حسين عبد القادر

Page 1



‫المكرمون‬

‫رئيس المهرجان‬

‫أ‪.‬د‪ /‬حسن عطية‬ ‫مدير المهرجان‬

‫أ‪ /‬إسماعيل مختار‬

‫رئيس تحرير المطبوعات‬

‫د ‪ /‬مصطفى سليم‬ ‫المنسق العام‬

‫ماجدة عبد العليم‬ ‫صورة الغالف إهداء‬

‫محمد فاروق‬

‫جرافيكس المطبوعات‬ ‫واإلخراج الفني‬

‫محمد عبد الحكيم الكومي‬



‫كــــــلــــــمــــــات‬


‫وزير الثقافة‬ ‫أ‪.‬د ‪ /‬إيناس عبد الدايم‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪7 6‬‬


‫ ‬ ‫يعد المسرح أحد روافد الثقافة المصرية‪ ،‬معبرا عن واقعه‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ومتطلعا لتغييره‪ ،‬ومشتركا مع كافة الفنون األخرى فى نشر‬ ‫الوعي بين الجماهير واالرتقاء بالذوق العام لمواجهة التطرف‬ ‫الفكري‪ ،‬مما يدعونا إلى ضرورة عودة الثقافة إلى المواطن من‬ ‫خالل تكاتف جميع القطاعات والتنسيق فيما بينها ‪ ،‬وإلى العمل‬ ‫من أجل تحقيق التواصل بين المركز فى العاصمة واألطراف فى‬ ‫األقاليم‪ ،‬والسعى للكشف عن هوية كل بيئة ‪ ،‬بما يعكس هوية‬ ‫هذا المجتمع األصيل الخالد‪.‬‬ ‫ومن ثم يعتبر المهرجان القومي للمسرح هو النافذة التى‬ ‫ ‬ ‫نطل منها على كل منتج إبداعي فى كافة األقاليم والقطاعات‬ ‫والتوجهات‪ ..‬أنه بانوراما مختارة لهذا الكم الرائع من العروض‬ ‫المسرحية التى قدمت خالل العام الماضى ‪ ،‬بما يسمح بالتعرف‬ ‫على مالمح تطور هذا المسرح‪ ،‬ورصد مساره المتقدم دوما لألمام‪.‬‬ ‫تحية تقدير للقائمين على هذه التظاهرة الثقافية التي‬ ‫ ‬ ‫تعبر عن وجه من أوجه حضارتنا متمثال في أبو الفنون ‪ ..‬المسرح‬ ‫الذي سيظل دوما مساحة من التفاعل الثقافي االبداعي الحي‬ ‫المعبر عن العصر وهمومه وطموحاته‪.‬‬


‫أ‪.‬د‪ .‬حسن عطية‬ ‫رئيس المهرجان‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪9 8‬‬


‫أنه تكريم لهم ‪ ..‬وشرف للمهرجان‬ ‫عندما قرر المهرجان القومى للمسرح فى دورته الحالية‬ ‫ ‬ ‫تكريم مجموعة من رموز المسرح المصرى‪ ،‬كان يسير على منوال الدورات‬ ‫السابقة‪ ،‬ويستكمل مسيرة التكريم فى الحركة الثقافية فى المجتمع‪ ،‬ويصبو ألن‬ ‫يمثل المكرم ذاته كمبدع وناقد وكممثل لجيل ومرحلة ومعبر عن رؤية للعالم‬ ‫والمجتمع والفن المسرحي‪ ،‬فالمبدع أو الناقد ُيكون ذاته بنفسه‪ ،‬منتميا لجيل‬ ‫يحمل هموم الواقع والعالم ويعبر عنها بصياغات متعددة تحكمها غالبا رؤية‬ ‫هذا الجيل للدور المؤثر للفن عامة والمسرح خاصة فى مجتمعه‪ ،‬كما أن هذا‬ ‫المبدع أو الناقد يوجد داخل مرحلة زمنية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية‬ ‫تحاول تجاوز ما سبقها وتبنى عليه أو تغير فى مفاصله أو تهدمه تماما صانعة‬ ‫مرحلة مغايرة لما سبقها‪ ،‬مما يجعله يتخذ موقفا مسايرا أو مناوئا لهذه المرحلة‬ ‫الزمنية التى يعيشها ويعبر عنها وداخلها‪ ،‬متسلحا برؤية للعالم والحياة َكونها‬ ‫باختياره مما طرحه جيله من أفكار وصياغات جمالية محددة‪ ،‬وما أثارته من‬ ‫قضايا المرحلة أو المراحل الزمنية التى عاشها وتطور وعيه داخلها‪.‬‬ ‫ينتمى المبدع والناقد بالضرورة لمجتمعهما‪ ،‬وال يستطيع المسرحى‬ ‫ ‬ ‫خاصة‪ ،‬مبدعا أو ناقدا‪ ،‬أن ينفلت لحظة من التعبير عن حركة مجتمعه‪ ،‬فالمبدع‬ ‫مهما تخفي خلف األقنعة الفنية المتعارف عليها هو معبر عما يجيش به صدر‬


‫مجتمعه وناقدا لما يراه ناقصا فى واقعه أو إيديولوجية مضادة للشرائح المجتمعية‬ ‫التى ينتمي فكريا لها‪ ،‬والناقد مهما ناور فى كتاباته الصحفية واألكاديمية‬ ‫وأستخدم مصطلحات ملتبسة‪ ،‬فهو محاور لما تقدمه الحركة المسرحية‪ ،‬وما يراه‬ ‫متسقا أو مخالفا لما يأمل تحقيقه للمسرح والمجتمع معا‪.‬‬ ‫نحن ال نصدر هذه الكتب المحتفية بالمكرمين‪ ،‬والتى قد يفرض االحتفاء‬ ‫ ‬ ‫هيمنة النظرة الفرحة بهم‪ ،‬المبتهجة بتكريم المهرجان لهم‪ ،‬ولكننا نحلم أن نضع‬ ‫أمام األجيال الجديدة الساعية لتغيير العالم‪ ،‬أو المحبطة من ظروف معوقة‬ ‫لهذا التغيير‪ ،‬نضع أمامها نماذج من إبداع أجيال صارعت أزمانها‪ ،‬وتصدت‬ ‫للمتغيرات المحيطة بها‪ ،‬وتعرضت لمضايقات أنظمة جاءت بسياسات تعادى‬ ‫ما آمنت هذه األجيال بها‪ ،‬لم تيأس لحظة‪ ،‬ولم تمل من المواجهة‪ ،‬ولم تكتف‬ ‫بكتابات الحوائط‪ ،‬لتكون بديال عن الكتابات المسرحية والنقدية‪ ،‬نزلت للشارع‬ ‫لتكتب مسرحا واعيا وشرسا فى مواجهة الفساد واإلرهاب وكل خلل طرأ على‬ ‫المجتمع وأصاب ذاكرته بالشلل‪ ،‬ولتبنى مسرحا صار صرحا لشباب اليوم‬ ‫وتجاربه المثيرة للجدل‪ ،‬ولتؤسس فرقة مستقلة تهفو ظاهريا لرسم البهجة على‬ ‫الوجوه‪ ،‬مع أنها تسعي لتغيير وعى جمهورها بنقد حاد لما تراه من سياسات‬ ‫ال تؤمن بها‪ ،‬ولتشارك فى صياغة الصور المسرحية الراقية المعودة للعين‬ ‫على إدراك الفرق بين جمال الفن وقبح الواقع‪ ،‬ولتؤسس أكاديميا جيال من‬ ‫المخرجين والممثلين صار درة المسرح الراهن‪ ،‬ولتطارد بنقدها كل مفسدات‬ ‫الحياة الكريمة العادلة وكل إبداع يروج ويزين لها‪.‬‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪11 10‬‬


‫لقد تعودنا أن نذكر فى كتاباتنا أسماء مثل «ستانيسالفسكى» و»أدولف‬ ‫ ‬ ‫آبيا» و«بيرتولت بريشت» و«بيتر بروك»‪ ،‬ونستشهد بأقوال «نيتشه» و«دريدا»‬ ‫و «باختين»‪ ،‬ونزهو بصياغات «بيراندللو» و«بيتر بروك» و«جروتوفسكي»‬ ‫المسرحية‪ ،‬متعالين على إبداعات «سعد أردش» و«كرم مطاوع» و«كمال‬ ‫ياسين» و«عبد الرحمن الشافعي»‪ ،‬ومتغافلين عن أفكار «طه حسين» ود‪«.‬محمد‬ ‫مندور» ود‪«.‬لويس عوض» و«فاروق عبد القادر» و«سامى خشبة»‪ ،‬بل وال‬ ‫نعرف أحيانا كتابات ألجيال قريبة من لحظتنا الراهنة‪ ،‬ومازالت تكتب لنا مثل‬ ‫د‪«.‬أسامة أبو طالب» ود‪«.‬أحمد سخسوخ» و«عبد الرازق حسين» و«زينب‬ ‫منتصر» و«محمد الرفاعي»‪ ،‬ومع احترامنا الكامل لكتاب الغرب‪ ،‬فلكتابنا‬ ‫ومبدعينا حضور مهم فى حياتنا‪ ،‬ومهم أن نضعهم فى ذاكرتنا الخصبة‪ ،‬وننعشها‬ ‫بإبداعهم المدهش ابن واقعنا المعيش‪ ،‬وبأفكارهم النيرة وليدة الحوار الخالق‬ ‫بين النظريات النقدية الغربية وحركة اإلبداع المسرحي المصرى داخل سياق‬ ‫مجتمعي متغير‪.‬‬ ‫ورغم طبيعة النشر المحدودة للمهرجان القومى‪ ،‬وقلة عدد نسخ كل‬ ‫ ‬ ‫كتاب‪ ،‬أال أننا نأمل أال يتوقف تلقي هذه الكتب‪ ،‬عند االقتناء وأخبار عنها‪ ،‬بل أن‬ ‫تفتح حوارا معها ومع أصحابها‪ ،‬كى تتواصل األجيال مع بعضها البعض‪ ،‬فما‬ ‫زلنا نرى نصوصا غربية كتبت من عدة قرون برؤى معاصرة‪ ،‬ويغييب عن‬ ‫مسارحنا عروضا ونقادا الحديث عن ُكتاب ومخرجين ومصممى سينوجرافيا‬


‫وأساتذة أكاديميين قدموا أعماال لم تبعد عن عامنا الحالي ربع قرن فقط‪.‬‬ ‫هذا كتاب للحوار مع كتابه‪ ،‬وحول صاحبه المبدع أو الناقد‪ ،‬فهذا هو هدفنا‬ ‫األول من كتابته ونشره وتوزيعه‪ ،‬علنا نستطيع أن نخلق تواصال بين األجيال‬ ‫يخلق بدوره حوارا جديدا فى ساحة اإلبداع المسرحية‪.‬‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪13 12‬‬


‫أ‪ .‬أحـمـد هـاشـم‬

‫تـــــــقـــــــديـــــــم‬


‫يتحدد ميالد اإلنسان ـ أى إسان ـ بتلك اللحظة المصيرية التى يغادر فيها‬ ‫ ‬ ‫رحم أمه ليتشابك مع الحياة طوال رحلة قد تطول أو تقصر‪ ..‬أما الفنان فيتحدد‪،‬‬ ‫ميالده الفنى بلحظة قدرية تتشابك فيها مالبسات كثر‪ ،‬وقد تتعدد تلكم الميالدات‬ ‫الفنية‪ ،‬حسب درجة سطوع نجم الفنان هذا أو‪ ..‬أو ذاك فى رحلته الفنية التى قد‬ ‫تترك نتوءات بارزة فى المجال الذى يمتهنه‪ ،‬وقد تترك‪ ،‬عالمات غائرة حسب‬ ‫ماهو مقدر له‪ ،‬وحسب خياراته أيضا‪.‬‬ ‫وهناك من الفنانين من يمتلك ميالدا فنيا واحدا يتحدد بالفرصة األولى‬ ‫ ‬ ‫التى تتاح له‪ ،‬ويتعلق بها متشبثا‪ ،‬ويتوقف صعود نجمه من عدمه وفقا لخياراته‬ ‫وأولويوياته‪ ،‬ومواقفه تجاه الفن والعالم من حوله‪.‬‬ ‫والفنان الممثل والمخرج القدير ‪ /‬وأستاذ التحليل النفسى «حسين‬ ‫ ‬ ‫عبدالقادر» ممن يرون أن له أكثر من ميالد‪ ..‬أولها هو إنخراطه وإنجذابه وتعلقه‬ ‫بفن المسرح بمراحل الدراسة المدرسية‪ ،‬والجامعية‪ ،‬وثانيها هوإلتحاقه بالمسرح‬ ‫القومى‪ ،‬وثالثها هوإنتاجه العلمى ( ومشاركاته فى المؤتمرات العلمية‪ ،‬وتدريسه‬ ‫للتحليل النفسى بأكثر من جامعة)‪ ،‬وإن كنا نرى نحن أن هناك ميالدا آخر ـ غير‬ ‫منفصل ـ يتمثل فى دوره السياسى ـ المباشر منه وغير المباشر‪ ..‬ذلك الدور الذى‬ ‫جعله يقف دائماـ إختياريا ـ على يسار السلطة‪ ،‬فى غير تسليم أو إنهزام‪.‬‬ ‫يبدأ مشوار «حسين عبد القادر» الفنى ـ كما يراه هو ـ بلحظة إنضمامه‬ ‫ ‬ ‫لفريق التمثيل بالمرحلة اإلبتدائية‪ ،‬بمدرسة «بنبا قادن»ٍ الواقعة بتقاطع شارع‬ ‫الصليبة مع شارع الحلمية الممتد حتى مدرسة محمد على بالقرب من ميدان‬ ‫السيدة زينب حيث كان يقطن مع أسرته بمنزلهم بالحلمية الجديدة‪ ،‬مما يجعلنا‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪15 14‬‬


‫ال نستطيع أن نغفل تأثير المكان فى تعلق الفتى بالفن‪ ..‬إذ يتميز حى «السيدة‬ ‫زينب» ـ كحى شعبى ـ يعج باإلحتفاالت الرمضانية ذات الطابع الخاص بذلك‬ ‫الحى دون غيره‪ ،‬ربما لطبيعته الديموجرافية‪ ،‬التى تجعل منه قلعة لصناعة فوانيس‬ ‫األطفال الرمضانية‪ ،‬وإن بدأت تتراجع تلك الصناعة ـ اآلن ـ إلى حد كبير‪ ،‬مع‬ ‫غزو الصناعات الصينية للفوانيس وغيرها من الصناعات المصرية‪ ،‬وتكاد تقضى‬ ‫عليها‪ ..‬كذلك إحتفاالت مولد حفيدة رسول هللا (صلعم) التى يأتى إليها المريدون‬ ‫من كل جنوب مصر وشمالها‪ ،‬ومنهم من يفترش أرض الشوارع على مدى‬ ‫األسبوعين السابقين على الليلة الكبيرة‪ ،‬وإقامة سرادقات الذكر واإلنشاد الدينى‬ ‫ليال‪ ،‬مع وجود األلعاب الشعبية المختلفة‪ ،‬كل ذلك مما يصنع البهجة‪ ،‬وقد يكون‬ ‫كل ذلك أحد أسباب دفع ذلك الحى بالعديد من األسماء الكبيرة التى كان لها تأثير‬ ‫كبير عالمنا الثقافى والفنى خرجوا من ذلك الحى ذو الطبيعة الخاصة نذكر منهم‬ ‫على سبيل المثال ال الحصر (يحيى حقى‪ ،‬نور الشريف‪ ،‬شكرى سرحان) وغيرهم‬ ‫الكثير والكثير‪.‬‬ ‫فى مدرسة «بنبا قادن» إذن تبدأ ممارسات الفتى لفن المسرح‪ ،‬و «بنبا‬ ‫ ‬ ‫قادن» لمن ال يعرف هى زوجة «طوسون» إبن «محمدعلى» الذى أرسله على رأس‬ ‫حملة عسكرية إلى الحجاز للقضاء على الوهابيين‪ ،‬وفكرهم السلفى‪ ،‬ومضايقاتهم‬ ‫للحجاج‪ ،‬وسلب أمتعتهم وأموالهم‪ ،‬وإن عاد «طوسون» إلى مصر على إثر‬ ‫وعكة صحية ألمت به (اإلسهال)‪ ،‬وسافر ليحل محله شقيقه القائد العسكرى الفذ‬ ‫«إبراهيم» باشا‪ ،..‬وهى أيضا (بنبا قادن) والدة الخديوى «عباس» األول‪ ،‬وال زال‬ ‫يحمل إسمهما معا السبيل الملحق بسور المدرسة‪ ،‬وهو تحفة معمارية فنية من‬


‫الخارج‪ ..‬سبيل «أم عباس» ‪.‬‬ ‫واصل الفتى «حسين عبد القدر» مشواره المسرحى بمدرسة «على مبارك» الثانوية‬ ‫التى لعب فيها العديد من األدوار التمثيلية بالمسرحيات العالمية التى كان يقوم‬ ‫بإخراجها مجموعة من المخرجين الكبار منأمثال (سعد أردش‪ ،‬كمال ياسين‪،‬‬ ‫حمدى غيث‪ ،‬وعبدالغفار أبو العطا ـ المدرس بمعهد الفنون المسرحية حينها‪،‬‬ ‫إبراهيم سكر ‪ /‬الدكتور إبراهيم سكر فيما بعد أستاذ الدراسات اليونانية والالتينية‬ ‫بآداب عين شمس فيما بعد)‪ ،‬وربما كان جالل الشرقاقوى من آخر الفنانين الكبار‬ ‫الذين قاموا باإلخراج فى المدارس (إذ قام باإلخراج فى مدرسة الخديوية الثانوية)‬ ‫ونرى إلى أى مدى كانت و ازرة التربية والتعليم تهتم بالمسرح فى مدارسها‪ ،‬وتأتى‬ ‫لعروضها بمخرجين المعين‪ ،‬إذ كان ال زالت و ازرة التعليم تؤمن بدور المسرح فى‬ ‫ترقية أذواق تالميذها‪ ،‬ويساعدهم على تطور شخصياتهم وتنميتها‪ ،‬كما يساهم فى‬ ‫بناء مواطن سوى صالح للمشاركة فى مجتمعه‪ ،‬وباإلضافة إلى هذا وذاك‪ ،‬فهو‬ ‫يشبع هوايات التالميذ‪ ،‬ويساهم أيضا فى الكشف عن مواهبهم وينميها‪ ..‬فتالميذ‬ ‫تلك المرحلة (مرحلة الخمسينات من القرن الفائت) هم من قادوا الحركة المسرحية‬ ‫فى مصر طوال سبعينيات وثمانينيات القرن ذاته‪ ،‬ومن زمالئه فى تلك المرحلة‬ ‫الثانوية (أنور إسماعيل‪ ،‬أحمد طنطاوى‪ ،‬وحسن عبد السالم‪ ،‬ومحمد الدفراوى)‬ ‫ويستكمل الفتى «حسين عبدالقادر» مشواره المسرحى بكلية آداب جامعة عين‬ ‫شمس‪ ،‬والتى تزامل فيها مع (سمير العصفورى‪ ،‬إنعام سالوسة‪ ،‬محمد الدفراوى‪،‬‬ ‫ومحمد عوض) وغيرهم‪.‬‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪17 16‬‬


‫الــمــيــاد الــفــنــى الــثــانــى‪..‬‬ ‫المسرح القومى‬


‫حين قرر الفتى ‪ /‬الفنان «حسين عبدالقادر» أن يخطو خطواته األولى فى طريق‬ ‫اإلحتراف المسرحى الذى يعشقه أراد أن تكون خطواته األولى راسخة‪ ،‬فاتجه‬ ‫إلى المسرح األكثر رسوخا فى تاريخ الفن المسرحى المصرى (المسرح القومى)‪،‬‬ ‫الذى نشر إعالنانا عن حاجته لتعيين عدد من الممثلين من خريجى المعهد‬ ‫العالى للفنون المسرحية‪ ،‬والجامعات ليكون أول جامعى يتم تعيينه بالمسرح بعد‬ ‫إجتيازه إمتحانات المسابقة التى ضمته مع زمالء من خريجى المعهد العالى‬ ‫للفنون المسرحية‪..‬كان الفتى الفنان ممتلئا بالثقة والطموح‪ ..‬فيتقدم لتلك السابقة‬ ‫التىتقدم لها كثيرون (مائة وإحدى عشر) متسابقا من خريجى المعهد العالى للفنون‬ ‫المسرحية‪ ،‬والمعهد العالى للسينما (كان الزال به قسما للتمثيل‪ ،‬وقد تم إلغائه‬ ‫فيما بعد) وكذلك عدد من خريجى الجامعات‪ ،‬وقد إجتاز اإلختبارات أحد عشر‬ ‫متسابقا منهم (صالح قابيل‪ ،‬عزت العاليلى‪ ،‬محمود الحدينى‪ ،‬مرسى الحطاب‪،‬‬ ‫وبالطبع حسين عبد القادر) ليكون أول جامعى يتم تعيينه بالمسرح القومى‪،‬‬ ‫وتلك المسابقة التى تكونت لجنتها من المخرج األلمانى الشرقى ـ فى حقبة المد‬ ‫الناصرى تجاه دول أوربا الشرقية الشيوعية ‪ /‬اإلشتراكية «كورت فيت» من مسرح‬ ‫«برلين تشامبل» الذى كان قد جاء إلى القاهرة ليقوم بإخراج المسرحية البريختية‬ ‫«دائرة الطباشير القوقازية»‪،‬باإلشتراك مع «سعد أردش»‪ ،‬وإن لم تتم التجربة حتى‬ ‫نهايتها‪،‬ليقدمها بعد ذلك بعدة سنوات «سعد أردش» من إخراجه بمفرده‪ ،‬وكانت‬ ‫تضم اللجنة أيضا (زكى طليمات‪ ،‬كمال ياسين‪ ،‬آمال المرصفى‪ /‬مدير المسرح‬ ‫القومى‪ ،‬أحمد حمروش‪ /‬رئيس البيت الفنى للمسرح والموسيقى حيتئذ )‪ ،‬وقد تقدم‬ ‫«حسين عبدالقادر إلختبارات هذه اللجنة بدورين األول هو دور األب فى المسرحية‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪19 18‬‬


‫المسماة بنفس اإلسم لستراندبرج‪ ،‬والدور الثانى هو دور «كليفورد» من مسرحية‬ ‫سيدة الوقت» لمؤلفها «رومان روالن» وكان قد سبق له تقديم هذاالدور بالجامعة‬ ‫عام ‪ 1959‬من إخراج «عبدالرحيم الزرقانى» ‪ ،‬الذى كان يقوم بإخراجها أيضا‬ ‫للمسرح فى ذات الوقت للمسرح القومى‪ ..‬وكان «حسين عبدالقادر» قد سبق له‬ ‫وحصل بهذا الدور على الميدالية الذهبية فى مسابقة الجامعات‪ ،‬مما جعله يستمتع‬ ‫بمجانية التعليم عن النصف الثانى من العام (التيرم الثانى)‪.‬‬ ‫وتشهد مرحلة المسرح القومى إنطالقة كبيرة للفنان الشاب الممتلئ بالطموح‬ ‫واإليمان بالمسرح‪ ،‬وأهمية دوره فى المجتمع‪ ،‬وقد إنعكس ذلك اإليمان بدور‬ ‫المسرح ـ بجالء فيما بعد ـ فى مشروعه ورؤيته التى يتقدم بها حين يصدر له‬ ‫قرار وزارى ليتولى ـ فيما بعد بما يزيد على ثالثين عاما بعد ذلك ـ إنشاء فرقة الغد‬ ‫للعروض التجريبية فى أوائل تسعينيات القرن العشرين ‪.‬‬ ‫وفى العام ‪ 1965‬ينتقل من المسرح القومى إلى المسرح العالمى‪ ،‬ثم يعود للمسرح‬ ‫القومى مرة أخرى‪ ،‬وما بين المسرح القومى والمسرح العالمى يقوم بآداء العديد من‬ ‫األدوار فى مجموعة كبيرة من المسرحيات نذكر منها ما يلى ‪ :‬ـ‬ ‫ـ دور «ميشيل كاسيو» فى مسرحية عطيل إخراج سعد أردش‬ ‫ـ دور «هوريشيو» فى مسرحية هاملت إخراج السيد بدير‬ ‫ـ أستاذ األنثربولوجى ـ فى مسرحية الكلمة الثالثة إخراج أنور رستم‬ ‫ـ أستاذ الفلسفة‪..‬فى مسرحية البرجوازى النبيل إخراج سعد أردش‬ ‫كما إشترك بالتمثيل أيضا فى مسرحيات ‪ :‬ـ‬ ‫ـ باب الفتوح لمحمود دياب حيث قام بدور الراوى إخراج سعد أردش‪ ،‬وقد ألغى‬ ‫العرض فى ليلة اإلفتتاح ألسباب النرى المجال مناسبا هنا لذكرها ‪.‬‬


‫ـ ‪ 28‬سبتمبر (ميخائيل رومان) إخراج كرم مطاوع ‪.‬‬ ‫ـ الرحلة إبتدت (أحمد عبدالمعطى حجازى) ولم تكن عمال مسرحيا بل قصيدة‬ ‫مؤادة مع نجاة على‪ ،‬وأشرف عبدالغفور إخراج سعد أردش‬ ‫ـ وطنى عكا (عبدالرحمن الشرقاوى) إخراج كرم مطاوع‬ ‫ـ دور قائد الفدائيين فى مسرحية الناروالزيتون إخراج سعد أردش‬ ‫ـ مسرحية الميت الحى إخراج مجدى مجاهد‬ ‫ـ دور بومبى فى مسرحية «أنطونيو وكليوباترا» إخراج المخرج اإلنجليزى برنارد‬ ‫جوس‪،.‬‬ ‫وغير ذلك كثير من المسرحيات التى شارك فيها‪.‬‬ ‫وقد قام بإخراج العديد من المسرحيات لتالميذ المدارس الثانوية‪ ،‬والعديد من‬ ‫المسرحيات األخرى لطلبة كليات جامعة عين شمس‪ ،‬وغيرها من الكليات بالجامعات‬ ‫المختلفة وحصل على المركز األول فى اإلخراج لسنوات عدة‪ ،‬والحصول علىماكان‬ ‫يسمى بقناع الجامعة‪ ،‬ومن أشهر المسرحيات التى أخرجها للجامعة «لكع بن‬ ‫لكع» للكاتب الفلسطينى «إميل حبيبى»‪ ،‬و «كوميونة باريس»‪ ،‬ومسرحية «بيكيت‬ ‫أو شرف هللا» لمؤلفها «جان أنوى» لكلية التجارة الخارجية وإدارة األعمال جامعة‬ ‫حلوان‪ ،‬وإلى جانب المسرح إنطلق «حسين عبدالقادر»أيضا فى اإلذاعة‪ ،‬وفى‬ ‫التليفزيون الذى قاطعه رسميا ـ كممثل ـ منذ العام (‪1971)1971‬ووإن لم تنقطع‬ ‫صلته به تماما إذ استمرت تلك الصلة فى المشاركة فى البرامج التى لها عالقة‬ ‫بالتحليل النفسى‪ ،‬وهو تخصصه العلمى الحاصل فيه على درجة الدكتوراه‪.‬‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪21 20‬‬


‫وذلك ميالد آخر‬ ‫وهو ما يمكن إعتباره ميالدا ذات صلة بالفن رغم أنه علمى بالدرجة األولى‬ ‫ ‬ ‫إذ كان تخصصه الدقيق فى درجة الماجستير الذى كان موضوعها (الفصام بحث‬ ‫فى العالقة بالموضوع كما تظهر فى السيكودراما)‪ ،‬وامتدت الصلة بنفس اإلهتمام‬ ‫بالموضوع ذاته ـ ذات العالقة بالدراما ـ حيث كان موضوع أطروحته للدكتوراه‬ ‫(العالج الجماعى والسيكودراما‪ ،‬دراسة فى العالقات الجماعية لمرضى فصام‬ ‫البرانويا)‪ ،‬وهو األمر الذى أدى ـ ربما ـ إلى إختياره دون غيره للقيامه بالتدريس فى‬ ‫معاهد السينما‪ ،‬والفنون المسرحية‪ ،‬والباليه‪ ،‬والكونسيرفتوار‪.‬‬ ‫وال يمكننا أن نغفل موف لهذا الفنان النبيل يؤكد مرة أخرى على إيمانه‬ ‫ ‬ ‫بالفن‪ ،‬وأهمية دوره فى المجتمع ـ أن يرفض ـ بعد حصوله على ليسانس علم‬ ‫النفس من آداب جامعة عين شمس‪ ،‬وتعيينه بالمسرح القومى‪ ،‬وال يستجب للفرصة‬ ‫التى واتته للتعيين معيدا بقسم علم النفس فى كلية اآلداب جامعة اإلسكندرية‪،‬‬ ‫حين عرض عليه ذلك الدكتور «سامى على» أحد أهم المحللين النفسيين بالعالم‪،‬‬ ‫والمقيم بفرنسا حاليا‪.‬‬ ‫كما قام بالتدريس فى عدة جامعات مصرية منها المنصورة‪ ،‬والزقازيق‪،‬‬ ‫ ‬ ‫وآداب عين شمس‪ ،‬والمعهد الدراسات العليا للطفولة‪ ،‬وأكاديمية الشرطة‪ ،‬وأستاذا‬ ‫زائ ار فى عدة جامعات بتونس‪ ،‬وشارك فى العديد من المؤتمرات الدولية ممثال‬ ‫لمصر‪ ،‬منها مؤتمرات للمسرح‪ ،‬ومنها مؤتمرات خاصة بتخصصه العلمى فى علم‬ ‫النفس‪.‬‬


‫وإذا كان للفنان «حسين عبدالقادر» محطات كثيرة فى حياته فإننا نعتبر محطة‬ ‫إنشائه وإدارته لفرقة «الغد» التابعة للدولة هى واحدة من أهم تلك المحطات فى‬ ‫رحلته الفنية الطويلة ‪ ،‬وتبدأ محطته تلك حين عرض عليه الفنان الراحل «عبد‬ ‫الغفار عودة» وكيل و ازرة الثقافة‪ ،‬ورئيس قطاع الفنون الشعبية واإلستعراضية‬ ‫حينئذ ليكون مدي ار عاما لفرقة «الغدللعروض التجريبية» وكان رد الثائر العنيد‬ ‫«حسين عبدالقادر» أن أمر موافقته مرهون بشيئين‪ :‬األول أن يكون قرار التكليف‬ ‫صادر من وزير الثقافة «فاروق حسنى» وقتها وليس صاد ار عن وكيل الو ازرة‪،‬‬ ‫األمر‪ ،‬ولم يكن يتصور أن يتم تلبية شرطه هذا نظ ار لمعرفته بموقف السلطة‬ ‫من مشاغباتهمعها‪ ،‬ووقوفه على يسارها‪ ،‬وعدم قبولهلدخوله الحظيرة التى أنشأها‬ ‫وزير الثقافة «فاروق حسنى»‪ ،‬ونجح فى إدخال كثير من المثقفين‪ ،‬والفنانين بين‬ ‫جدرانها‪ ،‬واحتوائهم على يمين السلطة بدال من يسارها‪ ،‬وقد تم ذلك بنجاح يحسب‬ ‫له (فاروق حسنى) فى مقابل بعض اإلمتيازات الصغيرة من مكتسبات الدناءة‬ ‫التى إستمتع بها البعض‪.‬‬ ‫وكانت المفاجأة للدكتور «حسين عبدالقادر» ان تمت الموافقة على‬ ‫ ‬ ‫شروطه‪ ،‬لينشط وظهر واحد من الجوانب التى تتسمبها شخصيته‪ ،‬وهو التحدى‬ ‫الذى لم يتم تحفيزه فقط بل توهج إلى أعلى درجاته‪ ،‬ليضع مشروعه لفرقة «الغد‬ ‫للعروض التجريبية» ذلك المشروع الذى وإن قام على رؤيته للفرقة الوليدة وفقا‬ ‫لهويتها المحددة فى قرار إنشائها‪ ،‬إال أن من يطلع على هذا المشروع يجده عاما‬ ‫وشامال ـ كمشروع ـ يصلح ان يكون للمسرح المصرى بأكمله‪ ،‬وليس قاص ار ـ كرؤية‬ ‫ـ لفرقة بعينها إال فيما يتعلق بهويتها‪ ،‬فالمشروع يشمل تشخيص وعالج لواقعنا‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪23 22‬‬


‫المسرحى‪ ،‬وضعه جراح ماهر لم تغب عن ذهنه كافة المالبسات المحيطة بما فيها‬ ‫الجانب المادى لذلك المريض المسمى بالمسرح‪ .‬لذا إحتفت به (المشروع‪ ،‬وكاتبه)‬ ‫العديد من األقالم المهتمة بالشأن المسرحى‪ ،‬ذلك بعد نشره بمجلة الكواكب فى‬ ‫ثالث أعداد على التوالى هى أعداد رقم (‪ )2259 ،2258 ،2257‬تحت عنوان ‪:‬‬ ‫«فرقة الغد للعروض التجريبية‪ ،‬ورؤى المستقبل» ‪ ،‬وفيها يلتزم بمنهج علمى يقوم‬ ‫على رؤيته لدور المسرح ورسالته‪ ،‬وما آل إليه الواقع‪ ،‬يستتبعها بإلماحة تاريخية‬ ‫منذ إنشاء مؤسسة فنون المسرح والموسيقى عام ‪ 1959‬بالقرار الجمهورى رقم‬ ‫‪ 2294‬إنطالقا من أن إستشراف الغد يكون قاص ار إذا إفتقد المعرفة باألمس‪ ،‬ومن‬ ‫ثم يمكن أن تكتمل الرؤية القائمة على التخطيط العلمى المدروس المتصل بمنهج‬ ‫وفلسفة وأهداف واضحة فى ظل إستراتيجية تعمل للحاضر والمستقبل معا‪ ،‬وال‬ ‫تتغير بتغير األفراد‪ ،‬وتكون قادرة على مواجهة عناصر السلب التى أدى تراكمها‬ ‫لتغير كيفى يفرض علينا أن نجاهد من أجل تصحيح مساره‪ ،‬وذلك عبر اإلجابة‬ ‫على تساؤالت أربع هى (لم‪ ،..‬ولمن‪ ..‬وكيف‪ ..‬وبمن)‪ ،‬وهى تساؤالت تحدد‬ ‫المحاور التى تقوم عليها رؤيته للمسرح‪ ،‬والتى أجملها فى‪....‬‬ ‫مفتتح‬ ‫إذا ما صح أن الفن ـ والفن المسرحى بالذات ـ هو فى صميمه وسيلة‬ ‫ ‬ ‫للتواصل وإعادة البناء بأكثر مماهو وسيلة للتفريج (التطهير) تأخذ فيه جوقة‬ ‫العرض جمهورها على درب التحول من الممكن لألمثل ـ إذا كان كذلك ـ فإن‬


‫ذلك يقربنا من مقولة «هيجو» للمسرح أهمية واسعة تمتد بإستمرار مع إمتداد‬ ‫الحضارة نفسها‪ ،‬فالمسرح منبر وقضية‪ ،‬والمسرح منوط به أن ينطق بإعزاز‬ ‫وقوة إذ أنه صوت الحقيقة‪ ،‬فهو رسالة إجتماعية ـ إنسانية ـ بل ووطنية أيضا‪،‬‬ ‫وما أكثر مايمكن أن نسوقه عن المسرح ودوره ورسالته وأهميته‪ ،‬بإعتباره إحدى‬ ‫التجليات اإلجتماعية الكبرى‪ ،‬إذ هو التوازن الضرورى الذى يقوم بدور فعال فى‬ ‫إعادة بناء الواقع‪ ،‬الذىيسهم فى إدراك النقيض وفهم قيمة اأنا وبعد اآلخر‪ ،‬وترسيخ‬ ‫قيم الجمال واإلهتمام بالخلق والتشييد‪ ،‬مما يسهم فى إرادة التغيير عندما يتخلق‬ ‫الفرد ضمن المجموع‪ ،‬وينمو الحس الجمعى مع اآلخرين وتتعانقةفيها الضرورة‬ ‫المطلقة مع الحرية المطلقة‪ ،‬فهو إتحاد بين جوهر التجربة الداخلية العميقة‬ ‫والمعيش الخارجى الحى‪ .‬إنه فن مغروس بعمق فى الوجود الشخصى والجماعى‪،‬‬ ‫من حيث أصوله وموقفه من الواقع وإستشرافه للمستقبل‪ ،‬وهو فى ذلك كله يقوم‬ ‫على فهم واع بديناميات حركة المجتمع والتاريخ‪ ،‬فهو يتحدى ويصوب ويرسخ‬ ‫ويتجادل ويسه فى صنع أفكار جديدة‪ ،‬وما أكثر وظائفه وأهدافه التى ال يمكن أن‬ ‫تسلم بتهافت المضمون‪ ،‬أو أن تقف عند دغدغة حواس الجمهور‪ ،‬وما إليهما‪،‬‬ ‫مما تغص به ساحة الواقع المسرحى فى مصرنا بمساحته الفارغة‪ /‬المكتظة بغيبة‬ ‫التخطيط واإلرتجال واألموال المهدرة‪ ،‬فى مسايرة السائد الذى أفرزته عالقات‬ ‫وقوى إنتاج متدنية‪ ،‬وخصائص المسرح المميت بعامة‪ ،‬مما أدى إلى تراكمات‬ ‫أدت بذاتها لتغير كيفى وصل ظالمه إلى حد يستحيل معه أن يتنفس الضوء‬ ‫بصيصا من شعاع ‪ ،‬دون محاولة جاة لفهم األمس وعوامل السلب فيه‪ ،‬واستشراف‬ ‫الغد‪ ،‬بالتحديد الدقيق لألهداف والغايات‪ ،‬وما تستند إليه األهداف من خطة تقوم‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪25 24‬‬


‫على فلسفة تؤمن بالمسرح واإلنسان‪ ،‬ومنهج علمى يدرك متغيرات الواقع وحقيقة‬ ‫دينامياته‪ ،‬وعمل موصوص ال يهدأ إذ أننا ـ فى ظنى ـ قد أصبحنا على مشارف‬ ‫الساعة الخامسة والعشرين وهى الساعة بعد األخيرة‪ ،‬وكأننا فى مفترق طريقين»‬ ‫أن تكون أو ال تكون» وال سبيل إلى ذلك كله إال بالقراءة المتأنية والمواجهة الواعية‬ ‫لما آل إليه حال المسرح المصرى الذى صار رمادى النهار‪ ،‬ال بل أظلمت سماؤه‬ ‫إال من نجيمات شاحبة هنا أو هناك‪ ،‬لألسف ليس من بينها مسرح الدولة‪ ،‬الذى‬ ‫استسلم للهجمة الشرسةالتى تستهدف الثقافة المصرية‪ ،‬من قبيل إستشراء تلك‬ ‫الحقبة البترولية‪ ،‬وغيرها من متغيرات إجتماعية‪ ،‬وإقتصادية‪ ،‬وقوى مدمرة عديدة‬ ‫نحسبها ـ بل يقينا ـ ال تريد خي ار او دو ار رائدا محتومل لصرنا‪ ،‬وتسللت جراثيمها‬ ‫وتفاقمت فى ظل وقائع بدأ لفح لهيبها يصفع العيون‪ ،‬مع ثورة وسائل اإلتصال‬ ‫وإستثمار الفضاء‪ ،‬حتى أصبح الحدس المشروع فى البدء‪ ،‬وهو حدس القطيعة مع‬ ‫هذه الوقفة الكأداء‪ ،‬حتى ال نقع فى هشاشة خداع الذات‪ ،‬واإلنطالق من الصفر‬ ‫لتأسيس ملكوت واقع طال عليه المكث‪ ،‬وتلزمننا الوقائع آنئذ أن نلقى نظرة على‬ ‫األمس‪ ،‬فالفكر العلمى يمنعنا أن نكون رأيا حول مسائل ال نعرف تاريخها‬ ‫إلماحة حول التاريخ‬ ‫للمسرح المصرى تاريخ ممتد يحتولى يقينا على ثغرات تنقطع فيها الصلة‬ ‫ ‬ ‫بالماضى‪ ،‬بقدر مايكبو لينهض‪ ،‬ليأفل‪ ،‬ليزدهر‪ ،‬ليسقط فى الهوة التى قد تعبر‬ ‫عن التمزق البعيد المدى الذى نعايشه فى العقود األخيرة‪ ،‬وألننا معنيون بمسرح‬


‫الدولة من أجل تقويم الماضى كخطوة أولى لشمس الغد وإرهاص المستقبل‪،‬‬ ‫والميالد المتجدد الذى نرنو إليه بعيدا عن المغالطة والهرب من لظى الحقيقة‪،‬‬ ‫فمن الطبيعى أن نجمل تاريخ الظاهرة منذ إنشاء مؤسسة الفنون والمسرح عام‬ ‫‪ 1959‬بالقرار الجمهورى ‪ ،2294‬وإن كانت هذه نهاية مرحلة هى بذاتها أمل‬ ‫لجيل من الفنانين الذين جاهدوا من أجل الق اررات الو ازرية رقم ‪17 ،16 ،15‬‬ ‫والتلى أصدرها وزير اإلرشاد القومى «فتحى رضوان» عام ‪ ،1956‬للنهوض‬ ‫بالمسرح والسينما والموسيقى‪ ،‬وفى عام ‪ 1962‬أنشئت مسارح التليفزيون‪ ،‬وكانت‬ ‫تتبع هيئة اإلذاعة والتليفزين آنذاك‪ ،‬وفى ‪ 12‬فبراير كان ميالدها بمسرحية شيئ‬ ‫فى صدرى» لتتوسع بعدها فى عشر فرق لتغطى إحتياجا كان يحتاج فى ظننا‬ ‫لألناة وفلسفة وتخطيط مدروس‪ ،‬بأكثر من كونه واقعا تفرزه ضرورة ملحة لواقع‬ ‫مسترسل ‪ ،‬وإن لم ننف لها دو ار رائدا‪ ،‬وسلبيات مازالت تنخر سوسها فى الواقع‬ ‫المسرحى‪ ،‬فقد كانت فرق التلليفزيون المسرحية بإختصار صرحا ودو ار كبيرا‪،‬‬ ‫وأخطاء ومسارب كبيرة كبيرة أيضا ‪.‬‬ ‫وقد جرت األمور من بدها صراعا بين سياستين‪ ،‬الكم والكيف‪ ،‬ووقعت‬ ‫ ‬ ‫كلتاهما فى هشاشة صراع الذات‪ ،‬فقد أدمجت مؤسسة فنون المسرح مع مسارح‬ ‫التليفزيون فى يوليو ‪ ،1964‬وفى عام ‪ 1965‬صدر القرار الجمهورى ‪ 718‬لسنة‬ ‫‪ 1965‬ليفصل و ازرة اإلعالم عن الثقافة‪ ،‬وعادت مؤسسة فنون المسرح والموسيقى‬ ‫بكل متناقضاتها الجديدة لحضن الثقافة‪ ،‬فى ظل قرار جمهورى جديد (‪ 452‬لسنة‬ ‫‪ )1965‬وكانت أطياف الكبوة شعا ار بشعار وتالزم الخطأ بالصواب وأدمجت فرق‬ ‫(الحكيم والحديث) وألغيت فرق (المسرح العالمى الذى قدم ‪ 31‬مسرحية فى عام‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪27 26‬‬


‫ونصف العام) !!‬ ‫وتراكمت السلبيات وتعددت الق اررات والقيادات‪ ،‬فصدر القرار الجمهورى رقم‬ ‫‪ 1782‬لسنة ‪ 1969‬بإنشاء الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية‪ ،‬ثم‬ ‫القرار رقم ‪ 2827‬لسنة ‪ 1971‬بإنشاء هيئة المسرح والسينما والموسيقى‪ ،‬ق اررات‬ ‫تتب\ل وسياسات تتوالى‪ ،‬دون خطة علمية ذات إستراتيجية ثابتة ال تتغير بتغير‬ ‫األشخاص‪ ،‬مما تأدى إلى أن يفرض الواقع بقانونه ومتغيراته ظالال قاتمة‪ ،‬ما‬ ‫كان يمكن أن يجدى معها القرار الجمهورى رقم ‪ 150‬لسنة ‪ 1980‬بإنشاء وتنظيم‬ ‫المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬وما تبعه من قرار وزارى بإنشاء البيوت الفنية (‪ 151‬لسنة‬ ‫‪ ،)1980‬ذلك أن القضية ليست ـ فى ظننا ـ قضية ق اررات أو مؤتمرات‪ ،‬فما أكثر‬ ‫ما تم منهما‪ ،‬ولكنها مرة أخرى‪ ،‬غيبة تخطيط يقوم األمس ويستشرف الغد‪ ،‬ويقوم‬ ‫على فلسفة وأهداف ومنهج‪ ،‬وقيادات وكوادر تؤمن بقيمة العمل‪ ،‬وبأن المسرح لن‬ ‫يتقدم بآراء لم تفكر موضوعها‪ ،‬وغاب عنها الوعى باألولويات التى تزيف اإليمان‬ ‫بدور المسرح ورسالته‪ ،‬وديناميات الواقع وحتمياته‪ ..‬إن الوعى بالواقع والغد إنما‬ ‫هو فى صميمه قصدية إدراك يجب أن تقوى على مواجهة السلب‪ ،‬وما أروع الفنان‬ ‫إذ يسبق إيقاع مجتمعه‪ ،‬ويوقظه وينبهه ويجاهد لتصحيح أخطنئه‪ ،‬ليكون صوت‬ ‫تريزياس‪ ،‬ووجدان (الكورس) وما أروع أن يتحدى الصعب مبش ار ونذي ار ومبدعا‬ ‫ومتطورا‪ ،‬وحريصا على مصره ودورها الحضارى‪ ،‬ومجتمعه وعوامل نمائه وتطوره‬ ‫وأمته العربية وتكامل وانتظام إيقاعها ‪.‬‬ ‫إن المسرحى الحق ملتزم برسالة أمته‪ ،‬ومتابع ومنقب خالق‪ ،‬يؤمن بالغد والفكر‬ ‫العلمى الذى هو فى صميمه تقويم واقع وتصحيح معرفة‪ ،‬وإيجاد أطر خالقة‬


‫متطورة لها‪ ،‬بجانب الوعى بأخطائه‪ ،‬لكن أخطر من ذلك كله تزييف الوعى ونحن‬ ‫واعين بالزيف‪ ،‬وهو أمر واقع ـ لألسف ـ ومكمن الخطر جسيم‪ ،‬وإال كيف استشرى‬ ‫هذا التدهور فى الواقع المسرحى وكيف غاب التخطيط عن ساحته وكيف تقلصت‬ ‫رقعته‪ ،‬وكيف إستلب الواقع كل جميل ودور له‪ ،‬وإستشرى كل قبيح وزرى فيه‪،‬‬ ‫مما يؤكد أن الفن سالح ذو حدين‪ ،‬يعطى اإلنسان آماال‪ ،‬ويصنع غده‪ ،‬لكنه بين‬ ‫أيدى غير مسؤولة يمكن أن يسهم فى تحويل اإلنسان العاقل الى مجرد حيوان‬ ‫ذى قدمين!!‬ ‫ولنوضح عمق المأساة‪ ،‬سنستشهد بالخمسينات من هذا الزمان (يقصد‬ ‫ ‬ ‫خمسينات القرن الفائت) الجميل‪ ،‬مدركين حساسية البهض التى كنا ننتقدها فبتنا‬ ‫نتحسر عليها‪ ،‬فهاهى األرقام تقول إن الفرقة المصرية الحديثة (المسرح القومى‬ ‫اآلن) قدمت فى موسم ‪ 1954 /1953‬عدد ‪ 34‬مسرحية نعم أربعة وثالثين‬ ‫مسرحية‪ ،‬عشر مسرحيات جديدة‪ ،‬وأربعا وعشرين مسرحية معادة (ريبيرتوار) منها‬ ‫أوديب ملكا لسوفيكليس‪ ،‬وبخيل موليير‪ ،‬وأشباح إبسن وزوج كامل ألوسكار‬ ‫وايلد‪ ،‬وذلك بجانب أربع عشرة مسرحية من تراث يوسف وهبى!!‬ ‫أى زمان جميل هذا‪ ،‬ترى هل يمكنلمثله أن يجيجىء؟ نحن نزعم‬ ‫ ‬ ‫أن نعم‪ ،‬بل وأروع منه يجىء مما يبدد الردىء‪ ،‬فال أشد إعجا از من اإلنسان‬ ‫(أنتيجون سوفكليس) فما بالنا بالفنان و اإلدارى عندما يب أر من اللبس بين الذاتى‬ ‫والموضوعى‪ ،‬ويقترب من الوقائع فاهما إياها ‪ ،‬إذ يق أر ماضيها وحاضرها متحديا‬ ‫سلبياتها‪ ،‬ومصوبا مسارهارها‪ ،‬مبدعا للغد واعيا بما كان‪ ،‬لما سيكون‪ ،‬ومستشرفا‬ ‫تخوم المستقبل‪ ،‬بالتخطيط العلمى‪ ،‬وطاقتى الحب والعمل‪ ،‬بعيدا عن رتابة‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪29 28‬‬


‫المقاطع المحفوظة التى ترددها جوقة مستسلمين للراهن والمألوف‪ ،‬محاولين إخفاء‬ ‫التناقضات‪ ،‬مغضين األعين عن الحقيقة‪ ،‬فالمألوف الذى وقعنا فى براثن لزوجته‬ ‫يجب أن يتحول إلى مدرك نتجه به إلى إكتشاف الال متناهى‪ ،‬ـ مع اإلعتذار‬ ‫لجوته ـ ‪ ،‬آنئذ علينا أن نمأل شراعنا بالرياح التى تعرق متجهاتها كى نبلغ شطآن‬ ‫الغد ‪..‬‬ ‫بعد ذلك التشخيص الواعى والوقوف على سلبيات الواقع المسرحى الذى‬ ‫ ‬ ‫يقدمه الدكتور «حسين عبدالقادر» مع الوعى أيضا بالماضى المسرحى يعرج‬ ‫فى رؤيته للمستقبل‪ ،‬الذى يتبع فيه نفس منهج التشخيص باألسئلة ليعرج ـ وعبر‬ ‫مجموعة من األسئلة أيضا ـ إلى رؤيته للمستقبل لتكون هى محاوره لرؤية ابتناء‬ ‫المستقبل‬ ‫لكن كيف؟! وقبلها لم مسرحنا التجريبى؟! ‪ ..‬ومعها لمن ؟!‬ ‫بدء (برولوج)‬ ‫فى البدء نحب أن نوضح بعض المفاهيم التى نلتزم بها ونراها ضرورية للفهم‬ ‫والتواصل‪ ،‬فبغير تحديد للمفاهيم ( وقريب من ذلك التعريف بالمصطلحات فى‬ ‫النهج العلمى)‪ ،‬تختلط حدود المعرفة بينناوبين اآلخر‪ ،‬ونحن نحرص على كل‬ ‫آخر كى يصوب نهجنا ومنهجنا وخطة عملنا‪ ،‬وال نزعم فى كل ما نقوله أننا وحدنا‬ ‫الذين نملك الصواب والحقيقة ـ إن كانت كذلك ـ بل إنهما يظهران بكل الشفافية‬ ‫فى صميم الجهد الذى نبذله فى الجدل مع اآلخرين مصوبين إيانا‪ ،‬متحاورين‬


‫معنا‪ ،‬مساندين لخطانا‪ ،‬مقدرين أهمية خالف فى الرأى ونقيضه‪ ،‬ومدركين أن‬ ‫الموضوعية الحقة‪ ،‬هى الفطنة فى حتمية الذاتية‪ ،‬التى نحاول أن نكبح جماحها‬ ‫بأن نمسك بغلواء ذواتنا من هنا فإن مفهوم النسق يلزمنا بأال نتعامل مع الواقع‬ ‫بوصفنا كيانا مستقال‪ ،‬بل على أساس من العالقات التى ينتظم فيها كياننا‪ ،‬فنحن‬ ‫جزء متصل فى كل‪.‬‬ ‫صدر قرار وزارى رقم ‪ 93‬لسنة ‪ 1993‬متضمنا إنشاء فرقتنا‪ ،‬وتحددت‬ ‫ ‬ ‫رسالتها فى محاولة البحث الدائم والدؤوب عن مختلف األشكال والصيغ‬ ‫المسرحيةالتجريبية لتقديمها فى مسرح الغد إستلهاما من التراث المسرحى المصرى‬ ‫والعربى والعالمى ‪ ..‬فنستشرف مستقبل المسرح المصرى برؤيته داخل مكانه‬ ‫فى خريطة المسرح العربى من جانب‪ ،‬وموقعه من المسرح العالمى وحجمه من‬ ‫الجانب اآلخر (الكتاب اإلحصائى السنوى‪ ،‬و ازرة الثقافة‪ ،‬قطاع الفنون الشعبية‬ ‫واإلستعراضية‪ ،)1993 /1992 ،‬ولقد تحددت مالمح العروض المأمولة لهذه‬ ‫الفرقة التجريبية لتقدم أوال‪ :‬المسرح العالمى ‪ ..‬ثانيا‪ :‬المسرح المصرى ‪ ( ...‬وذلك‬ ‫بجانب) اللقاءات‪ ..‬األتيليه ‪ ..‬اإلستضافات والتبادل‪ ،‬ورأى المشروع أن يقون‬ ‫قوام هذه الفرقة ـ من حيث التكوين ـ شباب موهوب ومتخصص‪ ،‬ونقدم له برامج‬ ‫تثقيفية مكثفة فى فنون المسرح المتعددة‪ ،‬فنحن ال نسعى من خالل فرقة الغد تقديم‬ ‫عروض مسرحية من أجل التقديم‪ ،‬بل نسعى حثيثا إلى تقديم الجديد الذى يثرى‬ ‫من حركتنا المسرحية التى أصابها العجز والضياع والتشتت‪ ،‬ولقد جاء فى أهداف‬ ‫الفرقة طبع كتيبات كمراجع متنقلة بهدف التثقيف والتنوير ‪.‬‬ ‫فرقة الغد إذن ـ محددة المعالم ـ فى فى نهلها من التراث المسرحى العالمى‬ ‫ ‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪31 30‬‬


‫وإهتمامها بالمسرح المصرى‪ ،‬ونضيف إليهما ـ فيما يتناغم ومصادر أعمالها ـ‬ ‫المسرح العربى‪ ،‬وكأن أى خطة لهذا المسرح إذا ما كانت ترنو لألمثل ‪ ،‬يجب أن‬ ‫تضع خريطة المسرح فى العالم قاطبة (شماله وجنوبه) تحت ناظريها‪ ،‬وما أبعد‬ ‫الزمان الذى غربت فيه شمس المسرح العامى عن مسرحنا‪ ،‬وياله من هدف طموح‬ ‫نلتزم إختيا ار بتحقيقه‪ ،‬بل سنمضى قدما فى إيضاح دالالت له بع د حين‪ ،‬وتكون‬ ‫ملزمة لنا منذ موسمنا األول‪ ،‬لكن أوال وقبل كل شىء نحن فى حاجة لننظر فى‬ ‫معنى التجريب ‪.‬‬ ‫ما هو التجريب؟‬ ‫لقد أصبح المصطلح غائما تعتريه ضبابية سباقات نأت به فى إتجاه‬ ‫ ‬ ‫تحريفى يقترب من اإلغراب واإليهام والغموض من جانب‪ ،‬والنصوص المسرحية‬ ‫والكتاب واألشكال التى أفرزها واقع مختلف هزته حربين عالميتين‪ ،‬ومخاضات‬ ‫عالقات إنتاج وقوى جد مختلفة من جانب آخر‪ ،‬بقدر مافهمه البعض والذى جاء‬ ‫تعريفه فى قاموس « دريفر « مالحظة ذات غرض علمى وإستلهموه فى إتجاه‬ ‫التجريب للتجريب‪ ،‬وكلها دعاوى نرفضها عن موقف ذاتى ـ وإن لم ننكره ـ بل من‬ ‫خالل التعريف اإلجرائى العالمى للمصطلح (إبداعى) فى ظل شروط مضبوطة‬ ‫من قبل المجربوهى فى قاموس الروس الفلسفى «طريقة علمية تقوم على إثارة‬ ‫مالحظات من خالل وضع ضوابط بعينها للتحقق من نتائجها» وهى لدى مجدى‬ ‫وهبة فى قاموس معجم مصطلحات األدب ‪« 1984‬التدخل فى مجرى الظواهر‬


‫للكشف عن فرض من الفروض أو للتحقق من صحته»‪ ،‬والتجريب علم‪ ،‬والمسرح‬ ‫علم‪ ،‬يعانق المتخيل واإلبداع فيه أفق العلم ‪ ،‬وكأن التجريب فى المسرحالبد‬ ‫أن ينطلق من تراكم المعرفة العلمية للظاهرة المسرحية فروض ومحكات علمية‬ ‫إبداعية خالقة‪ ،‬للتطور بأى من معطيات العرض فى أى من مفرداتها‪ ،‬حتى‬ ‫نتخطى المألوف ونقدم الجديد فى ضوء المسرحى‪ ،‬فالمسرح مكان‪ ،‬نص‪ ،‬وممثل‪،‬‬ ‫ومخرج‪ ،‬وأطر ممساعدة (من قبيل الديكور‪،‬اإلضاءة‪ ،‬والموسيقى ‪.........‬‬ ‫الخ) وجمهور‪ ،‬وقد يتبدل المعمار على سبيل المثال‪ ،‬فبدال من أجزائه الثالثة‬ ‫فى المسرح اإلغريقى[أوركسترا‪ ،‬تياترون (مكان المشاهدين)‪ ،‬اإلسكينى (مكان‬ ‫المناظر) ] بشكله المهيب وفتحته المطلة للسماء ليتالءم مع جمهوره بآلهته‪ ،‬قد‬ ‫يعود إلى حضن المعبد فى العصور الوسيطة‪ ،‬أو يتطور فى المسرح اإللياصاباتى‬ ‫بشكله بشكله المستطيل فى مواجهة الجمهور ألبطاله‪ ،‬أو ينتهى عند معمار‬ ‫إيطالى لما يزل أثي ار فى مصرنا بتلك الفجوة المظلمة التى تفصله عن متفرجيه‪،‬‬ ‫لكن ذلك فى ذاته يعنى أن جديدا يخرج من رحم القديم‪ ،‬وأن تطو ار ما قد يتواكب‬ ‫معه بزوغ إتجاه جديد‪ ،‬قد يؤدى إلى منظومة جديدة‪ ،‬وفى كل األحوال‪ ،‬فالتجريب‬ ‫مالزم لإلبداع‪ ،‬وإستباقا دائما للزمن وللجديد لكنه مستحيل أن يبدأ من صفر‬ ‫مطلق‪ ،‬أو من هشاشة معرفية‪ ،‬أو فى سياق عفوى يستهدف الال معنى‪.‬‬ ‫قد ينطلق التجريب من تلقائية تمسك بتالبيب التداعيات الطليقة‪ ،‬لكن‬ ‫ ‬ ‫حتى التداعى الطيق إنما هو فيه علمية فى مقام أساسى تجتاح لبصيرة المبدع ال‬ ‫بصره فحسب‪ ،‬وتراث معرفى خالق يبحر فيه الخيال على متن الوقائع فينظر لها‪،‬‬ ‫ويتحقق من فرضيتها‪ ،‬والمدهش أن كلمة فن بعامة فى أصلها الالتينى‪ ،‬إنما تعنى‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪33 32‬‬


‫القدرة على إحداث نتيجة سبق تصورها بواسطة فعل خاضع للوعى بالموضوع‬ ‫وتوجيهه ‪.‬‬ ‫هكذا أبدع استنسالفسكى فى إعداد الممثل ـ على سبيل المثال ـ ومايرهولد بنهجه‬ ‫الحيوى الميكانيكى‪ ،‬واليكسندر تايروف بتدفق اإليقاع‪ ،‬وأرتو بما ال تستطيعه‬ ‫الكلمات‪ ،‬وجارى‪ ،‬وكريج‪ ،‬وايزادور دانكان‪ ،‬ومارتا جراهام‪ ،‬وألوين نيكوالس‪ ،‬وبيتر‬ ‫شومان‪ ،‬وجوليان ببك‪ ،‬وكوبو‪ ،‬وبريخت‪ ،‬وجروتوفسكى‪ ،‬وما أكثر األسماء التى‬ ‫شملت محاوالت عربية شتى ( روجيه عساف‪ ،‬والحكواتية‪ ،‬تجربة المسرح الجديد‬ ‫التونسى‪ ،‬وعرض التحقيق‪ ،‬والطيب الصديقى وجماعة المسرح اإلحتفالى ببيانها‬ ‫األول ذى الفقرات الخمس والسبعين)‬ ‫وفى ذلك كله كم من محاوالت ولدت وماتت‪ ،‬وكم من أشكال ظلت هامشية‬ ‫وطواها النسيان‪ ،‬وكم من تجريب كتب له الخلود إذ اعتبره المبدع قصدية إدراك‬ ‫لموضوع وفهم عشقى له من خالل تراكم المعرفة التى تحاول أن تبدع الحديد فى‬ ‫مسارها‪ ،‬بالتدخل فى مسرى الظواهر للكشف عن فرض من الفروض فى من أن‬ ‫مفردات الظاهرة المسرحية أو التحقق من صحتها‪ ،‬حيث يحقق التجريب بشكل‬ ‫إرادى نتائج بعينها فى ضوء شروط محددة تماما‪ ،‬وهو بهذا المعنى خطوة لتجاوز‬ ‫المألوف والسائد فى ضوء محكات علمية إبداعية‪ ،‬ومن خالل منهج وفنيات‬ ‫بعينها توضع لها الضوابط للتحقق من نتائجها ‪.‬‬ ‫لذلك كله وفى ضوء فهمنا هذا لمعنى التجريب‪ ،‬نأمل أن يكون عملنا‬ ‫ ‬ ‫متفردا ومختلفا‪ ،‬إذ نبذل غاية الجهد لتجاوز عثرات األمس وخواء اليوم وسلبياته‬ ‫ومعوقاته‪ ،‬ونقيم جدال مع الواقع‪ ،‬وليس مع ذواتنا فحسب‪ ،‬بتقديم محاولة صادقة‬


‫وملتزمة لإلجابة على تساؤالت قديمة ‪ ..‬لم ‪ ..‬ولمن ‪ ..‬وكيف؟! ( مع التسليم بأن‬ ‫كل معرفة هى جواب على تساؤل)‬ ‫لم ؟ ‪ ..‬ألن المسرح أبو الفنون يتجاوز يتجاوز كونه مسرحا‪ ،‬فهو كظاهرة‬ ‫إجتماعية موجود فى متطلبات الحياة اليومية‪ ،‬إنه كثر الفنون إلتزاما باللحمة‬ ‫الحية للتجربة اإلجتماعية‪ ،‬وأكثرها حساسية لإلختالجات التى يعيشها الواقع‪ ،‬ومن‬ ‫أقدرها على إعادة البناء ال التفريج‪ ،‬والمتعةالجمالية ال دغدغة الحواس‪ ،‬وإقامة‬ ‫جدل بناء مع المجتمع وهمومه‪ ،‬ويصوب‪ ،‬ويتحدى ويرسخ‪ ،‬ويعمق‪ ،‬ويسهم فى‬ ‫فهم الواقع‪ ،‬إذ ينظر للقوانين الموضوعية لتطور حركة المجتمع والتاريخ لسهم‬ ‫بعروضه فى صنع إجابات جديدة‪ ،‬أو ليضع تساؤل جديد يواجه التخلف‪ ،‬ويدخل‬ ‫العالم معه فى جدل معرفى‪ ،‬دون أن يصبح مؤسسة إعالمية‪ ،‬أو تعليمية بمعناها‬ ‫الفج‪ ،‬فهومؤسسة ثقافية تحاول أن تخلق نغمة تصاعدية فى هارمونية عروض‬ ‫إبداعية تدرك أن الثقافة‪ ،‬رغم كونها بناء فوقى يمثل مجمل التراث اإلجتماعى‬ ‫اإلنسانى للمجتمع‪ ،‬والذى تنتجه عالقات وقوى إنتاج‪ ،‬إال أنها رغم كل شىء‪،‬‬ ‫ومن خالل طالئعها المثقفة‪ ،‬كان يجب أال تهدر دو ار فى إرادة التغيير وتصحيح‬ ‫المسار لما يجب أن يكون األمثل ال مجرد الممكن‪ .‬إن الثقافة لدى مسرحى‪،‬‬ ‫ليست شكال ونتاجا لكنها موقف من الحياة وقيم أصيلة تتواصل باآلخر وتستشرف‬ ‫الغد‪ ،‬والمسرح ساحة للمواجة التى تتخطى القائم الذى أثقلت فخالقة يتحول فيها‬ ‫الفن إلى أداة فعالة‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪35 34‬‬


‫والتساؤل هنا‪ ..‬لمن ‪. .‬‬ ‫يولد الفرد ولديه إمكانات هائلة قابلة للتطور فىنطاق أسرة‪ ،‬ثم مدرسة‬ ‫ ‬ ‫ومجتمع‪ ،‬ويفترض أن كال من هؤالء ينشد من الفرد تحقيق توازن متبادل محقق‬ ‫فى التوافق‪ ،‬وهنا فإن ثقافة الفرد ستمثل مجمل تراث تنشأته اإلجتماعية فى كافة‬ ‫مجاالت حياته‪ ،‬وبخاصة مايتمثل فى قوى اإلنتاج وعالقاتها‪ ،‬إال أن هناك شيئا‬ ‫ـ على حد تعبير الفنان رمسيس يونان ـ «التفسره عالقات اإلنتاج‪ ..‬فاإلقتصاد‬ ‫يؤثر لكنه ال يفسر» (اليمين والسار فى الفن‪ ،‬الفكر المعاصر‪ ،‬عدد ‪ ،139‬ولما‬ ‫كنا نعرف أن هناك مسافة متزايدة اإلتساع بين السياقات اإلجتماعية ـ الثقافية‬ ‫للتلقى‪ ،‬فإن واحدة من مهام المسرحى والمسرح هى بالضرورة أن نقلل هذه‬ ‫المسافات حتى تتالحم يوما‪ .‬قد يبدو ذلك واحدا من أحالمنا‪ ،‬لكنه من المدهش‬ ‫فى ٍ‬ ‫أمس ِ ليس بعيدا‪ ،‬فى عام ‪ 1966‬قدمت فرقة الباليه الروسى باليه «باختشى‬ ‫سراى» فى أسزان‪ ..‬نعم فى أسوان‪ ..‬لعمال السد العالى‪ ،‬وأهالى البشارية مواطنى‬ ‫أسوان البسطاء‪ ..‬ترى هل نحن مؤمنون حقا بالديموقراطية؟‬ ‫بالنسبة لنا نعم‪ ..‬ومن هنا فنحن نؤمن أيضأ بديموقراطية الثقافة‪ ،‬وأن‬ ‫ ‬ ‫اإلرتفاع بوعى الجماهير بالمسرح‪ ،‬أمر يجب أن يلتزم به المسرح‪ ،‬وإن كان من‬ ‫الواجب أن تتواكب معه أجهزة اإلعالم التى يجب أن تحتفى بالظاهرة المسرحية‬ ‫األصيلة‪ ،‬كنوع من تناغم األدوار وتكاملها بين أجهزة الدولة والمجتمع‪ ،‬لكن ألننا‬ ‫نؤمن أن علينا نبدأ بأنفسنا‪ ،‬وسيسعدنا يقينا أن تمتد إلينا أيادى أخرى ـ فسنذهب‬ ‫إلى الجماهير فى مواقعها‪ ،‬كل مواقعها‪ ،‬سنستثمر كافة المواقع التى يمكن أن‬


‫نقدم فيها مسرحا‪ ،‬بقدر ما سنحرص على أن تأتى الجماهير إلينا فى مسرحنا الذى‬ ‫نأمل أن يتحول إلى مركز إشعاع تنموى ثقافى‪ .‬سيأتى إلينا فى البداية الطالب‬ ‫الجامعى المثقف‪ ،‬والمهموم بالنص العالمى الذى قرر عليه فى مدرسته‪ ،‬لكننا‬ ‫سننتقل للمدرسة‪ ،‬ومسرح المحافظة ومركز الشباب‪ ،‬والنادى الرياضى‪ ،‬وسنجوب‬ ‫مصر كلها حتى يتحقق اليوم الذى تذوب فيه المسافات «وتتالحم معا»‪ ،‬وال نظننا‬ ‫فى حاجة لنذكر بأن رحلة األلف ميل تبدأ بخطوة‪ ،‬فالنص المسرحى موضوع‬ ‫معرفى‪ ،‬يتم إبداعه بكامل مفرداته‪ ،‬من المؤدين إلى الفراغ المسرحى والجمهور‪،‬‬ ‫لكنه ال يصبح نسقا كامال إال عندما يتلقاه المتفرجون‪ ،‬ونحن من ناحيتنا سنسعى‬ ‫لكافة تباينات الجماهير‪ ،‬وسيسعدنا يقينا أن تتعاون معنا وتمد أياديها أجهزة أخرى‬ ‫ومؤسسات أخرى‪ ،‬ولكننا فى إطار كياننا فى إطار إتصاله بالبيت الذى ننتمى إليه‪،‬‬ ‫نعرف أننا قادرون على الكثير‪ ،‬بقدر ما نعرف أنه سيتاح لنا أيضا ـ من خالل‬ ‫تبادل األنشطة المسرحية فى البلدان العربية‪ ،‬ودول العالم المختلفة‪ ،‬واإلشتراك فى‬ ‫المهرجانات المعتمدة عربيا وعالميا ـ جماهير نستطيع أن نقول لها أن بمصرنا‬ ‫نهضة مسرحية خالقة‪ ،‬وما أروع أن نتبادل الخبرات مع الجماهير‪ ،‬فحتى فى نجوع‬ ‫مصرنا نحن على ثقة من أننا سنتعلم من البسطاء‪ ،‬بقدر ما سنحاول أن نخلق وعيا‬ ‫بالمسرح ودوره‪،‬ويكفى أن المسرح على اختالف أزمانه هو مسرح كل إنسان ‪.‬‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪37 36‬‬


‫كيف‪:‬‬ ‫كيف سيكون ذلككله‪ ..‬كيف كيف نحقق كل ما سبق وقلناه حتى ال يصبح ثرثرة‬ ‫فارغة‪ ،‬و «طق كالم» كما يقول المثل الدارج ؟‬ ‫إذا كان العلم هو رد الكثرة لوحدة الصرح اإلجمالى (النظرى)‪ ،‬ثم محكات‬ ‫ ‬ ‫التطبيق والفعل فما من سبيل أمامنا غير التخطيط العلمى المدروس فى ظل‬ ‫إستراتيجية تعمل للحاضر والمستقبل معا ( ونأمل أال تتغير بتغير األفراد) وتقوم‬ ‫على فلسفة ومنهج يحقق أهدافا واضحة ‪.‬‬ ‫صرح مجمل يفسره‬ ‫إيماننا باإلنسان‪ ..‬بمكانة مصرنا ‪ ..‬أمتنا العربية ‪ ..‬بدور مصر الحضارى‬ ‫العروبى العالمى ‪ ..‬بقدرتها على التحدى واإلنطالق لقرن قادم جديد ‪ ..‬لذا فإن‬ ‫خطتنا من زاوية رؤية‪ ،‬تقوم على فلسفة تهتم بماهية اإلنسان والواقع‪ ،‬بعثا لما‬ ‫نأمل أن يكوناه‪ ،‬وإلى سناء إنطالقة اإلنسان المصرى‬ ‫إلى الغد ( منظو ار إليه فى كينونته على تعبير هيدجر)‪ ،‬وإدراكا من لواقع إنسانى‬ ‫ـ إقتصادى إجتماعى‪ ،‬تمر به مصرنا كدولة نامية إقتصاديا‪ ،‬وألن سفه األموال‬ ‫المهدرة عل المسرح المميت لم تغير وجهه وإن زادته سوءا بمجاراته للسائد‬ ‫والسخيف والفاسد والزرى فى مسرح القطاع الخاص ( وإن لم يكن ذلك على‬ ‫إطالقه‪ ،‬فكم منمحاوالت جادة ـ وإن كانت نادرة فى هذا القطاع األخير ـ مهمومة‬


‫بقضية المسرح‪ ،‬لكنها فى كل األحوال ليست حركة عامة بل السائد والمتاح‬ ‫والغلبة‪ ،‬إنما هى للقبيح الذى أفسد الذوق وإمتهن الظاهرة المسرحية وتدهور بها)‪،‬‬ ‫فخسر مسرح الدولة جمهوره الحقيقى الذى عزف عنه إستنكافا لإلبتذال والتدنى‬ ‫الذى ساير فيه المألوف‪ ،‬ولميستطع فى اآلننفسه أن يجتذب الجماهير التى هرعت‬ ‫لبهرج القطاع الخاص‪ ،‬والذى خاطب الغرائز‪ ،‬وكان طبيعيا أن يهتم بشباك التذاكر‬ ‫على حساب القيم وأنساقها‪ ،‬والمسرح ورسالته‪ ،‬لذلك كله‪،‬وألن إهدار المال العام‬ ‫فى ظل غيبة تخطيط مع فردية الق اررات وترهل اإلدارة‪ ،‬وحقوق الفنان الضائعة‪ ،‬لم‬ ‫تزد األمر إال سوءا فسنحاول أن ننطلق من فرضية أولى لنا حيث منهجنا إنما هو‬ ‫منهج المسرح الغنى ‪ /‬البسيط ‪ ،‬ونحسبه مصطلحا خاصا بنا يختلف مع مناهج‬ ‫«جروتوفسكى» ن المسرح الفقير وإن اتلهم بعض معطياته‪ ،‬وتضاد مع بعضها‬ ‫إذ نعتبر النص المسرحى الجيد‪ ،‬والمخرج الخالق الذى ال يضن بجهد‪ ،‬والممثل‬ ‫المبع المتمكن من أدواته‪ ،‬والتواق إلكتساب الجديد‪ ،‬كلها عناصر غنى ال فقر‬ ‫حيث تتالشى الحذلقات المهنية التى تستنزف الميزانيات‪ ،‬دون تحقق شيئل لصالح‬ ‫الظاهرة المسرحية وإن كنا فى اآلن نفسه نرفض أن تستلب العناصر المساعدة‬ ‫فى العرض المسرحى ماجامت إقتصادياتها الماجية ميسورة وبسيطة معا فى وقت‬ ‫تعطى غناء وثراء للعرض المسرحى من قبيل المكياج‪ ،‬وموتيفات الديكور وما‬ ‫إليهما‪ ،‬إننا بذلك نحقق معادلة ـ نظنها جاد هامة ـ يحتاجها المسرح المصرى ال‬ ‫ليفر فى ماديات عروضه فحسب‪ ،‬وإنما إستثما ار أيضا لألموال فيما يعود بالنفع‬ ‫على الظاهرة المسرحية فى شمولية أبعادها وعناصرها المتعددة األخرى‪ ،‬التى‬ ‫يجب بذل األموال لتنميتها‪ ،‬وكى يحقق فى اآلن نفسه إنتشا ار واجبا بأن ينتقل‬ ‫للجماهير فى مواقعها المختلفة‪ ،‬فى المدرسة والمصنع والقرية‪ ،‬بل والشارع والحارة‬ ‫حسني عبد القادر ‪39 38‬‬


‫إن إن أمكن‪ ،‬فمكان العرض رغم أهمية معماره لجذب المتلقى وتحوله لمركز‬ ‫إشعاع حضارى‪ ،‬إال أن الدور والرسالة تلزم أيضا بأن تتحرك جوقاته (مجموعات‬ ‫ممثليه) فى كل إتجاه‪ ،‬ولن يكون ذلك ميسو ار بغير تخفف الفراغ المسرحى (خشبة‬ ‫المسرح) من أوزار تراث خاطئء لمفاهيم خاطئة عن اإلبهار‪ ،‬بالديكور والمكدسا‬ ‫ت والكتل التى تزيد كاهل المسرح المميت ثقال‪.‬‬ ‫فإذا أضفنا لذلك أن فى خطتنا ـ وتبعا لمشروع نشاء الفرقة ذاته ـأن نقدم‬ ‫ ‬ ‫تراثا مسرحيا عالميا ـ مصريا (عبر عصور وأجيال مختلفة وهو ما سنعود إيه‬ ‫تفصيال) يجب أن يكون طموحا ومرسخا‪ ،‬لخطانا كما وكيفا على درب الغد‪،‬‬ ‫إلدراكنا أهمية هذا المسرح الغنى‪/‬البسيط والذى نأمل أن يكون نجاحنا فى تحقيفه‬ ‫دافعا لإلتجاه بالميزانيات المهدرة إلى ما يفيد اساحة المسرحية وجماهيرها‪ ،‬من‬ ‫إهتمام باإلنسان صاتع هذا المسرح الغنى ‪ /‬البسيط ‪ ،‬والذى تدنت مرتباته إلى حد‬ ‫مخجل (مقارنة بأى مثيل له فى أى عمل آخر!!‪ ،‬وهذه لألسف حقيقة‪ ،‬فلو أن‬ ‫ما يصرف فى بذخ مسف على أطر مساعدة ال حاجة لهذه المسرحية أو تلك بها‪،‬‬ ‫قد طور اللوائح المالية للفنان اإلنسان لما إعتذر فنان عن مسرحية إذ هو يلهث‬ ‫وا ار ما يسد الرمق‪ ،‬بقدر ماتسهم هذه األموال فى تطوير دور العرض وإنشاء دور‬ ‫عرض فيها فيها حد أدنى من ضرورات العروض المسرحية‬


‫وألن الخطة أى يخطة يجب أن تقدم على محاور متعددة ألهداف تسعى لتحقيقها‪،‬‬ ‫فهذه هى بعض أهدافنا ‪:‬ـ‬ ‫‪ 1‬ـ التجريب بمعناه العلمى فى أى من مفردات العرض المسرحى‪ ،‬من خالل‬ ‫منهج المسرح الغنى ‪ /‬البسيط فى محاولة جادة للقضاء على سلبيات عديدة‬ ‫إتصلت بالظاهرة المسرحية فى مصرنا‪ ،‬مما سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬ووقع مسرح‬ ‫الدولة فى شراكها‪ ،‬من ثم القيام بحفريات بحثية فة كافة مفردات العرض المسرحى‬ ‫وتقنياته‪ ،‬بحثا عن الجديد واستكشاف المتفرد‬ ‫‪ 2‬ـ اإلهتمام بالثقافة المسرحية وتأكيد جوهرها األساسى الذى غاب طويال مع‬ ‫التدهور الضطرد للواقع المسرحى وذلك بتبنى أفضل ما فى التراث العالمى‬ ‫(بإختالف بلدانه وقاراته عبر العصور المختلفة) ـ واإهتمام بالمؤلف العربى‪،‬‬ ‫والتجارب العربية فى المشرق والمغرب العربى‪ ،‬واإلحتفاء بالمسرح المصرى عبر‬ ‫أجياله ـ وإعادة قراءة مصادر التراث من منظور متطور‪ ،‬وتأكيد قيمة البحث‬ ‫والدراسة العلمية فى تقديم هذا التراث‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ اإلهمام ب‘داد الكادرالمسرحى الذى ينفذ اليوم ونتطلع به للغد‪ ،‬ومن خالل‬ ‫اإلهتمام باألنا اإلبداعية التى تعانق بصيرة المتخيل وعملية الظاهرة المسرحية‬ ‫التى فى عالقتها باألنت (زمالء وجمهور)‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬ـ أ ـ مختبر مسرحى‬ ‫لتطوير كافة أدوات الممثل والمخرج والدراماتورجى ومهندسى الديكور‪ ،‬بالمناهج‬ ‫النظرية والعلمية (وهناك مشروع كامل له) ‪.‬‬ ‫ب ـ اإلهتمام بالمنح والبعثات وتبادل الخبرات من خالل القنوات المختصة التى‬ ‫نحن جزء من منظورها‪ ،‬ونحسبها ستساند خطتنا ومنهجنا وأهدافنا ‪.‬‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪41 40‬‬


‫ج ـ التعاون مع وحدة البحوث بالبيت الفنى من أجل إستلهام إبداع جماعى‪ ،‬لفرجة‬ ‫مسرحية أو عرض مسرحى يستند ألصول شعبية ‪.‬‬ ‫د ـ اإلهتمام بالبحث العلمى منذ المراحل األولى للعرض وحتى خروجه للجمهور ‪.‬‬ ‫هـ ـ اإلهتمام بحلقات البحث والندوات لمناقشة األعمال التى تقدمها الفرقة ‪.‬‬ ‫و ـ إنشاء مكتبة مسرحية وموسيقية واإلشتراك الدوريات العالمية من خالل البيت‬ ‫الفنى الذى نتبعه ‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ العمل على إتساع رقعة الجماهير‪ ،‬وتكريس مبدأ إستثمار العمل الثقافى وذلك‬ ‫فى إتجاهات متعددة‪.‬‬ ‫أ ـ اإلنتقال للجماهير فى مواقعها (مسارح المحافظات والجامعات والمدارس‬ ‫ومراكز الشباب واألماكن المفتوحة)‬ ‫ب ـ إيجاد صالت محتومة مع أجهزة الدولة والمؤسسات المعنية ( التعليم العالى‪،‬‬ ‫و ازرة التربية والتعليم‪ ،‬و ازرة الشباب‪ ،‬الحكم المحلى‪ ،‬الثقافة الجماهيرية‪ ،‬بل وو ازرة‬ ‫الصناعة)‬ ‫ج ـ تبنى العروض المتميزة فى مسابقات الجامعات والمسرح المدرسى والشركات‬ ‫د ـ نشر األعمال التى تقدمها الفرقة والدراسات التى تمت حول كل منها‪ ،‬وبيعها‬ ‫بسعرتكلفتها للجمهور ‪.‬‬ ‫هـ ـ إقامة مسابقة للتأليف المسرحى تحت رعية البيت الفنى‪ ،‬وتقديم العمل‬ ‫الفائزمنها ‪.‬‬ ‫و ـ إنشاء نادى مسرح‪ ،‬وتحويل األجازة األسبوعية لمركز إشعاع (بالقراءة المسرحية‬ ‫لنص مسرحى بجمجموعة من ممثلى الفرقة‪ ،‬وندوة نقدية للعمل الذى تقدمه الفرقة‪،‬‬


‫وعرض سينمائى أو بالفيديو إلبداع مسرحى األصل‪ ،‬وفنان تشكيلى‪ ،‬وفنان‬ ‫وقضية‪.‬‬ ‫ز ـ إقامة المعارض الفنية التشكيلية فى الردهة الرئيسية للمسرح‪ ،‬وأخي ار بطاقات‬ ‫المشاهدة السنوية المخفضة ألصدقاء فرقة الغد للعروض التجريبية‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ اإلهتمام بالقيم األصيلة‪ ،‬والتقاليد العريقة للمسرح‪ ،‬وأخالقيات الزمالة وروح‬ ‫األسرة الرفاقية واإليمان بالوطن واإلنسان‪ ،‬والبحث الدؤوب فيما وراء الغد ‪.‬‬ ‫وهنا يطل تساؤل بمن تتحقق هذه الخطة بفلسفتها ومنهجها وبرنامجها الذى يمثل‬ ‫الوعاء التطبيقى آلمالها؟ ‪( .‬والذى سيأتى بعد حين)‬ ‫أما بمن يتحقق فأول عناصره‪ ،‬وصلة واجبة عميقة مع قيادة البيت الفنى‬ ‫ ‬ ‫التى إلتزمنا معها بالخطة‪ ،‬والفلسفة والمنهج والبرنامج‪ ،‬والتنسيق الكامل مع أجهزة‬ ‫البيت الفنى الذى ال يعوق حركتنا أو يصفد خطانا‪ ،‬بل يدفع حلمنا ألرض الواقع‬ ‫بقدر ما نحلق برؤانا لشطآن الفعل‪ ،‬ويسهم فى شحن آمالنا بالمساندة المعنوية‪،‬‬ ‫والضمانات الكافية واإلجتهادات التشريعية التى بدأت ثمارها ةال نظنها ستنتهى‬ ‫فى لوائح منظمة تستجيب للتطورات واإلحتياجات اإلنسانية‪ ،‬ومن زاوية أخرى‬ ‫وألننا نسق عضوى فى منظومة كلية‪ ،‬فكلنا أمل لنناقض المألوف والسائد‪ ،‬وأن‬ ‫تتساند األيدى وتحترم خالف الرأى‪ ،‬حتى ترى النتائج‪ ،‬إذ أننا نبحث وراء المدرك‬ ‫عن معنى جديد‪ ،‬وإن كنا ال نزعم بأن إجاباتنا وحدها الصحيحة‪ ،‬لكن فروضنا‬ ‫تحتاج إلى محك العمل الذى يجب أال يوقع خالف الرأى ذاك الذى نحترمه نقيضا‬ ‫وجدال مع نتائجنا‪ ،‬وقد يرشد الخطى‪ ،‬لكنه يجب أال يعوقها‪.‬‬ ‫أما ثانى هذه العناصر‪ :‬فهى جوقة عمل هذه الفرقة‪ ،‬والتى نعمل على إستمال‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪43 42‬‬


‫عناصرها لتتحول إلى خاليا نحل كلنا شغيلة‪ ،‬نقوم الوحدة الفنية للعروض‬ ‫المسرحية على أساس من تعاون فكرى بناء وإنسجام الفهم بين جميع أعضاء‬ ‫الفرقة فى إيقاع ال يعرف النشاز‪ ،‬من خالل اإيمان بكل أهدافنا التى سنحققها معا‬ ‫ككتيبة تناضل وتستكشف للغد‪ ،‬مستلهمة مرة أخرى روح األسرة الرفاقية‪ ،‬والزمالة‬ ‫الحقة‪ ،‬والبحث الدؤوب‪ ،‬وأخالقيات العمل‪ ،‬واإليمان بالوطن‪ ،‬والمشرح واإلنسان‪.‬‬ ‫سنتحول رغم ذلك لمجموعات عمل تحاول كل مجموعة أن تشبع خشبة المسرح‬ ‫أيضا نبضا حيويا إنسانيا خالقا‪ ،‬والكشف بشكل عميق الجذور إنطالقا به من‬ ‫إسار المألوف إلى ما هو عميق ونبيل وجميل‪ ،‬وفى جدل معرفى يبدأ من اإلختيار‬ ‫وال ينتهى بالعرض (الذى سنظل نتدررب عليه ونبعه دوما فهو جزء من ريبيرتوار‬ ‫مسرحنا) إذ أننا لسنا مسرح تزجية ألوقات فراغ‪ ،‬كما ننا لسنا مسرحا لألحبة‪ ،‬أو‬ ‫لمحبة ينالها نجم أو إثنان‪ ،‬فنحن مسرح جماعات فى جماعة واحدة‪ ،‬جماعة عمل‬ ‫وفروض نعى دور البناءوالتشييدن وصعوبتهما‪ ،‬والخلق واإلبداع وقيمتهما‪ ،‬والجدل‬ ‫العميق مع الواقع وإستباق الغد وأهميتهما‪.‬‬ ‫ترى هل نستطيع بلوغ طبقة حميمة وعميقة من ذواتنا لبلوغ الغد؟‬ ‫إجابتنا أننا نحاول‪ ..‬نجاهد‪ ..‬مع أنفسنا أوال‪ ..‬فى مختبرنا وفروضنا وحوارنا‬ ‫وحوارنا وبحثنا‪ ،‬إذ كيف نبحث عن شمسنا فى الخارد‪ ،‬قبل أن نعثر عليها بداخلنا‪،‬‬ ‫إن التجريب يلزمنا بأن نمتلك ناصية الموضوع الذى نجرب فيه‪ ،‬وأن نحلل‬ ‫مختلف أشكاله وتطوره‪ ،‬ونتتبع صالته الداخلية بقدر ما يجب أن نفهم التجربة‬ ‫بأنها واعية بأهدافها‪ ،‬وأنها منتجة فعالة معا ‪ ..‬وهاهو برنامجنا الطموح المتواضع‬ ‫معا للسنة األولى ‪.‬‬


‫البرنامج ‪:‬‬ ‫لقد رأينا أن عدد األسابيع فى العام الواحد تبلغ إثنين وخمسين أسبوعا‪ ،‬ولو أننا‬ ‫قدمنا مسرحية فى كل شهر ألصبح مجموع مانقدمه ألصبح مجموع ما نقدمه‬ ‫إثنتى عشرة مسرحية‪ ،‬لكنها لألسف ال تحقق ماسبق وأن قلناه فى أهدافنا عن‬ ‫تقديم المسرح العالمى عبر العصور المختلفة‪ ،‬بجانب المسرح العربى‪ ،‬واإلحتفاء‬ ‫بالمسرح المصرى المختلف أجياله‪ ،‬وهكذا طورنا خطتنا بالحوار عبرها ـ لنقدم‬ ‫مسرحية لمدة ثالثة أسابيع بالقاهرة‪ ،‬ثم ننطلق لألقاليم والتجمعات‪ ،‬لنواصل‬ ‫عروضها‪ ،‬إن هذا الحل المحلق الذى نأمل أن نلتزم به‪ ،‬يتيح لنا تقديم سبع عشرة‬ ‫مسرحية فى السنة األولى كبداية تهدهد الطموح‪ ،‬وتنشر بعض الضوء فى الساحة‬ ‫المظلمة فى األفق براعم لبعض عروض‪ ،‬ولنشكل المساحة الفارغة بالمليئ بعد‬ ‫الجدب‪ ،‬ونقف على حافة الشاطئ الذى سنصل إليه لنقوم ما فى راحتينا من‬ ‫عمل‪ ..‬لنواصل الرحلة من جديد لغد جديد‪ ،‬نعد بأن نحاول أن نعبر به كل‬ ‫المدارات بعد أن يصوب النقد مسيرتنا‪ ،‬ونرى مدى تفاعلنا مع الواقع فى أزمنة‬ ‫الغيوم التى سنحاول أن نبددها من عيوننا‪ ..‬وعيون من وثقوا بنا‪.‬‬ ‫هذا هو برنامج العام األول‪ ،‬وسيشعنا من يصوب خطانا إليه ويسهم ببرعم نقد‬ ‫فى أى من مفرداته‪ ،‬ويقدم لنا اقتراحاته بأى مسرحيات أخرى يراها بديلة فى ضوء‬ ‫خطتنا‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ المسرح الفرعونى ‪( :‬بين أن نقدم إنتصار حورس التى نقلها عن الهيوغليفية‬ ‫فيرمان‪ ،‬وترجمها للعربية بإذن منه قبل ظهور ترجمتها لإلنجليزية الدكتور عادل‬ ‫سالمة‪ ،‬وبين أن نقدم بانوراما للمسرح الفرعونى‪ ،‬فأيهما تختار لنا؟‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪45 44‬‬


‫‪ 2‬ـ المسرح اليونانى ‪( :‬مازلنا نتبادل الرأى بين أن نقدم فيلوكتيتيس لسوفوكليس‪،‬‬ ‫ونصا آخر يسعدنا أن تدلنا عليه)‬ ‫‪ 3‬ـ فى عصر النهضة ( لدينا شيكسبير (انجلترا) وتاجر البندقية ـ كالدرون‬ ‫(إسبانيا) والحياة حلم لنختار منها نصا أليهما فهل تقترحه لنا)‬ ‫‪ 4‬ـ وسنختار أيضا واحدا من نصوص راسين أو كورنى باعتبارهما علمى فرنسا‬ ‫فى عصر النهضة وان كنا سنختار النص المقرر أليهما على المدارس الثانوية‬ ‫الفرنسة ليكوواحدا من أهدافنا يق توسيع رقعة جمهورنا ونشر الوعى المسرحى‬ ‫معا ‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ سنختار أيضا النص المسرحى اإلنجليزى الحديث المقرر على طلبة المدارس‬ ‫الثانوية التجريبية ‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ من القرن التاسع عشر سنختار نصا الستراندبرج أو إبسن (و يسعدنا أن نسهم‬ ‫معا فى اختياره) وإن أشار علينا البعض بمسرحية «سمك عسير الهضم» من‬ ‫مسرح أمريكا الالتينة ‪.‬‬ ‫‪ 7‬ـ سهرة مع مسرح آسيا سنختار نصا من مسرحيات الفصل الواحد لموشيما‬ ‫(اليابان)‪ ،‬وآخر لطاغور (الهند) وما أجمل أن تساندنا برؤاك ‪.‬‬ ‫‪ 8‬ـ من المسرح األفريقى سنختار نصا لسونيكا (فهل تدلنا على إختيارك لنا)‪.‬‬ ‫‪ 9‬ـ من المشرق العربى (سنختار لسعد هللا ونوس إحتفاء به ومساندة للفنان فى‬ ‫محنته وقبل كل شىء فهو كاتب يعتز به المسرح العربى‪ ،‬ونحن نفكر فى جوقة‬ ‫التماثيل أو أبو خليل القبانى ‪ ..‬فيم تنصحنا؟‬ ‫‪ 10‬ـ من المغربى (لدينا من تحمس لمسرحية الحالج لعز الدين مدنى‪ ،‬لكن‬


‫سيسعدنا أن تصوب رؤانا)‬ ‫‪ 11‬ـ من الجيل الوسط فى مسرحنا المصرى (نرى أن نقدم «دخول الحمام»‬ ‫إلبراهيم رمزى‪ ،‬وإن كنا دوما مستعدين لتلقى إقتراحاتك)‬ ‫‪ 12‬ـ من الجيل الحديث ( رأينا محمود دياب‪ ،‬وميخائيل رومان يستحقان أن‬ ‫نقدمهما فقد مضى زمان بعيد منذ أن رأينا أعماال لهما على المسرح المصرى إال‬ ‫لدى هواة المسرح ـ واخترنا ألولهما «أرض ال تنبت الزهور»‪ ،‬ولثانيهما «إيزيس‬ ‫حبيبتى»‪ ،‬فهل لديك إقتراح آخر؟)‬ ‫‪ 13‬ـ إستلهاما لتراث عربىة عمل (فقد رأينا صفعة لمسرحنا العربى أن يقدم‬ ‫بيتربروك « منطق الطير « لفريد الدين العطار وقد آثرنا أن تكون باكورة إنتاجنا‬ ‫فى هذا السبيل فما رأيك؟ ‪.‬‬ ‫‪ 14‬ـمازلنا نبحث عن نص لكاتب مصرى شاب ‪ /‬فى إتجاه الفرجة الشعبية‪،‬‬ ‫وسيسعدنا أن نعرفه منك ليكون ضمن خطة عامنا األول ‪.‬‬ ‫‪ 15‬ـ بالتعاون مع مركز أبحاث الدراسات الشعبية بالبيت الفنى للفنون الشعبية‬ ‫ستقوم مجموعة عمل (ممثلون ومخرج ومساعد ودراماتورجى‪ ،‬ومهندس ديكور)‬ ‫برحلة إقامية بأحد أقاليم مصر أو قراها‪ ،‬ليصنعوا لنا نصا على أعينهم‪ ،‬فبأى هذه‬ ‫األقاليم أو القرى تنصح بها؟ ‪.‬‬ ‫‪ 16‬ـ أليس من حقنا أن نطلب منك أن تختار لنا مؤلفا ترى أنه مؤلف واعد لنقدم‬ ‫له نصه؟ ‪ 17‬ـ إخترنا أن يكون «أنوى» ونصه «بيكيت» واحدا من نصوص‬ ‫العام األول فو فى ذاته تحد للمبدع بمشاهده التى تتجاوز الثالثين وبخاصة أنه‬ ‫رغم حشود ممثليه فسنقدمه كالعادة لدينا‪ ،‬وجوقة تمثيل ال عدد أفرادها عن سبعة‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪47 46‬‬


‫فما رأيك؟ ‪.‬‬ ‫نعرف أن ماطرحناه لتونا إطا ار عاما لخطة العام األول‪ ،‬نحن ملتزمون فيها بتقديم‬ ‫سبع عشرة مسرحية إحتفاء بكيف ال يغفل أهمية الم الذى نأمل أن لتى كانيتحقق‬ ‫معه الكيف الذى ستحرص عليه الفرقة فى ضوء منهجها وقد آثرنا أن نستطلع‬ ‫رأيك حول اختيارنا وأن تسهم معنا فى اآلن نفسه فىهذا اإلختيار‪ ،‬والذى نستشرف‬ ‫به غدا يستحيل إال أن نراه فى عيون اآلخرين ‪.‬‬ ‫وسيسعدنا دوما أن تدفع مركبنا أمواج المحبين الذين يعرفون تضاريس‬ ‫ ‬ ‫النهر‪ ،‬وإن كنا نعرف أننا نبحر ضد التيار إستشرافا إلنقاذ اليوم وتطلعنا للغد‪/‬‬ ‫إنتقاال من شطآن الممكن والسائد والمتاح‪،‬آلفاق األمثل والتخوم التى تحدونا‬ ‫رغكان يظن أن الوصول إليها مستحيل‪ .‬إننا نبحث عن ميالد متجدد لمسرحنا بة‬ ‫متعطشة بآمال الغد وإن كنا نعرف أننا نحلم لكن الحياة فى ا فى صفة بننا صنعنا‬ ‫من تلكم األشياء التى صنعت منها األحالم‪ ،‬ومن المفارقات أن التحليل النفسى‬ ‫يرى فى الحلم باعتباره متخيال بعدا مقيما فى اإلنسانمسرحية العاصفة بأننا ذاتها‬ ‫حلم‪ ،‬وها هو شيكسبير يذكرنا فى مسرحية العا‪ ،‬إنه وجود محايثقائم على الرغبة‪،‬‬ ‫وإذا ما كانت الرغبة ال تمضى بغير تخييل (فانتازيا) فإن التخييل فى اآلن نفسه‬ ‫هو الذى يتيح للرغبة هذا المدى الفسيح من تحقيق مقاصدها‪ ،‬ونحن نلتزم بقيمتى‬ ‫الحب والعمل وهما دليل الصحة النفسية فىعلم النفس كى نحقق رغباتنا التى نحلم‬ ‫بها ‪..‬‬ ‫نحن نعرف أن الحد الفاصل بين الحلم والحقيقة إن كانت كذلك‪ ،‬وهو‬ ‫ ‬ ‫«أن نكون أو ال نكون» ‪ ..‬ونحن نطرح أنفسنا وعملنا وخطتنا التى تدب على‬


‫يساقط على الصخر يلينه على مر‬ ‫األرض الصخر‪ ،‬مدركين أن الماء الذى َّ‬ ‫األيام‪ ،‬فماذا لو أسهمت معنا فى ترشيد رؤانا؟ آنئذ سنكون‪ ،‬إننا نجاهد من أجل‬ ‫الغد حتى يتحقق الجانب اإليجابى من مقولة لوركا « فى كل المسارح يجل أن‬ ‫تكتب كلمة فن (تجريب واع بالواقع) وإال كتبت كلمة تجارة أو كلمة أخرى ال أجرؤ‬ ‫على ذكرها‪ ،‬وكلنا أمل أن نعيد للحركة المسرحية ذلك الدور الذى ال سبيل غيره‬ ‫من أجل الغد‪..‬‬ ‫وقد حرصنا على أن نورد هنا المشروع كامال‪ ،‬إذ هو ليس مشروعا‬ ‫ ‬ ‫خاصا بإنشاء فرقة بعينها ذات هوية خاصة (فرقة الغد للعروض التجريبية)‪،‬‬ ‫وإنما المشروع رؤية أوسع من ذلك بكثير‪ ،‬ولو نحينا منها ـ الرؤية ‪ /‬المشروع‬ ‫الجانب المتعلق بهوية الفرقة‪ ،‬لوجدنا مشروعا متكامال للمسرح المصرى بكل فرقه‬ ‫المختلفة‪ ،‬إذ يضع المشروع ‪ /‬الدراسة يده على معظم إن لم يكن كل جوانب‬ ‫السلب التى يعانى منها المسرح المصرى‪ ،‬وألن ذلك المشروع ‪ /‬الدراسة إتخذ‬ ‫منهجا علميا فى التشخيص والعالج‪ ،‬والرؤى المستقبلية للفرقة‪ ،‬سواء فى نوعية‬ ‫النصوص التى تقدم‪ ،‬والكيفية التى تقدم بها العروض‪ ،‬ولمن تقدم‪ ،‬وكيف تقدم‪،‬‬ ‫إضافة إلى الجوانب المالية الخاصة باإلنتاج‪ ،‬ولوائح مكافآت الفنانين‪ ..‬فقد أتت‬ ‫مرحلة جنى الثمار سريعة واثقة ناجعة‪ ،‬وتم خالل الشهور الست األولى تقديم‬ ‫عروضست مرة واحدة‪ ،‬قدمت بالقاهرة وبعض األقاليم المصرية‪ ،‬فى القت الذى‬ ‫كانت تتم فيه (بروفات) ألربع عروض أخرى من العرض السبعة عشر التى‬ ‫تضمنتها خطة العام األول‪ ،‬وتلك العروض هى «الليلة نضحك» تأليف «ميخائيل‬ ‫رومان» إخراج «محمد دسوقى»‪« ،‬رحلة الحالج» تأليف الكاتب التونسى «عز‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪49 48‬‬


‫الدين المدن اخراج د‪« /‬محمد أبو الخير»‪« ،‬فيلوكتيتيس» تأليف «سوفوكليس»‬ ‫إخراج «عاصم رأفت»‪ ،‬الطريق» تأليف الكاتب النيجيرى «وول سوينكا»‪ ،‬إخراج‬ ‫«إسماعيل مختار» الرئيس الحالى للبيت الفى للمسرح‪»،‬فصيلةإعدام» تأليف‬ ‫الكاتب األسبانى «ألفونس ساسترى» الذى شاهد العرض حين عرض على مسرح‬ ‫غزل المحلة‪ ،‬من إخراج «محمد عمر»‪« ،‬أرض ال تنبت الزهور» تأليف «محمود‬ ‫دياب»‪ ،‬إخراج ‪« /‬هناء عبد الفتاح»‪ ،‬و»شرف هللا» أو بيكيت لجان انوى‪ .‬وعلينا‬ ‫أال نغفل ذلك التنوع فى النصوص ومؤلفيها‪ ،‬وتنوعها أيضا بين المصرى‪ ،‬العربى‪،‬‬ ‫األوربى‪ ،‬واألفريقى‪ ،‬تماما كما جاء بخطة ومشروع إنشاء الفرقة‪ ،‬ونلحظ أيضا‬ ‫إتاحة فرص كبير لمخرجين من الشباب يقوم بعضهم باإلخراج للمرة األولى‪،‬‬ ‫ومن يتأمل األسماء على قامت العروض على أكتافها من الممثلين يعرف كيف‬ ‫تم الدفع بعدد كبير منهم‪ ،‬يأخذ بعضهم فرصته للمرة األولى‪ ،‬والشىء نفسه‬ ‫مع معظم مصممى الديكور‪ ،‬ومؤلفى األشعار‪ ،‬ومعدى ومؤلفى الموسيقى‪ ،‬مع‬ ‫الحرص فى الوقت ذاته على وجود أسماء كبية ـ فى مجال عملها ـ فى المفردات‬ ‫المختلفة للعرض المسرحى‪ ،‬فى عنصر الديكور مثال نجد الدكتور»عبدالرحمن‬ ‫عبده» أستاذ الديكور بالمعهد العالى للفنون المسرحية‪ ،‬و «رؤوف ألسيوطى»‬ ‫صاحب الخبرة الطويلة والتجارب المتعددة فى تصميم ديكور العروض المسرحية‪،‬‬ ‫والدكتورة «عايدة عالم» أستاذ الديكور المسرحى بقسم المسرح‪ ،‬بآداب جامعة‬ ‫حلوان‪ ،‬وهؤالء إلى الشباب ـ وقتئذ ـ «نبل الحلوجى‪ ،‬عزمى فكرى‪ ،‬سيد شرشابى‪،‬‬ ‫رامة فاروق» والشىء ذاته يذكر فى الموسيقى‪ ،‬واإلخراج‪ ،‬والعناصر األخرى‪،‬‬ ‫وقد عرضت تلك المسرحيات فى القاهرة‪ ،‬طنطا‪ ،‬غزل المحلة‪ ،‬المنصورة‪ ،‬بنها‪،‬‬


‫الزقازيق‪ ،‬اإلسماعيلية‪ ،‬بورسعيد‪ ،‬شبين الكوم‪ ،‬شب ار الخيمة‪ ..،‬فأى نجاح هذا‪،‬‬ ‫ولقدرة التجربة على تحريك الماء اآلسن‪ ،‬وتجاوز السائد والمألوف إتفت بالتجربة‬ ‫األوساط النقدية‪ ،‬والكتابات الصحفية فى معظم ـ إن لم يكن كل ـ المجالت‬ ‫المتخصصة وغير المتخصصة‪ ،‬والصحف السيارة على صفحاته الفنية‪...‬‬ ‫ولكن‪ ...‬وآااااااه من تلك االاااكن‪ ،‬إذ يكمن بداخلها جحيم الشياطين‪ ،‬والتى يبد‬ ‫أنها آفة مصرية باتت جينا وراثيا لدى البعض من المصريين‪ ،‬وهم كثيرون‪..‬‬ ‫كثيرون هؤالء المتسمون بأعداء النجاح الذين تتنامى ذواتهم إلى درجة اإلنتفاخ‬ ‫على حساب الصالح العام‪ ،‬ليفسدون كل شىء وبضمائر يحسدون عليها‪ ،‬لتجىء‬ ‫إستقالة مؤسس الفرقة‪ ،‬ومن وضع لها مشروعها وخطتها فى رؤية علمية‪( ،‬ألنه‬ ‫رجل علم يعرف أهمية التخطيط العلمى الممنهج)‪.‬‬ ‫وآلن أعداء النجاح متربصون دائما لكل ماهو مضىء فى الحياة‪ ،‬وألنه‬ ‫ ‬ ‫(الدكتور حسين عبد القادر) ال يعرف إال الخطوط المستقيمة والوضوح‪ ،‬كان البد‬ ‫من اإلستقالة ‪.‬‬ ‫وتأتى اإلستقالة كتحفة أدبية فى جمالياتها رغم أنها مليئة باألنين من‬ ‫ ‬ ‫الدم الذى نستشعره نازفا‪ ،‬والم اررة التى يغص بها الحلقوم‪ ،‬وإن لم يجعلها كل ذلك‬ ‫أن تخلو منأدبة جم‪ ،‬ورقة فواحة‪ ،‬وإخالصا وصدقا لم يتخلى عنهما أبدا وطاقة‬ ‫التنفذ من الحب والرغبة فى العمل‪ ،‬وهما ـ كما يرى ـ أساس الصحة النفسية‪ ،‬لكل‬ ‫ذلك آثرنا أال يخلو هذى الكتيب مما جاء بورقة اإلستقالة المقدمة لوكيل الو ازرة‬ ‫«عبد الغفار عودة»‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪51 50‬‬


‫نص االستقالة‬ ‫العزيز العزيز من قبل القبل‪ ،‬وومن بعد البعد‬ ‫الفنان القدير وكيل الو ازرة ـ رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية واإلستعراضية‪.‬‬ ‫«برغم أن العالم هو فى ذات الوقت مانراه‪ ،‬فإن مايجب تعلمه هو أن نراه‪ ...‬وما‬ ‫من سبيل لذلك بغير بفض اللبس واإلمساك بقاع النفس‪ ،‬هناك فى الالشعور‬ ‫بحب للنور غير مشروط‪ ،‬وإن لم نفعل فكل ما نطلبه سيفرمنا‪ ،‬ولن نستطيع قراءة‬ ‫أنفسنا» (مير لوبونتى‪ ،‬الموتى والال موتى)‬ ‫الزميل العزيز تحية طيبة وبعد‪( ...‬أو لنقل وأما قبل)‬ ‫إذ أخاطب فيك الزميل فهو نبض إعزاز وتقدير‪ ..‬وتواصل وعمر لواله ما قبلت‬ ‫بحال إدارة فرقة الغد غندما طلبت منى ذلك‪ ،‬ويعلم هللا كيف خجلت ساعتها‬ ‫من الرفض لزميل يريد تطوير الحركة المسرحية‪ ،‬ويرنو لشاطئ آخر يتخطى‬ ‫المألوف‪ ،‬وعندها إشترطت ـ إن كنت تذكر ـ موافقة السيد وزير الثقافة على‬ ‫قرار ندبى‪ ،‬والحق ظننته سيرفض‪ ،‬وكم تمنيت أن يحمينى رفضه من حبل‬ ‫يلتف بعنقى‪ ،‬إذ أنى أعرف أى واقع مسرحى‪ /‬ثقافى نحياه‪ .‬وأى جهد وعرق‬ ‫سيحتاجهما‪ ،‬وجاءت الموافقة على كره منى‪ ،‬إحتراما لرغبتك وأمال أخي ار يهدم‬ ‫جدا ار بين الرفض ومسؤولية الدور‪.‬‬ ‫وأملت الغد يزيل الغيم من أموال مهدرة‪ ،‬وواقع بال تخطيط أو منهج‪ ،‬وغياب لقيم‬ ‫ولت‪ ،‬واشترطت آنئذ مبنى مسرح أخبرتنى أننى سأتسلمه فى يونيو ‪ 1995‬وقوام‬ ‫فريق أصدرت مشكو ار إعالنات تعيينهم‪ ،‬وقرابة منتصف مارس‪ 195‬كان إكتمال‬


‫‪ 27‬فردا ممثال ومساعدا لإلخراج‪ ،‬ومنذ األيام األولى التى توليت فيها المسؤولية‬ ‫تقدمت بين يدى ـ على نفقتى الخاصة ـ للحركة النقدية والثقافية ولكم فى البدء‬ ‫ورقة عمل لتكون وثيقة لى أو عَلى (نشرت فى مجلة الكواكب فى ثالثة أعداد فى‬ ‫ّ‬ ‫حينها إحتفاء بها)‪ ،‬وبدأت رحلة معاناة وعمل وعرق ودم وإهدار صحة‪ ،‬ألفى بما‬ ‫وعدت به ‪ ،‬وأحسبك أول شاهد على ما بذلته وحققته فى كل ما التزمت به‪ ،‬فمنذ‬ ‫ندوة الثامن والعشرين من مارس (الواقع الراهن للمسرح المصرى‪ ..‬األزمة والحل)‪،‬‬ ‫وكانت بتنظيمها نموذجا يحتذى‪ ،‬والمسيرة ال تهدأ‪ ،‬ومختبر تدريبى للجميع‪ ،‬وجهد‬ ‫إنتدابات تكمل فريق العمل‪ ....‬و ‪ ...‬وبروفات بدأت تتوالى من بعد إنتهاء فترة‬ ‫المختبر (منتصف مايو تقريبا)‪ ،‬وذلك كله على وعد بتسلم المسرح‪ ،‬والذى قفز‬ ‫موعده إلى ألول يوليو أو منتصفه على األكثر‪ ،‬وكام ذلك وعدك!! أمام أعضاء‬ ‫المكتب الفنى أكثر من مرة‪ ،‬وفى عديد من مخاطبتنا بشأنه‪ ،‬وكانت لى وقفة فى‬ ‫‪ 1995 6 /23‬عندما أحسست أن الوعد (وعدك) تذروه رياح الضرورة‪ ،‬وروحك‬ ‫التى كانت تكبلنى وتؤثرنى فسحبت أول إستقالة لى بعد مقابلة دافئة ووعد قاطع‬ ‫بتسلم المسرح قبل يوليو (الموعد المحدد منذ البدء إلفتتاح مسرحيات ست‪ .‬نعم‬ ‫ست مسرحيات‪ ،‬بل سبع مسرحيات منن روائع المسرح العالمى والعربى والمصرى‬ ‫كانت بروفاتها على قدم وساق‪ ،‬وشمس الوعد تنير طريق العمل‪ ..‬و ‪ ..‬وكان ما‬ ‫كا من واقع ووقائع ووعد قاطع من جديد بتسلم المسرح فى منصغ سبتمبر على أن‬ ‫تقوم بجولة فى المحافظات( هى جزء من خطتنا للخروج للجماهير‪ ،‬ولكن ذلك كان‬ ‫مقر ار له بعد اإلفتتاح إذ تبدأ المسرحيات بالقاهرة ثم‪ ،‬ثم تنتقل تباعا إلى األقاليم)‬ ‫وغيرنا وسائطنا وخرجت عروض ست لجوالتها التى كان لها لك اليد الطولى فى‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪53 52‬‬


‫إختيار مواقعها‪ ..‬وهاهى الجماهير المحرومة تحتفى بها وتتضاعف نجاحاتها ‪..‬‬ ‫ولكن ‪ ..‬تساؤالت شتى تموج بالصدر يباغتنى ريحها الذى يحاصرنى بالتساؤل‪،‬‬ ‫وبعض جراحة فى الصدر تعلو إذ فتحته نهبا للطعنات المستباحة‪ ،‬فهاهو وعد‬ ‫إنتهاء المسرح فى سبتمبر وهو الوعد المتكررةأقولها بعد رؤى العين ولتعذر لنا‬ ‫الصراحة‪ .‬مامن أمل فيه بعد كل تلك الجوالت التى لم تكن سياحة بل دوامات‬ ‫لم أعرف فيها طعم الراحة‪ ،‬ومن ثم فإن األمل المعقود على إستكمال برنامجنا‬ ‫(‪ 17‬مسرحية على األقل) تحتاج إلى دالة المكانلبروفات واستقالل وتواصل‬ ‫لمسرحيات جديدة تؤكد قدرات مسيرتنا لمجموعات عمل بفرقة مقاتلة‪ ،‬وكتائبها‬ ‫شغوفة بما ينير حلكة الساحة الخاوية‪ ،‬وأى إنتظار جديد أو بطء صارخ مع وعد‬ ‫آخر لموعد آخر له آنئذ طعم الزقوم‪ ،‬وكأس محتوم‪ ،‬على أن أتجرعه وحدى‪ ،‬إذ‬ ‫أنك وحدك من تعرف حقيقة أسبابه‪ ،‬ودوما تمهلنى بالوعد‪ ،‬ومنذ الوعد األول‪،‬‬ ‫كتبت صرخة أولى‪ ،‬ووحدى ـ ألجلك وصداقة عمر ـ كتمت الجرح فى األولى‪،‬‬ ‫والثانية‪ ،‬وفى الثالثة غيرنا وسائطنا كما أسلفنا‪ ،‬فماذا تصنع فى الرابعة إال أن‬ ‫ينفرط العقد بعد ما أصبح الحلم واقعا‪ ،‬وما قيل أنه المستحيل ها هو فرحة فى‬ ‫عيون الجماهير‪ ،‬وإن كنت أحسب أن أحدا منا لم يستوعب عمق الحلم‪ /‬المشروع‬ ‫الذى أصبح الواقع‪ ،‬فاألمر يا صديق ليس أمر مواقع‪ ،‬بعضها ـ وأنت أدرى بها‬ ‫ـ تحملها الفنانون بإساس البدء والدور والرسالة فكان البدء موعد من ال يهابون‪،‬‬ ‫وكنا نصنع كونا جديدا لمن يعبرون‪ ،‬واعذرونى فالكلم كثير‪ ،‬ونقد الذات أمر ليس‬ ‫بالعسر لمن يعيشون بقلب األشياء بأصدق ضمير‪ ،‬وفض اللبس واإلمسك بالال‬ ‫شعور أظنه يضير ‪ ..‬و ‪ ..‬وما أكثر المذكرات والمكاتبات التى كتبتها بقلمك‬


‫أو ال فعلك نقضتها‪ ،‬وأحسب أن بمكنتك أن ترجع لها فهى يقينا عندك ـ وعندى‬ ‫صور لها ـ لكن أرفض أن أضمنها مذكرتى إذ أنى لست فى موقف غير موقف‬ ‫القرب والتذكرة (ويظل وعد اإلفتتاح المتكرر‪ ،‬والتزامنا برأيك ـ على وعد جديد ـ‬ ‫ورغم قرار مكتب الفرقة التى (باستثناء شخص واحد) بالبدء فى مسرحنا بالقاهرة‪،‬‬ ‫وهو ما تحملت مسؤوليته وحدى وأقنعت به كتائبى الست المقاتلة والمكافحة عن‬ ‫دور المسرح وللغد‪ ..‬وكم تحملت وتحملوا)‪.‬‬ ‫ـ مواقع ال تصلح وحذرت من بعضها كالمستجير ولم تأبه لنا‪ ،‬والغريب أن بها أو‬ ‫بالقرب منها مايدفع لتغييرها‪ ،‬ورغمها التزمنا بها ! ‪.‬‬ ‫ـ مسرحيات (جلها) نلتزم فيها باأليام الخمسة المقررة لها فى كل موقع‪ ،‬وواحدة‬ ‫فحسب تحظى دون غيرها باأليام العشرة‪ ،‬وكم تحملت بسببها من تساؤالت فنانى‬ ‫غيرها ! ! ‪.‬‬ ‫ـ دعايات مبتورة وفى كل يوم لها مشكلة فمن إغفال إسم مخرج أو مترجممابين هذه‬ ‫وتلك‪ ،‬ورغم تصويبحرصنا عليه فى حينها فهو يتكرر‪ ،‬وأكثر من ذلك وأهم تنسى‬ ‫ياصديق أسلوبا أثي ار لما كان يجب أن يتواكب مع إفتتاحات (ال إفتتاح واحد) فى‬ ‫كل موقع من مواكبة ألزمة الصحفيين ونقاد وحفاوة الزمة لعروض لم يحس بها‬ ‫أحد لوال استدراك بقدر الطاقة وفرحة فى العيون المحرومة من من مسرح حق‬ ‫فى األقاليم وإن لم يكتمل لذلك بهجته‪ ،‬وهل أذكرك بما كنت تفعله أنت نفسك‬ ‫بالمتجول فى عروضها باألقاليم التى تحتاج لكثيف كبير ليحس أهل األقاليم نفسه‪،‬‬ ‫ولنعرف بتجربة نفخر بها‪ ،‬فلم أجهضتها‪ ،‬وهل أذكرك بمذكرة كتبتها وسلمتها لك‬ ‫فى الخامس من أغسطس إذ ال توجد موظفة آلة كاتبة‪.................‬‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪55 54‬‬


‫وتستمر المذكرة فى سرد أسباب اإلستقالة على مدى مايقرب من خمسة آالف‬ ‫كلمة‪ ،‬كلها تقطر عرقا ودما‪ ،‬وينز من بين سطورها األلم من مقابلة النجاح بوضع‬ ‫العراقيل أمامه‪ ،‬واإلستهانة بالمشاركين فى صنعه من شباب الفنانين الى حد من‬ ‫عدم اإلكتراث لمبيت ثمانية عشر منهم فى عنبر واحد‪ ،‬وغير ذلك الكثير الذى‬ ‫تغص به المذكرة حتى تصل إلى‬ ‫‪ .......‬ألست معى فى أنه ما من سبيل للبناء‪ ،‬كى ـ أحفظ ـ على األقل نظرة‬ ‫فى التالقى تترنم بالصفاء‪ ،‬وتعشق صدق الرؤى والود والنقاء‪ ،‬وتأتى المواسم‬ ‫بالذكريات نتوضأ بالشوق ألمسها‪ ،‬وللغد البقاء‪ .......‬وها أنذا أسلمها لمن‬ ‫يستطيع أن يحيى الربيع الذى أظنى بلغته‪ ،‬لكن هاهو الخريف يزحف الشتاء‪ ..‬بل‬ ‫أخشى بكل الحب إن لم ترعها بنفسك أن يكون شتاء بال خريف‪ ،‬وصدقنى أفظع‬ ‫من ذلك أن أبقى لحظة واخرى فقد وصلنا لعتبة فارقة‪ ،‬بعدها بركان مخيف‪،‬‬ ‫وفى كل األحوال أعرف أن بمكنتك أن تواصل خطى األمل الرهيف‪ ،‬وقد تحققت‬ ‫أوائله‪ ،‬ودنت نوائله‪ ..‬ولم يبق إل أن تقبل إستقالتى‪ ،‬وإتخاذ إجراءات إنتدابى‪،‬‬ ‫آنئذ‪ ،‬وآنئذ فحسب أكون نجوت إذ أنقذ روحى وصحتى التى تدهورت‪ ،‬وبقى أن‬ ‫أستريح‪ ،‬وكفى ما بالنفس ‪ /‬الكيان من تباريح‪ ،‬وال أحسبك ترضى مزيدا من جراح‪،‬‬ ‫بعد ما لم أستطع المواصلة ضد الرياح‪ ..‬وكاد أن يضيع منى الصباح‪ ،‬و‪ ..‬آثرت‬ ‫أن ألملم دمى المستباح‪ ،‬ويكفينى ما حققته من نجاح‪ ،‬لكنى دوما يا صديق أقول‬ ‫«الصبح إذا ما أرجأته‪ ..‬قتلته‪»..‬‬ ‫ويقفز القلب يعانق الجميع وأقول سالما ‪ ..‬وسالما لكل يد إمتدت لى‬ ‫ ‬ ‫بالود والرضى‪ ..‬أو حتى بالطعن والردى ‪ ..‬و ‪ ..‬وسالما وتحية ‪ ..‬ولك العتبى‬ ‫حتى ترضى ‪.‬‬


‫وتعكس هذه الكلمات المضمخة بالرقة والعذوبة حتى والنفس تمور‬ ‫ ‬ ‫بالغضب‪ ،‬وتمتلىء النفس بالحزن واأللم‪ ..‬واحدا من أبعاد شخصية الدكتور‬ ‫«حسين عبد القادر» الفنان مرهف الحس‪ ،‬وأستاذ علم النفس‪ ،‬العالم العميق ‪.‬‬ ‫وقد إهتزت األوساط المسرحية‪ ،‬والثقافية لهذه اإلستقالة‪ ،‬وتناولتها معظم المجلالت‬ ‫والصحف المعنية‪ ،‬لما لمسه الجميع فى جدية‪ ،‬وصدق وإختالف تجربة الغد‬ ‫المسرحية القافزة على السائد والمألوف واآلسن ‪.‬‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪57 56‬‬


‫ومـــــــــــــضـــــــــــــات‬ ‫على تاريخه العلمى‬


‫الدكتور «حسين عبد القادر محمد أحمد‬ ‫ ‬ ‫مواليد عام ‪1936‬‬ ‫ليسانس اآلداب ـ قسم علم النفس ـ كلية اآلداب‪ ..‬جامعة عين شمس‬ ‫ـ ماجستير علم النفس‪ ،‬وموضوعه ‪ :‬الفصام‪ ..‬بحث بحث فى الموضوع كما‬ ‫تظهر فى السيكودراما ‪.‬‬ ‫دكتوراه‪ ،‬وموضوعها ‪ :‬العالج الجماعى والسكودراما‪ ،‬دراسة فى الجماعات‬ ‫العالجية لمرضى فصام البرانويا‬ ‫ـ التدريس فى العديد من الجامعات المصرية‪ ،‬والمعاهد الفنية بأكاديمية الفنون‬ ‫الدورات التخصصية للمذيعين ومقدمى البرامج‪ ،‬والمخرجين بمعهدى التدريب‬ ‫اإلذاعى والتليفزيون‪ ،‬للمصريين والوافدين من العالم العربى واألفريقى ‪.‬‬ ‫ـ أستاذ زائر ببعض جامعت جمهورية تونس‬ ‫ـ المختبرات والتدريبات العملية‬ ‫‪ 1‬ـ اإلشراف على البناء السكودرامى لتجربة بيت العوانس‬ ‫‪2‬ـ تدريب األخصائيين النفسيين على تطبيق تجربة العمل المصممة لقطاع الفنون‬ ‫الشعبية‬ ‫‪ 3‬ـ مختبر فرقة الغد للعروض التجريبة ‪.‬‬ ‫ـ عضوية الجمعيات والمجالس المتخصصة‬ ‫‪ 1‬ـ الجمعية المصرية للدراسات النفسية‬ ‫‪2‬ـ جمعية علم التفس اإلكلينيكى (نائب رئيس)‬ ‫‪ 3‬ـ رابطة علم النفس المصرية‬ ‫حسني عبد القادر‬

‫‪59 58‬‬


‫‪ 4‬ـ الجمعية الفلسفية المصرية‬ ‫‪ 5‬ـ المكتب الفنى للمسرح القومى‬ ‫‪ 6‬ـ اللجنة الدائمة لبرامج الطفولة باألمانة العامة إلتحاد اإلذاعة والتليفزيون‪.‬‬ ‫‪ 7‬ـ اللجنة المركزية للقراءة وتقويم اإلنتاج باألمانة العامة إلتحاد اإلذاعة والتليفزيون‬ ‫‪ 8‬ـ اللجنة العليا للمسرح بالمجلس األعلى للثقافة (المجالس المتخصصة)‬ ‫ـ المؤتمرات والندوات‬ ‫‪ 1‬ـ مؤتمر المسرحيين األول (و ازرة الثقافة)‪ ،‬بحث المسرح المصرى تخطيط بال‬ ‫وواقع بال تخطيط ‪1966‬‬ ‫‪ 2‬ـ مؤتمر المسرحيين الثانى (و ازرة الثقافة) المسرح وسيكولوجية الجمهور’‪.....‬‬ ‫مع تولى أمانة لجنة المسرح والجمهور‪ ...‬يناير ‪1976‬‬ ‫‪3‬ـ مؤتمر ثقافة الطفل فى وساءل اإلعالم‪ ،‬بحث « دراما الطفل بين اإلسطوطاليسة‬ ‫التقليدية والجاليلية التلقائية (معهد الدراسات العليا للطفولة ـ يناير ‪)1985‬‬ ‫‪ 4‬ـ المؤتمر الدولى الثانى لمهرجان سينما األسطورة والتاريخة(مدينة جرباـ تونس)‪،‬‬ ‫بحث‪ :‬تداخل الظالل وألبعاد بين المؤرخ والسينمائى‬ ‫‪ 5‬ـ المؤتمر الدولى الثالث لمهرجان سينما األسطورة والتاريخ ‪ 1993‬ـ بحث‬ ‫الشخصية التاريخية فى السينما بين المصادر المتاحة وحاضر السينمائى‪ ،‬إطاللة‬ ‫سيكولوجية على تدفقات صالح أبو سيف‬ ‫‪ 6‬ـ مؤتمر الجمعية الفلسفية المصرية «حول المشروع الحضارى» ‪،1993‬‬ ‫بحث «غشكاليات حول المشروع الحضارى واإلنسانيات وقفة حول تخوم التحليل‬ ‫النفسى‬


‫‪ 7‬ـ ندوة «مصطفى زيور بين باريس ومصر ـ معه اللغة العربية بباريس ‪1996‬‬ ‫‪ 8‬ـ مؤتمر الدراسات التربوية بعمان ـ األؤدن‪ ،‬بحث «العملية التعليمية بين‬ ‫التقليدية واإلبداع» ‪1997‬‬ ‫‪ 9‬ـ المؤتمر األول لعلم النفس بالجامعات اللبنانية‪ ،‬بحث «السيكودراما وعالج‬ ‫مدمنى البانجو بين الخيال والمتخيل ‪2000‬‬ ‫غيرها الكثير من المشاركات العلمية واإلصدرات العلمية مما ال يتسع لها المجال‪.‬‬

‫حسني عبد القادر‬

‫‪61 60‬‬


‫مـــــــــلـــــــــحـــــــــق‬ ‫الصور‬


‫حسني عبد القادر‬

‫‪63 62‬‬



‫حسني عبد القادر‬

‫‪65 64‬‬



‫حسني عبد القادر‬

‫‪67 66‬‬






Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.