ھل نُـظـُــم الخليج في وارد االستدراك؟ بقلم حسن أحمد الدقي
٢٠١٢/٥/٤ المفردات: أوال :المقدمة ثانيا :نظم الخليج خالل ٣٠عاما؟ ثالثا :نظم الخليج والربيع العربي؟ رابعا :األسئلة األشد إلحاحا؟ ١
أوال :المقدمة إن الحمد :تعالى القائل) :إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك األيام نداولھا بين الناس وليلعم ﷲ الذين ءامنوا ويتخذ منكم شھداء وﷲ ال يحب الظالمين(آل عمران١٤٠: سنَنَ من قبلكم شبرا والصالة والسالم على رسول الھدى محمد القائل) :لتتبعن َ بشبر ،وذراعا بذراع ،حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه .قلنا :يا رسول ﷲ ، اليھود والنصارى ؟ قال :فمن(رواه البخاري ،أما بعد: فالشاھد في اآلية الكريمة قول ﷲ عز وجل) :وتلك األيام نداولھا بين الناس( حيث أورد اإلمام الطبري فيھا قول قتادة :إنه وﷲ لوال الد َول ما أوذي المؤمنون ،ولكن قد يُدال للكافر من المؤمن ،ويُبتلى المؤمن بالكافر ،ليعلم ﷲ من يطيعه ممن يعصيه ،ويعلم الصادق من الكاذب. سنَنَ من قبلكم(فمن سلك وأما الشاھد في الحديث فھو قوله صلى ﷲ عليه وسلم ) َ سنَنَ َمنْ قبلـَه فقد ضمن لنفسه الوصول إلى نفس النھايات؟ وتلكم النھايات إنما َ ھي الذلة والمسكنة ونزع ما بأيديھم من الملك والسيطرة بدليل قوله عز وجل: )فترى الذين في قلوبھم مرض يسارعون فيھم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى ﷲ أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسھم نادمين(المائدة٥٢: لقد خضع المسلمون والعرب على وجه الخصوص بعد الحرب العالمية الثانية ولمدة٤٥عاما خضوعا تاما التجاھات الريح في النظام الدولي دون أن يكون لھم أي تأثير حيث أعاد النصارى تشكيل وتصميم ھيكلة الحكم في بالد المسلمين بما يتوائم وتلك المرحلة من سيطرة الخمسة الكبار كما أطلق عليھم وتم تثبيت غرس دويلة اليھود بين ظھرانيھم حتى أذن ﷲ عز وجل برياح التغيير وسنن التداول أن تسري وكان ذلك بنھاية سبعينيات القرن المنصرم ومن أبرز التحوالت التاريخية التي جرت بھا المقادير ظھور الخميني كمخلص للشيعة وقفزته لوراثة شاه إيران وظھور المجاھدين األفغان على الضفة األخرى فكان العامل الشيعي عامل تغيير إقليمي أدى إلى دولة فاطمية أوصفوية أخرى بينما وقف العالم مذھوال للتغيير الذي أحدثه المجاھدون األفغان فقد كان تحوال عالميا اسھم في إسقاط إحدى أكبر االمبراطوريات الملحدة التي عرفھا التاريخ البشري ولكي يلھم التحوالن كال من األقلية الشيعية واألمة السنية بإعادة ترتيب المعادلة الدولية بما يتناسب وأحجامھما العقدية والتاريخية. فما ھي األدوار العملية واألدوار الزمنية التي فرضتھا تلك التحوالت على دول الخليج فلعبتھا ضمن الحراك الدولي راضية كانت أو مكرھة حتى أسلمتھا األقدار إلى النقطة األصعب منذ نشأتھا وتأسيسھا الحديث؟ وھل يؤھلھا ذلك التاريخ الذي ٢
خطته بيديھا لكي تستطيل في الزمن وتتجاوب مع عوامل التغيير أم أن محصلة مسيرة القرن العشرين المثقلة بھموم األمة ومصالحھا وتعدي بقية األمم على حرماتھا سوف تكشف الغطاء وتلقي المتاجرين بقضاياھا إلى ساحة السقوط الحتمي كما ھو حال النظام السوري اليوم؟ ھذا ما سوف يكشفه قابل األيام وفي ھذا المقال سأحاول الوقوف على السياسة العامة التي حكمت أداء النظم السياسية في الخليج على المستوى العالمي واإلقليمي خالل العقود الثالثة الماضية وكذا سياستھا تجاه الثورة العربية أو ما بات يعرف بالربيع العربي ثم استجالء امكانية تعامل نظم الخليج مع التطورات األشد خطورة في العالم؟ ثانيا :النظم الخليجية خالل ٣٠عاما؟ عقد الثمانينيات بافتتاح العالم عقد الثمانينات من القرن العشرين كان لزاما على قادة األمم والتي تمثل وزنا حقيقيا في العالم أن يتعاطوا مع المتغيرات األظھر برؤية تتيح لھم إبقاء أممھم في حلبة السباق األممي وتستجيب بذلك للتحديات التي تفرضھا تلك المتغيرات وقد كان أوضح تلك التحديات ما تمثل في التحدي االقتصادي والتقني والسياسي والثقافي والذي مثل بمجموعه تحد يقترب من تحديات الحياة أو الموت بالنسبة ألصحاب الوزن الثقيل من األمم ،ولم يكد عقد الثمانينيات يقارب على االنتھاء حتى كان العالم يشھد انقالبا في نظامه العالمي يقترب من انقالبات الحروب العظمى ولكن بحروب إقليمية ھذه المرة وكان من أھم تلك الحروب على اإلطالق حرب الخليج األولى بين العراق وإيران وحرب األفغان ضد االتحاد السوفيتي ،وما يھمنا في ھذا السياق أن نقف على أداء نظم دول الخليج السياسية في إدارة ھذه المرحلة؟ فلم تكن نظم الخليج إال فرق عمل تابعة للمنظومة األمريكية في العالم التي حكمتھا أربع استراتيجيات رئيسة خدمتھا نظم الخليج بكل تفان وفاعلية وھي: االستراتيجية األولى :المحافظة على تدفق النفط إلى الدول الغربية دون معوقات وبمعدالت مرتفعة جدا حفاظا على أسعاره المريحة للغرب في السوق وتمكينا لضخ المعدالت المطلوبة في ما تسميه أمريكا المخزون االحتياطي االستراتيجي من المادة األخطر واألكثر طلبا في العالم .مما مكن أمريكا من إدارة أزمات العالم وھي مرتاحة البال بل وتكليف نظم الخليج بدفع فواتير كثير من البرامج األمريكية حول العالم خاصة فيما يتعلق باستقرار العالم العربي ضمن الرؤية األمريكية واألوروبية كفاتورة تبريد لبنان والتي دفعت بعدة اتجاھات من ضمنھا تكاليف الجيش السوري وإقامته الطويلة في لبنان ضمن اتفاق الطائف عام١٩٨٩م.
٣
االستراتيجية الثانية :استيعاب التغير األخطر الذي حدث في الخليج وھو بروز الدولة الشيعية والعمل على إبقاء إيران ضمن المظلة األمريكية وعدم التحاقھا بالمنظومة الشرقية وذلك من خالل مسارين رئيسيين ،فأما المسار األول فكان من خالل تشجيع المنطقة ودفعھا للدخول في حرب استنزاف متحكم في أطرھا العامة وقد تجاوب النظام العراقي ونظم الخليج مع ھذا الدفع وتكفل الشحن العقائدي الشيعي بتفعيله ،وبينما دفع العراق فاتورة الدم فقد تكفلت نظم الخليج بدفع عوائد البترول لتغذية تلك الحرب ،ويبدو أن متطلبات حرب الخليج األولى إبقاء إيران بعيدة عن التدخل الفعال في الحرب األفغانية الروسية ألنه وفق خرائط السياسة الجغرافية فإيران سوف تتدخل لصالح الروس ضد األفغان بدليل تدخل الروس لصالح إيران في الحرب عندما منعوا وصول السالح الروسي للعراق. وأما المسار الثاني في استراتيجية الغرب الستيعاب التمدد الشيعي فكان من خالل دفع دول الخليج لتشكيل تحالف سياسي تعاوني لعله يعوض سقوط الشاه في المنطقة وھو تشكيل منظمة دول مجلس التعاون الخليجي حيث لم تكن عالقة دول الخليج ببعضھا البعض تسمح بأكثر من التعاون وااللتقاء اإلعالمي كلما اقتضت الحاجة. االستراتيجية الثالثة :توفير الحاضنة االقليمية لصراع العمالقة األفغان ضد العمالق الدولي )االتحاد السوفيتي( لعل األفغان يتمكنون من إيقاع الدب الروسي في فيتنام أفغانية ھذه المرة ،فلما توفرت ھذه الرؤية األمريكية لم يكن لنظم الخليج والنظام الباكستاني إال أن يستجيب لھا ويسير في ركابھا مع العلم بأن الشعوب العربية واإلسالمية والقوى اإلسالمية الفاعلة فيھا كالجماعة اإلسالمية في باكستان وجماعة اإلخوان المسلمين قد لعبا الدور األبرز في دعم الجھاد األفغاني حيث تمكنا من تشكيل بنية تحتية متكاملة من الدعم السياسي واإلعالمي والمالي واإلغاثي، ولو أن نظم الخليج والنظام الباكستاني وقفت عند حدود ما ينفع األمة حسب ھبوب لحسب ذلك لھا كثيرا ولكن األدوار التي لعبتھا الحقا أجھزة الرياح الدولية ُ استخباراتھا ـ وفق اإلمالءات األمريكية ـ ومشاركتھا في إفساد نتائج الجھاد األفغاني ومآالته الكبرى خشية تأثيره على العالم اإلسالمي ودوره في إحياء الروح اإلسالمية مرة أخرى ،تلك األدوار قضت على كل أمل في امكانية قيام نظم الخليج بأي دور ينطلق من ثوابت األمة كما قضت على كل أمل بامكانية نظم الخليج في الخروج من دائرة الفلك األمريكي ومصالحه. االستراتيجية الرابعة :إبقاء منطقة الشرق األوسط ضمن فضاء المصالح الغربية وفق معادلة محددة بحيث يكون للتفوق اإلسرائيلي الموقع األبرز وإبقاء النظم السياسية تدور في الفلك األمريكي الغربي والتعامل مع محاوالت النھوض الشعبي بامتصاص حركات التغيير خاصة الحركات اإلسالمية وقد لعبت أنظمة الخليج دورھا ضمن ھذا التوجه وكان أخطر ما قامت به دعم موقف حافظ أسد في سوريا أثناء ضربه لمحاوالت اإلخوان المسلمين إشعال ثورة ضد نظام حكمه كما تعاونت ٤
نظم الخليج مع بقية النظم العربية وأبرزھا النظام المصري في ترتيب البيت العربي بما يتوافق والھيمنة اإلسرائيلية كما حدث إبان غزو إسرائيل للبنان عام ١٩٨٢م ومساعدة نظم الخليج على تشتيت المنظمات الفلسطينية عقد التسعينيات وإخراجھا من لبنان. كان الحلم األمريكي والرغبة الجامحة التي أبداھا األمريكان بإلغاء النظام القطبي العالمي المتعدد وتدشين مرحلة القطب األوحد قد بلغت حدا من الضغط تسمح ببدء العمل وما كادت شمس االتحاد السوفيتي تأذن باألفول إال والعم سام يبحث له عن عذر دولي إلعالن ميالد المرحلة ولم يكن من مكان في العلم أفضل من منطقة الخليج الرخوة والمتخمة بالبترول لتدشين ھذه المرحلة فكانت التمثيلية الھزلية والتي لعبت فيھا نظم الخليج دور )الكومبارس( بجانب صدام حسين وفتحت تلك النظم أجواء بالدھا كاملة لكي تحط وتعبر منھا كل أنواع القطع العسكرية األمريكية والغربية ولكي يرفع النصارى الصليب أول مرة في التاريخ على أرض الجزيرة العربية وعلى بعد مئات الكيلومترات من مكة والمدينة ،وھنا يمكن أن نالحظ المحطات الرئيسية التالية في ھذا العقد: المحطة األولى :استيعاب إيران وحصار العراق بعد ضربه فبعد موت الخميني وبروز رفسنجاني في قيادة إيران ركزت االستراتيجية األمريكية على امكانية استيعاب إيران ضمن نسق المنظومة اإلقليمية وقد عھد لدول الخليج جزء كبير من ھذه المھمة وعلى رأسھا السعودية وكذلك النظام المصري خاصة في ظل صناعة عدو جديد في المنطقة وھو النظام العراقي والذي توجھت له كل سھام العداوة وقد قامت نظم الخليج بدورھا في حصار العراق بأحسن ما تقضي التوجيھات األمريكية بل والتدخل في إدارة األزمة وترتيب البدائل كالعمل في البيئة الكردية حتى تكون منطلقا للتغيير في العراق ،وفي ظل ھذه السياسة التي أطلق عليھا األمريكان سياسة االحتواء المزدوج تمدد الھالل الشيعي ووجد له حاضنة إقليمية ممتازة وكان من أكبر البرامج التي ركز عليھا النظام اإليراني في ظل استراحة التسعينيات أربعة برامج رئيسة البرنامج األول بناء المفاعالت النووية والذي بدأ عام ١٩٩٥م والثاني تجھيز بدائل الحكم الشيعية للعراق والثالث ترتيب أوراق النظام النصيري السوري باتجاه وراثته والبرنامج الرابع بناء القوة العسكرية في لبنان. المحطة الثانية :التطبيع مع إسرائيل والسعي إلنھاء الصراع وقد سارت ھذه االستراتيجية التي رعاھا األمريكان ضمن مسارات متعددة كان من أھمھا اتفاقية أوسلو والتي جاءت ردا على تسارع وتيرة األداء الجھادي الفلسطيني فلم يكن أمام األمريكان واليھود إال استنساخ النظام العربي الفلسطيني لكي يؤدي واجبه فيما فشلت فيه إسرائيل وقد كان لدعم نظم الخليج وبقية النظام ٥
العربي الدور األبرز في دعم تلك االتفاقية خاصة في توفير الدعم المالي ولكن أخطر البرامج ضمن عقد التسعينيات ھو التشديد على األداء الجھادي الفلسطيني ومحاصرته ماديا وأمنيا وتجفيف منابعه خليجيا ولم تتوان نظم الخليج في أداء دورھا في ھذه الحلقة خاصة بعد مؤتمر شرم الشيخ الشھير عام ١٩٩٦م بقيادة الرئيس األمريكي بيل كلنتون والذي تم تدشين مصطلح اإلرھاب فيه ،وفي ھذه المحطة تواصلت دول الخليج قاطبة مع إسرائيل ضمن برنامج التطبيع سرا أو جھرا ومن لم يلتق بھم تحت الغطاء الرسمي المباشر التقاھم عبر المسارات األخرى األمنية والثقافية وحوار الحضارات. المحطة الثالثة :محاصرة العمل اإلسالمي بكل ألوانه وتجفيف منابعه وبناء على مقتضيات الرؤية األمريكية بتجفيف ومحاصرة كل أنواع التأثير اإلسالمي سواء في بعده الدعوي والعلمي أو في بعده السياسي أو في بعده الجھادي فقد تسابقت نظم العرب ومنھا نظم الخليج في القيام بواجباتھا ضمن ھذه الرؤية وخضعت نظم الخليج األمنية وكذلك العربية لنظام زين العابدين بن علي فكان وزراء الداخلية ورؤساء أجھزة األمن يجتمعون تحت إمرته بشكل منتظم طوال العقدين األخيرين فتم الزج بالمشايخ والدعاة في السجون وتم غل كل المؤسسات الدعوية واإلعالمية في المنطقة ومن أخطر البرامج التي طبقت في ظل ھذه الرؤية ما أطلق عليه بالعمليات األمنية القذرة والتي تھدف إلى التدخل الھيكلي في مسار الجماعات اإلسالمية إما بحرفھا عن مسارھا وتشتيتھا وإما بإعادة تشكيل قناعاتھا وإما باختراقھا وتوجيھھا ولم تختلف سجون نظم الخليج كثيرا عما يؤديه حسني مبارك وبن علي وبشار األسد. ولعل من أوضح األدوار السلبية التي لعبتھا نظم الخليج تدخلھا في إدارة الحراك الجھادي الذي عم شعوب المسلمين المضطھدة خالل عقد التسعينيات ومنه الجھاد في طاجيسكتان وأرتريا والبوسنة والفلبين وكوسوفا والشيشان ونتيجة الرتھان إرادة نظم الخليج لألجندة األمريكية فقد لعبت تلك النظم أدوارا سلبية أدت إلى تشتت األداء الجھادي وامتصاص آثاره خاصة عبر التدخل األمني وتجفيف منابع الدعم. المحطة الرابعة :تھميش الشعوب الخليجية وعدم استثمار المالءة المالية لتأمين المستقبل فقد بقيت نظم الخليج تدير المنطقة باستراتيجية ملء البطون طوال عقود دون أن تتمكن من إشراك الشعوب في تقرير مصيرھا ومستقبلھا ودون أن يكون للشعوب أدنى دور في ترتيب شؤونھا فعلى المستوى السياسي لم يسمح بأ ي نوع من الممارسة السياسية الشعبية ولم تتمكن المنطقة من الوفاء بأدنى مستوى من معايير الممارسة الديموقراطية وفي ظل تلك السياسة تم منع الناس والنخب من التعبير الحر في وسائل اإلعالم ولم تتحرك النظم قيد أنملة في سد الفراغات االستراتيجية واألمنية الضخمة التي تعانيھا المنطقة خاصة مع ارتفاع المھددات ٦
فھي وكمثال على سوء األداء انتبھت اآلن إلى خطورة المد والنفوذ الشيعي في المنطقة وبعد أن دخلت إيران عھد التمدد النووي وبعد أن أسلمت نظم الخليج العراق كھدية إليران تأتي لكي تنادي باتحاد كونفدرالي بين دول الخليج ال يسمن وال يغني من جوع. وأما على المستوى االقتصادي فقد غابت كل أسس التخطيط االستراتيجي الذي يؤمن مسارات األمم المستقبلية ويستغل مالءتھا المالية ففي غياب الشفافية والمحاسبة على الثروات واعتبار مداخيل المنطقة من البترول مصاريف جيب لالسر الحاكمة تُعطي منه الشعوب النزر اليسير ثم وبكنز الثروة الھائلة للمنطقة فيما سمي بالصناديق السيادية المرھونة لدى النظام المالي العالمي وبتسخير تلك المدخرات في دعم المغامرات األمريكية العسكرية واالقتصادية فإن المستقبل االقتصادي غير واضح المعالم على أقل تقدير. وفي غياب استثمار المالءة االقتصادية لتحقيق دورة اقتصادية ال يكون البترول ھو كل شيء فيھا ونتيجة للتركيز على التضخم العقاري كمحرك للسوق وإدخال نظام البورصات العالمي الذي ثبتت خطورته على اقتصاديات السوق وغياب التكامل االقتصادي على المستوى العربي واإلسالمي لمواجھة الفجوة الغذائية والفجوة المائية القادمة واللتان تھددان العالم تقف شعوب الخليج في مفترق طرق وليس بيدھا أي رؤية للتعامل مع الوضع ناھيك عن المستقبل. عقد العشرية األولى تميزت ھذه العشرية بما أطلقت عليه امريكا الحروب االستباقية والتي كان الھدف منھا تأكيد السيطرة األمريكية وتأكيد خروجھا التام من النظام القطبي المتعدد وكانت ١١سبتمبر والصدمة التي خلفتھا على المستوى األمريكي والعالمي ھي المشجب الذي علق عليه جورج بوش وفريقه كل أسباب ذھابه لحرب)الدونكيشوت( حيث تخيل له أن ضرب أضعف الشعوب والمواقع في األرض سوف يتيح له سيطرة كاملة عليھا لكنه لم ينتبه للجينات الوراثية التي يحملھا المسلمون من عقيدتھم وتاريخھم فكان حتف أمريكا وإبطال سحرھا في العراق وأفغانستان. وما يھمنا في ھذا المبحث الوقوف على أداء نظم الخليج في ھذه العشرية وسوف يكون التوقف باألحداث الكبرى حادث ١١سبتمبر وغزو أفغانستان ھو عنوان العقيدة األمريكية الجديدة والتي لھا اتجاھان اتجاه السيطرة العالمية واالتجاه اآلخر ھو التخويف من مستقبل المسلمين وخطورة استخدامھم للجھاد للدفاع عن أنفسھم وتحت عناوين ھذه العقيدة عمل فريق جورج بوش وكان من ٧
أبرز داعميه والملتحقين به نظم الخليج ونظم العرب عموما وقد عملت أمريكا بأساليب الطغاة في تاريخ البشر عبر محاوالت السيطرة على عقول األمم ورفع شعار فرعون )ما أريكم إال ما أرى(اآلية ومن أخطر ما استخدمته اآللة الدعائية واألمنية األمريكية ما عرف باستراتيجية العمليات القذرة ومنھا السجون السوداء ورفع مستوى االنتھاكات إلى مستوى غير مسبوق من التھديد والتخويف والرمزية كرمز جوانتانامو ورمز تعرية أجساد المخالفين وانتھاك أعراضھم وتسليط برامج منتظمة من الضغوط بغية تغيير عقيدتھم وقد ساعدت نظم الخليج في ھذا االتجاه كثيرا وسخرت امكانياتھا لدعم البرنامج األمريكي حتى أظھر جورج بوش رضاه الكامل عن ذلك األداء عندما زار المنطقة مودعا عام٢٠٠٧م. كما تماھت نظم الخليج مع االستراتيجية األمريكية في غزوھا ألفغانستان عبر عدة برامج داعمة ومنھا دعم العميل الذي نصبته أمريكا في كابل ومنھا تجميل وجه سمي ببرامج إغاثية تسوق للوجود األمريكي لدى الشعب األفغاني أمريكا القبيح بما ُ وتبرره. غزو بغداد ٢٠٠٣م ويعجز القلم عن وصف ھذه اللحظة الزمنية الفارقة التي أظھرت مدى العجز الذي وصلت له األمة المسلمة بملياريھا وعدم قدرتھا على وقف آلة القتل والدمار األمريكي وھي تعيث بالعراق فسادا ولكن األصعب في اللحظة كلھا تجند العرب كلھم خلف الغازي الصليبي وخاصة نظم الخليج التي أسھمت في شرعنة الغزو األمريكي وباشرت تسليم العراق لقمة سائغة للدولة الشيعية المتربصة؟ فما الذي تركته عملية غزو بغداد ومشاركة نظم الخليج فيه مع غيرھا من تجمع الراغبين كما سماھم جورج بوش وذلك على المعادلة المنكسرة في المنطقة أصال؟ إنھا اآلثار ال ُم ّرة التالية: ·كسرت عملية غزو بغداد آخر ما تبقى من حلقات النظام األمني العربي المھلھل ْإذ أخرجت العراق بكل ثقله من المعادلة السياسية واألمنية في المنطقة. ·وفتحت الباب واسعا النتقال كل من المشروع الفارسي والمشروع اليھودي إلى عھد جديد ولكي يتناوشا في ظله سقوفا استراتيجية أعلى من ذي قبل وھو ما يؤھلھم للتمدد في كل االتجاھات وأخطر النتائج في ھذه المسألة تواصل الھالل الشيعي واكتمال حلقاته إيران فالعراق فسوريا فلبنان. ·وفتحت الجزيرة العربية على أعتى رياح التغيير االستراتيجية والتاريخية دون أن تكون نظم الخليج قادرة على توفير حماية حقيقية ألقدس بقاع المسلمين وال حماية ثروتھا االستراتيجية النفط.
٨
·وجعلت إيران العبا متفردا في اإلقليم مما يھدد بامكانية تجاوز إيران لكل الثوابت في المنطقة أو للمضي نحو تفاھم مع األمريكان واليھود تضيع على ھامشه كل مصالح العرب العليا. ·وفتحت الباب على مصراعيه إلعادة تشكيل المنطقة وتفتيتھا سواء على أسس عرقية أو مذھبية. ·فتحت األبواب على مصراعيھا للتطبيع مع اليھود وھضم دويلة إسرائيل ضمن المنطقة وما ترتب على ذلك من فرض األمريكان واليھود على النظم العربية بالتخلص من الجھاد الفلسطيني في الداخل وعليه جاءت مبادرة األمير عبدﷲ باالعتراف الكامل بوجود إسرائيل مقابل دولة منزوعة السالح وقابلة للحياة فقط كما يصفھا الغرب وقد تكامل أداء اليھود وأداء األمريكان وأداء النظم العربية وعلى رأسھا نظم الخليج لتحييد حماس والمجموعات األخرى وإخراجھم من اللعبة فقامت إسرائيل بتصفية %٩٠من الصف العقائدي الحمساوي األول ثم قام النظام العربي باختراق صفوف الماجھدين الفلسطينيين عبر إغرائھم بالموافقة على مبادرة األمير عبدﷲ ودخولھم في انتخابات السلطة الفلسطينية التي تستمد شرعيتھا من النظام اإلسرائيلي ذاته! وتم ذلك بإشراف رمز غير عادي ھو الرئيس األمريكي كارتر والذي رعى من قبل اتفاقية كامب ديفيد! فكان حضورا رمزيا خطيرا ،وعندما لم تقبل حماس أن تدخل في القفص بكاملھا قامت طائرات إسرائيل بدك غزة بأطنان من أخطر ما في الترسانة العالمية ذلك بنھاية عام ٢٠٠٨م. حربي إسرائيل ) لبنان وغزة ( ٢٠٠٨-٢٠٠٦ منذ أن رفرت رايات أحمدي نجاد وفوزه الكاسح في االنتخابات الرئاسية اإليرانية عام٢٠٠٥م اتضح جليا أن شھر العسل الطويل ما بين المشروع األمريكي والمشروع الفارسي قد انقضى وأن سنة ﷲ عز وجل في تدافع المجرمين بعضھم ببعض قد دقت باسفينھا بينھم وال عزاء للحالمين في النظم العربية ونظم الخليج على وجه الخصوص التي نامت طويال واستيقظت على انكشاف التقية الشيعية عن وجه خطير ومستو ٍل على االقليم من كل جوانبه. وعندھا بدأ األمريكان واألوروبيون وربائبھم اليھود يعيدون ترتيب أوراقھم المھلھلة في منطقة الشرق األوسط ولكن القطار قد فاتھم لألسباب التالية: ·قطعت إيران شوطا كبيرا في وضع يدھا الثقيلة على مفاصل المنطقة العربية حتى غدت معادلة ال يمكن تغييرھا عبر وسائل النظام الدولي الممزق. ·لعبت إيران على ھواجس القوى الشرقية الصين وروسيا لعبا ممتازا ووضعت خدماتھا في الجغرافيا السياسية بين أيديھما حتى إذا تبين لالمبراطورين أن أمريكا
٩
لم تعد قادرة على أداء دورھا القطبي األحادي خرجا عن صمتھما وقاال ال ويالھا من ال! ·وظفت إيران مشاركتھا ألمريكا في غزو بغداد واستثمرت وضع الموالين لھا في بغداد إلى آخر مدى فمتى سارت األمور باتجاه استراتجيتھا أمرت أولياءھا العراقيين بتخفيف الضغوط وإذا تعقدت العالقات بينھا وبين أمريكا ضربتھم من خالل الخاصرة العراقية والعراق بالنسبة ألمريكا كاالبن العاق طعامه من أمريكا ووالؤه إليران. ·مارست كال من إيران وأمريكا لعبة القط والفأر في كل مواقع التمدد الشيعي في اإلقليم وكانت أوضح تلك المواقع لبنان بعد العراق ولم تفلح كل أالعيب أمريكا في تقليص حجم النفوذ اإليراني في لبنان فكان التدخل اليھودي بما سمي حرب تموز عام٢٠٠٦م وخروج سوريا من لبنان ومقتل الحريري قبل ذلك ولكن دون ان ينتصر طرف على طرف ونظم الخليج ھي الممولة لكل تلك المسرحيات. ·لم يفلح عسل السلطة الفلسطينية في انتزاع حماس من أحضان إيران وإخراجھا عن مسارھا الجھادي فتدخلت اآللة العسكرية اليھودية مرة أخرى لكسر المعادلة وفرض الشروط وإذا كان الدفع من الدم العربي والمال العربي فمن يھتم في ھذا العالم؟ ·وأخيرا جاء األداء الجھادي في العراق وأفغانستان متسقا مع سنن التدافع وكسر المعادالت الدولية فقد أديا إلى ضعضعة المارد األمريكي وكشف قدرته الحقيقية على النزال ،كما أدى اإلنفاق األمريكي الھائل على الحربين إلى انكشاف مالي خطير حتى تدحرجت كرة الثلج في النظام المالي العالمي المتشابك لكي تنھار أسواقه المالية في زلزال لم تشھد له الدنيا مثيل ،وكعادة نظم الخليج تسارع إلنقاذ السادة وتضع الصناديق السيادية تحت التصرف لكي تخفـف من حدة الخسائر وتدفع بورصات الخليج نصيبھا المستحق أيضا. ثالثا :نظم الخليج والربيع العربي؟ وكما أذن الرب تباركت أسماؤه بتدافع فارس والروم على عھد النبوة ثم أذن عز وجل بخروج العرب على غير ميعاد ال في التاريخ وال في الجغرافيا وتقدمھم نحو ھدم النظم المستقرة في األرض لقرون خلت ،فكذلك خرجت أجيال العرب المحدثون لكي تزيد من حيرة العالم والمراقبين فجماھير ال تملك قوت يومھا تصطف لكي تواجه أعتى ما زرعه البريطانيون والفرنسيون ورعاه األمريكون بعد ذلك من نظم قمعية في مشھد حبس أنفاس البشرية وفي مدة زمنية محدودة إذا بفراعنة العرب تحت األقدام.
١٠
وفي معرض محاولة الوقوف على دور نظم الخليج في التعاطي مع الربيع العربي يمكننا أن نالحظ ما يلي: ·ال تخلتف التركيبة البنيوية لنظم الخليج عن نظم العرب عموما إال أن إشباعھم للبطون يُـشھد له كما شھد الناس من قبل لحاتم الطائي ،وأما القواسم المشتركة بين النظم السياسية العربية فال تخطؤھا العين وأخطرھا مواالة أعداء المسلمين ولكن ضعف البنية العلمية والفكرية في منطقة الخليج لم تكن لتسمح بالحراك الثقافي والسياسي كما ھو الحال في العراق ومصر والشام وشمال إفريقيا فلم تضطر نظم الخليج لممارسة القمع األمني والفكري بنفس الدرجة التي مارستھا األنظمة العربية األخرى ولكن التحول األخطر حدث مع محاوالت أمريكا سد الفراغ الدولي الناتج عن سقوط االتحاد السوفيتي وقبول دول الخليج لممارسة أدوار قوية ومباشرة لدعم االمبراطور األمريكي وھكذا تسربت نفس السياسات األمنية المطبقة عند بقية النظم العربية منذ عام ١٩٩١م. ·كما أفزعت الثورات العربية أمريكا فإنھا بال شك أفزعت وبدرجة أكبر مواليھا من نظم الخليج وتحت ضغط التحوالت الثورية سارعت أمريكا لتوظيف امكانات نظم الخليج في إدارة وتوجيه )أزمة( الثورات العربية وقد عملت أنظمة الخليج على عدة مسارات للتعامل مع الثورات العربية فكان مسار التعطيل الكامل في بداية األمر فلما لم تفلح المحاوالت انتقل األمر إلى اإلدارة األمنية والسياسية واإلعالمية وكانت أوضح المشاركات وأوقواھا ما تمثل في المبادرة الخليجية لتبريد وإدارة الثورة اليمنية والتي تشكل تھديدا مباشرا لنظم دول الخليج من المنظور األمريكي والمنظور الخليجي معا. ·وتدخلت دول الخليج في إدارة الثورة الليبية عبر كل المسارات السياسية واألمنية واإلعالمية وجاء تدخلھا مستظال بالسياسة األمريكية التي استبقت األحداث وسجلت تدخال في توجيه الثورة الليبية بدال من التفرج عليھا كما كان الحال في الثورة التونسية والمصرية ويعد نجاح الفرق العاملة تحت اإلشراف األمريكي في نتيجتين رئيسيتين األولى تقديم كباش الفداء )حسني بن علي صالح(والحفاظ على أصل النظام السياسي في كل من تونس ومصر واليمن واألصل ھنا المرجعية األمنية والعسكرية للنظام ،وأما النجاح الثاني فتمثل في تبريد الثورة الليبية وسوقھا إلى حيث تشتھي اإلدارة األمريكية واألوروبية. ·وكان األمر مغايرا في التعامل مع الثورة السورية إذ أنھا متعلقة بالملف اإليراني فلم يكن لنظم الخليج إال أن تستجيب لالستراتيجية األمريكية في إدارة األزمة السورية وھي تسير على مسارين أساسيين ،المسار األول :استثمار الثورة السورية في تمتين الشرعية في عيون جماھير األمة من خالل طرح نظم الخليج نفسھا كحامية ومدافعة عن أھل السنة تجاه التغول والتھديد الشيعي وھي التي سلمت العراق لقمة سائغة لھم من قبل! وأما المسار الثاني :فھو استثمار األزمة ١١
السورية لتحسين شروط التفاوض مع إيران وإعادة إنتاج أمريكا لدورھا العالمي المميز ولھذا وجدنا األزمة تراوح في مكانھا حيث ال بواكي ألھل الشام في ردھات األمم المتحدة والنظام العربي عدا البكاء في القنوات الفضائية. وقد أوقعت نظم الخليج نفسھا في ورطة كبيرة ھذه المرة فالنظام الدولي قد حدث فيه تحول خطير جعل أمريكا تخضع للفيتو الروسي الصيني المشترك وھو ما يجعل إيران في وضع مرتاح إلدارة األزمة كما أن اصطفاف نظم الخليج المباشر في خانة أعداء إيران يجعلھا أول المواقع المستھدفة من قبل إيران في حال خرجت األمور عن السيطرة ،ولھذا فإيران تستخدم الحراك الشيعي في البحرين لكي تفاوض به دول الخليج فيما يخص موقفھا من الثورة السورية فأصبحت كبالع الموس. ·ومما يھدد واقع دول الخليج خاصة أصحاب الوزن الثقيل نسبيا وھي السعودية وعُمان أنھا لم تتمكن من تفھم وال إدارة أسباب الربيع العربي التي تمتد لكي تتجاوز الحدود ومن أھمھا انعدام أدنى مستويات الحقوق والمشاركة الشعبية وغياب الشفافية في إدارة الشعوب ووصول األخطار االستراتيجية حدا يھدد الوجود الكلي لھذه المجتمعات يقابل ذلك ممارسات خجولة ال تمت للتطورات بصلة فيما يخص محاولة نظم الخليج في امتصاص التحوالت أو مواجھة األخطار كما ھو موضوع إعالن اتحاد يجمع دول الخليج. رابعا :األسئلة األشد إلحاحا؟ ـلح األول :ھل بوسع نظم الخليج أن تعيد بناء الثقة بينھا وبين شعوبھا السؤال ال ُم ّ خاصة األجيال الجديدة وأن تغير من مرتكزات معادلة النظم العربية بشعوبھا والتي امتدت لعقود خلت لكي تستخدم ناتج ھذه العالقة الجديدة في مواجھة األخطار واالستحقاقات التاريخة التي وصلتھا بأقدامھا وبما جنته أيديھا؟ وھل بقي من عمر األنظمة وزمن التحوالت ما يسمح بالقيام بھذا الدور؟ ـلح الثاني :ھل تملك نظم الخليج من األدوات الفكرية االستراتيجية ومن السؤال ال ُم ّ الرؤية التاريخية العقدية ما يؤھلھا للتعامل مع التطورات العالمية واالقليمية باتجاه مصلحة الشعوب فضال عن مصلحة األمة ككل؟ وھل تملك القدرة على تجاوز العداوات البينية فيما بينھا أصال؟ ـلح الثالث :ھل بإمكان نظم الخليج أن تعيد إنتاج وتجديد نظامھا السؤال ال ُم ّ السياسي حتى تتالقى مع متطلبات التغيير في األمة وفي العالم وھل تنبيء ھيكلتھا الحالية بقدرة وبأمل للقيام بھذه المھمة؟ ـلح الرابع :ھل بإمكان نظم الخليج أن تخرج من دائرة الھيمنة الغربية السؤال ال ُم ّ والتوظيف في الفناء األمريكي الخلفي لكي تتالقى مع متطلبات الشعوب واألمة باالنعتاق من ھذه الھيمنة؟ ١٢
ـلح الخامس :ھل بامكان نظم الخليج بعد أن فرطت ولمدة عقود في أن السؤال ال ُم ّ تعيد صياغة المنطقة بشعوبھا وبمقدراتھا لكي تواجه التحديات العالمية واالستحقاقات التاريخية؟ فضال عن أن تشرك بقية الشعوب العربية معھا لمواجھة تلك التحديات؟ )وﷲ يقول الحق وھو يھدي السبيل(اآلية٢٠١٢/٤/٢٦،،،
١٣