟﻤﻴﺜﺎق اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺪاﺋﻢ ﻟﻼﺗﺤﺎد() .(6وﻗﺪ رﻛﺰت أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة وﺿﻊ اﻟﻤﻴﺜﺎق اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺪاﺋﻢ واﻋﺘﺒﺮﺗﻪ أﻣﺮا ً أﺳﺎﺳﻴﺎً وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ اﻟﺬي أﻛﺪ ﻋﻠﻰ أن وﺿﻊ اﻟﻤﻴﺜﺎق اﻟﻜﺎﻣﻞ أﻣﺮ أﺳﺎﺳﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﺒﻖ ﻣﻮﺿﻮع اﺳﺘﺸﺎره ﺧﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ).(7 أﻣﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎدي اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻓﻘﺪ ﻋﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﺑﺘﺎرﻳﺦ 27-26ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ،-1967وﻗﺪ اﺳﺘﻜﻤﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺪﻓﺎع ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ
ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ ﻳﻤﻴﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻٔﻋﻠﻰ ﻟﻠﺤﻜﺎم ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﺮﻳٔﺎﺳﺔ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن
22
ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ أول وزﻳﺮ اﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ
اﺟﺘﻤﺎﻋﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻓﻖ ﻋﻠﻰ إﻧﺸﺎء ﻗﻮات ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻟﻺﺗﺤﺎد) ،(8وﻗﺪ ﺗﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺪام ﺧﺒﺮاء ﻋﺴﻜﺮﻳﻴﻦ ﺗﻤﻬﻴﺪا ً ﻹﻧﺸﺎء ﺟﻴﺶ اﻻﺗﺤﺎد ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ).(9 أﻣﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎدي اﻟﻤﺆﻗﺖ ،ﻓﻘﺪ ﻋﻘﺪ ﻓﻲ دﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ 4إﻟﻰ 6ﻣﺎرس – ،1969وﻗﺪ ﺷﺎرك اﻟﺴﻴﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺣﺪ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻤﺴﺎﻋﺪﻳﻦ ﻟﻠﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ ﻣﻤﺜﻞ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺎت ﻫﺬه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ،وﺗﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻤﺼﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻴﻪ .ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻻﺗﻔﺎق ﺣﻮل ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻨﻘﺪ واﻟﺒﺮﻳﺪ ﻓﻲ اﻹﺗﺤﺎد ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻟﺠﻨﺔ ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ إﻋﺪاد ﻣﺸﺮوع اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎد).(10 أﻣﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺮاﺑﻊ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎدي اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻓﻘﺪ ﻋﻘﺪ ﻓﻲ ﻋﺠﻤﺎن ﻓﻲ أول اﺑﺮﻳﻞ ﻋﺎم ،1969وأﺻﺪر اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﺪة ﻗﺮارات ﻣﻨﻬﺎ إﻧﺸﺎء ﺛﻼث إدارات اﺗﺤﺎدﻳﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻤﻮاﺻﻼت ،وﻫﻲ أﺷﺒﻪ ﺑــﻮزارات اﺗﺤﺎدﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺠﺎﻟﺲ إدارات ﺗﺘﻮﻟﻰ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ﺷﺆون اﻹﻣﺎرات وﺗﻮﺟﻴﻪ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ورﺳﻢ ﺧﻄﻄﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ أن ﻳﺆﻟﻒ ﻣﺠﻠﺲ اﻹدارة ﻣﻦ ﺗﺴﻌﺔ أﻋﻀﺎء ﻳﻤﺜﻞ ﻛﻞ إﻣﺎرة ﻋﻀﻮ وﻻ ﺗﻜﻮن اﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺗﻪ ﺻﺤﻴﺤﺔ إﻻ ﺑﺤﻀﻮر ﺳﺘﺔ أﻋﻀﺎء ،وﺗﺼﺪر ﻗﺮاراﺗﻪ ﺑﺎﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺮر أن ﺗﺼﺒﺢ ﻫﺬه اﻹدارات ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻜﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻨﻮاﺣﻲ ﻧﻮﻳﺎت ﻟﻠﻮزارات اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ).(11أﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻷﺧﻴﺮ اﻟﺬي اﻧﻌﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﺪوﺣﺔ ﺑﺘﺎرﻳﺦ 22و 23-ﻳﻮﻧﻴﻮ ،1969ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺮر اﺳﺘﻜﻤﺎل ﺑﻨﺎء اﻟﺠﻬﺎز اﻹداري اﻻﺗﺤﺎدي ﺑﺈﻧﺸﺎء إدارة اﺗﺤﺎدﻳﺔ راﺑﻌﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎرة واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻓﻨﺠﺢ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻲ إﺻﺪار ﻣﺸﺮوع ﻗﺎﻧﻮن ﺑﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻪ ﺗﻌﺜﺮ ﻋﻨﺪ إﻋﺪاد ﻣﺸﺮوع ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻮﺣﺪ ﻟﻠﻌﻤﻞ وإﻧﺸﺎء ﻣﺆﺳﺴﺔ أو إدارة اﺗﺤﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣﻴﻨﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ).(12 ŁîļĄĿí ïí¸ŎŇ ĒŀĀŃ ôœŎĠī
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄزﻣﺖ اﻷﻣــﻮر ﺑﺨﺼﻮص ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻠﻔﺎت ،ﺟﺮت اﺗﺼﺎﻻت
اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻛﻠﺠﻨﺔ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻣﺸﺮوع اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻤﺆﻗﺖ، وﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ. öķæńĿí őĉîĄ÷śí ĒŀĀńĿí ôœŎĠī
وﻫﻮ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺬي ﺗﺄﺳﺲ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﺮﺣﺎت اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ دﻓﻊ ﻋﺠﻠﺔ اﻻﺗﺤﺎد .ﺗﺸﻜﻞ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻣﻦ ﻋﻀﻮ واﺣﺪ ﻋﻦ ﻛﻞ إﻣﺎرة ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات ﻳﺴﺎﻋﺪه ﻣﺎ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن اﺧﺘﻴﺎر اﻷﻋﻀﺎء وﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ واﻟﺮأي واﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ إﻣﺎرة ،ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺷﻴﺢ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺗﻜﻮن ﻣﺪة ﻋﻀﻮﻳﺘﻬﻢ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة وﻳﺠﻮز إﻋﺎدة ﺗﻌﻴﻴﻨﻬﻢ ،وﺗﺼﺪر ﻗﺮارات اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻹﺗﺤﺎدي اﻟﻤﺆﻗﺖ ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﺛﻠﺜﻲ أﺻﻮات اﻷﻋﻀﺎء وﻳﻜﻮن ﻟﻜﻞ إﻣﺎرة ﺻﻮت واﺣﺪ).(2 وﺗﻤﺜﻠﺖ اﺧﺘﺼﺎﺻﺎت ﻫﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻻﺗﺤﺎد ﻋﺎﻣﺔ ووﺿﻊ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ أﻏﺮاض اﻻﺗﺤﺎد ورﺳﻢ اﻷﻧﻈﻤﺔ واﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ اﻟﻤﺆدﻳﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ وﻓﻘﺎً ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺮرﻫﺎ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ،واﻗﺘﺮاح اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎت اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ دﺑﻲ ووﺿﻊ اﻟﻠﻮاﺋﺢ واﻟﻘﺮارات اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎت واﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ،ودراﺳﺔ ﻣﺸﺮوع اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎد وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ وﻣﺮاﺟﻌﺘﻪ وﻣﻮازﻧﺘﻪ ورﻓﻊ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻛﻞ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻤﺼﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ وإﺻﺪارﻫﺎ، وﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ واﻟﻠﺠﺎن واﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻤﻌﺎوﻧﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ وﺿﻊ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺸﺆون اﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻷﻋﻠﻰ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻋﺮﺿﺎً ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺎً ﺑﻤﺎ ﺗﻢ داﺧﻠﻴﺎً وﺧﺎرﺟﻴﺎً ﻣﻘﺮوﻧﺎً ﺑﺘﻮﺻﻴﺎت اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻋﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻷﻫﺪاف اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ دﺑﻲ).(3
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
21
įĔĩĜǘē ěǘĔĤij ŮŨ
ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ أول وزﻳﺮ اﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ őčŎĜňńĿí ôńģîij
ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ دور إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻲ إﻧﺠﺎح ﻣﺴﺎﻋﻲ اﺗﺤﺎد دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺣﺠﻢ اﻟﺘﻀﺤﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ذﻟﻚ ،ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن. ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي أﺣﺎط ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ دوره اﻟﻤﻬﻢ ﻓﻲ إﻧﺠﺎح ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻻﺗﺤﺎد ،وﻗﺪ أﻓﺮدﻧﺎ ﻓﻲ أﻋﺪا ٍد ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺑﺒﺒﻌﺾ رﺟﺎﻻت ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ،ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻌﺎﻟﻲ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي اﻟﻤﻤﺜﻞ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة، وﻣﻌﺎﻟﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺒﺮوش اﻟﺴﻮﻳﺪي ،واﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ .وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻧﺨﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻣﻌﺎﻟﻲ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ.
20
ﻳﻨﺤﺪر ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﻣﻦ أﺳﺮة اﻟﻌﺘﻴﺒﺎت اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓﻮا ﺑﻤﻜﺎﻧﺘﻬﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ أﺑﻮﻇﺒﻲ، ﻓﺠ ّﺪﻫﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ وﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن واﺣﺪا ً ﻣﻦ )ﻣﻠﻮك اﻟﻠﺆﻟﺆ( ﻓﻲ ﻋﺼﺮه ،إذ ﻛﺎن ﻳﻤﺘﻠﻚ -رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ -ﻗﺮاﺑﺔ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻏﻮص )ﺣﻼﻟﻴﺎت( أي ﺗﺨﺼﻪ وﺣــﺪه ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺮﺣﻞ إﻟﻰ ﻣﻐﺎﺻﺎت اﻟﻠﺆﻟﺆ وﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ ﺛﻤﺎﻧﻮن ﺑﺤﺎرا ً إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻤﻮل رﺣﻼت اﻟﻐﻮص ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺌﺔ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ودﻟﻤﺎ وﻟﻴﻮا ودﺑﻲ ،وﻳﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﻣﻊ اﺑﻨﻪ أﺣﻤﺪ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻤﻮﻻن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻨﻮات ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 200 إﻟﻰ 300ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻏﻮص).(1 ﻛﺎن ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﻄﺎﻗﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻹداري اﻟــﺬي اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن
ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ أول وزﻳﺮ اﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ
أﺛﻨﺎء ﻣﺒﺎﺣﺜﺎت اﻻﺗﺤﺎد ،ﻓﻘﺪ إﺑﺎن ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺒﺎﺣﺜﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، إذ ﻛﺎن ﻋﻀﻮا ً ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﺗﺤﺎدي اﻟﻤﺆﻗﺖ، وﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﺠﺎن اﻟﺘﻲ اﻧﺒﺜﻘﺖ ﻣﻦ
ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ
ﺟﻠﺴﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﺣﻀﺮﻫﺎ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ وﺟﻬﻮد ﻛﺜﻴﺮة ﺑﺬﻟﻬﺎ ﺑﺮﻓﻘﺔ رﺟﺎﻟﻪ وﻣﺴﺘﺸﺎرﻳﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺠﺎح ﻗﻴﺎم اﻻﺗﺤﺎد اﻻٔﻣﻴﻦ اﻟﻌﺎم ﻟﻼٔﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻳﺮﺣﺐ ﺑﺎﻧﻀﻤﺎم دوﻟﺔ اﻻٕﻣﺎرات إﻟﻰ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ وﻳﻈﻬﺮ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺪﻧﺎن اﻟﺒﺎﺟﻪ ﺟﻲ
واﻟﺮﺧﺎء ،ﺣﻴﺚ ﻳُﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎل ﻣﺆﺳﺴﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻤﻠﻮا اﻟﺼﻌﺎب ،ودﻓﻌﻮا ﺛﻤ ًﻨﺎ ﻏﺎﻟ ًﻴﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ وﺣﺪة أﻣﺘﻬﻢ ،واﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﺬﻛﺮاﻫﻢ ،واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺘﺮاث اﻹﻣﺎرات وﺗﻘﺪﻳﺮه، وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻔﺨﺮ ﺑﻪ ،وﻳﺘ ّﻢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺤﺐ واﻻﻣﺘﻨﺎن ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻹﻣﺎراﺗﻲ ،اﻟﺬي ﺷﺎرك ﻓﻲ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ،وأﻗﺴﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻻء واﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻘﺎﺋﺪه اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻳﺮﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺘﻔﻞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن ﺑﺎﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﺳﺠﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻴﻼد دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺑﻌﺪ ﻣﻠﺤﻤﺔ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺎدﻫﺎ اﻟﻤﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار أﻋﻮام ﻋﺪﻳﺪة ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻹﻧﺠﺎزات ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷرض اﻟﻄﻴﺒﺔ ،ووﺿﻊ ﻟﺒﻨﺎﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ،وﻳﻮاﺻﻞ أﺑﻨﺎؤه اﺳﺘﻜﻤﺎل اﻟﺒﻨﻴﺎن واﻟﻤﺴﻴﺮة ،وﻳﻮاﺻﻞ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ ﺗﻮﺟﻴﻪ دﻓﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻬﺞ. ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ دول ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ أن ﺗ ُﺤﻘﻖ ﻣﺰﻳ ًﺪا ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻟﻮ اﺗﺨﺬت ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد ﻣﻨﻬ ًﺠﺎ ﻟﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻮﻓﻖ ،ﺣﻴﺚ ﺟﺮى ﻋﻠﻰ ﻓﺤﻮى ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻤﻮل ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻴﺜﺎق اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷورﺑﻴﺔ ،وﻻ أدل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ أن ﻣﺴﺄﻟﺔ وزن اﻷﺻﻮات داﺧﻞ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻻ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻞ إﻣﺎرة ﺻﻮﺗًﺎ ﺑﻞ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻞ إﻣﺎرة ﻋﺪ ًدا ﻣﻦ اﻷﺻﻮات ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺛﻘﻠﻬﺎ داﺧﻞ اﻻﺗﺤﺎد ،ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺸﺄن ﻓﻲ ﻣﻴﺜﺎق اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ. وﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ اﻻﺗﺤﺎد ﻳﺔ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات؛ ﻧﺠﺪ أن أﺣﻜﺎم ﻫﺬه اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻟﻜﺎﻓﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻗﻀﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﻌﺪم دﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻗﺎﻧﻮن أو ﻻﺋﺤﺔ ،أو ﻗﺮار ﺻﺎدر ﻋﻦ إﺣﺪى اﻹﻣﺎرات، وﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ دﺳﺘﻮر دوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد ﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة اﺗﺨﺎذ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ ﻹزاﻟﺔ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ أو ﺗﺼﺤﻴﺤﻬﺎ ،وذﻟﻚ وﻓﻘًﺎ ﻟﻨﺺ اﻟﻤﺎدة 101ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر ،واﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪ ﺻﺪاﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻴﺜﺎق اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻔﺘﻘﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻴﺜﺎق ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ
@ﺻﺤﻔﻲ وأﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻣﺼﺮي
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
19
45 ŽŭňŵŤē ŧŵżŤēŤē óĉîœĎĿí ĽŎěã ďĎñã őōĊăŎĿí ŒīŎĿí
آﻟﻴﺎت اﻻﺗﺤﺎد ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﺸﺮذم ،وﺗُﺤﻘﻖ آﻣﺎل أﺑﻨﺎء اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ إﻳﺠﺎد ﻛﻴﺎن ﻣﺘﺤﺪ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻜﻴﺎﻧﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮة ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻬﺪدة ﻣﻨﺬ أواﺳﻂ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺤﺪة اﻟﺼﺮاع اﻟﺪوﻟﻲ ﺣﻮل اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮر اﻟﺒﺘﺮول ﻓﻴﻬﺎ ،وﻟﻬﺸﺎﺷﺔ ﺗﺮﻛﻴﺒﺘﻬﺎ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ وﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻲ ،وﻟﻤﺎ ﻛﻨﺖ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﺪى ﻣﻦ ﺗﺮاﺑﻂ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ أو ﺗﻨﺎﻗﻀﻬﺎ ،وأﻧﻬﺎ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻮاﻣﻞ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣﺘﻐﻴﺮة ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺎط ﻗﻮﻳﺔ وﻧﻘﺎط ﺿﻌﻴﻔﺔ، وﻓﻴﻬﺎ أﺣﻼف وﻣﻮازﻧﺎت وﻣﺼﺎﻟﺢ أﺧﺮى ،إﻻ أن راﺑﻄﺔ اﻹﺳﻼم واﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أﻛﺒﺮ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرات ،وﻟﻬﺬا ﻟﻘﻲ اﺟﺘﻤﺎع »اﻟﺨﻮاﻧﻴﺞ« اﻟﺬي دﻋﺎ إﻟﻴﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ )،(1909-1855 ﻳﺮﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﻟﺤﻞ ﻣﺸﻜﻼت اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻋﺎم 1906ﺗﺠﺎوﺑًﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺣﻜﺎم اﻹﻣﺎرات ،اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎرﻋﻮا إﻟﻰ اﻟﺤﻀﻮر ﻟﺤﻞ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺸﻴﺨﺎﺗﻬﻢ ،وﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻴﻼد »ﻣﺠﻠﺲ ﺷﻴﻮخ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ« ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ،1963ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺘﻤﻊ ﺣﻜﺎم اﻹﻣﺎرات ﺑﺼﻮرة دورﻳﺔ ﻟﻠﺘﺪاول ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺟﺬور اﻻﺗﺤﺎد ﻛﺎﻧﺖ راﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ،ﺑﺼﻮرة ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻹﻣﺎرات ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ وﻣﻬﻴﺄة ﻟﻠﺘﺠﻤﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ،وﻛﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪم اﻟﺰﻣﻦ ﻧﻤﺖ ﻓﻜﺮة اﻻﺗﺤﺎد ،وﻣﻨﺬ أواﺳﻂ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ إﻣﺎرة أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرف ﺛﺮوة ﻛﺒﻴﺮة ،ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺨﺰوﻧﻬﺎ اﻟﻨﻔﻄﻲ اﻟﺬي ﺣﺒﺎﻫﺎ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ،وﺑﺪأت ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﺻﻼﺣﺎت ،ﻛﻤﺎ ﻧﻬﻀﺖ دﺑﻲ ﻧﻬﻀﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺎرة وﺣﺮﻛﺔ رأس اﻟﻤﺎل وﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺒﺎب اﻟﺘﺠﺎري اﻟﻤﻔﺘﻮح ،ﻓﺎﻧﻌﻜﺲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات ،وأوﺟﺪ اﻟﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺴﺎﻧﺪ واﻟﺪاﻋﻢ ﻟﻺﺗﺤﺎد .وﺣﻴﻦ ﺗﻮﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﺎم 1966ﺣﻜﻢ إﻣﺎرة أﺑﻮ ﻇﺒﻲ ﻟﺒﻰ ﻧﺪاء ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﻟﺪاﻋﻲ إﻟﻰ اﻻﺗﺤﺎد وﺷﺮع ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ .وﻗﺎم ﺑﺎﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ ﺑﺄن ﺑﺎدر إﻟﻰ ﻋﻘﺪ اﺗﻔﺎق »اﻟﺴﻤﻴﺢ« ﻣﻊ ﻧﻈﻴﺮه ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ ﻓﻲ 18ﻓﺒﺮاﻳﺮ ،1968ﻟﻴﻜﻮن ﺣﺠﺮ اﻷﺳﺎس ﻹﺗﺤﺎد أﺷﻤﻞ ﻳﻀﻢ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﻬﺎدن.
ﻳﺆﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﺄن اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻮﺣﺪوي ﻫﻮ أﺑﺮز أﺻﻮل اﻟﺮﻳﺎدة اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳُﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء اﻹﻧﺴﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻲ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﺑﻔﻜﺮه اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ،ورؤﻳﺘﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ،وﻧﻈﺮﺗﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،وإذا ﻣﺎ ﺗﺘﺒﻌﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺳﻨﺠﺪ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﻨﻊ ﺑﺎﻟﺸﻌﺎرات ،وﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻓﺢ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻗﺎﻣﺔ اﻻﺗﺤﺎد اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﺣﺘﻰ رأى اﻟﻨﺎس اﻻﺗﺤﺎد وﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﻋﻴﻦ اﻟﻴﻘﻴﻦ، وﻷن اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ زﻋﻴﻢ وﺣﺪوي ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺮى ﺛﻤﺔ ﺗﻌﺎرﺿً ﺎ أو ﺗﻨﺎﻗﻀً ﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺘﻨﻮع ،إذ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻛﺎﺋﻨﺎً ﺣﻴﺎً ﻳﻨﻤﻮ وﻳﺘﻄﻮر وﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻮع داﺧﻠﻪ ﻗﺪرة ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮوﻧﺔ وﺗﻠﺒﻴﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻛﻞ اﻷﻃﺮاف داﺧﻠﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺮوﻧﺔ اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻮﺣﺪة ﻻ ﺗﻌﻨﻲ وﺿﻊ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻮﻃﻦ ﺗﺤﺖ رﺣﻤﺔ ﻣﺘﻐﻴﺮات اﻟﻌﺼﺮ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻘﺪ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻣﻊ اﻧﺠﺮاﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻴﺎرات اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻻﺟﺘﻴﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﺬﻳﺒﺔ ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺎت ،واﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻟﻤﺼﻬﺮة ﻟﻜﻞ ﻋﻮاﺋﻖ اﻻﺗﺼﺎل واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ،وﻟﻬﺬا ﻳﺠﺐ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺛﻮاﺑﺖ اﻟﻮﺣﺪة :اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺪﻳﻦ واﻹﻗﻠﻴﻢ واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺸﺘﺮك واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ واﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻌﻴﺶ اﻟﻤﺸﺘﺮك واﻟﺘﺠﺎﻧﺲ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻒ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺘﺎح ﺷﻮاﻃﺌﻬﺎ ،وإذا ﻟﻢ ﺗﺘﺴﻠﺢ ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻷﺻﻴﻞ واﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺘﺠﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺜﻞ رﻳﺸﺔ ﻓﻲ ﻣﻬﺐ اﻟﺮﻳﺢ. ﻳﺘﻢ اﻹﻋﻼن ﻋﻦ ﻣﻴﻼد دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ دﻳﺴﻤﺒﺮ ،1971ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻈﺎﻣﻲ ودﺳﺘﻮري ،اﻛﺘﻤﻞ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ اﻟﻜﻴﺎن اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻺﻣﺎرات ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺘﻴﻦ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،ﺗﺤﺖ ﻋﻠﻢ واﺣﺪ ﻗﻴﺎدة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﺣﺪة ،ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻟﺘُﺼﺒﺢ ﺣﻖ اﻟﻴﻘﻴﻦ .وﻫﺬا اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وﻟﻴﺪ اﻟﺼﺪﻓﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻪ ﺟﺬور ،إذ ﺗﻘﻮم ﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎرات ،وﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻗﺪﻳﻢ ،اﺗﺤﺎد ﻋﺮﻗﻲ ودﻳﻨﻲ وﻗﺒﻠﻲ وﻋﺎﺋﻠﻲ وﻣﺼﻴﺮي ،ﻓﺎﻟﺤﺎدث اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻲ إﻣﺎرة ﻳﺠﺪ ﻟﻪ ﺻﺪى ورد ﻓﻌﻞ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ﻛﻠﻬﺎ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﺗ ُﺤﺘﻤﻪ اﻟﺮواﺑﻂ óĎŔĔńĿíō ŅîŔňòĿí Ľîńļøēí اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻤﺼﻴﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺘﻤﻊ أﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ أن اﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ آﻟﻴﺎت أﺣﺪاث اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻳﺆدي ﺑﺪون ﺷﻚ إﻟﻰ إﻳﺠﺎد ﺑﻬﺬا اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﻮي اﻟﻤﺘﻴﻦ ،وﻟﻠﺘﻄﻠﻊ ﺳﻮﻳًﺎ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞٍ ﻳﻌ ّﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻼم
اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺸﺎورات ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ ﻣﻊ ﻣﻌﺎﻟﻲ أﺣﻤﺪ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪي ﻟﺘﺬﻟﻴﻞ ﻋﻘﺒﺎت اﻻﺗﺤﺎد
18
اﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ ا3ﻣﺎراﺗﻲ
óĎļĴĿí ĉŜŔŃ
ﺗﺤﻜﻲ ﻗﺼﺔ اﻻﺗــﺤــﺎد أﻧــﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ واﻟﻤﺸﻴﺨﺎت ،ﺗﺘﻨﺎﺣﺮ وﺗﺘﻘﺎﺗﻞ ،وﻳﻐﺰو ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎً ،وﻻ ﺗﺠﻤﻌﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ رﻏﻢ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﺠﻤﻌﻬﺎ اﻷرض ،اﻟﻮﻃﻦ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺄﻛﻠﻮن ﻣﻦ ﺧﻴﺮاﺗﻬﺎ، وﻳﺸﺮﺑﻮن ﻣﻦ آﺑﺎرﻫﺎ ،وﻳﺴﺘﻈﻠﻮن ﺑﺴﻤﺎﺋﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻳﻨﻘﺼﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻌﻬﻢ ،ﻓﺠﺎء اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﻳﺮﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،ﻓﺪﻋﺎﻫﻢ ﻟﻨﺒﺬ اﻟﻔﺮﻗﺔ، واﻹﺗﺤﺎد ،ﻣﺆﻛ ًﺪا إن ﻣﺎ ﻫﻢ ﺑﻪ ﻟﻴﺲ إﻻ ﻟﺘﻔﺮﻗﻬﻢ ،وأن ﻋﺪوﻫﻢ ﻻ ﻣﺴﺘﻐﻼ ﻣﺎ ً ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻬﻢ اﻻﺗﺤﺎد ،ﻟﻴﻈﻞ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺧﻴﺮات ﻣﻮﻃﻨﻬﻢ، ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺰاﻋﺎت ،ﻓﻮﺟﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ آذاﻧًﺎ ﻣﺼﻐﻴﺔ ،وﻋﻘﻮﻻً ﻣﻔﻜﺮة ﻣﺴﺘﺠﻴﺒﻪ ،ﻓﺪﻋﺎﻫﻢ ﻟﻼﺟﺘﻤﺎع ،ﻓﻠﺒﻮا ﻛﻠﻬﻢ ُﻣﺮﺣﺒﻴﻦ ُﻣﻬﻠﻠﻴﻦ ،ﻓﺎﺧﺘﺎر دﺑﻲ ﻟﺘﻜﻮن اﻟﻤﻘﺮ اﻷول ﻟﻼﺟﺘﻤﺎع اﻷول ﻓﻲ 18ﻳﻮﻟﻴﻮ ،1971وﻟﻤﺎ اﻛﺘﻤﻞ اﻟﺠﻤﻊ ،ﺑﺪأ ﻳُﺒﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﻓﺎﺋﺪة اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻢ ،وﻋﻈﻤﺔ وﻃﻨﻬﻢ، ووﺣﺪة ﻗﻮﻣﻴﺘﻬﻢ وﻟﺴﺎﻧﻬﻢ ،وأﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺘﻬﻢ ،وﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ وإﻳﻤﺎﻧﻬﻢ،
وأن ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻣﻦ أﻋﻨﺎﻗﻬﻢ ،وﻣﻦ اﻟﻀﺮوري ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺴﻠﻜﻮا، ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﻢ ﺗﺠﺎه أﺑﻨﺎﺋﻬﻢُ ،ﺳ ًﺒﻼ ﺗﻌﻮد ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وأن ﻳُﻔﻜﺮوا ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أوﻃﺎﻧﻬﻢ ،ﻓﺒﺎدروا ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ إﻟﻰ رﻓﻊ اﻟﻴﺪ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ،أن ﺗﺘ ّﻢ وﺣﺪﺗﻬﻢ، وﻳﺪﻳﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻨﻌﻢ ،ﻟﺘﻨﻄﻠﻖ اﻹﻣــﺎرات ﻣﻦ ﻛﻬﻮف اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻗﻴﻮده إﻟﻰ آﻓﺎق اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﺑﺸﺎﺋﺮه اﻟﻤﺸﺮﻓﻪ ،ﻟﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﺎز، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﺎ إﻋﺠﺎزًا ﺣﻀﺎرﻳًﺎ ،اﻧﺒﺜﻖ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ وﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻪ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺎل اﻟﺨﺼﺐ اﻟﺨﻼق ﻫﻮ اﻟﺒﻮﺗﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺼﻬﺮت ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻔﻜﺮي ،وأﺻﻮﻟﻪ اﻟﻮﺣﺪوﻳﺔ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ ،ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ اﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﺠﺎﻣﺪة ،واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، واﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺴﺎﺋﺪةُ ،ﻣﺴﺘﻔﻴ ًﺪا ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻳُﺴﺎﻋﺪه ﺧﻴﺎﻟﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ووﻋﻴﻪ ﺑﺈﻧﺠﺎزات وﻣﻮاﻗﻒ اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻘﻮﻣﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮه ﻓﻲ ﺑﻼد أﺧﺮىُ ،ﻣﺴﺘﻠﻬ ًﻤﺎ ﺛﻮاﺑﺖ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺤﻨﻴﻒ، واﻟﻤﺜﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،واﻷﺧﻼﻗﻴﺎت .وﺑﺬﻟﻚ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ان ﻳﺤﻞ اﻟﻤﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺜﺎﻗﺒﺔ واﻟﺨﻴﺎل اﻟﺨﺼﺐ ،اﻟﺬي ﻣﻨﺤﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺮاﻫﻦ وﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ،ﺛﻢ اﻻﻧﻄﻼق إﻟﻰ آﻓﺎق اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺬي ﻟﻴﺲ ﺳﻮى اﻟﻤﺤﺼﻠﺔ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺤﺎﺿﺮ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺪﻓًﺎ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴًﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻻ ﻳﺤﻴﺪ ﻋﻨﻪ أﺑ ًﺪا، ﻣﺴﺘﻤ ًﺪا ﺟﺬوره ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث ،وﻟﻌﻞ أﻫﻢ ﻣﻘﻮﻣﺎت ﻣﻨﻬﺠﻪ اﻟﻔﻜﺮي ﻫﻲ وﻋﻴﻪ ﺑﺘﺎرﻳﺦ وﻃﻨﻪ ﺧﺎﺻﺔ ،وﺑﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﺎﻣﺔ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻫﻮ أﻗﻮى ذاﻛﺮة ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ.
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
17
45 ŽŭňŵŤē ŧŵżŤēŤē
ﺷﻬﺎدة اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮة
őďîį Œŀī ŒĴŔĴī Œŀī ĉ
ﻳﺤﺘﻔﻞ أﻫﻞ اﻹﻣﺎرات ﻛﻞ ﻋﺎم ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ دﻳﺴﻤﺒﺮ ﺑﺎﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻘﻴﺎم دوﻟﺘﻬﻢ ،ﻳﺴﺘﺬﻛﺮون ﻣﺎﺿﻴﻬﻢ وﻛﻴﻒ أﺻﺒﺢ ﺣﺎﺿﺮﻫﻢ ،ﻓﻲ وﻗﻔﺔ ُﻳﺤﺎوﻟﻮن ﻓﻴﻬﺎ اﺳﺘﻠﻬﺎم اﻟﻌﺒﺮ واﻟﺪروس ،اﻟﺘﻲ ﻋﻠﻤﻬﻢ إﻳﺎﻫﺎ ﺑﺎﻧﻲ دوﻟﺘﻬﻢ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻳﺮﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ،وﻟﺬﻟﻚ ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ وإﻋﺰازًا ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ .ﻟ ُﻴﺸﻜﱢﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻴﻼد دوﻟﺔ ﻇﻬﺮت ﻟﻠﻮﺟﻮد ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺪول ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻓﺼﺎرت ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺷﻬﺎدة اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮة ،اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻠﻰ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺆﺳﺲ ،ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ،اﻟﺬي ﺑﻨﻰ اﻹﻣﺎرات ووﺿﻊ ﻟﺒﻨﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ، وأرﺳﻰ دﻋﺎﺋﻬﻤﺎ ،وأﻗﺎم أرﻛﺎﻧﻬﺎ ،ﻓﺠﺴﺪ ﺗﺠﺮﻳﺔ وﺣﺪوﻳﺔ ﻓﺮﻳﺪة ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻇﻞ ُﻣﻌﻄﻴﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻓﻌﻪ إﻟﻰ اﻟﻴﺄس ،وﻋﺪم اﻟﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﻮﺣﺪوي واﻟﻨﻬﻀﻮي اﻟﻨﺎدر ،إﻻ أﻧﻪ ﻣﻀﻰ ﺑﻴﻘﻴﻦ وإﻳﻤﺎن وﺛﻘﺔ ،وﻋﺰﻳﻤﺔ ﻗﻠﻤﺎ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺮﺟﻞ ،ﻓﻨﻘﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ، وﻣﻦ اﻟﺘﺨﻠﻒ إﻟﻰ اﻟﺘﻘﺪم ،وﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻚ إﻟﻰ ﻧﻤﻮذج وﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﺮﻳﺪة ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺈﻋﺠﺎب ودﻫﺸﺔ ،إذ اﺳﺘﻄﺎع ﺑﺒﺴﺎﻃﺘﻪ وﻓﻄﺮﺗﻪ وﺣﻜﻤﺘﻪ، وﻛﺎرﻳﺰﻣﻴﺘﻪ اﻟﻤﻌﻬﻮدة ،وﺣﺒﻪ ﻷﺑﻨﺎء وﻃﻨﻪ ،وﺑﻌﻈﻤﺔ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ أن ُﻳﻨﺸﻰء دوﻟﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻣﺘﻄﻮرة وﺳﻂ ﺻﺤﺮاء ﻗﺎﺣﻠﺔ ،وأن ﻳﺆﺳﺲ ﻛﻴﺎﻧًﺎ وﺣﺪو ًﻳﺎ ﻗﺎﺋ ًﻤﺎ ﺑﺬاﺗﻪ ،ﻣﻨﻄﻠﻘًﺎ ﻣﻦ إﻳﻤﺎن ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﺎﻟﻨﻬﻀﺔ واﻟﺘﻄﻮر واﻟﻠﺤﺎق ﺑﺮﻛﺐ اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ اﻧﻄﻠﻖ ﻳﺰرع اﻹﻣﺎرات ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ، وﻳﺮوﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ اﻟﻮﻓﻴﺮ ،ﻟﻴﻜﺴﻮﻫﺎ اﻟﻠﻮن اﻟﺨﻀﺮُ ،ﻣﺘﻐﻠ ًﺒﺎ ﻋﻠﻰ وﻋﻮرة اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات وﻣﺎ ﻳﺤﻴﻄﻬﺎ ،وﺑﻔﻄﺮة اﻟﺒﺪوي وذﻛﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ أﻧﻬﻰ ﻋﻘﻮدًا ﻣﻦ اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﺤﺪودﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﻴﺮان، ﻛﻲ ُﻳﺤﻘﻖ ﻟﻺﻣﺎراﺗﻲً ، رﺟﻼ أو اﻣﺮأة ،اﻟﺴﻠﻢ واﻷﻣﻦ واﻟﺤﺮﻳﺔ ،واﻟﻀﻤﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫﻠﻪ ﻟﻮﻟﻮج ﻋﺼﺮ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ،وﻳﺄﺧﺬ ﺑﺎﻟﺤﺪاﺛﺔ ،وﺗﻨﺒﻪ ُﻣﺒﻜ ًﺮا إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻮع اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ ،ﻓﺴﻌﻰ ﻹزاﻟﺔ اﻻﻧﺘﻤﺎءات اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺸﺮوع اﻷﻛﺒﺮ ،وﻫﻮ اﻟﺪوﻟﺔ اﻻﺗﺤﺎد ﻳﺔ ،وﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺴﺘﻮى ﻻﺋﻖ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﻤﻌﻴﺸﺔ اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺨﻠﻖ اﻟ ُﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺐ اﻹﻣﺎرات ،ﻟﺘﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم ﺑﻨﻬﺠﻪ اﻟﻤﻌﺘﺪل واﻟﻤﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﻤﻨﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻟﺘﺒﺪو اﻹﻣﺎرات اﻟﻴﻮم ﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ ﻧﻬﻀﻮﻳًﺎ ﻣﺘﻤﻴ ًﺰا وﺗﺠﺮﺑﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻫﻲ اﻷﻧﺠﺢ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻧﻔﺘﺎح اﻟﺨﺎرﺟﻲ واﻟﺴﻤﻌﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺠﻴﺪة.
16
اﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ ا3ﻣﺎراﺗﻲ
16
اﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ اVﻣﺎراﺗﻲ :ﺷﻬﺎدة اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮة
20
رﺟﺎﻻت اﻻﺗﺤﺎد :ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ
26
ﺷﻬﺪاء اVﻣﺎرات راﻳﺎت ﻋﺰ وﻓﺨﺮ
32
ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ Vﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ واﻟﺘﺸﻐﻴﻞ
201 2016 ﻳﺴﻤﺒﺮ 16 دﻳﺴﻤﺒﺮ 206دﻳﺴ ﺪد 20 ﺗﺮاث /ااﻟﻌﺪد ﺗ ث ﺮاث
15 5
ŷěĽĭŰ ǝŭŜŹŰ ĸŶŀ ņũİ ﺧــــﻠــــﺺ ﺷــــﻬــــﺮ ﻧـــﻮﻓـــﻤـــﺒـــﺮ ﻧــﺤــﺴــﺒــﻪ ﻃـــــﺎف اﻧـــﺘـــﻬـــﺎ ﺛــــﻢ ﻗـــــﺮب اﻟــﻤــﻴــﺤــﺎﻧــﻲ وﻗـــﺒـــﻞ ﺷـــﻬـــﺮ دﻳــﺴــﻤــﺒــﺮ اﻟـــﻠـــﻲ ﻧــﺮﻗــﺒــﻪ ﺷـــﻬـــﺮ اﻟـــﺒـــﺸـــﺎﺷـــﺔ واﻟــــﻔــــﺮح ﻳــﺨــﻮاﻧــﻲ ﻳـــﺎ ﻣــﺮﺣــﺒــﺎ ﺑــﻌــﻴــﺪ اﻟـــﻮﻃـــﻦ ﻳـــﺎ ﺣـــﻲ ﺑﻪ ﻋـــﻴـــﺪ اﻟـــــﺴـــــﺮور وﻣـــﻄـــﻠـــﺐ اﻷﻣــــﺎﻧــــﻲ وﺣــــﻨــــﺎ ﺑــــﻨــــﺪي ﻟــــﻲ ﻋــﻠــﻴــﻨــﺎ واﺟـــﺒـــﻪ ﻣـــﻊ ﻣـــﻦ ﺣـــﻮاﻫـــﻢ ﻣــﺠــﻠــﺲ اﻟـــﺪﻳـــﻮاﻧـــﻲ رﺑــــﻊ ﺳــﻤــﻮ ﻓـــﻲ اﻟــﺸــﻌــﺮ ﻧـــﺎﻟـــﻮ ﻣــﺮﺗــﺐ ﺣــــﺎﺷــــﺎ وﻟـــﻴـــﺠـــﻲ ﻣـــﻨـــﻬـــﻢ اﻟـــﻘـــﺼـــﺮاﻧـــﻲ واﻟــــﻴــــﻮم ذا ﻳــــﺎ ﺳـــﻌـــﺪ ﻳـــــﻮم ﻧـــﻤـــﺮ ﺑــﻪ ﻳـــﺸـــﻬـــﺪ ﻟــــﻪ اﻟــــﺘــــﺎرﻳــــﺦ واﻻزﻣـــــﺎﻧـــــﻲ اﻗـــﻮاﺳـــﻨـــﺎ وﺑـــﻬـــﺎ اﻟـــﺸـــﻌـــﺎر أﻣــﻨــﺎﺳــﺒــﻪ وﻋــــﻼﻣــــﻨــــﺎ ﻣــــﻊ ﻧـــﺠـــﻤـــﺖ اﻟـــﻤـــﻴـــﺰاﻧـــﻲ ﻧـــــﺪي اﻟـــﺘـــﺤـــﻴـــﺔ ﻟــﻠــﻌــﻠــﻢ وﻧــــﺤــــﻒ ﺑــﻪ ﻓـــــﻲ ﻣــــﻮﻛــــﺐ وﻧـــﻬـــﻨـــﻲ اﻟــﺸــﻴــﺨــﺎﻧــﻲ واﻟــــﻔــــﻈــــﻞ ﻳـــــﺮﺟـــــﻊ ﻛـــــــﺎن ﺳــﺒــﺒــﻪ ﺷـــﻴـــﺦ ﺗـــﺴـــﺎﻣـــﺎ ﻣــــﻦ ﻫــــﻞ اﻧــﻬــﻴــﺎﻧــﻲ زاﻳــــــﺪ ﻋــﺠــﻴــﺪ اﻟــــﻘــــﻮم ﻟــــﻲ ﻧــﻌــﺘــﺰ ﺑــﻪ أﻫـــــﻮ اﻟـــﺮﺋـــﻴـــﺲ وﻣـــﻨـــﺒـــﻊ اﻻﺣـــﺴـــﺎﻧـــﻲ ﻣـــﺎ ﻃــﻤــﻊ ﻓـــﻲ اﻟــﺪﻧــﻴــﺎ ﺑـــﻤـــﺎل وﺷــــﺢ ﺑﻪ ﺣــــﺎﺷــــﺎ وﻻ ﻫـــــﻮ ﻓـــﻠـــﻌـــﻄـــﺎ ﻣــﻨــﺎﻧــﻲ واﻟـــﺸـــﻲ ذا ﻟـــﻲ ﻳــﻨــﻔــﻘــﻪ ﻣـــﺎ ﺟــــﺎد ﺑﻪ إﻻ اﻟــــﻮﺟــــﻪ اﻟـــــﻮاﺣـــــﺪ اﻟـــﺮﺣـــﻤـــﺎﻧـــﻲ ﻟــــﻦ اﻟـــﺼـــﺨـــﺎ واﻟـــــﺠـــــﻮد ﻫـــــﺬا داﻳـــﺒـــﻪ زاﻳـــــــﺪ ﻳـــﺴـــﻤـــﺎ ﻣـــــــﻮرد اﻟــﻌــﻄــﺸــﺎﻧــﻲ ﻣــــﺎ ﻧــﻨــﻜــﺮ اﻟــﻤــﺠــﻬــﻮ واﻟــــﻠــــﻲ ﻗـــــﺎم ﺑــﻪ ﺟـــــﺎد وﻋـــﻄـــﺎ وﻇـــﻔـــﺎ ﻋـــﻠـــﻰ اﻟــﻌــﺮﺑــﺎﻧــﻲ
* ]Ï ( ' ÛÂ & É}. Ð ]ÐØ/ÙÊ# &} ' ÛÂ p#. ]Ú Ù,(# / # Û$ Ð )Ù+ Ð p( ' ±$# pÙ Ê# (.Ï ( ' ÛÂ Øp° # p' ÛÂ Ø p # !$ ÛÂ %
14
ﺧﻴﺮي وﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ وﻃﻨﻲ ،ﺣﺴﺐ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﺨﺮي ﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺘﻄﻮﻋﻲ ،ورﻋﺎﻳﺔ اﻟﺸﻴﺨﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺷﻤﺎ ﺑﻨﺖ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن . اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺘﻄﻮﻋﻲ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﺎق اﻟﻀﺒﻌﻴﺔ ،وﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﺳﻮﻳﺤﺎن ،وﻣﻬﺮﺟﺎن ﺑﻮذﻳﺐ ،ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن أﻛﺜﺮ ﻣﺸﺎرﻛﺎت اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻊ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات .وﺣﻈﻲ ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺴﻤﺤﺔ ﺑﻨﺠﺎح ﺑﺎﻫﺮ وﺳﻤﻌﺔ ﻃﻴﺒﺔ وإﺷﺎدة ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷوﺳﺎط اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤﻬﺘﻤﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﺮاﺛﻲ، ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ اﻟﺪور اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﺑﻪ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻛﻤﺮﻛﺰ ﻳﺠﻤﻊ ﺛﻘﺎﻓﺎت وﺗﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﻄﺒﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻣﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﻓﻲ اﻟﺘﺮوﻳﺞ ﻟﻠﻤﻘﻮﻣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻘﺼﺪ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺳﻴﺎﺣﻲ ﻣﻬﻢ. وﻳﺴﻌﻲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺴﻤﺤﺔ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،إﻟﻰ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﺟﻴﺎل وﺻﻮن اﻟﺘﺮاث واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات
واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻷﺻﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ رﺻﻴ ًﺪا ﺣﻀﺎرﻳًﺎ وإﻧﺴﺎﻧ ًﻴﺎ ﻟﻺﻣﺎرات أﻣﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ .إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺗﺤﻈﻰ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﻬﺎ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻷول ﻣﺮة ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ وﺗﻔﺎﻋﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻃﺮح أﺳﺌﻠﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﺑﻬﺪف زﻳﺎدة اﻟﻮﻋﻲ وﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻨﺸﺎﻃﺎت ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻻﻣﺎرات واﻟﻤﻮروث اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،وﻗﺪ رﻋﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ وﻗﺪم ﺟﻮاﺋﺰﻫﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎة وﻫﻢ ﻣﻮاﻧﺊ اﺑﻮﻇﺒﻲ وﻣﻄﻌﻢ وﻛﺎﻓﺘﻴﺮﻳﺎ اﻟﻌﺮﻳﺶ واﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﻟﻠﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
13
тАлтАк─┤┼▓─╜┼д─У ─Я─У─┤─ЬтАмтАм
тАл╪гя╗зя║╕я╗Дя║Ф я╗гя║Шя╗ия╗оя╗Ля║Ф ┘И╪ея╗Чя║Тя║О┘Д я╗Ыя║Тя╗┤я║отАм
тАля╗гя╗мя║оя║Яя║О┘Ж ╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║Ф ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗▓ ╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ся╗КтАм тАля╗Гя║о╪н я╗гя║Шя║ая║к╪п _я╗Яя╗о╪з┘Ж ╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪лтАм тАл├╖тАк─Щ├о─З ├╣├н─ОтАмтАм
тАл╪зя║зя║Шя║Шя╗дя║Ц я╗Уя╗▓ тАк 19тАмя╗зя╗оя╗Уя╗дя║Тя║о ╪зя╗Яя╗дя║Оя║┐я╗▓ я║Ся╗дя║оя╗Ыя║░ я╗гя╗ия╗Дя╗Шя╗к ╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║ФтАк ╪МтАмя╗Уя╗Мя║Оя╗Яя╗┤я║О╪к ╪зя╗Яя╗ия║┤я║ия║ФтАм тАл╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ся╗Мя║Ф я╗гя╗ж я╗гя╗мя║оя║Яя║О┘Ж ╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║Ф ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗▓тАк ╪МтАм╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗зя╗Ия╗дя╗мя║О я╗зя║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪л ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪ктАк╪МтАмтАм тАля║Чя║дя║Ц ╪▒я╗Ля║Оя╗│я║Ф я║│я╗дя╗о ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к ╪в┘Д я╗зя╗мя╗┤я║О┘Ж я╗гя╗дя║Ья╗Ю я║╗я║Оя║гя║Р ╪зя╗Яя║┤я╗дя╗отАм тАл╪▒я║Ля╗┤я║▓ ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║ФтАк ╪МтАм╪▒я║Ля╗┤я║▓ я╗зя║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪л ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к╪Ы ┘Ия╗Чя║к я║гя╗Ия╗┤я║Ц я╗Уя╗Мя║Оя╗Яя╗┤я║О╪к ╪зя╗Яя╗дя╗мя║оя║Яя║О┘ЖтАм тАля║Ся╗дя║╕я║О╪▒я╗Ыя║Ф ┘Ия║гя╗Ая╗о╪▒ я╗Ыя║Тя╗┤я║о ┘И╪зя╗зя║Шя║╕я║О╪▒ ┘И╪зя║│я╗К я╗Уя╗▓ ┘Ия║│я║Оя║Ля╗Ю ╪зя╗╣я╗Ля╗╝┘Е ╪зя╗Яя╗дя║дя╗ая╗┤я║Ф ┘И╪зя╗╣я╗Чя╗ая╗┤я╗дя╗┤я║ФтАм тАл┘И╪░я╗Яя╗Ъ я╗Яя╗дя║О я╗│я║╕я╗Ья╗ая╗к я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя║дя║к╪л ╪зя╗Яя║Тя║О╪▒╪▓ я╗гя╗ж ╪гя╗ля╗дя╗┤я║Ф ╪зя║│я║Шя║Ья╗ия║Оя║Ля╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║дя╗┤я║О╪й ╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя╗┤я║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф я╗╣я╗гя║О╪▒╪й ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓ ┘Ия╗Яя║к┘Ия╗Яя║Ф ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к ┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Дя╗Шя║Ф я╗Ля╗дя╗о ┘Ля╗гя║О тАк.тАмя║╖я╗мя║к я║гя╗Фя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя║ия║Шя║О┘Е я║│я╗Мя║О╪п╪й я╗Ля╗ая╗▓ я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя╗ая╗к ╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗░ ╪зя╗Яя╗дя║кя╗│я║о ╪зя╗Яя║Шя╗ия╗Фя╗┤я║м┘К я╗Яя╗ая║к╪▒╪зя║│я║О╪к ┘И╪зя╗╣я╗Ля╗╝┘ЕтАм тАл┘Ия║│я╗Мя╗┤я║к я╗Ля╗ая╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗Ля╗▓ я╗гя║кя╗│я║о ╪е╪п╪з╪▒╪й ╪зя╗╖я╗зя║╕я╗Дя║Ф я║Ся╗ия║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪л ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к ┘И╪гя║гя╗дя║ктАм тАл╪ея║Ся║о╪зя╗ля╗┤я╗в ╪зя╗Яя║дя╗дя║О╪п┘К я╗гя║кя╗│я║о я╗гя║оя╗Ыя║░ ╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║ФтАк ╪МтАм┘Ия║гя║╕я║к я║Яя╗дя║Оя╗ля╗┤я║о┘К я╗Пя╗Фя╗┤я║отАк ╪МтАмя║гя╗┤я║Ъ я╗Яя╗дя║▓тАм тАл╪зя╗Яя║ая╗дя╗┤я╗К я║Чя╗ия╗о╪╣ ╪гя╗зя║╕я╗Дя║Ф ╪зя╗Яя╗Фя╗Мя║Оя╗Яя╗┤я║О╪к ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪зя║╖я║Шя╗дя╗ая║Ц я╗Ля╗ая╗▓ я╗Ля║о┘И╪╢ я╗Яя╗ая╗Фя╗ия╗о┘Ж ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я║ФтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗гя║┤я║Оя║Ся╗Шя║Ф ╪зя╗╖я╗Яя╗Мя║О╪и ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗┤я║Ф я╗Яя╗ая║Тя╗ия║О╪к ┘Ия╗гя║┤я║Оя║Ся╗Шя║Ф я╗Уя╗ж ╪зя╗Яя╗┤я╗оя╗Яя║ФтАк ╪МтАм╪ея║┐я║Оя╗Уя║Ф ╪ея╗Яя╗░ я╗гя║┤я║Оя║Ся╗Шя║О╪ктАм тАля║Чя║о╪зя║Ыя╗┤я║Ф ╪гя╗Ля║кя╗ля║О я╗Чя║┤я╗в ╪зя╗╣я╗Ля╗╝┘Е я╗Ля╗ая╗░ я║╗я╗Фя║дя║О╪к ┘Ия║│я║Оя║Ля╗Ю ╪зя╗Яя║Шя╗о╪зя║╗я╗Ю ╪зя╗╗я║Яя║Шя╗дя║Оя╗Ля╗▓тАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗Ля║о┘И╪╢ я╗Яя╗дя╗ия║Шя║ая║О╪к ╪зя╗Яя║дя║о┘Б ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║кя╗│я║Ф ╪зя╗Яя╗дя║Шя╗Фя║о╪п╪й я╗Уя╗▓ я║Чя╗Шя╗ия╗┤я║Оя║Чя╗мя║О ┘Ия║Яя╗дя║Оя╗Яя╗┤я║Оя║Чя╗мя║ОтАк ╪МтАм╪зя╗зя╗Фя║о╪птАм тАля║Ся╗мя║О ╪зя╗Яя║┤я╗о┘В ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Тя╗▓тАк ╪МтАм╪ея╗Яя╗░ я║Яя╗о╪з╪▒ ╪зя╗Яя╗дя║╕я║О╪▒я╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя╗Шя╗оя╗│я║Ф я╗Яя╗╕я║│я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║ая║ФтАк.тАмтАм тАлтАк12тАмтАм
тАля╗гя╗мя║оя║Яя║О┘Ж ╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║Ф ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗▓ ╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ся╗К я╗Гя║о╪н я╗гя║Шя║ая║к╪п ;я╗Яя╗о╪з┘Ж ╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪лтАм
тАл┘Ия║╖┘А┘Ая║О╪▒┘Г я╗Уя╗▓ я╗ля║м┘З ╪зя╗Я┘А┘Ая║к┘И╪▒╪й я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗дя╗мя║оя║Яя║О┘Ж я╗Ля║к╪п я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║оя╗Ля║О╪йтАм тАл┘Ия╗ля╗в я║│я╗Мя║О╪п╪й я║зя║О╪п┘Е я╗гя║дя╗дя║к я╗гя╗Дя║о ╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓ я╗Ля╗Ая╗о ╪зя╗Яя╗дя║ая╗ая║▓тАм тАл╪зя╗Яя╗оя╗Гя╗ия╗▓ ╪зя╗╗я║│я║Шя║╕я║О╪▒┘К я╗╣я╗гя║О╪▒╪й ╪зя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАк ╪МтАм┘И╪зя╗╗я║Чя║дя║О╪п ╪зя╗Яя║оя╗│я║Оя║┐я╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя║О┘ЕтАм тАля╗Яя╗ая╗дя║Жя║│я║┤я║О╪к ╪зя╗Яя║дя╗Ья╗оя╗гя╗┤я╗к ┘Ия║╖я║оя╗Ыя║Ф ╪гя║гя╗дя║к ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║оя║Ся╗▓ я╗Яя╗ая╗Мя╗Дя╗о╪▒тАк╪МтАмтАм тАл┘Ия║╖я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя║дя╗┤я║О╪й я╗Яя║Шя╗ия╗Ия╗┤я╗в ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║О╪▒╪╢ ┘И╪зя╗Яя╗Фя╗Мя║Оя╗Яя╗┤я║О╪к ╪ея║┐я║Оя╗Уя║Ф ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя║оя╗Ля║О╪йтАм тАл╪зя╗Яя║к╪зя║Ля╗дя╗┤я╗жтАк ╪МтАм╪зя╗Яя║мя╗│я╗ж я╗│я╗дя║Ья╗ая╗о┘Ж ╪зя╗Яя╗Шя╗┤я║О╪п╪й ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗гя║Ф я╗Яя║╕я║оя╗Гя║Ф ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАк╪МтАмтАм тАл┬╗я╗гя║оя╗Ыя║░ я║╖я║оя╗Гя║Ф ╪зя╗Яя║оя║гя║Тя║Ф┬лтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║╕я║оя╗Гя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║ая║Шя╗дя╗Мя╗┤я║Ф ┬╗я╗гя║оя╗Ыя║░ ╪зя╗Яя║оя║гя║Тя║Ф┬лтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗гя╗о╪зя╗зя╗░╪б ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О я║Чя╗Ая╗дя╗ия║Ц я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗дя║╕я║О╪▒я╗Ыя║О╪ктАк ╪МтАмя╗гя║╕я║О╪▒я╗Ыя║О╪ктАм тАля╗Яя╗ая╗дя║о╪й ╪зя╗╖┘Ия╗Я┘А┘Ая╗░ я╗гя╗ж ╪▒я╗Л┘А┘Ая║О╪й я║Я┘А┘Ая║к╪птАк ╪МтАм╪зя╗зя╗Ая╗дя╗о╪з ╪ея╗Яя╗░ я╗Чя║Оя║Ля╗дя║Ф ╪зя╗Яя║оя╗Ля║О╪йтАм тАл╪зя╗Яя║к╪зя║Ля╗дя╗┤я╗ж я╗Яя╗ая╗дя╗мя║оя║Яя║О┘Ж я╗гя╗ия║м ╪зя╗зя╗Дя╗╝я╗Чя║Шя╗к ╪зя╗╖┘Ия╗Яя╗░тАк .тАм┘Ия╗Чя║к я╗Ыя║о┘Е я║│я╗Мя║О╪п╪йтАм тАля╗Ля╗ая╗▓ я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя╗ая╗к ╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓ ╪зя╗╣я╗Ля╗╝я╗гя╗┤я╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║мя╗│я╗ж я║╖я║О╪▒я╗Ыя╗о╪з ┘И╪гя║│я╗мя╗дя╗о╪з я╗Уя╗▓тАм тАл╪ея╗зя║ая║О╪н ╪зя╗Яя╗дя╗мя║оя║Яя║О┘ЖтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя╗дя║Жя║│я║┤я║О╪к ╪зя╗Яя║к╪зя╗Ля╗дя║Ф я╗Яя╗ая╗дя╗мя║оя║Яя║О┘Ж ┘И╪зя╗Яя╗Мя║О╪▒я║┐я╗┤я╗жтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗Мя║О╪▒я║┐я║О╪к я╗гя╗ж ╪зя╗╖я║│я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║ая║Ф тАк.тАмтАм тАля╗гя╗ж я║Яя║Оя╗зя║Тя╗мя║О ╪гя╗Ля║оя║Ся║Ц я║╗я║Тя║дя║Ф я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя╗ая╗к я║Ыя║Оя╗зя╗▓ я╗гя║оя║╖я║к ╪зя╗Яя║оя╗гя╗┤я║Ья╗▓тАк ╪МтАм╪е╪п╪з╪▒я╗│я║ФтАм тАля╗Уя║оя╗│я╗Ц ╪зя╗Яя╗оя╗Гя╗ж ╪зя╗Яя║Шя╗Дя╗оя╗Ля╗▓ я╗Ля╗ж я║│я╗Мя║О╪пя║Чя╗мя║О я║Ся║Оя╗╗я╗зя╗Ая╗дя║О┘Е ╪ея╗Яя╗▓ я╗гя╗мя║оя║Яя║О┘ЖтАм тАл╪зя╗Яя║┤я╗дя║дя║Ф ╪зя╗Яя║Шя║о╪зя║Ыя╗▓ ┘И╪зя╗Яя╗дя║╕я║О╪▒я╗Ыя║Ф я╗гя╗К я╗Уя║оя╗│я╗Ц ╪зя╗Яя╗оя╗Гя╗ж я╗Уя╗▓ я╗Ыя╗Ю я╗гя║О я╗ля╗отАм
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ اﻷﻗﺼﻰ ﻟﻠﺴﺮﻋﺔ وﻓﻖ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻧﻈﺎم اﻟﻨﻘﺎط ﻫﺬه ﻗﻴﺎﺳﺎت اﻟﺴﺮﻋﺔ وﻓﺘﺮة اﻻﻧﺘﻌﺎش وﻣﺆﺷﺮ اﻧﺘﻌﺎش اﻟﻘﻠﺐ وﻣﺆﺷﺮات اﻷﻳﺾ واﻟﻌﺮج. ﺛﺎﻟﺜﺎ ﻓﺮض ﺗﺪاﺑﻴﺮ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﺗﺸﻤﻞ أﺳﺎﻟﻴﺐ إدارة اﻟﺮﻛﻮب ﻹﺟﺒﺎر اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻤﺪرﺑﻴﻦ وأﻃﻘﻤﻬﻢ ﻋﻠﻰ إﻋــﺎدة ﻓﺮض ﻣﺒﺎدئ اﻟﻠﻌﺐ اﻟﻨﻈﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ﻣﺴﺎر اﻟﻤﻀﻤﺎر وﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻔﺤﺺ اﻟﺒﻴﻄﺮي ﻟﻀﻤﺎن ﺧﻀﻮع اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻴﻦ ﻟﻠﻤﺮاﻗﺒﺔ واﺣﺘﺮام اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻹﺿﻔﺎء أﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ وﺳﻴﻠﺔ ﻻﺧﺘﺒﺎر ﻧﻘﺺ اﻟﺘﺤﺴﺲ اﻟﻌﺼﺒﻲ ﻟﺪى اﻟﺨﻴﻮل. وﺣﻈﻴﺖ اﻟﻤﺒﺎدرة ﺑﺈﺷﺎدة واﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ واﻟﻤﺘﺤﺪﺛﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺬﻳﻦ أﻛﺪوا أن »ﺑﺮﺗﻮﻛﻮل ﺑﻮذﻳﺐ« ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺨﻴﻞ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺨﻴﻮل واﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ رﻓﺎﻫﻴﺔ اﻟﺨﻴﻮل ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻔﻌﻴﻞ اﻟﻤﺒﺎدرة ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺘﻜﻮن ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﻣﻌﺘﻤﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺘﺒﺮ واﺣﺪة ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻬﻬﺎ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﺨﻴﻮل ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
11
ĴŲĽŤē ğēĴĜ
ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ ً ﻋﺮض اﻟﺨﻴﻮل ﻟﻠﻔﺤﺺ ﺗﺠﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﻮذﻳﺐ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻣﻦ ﻃﺮف ﻣﻨﻈﻤﻲ اﻟﺮﻛﻮب ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺒﺮ اﻟﻔﺮﺳﺎن ﻋﻠﻰ إﺑﻄﺎء اﻟﺴﺮﻋﺔ ﻟﻜﻲ واﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻴﻦ. ﻳﻤﺮوا ﺑﻨﺠﺎح ﻋﺒﺮ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻔﺤﺺ اﻟﺒﻴﻄﺮي. ﺣﻈﻴﺖ اﻟﻤﺒﺎدرة ﺑﺈﺷﺎدة واﺳﻌﺔ ﻣﻦ واﺳﺘﻌﺮض ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ واﻟﻤﺘﺤﺪﺛﻴﻦ ﻓﻲ وﻟﻔﺖ ﺳﻤﻮه إﻟﻰ أن ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻧﻬﻴﺎن أﻫﻢ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺒﺎدرة اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺬﻳﻦ أﻛﺪوا أن »ﺑﺮﺗﻮﻛﻮل ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ أﻳﻀً ﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت رﻛﻮب اﻟﻘﺪرة »ﺑــﻮذﻳــﺐ« وﻫــﻲ أوﻻً اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺮﻋﺔ ﺑﻮذﻳﺐ« ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺤﺪ أﻗﺼﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل أرﺑﻌﺔ ﻃﺮق وﻫﻲ إﺿﺎﻓﺔ ﻣﻌﺪل ﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺨﻴﻞ ﻟﻠﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ 20ﻛﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻴﺢ ﺿﺮﺑﺎت اﻟﻘﻠﺐ أﺛﻨﺎء ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻌﺮض ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺗﺤﺪﻳﺎً إﺿﺎﻓﻴﺎً ﻟﻠﻔﺮﺳﺎن ﺑﻞ أﻳﻀﺎً ﻻ ﺗﺘﻌﺪى 56ﻧﺒﻀﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ) ﻋﻠﻤﺎً أن ﻳﻀﻤﻦ ﻓﺮﺻﺎً ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺨﻴﻮل اﻟﻘﺪرة اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻦ واﻟﺘﻲ ﻟﻢ اﻟﻤﻌﺪل اﻷﻗﺼﻰ اﻟﻤﺤﺪد ﻣﻦ ﻃﺮف اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﻌﺪ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻗﺪرة 64ﻧﺒﻀﺔ( وﺗﺤﺪﻳﺪ ﻓﺘﺮة اﻟﻌﺮض ﻓﻲ 10دﻗﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻠﻔﺎت اﻧﺘﻌﺎش ﺟﻴﺪة وﻣﻌﺪﻻت ﺿﺮﺑﺎت ﻗﻠﺐ ﻣﻤﺘﺎزة وﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ )اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻳﻔﺮض 20دﻗﻴﻘﺔ ﻛﺤﺪ أﻗﺼﻰ( وﺗﺤﺪﻳ ًﺪا اﺳﺘﺮﺟﻌﻨﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﺘﻲ أﺣﻴﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﺑﺴﺒﺐ ﻟﻠﺤﺪ اﻷﻗﺼﻰ ﻷﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﻓﻲ 20ﻛﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ داﺧﻞ اﻹﻣﺎرات ﺑﻂء ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت. اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻣﻊ ﻓﺮض ﻋﻘﻮﺑﺎت ﺟﺰاﺋﻴﺔ وأوﺿﺢ ﺳﻤﻮه أن ردود اﻟﻔﻌﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ واﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أو اﻹﻗﺼﺎء ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺮﻗﻬﺎ وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﺒﺪأ اﻹﻳﻘﺎف ﻟﻔﺘﺮة 40دﻗﻴﻘﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﻬﺎ ﻣﺒﺎدرة »ﺑﻮذﻳﺐ« ﻛﺎﻧﺖ رﺑﻤﺎ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺸﺠﻴ ًﻌﺎ واﻟﻼﻓﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻮاﺑﺎت اﻟﻔﺤﺺ اﻟﺒﻴﻄﺮي ،و 50دﻗﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪرة ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺪ أﺑﺪوا رﻏﺒﺔ إﻋﺎدة ﻋﺮض اﻟﺤﺼﺎن ﻣﺮة أﺧﺮى. واﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﻣﺒﺎدرة ﺑﻮذﻳﺐ وﻧﺤﻦ ﻧﺘﺎﺑﻊ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وﺳﻮف ﺛﺎﻧﻴﺎ إﻋﺎدة اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺎرس واﻟﺤﺼﺎن ﻣﻦ ﺧﻼل إدﺧﺎل ﻣﺒﺪأ ﻧﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ ﺣﻴﺜﻤﺎ اﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ »ﺗﺤﺪي أﻓﻀﻞ ﻓﺎرس ﻗﺪرة« ﻛﺤﺎﻓﺰ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ رﻓﺎﻫﻴﺔ اﻟﺤﺼﺎن وإﻋﺎدة ﺑﻮذﻳﺐ إﻟﻰ إدﺧﺎل اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﺮﺳﺎن واﻟﻤﺪرﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﺑﻤﺒﺪأ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻣﺴﺎرات اﻟﺴﺒﺎﻗﺎت ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻤﺘﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻣﺴﺎرات واﻟﺮﻓﺎه ﻟﻠﺨﻴﻞ و ﻳﺤﺼﻞ اﻟﻔﺎﺋﺰون ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ 70% ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎرات وذﻟﻚ ﺣﻔﺎﻇًﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺘﻬﻢ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺈﻋﺪاد ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﺧﻄﻂ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺗﻄﺒﻴﻖ )إﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮاﺗﻒ( ﺧﺎص ﺑﻤﺒﺎدرة ﻳﻌﺒﺮون ﺧﻂ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اوﻻً ﻋﻠﻰ % 30ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﺠﺎوزوا اﻟﺤﺪ 10
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ :ﻣﺒﺎدرة »ﺑﻮذﻳﺐ« ﻧﺠﺤﺖ واﻟﻄﻠﺐ ﻳﺰداد ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ
وأﺷﺎر ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن أن ﻣﺒﺎدرة »ﺑﻮذﻳﺐ« ﺣﻘﻘﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻛﺒﻴﺮة ﺑﻌﺪ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﻓﻲ أرﺑﻊ ﺑﻄﻮﻻت ﻟﻠﻘﺪرة اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات وﻫﺬا ﻣﺎ ﺷﺠﻊ اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪرة ﻟﺘﺒﻨﻲ ﻗﻮاﻋﺪﻧﺎ ﻓﻲ اﻷوروﻏﻮاي واﻷرﺟﻨﺘﻴﻦ وأﻟﻤﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ واﻟﻤﻐﺮب وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺤﻔﻈﺎت اﻷوﻟﻴﺔ إﻻ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﺣﻈﻴﺖ ﺑﺈﻋﺠﺎب ﻛﺒﻴﺮ ﻟﺪى اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ وﻧﻮد اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق إﻟﻰ أن ﻋﺪد اﻟﺮاﻏﺒﻴﻦ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻋﺪﻧﺎ ﻳﺰداد ﻳﻮ ًﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم وﻧﺤﻦ ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺎت ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ. وأﺿﺎف ﺳﻤﻮه » ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮذﻳﺐ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺄن أي رﻳﺎﺿﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ ﺟﻴﺪة وﻧﺆﻳﺪ وﻧﺪﻋﻢ ﺑﺸﺪة ﻗﻮاﻋﺪ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ واﺗﺤﺎد اﻹﻣﺎرات ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻣﺮور ﻛﻞ ﻣﻮﺳﻢ أدرﻛﻨﺎ ﺑﻘﻠﻖ ﻣﺘﺰاﻳﺪ أن اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻘﺪرة أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﺮﻋﺔ ﻋﻨﺼﺮا ً ﺑﺎﻟﻎ اﻷﻫﻤﻴﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﺻﺒﺤﺖ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﺮﻛﻮب ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺳﺒﺎﻗﺎت وﻫﻮ ﻣﺎ اﻧﻌﻜﺴﺖ آﺛﺎره ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﻌﺪﻻت ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ وﺿﻌﻴﻔﺔ ﻟﻠﺨﻴﻮل اﻟﺘﻲ
ﺗﻌﺪ ﻣﻨﻈﻤﺔ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺨﻴﻮل اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺑﻤﺮور 90 ﻋﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺧﻴﺮﻳﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺨﻴﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﺣﻤﻼت اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻌﻤﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ وﻳﺴﻠﻂ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﻀﻮء ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻴﻞ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺮﺋﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻃﻼق ﺣﻤﻠﺔ ﻟﻔﺮض ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺗﺴﺠﻴﻞ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻼك اﻟﺨﻴﻞ ﻓﻲ اﻻﺳﻄﺒﻼت وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺨﻴﻮل. ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﺧﻂ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ وﻋﺪد ﺣﺎﻻت ﻣﻮت اﻟﺨﻴﻮل وﻣﺸﺎﻛﻞ اﻷﻳﺾ )ﻣﻴﺘﺎﺑﻮﻟﻴﺰم( وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻨﻪ ﺻﻮرة ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻧﺘﺸﺮت ﺑﺸﻜﻞ واﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. وأﻛﺪ ﺳﻤﻮه »إن اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻃﻮرﻧﺎﻫﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ داﺧﻞ ﻣﻨﺎﻓﺴﺎت ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻘﺪرة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻟﺘﻲ وﻓﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻔﺮوﺳﻴﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﺤﺪ أﻗﺼﻰ ﻟﻠﺴﺮﻋﺔ ﻟﻜﻦ ﻗﻮاﻋﺪﻧﺎ اﻟﺼﺎرﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﺪﻻت ﺿﺮﺑﺎت اﻟﻘﻠﺐ وﻓﺘﺮات
ﺗﺮاث /اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016
9
тАлтАк─┤┼▓─╜┼д─У ─Я─У─┤─ЬтАмтАм
тАля║┐я╗дя╗ж ╪зя╗Яя╗дя║Жя║Чя╗дя║о ╪зя╗Яя║┤я╗ия╗о┘К ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗дя╗▓ я╗Яя║оя╗Ля║Оя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║ия╗┤я╗о┘ДтАм
тАля║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к тАк:тАмтАм
тАля╗гя║Тя║О╪п╪▒╪й ┬╗я║Ся╗о╪░я╗│я║Р┬л я╗зя║ая║дя║Ц ┘И╪зя╗Яя╗Дя╗ая║Р я╗│я║░╪п╪з╪п я╗Ля╗ая╗░ я║Чя╗Дя║Тя╗┤я╗Ц я╗Чя╗о╪зя╗Ля║кя╗ля║ОтАм тАл├╖тАк─Щ├о─З ├╣├н─ОтАмтАм
тАл╪гя╗Ыя║к я║│я╗дя╗о ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к ╪в┘Д я╗зя╗мя╗┤я║О┘Ж я╗гя╗дя║Ья╗Ю я║╗я║Оя║гя║Р ╪зя╗Яя║┤я╗дя╗о ╪▒я║Ля╗┤я║▓тАм тАл╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║Ф ╪▒я║Ля╗┤я║▓ я╗зя║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪л ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к ╪г┘Ж ╪п┘Ия╗Яя║Ф ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪к ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя║Шя║дя║к╪йтАм тАля║Чя║┤я╗Мя╗░ ╪ея╗Яя╗░ я║Чя╗оя║│я╗┤я╗К я╗Чя║Оя╗Ля║к╪й я║│я║Тя║Оя╗Чя║О╪к ╪зя╗Яя╗Шя║к╪▒╪й я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя║Ф я╗гя╗ж я║зя╗╝┘Д я║Чя║Тя╗ия╗▓тАм тАля╗гя║Тя║О╪п╪▒╪й ┬╗я║Ся║оя║Чя╗оя╗Ыя╗о┘Д я║Ся╗о╪░я╗│я║Р ┬╗ ╪зя╗Яя╗мя║О╪пя╗Уя║Ф ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗дя║дя║Оя╗Уя╗Ия║Ф я╗Ля╗ая╗░ я║╗я║дя║Ф ╪зя╗Яя║ия╗┤я╗о┘ДтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗Фя║оя║│я║О┘Ж ┘Ия║Чя║╕я║ая╗┤я╗К ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗Уя║┤я║Ф ╪зя╗╡я╗гя╗ия║Ф я╗Яя╗ая║ия╗┤я╗о┘Д ┘Ия╗зя║╕я║о ╪зя╗Яя╗оя╗Ля╗▓ я║Ся║Дя╗ля╗дя╗┤я║ФтАм тАл╪зя║│я║Шя║ия║к╪з┘Е ╪зя╗Яя╗Шя╗о╪зя╗Ля║к ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║оя╗Ыя║░ я╗Ля╗ая╗░ ╪▒┘И╪н ╪зя╗Яя╗Фя║о┘Ия║│я╗┤я║ФтАк.тАмтАм
тАлтАк8тАмтАм
тАля║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж ╪▓╪зя╗│я║к тАк :тАмя╗гя║Тя║О╪п╪▒╪й ┬╗я║Ся╗о╪░я╗│я║Р┬л я╗зя║ая║дя║Ц ┘И╪зя╗Яя╗Дя╗ая║Р я╗│я║░╪п╪з╪п я╗Ля╗ая╗░ я║Чя╗Дя║Тя╗┤я╗Ц я╗Чя╗о╪зя╗Ля║кя╗ля║ОтАм
тАля║Яя║О╪б ╪░я╗Яя╗Ъ я║зя╗╝┘Д я╗Ыя╗ая╗дя║Ф я║│я╗дя╗о┘З я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║ая╗ая║┤я║Ф ╪зя╗╗я╗Уя║Шя║Шя║Оя║гя╗┤я║Ф я╗Яя╗ая╗дя║Жя║Чя╗дя║о ╪зя╗Яя║┤я╗ия╗о┘КтАм тАл╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗дя╗▓ я╗Яя║оя╗Ля║Оя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║ия╗┤я╗Ю тАк 2016тАмя╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя║Оя║╗я╗дя║Ф ╪зя╗Яя║Тя║оя╗│я╗Дя║Оя╗зя╗┤я║Ф я╗Яя╗ия║к┘Ж ┘И╪зя╗Яя║м┘КтАм тАл╪гя╗Чя╗┤я╗в я║Чя║дя║Ц ╪▒я╗Ля║Оя╗│я║Ф ┘Ия║гя╗Ая╗о╪▒ я║╗я║Оя║гя║Тя║Ф ╪зя╗Яя║┤я╗дя╗о ╪зя╗Яя╗дя╗ая╗Ья╗▓ ╪зя╗╖я╗гя╗┤я║о╪й ╪в┘Ж ╪▒я║Ля╗┤я║▓тАм тАля╗гя╗ия╗Ия╗дя║Ф ╪▒я╗Ля║Оя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║ия╗┤я╗о┘Д ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗дя╗┤я║Ф ┘И╪зя║│я║Шя╗дя║о╪к я╗Уя╗Мя║Оя╗Яя╗┤я║Оя║Чя╗к я╗Яя╗дя║к╪й я╗│я╗оя╗гя╗┤я╗жтАм тАля║Ся║дя╗Ая╗о╪▒ я╗Ля║к╪п я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║ия║Тя║о╪з╪б ┘И╪зя╗Яя║Тя║Оя║гя║Ья╗┤я╗ж ┘И╪▒╪дя║│я║О╪б ╪зя╗Яя║ая╗дя╗Мя╗┤я║О╪к ┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Ия╗дя║О╪ктАм тАл╪зя╗Яя║к┘Ия╗Яя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗Мя╗ия╗┤я║Ф я║Ся║оя╗Ля║Оя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║ия╗┤я╗о┘Д я║гя╗о┘Д ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗в я║Ся╗мя║к┘Б я╗гя╗ия║Оя╗Чя║╕я║Ф ╪гя╗Уя╗Ая╗ЮтАм тАля╗гя╗Мя║Оя╗│я╗┤я║о ╪▒я╗Ля║Оя╗│я║Ф ┘Ия║│я╗╝я╗гя║Ф ╪зя╗Яя║ия╗┤я╗о┘Д я║гя╗о┘Д ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗в ┘И╪зя╗Яя╗Шя╗Ая║О╪б я╗Ля╗ая╗░ я╗гя╗Мя║Оя╗зя║О╪йтАм тАл╪зя╗Яя║ия╗┤я╗о┘Д я║Ся║┤я║Тя║Р ╪зя╗Яя╗дя╗дя║О╪▒я║│я║О╪к ╪зя╗Яя║ия║Оя╗Гя║Мя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗мя║к╪п я║│я╗╝я╗гя║Ш┘Ая╗мя║ОтАк.тАмтАм
62
ĊėķċŸ ĘſĘʼnŠ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ وا_ﺳﺎﻃﻴﺮ ودورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻄﻔﻞ
ĞŔŹűŬ ĞƀŜĘšĤ ĞƀĤėĸĠ :ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻧﺎدي ﺗﺮاث-ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث أﺑﻮﻇﺒﻲ،اﻹﻣﺎرات
] (# * / Û # Î } Ï} ÛÂ Ø 2 ]
Î ÛÂ $Ù æ Ø # Ð' ¢ ' &pÉ
Ð # Ø Û ٠æ (# 1μ} Ð' p ]1 #
] /Î (# Ú # ,Í/(µ( '} Ù ] / æ . Â £# . Ð' É (# " Ù æ Ø ± # Ù¼. Ù Ù # Ù¼ , Ù £± . . # " Ã æ
ŃĘİ ķėŹĬ
68 اﳌﴩف اﻟﻌﺎم
: إﻳﺰاﺑﻴﻼ ﻛﺎﻣﻴﺮا داﻓﻠﻴﺘﻮ _ﻧﻬﺎ ﺑﻠﺪ اﻟﺤﺪاﺛﺔ،ﻣﺎراتVأﺣﺐ ا
ƁŔŸķĺŭŨė ĴŭĬč Ĵŀėķ ùij ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ
ŲſĴŨė ĊǟŔ ĴƀŨŸ
/ Ù$ Ù' 3Ù ªØ Ù# Øè (# # É / Ù
2 ¥ ] 2 ¥ ] Ù# Øè ' # ÛÂ Ù # ½$# Ï
0 ¢æ & Éæ Ù # ½$# & É~ Ù ÙÍ ªÙ' p /
اﻻﺧﺮاج واﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ]Ú© ¼ Û$ ÛÃÙÃ Û$ . ]Û . ª(# p( } p° . ] $É / } %´ Ã#
:اﳌﻮﻗﻊ ﻋﲆ اﻹﻧﱰﻧﺖ www.mags.ae
p( ' . ] Ê# p ÛhÎ' . ]Ú / Î(# ( Â ]Û # ÃÙ$¢ . ] Â p( } ]Û$ ÕÂ p( ' ]Á ° /( ' ]Ë© 1Ã ' ]Ú 3 ])Ù+ pÙ p( ' ] / ' p( } ]Û'/Ù p# ¢ ] ª# *p
ÐØ© p( ' ] ª p# ¢ ]) $' p( } )Ù+ . ]ÛÎØ # 3 ]Ú
ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﳌﺠﻠﺔ : Ø # . 2 Û ¸/ - p (# Ù # '2 waleedalaa@hotmail.com : Ø # Øp'
/ Ê(# p ]Û$ - ° p( ' ]Á ° /$¢ ]Ð ( ]ÐØp # Á °} ]ÚpÎ # Ø¥ Ð Ä /Ø ( } ]Û ' p# ±ã ]p( '
(  ]* É pÙ * pÍ} ]Ú # 3 . ]Ú/ Ù # %Ù Í ]pØ©/ } . ]Û ( # 0. ' ]"3+ ÙÍ ]Úp° % Ù ] à (  ]Û . ª(# .Û . ª(# p( ( Â
00971556929190 :%Ø /' 026666130 :Ä + p( } : Ø©/ # ".Õ ' marketing@cmc.ae +971 56 3150303 Ø©/ $# 'è
اﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت : #.p# ¢ Ð' Âç# /)+ 150 : 'è #. %¢ Âç# b Õ($# / (+ 150 : #.p# %¢ Õ($# - 2. 200 . 2. 200 #.p# ¢
7
2016 دﻳﺴﻤﺒﺮ206 اﻟﻌﺪد/ ﺗﺮاث
øijĴŕŨė ŸķĸĭŬŸ ĊėĸŕŀŸ ęĘDžġŤ
ﻏﺎدة ﺣﺠﺎج
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد 8
94
ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ :ﻣﺒﺎدرة »ﺑﻮذﻳﺐ« ﻧﺠﺤﺖ واﻟﻄﻠﺐ ﻳﺰداد ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻋﺪﻫﺎ
12ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﺴﻤﺤﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻗﻠﻖ ا6ﻧﺜﻮي وﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ
38 50اﻟﺴﺮد واﻟﺘﺮاث أو اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ 52ﻃﻔﻼن ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻞ 60اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻠﻤﺎء 72ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺬي أوﻗﻒ روﻣﻴﻞ 74ﻣﺮﺗﻜﺰات اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ 77واﻟﻐﺰاﻟﺔ إن ﺷﻄﺤﺖ! 78ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ا6ﻣﺜﺎل اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ اNﻣﺎرات 82اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﻟﻤﺘﺤﻮل 84ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻓﻲ ا6ﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اNﻣﺎراﺗﻴﺔ
90ﺗﺎﺳﻴﻠﻲ ..ﺗﺮاث ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺠﻬﻮل
ﻋﻼء ﺟﺎﻧﺐ :اﻟﺘﺮاث ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤﺎوره
91 94ﻣﻌﺘﻘﺪات ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﺮﺿﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ 97ﺟﻨﻴﺔ اﻟﻘﻤﺢ 98ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﻮل اﻟﻄﻔﻞ إﻟﻰ ﻗﻂ؟ 103اﻟﻌﺒﺎس وﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ﻓﻮز 104ﺳﻴﺮة اﻟﻨﺺ وﺗﺎرﻳﺦ ا6دب 106ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة اﻟﺸﺎرﻗﺔ ) 1900-1971م( 109إﺷﻜﺎﻟﻴﺎت اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ وﺻﺮاع اﻟﻤﺨﺎوف » 110أﺧﺘﺎم ا6ﺳﻤﺎء« ﺑﺼﻤﺔ اﻟﺮوح وﺑﺴﻤﺔ اﻟﺨﻂ
114ﺑﻼﻏﺔ اNﺷﺎرة ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺸﺮﻳﻒ " 116اﻟﻬﺎﻟﻮﻳﻦ" ﻋﻴﺪ اﻟﺮﻋﺐ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ
119اNﻓﻼس اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،اﻟﻤﻌﻀﻠﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻳﺘﻮن ﻣﻌﺘﻘﺪات وﻃﻘﻮس
120 123ﻧﻮﻧﻮ ﺟﻮدﻳﺲ ﺳﻔﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ 124ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﻴﺪ ﺑﻴﻀﺎء واﻟﻤﻌﺪن ذﻫﺐ » 127ﺗﺸﻮﺷﺎ« اﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻤﻮروث 128اﻟﺸﻌﺮ ﻛﺎﺋﻦ ﻻ ﻳﻌﺘﺮف ﺑﺎﻟﻠﻐﺎت ﻟﻠﻴﻞ ﻳﺎ وﻳﻠﻬﺎ وﻳﻞ 130ﺳﺤﺎﻳﺎ اﻟﻠﻴﻞ
110
أﺳﻌﺎر اﻟﺒﻴﻊ 2 Ø 10 É - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è b '(250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ ÐØ # $ ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ
b Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+ 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # - Ï ÎØ Ù(° ,# . 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ
6
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
ķĸĭŭŨė ŲŬ 56
40
ŪĔĘěšŨė Ċėĸŕŀ ŪĔ
ﻣﺎراﺗﻲVاﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ ا ﻋﺎﻣ ًﺎ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮة45
ﻬﻠﺔ ﺳﻬﻠﺔ ﻠ ﺑﺪوﻳﺔ ﺔ ﺷﻌﺮ ﻗﻮي و ﻟﻟﻐﺔ ﺷﺠﻮي اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﱠ «اﻟﻤﻠﻘﺐ »ﻣﺸﺮوم h Ð )# Ð 1 Ù ±# ph Ø ° "/ Â p } Ú/ °
Ø # % } /+ Ú.p /# Û /# Ï} Ð'ÕØ "* -$# Ù " pØ © ¤Ù±# Ï
h ÐØ ±# ' % ° pÉ. ] 'è ÛÂ ÐÙÙ ±# Î# b b # .ç(Â ] Ø/É. b3Ù( Ù 3 ÛÃÙ$£# . Ù ° ÐÙ$ #
&/,Ã(# ¦+ Í ÐÙ . . Ù /´/(# Ù($ # - ¹Í. ] Ø µ # - ØÔ .
2Õ+ °} ÐÙ ªÙ( h 2. . 'æ . # pã É
] ÊÙÊ 2 Î# 0} 1 ]Û($ # Ù £ # 1$ pb ( ' 2
. # /$ } )+ °} 1$ $½Ø. ] $, #
]ÛÍ3Ê # * Ã ªÙ( (# Û 'è Ï Íè Î # *p, %( Â ] Ø µ #
¢. $Ù( # )+ °~ ]1 /# Ø # ÛÂ Ø ±#
' É % } Ð' Â % ] ±# Ä Ø )# -Í} p Î pØ © ¤Ù±# Â ÛÂ
Ø.p # ½$# . Ú/Ê# /$ æ Ï.ªÙ( Ø ),$ Â ] ±#
b b ] /Î # . p /# ÐÙ µÉ Î .} ´ p 2 Û # pØ © ¤Ù±# ØÔ b b /Î # Ð' ¦£ Ø. / Ø. /(ÎØ Ù Îã + p /# 1# ¹ÎØ ¥ Ð # ]-$¢ Á æ % Ù Ù $ . Í. (# 1$ Êã  pÉ -$¢ Ð /# % Ê ' ´. ÛÎ 2 p /# &/,Ã' Û ٠Ù' ÎØp# Í. (# *¦+
Ø +/ # , ã ¢ pÊà Ï} Ð (Ø Ù ] # Ù½ ' ( p # . ] Ù'/Ê$# ئ(# Ù Ù 2 (#/ # Ù Û ,Â Í '
Ø ¦,#. ] ÙÍ/ # %Ù ÛÂ % / # . " 2 É/ ' % # , (#
53
±(# ¤Ø # . )Ù$Éè . ÐØp# . ½$# : p /# / 1$ · à #
Ø/Î (# %' / # 1# Â ´è ] Ø É2 $ (# . ±(# Â Ê # . 2 !#¥ '. ] Í # . ±(# ²Ù # . Ø Ã# p /# ÛÂ % ( Û #
)# ¥ ] ,ä /° Û # Ù½ (# Ð pÙ p /# ÄÊ Ï} Ð (Ø .Û /´/(# Û($ # ,Î(# . %Ù æ Û'/Ê# Û /# $
şĘŜǠė ijĘƀĠķė
Ù µ # pb Ù$£ Û ~Ø Ú¦# ] ÙÍ # * ¥ ÛÂ pÙ,±# &/Ù p # ÛÃ Ø.
اﻟﺰﻳﺎﺗﻲ ان اﻟﺰ ﺎﺗﺗ زان اﺑﻦ اﻟاﻟﻮزان ﻛﻤﺎ وﺻﻔﻬﺎ ا ﻦ ﺗﻮﻧﺲ دﻗﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ
. Â ÙÍ Íè . Ø # .
Ä .» - Ð' # ) Ê# ÛÂ b Ù Ä#Õ(# ÄÉ.
ÙÍp(# ÐØ Ù(# ÛÂ £# .} ]%¢ p# ÛÂ / 'è #. Î }
]Û ¸/ } 'è ÛÂ Ê # # Ï/Í É 1$ /µ# ÛÊ$Í p # ¦+ Ä$' ÛÂ.
] #.p# Ùã ]Ï Ù,Í " pØ © Ð ÃÙ$¢ ¤Ù±# /( # * p } Ú¦# b b b eØ ' ] 'é# ( - à ]-$# -¹Ã ¹Â (# %Ù Û (,' Î' p
b b # ³/,Î# 1# 'è Û 1$ Ø/É °Õ'. ÛÂ Ê # # 1$ b b Ø/+ 1$ ¹Â (# %Ã Ø ( -# Ø. # . - . ¹Ã . Ø ( ÛÂ Ê # . ÙÂ Ê # . Ø µ # - p ' . Ï (#
5
2016 دﻳﺴﻤﺒﺮ206 اﻟﻌﺪد/ ﺗﺮاث
] ,$+~ °}. ,Ã . Ð } Û # Í/ & '} « ÙÊØ Â
]«ÌÙ Î # ÊÙÉ . pb $Ù( ÎØp' Í/ ÎØp'» "/ÊÙÂ
, ´/' ÙÎ,' ( % #. ]Ï # ( ª' ÎØp' Û+. Î . ] # Ð' Í/ ÎØp' Ï Ù # ¼. ] , £# Û # . Ï Ê è % ÎÊ (# ±(Éæ Ð' Ù Ù( ,ÙÂ
. ÙÊØ Â} % ÛÂ
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
اﻟﻴﻮم اﻟﻮﻃﻨﻲ 45 15اﻟﻴ اﻟﻴ ¤Ø ,Ù 1$ Ø ¹ # ] ( Ø Ð' ÛÍ #
' Ð )# ] p (# Ù # 'è #. 3Ù ])# # Øp  ]% É Ð' ".p# )# ÛÂ
1$ Û # ] Ã# Ø Ê 1$ ¤Ø # ,°.
]Ï Ù,Í " Ï $ Ð pØ © ¤Ù±# Õ(# , , Î # ´.. 'è 1Î Ú¦# ]* -$# Ù p  ] ,Í } & É}. ] (,ã 1 }. ]1#.æ
Û ] ÙÍ Íè ¤Ø Û pØ Â Ø.p . ¸ &p . ] ~Ù# 1# - Âp Í Ù e' %
. Î# Ú/µ,Î# . Ú.p /# - . ±' ÛÂ Ûµ(#
16
ﺷﻬﺎدة اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﻜﺮة
20
رﺟﺎﻻت اﻻﺗﺤﺎد :ﺧﻠﻒ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺘﻴﺒﺔ
26
ﺷﻬﺪاء اVﻣﺎرات راﻳﺎت ﻋﺰ وﻓﺨﺮ
32
أراء ﺣﻮل ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ Vﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ
78
4
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
74
116
98
120
32
ğēĴĜ ēĴżŨĔŠ
»ﻓﻦ أﺑﻮﻇﺒﻲ« اﻟﻴﺪ ﺑﻴﻀﺎء واﻟﻤﻌﺪن ذﻫﺐ -ص 124
2
turath_cmc turath_cmc
ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻨﻮﻋﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ
ﻧﺎدي ﺗﺮاث اVﻣﺎرات اﻟﻌﺪد 206دﻳﺴﻤﺒﺮ 2016