مناظرة الحمامة والغراب في ديموقراطيات الخراب بقلم /حسن أحمد الدقي ٢٠١٢/٨/١ نحتاج في مناقشة مقالة الدكتور تركي الدخيل األخيرة التي عنونھا )بديموقراطيات الخراب( أن نتفق معه ومع الذين يناصرونه على أرضية للحوار مشتركة ھي أقرب إلى لوازم المناظرة وقواعدھا التي يتفق عليھا المتناظرون فيتحقق بذلك العدل وتكافؤ الفرص في عرض الحجج ،وقد يسأل سائل ولم كل ھذا العناء؟ وجوابي :أن الذي اضطرني لذلك تأسيس الدكتور رأيه وقناعته على فرضتين يعتبرھما الدكتور ُمسلّمتين ليستا بحاجة إلى نقاش؟ أما المسلمة األولى :فھي أن الديموقراطية رائعة للكينونة البشرية غير أن اإلسالميين سوف يستخدمونھا لقيادة المجتمع الخليجي على وجه الخصوص إلى الخراب ،وأما ُمسلمة الدكتور الثانية :فھي أن حكام الخليج وأنظمته السياسية بطبعھا وبأصل تكوينھا وبأدائھا قد قادت األمة )الخليجية( إلى واحة التنمية والسعادة البشرية فال حاجة للديموقراطية. وعليه وفي ظل تلكما الفرضيتين أو المسلّمتين لم يعد البحث مجديا إال أن نتوقف عندھما ونطمئن إلى مدى اعتمادھما على أسس علمية مما تعارف عليه األكاديميون
في المنطق وعلوم الفلسفة ،ولھذا أردت أن أحاكم مقال الدكتور تركي إلى مسلماته ومسلمات البشر وصوال إلى مسلمات األمة المسلمة وثوابتھا. وليسمح لي القراء الكرام أن أحدد ھذه القواعد أو المسلمات أو اللوازم بما يلي: القاعدة األولى :اإلقرار بالمصطلحات الفكرية االنسانية والتي تطورت مع تطور اإلنسان المعاصر والتي يفھمھا الصيني كما يفھمھا األمريكي والكوبي والتي أصبحت من المستلزمات اإلنسانية الالزمة الستقرار الحياة البشرية وزيادة االنتاج إلى غير ذك مما يطمح له البشر كمصطلح الحرية والكرامة والديموقراطية وحق الشعوب في تقرير المصير والمساواة والعدالة إلى غير ذلك من المصطلحات، وبااللتزام بھذه القاعدة فال ينبغي ألي طرف من المتناظرين أن يخضع تلك المصطلحات للتفسير القومي أو الجغرافي أو الفئوي مھما كانت المبررات. القاعدة الثانية :اإلقرار بوحدة العوامل الكونية واالقليمية المؤثرة في المعادالت السياسية والنظم الحاكمة والتكتالت الدولية وتداخل تلك العوامل إلى الدرجة التي يصعب انغالق أي مجموعة بشرية أو أرض أونظام عن تأثير تلك العوامل. القاعدة الثالثة :اإلقرار بحراك األمم العقدي كأحد أھم مكونات الصراع الدولي وأعني باألمم تلك التي تشارك وتتحكم في الشأن األممي بسبب انطباق المعايير الستة التالية عليھا:المعيار)(١العدد الملياري ،المعيار)(٢المساحة الجغرافية القارية، المعيار)(٣العقيدة المشتركة ،المعيار)(٤التحكم في الثروات العالمية، المعيار)(٥االمبراطوري التاريخي ،المعيار)(٦العلمي التقني وأوضحه امتالك السالح النووي. القاعدة الرابعة :اإلقرار بحق األمم والشعوب وقدرتھا على مقاومة رغبة بقية االمم بالسيطرة والھيمنة العالمية أو االقليمية. فإذا تم نصب تلك القواعد فوق رؤوس المتناظرين فإن امكانية الحوار والمناظرة باتت ممكنة. يطرح الدكتور تركي في بداية مقاله المسلمتين التاليتين: المسلمة األولى..) :من دون أن يدرك أن الغايات التي ستأتي بھا الديمقراطية موجودة ومتحققة أساسا ً في الخليج(. المسلمة الثانية..) :سنجد أن الدول التي اتخذت التنمية مساراً مثل دول الخليج ھي أغنى الدول وأكثرھا استقراراً(.
ويعلم الدكتور أن األمم وشعوب العالم في ظل نضالھا وحراكھا في تحصيل حقوقھا وانتزاعھا من النظم الديكتاتورية لم تصل إلى مصطلح )الديموقراطية( مجردا عن بقية المصطلحات بل تداخلت مجموعة من المصطلحات لكي تشكل نظاما يضمن عدم لعب النظم الحاكمة بمقدرات تلك الشعوب! وعليه فإن التنمية كمصطلح عالمي بالمفھوم اإلنساني ال يمكن عزله عن الديموقراطية وبقية منظومة المصطلحات، ويعلم الدكتور أن أساس التنمية إنما يتمثل في اطمئنان الشعوب كل الشعوب إلى وضع ثرواتھا في المكان الصحيح ومن أمكنتھا الصحيحة ھو ضمان مستقبل األجيال القادمة فال يھدر حقھا فيھا ومنھا االستثمار األمثل للموارد والثروات الناضبة ويعلم الدكتور أن أحد مسارات تأمين التنمية المستدامة في الخليج يعتمد على الماء وھو سلعة غالية ونادرة فلو توقفت محطات تحلية المياه في الخليج ألي سبب أو طواريء فإن التنمية كلھا تصبح مھددة! وھذا مثل واحد في مفردة تعرف في المصطلحات السياسية بالمصلحة العليا للشعوب وأحد أھم مھام الديموقراطية فرز مفردات تلك المصلحة وإجبار الحكومات على العناية بھا ورعايتھا ،ألنه لو تركت الحكومات تدير خطط التنمية حسب ما تشتھي أو يتراءى لھا فإنھا حتما ستقع في إشكاليات كثيرة من ابسطھا الموازنة بين الموارد والمصارف وتحديد األولويات االستراتيجية فلزم وفق مصطلحات االنسانية أن تفرض عليھا الشعوب رقابة بل وأن تشارك الشعوب عبر ممثليھا في النظام الديموقراطي رسم المسارات االستراتيجية لحفظ حقوق األجيال الحالية وأجيال المستقبل ،وھذا كله – كما يعلم الدكتور -غير متحقق في منظومة دول الخليج. ويقرر الدكتور ضمن مسلمته )بتنمية دول الخليج( أنھا األكثر استقرار؟ واالستقرار حسب المصطلحات اإلنسانية إنما يعتمد على مجموعة من األسس االستراتيجية في األغلب ومنھا تكامل منظومة األداء االقتصادي واستغالل الثروات لألمم والشعوب بحيث تؤدي الدورة االقتصادية إلى بقاء الثروة في أرضھا وقابلة للتحور في كل االتجاھات ،فماذا عن التنمية في دول الخليج ومعلوم حسب موازين التنمية العالمية أن تنمية الخليج تتصف بالصفتين التاليتين ،األولى:اقتصاد استھالكي متخم ،الصفة الثانية:اقتصاد ريعي دعك من صفات أخرى كثيرة ليس فيھا ما يسر. ويعلم الدكتور تركي أن التنمية عند الغرب أو في اليابان محروسة برقابة شعبية صارمة تؤدي إلى سقوط حكومات ونشوء أخرى كما حصل في األزمة المالية العالمية فالتنمية ال تعمل لوحدھا فمعھا الشفافية وصفات أخرى كثيرة فأين منھا تنمية الخليج؟ ھل سمعت بمحاسبة أحد أعمدة الحكم المتورطين في ذلك االنھيار؟ يقول االقتصاديون ومنھم الدكتور عمر ھشام الشھابي )و بالرغم من ان كمية الدين
العام لدى كل مواطن في دبي تخطت ذلك في اليونان ،فلم نسمع حتى اآلن عن مالحقة احد من "ھوامير" المنطقة( نقال عن مركز الخيج لسياسات التنمية. ومن أھم مؤشرات النجاح التنموي الشفافية وقدرة النظام الحاكم على تحقيق ھذه الشفافية ،فما نصيب منظومات دول الخليج من ھذا المؤشر؟ والجميع يعلم أن أخطر الصفقات في المجال العسكري ال تتم إال بعموالت فما بالك بغيرھا. ومن أھم مؤشرات التنمية أن تدور أغلب عمليات التنمية داخل البالد ولكنھا في دول الخليج منكسرة نتيجة لوجود العمالة األجنبية التي تبلغ معدالت مخيفة تصل إلى %٩٠من العمالة الكلية في بعض الدول لخليجية حيث يبلغ مجمل التحويالت المالية لھذه العمالة من دول الخليج ٧٠مليار دوالر سنويا حسب البنك الدولي. ومن أھم مؤشرات التنمية ھو نسبة الشرائح المجتمعية المستفيدة من التنمية أي عدالة األداء التنموي ،فما واقع ھذا المؤشر في دول الخليج خاصة إذا وقفنا على السعودية وعُمان والبحرين. ويستشھد الدكتور تركي بمتوسط دخل الفرد في دول الخليج كمؤشر على االستقرار التنموي وارتفاع معدلھا وإذا دققنا في األقارقام سنجد أن أقل معدل دخل ھو دخل الفرد السعودي الذي يصل إلى ١٦٧٨٨دوالر سنويا وعندما ننظر لعدد السكان في دول الخليج حيث يصل عدد سكان السعودية قرابة ٢٠مليون نسمة بينما مجموع عدد بقية دول الخليج فيصل سكانھا إلى ٥ماليين نسمة أو يزيد قليال مما يؤكد أن معادلة التنمية الخليجية مائلة ميال شديدا لسبب أن أقل معدل دخل للفرد ھو في السعودية التي تصل نسبة سكانھا إلى سكان الخليج %٨٠ فإذا أضفنا على ذلك ضياع ثروات أھل الخليج عبر السياسات النفطية خالل العقود الخمسة الماضية وخضوع تلك السياسة لھيمنة السوق العالمية واستئثار األسر الحاكمة بما يزيد عن %٥٠من الدخل الكلي للنفط فيمكننا أن نعرف حقيقة اتجاھات التنمية ومستقبلھا في دول الخليج. ويقول الدكتور تركي) :الدول الخليجية وصلت إلى التنمية من خالل أنظمة ذات طابع اجتماعي تعتمد على البيعة والمجالس المشرعة لمن يريد أن يشتكي أو يختصم أو يقترح .لم يمر على الخليج حاكم واحد طغى وسفك الدماء(. الدكتور يسوق لنا نظاما سياسيا يحتاج أن نقيسه على مثال فيما وصله العالم من إدارة الشعوب والدول؟ خاصة وأننا قد توصلنا لمسلّمة تقول باستحالة فصل مسارات التنمية ومقاييس النجاح فيھا عن النظام السياسي فالبشر بشر أينما كانوا؟ ومن أھم
مرتكزات النظم السياسية الناجحة تنمويا ھو استقاللھا وتحكمھا في قرارھا فإذا رجعنا لفترة خروج االنجليز من منطقة الخليج بعد أن استقر العالم على مرتكزات الحرب الباردة وتقسيم العالم بين حلف الناتو وحلف وارسو فإنه ال يمكن انكار حقيقة من حقائق النظام العالمي وھي مرجعية المنطقة ألمريكا ووراثتھا لبريطانيا وعليه فلم تكن ايادي النصارى بعيدة عن التراتيب السياسية واالقتصادية فادعاء أن النظم الخليجية جاءت على خلفية بيعة يحتاج إلى إثبات وأدلة فالمعلوم أن األسر الحاكمة وبناء على معادلة الوجود البريطاني الذي كان يخلع كل من ال تعجبه سيرته من الحكام وفي معادلة من الھيمنة البريطانية أو األمريكية وتنافس داخلي في األسر يستقر األمر على وضع محدد ثم وبعد أن يقضى األمر في ھاتين الدائرتين ُيدعى بعض الممثلين لألسر والقبائل لإلقرار باألمر الواقع فال عالقة للبيعة بما تم التفاق عليه وال يملك المبايعون أي دور في التنصيب ،وما دور البيعة باخ يقفز على أخيه بعد أن يرتب األمر مع السفارة البريطانية ثم الحقا السفارة األمريكية أو ولد يخطف الحكم من أبيه! وفي حال وجود غير ھذا النظام المعروف فعلى الدكتور تركي أن يطلعنا عليه. وعندما نقف على المصطلح البشري الذي تعارفت عليه الشعوب والدول وھو تقدير المصلحة العليا لألمة أو للشعب والذي ھو من أھم واجبات النظام السياسي فكيف كانت تطبيقات النظام الخليجي المتعلقة به؟ ھل النظام الخليجي وللعقود التي خلت كان قادرا على أن يمارس من خالل نظام الحكم تقدير وتحديد المصلحة العليا للشعب ثم العمل بموجب ما تقتضيه تلك المصلحة؟ مع أھمية ما تواطأت عليه البشرية من التفريق بين المصلحة العليا للشعب والمصلحة العليا للنظام فال تطابق بين المصلحتين إال إذا كان النظام السياسي مرتكزا على أسس من الرقابة والتوازن بين السلطات الثالث التنفيذية والتشريعية والقضائية فماھو نصيب أنظمة الخليج من تلك األسسس حتى يتعاطى مع المصلحة العليا للشعب؟ ألم تبدأ إيران عام ١٩٩٥م حركتھا نحو مصلحتھا العليا بتدشين محطاتھا النووية ثم لكي تضع النظام الدولي على صفيح ساخن خالل ١٥عام؟ فماذا فعلت نظم الخليج لتمتين وضعھا االستراتيجي وحماية شعوبھا خالل ٤٠عام على من حراكھا االستراتيجي والتنموي؟ وكحاالت تطبيقية في ما وصلت له أوضاع المجتمعات الخليجية والتي لم تكن لتصل إليھا لو كان ھناك نظاما سياسيا يرعى مصلحتھا العليا حق رعايتھا! فإليك نتائج اإلدارة الخليجية بعد ٥عقود؟
النتيجة األولى :عدم القدرة على توظيف مصادر النفط لتأمين الشأن االقتصادي استراتيجيا )الحال والمستقبل(. النتيجة الثانية :عدم القدرة على مواجھة تحديات النظام الدولي واالقليمي )الكويت والبحرين وجزر اإلمارات( كأنموذج. النتيجة الثالثة :وضع ٣دول من دول الخليج في حالة من التھديد الديموغرافي نتيجة للسياسات العامة. النتيجة الرابعة :عدم القدرة على وضع حلم الخليج الموحد أو المتحد على أرض الواقع بعد ٣٠سنة من بدء المسيرة. ويقول الدكتور تركي) :يلتقي األصوليون مع الواليات المتحدة في نظرتھا للمنطقة من ناحية اإلصرار على الديمقراطية(. ولكي أناقش ھذه المسلمة من قول الدكتور تركي احتاج أن استعيد ثالثا من القواعد التي تم االتفاق عليھا كمسلمات إلدارة الحوار وھي باختصار: القاعدة الثانية :اإلقرار بوحدة العوامل الكونية واالقليمية المؤثرة في المعادالت السياسية والنظم الحاكمة. القاعدة الثالثة :اإلقرار بحراك األمم العقدي كأحد أھم مكونات الصراع الدولي. القاعدة الرابعة :اإلقرار بحق األمم والشعوب وقدرتھا على مقاومة رغبة بقية االمم بالسيطرة والھيمنة العالمية أو االقليمية. ماذا يفيدنا الوقوف على تلك القواعد في حوارنا ھذا؟ يفيدنا بأن نقوم باستدعاء األحداث والتحوالت على مدار ثالثة عقود فماذا سوف نرى؟ الدكتور تركي ال يريد أن يرى حراك األمة العربية ومن ورائھا األمة العربية في تدافع األمم وصراعھا وامتداد ھذا التدافع على رقعة الكرة األرضية كلھا وال يريد أن يرى على وجه الخصوص الدور العقائدي في ھذا الصراع الذي سخن الكرة األرضية مجددا سواء تم ذلك الصراع بمبادرة من األمة أو دفعت إليه والنماذج أوسع من أن تحصى )فلسطين،أفغانستان...وغيرھا( وال يريد أن يرى العوامل التي تربط العرب كأمة كما ھو ارتباط اليھود وارتباط البروتستانت وارتباط الكاثوليك. والدكتور تركي ال يريد أن يرى عالقة منظومة الحكم في الخليج بمعطيات خضوع النظم السياسية في العالم العربي للنظام الدولي فالسفير األمريكي في أبوظبي ينفذ
نفس االستراتيجية التي ينفذھا السفير األمريكي في القاھرة وعليه فالنتائج والمخرجات واحدة. لكني أوافق الدكتور تركي في وقوفه مع التغير االستراتيجي األمريكي في قبولھا بدخول اإلسالميين على خط النظم السياسية في منطقة الثورات العربية الناجحة ولكننا بحاجة أن نقف مع الدكتور تركي على المنطلقات االستراتيجية التي غيرت الموقف األمريكي؟ من الحقائق أن أمريكا قد خرجت من حرب أفغانستان والعراق وھي مضعضة بنسبة كبيرة وقد خسرت خسائر مالية معنوية في تلكما الحربين وأن ذلك قد اثر على استراتيجيتھا في نظام القطب األوحد فاضطرت فاستغلت كل من روسيا والصين الموقف بإعادة التموضع في النظام الجديد القديم. ومن الحقائق أن الثورات العربية قد فاجأت الجميع فلم تستأذن أحد وليس ألحد فضل في تفجيرھا وحتى أمريكا تفاجأت لكنھا تداركت بسرعة كبيرة ووضعت استراتيجية جديدة تتناسب والتطورات وتضمن ألمريكا تدخال فاعال في المتغير الخطير. وأھم الحقائق ھنا أن محاولة أمريكا للتفاھم مع الحركات اإلسالمية ال يأتي من منطلق الحب والتفاھم ولكن من منطلق االستيعاب والسيطرة كما كانت مسيطرة على النظم السابقة فھل ستقبل الحركات اإلسالمية أن تدخل في النظام األمريكي كما دخل مختارا الشريف حسين الذي أسس للنظام العربي في القرن الماضي؟ الفرق بين الحركات اإلسالمية ھنا وبين النظم السياسية العربية أن الحركات اإلسالمية تستمد شرعيتھا من حراك الشعوب فھي ليست كالنظم السياسية التي تستمد كامل شرعيتھا من مكماھون والذي ورثوه من بعد كما أنھا أي الحركات اإلسالمية لديھا مشروع لنھضة األمة كأمة ،وحتى في اسوأ القراءات وھو نجاح أمريكا في إسقاط الوارثين لحكم حسني مبارك وبن علي في أحضانھا فھل ستقبل الشعوب وبقية الحركات اإلسالمية ھذا السقوط. والدكتور تركي ال يريد أن يرى تواطؤ النظام العربي كله ومن ضمنه منظومة الخليج في إفساد قضايا العرب منذ إعالن الھدنة عام١٩٤٨م والتي نتج عنھا االعتراف الضمني باسرائيل إلى سقوط القدس عام ١٩٧٦في يد اليھود إلى تمويل الكتائب المارونية اللبنانية إلى التعاون الكامل مع نظام حافظ اسد وھو يقتل السوريين عام.١٩٨٢
والدكتور تركي ال يريد أن يقر بأن تعاون دول الخليج ال يقل قوة وارتباطا بأمريكا عن بقية الدول العربية فھي أي دول الخليج لم تقدم على تأسيس منظومة دول التعاون إال بناء على رؤية امريكا بعد سقوط الشاه وقد كان تجاوبھا مع تمثيلية الكويت وصدام اقوى من تجاوب حسني مبارك وحافظ اسد والتي كانت غطاء لنظام القطبية األحادية الجديد ،وأما معركة اجتياح العراق وإسقاط بغداد فلم تكن المطارات وال موانئ الخليج لتمتنع عن جيوش النصارى وھي تلقي بحممھا على بغداد ،ثم لكي تسلم العراق كلھا إليران فيؤدي ذلك إلى انكشاف أمن العرب انكشافا كليا ،ولكن الدكتور تركي وأنظمة الخخليج ال تريد أن ترى اآلثار السلبية لمشاركتھا في غزو العراق وانعكاسه على شعوب المنطقة وعيا وحرااكا. كل ذلك ال يريد الدكتور تركي أن يقرره في مسار الصراع الدولي على المنطقة وتحديد من يقف مع من؟ والدكتور تركي ال يريد أن يرى عالقة أداء النظم السياسية العربية ومنھا الخليجية على الشعوب وحراكھا السياسي واالجتماعي وكيف اختزن في باطن الوعي العربي سقوط العواصم وشالالت الدم وأثر سياسة الحديد والنار والقبضة األمنية لألنظمة العربية ومنھا األنظمة الخليجية عندما يجتمع وزراء الداخلية ورؤساء األجھزة األمنية العربية والخليجية تحت كرسي بن علي صبي السي آي إيه كل كذا شھر فيخرجون بمقررات واحدة ال تفرق بين المواطن المصري وال المواطن الخليجي. الدكتور تركي ال يرى شعب مصري الذي يقترب من ١٠٠مليون إنسان وحراكه التاريخي الذي اذھل األمم وال يرى الجيل الجديد الذي يقابل الرصاص بقميص )التي شيرت( في تونس ومصر واليمن وسوريا ھو فقط يرى حركة سياسية عقائدية عنوانھا اإلخوان المسلمون وكمستشار ثقافي وسياسي لنظم الخليج فھو يوصي بالتصدي لھذه الظاھرة كأنه لم يقرأ عن شعب رومانيا وسقوط شاوشيسكو ولم ير المطارق تنھال على جدار برلين نتيجة القمع المنظم الذي مارسه الشيوعيون. والدكتور تركي ال يقدر صوت ثمانية ماليين مصري يبايعون من خالل صناديق االقتراع ويفرضون معادلة جديدة في النظام االقليمي وال يعول على ھذا التغيير أن ينفع العرب بل يعتقد اعتقادا جازما أنه سيقودھم للخراب إنما ھو يعول على بيعة لإلمارة تتم اثناء تداول فناجين القھوة العربية!