متالزمة حسني بن علي )حتمية السقوط( بقلم /حسن أحمد الدقي كاتب من اإلمارات ْ يتخذ ولداً ولم ي ُكن له شري ٌ ك في الملك ولم يكن له وليٌّ من )وقُ ِل الحم ُد الذي ل ْم الذ ِّل وكبِّرهُ تكبيرا(اإلسراء) ،١١١:ولم ت ُكن ل ُه ٌ 1وما كان فئة ينصرونه من ُدون ِ الحق ھو خي ٌر ثوابا ً وخي ٌر ُع ْقــبا(الكھف ،٤٣-٤٢:وأصلي الوالي ُة ِ ُمنتصرا ،ھنالك َ وأسلم على سيد األولين واآلخرين وبعد: فيطيب للمرء المسلم أن يطيل التأمل وأن يذھب بعيدا في استلھام العبر وھو يرى سنن 1عز وجل تتحقق عيانا بعد أن آمن وصدق بما جعل 1عز وجل فيھا من 1في الذين َخلَوا من قبل ولن تجدَ لس َّن ِة 1 وجوب التحقق )سن َة ِ تبديال(األحزاب ،٦٢:ولعل مما يوجب العجب في حال النظم السياسية وما تلبست به من سقوط متتابع ھو خضوع الساقطين لنفس المراحل وتشبثھم بنفس نوع األداء على ما بينھم من فروق ظاھرة في الظروف والمعطيات! وقد وقف المراقبون مذھولون من دقة مراحل السقوط وتشابھھا فالساقطون يبدأون مسيرتھم السريعة نحو الھاوية بتجاھل الثائرين واإلعراض عن رؤية فوران السيل وھو يتشكل ،ثم ما يلبثوا أن يدخولوا في المرحلة الثانية وھي االستھزاء واإلنتقاص من قدرة الثائرين ووصفھم بكل نعوت النقص والعمالة ثم تبدأ المرحلة الثالثة وھي القمع الشديد مع ١
أنھم يرون بأم أعينھم كيف أدى استخدام النظم الساقطة للقمع إلى دفع الثورة للقمة والفوران األكيد ،ثم ما يلبثوا في المرحلة الرابعة وبعد أن تفرض الثورة وجودھا وتكتسب مساحات معتبرة أن يلبسوا جلود الضأن على فراء الذئاب ويتحدثوا بخطاب حلو متفھِّم وعند ھذا الحد سرعان ما يقذف الساقطون أنفسھم في المرحلة الخامسة وھي باب مزبلة التاريخ كما يطيب للثائرين أن يصفوھا ،فياللعجب! كيف ينزلقون كلھم إلى نفس الھاوية ويسيرون في ذات الطريق وال يلحظون اإلشارات الحمراء الخطيرة المحذرة؟ وكيف يستعد النظام تلو اآلخر للدخول في شوط السباق وھو يعلم أن أخاه قد سبقه إلى الھاوية فال ينصت لھدير الشعوب وھي تلوّ ح بسوط شرف الساقطون بأنفسھم وبأيديھم وبمساعدة أركان العقاب التاريخي؟ وكيف ُي ِ حكمھم على نسج نھايتھم المحتومة؟ فكأن الطاغوت منھم :مسافر يرتب حقيبته على عجل وصوت السقوط يناديه ويستحثه! فأي سوط يسوقه وأي معادلة تتحكم فيه؟ في ھذا المقال المختصر سأحاول أن أجيب على تلك األسئلة المل ّحة بقدر ما يفتح 1 عز وجل من علم وفھم من كتاب 1وسنة نبيه صلى 1عليه وسلم وما تلقيناه من مشايخنا جزاھم 1عنا كل خير فأي علم وأي فھم إن لم يكن في ظاللھما وأي التماس لحكمة إن لم تكن على شواطيء الكتاب والسنة؟ وليسمح لي األخوة الكرام أن أسمي ما يحدث للطغاة ھذه األيام بمتالزمة السقوط السنني أو )متالزمة حسني بن علي( أخذا مما ُعرف في عالم الطب بالمتالزمة: والتي ع ّرفھا المتخصصون في الطب بأنھا مجموعة من العالمات واألعراض التي غالبا ما تحدث معا ،والتي تعكس وجود مرض معين أو زيادة الفرص لتطوّ ر مرض معين ـ نسأل 1لنا وللمسلمين العفو والعافيةـ وھناك كثير من المتالزمات لعل من أشھرھا متالزمة نقص المناعة المكتسبة )اإليدز (AIDSوھي كلمة متكونة من أربعة كلمات أجد من لزوم ماال يلزم اإلشارة إلى كلماتھا باإلنجليزية ومعانيھا فالكلمة األولى A: Acquired :مكتسب والكلمة الثانية I: Immune :مناعة والكلمة الثالثة D: Deficiency :نقص والكلمة الرابعة S : Syndrome :مجموعة أعراض أو متالزمة ويمكن اكتشاف ھذا المرض الخبيث من خالل طريقتين األولى أن يالحظ الطبيب ظھور أعراض متسلسة ومترابطة على المريض تدل على احتمال كبير بوجود
٢
المتالزمة وأما الطريقة الثانية التي يمكن من خاللھا الجزم بوجود المرض من عدمه فھو التحليل المخبري. وبالعودة إلى متالزمة حسني بن علي والتي وضعت اسمھا تقليدا لما عُرف بتسمية المتالزمة في عالم الطب نسبة إلى مكتشفھا أو نسبة إلى الحروف األولى المكوّ نة لھا فإننا سنجد أن األعراض والمراحل التي تمر بھا النظم السياسية حتى تسقط ھي مراحل وأعراض متشابھة وتكاد تنطبق في الحاالت المختلفة ظاھريا انطباقا كبيرا ومدھشا فمالذي يتحكم في ھذا النوع من السقوط؟ إنه الوقوع في السنن والتي أخبرنا بھا وبنتائجھا الرب تباركت أسماؤه في كتابه العزيز وأخبرنا بھا رسول 1صلى 1عليه وسلم في حديثه الشريف وما يترتب على ذلك من مخرجات حتمية ومن ھذه السنن: أوال :مواالة اليھود والنصارى ارى أَ ْولِ َيا َء ص َ ِين آ َم ُنوا ال َت َّتخ ُِذوا ْال َيھُو َد َوال َّن َ أخذا من قوله عز وجلَ ) :يا أَ ُّي َھا الَّذ َ 1ال َي ْھدِي ْال َق ْو َم َبعْ ُ ض ُھ ْم أَ ْولِ َيا ُء َبعْ ٍ ض َو َمنْ َي َت َولَّ ُھ ْم ِم ْن ُك ْم َفإِ َّن ُه ِم ْن ُھ ْم إِنَّ َّ َ َّ ون َن ْخ َشى أَنْ ُتصِ ي َب َنا ِيھم َيقُول ُ َ ارع َ ِينَ ،ف َت َرى الَّذ َ الظالِم َ ُون ف ِ ِين فِي قُل ُ ِ وب ِھ ْم َم َرضٌ ُي َس ِ َدائ َِرةٌ َف َع َسى َّ ُ 1أَنْ َيأْت َِي ِب ْال َف ْت ِح أَ ْو أَم ٍْر مِنْ عِ ْن ِد ِه َفيُصْ ِبحُوا َعلَى َما أَ َسرُّ وا فِي أَنفُسِ ِھ ْم ِين( المائدة٥٢-٥١: َنا ِدم َ وھو بالء ومرض ال عالج له البتة إال بتوبة شاملة تامة ومن أخطر آثار ھذا البالء بالضرورةوقوع ال ُم َتولّين لليھود والنصارى في بالء تابع له ومالزم وھو العمل ضد المصلحة العليا لألمة المسلمة بدليل قوله عز وجل في نفس اآلية) :ومن يتولھم منكم فإنه منھم( فقد أورد القرطبي في تفسيرھا قوله :ومن يتولھم منكم أي :يعضدھم على المسلمين فإنه منھم ب ّين تعالى أن حكمه كحكمھم. وھذا ما وقعت فيه النظم السياسية الحاكمة في العالم اإلسالمي والعالم العربي فلما مضوا في ھذا السبيل وھو معاضدة الكفار ومظاھرتھم على المسلمين كما حصل في أفغانستان والعراق وقبل ذلك في فلسطين كان البد أن يقعوا فيما يترتب عليه والذي يترتب عليه قوله عز وجل) :فعسى 1أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسرّ وا في أنفسھم نادمين(اآلية.وھذا الذي شاھدته الدنيا بأسرھا من سقوط األنظمة إنما ھو أمر من عنده عز وجل ْإذ لم يكن في الشعوب من المؤشرات والمقدمات ما يدل على قدرتھا على ھذا النوع من التغيير والتطلع له بعد أن رزحت تلك الشعوب تحت حكم الظالمين دھورا فتأمله فھو جدير بذلك. ٣
وقد ترتب على موضوع مواالة الكفار من اليھود والنصارى تحقق انھيار أربعة أركان مما تقوم وتنھض به األمة المسلمة أما الركن األول الذي انھار فھو مرجعية الشريعة اإلسالمية احتكاما والتزاما وأما الركن الثاني الذي انھار فھو وضع الجھاد في موضع التنفيذ متى احتاجته األمة المسلمة وأما الركن الثالث الذي انھار فھو قدرة النظم السياسية على النظر في المصلحة العليا لألمة وأما الركن الرابع الذي انھار فھو حتمية استقالل األمة المسلمة عن تدخل أمم الكفر في شؤونھا ،وھو الذي يفسر عدم قدرة النظم السياسية على تحقيق أدنى مستوى من مستويات النھضة والقوة واالستقالل للعرب وللمسلمين طوال القرن العشرين الميالدي وما تاله حتى اآلن.
ثانيا :قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس وذلك أخذا وفھما من قوله عز وجل) :إن الذين يكفرون بآيات 1ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرھم بعذاب أليم ،أولئك الذين حبطت أعمالھم في الدنيا واآلخرة وما لھم من ناصرين(آل عمران٢٢-٢١: وھاتين اآليتين وإن نزلتا تقص ما كان من أعمال بني إسرائيل في قتل أنبيائھم وقتل اآلمرين بالمعروف والناھين عن المنكر لكن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب فحكم من يقتل اآلمرين بالقسط من الناس ھو ما اخبر به الرب تباركت اسماؤه من حبوط العمل وانتفاء النصرة لھم باي شكل من األشكال وھو ما يالحظ في سقوط األنطمة المتجبرة ھذه األيام فقد امتنعت عليھم النصرة من كل األنحاء خاصة وأن من كان ينصرھم أو يعد بنصرتھم وھو النظام األمريكي قد انغلقت أمامه امكانية التحرك لنجدة عبيده السباب كثيرة فتركھم لمصيرھم المحتوم! ونحن ھنا في غنى عن القول والتذكير بمن قتلتھم األنظمة السياسية من علماء األمة اآلمرين بالمعروف الناھين عن المنكر من سيد قطب المصري إلى مروان حديد السوري إلى غيرھم كثير وھم ألوف مؤلفة ال يحصيھم وال يعلمھم إال الحفيظ العليم.
ثالثا :التفنن في تعذيب الناس وذلك أخذا من قوله صلى 1عليه وسلم :عن أبي ھريرة قال :قال رسول 1صلى 1عليه وسلم :صنفان من أھل النار لم أرھما قوم معھم سياط كأذناب البقر يضربون بھا الناس ونساء كاسيات عاريات مميالت مائالت رءوسھن كأسنمة ٤
البخت المائلة ال يدخلن الجنة وال يجدن ريحھا وإن ريحھا ليوجد من مسيرة كذا وكذا.رواه مسلم فھذا البالء الذي سنه النظام الناصري من تعذيب الشعوب المسلمة ومن ثم تعميمه على بقية النظم السياسية وتسليط أجھزة األمن على المجتمعات تستحل منھا ما حرم 1عز وجل من السجن والتعذيب والتفنن فيه حتى استعانت تلك األجھزة بآخر ما وصلت إليه أجھزة االستخبارات عند الكفار من شرق وغرب وشراء األدوات الالزمة بأموال المسلمين حتى تشكلت ملحمة تاريخية ھائلة ولعقود من الزمن في بالد المسلمين والعرب على وجه الخصوص حيث زج بالرجال في غياھب السجون فمنھم من أمضى قرابة الثالثين سنة وھو في العذاب ومنھم من مضى إلى ربه يشكو حال أمته على يد األنظمة الجبرية ،بل وبلغ الحال أن كافأ الكفار نظام زين الدين بن علي بأن جعلوه رأس األمر وقيادته مما أوجب على األنظمة العربية إرسال وزراء داخليتھا بشكل منتظم ومعھم رؤساء أجھزة أمنھا لكي يتلقوا التوجيه تلو التوجيه من ذلك النظام واتخاذه قدوة بما فعله في أھل تونس من فتنة وبالء لم يخطر على بال أشد المفسدين في األرض من المالحدة والبالشفة ،وللقراء أن يعجبوا معي :كيف أن االختالف الشديد والقطيعة شبه الكاملة بين األنظمة السياسية العربية لم تمنع من ائتالفھم على وزير داخلية بن علي وجھاز أمنه؟
رابعا :أكل أموال الناس بالباطل واستحالل الربا وذلك أخذا من قوله عز وجل) :فبظلم من الذين ھادوا حرمنا عليھم طيبات أحلت لھم وبصدھم عن سبيل 1كثيرا ،وأخذھم الربا وقد نھوا عنه وأكلھم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منھم عذابا أليما(النساء١٦١-١٦٠: وقوله عز وجل ) :يا أيھا الذين آمنوا اتقوا 1وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ،فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من 1ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم ال تظلمون وال تظلمون(البقرة٢٧٩-٢٧٨: يقول صاحب تفسير المنار الشيخ رشيد رضا عن اآلية األولى :وتقديم فبظلم على ح ّرمنا يفيد الحصر ،أي ُح ّرم عليھم ذلك بسبب الظلم ال بسبب آخر ،وقد أبھم ما حرم عليھم ھنا ؛ ألن الغرض من السياق العبرة بكونه عقوبة ال بيانه في نفسه ، كما أبھم الظلم الذي كان سببا له ؛ ليعلم القارئ والسامع أن أي نوع من الظلم يكون سببا للعقاب في الدنيا قبل اآلخرة)انتھى( ٥
ويقول اإلمام ابن كثير في تفسير قوله عز وجل)فاذنوا بحرب( :وھذا تھديد شديد ووعيد أكيد ،لمن استمر على تعاطي الربا بعد اإلنذار ،قال ابن جريج :قال ابن عباس :فأذنوا بحرب أي استيقنوا بحرب من 1ورسوله .وعن ابن عباس قال : يقال يوم القيامة آلكل الربا :خذ سالحك للحرب .ثم قرأ :فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من 1ورسوله).انتھى( وعليه فقد اجتمع الربا وأكل أموال الناس بالباطل المتمثل في المكوس )الضرائب( المنظورة وغير المنظورة والتصرف في ثروات المسلمين بغير ما أنزل 1لكي يشكل محقا تاما لما تدعي النظم من منجزات وسيطرة شبه تامة على األمة ومقدراتھا وفي زمن قياسي لم يكن يحلم به أكثر المتفائلين من المسلمين ولكنھا السنن. كما ترتب على أكل أموال الناس بالباطل أن 1عز وجل لم يبارك في تلك األموال المنھوبة ولم يبارك في الزعم بالمنجزات المكذوبة فلم تتمكن دولة عربية أن تتقدم في مجال اقتصادي واحد ولم تتمكن من منافسة األمم األخرى ال في الزراعة وال في الصناعة وال في التجارة إال بعض األسواق المصطنعة ھنا وھناك وما سمي بالمناطق الحرة التي أدخلت الخمور والزنا إلى بالد المسلمين. خامسا :إشاعة الفاحشة وذلك أخذا من قوله عز وجل) :إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لھم عذاب أليم في الدنيا واآلخرة و 1يعلم وأنتم ال تعلمون(النور١٩: ويورد القرطبي حول اآلية قوله :إن الذين يحبون أن يذيع الزنا في الذين ص ّدقوا با ورسوله ويظھر ذلك فيھم ) ،لھم عذاب أليم ( يقول :لھم عذاب وجيع في الدنيا)انتھى( فقد عملت أغلب األنظمة السياسية على إشاعة الزنا وما يتعلق به من فساد أخالقي ومن خالل أدوات كثيرة كالتغيير في الشرع من خالل قوانين األحوال الشخصية كما فعل نظام تونس البائد وغيره من األنظمة حتى عد العلمانيون ما حصل في تونس نموذجا ينبغي احتذاؤه في جميع بلدان المسلمين ،كما عملت األنظمة على إشاعة الفساد األخالقي عبر منع الحجاب والنقاب وتشجيع مسابقات الجمال كما حدث في مصر وغيرھا وعبر إشاعة االختالط في التعليم خاصة التعليم الجامعي وعبر تشجيع الفساد اإلعالمي واالنحطاط الفني في التلفزيون والسينما وعبر الزج بالمرأة في الجيش والشرطة وحتى البلدان التي يتحفظ أھلھا على ھذه الممارسات كالسعودية مارست حكوماتھا ھذا الفساد عبر دعم القنوات الفضائية الفاسدة كقنوات ٦
)روتانا( و)االم بي سي( وما أشبه وعبر تشجيع ودعم الفرق الفنية والمغنيين والمغنيات ،كما شجعت األنظمة السياسية تسھيل تعاطي الخمور في بالد المسلمين ولم تسلم جزيرة العرب من بالء الخمور أم الخبائث بل إنھا أحيطت بھا من خالل البحرين واإلمارات وعُمان وقطر وعبر فتح المجال لألندية الليلية والمھرجانات السنوية السينمائية والفنية وما أشبه من تشجيع الفساد األخالقي. سادسا :الفرعونية وذلك أخذا من قوله عز وجل) :إن فرعون عال في األرض وجعل أھلھا شيعا يستضعف طائفة منھم يذبح أبناءھم ويستحيي نساءھم إنه كان من المفسدين(القصص٤: ولقد وردت لفظة فرعون في القرآن أربعا وسبعين مرة ،ومن األدلة على أن فرعون ظاھرة بشرية تعاود الظھور مرة بعد مرة في تاريخ البشرية ما ورد عنه صلى 1عليه وسلم في أبي جھل بقوله :ھذا فرعون ھذه األمة .فتظھر تلك الصفات الفرعونية أو بعض منھا في فرعون أو في مجموعة من الفراعنة. فإذا وقفنا على النظم السياسية في العالم العربي واإلسالمي في مرحلتھا الجبرية ھذه وجدنا صفات الفرعون تتحقق بشكل أو بآخر في رؤوس تلك النظم ومنھا: ال ِك ْبر والجبروت :أخذا من اآلية السابقة ومن قوله عز وجل) :واستكبر ھو وجنوده في األرض بغير الحق وظنوا أنھم إلينا ال يرجعون ،فأخذناه وجنوده فنبذناھم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين(القصص٤٠-٣٩: التفرد بالرأي :أخذا من قوله عز وجل) :قال فرعون ما أريكم إال ما أرى وما ّ أھديكم إال سبيل الرشاد(غافر٢٩: محورية المُلك في مِصر :وذلك من قوله عز وجل) :ونادى فرعون في قومه قال ياقوم أليس لي ملك مصر وھذه األنھار تجري من تحتي أفال تبصرون(الزخرف ٥١:وقد كانت كل األنظمة العربية تنقاد لھذه المحورية ومن مصر تم تعميم الفكر القومي العلماني ومنھا تم تعميم النموذج األمني الباطش ومنھا تم تعميم النموذج اإلعالمي المتھتك إلى غير ذلك. عدم إبصار العاقبة :وذلك أخذا من قوله عز وجل) :فأتبعھم فرعون بجنوده فغشيھم من اليم ما غشيھم ،وأضل فرعون قومه وما ھدى(طه ،٧٩-٧٨:وھكذا فعلت النظم السياسية بأتباعھا من األجھزة األمنية والعسكرية والسحرة من رجال األعمال ٧
واإلعالميين فلم يتمكن أحدھم من أن يبصر العاقبة وھم ينزلقون إليھا حتى غشيتھم ثورة الجماھير وھم ال يبصرون.
سابعا :النفاق المستحكم: وذلك أخذا من قوله عز وجل) :يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز منھا األذل و العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين ال يعلمون(المنافقون،٨: فاألنظمة السياسية تعتقد تمام االعتقاد أن العزة لھم بينما ھم أذل الخلق على األرض إلى الدرجة التي سيطر عليھم فيھا اليھود والنصارى حتى اضطروا السترضائھم والجري وراءھم ومن ھنا نفى 1عز وجل عنھم العلم بعد أن نفى عنھم الفقه في اآلية التي قبلھا ،فلما انغلقى عليھم الفقه والعلم أصبح تدبيرھم تدميرا لھم ولجبروتھم وھم يعتقدون تمام االعتقاد أنھم منصورون ونصرھم قاب قوسين أو أدنى كما يقول القذافي االبن ھذه األيام وقد قالھا قبله حسني مبارك وبن علي وسوف يقولھا علي عبد 1صالح وأضرابه من عبدة األمريكان والموالين لليھود ،وھل كان بالء عبد1 بن ابي بن سلول إال مواالته لليھود؟
ومن صفات النفاق التي تلبست بھا النظم السياسية وإال فھي كثيرة: الفرح بالبالء في المؤمنين :أخذا من قوله عز وجل) :إن تصبك حسنة تسؤھم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وھم فرحون(التوبة٥٠: القعود عن الجھاد :أخذا من قوله عز وجل) :وإذا أنزلت سورة أن آمنوا با وجاھدوا مع رسول 1استئذنك أولوا الطول منھم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين، رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ُ وطبع على قلوبھم فھم ال يفقھون(التوبة ،٨٧-٨٦وقد اتضح ذلك من اليوم األول الذي أعلن فيه قيام دولة اليھود على أرض فلسطين فھم في انسحاب وھزيمة حتى وصلوا إلى الھرولة للتطبيع مع اليھود سرا وجھرا. العمل على تفريق الصف المؤمن :أخذا من قوله عز وجل) :فمالكم في المنافقين فئتين و 1أركسھم بما كسبوا أتريدون أن تھدوا من أضل 1ومن يضلل 1فلن تجد له سبيال(النساء ،٨:وقد عملت األنظمة بكل ما أوتيت من طاقة لتفريق صفوف المسلمين والدعاة على وجه الخصوص ووثائق األمن المصرية شاھدة على ذلك.
٨
ھذا ما يسره 1عز وجل من فھم وقراءة في واقع سقوط األنظمة السياسية السريع وانغالق الفھم والعلم والذين ال تلبث مسيرتھم حتى تقذف بھم على قارعة الطريق أو على مزبلة التاريخ كما طاب للثوار أن يصفوا نھاية حسني مبارك وبن علي وأضرابھم٢٠١١/٣/١٧ .
٩