مصر في خارطة المشروع الإسلامي

Page 1

‫مصر في خارطة المشروع اإلسالمي!‬ ‫بقلم ‪ :‬حسن أحمد الدقي‬ ‫‪aldiqqi@hotmail.com‬‬

‫)نشرت المقال قبل سقوط طاغية مصر بليلتين‬ ‫إن الحمد‪ +‬تعالى والصالة والسالم على رسول الھدى محمد بن عبد& وعلى آله‬ ‫وصحبه ومن وااله إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد‪:‬‬ ‫فيكاد العقل الجمعي والعاطفة الجمعية لألمة أن ينبئانا ـ عند توقفھما أمام ما حصل‬ ‫في تونس ثم في مصرـ بأن لھذه األيام ما بعدھا من الفتح والتحول‪ ،‬وأن أمة‬ ‫اإلسالم توشك أن تنسل من حالة الغثائية التي أخبرنا عنھا رسول & صلى &‬ ‫عليه وسلم إلى مقدمات مباركة من استعادة التوازن والفعل‪ ،‬وتوشك أن تستأصل‬ ‫بمبضع اإليمان ما ران على القلوب من الوھن ـ حب الدنيا وكراھية الموت ـ كما‬ ‫توشك األمة بھذه النقلة المباركة أن تفارق مرحلة الجبرية إلى مرحلة الرشد بإذن‬ ‫الواحد األحد‪.‬‬ ‫‪١‬‬


‫وتذكرنا األحداث في مصر بما قص علينا رسول & صلى & عليه وسلم في‬ ‫صحيح مسلم‪) :‬كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر‪ (....‬إلى آخر الحديث‪ ،‬أما‬ ‫الشاھد في الحديث فھو ما أوضحه الراھب للغالم عندما جاءه يقص عليه ما حدث‬ ‫معه من قتل الدابة التي كانت تمنع الناس‪ ،‬فقال له الراھب‪ :‬أي بني أنت اليوم‬ ‫أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى‪).‬انتھى( فكم في مقولة الراھب‬ ‫تلك من قراءة دقيقة لألحداث القادمة والتحوالت االجتماعية والسياسية الكبرى‬ ‫واألھم من ذلك ھو تسليم الراھب القيادة للغالم من خالل قوله‪ :‬أفضل مني‪ .‬وكان‬ ‫توقع الراھب في مكانه حيث قاد الغالم المجتمع كله إلى أفياء التوحيد ولكن بعد أن‬ ‫قدم روحه فداء لعقيدته‪.‬‬ ‫وھاھم الفتية الجدد في مجتمعات المسلمين وقد رفع & عزوجل الوھن من قلوبھم‬ ‫يتھيأون لالنتظام في ھذه السنة الكونية )إنھم فتية آمنوا بربھم وزدناھم ھدى(‬ ‫اآلية‪ ،‬فلله دركم يا شباب وما أجمل أمھاتكم وھن يرضعنكم حليب الثورة والفداء‬ ‫فإنھا سنة أخرى أيضا اصطفت مع بقية السنن )وأوحينا إلى أم موسى أن‬ ‫أرضعيه(اآلية و‪ +‬در أمھاتكم اللواتي ألقين بكم في خضم الميادين تتلقون‬ ‫الرصاص بصدوركم العارية وھي سنة أخرى أيضا )فإذا خفت عليه فألقيه في اليم‬ ‫وال تخافي وال تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين(اآلية‪.‬‬ ‫وفي خضم األحداث المتوالية يحتاج قادة األمة الفتية منھم والرھبان إلى التعرف‬ ‫الدقيق على ھذه اللحظة التاريخية والبقعة التاريخية أين تقعان من الخارطة الكلية‬ ‫والسنن الجامعة؟ وما عالقة ما يجري في مصر بالمسيرة الكلية للمسلمين‬ ‫وبمستقبلھم؟ أو بلغة العصر أين تقع مصر في خارطة المشروع اإلسالمي؟ وذلك‬ ‫حتى نحسن توظيف ھذا الحراك لصالح المسيرة العامة وبلوغ ھذا األمر ما بلغ‬ ‫الليل والنھار‪ ،‬وإال فإن السنن جاھزة لصدم من ال يريد أن يراھا ومن تلك السنن‬ ‫الوقوع في التيه والضياع كما كان ذلك من نصيب بني إسرائيل في كل مرة‬ ‫يصلون فيھا إلى منعطف حاسم بل بلغ بھم األمر أن تاھوا وھم ال يزالون في‬ ‫مراحل الحراك األولى وذلك عندما زادت عليھم ضغوط المجتمع الفرعوني فاتجھوا‬ ‫باللوم إلى نبيھم عليه السالم‪) :‬قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما‬ ‫جئتنا(اآلية فما كان من موسى عليه السالم إال أن نقلھم إلى معالم الخارطة الكلية‬ ‫للمسيرة‪) :‬قال عسى ربكم أن يھلك عدوكم ويستخلفكم في األرض فينظر كيف‬ ‫تعملون(اآلية‬ ‫وحتى يمكننا أن نحدد موقع مصر الثورة على خارطة المشروع اإلسالمي فإني‬ ‫سوف أتوقف عند المسألتين التاليتين‪:‬‬ ‫‪٢‬‬


‫أوال‪ :‬معايرة ثورة مصر استراتيجيا‬ ‫ثانيا‪ :‬إخراج الثورة من سجونھا‬

‫أوال‪ :‬معايرة ثورة مصر استراتيجيا‬ ‫وأقصد بالمعايرة االستراتيجية محاولة نسبة وقياس الحدث أو الثورة إلى‬ ‫المشروع اإلسالمي ومسطرته ذلك أني أزعم وبناء على أداء األمة الكلي خالل‬ ‫القرن العشرين خصوصا ُبعيد سقوط الخالفة اإلسالمية فإن التقعيد النظري وھو‬ ‫ما يعرف باالجتھاد وما تال ذلك من تطبيقات عملية في الحراك اإلسالمي العام‬ ‫وخالل مراحل مختلفة وفي كل المواقع الجغرافية في العالم قد أفضت إلى تحديد‬ ‫دقيق للبناء اإلسالمي المأمول أو النھضة الشاملة التي تستھدف التمكين لدين &‬ ‫عز وجل في الكون كل الكون‪ ،‬وقد حاولت أن أستشرف وأحدد مالمح ذلك البناء‬ ‫بوضع كتاب‪ :‬مالمح المشروع اإلسالمي‪ ،‬فإذا كان في تلك المحاولة الحد األدنى‬ ‫من الدقة ونور االستشراف فقد أصبح بإمكاننا أن نستخدم تلك المسطرة في قياس‬ ‫التجارب المختلفة بغية تحديد دقيق لألرضية التي تقف عليھا تلك التجارب قربا‬ ‫وبعدا من المسطرة وتموضعا في الخارطة الكلية للمشروع اإلسالمي‪.‬‬ ‫وعليه فإن المعايرة سوف تركز على رؤية الثورة المصرية من خالل أوزان‬ ‫ومسطرة المشروع الكلي وھي كما يلي‪:‬‬ ‫• إن الثورة المصرية لم تأت من فراغ وإنما ھي نتيجة تراكمات من الرؤية‬ ‫اإلسالمية وما ضخته تلك الرؤية من مبادئ وما بشرت به من آمال نظرية‬ ‫وتطبيقية وما رفعت من سقوف التطلعات في األمة في ميدان العلم والتربية‬ ‫واألخالقيات والتطبيقات اإليمانية وفي ميدان السياسة والمطالبة بالحقوق‬ ‫وفي ميدان الجھاد واستعادة األمجاد‪ ،‬وقد لعبت كافة المدراس اإلسالمية‬ ‫دورھا في كل أو بعض ھذه الميادين حتى أذن & عز وجل بھبوب رياح‬ ‫التغيير وخروج األجيال الجديدة والتي كسرت قواعد اللعبة المفروضة على‬ ‫األمة‪.‬‬ ‫• وجاءت الثورة المصرية لكي تنير وتستشرف مرحلة الرشد بعد أن طال ليل‬ ‫الجبرية وتطبيقاتھا في مشرق األمة ومغربھا ولعل مما يبشر باستشراف‬ ‫مرحلة الرشد ھو نھضة مكونات األمة المصرية كلھا وانتظامھا في‬ ‫مواجھة الجبرية دون أن تعوقھا االنتماءات االجتھادية في المدارس‬ ‫اإلسالمية المختلفة ودون أن تثقلھا حسابات الطبقية االجتماعية وقد جاء‬ ‫‪٣‬‬


‫إجماع الشعب المصري بإشارته للطغمة الظالمة ونظامھما توبة عما أخبر‬ ‫عنه النبي صلى & عليه وسلم في الحديث‪) :‬إذا رأيت أمتي تھاب الظالم‬ ‫أن تقول إنك ظالم فقد تودع منھم(‪ .‬وعليه فإن متطلبات إدراك صفة الرشد‬ ‫ومرحلتھا تقتضي العمل على تقديم مبادئھا للناس والمجتمعات والتبشير‬ ‫بھا كنظام إسالمي سياسي في الحكم وشؤونه ومن ثم االلتزام بمتطلباتھا‬ ‫من قبل الداعين إليھا وھم قيادات العمل اإلسالمي خاصة في ظل التشويش‬ ‫الكبير الذي تعانيه الديمقراطية الغربية وتطبيقاتھا‪ ١.‬ولعل في تأخر بروز‬ ‫فئة من اإلسالميين بعينھا في ھذه الثورة من اآليات الشيء الكثير لعل‬ ‫أبرزھا أن القيادة في األمة لن تفرض فرضا وإنما ستختار اختيارا حرا‪.‬‬ ‫• كما أن الثورة المصرية جاءت نتيجة تراكمات أداء المرحلة الجبرية‬ ‫خصوصا في ظل النظام المصري العسكري وما أدراك مالنظام المصري؟‬ ‫الذي عھد له االنجليز واألمريكان بعد استقرار العالم تحت الطغاة الخمسة‬ ‫بعيد انتھاء الحرب العالمية الثانية بإدارة أخطر البقاع اإلسالمية والعربية‬ ‫عام‪١٩٥٢‬م فكان نظاما يجمع بين خليط العقائدية العرقية )القومية‬ ‫العربية( وضالل االشتراكية وصنمية الناصرية وبين الجبروتية العسكرية‬ ‫والقبضة االستخباراتية والتابعية للنظام الدولي والذي بدوره كان قد انتھى‬ ‫من تثبيت النظام اليھودي في فلسطين كأحد معالم النظام السياسي في ما‬ ‫أسموه بالشرق األوسط‪ .‬ففي ھذه المرحلة ذاقت األمة سياط الجبرية‬ ‫كأوضح ما يكون القھر والعنت وبرغم تقلب النظام السياسي بين ثالثة‬ ‫رؤساء وعھود لكن المحصلة النھائية واإلرث النھائي قد آل في الداخل إلى‬ ‫انھيار اقتصادي وزعزعة اجتماعية وفي الخارج إلى ضياع للقدس وبغداد‬ ‫وعزل مصر عن محيطھا واستخدام النظام فيھا كعصا غليظة ضد شعبھا‬ ‫وضد عالمھا العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫• وإن الثورة المصرية لتنتمي إلى المالمح االستراتيجية والجھادية في ھرم‬ ‫مالمح المشروع اإلسالمي أي في قمته وتنتمي على وجه الخصوص إلى‬ ‫نظرية التغيير الشاملة والتي تستتبع إدارة استراتيجية وتعبوية تضمن بإذن‬ ‫العزيز الرحيم ضم طاقات األمة ونسجھا في مسيرة تدافعية تؤذن‬ ‫‪٢‬‬ ‫باستشراف مرحلة التمكين‪.‬‬ ‫• وتأتي الثورة المصرية متجاوبة مع الحراك األھم في واقع المسلمين وھو‬ ‫الحراك الجھادي خاصة في فلسطين لكي يحيي بھا & عز وجل اآلمال‬ ‫ويسد بھا المسلمون أھم الثغرات في أدائھم االستراتيجي ويوازنون بھا‬ ‫‪١‬‬

‫يراجع في ھذا كتاب الحرية أو الطوفان وكتاب تحرير اإلنسان وتجريد الطغيان للشيخ حاكم المطيري‪.‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫يراجع الفصل األخير في كتاب مالمح المشروع اإلسالمي للمؤلف‪.‬‬

‫‪٤‬‬


‫•‬

‫•‬

‫•‬

‫•‬

‫‪٣‬‬

‫اصطراع المشاريع األخرى على أرض الشام وفي قلب األمة المسلمة‬ ‫خصوصا مع الضبابية الشديدة التي ألقاھا المشروع الشيعي على حراك‬ ‫األمة في فلسطين والعراق وبقية المناطق‪.‬‬ ‫وجاءت الثورة المصرية في ظل نجاح كبير لألمة المسلمة بعولمة األداء‬ ‫اإلسالمي وتنوع التطبيقات العالمية فعن يمين مصر يشتعل جھاد‬ ‫الفلسطينيين وعن شمالھا ينتفض الجزائريون وعلى وقع جنازير الدبابات‬ ‫األمريكية في أفغانستان والعراق تشتعل ملحمة جھادية قل نظيرھا‪ ،‬وفي‬ ‫جنبات الكرة األرضية ال يسمع إال صوت المسلمين وحراكھم السياسي‬ ‫والثقافي والعلمي ورفضھم للھيمنة األمريكية ورموز عولمتھا حتى أدى‬ ‫ذلك إلى قيام جماھير األمم شرقا وغربا برفع الكوفية الفلسطينية والعلم‬ ‫العراقي تعبيرا عن اإلعجاب والتضامن‪.‬‬ ‫وجاءت الثورة المصرية كسرا لمرحلة االستضعاف وولوجا إلى مرحلة‬ ‫التدافع وھي السنة التي تتحقق غالبا ـ بحسب مسطرة معادلة التمكين‬ ‫واالستضعاف ـ دون نذير واضح ودون تخطيط دقيق من المعنيين بإدارة‬ ‫المرحلة وقد تبين في مسطرة المشروع أن األمة تقف حاليا في نھاية‬ ‫حلقات مرحلة االستضعاف وتوشك أن تندفع إلى مرحلة التدافع وھي التي‬ ‫تفصل بين االستضعاف والتمكين‪ ،‬ولھذه المرحلة أي التدافع من السنن ما‬ ‫‪٣‬‬ ‫ينبغي استيعابه وضبط البوصلة على اتجاھاته‪.‬‬ ‫وتأتي الثورة المصرية في ظل نفض األمة لتبعات الوھن والغثائية التي‬ ‫أخبرنا عنھا رسول & صلى & عليه وسلم في الصحيح مما يحتاج معه‬ ‫إلى دفع األمة نحو استكمال ھذه األشواط ال الوقوع في دائرة الوسواس‬ ‫والتخذيل ونسبة األمور دائما إلى األصابع اليھودية أو األمريكية الخفية كما‬ ‫يجيد كثير من الناس‪.‬‬ ‫وتأتي الثورة المصرية لكي تعري وتفضح النفاق وأھله ونظمه تلك التي‬ ‫والت الكفار بأنواعھم وأذلت األمة واتكأت على تخديرھا بأنھا تمثل والة‬ ‫أمر المسلمين ونظام حكمھم وھي قد استلمت الحكم من أيدي االنجليز‬ ‫والفرنسيين ثم األمريكان من بعدھم‪ ،‬وھي التي نظرت في المصلحة العليا‬ ‫للمسلمين شرقا وغربا ثم عملت على نقيضھا وضربت األمة في صميم‬ ‫مصلحتھا‪ ،‬فقامت الثورة المصرية لكي تكشف الغطاء عن األعين المغمضة‬ ‫واآلذان المثقلة عن ھذه الحقائق‪.‬‬

‫تراجع مفردة تحديات كسر المرحلة االستضعافية في فصل موقع المشروع اإلسالمي على مسطرة التمكين‪ .‬الكتاب السابق‬

‫‪٥‬‬


‫• وتأتي الثورة المصرية كإحدى القمم التي تمثل المشروع اإلسالمي وآماله‬ ‫الكبار والتي ترسي معلما أساسيا في صراع المشروع اإلسالمي ضد‬ ‫المشاريع األخرى كالمشروع اليھودي والمشروع الصليبي وبقية‬ ‫المشاريع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إخراج الثورة من سجونھا‬ ‫وأقصد بالسجون االنغالق العقلي والنفسي واالجتھادي الذي يحول دون دفع األداء‬ ‫اإلسالمي في معارج النھضة اإلسالمية الشاملة وھي ثالثة سجون‪:‬‬ ‫‪ -١‬سجن القطر والوطن‬ ‫‪ -٢‬سجن الجماعات اإلسالمية‬ ‫‪ -٣‬سجن النظام الدولي وتوابعه‬ ‫والسجون الثالثة تشكلت نتيجة االنغالق المرحلي في االجتھاد اإلسالمي خالل‬ ‫العقدين الماضيين ونتيجة للضغوط التي مارسھا كل من النظام الدولي متمثال في‬ ‫أمريكا وفي حلفائھا من األنظمة السياسية وليست الثورة المصرية وحدھا بحاجة‬ ‫إلى ھذا اإلخراج والزحزحة بل إن العمل اإلسالمي والحراك الدعوي والسياسي في‬ ‫األمة عموما ليحتاج مثل ھذا اإلخراج‪ ،‬وأزعم أنه بدون دفع األمور باتجاه‬ ‫الخالص والتحرر من تلك السجون فإنه لن يتمكن المسلمون من تحريك الواقع‬ ‫باتجاه مصالحھم فضال عن مناوشة األھداف الكبرى للمشروع اإلسالمي‪ ،‬ويمكن‬ ‫تحديد المراد من ھذه المفردة ببسط النقاط التالية‪:‬‬ ‫• يعتبر سجن القطر والوطن أحد مھددات الثورة المصرية من حيث رغبة‬ ‫البعض واتجاھھم بتأسيس الحراك العام للثورة ومتطلباتھا على الحدود‬ ‫الجغرافية والتاريخية لمصر وحدھا ونبذ االمتدادات الحيوية لھا وموقعھا‬ ‫المميز لألمة العربية واإلسالمية وبالتالي يستعجل الثوار في إعادة المارد‬ ‫إلى قمقمه الوطني ومفرداته‪ ،‬خاصة وأن المثبطين يضربون على وتر عدم‬ ‫تعريض البالد للمخاطر اإلقليمية والدولية‪ ،‬وال يعني ھذا أن ال تؤخذ‬ ‫العوامل الوطنية في الحسبان لكن األمر ليس بإطالقه فينبغي أن تستثمر‬ ‫أجواء الثورة والدفع الذي أحدثته في إعادة تأسيس الدور التاريخي‬ ‫واالستراتيجي لمصر وتحمل تبعاته وإعادة زرع ھذه القيم في نفوس الجيل‬ ‫‪٦‬‬


‫•‬

‫•‬

‫•‬

‫•‬

‫•‬

‫•‬

‫الجديد من المصريين‪ ،‬ومن ذلك أن ينص في الدستور الجديد على دور‬ ‫مصر في تحمل تبعات استرجاع فلسطين والمسجد األقصى من أيدي‬ ‫اليھود‪.‬‬ ‫أن تكسر القوالب الوطنية أو بعضا منھا على أقل تقدير تلك التي ارتبطت‬ ‫بزيف القومية والعلمانية وأن ال يترك األمر لسحرة المرحلة الجبرية بأن‬ ‫يملوا رؤاھم على الساحة من جديد‪ ،‬وبالمقابل فعلى الدعاة أن يسعوا‬ ‫لوضع االجتھاد الجديد في المنھج السياسي اإلسالمي المعاصر أو بعض‬ ‫معالمه ضمن المبادئ التي يحتويھا الدستور خاصة في الحكم الرشيد‬ ‫وتحديد حقوق المسلمين السياسية وحقوق المواطنة واألقليات إلى غير‬ ‫ذلك من المعالم دون أن يترك المجال لألقليات أن تفرض وجودھا تحت‬ ‫مبرر احترام حقوقھا‪.‬‬ ‫ومن الفرص التاريخية التي حدثت في الثورة المصرية فرصة اإلجھاز‬ ‫والقضاء على معالم المرحلة الجبرية في الحكم والسياسة وامتداد واستناد‬ ‫تلك الجبرية على النظام الدولي المعادي للمسلمين منذ نشأته عام ‪١٩٤٥‬م‬ ‫بعيد انتھاء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وضرورة العمل على دفع مسار ھذا‬ ‫اإلجھاز على الجبرية إلى آخر الشوط وتصدير ھذه الرؤية لبقية نواحي‬ ‫األمة العربية واإلسالمية بل وللمستضفين في العالم‪.‬‬ ‫أن يسعى الدعاة لتأكيد مبادئ التنمية وقواعد االقتصاد اإلسالمي والحد من‬ ‫ھيمنة النظام الدولي االقتصادي والعولمة ضمن قواعد الدستور الجديد قدر‬ ‫المستطاع كمقدمة لمستقبل التغيير اإلسالمي‪.‬‬ ‫استدعاء كافة مفردات الخطاب اآلمن والمؤلف لقلوب مختلف شرائح‬ ‫المجتمع دون التنازل عن أسس الرؤية اإلسالمية والحقوق االجتماعية‬ ‫والسياسية قدر المستطاع‪.‬‬ ‫فسح المجال للمدارس اإلسالمية المختلفة ألداء أدوارھا في المجتمع‬ ‫المصري دون الحجر واإلبعاد والحذر من التوظيف اإلقصائي لجماعة من‬ ‫الجماعات وذلك بإغرائھا بالموقع المتقدم مقابل اآلخرين‪ ،‬وضرورة اعتماد‬ ‫تقديم كل من يثبت كفاءته وأمانته لخدمة المجتمع‪.‬‬ ‫اعتماد الحوار المباشر والمكثف بين مختلف الجماعات اإلسالمية لبلورة‬ ‫رؤية موحدة قدر المستطاع إلدارة المرحلة وعدم ترك االختالف في‬ ‫االجتھادات حتى ال تعصف بالمسيرة العامة ووضع االتفاقات التي تحدد‬ ‫طبيعة الساحة والمرحلة وتطبيق المبادئ التي تتناسب مع كل مرحلة فإذا‬ ‫اتفق على أنھا ساحة صفراء فحينئذ ال يجوز إال أن تطبق فيھا أسس‬ ‫‪٧‬‬


‫الصراع السياسي والفكري والتربوي ويسھم الجميع في ھذا الصراع وإذا‬ ‫اتفق أنھا ساحة حمراء وفق معطيات الشرع ونتيجة لتدخل الكفار فيھا‬ ‫بالسالح فحينئذ تطبق فيھا أسس الجھاد والقتال وھكذا‪.‬‬ ‫• ضرورة البحث عن مساحات واسعة لتحريك الثورة وتوصيلھا إلى بر‬ ‫األمان والتأثير الحقيقي في واقع األمة وھذا يقتضي التخفف من انغالق‬ ‫التجارب خاصة التجربة الديموقراطية في ظل النظام القطري الذي يستمد‬ ‫وجوده من النظام الدولي فيوشك النظام الدولي أن ينقض على إنجازات‬ ‫الثورة المصرية من بوابة األداء الديموقراطي والذي يربطه بالمرجعية‬ ‫العسكرية واألمنية ومرجعية المعايير الغربية النصرانية التي أبانت عن‬ ‫وجھھا في تجربة الجزائر وتجربة فلسطين وعليه فإن التسليم للنظام‬ ‫الدولي بوضع أسس إرساء الثورة ليھدد إنجازتھا أيما تھديد‪ ،‬مما يقتضي‬ ‫غل اليد الدولية قدر المستطاع من خالل الحراك الشعبي وتفعيله كما حصل‬ ‫بغل النظام الجبري المصري وأن يستعد قادة الثورة لكل االحتماالت فحبل‬ ‫التغيير طويل ومساره معقد وشديد‪.‬‬ ‫• ضرورة قبول الدعاة للمرحلة االنتقالية والتي قد تطول والتدرج في تقديم‬ ‫التطبيقات اإلسالمية في مختلف المجاالت السياسية والقانونية واالجتماعية‬ ‫مع إدراك الفرق ما بين مرحلة التمكين وھذه المرحلة االنتقالية دون فسح‬ ‫المجال للمفسدين لكي يعاودوا نشاطھم وإفسادھم قدر المستطاع‪.‬‬ ‫• تحتاج الثورة في مصر وأھلھا أن يخرجوا معنويا وعقليا في المرحلة‬ ‫األولى من سجن النظام الدولي ومفرداته المتمثل في أمريكا وفي القوى‬ ‫اإلقليمية وإمالءاتھا والنظم السياسية وفسادھا فإن الوقوع في محاولة‬ ‫إرضاء واسترضاء النظام الدولي سيقود حتما إلى المربع األول من جديد‬ ‫وقد يقول قائل وھل بامكان الثوار في مصر أن يخرجوا من ھذا النظام؟‬ ‫والجواب‪ :‬نعم ويتم ذلك من حيث المبدأ من خالل تبني الرؤية اإلسالمية‬ ‫الشاملة والتي تقضي خروجا من عباءة النظام الدولي وإن كان على المدى‬ ‫البعيد فإن اليھود والنصارى وھيمنتھم على النظام الدولي ال يمكن أن يترك‬ ‫فسحة لتطبيق الرؤى اإلسالمية على الصعيد السياسي فضال عن الصعيد‬ ‫الجھادي ومالم تتبع استراتيجية ممانعة ومقاومة لتبعية النظم السياسية‬ ‫للنظام الدولي فإن األمر سوف يراوح مكانه‪ ،‬ومما يعين المصريين على‬ ‫ھذه النقلة استعداد شعوب العالم المستضعفة من المسلمين وغيرھم‬ ‫للوقوف في وجه النظام الدولي الذي تقوده وتمثله أمريكا‪.‬‬

‫‪٨‬‬


‫• وتحتاج الثورة في مصر إلى استراتيجية يوسف عليه السالم في النھضة‬ ‫بالمجتمع المصري من كبوته االقتصادية وتبعيته الذليلة للنظام االقتصادي‬ ‫العالمي فإذا نجح الدعاة في طمأنة الشعب المصري على أقواتھم أمكن‬ ‫االنتقال بھم إلى سقوف أرفع وأعلى خاصة وأن نيل يوسف عليه السالم‬ ‫ھو ھو فينبغي تدراك الموقف قبل أن يحل موعد حروب المياه التي يبشر‬ ‫بھا اليھود‪.‬‬ ‫و& يقول الحق وھو يھدي السبيل‬ ‫‪٢٠١١/٢/١٠‬‬

‫‪٩‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.