الاعلام الاسلامي ضبط المصطلح وتأصيله الشرعيد. د عماد محمد رضا" علي التميمي

Page 1

‫اإلعالم اإلســــالمي‬ ‫ضبط المصطلح وتأصيله الشرعي من الكتاب والسنة‬ ‫إعداد الباحثان‬ ‫د‪ .‬إيمان " محمد رضا" علي التميمي‬ ‫د‪ .‬عماد " محمد رضا" علي التميمي‬


‫اإلعالم اإلسالمي‬ ‫ضبط المصطلح وتأصيله الشرعي من الكتاب والسنة‬

‫د‪ .‬عماد " محمد رضا" علي التميمي‬

‫إعداد الباحثان‬ ‫و‬

‫أستاذ مساعد – جامعة البلقاء التطبيقية‬

‫د‪ .‬إيمان " محمد رضا" علي التميمي‬ ‫أستاذ مساعد‪ -‬جامعة الدمام‪/‬كلية التربية‬ ‫حفر الباطن‪/‬قسم المناهج والتدريس‬

‫كلية الزرقاء الجامعية‬

‫‪1‬‬


Islamic media Adjust the term and inherently legitimate from the Quran and Sunna Abstract

This study aims to shed light on the Islamic media and determine the concept and adjust his term and frameworks, and the statement inherently legitimate through the use of the Quran and the Sunna of the vocabulary, and so to the media in Islam, the role of the president in effect in the life of the nation, and the formation of its culture, and the formulation of ideology, and stand in the face effacement media that dominates the media scene. Although the term media sense now - did not exist in the Qur'an nor in the Sunna, but the Qur'an and Sunna have used the words to close Deliberately in research to elucidate them, so we look at those vocabulary as much as possible, and a statement that, according to the semantics and the provisions, and we looked to light through the study and analysis.

:‫ملخص‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على اإلعالم اإلسالمي وتحديد مفهومه وضبط‬ ‫وبيان تأصيله الشرعي من خالل استخدام القرآن والسنة النبوية المطهرة‬

،‫مصطلحه وأطره‬

‫وتشكيل‬، ‫ وذلك لما لإلعالم في اإلسالم من دور رئيس في التأثير في حياة األمة‬،‫لمفرداته‬ .‫ والوقوف في وجه الطمس اإلعالمي الذي يسود الساحة اإلعالمية‬، ‫ وصياغة فكرها‬، ‫ثقافتها‬ ‫ورغم أن مصطلح اإلعالم بمفهومه الحالي – لم يرد في القرآن وال في السنة المطهرة إال‬ ‫بحيث تتبعنا تلك‬، ‫أن القرآن والسنة قد استخدما ألفاظاً قريبة عمدنا في البحث إلى استجالئها‬ ‫ وألقينا الضوء عليها من خالل‬، ‫ و ّبينا ما تشير إليه من دالالت وأحكام‬،‫المفردات ما أمكن‬ .‫الدراسة والتحليل‬

2


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫المقدمة‪:‬‬ ‫عد اإلعالم ظاهرة مجتمعية رافقت وجود اإلنسان على األرض‪ ،‬وقد ظلت وسائل اإلعالم‬ ‫ي ّ‬ ‫وتنوعت أشكالها ‪،‬واتّسعت‬ ‫تزداد أهمية يوماً بعد يوم وعلى مدى العصور‪ ،‬حتى ّ‬ ‫تعددت صورها‪ّ ،‬‬ ‫فضاءاتها ‪،‬وباتت تمتلك القدرة على تغيير المفاهيم وخلط األفكار بشكل مدهش ‪ ،‬حتى صارت‬ ‫وسائل اإلعالم تستخدم كسالح في الحرب يفوق في تأثيره الكثير من أصناف األسلحة التقليدية‬ ‫وتمهد لها‬ ‫المعروفة في ميادين القتال ‪ ،‬فالحمالت اإلعالمية تسبق الحمالت السياسية والعسكرية ّ‬ ‫‪ ،‬ولهذا يعمد – اليوم – مروجو الحروب للسيطرة على وسائل اإلعالم وتوجيهها لضمان الهيمنة‬ ‫على مسيرة الحرب والتحكم في مساراتها ‪.‬‬ ‫ووسائل اإلعالم – كغيرها من الوسائل‪ -‬هي سالح ذو حدين‪ ،‬فيمكن أن تكون نافعة أو مدمرة‬ ‫لقدرتها على التفاعل والحركة‪ ،‬وعدم انقطاعها عن التأثير في الثقافة المعاصرة ونماذج السلوك‬ ‫التي يتبناها األفراد‪.‬‬ ‫ورغم األهمية الفائقة لإلعالم والبراعة التي أظهرها المسلمون األوائل – في توظيفه لنشر الدين‬ ‫وترسيخ قيمه الفاضلة ‪ ،‬إال أننا نلحظ أن هنالك عج اًز إعالمياً تعيشه األمة اإلسالمية ‪ ،‬فرغم ما‬ ‫أسلفنا من الخطورة الكبيرة لإلعالم في وقتي السلم والحرب إال أننا نجد إعالمنا أبعد ما يكون عن‬ ‫معارك األمة وتحدياتها الحقيقية ‪ ،‬ورغم اإلمكانيات الضخمة ووفرة المال والكفاءات إال أن األمة‬ ‫ما زالت تفتقر إلى األدوات اإلعالمية اإلسالمية الفاعلة والمؤثرة ‪ ،‬وان وجدت بعض تلك األدوات‬ ‫فهي تخضع – غالباً – ألناس ال يحملون فكر األمة وال همومها ‪ ،‬كما أننا نرى بعض القنوات‬

‫‪3‬‬


‫التي تدعي أنها إسالمية ال تقدم بديالً مقنعاً وال صورة محببة للفكرة التي تتناولها ‪ ،‬ال بل ربما‬ ‫يقود هذه القنوات من هم أشد خط اًر على األمة – لجهلهم أو لضيق أفقهم ‪ -‬من أبغض أعدائها‪.‬‬ ‫ولما كان لإلعالم في اإلسالم دور رئيس في التأثير في حياة األمة وتشكيل ثقافتها وصياغة‬ ‫ّ‬ ‫فكرها والوقوف في وجه الطمس اإلعالمي الذي يسود الساحة اإلعالمية ‪ ،‬كان ال بد من تسليط‬ ‫الضوء على اإلعالم اإلسالمي وتحديد مفهومه وضبط مصطلحه وأطره‪ ،‬وبيان تأصيله الشرعي‬ ‫من خالل استخدام القرآن والسنة النبوية المطهرة لمفرداته‪.‬‬ ‫ومن المعلوم أن مصطلح اإلعالم بمفهومه الحالي ‪ -‬لم يرد في القرآن الكريم وال في السنة‬ ‫ولكن القرآن الكريم والسنة النبوية استخدما ألفاظاً قريبة‪ ،‬والتي سيتم استجالئها‬ ‫النبوية المطهرة ‪ّ ،‬‬ ‫من خالل هذا البحث بحيث نتتبع تلك المفردات ما أمكن‪ ،‬ونبين ما تشير إليه من دالالت‬ ‫وأحكام والقاء الضوء عليها من خالل الدراسة والتحليل‪.‬‬ ‫أهمية الدراسة‪:‬‬ ‫تكتسب الدراسة أهميتها من خالل ما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬التعرف على مصطلح اإلعالم ومدلوالته والتأصيل الشرعي له‬ ‫‪ .2‬بيان مشروعية اإلعالم والضوابط الشرعية التي تحكم اإلعالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪ .3‬رد األمة إلى تطبيقات عملية لموضوع هو من أهم األمور التي ينبغي لألمة مراعاتها إن‬ ‫هي أرادت وحدتها وتماسك صفها دينياً واجتماعياً وتربوياً وسياسياً وثقافياً ونفسياً‪.‬‬ ‫‪ .4‬المشاركة في الجهود المبذولة في الحفاظ على هوية األمة اإلسالمية وقيمها وأخالقياتها‬ ‫ومفاهيمها اإلسالمية‪.‬‬ ‫أهداف الدراسة‪:‬‬ ‫تتلخص األهداف التي يتطلع الباحثان لتحقيقها من هذا البحث بما يأتي‪:‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪ .1‬بيان مفهوم اإلعالم ومرادفاته كما جاء في القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪ .2‬توضيح مشروعية اإلعالم في اإلسالم والضوابط الشرعية التي تحكمه‪.‬‬ ‫‪ .3‬بيان أهمية اإلعالم وأهدافه ووظائفه‪.‬‬ ‫‪ .4‬نشر التطبيقات العملية النبوية وممارسات الخلفاء الراشدين في مجال اإلعالم‪.‬‬ ‫‪ .5‬تحكيم هذه التطبيقات في ضوء التشريعات اإلسالمية القويمة‪.‬‬ ‫منهجية الدراسة‪:‬‬ ‫عملت الدراسة لتحقيق أهدافها على استخدام المنهج الوصفي الذي يصف أهمية اإلعالم وأهدافه‬ ‫ووظائفه‪ ،‬والمنهج االستقرائي الذي يقوم على جمع األدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية لمفهوم‬ ‫اإلعالم ومرادفاته وجمع التطبيقات النبوية وممارسات الخلفاء الراشدين في مجال اإلعالم‪،‬‬ ‫والمنهج التحليلي الذي يناقش هذه التطبيقات ويحلل دورها في التأصيل لمفهوم اإلعالم ‪.‬‬ ‫الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫الدراسة األولى‪ :‬كتاب بعنوان "اإلعالم اإلسالمي" للدكتور عبد الرزاق محمد الدليمي ‪،‬‬ ‫والكتاب مطبوع في دار المسيرة للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان األردن ‪ ،‬الطبعة األولى ‪2313 ،‬م ‪.‬‬ ‫عرف اإلعالم في اللغة‬ ‫وقد تناول المؤلف في كتابه التفريق ما بين االتصال واإلعالم‪ ،‬ثم ّ‬ ‫تحدث عن وظائف اإلعالم‪ ،‬وأبرز النظريات الوضعية في هذا‬ ‫واالصطالح الوضعي‪ ،‬كما ّ‬ ‫المجال‪.‬‬ ‫وتناول المؤلف صلة اإلعالم بالمجتمع‪ ،‬وأثره في تشكيل رأي عام في المجتمع‪ ،‬كما وتناول‬ ‫مهام وسائل اإلعالم في اإلسالم وأهدافها وخصائصها‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫ورغم اإلضافة الهامة التي أحدثها الكتاب في هذا المجال إال أنه يفتقر إلى التأصيل الشرعي‬ ‫المتخصص لمصطلح اإلعالم في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬إضافة إلى أنه لم يضبط المقصود‬ ‫بالمصطلح‪ ،‬وهذا ما تسعى دراستي الستدراكه مع االختالف في الطرح وطريقة العرض‪.‬‬ ‫الدراسة الثانية‪ :‬كتاب بعنوان " اإلعالم اإلسالمي المبادئ – النظرية – التطبيق " للدكتور‬ ‫محمد منير محجوب‪ ،‬والكتاب من طباعة دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪2332 ،‬م‪.‬‬ ‫وقد تناول المؤلف في كتابه مبادئ اإلعالم اإلسالمي والتي أجملها في خمسة وعشرين مبدأً‪،‬‬ ‫ثم تكلم بعد ذلك عن الدعوة اإلسالمية كأحد أهم وسائل االتصال في اإلسالم‪.‬‬ ‫القيمة لهذا الكتاب في مجاله إال أنه يفتقر إلى الطرح الشرعي التأصيلي لإلعالم‬ ‫ورغم اإلضافة ّ‬ ‫ركزت عليه دراستي‪.‬‬ ‫في اإلسالم ‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫الدراسة الثالثة‪ :‬كتاب بعنوان "اإلعالم اإلسالمي في مواجهة اإلعالم المعاصر بوسائل معاصرة‬ ‫" للدكتور عبد الله قاسم الوشلي ‪ ،‬طبعة دار عمار للنشر ‪ ،‬صنعاء ‪ ،‬اليمن ‪ ،‬ط‪1993 ،2‬م‪-‬‬ ‫‪1994‬م ‪.‬‬ ‫وقد تناول الكتاب تعريف اإلعالم لغة واصطالحاً وتحدث عن أهمية اإلعالم واألسس التي يقوم‬ ‫عليها اإلعالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫والكتاب ال يغني عن دراستي رغم اإلضافة المميزة التي أحدثها في مجال اإلعالم إال أن‬ ‫دراستي تتميز بضبط مصطلح اإلعالم‪ ،‬والتأصيل الشرعي لهذا المصطلح من األدلة الشرعية‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫خطة البحث‪:‬‬ ‫قام الباحثان بتقسيم الدراسة إلى مقدمة وخمسة مباحث رئيسة والخاتمة على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تحديد مفهوم اإلعالم‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مشروعية اإلعالم‪.‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬األطر والضوابط الشرعية التي تحكم اإلعالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬وظائف اإلعالم وأهدافه‪.‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬بعض التطبيقات النبوية وممارسات الخلفاء الراشدين في مجال اإلعالم‪.‬‬ ‫الخاتمة وتتناول أهم النتائج وأبرز التوصيات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تحديد مفهوم اإلعالم‪.‬‬ ‫اإلعالم لغة‪ :‬بالعودة إلى قواميس اللغة العربية بحثاً عن معنى كلمة (اإلعالم) بهذا التركيب‬ ‫عناء شديداً في الحصول على ذلك خاصة‬ ‫اللفظي المستعمل الشائع لمدلول خاص معاصر نجد ً‬ ‫في مادة( ع ل م ) فهو مصطلح جديد دخل لغتنا العربية دون أن تعرفه معاجمها وقواميسها بما‬ ‫نعرف له من داللة ومعنى في حياتنا اليومية ‪ ،‬وهو مستحدث تماماً ‪ ،‬أشتق لغة من( العلم )‬ ‫ومن إيصال المعلومة الصحيحة للناس‪.‬‬ ‫إال أنه وان كانت تسميته مستحدثة في لغتنا العربية فهو من حيث كونه علماً أو فناً أو منهجاً‬ ‫ليس بالجديد علينا إنما هو جزء من وجودنا وحضارتنا وتراثنا‪ ،‬وهو في الوقت نفسه وبالمفهوم‬ ‫الذي نعرفه ونمارسه ليس جديداً على البشر كلهم‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإننا إن نقبنا في القواميس اللغوية نجد ما يؤدي إلى الغرض المعاصر لكلمة‬ ‫اإلعالم لغة من أنها‪ :‬نقل المعلومات إلى اآلخرين عن طريق الكلمة أو غيرها بسرعة‪ ،‬وهذا‬ ‫‪7‬‬


‫المدلول أشار إليه الراغب األصفهاني في تفريقه بين اإلعالم والعلم بقوله‪ :‬أعلمته َّ‬ ‫وعلمته في‬ ‫األصل واحد إال أن اإلعالم اختص بما كان بإخبار سريع‪ ،‬والتعليم بما يكون بتكرير وتكثير حتى‬ ‫يحصل منه أثر في نفس المتعلم‪. 1‬‬ ‫واإلعالم مصدره علم‪ ،‬وهو نقيض الجهل‪ ،‬يقال ‪ :‬استعلم لي خبر فالن وأعلمنيه حتى أعلمه‪،‬‬ ‫واستعلمني الخبر فأعلمته إياه‪ ،2‬وهو يشير إلى حصول حقيقة العلم‪ ،‬أي معرفته للمستعلم وهو‬ ‫المتلقي‪.‬‬ ‫اإلعالم في القرآن الكريم ‪ :‬لم يرد لفظ اإلعالم صريحاً في القرآن الكريم‪ ،‬وانما ورد ما يقاربه من‬ ‫مفردات ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬أ ّذن ‪ :‬يقال أ ّذن فالن تأذيناً‪ ،‬وأذاناً‪:‬أكثر اإلعالم بالشيء ‪ ،‬وأ ّذن بالصالة ‪ :‬أي نادى‬ ‫باألذان‪ ،‬وهو اإلعالم بها وبوقتها‪ ،‬وبالحج‪ :‬أي أعلم‪ ،‬وتأذن في الناس‪ :‬نادى فيهم بتهديد أو‬ ‫نهي‪. 3‬‬ ‫ِ‬ ‫الن أعَل َمني‪ .‬والمصدر اإل ْذن واإليذان‪.‬‬ ‫تقول العرب ‪ :‬قد أذ ْنت بهذا األمر أي َعلِ ْمت‪ .‬وآ َذ َنني ف ٌ‬ ‫وَف َعَله بإ ْذني ‪ :‬أي ِب ِعلمي‪ ، 4‬واآلذان في اللغة‪ :‬اإلعالم‪ ،‬فتقول ‪ :‬آذنه بالشيء أعلمه به‪ ،‬واآلذان‬ ‫للصالة إعالم الناس بدخولها‪.‬‬ ‫وقد جاءت في القرآن الكريم لتدل على اإلعالم في سياقات منها‪ :‬قال تعالى‪َ( :‬فَل َّما َج َّه َزهم‬ ‫َخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السَقاي َة ِفي رح ِل أ ِ‬ ‫يه ث َّم أ ََّذ َن م َؤِّذ ٌن أَيَّت َها اْل ِعير ِإَّنك ْم َل َس ِارقو َن) (يوسف‪ ،)03 :‬كما‬ ‫َْ‬ ‫ِب َج َه ِازِه ْم َج َع َل ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫(وأَِّذن ِفي َّ‬ ‫ين ِمن ك ِّل َف ّج َع ِميق)‬ ‫ضامر َيأْت َ‬ ‫وك ِر َجاال َو َعَلى ك ِّل َ‬ ‫اس ِباْل َح ِّج َيأْت َ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬ ‫(الحج‪ )27 :‬وكالهما بمعنى نادى وأعلم‪.‬‬ ‫ع النبات األرض صدعاً‪َ :‬شّقها وظهر منها‪ ،‬وصدع‬ ‫ص َد َ‬ ‫ثانياً‪ :‬اصدع‪ :‬وأصلها صدع‪ ،‬يقال‪َ :‬‬ ‫ض َع ِن‬ ‫اص َد ْ‬ ‫َع ِر ْ‬ ‫ع ِب َما ت ْؤ َمر َوأ ْ‬ ‫األمر وبه‪ّ :‬بيّنه وجهر به‪ ،‬وفي التنزيل العزيز قوله تعالى‪َ( :‬ف ْ‬ ‫‪8‬‬


‫ِ‬ ‫ين) (الحجر‪ 5)94:‬والصدع بالحق متضمنة معنى اإلعالم‪ ،‬وفيه إعالم الناس بالحق الذي‬ ‫اْلم ْش ِرك َ‬ ‫يجب أن يلتزموا به‪ ،‬واعالم بالباطل الذي يجب أن يبتعدوا عنه‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫ثالثاً‪ً :‬بًلغ ‪ :‬أدرك‪ ،‬وبلغ األمر وصل إلى غايته‪ ،‬وبلغ بالغة‪َ :‬فصح وحسن بيانه‪ ،‬وأبلغ الشيء‬ ‫أوصله إلى المطلوب ‪ ،‬والبالغ ‪:‬التبليغ وبيان يذاع في رسالة ونحوها‪ ،‬والبالغة حسن البيان وقوة‬ ‫التأثير ‪ ،‬وعند علماء البالغة‪:‬مطابقة الكالم لمقتضى الحال مع فصاحته‪ ،‬وقد ورد بهذا المعنى‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫احٌد ولِي َّذ َّكر أولوْا األَْلب ِ‬ ‫ِ‬ ‫في قوله تعالى‪َ ( :‬ه َذا َبالغٌ ِّل َّلن ِ‬ ‫اب)‬ ‫َ‬ ‫اس َولِين َذروْا به َولِ َي ْعَلموْا أََّن َما ه َو إَل ٌه َو َ َ َ ْ‬ ‫‪0‬‬ ‫وبين‬ ‫(إبراهيم‪ )52:‬كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬بلغوا عني ولو آية " ‪ ،‬فأعلم وأبلغ ّ‬

‫وأوصل تعني إشاعة المعلومات وبثها وتعميمها ونشرها واذاعتها على الناس‪ ،8‬وقد ورد لفظ‬ ‫ا لبالغ ومشتقاته ما يزيد عن ستين مرة في القرآن الكريم‪،‬والبالغ والتبليغ مصطلحان داالن على‬ ‫إعالم الدعوة اإلسالمية‪ ،‬واعالم الناس جميعاً بما تضمنته من أحكام وأخبار‪ ،‬واإلعالم يقوم‬ ‫بوظيفة البالغ والتبليغ لكافة البشر‪ ،‬على أن يكون هذا في أحسن صورة‪ ،‬وأدق عبارة‪ ،‬حتى قرر‬ ‫بعض العلماء أن اإلعالم عند المسلمين ال يخرج عن أن يكون تبليغاً بليغاً‬

‫‪9‬‬

‫ال َيا َآدم‬ ‫رابعاً‪ :‬نبأ ومشتقاتها والتي وردت في القرآن الكريم في مرات عدة ومنها قوله تعالى‪َ( :‬ق َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َنبأَهم ِبأ ِ ِ‬ ‫أَنِب ْئهم ِبأ ِ ِ‬ ‫ات واأل َْر ِ‬ ‫َعَلم َما‬ ‫َعَلم َغ ْي َب َّ‬ ‫ض َوأ ْ‬ ‫ال أَ​َل ْم أَقل لك ْم ِإّني أ ْ‬ ‫َس َمائه ْم َق َ‬ ‫َس َمائه ْم َفَل َّما أ َ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫الس َم َاو َ‬ ‫سيما فيما كان فيه فائدة عظيمة‪،‬‬ ‫ت ْبدو َن َو َما كنت ْم تَ ْكتمو َن )(البقرة‪ ،)33:‬فاإلنباء هو اإلخبار ال ّ‬ ‫واإلنباء واإلعالم واإلخبار واحد‪ ،‬والنبأ‪ :‬الخبر‪ ،‬واإلنباء بمعنى اإلعالم‪ ،‬ودخول هذا المعنى فيه‬ ‫وحصول مشابهته لم يخرجه عن األصل الذي هو له من اإلخبار‪ ،13‬ففي قصة سليمان عليه‬ ‫ِ‬ ‫الطير َفَقال ما لِي ال أَرى اْلهدهد أَم َك ِ‬ ‫السالم نطالع قوله تعالى‪( :‬وتَ​َفَّقد َّ‬ ‫ين *‬ ‫َ َ‬ ‫ان م َن اْل َغائِب َ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َحطت ِب َما َل ْم‬ ‫َأل َعِّذ َبَّنه َع َذ ًابا َشِد ًيدا أ َْو َألَ ْذ َب َحَّنه أ َْو َل َيأِْت َيِّني ِبسْل َ‬ ‫ال أ َ‬ ‫طان ُّمبين*َف َم َك َث َغ ْي َر َبعيد َفَق َ‬

‫‪9‬‬


‫ت ِح ْ ِ‬ ‫ك ِمن َس َبإ ِب َن َبإ َي ِقين*ِإِّني َو َج ُّ‬ ‫ش‬ ‫ام َأرًَة تَ ْملِكه ْم َوأوِت َي ْت ِمن ك ِّل َش ْيء َوَل َها َع ْر ٌ‬ ‫ط ِبه َو ِج ْئت َ‬ ‫دت ْ‬ ‫ِ‬ ‫يم)(النمل‪ )23-23:‬فكانت وظيفة الهدهد هي اإلعالم‪.‬‬ ‫َعظ ٌ‬ ‫اءه ْم‬ ‫خامساً‪ :‬أذاع‪ :‬إظهار الشيء وافشاؤه‪ ،‬وانتشاره‪ ،‬وتحدثوا به مذيعين له‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫(واِ َذا َج َ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَمر ِمن األَم ِن أ َِو اْلخو ِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ين‬ ‫ف أَ َذاعوْا ِب ِه َوَل ْو َرُّدوه ِإَلى َّ‬ ‫ول َواَِلى أولِي األ َْم ِر م ْنه ْم َل َعل َمه الذ َ‬ ‫َْ‬ ‫ٌْ ّ َ ْ‬ ‫يستَنِبطونه ِم ْنهم وَلوالَ َفضل َّ‬ ‫الل ِه َعَل ْيكم ور ْحمته الَتََّب ْعتم َّ‬ ‫ان ِإالَّ َقلِيالً)(النساء‪ ،)83:‬وقد‬ ‫الش ْي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫طَ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ​َ َ‬ ‫يتساءل أحدهم‪ :‬كيف جاء الحديث في اآلية السابقة عن اإلذاعة وهي وسيلة لم تعرف إال في‬ ‫القرن العشرين‪ ،11‬فنقول ‪ :‬صحيح أن اإلذاعة لم تكن معروفة في السابق‪ ،‬لكن وظيفة المنادي‬ ‫قامت مقامها في ذلك الحين‪.12‬‬ ‫واذا نظرنا إلى المعنى اللغوي في الدعوة لوجدنا فيه معنى النداء للمشاركة في شيء‪ ،‬وأنه يفيد‬ ‫المحاوالت القولية والفعلية من أجل تحقيق هدف أو عمل‪ ،‬ولو عدنا بالنظر إلى المعنى اللغوي‬ ‫لإلعالم لوجدنا المعنى نفسه‪ ،‬مما يدل على أن الدعوة هي اإلعالم‪ ،‬وال فرق بينهما من حيث‬ ‫اللغة في جانبها التبليغي‪ ،‬فالمفهوم العربي لكلمة بالغة يقترب من المفهوم الحديث لعملية‬ ‫االتصال‪.‬‬ ‫ومن هنا يتبين لنا أن اللفظ العربي لإلعالم يحمل في تضاعيفه عدة معان‪ ،‬فهو بمفهومه‬ ‫المعاصر يعني االستعالم عن الحوادث واألخبار‪ ،‬ويعني الخبر والرواية‪ ،‬كما يشير إلى الدعاية‬ ‫والتوجيه واإلرشاد‪.‬‬ ‫تعددت التعريفات فيه واختلفت في المضمون وفي الشمول وذلك الختالف‬ ‫اإلعالم اصطالحاً‪ّ :‬‬ ‫التصورات وتباين األفكار وتضاد األهداف التي أنيطت بهذا العلم ووسائله المعاصرة الحديثة‪،‬‬ ‫عرفه بأنه‪ " :‬التعبير‬ ‫ومن هذه التعريفات الكثيرة تعريف العالم األلماني توجروت حيث ّ‬ ‫الموضوعي لعقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت" أي أن اإلعالم ال بد أن‬ ‫‪11‬‬


‫مجرداً من الميول واألهواء غير‬ ‫متحيز‪ ،‬قائماً على أساس التجربة الصادقة متمشياً‬ ‫ّ‬ ‫يكون صادقاً ّ‬ ‫مع الجمهور الذي يوجه إليه‪.13‬‬ ‫عرف اإلعالم بأنه عملية تبادل المعلومات‪ ،‬واألخبار واألفكار ووجهات النظر‬ ‫كما ي ّ‬

‫‪14‬‬

‫عرفه بعض المختصين‪ :‬بأنه تزويد الناس باألخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق‬ ‫كما ّ‬ ‫الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكالت‬ ‫بحيث يعتبر هذا الرأي تعبي اًر موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاههم وميولهم‪.15‬‬ ‫عرف اإلعالم الحديث بأنه ‪" :‬مجموعة تكنولوجيات االتصال التي توّلدت من التزاوج بين‬ ‫وي ّ‬ ‫الكمبيوتر والوسائل التقليدية لإلعالم‪ ،‬الطباعة والتصوير الفوتغرافي والصوت والفيديو"‪. 16‬‬ ‫و يشير التعريف السابق إلى الطرق الجديدة في االتصال في البيئة الرقمية بما يسمح‬ ‫التجمع على االنترنت وتبادل المنافع‬ ‫للمجموعات األصغر من الناس إمكانية االلتقاء و ّ‬ ‫والمعلومات‪ ،‬وهي بيئة تسمح لألفراد والمجموعات بإسماع صوتهم وصوت مجتمعاتهم إلى العالم‬ ‫أجمع‪.10‬‬ ‫عرفه جونز‪18‬والذي ال يقر بوجود إجابة وافية لمعنى اإلعالم الجديد ويقول أنه في مرحلة نشوء‬ ‫وي ّ‬ ‫وأنه مصطلح يستخدم لوصف أشكال من أنواع االتصال االلكتروني أصبح ممكناً باستخدام‬ ‫الكمبيوتر كمقابل لإلعالم القديم الذي يشمل الصحافة المكتوبة من جرائد ومجالت وتلفزيون‬ ‫ويتميز اإلعالم المعاصر عن اإلعالم القديم بخاصية الحوار بين‬ ‫وراديو وغيرها من الوسائل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الطرفين‪ ،‬صاحب الرسالة ومستقبلها ومع ذلك فإن الفواصل بين اإلعالم الجديد والقديم ذابت‪،‬‬ ‫ألن القديم نفسه أعيد تكوينه وتحسينه ومراجعته ليلتقي مع الجديد في بعض جوانبه‪.19‬‬ ‫ويلحظ من التعريفات السابقة أن هنالك خلطاً ما بين مفهومي ( االتصال ) و( اإلعالم ) حتى‬ ‫أن البعض يعتبرهما مصطلحان مترادفان ‪ ،‬والصحيح أن كل واحد من المصطلحين يغاير اآلخر‬ ‫‪11‬‬


‫وان اتفقا في أمور كثيرة ‪ ،‬فمفهوم االتصال أشمل وأوسع من مفهوم اإلعالم ‪ ،‬ألنه يتعدى مجال‬ ‫تدفق المعلومات في اتجاه واحد إلى االتجاهين مع بعض في شكل أخذ ورد ‪ ،‬ففي االتصال‬ ‫تبادل لألفكار والمعلومات والمعاني بين طرفين أو أكثر وفق منظومة من الكلمات والصور‬ ‫والرسومات والرموز واإلشارات من خالل قنوات متعددة ‪ ،‬بينما اإلعالم عبارة عن عملية النقل‬ ‫الموضوعي للمعلومات من مرسل إلى مستقبل قصد التأثير الواعي على عقل الفرد من أجل‬ ‫تكوين رأي عام ‪ ،‬وعليه فاإلعالم جزء من االتصال ‪ ،‬ويقع في دائرته كشكل من أشكال‬ ‫تطورت البنى التحتية لالتصال في المجتمع ‪.‬‬ ‫االتصال‪ ،‬وهو يتطور ويتوسع كّلما ّ‬

‫‪23‬‬

‫كما يلحظ على كثير من تعريفات اإلعالم أنها قيدت المادة اإلعالمية بالصادقة أو‬ ‫الصحيحة أو الحقيقية ‪ ،‬ورغم أن هذا هو األصل في المادة اإلعالمية إال أن واقع اإلعالم اليوم‬ ‫يك ّذب ذلك ‪ ،‬إذ تعتبر المادة اإلعالمية المقدمة اليوم – في أغلبها – غير دقيقة ال بل في كثير‬ ‫من األحيان كاذبة ومزيفة وبعيدة كل البعد عن الحقيقة والموضوعية ‪.‬‬ ‫لذلك فيمكن تعريف اإلعالم بقولنا ‪ :‬هو نقل كالم أو رموز واشارات إلى آخر بقصد التأثير‬ ‫فيه ‪ ،‬سواء كان هذا النقل موضوعياً أو مبالغاً فيه ‪ ،‬وسواء أكان النقل هادفاً أم لمجرد العلم ‪.‬‬ ‫ونلحظ من التعريف أنه يستوعب كافة الجوانب التي يغطيها اإلعالم الحديث الذي يسود في‬ ‫عالم اليوم‪.‬‬ ‫فاإلعالم الحديث كما يكون بالكلمة الصريحة يكون كذلك باإلشارة وبالصورة وبالرسم ‪ ،‬كما أنه‬ ‫يقصد التأثير في الجمهور بصرف النظر عن اآلثار التي تنجم عن هذا التأثير ؛ إيجابية كانت‬ ‫تلك اآلثار أم سلبية ‪ ،‬كما أن النقل في اإلعالم الحديث قد يلتزم الموضوعية ويتحرى الدقة‬ ‫واألمانة والحيادية في العرض ‪ ،‬وقد يكون موجهاً أو مبالغاً فيه ال يعكس الحقيقة ‪ ،‬كما أن المادة‬ ‫اإلعالمية قد تكون هادفة تسعى لتشكيل قناعات معينة ‪ ،‬أو رأي عام موجه نحو اتجاه معين ‪،‬‬ ‫‪12‬‬


‫وقد ال تكون المادة هادفة بل هي لمجرد العلم أو للترويح عن النفس دون أن تحمل في ثناياها‬ ‫مضامين فكرية أو ثقافية أو سياسية أو تجارية‪.‬‬ ‫اإلعالم في المصطلح اإلسالمي ‪:‬‬ ‫أورد بعض الباحثين تعريفات لإلعالم اإلسالمي ‪ ،‬ومن ذلك ما أورده الدكتور إبراهيم إمام‬

‫‪21‬‬

‫عرف اإلعالم اإلسالمي بأنه تزويد الجماهير بصفة عامة بحقائق الدين اإلسالمي‬ ‫حيث ّ‬ ‫المستمدة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬من‬ ‫خالل وسيلة إعالمية دينية متخصصة أو عامة بواسطة قائم باالتصال لديه خلفية واسعة وممتعة‬ ‫في الرسالة التي يتناولها ‪ ،‬وذلك بغية تكوين رأي عام صائب يعي الحقائق الدينية ويدركها ويتأثر‬ ‫بها في معتقداته وعباداته ومعامالته‪.‬‬ ‫وعرفه آخر بقوله‪ :‬اإلعالم اإلسالمي هو ذلك اإلعالم الذي يعكس الروح والمبادئ والقيم‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية ويمارسها في مجتمع إسالمي‪ ،‬ويتناول كافة المعلومات والحقائق واألخبار المتعلقة‬ ‫بكافة نواحي الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والقانونية والدينية واألخالقية‪.22‬‬ ‫ويعرفه الشنقيطي‬ ‫ّ‬

‫‪23‬‬

‫بأنه ‪ :‬إعالم من الله ولله وحمل مضامين الوحي اإللهي ووقائع الحياة‬

‫البشرية المحكومة بشرع الله إلى الناس كافة بأساليب ووسائل تتفق مع سموها وحسنها ونقائها‬ ‫وتنوعها مع المضامين الحقة التي تعرض لها ‪ ،‬وهو محكوم غاية ووسيلة بمقاصد الشرع الحنيف‬ ‫وأحكامه‪.‬‬ ‫مجردة يمكن تحميلها المضامين‬ ‫ويبدو للباحث أن وسائل اإلعالم ما هي إال وسائل مادية ّ‬ ‫الفكرية المختلفة فهي تقبل ما يقدم فيها دون فرز أو تمحيص ‪ ،‬وانما العبرة في صبغ اإلعالم‬ ‫بصبغة معينة يرجع إلى المشتغلين بهذا الفن من اإلعالميين ‪ ،‬فيمكن استخدام الوسيلة اإلعالمية‬ ‫لنشر الضاللة والفسق والرذيلة ‪ ،‬ويمكن استخدام نفس الوسيلة لنشر الهداية والفضيلة ‪ ،‬ولهذا فإن‬ ‫‪13‬‬


‫اإلعالم اإلسالمي إنما يميزه عن غيره أنه محكوم بالضوابط الشرعية التي تجعل منه إعالماً نافعاً‬ ‫وموضوعياً ينقل الحقيقة بتجرد ثم يترك للجمهور الحكم النهائي بعد أن يجلي المسألة من كافة‬ ‫جوانبها‪ ،‬مضارها‪ ،‬فوائدها‪ ،‬مآالتها ونحو ذلك ‪.‬‬ ‫ولعل المدقق في التعريفات السابقة التي أوردناها‪ -‬لإلعالم اإلسالمي قد يظن أن اإلعالم‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي هو ذلك اإلعالم الدعوي الذي تمثله الكثير من القنوات الدينية المنتشرة‬

‫على‬

‫الفضائيات‪ ،‬والصحيح أن بعض تلك القنوات تمثل جانباً من جوانب اإلعالم اإلسالمي‪ ،‬ولكنها‬ ‫بالقطع ال تمثل اإلعالم اإلسالمي بمفهومه العام ‪.‬‬ ‫ولعلنا بعد تجلية هذا األمر نقول بأن اإلعالم اإلسالمي هو ‪ :‬النقل الموضوعي للمعلومات‬ ‫على اختالف فنونها‪ ،‬وضمن األطر والضوابط الشرعية – من مرسل إلى مستقبل؛ وباستخدام‬ ‫كافة الوسائل اإلعالمية المتخصصة والعامة؛ بقصد التأثير الواعي على عقلية الفرد من أجل‬ ‫تكوين رأي عام ‪.‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬مشروعية اإلعالم ‪:‬‬ ‫لقد أسلفنا القول بمدى أهمية اإلعالم في العصر الحديث وحجم التأثير الهائل الذي يحدثه في‬

‫المجتمع على كافة األصعدة ‪ ،‬فيسهم في التشكيل السياسي واالقتصادي واالجتماعي لألمة من‬ ‫خالل التأثير في أفرادها وقناعاتهم واتجاهاتهم ‪.‬‬

‫ولما كان األمر كذلك وجب أن يوضع اإلعالم – كأداة – في طور ما يعده المسلمون من‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ط ْعتم ِّمن‬ ‫استَ َ‬ ‫عدة تستثمر في تحصيل أسباب القوة والمنعة لألمة ‪ ،‬يقول تعالى ‪َ " :‬وأَعُّدوْا َلهم َّما ْ‬ ‫ق َّوة و ِمن ِرب ِ‬ ‫الل ِه وعد َّوكم وآخ ِرين ِمن دوِن ِهم الَ تَعَلمونهم َّ‬ ‫اط اْلخي ِل ترِهبو َن ِب ِه عد َّو َّ‬ ‫الله َي ْعَلمه ْم َو َما‬ ‫ْ َ‬ ‫َ​َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِنفقوْا ِمن َشيء في سِب ِ‬ ‫ظَلمو َن " [ سورة األنفال ‪] 63 :‬‬ ‫يل الله ي َو َّ‬ ‫ف ِإَل ْيك ْم َوأَنت ْم الَ ت ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ولقد أورد القرطبي في تفسيره لهذه اآلية ما معناه أن كل ما تعده لصديقك من خير أو لعدوك‬ ‫من شر فهو داخل في عدتك‪ ،‬وقد فسر النبي ( ‪ ) ‬القوة بالرمي حيث كان فيه فائدة عظيمة‬ ‫للمسلمين من حيث النكاية الشديدة في العدو ‪ ،‬ويضيف القرطبي ‪ -‬بأن تعلم الفروسية فرض‬ ‫كفاية على المسلمين ‪ ،‬وقد خصت الخيل بالذكر في اآلية ألنها كانت في ذلك الزمان ‪ -‬أصل‬

‫الحروب ‪ ،‬يصال بها ويجال في ميادين القتال ‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪14‬‬


‫أما اليوم فتنوعت األسلحة وتعددت وسائل المواجهة مع األعداء واكتسبت الوسائل اإلعالمية‬ ‫أهمية بالغة ودو اًر بار اًز في هذا المجال ‪ ،‬ال بل قد تنتصر على عدوك من خالل حسن استخدام‬ ‫هذه الوسيلة دون الحاجة إلى المجابهة العسكرية في الميادين ‪ ،‬فاإلعالم قادر على تحطيم الروح‬ ‫المعنوية للخصم بحيث تفقده ميزة تفوقه المادي من خالل بث روح الهزيمة في دواخله ‪.‬‬

‫ومن هنا فإن فهم اآلية الكريمة – اليوم – يقودنا إلى استثمار كل أدوات القوة على اختالف‬

‫آثارها ‪ ،‬ومن باب أولى أن تكون الوسائل اإلعالمية في صلب دائرة االهتمام لما لها من أثر‬ ‫عظيم في تحصيل النصر على األعداء والقاء الرعب في قلوبهم ‪.‬‬

‫وينبغي لمن يقوم على اإلعالم أن يكون له دور أساسي في تشكيل رأي عام مستنير التزاماً‬ ‫ِ‬ ‫ات واأل َْر ِ‬ ‫ض‬ ‫ض َنا األ َ​َم َان َة َعَلى َّ‬ ‫بأداء األمانة التي كّلف بحملها ‪ ،‬يقول تعالى ‪ِ " :‬إَّنا َع َر ْ‬ ‫الس َم َاو َ‬ ‫ِ‬ ‫واْل ِجب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وما َجهوال " [ سورة األحزاب ‪:‬‬ ‫ان َ‬ ‫ال َفأ َ​َب ْي َن أَن َي ْح ِمْل َن َها َوأ ْ‬ ‫نسان ِإَّنه َك َ‬ ‫َ َ‬ ‫ظل ً‬ ‫َشَفْق َن م ْن َها َو َح َمَل َها اإل َ‬

‫‪]02‬‬

‫ومن أهم األمانات التي على اإلنسان المسلم أدائها هي أمانة نشر الدين والدعوة إليه ودفع‬

‫الشبهات التي تثار حوله ‪ ،‬وذلك ال يتأتى إال عبر وسائل محكمة تحقق الهدف وتؤثر في عامة‬ ‫الناس ‪ ،‬وال يخفى أن وسائل اإلعالم المختلفة في عالمنا المعاصر تمتلك قدرة تأثيرية هائلة في‬ ‫هذا المجال ‪ ،‬ولذلك كان ال بد من استخدامها ‪ ،‬إذ القاعدة الفقهية تنص على أن " ما ال يتم‬ ‫الواجب إال به فهو واجب " ‪ ،‬يقول ابن تيمية في شرط تبليغ الرسالة ‪ " :‬الشرط أن يتمكن‬

‫فرطوا فلم يسعوا في وصوله إليهم ‪ ،‬مع قيام فاعله بما‬ ‫المكلفون من وصول ذلك إليهم ‪ ،‬ثم إذا ّ‬ ‫‪25‬‬ ‫يجب عليه – كان التفريط منهم ال منه " ‪.‬‬ ‫يمكن الناس من وصولهم إليه ومعرفتهم له شرط في تحقيق البالغ وخلو الذمة‬ ‫فإبالغ الدين بما ّ‬ ‫يسر الله تعالى وسائل اإلعالم المعاصرة لتحقيق أكبر قدر ممكن‬ ‫من المسؤولية والحرج ‪ ،‬وقد ّ‬ ‫من البالغ ‪ ،‬والتكليف الشرعي مرتبط بالوسع ‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫ويضاف لما سبق – االهتمام البالغ من المشرع الحكيم بضرورة نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة‬

‫‪ ،‬ولوسائل اإلعالم دور بارز في تحقيق ذلك ‪ ،‬يقول ( ‪ " : ) ‬من رأى منكم منك اًر فليغيره بيده‬

‫‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه ‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان "‬ ‫"‬

‫‪28‬‬

‫‪20‬‬

‫يقول اإلمام البيضاوي ‪ " :‬إن االستقراء دل على أن الله سبحانه شرع أحكامه لمصالح العباد‬

‫وال شك أن حسن استخدام وسائل اإلعالم يحقق لألمة فوائد عظيمة‪ ،‬ومصالح ال تحصى ‪،‬‬

‫فكان من المعقول أن يجيز الشارع استخدام هذه الوسائل ما دام أنها تنضبط بضوابط الشرع ‪،‬‬

‫والقاعدة الشرعية تقرر أن " الوسائل لها أحكام المقاصد" ‪.29‬‬ ‫‪15‬‬


‫المبحث الثالث ‪ :‬األطر والضوابط الشرعية التي تحكم اإلعالم اإلسالمي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬التيقن من صدق المعلومة ‪:‬‬

‫وذلك من خالل التحري والدقة في اختيار المصدر الذي يتم التعامل معه انطالقاً من‬ ‫قوله تعالى‪":‬يا أَي َّ ِ‬ ‫اسق ِبنبإ َفتَبيَّنوا أَن ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صيبوا َق ْو ًما ِب َج َهاَلة‬ ‫ُّها الذ َ‬ ‫اءك ْم َف ٌ َ َ َ‬ ‫ين َ‬ ‫َ َ‬ ‫آمنوا إن َج َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين" [ الحجرات ‪] 6‬‬ ‫صِبحوا َعَلى َما َف َعْلت ْم َنادم َ‬ ‫َفت ْ‬ ‫وقد قيل أن هذه اآلية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين بعثه النبي (‪)‬‬ ‫إلى بني المصطلق‪ ،‬فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم ‪ ،‬فرجع إلى النبي (‪ )‬مخب اًر إياه‬

‫أنهم ارتدوا عن اإلسالم‪ ،‬فبعث النبي (‪ )‬خالد بن الوليد (‪ )‬وأمره أن يتثبت وال‬

‫يتعجل‪ ،‬فأنطلق خالد حتى أتاهم ليالً‪ ،‬فبعث عيونه فلما رجعوا أخبروه أنهم متمسكون‬

‫باإلسالم‪ ،‬وسمعوا آذانهم وصالتهم‪ ،‬فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه‪ ،‬فعاد‬

‫إلى النبي (‪ )‬فأخبره الخبر‪ ،‬فكان النبي (‪ )‬يقول‪ :‬التأني من الله والعجلة من‬

‫الشيطان‪.33‬‬

‫فينبغي على القائمين بمتابعة وادارة وسائل اإلعالم أن يتأكدوا من كل ما يصلهم من‬

‫أخبار ومعلومات وأال يقبلوا األمور على عالتها‪ ،‬فسليمان (عليه السالم) لم يقبل كالم‬ ‫ِ‬ ‫الهدهد حول بلقيس وقومها مباشرة وانما قال‪ (:‬سننظر أَصد ْقت أَم ك ِ‬ ‫ين)‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ َ ْ َ‬ ‫نت م َن اْل َكاذِب َ‬ ‫(النمل‪. )20:‬‬ ‫فالتوثق من األخبار ال يتأتى إال من خالل اعتماد اإلعالم على مصادر موضع ثقة‬

‫فمهما كانت أهمية المعلومات‪ ،‬ال يكتب لها النجاح إال إن كان مصدرها موثقاً‪،‬‬ ‫تامة‪ّ ،‬‬ ‫كما يمكن التحقق من صحة األخبار بعرضها على أصحاب االختصاص قبل نشرها‪،‬‬ ‫قال تعالى‪( :‬واِ َذا جاءهم أَمر ِمن األَم ِن أ َِو اْلخو ِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ول َواَِلى‬ ‫ف أَ َذاعوْا ِب ِه َوَل ْو َرُّدوه ِإَلى َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ ْ ٌْ ّ َ ْ‬ ‫أولِي األَم ِر ِم ْنهم َلعلِمه َّالِذين يستَنِبطونه ِم ْنهم وَلوالَ َفضل َّ‬ ‫الل ِه َعَل ْيك ْم َوَر ْح َمته الَتََّب ْعتم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ان ِإالَّ َقلِيالً) (النمل‪. )83:‬‬ ‫الش ْي َ‬ ‫طَ‬ ‫حيث تشير اآلية الكريمة إلى ما ذكرناه فقوله تعالى" ولو ردوه" أي لم يحدثوا به ولم‬

‫ينشروه حتى يكون النبي (‪ )‬هو الذي يحدث به ويفشيه‪ ،‬أو من يقوم بوالية األمر وهم‬

‫أهل العلم والفقه والوالة أو المجتهدون‪.31‬‬

‫وخالصة األمر أنه ال ينبغي األخذ والتسليم برواية أي مصدر‪ ،‬بل ينبغي التأكد من‬

‫صدقيتها‪.‬‬ ‫صدق الرواية ومحاولة استقاء المعلومات من أكثر من مصدر للتحقق من‬ ‫ّ‬ ‫كما قال (‪ " : )‬ال تجوز شهادة خائن وال خائنة وال ذي غمر على أخيه "‬

‫‪32‬‬

‫‪33‬‬

‫فالنبي (‪ )‬يبين في هذا الحديث كيف أن الفسق والعداوة سببان من أسباب إسقاط‬

‫الشهادة ‪ ،‬إذ ال يؤتمن من يحمل تلك الصفات من االفتراء وطمس الحق‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫‪ -2‬االلتزام بالصدق والموضوعية في نقل المعلومة وفي طريقة صياغتها وعرضها‪:‬‬

‫ويقصد بالموضوعية إدراك األشياء على ما هي عليه دون أن يشوبها أهواء أو مصالح‬

‫أو تحيز‪ ،‬فهي تتنافى مع الكذب والخداع‪ ،‬ومرجو منها أن تقوم بإبراز الحقيقة وتمييزها‬ ‫عن الوهم‪ ،‬يقول تعالى ‪ ( :‬يا أَي َّ ِ‬ ‫الله وكونوْا مع َّ ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ين) [ التوبة‬ ‫الصادق َ‬ ‫ُّها الذ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫آمنوْا اتقوْا َ َ‬ ‫ين َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫اس ِب َغ ْي ِر عْلم‬ ‫‪ ، ] 119‬ويقول أيضاً ‪َ( :‬ف َم ْن أَ ْ‬ ‫ظَلم م َّم ِن ا ْفتَ َرى َعَلى الله َكذًبا ليض َّل النَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ين) [ األنعام‪]144:‬‬ ‫ِإ َّن الل َه الَ َي ْهدي اْلَق ْوَم الظالم َ‬ ‫وعليه ‪ ،‬فال يكفي التيقن من صدق الخبر إذا لم يتبع ذلك التزام حقيقي بنقله دون‬ ‫تحريف أو اجتزاء ‪ ،‬أو وضعه في قالب معين بحيث تقلب مضامينه أو يتم تهويله أو‬ ‫تهوينه‪ ،‬مما يؤدي إلى التضليل والتعمية ‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪ -3‬حجب أية معلومة فيها إضرار بالمصلحة العامة ‪:‬‬ ‫وال يقصد من ذلك إخفاء المعلومات عن الجمهور‪ ،‬وانما يقصد ‪ :‬حجب القول‬

‫يروج للفاحشة والمنكر ‪ ،‬بحيث يتم التعدي على معتقدات الناس‬ ‫الفاحش البذيء الذي ّ‬ ‫وأخالقياتهم و يشجع على تفشي الرذيلة بينهم أو يعكر صفو أمنهم ‪ ،‬يقول تعالى ‪ِ( :‬إ َّن‬ ‫اح َشة ِفي َّالِذين آمنوا َلهم ع َذاب أَِل ِ‬ ‫الد ْنيا و ِ‬ ‫َّالِذين ي ِحبُّو َن أَن تَ ِشيع اْلَف ِ‬ ‫اآلخ َ ِرة َواللَّه َي ْعَلم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ٌ ٌ‬ ‫يم في ُّ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َوأَنت ْم ال تَ ْعَلمو َن ) [سورة النور ‪ ]19‬وهنا يشار إلى أن كافة القوانين والشرائع الدولية‬ ‫تجرم اإلساءة لآلخرين من خالل وسائل اإلعالم ‪ ،‬حتى أن الجمعية العامة لألمم‬ ‫ّ‬ ‫المتحدة أصدرت قرارها رقم (‪ )59‬والذي ينص على عدم استخدام الحرية اإلعالمية في‬

‫اإلساءة لآلخرين ‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫‪ -4‬الحصول على المعلومات بطريقة مشروعة ‪:‬‬ ‫معلوم في عالم اليوم أهمية الوصول إلى المعلومة وحق األفراد في الحصول عليها إال‬

‫إن ذلك ال يعني على اإلطالق فتح كافة األبواب والسبل سواء أكانت مشروعة أم غير‬ ‫مشروعة – للوصول إلى ذلك ‪ ،‬فكما أن السلطة القضائية تفرض في األدلة الجنائية أن‬ ‫يتم الحصول عليها بطريقة شرعية وهو ما يطلق عليه (الشرعية اإلجرائية) فكذلك المادة‬

‫اإلعالمية ال يجوز للحصول عليها سلوك السبل والوسائل الم َج ّرمة ‪ ،‬فال تنصت وال‬ ‫تجسس وال هتك للحرمات الشخصية ‪.‬‬ ‫تحرم التجسس‬ ‫يقول تعالى‪( :‬وال تجسسوا) [ سورة الحجرات ‪:‬اآلية ‪ ،]12‬فاآلية الكريمة ّ‬ ‫على المسلمين وهو عام يشمل التجسس عليهم للوصول إلى المعلومة أو الخبر‪.‬‬

‫كما روي عن عبد الرحمن بن عوف قوله حرست مع عمر بن الخطاب ليلة بالمدينة ‪،‬‬

‫إذ تبين لنا بينة على قوم لهم أصوات مرتفعة ولغط ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬هذا بيت ربيعة بن‬ ‫‪17‬‬


‫أمية بن خلف وهم اآلن شرب ‪ ،‬فما ترى ؟ قلت ‪ :‬أرى ّأنا قد أتينا ما نهى الله عنه ‪،‬‬ ‫‪36‬‬ ‫قال تعالى‪ " :‬وال تجسسوا " وقد تجسسنا‪ ،‬فانصرف عمر وتركهم ‪.‬‬ ‫فرغم المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق عمر أمير المؤمنين من حيث تفقد أحوال‬

‫الرعية ومحاولته التعرف على أحوالهم ومشكالتهم ؛ إال أنه لم يكن ليعمد إلى الطرق‬

‫غير الشرعية للحصول على المعلومة ‪.‬‬

‫‪ -5‬االلتزام باألخالق والقيم اإلسالمية أثناء ممارسة العمل اإلعالمي ‪:‬‬ ‫فمن غير المقبول في اإلعالم اإلسالمي التضليل أو إثارة الشهوات والغرائز أو الشتم‬

‫والقذف أو أن يكون اإلعالم مطية لتحقيق الثراء الفاحش على حساب ثوابت األمة‬

‫وأخالقيات شبابها ‪.‬‬

‫إن اإلسالم رغم دعوته للحرية وحفاوته بها إال أنه يرفض االستخدام الخاطئ للحرية ‪،‬‬

‫لقد أفرطت نظرية الحرية ‪ -‬في عالم اإلعالم الحديث ‪ -‬في إعالء حرية الفرد على‬

‫حساب مصلحة المجتمع ‪ ،‬وبالغت في منح الفرد الحق في التنصل والتحرر من أية‬

‫وتحول اإلعالم إلى صناعة وتجارة ‪ ،‬بحيث أصبح‬ ‫مسؤولية اجتماعية أو قيمة أخالقية ‪ّ ،‬‬ ‫ينظر إلى كل شيء على أنه سلعة ‪ ..‬حتى المبادئ والقيم ‪ ،‬وأصبح جني المال هدفاً‬ ‫بحد ذاته ‪ ،‬ولم يعد للجشع الفردي حدود ‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬وظائف اإلعالم وأهدافه ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬وظائف اإلعالم ‪.‬‬ ‫وتتمثل وظائف اإلعالم‬

‫‪38‬‬

‫في األمور اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -1‬وظيفة إخبارية معرفية ‪ :‬حيث يقوم المرسل بنقل المعلومات والوقائع واألفكار إلى‬

‫المتلقي واعالمه بما يجري في العالم من أحداث والعمل على تحليلها والتعقيب عليها‬

‫للمساعدة في فهم ما يحدث من ظواهر ‪.‬‬

‫‪ -2‬وظيفة تعليمية تنموية ‪ :‬ويتم ذلك من خالل تدريب المتلقين عن طريق تزويدهم‬ ‫بالمعلومات والمهارات التي تؤهلهم للقيام بأعمالهم وتطوير إمكانياتهم العلمية وفق ما‬ ‫تتطلبه ظروفهم الوظيفية ‪.‬‬

‫‪ -3‬وظيفة إقناعية تغييرية ‪ :‬وذلك من خالل إحداث تحوالت في وجهات نظر اآلخرين‬ ‫وبالتالي تساعد النظام االجتماعي والسياسي على تحقيق إجماع أو توافق نسبي بين أفراد‬

‫المجتمع على قضية من القضايا التي تهم المجتمع ‪.‬‬

‫‪ -4‬وظيفة ترفيهية ‪ :‬وذلك من خالل الترويح عن نفوس أفراد المجتمع وتسليتهم ‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يجد المتلقي الراحة والمتعة والتسلية ‪.‬‬ ‫‪18‬‬


‫تحول اإلعالم‬ ‫‪ -5‬وظيفة إعالنية ‪ :‬وهذه تعتبر اليوم أهم وظائف اإلعالم وأخطرها ‪ ،‬فمع ّ‬ ‫إلى صناعة وسلعة ‪ ،‬أصبح جزءاً من الحركة االقتصادية والتجارية ‪ ،‬وصارت‬

‫الممول األكبر للوسائل اإلعالمية المختلفة ‪.‬‬ ‫اإلعالنات والدعايات هي‬ ‫ّ‬ ‫وتعتبر الوظائف الخمسة السابقة هي أهم وظائف اإلعالم في عالمنا الحديث ‪ ،‬على‬ ‫أنه يمكننا أن نضيف لهذه الوظائف وظيفتين أساسيتين يتميز بهما اإلعالم اإلسالمي‬

‫عن غيره ‪ ،‬وهما ‪:‬‬

‫أ‪ -‬الوظيفة الدعوية ‪ :‬فاإلعالم في اإلسالم من أهم وظائفه على اإلطالق نشر عقيدة‬ ‫التوحيد والعبودية الخالصة لله تعالى ‪ ،‬والتحذير من الشرك ومظاهره وكافة العقائد‬ ‫الباطلة ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الوظيفة االجتماعية ‪ :‬وذلك من خالل بناء الشخصية اإلسالمية المتوازنة المفكرة‬ ‫والمبدعة والقوية وبناء المجتمع المتماسك والمتكامل مع اآلخرين مع بث روح األلفة‬

‫والمودة والتعارف والتآلف واالنسجام بين سائر المسلمين وتقوية الروابط االجتماعية بينهم‬ ‫ومناصرة المستضعفين والعمل على إنصافهم ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أهداف اإلعالم اإلسالمي‪:39‬‬

‫رغم االتفاق الكبير ما بين مدلوالت وظائف اإلعالم اإلسالمي وما بين أهدافه العامة‪،‬‬

‫إال أننا آثرنا التمييز ما بينهما ‪ ،‬ذلك ألن األهداف العامة لإلعالم اإلسالمي تمثل‬

‫دستو اًر يهتدي به العاملون في هذا القطاع ‪ ،‬وبالتالي تكون الوظائف التي يؤديها هذا‬ ‫اإلعالم متفقة ومتناسقة مع األهداف العامة للمنظومة اإلعالمية اإلسالمية ‪ ،‬ومن أهم‬

‫أهداف اإلعالم اإلسالمي‪:‬‬

‫‪ -1‬األهداف العقائدية‪ :‬وذلك من خالل تبليغ الدعوة اإلسالمية وترسيخها في نفوس الخالئق‬ ‫ان اْلم ْؤ ِمنو َن لِ َي ِنفروْا َك َّاف ًة َفَل ْوالَ َنَف َر ِمن ك ِّل ِف ْرَقة ِّم ْنه ْم‬ ‫صافية نقية ‪ ،‬يقول تعالى‪َ ( :‬و َما َك َ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫الد ِ‬ ‫ين َولِي ِنذروْا َق ْو َمه ْم ِإ َذا َر َجعوْا ِإَل ْي ِه ْم َل َعَّله ْم َي ْح َذرو َن)[ سورة‬ ‫طائَفةٌ ّلِ َيتَ​َفَّقهوْا ِفي ّ‬ ‫التوبة‪ ،]122:‬ويندرج تحت هذا الهدف الرد على الشبهات التي تثار بين الحين واآلخر‬ ‫بهدف صد الناس عن العقيدة من خالل تشويهها واثارة الشبهات والشكوك حولها ‪ .‬ولعل‬ ‫من أبرزها محاولة تشويه صورة النبي (‪ )‬من خالل الرسوم الكاريكاتيرية ‪ ،‬التي تهدف‬

‫أساساً إلى السخرية من الدين والعقيدة وذلك من خالل إثارة الشبهات والشكوك حول‬ ‫شخصية حامل لواء الدعوة والدين وهو النبي (‪ ، )‬فالنفاذ إلى شخصية النبي وتشويهها‬

‫يحمل ضمناً تشويهاً للرسالة التي جاء بها ‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫لذا ينبغي على وسائل اإلعالم التصدي لمثل هذه المحاوالت بإبراز الصورة الحقيقية‬ ‫لإلسالم‪ ،‬ويمكن أن يتحقق ذلك بإتباع أساليب متعددة واستثمار مواقع التواصل‬

‫االجتماعي والتكنولوجيا الحديثة لتحقيق مثل هذه األغراض‪.‬‬

‫وهنا نشير إلى فعل الرسول (‪ )‬إذ استخدم وسيلة من وسائل اإلعالم في ذلك‬

‫الزمان ‪ ،‬من أجل نشر اإلسالم وابالغ الدعوة ‪ ،‬فأرسل الرسل والرسائل لملوك األرض‬

‫في ذلك الزمان ‪.‬‬

‫‪ -2‬األهداف الثقافية والتعليمية والتربوية‪ :‬ويتم تحقيق هذه األهداف من خالل عرض ما‬

‫يتم به تعميم الوعي والفهم والمعرفة ‪ ،‬بحيث يوجد الفرد الصالح السوي والذي يكون نواة‬ ‫لمجتمع صالح ‪ ،‬وقد أثبتت األيام ووقائع التاريخ أن تحقيق هذه األهداف لن يتم إال من‬ ‫خالل العودة ألصول اإلسالم وينابيعه الصافية والتي يتصدرها القرآن الكريم والسنة‬

‫النبوية‪ ،‬وبذلك تسود الثقافة الصحيحة الخالية من الخرافات واألساطير والتشدد والتطرف‪.‬‬

‫ومن األمثلة التي تساق للتدليل على تحقيق هذا الهدف ما روي من حادثة كسوف‬

‫الشمس يوم وفاة إبراهيم ابن النبي (‪ )‬فلقد كان الناس في ذلك العصر يعتقدون أن‬

‫كسوف الشمس والقمر إنما هو مشاركة من الطبيعة لموت عظيم من عظماء أهل‬

‫األرض‪ .‬وكان من غرائب المصادفات أن كسوف الشمس الذي حدث في عهد النبي‬

‫صلى الله عليه وسلم كان يوم وفاة إبراهيم ابنه من مارية القبطية‪ ،‬وقال الناس يومئذ‪:‬‬

‫إن الشمس قد انكسفت لموته‪ ،‬أي حزنا عليه‪ ،‬واكراما للرسول (‪ ،)‬ولكن النبي ( ‪ )‬لم‬

‫يسكت على هذا القول الزائف واالعتقاد الباطل‪ ،‬وان كان فيه إضافة آية أو معجزة جديدة‬ ‫إلى آياته ومعجزاته الكثيرة‪ ،‬ألن الله أغناه بالحق عن االنتصار‬

‫بالباطل‪.‬‬

‫روى اإلمام أحمد والطبراني من حديث سمرة بن جندب أن النبي( ‪ ) ‬خطب فيهم يوم‬

‫الكسوف فقال‪ " :‬أما بعد‪ :‬فإن رجاال يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا‬ ‫القمر‪ ،‬وزوال هذه النجوم من مطالعها‪ ،‬لموت رجال عظماء من أهل األرض‪ ،‬إنهم قد‬

‫كذبوا‪ .‬ولكنها آيات من آيات الله عز وجل يختبر بها عبادة…"‬

‫‪43‬‬

‫وروى البخاري عن المغيرة بن شعبة قال‪ :‬انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم‪ ،‬فقال الناس‪:‬‬ ‫انكسفت لموت إبراهيم‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬إن الشمس والقمر آيتان‬

‫من آيات الله‪ ،‬ال ينكسفان لموت أحد وال لحياته‪ ،‬فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى‬

‫ينجلي"‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫ونلحظ كيف استخدم النبي (‪ )‬أهم وسيلة إعالمية في ذلك الزمان وهي الخطبة من‬

‫أجل تحقيق هذا الهدف‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫كما استخدم النبي ( ‪ ) ‬هذه الوسيلة اإلعالمية لتحقيق أهداف تعليمية وتربوية تعصم‬

‫الشباب من التطرف والتشدد واالبتداع في الدين ‪ ،‬فقد روي عن أنس بن مالك( ‪ ) ‬أنه‬ ‫قال‪ :‬جاء ثَالَثَة رهط إلى بي ِ‬ ‫اج َّ‬ ‫النِب ِي صلى الله عليه وسلم َي ْسأَلو َن َع ْن ِع َب َاد ِة‬ ‫وت أ َْزَو ِ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫وها َفَقالوا‪َ :‬وأ َْي َن َن ْحن م َن َّ‬ ‫َّ‬ ‫النِب ِي صلى‬ ‫النِب ِّي صلى الله عليه وسلم َفَل َّما أ ْخِبروا َكأََّنه ْم تَ​َقال َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫الله عليه وسلم ؟ َق ْد غ ِف َر َله ما تَ​َقَّدم ِم ْن َذ ْنِب ِه َوما تَأ َّ‬ ‫صّلِي‬ ‫َحده ْم‪ :‬أ َّ‬ ‫ال أ َ‬ ‫َخ َر َق َ‬ ‫َما أ َ​َنا َفإّني أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫آخر‪ :‬أ َ​َنا أَصوم َّ‬ ‫الن َسا َء َفالَ أَتَ َزَّوج‬ ‫َعتَ ِزل ّ‬ ‫ال َ‬ ‫ال َ‬ ‫آخر‪ :‬أ َ​َنا أ ْ‬ ‫الد ْه َر َوالَ أ ْفطر‪َ ،‬وَق َ‬ ‫الل ْي َل أ َ​َبًدا َوَق َ‬ ‫أَبدا‪َ ،‬فجاء رسول ِ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم َفَقال‪ :‬أ َْنتم َّالِذين قْلتم َك َذا وَك َذا أَما و َّ‬ ‫الل ِه ِإِّني‬ ‫ًَ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اء َف َم ْن َرِغ َب َع ْن‬ ‫أل ْ‬ ‫صّلِي َوأ َْرقد َوأَتَ َزَّوج ّ‬ ‫َخ َشاك ْم لله َوأ َْتَقاك ْم َله َلكّني أَصوم َوأ ْفطر َوأ َ‬ ‫الن َس َ‬ ‫‪42‬‬ ‫سَّنِتي َفَل ْي َس ِمِّني "‬ ‫‪ -3‬األهداف االجتماعية‪ :‬فاإلعالم اإلسالمي يهدف إلى تحقيق تماسك المجتمع وترابطه‬ ‫وذلك من خالل وغرس روح التعاون على البر والتقوى وترسيخ معاني األخوة والمحبة‬

‫واإليثار بين أفراده ‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫وقد ظهر ذلك في خطبة النبي ( ‪ ) ‬في األنصار بعد توزيعه لغنائم حنين‪ ،‬فقد روي أنه‬

‫لما أصاب رسول الله الغنائم يوم حنين ‪ ،‬وقسم للمتألفين من قريش وسائر العرب ما قسم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولم يكن في األنصار شيء منها ‪ ،‬قليل وال كثير ‪ ،‬وجد هذا الحي من األنصار في أنفسهم‬ ‫حتى قال قائلهم‪ :‬لقي – والله – رسول الله قومه ‪ .‬فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله‬

‫فقال ‪ :‬يا رسول الله إن هذا الحي من األنصار وجدوا عليك في أنفسهم ؟ قال ‪ :‬فيم ؟ قال ‪:‬‬ ‫فيما كان من قسمك هذه من الغنائم في قومك وفي سائر العرب‪ ،‬ولم يكن فيهم من ذلك‬

‫شيء‪ .‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ قال‪ :‬ما أنا إال‬ ‫امرؤ من قومي‪ .‬فقال رسول الله ( ‪ :) ‬اجمع لي قومك في هذه الحظيرة فإذا اجتمعوا‬ ‫فأعلمني ‪ ،‬فخرج سعد فصرخ فيهم فجمعهم في تلك الحظيرة ‪ . . .‬حتى إذا لم يبق من‬

‫األنصار أحد إال اجتمع له أتاه ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول الله اجتمع لك هذا الحي من األنصار‬ ‫ح يث أمرتني أن أجمعهم ‪ .‬فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فقام فيهم خطيبا فحمد‬ ‫الله وأثنى عليه بما هو أهله‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا معشر األنصار ألم آتكم ضالال فهداكم الله‪ ،‬وعالة‬

‫فأغناكم الله‪ ،‬وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟ قالوا‪ :‬بلى ! قال رسول الله‪ :‬أال تجيبون يا‬

‫معشر األنصار ؟ قالوا‪ :‬وما نقول يا رسول الله وبماذا نجيبك ؟ المن لله ورسوله ‪ .‬قال‪ :‬والله‬

‫لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم‪ :‬جئتنا طريدا فآويناك‪ ،‬وعائال فآسيناك‪ ،‬وخائفا فأمناك‪،‬‬

‫ومخذوال فنصرناك ‪ . . .‬فقالوا‪ :‬المن لله ورسوله ‪ .‬فقال‪ :‬أوجدتم في نفوسكم يا معشر‬

‫األنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا ‪ ،‬ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من‬

‫اإلسالم ! ! أفال ترضون يا معشر األنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير‬ ‫‪21‬‬


‫وتذهبون برسول الله إلى رحالكم ؟‪ .‬فوالذي نفسي بيده‪ ،‬لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت‬ ‫األنصار شعبا‪ ،‬لسلكت شعب األنصار ‪ ،‬ولوال الهجرة لكنت ام أر من األنصار‪ .‬اللهم ارحم‬

‫األنصار‪ ،‬وأبناء األنصار‪ ،‬وأبناء أبناء األنصار‪ .‬فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم‪ .‬وقالوا‪:‬‬ ‫رضينا بالله ربا‪ ،‬ورسوله قسما‪ ،‬ثم انصرف ‪ . .‬وتفرقوا‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫فالنبي من خالل الخطبة ‪ -‬وهي كما أسلفنا من أهم الوسائل اإلعالمية في ذلك الزمان –‬

‫لما أعطى النبي إلخوانهم المهاجرين من‬ ‫استطاع أن يزيل ما في نفوس األنصار من الوجد ّ‬ ‫الغنائم ولم يعطهم منها شيئاً ‪.‬‬ ‫كما فعل النبي ( ‪ ) ‬ذات الشيء يوم عرفة في خطبته الشهيرة حيث أرسى من خاللها‬

‫ويحرم الظلم‬ ‫مبادئ اإلسالم الكبرى ودعائم المجتمع المتماسك الذي يحترم حقوق اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫وسفك الدماء ‪.‬‬

‫‪ -4‬األهداف االقتصادية‪ :‬فاإلعالم اإلسالمي يساعد في نشر األهداف االقتصادية لألمة من‬ ‫أجل تحقيقها‪ ،‬لما يترتب على ذلك من تحسين ألوضاع الناس ‪ ،‬فيتم إرشاد المجتمع‬ ‫بالطرق السليمة للكسب واإلنفاق ‪ ،‬كما تسعى إلى التحذير من الغش واالحتكار‪،‬‬ ‫والتحذير من النهب واالستغالل‪ ،‬وتدعو إلى محاربة الربا وأكل الحرام‪ ،‬وعرض أفضل‬

‫الطرق وأيسرها للتجارة وادارة المال دون أن توجد في األمة ضيقاً أو عنتاً أو تسبب‬

‫للدولة أزمة‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫ومن األمثلة الدالة على ما أسلفناه ما رواه عروة عن أبي حميد الساعدي قال "استعمل‬

‫رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من األسد يقال له ابن اللتبية قال عمرو وابن أبي‬

‫عمر على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا لي أهدي لي قال فقام رسول الله صلى‬ ‫الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم‬

‫وهذا أهدي لي أفال قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم ال والذي‬ ‫نفس محمد بيده ال ينال أحد منكم منها شيئا إال جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه‬ ‫بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال‬

‫اللهم هل بلغت مرتين " ‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫فالنبي ( ‪ ) ‬عمد إلى توجيه الناس من خالل أهم المنابر اإلعالمية المتاحة في ذلك‬

‫الزمان ‪ ،‬من أجل تحقيق األهداف االقتصادية لألمة ‪.‬‬

‫‪ -5‬األهداف السياسية‪ :‬فمن أهداف اإلعالم تقديم النصح واإلرشاد والمشورة الصادقة للحاكم‬ ‫والمحكوم على حد سواء ‪ ،‬وبالتالي ينعكس ذلك إيجاباً على العالقة ما بين الحاكم‬ ‫والمحكوم من خالل توثيق هذه العالقة وتنميتها على أساس من العدل والطاعة وااللتزام‬ ‫‪22‬‬


‫والرعاية لمصالح األمة والمحافظة على أمنها وحريتها في الداخل وتنظيم العالقات‬ ‫الدولية وتحديد مسارها سلماً وحرباً وصداقة ومعاهدة في الخارج‪.‬‬ ‫‪ -6‬األهداف العسكرية والجهادية‪ :‬فمن أهم أهداف اإلعالم في اإلسالم التوعية واالستنفار‬ ‫ورفع الروح المعنوية بين أفراد األمة ‪ ،‬كما كان يفعل رسول الله ( ‪ ) ‬فها هو في‬

‫معركة الخندق والمسلمون محاصرون من كافة االتجاهات ومع ذلك فإنه يحرص على‬ ‫ِ‬ ‫َم َر ِباْل َخ ْن َد ِق َعَلى‬ ‫رفع معنويات الجنود ‪ ،‬يروى أن َرسول الله صلى الله عليه وسلم أ َ‬ ‫اْلمِدين ِة َفأَتاه َقوم َفأَخبروه أََّنهم وجدوا صَفاة َلم يست ِطيعوا أَن ينِّقبوها َفَقام رسول ِ‬ ‫الله صلى‬ ‫َ ً ْ َْ َ‬ ‫َ َ َ ٌْ َْ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫ض ْرَب ًة ِم ْن َرجل َك َان ْت أَ ْك َب َر‬ ‫الله عليه وسلم َوق ْم َنا َم َعه َفأ َ‬ ‫َس َم ْع َ‬ ‫َخ َذ اْلم ْع َو َل َف َ‬ ‫ض َر َب َفَل ْم أ ْ‬ ‫الله أَ ْكبر فِتح ْت َف ِارس ث َّم ضرب أ ْخرى ِم ْثَلها َفَقال َّ‬ ‫صوتًا ِم ْنها َفَقال َّ‬ ‫الله أَ ْك َبر فِت َح ِت‬ ‫َ‬ ‫َ​َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪40‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ار فنرى‬ ‫ص ًا‬ ‫ُّ‬ ‫اء الله ِبح ْم َي َر أ ْ‬ ‫الروم ث َّم َ‬ ‫ض َر َب أ ْخ َرى م ْثَل َها َفَق َ‬ ‫َع َو ًانا َوأ َْن َ‬ ‫ال الله أَ ْك َبر َو َج َ‬ ‫كيف أن النبي ( ‪ ) ‬يرفع الروح المعنوية ألصحابه ويبشرهم بفتح بالد فارس وهم‬ ‫محاصرون من أعدائهم ال يأمنون على أنفسهم من أن يذهبوا لقضاء الحاجة ‪.‬‬

‫األهداف الترفيهية‪ :‬وذلك من أجل التسلية والترويح ولتجديد النشاط وأداء الواجبات والقيام‬ ‫بالمسؤوليات‪،‬ومن األمثلة الدالة على االهتمام بالترفيه زمن النبي حلقات المصارعة التي كانت‬

‫قوة الرجال بحيث‬ ‫تجري بحضور النبي ( ‪ ، ) ‬وقد كانت المصارعة زمن الرسول منافسة تظهر َّ‬

‫يلقى أحد المنافسين اآلخر أرضاً دون إيذاء أو ضرر أو سخرية منه‪ ،‬كما فعل الرسول مع‬ ‫رجل اسمه ركانة بن زيد صارع النبي ( ‪ ،) ‬وكان أقوى الرجال في المدينة‪،‬‬ ‫ركانة‪ ،‬حيث كان ٌ‬

‫فصرعه النبي‪.‬‬ ‫ّ‬

‫كما كانت تجري سباقات اإلبل والخيل ‪ ،‬فعن ابن عمر( رضي الله عنهما) قال‪“ :‬سابق الرسول‬ ‫( ‪ ) ‬بين الخيل التي أضمرت فأرسلها من الحفياء‪ ،‬وكان أمدها ثنية الوداع ‪ ،‬فقلت لِموسى‪:‬‬ ‫فكم كان بين ذلك؟ قال‪ :‬ستة أميال أو سبعة‪ ،‬وسابق بين الخيل التي تضمر وأرسلها من ثنية‬

‫الوداع‪ ،‬وكان أمدها مسجد بني زريق‪ .‬قلت‪ :‬فكم بين ذلك؟ قال ميل أو نحوه ‪ ،‬وكان ابن عمر‬ ‫‪48‬‬ ‫ِم ّمن سابق فيها”‬ ‫ومن خصائص لهو المسلم أنه يريح القلب ويدخل السرور والمرح وفي نفس الوقت يساعد على‬

‫نبذ الملل والروتين المميت ‪ ،‬فيعود الفرد مقبالً على أعماله وواجباته بنفس جديد ونشاط متقد ‪.‬‬

‫روي عن علي بن أبي طالب ( ‪ " : ) ‬أجمعوا هذه القلوب واطلبوا لها طرف الحكمة فإنها تمل‬ ‫كما تمل األبدان" ‪.49‬‬

‫‪23‬‬


‫والترفيه في اإلعالم اإلسالمي ليس منفلتاً يتنافى مع اآلداب واألخالق ‪ ،‬ال بل هو‬ ‫منضبط بضوابط الشرع والخلق الحسن ‪.‬‬

‫تلك هي أهداف اإلعالم اإلسالمي وتلك هي غاياته وهي تحقيق العبودية الخالصة الشاملة في‬ ‫كل شيء في حياة هذا اإلنسان لله عز وجل ‪ ،‬كما قال في كتابه العزيز‪( :‬قل ِإ َّن ص ِ‬ ‫التي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يك َله َوبِ َذلِ َك أ ِم ْرت َوأ َ​َن ْا أ ََّول‬ ‫اي َو َم َماتي لله َر ِّب اْل َعاَلم َ‬ ‫ين* الَ َش ِر َ‬ ‫َونسكي َو َم ْح َي َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين)(األنعام‪ )163-162:‬فويل لمن ضل وانحرف عن هذه الغاية ‪.‬‬ ‫اْلم ْسلم َ‬ ‫المبحث الخامس ‪ :‬بعض التطبيقات النبوية وممارسات الخلفاء الراشدين في مجال اإلعالم ‪:‬‬

‫لو تتبعنا سيرة النبي ( ‪ ) ‬والخلفاء الراشدين من بعده لوجدنا نماذج كثيرة لممارسة اإلعالم‬

‫وقد آثرنا أن نستعرض بعض النماذج في هذا الشأن ومن ذلك ‪:‬‬

‫‪ .1‬أول ممارسة علنية لإلعالم اإلسالمي نلمحه في موقف النبي ( ‪ ) ‬عندما أمره الله‬ ‫ِ‬ ‫ين"‬ ‫اص َد ْ‬ ‫ض َع ِن اْلم ْش ِرك َ‬ ‫َع ِر ْ‬ ‫ع ِب َما ت ْؤ َمر َوأ ْ‬ ‫تعالى بالجهر بالدعوة ‪ ،‬ونزل قوله تعالى‪َ " :‬ف ْ‬ ‫(الحجر‪ ،)94:‬ثم أتبع هذا اإلنذار العام بإنذار خاص لقومه وعشيرته‪ ،‬بقوله تعالى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين)(الشعراء‪.)214:‬‬ ‫(وأَنذ ْر َعش َيرتَ َك األَْق َربِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين)‬ ‫(وأ َْنذ ْر َعش َيرتَ َك ْاألَْق َربِ َ‬ ‫روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ‪َ :‬ل َّما َن َزَل ْت َ‬ ‫ص ِع َد َّ‬ ‫الصَفا َف َج َع َل ي َن ِادي َيا َبِني ِف ْهر‪َ ،‬يا َبِني َعِد ّي ‪،‬‬ ‫النِب ُّي صلى الله عليه وسلم َعَلى َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َن َي ْخرَج أ َْرَس َل َرسوًال ل َي ْنظ َر َما‬ ‫اجتَ َمعوا َف َج َع َل َّ‬ ‫الرجل إ َذا َل ْم َي ْستَط ْع أ ْ‬ ‫لبطون ق َرْيش َحتى ْ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َب ْرتك ْم أ َّ‬ ‫َن ت ِغ َير‬ ‫ال ‪ :‬أ َأ‬ ‫اء أَبو َل َهب َوق َرْي ٌ‬ ‫َرَْيتَك ْم َل ْو أ ْ‬ ‫َن َخ ْي ًال ِباْل َوادي ت ِريد أ ْ‬ ‫ش َفَق َ‬ ‫ه َو‪َ ،‬ف َج َ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫عَليكم أَك ْنتم م ِ ِ‬ ‫ال ‪َ :‬فِإِّني َنِذ ٌير َلك ْم َب ْي َن‬ ‫صّدق َّي ؟ َقالوا َن َع ْم ‪َ ،‬ما َج َّرْب َنا َعَل ْي َك إال ص ْدًقا‪َ ،‬ق َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّت َي َدا‬ ‫ال أَبو َل َهب ‪ :‬تَبًّا َل َك َسائ َر اْل َي ْو ِم ‪ ،‬أَل َه َذا َج َم ْعتَ​َنا ؟ َف َن َزَل ْت { تَب ْ‬ ‫َي َد ْي َع َذاب َشديد ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َغ َنى َع ْنه َماله َو َما َك َس َب } (المسد‪.53)2-1:‬‬ ‫أَِبي َل َهب َوتَ َّب َما أ ْ‬ ‫ولو نظرنا إلى هذه الخطبة لوجدنا فيها عدة مفاهيم إعالمية ومن أهمها‪:‬‬ ‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫مفهوم البشارة واإلنذار فاإلعالم اإلسالمي يبشر الناس بالخير وال يثبط هممهم‪،‬‬

‫وينذرهم سوء المصير لمن لم يعتبر بآيات الله‪.‬‬

‫كما أن هذه الخطبة كانت نقلة نوعية للدعوة اإلسالمية‪ ،‬حيث كانت بداية لالتصال‬

‫الجماهيري الجمعي‪ ،‬حيث مارس النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة في إطار األسرة‬ ‫واألصدقاء ومن يثق بهم قبل هذه الخطبة‪.‬‬

‫كما نالحظ أن هناك عرضاً موضوعياً للدعوة وقول الحقيقة بعيداً عن التعتيم‬

‫اإلعالمي وتزوير األخبار وتلفيق الوقائع وتزييف الحقائق‪ ،‬لما في ذلك من امتهان‬

‫لعقل اإلنسان وكرامته وحريته‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫‬‫‪-‬‬

‫كما استخدم النبي صلى الله عليه وسلم األسلوب الحواري لما له من أثر فعال في‬ ‫تحقيق اإلقناع واالقتناع‪ ،‬وهذا فيه إشراك للجمهور في العمل اإلعالمي‪.‬‬

‫كما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته بقوله‪ :‬يا بني فهر‪ ،‬يا بني عدي‪ ،‬يدعو‬

‫العشائر القرشية بأحب األسماء إليها وبما تعارفوا عليه في مجتمعهم ليثير فيهم‬

‫النخوة والحمية‪ ،‬ثم يوجه لهم الخطاب والطرح اإلعالمي من خالل مسّلمة في‬

‫َخ َب ْرتك ْم أ َّ‬ ‫َن َخ ْي ًال‬ ‫أدمغتهم‪ ،‬وحتى يلزمهم بالحجة العقلية فبدأ بسؤالهم‪ :‬أ َأ‬ ‫َرَْيتَك ْم َل ْو أ ْ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِباْلو ِادي ت ِريد أَن ت ِغير عَليكم أَك ْنتم م ِ ِ‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫صّدق َّي َقالوا َن َع ْم َما َج َّرْب َنا َعَل ْي َك إال ص ْدًقا َق َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفِإِّني َنذ ٌير َلك ْم َب ْي َن َي َد ْي َع َذاب َشديد‪.‬‬

‫ رويت هذه الخطبة بعدة روايات وهو دليل على أنها كررت في أوقات متعاقبة‬‫العتبارات عدة ‪ ،‬فالتكرار المتنوع على هذه الصورة هو جوهر الفاعلية المطلوبة لكل‬

‫رسالة إعالمية‪.51‬‬

‫ المكاشفة والمصارحة بالحقائق من مبادئ اإلعالم اإلسالمي فال يبالي بالمكاسب‬‫السياسية أو المادية المرحلية‪ ،‬وال يهتم بتحقيق أغراض دنيوية طارئة‪ ،‬فيتنازل وينادي‬

‫بنصف الحقيقة‪ ،‬ألن اإلعالم الهادف إلى نشر عقيدة التوحيد الملتزم باألمر‬ ‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪،‬ال يقول إال الحق‪ ،‬لذا تميز اإلعالم اإلسالمي‬

‫بالوضوح والصراحة والواقعية‪ ،‬دون مراعاة لمصلحة فرد أو فئة من الناس‪ ،‬ألن‬ ‫مصير المجتمع الذي يبنيه اإلعالم اإلسالمي ال تقرره حماية فرد أو فئة مهما عظم‬

‫شأنها‪.‬‬

‫ أسلوب العرض الجيد واستخدام البالغة في القول وفن صياغة الرسالة اإلعالمية‬‫االتصالية إلقناع الناس بمبادئ اإلسالم وقيمه‪ ،‬فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم‬

‫يتخير أشرف المواد وأمسها رحماً بالمعنى المراد‪ ،‬ويضع كل لفظ في موضعه الذي‬ ‫هو أحق به‪ ،‬دون أن يطيل على الناس‪ ،‬خصوصاً وأنه ( ‪ ) ‬يعلم أن قريشاً على‬ ‫درجة من الذكاء والقدرة على الفهم السريع لمدلول العبارات ‪ ،‬ولهذا فقد أوجز لهم‬ ‫ذلك واقتصر دعوته في البداية على طلبه منهم أن يقولوا ال إله إال الله ليفلحوا ‪،‬‬

‫إذن هي رسالة إعالمية مركزة تثير الفكر وتدعو إلى إعمال العقل ‪ ،‬كما أن النبي (‬ ‫‪ ) ‬كان يدرك أن الجمهور سيتصدى له ويمنعه من إيصال رسالته للناس ‪ ،‬ولهذا‬ ‫اقتصر النبي ( ‪ ) ‬في دعوته على تلك العبارة المركزة التي جمعت كل ما يريد‬ ‫إيصاله للجمهور وبنفس الوقت كانت العبارة مفهومة وواضحة للمخاطبين ‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫‪ .2‬أسواق العرب ومواسمهم‪ :‬فلم يكن يجد النبي صلى الله عليه وسلم مكاناً تجتمع العرب‬

‫إال أتى إليه‪ ،‬وال مجلساً إال وقف عليه‪ ،‬يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬عن ربيعة‬ ‫‪25‬‬


‫بن عباد من بني الديل قال‪ :‬رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية‪ -‬يريد قبل‬

‫إسالمه‪ -‬في سوق ذي المجاز وهو يقول‪ " :‬يا أيها الناس قولوا ال إله إال الله تفلحوا"‬

‫‪ ،53‬فهو إعالم جماهيري جمعي يمارسه النبي صلى الله عليه وسلم في أسواق العرب‪،‬‬ ‫ال عهد للعرب بمثله من قبل‪ ،‬كما كان ال يدع للعرب موسماً إال يوافيه‪ ،‬ويدعوهم فيأتي‬

‫القبائل منازلها ويدعوهم إلى الله تعالى والى اإلسالم ويعرض عليهم نفسه‪ ،‬وما جاء به‬

‫من الرحمة والهدى‪ ،‬فكان منهم من يؤمن‪ ،‬ومنهم من يتولى عنه‪ ،‬وكان يفد موسم الحج‬

‫ويعرض على القادمين اإلسالم وكان ممن قدم مكة األنصار في بيعة العقبة األولى‪،‬‬

‫عرض النبي عليه الصالة والسالم نفسه فآمنوا وعادوا للمدينة المنورة ينشرون دعوة‬ ‫اإلسالم حتى ف شا بينهم وانتشر‪ ،‬ولم يبق بيت من بيوت المدينة إال وفيها ذكر لرسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم كانت بعد ذلك بيعة العقبة الثانية فهيأت لقيام دولة‬

‫اإلسالم فيها‪.‬‬

‫‪ .3‬خروج النبي صلى الله عليه وسلم للطائف لينشر دعوته‪ :‬وذلك عندما اشتد أذى قريش‬ ‫للنبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فردوه رداً قبيحاً‪ ،‬وسلطوا عليه غلمانهم وسفهاءهم فرموه‬ ‫بالحجارة‪ ،‬وبالرغم من ذلك فإن وصوله إلى زعماء ثقيف وعرضه اإلسالم عليهم ونصرته‬

‫وتحمله مشاق االرتحال من مكة إلى الطائف‪ ،‬ليوقع في نفوسهم أنه على حق – وان لم‬

‫يؤمنوا به‪ -‬وسيدور حديثه بين أهل الطائف ومن حولها مما يترك أث اًر في النفوس تظهر‬ ‫نتائجه فيما بعد‪ ،‬فالمهم أنه أثار التفكير فيما يدعو إليه‪.‬‬

‫‪ .4‬اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم المسجد كأول مؤسسة دعوية دينية تربوية إعالمية‬

‫حيث كان يمثل المكان الذي يلتقي به المسلمون في اليوم خمس مرات عند اجتماعهم‬

‫للصالة‪ ،‬كما كان مرك اًز للتعليم والقضاء والتشاور وغيرها من الوظائف التي كان يقوم‬ ‫بها المسجد في ذلك الوقت‪ ،‬كما كانت تقام به صالة الجمعة يستمع بها المسلمون‬ ‫لخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كان يتناول فيها قضايا مجتمعه الناشئ‬

‫ويشرع للمسلمين‬ ‫في المدينة فيأمر وينهى‪ ،‬ويبشر وينذر‪ ،‬يستقبل الوفود التي تقدم إليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أحكام دينهم وينظمها‪ ،‬فكان المسجد مرك ًاز إعالمياً مهماً في ذلك الوقت وحتى وقتنا‬

‫الحاضر‪.‬‬

‫‪ .5‬إرسال الرسل والكتب والبعوث والوالة للقبائل القريبة والنائية يدعوهم فيها إلى اإلسالم‬ ‫فكان لهؤالء دور إعالمي كبير في تبليغ الدعوة ونشر اإلسالم‪ ،‬كما أرسل الرسل إلى‬

‫قيصر الروم وأمير بصرى والمقوقص أمير مصر‪ ،‬وكسرى ملك الفرس‪ ،‬وملك البحرين‪،‬‬ ‫وعمان واليمامة وغيرها من الممالك والقبائل والمدن‪ ،‬فكان هؤالء الرسل سفراء إعالميون‬

‫لإلسالم‪ ،‬يجيبون عما يسألهم عنه الملوك واألمراء وزعماء القبائل‪ ،‬ويبينون لهم اإلسالم‬ ‫‪26‬‬


‫وغايته‪ ،‬ومن أبرزهم مصعب بن عمير عندما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم ألهل‬ ‫المدينة األنصار عقب بيعة العقبة األولى يقرؤهم القرآن ويفقههم أمور دينهم‪،‬وأرسل أبا‬

‫عبيدة بن الجراح مع وفد نجران‪.‬‬

‫‪ .6‬مناسك الحج‪ ،‬فما زالت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفه من أهم المناسبات‬ ‫اإلعالمية وأبعدها أث اًر في نفوس األفراد والجماعات‪ ،‬شرع فيها من األحكام ما زال‬ ‫المسلمون حتى وقتنا الحاضر يعملون بها ويتأسون بما جاء فيها‪.‬‬

‫الخاتمة وتتناول أهم النتائج وأبرز التوصيات ‪:‬‬

‫بعد هذه اإلطاللة السريعة حول موضوع اإلعالم اإلسالمي وتأصيله الشرعي‪ ،‬يمكننا القول أن‬ ‫ولكن‬ ‫مصطلح اإلعالم بمفهومه الحالي ‪ -‬لم يرد في القرآن الكريم وال في السنة النبوية المطهرة‪ّ ،‬‬ ‫القرآن الكريم والسنة النبوية استخدما ألفاظاً قريبة تعطي نفس المعنى تم توضيحها في ثنايا‬ ‫الدراسة‪ ،‬كما تبين أن مفهوم اإلعالم اإلسالمي هو‪ :‬النقل الموضوعي للمعلومات على اختالف‬

‫فنونها‪ ،‬وضمن األطر والضوابط الشرعية – من مرسل إلى مستقبل ؛ وباستخدام كافة الوسائل‬ ‫اإلعالمية المتخصصة والعامة؛ بقصد التأثير الواعي على عقلية الفرد من أجل تكوين رأي عام‪.‬‬

‫وضرورة أن تكون الوسائل اإلعالمية في دائرة االهتمام لما لها من أثر عظيم في تحصيل‬

‫النصر على األعداء والقاء الرعب في قلوبهم‪ ،‬إذ يعد من أهم أسباب القوة والنصر في وقتنا‬ ‫الحاضر والتي ينبغي على األمة حيازتها وتحقيقها واألخذ بها انطالقاً من قوله تعالى‪ ( :‬وأعدو‬ ‫لهم ما استطعتم من قوة)‪ .‬كما ينبغي لمن يقوم على اإلعالم أن يكون له دور أساسي في تشكيل‬

‫رأي عام مستنير التزاماً بأداء األمانة التي كّلف بحملها‪.‬‬

‫كما بينت الدراسة أن هناك أط اًر وضوابط شرعية ينبغي مراعاتها عند ممارسة اإلعالم اإلسالمي‬ ‫لتحقيق أهدافه النبيلة ومن أبرزها‪ :‬التيقن من صدق المعلومة‪ ،‬والصدق والموضوعية واألمانة‬

‫ومراعاة األخالق اإلسالمية وغيرها مما سبق ذكره‪ ،‬وأخي اًر تم تتبع بعض المواقف والتطبيقات‬ ‫النبوية والخلفاء الراشدين والتي طبقت هذه الضوابط لتكون نموذجاً يحتذى في كل زمان ومكان‬ ‫لمعنى اإلعالم اإلسالمي بحق‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫‪ -1‬ضرورة تقييم اإلعالم في الدول اإلسالمية في ضوء أحكام اإلسالم وضوابطه ‪،‬واعادة‬ ‫النظر فيما هو موجود في وقتنا الحاضر من ممارسات ال تنتمي لهذه الضوابط‬

‫واألحكام ‪.‬‬

‫‪ -2‬زيادة الوعي باألحكام الشرعية المتعلقة باإلعالم على اختالف أشكاله وأنواعه وضوابطه‬ ‫وأهدافه من خالل تضمين هذه الموضوعات في المناهج الدراسية‬

‫العمرية لينشأ جيل واع بأحكام دينه‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫لكافة المراحل‬


‫‪ -3‬إنشاء مركز إعالمي إسالمي ووكالة إعالمية إسالمية متخصصة تخرج جيل من‬ ‫اإلعالميين المتميزين والمنضبطين بأحكام وقواعد الشريعة اإلسالمية في هذا الجانب‪،‬‬

‫قادرين على المنافسة والدعوة‪ ،‬ليمثلوا صورة حقيقية لمفهوم اإلعالم اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -4‬تفعيل األجهزة الرقابية على كافة الوسائل اإلعالمية من أجل الوصول إلى إعالم نزيه‬

‫خال من االنحرافات بشتى صورها ‪ ،‬إضافة إلى ضبط التجاوزات واحالة المخالفين إلى‬

‫القضاء ‪.‬‬

‫‪ -5‬االهتمام كثي اًر بالبرامج التي تقدم لألطفال خاصة في األمور التي تتعلق بالعقيدة ‪ ،‬ذلك‬ ‫ألن ما يراه الطفل ويسمعه يرسخ في ذهنه ويصعب تعديله ‪.‬‬

‫‪ -6‬مخاطبة شعوب الثقافات األخرى بلغاتهم من خالل إيجاد قنوات إعالمية باللغة‬ ‫اإلنجليزية والفرنسية وغيرها من اللغات العالمية ‪ ،‬بحيث يتولى العمل بها ثلة من‬

‫الشباب المسلم القادر على توجيه الرأي العام والدفاع عن قضايا األمة ‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ‪.‬‬

‫‪ 1‬الراغب األصفهاني ‪ ،‬معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم ‪ ،‬ص ‪.356‬‬ ‫‪ 2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة علم‪.‬‬ ‫‪ 3‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪ 4‬ابن فارس ‪،‬معجم مقاييس اللغة ص‪88‬‬ ‫‪ - 5‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ص‪511‬‬ ‫‪ - 6‬الوشلي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي في مواجهة اإلعالم المعاصر‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪ - 7‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب أحاديث األنبياء‪ ،‬رقم (‪)3461‬‬ ‫‪ -8‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة بلغ‪.‬‬ ‫‪ 9‬محمد سيد الشنقيطي ‪ ،‬مدخل إلى اإلعالم‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪ 11‬أبو علي الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن –‪.121/1‬‬ ‫‪ 11‬عبد العزيز شرف ‪ ،‬المدخل إلى وسائل اإلعالم ‪ ، ،‬ص‪.414‬‬ ‫‪ 12‬محمد عبد القادر حاتم ‪،‬اإلعالم في القرآن الكريم‪ ، ،‬ص‪.63‬‬ ‫‪ -13‬عبد اللطيف حمزة ‪ ،‬اإلعالم تاريخه ومذاهبه ‪،‬ص‪ ، 67‬و محمود محمد ‪ ،‬اإلعالم مواقف ص‪.22‬‬ ‫‪ : Longman Dictionary 14‬ص‪217‬‬ ‫‪ 15‬إبراهيم إمام ‪،‬اإلعالم اإلسالمي‪ ، ،‬الطبعة األولى القاهرة‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪،1981،‬ص‪.27‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪Dr. Paul Martin Lester , California State University http://commfaculty .fullerton.edu‬‬ ‫‪/lester/curriculum/newmedia.html> Accessed: July. 2006‬‬

‫‪http://computing-‬‬

‫‪Dictionary.‬‬

‫‪Computing‬‬

‫‪Media.‬‬

‫‪New‬‬

‫‪Definition:‬‬

‫‪17‬‬

‫‪dictionary.thefreedictionary.com/new+media> Accessed: Sep. 2006.‬‬ ‫‪ 18‬ستيف جونز رئيس قسم االتصال بجامعة ايلنوي في شيكاغو ‪ University of Illinois – Chicago‬ومؤلفه‬ ‫موسوعة اإلعالم الجديد ‪ The Encyclopedia of New Media‬ورئيس تحرير جمعية اإلعالم الجديد ‪New‬‬ ‫‪Media & Society‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪Steve Jones , Encyclopedia of New Media : An Essential Reference to Communication‬‬ ‫‪and Technology . SAGE Publications. 2002.‬‬ ‫‪- 21‬الدليمي‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي ص‪.23‬‬ ‫‪ 21‬إمام‪ ،‬اإلعالم واالتصال بالجماهير‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪ 22‬محمد منير حجاب ‪،‬اإلعالم اإلسالمي المبادئ النظرية التطبيق‪ ، ،‬ط‪ ،2112 ،1‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫ص‪.24‬‬ ‫‪28‬‬


‫‪ 23‬صيني‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي النظري‪ ،‬ص‪.115‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪ -‬القرطبي ‪:‬الجامع ألحكام القرآن ‪. 38 /8‬‬

‫‪25‬‬

‫‪-‬ابن تيمية ‪ ،‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ‪.14‬‬

‫‪ - 26‬محمد غياث ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي ‪ ،‬ماهيته ‪ ،‬خصائصه ‪ ،‬أدواته ‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪ - 20‬أخرجه مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬رقم الحديث ( ‪. )08‬‬ ‫‪ - 28‬البيضاوي ‪ ،‬اإلبهاج في شرح المنهاج ‪.141 /1‬‬

‫‪ - 29‬الشيخ ابن سعدي‪ ،‬رسالة في القواعد الفقهية‪ ،:‬ص ‪.33‬‬ ‫‪ 31‬الترمذي ‪ ،‬كتاب البر والصلة عن رسول الله‪ ، ،‬حديث رقم (‪، )2112‬حسنه األلباني‪.‬‬ ‫‪ 31‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪.291/5 ،‬‬ ‫‪ - 32‬شلبي ‪:‬الخبر الصحفي وضوابطه اإلسالمية ‪ ،‬ص ‪88‬‬ ‫‪ - 33‬رواه الترمذي في كتاب الشهادات تحت رقم ( ‪.) 2298‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪ -‬حسام عايش ‪ ،‬اإلعالم ‪ ،‬ضوابطه وأحكامه الشرعية ‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪ -‬الحق في حرية الرأي والتعبير ‪:‬سلسلة الدراسات ‪ ، 31‬ط ‪ ، 1‬يوليو ‪.2333‬‬

‫‪ - 36‬القرطبي‪ :‬الجامع ألحكام القرآن ‪.333 /16‬‬ ‫‪ - 37‬عبد الرزاق الدليمي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي ص ‪.141‬‬ ‫‪ 38‬الوشلي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي في مواجهة اإلعالم المعاصر‪ ،‬ص‪ ، 38‬الدليمي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي ص ‪.31‬‬ ‫‪ - 39‬الوشلي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي في مواجهة اإلعالم المعاصر‪ ،‬ص‪ ، 41‬إبراهيم إمام ‪ ،‬أصول اإلعالم اإلسالمي‪، ،‬‬ ‫ص‪ ، 34-33‬عبد الرزاق الدليمي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي ص ‪.129‬‬ ‫‪ - 41‬مجمع الزوائد ج‪ 2‬ص‪ 211‬رواه الحاكم وقال‪ :‬صحيح على شرطهما ‪ ،‬ووافقه الذهبي كما في المستدرك وتلخيصه‬ ‫ج‪ 1‬ص ‪.329،231‬‬ ‫‪ - 41‬البخاري كتاب الكسوف رقم (‪) 994‬‬ ‫‪ - 42‬رواه البخاري ‪ .‬كتاب النكاح رقم ( ‪)4006‬‬ ‫‪- 43‬الوشلي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي في مواجهة اإلعالم المعاصر‪ ،‬ص‪.41‬‬ ‫‪ - 44‬رواه أحمد في مسنده ‪ ،‬باقي مسند المكثرين رقم (‪. )11322‬‬ ‫‪ - 45‬الوشلي ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي في مواجهة اإلعالم المعاصر‪ ،‬ص‪.41‬‬ ‫‪- 46‬أخرجه مسلم في صحيحه ‪ ،‬كتاب اإلمارة ‪ ،‬باب تحريم هدايا العمال غلول ‪ ،‬رقم الحديث ( ‪. )3413‬‬ ‫‪ 47‬نور الدين الهيثمي‪ ،‬مسند الحارث زوائد الهيثمي‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،714‬رقم (‪.) 692‬‬ ‫‪ - 48‬أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الصالة باب هل يقال مسجد بني فالن رقم الحديث( ‪. )411‬‬ ‫‪ 49‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬جامع األحاديث‪ ،‬مسند علي بن أبي طالب‪ ،‬ج‪،29‬ص‪ ،271‬الموسوعة الشاملة‪.‬‬ ‫‪ 51‬أخرجه األمام البخاري‪ ،‬صحيح البخاري كتاب الجنائز رقم (‪.) 1331‬‬ ‫‪ 51‬سعيد بن علي ثابت ‪،‬الجوانب اإلعالمية في خطب الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ، ،‬ص‪.16‬‬ ‫‪ - 52‬المرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪ 53‬أخرجه اإلمام أحمد ‪ ،‬في مسنده رقم (‪.) 15593‬‬

‫المصادر والمراجع‬ ‫‪ -1‬القرآن الكريم‬

‫‪ -2‬ابن تيمية ‪،‬أحمد ‪ ،‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬ط‪1418 ،1‬هـ ‪ ،‬و ازرة الشؤون اإلسالمية‬ ‫واألوقاف والدعوة واإلرشاد ‪ ،‬السعودية ‪.‬‬

‫‪ -3‬ابن حنبل ‪ ،‬أحمد ‪ ،‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل ‪ ،‬مؤسسة قرطبة ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -4‬ابن زكريا‪ ،‬أبو الحسن أحمد بن فارس(ت‪395‬هـ)‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق عبد السالم محمد‬ ‫هارون‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الجيل‪.1909 ،‬‬

‫‪29‬‬


‫‪ -5‬ابن منظور‪ ،‬أبو الفضل جمال الدين محمد(ت ‪011‬هـ)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪ :‬دار صادر‪،‬‬ ‫‪.1993‬‬

‫‪ -6‬إمام‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬اإلعالم واالتصال بالجماهير‪ ،‬ط‪ ،1969 ،1‬مكتبة األنجلو المصرية‪.‬‬ ‫‪ -0‬إمام‪ ،‬إبراهيم ‪ ،‬أصول اإلعالم اإلسالمي ‪ ،‬الطبعة األولى القاهرة‪ ،‬مكتبة اإلنجلو المصرية‪.1983،‬‬

‫‪ -8‬األصفهاني‪ ،‬أبو القاسم الحسين بن محمد‪ ،‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬تحقيق محمد سيد كيالني‪ ،‬دار‬ ‫المعرفة‪ ،‬لبنان‪ :‬بيروت‪.‬‬

‫‪ -9‬البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل ‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬ط‪1430 ،3‬هـ ‪ ،‬دار ابن كثير ‪ ،‬بيروت‬

‫‪-13‬‬

‫الترمذي ‪ ،‬محمد بن عيسى ‪ ،‬الجامع الصحيح سنن الترمذي ‪ ،‬ط‪1382 ،2‬هـ ‪ ،‬مطبعة‬

‫‪-11‬‬

‫ثابت‪ ،‬سعيد بن علي‪ ،‬الجوانب اإلعالمية في خطب الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪-12‬‬

‫حاتم ‪ ،‬محمد عبد القادر‪ ،‬اإلعالم في القرآن الكريم‪ ،‬مصر‪ :‬مكتبة األسرة‪2333 ،‬م‪.‬‬

‫‪-13‬‬

‫حجاب‪ ،‬محمد منير‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي المبادئ النظرية التطبيق‪ ، ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الفجر‬

‫‪-14‬‬

‫حمزه‪ ،‬عبد اللطيف‪ ،‬اإلعالم له تاريخه ومذاهبه‪،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪1965 ،‬م‪.‬‬

‫‪-16‬‬

‫الراغب األصفهاني ‪ ،‬الحسن بن محمد ‪ ،‬معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم ‪1434 ،‬هـ ‪ ،‬دار‬

‫‪-10‬‬

‫شرف‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬المدخل إلى وسائل اإلعالم‪ ،‬مصر‪ :‬دار الكتب المصرية‪ ،‬ط‪1989 ،2‬م‪.‬‬

‫البابي الحلبي‪.‬‬

‫السعودية‪ :‬و ازرة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪1410 ،‬ه‪.‬‬

‫للنشر والتوزيع‪.2332 ،‬‬

‫‪-15‬‬

‫الديلمي‪ ،‬عبد الرزاق محمد‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي‪ ،‬األردن‪ :‬دار مكتبة الرائد العلمية‪2334 ،‬م‪.‬‬

‫الكتاب اللبناني ‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪-18‬‬

‫شلبي‪ ،‬كرم‪ ،‬الخبر الصحفي وضوابطه الشرعية‪ ،‬األردن‪ :‬دار ومكتبة الهالل ودار الشروق‬

‫للنشر والتوزيع‪.2330 ،‬‬ ‫‪-19‬‬ ‫‪-23‬‬

‫الشنقيطي‪ ،‬سيد محمد‪ ،‬مدخل إلى اإلعالم‪ ،‬الرياض ‪ :‬عالم الكتب السعودية‪1990،‬م‪.‬‬

‫صيني‪ ،‬سعيد إسماعيل‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي النظري في الميزان‪ ،‬الرياض‪ :‬مكتبة الملك فهد‬

‫الوطنية‪1990 ،‬م‪.‬‬

‫‪-21‬‬

‫بيروت ‪.‬‬

‫الطبرسي ‪ ،‬أبو علي ‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م ‪ ،‬مؤسسة األعلمي ‪،‬‬

‫‪-22‬‬

‫عايش‪ ،‬حسام خليل‪ ،‬اإلعالم ضوابطه وأحكامه الشرعية‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪،‬‬

‫‪-23‬‬

‫عبد الحليم ‪ ،‬محي الدين ‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي وتطبيقاته العملية ‪ ،‬ط‪1984 ، 2‬م ‪ ،‬مكتبة‬

‫‪-24‬‬

‫العليمي ‪ ،‬أحمد ‪ ،‬التثبت والتبين في المنهج اإلسالمي ‪ ،‬ط‪1421 ،1‬هـ ‪ ،‬دار ابن حزم ‪،‬‬

‫الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪.‬‬

‫الخانجي ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫لبنان ‪.‬‬

‫‪-25‬‬ ‫‪-26‬‬

‫القرطبي‪ ،‬محمد ‪،‬الجامع ألحكام القرآن ‪ ،‬ط‪1952 ،2‬م ‪ ،‬دار الشعب ‪ ،‬القاهرة‬

‫مجمع اللغة العربية ‪،‬المعجم الوسيط ‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة الشروق الدولية‪1425 ،‬ه‬ ‫‪31‬‬


‫‪-20‬‬

‫محمد ‪ ،‬محمود محمد ‪ ،‬اإلعالم مواقف ‪ ،‬دار تهامة ‪1982 ،‬م ‪.‬‬

‫‪-28‬‬ ‫‪-29‬‬

‫محمد ‪ ،‬سيد ‪ ،‬المسؤولية اإلعالمية في اإلسالم ‪ ،‬دار الرفاعي ‪ ،‬ط‪1983 ،1‬م ‪.‬‬

‫مسلم‪،‬مسلم بن الحجاج ‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬ط‪1991 ،1‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪-33‬‬

‫مكتبي‪ ،‬محمد غياث‪ ،‬اإلعالم اإلسالمي‪ stclements.edu/grad/gradmhd.pdf ،‬متوفر‬

‫‪-31‬‬

‫الوشلي‪ ،‬عبدالله قاسم‪،‬اإلعالم اإلسالمي في مواجهة اإلعالم المعاصر‪ ،‬ط‪ ،2‬صنعاء‪ ،‬دار‬

‫‪-32‬‬

‫الهيثمي ‪ ،‬نور الدين ‪ ،‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬

‫‪-33‬‬

‫الحق في حرية الرأي والتعبير ‪:‬سلسلة الدراسات ‪ ، 31‬ط ‪ ، 1‬يوليو ‪.2333‬‬

‫حالياً على النت‪.‬‬

‫عمار للنشر ‪.1994 ،‬‬

‫‪1- Dr. Paul Martin Lester , California State University http://commfaculty‬‬ ‫‪.fullerton.edu /lester/curriculum/newmedia.html> Accessed: July. 2006‬‬ ‫‪2- Definition: New Media . Computing Dictionary . http://computing‬‬‫‪dictionary.thefreedictionary.com/new+media> Accessed: Sep. 2006.‬‬ ‫‪3- Steve Jones , Encyclopedia of New Media : An Essential Reference to‬‬ ‫‪Communication and Technology . SAGE Publications. 2002.‬‬

‫‪31‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.