إﺻﺪارات ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث -ﻧﺎدي ﺗﺮاث ا ﻣﺎرات ،أﺑﻮﻇﺒﻲ
ƂǃƵƱƵƩƴŢ
Ƹ
ţ njŢ
Ūƨ LJ ǎŢ
ũǂ ƹƽ Ţ
د إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺣﻤﺪ ﻣﻠﺤﻢ
Ũ ƃ ư Ţƀ dž ǂŢ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ اﻟﺮوﻳﺲ
torathehc www.torath.ae
ŭƐ
إﺻﺪارات ﻣﺮﻛﺰ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ أوراق وﺗﻮﺻﻴﺎت ﻧﺪوة :ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ دوﻟﺔ ا ﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
»ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻈﺎم ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ﻣﻮاﻛﺐ ﻟﻠﻌﺼﺮ«
www.sbzc.ae
Sbzc
@sbzc.ae
@sbzc_ad
ﺑﺮزة ﺗﺮاث
ﻫﻴﻞ ﺑﻼ ﻛﻴﻞ ﺗﻬﺘﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻼت ﺑﺘﺮﺑﻴﺔ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ،ﺑﺎﺗﻘﺎﻧﻬﻢ ﻣﻬﺎرات ورﻳﺎﺿﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﻨﺴﻰ أن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ، ﻟﺬا ﻳﺠﺪر ﺑﺎﻵﺑﺎء واﻷﻣﻬﺎت إﻋﻄﺎء اﻷﻃﻔﺎل ﻣﺼﺮوﻓﺎً أﺳﺒﻮﻋﻴﺎً أو ﺷﻬﺮﻳﺎً ﺣﺴﺐ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ،ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﻢ وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﻢ داﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺼﺮﻓﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺎل .ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬاه اﻟﺤﻮارات ﺳﻴﻜﺘﺸﻒ اﻷﻃﻔﺎل ﻧﻤﻂ إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ وﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﺎل. أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ أن ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻣﻠﻮا ﻣﻊ اﻟﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ واﺳﺘﻼﻣﻬﻢ رواﺗﺐ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺤﺎﻗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻛﺎﻧﺖ أﻧﻤﺎط إﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻊ دﺧﻠﻬﻢ اﻟﺸﻬﺮي ،ﺑﻌﻀﻬﻢ وﻗﻊ ﻓﻲ ﺑﺮاﺛﻦ اﻟﺪﻳﻮن؛ ﻟﻬﺬا ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻷﺑﻨﺎء اﻹﻧﻔﺎق ﺑﺎﻋﺘﺪال ،أﻫﻤﻴﺔ اﻻدﺧﺎر واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر؛ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻄﻮارئ ،واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺤﺴﻦ إدارة اﻟﻤﺎل اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺟﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺸﻜﻞ % 70ﻣﻦ اﻟﺮاﺗﺐ ،واﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻨﻪ % 20ﻟﻠﺪﻳﻮن إن وﺟﺪت ،و % 10ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﺮ ،إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك دﻳﻦ % 30ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﺮ.ﻳﺠﺪر ﺑﺎﻟﻤﺮء اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻔﻘﻪ .ﻫﻨﺎك ﻧﻔﻘﺎت ﺳﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﻬﺎ اﻟﻤﺮء أﻻ وﻫﻲ أﻛﺴﺴﻮارات اﻷﺟﻬﺰة اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ، ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻋﺎت وأﻏﻄﻴﺔ ﻟﻠﻬﻮاﺗﻒ ،ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ واﻷﻟﻌﺎب ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺳﻌﺮه ﻗﻠﻴﻞ ،ﻟﻜﻦ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ،ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﺮاﻛﻤﻪ ؛ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻬﺎن ﺑﻪ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم. وأﻣﺎ ﺷﺮب ﻛﻮب ﻗﻬﻮة ﻳﻮﻣﻴﺎ وﺳﺄﺧﺘﺎر ﺣﺠﻤﺎ ﻣﺘﻮﺳﻄﺎ ﺑـ 15درﻫﻤﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم ﺳﻴﻜﻮن 5475درﻫﻤﺎ! و ﻻ أﺣﺪ ﻳﻄﻠﺐ ﻛﻮب ﻗﻬﻮة ﻣﻦ دون أن ﻳﻜﻮن ﻣﻌﻪ ﻣﺎء أو ﺣﻠﻮى أو ﺑﺴﻜﻮﻳﺖ! ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن ﻧﺤﺮم أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻟﻜﻦ ﻟﻴﻨﻈﺮ اﻟﻤﺮء أﻳﻦ ﻳﻨﻔﻖ ﻣﺎﻟﻪ؟ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻓﻴﺮه؟ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻴﻼً ﺑﻼ ﻛﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل؛ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺴﺒﺐ اﻹﻧﻔﺎق ﺑﻼ ﺣﺴﺎب ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة .وأﻣﺎ اﻟﻤﺘﻊ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻤﻬﻤﺔ ﻣﻦ وﻗﺖ ﻵﺧﺮ ﻟﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻃﻌﻢ ﻣﻤﻴﺰ.ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻵﺧﺮﻳﻦ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ اﻟﺘﺼﺮف ﺑﺎﻟﻤﺎل ﻫﻮ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﺮاﺗﺐ إﻟﻰ أﻗﺴﺎط واﺟﺒﺔ اﻟﺪﻓﻊ ،اﻹﻧﻔﺎق ،واﻻدﺧﺎر وﻓﻜﺮة وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻐﻠﻔﺎت ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺮف ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺴﻴﺎن اﻟﻘﺴﻂ ﻣﺜﻼ. ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻤﻐﻠﻔﺎت ﺣﺴﺐ ﻇــﺮوف اﻟﺸﺨﺺ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﻘﺴﻤﻮن ذﻫﻨﻴﺎ دﺧﻠﻬﻢ اﻟﺸﻬﺮي ،ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﺘﻰ ﻣﻮاﻋﻴﺪ ﺗﺴﺪﻳﺪ أﻗﺴﺎﻃﻬﻢ ،ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻘﺴﻂ ﻣﻊ ﺑﺪاﻳﺔ ﻧﺰول اﻟﺮاﺗﺐ؛
130
ﻫﻴﻞ ﺑﻼ ﻛﻴﻞ
د.ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺣﻤﺪ اﻟﻤﺰروﻋﻲ*
ŦŌƈōǙȑŌ ǛǙ dzŬŽōşǶ dzŞũōlj
ﻟﻴﺴﻬﻞ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ؟ أﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎب ﻛﺎن ﻳﻤﻠﻚ أﺣﺪث ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎرات اﺷﺘﺮاﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮض اﻟﺸﺨﺼﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺟﻴﺒﻪ ﺛﻤﻦ ﺑﻨﺰﻳﻦ اﻟﺴﻴﺎرة! ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﻫﺬا ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﺎﻣﻲ :ﻋﻨﺪك ﺗﺄﻛﻞ؟ ﻗﺎل ﻻ ،ﻋﻨﺪك ﺗﻐﺮم ﻗﺎل :ﻫﻴﻪ ،ﻟﻬﺬا ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻤﺎل ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ اﻟﺼﺤﻴﺢ؛ ﻷن إدارة اﻟﻤﺎل ﺑﺤﻜﻤﺔ واﻗﺘﺪار أﺻﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ! ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل اﻷﻣﺜﺎل. ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﺎﻗﻞ ﺗﺠﻨﺐ اﻟﺪﻳﻮن إﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻀﺮورﻳﺔ ﺟﺪا ﻣﺜﻞ ﺑﻨﺎء ﺑﻴﺖ أو ﻋﻤﻞ ﻣﺸﺮوع ﻣﺪروس ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻴﺪ ،ﻣﻊ اﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ دﻓﻊ اﻷﻗﺴﺎط ﺷﻬﺮﻳﺎ ،ﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن اﻻﻗﺘﺮاض ﺣﻜﻴﻤﺎ ﺣﺴﻨﺎ، ﻫﺪﻓﻪ ﻣﺤﺪد ،ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﺪاده واﺿﺤﺔ ،أﻣﺎ اﻻﻗﺘﺮاض ﻟﺸﺮاء ﺳﻠﻊ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺒﺎﻫﻲ ،ﻓﺎﻟﻔﺮﺣﺔ ﺑﻬﺎ ﺗﺰول ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ،ﻓﻴﺒﻘﻰ ﻫ ّﻢ دﻓﻊ اﻷﻗﺴﺎط ،ﻗﺪ ﻳﺆدي ﺑﺄﺣﺪﻫﻢ ﻟﻠﻜﺂﺑﺔ ،وﻣﺸﺎﻛﻞ ﻻﺣﺼﺮ ﻟﻬﺎ .إﺣﺪى اﻟﺴﻴﺪات اﻗﺘﺮﺿﺖ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺬي ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ؛ ﻟﺸﺮاء اﻷراﺿﻲ اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻬﺎ اﻟﺒﻨﻚ ،اﻟﺘﻲ ﺑﻴﻌﺖ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻓﻠﻢ ﺗﺤﻆ ﺑﺄي ﻗﻄﻌﺔ أرض. ﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻟﻤﺎل ﻟﻠﺒﻨﻚ وﻻ اﺳﺘﺜﻤﺮﺗﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ،أﻧﻔﻘﺘﻪ ﻣﻦ دون أن ﺗﺸﻌﺮ .ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻐﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺒﻨﻚ ،ﺑﺎﻋﺖ أرﺿﻬﺎ اﻟﺴﻜﻨﻴﺔ ﻟﺘﺴﺪد اﻟﻘﺮض ،وﻟﺘﻀﻢ ﺧﺪﻣﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺧﺪﻣﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ .ﻓﺄﻳﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ؟! ﻫﻨﺎ أذﻛﺮ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ :ﻣﻦ اﺷﺘﺮى ﻣﺎ ﻻﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﺑﺎع ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ إﻟﻴﻪ! ﻣﻦ ﺣﺴﻦ إدارة اﻟﻤﺎل اﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﺗﺪﻓﻘﻪ وزﻳﺎدﺗﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،وﻟﻬﺎ أﻧﻮاع ﺷﺘﻰ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ أن ﻳﺨﺘﺎر ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ،ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻜﻮك ﻳﺸﺘﺮﻳﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك ،أو ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺗﻮﻓﻴﺮ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ .ﺣﺴﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺎل ﻳﻀﻤﻦ راﺣﺔ اﻟﺒﺎل واﻟﺤﺮﻳﺔ واﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺰاﻫﺮ
أﺣﺪاﺛﻬﺎ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻀﻔﻲ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﺮ واﻟﻤﻌﺎﻳﺸﺔ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ،إذ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ ﻃﻔﻞ أن ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﺪث ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ إﻳﺠﺎد ﻣﻌﺎدل ﻟﻪ ﻓﻲ واﻗﻌﻪ اﻟﻤﺮﺋﻲ واﻟﻤﺤﺴﻮس ،وإﻧﻤﺎ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺎﻧﺘﺎزي ﻏﺮاﺋﺒﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﻮص وأﻣﻜﻨﺔ واﻗﻌﻴﺔ ﻗﺪ رآﻫﺎ وﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﺎ . وأﺧﻴﺮا ً ..إذا ﻛﺎن اﻟ ّﺮاوي واﻟﺠﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻫﻢ أﻣﺮاء اﻟﺴﺮد اﻟﺸﻔﻮي ،و اﻟﻴﻮم أﻣﻴﺮ ﺳﺮد اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺸﺎﺷﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺪري ﻣﻦ ﺳﻴﻜﻮن اﻟﺮاوي ﻓﻲ اﻟﻐﺪ؛ ﻓﻠﻘﺪ ﺑﺪأ ﺣﺎل اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ أﻣﻬﺎت اﻟﻴﻮم ،ﻓﺈذا ﻣﺎ أرادت اﻷم اﻟﺤﺪاﺛﻴﺔ أن ﻳﺼﻐﻲ أﻃﻔﺎﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻮى ان ﺗﺄﺧﺬ دور اﻟﻮﺳﻴﻂ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟ ّﺮاوي ﻓﻲ اﻟﺸﺎﺷﺔ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ واﻟﻤﺘﻠﻘﻲ اﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ أن ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ وﻣﻬﺎرة اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ،ﺗﻔﺘﺢ ﺟﻬﺎز اﻵﻳﺒﺎد أو اﻟﻬﺎﺗﻒ وﺗﺘﺮك اﻟﺼﻮر واﻟﺴﺮد ﻳﺘﻮاﻟﻰ ﻷﻃﻔﺎﻟﻬﺎ ،وﺗﻨﺼﺮف ﻫﻲ ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ أﺷﻐﺎﻟﻬﺎ أو ﻟﻤﻮاﺻﻠﺔ ﻧﻮﻣﻬﺎ! وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ أن ﻧﻌﺪد ﻟﻜﻢ ﺣﺠﻢ ﻣﺎ ﻳﻔﻘﺪه اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻦ ﻋﻮاﻃﻒ ﺣﺎﻧﻴﺔ وﻣﻌﻄﻴﺎت ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﻧﻔﺴﻴﺔ وروﺣﻴﺔ وﺣﻮارﻳﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﻐﺪو ﻣﻜﺴﺒﺎً إذا ﻣﺎ ﺗﻮﻟﺖ اﻷم ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﺤﻜﻲ ،وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺴﺮد اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺑﺼﻮﺗﻬﺎ اﻟﻌﺬب اﻟﺤﻨﻮن . ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺷﻐﻒ وإﻟﺤﺎح اﻷﻃﻔﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪات ﻟﺴﺮد اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت واﻻﺳﺘﻔﺴﺎر ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ أو ﺣﺘﻰ ﻃﻠﺒﻬﻢ ﻹﻋﺎدة روي اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﺪة ﻣﺮات، ﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ أﻫﻤﻴﺘﻪ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻟﺤﻮارﻳﺔ. ﻟﻸﻃﻔﺎل ﺧﻴﺎل ﺗﺼﻮري ﻧﺠﺪه ﻓﻲ ﻋﻮز داﺋﻢ إﻟﻰ ﺗﻨﻤﻴﺘﻪ وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ واﺳﺘﺜﻤﺎره ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺗﺤﻄﻴﻤﻪ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺑﻴﺎﻧﺎت إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﺗ ُﺤﺒﻂ اﻻﺑﺘﻜﺎر واﻹﻧﺘﺎج اﻟﺨﻴﺎﻟﻲ وﺗﺠﻌﻞ ﺗﻔﻜﻴﺮه اﻟﻨﺎﺷﺊ ﻳﺘﺮاﺟﻊ وﻳﻀﻤﺮ، أو ﻳﻘﻒ ﻣﺘﻌﻄﻼً ﻋﻦ اﻻﺑﺪاع اﻟﻠﻐﻮي واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺞ اﻟﻌﺒﺎرة و اﻟﺼﻮغ اﻟﻔﻨﻲ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
129
إﺿﺎءة
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻨﺘﺞ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ؟ ﻳﺘﺮاءى ﻟﻨﺎ أﺣﻴﺎﻧﺎً أن اﻟﺘﺮاث ﻟﻴﺲ ﻣﺎﺿﻮﻳﺎً ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ أﻳﻀﺎً ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻬﺎ ﻣﻮروﺛﻬﺎ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﻮروث اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻟﻜﻞ زﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ وﺧﺼﻮﺑﺔ ﺣﺪﺛﻴّﺔ ،ﺳﺘﻐﺪو ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ذاﻛﺮة وﺗﺮاﺛﺎً وإرﺛﺎً وﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻗﺪ ﻧﻌﺜﺮ ﺑﻴﻦ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺟﻴﻞ ﻟﻪ ﻃﺎﺑﻌﻪ اﻟﻤﻤﻴﺰ ﻓﻲ ﺗﺪاول اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت وﺳﺮدﻫﺎ وﻧﺸﺮﻫﺎ. ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻻ ﺗﺰال ﻟﻤﻔﺮدة اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺣﻀﻮرﻫﺎ اﻟﻄﺎﻏﻲ وﺗﺪﻓﻘﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺘﻠﻴﺪ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻠﺼﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺎﻣﺮات اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ واﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺘﻲ ﻧﺮوﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺴﺞ اﻟﺨﻴﺎل ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ أو ﻧﺴﺘﺪﻋﻴﻬﺎ وﻓﻖ ذاﻛﺮة اﻟﻤﺮوﻳﺎت اﻟﺸﻔﻮﻳﺔ، اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺴﻴﺠﻬﺎ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ اﻟﻐﺮاﺋﺒﻲ ،اﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﻣﺜﻼً ﺑﺴﻴﺮة اﻷﻣﻴﺮة ذي اﻟﻬﻤﺔ و ﺑﺮﺣﻼت اﻟﺴﻨﺪﺑﺎد وﻗﻄﺎع اﻟﻄﺮق واﻷرﺑﻌﻴﻦ ﺣﺮاﻣﻲ وﺑﻄﻮﻟﺔ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﺎ اﻟﺸﺠﺎع وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﺎرد وﻋﻼء اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻤﺼﺒﺎح اﻟﺴﺤﺮي ....ﻛﻠﻬﺎ أﺟﻮاء ﺳﺤﺮﻳﺔ ﻣﺘﺄﻟﻘﺔ ﻻ زاﻟﺖ ﺗﻠﻘﻰ ﺷﻐﻔﺎً وﺣﻤﺎﺳﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﺌﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ! وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻴﺮ واﻗﻌﻴﺔ وﻧﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﺎ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻘ ّﺪم ﻧﻤﺎذج ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻧﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺘﻌﺔ اﻟﺨﻴﺎل وﻳُﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﺎ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ . ﻗﺪ ﻧﻨﺘﺒﻪ أﺣﻴﺎﻧﺎً إﻟﻰ اﻧﺤﺴﺎر اﻟﺸﻐﻒ واﻟﺘﺄﺛﺮ واﻟﺪﻫﺸﺔ ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻘﺮأ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺠﺎﻫﺰة اﻟﻤﻌﺰزة ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻋﻦ اﻟﻘﻴﻢ واﻷﺧﻼق واﻟﻤﺮﻓﻘﺔ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮم اﻟﻄﻔﻮﻟﻴﺔ واﻟﻤﺮﺻﻮﻓﺔ ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻢ دﻓﻌﻬﺎ ﻣﺆﺧﺮا ً ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﻴﺔ . إن ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻣﺨﻴﻠﺔ ﺗﺘﺴﻊ ﺑﺎﺗﺴﺎع ﻣﺤﻴﻂ اﻟﺴﺤﺮ واﻷﻋﺠﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻷرض، وﻳﺒﺪو أن اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﻌﻠﺒﺔ ﺗﺴﺘﺼﻐﺮ ﻣﺨﻴﻠﺘﻬﻢ اﻟﺠﺎﻣﺤﺔ ،ﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻘﻨﻴﻦ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺨﻴﺎل وﻻ ﺗﺸﻌﻞ ﺟﺎذﺑﻴﺔ اﻟﺘﻮﻗّﻊ واﻟﺘﺸ ّﻮق ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث ،رﺑﻤﺎ ﻷن اﻷﺣﺪاث وﻣﺴﺎرات اﻟﻘﺼﺔ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ وﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﻟﺐ. ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إن اﻟﺨﺮاﻓﺎت وأﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮارﺛﺔ ﺷﻔﻮﻳﺎً ﻗﺪ ﺗﻌﻄﻞ ﺗﻮاﻟﺪﻫﺎ وﺗﻨﺎﺳﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ،رﻏﻢ أن اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻻزال ﺷﻐﻮﻓﺎً ﺑﻬﺎ؟ أﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺠﺪد اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺄﺟﻮاﺋﻬﺎ اﻟﺨﺮاﻓﻴﺔ رﻏﻢ ﻃﻐﻴﺎن اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻲ ردﻋﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﻷﺳﻄﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻇﻮاﻫﺮ اﻷﺷﻴﺎء، 128
ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻨﺘﺞ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ؟
ﻟﻮﻟﻮة اﻟﻤﻨﺼﻮري* ŦŌƈōǙȑŌ ǛǙ dzŬŽōşǶ dzŞũōlj
وﺣﺼﺮت اﻟﻤﺨﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ اﺑﺘﻜﺮﻫﺎ وﺗﺨﻴﻠﻬﺎ اﻟﺮﺳﺎم ﺛﻢ وﺿﻌﺖ ﺣﺠﺮا ً ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﻗﻊ واﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ؟ وﻫﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﺿﻦ اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺬي ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻓﻴﻪ روح اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ؟ ﻓﺈن ﻏﺎﺑﺖ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،ﻏﺎﺑﺖ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ؟ ﻟﻌﻞ زﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺼﻮرة اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﺸﻜﻞ ﺗﺤﺪﻳﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ،وﻳﻄﺮح ﺿﻤﻨﻴﺎً ﺳﺆاﻻً ﻣﻬﻤﺎً أﻻ وﻫﻮ :ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻻﺳﺘﻠﻬﺎم ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻌﺪ زﻣﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺠﺪات؟ وﻟﻮ ﺣﺪث أن ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ روﺣﺎً راﻫﻨﺔ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻟﺐ ﻋﺼﺮي ﻳﻤﻜّﻦ ﻃﻔﻞ اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﻤﺤﺎط ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻤﺒﻬﺮة اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ،واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﻣﻊ ﻗﻴﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻫﻞ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎﺳﺦ اﻟﺠﺰﺋﻲ -أو ﻟﻨﻘﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻮاﻟﺪﻳﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﻴﺔ -إﻟﻰ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻧﺴﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،وإﻟﻰ ﻣﺘﺨﺼﺼﻲ اﻷﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻣﺘﺬوﻗﻲ اﻟﺘﺮاث ﻟﻨﺼﻨﻊ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ زﻣﻨﺎً رﻗﻤﻴﺎً ﺗﺤﻜﻤﻪ ﺷﺎﺷﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻤﺼﺪر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ ؟ ﻳﺒﺪو أن ﻋﺼﺮ اﻹﻋﻼم ﺑﺎت ﻳﻬﺪد دور اﻟﺠﺪة واﻟ ّﺮاوي اﻟ ّﺮﻣﺰ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،إذ ﻗﺪ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺨﻴﺎل ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواة ﻣﺘﺪاﺧﻼً ﻣﻊ اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﺸﺎﻫﺪاﺗﻪ ﻟﻠﺸﺎﺷﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ .ﻛﻤﺎ أن اﻟﺠﺪات ﺑﺘﻦ ﻻ ﻳﺤﻜﻴﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ إﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻨﻮﺳﺘﺎﻟﺠﻴﺎ واﻟﺘﺬﻛّﺮ وﻓﻖ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺪﻋﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة أو اﻟﺠﻠﺴﺎت اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ،ﻟﺬا ﻳﻘﺎل إن اﻟﺮاوي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ ﺟ ّﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺎت اﻵن ﺷﺎﺷﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ! ﻳﺘﻘﺼﺪ ﺑﻌﺾ اﻵﺑﺎء واﻷﻣﻬﺎت اﻟﺠﺪد إﻧﻘﺎذ ﻣﺎ ﻳﺤﻔﻈﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت ّ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ،ﺑﺈﻋﺎدة ﺗﺪاوﻟﻬﺎ وﺳﻘﻲ أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﺑﻬﺎ ،ﻣﻊ اﻟﺘﺼ ّﺮف ﺑﺒﻌﺾ
إﺿﺎءة
اﻟﻐﻨﺎء اﻟﺼﻮﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺄل اﻟﻴﻮم ﻋﻦ اﻟﻐﻨﺎء اﻟﺼﻮﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺘﻲ ،ﻳﺘﺮدد ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ،وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻨﻔﻲ وﺟﻮد ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻐﻨﺎء أﺻﻼً ،وﻳﻌﻮد اﻟﺴﺒﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﺸﺪدة ﻣﻦ إﺑﻌﺎد اﻟﻨﺎس ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﻔﻨﻲ اﻷﺻﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ واﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻓﻄﺮة اﻟﻨﺎس اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ .ﻓﻤﻨﺬ اﻟﻘﺪم وأﻫﻞ اﻟﻜﻮﻳﺖ ﻳﻘﻴﻤﻮن اﻻﺣﺘﻔﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ رﺑﻴﻊ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻘﻤﺮﻳﺔ ،وأﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎل اﺳﻢ "اﻟﻤﺎﻟﺪ".واﻟﻤﺎﻟﺪ ﺗﺤﻮل ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ اﺣﺘﻔﺎﻻً ﺧﺎﺻﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮي إﻟﻰ اﺣﺘﻔﺎل ﻟﻪ ﻃﺎﺑﻌﻪ اﻟﺪﻳﻨﻲ ،وﻳﻘﺎم ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﻋﺪة ﻣﻨﻬﺎ :اﻟﻨﺬور ،واﻟﺨﺘﺎن ،وﻋﻮدة اﻟﻐﺎﺋﺐ ..وﻏﻴﺮﻫﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻤﺎﻟﺪ ،ﻟﻴﻠﺔ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،اﻟﻜﺒﻴﺮ واﻟﺼﻐﻴﺮ ،ﻓﺎﻟﺮﺟﺎل ﻟﻬﻢ ﻃﻘﻮﺳﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻨﺴﺎء ،وﺣﺘﻰ اﻷﻃﻔﺎل ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ واﻏﺘﻨﺎم اﻟﺤﻠﻮى .واﺷﺘﻬﺮ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﻔﻦ ﻏﻨﺎﺋﻲ وﻫﻮ "ﻓﻦ اﻟﻘﺎدري" ،وﻟﻘﺪ ﺳﻤﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﻦ اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر اﻟﻜﻴﻼﻧﻲ أو اﻟﺠﻴﻼﻧﻲ وﻫﻮ أﺣﺪ أوﻟﻴﺎء اﻟﻠﻪ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، وﻟﻔﻦ اﻟﻘﺎدري أﻧﻮاع ﻋﺪة: اﻟﻘﺎدري اﻟﺒﺮزﻧﺠﻲ وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻻﻧﺸﺎد اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ أﺣﺪ اﻟﻤﻘﺮﺋﻴﻦ وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﻜﻮن إﻣﺎم اﻟﻤﺴﺠﺪ ،وﻳﻘﺎم اﻟﻄﻘﺲ إﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ أو ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻜﺒﻴﺮة .وﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ ﻓﻦ اﻟﻘﺎدري ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻵﻻت اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ،ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻤﻨﺸﺪ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ ﻓﻘﻂ ،ﻓﻴﻘﻮم ﺑﺘﺮﺗﻴﻞ ﻗﺼﺔ اﻟﻤﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب "اﻟﺒﺮزﺧﻲ" ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ زﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺒﺮزﻧﺠﻲ .وﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻘﺮﺋﻴﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ .وﻳﺘﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﺛﻼث وﻋﺸﺮﻳﻦ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ وﻣﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻓﺼﻮل ﻣﻦ دون ﻋﻨﺎوﻳﻦ، وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻮﻗﻔﺎت .وﻫﺬه اﻟﻮﻗﻔﺎت ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﻨﺸﺪ ﻟﻴﺴﺘﺮﻳﺢ ﻛﻠﻤﺎ ﻗﻄﻊ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻘﺮاءة .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻳﺮدد اﻟﺤﺎﺿﺮون دﻋﺎء ﺑﺼﻮت ﻣﺠﻮد ﻋﺎ ٍل ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ "ﻋﻄﺮ اﻟﻠﻬﻢ ﻗﺒﺮه اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺷﺬى ﻣﻦ ﺻﻼة وﺗﺴﻠﻴﻢ" ﺛﻢ ﻳﺴﺘﺄﻧﻒ اﻟﻘﺎرئ ﻗﺮاءﺗﻪ وﻫﻜﺬا ﺑﻌﺮف ً ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ. اﻟﻘﺎدري اﻟﺮﻓﺎﻋﻲ واﻟﺒﺤﺮي وﻣﻦ أﻧﻮاع ﻓﻦ اﻟﻘﺎدري ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻵﻻت اﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻄﺎر واﻟﻄﺒﻞ اﻟﺒﺤﺮي ،اﻟﻘﺎدري اﻟﺮﻓﺎﻋﻲ واﻟﻘﺎدري اﻟﺒﺤﺮي ،وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻤﺎﻟﺪ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ أﺣﺪ اﻟﺒﻴﻮت اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮش ﺑﺎﻟﺤﺼﻴﺮ واﻟﺴﺠﺎد ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻠﺲ اﻟﻤﺮددون
ﺣﻤﻮد اﻟﺸﺎﻳﺠﻲ* ŧǿǷLjǕŌ ǛǙ ŝũōljǶ ǽȃŌǶƈ
ﻟﻸﻧﺎﺷﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺻﻔﻴﻦ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﻴﻦ وﻳﻘﻒ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ رﺟﻞ ﻛﺒﻴﺮ اﻟﺴﻦ ﻫﻮ اﻟﻤﻨﺸﺪ وﻛﺎن ﻳﻘﺮأ أﺟﺰاء ﻣﻦ ﻗﺼﺔ اﻟﻤﻮﻟﺪ ﺛﻢ ﻳﺘﻠﻮﻫﺎ ﺑﻨﺸﻴﺪ ﻃﻮﻳﻞ ﺑﺼﻮت ﻋﺎ ٍل وﺟﻤﻴﻞ .وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﻤﻼ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪوب ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑـﺎﻟﻤﺎﻟﺪ وأﻛﺜﺮﻫﺎ ﺷﻬﺮة وﻳﻄﻠﺐ اﻟﺪوب ﻷداء اﻟﻤﺎﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت وﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ وﻳﺤﺘﺸﺪ اﻟﻨﺎس ﻟﺴﻤﺎﻋﻪ وﻟﻪ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻓﻲ أذﻫﺎن اﻟﻨﺎس وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ: "ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﻠﻪ ﻳﺎ اﻟﻌﺪﻧﺎﻧﻲ ﻳﺎ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻳﺎ ﺻﻔﻮة اﻟﺮﺣﻤﻦ".. ﻫﺬا ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﺮﺟﺎل ،أﻣﺎ اﻟﻤﻄﻮﻋﺔ واﻟﻤﻨﺸﺪة اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻨﻴﺮة اﻟﺨﺮﻗﺎوي ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻳﺠﺘﻤﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت وﺗﺤﻀﺮ ﻟﻬﻦ اﻟﻤﻄﻮﻋﺔ وﺗﻘﻮم ﻓﻲ اﻻﻧﺸﺎد ﻣﻌﻬﻦ اﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠﻪ. وﻳﻌﺘﺐ اﻟﻘﺎدري اﻟﺮﻓﺎﻋﻲ ﻣﻦ اﻹﻳﻘﺎﻋﺎت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻓﻬﻮ رﺑﺎﻋﻲ وﻣﻴﺰاﻧﻪ 8/ 4إذا ﻛﺎن ﺑﻄﻴﺌﺎً ،وإذا أﺻﺒﺢ ﺳﺮﻳﻌﺎً ﻓﻬﻮ 8/8ﻣﻦ ﻣﺜﻞ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻏﻨﺘﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﺳﻨﺎء اﻟﺨﺮاز وﻫﻲ ﻣﻦ أﻟﺤﺎن اﻟﻤﻠﺤﻦ اﻟﻘﺪﻳﺮ ﻏ ﱠﻨﺎم اﻟﺪﻳﻜﺎن: "ﺑﺴﻢ اﻟﻠﻪ ﺑﺴﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪاﻟﻘﺎدر ﺷﻲ ﻟﻠﻪ ﻳﺎ رب ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺎً ﻳﺎ ﻣﻠﻜﺎً ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ..إﻟﺦ". واﻟﻘﺎدري اﻟﺒﺤﺮي إﻳﻘﺎﻋﻪ 8/ 6وﻫﻮ إﻳﻘﺎع ﻣﺮﻛﺐ وﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻹﻳﻘﺎع ﻫﻲ: "ﺳﻼم ﺳﻼم .. ﺳﻼم ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻓﺮدوا اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ﻧﺼﺒﻨﺎ اﻟﺨﻴﺎم"..
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
127
اﺳﺘﻄﻼع
اﻟﻨﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﻓﻘﺪ ﺳﺎرﻋﺖ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﺑﻴﻦ ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺤﺬاء اﻟﺬي ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﺘﺤﻒ اﺳﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻓﻲ إﺣﺪى رﺣﻼﺗﻪ ﻟﻠﻘﻨﺺ اﺳﺘﺜﻨﺎ ًء ،ﺑﻞ أدرج ﻫﻮ ﻳﺤﻔﻞ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﻌﻠﻮي ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ "ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ" ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ ﺿﻤﻦ زي اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺰي اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻌﺪة ﻓﺮق ﺷﺮﻃﻴﺔ. اﻹﺻــﺪارات اﻟﻤﺼﻨﻔﺔ واﻟﻤﻔﻬﺮﺳﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻮم واﻟﻤﻌﺎرف اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻠﻐﺎت وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﺘﺤﻒ ،ﻛﻤﺎ ﺧﺼﺺ ﻓﻲ أﺣﺪ أﺟﻨﺤﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ رﻛﻦ ﻟﻺﺻﺪارات اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺳﻴﺮة وﻣﺴﻴﺮة اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺎم 1963 اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ ﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ال ﻧﻬﻴﺎن –ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه.- وﺟﺪت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎً ﺳﺮﻳﻌﺎً إﻟﻰ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ، ﻓﻘﺪ أدﺧﻠﺖ ﻣﺒﻜﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ،1963وﻗﺎم ﺑﺘﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﺿﺎﺑﻂ ﻋﺴﻜﺮي ﺑﺮﺗﺒﺔ ﻣﻼزم أول وﻫﻮ اﻟﻌﻤﻴﺪ إﺳﺤﺎق ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻣﺤﻤﺪ ،وﻟﻢ ﺗﻤﺾ 28دﻳﺴﻤﺒﺮ - 2018ﻳﻮم اﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﻤﺸﻬﻮد ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻣﺖ ﺣﺮﺻﺖ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﻌﻞ ﻳﻮم اﻓﺘﺘﺎح ﻣﺘﺤﻒ ﺑﺎﻟﺸﺪو ﺑﺄول ﻋﺰف ﻟﻬﺎ. "ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ" ﺣﺪﺛﺎً ﻓﺎرﻗﺎً ،ﻓﻘﺪ ﺗﺠﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻋﺮض 18ﺳﻴﺎرة ﻣﻦ ﺳﻴﺎرات اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺿﻤﻦ اﻟﺤﻀﻮر اﻟﻤﻤﻴﺰ اﻟﺬي ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻣﻤﺜﻞ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﻴﻦ واﻟﺸﻴﺦ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪان اﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻮل اﻟﻤﺎدﻳﺔ آل ﻧﻬﻴﺎن وﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ذﻳﺎب ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،رﺋﻴﺲ ﻟﻢ ﻳﻐﻔﻞ اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺤﻒ "ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ" ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ داﺋﺮة اﻟﻨﻘﻞ ،واﻟﺸﻴﺦ ﻫﺰاع ﺑﻦ ﻃﺤﻨﻮن آل ﻧﻬﻴﺎن ،وﻛﻴﻞ دﻳﻮان ﻣﻤﺜﻞ اﻟﺮوﻧﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻤﺘﺤﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺿﻔﺎء ﻣﺎ ﺗﻴﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻤﺴﺎت ﺣﺎﻛﻢ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،واﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻛﺘﺰﻳﻴﻦ ﺳﻘﻒ اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﺘﺤﻒ ﺑﺠﺬوع اﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﺘﻲ آل ﻧﻬﻴﺎن ،واﻟﻠﻮاء اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻃﺤﻨﻮن آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻣﺪﻳﺮ ﻋﺎم ﺷﻴﺪت ﺑﻬﺎ ﻗﻠﻌﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ اﻟﻌﺎم .1948وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻬﻢ اﻟﺰاﺋﺮ ﺑﺎﻟﺼﻌﻮد ﺷﺆون اﻷﻣﻦ واﻟﻤﻨﺎﻓﺬ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،واﻟﺸﻴﺦ ذﻳﺎب إﻟﻰ اﻟﺪور اﻷول ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺤﻒ ،ﻳﺠﺪ أن ﻋﺘﺒﺎت اﻟﺪرج اﻟﺮﺧﺎﻣﻴﺔ ﻻ ﺗﺰال ﺑﻦ ﻃﺤﻨﻮن آل ﻧﻬﻴﺎن ،وﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮخ وﻛﺒﺎر اﻟﻀﺒﺎط ﻓﻲ ﺷﺮﻃﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺤﻨﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﻬﻨﺎك اﻟﺘﺜﺎﻟﻴﺐ اﻟﻤﺜﺨﻨﺔ ﺑﺬﻛﺮﻳﺎت ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻮا أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻳﺘﻘﺪﻣﻬﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﻣﻦ ﺗﺮددوا وزاروا اﻟﻤﺒﻨﻰ. ﻗﺎﻋﺎت ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ
* ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث وﻓﺎء
ƕǙŌǷǥ
ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ :ﻣﺼﺒﺢ اﻟﻜﻌﺒﻲ ،وﻧﺎﺻﺮ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ ،واﻟﻤﻘﺪم ﻣﺤﻤﺪﻟﻢ ﺗﻐﻔﻞ إدارة اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻋﻦ اﻹﺷﺎدة ﺑﺎﻟﻘﻴﺎدات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﺘﺮف ،واﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺒﻼن اﻻﺣﺒﺎﺑﻲ. اﻟﺘﻲ ﺷﻐﻠﺖ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺪﻳﺮﻳﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،وذﻟﻚ إﺷﺎدة و ﻋﺮﻓﺎن ﺑﻤﺎ ﻗﺪﻣﻮه ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ وﻟﻠﻮﻃﻦ.
ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻟﺘﻄﻠﻊ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺄن اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻫﻲ ﻣﺮﺗﻜﺰ ﺑﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎرة، وإﻳﻤﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻧﻤﻮذج اﻹﺑﺪاع ﻓﻲ اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻷﺑﻨﺎء ،ﺧﺼﺼﺖ إﺣﺪى ﻗﺎﻋﺎت ﻣﺘﺤﻒ "ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ" ﻛﻤﺨﺘﺒﺮ ﻟﻺﺑﺪاع واﻻﺑﺘﻜﺎر ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻄﻔﻞ وﻫﻮ ﻳﻠﻬﻮ ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ ،وﻣﺎ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ رﺳﻢ ﻣﺠﺴﻢ أو ﺷﻜﻞ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺎً ﻗﻠﻤﺎً ذا اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ، ﺳﻴﺠﺪ أن ذﻟﻚ اﻟﻤﺠﺴﻢ ﺑﺎت ﻣﺆﺻﻼً واﻗﻌﺎً ﻣﻠﻤﻮﺳﺎً ،ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻄﺎﺑﻌﺔ ذات اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺜﻼﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﻓﺮﻫﺎ ﻫﺬا اﻟﻤﺘﺤﻒ .ﻛﻤﺎ ﻳﺰدان ﺟﺪران ﻣﺨﺘﺒﺮ اﻻﺑﺘﻜﺎر ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر اﻹرﺷﺎدﻳﺔ واﻟﺘﺤﺬﻳﺮﻳﺔ واﻟﺘﻮﻋﻮﻳﺔ، واﻟﺘﻲ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎً.
126
ﻣﺘﺤﻒ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ
اﻟﻌﺴﻜﺮي ﺑﻠﻮﻧﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺰي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺮﺗﺪﻳﻪ اﻟﻀﺒﺎط ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺸﺮﻃﺔ .وذﻛﺮت اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ أن اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻛﺎن ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر ﻟﻮن ﻗﺎﻧﺖ وﻣﻤﻴﺰ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻋﺮﺑﺎت وﻣﺮﻛﺒﺎت اﻟﺸﺮﻃﺔ، إﻟﻰ أن أرﺳﻰ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮن اﻷزرق اﻟﻘﺎﺗﻢ ﻛﻠﻮن ﻟﺪورﻳﺎت ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ .1967وﻗﺪ ﺟﺎء اﺳﺘﻴﺤﺎء اﻟﻠﻮن اﻷزرق اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﺷﺢ ﺑﻪ ﺳﻴﺎرات ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮور ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻹرث اﻟﺨﺎص ﺑﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،إﻻ أن اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻗﺎﻣﻮا ﻣﺸﻜﻮرﻳﻦ ﺑﺈﻋﺎدة اﻗﺘﺒﺎس واﺳﺘﻴﺤﺎء ﻓﻜﺮة ﺷﺮﻳﻂ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻷﻣﻮي إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻣﺘﺪاد اﻟﺠﺬور اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ إﺿﻔﺎﺋﻪ ﻟﻤﺴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ راﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎرات ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮور. ﻣﻘﺘﻨﻴﺎت ﺧﺎﺻﺔ
ﺣﺮﺻﺖ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻌﻴﻢ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﺑﻤﺎ ﺗﻴﺴﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻨﻴﺎت ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ واﻟﺸﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺷﻬﺪه اﻟﺠﻬﺎز اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻟﻺﻣﺎرة .وﻳﺴﺘﻮﻗﻒ اﻟﺰاﺋﺮ ﺳﻴﺎرة اﻟﻼﻧﺪروﻓﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻷوﻟﻰ ﺳﻴﺎرﺗﻴﻦ اﺳﺘﻘﺪﻣﻬﻤﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻟﻴﻜﻮﻧﺎ ﺿﻤﻦ أوﻟﻰ اﻟﺴﻴﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻚ اﻟﺸﺮﻃﻲ وﻟﺘﺸﻜﻞ اﻟﻠﺒﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺒﺎت ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮور. ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ
ﺳﻌﺖ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ،وﻋﺮﻓﺎﻧﺎً ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺠﻬﻮد أواﺋﻞ اﻟﻤﻠﺘﺤﻘﻴﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻤﻦ ﺧﺪﻣﻮا ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻚ اﻟﺸﺮﻃﻲ ،وإﺑﺮاز ﻋﺮاﻗﺔ وأﺻﺎﻟﺔ اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘﺤﺪرا ً ﻣﻦ إﺣﺪى أواﺋﻞ ﻗﻮى اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺒﺜﻘﺖ ﻣﺤﻠﻴﺎً ،وﺑﻔﻀﻞ اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺤﺜﻴﺜﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪان آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﺗﻤﻜﻨﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﺗﺨﻄﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺸﺆون اﻹدارﻳﺔ وﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺄﻫﻴﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺘﺤﻔﺎً ،ﻫﺬا إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺑﻼت اﻟﺸﻔﻬﻴﺔ ﺑﻐﻴﺔ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﺎدة اﻟﻤﻌﺮض اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻧﺪب اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻻﺳﺘﻘﺮاء اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻹﺣﺎﻃﺘﻬﺎ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺑﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ اﻷوﻟﻰ .ﻛﻤﺎ ﺑﺬﻟﺖ ﺟﻬﻮد ﻟﺠﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺟﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﺗﺮاث ﻣﺎدي ﻳﺆﻃﺮ ﻟﻤﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮر اﻟﺸﺮﻃﺔ. وﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ إﺣﻴﺎء اﻟﻌﺴﻌﺲ ،واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺧﻴﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻳﺠﻮﺑﻮن إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻴﻼً .ﻛﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﺟﻬﻮد ﺣﺜﻴﺜﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎح ﻣﺘﺤﻒ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﻘﻄﻊ ،ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ؛ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﺑﺮج اﻟﻤﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻛﻮﻧﻪ اﻟﺤﺎرس اﻷﻣﻴﻦ ﻟﺠﺰﻳﺮة أﺑﻮﻇﺒﻲ. اﻗﺘﻔﺎء ﻷﺛﺮ زاﻳﺪ
ﺣﺮﺻﺖ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﻓﺎدة ﻣﻦ ﺳﻴﺮة اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن –ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه -ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺳﺒﻴﻼً إﻳﻤﺎﻧﺎً ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ذو رؤﻳﺔ ﺛﺎﻗﺒﺔ ،ﻓﻤﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﻘﺘﻨﻴﺎت اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺰاﺋﺮ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ أﺣﺪ أﻧﻮاع اﻷﺳﻠﺤﺔ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
125
اﺳﺘﻄﻼع
أﺻﻞ ﻛﻠﻤﺔ "ﺷﺮﻃﺔ" واﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ
ﻓﻀﻼُ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻘﺘﻨﻴﺎت اﻟﻨﻔﻴﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻄﺎت ذات اﻟﻤﻐﺰى اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺣﺮص اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﺜﻘﻴﻒ اﻟﺰوار ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺮد ﻧﺸﺄة اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻮﻗﻒ اﻟﺰاﺋﺮ إﺣﺪى اﻟﻤﻨﺼﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻊ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺸﺮﻳﻂ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺗﻀﻌﻪ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ﻟﺘﻤﻴﻴﺰﻫﺎ ،وﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ ﺟﺮى إﻃﻼق ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺸﺮﻳﻂ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺮض اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﻈﻬﻮر اﻷول ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻬﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ. اﻟﺰي اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ
ﻗﺴﻤﺖ إﺣﺪى ﻗﺎﻋﺎت ﻣﺘﺤﻒ "ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ" ﺗﺒﻌﺎً ﻟﻠﺘﻐﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﻫﺎ اﻟﺰي اﻟﺸﺮﻃﻲ ،وﻳﺸﺎﻫﺪ اﻟﺰاﺋﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﺰي اﻟﺸﺮﻃﻲ ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ،1966 - 1957ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ داﺋﺮﻳﺔ ﺗﻌﺘﻤﺮ اﻟﻌﻘﺎل واﻟﻐﺘﺮة واﻟﺒﻨﻄﺎل اﻟﻜﺎﻛﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻮن اﻟﺰي اﻟﺮﺳﻤﻲ "اﻟﻜﺎﻛﻲ" ،وﻫﻮ ﻣﻦ درﺟﺎت اﻟﻠﻮن اﻟﺒﻨﻲ ،وﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن -ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه -ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺣﻜﻢ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﻌﻢ ،1966ﺷﻬﺪت ﺷﺮﻃﺔ اﻹﻣﺎرة دﻓﻌﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺸﺮﻃﺔ ،وﻫﻲ ﻓﺘﺮة ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﻊ ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة .1971وﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ 1986 - 1971ﺷﻬﺪ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻟﻠﺰي اﻟﺸﺮﻃﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻪ أدﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻈﺎم ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺟﻬﺎز اﻟﺤﺎﺳﻮب، ﺣﻴﺚ اﻧﺘﺒﻬﺖ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ إﻟﻰ ﺿﺮورة ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ رﻏﻢ اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻟﻤﺘﻮاﺿﻌﺔ إﻟﻰ أن ﻧﻤﺖ وﺑﺎﺗﺖ ﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻌﻤﻞ وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﻜﻮن اﻷﺻﻴﻞ واﻟﻤﻼذ ﻟﻺﻧﺠﺎز اﻟﺴﺮﻳﻊ وﺣﻔﻆ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت وﻟﻸرﺷﻔﺔ. ﻛﻤﺎ ﺷﻬﺪت ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺒﺔ دﺧﻮل اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﺿﻤﻦ اﻟﻜﺎدر اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ اﻟﺸﺮﻃﻲ، ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺰاﺋﺮ ﻟﻠﻤﺘﺤﻒ ﻣﺸﺎﻫﺪة ﻋﺮض ﻟﺸﻬﺎدة ﺗﺪرﻳﺐ ﻹﺣﺪى ﻣﻨﺘﺴﺒﺎت اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم .1978وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺤﺘﻮى اﻟﻔﺘﺮة ،2017 - 1986ﻻ ﻳﺨﻄﺄ اﻟﻨﺎﻇﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻔﺰة اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ ﻫﻴﺎﻛﻞ وإدارات ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ. ﻋﻮد ﻋﻠﻰ ﺑﺪء
وﻗﺒﻞ أن ﻳﺨﺘﺘﻢ اﻟﺰاﺋﺮ ﺟﻮﻟﺘﻪ ﻓﻲ رﺣﺎب اﺛﻨﻴﻦ وﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻲ واﻟﺘﻄﻮر ﻟﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺗﻘﻔﺰ ﻇﻼل اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻟﺘﻌﻮد ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة، ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻤﺘﺸﻘﺔ ﺛﻮﺑﺎً زاﻫﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﺰاوﺟﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﺤﺪاﺛﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻮد ﺷﻌﺎر ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻛﻤﺎ ﺑﺪأ أول ﻣﺮة ،ﺣﻴﺚ اﻟﺸﻮق إﻟﻰ اﻟﺠﺬور واﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث، واﻟﺬي ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻓﻲ إدﺧﺎل رﻣﻮزه ﻣﻦ ﺻﻘﺮ وﻧﺨﻞ وﺧﻨﺠﺮ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﺎر اﻟﻤﺤﺪث، وﻣﻮﺳﻮﻣﺎً ﺑﺎﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﺪاﺋﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻮﺣﺎﻫﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﺣﺎﻛﻢ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة ،1966 - 1928ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺔ وﺳﻢ إﺑﻞ آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻣﺸﺮﺑﺔ ﺑﺤﻤﺮة ،ﺗﺘﺨﻠﻠﻬﺎ ﺳﻌﻔﺘﺎ ﻧﺨﻴﻞ ﺗﻘﻔﺎن ﻣﻘﻮﺳﺘﻴﻦ، ﺗﺤﻴﻄﺎن ﺑﺎﻟﺼﻘﺮ اﻟﻤﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺨﻨﺠﺮﻳﻦ ،إﺣﺎﻃﺔ اﻟﺴﻮار ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻢ .وﻳﻘﻒ اﻟﺰي
124
ﻣﺘﺤﻒ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ
ﻓﻜﺮة اﻟﻤﺘﺤﻒ
ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ وﺿﻊ ﻟﺒﻨﺔ اﻷﺳﺎس ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺘﺤﻒ إﻟﻰ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن –ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ،-ﺣﻴﺚ وﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻣﺎﻳﻮ 1994ﻧﺤﻮ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻗﻠﻌﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ،اﻟﻤﻘﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،إﻟﻰ ﻣﺘﺤﻒ ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ ،إﻻ أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺎب ﺣﺎل دون ذﻟﻚ ،ورﻏﻢ ذﻟﻚ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪان آل ﻧﻬﻴﺎن ،اﻟﻤﺸﺮف اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ،ﻣﻦ ﺗﻜﺜﻴﻒ اﻟﺠﻬﻮد وﺻﺒﻬﺎ ﻧﺤﻮ إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ،اﻟﺘﻲ أﺳﻔﺮت ﻋﻦ اﻓﺘﺘﺎح اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ اﻟﻤﺠﺎور ﻟﻘﻠﻌﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ وذﻟﻚ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻌﺎم ،2018وﻫﻮ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻟﻌﺎم زاﻳﺪ .وﺑﺬﻟﻚ اﻧﺘﻈﺮ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻟﻴﺘﺠﺴﺪ اﻟﺤﻠﻢ وﻳﺼﺒﺢ واﻗﻌﺎً ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻧﺤﻮ 25ﻋﺎﻣﺎً! ﻟﻤﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻬﺠﺔ
وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻫﺬا ﻟﻺرث اﻟﻌﺮﻳﻖ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺤﻄﺔ ﻻﺳﺘﺸﺮاف اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،وﻋﻴﻨﻪ ﺗﺮاﻗﺐ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮاﻛﺒﻪ ﺷﺘﻰ أﻧﻮاع اﻟﺮﻗﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻒ اﻟﺸﺮﻃﻲ اﻵﻟﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً اﻟﺰوار ،وﻳﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ ﺧﻮض ﻏﻤﺎر ﺗﺠﺮﺑﺔ اﺳﺘﻼم ﻣﻘﻌﺪ اﻟﻘﻴﺎدة. اﻟﻤﺘﺤﻒ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
وﻳﺤﺮص ﻣﺘﺤﻒ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت "إرث زاﻳﺪ" ،وذﻟﻚ رﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺷﻐﻞ ﻓﺮاغ اﻷﺑﻨﺎء ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ،و ﻳﺜﺮي ﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻬﻢ وﻳﺒﺮز ﻣﻮاﻫﺒﻬﻢ ،ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎت واﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺼﻴﻔﻴﺔ اﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﻮﻋﻮﻳﺔ ،ﻣﻤﺎ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺷﻐﻞ أوﻗﺎت ﻓﺮاﻏﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻴﺪﻫﻢ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻨﻮﻋﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺗﻨﻈﻴﻢ زﻳﺎرات ﺗﺜﻘﻴﻔﻴﺔ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ وﺗﻨﻔﻴﺬ أﻧﺸﻄﺔ رﻳﺎﺿﻴﺔ وﻣﺴﺎﺑﻘﺎت ﺗﺮﻓﻴﻬﻴﺔ. وﻗﺪ ﺷﺎرك ﻗﺴﻢ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻓﻲ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻴﻦ ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،واﻟﻤﻮاﻛﺐ واﻟﺴﻴﺎرات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ ﺷﺮﻃﺔ اﻹﻣﺎرة ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﺰي اﻟﺸﺮﻃﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ وﻛﺬﻟﻚ ﺣﻮل اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ. ودﻋﺖ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺠﻤﻬﻮر إﻟﻰ زﻳﺎرة "ﻣﺘﺤﻒ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ" ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻋﻦ ﻗﺮب .وﻣﺎ أن ﻳﻠﺞ اﻟﺰاﺋﺮ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻤﺘﺤﻒ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺮي إﻟﻴﻪ اﻻﻧﻄﺒﺎع ﺳﺮﻳﻌﺎً ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ أﻣﺎم ﻣﺠﺮد ﻣﺘﺤﻒ ﻟﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺑﻞ إﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻄﻮي ﺟﻨﺒﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺘﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻲ ،ﻳﺄﺧﺬ اﻟﺰاﺋﺮ ﻓﻲ ﺟﻮﻟﺔ ﺗﺜﻘﻴﻔﻴﺔ ﻓﻲ رﺣﺎب ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﺸﺮﻃﺔ ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻧﺒﻼق ﻓﻠﻖ اﻟﺤﻀﺎرات ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﺷﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ دور اﻟﺸﺮﻃﺔ، وﻣﻤﺎ ﻳﺸﺪ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺒﺎه وﺟﻮد ﻣﻘﻨﺘﻴﺎت أﺛﺮﻳﺔ أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺘﺤﻒ. /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
123
اﺳﺘﻄﻼع
ﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ ﻤﺮات ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤ إﺣﺪﺪى ﺛﻤ
ﻣﺘﺤﻒ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﻋﺎﻣﺎ ﺣﻠﻢ ﻃﺎل اﻧﺘﻈﺎره ً 25
ﺣﻤﺪان راﺷﺪ اﻟﺪرﻋﻲ
ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮﻛﺰﻳﻦ ،ﻣﺮﻛﺰ ﻗﻠﻌﺔ »اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ« أو »ﻣﺮﺑﻌﺔ زاﻳﺪ« ،وﻣﺮﻛﺰ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ،ﻗﺼﺔ ﺗﺤﻜﻲ ﻃﺮﻓﺎً ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻒ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﺷﺎﻫﺪة و ﺷﺎﻣﺨﺔ ،ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻣﻌﻬﺎ أﻛﺎﻟﻴﻞ اﻟﻔﺨﺎر واﻟﻌﺴﺠﺪ ،ﻣﻨﺬ أن أرﺳﻰ ﺣﺠﺮ أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه ،وﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﻣﻰ ﺣﺠﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﺮﻛﺰ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ،اﻟﺬي ﻛﺎن اﻟﻮرﻳﺚ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻘﺎﻣﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ ،واﻟﺬي أﺳﺒﻎ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺮﺑﻪ اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻴﺘﺒﻮأ ﺷﺮف اﺣﺘﻀﺎن أول ﻣﺘﺤﻒ ﻟﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ. ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺰﻣﺎن وأﻟﻖ اﻟﻤﻜﺎن
ﻳﺤﻔﻞ ﻣﻘﺮ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﺑﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﺗﻨﺪر أن ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻟﻐﻴﺮه ،وﻫﻮ ﺗﺸﻴﻴﺪه ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ ﻗﻠﻌﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺟﺎء إﻧﺸﺎؤﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1948ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻹﻧﺸﺎء ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ذاﺗﻬﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺘﺴﻊ ﺳﻨﻴﻦ أي ﻓﻲ اﻟﻌﺎم .1957وﺷﺎءت اﻷﻗﺪار أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﺷﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻄﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ اﺣﺘﻀﻨﺖ ﺟﻨﺒﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻤﺮﻛﺰة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﺑــ"ﻗﻮة اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ" أو ﻣﺎ ﺳﻤﻴﺖ ﻻﺣﻘﺎً "ﺑﻜﺸﺎﻓﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ"، وﺣﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﺎرﻳﺴﻮن ﻃﺒﻴﺒﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1953ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻦ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﺟﻮن ﻣﺎرﺷﺎل وذﻟﻚ إﺑﺎن ﻓﺘﺮة ﻗﻴﺎدة ﺑﻴﺘﺮ ﻣﺎﻛﺪوﻧﺎﻟﺪ .وﻛﺎن اﻟﻄﺒﻴﺐ
122
ﻣﺘﺤﻒ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ
ﻫﺎرﻳﺴﻮن ﻣﻮﻟﻌﺎً ﺑﺘﺤﻨﻴﻂ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،ﺗﻠﻚ اﻟﻬﻮاﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﻣﺠﺎﻣﻊ ﻓﻜﺮه وﻛﺎن ﻳﺰﺟﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺸﻲء اﻟﻜﺜﻴﺮ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا اﺳﺘﺪﻋﻰ اﻷﻣﺮ ذﻟﻚ .وﺻﻒ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻫﺎرﻳﺴﻮن اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻗﻠﻌﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ وﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﻌﻠﻮ 60ﻗﺪﻣﺎً وﻣﺘﻮزﻋﺔ ﺑﻴﻦ 3 ﻃﻮاﺑﻖ ،وﺗﻤﺘﺎز ﺟﺪراﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﻛﺔ در ًء ﻟﻠﺤﺮارة. وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻗﺪ اﺗﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺴﻜﻨﺎً ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﻤﻠﻪ ﻟﻠﺘﺤﻨﻴﻂ ﻳﺸﻐﻞ ﺟﺰءا ً ﻳﺴﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،اﻟﺬي ﺗﻜﻮن أﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ وﻣﻜﺘﺐ وﻏﺮﻓﺔ ﻧﻮم .وﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1959ﺷﻬﺪت اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﺗﺨﺮﻳﺞ أول دﻓﻌﺔ ﺷﺮﻃﻴﺔ ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻣﺪرﺑﺔ أﻣﻨﻴﺎً أو ﻣﺎﺳﻤﻲ ﺑﻔﻮج زاﻳﺪ اﻷول ،ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮاﺋﺪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ،اﻟﻤﺸﺮف اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺸﺮﻃﻲ وﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻟﺪورﻳﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺸﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺣﻴﺚ أﺣﻴﻰ ﺣﻔﻼً ﺑﻬﺬه اﻟﺬﻛﺮى ﻓﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ ،2019واﻟﺬي ﻳﺼﺎدف اﻟﺬﻛﺮى اﻟﺴﺘﻮن ﻋﺎﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﺨﺮج ﻓﻮج زاﻳﺪ اﻷول ،وﺗﺨﻠﻞ اﻟﺤﻔﻞ أوﺑﺮﻳﺖ ﻳﺤﻜﻲ ﻗﺼﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺷﺮﻃﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺤﺎﻛﺔ ﺗﺨﺮﻳﺞ ﻓﻮج زاﻳﺪ اﻷول .وﺟﺮى اﻟﻘﺪر ﻋﻠﻰ "ﻣﺮﺑﻌﺔ زاﻳﺪ" أن ﺗﺮﺣﻞ ﻋﻨﻬﺎ "ﻗﻮة اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ" ﻟﺘﻜﻮن ﻣﻘﺮا ً ﻟﻘﻴﺎدة ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﻟﻴﺴﺘﻤﺮ ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﺎم .1985ﺧﻠﺪت ﻗﻠﻌﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ ﺿﺮب ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ،واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻠﻜﻴﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ إﻟﻰ أن آﻟﺖ إﻟﻰ داﺋﺮة اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ رﺷﺤﺘﻬﺎ ﺿﻤﻦ اﻟﺘﺮاث اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﻢ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ أرادت ﻓﻲ اﻟﻌﺎم .2011
اﻟﻤﻨﺘﻈﻢ اﻟﺬي ﺗﺴﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﻀﺮة. وﻣﻬﻤﺎ ﺗﻐﻴﺮت اﻟﻈﺮوف ﻓﻼ زاﻟﺖ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺗﺆﺟﺞ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺘﻮق ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ واﻟﻌﺸﻖ ﻟﺘﺠﺮﺑﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮأى ﻣﻨﻰ ﻓﻲ اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻫﻨﺎك. ﻛﻨﺖ أدرك ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﻋﻴﻮن اﻟﺴﻠﻄﺔ وآذاﻧﻬﺎ ﺗﺮى وﺗﺴﻤﻊ وﺗﺴﺠﻞ ﻓﻲ اﻟﻠﻮح اﻟﻤﺤﻔﻮظ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ أﻋﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد زﻣﻼﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﻴﻦ ﻓﺘﻮﻟﻰ اﻟﻤﺨﻠﺼﻮن ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻠﻨﻈﺎم ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻗﻴﺎدﻳﺔ ﺑﺎرزة ،ﻛﺎن ﻋﺎﻃﻒ ﺻﺪﻗﻲ ﻣﺴﺘﺸﺎ ًرا ﺛﻘﺎﻓ ًﻴﺎ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ ﻓﻲ ورﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﻮزراء ،وﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻷﺣﺪ ﺟﻤﺎل ﻓﺘﺮة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺛﻢ ﻋﺎد وزﻳ ًﺮا ً اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺑﺮﻟﻴﻦ -ﻓﻴﻤﺎ أذﻛﺮ -وﻓﺎروق ﺣﺴﻨﻲ ﻓﻲ روﻣﺎ وﻋﺎدا وزﻳﺮﻳﻦ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮون ،ﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ أﻃﻤﻊ وﻻ أﻋﻤﻞ ﻟﻤﻞء ﻣﺠﺮى ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺠﺮي ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ،ﺑﻞ ﻛﻨﺖ أﺟﻔﻔﻬﺎ ﻋﺎﻣ ًﺪا ﻣﻊ أﻧﻲ أرﺟﻮ اﻟﻨﺠﺎة ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﺴﺒﺒﻴﺔ اﻟﺬي أﺷﺎر إﻟﻴﻪ ﺣﺮﻳﺼﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺸﻌﺮي اﻟﺤﻜﻴﻢ .ﻏﻴﺮ أن ﻫﻨﺎك أﻣﺮﻳﻦ ﻇﻠﻠﺖ ً ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻐﺰل اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺬي ﻳﻔﺘﻦ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ؛ اﻷﻣﺮ اﻷول ﻫﻮ أﻧﻲ ﻟﻢ أﺿﺒﻂ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻋﺎم ،ﺑﻘﻮل أو ﻓﻌﻞ وأﻧﺎ أﻧﺎﻓﻖ اﻟﺴﻠﻄﺔ أو أﻣﺪح اﻟﺮؤﺳﺎء ،ﺑﻞ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﺎ أوﺳﻌﻬﻢ ﻧﻘﺪا ً ﺑﺪون ﺗﺠﺮﻳﺢ ،وﻣﻄﺎﻟﺒﺔ
ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺮﺷﺪ وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪل ،ﻷن ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻊ ﺣﻀﺎرة اﻷﻣﻢ ،أﻣﺎ إﻋﻼن اﻟﻌﺪاء اﻟﻤﺘﺸﻨﺞ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻓﻠﻢ أﻗﺘﺮﻓﻪ ﻷﻧﻪ ﻳﻄﻌﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺼﺪاﻗﻴﺔ وﻳﺆدي إﻟﻰ اﻻﺿﻄﻬﺎد ،وﻗﺪ ﻣﺮرت ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﻛﺜﻴﺮة ﻛﻨﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺠﻤﺎً ﺛﻘﺎﻓﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮن واﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ،وﻣﺮاﺣﻞ أﺧﺮى ﺗﺼﺎﻋﺪت ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺒﺮة اﻟﻨﻘﺪ ﻓﻠﻢ أدرج ﻓﻲ ﻗﻮاﺋﻢ اﻟﻤﻤﻨﻮﻋﻴﻦ ﺻﺮاﺣﺔ وإن ﺗﻔﺎدى اﻹﻋﻼﻣﻴﻮن ﻇﻬﻮري ﻣﻌﻬﻢ ﻷن ﻣﻮاﻗﻔﻲ اﻟﺼﺮﻳﺤﺔ اﻟﺪاﻋﻴﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺎت واﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺮﻳﺢ اﻷﺟﻬﺰة اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻟﻺﻋﻼم. أﻣﺎ اﻷﻣﺮ اﻵﺧﺮ ﻓﻬﻮ أﻧﻨﻲ أﺑﺚ رﺳﺎﺋﻠﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻘﻮة وﻋﻨﻔﻮان ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻲ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻓﻤﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ ﺧﺮوﺟﻲ ﻣﻦ ﻗﻮﻗﻌﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺴﻴﺎرة وﻣﻘﺎﻻﺗﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ وﺗﺪاول اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺤﻜﻢ اﻟﺮﺷﻴﺪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ أو اﻟﺮواﻳﺔ أو اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻣﻦ ﻗﺮاﺋﻲ ،وﻗﺪ ﺣﻜﻤﺖ ﺑﻌﺾ اﺧﺘﻴﺎراﺗﻲ ﻓﻲ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﺜﻞ »ﺟﻤﺎﻟﻴﺎت اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ« وﻣﺜﻞ »اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎة« وﻣﺜﻞ "اﻹﺑﺪاع ﺷﺮاﻛﺔ ﺣﻀﺎرﻳﺔ«. وﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮي أن اﻟﻔﻜﺮ اﻷدﺑﻲ أﺷﺪ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﻘﻴﻢ وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﺮاﺋﺪة واﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ وﺟﺪان اﻟﺸﻌﻮب إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ وأدواﺗﻪ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻣﻜﺘﺸﻔﺎﺗﻬﺎ واﻟﻮﻋﻲ اﻟﺤﻀﺎري ﺑﻨﺒﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،إﻧﻬﺎ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﺑﺎﻟﻔﻦ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
121
ﺻﺪى اﻟﺬاﻛﺮة
ﻫﻞ ﻏﺎزﻟﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻛﺜﻴﺮاً؟ ﻣﺎزﻟﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺎم اﻟﺒﻮح ،ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻏﺎدرت َﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺮﻏﺒﺔ واﻟﺮﻫﺒﺔ ،ﻷﻗﻒ ﻣﺘﺄﻣﻼً ﻣﺴﻴﺮة ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻟﻤﺜﻘﻒ ﺣﺴﺒﺖ ﻳﻮﻣﺎً أﻧﻪ ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﻗﺎدة اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻨﻘﺪي ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ .ﻓﻬﻞ ﺑﺮئ ﻣﻦ ﺷﻬﻮة اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻮﺟﻬﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻘﺒﻴﺢ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﻫﻞ ﻛﺎن ﺑﻮﺳﻌﻲ أن أﻗﻮم ﺑﻮﻇﻴﻔﺘﻲ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻮ ﻧﺎﺻﺒﺘﻬﺎ اﻟﻌﺪاء اﻟﺴﺎﻓﺮ؟ وﻣﺎﻫﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻀﺮورﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻰ اﺗﺨﺎذﻫﺎ ﻛﻲ أﺣﺘﻔﻆ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻲ وأﺑﻮح ﺑﺮؤﻳﺘﻲ وأﺗﻤﺎدى ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻨﻘﺪي ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪة؟ أﺷﻬﺪ أن ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺎر اﻷﺧﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻐﺐ ﻳﻮﻣﺎً ﻋﻦ ﺧﺎﻃﺮي، ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻧﺎزﻋﺘﻨﻲ ﺷﻬﻮة اﻟﻮﺻﻮل ﺗﺮدد ﻓﻲ ﺳﻤﻌﻲ ﻗﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ: ﺗﺮﺟﻮ اﻟﻨﺠﺎة وﻟﻢ ﺗﺴﻠﻚ ﻣﺴﺎﻟﻜﻬﺎ إن اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻻ ﺗﺠﺮي ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺒﺲ ﻓﺎﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗﺪ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻗﺪرا ً ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻫﻨﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺼﻤﺖ ﻋﻦ إداﻧﺔ اﻷﺧﻄﺎء ،ﻟﻜﻦ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻨﻘﺪي ﻻ ﻳﻠﺒﺚ أن ﻳﺮدع ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻦ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ واﻟﺠﺒﻦ ﻋﻦ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،وﻧﻈﻞ ﻧﺨﻮض ﻫﺬا اﻟﺼﺮاع اﻟﺼﺎﻣﺖ ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﺗﻮازن ﻳﺤﻔﻆ ﻟﻨﺎ ﻛﺒﺮﻳﺎءﻧﺎ أﻣﺎم ذواﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺮة ﻣﻌﺎوﻳﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى. ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻻﻧﺘﻤﺎء إﻟﻰ أي ﺗﻴﺎر أﻳﺪوﻟﻮﺟﻲ ﻳﺴﺎري أو ﻳﻤﻴﻨﻲ أو ﺳﻠﻄﻮي ﺗﻤﺴﻜﺎً ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ وﺗﻘﺪﻳﺮا ً ﻟﻠﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ .وﻟﻢ ﻳﻤﺾ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﺣﺘﻰ ﻋﺮض ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺘﺮﺷﻴﺢ ﻟﻤﻨﺼﺐ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻤﺼﺮ ﻓﻲ اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ،ﻓﺮﻏﺒﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻷن اﻟﺸﺮوط ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻲ وﻷن اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻫﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻷﻧﺴﺐ ﻟﺘﺨﺼﺼﻲ اﻟﻨﻘﺪي وأﺑﺤﺎﺛﻲ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻋﻤﻞ – ﻟﻮ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ -ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻻ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﻳﺴﺎﻋﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﺎﺗﻲ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وﻳﺤﻘﻖ ﻃﻤﻮﺣﻲ ﻓﻲ إدارة اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻤﺼﺮي ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻤﺪرﻳﺪ اﻟﺬي أﺳﺴﻪ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺷﺎﻫﺪت ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻓﺘﺮات ﺻﻌﻮده وﻫﺒﻮﻃﻪ .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﺟﺄة ﺳﺎرة ﻟﻲ أن اﺳﺘﺪﻋﺘﻨﻲ وﻛﻴﻠﺔ اﻟﻮزارة ﻋﻠﻲ .ﺳﺄﻟﺘﻬﺎ ﻣﻨﺪﻫﺸﺎً، ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﺘﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑﻮﻗﻮع اﻻﺧﺘﻴﺎر ّ ﻟﻤﺎذا اﺧﺘﺮﺗﻤﻮﻧﻲ وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻫﻮ أﺣﻖ ﻣﻨﻲ ،ﻓﺮدت ﺑﺎﺳﺘﻐﺮاب :ﻣﻦ ﻫﻮ؟ ﻓﺬﻛﺮت ﻟﻬﺎ اﺳﻢ ﻋﻤﻴﺪ اﻟﺪراﺳﺎت اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﻮد ﻋﻠﻲ ﻣﻜﻲ ،ﻓﺎﺑﺘﺴﻤﺖ وأﺧﺒﺮﺗﻨﻲ ﺑﺄن اﻟﺸﺮوط ﻻ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﺰوج ﻣﻦ أﺟﻨﺒﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻗﻮاﻋﺪ وزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﻴﻦ .ﻓﺮﺣﺖ ﻓﻲ ﺳﺮى ﻷن ﺳﺒﺐ ﺗﻔﻀﻴﻠﻲ ﻻ ﻳﻌﻮد ﻟﻠﻮﻻء ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻛﻨﺖ ﻣﻌﺎرﺿﺎً ﻟﻪ .وﺗﻤﻨﻴﺖ أن ﻻ ﺗﺼﻴﺒﻨﻲ ﻫﺬه 120
ﻫﻞ ﻏﺎزﻟﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻛﺜﻴﺮا؟
ﺻﻼح ﻓﻀﻞ * ƉƚǙ ɐƉLjƲǙǶ ƃǃōǝ
اﻟﺸﺒﻬﺔ وﻋﻤﻠﺖ واﻋﻴﺎً ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ .ﻫﻜﺬا ﻛﻨﺖ أﺗﺼﻮر أﻧﻲ أؤدي دور اﻟﻤﺜﻘﻒ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺠﺎﻣﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﻧﻘﺪﻫﺎ. ﻓﻲ ﻋﺎم 1982ﻋﻘﺪ ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ واﺣﺪ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺣﻀﺮه وﻓﺪ ﻣﺼﺮي رﻓﻴﻊ اﻟﻤﺴﺘﻮى ،ﻓﻴﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺎﻃﻒ ﺻﺪﻗﻲ ،واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺴﻌﻴﺪ ،واﻟﺪﻛﺘﻮر إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺬي ﻛﺎن أول وزﻳﺮ ﻟﻠﺘﺨﻄﻴﻂ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ..وﻏﻴﺮﻫﻢ. وﺑﻌﺪ اﻟﻌﺸﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﻣﻨﺰل اﻟﺴﻔﻴﺮ اﻟﻤﻤﺘﺪة دارت ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت ﺣﻮل أوﺿﺎع ﻣﺼﺮ ﻓﻘﺎﻃﻌﺘﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟﻲ :ﻫﻞ ﻳﺘﺴﻊ ﺻﺪرﻛﻢ ﻟﺴﻤﺎع ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻣﺮاﻗﺐ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻷﻧﻪ ﻣﺸﻐﻮل ﺑﺎﻷدب واﻟﻨﻘﺪ؟ ﻓﻀﺤﻜﻮا وأﻧﺼﺘﻮا ﻟﻲ وأﻧﺎ أﺣﻜﻲ ﻟﻬﻢ ﺑﺤﻤﺎس وإﺧﻼص اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﻀﺮت ﻟﻠﺪراﺳﺔ واﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ أﻣﻮرﻫﺎ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺟﺪا ً ﻣﻤﺎ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .وﺣﺘﻰ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت وﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ دوﻟﺔ أوروﺑﻴﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﺗﺴﺒﻘﻨﺎ ﺑﺂﻣﺎد ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وأﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻋﺒﻘﺮي ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ وﺻﻨﻊ ﻧﻈﺎﻣﺎً ﻣﺤﻜﻤﺎً ﻟﺘﺨﻠﻒ ﻣﺼﺮ ﻟﻤﺎ ﻧﺠﺢ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪه اﻵن. وﺟﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻜﻼﻣﻲ وﺗﺴﺎءل ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻤﺎ أﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ وﻛﻴﻒ أﻇﻞ ﻣﺴﺘﺸﺎرا ً ﻟﻠﺴﻔﺎرة رﻏﻢ ﻣﻮﻗﻔﻲ ﻫﺬا! ﻓﺎﻗﺘﺮب ﻣﻨﻲ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ إﻟﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺣﻀﻮر اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻏﺪا ً ﻟﻴﻤﻀﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮﺣﻤﻦ وأﺳﺮ ﱠ ﻣﻌﻲ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺻﺤﺒﺘﻪ إﻟﻰ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﻟﺪﻋﻮﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺪاء ﻫﻨﺎك. وﺣﻜﻰ ﻟﻲ ﻛﻴﻒ أﻧﻪ أﻋ ّﺪ أول ﺧﻄﺔ ﺧﻤﺴﻴﺔ ﻟﻤﺼﺮ ﻧﻘﻠﺘﻬﺎ ﺣﻀﺎرﻳﺎً ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أﻫﻤﻠﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎً وأﻗﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ وﺣﺮم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ .وأن ﻣﻜﻤﻦ اﻟﻌﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺗﺴﺎءل ﻋﻨﻬﺎ ﻓﺮض اﻷوﻟﻮﻳﺎت ﻋﻠﻰ رﺟﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ،وأن اﻟﺨﻄﺔ ﻣﺜﻞ ﻗﺮﺑﺔ اﻟﻤﺎء ﻳﻜﻔﻲ أﻗﻞ ﺛﻘﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻲ ﻳﺮﻳﻖ ﻛﻞ ﻣﺤﺘﻮاﻫﺎ، وأﻧﻪ ﻣﺎ داﻣﺖ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻨﺎ ﻣﺮﺗﺒﻜﺔ ﻓﻠﻴﺲ أﻣﺎﻣﻨﺎ أﻣﻞ ﺑﺄن ﻧﺘﻘﺪم ﺑﺎﻹﻳﻘﺎع
ﺛﻢ ﻳﺘﻢ ﺳﻜﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ وﺗﺴﻮﻳﺘﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ رﻗﻴﻘﺔ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺼﺒﺢ رﻗﺎﺋﻖ ﺟﺎﻓﺔ ﻳﺘﻢ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻃﻮل اﻟﺴﻨﺔ. أﻣﺜﺎل ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻨﺐ
ﻟﻢ ﻳﺨﻞ اﻟﻤﺜﻞ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻦ ذﻛﺮ اﻟﻌﻨﺐ ،وﻣﻦ أﺷﻬﺮﻫﺎ: ﻓﻲ آب اﻟﻠﻬﺎب اﻗﻄﻒ اﻟﻌﻨﺐ وﻻ ﺗﻬﺎب :ﻓﺸﻬﺮ آب أﻏﺴﻄﺲ ﻫﻮ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺴﻨﻮي ﺣﻴﺚ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻧﻀﺠﻪ وﺗﺘﺮﻛﺰ ﺣﻼوﺗﻪ. اﺻﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺼﺮم ﻟﺘﺎﻛﻞ اﻟﻌﻨﺐ :وﻳﻀﺮب ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﻟﻠﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﺮ .اﻟﺠﻠﺪ ﻟﻠﺠﻠﺪ واﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﻴﺔ ،واﻟﻌﻈﻢ ﻟﻠﻌﻈﻢ :وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺜﻞ ﺑﻴﺎن ﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺸﻔﻬﺎ اﻷﺟﺪاد اﻟﺒﺴﻄﺎء ،وأﻛﺪﻫﺎ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﻴﺚ ﻳﻔﻴﺪ ﺑﺬره اﻟﻌﻈﺎم ،واﻟﻤﺎء ﻳﻘﻮي اﻟﺪم ،واﻟﻘﺸﺮ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﺠﻠﺪ ﻓﻴﻤﻨﺤﻪ روﻧﻘﺎَ وﻧﻀﺎرة .ﻃﻞ اﻟﻌﻨﺐ واﻟﺘﻴﻦ ﺑﻄﻠﻮا اﻟﻌﺠﻴﻦ :ﻓﺜﻤﺎر اﻟﻌﻨﺐ واﻟﺘﻴﻦ اﻟﻤﺸﺒﻌﺔ ﺗﻐﻨﻲ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻦ ﺗﻨﺎول اﻟﺨﺒﺰ .ﻣﺎ أﺻﻌﺐ ﻟﻔﻬﺎ وﻣﺎ أﺳﻬﻞ ﺳﻔﻬﺎ :ﻣﺜﻞ ﻳﺸﺎر ﺑﻪ إﻟﻰ أوراق اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺸﻰ ﺑﺎﻷرز واﻟﻠﺤﻢ ،وﺗﻘﺪم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺋﺪة ﺑﻌﺪ ﺟﻬﺪ وﻋﻨﺎء .ﺑﺪك اﻟﻌﻨﺐ وﻻ ﺗﻘﺎﺗﻞ اﻟﻨﺎﻃﻮر! :ﻓﺎﻟﻌﻨﺐ اﻟﺸﻬﻲ ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﻔﺼﺎل ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻪ، وﻓﻲ ذﻟﻚ إﺷﺎرة ﻟﻌﺪم اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻬﺪف
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
119
ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
وﻳﺒﻘﻰ ﻣﺬاﻗﻬﺎ اﻟﻠﺬﻳﺬ اﻟﺤﻠﻮ اﻟﻤﺴﻜﺮ ﻋﺎﻟﻘﺎً ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة .ﻳﺒﺪأ ﻣﻮﺳﻢ إﻋﺪاد اﻟﻌﻨﺒﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﻞ أي ﺷﻬﺮي أﻏﺴﻄﺲ وﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ،وﺗﺨﺘﺎر رﺑﺎت اﻟﺒﻴﻮت ﻋﻨﺎﻗﻴﺪ اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺨﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﺎت اﻟﻔﺎﺳﺪة ،وﺗﻨﻈﻒ ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر ﺛﻢ ﺗﻐﺴﻞ ،وﺗﻮﺿﻊ اﻟﺤﺒﺎت ﺑﻌﺪ ﻓﺮﻃﻬﺎ ﻓﻲ وﻋﺎء ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎر ﻣﻊ إﺿﺎﻓﺔ ﻛﻤﻴﺔ ﺳﻜﺮ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻟﻮزن اﻟﻌﻨﺐ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻐﻠﻴﺎن ﺗﻜﻮن ﻣﻬﻤﺔ رﺑﺔ اﻟﺒﻴﺖ أن ﺗﻈﻞ واﻗﻔﺔ أﻣﺎم اﻟﻮﻋﺎء ﻟﻨﺰع اﻟﺮﻳﻢ واﻟﺒﺬور ﻛﻠﻤﺎ ﻃﻔﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻄﺢ، ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺘﻔﻲ ،ﻓﻴﻀﺎف ﻋﺼﻴﺮ ﻟﻴﻤﻮﻧﺘﻴﻦ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮام اﻟﺴﻤﻴﻚ ﻟﻠﻌﻨﺒﻴﺔ ،وﻳﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎر ﻟﻴﺒﺮد .ﻗﺪ ﺗﻀﻴﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺴﺎء ﻟﻠﻌﻨﺒﻴﺔ ﻧﻜﻬﺔ اﻟﻘﺮﻓﺔ أو اﻟﻴﻨﺴﻮن اﻟﻤﻄﺤﻮن ،وﻟﻜﻦ اﻟﺒﻌﺾ ﻳﻔﻀﻞ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻃﻌﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﻷﻧﻬﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮن أن اﻟﻌﻨﺐ ﺷﺠﺮة ﻣﻌﻄﺮة ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ، ﻃﺮﻳﻖ وﺿﻊ ﺣﻄﺔ »ﻛﻮﻓﻴﺔ اﻟﺮأس« وﺗﺤﺘﻬﺎ ﻣﺼﻔﺎة ﻟﻨﻘﻞ اﻟﻌﺼﻴﺮ ﻣﻦ وﺗﺴﻜﺐ اﻟﻌﻨﺒﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺒﺮد ﻓﻲ ﺑﻄﺮﻣﺎﻧﺎت ﺻﻐﻴﺮة وأﻃﺒﺎق ﺟﻤﻴﻠﺔ إﻧﺎء ﻵﺧﺮ ،ﻣﻜﺮرة ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺼﻔﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑـ"اﻟﺰل" ﻧﺤﻮ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات ،ﻣﺰرﻛﺸﺔ ﻟﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة زﻣﻨﻴﺔ ﻗﺼﻴﺮة وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺮش ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﻐﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺎر اﻟﺤﻄﺐ ﻟﺘﻜﺴﺒﻪ ﻧﻜﻬﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻳُﺮﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻨﺎر اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺴﻢ أو ﺣﺒﺔ اﻟﺒﺮﻛﺔ. ﺑﻌﺪ ﻓﻮراﻧﻪ ،وﻳﺘﺮك ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻴﺼﻔﻰ وﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﺑﺲ. وﻗﺪﻳﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﻋﺼﺮ اﻟﺪﺑﺲ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺣﻔﺮ ﺣﻔﺮة ﻓﻲ اﻟﺼﺨﺮ ،ووﺿﻊ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ ﻛﻴﺲ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺶ ووﺿﻊ ﺣﺠﺎرة ﻓﻮﻗﻪ ،وﻳﺘﻢ ﻋﻤﻞ ﺧﺒﻴﺼﺔ اﻟﻌﻨﺐ ﻗﻨﺎة ﻓﻲ اﻟﺼﺨﺮ ﻹﻓﺴﺎح اﻟﻤﺠﺎل أﻣﺎم ﻣﻴﺎﻫﻪ ﻟﺘﻨﺴﺎب ﻓﻲ ﺣﻔﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻮﻳﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ وﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺨﻠﻴﻞ ،ﺗﻌﺪ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻪ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻴﻮم ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻔﻼﺣﺎت اﻷﻳﺪي وﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻦ "روق" اﻟﻌﻨﺐ أي ﻋﺼﻴﺮه ،ﻣﻊ اﻟﺴﻤﻴﺪ ،وﻳﻀﺎف ﻟﻬﺎ ﺣﺐ اﻟﻘﺮﻳﺶ )ﺑﺬور اﻟﺼﻨﻮﺑﺮ اﻟﺒﺮي( واﻟﺠﻮز واﻟﻴﺎﻧﺴﻮن. ﺷﺎﻗﺔ وﻣﺘﻌﺒﺔ وﺗﺴﺘﻐﺮق وﻗﺘﺎً ﻃﻮﻳﻼً. وﻃﺮﻳﻘﺔ اﻹﻋــﺪاد ﺗﺒﺪأ ﺑﻐﻠﻲ ﻋﺼﻴﺮ اﻟﻌﻨﺐ ﺛﻢ ﻳﻀﺎف ﻟﻪ اﻟﺴﻤﻴﺪ "اﻟﺪﻗﻴﻖ اﻟﺨﺸﻦ" ﺛﻢ اﻟﻴﻨﺴﻮن ،وﻳﺤﺮك ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﻀﺎف ﺣﺐ اﻟﻌﻨﺒﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺶ ،ﺛﻢ ﻳﻀﺎف اﻟﺠﻮز )ﺟﻮز اﻟﻘﻠﺐ( ،وﺑﻌﺪ ﺗﻔﺘﺢ ﺣﺒﺎت اﻟﺴﻤﻴﺪ ﻳﺘﻢ ﺗﻨﺎوﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻘﻂ ،وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ "اﻟﻌﻨﺒﻴﺔ" واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻗﻮام ﻛﺜﻴﻒ ﻟﻠﺨﻠﻴﻂ ﻳﺴﻜﺐ ﻓﻲ أوان وﺗﺰﻳﻦ ﺑﺎﻟﺠﻮز. ﻟﻠﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻣﺮﺑﻰ اﻟﻌﻨﺐ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻤﺮﺑﻰ أﻳﻀﺎً ،وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻤﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺮﺑﻰ ﺑﺴﺒﺐ ﻟﺬة ﻃﻌﻤﻬﺎ وﺷﺪة إﻗﺒﺎل أﻫﻞ اﻟﺨﻠﻴﻞ "اﻟﺨﻼﻳﻠﺔ" ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻓﺘﻨﻔﺬ اﻟﻜﻤﻴﺎت ﻣﻠﺒﻦ اﻟﻌﺘﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪﻫﺎ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ،وﺗﺘﻢ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻃﺒﺦ ﻋﺼﻴﺮ اﻟﻌﻨﺐ ﻣﻊ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻴﺪ،
118
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺰﻏﺎرﻳﺪ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻓﻘﺪ ورد ذﻛﺮﻫﺎ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻨﺴﻮة ﻓﻲ اﻷﻓﺮاح وﺣﻔﻼت اﻟﺰواج وﻫﻦ ﻳُﺰﻏﺮدن ﻟﻠﻌﺮﻳﺲ »آوﻳﻬﺎ ﻳﺎ ورق اﻟﺪواﻟﻲ ..آوﻳﻬﺎ وﻣﻨﺸﻮر ع اﻟﻌﻼﻟﻲ ..آوﻳﻬﺎ واﺣﻨﺎ ﺑﻨﺎت اﻟﻌﺮب ..آوﻳﻬﺎ وﻣﺎ ﻳﻌﻠﻰ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻋﺎﻟﻲ ..أوﻟﻮﻟﻮﻟﻮﻟﻮي«. ورق اﻟﻌﻨﺐ
ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻛﻬﺔ اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻘﺪ اﻋﺘﻤﺪ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ أﻛﻠﺔ ورق اﻟﻌﻨﺐ اﻟﻤﻄﺒﻮﺧﺔ »ورق اﻟﺪواﻟﻲ« وﻫﻲ ﻃﺒﺨﺔ ُﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮار ،واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻻرﺗﺤﺎل ،ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ وﻗﺖ وﻓﺮاغ ﻹﻋﺪادﻫﺎ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘ ّﻮﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟ ُﻤﺮﺗﺤﻠﺔ، وﻷﺟﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺼﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم اﻟﻨﺒﻼء ،واﺷﺘﻬﺮت ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺴﻮة ﻓﻲ اﻟﻤﺪن وﻟﻴﺲ اﻟﻘﺮى ﻣﺜﻞ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ﻳﺎﻓﺎ وﻋﻜﺎ ،ﺛﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ اﻷﻛﻼت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪﻫﺎ اﻟﻨﺴﻮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺸﺎر ﺑﻴﻮت اﻻﺳﻤﻨﺖ واﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻴﻬﺎ. ﻃﻘﻮس ﻗﻄﻒ اﻟﻌﻨﺐ
وﻷن اﻟﻌﻨﺐ ﻟﻪ ﻫﺬه اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺘﺮاث ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻟﻪ وﻣﻨﺬ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﺰﻣﻦ ﻃﻘﻮﺳﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻄﺎف ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻮﺳﻢ ﻗﻄﻒ اﻟﻌﻨﺐ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻔﺮح واﻟﻤﺮح واﻟﺴﻌﺎدة ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﺣﻴﺚ ﺗُﻬﺠﺮ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻳﺘﺠﻪ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻜﺮوم وﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ أﻛﻮاخ وﺧﻴﻢ، وﻳﺼﻄﺤﺒﻮن ﻣﻌﻬﻢ اﻟﺰاد واﻟﻤﺎء وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﻤﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺜﻤﺎر، وﻳﺤﺮص اﻟﻤﺰارﻋﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻄﻒ اﻟﺴﻠﻴﻢ ﻣﻦ دون اﻟﻤﺴﺎس ﺑﺎﻟﺤﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻘﺪ ﺳﻌﺮﻫﺎ ﻟﻮ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻘﻮد .وﻳﺼﻌﺪ ﻟﻠﺪاﻟﻴﺔ ﺷﺨﺼﺎن ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺘﻴﻦ ﻟﻴﺘﻢ اﻻﻧﺠﺎز ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ اﻟﻘﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺻﻔﻮف ﻓﻴﺒﺪو اﻟﺸﺨﺼﺎن ﻣﺜﻞ راﻗﺼﻴﻦ ﻣﺎﻫﺮﻳﻦ رﺷﻴﻘﻴﻦ ﻳﻨﺘﻘﻼن ﻣﻦ داﻟﻴﺔ ﻷﺧﺮى وﻣﻦ ﺻﻒ ﻵﺧﺮ ،وﻳﺘﻢ اﻟﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﻜﺮﺗﻮن وﺗﺮﺗﺐ اﻟﻌﻨﺎﻗﻴﺪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﻬﺮس وﻻ ﺗﻨﻔﺮط. ﺻﻨﺎﻋﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺐ
أﻣﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻤﻪ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺪﺑﺲ ،ﻓﺒﻌﺪ ﻗﻄﻒ اﻟﻌﻨﺐ ،ﺗﺒﺪأ أوﻟﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺪﺑﺲ ،ﺑﺘﻨﻈﻴﻔﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻴﺒﺎت ﻏﻴﺮ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎل ،ﺛﻢ ﻓﻀﻪ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻹﺳﻘﺎط اﻟﻐﺒﺎر ﻋﻨﻪ ،وﺗﺘﻜﺮر ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻏﺴﻠﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻋﻨﺐ ﺧﺎ ٍل ﻣﻦ اﻷﺗﺮﺑﺔ واﻟﻐﺒﺎر ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﻃﺒﺦ اﻟﺪﺑﺲ. ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺼﻔﻰ اﻟﻌﻨﺐ اﻟﻤﻌﺼﻮر ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻻ زاﻟﺖ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺮوﻳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺎت وﻳﺮﻓﻀﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻵﻻت وﻣﺎﻛﻨﺎت اﻟﻌﺼﺮ، وﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻌﺼﺮ ﺗﺘﻢ ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻮه ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﺋﺐ أو ﺑﺬر اﻟﻌﻨﺐ ،ﻋﻦ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
117
ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
ﻋﻠﻰ دﻟﻌﻮﻧﺎ وﺗﺤﺖ اﻟﺪواﻟﻲ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻴﺴﻮن ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺰﻳﺘﻮن ،وﻳﺴﻬﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﺑﻨﺴﺒﺔ % 12ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ،وﺗﻘﺪر ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﺰروﻋﺔ ﺑﻪ ﺣﻮاﻟﻲ 80أﻟﻒ دوﻧــﻢ ،وﺑﻨﺴﺒﺔ إﻧﺘﺎج ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 120أﻟﻒ ﻃﻦ ﺳﻨﻮﻳﺎً ،وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ﺑﻴﺖ ﻟﺤﻢ واﻟﺨﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺪن اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻌﻨﺐ .وﻗﺪ ﺗﻐﻨﻰ اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﻌﻨﺐ اﻟﺨﻠﻴﻞ ووﺻﻔﻮه ﺑﺎﻟﺸﻬﺪ ﻟﺤﻼوﺗﻪ ،واﻋﺘﺒﺮه اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺰ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺮة اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ اﻟﻤﻌﺮوف ﻋﺴﻼ ،ﺑﻞ ﻣﺎء ﺳﻠﺴﺒﻴﻼ ﻳﻨﺴﺎب ﻣﻦ ﺣﺒﺎت اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻄﻒ اﻟﻌﻘﻮل ،ﻓﻘﺎل ﻋﻨﻪ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻗﺼﺎﺋﺪه اﻟﻤﺸﻬﻮرة :اﻟﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﻋﻨﺐ اﻟﺨﻠﻴﻞ ..وﻋﻴﻮن ﻣﺎء ﺳﻠﺴﺒﻴﻞ .وﺗﻮﺻﻒ ﺧﺪود اﻟﻌﺬراوات اﻟﺨﺠﻮﻻت ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺣﺒﺎت اﻟﻌﻨﺐ اﻷﺣﻤﺮ اﻟﺨﻠﻴﻠﻲ اﻟﻤﺘﺪﻟﻴﺔ ﺑﻠﻤﻌﺎن ﻣﻦ ﻓﻮق ﻏﺼﻮن اﻟﺪاﻟﻴﺔ.
إذا ﺗﻢ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ زراﻋﻴﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﺮ ﻣﻦ 50-60ﻋﺎﻣﺎ ،أﻣﺎ ﺷﺠﺮة اﻟﻌﻨﺐ ﻣﻦ ﻧﻮع )ﺟﻨﺪﻟﻲ( ﺗﻌﻴﺶ ﻧﺤﻮ 150ﻋﺎﻣﺎَ. داﻟﻴﺔ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺷﺠﺮة اﻟﻌﻨﺐ )اﻟﺪاﻟﻴﺔ( ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﻟﺒﻴﺖ اﻟﻔﻼح، ووﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻮش ُﻣﺮﺗﺒ ٌﻂ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً ﺑﺸﻜﻞ وﺗﺮﻛﻴﺒﺔ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي .ﻟﺬا ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗ ُﺰرع ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﺒﻴﻮت وأﺣﻮاﺷﻬﺎ، وﺗﻨﺼﺐ ﻟﻬﺎ "اﻟ ُﻤﻌﺮﺷﺎت" أي اﻟﺨﻴﻢ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ واﻟﺤﺒﺎل ﻟﺘﺘﺴﻠّﻘﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﻴﻮب اﻟﺒﻴﺖ أﻻّ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﻮﺷﻪ -أي ﺳﺎﺣﺘﻪ- ُﻣﻌﺮش ﻋﻨﺐ .وﻷن اﻟﻌﻨﺐ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﻼح ﻓﻘﺪ اﺣﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻐﻨﺎء اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟﺘﺮاﺛﻲ وورد ذﻛﺮه ﻓﻲ اﻟﺪﻟﻌﻮﻧﺎ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ: ﺑَﺮﺟِ ﻢ ﻳﺎ ﺣﻤﺎم ﻋﻠـــﻰ اﻟﻐ ّﻴـﺎب واﻧﻌـــﻰ ﻳﺎ ُرﻗﻄﻲ ﻓﺮاق ﻟﺤﺒــﺎب ﻋﻠﻲ أﻛـﻞ ورق اﻟﻌﻨــــﺐ ﻣﺎ دُﻣﺖ ﻏﺎﻳﺐ ﻳﺎ أﺳﻤــــﺮ اﻟﻠﻮﻧﺎ ﻳﺤﺮم ّ وﻫﻨﺎك أﻧﻮاع ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺐ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺰﻳﻨﻲ واﻟﺸﺎﻣﻲ واﻟﺤﻠﻮاﻧﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ دﻟـــﻌﻮﻧﺎ وﺗﺤــﺖ اﻟﺪواﻟﻲ ﻳﺎﻣﺎ ﺣﺒـﻴﺐ اﻟﻘﻠـــﺐ ﻳُ ّﻤﺎ ﻻﻗـﺎﻧﻲ أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻓﺎﺋﺪة ﻟﻸﺳﺮة اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ اﻟﻌﻨﺐ )اﻟﺰﻳﻨﻲ( اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺎ ﺧﻮﻓﻲ ﻳﺎ ﻳُ ّﻤﺎ ُﺣﺒﻲ ﻧﺴـــــﺎﻧﻲ وﺳــــــﺎﻓﺮ ﻋﺎﻟﻐﺮﺑﺔ وﺗﺮﻛﻨﻲ ﻫﻮﻧﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ .وﻳﺒﻠﻎ ﻋﻤﺮ ﺷﺠﺮة اﻟﻌﻨﺐ ﻧﺤﻮ -25 20ﻋﺎﻣﺎ ،وأﻣﺎ اﻟﻌـــــﻨﺐ ﺑﻮراﻗﻪ اﻟﻌﻨﺐ ﺑﻮراﻗﻪ َﻋ ّﺼﻰ ﻳﺎ ﺧﻠﻖ اﻟﻠـــﻪ ﻣﺎ ﺣﺪا ذاﻗﻪ
116
ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
وﻧﻌﺮف اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺑﻮﺳﺎﻃﺘﻬﺎ ،وﻟﻬﺬا ُو ِﺳﻤﺖ ﺑﺄﻧﻬﺎ )ﻟﻐﺔ(؛ ﻓﻜﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﺟﻠﻴﻤﺴﻮن إن "ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺎت اﻹدراﻛﻴﺔ ﻫﻲ ﺑﺤﺪ ذاﺗﻬﺎ ﻟﻐﺔ" ،ﻟﻬﺎ ﻗﺎﻣﻮﺳﻬﺎ ودﻻﻻﺗﻬﺎ ،وأﻋﺮاﻓﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻟﻬﺎ ﻧﺼﻮﺻﻬﺎ وأﺳﺎﻃﻴﺮﻫﺎ وﺷﻴﻔﺮاﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ .وﻷن اﻟﻌﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻤﺎﻳﺰات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﻦ آﺧﺮ ،ﺗﻮﺟﺪ )إﺷﺎرات ﺑﺼﺮﻳﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ( أو ﺷﺒﻪ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺳﺲ ﻃﺮاﺋﻖ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻌﺎﻣﺔ؛ ﻛﺘﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺤﻤﻴﻤﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ دون أن ﺗﻜﻮن ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ،أو ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺮاﺿﻴﺔ ،أو اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ ،أو اﻟﻔﺮِﺣﺔ ،وﻫﻜﺬا .ﻫﻲ إﺷﺎرات اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑﻤﺴﺎﻧﺪة اﻹﺷﺎرات اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ اﻷﺧﺮى .إن اﻟﻌﻴﻦ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺷﻴﻔﺮة ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺠﺎز اﻟﺬي ﻳﺸﻴﺪه اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻬﺎ اﻟﺤﺴﻴﺔ ،إﻟﻰ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ اﻻﻓﺘﺮاﺿﻴﺔ اﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ؛ ﻓﺄﻃﻠﻖ اﻟﻌﺮب ﻣﺴﻤﻴﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺠﺎز ،ﻣﻦ ﻣﺜﻞ )ﻋﻴﻮن اﻟﺤﻜﻤﺔ( ،و)ﻋﻴﻮن اﻟﺸﻌﺮ() ،ﻋﻴﻮن اﻷﺧﺒﺎر( ،وﻟﻌﻠﻬﻢ أﺳﻤﻮا ﺣﺮف)ع( ﻋﻴﻨﺎ ﻷﻧﻪ أﻋﻤﻖ اﻷﺻﻮات ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺨﺮج ،واﻟﺬي أﻃﻠﻘﻪ اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﻋﻨﻮاﻧﺎ ﻋﻠﻰ أول ﻣﻌﺠﻢ ﻟﻐﻮي ﻋﺮﺑﻲ .إن اﻟﺸﻴﻔﺮات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺎت ذات دﻻﻻت وإن ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻤﺪ اﻟﻤﺮء ذﻟﻚ؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻜﻠﻤﺎت وﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺎدﻫﺎ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ وﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ أﺧﺮى .إﻧﻬﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻛﺎﺷﻔﺔ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻮب؛ إذ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺤﺐ واﻟﺒﻐﺾ .وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﻟﻸدب اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺪ ﱢون ﻫﺬه اﻟﺪﻻﻻت ﻟﻠﻌﻴﻦ؛ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ذﻛﺮه اﻟﺠﺎﺣﻆ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺎن واﻟﺘﺒﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ: »اﻟﻌﻴﻦ ﺗﺒﺪي اﻟﺬي ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﺔ أو ﺑﻐﺾ إذا ﻛﺎﻧﺎ واﻟﻌﻴـﻦ ﺗﻨﻄﻖ واﻷﻓـــﻮاه ﺻﺎﻣﺘــــﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺮى ﺿﻤﻴﺮ اﻟﻘﻠﺐ ﺗﺒﻴﺎﻧﺎ« ﻫﻜﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﻌﻴﻦ ﻟﻴﺴﺖ أداة ﻟﻠﺒﺼﺮ وﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺷﻴﻔﺮة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،وﻫﻲ رﻣﺰ ﻣﺠﺎزي ﻟﻪ دﻻﻻﺗﻪ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺆﺳﺲ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺗﺸﺎﻧﺪﻟﺮ)اﻹدراك اﻟﺒﺼﺮي( اﻟﺬي ﻳُﻨﻈﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ و زاوﻳﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺤﺪد اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸﻴﻔﺮات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺪﻻﻻت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻃﺮﻫﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻠﻌﻼﻣﺎت اﻟﺒﺼﺮﻳﺔ؛ ﻓﻜﻤﺎ ﺗ ُﻌﺒﺮ اﻟﻌﻴﻦ ﻋﻦ اﻟ ُﺤﺐ ،واﻟﻌﺸﻖ، واﻟﺸﻮق ﺗﻌﺒﺮ ﻫﻲ ذاﺗﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﺪ واﻟﺤﻘﺪ واﻟﻜﺮه .ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺸﻴﻴﺪات اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ إﻟﻰ آﺧﺮ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
115
ﺳﻴﻤﻴﺎء
ﻣﺎذا ﺗﻘﻮل اﻟﻌﻴﻦ؟ ﻗﺎل اﻟﻤﻴﺪاﻧﻲ ﻓﻲ )ﻣﺠﻤﻊ اﻷﻣﺜﺎل( " :رب ﻟﺤﻆ أﻧﻢ ﻣﻦ ﻟﻔﻆ أو رب ﻋﻴﻦ أﻧﻢ ﻣﻦ ﻟﺴﺎن" ،ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻌﻴﻦ ﺷﻴﻔﺮة ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻟﻬﺎ دﻻﻟﺘﻬﺎ وأﻧﺴﺎﻗﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻮاﻣﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻣﻮﺳﻮﻋﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻓﻬﻲ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎت اﻟﻨﻔﺲ واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻬﺎ وﻣﺸﺎﻋﺮﻫﺎ، وﻟﻬﺬا ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻧﺴﺘﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮن ﻻ ﻣﻦ اﻟﻠﺴﺎن. إن اﻟﻌﻴﻦ ﻫﻲ اﻟﺒﺆرة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻴﻬﺎ وﻋﺒﺮﻫﺎ اﻟﺬوات واﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ﺻﻮر وأﺷﻜﺎل ،وﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻫﺬه اﻷﺷﻜﺎل واﻟﺼﻮر وإﺑﺮازﻫﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻬﺎ ،ﻟﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن اﻟﻌﻴﻦ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻞ اﻷﺣﺪاث ﺑﻞ ﻫﻲ اﻟﻤﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻤﺸﻬﺪ أو ﻗﻄﻌﻪ أو ﻓﺼﻠﻪ .ﻓﺈﻳﻤﺎءات اﻟﻌﻴﻦ ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺎت ﺗﺘﻮﻟﺪ دﻻﻻﺗﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺨﺒﺮة واﻟﺘﺮاث اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻤﺘﺮاﻛﻢ .وﻫﻲ ﻫﻨﺎ أﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ اﻟﻌﻴﻦ ﺑﻐﻴﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ وﻗﺪ ﻳُﺮاد ﺑﻬﺎ ﻧﻘﻞ ﻟﺘﺼ ﱡﻮ ٍر ذاﺗﻲ أو ﻟﺤﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ أو ﻟﻤﻮﻗﻒ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻌﻴﻦ .ﺗ ُﻌﺪ إﻳﻤﺎءات اﻟﻌﻴﻦ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎءات اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺗﻮاﺻﻠﻪ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻌﻴﻦ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﺸﻔﻪ أي ﻋﻀﻮ آﺧﺮ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﺠﺴﺪ وﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻤﺮء إﺧﻔﺎءه ﻣﻦ أﺣﺎﺳﻴﺲ وﻣﺸﺎﻋﺮ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﺳﻠﺒﻴﺔ .ﻓﺎﻟﻌﻴﻦ ﺗﻨﺘﺞ اﻹﻳﻤﺎءات اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ؛ إذ ﺗﻤﻨﺢ اﻟﺮﺿﺎ أواﻟﺴﺨﻂ ،اﻟﺤﺐ أو اﻟﻜﺮه ،وﻫﻲ ﺣﺎﺿﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ،واﻟﻌﻴﻦ ﺣﺎﺿﺮة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻐﻀﺐ ،ﻫﻲ ﺣﺎﺿﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮح ،وﺣﺎﺿﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺰن .وﻫﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻨﻔﺮدة ﺑﻞ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻊ أﻋﻀﺎء اﻟﺠﺴﺪ؛ إذ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ اﻟﻴﺪ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻒ ﻛﺜﻴﺮة ،وﻣﻊ اﻟﻔﻢ ﺗﻘﺪم وﻇﺎﺋﻒ ﻣﻬﻤﺔ ﺣﻴﻦ اﻻﺑﺘﺴﺎم واﻟﻀﺤﻚ أو اﻟﺤﺰن واﻟﻬﻢ أو اﻟﻤﻠﻞ واﻟﻀﺠﺮ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎءات اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي دورا ً ﻣﻬﻤﺎً ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ؛ إذ ﺗﺨﺘﻠﻒ درﺟﺎت اﻻﺑﺘﺴﺎم واﻟﻀﺤﻚ واﻟﺤﺰن واﻟﻤﻠﻞ ﻛﻠﻬﺎ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ إدراك ذﻟﻚ إﻻﱠ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺷﺘﺮاك اﻟﻔﻢ ﻣﻊ اﻟﻌﻴﻦ واﻷﻋﻀﺎء واﻟﻘﻨﻮات اﻷﺧﺮى ﻓﻲ إﻃﻼق إﻳﻤﺎءات ﻣﺮﻛﺒﺔ .وﻗﺪ ذﻛﺮ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ رﺑﻪ ﻓﻲ ﻋﻘﺪه اﻟﻔﺮﻳﺪ أن" :اﻟﻌﻴﻦ ﺑﺎب اﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ ،ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ ﻋﻦ اﻷﺻﻤﻌﻲ ﻋﻦ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺼﻌﺐ ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ :إﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ إذا ﻋﺮﻓﺖ وأﻋﺮف ﻓﻴﻬﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﻌﺮف وﻟﻢ ﺗﻨﻜﺮ ،أﻣﺎ إذا ﻋﺮﻓﺖ ﻓﺘﺨﻮاص ،وأﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﻌﺮف وﻟﻢ ﺗﻨﻜﺮ ﻓﺘﺴﺠﻮ« وﻷن ﻟﻠﻌﻴﻦ وإﻳﻤﺎءاﺗﻬﺎ أﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﻨﺘﺠﻪ ﻣﻦ ﺷﻴﻔﺮات ،ﻓﺈن اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻧﻈﻤﺖ ﻫﺬه اﻹﻳﻤﺎءات وﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺒﺎح واﻟﻤﻤﻨﻮع ،اﻟﺤﻼل واﻟﺤﺮام .ﻛ ٌُﻞ 114
ﻣﺎذا ﺗﻘﻮل اﻟﻌﻴﻦ؟
ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﺪرﻣﻜﻲ * ǚōǘƫ dzǜƢǔƓ ǛǙ dzŬŽōş
ﺑﺤﺴﺐ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ودﻳﻨﻪ وﻣﻮﺳﻮﻋﺘﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻟﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن ﻫﻨﺎك أﻧﻈﻤﺔ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺒﺼﺮي ،ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮه داﻧﻴﺎل ﺗﺸﺎﻧﺪﻟﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )أﺳﺲ اﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ( وﻫﻮ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺑﻌﺾ ﻃﺮق اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء أو اﻵﺧﺮ أو اﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮق اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻟﻠﻨﻈﺮ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﺗﻠﻘﻴﻦ )اﻷوﻻد اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺤﺪﺛﻬﻢ ،وﻋﺪم اﻟﺤﻤﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﺎء ،وﻋﺪم اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺟﺰاء اﻟﺠﺴﺪ؛ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺤﺪﺛﻬﻢ ﻟﻴﺒﺪوا ﻣﻬﺬﺑﻴﻦ ،وﻋﺪم اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ ﺑﻤﻦ ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ،وﻣﺮاﻋﺎة اﻟﻤﻜﺎن. ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻤﺸﻮﻫﻴﻦ( .إن أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺒﺼﺮي ﻳﺤﺪدﻫﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺆﺳﺴﻬﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻌﺎم؛ وﻟﻬﺬا ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ أﻳﻀﺎ – ﻛﻤﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﺧﺮى – ﻧﻈﺎم ﻳﺤﻜﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻴﺤﺮم ﺑﻌﺾ ﻃﺮق اﻟﻨﻈﺮ وﻳﺤﻠﻞ أﺧﺮى ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت ،وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻷوﺿﺎع اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﺤﺪث اﻟﺘﻮاﺻﻠﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﺟﻨﺲ اﻟﻤﺘﻮاﺻﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى إن ﻛﺎﻧﻮا رﺟﺎﻻ أو ﻧﺴﺎ ًء أو أﻃﻔﺎل .اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺗﻤﺜﻞ ُﻫﻮﻳﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺳﻤﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ. ﻓﺎﻟﺘﺤﺪﻳﻖ ﻣﺜﻼ ﺑﻮﺻﻔﻪ أﺣﺪ أﻧﻤﺎط اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺒﺼﺮي ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻵﺧﺮ؛ إذ ﻳﺬﻛﺮ ﺗﺸﺎﻧﺪﻟﺮ أﻧﻪ ﻓﻲ )ﻟﻮﻳﻮ( ﻓﻲ ﻛﻴﻨﻴﺎ ﻻ ﻳﺠﻮز أن ﻳﺤﺪق اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﺣﻤﺎﺗﻪ؛ وﻓﻲ ﻧﻴﺠﻴﺮﻳﺎ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻪ أن ﻳﺤ ﱢﺪق ﻓﻲ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﻘﺎم اﻟﺮﻓﻴﻊ ،وﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻬﻨﻮد ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻻ ﻳﻨﻈﺮ اﻟﻤﺮء إﻟﻰ ﻣﺤﺪﺛﻪ أﺛﻨﺎء اﻟﺘﺤﺎور ،وﻓﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ ﻓﻲ اﻟﺮﻗﺒﺔ أو اﻟﻮﺟﻪ .ﺑﻞ وﺣﺘﻰ ﻃﻮل ﻣﺪة اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ إﻟﻰ آﺧﺮ ﻓﺎﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺪة اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺪق واﻷﻣﺎﻧﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻌﺾ ،وﻣﺨﻴﻔﺔ وﻣﻘﻠﻘﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻌﺾ ،ودﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺔ اﻻﺣﺘﺮام ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ .ﻫﻜﺬا ﺳﻨﺠﺪ أن دﻻﻻت اﻟﺘﺤﺪﻳﻖ وﻃﺮﻗﻬﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﺠﻨﺲ ،واﺧﺘﻼف اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ .وﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎت وأدوار اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﻘﺮأ
ﻋﺎم 1952ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻣﻘﻴﻤﺎ ﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻏﺎدر اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ،ﻟﺘﻔﺘﺢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺣﺪاﺋﻖ وﺷﻮاﻃﺊ اﻟﻤﻨﺘﺰه أﺑﻮاﺑﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﺷﻌﺐ ﻣﺼﺮ ﻛﻤﺘﻨﺰه ﻋﺎم وﻟﺘﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة .أﻣﺎ اﻟﻘﺼﺮ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮل ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺴﻼﻣﻠﻚ إﻟﻰ ﻓﻨﺪق ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﺘﺢ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺤﺮﻣﻠﻚ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺜﻮرة أﻣﺎم اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻟﻠﺰﻳﺎرة ﻗﺒﻞ أن ﻳﻨﻀﻢ إﻟﻰ ﻣﺠﻮﻋﺔ ﻗﺼﻮر رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻟﻴﺤﻞ ﻓﻴﻪ ﺿﻴﻮف ﻣﺼﺮ ﻣﻦ اﻟﺮؤﺳﺎء واﻟﻤﻠﻮك واﻟﺰﻋﻤﺎء. وﻓﻲ ﻋﺎم 1964أﻗﻴﻢ ﻓﻨﺪﻗﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ ﻓﻨﺪق "ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ" ﺣﻴﺚ ﻳﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﺴﺎﺣﺮ ،وﻫﻮ اﻟﻔﻨﺪق اﻟﺬي ﺷﻬﺪ ﻣﻮﻟﺪ أول ﻗﻤﺔ
ﻋﺮﺑﻴﺔ اﺣﺘﻀﻨﺘﻬﺎ ﻣﺼﺮ ،أﺛﻨﺎء ﺣﻜﻢ اﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﺮاﺣﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ .وﺗﻀﻢ اﻟﻤﻨﺘﺰه ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أﺟﻤﻞ ﺷﻮاﻃﺊ اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺷﺎﻃﺊ ﻋﺎﻳﺪة اﻟﺸﻬﻴﺮ وﻫﻮ اﻟﺸﺎﻃﺊ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ اﻟﺬي ﺗﻨﻤﻮ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻨﺎدرة ﻋﻠﻰ رﻣﺎﻟﻪ ،وﺷﻮاﻃﺊ ﺳﻤﻴﺮاﻣﻴﺲ وﻛﻠﻴﻮﺑﺎﺗﺮا وﻧﻔﺮﺗﻴﺘﻲ وﻓﻴﻨﻴﺴﻴﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻢ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ 365ﺷﺎرﻋﺎ وﺗﻀﻢ ﺣﺪاﺋﻘﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أﻧﺪر اﻷﺷﺠﺎر واﻟﻨﺨﻴﻞ اﻟﻤﻠﻜﻲ واﻟﺰﻫﻮر وﻧﺒﺎﺗﺎت اﻟﺰﻳﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻢ وﺣﺪة ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰﻫﻮر وﻧﺒﺎﺗﺎت اﻟﺰﻳﻨﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،وﺗﻀﻢ أﻳﻀﺎ ﻣﺠﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻧﺪﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺎدي ﻟﻠﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ وﻧﺎدﻳﺎ رﻳﺎﺿﻴﺎ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
113
اﺳﺘﻄﻼع
اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺮﺳﻮ أﻣﺎﻣﻪ اﻟﻴﺨﺖ اﻟﺸﻬﻴﺮ "اﻟﻤﺤﺮوﺳﺔ" ﻛﻤﺎ رﺑﻂ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﺑﺎﻟﺸﺎﻃﺊ ﺑﺠﺴﺮ إﻳﻄﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮاز اﻟﻘﻮﻃﻲ وﺑﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻛﺸﻚ ﻛﻼﺳﻴﻜﻲ ﻟﻠﺸﺎي .وﻗﺪ أﺷﺮف اﻟﺨﺪﻳﻮي ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﺣﻴﺚ ﻗﺎم ﺑﺎﻧﺘﻘﺎء أﻧﻮاع اﻷﺷﺠﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺮس ﺑﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﺎﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻄﻴﻂ اﻟﻄﺮﻗﺎت واﻟﻤﻤﺮات ﺑﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻣﻨﺤﻼ وﻣﻌﻤﻼ ﻟﻸﻟﺒﺎن وﺣﻈﺎﺋﺮ ﻟﻠﻜﻼب اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ وﻣﺰرﻋﺔ ﻟﻠﺪواﺟﻦ ﻛﻤﺎ ﺑﻨﻰ ﻣﻨﺎزل ﻟﺴﻜﻦ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻦ واﻟﻌﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺎﻟﻘﺼﺮ وﺷﻴﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺠﺪ وﺗﻜﻴﺔ ﻟﻠﻌﺠﺰة وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻫﻜﺬا ﻋﻤﺮت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
112
ﺣﻜﺎﻳﺎت وﻧﻮادر ﻗﺼﺮ اﻟﻤﻨﺘﺰه ﺑﺎ9ﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ
وازداﻧﺖ ﺑﺎﻟﺤﺪاﺋﻖ اﻟﻐﻨﺎء وأﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺮ ﻣﻌﺎ ﻣﺴﻤﻰ واﺣﺪ وﻫﻮ )ﻗﺼﺮ اﻟﻤﻨﺘﺰه( .أﻣﺎ ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ﻓﻘﺪ ﻃﻠﺐ اﻟﺨﺪﻳﻮي ﻣﻦ ﺻﺤﺒﺘﻪ أن ﻳﻘﺘﺮح ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ أﺳﻤﺎ ﻟﻠﻘﺼﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ وﻛﺎن اﻗﺘﺮاح ﻣﺤﻤﻮد ﺷﻜﺮي ﺑﺎﺷﺎ رﺋﻴﺲ اﻟﺪﻳﻮان اﻟﺘﺮﻛﻲ أن ﻳﺴﻤﻰ اﻟﻘﺼﺮ ﺑﻘﺼﺮ اﻟﻤﻨﺘﺰه ،ﻓﺄﻋﺠﺐ اﻟﺨﺪﻳﻮى ﺑﺎﻻﺳﻢ وأﻃﻠﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﺮ. وﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮت اﻷﺳﺮة اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﺪﻳﻮي ﻋﺒﺎس ﺣﻠﻤﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺤﺪاﺋﻖ واﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺼﻴﻔﺎً رﺋﻴﺴﻴﺎً ﻟﻸﺳﺮة اﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺎروق ﺑﻬﺎ وﺣﺘﻰ ﻗﻴﺎم ﺛﻮرة ﻳﻮﻟﻴﻮ
ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﺸﻮاﻃﺊ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ )وﻫﻲ ﻻ ﺗﺰال ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻟﻶن ﺣﻴﺚ أﻗﻴﻢ أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻣﺒﻨﻰ ﻗﺼﺮ اﻟﺴﻼﻣﻠﻚ( ﻛﻤﺎ أﻗﺎم أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻣﺰاوﻟﺔ )ﺳﺎﻋﺔ رﻣﻠﻴﺔ( ﻧﻘﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ "ﻋﻠﻲ اﻟﻠﻴﺜﻲ" ،أﻣﺎ اﻟﺮاﺑﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻬﺎ ﻗﺸﻼق )ﻣﺮﻛﺰا( ﻟﺨﻔﺮ اﻟﺴﻮاﺣﻞ اﺷﺘﺮاه اﻟﺨﺪﻳﻮي ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺑﻨﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻗﺼﺮ اﻟﺤﺮﻣﻠﻚ )اﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ( ﻟﻴﺼﺒﺢ إﺣﺪى اﻟﺘﺤﻒ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﻨﺎدرة ﺣﻴﺚ ﻣﺰج اﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ واﺣﺪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ واﻟﻌﻤﺎرة اﻟﻘﻮﻃﻴﺔ ،ﺑﻤﺮاﺣﻠﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﻛﺬا ﻃﺮاز ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ واﻟﻄﺮاز اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ووراء اﻟﺮاﺑﻴﺘﻴﻦ ﻛﺎن ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻴﺖ ﻣﻨﻌﺰل ﺻﻐﻴﺮ ﻳﻤﻠﻜﻪ ﺛﺮي ﺳﻜﻨﺪري ﻣﻦ أﺻﻞ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ﻳﺪﻋﻰ )ﺳﻴﻨﺎدﻳﻨﻮ( وﻛﺎن ﻳﻘﻀﻲ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻷوﻗﺎت ﻟﻠﺮاﺣﺔ ﻫﻮ وأﺻﺪﻗﺎؤه أﺛﻨﺎء اﻟﺼﻴﻒ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺴﺎﺣﺮة ﻓﺎﺷﺘﺮاه اﻟﺨﺪﻳﻮي ﻣﻨﻪ ،ﻛﻤﺎ اﺷﺘﺮى أرﺿﺎ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻣﻦ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻟﺘﻜﻮن ﻣﻠﺤﻘﺎ ﻟﻠﻘﺼﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺘﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ 370ﻓﺪاﻧﺎ زرﻋﺖ ﻛﺤﺪاﺋﻖ وﻣﺘﻨﺰﻫﺎت ﻛﻤﺎ اﺗﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻣﻴﻨﺎء ﻟﻠﺴﺮاي وﻫﻮ اﻟﻤﻴﻨﺎء /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
111
тАл╪зя║│я║Шя╗Дя╗╝╪╣тАм
тАля╗гя╗ия║м ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘К я╗Ля║Тя║О╪│ ╪ея╗Яя╗░ я║Яя╗дя║О┘Д я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя╗ия║Оя║╗я║отАм
тАля║гя╗Ья║Оя╗│я║О╪к ┘Ия╗зя╗о╪з╪п╪▒ я╗Чя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З я║Ся║О я║│я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║ФтАм тАля║гя║┤я║О┘Е я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя╗Шя║О╪п╪▒тАм
тАля╗Чя║к я║Чя╗Ья╗о┘Ж я╗гя║кя╗│я╗ия║Ф ╪зя╗╣я║│я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║ФтАк ╪МтАмя║╖я╗дя║О┘Д я╗гя║╝я║отАк ╪МтАмя╗Чя║Тя╗ая║Ф я╗Яя╗Мя║╕я║О┘В ╪зя╗Яя║Шя╗ия║░┘З ┘И╪зя╗Яя║┤я╗Фя║отАм тАл┘И╪зя╗╗я║│я║Шя╗дя║Шя║О╪╣ я║Ся║╕я╗о╪зя╗Гя║Мя╗мя║О ╪зя╗Яя║ия╗╝я║Ся║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я╗гя╗ая╗мя╗дя║Ф я╗Яя╗Ья║Ья╗┤я║о я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Мя║╕я║О┘ВтАм тАл┘И╪зя╗╖╪пя║Ся║О╪бтАк ╪МтАм╪ея╗╗ ╪г┘Ж ╪г┘К ╪▓╪зя║Ля║о я╗│я║Дя║Чя╗▓ я╗Яя╗║я║│я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║Ф ┘Ия╗╗ я╗│я║░┘И╪▒ я║гя║к╪зя║Ля╗Ц "╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З"тАм тАля╗│я╗Фя╗оя║Чя╗к ╪зя╗Яя╗Ья║Ья╗┤я║о я╗гя╗ж я╗Ля║Тя╗Ц ╪зя╗Яя║Шя║О╪▒я╗│я║ж ┘И╪зя╗Яя╗дя║Оя║┐я╗▓ ╪зя╗Яя║ая╗дя╗┤я╗ЮтАк ╪МтАмя╗Уя║Оя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З я╗Яя╗┤я║┤я║ЦтАм тАля╗Уя╗Шя╗В я╗гя╗Ья║О┘Ж я╗Яя╗ая║Шя╗ия║░┘З ┘И╪зя╗Яя║Шя║оя╗Уя╗┤я╗к ┘И╪зя╗╗я║│я║Шя╗дя║Шя║О╪╣ я║Ся║╕я╗о╪зя╗Гя║К ╪зя╗Яя║Тя║дя║о ╪зя╗Яя╗ия║О╪п╪▒╪йтАк ╪МтАмя║Ся╗ЮтАм тАля╗ля╗▓ я║╖я║Оя╗ля║к я╗Ля╗┤я║О┘Ж я╗Ля╗ая╗░ я║Яя║░╪б я╗гя╗мя╗в я║Яя║к╪з я╗гя╗ж я║Чя║О╪▒я╗│я║ж я╗гя║╝я║о я╗гя╗ия║м я╗Ля║╝я║отАм тАля╗гя║дя╗дя║к я╗Ля╗ая╗▓ ┘Ия║гя║Шя╗░ я║Чя║О╪▒я╗│я║ия╗ия║О ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║Оя║╗я║отАк.тАмтАм
тАля╗Уя║дя║к╪зя║Ля╗Ц я╗Чя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З я╗ля╗▓ я╗гя╗Ья║О┘Ж я╗гя╗ж ╪гя║Яя╗дя╗Ю я║Ся╗Шя║О╪╣ ╪зя╗Яя║кя╗зя╗┤я║ОтАк ╪МтАм┘Ия║Чя╗Ая╗в ╪гя║Яя╗дя╗ЮтАм тАл┘И╪гя╗зя║к╪▒ ╪гя╗зя╗о╪з╪╣ ╪зя╗Яя╗ия║Тя║Оя║Чя║О╪к ┘И╪зя╗╖я║╖я║ая║О╪▒ я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗втАк ╪МтАм┘Ия╗гя║ая╗дя╗оя╗Ля║Ф я╗гя╗ж ╪гя║Яя╗дя╗ЮтАм тАля║╖я╗о╪зя╗Гя║К ╪зя╗╣я║│я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║Ф ┘И╪гя╗Ыя║Ья║оя╗ля║О я║Чя╗дя╗┤я║░╪зтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя╗мя╗Ая║О╪и ┘И╪зя╗Яя║Шя║╕я╗Ья╗┤я╗╝╪к ╪зя╗Яя║╝я║ия║оя╗│я║ФтАм тАл╪зя╗Яя║Тя║кя╗│я╗Мя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪гя║Ся║кя╗Ля║Шя╗мя║О я╗│я║к ╪зя╗Яя║ия║Оя╗Яя╗Ц я╗Уя╗▓ я╗гя║░я╗│я║Ю ╪гя╗Ыя║Ья║о я╗гя╗ж ╪▒╪зя║Ля╗КтАк ╪МтАмя╗Уя╗Ья╗Ю я╗гя╗жтАм тАл╪г╪▒╪з╪п ╪▒╪дя╗│я║Ф ╪зя╗Яя║ая╗дя║О┘Д я╗Уя╗▓ ╪гя║Ся╗мя╗░ я║╗я╗о╪▒┘З я╗│я║мя╗ля║Р ╪ея╗Яя╗░ я╗ля╗ия║О┘ГтАк.тАмтАм тАл┘Ия║Чя║Тя╗ая╗О я╗гя║┤я║Оя║гя║Ф я║гя║к╪зя║Ля╗Ц я╗Чя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З тАк 370тАмя╗Уя║к╪зя╗зя║О ┘Ия╗Чя║к я╗Зя╗ая║Ц я╗Яя║┤я╗ия╗о╪з╪ктАм тАля╗Гя╗оя╗│я╗ая║Ф я╗Ля║Тя║О╪▒╪й я╗Ля╗ж я║гя║к╪зя║Ля╗Ц я║зя║Оя║╗я║Ф я║Ся╗Шя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З ┘И╪зя╗Яя║м┘К я╗Ыя║О┘Ж я╗Чя║╝я║о╪зтАм тАля╗Яя╗╕я║│я║о╪й ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗оя╗│я║Ф я╗гя╗ия║м ╪г┘Ж ╪гя╗зя║╕я║К ╪зя╗Яя╗Шя║╝я║о я╗Ля║О┘Е тАк 1892тАм┘Ия║гя║Шя╗░ я╗Чя╗┤я║О┘Е я║Ыя╗о╪▒╪й тАк23тАмтАм тАля╗│я╗оя╗Яя╗┤я╗о тАк ╪М1952тАмя║гя╗┤я╗ия╗дя║О я╗Уя║Шя║дя║Ц ╪гя║Ся╗о╪з╪и ╪зя╗Яя╗Шя║╝я║о я╗Яя║░я╗│я║О╪▒╪й ╪гя╗Уя║о╪з╪п ╪зя╗Яя║╕я╗Мя║Р ┘Ия╗Уя║Шя║дя║ЦтАм тАл╪зя╗Яя║дя║к╪зя║Ля╗Ц ╪гя╗│я╗Ая║О я╗Яя╗ая║░я╗│я║О╪▒╪йтАк.тАмтАм тАл┘Ия╗│я║оя║Яя╗К я║Чя║О╪▒я╗│я║ж я║гя║к╪зя║Ля╗Ц ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З я╗Ыя╗дя║О я╗│я╗Шя╗о┘Д ╪птАк .тАмя║зя║Оя╗Яя║к я╗гя║дя╗дя╗о╪п я╗ля╗┤я║Тя║Ф я╗гя║к╪▒╪│тАм тАл╪зя╗Яя╗Мя╗дя║О╪▒╪й я║Ся╗Ья╗ая╗┤я║Ф я╗ля╗ия║кя║│я║Ф ╪зя╗╖╪▓я╗ля║о я╗Уя╗▓ я╗Ыя║Шя║Оя║Ся╗к "╪зя╗Яя║ия╗Дя╗В ╪зя╗Яя║┤я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║Ф" ╪ея╗Яя╗░тАм тАля╗Ля╗мя║к ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘К я╗Ля║Тя║О╪│ я║гя╗ая╗дя╗▓ ╪зя╗Яя║Ья║Оя╗зя╗▓ ┘Ия║Чя║дя║кя╗│я║к╪з я╗Яя╗Мя║О┘Е тАк.1892тАмтАм тАл┘Ия╗Ыя║О┘Ж ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘К ╪гя║Ыя╗ия║О╪б ┘Ия║Яя╗о╪п┘З я║Ся║Оя╗╣я║│я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║Ф я╗│я║ия║о╪м ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗ия║░я╗ля║Ф я╗Уя╗▓ я╗Ыя║Ья╗┤я║отАм тАля╗гя╗ж ╪зя╗╖я╗│я║О┘Е я╗гя╗К я║Ся╗Мя║╛ ╪▒я║Яя║О┘Д ╪зя╗Яя║дя║Оя║╖я╗┤я║Ф ┘Ия╗│я║╝я║Оя║гя║Тя╗к ╪п╪зя║Ля╗дя║О ╪гя║гя╗дя║к я║╖я╗Фя╗┤я╗Ц я║Ся║Оя║╖я║ОтАм тАл╪▒я║Ля╗┤я║▓ ╪пя╗│я╗о╪з┘Ж ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘К я╗Уя╗▓ ╪░я╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя╗оя╗Чя║ЦтАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя║О┘Ж я╗Пя║Оя╗Яя║Тя║О я╗гя║О я╗│я╗Шя║╝я║к я║│я║о╪з┘КтАм тАл╪зя╗Яя║оя╗гя╗Ю я╗Ля╗ая╗░ ╪вя║зя║о ╪зя╗Яя║ия╗В ╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║к┘К я║Ся║Оя╗Яя║оя╗гя╗Ю )я╗гя╗ия╗Дя╗Шя║Ф я║│я╗┤я║к┘Й я║Ся║╕я║о ┘Ия╗гя║дя╗Дя║ФтАм тАля║Чя║о╪з┘Е ╪зя╗Яя║┤я║о╪зя╗│я║О ┘Ия╗гя╗Ья║Оя╗зя╗мя║О ╪зя╗╡┘Ж я╗Уя╗ия║к┘В ╪зя╗Яя╗дя║дя║о┘Ия║│я║Ф я╗Яя╗ая╗Шя╗о╪з╪к ╪зя╗Яя║Тя║дя║оя╗│я║Ф я║╖я║о┘ВтАм тАлтАк110тАмтАм
тАля║гя╗Ья║Оя╗│я║О╪к ┘Ия╗зя╗о╪з╪п╪▒ я╗Чя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З я║Ся║ОтАк9тАмя║│я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║ФтАм
тАл╪зя╗╣я║│я╗Ья╗ия║к╪▒я╗│я║Ф( ┘Ия╗гя╗ия╗мя║О я╗│я║оя╗Ыя║Р я╗ля╗о ┘И╪зя╗Яя║дя║Оя║╖я╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║к┘И╪з╪и ╪ея╗Яя╗░ я║Яя╗мя║О╪к я╗гя║ия║Шя╗ая╗Фя║ФтАм тАля╗Яя╗ая║Шя╗ия║░┘З я╗Уя╗▓ я║┐я╗о╪зя║гя╗▓ ╪зя╗Яя║Ья╗Ря║о ┘Ия╗╗я║│я╗┤я╗дя║О я╗Гя║оя╗│я╗Ц я║│я╗┤я║к┘Й я║Ся║╕я║о ╪ея╗Яя╗░ я║╖я║Оя╗Гя║КтАм тАл╪зя╗Яя║Тя║дя║отАк ╪МтАм┘Ия╗Уя╗▓ ╪ея║гя║к┘Й ╪зя╗Яя╗ая╗┤я║Оя╗Яя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗Шя╗дя║о╪й я║зя║о╪м ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘К ┘Ия║╗я║дя║Тя╗к я╗Яя╗ая║Шя╗ия║░┘ЗтАм тАля╗Ля╗ая╗░ я║╖я║Оя╗Гя║К ╪зя╗Яя║Тя║дя║о я║гя║Шя╗░ ┘Ия║╗я╗ая╗о╪з ╪ея╗Яя╗░ я║│я╗┤я║к┘Й я║Ся║╕я║о ┘И╪зя║Ся║Шя╗Мя║к┘И╪з я╗Ля╗ия╗мя║О я╗Чя╗ая╗┤я╗╝тАм тАля╗Уя║Дя╗Ля║ая║Р ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘К я║Ся║Оя╗Яя║Тя╗Шя╗Мя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║ая║О┘И╪▒╪й я╗Яя║┤я╗┤я║к┘К я║Ся║╕я║о ┘И╪гя╗Яя║┤я╗ия║Шя╗мя║О ╪зя╗Яя║ая╗дя╗┤я╗ая║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║Шя╗оя╗Пя╗ая║Ф я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║Тя║дя║отАк ╪МтАм┘Ия║Чя║┤я║о╪и ╪зя╗Яя╗дя║О╪б я║Ся╗┤я╗ж я║Ыя╗ия║Оя╗│я║Оя╗ля║О ╪зя╗Яя║╝я║ия║оя╗│я║Ф я╗Уя╗Мя║░┘Е я╗Ля╗ая╗░тАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗оя╗Пя╗Ю я╗Уя╗┤я╗мя║О я╗Яя╗дя║╕я║Оя╗ля║кя║Чя╗мя║О я╗Ля╗ж я╗Ыя║Ья║Р ┘Ия╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗┤я╗о┘Е ╪зя╗Яя║Шя║Оя╗Яя╗▓ ╪░я╗ля║Р ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘КтАм тАля╗Яя║о╪дя╗│я║Ф ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Дя╗Шя║Ф я╗гя║о╪й ╪гя║зя║о┘Й ┘Ия║Чя║ая║О┘И╪▓ я╗гя╗ия╗Дя╗Шя║Ф я║│я╗┤я║к┘К я║Ся║╕я║о я║Ся╗дя║┤я║Оя╗Уя║Ф я╗Ыя║Тя╗┤я║о╪йтАм тАля║гя║Шя╗░ я║Ся╗ая╗О я╗гя╗Ья║О┘Ж ╪гя╗Ля║ая║Р я║Ся╗к ┘Ия║Ся╗дя╗ия╗Ия║о┘З ╪зя╗Яя║м┘Й я║Чя╗Ья║Шя╗ия╗Фя╗к ╪▒╪зя║Ся╗┤я║Шя║О┘Ж я╗Ля║Оя╗Яя╗┤я║Шя║О┘ЖтАм тАл┘Ия║Ся╗┤я╗ия╗мя╗дя║О я║┐я╗ая╗К я║╗я╗Ря╗┤я║о ┘Ия╗Уя╗▓ я╗Гя║оя╗Уя╗к ╪зя╗Яя║╕я╗дя║Оя╗Яя╗▓ я║Яя║░я╗│я║о╪й я║╗я╗Ря╗┤я║о╪йтАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗ия║м ╪░я╗Яя╗ЪтАм тАл╪зя╗Яя╗┤я╗о┘Е я║Чя╗Шя║о╪▒ я╗Уя╗▓ ╪░я╗ля╗ж ╪зя╗Яя║ия║кя╗│я╗о┘К ╪г┘Ж я║Чя╗Ья╗о┘Ж я║Чя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Дя╗Шя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪зя╗Ыя║Шя║╕я╗Фя╗мя║ОтАм тАл┘И╪гя╗Ля║ая║Р я║Ся╗мя║О я╗гя║╝я╗┤я╗Фя║О я╗Яя╗к ┘Ия╗Чя║о╪▒ ╪г┘Ж я╗│я╗ия║╕я║К я║Ся╗мя║О я╗Чя║╝я║о╪з ╪гя╗зя╗┤я╗Шя║О )┘И╪зя╗Яя║м┘Й я╗Ля║о┘БтАм тАля╗Уя╗┤я╗дя║О я║Ся╗Мя║к я║Ся╗Шя║╝я║о ╪зя╗Яя╗дя╗ия║Шя║░┘З(тАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя║О┘Ж я╗Ля╗ая╗░ ╪ея║гя║к┘Й ╪зя╗Яя║о╪зя║Ся╗┤я║Шя╗┤я╗ж ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗┤я║Шя╗┤я╗ж я╗гя║к╪зя╗Уя╗КтАм тАля╗Чя║кя╗│я╗дя║Ф я╗гя╗ж я╗Ля╗мя║к ┘И╪зя╗Яя╗▓ я╗гя║╝я║о я╗гя║дя╗дя║к я╗Ля╗ая╗▓ я║Ся║Оя║╖я║О я║гя╗┤я║Ъ я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я║Чя║┤я║Шя║ия║к┘ЕтАм
ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﺪاء اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ﻓﺈن اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺸﺒﻴﻬﻴﺔ ﻓﻴﻪ ﺗﺴﺠﻞ اﻧﺤﺮاﻓﺎً ﻣﻠﺤﻮﻇﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﺪاوة إﻟﻰ اﻟﺤﺐ» :وإن ﺑﻌﺪوا ﻻ ﻳﺄﻣﻨﻮن اﻗﺘﺮاﺑﻬﻢ ﺗﺸﻮف أﻫﻞ اﻟﻐﺎﺋﺐ اﻟﻤﺘﻨﻈّﺮ« ،ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ أﻋﺪاء ﻫﺬا اﻟﺼﻌﻠﻮك رﻏﻢ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻻ ﻳﺄﻣﻨﻮن اﻗﺘﺮاﺑﻪ ،وﻳﺒﺪو ﺗﺸﻮﻓﻬﻢ إﻟﻰ ﺣﻀﻮره ﻛﺘﺸﻮف أﻫﻞ اﻟﻐﺎﺋﺐ اﻟﻤﺘﻨﻈّﺮ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺤ ّﻮل ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﺮه واﻟﻔﺰع اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﻀﻮره ،واﻟﺘﻲ ﺳﺠﻠﺘﻬﺎ ﺟﻤﻠﺔ »ﻻ ﻳﺄﻣﻨﻮن اﻗﺘﺮاﺑﻪ« إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﻮق وﺣﺐ ﻟﻠﻘﺎء واﻟﺘﻲ ﺳﺠﻠﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ »ﺗﺸﻮف أﻫﻞ اﻟﻐﺎﺋﺐ اﻟﻤﺘﻨﻈّﺮ« ،ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻤﺲ ﺣﺎﻟﺔ إﻋﺠﺎب اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﻪ ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ ،وﻋﺪاﻟﺔ وﻧﺒﻞ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ ،وﻳﺴﺠﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﺣﺘﺮاﻣﺎ ﻣﻠﺤﻮﻇﺎ ﻟﻬﻢ .ﻛﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ ذﻛﺮ اﻟﻤﻮت ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ،ﻷن اﻟﻤﻮت ﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻣﻠﺊ ﺑﺈرادة اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺻﻮرة اﻟﺼﻌﻠﻮك اﻟﻤﺴﺘﺴﻠﻢ ﻷﻗﺪاره، اﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﻤﻮح ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ اﻷوﻟﻰ .وﻳﺬﻛﺮ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ أن ﻫﺬا اﻟﺼﻌﻠﻮك اﻟﻄﻤﻮح ﺑﻴﻦ أﻣﺮﻳﻦ ،إﻣﺎ أن ﻳﻼﻗﻲ ﺣﻤﻴﺪا -أﺛﻨﺎء ﻫﺠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺪاء اﻟﻤﻮت اﻟﺬي ﻳﻼﻗﻴﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ،وإﻣﺎ أن ﻳﺼﻴﺐ اﻟﻐﻨﻰ ﻓﻴﻜﻮن ﺟﺪﻳﺮا ﺑﺬﻟﻚ .وﻫﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﺻﻮرة واﺿﺤﺔ ﻟﻠﺤﺎﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻔﻘﺮاء ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻼﻗﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺆس ،وﻣﺎ أدى إﻟﻴﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﺮاع اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ ﺛﻮرة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻔﻘﺮاء ﺿﺪ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻣﺎ أدت إﻟﻴﻪ ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻬﺪأ وﻻ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻣﻦ ﺻﺮاع أﻓﻜﺎر ﻛﺎن ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أﺛﺮه اﻟﻮاﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻓﻲ ﻧﺺ اﻟﺼﻌﻠﻜﺔ ،ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ ﻧﺼﺎ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻊ ﻧﻈﺎم اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻤﻜ ّﺮس ﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﺑﺪا ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻠﻘﺎت .وﻫﻨﺎ ﻳﺒﺪو دور اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ إﻧﺘﺎج ﻧﺺ اﻟﺼﻌﻠﻜﺔ ،واﺧﺘﻼف ﻫﺬا اﻟﻨﺺ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻊ ﻣﺎﻫﻮ ﺳﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻘﺼﻴﺪة .وﻗﺪ اﻛﺘﺴﺒﺖ ﺳﺮدﻳﺔ ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد ﻏﻮاﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻏﻮاﻳﺘﻬﺎ أن ﺟﻌﻠﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ،وﻫﻮ ﻣﻠﻚ ﻳﺘﻤﻨﻰ أن ﻳﻜﻮن اﺑﻨﺎ ﻟﻌﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد، وﻫﻮ ﺻﻌﻠﻮك ،ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »اﻟﺸﻌﺮو اﻟﺸﻌﺮاء« ﻻﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ: »وﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﻣﺎ ﻳﺴﺮﻧﻲ أن أﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﻌﺮب وﻟﺪﻧﻲ إﻻ ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد ﻟﻘﻮﻟﻪ: إﻧﻲ اﻣﺮؤ ﻋـــــﺎﻓﻲ إﻧـــﺎﺋﻲ ﺷﺮﻛـــﺔ وأﻧــﺖ اﻣﺮؤ ﻋــﺎﻓﻲ إﻧﺎﺋﻚ واﺣــــﺪ أﻗﺴﻢ ﺟﺴﻤﻲ ﻓــﻲ ﺟﺴــﻮم ﻛﺜﻴــﺮة ّ وأﺣﺴــﻮ ﻗـﺮاح اﻟﻤـــﺎء واﻟﻤﺎء ﺑـﺎرد
أﺗﻬﺰأ ﻣﻨﻲ أن ﺳــــﻤﻨﺖ وأن ﺗــــﺮى ﺑﺠﺴﻤــﻲ ﻣﺲ اﻟﺤـﻖ واﻟﺤﻖ ﺟﺎﻫﺪ وﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻘﺘﻄﻬﺎ ﻳﻘﺴﻢ ﺟﺴﻤﻪ ﻓﻲ ﺟﺴﻮم ﻛﺜﻴﺮة، ﻋﻴﻦ اﻟﻔﻨﺎن ،واﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ّ ﻷﻧﻪ ﻳﺸﺮك ﻏﻴﺮه ﻓﻲ ﻃﻌﺎﻣﻪ ،ﻓﺘﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﺰال ﺟﺴﻤﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﺼﻤﻪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺸﺮك ﻏﻴﺮه ﻓﻲ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻓﺘﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ أن ﻳﺴﻤﻦ ﺟﺴﻤﻪ .وﻫﻨﺎ ﺗﺄﺧﺬ ﻛﻠﻤﺔ "ﺷﺮﻛﺔ" ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺜﻘﻞ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻋﻨﻮان ﺣﻴﺎة ﻫﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﺬ اﻟﺼﻌﻠﻮك .وﻫﻨﺎ ﺗﺒﺪو أﻫﻤﻴﺔ أﻻ ﻳﻌﻴﺶ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻻرﺗﻔﺎع ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻓﻴﻪ .ﻟﻘﺪ أﺷﺎع ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد ورﻓﺎﻗﻪ رؤﻳﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ،اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﺤﻤﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﻬﻤﺸﻴﻦ ورؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ، ووﻗﻔﺖ ﻫﺬه اﻟﺮؤﻳﺔ ذات اﻟﺒﺮﻳﻖ اﻟﻔﺬ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰ، وﺟﻌﻠﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﻤﻮر ﺑﺎﻟﺮؤى اﻟﻤﻐﺎﻳﺮة ،وﻣﻨﺤﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺳﺮدﻳﺔ ﻛﺒﺮى ﻣﻦ أﻏﻮى ﺳﺮدﻳﺎﺗﻪ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد ورﻓﺎﻗﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ ﺻﻮت اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﻬﻤﺸﺔ اﻟﻘﻮي ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ،واﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﻄﺎب ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺴﺎﺋﺪ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺼﻌﻠﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺈن ﺷﻌﺮﻫﻢ ﻗﺪ وﺻﻞ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻹﺗﻘﺎن
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
109
إﺿﺎءة
ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد وﻧﻘﺾ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد اﻟﻌﺒﺴﻲ ذات ﻃﺎﺑﻊ ﻻﻓﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺼﻌﻠﻜﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺒﺬل ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺿﺮﺑًﺎ ﻓﻲ اﻷرض ،وﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن ﺣﻴﻠﺔ ﻟﺪﻓﻊ ﻏﺎﺋﻠﺔ اﻟﺠﻮع ﻋﻨﻬﻢ ،وﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﺐ "أﺑﻮ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ" .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺼﺘﻪ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺘﺮاﺳﻞ ﻣﻊ ﻗﺼﺔ روﺑﻴﻦ ﻫﻮد ﻓﻲ اﻷدب اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي .وﻳﻤﻴﺰ ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد ﺑﻴﻦ ﺻﻨﻔﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ ،اﻟﺼﻨﻒ اﻷول ﻫﻮ اﻟﺼﻌﻠﻮك اﻟﻘﺎﻧﻊ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ،اﻟﻤﺴﺘﺴﻠﻢ ﻷﻗﺪاره ﺗﻤﺎﻣﺎ، اﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﻤﻮح ،زري اﻟﻬﻴﺌﺔ ،ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻤﻼت ،ﻻ ﻳﺤﺴﺐ ﺣﺴﺎﺑﻪ أﺣﺪ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺼﻨﻒ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﻮم ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد .أﻣﺎ اﻟﺼﻨﻒ اﻵﺧﺮ ﻓﻬﻮ اﻟﺼﻌﻠﻮك ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻬﻤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﻄﻤﻮح اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ،اﻟﻤﻤﺘﻠﺊ ﺑﻌﺰة اﻟﻨﻔﺲ ،ﻳﻬﺎﺑﻪ أﻋﺪاؤه ،وﻻ ﻳﺄﻣﻨﻮن اﻗﺘﺮاﺑﻪ. ﻳﻘﻮل ﻋﺮوة ﺑﻦ اﻟﻮرد اﻟﻌﺒﺴﻲ: ﻟﺤﻰ اﻟﻠﻪ ﺻﻌﻠﻮﻛﺎ إذا ﺟــــــــﻦ ﻟﻴﻠــﻪ ﻣﻀــــــﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎش آﻟﻔًﺎ ﻛﻞ ﻣﺠﺰر ﻳﻌﺪ اﻟﻐﻨـــــــﻰ ﻣﻦ دﻫﺮه ﻛﻞ ﻟﻴــﻠــﺔ أﺻﺎب ﻗﺮاﻫﺎ ﻣـــــﻦ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﻴﺴـــــﺮ ﻗﻠﻴﻞ اﻟﺘﻤﺎس اﻟﻤـــــــﺎل إﻻ ﻟﻨﻔﺴــــﻪ إذا ﻫﻮ أﺿﺤـــــــﻰ ﻛﺎﻟﻌﺮﻳﺶ اﻟﻤﺤـﻮر ﻳﻨﺎم ﻋﺸﺎء ﺛﻢ ﻳﺼـــــــــﺒﺢ ﻗﺎﻋــــــﺪا ﻳﺤﺚ اﻟﺤﺼـــــﻰ ﻋـﻦ ﺟﻨﺒﻪ اﻟﻤﺘﻌﻔــﺮ ﻳﻌﻴﻦ ﻧﺴﺎء اﻟﺤــــــــﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌ ّﻨـــــﻪ ﻓﻴﻀﺤﻰ ﻃﻠﻴ ًﺤﺎ ﻛﺎﻟﺒﻌﻴـــــــﺮ اﻟﻤﺤﺴـﺮ وﻟﻠﻪ ﺻﻌﻠﻮك ﺻﻔــــــــــﻴﺤﺔ وﺟﻬــــﻪ ﻛﻀﻮء ﺷﻬــــﺎب اﻟﻘــــــﺎﺑﺲ اﻟﻤﺘﻨـﻮر ً ﻣﻄﻼ ﻋﻠﻰ أﻋــــــــــﺪاﺋﻪ ﻳﺰﺟﺮوﻧـــــﻪ ﺑﺴﺎﺣﺘﻬﻢ زﺟـــــﺮ اﻟﻤﻨﻴــﺢ اﻟﻤﺸﻬـــﺮ وإن ﺑﻌﺪوا ﻻ ﻳﺄﻣﻨـــــــــﻮن اﻗﺘﺮاﺑــــﻪ ﺗﺸــﻮف أﻫـــــﻞ اﻟﻐــﺎﺋﺐ اﻟﻤﺘﻨﻈـــﺮ ﻓﺬﻟﻚ إن ﻳﻠﻖ اﻟﻤﻨﻴــــــﺔ ﻳﻠﻘﻬﺎ ﺣﻤﻴﺪً ا وإن ﻳﺴﺘﻐــــﻦ ﻳـــــــﻮﻣــًـﺎ ﻓﺄﺟـــﺪر وﺗﺒﺪو ﻓﻲ اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺷﺮﻳﺤﺘﺎن ﺗﻤﺜﻼن ﺻﻨﻔﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ ،ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪ اﻟﻠﻮم ﻳﻮﺟﻪ ﻟﻠﺼﻨﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،وﻗﺪ 108
د ﻋﺎﻳﺪي ﻋﻠﻲ ﺟﻤﻌﺔ* ƉƚǙ ɐƃǂǜǕŌǶ ŜƂȏŌ ƄōŨƓŐ
ﻓﺎﻋﻼ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﻟﺤﻰ ﻓﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺟﺎء ﻟﻔﻆ اﻟﺠﻼﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷول ً ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻐﻀﺐ وﻋﺪم اﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺼﻌﻠﻮك اﻟﺬي ﻻ ﻳﺒﺬل اﻟﺠﻬﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ رﻓﺾ واﻗﻌﻪ اﻟﻈﺎﻟﻢ ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻛﺘﺸﺎﻓﺎت ﺟﺪﻳﺪة ،وإﻧﻤﺎ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻣﻌﺮوف ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎءت اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻄﻴﺌﺔ ﺟﺪا ً ،ﻓﺤﺮﻛﺘﻪ ﻻ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎن، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺤﺮك ﺧﺎرج اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺘﻲ ﻫﻮ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻫﻴﺌﺘﻪ ﻣﺰرﻳﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ،وﻃﻌﺎﻣﻪ ﺣﻘﻴﺮ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻣﻘﺰزة ،واﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ ﻻ ﺗﺴﺠﻞ ﺣﻀﻮرا ً ﻣﻠﺤﻮﻇﺎً ﻓﻲ ﺷﺮﻳﺤﺘﻪ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻋﻘﻢ ﻋﺎﻟﻤﻪ ،وﻟﻢ ﻳﺄت ذﻛﺮ ﻟﻠﻤﻮت ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺷﺮ إﻟﻰ ﺗﻤﺎﻫﻲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﻤﺮﺳﻮﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﻮت ،ﻓﻤﻮﺗﻪ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺠﺪﻳﺪ ،ﻷن ﺣﻴﺎﺗﻪ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻟﻤﻮت ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻟﺬا ﻓﻘﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﻌﺪوﻣﺔ ،وأﺛﺮه ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻌﺪوم ،ﻟﻜﻦ رﻏﻢ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ رﻳﺸﺔ اﻟﻔﻨﺎن أن ﺗﻠﻤﺴﻪ ﺑﺒﺮاﻋﺔ ،ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ ﻓﻴﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ أﺳﻮأ ﺣﺎﻻﺗﻪ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺼﻴﺐ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺘﻞ، وأدى إﻟﻰ ﺧﺮوج ﺻﻮت اﻟﻤﻬﻤﺸﻴﻦ ﻓﻲ أﻗﻮى ﺻﻮرة. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻧﺠﺪ اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻒ اﻟﺼﻨﻒ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻚ ﺗﺴﺠﻞ ﺣﻀﻮرا ً ﻗﻮﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻤﺠﺎزﻳﺔ ،وﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ﻧﺠﺪ ﺗﺪاﺧﻞ اﻟﻌﻮاﻟﻢ ﺑﻴﻦ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺸﻬﺎب ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺔ اﻟﻼﻓﺘﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺬات اﻟﺸﺎﻋﺮة ﻣﻦ ﺻﻔﻴﺤﺔ وﺟﻪ اﻟﺼﻌﻠﻮك ﺿﻮء ﺷﻬﺎب ﻣﺘﻨﻮر ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ذﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﻣﺼﺤﻮﺑﺎ ﺑﺤﺮف اﻟﺠﺮ اﻟﻼم "وﻟﻠﻪ" ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ﻟﻪ أﻛﺒﺮاﻷﺛﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﺪاﻋﺎء ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻮر ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ "ﺿﻮء ﺷﻬﺎب اﻟﻘﺎﺑﺲ اﻟﻤﺘﻨﻮر"، وﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﻠﻮ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺜﺎﻧﻲ "ﻣﻄﻼ" ،وﻋﺎﻟﻢ اﻟﻘﺮب ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ »اﻗﺘﺮاﺑﻪ« .وﺗﺒﺪو اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ ذات اﺗﺴﺎع ﺑﺎﻫﺮ، وﻫﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻐﺮق ﻋﺎﻟﻢ اﻷرض ﻓﻘﻂ ،وإﻧﻤﺎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻤﺎء، ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻄﻼ ،وﻟﺬا ﺗﺒﺪو اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﺟﺪا ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻳﺤﺔ، وﺗﺒﺪو ﻟﻤﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﺼﻌﻠﻮك اﻟﺸﻜﻠﻲ ﻏﻮاﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
إﺿﺎءة
ﻓﻬﻢ اﻟﺘﺮاث ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻧﻈﺮة ﻋﺎﺑﺮة وﺳﺮﻳﻌﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﻮروث أﻳﺎ ﻛﺎن ﻟﻮﻧﻪ أو ﻧﻮﻋﻪ ،ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ ﻓﻜﺮة واﺿﺤﺔ وﺟﻠﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻷن اﻟﺘﺮاث ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺸﺮي وﻳﺒﺪأ ﻣﻨﻪ ﻟﺬا ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻌﻤﻮﻣﻴﺘﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻔﻪ أﻧﻮاﻋﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺼﺎدره وﻣﻨﺒﻌﻪ ،ورﻏﻢ ﺗﻌﺪد ﺗﻌﺎرﻳﻒ اﻟﺘﺮاث وﻋﺪم اﺗﻔﺎق اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﻳﻒ واﺣﺪ رﺋﻴﺴﻲ ،إﻻ أن ﻫﻨﺎك ﺷﺒﻪ إﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺮاث ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﻟﻨﺎ اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻬﺎ أدﺑﻴﺔ ﻃﺒﻴﺔ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓﻠﻜﻴﺔ أو ﻓﻲ أﺷﻜﺎل ورﻣﻮز ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ واﻟﻘﻼع واﻟﺤﺼﻮن أو ﻓﻲ اﻟﻨﺤﺖ واﻟﺮﺳﻢ واﻷدوات أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎﻻت ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ ﻓﻨﻴﺔ أو أي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻴﺎة. ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻀﺎرة وأﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﺳﺘﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﺑﺤﻔﻆ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻦ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻪ وﻳﺪوﻧﻬﺎ ﻟﻴﺤﻔﻈﻬﺎ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ، وﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﻓﺈن اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﻀﺎري ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺘﻢ ﻟﻮ ﻻ ﻋﻤﻠﻴﺔ دﻗﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﻤﻌﺎرف واﻟﻤﺒﺘﻜﺮات ﻣﻦ ﺟﻴﻞ إﻟﻰ آﺧﺮ ،وﻫﺬه واﺣﺪة ﻣﻦ أﻫﻢ ﺧﺼﺎل وﻓﻮاﺋﺪ اﻟﺘﺮاث .وﻫﻨﺎك أﻫﻤﻴﺔ أﺧﺮى ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺤﺪث ﺗﻔﻜﻚ وﺧﻠﻞ ﻓﻲ اﻟﺮاوﺑﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﺈن اﻟﺘﺮاث ﻳﻌﺪ راﺑﻄﺎً ﻗﻮﻳﺎً ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. وﻋﻠﻰ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﺳﺘﺠﺪ أن ﻫﻨﺎك دوﻣﺎ راﺑﻄﺎً ﻗﻮﻳﺎً ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺮاث وﺑﻴﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﺑﻞ ﻳﻜﺎد أﺣﺪﻫﻢ ﻳﻜﻮن ﺟﺰءا ً ﻣﻦ اﻵﺧﺮ ،ﻓﺈذا ﻓﻬﻤﻨﺎ أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻫﻲ":ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻘﻴﻢ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ" .وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻘﻮل إﻧﻬﺎ":ﻣﻌﺮﻓ ٌﺔ ﻳﺴﺘﻤ ّﺪﻫﺎ اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، وﻫﻲ أﻳﻀﺎً إﻟﻤﺎ ٌم ﺑﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﻌﺎرف واﻟﻌﻠﻮم واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ."...ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻧﺪرك أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ان ﺗﺘﻜﻮن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ دون ﻣﺨﺰون ﻣﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻤﺎ ﺗﺮﻛﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﻮن ﻣﻦ ﺗﺮﻛﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ وﻋــﺎدات وﺗﻌﺎﻣﻼت وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﻧﻲ وﺻﺮوح وﻣﺨﺘﺮﻋﺎت وﻣﺒﺘﻜﺮات،
ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﺰروﻋﻲ * ŦŌƈōǙȑŌ ǛǙ dzŞũōlj
وإن أﻣﻌﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﺈن ﻫﺬه ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﺟﺰء أﺳﺎﺳﻲ ﻣﻨﻬﺎ .وﻗﺪ اﻋﺘﺒﺮ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﺮاث – اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر -اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻫﻴﺮﺳﻜﻮ ﻓﻴﺘﺲ: "أن اﻟﺘﺮاث ﻣﺮادف ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ" .ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﺳﺘﺠﺪ أن اﻟﺘﺮاث ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻪ ﻋﻤﻘﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ،ﺣﺘﻰ أن اﻟﺪارﺳﻴﻦ واﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء وﺿﻌﻮا ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻻﻟﻤﺎم ﺑﻪ ﻋﺪة ﺗﻌﺎرﻳﻒ واﻧﻄﻠﻘﻮا ﻓﻲ ﻋﺪة اﺗﺠﺎﻫﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻫﺬا ﻳﻮﺿﺢ أﺗﺴﺎع ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺘﺮاث وﻋﻤﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،اﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﺒﺮون ﻫﺬا اﻹﺗﺴﺎع ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻛﻮن اﻟﺘﺮاث ﻧﻘﻼً ﺗﺎﻣﺎً وواﺿﺤﺎً ﻟﺤﻴﺎة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﺰﻣﻦ ﻣﺎﺿﻲ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺼﻞ اﻟﺘﺮاث ﻋﻦ وﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺮﻳﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺧﺒﺮاﺗﻪ ،ﻣﻦ ﻣﻌﺎرﻓﻪ ،ﻣﻦ ﺗﺠﺎرﺑﻪ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ وﺗﻤﺖ ﻓﻲ زﻣﻦ ﻣﺎﺿﻲ، ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻢ دوﻣــﺎ اﺳﺘﺤﻀﺎر ﻛﻞ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺣﺪﺛﺖ وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻻﻳﺠﺎﺑﻴﺎت ﻟﺘﺪﻋﻴﻤﻬﺎ وﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺴﻠﺒﻴﺎت ﻟﺘﺠﻨﺒﻬﺎ وﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﺘﻢ ﻣﻦ دون اﺳﺘﺤﻀﺎر ﻟﻤﺎ ﺗﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ اﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﺘﺮاث وﻗﻮﺗﻪ وﺳﻄﻮﺗﻪ وﻓﺎﺋﺪﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﺿﺮ واﻧﻌﻜﺎﺳﻪ اﻟﻮاﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺒﺪﻳﻬﻴﺔ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺨﺘﺮﻋﺎت واﻟﻤﺒﺘﻜﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺖ وﺑﺎﺗﺖ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺘﺤﺪث ﺑﻜﻞ ﻫﺬا اﻟﻮﻫﺞ ﻣﻦ دون ﺗﻼﺣﻢ واﺗﺼﺎل ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻣﺎ ﻳﺨﺘﺰﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺗﺮاﺛﻴﺔ وﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮ وﻣﻨﺠﺰاﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺬﻫﺐ ﺑﻨﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
107
ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﻐﻨﻴﺔ .وﻳﻔﺎﺧﺮون ﺑﻬﺬا اﻟﺠﺎه واﻟﻜﺴﺐ اﻟﻌﻈﻴﻢ ...وﻗﺪ ﻳﺒﻴﻊ أﺣﺪﻫﻢ أرﺿً ﺎ ﻟﻴﺸﺘﺮي ﺟﻠﺪ اﻟﺠﻤﻞ ﻛﻞ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات وﻳﻔﺎﺧﺮ ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻲ ﺷﻮارع اﻟﻘﻴﺮوان وأزﻗﺘﻬﺎ أﺑﻨﺎؤه ﺑﺬﻟﻚ ،وﻳﻤﺸﻲ أﻛﺒﺮﻫﻢ ﻋﺎ ًﻣﺎ ً ﻛﺎﻟﻄﺎووس .ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻌﻠﻢ أن واﻟﺪه ﻗﺎدر وﻣﻘﺘﺪر .واﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻨﺤﻨﻲ ﻟﻤﻦ ﻫﻮ ﻗﺎدر وﻳﻤﻠﻚ ﻓﻴﻀً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل. ﺣﺮﺻﺎ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮر ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﻨﺎدرة واﻟﻔﻘﺮاء أﻛﺜﺮ ً
وﻫﻢ ﻳﻜﻨﺰون اﻟﺪﻳﻨﺎر ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻨﺎر ﺳﻨﻮات اﺳﺘﻌﺪا ًدا ﻟﻬﺬا اﻟﺤﺪث أوﻻ إﻳﻤﺎن اﻟﻔﻘﺮاء ﺑﺎﻷﺳﺎﻃﻴﺮ أﻗﻮى ﻣﻦ إﻳﻤﺎن اﻟﻘﻴﺮواﻧﻲ اﻷﻫﻢً . اﻷﻏﻨﻴﺎء .وﺛﺎﻧ ًﻴﺎ ﻫﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون اﻋﺘﻘﺎ ًدا راﺳﺨًﺎ أن َﻣﻦ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ رﻃﻞ ﻟﺤﻢ وﻳﻄﻌﻢ أﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻜﺄﻧﻪ زﻛّﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺣﻴﺎة أﻫﻠﻪ وأﻣﻦ ﻏﻀﺐ اﻟﻠﻪ وإﻳﺬاء اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ واﻟﻤﺮدة ور ّد ﻋﻴﻦ اﻟﺤﺴﺎد واﻟﺴﻮء. وﺛﺎﻟﺜًﺎ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻫﻢ ،أﻧﻬﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﻣﺮض ﻟﻬﻢ أﺣﺪ اﻷﺣﺒﺔ ﻣﻦ اﻷﻫﻞ ﻧﺬروا إن أﻧﻘﺬه اﻟﻠﻪ وﺷﻔﺎه أن ﻳﺸﺘﺮوا رﻃﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﻟﺤﻢ ﺟﻤﻞ ﺑﺮوﻃﺔ اﻟﻤﺒﺎرك ﻛﻨﺬر .وﻫﻮ ﻃﻘﺲ رﺋﻴﺲ ﻓﻲ اﻋﺘﻘﺎداﺗﻨﺎ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .اﻟﺸﻌﻮب ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻻ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﺳﻮى ﻗﺸﻮره .وﺑﻌﺪ ذﺑﺢ اﻟﺠﻤﻞ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮن روﺛﻪ ودﻣﻪ وﻣﺮارﺗﻪ وﻣﺨﺎﻃﻪ وﻣﺼﺎرﻳﻨﻪ وﺑﻮﻟﻪ اﻟﻤﺤﺒﻮس ﻛﺄدوﻳﺔ وﻳﺠﻔﻔﻮﻧﻬﺎ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻷﻏﺮاض اﻟﺴﺤﺮ واﻟﺤﻞ واﻟ َﻌ ِ ﻘﺪ وﺗﺒﻄﻴﻞ اﻟﻤﻌﻘﻮد وﻓﻚ اﻟﻤﺮﺑﻮط واﺳﺘﺤﻀﺎر ّ واﻟﺮﺑﻂ اﻟﺠﺎن وﻳﻀﻌﻮﻧﻪ ﻣﺠﻔﻔًﺎ ﻣﻊ اﻟﺤﺒﺔ اﻟﺴﻮداء وأﻇﺎﻓﺮ اﻟﻔﺌﺮان اﻟﺬﻛﻮر وﺑﻌﺮ اﻟﻤﺎﻋﺰ اﻟﺤﺎﺋﺾ ،وأﻧﻴﺎب اﻷﻓﺎﻋﻲ وﺷﻮك اﻟﻌﻘﺎرب وﺷﻌﺮ اﻟﻌﺎﻧﺔ وأﻇﺎﻓﺮ اﻟﻤﻴﺖ ﺣﺪﻳﺜًﺎ وﻳﻌﻠﻘﻮﻧﻬﺎ أﻋﻠﻰ ﺑﺎب اﻟﺒﻴﺖ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻳﺒﻨﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻹﺳﻤﻨﺖ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ أﺑ ًﺪا ،وﻫﺬا ﻃﻘﺲ ﻣﻦ ﻃﻘﻮس اﻟﻘﻴﺮوان *ﻛﺎﺗﺐ ﺗﻮﻧﺴﻲ ﻣﻘﻴﻢ ﺑﻤﻴﻮﻧﻴﺦ
106
أﺳﻄﻮرة ﺑﺌﺮ رُوﻃﺔ وﻧﺸﺄة اﻟﻘﻴﺮوان
ﻋﻴﻨﻴﻪ؟ وﻛﻴﻒ ﻳﺼﻌﺪوﻧﻪ ﻳﻮﻣﻴًﺎ إﻟﻰ ﻓﻮق ﻋﺒﺮ ﺳﻠﻢ ﺿﻴﻖ؟ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺳﺎﺋﺢ ﺳﻨﻮﻳًﺎ ﻳﺰورون اﻟﻘﻴﺮوان وﻳﺼﻌﺪون اﻟﺴﻠﻢ وﻳﺮون اﻟﺠﻤﻞ .وﻻ أﺣﺪ ﺳﺄل ﻫﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﻤﻬﻢ ﻳﻮ ًﻣﺎ .ﻫﺬا اﻟﺴﺆال اﻟﺒﺴﻴﻂ اﻟﻌﺒﻘﺮي .ﻫﺬا اﻟﺴﺆال اﻻﺳﺘﻨﻜﺎري ﻫﻮ ﺳﺮ أﺳﺮار اﻟﻘﻴﺮوان؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ رﻳﺎﺿ ًﻴﺎ وﻓﻴﺰﻳﺎﺋ ًﻴﺎ أن ﻳﺼﻌﺪوا ﺑﻬﺬا اﻟﺠﻤﻞ اﻟﻀﺨﻢ ﻳﻮﻣ ًﻴﺎ ﻋﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺴﻠﻢ. ﻟﺬا ﻳﺄﺗﻮن ﺑﻪ ﺣﻮا ًرا ﺻﻐﻴ ًﺮا ﻳﺮﺿﻊ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ أﻣﻪ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن وأﺻﻴﻼ وﻣﻌﺮوﻓًﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺳﻼﻟﺔ ﻧﺴﻠﻪ .وﻳﻜﻤﻠﻮن إرﺿﺎﻋﻪ ﻟﻤﺪة ً ﻣﺨﺘﺎ ًرا ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﺒﺮ ﺑﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ اﻷراﻧﺐ ﻳﻤﻠﺆوﻧﻬﺎ ﻳﻮﻣ ًﻴﺎ ﻣﺮات ﺑﺤﻠﻴﺐ أﻣﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻠﺒﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻔﻞ ﺣﻴﺚ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﻀﻌﻮﻧﻬﺎ ﻓﻴﻪ. وﻳﺘﺮﻛﻮﻧﻪ ﻟﺴﻨﺔ أو أﻛﺜﺮ إﻟﻰ ﺟﻮار اﻟﺠﻤﻞ اﻟﻔﺤﻞ اﻟﺬي ﻳﺪور ﻣﻌﺼﻮب اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ .وﺣﻴﻦ ﻳﻜﺒﺮ اﻟﺤﻮار اﻟﺼﻐﻴﺮ وﻳﺸﺘﺪ ﻋﻮده وﻳﻌﻮد ﻗﺎد ًرا ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﺠﻤﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺪوﻳﺮ اﻟﺴﺎﻗﻴﺔ ،ﻳﻨﺤﺮون اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻷﻋﻠﻰ ،ﺑﻌﺪ أن ﻳﻌﺼﺒﻮا ﻋﻴﻦ اﻷﺻﻐﺮ .وﻳﺒﻴﻌﻮن اﻟ ّﺮﻃﻞ ﻣﻦ ﻟﺤﻤﻪ ﺑﺴﻌﺮ ﻋﺸﺮة ﻛﻴﻠﻮﺟﺮاﻣﺎت ﻣﻦ ﻟﺤﻢ اﻹﺑﻞ اﻟﻌﺎدي .ﻷن أﻫﻞ اﻟﻘﻴﺮوان
ﻳﻌﺘﺒﺮون ﻫﺬا اﻟﺠﻤﻞ ﻣﺒﺎرﻛًﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ .ﻓﻬﻢ ﻳﺨﺘﺎروﻧﻪ وﻫﻮ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﺴﻞ ﻧﺎﻗﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ وﻓﺤﻞ ﻣﻌﺮوف وﻛﺮﻳﻢ اﻟﻨﺴﺐ ،ﻟﺤ ّﺪ أ ّﻣﻪ وأﺑﻴﻪ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ .ورﺑﻄًﺎ ﺑﺎﻟ ّﺰﻣﻦ اﻷﻗﺪم ،ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ اﺧﺘﺎروا ﺟﺪﺗﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻗﺒﻞ ﺳﺒﻌﺔ أﺟﻴﺎل ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ واﻟﺼﺎرﻣﺔ ،ﻓﻴﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺼﻮر أن أﺻﻠﻬﺎ وﺧﻴﻂ ﺳﻼﻟﺘﻬﺎ واﺣﺪ ﻣﻨﺬ ﻣﺌﺎت ورﺑﻤﺎ آﻻف ﻛﻞ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ،وﺑﺎﻟﻀﺒﻂ اﻟﺴﻨﻴﻦ .وذَﺑﺢ اﻟﺠﻤﻞ ﻳﺤﺪث ﻣﺮة ﻓﻘﻂ ّ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺴﺎﺑﻊ "ﻳﻮﻟﻴﻮ" اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺻﺒﺎ ًﺣﺎ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ وﺣﻀﻮر اﻹﻣﺎم اﻷﻛﺒﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ. وﺳﺒﺐ إﻗﺒﺎل وﺗﺰاﺣﻢ اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻔﻘﺮاء ﻋﻠﻰ ﺷﺮاء ﻟﺤﻢ ﺟﻤﻞ ﺑﺮوﻃﺔ اﻟﻤﺒﺎرك .ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻴﻌﺎد اﻷﺳﺒﻮﻋﻲ ﻛﻞ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات .ﺑﻼ ﺗﺄﺧﻴﺮ وﻻ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﺮوف ،وﻣﺎ ﻳﺒﺬﻟﻪ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻣﻦ ﻣﺤﺎوﻻت وﻣﻨﺎﻓﺴﺎت ﺷﺮﺳﺔ أﺣﻴﺎﻧًﺎ وﺗﺨﻠﻒ اﻟﺒﻐﻀﺎء ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻮز ﺑﺠﻠﺪ اﻟﺠﻤﻞ أو رأﺳﻪ أو ذﻳﻠﻪ ﺣﺴﺐ اﻟﻄﺒﻘﺔ ،وﻳﺪﻓﻌﻮن ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ آﻻﻓًﺎ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺎﻧﻴﺮ .ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﻛﻞ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات إﻟﻰ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺪﻧﺎﻧﻴﺮ. ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ ،ﻫﻮ اﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﺤﻮز ﺟﻠﺪ اﻟﺠﻤﻞ وﺗﻮرﻳﺜﻪ ً
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
105
ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
ﻛﺬﻟﻚ ﻷن اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻔﺎﺗﺢ ،ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ ،اﻟﺬي ﻗﺪم ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﺤﺠﺎز ﺳﻨﺔ 49ﻫﺠﺮﻳﺔ أي 671ﻣﻴﻼدﻳﺔ .ﺣﻴﻦ ﺑﻠﻎ ﻣﻜﺎن اﻟﻘﻴﺮوان اﻵن ،وﻗﺪ ﻋﺎدت ﻏﺎﺑﺔ ﺗﻠﻒ ﺑﺎﻟﺒﺌﺮ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻏﺎدرﺗﻬﺎ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻔﺘﻲ وروﻃﺔ، ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟ ّﺮﺣﻞ ،واﻷﻋﺸﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺮوان ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻋﻠﻔًﺎ ﻹﺑﻠﻬﻢ .ﻓﺎﻣﺘﻸت ﺑﻌﺪ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ﺑﺎﻷﻋﺸﺎب اﻟﻤﻠﺘﻔﺔ وﻧﺒﺘﺖ اﻷﺷﺠﺎر ﺣﻮل اﻟﺒﺌﺮ وﻋﺎدت ﻏﺎﺑﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮاﺳﺮ واﻟﻮﺣﻮش واﻟﺰواﺣﻒ ــ ﻫﻜﺬا ﺗﻘﻮل أﺳﻄﻮرة ﻧﺸﻮء اﻟﻘﻴﺮوان ــ ﻓﺪﻋﺎ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻋﻘﺒﺔ ﻛﻞ زاﺣﻒ وﻛﺎﺳﺮ وذي ﻧﺎب أو ﻛﻞ ﺿﺎر وﻣﻦ ّ رﺑّﻪ أن ﻳﻄ ّﻬﺮ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻣﻦ ّ ﻣﺨﻠﺐ أو ﺷﻮﻛﺔ ...ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﺗﺠﺮﺟﺮ أﺑﻨﺎءﻫﺎ وراءﻫﺎ وﺗﺤﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﻓﻜﻴﻬﺎ اﻟﺠﺮاء اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻮى ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ .وﻗﺎم اﻟﺠﻨﺪ ﺑﻘﻠﻊ اﻷﺷﺠﺎر وﻣﻦ ﺧﺸﺒﻬﺎ ﺑﻨﻰ ﺳﻘﻮف اﻟﺒﻴﻮت ﻟﻘﺎدة ﺟﻨﺪه وراﻓﻌﻲ أﻟﻮﻳﺘﻪ، وﻣﻦ ﻋﺠﺰ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺴﻴﺮ ،وﺑﻨﻰ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮاﺻﻞ ﺻﻮب اﻟﻤﻐﺮب ﺟﺎﻣ ًﻌﺎ ،ﻫﻮ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻷﻛﺒﺮ ..وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﺎﻟﻘﻴﺮوان اﻵن أﺿﺨﻢ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ اﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻃﻮﻻ و 77 ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻫﺰ 9700ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ وﻣﻘﻴﺎﺳﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب 126ﻣﺘ ًﺮا ً
104
أﺳﻄﻮرة ﺑﺌﺮ رُوﻃﺔ وﻧﺸﺄة اﻟﻘﻴﺮوان
ﻣﺘ ًﺮا ﻋﺮﺿً ﺎ وﺑﻴﺖ اﻟﺼﻼة ﻓﻴﻪ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻣﺌﺎت اﻷﻋﻤﺪة اﻟﺮﺧﺎﻣﻴﺔ. ﻫﺬا إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺼﺤﻦ اﻟﻔﺴﻴﺢ اﻷرﺟﺎء اﻟﺬي ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻪ اﻷروﻗﺔ وﻣﻊ ﺿﺨﺎﻣﺔ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ ،ﻓﺠﺎﻣﻊ اﻟﻘﻴﺮوان اﻟﻜﺒﻴﺮ أو ﺟﺎﻣﻊ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﻳﻌﺪ أﻳﻀً ﺎ ﺗﺤﻔﺔ ﻣﻌﻤﺎرﻳﺔ ﻣﻦ أروع اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻣﺌﺬﻧﺘﻪ ﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﻗﺪم اﻟﻤﺂذن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻫﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺛﻼث ﻃﺒﻘﺎت وﻳﺼﻞ ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ إﻟﻰ 31,5ﻣﺘﺮ .وﻫﻮ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻛﻨﻮز ﻗﻴﻤﺔ ﻓﺎﻟﻤﻨﺒﺮ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺤﻔﺔ ﻓﻨﻴﺔ راﺋﻌﺔ وﻫﻮ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ ﺧﺸﺐ اﻟﺴﺎج اﻟﻤﻨﻘﻮش، وﻳﻌﺘﺒﺮ أﻗﺪم ﻣﻨﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺎ زال ﻣﺤﺘﻔﻈًﺎ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ اﻷﺻﻠﻲ وﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻬﺠﺮة أي اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻴﻼدي .ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻘﺼﻮرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﻨﻔﻴﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻫﺠﺮي أي اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣﻴﻼدي وﻫﻲ أﻳﻀً ﺎ أﻗﺪم ﻣﻘﺼﻮرة ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻣﺤﺘﻔﻈﺔ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮﻫﺎ اﻟﺰﺧﺮﻓﻴﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ. ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻘﻴﺮوان ﻫﻮ ﻣﻦ أﻗﺪم اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ اﻷرﺑﻌﺔ. اﻷول ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ اﻟﻘﺪس واﻟﺮاﺑﻊ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻘﻴﺮوان .وﻣﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ اﻟﺠﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﺪور ﻓﻲ ﺑﺮوﻃﺔ؟ وﻟﻤﺎذا ﻳﻌﺼﺒﻮن
اﻷرض ﻳﺪﺑّﻮن ﻣﺴﺘﻤﻴﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﻮا ﻣﻜﺎن ﺑ ّﺮوﻃﺔ اﻵن .وأﺳﻠﻤﻮا أﻣﺮﻫﻢ ﻟ ّﺮب رﺣﻴﻢ أو ﻟﻘﻄﻒ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺮﻳﺤﻬﻢ ﻣ ﱠﻤﺎ ﻋﺎﻧﻮا ﻣﻦ وﻳﻼت ﻟﻴﻼ. اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻣﻦ اﻟﻘﻴﻆ ﻧﻬﺎ ًرا واﻟﺼﻘﻴﻊ ً ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ ﻻ ﻳﺰال ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة .ﻓﺠﺄة وﻗﺪ ﺗﻐﺒﺶ وﻫﻮ ﻳﺠﺎﻫﺪ ﻟﻠﺘﺠﺪﻳﻒ ﻋﻜﺲ ﺑﺪأت ﻋﻴﻨﻪ ّ اﺗﺠﺎه ﺣﻠﻘﻮم اﻟﻨﻮم اﻷﺑﺪي ،ﺗﻬﻴﺄ ﻟﻠﺼﺒﻲ أﻧّﻪ ﻳﺮى ﻛﻠﺒﺘﻪ روﻃﺔ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺴﺮاب وﺗﺘﺸﻜﻞ ﺑﻮﺿﻮح ﻓﻌﻼ ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ .وﻟﻜ ّﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ واﻫ ًﻤﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ً ﻛﻠﺒﺘﻪ روﻃﺔ .وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ وﺑﺪأت ﺗﻠﻌﻖ وﺟﻬﻪ اﻟﻤﺘﻔﺤﻢ وﺷﻔﺘﻴﻪ اﻟﻤﺘﻴﺒﺴﺘﻴﻦ وﻋﻴﻨﻪ اﻟﻤﺘﻮرﻣﺔ واﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻐﺒﺎر. ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وﺣﻴﻦ اﻃﻤﺄﻧﺖ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة وﻛﺎن ﻣﺮاﻓﻘﻮه ﻗﺪ أﺳﻠﻤﻮا اﻟﺮوح ﻣﻨﺬ ﺳﺎﻋﺎت. ﺑﺪأت ﺗﺤﻔﺮ ﺑﺤﻤﺎس وﺟﻨﻮن ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ. وﻇﻠﺖ ﺗﺤﻔﺮ وﺗﺤﻔﺮ ،ﻧﺼﻒ ﻧﻬﺎر ﻛﺎﻣﻞ ،وﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﻦ واﻟﺤﻴﻦ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺼﺒﻲ وﺗﻠﻌﻖ ﺷﻔﺘﻴﻪ ووﺟﻬﻪ .ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﺣﻴﻦ ﺑﺪأت ﻣﺨﺎﻟﺒﻬﺎ ﺗﻘﻄﺮ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎء ،ﺗﺪﻓّﻖ اﻟﻤﺎء وﻣﻸ اﻟﺤﻔﺮة ﺑﺴﺮﻋﺔ .ﺑﺌﺮ روﻃﺔ. أوﻻ، وﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ ...ﺟﺎء وﻓﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻔﺘﻰ ً ﻛﺎن ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﻌﺪ أن ﺳﻤﻌﻮا ﻣﻦ ﺗﺎﺟﺮ أﻧﻪ ﻗﺎﺑﻠﻬﻢ ﻳﺴﻴﺮون ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺄ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺪري أﻧﻬﻢ ﻳﻘﺼﺪون ﻗﺮﻃﺎج .ﻓﻠﻢ ﻳﺼﻮب ﻟﻬﻢ. ﻛﻞ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺑﺨﻴﺎﻣﻬﺎ وأﻏﻨﺎﻣﻬﺎ وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺟﺎءت ّ ودﺟﺎﺟﻬﺎ وﻛﻼﺑﻬﺎ وﺑﻬﺎﺋﻤﻬﺎ وﺿﺮﺑﺖ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺎء وﻋﺎﺷﺖ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ .وﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﺒﺌﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺪور اﻟﺠﻤﻞ اﻵن ،ﺑﻨﻮا ﻣﻘﺎ ًﻣﺎ ﻣﺮﺗﻔ ًﻌﺎ ﻛﻘﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ودﻓﻨﻮا ﻓﻴﻪ ﺑﺮوﻃﺔ .ﺣﻴﻦ ﻣﺎﺗﺖ ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﺑﺴﻨﻮات .وأﺻﺒﺤﺖ ﺗُﺰار وﻳﺘﺒﺮك ﺑﻬﺎ وﺑﻤﺎﺋﻬﺎ اﻟﺰﻻل .وﻫﺬه اﻟﺒﺌﺮ ﻻ ﺗﻨﻀﺐ أﺑ ًﺪا. ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ﺑﻤﻜﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻌﺮف اﻷرض ﺑﺌ ًﺮا ﻻ ﺗﻨﻀﺐ آﻻف آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻟﺒﺌﺮﻳﻦ. أﺳﻄﻮرة ﻧﺸﻮء اﻟﻘﻴﺮوان
ﺗﻘﻊ ﺑﺌﺮ روﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺮوان ،أﻣﺎ اﻟﻘﻴﺮوان ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻴﻌﻨﻲ اﺳﻤﻬﺎ ﻣﺮﺑﺾ اﻟﺨﻴﻞ واﻟﺠﻤﺎل .وﺳﻤﻴﺖ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
103
ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
ﺼﻮب اﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ﺠﻤﻞ اﻟﻤﻌﺼ ﺣﻜﺎﻳﻳﺔ اﻟﺠ
أﺳﻄﻮرة ﺑﺌﺮ رُوﻃﺔ وﻧﺸﺄة اﻟﻘﻴﺮوان ﻛﻤﺎل اﻟﻌﻴﺎدي
ﺮﻛﺐ ،واﺳﻤﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﺌﺮ روﻃﺔ .أﻣﺎ اﻟﺒﺌﺮ ﻓﻬﻲ ﺗﻠﻚ ﺑﺮوﻃﺔ اﺳﻢ ُﻣ ّ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻌﺪ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻠﻢ اﻟﻀﻴﻖ .وأﻣﺎ روﻃﺔ ﻓﻬﻮ اﺳﻢ ﻛﻠﺒﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺮوة ﺻﻐﻴﺮة ﺳﺎﺋﺒﺔ ﺣﻴﻦ ﻓﻘﺪت أﻣﻬﺎ وﺗﺎﻫﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺮاري ﻓﺘﺒﻌﺖ راﺋﺤﺔ اﻟﺸﻮاء واﻹﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ وﺻﻠﺖ ﻣﻀﺎرب ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﺮﺗﺤﻠﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺿﺮﺑﺖ ﺑﺨﻴﺎﻣﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺳﺒﺎﺳﺐ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻣﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﺮوان اﻵن ،واﺳﺘﺄﻧﺴﺖ ﺧﻴﻤ َﺔ اﺑﻦ ﺷﻴﺦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﺼﺒﻲ اﻟﻔﺘﻲ اﻟﻴﺎﻓﻊ ،ﺣﻴﺚ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﺸﻮاء ،واﻟﻌﻈﺎم ،وﻓﺮح ﺑﻬﺎ ّ اﻟﺸﺎب ّ أﻳﻤﺎ ﻓﺮح ،وﻋﻨﻲ ﺑﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻳﺴﻘﻴﻬﺎ ﺣﻠﻴﺐ اﻟﻨﻮق واﻟﻤﺎﻋﺰ ﺑﺠﻤﻊ ﻛﻔﻴﻪ وﻛﺎن ﻳﺪق ﻟﻬﺎ ﻋﻈﺎم اﻟﻄﻴﻮر واﻷراﻧﺐ واﻟﺨﺮﻓﺎن وﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻷﻛﻞ ﺣﺘﻰ ﻛﺒﺮت واﺷﺘﺪ ﻋﻮدﻫﺎ وﺻﺎرت ﺗﺘﺒﻌﻪ ﻛﻈﻠﻪ وﻓﺎء واﻣﺘﻨﺎﻧًﺎ .وﻻ ﺗﻔﺎرﻗﻪ ً ﻟﻴﻼ وﻻ ﻧﻬﺎ ًرا وﺗﺼﺎﺣﺒﻪ ﻟﺼﻴﺪ اﻟﺜﻌﺎﻟﺐ واﻟﻈﺒﺎء واﻷرﻧﺐ اﻟﺒﺮي واﻟﻘﻨﻔﺪ واﻟﻴﺮاﺑﻴﻊ واﻟﺴﻼﺣﻒ واﻟﻄﻴﻮر وﺣﺘﻰ اﻟﺬﺋﺎب. ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺎم ً ﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب ﺧﻴﻤﺘﻪ ،ﺗﺤﺮﺳﻪ ﻣﻦ اﻟﻠﺼﻮص وﻗﻄﺎع اﻟﻄﺮق وﻣﻦ دا ّﺑﺔ اﻷرض وزواﺣﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﺎرب وأﻓﺎع وﻳﻌﺎﺳﻴﺐ ﺳﺎﻣﺔ وﻧﻤﻞ ﻋﻤﻼق وﻏﻴﺮﻫﺎ.
102
أﺳﻄﻮرة ﺑﺌﺮ رُوﻃﺔ وﻧﺸﺄة اﻟﻘﻴﺮوان
وذات ﻓﺠﺮ ،ﻗﺮر ﺷﻴﺦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ واﻟﺪ اﻟﻔﺘﻰ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ أﺷﺪه ﺑﻌﺪ، أن ﻳﺮﺳﻠﻪ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻣﻊ ﺛﻼﺛﺔ أﺷ ّﺪاء ﻣﻦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻟﻴﺸﺘﺮي ﺻﺎﻏﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ ﻷﺧﺘﻪ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮس .وﺣﻴﻦ ﺧﺮج ﻣﻌﻬﻢ. ﺗﺒﻌﺘﻪ اﻟﻜﻠﺒﺔ روﻃﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻧﻬﺮﻫﺎ ﺑﺸ ّﺪة ﻛﻮن ﻣﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻦ زاد وﻣﻦ ﻗﺮب ﻣﺎء ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻔﻴﻬﻢ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻬﻢ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﻀﻨﻴﺔ. رﻣﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ ﺗﻠﻮ اﻟﺤﺠﺮ .وأﺻﺎﺑﻬﺎ ﻣﺮﺗﻴﻦ أو ﺛﻼﺛ ًﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻬﺎ وﻓﻲ رأﺳﻬﺎ .ﻓﺨﻤﺪت وﻧﻈﺮت ﺻﻮﺑﻪ ﺑﺬﻋﺮ ﺛﻢ وﻟﺖ اﻷدﺑﺎر ﺣﺎﺋﺮة وﺣﺰﻳﻨﺔ. ﺿﺮﺑﻮا ﻓﻲ اﻟﺴﻬﻮل واﻟﻔﻴﺎﻓﻲ واﻟﻮدﻳﺎن واﻷﺣﺮاش ،وﺷﻮت اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻘﺎﺋﻈﺔ وﺟﻮﻫﻬﻢ وﺟﻠﻮد رﻗﺎﺑﻬﻢ وﻣﻸ اﻟﻐﺒﺎر واﻟﺘﺮاب واﻟﺮﻣﻞ ﻓﺘﺤﺎت أﻧﻮﻓﻬﻢ وآذاﻧﻬﻢ وأﻓﻮاﻫﻬﻢ وأﻋﻴﻨﻬﻢ .ﻓﺘﺎﻫﻮا واﺧﺘﻠﻄﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ وﺿﻠﻮا اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﻗﺮﻃﺎج ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺼﺪون. ﻗ ّﺪروا ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أﻧﻬﻢ ﺳﻴﺒﻠﻐﻮن ﻗﺮﻃﺎج ﺑﻌﺪ أﺳﺒﻮع .وﻟﻜﻦ ﻣﺮت ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻀّ ﻨﻚ اﻟﺸﺪﻳﺪ وﻟﻢ ﺗﺒﺪ ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﺑﺎرﻗﺔ أﻣﻞ أو ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﺬي ﻋﻠﻴﻬﻢ اﺗﺒﺎﻋﻪ، واﻧﺘﻬﻰ زادﻫﻢ و ُز ّوادﻫﻢ وزاد اﻟﻄﻴﻦ ﺑﻠّﺔ .أ ّن ِﻗ َﺮ َب اﻟﻤﺎء اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﻮﻫﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﻧﻔﺪت ﻣﻨﺬ ﻳﻮﻣﻴﻦ وﻧﺎل ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻌﻄﺶ وﻟﻢ ﺗﻄﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﻴﺮ واﻟﺮﻣﻞ اﻟﺤﺎرق .ﻓﺎﻧﻬﺎروا ﻋﻠﻰ
إﺿﺎءة
ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺤﺐ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﺳﺘﻌﺎدﺗﻪ اﺳﺘﻌﺎدة ﻟﻠﻨﻮر واﻟﺤﻜﻤﺔ واﻹﻳﻤﺎن اﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﺈﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺎﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻬﻨﺪى اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺣﻴﺎﺗﻪ إﻟﻰ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻠﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺸﺠﻦ واﻟﺤﻨﻮ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﺒﺸﺮ. اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ راﺑﻨﺪراﻧﺎت ﻃﺎﻏﻮر اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻰ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻣﺎﻳﻮ ﻋﺎم ،1861ﻓﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻠﻜﺘﺎ ،ﻓﻰ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﺒﻨﻐﺎل ﻣﻨﻬﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ أﺳﺮﺗﻪ ﻣﻴﺴﻮرة اﻟﺤﺎل ،ﻓﻮﻓﺮت ﻟﻪ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ واﻟﻤﺮﺑﻴﻦ وﻟﻢ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻧﻈﺎﻣﻲ ﻗﻂ .ﺗﻤﺘﻊ واﻟﺪه ﺑﻤﻜﺎﻧﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ،وﻧﺒﻎ إﺧﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﻓﻨﻮن اﻷدب واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ .ﺗﺰوج ﻃﺎﻏﻮر ﻋﺎم ،1883وﻛﺎن ﻓﻰ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ،وأزﻫﺮ ﻋﺸﻘﻪ ﻟﺰوﺟﺘﻪ ﻓﻰ دﻳﻮان "ﺑﺴﺘﺎﻧﻲ اﻟﺤﺐ" ﻟﻜﻨﻪ ذاق ﻟﻮﻋﺔ وﻣﺮارة اﻟﻔﺮاق ﺑﻔﻘﺪﻫﺎ وﻓﻘﺪ اﺑﻨﻪ واﺑﻨﺘﻪ ﻣﻨﻬﺎ. أﺻﺪر ﻃﺎﻏﻮر دﻳﻮان "اﻟﻤﺜﺎﻟﻰ" ﻋﺎم ،1890ﻓﺸﻜﻞ ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻓﻰ ﺷﻌﺮه وﺷﻌﺮ اﻟﺒﻨﻐﺎل ﻋﺎﻣﺔ .اﻧﺘﻘﻞ ﻃﺎﻏﻮر ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻓﻰ إﻗﻠﻴﻢ اﻟﺒﻨﻐﺎل اﻟﺸﺮﻗﻲ "ﺑﻨﺠﻼدﻳﺶ" وﻋﺎش ﻣﻊ اﻟﻔﻼﺣﻴﻦ واﻟﻔﻘﺮاء وﻋﺎﻳﺶ أوﺿﺎﻋﻬﻢ اﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ اﻟﻤﺘﺮدﻳﺔ وﻋﺮض ﻷﺣﻮاﻟﻬﻢ وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ واﻟﻨﺜﺮﻳﺔ .ﻳﺤﺘﻔﻲ ﺷﻌﺮ ﻃﺎﻏﻮر ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ،ﻓﻤﺎ إن ﺗﻄﺎﻟﻊ ﺷﻌﺮه ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻴﺾ ﻋﻠﻴﻚ ﻋﺬوﺑﺔ اﻷﻧﻬﺎر وﺻﻔﺎء اﻟﺴﻤﺎء وﺷﻤﻮخ اﻟﺠﺒﺎل وﺳﻜﻮن اﻟﻐﺎﺑﺎت وﺗﻤﺮد اﻟﻌﻮاﺻﻒ .ﺗﻨﺒﺜﻖ ﻗﻴﻤﺔ ﺷﻌﺮه
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺮﻛﺔ* ǼƉƚǙ ŝũōljǶ ǽȃŌǶƈ
ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ إﻧﺴﺎﻧﻴﺎ ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﺖ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻳﻌﻤﻖ أواﺻﺮ ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ وﻛﺎﺋﻨﺎت: "آه ،ﻫﺬا اﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻦ ،اﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻦ اﻷﺑﻴﺾ /أﺗﺬﻛﺮ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻸت ﻳﺪى ،ﻷول ﻣﺮة ،ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻨﺔ ،أول ﻳﺎﺳﻤﻴﻨﺔ ﺑﻴﻀﺎء /ﺷﺮوق اﻟﺸﻤﺲ ﻋﺸﻘﺖ/ اﻟﺴﻤﺎء ،اﻷرض اﻟﺨﻀﺮاء ،ﻋﺸﻘﺖ /وإﻟﻰ ﺗﻤﺘﻤﺎت اﻟﻨﻬﺮ اﺳﺘﻤﻌﺖ /ﻓﻰ ﻋﺘﻤﺔ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﻴﻞ /أﻗﺒﻠﺖ ﺷﻤﺲ اﻟﺨﺮﻳﻒ ،ﻋﻨﺪ اﻧﺤﻨﺎءة اﻟﻄﺮﻳﻖ، إﻟﻲ ،ﻓﻲ اﻷﻓﻖ اﻟﻤﻨﻌﺰل /رﻓﻌﺖ ﺣﺠﺎﺑﻬﺎ ﻛﻌﺮوس ﻟﺘﻘﺒﻞ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ". ﱠ وﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎرئ ﺟﻨﻮح ﻃﺎﻏﻮر إﻟﻰ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺑﻜﻞ رﺷﺎﻗﺔ وﺑﺴﺎﻃﺔ ،وآراؤه اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻰ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺘﺪﻳﻦ ،ﻓﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺠﺪه ﻓﻰ ﻗﺼﻴﺪة "اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺰاﺋﻒ" ﻳﻨﻌﻰ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻء ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻄﺎوﻟﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺑﻤﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ وﺗﺪﻳﻨﻬﻢ ،ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺼﺐ اﻷﻋﻤﻰ اﻟﺬى ﻳﺆدي ﺑﺎﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء ،ﻣﺎ أﺣﻮﺟﻨﺎ اﻵن إﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻰ دﻋﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻃﺎﻏﻮر ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم" :ﻳﻬﻴﻦ اﻟﻤﺘﻌﺼﺐ دﻳﻨﻪ /ﺣﻴﻦ ﻳﺬﺑﺢ رﺟﻼ /ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ دﻳﻨﻪ" ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻌﻰ ﻃﺎﻏﻮر ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﻜﺴﺎﻟﻰ اﻟﻤﺪﻋﻴﻦ رﻛﻮﻧﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﻮاﻛﻞ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ ،راﺳﻤﺎ ﻟﻨﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻘﻮﻳﻤﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺪﻳﻦ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻻ اﻟﺘﻮاﻛﻞ ،وﺑﺄن اﻟﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻰ ﻣﻌﺒﺪ اﻟﻤﺘﻌﺒﺪ اﻟﺬي ﺗﺮك اﻟﻌﻤﻞ. ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺪﺣﻮن ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺤﺎرﻗﺔ ﻳﺸﻴﺪون ﻟﻨﺎ وﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻫﻨﺎك ﻣﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻓﻰ ﺑﺎﻃﻦ اﻷرض ﻓﻰ ﻇﻠﻤﺎت اﻟﻤﻨﺎﺟﻢ ﻟﻴﻀﻴﺌﻮا اﻟﺤﻴﺎة ﻟﻤﻦ ﺣﻮﻟﻬﻢ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻧﺮى ﻓﻰ ﻗﺼﻴﺪة "اﻟﻤﻌﺒﺪ اﻟﻤﻮﺻﺪ" ﻣﻦ دﻳﻮاﻧﻪ "ﺟﺘﻨﺠﺎﻟﻰ": "دع ﻋﻨﻚ ﻫﺬا اﻹﻧﺸﺎد /ﻫﺬا اﻟﻐﻨﺎء واﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺰﺧﺮف /ﻣﻦ ذا ﺗﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻦ اﻟﻤﻌﺘﻢ ﻓﻰ ﻣﻌﺒﺪ ﻣﻮﺻﺪ؟ اﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻴﻚ وﻟﺘﺒﺼﺮ أن رﺑﻚ ﻟﻴﺲ أﻣﺎﻣﻚ /إﻧﻪ ﻫﻨﺎك /ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺮث اﻟﺤﺎرث اﻷرض اﻟﺼﻠﺒﺔ /وﺣﻴﺚ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻳﻜﺴﺮ اﻷﺣﺠﺎر /إﻧﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻰ اﻟﺸﻤﺲ وﺗﺤﺖ اﻟﻤﻄﺮ/ ﻓﺎﺧﻠﻊ ﻋﻨﻚ ﺣﺠﺎﺑﻚ اﻟﻤﻘﺪس" /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
101
ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
اﻟﻘﺪم اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ! اﻟﻘﺪم اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻤﻮروﺛﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻴﻦ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﻬﺎت ﺗﻘﻤﻦ ﺑﻄﻲ أﻗﺪام اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮات ﻋﺒﺮ ﻟﻔﻬﺎ ﺑﻀﻤﺎدات ﻣﺤﻜﻤﺔ ،وﺗﺠﺒﺮﻫﻦ ﻋﻠﻰ ارﺗﺪاء أﺣﺬﻳﺔ ﺿﻴﻘﻪ ﺟﺪا ً ﻳُﺼ َﻨﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪن ،ﺑﻬﺪف ﻣﻨﻊ ﻧﻤﻮ اﻟﻘﺪم ﺑﺸﻜﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ .ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟﺴﺎﺋﺪ أن اﻟﻔﺘﺎة ذات اﻟﻘﺪم اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻫﻲ ﻣﻦ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺰواج ،ﻷن اﻟﻘﺪم اﻟﺼﻐﻴﺮة إﺣﺪى ﺳﻤﺎت اﻟﺠﻤﺎل ﻟﺪﻳﻬﻢ .ﺗﺆدي ﻫﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻟﺘﺸﻮﻫﺎت ﻓﻲ أﻗﺪام اﻟﻔﺘﻴﺎت ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻵﻻم اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻘﺪم واﻟﻔﺨﺬﻳﻦ، وﺣﺪوث ﺗﻘﻴﺤﺎت ﻟﻠﻘﺪﻣﻴﻦ ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﺼﻞ ﻟﻌﺪم اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮف واﻟﺴﻴﺮ. رﺑﻂ ﻋﻈﺎم اﻟﺠﻤﺠﻤﺔ! ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺎﻧﺠﺒﻴﺘﻮ ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﻐﻮ ﻣﻮروﺛ ًﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴًﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ »رﺑﻂ ﻋﻈﺎم ﺟﻤﺠﻤﺔ اﻷﻃﻔﺎل« ،ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻒ اﻟــﺮأس ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻒ ﺑﺨﻴﻮط ﻗﻮﻳﺔ أو أﺳﻼك ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻧﻤﻮ اﻟﻌﻈﺎم ﻷﻋﻠﻰ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺮأس ﺗﻨﻤﻮ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ اﺳﺘﻄﺎﻟﺔ ﻟﻠﺨﻠﻒ .ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ إﺣﺪى ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺟﻤﺎل اﻟﻔﺘﻴﺎت. ﺗﺆﺛﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻟﺔ 100
اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻪ اﻟﺼﺤﻴﺔ
اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ،وﺗﺆدي ﻟﺤﺪوث ﺗﺸﻮﻫﺎت ﻓﻲ ﻧﻤﻮ ﻋﻈﺎم اﻟﺠﻤﺠﻤﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻮ اﻟﻤﺦ وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻠﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ أو اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ. ﺣﻤﺎﻳﺔ وﺗﻮﻋﻴﺔ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻧﻤﺎذج ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻮﻃﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎدات واﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت واﻟﻄﻘﻮس اﻟﺘﻲ ورﺛﺘﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻋﻦ أﺳﻼﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،واﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .ﻓﺎﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻧﻌﻜﺎس ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت واﻟﻌﺎدات اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ وﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻧﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ أﻋﻠﻨﺘﻪ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﻣﻦ أن اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاث ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺎدي إﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻠ ُﻬﻮِﻳﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ .وﻻ ﻧﻨﻜﺮ أن ﻫﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت واﻟﻤﻮروﺛﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺟﺰء أﺻﻴﻞ ﻣﻦ ُﻫﻮﻳﺔ ﻛﻞ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺴﺎﻟﻒ ِذﻛﺮﻫﺎ .وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ وأرﺷﻔﺘﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺮﻓﻊ وﻋﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗ ُﻤﺎرِس ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت ذات اﻟﻤﺮدود اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻬﻢ ،وﺗﻮﻋﻴﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨ ُﺠﻢ ﻋﻨﻬﺎ
ﻳﺘﻤﺜﻞ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻼﻣﺎدي ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات واﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت واﻟﻄﻘﻮس اﻟﺘﻲ ورﺛﺘﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ أﺳﻼﻓﻬﺎ وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ. ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت ذو ﻣﺮدود ﺳﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ ﻧﺴﺎء ﺑﺮﻗﺒﺎت ﻃﻮال! ﻗﺒﻴﻠﺔ "اﻟﺒﺎدوﻧﺞ" ،ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺘﻼل اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود ﺑﻴﻦ ﺑﻮرﻣﺎ وﺗﺎﻳﻼﻧﺪ .ﻳﻘﻮم أﻫﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﻃﻮق ﻧﺤﺎﺳﻲ ﺣﻮل رﻗﺒﺔ اﻟﻔﺘﺎة ﻣﻨﺬ ﺻﻐﺮﻫﺎ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي ﻟﺰﻳﺎدة ﻃﻮل اﻟﺮﻗﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻀﻌﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺎل اﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻨﺪ ﺑﺤﺜﻬﻢ ﻋﻦ زوﺟﺔ .ﻓﻬﻢ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻟﻤﺮأة ﻗﺼﻴﺮة اﻟﺮﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻗﺒﻴﺤﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻧﺎدرا ً ﻣﺎ ﻳﺘﺰوﺟﻮن ﻣﻦ ﻧﺴﺎء ﻻ ﻳﺮﺗﺪﻳﻦ اﻟﻄﻮق ،وﻗﺪ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﻬﺎت ﻳﺤﺮﺻﻦ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﻄﻮق ﻟﺒﻨﺎﺗﻬﻦ ﻟﺰﻳﺎدة ﻓﺮﺻﻬﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺰوج .ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﻞ واﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﺮﻗﺒﺔ اﻟﻔﺘﺎة ،ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﻴﺮات ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺰان اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺠﺴﺪ، ذﻟﻚ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺸﻮه ﺗﻜﻮﻳﻦ وﻧﻤﻮ اﻟﻌﻈﺎم.
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
99
ﺗﺮاث اﻟﺸﻌﻮب
اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻪ اﻟﺼﺤﻴﺔ
د .ﺗﺎﻣﺮ ﺟﺎد راﺷﺪ
ﻳﺘﻤﺜﻞ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻼﻣﺎدي ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات واﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت واﻟﻄﻘﻮس اﻟﺘﻲ ورﺛﺘﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ أﺳﻼﻓﻬﺎ وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ .ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت ذو ﻣﺮدود ﺳﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ .ﻧﺘﺒﻨﻰ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل اﻟﻤﻨﻈﻮر اﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ،أي دراﺳﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة أو اﻟﻤﺘﻐﻴﺮ ﻣﺤﻞ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ ﺿﻮء ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ وﻣﺘﻐﻴﺮات، وﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎق اﻟــﺬي وﺟــﺪت ﻓﻴﻪ اﻟﻈﺎﻫﺮة .وذﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺪﺧﻞ اﻟﺒﻴﻮﺛﻘﺎﻓﻲ ،Biocultural Approachوﻫﻮ أﺣﺪ أﻫﻢ ﻣﺪاﺧﻞ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻻﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺪراﺳﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﻤﺘﺒﺎدل ﺑﻴﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﺑﻴﻦ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ )اﻟﺼﺤﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻤﺪﺧﻞ ﺳﻨﻘﻮم ﺑﺮﺻﺪ اﻟﻤﺮدود اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻼﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ. 98
اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻪ اﻟﺼﺤﻴﺔ
ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎذج واﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺟﻬﺔ وﺟﻮاﻧﺒﻪ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .ﻓﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ وﺟﻬﺎن ﻟﻌﻤﻠﺔ واﺣﺪة وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺼﻠﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،ﻓﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻵﺧﺮ وﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ .وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ: إﺻﺒﻊ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺘﻮﻓﻰ! إﺣﺪى ﻗﺒﺎﺋﻞ إﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﺗ ُﺪ َﻋﻰ "داﻧﻲ" وﻫﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﻔﻌﺎت ﺑﺎﺑﻮا اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .ﺣﻴﺚ ﻳُﻤﺎرِس أﻓﺮاد ﻫﺬه اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﺘﻲ ورﺛﻮﻫﺎ ﻋﻦ أﺳﻼﻓﻬﻢ ،وﺗ ُ َﻌﺪ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻗﻄﻊ اﻷﺻﺎﺑﻊ أﺣﺪ أﻫﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت. ﻓﺘﻘﻮم اﻟﻨﺴﺎء ﺑﻘﻄﻊ ﻋﻘﻠﺔ ﻣﻦ أﺻﺎﺑﻌﻬﻦ ﻛﻠﻤﺎ ﺗُ ُﻮ ِﻓﻲ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﻦ ﺗﻌﺒﻴﺮا ً ﻋﻦ اﻷﻟﻢ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺎﺑﻬﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻘﺪان ﻋﺰﻳﺰ ﻋﻠﻴﻬﻦ. وﺗﺮﺟﻊ ﻫﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺮاﺳﺦ ﻟﺪﻳﻬﻦ ﺑﺄن روح اﻟ ُﻤﺘَ َﻮﻓﻰ ﺗﻈﻞ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻦ ﻳﻘﻤﻦ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ إرﺿﺎء ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺮوح ﻛﺘﻌﺒﻴﺮ ﺟﺴﺪي ﻋﻦ ﺣﺠﻢ اﻷﻟﻢ واﻟﻔﺮاغ اﻟﺬي ﺧﻠﱠ َﻔ ُﻪ رﺣﻴﻞ اﻟ ُﻤﺘَ َﻮﻓﻰ.
ﺣﺪﻳﺜﺔ ،ﺗﻐﻄﻲ ﻣﻌﺎﻟﻢ وآﺛﺎر وﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر، ٍ ﻣﻈﺮوف دﻗﻴﻖ ،ﻳﻀﻢ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺧﺮاﺋﻂ ﺛﻢ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺬي ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﻧﺎدرة ﺗﻨﺸﺮ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻘﺎﻫﺮة )وﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻃﺒ ًﻌﺎ ،ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻮﺟﻴﺰ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮ »اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻬﺎ وﺣﺘﻰ اﻵن« ،اﻟﺬي ﺻﺪرت ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﻦ اﻟﺪار اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎم ،1997وﻫﻮ ﻛﺄﻧﻪ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ دراﺳﺔ ﻣﺼﻐﺮة أو ﻧﻮاة ﻟﻠﺪراﺳﺔ اﻷﻛﺒﺮ( إﻧﻪ ،أﻳﻀً ﺎ وﻛﻤﺎ وﺻﻔﻪ ﺑﺤﻖ اﻟﻤﺮﺣﻮم د.ﻋﺒﺎدة ﻛﺤﻴﻠﺔ "أﻫﻢ ﻣﺆﻟﻒ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة" .ﻓﻲ اﻷﺛﻨﺎء؛ وﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺪ اﻟﺘﺄﻟﻴﻔﻲ اﻟﻀﺨﻢ ،ﻛﺎن ﻳﻌﻜﻒ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة ﺗﺤﻘﻴﻖ وإﺧﺮاج أﻫﻢ ﻣﺼﺎدر ﺣﻮﻟﻴﺔ ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻘﺮون اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮة؛ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﻘﺮﻳﺰي اﻟﻌﻤﺪة »إﻋﺎدة اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺨﻄﻂ واﻵﺛﺎر« اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺑـ »ﺧﻄﻂ اﻟﻤﻘﺮﻳﺰي« ﻓﻲ ﺳﺘﺔ ﻣﺠﻠﺪات ﻛﺒﺎر؛ وﻛﺘﺎﺑﻪ اﻵﺧﺮ »اﺗﻌﺎظ اﻟﺤﻨﻔﺎ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﻬﻢ ﺟ ًﺪا اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻴﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎ« ﻓﻲ أرﺑﻌﺔ ﻣﺠﻠﺪاتً ، »ﻣﺬاﻫﺐ أﻫــﻞ ﻣﺼﺮ وﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ« وﻫﻮ ﻧﺺ ﻧﺎدر ﻟﺸﻴﺦ ﻣﺆرﺧﻲ ﻣﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻘﺮﻳﺰي؛ وأﺗﺼﻮر أن ﺟﻬﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ وإﺧﺮاج ﻫﺬه ٍ ﻃﺒﻌﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺤﻘﻘﺔ اﻟﻨﺼﻮص ﻓﻲ وﻣﺪﻗﻘﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﺪث ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ﻣﻜﺘﺸﻔﺔ أو ﻧﺴﺦ ﻟﻢ ﺗﻘﻊ ﺑﻴﻦ أﻳﺪي اﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ؛ أﺗﺼﻮر أﻧﻪ ﻣﺠﻬﻮد ﻳﻀﻤﻦ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ اﻟﺒﻘﺎء واﻟﺨﻠﻮد واﻟﻔﺨﺮ. وﻫﺎ ﻫﻮ ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ اﻟﺮﺻﻴﻨﺔ اﻟﺒﻬﻴﺔ ،ﻳﺘﻮج أﻳﻤﻦ اﻟﻤﺴ ِﺤ ّﻴﺔ ﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ْ ﻣﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺑﻬﺬه اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺠﺎدة اﻟﻤﻨﻀﺒﻄﺔ اﻟﻮاﻓﻴﺔ ﻟـ »دوﻟﺔ ﺳﻼﻃﻴﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ«.. وأﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻧﻈﺮي ﻻ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﻋﺮﺿﻪ اﻟﺮاﺋﻊ ﻟﻤﺎد ٍة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻮﺛﻘﺔ ،اﻋﺘﻤﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﻈﻠّﺔ أو ﻣﺮوﺣﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ ،اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻷﺟﻨﺒﻴﺔ؛ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﺘﻲ اﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو ﺣﻘﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﺸﺮات ﺣﺪﻳﺜﺔ ،أو ﻓﻲ ﻣﺎدة وﺛﺎﺋﻘﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺎة ﻣﻦ ﺳﺠﻼت اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة .وﻟﻜﻦ ﺗﻜﻤﻦ أﻳﻀً ﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻪ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺎدة اﻟﺨﺼﺒﺔ )ﺑﻞ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ اﻟﻤﺤﺘﺮﻓﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ( ﺑﻮﺿﻌﻬﺎ داﺧﻞ إﻃﺎ ٍر ﺗﺤﻠﻴﻠﻲ دﻗﻴﻖٍ وﻣﺤﻜﻢ ،وإن ﻛﺎن ﻳﺜﻴﺮ اﻟﻜﺜﻴ َﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ ،واﻟﻜﺜﻴ َﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻐﻒ ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺰﻳﺪ وﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﺰﻳﺎدة.. إﻧﻬﺎ دراﺳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﺗﻨﺸﺪ ﻫﺪﻓﻬﺎ اﻟﺬي ﺣﺪدﺗﻪ ﺑﺪﻗ ٍﺔ واﻗﺘﺪار ،وﻫﻮ أن ﺗﻘﺪم اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ،اﻟﻜﻠﻴﺔ ،اﻟﻤﺆﻃﺮة ﻟﺪوﻟﺔ ﺳﻼﻃﻴﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ؛ وﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻘﺪم ﻓﺎﺋﺪة ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖِ اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ أﺣﺪث اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ، وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺗﻘﺪم ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻘﺎرئ اﻟﻤﺜﻘﻒ ،ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﺨﺼﺺ، دراﺳﺔ واﻓﻴﺔ ﺳﻬﻠﺔ اﻟﻘﺮاءة ﻋﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻨﺎول ،وﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي اﻧﻔﺮدت ﺑﻪ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة.. ﺗﻠﺘﺌﻢ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﻤﺸﺮوع وﺗﺘﻀﺎم اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ واﻷﺟــﺰءا إﻟﻰ ﺟﻮار ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎً ،وﻳﻜﻤﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ؛ ﻟﻨﻜﺘﺸﻒ أن ﺛﻤﺔ ﺧﻴﻄﺎ رﻓﻴﻌﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺘﻴﻦ وﻗﻮي ﻳﺮﺑﻂ ﻛﻞ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺴﺎﺑﻘﻪ وﻳﺸﺪه إﻟــﻰ ﻻﺣﻘﻪ؛ وﺑﻌﻴﻦ اﻟﻨﻈﺮ واﻟﺘﺄﻣﻞ ﺳﻨﺠﺪ أﻧﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻏﻄﻰ ﻗﺮاﺑﺔ اﻟﻘﺮون اﻟﻌﺸﺮة؛ ﻣﻨﺬ دﺧﻞ اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ اﻟﻤﻴﻼدي وﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ اﻟﻤﻴﻼدي؛ وﻫﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ زﻣﻨﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ؛ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻤﺨﺾ ﻋﻨﻬﺎ أو ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺘﺒﺎ أو وﺛﺎﺋﻖ أو ﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ..إﻟﺦ. وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﻟﻦ ﻳﻔﻲ ﻣﻘﺎل واﺣﺪ ﺑﺈﺿﺎءة ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺐ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻀﺨﻢ ..ﻓﺈﻟﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻗﺮﻳﺐ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
97
إﺿﺎءة
أﻳﻤﻦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ.. إﻃﻼﻟﺔ أوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺆرخ ﻛﺒﻴﺮ أﻋﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻲ داﺋ ًﻤﺎ ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،وﻣﻦ ﻣﺮﻳﺪي اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ اﻟﻤﻘﺘﺪرﻳﻦ اﻟﻜﺒﺎر؛ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﺮأ ﻟﻬﻢ وﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ وأﻫﻤﻴﺔ "اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ" ،وﻛﻴﻒ ﻧﻘﺮأ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ وﻛﻴﻒ ﻧﻜﺸﻒ اﻟﻤﺴﻜﻮت ﻋﻨﻪ ،وﻧُﻨﻄﻖ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻄﻮر ﻟﻨﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻫﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺧﺎﻓﻴًﺎ ،وﻧﺴﺘﻨﺘﺞ ﻣﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻤﻸ اﻟﺸﻘﻮق واﻟﺼﺪوع واﻟﻔﺠﻮات .ﻫﻜﺬا ﻛﻨﺖ أﻗﺮأ ﻣﺸﺮوﻋﺎت ﻣﺆرﺧﻴﻨﺎ اﻟﻜﺒﺎر ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت؛ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﻮﺳﻴﻂ واﻟﺤﺪﻳﺚ .ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت ﻳﺒﺮز اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺘﺄرﻳﺨﻲ اﻟﻀﺨﻢ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر أﻳﻤﻦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ؛ اﻟﻤﺆرخ اﻟﻘﺪﻳﺮ واﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺒﺎرز واﻟﻤﺤﻘﻖ اﻟﺤﺠﺔ ،وﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت واﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ ﺑﻌﻠﻮ ﺑﺎﻋﻪ ،ورﺳﻮخ ﻋﻠﻤﻪ ،واﻗﺘﺪاره اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ .ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ وﻣﻨﺬ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺴﻮرﺑﻮن اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﻳﻤﺎرس أﻳﻤﻦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﻓﻌﻼ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ؛ وﺑﻐﺾ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺑﻜﻔﺎءة وﺣﻴﻮﻳﺔ ﺑﺎﻋﺜﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻹﻋﺠﺎب ً اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺮاﻛﻤﺔ اﻟﻜﻤﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺐ واﻟﻤﺆﻟﻔﺎت واﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ أﻟﻔﻬﺎ، وﻫﻲ ﻛﺜﻴﺮة ﺟ ًﺪا وﺗﺸﻜﱢﻞ ﻣﻜﺘﺒ ًﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺑﺎذﺧﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻷﻫﻢ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي أﻧﻬﺎ أو اﻟﺠﺰء اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﻣﺸﺮوﻋﺎً ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎً ﺿﺨ ًﻤﺎ ﻹﻋﺎدة ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ،ﻋﺒﺮ ﻋﺼﻮرﻫﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻣﻨﺬ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﻌﺮب ﺳﻨﺔ 22 ﻫـ وﺣﺘﻰ ﻣﺠﻲء اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ﻟﺘﻔﺘﺘﺢ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ .ﻣﺎ زﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﻋﺘﻲ ﺑﺄن ﻣﺸﺮوع اﻟﺪﻛﺘﻮر أﻳﻤﻦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ؛ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻟﻠﻨﻮر ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻷﺧﻴﺮة ..وﻣﻊ ﻛﻞ ﻛﺘﺎب ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺨﺮﺟﻪ ﻳﺘﺄﻛﺪ ﻟﻲ أن ﻗﺮاءة ﻛﺘﺒﻪ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﺘﻌﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻌﺸﺎق اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻌﺎﻣﺔ ،وﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺨﺎﺻﺔ ،واﻟﺸﻐﻮﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻮم ..اﺳﻢ اﻟﺮﺟﻞ وﻣﻜﺎﻧﺘﻪ وﺟﻬﻮده وإﻧﺠﺎزاﺗﻪ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ أن ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ أﻳﻤﻦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ؛ ﺗﺄﻟﻴﻔﺎ وﺗﺮﺟﻤﺔ وﺗﺤﻘﻴﻘﺎ وﺗﻮﺛﻴﻘًﺎ ،ﻫﻮ ﺑﻼ ﺟﺪال ﺻﺮح ﻋﻠﻤﻲ وﻣﻨﺠﺰ ﻓﻜﺮي ﻻ ﺧﻼف ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺘﻪ وأﺻﺎﻟﺘﻪ ،وﻣﺎ أﺿﺎﻓﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻣﺎ ﺳ ّﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ وﻓﺠﻮات ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﻨﻀﺒﻄﺔ أﻳﻤﻦ ﻓ ٔﻮاد ﺳﻴﺪ 96
أﻳﻤﻦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ ..إﻃﻼﻟﺔ أوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺆرخ ﻛﺒﻴﺮ
إﻳﻬﺎب اﻟﻤﻼح * ƉƚǙ ɐ ūŽōşǶ ŝũōlj
اﻟﻤﺪﻗﻘﺔ» .دوﻟﺔ ﺳﻼﻃﻴﻦ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ«؛ ﻫﻮ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺼﺎدر أﺧﻴﺮا ﻋﻦ اﻟﺪار اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ،2019وﻫﻮ اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻷﺣﺪث ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﻀﺨﻢ ﻟﻠﺘﺄرﻳﺦ ﻟﻤﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أو ﺑﺎﻟﺪﻗﺔ )ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ( .ﻳﺘﻮج أﻳﻤﻦ ﻓﺆاد ﺳﻴﺪ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﻘﻴﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻬﻢ )وﻫﻮ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ أﺻﻐﺮﻫﺎ ﺣﺠ ًﻤﺎ ﻋﻠﻰ دﺳﺎﻣﺘﻪ وﻏﺰارة ﻣﺎدﺗﻪ واﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻪ اﻟﻜﻠﻲ ﻷﺑﺮز ﻣﻼﻣﺢ وﻣﺤﻄﺎت دوﻟﺔ اﻟﻤﻤﺎﻟﻴﻚ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ وﺣﺘﻰ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ اﻟﻐﺎزي ﺳﻠﻴﻢ اﻷول( .وﻓﻲ ﻇﻨﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن اﻷﺧﻴﺮ؛ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻨﻪ وﻣﻦ ﻧﺎﺷﺮه أﻧﻪ ﻳﻌﻜﻒ ﻋﻠﻰ إﺧﺮاج ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺨﺘﺎرة واﻟﻨﺼﻮص اﻟﻨﺎدرة ﻓﻲ إﻃﺎر ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻳﺸﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻳﺘﻮﻟﻰ رﺋﺎﺳﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ؛ ﻟﻴﺴﺘﻜﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﺑﻨﺎءه اﻟﺸﺎﻫﻖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ أراﻫﺎ ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺎ ﺻﺪر ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺧﻴﺮة؛ وﻫﻲ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﺮﺟﻌﻲ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﻔﺨﻢ »اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ـ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺟﺪﻳﺪ«؛ أو ﺑﻌﺒﺎرة ﻣﺨﺘﺼﺮة داﻟــﺔ "أﻫــﻢ ﻣﺆﻟﻒ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ"؛ وﻗﺪ ﺻﺪر ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺎت ﻋﺪة؛ ﻛﺎن آﺧﺮﻫﺎ ﻓﻲ 2015وﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﺮاﺑﺔ اﻷﻟﻒ ﺻﻔﺤﺔ ﻳﻘﻞ ﺿﺨﺎﻣﺔ وﻓﺨﺎﻣﺔ وأﺑﻬﺔ ﺛﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬي ﻻ ّ »اﻟﻘﺎﻫﺮة ـ ﺧﻄﻄﻬﺎ وﺗﻄﻮرﻫﺎ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ« اﻟﺬي ﺻﺪر ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﺟﺰاء ﻛﺒﺎر؛ ﻋﻦ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب؛ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر أﺣﻤﺪ ﻣﺠﺎﻫﺪ ،وﻗﺖ ﺻﺪور اﻟﻜﺘﺎب .اﻷول ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺪارﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟـ 600ﺻﻔﺤﺔ ،ﺛﻢ اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﻤﺨﺼﺺ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ﻟﺼﻮ ٍر ﻓﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ
اﻻﺣﺘﻼل .ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﺑﺴﻴﻄﺎ ﻷول وﻫﻠﺔ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ أن ﺗﻀﻊ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﻓﻲ إﻃﺎره اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻷﺧﻼﻗﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺸﻐﻠﻚ أﻟﻒ ﻫﻢ وﺳﺆال. ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻬﻨﻲ ،ﻣﺜﻞ أي ﻛﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﻴﺲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻠﻐﻢ وﺣﺪه وﻟﻜﻦ ،أﻳﻀﺎ ،اﻟﻤﺤﻈﻮرات اﻟﻤﻘﻨﻨﺔ واﻟﻤﺸﺮﻋﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﺗﻔﺮﺿﻪ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﻮل إن اﻟﺮواﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻫﻮ ﻳﻜﺘﺐ ،ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎت ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻛﻠﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺮاﻗﺒﻪ وﺗﺤﺎﺻﺮه وﺗﻤﻨﻌﻪ وﺗﻘﻤﻌﻪ أﺣﻴﺎﻧﺎ .ﻷن أﺧﻄﺮ ﻣﺎ "ﻳﻬﺪد" اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺴﻠﻄﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﺸﺮع ﻫﻮ أن ﻳﻨﺘﺰع اﻷدب واﻟﻔﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﻲ وﺟﺪان اﻟﻘﺎرئ؛ ﻷﻧﻬﻤﺎ اﻟﻘﺎدران ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ وﻋﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺘﻪ إﻟﻰ ﻧﻘﺪه. ﺑﺮأﻳﻚ ..ﻫﻞ أﺧﻔﻘﺖ اﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ؟ ﺻﺮاﺣﺔ ،أﺗﻜﺒﻞ ﺣﻴﻦ ﻳُﻄﻠﺐ إﻟﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ،ﻓﻲ رﺑﻄﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ أوروﺑﺎ ﺧﺎﺻﺔ .إﻧﻲ ﻻ أﻋﺮف ﻛﻴﻒ أﺗﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻷﻧﻲ ﻻ أﻗﺪر ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ .إن ﺳﺆاﻟﻚ ﻳﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ إﺟﺮاء ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ )أوروﺑﺎ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺘﺎن( ﺧﻼل ﻗﺮون ﻣﻦ اﻟﺴﺮد اﻟﺮواﺋﻲ وﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ ،اﻟﻴﻮم ،اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﺮ ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﺎ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺮن .وﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﻤﻞ ﻣﺎ ﺑﻨﺘﻪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻤﺠﻬﻮدﻫﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ إﺿﺎﻓﺔ .وإﻧﻪ ﻷﻣﺮ ﻣﺤﺰن ﺣﻴﻦ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ واﻗﻊ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ
ﺿﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻴﻒ
اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺴﺎﺋﺢ ﻛﺎﺗﺐ ورواﺋﻲ ﺟﺰاﺋﺮي ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ .1950ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﻴﺴﺎﻧﺲ آداب ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫﺮان ﻋﺎم 1980واﺷﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ .ﺻﺪرت ﻟﻪ ﻋﺸﺮ رواﻳﺎت، ﺗﺮﺟﻤﺖ أرﺑﻊ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ" :ذاك اﻟﺤﻨﻴﻦ" )» ،(1997ﺗﻤﺎﺳﺨﺖ« )" ،(2002ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺒﺔ" ) (2002و"ﻣــﺬﻧــﺒــﻮن ..ﻟــﻮن دﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻔﻲ" ) .(2009ﺗﺮﺟ َﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺼﻮﺻﺎ ﻧﺜﺮﻳﺔ وﺷﻌﺮﻳﺔ .ﻓﺎز ﺑﺠﺎﺋﺰة اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻫﺪوﻗﺔ ﺑﺎﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻋﺎم .2003ووﺻﻠﺖ رواﻳﺘﻪ أﻧﺎ وﺣﺎﻳﻴﻢ ) (2018ﻟﻠﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﺒﻮﻛﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. ﻣﻦ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ :اﻟﻘﺮار) ،(1979اﻟﺼﻌﻮد ﻧﺤﻮ اﻷﺳﻔﻞ) ،(1981اﻟﺒﻬﻴﺔ ﺗﺘﺰﻳﻦ ﻟﺠﻼدﻫﺎ)،(2000 اﻟﻤﻮت ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻂ).(2003
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
95
ﺣﻮار ﺧﺎص
ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ..ﻛﻴﻒ ﺣﻘﻘﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎدﻟﺔ؟ ﺷﺨﺼﻴﺎً ،ﻻ أﻛﺘﺐ اﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻻت ﻧﻘﺪﻳﺔ أو ﻧﻈﺮﻳﺔ أو ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻷن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﻮﻻت واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ﻫﻲ ﺧﻼﺻﺎت واﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﻮب ﻧﻔﺴﻪ .ﻓﻨﻈﺮﻳﺔ اﻷدب واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ .أﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ آﺧﺮ اﻟﺴﺮود اﻟﻜﺒﺮى. ﻋﺸﺖ ﺣﻠﻢ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ واﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ. وﺣﻠﻢ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪي .ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺑﺪاﻳﺔ ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ ﻣﺘﺄﺛﺮة ﺑﺰﻣﻨﻬﺎ وﻓﻀﺎﺋﻬﺎ .إن ﺳﺤﺮ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﺪ أﺣﺪ ﻣﻦ "ﻛﺘﺎب اﻟﻴﺴﺎر" ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺎت ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﻔﻜﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺴﻜﺮ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ .ﻓﻜﺎن ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ أن ﺗﻨﻄﺒﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻨﺎ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ،ﺑـ"اﻟﺴﻜﻮﻧﻴﺔ" ،ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎت "ﻣﻠﺘﺰﻣﺔ" .وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺤﺪ ﻣﻦ اﻧﻌﺘﺎﻗﻬﺎ .وﻣﻊ اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻤﺸﺮوع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪي ودﺧﻮل ﻋﻬﺪ "اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ"ـ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻔﺘﺮﺳﺔ ـ ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ إﻋﺎدة ﻗﺮاءة ﻟﻮﺟﻮدي وﻧﻘﺪ ﻣﺸﺮوع ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ .ﻓﺘﻮﻗﻔﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮاﺑﺔ ﻋﺸﺮة أﻋﻮام ﻗﺒﻞ أن أﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺸﺮوع ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺳﺘﻜﻮن رواﻳﺔ "ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺒﺔ" ﺑﻠﻮرﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺗﺤﺮري ﻣﻦ ﻗﻴﺪ "اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ" ،وﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻌﺎدﻟﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ،ﺑﻴﻦ اﻟﺮﻓﺾ ﺑﻮﻋﻲ ذاﺗﻲ وﺑﻴﻦ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻤﺸﺘﺮك ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﺮواﻳﺔ إﺣﺪى وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺸﻜﻴﻞ ذﻟﻚ اﻟﻮﻋﻲ وﺗﻐﺬﻳﺔ اﻟﻮﺟﺪان. ﺑﺪأت ﻣﺸﻮارك اﻹﺑﺪاﻋﻲ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻓﻬﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺼﺔ ﻋﺘﺒﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺮواﻳﺔ؟ ﺟﻴﻠﻲ ﻛﻠﻪ ،ﺑﻼ اﺳﺘﺜﻨﺎء ،ﻣﺮ ﺑﺒﻮاﺑﺔ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﻟﻴﻌﺒﺮ إﻟﻰ اﻟﺮواﻳﺔ. وﻛﺘﺎب اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ وﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ُﻋﺮف ﻋﻨﻬﻢ أﻧﻬﻢ ﻛﺘﺒﻮا اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة .رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة، إﻟﻲ ،ﺗﻤﺮﻳﻨﺎً ﻣﻬ ًﻤﺎ ﺟ ًﺪا ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻋﻮاﻟﻢ ﻟﻬﺎ ﺿﻮاﺑﻂ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﱠ وﺣﺪود ﻟﻐﻮﻳﺔ وﺑﻨﺎﺋﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻛﻤﺎ أﺗﺼﻮر ،أرﺿﻴﺔ اﻧﻄﻼﻗﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﺮواﻳﺔ .إﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺐ ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮة ،ﻗﺒﻞ
94
اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺴﺎﺋﺢ :اﻟﺮواﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻮﻋﻲ وﺗﻐﺬﻳﺔ اﻟﻮﺟﺪان
أن ﻳﺘﻨﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﻓﺸﻞ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ إﻧﻬﺎء رواﻳﺔ ﻓﺤﻮﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﺼﺺ ﻗﺼﻴﺮة .وأﻧﺖ ﺗﻘﺮأ اﻟﻴﻮم ﻟﻠﺮواﺋﻴﻴﻦ ﺗﺠﺪ ،ﺑﺬوق اﻟﻘﺎرئ اﻟﻨﺒﻴﻪ ،أن اﻟﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ ﻣﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺘﺪاﺧﻠﺔ واﻟﻤﺘﺮاﺑﻄﺔ واﻟﻤﺘﻀﺎﻓﺮة واﻟﻤﻔﻀﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ إﻟﻰ إرادة ﺣﺪدﻫﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺒﻖ. ﻫﻞ ﻛﺘﺎﺑﺔ رواﻳﺔ ﻓﻌﻞ ﻣﺮﻳﺢ؛ ﻳﺸﻌﺮك ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة؟ أم ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻘﺼﺔ؟ إﻟﻬﻲ! ﻣﺎ أﺷﻘﻰ ﻓﻌﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻛﻜﻞ ،ﻗﺼﺔ ﻛﺎﻧﺖ أو رواﻳﺔ أو ﺷﻌﺮا ً! إﻧﺸﺎء ﻧﺺ رواﺋﻲ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ أي ﺻﻨﻌﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻬﻨﺔ .ﻟﺬا ﻓﺈن اﻷﻣﺮ ﻣﺘﻌﺐ ﻋﻀﻠﻴﺎ وﻣﺮﻫﻖ ﻋﺼﺒﻴﺎ؛ ﻓﻼ ﺷﻌﻮر ﺑﻤﺎ ﺗﺴﻤﻴﻪ اﻟﺴﻌﺎدة إﻻ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت ﻗﺼﻴﺮة ﻋﺎﺑﺮة ﺣﻴﻦ ﺗﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻬﺎﺋﻲ وﺣﻴﻦ ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻣﺎ ﺳﻮدﺗﻪ ﻛﻞ ﻳﻮم ،وﺧﻼل ذﻟﻚ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺼﺎب ﺑﻨﻮﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﻴﺄس وﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻹﺣﺒﺎط أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻷﻧﻚ وﺟﺪت أن ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺘﻪ ﻫﺮاء ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺣﺘﻰ اﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ! ﻓﺘﺼﻤﺖ وﺗﻐﺎدر دﻓﺘﺮك أو ﺣﺎﺳﻮﺑﻚ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﻟﺤﻈﺔ ﻧﺴﻴﺎن ،ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﻮد إﻟﻰ وﻗﻊ ارﺗﺒﺎﻛﻚ وﺷﻜﻮﻛﻚ .وﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﺪري ﻣﻦ أﻳﻦ ﻳﺘﺠﺪد ﻓﻴﻚ ﻫﺬا اﻹﺻﺮار اﻟﻘﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ .وﻟﻜﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ، ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ذﻟﻚ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﺟﻤﻴﻌﺎ ،أن أﺟﻤﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﺗﺸﻌﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺴﻌﺎدة ﻏﺎﻣﺮة ،ﻷﻧﻚ اﻧﺘﺼﺮت أﺧﻴﺮا ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎد ﻧﺼﻚ ،ﻫﻲ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﺮع ﻓﻲ ﻗﺮاءﺗﻪ ،ﻣﺘﺤﺮرا ﻣﻨﻪ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻨﻪ ،وﻗﺪ راﺟﻌﺘﻪ اﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﻗﺒﻞ إرﺳﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﻨﺸﺮ. ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺘﻚ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ :ﻫﻞ ﺗﺒﺪأ ﺑﺒﻨﺎء اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ أوﻻً؟ أم ﺗﻄﺮق ﺑﺎب اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ وﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ؟ ﻻ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻲ ﻣﺴﺒﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ .ﻓﻘﺪ أﺑﺪأ اﻟﻨﺺ ﺑﻤﺸﻬﺪ ﻗﺼﻴﺮ ﺳﻜﻨﻨﻲ ﺛﻢ ﻫﺎ ﻫﻮ ﻳﺘﺬري وﻳﻨﺘﺸﺮ .وﻓﻲ داﺧﻠﻪ ﺗﺒﺪأ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﺒﺮز ﻓﺘﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﺳﻌﺖ ،أزﻣﻨﺘﻬﺎ وأﻣﻜﻨﺘﻬﺎ وﺷﺨﻮﺻﻬﺎ. إن ﻓﻜﺮة رواﻳﺔ " أﻧﺎ وﺣﺎﻳﻴﻢ" ،ﻣﺜﻼ ،ﺗﻮﻟﺪت ﻓﻲ ذﻫﻨﻲ ،وأﻧﺎ ﻃﻔﻞ، ﻣﻦ ﻣﺸﻬﺪ اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ اﻟﻤﺴﻠﻮﺧﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﺰارﻳﻦ ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ أﻳﺎم
آدم وﺣﻮاء .أﻣﺎ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻓﻬﻲ دﻳﺎﻧﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪﻳﺔ اﻋﺘُﻨﻘﺖ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻗﺮﻧًﺎ .وﻛﺎن ﻳﻬﻮد آﺧﺮون ﺳﻴﺪﺧﻠﻮن اﻟﺠﺰاﺋﺮ وﻳﺴﺘﻘﺮون ﺑﻬﺎ ،ﻛﺠﺰاﺋﺮﻳﻴﻦ ،ﻫﻢ اﻟﻤﻬﺠﺮون واﻟﻤﻄﺮودون ﻣﻦ اﻷﻧﺪﻟﺲ واﻟﻬﺎرﺑﻮن ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ،ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺪﺧﻞ
اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،ﻣﻊ اﻻﺣﺘﻼل ،ﻳﻬﻮد ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ وأوروﺑﺎ ﺻﻨﻔﻮا ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻮن ﺑﺎﻷﻗﺪام اﻟﺴﻮداء )ﻓﻲ رواﻳﺔ "أﻧﺎ وﺣﺎﻳﻴﻢ" ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن( .أﻣﺎ ﻣﻮﻗﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻓﻬﻮ ﺛﺎﺑﺖ ،ﻷﻧﻲ أﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﻏﺎﺻﺒﺔ وﻣﺤﺘﻠﺔ ﻷرض ﻛﺎن ﻳﺘﻌﺎﻳﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ اﻟﺜﻼث: ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ .ﺷﺨﺼ ًﻴﺎ ،ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻲ ،ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ "أﻧﺎ وﺣﺎﻳﻴﻢ" أﻛﻮن ﻏﺎﻣﺮت، ﺑﻞ أﻋﺘﺒﺮ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻲ أن أﻓﺘﺢ "ﻣﻠﻒ اﻟﻬﻮﻳﺔ" ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل، ﻟﻠﺘﺤﺎور .وﻟﻴﻜ ْﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻮار ﺟﺪال! ﻓﻤﻦ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ أن ﻧﻘﺮ ﺑﺄن ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﻴﻦ ،ﻟﻤﺎ ﺣﺎن وﻗﺖ اﻟﺤﺴﻢ ﺧﻼل ﺣﺮب اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ،اﺧﺘﺎروا أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺟﺰاﺋﺮﻳﻴﻦ ﻓﺮﻓﻌﻮا اﻟﺴﻼح ﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﺳﺘﺸﻬﺪ ـ وﺑﺎﻟﻤﻘﺼﻠﺔ! وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺮف اﻟﻌﺴﻒ واﻟﻨﻔﻲ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل ،ﻷﻧﻬﻢ أﺻﺮوا ﻋﻠﻰ أن ﻳﺒﻘﻮا ﺟﺰاﺋﺮﻳﻴﻦ ﺑﻬﻮﻳﺔ ﺟﺰاﺋﺮﻳﺔ .وﻫﺬه "ﺣﻘﺎﺋﻖ" ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ ،ﻟﻸﺳﻒ، اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة .وﻗﺪ ﺗﻜﻮن »أﻧﺎ وﺣﺎﻳﻴﻢ« إﺣﺪى اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎت ﻓﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﺤﻮار. ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ »اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ« إﻟﻰ »اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻤﻤﻜﻦ« ﻃﺒﻘﺎ ﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎﻗﺪ ﻟﻮﺳﻴﺎن ﺟﻮﻟﺪﻣﺎن ،ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﻷول وﻋﻴﺎً ﺳﻜﻮﻧﻴﺎً وﻣﺘﺨﻠﻔﺎً ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره وﻋﻴﺎً ﻣﺘﻤﺮداً وراﻓﻀﺎً وﺛﻮرﻳﺎً
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
93
ﺣﻮار ﺧﺎص
ﻳﻌﻴﺪ ﻗﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺎ`دب
ﺣﺎوره – ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻴﻮﻣﻲ
وﺻﻒ اﻷدﻳﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮي اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺴﺎﺋﺢ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﺑﺄﻧﻪ أﻛﺒﺮ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺳﺮدﻳﺔ ﻋﻨﺪ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻣﻨﻪ ﻧﻬﻠﺖ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺮﻗﺺ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻤﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻘﺼﺔ واﻟﺮواﻳﺔ. وﻗﺎل إن ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺗﻜﻮن ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ راﻓﺪا ﻟﻠﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ ،وﻋﻠﻰ »ﻣﻐﺎﻟﻄﺎت« ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ رواﺋﻴﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻫﻢ وﺳﺎﺋﻞ ﻧﻘﺪﻫﺎ. ﻳﻘﻮل ﻋﻨﻪ اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮي واﺳﻴﻨﻲ اﻷﻋﺮج" :ﻳﻌﻴﺪ اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺴﺎﺋﺢ ﻗـﺮاءة اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻔﺮﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺠﺰاﺋﺮي ،اﻟﻤﺜﺨﻦ ﺑﺎﻟﻴﻘﻴﻨﻴﺎت اﻟﺰاﺋﻔﺔ .ﻟﻬﺬا ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺗﺎرﻳﺨﺎً ﻣﻨﺘﻬﻴﺎً وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺴﺎﺣﺔ ﻟﻠﺘﺴﺎؤل" .ﻫﻨﺎ ﺣﻮار ﻣﻌﻪ: ﻫﻞ ﺟﻌﻠﺖ اﻷدب ﺧﺎدﻣﺎً ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ أم اﻟﻌﻜﺲ؟ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻓﺈﻧﻤﺎ أﻛﺘﺐ ﻷدﺧﻞ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺣﻮار ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره، ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ،إﺣﺪى اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺗﻜﻮن ﻏﺎﻟﺒﺎ راﻓﺪا ﻟﻠﻨﺺ اﻟﺮواﺋﻲ ،وﻋﻠﻰ "ﻣﻐﺎﻟﻄﺎت" ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ رواﺋﻴﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻫﻢ وﺳﺎﺋﻞ ﻧﻘﺪﻫﺎ؛ وﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﻣﺸﻖٍ ﺟﺪا ﻳﺘﻄﻠﺐ درﺟﺔ وﻋﻲ وﻛﻔﺎءة ﺳﺮدﻳﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ اﻟﻘﺎرئ ﻓﻲ ﺻﻴﻐﺘﻬﺎ اﻟﺘﺨﻴﻴﻠﻴﺔ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﻴﺒﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺦ؛ ﺳﻮاء أﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﻴﺎن أو اﻟﺘﻨﺎﺳﻲ أم ﻛﺎن ﺑﺈﻳﻌﺎز ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﻄﺔ أو ﺗﻠﻚ أم ﻛﺎن أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﺆرﺧﻴﻦ ﻣﻨﺤﺎزﻳﻦ. إن رواﻳﺔ »ﻛﻮﻟﻮﻧﻴﻞ اﻟﺰﺑﺮﺑﺮ« )ﺻﺎدرة ﻋﻦ دار اﻟﺴﺎﻗﻲ ،(2015ﺗﻤﺜﻞ أرﺿﻴﺔ ﻟﻠﺤﻮار ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻠﺪي ﺧﻼل ﻓﺘﺮﺗﻴﻦ :ﻓﺘﺮة ﺣﺮب اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ وﻓﺘﺮة اﻟﻤﺄﺳﺎة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ .وﺟﺪت اﻟﻤﺆرخ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﺣﺮب 92
اﻟﺤﺒﻴﺐ اﻟﺴﺎﺋﺢ :اﻟﺮواﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻮﻋﻲ وﺗﻐﺬﻳﺔ اﻟﻮﺟﺪان
اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ،ﻷﺳﺒﺎب ﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﺬﻛﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ،ﻟﻴﻘﻮل ﻣﺎ ﺳﻜﺖ ﻋﻨﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺮﺳﻤﻲ .وﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ "ﻏﺎﺋﺒﺎ" .وﻟﺬا ،ﺳﺘﻜﻮن اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻦ اﻟﻌﺸﺮﻳﺔ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ،ﻫﻲ ﻣﺮﺟﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ .وﻫﺬه ﻣﻔﺎرﻗﺔ! اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻤﻔﻜﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ »ﺑﻮل رﻳﻜﻮر« اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺳﺮداً ،رﻏﻢ اﻟﻔﺎرق اﻟﻬﺎﺋﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺆرخ واﻟﺮواﺋﻲ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺮى اﻟﺘﻨﺎزع ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﺴﺮدي ،وﻫﻞ ﻳﻀﻐﻂ اﻷول ﻋﻠﻰ اﻷﺧﻴﺮ وﻳﻀﻴﻖ اﻟﺨﻨﺎق ﻋﻠﻴﻪ؟ ﻟﻌﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،اﻟﺸﻔﻬﻲ ﻣﻨﻪ واﻟﻤﻜﺘﻮب ،ﻫﻮ أﻛﺒﺮ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺳﺮدﻳﺔ ﻋﻨﺪ إﻧﺴﺎن ﻫﺬه اﻷرض ،ﻣﻨﻪ ﻧﻬﻠﺖ ﻓﻨﻮن اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ واﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ واﻟﺮﻗﺺ واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻤﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻘﺼﺔ واﻟﺮواﻳﺔ .وﻫﻮ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺒﺸﺮ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻨﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺼﻨﻌﻪ .وﻧﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ .وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﺆرخ ،ﻓﺮﺿً ﺎ ،ﻳﺴﺮد اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﻷﻧﻪ ﻣﻠﺰم ﺑﺬﻟﻚ ،ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﻬﺎﻣﺶ اﻟﺬي ﻳﺄﺧﺬه ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻘﺎرئ ،ﻓﺈن اﻟﺮواﺋﻲ ﻗﺪ ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ ،ﻻ ﻟﻴﺜﺒﺘﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻤﺆرخ، وﻟﻜﻦ ﻟﻴﻨﻘﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﺒﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﺮﻛﻴﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺨﻴﻴﻠﻬﺎ وﻣﻦ ﺛ َﻢ إﻋﻄﺎؤﻫﺎ ﺣﻴﺎة ﺗﺴﺘﻜﻤﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ اﻟﺘﻲ أﻏﻔﻠﻬﺎ اﻟﻤﺆرخ أو ﺗﻐﺎﻓﻞ ﻋﻨﻬﺎ أو ﺗﺤﺎﺷﺎﻫﺎ أو ﻃﻤﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ .وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﺧﻄﻮرة اﻟﺮواﺋﻲ ﻋﻠﻰ "ﺣﻘﺎﺋﻖ" اﻟﻤﺆرخ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ "اﻟﻤﺰﻳﻒ" ﻧﻔﺴﻪ .وﻟﺬا ،ﻓﺈن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺆرخ وﺑﻴﻦ اﻟﺮواﺋﻲ ﺗﻈﻞ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺤﺎور ،ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ إﻗﻮاء ﻣﻦ ﻃﺮف ﻋﻠﻰ آﺧﺮ؛ ﻷن اﻟﺮواﺋﻲ ﻻ ﻳﺴﺮد ،ﻛﺎﻟﻤﺆرخ ،ﻟﻴﺜﺒﺖ ﻟﻠﻘﺎرئ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ؛ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻳﺴﺮد ﻟﻴﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﻮار ﻣﻊ اﻟﻘﺎرئ. ﺗﻘﻮم رواﻳﺘﻚ " أﻧﺎ وﺣﺎﻳﻴﻢ" ﻋﻠﻰ ﺻﺪاﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺟﺰاﺋﺮﻳﻴﻦ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﻬﻮدي واﻵﺧﺮ ﻣﺴﻠﻢ ،وﺗﻨﺘﺼﺮ ﻟﻠﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ، ﻟﻤﺎذا اﻟﻤﻐﺎﻣﺮة ﺑﻔﺘﺢ ﻣﻠﻒ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺼﻌﺐ واﻟﻤﺜﻴﺮ ﻟﻠﺠﺪل؟ أﺻﻼ ،ﻣﻦ دﻳﺎﻧﺘﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﻴﻦ .وﻟﻴﺲ ﻓﻲ إﻧﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺟﺰاﺋﺮﻳﻴﻦً ، ﻧﺺ رواﻳﺔ "أﻧﺎ وﺣﺎﻳﻴﻢ" اﻧﺘﺼﺎر ﻟﺸﻲء ﺳﻮى ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻛﺈﻧﺴﺎن :اﺑﻦ
ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ وﺳﻌﺘﻨﻲ ﻣﺤﺎوﻻت اﻻﻟﺘﻬﺎم" .وﻋﻦ ﻟﻐﺔ اﻟﻀﺎد ﻗﺎل أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "وﻳﺒﻘﻰ ﻫﻨﺎك ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ" " :أﺣﺐ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻨﻲ ﺣﻴﻦ أﻧﻄﻖ ﺑﻬﺎ أﺷﻌﺮ ﺑﻨﻮع ﺧﺎص ﻣﻦ اﻟﻠﺬة اﻟﺤﺴﻴّﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻣﻌﺎً". ﻛﺎن ﺟﺎك ﺑﻴﺮك دﻗﻴﻘﺎً ﻓﻲ اﻧﺘﻘﺎء اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻟﻌﺒﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ إﻟﻰ ﻟﻐﺘﻪ اﻷم ،وﻛﺎن ﻻ ﻳﻄﻴﻖ أي ﺧﻄﺄ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ، إذ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻟﺠﻪ ﻓﻮر اﻛﺘﺸﺎﻓﻪ ﻟﻪ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎن إﺻﺮاره ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﻠﻘﺎت اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻣﺎ ارﺗﻜﺒﻪ ﺧﻼل ﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ أﺧﻄﺎء ﻃﻔﻴﻔﺔ. وﻣﺎ دﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻀﺎء اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺮأ ﺟﺎك ﺑﻴﺮك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ﻣﺠﻠﺪات ﻛﺘﺎب "اﻷﻏــﺎﻧــﻲ" ﻷﺑــﻲ اﻟﻔﺮج اﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ؛ ورأى ﻓﻴﻪ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻣﺪﻫﺸﺎً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ﻟﻢ ﻳﻨﻞ ﺣﻘﻪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﺣﺘﻰ اﻵن .ورأى ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﻪ اﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ ،أﻧﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﻌﺒﻘﺮﻳﺘﻪ ،وﻟﻴﺲ ذاك اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻸﺧﺒﺎر واﻟﻤﺮوﻳﺎت واﻟﻨﻮادر. ﺟﺎك ﺑﻴﺮك وﺣﻮار اﻟﻀﻔﺘﻴﻦ
رﻛﺰ ﺟﺎك ﺑﻴﺮك ﻋﻠﻰ ﺣﻮار ﺿﻔﺘﻲ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،أي ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻟﻐﺮب واﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى .وﻫﺎﺗﺎن اﻟﺠﻬﺘﺎن ﺗﻤﺜﻼن ﺑﻨﺤﻮ أﻛﺒﺮ وأوﺳﻊ اﻟﺤﻮار ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ .وأراده ﺣﻮارا ً ﻧ ّﺪﻳﺎً ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺎً ،ﻻ ﺣﻮارا ً ﻣﺨﺘﻼً ﺳﻠﻔﺎً
ﻛﺎن ﻳﻄﻴﺐ ﻟﺠﺎك ﺑﻴﺮك اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﺄن اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺷﺎرﻛﻮا ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻇﻬﻮر اﻟﻐﺮب وﺣﻀﺎرﺗﻪ .ﻛﺎن ﺗﺮاث اﻟﻐﺮب ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺜﻼث ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻮﻧﺎﻧﻴ ًﺎ ﻋﺮﺑﻴ ًﺎ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻬﻮدﻳ ًﺎ ﻣﺴﻴﺤﻴ ًﺎ وﻳﻮﻧﺎﻧﻴ ًﺎ روﻣﺎﻧﻴ ًﺎ ﻓﻘﻂ
ﺑﻴﻦ ﻗﻮي وﺿﻌﻴﻒ وﻏﻨﻲ وﻓﻘﻴﺮ وﻣﺘﻘﺪم وﻧﺎم ...ﻷن اﻟﺤﻮار اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺠ ّﺪي واﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﻫﻮ اﻟــﺬي ﻳﺼﻮب ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف ﻣﺴﺎر اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻻ اﻟﻌﻜﺲ. وﻓــﻲ ﻫــﺬا اﻹﻃــﺎر ﻛــﺎن ﻳﻄﻠﺐ ﺑﻴﺮك ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻀﻔﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺗﺤ ّﻤﻞ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻷوروﺑﻲ ،وﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ ﻛــﺎن ﻳﻄﺎﻟﺐ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻀﻔﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺘﺤ ّﻤﻞ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ أﻧﺴﺎق اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ -اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﻣﻨﺸﺒﻚ ﺑﺎﻵﺧﺮ وﻣﺘﻌﺎون ﻣﻌﻪ .ﻛﺎن ﻳﺮى إن ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة ﺷﻌﻮب اﻟﻀﻔﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ اﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺎزﻻت ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ ،ﺑﻬﺪف ﺗﺸﻴﻴﺪ ﻋﻼﻗﺎت ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺒﻘﺎء واﻻرﺗﻘﺎء .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ رأﻳﻨﺎه ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﻼف، داﻋﻴﺎً إﻟﻰ ﺣﻀﺎرة إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺟﺪﻳﺪة، ﻣﺴﺘﻨﻜﺮا ً ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻛﻞ ﺗﻌﺼﺐ إﺛﻨﻲ أو رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻻ ﺑﺪ ﺑﻨﻈﺮه ﻣﻦ أن ﺗﺠﺮ إﻟﻰ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺛﺄرﻳﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ، وﻟﻮ ﺑﻌﺪ زﻣﻦ. وﻛﺎن ﻳﻄﻴﺐ ﻟﺠﺎك ﺑﻴﺮك اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﺄن اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺷﺎرﻛﻮا ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻇﻬﻮر اﻟﻐﺮب وﺣﻀﺎرﺗﻪ .ﻛﺎن ﺗﺮاث اﻟﻐﺮب ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ اﻟﺜﻼث ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺎً ﻋﺮﺑﻴﺎً ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻬﻮدﻳﺎً ﻣﺴﻴﺤﻴﺎً وﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺎً روﻣﺎﻧﻴﺎً ﻓﻘﻂ .ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺑﻴﺮك ﻋﻦ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ان ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻟﺤﻮار ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻷدﻳﺎن واﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ. ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ ﻗﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻮار اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻟﺪﻳﺎﻧﺎت وﺗﺴﺎﻣﺤﻬﺎ وﺧﺼﻮﺻﺎً ﺑﻴﻦ اﻹﺳﻼم واﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ،وﻇﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺴﻮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺮؤﻳﺔ ﻟﻸﻣﻮر ﺣﺘﻰ آﺧﺮ ﻳﻮم ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ورﺑﻤﺎ ﺑﻌﺪ رﺣﻴﻠﻪ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺪﻧﻴﺎ .ﻧﻘﻮل ذﻟﻚ ﻧﺒﻼً وﺗﺤﺒﺒﺎً ،ﻷن اﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎن أوﺻﻰ أن ﺗ ُﻘﺮأ ﺳﻮرة اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎزﺗﻪ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ .وﻛﺎن ﻟﻪ ﻣﺎ أراد ،وﺑﺤﻀﻮر رﺟﺎل دﻳﻦ ﻣﺴﻴﺤﻴﻴﻦ وﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﺛﻘﺎة .وﻛﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺆﺷﺮ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﺴﻜﻮﻧﻴﺔ ﻣﺸﻬﻮدة ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻔﻘﻴﺪ اﻟﺮاﺣﻞ أوﻻً ،وﻟﻠﺬﻳﻦ ﺣﻀﺮوا ﺟﻨﺎزﺗﻪ ﺛﺎﻧﻴﺎً /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
91
ﻗﻠﺐ اﻟﻜﻼم
ﺟﺎك ﺑﻴﺮك وﺣﻮار اﻟﻀﻔﺘﻴﻦ ﻫﻮ أﺣﺪ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻴﻦ اﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺒﻮا اﻟﻌﺮب وﺷﻐﻔﻮا إﻋﺠﺎﺑﺎً ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻷدﺑﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻋﻤﻮﻣﺎً ،وﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻴﻪ ،ﻗﻴﺎﻣﻪ ،وﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ،ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .وﻫﻲ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺒﺮت اﻷرﻓﻊ واﻷﻗﺮب إﻟﻰ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺻﻔﻮة اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ واﻟﺒﻠﺪان اﻟﻔﺮﻧﻜﻮﻓﻮﻧﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً ،وذﻟﻚ ﺑﺸﻬﺎدة اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻀﻠﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﻠﻐﺘﻴﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ د .ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ اﻟﺠﺎﺑﺮي ود. ﺣﺴﻦ ﻗﺒﻴﺴﻲ ود .ﺟﻮرج دﻳﺎب ود .ﻣﺤﻤﺪ أرﻛﻮن اﻟﺬي ﻗﺎل ﻟﻜﺎﺗﺐ ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر ذات ﻳﻮم ﻣﻦ رﺑﻴﻊ اﻟﻌﺎم " :1998إن ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﺟﺎك ﺑﻴﺮك ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﻮه ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻤﻮﻣﺎً .وﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺎدرت ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل ﺑﻪ ﺷﺨﺼﻴﺎً ﻷﻋﺮب ﻟﻪ ﻋﻦ ﻋﻤﻴﻖ ﺷﻜﺮي وإﻋﺠﺎﺑﻲ ﺑﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﻣﻦ إﻧﺠﺎز ﻳﺸ ّﺮف، ﻟﻴﺲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻓﺤﺴﺐ ،وإﻧﻤﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ". وﺟﺎك ﺑﻴﺮك ) (1995 – 1910اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻲ ﻓﻲ ﺑﻠﺪة ﻓﺮﻧﺪة اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ ودرس اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ واﻟﺘﻜﻤﻴﻠﻴﺔ واﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ اﻟﻤﻠﻴﻮن ﺷﻬﻴﺪ ،اﻧﺘﻘﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺴﻮرﺑﻮن ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻴﺪرس ﻋﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع ،اﻟﺬي أﻋﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺗﺎرﻳﺨﺎً وﺣﺎﺿﺮا ً .ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻄﻖ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،إذ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻏﺎدرﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ،اﻣﺘﺪت ﻣﻦ 1934إﻟﻰ
90
ﺟﺎك ﺑﻴﺮك وﺣﻮار اﻟﻀﻔﺘﻴﻦ
أﺣﻤﺪ ﻓﺮﺣﺎت * ǚōǜŞǕ ǛǙ ūŽōşǶ ŝũōlj
،1953وﻳﺸﺘﻐﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ وﻇﻴﻔﺔ إدارﻳﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺴﻂ ﺳﻠﻄﺎﺗﻬﺎ اﻹدارﻳﺔ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻢ ﻳﺘﺨﻞ ﻋﻦ ﻧﺰﻋﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎد ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، واﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً؛ واﻋﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﺼﻴﺮا ً ﻟﺪﻋﺎة اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺘﺤﺮر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ .وﻣﻦ اﻟﻤﻐﺮب اﻧﺘﻘﻞ ﺟﺎك ﺑﻴﺮك إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ،ﻟﻴﻌﻤﻞ ﻟﺪى اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ "ﺳﺮس اﻟﻠﻴﺎن" اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﻫﺮة 60ﻛﻠﻢ. وﺟﺎل ﻓﻲ ارض اﻟﻜﻨﺎﻧﺔ ﻣﻄﻮﻻً ،ﻣﺘﺼﻼً ﺑﺄدﺑﺎﺋﻬﺎ وﻣﻔﻜﺮﻳﻬﺎ ،وﺧﺼﻮﺻﺎً ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ وﻟﻮﻳﺲ ﻋﻮض وﺗﻮﻓﻴﻖ اﻟﺤﻜﻴﻢ وزﻛﻲ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻤﻮد ..ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻋﻼﻓﺔ ﻣﻤﻴﺰة ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺮاﺣﻞ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺼﺮ. وﻣﻦ ﻣﺼﺮ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎن ﻟﻴﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﻬﺪ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻴﻦ؛ وﻟﻮﻻ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺪﻟﻌﺖ ﻋﺎم 1975 وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﺒﻐﻴﻀﺔ ،ﻻﺧﺘﺎر اﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ،اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮه "ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻟﻠﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺮء ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ،وﻳﻘﻴﻢ اﻟﻠﻘﺎءات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ واﻟﻤﺸﺠﻌﺔ ﺑﺪورﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎج اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،اﻟﺬي ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎوب ﻣﻌﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮون" ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ ﻋﺼﺎم ﻣﻔﻮظ ،اﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ. ﺧﻠّﻒ ﺟﺎك ﺑﻴﺮك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ" :دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺮﻳﻔﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ" و"اﻟﺸﺮق اﻟﺜﺎﻧﻲ" و"اﻹﺳﻼم ﻳﺘﺤﺪى" و"اﻟﻌﺮب ﺑﻴﻦ اﻷﻣﺲ واﻟﻴﻮم" و"أﻧﺪﻟﺴﻴﺎت" و"ﻣﺬﻛﺮات اﻟﻀﻔﺘﻴﻦ"... إﻟﺦ .وﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ أﻃﺮوﺣﺎت ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ِﺳﻴﺮ ﻋﻠﻤﺎء ورﻣﻮز ﻣﻦ أﻣﺜﺎل: اﺑﻦ ﺧﻠﺪون وأﺑﻮ اﻟﻌﻼء اﻟﻤﻌﺮي وﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ .وﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔُ ،ﻋﺮف ﻋﻨﻪ ﻗﻮة ﺻﺪاﻗﺘﻪ ﻟﻌﻤﻴﺪ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ د .ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ،اﻟﺬي ﻛﺎن رﺷّ ﺤﻪ ﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة .وﻗُﺒﻠﺖ ﻋﻀﻮﻳﺘﻪ ﺑﺘﺸﺮﻳﻒ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ .وﻻ ﻏﺮو ،ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎن ﻋﺎﺷﻘﺎً ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻀﺎد ،ﺣﺘﻰ اﻻﻟﺘﻬﺎم اﻟﻤﺘﺒﺎدل" :إن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ اﻟﺘﻬﻤﺘﻨﻲ واﺳﺘﻄﻌﺖ أن أﻟﺘﻬﻢ
أﺛﺮ اﻟﻌﺎﺑﺮ
أول اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ..آﺧﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ أﺗﺼ ﱠﻮر أن اﻹﻧﺴﺎن اﺳﺘﻄﺎ َع أن ﻳﻜ ﱢﻮن ﺻﻮر ًة ﻛﺎﻣﻠ ًﺔ ِ ﻟﻨﻔﺴ ِﻪ وﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣﻌﺮﻓﻲ إﻧﺴﺎﻧﻲ إﻻ ﺑﻌﺪ اﺧﺘﺮا ِع اﻟﻜﺘﺎﺑ ِﺔ ،وﺑﻌﺪ اﻛﺘﻤﺎل ُﻣﻨ َﺠ ِﺰ َﻫﺎ ﻛﺎﺑﺘﻜﺎ ٍر ﱟ ﱟ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف واﻟﻤﻌﺮﻓﺔِ ِ ﻳﺘﺠﺎو ُز وﻇﻴﻔ َﺔ اﻟﺘﺪوﻳﻦِ واﻟﺘﺴﺠﻴﻞِ إﻟﻰ ِ ِ ﺑﺸﻜﻞٍ واﻟﻤﻘﺎرﻧ ِﺔ واﻟﺨﻠْﻖ .رﺑﻤﺎ ﺑﺪأت ﻓﻜﺮ ُة ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺳﺎﺑﻖٍ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺪوﻳﻦِ ﻣﻦ ﺧﻼ ِل "اﻟﻤﺤﺎور ِة" واﻟﻤﻨﺎﻇﺮات اﻟﺸﻔﺎﻫﻴ ِﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪثُ ﻓﻲ ﻣﺤﺎور ِ ﻃﺮح اﻷﺳﺌﻠ ِﺔ ات ﺳﻘﺮاط ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻤ ُﺪ ﻓﻴﻬﺎ َ ِ اﻟﺒﺤﺚ ﺑﺰواﻳﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘ ِﺔ اﻟ ُﻤﻤ ِﻜﻨ ِﺔ ﺑﻤﺎ وإﺷﺮ َاك ﻃ ﱠُﻼ ِﺑ ِﻪ و ُﻣﺤﺎوِرﻳ ِﻪ ﻓﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻷﻓﻜﺎ ِر ﻣﻨﻄﻘﻴﺎً اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ" اﻟﻤﻌﺘﻤ ُﺪ ﻋﻠﻰ ُﺳ ﱢﻤ َﻲ "اﻟﺘﻮﻟﻴ ُﺪ ِ ﱡ ِ ودﺣﺾ اﻟﻔﻜﺮ ِة ﺗﻠ َﻮ اﻷﺧﺮى وﺻﻮﻻً إﻟﻰ واﺳﺘﺒﻌﺎ ِد ﻏﻴ ِﺮ اﻟﺼﺎﻟ ِﺢ ﻣﻨﻬﺎ، اﺳﺘﺠﻼ ِء اﻟﺤﻘﻴﻘ ِﺔ أو اﻟﻤﻌﺮﻓ ِﺔ اﻟﻤﻨﺴﺠﻤ ِﺔ ﻣ َﻊ ﻃﺒﻴﻌ ِﺔ اﻹﻧﺴﺎنِ وﻗﻴ ِﻤﻪِ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻫﻮ اﻟﻮﺳﻴﻠ ُﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘ ُﺔ ﺗﺮاﺗﺒﻴﺎً ﻋﻠﻰ وأﻓﻜﺎ ِر ﻋﺼ ِﺮ ِه ،ﻫﺬا اﻟﺘﻮﻟﻴ ُﺪ ﱡ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻷﻓﻜﺎرِِ ، ِ وﺗﻘﻠﻴﺐ أوﺟﻬِﻬﺎ ،وﻣﺴﺎءﻟﺔ ﺟﻮﻫ ِﺮ َﻫﺎ وﺗﻤﺤﻴﺼﻬﺎ، ﻟﻨﻘﺪﻫﺎ ِ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﻬﻤﻮمِ اﻹﻧﺴﺎنِ واﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗ ِﻪ وﺣﻴﺮِﺗ ِﻪ. وﻟﻮﻻ ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑ ِﻪ "أﻓﻼﻃﻮن" و"زﻳﻨﻮﻓﻮن" ﻣﻦ ﺗﺪوﻳﻦِ اﻟﺤﻮارات اﻟﺘﻲ وأﺷﺨﺎص آﺧﺮﻳ َﻦ )أو ﺣﺘﱠﻰ اﻟﻤﺮاﻓﻌﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ َدا َرت ﺑﻴﻦ "ﺳﻘﺮاط" َ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ أﻣﺎم ﻗُﻀﺎﺗِ ِﻪ و ُﻣﺤﻠﱠﻔﻴ ِﻪ اﻷﺛﻴﻨﻴﻴﻦ ﻋﻨﺪ إﺻﺪا ِر ُﺣﻜﻢِ اﻹﻋﺪامِ ﻋﻠﻴﻪ( ،ﻟﻀﺎﻋﺖ أﻏﻠﺐ أﻓﻜﺎره وﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻨﺎ ﻣﺤﺎوراﺗ ُ ُﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺠﻴﻼً ﺣﻴﱠﺎً ﻷﻓﻜﺎ ِر ﻋﺼ ٍﺮ ﻛﺎﻣﻞ ،وﺑﺪاﻳ َﺔ ﺧﻠﻖِ اﻟﻔﻠﺴﻔ ِﺔ ﻛﻌﻠﻢٍ ذي أُﺳـ ٍ ـﺲ وﻣﻨﻬﺠﻴ ٍﺔ وﻗﻮاﻋﺪ .وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ُ ﺳﺘﻄﺎل ﺗﺼ ﱡﻮ ُر ﺣﺠ َﻢ اﻟﺨﺴﺎر ِة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴ َﺔ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗُــﺪ ﱠون ﻫﺬه اﻟﺤﻮاراتُ واﻟ ُﻤﺮاﻓﻌﺎتُ واﻟــﺪروس اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔُ .وﻣﻦ اﻟ ُﻤ ِ ﻼﺣﻆ أن اﻟﻜﺘﺎﺑ َﺔ ﻟﻢ ﺗ ُﺨﺘَ َﺮع ﺳﻮى ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟ ُﻤﺴﺘﻘ ﱠﺮ ِة اﻟ ُﻤﻨ ِﺘﺠ ِﺔ اﻟ ُﻤﺘﱠ ِﺴﻤﺔِ ﺑﺎﻟﺘﺤﻀﺮ واﻟﻌﻤﺮان ﻛﺎﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ واﻷﺷﻮرﻳﺔ واﻟﺼﻴﻨﻴﺔ واﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﺔ ،وﻛﻠﻬﺎ ﺣﻀﺎراتٌ ﺳ َﺒﻘﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨ ُﺬ ﻓﺠ ِﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ٍ وﻣﺠﺎﻻت ﻣﺨﺘﻠِﻔَﺔ. ﻓﻲ ﺣﻘﻮ ٍل وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻮاراتُ اﻟﺸﻔﺎﻫﻴ ُﺔ أ ﱠدت إﻟﻰ ﺗﻄ ﱡﻮ ِر اﻟﻔﻨﻮنِ اﻟﻘﻮﻟﻴ ِﺔ واﻷﺷﻜﺎل اﻟﻤﺨﺘﻠﻔ ِﺔ ﻟﻠﻔﻦ اﻷداﺋﻲ ﻛﺎﻟﻤﺴﺮ ِح ،واﻹﻟﻘﺎء ِ اﻟﺸﻌﺮي، ﻓﺈن اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺗﻘ ﱡﺪ ُﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮ ِر ﺿﺮوب ﻓﻨﻮﻧِﻬﺎ ،ﺗﻄﻮرت أﻧﻮا ٍع ﻣﺨﺘﻠﻔ ٍﺔ ﻣﻦ ِ
ﺣﻤﺰة ﻗﻨﺎوي* ƉƚǙ ǛǙ ŝũōljǶ ƉƫōƗ
ﻣﻊ اﻟﺘﻘ ﱡﺪم اﻟﺰﻣﻨﻲ ،ﻛﺎﻟﻤﻘﺎل واﻟﺮواﻳ ِﺔ واﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة واﻷﻗﺼﻮﺻﺔ واﻷرﺟﻮزة واﻟﻮﻣﻀﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎت ِ واﻟﺤﻜﻢ واﻷﻣﺜﺎل وﺻﻮﻻً ﻳﺘﺪاﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٍ ﺟﻨﺲ أدﺑﻲ. ُ إﻟﻰ ﻓﻨﻮنِ اﻟﻜﺘﺎﺑ ِﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻨﻮﻋﻴ ِﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﻴﺮ أن اﻟﺘﻄ ﱡﻮ َر اﻷﻫﻢ -ﻓﻲ ﺗﺼﻮري -اﻟﺬي ﺗﺮاﻓ ََﻖ ﻣﻊ ﺗﻄ ﱡﻮ ِر اﻟﻜﺘﺎﺑ ِﺔ ﻫﻮ ﺗﻄ ﱡﻮ ُر اﻟ ِﻔﻜﺮ ،ﻓﺎﻟﻜﺘﺎﺑ ُﺔ واﻟﻔﻜ ُﺮ ﻇﻬﻴﺮانِ ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻼن ،وﻛﻠﻤﺎ ﺗﻄ ّﻮرت ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﺗﻌ ﱠﺪ َدت ﻣﺴﺎراﺗﻬﺎ واﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄ ﱠﺮ ُق إﻟﻴﻬﺎ اﻧﻌﻜ ََﺲ َ ذﻟﻚ أﻳﻀﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻟﺠ ُﻪ ِ ﻓﺘﻀﻴﻒ إﻟﻴﻬﺎ وﺗﺄﺧ ُﺬ ﻣﻨﻬﺎ، واﻵداب اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ، ُ ِ وأﺻﻨﺎف اﻟﻌﻠﻮمِ اﻟﺼﻌﺐ ﻓﺼﻠُﻬﺎ ،ﺑﻴﻦ ﻣﻌﺮﻓ ٍﺔ اﺳﺘﺒﻄﺎﻧﻴ ٍﺔ ووﺳﻴﻠ ٍﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗ ٍﺔ ﻋﻀﻮﻳ ٍﺔ ﻣﻦ ِ ِ ِ ِ ﺑﻤﺼﻄﻠﺤﺎت: اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻨﻘﺪ اﺳﺘﻈﻬﺎرﻳ ٍﺔ وﻫﻮ ﻣﺎ ُﻋ ﱢﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻋﻠﻮمِ "اﻟﻤﻌﻨﻰ واﻟﻤﺒﻨﻰ" ،و"اﻟﻤﻔﻬﻮم واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ"، و"اﻟﻤﻮﺿﻮع واﻟﺸﻔﺮة" واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﻨﺺ"، "واﻟﻤﺪﻟﻮل واﻟﺮﻣﺰ" .إن اﻹﻧﺴﺎﻧﻴ َﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺪﻳﻨ ًﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑ ِﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرِﻫﺎ وﺳﻴﻠ ًﺔ ﺗﺪوﻳﻨﻴ ًﺔ ﻓﺤﺴﺐ ،ﻓﺄﺷﻜﺎل اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﺗﻨ ﱠﻮﻋﺖ اﻟﺼﻮﺗﻲ وﺗﻌ ﱠﺪدت ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻮرة واﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ّ واﻟﺮﺳﻢ واﻟﻨﻘﻮش واﻟﺠﺪراﻳﺎت واﻟﻤﺮوﻳﺎت وﻏﻴ ِﺮ َﻫﺎ ،إﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺪﻳ ُﻦ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑ ِﺔ ﺑﻜﺜﻴ ٍﺮ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ رﻏ َﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ واﻟﺘﻘﺎﺋِﻬﺎ ﺗﻘ ﱡﺪ ِﻣﻬﺎ ﱢ ﱢ اﺧﺘﻼف اﻷﺟﻨﺎس واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎت، وﺑﺘﻘﺪﱡمِ اﻟﻔﻜ ِﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔ ِﺔ واﻟﻌﻠﻮمِ ِ وﺑﺎﻛﺘﺸﺎف اﻟﻤﻨﻄﻖ واﻵداب واﻷﻟﺴﻨﻴﺎت، ِ ِ وﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﻠﻢ اﻷﺧﻼق ،واﻷﺧﻴﺮانِ َوﺣ َﺪﻫﻤﺎ اﻓﻖ ﻣﺴﻴﺮة ُﻣﻨﺠﺰانِ ﻫﺎﺋﻼن ،وﻣﻦ أﻧﺒﻞ ﻣﺎ ر َ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴ ِﺔ ﻣﻨﺬ أول اﻟﻜﺘﺎﺑ ِﺔ وﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
89
دراﺳﺎت إﻣﺎراﺗﻴﺔ
دﺑّﺮت" .وﻟﻠﺸﺨﺺ اﻟﺬي رﺟﻊ ﻟﻪ ﻣﺴﺎﻓﺮ ﻳﻘﺎل ﻟﻪ »ﺗﺴﺘﺎﻫﻞ اﻟﻠﻮال«. وأﻳﻀﺎ إذا ﺿﺎع ﻣﻦ أﺣﺪﻫﻢ ﺷﻴﺊ وﺑﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﻛﺜﻴﺮا وﻟﻢ ﻳﺠﺪه ،ووﺟﺪه ﻏﻴﺮه ،ﻳﻘﻮل ﻟﻪ ﻣﻦ وﺟﺪ اﻟﺸﻲء اﻟﻀﺎﺋﻊ »اﻟﻠﻮال« .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻷﻟﻔﺎظ ﻫﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻬﺎ اﻷﺟﺪاد وﻻ ﻳﺄﺗﻮن ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ ،ﻓﻜﻞ ﺣﺪث ﻟﻪ ﻛﻠﻤﺘﻪ اﻟﻤﻌﺘﺎدة ،ﻓﻼ ﻳﻀﻊ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻜﺎن ﻛﻠﻤﺔ ،وﻻ ﻳﺴﺘﺤﺪث ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺪل ﻛﻠﻤﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت واﻷﻟﻔﺎظ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ .وﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻤﺎت ،ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬ ﻓﻌﻼ وﺣﺪﺛﺎ ،وﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻛﻠﻤﺔ »ﻣﺎﺷﻲ ﻋﻠﻴﻚ« أو »ﻧﻤﺸﻲ ﻟﻪ« ،ﻓﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺧﻼف ﺑﻴﻦ ﺷﺨﺼﻴﻦ ،ﻓﻬﻨﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ، ﻓﺈﻣﺎ ﻳﺬﻫﺐ أﺣﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﻦ ﺑﻤﻔﺮده ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻵﺧﺮ وﻳﻘﻮل ﻟﻪ »ﻣﺎﺷﻲ ﻋﻠﻴﻚ« أو ﻳُﻜﻠّﻢ أﺷﺨﺎص وﻳﻘﻮل ﻟﻪ إﻣﺎ أن ﺗﻤﺸﻮا ﺑﻲ إﻟﻴﻪ ،وإﻣﺎ أن إﻟﻲ ،وﺑﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﺨﻼف وﻳﻌﻮد اﻟﻮد واﻟﺼﻔﺎء ﺗﻤﺸﻮا ﺑﻪ ّ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﻦ .وﻫﻨﺎك ﻛﻠﻤﺎت أﺧﺮى ﻟﻬﺎ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﺨﺎص ﻣﺜﻞ ﻛﻠﻤﺔ »أﻗﺼﺮ اﻟﺪوب« وﺗﻄﻠﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ ّ ﻃﻮل اﻟﻤﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻦ رﺣﻠﺔ ﺳﻔﺮ أو ﻃﺮﻳﻖ ﻃﻮﻳﻞ أو ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻳﻄﻮل اﻟﺠﻠﻮس ﻓﻴﻪ ،ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ :اﻧﻘﺼﺮ اﻟﺪوب" ،أي ﻧﺘﺴﻠﻰ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺠﻤﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﻧﻄﻮي ﻫﺬه اﻟﺒﻌﺪ .وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻊ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ أﻧﺲ وﺳﻤﺮ ،وﺗﻘﻄﻊ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺤ ّﺪه وﺗﺄﺧﺬ »اﻟﺴ ِﻤﻲ« ﻃﺎﺑﻊ اﻷﺧ ّﻮة ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻌﺎرﻓﻴﻦ ،ﻓﻬﻨﺎك ﻛﻠﻤﺔ ﱢ وﻣﻌﻨﺎﻫﺎ أن اﻟﺸﺨﺺ اﻟ ُﻤ َﺨﻄَﺎب ﻳﺤﻤﻞ اﻻﺳــﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺸﺨﺺ َﺎﻃﺐ ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﻣﺜﻼ ﻣﺤﻤﺪ ،ﻓﻴﻘﻮل اﻟ ُﻤﺨ ِ اﻟ ُﻤﺨ ِ َﺎﻃﺐ ﻟﻠ ُﻤﺨَﺎﻃَﺐ »اﻟﻠﻪ اﻟﺴ ِﻤﻲ«.وﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﺷﻜّﻠﺖ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨ ّﻴﺔ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺣ ّﻴﻪ ﱢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎل دوﻣﺎ ،وﻻ ﺗﺴﺘﺒﺪل ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ ،ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻬﺎﻟﺔ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ: اﻛﺐ ﺣﻤـــــﺮا ﺑﺪْ ﻧﻬﺎ ﻣـــــــــﺎﻟﻲ ﻳﺎ ر ٍ ﻃﻌﻴــــــﻢ واﻻّ ﻣ ْﺒﻄﻴﻪ ﻓــــﻲ ْﺣﻴﺎﻟﻲ ﻓﻲ داﻋﺔ اﻟﻠﻪ ﻣــــــﻦ ﻇﻌﻨﻬﻢ ﺣﺎﻟﻲ ﻟﻔّﻮا رﻏﺪْ ﻫــــــــــﻢ واﻟﻈﻌﻦ ﻳ ْﻬﻴﺎﻟﻲ
88
اﻟﺴ َﻨﻊ ﻓﻲ ا9ﻟﻔﺎظ اSﻣﺎراﺗﻴﺔ وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ اSﻣﺎراﺗﻲ َ
وﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺮﻓﻘﺔ ،ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻣﻄﺮ اﻟﺤﻼّﻣﻲ: أرﻓﻘﺖ ﻋﻘــــــــﺒﻪ ﻣﻮل ﻳﺎ ﻫـــــﻼل ﺗ ْﺒﻊ اﻟﻬــــــــــــــــﻮى ﻣﺎ ﻋﺎد ﻧﻌﻨﺎه وﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺎﺷﻲ ﻋﻠﻴﻚ ،أو ﻧﻤﺸﻲ ﻟﻪ ،أو اﻣﺸﻮا ﺑﻪ ،ﻛﻴﻒ ﻣﺎ أﺗﺖ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻵﺧﺮ ،وﺑﻬﺎ ـ أي اﻟﻜﻠﻤﺔ ـ ﺗﺴﻘﻂ ﻛﻞ اﻷﻋﺬار وﻳﺘﻢ اﻟﻘﺒﻮل .اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ اﻟﺨﻀﺮ ﻳﻘﻮل: إن ﻛﺎن ﺷﻲ ﻣـــــــــﻌﺮوف واﺣﺴﺎن إﻣﺸـــــــﻮا ﺑﻴﻪ واﻻّ ﻣﺸــــــــــﻮا ﺑﻪ وﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ "ﺑِﺎﻟ ِْﺤﻞ" ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻤﻌﺔ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻜﺘﻮﻣﻲ اﻟﻜﻌﺒﻲ: ف اﻟﺤـــــــــﻞ ﺑــــــﻮ ٍ ﻋﻘﺺ ﺛﻠﻴﻠﻲ ﻣﺤﺸـــــــــــﺎي ﺑﺎرﻳـــــــﺎحٍ وﻋﻨﺒﺮ أﻣﺎ ﻛﻠﻤﺔ "وﻧﱢ ِﻌﻢ" أو "وﻧﻌﻮﻣﻚ" ،أو "ﺳﺒﻌﺔ أﻧﻌﺎم" ،ﻓﻠﻬﺎ أﻛﺒﺮ اﻟﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻤﺜﻞ أﺟﻤﻞ اﻟﻘﻴﻢ واﻟ ُﻤﺜُﻞ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻜﺎس: واﻧﺘﻮ ﻛَﻔَــــــــــ ْﻮ وﻟْﻜــــــــﻢ ﺑﻌﺎده ﻛﻠْﻤ ْﺔ وﻧ ْﻌـــــــــــﻢ ﻣﻦ ﻳﻮم اْﻟِ ْﺠﺪود وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻄﺮوﺷﻲ: ْﻋﻴﺎل ﻏﺎﻧـــــــــﻢ ﻫﻢ أﻫﻞ اﻻﺣﺴﺎن وﻣﺤﻤــــــﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﻀــــــﺪ وﻧ ْﻌﻤﻴﻦ وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ: اﻟﻠﻲ ﻗــــــــﺪرﻫﺎ ﻳ ْﺮﻳَﺢ اﻟﻮزْن وﻳﺰﻳﺪ ﺑﻜﻠﻤﺔ وﻧ ْﻌ ْﻢ ْوﻛﻠّﻬﻢ ﻳﻤﺪﺣﻮﻧﻬــــــــﺎ وﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻠﻮال ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ: ﻳﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻛــــﺎن ﺟﺎﻧﻲ واﺳﺘﻘـــــﺮ ﻛﻠّﻜﻢ ﻫ ّﻨﻮا وﻗــــــــــــﻠﻮا ﻟﻲ ﻟـﻮال وﻣﻦ اﻷﻗﻮال اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎل ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺰواج "ﻣﺒﺮوك ﻣﺎ دﺑّﺮت" وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻨﻊ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻔﺎن ﺑﻦ ﻳﺪﻋﻮه ﻓﻲ زواج أﺣﺪ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ: ﻣﺒـــــــــــﺮوك ﻣـــــﺎدﺑﺮت ﻳﺎﻓـﻼن ي أْﺣـــــــــﻤﺪ وﺧـ ْﺬت ْﻣﺘﻠّﻊ اﻟﺠﻴﺪ »اﻟﺴ ِﻤﻲ« ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺠﻤﺮي ،ﻣﺨﺎﻃﺒًﺎ َﺳ ِﻤﻴﱠ ُﻪ وﻓﻲ ﺳﻨﻊ ﱢ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻜﺎس: ﻗﻤــــــــﺖ أﻟﺒﻲ ﻟﻪ واﻋ ّﺰي وا ْﻋﺘﺰي ﻓـﺎزعٍ ﺻﻮﺑﻪ وﻣﻨـــــــــﻮي ﺑﺎﻟﻤﺸﺎم ﻳﻮم ﻓﻘْﺖ ْوﺷﻔْﺖ ﺟــﺮح اﻟﻤﺴﺘﻤﻲ ﻟـ ّﻦ ﻋﻮﻗﻪ ﻣﻦ ﺗﺼﺎوﻳﺐ اﻟﻐــــــــﺮام »أﻗﺼﺮ اﻟﺪوب« ،ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﺪﻫﻤﺎﻧﻲ: وﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ ﻛﻠﻤﺔ ّ أﻗﺼــــــــــﺮ دوب و ّﻳﺎك أﺑﻐــــــﻲ ّ ﻻن اﻟﻔــــﺮج ﺳــــــــﺎﻋﺎت ﻣـﺎ دوم
ﻗﺪوم اﻟﻀﻴﻒ ،وﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،وﻣﻦ ﻋﺎدة اﻟﻜﺮم ﻓﻲ أﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻔﺮﺣﻮن ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻫﻮد اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻴﻒ ،ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻓﺎرس اﻟﻤﺰروﻋﻲ: ﺒﺴــــــــــﻢ ﻋــــــﻦ ﻓﺮاﻳــــــــــﺢ ﻳ ْﺘ ّ ﻟﻲ ِﺳ ْﻤﻊ ﻛﻠﻤـــــــــــــــــﺔ ﻫـــــﻮد وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺴﻤﺎﺣﻲ: ﻳﺜﻮر ﻟـــــﻲ ﻣـــــــــﻦ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻫـﻮد وﻳﺜﻨـــــــــﻲ ﺗــــﺮاﺣﻴﺒﻪ ﺑﺘﻜـــــــﺮار وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺑﺨﻴﺖ اﻟﻌﻤﻴﻤﻲ: راع اﻟﻜــــــــﺮم ﺑﺎﻟﻤﺪح ﻣﺸﻬــــــــﻮر ﻋــــــــــﺰﻳﺰ ﻗﺪره ْوﻳﻨﻌﻨـــــــــــﺎ ﻟﻪ وﻟﻲ ﻣــــــــــﻦ ﺳﻤــــﻊ اْﻟِ ْﻤﻬ ّﻮد ْﻳﺜﻮر واﻟﻮﻗــــــﺖ ﻣـــــــــــــﺎ ﻏ ّﻴﺮ أﺣﻮاﻟﻪ وﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﻛﺮﻣﻬﻢ ﻳﻔﺮﺣﻮن ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻫﻮد ﻟﻠﻀﻴﻒ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﺮﺣﻮن وﻳﺘﻔﺎﺧﺮون ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻗﺮب ،وﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺒﻴﺖ أو ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺠﻠﺲ أو ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﺒﻠﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﺮاه ﺿﻴﻔﺎ ﻟﻪ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻏﺮﻳﺐ ﻳﺮاه ﻓﻲ اﻟﺴﻮق أو ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ،ﻓﻴﻘﻮل ﻟﻪ اﻗﺮب، أي ﺗﻔﻀﻞ ﻋﻨﺪي ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻲ ﻓﺄﻧﺖ ﺿﻴﻔﻲ ،وأﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻘﺎل ﻛﻠﻤﺔ اﻗﺮب ﻋﻨﺪ اﻟﻄﻌﺎم ،ﻓﻴﺄﺗﻲ أﺣﺪﻫﻢ ﻓﻴﻘﺎل ﻟﻪ اﻗﺮب ،أي اﺟﻠﺲ وﻛﻞ ﻣﻌﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻄﻌﺎم .ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺴﻤﺎﺣﻲ: ﻋﺎﺷـــــــــﻮا ﻋﻠـــﻰ ﻫ ّﺒـﺔ اﻟﺮﻳـــــــﺢ وﻳﺘﻔﺎﺧـــﺮون ﺑْﻜﻠﻤـــــــﺔ اﻗــــــﺮب
ﻛﻠﻤﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻟﻤﻌﺎن ﻛﺜﻴﺮة
وﻣﻦ اﻟﺴﻨﻊ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ ﻋﻨﺪ اﻷﺟﺪاد ،ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜّﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﺜﻴﺮة ،وﺗﺨﺘﺼﺮ ﻛﻼﻣﺎ ﻛﺜﻴﺮا ،ﻓﻴﺄﺗﻮن ﺑﻜﻠﻤﺔ أو ﻛﻠﻤﺘﻴﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ ُﻋﺮف ﻳُﺘﱠﺒﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﺗﻘﺎل ﻓﻲ ﺣﺪث ﺗﺤﻤﻞ ﺑﻴﻦ أﺣﺮﻓﻬﺎ ً ﻣﺎ ،ﻓﻤﺜﺎﻻ ﺗﻘﺎل ﻛﻠﻤﺔ »واﻟ ّﻨﻌﻢ« ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت اﻟﺤﻤﻴﺪة وأﻧﻪ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺴﻴﺮة واﻟﺨﻼل ،ﻓﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة واﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ .وﻛﻠﻤﺔ »رﻓﻘﺔ« وﻫﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻘﺴﻢ واﻟﻴﻤﻴﻦ ،وﻟﻜﻦ ﺗﺄﺗﻲ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ،ﻓﻤﺘﻰ ﺗﻢ اﻻرﻓﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺺ ﻓﻬﻮ ﻳﻤﺘﺜﻞ ﻟﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺮﻓﻘﺔ.وﻛﻠﻤﺔ »ﺑﺎﻟﺤﻞ« وﺗﻘﺎل ﻷي ﺷﺨﺺ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻄﻤﺌﻨﻪ أو ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎً وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻠﺒﻴﺔ اﻟﻄﻠﺐ أﻳّﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻘﺎل ﻟﻪ ٍ ﻋﻨﺌﺬ "ﺑﺎﻟﺤﻞ" ،وﺗﻘﺎل أﺣﻴﺎﻧﺎً ﻋﻨﺪ اﻟﻮداع. وﻟﻠﻤﺮﺗﺤﻞ أو اﻟﺬاﻫﺐ ﻫﻨﺎك ﻛﻠﻤﺔ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ وﻫﻲ »ﻓﻲ داﻋﺔ اﻟﻠﻪ«. وﻟﻠﻤﺘﺰوج »اﻟ ِﻤﻌﺮِس« ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻘﺎل ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻬﻨﺌﺘﻪ وﻫﻲ »ﻣﺒﺮوك ﻣﺎ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
87
دراﺳﺎت إﻣﺎراﺗﻴﺔ
اﻟﻀﻴــــــﻒ ﻟـــــــﻪ ﻗﺪْ ر ْوﻣﻌﺎﻧـــــﻲ اﻟﻤﺬﻫﺐ واﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻳﻨﺘﻘﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ أﺧﺮى وﻫﻲ اﻟﻤﺬﻫﺐ ،وﺗﺘﻌﺪد اﻟﻤﺬاﻫﺐ وﻋ ّﺰ ْوﻛـــــﺮم وﻣﺼــــــــﺎﻓﺤﺔ ﻳـــــﺪ ﺑﺘﻌ ّﺪد اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ،ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﻣﺬﻫﺒﻪ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻤﺬﻫﺐ وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﻼن اﻟﻜﺘﺒﻲ: ﺑﻪ اﻟﺸﺨﺺ ،وﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻃﻨﺎف ،ﻻﺟـــــــﻞ ﻧﻜﻤـــــــﻞ ﺑﻪ ﻣﻌـــــﺎﻧﻴﻨﺎ ﻓﻴﻘﻮل: ﻻ ﺗﻴﻴـــــــــــــﺎ ﻛﻠﻤـــــــﺔ ﺷﻴﻨـــــﻪ ﻋﻴﺐ ﻋﻠــــﻰ اﻻﻧﺴﺎن ﻳﻘﺼﺮ ﻣﺬﻫﺒﻪ ٍ واﺳﻤﺢ إذا ﺻﺎر اﻟﺨﻄﺎ ف اﻟﺴــــﺎﻧﻲ اﻟﺨﺸـﻢ ودﻻﻻﺗــﻪ وﺗﺤﻤﻞ ﻛﻠﻤﺔ »اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ« ،ﺻﻔﺎت اﻷﺧﻼق اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ وﻛﻠﻤﺔ اﻟﺨﺸﻢ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻟﻬﺎ ﺳﻨﻊ ﻳُﻌﺘ ّﺪ ﺑﻪ ،وﻫﻮ أﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻠﻪ ﻣﺒﺎدئ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ وﻻ ﻳﺘﺨﻠّﻰ ﻋﻨﻬﺎ ،أرادوا أن ﻳﺘﻢ اﻟﺸﻲء ﻗﺎﻟﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺸﻢ ،وإذا أرادوا اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ واﻟﻮﻋﻴﺪ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻋﻦ اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ اﻟﺰﻟﻞ أو اﻟﺨﻠﻞ ،وﻣﺘﻰ ﻛﺎن ﻗﺎﻟﻮا ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺨﺸﻢ ،ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻮﻳﺲ: اﻹﻧﺴﺎن ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻳﺘﻘﺒﻠﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﻓﻲ ذﻟﻚ وان ﻗﻠْﺖ ﻧﺒﻐــــﻲ ﻧ ّﺘﻔﻖ ﻋﻈْﺖ أوﻫﺎم ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺎﺟﺪي ﺑﻦ ﻇﺎﻫﺮ: ﻟﻴﻦ اﻟﻐﻀﺐ ﻳَﻄْ ِﻔﺮ ﻋﻠﻰ روس اْﻟِﺨْﺸﻮم وﻻ ﻟﺰم اﻟﺤــــــﺮﻳﻢ إﻻ اﻟﺮﻳــــــــــﺎل وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻣﺘﺮف ،ﻣﺆﻛﺪا أن اﻷﻣﺮ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻏﺎﻳﺘﻪ وﻻ ﻟﺰم اﻟﺮﺟـــــــﺎل إﻻّ اﻟﻤﻌـــــــﺎﻧﻲ وذروﺗﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﻮق اﻟﺨﺸﻢ ،وأﻧﻪ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺎﻷﻣﺮ، وﻳﻘﻮل اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬ ّﻴﺎن: ﻳﻘﻮل: ْوﻟﻲ ﻫــــــ ّﻮن ف اﻟﻤﻌــــــــــــــﺎﻧﻲ إن ﻫﻮت ﻧﻔﺴﻚ ﻫﻮاﻧﺎ ﻟﻚ ﻧـــــــﺪوم ﻳﺨﺴــــــــــــﺮ ﻓـــــــﻲ ﻣﻮﻗﻔـــــــﻪ ف اﻟﺘﺰاﻣﻚ ﻳـــــــــﺎ ﻓﺘﻲ ﻟﻮ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم أي أن اﻟﺬي ﻳﺘﻬﺎون وﻳﺘﻨﺎزل ﻋﻦ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ وان ﻫـــــﻮى ﻟﻚ ﻏﻴﺮﻧﺎ ﻓﻮق اﻟﺨﺸﻮم ٍ ﻣﻮﻗﻒ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ ،وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻣﺘﺮف: ﻳﺨﺴﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻻ ﺗﻘﺎﻃﻌﻨﺎ ﻣـــــــــﻦ ْردود اﻟﺴــــﻼم ِﻫﻨـــــــﺎك وﻳـــــﻦ اﻟﺰﻳﻦ ﺑﺎﻧــــــــﻲ ﺑﻴﺖ ﻣﺸ ّﻴــــﺪ ﻋـــــــــــــﺎﻟﻲ اﻟﻨـــﺪ ﻫﻮد ﻟﻼﺳﺘﺌﺬان واﻟﻀﻴﺎﻓﺔ
وﻣﻦ اﻟﺴﻨﻊ ﻛﻠﻤﺔ "ﻫﻮد" ،وﺗﻌﻨﻲ اﻻﺳﺘﺌﺬان ﻟﻠﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل أو اﻟﻤﺠﻠﺲ ،وﻋﺎدة أَﺧْﺬ اﻻﺳﺘﺌﺬان ﻣﻦ اﻟﻀﺮورﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ أن ﺗ ُﻐﺮس ﻓﻲ اﻟﻨﻔﻮس ،ﺣﺘﻰ ﺑﻴﻦ أﻓﺮاد اﻟﻤﻨﺰل اﻟﻮاﺣﺪ ،ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ اﻷب ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮل ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻮد ،وﻻ ﻳﺪﺧﻞ اﻷخ إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﻳﻘﻮل ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻮد ،ﻟﺬا ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ اﻟﺨﻀﺮ: ﻻﺗْـــــــــﺪش ﺑﻴـــــﺖ ْﺑﻼ ﺗﻬ ّﻮﻳــــــﺪ ﻟﻮ ﻛﻨـــﺖ راﻋﻲ اﻟﺒﻴـــــــــﺖ و ْﺣﻤﺎه وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻣﺘﺮف: وان ﻟﻔﻴـــﺖ اﻟﺪار ﻗﻞ ﻫـــــــــــﻮدي ﻧﺴﻞ اْﻟَ ْﻤﺠــــــــــﺎدي وﻳﻨﻜـــــــﻢ ﻳﺎ ْ وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ راﺷﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﻼن: ﻳﻮم ﻳﻴـــــــــﺖ ف اﻟﻤﻨﺰل وف اﻟﺪار أزﻗﺮ ﺑﻌــــــــــــﺎﻟﻲ ﺻــــــﻮﺗﻴﻪ ﻫﻮد وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﻤﻴﺪش ﺑﻦ ﻧﻌﻤﺎن: ﻗﻠﺖ ﻫﻮد وﻗﺎل ٍ ﺿﻴﻒ ﻟـــــــﻲ ﻧﺰﻳﻠﻪ ﻣﺮﺣﺒﺎ ﺑﺎﻟﻀﻴﻒ واﻫـــــــﻼ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻟﻲ وﻗﺪ اﻧﺘﻘﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﻤﻴﺪش إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻫﻮد ،وﻫﻲ دﻻﻟﺔ 86
اﻟﺴ َﻨﻊ ﻓﻲ ا9ﻟﻔﺎظ اSﻣﺎراﺗﻴﺔ وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ اSﻣﺎراﺗﻲ َ
ﺑﺎﻟﺘﺤﻠّﻲ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت ذاﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ .وﻗﺪ ﺗﺮك ﻟﻨﺎ ﺷﻌﺮاؤﻧﺎ وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺴﻤﺎﺣﻲ: اﻟﺸﻌﺒﻴﻮن ﻓﻲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ وﺛﺎﺋﻖ ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺴﻨﻊ ﻳُﻌﺪ وﺛﻴﻘﺔ ﺗـــــــﻢ اﻟﺸـــــــــــﺎﻋﺮ ﺟــــــــﻮاﺑﻪ واﻟﻌﻔـــــــــــــﻮ ف اﻟﻤﻨﻘـــــــــﻮد وﻃﻨﻴﺔ ﺗﺮﺳﻢ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻷﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻊ ﻓﻲ اﻷﺧﻼق ،واﻟﺴﻨﻊ ﻣﻊ اﻟﺠﺎر ،واﻟﺴﻨﻊ ﻣﻊ اﻟﻀﻴﻒ ،واﻟﺴﻨﻊ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ، واﻟﺴﻨﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ،واﻟﺴﻨﻊ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ اﻟﺤﺸﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻫﻮﻳّﺔ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ وﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ،ﻓﻨﻬﺎك ﻟﻔﻆ اﻟﺤﺸﻤﺔ ،وﻳﻘﺼﺪون ﺑﻬﺎ ﻣﺪاراة ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أﺻﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻤﺔ ﻷﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات ،وﻛﺎﻧﺖ اﻵﺧﺮﻳﻦ وﺗﻮﻗﻴﺮﻫﻢ واﺣﺘﺮاﻣﻬﻢ ،واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ أذاﻫﻢ أو ﺟﺮﺣﻬﻢ أﻟﻔﺎظ ﻣﺤﺪدة ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎل ﻣﺤﺪدة ،ﺗﻘﺎل ﻋﻨﺪ أﺣﺪاث ﻣﺤﺪدة، أدب راقٍ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻨﻊ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺨﻠﻖ ٍ ﺑﺎﻟﻜﻼم واﻷﻓﻌﺎل ،وﻫﻢ ﺑﻬﺬا ّ وﻋﻠﻴﻪ ﺷﻜّﻠﺖ ﻫﺬه اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻌﺠﻤﺎً ﻟﻔﻈﻴﺎً ﻟﻸﻟﻔﺎظ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺪارﺟﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ اﻻﺣﺘﺮام واﻟﻤﺴﺎواة ،وﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ،ﻛﻤﺎ واﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً. أن ﻛﻠﻤﺔ ﺣﺸﻴﻢ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﺸﻤﺔ ﻟﻪ أﺧﻼق ﻋﺎﻟﻴﺔ ،وﻻ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻲ ا ﺮ ﻛﺜﻴ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ واﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل واﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻤﺸﻴﻨﺔ ،وﺗﺄﺗﻲ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺤﺸﻤﺔ ﺑﻌ ّﺪة أﻟﻔﺎظ ﺗﺸﻜّﻞ ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ﻣﻌﺠﻤﺎً وﻓﻴﺮا ً ﻳﻀﻢ ﻣﺌﺎت وﻣﺌﺎت اﻟﻜﻠﻤﺎت ،إﻻ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺆدي اﻟﻤﻌﻨﻰ ذاﺗﻪ ،ﻣﺜﻞ :ﺣﺸﻴﻢ ،ﻣﺤﺸﻮمِ ،ﺣﺸْ ِﻤﺔ ،أﺣﺸﺎم، أﻧﻨﺎ ﻧﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻺﻳﺮاد واﻻﺳﺘﺸﻬﺎد ،ﻣﺜﻞ »ﻣﻨﻘﻮد ،ﻣﺤﺸﻮمْ ،ﺣﺸُ ﻮم ،وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻮﻗﺎت: اﻟﺨﺸﻢ ،ﻫﻮد ،اﻗﺮب ،واﻟﻨﻌﻢ ،ﻛﻔﻮ ،اﻟﻠﻮال ،ﻣﺎﺷﻲ ﻋﻠﻴﻚ ،رﻓﻘﺔ ،ﺑﺎﻟﺤﻞ ،ﻟﻮ ﻣﺎ َﺣ ِﺸــــﻢ ﺑﻮ ﺟﻴـــــﺪ ﻣﻨﺴﻮع ﻓﻲ داﻋﺔ اﻟﻠﻪ ،ﻣﺒﺮوك ﻣﺎ دﺑّﺮت ،أﻗﺼﺮ اﻟﺪوب ،اﻟﺴﻤﻲ«. ﺑﺎﺑ ّﻴـــــــﺢ ْﺑﻜـــــــــﻞ اﻟﺨﻔ ّﻴــــﺎت وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﺧﻤﻴﺲ اﻟﺴﻤﺎﺣﻲ: واﻟﻀﻴﻒ ﻟﻪ ﺣﺸــــــﻤﺔ وﻣﻘــــﺪار اﻟﻤﻨﻘﻮد واﻟﻤﺼﺎﻓﺤــــﺔ ﺑْﺮاﺣـــــــﺎت اْﻟِﺪﻳـﻦ ﺤﺴﺐ ﻟﻬﺎ أﻟﻒ ﺣﺴﺎب ،وﻟﻬﺎ وﻧﺒﺪأ ﺑﻜﻠﻤﺔ »ﻣﻨﻘﻮد« ،ﻓﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻳُ َ وﻗﻌﻬﺎ اﻟﻤﺮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ،ﻟﺬا ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺮص ﻛﻞ اﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ أﻻ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،وﺑﺴﺒﺐ ﺗﺠﻨﺒﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻳُ َﺆدي ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل إﻟﻰ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻣﺪﺣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ،وإﻧﻤﺎ ﺛﻨﺎ ًء ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻓﻘﺪ ﺻﺮح ﺷﻌﺮاء اﻟﻨﺒﻂ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻮن ﻛﺜﻴﺮا ﺑﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺳﻤﺎع اﻟﻨﻘﺪ ﻓﻴﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺎﺟﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻨﻌﻴﻤﻲ: ﻳـــﻮم أذﻛــــــﺮه واذﻛﺮ ﻟــــﻪ ْﻋﻬــﻮد ﺗﺴﻌـــﻴﻦ ﻟ ّﻴـﻪ ﻗﻠﺒـــــــﻲ اﺣــــﺘﺎس ﻟـــﻮ ﻣـــــــﺎ ﻋﻠ ّﻴﻪ ﺻـــــﺎر ﻣﻨﻘــــﻮد ﻻ ﺻــــــﻴﺢ ﺑﺎﺳﻤـﻪ وا ّرج اﻟﻨـــــﺎس وﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن: وﺗْـــــــﺮى اﻟــــــﺮدي واﻟـــــــــﺪاﻧﻲ ﻓـــــــــﻲ ﺳﻌﻴﻬــــــــﻢ ﻣﻨﻘــــــﻮد
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
85
دراﺳﺎت إﻣﺎراﺗﻴﺔ
ﻓﻬﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻌﻤﺮي
اﻟﺴ ّﻨﻊ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺠﻤﺎل؛ ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺻﺎﺣﺐ ﻟﺴﺎن ﱠ اﻟﺴ َﻨﻊ واﻟﺴ ّﻨ ُﻊ :اﻟﺠﻤﺎل ،واﻟﺴﻨﻴﻊ :اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺠﻤﻴﻞ .وﻣﻌﻨﻰ ّ اﻟﻌﺮب :ﱠ ﻛﻞ ﺧﻠﻖ ﺟﻤﻴﻞ ﻛﺎن ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﻫﻮّ : اﻟﺴﻨﻊ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﻠﻤﻮﺳﺎً أو ﻣﺤﺴﻮﺳﺎً ،و َﻳﺪﺧُﻞ ﻓﻲ ّ اﻟﻜﺮم واﻟﺠﻮد واﻟﻌﻄﺎء وﺑﺬل اﻟﻤﺠﻬﻮد وﻣﺪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن واﺣﺘﺮام اﻟﻜﺒﻴﺮ واﻟﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻐﻴﺮ واﻟﺼﺪق ﻓﻲ اﻟﻘﻮل واﻟﻤﺴﺎﻣﺤﺔ واﻟﺼﻔﺢ ﻋ ّﻤﻦ ﻇﻠﻢ ،وﺣﻔﻆ اﻟﺴﺪ ّ واﻟﺒﺶ ﻓﻲ وﺟﻮه اﻟﻨﺎس ،وﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺗﻮاﻓﺮت ﻫﺬه اﻟﺴ ّﻨﻊ ،وﻳﻘﻮل اﻟﺼﻔﺎت ﻛﻠّﻬﺎ أو ﺟﻠّﻬﺎ ﻓﻴﻜﻮن ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﺻﻔﺔ ّ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﺷﺨﺒﻮط آل ﻧﻬ ّﻴﺎن: ﻧـــــﺎس ﺣﺸـــــــــﺎﻳﻢ ٍ واﻧﺼـــــــﻰ ﻣــــــــﺎ ﺧـــــ ّﺮﺑﻮا اﻻﺳــــــــــــﻨﺎع 84
اﻟﺴ َﻨﻊ ﻓﻲ ا9ﻟﻔﺎظ اSﻣﺎراﺗﻴﺔ وﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻨﺒﻄﻲ اSﻣﺎراﺗﻲ َ
وﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻮﻗﺎت: وﻧﺨﻀــﻊ ﻟﻠـــﺬي ﻫــــــــﻦ ﻳﻄﻠﺒ ّﻨﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻟﻠـــﺬي ﻛﺎﻣــــــــــﻞ ﺳﻨــﺎﻋﻪ اﻟﺴ ّﻨﻊ ،وأﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺸﺨﺺ وﻗﺪ أﻛّﺪ اﻷﺟﺪاد ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ّ اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺼﻔﺎت ﺣﻤﻴﺪة ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ وﻣﺮﻏﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وأ ّن ﻟﻪ اﻟﺴﻨﻊ ﻳُﻌﺪ ﻣﻴﺰاﻧًﺎ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﺑﻪ ﻳﻜﻮن ﺷﺨﺼﺎً ﺣﻈﻮة ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮه ،ﻛﻤﺎ أ ّن ّ ﻣﺮﻣﻮﻗﺎً ﻟﻪ اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ واﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ،وﻗﺒﻮل ﻛﻼﻣﻪ، وﺷﻔﺎﻋﺘﻪ ،ﻓﺈذا ﻗﺎل ﺻ ّﺪﻗﻮه ،وإذا ﺷَ ﻔَﻊ ﻓﻲ أﺣﺪ ﺷﻔّﻌﻮه ،وإذا ﻃﻠﺐ أﻋﻄﻮه .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺴﻨﻊ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ أﺑﻨﺎء دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﻓﻄﺮة ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺑﻬﺎ وﻗﺪ ﺟﺒﻠﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻟﻤﺎ ﺗﺘﺴﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺘﻲ ﺗ ُ َﺮﺑﱢﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻨﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺎدات اﻟﻜﺮم واﻟﻌﻄﺎء واﻹﻳﺜﺎر ،وأﻳﻀﺎ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺠﺒﻠ ّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ وﻋﻮرﺗﻬﺎ وﻗﺴﻮﺗﻬﺎ ﺷﻈﻒ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺔ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﺒﺎل
ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺮﻳﺤﺔ ،وﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﺗﻘﺼﻴﺮه ﻗﻠﻴﻼً. ﻗﻠﺖ إﻧﻨﻲ ﻗﺼﺮﺗﻪ ﻣﻨﺬ أﺳﺒﻮع واﺣﺪ ﻓﻘﻂ .راح ﻳﺘﺄﻣﻠﻪ ُ ﺑﺮﻫﺔ ،ﺛﻢ ﺳﺄﻟﻨﻲ ﺑﺎﺳﺘﻬﺠﺎن :ﻣﻦ ﻗﺼﻪ؟ ﻓﺄﺟﺒﺘﻪ ﺑﺨﺸﻮﻧﺔ: ِﺖ .ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻳُﻘﻠﱢﺐ رﻏﻮﺗﻪ وﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﺖ ،ﻓ ُﺒﻬ َ ﻣﺘﻔﺤﺼﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮآة ،ﻣﺘﻮﻗﻔًﺎ ﺑﻴﻦ ﻓﻴﻨﺔ وأﺧﺮى ﻟﻴﻘﺘﺮب ً ذﻗﻨﻪ ﺑﺈﻣﻌﺎن ،أو ﻣﺪﻗﻘًﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺒﺜﻮر .ﺛﻢ ﻏﻄﻰ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻣﻦ وﺟﻬﻲ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ﺑﺎﻟﺮﻏﻮة ،وﻗﺒﻞ أن ﻳﺸﺮع ﻓﻲ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ،ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﺻﺮاع ﺑﻴﻦ ﻛﻠﺒﻴﻦ ،ﻓﻬﺮول ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻨﺎﻓﺬة ﻟﻴﺸﺎﻫﺪﻫﻤﺎ ،ﻓﺨﺴﺮ ﺷﻠﻨﻴﻦ إﺣﺴﺎﺳﺎ ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ﻓﺄﺣﺴﺴﺖ ﻓﻲ رﻫﺎﻧﻪ ﻣﻊ اﻟﺤﻼق اﻵﺧﺮ، ُ ً ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ .اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﻓﺮد اﻟﺮﻏﻮة ،ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻳﺪﻳﻪ ﻟﺘﺪﻟﻴﻚ وﺟﻬﻲ ﺑﻬﺬه اﻟﺮﻏﻮة .ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺑﺪأ ﻳﺴﻦ ﺷﻔﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮ ﺟﻠﺪي ﻗﺪﻳﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻄﻠﻪ -ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ- ﺟﺪل ﺛﺎر ﺣﻮل ﺣﻔﻠﺔ ﺗﻨﻜﺮﻳﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻣﺘﻨﻜ ًﺮا ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻠﻚ ﻳﺮﺗﺪي زﻳٍّﺎ أﺣﻤﺮ ﻋﻠﻴﻪ وﺷﺎح أﺑﻴﺾ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاء اﻟﺮﺧﻴﺺ .ﻓﺮح ﻓﺮ ًﺣﺎ ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ﺑﻤﺸﺎﻛﺴﺎت زﻣﻼﺋﻪ ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﺳﺤﺮﻫﺎ ﺑﺠﻤﺎﻟﻪ ،ﻓﺮاح ﻳﺪﻋﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻌﺒﺘﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﻞ أﻧﻪ ﻣﺴﺘﺎء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺎﻛﺴﺎت ،ﻻ ﻟﺸﻲء إﻻ ﻟﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻤﺘﺪ ﻷﻃﻮل وﻗﺖ ﻣﻤﻜﻦ .دﻓﻌﻪ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺮآة، ﻓﺮاح ﻳﻤﺸﻂ ﺷﻌﺮه ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ،ﻣﺜﺒﺘًﺎ ﺧﺼﻠﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻗﻮس ﻳﺘﺪﻟﻰ ﻓﻮق ﺟﺒﻴﻨﻪ ،وراﻓ ًﻌﺎ ﺑﺎﻟﻔﺮﺷﺎة ﺷﻌﺮ اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻟﻴﻨﺴﺎب ﻣﻐﻄﻴًﺎ أذﻧﻴﻪ .ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺛﻨﺎء ،ﻛﺎن اﻟﺼﺎﺑﻮن ﻳﺠﻒ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻲ ﻣﺴﺒ ًﺒﺎ ﻟﻲ ﻏﺎرﺳﺎ أﺻﺎﺑﻌﻪ ﺷﻌﻮ ًرا ﻣﺴﺘﻔ ٍّﺰا ﺑﺎﻟﺤﻜﺔ .ﺑﺪأ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻼﻗﺔ ذﻗﻨﻲً ، ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ ﺑﺸﺮﺗﻲ ﻟﺘﻔﺘﻴﺢ ﻣﺴﺎﻣﻬﺎ ،وﺿﺎﻏﻄًﺎ رأﺳﻲ ﺑﻜﻠﺘﺎ ﻳﺪﻳﻪ ﻋﺪة ﻣﺮات ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ أﺻﻮل اﻟﺤﻼﻗﺔ اﻟﻤﺮﻳﺤﺔ .ﻟﻢ أﺣﺲ ﺑﺎﻷﻟﻢ وﻫﻮ ﻳﺤﻠﻖ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﻲ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت ﺷﻔﺮﺗﻪ ﺗﺨﺪش ذﻗﻨﻲ وﺗﺠﺮﺣﻬﺎ ،اﻧﻬﻤﺮت دﻣﻮﻋﻲ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺗﺨﺬ ﻣﻦ أﻧﻔﻲ ﻣﺘﻜﺄً ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﻼﻗﺔ زاوﻳﺘﻲ ﺷﻔﺘﻲ اﻟﻌﻠﻴﺎ ،وﺑﻬﺬا اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻌﻴﻨﻲ، أدرﻛﺖ أن ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻬﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﻀﻄﻠﻊ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻞ ﺗﻨﻈﻴﻒ ﺗﺴﺎءﻟﺖ ﻓﻲ ﻛﺴﻞ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺤﻼﻗﻮن ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﻜﻴﺮوﺳﻴﻦ .ﻃﺎﻟﻤﺎ ُ رﺣﺖ ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ أم أﻧﻪ ﻛﺒﻴﺮﻫﻢ .ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷﺛﻨﺎءُ ، أﺳﻠﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻤﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺨﻤﻴﻦ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﺳﻴﺠﺮﺣﻪ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة، وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻤﻬﻠﻨﻲ ،وﺟﺮﺣﻨﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ذﻗﻨﻲ ﻗﺒﻞ أن أﺧﻤﻦ .راح ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﻳﺸﺤﺬ ﺷﻔﺮﺗﻪ ..رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﺷﺤﺬﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .ﻻ أﺣﺐ اﻟﺤﻼﻗﺔ اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ ،وﻟﻢ أﻛﻦ ﺳﺄﺳﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﻤﺮ ﺑﺸﻔﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻲ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﺣﺎوﻟﺖ أن أﺟﻌﻠﻪ ﻳﺘﺮك ﺷﻔﺮﺗﻪ ﻣﺤﺬ ًرا إﻳﺎه ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺸﺮﺗﻲ؛ وﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎل إﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ إﻻ ﺗﻨﻌﻴﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺨﺸﻨﺔ، وراح ﻣﻦ ﻓﻮره ﻳﺠﻮس ﺑﺸﻔﺮﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﺤﺮﻣﺔ ،وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ
ﻇﻬﺮت اﻟﺒﺜﻮر ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ .ﺳﻜﺐ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻮﻃﺔ وراح ﻳﺼﻔﻊ وﺟﻬﻲ ﺑﻬﺎ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﻐﺴﻞ وﺟﻬﻪ ﺑﻬﺎ ﻣﻄﻠﻘًﺎ .ﺛﻢ راح ﻳﺼﻔﻌﻪ ﺑﺎﻟﺠﺰء اﻟﺠﺎف ﻣﻦ اﻟﻔﻮﻃﺔ وﻛﺄﻧﻪ ﺳﻤﻊ أن ﻫﻨﺎك إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﻳﺠﻔﻒ وﺟﻬﻪ ﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب .ﺛﻢ أﻏﺮق اﻟﺠﺮح ﺑﺎﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻣﻨﺸﻔﺘﻪ ،وﻛﺒﺴﻪ ﺑﺎﻟﻤﺴﺤﻮق ،ﺛﻢ ﺑﻠﻠﻪ ﺑﺎﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﻳﻌﻴﺪ ﻫﺬه اﻟﻜﺮة ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﻮ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أرﻓﺾ ﻣﺴﺘﺠﺪﻳًﺎ إﻳﺎه .ﻋﻔﺮ وﺟﻬﻲ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﻤﺴﺤﻮق ،ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻳﺠﻮس ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻪ ﻓﻲ ﺷﻌﺮي .اﻗﺘﺮح ﻏﺴﻠﻪ ﺑﺎﻟﺸﺎﻣﺒﻮ ﻗﺎﺋﻼً إن ﺷﻌﺮي ﻳﺤﺘﺎج ذﻟﻚ ﺟ ٍّﺪا .ﺗﺬﻛﺮت إﻧﻨﻲ ﻏﺴﻠﺘﻪ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺟﻴ ًﺪا ﺑﺎﻟﺸﺎﻣﺒﻮ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﺎم ﻋﻠﻲ زﺟﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﻣﻠﻤﻊ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻟﻴﻠﺔ أﻣﺲ .أﺣﺮﺟﺘﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى .ﻋﺮض ﱠ رﻓﻀﺖ .اﻣﺘﺪح ﻧﻮ ًﻋﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻣﻦ اﻟﻌﻄﻮر ﻋﺎرﺿً ﺎ ﻋﻠﻲ أن ﻟﻜﻲ أﺷﺘﺮﻳﻬﺎ. ُ ﻋﻠﻲ ﻏﺴﻮﻻً ﻟﻸﺳﻨﺎن ﻣﻦ اﺧﺘﺮاﻋﻪ ﻳﺒﻴﻌﻨﻲ إﻳﺎه. ُ رﻓﻀﺖ ﺛﺎﻧﻴﺔ .ﻋﺮض ﱠ رﻓﻀﺖ ،اﻗﺘﺮح أن ﻳﺒﻴﻌﻨﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻜﺎﻛﻴﻦ .ﻋﺎد إﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴٍّﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ُ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﺪ إﺟﻬﺎض ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻷﺧﻴﺮ ،رﺷﻨﻲ ﺑﺎﻟﻌﻄﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺒﺖ رأﺳﻲ إﻟﻰ أﺧﻤﺺ ﻗﺪﻣﻲ ،دﻟﻚ ﺷﻌﺮي ﺑﻜﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺎن ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺑﺊ ﺑﺎﺣﺘﺠﺎﺟﻲ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،وراح ﻳﻤﺸﻄﻪ وﻳﻔﺮﻗﻪ ﻣﺜﺒﺘًﺎ ﺧﺼﻠﺔ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺒﻲ اﻟﺮﻗﻴﻘﻴﻦ ،ﺛﻢ راح ﻳﺤﻜﻲ ﺷﻜﻞ ﻗﻮس ﻓﻮق ﺟﺒﻬﻨﻲ ،ﺛﻢ ﻣﺸﻂ ﱠ ﻗﺼﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻦ إﻧﺠﺎزات ﺟﺮو ﺻﻐﻴﺮ إﻟﻰ أن ﺗﺮاﻣﺖ إﻟﻰ أذﻧﻲ أﺻﻮات اﻟﺼﺎﻓﺮات ﻋﻨﺪ اﻟﻈﻬﺮ ﻓﺄدرﻛﺖ أﻧﻨﻲ ﺗﺄﺧﺮت ﺧﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ﻋﻦ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﻘﻄﺎر .ﻋﻨﺪﺋﺬ ،ﻧﺰع اﻟﻔﻮﻃﺔ ﻋﻨﻲ وﻫﻮ ﻳﺼﻴﺢ ﻣﺒﺘﻬ ًﺠﺎ" :اﻟﺘﺎﻟﻲ".ﻫﺬا اﻟﺤﻼق ﺳﻘﻂ ﻣﻴﺘًﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺴﺎﻋﺘﻴﻦ إﺛﺮ إﺻﺎﺑﺘﻪ ﺑﺴﻜﺘﺔ دﻣﺎﻏﻴﺔ ،وأﻧﺎ ﻣﻨﺘﻈﺮ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﻴﻮم ﻟﺤﻀﻮر ﺟﻨﺎزﺗﻪ اﻧﺘﻘﺎ ًﻣﺎ ﻣﻨﻪ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
83
ﻣﻦ اﻷدب اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ
اﻟﺤﻼﻗﻮن! ﺗﺮﺟﻤﺔ :ﺻﻼح ﺻﺒﺮي
ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﺘﻐﻴﺮ إﻻ اﻟﺤﻼﻗﻮن ،وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺤﻼﻗﻴﻦ واﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﻢ .ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ أﺑﺪً ا .ﻣﺎ ﻳﻼﻗﻴﻪ اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﺻﺎﻟﻮن ﺣﻼﻗﺔ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ،ﻳﻈﻞ ﻳﻼﻗﻴﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻛﺎﻟﻌﺎدة ،ذﻫﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﺤﻼق ﻫﺬا اﻟﺼﺒﺎح .ﻛﺎن ﺛﻤﺔ رﺟﻞ ﻳﺘﺠﻪ ﻛﻨﺖ ﻗﺎد ًﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺎرع ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺎب ﻗﺎد ًﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺎرع ﭼﻮﻧﺰ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ُ أﺳﺮﻋﺖ وﻟﻜﻦ ﺑﻼ ﻓﺎﺋﺪة؛ ُ ﻣﺎﻳﻦ " .."Mainوﻫﻮ أﻣﺮ ﻳﺤﺪث داﺋ ًﻤﺎ. ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻘﻨﻲ ﻟﻠﺪﺧﻮل ﺑﺨﻄﻮة واﺣﺪة ،ﻓﺪﺧﻠﺖ ﻓﻲ أﻋﻘﺎﺑﻪ ،ورأﻳﺘﻪ وﻫﻮ ﻳﺤﺘﻞ اﻟﻜﺮﺳﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺸﺎﻏﺮ ،وﻫﻮ ﻛﺮﺳﻲ أﻓﻀﻞ ﺣﻼق ﻓﻲ اﻟﺼﺎﻟﻮن.
ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث داﺋ ًﻤﺎ .ﺟﻠﺴﺖ ﻋﻠﻰ أﻣﻞ أن أرث اﻟﻜﺮﺳﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻟﺤﻼﻗﻴﻦ اﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺗﻤﺸﻴﻂ ﺷﻌﺮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺗﺤﺖ ﻳﺪه ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن زﻣﻴﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺗﺪﻟﻴﻚ ﺷﻌﺮ زﺑﻮﻧﻪ ودﻫﻨﻪ ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ .رﺣﺖ أرﺻﺪ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺷﺪﻳﺪ .ﻋﻨﺪﻣﺎ رأﻳﺖ اﻟﺤﻼق رﻗﻢ 2ﻳﺴﺒﻖ رﻗﻢ ،1ﺗﺤﻮل اﻫﺘﻤﺎﻣﻲ إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻗﻒ رﻗﻢ 1ﺑﺮﻫﺔ ﻟﻴﻔﻚ ﻧﻘﻮ ًدا ﻟﺰﺑﻮن ﺟﺪﻳﺪ ﺧﺎﺳ ًﺮا اﻟﺴﺒﺎق ﺑﺬﻟﻚ، ﺗﺤﻮل ﺗﻮﺗﺮي إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺸﺪﻳﺪ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد رﻗﻢ 1ﻟﻴﻠﺤﻖ ﺑﺰﻣﻴﻠﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى، وراح ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻔﻚ اﻟﻤﻨﺸﻔﺔ ﻋﻦ زﺑﻮﻧﻪ وﻳﺰﻳﻞ اﻟﻤﺴﺤﻮق ﻋﻦ وﺟﻬﻪ ﺑﺎﻟﻔﺮﺷﺎة، وﺻﺎر ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺒﻖ أي ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻵﺧﺮ ﻗﺎﺋﻼً" :اﻟﺘﺎﻟﻲ" ،ﺗﻮﻗﻔﺖ أﻧﻔﺎﺳﻲ. وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻗﻒ رﻗﻢ 1ﻟﻴﻤﺸﻂ ﺣﺎﺟﺒﻲ زﺑﻮﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ،رأﻳﺖ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺧﺴﺮ اﻟﺴﺒﺎق ﺑﻔﺎرق ﻟﺤﻈﺔ واﺣﺪة ،ﻓﻮﻗﻔﺖ ﺳﺎﺧﻄًﺎ وﻏﺎدرت اﻟﻤﺤﻞ ﻟﻜﻲ ﻻ أﻗﻊ ﻓﻲ ﻳﺪ
82
اﻟﺤﻼﻗﻮن! ﻗﺼﺔ :ﻣﺎرك ﺗﻮﻳﻦ
ﺤﺴﺪ اﻟﺤﻼق رﻗﻢ 2؛ ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﺗﻤﺘﻊ ﺑﻤﺜﻘﺎل ذرة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻼﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳُ َ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﺣﻼق ﻟﻴﺨﺒﺮه ﺑﺒﺮود أﻧﻪ ﻳﻨﺘﻈﺮ أن ﻳﺨﻠﻮ ﻛﺮﺳﻲ زﻣﻴﻠﻪ .ﻣﻜﺜﺖ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج ﻧﺤﻮ رﺑﻊ ﺳﺎﻋﺔ آﻣﻼً ﻓﻲ ﺣﻆ أﻓﻀﻞ .ﻛﻞ اﻟﻜﺮاﺳﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ، وأرﺑﻌﺔ رﺟﺎل ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﻠﺴﻮن ﺻﺎﻣﺘﻴﻦ ﺷﺎردﻳﻦ واﻟﻀﺠﺮ ﺑﺎ ٍد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﻌﺎدة اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮون دورﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﻮن اﻟﺤﻼﻗﺔ .اﺗﺨﺬت ورﺣﺖ ﻣﻘﻌ ًﺪا ﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻷرﻳﻜﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ذات اﻷذرع اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ، ُ أﺳﻠﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺮﻫﺔ ﺑﻘﺮاءة إﻋﻼﻧﺎت أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻀﺮات ﻏﻴﺮ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﺼﺒﻎ اﻟﺸﻌﺮ وﺗﻠﻮﻳﻨﻪ .ﺛﻢ رﺣﺖ أﻗﺮأ أﺳﻤﺎء أﺻﺤﺎب زﺟﺎﺟﺎت ﻛﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﻼﻗﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺰﺟﺎﺟﺎت اﻟﻤﺒﻘﻌﺔ ﺑﺎﻟﺰﻳﻮت؛ ﻗﺮأت اﻷﺳﻤﺎء وﻻﺣﻈﺖ اﻷرﻗﺎم اﻟﻤﺪوﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺆوس اﻟﺤﻼﻗﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﻤﺮﺻﻮﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮف ،ﺛﻢ ﺗﺄﻣﻠﺖ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﺮﺧﻴﺼﺔ اﻟﻤﺘﺂﻛﻠﺔ اﻟﻤﻠﻄﺨﺔ اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪران ،واﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎرك ،واﻟﺮؤﺳﺎء اﻷواﺋﻞ ،وﻋﻦ اﻟﺴﻼﻃﻴﻦ اﻟﻜﺴﺎﻟﻰ اﻟﻐﺎرﻗﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﻠﺬات ،واﻟﻔﺘﺎة اﻟﻤﺰﻋﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺪي ﻧﻈﺎرات ﺟﺪﻫﺎ؛ ﻟﻌﻨﺖ ﻓﻲ ﺳﺮي ﻛﻼ ﻣﻦ ﻃﺎﺋﺮ اﻟﻜﻨﺎرﻳﺎ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ اﻟﺰﻗﺰﻗﺔ واﻟﺒﺒﻐﺎء اﻟﻤﺰﻋﺞ ،ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻄﺎﺋﺮﻳﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻨﺪر أن ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺻﺎﻟﻮن ﻟﻠﺤﻼﻗﺔ .وأﺧﻴ ًﺮا، رﺣﺖ أﺗﻔﺤﺺ إﺻﺪارات اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ُ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻤﺼﻮرة اﻷﻗﻞ ﺗﻌﺮﺿً ﺎ ﻟﻠﺘﻠﻒ واﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ﻓﻮق اﻟﻤﻨﻀﺪة اﻟﻘﻤﻴﺌﺔ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻤﺤﻞ ،وأﺗﺄﻣﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻓﻲ اﻷﺣﺪاث اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﻤﻨﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﻻ ﻣﺒﺮر ﻟﻪ .ﺟﺎء دوري أﺧﻴ ًﺮا .ارﺗﻔﻊ ﺻﻮت ﻗﺎﺋﻼً: واﺳﺘﺴﻠﻤﺖ ﻟﺮﻗﻢ 2ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ .ﻫﺬا "اﻟﺘﺎﻟﻲ"، ُ ﻗﻠﺖ ﻓﻲ اﺳﺘﻜﺎﻧﺔ إﻧﻨﻲ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث داﺋ ًﻤﺎُ . ﻓﻲ ﻋﺠﻠﺔ ﻣﻦ أﻣﺮي ،ﻓﺘﺄﺛﺮ ﻛﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻣﻄﻠﻘًﺎ .دﻓﻊ رأﺳﻲ ﻷﻋﻠﻰ واﺿ ًﻌﺎ ﻣﻨﺪﻳﻼً ﺗﺤﺘﻪ .دﻓﻊ أﺻﺎﺑﻌﻪ ﻋﺒﺮ ﻳﺎﻗﺘﻲ وﺛﺒﺖ ﻓﻮﻃﺔ ﺑﻬﺎ .راح ﻳﺠﻮس ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺖ إﻧﻨﻲ ﻻ ﻋﻠﻲ ﺗﺸﺬﻳﺒﻪُ . ﺷﻌﺮي ﻣﻘﺘﺮ ًﺣﺎ ﱠ أرﻳﺪ ذﻟﻚ .ﺟﺎس ﻣﺮة أﺧﺮى ﻗﺎﺋﻼً إﻧﻪ أﻃﻮل
وﺗﻮﻛﻴﻼت ﻣﻮ ّﺟﻬﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ودﻳﻮن وﺧﻄﺐ دﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﻴﺎد واﻟﺠﻤﻊ، ﺻﻘﺮ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ ﻳﻄﻠﺐ وﻣﺴﺎﺟﻼت ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺜﺎﻻً ﻻ ﺣﺼﺮا ً .وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن أن ﻧﺴﺘﺸﻒ ﻣﻤﺎ ﺗﻘ ّﺪم أن اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ً ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ إﻟﻴﻪ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﻴﻦ .ﻛﻤﺎ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ ﻛﺎن واﺣﺪا ﻣﻦ رﺟﺎﻻت ﺗﻮﺟﺪ ﻧﺴﺦ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪاﺋﺮة اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﻌﻘﺎري اﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻋﻠﻤﺎء اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ،وﻗﺪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ،وﻫﻲ ﻣﺨﺘﻮﻣﺔ ﺑﺨﺘﻢ اﻟﺸﻴﺦ اﺳﺘﻄﺎع ﺑﻌﻠﻤﻪ اﻟﻐﺰﻳﺮ وﻗﻠﻤﻪ اﻟﻨﺤﺮﻳﺮ أن اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ اﻟﺨﺎص ،وﻋﻘﻮد اﻟﺰواج واﻟﻄﻼق ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻤﻜﺎﻧﺔ ﺳﺎﻣﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ وﻋﻨﺪ واﻟﺪﻳﻮن وأﺣﻜﺎم اﻟﻤﻮارﻳﺚ).(5 ﺣﺎﻛﻤﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﻛﺘﺐ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺻﻘﺮ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ،ﻛﻤﺎ ذاع ﺻﻴﺘﻪ واﻧﺘﺸﺮ اﻟﺨﺎﺗﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺨﺘﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻻٔﺣﻜﺎم اﻟﻘﻀﺎ ٔﻳﻴﺔ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ذﻛﺮه ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،وﻛﺎن ذا ﺛﻘﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋ ّﺒﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺠﻴﺶ ﻓﻲ َﺧﻠَﺪه ﻟﺪى ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﺪون ﻓﻲ وﻳﺪور ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﻣﻦ أﻣﻮر وﻗﻀﺎﻳﺎ ،وﻫﻲ ﺗﺘﻤﺤﻮر ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺣﻮل أﺣﻜﺎﻣﻪ وﻓﺘﺎوى اﻟﺼﺪق واﻟﻨﺰاﻫﺔ واﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،وﻣﺎ ﻳﻮاﻓﻖ اﻟﺸﺮع أﻏﺮاض اﻟﻤﺪح واﻟﺤﻤﺎﺳﺔ واﻻﺑﺘﻬﺎل واﻟﻤﻨﺎﺟﺎة ،واﻷﺧﻼق واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ وﻳٌﺼﻠﺢ أﺣﻮال اﻟﻨﺎس ،وذﻟﻚ ﻣﺎ ﻋﻜﺴﺘﻪ ﺑﻮﺿﻮح ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﻬﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﻛﻤﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪ ٍد ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﻼت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ دارت ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ * ﻛﺎﺗﺐ وﺑﺎﺣﺚ أﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺻﻘﺮ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ،ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ، ﺻﺎف وﻋﻼﻗﺔ ƕǙŌǷǥ وﻫﻲ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ ﺑﻮح ﺷﻔﻴﻒ وﻋﺎﻃﻔﺔ ﻣﺘﻮﻗﺪة وود ٍ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ .ﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ واﺣﺪا ً ﻣﻦ - 1ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ ﺣﻔﻴﺪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻌﺎدة اﻟﺴﻔﻴﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮﻣﻮز اﻷﻋﻼم اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎد ﺑﻬﻢ اﻟﺰﻣﺎن ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻷوان ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ. ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن ،ﻓﺎﺳﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﺑﺤﺮه اﻟﺰاﺧﺮ وﻋﻠﻤﻪ اﻟﻮاﻓﺮ وﻋﻄﺎﺋﻪ - 2ﻋﺎرف اﻟﺸﻴﺦ ،ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﻀﺎء ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات ،دﺑﻲ ،اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺪﻓﻖ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻮﻗﻮر ﺷﺨﺼﺎً ﻋﺎدﻳﺎً ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺑﺮﻳﻦ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،2013 ،ص .16 ﻣﻦ دون أن ﻳﺤﺪث أﺛﺮا ً وﻳﺘﺮك ﺑﺼﻤﺔ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪان .وﻗﺪ - 3ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ ﺣﻔﻴﺪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻌﺎدة اﻟﺴﻔﻴﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺳﺘﻌﺮﺿﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺷﺬرات ﻣﻬﻤ ٍﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ. ﻣﺤﻄﺎت ﻣﻨﻬﺎ ،وﺳﻌﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ - 4ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﺤﺎج إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ٍ ﺑﺎﻟﻌﻄﺎء واﻟﺘﻤﻴّﺰ ،وﺗﻮﻗﻔﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﻠّﻪ ،وﺑﺎﻻﺗﻜﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻷﺻﻴﻠﺔ واﻟﻨﺎدرة ﻟﺒﻴﺎن ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﺑﺎﻟﺸﺎرﻗﺔ. اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ وﻣﺎ ﺣﻮﺗﻪ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ ﻣﻦ ﻣﺨﻄﻮﻃﺎت زاﺧﺮة وﻏﻨﻴﺔ اﺷﺘﻤﻠﺖ - 5ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ ﺣﻔﻴﺪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻌﺎدة اﻟﺴﻔﻴﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎرف ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻮد ﻧﻜﺎح وﻃﻼق اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎرﻗﺔ.
ﻗﺼﻴﺪة ﻓﻲ ﻣﺪح اﻟﻘﻮاﺳﻢ
ﺗﻮﻛﻴﻞ ﺑﻔﺴﺦ ﻋﻘﺪ اﻟﺰواج ﻻﻣﺮأة ﺗﺪﻋﻰ ﺷﻴﺨﺔ ﺑﻨﺖ ﻣﻄﺮ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
81
тАля║зя║░╪зя║Ля╗ж ╪зя╗Яя║Шя║о╪з╪лтАм
тАля╗Ыя║О┘Ж ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж я╗Ля╗ая╗▓ я║Ся╗ж ╪ея║Ся║о╪зя╗ля╗┤я╗в ╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║к ┘И╪зя║гя║к╪з┘Л я╗гя╗жтАм тАл╪зя╗Яя║оя╗гя╗о╪▓ ╪з`я╗Ля╗╝┘Е ╪зя╗Яя║мя╗│я╗ж я║Яя║О╪п я║Ся╗мя╗в ╪зя╗Яя║░я╗гя║О┘Ж я╗Уя╗▓ ╪░я╗Яя╗ЪтАм тАл╪з`┘И╪з┘Ж я╗Ля╗ая╗░ ╪з я╗зя║┤я║О┘Ж я╗Уя╗▓ я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗дя╗Ья║О┘ЖтАк ╪МтАмя╗Уя║Оя║│я║Шя╗Фя║О╪птАм тАля╗гя╗ж я║Ся║дя║о┘З ╪зя╗Яя║░╪зя║зя║о ┘Ия╗Ля╗ая╗дя╗к ╪зя╗Яя╗о╪зя╗Уя║о ┘Ия╗Ля╗Дя║Оя║Ля╗к ╪зя╗Яя╗дя║Шя║кя╗Уя╗ЦтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗Яя╗в я╗│я╗Ья╗ж ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж ╪зя╗Яя╗оя╗Чя╗о╪▒ я║╖я║ия║╝ ┘Ля║О я╗Ля║О╪пя╗│ ┘Ля║О я╗│я╗Мя║Тя║о я╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя╗Мя║Оя║Ся║оя╗│я╗ж я╗гя╗ж ╪п┘И┘Ж ╪г┘Ж я╗│я║дя║к╪л ╪гя║Ыя║о╪з┘Л ┘Ия╗│я║Шя║о┘Г я║Ся║╝я╗дя║ФтАм тАля║Ся║Оя╗Чя╗┤я║Ф я╗гя║О я║Чя╗Мя║Оя╗Чя║Р ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к╪з┘ЖтАм тАл┘Ия║зя╗Дя╗┤я║Тя║О┘Л я╗│я║Ж┘Е ╪зя╗Яя╗ия║О╪│ я╗Уя╗▓ я╗│я╗о┘Е ╪зя╗Яя║ая╗дя╗Мя║ФтАк ╪МтАм┘Ия║Чя╗Мя╗Ья║▓ ╪зя╗Яя╗дя╗оя║┐я╗оя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАля║Чя╗ия║О┘Ия╗Яя╗мя║О я╗Уя╗▓ я║зя╗Дя║Тя╗к ┘И╪зя╗Яя╗Шя╗Ая║Оя╗│я║О ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║╝я║к┘Й я╗Яя╗мя║ОтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия║О╪▓я╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║гя╗Ья╗втАм тАля╗Уя╗┤я╗мя║ОтАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О я║│я╗┤я║Дя║Чя╗▓тАк ╪МтАм╪░я╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя╗дя╗Мя╗ия╗░ я║Ся╗оя║┐я╗о╪н я╗Ыя║Тя╗┤я║отАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О я║Чя╗Ья║╕я╗Т я╗Ля╗ж я║Ся╗Мя║ктАм тАля╗зя╗Ия║о┘З ┘Ия║│я╗Мя║Ф ╪зя╗Г┘Ся╗╝я╗Ля╗к ┘Ия╗Чя╗о╪й я╗гя║о╪зя╗зя╗к ┘Ия║╖я║к╪й я║Чя╗д ┘Ся║оя║│я╗к я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Шя╗Ая║О╪б ┘Ия╗Уя║╝я╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя║ия║╝я╗оя╗гя║О╪ктАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗Мя║оя╗Уя║Ф ╪гя║гя╗о╪з┘Д ╪зя╗Яя╗ия║О╪│ ┘Ия╗Чя╗Ая║Оя╗│я║Оя╗ля╗в я╗гя╗дя║О я╗│я╗Фя╗┤я║к я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║дя╗Ья╗втАм тАля║Ся╗┤я╗ия╗мя╗в ┘И╪зя╗зя║╝я║О┘Б я║┐я╗Мя╗┤я╗Фя╗мя╗в ┘И╪гя║зя║м ╪зя╗Яя║дя╗Ц я╗гя╗ж я╗Чя╗оя╗│┘Ся╗мя╗в╪Ы я╗Уя╗Ья║О┘Ж я║Ся║мя╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║жтАм тАл╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║к ┘И╪зя║гя║к╪з ┘Л я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Шя╗Ая║О╪й ╪зя╗Яя╗дя║╝я╗ая║дя╗┤я╗ж ┘И╪зя╗Яя║оя║Яя║О┘Д ╪зя╗Яя║и ┘Ся╗┤я║оя╗│я╗ж ╪зя╗Яя║мя╗│я╗ж я║Чя║оя╗Ыя╗о╪зтАм тАля║Ся║╝я╗дя║Оя║Чя╗мя╗в я║зя║Оя╗Яя║к╪й ╪гя║Ся║к ╪зя╗Яя║кя╗ля║отАк ╪МтАмя╗╗ я║Ч ┘Ся╗дя║дя╗░ ╪вя║Ыя║О╪▒я╗ля║О я╗гя║О я║Чя╗Мя║Оя╗Чя║Р ╪зя╗Яя║ая║кя╗│я║к╪з┘ЖтАк.тАмтАм тАля╗Ля║О╪┤ ╪зя╗Яя╗Шя║Оя║┐я╗▓ я╗Ля╗ая╗▓ ╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║к ┘А ╪▒я║гя╗дя╗к я╗Яя╗ая╗к я║Чя╗Мя║Оя╗Яя╗░ ┘А я╗Ля╗дя║о╪з ┘Л ╪▓╪зя║зя║о╪з ┘Л я║Ся║Оя╗Яя╗Мя╗ая╗втАм тАл┘И╪зя╗Яя╗Мя╗Дя║О╪бтАк ╪МтАм┘Ия║Чя║Тя╗о╪г я╗Уя╗┤я╗к я╗гя╗Ья║Оя╗зя║Ф я╗гя║оя╗гя╗оя╗Чя║Ф я╗Уя╗▓ я║Ся╗┤я║Мя║Шя╗к ┘Ия╗гя║дя╗┤я╗Дя╗к ╪зя╗Яя║м┘К я╗зя║╕я║Д я╗Уя╗┤я╗ктАм тАл┘Ия║Чя║оя╗Ля║о╪╣тАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя║Оя╗зя║Ц я╗Яя╗к я║╗я╗╝╪к я╗Чя╗оя╗│я║Ф ┘Ия╗Ля╗╝я╗Чя║О╪к ┘Ия║Ыя╗┤я╗Шя║Ф я╗гя╗К ╪зя╗Яя╗Ья║Ья╗┤я║о я╗гя╗ж ╪зя╗╖я╗Ля╗╝┘ЕтАм тАл╪зя╗╖я╗Уя╗мя║О┘Е ╪зя╗Яя║мя╗│я╗ж я╗Ля║Оя║╗я║оя╗ля╗в ┘Ия║Яя║Оя╗Яя║┤я╗мя╗в ┘Ия╗гя╗ж ╪гя║Ся║о╪▓я╗ля╗в я║гя║Оя╗Ыя╗в ╪зя╗Яя║╕я║О╪▒я╗Чя║Ф я╗Уя╗▓тАм тАл╪░я╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя╗оя╗Чя║Ц ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж я║│я╗ая╗Дя║О┘Ж я║Ся╗ж я║╗я╗Шя║о ╪зя╗Яя╗Шя║Оя║│я╗дя╗▓ ┘А ╪▒я║гя╗дя╗к ╪зя╗Яя╗ая╗к ┘А ┘Ия╗Ля╗ая║ЦтАм тАля║│я╗дя╗Мя║Шя╗к ┘И╪зя╗зя║Шя║╕я║о я║╗я╗┤я║Шя╗к я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Дя╗Шя║Ф ┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия║Оя╗Гя╗Шя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║╝я║Оя╗Чя║Тя║Ф я╗Яя╗мя║О ╪ея╗Яя╗░тАм тАл╪г┘Ж ┘И╪зя╗Уя║Шя╗к ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ я╗гя╗ия╗Дя╗Шя║Ф я║гя╗дя║Оя║│я╗к я║Ся║Оя╗Яя║Тя║оя╗│я╗дя╗▓ я║│я╗ия║Ф тАк 1363тАмя╗ля║ая║о┘КтАм тАл╪зя╗Яя╗дя╗о╪зя╗Уя╗Ц я╗Яя╗Мя║О┘Е тАк1944тАмя╗гя╗┤я╗╝╪п┘КтАк ╪МтАмя║гя╗┤я║Ъ я╗Ыя║О┘Ж я╗гя╗К я╗Ля║Оя║Ля╗ая║Шя╗к я╗Уя╗▓ я╗Уя║Шя║о╪й ╪зя║│я║Шя║ая╗дя║О┘ЕтАм тАл┘И╪▓я╗│я║О╪▒╪й я║зя║Оя║╗я║Ф я╗Яя╗дя╗Мя║О╪▒я╗Уя╗к ┘И╪гя║╗я║кя╗Чя║Оя║Ля╗к я╗гя╗ж я║╖я╗┤я╗о╪о ╪зя╗Яя║╕я╗о╪зя╗гя║▓тАк.тАмтАм
тАля║зя╗а┘Ся╗Т ╪зя╗Яя╗Шя║Оя║┐я╗▓ я╗Ля╗ая╗▓ я║Ся╗ж ╪ея║Ся║о╪зя╗ля╗┤я╗в ╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║к ┘И╪▒╪з╪б┘З ╪е╪▒я║Ыя║О┘Л я║Чя║О╪▒я╗│я║ия╗┤я║О┘Л ┘И╪г╪▒я║╖я╗┤я╗Фя╗┤я║О┘ЛтАм тАл┘Ия║Ыя║Оя║Ля╗Шя╗┤я║О┘Л я╗гя╗мя╗дя║О┘Л я╗│я╗ия╗о┘Б я╗Ля╗ая╗░ я║Ыя╗╝╪л я╗гя║Оя║Ля║Ф ┘Ия║Ыя╗┤я╗Шя║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗ж я║Яя╗дя╗ая║Шя╗мя║О я║зя╗Дя║РтАм тАл┘Ия╗Чя║╝я║Оя║Ля║к я║╖я╗Мя║оя╗│я║Ф ┘Ия║Ся╗Мя║╛ ╪зя╗Яя╗дя╗╝я║гя╗Ия║О╪к ┘И╪зя╗╖╪░я╗Ыя║О╪▒ ┘И╪зя╗╗я║Ся║Шя╗мя║Оя╗╗╪к ┘И╪гя║гя╗Ья║О┘ЕтАм тАл┘Ия╗Уя║Шя║О┘И┘ЙтАк .тАмя║Чя║Т ┘Ся╗┤я╗ж ╪зя╗Яя║к┘И╪▒ ╪зя╗Яя║м┘К ╪зя╗Гя╗ая╗К я║Ся╗к ╪п╪зя║зя╗Ю я╗гя║ая║Шя╗дя╗Мя╗к ┘Ия╗гя║┤я║Оя╗ля╗дя║Оя║Чя╗к я╗Уя╗▓тАм тАл╪зя╗Яя║дя╗┤я║О╪й ╪зя╗Яя║Ья╗Шя║Оя╗Уя╗┤я║ФтАк.тАмтАм тАля║гя╗о╪к я╗гя╗Ья║Шя║Тя║Ф ╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║к ╪зя╗Яя╗Ья║Ья╗┤я║о я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗оя║Ыя║Оя║Ля╗Ц ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я║Ся║дя╗о╪▓я║Чя╗ктАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗▓тАм тАля║Чя╗ия╗о┘Б я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Я┘А тАк 300тАм┘Ия║Ыя╗┤я╗Шя║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗▓ я╗Ля║Тя║О╪▒╪й я╗Ля╗ж я╗гя║о╪зя║│я╗╝╪к ┘Ия╗гя║┤я║Шя╗ия║к╪з╪ктАм
тАл╪▓╪з╪п ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Шя╗Шя╗ия╗К я╗Уя╗▓ я║╖я║о╪н ╪зя║зя║Шя║╝я║О╪▒ ╪зя╗Яя╗дя╗Шя╗ия╗КтАм
тАл╪▒я║│я║Оя╗Яя║Ф я╗гя╗ж ╪з┘Фя║гя╗дя║к я║Ся╗ж я╗гя║дя╗дя║к я║Ся╗ж ╪п╪▒┘Ия╗│я║╢ ╪з┘Хя╗Яя╗░ я╗гя║дя╗дя║к я║Ся╗ж я║│я╗┤я╗ТтАм
тАлтАк80тАмтАм
тАля╗гя╗Ья║Шя║Тя║Ф ╪зя╗Яя╗Шя║Оя║┐я╗▓ я╗Ля╗ая╗▓ я║Ся╗ж ╪ея║Ся║о╪зя╗ля╗┤я╗в ╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║ктАм
тАля╗гя╗ж я╗гя╗Ья║Шя║Тя║Ф ╪зя╗Яя╗Шя║Оя║┐я╗▓ ╪зя╗Яя║╕я╗┤я║ж я╗Ля╗ая╗▓ я║Ся╗ж ╪з┘Хя║Ся║о╪зя╗ля╗┤я╗в ╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║ктАм
тАля╗гя╗Ья║Шя║Тя║Ф ╪зя╗Яя║ая╗оя╗│я╗Мя║ктАм
رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺣﺸﺮ آل ﻣﻜﺘﻮم
رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺳﻨﻮات ،ﻛﻤﺎ درس ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزﻫﺮ ﺑﻤﺼﺮ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ِﺟﻠّﺔ ﻋﻠﻤﺎﺋﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وأﺗ ﱠﻢ دراﺳﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ وأﺟﺎزوه) ،(3وﺗﻨﻘّﻞ ﺑﻴﻦ أﻏﻠﺐ دول اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻴﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ واﺣﺪا ً ﻣﻦ اﻟﺮ ّواد اﻷواﺋﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺸﺮوا اﻟﻌﺪل واﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺘﻜﻠﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺻﻘﺮ اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ،ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ) ،(4وﺟﻤﻊ ﻃﻴﻠﺔ ﺑﺤﺜﻪ وﺗﺤﺼﻴﻠﻪ ﻛﻤﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ واﻷﺻﻮﻟﻴﺔ واﻟﻠﻐﻮﻳﺔ وﻛﺘﺐ اﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮ واﻟﻘﻀﺎء ،واﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ اﻟﺰاﺧﺮة ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺬا اﻟﻜﻢ اﻟﻬﺎﺋﻞ واﻟﻤﺘﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرف واﻟﻌﻠﻮم ﺑﺎﻟﻎ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ورﺳﻢ ﻣﻼﻣﺢ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،وﺷﻜّﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ واﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ ﻋﻠﻮم اﻟﺪﻳﻦ وﻓﻘﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ وأﺣﻜﺎم اﻟﻘﻀﺎء وﻓﺼﻞ اﻟﺨﺼﻮﻣﺎت وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌﻘﻮد اﻟﺰواج واﻟﻄﻼق واﻟﻤﻮارﻳﺚ واﻟﺤﻘﻮق ،وﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﻗﺮاءاﺗﻪ اﻟﻤﻜﺜّﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ واﺳﻌﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﻀﺎء وأﻣﻮره وﺷﺆوﻧﻪ وﺷﺠﻮﻧﻪ. ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻄﻠﻌﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻨﺤﻮ وﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻣﻨﻔﺘﺤﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎرف اﻷﺧﺮى واﻟﻤﺬاﻫﺐ اﻷرﺑﻌﺔ ،وﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﺮؤﻫﺎ :ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ ،واﻟﻨﺤﻮ واﻟﺴﻴﺮة اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ،
ﻗﺼﻴﺪة ﺑﺎﻧﺖ ﺳﻌﺎد ﻟﻜﻌﺐ ﺑﻦ زﻫﻴﺮ
ﺗﻤ ّﺜﻞ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻛﻨﻮز اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت واﻟﺨﺰاﺋﻦ اﻟﻤﺠﻬﻮﻟﺔ ﻟﺪى أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﺗﺤﻮﻳﻪ ﻣﻦ ﻓﺮاﺋﺪ اﻟﺪرر اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ واﻟﺠﻮاﻫﺮ اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. واﻟﻌﻘﻴﺪة ،ﻣﺒﺎدئ اﻟﻨﺤﻮ ،واﻹﻋﺮاب ،اﻷﻟﻔﻴﺔ ﻻﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ،زاد اﻟﻤﺴﺘﻘﻨﻊ، ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻵﺟﺮوﻣﻴﺔ ،ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻄﺒﺮي ،زاد اﻟﻤﻌﺎد وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻷدﺑﻴﺔ .وﻛﺎن ﻳﺘﺎﺑﻊ وﻳﻄﺎﻟﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ واﻟﻤﺠﻼت ،وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ :اﻟﺸﻬﺎب ،اﻟﺸﻮرى ،اﻟﻔﺘﺢ، ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻄﺎﻟﺐ ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺸﺒﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﻔﻆ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ أﻣﻬﺎت اﻟﻜﺘﺐ وﻣﺼﺎدر اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻠﻐﺔ واﻷدب اﻟﺘﻲ ﺟﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﻬﻨﺪ ﻣﺼﺮ ﺧﻼل زﻳﺎراﺗﻪ وأﺳﻔﺎره اﻟﺘﻲ ﺟﺎب ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ. ﻟﻘﺪ ﺗﻨﻮﻋﺖ إﺳﻬﺎﻣﺎت اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ وﻛﺜﺮت ﻣﻬ ّﻤﺎﺗﻪ ،وﺗﻌﺪدت ﻋﻄﺎءاﺗﻪ ،ﺑﺤﺴﺐ اﺗ ّﺴﺎع أﺷﻐﺎﻟﻪ وﻧﺒﻞ أﻓﻌﺎﻟﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎن إﻣﺎﻣﺎً وﻣﻔﺘﻴﺎً
ﺗﻮﻛﻴﻞ ﺑﻌﻘﺪ زواج ﻏﻨﻴﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﺟﻤﻴﻞ
إﺣﺪى ﺧﻄﺐ ﻋﻴﺪ اﻻٔﺿﺤﻰ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
79
ﺧﺰاﺋﻦ اﻟﺘﺮاث
ﻛﻨﺰ ﻣﻦ ﻛﻨﻮز اﻟﺨﺰاﺋﻦ اﻟﻤﺠﻬﻮﻟﺔ
ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ
دّ . ﻣﻨـﻲ ﺑﻮﻧﻌﺎﻣﻪ
ﺗﻤﺜّﻞ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻛﻨﻮز اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت واﻟﺨﺰاﺋﻦ اﻟﻤﺠﻬﻮﻟﺔ ﻟﺪى أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﺗﺤﻮﻳﻪ ﻣﻦ ﻓﺮاﺋﺪ اﻟﺪرر اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ واﻟﺠﻮاﻫﺮ اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .ﻛﻤﺎ زادت وﺛﺎﺋﻘﻬﺎ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ 300وﺛﻴﻘﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻮد اﻟﻨﻜﺎح واﻟﻄﻼق واﻟﺒﻴﻮع واﻟﻤﻴﺮاث وﻗﻀﺎﻳﺎ أﺧﺮى ﻋﺪﻳﺪة ﻃﺮﺣﺖ ﻓﻲ أواﻧﻪ ﻣﻦ أﻫﻞ زﻣﺎﻧﻪ ﻓﺎﻧﺒﺮى ـ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ وﺗﻜﻠﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﺻﻘﺮ ﺣﺎﻛﻢ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ) ،(1951 - 1924إﻟﻰ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻬﺎ واﻟﻔﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ. وﻟﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﻋﺎم 1299ﻫـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ 1881م ،وﻫﻮ ﺳﻠﻴﻞ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ذات ﻣﻜﺎﻧﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﻋﻠﻤﻴﺔ راﺳﺨﺔ ،ﺗﻨﺤﺪر ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﺠﺪ ﺑﺎﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﻗﺪﻣﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺮﻧﻴﻦ وﻧﺼﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، وﻫﻲ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﻓﺮ ٍد ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء واﻟﺒﻨﺎت واﻷﺣﻔﺎد. 78
ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ
ﻧﺸﺄ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ وﺗﺮﻋﺮع ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻋﻠﻢ وﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ،وأﺧﺬ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻌﻠﻢ وﻣﺒﺎدئ اﻟﺸﺮع ﻋﻠﻰ ﺟﻠّﺔ ﻋﻠﻤﺎء ﻋﺼﺮه ،وﺗﺰوج ﺛﻼث ﻣﺮات ،وﻛﺎﻧﺖ زوﺟﺘﻪ اﻷوﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ ﻋﻠﻴﺎء ﺑﻨﺖ ﺳﻌﻴﺪ ،وﻋﺎش ﻣﻌﻬﺎ ﺣﻮاﻟﻲ 16ﺳﻨﺔ وﻟﻢ ﺗﻨﺠﺐ ﻟﻪ أﺑﻨﺎء ،وﻟ ّﻤﺎ ﺗﻮﻓﻴﺖ ﺗﺰوج ﺑﺎﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻴﻒ اﻟﺤﻮﻳﺪي و ُرزق ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻮﻟﺪﻳﻦ ﻫﻤﺎ ﻣﺤﻤﺪ وإﺑﺮاﻫﻴﻢ ،ﺛﻢ ﺗﺰوج ﺑﺎﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ ﻋﻮﺷﺔ ﺑﻨﺖ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ،وﻣﻨﻬﺎ ُرزق اﺑﻨﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،اﻟﺬي ﺗﻮﻓﻲ ﺻﻐﻴﺮا ً ﻋﻤﺮه ﻟﻢ ﻳﺠﺎوز ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أﺷﻬﺮ).(1 دراﺳﺘﻪ وأﺳﺎﺗﺬﺗﻪ
ﺗﻠﻘﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ اﻟﺠﻮﻳﻌﺪ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ أﻳﺪي أﻓﺎﺿﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء وﺟﻬﺎﺑﺬة اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻪ ﻣﻤﻦ أﺣﺮزوا ﻗﺼﺐ اﻟﺴﺒﻖ ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻔﻘﺔ واﻟﺪﻳﻦ وﻧﻬﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻬﻢ اﻟﻮاﻓﺮ وارﺗــﻮى ﻣﻦ ﺑﺤﺮﻫﻢ اﻟـﺰاﺧــﺮ ،وﻣﻦ أﺷﻬﺮﻫﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻓﺎرس)،(2 ﻛﻤﺎ درس ﻋﻠﻮم اﻟﺸﺮع ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﻳﺎض ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻟﻤﺪة أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ،وﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻬﻮﺑﺎل ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ ﻟﻤﺪة ﺳﺒﻊ
واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻹﺳﻤﻨﺘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻤﻴﻞ وﻓﻄﺮي .ﻛﻤﺎ ﺗﺤﻀﺮ ﻓﻲ ﻗﺼﺺ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺔ واﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻛﻌﺎدة اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﻴﻦ ﻳﻠﺤﻆ أن ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ داﺋﻤﺎ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻟﻠﻘﺮﻳﺔ وﻳﺸﻴﺪ ﺑﺎﻟﺮﻳﻒ وأﻫﻠﻪ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺴﻠﻮان واﻟﺨﻴﺮ إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﺠﻤﺎل ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﺶ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻟﺪى اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﻴﻦ ،وﻛﻴﻒ أن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺘﻮﺣﺸﻬﺎ ﻗﺪ ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ أﺣﻼم اﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺮى ﺑﻘﻠﻮﺑﻬﻢ اﻟﻨﻘﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "ﺻﻮرﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء" وﺗﻈﻬﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﻀﺪﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺮﻳﺔ واﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "اﻟﺠﻤﻴﺰة اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻌﺖ ﻟﻴﺮﺻﻒ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺑﺒﻼط ﻳﻠﻤﻊ ،وﻗﺼﺔ ﻣﻘﻬﻰ ﻋﻼء اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﻓﻲ أﺣﺪاﺛﻬﺎ أﺣﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﺸﺮﻃﺔ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻟﺘﻘﻠﻴﻢ اﻷﺷﺠﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺎﺋﺮ ،وﺗﻈﻬﺮ اﻟﻘﺮﻳﺔ واﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ ﻣﺜﻞ " ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ،ﺣﻤﺮة ﺗﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﺎء، ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ،اﻟﻤﻤﻨﻮع" ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺮدد ﺑﻴﻦ ﺟﺪران ﻗﺼﺺ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻰ زﻣﻦ ذﻫﺒﻲ ،ﻛﺎن ﻫﻮ زﻣﻦ اﻟﺒﺮاءة واﻟﻄﻬﺮ ،واﻟﻘﻠﻮب اﻟﻨﻘﻴﺔ ،وإﻟﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻐﻨﺎء ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ واﻗﻊ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "اﻟﺠﻤﻴﺰة"، ﻓﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻻ ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ أو اﻟﻤﺎﺿﻲ أو اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷزﻣﻨﺔ أو ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ ﺟﻤﺎل.وﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ أن اﻟﺒﻄﻞ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ﻓﻲ أﺳﻰ داﺋﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﻣﻦ ﻛﺒﻮات وﻓﻮاﺟﻊ ﻣﺆﻟﻤﺔ ،ﺑﻄﻠﻬﺎ اﻟﻘﺪر ﺗﺎرة وﺗﺎرة اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻐﺎﺷﻤﺔ ،ﻓﻬﻨﺎك ﺻﻴﺤﺎت أﻟﻢ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ أرواح ﺟﺮﻳﺤﺔ "واﻷرواح اﻟﺠﺮﻳﺤﺔ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﺻﻴﺤﺎﺗﻬﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻤﺎء" وﻧﺠﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﺮ ﺟﻠﻲ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "أﺧﺖ روﺣﻲ" اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎول ﻗﺼﺔ ﻣﻮت "وداد" ﻓﻲ ﺷﻘﺘﻬﺎ وﺗﻌﻔﻦ ﺟﺜﺘﻬﺎ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ زوﺟﺔ أب ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﺗﺮﺣﻢ ﺗﺘﻔﻦ ﻓﻲ ﺗﻌﺬﻳﺒﻬﺎ وﺗﻌﺬﻳﺐ أﺧﻴﻬﺎ ،ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗﺴﻮة زوج وﺣﺸﻲ ﻻ ﻳﻘﻞ دﻧﺎءة ﻋﻦ زوﺟﺔ أﺑﻴﻬﺎ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ وﺣﻴﺪة وﻣﺎﺗﺖ وﺣﻴﺪة ﺗﺤﻤﻞ ﻋﺬاﺑﻬﺎ ﻣﻌﻬﺎ .وﻓﻲ ﻗﺼﺔ "إﺷﺎرات اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ" ﺗﻈﻬﺮ ﻗﺴﻮة اﻟﻤﺮض وﺑﻄﺸﻪ، ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺄﺳﺎة ﻣﺘﺸﺮد ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "ﻟﻴﻞ وﺟﻮع" وﻣﺄﺳﺎة اﻟﻤﻮت ﻓﻲ "ﺿﺤﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎزﺗﻪ" وﻣﺄﺳﺎة ﻣﻮﻇﻒ ﻋﺎم ﺷﺮﻳﻒ ﻳﻨﺎﺿﻞ ﺿﺪ اﻟﻔﺴﺎد ﻓﻴﻬﻠﻜﻪ اﻟﻤﺮض ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "ﻣﻮﻇﻒ ﻋﺎم" ﻓﺒﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺨﻠﻮ أﻳﻀً ﺎ أي ﻗﺼﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻣﺄﺳﺎة روﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﺑﻬﺎ، ﻓﻌﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ وﺛﻴﻖ اﻟﺼﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺼﻪ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺪﻧﻴﺎ وﺿﺤﺎﻳﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺼﺮي ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا ﺿﺤﺎﻳﺎ ﻟﻌﺎدات أو ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ،أو ﺑﻄﺶ ﺳﻠﻄﺎن ،أو ﺗﻐﻮل ﻓﺴﺎد ،أو اﻟﻮﻗﻮع ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻟﻤﺮض ،ﻓﺎﻟﺤﺰن ﻃﺎﺑﻊ
ﻳﻤﻴﺰ أﺑﻄﺎل ﻗﺼﺺ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ،ﺣﺰن ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺰﻟﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻷﺑﻄﺎل اﻟﻘﺼﺺ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻇﻠﻤﻬﺎ ﻟﻬﻢ ،وﺣﺰن ﻳﻨﺒﻴﻚ أن ﻫﺆﻻء اﻷﺑﻄﺎل ﻟﻦ ﺗﺘﺎح ﻟﻬﻢ اﻟﺴﻌﺎدة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮ ﻳﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺜﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺮﺗﻜﺐ ﻓﻴﻪ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ .ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻄﻒ ﻗﺼﺺ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺜﻞ ﺑﻄﻞ "ﻣﻜﺎن آﺧﺮ" اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ أﻳﻨﻤﺎ ﺣﻞ، وﺗﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ "وداد" ﻓﻲ ﻗﺼﺔ أﺧﺖ روﺣﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻄﻒ ﺣﺘﻰ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ،ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺎدث ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "ﻣﻮاء اﻟﺒﻨﺎت" وﻋﻄﻒ ﺑﻄﻞ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺟ ًﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻄﻂ ،اﻟﻼﺗﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﺰة ﺑﻨﺎﺗﻪ. وﺗﻜﺸﻒ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻦ ﺷﺒﻮب اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ واﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻬﺎ ،ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﺼﺼﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺤﺐ ﻟﻪ اﻷوﻟﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺰاﻋﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﺒﻄﻞ "ﻣﻮاء اﻟﺒﻨﺎت" ﻳﻨﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﺳﺘﻬﺠﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺣﺒﻪ ﻟﻘﻄﻄﻪ اﻟﺒﻠﺪي، ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺐ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺗﺮﺑﻄﻪ ﺑﻬﺎ ،وﻧﺠﺪﻫﺎ أﻳﻀﺎ ﻣﻊ ذﻟﻚ اﻟﺸﺎب اﻟﻘﺮوي اﻟﺬي ذﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وأﺣﺐ ﻣﻤﺜﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺧﺬﻟﺘﻪ وﺗﺰوﺟﺖ ﻣﻦ ﺛﺮي ﻓﺎﺣﺶ واﻋﺘﺰﻟﺖ اﻟﻔﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻮرﺗﻬﺎ ﻗﺼﺔ "ﺻﻮرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء" ،وﺗﺮﺗﻜﺰ ﻗﺼﺔ "اﻟﻤﻤﻨﻮع" ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺐ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﺑﻨﺔ ﺧﻔﻴﺮ ﻧﻈﺎﻣﻲ ﻳﻌﺪ ﻏﻨﻴﺎ وذا ﻫﻴﺒﺔ وﺳﻠﻄﺎن ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،وﺷﺎب ﻣﻦ أﺳﺮة ﻓﻘﻴﺮة .وﻳﻼﺣﻆ أن اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻷدب اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺻﻮرة ﺻﺎدﻗﺔ ﻟﻼﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺜﻮرﻳﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ آﻣﺎل اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺟﺪﻳﺪ ،واﻟﻀﻴﻖ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﻘﺼﺺ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﺛﺎﺋﺮة ﻻ ﺗﻬﺪأ ،ﻧﺎﻗﻤﺔ ﻻ ﺗﺮﺿﻰ ،ﻻ ﺗﻌﺮف اﻻﺳﺘﺴﻼم ،ﺗﺜﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻈﺎﻟﻢ ﻧﺼﺮة ﻟﻠﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﻓﻴﻪ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
77
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
ﻋﻤﻞ ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ
»أﺧﺖ روﺣﻲ« ﻟﻌﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﺤﺠﺮاوي
ﻟﻌﻞ أﺷﻬﺮ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺮف ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ،ﻫﻲ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﺗﻈﻬﺮ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﺑﻮﺿﻮح ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ "ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ" اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ" ،أﺧﺖ روﺣﻲ" اﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﻣﺆﺧ ًﺮا )اﻟﺪار اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ( ،وﺗﻀﻢ 14ﻗﺼﺔ. ورﻏﻢ ﺻﻌﻮﺑﺔ إﻳﺠﺎد ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﺤﺪد ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ اﻟﺬي ﺣﺼﺮ ﻣﺆرﺧﻮ اﻷدب ﻟﻪ ﻧﺤﻮ 150ﺗﻌﺮﻳﻔًﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم 1925م ،إﻻ أن ﺳﻤﺎت ﻫﺬا اﻟﻤﺬﻫﺐ _اﻟﺬي ﺑﻠﻎ أوﺟﻪ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ_ ،ﻻ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ اﻷﺧﻴﺮة "أﺧﺖ روﺣﻲ" وإﻧﻤﺎ ﺗﻤﺘﺪ إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ اﻟﺮواﺋﻴﺔ واﻟﻘﺼﺼﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻤﺖ أوﻟﻰ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺮواﺋﻴﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻻﺗﺠﺎه راﺻﺪً ا ﺣﻴﺎة ﺷﺎب ﻓﻘﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺮواﺋﻲ "ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﻤﺮدل". ﻣﻦ ﺳﻤﺎت اﻷدب اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ﻧﺸﺪان اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﺣﻼم ،ورﺑﻤﺎ ﻫﺬا ﻳﻔﺴﺮ ﺟﺰﺋ ًﻴﺎ وﻟﻊ ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻨﺘﺎزﻳﺎ ﻓﻲ رواﻳﺎﺗﻪ اﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻴﺔ ﻣﺜﻞ »ﺷﺠﺮة اﻟﻌﺎﺑﺪ ،ﺟﺒﻞ اﻟﻄﻴﺮ« وﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﻟﻠﻘﺼﺺ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﺟ ًﺪا »ﻋﻄﺮ اﻟﻠﻴﻞ« ،ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻳﻄﺮح ﺻﻮرة ﻻﺗﺠﺎﻫﻪ اﻟﺜﻮري اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺮاﻓﺾ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ،ﻣﻌﺒ ًﺮا ﻋﻦ آﻣﺎل اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة أﻓﻀﻞ ﻳﺴﻮدﻫﺎ اﻟﻌﺪل، ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﺔ ،وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ، راﻓﻀﺔ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮة ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ واﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻪ ،وﺗﻨﺎﻫﺾ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن وﺟﻮد ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﺼﻮص ﻛﺎﺗﺐ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﺜﻞ "ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ" ﻻ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﻠﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻷدﺑــﻲ ،ﻓﺎﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ روح ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻓﻮﺟﻮد ﻛﺎﺗﺐ روﻣﺎﻧﺴﻲ ﺻﺮف ﻗﺪ ﻳﺼﻌﺐ وﺟﻮده، 76
»أﺧﺖ روﺣﻲ« ﻟﻌﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ
ﺧﺼﻮﺻﺎ أن ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺬاﻫﺐ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ ذﻟﻚ ً اﻟﻤﺬﻫﺐ ،وﺑﺼﻮرة أﺧﺮى ﻓﺈن اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻤﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺬاﻫﺐ، ﻣﺜﻞ ﺗﺄﺛﺮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻫﻮ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺬي ﻗﺎم ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ﻓﻲ رواﻳﺘﻪ "ﺗﻞ اﻟﻌﻘﺎرب" إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ أﻳﻀً ﺎ ،وﻫﻮ اﻷﻣﺮ ذاﺗﻪ اﻟﺬي ﻧﺠﺪه ﻓﻲ رواﻳﺘﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ "ﺑﻴﺖ اﻟﺴﻨﺎري" اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰع إﻟﻰ روﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﻌﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﺴﻤﺎت ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ "أﺧﺖ روﺣﻲ" ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﺳﺒﺐ اﻗﺘﺮاب ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ ﻣﻦ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ،ﻫﻮ ﺗﺸﺎﺑﻪ اﻟﻈﺮوف ،اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب وﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺎدث ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻵن ،ﻓﻘﺪ ﻣﻬﺪ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ وﻋﺎﺻﺮ اﻟﺜﻮرات اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،ﻃﺎﻣ ًﺤﺎ إﻟﻰ ﻛﺴﺮ اﻟﻘﻴﻮد وﺗﺤﺮﻳﺮ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻌﺎدة ﻟﻪ، وﻫﺬا اﻷﻣﺮ رﺑﻤﺎ ﻳﻔﺴﺮ أﻳﻀً ﺎ ﺳﺒﺐ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻔﻨﺘﺎزﻳﺔ واﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻷﺧﻴﺮة ،وﻗﺪر راج اﻟﺘﺼﻮف ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻷدب أﻟﻤﺎﻧﻲ اﻟﺬي دﻋﺎ إﻟﻰ اﻹﺷﺮاق اﻟﺮوﺣﻲ ،ووﺣﺪة اﻟﻮﺟﻮد ﻷﻧﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮد إﻟﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .وﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺮزت ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ ﻗﺼﺺ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ "أﺧﺖ روﺣﻲ" ،ﻫﻮ ﺣﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻓﺠﻞ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﻴﻦ اﻷواﺋﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻮﻟﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ،واﻟﻤﻨﺎﻇﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻔﻲ ﻗﺼﺔ "اﻟﺠﻤﻴﺰة" ﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وﻫﻲ أوﻟــﻰ ﻗﺼﺺ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ، ﻳﺼﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺠﺮة وارﻓــﺔ اﻟﻈﻞ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﺮف أﺣﺪ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺗﺎرﻳﺦ زراﻋﺘﻬﺎ ،ﺗﺤﻔﻆ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺮﻳﺔ ،ﺗﻔﺮش ﻇﻠﻬﺎ ﻓﻮق اﻟﻤﺎء ،ﺗﻄﻌﻢ اﻟﻔﻘﺮاء وﺗﺪاوي ﻣﺮﺿﺎﻫﻢ ،ووﺻﻒ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺣﺎﺿﺮ أﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "ﻋﻼء اﻟﺪﻳﻦ" ﺑﺄﺷﺠﺎرﻫﺎ وﻧﺨﻴﻠﻬﺎ واﻟﺤﺪﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ أﻣﺎﻣﻬﺎ ،وذﻟﻚ اﻟﺸﺠﺮ اﻟﺬي ﻳﻠﻘﻰ ﻣﺼﻴﺮ اﻟﺠﻤﻴﺰة ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﻣﻦ أﻋــﺪاء اﻟﺠﻤﺎل .وﻫﻜﺬا ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺨﻠﻮ ﻗﺼﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ذﻛﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻻﺣﺘﻔﺎء ﺑﻬﺎ ،ﻓﻲ زﻣﻦ ﺗﻐﻮﻟﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺎدة
ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻴﻨﺘﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻣﺆﻛﺪا أﻧﻬﺎ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ واﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،وﺗﻘﻮل ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ – ﺣﺴﺐ ﻣﺨﺘﺮﻋﻬﺎ :-إن اﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ ﺧﻠﻘﻪ اﻟﺒﺸﺮ ،وﻗﺪ ﺧﻠﻘﻮه ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ اﻟﺒﺸﺮ ﺧﺎﻟﺪﻳﻦ ﺑﻔﻌﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ روﺣﻴﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺣﺪﺛﺖ ﺣﺎدﺛﺔ، ﻓﻘﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮ ﻗﻮﺗﻬﻢ ،وﻓﺴﺪوا إﻟﻰ درﺟﺔ ﺟﻌﻠﺘﻬﻢ ﻳﻨﺴﻮن أﻧﻬﻢ ﺧﺎﻟﺪون وروﺣﺎﻧﻴﻮن ،وﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﺴﻴﻨﺘﻮﻟﻮﺟﻴﺎ أن ﺗﺤﺮر اﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ اﻟﻤﺎدة واﻟﻤﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن ،وﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺸﺎف أﻧﻔﺴﻬﻢ واﻛﺘﺸﺎف ﻗﻮﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻓﻘﺪوﻫﺎ«.
ﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ
ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺒﻮﻟﻨﺪي »زﻳﺠﻤﻮﻧﺖ ﺑﺎوﻣﺎن« ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺎ ُﻋﺮف ﺑـ"ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ" ،ﻳﻐﻮص "أورﺷﺎدﻧﻴﻚ" ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت واﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،راﺻ ًﺪا ﻣﺎ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻣﻦ آﺛﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻐﺮﺑﻲ ،ﺣﺘﻰ ﺣﻮﻟﺘﻪ – ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ -إﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ،ﻣﻬﻮوس ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻣﺠﺘﺜًﺎ ﻟﺠﺬوره، وﻣﺘﺨﻠﺼﺎ ﻣﻦ ﻋﺎداﺗﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه ،ﻣﻤﺎ أﻓﻘﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ً أي ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻟﻴﻨﺘﻬﻲ اﻷﻣﺮ ﺑﺨﻠﻖ اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،وﻫﻮ ذاك اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺬي ﺗﺠﺎوز اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ،وﺗﻤﺘﻊ ﺑﺄول ﺣﺮﻳﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻓﻲ
اﻟﺘﺎرﻳﺦ"وﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻘﺪور أي ﺷﺨﺺ أن ﻳُﺼﺒﺢ ﻣﻮاﻃ ًﻨﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴًﺎ ،ﻃﺎﻟﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،وﺑﺪأ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة". وﻳﺘﺘﺒﻊ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺴﺎرات ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل ،ﻣﻨﺬ ﻏﻴﺎب اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن ،وﻇﻬﻮر ﻣﺎ ﺳﻤﻲ ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻌﺖ وﺻﻮﻻ إﻟﻰ ﺣﺒﻮب ﻣﻨﻊ اﻟﺤﻤﻞ، إﻟﻰ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﺸﻔﺮة اﻟﺴﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻔﺎؤلً ، اﻟﺘﻲ -ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮل أورﺷﺎدﻧﻴﻚ -ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻤﻮذج اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻟﻠﻤﺮأة ،وﺷﻜﻠﺖ أﻧﻤﻮذ ًﺟﺎ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ،ﻛﺎن ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ،ﻗﻠﺔ ﻋﺪد اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ أوروﺑــﺎ ،ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ﺑﺎﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﺎﺣﻖ ﻟﻠﺪﻣﻴﺔ ﺑﺎرﺑﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ "اﻟﻜﺎﺗﺐ" رﻣ ًﺰا ﻟﺰﻳﻒ وﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. وﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﺜﻴﺮ ﻳﻜﺸﻒ "أورﺷﺎدﻧﻴﻚ" ﻋﻦ ﺷﻜﻠﻴﻦ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ ،اﻷول ﻣﻠﻚ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﻇﻞ وﺟﻮدﻫﺎ اﻟﺮﻣﺰي، واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻣﻠﻚ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺪ اﻷﺣﺪاث واﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻓﺮاﻧﺴﻴﺲ ﻓﻮﻛﻮﻳﺎﻣﺎ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ أﺻﻮل ﻳﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﻋﻨﻮان "ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ" واﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إن اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻣﻜﻨﺖ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺣﻴﺎة ﻣﺮﻓﻬﺔ ،وﺗﻠﻚ اﻟﺤﻴﺎة ﻫﻲ ﺿﻤﺎﻧﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ، وأن اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺳﺘﺘﻄﻮر إﻟﻰ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﻮد إﻟﻰ اﺧﺘﻔﺎء أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻻﺳﺘﺒﺪادﻳﺔ ،وﻇﻬﻮر ﻋﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ ﻫﺬه اﻟﻤﺮة
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
75
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ رﺣﻢ "ﻋﻠﻢ ﺗﺤﺴﻴﻦ اﻟﻨﺴﻞ" وﻫﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي اﻫﺘﻢ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺗﺤﺴﻴﻦ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي ،ﻓﻜﺎن ﻋﻠﻤﺎء ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻷﻓ ـﺮاد اﻷﺻﺤﺎء اﻟﻨﺴﻞ ،ﻳﻘﻮﻟﻮن إن ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻳﻮﺟﺪ ً اﻟﻜﺎﻣﻠﻴﻦ أﺷﺨﺎص أﻗﻞ ﻗﻴﻤﺔ ،ﻛﺎﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ ،واﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ،واﻟﺴﻜﺎرى، واﻟﻌﺎﻫﺮات ،ورأوا أﻧﻬﻢ ﻳﻌﻮﻗﻮن ﺗﻘﺪم اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي ،ﻓﻘﺪﻣﻮا ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت اﻗﺘﺮاﺣﺎت ﺑﺈﺻﺪار ﻗﺎﻧﻮن ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻌﺰل اﻟﻤﻌﺎﻗﻴﻦ ﺑﺪﻧﻴًﺎ، وﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﻴﻮب وراﺛﻴﺔ أو ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﺗﺤﻮل دون اﻧﺪﻣﺎﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺻﺪر أول ﻗﺎﻧﻮن إﺧﺼﺎء ﻟﻠﻌﻨﺎﺻﺮ ﻋﺪﻳﻤﺔ اﻟﻨﻔﻊ واﻟﻤﻨﻌﺰﻟﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋ ًﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 1907ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، وﺳﻤﺢ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺈﺧﺼﺎء ﻋﺘﺎة اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ واﻟﻤﺮﺿﻰ اﻟﻨﻔﺴﻴﻴﻦ ،وﺗﻢ ﺗﻌﺪﻳﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﻲ ﻋﺎم 1914ﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻰ رأي ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺮاض اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﻟﺼﻮص اﻟﺪﺟﺎج ﻣﻦ ذوي اﻷﺻﻮل اﻟﺰﻧﺠﻴﺔ واﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ،وﻛﺎن ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻓﻲ اﻟﺴﻮﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ) (1935-1975ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﺄﺳﺎوﻳﺔ أداﻧﺘﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻨﻈﻤﺎت ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ،ﺣﻴﺚ ﺗﻢ إﺧﺼﺎء 13أﻟﻔًﺎ و 810ﻣﻮاﻃﻨﻴﻦ ﺳﻮﻳﺪﻳﻴﻦ ،و 48أﻟﻔًﺎ و 955ﻣﻮاﻃﻨﺔ ﺳﻮﻳﺪﻳﺔ، ﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﻗﺮار اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ،وﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﺻﺪر ﻗﺎﻧﻮن اﻹﺧﺼﺎء ﻓﻲ ﻋﺎم ،1933ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ اﻟﻨﺎزﻳﻮن إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ وأول ﻣﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺈﺧﺼﺎﺋﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا اﻷﻃﻔﺎل وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ "أﺑﻨﺎء زﻧﺎ ﻣﻦ راﻳﻨﻼﻧﺪ"؛ ﻛﺎن ﻫﺆﻻء أﻃﻔﺎﻻً ﻷﻣﻬﺎت أﻟﻤﺎﻧﻴﺎت وآﺑﺎء زﻧﻮج ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، اﻟﺬي اﺣﺘﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ راﻳﻨﻼﻧﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺗﻢ إﺧﺼﺎء 514ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺰﻧﺎ ﻣﻦ راﻳﻨﻼﻧﺪ وإرﺳﺎﻟﻬﻢ إﻟﻰ ﻣﺼﺤﺎت ﻟﻠﻤﺮﺿﻰ اﻟﻨﻔﺴﻴﻴﻦ، واﺗ ُﻬﻤﺖ أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻷﻋﺪاء وﻗﻠﺐ ﻧﻈﺎم اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ، ﻓﺄرﺳﻠﻮﻫﻦ إﻟﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮات اﻻﻋﺘﻘﺎل ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ راﻓﻴﻨﺴﺒﺮوك ،وﻛﺎن ﺧﺎﺻﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﺪات ،ﻟﻘﻲ ﻓﻴﻪ 92 ﻣﻌﺴﻜﺮ »راﻓﻴﻨﺴﺒﺮك« ﻣﻌﺴﻜﺮ اﻋﺘﻘﺎل ً أﻟﻔًﺎ و 350اﻣﺮأة ﺣﺘﻔﻬﺎ ،ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ،ﻟﻢ ﻳُﺴﻌﻒ اﻟﻨﺎزﻳﻴﻦ، ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ،واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪم اﻵري ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث ﻛﻤﺎ رﻏﺒﻮا ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺮﻛﻮه ﺟﺎﻧﺒًﺎ وﺑﺤﺜﻮا ﻋﻦ ﺣﻠﻮل أﺧﺮى ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺣﻼ ﻣﺜﺎﻟ ًﻴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺳﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ أﻋﺪاد ﻏﻔﻴﺮة ﻏﺮف اﻟﻐﺎز ً ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ،ﺑﺴﺮﻋﺔ وﺑﺘﻜﻠﻔﺔ أﻗﻞ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﺗﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑـ"اﻹﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ". اﻟﺤﻞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ
ﻳﺤﺘﻞ "ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻹﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ" اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﺳﻮد اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻠﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ؛ ﻇﻬﺮت أول ﺣﺎﻟﺔ إﺑﺎدة ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋﺎم ،1915 ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ 600أﺳﺮة أرﻣﻴﻨﻴﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ وأﻃﻠﻘﺖ اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻨﺰع ﺳﻼح وﻗﺘﻞ اﻟﺠﻨﻮد ذوي اﻷﺻﻮل اﻷرﻣﻴﻨﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﺪﻣﻮن ﻓﻲ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺘﺮﻛﻲ ،وﻗﺎم اﻟﻨﺎزﻳﻮن ﺑﻤﻮاﺻﻠﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺣﻴﺚ
74
اﻟﻤﻮت واﻟﻬﻮس ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ
رأوا أن اﻹﺧﺼﺎء واﻹﺟﻬﺎض اﻟﻘﺼﺮي ،واﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ،ﻳُﻜﻠﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻧﻘﻮ ًدا ،ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ ،وإﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﻬﻞ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻨﺒﻮذة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ، ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ اﻟﺮﺣﻴﻢ ،وﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺮؤﻳﺔ ،ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻨﻘﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 200أﻟﻒ رﺟﻞ وﺳﻴﺪة إﻟﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮات اﻻﻋﺘﻘﺎل ،وﻗﺘﻠﻮﻫﻢ ﻓﻲ ﻏﺮف اﻟﻐﺎز. ﻫﻮس اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻤﻮت
ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ اﻟﺤﺮب واﻟﺪﻣﺎر ،اﺣﺘﺸﺪ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮون ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،واﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻔﺾ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺿﺪ اﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻛﻤﺎ اﺣﺘﺪم اﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل ﺧﻠﻖ اﻟﻜﻮن ،وﻋﺒﺜﻴﺔ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻤﻮت؛ ﻓﻤﻊ ﻇﻬﻮر ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ أﺛﺒﺘﺖ أﻧﻪ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻠﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﺎ ،آﻣﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ ،وﺑﺎﺗﻮا ﻳﺆﻛﺪون أن اﻟﺸﻲء اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺘﻪ اﻟﻌﻠﻢ ،وﺗﺼﺎرﻋﺖ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺣﻮل ﻧﺸﺄة اﻟﻜﻮن ،ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ أﻛﺪوا أن اﻟﺤﻴﺎة ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺑﺴﺎت ،وأن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻜﻮﻧﻲ ﻧﺸﺄ ﻣﻦ اﻟﻔﻮﺿﻰ ،أﻣﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻔﻴﺰﻳﺎء اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ ،ﻓﻘﺪ أﻛﺪوا أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻧﺸﺄ ﻣﻦ اﻟﻜﻮارك ،واﻟﺬرات ،واﻟﻐﺎز ،وأن اﻟﻜﻮن ﻋﻤﺮه اﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ،أو ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻠﻴﺎر ﻋﺎم ،وأﻧﻪ ﻳﺘﻀﺨﻢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ،ﻇﻬﺮت ﻋﺪة ﻃﻮاﺋﻒ دﻳﻨﻴﺔ ﻣﺜﻞ »ﺷﻬﻮد ﻳﻬﻮه ،اﻟﺒﺘﻴﻜﻮت ،واﻟﻬﺎﻣﺸﻴﻮن، اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺮﻫﻮا اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء وأﺿﺎءوا ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺑﻤﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﻜﻴﺮوﺳﻴﻦ ،وﻟﺒﺴﻮا اﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺴﻮداء ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻮﻟﻮن إن اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﻘﻨﻲ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﺑﺘﻌﺎد اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻦ رﺑﻪ ،وﻓﻲ ﻋﺎم 1954اﺧﺘﺮع أﺣﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ
ﺛﻢ ﻳﺘﺮك إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،ﻟﻴﺨﺒﺮﻧﺎ ﺑﻄﺮاﻓﺔ أن ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺳﻌﺮ اﻟﺒﻴﻀﺔ ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻋﺎم ،1923 ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻟﺘﻀﺨﻢ ،وﺻﻞ إﻟﻰ 810ﻣﻠﻴﺎرات ﻣﺎرك ،وﻋﻨﺪﻣﺎ أراد أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص ،ﺷﺮاء رﻏﻴﻒ ﺧﺒﺰ ،ﻛﺎن ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻨﻘﻮد ﻋﻠﻰ ﺟﺮار زراﻋﻲ. ﺟﺮاﺋﻢ ﺗﺤﺴﻴﻦ اﻟﻨﺴﻞ
ﻛﺎن اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮون ،ﻣﻔﺮﻃًﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي دﻓﻊ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ وﺻﻔﻪ ﺑﺄﻧﻪ ،ﻗﺮن اﻻﻧﺼﻬﺎر اﻷﻋﻈﻢ ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺐ اﻷرض ،ﻓﻤﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻛﺎن ﻣﻔﺮﻃًﺎ ﻓﻲ دﻣﻮﻳﺘﻪ ،ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﻴﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺑﺎدة ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ ﻣﻨﻪ ،ﺷﻬﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت واﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺪول ،وﻣﻦ ﺛﻢ إﺣﺪاث ﺗﺄﺛﻴﺮات اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺻﻮﻻً إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ،وﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ،واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮ ًﻋﺎ :اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮة .اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺑﺪاﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ أﻛﺪ أﻧﻪ ﻋﻠﻤ ًﻴﺎ وﻓﻠﻜ ًﻴﺎ ﺑﺪأ ﻓﻲ ﻋﺎم ،1900واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ رأى أﻧﻪ ﺑﺪأ ﻋﺎم 1914ﻣﻊ اﻧﺪﻻع اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ أول ﺣﺮب
ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول ،وﻳﻤﻮت ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ،وﻗﺎل ﻣﺆرﺧﻮن آﺧﺮون إن ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻊ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﻬﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻓﻴﻤﺎ أﻛﺪ ﻏﻴﺮﻫﻢ أﻧﻪ ﺑﺪأ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﻛﺪ اﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ أن أﺻﻮﻟﻬﻢ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻘﺮدة ،ﻫﺬا اﻟﺠﺪل – ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﻗﻮل -أورﺷﺎدﻧﻴﻚ ،ﺗﺤﺴﻤﻪ أرﻗﺎم ﻣﻮﺗﻰ اﻟﺤﺮب، اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا "ﻳﺘﺴﺎﻗﻄﻮن ﻛﺤﺒﺎت اﻟﻤﻄﺮ"، ﺣﻴﺚ ﻳﺮى ﻫﻮ اﻵﺧﺮ ،ﻣﺘﺴﻠ ًﺤﺎ ﺑﺨﻴﺎﻟﻪ اﻟﺮواﺋﻲ، أن ﻓﺠﻴﻌﺔ اﻟﺤﺮب ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺴﺤﻖ ﻛﻞ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ. ﺷﻬﺪ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮون اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت واﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت واﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء؛ اﺧﺘﺮع اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ اﻟﺪﺑﺎﺑﺎت ،واﻷﻟﻤﺎن اﻟﻐﺎز ،وأﻧﺸﺄ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن، ﻣﻌﺴﻜﺮات اﻻﻋﺘﻘﺎل ﻓﻲ ﻋﺎم ،1918ﻛﻲ ﻳﻌﺠﻠﻮا ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر اﻟﺜﻮرة وﻳﺪﻋﻤﻮا دﻳﻜﺘﺎﺗﻮرﻳﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﻟﻘﻲ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ 20ﻣﻠﻴﻮن ﻣﻮاﻃﻦ ﺣﺘﻔﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺴﻜﺮات اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻴﺔ ،وﻣﻊ اﺧﺘﺮاع اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﺗﺤﻘﻘﺖ أﻛﺜﺮ اﻷﺣﻼم ﺟﻤﻮ ًﺣﺎ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ،ﺟﺎء ﻋﻠﻢ ﺗﺤﺴﻴﻦ اﻟﻨﺴﻞ اﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮه ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﺣ ًﺪا ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﻜﺎﺳﺐ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،ﻓﻴﻤﺎ رأى »أورﺷﺎدﻧﻴﻚ« أن أﺑﺸﻊ ﺟﺮاﺋﻢ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
73
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
»أوروﺑﻴﺎﻧﺎ« ﻟـ»ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ أورﺷﺎدﻧﻴﻚ«
اﻟﻤﻮت واﻟﻬﻮس ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ زﻳﺰي ﺷﻮﺷﺔ
ﺑﻌﻴﺪً ا ﻋﻦ ﺳﻄﻮة اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، اﻟﺬي ﺷﻬﺪ ﻓﺠﺎﺋﻊ اﻟﺤﺮﺑﻴﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺘﻴﻦ اﻷوﻟــﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻳﺄﺗﻲ ﻛﺘﺎب »أوروﺑﻴﺎﻧﺎ ..ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ« ﻟﻸدﻳﺐ وﻋﺎﻟﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﺸﻴﻜﻲ "ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ أورﺷﺎدﻧﻴﻚ" ﻋﺎﺻﻔًﺎ ﺑﺠﻤﻮد ﺗﻠﻚ اﻟﺮواﻳﺔ، ﻟﻴﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ أﺷﻴﺎء ﻣﻨﺴﻴﺔ ،دﻫﺴﺘﻬﺎ أﻗﺪام اﻟﺤﺮب ،ﻣﺴﺘﻌﻴ ًﻨﺎ ﺑﺤﺴﻪ اﻟﺮواﺋﻲ ،وﻟﻐﺘﻪ اﻟﺘﻬﻜﻤﻴﺔ اﻟﺴﺎﺧﺮة ،ﻓﺎﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﺻﺪرت ﻧﺴﺨﺘﻪ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ دار اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ دﻗﻴﻘﺔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺧﺎﻟﺪ اﻟﺒﻠﺘﺎﺟﻲ ،ﻳﻌﺪ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﻣﺨﺘﺼﺮة ﻟﻜﻞ إﻧﺠﺎزات وﻣﺼﺎﺋﺐ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺑﺪ ًءا ﻣﻦ ﺣﻤﺎﻻت اﻟﺼﺪر اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ،وﺣﺘﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ،وﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻗﺎﻧﻮن اﻹﺧﺼﺎء ،وﻣﻌﺴﻜﺮات اﻻﻋﺘﻘﺎل ،واﻟﺮؤوس اﻟﻨﻮوﻳﺔ ،واﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﻟﺘﻲ واﻛﺒﺖ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻟﻴﺼﻞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ إﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ. 72
اﻟﻤﻮت واﻟﻬﻮس ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ
ﻃﺎﺑﻮر اﻟﻤﻮﺗﻰ
"أورﺷﺎدﻧﻴﻚ" اﻟﺬي ﺣﻘﻖ ﺷﻬﺮة ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ اﻟﺼﺎدر ﻓﻲ ﻋﺎم ،2001 ﻟﻢ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ﻛﻜﺘﻠﺔ ﺻﻠﺒﺔ ،ﻳﺴﻬﻞ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة ،ﺑﻞ ﻗﺎم ﺑﻮﺿﻊ اﻷﺣﺪاث ،ﺗﺤﺖ ﻋﺪﺳﺔ اﻷدﻳﺐ ،ﻛﺎﺷﻔًﺎ ﻋﻦ أدق اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻣﺨﻔﻔًﺎ ﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﺮن ،ﺑﺮوﺣﻪ اﻟﺴﺎﺧﺮة ،ﻣﺴﺘﻌﻴ ًﻨﺎ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت واﻷرﻗﺎم اﻟﺪاﻟﺔ واﻟﻜﺎﺷﻔﺔ ،ﺣﻴﺚ اﻓﺘﺘﺢ ﻣﺆﻟﻔﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﺑﺈﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻃﻮل اﻟﺠﻨﻮد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺤﻠﻔﺎء ،ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻃﻮل اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ 173ﺳﻨﺘﻴﻤﺘ ًﺮا ،وﻋﻦ ﻋﺪد اﻟﻘﺘﻠﻰ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻧﻮرﻣﺎﻧﺪي اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻮ اﺻﻄﻔﺖ ﺟﺜﺜﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺘﺒﻠﻎ 38ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮا، ﻟﻴﺼﻞ ﻃﻮل ﻃﺎﺑﻮر اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،إﻟﻰ 15508ﻛﻢ ،وﻳﻔﻨﺪ "أورﺷﺎدﻧﻴﻚ" ﻋﺪد اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ »ﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺴﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ وﻧﺼﻒ اﻟﻤﻠﻴﻮن رﺟﻞ وﺳﺘﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ اﻣﺮأة .ﻗﺘﻞ ﺳﺘﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ رﺟﻞ وﻣﺎﺋﺘﺎ أﻟﻒ اﻣﺮأة ،وﺳﺒﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ اﻣﺮأة ﻓﻘﺪن أزواﺟﻬﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺮب ،وﺗﺴﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻃﻔﻞ ﻓﻘﺪوا آﺑﺎﻫﻢ«،
ﻳﻘﺪﻣﻮن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻌﻘﻞ. ﻳﺴﻴﻄﺮ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﻔﺘﺮات، وﻳﻨﺘﺸﺮ ﻓﻜﺮﻫﻢ ،وﻳﻌﺬب اﻟﻤﺘﻤﺴﻜﻮن ﺑﻔﻜﺮ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ اﻹﻣــﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،اﻟــﺬي ﻟﻢ ﻳﺮض أن ﻳﺒﺪل ﻣﻌﺘﻘﺪه ﻃﻮل ﺳﻨﻮات اﻟﺤﺒﺲ، ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺑﻘﻴﺔ ﻋﻠﻤﺎء أﻫــﻞ اﻟﺴﻨﺔ، اﻟﺬﻳﻦ رﺿﺨﻮا ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺗﻨﻌﻜﺲ اﻵﻳﺔ ،وﻳﻌﻮد أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻓﻴﺘﻔﺮق دم اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ،أﻫﻞ اﻟﻌﺪل واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ،واﻟﻤﺪن ،واﻟﺒﻠﺪان ،وﻳﻠﺠﺄون إﻟﻰ ﻧﺸﺮ ﻓﻜﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ،ﺧﺸﻴﺔ اﻟﺒﻄﺶ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ دﻋﺎة أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ،أﻧﺼﺎر أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ .ﻫﻜﺬا ﺗﺤﻜﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻣﻌﺘﺰﻟﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﻬﺠﺮي ،اﻟﺘﺎﺳﻊ اﻟﻤﻴﻼدي وﻓﻘﻂ ،ﻓﺎﻫﺪاء اﻟــﺮواﻳــﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﻋﻘﻞ آﺧﺮ ﻋﺎش ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ،وﻫﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ اﻟﺠﺎﺑﺮي ،ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ رﺣﻠﺔ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ ﺻﺤﺮاء ﻧﺠﺪ ،ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﻌﻴﺸﻪ اﻵن ،ﻣﻦ ﺻﺮاع ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻘﻞ ﻣﺎ زال ﻣﺴﺘﻤﺮا ً ،ﺻﺮاع ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻰ أﻃﺮاﻓﻪ دواﻋﺶ ،وﻣﺘﻄﺮﻓﻮن ،ﻳﻘﺘﻠﻮن اﻹﻧﺴﺎن ،أى إﻧﺴﺎن ،ﺑﺪم ﺑﺎرد ،ﺑﺤﺠﺔ أﻧﻬﻢ ﻳﻨﺘﺼﺮون ﻟﻠﺪﻳﻦ ،ﻳﻘﺪﻣﻮن اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻞ ،وﻳﻌﺘﺒﺮون ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻘﻠﻪ ﻣﺠﺮد ﻛﺎﻓﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻘﺘﻞ .رواﻳﺔ أﻣﻴﻤﺔ اﻟﺨﻤﻴﺲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد رواﻳﺔ ﻗﺪﻣﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺴﺎردة ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ رﺣﻠﺔ ﺑﺎﺋﻊ ﻛﺎﺗﺐ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ أزﻣﺔ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ اﻷﻣﺼﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ أﻟﻒ ﻋﺎم ،ﺗﺨﻀﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻹﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻤﺎﺿﻲ ،واﻟﺤﺎﺿﺮ، وﺻﺮاع اﻟﺠﻬﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،واﻟﻌﻘﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺺ ،واﻟﺘﻄﺮف ﻣﻊ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ. إﻟﻰ اﻟﺴﺮاة اﻟﻐﺮ ﻴﻖ ﻛﺘﺒﻪ ﺳﺮا ً إ ﻰ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ إﻟﻰ ﺑﻐﺪاد ،ﻟﻴﺒﻴﻊ ﺒ اﻧﻴﻖ، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻘﻮﻟﻬﻢ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ أن ﺗﺘﺠﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻒ ﻛﻴﻒ آل اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻷﻣﺼﺎر ﻮﻳﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻛﻴﻒ أﺻﺒﺢ اﻟﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ، اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﺠﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،وﻛﻴﻒ ﻳﻘﺘﻞ رﺟﻼً ﻣﻦ أﺟﻞ أﻧﻪ اﻧﺘﻤﻲ ﻟﻤﺬﻫﺐ دﻳﻨﻲ ﻏﻴﺮ ﺳﻨﻲ ،وﻛﻴﻒ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء رﺟﺎل ﻫﻢ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ أﻋﻤﻠﻮا ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻓﻲ ص ﻧﺼﻮص وردت إﻟﻴﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﻗﺮون ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻮر. اﻟﻌﺼﻮر. واﻳﺔ ،ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أﺳﺌﻠﺔ ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ أﻣﻴﻤﺔ اﻟﺨﻤﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ، أن ﻧﺠﻴﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ زﻣــﺎن ﺪ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ وﻓﻘﻂ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن ،ﻓﻬﻲ ﻗﺪ أﺷﺎرت رت
ﻟﻤﺎ ﻧﻌﻴﺸﻪ اﻟﻴﻮم ﺑﺬﻛﺎء ﻛﺒﻴﺮ أﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻦ ﻧﺎر اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ اﻵن ،ﻓﻬﻰ ﻟﻢ ﺗﺼﻒ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﻴﻨﻨﺎ اﻵن ﻣﻦ إرﻫﺎب وﺗﻄﺮف ،وﺣﺠﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻘﻞ ،وﻗﺘﻞ ﻟﻠﻨﺎس ﺑﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻟﻤﺠﺮد أﻧﻬﻢ ﻳﻨﺘﻤﻮن ﻷدﻳﺎن أﺧﺮى ،ﺑﺤﺠﺔ أن اﻟﻠﻪ أﻣﺮﻧﺎ ﺑﺬﻟﻚ، ﻟﻢ ﺗﺘﻄﺮق اﻟﺨﻤﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﻟﺴﻠﻔﻴﻲ اﻟﻴﻮم ،وﺟﻬﺎل اﻟﻌﺼﺮ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ رﺣﻠﺔ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ ،ﺑﺎﺋﻊ اﻟﻜﺘﺐ، اﻟﺬي ﺧﺮج ﻣﻦ ﻗﻠﺐ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺎﺻﺪا ً اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻛﻲ ﻳﺒﻴﻊ ﻛﺘﺒﺎً ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء رﺣﻠﺘﻪ ﺟﻠﺲ ﻟﻴﺘﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻳﺦ ﻛﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺻﺎدف أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﺸﺎﻳﺦ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ،أﻫﻞ اﻟﻌﺪل واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد ،واﻟﻘﺪس ،وﻣﺼﺮ، واﻷﻧﺪﻟﺲ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﻮدوا ﻳﺄﺗﻤﻨﻮن ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ،ﻣﻦ ﺳﻄﻮة أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ .ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ أﻫﻞ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻴﻮم ﻳﺄﺗﻤﻨﻮن ﻋﻠﻰ أرواﺣﻬﻢ ،ﺑﻌﺪ ﻫﺠﻮم اﻟﺪواﻋﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وإﻋﻤﺎﻟﻬﻢ اﻟﻘﺘﻞ ﻓﻲ اﻵﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف دﻳﺎﻧﺎﺗﻬﻢ، وﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ ،وأﻓﻜﺎرﻫﻢ .اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺨﻤﻴﺲ أن ﺗﻘﺪم رواﻳﺔ رﻏﻢ ﺣﺠﻤﻬﺎ اﻟﺬي ﺟﺎوز 500ﺻﻔﺤﺔ إﻻ أن ﺳﺮدﻫﺎ اﻟﻤﺘﻤﺎﺳﻚ واﻟﺴﻠﺲ، ﺟﻌﻞ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻌﻴﺶ داﺧﻞ ﻋﻮاﻟﻢ اﻟﺮواﻳﺔ ﻣﻤﺘﻌﺎ ،وﺟﻌﻞ اﻟﻘﺮاء أﻛﺜﺮ ﺳﻌﻴﺎً ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻘﺮاءة ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻛﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻦ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ ،ورﺣﻠﺘﻪ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﺼﺎر ،ووﺻﻔﻪ ﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ اﺷﺘﺮﻛﺖ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ أن ﻏﻴﺎب اﻟﻌﺪل واﻟﻌﻘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ،ذﻫﺐ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪا ً ،إﻟﻰ ﻗﻠﺐ اﻟﻈﻠﻢ؛ ﻓﺮﺣﻠﺔ ﻣﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ رﺣﻠﺔ ﺑﺎﺋﻊ ﻛﺘﺐ ﻳﺒﺤﺚ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺪن ﻋﻦ أﻫﻞ اﻟﻌﺪل اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ رﺣﻠﺔ ﻛﻞ ﻣﺰﻳﺪ ﻋﺎش ﻓﻲ زﻣﺎن ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺮر ﻣﻘﺎوﻣﺔ ذﻟﻚ ﺑ ﺮ وﺣﺎول ﻣﺮاﺮررا و واﻻﺳﺘﺒﺪاد ،و ول واﻟﻘﻬﺮ ،و ﺒ اﻟﻈﻠﻢ ،و ﻬﺮ ﻢ ﻓﻘﺮر أن ﻳﺘﺠﻮل ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺪن ﺑﺎﺋﻌﺎ ﻟﻠﻜﺘﺐ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺟﻤﻮد اﻟﻨﺺ ،وﺗﻌﻠﻲ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻘﻞ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
71
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﻘﻞ
ﻣﺴﺮى اﻟﻐﺮاﻧﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﻌﻘﻴﻖ
ﺳﺎﻣﺢ ﻓﺎﻳﺰ
"إﻟﻰ اﻟﺴﺮاة اﻟﻐﺮاﻧﻴﻖ ،ﻣﻦ واﺻﻞ ﺑﻦ ﻋﻄﺎء ،إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎﺑﺪ اﻟﺠﺎﺑﺮي، ﻣﺂﻻت اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺤﺒﻴﺲ" ،ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻔﺘﺘﺢ اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮاء رواﻳﺔ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ أﻣﻴﻤﺔ اﻟﺨﻤﻴﺲ" ،ﻣﺴﺮى اﻟﻐﺮاﻧﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﻌﻘﻴﻖ"، وﻫﻮ ﻣﻔﺘﺘﺢ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﺘﺒﺮه ﻗﻠﺐ اﻟﺮواﻳﺔ ،وﻣﻼذ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﺑﻄﻠﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺮواﺋﻴﺔ ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻷوﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﺑﺼﺪد رﺣﻠﺔ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ ،ورﺻﺪ ﻋﻘﺒﺎت وﻗﻔﺖ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒﺎﺣﺚ ،أو اﻟﺒﻄﻞ ﻣﺰﻳﺪ ،وﺻﺮاﻋﺎت ﻋﺎﺷﻬﺎ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﻃﻮل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 500ﺻﻔﺤﺔ ،ﻫﻲ ﻋﻤﺮ اﻟﺤﻨﻔﻲ ،وﻋﺪد ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺮواﻳﺔ ،اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ دار اﻟﺴﺎﻗﻲ ،واﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ اﻟﻤﻤﻨﻮﺣﺔ ﻋﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻛﺄول ﻛﺎﺗﺒﺔ ﺳﻌﻮدﻳﺔ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،واﻟﻤﺮﺷﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻟﻠﺠﺎﺋﺰة اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﺮواﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ دورة اﻟﻌﺎم اﻟﺠﺎري ،اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻃﻮﻳﻼ أﻣﺎم اﻟﺮواﻳﺔ ،ورﺣﻠﺔ ﺑﻄﻠﻬﺎ ،واﻟﻤﻌﻨﻰ ﺧﻠﻒ اﻟﺴﻄﻮر. ﺗﺤﻜﻲ اﻟﺮواﻳﺔ رﺣﻠﺔ ﺑﺎﺋﻊ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺪن اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﻫﻮ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺪن ﻳﺒﻴﻊ اﻟﻜﺘﺐ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻲ 70
ﻣﺴﺮى اﻟﻐﺮاﻧﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﻌﻘﻴﻖ
اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻰ رﺣﻠﺔ اﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺧﺎض ﺻﺮاﻋﻬﺎ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﻗﺮون ﻓﺘﺮة اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻵن ،ﻫﻲ اﺳﻘﺎط ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻌﻴﺸﻪ اﻵن ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﺼﺮاع ،ﺑﻴﻦ دﻳﺎﻧﺎت ﻋﺪة ،وﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء ﻧﻔﺲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻮاﺣﺪة؛ إذا ﺗﻌﺪدت اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ أﺑﻨﺎء اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻮاﺣﺪة. ﺗﺒﺪأ رﺣﻠﺔ ﻣﺰﻳﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ،ﺑﻠﺪ ﻣﺴﻴﻠﻤﺔ اﻟﻜﺬاب ،واﻟﺘﻲ دﻓﻌﺖ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة أﻣﺎم اﻟﻨﺎس ،ﻓﻠﻴﺲ ﻛﻞ ﺳﻜﺎن اﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ﻣﺴﻴﻠﻤﺔ ،وﻟﻴﺴﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻛﺬاﺑﻴﻦ ،ﺗﻨﻤﻴﻂ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺑﺎﺗﻪ اﻟﺤﻨﻔﻲ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻘﺎوﻣﺔ ﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ،ورﺣﻠﺘﻪ اﻟﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ أي ﺷﺨﺺ ﻋﺎدي ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻴﻊ ﻛﺘﺐ ،اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﺣﻜﺎم اﻟﻤﺪن اﻟﺘﻲ زارﻫﺎ ﻛﺘﺐ ﻟﻠﻤﻬﺮﻃﻘﺔ ،ﻟﻮ ﺣﺪث وﻋﺜﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺤﻮزﺗﻪ ﻣﺆﻛﺪ ﺳﻴﺘﻢ إﻳﺪاﻋﻪ اﻟﺴﺠﻦ؛ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،وﻋﻠﻰ إﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻌﻘﻞ ،اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ رﺣﻠﺔ اﻟﺤﻨﻔﻲ ،ﺳﻮاء أﻳﺎم واﺻﻞ ﺑﻦ ﻋﻄﺎء اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﻲ ،اﻟﺬي اﻋﺘﺰل ﺟﻠﺴﺔ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي ﻻﺧﺘﻼﻓﻪ ﻋﻠﻰ وﺻﻒ ﻣﺮﺗﻜﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﺴﻠﻢ أم ﻛﺎﻓﺮ ،ﻟﻜﻦ اﺑﻦ ﻋﻄﺎء ﻳﺮى أﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﺰﻟﺘﻴﻦ، ﻓﻼ ﻫﻮ ﻣﺴﻠﻢ وﻻ ﻫﻮ ﻛﺎﻓﺮ ،ﻟﺘﺒﺪأ ﻗﺮون ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎر ﻓﻜﺮ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﺼﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻲ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻨﻘﻞ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ أﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،اﻟﺬﻳﻦ
أﺛﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ
ﺟﻨﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻔﺎر اﻟﻌﻮﺿﻲ )ﻟﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﺠﻨﺔ ﺳﻮى ٍ أرض أﺧﺮى /ﻣﻦ اﻷزرق إﻟﻰ ﻟﻮن آﺧﺮ /إﻟﻰ رﻣﺎ ٍد ﺑﺎﻫﺖ /أﻋﻀﺎؤﻧﺎ ﻓﺎﻛﻬ ٌﺔ ﻟﺸﺮاﻫﺔ اﻟﻮﻗﺖ /وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻟﻠﺪود /اﻷرض ﻳﻮﺻﻒ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺼﺮي ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻔﺎر اﻟﻌﻮﺿﻲ ﻗﺒﺮﻧﺎ اﻷزﻟﻲ( ،ﻫﻜﺬا ّ ّ ﺟﻨﺘﻪ اﻻﻓﺘﺮاﺿﻴﺔ ،ﻓﻲ دﻳﻮاﻧﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ )ﺧﺮاﺋﻂ اﻟﺠﻨﺔ( ،ﻋﻦ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ 160 ،ﺻﻔﺤﺔ ،ﻣﺴﺘﻔﻴﺪا ً ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻘﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺠﺰات أﺟﻴﺎل ﺷﻌﺮﻳﺔ ،ﻳﺴﻌﻰ أن ﻳﺒ ّﺰﻫﺎ ،ﻣﺴﺘﺨﺮﺟﺎً ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻣﻦ اﻟﻤﻮت ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻣﻀﻴﺌﺔ ،ﻳﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ،وﻣﺸﺤﻮﻧﺎً ﺑﺄﻧﻤﺎط اﻟﺘﻤ ّﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﺳﺘﺒﺪاد ﻻ ﻣﻨﻄﻖ ﻓﻴﻪ أو ﻣﻌﻪ ،ﻳﺆﻛّﺪ )ﺗﻤ ّﺮ َ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻛﻔﻴﻠﻢٍ ﻗﺼﻴﺮ ،وﻧﺤﻦ ﺟﺬور ﻫﻨﺎ ﺗﻤﺘ ّﺪ ﺑﻼ ﻫﻮﻳﺔ( ،ﺛﻢ ﻳﺨﺎﻃﺐ أﻣﻪ /اﻷرض /اﻷﻣﻞ /اﻟﺤﻴﺎة ،ﺻﺎرﺧﺎً) :أﻧﺎ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ رﺣﻢ اﻟﺨﺮاب/ أﻧﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻧﺠﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﻒ( .ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﻌﻮﺿﻲ ﺛﻤﺔ ﻏﺮض ﺣﻞ أو إﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻳﺘﺒﺎﻳﻦ ﻣﻦ ﻧﺺ إﻟﻰ آﺧﺮ ،ﻫﺪﻓﻪ ﻻ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ ّ ّ زﻳﻨﺔ ،ﺑﻞ ﻳﺨﺘﻠﻂ ﺑﺎﻷﺣﻼم واﻷوﻫﺎم ،ﺑﺎﻷﺣﻼم )ﻓﻲ ﺳﻤﺎء ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﻓ ّﺦ آﺧﺮ( ،وﺑﺎﻷوﻫﺎم )ﺳﺄﻋﺒﺮ ﺑﺎﻟﻤﻮﺗﻰ إﻟﻰ ﻟﻌﺒ ٍﺔ أﺧﺮى( ،وﻫﻜﺬا ﻳﺘﺮاوح اﻟﻤﺠﺎز ﻻ ﻳﺘﺸﺎﺑﻪ ،ﺑﻞ ﻳﻘﺘﺮن ﺑﻌﻀﻪ ﺑﺒﻌﺾ ،ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟ ٍﺔ ﻟﻠﺒﻌﺚ ﻣﻦ ٍ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺑﺼﻮر ٍة ﻟﻢ ﻳﺘﺨﻴﻠﻬﺎ أﺣﺪ ،وﻟﻢ ﺗﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎل ﻗﺎرئ ،ﻳﺴﺘﺮﺣﻢ أرواﺣﻨﺎ أن ﺗﻨﺘﻔﺾ )ﺳﺄﺻﻴ ُﺮ ﻗﻤﺤﺎً /ﺑﻌﺪد ﻓﻮارغ اﻟﺮﺻﺎص /ﻓﻲ ٍ أرض ﻟﻢ ﻳﺤﺮﺛﻬﺎ ﺳﻮى اﻟﻤﻮت( ،ﻳﺴﺘﻨﻬﺾ اﻟﻌﻤﻴﺎن )ﻟﻦ ﺗﻜﻮن وﺣﻴﺪا ً أﻳﻬﺎ اﻟﻌﺎﺑﺮ /أﻧﺎ روﺣﻚ /ﺑﻼ اﺣﺘﻴﺎج ﻟﺨﺮاﺋﻂ اﻷﻟﻢ( ،ﻣﻊ أن اﻟﺸﺎرع )أﺻﺒﺢ ﻣﺜﻘﻼً ﺑﺎﻟﻜﻮاﺑﻴﺲ /ﻋﻠﻰ ﺣﻮاﺋﻂ اﻟﻤﺪن اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺣﺰن اﻟﺜﻮرات(. ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة )وردة اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ( ،ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻒ ﺷﻮارع اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﺜﺚ واﻟﺪﻳﺪان وﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﻤﻘﺎﺑﺮ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻄ ّﻬﺮون اﻷرض ﺑﺎﻟﻮرود ،وﻳﻌ ّﺪون اﻟﻮﻻﺋﻢ ﻟﻠﺤﻮرﻳﺎت ،ﻳﺮﺗﺒﻮن ﺳــﺮﻳــﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻘﻄﻦ اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻣــﻦ وﺟﻊ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﻟﻤﺠﺎﻧﻴﺔ ،ﻳﻌﻠّﻘﻮن ﺑﺎﻟﻮﻧﺎت ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ ﻓﻲ ﻋﻨﻖ اﻷرض ،ﻳﺮﻗﺼﻮن ،ﺛﻢ ﻳﺮون اﻟﻠﻪ ﻗﺎدﻣﺎً ﻓﻲ ﻏﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻜﺎء ،وﺗﺠﻠﺲ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻛﻌﺠﻮز ﻓﺎﺟﺄﻫﺎ اﻟﻤﻮت .ﺛﻢ ﻳﺮدف ﻧﺸﻴﺪا ً ﻧﺎزﻓﺎً ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة أﺧــﺮى )ﻣﺘﻰ ﻳﻌﻮد اﻟﻐﺮﺑﺎء إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ؟( ،ﻳﺸﺮح ﻓﻴﻬﺎ أﺣﺪاﺛﺎً ﻟﻤﻨﻔﻲ ﺿﺎع أﺛﺮه ﱟ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﻞ ،ﺑﻌﺪﻣﺎ اﻧﻔﺠﺮ ﺑﻴﺘﻪ ،ﻟﻴﺲ ﻏﻴﺮ اﻟﺪﻫﺸﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺧﺴﺮ ﻓﺎﺋﺾ اﻟﻮﻗﺖ ،وأﻏﻨﻴﺎت ﻛﺎﻟﺼﺮاخ
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺪ اﺑﺮاﻫﻴﻢ* ƉƚǙ ǛǙ ǗŵƉŨǙǶ ƉƫōƗ
ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻴﻘﻰ اﻷﻋﻀﺎء ،ﻓﻲ ﻗﻴﺎﻣ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﺮة ،ﻳﺒﻠﻎ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺮﺣﻠﺔ )وﻧﺰﻓﻨﺎ ﻛﻞ ﻣﺼﺎﺋﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﻞ( ،ﻟﻜﺄﻧﻪ ﻳﻀﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻗﻴﺎﻣﺔ ﻟﻦ ﺗﻘﻮم ﻛﻘﻮس ﻣﺸﺪود ﺑﻼ ﺳﻬﻢ ،واﻟﻜﻼم زﻣﻦ ﺳﺎﺑﻖ .ﻣﻦ أﻫﻢ ﺛﻴﻤﺎت اﻟﺪﻳﻮان ،ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ اﻟﺴﺠﻦ ،ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻋﺪة )ﻻ وﻃﻦ ﻟﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺒﺎح /ﻧﺼﻒ ﺣﻴﺎة ﺳﺎﺑﻘﺔ /ﻗﺒﺮ /ﻗﺮﻓﺼﺎء /ﺗﺴ ّﻮس /ﻣﺮاﻳﺎ ﻋﻤﻴﺎء /ﺧﻄﻮات ﺑﻄﻴﺌﺔ /زﻧﺰاﻧﺔ اﻧﻔﺮادﻳﺔ /ﺳﺠﻮن( ،اﻟﺴﺠﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﻮاﻗﻊ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،ﻛﻮاﻗﻊ ﻣﺠﺎزي ،ﻛﺮﻣﺰ ﻟﻤﺎ ﻧﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ ُﺳﺨﻂ ،ﻛﺄﻳﻘﻮﻧﺔ ﻟﻠﻤﻮت، ّ ﻛﺸﻤﺲ ﻣﺮﺗﻘﺒﺔ ِ ﻧﺤ ّﻦ إﻟﻰ ﻇﻠﻬﺎ ،ﻛﻘﺒﺮ ﻏﺎﺋﺐ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺮاه ،ﻛﻤﺮآة ﻋﻤﻴﺎء ﺗﻌﻜﺲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻬﺮ ،واﻟﺨﻄﻮات ﺑﻄﻴﺌﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﻛﻞ ﻳﻮم وﻧﺨﻠﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌ ّﺪ ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻷﻳﺎم واﺣﺪة ﻋﺰﻻء ﺑﻼ ﻋ ّﺪﻫﺎ ّ ﺿﻤﻴﺮ أو َﺳﻜَﻦ ،ﻳﻘﻮل )ﻗﺪﻣﺎي ﻣﻦ زﺟﺎج /واﻟﻄﺮق ﺷﻈﺎﻳﺎ( ،أو )ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺴﻤﺎء ﻋﺘﺒﺔ /واﻷرض وﻋﻲ ﻏﺎﺋﺐ( ،أو )ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺤﺮب ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺠﺰارون اﻷﺷﺠﺎر ﻣﺎﺋﺪة ﻟﺘﻘﻄﻴﻊ ﻟﺤﻢ اﻟﺠﺜﺚ /وﺣﻴﻦ ﻳﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋﺎﺑﺮ: ﻣﺎ اﺳﻤﻚ؟ ﺳﺄﺻﺮخ(. ﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ أﻣﻼً ﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﺪﻳﻮان ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﺜﺚ وﺿﺤﺎﻳﺎ ودﻣﺎء وﻟﻮن أﺳﻮد ﻃﺎغٍ، ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ )ﺣــﺪاﺋــﻖ( ،ﻳﻨﻌﻲ ﻋﺠﻮ ٌز ﺷﺒﺎﺑﻪ، وﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻓﺮﺣﺔ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪاﺋﻖ، ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻋﻈﺎﻣﻪ ﻓﻲ رﻳﺎﺿﺎﺗﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، وﻫﻮ ﻳﻨﺎدي) :اﺑﺤﺜﻮا ﻋﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء /ﻻ ﺗﺘﺮﻛﻮﻧﻲ أﻣﻮت وﺣﻴﺪا ً /ﻃﻴﺮوا ﺑﺎﻟﻮﻧﺎﺗﻜﻢ ﻓﻲ ﺳﻤﺎء ﺗﻨﺤﻨﻲ أﻇﻞ ﻛﻀﻠﻊ ﺣﺰﻳﻦ /أرﻳﺪ أن أﺻﻨﻊ اﻟﺒﻬﺠﺔ /وﻻ ّ ﺑﻮﺟﻪ ﻃﻔﻞٍ ﺗﻤﻸه اﻟﺘﺠﺎﻋﻴﺪ( ،داﻋﻴﺎً أن )رﻓﻘﺎً ﺑﺎﻷﻃﻔﺎل /أﻣــﺎم ﺧﻴﻤﺘﻨﺎ اﻟﻌﺎﺑﺮة( ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺟﻊ اﻟﺼﺪى ﺑﺮﺳﺎﻟ ٍﺔ ﻣﻐ ّﻤﺴ ٍﺔ ﺑﺪمٍ ﻧﻲء ،ﻳﺮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺄن ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
69
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ،ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻹﻋﺠﺎب اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻦ واﺣﺪة ﻣﻦ أﺻﻐﺮ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ،واﺣﺔ »ﺟﺎرة أم اﻟﺼﻐﻴﺮ« .أو »واﺣﺔ اﻟ ﱡﺮب اﻷﺳﻮد« .ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺻﺤﺮاوي ،دراﺳﺔ أﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ .وﻫﻮ ﻛﺘﺎب ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ،ﻳﺪرس ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻧﻮاﺣﻴﻬﺎ" .واﻟ ّﺮ ﱡب اﻷﺳﻮد ﻛﻤﺎ وﺿﺤﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻣﺘﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻮ اﻟﻌﺴﻞ اﻷﺳﻮد اﻟﻤﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮ ،واﻟﺬي ﻳُﺸﻜّﻞ أﻫﻢ اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻮاﺣﺔ وﻳﺴﺘﻬﻠﻜﻮﻧﻬﺎ .ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻘﺪﻣﺔ وﺛﻼﺛﺔ ﻓﺼﻮل ،ﻓﻔﻲ ﻓﺼﻠﻪ اﻷول ﻳﺪرس اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻔﻬﻮم واﻟﻨﻈﺮﻳﺔ .ﺑﻌﺪ أن ﺑﻴﻦ ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻛﻴﻒ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻮادي ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻴﺰت ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻄﻮﻳﻞ ،إﻟﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺖ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻻﻧﻔﺘﺎح اﻻﻗﺘﺼﺎدي ،اﻟﺘﻲ راﺣﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺳﺒﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺛﻢ ﻓﻬﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻷدﻳﺎن اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺎور ﻣﻌﺘﻨﻘﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ ﻟﻤﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﺛﻢ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎﺋﺮ واﻟﻤﻌﺎﺑﺪ واﻷﻫﺮام ،ﻣﺎ ﻳﺸﻬﺪ ﻟﻬﺎ ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﺎ وﻧﻈﺎﻣﻬﺎ وأﺧﻼﻗﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻳﻮاﺻﻞ ﻣﻊ أﻏﺎﻧﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ،وﻫﻲ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻬﺪﻓﺖ اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ وﻃﺄة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺸﺎق ذي اﻹﻳﻘﺎع اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻷوﻗﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻷﻣﺜﺎل اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﺒﻌﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،وأﻫﻤﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﺤﺮاء؛ ﻓﻴﺘﻨﺎول ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﻤﻞ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺠﻨﺲ واﻟﻌﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﻤﻤﻴﺰة .وﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ »ﺑﻴﺌﺔ« اﻟﻮاﺣﺔ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ، وﺧﻄﻮط اﻟﻤﻮاﺻﻼت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،أو ﻃﺮق اﻟﻘﻮاﻓﻞ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب، وﻣﻮﻗﻊ اﻟﻮاﺣﺔ ﻣﻤﺎ ﺟﺎورﻫﺎ ﻣﻦ واﺣﺎت، ﺛــﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﺟﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﺗﺮﺑﺔ وﻣﻨﺎخ ،ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻟﻠﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ زراﻋﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ زراﻋــﺔ اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﺰﻳﺘﻮن ،وﺑﻌﺾ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻘــﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺼﻮﻻت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﺛﻢ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺤﻴﻮاﻧﻲ ﻟﻠﻮاﺣﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎول اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻠﻮاﺣﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ اﻟﺸﺪﻳﺪ ،وﻳﺨﺘﺘﻢ ذﻟﻚ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻮاﺣﺔ واﻷﺻﻮل اﻟﺴﻼﻟﻴﺔ
68
ا9ﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ »واﺣﺔ اﻟ bﺮ ﱢب ا9ﺳﻮد«
ﻟﺴﻜﺎﻧﻬﺎ ،وﺗﻄﻮر أﻋﺪاد ﻫﺆﻻء اﻟﺴﻜﺎن ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن .وﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻹﻃﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،وﻧﻤﻂ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺑﺎﻟﺠﺎرة ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺜﺎﺑﺖ واﻟﻤﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ اﻟﻤﺎدﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎول اﻟﻤﻼﺑﺲ وأدوات اﻟﺰﻳﻨﺔ ﻟﻠﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ،وأدوات اﻟﻌﻤﻞ ،وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻄﻌﺎم ،ودوره اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وأﻃﻌﻤﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ،وﻛﺮم اﻟﻀﻴﺎﻓﺔ؛ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ اﻷﺟﻴﺎل ،وﺑﺎﻋﺘﺒﺎره واﺣﺪا ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺒﻌﻴﺪة؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻄﻮل اﻟﺴﺒﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎس ،وﻳﺘﻨﺎول ﻋﺎدات اﻟﻨﺎس وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ ،واﻟﺰواج وﻃﻘﻮﺳﻪ ،واﻟﻤﻮاﻟﻴﺪ واﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﻬﻢ ،وأﻧﻤﺎط ﺗﺪﻳﻨﻬﻢ ،وﺷﻴﻮﺧﻬﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﻴﻦ ،وأوﻟﻴﺎءﻫﻢ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، وأﺿﺮﺣﺘﻬﻢ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ .وﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻳﺘﻨﺎول ﺑﻌﻨﻮان ﻃﺮاﺋﻖ وﻣﻌﺎﻳﺶ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺨﺘﺘﻢ دراﺳﺘﻪ اﻟﺜﺮﻳﺔ، ﺑﺘﻨﺎول اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺰﻟﺔ اﻷﻣﻨﻴﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ، ﻣﺘﺤﺪﺛﺎ ﻋﻦ أﻧﻮاع اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻷﻣﻨﻴﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻳﻨﺎﺷﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ ﺑﺄداء واﺟﺒﻬﺎ ﺗﺠﺎه ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﻃﺎل ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﺎ .ﻳﺮﺻﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻓﺼﻮل اﻟﻜﺘﺎب ،اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺪاوﻟﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻮاﺣﺔ ،ﺑﻞ واﻟﺤﻜﻢ واﻷﻣﺜﺎل ،وﻟﻢ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺠﺮد رﺻﺪ أو ﺟﻤﻊ ﻣﻴﺪاﻧﻲ ،ﺑﻞ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻤﺎ ﺟﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﻣﺎدة ﺗﺮاﺛﻴﺔ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﻖ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻗﻴﻢ اﻹﻧﺘﺎج. اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن اﻟﻘﺎرئ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻳﻠﺤﻆ وﻟﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﺎﻟﺼﺤﺮاء وﺛﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ أﻧﻪ ﻳﻬﺪي اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺮب اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻨﺎﻇﻢ ﻟﻤﻔﺮداﺗﻬﺎ، ﻓﻴﻘﻮل ﻓﻲ اﻹﻫﺪاء» :إﻟﻰ رب اﻟﺼﺤﺮاء, رب اﻟــﻀــﺮورة ،رب اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ واﻟﻌﺸﻴﺮة واﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻄﻴﻮر اﻟﺠﺎرﺣﺔ ،رب اﻟﺴﻬﻮل واﻟﻬﻀﺎب واﻟﺠﺒﺎل ،رب اﻟﻐﺰﻻن واﻷﻏﻨﺎم واﻟﻨﻮق واﻟﻔﺌﺮان واﻟﺒﻌﻮض واﻟﺬﺑﺎب ،رب اﻟﺤﻴﺎت واﻟﺜﻌﺎﺑﻴﻦ واﻟﺴﺤﺎﻟﻲ ,رب اﻵﺑﺎر واﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ واﻟﻌﻴﻮن واﻟﻨﺒﺎﺗﺎت واﻷﻋﺸﺎب واﻟﻨﺨﻴﻞ ،رب اﻟﺮﻣﺎل واﻟﺮﻳﺎح واﻟﺨﻤﺎﺳﻴﻦ, رب اﻟﻔﺨﺎر وﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﺠﺮﻳﺪ واﻟﺨﻮص واﻷﻟﺒﺎن ،رب اﻷزﻳﺎء اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ اﻟﻤﻄﺮزة واﻟﻌﺒﺎءات اﻟﺼﻮف ،رب اﻟﺨﻴﺎم واﻟﻌﺸﺶ اﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮة ،رب اﻷﺳـــﺎور واﻟﺨﻼﺧﻴﻞ واﻻﺷﻨﺎف واﻟﺤﻠﻘﺎن اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ،رب اﻟﺰﻳﻨﺔ واﻟﻜﺤﻞ واﻟﻮﺷﻢ واﻟﺤﻨﺎء ،رب اﻟﺨﻴﻞ واﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ واﻟﻤﻄﺎردة واﻟﺼﻴﺪ ،رب اﻟﺪﺣﻴﺔ واﻟﺴﺎﻣﺮ واﻷﻟﻐﺎز واﻟﻠﺬة وﺣﺪاء اﻹﺑــﻞ رب اﻟﺴﻴﺠﺔ واﻟﺤﺠﺎوى واﻟﺴﻴﺮ واﻟﺴﻮاﻟﻒ واﻟﺨﺮاﻓﺔ«....
ورﻏﻢ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﺼﺤﺮاء إﻻ أﻧﻪ ﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ أﻧﻤﻮذج ﺻﻐﻴﺮ ﻟﻮاﺣﺔ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ﻫﻲ واﺣﺔ »ﺟﺎرة أم اﻟﺼﻐﻴﺮ« ﻛﻨﻤﻮذج إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻻﺣﺘﺮام وﺗﺒﻨﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻤﻞ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﻗﺪر ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺎت إﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ اﻟﻌﺰﻟﺔ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﺘﻌﻘﻴﺪات اﻷﻣﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﺼ ّﻌﺐ اﻟﻮﺻﻮل ﻣﻦ وإﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻳﻨﻲ اﻷﻗﺮب ﻟﻬﺎ ،وﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻈﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺼﺮ. ﻓﻀﺎءات ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ
ﻳﺼﻒ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﺪﻳﻤﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ واﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻮاﺣﺔ »ﺳﻴﻮة« وﻫﻲ اﻟﻮاﺣﺔ اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ واﺣﺔ »ﺟﺎرة أم اﻟﺼﻐﻴﺮ« أﻧﻤﻮذج اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﻟﺸﺮح أﻫﻤﻴﺔ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺪراﺳﺔ اﻷﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ وﻋﻼﻗﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﻜﺎن ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ واﻹﻧﺘﺎج ،ﺣﻴﺚ "ﺗﻤﺜﻞ واﺣﺔ ﺳﻴﻮة واﺣﺪة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮاﺣﺎت اﻟﻤﺘﻤﻴﺰة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .وﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ :اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻤﺘﺪﻓﻘﺔ ﺑﺼﻮرة ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺪة أﻣﺎﻛﻦ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻵﺑﺎر اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻔﺮﻫﺎ اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺰراﻋﺔ، واﻻﺳﺘﻌﻤﺎل اﻵدﻣﻲ .واﻷراﺿﻲ ذات اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ واﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻛﻤﺰارع ﻹﻧﺘﺎج ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻐﺬاء. إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﺴﻖ ﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﺑﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻔﺰات
اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻣﻔﺮداﺗﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ أﻫﻠﻬﺎ". إذن اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ، ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أﻧﻪ ﻣﺎ زال ﻫﻨﺎك ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،وﻫﻮ ﺟﺰء ﻛﺒﻴﺮـ ﻳﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻗﻴﻤﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ راﺋﻌﺔ وﺑﺴﻴﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ،ﻓﻔﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺗﻔﻌﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ إﻳﺠﺎﺑﻲ. وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺎول اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ واﺣﺔ اﻟﺠﺎرة )ﺟﺎرة أم اﻟﺼﻐﻴﺮ( .وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺔ اﻟﻨﺴﻖ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎق اﻷﺧﺮى ،وﻣﺪى اﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻪ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت واﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺎدﻳﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻷي ﻣﺠﺘﻤﻊ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻧﺴﻖ؛ ﻛﺎﻟﻨﺴﻖ اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻘﺮاﺑﻲ واﻟﻀﺒﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﻳﻘﺪم ﻟﻠﻜﺘﺎب اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻛﻤﺎل ﻣﻐﻴﺚ ﺑﻤﻘﺪﻣﺔ ﻛﺎﺷﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺬي اﺗﺒﻌﻪ اﻟﺒﺎﺣﺚ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل» :ﻓﻰ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
67
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
اﻟﺮ ﱢب ا`ﺳﻮد« »واﺣﺔ n د.ﻫﻮﻳﺪا ﺻﺎﻟﺢ
»واﺣﺔ اﻟ ﱡﺮب اﻷﺳﻮد ..ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺻﺤﺮاوي ..دراﺳﺔ أﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ" ﻛﺘﺎب ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻤﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ اﻷﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺣﻤﺪي ﺳﻠﻴﻤﺎن .ﺻﺪر ﻣﺆﺧﺮا ﻋﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ »ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺼﺮ« اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪرﻫﺎ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻘﺼﻮر اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة .ﺣﺎول ﺣﻤﺪي ﺳﻠﻴﻤﺎن أن ﻳﻘﺪم دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،إﻧﻤﺎ أﻳﻀﺎ ﻗﺎم ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن ،وﻃﺮق اﻟﻌﻴﺶ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺼﺤﺮاوي ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺑﻞ اﻟﻨﺎس وﺗﻌﻄﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻧﻬﺎ وﺗﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ إﻳﺠﺎد ﺣﻠﻮل ﺑﺪﻳﻠﺔ ﺗﻌﻮض اﻧﻌﺰاﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻴﺴﺮ ﺳﺒﻞ اﻟﻌﻴﺶ .ﻳﺮى ﺳﻠﻴﻤﺎن أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﺧﺎرﺟﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ،أو ﻧﺎﺗﺠﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻌﻤﻖ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺄﻧﻮاﻋﻬﺎ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ،ﻓﻔﻲ اﻟﺒﺪء ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ واﻹﻧﺘﺎج .وﺑﺎﻟﻌﻤﻞ واﻹﻧﺘﺎج أﺻﺒﺢ اﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﺎﻋﺎت، وﺗﺤﻮﻟﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ إﻟﻰ ﺣﻴﺎة إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وأﺻﺒﺢ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺎﺋﻨﺎ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺮى أن إﻗﺒﺎل اﻷﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺼﺤﺮاء إدراﻛﻬﻢ ﻟﻸﺧﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد ﺑﺰوال ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت واﻧﺪﺛﺎرﻫﺎ .وﻳﺒﺮر اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻫﺬا اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪم واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﺘﻄﻮر اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،وﺗﺄﺛﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺑﺎﻟﺘﻘﺪم اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﻤﺆﺛﺮات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى.
66
ا9ﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ »واﺣﺔ اﻟ bﺮ ﱢب ا9ﺳﻮد«
اﻟﻤﺨﺘﺎرة اﻟﺘﻲ أﺷﺎر إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺎت ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻟﺼﻨﻒ اﻷﺧﺒﺎر .وﻗﺪ ﻗﺴﻤﻬﺎ اﻟﻜﺘﺎب إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻜﺎل رﺋﻴﺴﺔ ،ﻫﻲ :ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺴﺮد اﻟﻔﺎﻧﺘﺎزي ،وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺒﺜﻲ ،وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺴﺮد اﻟﺘﻌﺒﻴﺮي. ﻣﺆﻛِﺪا ً ﻋﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﻫﻲ أن اﻟﻨﺺ ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺮار اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺘﺎر ﻣﻦ ﻣﻨﻬﺞ ،وﻣﺎ ﻳﺮﻛﻦ اﻟﻴﻪ ﻣﻦ أدوات ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻓﺎﺣﺼﺔ ،ﻟﺬا اﻗﺘﻀﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن ﺗﺼﻨﻒ ﻋﺒﺮ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﻗﺪ ﺑﺮر اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺑﺤﺎﺟﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ إﻟﻴﻬﺎ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺤﺘﻢ اﻋﺘﻤﺎد ﻣﻨﻬﺞ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ واﻟﺘﺼﻨﻴﻒ واﻟﺘﻌﺪاد ،ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن " :أﺳﻮار اﻟﻤﻨﻬﺞ ﻟﻦ ﺗﺤﻮل ﻣﻦ دون رؤﻳﺔ ﻣﺎﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص ﻣﻦ ﺗﺠﺎوز ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ" .ﻳﺒﺪو أن ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة ﺗﺘﺼﻞ ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ﺑﺘﺨﺼﺺ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺻﺎﻟﺢ ﻫﻮﻳﺪي ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة أو اﻟﻘﺼﻴﺮة ﺟﺪا ً ،إذ ﺛﻤﺔ ﻓﻜﺮة ﺗﺘﻜﺮر ﻓﻴﻪ ،وﻣﻊ اﺧﺘﻼف أﻧﻮاع اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ ﻓﻲ أﻗﺴﺎﻣﻪ اﻟﺘﻲ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﺨﺒﺮ ﻫﻮ ﻗﺼﺔ ﻗﺼﻴﺮة ﻳﺸﺘﺮك ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﺪة ﺗﻘﻨﻴﺎت ،وﺳﻨﻬﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺨﺒﺮ اﻷول وﻫﻮ ﻧﺎدرة ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب )ﻧﺰﻫﺔ اﻟﻨﻔﻮس وﻣﻀﺤﻚ اﻟﻌﺒﻮس( ﻻﺑﻦ ﺳﻮدون ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺔ 40ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ،وﺑﻌﺪ أن ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﺨﺒﺮ ﻳﺤﻠﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﺒﺮ أدوات اﻟﺴﺮد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻘﻮل »واﺿﺢ أن اﻟﻨﺺ اﻟﺬي ﻧﺘﻨﺎوﻟﻪ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻵﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻪ أﻗﺮب اﻟﻰ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺴﺮدي اﻟﻘﺼﻴﺮ اﻟﻤﻌﺮوف ﻓﻲ أدﺑﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﺟﺪا ً ،ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻪ اﻟﻮرﻗﻲ ﻏﻼف ﻛﺘﺎب ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺴﺮد اﻟﻤﺤﺪود أو ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻜﺜﻴﻒ واﻻﺧﺘﺰال واﻟﺤﺬف ،أو ﻓﻲ اﺗﻜﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﺺ )اﻟﻨﺎدرة( ،ﻟﻴﻜﻮن ﺑﺆرة دﻻﻟﻴﺔ وﻃﺎﻗﺔ ﻣﺸﻌﺔ ﺑﻤﺤﻤﻮﻻﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺤﺬف وﺗﻜﺜﻴﻒ اﻟﻤﻠﻔﻮظ اﻟﺴﺮدي واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺸﺮح اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﺒﺌﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻔﻨﻲ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ« ص .45 ﺗﺘﻮﻗﻒ اﻟﺪراﺳﺔ ﻗﻠﻴﻼً ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ واﻟﻐﺮاﺋﺒﻴﺔ ﺛﻢ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ ﻣﻮﺿﺤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﺷﺘﻐﺎﻟﻬﺎ داﺧﻞ اﻟﻨﺺ ،وﻳﺴﺘﻤﺮ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻻﺧﺒﺎر اﻟﻤﻨﺘﻘﺎة ﻟﻠﻘﺴﻢ اﻻول ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﻊ اﻟﺨﺒﺮ رﻗﻢ ،24ﻣﻌﺘﻤﺪا ً ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻠﻮب ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺮﺑﻂ. وأﻣﺎ اﻟﺨﺒﺮ اﻷﺧﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻴﻘﻮل" :ﺷﻜﺎ رﺟﻞ إﻟﻰ ﻃﺒﻴﺐ وﺟﻊ ﺑﻄﻨﻪ ،ﻓﻘﺎل وﻣﺎ اﻟﺬي أﻛﻠﺖ؟ ﻗﺎل أﻛﻠﺖ رﻏﻴﻔﺎ ﻣﺤﺘﺮﻗﺎ؛ ﻓﺪﻋﺎ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﺑﺬرور ﻟﻴﻜﺤﻠﻪ ،ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺟﻞ :إﻧﻤﺎ أﺷﺘﻜﻲ وﺟﻊ
ﺑﻄﻨﻲ ﻻ ﻋﻴﻨﻲ! ﻗﺎل :ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ،وﻟﻜﻦ ﻟﺘﺒﺼﺮ اﻟﻤﺤﺘﺮق ﻓﻼ ﺗﺄﻛﻠﻪ .«..ﻳﻌﻠﻖ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﻮﻳﺪي ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻤﻨﻬﺠﻪ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ وﻗﺮاءة ﻛﻞ ﺧﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺪه ﺛﻢ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎط اﻟﺴﺮد اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻪ ادﺑﻴﺘﻪ وﺣﺮرﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وﻳﻨﻬﻲ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :إن ﺛﻤﺔ ﺿﺮﺑﺎً ﻣﻦ ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻴﻌﻬﺎ اﻟﺴﺮد ﻫﻨﺎ ،ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻢ اﻟﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ أﻛﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﺨﺒﺰ اﻟﻤﺤﺘﺮق وﻓﻘﺪان اﻟﺒﺼﺮ ،وﻫﻲ ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﺗﻬﺪف إﻟﻰ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واﻟﺨﺮوج إﻟﻰ اﻟﺘﻘﺮﻳﻊ ﻣﺸﻴﻌﺔ ﺟﻮا ً ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻧﺘﺎزﻳﺎ اﻟﻌﺎﺑﺜﺔ " .143ﻳﺴﺘﻤﺮ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ أﻗﺴﺎﻣﻪ اﻷﺧﺮى ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل أدوات ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻘﺼﺼﻲ وﻳﻄﺒﻖ آﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺺ ﺳﺮدي ﻗﺪﻳﻢ ﻳﺘﺸﺎﺑﻚ ﻓﻴﻪ اﻟﺨﺒﺮي ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﻟﻲ ،ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻨﺢ اﻟﻜﺘﺎب ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺘﺎع واﻹدﻫﺎش ﻓﻲ اﻵن ذاﺗﻪ وﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﻊ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﻤﻮﻓﻘﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﺟﻠﻬﺎ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ واﻹدﻫﺎش واﻟﻤﺘﻌﺔ ،وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﺮر ﻋﺎدة ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت واﻟﻤﻘﺎﻻت ﻋﻦ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺟﻬﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺬﻟﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺮﺻﺪ واﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻤﺨﺘﺎرة ،إذ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻣﻔﺮدات ﻣﺜﻞ )ﺳﺮد ﻗﺼﻴﺮ ،اﻟﺒﻨﻴﺔ، ﺗﻘﻨﻴﺎت ﺣﺬف وﺗﻠﺨﻴﺺ وﻣﻈﺎﻫﺮ ﺗﺮﻫﻞ، اﻷﺣــﺪاث واﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ،اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ ،ﻣﻐﺰى اﻟﺴﺮد ،اﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ ،أو اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺴﺮدﻳﺔ(. وﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﻃﺮاﺋﻖ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﻨﻘﺪي، ﻟﻼﻧﺘﻘﺎل ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺼﻮغ اﻟﺴﺮدي اﻟﻘﺼﺼﻲ .ورﻏﻢ ﺗﻠﻚ اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ إﻟﻰ ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻤﺮوﻳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺪراﺳﺔ اﺗﺨﺬت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ وﺳﻴﻠﺔ أﺟﺪﻫﺎ ﻧﺒﻴﻠﺔ وﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث ﺑﻌﻴﻮن ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة ،ﻓﻜﺘﺎب ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺴﺮد ،ﻓﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﻣﻴﺰة ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻟﻨﺼﻮص أدﺑﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻨﺢ ﻛﻞ ﻧﺺ )ﺧﺒﺮ( ﻓﻴﻪ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ اﻟﺨﺎص وﺗﻌﺎﻣﻠﻪ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ،ﺑﻮﺻﻔﻪ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﻓﺮض ﻣﻨﻄﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﺸﺮح واﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ،ﻣﻤﺎ ﺟﻨﺐ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﺦ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻤﻴﻂ أو )ﻟﻲ( أﻋﻨﺎق اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺜﺮت ﻓﻴﻬﺎ دراﺳــﺎت ﺧﺎﺿﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل ﻧﻔﺴﻪ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ اﻋﺘﻤﺪت اﻟﺘﻌﻤﻴﻤﺎت واﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﺒﺴﺘﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى ﻟﻨﺼﻮص ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻤﻖ وﺑﻌﺪ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻮغ واﻟﻌﺮض * ﻣﺮﻛﺰ دراﺳﺎت اﻟﺒﺼﺮة واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﺼﺮة
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
65
ﺳﻮق اﻟﻜﺘﺐ
ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺴﺮد
د .اﺷﺮاق ﺳﺎﻣﻲ
ﻟﻠﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﺘﻨﺔ وﺳﺤﺮ ﺧﺎص ﻳﻐﺮق ﻓﻴﻪ اﻟﻘﺎرئ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻤﺎﻫﻰ ﻣﻊ أزﻣﺎن ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ،ﻳﺒﺪأ اﻟﺴﺤﺮ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ وﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺠﺰﻟﺔ واﻹﻳﺠﺎز اﻟﻤﻔﻴﺪ أو اﻟﻄﺮاﻓﺔ واﻟﺬﻛﺎء واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻹﺑﺪاع اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷﺻﻴﻞ .وﻫﺬه اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺘﻨﻮع اﻟﺠﻨﺲ اﻷدﺑﻲ )ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻗﻮاﻋﺪه وأﺻﻮﻟﻪ وﻟﻠﻨﺜﺮ ﻃﺮاﺋﻘﻪ وﻓﻨﻮﻧﻪ( ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﺎﻳﺰ ﻋﻦ اﻷﻧﻮاع اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻀﻮي ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺲ واﺣﺪ ،ﻛﺎﻟﺴﺮد اﻟﺬي ﻳﺘﺴﻊ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ أﻧﻮاع ﻋﺪﻳﺪة ﻣﺜﻞ :اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻤﻘﺎﻣﺎت واﻟﻨﻮادر وﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﺤﻤﻘﻰ وﻗﺼﺺ اﻟﺒﺨﻼء واﻟﺴﻴﺮ؛ وﻟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺸﺘﺮك ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﻤﻴﺰة واﺿﺤﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﻣﺘﺎﺑﻊ ﻟﻸدب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ أن ﻳﺴﺠﻠﻬﺎ ،وأﻋﻨﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺘﻜﺜﻴﻒ اﻟﻌﺎﻟﻲ واﺧﺘﺼﺎر اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻫﻞ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن أو وﺻﻒ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت.
اﻟﻤﻨﺸﻮر ﻋﺎم 2016ﺿﻤﻦ ﻣﻨﺸﻮرات ﻣﻌﻬﺪ اﻟﺸﺎرﻗﺔ ﻟﻠﺘﺮاث ،إذ ﺟﻌﻠﻪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﻮﻳﺪي ﻗﺎﻋﺪة ﻧﻘﺪﻳﺔ اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ أﻫﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺴﺮدﻳﺔ اﻟﻤﺨﺘﺎرة ،وﺑﻴﻦ ﻗﻮاﻋﺪ ﻓﻦ اﻟﻘﺺ اﻟﻘﺼﻴﺮ .ﻓﻔﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب إﺑﺤﺎر ﻣﺎﺗﻊ وﺷﺎﺋﻖ ﻋﺒﺮ ﻧﺼﻮص ﺳﺮدﻳﺔ ﻣﺨﺘﺎرة ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﺻﺎﻧﻊ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﺘﻪ ،ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺠﻤﺎل وﻳﻔﻬﻢ ﻣﻜﺎﻣﻦ اﻟﺪﻫﺸﺔ .واﻟﺨﺒﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ د .ﺻﺎﻟﺢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻳﻤﺜﻞ "إرﻫﺎﺻﺎت وﻧﻮاة ﻟﻤﺎ ﻳﻌﺮف اﻟﻴﻮم ﺑﻔﻦ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﻴﺮة ﺟﺪا ً أو اﻟﺴﺮد اﻟﻮاﻣﺾ". ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺳﺮﻳﻌﺎً اﻟﻰ أﻫﻢ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺴﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ اﻧﺸﻐﺎﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻜﺜﻴﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺑﻨﻴﺖ ﺣﻮﻟﻪ ﻓﻜﺮة ﻛﺘﺎب "ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺴﺮد ،اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻷﺳﺒﺎب أﺧﺮى ﻓﺼﻠﻬﺎ دﻛﺘﻮر ﻫﻮﻳﺪي ﻓﻲ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ اﻟﺬي ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺮد اﻟﺤﻜﺎﺋﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ" ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺻﺎﻟﺢ ﻫﻮﻳﺪي ،ﻛﺎن إﺿــﺎءة ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﻘﺎرئ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻌﺮف إﻟﻰ اﻟﺴﺮود
64
ﻗﺮاءة ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺴﺮد
ﻣﻘﺴﻤﺎً إﻟﻰ أﺟﻨﺎس وأﻋﺮاق وأﻗﻠﻴﺎت وإﺛﻨﻴﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ،وﻛﺎن ذﻟﻚ أﺣﺪ أﺳﺒﺎب وﻗﻮع اﻟﺤﺮب. إن اﻟﺠﻴﻨﺎت اﻟﻮراﺛﻴﺔ واﻟﺴﻤﺎت اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻤﻤﻴﺰة ﻟﺠﻨﺲ ﺑﺸﺮي ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺠﻨﺲ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺠﻴﻨﺎت ،وإﻧﻤﺎ ﺑﺎﻵراء واﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﺒﺸﺮ ،ﻛﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺠﻴﻨﺎت ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ .وﻓﻲ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﻐﺎﺑﺮة -ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ -ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻲ أﻧﻪ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﺟﻴﻨﻴﺎً أو ﻋﻨﺼﺮﻳﺎً أو ﻋﺮﻗﻴﺎً ،أو ﻟﻪ ﻫﻮﻳﺔ ذات ﻣﻼﻣﺢ وﺳﻤﺎت ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ أو ﺗﺘﺒﺪل .وﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻮاﻃﻨﺎً روﻣﺎﻧﻴﺎً ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻮﻟﻮدا ً ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻐﺎل )ﻓﺮﻧﺴﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ( ،وﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪور اﻟﻤﺮء أن ﻳﻜﻮن ﻣﺴﻴﺤﻴﺎً ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻮﻟﻮدا ً ﻓﻲ أﺳﺮة ﻳﻬﻮدﻳﺔ .وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺮوب اﻟﺜﺄرﻳﺔ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ورﺑﻤﺎ ﻟﻘﺮون ﺑﻴﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ﻋﺮﻗﻴﺎً ،وﻟﻜﻦ ﻣﺘﻨﺎزﻋﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺼﻮﻣﺎت اﻟﺪم واﻟﻀﻐﺎﺋﻦ واﻟﻔﻮارق اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ واﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ .وﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺮق أن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺒﺪل وﻻ ﺗﻘﺒﻞ أن ﺗﺘﺪاﺧﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﺮﻗﻴﺎت أﺧﺮى ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺧﺘﻼط اﻷﻧﺴﺎب أو اﻟﺰواج ،ﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻠﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ .وﺣﺘﻰ أﺛﻨﺎء اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺸﺨﺺ اﻟﻬﺠﻴﻦ أو ﻣﺨﺘﻠﻂ اﻷﻧﺴﺎب أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﻤﻨﻮﺣﺔ ﻟﻠﺮﺟﻞ اﻷﺑﻴﺾ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ دﻓﻊ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ .وﻛﺎﻧﺖ أول ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺒﺸﺮ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻋﺮﻗﻴﺔ وﺳــﻼﻻت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻗﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﻋــﺎم 1758ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻮﻳﺪي" ﻛﺎرل ﻓﺎن ﻟﻴﻨﻲ" اﻟﺬي ﻗﺴﻢ اﻟﺒﺸﺮ إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ أﻧﻮاع .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺣﺴﺐ اﻟﻠﻮن ،ودرﺟﺔ اﻟﺬﻛﺎء ،وﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﻤﺰاج .وﻗﺪ وﺿﻊ ﻛﺎرل اﻟﺮﺟﻞ اﻷوروﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﺛﻢ ﺟﺎء اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﻫﻮ ﺣﺴﺐ وﺻﻒ ﻛﺎرل ،ﻣﺘﻮﺗﺮ اﻟﻤﺰاج ،ﻋﻨﻴﺪ ،ﻗﻨﻮع وﻳﺤﺐ اﻟﺤﺮﻳﺔ ،ﺛﻢ ﺟﺎء اﻵﺳﻴﻮي وﻫﻮ ﻗﺎس اﻟﻘﻠﺐ ،ﻣﺘﻌﺠﺮف وﺷﻬﻮاﻧﻲ .وأﺧﻴﺮا ً ﺟﺎء
اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ وﻫﻮ ﻣﺎﻛﺮ ،وﺑﻄﻲء وﻏﺒﻲ .وﺣﺴﺐ رأي ﻛﺎرل ﻓﺈن اﻷوروﺑﻲ ﺗﺤﻜﻤﻪ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻷﻋﺮاف ،أﻣﺎ اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ ﻓﺘﺤﻜﻤﻪ اﻷﻫﻮاء واﻟﻨﺰوات. ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺗﻢ إﻧﺘﺎج ﺗﺼﻨﻴﻒ آﺧﺮ ﻟﻠﺒﺸﺮ ،ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﻢ اﻟﺠﻤﺠﻤﺔ وﺷﻜﻠﻬﺎ ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ، 1869ﻓﻘﺪ ﻗﺪم اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ" ﻓﺮاﻧﺴﻴﺲ ﺟﺎﻟﺘﻮن" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻮراﺛﻴﺔ" ﻣﻘﻴﺎﺳﺎً ﻣﻜﻮﻧﺎً ﻣﻦ 16ﺑﻨﺪ ﻟﻘﻴﺎس اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺒﺸﺮي اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻌﺮق .وﺣﺴﺐ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﻴﺎس ﻓﻘﺪ وﺿﻊ ﻓﺮاﻧﻴﺲ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن أﺛﻴﻨﺎ ﻓﻮق اﻟﻘﻤﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ وﺿﻊ ﺳﻜﺎن أﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ اﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻓﻲ ذﻳﻞ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ. وﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﺘﻼﺣﻘﺔ ﻋﻦ ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﺒﺸﺮ وﻋﻦ أﺻﻮﻟﻬﻢ اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺠﻨﺲ اﻵري )اﻷﺑﻴﺾ( ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أﻓﻀﻞ ﺟﻨﺲ ﺑﺸﺮي ،وأﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺪم ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ إﻧﺠﺎزات ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻷﺟﻨﺎس اﻷﺧﺮى أن ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ .وﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳﺎت ﺗﻢ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﺿﻄﻬﺎد وإﻗﺼﺎء وﺗﺪﻣﻴﺮ وإﺑﺎدة ﻋﺮﻗﻴﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻣﺘﻤﻴﺰا ً ﻓﻲ اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻬﺪف اﻹﺳﺒﺎن اﻟﻴﻬﻮد وﺣﺎوﻟﻮا إﺑﺎدﺗﻬﻢ ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺮﻗﻴﺔ ،وﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ دﻳﻨﻬﻢ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
63
إﺿﺎءة
ﺗﺄﻣﻼت ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ واﻟﺼﺮاﻋــﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴــﺔ أﺛﺒﺖ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻢ اﻟﺠﻴﻨﺎت أن اﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻳﻨﺤﺪرون ﻣﻦ ﻓﺼﻴﻠﺔ واﺣﺪة وﻣﻦ أﺻﻞ واﺣﺪ ،وﻳﺮﺟﻊ أﺻﻞ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ وﻣﺌﺘﻲ أﻟﻒ ﻋﺎم ،ﺣﻴﺚ وﺟﺪ اﻹﻧﺴﺎن اﻷول ﻓﻲ إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﺛﻢ ﺑﺪأ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ اﻷرض ،وﻇﻞ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﻣﺴﺘﻤﺮا ً ﻟﻤﺪة 60.000ﺳﻨﺔ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻗﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ .أﻣﺎ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ اﻟﺒﻌﺾ دﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف اﻷﺟﻨﺎس اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻬﻲ أوﻫﺎم وﺧﻴﺎﻻت وﻟﻴﺴﺖ إﻻ ﺳﻤﺎت ﺷﻜﻠﻴﺔ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺠﻮﻫﺮ اﻹﻧﺴﺎن .ﻓﺎﻟﺸﻌﻮب ذات اﻟﺒﺸﺮة اﻟﺴﻤﺮاء ﻳﻨﺤﺪرون ﻣﻦ ﻗﻮم ﻋﺎﺷﻮا ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺧﻂ اﻻﺳﺘﻮاء ،أﻣﺎ اﻟﺸﻌﻮب ذوو اﻟﻌﻴﻮن اﻟﻀﻴﻘﺔ واﻷﻧﻒ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﺘﺮﺟﻊ أﺻﻮﻟﻬﻢ اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ إﻟﻰ ﻗﻮم ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ اﻟﻘﺎرة اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ وﻋﻠﻰ أﻃﺮاف أوروﺑﺎ ،وﻫﻜﺬا أﺛﺒﺖ اﻟﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪا اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻛﻠﻮن اﻟﻌﻴﻮن واﻟﺠﻠﺪ ﻓﺈن اﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺳﻮاﺳﻴﺔ .واﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ واﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ واﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر ،ﻓﻤﻦ أﺟﻞ ﺗﻜﻴﻒ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ أﺧﺬ ﺷﻜﻠﻪ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﻼﺋﻤﺎً ﻟﻠﻤﻨﺎخ واﻟﻄﻘﺲ اﻟﻤﺤﻴﻂ ﺑﻪ واﻟﻤﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻮﻃﻨﻪ .ورﻏﻢ اﺧﺘﻼف أﺷﻜﺎل اﻟﺒﺸﺮ إﻻ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﺰاوﺟﻮن وﻳﺘﻌﺎﻳﺸﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر ﺑﺮﻏﻢ ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ وﺗﺒﺎﻋﺪ اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت واﺧﺘﻼف اﻟﻠﻐﺎت واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ .وﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺪراﺳﺎت أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺸﻌﻮب اﻷوروﺑﻴﺔ ﻫﻢ أﺣﻔﺎد اﻟﻤﺰارﻋﻴﻦ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﻐﺮب .ﻛﻤﺎ أﺛﺒﺘﺖ ﺗﺤﺎﻟﻴﻞ اﻟﺤﻤﺾ اﻟﻨﻮوى اﻟـ DNAاﻟﺠﻴﻨﻴﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻘﺘﻔﻲ أﺛﺮ اﻟﺠﻴﻨﻮم اﻟﺒﺸﺮي أن أﻋﺪادا ً ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﻗﺪ ﻫﺎﺟﺮوا ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﻐﺮب وﺗﺰاوﺟﻮا ﺑﺸﻌﻮب ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ اﻟ ُﺮﺣﻞ .ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺰاوج اﻟﺮوﻣﺎن اﻟﺬﻳﻦ أﺳﺴﻮا اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺧﺮى أﺛﻨﺎء اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ .ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﺗﺰاوج ﺑﻴﻦ اﻷﻋﺮاق واﻷﺟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺰح اﻷوروﺑﻴﻮن إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ واﻷﻣﺮﻳﻜﺘﻴﻦ .وازداد اﻟﺘﺰاوج ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﻐﺰوات واﺳﺘﻤﺮ اﻟﺘﻼﻗﺢ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻌﻮب ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻄﺮق ﻏﻴﺮ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺧﺎرج اﻹﻃﺎر اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻟﻠﺰواج ،وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﺠﻮاري واﻟﻤﺤﻈﻴﺎت .ﻟﻘﺪ أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺠﻴﻨﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة أن ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺧُﻤﺲ و ُرﺑﻊ إﺟﻤﺎﻟﻰ ال ) (DNAﻟﻸﻣﺮﻳﻜﺎن اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ
62
ﺗﺄﻣﻼت ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ واﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ
ﺻﺪﻳﻖ ﺟﻮﻫﺮ* ŦŌƈōǙȑŌ dzƪǙōŴş ƃǂǜǕŌǶ ǼƋǾǔŴǝȑŌ ŜƂȏŌ ƄōŨƓŐ
أﺻﻮل أوروﺑﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﺳﻜﺎن وﻻﻳﺔ »ﻫﺎواي« اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻳﻨﺤﺪرون ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻴﺎت ﻋﺮﻗﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ .ﻛﺬﻟﻚ أﺛﺒﺘﺖ ﺗﺤﺎﻟﻴﻞ اﻟـ DNAأن اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﻴﻦ ﻫﻢ ﺟﻨﺲ ﻣﺨﺘﻠﻂ ﺣﻴﺚ ﻫﺎﺟﺮ اﻟﻜﻮرﻳﻴﻮن إﻟﻰ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨﻴﻦ وﺗﺰاوﺟﻮا ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻟﻠﺒﻼد "اﻟﺠﻮﻣﻮﻧﻴﺰ". وﺗﻤﺜﻞ اﻟﺠﻴﻨﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ﻟﻮن اﻟﺒﺸﺮة وﻟﻮن اﻟﻌﻴﻮن واﻟﺸﻌﺮ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﺘﻒ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ إﻟﻰ ﺟﻨﺲ ﻧﺴﺒﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺟﺪا ً ﻣﻘﺎرﻧ ًﺔ ﺑﺎﻟﺠﻴﻨﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺘﺮك ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺒﺸﺮ .وﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﻄﺎﻟﻊ ﻓﺈن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺰواج اﻟﻤﺨﺘﻠﻂ ﻗﺪ ارﺗﻔﻌﺖ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ دﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻌﺮﻗﻲ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻹﺛﻨﻴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة داﺧﻞ اﻟﺒﻼد .وﻳﺮى ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺒﺮاء أن اﺧﺘﻼط اﻷﻗﻠﻴﺎت ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺸﻬﺎ أﻛﺒﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ اﻟﺬى ﻳﻀﻴﻖ اﻟﻔﺠﻮة ﺑﻴﻦ اﻷﺟﻨﺎس ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ وإﻧﻬﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺼﺮاع اﻟﻌﺮﻗﻲ .وﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺪراﺳﺎت ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 1990و 2000أن ﻃﻔﻼً ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻃﻔﻼً أﻣﺮﻳﻜﻴﺎً ﻫﻮ ﻧﺘﺎج زواج ﻣﺨﺘﻠﻂ ﺑﻴﻦ اﻷﺟﻨﺎس اﻟﻤﺘﻮاﺟﺪة ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة .وﻳﺮى اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن أن اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺼﺎرع وﺗﺘﻘﺎﺗﻞ ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪﻳﺪة وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة ،وزﻳﺎدة أﻋﺪادﻫﺎ ﻣﻊ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﻋﺪاد اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻷﺧﺮى ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﺎﻟﺬﻛﻮر ،واﻏﺘﺼﺎب ﻧﺴﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻤﻌﺎدﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺤﻦ ﺣﻮاﻣﻞ ﺑﺄﻃﻔﺎل ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻐﺎزﻳﺔ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻏﺘﺼﺎب ﻧﺴﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻤﻌﺎدﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ إدﻋﺎء اﻟﺒﻌﺾ أن ﻏﺮﻳﺰة اﻹﻧﺴﺎن ﺗﺪﻓﻌﻪ أﻛﺜﺮ ﻧﺤﻮ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺠﻨﺲ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ و اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى .وﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ أن اﻏﺘﺼﺎب ﻧﺴﺎء اﻷﻋﺪاء ﻛﺎن ﻣﺒﺎﺣﺎً أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮوب اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺗﻔﻀﻞ أن ﻳﺘﺰوج ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺴﺎء ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺸﻴﺮة ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺪرﻛﻮا ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﺰواج ﻣﻦ اﻷﻗﺎرب .وﺗﻈﻬﺮ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن
ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺣﻤﻮراﺑﻲ
ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ اﻟ ﻞ ﺗﻘﻮل ﺎﻟ ات ل اﻟﺤﻀﺎرارت ﻫﺬه اﻟ ﺎ ﻟﻜﻮن ﺬ رؤﻳﺔ ﻟﻜﻮن وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻳﻳﺘﻀ ّﻤﻦ رؤﻳﺔ اﻵﻟﻬﺔ و ﻴﺮ ﺎ وأدﺑﻴﺎت اﻵﻟﻬﺔ واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ أ ﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﺸﻌﺮ اﻷ ﺎﻃ واﻟﻌﻘﻞ وﺗﺄﺧﺬ ﺑﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺮث اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ إﻋﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ. أرﺿﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮد اﻹ ﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﺋﻢ وﻫﺎ ﻫﻨﺎ ،ﻳﺘﺪاﺧﻞ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﺄوﻳﻞ ،ﻓﻤﺤﺎوﻟﺔ وﺿﻊ اﻟﻔﻬﻢ /اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،رﻏﻢ إﻧﻨﺎ إذا ﻣﺎ ﻗﺮأﻧﺎه إن ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻌﻴﺎرﻳّﺔ )ﻣﺜﻞ :اﻟﻘﺎﻧﻮن( أﻣــﺎم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، اﻵﻟﻬﺔ .إن ﺳﻨﺠﺪ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻓﻴﻪ ﻧﺼﻴﺒﺎً إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺔ. وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ إﺷﻬﺎري ،ﻳﺘﻀ ّﻤﻦ ،ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﻟﻨﺼﻮص اﻷدﺑﻴﺔ أو اﻟﺘﻲ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻔﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺄوﻳﻠﻴﺔ ﻟﻤﺠﺮى ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﺨ ﱠﻴﻠﺔ ﺗﺨﺮق اﻟ ُﺤﺠﺐ ﺑﻴﻦ ﻗﻴﻤ ﻲ أو ﻟﻟﻤﺠﺮى اﻟﻜﺎﺋﻨﻴﺔ؛ ذﻟﻚ أن اﻟﻤﺸ ﱢﺮع اﻟﺬي ﻳﺴﻦ اﻵﻟﻬﺔ، واﻹﻟﻬﻲ أو ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻟَﻢ اﻹﻧﺴﺎن وﻋﺎﻟَﻢ ﺔ، ااﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ إﻧﻤﺎ ﻳﺆ ﱢول اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻹﻧﺴﺎن إﻻ أن ﻣﺜﻞ ﻫــﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺗﻤﺎرس اﻧﺰﻳﺎﺣﻬﺎ اﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻲ ﺣﺘﻰ إﻧﻨﺎ ﻧﻔﻬﻤﻬﺎ وواﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﻌﻄﻰ ﺛﻘﺎﻓﻲ إﺑﺪاﻋﻲ ﻣﺎ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟ ُﻤﺴﻦ ﺗﺄوﻳﻼً ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ،ﻣﺎ ﻳﺪل اﻟﻤ ﺳﻮى ﻧﺘﺎج ﻟﻠﻤﺨ ﱢﻴﻠﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻮ أﻣﺮ ﻻ ﺑ ّﺑﺪﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻣﻼز ٌم ﻟﻠﺘﺄوﻳﻞ واﻟﻌﻜﺲ ُﻣﻤﻜﻦ ،وﻫﻮ ﺳﻴﺠﺪ ﺻﺪاه ﺑﻮﺿﻮح ﻓﻲ ﻣﺎﻫ ّﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮي ﻣﻦ دراﺳﺘﻪ؛ ﻓﺎﻹﺷﻜﺎل اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻛﺎﻣﻦ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺘﻪ ﻣﺎ ﺳﻴ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ. وﺳﺠﺎل .ﻛﺎن وﺧﻄﺎﺑﻪ ﺑﻘﻮة وﻫﻮ ﻣﻮﺿﻊ ﺟﺪل . وﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻞ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب اﻷوروﺑــﻲ ﻟﻴﻘﻮل ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻛﻠﻮد ﻟﻴﻔﻲ ﺷﺘﺮاوس ) ،(2009 - 1908ﻲ ﺧﻄﺎﺑﻪ ،ﻛﺎن اﻹﺳــﻼم ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺞ »اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ«، رة ﺣﺘﻰ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ،ﻗﺪ أوﻟﻰ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺑﺎﻷﺳﻄﻮرة وﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن إﺣﺪاث ﻧﻘﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺻﻮب اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﺪﻧﻴﻮي ﻘﺎﻓﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻋ ّﺪﻫﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﻏﻴﺮ اﻟﺪﻳﻨﻲ ،وﺟﺮى ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺳﻼم ﺗ ّﻤﺖ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻮص ﻏﻴﺮ أﺳﻄﻮرﻳﺔ وﻻ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺤﺎرﺑﺘﻬﻢ ،ووﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺆﻛﱢﺪه ﺗﻮدوروف ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ )روح اﻷﻧﻮار، ورﺛﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق اﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻟﻜﺎن أﺟﺰم ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ص (127ﻋﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل» :اﻟﻤﻔﻜﱢﺮون اﻷﺣﺮار ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ؛ وﻫﻮ ﻣﺎ أﺟﺰﻣﻪ أور ﻧﻤﻮ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻗﻊ ﻗﻤﻌﻬﻢ ﺑﺑﺸ ّﺪة ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺎﺷﺮ اﻟﻤﻴﻼدي« أﻧﺎ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺑﺪاﻳﺎت ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮي ﻓﻲ ﺤﻀﺎ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
61
ﻗﻀﺎﻳﺎ وآراء
ﺛﻴﻮدور ادورﻧﻮ
ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺮاﻓﺪﻳﻦ ﺑ ُﺮﻗﻢ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ ورﺛﻬﺎ اﻷﺟﺪاد ﻟﻸﺑﻨﺎء ،ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ ُﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﺒﺬل ،وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ؛ ﻓﻤﺎ وﺟﺪت إﻻ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻌﻬﺎ وﻟﻴﺲ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻬﺎ ﻛ ُﻤﺠﺮد أﺛﺮ أو ﻟﻘﻴﺔ ُﻣﺤ ﱠﻨﻄﺔ ﺗ ُﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻓﻮف ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻮت أو اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ،إﻧﻬﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﻲ ُﻣﻌﺎﺷﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻲ اﻟﺘﺪاوﻟﻲ وﻟﻴﺲ ﻟﻠ ُﻤﺘﺤﻒ. وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ واﻟﺸﺮاﺋﻊ ﺗﻀ ﱡﻢ ﻣﻌﻨﻰ ودﻻﻟﺔ ،ﻓﺈن ﻟﻬﺎ ﻗﻮﻟﻬﺎ وﺧﻄﺎﺑﻬﺎ ،وﻛُﻞ ﺧﻄﺎب أو ﻗﻮل ﻳﻀ ﱡﻢ اﺧﺘﻼﻓﻪ ﻋ ّﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻐﻴﺮ ﻗﻮﻟﻪ إﻣﺎ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ أو اﻟﻘﺒﻮل ،وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن ﻧﺼﻮص اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ورﺑﻤﺎ ﺗﺮاﻧﻲ اﺳﺘﺨﺪم ﺗﻌﺒﻴﺮ "ﻧﺼﻮص اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ" ﻷؤﻛﱢﺪ اﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﺪﻟﻴﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻛﻌﻨﺼﺮ أﺳﺎﺳﻲ ﺿﻤﻦ ﺟﺪﻟﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮد ،ﻓﻤﻔﻬﻮم اﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﻘﻂ أن ﻳﻌﻮد ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ وﻣﻨﺬ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻘﻂ .إن ﻟﻠﻐﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ ﻋﻤﻘﻬﺎ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻲ واﻟﺤﻀﺎري ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻬﺎ ﻣﺪ ّوﻧﺔ وﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ،وﺗﻠﻚ ﺳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﺎت ﻣﺘﻮن اﻟﺸﺮاﺋﻊ واﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﺗﻨﻮﻳﺮ وﺗﺄوﻳﻞ
ﺗﺮاﻧﻲ ﻫﻬﻨﺎ أﺗﺤ ّﺪث ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ اﻟﺒﺎزﻏﺔ ،وأذﻛﺮ أن أﺳﺘﺎذ اﻟﺘﺄوﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺮﻳﺪرﻳﺶ ﺷﻼﻳﺮﻣﺎﺧﺮ )(1834 - 1768
ﻛﻠﻮد ﻟﻴﻔﻲ ﺷﺘﺮاوس
60
ﺗﺄرﻳﺦ ﺑﺎﻛﺮ ﻓﻲ ﺣﻀﺎراﺗﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻛﺎن ﻗﺎل" :ﻛﻞ ﻃﻔﻞ ﻻ ﻳﺒﻠﻎ اﻛﺘﺸﺎف ﻣﻌﻨﻰ اﻷﻟﻔﺎظ إﻻ ﺑﺎﻟﺘﺄوﻳﻠﻴﺔ". واﻹﻧﺴﺎن اﻟﻘﺪﻳﻢ أرا ُه ﺗﺄوﻳﻠﻴﺎً Interpreterﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮوم ﻗﻮل ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ذاﺗﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﻷﺟﻞ ﺗﻐﻴﻴﺮ وﺿﻌﻪ اﻟﺤﻴﺎﺗﻲ وﻧﻈﺮاﺋﻪ ﺑﺎﻟﻤﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻲ ،وﻫﻨﺎ ﺗﺄﻛﻴﺪ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻌﻴّﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻔﻰ ﺑﻬﺎ ﺗﻨﻮﻳﺮ اﻷﻣﺲ ﻣﻊ ﺗﻨﻮﻳﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ. وﻟﻌﻤﺮي ،إن اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ – ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻋﻦ ُﻣﻤﻜﻨﺎت اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ – ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮوم ﻗﻮل اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﺗﻮﺳﻠﺖ اﻟﺘﺄوﻳﻞ؛ ﻓﻔﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻀﺎرات ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﱠ ﻳﺘﻮاﻓﺮ ﻋﻠﻰ وﻋﻲ إﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻲ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺘﺄوﻳﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﻮغ رؤﻳﺘﻪ ﻟﻘﻮل اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﺄوﻳﻠﻲ ﻣﻦ ﻧﺴﻴﺎﻧﻨﺎ ﻃﻔﻮﻟﺔ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺒﺸﺮي ﻳﻮﻣﻬﺎ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ،ﺗﺠﺪﻧﻲ أرى اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻳﺆ ﱢول ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻹﺻﻼح وﺿﻌﻴﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وذﻟﻚ ﻻﻋﺘﻘﺎدﻧﺎ أن أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺻﻼﺣﻴﺔ ﻫﻲ ﺑﺮم ﺗﻨﻮﻳﺮي ﻳﺒﺬﻟﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. وﻟﻮ أردت اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻨﺪ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺷﻼﻳﺮﻣﺎﺧﺮ ﻓﺄﺳﺘﻄﻴﺐ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )أﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻨﻔﺲ(" :إن ﻛﻞ اﻣﺮئ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺴﺘﻈﻬﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﺨﺼﻮص"؛ وذﻟﻚ ﻹن اﻟﻤﺪ ّوﻧﺎت ﻏﻴﺮ اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ وﻻ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ، أي ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺼ ّﻮرﻫﺎ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﺸﺮي ﻋﺒﺮ اﻟﻔﻬﻢ ،وﻳﺒﻨﻴﻬﺎ ﺑﻤﻨﻄﻖ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ُﻣﻜﻨﺘﻪ ،وﻳﺸﻬﺮﻫﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﻗﺼﺪ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺗﺪاوﻻً ،إن ﻫﻲ إﻻ اﻻﺳﺘﻈﻬﺎر اﻟﺘﻨﻮﻳﺮي ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻟﻠﻌﺎﻟَﻢ واﻟﻮﺟﻮد ﺑﺮﻣﺘﻬﻤﺎ. وﻫﻨﺎ ﻳﺒﺮز اﻟ ُﺒﻌﺪ اﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻲ ﻷن ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺒﺸﺮي Understatingﻓﻲ ﻣﺘﻦٍ ﻣﺎ ،ﻣﻨﻈﻮر وﻣﺒﺬول اﻹﺷﻬﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻘﺼﺪ اﻟﺘﺪاول ،ﻫﻮ ﺑﻨﺎء أﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟَﻢ وﺑﻀﻤﻨﻪ اﻟﻤﻮﺟﻮدﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﻨﻮﻳﺮ -ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي اﻓﺘﺮﺿﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ -ﻻ ﻳﺒﺪو ﺧﺒﻴﺌﺎً ﻓﻲ اﻟﺬات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻤﺎ إ ْن ﻳﺘﻢ إﺷﻬﺎره ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﺟﺰءا ً ﻣﻦ أﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻮﺟﻮد. وﻻ رﻳﺐ أن اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮاﻗﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻧﻌ ّﺪه ﻧﺘﺎﺟﺎً ﻟﻠﻤﺨ ﱢﻴﻠﺔ
ﺛﻴﻮدور ادورﻧﻮ وﻣﺎﻛﺲ ﻫﻮرﻛﻬﺎﻳﻤﺮ
إن ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻠﺬّة اﻟﺸﻌﺮي ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﺳﻄﻮري اﻟﺨﺎص ﺑﺮﺣﻠﺔ ﺟﻠﺠﺎﻣﺶ ) 1750 – 1810ق .م( ،ﻣﺜﻼً ،ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳُﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﺘﺮاث اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﺣﺘﻰ وإن ﻇﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻗﺎﻧﻮن )أور ﻧﻤﻮ( ﺑﻨﻈﻤﻪ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ وﺣﺮﻓﻴﺘﻪ اﻟﻌﺪدﻳﺔ ،وﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف أن »اﻟﻌﺪد ﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ« ﻫﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻫﻮرﻛﻬﺎﻳﻤﺮ وزﻣﻴﻠﻪ أدورﻧﻮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﻤﺎ اﻟﻤﺸﺘﺮك )ﺟﺪلاﻟﺘﻨﻮﻳﺮ( ،ص 28رﻏﻢ ﻧﻘﺪﻫﻤﺎ اﻟﺤﺎد اﻟﺬي ﻛﺎﻻه ﻟﻠﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﻤﺎ ﻫﺬا – وﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈن إﻧﺴﺎن )ﺟﻠﺠﺎﻣﺶ( ﻫﻮ ﻏﻴﺮه إﻧﺴﺎن )أور ﻧﻤﻮ( ،وإﻧﺴﺎن اﻷﺳﻄﻮرة اﻟﻤﻠﺤﻤﻴﺔ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ إﻧﺴﺎن اﻟﻼ – أﺳﻄﻮرة أو اﻟﻼ -ﻣﻠﺤﻤﺔ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺎر اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ واﻟﻤﻼﺣﻢ ﺑﻨﻴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﺌﻨﺎس ﺑﻬﺎ ﻣﻦ دون اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻛﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﻨﻄﻖ ﻋﻘﻠﻲ ﻳﻨﻢ ﻋﻦ ﻓﻬﻢ ُﻣﻔﻜﱠﺮ ﻓﻴﻪ ﻳﺨﺺ ُﻣﻘﺒﻞ اﻹﻧﺴﺎن أو ﻏﺪه. ﺗﻨﻮﻳﺮ اﻷﻣﺲ
إن اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺗﻮ ّﺟﻬﺎً ﻟﺪى اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن أﺳﺎﺳﻴﺎً ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ ﻣﻮﺟﻮدﻳﺘﻪ ﻫﻮ ﻏﺎﺑﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﺄرﻳﺨﻴﺔ؛ إذ ﻧﺠﺪه ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل أو ﻣﺎ ﺑﻌ ّﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺣﻀﺎرات ،رﻏﻢ أن ﻧﺼﻮص وﻣﺪ ّوﻧﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﻟﻢ ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﺳﺎﻟﻤﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺬي اﺑﺘﻨﻰ ﻗﺎﻧﻮن )أور ﻧﻤﻮ( ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮأة واﻟﺮﺟﻞ ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2000ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺣﻤﻮراﺑﻲ -ﺣﻤﻮراﺑﻲ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﺑﻞ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 1750 - 1792ق .م -وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﺗﺒﺎﻋﺎً ،ﻛﺎن اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﻔﺎﻫﻢ ﺣﺎﺿﺮا ً ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻬﺎ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺟﺪ ﻧﺼﻮص ﺗﺪﻋﻮ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ إﻧﺎرة ﻋﻘﻠﻪ وذاﺗﻪ وﻏﻴﺮه ،ودﻟﻴﻠﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ أن ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺣﻤﻮراﺑﻲ ﻫﻲ إﻧﺎرة إﻧﺴﻴّﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﺗﺪﻋﻮ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻴﻪ ،إﻟﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﻴﺎة وﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻨﻈﻴﺮه اﻹﻧﺴﺎن +اﻷﻧﺜﻰ ،وأي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ُﻣﻔﻜﱠﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﺸﺮي ﻫﻲ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ إﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ وﺗﺮاه ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻮﺟﻮدﻳﺔ ﻓﺎﻷﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻴﺔ. وﻫﻨﺎ ﺗﺮاﻧﻲ أﺻ ﱡﺮ ﺑﺄن اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻬﻢ ذﻫﻨﻲ ﻛﺎن ﻣﺘﻮاﻓﺮا ً ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻗﺪﻳﻤﺎً؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻗﺎﻧﻮن )أور ﻧﻤﻮ( وﻻ )ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺣﻤﻮراﺑﻲ( أو ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻧﺘﺎﺟﺎً ﻟﻠﻤﺨﻴﻠﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،وأﻛﺮر »اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ«؛ ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ ﻧﺸﻴﺪا ً أﺳﻄﻮرﻳﺎً ،وﻻ وﺻﻔﺔ ﺳﺤﺮﻳﺔ؛ ﺑﻞ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺻﻨﻌﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻘ ّﻮﻣﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﻔﻬﻤﻪ اﻟﺬي ﻳﺨﺎﻃﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻔﻬﻢ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﻪ أو ﻗﻞ ﺧﺮوج اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ذاﺗﻪ إﻟﻰ ﻏﻴﺮه ،وذﻟﻚ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺗﻮاﺻﻠﻲ ﺑﺎﻛﺮ اﻟﻮﺟﻮد. ّ اﻟﻐﻴﺮﻳﺔ واﻻﺧﺘﻼف
ﺗﺒﺪو ﺻﻨﻌﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻀﻤﺮة أو ﺣﺒﻴﺴﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ؛ ﺗﺘﻮﺳﻞ اﻹﺷﻬﺎر واﻹﻋﻼن أﻣﺎم اﻟﻨﺎس؛ ﻓﺎﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ وﻗﺪ ﺗﻢ اﻛﺘﺸﺎﻓﻬﺎ ﺑﻞ ﻫﻲ ﱠ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
59
тАля╗Чя╗Ая║Оя╗│я║О ┘И╪в╪▒╪з╪бтАм
тАл╪зя╗Яя║Шя╗ия╗оя╗│я║о ╪з я╗зя║┤я║Оя╗зя╗▓тАм
тАля║Чя║Д╪▒я╗│я║ж я║Ся║Оя╗Ыя║о я╗Уя╗▓ я║гя╗Ая║О╪▒╪зя║Чя╗ия║О ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Шя║кя╗│я╗дя║ФтАм тАл╪птАк .тАм╪▒я║│я╗о┘Д я╗гя║дя╗дя║к ╪▒я║│я╗о┘ДтАм
тАля╗│я║оя║Чя║Тя╗В я║Чя║Д╪▒я╗│я║ж ╪зя╗Яя║Шя╗ия╗оя╗│я║отАк ╪МтАм┘Ия║Ся╗дя╗Мя╗ия║О┘З ╪зя╗Яя╗дя║Шя║к╪з┘И┘Д ╪▒╪зя╗ля╗ия║О┘ЛтАк ╪МтАмя║Ся║Оя╗Яя╗Мя║╝я║о ╪зя╗╖┘И╪▒┘Ия║Ся╗▓ ╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║Ъ ╪зя╗Яя║м┘К я║Чя╗в я╗Уя╗┤я╗ктАм тАля║Чя║к╪з┘И┘Д я╗гя║╝я╗Дя╗ая║в )тАк (Aufkl├дrungтАмя║Ся║Оя╗╖я╗Яя╗дя║Оя╗зя╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘И)тАк (Lumi├иresтАмя║Ся║Оя╗Яя╗Фя║оя╗зя║┤я╗┤я║Ф ┘И)тАк(EnlightenmentтАмтАм тАля║Ся║Оя╗╣я╗зя║ая╗ая╗┤я║░я╗│я║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя╗Ю я╗гя╗Мя║Оя╗зя╗▓ я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║оя║│я╗о┘Е ╪зя╗Яя╗дя║╝я╗Дя╗ая║дя╗┤я║Ф я║Чя║╝я║Р я╗Уя╗▓ ┘Ия║┐я╗Мя╗┤я║Ф ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж╪Ы я╗Уя╗╝ я║Чя╗ия╗оя╗│я║о я╗гя╗жтАм тАл╪п┘И┘Ж ╪ея╗зя║┤я║О┘ЖтАк ╪МтАмя╗╖┘Ж ╪зя╗Яя║Шя╗ия╗оя╗│я║о я╗Уя╗▓ ╪гя╗зя║┤я║Оя╗Чя╗к ╪зя╗Яя║дя║кя╗│я║Ья║Ф я╗│я║Шя╗Ья╗а┘Ся╗в я╗Ля╗ж ╪зя╗Яя╗Фя╗мя╗втАк ╪МтАм┘Ия╗Ля╗ж ╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗ЮтАк ╪МтАм┘Ия╗Ля╗ж ╪зя╗Яя║Шя╗дя║Ья╗┤я╗ЮтАк╪МтАмтАм тАл╪ея╗Яя║жтАк ╪М..тАм┘Ия║Ся╗дя║О ╪г┘Ж ╪зя╗Яя╗Фя╗мя╗в ┘И╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗Ю ┘И╪зя╗Яя║Шя╗дя║Ья╗┤я╗Ю я╗ля╗в ╪зя╗Яя║╝я╗ия╗о ╪зя╗Яя╗Шя║к╪▒┘К я╗Яя╗║я╗зя║┤я║О┘Ж я╗гя╗ия║м ┘П┘Ия║Яя║к я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║ия╗ая╗┤я╗Шя║ФтАм тАля╗Уя╗┤я╗дя╗Ья╗ж ╪г┘Ж я╗│я╗Ья╗о┘Ж ╪зя╗Яя║Шя╗ия╗оя╗│я║о ┘П┘Ия║Яя║к я╗Ыя║мя╗Яя╗Ъ я╗гя╗К я╗Уя║О╪▒┘В ╪зя╗Яя║о╪дя╗│я║Ф я╗Яя╗ая╗Фя╗мя╗в ┘Ия╗Яя╗ая╗Мя╗Шя╗Ю ┘Ия╗Яя╗ая║Шя╗дя║Ья╗┤я╗Ю я╗Уя╗▓ я╗Ы┘Пя╗ЮтАм тАля╗гя║оя║гя╗ая║Ф╪Ы я╗Уя╗Фя╗▓ ╪зя╗╖╪▓я╗гя╗ия║Ф ╪зя╗Яя╗Шя║кя╗│я╗дя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║╖я║Оя╗Ля║Ц я╗Уя╗┤я╗мя║О ╪зя╗╖я║│я║Оя╗Гя╗┤я║о ┘И╪зя╗Яя║ия║о╪зя╗Уя║О╪к ┘И╪зя╗╡я╗Яя╗мя║Ф я╗Пя╗┤я║о ╪зя╗Яя║┤я╗дя║О┘Ия╗│я║ФтАм тАля╗Чя║к я╗│я║Тя║к┘И ╪зя╗Яя╗Фя╗мя╗в ┘Ия╗Ыя║мя╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя╗Мя╗Шя╗ЮтАк ╪МтАмя╗Ля╗дя╗ая║Шя║О┘Ж я╗зя║О╪п╪▒я║Чя║О┘Ж я╗гя╗ж я║гя╗┤я║Ъ ╪зя╗Яя║Шя╗Мя║оя╗│я╗Т ╪зя╗Яя╗дя║Оя╗зя╗К ╪зя╗Яя║ая║Оя╗гя╗КтАк ╪МтАмя╗Яя╗Ья╗жтАм тАля║Чя║ая║оя║Ся║Ф я╗Ы┘Пя╗Ю ┘И╪зя║гя║к╪й я╗гя╗ия╗мя╗дя║О я╗гя║Шя║Оя║гя║Ф я╗Уя╗┤я╗дя║О ╪гя╗зя║Шя║ая╗к┘П ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж я╗гя╗ж я╗гя╗Мя║О╪▒┘Б я║Ся╗Ря╗┤я║Ф я║Чя║д ┘Ся║о╪▒ ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж ╪░╪зя║Чя╗ктАк ╪МтАмя╗Чя║к╪▒тАм тАл╪зя╗Яя╗дя║┤я║Шя╗Дя║О╪╣тАк ╪МтАмя╗гя╗ж я╗ля╗┤я╗дя╗ия║Ф ╪зя╗Яя║мя╗ля╗ия╗┤я║О╪к ╪зя╗╖я║│я╗Дя╗о╪▒я╗│я║Ф ┘И╪зя╗Яя║ия║о╪зя╗Уя╗┤я║Ф ┘Ия║Чя╗Мя║к╪пя╗│я║Ф ╪зя╗╡я╗Яя╗мя║Ф я╗Уя╗▓ я╗Уя╗мя╗в ┘Ия╗гя║ия║Оя╗Гя║Тя║ФтАм тАл╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж ┘И╪зя╗Яя║дя╗┤я║О╪й ┘И╪зя╗Яя╗оя║Яя╗о╪п ┘И╪зя╗Яя╗Ря║ктАк ╪МтАм┘Ия║Ся║мя╗Яя╗Ъ я╗╗ ╪гя╗гя╗┤я╗Ю я║Ся║Д┘Ж я╗│я║ая║к ╪зя╗Яя╗Фя╗мя╗в ╪зя╗Яя║Шя╗ия╗оя╗│я║о┘К я║┐я║Оя╗Яя║Шя╗к я╗Уя╗▓ ╪зя╗╖я║│я║Оя╗Гя╗┤я║отАм тАл┘И╪зя╗Яя║ия║о╪зя╗Уя║О╪к ┘И╪е┘Ж я║Я ┘Ся║о╪и ╪░я╗Яя╗Ъ я╗Уя╗▓ ╪▓я╗гя╗ж я╗гя║О я╗Уя║Ия╗зя╗к я║│я╗Шя╗В я╗Уя╗▓ я║╖я╗дя╗оя╗Яя╗┤я║О╪к я╗гя║О┘И╪▒╪зя║Ля╗┤я║Ф я╗Пя╗┤я║о ┘Пя╗гя║ая║кя╗│я║Ф я╗Яя╗║я╗зя║┤я║О┘ЖтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗оя║Яя╗о╪п я║гя║Шя╗░ ┘И╪е┘Ж я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я║╖я╗Мя║оя╗│я║Ф ╪зя╗╖я║│я║Оя╗Гя╗┤я║отАк ╪МтАм┘Ия╗Ыя║мя╗Яя╗Ъ я╗Пя║о╪зя║Ся║Ф ╪зя╗Яя║ия║о╪зя╗Уя║ФтАк ╪МтАмя║Чя╗Ия╗мя║о я║Ся╗а ┘Ся║м╪й ╪ея╗Пя╗о╪зя║Ля╗┤я║ФтАм тАл┘Пя╗гя║┤я╗Ья║о╪й ╪зя╗зя║Шя║╕я║О ┘Л╪б я╗Яя╗║я╗зя║┤я║О┘ЖтАк.тАмтАм
тАлтАк58тАмтАм
тАля║Чя║Д╪▒я╗│я║ж я║Ся║Оя╗Ыя║о я╗Уя╗▓ я║гя╗Ая║О╪▒╪зя║Чя╗ия║О ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Шя║кя╗│я╗дя║ФтАм
ﺑﺸﻮش ﻛﺄﺑﻴﻪ ،ﺣﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﺻﻴﻨﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻛﻮاب ﺷﺎي ﻣﻦ اﻟﺰﺟﺎج ﻛﻴﺴﺎ وﺳﻜﺮﻳﺔ ﻣﺪور ٌة ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺨﺎر .أﺧﺮج اﻟﺸﻴﺦ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ ً ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﻎ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑـ »اﻟﻤﻀﻐﺔ« ووﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﺎول ﻣﻨﻪ ً ﻓﻤﻪ ﺛﻢ ﻃﻮى اﻟﻜﻴﺲ وأﻋﺎده إﻟﻰ ﺟﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﻜﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﻳﻘﺮن ﻛﻼﻣﻪ ﺑﺤﺮﻛﺎت ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ ،ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺼﻮر ﻟﻚ اﻟﺠﺒﻞ ﻗﻄﻌﺔ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﺎﺿ ٌﺮ ﻛﺄﻧﻪ أﻣﺎﻣﻚ ،ﻗﺪرة رﻫﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺠﺬب ،ﺗﺸﺒﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرة اﻟﺘﻲ أﺑﺮزﻫﺎ ﺻﺒﺮي ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ رواﻳﺘﻪ »ﻓﺴﺎد اﻷﻣﻜﻨﺔ« اﻟﺘﻲ ﺻﺎﻏﻬﺎ ﺑﻤﻬﺎرة ﻣﻦ ﺷﺬرات ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت دوﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء« ..ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺘﻲ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ» :ﻫﻨﺎك ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻣﻊُ . ﻛﺎﺗﺐ اﺳﻤﻪ ﺻﺒﺮي ﻣﻮﺳﻰ ،زار ﺑﻼدﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﺘﻘﻰ ﺑﺸﻴﺦ اﺳﻤﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ« ،ﻣﺎزﺣﺘﻪ" :أﺗﻜﻮن أﻧﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﻫﺬا!" ﺿﺤﻚ وﻗﺎل :ﻟﻮ ﺗﺨﺒﺮﻧﻲ ﻛﺎﻣﻼ أﻗﻮل ﻟﻚ ﻣﻦ ﻫﻮ" .ﻟﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﻫﺬا اﻟـ»ﻋﻠﻲ« ً
ﻳﺬﻛﺮ ﺻﺒﺮي ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﻘﻴﺔ ﻧﺴﺐ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ اﻟﺬي اﻟﺘﻘﺎه وﻻ اﺑﻦ ﻋﻤﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﺮ ،اﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎﺑﺪة ﻓﻲ ﻧﻮاﺣﻲ ﺣﻤﺎﻃﺔ وﺑﺮاﻧﻴﺲ وﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻣﻦ إدﻓﻮ ﻏﺮﺑًﺎ ﺣﺘﻰ ﺣﺎوﻟﺖ ﺣﺚ ﻣﺮﺳﻰ ﻋﻠﻢ ﺷﺮﻗًﺎ ،ﻟﻬﻤﺎ ﺳﻴﺎدة اﻟﻘﻮم ﻓﻲ ﻫﺬه اﻷرض. ُ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﻷﻋﺮف اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ،ﻟﻜ ّﻦ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﻓﻲ اﻹﻳﺠﺎز أﻛﺴﺒﺘﻪ ﻫﻴﺒ ًﺔ ﻣﻨﻌﺘﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻮض أﻛﺜﺮ ،ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ ﺟﻴ ًﺪا ﺑﻌﺪ ،ﻓﺄﻧﻰ ﻟﻲ اﻹﻳﻘﺎع ﺑﺠﺒﻞ! اﺧﺘﺮت أن أﺗﺮﻳﺚ ﻓﺎﺧﺘﺼﺮتُ واﻛﺘﻔﻴﺖ ﻣﺜﻠﻤﺎ اﺧﺘﺼﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﻣﻌﻲ، ُ ﺑﺈﻟﻘﺎء ﺑﺬور اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،وﺑﻠﻠﺖ رﻳﻖ ﻓﻀﻮﻟﻲ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ واﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺬﻛﻮرﻳﻦ. ﻋﻞ ﻟﻘﺎءات أﺧﺮى ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﻓﻴﻠﻴﻦ ﻫﺬا اﻟﺠﺒﻞ ّ اﻟﻀﺎرب ﺑﺠﺬروه ﻓﻲ اﻷرض؛ وﻻ ﻳﻌﻄﻲ ﺑﺴﺨﺎءٍ إﻻ ﻟﻤﻦ ﻳﺄﻣﻦ ﻟﻪ وﻳﺄﻧﺲ .ﺳﻼ ًﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﻓﺘﻴﺎن اﻟﺼﺤﺮاء ﻣﺎ داﻣﺖ اﻟﺤﻴﺎة
اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻣﻊ
ﻣﻌﺒﺪ ﺣﻮرس ﺑﺈدﻓﻮ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
57
إﺿﺎءة
ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺠﺒﻞ ﺑﺸﻤﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﻛﻨﺎ – ﻣﺮوان وأﻧﺎ -ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺳﻮان ﺟﻨﻮﺑﻲ ﻣﺼﺮ، َ ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﺸﺘﺎء .ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ واﻟﻨﺼﻒ ﺻﺒﺎ ًﺣﺎ راح اﻟﻘﻄﺎر ﻳﺘﻬﺎدى ﺑﻨﺎ ،وﺟﻬﺘﻨﺎ »إدﻓﻮ« اﻟﻮاﻗﻌﺔ أﻗﺼﻰ ﺷﻤﺎل اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ. وأﻗﺼﻰ اﻟﺸﻤﺎل ﻫﻨﺎ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻧﺒﺎرح اﻟﺠﻨﻮب ﺣﻘﻴﻘﺔً؛ ﻓـ »إدﻓﻮ« ﻣﻮﻃﻦ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺄﺳﻮان ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺪفء ﺷﺘﺎ ًء أو اﻟﺤﺮ ﺻﻴﻔًﺎ .ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ،وﺻﻠﻨﺎ ﻣﺤﻄﺔ إدﻓﻮ ،وﺑﻤﺠﺮد ﻧﺰوﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎر ﺗﻠﻘﻔﻨﺎ ﺑﺮد ﻣﻔﺎﺟﺊ راﻓﻘﺘﻪ ﻏﻴﻮ ٌم ﺣﺠﺒﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻨﺎ. اﺳﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﻣﺤﻤﻮد ﻣﻦ إدﻓﻮ ،أﻗﻠّﻨﺎ ﺑﺴﻴﺎرة ﺻﻐﻴﺮة اﻧﺰﻟﻘﺖ ﺑﻨﺎ ﺧﺎرج اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺗﺮاﺑﻴٌﺔ ﺗﺨﻔﻲ أﺳﻔﻠﺘًﺎ ﻣﺘﻬﺎﻟﻜًﺎ ،ﺳﻮق اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ إﻟﻰ "أم ﺳﻠﻤﺔ". ُ ﺧﻀﺮاوات وﻣﺎﺷﻴﺔ وأﻟﺒﺴﺔ ﺗﺠﺎوزﻧﺎﻫﺎ .ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻮﻏﻠﻨﺎ ﺻﻮب اﻟﺸﺮق، رﻣﺎﻻ ﺻﻔﺮاء .ﻓﻲ "أم ﺳﻠﻤﺔ" ﺗﻐﻴﺮت ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﺮﺑﺔ إﻟﻰ أن ﺻﺎرت ً اﺳﺘﻘﺒﻠﻨﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ،ﻳﺮﺗﺪي ﺟﻠﺒﺎﺑًﺎ أﺑﻴﺾ وﻳﻠﺘﻔﻊ ﻋﻤﺎﻣ ًﺔ ﻣﺜﻠﻪ ،وﺟﻬﻪ ُﻣ ّﻨ ّﻌﻢ اﻟﺴﻤﺮة ،ﻃﻮﻟﻪ ﺑﻴﻦ ﺑﻴﻦ ،ﻳﺪب اﻷرض دﺑًﺎ، ﻓﺘﻰ ﻣﻦ ﻓﺘﻴﺎن اﻟﺼﺤﺮاء ،ﻋﺎش ٌ ﻗﻮي ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻬﻴﻦ وﻣﺼﺎﻓﺤﺘﻪ ﻣﺼﺎﻓﺤﺔ ً ﻋﻤﺮه ﺑﻴﻦ اﻟﺠﺒﺎل ،اﺳﺘﻤﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺒﺮاﺗﻪ .وأم ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻮاﺑﻊ وادي اﻟﺮدﻳﺴﻴﺔ ﺑﺈدﻓﻮ ،وذﻟﻚ اﻟﻮادي ﻗﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﻄﺮف اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﺼﺤﺮاء ﻣﺼﺮ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ .ﺷﺮق اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺗﻠﺘﺌﻢ ﺟﺒﺎل وﺻﺤﺎري ،وﺟﻮارﻫﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻐﺮب ﺗﻤﺘﺪ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﻴﺎء رﻗﻌ ٌﺔ ﻣﻦ اﻷراﺿﻲ اﻟﺰراﻋﻴﺔ .ﺳﺄﻟﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻦ ﺳﺮ اﻻﺳﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻻ ﺣﻴﻦ اﻗﺘﺮح ﻣﺤﻤﻮد أن ﻳﻜﻮن اﺳﻤﻬﺎ ﻣﺸﺘﻘًﺎ ﻣﻦ "اﻟﺴﻼﻟﻢ" .ﻟﻢ ﻳﻐﻠﻖ اﻟﺸﻴﺦ ﺑﺎب اﻻﺣﺘﻤﺎل ،ﻣﻂ ﺷﻔﺘﻴﻪ وﻗﺎل :ﻳﻤﻜﻦ! ﻓﻲ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ» :أﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎﺑﺪة، واﻟﻌﺒﺎﺑﺪة ﺟﺪﻫﻢ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﻮام رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ .أﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﻮاﻟﻴﺪ 1933واﺷﺘﻐﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎدن ﻋﺎم ،1950 وﺗﺮﻛﺖ اﻟﺼﺤﺮاء ﻋﺎم .1975ﻛﺎن ﺷﻐﻠﻲ ﻫﻮ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎدن، اﻟﺠﺒﻞ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﻤﻌﺎدن؛ ﻣﻨﺠﻨﻴﺰ ،ﻓﻮﺳﻔﺎت ،ﻣﻴﻜﺎ ،ﺗ َﻠﻚ .ﻛﻞ ﺧﻴﺮ رﺑﻨﺎ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺠﺒﻞ .أﻧﺎ ﻛﻨﺖ أﻣﺸﻲ ﻗ ّﺪام اﻟﻌﻤﺎل واﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ،أي ﺣﺠﺮ أﻣﺴﻜﻪ أﻋﺮف ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ،وإن ﻛﺎن ﺑﺪاﺧﻠﻪ ﻣﻌﺪن ،وﻣﻬﻤﺘﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ إﻟﻰ أي ﺟﺒﻞ ﻳﻨﺘﻤﻲ ،وأوﺻﻞ اﻟﻌﻤﺎل واﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ إﻟﻴﻪ« .أﻋﺎدﺗﻨﻲ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮة ﻟﻜﺘﺎب اﻟﺮواﺋﻲ ﺻﺒﺮي ﻣﻮﺳﻰ اﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻲ "ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء" ﺣﻮل رﺣﻠﺘﻪ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺮﻧﻴﺲ وﺣﻤﺎﻃﺔ وﺿﺮﻳﺢ اﻟﺸﻴﺦ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﺎذﻟﻲ ،اﻟﻤﺘﺼﻮف اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﺟﺎء إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻗﺎﺻ ًﺪا اﻟﺤﺞ وﻗﺖ أن ﻛﺎن ﻣﻴﻨﺎء ﻋﻴﺬاب )ﺣﻼﻳﺐ ﺣﺎﻟ ًﻴﺎ( ﻣﺮﻓًﺄ ﻟﻠﺤﺠﻴﺞ ﻋﻠﻰ 56
ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺠﺒﻞ
وﻟﻴﺪ ﻣﻜﻲ* ǼƉƚǙ ǽȃŌǶƈ
ﺷﻂ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ،ﻓﻤﺎت ﻓﻲ وادي ﺣﻤﻴﺜﺮة؛ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺻﺤﺮاء ﻋﻴﺬاب و ُدﻓﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﻪ اﻟﺬي ﺻﺎر ﺿﺮﻳ ًﺤﺎ ﻳﻘﺼﺪ اﻟﻤﺮﻳﺪون واﻟﺴﻴﺎح ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻷرض .ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﺸﺎذﻟﻲ ﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﻣﻊ» :أﻛﺒﺮ ﻛﺮاﻣﺔ اﻟﺸﺎذﻟﻲ ﻫﻮ ﻋﻤﺎرﺗﻪ ﻟﻠﺼﺤﺮاء« وأﺿﺎف» :ﺻﺤﺮاء ﻋﻴﺬاب ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻌﺒﺔ وﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺞ ﻛﺎن ﻳﻤﺮ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﺴﺨﺮ اﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻴﺄﺗﻲ ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺪﻓﻦ ﻓﻴﻬﺎ وﻳﻌﻤﺮﻫﺎ« ﻣﺆﻛ ًﺪا» :ﻫﺬه أﻛﺒﺮ ﻛﺮاﻣﺔ.. رأﻳﺖ ﺑﻌﻴﻨﻲ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻣﻘﺎﻣﻪ وﻛﻴﻒ ﺻﺎر« .وأﻛﻤﻞ» :ﻛﺎن ﻗﺒ ًﺮا ﺻﻐﻴ ًﺮا ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺼﺤﺮاء ،ﺛﻢ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺮﻳﺢ ﺻﻐﻴﺮ .إﻟﻰ أن زاره اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺎروق وأﻣﺮ ﺑﺘﻮﺳﻌﺘﻪ وﻋﻠّﻖ ﻓﻮق اﻟﻘﺒﺮ ﺑﻴﻀﺔ ﻧﻌﺎم .ﺛﻢ ﺗﻤﺖ ﺗﻮﺳﻌﺘﻪ أﻳﺎم اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪاﻟﻨﺎﺻﺮ ،وآﺧﺮ ﺗﻮﺳﻌﺔ ﺗﻤﺖ ﻋﻨﺪ ﺑﻨﺎء اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮد اﻵن ،ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ اﻟﺼﺤﺮاء ﺑﻠ ًﺪا وﺳﻜﻨﻬﺎ ﻋﻴﺎل ﻋﻤﻨﺎ اﻟﻌﺒﺎﺑﺪة ،ﺑﻬﺎ ﻣﺪارس وﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﻳﻘﺼﺪﻫﺎ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ..وﻟﻮﻻ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﺮت واﻟﻠﻪ« .ﺣﻴﻦ ﻟﻤﺢ دﻫﺸﺘﻲ ﻟﺬﻛﺮ اﺳﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺎروق ﻗﺎل ﺿﺎﺣﻜًﺎ" :ﻓﺎروق زاره ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،أﻧﺎ ﻣﺎ أﻗﻮل إﻻ اﻟﺼﺪق، وﺑﺎﻷﻣﺎرة أﻧﺎ ﻓﺎﻛﺮ ﻟﺒﺴﻪ ،ﻛﺎن ﻻﺑﺲ ﺑﺪﻟﺔ ﺑﻴﻀﺎ ﻣﺜﻞ ﺑِﺪل اﻟﺴﻮاﻗﻴﻦ وﻣﻌﺎه ﺑﻨﺎﺗﻪ ،ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ وﻋﻄﻰ ﻛﻞ ﻋﻴﻞ ﻣﻨﻨﺎ ﻗﺮش ﺻﺎغ". ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﺸﻴﺦ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻳﺬﻛﺮ اﺳ ًﻤﺎ ﻣﺸﻬﻮ ًرا ﻛﺎن أو ﻣﻐﻤﻮ ًرا وﻻ ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ رﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻜﻲ ﻋﻨﻪ ﺳﻮى اﻟﻘﻠﻴﻞُ ، ﺗﺮﺑﻲ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮص واﻟﺤﺬر واﻟﺤﻴﻄﺔ ،ورﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺧﺒﺮة اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ أﺛﻘﻠﺘﻪ وﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻌﻄﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﻤﻘﺪار ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺒﻴﻦ .واﻧﺪﻫﺸﺖ ﻟ ّﻤﺎ ﺟﻤﻌﺖ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻷﻣﺮ ﺑﻴﻦ ﻛﻠﻤﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺗﺒﺪوان ﻟﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘﻴﻦ ﻻ ﻳﺠﻤﻌﻬﻤﺎ ﺟﺎﻣﻊ ،اﻟﺼﺤﺮاء واﻟﺤﻴﺎة! "اﻟﺼﺤﺮا ﻛﺒﻴﺮة ﻳﺎ وﻟﺪي ،أﻧﺎ ﻣﺎ أﻋﺮﻓﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ،اﺷﺘﻐﻠﺖ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺼﻴﺮ ﻟﺤﺪ ﺑﻮرﺗﺴﻮدان" ،ﺛﻢ أﻛﻤﻞ ﺑﺤﺴﻪ اﻟﻜﻮﻣﻴﺪي" :ﻟﻜﻦ ﺑﺤﺮي اﻟﻘﺼﻴﺮ ﺑﻤﺘﺮ ّﻮب" وﺿﺤﻚ وﺿﺤﻜﻨﺎ ﻣﻌﻪ .دﺧﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻗﻮﻟﻚ وﻗّﻒ ﻋﻨﺪك؛ إﺳﻄ ّ ﻣﺒﺪﻻ اﻟﺤﺎء ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻬﺎء ،وﻣﺤﻤﺪ اﺑﻨﻪ "ﻣﺤﻤﺪ" اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻨﺎدﻳﻪ ً
اﻟﺴﻌﻴﺪﻳﻴﻦ ﻋﺎم ُ 1609ﺳ ِﻤﺢ ﻟﻸﻓﻮاج اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻘﺎدﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وأن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ُﺳﺠﻠﺖ ﻓﻲ ﻋﺎم ،2012ﺿﻤﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺘﻲ أﻗﺮﺗﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ. وﺑﻤﺠﺮد أن رأى ﻳﺤﻴﻰ اﻟﻌﺒﺎﻟﻲ اﻟﻮﻓﺪ اﻟﻴﻤﻨﻲ ﻳﺴﺘﻌﺪ ﻟﻌﺮض ﻓﻘﺮﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻴﺮة ﺗﺮﻛﻨﻲ وﻟﻢ ﻳﻜﻤﻞ ﻛﻼﻣﻪ ،وأﺳﺮع ﻧﺎﺣﻴﺘﻬﻢ رﻏﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﺗﺪي ﻧﻔﺲ أزﻳﺎﺋﻬﻢ وﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﺧﻨﺠﺮا ً ﻣﺜﻠﻬﻢ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻪ اﻧﻀﻢ إﻟﻴﻬﻢ وأﺧﺬ ﻳﺸﺎرﻛﻬﻢ رﻗﺼﺔ )اﻟﺒﺮع( اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة ،ﻳﺜﺐ ﺑﻘﺪﻣﻴﻪ وﻳﺪور ﻣﻌﻬﻢ ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻦ اﻟﺨﻨﺠﺮ ،وﻛﺄﻧﻪ ﻓﺎرس ﻳﻤﺘﻄﻲ ﺟﻮاده وﻳﺤﻤﻞ وﻳﺸﻴﺮ ﺑﻴﺪه ً ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺪاء ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺤﺮب واﻟﻄﻌﺎن ،ﻓﻌﺎدت ﻟﻪ ﺟﻴﻨﺎﺗﻪ وﻛﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺮك اﻟﻴﻤﻦ ﻟﺤﻈﺔ .وﻻ زﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻴﺮة ﺣﺘﻰ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎب اﻟﺨﻠﻔﻲ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻴﻂ ،ﻷﺟﺪﻧﻲ أﻣﺎم ﺗﺤﻔﺔ ﻣﻌﻤﺎرﻳﺔ أﻛﺜﺮ أﺻﺎﻟﺔ وﻋﺮاﻗﺔ ،إﻧﻬﺎ )ﻗﺼﺒﺔ اﻟﻮداﻳﺔ( ،ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻠﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﺴﻲ ،ﺗﻘﻒ أﺳﻮارﻫﺎ ﻛﺎﻟﺠﺒﺎل اﻟﺸﺎﻣﺨﺔ ﻟﻢ ﺗﺰﺣﺰﺣﻬﺎ ﺗﻐﻴﺮات اﻟﺰﻣﻦ وﻟﻢ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻌﺎﻟﻤﻬﺎ رﻳﺎح اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻟﺘﻄﻮر، ﺗﺘﺤﺪى وﺗﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻘﺎء .وﻋﻨﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺗﻮﻗﻔﺖ اﻟﻤﺴﻴﺮة اﻟﺼﺒﺎﺣﻴﺔ وﻋﺎدت اﻟﻮﻓﻮد ﻷﻣﺎﻛﻦ إﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ،ﻟﺘﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﺴﻬﺮة اﻟﻤﺴﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺒﺔ اﻟﻮداﻳﺔ ،واﻟﺘﻲ ﻟﻨﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ وﺟﻤﻴﻞ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ *ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ واﻷﻧﺜﺮوﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻣﺼﺮ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
55
ارﺗﻴﺎد اﻵﻓﺎق
ﻻ ﻳﺰال اﻟﻮﻓﺪ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﻟﺪروب اﻟﻀﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ،وأﻧﺎ ﻣﻨﺸﻐﻞ ﺑﻌﻤﺎرة ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ واﻷﺳــﻮار اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ واﻷﺑﻮاب اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮزﻋﺔ ﺑﺄﺳﻮارﻫﺎ واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال داﻧﺎت اﻟﻤﺪاﻓﻊ أﻋﻠﻰ ﻓﺘﺤﺎﺗﻬﺎ اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ،واﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وأﺿﺮﺣﺔ أوﻟﻴﺎء اﻟﻠﻪ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻜﻨﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ،أو ﺳﻮﻗﺎً ﻛﺒﻴﺮا ً ﻳﻔﺪ إﻟﻴﻪ اﻟﺘﺠﺎر ﻟﺒﻴﻊ
54
ﺻﻌﻴﺪي ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﻐﺮب
ﺑﻀﺎﻋﺘﻬﻢ ،أو ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻟﻼﻋﺘﻜﺎف واﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺎت ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ زﺣﺎم اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻟﻴﻜﻤﻞ ﻟﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ ﻣﻨﺸﻐﻼً ﻓﻲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﺴﻴﺮة ،ﻓﻨﻈﺮت ﻋﻠﻰ ﻳﻤﻴﻨﻲ ﻓﻮﺟﺪت ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﻴﻤﻨﻲ اﻟﻤﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﻳﺤﻴﻰ اﻟﻌﺒﺎﻟﻲ ،ﻓﺄﻋﺪت ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﺆال ﺑﺸﺄن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وأﺳﻮارﻫﺎ ،ﻓﺬﻛﺮ ﻟﻲ أن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻬﺎ ﺧﻤﺴﺔ أﺑﻮاب وﻫﻲ ﺑﺎب اﻟﺤﺪ وﺑﺎب ﺑﻮﻳﺒﺔ وﺑﺎب اﻟﺮواح وﺑﺎب اﻟﻤﻼح وﺑﺎب اﻟﻜﺒﻴﺮ ،واﻟﺴﻮر اﻟﺬي ﻳﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ اﻟﺴﻮر اﻟﻤﻮﺣﺪي ،ﺷﻴﺪه اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻳﻌﻘﻮب اﻟﻤﻨﺼﻮر اﻟﻤﻮﺣﺪي ،واﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﻪ 2263ﻣﺘﺮا ً، وﻫﻮ ﻣﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب وﺣﺘﻰ ﺟﻨﻮب ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎط ،وﻳﺒﻠﻎ ﻋﺮﺿﻪ 2.5 ﻣﺘﺮا ً ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﻠﻮه ﻓﻴﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺸﺮة أﻣﺘﺎر ،وﻫﻮ ﻣﺪﻋﻮم ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺎرب أرﺑﻌﺔ وﺳﺒﻌﻴﻦ ﺑﺮﺟﺎً ،ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺴﺔ أﺑﻮاب ﺿﺨﻤﺔ .وأﺿﺎف ﻳﺤﻴﻰ أن ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎط اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎط اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ،وﻳُﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄ ّن ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ اﻷول ﻟﻬﺎ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﺮاﺑﻄﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﻗﺎﻣﻮا رﺑﺎﻃًﺎ ﻣﺤﺼ ًﻨﺎ ﺣﻮل اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ؛ واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ وﺟﻮد ﻫﺎﺟﺲ اﻷﻣﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ أﻗﻮى اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ وراء ﺗﺸﻴﻴﺪ اﻟﺴﻮر؛ ﻟﺘﻜﻮن اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻘﻄﺔ ﻟﺘﺠﻤﻊ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ورد اﻟﻬﺠﻮﻣﺎت اﻟﺒﺮﻏﻮاﻃﻴﺔ .وﻓﻲ ﻋﻬﺪ
ﻃﺮﻃﻮر ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺸﺒﻪ ﻃﺮﻃﻮر ﺟﺤﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﻪ أﺧﺒﺮوﻧﻲ أﻧﻪ أﺣﺪ اﻟﺤﻜﻮاﺗﻴﺔ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ واﻟﺬي ﻫﻮ ﻧﻤﻮذج ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ )ﺑﺎﺑﺎ ﻋﻴﺸﻮر( وﻫﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻠﻜﻠﻮرﻳﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ،ﺗﻮازي ﻓﻲ ﺛﻘﻠﻬﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻗﺪﺳﻴﺘﻬﺎ )ﺑﺎﺑﺎ ﻧﻮﻳﻞ( ﻟﺪى اﻟﻐﺮﺑﻴﻴﻦ .ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﻛﺒﺎ ًرا وﺻﻐﺎ ًرا ﻳﺘﻐﻨﻮن ﺑﺎﺳﻤﻪ وﻳﺴﺘﺠﺪوﻧﻪ ﻛﻲ ﻻ ﻳﺮﺷﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﻳﻮم ﻋﺎﺷﻮراء ،ﺑﻞ وﻳﻘﺪﻣﻮن ﻟﻪ اﻟﻘﺮاﺑﻴﻦ أﻳﻀً ﺎ .وﻳﻨﺘﻈﺮون ﻣﻨﻪ اﻟﻬﺪاﻳﺎ ،وﻻﺣﻈﺖ اﻟﺘﻔﺎف اﻷﻃﻔﺎل أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺴﻴﺮة ﺣﻮﻟﻪ ،ﻳﺪاﻋﺒﻬﻢ وﻳﺪاﻋﺒﻮﻧﻪ وﻳﻠﺘﻘﻄﻮن ﻣﻌﻪ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﺬﻛﺎرﻳﺔ .وﻟﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺗﻔﺼﻴﻼ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. ً ﺣﺪﻳﺚ أﻛﺜﺮ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴﻴﺮة ﺳﻮﻗًﺎ ﻣﺘﺤﺮﻛًﺎ ﺗﺴﺘﻌﺮض ﻓﻴﻪ اﻟﻮﻓﻮد اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻓﻨﻮﻧﻬﺎ وﻣﻼﺑﺴﻬﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﺗﺜﺒﺖ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺑﺮﻓﻊ أﻋﻼم ﺑﻠﺪاﻧﻬﺎ ،ﻓﺸﻌﺮت أن اﻟﻤﻮﻛﺐ ﺟﺎﻣﻌﺔ دول ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ ،ﺗﺤﺮﻛﻬﺎ اﻟﻔﻨﻮن واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وذﺧﻴﺮة اﻟﺤﻜﻲ اﻟﺘﻲ أﺗﻰ ﺑﻬﺎ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ، ﻟﻤﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺘﻴﻘﺔ أﺗﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺰﻣﻦ وراح ﻟﺘﻈﻞ ﺷﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ اﻟﺬي ﺗﻌﺮض ﻟﻠﻐﺰو اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ واﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، وﺳﻜﻨﻪ اﻟﻌﺮب واﻷﻣﺎزﻳﻎ واﻟﻤﻠﺜﻤﺔ واﻟﺒﻴﻀﺎن ،ﻓﺼﺎ ًرا ﻣﺘﻨﻮ ًﻋﺎ ﺑﺘﻨﻮع ﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺰال أﻓـﺮاده ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﻗﺎﻟﻴﻢ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻳﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻮع.
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
53
ارﺗﻴﺎد اﻵﻓﺎق
ﻳﺸﺘﻬﺮ ﺑﺒﻴﻊ وﺗﺼﻨﻴﻊ اﻵﻻت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ .ﺗﻘﺪم اﻟﻤﻮﻛﺐ ورواﺋﺢ اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻴﻤﻴﻦ أﻓﺮاد ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﺸﻮاء ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع ،وﻋﻠﻰ اﻟﻴﺴﺎر ﻣﺤﻼت ﻟﻌﻤﻞ اﻟﻄﺎﺟﻦ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ،ﺛﻢ ﺗﺤﺮك اﻟﻤﻮﻛﺐ ﻟﻠﻴﺴﺎر ﻣﻊ إﺗﺠﺎه اﻟﺸﺎرع ﻟﺘﻈﻬﺮ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻤﻌﺮوﺿﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎل ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﺸﺎرع، ﻓﺘﻮﺟﺪ ﻣﺤﺎل ﻟﺒﻴﻊ اﻟﻠﺒﺎس اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌﺒﺎﺋﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ،وﻣﺤﺎل ﻟﺒﻴﻊ أدوات اﻟﺸﺎي اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻷﺧﻀﺮ ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺮاد اﻷﻟﻮﻣﻨﻴﻮم ﺑﻨﻘﻮﺷﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة ،واﻟﻤﻘﺮج واﻟﻜﺆوس اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﺎ )اﻟﻜﻴﺴﺎن( وﻧﺴﻤﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ )اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺔ( ،وﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﻮﻛﺐ ﻇﻬﺮت ﻣﺤﺎل ﻛﺒﻴﺮة ﻟﺒﻴﻊ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻟﻔﺨﺎر وأﺷﻬﺮﻫﺎ اﻟﻄﺎﺟﻦ. ﻳﺒﺪو أن اﻟﻮﻓﺪ اﻟﺠﺰاﺋﺮي ﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻴﺮة ﺑﺄﻏﺎﻧﻴﻪ وإﻳﻘﺎﻋﺎﺗﻪ، وﻫﺬا اﻟﻤﺰﻣﺎر اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻠﻪ ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺪاﻛﻦ اﻟﻠﻮن اﻟﺬي ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺄﻫﻞ اﻟﻨﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب ﻣﺼﺮ ،ﻓﺼﻮت ﻣﺰﻣﺎره ذﻛﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺰﻣﺎر اﻟﺼﻌﻴﺪي ﻓﻠﻢ أﺷﻌﺮ ﺑﻨﻔﺴﻲ وأﻧﺎ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﻋﺪﺗﻲ اﻟﺼﻌﻴﺪﻳﺔ ،ﻓﺴﺤﺒﺖ ﻋﺼﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﺪ أﺣﺪ أﻓﺮاد اﻟﻮﻓﺪ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻲ وأﺧﺬت ﻓﻲ اﻟﺮﻗﺺ ،أرﻓﻊ ﻗﺪﻣﻲ وأﻧﺰﻟﻬﺎ وأﺣﺮك اﻟﻌﺼﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء وأدﻳﺮﻫﺎ ،وﻛﺄﻧﻨﻲ أﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻜﻮن ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﺼﺎ ،ﻓﻌﺪت ﺑﺬاﻛﺮﺗﻲ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ًﻣﺎ وأﻧﺎ أرﻗﺺ ﻧﻔﺲ اﻟﺮﻗﺼﺔ ﻓﻲ ﻋﺮس اﺑﻦ ﻋﻤﻲ )ﻓﺰاع( ،ﻓﻴﺒﺪو أن اﻟﺮﻗﺺ ﺑﺎﻟﻌﺼﺎ ﻳﺴﻜﻦ ﺟﻴﻨﺎﺗﻲ ،وﺑﻤﺠﺮد أن ﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﺮﻗﺺ ﺷﺎﻫﺪﺗﻨﻲ
52
ﺻﻌﻴﺪي ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﻐﺮب
اﻟﺤﻜﻮاﺗﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ )أﺳﻤﺎء ﻋــﻮاد( وﻫﻲ ﺗﺮﺗﺪي زي اﻟﻔﻼﺣﺎت اﻟﻤﺼﺮﻳﺎت ،ﻓﺄﺧﺬت ﺗﺒﺎدﻟﻨﻲ اﻟﺮﻗﺺ وﻛﺄﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺮس ﺻﻌﻴﺪي ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ. اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻧﺠﻴﻤﺔ ﻃﺎي ﻃﺎي ﺗﺘﻘﺪم اﻟﻤﻮﻛﺐ ،وﻧﺤﻤﻞ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻳﺎﻓﻄﺔ ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن وﺷﻌﺎره ،ﻓﺄﺷﺎرت اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻟﻠﻮﻓﺪ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻛﻲ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻮﻓﻮد ،ﻓﺮﻓﻊ أﻓﺮاد اﻟﻮﻓﺪ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ وﺻﺎرت أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﻛﺘﺎف ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺒﻌﺾ ،وﺑﺪأوا اﻟﺮﻗﺺ ﻋﻠﻰ إﻳﻘﺎﻋﺎت رﻗﺼﺔ )اﻟﺪﺑﻜﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ( اﻟﺸﻬﻴﺮة ،ﻓﻨﺎﻟﻮا اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺿﺎ واﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻀﻮر وﻛﺄن اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﺪور ﺳﻴﺎﺳﻲ أﻳﻀً ﺎ ﺑﺪﻋﻢ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ. ﺛﻢ ﺗﻘﺪم اﻟﻮﻓﺪ اﻟﺴﻨﻐﺎﻟﻲ وﻫﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب واﻟﻔﺘﻴﺎت، وﺗﻮﺳﻄﻮا اﻟﺴﺎﺣﺔ وأﺧﺬوا ﻳﻘﺪﻣﻮن ﺑﻌﺾ اﻻﺳﺘﻌﺮاﺿﺎت اﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑﻤﻼﺑﺴﻬﻢ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻔﻲ أﺟ ـﺰاء ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ أﺟﺴﺎدﻫﻢ، ﻳﺮﻗﺼﻮن ﻋﻠﻰ اﻹﻳﻘﺎﻋﺎت اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﻬﺮ ﻧﺎل إﻋﺠﺎب اﻟﺠﻤﻴﻊ، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻛﺘﻔﻰ اﻟﻮﻓﺪ اﻹﻧﺪوﻧﻴﺴﻲ ﺿﻴﻒ اﻟﺸﺮف ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺪورة ﺑﺘﺤﻴﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮر ،واﺳﺘﻌﺮاض أزﻳﺎﺋﻬﻢ وﻋﻠﻢ دوﻟﺘﻬﻢ أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺴﻴﺮة. وﻟﻢ ﻳﻘﺪم اﻟﻮﻓﺪ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﻴﺮة أﻳﺎً ﻣﻦ ﻋﺮوﺿﻪ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮرﻳﺔ، ﻏﻴﺮ أﻧﻬﻢ ﺣﺮﺻﻮا ﻋﻠﻰ ارﺗﺪاء اﻟﻠﺒﺎس اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ،وﺣﺮص اﻟﺤﻜﻮاﺗﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻬﻮر ﺑﻤﻼﺑﺴﻬﻢ اﻟﻤﻤﻴﺰة أﻳﻀً ﺎ ،وﻟﻔﺖ ﻧﻈﺮي أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺴﻴﺮة ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺪي ﻣﻼﺑﺲ ﻣﺰﺧﺮﻓﺔ ﺑﺄﻟﻮان ﻛﺜﻴﺮة وﻓﻮق رأﺳﻪ
ﻳﻘﺪﻣﻮن اﻟﺸﺎي اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ اﻷﺧﻀﺮ واﻟﺘﻤﻮر واﻟﻌﺼﺎﺋﺮ وﻳﺒﺎدﻟﻮﻧﻨﺎ اﻟﺘﺤﻴﺔ ،وﻳﻠﺘﻘﻄﻮن ﻣﻌﻨﺎ اﻟﺼﻮر واﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﺔ وﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻨﺎ ﻋﻦ أﺻﻮﻟﻨﺎ .اﻟﻤﻮﻛﺐ ﻳﺘﺤﺮك وﻋﻴﻨﺎي ﻣﻨﺸﻐﻠﺘﺎن ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻜﺎن وداﺧﻠﻲ رﻏﺒﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻪ وﺣﻜﺎﻳﺔ أﺑﻮاب اﻟﺴﻮر. ﻟﻢ أﻧﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﻤﺴﻴﺮة ،ﻓﺴﺄﻟﺖ ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻤﻘﻴﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب أﺣﻤﺪ اﻟﻄﻮﺧﻲ ،ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ أن ﺑﺎب )اﻷﺣﺪ( أو ﺑﺎب )اﻟﺤﺪ( ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻄﻘﻪ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ،ﻣﻦ أﺷﻬﺮ أﺑﻮاب اﻟﺮﺑﺎط اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻟﻤﻮﻗﻌﻪ وﺳﻂ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺣﺪ اﻟﻤﻨﺎﻓﺬ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ إﻟﻰ )اﻟﺴﻮﻳﻘﺔ( وﻫﻮ ﺳﻮق ﺷﻌﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻟﺴﻠﻊ ﻣﻦ ﻣﻮاد ﻏﺬاﺋﻴﺔ ،وﺧﻀﺮ وﻓﻮاﻛﻪ ،وأﻟﺒﺴﺔ ،وﻣﻄﺎﻋﻢ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺗﻘﺪم اﻷﻃﺒﺎق اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻬﺎ .وﺳﻤﻲ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ﻷن اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺠﺎورة ﻟﻠﺒﺎب ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻀﺎء ﻟﺴﻮق أﺳﺒﻮﻋﻲ ﻳﻨﻈﻢ ﻳﻮم اﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﻛﻞ أﺳﺒﻮع .ﺗﻮﻗﻒ اﻟﻜﻼم ﺑﻴﻨﻨﺎ وﻻ ﻳﺰال اﻟﻤﻮﻛﺐ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﻮارع اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺸﺮ اﻟﻤﺤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻴﻬﺎ ،ﻓﺘﺸﺘﻢ راﺋﺤﺔ اﻟﺒﺨﻮر ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻪ ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﻤﺴﺤﺔ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﺗﺤﺴﻬﺎ ﻋﻨﺪ زﻳﺎرة أﺣﺪ اﻷﺿﺮﺣﺔ ﻷوﻟﻴﺎء اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﺔ ،وﺗﻨﻈﺮ ﻳﺴﺎ ًرا ﻟﺘﺒﻬﺮك أﺷﻜﺎل اﻵﻻت اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻮد واﻟﺠﻴﺘﺎر وآﻻت اﻹﻳﻘﺎع واﻟﺮﺑﺎﺑﺔ اﻷﻣﺎزﻳﻐﻴﺔ واﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ وآﻻت اﻟﻨﻔﺦ، ﻓﺘﺸﻌﺮ وﻛﺄﻧﻚ ﺗﺘﺠﻮل ﻓﻲ ﺷﺎرع ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻮﺳﻂ اﻟﻘﺎﻫﺮة واﻟﺬي
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
51
ارﺗﻴﺎد اﻵﻓﺎق
ﻌﺘﻴﻘﺔ ﺣﻜﺎﺎﻳﺎت اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌ
ﺻﻌﻴﺪي ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﻐﺮب
ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﻪ اﻟﻌﻤﺪة
ﻛﺎﻧﺖ زﻳﺎرﺗﻲ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ،2017ﺧﺮﺟﺖ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻄﺎر ﻛﺎزﺑﻼﻧﻜﺎ ﺑﺴﻴﺎرة ﺧﺎﺻﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﺰل أﺣﺪ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻓﻲ اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ﺻﺒﺎح ﻧﻔﺲ اﻟﻴﻮم ،ﻟﺘﺒﺪأ رﺣﻠﺘﻲ ً ﻟﻴﻼ إﻟﻰ إﻗﻠﻴﻢ ﻛﻠﻴﻢ وادﻧﻮن ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺼﺤﺮاء ﻓﻲ ﺟﻨﻮب اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ،ﻋﺸﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻟﺸﻬﺮ ﻛﺎﻣﻞ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺼﺤﺮاء ﺑﺠﻐﺮاﻓﻴﺘﻬﺎ وﻋﺎدات أﻫﻠﻬﺎ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻲ اﻟﺬي ﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ ،وﻟﻢ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﺧﺘﻼف إﻻ ﻋﻨﺪ زﻳﺎرﺗﻲ ﻟﻘﺼﺮ أﺳﺎ اﻟﺬي ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺼﺤﺮاء ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب .ﻏﻴﺮ أن زﻳﺎرﺗﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎ ًﻣﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻄﺘﻲ اﻷوﻟﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﻄﺎر ﻛﺎزﺑﻼﻧﻜﺎ ،ﻫﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎط اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﻗﻄﺎر ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ،ﻟﺘﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺬي ﺟﺌﺖ ﻷﺟﻠﻪ ،وﻫﻮ ﻣﻬﺮﺟﺎن ﻣﻐﺮب اﻟﺤﻜﺎﻳﺎت اﻟﺬي دﻋﻴﺖ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻟﻘﺎءات ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻟﺘﺮاث ،ﻛﻨﺖ ﻗﺪ أﻋﺪدت ﻧﻔﺴﻲ ﺟﻴﺪً ا ﻗﺒﻞ اﻟﺴﻔﺮ ،ﻓﻘﺪ اﺻﻄﺤﺒﺖ اﻟﺠﻠﺒﺎب اﻟﺼﻌﻴﺪي واﻟﻌﻤﺔ واﻟﺼﺪﻳﺮي اﻟﺬي ﻃﺎل ﻓﺮاﻗﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ،ﻓﻘﺪ دﻋﻴﺖ ﻟﻠﻤﻬﺮﺟﺎن ﺑﺼﻔﺘﻲ )ﺣﻜﻮاﺗﻲ( ،وﻓﻲ ﺻﺒﺎح ﻳﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺪق ﻟﻤﻜﺎن اﻟﺘﺠﻤﻊ ﻟﻨﺒﺪأ ﻣﺴﻴﺮة ﺣﻔﻞ اﻻﻓﺘﺘﺎح.
50
ﺻﻌﻴﺪي ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﻐﺮب
ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺪق ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻲ ﻟﻤﻜﺎن اﻟﺤﻔﻞ وأﻧﺎ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻀﻴﻖ، ﻓﻤﻨﻈﺮ اﻟﺸﻮارع واﻟﻌﻤﺎرات ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴ ًﺮا ﻋ ﱠﻤﺎ أراه ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة، وﻛﺎد اﻟﻨﺪم ﻳﺼﻴﺒﻨﻲ ﻷﻧﻲ أﻫﺪرت ﻣﺎﻟﻲ ووﻗﺘﻲ ﻷرى اﻟﻌﻠﺐ اﻷﺳﻤﻨﺘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺮﺑﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﺗﺤﺎﻣﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ِ وﺳﺮت ﻣﻊ اﻟﻮﻓﻮد اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺣﺘﻰ رأﻳﺖ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ أﺳﻮار ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻌﺒﻖ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ ،ﺗﻮﻗﻔﺖ اﻟﺴﻴﺎرات ﻋﻨﺪ أﺣﺪ أﺑﻮاب ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻳﺴﻤﻮﻧﻪ )ﺑﺎب اﻟﺤﺪ( ،وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ دﺧﻠﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎب ﻟﺘﺒﺪأ روﺣﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻮدة ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺠﺴﺪي ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،واﻟﺘﻲ أﻋﺎدﺗﻨﻲ ﻟﺤﻲ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة وﺷﺎرع اﻟﻤﻌﺰ ﻟﺪﻳﻦ اﻟﻠﻪ اﻟﻔﺎﻃﻤﻲ، اﻟﺪﻛﺎﻛﻴﻦ ﺗﺘﻮزع ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ وراﺋﺤﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﻔﻮح ﻣﻨﻬﺎ ،وواﺟﻬﺎت اﻟﻤﺤﺎل وأﺑﻮاﺑﻬﺎ اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ،ﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺄﻗﻔﺎﻟﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﻴﻦ ﻣﻦ اﻷﺻﺎﻟﺔ .واﻟﺸﻮارع اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺴﻘﻮﻓﺔ ﺑﺄﺧﺸﺎب ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻘﻮش ﺟﻤﻴﻠﺔ وأﺻﻴﻠﺔ ،ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﺗﻢ ﺗﺮﻣﻴﻤﻬﺎ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻋﻤﺎرﺗﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﺗﺠﻤﻌﺖ اﻟﻮﻓﻮد ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻟﺘﻌﻠﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻧﺠﻴﻤﺔ ﻃﺎي ﻃﺎي رﺋﻴﺲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ﺑﺪء ﻣﺮاﺳﻢ اﻻﺣﺘﻔﺎل وﺑﺪء اﻟﻤﺴﻴﺮة ،ﺗﺤﺮﻛﻨﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﺎب )اﻷﺣﺪ( أو )اﻟﺤﺪ( ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ أﻫﻞ اﻟﻤﻐﺮب ،وﺳﺮﻧﺎ ﻓﻲ دروب وﺷﻮارع اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻧﺴﺘﻌﺮض أزﻳﺎءﻧﺎ وﻓﻮﻟﻜﻠﻮر ﺑﻠﺪاﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﻏﻨﺎء ورﻗﺺ ،وﺗﺠﻤﻊ ﺣﻮﻟﻨﺎ اﻟﻨﺎس ﻳﺸﺎرﻛﻮﻧﻨﺎ اﻹﺣﺘﻔﺎل،
Í Ëí ¡ ì ¥
ﺣﻜﺎﻳﺎت اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ
ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺤﺎﺗﻪ اﻟﻌﻤﺪة
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
49
وﺟﻬﺔ ﺳﻔﺮ
وﻻ ﻳﻮم اﻟﻄﻴﻦ! ر ﱠددت ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت ﺑﺼﻮت ﻣﺴﻤﻮع ،وأﻧﺎ أﺳﻴﺮ ذات أﺻﻴﻞٍ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ إﺷﺒﻴﻠﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ،ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺠ ًﺪا ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻣﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺧﺸﻴﺖ أن ﻳﻈ ﱠﻨﻨﻲ َﻣﻦ ﻳﺴﻤﻌﻨﻲ أﻧﻨﻲ أﻫﺬي ،أو أن ﺑﻲ ﻟﻮﺛﺔً! »ﻳـــــﺎ َﻫ ِﺬ ِه ﻛُﻔﱢﻲ؛ ﻓ َـﺈﻧﱢــــــﻲ ِ ﻋﺎﺷ ٌﻖ َﻮاي َﻋﻨﻬـــــــــﺎ ﻋـﺎ ِذ ُل َﻣ ْﻦ ﻻ ﻳَﺮ ﱡد ﻫ َ ُﺣ ﱡﺐ )اﻋﺘﻤﺎ ٍد( ﻓــــﻲ اﻟ َﺠﻮاﻧِﺢِ ﺳﺎ ِﻛ ٌﻦ ِ ِ َﻠﺐ َ ﺿﺎق ِﺑﻪَ ،وﻻ ﻫُـــ َﻮ راﺣ ُﻞ« ﻻ اﻟﻘ ُ ﻫﺬان اﻟﺒﻴﺘﺎن ﺣﻔﻈﺘﻬﻤﺎ ﻣﻨﺬ أن ﻛﻨﺖ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻠﻴﺔ :ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﻜﻠﻴﺔ اﻵداب ،ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻃﻨﻄﺎ ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺟﻠﻴﻞ ﻣﺎدة اﻷدب اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ،ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻗﺮأت أﻃﺮاﻓًﺎ د ﱠرﺳﻨﺎ أﺳﺘﺎ ٌذ ٌ ﻣﻦ أدب ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ :اﺑﻦ زﻳﺪون ،اﺑﻦ اﻷﺣﻤﺮ ،وﻻدة ﺑﻨﺖ اﻟﻤﺴﺘﻜﻔﻲ، و»اﻋﺘﻤﺎد« ،اﻟﺘﻲ ورد اﺳﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺘﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ذﻛﺮﺗﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻗﻠﻴﻞ، دﻟﻴﻼ وﺣﻔﻈﺖ ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻦ ﻗﺼﺺ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺎذخ ،اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ً ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﺮب ﺣﻴﻨﻤﺎ وﺻﻠﻮا إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻘﻌﺔ ﺗﺮﻛﻮا ﺑﺼﻤﺘﻬﻢ ﻣﻀﻴﺌﺔ ﻓﻲ دﻓﺘﺮ اﻟﻔﻦ واﻷدب اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﱠﻴﻦ .ﻛﻨﺖ أﺗ ﱠﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﺠﻮار ،ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﻬﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﺮاءﺗﻲ ﻟﺒﻌﺾ ﻗﺼﺎﺋﺪي اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻧﺪوة ﺿﻤﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن اﻟﺸﻌﺮي اﻟﺪوﻟﻲ اﻟــﺬي ُدﻋﻴﺖ إﻟﻴﻪ ،ﻓﻲ إﺷﺒﻴﻠﻴﺔ، ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻷﻧــﺪﻟــﺲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ اﻟﺠﻨﻮب اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ ،اﺳﻤﻬﺎ ﺑﺎﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ» :ﺳﻴﺒﻴﱠﺎ«، ـﺐ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ،رﻏﻢ أﻧﻨﻲ ﻻ أﻓﻬﻢ وأﻧــﺎ أﺣـ ﱡ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻮى ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ .اﻟﺠﻮﻟﺔ اﺗ ﱠﺴﻌﺖ ،وﺑﻌﺪ أن ﻛ ﱠﻨﺎ اﺛﻨﻴﻦ –أﻧﺎ وﺻﺪﻳﻖ ﻋﺮاﻗﻲ ﻣﻘﻴﻢ ﺑﺈﺳﺒﺎﻧﻲ -ﺻﺮﻧﺎ أرﺑﻌﺔ؛ إذ اﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﺑﺎﺛﻨﻴﻦ آﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﻨﺎ اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﺎﻟﻤﻬﺮﺟﺎن ،أﺣﺪﻫﻤﺎ إﺳﺒﺎﻧﻲ ،ﻏﺮﻧﺎﻃﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺪﻗﺔ ،واﻵﺧــﺮ ﻛﺎن ﻣﻐﺮﺑﻴٍّﺎ ،ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ »أﻏﻤﺎت« ،ﻛﻨﺖ اﻟﻤﺸﺮﻗﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ -ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺼﺤﺒﺔ ،وﻓُﺘﺢ ﻧﻘﺎش ﺣﻮل»اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﺑﻦ ﻋ ﱠﺒﺎد« ،وﻣﺎ آل إﻟﻴﻪ ﻣﺼﻴﺮه. ﻳﺤﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ ﻋﻦ واﻗﻌﺔ ﻫﻲ اﻷﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ َ ﺗﻮل ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ 48
وﻻ ﻳﻮم اﻟﻄﻴﻦ!
ﻣﺤﻤﻮد ﺷﺮف* ǼƉƚǙ ǽǙȎƫŒǶ ƉƫōƗ
اﻷدﺑﺎء؛ وأﻗﺼﺪ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﺐ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻦ »اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ« و»اﻋﺘﻤﺎد«، اﻟﺘﻲ أﻇﻨﻬﺎ واﺣﺪة ﻣﻦ أروع ﻗﺼﺺ اﻟﺤﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻟﻮ ﻗُ ﱢﺪر ﻟﻬﺎ أن ﺗﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ أو ﻣﺴﺮﺣﻲ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺎت اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل .أﻋﻮد ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻠﻘﺖ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ؛ إذ ﺗﺤﻜﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أن »اﻋﺘﻤﺎ ًدا« -ﻣﻦ ﺷﺮﻓﺔ ﻗﺼﺮﻫﺎ -رأت ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺠﻮاري ﻳﻠﻌﺒﻦ ﻓﻲ اﻟﻄﻴﻦ اﻟﺬي ﺧﻠﱠﻔﻪ ﻳﻮ ٌم ﻣﺎﻃﺮ؛ ﻓﺮﻏﺒﺖ أن ﺗﻠﻬﻮ ﻣﻌﻬﻦ ،ﻏﻴﺮ أن اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ أﺑﻰ؛ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻣﻠﻜﺔ ،وﻻ ﻳﺼﺢ أن ﺗﺨﻮض ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﻮض ﻓﻴﻪ ﻋﻮام اﻟﻨﺎس؛ ﻓﻐﻀﺒﺖ ،وﺣﺘﻰ ﻳﺘﺠ ﱠﻨﺐ ﻏﻀﺒﻬﺎ أﻣﺮ ﻓ ُﻌﺠﻦ اﻟﻤﺴﻚ واﻟﻜﺎﻓﻮر واﻟﻄﻴﺐ وﻏﻄﻮا ﺑﻪ ﺣﺪﻳﻘﺔ اﻟﻘﺼﺮ ،وﻧﺰﻟﺖ ﻫﻲ وﺟﻮارﻳﻬﺎ ﻳﻠﻌﺒﻦ ﻛﻤﺎ ﺷﺌﻦ ﻓﻲ اﻟﻄﻴﻦ! ﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺰﻣﻦ اﺷﺘﻬﺖ أن أﻛﻞ اﻟﻤﺎﻧﺠﻮ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ أواﻧﻪ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻃﻠﺒﻬﺎ ،ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻟﻢ أ َر ﻳﻮ ًﻣﺎ ﺳﻌﻴ ًﺪا ﻣﻌﻚ! ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪﻳﻬﺔ» :وﻻ ﻳﻮم اﻟﻄﻴﻦ؟!«. ﺗﻨ ﱠﻮﻋﺖ اﻵراء ،واﺧﺘﻠﻔﺖ ﺣﻮل اﻟﺮﺟﻞ ،وﻛﺎن اﻟﻈﻼم ﻳﺰﺣﻒ ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ ،واﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎﺣﺮة ،أﻛﺎد أﺷ ﱡﻢ ﻋﺒﻖ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮ ،اﻟﺬي ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ أرﺿﻬﺎ ...ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻣ ﱠﺮت ﺧﻴﻞ اﻟﻌﺮب ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ اﻧﻄﻠﻖ ﺷﺮارة اﻟﺤﺐ اﻷوﻟﻰ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺎﺷﻘﻴﻦ اﻟﻜﺒﻴﺮﻳﻦ ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ أﻳﻀً ﺎ أُﺧﺬ إﻟﻰ »أﻏﻤﺎت« أﺳﻴ ًﺮا ،ﺣﻴﺚ ﻣﺎت ﻫﻨﺎك ،ﻓﻲ اﻷرض اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ زرت ﻗﺒﺮه ﺑﻬﺎ ذات ﻧﻬﺎر ﺑﻌﻴﺪ! ﻗﻠﺖ: ﻳﻜﻔﻴﻪ اﻟﻴﻮم أن ﻫﺬا اﻟﺠﻤﺎل ﻣﺎ ﻳﺰال ﻳﺘﺮ ﱠدد ﺑﻌﺪ أﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ وﺟﻮده ،وﻳﻜﻔﻴﻨﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﺄراه ﺑﺎدﻳًﺎ ﻳﺘﻸﻷ! أن أﻏﻤﺾ ﱠ
ﺑﺰﻋﻤﺎء ﻋﻈﺎم ﻛﺴﻌﺪ زﻏﻠﻮل وﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﺎﻣﻞ ،وﺗﻌﺎرﻛﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ أﺗﻴﺢ ﻟﻨﺎ .ﻛﻨﺖ اﻟﺼﺒﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻠﻘﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ ﺷﻌﺮا ،وﺗﻄﻮﻋﺖ ﺑﺎﻟﺤﺮس اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت، وﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻲ اﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﻤﻨﻈﻤﺎت ﺳﺮﻳﺔ ﻳﺴﺎرﻳﺔ .ﻛﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ ﺑﺼﻨﻊ ﻧﻬﻀﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،وﻧﻘﺎوم اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﻔﺴﺎد ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،واﻟﺸّ ﻌﺮ واﻟﻔﻜﺮ. "زﻋﻼن" ﻟﻔﻴﺮوز واﻟﺮﺣﺎﺑﻨﺔ
أﻃﻔﺎل« و»ﺳﻮﺳﺔ« ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺮواﺋﻊ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت! ﻗﺎل :أﺣﺐ ﺷﻴﺌﻴﻦ -ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻛﺸﺎﻋﺮ -ﻫﻤﺎ اﻟﺪراﻣﺎ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻷﻃﻔﺎل ،واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل أﻫﻢ ،ﻷﻧﻪ رﻫﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. وﻗﺪ ﺑﺪأت ﺣﻴﺎﺗﻲ اﻷدﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻸﻃﻔﺎل ،وﻧﺸﺮت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ واﻷﺷﻌﺎر ﺑﻤﺠﻠﺘﻲ »ﺳﻤﻴﺮ« و»ﻣﻴﻜﻲ« ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 64و ،66وﻋﻨﺪي اﻫﺘﻤﺎم ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ ،ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻌﻲ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﻤﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﻲ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻓﻲ إﻧﺸﺎء ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻷﻏﺎﻧﻲ اﻷﻃﻔﺎل ،وﻗﺪﻣﻨﺎ اﻷﻟﺒﻮﻣﻴﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺣﻘﻘﺎ ﻧﺠﺎ ًﺣﺎ راﺋ ًﻌﺎ وﻣﻜﺎﺳﺐ ﻛﺒﻴﺮة ،وﻛﺎﻧﺎ رﻛﻴﺰة ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻘﻴﺎم إﺣﺪى ﻛﺒﺮﻳﺎت ﺷﺮﻛﺎت اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﻨﺎﺋﻲ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻟﻢ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺗﻜﺮار اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ .واﻹﻧﺘﺎج ﻳﺤﺘﺎج ﻣﻨﺘﺞ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻤﻘﺪورﻧﺎ – أﻧﺎ وﻋﻤﺎر -ﺳﻮى أن »ﻧﺘﻠﻜﻚ« وﻧﻨﺘﻬﺰ أي ﻓﺮﺻﺔ ﻟـ»ﺗﺴﺮﻳﺐ« ﺑﻌﺾ أﻏﺎﻧﻲ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ أي ﻋﻤﻞ دراﻣﻲ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻨﺎﻫﺎ ﻣﻊ ﺻﻔﺎء أﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ.
ﻗﻠﺖ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻟﻤﺸﻬﻮرة ﻓﻰ ﺗﺮاﺛﻨﺎ" :اﻟﺸﻌﺮ دﻳﻮان اﻟﻌﺮب" .اﺑﺘﺴﻢ ﻗﺎﺋﻼ» :واﻟﻐﻨﺎء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،واﻟﻤﺼﺮى ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻫﻮ دﻳﻮان اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ ﻓﺘﺮات ﺗﻮ ّﻫﺠﻨﺎ ،وﺗﻮﺗ ّﺮﻧﺎ ،وﺗﺮ ّدﻳﻨﺎ ،وﺣﺎﻻت ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ،وأزﻣﺎﺗﻪ وأﺣﻼﻣﻪ .وﻫﻮ أﻛﺜﺮ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻧﻔﺎذًا .أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﻟﻜﺘﺎب واﻟﻤﺴﺮح ،ﻷﻧﻪ ﻳﺼﻞ ﻟﻠﻨﺎس ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺷﺪﻳﺪة ﺟ ًﺪا، وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺴﺮﻳﺔ ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﺮات ،ﻫﻲ اﻟﺴﻼح اﻷﻗﻮى ﻓﻲ أﻳﺪي اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺜﺎﺋﺮﻳﻦ ،ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻮﺟﺎت اﻟﻔﺴﺎد واﻟﺘﻄﺒﻴﻊ ،وﻓﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺜﻮرة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ« .وأﺑﺪى ﺿﻴﻘﻪ ﻻﻧﻔﺠﺎر ﻟﻘﻄﺘﺎن ﻣﻦ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ »اﻟﻔﻴﺪﻳﻮﻛﻠﻴﺒﻴﺔ« اﻟﻤﺒﺘﺬﻟﺔ واﻟﻌﺎرﻳﺔ .ﻗﺎل» :أﺷﻌﺮ ﻋﺎم 2009وﺑﺨﻔﺔ دﻣﻪ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ،ﻛﺘَ َﺐ ﻳﻬﺪﻳﻨﻲ دﻳﻮاﻧﻪ اﻟﺒﺪﻳﻊ »ﻗﺒﻞ ﺑﺪﻫﺸﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﻘﻠﺐ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﻻ أﺟﺪ ﻓﻴﺮوز واﻟﺮﺣﺎﺑﻨﺔ ﻣﺜﻼ .ﻳﺒﺪو أﻧﻪ اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺠﺎي« دار »ﻣﻴﺮﻳﺖ« ﺑﻜﻠﻤﺎت ﻣﺮﺣﺔ ،ﻛﻌﺎدﺗﻪ» :إﻟﻰ اﻷخ ﻧﺸﺮ ﻣﺘﻌﻤﺪ ﻟﻠﺴﻄﺤﻴﺔ واﻟﺘﻔﺎﻫﺔ .وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻹﻓﺮاغ اﻟﺪﻣﺎغ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻔﺎﻟﺢ ﺑﺈذن اﻟﻠﻪ ..ﻃﺎرق ﺳﻌﺪ ..ﻣﺤﺒﺔً ..وﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ..ورﺟﺎء أن ﺗﻤﻨﺢ ﻟﺘﻬ ّﻴﺌﺔ اﻟﺠﻮ ،ﻟﺰﻣﻦ ﻗﺎدم ،ﺗﺘﻢ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﻴﻄﺮة واﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ« .ﻛﺎن ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺣﻴﺎ ًة ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻘﺮاءﺗﻚ اﻟ ُﻤﺤﺒﺔ ﻓﻰ ذﻟﻚ اﻟﻠﻘﺎء ،ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ، ﻟﻬﺎ« ،ﺛﻢ وﻗّﻊ" :أﺧﻮك ..ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب« .ﺿﺤﻜﺖ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﺳﻰ ،وﺑﺄن ﻣﺤﺎوﻻت ﺗﺠﺮى »ﻟﻤﺴﺨﻨﺎ«، وأﻧﺎ أﻧﻈﺮ ﻓﻲ »اﻟﻔﺎﻟﺢ« ،ﻗﻠﺖ »إﻧﺖ ﻋﺎرف وﻳﺮى أن »اﻟﺒﻮرﻧﻮ ﻛﻠﻴﺐ« ﻓﻲ ﻃﻠﻴﻌﺔ اﻟﻐﺰو إﻧﻲ ﺧﺎﺋﺐ وﻏﻠﺒﺎن« ،وﺿﺤﻜﻨﺎ .وﻓﻰ ذﻛﺮى اﻟﻔﻀﺎﺋﻲ ...ﻟﻜﻨﻪ ،ﻓﻰ ﺳﻴﺎق اﻟﺤﺪﻳﺚ ،أﻧﺼﻒ وداع ﺻﺎﺋﻎ دﺳﺘﻮر ﻣﺼﺮ ،أذﻛﺮ ﻣﻘﻮﻟﺘﻪ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺘﻰ ﻗﺪﻣﺖ أﻋﻤﺎﻻ »ﺷﻌﺒﻴﺔ« »ﻣﺼﺮ ﻫﺒﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ" ،وﺗﺼﺮﻳﺢ ﺟﻴﺪة ﺣﻴﻨﺬاك. اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻮزى اﺑﺮاﻫﻴﻢ ،أﻣﻴﻦ ﺻﻨﺪوق ﺟﻤﻴﻌﺔ اﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ واﻟﻤﻠﺤﻨﻴﻦ ،ﺑﺄن ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب رﻓﺾ اﻟﻌﻼج ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺔ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ إن أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ..ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺐ أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﻷﻧﻪ رﺋﻴﺴﻬﺎ ،ﻗﺎل» :ﻫﺬه اﻷﻣﻮال أﻟﻘﻴﺖ إﻟﻴﻪ ﻋﺘﺎﺑﻰ ﻣﻤﺰوﺟﺎ ﺑﺎﻟﻤﺰاح :ﻛﻴﻒ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺣﻘﻲ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﻖ ﻟﻤﻦ ﻟﻴﺲ ﻳﺤﺮم ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ﻣﻦ إﺑﺪاﻋﻪ اﻟﺮاﻗﻲ، ﻟﺪﻳﻪ دﺧﻞ ﻛﺒﻴﺮ« .وﻫﻜﺬا ﻳﺮﺣﻞ ﻫﺬا اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻟﺰﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺪم ﻟﻬﻢ ،ﻣﻊ ﻋﻔﺎف اﻻﺑﺪاﻋﻰ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻧﻘﻴﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻋﺎش ﻣﺘﺮﻓ ًﻌﺎ راﻗ ًﻴﺎ أﻟﺒﻮﻣﻲ »أﻃﻔﺎل ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب راﺿــﻲ وﻋﻤﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﻲ ّ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
47
إﺿﺎءة
ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب ﻣﺤﺎرب وﺣﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب ا!o ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب ﻣﺒﺪ ًﻋﺎ ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ،ﻛﺎن ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ ،وﻗﺪ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻈﻮﻇﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺮﺑﻬﻢ إﻟﻴﻪ ،ﻣﻨﺬ ﻋﺮﻓﺘﻪ أواﺧﺮ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ .أﺣﺒﺒﺘﻪ إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ اﻧﺒﻬﺮت ﺑﻪ ﻣﺒﺪ ًﻋﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﺜﺎﻻً ﻟﻠﻄﻴﺒﺔ واﻟﻈﺮف ،ﻟﻢ ﺗﺸﺤﺐ روﺣﻪ اﻟﻤﺮﺣﺔ وﻟﻢ ﺗﻐﺐ اﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ، ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺮض اﻟﺨﺒﻴﺚ ﻳﻔﻨﻰ ﺟﺴﺪه. اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻰ اﺑﺪاع ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب ،ﻳﻌﺮف أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﺎول ﺗﻨﻘﻴﺔ وﺟﺪان وﻋﻤﻰ اﻟﻘﻠﻮب ،وﻳﻀﻊ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺿﻊ اﻟﺠﻤﺎل اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث َ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ،وﻳﻔﺘﺢ أﻋﻴﻨﻬﻢ ،ﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﺒﻬﺎء واﻟﺮوﻋﺔ ،وﻳﺪﻓﻌﻬﻢ إﻟﻰ ﱡ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻔﻬﻢ أﻛﺒﺮ ووﻋﻲ أوﻓﺮ .وﻳﺪرك أﻧﻪ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﻋ ﱠﺒﺮت ﺑﺼﺪق ﻋﻦ اﻟﻨﺎس ..أﻓﺮاﺣﻬﻢ ،وأﺣﺰاﻧﻬﻢ ،أﺣﻼﻣﻬﻢ ،وآﻻﻣﻬﻢ.. اﻧﺘﺼﺎراﺗﻬﻢ ،واﻧﻜﺴﺎراﺗﻬﻢ ،واﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﻢ ،ﺣﺘﻰ ﺻﺎر »ﺿﻤﻴ ًﺮا اﺑﺪاﻋ ًﻴﺎ ﻋﻈﻴ ًﻤﺎ« .ﺧﻼل ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﻟﺤﺎﻓﻞ ،ﻗﺪم »ﺳﻴﺪ اﻟﻜﻠﻤﺎت« ﺛﺮوة ﻣﻦ اﻟﺮواﺋﻊ اﻟﻤﺤﻔﻮرة ﻓﻲ اﻟﻮﺟﺪان ،ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺤﻔﻪ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻟﻤﻘﺪﻣﺎت وﻧﻬﺎﻳﺎت اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت ،وداﺧﻠﻬﺎ ،واﻟﺘﻲ ﺷﻜﱠﻠﺖ ﺧﺎﺻﺎ ،وﺟﻌﻠﺖ اﻟﻨﺎس ﺗﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﺑﺸﻐﻒ ،وﺗﺮددﻫﺎ ﺑﺸﺠﻦ ،وﻛﺎن إﺑﺪا ًﻋﺎ ً أوﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﻠﺴﻞ »اﻷﻳﺎم« ﻋﻦ ﻗﺼﺔ ﺣﻴﺎة ﻋﻤﻴﺪ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ،و»ﻟﻴﺎﻟﻲ اﻟﺤﻠﻤﻴﺔ« و»أراﺑﻴﺴﻚ« و»اﻟﺸﻬﺪ واﻟﺪﻣﻮع« و»ﻗﺎل اﻟﺒﺤﺮ« و»ﻋﺼﻔﻮر اﻟﻨﺎر« و»ﺟﺤﺎ اﻟﻤﺼﺮي« و»اﻟﻠﻴﻞ وآﺧﺮه« و»أﻣﻴﺮة ﻓﻲ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ« و»أﺑﻨﺎﺋﻲ اﻷﻋﺰاء ﺷﻜ ًﺮا« .وﻣﺪﻫﺸﺎﺗﻪ ﻓﻲ أﻓﻼم »اﻟﻜﻴﺖ ﻛﺎت« و»اﻷراﺟﻮز« و»اﻟﺒﺪاﻳﺔ« .وﺣﻠﻮﻳﺎﺗﻪ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت »اﻟﻮاد ﺳﻴﺪ اﻟﺸﻐﺎل« و»ﺣﺰﻣﻨﻲ ﻳﺎ« و»ﻋﻠﺸﺎن ﺧﺎﻃﺮ ﻋﻴﻮﻧﻚ« .إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺪاﻳﺎه اﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﻷﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﺎر ﻋﻤﺎر اﻟﺸﺮﻳﻌﻲ ،وﻛﺎن ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ اﻷﻟﺒﻮﻣﻴﻦ اﻟﻐﻨﺎﺋﻴﻴﻦ »أﻃﻔﺎل أﻃﻔﺎل« و»ﺳﻮﺳﺔ« ﺑﺼﺤﺒﺔ اﻟﺼﻮت اﻟﺮاﻗﻲ ﻟﻌﻔﺎف راﺿﻲ ،واﻷﻏﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ »ﺑﺎﺑﺎ ﻋﺒﺪه« ﻓﻰ ﻣﺴﻠﺴﻞ »أﺑﻨﺎﺋﻰ اﻷﻋﺰاء ﺷﻜﺮ« ،وﻣﻦ أﺷﻬﺮﻫﺎ »ﺗﻮت ﺗﻮت« ،وﻣﺌﺎت اﻟﺮواﺋﻊ اﻷﺧﺮى.ورﻏﻢ ﻛﻞ ذﻟﻚ ،ﻫﺎ ﻫﻮ ﻳﺪﻫﺸﻨﻰ وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ» :أﻧﺎ ﻣﺤﺎرب وﺣﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب اﻟﻠﻪ«.
ﻃﺎرق ﺳﻌﺪ * ƉƚǙ ǛǙ ūŽōşǶ ŝũōlj
وﻧﻠﻘﻲ ﻧﻈﺮة ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ،ﻓﻨﺮى اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ،واﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﻓﻴﻪ ﻷﺳﺮة ﻣﺜﻘﻔﺔ ،ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ واﻟﺪه اﻷدﻳﺐ اﻷزﻫﺮي ،وﻧﺮى ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻳﺼﺤﻮ ﻋﻠﻰ زﻗﺰﻗﺎت اﻟﻄﻴﻮر اﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺮزق وأﻏﺎﻧﻲ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺴﺎرﺣﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب اﻟﻠﻪ ..وﻳﻨﺎم ﻋﻠﻰ وﺷﻮﺷﺎت اﻟﺒﺤﺮ وﻣﻼﻏﻴﺔ اﻟﻄﻴﻮر اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻮق اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ .ﻫﺬه إذن ﻋﻮاﻣﻞ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ أدت إﻟﻰ اﻛﺘﺸﺎف اﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﺑﺪاﺧﻠﻪ ،وﻗﺪ ﺗﻠﻘﻔﻬﺎ اﻷب وﺗﻮﻻﻫﺎ ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ،ﺣﺘﻰ أن اﻟﺼﺒﻲ اﻟﺸﻐﻮف ﻛﺎن اﺑﻦ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ -ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ -ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﻗﺮاءة ﻛﻞ اﻟﻜﺘﺐ ﺑﻤﻜﺘﺒﺔ واﻟﺪه وﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﻣﻬﺎت ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاث. اﻟﺨﻠﻄﺔ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ
ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻦ »اﻟﺨﻠﻄﺔ اﻟﺴﺮﻳﺔ« أو اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ،اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،ﻓﺄرﺳﻞ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ وﻫﻮ ﻳﻘﻮل :ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب ﻫﻮ اﻟﺘﻌﻠﻢ ،واﻻﻧﻔﺘﺎح اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ .أﻧﺎ ﻻ أﻛﻒ أﺑﺪا ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎت وﻋﻄﺎءات و»ﺣﻴﻮات« اﻵﺧﺮﻳﻦ .وأﻋﻤﻞ ﺑﻨﺼﻴﺤﺔ ﻏﺎﻟﻴﺔ أﻫﺪاﻧﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎﻗﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻨﺪور ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻲ ،ﻗﺎل »ﻻ ﺗﺴﺘﺼﻐﺮ أﺣﺪا. ﻛﻞ »آﺧﺮ« ﻟﺪﻳﻪ ﺷﻲء ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪك ،ﺗﺠﺎرب أو ﺧﺒﺮات أو ﺷﻲء ﻣﻤﻴﺰ. ﻋﻠﻴﻚ اﻛﺘﺸﺎف ﻫﺬا اﻟﺸﻲء واﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ﻣﻨﻪ«. وأﺿﺎف ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ :أﻧﺎ أﺗﻌﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻣﻤﻦ ﺟﺎءوا ﺑﻌﺪي. وﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أن ﻟﻠﻨﺸﺄة واﻟﻈﺮوف اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺄﺛﻴ ًﺮا ﻛﺒﻴ ًﺮا، ﻳﻘﻮل» :ﺑﺪأت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﺼﺤﻰ ،ﻷﻧﻨﺎ ورﺛﻨﺎ اﻋﺘﻘﺎدا ﺑﺄﻧﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ،ﺛﻢ ﻣﺰﺟﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺼﺤﻰ واﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺘﻲ ﻟﻠﻨﻔﺎذ داﺧﻞ ﺣﻴﺎة أﻫﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎدﻳﻦ اﻟﺒﺴﻄﺎء ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺳﺘﻘﻠﺖ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﺟﺬور اﻻﺑﺪاع ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺟﺬور اﻻﺑﺪاع ،ﻧﺼﻞ إﻟﻰ »اﻟﻤﻄﺮﻳﺔ« وﻫﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻘﺼﺎﺋﺪ ﻛﺎﻣﻠﺔ« .واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؟ ﻳﻘﻮل" :أﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻴﻞ ﺣﻔﻠﺖ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺰﺧﻢ ﺳﻴﺎﺳﻲ واﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻛﺒﻴﺮ ،ﺣﻔﺮ آﺛﺎرا ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ وﺟﺪاﻧﻨﺎ ،ﺗﺄﺛﺮﻧﺎ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ »اﻟﺪﻗﻬﻠﻴﺔ« ،ﺗﺮﻗﺪ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻳﻌﻤﺮﻫﺎ اﻟﺼﻴﺎدون.
46
ﺳﻴﺪ ﺣﺠﺎب ﻣﺤﺎرب وﺣﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب ا!i
ﺗﻘﻨﻴﺎت ﻣﺤﻄﺔ ﻧﻮر ورزازات
ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﻤﺤﻄﺔ ﻧﻮر ورزازات
اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع ﻧﻮر ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،أﺣﺪث اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ .أﻫﻤﻬﺎ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺿﻮء اﻟﺸﻤﺲ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ ﻛﻬﺮﺑﺎء ﻣﻦ دون أي ﻋﻤﻠﻴﺎت أﺧﺮى وﺳﻴﻄﺔ .ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺮوب وﺣﺘﻰ اﻟﻠﻴﻞ .وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺮارة اﻟﻤﺨﺰﻧﺔ ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻓﻲ ﺧﺰاﻧﺎت ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﺎﻷﻣﻼح اﻟﺬاﺋﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ اﻧﺒﻌﺎث اﻟﺒﺨﺎر ﻟﻤﺪة ﺳﺎﻋﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻻﺳﺘﻤﺮار ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﺘﻮرﺑﻴﻨﺎت ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ .إن اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺔ ﻧﻮر ورزازات ،ﻫﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰة ﻋﻠﻰ اﻷوﻋﻴﺔ اﻟﻤﻜﺎﻓﺌﻴﺔ )اﻟﻤﻘ ّﻌﺮة(. ﺗﺮﻛﺰ ﻫﺬه اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻹﺷﻌﺎﻋﺎت اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ داﺧﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻮاح وﻋﻠﻰ ﺑﺆرة اﺗﺼﺎل ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺴﺨﻴﻦ ﺳﺎﺋﻞ زﻳﺘﻲ. إذ ﺗﻨﺘﺞ اﻟﺤﺮارة اﻟﻤﺠ ّﻤﻌﺔ ﺑﺨﺎرا ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ إﻟﻰ ﻛﻬﺮﺑﺎء ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻮرﺑﻴﻦ-ﻣﻮﻟﺪ .ﺧَﻠﺺ اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ اﻟﺒﻴﺌﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي أﺟﺮﺗﻪ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻋﺎم ،2011إﻟﻰ أن اﻟﺤﻞ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﻤﺪروﺳﺔ ،ﻫﻮ ﺗﻘﻨﻴﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰة ﺑﺎﻷوﻋﻴﺔ اﻟﻤﻘ ّﻌﺮة .إذ ﻳﺒﺪو أن اﻷﺳﺒﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺎر ﺧﺼﺼﺖ ﻟﻘﺪرة اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ اﻟﺤﺮاري ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻋﺘﺒﺎرات أﺧﺮى ﺑﺸﺄن ﻫﺬه اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ .ﻛﻤﺎ ﺗﻤﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻣﻦ ﺗﺮﺷﻴﺪ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﻓﺘﺮة ذروة اﻟﻄﻠﺐ ،أي وﻗﺖ اﻟﻤﺴﺎء. ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻟﺘﺴﺨﻴﻦ ﻣﻨﺘﺞ)ﻣﺜﻞ اﻷﻣﻼح اﻟﻤﻨﺼﻬﺮة( ﺧﻼل اﻟﻨﻬﺎر ،ﺛﻢ ﺗﺴﺘﺮﺟﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﺮارﻳﺔ ﻟﻤﻮاﺻﻠﺔ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻣﻮﻟﺪات اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﻌﺪ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ.
ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ أن ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻤﺤﻄﺎت اﻷرﺑﻊ ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج 580ﻣﻴﻐﺎوات ﻣﻦ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء .ﺣﻴﺚ ﺳﺘﻠﺒﻲ ﺣﺎﺟﻴﺎت ﻣﻠﻴﻮن أﺳﺮة ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ .ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺘﻢ اﻟﺮﻓﻊ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺮوع .ﺗﻬﺪف اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ إﻟﻰ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻂ واﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﺒﻴﺔ 42%ﻣﻦ ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮردﻫﺎ .ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺴﺎﻫﻢ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﻓﻲ ﺗﺰوﻳﺪ 30ﻗﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻟﻠﺸﺮب .وﻛﺬا ﺗﻮﺳﻴﻊ اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻄﺮﻗﻴﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ .ﻛﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﺑﺪاﻳﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺤﻄﺎت ﻃﺎﻗﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ .ﺑﻬﺬا ﻳﻌﺪ ﻣﺸﺮوع ﻧﻮر ورزازات ،ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻄﻤﻮﺣﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب .ﻳﺴﻌﻰ اﻟﻤﻐﺮب ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺑﻨﺎء ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻃﺎﻗﻲ ﻣﺘﺠﺪد. ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ .ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺑﻨﺎء اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻄﺎت اﻷﺧﺮى ،وﺗﻄﻮﻳﺮ ﺗﻘﻨﻴﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ. ﻣﻦ أﺟﻞ ﺿﻤﺎن ﺗﻮﺟﻪ ﻛﺎﻣﻞ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ. ﻳﺸﻜﻞ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻄﺎﻗﻲ ﻧﻮر ورزازات اﻧﻄﻼﻗﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وﻛﺬا دﻳﻨﺎﻣﻴﺔ واﻋﺪة ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺠﺎﻻت .ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت واﻹﻧﺘﺎج واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ واﻻﺑﺘﻜﺎر .إﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ راﻓﻌﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻨﻬﺎ .وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﺸﺎرﻛﻲ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺸﺮﻛﺎء. ﻣﻦ أﺟﻞ إرﺳﺎء آﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦ وﺗﺮﺳﻴﺦ ﻣﻘﻮﻣﺎت ﻧﻤﻮذج ﻣﺒﺘﻜﺮ .ﻳﺘﻴﺢ ﻟﻠﻤﻐﺮب اﻟﺘﻤﻮﻗﻊ ﺑﺎﻋﺘﺒﺮه ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻳﺤﺘﺬى ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﻣﺜﺎﻻ ﻟﻠﻨﺠﺎح اﻟﺬي ﻧﺎل اﻋﺘﺮاﻓﺎ إﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ودوﻟﻴﺎ
ﻧﻮر ورزازات واﻟﻤﻐﺮب اﻷﺧﻀﺮ
ﻳﻬﺪف ﻣﺨﻄﻂ اﻟﻤﻐﺮب اﻷﺧﻀﺮ إﻟﻰ رﻓﻊ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻔﻼﺣﻴﺔ اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ ﺑﺨﻤﺴﺔ أﺿﻌﺎف ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ زراﻋﺔ اﻟﺤﺒﻮب اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺨﺎص ﻓﻲ اﻟﻔﻼﺣﺔ وإزاﻟﺔ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ .أﻣﺎ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﺠﻪ إﻟﻴﻪ دﻋﻢ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب، ﻓﻴﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﺖ ،ﺣﺴﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺸﻄﺎء واﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ،ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﻣﺪﻧﻴﺎ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻃﻨﻲ. ﻳﺪﺧﻞ ﻣﺸﺮوع اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ وﻳﺸﻤﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻗﺮوض ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ ﻣﺤﺪدة .ﺑﻠﻐﺖ ﻧﺴﺒﺔ اﻷﻣﻮال اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮب ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﻨﺘﻲ 2011و .2012رﻛﺰت ﺣﺼﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺮوض ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﺸﺮاﻛﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻄﺎﻋﻴﻦ اﻟﺨﺎص واﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ.
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
45
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﻃﺎﻗﺔ ﻣﺘﺠﺪدة ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻐﺮب أﺧﻀﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﻋﻴﻄﺔ
"ورزازات" أو ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺼﺤﺮاء ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﻘﻊ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸﺮﻗﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ .ﺗﺰﺧﺮ ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻟﺮﻳﺎدة ﻓﻲ ﻋﺪة ﻗﻄﺎﻋﺎت .ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺪ وﺟﻬﺔ ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻳُﻘﺒﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺰوار ﻣﻦ اﻟﻘﺎرات اﻟﺨﻤﺲ .ﻛﻤﺎ اﺷﺘﻬﺮت ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﻣﻮﻗﻌﺎ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ. ارﺗﺒﻂ اﺳﻢ ورزازات ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﺑﺎﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻀﺨﻢ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﺬي ﻳَﻔﺘﺮض أن ﻳﻀﻊ ﺣﺪا ﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﻣﻮارد اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﺗﻤﻜﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺗﺰوﻳﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﻐﺮﺑﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ .ﻛﻤﺎ ﺳﺘﻤﻜﻨﻪ ﻫﺬا اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻀﻲ ﻗﺪﻣﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻷﺧﻀﺮ .ﺣﺮص اﻟﻤﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻴﻊ آﻓﺎق ﻣﺨﻄﻂ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺒﺎدرة ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻤﻐﺮب ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ. ﻛﻤﺎ أن ﻫﻨﺎك ﺗﻮﻗﻌﺎت ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،ﺳﺘﻘﺮب اﻟﻤﻐﺮب أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ رﻓﻊ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﻓﻲ ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ. ﻣﺤﻄﺔ ﻧﻮر ورزازات
ﺑﺪأت اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﻣﻨﺬ 2013وﻫﻲ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﺤﻠﻮل .2020ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﺘﻈﺮ أن ﻳﻠﺒﻲ ﻧﺼﻒ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺤﻠﻮل .2030 ﺗﺴﻌﻰ أﻫﺪاف اﻟﻤﺸﺮوع إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺎت ﻋﺪة .أﻫﻤﻬﺎ ﺗﺒﻨﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء وﺗﻠﺒﻴﺔ اﻟﻄﻠﺐ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺳﻨﻮﻳﺎ .إذ ﻟﻦ ﺗﻠﺒﻴﻬﺎ اﻟﻄﺮف اﻻﻋﺘﻴﺎدﻳﺔ ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ .ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ 20ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا ً ﻋﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ورزازات ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸﺮﻗﻲ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ .ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ 4ﻣﺤﻄﺎت ﻛﺒﻴﺮة .اﻷوﻟﻰ ﻫﻲ ﻣﺤﻄﺔ ﻧﻮر 1اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2016وﺟﺎري اﻟﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻮر 2وﻧﻮر 3وﻧﻮر .4دﺧﻠﺖ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻟﻤﺤﻄﺔ ﻧﻮر ،1وأﺻﺒﺤﺖ ﺗﻨﺘﺞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﻸﻏﺮاض اﻟﻤﺤﺪدة ﻟﻬﺎ ،ﺑﻌﺪ
44
ﻃﺎﻗﺔ ﻣﺘﺠﺪدة ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻐﺮب أﺧﻀﺮ
أﺷﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻳﻤﺘﺪ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻰ أﻳﻀﺎ ”ﻧﻮر ورزازات“ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ 3000ﻫﻜﺘﺎر .ﺧﺼﺼﺖ ﻣﺴﺎﺣﺔ 450ﻫﻜﺘﺎرا ﻟﻠﻤﺤﻄﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻤﺘﺪ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ 750ﻫﻜﺘﺎرا .ﺗﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ .ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﺗﺘﻌﺪى ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ 220ﻫﻜﺘﺎرا ً .ﻳﻐﻄﻲ اﻟﻤﺸﺮوع ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺗﻌﺎدل ﺗﺴﻌﺔ أﺿﻌﺎف ﺳﻨﺘﺮال ﺑﺎرك ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﺠﻤﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮ. ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺎدل ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ ،ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺮﺑﺎط .ﺗﻄﻠﺐ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻀﺨﻢ ،دﻋﻤﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﻣﻨﺤﺘﻪ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ .ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻤﻜﻠًﻒ واﻟﻤﺘﻄﻠﺐ ﻟﻬﺬا اﻟﺮأﺳﻤﺎل اﻟﻀﺨﻢ .ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﻣﻨﻔﺘﺤﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎرز ﻋﻠﻰ رأس ﻣﺎل أﺟﻨﺒﻲ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ .وﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﺟﺪا ﺑﻄﻤﻮﺣﻪ ﻟﻼﻧﺪﻣﺎج ﻛﻠﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ )ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ( .ﺑﻬﺬا ،ﻳﻌﺪ اﻟﻤﻐﺮب ﻣﻦ أوﻟﻰ دوﻟﺔ ﺷﻤﺎل إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺘﻲ اﻧﺨﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .إذ ﺗﻘﺪم اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ ﺑﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻤﻮﻳﻠﻲ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻠﻤﻐﺮب .ﺣﻴﺚ ﻏﻄﻲ ﻫﺬا اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ ﺛﻼث ﻣﺠﺎﻻت ﻣﺤﺪدة ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻄﻮر اﻟﻤﻐﺮب اﻷﺧﻀﺮ .ﺗﺠﻠﺖ أوﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻓﻲ دﻋﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻤﺸﺮوع 2008ﻣﺨﻄﻂ اﻟﻤﻐﺮب اﻷﺧﻀﺮ .اﻟﺬي ﻳﺤﺪد اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺒﻌﻬﺎ اﻟﺒﻼد ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 2008و.2020 ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻣﺸﺮوع ﻧﻮر ورزازات ،ﻳﻨﺪرج ﻓﻲ ﻫﺬا اﻹﻃﺎر اﻟﻌﺎم ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﺮج ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺸﺮوﻋﺎ ﺗﺠﺎرﻳﺎ ﺷﺄن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ .ﻷن إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﺗﻨﺪرج ﺿﻤﻦ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﻤﻮارد اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﺪء ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﻘﺪ وﺻﻠﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺑﻨﺎء ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﺑﻤﺤﻄﺎﺗﻪ اﻷرﺑﻌﺔ ،إﻟﻰ 2ﻣﻠﻴﺎر و 200ﻣﻠﻴﻮن ﻳﻮرو. ﺗﻢ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻤﺸﺮوع ﻣﻦ ﻃﺮف ﻋﺪة ﻣﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﺣﻴﺚ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ ﺣﺼﺔ رﺑﺤﻴﺔ .ﻳﻌﺪ اﻹﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ،ﻳﻠﻴﻪ اﻟﺒﻨﻚ اﻷوروﺑﻲ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر واﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮوض. ﺣﻴﺚ أﺳﻬﻤﻮا ﺑﻨﺤﻮ ﻣﻠﻴﺎر و 562ﻣﻠﻴﻮن ﻳﻮرو .ﻛﻤﺎ أﺳﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى اﻟﺒﻨﻚ اﻻﻓﺮﻳﻘﻲ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺑﻨﺤﻮ 517ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر .ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺸﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺮوع ﺷﺮﻛﺔ أﻛﻮا ﺑﺎور اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ .إن إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻓﻘﻂ ﻧﻬﺎرا ﺑﻞ أﻳﻀﺎ ﻟﻴﻼ.
أﻟﻒ ﺑﺴﻴﻄﺎت وﻧﻨﺠﺰ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻵن 50أﻟﻔﺎً ،واﻟﻤﻌﻠﻤﻮن اﻷﻟﻤﺎﻧﻴﻮن ﺷﺮﻋﻮا ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻟﻤﺎﻛﻨﺎت ﺑﺎﻟﻤﻌﻤﻞ" ،ﺛﻢ إﺧﺒﺎره ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ أﺧﺮى ﺑﺄﻧﻪ وﻗّﻊ ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺪ ﻣﻊ ﺷﺮﻛﺔ أﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻗﺼﺪ ﻣﺪ ﺷﺒﻜﺔ اﻷﺳﻼك اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﺑﺘﻄﻮان ﺑﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻗﺪرﻫﺎ 440أﻟﻒ ﻓﺮﻧﻚ .إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ ،ﺷﻜﻠﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ أﻧﻤﻮذﺟﺎً ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ،ﺳﻮاء ﻟﺪى اﻷﻟﻤﺎن أو اﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﻴﻦ أواﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ،وﻫﻲ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﺒﻨﺎﻫﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ إﻟﻰ آﺧﺮ أﻳﺎم ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻟﻘﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺎم اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ،وأﺿﺤﺖ ﻣﺜﺎﻻ ﻳﺤﺘﺬى ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻤﻌﻴﺸﻲ ﻟﺤﻴﺎة اﻟﺴﻜﺎن ،ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ، Electrasmarroquíes وﺑﺮزت ﻫﺬه اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺟﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻻت ﻋﺪﻳﺪة ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ اﻷﺧﻴﺮة ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ، إذ ﺳﻌﺖ إﻟﻰ دﻣﺠﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ،ﺑﻌﺪﻣﺎ رﻓﺾ اﻟﺤﺎج ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت .و ﻇﻠﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﺸﺮوﻋﺎ ﻣﻐﺮﺑﻴﺎ ﻣﻨﺬ أن وﺿﻊ اﻟﺤﺎج ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ ﻟﺒﻨﺎﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ ﺗﺄﻣﻴﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﺳﻨﺔ .1977ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل ،رﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ رﺻﺪه ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮوع اﻹﺻﻼﺣﻲ ﻟﻠﻨﺨﺒﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﺤﻜﻢ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ ،وﻣﺪى ﻧﺠﺎﻋﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻨﻬﻜﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ،وﻛﺎن ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ
اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﺎﺋﻘﺎ أﻣﺎم اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻮاﻣﻞ داﺧﻠﻴﺔ وأﺧﺮى ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﺤﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ. ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﺸﺮوع »ﺷﺮﻛﺔ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ« أﻧﻤﻮذﺟﺎً إﺻﻼﺣﻴﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻟﻠﻨﻬﻮض اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻓﻜﺮة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺮوع اﻹﺻﻼﺣﻲ اﻟﺬي ﺗﺒﻨﺎه اﻟﺮاﺣﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﻤﺎل ،ﺑﻌﺪﻣﺎ راﻫﻦ اﻟﺮاﺣﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻴﺘﻴﻦ أﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ :اﻟﺘﻨﻈﻴﺮ ﻟﻠﻤﺸﺮوع اﻹﺻﻼﺣﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻠﻤﻲ ﺛﻢ ﺗﻨﺰﻳﻠﻪ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻤﺎدي ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻪ ƩŵŌƉǘǕŌǶ ƈƂōƚǘǕŌ
- 1أرﺷﻴﻒ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻨﻮﻧﺔ ،ﻣﺮﻗﻮﻧﺔ. - 2ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﻨﺠﻲ» ،ﺿﺮورة ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻻﻧﺘﺎج اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ« ،ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺮﻳﻒ ،اﻟﻌﺪد .124 - 3اﻟﺘﻬﺎﻣﻲ اﻟﻮزاﻧﻲ» ،ﻛﺘﺎب ﻣﻔﺘﻮح« ،ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺮﻳﻒ ،اﻟﻌﺪد .28 - 4ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ ﻋﺰوز ﺣﻜﻴﻢ» ،ﻳﻮﻣﻴﺎت زﻋﻴﻢ اﻟﻮﺣﺪة« ،ج.1 - 5ﻛﺘﺎب ﺟﻤﺎﻋﻲ ،ﺻﻔﺤﺎت ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ :اﻟﺤﺎج ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ« . - 6ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ ﻋﺰوز ﺣﻜﻴﻢ» ،أب اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺎج ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻨﻮﻧﺔ ،ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻧﻀﺎﻟﻪ« ،ج ،1ج،1 - 7اﻟﺘﻬﺎﻣﻲ اﻟﻮزاﻧﻲ» ،اﻻﺳﺘﻘﻼل« ،ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺮﻳﻒ ،اﻟﻌﺪد .97
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
43
тАл╪ея║┐я║О╪б╪йтАм
тАл┬╗╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║О╪б┬лтАм тАля║Чя╗ия║Оя╗Уя║▓ ╪зя╗╗я║│я║Шя╗Мя╗дя║О╪▒ ╪з я║│я║Тя║Оя╗зя╗▓ я║Ся║Оя╗Яя╗дя╗Ря║о╪и!тАм тАля╗Яя╗Мя╗Ю ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║о┘И┘Б я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║Шя║ая║оя║Ся║Ф ╪зя╗╣я║╗я╗╝я║гя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║Ф я║зя╗╝┘Д ╪зя╗Яя╗Шя║о┘Ж ╪зя╗Яя║Шя║Оя║│я╗КтАм тАля╗Ля║╕я║о ┘И╪зя╗Яя╗ия║╝я╗Т ╪зя╗Яя║Ья║Оя╗зя╗▓ я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗Шя║о┘Ж ╪зя╗Яя╗Мя║╕я║оя╗│я╗ж ╪зя╗ля║Шя╗дя║Оя╗гя╗мя║О ╪зя╗╖я║│я║Оя║│я╗▓ я║Ся║┤я║Тя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя╗Шя╗Ая║О╪б я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя║Шя║ия╗ая╗Т ┘И╪зя╗╗я╗зя║дя╗Дя║О╪╖ ┘Ия║Ся╗Шя╗Ая║Оя╗│я║О ╪зя╗Яя║Шя║дя║о╪▒ я╗гя╗ж ╪зя╗╗я║│я║Шя╗Мя╗дя║О╪▒тАм тАл╪зя╗Яя║м┘К я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я║Чя║о╪▓╪н я║Чя║дя║Ц я╗зя╗┤я║о┘З ╪зя╗Яя║к┘И┘Д ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗┤я║ФтАк .тАм┘Ия╗Ыя║Оя╗зя║Ц я╗гя║┤я║Дя╗Яя║Шя║О ╪зя╗Яя║Шя╗Мя╗ая╗┤я╗втАм тАл┘И╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п я║гя║Оя║┐я║оя║Чя╗┤я╗ж я║Ся╗Шя╗о╪йтАк ╪МтАмя╗Ыя╗дя║О я║гя╗Ая║о╪к я╗гя║ия║Шя╗ая╗Т ╪зя╗Яя║ая╗о╪зя╗зя║Р ╪зя╗╗я║Яя║Шя╗дя║Оя╗Ля╗┤я║ФтАм тАл┘Ия╗Пя╗┤я║оя╗ля║О ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я╗Уя╗▓ я║╗я╗ая║Р ╪зя╗ля║Шя╗дя║Оя╗гя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║╝я╗ая║дя╗┤я╗ж ╪зя╗Яя╗Мя║о╪и ╪зя╗Яя║мя╗│я╗жтАм тАл╪▒╪г┘И╪з ┘И╪зя║Яя║Р ╪зя╗Яя║Шя╗Шя║к┘Е я╗Уя╗┤я╗мя║О я╗гя║┤я║Дя╗Яя║Ф я║гя╗┤я╗оя╗│я║Ф ┘Ия║┐я║о┘И╪▒я╗│я║Ф я╗Яя╗ая║Шя╗Шя║к┘ЕтАк ╪МтАм╪ея╗╗ ╪гя╗зя╗к я╗Уя╗▓тАм тАля║╖я╗дя║О┘Д ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║о╪и я║Чя║╝я║О╪пя╗Уя╗ия║О я║Чя║ая║оя║Ся║Ф ╪▒╪зя║Ля║к╪й я╗Ля╗ая╗░ я╗гя║┤я║Шя╗о┘Й ╪зя╗Яя╗Фя╗Ья║о ╪зя╗╣я║╗я╗╝я║гя╗▓тАм тАл╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п┘КтАк ╪МтАм┘Ия╗ля╗▓ я║Чя║ая║оя║Ся║Ф я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя║┤я╗╝┘Е я║Ся╗ия╗оя╗зя║Ф ╪зя╗Яя║м┘К я╗Ыя║О┘Ж я╗│я║о┘Й я║Ся╗Ая║о┘И╪▒╪йтАм тАл╪зя╗╗я║│я║Шя╗Шя╗╝┘Д ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п┘К я╗Чя║Тя╗Ю ╪зя╗╗я║│я║Шя╗Шя╗╝┘Д ╪зя╗Яя║┤я╗┤я║Оя║│я╗▓ ┘Ия║Ся╗оя║Яя╗о╪и я║зя╗ая╗ЦтАм тАля╗гя║╕я║О╪▒я╗│я╗К ╪зя╗Чя║Шя║╝я║О╪пя╗│я║Ф я╗гя╗Ря║оя║Ся╗┤я║Ф я╗Яя╗дя╗о╪зя║Яя╗мя║Ф ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п ╪зя╗╗я║│я║Тя║Оя╗зя╗▓ ╪зя╗╗я║│я║Шя╗Мя╗дя║О╪▒┘КтАм тАля╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя╗ия╗Дя╗Шя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗Ыя║О┘Ж я╗│я║дя║Шя╗ая╗мя║О я║Ся║╕я╗дя║О┘Д ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║о╪итАк ╪МтАм╪г┘И я╗Ыя╗дя║О ╪гя║│я╗дя║О┘З ╪зя╗Яя║Тя║Оя║гя║ЪтАм тАл╪зя╗Яя╗Фя║оя╗зя║┤я╗▓ ╪▒я╗│я║░я╗│я╗В "╪зя╗Яя║Шя║ия╗ая║║ я╗гя╗ж ╪зя╗Яя╗оя║╗я║Оя╗│я║Ф ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪пя╗│я║Ф ╪зя╗╣я║│я║Тя║Оя╗зя╗┤я║Ф"тАк.тАмтАм тАл┘Ия╗Ыя║О┘Ж я╗гя║╕я║о┘И╪╣ "я║╖я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗Мя║О┘И┘Ж ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗┤я║Ф" ╪г┘И я║╖я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя╗ия╗о╪▒ ╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║Оя║Ля╗▓тАм тАля║Ся║Шя╗Дя╗о╪з┘Ж ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║│я║Оя╗ля╗в я╗Уя╗▓ я║Чя║Дя║│я╗┤я║┤я╗мя║О ┘Ия║Чя║о╪г╪│ я╗гя║ая╗ая║┤я╗мя║О ╪зя╗╣╪п╪з╪▒┘К я╗Уя╗▓ я╗гя║О╪▒╪│тАм тАля║│я╗ия║Ф тАк 1928тАм╪г┘И┘Д я╗гя║╕я║о┘И╪╣ я╗╣я╗зя║Шя║О╪м ╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║О╪б ┘Ия║Чя╗о╪▓я╗│я╗Мя╗к я╗Яя╗дя╗ия║Оя╗Уя║┤я║Ф я╗гя╗ия║Шя╗о╪мтАм тАл╪зя╗╗я║│я║Шя╗Мя╗дя║О╪▒ ╪зя╗╣я║│я║Тя║Оя╗зя╗▓ я║зя╗╝┘Д я╗Уя║Шя║о╪й ╪зя╗Яя║дя╗дя║Оя╗│я║Ф ╪зя╗╖я║Яя╗ия║Тя╗┤я║Ф я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║о╪итАк.тАмтАм тАл┘Ия╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя║┤я╗╝┘Е я║Ся╗ия╗оя╗зя║Ф ┘И╪зя║гя║к я╗гя╗ж ╪гя╗ля╗в ┘И╪гя║Ся║о╪▓ ╪зя╗Яя╗дя║╝я╗ая║дя╗┤я╗ж я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║дя╗Шя╗ЮтАм тАл╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п┘К я╗Уя╗▓ я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗Фя║Шя║о╪йтАк ╪МтАм┘Ия╗│я╗дя╗Ья╗ж я║Чя╗Шя║┤я╗┤я╗в я╗зя║╕я║Оя╗Гя╗к я╗Уя╗▓ я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗дя║ая║О┘ДтАм тАл╪ея╗Яя╗░ я╗Чя║┤я╗дя╗┤я╗жтАк :тАм╪г┘Ия╗╗ " ╪зя╗Яя║Шя╗Фя╗Ья╗┤я║о я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗дя║╕я║О╪▒я╗│я╗К ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪пя╗│я║Ф ╪зя╗Яя╗ия║Оя╗Уя╗Мя║Ф ┘Ия║Чя║ия╗Дя╗┤я╗ВтАм тАля║Ся║о╪зя╗гя║Ю я╗Яя║Шя║дя╗Шя╗┤я╗Шя╗мя║О ┘И╪ея║зя║о╪зя║Яя╗мя║О ╪ея╗Яя╗░ я║гя╗┤я║░ ╪зя╗Яя╗оя║Яя╗о╪п ┘Ия║Чя╗дя╗оя╗│я╗ая╗мя║О ╪г┘И ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Оя╗ля╗дя╗┤я╗жтАм тАля╗Уя╗┤я╗мя║О я╗гя╗К ╪зя╗╣я║╖я║о╪з┘Б ╪г┘И ╪зя╗Яя║Шя║Шя║Тя╗К я╗Яя╗Ая╗дя║О┘Ж ╪зя║│я║Шя╗дя║о╪з╪▒я╗ля║О ┘И╪е╪п╪▒╪з┘Г я╗зя║ая║Оя║гя╗мя║О" я║Ыя╗втАм тАл"╪зя╗╣я║│я╗мя║О┘Е я╗Уя╗▓ я╗гя║╕я║О╪▒я╗│я╗К ╪г┘И я║╖я║оя╗Ыя║О╪к я╗гя║ия║Шя╗ая╗Фя║Ф ╪зя╗╖я╗л┘А┘Ая║к╪з┘Б я║│я╗о╪з╪б ╪п╪зя║зя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя╗дя╗Ря║о╪и ╪г┘И я║зя║О╪▒я║Яя╗ктАк ╪МтАмя╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║╕я║о┘В ╪зя╗Яя╗Мя║оя║Ся╗▓ ╪г┘И ╪г┘И╪▒┘Ия║Ся║О"тАк ╪МтАм┘Ия╗│я╗дя║Ья╗Ю я╗гя║╕я║о┘И╪╣тАм тАл"я║╖я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗Мя║О┘И┘Ж ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗┤я║Ф" ╪г┘И я╗Ыя╗дя║О я║Чя║┤я╗дя╗░ я║╖я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя╗ия╗о╪▒ ╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║Оя║Ля╗▓тАм тАля║Ся║Шя╗Дя╗о╪з┘ЖтАк ╪МтАм╪зя╗Яя║╕я╗Ц ╪зя╗Яя╗Мя╗дя╗ая╗▓ я╗Уя╗▓ я╗Уя╗Ья║о я║Ся╗ия╗оя╗зя║Ф ╪зя╗╣я║╗я╗╝я║гя╗▓ ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п┘КтАк .тАм┘Ия║Чя╗Мя║ктАм тАля╗гя╗ж ╪гя║Ся║о╪▓ ╪зя╗Яя╗дя╗ия║ая║░╪з╪к ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪пя╗│я║ФтАк ╪МтАм╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Яя║О╪б╪к я╗Ыя║о╪п я╗Уя╗Мя╗Ю я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗дя╗Мя║Оя╗зя║О╪йтАм тАл╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗Ыя║О┘Ж ╪зя╗Яя║┤я╗Ья║О┘Ж я╗│я║Шя║ая║оя╗Ля╗оя╗зя╗мя║О я╗гя╗ж я║╖я║оя╗Ыя║Ф "╪зя╗Яя╗Ья╗Дя║о╪з╪│" ╪зя╗╗я║│я║Шя╗Мя╗дя║О╪▒я╗│я║ФтАк.тАмтАм тАля╗Ыя║О┘Ж ╪зя╗Яя╗мя║к┘Б я╗гя╗ж я║Чя║Дя║│я╗┤я║▓ ╪зя╗Яя║╕я║оя╗Ыя║Ф ╪ея╗зя║Шя║О╪м ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║Оя║Ля╗┤я║Ф ┘Ия║Чя╗о╪▓я╗│я╗Мя╗мя║ОтАм тАл┘И╪зя║│я║Шя╗Ря╗╝┘Д я║│я║Оя║Ля║о ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║оя║Чя║Тя╗Дя║Ф я║Ся╗мя║О ╪г┘И ╪зя╗Яя╗дя║Шя╗дя╗дя║Ф я╗Яя╗мя║О ┘И╪ея║Яя║о╪з╪б я║Яя╗дя╗┤я╗КтАм тАл╪гя╗зя╗о╪з╪╣ ╪зя╗Яя╗Мя╗дя╗ая╗┤я║О╪к ┘Ия║Ся╗┤я╗К я║│я║Оя║Ля║о ╪зя╗Яя╗дя╗о╪з╪п ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗│я╗дя╗Ья╗ж ╪ея╗зя║Шя║Оя║Яя╗мя║О ┘Ия╗Ыя║мя╗Яя╗Ъ ╪зя║│я║Шя║Ья╗дя║О╪▒тАм тАл╪г┘К я╗гя║Жя║│я║┤я║Ф ╪гя║зя║о┘Й я╗Яя╗мя║О я╗Гя║Оя║Ся╗К я║╗я╗ия║Оя╗Ля╗▓тАк .тАмя╗Ыя╗дя║О я╗Ыя║Оя╗зя║Ц я╗Яя╗мя║О ╪гя╗ля╗дя╗┤я║Ф ╪гя║зя║о┘ЙтАм тАлтАк42тАмтАм
тАл┬╗╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║О╪б┬л я║Чя╗ия║Оя╗Уя║▓ ╪зя╗╗я║│я║Шя╗Мя╗дя║О╪▒ ╪зтАкSтАмя║│я║Тя║Оя╗зя╗▓ я║Ся║Оя╗Яя╗дя╗Ря║о╪и!тАм
тАл╪птАк .тАм╪гя╗зя║▓ ╪зя╗Яя╗Фя╗┤я╗╝я╗Яя╗▓*тАм тАл тАк┼Ь╞Й╞о╟Ш╟Х┼М ╔Р┼┐╟┐╞И┼Н┼и╟Х┼М ╟╜╞│ ┼л┼╜┼Н┼ЯтАмтАм
тАля║Чя║Шя╗дя║Ья╗Ю я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Фя╗Ья║о╪й ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪г╪▒╪з╪п ╪зя╗Яя║оя║Яя╗Ю я║Чя║дя╗Шя╗┤я╗Шя╗мя║О я╗гя╗ж я║зя╗╝я╗Яя╗мя║ОтАк ╪МтАм╪г┘К я║╖я║оя╗Ыя║ФтАм тАля╗гя║┤я║Оя╗ля╗дя║Ф я║Чя║ая╗дя╗К я║╖я╗дя╗Ю ╪зя╗Яя╗Мя║кя╗│я║к я╗гя╗ж я╗Уя║Мя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║ая║Шя╗дя╗КтАк ╪МтАмя╗Уя╗Шя║о╪з╪б ┘И╪гя╗Пя╗ия╗┤я║О╪бтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗гя║┤я╗ая╗дя╗┤я╗ж ┘Ия╗│я╗мя╗о╪п ┘Ия╗зя║╝я║О╪▒┘ЙтАк ╪МтАмя╗│я║┤я║Оя╗ля╗дя╗о┘Ж я╗Уя╗▓ ╪▒╪гя║│я╗дя║Оя╗Яя╗мя║ОтАк ╪МтАмя╗Яя╗Ья╗▓ я╗│я╗Ая╗дя╗ж тАк-тАмя╗гя╗жтАм тАля║Яя╗мя║ФтАк -тАм╪зя║│я║Шя╗дя║о╪з╪▒я╗ля║О ╪гя╗Гя╗о┘Д я╗гя║к╪й я╗гя╗дя╗Ья╗ия║ФтАк ╪МтАмя╗гя║О ╪п╪зя╗гя║Ц я║Чя║дя║Шя╗о┘К я╗Ля╗ая╗░ ╪гя║Яя║Оя╗зя║РтАм тАл┘Ия╗гя╗Ря║О╪▒я║Ся║Ф я╗гя╗ж я║Яя╗ия║┤я╗┤я║О╪к я╗гя║ия║Шя╗ая╗Фя║ФтАк ╪МтАмя╗│я║Жя╗гя╗ия╗о┘Ж я╗Яя╗мя║О ╪зя╗Яя║кя╗Ля╗в ┘Ия╗Ля║к┘Е ╪зя╗Яя║Шя║кя║зя╗ЮтАм тАл╪зя╗Яя║┤я║Оя╗Уя║о я╗Уя╗▓ я║╖я║Ж┘Ия╗зя╗мя║ОтАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗ж я║Яя╗мя║Ф я║Ыя║Оя╗зя╗┤я║ФтАк ╪МтАмя║│я╗┤я║оя║Чя╗Шя╗▓ я║Ся║Оя╗Яя╗оя║┐я╗К ╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п┘КтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя║О╪п┘К я╗Яя║Тя╗Мя║╛ ╪зя╗Яя╗Фя╗Шя║о╪з╪б ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Оя╗ля╗дя╗┤я╗ж я╗Уя╗▓ я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║╕я║оя╗Ыя║Ф ┘Ия╗Пя╗┤я║оя╗ля║О я╗гя╗жтАм тАл╪зя╗Яя║╕я║оя╗Ыя║О╪к ╪зя╗Яя║Шя╗Мя║О┘Ия╗зя╗┤я║Ф ╪зя╗╖я║зя║о┘ЙтАк .тАмя║┐я╗дя║Ц ╪зя╗Яя║╕я║оя╗Ыя║Ф я╗Ля║к╪й я╗гя║┤я║Оя╗ля╗дя╗┤я╗ж ┘Ия╗Ля║к╪йтАм тАл╪гя╗Ля╗Ая║О╪бтАк ╪МтАмя╗Яя╗Ья╗ж ╪зя╗Яя║к┘И╪▒ ╪зя╗Яя╗Ья║Тя╗┤я║о ┘И╪зя╗╖я║│я║Оя║│я╗▓ я╗Чя║О┘Е я║Ся╗к я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя║┤я╗╝┘Е я║Ся╗ия╗оя╗зя║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗│я║Тя║о╪▓тАм тАл╪п┘И╪▒┘З ┘Ия╗Ля╗дя╗ая╗к ╪зя╗╣я║╗я╗╝я║гя╗▓ я╗гя╗ж я║зя╗╝┘Д ╪гя╗ля║к╪з┘Б ┘И╪г┘Ия╗Яя╗оя╗│я║О╪к ╪зя╗Яя║╕я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║Тя║о╪▓тАм тАл╪зя╗Яя╗ия╗┤я║Ф ╪зя╗╣я║╗я╗╝я║гя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║╝я║оя╗Уя║Ф ┘Ия╗╗ я║│я╗┤я╗дя║О я╗Уя╗┤я╗дя║О я╗│я║ия║║ ╪зя╗╣я╗зя║О╪▒╪йтАк.тАмтАм тАл┘Ия╗Яя╗Мя╗Ю ╪гя║гя║к ╪зя╗╖я║│я║Мя╗ая║Ф ╪зя╗Яя╗дя║╕я║о┘Ия╗Ля║Ф я║гя╗о┘Д я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗дя║╕я║о┘И╪╣ ╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║Оя║Ля╗▓тАм тАля║Чя║Шя╗Мя╗ая╗Ц я║Ся╗дя║к┘Й я╗зя║ая║О╪н я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║Шя║ая║оя║Ся║Ф ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ я║Ся╗ая║к я╗Пя╗┤я║о я║╗я╗ия║Оя╗Ля╗▓тАк╪МтАмтАм тАля║Ся╗ая║к я║Чя║╕я╗Ья╗Ю я╗Уя╗┤я╗к ╪зя╗╖я╗гя╗┤я║Ф ╪зя╗Яя║дя╗ая╗Шя║Ф ╪зя╗╖я║Ся║о╪▓╪Я ┘Ия╗Ыя╗┤я╗Т я╗│я║┤я║Шя╗Дя╗┤я╗К ╪гя╗Ля╗Ая║О╪б ╪зя╗Яя║╕я║оя╗Ыя║ФтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя║┤я║Оя╗ля╗дя╗о┘Ж я╗Уя╗┤я╗мя║О я║┐я╗дя║О┘Ж ╪зя║│я║Шя╗дя║о╪з╪▒я╗│я║Шя╗мя║О╪Я ╪е┘Ж ╪зя╗Яя║ая╗о╪з╪и я╗Ля╗ж ╪зя╗Яя║Шя║┤я║О╪д┘ДтАм тАл╪зя╗Яя║Ья║Оя╗зя╗▓ я╗Чя║к я╗│я║дя╗┤я╗Ю я╗гя║Тя║Оя║╖я║о╪й я╗Ля╗ая╗░ я╗Гя║оя╗│я╗Шя║Ф я╗Ля╗дя╗Ю ╪зя╗Яя║╕я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪гя║│я╗ая╗Фя╗ия║О ╪░я╗Ыя║оя╗ля║ОтАк╪МтАмтАм тАл┘И╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя╗Шя╗о┘Е я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Оя╗ля╗дя║О╪к я║Ся╗┤я╗ж ╪зя╗Яя╗дя╗Ря║О╪▒я║Ся║Ф ┘И╪зя╗╖я║Яя║Оя╗зя║РтАк ╪МтАмя╗гя╗ж я╗гя║┤я╗ая╗дя╗┤я╗жтАм тАл┘Ия╗│я╗мя╗о╪п ┘Ия╗зя║╝я║О╪▒┘ЙтАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗╗ я╗│я╗дя╗Ья╗ж я╗Ля╗ая╗░ ╪г┘К я║гя║О┘Д я║│я╗о┘Й ╪г┘Ж я║Чя║кя╗Ля╗в я╗гя╗жтАм тАл╪е╪п╪з╪▒╪й ╪зя╗Яя║дя╗дя║Оя╗│я║Ф ┘И╪зя╗Яя║дя╗Ья╗оя╗гя║Ф я╗гя╗Мя║ОтАк .тАм┘Ия╗Яя║Шя║дя╗Шя╗┤я╗Ц я╗ля║м╪з ╪зя╗Яя╗дя║╕я║о┘И╪╣ ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗▓тАм тАл┘И╪зя╗╗я╗Чя║Шя║╝я║О╪п┘КтАк ╪МтАмя╗Ля╗дя╗Ю я╗Ля║Тя║к ╪зя╗Яя║┤я╗╝┘Е я║Ся╗ия╗оя╗зя║Ф я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╗я║│я║Шя╗Фя║О╪п╪й я╗гя╗ж я║Чя║ая║О╪▒╪итАм тАл╪г┘И╪▒┘Ия║Ся╗┤я║Ф я╗гя║Шя╗Мя║к╪п╪йтАк ╪МтАм┘И╪░я╗Яя╗Ъ я║Ся╗Мя║к я╗Чя╗┤я║Оя╗гя╗к я╗Яя╗мя║м╪з ╪зя╗Яя╗Ря║о╪╢ я║Ся╗Мя║к╪й я║│я╗Фя║оя╗│я║О╪ктАм тАл╪ея╗Яя╗░ я╗гя║ая╗дя╗оя╗Ля║Ф я╗гя╗ж ╪зя╗Яя║к┘И┘Д ╪зя╗╖┘И╪▒┘Ия║Ся╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘Ия║Ся╗Мя║к я╗Ля║к╪й ╪п╪▒╪зя║│я║О╪к ╪гя║│я╗Фя║о╪к я╗Ля╗жтАм тАл┘Ия╗Ля╗┤я╗к я║Ся║Д┘ЖтАк" :тАмя║╖я║оя╗Ыя║Ф ╪зя╗Яя║Шя╗Мя║О┘И┘Ж ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗┤я║Ф я╗Чя║Оя║Ля╗дя║Ф я╗Ля╗ая╗░ ╪гя║гя║┤я╗ж я╗гя║О я╗│я╗ия║Тя╗Ря╗▓тАк╪МтАмтАм тАл┘И╪зя╗Яя║Тя╗ия║О╪б ╪гя║╖я║о┘Б я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗╣я║Чя╗дя║О┘Е ┘И╪зя╗╖╪п┘И╪з╪к ╪зя╗Яя╗дя╗┤я╗Ья║Оя╗зя╗┤я╗Ья╗┤я║Ф я╗гя╗Дя╗ая╗оя║Ся║Ф я╗гя╗ж я╗гя╗Мя║Оя╗гя╗ЮтАм тАля║│я╗оя╗│я║┤я║о╪з ┘И╪зя╗зя║ая╗ая║Шя║о╪з"тАк ╪МтАмя║Ыя╗в я║Ся╗Мя║к ╪░я╗Яя╗Ъ я╗Ля╗дя╗Ю я║Ся╗ия╗оя╗зя║Ф я║Ся╗ия╗Фя║┤я╗к я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя║╕я║о┘И╪╣тАм тАля╗Уя╗▓ ╪ея╗зя║ая║О╪▓я╗ля║О я║Ся║╕я╗Ья╗Ю я╗Ля╗дя╗ая╗▓тАк ╪МтАм┘Ия║╗я║о╪н я║Ся║мя╗Яя╗Ъ я╗╗я║Ся╗ия╗к ╪зя╗Яя╗Дя╗┤я║Р я╗Чя║Оя║Ля╗╝тАк" :тАмя║╖я║оя╗Ыя║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗Ья╗мя║оя║Ся║О╪б ╪гя║зя║оя║Яя╗ия║О я╗гя║О я╗Ыя║О┘Ж я║Ся╗Шя╗▓ я╗гя╗ж ╪зя╗╖я║│я╗мя╗в я║Ся║Оя╗Яя╗дя║дя╗Фя╗Ия║Ф я╗Яя╗ая║Тя╗┤я╗К ┘Ия╗Чя║к╪▒┘З тАк400тАмтАм
ارﺗﻔﺎع ﺗﻜﻠﻔﺔ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ذات اﻟﺠﻮدة اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ وﻏﺮق وأﻧﻬﺎ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﻮﻣﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻹﻳﺠﺎد ﻃﺎﻗﺔ ﻣﺘﺠﺪدة اﻟﺴﻮق ﺑﺄﻧﻈﻤﺔ ﺗﺨﺰﻳﻦ ردﻳﺌﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎب ﺟﻬﺎز اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮﻗﺎﺑﻲ ﻧﻈﻴﻔﺔ وﻣﺜﻤﺮة وذات ﺟﺪوى اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة. ﻟﻢ ﻳﻮﻓﺮ اﻟﺤﻞ اﻻﻣﺜﻞ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻴﻤﻨﻲ اﻟﺬي ﻻﺷﻚ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺪﻳﻞ ﺣﻼ ﻧﺎﺟﻌﺎ ﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ﻏﻴﺎب اﻟﻄﺎﻗﺔ. إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت وﻣﻘﻮﻣﺎت ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﻤﻮاﺗﻴﺔ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺠﺎد
ﻳﺮى ﻣﺨﺘﺼﻮن أن ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺴﻜﺎن اﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﻧﺤﻮ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ وإن ﻛﺎن اﺿﻄﺮارﻳﺎ وﻋﻔﻮﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاﻫﻦ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ وﻧﻮاة ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻹﻳﺠﺎد ﺗﻮﺟﻪ رﺳﻤﻲ ﻋﺎم وﻣﺪروس وﻣﺜﻤﺮ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺠﺎد ﻓﻲ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة اﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻴﻤﻦ ﺿﺮورة ﻗﺼﻮى ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﺗﻀﺎﻓﺮ ﺟﻬﻮد ﻣﺸﺘﺮﻛﻪ ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺎت ﺗﺼﻨﻴﻊ وﺳﻠﻄﺎت ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﻪ وﻓﺮض رﺳﻮم ﺟﻤﺮﻛﻴﺔ وﻏﺮاﻣﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻤﻠﻮﺛﺔ وﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻣﻦ ﺗﺴﻬﻴﻼت واﻋﻔﺎء ﺟﻤﺮﻛﻲ ﻳﻌﺰز ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎم ﻧﺤﻮ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ. وﻳﻘﻮل اﻻﻋﻼﻣﻲ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺒﺪوي إن ﻣﻌﻮﻗﺎت اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ ﺗﻘﻒ ﺣﺠﺮ ﻋﺜﺮة إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﻘﺮ ﻟﻬﺎ ﺑﻠﺪ ﻧﺎمٍ ﻛﺎﻟﻴﻤﻦ ,وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ وﺗﺪرﻳﺐ اﻻﻳﺪي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ و اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﻗﺪ ﻳﺆﺗﻲ أﻛﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ وﻟﻦ ﻳﺤﻞ أزﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ وﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺤﺴﻴﻦ أوﺿﺎﻋﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ
ﺗﺘﻤﺘﻊ اﻟﻴﻤﻦ ﺑﻤﺼﺎدر ﻋﺪة ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﺑﺮزﻫﺎ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺼﻞ ﻣﻘﺪار اﻻﺷﻌﺎع اﻟﺸﻤﺴﻲ اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻣﻦ 4إﻟﻰ 6 ﻛﻴﻠﻮ وات ﻟﻜﻞ ﺳﺎﻋﻪ وﻫﻲ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻳﻘﻮل اﻟﻤﺨﺘﺼﻮن إن اﻟﺘﻨﻮع اﻟﺘﻀﺎرﻳﺴﻲ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﻤﻮارد أﺧﺮى ﻛﻄﺎﻗﻪ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺸﺮﻳﻂ اﻟﺴﺎﺣﻠﻲ ﺑﻄﻮل 2500ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮ ﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﻻﺣﻤﺮ ﻣﺮورا ﺑﺨﻠﻴﺞ ﻋﺪن واﻧﺘﻬﺎء ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻮﻗﻌﺎ ﻣﺜﺎﻟﻴﺎ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﻃﺎﻗﻪ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮر ﺑﻴﻨﺎت اﻟﻬﻮاﺋﻴﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﺮﻛﺎﻧﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻴﻤﻦ واﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫﻠﻬﺎ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﻃﺎﻗﻪ ﻣﺘﺠﺪدة إذا ﺗﻢ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﺤﺮاري ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻦ اﻷرض .وﻛﺄي ﺑﻠﺪ زراﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء وﻏﺎز اﻟﻤﻴﺜﺎن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻷﻏﺮاض اﻟﻄﺒﺦ ﺑﺎﻷﺧﺺ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ وﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت ﺗﺆﻫﻞ اﻟﻴﻤﻦ ﻟﺘﻜﻮن واﺣﺪة ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﺒﻠﺪان ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ وﻓﻖ أﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻏﻴﺮ أن ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﻈﻞ ﻃﻤﻮﺣﺎت ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻻ ﺗﻨﻔﻚ ﺗﺮاود أﺣﻼم اﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
41
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت رﺳﻤﻴﺔ إﻟﻰ ﻧﺤﻮ 40ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻗﺮاﺑﺔ اﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴﻤﺔ. ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري
اﻟﻴﻤﻦ اﻟﺘﻲ ﻋﺎدت ﻣﺪﻧﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة إﻟﻰ ﻋﺼﻮر اﻟﺸﻤﻮع واﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺼﺮاع اﻟﻤﺤﺘﺪم ﻇﻠﺖ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻲ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻂ واﻟﻐﺎز ﺑﻨﺴﺒﻪ .99 %وﺗﻘﻮل إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ رﺳﻤﻴﺔ إن اﻟﺒﻼد ﻛﺎﻧﺖ إﻟﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﻧﺤﻮ ﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ وﺳﺘﻴﻦ أﻟﻒ ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﺰل وﻧﺤﻮ ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺎزوت أو ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ اﻟﺜﻘﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ واﻟﺬي ﻳﺼﻞ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﺗﻨﺘﺠﻪ ﻣﺤﻄﺎت ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ أﻟﻒ ﻣﻴﺠﺎ وات ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻐﻄﻲ ﺣﺎﺟﻪ ﻧﺼﻒ ﺳﻜﺎن اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻘﻂ. وﻳﺤﺬر ﻣﺨﺘﺼﻮن ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻟﺨﻄﻴﺮة ﺟﺮاء اﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﻜﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮد اﻻﺣﻔﻮري ﻓﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ .وﺗﺸﻴﺮ إﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻤﻮارد إﻟﻰ أن ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺎ ﺗﺴﻬﻢ ﺑﻪ اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻦ اﻧﺒﻌﺎﺛﺎت
ﻟﻠﻐﺎزات اﻟﺪﻓﻴﺌﺔ ﻳﻘﺪر ﺑـ .%07وﺗﺼ ّﺪر ﻗﻄﺎع اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﻤﻮاﺻﻼت وﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣﻦ اﺣﺘﺮاق ﻟﻠﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻷﻋﻠﻰ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺪره اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺑﺤﻮاﻟﻲ 20.78ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻦ ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن. اﻧﺒﻌﺎث ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن ﺟﺮاء اﺣﺘﺮاق اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري ﻳﺘﺴﺒﺐ ﺑﻈﺎﻫﺮة اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪ ﻟﺜﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن إﻟﻰ اﻟﻐﻼف اﻟﺠﻮي ﻟﺘﻌﻤﻞ ﺟﺰﻳﺌﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺼﺎص اﻷﺷﻌﺔ اﻟﻤﻨﻌﻜﺴﺔ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﻟﺘﺮﺗﻔﻊ ﺑﺬﻟﻚ درﺟﻪ اﻟﺤﺮارة ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺪل اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وﺳﺨﻮﻧﺔ اﻷرض ﺑﺪورﻫﺎ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺧﻠﻞ وﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ أﻧﻈﻤﻪ اﻟﻤﻨﺎخ .وﻳﻘﻮل اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﻴﻤﻨﻲ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺒﺪوي وﻫﻮ ﻣﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ ﺷﺌﻮن اﻟﻄﺎﻗﺔ إن اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري ﻛﻤﺼﺪر أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﻠﻮﺛﺎت اﻟﻬﻮاﺋﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﺣﺘﺮاﻗﻬﺎ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﻐﺎزات واﻟﺠﺴﻴﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺮاﻛﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﻼف اﻟﺠﻮي ﻋﻠﻰ إﻓﺴﺎد ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ اﻟﻬﻮاء ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻗﻪ اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ وﻳﺼﺒﺢ ﻣﻌﻪ اﻟﻬﻮاء ﻣﺼﺪرا ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺿﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد ﻛﺎﻓﺔ ﺻﻮر اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻠﻰ اﻷرض. وﻳﻀﻴﻒ اﻟﺒﺪوي إن ﺑﻠﺪا ﻣﺜﻞ اﻟﻴﻤﻦ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ وﺿﻌﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺮ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻬﺸﺎﺷﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ان ﺗﺘﺤﻮل ﻫﺬه اﻵﺛﺎر اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﻗﻮد اﻻﺣﻔﻮري ﻓﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ إﻟﻰ أزﻣﺎت ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻣﺜﻘﻞ ﺑﺎﻷزﻣﺎت واﻟﻤﺸﺎﻛﻞ وﻳﺆﻛﺪ أن اﻟﺤﻞ اﻷﻣﺜﻞ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎم واﻟﻤﺪروس إﻟﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ. ﺿﺮورة أم ﺣﻠﻮل ﻣﺆﻗﺘﺔ؟
ﺷﻬﺪت اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻻﺧﻴﺮة اﻧﺘﺸﺎرا ً ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق ﻻﺳﺘﺨﺪام أﻧﻈﻤﻪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﺨﻠﻮ ﺳﻄﺢ ﻣﻨﺰل ﻣﻦ ﻟﻮح ﺷﻤﺴﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ .ﻫﺬا اﻹﻧﺘﺸﺎر ﺟﺎء ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻏﻴﺎب اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ وﺧﺮوج ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺤﻄﺎت ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻋﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﺗﻤﺮ ﺑﻪ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﺻﺮاﻋﺎت داﺧﻠﻴﺔ .ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺟﻪ اﻟﻌﻔﻮي ﻟﻠﻨﺎس واﻟﺬي ﺗﻘﺪره ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻧﻪ ﺑﺎت ﻳﺘﺠﺎوز ﻧﺼﻒ أﻋﺪاد اﻟﺴﻜﺎن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺪاﻓﻊ وﻋﻲ ﺑﻴﺌﻲ وإﻧﻤﺎ ﻟﺤﻞ أزﻣﻪ ﻏﻴﺎب اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﺎم اﻟﺬي ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻨﻪ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺴﻜﺎن وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪن اﻟﻜﺒﺮى وﻋﻮاﺻﻢ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت إذ رأى ﻓﻴﻪ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻮن ﺣﻼً ﻣﺆﻗﺘﺎً وإﺳﻌﺎﻓﻴﺎً ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻏﻴﺎب ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻻﺷﻚ ﺳﻴﺘﻼﺷﻰ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻤﻬﻨﺪس اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻤﺠﺮد ان ﺗﻌﻮد اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻟﻤﺤﻄﺎت اﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﺒﺮى ﺑﻤﺄرب واﻟﻤﺨﺎء وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﻄﺎت اﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ وﻳﻀﻴﻒ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺬي ﺗﺮك ﻋﻤﻠﻪ ﻛﺨﺒﻴﺮ ﻓﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺻﻨﻌﺎء وﺑﺎت ﻳﻌﺘﺎش ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻻﻟﻮاح اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺑﺎن أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﺣﺎﻟﻴﺎ ردﻳﺌﺔ وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻴﺎب اﻟﺪوﻟﺔ ورﻗﺎﺑﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﻣﺮ وﻳﻘﻮل اﻟﻤﺨﺘﺼﻮن ﺑﺎن
40
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ
ﻗﺎم اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺘﻠﻮن ﻋﺪن ﺟﻨﻮﺑﻲ اﻟﺒﻼد ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﺤﻄﺔ ﺑﺨﺎرﻳﺔ ﺑﻄﺎﻗﺔ 3ﻣﻴﺠﺎ وات ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻺﻧﺠﻠﻴﺰ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻢ إﻧﺸﺎء ﻣﺤﻄﺔ ﺟﺤﻴﻒ اﻟﺒﺨﺎرﻳﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﻤﺤﻄﺎت اﻷﺧﺮى ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺪن ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ آﻧﺬاك. أﻣﺎ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ واﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻛﺤﻀﺮﻣﻮت وﻟﺤﺞ وأﺑﻴﻦ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻮﻟﺪات ﺻﻐﻴﺮة اﻗﺘﺼﺮت ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻮت اﻟﺴﻼﻃﻴﻦ وﺑﻌﺾ اﻟﻤﻴﺴﻮرﻳﻦ .وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﺤﻜﻢ اﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺮف اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﻻ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ وﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﻘﺪ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﻢ إدﺧﺎل ﻣﻮﻟﺪات ﺻﻐﻴﺮة إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﺎء وﺗﻌﺰ واﻟﺤﺪﻳﺪة وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻢ إﻧﺸﺎء ﻣﺤﻄﺎت ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻤﺪن ﺑﻘﺪرات ﺗﻮﻟﻴﺪﻳﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺘﻮﺳﻊ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻻﺣﻘﺎً ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ﻟﺘﺼﻞ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻷﺧﻴﺮة ﺑﺤﺴﺐ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
39
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
وﻋﻲ ﺑﻴﺌﻲ أم ﺣﻠﻮل ﻣﺆﻗﺘﺔ!
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ
ﺻﻨﻌﺎء -زﻫﻮر ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ
ﻳﻘﺎل إن اﻹﻣــﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺬي ﺣﻜﻢ اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻲ أرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت وﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ رد ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ أﺣﺪ اﻟﻤﻠﻮك اﻟﻌﺮب ﻋﺮض ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺒﺎدﻟﺔ ﺷﺤﻨﺔ ﻣﻦ زﻳﺖ اﻹﺿﺎءة ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻣﻦ ﺣﺒﻮب اﻟﺬرة واﻟﺸﻌﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﺰاﺋﻦ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮل "اﻟﺸﺎﺑﻊ ﻳﺮﻗﺪ ﻣﻦ ﻣﻐﺮب" ﻓﻲ إﺷﺎرة واﺿﺤﺔ ﻟﺮﻓﺾ اﻟﻌﺮض وإﻟﻰ أن اﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺿﺎءة أو إﻟﻰ أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﺘﺨﺬ ﺷﻜﻼ آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻊ أواﺧﺮ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ﺣﻴﻦ ﺑﺪأ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻌﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﺠﻮار.
وﻣﻘﺘﺼﺮة ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﻣﺤﺪودة وﻣﻦ دون ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﻮاﺋﺪ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻨﻬﻮض اﻟﺘﻨﻤﻮي أو اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﻤﻨﻬﺞ ﻋﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ. وﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ وﺿﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻃﻮال اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﻋﺘﻤﺎد اﻟﻜﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري اﻟﻀﺎر ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﺷﻬﺪت اﻟﺒﻼد ﻣﺆﺧﺮا ً اﻧﺘﻌﺎﺷﺎً ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻋﺒﺮ اﻷﻟﻮاح اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر ﻟﻢ ﻳﻜﻦ -ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺨﺘﺼﻮن -ﻧﺎﺟﻤﺎ ﻋﻦ وﻋﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻲ أو ﺗﻮﺟﻪ رﺳﻤﻲ ﻋﺎم وإﻧﻤﺎ ﻓﺮﺿﺘﻪ اﻟﻈﺮوف اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺼﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻲ واﻟﺬي ﻛﺎن وراء اﻧﻘﻄﺎع ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻟﻴﺬﻫﺐ اﻟﻨﺎس زراﻓﺎت إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺎر وﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻤﺜﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ »ﻣﺠﺒﺮ أﺧﺎك ﻻ ﺑﻄﻞ«.
ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺪاوﻟﻬﺎ اﻟﻴﻤﻨﻴﻮن ﻛﺜﻴﺮا ً ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﺴﻬﻢ وﻣﻨﺘﺪﻳﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﻣﻦ اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﻟﺒﻼدﻫﻢ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺆﺷﺮا ً ﺳﻠﺒﻴﺎً ﻟﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻈﻬﻮر اﻷول ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﺿﻮﺋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ﻋﻘﺪ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1926م ﻋﻨﺪﻣﺎ 38
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ
اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺳﻨﺔ ،1956ﻓﻘﺎم اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺮاﺣﻞ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺘﺒﻨﻲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﺴﺪود ،ﻓﺎزداد ﺑﻨﺎء ﻋﺪدﻫﺎ اﺳﺘﺠﻼﺑﺎ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ وﻻﺳﺘﻐﻼﻻت ﻓﻼﺣﻴﺔ ،وﺻﻨﺎﻋﻴﺔ .واﻷﻛﻴﺪ أن اﻟﺮؤﻳﺔ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﻤﻠﻚ اﻟﺮاﺣﻞ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ازدﻳﺎد وﺛﻴﺮة اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺴﺪود ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺧﺰاﻧﺎ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﻣﺎﺋﻴﺔ . إﻻ ان اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺠﻔﺎء ﻣﻊ ﺳﺪ اﺑﻦ ﻣﻌﺎﺷﻮ ،وﻣﺠﻤﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء )م وك( ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻹﻫﻤﺎل رﻏﻢ أﻧﻪ ﻣﻌﻠﻤﺔ ﻣﻌﻤﺎرﻳﺔ وﻫﻨﺪﺳﻴﺔ ﻣﺒﻬﺮة ،ﺑﻨﻴﺖ ﺑﺄﻳﺎ ٍد ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻣﺎزال ﺻﺎﻣﺪا رﻏﻢ ﻣﺮور 90 ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺪاﻳﺔ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺎﺗﻪ وﻗﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﻌﺸﺮات ﻣﻦ اﻵﻻت اﻟﻀﺨﻤﺔ واﻟﻌﺘﺎد إﻟﻰ اﻟﺘﻠﻒ ﻟﻐﻴﺎب اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ،وﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺪوﻟﺔ أن ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻣﺮﻛﺰا ﻟﻠﺘﻜﻮﻳﻦ وﺗﺨﺮﻳﺞ أﻃﺮ ﻛﻔﺆة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل، وﻫﻨﺎك ﺟﻤﻌﻴﺎت وﺗﻨﺴﻴﻘﻴﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻻﻟﺘﻔﺎت ﻟﻠﺴﺪ وﺻﻴﺎﻧﺘﻪ ﺗﺨﻮﻓﺎ ﻣﻦ وﻗﻮع ﻓﻴﻀﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻬﺪم ﻣﻌﻠﻤﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺮاﻓﻘﻪ. ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺴﺪ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﺪ آﺧﺮ ﻫﻮ ﺳﺪ "اﻟﺪورات" واﻟﻤﺘﻮاﺟﺪ ﺑﺪوره ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺮ أم اﻟﺮﺑﻴﻊ أوﻟﻰ أﺑﺠﺪﻳﺎت اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،ﻋﺒﺮ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻣﻀﺨﺎت ﻣﺎﺋﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ،ﻟﻮﻟﺒﻴﺔ اﻟﺸﻜﻞ، ﻣﺘﻤﺮﻛﺰة ﻓﻲ ﺣﻮض ﻣﺎﺋﻲ ﻓﻲ أﺳﻔﻞ اﻟﺸﺮﻛﺔ وﺗﺪور ﺑﻘﻮة اﻟﻤﻴﺎه ﻲ اﻟﺘﻲ ﻳﺮ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﺪورﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻮض ﻋﻠﻮي ،وﻗﺪ ﺑﻨﻲ اﻟﻨﻔﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻤﺮﻳﺮ ﻣﻴﺎه ﻧﻬﺮ أم اﻟﺮﺑﻴﻊ ،واﻷﻛﻴﺪ أن ﻫﻨﺪﺳﺔ اﻷﻧﻔﺎق اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻴﺎرا ً
ﻻ رﺟﻌﺔ ﻓﻴﻪ ،ﺳﻴﻤﺎ أن اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﻴﺎه وﺷﺮﻛﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﺑﻌﻴﺪة ،ﻣﻤﺎ اﺿﻄﺮ اﻟﻤﺨﻄﻂ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﺗﺤﺖ ﻫﻀﺒﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﺿﺨﻢ اﻟﻬﻀﺎب ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب. إﻻ أن ﺳﻨﻮات اﻟﺠﻔﺎف واﻟﺘﻲ ﺿﺮﺑﺖ اﻟﻤﻐﺮب ﻓﻲ ﺳﻨﻮات اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﻴﺎت ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﻣﺎﺋﻴﺔ واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﺪاﺋﻞ أﺧﺮى ،وﻗﺪ ﺑﺪأت ﺷﻴﺨﻮﺧﺔ اﻟﺴﺪ وﻣﺮاﻓﻘﻪ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻨﺎء ﺳﺪ "اﻟﻤﺴﻴﺮة" ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻬﺮ ﺑﺤﻘﻴﻨﺔ ﻣﺎﺋﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻋﺠﻞ ﺑﺠﻌﻞ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻣﺼﺪرا ﻃﺎﻗﻴﺎ ﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻤﻴﺎه ﻻ ﻏﻴﺮ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﻲء اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺒﺪو اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ ﻗﺒﻞ ﺗﺸﻴﻴﺪ ﺳﺪ ﻣﺜﻞ ﺳﺪ اﺑﻦ ﻣﻌﺎﺷﻮ ﻳﻠﺠﺆون إﻟﻰ ﺣﻄﺐ اﻟﻨﺎر ﻛﺸﻜﻞ ﺑﺪاﺋﻲ ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻻت ﻋﺪة ،وإﻟﻰ اﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﻐﺎزﻳﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ وﻗﺘﻬﺎ ووﺳﺎﺋﻞ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺻﺮﻓﺔ .ﺛﻢ ﺟﺎءت ﻓﺮﻧﺴﺎ وﺣﻮﻟﺖ اﻟﻤﻐﺮب إﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﻳﻨﺘﺞ ﻃﺎﻗﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻏﻴﺮ أن اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺪﻳﻤﻐﺮاﻓﻲ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪن وﺗﻨﺎﻣﻲ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺗﻠﻮﻳﺚ اﻟﺒﻴﺌﺔ، دﻓﻊ اﻟﻤﻐﺮب إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺠﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﺑﻤﺤﻄﺔ ﻧﻮر ﺑﻨﻮاﺣﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ وارززات ،إﻧﻬﺎ دورة اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ وإﻟﻴﻬﺎ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
37
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﺳﺪ اﺑﻦ ﻣﻌﺎﺷﻮ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺸﻔﺎج
اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﺼﺪر وﺟﻮد وﺣﻴﺎة ،واﻟﻤﻐﺮب ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻣﺘﻼك ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺳﻮاء اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻜﻬﺮﻣﺎﺋﻴﺔ أو اﻟﺤﺮارﻳﺔ أو اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ،ﻣﺴﺎر ﺗﻮج ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﺤﻄﺔ "ﻧﻮر "1ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ دﺧﻠﺖ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ 10ﻣﺎﻳﻮ 2013ﺛﻢ اﻧﻄﻼق اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ،2016ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺎت اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب؟ ﺑﻴﻦ ﻫﻀﺎب اﻟﻔﻮﺳﻔﺎط اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ أﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺎت اﻟﻬﻀﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻮ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ 400ﻣﺘﺮ ﻳﺘﻤﻮﻗﻊ ﺳﺪ ﺳﻴﺪي اﻣﻌﺎﺷﻮ اﻟﺬي ﺳﻤﻲ ﻋﻠﻰ اﺳﻢ ﻗﺮﻳﺔ ﺳﻴﺪي ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﺷﻮ ،واﺣﺪة ﻣﻦ ﻗﺮى ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﺸﺎوﻳﺔ ،إﻗﻠﻴﻢ ﺑﺮﺷﻴﺪ ،وﻫﻮ إﻗﻠﻴﻢ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺟﻬﺔ اﻟﺪاراﻟﺒﻴﻀﺎء- ﺳﻄﺎت ،إﺣﺪى أﻫﻢ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ،ﺳﺪ دﺷﻦ ﺑﺘﺎرﻳﺦ 1925ﺣﻴﺚ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﻔﺮ إﺑﺎن اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ،ﻓﺸﻐﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﺪ أﻳﺎدي ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺘﻌﺪد أﻋﺮاﻗﻬﺎ ،إﻟﻰ ﺳﻨﺔ 1929ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌﻤﻞ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻷول )اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء( ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،وﻛﺎن ﻳﺰود ﺳﺎﻛﻨﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪاراﻟﺒﻴﻀﺎء ﺑﺎﻟﻤﺎء اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻟﻠﺸﺮب واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ،وﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﻤﺪ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﺒﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺪ ﻧﺤﻮ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻣﺮورا ﺑﺎﻟﺪوار ،اﻟﺬي اﺳﺘﻔﺎد ﺑﻌﺪ ازدﻳﺎد ﻋﺪد ﺳﺎﻛﻨﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،ﻛﺄول ﺗﺠﻤﻊ ﻗﺮوي ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺸﺮﻛﺔ. ﺑﻨﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﺟﺪا ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﺎﻧﻲ أﻃﻮل ﻧﻬﺮ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب وﻫﻮ ﻧﻬﺮ أم اﻟﺮﺑﻴﻊ 600ﻛﻠﻢ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ب 70ﻛﻠﻢ ،ﺣﻴﺚ رﺑﻄﺖ ﺳﻠﻄﺎت اﻻﺣﺘﻼل ﻫﺬا اﻟﺴﺪ ﺑﺄﻧﺒﻮب إﺳﻤﻨﺘﻲ ﺿﺨﻢ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻤﻴﺎه ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﺴﺪ إﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﻟﻠﺘﺼﻔﻴﺔ ﻣﺘﻮاﺟﺪ ﻓﻲ ﻗﻤﺔ اﻟﻬﻀﺒﺔ ﺛﻢ إرﺳﺎﻟﻪ إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪاراﻟﺒﻴﻀﺎء. وﻳﺘﻤﺮﻛﺰ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ 30ﻛﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،وﻋﻤﻠﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻨﻔﻖ اﻷرﺿﻲ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻷول ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺸﺪدة وﺣﺮاﺳﺔ داﺋﻤﺔ، وﻟﺘﺴﻬﻴﻞ اﺳﺘﻘﺮار اﻟﺒﺪو ﺑﻤﺤﺎذاة ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺎء واﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺒﻨﺎء ﻣﺪرﺳﺔ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺼﻐﺎر وﻣﺴﺘﻮﺻﻒ ﺻﺤﻲ وﺣﺎﻓﻠﺘﻴﻦ ﻟﻨﻘﻞ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ 36
ﺳﺪ اﺑﻦ ﻣﻌﺎﺷﻮ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب
ﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺘﺴﻮق ﻛﻞ أﺳﺒﻮع وﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪاراﻟﺒﻴﻀﺎء واﻟﺠﺪﻳﺪة ،ﻛﻤﺎ ﺧﺼﺖ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎزات ﻣﻬﻤﺔ ﻛﺎﻟﺘﺄﻣﻴﻦ اﻟﺼﺤﻲ واﻟﺘﻘﺎﻋﺪ وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻷﺑﻨﺎء ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺎﻋﺪ اﻵﺑﺎء واﻣﺘﻴﺎزات أﺧﺮى ،وﻣﺎزال اﻟﺠﻴﻞ اﻷول ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺒﺔ ﺑﺎﻓﺘﺨﺎر ،إذ ﺗﺨﺮﺟﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻃﺮ اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ واﻹدارﻳﺔ واﻟﺘﻲ أﺳﻬﻤﺖ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﻗﺎﻣﺖ ﺳﻠﻄﺎت اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﻗﺘﻬﺎ ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ وﺑﻌﺾ اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺪ ﻧﻔﻖ ﺿﺨﻢ ﺗﺤﺖ اﻟﻬﻀﺎب اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﺮﺑﻂ اﻟﺴﺪ ﺑﺸﺮﻛﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،وﻗﺪ ﺧﻠﻒ ﺑﻨﺎء ﻫﺬا اﻟﻨﻔﻖ اﻟﻌﺸﺮات ﻣﻦ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ واﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪﻓﻨﻮن ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﺧﺎص ﻗﺮب ﺿﺮﻳﺢ ﺳﻴﺪي ﻣﺒﺎرك ،ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺔ ﻧﻬﺮ أم اﻟﺮﺑﻴﻊ. أﺳﻬﻢ اﻟﺴﺪ واﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﻌﺎ ،ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺣﺮﻛﻴﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻧﻤﻮ ﺳﻜﻨﻲ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮاﻫﻦ ﻗﻮات اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻋﻠﻰ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺮﺗﻜﺰا اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ وﺗﺠﺎرﻳﺎ ﻣﻬﻤﺎ ،ﻓﻨﺠﺤﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ آﻧﻔﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ. ﺑﻨﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺪ ﺑﺘﺨﻄﻴﻂ ﻓﺮﻧﺴﻲ وﻳﺪ ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ،اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻮاد ﺑﻨﺎء ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺧﺮﺳﺎﻧﻴﺎت ﻣﺴﻠﺤﺔ ﺑﺎﻻﺳﻤﻨﺖ اﻟﻤﺪﻋﻢ ،وأرﺑﻌﺔ ﺣﻮاﻣﻞ ﺿﺨﻤﺔ وﺳﻼﺳﻞ ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺎ ،ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟﺒﻮاﺑﺎت اﻟﺜﻼث ﻟﻤﺮور اﻟﻤﺎء ﺗﺠﻨﺒﺎ ﻟﻠﻔﻴﻀﺎﻧﺎت .وﺷﻜﻠﺖ ﻗﻨﻄﺮﺗﻪ ﻣﻌﺒﺮا ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ دﻛﺎﻟﺔ واﻟﺸﺎوﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻪ اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت اﻟﻤﺤﻤﻠﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮات اﻟﻔﻼﺣﻴﺔ واﻟﻤﺘﺠﻬﺔ إﻟﻰ اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء وﻛﺎﻓﺔ ﻣﺪن اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺷﻤﺎﻻ .ورﻏﻢ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺰرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﻘﻨﻄﺮة اﻵن، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﻟﻌﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻻ ﺷﻚ أن ﺑﻨﺎء ﺳﺪ ﺳﻴﺪي اﻣﻌﺎﺷﻮ أﻟﻬﻢ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺪ
اﻟﺤﻴﻮي ،ﻓﺈن أول أﺛﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺑﺈﻧﻘﺎص ﻛﻤﻴﺔ اﻷﻏﺬﻳﺔ واﻟﻌﻠﻒ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاد .ﻓﻠﻘﺪ أدى اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ إﻟﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻲ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔواﻧﺨﻔﺎض اﻟﻤﻌﺮوض ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،ﺣﻴﺚ ﻗﺪر أﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم 2007ﺗﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ 93ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺤﺒﻮب اﻟﺨﺸﻨﺔ إﻟﻰ إﻧﺘﺎج اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل اﻟﺤﻴﻮي ،وﻣﻦ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺰداد اﻟﺤﺼﺔ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻘﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ 34ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻌﺎم ،2021وﻛﺬﻟﻚ ﺳﻮف ﺗﺰداد اﻟﺤﺼﺔ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﺨﺸﻨﺔ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ 14ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ. وﻗﺪ أﺷﺎرت اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات إﻟﻰ أن اﻻرﺗﻔﺎع ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻋﺎﻟﻤﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 2006و 2008أدى إﻟﻰ إرﺗﻔﺎع ﺳﻌﺮ اﻟﺬرة ﺑﻨﺴﺒﺔ 17ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ وﺳﻌﺮ ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ ب 14ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ .وإﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﺣﺪه أﺳﻬﻢ ﻓﻲ ارﺗﻔﺎع ﺳﻌﺮ اﻟﺬرة ب 14ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ،وﺳﻌﺮ ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ إﻟﻰ اﻻرﺗﻔﺎع ﺑﻨﺴﺒﺔ 2ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ وأﺳﻌﺎر اﻟﺸﻌﻴﺮ ﺑﻨﺴﺒﺔ 3ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻲ اﻟﺒﺮازﻳﻞ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻜﺮ ﺑﻨﺴﺒﺔ 8ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ. وﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ﺳﻴﺎرة رﺑﺎﻋﻴﺔ اﻟﺪﻓﻊ ﺑﻤﺎﺋﺔ ﻟﺘﺮ ﻣﻦ اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل ﻓﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﻠﺰم اﺳﺘﻌﻤﺎل ﻧﺤﻮ 240ﻛﺠﻢ ﻣﻦ اﻟﺬرة ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺷﺨﺺ واﺣﺪ ﻃﻮال ﺳﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،وأن ﻟﺘﺮا ً ﻣﻦ اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ 66ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﻓﺮﻫﺎ ﻟﺘﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺘﺮول ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ اﺳﺘﺨﺪام ﻛﻤﻴﺎت أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﻓﺮﻫﺎ اﻟﺒﺘﺮول .وﻗﺪ اﻧﻌﻜﺴﺖ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ ﻋﻠﻰ دول ﺣﻮض اﻟﻨﻴﻞ أﻳﻀﺎً ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ زﻳــﺎدة إﻧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺬاءوارﺗﻔﺎع ﻓﻮاﺗﻴﺮ اﻟﻮاردات اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ .ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ دول ﺣﻮض اﻟﻨﻴﻞ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ اﻟﺪورة اﻟﺰراﻋﻴﺔ ﺑﻬﺪف إﻧﺘﺎج ﻣﺰروﻋﺎت ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻳﻀﺮ ﻛﺜﻴﺮا ً ﺑﺨﻄﻂ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول .وﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﻤﻴﻖ أﺛﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﻫﻮ أن أﻛﺒﺮ اﻟﺪول اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ
ﻟﻪ واﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واﻟﺒﺮازﻳﻞ ﺗﻌﺘﺒﺮ أﻛﺒﺮ اﻟﺪول اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻫﻢ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻛﺎﻟﻘﻤﺢ ،واﻟﺬرة ،واﻟﺸﻌﻴﺮ ،واﻟﺴﻜﺮ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻮﺟﻪ ﺟﺰءا ً ﻛﺒﻴﺮا ً وﻣﻬﻤﺎً ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ إﻟﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺗﺼﺪﻳﺮه ﻛﻐﺬاء .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻧﺪرة اﻟﻤﻌﺮوض ﻓﻲ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر.ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺷﺮﻛﺎت اﻟﻨﻔﻂ ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎر ﻣﺌﺎت اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات ﻓﻲ زراﻋﺔ اﻟﺠﺎﺗﺮوﻓﺎ وﻫﻲ ﻣﺼﺪر رﺋﻴﺲ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
35
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺬرة واﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﻣﻮاد زراﻋﻴﺔ وﺳﻴﻄﺔ أﺧﺮى ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ أن زﻳﺖ اﻟﺪﻳﺰل اﻟﺤﻴﻮي ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ 82ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ،وﻳﻠﻴﻪ زﻳﺖ اﻟﻜﺎﻧﻮﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ 13ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ واﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ زﻳﻮت أﺧﺮى.أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺮازﻳﻞ ﻓﺈن إﻧﺘﺎج اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل اﻟﺤﻴﻮي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺒﻘﻰ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ زﻳﺖ اﻟﺪﻳﺰل اﻟﺤﻴﻮي ﺿﻌﻴﻔﺎً ﺟﺪا ً. وﻟﻘﺪ ﻃﻮرت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻬﻨﺎك ﻧﺤﻮ أرﺑﻌﻴﻦ دوﻟﺔ أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ وإﻋﺪاد ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ,وﺗﻌﺪ أﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﻣﻦ أواﺋﻞ دول ﺣﻮض اﻟﻨﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻮﺿﻊ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي، وأﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ،وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،2007 ورﻛﺰت ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺼﻮﻟﻲ ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ واﻟﺠﺎﺗﺮوﻓﺎ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﻳﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ 58ﺟﻬﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ وأﺟﻨﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺗﺒﻠﻎ 300أﻟﻒ ﻫﻜﺘﺎر ،أي ﻧﺤﻮ 750أﻟﻒ ﻓﺪان .ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻛﻴﻨﻴﺎ ﺑﻮﺿﻊ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ "اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي" وﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ واﻟﻜﺎﺳﺎﻓﺎ واﻟﺬرة اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ اﻟﺴﻜﺮﻳﺔ وأﺷﺠﺎر اﻟﺠﺎﺗﺮوﻓﺎ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي .وﺗﻌﺘﺒﺮ ﺗﻨﺰاﻧﻴﺎ اﻟﻌﻤﻮد اﻟﻔﻘﺮي ﻟﻠﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻲ دول ﺣﻮض اﻟﻨﻴﻞ ،ﻧﻈﺮا ً إﻟﻰ وﻓﺮة اﻷراﺿﻲ اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺰاﻧﻴﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻮﻓﺮة اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ،وﻫﺬه اﻟﻮﻓﺮة ﺟﺬﺑﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺷﺮﻛﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي وﺗﺒﻠﻎ اﻟﻤﺴﺎﺣﺎت اﻟﻤﺰروﻋﺔ ﻓﻌﻠﻴﺎً ﺑﺤﺎﺻﻼت اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي 640أﻟﻒ ﻫﻜﺘﺎر )1,5 ﻣﻠﻴﻮن ﻓﺪان( .أﻣﺎ اﻟﺴﻮدان ﻓﻘﺪ دﺧﻞ ﻣﺠﺎل إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي، وﺑﺪأ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2009إﻧﺘﺎج أول ﻣﺼﻨﻊ ﻟﻺﻳﺜﺎﻧﻮل اﻟﻤﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ
34
ﻫﻞ ﻳﻬﺪد اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻋﺮش اﻟﻮﻗﻮد ا9ﺣﻔﻮري؟
ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ اﻟﻨﻴﻞ اﻷﺑﻴﺾ ،وﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺼﻨﻊ اﻟﻜﻨﺎﻧﺔ، ﺑﺴﻌﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺗﻘﺪر ب 200ﻣﻠﻴﻮن ﻟﺘﺮ ﺳﻨﻮﻳﺎً ،وأﻧﺸﻰء ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻨﻊ ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎرات ﺑﺮازﻳﻠﻴﺔ ،وﺑﻠﻐﺖ ﻗﻴﻤﺔ إﻧﺘﺎج اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل ﻓﻴﻪ واﺣﺪ ﺑﻠﻴﻮن دوﻻر ،ﺑﻄﺎﻗﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﺳﻨﻮﻳﺎ 45ﻣﻠﻴﻮن ﻟﺘﺮ ﻣﻨﺬ ﻣﺎرس ،2012 وﻟﻘﺪ ﻗﺎم اﻟﻤﺼﻨﻊ ﺑﺘﺼﺪﻳﺮ أول ﺷﺤﻨﺔ إﻳﺜﺎﻧﻮل إﻟﻰ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﺑﻤﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ 5ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻟﺘﺮ ﺑﺴﻌﺮ 450ﻳﻮرو ﻟﻠﻤﺘﺮ اﻟﻤﻜﻌﺐ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم .2013أﻣﺎ ﻣﺼﺮ ﻓﺨﺼﺼﺖ ﺧﻤﺴﻴﻦ أﻟﻒ ﻫﻜﺘﺎر ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي. ﻟﻜﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻔﺮي ﺑﺪأت ﺗﻠﻘﻲ ﺑﻈﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺰراﻋﻲ ﻓﻲ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﺧﺼﻮﺻﺎً اﻟﺪول اﻟﺮاﺋﺪة ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺘﻪ ،ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ زادت ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺰراﻋﻲ ﺑﺰﻳﺎدة اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻤﺨﺼﺺ ﻟﻪ وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎت اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﻀﻐﻮط اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺰراﻋﻲ واﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻐﺬاء ﻟﻸﺳﺮ واﻟﻌﺎﺋﻼت ﻟﻀﺮورة ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي. وأﺷﺎر ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻗﺒﻴﻦ وﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ،ﺑﺪءا ً ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ وﺻﻮﻻً إﻟﻰ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ إﻟﻰ أﺛﺮ اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺤﺎد ﻓﻲ اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﻤﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد
وﻳﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺮﻳﺎت أو ﻧﺸﻮﻳﺎت ﻛﺎﻟﺬرة ،واﻟﻘﻤﺢ وﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ،أو ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ " زﻳﺖ دﻳﺰل ﺣﻴﻮي" ﻳﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰﻳﺘﻴﺔ ﻛﻔﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ وﻋﺒﺎد اﻟﺸﻤﺲ. اﻟﺜﺎﻧﻲ ،اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺼﻠﺐ ،وﻳﺘﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺤﺮق اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺧﺸﺐ ،وﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻄﻬﻲ واﻟﺘﺴﺨﻴﻦ واﻹﺿﺎءة. واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي اﻟﻐﺎزي ،وﻳﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﺗﺤﻠﻞ اﻟﻤﺎدة اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﺎز اﻟﻤﻴﺜﺎن اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﻤﻴﻌﻪ واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻪ ﻛﻄﺎﻗﺔ ﺑﺪﻳﻠﺔ. وﻳﺘﺮﻛﺰ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﻴﻦ ﻫﻤﺎ اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل اﻟﺤﻴﻮي ،وزﻳﺖ اﻟﺪﻳﺰل اﻟﺤﻴﻮي ،وﻗﺪ ﺣﻈﻲ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﻞ .وﺗﺘﻮﻗﻊ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ أن اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﻋﺎم 2050ﺳﻴﻮﻓﺮ ﻧﺤﻮ 27ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﻞ .وﻓﻲ ﻋﺎم 2017 ﺑﻠﻎ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻣﻦ اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل 125ﻣﻠﻴﻮن ﻟﺘﺮ أي ﺿﻌﻔﻲ اﻹﻧﺘﺎج ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،2007ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ارﺗﻔﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﺒﻴﻮدﻳﺰل ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺴﺎرع ﻟﻴﺒﻠﻎ 24ﺑﻠﻴﻮن ﻟﺘﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2017ﻣﻘﺎرﻧﺔ ب 11ﺑﻠﻴﻮن ﻟﺘﺮ ﻓﻲ ﻋﺎم .2007 وﻳﻌﺘﺒﺮ اﻷﻣﻦ اﻟﻐﺬاﺋﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻫﺪف رﺋﻴﺲ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﺪول واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة إﻟﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ أﻣﻨﻬﺎ واﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي .وﻳﺘﺮﺑﻂ
اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ارﺗﺒﺎﻃﺎً وﺛﻴﻘﺎً ﺑﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﺰراﻋﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪ أن اﻟﻘﻤﺢ ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑــﻲ ﻳﺤﺘﻞ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاد اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ إﻧﺘﺎج اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل اﻟﺤﻴﻮي ﺑﻨﺴﺒﺔ 70ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻳﻠﻴﻪ اﻟﺸﻌﻴﺮ ﺑﻨﺴﺒﺔ 15ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ،ﻓﺎﻟﺬرة ﺑﻨﺴﺒﺔ 10ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ،وأﺧﻴﺮا ً اﻟﺠﺎودار ﺑﻨﺴﺒﺔ 5ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ .أﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ إﻧﺘﺎج زﻳﺖ اﻟﺪﻳﺰل اﻟﺤﻴﻮي ﻓﻨﺠﺪ أن ﺑﺬور اﻟﻠﻔﺖ ﺗﺤﺘﻞ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاد اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻮﺳﻴﻄﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﺑﻨﺴﺒﺔ 79ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ،ﺛﻢ ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ 18ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ،ﻓﻌﺒﺎد اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻨﺴﺒﺔ 3ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ. أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻨﺠﺪ أن اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل ﻳﻨﺘﺞ ﺑﻨﺤﻮ 97
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
33
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﻫﻞ ﻳﻬﺪد اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻋﺮش اﻟﻮﻗﻮد ا`ﺣﻔﻮري؟
ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻴﻮﻣﻲ
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم، ﻓﻲ أﺑﺴﻂ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ،وﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﻬﻲ ؛ اﻟﺘﺴﺨﻴﻦ واﻹﺿﺎءة ﺑﺤﺮق اﻟﺤﻄﺐ واﻟﻤﺨﻠﻔﺎت اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ. واﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻫﻮ وﻗﻮد ﻧﻈﻴﻒ ﻳﻌﺘﻤﺪ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺣﺒﻮب وﻣﺤﺎﺻﻴﻞ زراﻋﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺬرة وﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ أم ﻓﻲ ﺻﻮرة زﻳﻮت ﻣﺜﻞ زﻳﺖ ﻓﻮل اﻟﺼﻮﻳﺎ وزﻳﺖ اﻟﻨﺨﻴﻞ وﺷﺤﻮم ﺣﻴﻮاﻧﻴﺔ إﻟﻰ إﻳﺜﺎﻧﻮل أو دﻳﺰل. وﺑﺰﻏﺖ ﻓﻜﺮة اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻛﺒﺪﻳﻞ ﻟﻠﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري ﻋﻘﺐ أزﻣﺔ ﺣﺮب أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎم 1973اﻟﺘﻲ أدت ﺑﻮاﺿﻌﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت وﺑﺼﻨﺎع اﻟﻘﺮار إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺿﺮورة إﻳﺠﺎد ﻣﺼﺎدر أﺧﺮى ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﻔﻂ ﻛﻮﻧﻪ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻠﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ وﺿﻊ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﻳﺘﺮاﺟﻊ ﻓﻴﻪ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻷﺣﻔﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ .وأﻃﻠﻘﺖ اﻟﺒﺮازﻳﻞ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻺﻳﺜﺎﻧﻮل ﺳﻨﺔ ،1979وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻠﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺈﻃﻼق 32
ﻫﻞ ﻳﻬﺪد اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي ﻋﺮش اﻟﻮﻗﻮد ا9ﺣﻔﻮري؟
ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻹﻳﺜﺎﻧﻮل اﻧﻄﻼﻗﺎً ﻣﻦ اﻟﺬرة ﻛﻤﺎدة وﺳﻴﻄﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﺗﺒﻌﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺪة دول ﻛﺎﻟﺼﻴﻦ ،وﻛﻴﻨﻴﺎ ،وزﻳﻤﺒﺎﺑﻮي. ﻟﻜﻦ ﻣﻌﺎودة إﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ أدت إﻟﻰ ﺗﺮاﺟﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺈﻳﺠﺎد ﺑﺪاﺋﻞ أﺧﺮى ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻷﺣﻔﻮرﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻟﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ،إذ وﺻﻠﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺎرﺑﺖ 150 دوﻻرا ً ﻟﻠﺒﺮﻣﻴﻞ ﻋﺎم ،2008ﻧﻈﺮا ً ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻂ ﻛﻤﺼﺪر ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،واﻟﺤﺮوب واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﺼﺪرة ﻟﻠﺒﺘﺮول ﻛﺎﻟﻌﺮاق وﻧﻴﺠﻴﺮﻳﺎ؛وﺗﺪﻫﻮر ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ. ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة إﻳﺠﺎد ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ إرﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎره ،ﺣﻴﺚ إن اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪة واﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري )اﻟﺒﻨﺰﻳﻦ واﻟﺪﻳﺰل( ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ ﺑﺮوز ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﻈﺎﻫﺮة "اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري" أو "ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ" واﻟﺘﻲ ﻛﺸﻔﺖ وﺿﻌﺎً ﻣﻨﺎﺧﻴﺎً ﺟﺪﻳﺪا ً أﺛﺮ ﺳﻠﺒﻴﺎً ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً وﻓﻲ اﻟﺰراﻋﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎً. وﻇﻬﻮر ﺑﺪﻳﻞ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻷﺣﻔﻮرﻳﺔ ﻳﻌﺪ دﻋﻤﺎً ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻦ ﻋﺪم إﻟﺤﺎق اﻟﻀﺮر ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ. وﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻮاع؛ اﻷول اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺴﺎﺋﻞ، وﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻘﻞ ،وﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ " إﻳﺜﺎﻧﻮل ﺣﻴﻮي"
ﻋﺰل اﻟﺤﺮارة ﺑﺼﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﻄﺢ اﻟﺒﻴﻮت اﻟﻤﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺸﻤﺲ .وﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺗﺰال ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﺒﺮﻳﺪ اﻟﻤﻴﺎه ﺑﺎﻟﺨﻴﺶ وﻛﺎن اﻷﺟﺪاد ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻒ اﻟﺨﻴﺶ اﻟﻤﺒﻠﻞ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﺣﻮل اﻷواﻧﻲ اﻟﻔﺨﺎرﻳﺔ أواﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻠﺌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎء ووﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻈﻞ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻤﻞ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻳﺪ اﻟﻤﻴﺎه .ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻢ ﺑﺮدوا اﻟﻤﺎء ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻛﺜﺮ ﺣﺪاﺛﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻮﺿﻌﻪ ﻓﻲ أﻧﺎﺑﻴﺐ ودﻓﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻷرض ﻟﺘﻜﻮن ﺑﻤﻨﺄى ﻋﻦ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ. وﻗﺒﻞ اﺧﺘﺮاع اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻟﺠﺄ اﻷﺟﺪاد ﻟﻄﺮق ﻣﺒﺘﻜﺮة ﻟﺤﻔﻆ اﻷﻃﻌﻤﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺘﺠﻔﻴﻒ اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻗــﺪم ﻃﺮق اﻟﺤﻔﻆ ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﺎﻧﻮا ﺑﺎﻟﺘﻤﻠﻴﺢ واﻟﺘﺪﺧﻴﻦ ﺑﻐﺮض اﻟﺤﻔﻆ ﻟﻠﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻓﺮص ﻓﺴﺎد اﻷﻃﻌﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺤﻔﻆ اﻷﺳﻤﺎك واﻟﻠﺤﻮم ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻤﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺼﺎص اﻟﺮﻃﻮﺑﺔ وﻣﻨﻊ ﻧﻤﻮ اﻟﺒﻜﺘﻴﺮﻳﺎ. اﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء!
وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻗﺴﻮة اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﻇﺮوف ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﺼﻌﺒﺔ إﻻ إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﻔﺎﺟﺄ ﺑﻈﻬﻮر اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻮات ﻟﻠﻌﻮدة إﻟﻴﻬﺎ ،ﻫﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺻﺨﺐ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﺳﻴﻄﺮة وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة اﻟﻮاﺣﺪة .ﻫﺬا اﻟﻬﺮوب ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﻬﺪف اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﻬﻮاء اﻟﻤﻔﻠﺘﺮ واﻟﻄﻌﺎم اﻟﻤﻌﻠﺐ ،إﻧﻪ أﻫﺮوب إﻟﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺘﺮاﺑﻂ اﻷﺳﺮي واﻟﺪفء اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻧﻠﺤﻈﻪ ﻓﻲ ﻟﺠﻮء ﺑﻌﺾ اﻷﺳﺮ إﻟﻰ"اﻟﺘﺨﻴﻴﻢ" ﻟﻘﻀﺎء ﻋﺪة أﻳﺎم ﻓﻲ ﺧﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﺮاء ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻨﻘﺎء ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺼﺨﺐ .ﻛﻤﺎ ﻟﺠﺄت ﻃﺎﺋﻔﺔ "اﻵﻣﻴﺶ" اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻦ ﺟﻨﻮب أﻣﺮﻳﻜﺎ إﻟﻰ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء وﻣﺎ ﺗﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﻔﺮة ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ. ﻓﺘﺮاﻫﻢ إﻟﻰ اﻵن ﻳﺮﻛﺒﻮن اﻟﻌﺮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮﻫﺎ اﻟﺨﻴﻮل ،وﻳﺒﻨﻮن ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ ،وﻳﺴﺘﺨﺮﺟﻮن اﻟﺰﻳﻮت ﺑﺎﻟﻌﺼﺮ اﻟﻴﺪوي وﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﻠﻤﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻀﺎء ﺑﺎﻟﻜﻴﺮوﺳﻴﻦ ﺗﻘﺸﻔﺎً وزﻫﺪا ً واﺑﺘﻌﺎدا ً ﻋﻦ زﺧﺎرف اﻟﺤﻴﺎة /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
31
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
اﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻰ ﺣﻴﺎة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﺻﻔﺎء اﻟﺒﻴﻠﻲ
ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺪون ذﻟﻚ اﻻﺧﺘﺮاع اﻟﺴﺤﺮي اﻟﺬي أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ "اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء"؟ ﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺄل اﻟﺠﺪات ﻋﻦ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻦ ﻳﻘﺘﻠﻦ ﺑﻬﺎ اﻟﻠﻴﻞ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﺑﻌﺪ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ وﺣﻠﻮل اﻟﻈﻼم ﻣﻦ دون ﺗﻠﻔﺎز وﺛﻼﺟﺔ وﻣﻜﻴﻒ ﻫﻮاء ودﻓﺎﻳﺔ وﻫﺎﺗﻒ وأﻗﻤﺎر ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واﻧﺘﺮﻧﺖ وﺳﻴﺎرات وﻃﺎﺋﺮات؟ ﻛﻴﻒ ﺗﻐﻠﺐ اﻷﺟﺪاد ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺸﺔ ﺑﻄﺮق ذﻛﻴﺔ وﺑﺴﻴﻄﺔ ..ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ رﻓﺎﻫﻴﺘﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ آﻧﺬاك .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻫﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻷول واﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻺﻧﺎرة، ﻟﺬا ﻓﻜﺮ اﻷﺟﺪاد ﻓﻲ اﺧﺘﺮاع ﻃﺮق ﻟﻘﺾ ﻣﻀﺎﺟﻊ اﻟﻠﻴﺎﻟﻲ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ وإﺟﻼء وﺣﺸﺘﻪ ،ﻓﺎﻫﺘﻤﻮا ﺑﺎﻹﻧﺎرة ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺤﺪدون أﻣﺎﻛﻦ اﻟﻨﻮاﻓﺬ أﺛﻨﺎء ﺗﺨﻄﻴﻄﻬﻢ ﻟﺒﻨﺎء اﻟﻤﺴﺎﻛﻦ وذﻟﻚ ﻟﻼﻃﻤﺌﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﺬ اﻟﻀﻮء وﻛﻔﺎﻳﺘﻬﺎ ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺬوع اﻷﺷﺠﺎر أو اﻟﻄﻮب اﻷﺧﻀﺮ.
ﺛﻢ وﻟّﺪوا اﻹﺿﺎءة ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ واﻟﻤﺼ ّﻨﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ "ﺷﻌﻼت" ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﻨﻌﻮن ذﺑﺎﻟﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش اﻟﻘﺪﻳﻢ أو اﻟﺘﻴﻞ اﻟﻤﻐﻤﻮس ﻓﻲ اﻟﺰﻳﺖ وﻳﻌﻠﻘﻮﻧﻬﺎ ﺧﺎرج اﻟﻤﺴﻜﻦ ﻛﻲ ﻻ ﺗﺴﺒﺐ اﻟﺤﺮاﺋﻖ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻮم. ﺛﻢ ﻃﻮروﻫﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻗﻨﺎدﻳﻞ ﺗﻀﺎء ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺸﻤﻮع اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺷﺤﻮم اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت .ﺛﻢ ﺻﻨﻌﻮا اﻟﺴﺮاج وﻫﻮ وﻋﺎء ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ، ﺛﻢ اﻟﻤﺼﺒﺎح ،وﻟﻪ ﻗﺎﻋﺪة داﺋﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺎج أو اﻟﺰﺟﺎج ﺗﻌﺒﺄ ﺑﺎﻟﺠﺎز، وﺟﻌﻠﻮا أﻋﻼﻫﺎ زﺟﺎﺟﺔ رﻗﻴﻘﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻔﻚ واﻟﺘﻨﻈﻴﻒ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﻼﻫﺎ اﻟﻐﺒﺎر،
30
اﻟﺤﻨﻴﻦ إﻟﻰ ﺣﻴﺎة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء
ﻣﺜﺒﺘﺔ ﺑﺘﺎج ﻣﻦ اﻟﺼﺎج ﻳﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺟﺰﺋﻴﻬﺎ ﻟﺘﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ دوام اﻻﺷﺘﻌﺎل وﺻﻔﺎء اﻟﻀﻮء ،ﺛﻢ ﺗﻄﻮر اﻟﺴﺮاج ﻟﻴﺼﻴﺮ ﻣﺼﺒﺎﺣﺎ وﻫﻮ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻔﺎﻧﻮس ﻟﻜﻦ إﺿﺎءﺗﻪ أﻗﻮى وأﺻﻔﻰ .وﻳﻘﺎل إن ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ أول ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﺸﻤﻮع ،ﺻﻨﻌﻮﻫﺎ ﺑﻨﻘﻊ ﺣﺰم اﻟﻘﺼﺐ ﻓﻲ اﻟﺪﻫﻮن اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ﺛﻢ إﺷﻌﺎﻟﻬﺎ.اﻵن ،ﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﻹﻧﺎرة ﻣﺠﺮد أداة ﻹزاﻟﺔ اﻟﻌﺘﻤﺔ ،ﺑﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ وﻓﻨﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﺧﺘﺮاع اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻓﺼﺎرت ﺗﻠﻌﺐ دورﻫﺎ اﻟﻤﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺎﻣﻴﻢ اﻟﺪاﺧﻠ ّﻴﺔ ﻟﻸﺑﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﺻﺎرت ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﻮت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺘﺼﺮة ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻮر اﻷﺛﺮﻳﺎء ..وﺗﻐﻠﻐﻠﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻨﻮن وﺻﺎرت ﻋﻨﺼﺮا أﺻﻴﻼ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ اﻟﺴﻴﻨﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ وأﺑﻲ اﻟﻔﻨﻮن؛ اﻟﻤﺴﺮح. اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ واﻟﺘﺒﺮﻳﺪ رﻏﺒﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر
ﻛﺎﻟﻌﺎدة؛ اﻋﺘﻤﺪ اﻷﺟﺪاد ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻤﺲ ﻛﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺜﻠﻰ ﻻﺳﺘﺠﻼب اﻟﺪفء واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺑﺮودة اﻟﺠﻮ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء .ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻐﻠﻮا اﻟﻨﺎر اﻟﺘﻲ ﻛﺎن اﺷﺘﻌﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻧﺬﻳﺮا ﺑﺎﻟﺨﻮف واﻟﺮﻋﺐ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻷول واﻟﺤﻴﻮان ﻋﻠﻰ ﺣﺪ اﻟﺴﻮاء ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎ ﻟﺒﺚ أن اﺳﺘﺄﻧﺲ ﺑﻬﺎ واﺳﺘﻐﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ ﺛﻢ ﻓﻲ اﻻﻧﺎرة اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻄﺎع ﺑﻤﺤﺎوﻻﺗﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪة أن ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ ﻫﻮ ﻓﻔﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﺣﺘﻜﺎك اﻟﺼﺨﻮر .ﺛﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺧﺘﺮع ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺘﻪ أدوات ﺑﺪاﺋﻴﺔ ﺗﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻬﺎ واﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻟﻔﺘﺮات أﻃﻮل ..ﻓﺎﺳﺘﺨﺪم "اﻟﺮاﻛﻴﺔ" وﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻴﺪان اﻟﺤﻄﺐ ﺗﺠﻤﻊ وﻳﺸﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎر وﺗﻈﻞ ﻟﻔﺘﺮة ﺗﺪوم ﺑﺎﻟﺴﺎﻋﺎت ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اﻟﺨﺸﺐ اﻟﺬي ﻳﻐﺬﻳﻬﺎ ،وﻣﺎ ﺗﺰال ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮى واﻟﻨﺠﻮع وﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﺨﻴﻴﻢ ﻟﻠﺘﺪﻓﺌﺔ ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻤﻮاﻗﺪ أو ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺴﻤﻰ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﺑـ"اﻟﻄﺎﺑﻮن" اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﺠﺪات ﻓﻲ اﻟﺨﺒﺰ واﻟﻄﺒﺦ وﻛﺎن ﻳﺤﺴﺐ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻤﺴﻜﻦ ،وﻳﺒﻨﻰ ﻓﻲ ﺣﺠﺮة ﺻﻐﻴﺮة وﻳﺘﻢ إﺷﻌﺎﻟﻪ ﺑﺎﻷﺧﺸﺎب وأوراق اﻷﺷﺠﺎر اﻟﺠﺎﻓﺔ. ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻋﺮف اﻷﺟﺪاد ﻃﺮﻗﺎ ﻋﺪة ﻟﻠﺘﺒﺮﻳﺪ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ، واﻟﺘﺒﺮﻳﺪ ﺑﻤﻌﻨﺎه اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻳﻌﻨﻲ؛ ﺳﺤﺐ اﻟﺤﺮارة ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎن ﻹﺑﻘﺎﺋﻪ ﻣﺤﺘﻤﻼ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺗﻐﻴﺮت درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ﺧﺎرج ﻣﺤﻴﻄﻪ. وﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ اﺑﺘﻜﺮﻫﺎ اﻷﺟﺪاد ﻟﺬﻟﻚ أﻧﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻣﺴﺎﻛﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﻌﻠﻮن اﻷﺳﻘﻒ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ واﻟﻨﻮاﻓﺬ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ وﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،ﻟﺘﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﻬﻮاء اﻟﺴﺎﺧﻦ ﻷﻋﻠﻰ ودﻓﻌﻪ ﻟﻠﺨﺎرج ﺑﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﻬﻮاء اﻟﺒﺎرد ﺑﺎﻟﺤﻠﻮل ﻣﻜﺎﻧﻪ .ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﺎﻧﻮا ﺑﻤﻮاد ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﻏﺎز ﻋﺪﻳﻢ اﻟﻠﻮن واﻟﺮاﺋﺤﺔ ،وﻏﻴﺮ ﺳﺎم ،وذو ﻛﻔﺎءة ﻋﺎﻟﻴﺔ؛ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺘﺮ اﻟﻤﻜﻌﺐ ﻣﻨﻪ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﺟﺮار زراﻋﻲ ،أو ﺳﻴﺎرة زﻧﺔ ﺛﻼﺛﺔ أﻃﻨﺎن ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ 3ﻛﻢ ،أو ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ ﻗﺪرﺗﻬﺎ 1.5ﺣﺼﺎن ﻟﻤﺪة ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ،أو إﺿﺎءة ﻣﺼﺒﺎح ﻛﻬﺮﺑﻲ ﻗﺪرﺗﻪ 60وات ﻟﻤﺪة 6ﺳﺎﻋﺎت.
ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح أﺣﺪ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺮﻓﻊ اﻟﺸﻤﺲ درﺟﺔ ﺣﺮارة ﻃﺒﻘﺎت اﻟﻔﻀﺎء ﺑﻨﺴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺠﻮ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ زاوﻳﺔ ﺳﻘﻮط اﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻃﺒﻘﺔ ،ﻓﻴﻨﺘﻘﻞ اﻟﻬﻮاء اﻟﺒﺎرد ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﻬﻮاء اﻟﺴﺎﺧﻦ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺮﺗﻔﻊ اﻟﻬﻮاء اﻟﺴﺎﺧﻦ ﻷﻋﻠﻰ ﻟﻴﺤﻞ ﺑﺪوره ﻣﺤﻞ اﻟﻬﻮاء اﻟﺒﺎرد ،وﻫﺬه اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺐ اﻟﺮﻳﺎح ،واﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺷﺪﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ ،وﻣﻦ ﻓﺼﻞ ﻵﺧﺮ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻃﺎﻗﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎح ﺗﺼﻞ ﻟﻤﻼﻳﻴﻦ اﻟﻜﻴﻠﻮوات ،ﻓﺘﻐﻨﻴﻨﺎ ﻋﻦ أﺿﻌﺎف اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ، وﺗﻘﺎم ﻋﻠﻰ ﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺒﺤﺎر ،وﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﻜﺸﻮﻓﺔ ،واﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﻓﻮق اﻟﺠﺒﺎل واﻟﻬﻀﺎب ،أﻋﻤﺪة ﻳﺼﻞ ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 20ﻣﺘﺮا ً ،وﺗﻮﺿﻊ ﻓﻮﻗﻬﺎ أﺟﻬﺰة ﻗﻴﺎس ﻟﺴﺮﻋﺔ ،واﺗﺠﺎه اﻟﺮﻳﺢ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺑﻌﺪ دراﺳﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣﻮاﻟﻬﺎ ،وأﻓﻀﻞ ﻃﺮق اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ،وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻃﻮاﺣﻴﻦ اﻟﻬﻮاء ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﻲ ﺿﺦ اﻟﻤﻴﺎه ﻣﻦ اﻵﺑﺎر اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ،وﻃﺤﻦ اﻟﺤﺒﻮب ،وﻛﺎﻧﺖ ﻃﻮاﺣﻴﻦ اﻟﻬﻮاء اﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﺔ أﻛﺒﺮ ﻋﻮن ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﻔﻴﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺤﺎر ،وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ أر ٍ اض زراﻋﻴﺔ ،واﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ دول أﺧﺮى ﻓﻲ ري أراﺿﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻴﺎه اﻷﻧﻬﺎر، وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪاﻧﻤﺎرك )وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻔﻘﻴﺮة ﻓﻲ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ( ﻣﻦ أواﺋﻞ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﻠﺖ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،وﺣﺘﻰ وﻗﺘﻨﺎ ﻫﺬا ،ﺣﻴﺚ اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﻬﺎ ﻓﻲ إدارة اﻵﻻت ،وإﺿﺎءة اﻟﻤﻨﺎزل، واﻟﻤﺪن اﻟﺼﻐﻴﺮة ،ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻠﻮوات ،وﻗﺪ ﻧﺠﺢ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن واﻟﺮوس ﻓﻲ ﺗﺼﻨﻴﻊ أﺟﻬﺰة ﺗﻨﺎﺳﺐ درﺟﺎت اﻟﺸﺪة اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺮﻳﺎح؛ ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻔﻴﻔﺔ ،أو ﻋﺎﺻﻔﺔ ،وﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻄﺎع ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻣﺮاوح ﻫﻮاﺋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﺮة ،ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﺗﻜﻔﻲ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻷﺳﺮة ﻟﻺﺿﺎءة ،واﻟﺰراﻋﺔ ،وﺗﺸﻐﻴﻞ اﻷﺟﻬﺰة اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ إﻧﺸﺎء ﺷﺒﻜﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻜﻠﻒ ﺳﻮى ﺛﻤﻦ اﻟﺠﻬﺎز ،وﺻﻴﺎﻧﺘﻪ، وﻗﺪ أﺟﺮﻳﺖ دراﺳﺎت ﻷﺑﺮز اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻮاﻋﺪة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻻﺳﺘﻐﻼل ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح ﺑﻜﻔﺎءة ،ﻓﻔﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﺜﻼً ﻫﻨﺎك اﻹﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ،واﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ،واﻟﺴﻠﻮم ،واﻟﻐﺮدﻗﺔ ،وﻓﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ،ﻫﻨﺎك ﺟﺰﻳﺮة »داس« ،و»ﺟﺒﻞ اﻟﻈﻨﺔ« ،و»ﺷﺮﺟﺎح« ،وﺗﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﻮاﻃﻲء اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ واﻷﺣﻤﺮ ،واﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﺪة ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻫﻮﻟﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮﻳﺮ ،وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﻴﺔ ،واﻟﻤﻴﺎه
اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺸﺮب ،وﻷﻧﻈﻤﺔ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح ﻣﺠﺎل رﺣﺐ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻟﻀﺦ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ،وﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻺﻧﺎرة ،وﺗﺤﻠﻴﺔ اﻟﻤﻴﺎه، وﻳﻤﻜﻦ ﺗﺸﻐﻴﻠﻬﺎ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاك ﻣﻊ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼل ﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ ﻓﻲ إﻣﺪاد ﻣﺤﻄﺎت اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻷرﺿﻴﺔ ﻟﻠﺨﻄﻮط اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻷﻧﺎﺑﻴﺐ اﻟﻨﻔﻂ ،واﻟﻐﺎز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ. اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔ
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺴﺎﻗﻂ اﻟﻤﻴﺎه ﻣﺼﺪرا ً ﻟﺮﺑﻊ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء، ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻃﺮق اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ؛ﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮاﻗﻲ، أو اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺘﻄﻮرة ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺘﻮرﺑﻴﻨﺎت اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ،وﺗﺒﻠﻎ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮﻟﺪة ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺳﻘﻮط ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺎه ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع ﻣﺘﺮ ،ﻧﺤﻮ 2.50وات/ﺳﺎﻋﺔ ،وﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﺼﺎدر اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻷﺧﺮى ،ﻓﺈن ﻃﺎﻗﺔ اﻟﻤﻴﺎه ﻟﻬﺎ ﻓﻮاﺋﺪ ﺑﻴﺌﻴﺔ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﺴﺪود اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﺒﺐ أي ﺗﻠﻮث ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﺼﺪرا ً داﺋﻤﺎً ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ،وﺑﺄﺳﻌﺎر ﺷﺒﻪ ﺛﺎﺑﺘﺔ، وﻫﻲ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﻮﺣﻴﺪ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮ ﻛﻤﻴﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ،وﻣﺮﻛﺰة ﻣﻦ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،ﺗﺼﻠﺢ ﻹدارة اﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ،واﻹﻧﺎرة، ﺑﺄﻗﻞ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ،وإذا اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ اﺳﺘﻐﻼل ﻛﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎً ،ﻷﻣﻜﻦ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ ﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ،واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﺣﺘﻰ اﻵن ،وإذا ﺗﻤﺖ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺨﺘﺰﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻤﺘﺪﻓﻘﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﻴﻄﺎت ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻟﻴﺪ 73أﻟﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻣﻴﺠﺎوات/ﺳﺎﻋﺔ ﺳﻨﻮﻳﺎً ،وﻫﻨﺎك ﺑﻼد ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻨﺮوﻳﺞ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ % 99ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﺎ اﻟﻜﻬﺮﺑﻴﺔ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
29
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ )اﻟﻔﻮﺗﻮﭬﻮﻟﺘﻴﺔ( ،وﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻗﻮة داﻓﻌﺔ ﻛﻬﺮﺑﻴﺔ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻣﺘﺼﺎص اﻹﺷﻌﺎع اﻟﺸﻤﺴﻲ ،واﻟﻤﻮاد اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﻨﻴﻊ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺗﻌﺮف ﺑﺄﺷﺒﺎه اﻟﻤﻮﺻﻼت، وﺗﺘﻜﻮن أﺳﺎﺳﺎً ﻣﻦ ﺧﺎﻣﺔ اﻟﺴﻴﻠﻴﻜﻮن ،واﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﻛﻬﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ،واﻟــﺬي ﻻ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ ارﺗﻔﺎع ﺛﻤﻦ اﻟﺴﻴﻠﻴﻜﻮن، ﻓﺎﻟﺴﻴﻠﻴﻜﻮن اﻟﺨﺎم ﻣﺘﻮﻓﺮ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﺎل ،وإﻧﻤﺎ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﺴﻴﻠﻴﻜﻮن أﺣﺎدي اﻟﺒﻠﻠﻮرة ،واﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜﺮة اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﻓﻤﻌﻈﻢ أﺷﺒﺎه اﻟﻤﻮﺻﻼت اﻟﺴﻴﻠﻴﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻷﺟﻬﺰة اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ أو أﺑﺤﺎث اﻟﻔﻀﺎء ﻳﺠﺐ أن ﺗﺒﻠﻎ درﺟﺔ ﻧﻘﺎوة اﻟﺴﻴﻠﻴﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ،% 99.9وﻳﺘﻢ ﺗﻐﻠﻴﻒ اﻷﻟﻮاح اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﺰﺟﺎج أو اﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻈﺮوف اﻟﺠﻮﻳﺔ، وﻟﻀﻤﺎن ﺻﻼﺣﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻟﻔﺘﺮة أﻃﻮل؛ ﺗﺘﺮاوح ﺑﻴﻦ 35 - 15ﺳﻨﺔ، وﺗﻌﻤﻞ اﻷﺑﺤﺎث اﻟﻤﺘﻮاﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﺼﻨﻴﻊ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻛﻔﺎءة ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﻛﻬﺮﺑﻴﺔ ،وﺧﻔﺾ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺤﻆ أن ﺗﻜﺎﻟﻴﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺴﺘﻤﺮ ،وﻳﺘﺰاﻳﺪ اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻄﻮل ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻟﺴﻨﻴﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ؛ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء واﻟﻤﺤﺮوﻗﺎت ،وﻷن ﻟﺴﻄﻮع اﻟﺸﻤﺲ ﺳﺎﻋﺎت ﻣﺤﺪدة ،وﺷﺪة ﻣﺘﻐﻴﺮة ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻟﻔﺼﻮل ،واﻟﻈﺮوف اﻟﺠﻮﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹﺳﺘﻐﻼل اﻟﻤﺠﺪي ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﺗﻢ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ ﺗﺨﺰﻳﻨﻬﺎ ،ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ وﻗﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺎم ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ. ﻃﺎﻗﺔ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔBiomass Energy-
ﺗﺤﺘﻞ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻷﻫﻤﻴﺘﻬﺎ اﻟﻘﺼﻮى ﻟﺤﺎﺿﺮ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺣﻮاﻟﻲ % 70ﻣﻦ
28
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻛﻤﺼﺪر ﻟﻠﻮﻗﻮد اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ،وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ :اﻟﺨﺸﺐ ،وﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ ،وروث اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ، وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ إﻟﻰ وﻗﻮد ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺼﻮر؛ ﺻﻠﺐ ،وﺳﺎﺋﻞ ،وﻏﺎزي ،ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﺘﺎج ﺑﺪاﺋﻞ ﻟﻠﺒﻨﺰﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺨﻤﺮ ،واﻟﺘﻘﻄﻴﺮ ﻟﻘﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺤﻮل اﻹﻳﺜﻴﻠﻲ ،أو ﺗﺤﻀﻴﺮ اﻟﻜﺤﻮل اﻟﻤﻴﺜﻴﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻀﻴﺮ وﻗﻮد ﻏﺎزي ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻟﺤﺮارﻳﺔ ﻟﻠﺨﺸﺐ ،وﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﻗﻮد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؛ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق ﺻﻨﺎﻋﻲ واﺳﻊ أو ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق ﻣﺤﺪود ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﻞ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﻤﺤﻀﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺤﻞ اﻟﻮﻗﻮد اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻓﻲ ﻣﺤﺮﻛﺎت اﻻﺣﺘﺮاق اﻟﺪاﺧﻠﻲ ،وﻣﺤﺮﻛﺎت اﻟﺪﻳﺰل ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﺮﻛﺎت اﻟﻐﺎز اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻟﺪات ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ إدارة اﻵﻻت اﻟﺰراﻋﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺼﻞ ﻛﻔﺎءة ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﻤﺤﺮك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ إﻟﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﺟﻴﺪة ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻻﻧﺨﻔﺎض ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام .وﻣﻦ أﻫﻢ ﺻﻮر إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ :اﻟﻮﻗﻮد اﻟﻐﺎزي اﻟﺤﻴﻮي )واﻟﺬي ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﺒﻴﻮﺟﺎز( ،وﻗﺪ اﻛﺘﺸﻒ ﺑﺈﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺳﻨﺔ 1776ﻛﻐﺎز ﻳﺘﻮﻟﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎت ،ﻟﺬا ﻋﺮف ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﻐﺎز اﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎت ،وﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻏﺎز ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻼﺷﺘﻌﺎل، ﻳﺘﻮﻟﺪ ﻋﻦ ﺗﺨﻤﺮ أي ﻣﻮاد ﻋﻀﻮﻳﺔ؛ ﻧﺒﺎﺗﻴﺔ ،أو ﺣﻴﻮاﻧﻴﺔ ،أو آدﻣﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻤﺮ ﺗﺤﺖ ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺎء ،وﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ اﻟﻬﻮاء، وذﻟﻚ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺒﻜﺘﻴﺮﻳﺎ اﻟﻼﻫﻮاﺋﻴﺔ .وﻗﺪ أﻧﺸﺌﺖ أول وﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺒﻴﻮﺟﺎز ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻠﻔﺎت اﻵدﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ ﻋﺎم ،1890ﺛﻢ ﺑﺪأ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺒﻴﻮﺟﺎز ﺑﺄﻟﻤﺎﻧﻴﺎ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﻤﺰارع ،واﻟﻔﻀﻼت اﻵدﻣﻴﺔ واﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ ،ﺑﻬﺪف إﻧﺘﺎج وﻗﻮد ﺑﺪﻳﻞ ﻟﺘﺸﻐﻴﻞ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺟﺮار ،وآﻟﺔ زراﻋﻴﺔ ،وﺳﻴﺎرة ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪ اﺷﺘﺪاد أزﻣﺔ اﻟﺒﺘﺮول ﺧﻼل ﺣﺼﺎر اﻟﺤﻠﻔﺎء ﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ،وﻗﺪ أﻋﺎدت ﺣﺮب أﻛﺘﻮﺑﺮ 1973اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻘﻀﻴﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﺒﻴﻮﺟﺎز ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻠﻔﺎت اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺮﻳﻒ واﻟﻤﺪن ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أزﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺧﻼل اﻟﺤﺮب ،وارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﺒﺘﺮول ﺑﺸﻜﻞ رﻫﻴﺐ ،ﺣﻴﺚ أﺟﺮى اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻤﺼﺮي دراﺳﺔ ﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﺧﻼل ﻋﺎم 1983ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﻛﻤﻴﺎت وأﻧﻮاع اﻟﻤﺨﻠﻔﺎت اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻋﻦ ﺗﺮاﻛﻤﻬﺎ ﺗﻠﻮث ﺑﻴﺌﻲ ،واﺗﻀﺢ أن اﻟﻤﻮاد اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ اﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ ﻣﻦ إﻋﺎﺷﺔ اﻟﺠﻨﻮد ﻫﺎﺋﻠﺔ ،وأﻧﻪ ﻳﺘﻢ ﺣﺮﻗﻬﺎ ﻣﻦ دون اﺳﺘﻐﻼل ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﺑﻬﺎ ،واﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺎز ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠﺴﻤﺎد اﻟﻌﻀﻮي اﻟﺠﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺗﺄﻛﺪ أن اﻟﺤﻞ اﻟﻌﻤﻠﻲ ،واﻻﻗﺘﺼﺎدي، واﻟﺼﺤﻲ ،ﻫﻮ ﺗﺨﻤﻴﺮ ﻫﺬه اﻟﻤﺨﻠﻔﺎت اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻻﻫﻮاﺋﻴﺎً ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺒﻴﻮﺟﺎز، واﻟﺴﻤﺎد اﻟﻌﻀﻮي ،ﺣﻴﺚ إن اﻟﻮﻗﻮد اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﻮﺟﺎز ﻫﻮ اﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻄﻬﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻣﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺒﻴﻮﺟﺎز ﻓﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﻼزﻣﺔ ﻹدارة اﻵﻻت ،وﻓﻲ اﻹﺿﺎءة ،وﻫﻮ
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻷﺳﺮة واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
اﻟﺸﻤﺲ ﻃﺎﻗﺔ ﺟﺒﺎرة ،وﻣﻦ ﺷﺪة اﻧﺒﻬﺎر اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎً ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻀﺎرات إﻟﻰ إﻟﻪ ﻳﻌﺒﺪ ،وﻛﺎن ﺳﻜﺎن اﻟﺠﺒﺎل ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺎً ﻳﻀﻌﻮن اﻟﻤﺮاﻳﺎ ﻓﻮق ﻗﻤﻢ اﻟﺠﺒﺎل ﻟﺘﺠﻤﻴﻊ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ،ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ إﺷﻌﺎل اﻟﻨﻴﺮان ،وإﺿﺎءة ﺳﻔﻮح اﻟﺠﺒﺎل، وﺗﺒﺎدل اﻹﺷﺎرات اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت اﻟﺒﻌﻴﺪة .ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ "أرﺷﻤﻴﺪس" اﻟﻤﺮاﻳﺎ اﻟﺤﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺑﻼده ،وﻧﺠﺢ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﻓﻲ إﺣﺮاق أﺳﻄﻮل اﻟﻌﺪو اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻢ اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﻟﻤﺮاﻳﺎ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ اﻟﺤﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺰ اﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺆرﺗﻬﺎ ،ﺛﻢ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﺻﻮب اﻟﻬﺪف .وﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ"ﻻﻓﻮازﻳﻴﻪ" ﺧﻼل اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ،ﻓﺎﺧﺘﺮع ﺟﻬﺎزه اﻟﻤﺼﻨﻮع ﻣﻦ ﻋﺪد ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﺳﺎت، ووﺿﻊ ﻓﻲ ﻋﺪﺳﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺠﻬﺎز ﻛﺤﻮﻻً ،ﻟﻴﺠﻌﻞ ﺗﺮﻛﻴﺰ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ،وﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺎز اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﺣﺮارة ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺟﺪا ً ،ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺼﻬﺮ اﻟﺤﺪﻳﺪ واﻟﺒﻼﺗﻴﻦ .وﻓﻲ ﻋﺎم 1875إﺧﺘﺮع اﻟﻌﺎﻟﻢ "ﻣﻮﺷﻮ" آﻟﺔ ﺑﺨﺎرﻳﺔ اﺳﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ أﻳﻀﺎً ﻓﻜﺮة اﻟﻤﺮاﻳﺎ اﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ اﻟﻤﺠﻤﻌﺔ ﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ إدارة آﻻت ﺻﻐﻴﺮة ،وﺗﻼ ذﻟﻚ ﺗﺠﺎرب ﻋﺪﻳﺪة ﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ. وﻣﻦ أﺣﺪث اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اﻟﻤﻔﻴﺪة ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻷﻗﻤﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﻟﺘﺰوﻳﺪ أﺟﻬﺰﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺒﻄﺎرﻳﺎت اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﺗﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺠﻬﻮد ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻟﺘﻌﻤﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ، وﻟﺘﻮﺳﻴﻊ اﻟﺮﻗﻌﺔ اﻟﺰراﻋﻴﺔ.
ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ أﺑﺮز اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ، وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺮﻛﻴﺒﺎت ﺑﺴﻴﻄﺔ ،وﻧﻔﻘﺎت زﻫﻴﺪة ،ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ، وﺗﺴﺨﻴﻦ اﻟﻤﻴﺎه ،وﺗﻜﻴﻴﻒ اﻟﻬﻮاء ،واﻟﺘﺒﺮﻳﺪ ﻓﻲ ﺛﻼﺟﺎت ﺷﻤﺴﻴﺔ، وﺗﻘﻄﻴﺮ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻤﺎﻟﺤﺔ ﻟﺠﻌﻠﻬﺎ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺸﺮب ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﺰﻳﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻟﻴﻼً أو ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ ﺗﺨﺰﻳﻨﻬﺎ ،وﻗﺪ اﺗﺠﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻨﺬ أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﺒﺨﻴﺮ اﻟﺸﻤﺴﻲ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻠﺢ اﻟﻄﻌﺎم ،ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻌﺪﺳﺎت ،واﻟﻤﺮاﻳﺎ اﻟﻤﺮﻛﺰة ﻟﺘﻘﻄﻴﺮ ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺎﻟﺤﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻨﻌﺰﻟﺔ ،وﻛﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ "ﻫﺎردﻧﺞ" أول ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﺟﻬﺎزا ً ﻟﻠﺘﻘﻄﻴﺮ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 1872ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء اﻟﻌﺬب ﺗﻜﻔﻲ ﺣﺎﺟﺎت ﻣﺌﺎت اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﺨﺮﺟﻮن اﻟﻨﺘﺮات ﻓﻲ ﺷﻴﻠﻲ. وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻫﻲ اﻟﺤﺮارة اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ،إﻻ أن ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻳﻜﻤﻦ أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺳﺒﺒﻬﺎ؛ وﻫﻮ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ ،ﻓﺒﺎﺳﺘﻐﻼل اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻣﻜﻴﻔﺎت اﻟﻬﻮاء ،واﻟﻤﺒﺮدات، وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻮاﻗﺪ اﻟﻄﻬﻰ إﺣــﺪى ﺻﻮر اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺮﻛﻴﺰ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻤﺮاﻳﺎ ،وﻳﻤﻜﻦ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﺣﺮارﻳﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟ ُﻤ ﱠﺠ ِﻤﻌﺎت اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ، وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﺮارﻳﺔ إدارة ﻣﺤﺮك ﺣ ـﺮاري ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺘﺤﻮل اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ،وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﻫﻢ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﻛﻬﺮﺑﻴﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺨﻼﻳﺎ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
27
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﻣﺤﻤﺪ زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ
زادت ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات ﺿﺮورة اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﺸﻜﻼت ﻧﻀﻮب ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،وﺗﻠﻮث اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﻨﺎﺷﻲء ﻋﻦ اﻹﺳﺮاف ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺤﺮوﻗﺎت ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎرﻫﺎ ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﻣﺸﻜﻼت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺧﻴﻤﺔ ﻟﺪول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻨﺎﻣﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ زﻳﺎدة اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮوﻗﺎت ،وﻗﺪ أﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻼدﻧﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ،اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ إذا أﺣﺴﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻰ اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﺤﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ ،ﻓﺈذا اﻣﺘﻠﻜﻨﺎ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ، ﺳﻨﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﻃﻼق اﻟﻤﺎرد اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻤﺘﺠﺪدة اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،واﻟﺘﻲ أﻫﻤﻠﻨﺎﻫﺎ ﻟﺴﻨﻴﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ. وﺗﺸﻤﻞ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻛﻼً ﻣﻦ :اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﺮارﻳﺔ اﻷرﺿﻴﺔ ،وﻃﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح ،واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮوﻣﺎﺋﻴﺔ، وﻃﺎﻗﺔ اﻟﻤﺪ واﻟﺠﺰر ،وﻃﺎﻗﺔ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﺮارﻳﺔ ﻟﻠﻤﺤﻴﻄﺎت ،واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻬﻴﺪروﺟﻴﻨﻴﺔ ،واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ .وﺗﻤﺘﻠﻚ ﺑﻼدﻧﺎ ﺛﺮوة وﻓﻴﺮة ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ،واﻟﺘﻲ ﺛﺒﺖ أﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻫﻲ اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻷﻧﺴﺐ ،واﻷوﻓﺮ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﻘﺮى اﻟﺼﻐﻴﺮة ،واﻟﻮاﺣﺎت ،واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،واﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل أﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻼدﻧﺎ ﺑﺸﻤﺲ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﻃﻮال اﻟﻌﺎم.
26
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﻣﺤﻄﺔ ﻓﺮاﻧﻚ ﺷﻮﻣﺎن ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺗﻪ
ﻓﻲ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ،ﻧﺤﻮ 27260ﻟﺘﺮا ،ﻟﺮي ﺣﻘﻮل اﻟﻘﻄﻦ ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ اﻷﺟﻮد ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ .وﻛﺎﻧﺖ ﻟﺸﻮﻣﺎن ﻋﻦ ﻣﺸﺮوﻋﻪ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻷول» :إن ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻫﻮ اﻧﻄﻼﻗﺔ ﻟﻌﺼﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ «.وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ،1913ﺑﺪأت أول ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﻤﻌﺎدي ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ أﻣﺎم اﻟﺠﻤﻬﻮر إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻔﻠﺢ ،وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ إﻧﺼﻬﺎر اﻟﻐﻼﻳﺎت اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻧﻚ و ﺗﻢ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﺎ ﺑﺤﺪﻳﺪ وزﺟﺎج ﻣﻘﻮى ،وﺗﻢ ﺗﺄﺟﻴﻠﻬﺎ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺤﻄﺔ ،وﻋﺎود اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻟﻴﻮ ،1914وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺤﻄﺔ ﻣﺴﺘﻌﺪة ﻟﻼﺧﺘﺒﺎر ﻣﺮة أﺧﺮى ،وﺣﻀﺮ اﻟﻠﻮرد ﻛﺘﺸﻨﺮ ،اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺠﻴﺶ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﻟﻤﺸﺎﻫﺪة اﻟﻤﺤﺮك اﻟﻌﻤﻼق ﻳﻌﻤﻞ وﻳﻨﺘﺞ ﻃﺎﻗﺔ ﺗﻀﺦ ﻣﻴﺎه اﻟﻨﻴﻞ ﻟﺮي ﺣﻘﻮل اﻟﻘﻄﻦ .وﻋﻘﺐ ﻧﺠﺎح ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ﺳﺎﻓﺮ ﺷﻮﻣﺎن إﻟﻰ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻟﻌﺮض ﻣﺸﺮوﻋﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻟﻤﺎن اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ،وﺗﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻓﻲ ﻋﺎم 1914ﻋﺎد إﻟﻰ ﻓﻴﻼدﻟﻔﻴﺎ ،ﻓﻲ إﺟﺎزة ﻟﺒﻀﻌﺔ ﺷﻬﻮر اﺣﺘﻔﺎﻻ ﺑﻨﺠﺎﺣﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ وأﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ،ﻟﻴﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻴﻠﻢ ﻳﺘﻢ ﻋﺮﺿﻪ ﺑﻤﺴﺮح اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺘﺎﻛﻮﻧﻲ. وﻛﺎن ﻟﻔﺮاﻧﻚ ﺷﻮﻣﺎن ﻛﻠﻤﺔ ﺷﻬﻴﺮة ﻓﻲ وﻗﺖ ﺗﺸﻴﻴﺪ اﻟﻤﺤﻄﺔ ﻫﻲ: »إﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺷﻲء واﺣــﺪ ..أن اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻻﺑﺪ أن ﺗﺘﺤﻮل ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ أو ﺗﺮﺗﺪ إﻟﻰ اﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ«.
أﺻﺒﺢ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ اﺗﺠﺎﻫ ًﺎ ﻋﺎﻣ ًﺎ ﻟﺪى ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺪول ﻟﻼﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ ﺗﻠﻮﻳﺚ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺎدر ﻃﺎﻗﺔ أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺘﺮول وﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ. ﻓﻘﺪ ﻋﺎدت اﻟﺪول إﻟﻰ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﺼﺎدر ﺑﻘﺎء واﺳﺘﻘﺮاراً ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎح أو اﻟﻤﻴﺎه ﻧﻈ ًﺮا ﻻﻧﺪﻻع اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻷوﻟﻰ ) ،(1918 - 1914وﺗﻢ ﺗﻔﻜﻴﻚ اﻟﻤﺤﻄﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻮاد اﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ ﻟﺘﺰوﻳﺪ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺬﺧﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﺣﻠﺖ اﻷﺷﺠﺎر واﻟﺴﻴﺎرات ﻣﺤﻞ أول ﻣﺤﻄﺔ ﻃﺎﻗﺔ ﺷﻤﺴﻴﺔ ﻟﻌﻞ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﺎﻫﺰة ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢّ . ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ،إﻻ أن ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﻮﻣﺎن أﺛﺒﺘﺖ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أن اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ وﻋ ًﺪا ﻛﺒﻴ ًﺮا ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .وأﻫﻤﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻋﻘﺐ اﻛﺘﺸﺎف اﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ ،واﺳﺘﺒﺪﻟﺖ اﻟﺪول اﻟﻜﺒﺮى اﻟﻔﺤﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ ƩŵŌƉǙ
- 1اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﺮارﻳﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰات اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ د.م ،ﻛﺎﻣﻴﻠﻴﺎ ﻳﻮﺳﻒ ،دورﻳﺔ ﻟﺠﻬﺎز ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء. - 2اﻟﻤﻌﺎدي ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ -ﻋﺎدل اﻟﻐﻴﻄﺎﻧﻲ. The promise of solar power, made a century ago - 3 The Power of Light: The Epic Story of Man's Quest - 4 to Harness the Sun SOLAR ENERGY PERSPECTIVES IN EGYPT- 5 اﻟﻈﺮوف ﺗﻀﻊ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻤﺮ إﻻ ﻗﺮاﺑﺔ ﻋﺎﻣﻴﻦ ،واﻧﺘﻬﺖ ﻣﺴﻴﺮة ﺷﻮﻣﺎنM.N.H. Comsan ،
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
25
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺣﻜﺎﻳﺔ أول أﺻﺒﺢ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ اﺗﺠﺎﻫﺎً ﻋﺎﻣﺎً ﻟﺪى ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺪول ﻟﻼﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ ﺗﻠﻮﻳﺚ اﻟﺒﻴﺌﺔ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺎدر ﻃﺎﻗﺔ أﺧﺮى ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺘﺮول وﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ .ﻓﻘﺪ ﻋﺎدت اﻟﺪول إﻟﻰ اﻟﺸﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﺼﺎدر ﺑﻘﺎء واﺳﺘﻘﺮاراً ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎح أو اﻟﻤﻴﺎه. ﻓﻔﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺷﻌﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ﺗﺠﺎه ﺗﺮاﺟﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﻔﺤﻢ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي دﻓﻊ ﻋﻠﻤﺎء إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﺒﻞ ﻟﺘﺒﺴﻴﻂ إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ وﻧﺎﺟﺤﺔ .ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻮادر اﺧﺘﺮاﻋﺎت ﺗﻮﻟﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،1892ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﻬﻨﺪس اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻓﺮاﻧﻚ ﺷﻮﻣﺎن ،ﺣﻴﻨﻤﺎ اﺧﺘﺮع زﺟﺎج أﻣﺎن ﻣﻘﻮى ﺑﺎﻷﻟﻴﺎف ﻣﻦ اﻷﺳﻼك ﻻﺳﺘﺨﻼص اﻟﺤﺮارة ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ،وﺗﻼ ذﻟﻚ ﺑﺎﺧﺘﺮاع ﻣﺤﺮك ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻋﺎم ،1907ﻋﺒﺮ ﺗﺴﺨﻴﻦ اﻟﻤﻴﺎه ﺛﻢ اﺳﺘﺨﺪام ﺑﺨﺎر اﻟﻤﻴﺎه ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﻤﺤﺮك. وﻇﻠﺖ ﻫﺬه اﻵﻟﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﺎﺟﺢ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﻟﻤﺸﻤﺴﺔ ﺑﺠﻮار ﺑﺮﻛﺔ ﻣﻨﺰل ﺷﻮﻣﺎن ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻛﺎﻧﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ.
ﺷﻤﺴﻴﺔ ،وﺑﺪأ رﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺑﻠﺪ ﻹﻧﺸﺎء أول ﻣﺤﻄﺔ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ واﺟﻬﺘﻪ اﻷوﻟﻰ ،ﻧﻈﺮا ﻷﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻛﺒﻠﺪ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺣﺠﻢ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﺰراﻋﻲ .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﺻﻞ اﻟﻔﻜﺮة إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ً ﻓﻲ رﺑﻴﻊ 1911إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ أرض ﺗﺼﻠﺢ ﻷن ﺗﻜﻮن ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻤﺸﺮوﻋﻪ .وﺟﺪ ﺷﻮﻣﺎن أرض ﻗﺮب اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﻌﺎدي ﺟﻨﻮب اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺨﺼﻮﺑﺘﻬﺎ وﻗﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻬﺮ اﻟﻨﻴﻞ. وواﻓﻘﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺳﺮﻳ ًﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬه اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة وﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﺴﺒﻞ ﻛﺎﻓﺔ ﻹﺗﻤﺎﻣﻬﺎ ،وﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﻋﺎم 1912وﺗﻢ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻷرض واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﻣﺼﺮﻳﻴﻦ ﻣﺘﺨﺼﺼﻴﻦ .وﺗﻜﻮﻧﺖ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ 5أﻟﻮاح ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻷﻟﻮاح ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ 25ﻗﺪ ًﻣﺎ ،وﻛﺎن ﻃﻮل ﻛﻞ ﻟﻮح ﻧﺤﻮ 200ﻗﺪم وﻋﺮض 10أﻗﺪام ،وﺗﻢ ﺟﻠﺐ ﻣﺤﺮﻛﺎت ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺎﻛﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻴﻼدﻟﻔﻴﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وإﻧﺘﺎج اﻟﺨﺎﻣﺎت اﻷﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻗﻊ. وﻗﺒﻞ أن ﻳﺸﺮع ﺷﻮﻣﺎن ﻓﻲ إﻧﻬﺎء ﻣﺤﻄﺘﻪ ،أﺿﺎف ﻣﺮآة ﻣﺴﻄﺤﺔ ﻋﺎدﻳﺔ ﻟﺘﻌﻜﺲ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺟﺎﻣﻊ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺿﺎﻋﻒ ﻣﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﺤﺮارة ﻟﻠﻤﺠﻤﻌﺎت اﻟﺨﻤﺲ؛ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﻗ ًﻌﺎ أن ﻳﺘﺤﺴﻦ اﻷداء ﺑﻨﺴﺒﺔ 25ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎخ ﻣﺼﺮ اﻟﻤﺸﻤﺲ.
ﺣﺠﻢ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺰراﻋﻲ ﺟﺬب اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻓﺸﻞ ﺛﻢ ﻧﺠﺎح
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ
أراد ﺷﻮﻣﺎن ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ وﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ دول وأﺗﻢ أول ﻣﺤﻄﺔ رﻓﻊ ﻃﺎﻗﺔ ﺷﻤﺴﻴﺔ ﺑﺤﺠﻢ ﺻﻨﺎﻋﻲ ﻓﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺧﺮى ،ﻟﺬﻟﻚ أﻧﺸﺄ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1908ﺷﺮﻛﺔ ﺗﺸﻴﻴﺪ ﻣﺤﻄﺎت ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻃﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎدي ،ﺑﻘﻮة ﻧﺤﻮ 55ﺣﺼﺎﻧﺎ ،وﺗﻀﺦ 6آﻻف ﺟﺎﻟﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﺎء
ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻤﻌﺎدي
ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻤﻌﺎدي
24
ﺣﻜﺎﻳﺔ أول ﻣﺤﻄﺔ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻃﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺟﺪوﻻ ﺗﻘﺮﻳﺒﻴٍّﺎ ً ﻣﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ،% 70ووﺿﻌﺖ ﻟﺤﺼﺺ أﻧﻤﺎط اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺄﻣﻮل اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ ﻋﺎم ،2050ﺗﻤﺜﻴﻠﻪ44 : %ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ،و % 38ﻟﻠﻐﺎز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،و % 12ﻟﻠﻔﺤﻢ اﻷﺧﻀﺮ، و % 6ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ. وﺑﻨﻈﺮة ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﺎت ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل، ﻧﻼﺣﻆ أن »ﺷﺮﻛﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ« ﻗﺪ أﻧﺸﺌﺖ ﻓﻲ ﻋﺎم ،2013ﻟﻴﻮﻟﺪ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﺸﺮوع» :ﻣﺼﺪر« ،وﻣﺸﺮوع »ﺷﻤﺲ «1ﻛﺄول ﺛﻤﺮة ﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ إﻧﺘﺎج اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ،وأﻛﺒﺮ ﻣﺤﻄﺔ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ اﻟﻤﺮﻛﱠﺰة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ )وﻗﺘﻬﺎ( ،ﺑﻘﺪرة إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ 100ﻣﻴﻐﺎوات ،ﺗﻠﺘﻬﺎ ﻣﺤﻄﺔ »ﻧﻮر «1ﺑﺬات اﻟﻘﺪرة ،ﺛﻢ إﻧﺠﺎز ﻣﺤﻄﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﻄﺎﻗﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ 350ﻣﻴﻐﺎوات. ﻛﻤﺎ أﻃﻠﻘﺖ »ﻫﻴﺌﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎء وﻣﻴﺎه دﺑﻲ« ﻣﺒﺎدرة »ﺷﻤﺲ دﺑﻲ« ،اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف إﻟﻰ اﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻟﻮﺣﺎت ﻛﻬﺮوﺿﻮﺋﻴﺔ ،ﺗﻨﺘﺞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،ورﺑﻄﻬﺎ واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ داﺧﻞ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻣﻊ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻔﺎﺋﺾ إﻟﻰ اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﻗﺎﻣﺖ وزارة اﻟﻄﺎﻗﺔ ،ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﻬﻴﺌﺔ واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء واﻟﻤﻴﺎه ،ﺑﺈﻋﺪاد ﻗﺎﻧﻮن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﺴﻜﺎن ﱠ واﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺈﻧﺘﺎج اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺮﻛﻴﺐ اﻷﻟﻮاح اﻟﻜﻬﺮوﺿﻮﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﻄﺢ اﻟﺒﻨﺎﻳﺎت .وﻳﻘﻔﺰ ﻣﺸﺮوع »ﻣﺠﻤﻊ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم« ﻟﻠﻮاﺟﻬﺔ أﻳﻀً ﺎ؛ ﺑﻘﺪرة
إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ 13ﻣﻴﻐﺎوات ﻋﺎم ،2013وﺑﻌﺪ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ﺗﻢ ﺗﺸﻐﻴﻞ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﻤﻊ ﺑﻄﺎﻗﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ 200ﻣﻴﻐﺎوات ،ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ 1.5ﻣﻠﻴﺎر درﻫﻢ ،ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻟﺤﻮاﻟﻲ 50,000ﻣﻨﺰل ،وﺧﻔﺾ ﻧﺤﻮ 214أﻟﻒ ﻃﻦ ﻣﻦ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﻴﺔ ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ،ﺿﻤﻦ ﺧﻄﺔ ﻃﻤﻮﺣﺔ ﺗﺴﺘﻬﺪف إﻧﺘﺎج 1000ﻣﻴﻐﺎوات ﻋﺎم ،2020و 5000ﻣﻴﻐﺎوات ﻋﺎم ،2030ﺑﺎﺳﺘﻬﺪاف اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﻌﺪﻻت ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ % 7ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،2020و % 25ﻋﺎم ،2030و75 %ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم .2050وﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة ﻋﺎﻟﻤ ٍّﻴﺎ ،أﺳﻬﻢ »ﺻﻨﺪوق أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ« ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ 73ﻣﻠﻴﺎر درﻫﻢ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ 488ﻣﺸﺮو ًﻋﺎ ﺗﻨﻤﻮﻳٍّﺎ ﻓﻲ 83دوﻟﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻳﻤﻨﺢ ﻗﺮوﺿً ﺎ ﺑﻘﻴﻤﺔ 1.285ﻣﻠﻴﺎر درﻫﻢ » 350ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر« ،ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة »إﻳﺮﻳﻨﺎ« )اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮاﺟﺪ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺑﺈﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ(؛ دﻋ ًﻤﺎ ﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻮﻛﺎﻟﺔ؛ ﻣﺎ ﻣﻜﱠﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺎت أﻛﺜﺮ اﺗﺴﺎ ًﻋﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت ﻧﺸﺮ ﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻹﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﻤﺮﺻﻮدة ﻟﻬﺬا اﻟﻘﻄﺎع .وﺗﺸﺮف اﻹﻣﺎرات ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻼﻗﺔ ﺣﻮل ﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ذات اﻟﺤﻠﻮل اﻻﺑﺘﻜﺎرﻳﺔ ﱠ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ 100ﻣﺸﺮوع ﻣﻦ ﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة ﻓﻲ 65دوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
23
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ٍ ﺳﻨﻮات ﻋﻦ أوروﺑﺎ وﺷﺮق آﺳﻴﺎ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺑﻌﺪ ﺗﺄ ﱡﺧ ٍﺮ دام ﺗﻌﺞ ﺑﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﺗﺄﺗﻲ دوﻟﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﱡ اﻟﻤﺘﺤﺪة -ﺑﻤﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻄﻮات ﺟﺎدة وﻃﻤﻮﺣﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮﻓﺎه ﻟﺸﻌﺒﻬﺎ -ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺠﻬﺖ ﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﺑﻤﺮور اﻟﺴﻨﻮات أﺻﺒﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎ ٌع ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ،ﺣﻴﺚ ﺗﺄﺗﻲ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل، ﺑﻌﺪ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ -ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ -ﻣﻦ واﻗﻊ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﺻﺪر ﻋﻦ »ﺷﺒﻜﺔ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﻟﻠﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ« ،ﻋﺎم ،2014وﻛﺎﻧﺖ اﻹﻣﺎرات ﻗﺪ ﺑﺪأت اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﻓﻲ أﺑﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻋﺎم .2008
ﻣﺠﻠﺲ إدارﺗﻬﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺴﻮﻳﺪي» :ﻳﻤﺜﻞ إﻧﺠﺎز ﻫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻼﻣ ًﺔ ﻓﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻹﻣﺎرات ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ،2050اﻟﺘﻲ ﺗﻢ إﻃﻼﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 2017؛ ﺑﻬﺪف رﻓﻊ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻓﻲ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻣﺰﻳﺞ اﻟﻄﺎﻗﺔ إﻟﻰ 50ﻓﻲ اﻟﻤﺌﺔ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،2050وﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺒﺼﻤﺔ اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﻴﺔ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ 70ﻓﻲ اﻟﻤﺌﺔ« .وﻗﺪ ﻧﺎﻟﺖ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع ﺑﺤﺚ ﺗﻐ ﱡﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ ،وأﺷﺎر اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة »أﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﻏﻮﺗﻴﺮﻳﺲ« ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﺑـﺎﺟﺘﻤﺎع أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﻤﻨﺎخ إﻟﻰ أن ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد ﺣﺎﺟﺔ ُﻣﻠِ ﱠﺤﺔ ﻟﻠﺘﺼ ﱢﺪي ﻟﻈﺎﻫﺮة اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري؛ ﺑﻞ ﺧﻄﻮة ﻣﺮﺑﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻟﻤﺎ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﺜﻞ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪة وﺗﺤﺴﻴﻦ ﺻﺤﺔ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺘﻠﻮث واﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﺴﺎﻣﺔ.
»ﻧﻮر أﺑﻮﻇﺒﻲ« ..اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻣﺆﺧ ًﺮا ،وﻓﻲ »ﺳﻮﻳﺤﺎن« ﺑﺄﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﺗﻢ اﻓﺘﺘﺎح أﻛﺒﺮ ﻣﺤﻄﺔ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﻫﻲ ﻣﺤﻄﺔ» :ﻧﻮر أﺑﻮﻇﺒﻲ«، ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺗﻮﻟﻴﺪ إﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 1177ﻣﻴﺠﺎوات ،وﺗﻀ ﱡﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ و 200أﻟﻒ ﻟﻮح ﺷﻤﺴﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ 8ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻛﺘﻔﺎء ﻟﺤﻮاﻟﻲ 90أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ .ﺗﺴﻬﻢ اﻟﻤﺤﻄﺔ -اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ -ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ إﻧﺘﺎج اﻹﻣﺎرات ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة ،واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻟﻤﻠ ﱢﻮﺛﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ﻣﺜﻞ اﺣﺘﺮاق اﻟﻐﺎز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻨﻔﻂ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ ،وﺗﻘﻠﻴﻞ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻐﺎز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،واﻟﺤﺪ أﻳﻀً ﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ﻋﻤﻠﻲ ﻣﺘﺮي ﺳﻨﻮﻳٍّﺎ ،وﺑﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﻴﺔ ﺑﻤﻘﺪا ٍر ﻳﻌﺎدل ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﱟ ﱟ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ وﺗﺮﺟﻤﺔ ﻫﺬه اﻟﻤﻌﺎدﻟﺔ ،ﻧﺠﺪﻫﺎ ﺗﺴﺎوي رﻓﻊ 200 أﻟﻒ ﺳﻴﺎرة ﻣﻦ ﺷﻮارع أﺑﻮﻇﺒﻲ .ﺑﻠﻐﺖ ﺗﻜﻠﻔﺔ اﻟﻤﺤﻄﺔ 3.2ﻣﻠﻴﺎر درﻫﻢ إﻣﺎراﺗﻲ ،ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺎدل 870ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر أﻣﻴﺮﻛﻲ ،ﺑﺮأس ﻣﺎل ﻣﻤﻠﻮك ﺑﻨﺴﺒﺔ % 60ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ،و % 40ﻣﺘﺮوﻛﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ، وﺗﺪﻳﺮﻫﺎ »ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻴﺎه وﻛﻬﺮﺑﺎء اﻹﻣﺎرات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ« ،اﻟﺘﻲ ﻗﺎل رﺋﻴﺲ
22
ﱠ ﻳﺘﺤﻘﻖ »ﻧﻮر أﺑﻮ ﻇﺒﻲ« اﻟﺤﻠﻢ اSﻣﺎراﺗﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ
اﻹﻣﺎرات ..إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ وﻋﺎﻟﻤﻴﺔ
وﺧﻼﻗﺔ أﺻﺒﺤﺖ اﻹﻣﺎرات -ﺑﻤﺎ ﺗﺘﺒ ﱠﻨﺎه وﺗﻨﻔﱢﺬه ﻣﻦ ﻣﺸﺮوﻋﺎت راﺋﺪة ﱠ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل -أﺷﺒﻪ ﺑﻤﺨﺘﺒﺮ ﻋﻠﻮمٍ ﻣﻔﺘﻮح ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﻬﺎدﻓﺔ ﻟﺘﺤﺴﻴﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ ،وﺧﻄﺐ و ﱢد اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﺎﺗﺨﺎذ ﺣﺰﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ اﻟﻮﻗﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺤ ﱢﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﻤﺆ ﱢرﻗﺔ ﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺘﻠﻮث اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺨﻄﻴﺮة؛ ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺗﺴﻌﻰ اﻹﻣﺎرات ﻟﻠﻮﺻﻮل ﺑﻨﺴﺒﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻣﺰﻳﺞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻲ إﻟﻰ 50ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،2050وﻗﺪ أﻃﻠﻘﺖ »اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻹﻣﺎرات ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ،«2050 ﻛﺄول ﺧﻄﺔ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻮ ﱠﺣﺪة ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟ َْﻲ اﻹﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻬﻼك؛ إذ ﺗﻮازن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﺑﻴﻦ اﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻳﻮﻓﱢﺮ ﺑﻴﺌﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ آﻣﻨﺔ ﺗﻀﻤﻦ ﻧﻤ ٍّﻮا ُﻣﺴﺘﺪا ًﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎتِ ، آﺧﺬ ًة ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪة ﺑﺎﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ ،واﻟﻤﻘ ﱠﺪرة ﺑﺤﻮاﻟﻲ % 6ﺣﺘﻰ ﻋﺎم .2050ﻛﻤﺎ ﺗﻬﺪف إﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻛﻔﺎءة اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻔﺮدي واﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﺑﻨﺴﺒﺔ % 40ﻣﻊ ﺧﻔﺾ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﻴﺔ اﻟﻤﺘﺄﺗﻴﺔ ﱠ
وﺗﺘﻤ ﱠﻴﺰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠ ﱢﺪدة ﺑﻌﺪة ﻣﻤﻴﺰات ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﻮار ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺻﺪﻳﻘﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ وﻧﻈﻴﻔﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺻﺤﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،وﺗﺤﻤﻲ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﺠﻮﻓﻴﺔ واﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒﺤﺎر واﻟﺜﺮوة اﻟﺴﻤﻜﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻮث ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺿﺒﺔ ،وﻫﻲ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﻟﻰ ﺣ ﱟﺪ ﻛﺒﻴﺮ ،وﻳﺴﻬﻞ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺆ ﱢﻣﻦ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪة ،وﺗﺤﺴﻦ ﻣﻌﻴﺸﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺄﻣﻴﻦ اﻷﻣﻦ اﻟﻐﺬاﺋﻲ واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ. ﺛﻮرة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﻟﻤﺼﺪر اﻷﻫﻢ ﻟﺘﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﻓﻲ اﻟﻜﻮن؛ اﺗﺠﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻟﻼﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ؛ ﻟﻠﺘﺪﻓﺌﺔ ،وﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،وﻟﻐﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺒ ﱠﻨﻰ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ،اﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ،واﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺨﻀﺮاء ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﻴﺔ ،وﻧﺘﺞ ﻋﻦ ذﻟﻚ إﻃﻼق ﻋﺪة ﻣﺒﺎدرات ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ، ﻣﻦ أﻫﻤﻬﺎ ﻣﺒﺎدرة اﻷﻣﻴﻦ اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة» :اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ« ،واﻟﺘﻲ ﻧﺎدت ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺛﻼﺛﺔ أﻫﺪاف ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ،2030 وﻫﻲ :ﺗﺤﻘﻴﻖ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺼﻮل اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ ،وﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺪل اﻟﺘﺤﺴﻦ ﻓﻲ رﻓﻊ ﻛﻔﺎءة اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺎﻗﺔ ،وﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﺣﺼﺔ ﻣﺼﺎدر ﱡ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﻓﻲ ﻣﺰﻳﺞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ.
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
21
тАл╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя╗ия╗ия╗Ия╗┤я╗Фя║Ф╪Ы ╪зя╗Яя╗дя║О╪▒╪п ╪зя╗Яя║ая║Тя║О╪▒ я╗Уя╗▓ я╗гя║Шя╗ия║О┘И┘Д ╪гя╗│я║кя╗│я╗ия║ОтАм
тАл┬╗я╗зя╗о╪▒ ╪гя║Ся╗о я╗Зя║Тя╗▓┬лтАм
тАл╪зя╗Яя║дя╗ая╗в ╪з я╗гя║О╪▒╪зя║Чя╗▓ я║Ся║Оя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗ия╗Ия╗┤я╗Фя║Ф я╗│я║Шя║д я▒ая╗Шя╗ЦтАм
тАл╪ея╗Ля║к╪з╪п тАк -тАм╪▒╪зя║Ся╗Мя║Ф ╪зя╗Яя║ия║Шя║О┘Е ┘И╪гя║гя╗дя║к я║│я╗Мя║к ╪зя╗Яя║кя╗│я╗жтАм
тАл╪зя╗Яя╗Шя║о┘Ж ╪зя╗Яя╗Мя║╕я║оя╗│я╗жтАк ╪МтАмя╗Зя╗мя║о╪к я╗гя║╕я╗Ья╗╝╪к ╪гя║зя║о┘ЙтАк ╪МтАм╪гя╗ля╗дя╗мя║О ╪зя╗╖я║┐я║о╪з╪▒ ╪зя╗Яя╗Ья║Тя║о┘Й ╪зя╗Яя║Шя╗▓тАм тАл╪гя║╗я║Оя║Ся║Ц ╪зя╗Яя║Тя╗┤я║Мя║Ф я║Я я▒ая║о╪з╪б ╪зя║│я║Шя║ия║к╪з┘Е я║Чя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя╗дя║╝я║О╪п╪▒ ╪зя╗Яя╗дя╗ая╗оя║Ыя║Ф я╗Яя╗ая║Тя╗┤я║Мя║ФтАк ╪МтАмя║Ся║ия╗╝┘Б ╪г┘ЖтАм тАля║Чя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя╗дя║╝я║О╪п╪▒ я╗Уя╗▓ я╗Гя║оя╗│я╗Шя╗мя║О я╗Яя╗ая╗ия╗Ая╗о╪и╪Ы я╗гя║О ╪пя╗Уя╗К ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗в я╗Яя╗ая║Шя╗Фя╗Ья╗┤я║о я╗Уя╗▓ я║Чя╗Дя╗оя╗│я║отАм тАля╗гя║╝я║О╪п╪▒ я║Яя║кя╗│я║к╪й ┘Ия║Ся║кя╗│я╗ая║Ф я╗Яя╗мя║ОтАк ╪МтАм┘Ия║Чя╗о я▒ая║Яя╗мя║Ц ╪зя╗╖я╗зя╗Ия║О╪▒ ╪ея╗Яя╗░ ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║Шя║а я▒вя║к╪п╪йтАк╪МтАмтАм тАл┘Ия╗Ля╗ая╗░ ╪▒╪гя║│я╗мя║О ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя║╕я╗дя║┤я╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘Ия║Ся║к╪г╪к ╪зя╗Яя║Тя║дя╗о╪л ┘И╪зя╗Яя║к╪▒╪зя║│я║О╪к я╗Яя╗дя╗о╪зя║Яя╗мя║ФтАм тАля║гя╗Шя╗┤я╗Шя║Ф я╗зя╗Ая╗о╪и ╪зя╗Яя╗оя╗Чя╗о╪п ╪зя╗Яя║Шя╗Шя╗ая╗┤я║к┘К ┘И╪зя║│я║Шя║Тя║к╪зя╗Яя╗к я║С┘Ая╗Дя║Оя╗Чя║Ф я╗гя║Шя║а я▒вя║к╪п╪й я╗Пя╗┤я║отАм тАля╗зя║Оя║┐я║Тя║Ф ┘Ия╗Пя╗┤я║о я╗гя╗а я▒вя╗оя║Ыя║Ф я╗Яя╗ая║Тя╗┤я║Мя║ФтАк.тАмтАм
тАля║Чя╗Д я▒ая╗о ┘О╪▒╪к ╪зя╗Яя╗оя║│я║Оя║Ля╗Ю ╪зя╗Яя║Шя╗▓ ╪зя╗Ля║Шя╗дя║кя╗ля║О ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж я╗Уя╗▓ ╪ея╗│я║ая║О╪п я╗гя║╝я║О╪п╪▒ я╗Яя╗ая╗Дя║Оя╗Чя║ФтАм тАля║Ся║Шя╗Д я▒бя╗о╪▒ ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж я╗зя╗Фя║┤я╗ктАк ╪МтАм┘И╪зя║зя║Шя╗ая╗Фя║Ц я║Ся║Оя║зя║Шя╗╝┘Б я╗гя║о╪зя║гя╗Ю ╪зя╗Яя║Шя╗Д я▒бя╗о╪▒ ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я╗Ля║Оя║╖я╗мя║О╪ЫтАм тАл╪е╪░ ╪е┘Ж я╗ля╗ия║О┘Г я║Чя╗Фя║О ┘Пя╗Л ┘Ля╗╝ я╗гя║Шя║Тя║О╪п ┘Л┘Оя╗╗ я║Ся╗┤я╗ж я╗зя╗о╪╣ ╪зя╗Яя║дя╗Ая║О╪▒╪й ┘Ия╗гя║╝я║О╪п╪▒ ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║ФтАк ╪МтАмя╗Уя╗Ья║О┘ЖтАм тАл╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж я╗Чя║Тя╗Ю ╪зя╗Яя║Ья╗о╪▒╪й ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗┤я║Ф я╗│я╗Мя║Шя╗дя║к я╗Ля╗ая╗░ я╗Чя╗оя║Чя╗к ╪зя╗Яя╗Мя╗Ая╗ая╗┤я║ФтАк ╪МтАм╪г┘И я╗Ля╗ая╗░тАм тАл╪зя╗Яя║дя╗┤я╗о╪зя╗зя║О╪ктАк ╪МтАм╪г┘И я║Ся╗Мя║╛ ╪зя╗Яя╗дя║╝я║О╪п╪▒ ╪зя╗Яя╗Дя║Тя╗┤я╗Мя╗┤я║ФтАк ╪МтАмя╗гя║Ья╗Ю ╪зя╗Яя║╕я╗дя║▓тАк ╪МтАм┘И╪зя╗Яя║оя╗│я║О╪нтАк╪МтАмтАм тАл┘И╪зя╗Яя╗дя║┤я║Оя╗Чя╗В ╪зя╗Яя╗дя║Оя║Ля╗┤я║Ф╪Ы я╗Яя║Шя╗ая║Тя╗┤я║Ф я║гя║Оя║Яя║Оя║Чя╗к ╪зя╗Яя╗┤я╗оя╗гя╗┤я║Ф╪Ы ╪е╪░ ╪зя║│я║Шя╗Мя╗дя╗Ю ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж┘ПтАм тАл╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Ч ┘Оя║Ф ╪зя╗Яя║╕я╗дя║┤я╗┤я║Ф я╗гя╗ия║м ╪зя╗Я ┘Ря╗Шя║к┘О ┘Е я╗Уя╗▓ я║Чя║ая╗Фя╗┤я╗Т я╗гя╗╝я║Ся║┤я╗ктАк ╪МтАм┘Ия║Чя║ая╗Фя╗┤я╗Т ╪зя╗Яя╗Фя║Оя╗Ыя╗мя║ФтАк╪МтАмтАм тАл┬ЗтАм тАл╪зя╗Яя╗дя║Шя║ая║к╪п╪й╪Ы ╪гя╗зя╗о╪з╪╣тАк ╪МтАм┘Ия╗Уя╗о╪зя║Ля║ктАм тАл┘Ия║гя╗Фя╗Ия╗мя║ОтАк ╪МтАм┘И╪зя║│я║Шя║ия║к┘Е ╪гя╗│я╗А┘Л я║О я╗Гя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Оя╗Чя╗В ╪зя╗Яя╗дя║Оя║Ля╗┤я║Ф я╗Яя╗Дя║дя╗ж ╪зя╗Яя║дя║Тя╗о╪итАк ╪МтАм╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║ФтАм тАля║Чя╗Мя║о┘Б ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║Шя║ая║к╪п╪й я║Ся║Дя╗зя╗мя║О я║Чя╗ая╗Ъ ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║О╪к ╪зя╗Яя║Шя╗▓ я║Чя║Шя╗оя╗Яя▒ая║к я║Ся║╝я╗о╪▒╪йтАм тАл┘И╪зя║│я║Шя║ия║к┘Е я╗Гя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя║оя╗│я║О╪н я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя║░╪▒╪зя╗Ля║Ф ┘Ия╗Пя╗┤я║оя╗ля║О я╗гя╗ж ╪зя╗╗я║│я║Шя║ия║к╪зя╗гя║О╪ктАк.тАмтАм тАля╗Гя║Тя╗┤я╗Мя╗┤я║Ф ┘Ия╗гя║┤я║Шя║кя╗│я╗дя║ФтАк ╪МтАм┘Ия║Чя║Шя╗д я▒ая╗┤я║░ ╪гя╗зя╗мя║О я╗Пя╗┤я║о я╗зя║Оя║┐я║Тя║Ф ┘Ия╗гя║Шя╗оя╗Уя║о╪й я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗Дя║Тя╗┤я╗Мя║ФтАм тАля╗Уя╗Ая╗╝ я╗Ля╗ая╗░ ╪гя╗зя╗мя║О я╗зя╗Ия╗┤я╗Фя║Ф я╗╗тАм тАля║Ся║╝я╗о╪▒╪й я╗гя║дя║к┘И╪п╪й ┘Ия╗Яя╗Ья╗ия╗мя║О я╗гя║Шя║ая║к╪п╪й я║Ся║Оя║│я║Шя╗дя║о╪з╪▒тАк┘Л ╪МтАмтАм тАля║Ся║Оя╗╗я╗зя║Шя╗Шя║О┘Д ╪ея╗Яя╗░ я╗Ля║╝я║о ╪зя╗Яя║Ья╗о╪▒╪й ╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗┤я║Ф я╗Уя╗▓ ╪г┘И╪▒┘Ия║Ся║О я╗зя║ая║к ╪г┘Ж я║Чя║д я▒бя╗оя╗╗┘Л я╗Ыя║Тя╗┤ ┘Ля║о╪з я╗│я╗ия║Шя║Ю я╗Ля╗ж ╪зя║│я║Шя║ия║к╪зя╗гя╗мя║О ╪г┘К я║Чя╗ая╗о╪л я║Ся╗┤я║Мя╗▓тАк ╪МтАм┘Ия║Чя║╕я╗дя╗Ю я╗ля║м┘З ╪зя╗Яя╗дя║╝я║О╪п╪▒тАк :тАм╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║ФтАм тАля╗Уя╗▓ ╪гя╗зя╗дя║О╪╖ ╪зя║│я║Шя║ия║к╪з┘Е ╪зя╗╣я╗зя║┤я║О┘Ж я╗Яя╗ая╗Дя║Оя╗Чя║Ф я╗Чя║к я║гя║к╪л╪Ы ╪е╪░ я║Чя║о╪зя╗Уя╗Ц я╗гя╗К ╪зя╗Яя║Ья╗о╪▒╪й ╪зя╗Яя║╕я╗дя║┤я╗┤я║Ф )┘Ия╗ля╗▓ ╪зя╗Яя╗дя║╝я║к╪▒ ╪зя╗Яя║оя║Ля╗┤я║▓ я╗Яя╗ая╗Дя║Оя╗Чя║Ф я╗Ля╗ая╗░ я║│я╗Дя║в ╪зя╗╖╪▒╪╢(тАк ╪МтАмя╗Гя║Оя╗Чя║ФтАм тАл╪зя╗Яя║╝я╗ия║Оя╗Ля╗┤я║Ф ╪з╪▓╪пя╗│я║О╪п ╪зя╗╡я╗╗╪к ╪зя╗Яя╗дя╗┤я╗Ья║Оя╗зя╗┤я╗Ья╗┤я║ФтАк ╪МтАм┘И╪зя╗зя║Шя║╕я║О╪▒я╗ля║О я║Ся║╕я╗Ья╗Ю ┘И╪зя║│я╗К╪Ы ┘Ия║Ся║мя╗Яя╗Ъ ╪зя╗Яя║оя╗│я║О╪нтАк ╪МтАмя╗Гя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║к ┘И╪зя╗Яя║ая║░╪▒ )╪зя╗Яя╗ия║Оя║Чя║ая║Ф я╗Ля╗ж я╗Чя╗о┘Й ╪зя╗Яя║Шя║ая║О╪░┘П╪и я╗гя║О я║Ся╗┤я╗ж ╪зя╗╖╪▒╪╢тАм тАл╪з╪▓╪п╪з╪п ╪зя╗Яя╗Дя╗ая║Р я╗Ля╗ая╗░ ╪зя╗Яя╗оя╗Чя╗о╪п ╪зя╗Яя╗╝╪▓┘Е я╗Яя║Шя║╕я╗Ря╗┤я╗Ю я╗ля║м┘З ╪зя╗╡я╗╗╪ктАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗К я║Ся║к╪зя╗│я║Ф ┘И╪зя╗Яя╗Шя╗дя║о ┘И╪зя╗Яя║╕я╗дя║▓(тАк ╪МтАмя╗Гя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗╖я╗гя╗о╪з╪мтАк ╪МтАмя╗Гя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя║Шя║к я▒б╪▒╪м ╪зя╗Яя║дя║о╪з╪▒┘К я╗Уя╗▓ я╗гя╗┤я║О┘ЗтАм тАля╗ля║м┘З ╪зя╗Яя║Ья╗о╪▒╪й ╪гя║╗я║Тя║в ╪зя╗Яя╗Фя║дя╗в я╗ля╗о ╪зя╗Яя╗дя║╝я║к╪▒ ╪зя╗╖┘И┘Д я╗Яя╗ая╗Дя║Оя╗Чя║ФтАк ╪МтАмя║Ыя╗в я║Ся║к╪г ╪зя╗Яя╗ия╗Фя╗В я╗гя╗К ╪зя╗Яя╗дя║дя╗┤я╗Дя║О╪ктАк ╪МтАмя╗Гя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя║дя║о╪з╪▒╪й ╪зя╗Яя║ая╗оя╗Уя╗┤я▒ая║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗Гя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║┤я║Оя╗Чя╗В ╪зя╗Яя╗дя║Оя║Ля╗┤я║ФтАк .тАмя╗Ыя╗дя║ОтАм тАля╗гя╗Дя╗ая╗К ╪зя╗Яя╗Шя║о┘Ж ╪зя╗Яя╗Мя║╕я║оя╗│я╗ж я▒бтАм тАля╗│я║дя╗Ю ╪▒┘Ия╗│ ┘Ля║к╪з я╗гя╗Ья║О┘Ж ╪зя╗Яя╗Фя║дя╗втАк ╪МтАм┘И╪гя║╗я║Тя║в ╪гя╗л я▒ая╗в я╗гя║╝я║О╪п╪▒ я╗│я║╝ я▒вя╗ия╗Т ╪зя╗Яя╗Мя╗ая╗дя║О ┘П╪б ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Ч ┘Оя║Ф ╪зя╗Яя╗ия║Оя║Чя║ая║Ф я╗гя╗ж я║гя║о┘В ╪зя╗Яя╗Фя╗Ая╗╝╪к ╪зя╗Яя║░╪▒╪зя╗Ля╗┤я║Ф ┘И╪зя╗Яя╗дя╗ия║░я╗Яя╗┤я║ФтАм тАл╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║ФтАк ╪МтАм┘Ия╗гя╗К ╪з╪▓╪пя╗│я║О╪п ╪зя║│я║Шя╗мя╗╝┘Г ╪зя╗Яя╗Мя║Оя╗Яя╗в я╗Яя╗ая╗Дя║Оя╗Чя║Ф я╗Уя╗▓ ╪зя╗Яя╗ия║╝я╗Т ╪зя╗Яя║Ья║Оя╗зя╗▓ я╗гя╗ж я║┐я╗дя╗ж ╪зя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║О╪к ╪зя╗Яя╗дя║Шя║а я▒вя║к╪п╪йтАк.тАмтАм тАлтАк20тАмтАм
тАля▒атАм тАля╗│я║Шя║дя╗Шя╗ЦтАм тАл┬╗я╗зя╗о╪▒ ╪гя║Ся╗о я╗Зя║Тя╗▓┬л ╪зя╗Яя║дя╗ая╗в ╪зтАкSтАмя╗гя║О╪▒╪зя║Чя╗▓ я║Ся║Оя╗Яя╗Дя║Оя╗Чя║Ф ╪зя╗Яя╗ия╗Ия╗┤я╗Фя║ФтАм
Developmentﻓﺈن ﺣﺮق اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري ﻳﻨﺨﻔﺾ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻳﺘﻌﺮض اﻟﻜﻮﻛﺐ ﻟﺘﻐﻴﺮات ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻬﺎ ﻣﺜﻴﻞ ،وﻳﺆدي ارﺗﻔﺎع ﺣﺮارة اﻷرض إﻟﻰ اﻧﺼﻬﺎر ﺟﻠﻴﺪي ﻗﻄﺒﻲ وﻓﻴﻀﺎﻧﺎت ﻛﺎﺳﺤﺔ ﺗﻐﺮق أراﺿﻲ ﺷﺎﺳﻌﺔ ،وﺳﻮف ﻳﺘﺪﻫﻮر اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاﺋﻲ وﺗﻘﻀﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات اﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﻣﻤﺎ ﺳﻮف ﻳﺆﺛﺮ ﻛﺎرﺛﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن. ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻗﺪ ﺗﻨﺒﻬﻮا إﻟﻰ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻤﺤﺪق ،وأﻃﻠﻘﻮا اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات داﻋﻴﻦ إﻟﻰ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ ﺗﺠﻨﺒﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ .ﻓﻔﻲ ﻋﺎم 1997اﻋﺘﻤﺪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮل "ﻛﻴﻮﺗﻮ" اﻟﺬى ﻳﻠﺰم اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻤﻮﻗﻌﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺨﻔﺾ اﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎت ،وﻓﻲ ﻋﺎم 2015ﺗﻮﺻﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎخ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﺘﺨﻔﻴﺾ اﻟﺤﺮارة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ 1.5إﻟﻰ 2درﺟﺔ .وﻓﻲ أﻛﺘﻮﺑﺮ 2018 ﺣﺬر ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻟﺒﻴﺌﻲ أﻧﻪ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم – 2030إذا ﻟﻢ ﻳﺒﺎدر اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﺗﺨﺎذ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم -ﻓﺴﻮف ﻳﺰﻳﺪ اﻻﻧﺒﻌﺎث اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﻲ ﺑﻨﺤﻮ 15ﺑﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﻦ اﻟﺤﺪ اﻟﻤﻘﺮر ﺳﻠﻔﺎً ﻟﻤﻨﻊ زﻳﺎدة ﻗﺪرﻫﺎ درﺟﺘﺎن ،وﻃﺎﻟﺐ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮات ﺳﺮﻳﻌﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة اﻻﺳﺘﺪاﻣﺔ .وﺣﻮل اﻟﺒﺪﻳﻞ اﻟﻤﻄﺮوح ﻹﻧﻘﺎذ ﻛﻮﻛﺒﻨﺎ اﻷرﺿﻲ ﺗﻘﻮل اﻟﻤﻬﻨﺪﺳﺔ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﻋﺎﺷﻮر :ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻀﺎﻓﺮ ﺟﻬﻮد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ، وﺑﺎﻷﺧﺺ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،إﻟﻰ ﺗﺮﺷﻴﺪ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻄﺎﻗﺔ وﻣﺼﺎدر اﻟﻤﻴﺎه ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،واﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ﻛﺒﺪﻳﻞ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ،وذﻟﻚ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ واع .وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف اﻟﺤﻴﻮي اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻳﺠﺐ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ،وﻣﻨﻬﺎ ﻃﺎﻗﺎت اﻟﺸﻤﺲ
واﻟﺮﻳﺎح واﻟﻤﻮج واﻟﻤﺪ واﻟﺠﺬر وﺣﺮارة ﺟﻮف اﻷرض ،وﺗﻠﻘﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺼﺪر ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺘﻘﻮل إن اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻫﻲ أﻫﻢ أﻧﻮاع اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠﺪدة ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺸﻤﺲ أﻛﺜﺮ ﺳﻄﻮﻋﺎ. وﻻ ﻋﺠﺐ ،ﻷن اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻄﺎﻗﺎت اﻷﺧﺮى ،واﻟﻤﻠﻔﺖ أن ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﺣﻈﻴﺖ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺎ ﺑﻤﺨﺰون واﻓﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﺣﻔﻮرﻳﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻷﻏﻠﺐ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺤﺼﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،وﻛﺄن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﻌﻮﺿﻬﺎ ﺑﺴﺨﺎء ﻋﻤﺎ ﺳﻴﺆول إﻟﻴﻪ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻧﻀﻮب اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﺣﻔﻮرﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮد .وﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ،ﻃ ّﻮرت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﺳﺎﺋﻞ ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺑﺘﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ أو ﺣﺮارﻳﺔ .ﺛﻢ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح ،وﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﻮاﺣﻴﻦ اﻟﻬﻮاء ﺗﺴﺘﻤﺪ ﻃﺎﻗﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎح ﻟﻄﺤﻦ اﻟﻐﻼل ،وﺣﺪﻳﺜﺎً اﻧﺘﺸﺮت »ﻣﺰارع اﻟﺮﻳﺎح« farms windوﻫﻲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎت ﻣﻦ اﻟﻤﺮاوح اﻟﺘﻲ ﺗﺪار ﺑﻄﺎﻗﺔ اﻟﺮﻳﺎح ﻟﺘﻮﻟﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء .ﺛﻢ ﻃﺎﻗﺔ اﻟﻤﺪ واﻟﺠﺬر و ﻃﺎﻗﺔ اﻟﻤﻮج ،وﻫﻲ ﻣﻮﻟﺪات ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء ﺗﺴﺘﻤﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻤﺪ واﻟﺠﺬر أو ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻤﻮج ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺎر .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻄﺎﻗﻪ اﻟﺤﺮارﻳﺔ اﻻرﺿﻴﺔ Geothermal energyﺣﻴﺚ ﺗﺴﺘﺨﺮج ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺤﺮارﻳﺔ ﻣﻦ أﻋﻤﺎق ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻦ اﻷرض .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﻣﺎﺋﻴﺔ ، Hydro-electric energyوﻫﻲ ﻃﺎﻗﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎء ﺗﻮﻟﺪﻫﺎ ﻋﻨﻔﺎت )ﺗﻮرﺑﻴﻨﺎت( ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎر ﺗﺪﻓﻖ اﻟﻤﻴﺎه ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻗﻂ اﻟﻤﻴﺎه اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،أو ﺧﻼل ﺳﺪود ﻣﺸﻴﺪة ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻬﺎر
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
19
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ
ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻄﻔﺔ
أﺻﺒﺤﺖ ﻧﻈﺎﻓﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ وﺳﻼﻣﺘﻬﺎ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻐﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت واﻟﺸﻌﻮب ،ﻧﻈﺮا ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺳﻼﻣﺔ اﻷﺟﻴﺎل .وﻓﻲ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﻬﻨﺪﺳﺔ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﻋﺎﺷﻮر ﻣﺪﻳﺮة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ واﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ »ﻣﺴﺎﻧﺪة« ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻗﺎﻟﺖ :إن اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺼﺎﺣﺐ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ اﻧﺒﻌﺎث ﻛﺮﺑﻮﻧﻲ أو ﻏﺎزات ﺿﺎرة ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ أو ﻣﺨﻠﻔﺎت ﻳﺼﻌﺐ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ وﺗﻜﻮن ﻋﺒﺌﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ .أﻣﺎ اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮرى ،ﻓﻬﻮ ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎت ﻛﺎﻟﺨﺸﺐ ،أو ﻳﺘﻜﻮن ﻓﻲ ﺟﻮف اﻷرض ﻣﻦ ﺗﺮاﻛﻢ اﻟﺒﻘﺎﻳﺎ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ،وﻫﻮ ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻞ اﻟﻜﺮﺑﻮن ﻓﻴﻪ ﻋﻨﺼﺮاً أﺳﺎﺳﻴﺎً ،ﻣﺜﻞ اﻟﻔﺤﻢ واﻟﺒﺘﺮول واﻟﻐﺎز اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ" وأﺿﺎﻓﺖ. و" ُﻋﺮف ﻣﻨﺬ أرﺑﻌﺔ آﻻف ﻋﺎم ،ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ،واﺳﺘﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎوب ﻣﻊ اﻟﺨﺸﺐ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻓﺌﺔ واﻟﻄﻬﻲ ،وﺷﻬﺪ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻻﺣﻘﺎ ﻃﻔﺮة ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﺮﻧﻴﻦ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ واﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ واﻛﺒﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻵﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻤﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﺣﺘﺮاق اﻟﻔﺤﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺎﻃﺮة اﻟﺒﺨﺎرﻳﺔ. أﻣﺎ اﻟﺒﺘﺮول ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻛﻤﻮﻟﺪ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺣﻴﺚ اﻋﺘﺒﺮ اﻛﺘﺸﺎف ﺣﻘﻮل اﻟﺒﺘﺮول اﻟﺸﺎﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﺴﺎس ﻋﺎم 1901ﻣﻮﻟﺪا ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺒﺘﺮول ،ﺛﻢ ﺗﻌﺪدت ﻣﺮاﻛﺰ اﺳﺘﺨﺮاﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪار ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻤﻮﻟﺪة ﺑﻪ ،ﻛﻤﺎ أن ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﺎرات واﻟﻤﺮﻛﺒﺎت اﻟﻤﺪﻧﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﻄﺎﺋﺮات وﻣﺤﻄﺎت ﺗﻮﻟﻴﺪ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ،ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﺤﺘﻮي 18
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ واﻟﺘﻐﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎﺧﻲ
ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺮك ﺑﺘﺮوﻟﻲ .وﺣﻮل أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺼﺎدر اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ أوﺿﺤﺖ" :ﻷن اﻟﻜﺮﺑﻮن ﻋﻨﺼﺮ أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺨﺸﺐ ،ﻓﺈن ﺣﺮق اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري ﻳﻜﻮن داﺋﻤﺎً ﻣﺼﺤﻮﺑﺎً ﺑﺎﻧﺒﻌﺎث ﻟﻐﺎز ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن، وﻫﻮ ﺿﺮوري ﻟﺒﻘﺎء اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ اﻷرض ،ﻷﻧﻪ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ دفء اﻷرض ،إﻻ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﻧﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻨﻴﻊ وإزاﻟﺔ اﻟﻐﺎﺑﺎت. وﺑﻤﺎ أن أوراق اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ﺗﻤﺘﺺ ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻀﻮﺋﻲ وﺗﺤﻮﻟﻪ إﻟﻰ أﻛﺴﻮﺟﻴﻦ ،ﻓﻘﺪ ارﺗﻔﻌﺖ ﻛﻤﻴﺎت ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن ﻓﻲ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺠﻮ اﻟﻌﻠﻴﺎ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ اﻷرض ﻣﻨﺬ ﻣﻼﻳﻴﻦ اﻟﺴﻨﻴﻦ ،وﻫﻲ آﺧﺬة ﻓﻲ اﻻرﺗﻔﺎع .وﻳﺸﻴﺮ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺻﺎدر ﻋﻦ اﻟـ BBCﻓﻲ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،2013إﻟﻰ أن ﻛﻤﻴﺔ ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن اﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺐ اﻷرض ارﺗﻔﻌﺖ ﻣﻦ 1ﺑﻠﻴﻮن ﻃﻦ ﻋﺎم 1927إﻟﻰ 6ﺑﻼﻳﻴﻦ ﻃﻦ ﻋﺎم ،1989وﻻ ﻳﺰال اﻻﻧﺒﻌﺎث ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﺑﻤﻌﺪﻻت ﻣﺨﻴﻔﺔ ،رﻏﻢ ﺗﺤﺬﻳﺮات اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻨﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺰﻋﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺰﻳﺎدة ﻓﻲ اﻻﻧﺒﻌﺎث ،وﺟﺪﻳﺔ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎﺧﻲ اﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻮﻛﺐ .وﺣﻮل ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻻﺣﺒﺎس اﻟﺤﺮاري ﺗﻘﻮل ﻋﺎﺷﻮر :إن ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻏﺎز ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن اﻟﻤﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺣﺮق اﻟﻮﻗﻮد اﻷﺣﻔﻮري إﻟﻰ ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺠﻮ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﻏﻼﻓﺎً ﺷﻔﺎﻓﺎً ﺣﻮل اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﻴﺔ وﻳﺴﻤﺢ ﻟﺤﺮارة اﻹﺷﻌﺎع اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ اﻷرض ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺤﺮارة اﻟﻤﺮﺗﺪة ﻣﻦ اﻷرض ﻓﻲ ﺻﻮرة أﺷﻌﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﻤﺮاء ﺑﺎﻟﻨﻔﺎذ ﺧﺎرج اﻷرض ،ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺒﺐ اﺣﺘﺒﺎﺳﺎً ﺣﺮارﻳﺎً ﻳﺮﻓﻊ ﺣﺮارة اﻷرض ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺤﺎدث ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎرة ﻋﻨﺪ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻷﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ وﺷﺒﺎﺑﻴﻜﻬﺎ ﻣﻐﻠﻘﺔ .وﺗﻮاﺻﻞ اﻟﻤﻬﻨﺪﺳﺔ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﻣﺤﺬرة أﻧﻪ إذا ﻟﻢ ﻳﺒﺎدر اﻟﺒﺸﺮ ﺑﺎﺗﺒﺎع ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ Sustainable
ﺣﻤﺪان ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺛﻢ ﺗﻢ ﻧﻘﻞ رﺋﺎﺳﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ آل ﻧﻬﻴﺎن) .(11ﻛﻤﺎ ﺗﻢ رﺻﺪ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎت ﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﺿﻤﻦ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﺔ )- 1968 ،(1972واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ أول ﺧﻄﺔ ﺧﻤﺴﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ وﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻬﺎ 317ﻣﻠﻴﻮن دﻳﻨﺎر ﺑﺤﺮﻳﻨﻲ) .(12ﻛﻤﺎ أﻣﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻣﻨﺬ ﺗﻮﻟﻴﻪ ﺣﻜﻢ اﻹﻣﺎرة ﻓﻲ ﻋﺎم 1966ﺑﺎﺳﺘﻜﻤﺎل ﻣﺸﺮوع ﻛﻬﺮﺑﺎء أﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﻌﻴﻦ وﺣﺼﻠﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﻫﻮﻛﺮ ﺳﻴﺪﻟﻲ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻮد ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ 4000ﻛﻴﻠﻮوات إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ إﻣﺪادات اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،و 3000ﻛﻴﻠﻮوات ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ، واﻓﺘﺘﺢ ﻣﺤﻄﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎء أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ أﻏﺴﻄﺲ ﺳﻨﺔ (13)1968 * ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث :ƕǙŌǷǥ
- 1دراﺳﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ، ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﻨﺼﻮري ،ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ،ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،2016 ،ص .77 - 76 Poltical Diaries of the Arab World, volume 24: - 2 1963- 1965 ( Uk Archive Edtions Limited, 1998) p127, ,130, 131 Robert L. Jarman (ed.), Political Diaries of the - 3 Arab World, Volume 24: 1963- 1965, ( UK: Archive .Editions Limited, 1998), p. 170, 174, 176, 177 - 4اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ ،ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻘﺎﻳﺪي ،اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ ،ط ،2017 ،1ص .56 Robert L. Jarman (ed.), Political Diaries of the - 5 .Arab World, Volume 24: 1963- 1965, p. 385 - 6اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .392 - 7اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .395 - 8اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .397 - 9اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .403 - 10اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .58 - 11دراﺳﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص .83 - 12اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرات اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﻤﺘﺼﺎﻟﺢ ،ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ،ص.61 - 13اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.60 /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
17
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﻳﺘﻢ ،ﺣﻴﺚ إن اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻊ ﺣﻠﻮل ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ ﻧﺤﻮ % 50ﻣﻦ اﻻﻋﻤﺎل (6).وﻗﺪ ﻛﺎن ﺣﺎﻛﻢ اﻹﻣﺎرة اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻣﻨﺰﻋﺠﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ،وﻓﻲ 29أﻏﺴﻄﺲ أﻣﺮ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺄﺧﻴﺮ واﺳﺘﻘﺪام ﻣﻮﻟﺪ ﻛﻬﺮﺑﺎء ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ وﻣﻌﺪات ﻏﻴﺮ ذي ﺟﻮدة ﻋﺎﻟﻴﺔ (7).وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﻋﺪة زﻳﺎرات ﻟﻤﻤﺜﻠﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻷﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ ﺣﻞ اﻟﺨﻼف اﻟﻘﺎﺋﻢ وإﻗﻨﺎع اﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺄن اﻟﻤﻌﺪات اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺪﻳﺪة وذات ﺟﻮدة ﻋﺎﻟﻴﺔ .وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺨﻼف اﻗﺘﺮح اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺄن ﻳﺘﻢ أﺧﺬ اﺳﺘﺸﺎرة ﺧﺒﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع .وﻗﺪ واﻓﻖ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮة ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻊ اﻟﺨﺒﻴﺮ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﻞ ﺧﺒﻴﺮ آﺧﺮ ﻣﻦ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن .ﻛﺎن ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺨﺒﻴﺮ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ )اﻟﺴﻴﺪ ﺳﺎﻟﻴﺰﺑﻮري ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﻴﻨﻴﺪي ودوﻧﻜﻦ اﻟﻤﺤﺪودة( إﻳﺠﺎﺑﻴﺎً ﺗﺠﺎه اﻟﻤﻌﺪات اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﺣﻴﺚ وﺟﺪﻫﺎ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻌﺪات ﺟﺪﻳﺪة وذات ﺟﻮدة ﻣﺮﺿﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺨﺒﻴﺮ اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻲ )ﺣﻤﺪاﻧﻲ( ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮه اﻟﻤﻜﺘﻮب اﻟﻤﻌﺪات اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ .وﺑﻨﺎ ًء ﻋﻠﻴﻪ أﻟﻐﻰ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﺮﻛﺔ (8).ورﻏﻢ اﻟﺰﻳﺎرات اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻤﺜﻠﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ إﻟﻰ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم 1964إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮ ﻗﺮار اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﺬي أﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﻪ وﺳﻤﺢ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﺑﺄن ﺗﺒﻨﻲ ﺟﺪارا ً وﺳﻘﻔﺎ ً ﺣﻮل ﻣﻮﻟﺪات اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﺣﻮال اﻟﺠﻮﻳﺔ. ) (9وﺷﻬﺪ ﻋﺎم 1965ﻋﻮدة اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮوع وإﻧﻬﺎءه ﻓﻲ إﺑﺮﻳﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم.
• ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻤﺸﺘﺮك 15ﺑﻴﺴﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻛﻴﻠﻮ وات ،وأن ﻳﻜﻮن اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك اﻟﺸﻬﺮي 20ﻛﻴﻠﻮواﺗﺎً. • ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻟﺐ اﻻِﺷﺘﺮاك ﻓﻲ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء أن ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺮﺳﻮم واﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاك ﻟﻴﺴﺠﻞ ﻛﻤﺸﺘﺮك ،وﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻪ ﻧﻘﻞ اﻻﺷﺘﺮاك إﻟﻰ أي ﻣﺤﻞ آﺧﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﻞ اﻟﺬي ﺗﻢ اﻟﺘﻌﺎﻗﺪ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻳﺴﺘﻮﻓﻲ ﻣﻨﻪ ﻗﺒﻞ ﺗﻮﺻﻴﻞ اﻟﺘﻴﺎر إﻟﻰ اﻟﻤﻮﻗﻊ أﺟﻮر ﻋﻤﺎل ﺑﻤﺒﻠﻎ 75روﺑﻴﺔ وﺛﻤﻦ ﻣﻮاد اﻟﺘﻮﺻﻴﻞ واﻟﺘﺄﻣﻴﻦ. • ﺗﻌﻔﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻘﺼﻮر اﻷﻣﻴﺮﻳﺔ واﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻟﺒﻠﺪﻳﺔ، وﻣﺴﺎﻛﻦ ﻣﻮﻇﻔﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،ودور اﻟﻌﺒﺎدة واﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت واﻟﺸﻮارع اﻟﻌﺎﻣﺔ. ﻣﺸﺮوع ﻛﻬﺮﺑﺎء أﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﻌﻴﻦ
وﺑﺪأ أول اﺳﺘﻬﻼك ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء ﻋﺎم 1966ﺑﻤﺤﻄﺔ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺛﻼث ﻣﻜﻨﺎت ﺳﻌﺔ ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ 1088ﻛﻴﻮوات ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﻄﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺗﻜﻔﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺼﺎﻋﺪة ،وﻛﺎن ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﻌﺎم ﻗﺪ أﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﻣﺸﺮوع ﻛﻬﺮﺑﺎء أﺑﻮﻇﺒﻲ واﻟﻌﻴﻦ ،وذﻟﻚ ﺑﺈﻛﻤﺎل ﻣﺤﻄﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ب 4000ﻛﻴﻠﻮوات ،وﻣﺤﻄﺔ اﻟﻌﻴﻦ ﺑـ 3000ﻛﻴﻠﻮوات ،إﻻ أن اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط أﻟﻐﻰ اﻟﻤﺸﺮوع. ﺗﻄﻮر اﻟﻤﺸﺮوع ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ
ﺟﺎءت ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن اﻟﺬي ﺗﻮﻟﻰ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺣﻜﻢ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم 1966ﺿﻤﻦ ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻹداري ﻟﻤﺤﻄﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ أﺻﺪر اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻓﻲ 1965 - 6 - 12اﻟﻠﻮاﺋﺢ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻹداري اﻟﺬي أرﺳﻰ ﻗﻮاﻋﺪه اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺪر واﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻟﻤﺸﺮوع ﻛﻬﺮﺑﺎء أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ رﺳﻮم اﻻﺷﺘﺮاك ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ - 11ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻋﺎم ،1966ﻣﺮﺳﻮﻣﺎً ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﺎ داﺋﺮة اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺮأﺳﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ وﻛﻤﻴﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك ،وﻛﺎﻧﺖ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ):(10 16
ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ )(1962-1966
اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﺬي أﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ % 10ﻣﻦ ﺻﺎﻓﻲ اﻷرﺑﺎح اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻠﻪ اﻟﺴﻴﺪ أﺑﻴﻼ ،وﻓﻲ دﻳﺴﻤﺒﺮ ﻋﺎم 1963ﺟﺎء رﻓﺾ ﺣﺎﻛﻢ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻌﺮض أﺑﻴﻼ ،اﻟﺬي ﺗﺮك أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ 30ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ).(3 ﺷﺮﻛﺔ ﻫﻮﻛﺮ ﺳﻴﺪﻟﻲ Hawker siddely
وﺟﺎءت ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻀﻐﻮﻃﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻮرﺳﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻛﻢ وﻟﻜﻦ ﻳﺤﺴﺐ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺒﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺣﺠﺮ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻧﻄﻼق اﻟﺨﻄﻂ اﻹدارﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻬﻀﺖ ﺑﺎﻹﻣﺎرة).(1 اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻤﺤﺪودة
ﺟﺎءت اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ إدﺧﺎل اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪت ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن واﻟﺴﻴﺪ إﻳﺮك ﻣﺎو ،Eric Mawاﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ اﻟﻄﺮف اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻤﺤﺪودة اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، وﻗﺪ ﻋﻘﺪت اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻓﻲ واﺣﺔ اﻟﻌﻴﻦ ،وﺗﻤﻨﺢ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺣﻖ ﺑﻨﺎء وإدارة ﻣﺤﻄﺔ ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮق ﺑﻨﺎؤﻫﺎ وﺗﺸﻐﻠﻴﻬﺎ ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ إﺑﺮام اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺤﺼﻞ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ % 10ﻣﻦ أرﺑﺎح اﻟﺸﺮﻛﺔ ،إﻻ أن اﻟﻤﺸﺮوع ﺑﺎء ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ،وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ رﻓﺾ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺬي ﺑﻠﻐﺖ ﺗﻜﻠﻔﺘﻪ ،1.5ﻣﻠﻴﻮن ﺟﻨﻴﻪ إﺳﺘﺮﻟﻴﻨﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻋﺠﺰ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﻠﻎ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﻤﺼﺎرف اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻧﻴﻮ 1963اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻤﺸﺮوع ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء اﻟﻤﻘﺪم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ).(2
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺷﺮﻛﺔ ﻫﻮﻛﺮ ﺳﻴﺪﻟﻲ ﻫﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺸﺮوع ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ رﺳﻤﻴﺎً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن ﻓﻲ اﻟﺴﺎدس واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ أﺑﺮﻳﻞ ﻋﺎم ،1965ﺑﻄﺎﻗﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺑﻠﻐﺖ 3000ﻛﻴﻠﻮوات ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ).(4 وﻟﻜﻦ ﻣﺮ ﺗﻨﻔﻴﺬ ذﻟﻚ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺤﻴﻮي اﻟﻤﻬﻢ ﻟﻺﻣﺎرة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺒﺎت واﻟﻤﺤﻄﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ،ﻣﻨﺬ ﻋﻘﺪ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻓﻲ 25ﻳﻨﺎﻳﺮ .1964ﺣﻴﺚ ﺗﺸﻴﺮ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻰ إﺗﻤﺎم اﻟﻤﺸﺮوع ﺧﻼل ﺧﻤﺴﺔ أﺷﻬﺮ ،إﻻ أﻧﻪ ﺗﺄﺧﺮ ﻟﻈﺮوف ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻓﻘﺪ ﺗﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮوع ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ أﺑﺮﻳﻞ ،وﻣﻊ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﻌﺪات ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻣﻜﺎن اﻟﻤﺸﺮوع ،وﺗﻢ ﻛﺬﻟﻚ إﻧﺸﺎء ﺷﺮﻛﺔ ﺗﻮزﻳﻊ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء ﻟﺒﻴﻊ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ (5).ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل إﻧﺸﺎء اﻟﻤﺤﻄﺔ ﻓﻲ 11ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻣﻦ ﻋﺎم 1964إﻻ أن ذﻟﻚ ﻟﻢ
ﻣﺸﺮوع أﻟﺒﺮت أﺑﻴﻼ Albert Abela
ﺷﻬﺪ ﺷﻬﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم 1963إﺣﺪى اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﻹدﺧﺎل ﻣﺤﻄﺔ ﻛﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺪم اﻟﺴﻴﺪ أﻟﺒﻴﺮت أﺑﻴﻼ رﺟﻞ أﻋﻤﻞ ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ وﻣﻤﺜﻼً ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻤﻤﻮﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻗﺪم ﻣﺸﺮوع ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺪ إس ﻟﺤﻮد -،S. Lahoudوزﻳﺮ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻠﺸﺆون اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن -ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ،واﻓﻖ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺮوع وﻋﻠﻰ أن ﻳﺒﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ اﻟﻌﺎﺟﻞ ،ﻗﻀﻰ أﺑﻴﻼ أﺳﺒﻮﻋﻴﻦ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ /اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
15
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻨﻈﻴﻔﺔ؛ اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ )(1966 -ࢫ1962
ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻣﺴﻌﻮد اﻟﻤﻨﺼﻮري
ارﺗﺒﻂ ﺗﺎرﻳﺦ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ﺗﻄﻮر اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻹداري اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﺷﺨﺒﻮط ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن )،(1966 - 1928 وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻜﻤﻪ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪت ﺑﺪاﻳﺎت ﺗﺼﺪﻳﺮ اﻟﻨﻔﻂ ﺑﻜﻤﻴﺎت ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ دﻳﺴﻤﺒﺮ ﻋﺎم ،1963اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺣﺘﻢ ﺿﺮورة إﻳﺠﺎد إدارة ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ وﺗﻮﻓﻴﺮ ﺑﻨﻴﺔ ﺗﺤﺘﻴﺔ ﺗﻠﺒﻲ ﺗﻄﻮر ﻧﺸﺄة اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ،وﻫﺬا دﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ إﻟﻰ وﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﻨﻬﻮض ﺑﺎﻹﻣﺎرة ،وإن ﻛﺎن ﺗﺤﺮك اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻫﺪﻓﻪ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ وﻣﺼﺎﻟﺢ ﺷﺮﻛﺎﺗﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،إﻻ أن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻓﻲ ﺗﻄﻮر ﻣﻨﺸﻮد ﻛﺎﻧﺖ اﻹﻣﺎرة ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة. 14
ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ )(1962-1966
أول اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺔ اﻹدارﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ 1962
ﻓﺠﺎءت أول ﺧﻄﺔ إدارﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻹداري ﻋﺎم ،1962 وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺸﺎرﻳﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﻠﻮن اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :وﻳﻠﻴﺎم ﻫﺎﻟﻜﺮو وﺷﺮﻛﺎه اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻻﺳﺘﺸﺎرات اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ،وﺷﺮﻛﺔ ﺳﻜﻮت وﻳﻠﺴﻮن وﻛﻴﺮك ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ وﺷﺮﻛﺎؤﻫﻢ .وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ أول اﻻﻗﺘﺮاﺣﺎت ﻹدﺧﺎل ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻓﻲ اﻹﻣﺎرة ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ اﺛﻨﻴﻦ وﺛﻤﺎﻧﻤﺌﺔ ﻣﻠﻴﻮن ﺟﻨﻴﻪ إﺳﺘﺮﻟﻴﻨﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﺘﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﻴﺔ ﻛﺈﻧﺸﺎء ﺷﺒﻜﺎت اﻟﻄﺮق وداﺋﺮة اﻷﺷﻐﺎل واﻟﺒﻠﺪﻳﺔ وﺷﺒﻜﺎت اﻟﻤﻴﺎه واﻟﺼﺮف اﻟﺼﺤﻲ وﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ، إﻻ أن ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﺔ ﻟﻢ ﺗﺮ اﻟﻨﻮر وﻇﻠﺖ ﺣﺒﺮا ً ﻋﻠﻰ ورق ،رﺑﻤﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ آﻧﻴﺔ وﺗﻔﻘﺪ إﻟﻰ ﻋﻨﺼﺮ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻛﻤﺎ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺘﺸﺘﺖ
اﻟﻤﻠﻒ
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ؛
اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ ĪĖǡƼǝǚǖČ ĔǡLjƶǙ ƠǚǁƜǍ ǣƟDŽǡƞĈ ĎĖƜǙĊ ǣǍ ƠǥƚƜƞƲǠǔǖČ ďƜǙưƯǖČ ƭǤĖƜƢ 14 ǞǎǂLJ ƠǚǁƜǍ ǣƮƜǝǚǖČ ƲǥNjƣǖČĨ ƠǎǥDžǝǖČ ƠǐƜǂǖČ 18 ǛǤưǖČ ưLjƵ ưǚƫĈĨ ĥƜƣƯǖČ ƠLjƞČĖ ǏƎǑƬƣǤ ƠǎǥDžǝǖČ ƠǐƜǂǖƜƞ ǣƢČĖƜǙǪČ ǘǗƬǖČ lǣƟDŽ ǡƞĈ Ėǡǜz 20 ǛǚƫƲǖČ ưƟLJ ưǚƬǙ ǘǖƜLjǖČ ǣǍ ƠǥƶǚƸ ƠǐƜǁ ưǥǖǡƢ ƠǂƬǙ ĤĨĈ ƠǤƜǔƫ 24 ǛǤưƞƜLjǖČ ǛǤė ưǚƬǙ ƜǝǤưǤĈ ĤĨƜǝƣǙ ǣǍ ĖƜƟƩǖČ ĔĖƜǚǖČ ĄƠǎǥDžǝǖČ ƠǐƜǂǖČ 26 ǣǗǥƟǖČ ĆƜǎƻ ĆƜƞƲǠǔǖČ ǕƟǐ ƜǙ ĎƜǥƫ ǢǖĊ ǛǥǝƬǖČ 30 ǣǙǡǥƞ ưǖƜƮ ĪĖǡǎƫǨČ ĔǡǐǡǖČ ęƲLJĨ ĪǡǥƬǖČ ĔǡǐǡǖČ 32 đƜǎƹǖČ ưǥLjƵ čƲNjǚǖƜƞ ƠǐƜǂǖČ ďƜǤČưƞ ĄǡƸƜLjǙ ǛƞČ ưƵ 36 ƔČ ưƟLJ Ėǡǟė ǛǚǥǖČ ǣǍ ƠǎǥDžǝǖČ ƠǐƜǂǖČ 38 ǣǖǭǥǎǖČ ƴǜĈ.Ĕ čƲNjǚǖƜƞ ǣǜƜƟƵǪČ ĖƜǚLjƣƵǬČ ƴǍƜǝƢ lĆƜƞƲǠǔǖČz 42 ƠǂǥLJǡƞ ưǥLjƵ ƲƿƮĈ čƲNjǙ ǕƨĈ ǛǙ ĎĔưƩƣǙ ƠǐƜǁ ďČėČėĖĨ Ėǡǜ 44 13
2019 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ239 اﻟﻌﺪد/
ﻗﺼﻴﺪ
īĘĠĸŬ ŪťŨė ůĘŬĺŨė ėĶŵ ﻫـــــﺬا اﻟﺰﻣـــــﺎن اﻟــــﻜــــــــــــﻞ ﻣـــﺮﺗــــﺎح ﻣـــــــﻦ ﻓـــﻀﻞ زاﻳـــﺪ ﻛـــﻠـــﻪ اﻳْــﺰﻳﺪ ﻳـــﺎﻧـــﺎ زﻣـــﺎن اﻟـــﺨﻴـــــــــــﺮ واﺟــﺘــــﺎح ﻋـــــﻢ اﻟـــﻮﻃـــــــﻦ ﺟــــــــــــﺮﻳـﺐ وﺑﻌﻴﺪ واﺻـــﺒـــﺢ ﺟــﻤــﻴــﻊ اﻟــﺸــﻌــﺐ ﻓـــــﻲ ﻣـــﺮاح واﺗـــﻨـــ ّﻌـــــــﻤــﺖ دار اﻟـــﻠــﻴﺎوﻳــــــــــــﺪ اذﻛــــﺮ زﻣـــﺎن اﻟــﻠّــﻲ ﻣـﻀــــــــــﻰ وراح واﻟـــﻤــﺮﻳــﺤــﺎن وﻳـــــﻮﻟــــــــــــﺔ اﻟـــﻌــﻴﺪ واﺳــﻨـﺎح ﻣـﻦ ﻋــﻘــﺐ ﺑـﻴـﺖ اﻟـﺸﻌـــــــــﺮ ْ واﻟـــﺒـــﻦ ﻟـــﻤـــﻘـــ ّﻨـــــﺪ ﺗـــﻘــ ّﻨــــﻴــــــــﺪ ﺑــﻴــﻦ اﻟـــﺮﻣـــــــﻮل وذﻳـــﭻ ﻟــ ْﺒـــــــــﻄــﺎح ﺻـــﻮت اﻟـــﺤـــــــــــــﻮادي واﻟــﺘــﻐــﺎرﻳــﺪ ﻳـــﻮم اﻟــﺒــﺪو ﻓــﻲ اﻟـــﺒــــــــــــﺮ ﻧـﺸّ ــﺎح واﻟـــــﺒـــــﻮش ﺗـــــﺮﻋــﻰ اﻟــﻌــﺸــﺐ وا ْرﻏـــــﻴـــــﺪ ﺗـﺴـﻤـﻊ ﺣــﻤــﺎم اﻟـﺒـــﺮ ﻟـــــــــــــﻲ ﻧــﺎح ﻋــﻠــﻰ ﻓــﻨــــــــﻮن اﻟـــﻐـــــﺎف ﻳــﺎﺳـــﻴـــﺪ واﻟــﻨﺎس ﻓـــﻲ ﻏـــــ ّﻴـــــــــــﺎت واﻓـــﺮاح ﻳﺘﺼﺎﻓﺤـــــــــﻮن اﻟﻠﻴــــــــــــﺪ ﺑﺎﻟﻠﻴــــــــﺪ
Ø ( # Ø É Û 1930 & # / Í Û p#. ]Û ' ±# )# Ð -( Ð Û$ ±$# pÙ Ê# ' # . # . Ê# . Ï Ê# Ø Ê# ¤Ø ±' pØ 1$ )$ .2006 Û ÛÂ/ . É ±#
b b ] Ð(´ Ð'. $# ͪ£'. Ù / /' Ï . ) Ù½ " ªØ 2 /+. Ø ±# pã Ê# }p
ÛÂ É ±# Ð' % # / ¥ Ð' Ø Ï Ú¦# " Ø # Ï µ } ÛÂ" ' Í # ÐÙ Õ(# b b .pã Ê# . / (# °æ Ð' Ù ±# pÉ. .Û´ (# Ï Ê# Ð' ÙÎÙ # Ø ,Í
12
ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎن اﻟﻜﻞ ﻣﺮﺗﺎح
ﻣﺸﺎرﻛﺎت ﻧﻮﻋﻴﺔ وﺛﺮﻳﺔ
ﺷﺎرك ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻟﻤﻬﺮﺟﺎن أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺸﻄﺮﻧﺞ ،اﻟﺬي ﻧﻈﻤﻪ ﻧﺎدي أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻟﻠﺸﻄﺮﻧﺞ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻬﻴﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻨﺎدي ﻟﻤﺸﺎرﻛﺘﻪ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺮﺟﺎن .ﻛﻤﺎ ﺷﺎرك -ﻣﻤﺜﻼً ﺑﻤﺮﻛﺰي اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎﺑﻲ واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ وﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث -ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ "ﺻﻴﻔﻨﺎ ﻋﻴﻨﺎوي" اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﻣﻜﺘﺐ ﺷﺆون اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ إﺳﺘﺎد ﻫﺰاع ﺑﻦ زاﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻴﻦ .وأﺷﺎد راﺷﺪ ﺧﺎدم اﻟﺮﻣﻴﺜﻲ رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ ﺷﺆون اﻟﻤﺮاﻛﺰ ﺑﺎﻟﻨﺎدي ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ،ﻣﺆﻛﺪا ً أن اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺟﺎءت ﻣﻤﻴﺰة وﺣﻘﻘﺖ أﻫﺪاﻓﻬﺎ اﻟﻤﺮﺟﻮة ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻹﻣﺎراﺗﻲ وﺗﺮﺳﻴﺨﻪ ﻟﺪى اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﺷﺎرك ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺰوار ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة ﻟﻠﻤﻌﺮض اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺼﻴﺪ واﻟﻔﺮوﺳﻴﺔ " أﺑﻮﻇﺒﻲ " 2019اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﻧﺎدي ﺻﻘﺎري اﻹﻣﺎرات ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ أﺑﻮﻇﺒﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﻤﻌﺎرض .وﻗﺎﻟﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻣﺴﻌﻮد اﻟﻤﻨﺼﻮري ﻣﺪﻳﺮة ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﻨﺎدي إن اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ دورة ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮض ﺗﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ دور اﻟﻨﺎدي وﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ أوﻛﻠﺘﻬﺎ ﻟﻪ إدارة اﻟﻤﻌﺮض ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺰوار ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺳﻌﻰ ﻣﻌﻪ اﻟﻨﺎدي ﻓﻲ ﺟﻌﻞ ﺟﻨﺎﺣﻪ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻷﻣﺜﻞ ﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻤﻌﺮض ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺸﻤﻞ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻪ ﻣﻌﺮوﺿﺎت وﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﺗﻘﺪم ﺻﻮرة ﻣﻨﻮﻋﺔ وﺛﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻔﺮدات اﻟﺘﺮاث اﻟﻮﻃﻨﻲ وﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ
دورة ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﺠﻦ
ﻧﻈﻢ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﺸﺒﺎﺑﻲ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات دورة ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﺠﻦ ﺑﻌﻨﻮان "ﺧﺒﺮة اﻷﺟــﺪاد ﺗﻨﻘﻞ ﻟﻸﺑﻨﺎء"، اﺳﺘﻤﺮت ﻷرﺑﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ اﻧﺘﻬﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻏﺴﻄﺲ اﻟﻔﺎﺋﺖ .ﻗﺪﻣﺖ اﻟﺪورة ﻓﻲ أﺳﺒﻮﻋﻬﺎ اﻷول ﺷﺮﺣﺎً ﻟﺪور اﻟﻬﺠﻦ ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻹﻣﺎرات ،وأﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﻞ واﻟﻤﺄﻛﻞ واﻟﻤﺸﺮب ،ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻋﻤﺎد اﻟﺤﻴﺎة ﻟﺪى ﺳﻜﺎن اﻹﻣﺎرات ﻗﺪﻳﻤﺎً. واﻧﺘﻈﻤﺖ ﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ورش ﻋﻤﻞ ﺣﻮل ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻬﺠﻦ .ﻓﻴﻤﺎ ﺧﺼﺺ اﻷﺳﺒﻮع اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﺸﺮح ﻧﻈﺮي وﺗﻄﺒﻴﻘﺎت ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺣﻮل ﻋﺘﺎد اﻟﻤﻄﻴﺔ وأﺟﺰاﺋﻪ وﻛﻴﻔﻴﺔ وﺿﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻄﻴﺔ .ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺧﺼﺺ اﻷﺳﺒﻮع اﻟﺮاﺑﻊ ﻟﻠﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺠﺎوزوا اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺜﻼث اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻠﻘﻮا ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت أﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﺸﺮح واﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎت اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺣﻮل ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻣﺘﻄﺎء اﻟﻬﺠﻦ. وﻗﺎل ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻄﻲ اﻟﺸﺎﻣﺴﻲ ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﻴﻦ ،إن أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺪورة ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ إﻛﺴﺎب اﻟﻄﻼب اﻟﺨﺒﺮة واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺘﺮاﺛﻬﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺴﻬﻢ اﻟﺸﺮح اﻟﻨﻈﺮي ﻓﻲ ﻓﻬﻤﻬﻢ ﻟﻸﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻔﺮدة ﺗﺮاﺛﻴﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺨﻮﺿﻮا ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺳﻴﺮ ﺣﻴﺎة اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد ﻗﺪﻳﻤﺎً ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻘﻞ ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ وﺗﺮﺳﻴﺨﻬﺎ.
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
11
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻹﻣﺎرات ﺗﺮﻓﻊ أﻋﻼم اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺻﻮر ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،وﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﺴﺨﻂ ،وﺗﻨﺪد ﺑﺎﻻﻋﺘﺪاء اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ«. اﺣﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﺴﺎدس ﻣﻦ أﻏﺴﻄﺲ وﺟﻠﺴﺔ ﺣﻮارﻳﺔ ً
ﻛﻤﺎ ﻧﻈﻢ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات، ﻓﻲ ﻣﻘﺮه ﺑﺎﻟﺒﻄﻴﻦ ،ﺟﻠﺴﺔ ﺣﻮارﻳﺔ إﺣﻴﺎ ًء ﻟﻠﺬﻛﺮى اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻟﺘﻮﻟﻲ اﻟﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن "ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه" ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ أﻏﺴﻄﺲ .1966ﺷﺎرك ﻓﻲ اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر رﻛﻦ ﻣﺘﻘﺎﻋﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻫﻮﻳﻤﻞ اﻟﻌﺎﻣﺮي ،ﻗﺎﺋﺪ ﻛﺘﻴﺒﺔ اﻟﺤﺮس اﻟﺨﺎص ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن ،ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ إدارة "ﻛﻠﻨﺎ اﻹﻣﺎرات" ،ﻋﻀﻮ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺑﺪاﺋﺮة اﻟﻘﻀﺎء ،واﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻤﻌﻴﻨﻲ ،رﺋﻴﺲ اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺑﺤﻀﻮر ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﻨﺼﻮري ﻣﺪﻳﺮة ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث ،وﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺎدي ،وﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ. اﻟﺪرﻋﻲ ﻳﻘﺘﺮح ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑـ»ﻳﻮم أﺑﻮ ﻇﺒﻲ«
أدار اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺣﻤﺪان راﺷﺪ اﻟﺪرﻋﻲ رﺋﻴﺲ ﻗﺴﻢ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ ،اﻟﺬي أﻛﺪ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺤﺪث .واﻗﺘﺮح اﻟﺪرﻋﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ أﻏﺴﻄﺲ ﺑـ »ﻳﻮم أﺑﻮﻇﺒﻲ« ﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ أن ﻛﺜﻴﺮا ً ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺪﻳﻬﺎ أﻳﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺘﻜﺮﻳﻢ زﻋﻤﺎﺋﻬﺎ ،ﻣﺆﻛﺪا ً أن ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻳﻔﻮق ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻮه ﻟﺸﻌﻮﺑﻬﻢ. وﺗﻨﺎول اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻫﻮﻳﻤﻞ ﺟﺬور ﻧﺸﺄة اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﻣﺮﺟﻌﺎً ﺗﻔﺮد ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺻﺮﻫﺎ وأﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ﺻﻘﻞ ﻓﻜﺮه. ﺛﻢ ﻋﺮج ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎور اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ
10
أﻧﺸﻄﺔ وﻣﺸﺎرﻛﺎت ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻟﻨﺎدي اﻟﺘﺮاث اSﻣﺎرات ﺧﻼل ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ
واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ أرﺳﻰ دﻋﺎﺋﻤﻬﺎ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﺳﻴﺮا ً ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن وﻣﻌﺎﺷﻪ وﺻﺤﺘﻪ وﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ،ﻣﻠﻘﻴﺎً اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﺔ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻓﻲ إﻗﻨﺎع اﻷﺑﻨﺎء وﺗﺤﻔﻴﺰﻫﻢ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﻤﺪارس ﻓﻲ ﺑﻮاﻛﻴﺮ دﺧﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،وﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺬي وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻴﻮم ﻛﺜﻤﺮة ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم اﻟﻤﺒﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﺼﺤﺔ .وذﻛﺮ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﺤﺮس اﻟﺨﺎص ﻟﻠﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،ﻋﺪدا ً ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺷﺎﻫﺪا ً ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺗﺒﻴﻦ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ وراﺣﺘﻬﻢ وﻗﻀﺎء ﺣﻮاﺋﺠﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻨﻬﻢ ﺣﺠﺎب. اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ
ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻄﺮق اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻤﻌﻴﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ،وﻛﻴﻒ أﻧﻪ ﺳﻌﻰ ﺑﺒﺼﻴﺮﺗﻪ إﻟﻰ ﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﺜﺮاث اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻛﻘﻴﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻓﺒﺪأت رﻳﺎﺿﺔ اﻟﻬﺠﻦ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻳﺪه ،وأﺳﻬﻢ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻧﺘﺸﺎر ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﻴﻂ اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ .وﺑﻴﻦ أن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺠﻤﺎل ﺗﺠﻠﺖ ﻓﻲ ﺣﺐ زاﻳﺪ ﻹﻳﺼﺎل اﻟﺨﻴﺮ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺤﺘﺎﺟﻮن ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺠﻠﻰ اﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ أﺟﻬﺰة اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .وﺛﻤﻦ اﻟﻤﻌﻴﻨﻲ ﺗﻤﺴﻚ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻤﺒﺪأ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻮاﻓﻘﻴﺔ ،وﻧﺒﺬ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ،واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮن أو اﻟﻌﺮق أو اﻟﺠﻨﺲ ،ﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ ﻧﻌﻲ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻷﺳﺒﻖ ﺟﺎك ﺷﻴﺮاك ﻟﻠﻤﻐﻔﻮر ﻟﻪ اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ ﺑﻘﻮﻟﻪ إن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻘﺪ ﺑﻤﻮت اﻟﺸﻴﺦ زاﻳﺪ رﺟﻼً ﻣﺤﺒﺎً ﻟﻠﺴﻼم .ﻛﻤﺎ أﺷﺎد اﻟﻤﻌﻴﻨﻲ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر ﻋﺎم 2019ﻋﺎﻣﺎً ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺴﺠﻢ روﺣﻪ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﻮد ﺣﺜﻴﺜﺔ وﺳﻂ اﺳﺘﻀﺎﻓﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 200ﺟﻨﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ ﺳﻼم ﺗﺎم ،ﻣﻨﻮﻫﺎً إﻟﻰ أن اﻹﻣﺎرات ﺑﻠﺪ ﻋﺮف اﻟﺘﻌﺪد ﻣﻨﺬ ﻧﺸﺄﺗﻪ.
زاﻳﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن آل ﻧﻬﻴﺎن »ﻃﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﺛﺮاه« ،اﺳﺘﻤﺮ وﺗﻄﻮر ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن رﺋﻴﺲ دوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات "ﺣﻔﻈﻪ اﻟﻠﻪ" .واﺳﺘﻌﺮض اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ اﻟﺠﻬﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺨﻴﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ،وﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ،2016ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻐﺖ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪاﺗﻬﺎ 173ﻣﻠﻴﺎر درﻫﻢ ،اﺳﺘﻔﺎدت ﻣﻨﻬﺎ 178دوﻟﺔ .ﻣﺆﻛﺪا ً ان اﻹﻣﺎرات ﻧﺠﺤﺖ "ﺑﺴﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد واﻻﺣﺘﺮاﻓﻲ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﺳﻤﻌﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﻌﻄﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﺗﺼﺪرت ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﺪول اﻟﻜﺒﺮى ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﻤﻠﻤﻮﺳﺔ ،ﻓﻲ ﻣﺠﺎل إﻏﺎﺛﺔ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ واﻟﻨﺎزﺣﻴﻦ وﺿﺤﺎﻳﺎ اﻟﺤﺮوب واﻟﻨﺰاﻋﺎت واﻟﻜﻮارث اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ".
ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻷﻣﺘﻴﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
وﻓﻲ ﻣﺤﻮر ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻹﻣــﺎرات ﻣﻊ أﺣﺪاث وﻗﻀﺎﻳﺎ اﻷﻣﺘﻴﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺑﻴﻦ أن إﻧﺴﺎن اﻹﻣﺎرات ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎ أﻣﺘﻪ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻄﺮق ،ﺣﻴﺚ اﻣﺘﻠﻚ وﻋﻴﺎً ﻣﺒﻜﺮا ً ﺑﻌﻤﻖ اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ. وﺑ ّﻴﻦ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ اﻟﻤﺴﺎﻧﺪة اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻹﻧﺴﺎن اﻹﻣــﺎرات ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ،ﺑﺘﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ ﻛﻞ أﺣﺪاﺛﻬﺎ ،وﻣﺜّﻞ ﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴﻦ ﻣﻊ أﺣﺪاث ﻣﺤﻴﻄﻬﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﺣﺮب 1967 اﻟﺘﻲ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ "ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ردود ﻓﻌﻞ ﺷﻌﺒﻴﺔ ورﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات" ،ﻣﺸﻴﺮا ً إﻟﻰ أﻧﻪ "ﻗﺎﻣﺖ ﺗﻈﺎﻫﺮات ﻋﺎرﻣﺔ
/اﻟﻌﺪد 239ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2019
9
ﺗﺮاث اﻟﺸﻬﺮ
ﺗﻌﺰز اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث
ا ﻣﺎرات أﺑﻮﻇﺒﻲ -ﺗﺮاث
اﺗﺴﻤﺖ ﺑﺎﻗﺔ اﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﻤﺤﺎﺿﺮات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ وﺷﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺧﻼل ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺑﺎﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺼﻼت ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث ،ﺑﻬﺪف رﻓﻊ ﻣﻌﺪﻻت وﻋﻲ اﻟﺸﺒﺎب ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻣﺤﺎوﻻت ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻗﺮاءات ﺻﺤﻴﺤﺔ وﻣﻨﻀﺒﻄﺔ ﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ودور ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﺤﺎﺿﺮ وإﺛﺮاﺋﻪ ،واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎً ﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ﺳﻤﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ آل ﻧﻬﻴﺎن ﻣﻤﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ رﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ رﺋﻴﺲ ﻧﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ﺑﺪﻋﻢ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ورﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻋﻲ ﺑﻬﺎ وﺗﻌﺰﻳﺰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺮاث ورﻓﻊ اﺳﻢ اﻹﻣﺎرات ﻋﺎﻟﻴﺎً.
ﻣﺤﺎﺿﺮة اﻹﻣﺎرات ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺎء
ﻧﻈﻢ ﻣﺮﻛﺰ زاﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت واﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث اﻹﻣﺎرات ،ﻓﻲ ﻣﻘﺮه ﺑﺎﻟﺒﻄﻴﻦ ،ﻣﺤﺎﺿﺮة ﺑﻌﻨﻮان "اﻹﻣﺎرات ﺗﺎرﻳﺦ ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺎء واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ واﻹﻧﺴﺎﻧﻲ" ﺗﺤﺪث ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻓﻲ داﺋﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺑﺄﺑﻮﻇﺒﻲ ،وﺣﻀﺮﻫﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ 8
أﻧﺸﻄﺔ وﻣﺸﺎرﻛﺎت ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻟﻨﺎدي اﻟﺘﺮاث اSﻣﺎرات ﺧﻼل ﺷﻬﺮ أﻏﺴﻄﺲ
ﻟﻨﺎدي ﺗﺮاث ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﻤﺤﻴﺮﺑﻲ اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي ﻟﻠﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺴﺎﻧﺪة ﻓﻲ اﻟﻨﺎدي ،وﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻤﻨﺼﻮري ﻣﺪﻳﺮة اﻟﻤﺮﻛﺰ ،وﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ ﻣﺪﻳﺮ إدارة اﻷﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺎدي ،وﺟﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ. وﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻪ ،إن »أي ﻣﺘﺘﺒﻊ ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻣﺎرات ﻳﻠﺤﻆ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻮﺛﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ وﺣﺎﺿﺮﻫﺎ ،وأن اﻟﺤﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻐﻠﻒ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻹﻣــﺎرات ﺗﺠﺎه ﺷﻘﻴﻘﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻗﺖ اﻷزﻣﺎت ،ﻫﻮ اﻣﺘﺪاد ﻟﻨﻮازع ﻗﻮﻣﻴﺔ وإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ راﻓﻘﺖ اﻹﻧﺴﺎن اﻹﻣﺎراﺗﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻴﻦ ﻃﻮﻳﻠﺔ«. وأﺷﺎر اﻟﻤﺤﺎﺿﺮ إﻟﻰ اﻟﺜﻘﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮار اﻟﻀﺎﻣﻦ ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻳﻮﻣﺎً ﻋﻦ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻣﺘﻴﻦ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻣﺼﺎﻟﺢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ،اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻴﻪ اﻹﻣﺎرات ﻣﺮادﻓﺎً ﻟﻠﺤﻜﻤﺔ واﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎه اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ واﻟﻤﻠﺤﺔ. وﻗﺎل إن اﻹﻣﺎرات ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﺎم ،1971اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺪور راﺋﺪ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،وﺗﺒﻮأت ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﺿﻤﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﺨ ﱢﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وأﺻﺒﺤﺖ ﻋﻨﺼﺮا ً ﻓﺎﻋﻼً ﻓﻲ ﺟﻬﻮد اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺤ ّﺪﻳﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .وأﻛﺪ أن اﻟﺪور اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻣﺎرات ﺗﻮﺟﻪ راﺳﺦ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ اﻟﺸﻴﺦ
─Ю┼Ф┼╣┼▒┼м ─Ю╞А┼Ь─Ш┼б─д ─Ю╞А─д─Ч─╕─а
92
:тАля║Чя║╝я║к╪▒ я╗Ля╗жтАм тАл ╪гя║Ся╗оя╗Зя║Тя╗▓тАм╪МтАл я╗зя║О╪п┘К я║Чя║о╪з╪л ╪зя╗╣я╗гя║О╪▒╪з╪ктАм- тАля╗гя║оя╗Ыя║░ ╪▓╪зя╗│я║к я╗Яя╗ая║к╪▒╪зя║│я║О╪к ┘И╪зя╗Яя║Тя║дя╗о╪лтАм
_$L Q#┬ЦH
тАля╗Ря║мя╗│я║Ф ╪зя╗Яя╗оя║Яя║к╪з┘ЖтАм тАл┘Ия║Чя╗Ря║мя╗│я║ФтАм тАл┘Ия║Чя╗Ря║мтАм тАл╪зя╗Яя╗оя╗Ля╗▓ ┘Ия║ЧтАм тАл╪зя╗Яя╗оя╗ЛтАм тАля║│я╗┤я╗ая║Ф я╗Яя║Шя║╕я╗Ья╗┤я╗Ю ╪зя╗ЯтАм тАл ╪зя╗Яя║о┘И╪зя╗│я║Ф ┘Ия║│я╗┤я╗ая║ФтАм:тАл╪зя╗Яя║дя║Тя╗┤я║Р ╪зя╗Яя║┤я║Оя║Ля║втАм p├О ┬Ъ44├Ш 44 ┬Ъ'/┬╣├О' ┬З } -├Н~┬Ж ]┬д44├Ш 44┬П44# ├г # ┬И├Щ┬З # ├Ъ 44├г ┬к44┬Я44# ┬И444├Ш ├ж ├Д44 .
тАл╪▒я║Ля╗┤я║▓ ╪зя╗Яя║Шя║дя║оя╗│я║отАм
┼║─┤┼▒─Ф┼Н┼д─У ─░┼й─и ─Ъ─╣┼й─╝
тАля╗гя║кя╗│я║о ╪зя╗Яя║Шя║дя║оя╗│я║отАм
(├О├Щ # . (# . ┬▒# . ├Й # . 1├К├Щ /(# . %├Щ ┬▒┬П# ├П/├О├В ┬Р$,├Н -├О'. ]├П ├Н├и ┬Зb # ┬╝ ├П/ ┬О ├М├г ├К # ├Р' ┬Ъ$(┬Ю 1$ ├Ъ/┬П ┬О ┬д├Ш ┬П# ┬Ъ'/┬╣├О' ├П " ├Й. .┬Ъ├Ш . # . ┬Ъ ├К# . %├г . )+} ├Р├Щ┬Ж ├Р' ├Щ├г . ,├Щ$ # ┬З ├Ш "┬Н # ┬╜'" 1$ . ]├Ы├г . # ├О$# p├В
├Ы'/├Щ┬Ж p# ┬в * . . +p├К├Н
┼о┼╗─░┼д─У ─Ж╟Щ┼Р ─░┼╝┼д┼┤
тАл╪зя╗╣я┤Н╪з┘Б ╪зя╗Яя╗Мя║О┘ЕтАм ┼║─│┼╡┼Б┼н┼й┼д─У ─п┼╡┼С─╣┼и ─Ъ┼й┼И─Ф┼Ш ┼╜┼Р─│─░┼д─У ┼╜┼е┼Р ┼В┼╗┼╡┼Р ─Щ─╡┼╡┼и
тАл╪зя╗╣я║зя║о╪з╪м ┘И╪зя╗Яя║Шя╗ия╗Фя╗┤я║мтАм
122
─г─Ф─е─и ─Щ─п─Ф┼Ф
o┬▓i7Z#
┼л─Ф─Ч┼С─╝ ┼╣┼Щ┼Й┼Б┼и :тАля╗гя║╝я╗о╪▒тАм ┼л─У┼┤─░┼Р ┼з─Ф─╜┼▒ :тАл╪▒я║│я╗о┘ЕтАм
:тАл╪зя│Мя╗оя╗Чя╗К я╗Ля▓Ж ╪зя╗╣я╗зя▒░я╗зя║ЦтАм www.mags.ae
тАля╗Ля╗ия║О┘Ия╗│я╗ж ╪зя│Мя║ая╗ая║ФтАм : ├Ш ┬П# . ┬Щ 2
тАля╗гя║Шя║дя╗Т я║╖я║оя╗Гя║Ф ╪зя╗Яя╗дя║оя║Ся╗Мя║ФтАм ┬Ъ ├Й ]┬Ъ ┬Ж (# ┬Ъ ┬░ ┬к '. ] "p├Ш ┬й ┬Ъ ┬Ж '" .} "┬Ъ ┬Ж (# " ┬Ъ $├Й ┬к ' ]├Р├Ш┬к (# ├Р├Щ┬Ж ' b ┬Щp+ ┬░ ┬Ъ ┬Ж (# ├Д├К┬О ┬Ф├Щ ]├Ы┬З┬╕/┬Ж} ┬Ъ ┬▒# ┬Ф├Шp # ┬д├Ш ┬П# !#┬е ├Р' ├В ├Ы ┬О
┬д├Щ┬▒# , } ┬Я 1 } ├П} ┬ж├О' ]p┬Я # . ┬г├Г# %├Щ# } , ' ┬Ъ$' ]┬Ъ┬г' ┬░ . ├Ъ┬ж# ]┬Ъ ┬Ж (# ┬Ъ ┬░ ┬к ' ├К├Ш ,├О' ┬Я 1' ' p ┬Ж 1$ . ]├П ├Щ,├Н "┬Б ├П $ ├Р┬Ж p├Ш ┬й
├Б ┬░ }/┬З┬П├Щ# ,├О' ├Ы├Н (# -┬Ж ├Й -├Щ$ ┬╛┬З } ├Ъ┬ж# . ]┬Ъ├Ш ( (# ┬Ъ' ├К# !$┬П# ┬Ф├Ш /# ├П ├Ы p# p┬░ ├П p( ..├Ы┬З┬╕/┬Ж} ┬Ъ ┬▒# ├Д ┬П' ".} ├П ┬╡┬П
├Ы┬З┬╕/┬Ж рвл ┬Щp ┬П(# ┬Ъ├Щ┬Ж # ┬Н '2
turath@sbzc.ae : ├Ш ┬П# ├Шp' 026666130 :├Д┬О +
тАл╪зя╗╗я║╖я║Шя║о╪зя╗Ыя║О╪ктАм
┬З p( } : ├Ш┬й/┬П# ".├Х '
b :┬Ъ#.p# ┬Э ┬в ├Р' ├В├з# / (+ 150 :┬Н '├и ┬Ъ#. %┬в ├В├з# b ┬Н ├Х($# / (+ 150 :┬Ъ#.p# %┬в ┬Н ├Х($# - 2. 200
marketing@cmc.ae +971 56 3150303 ├Ш┬й/┬П$# ┬Н '├и
7
2019 тАл я║│я║Тя║Шя╗дя║Тя║отАм239 тАл ╪зя╗Яя╗Мя║к╪птАм/
. 2. 200 ┬Ъ#.p# ┬Э ┬в
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد 9#R7 # JŭŰ$7 # ¤0 5$~²q $0 §r # Sűq¥ 5#Q$ ·# 9#R8 ¦M$ 8 NqZ {Ű$j Ŀ Č¼ -$0 r N¤H -Q$G ćć-$?H N¤Z 46 wR^ M G Ŀ Č ¤i # ¥ ± 48 § N¤ ī /? # ŨŰ$} 56 ZQ N G ZQćM ī § $Y ·# R¥ 7 # 58 R @ |¥NbćM ī ¤~Rq # 5$r#Ra # ŭůa q # §z 5² (8 62 § $Z {#R^)ćM ī Rb$q ¤q0 9#R7 # 64 ý F $b #N¥ ćM ī ĖM Zµ# -þ R # H# Ė §z ¤z$}; # $¤@ Ũů; µ# 66 ¤ #R0) N¤r N G ī §f q # Q$yu # N/r @ 69 T¥$z F $Z ī } # p }q # @# 70 ^ ^ ¦űŭŲ ī Č ŭů]q # ů} # §z W # 5 # 72 ¦ #R?G # ŭů #N/r ī ¤Y $ ů $0 qy # Ė§H Ű 6L'Ė 76 ñ $q 0 §! ćM ī Nq¥ ? # ¤ #R0) 0 § r §f$} # /7 78 ¦ů/b E²b ĉ @R8 Ĉ ¥ 8 Q$ ĉ a~ ī Č ~²G # 82 ¦ $ ~ T H ī $q # RL% ćć 0$7 # ' 89 5$HRz N H' ī ¤7ye # Q# H R¤0 $@ 90 E² # -$ ¥) ī R¤/ IŰ r ²j) ććN¤Z M# z ¥' 96 N^#Q M$@ R $8 ćM ī ¤Ga # 8$Z$ q # §z$}; # 9 Ű # 98 õ R0 N G Ŀ Č$¤ ¥M /aq7 # ćć .G # Rr$^ 101 ó ¦M$¤q # $ ī # ů¤} # (] j Ű ůª0 Q iZ' 102 §r Űű # j$z ī /}7Y # zRq 9#R7 # z 107 q @ ¦N¥$rćM ī T R # z$}< d} MQ # 0 ůr 108 QM$} # N/r $YH ī ŭŰN Zµ$0 T7 # Ra~ QM# 5$¥$ H 110 § QN # ]«$r ī ċ ¤q # }8 #O$ 114 ¤HR # N/r Y¤ ī ¤iY z §z . q # Z 116 ez E²bćM ī ċ#R¤; i Y # 6 S$v 120 §?¥$] # M H ī §7¥ # §z a # °$ u # 127 ¦Ű a # ī ċ N¥N@ ¤/q^ 5$¥$ H >7 ' ¥ 128 §r Űű # N H j$zćM Ŀ ¤ ²0 ¤ 130 أﺳﻌﺎر اﻟﺒﻴﻊ
116
8
ÐØ # $(' - Ù 800 Ï ( Î $ - p . ÎØ Ø/ # - 2 Ø 10 Ø / # Ù # $((# - )+ 10 : p (# Ù # 'è b Ï ÎØ Ù(° ,# ÙÍ æ $((# - Ù# 100 Ø / - Ù# 5000 Ï Î # - ,ÙÎ 250 Ï / # - ,ÙÎ 5 ' - " Ø 200 Ð(Ù# - p . ÎØ b 20 Ù ½(# $((# - Ï ÎØ ÐÙ $Â - ÎØ 2500 Ë # 3 ÙÍ Ø - Ï ÎØ Ù Í/ # Ø /,( # - ÙÍ Í 4 Ù Ù$# Ø Ù+ ( # - (+
. 2. 5 pÎ . Ù Ù'æ p (# Ø2/# - . /Ø 4 Û . .æ 2 ". - Í Â 7 Ø/ - ,ÙÎ
'è Ú Í .} Ø # äÙ+ . µ# Ø 2. # Ð Ø p # ¦+ ÛÂ . '
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
6
ķĸĭŭŨė ŲŬ
49
{$z³# M$¤8Q# {$z
ﺻﻌﻴﺪي ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ] ÊÙµ# ÊÙ # ÎØp(# /° ÛÂ Ù Ø /(# " ªØ 2. ... č/ É $# ' Ø ÛÂ Ï Íè +p( Û # %ã /# d Č/
Ï ¥ ^ ,° Û # č/ # % ' Á3 ¢ Ã$ ¢ . ]- ÃÍ Ï Íè Ï Íè Ï Â ] É # '. µ # /Í ÐÙ 2db ' 3b e à Î+
] Í /Ù # 1$ .} ] Ù$µ # - /É 1$ p( Ø Ù Î # /44 44# % É
^ Ùã (# É (# . ] Ø # . ] (±# % ' ] Ù Ù # (# ¶ .} d &dp gÊ# ¦Î' Ù (±# É # Ï Íè %( ¥ ^ Ù'/Ù# - Ù $ # e
b É µØ} &p£ . ] ,¹Ã . ] , Ã# ÄÙà . ]- 3' ÄÙà ÛÂ
ª# ÛÂ Ø # É &p£ . ] / # Ð # Ùã (# É (#
ã ) ± Â ] ,Ù Í 1$ Ø # " (# ± Î Û # , Û # ÙÂ/ ( ± Â - /Í} Ä$ £( /£ #
¹Î . ] Ù( Ã# + Ê# Ù#.æ ´æ p } 44Ø© pÎ Ù # . / # % ' ÙÊÙ /(# 2ê " °} , # b Ø
]¤ÃÎ# 2 . Ù #pÍæ . ٽة 'æ # . ÊØè 2 . + Ê# / Û$ p( ' ° Û "/ !Í~ . ±  p( ' ... ÙÊÙ /(# 2ê ÙÎ . Ù , ±Ø Ú¦4444# . p( # - °
. ' p£ 2 Ð' + Ù¼.
ÛÂ b Ù 2b č/ Ï} p Í . .} ÛÂ Ù Î # / # 1# " Ê Í2 Ù Î # / # ' ÌÂ ¥ ^ p pÉ É $# Ï Íè & p£ (Í}
$ # © !#¦ . ^ . % ± + ± Í . ] Ù ÙÍ Ù(# 2ê Ø ©
} / # *¦+ Ø p '. ] 2ê *¦+ %Ù½± # &©344# /É/# 1$ ÐØ ± # Ï Ê# $ ' ' ÃÎ# }p ) ] É $# ".æ p (# /+ ) Ã#
č Č 3, Ø © '. ] É # ' )+} }. ]) Ã# Ï ' pb Ø. % Ø
3 ±' ,¸ ]ÐØ ± # Ï Ê# Ð' ÛÍ # Ä Î# ÛÂ É $# )# # !$ & p£ Č 44 äÙ # } Û # 0 # 44´æ ,(+} ]0 44¢}
' ^ /µÎ$# ,ÊØ Û (# !$ Ï} Á3£ ] äÙ $# /$(# (#
Č ¹Íæ , / . ] ,# $Øp . pØp ' Ø/ Û ٠à $# )# # Â
Ď / # }p . ] Ù (±# É # , } 1$ . ] p (# É # 1#
É 4 -# p . ÚpÙ$Ê # /É/# /µÍ ÊÙÊ , /(# p# .
اﻟﺴ َﻨﻊ ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ َ /¹Î' Ð44 "/ÊØ ^" ( # 1Î ( ½$# Û hÎ # Č
Ď Ď . äÙ $# /$' Ù¼. ´ Í Ù¼ p '
. %Ù( # Ð # : ÙÎ # . ]" 44(44 44# : e hÎ # . : # Ï # Č h % :/+ ] p (# Ù # 44'è #. ÛÂ dÎ # h 1Î '.
ÐØ© p( ' # ±' Ð' * Í Ú¦# " ÎØpØ} ". Î ' ÛÂ #
/, (# "¦ . # . / # . & # % ' ÙÍ Íè ã #
(# ^ ÃÙ¹Î# É # " %Ù( # Ï /Î # Ð' p # ¦+ Ä$' &/ÊØ Ú¦# ),(# / (# ¦+ "/ ¯ ÊÎ# è #. ' /+ ^ÐØp #
â É p Ø Ï} %'~Í . É # '. µ # /Í ÐÙ # 1$ .-É.¥ Û´ Ø ' /Î (# p # /' ÙÊ . Ä$(# ¦+ ÛÂ
5
84
¤8#Q$ # ¤8#Q$ # 5$Z#QM
2019 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ239 اﻟﻌﺪد/
e 4Ød . ] / ' .} /($' Ï 44 %Ù( Ì$¢ Î # h Û %44¢p4 Ëp # . Ù½ # 1$ Ä # . Ù # & . Ï/ # pØ p'. p # º44Ã44 . ])44$44¸ Ð44 h(44 44Ã44 44# . ' (# . "/44Ê44# Û44 h h ,$ à # *¦+ Â/ ' 1 '. ] Î# */ . Û ² # . h Ú ( (# p, .. hÎ # à £±# ¦+ Û Ï/ Ù , $ .} h
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد ﻟﻌﺪد اﻟﻌﺪدﻟﻌ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت
84 129 14 26 4
ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﺪد
8
ﻧﺎدي ﺗﺮاث ا ﻣﺎرات ﻳﻔﻮز ﺑﺠﺎﺋﺰة ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺣﻤﺪان ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ﻟwداء اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻓﺌﺔ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ »ﺗﺮاﺛﻨﺎ ...ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ« ﻟﻌﺎم
ƻƸ ũƹLjƃư ũLjţƠƃŦ
ƺţljǁƼ ƲŖ ſLjŢƄ ƻŦ ƺţƙƵƈ ŻljƍƴŢ ǃƹƈ ũƴǂſƴŢ ƇljŠƂ ǃƹƉƴŢ ťŸţƐ ƳűƹƸ
"ſLjŢƄ ƻŦ ƺţƙƵƈ ƅưƃƸ ƷƝƽLj
Ɩǂƃƌ "ũƭŦţƉƹƴŢ
أن ﺗﺘﻨﺎول اﻟﻘﺼﻴﺪة اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ. ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﳌﺸﺎرﻛﺔ ﺑﻘﺼﻴﺪة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ ﻣﻦ إﺑﺪاﻋﻪ. أن ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﺴﺎﺑﻘﺔ ومل ﻳﺴﺒﻖ ﻧﴩﻫﺎ أو اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﺑﻬﺎ ﰲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ أﺧﺮى. أن ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻣﺴﺘﻮﻓﻴﺔ ﻟﻠﴩوط اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻮزن وﺳﻼﻣﺔ اﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ووﺣﺪة اﳌﻮﺿﻮع. ّأﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﺪد أﺑﻴﺎت اﻟﻘﺼﻴﺪة ﻋﻦ مثﺎﻧﻴﺔ أﺑﻴﺎت وﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﴩ ﺑﻴﺘﺎً. اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ واﻟﻄﺎﻟﺒﺎت ﺣﺘﻰ ﺳﻦ 35وﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت. ﺗﺮﺳﻞ اﳌﺸﺎرﻛﺎت ﺣﴫاً ﻋﲆ اﻟﱪﻳﺪ اﻹﻟﻜﱰوين اﻟﺨﺎص ﺑﺎﳌﺴﺎﺑﻘﺔ poetry@sbzc.aeﺿﻤﻦ ﻣﻠﻒ PDF ﻣﻊ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﻴﺎﻧﺎت اﻟﻄﺎﻟﺐ )اﻻﺳﻢ ،اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ،رﻗﻢ اﻟﻬﺎﺗﻒ ،اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ واﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺪراﺳﻴﺔ(. ﻳﺘﻌﻬﺪ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺸﺎرﻛني ﰲ اﳌﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎزل ﳌﺮﻛﺰ ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ زاﻳﺪ ﻋﻦ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺪة. آﺧﺮ ﻣﻮﻋﺪ ﻟﺘﺴﻠﻴﻢ اﳌﺸﺎرﻛﺎت 2019/10/15 ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﺸﺎرﻛﺎت اﻟﺘﻲ مل ﺗﺘﻘﻴﺪ ﺑﺎﻟﴩوط اﳌﺬﻛﻮرة أﻋﻼه. أن ﻳﻜﻮن اﳌﺸﺎرك ﻃﺎﻟﺒﺎً ﰲ إﺣﺪى اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﳌﺸﺎرﻛﺔ واﳌﺪرﺟﺔ أدﻧﺎه.
ﻟﻼﺳﺘﻔﺴﺎرات+971566667713 / +97126666130 :
sbzc.ae
@sbzc_ad
www.sbzc.ae
اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ @sbzc_ad
اﻟﻤﺎرد اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﻨﺎ
2019 ƉŞǘŨŞƓ 239 ƂƃƪǕŌ ŦŌƈōǙȑŌ ŪŌƉũ ǼƂōǝ Ǜƫ ƈƃƚũ dzƫǷǜǙ dzǾƳōǂŭ dzǾŭŌƉũ
ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ إﻣﺎرة أﺑﻮﻇﺒﻲ
»ﻧﻮر أﺑﻮ ﻇﺒﻲ« اﻟﺤﻠﻢ ا ﻣﺎراﺗﻲ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻳﺘﺤ ﱠﻘﻖ
اﻟﺴ َﻨﻊ ﻓﻲ ا!ﻟﻔﺎظ ا ﻣﺎراﺗﻴﺔ َ ﻣﺘﺤﻒ ﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺮﺑﻌﺔ اﻟﻤﻮت واﻟﻬﻮس ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ!
اﻟﻤﻮروث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻪ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻧﺎدي ﺗﺮاث ا ﻣﺎرات ﻳﻌﺰز اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺘﺮاث