المكرمون
رئيس المهرجان
أ.د /حسن عطية مدير المهرجان
أ /إسماعيل مختار
رئيس تحرير المطبوعات
د /مصطفى سليم المنسق العام
ماجدة عبد العليم جرافيكس المطبوعات واإلخراج الفني
محمد عبد الحكيم الكومي
كــــــلــــــمــــــات
وزير الثقافة أ.د /إيناس عبد الدايم
أبو العال السالموين
7 6
يعد المسرح أحد روافد الثقافة المصرية ،معبرا عن واقعه، ومتطلعا لتغييره ،ومشتركا مع كافة الفنون األخرى فى نشر الوعي بين الجماهير واالرتقاء بالذوق العام لمواجهة التطرف الفكري ،مما يدعونا إلى ضرورة عودة الثقافة إلى المواطن من خالل تكاتف جميع القطاعات والتنسيق فيما بينها ،وإلى العمل من أجل تحقيق التواصل بين المركز فى العاصمة واألطراف فى األقاليم ،والسعى للكشف عن هوية كل بيئة ،بما يعكس هوية هذا المجتمع األصيل الخالد. ومن ثم يعتبر المهرجان القومي للمسرح هو النافذة التى نطل منها على كل منتج إبداعي فى كافة األقاليم والقطاعات والتوجهات ..أنه بانوراما مختارة لهذا الكم الرائع من العروض المسرحية التى قدمت خالل العام الماضى ،بما يسمح بالتعرف على مالمح تطور هذا المسرح ،ورصد مساره المتقدم دوما لألمام. تحية تقدير للقائمين على هذه التظاهرة الثقافية التي تعبر عن وجه من أوجه حضارتنا متمثال في أبو الفنون ..المسرح الذي سيظل دوما مساحة من التفاعل الثقافي االبداعي الحي المعبر عن العصر وهمومه وطموحاته.
أ.د .حسن عطية رئيس المهرجان
أبو العال السالموين
9 8
أنه تكريم لهم ..وشرف للمهرجان عندما قرر المهرجان القومى للمسرح فى دورته الحالية تكريم مجموعة من رموز المسرح المصرى ،كان يسير على منوال الدورات السابقة ،ويستكمل مسيرة التكريم فى الحركة الثقافية فى المجتمع ،ويصبو ألن يمثل المكرم ذاته كمبدع وناقد وكممثل لجيل ومرحلة ومعبر عن رؤية للعالم والمجتمع والفن المسرحي ،فالمبدع أو الناقد ُيكون ذاته بنفسه ،منتميا لجيل يحمل هموم الواقع والعالم ويعبر عنها بصياغات متعددة تحكمها غالبا رؤية هذا الجيل للدور المؤثر للفن عامة والمسرح خاصة فى مجتمعه ،كما أن هذا المبدع أو الناقد يوجد داخل مرحلة زمنية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تحاول تجاوز ما سبقها وتبنى عليه أو تغير فى مفاصله أو تهدمه تماما صانعة مرحلة مغايرة لما سبقها ،مما يجعله يتخذ موقفا مسايرا أو مناوئا لهذه المرحلة الزمنية التى يعيشها ويعبر عنها وداخلها ،متسلحا برؤية للعالم والحياة َكونها باختياره مما طرحه جيله من أفكار وصياغات جمالية محددة ،وما أثارته من قضايا المرحلة أو المراحل الزمنية التى عاشها وتطور وعيه داخلها. ينتمى المبدع والناقد بالضرورة لمجتمعهما ،وال يستطيع المسرحى خاصة ،مبدعا أو ناقدا ،أن ينفلت لحظة من التعبير عن حركة مجتمعه ،فالمبدع مهما تخفي خلف األقنعة الفنية المتعارف عليها هو معبر عما يجيش به صدر
مجتمعه وناقدا لما يراه ناقصا فى واقعه أو إيديولوجية مضادة للشرائح المجتمعية التى ينتمي فكريا لها ،والناقد مهما ناور فى كتاباته الصحفية واألكاديمية وأستخدم مصطلحات ملتبسة ،فهو محاور لما تقدمه الحركة المسرحية ،وما يراه متسقا أو مخالفا لما يأمل تحقيقه للمسرح والمجتمع معا. نحن ال نصدر هذه الكتب المحتفية بالمكرمين ،والتى قد يفرض االحتفاء هيمنة النظرة الفرحة بهم ،المبتهجة بتكريم المهرجان لهم ،ولكننا نحلم أن نضع أمام األجيال الجديدة الساعية لتغيير العالم ،أو المحبطة من ظروف معوقة لهذا التغيير ،نضع أمامها نماذج من إبداع أجيال صارعت أزمانها ،وتصدت للمتغيرات المحيطة بها ،وتعرضت لمضايقات أنظمة جاءت بسياسات تعادى ما آمنت هذه األجيال بها ،لم تيأس لحظة ،ولم تمل من المواجهة ،ولم تكتف بكتابات الحوائط ،لتكون بديال عن الكتابات المسرحية والنقدية ،نزلت للشارع لتكتب مسرحا واعيا وشرسا فى مواجهة الفساد واإلرهاب وكل خلل طرأ على المجتمع وأصاب ذاكرته بالشلل ،ولتبنى مسرحا صار صرحا لشباب اليوم وتجاربه المثيرة للجدل ،ولتؤسس فرقة مستقلة تهفو ظاهريا لرسم البهجة على الوجوه ،مع أنها تسعي لتغيير وعى جمهورها بنقد حاد لما تراه من سياسات ال تؤمن بها ،ولتشارك فى صياغة الصور المسرحية الراقية المعودة للعين على إدراك الفرق بين جمال الفن وقبح الواقع ،ولتؤسس أكاديميا جيال من المخرجين والممثلين صار درة المسرح الراهن ،ولتطارد بنقدها كل مفسدات الحياة الكريمة العادلة وكل إبداع يروج ويزين لها. أبو العال السالموين
11 10
لقد تعودنا أن نذكر فى كتاباتنا أسماء مثل «ستانيسالفسكى» و»أدولف آبيا» و«بيرتولت بريشت» و«بيتر بروك» ،ونستشهد بأقوال «نيتشه» و«دريدا» و «باختين» ،ونزهو بصياغات «بيراندللو» و«بيتر بروك» و«جروتوفسكي» المسرحية ،متعالين على إبداعات «سعد أردش» و«كرم مطاوع» و«كمال ياسين» و«عبد الرحمن الشافعي» ،ومتغافلين عن أفكار «طه حسين» ود«.محمد مندور» ود«.لويس عوض» و«فاروق عبد القادر» و«سامى خشبة» ،بل وال نعرف أحيانا كتابات ألجيال قريبة من لحظتنا الراهنة ،ومازالت تكتب لنا مثل د«.أسامة أبو طالب» ود«.أحمد سخسوخ» و«عبد الرازق حسين» و«زينب منتصر» و«محمد الرفاعي» ،ومع احترامنا الكامل لكتاب الغرب ،فلكتابنا ومبدعينا حضور مهم فى حياتنا ،ومهم أن نضعهم فى ذاكرتنا الخصبة ،وننعشها بإبداعهم المدهش ابن واقعنا المعيش ،وبأفكارهم النيرة وليدة الحوار الخالق بين النظريات النقدية الغربية وحركة اإلبداع المسرحي المصرى داخل سياق مجتمعي متغير. ورغم طبيعة النشر المحدودة للمهرجان القومى ،وقلة عدد نسخ كل كتاب ،أال أننا نأمل أال يتوقف تلقي هذه الكتب ،عند االقتناء وأخبار عنها ،بل أن تفتح حوارا معها ومع أصحابها ،كى تتواصل األجيال مع بعضها البعض ،فما زلنا نرى نصوصا غربية كتبت من عدة قرون برؤى معاصرة ،ويغييب عن مسارحنا عروضا ونقادا الحديث عن ُكتاب ومخرجين ومصممى سينوجرافيا
وأساتذة أكاديميين قدموا أعماال لم تبعد عن عامنا الحالي ربع قرن فقط. هذا كتاب للحوار مع كتابه ،وحول صاحبه المبدع أو الناقد ،فهذا هو هدفنا األول من كتابته ونشره وتوزيعه ،علنا نستطيع أن نخلق تواصال بين األجيال يخلق بدوره حوارا جديدا فى ساحة اإلبداع المسرحية.
أبو العال السالموين
13 12
أ .أحمد عبد الرازق أبو العال
تـــــــقـــــــديـــــــم
()1 ُيعد الكاتب المسرحي (محمد أبو العال السالموني) واحدا من كتاب الجيل الثالث في المسرح المصري ،والذي جاء بعد جيلين ،األول منهما هو (جيل الرواد) ،ممثال في توفيق الحكيم ومعه كتاب المسرح الشعري (أحمد شوقي – عزيز أباظة) والثاني منهما (جيل الستينيات) ،ممثال في عدد كبير من كتاب المسرح منهم (يوسف إدريس – نعمان عاشور – سعد الدين وهبة – الفريد فرج – محمود دياب – صالح عبد الصبور -ميخائيل رومان ..وغيرهم). الجيل الثالث -الذي ينتمي إليه كاتبنا – ال ينطلق -كتابه -من منطلق فكري ،أو إبداعي واحد ،ألن لكل واحد منهم طريقته ،ومنهجه ،ونظرته إلي الحياة.. والسبب في ذلك ،يعود إلي غياب الهم القومي الذي يلتف من حوله الكتاب – كما حدث مع جيل الستينيات – مما أثر علي توجهاتهم ،وجعل مواقفهم متباينة، وأدي إلي عدم وجود عوامل مشتركة تجمع بينهم ،فصار االجتهاد الشخصي، الكتاب. محددا لمدي تميز أعمال الكاتب ،وسط أقرانه من ُ إلي جانب السبب الذي ذكرته ،واجه ذلك الجيل عددا من التحديات ،يذكرها كاتبنا ،ويعتبرها من األسباب ،التي كان من الممكن أن تقتل الكتاب كمدا وهي: أبو العال السالموين
15 14
عدم وجود مظلة نقدية تحمي ظهورهم أثناء مسيرتهم الصعبة ،باإلضافة إلي وجود وسائل فنية أخري مثل التلفزيون والفيديو ،داهمتهم ،بما أثر علي تلقي الفن المسرحي لدي الناس ،فضال عن المتغيرات السريعة التي نتج عنها خلل المبدع والبيئة ،التي يعيش فيها ،تلك العالقة الجدلية التي كبير في العالقة بين ُ تمخض عنها لحظات اإلبداع الحقيقية ،لقد تعرضت هذه العالقة لزلزال أفقد ()1 الكاتب القدرة علي استيعاب هذه المتغيرات. كل تلك األسباب ،أدت إلي تفاوت التجربة اإلبداعية ،لدي هؤالء الكتاب، مما دفع ناقدا مسرحيا هو (فاروق عبد القاهر) إلي اتهام بعضهم ،بأنهم كانوا سببا ،بل وساهموا -بما قدموه -في انهيار خشبة المسرح المصري ،وأن عددا قليال من هؤالء -ومنهم (السالموني) -كانوا فرسانا صعدوا إلي الخشبة ()2 المنهارة ُ في أجواء المتغيرات التي أحدثتها هزيمة ،67واآلثار التي خلفتها ،واجه أبناء ذلك الجيل ،مجموعة من التحديات -التي ذكرت بعضها -كان عليهم مواجهتها ،ليستطيعوا التعبير عن أنفسهم ،معلنين عن موقفهم ،تجاه الواقع المحيط بهم ،فأخذ كل واحد منهم يبحث لنفسه عن طريق جديد ،ربما يختلف عن الطريق الذي سار فيه كتاب الستينيات ،ولم يعد الهم القومي العام – خاصة بعد حرب أكتوبر ،وانتهاج سياسة االنفتاح االقتصادي ،وإبرام اتفاقية السالم مع إسرائيل -في عهد السادات موجودا – كما ذكرت – فالذ كل واحد منهم إلي تجربته ،باحثا عن هم إبداعي ،وشخصي ،وفني خاص به.
()2 ذهب (أبو العال السالموني) باحثا في الجذور ،ذهب إلي التراث (التاريخي - األسطوري -الشعبي ) ليعبر -بالمعالجة المعاصرة -عن الواقع ،بكل ما فيه من تناقضات ،وصراعات أحدثتها المتغيرات الجديدة. و(السالموني) يختلف عن أبناء جيله -ومعه الكاتب يسري الجندي -في أنهما بدآ معا الكتابة للمسرح في الستينيات ،لكن الضوء كان ُمسلطا – أيامها – علي ُكتاب العاصمة ،دون غيرهم من الذين يعيشون بعيدا عنها ،ولذلك تأخرت أعماله ،وغاب تقديمها علي خشبة المسرح ،ولم تجد النور علي المسارح الرسمية إال في أوائل الثمانينيات حين أخرج له المخرج (عبد الرحيم الزرقاني) ()3 مسرحية (الثأر ورحلة العذاب) إنتاج المسرح الحديث ولهذا السبب ال ُيعد تعبير(الجيل) موضوعيا ،وحين نستخدمه ،نستخدمه كإجراء نقدي ،نوضح به بعض المالحظات ،أو نحدده كسياق للتعرف علي تجربة الكاتب. ولو كانت مسألة المجايلة دقيقة ،لكان (السالموني) منتميا إلي جيل الستينيات ..لماذا ؟ ألنه كتب أعماال مسرحية في تلك الفترة منها (درس في المأساة -1961مباراة بال نتيجة -1962حكاية ليلة القدر -1963 أبو العال السالموين
17 16
تحت التهديد -1964سيف هللا (فرسان هللا واألرض) -1965الجانب اآلخر -1967الحريق -1968أبو زيد في بلدنا )1969ليس هذا فقط ،بل أن بعض األعمال،عرضت فوق خشبة المسرح في الثقافة الجماهيرية -وقتها- هذه ُ الكتاب الذين يعيشون لكن مأزق العاصمة ،والمركزية ،كان ُمعوقا كبيرا أمام ُ بعيدا عنها ،خاصة ،وأن الظروف -وقتها -لم تساعد الكاتب – أي كاتب – ليستطيع تقديم أعماله ،في القاهرة ،فوسائل االتصال لم تكن متاحة بالصورة التي عليها اآلن ،حتى وسائل المواصالت – أيضا -لم تكن سهلة ...تلك الظروف الصعبة ،أبعدت بعض الكتاب عن مركزية العاصمة ،وكانت سببا في تأخر ظهورهم ،وتعرف الناس علي أعمالهم. والمفارقة الغريبة ،أن كاتبنا حين قدم أول عمل له علي مسارح الدولة في عام ،1982اعتبرته الحركة النقدية كاتبا جديدا ،وشابا ،وتم التعامل معه علي ذلك النحو ،وكأن تجربته الممتدة قبل هذا التاريخ بأكثر من عشرين عاما، سقطت من ذاكرة الحركة النقدية ،التي لم تواكب إال القريبين من الضوء، والمقربين من النقاد. وأعمال الكاتب المتراكمة ،أثبتت أن تلك الفترة التي سقطت من ذاكرة النقد ،جاءت في صالحه ،ألن أعماله التي ُعرضت متأخرة ،قدمته كاتبا كبيرا، بل ومن أهم كتاب ذلك الجيل المسرحي ،إلي جانب (يسري الجندي – رأفت الدويري – شوقي عبد الحكيم – السيد حافظ -بهيج إسماعيل – نبيل بدران – لينين الرملي).
ما يميز تجربة (أبو العال السالموني) أن لديه مشروعا مسرحيا متكامال وكامال ،يكتب ويعرف لماذا يكتب ،يكتب ويعلم أن الكتابة ضرورة ،يكتب محددا موقفه تجاه الواقع ،ورؤيته الفنية تعكس هذا الموقف ،بشكل متميز والفت ..تعامل مع التراث التاريخي لضرورة ،حين استخدمه كوسيلة إسقاط علي الواقع بقضاياه السياسية واالجتماعية،وتعامل مع التراث الشعبي ُمستلهما منه العناصر التي بها يستطيع تقديم مسرح له مالمح وهوية.. معياره في كل الحاالت هو صدق التناول ،وبراعة المعالجة ،ووضوح الرسالة. انحاز مشروعه المسرحي لفعل التنوير ،في زمن معاداته (فرمال اإلظالم تزحف من الصحراء علي الوادي لتحجب ما تأسس من استنارة ،وسيوف الجهالة تحاول استئصال ما ترسخ من مبادئ للعقالنية ،ورماح التعصب ال تكف عن مناوشة كل ما ورثناه من وعي نقدي ،وأقدام التقليد تدوس في غلظة جاسية علي كل ما يولده السؤال -ماذا حدث للتنوير -من تطلع إلي أفق ()4 معرفي ال حد له هذا االنحياز لفعل التنوير ،أضاف ُبعدا آخر إلي أبعاد تجربته اإلبداعية المسرحية ،حين تفاعل ،وعالج متغيرا كبيرا ،فرض نفسه في مصر منذ السبعينيات ،ومازال فارضا نفسه حتى اآلن -ليس في مصر فقط ،ولكن في المنطقة العربية ،كلها -وأعني به متغير (اإلرهاب باسم الدين) وقضية خلط األوراق بين الدين والسياسية. أبو العال السالموين
19 18
المتعددة شكلت مالمح إبداعه المسرحي ،وأكدت عمق تلك المحاور ُ مشروعه – الذي أشرت إليه -وهو حين يعالج موضوعات تتضمنها تلك المحاور -بعدد كبير من النصوص -ال نجد فيها نصا يشبه اآلخر ،برغم أن القضية تبدو أمامك واحدة ،ذلك التنوع ،وفرته موهبته الكبيرة ،ووعيه الفكري وثقافته الشمولية ،وثراء تجربته اإلنسانية بشكل عام. ( -)1في محور معالجة التاريخ قدم نصوص (فرسان هللا واألرض -1965 األرض والمغول -1971الثأر ورحلة العذاب -1980رجل في القلعة -1981محكمة الحكماء -1984زوبة المصرية -1995المصري وأمير الفرنجة -1998المحروس والمحروسة )2012 ( -)2في محور توظيف عناصر التراث الشعبي مسرحيا كتب (أبو زيد في بلدنا -1969الحريق -1968تغريبة مصرية -1992مولد يابلد-1991 المليم بأربعة -1988حكاية ليلة حرب -1963أبو نضارة -1986مآذن المحروسة -1982رواية النديم عن هوجة الزعيم -1970مالعيب عنتر .)1991 ( -)3في المحور الخاص بمعالجة قضية اإلرهاب والتطرف الديني كتب مسرحيات (السحرة -1975المليم بأربعة -1988أمير الحشاشين-1993 ديوان البقر -1994القتل في جنين -2002الحادثة اللي جرت في شهر سبتمبر -2002رسائل الشيطان -2017جهاد الفواحش في زمن الدواعش )2018
فضال عن نصوص أخري ال تندرج تحت أحد من المحاور السابقة وهي (درس في المأساة -1961مباراة بال نتيجة -1962تحت التهديد -1964الجانب اآلخر -1967زيارة عزرائيل -1973دكتوراه في الحب -1989أمير المسرح -1990الحب في ميدان التحرير -2011عرش الحب .)2016 كل هذه األعمال تكشف أننا أمام كاتب غزير اإلنتاج ،وبرغم تلك الغزارة، إال أن ارتباط أعماله بقضايا مجتمعه ،تجعلها معبرة عنه تعبيرا شامال علي المستويات :السياسية واالجتماعية ،واالقتصادية ،واإلنسانية أيضا ،بدون تكرار ،أو ضعف نص أمام نص آخر.
أبو العال السالموين
21 20
()3 سبعة عشر نصا مسرحيا ،هي النصوص التي تناولتها في هذا الكتاب، وتندرج تحت محورين من محاور التجربة اإلبداعية لدي كاتبها وهما: محور توظيف عناصر التراث الشعبي في المسرح. ومحور معالجة قضية اإلرهاب والتطرف باسم الدين..في نصوص المحور األول (توظيف عناصر التراث في المسرح) وصوال لصيغة يمكن أن ُنطلق عليها اسم (المسرح الشعبي) حاولت اإلجابة علي مجموعة من التساؤالت النقدية والفنية ،التي تعكس اإلشكاليات التي تواجه الكاتب المسرحي ،حين يحاول الكتابة في هذا النوع من المسرح. أولها :هل سيستطيع إضفاء صفة الشعبي علي مسرحه أم لن يستطيع ،برغم توافر معيارين حددهما د(.حسن عطية) -ونشير إليهما في متن الدراسة - وهما استلهام الموروث الشعبي ووضعه في سياقه الثقافي ،فضال عن القيام بإعادة صياغة هذا الموروث صياغة فنية جديدة ؟ وثانيهما :هل سيستطيع الكاتب أن يجعل هذا المسرح ،قادرا علي عرض قصة من قصص الحياة ،وليس الحياة نفسها كما أكد علي ذلك الدكتور(علي الراعي)؟
وثالثهما :هل استطاع الكاتب استغالل منهج األداء في السير الشعبية -الذي لجأ إليه في بعض النصوص ُ -ليضفي به الطابع الشعبي علي قالب مسرحياته؟ وهل االتجاه إلي توظيف العناصر الشعبية في المسرح -مادة وأداة -يعني غياب المصادر التراثية غير الشعبية عن دائرة التوظيف نهائيا ؟ وهو األمر الذي شغل من قبل باحثا اهتم بهذا الموضوع وهو (الدكتور عز الدين إسماع يل)؟ كل هذا األسئلة -وغيرها – كانت منطلقا أثناء قراءة النصوص ،وتحليلها، وتحديد العنصر الشعبي الذي استعان به الكاتب ،ومعرفة كيف وظفه ،وكيف طوعه دراميا ،ليؤدي وظيفته ،بدون اإلخالل بطبيعته التراثية. وفي نصوص المحور الثاني الخاص بمعالجة قضية اإلرهاب والتطرف باسم الدين مسرحيا ،تساءلت :كيف تعامل الكاتب مع تلك القضية الشائكة، وهل سيعالج الفكر أو يقدم الوقائع ،وكيف سيتعامل مع المادة التسجيلية ،حين استعانت بعض النصوص بها؟ ،وهل ستغفل المعالجة الدرامية الجوانب الفنية، المتعلقة بالحدث وطبيعته ،وتطوره ،والفعل الدرامي ،والشخصية بمكوناتها: اإلنسانية ،والفكرية ،والنفسية ،وكيف ستكون الرسالة ،وما هي طبيعتها؟ مرجعية الكاتب المعرفية حول هذا الموضوع كبيرة جدا ،ومصادره متعددة، األمر الذي جعلني -أنا اآلخر – أعود إليها ،ألقف علي األرضية نفسها التي وقف عليها الكاتب ،ألعرف كيف استفاد من الوقائع ،وكيف وظف الوثائق، أبو العال السالموين
23 22
وكيف تعامل مع الشخوص التي استحضرها من الواقع – في بعض النصوص- وكيف تعامل – أيضا – مع التاريخ ،الذي يمثل مرجعية هامة ،أثناء المعالجة. وحين يقدم الكاتب سبعة نصوص في هذا المحور ،فهذا دليل علي أنهمهموم به ،في الوقت الذي لم ينتبه فيه معظم الكتاب إلي هذا الموضوع برغم خطورته ،ليتم تناوله إبداعيا وفنيا ،واالهتمام به ُيعد نوعا من أنواع المقاومة، والمسرح ،قادر علي القيام بها بشرط أن يكون تناول القضية قادرا علي إثارة جذوة الحماس لمواجهة التطرف ،وقادرا علي إذكاء الوعي ،وتنميته ،وقادرا علي االنتصار لثقافة التسامح ،في مواجهة ثقافة العنف والتطرف. الفرجة ،والمتعة المسرح يستطيع القيام بهذا -كله -بما يملكه من أدوات ُ واإلبهار. والسؤال الذي دائما ما أسأله ،ويسأله معي كاتبنا (لماذا في مقاومة اإلرهاب كلنا مرتعشون)؟ سألته من قبل حين بحثت عن القصة القصيرة التي تناولت هذا الموضوع في مصر ،فلم أجد أكثر من ثالثين قصة عالجته ،وتحدثت عنها في كتابي (ثقافة ()5 العنف واإلرهاب الديني والسياسي)
وترجع أهمية الكتابات التي تُعبر عن هذه الظاهرة الخطيرة ،ليس فقط في أنها تنمي الوعي لدي الناس ،ولكن ألنها تعمل علي (التأثير علي حركة المجتمع وتوجيهه نحو مسار الدولة المدنية الحديثة ،بدال من الردة التي كبلت مساره فترات طويلة ،وجعلت خطواته خطوة لألمام وخطوتين للخلف ،وكما هو معروف فان العالم المتقدم لم يخط خطواته الواسعة إلي األمام إال عندما نحي السلطة الدينية عن السلطة المدنية ،وذلك من خالل صراع طويل ومرير كان لإلبداع األدبي والفني دور كبير أن لم يكن له الدور األساسي)
أبو العال السالموين
25 24
أحمد عبد الرازق أبو العال الهرم – مايو 2018
المحور األول عناصر الــمــســرح الشعبي
قدم الكاتب (محمد أبو العال السالموني) عددا من النصوص المسرحية ،التي تندرج تحت ما ُيسمي بالمسرح الشعبي ،ذلك المسرح الذي ظهرت نصوصه لدي عدد من كتاب الجيل الثالث ومنهم – باإلضافة إلي كاتبنا( :شوقي عبد الحكيم – محمد الفيل – عبد الغني داود – رأفت الدويري – يسري الجندي) (محمود دياب) وكان قد سبقهم إلي كتابه ذلك النوع من المسرح الكاتب في مسرحيتيه (ليالي الحصاد – الزوبعة) وكذلك بعض أعمال (الفريد فرج) و(فاروق خورشيد) ،وقبل كل هؤالء (توفيق الحكيم) حين كتب مسرحية ()3 (الزمار)( )1والصفقة ( )2ويا طالع الشجرة كل هذه الكتابات -وغيرها -استطاعت أن تحدد مالمح هذا المسرح ،الذي حاول الدكتور علي الراعي أن يكتب عنه ما يشبه األرجانون الصغير للمسرح الذي كتبه (بريخت) تنظيرا للمسرح الملحمي ،فكان ما كتبه – في تصوري ()4 هو :ارجانون المسرح الشعبيوسأقتبس هنا بعض السطور التي جاءت في كتاب (مسرح الشعب) وحاول فيها تحديد مالمح هذا المسرح ،وأسسه ،وقوامه ،حين قال( :إن المسرح الشعبي ال يعنيه أن ينسي المتفرج أن ما يجري أمامه،إنما هو مجرد عرض مسرحي، وال هو يسعي إلي أن يندمج متفرجه في العرض المسرحي ،حتى لينسي نفسه، وينسي الزمان ،والمكان ،الذي يعيش فيه ،إن المسرح الشعبي ال يجد غضاضة في أن يتنبه متفرجه كل التنبه ،ويعي تماما أن ما أمامه عرض لقصة من قصص الحياة وليس الحياة ذاتها. أبو العال السالموين
27 26
كذلك نالحظ القصد التام في استخدام المهمات المسرحية ،فليس يهم المسرح الشعبي ،أن ُيبهر ،وإنما يهمه أن ُيوحي ،وليس في ظهور ممثل ما بزي واحد لعدة أدوار ،ما يخدش اإلحساس الفني لدي المتفرج مرة أخري ،ألن عنصر اإليهام عنده ليس هاما ،وألنه ال ينتظر من العرض المسرحي أن ُيطابق الحياة، وإنما يرمز لها ،ويمثلها تمثيال فنيا ،إلي جوار هذا نجد تكيف الفنان بالظروف المحيطة به ،وعدم تردده في اختصار العرض ،أو مده تبعا لألحوال .فالفنان الشعبي أيضا ال يخجل من اعتبار عمله الفني نوعا من البضاعة يطرحها ()5 للتداول ،وقد يجد البعض في هذا لونا من السوقية) وهذا الذي كتبه الدكتور (علي الراعي) جاء أدق – في اعتقادنا – مما كتبه رائد المسرح العربي (توفيق الحكيم) حين تحدث عن بعض مفردات المسرح المغاير ،دون أن ُيطلق عليه عبارة المسرح الشعبي ،برغم أن ما تحدث عنه (الحكيم) هو من عناصر هذا المسرح .خاصة حين تحدث عن الحكواتي، والمقلداتي ،والمداح .وحين تكلم عن السامر ،والفنون الشعبية الريفية ،من رقص ،وتحطيب ،وغناء ،بل وحديثه عن الحاوي. وألن هذا النوع من الكتابة لم تكن قد تشكلت مالمحها بعد ،ذكر :إن هذا القالب المسرحي الذي تحدث عنه ،ليس في حقيقته مسرحا بالمعني المفهوم.. ومع ذلك نراه يؤكد علي أهمية وهدف هذا القالب في تقديم عمل نبيل هو: تبسيط الوسيلة التي تحمل بأقل التكاليف أرقي آثار الفن والذهن اإلنساني إلي الشعب كله في أحيائه وقراه.. إذن نراه يؤكد علي أن المفردات الشعبية قادرة -لو استخدمت جيدا -علي ()6 أن تجعل المسرح للشعب – علي حد قوله.
وربما هذا االختالف في وجهة نظر الرجلين (الراعي -الحكيم) هو ما دفع الحكيم إلي االحتجاج الصامت – كما يصرح د .علي الراعي في مقدمة كتاب مسرح الشعب -علي كتاب الكوميديا المرتجلة ،حين صدر في نفس ()7 الفترة التي صدر فيها كتاب (قالبنا المسرحي) وإذا كنا -هنا -نستخدم مصطلح (المسرح الشعبي) فهذا يعني أن ذلك المسرح له مالمحه ،وعالماته ،وأسسه الفنية التي يقوم عليها ،ولقد بينا بعضها حين أشرنا إلي (الحكيم والراعي) ..وأضيف إليهما ما ذكره الناقد الدكتور (حسن عطية) حين حاول تحديد مفهوم هذا المسرح ،فذكر أن الشعبي صفة من كلمة شعب ،وهذا المصطلح -يعني به الشعب -يسري علي األمة بأكملها ،ويمثلها روحيا ،لكن الشعبي – كصفة – ( يشير إلي الجماهير العاملة، التي تقابل الجماهير غير العاملة ،وبالتالي فان إبداعهم قابل للتبديل والتحوير والتعديل واتساق النمط ،وعدم وجود نص ثابت ،وهي سمات ارتبطت تاريخيا، بتلك اإلبداعات التي ال تصدر عن أصحاب السلطات ،ممتلكي القدرة علي ()8 التسجيل ،والتدوين والطرح الرسمي إلبداعاتهم علي كل األمة) من هنا يمكن الوصول للتحديد األولي للمسرح الشعبي (أنه ذلك العرض المعبر عن العقلية الجمعية لجماهير الشعب العاملة ،والمتجه لذات العقلية الفني ُ الجمعية الشعبية بكافة األشكال المتفقة مع طريقتها في الحياة ،وفي اإلبداع وتلقيه ،ومن ثم فهو يتجمد بتجمدها ،ويتطور بتطور احتياجاتها ومطالبها ،فكما أبو العال السالموين
29 28
تبرز األغنية حينا ،وأحيانا تبرز الرقصة الجمعية أو الفردية ،أو زاوية السير والحكايات ،أو تنازل األمثال واألحاجي , ،أحيانا تختفي هذه أو تلك أمام ابتكار وسائل جديدة تستوعب إمكانيات كل شكل من أشكال المأثورات الشعبية وتزيد عليه ،ليس با لحتم أن يبرز المسرح الشعبي كجماع للفنون الدرامية المختلفة من حوار ورقص وأغاني ومرئيات مسرحية ..الخ إال عندما يتطلب الواقع ()9 المعاش ذلك الشكل الجمعي) ُ ولكن ما هي المعايير التي نرتكز عليها حين نتعامل مع المسرح الشعبي ؟ يحددها د .حسن عطية في معيارين :األول :استلهام الموروث الشعبي ،ووضعه في سياقه الثقافي الممتد منذ تخلقه والمنتهي من الزمن الحاضر. والثاني :القيام بإعادة صياغة هذا الموروث الشعبي ،صياغة فنية ال تطمس معالمه ،وال تفرغه من محتواه الرئيسي في نفس الوقت ،الذي ال تقف به لحظة ()10 زمنية لم يقف بها هو أصال من قبل ومع صحة المعيارين الذين حددهما الدكتور (حسن عطية) إال أننا ربما نقع في مأزق ،يتعلق بقدرة الكاتب المسرحي علي إضفاء صفة الشعبي علي مسرحه -أتحدث هنا عن القالب أو الشكل ،وليس عن المضمون ،ألن الحديث عن المضمون يتحدد حين نتعرض لطريقة المعالجة والطرح ،التي يمارسها الكاتب حين يلجأ إلي استحضار الموروث الشعبي لتكون مادته هي أداته في معالجة فكرة ما أو لتقديم رسالة ما -في هذا اإلطار الشكلي الخالص أتساءل: هل استطاع كاتب المسرح الشعبي أن يستغل منهج األداء في السير الشعبية –
كمثال – في إضفاء الطابع الشعبي علي قالب مسرحياته ؟ وهل غلبة االتجاه إلي توظيف العناصر الشعبية في المسرح –مادة وأداة – يعني غياب المصادر التراثية غير الشعبية عن دائرة التوظيف نهائيا ؟ وتلك التساؤالت التي أراها مهمة بالفعل ،يجيب عليها الدكتور عز الدين إسماعيل حين ذكر (إن األداء الشعبي في المسرحيات التي ارتبطت بالتراث الشعبي ،لم تستطع أن تستغل منهج األداء في السير الشعبية ،في إضفاء الطابع الشعبي علي قالبها باستثناء مسرحية ياسين وبهية لنجيب سرور) ( ،)11لكنني مع ذلك أقول :إن استلهام كافة عناصر الموروث الشعبي ،وليست السيرة فقط ،يمكن أن تُضفي الطابع الشعبي علي قالبها – إذا اهتم الكاتب بذلك -وهذا ما سنحاول البحث عنه ونحن نتناول مسرحيات (أبو العال السالموني) في هذا االتجاه... أما فيما يتعلق بغياب العناصر غير الشعبية عن دائرة التوظيف نهائيا، فسأحاول البحث عنها -أيضا -حين أتناول مسرحياته ،ألن هذا التوظيف (قد حدث بطريقة جزئية – لدي معظم الكتاب – في سياق الحوار علي نحو يتفاوت بين الخفاء والوضوح ،فضال عن أن غلبة االتجاه إلي توظيف العناصر ()12 الشعبية ال يعني غياب المصادر غير الشعبية) لقد كتب (محمد أبو العال السالموني عددا من المسرحيات التي يضمها هذا المفهوم وهي( :أبو زيد في بلدنا -الحريق -تغريبه مصرية -مولد يابلد المليم بأربعة -حكاية ليلة حرب -أبو نظارة -مآذن المحروسة -روايةأبو العال السالموين
31 30
النديم عن هوجة الزعيم -مالعيب عنتر) إليمانه القديم بأن (المسرح في بدايته له نشأة واحدة عند كل البشر،وهي النشأة الشعبية ،التي من أخص خصائصها لعبة االرتجال والتشخيص ،التي ظهرت في الشارع ،كما حدث عند اإلغريق فيما عرف باالحتفاالت الديثرامبية ،أو في أوربا المسيحية في الساحات والقرى ،والمدن والعربات الجوالة ،أو في الكوميديا الديالرتية الشعبية ،أو في االحتفاالت في الشرق األقصى كعروض النو والكابوكي ،أو عندنا نحن في الشرق األوسط الممثلة في فنون السامر والسير الشعبية والموالد والحكواتي والتعازي والفنون االحتفالية وغيرها)()14 ()13
أبو زيد في بلدنا:الراوي في المسرح بشكل عام يقوم بقص وسرد أحداث المسرحية بشكل متسلسل ،وفي المسرح الملحمي – بوجه خاص – ُيخبر الجمهور بطبيعة األحداث وخلفيتها ،ليخرجه من حالة الترقب أثناء المشاهدة ،ويتدخل من حين إلي آخر في أحداث المسرحية ُليعلق ،أو يضيف رأيا ،ولذلك فهو يقوم بكسر اإليهام ..ونراه هنا في مسرحية (أبو زيد في بلدنا) يقوم بدور الراوي الشعبي الذي يروي الحكاية في الموال ،أو يقص تفاصيل السيرة ،هنا نراه يمثل شخصية أبو زيد ويتحدث عنها ،ووظيفة هذه الراوي في األدب الشعبي ،غير وظيفته في المسرح ،ألن المسرح – بطبيعته -عبارة عن شخوص وحوار وأحداث ،وأفعال تخلق الدراما ،والتي هي أساسه ،ولذلك يستدعي شخص السيرة (أبو زيد الهاللي) ليجعله شخصية من شخصيات المسرحية ،تتحدث ()15
وتتحاور مع اآلخرين ،هذا االستخدام ُيضفي علي المعالجة جوا شعبيا ليس بسبب – فقط – استدعاء شخصية أبو زيد ،أو قيام الراوي بتشخيصها ،ولكن بسبب عبق أسلوب ومنهج الحكي والروي ذاته. وإذا كان الراوي في السيرة يتحدث نائبا عن الغير ،فهو هنا ُيشخص الشخصية ،ويستدعيها من داخل السيرة ذاتها ،ويضعها في مواجهة شخوص المسرحية ،محددا موقفها تجاه األحداث التي تدور فيها ،بل ويجعلها ذات تأثير في تغيير مسار األحداث ،وتطورها ،وذات أثر علي مواقف الشخوص في المسرحية ،وتصرفاتها ،إذن :هو هنا ليس نائبا عن الغير ،وليس حياديا ،لكنه مشارك وفاعل ،ومؤثر ،مما يعطينا إحساسا بأن المسرحية ذاتها تُروي أمام الجمهور كما تُروي السيرة ،ولكن الروي يتم عن طريق شخوصها ،ومواقفها وأحداثها ،وليست أحداث السيرة المنتمي لها أبو زيد ،إنها سيرة جديدة ،يستخدم فيها المؤلف شخصية السيرة األصلية استخداما دالليا ،ورمزيا ،ليكون استدعاء للمعني قبل الشخص. بمعني آخر تمت مسرحة الشاعر الشعبي -إذا صح التعبير -ليكون راويا يؤدي دورا مختلفا. الراوي (عم إبراهيم أبو ربابة) ُيخبر الجمهور أنه جاء ليحكي لهم حكاية جديدة، مفادها أن أبو زيد جاء إلي القرية التي ينتمي لها الراوي ،وأن الناس رأوه، وتحدثوا معه ،ويقوم بتقديم أحداث المسرحية ،وبعدها يترك خشبة المسرح ليفسح المجال أمام الممثلين ،فنعرف – من خاللهم -أن هناك صراعا في القرية بين معسكرين ،متضادين :معسكر األعيان ويمثله (العمدة -سلطان أبو العال السالموين
33 32
دياب -حسونة) ومعسكر الفالحين ويمثله (أبو أحمد -ربيع -عاشور -أم صفية) باإلضافة إلي المهندس الشاب الوافد الجديد الذي وقف إلي جوار الفالحين ،رافضا االستجابة لوسائل اإلغراء التي عرضها عليه شخوص معسكر األعيان ..صراع أساسه سيطرة األعيان علي مقاليد وأمور الجمعية ()16 الزراعية تلك السيطرة التي حولت الفالحين إلي مجرد عبيد ،يعملون بالسخرة، ضعفاء ،وال يملكون فكان من الضروري مواجهة الظلم والقهر ،لكن الفالحين ُ شجاعة المواجهة ..هنا يظهر الراوي من جديد ُليخبرنا أن أحوال القرية، وأحوال الفالحين فيها ،دفعته للتعاطف معهم ولذلك لجأ للغناء علي الربابة، لينزاح عنهم الهم والحزن : (قعدت أغني علي الربابة لغاية الفجر والناس كليتها قاعدة في قهوة عم اسماعين تسمعني ،وأني بقول علي حكاية أبو زيد الهاللي سالمة ،وهو بيحارب عدوينه ،تصدقوا باهلل يا رجالة ،الناس ما كانتش عايزة تروح أبدا ،كنت آجي أخلص يقولولي تاني ياعم إبراهيم ،أي وهللا ..كانت ليلة من أعجب الليالي.. تعرفوا ايه اللي حصل ،ظهر لنا أبو زيد الهاللي سالمة بذات نفسه) هنا يقوم الراوي بخلع عباءته ،فيظهر في مالبس الفروسية التي يرتديها (أبو زيد الهاللي) ،ثم ُيخرج من صرة المالبس ،قلنسوة ويضعها علي رأسه، وشاربا ضخما ويضعه تحت أنفه ،بعدها يتجه إلي الفالحين في دور أبو زيد.وهنا تبدأ رحلة المقاومة ،فنراه يتحدث إليهم ،ويبث فيهم جذوة الحماس، وشجاعة المواجهة ،للخروج من أزمتهم ،والتخلص من ظلم األعيان ،ويدور
بينه وبينهم حوارا نفهم منه أنهم يريدون مساعدته لهم ،ليكون نائبا عنهم – لمواجهة األعيان ،فيقول لهم: اسمعوا يارجالة ..أني صحيح أقدر أعمل لكم اللي أنتوا عايزينه ،أطيررقبتهم ،واحد واحد ،وأنضف لكم البلد من الحرامية والخطافين ،بس فيه حاجة يارجالة ..مين يضمن بعد كده أن ما يظهرش حرامية وخطافين تانيين؟! عطية :وأنت فين ياأبو زيد ؟ حسن :أيوه ياأبو زيد.ز داأنت الخير والبركة أبو زيد :لكن أنا يارجالة مش قاعد هنا علطول عاشور :أعمل معروف ياأبو زيد ..أنت الزم تفضل معانا ،أيوه ..أني حدايا حته كده علي قد الحال تنام فيها معانا. عطية :داحنا نشيلك علي راسنا حسن :ياسالم ..دا أحنا ناخدك جوه عنينيا ..جوه قلوبنا أبو زيد :متشكر يارجالة ..بس أني عايز أقول لكم حاجة ،الحكاية مش حكاية قطع رقبة ،الحكاية أكبر من كده ،أني ياما قطعت وياما عملت ،لكن إيه النتيجة ؟ الحرامية لسه موجودين ،والخطافين لسه موجودين ،واللي بياكلوا عرق الغالبة لسه موجودين. أبو أحمد :يعني علي رأي المثل ..كأنك ياأبو زيد ما غزيت أبو زيد :تمام ياأبو أحمد ..تعرف ليه ..تعرف ليه ياربيع ..علشان أنا كنت أبو زيد لوحدي ،كنت بطل لوحدي ،إنما لو كانت كل الناس الغالبة عملت أبو زيد كانت قدرت تعمل حاجات كتير ،أيوه يارجالة ،أبو زيد لوحده مهما عمل مش أبو العال السالموين
35 34
ممكن يجيب نتيجة ،وعشان كده الزم تكون كل الناس أبو زيد. هنا نري أبو زيد نفسه ،ليس مقتنعا بالبطولة الفردية ،ألنها ليست السبيل لوضع نهاية للظلم ،ويدفع الفالحين لتبني البطولة الجماعية ،والقدرة علي المواجهة الجماعية ،يعلمهم الثورة ،ويخبرهم بضرورة الترشح لعضوية مجلس إدارة الجمعية الزراعية أ ليستطيعوا إدارة شؤونهم بأنفسهم ،بدون تدخل من أحد فهو األغلبية ،وتضامنهم ،سيجعلهم ينتصرون ،وبالفعل حين استجابوا لمشورته ،نجحوا ،وتحول الصراع بين المعسكرين ليكون بين قوتين ،وليس بين قوي وضعيف ،كما كان األمر من قبل ظهور أبو زيد الهاللي ،وكلما كان يظهر لهم شخص أبو زيد حين يقوم بتشخيصه الراوي ،ال يفعل شيئا سوي تحفيزهم علي المواجهة ،واإلثناء علي ما حققوه من نجاحات أثناء المواجهة، وحتى حين استغل األعيان موقف الفالحين ،حين نشروا خبر وجود (أبو زيد) في القرية ورؤية الفالحين له ،وحديثهم معه ،ليخبروا المسئولين الكبار ،بأن أعضاء مجلس اإلدارة -من الفالحين -هم مجرد مجموعة من المجانين، يتهيئون أشياء غير حقيقية ،وحين يجيء التفتيش ليتيقن من ذلك ،يجدهم ينكرون ذلك ،ويندهشون كيف يأتي أبو زيد إلي القرية ؟؟ ويؤكدون علي أن من يقول ذلك ُيعد مجنونا !! هنا فشلت لعبة األعيان تماما ،وانكشف عنهم الغطاء، ووقفت الوزارة مع الفالحين ،وأبعدت عنهم الفاسدين من األعيان. ()17
عندما يظهر لهم -مع نهاية المسرحة -أبو زيد – الذي يقوم الراوي بتشخيصه – يخاطبهم برسالة العرض:
أنا ما عملتش حاجة ..وزي ما قلت لكم ،أبو زيد لوحده عمره ما يجيبنتيجة ،إنما الناس ،كل الناس هي اللي تقدر تعمل حاجات كتير ،زي انتوا ما عملتوا تمام ،أنا باهنيكم ،علي المكسب الكبير اللي أنتو حققتوه ،ودي الوقت قبل ما أفوتكم أنا باطلب منكوا وعد .........زي ما قلت لكم يارجالة ..انسوا أني جيت. وما تنسوش أني أبو زيد بتاع زمان ..بتاع الحكايات ،إنما أبو زيد بتاعدللوقت ،هو أنتوا ،أنتوا كلكم أبو زيد ،والبلد كلها أبو زيد ،احنا يا رجالة في عصر الناس فيه هي البطل ،الناس فيه هي اللي بتحرك الدنيا والزمان ،انما العصر اللي كان فيه البطل بطل لوحده فده عصر انتهي خالص ،وعشان كده ()18 أنا ماشي يارجالة أصبح الراوي في المسرحية ،وسيلة إذكاء الوعي ،وإشعال جذوته في نفوس الفالحين ،أصبح الراوي فاعال ،فلم يعد هو الراوي الذي يكتفي برواية األحداث ،أو تقديمها ،لكنه أصبح شخصا متحركا بين الشخوص ،حتى ولو أخذ من الملحمية،بعض خصائصها.. في نهاية المسرحية ُيعلن موقفه -وبشكل مباشر تماما يتوافق مع تلك الملحمية التي أشرت إليها ،وان كنت أري أن ما قاله واستحضره هنا ليس مطلوبا ،وجاء زائدا عن حاجة المسرحية ،ألن المعني الذي أراد تأكيده هو نفسه المعني الذي وصل للمشاهد من قبل ،المعني الداللي ،والرمزي ،المعني الكامن من وراء الشخصية التراثية. يقول( :عايز أقول لكوا حاجة ..أبو زيد اللي أنتوا شفتوه ده ،مش أبو زيد أبو العال السالموين
37 36
الحقيقي ،إنما أبو زيد اللي شفتوه هو العزيمة اللي في قلوبنا ،هو القوة اللي جوه هنا (يشير إلي صدره) أبو زيد موجود في قلب كل واحد فيكم بيحب أرضه ،في قلب كل واحد فيكم بيشقي عشان عياله ،في قلب كل واحد فيكم بيحامي عن حقه وتعبه وشقاه, ،آدي أنتوا شفتوا رجالة بلدنا وستاتها عملوا ايه ،كل واحد فيهم خلي أبو زيد اللي في قلبه يطلع وينفذ اللي هو عايزه ،وآدي الجمعية اللي كانت الديابة والحرامية واكالها ،مين كان يصدق ،وهللا وال في المنام ،حاتقولولي أبو زيد اللي عمل ،أبدا ..آدي انتوا شفتوا ،أبو زيد ما عملش حاجة خالص، ()19 الرجالة هي اللي عملت ..رجالة بلدنا األبطال
ثالثية المولد الشعبي: ( -)1مولد يابلد للكاتب ثالثية مسرحية تتناول ظاهرة الموالد الشعبية وتضم ثالث مسرحيات هي (مولد يا بلد – المليم بأربعة – مالعيب عنتر). والمولد بوصفه ظاهرة احتفالية شعبيةُ ،يعد وسيلة من وسائل البهجة والدهشة ،والفرجة ،التي تُسعد زواره بعيدا عن اهتمامهم بصاحب المقام ذاته، وذلك ألن الناس يسعون إلي إسعاد نفوسهم بالذهاب إليه ،وحين ُيصبح قبلتهم، فإنه يتشابه هنا مع المسرح ،بما فيه من عناصر الفرجة والبهجة والدهشة، المولد بما يقدمه من حلقات الذكر ،أو غناء المداحين ،أو مشاركة الالعبين (من الحواة وألعاب القوة وألعاب التسلية والحظ ،وألعاب السيرك والساحر وصندوق الدنيا وغيرها) كان هذا المولد ُملهما للكاتب ،خاصة وأن منزله كما يذكر -كان مجاورا لمولد أبو المعاطي ،أشهر مولد في مدينة دمياطيقول ):لقد استهوتني هذه الظاهرة االحتفالية منذ صغري ،خصوصا ألعاب التياترو ،والتشخيص الشعبي الذي يعتمد علي االرتجال ،ولعل هذا هو الدافع وراء اتجاهي للفن عموما ،والمسرح بوجه خاص ،ومن ثم كان حبي الشديد لهذا المولد ،باعتباري مدينا له بما صنعه في داخلي من حب للفن والثقافة بكل أنواعها ،من تشخيص وتشكيل وغناء ورقص ،وهو ما تمثل في صورة عشق ()20 للمسرح الذي هو أبو الفنون جميعا) أبو العال السالموين
39 38
وحين قامت السلطات في محافظة دمياط بإلغاء تلك االحتفالية ،بزعم أنه ُيفسح المجال لفساد األخالق ،حيث أصبح مرتعا للصوص ،ومروجي المخدرات، وبعض ألعابه تُعد ألعابا للقمار ..كل هذه األسباب لم تكن ُمقنعة للكاتب أو لغيره من الناس الذين يتحمسون لظاهرة المولد بوصفها ظاهرة احتفالية شعبية ،تُعبر عن الوجدان الشعبي الجمعي ،وبما لها من جذور تاريخية ،من الصعب قبول قرار إلغائها هكذا بسهولة ،هنا نراه يكتب مسرحية (مولد يابلد) مدافعا عن تلك الظاهرة ،بوصفها استدعاء للتراث الفني للشعب المصري ،في مواجهة (الهجمة الشرسة من قبل جماعات الظالم المتطرفة ،تلك التي أرغمت السلطات علي إلغائه) يكتبها(السالموني)انحيازا ودفاعا عن عناصر الفن الشعبي المتعددة التي ()21 يقدمها المولد ومن المفارقة الالفتة لألنظار أن مستشرقا أجنبيا مثل (مكفرسون)( )22اهتم بهذه الظاهرة ،وكتب عنها كتابا هاما ،في الوقت الذي نسعى فيه -نحن -إلي طمسها ،ومحوها من الذاكرة الشعبية ،هذا المستشرق الذي عاش فترة طويلة في مصر ،واهتم -أثناء إقامته فيها -بظاهرة الموالد ،رأيناه يدافع عنها ضد من ينادون بإلغائها حين قال (ال يجوز تخريب وتدمير العادات والتقاليد والنظم ()23 الدينية الموروثة مهما كانت الدعوة إلي اإلصالح)
واآلن :أتساءل :كيف عالج الكاتب موضوعه في هذه المسرحية ؟ كان الدافع لدي الكاتب ليكتب نصه هو تأثير جماعات التطرف باسم الدين علي المحافظ الذي استجاب وأصدر قرار المنع ،وعلي الرغم من أن هذا النص ال ُيعد من النصوص التي تدخل ضمن النصوص التي كتبها ُمعالجا فيها قضية التطرف باسم الدين ،إال أنني أعتبرها إرهاصا أتاح له فرصة تناول الموضوع في مسرحيات أخري منها (المليم بأربعة – ديوان البقر – الحادثة التي جرت في شهر سبتمبر -السحرة – أمير الحشاشين – رسائل الشيطان – جهاد الفواحش في زمن الدواعش). مسعود :أنت مش مصدق ..أصل الموج عالي قوي اليومين دول ،وعشان كده لغوا المولد ،ومش كده وبس ،وبيقولك حايلغوا المسرح والسيمة والتلفزيون والراديو ،أصل بيقولك بدعة من بدع أهل أوربا الكفرة. مسعد :علي كده حايلغوا كل حاجة ؟ ما هي كل حاجة جاية من أوربا مسعود :أنت بتقول فيها ،ما هو بيقولك حايلغوا كل حاجة ..التليفون واألتوبيسات والقطارات والمكن والطيارات والدبابات ..وبيقولك حا نرجع تاني زي زمان، نركب الحمير والجمال ونحارب بالسيوف والسهام ،ونسكن الكهوف والخيام، ونرعي األغنام. بالطبع هذا الحوار يسخر من تفكير تلك الجماعات التي تظن أنها تستطيع التأثير باسم الدين ،وباسم محاربة الفسق ،واالنحالل. وهذا النص ُكتب بأسلوب الكوميديا ،التي تتيح االرتجال لشخوصها ،خاصة هؤالء الذين يقومون بتشخيص بعض المشاهد المتعلقة بظواهر المولد. أبو العال السالموين
41 40
وعلي الرغم من نمطية معظم شخوص المسرحية ،إال أن نمطيتهم تتيح لهم فرصة استغالل موضوع إلغاء المولد ،ليكون منطلقا لالرتجال ،وإضافة جوانب إلي الموضوع ربما لم يلتفت لها مؤلف النص ،برغم أنه حدد حوارا لشخوصه.. فمن عناصر (مسرح االرتجال القدرة الذكية علي التقاط الحادث االجتماعي الذي يشغل الرأي العام ،ثم إدخاله فورا إلي صلب العرض المسرحي ،بغية جذب الجمهور ،وتحويل جانب من اهتمامه بالحدث إلي اهتمام بالعرض المسرحي أيضا ،ولذلك فان الفنان يدعو جمهوره إلي التعاطف مع فنه ،بعد أن تعاطف مع اهتماماته السياسية واالجتماعية ،وفي الوقت ذاته يقوم الفنان بجزء من دوره ()24 الرئيسي ،وهو عرض الحياة وانتقاده انتقادا فنيا) ولهذا السبب لجأ (السالموني) إلي السخرية أحيانا لتكون مادة لحوار الشخوص ،ولجأ إلي التشخيص ،كأداة من أدوات المسرح الشعبي ،وقبل أن أشير إلي هذا التشخيص ،وكيفية استخدامه ،أشير أوال إلي الموضوع الذي المنتمي لها اختاره لمسرحيته :الدكتور (معاطي) أستاذ الفلكلور ،ابن المدينة ُ مقام الولي (أبو المعاطي) يأتي ومعه مستر (بالك) االنجليزي الذي جاء لرؤية االحتفاالت المتعلقة بالمولد ،الهتمامه بها ،ورغبته في رؤيتها وحين يفاجأ بموضوع إلغاء المولد نراه متحمسا للدفاع عنه ،ويأتي بعض الفنانين من قصر المحيطة بالمقام ،وتقديم صورة مصغرة لمظاهر ثقافة المدينة ،إلحياء الساحة ُ المولد االحتفالية ،ليفاجأ الجميع بالمعلم االنفتاحي يخبرهم بأنه اشتري األرض التي كان يقام عليها المولد من الحي ،وعليهم مغادرته ،ويتصدي له الجميع،
ويحدث نزاع تكون نتيجته اقتراح تشكيل ما يشبه المحكمة ،المتخيلة لحل النزاع ويكون أعضاؤها من األهالي ،فيتم اختيار نفس الشخوص الذين سبق تقديمهم في بداية المسرحية ،وذكرت – بشأنهم – أن االرتجال يتيح لهم فرصة األداء المغلف بالكوميديا – كما أشرت – وبأسلوب التشخيص التلقائي ..االرتجال ُ يتم األداء التمثيلي في مشهد المحكمة ،ويرفضون ملكية المعلم ألرض المولد، برغم اإلغراءات الكثيرة التي قدمها لهم ،وهنا يتفتق ذهن مستر بالك متعاونا المباعة ،مفادها مع الدكتور معاطي ،عن حيلة يتم علي أساسها استرداد األرض ُ أن يقوم الرجل األجنبي بشراء األرض ،زاعما إنشاء مشروع سياحي كبير عليها ،وبصفته مستثمرا أجنبيا ،تكون كل اتفاقاته محمية بالقوانين الدولية ،و بعد أن يشتري األرض يقوم أحد األفراد برفع دعوي أمام الحكومة لمنعه من التصرف في األرض ،وحين تتراجع الحكومة ،يقوم هو بطلب تعويض كبير.. ويسلم تنازله وبعد أن اشتراها بالفعل ،يقوم بالتنازل عنها للحكومة المصريةُ ، لضابط الشرطة الذي حضر النزاع منذ البداية ،وتنتهي المسرحية بإقامة بروفة الليلة الكبيرة لمولد أبو المعاطي( ..)25ويكون استعراض الختام. والسؤال كيف تم توظيف مفردات المولد ،ومظاهر االحتفال الشعبي في هذه المسرحية ،إلضفاء صفة الشعبية عليها ؟ تم ذلك بطريقتين أولهما :أثناء مناقشة موضوع المولد ،وما كان يقدم أثناء إقامته ،يتم االستعانة ببعض ظواهر تلك االحتفاالت الشعبية (الساحر -الحاوي -بائعو اليانصيب -السيرك – المداحين – حلقات الذكر والمجاذيب..الخ). والطريقة الثانية :أثناء مجيء رجال قصر الثقافة لتنظيم احتفالية المولد تحديا أبو العال السالموين
43 42
لقرار اإللغاء ..وأيضا أثناء حديث ودفاع دكتور الفلكلور عن المولد ،ورفض قرار اإللغاء .بالطريقتين يتم تقديم مسرحية شعبية تحتوي علي عدة عناصر، بالغالف الشعبي .وتحدد سمتها ،وتؤكد خصوصيتها. ومفردات تراثية ،تُغلفها ُ ( -)2المليم بأربعة: بعد انتهاج سياسة االنفتاح االقتصادي في عام ،1974وتحديدا في عام 1978ظهرت شركات األموال في مصر ،بزعم توظيفها في مشاريع إسالمية ربحية ،وتوظيف المدخرات في مشاريع تتفق مع أحكام الشريعة ،وكل المشاريع التي أنشأتها تلك الشركات اقترنت بعبارة (اإلسالمية) دون المرور علي البنوك ،وبدون خضوع لهيئة سوق المال ومصلحة الشركات ،لتفادي الربا – كما أدعوا – وحين صدرت تقارير تؤكد أن معظم الذين أسسوا تلك العملة ،تم إغالق حسابات بعضهم لهذا السبب، الشركات كانوا يتاجرون في ُ وهذه الشركات لم تقم باستثمارات حقيقية داخل مصر أو خارجها ،ووضعت نسبة تتجاوز %80-70من األموال في البنوك الفرنسية واأللمانية ،والمتبقي الذي ال يتجاوز %30-20تم توظيفه في الداخل عبر مضاربات – كما نشر وقتها – في الذهب والنقد األجنبي وتجارة العملة ،وتم رشوة عدد كبير من المسئولين الكبار ورؤساء الصحف ،لتظهر مشاريع وهمية عمالقة !! فيما سمي طلب -من أصحابها ب (كشوف البركة) وعندما انكشف الغطاء عن حقيقتها ،و ُ -رد الودائع إلي المودعين ،تهربوا ،وهرب منهم من هرب خارج مصر،
ودخل منهم من دخل السجن ،وضاعت أموال المصريين متوسطي الحال. ولقد تجلت خطورة تلك الشركات ،ليس فقط في أنها قامت بعملية نصب كبري، بل ألنها مارست الفساد ،واعتمدت علي الرشوة ،وتاجرت بالدين ،وبالفتاوى التي أطلقها رجال الدين ،وحرموا بها فوائد البنوك ،لدعم تلك الشركات وأصحابها.. الدين – هنا – لعب دورا كبيرا وخطيرا ،حين تم توظيفه للضحك عليالمصريين الذين صدقوا رجاله ،وصدقوا الفتوى !! حدث هذا في الوقت الذي كان أحدهم ُيصرح قائال (لدي في شركتي مفتاح لكل قفل من أقفال الحكومة ،لدي طاقم من الموظفين بشركتي يستطيعون إقناع أي موظف لدي الدولة ممن يملكون اتخاذ القرارات ،فمن يصلي منهم فلدينا في الشركة من يجيد الحديث في الدين ،ومن يريد اللهو فلدينا في الشركة ،من يعرف أماكن اللهو ،ومن كان يريد المال فلدينا بالشركة من يتخصص في توزيع المال ()26 والهدايا) وبعد فضح ممارسات تلك الشركات وانكشاف أمرها ،كتب (أبو العال السالموني) مسرحية (المليم بأربعة) في عام 1988متناوال من خاللها كيف استطاع هؤالء المتاجرة بأموال المصريين ،والضحك عليهم باسم الدين ،وهم أصحاب اللحى الطويلة التي تركوها عالمة علي تدينهم الزائف. هنا يستدعي الكاتب أجواء المولد للمرة الثانية ،بعد أن استدعاها في نص أبو العال السالموين
45 44
(مولد يابلد) ..ألنه أراد توظيف اللعبة المعروفة باسم (المليم بأربعة) التي تنتشر في الموالد ،وهي لعبة تشبه القمار ،يلعبها النصابون في الموالد ،حين ينادي الواحد منهم علي مكان الصورة في أي ورقة من الورقات الثالث ؟ ومن يستطيع الوصول إليها يحصل علي أربعة مليمات مقابل المليم الذي دفعه أثناء اللعب،لكن مهارة النصاب ،كانت تمنع فوز الزبائن.. أراد الكاتب أن يقول :إن شركات توظيف األموال مارست اللعبة بنفس طريقة العب القمار ،وعكست صفتهم ،فهذا الذي صدقه الزبائن ،منعتهم مهارته وقدرته علي النصب،من الحصول علي أيه مكاسب ،بينما حصل – هو – علي كل شيء!! أصبح المولد – هنا – مكانا صالحا ،وموحيا ،ودالليا ،ورمزيا للتجربة، وإبراز الفكرة ..فكرة النصب علي األبرياء ،الذين يبحثون عن العائد المستريح، فيصدقون من أقنعهم بأنه قادر علي إعطائهم عائدا أعلي من عائد البنوك، فيعطونه ،عن طيب خاطر ما يملكون ،حتى وان كان هو كل ما لديهم من مدخرات علي بمبه (العب الثالث ورقات) يعود إلى المولد من جديد ،بعد عودته من الخارج ،أتي ببعض األموال ،وكان قد ترك البالد فقيرا ،استطاع تكوين شركه لتوظيف أموال المودعين مقابل فائدة كبيرة ،اكبر من الفائدة التي حددتها البنوك الحكومية ،ضم إلى شركته كل زمالئه من العاملين في المولد، بأنماطهم المختلفة ،واستطاع – بمساعدتهم -إقناع معظم الناس بمشروعه الذي ُيحقق لهم أرباحا حالال ،فالمليم يساوي أربعة مالليم ،والجنيه أربعة جنيهات وهكذا؟! وهي مسالة حسابية تجافي المنطق .وتتعارض مع الحكمة،
وتدعو إلى التأمل ،ولكن ال أحد يتأمل ،وال أحد يتساءل ،ولهذا السبب استطاع ضيع حق المودعين جمع ماليين الجنيهات ،استولي عليها لحسابه الخاص، َّ في الحصول على أموالهم ،نتيجة تقاعسه في الرد ،وحين تتدخل الحكومة، تكتشف انه استطاع شراء ذمم بعض المسئولين الكبار ،فيما اسماه بكشوف البركة ،وهذه الكشوف ،تُعطي لهم الحق في صرف فوائد شهرية لرصيد وهمي يحدده صاحب الشركة لهم ،مقابل تسهيالت يحصل عليها منهم لتيسير أعماله. تلك الشركات أدارت لعبتها بنفس طريقة اللعبة المعروفة في الموالد باسم «المليم بأربعة» هي لعبة اقرب ما تكون إلي (القمار) ،النص يقول :إن الكل شارك في هذه اللعبة :الحكومة ..المودعون ..على حد سواء ،ولم ينس النص أن أصحاب هذه الشركات كانوا يتمسحون بالدين ،ويتخذونه سندا لهم ،في ممارسة النصب على األبرياء. علي بمبه هذا ،وضع شروطا الختيار العاملين معه في شركته ،تلك الشروط تتوافق – تماما – ما سبق أن استشهدت به ،وجاء علي لسان واحد من أصحاب تلك الشركات ..يقول في المسرحية: حانختبرهم عشان نختار العناصر اللي هي ..ال تقولولي أهل الثقة، وال أهل الخبرة ،إحنا ما بنشترطش شهادة حسن سير وسلوك ،وال فيش وتشبيه، وال أي مؤهل ،شرطنا الوحيد أنه يكون ما ولدتهوش والدة في اللعبة اللي بيلعبها في المولد ،إحنا عايزين والد الجحور والموالد ،والد الديابة والتعالب، والد البيضة والحجر والتالت ورقات ،والجوكر اللي يكسب والولد اللي ()27 يقش أبو العال السالموين 47 46
وبالتالي يختار (العب الثالث ورقات – الساحر – العبة الكهرباء -العب فتح عينك تاكل ملبن – البصاص – النشال) هنا أصبحت ألعاب المولد والمسميات المستخدمة فيه ،هي وسائل أصحاب شركات توظيف األموال ..هؤالء الذين أصبحوا هم شخوص المسرحية، ومادتها الدرامية ،أصبحت ألعاب(:الثالث ورقات – فتح عينيك تاكل ملبن – المليم بأربعة) هي المعادل الموضوعي والتجربة الفنية التي يقدمها النص إسقاطا علي موضوع طرح نفسه في مصر الثمانينات ،حين سمحت الدولة بعمل تلك الشركات ،وأصدرت لهم القوانين التي احتموا بها ،ثم انكشف أمرهم بعدها فطالبتهم بوقف النشاط ،ورد األموال إلي أصحابها. علي بمبة هذا الذي كان العبا للثالث ورقات في المولد ،وأصبح – بطريقة طفيلية – صاحب شركة توظيف أموالُ ،يخاطب ضابط الشرطة الذي جاء لتنفيذ أمر القبض عليه من أجل ضمان حقوق المودعين قائال له: (هو ده الخطأ اللي وقعتوا فيه ،أنا ماشي بالقانون اللي وضعته الحكومة بنفسها، والدليل علي كده أني بقالي أربع سنين والحكومة موافقة علي كل اللي عملته في الشركة ،جايين تحاسبوني علي ايه ؟ علي قانون أنتوا عملتوه! والمشايخ ورجال الدين باركوه ،والصحافة والتلفزيون هللوله ،حاسبوا نفسكم قبل ما تحسبوني يا حكومة ،ولعلمكم القانون بتاعكم حا يطلعني براءة ،واذا ما طلعتونيش براءة، مش حاتطولوا مني حاجة ،وشوفوا بقي حاترجعوا حقوق المودعين ازاي ؟ وما
تنسوش معايا كشوف البركة ،وماسك الحكومة من مناخيرها) هذا الذي كتبه الكاتب علي لسان شخص المسرحية ،يكشف تواطئا تم بين أصحاب تلك الشركات ،وبين مؤسسات الدولة الرسمية ،كان ضحاياه هم البسطاء ،وأبناء الطبقة المتوسطة ،الذي أودعوا مدخراتهم ،وصدقوا أنهم سيحققون حلم العيش الكريم ،بالفائدة التي تفوق فائدة البنوك بكثير. والسؤال :لماذا استدعي الكاتب المولد الشعبي في هذه المسرحية ؟ استدعي المولد ومفرداته ،وظواهره الشعبية ،ليس فقط ليمثل البعد المكاني في المسرحية ،ولكن ليمثل البعد الداللي أيضا ،وهذا هو المهم ،بل وأراه الدافع للتشابه بين المجالين.. األساسي ،وذلك فوضي االنفتاح االقتصادي ،وفوضي ظهور الشركات الطفيلية التي أطلقت شعار االستثمار ،وفوضي القوانين التي حمت الطفيليين ،علي حساب الفقراء.. تلك الفوضى تشبه فوضي المولد نفسه ،ألن ظروفه ،وظروف الزحام ،وطبيعة المستخدمين للعناصر الشعبية فيه ،ربما تتعارض مع منظومة القيم النبيلة، خاصة إذا غابت الرقابة الشعبية ،أو تقاعست الشرطة عن القيام بواجبها نحو ضبط إيقاع المولد ،والسيطرة علي فوضاه. ()28
( -)3مالعيب عنتر تتجلي شعبية هذا النص في استعانة الكاتب بالسيرة الشعبية لعنتر بن شداد، واستدعاء بطلها الشعبي ليكون بطل هذه المسرحية ،من حوله تدور األحداث، وبه ينمو الصراع ،ويشتد الفعل الدرامي ..فضال عن أن الكاتب استعان – أيضا ()29
أبو العال السالموين
49 48
– بالمولد وأجوائه الشعبية ،ووظف مقام الشيخ نفسه صاحب المقام ،ليصبح له دورا خفيا في تطور األحداث ونموها وصوال لذروة المسرحية ونهايتها كما سنري.. الكاتب عالج السيرة معالجة جديدة تماما ،وان حافظ علي بعض عناصرها.. فقدم – بالنص – سيرة جديدة لهذا البطل الشعبي ،وعالج موضوعه معالجة معاصرة تتوافق مع المتغيرات الجديدة التي فرضها النظام العالمي الجديد، الذي يمارس اللعب ،من أجل إثبات القوة ،ونهب خيرات الشعوب ،ويستخدم بعض الحكام العرب حين يلمس (عنتريتهم) ليكونوا أداته في فرض الهيمنة، تحقيقا للمطامع ..وحين ينطلق في معالجة موضوعه من عبارات جاءت في قصة (محمد فريد أبو حديد) (أبو الفوارس عنترة بن شداد) تتعلق بشخصية البطل الذي استدعاه من السيرة ،فهذا يؤكد علي رغبته في معالجة السيرة معالجة جديدة ،تستند إلي التاريخ ،وال تبتعد عنه ،حتى وإن جاءت األحداث في المسرحية -التي بين أيدينا -مغايرة تماما عما جاء في التاريخ ،وما جاء في السيرة أيضا. والعبارات التي استحضرها واعتمد علي مغزاها حين عالج موضوعه، تتعلق بواقعة قبض ملك الحيرة علي (عنترة بن شداد) حين وجده متلبسا بسرقة النوق العصافير ،فاتهمه بأنه لص حقير ..ساعتها رد عليه عنترة قائال: (بل أنا أحد هؤالء العرب الذين يطلب بعضهم أبل بعض في الغزوات، فما أنا أيها الملك ،وما أنت وما هؤالء الشيوخ جميعا سوي عرب يترددون بين
األودية في نجد وتهامة وهضاب الدهناء واليمامة وكلهم يسلب ويغزو ،لست باللص أيها الملك ،إذا لم تكن أنت لصا ،وإذا لم يكن هؤالء جميعا لصوصا) وهنا تقبله الملك وعفا عنه وأعاد إليه النوق التي سرقها ،وكأن لسان حاله يقول :صدقت يا عنترة ،فهذا هو حالك وحالنا يا صديقي فكلنا لصوص، ومنذ ذلك اليوم ،وقد صار عنترة فارسا في خدمة ملك الحيرة ،وسيد كسري ملك الفرس ( )30هم إذن استخدموه حين شعروا بأن اعترافه يمكن توظيفه لمصلحتهم ،إذا أرادوا ذلك. تلك المعالجة الهزلية للسيرة وبطلها ،نجحت في توصيل الرسالة التي أرادها الكاتب ،وأراد من خاللها فضح ضيق األفق العربي ،ووعي الحكام، أثناء حرب الخليج ،وأصبح عنترة معادال موضوعيا للحاكم العنتري الذي يظن أنه يملك القوة التي تحميه ،وتحمي بلده ،في حين أن الحقيقة عكس ذلك تماما، ألن هناك من هم أقوي منه بالتفكير والدهاء والحيلة ،وليس قوة العضالت، أو الُقدرة علي رفع األتوبيس أو تحطيم القيود الحديدية ،أو التصدي -غير المدروس -للبلطجة كما حدث في مولد تلك المسرحية. ولكن كيف قدم الكاتب سيرته الشعبية الجديدة ،وكيف تعامل مع بطله الشعبي ،وكيف وظف مفردات المولد ليقدم نصا شعبيا من األلف إلي الياء؟ يعيش عنتر مع أخيه شهبوب وأمه زنوبة في المولد ،ويعملون فيه ،يمارس األلعاب الخارقة ويتبع المعلم حواش ،الذي يتضح من خالل تطور األحداث أنه يستغل المولد ستارا هو وأخيه (علوش) في تجارة وجلب المخدرات ،يساعدهم ويحميهم (البلطي) سامبو ،الذي ينقلب عليهم ساعة ،وينضم إليهم ساعة أخري، أبو العال السالموين
51 50
تبعا لطبيعة المصالح التي تفرض عليه هذا التحول .ويعلم عنتر عن طريق أمه ،أن (شواش) هذا هو أبوه الذي لم يعترف به ،برغم زواجه الشرعي من وعلمته تجارة المخدرات. أمه ،خوفا من زوجته (توحة) التي آوته في قصرها، َّ ويكتشف – أيضا -أن الفتاة التي أحبها (ُفله)هي ابنة عمه ..هنا يواجهه االبن بمعرفة الحقيقة التي ينفيها في البداية ،ثم ال يريد االعتراف بها أبدا ..وتتصاعد أحداث المسرحية،وتظهر قوي الشر المتمثلة في كل من: ( -)1سامبو فتوة المولد ..اللص ( – )2شواش وعلوش تاجرا المخدرات كل من القوتين ،يحاول أفرادهما ضم (عنتر) إليهما ،لحماية كل مجموعة المغريات تارة ،والتهديد تارة في مواجهة المجموعة اآلخري ..وكل قوة تُقدم ُ أخري ،المهم أن يقوم (عنتر) بالحماية الالزمة ،وينفذ الدور المنوط به. يتم استغالل قدرة (عنتر) الجسدية لمواجهة جبروت وبلطجة (سامبو) الذي يريد الحصول علي مقابل كبير ثمنا لحماية الشقيقين من الحكومة وعدم الزج بهما داخل السجن ،وبالفعل يتدخل (عنتر) لكن حين يرفض أبوه االعتراف به ،ويرفض عمه رغبته في الزواج من ابنته نراه يمارس أالعيبا متعددة، فمرة يرتدي مالبس الغازية ويرقص بها في المولد مدعيا أنه امرأة ،ومرة يرتدي مالبس الدراويش ويصبح من مريدي الشيخ أبو المعاطي صاحب المقام الذي يقام المولد باسمه في الساحة المجاورة له ،ويدعي بل ويقنع الناس أن أبا المعاطي هو أبوه ،وأنه جاءه في المنام ليخبره أن المولد أصبح مستقال، وأن كل ما فيه أصبح ملكا لمن يعملون فيه ،وليس ألي أحد سلطة عليه ،أو
علي أصحابه ،وتلك اللعبة لمواجهة خطة أبوه وعمه في جلب كمية كبيرة من المخدرات لوضعها داخل المقابر ،وتهريبها أثناء االحتفال بالليلة الكبيرة.. ومعرضا حياته وتتأزم المواقف ،وتتصاعد األحداث ،ويصبح (عنتر) مهدداُ ، المهربة – بعد أن وضع عليها مادة حارقة للخطر ،حين يقرر إحراق المخدرات ُ في حالة تعرضه ألي اعتداء من أي أحد .هنا يأتيه (سامبو) بلطجي المولدليعرض عليه اتفاقا قائال له: (حلو ..هي لعبة حانلعبها علي أبوك شواش وعمك علوش ،وحانكسب من وراها الدهب ،أنت حاتعمل البعبع اللي يخوفهم ،ويرعبهم ،واحنا حانكون الحماية اللي حا تهديهم وتطمنهم ،احنا نقبض منهم ،وأنت تقبض مننا ،وبكده يصفي لنا الجو واللعب يحلو ..استبينا) فيرد عنتر استبينا ياريس سامبو سامبو :هي دي خطتنا ،وهنسميها أسم حركي زي بتوع السي ان أن ..عاصفة الصحراء ..ايه رأيك ؟ عنتر :ال ياريس سامبو ..حانسميها أم المعارك. وحين تأتي إليه حبيبته فله ،لتمنعه من هذا االتفاق ،يخبرها أنه لن يستطيع الرفض ،ألنه سيموت. وهنا تنتهي أحداث المسرحية بعبارات فله(:موت ياعنتر..ألجل تتطهر وتبقي مثال لفارسنا الشهيد ،موت يا عنتر ألجل ما يقولوا عليك مات موتة األبطال في أرض المعركة وقلبه حديد ،موت ياعنتر ده أحنا محتاجين راجل يشيل راسه علي كفه يموت ويقوم تاني ،يموت ويقول لهم :هل من مزيد ؟ موت ياعنتر ,, لو بتفهم ..موت ده شرفك أكيد) أبو العال السالموين 53 52
واذا كان بطل السيرة الشعبية (لم يستسلم ،بل ناضل من أجل االعتراف بحريته ،ومن أجل االنتصار في حبه والظفر بحبيبته ،فهو ضحي بحياته من أجل العشيرة ،وسبق إلي المخاطر ولم يتنازل ُمطلقا عن حريته ،وال عن حبيبته ،بل خاض ضد القبيلة حربا الهوادة فيها ،لكي ينتزع االعتراف بحريته الكاملة ،ولكي يتزوج المرأة التي أحبها ..البطل العربي ال ينهزم ،بل يتخطي ()31 العقبات كلها ويحصل في النهاية علي حريته وحبيبته) هو هنا في مسرحية (مالعيب عنتر) -التي جاءت علي غرار مالعيب شيحة في سيرة الظاهر بيبرس ،ومالعيب علي الزيبق في سيرته -لم يستطع الحصول علي حريته ،ولم يستطع حماية حبيبته ،أو أهله وعشيرته. تلك (المالعيب) التي قام بها في النص انقلبت عليه ،وعرضت الجميع للخطر ،تلك المعارضة الفنية جاءت لتؤكد علي أن العنترية ،في ظل متغيرات النظام العالمي الجديد ،ليست مقبولة في مواجهة الدهاء ،والقدرة علي حبك المؤامرات ،التي تجب القوة العضلية ،التي لم تعد هي الوسيلة لتحقيق القوة ال مطلقة. المعالجة الجديدة للسيرة ،أراها متوافقة -إلي حد النتيجة التي أوصلتنا لها ُ الكتب القديمة التي كانت تتحدث عن نبوءة بعض أبطال ما -مع ما ذهبت إليه ُ السير ..فعنترة كان الحديث عنه (يبدأ بجملة قضاء هللا المرسل إلذالل العرب قبل رسالة محمد صلي هللا عليه وسلم ،والحديث عنه ال يظهر أنه نبوءة سابقة لميالده ،وإنما ُيذكر علي أنه قدر ُكتب علي العرب ألسباب خاصة بهم ،فعنترة هو محقق اإلرادة اإللهية ،وفعله نتيجة عبث العرب وطغيانهم ،فوجود عنترة
إنما هو وجود كوني يلعب دورا في حركة جماعة بأكملها ليساهم في تغيير ()32 معتقد) حافظ الكاتب علي اسم (عنتر) كما هو ،بينما قام بتغيير األسماء األصلية –ألنه يصنع كما ذكرت سيرة جديدة لبطل السيرة – فأصبح شيبوب في السيرة هو (شهبوب) وأصبحت عبلة هي (ُفلة) وأصبح شداد (شواش) وأصبحت زبيدة (زنوبة) ..إنها شخوص جديدة في أسمائها ،وفي مواقفها ،وانفعاالتها ،لكنها موصولة بخيوط رفيعة تربط بينها وبين السيرة األصلية ..هي خيوط العالقات فقط. وحين يلجأ الكاتب هنا للمولد ليكون مكانا ألحداث المسرحية ،فهو - أيضا -يستخدمه ،كما استخدمه في مسرحية (المليم بأربعة) ليكون ُمعادال موضوعيا لما حدث في حرب الخليج ،ألن تلك الحرب تشبه المولد في فوضاه، ومفرداته ،ومظاهره. إذن هو وظف بطل السيرة للوصول إلي المعني ،ووظف المكان بمظاهره وعناصره الشعبية ،لتأكيد المعني ..وحين تُشاهد العرض مجسدا، ستري أن كل العناصر الشعبية -فيه -متضافرة ،ومتماهية في نسيج واحد، يتحقق من خالله مفهوم المسرح الشعبي بشكل تطبيقي. مآذن المحروسة ُيعد كتاب (المصريون المحدثون)( )34للمستشرق االنجليزي (ادوارد وليم (المحبظين) لين) من أهم المراجع التي يستند إليها الباحثون ،حين يتحدثون عن ُ ()33
أبو العال السالموين
55 54
وفرقهم ،باعتبارهم مظهرا من مظاهر الفرجة الشعبية التي انتشرت أيام الحملة الفرنسية ،وما بعدها .وقد ذكر فيه أنهم كانوا يقدمون عروضهم التمثيلية في مناسبات الختان والزواج ،في بيوت األثرياء ،وأحيانا كانوا يقدمونها في شوارع القاهرة والميادين ،حيث يجتمع من حولهم الناس علي هيئة حلقة تشبه حلقة (الحاوي) وكانت تلك العروض تحتوي علي نكات بذيئة ،وحركات داعرة، والمشاركين فيها من الفنانين كلهم من الرجال والصبيان ،وبعضهم كان يؤدي أدوار النساء ،بعد ارتدائهن لثيابهن ،وكان موضوع هذه الهزليات أخالقي، (يعالج في األغلب مظاهر الفساد االجتماعي مثل فساد جباة الضرائب انتقاديُ ، علي سبيل المثال) المحبظين ويشير الناقد (فؤاد دوارة) إلي عدم اهتمام أحد بالبحث عن معني ُ االشتقاقي ،مما دفعه للبحث عن أصل تسميتهم -في القواميس -فوجد مادة قريبة منها وهي (حبض) الوتر ،حبضا ،أي انطلق بشدة فصوت ،وحبض الوتر ،جذبه إليه ثم أرسله فصوت ،أي أحدث صوتا ،وعلي ذلك فيمكن القول المحبظين هم العازفون علي األوتار ،أو علي اآلالت الموسيقية بشكل عام، بأن ُ المحبظين ،وقلب حرف الضاد وقد رأينا أن العزف من بين خصائص فرق ُ ()35 إلي ظاء ،مألوف في العامية المصرية ،حيث نقول ( ظابط) من (ضابط) المحبظين ،كعنصر من لقد استحضر الكاتب(محمد أبو العال السالموني) ُ عناصر الفرجة الشعبية ،ليقدم من خاللهم وبهم موضوعه ،وأحداث مسرحيته (مآذن المحروسة).
والمعالجة الفنية التي تقوم علي عملية المزج بين المادة التاريخية ،وعناصر والمحبظين والمداحين ،تكشف عن مدي الفرجة الشعبية المتمثلة في خيال الظل ُ قدرة الكاتب علي توظيف تلك العناصر مع مادة جادة ،ربما يبدو من الصعب امتزاجها ،لتكون نسيجا واحدا ،متناغما ومتماهيا. ونجاحه في تحقيق ذلك ،يكشف -أيضا -عن أن تلك العناصر يمكن استخدامها كأداة فنية لتقديم نص شعبي ،حتى وان عالج موضوعا من التاريخ. والموضوع يعود إلي عام ،1798حين دخل الفرنسيون إلي القاهرة ،ومنها إلي مدن مصرية أخري ،فيما ُعرف باسم الحملة الفرنسية علي مصر ،مبينا كيف استطاع الشعب المصري مقاومة تلك الحملة ،والتصدي لنابليون بونابرت قائدها ،وكيف استطاع األزهر بعلمائه المستنيرين ،مواجهة قائد تلك الحملة، بل ودفع الشعب ليس فقط للمقاومة ،بل بإعالن الثورة المسلحة علي الغزاة. عرض أمامنا خمسة أحداث متعلقة بتلك الحملة ،عرضها أمام الجمهور (المحبظين) المكونة من ثالثة – بحضور نابليون نفسه -وعن طريق فرقة ُ أفراد (علي كاكا -أبو عجور – حسون) يقودهم سعدون -قائدهم والمشرف علي عملهم -وبمشاركة(زوبة) شقيقة (سعدون) ،وأيضا بمشاركة بعض من الذين قبال القيام بالتشخيص ،إلي مجاوري األزهر (الشيح أحمد – الشيخ محمد) َّ المحبظين ،لكي يخاطبوا الناس بوجهة نظر األزهر ،لدفعهم للمقاومة، جانب ُ وأثناء ذلك تتحول عملية التشخيص ،التي كان هدفها تسلية نابليون -حين دعا الجميع لحضور احتفاالت بمناسبة وفاء النيل ،والمولد النبوي ،وعيد الجمهورية الفرنسية – إلي مواجهة حقيقية بين نابليون وشيوخ األزهر -في أبو العال السالموين
57 56
نهاية المسرحية -لتنتصر إرادة الشعب ،وتقوم الثورة لتحقيق العدل ،والدفاع عن الحق ،ومواجهة للظلم ،وضد الشر. المؤلف من التاريخ ،وعالجها ما هي األحداث الخمسة التي استحضرها ُبأدوات التشخيص والتحبيظ ،والتقليد ،واالستفادة من كل مظاهر االحتفاالت الشعبيةُ ،منتصرا لعنصر الفرجة ،التي هي أساس المسرح الشعبي؟ األول :دخول الفرنسيين القاهرة في عام 1795بعد مقاومة كبيرة ،واستقرارهم بمصر ،وحينها قام نابليون بونابرت قائد الحملة بوضع نظام حكم البالد ،فقرر حكم القاهرة بمجلس مكون من تسعة أعضاء ،علي أن تكون السلطة المدنية للحكومة بيده ،وكان الشيخ الشرقاوي (شيخ األزهر) عضوا في هذا المجلس، ثم تكوينه لمجلس في كل مديرية يتكون من سبعة أعضاء ،وتم اختيار الشيخ الشرقاوي رئيسا للديوان ،باإلضافة إلي مشيخة أألزهر ،وعلي هذا األساس ظن نابليون أنه استطاع شراء ضمير الشيخ الشرقاوي ،فقام بوضع العلم الفرنسي علي كتفه ،فرماه الشيخ علي األرض ،واندلعت ثورة القاهرة األولي . (مشخصا) شخصية نابليون: علي كاكا ُ حسن جدا ..مادمنا متفقين إذن ،فدعوني أخلع علم فرنسا عليكم ،تقديرا مني يا سادة علماء األزهر. أحمد (الشيخ الشرقاوي) :كال يا ساري عسكر نابليون ..إنا ال نعمل في ظل فرنسا ،بل مصر ،ومصر فقط تصدي الشيخ للفرنسيين كثيرا ،لدفع األذى عن المصريين ،وتم اعتقاله بتهمةانحيازه للثورة ووضع في سجن القلعة ،هو وعدد من العلماء ..وبعد فشل
كون الثورة ،قام نابليون بحل المجلس ،واإلفراج عن الشيخ الشرقاوي ،وبعدها َّ مجلسين أولهما :هو الديوان العمومي ،وثانيهما :الديوان الخصوصي ،وكان الشرقاوي رئيسا لهذا المجلس و هو عبارة عم مجلس وزراء وبإشراف الوزاراء. الحدث الثاني :إعالن رغبة نابليون في الزواج من (زوبة) ابنة (السيد البقلي) التي أحبت نابليون وتعلقت به ،ورفض شيوخ األزهر ووقوفهم ضد هذا الزواج، بسبب اختالف الديانة. الحدث الثالث :إعالن نابليون إسالمه ،هو وبعض جنوده ،من أجل كسب تعاطف المصريين .وفضح ذلك ،بمخاطبته بضرورة التوقف عن شرف الخمر، وأن يقوم جنوده بإجراء عمليه الختان ،وهذا ما رفضه تماما.وهنا نسمع مجاور األزهر (أحمد) الذي ُيشخص دور الشيخ الشرقاوي يقول أثناء عملية التحبيظ: (كل حاكم ظالم عايز يضمن استمرار حكمه ،كان دايما يتمسح باسم الدين، المماليك حكمونا ظلم باسم الدين ،وباسم الدفاع عن الدين ،والعثمانيين كتموا علي أنفاسنا من مئات السنين ،بحجة أن السلطان العثماني ظل هللا في أرض المسلمين ،ودي الوقت ساري عسكر ما عندوش أي مانع يلعب نفس اللعبة، ُيعلن إسالمه هو وجنوده عشان يضمن والء المسلمين ،وهي دي الخطورة في األمر ،خطورة استخدام الدين في السياسة ،خطورة خلط األوراق بين الدولة والدين). أبو العال السالموين
59 58
الحدث الرابع: حكاية محمد كريم حاكم اإلسكندرية ،الذي رفض تسليم اإلسكندرية لنابليون قائد الحملة الفرنسية علي مصر ،وقاد المقاومة الشعبية عندما وصل الفرنسيون إلي اإلسكندرية تحت قيادة نابليون ،ومن فوق حصون اإلسكندرية ،صد نيران الفرنسيين ،ولم يستسلم حتى ُدمرت تماما ،فحاربهم في الشوارع ،ولكنه اعتقل وحاول نابليون إغراءه ،ليكسب وده فأطلق سراحه ،لكنه عاد من جديد ليقود المقاومة ،ويصد هجوم نائب نابليون الجنرال (كليبر) حين حاول احتالل دمنهور ،وهناك أعتقل للمرة الثانية ،وتم حبسه في البوارج الفرنسية في أبو قير ثم أُرسل إلي نابليون في القاهرة فحاكمه محاكمة صورية ،وقضي بإعدامه رميا بالرصاص في ميدان القلعة. الحدث الخامس : محاولة نابليون التشبه باألسكندر األكبر ،حين خاطب مشايخ األزهر ،بإعطائه موافقة واعترافا بوجوده ،كما سبق أن فعل االسكندر األكبر بعد دخوله إلي مصر ،حين حصل علي مباركة كهنة آمون ومنحوه لقب (أبن آمون) ..هنا يريد نابليون أن يحقق حلمه ليكون مثل األسكندر األكبر ،لكنهم رفضوا طلبه تماما ،وأخبروه بأنهم ليسوا الكهنة .وهنا وفي تلك اللحظة -تحديدا -غاب التشخيص ،وحضرت المواجهة الحقيقية ،بعيدا عن لعبة التحبيظ ،لقد تحولت اللعبة إلي حقيقة ،وشارك نابليون فيها ،حين تحدث بلسانه هو وليس بلسان المحبظين ,حين قال: ُ
نابليون :بل أنتم كهنة هذا العصر ..وسواء عندي أن ترضوا أم ال ،فلسوفتقومون بنفس الدور السابق ،أعني ما صنع الكهنة لألسكندر في معبد آمون. أحمد :حاشانا يا ساري عسكر أن نفعل هذا األمر نابليون :ولم ..أو ينكر أحد ما قد حدث هنالك لآلسكندر في معبد آمون؟ محمد :هذا في زمن الوثنية ،ال في زمن التوحيد نابليون :ال فرق هناك ..إذ إن الفيصل في هذا الموضوع وقائع هذا األمر. أحمد :ما يدريك بأن فعلوا ذلك ُكرها ال طوعا يا ساري عسكر نابليون. نابليون :ليكن ..أني أطلب تنفيذ الدور ولو ُكرها أحمد :إنا نرفض نابليون :أيضا اليجدي هذا مادمتم ستقومون بهذا رغما عنكم. محمد :لن نفعل شيئا رغما عنا يا ساري عسكر نابليون :وهم وهراء أني أملك أن أرغمكم وأدبر أمري معكم مثل األسكندر في معبدكم آمون ،بل أملك أكثر من هذا ،أملك أن أزحف نحو الكعبة في مكة كي ()36 أعلن نفسي حامي حمي الحرمين ،وسيركع كل الشرق أمامي بال استحياء وبتلك المواجهة التي صنعها التحبيظ ،وتسبب فيها المحبظون ،تنتهي ويصبح عنوان ويقتل الجنرال (ديبوي) انطالقا من األزهرُ .. المسرحية ،بالثورةُ ، (مآذن المحروسة) عنوانا داال ،ألن مآذن األزهر الشريف تشير إلي رجاله، وعلمائه الذين واجهوا طغيان وصلف نابليون ،ورفضوا تحقيق حلم التواجد بفتوى رسمية. أبو العال السالموين
61 60
محمد :ال يا هذا الجنرال ..األزهر بيت هللا ،وال يملك أن ُيخضعه إنسان، األزهر شمس هللا بأرض المحروسة ال يملك أن يطفئها نفخ األفواه الخربة، األزهر أكبر من كل األوهام المجنونة واألفكار العفنة ،األزهر أكبر منكم يا سادة ،األزهر أكبر من كل العدوان ،ومن كل األوثان (صفحة )97 بالحيلة الفنية التي عالج بها (أبو العال السالموني) موضوعه التاريخي،وأعني بها التحبيظ ،والتشخيص ،وإعادة تمثيل التاريخ ،أصبحت شعبية المسرحية ،تعبيرا عن شعبية الثورة التي قادها رجال األزهر ضد نابليون، تلك الثورة الشعبية قام بها الفنان في المسرحية ،بما يشير إلي أهمية الفن ،حين ومعبرا عن قضايا الواقع ،ألنه ُيشعل جذوة الحماس لدي الناس. يكون صادقا ُ سعدون :وكمان مصر الفنان مصر الكلمة والنغمة ،مصر األرغول والناي ،ياهلل ياجدعان ،قوموا ياجدعان، وروهم دور الفن في وسط الناس ،وازاي الفن يأثر في اإلحساس ،وازاي الكلمة والنغمة ،تتحول بارود ورصاص. -تغريبة مصرية
()37
سأبدأ من اسم المسرحية نفسه (تغريبة مصرية) باحثا عن مدي توافر مفردات المسرح الشعبي في هذا النص .
كلمة تغريبة تأتي من الفعل (غرب) بمعني الذي تمعن في السفر ،وابتعد عن الوطن ،متوجها نحو بالد الغرب ،.وتستخدم دائما في السير الشعبية.واالبتعاد عن الوطن أو ُبعد الوطن عن صاحبه (بالمعني الداللي) ُيعد تغربا إجباريا يدفع ثمنه بطل السيرة. :لماذا تُستخدم تلك الكلمة دائما في السير الشعبية؟ والسؤال اإلجابة هي :أن الكلمة تُستخدم ألن معظم موضوعات السير تدور حول الهجرة والسفر الدائم. هنا يدور موضوع المسرحية حول بطلها (علوان) الذي صار اسمه (غريب) بعد عودته من الحرب ،التي أصيب فيها بفقد الذاكرة ،ونسي بلده وأهله ،ورافقه الراوي (وكأنه راوي السيرة) وجاب به بلدانا وقري كثيرة ،لعله يتذكر من هو ،وتلك الرحلة تبدو أمامنا وكأنها رحلة البحث عن ذات الجندي الضائعة ،بعد عشر سنوات من النسيان ،وبعد انتهاء الحرب ،يعود ليري كل شيء قد تغير ،بعد أن ترك القرية وسافر مع رفاقه إلي ميدان الحرب ،رحلة السفر تلك ،تعقبها -بعد االنتصار الذي شارك في تحقيقه -رحلة أخري داخل الوطن باحثا عن أهله وناسه ،فيكتشف أنه فقد الوطن أيضا ،حين سيطر عليه االنفتاحيون الذين استفادوا من الحرب ،وتسببوا في ضياع البالد ،وإفقارها.. أزمة البطل تشتد كلما اقترب من الحقيقة ،يشعر باغتراب وغربة شديدة، نتيجة ضياع الحلم ،وضياع األمل. اإلحساس بالهزيمة الداخلية لبطل المسرحية ،هو الذي أفقده الذاكرة ،لكنه أبو العال السالموين
63 62
بمساعدة الراوي واآلخرين -حين يذكرونه بحرب أكتوبر التي خاضها، ويستدعون مشاهدها أمامه -يستعيد ذاكرته من جديد ،ويتعرف علي أهله وناسه ،لكنه وجد نفسه ،مضطرا لخوض حرب أخري داخلية ،ضد الفاسدين، والمستفيدين ،وأعداء الداخل ،هو في حالة حرب مستمرة ،وحالة سفر دائم، ويظل عائشا في دائرة التغريبة الجهنمية ،التي تسلبه حق الراحة ،وحق االستمتاع في العيش الكريم ،في وطن استرد كرامته ،وحقق كبرياءه ،حين انتصر علي الغيالن. (علوان) يبدو في المسرحية ،بطال يماثل بطل السيرة الشعبية تماما ،حين يضعه المؤلف ،في مواجهة الغيالن ،في رحلة البحث عن الجوهرة ،التي هي شرط استرداده للذاكرة (قوم يا أبو زيد – قوم يا فارس ،قوم يا عنتر ،قوم يا بيبرس) وتبدو تلك الرحلة ،متشابهة مع رحلة الشاطر حسن في السيرة التي تحمل اسمه مع حبيبته (ست الحسن) حين سافر من أجل تنفيذ طلب حصوله علي الجوهرة التي تتيح له فرصة تحقيق حلمه بالحصول علي ست الحسن ،والتي استمرت ألف عام ،تحملهم من أجل تحقيق الحلم ،بطل مسرحيتنا ،ليس لديه طلب منه ،إلثبات مانعا ،ليفعل هذا ،ليس هذا فقط ،بل أعلن استعداده للقيام بما ُ هويته ،حين ُفرض عليه أن يضع جسده داخل تابوت ،ويلقي في المقبرة ،لمدة يوم ،فإذا لم يمت فهذا إثبات بأنه فعال ،ابن هذا الوطن الذي اليعترف به .وهذا الفعل يتشابه أيضا – مع ما حدث ألوزوريس في األسطورة الفرعونية (ايزيس وأوزيريس) حيت قطع جسده (ست) ورماه في النهر ،وقامت (ايزيس) حبيبته،
بتجميع أشالئه ،وإعادته إلي الحياة من جديد ،تأكيدا لفكرة البعث ،وتأكيدا لفكرة انتصار الخير علي الشر ،حين يكون هناك صراع بينهما. البطل هنا ،قام بحل اللغز حين واجه الغيالن واألعداء ،كما سبق وحله (أوديب) في األسطورة اليونانية (أوديب) وكل هذا الذي فعله ،قام به حين ُفرض عليه ،ولم يخف ،ولم يتراجع ،برغم أن أعداءه ،أرادوا التخلص منه عن طريق كل تلك الحيل. نري – إذن -المؤلف (محمد أبو العال السالموني) وقد وضع بطله ،في مواجهة مواقف ،ودفعه للقيام بأفعال ،ليست فقط من مواقف وأفعال أبطال السير الشعبية ،ولكنها أيضا من أفعال أبطال األساطير (المصرية واليونانية) وهذا ما جعل بطلنا (علوان) أو الغريب يبدو بطال ملحميا ،وشعبيا في الوقت نفسه ..كيف ؟ ملحميا ،ألنه ُمحارب اتصف بصفات المحاربين العظماء مثل الشجاعة، والتواضع والحكمة والفضيلة ،وأيضا ألن سفره جاء من أجل خوض المعارك، ضد األشرار ،وهو يملك قدرات خارقة ساعدته علي المواجهة ..مواجهة الشر. وشعبيا ،ألنه ُمحارب من الفالحين ،وابن من أبناء الفقراء والمكافحين من أجل العيش الكريم ،و بطوالته هي التي خلدت ذكراه ،وجعلته في ذاكرة الناس، وذاكرة البسطاء من أبناء الشعب ،هو في نظر الجماعة الشعبية نموذج حقيقي للبطل الذي يستحق أن تُكتب عنه األشعار ،وتُروي من أجله السير ،ويرافقه الرواة لنقل سيرته إلي الناس ،حتى التنسي أفعاله البطولية. أبو العال السالموين
65 64
وأعتقد أن تلك المعالجة قدمت لنا بطال بمواصفات جديدة ،جمعت – كما ذكرت -بين الصفتين ،وحيث إن السير الشعبية تحكي حياة وأعمال شخصيات قامت بأعمال عظيمة ألهلهم ،وقدموا تضحيات كبيرة للدفاع عن القبيلة ،أو األمة ضد الغزاة الغرباء ،والمعتدين ،فان كل هذا قد تحقق في هذه المسرحية، لكن المؤلف ،غامر ببطله أكثر ،ليجعله معادال موضوعيا ،يكشف به عن تجربة كل أبناء الوطن من الفقراء ،الذين حاربوا وانتصروا ،لكن إهمال بطوالتهم ،وإغفال دورهم ،بطمس معالم الوطن الذي تحرر من الغزاة ،علي يد الذين لم يحاربوا ،ولم يغامروا ،ولم يضحوا بشيء ،لكنهم يسرقون قوت هؤالء المحاربين ،الذين يمثلون الشريحة األكبر من أبناء الوطن ..هذا المعني الكبير ،الذي أراده المؤلف ،اتسعت معه التجربة الفنية ،فلم تعد – فقط – مجرد سيرة شعبية معاصرة – كما ُذكر علي غالف المسرحية -لكنها سيرة شعبية وملحمية ،تحمل دالالت ،وعالمات كثيرة جدا ،لقضية حيوية ،تتعلق بإنسان ما بعد الحرب ،هذا الذي اتهم به األدب العالمي ،ولم نهتم به نحن في أعمالنا المؤلف حين كتب مقاال وسأستحضر -هنا -سؤاال سبق وأن طرحه ُ َّ وتحدث عن تجربته المسرحية في إطار استلهام التراث والتاريخ تناول فيه، حين ذكر قبل أن يسأل ( ...نجد أنفسنا أمام بطل من أبطال حرب العبور الذي حقق بطوالت فائقة ،إال أنه عاد بعد عشر سنوات وقد فقد ذاكرته ،ويبدأ رحلته وغربته في كل كفور ونجوع مصر ،مصطحبا أحد رواة السيرة من عازفي الربابة ،لعله يعثر علي أهله خصوصا وقد وجد أمه قد تزوجت عمه ،وزوجته
تُزف إلي ابن عمه ،وعمه وأبنه قد استوليا علي أرض أبيه الذي مات حزنا وكمدا بل أن ابنه الذي تركه وذهب إلي الجبهة وهو في بطن أمه قد ُنسب إلي غيره ،إن (تغريبة مصرية) تعتبر محاولة تجريبية في السير علي خطي ونهج السيرة الشعبية ،ولكن بصورة معاصرة) وبعد أن ذكر هذا طرح سؤاله :إلي أي مدي نجحت هذه المحاولة سواء في استلهام شكل السيرة أو مضمونها ؟ ()38 وألن هذا السؤال سؤال نقدي ،فسأحاول اإلجابة عليه ،في ضوء ما سبق طرحه في السطور السابقة. استحضر هنا عبارات ذكرها (فاروق خورشيد) حين تحدث عن الجذور الشعبية للمسرح العربي،قال( :ربما هدف ُكتاب السيرة كان إبداع تاريخ شعبي يقف إلي جوار تاريخ الملوك والقواد ،والوزراء الذي حفلت كتب التاريخ العربي ،وربما أرادوا أن يؤكدوا وحدة هذا الشعب أمام األحداث ،ومن قديم الزمان ،فهم يوصلون نسب هذا الشعب ،كما يوصلون دائما أنساب األبطال، مسايرين في هذا تقليدا عربيا قديما ،يعني باألنساب ،وتقليدا سياسيا قلما يريد أن ()39 يوحد بين فئات الشعب العربي ،في مواجهة العدوان المستمر علي أراضيه) هذا الذي يقوله (فاروق خورشيد) برغم وجود كلمة (ربما) هو ما تحقق مع هذه المسرحية ،ألن العمل قدم صورة إلبداع الشعب المصري ،بتراثه الشعبي واألسطوري ليجعل تاريخ الجندي المصري (بطل العبور) يقف جنبا إلي جنب تاريخ الملوك والقواد ،سواء كانوا عظاما أو غير عظام ،لكنه علي أي حال تاريخ ،واثبت أن هوية بطله ونسبه ممتدة عبر تاريخه ،وأن هذا التاريخ كله، أبو العال السالموين
67 66
يستطيع حمايته لو حاول أي أحد أن يسلبه حقه في الحياة ،أو يطمس هويته، وهو أيضا وحد – من خالل أبراز مواقف فئات الشعب مع بطله في المسرحية – بين فئات الشعب لمواجهة العدوان سواء كان علي أراضيه ،أو علي وطنه من الداخل. مدرس التاريخ في المسرحية يقول له: (افتكر قصة كفاحنا ضد أعدائنا من الهكسوس ،وأطماع المغول). ويخاطب زوجته (خضرة): (فكريه بالحب والمواويل ،والروايات العجيبة والحكايات اللي خدها عند سيدنا، وعند أمه وعندي). وحين يتحول بطل المسرحية إلي رمز يقول: (هو ده علوان بلدنا ،ابن مصر الفالحين ،ابن آالف السنين اللي عايشه فيه بطوالت الحكاوي والروايات واألساطير ،واللي باقية معاه أساطير البطولة والشهامة والرجولة من سنين حتى جه اليوم ،وانطلب للجيش مع اللي في سنه من أهل البلد ،ده طريق شبان بلدنا الطيبين ،بعد ما كان الطريق م البيت لغاية ()40 الغيط ،بقي من البيت وم الغيط للميدان ،واستعدوا كلهم ويا علوان للسفر) وألن السير الشعبية تُعد مصدرا من مصادر الدراما ،التي يمكنها مساعدتنا علي كتابة نصوص للمسرح الشعبي ،بمالمح جديدة ،وهوية متميزة عن المسرح غير الشعبي ،هنا تصبح مفردات السيرة – ذاتها -مدعمة للصيغة المؤكد لهذا التميز. والقالب ُ
ومفردات السيرة التي استند إليها الكاتب (محمد أبو العال السالموني) في هذا النص ما يلي: -1امتزاج الشعر بالنثر -2التداخل مابين الواقعي والخيالي -3البطولة الممتزجة بالحس اإلنساني. -4بساطة الطرح وبساطة األسلوب ،ألن السيرة تُروي علي الناس جميعا ،وليس لطائفة بعينها. -5األحداث تدور حول شخص محوري ،يعكس صورة البطولة الفردية كما رأينا في سير (أبو زيد الهاللي – عنترة بن شداد -سيف بن ذي يزن -الزير سالم – األميرة ذات الهمة – أدهم الشرقاوي – يس وبهية – حسن ونعيمة). ويمثلها هنا (الغريب) بوصفه -6االحتفاء بالعادات والتقاليد وبالنماذج الشعبيةُ ، نموذجا للجندي المصري الذي قاتل وكافح ،وأصيب ،وحين عاد إلي جماعته ،لم يستطع التواؤم معهم ،فيفقد إنسانيته ،ويشعر بالغربة. المتعلقة بالقالب -فضال عن استخدامه لبعض الظواهر كل هذه المفردات ُ الشعبية ،المتمثلة في (المداحين – حلقات الذكر – جوقة الزار – الحكايات الشعبية) -ساعدت النص ليكون بالفعل -نصا شعبيا -بصرف النظر عن :هل يشبه السيرة الشعبية ،أو ال يشبهها ،لماذا ؟ -ألن الراوي هنا لم يقم بنفس الوظيفة التي قام بها أثناء رواية السيرة ،ألن المعتاد روايتها بشكل حيادي تماما، باعتبارها أحداثا تمت في الماضي ،وهي تنتقل -بهم -من جيل إلي جيل، أبو العال السالموين
69 68
ومن راوي إلي راوي آخر ،لكنه هنا في المسرحية شخصية من شخوصها، ال يروي بنفس الطريقة التقليدية ،لكنه يشارك البطل مأساته وهمومه ،ولذلك فان هذا العنصر – في اعتقادي – يجعلها سيرة غير مكتملة من ناحية الشكل، أما فيما يتعلق بالمضمون ،فان الكاتب قد نجح في تقديم موضوع يطرح مضمونا يتوافق مع موضوعات السيرة ومضمونها ،بالطريقة التي وضحتُها حين تعرضت لموضوع المسرحية. حلم ليلة حرب
()41
هذه المسرحية هي أول مسرحية كتبها (محمد أبو العال السالموني) في عام 1963استلهاما من التراث الشعبي ،بما يعني اهتمامه المبكر بالبحث عن صيغة للمسرح الشعبي ،وسط الدعوات التي دعي إليها كل من (يوسف إدريس) و(توفيق الحكيم) للبحث عن قالب مختلف عن قالب المسرح الغربي ،والتي طبقها توفيق الحكيم في مسرحيته (يا طالع الشجرة) في عام ،1962وطبقها يوسف إدريس في مسرحية (الفرافير) ..1964 ولو كانت تلك المسرحية قد ُنشرت وقتها ،لكان لها شأنا آخر ..كتبها بعنوان (حكاية ليلة القدر) ثم غير عنوانها ليصبح (حلم ليلة حرب) وال أعلم السبب الذي جعل المؤلف ُيغير أسمها ،برغم أن داللة االسم األول أعمق ،ويتوافق مع الحس الشعبي الذي تسعي المسرحية لتحقيقه ..وذلك ألن الحكاية الشعبية
زمنها التي استحضرها الكاتب وقام بمسرحتها ـ أو بمعالجتها مسرحيا -ارتبط ُ بالعشر األواخر من رمضان ،وحدثها الرئيسي يتم في ليلة القدر تحديدا ،ولذلك فان الحكاية ُعرفت في التراث باسم (حكاية بغلة العشر) ..ومؤداها أن (بغلة كانت تظهر -فيما يقولون -في العشر األولي من المحرم ،وبعضهم يطلقها علي العشر األخير من رمضان ،وتدور في شوارع القاهرة بعد منتصف الليل، وعليها خرج مملوء ذهبا ،وفوق الخرج رأس قتيل ،فمن كان جيد الحظ عثر عليها ،يأخذ ما في الخرج ويملؤه قشر بصل أحمر ،وإذا أسعده الحظ أدخلها إلي بيته ،ربما اعتادت ذلك كل سنة ،وقد تذهب البغلة إلي باب المحظوظ من نفسها وتدقه برأسها ،فيفتحون لها فتدخل وتلقي ما عليها ،وادعي قوم أنهم رأوها، ()42 ولذلك كثير ممن كانوا فقراء اغتنوا بلقياهم (بغلة العشر) وألن الحكاية الشعبية – بشكل عام -تُعد جزءا من الموروث الشعبي للمجتمعات ،ألنها تعبر عن حياتهم االجتماعية ،واإلنسانية والنفسية ،وتعكس طريقة نظرتهم للحياة ،نري أن الذين يقولون أن (العشر) مقصود بها ليلة العاشر من المحرم ،يقولون هذا ألنه التاريخ الذي ُقتل فيه الحسين ،ولذلك فان هؤالء يعتبرون أن رأس القتيل هي رأس الحسين ،والبغلة تجيء في هذا اليوم تحمل خرجين أحدهما فيه رأس الحسين ،واآلخر فيه نقود ذهبية ،ومن يأخذ تلك الرأس وغسلها وطيبها بألوان الطيب ،ومشط شعرها ووضعها كما كانت في الخرج ،وترحم علي صاحبها ،فمن حقه أن يأخذ األموال الذهبية من الخرج الثاني.. أبو العال السالموين
71 70
وبعيدا عن المضمون الديني الذي انطوت عليه الحكاية عند هؤالء، استحضر(السالموني) الحكاية ،مجردة من هذا المضمون ،ألنه ليس غايته أثناء المعالجة ،لكن غايته هي التعبير عن أحالم الثراء التي تراود الفقراء ،هؤالء الذين يسعون لتغيير حياتهم باالرتكان إلي الخرافة ،وعدم االعتراف بالحقيقة، ألن حقيقة واقعهم مؤلمة ،وقاسية وقاهرة. لقد تناولها برؤية فلسفية ،اعتمدت علي فكرة (نسبية الحقيقة) تلك التي سبق (لتوفيق الحكيم) تناولها مسرحيا في مسرحية (أهل الكهف) تأثرا بالكاتب االيطالي (لويجي براندللو) حين كتب مسرحية (هنري الرابع) ..في كل تلك (حلم ليلة حرب) يختلط الواقع بالخيال، المسرحيات – بما في ذلك مسرحية ويختلط الوهم بالحقيقة ،وال نعرف هل ما يحدث من فعل ،هو فعل حقيقي أم وهمي. حلم األسرة الفقيرة – في مسرحية (السالموني) – بالثراء ،كحل للخروج من الفقر والمعاناة التي يعيشها أفرادها شبابا ونساء ورجاال ،جعلهم يتخيلون أن البغلة قد جاءتهم بالفعل ،وبها رأس القتيل ،وبها الكنز أيضا ،وكانت رأس القتيل هي رأس صاحب البيت ،الذي حاول طردهم مرارا بسبب امتناعهم عن دفع األجرة ،لعدم استطاعتهم ،والكنز هو ماله المختزن تحت بالط شقته ،حين يأتيهم االبن أثناء سكره برأس قتيل – أو هكذا كانوا يظنون – يخبرونه بأنه قتل الرجل ،وسرق نقوده ،لكن االبن حين يفيق يكذب ذلك ،وينفي أنه قام بقتل الرجل ،ويحاولون دفعه للتصديق ،وكأنهم اليريدون االعتراف بأن ما رأوه خياال ،وليس واقعا ،حلما وليس حقيقة ..دفعهم إليه الفقر ،ورغبتهم في الثراء،
حتى ولو أتي عن طريق القتل ،وبوسيلة غير مشروعة.. لكنه حين يتذكر ،يذكر لهم أنه كان يحلم ،وأن ما فعله لم يكن سوي حلم سامي :كان حلم غريب ..حلمت أنني خرجت في الشوارع زي التايه ،ما كنش فيه حد ماشي ..وكان فيه غارة ،والطيارات في السما والقنابل بتضرب والدنيا ضلمة ،ضلمة ،وبعدين بصيت لقيت قدامي بغلة ،سودة زي الضلمة تمام ،هي بغلة العشر ،كان لها خرجين ،خرج فيه رأس البني آدم المقطوعة، وخرج فيه الكنز ،فرحت ساعتها ،حسيت أن البغلة دي هي الخالص ،هي المنقذ ،جريت عشان أمسكها ،لقيتها بتجري ،جريت وراها ،قعدت أجري وهي تجري ،أجري وهر تجري ،كان أملي أنني أمسكها لكن لألسف ،فجأة لقيتها اختفت ،فين ما أعرفش. وبسبب سيطرة الحلم عليهم ،ورغبتهم الشديدة في أن يتحول الوهم إلي حقيقة، ذهب أحدهم (شهدي) إلي صاحب البيت وقتله بالفعل ،ليس بقصد سرقته، وليس بقصد قتله ،ولكن ليتأكد من صحة الفعل :هل وقع أم ال ؟ قابله الرجل وظن أنه جاء لسرقته،وأثناء دفاعه عن نفسه ،لف الشاب يديه حول رقبته فخنقه ،وفر هاربا.. الحقيقة الوحيدة هنا ،هي أن الرجل ُقتل بسبب الوهم الذي عاشته تلك األسرة الفقيرة ،وأراد أحد أفرادها الخروج منه بالبحث عن الحقيقة ،فارتكب جريمة أبو العال السالموين
73 72
قتل ،ال عالقة لها ببغلة العشر ،ولكن لها عالقة بذلك الوهم الذي عاشه الجميع فيما عدا (زاهر) خال المتهم البريء الذي يرد علي شقيقته ،حين وجدها ُمصرة علي اتهام ابنها بقتل صاحب البيت قائال: زاهر :كالم فارغ ..كل اللي حصل مجرد وهم ،حلم خرافة ،عشناها، هربنا فيها من قسوة الواقع اللي بنعيش فيه ،عشان مش قادرين نستحمل نقوم نحلم بالخالص ،بالبغلة والكنز حتى أن الدفاع داخل المحكمة أثناء محاكمة القاتل قال: الدفاع :لقد سيطر الوهم علي أذهان جميع أفراد األسرة ،وجعلهم يعيشون في حالة غريبة أشبه ما تكون باألحالم األسطورية ،والدليل علي هذا واضح أمامكم ،هاهو األستاذ عزوز مازال حتى هذه اللحظة يعيش هذا الحلم األسطوري ،ومازالت أسطورة البغلة والكنز تعيش في ذهنه وكأنها عقيدة راسخة ،لذلك فأني أطالب بشهادته. وحين يتم استدعاؤه يقول: عزوز :بغلة العشر يا سيادة القاضي ،أنا شفتها بعنيه دول ،صحيح أنا ما بشوفش لكن شفتها ،أي وهللا ،ومسكتها بأدية دول (مستدركا) معلش يا ست زينب أنا مضطر أتكلم عن سر البغلة ،ويروح الكنز بقي زي مايروح ،أنا وهللا ما أنا زعالن علي حاجة ،إال عشان سي سامي ،ده شاب طيب وابن حالل، ومش وش بهدله أبدا ،أي وهللا كده ياجناب القاضي ،صحيح هو راح جاب
رأس القتيل ،وبعدين جاب الكنز من ُخرج البغلة ،وأنا اللي خدت الكنز معايا في عشة الفراخ...لكن ده مش معناه أنه قتل صاحب البيت ..مش ممكن أبدا.. ()43 أبدا ..أبدا وتنتهي المسرحية باعتراف شهدي القاتل ،بأنه ارتكب جريمته ألنه أراد الخروج من الوهم ،وحين خرج منه ،كانت الحقيقة هي قيامة بعملية القتل. شهدي :ما كنش الزم أنزل وأخرج من الوهم ،ما كنش الزم أنزل أبدا، ومع ذلك يا خال ،كان الزم تحصل جريمة ،ألن الجريمة زي ما بتقول دايما نتيجة أكيدة في مجتمع ظالم ،هو ده كالمك ياخال اللي كنت بسمعه ،واتريق عليه ،لكن دللوقت آمنت به ،وعرفت أن فيه حلم تاني لإلنسان ،حلم أكبر، وأعظم من حلم البغلة والكنز ،الحلم اللي يحقق العدل واألمان لكل الناس ،في كل زمان وفي كل مكان()44 لقد قدم (أبو العال السالموني) حكاية جديدة موازية للحكاية األصلية،تضمنت عناصر التشويق ،والمفاجأة والمبالغة والخيال ،والغرائبية ،صار النص -بتلك المعالجة -حكاية شعبية جديدة تماما ،يمكن أن تُحكي ،ويمكن أن تُروي ،كما تُروي الحكاية األصلية تماما ،لم يعد اجتهاد الكاتب في هذا النص، اجتهادا يتعلق بالقالب المسرحي الشعبي فقط ،بل صار متعلقا بالمضمون أيضا ،وبتضافر العنصرين (الشكل والمضمون) أستطاع أن ُيقدم نصا شعبيا أبو العال السالموين
75 74
ويعد نموذجا – من وجهة نظري – للمسرحية التي تُعبر عن هذا بكل المقاييسُ ، االتجاه ،واعني به اتجاه الكتابة في المسرح الشعبي. الحريق
()45
يستحضر الكاتب في هذه المسرحية طقسا شعبيا ،يمارسه أبناء مدن القناة ودمياط ،في ليلة شم النسيم ،ويتمثل فيما يسمي (حرق اللنبي) ،واللنبي هذا عبارة عن دمية كبيرة مصنوعة من القماش والورق ،ويعود أصلها إلي عام 1917تاريخ الحرب العالمية األولي ،وما تبعها من أحداث في مصر ،حيث حظي الجنرال البريطاني (ادموند أللنبي) بشهرة كبيرة حين استولت بالده - بقيادته -علي أرض فلسطين وسوريا ،بعدها عمل مندوبا ساميا لبريطانيا في مصر ،وكان قاسيا مع المصريين ،وقام باضطهاد أبناء القناة ،حين كان يمنعهم عن مقاومة االحتالل ،فيأمر بحظر التجوال ،والقبض عليهم ،وهنا تفتق خيالهم عن حيلة مؤداها :صناعة ُدمية كبيرة تشبه وجهه ،قاموا بحرقها أمامه ،إعالنا صريحا واحتجاجا علي تصرفاته معهم ،ونتيجة لذلك تم عزله وعاد إلي بالده.. ومنذ ذلك التاريخ ،وأصبحت تلك العادة طقسا تتوارثه األجيال ..هذا الفعل الذي جاء احتجاجا وموقفا سياسيا تجاه األعداء ،تحول إلي ما يشبه الطقس الشعبي، صاحبته أغنية شهيرة ،تحمل سخرية الذعة من هذا الجنرال وزوجته ،وتلك األغنية يعرفها أهل مدن القناة ودمياط ،ويغنونها مع االحتفال -حتى اليوم- وكلماتها تقول :
ياألنبي ..ياأبن ألنبوحة مي قالك ..تتجوز توحة ومراتك حلوة وشرشوحة..الخ، ويتم ترديد كلمات تلك األغنية بطريقة تشبه طريقة الكورال الغنائي الجماعي. هذا الطقس أصبح معادال موضوعيا للتجربة التي أراد (السالموني) معالجتها مسرحيا ،قام بمسرحة الطقس ،وجعله أداة من أدوات مقاومة الظلم االجتماعي الذي تعرض له أبطال المسرحية الذين يمثلون طبقة الفالحين األجراء ،الذين ال يملكون من أمر أنفسهم شيئا ،وصاروا عبيدا يعملون بأمر السيدة األجنبية التي تزوجها الباشا (عثمان بيه) في القصر الخاص بهما ..صارت اللعبة أداة للمقاومة ،وحين أرادت هي تحويلهم إلي أدوات للعبة ،حين طلبت منهم ،تجهيز الساحة أمام قصرها لممارسة الطقس في ليلة االحتفال ،حتى تكون سعيدة، ساخرة منهم ،ومن قريتهم ،وأهلها ،وسر سعادتها يكمن في إحساسها أن الكل أصبح تحت أمرها ،و رهن طاعتها.. هنا يستيقظ ضمير الرجال ،ويجدونها فرصة ،للتخلي عن السحر الذي أصابهم ،وجعلهم عاجزين عن المواجهة ،وتصحيح أوضاعهم ،وعالقتهم بمن يغتصبون حقهم في الحياة.. هنداوي :النهارده اتفك السحر يا زغلول ،اتفك السحر خالص عن عم مسعود ،وعن شبان البلد ،وبنات البلد ،وعن كل الناس........... في المواجهة األخيرة نسمع هنداوي -الذي قاد المقاومة -مخاطبا الباشا أبو العال السالموين
77 76
قائال: أصل البلد ياعثمان بيه ،فيها سحر رابطها ،عمل معمول لها ،وماينفكش العملإال لما نحرق األلنبي ومراته ،مش كده يازغلول أصبح الطقس هنا وسيلة مالئمة ،يستطيعون بها توصيل رسالة واضحة بالكراهية ،مثل تلك الرسالة التي أوصلها األجداد للمحتل األجنبي قديما. فيصنعون دمية كبيرة المرأة ترتدي فستانا سرقوه من حجرة زوجة الباشا، ويسمونها (توحة) تبعا لما جاء في األغنية التي أشرت إليها ،ويصنعون معها دمية أخري تشبه الباشا تماما ،ويسمونها (اللنبي). يقومون بحرق الدميتين ،داخل قصر الباشا ،فأصبح المكان متوهجا بنيران الحريق. نجح الكاتب بالفعل في معالجة ذلك الطقس وتوظيفه ،لتقديم نص شعبي،نجد فيه استحضارا لمظهر من مظاهر تراثنا وهو (خيال الظل) مصورا – من خالله -بعض المواقف التي لم يقدمها عن طريق حوار الممثلين ،لكنه قدمها عن طريق الصورة الظلية التي يصنعها الخيال ،تواجد (خيال الظل) في أكثر من مشهد في المسرحية ،بما يتيح للمخرج ،أن يوظفه تبعا لرؤيته ،وذلك ألن الكاتب أعطاه مساحة للخيال ،ليتصرف تبعا لما يراه ،وتبعا لما تفرضه عليه طبيعة المسرح الشعبي ،الذي يتطلب وعيا مماثال من المخرج الذي يتعامل معه، وتلك نقطة علي جانب كبير من األهمية ،وأعني بها ضرورة أن يملك المخرج رؤية ،ووعيا يماثل رؤية ووعي المؤلف الذي يريد أن ُيقدم مسرحا شعبيا،
فبدون هذا ربما يصبح العرض عرضا عاديا ـ ال نشعر معه بتلك الخصوصية التي يسعي إليها مؤلف المسرح الشعبي. أبو نضارة
()46
قدم المؤلف تلك المسرحية في قالب جديد يعتمد عن فن االرتجال الشعبي (الكوميديا ديالرتي) أو ما يسمي عندنا بالكوميديا الشعبية ،تلك التي كانت المحبظون. الفرق الجوالة تقدمها ،ويقدمها كذلك ُ وذلك النوع من المسرح ُيعد الممثل فيه هو العنصر األساسي بوصفه ُمؤديا يعتمد علي الحركات اإليمائية ،ويملك القدرة علي االرتجال ،وبهما يترك تأثيرا ومضحكا ،ومن الممكن لهذا الممثل أن يستخدم األقنعة التي تشير إلي ضاحكا ُ الشخوص التي يقوم بتشخيصها. وهذا الشكل -بالفعل -هو األنسب لموضوع مسرحية (أبو نضارة) ألن الكاتب ُيعالج فيها موضوعا متعلقا بالظروف التي نشأ فيها مسرح (يعقوب الملقب بأبي نضارة ،وكيف كان يعتمد علي جوقة من الممثلين صنوع) ُ والممثالت ،يقدم بهم ما أسماها باألالعيب المسرحية ،وهي أالعيب تعتمد علي فنون الفرجة الشعبية،وأهمها االرتجال ،والتشخيص. واالرتجال هنا -بوصفه عنصرا من عناصر المسرح الشعبي -جاء موفقا تماما ..لماذا ؟ ألن الكاتب (محمد أبو العال السالموني) أراد وهو أبو العال السالموين
79 78
ُيقدم شخصيته الرئيسة (أبو نضارة) أن ُيلقي الضوء -بالحوار -علي دور المسرح ،ووظيفته ،في ظل واقع لم يكن يعرف من المسرح إال الفارس، والكوميديا الخفيفة ،وحكايات الحب والغرام ،التي كانت تُقدم بشكل ساخر ،وفي ظل سلطة سياسية متمثلة في (الخديوي إسماعيل) الذي قاوم محاوالت يعقوب حين أراد أن يطور من وظيفة المسرح ،ودوره في المجتمع -كما يشير النص أقول إن عنصر االرتجال جاء موفقا ومناسبا ،ألنه يتيح ،ولقد أتاح بالفعلالفرصة لتتحقق فكرة (المسرح داخل المسرح) وهو المسرح الذي يجعل من الهم المسرحي موضوعا له ،وتصبح قضية المسرح ودوره وكل ما يتعلق به مادة لالرتجال والحوار التلقائي ،وكل هذا تحقق في هذا النص. وأري أن المؤلف حين أستحضر شخصية (يعقوب صنوع) هنا ،أراد من خاللها أن يؤكد ليس فقط علي مسألة الريادة التي ارتبطت به ،ولكن ليبين كيف أن السلطة الغاشمة تكره المسرح ،وتقاومه ،وتطارد رجاله ،لو أرادا التعبير عن الواقع السياسي ،وذلك ألن المسرح ُيعد فنا ثوريا وله دور بالغ من هذه ال زاوية. ومن المعروف أن(يعقوب صنوع) ُيعد واحدا من ثالثة رواد للمسرح العربي الحديث :مارون النقاش – أحمد أبو خليل القباني ،وهؤالء الرواد لم يدر في ذهنهم الخروج عن مفهوم المسرح التقليدي في أوربا ،ولذلك فان المسرح (الذي تمت والدته علي أيديهم ،كان مسرحا مستوردا منذ البداية ،وان الضغوط التي أدت إلي والدته هي أوال :شعور هؤالء الرواد بشيء من العار ،إذ
وجدوا المسرح في أوربا زاهيا ،ومزدهرا ،بينما أمتهم العربية ال تعرف عنه شيئا ،إال ما تراه القلة من خاصة المثقفين ،قادما مع الفرق األجنبية ،ثم حماس هؤالء الرواد الشديد الستقدام هذا الفن الباهر ،واستنباته في التربة العربية، ()47 رفعا لألمة ،وتهذيبا لها وإمتاعا) وبعيدا عن الغموض الذي أحاط بشخصية (يعقوب صنوع) فيما يتعلقبريادته ،أو بدوره المسرحي ،أو بحقيقة عالقته مع (الخديوي إسماعيل) أو األمير (حليم) أحد أمراء العائلة الخديوية ،والذي حرمه إسماعيل من الحكم، وكان علي خالف وعداء دائم معه ،ومدي عالقة (صنوع) بالثورة العرابية، وبزعيمها (أحمد عرابي).. بعيدا عن كل هذا الجدل الذي أثاره البعض ،نتيجة الشكوك والغموض الذي أحاطه ،أقول :إن الكاتب أستحضره هنا كشخصية محبة للمسرح ،مؤمنا بدوره ،ورسالته ،لديه القدرة علي المواجهة ،حتى وان دفع ثمن ذلك ،النفي خارج البالد ،والنفي أشد عقوبة ،من إغالق مسرحه ،وطرد جوقته ،وتشريد أفرادها ،لقد أراده (السالموني) رمزا ،فكان رمزا ،وأراده ،مقاوما فكان مقاوما، وأراده صاحب رسالة ،فكان صاحب رسالة ،وأري أنه – كمؤلف -لم تهمه الشخصية الواقعية ،بقدر ما كان يهمه توظيفها لتوصيل رسالة ،تتوافق مع رسالة الرجل التي كان يريد تأديتها في عام 1870وقبل أن يكون لدينا مسرحا مصريا له طبيعة وخصوصية ،لقد تخيل دورا آخر للشخصية ،ووضعها في خضم الصراع علي كافة المستويات :الشخصية ،والعامة ،الشخصية المتمثلة أبو العال السالموين
81 80
في معاناته ،ودفعه ثمن تلك المعاناة ،والعامة ،حين ،ارتبط بالحركة الوطنية، التي َّ مثلها في ذلك الوقت كل من :جمال الدين األفغاني – ومحمد عبده ،وعلي مبارك ،وعبد هللا النديم ،تلك الشخصيات التي استدعاها – أيضا – المؤلف في هذا النص ،ليوضح طبيعة العالقة ،وموقف كل هؤالء من السلطة المتمثلة في (الخديوي إسماعيل) الذي لم يتورع ،في بيع مصر ،بالديون الكثيرة التي وضعته في مأزق عدم القدرة علي السداد ،فأضطر ـ للموافقة ،علي ما يشبه وضع مصر تحت الحماية األجنبية ،حتى تقوم بتسديد الدين !! وأري أنه ليس مهما أن يكون كل الكالم الذي جاء علي لسان شخصية أبو نضارة هنا ،قد حدث في الواقع ،تفصيال ،صحيح أن المسرحية تعتمد في جزء منها علي التسجيلية ،لكنها في نفس الوقت ،ليست عمال تسجيليا خالصا، بل هي عمل فني ،يخضع لشروط الفن ـ الذي يتطلب من الكاتب ،وعيا جديدا ورؤية ،تساعدانه علي تقديم شخصية ثرية ،هي في النهاية شخصية مسرحية. من هنا يصبح ذلك الخطاب المباشر الموجه من (يعقوب صنوع) للخديوي إسماعيل مبررا فنيا ،ومتسقا مع طبيعة المعالجة ،يقول علي سبيل المثال: كل ده من غير حرية الكلمة الشيء ..الشعب اللي يقدر يقول كلمتهالحرة من فوق خشبة المسرح ،معناه أنه شعب متحضر ،هو ده المقياس ،إنما الكلمة المخنوقة فوق المسرح معناه أن الشعب مخنوق ،ممسوك من زمارة رقبته ،ومش قادر ينطق أو حتى يتنفس ،يبقي إيه يكون الزمة اللي أنت عملته، والشعب أخرس مش عارف ينطق كلمة من فوق خشبة المسرح .كل اللي أنت
عملته ياجناب الخديو محصلته النهائية الشيء ،مجرد ديكور في مسرحية ()48 هزلية ،بيشخص فيها حاكم معتوه وفي نفس إطار المواجهة ،يواجه ناظر المعارف (علي باشا مبارك(الذي كان يري أن المسرح ال ُيعد فنا محترما. وسخر من يعقوب صنوع ،حين نعته ب (أراجوز مصر) ! أبو نضارة :ال مؤاخذة يا باشا ..جنابك تقصد هجاء وال مديح ؟ علي باشا :أظنك أقدر علي فهم المقصود يا أستاذ ،خصوصا وانك شاعر مثقف ومدرس قدير في مدرسة المهند سخانة أبو نضارة :شوف يا باشا ،إذا كنت بتشبه التياترو اللي أنشأته باألراجوز، فده شرف كبير ألني فعال استفدت من األراجوز في كل المالعيب اللي أنا ألفتها وشخصتها. علي باشا :عظيم ،وأكيد استفدت كمان من فرقة أوالد رابية والمحبظين والخالبيص ،وما إلي ذلك من فن الحرافيش. أبو نضارة :ده بقي أسمه فن الشعب ياباشا ،وده فن محترم. علي باشا :أنت هتعلمني ايه هو الفن المحترم ،واللي مش محترم يا حضرة؟ أبو العال السالموين
83 82
أبو نضارة :العفو ياباشا ..منك نستفيد علي باشا :الزم تفهم كويس يا أستاذ ،إن اللي أنت بتسميه تياترو ده بدعة، ضاللة ،ومفسدة لألخالق ،ومضيعة للوقت ،ورجس من عمل الشيطان ،أيضا تقليد ال يليق بمجتمعاتنا الشرقية المحافظة علي التقاليد والقيم األخالقية ،ثم أن عملك بالتشخيص ال يليق علي اإلطالق ،دي مسخرة ال تليق بكونك مدرسا في مدرسة محترمة ،زي مدرسة المهندسخانة وينتهي هذا الحوار بفصل ورفد (يعقوب صنوع) من عمله بالمدرسة. كيف وظف الكاتب فن االرتجال الشعبي في نصه ،ليقدم نصا شعبيا ؟ اعتمد علي تقنية المسرح داخل المسرح ،وذلك ألن طبيعة فن التشخيصواالرتجال المرتبط به يتيح تلك التقنية ،فهناك حدث رئيسي يتعلق بجوقة فرقة أبو صنوع نفسها ،بأفرادها ،كيف يفكرون ،كيف يتعاملون مع مديرهم، كيف يرون دور المسرح ووظيفته ،العالقات اإلنسانية التي تربط بينهم ،أثناء العمل ،وخارجه ،عالقات الحب التي تجمع بين رجلين داخل الفرقة وفتاتين فيها ،المفارقات التي تحدث ،واألحالم التي تراودهم ،إنه عالم كامل يتعلق بهم، ومن داخل الحدث الرئيسي ،يأتي حدث آخر يمثل المسرحية الثانية التي تلتقي المزمع مع األولي ،في تداخل ،هارموني ،حين يقومون بتشخيص المسرحية ُ تقديمها للجمهور ،وهم يخبرونه بذلك وبشكل صريح ،فيتابع الجمهور الحدثين
معا :الخاص بالفرقة ،علي المستوي الخاص ،والخاص بالمسرحية التي تتحدث عن(يعقوب صنوع) وما جري له ،علي المستوي العام ،وهناك خروج ودخول متزامن بين المسرحيتين،يتيحه االرتجال ،وتتيحه عملية التشخيص ،التي تخبر الجمهور أن ما يتم هو مسرحية ،وتمثيل ،ولذلك يمكن للجمهور – هنا المشاركة ،إن أراد ،فله مساحة يحقق فيها هذا األمر .وتلك المسألة تحسب لمسرح االرتجال ،الذي يدور في إطار من الكوميديا غير المبتذلة ،فهي – هنا- كوميديا الموقف ،والمسرحية المرتجلة ،أو الكوميديا الشعبية ،تحتوي نصا (مكتوبا قابل للتغيير حسب األحوال ،وممثلون يؤدون هذا النص علي الخشبة، وهم مهيئون نفسيا لتقبل أي تغيير طارئ عليه ،وممثل يختبئ مرتين ،يختبئ في المرة األولي وراء كلمات نصه األصلي ،ويختبئ للمرة الثانية في الكواليس ُيلقن الممثلين ردودهم علي هجمات المتفرجين علي النص ،فيجري حين ذاك نوع طريف من التأليف الفوري ،ثم جمهور اليؤمن قط بأن دوره هو مجرد االستمتاع السلبي بما يجري أمامه ،وإنما يري أن دوره هو أن يكون المتفرج ()49 اليقظ الذكي ،الذي يتابع وينقد ويحكم) الكاتب هنا ُيوفر مساحات – في مناطق كثيرة من المسرحية – ليمارس فيها المضحكة ،التي تدخل في إطار تجارب أبو الممثل قدراته التمثيلية االرتجالية ُ نضارة في مسرح الديالرتي ،أو ما كان يسميه (الفودفيل) خاصة في مشهد شرب القهوة الخديوية التي يقال أن بها سما ،وحين أورد مشاهدا من بعض مسرحيات (يعقوب صنوع) مثل مسرحية (غندور مصر) ومسرحية (ليلي) أبو العال السالموين
85 84
و(ملعوب القرداتي) ومحاولته لتقديم بعضا مما جاء في مسرحيته (الوطن والحرية) والتي بسببها أغلق مسرحه ،وطرد خارج البالد.. حين فعل مؤلف النص كل هذا ،جعل نصه ،نصا شعبيا متكامال بعناصر متعددة ،إضافة إلي استدعائه لبعض أزجال (عبد هللا النديم) ومنها زجله الشهير (شرم برم حالي تعبان) وهو حين استحضر مشاهدا من مسرحيات صنوع، َّ وبين -من خالل ما كتبه -طبيعة االرتجال ،الذي يخلط مابين قدمها، الواقعي،والخيالي المتمثل في التشخيص ،أي أن ما يقدم علي خشبة المسرح، ليس حقيقيا بل هو تشخيص ألحداث حدثت من قبل ،وليس اآلن. وحين يتداخل التشخيص مع الحقيقي خارج منطقة التشخيص ،تقع مشادات بين الممثلين ،وتحدث مفارقات ،والتباسات ،تدفع الجمهور إلي الضحك ،كلها عناصر ،تم معالجتها بطريقة واعية ،بطبيعة توظيف فن االرتجال ،وتقديمه في مسرحية ،تعتبر خلقا جديدا لفن أندثر ،ولم نحاول استعادته في نصوصنا، من أجل أن يكون لدينا مسرحا متوافقا وثقافتنا الشعبية ،التي هي ثقافة الشعب، والمسرح أساسا فن جماهيري ،يتوجه إلي الشعب. وكانت آخر كلمات وضعها (السالموني) علي لسان(يعقوب صنوع) هي: ( ....المسرح ده حياة عظيمة ،حياة أعمق وأشمل من حياة اإلنسان نفسه، الممثل فينا بيعيش الحياة بالطول وبالعرض ،بيقول اللي نفسه يحققه ،ويكلم الناس بدون حواجز كأنه عايش في عالم األطياف ،أول اإلنسان ما يحط رجله علي خشبة المسرح ،بيحس بالفعل أنه أعظم مخلوق في الوجود, ،أنه جدير بهذا العالم الجميل ،وساعتها بتتفجر في داخله طاقة جبارة ضد الشر والظلم
والطغيان ،ضد مظاهر العفونة والبشاعة اللي بتشوه جمال العالم ،وعظمة اإلنسان ،المسرح ده هو جنة اإلنسان الوحيدة علي األرض ،المسرح هو ()50 الطهارة والبراءة ،هو عزاء اإلنسان الوحيد في عالم الشر واالستبداد) رواية النديم عن هوجة الزعيم
()51
تُعد تلك المسرحية استكماال ألحداث الفترة التاريخية الالحقة للفترة التي عالجت -بعض أحداثها -مسرحية (أبو نضارة). (أبو نضارة) تعرضت للعالقة المضطربة التي كانت بين (يعقوب صنوع) والخديوي إسماعيل ،و(رواية النديم) تعرضت للعالقة المضطربة التي كانت بين (عرابي) والخديوي توفيق من جهة ،وبينه وبين (عبد هللا النديم) من جهة أخري .وفي كلتاهما يعالج الكاتب فكرة مقاومة االستبداد ،ومواجهة صلف الحاكم وغروره وتهور تصرفاته. وكان من المتوقع أن يكون نزول (إسماعيل) عن عرشه ،إيذانا بزوال أكبر عقبة اعترضت سبل اإلصالح في مصر ،إال أن آثار عهده السيئ(استمرت مدة طويلة بعد اعتزاله الحكم ،وكانت التركة التي تركها ثقيلة األعباء بغير خالف ،فخزانة الدولة مفلسة ،ونظام الجيش مضطرب ،وطبقات المجتمع غير مستقرة من جراء ما يعانيه الفقراء من إرهاق الحكام واألغنياء من تهديد سلب ()52 ما حصلوا عليه من مزايا وحقوق) أبو العال السالموين
87 86
وسط هذه األجواء من عدم االستقرار ،وفي عام 1881ظهر (أحمد عرابي) ليكون زعيما يتحرك باسم الفالحين ،مدافعا عنهم وعن مصالحهم، ودفعهم للثورة علي الطغيان ،ومقاومة االحتالل الذي جاء بزعم الحماية، ولعل مسيرة (عرابي) علي رأس 2500جندي وثمانية عشر مدفعا إلي ميدان عابدين ،كانت بمثابة إنذار بالثورة ضد الخديوي توفيق ،عارضا مطالب الشعب (عزل الوزارة المستبدة – إقامة مجلس نيابي – إصالح نواحي الجيش وحاالت الجنود) والثورة العرابية -في بدايتها – كانت (تستهدف إنصاف الضباط الوطنيين ،والتوصل إلي حقوق كانوا محرومين منها في الترقي إلي الرتب األعلى ،بينما نعم بها أصحاب الجنسيات األخرى المتحكمة في البالد ،كما كانت صرخة من أجل وضع حد للمعاملة السيئة التي كانوا يلقونها من رؤسائهم األتراك ،والشراكسة في الجيش المصري ،كما هو مفروض ،ثم تطورت لتصبح حركة عامة شاركت فيها فئات األمة للتخلص من الحكم االستبدادي بالنسبة لهم ،والضعيف في نظر الدول األوربية ،والتي أحس الوطنيون أنهم يعدون مصر لتكون أكلتهم التي علي وشك أن يلتهموها ،وكسبت الحركة هذه الجولة في شكل تحقيق مطالب الضباط فنالوا حقوقهم في الترقي ،وزالت عنهم القيادة غير المرغوبة ،كما تقرر النظام الدستوري ،وتشكيل مجلس نيابي جديد تمثلت فيه األمة – ولو بشكل مبدئي -ولكنها كانت ُخطوة علي طريق الكفاح ()53 من اجل الحرية الكاملة)
كل هذه األحداث ،استحضرها الكاتب (محمد أبو العال السالموني) وعالجها باستخدام حيل وأالعيب المسرح الشعبي ،المتمثلة في التشخيص ،وخيال الظل، والمسرح داخل المسرح ،قدمها وكأنها لعبة شعبية تقدم أبطال ملحمة المقاومة، ومشخصا لشخصية حين استحضر -أيضا -عبد هللا النديم ليجعله متحدثاُ ، أحمد عرابي في المسرحية ،عرابي ،كان منفيا خارج البالد ،ولم يكن موجودا وجودا حتميا في النص ،وعبد هللا النديم (خطيب الثورة) كان مطاردا ،ومطلوبا حيا أو ميتا ،من قبل الخديوي ،واالنجليز ،وظل هاربا لسنوات ،في حماية الفالحين ،حين انتقل من مكان إلي مكان آخر ،كان يسلك سلوكا ،كسلوك األبطال الشعبيين في السير ،فنجده يمارس األالعيب كما مارسها من قبل (علي الزيبق) في سيرته.. هنا في المسرحية أصبح بطال شعبيا بنفس المواصفات التي حددتها السيرة للبطل ،ولم يستطع أعداؤه النيل منه ..هو الذي يروي سيرة عرابي وثورته، وهو الذي يشعل جذوة الحماس في الناس وهو يشخص (عرابي) فأصبح (عرابي بطال) يتحرك ويتكلم بلسان النديم ،وأصبح النديم قادرا علي إشعال الثورة، واستكمال ما بدأه (عرابي) اللعبة التي لجأ إليها الكاتب ،أو قل الحيلة الفنية، جاءت مناسبة تماما ،ومختلفة ،ألنه لم يقدم التاريخ ،أو سيرة عرابي وثورته، ومقاومته ،بطريقة تقليدية ،ربما تجعل المتلقي يمل المتابعة ،ويهرب ..لكنه جعل األحداث في قالب شعبي ،حين وظف (خيال الظل) أيضا ،ليكون وسيلة أبو العال السالموين
89 88
فنية شعبية ،تصور المشاهد علي الشاشة البيضاء ،وكأنها شاشة سينما ،وسحر (خيال الظل) وقدرته علي التجسيد ،وإنتاج الداللة ،عامل من عوامل نجاح النص ،ألنه أصبح – بتلك الصورة – نصا شعبيا ،وليس نصا تاريخيا جامدا. يتخفي (عبد هللا النديم) وخادمه (حسن) في زي المخايلين ،ويقومان بإعداد منصة وستارة مسرح خيال الظل ،ويستخدمان بعض األقنعة والطراطير والطرابيش ،ويعلقانها علي فرع شجرة الجميز بالساحة الواسعة للقرية. والنديم َّ فضل أال يهرب ،لكنه آثر أن يقول كلمته: (الزم أقول اللي في قلبي ،االنجليز والخديوي والباشوات شوهوا عرابي وثورته ،زيفوا كل حاجة في البلد ،خلوا األصالة زيف ،خلوا النور ضلمة، خلوا الحق باطل) آثر أن يقول كلمته (ألنه يعرف حق المعرفة أنه العدو اللدود للخديوي، ولقوة االحتالل ،ولسلطان باشا ،ورياض باشا ،وللسلطان نفسه ،وأن هؤالء جميعا سوف يجتمعون علي االنتقام منه ،وتلفيق التُهم التي تودي به جزاء تشهيره بهم ،وهجومه عليهم ،وسيكون أفظع انتقام ،ولذلك قرر االختفاء أمال في أن يسافر إلي دمياط لينضم إلي قائد حاميتها (عبد العال حلمي) الذي لم يكن بعد قد استسلم،بل أعلن المقاومة ،فان أتستسلم عبد العال حلمي سافر هو إلي ()54 الشام ثم إلي أوربا ليواصل جهاده في سبيل قضية وطنه)
باستخدام التشخيص،واألراجوز،وخيال الظل،أعلن الحقيقة أمام الناس،وأصبحت المسرحية التي جاءت من داخل المسرحية األساسية ،هي حكاية أو رواية النديم عن ماحدث لعرابي وثورته ..وهو حين يحكي الحكاية ُيعلن للعامة أنه سيحكيها في أربع بابات ،في كل بابة حكاية ،وهذا الشكل الذي لجأ إليه (السالموني) جاء ()55 استنادا علي ما كتبه (بن دانيال) في باباته الشهيرة التي استخدم فيها (خيال الظل) واعتمدت علي مقومات استقاها من األدب الشعبي ،حين جاء إلي مصر في العصر المملوكي ،ونقل إليها (خيال الظل) أثناء حكم الظاهر بيبرس (ولم يكن غريبا في النصف األول من القرن السابع الهجري ،أن يتأثر ابن دانيال باألدب الشعبي في مصر ،بعد أن أخذت مقوماته المستمدة من اللغة العامية في التبلور ،وتكوين الشخصية الذاتية التي اكتسبت كثيرا من خصائصها من اللغة الفصحى ،واشتقت روحها من الصميم الشعبي وعراقة مورثاته المزاجية ،وتمايزت بأدواتها المؤدية لبالغتها الناشئة،ولهذا كتب شمس الدين بن دانيال باباته ،بلغة هي مزيج من الفصحى والعامية ،تتولي الفصحى فيها زمام التعبير والقيادة الشكلية ،من سجع وأحكام عامة ،وتُكمل العامية الدائرة بمستحدث األلفاظ ،والمشاعر الشعبية ،والقيم الفنية ()56 الجماهيرية ،بحكم أنها منبع الموضوع ،وخالقة صوره وأحاسيسه) عبد هللا النديم يقوم بتشخيص شخصية (أحمد عرابي) وينجح (حسن) خادمه، والراوي ،ومقدم الشخوص ،ومايسترو اللعبة ،في إقناع بعض الشخصيات والمخايلةُ ،يقنعهم بالمشاركة في الهامة من الذين حضروا لرؤية االحتفالُ ، أبو العال السالموين
91 90
المتعلقة بعالقة (عرابي) بالخديوي توفيق ،ومن هؤالء الذين تشخيص األحداث ُ شاركوا في التشخيص :المأمور الذي شخص (المستشار االنجليزي) والعمدة شخص (رياض باشا) والدرمللي الذي شخص(شريف باشا رئيس الوزراء) وسلماني الذي شخص (سلطان باشا) واألغا الذي شخص (الخديوي توفيق) باإلضافة إلي مشاركة الفالحين ،بالتدخل والمشاركة. إذن اللعبة المسرحية شارك فيها الجميع ،لنعرف ما حدث من خاللهم، المعالجة ،وهنا ظهر تكنيك وكان الدخول للحدث ،والخروج منه ،هو سمة ُ المسرح داخل المسرح ،كما ظهر من قبل في مسرحية (أبو نظارة). والخروج من حالة التشخيص للحدث الرئيسي ،كان يتم لحظة المشاحنة بين الشخصيتين الرئيسيتين وهما (الشمام األول والشمام الثاني) اللذين يطاردين النديم ،ويحاوالن اإليقاع به للحصول علي مكافأة األلف جنيها ،التي رصدتها السلطات لمن ُيرشد عنه ،يراقبان اللعبة ،ويتمكن أحدهما من اكتشاف شخصية النديم بالفعل ،ولكنه حين ُيبلغ عنه ،ال يتحقق مراده بسبب دهاء النديم ،الذي يراقبهما هو أيضا ،وعلي مستوي الحدثين الواقعي ،والتشخيصي يتم العرض، بمساعدة عنصر (خيال الظل) الذي قام بدور كبير في تجسيد الشخوص علي شاشة العرض ،وتجسيد المشاهد الحركية التي تصور مثال :مذبحة اإلسكندرية التي نفذها الخديوي لتوريط (عرابي) ومحاصرته ،ليثبت فشله في المحافظة علي أمن البالد ،ومشاهد األسطول البريطاني وهو يقذف مدينة اإلسكندرية،
والمشاهد التي ُتبين تضحيات الشعب ،ومشاهد احتفاالت الشعب بعد هزيمة الجيش البريطاني ..وهكذا ُيصبح خيال الظل -هنا -بديال للصورة السينمائية، والمخايلة لعبة لفضح وتُصبح شاشة العرض هنا ،مجاال لحركة الخيالُ ، وكشف الستار عن األحداث التي تمت من قبل ،ويتم استعادتها بكل تلك األدوات الفنية المشار إليها. في نهاية لعبة التشخيص ينكشف أمر (عبد هللا النديم) بسبب بالغة خطابه، وحماسه ،ووطنيته ،ودفاعه عن عرابي ،ومواجهة من يدعون أنه ُهزم أمام المخلص كشفه أمام الجميع أثناء التشخيص. االنجليز ..أداؤه ُ النديم :هي دي صيحة عرابي ياشراكسة ..ياتراكوة ،يا أجانب ،ياأنجليز ،هي دي الصيحة اللي مش ممكن تموت ،مستحيل صيحة رجال عصر الشهادة والبشارة ،مستحيل أبدا تموت. المأمور :سلم نفسك أحسن لك عبد هللا نديم النديم :شعب مصر الحر مش ممكن يسلم يا انجليز المأمور :ما تحاولش عبد هللا نديم النديم :مهما كان في ايديكوا قوة وبطش برضه شعبنا أكبر. المأمور :ده آخر إنذار عبد هللا نديم النديم :برضه بنقول شعب مصر الحر مش ممكن يسلم يا انجليز المأمور :الزم تعرف عبد هللا نديم ،إن عساكر بريطانيا عظمي حوالين البلد. يخرج النديم من حالة التشخيص تماما ،وتبدأ المواجهة الحقيقية ،حين نراه أبو العال السالموين
93 92
يقول: النديم :ال يا قنصل بريطانيا العظمي ال ..الرواية ما أنتهتش ،إحنا لسه في البداية ،شعبنا له دور معانا في الرواية لسه دوره ما أنتهاش ..الرسل واألنبياء بيموتوا لكن دعوة الحق اللي قالوها بتفضل عايشه في قلوب الشعوب، الحر الفوارس والرجال ..القمة في عصر البطولة والشهادة والعذاب ،صوتهم ُ المعذب باقي حي في كل تاريخ الشعوب زى الوقود ،يشعل النار من جديد ُ جوه النفوس ،يا عرابي يا شهيد ،يا سليل عصر الشهادة ،والطهارة ،والبطولة، والبشارة ،أشعل النار من جديد ،ضد عصر الظلم ،والنار والحديد ،اشعل النار من جديد.
أما بعد: أعيد – اآلن -السؤال الذي سبق أن طرحته في البداية. ومرجعه يعود لما سبق أن تناوله الدكتور(عز الدين إسماعيل) أثناء تناوله لقضية (توظيف التراث في المسرح) خاصة فيما يتعلق بجزئية توظيف الكتاب ،أو عدم نجاحهم في ذلك التوظيف – العناصر الشعبية ،ومدي نجاح ُ مادة وأداة ()57 وهذا الطرح النقدي أراه مهما للغاية حين نتناول أعمال المسرح الشعبي. هل استطاع الكاتب (محمد أبو العال السالموني) أن يستغل منهج األداءفي السير الشعبية -حين كتب نصوصا -تستفيد من عناصرها ،في إضفاء الطابع الشعبي علي قالب مسرحياته؟ وهل استطاع توظيف العناصر الشعبية فيها ؟ أقول :إن الكاتب حين استلهم عناصر الموروث الشعبي ،استطاع إضفاء الطابع الشعبي علي قالبها بالفعل. أوال :فيما يتعلق بمنهج األداء في السير الشعبية نجح في إضفاء الطابع الشعبي في مسرحيات (أبو زيد في بلدنا – تغريبة مصرية – مالعيب عنتر). ثانيا :فيما يتعلق بعناصر الموروث الشعبي التي استطاع بها إضفاء الطابع الشعبي ،نجح في مسرحيات (المليم بأربعة – مولد يا بلد – الحريق – حكاية ليلة حرب – مالعيب عنتر – مآذن المحروسة – رواية النديم عن هوجة الزعيم).
أبو العال السالموين
95 94
الكوميديا المرتجلة في مسرحيتي (مولد يا بلد -أبو نضارة). ألعاب الموالد ،وتوظيف دالال لتها في مسرحيات (المليم بأربعة – مولديابلد -مالعيب عنتر). المحبظون ،وتقنية أو لعبة المسرح داخل المسرح في نصوص (مآذن ُالمحروسة – رواية النديم عن هوجة الزعيم ) وتوظيف خيال الظل والمداحين فيهما. مفردات السيرة الشعبية في مسرحية (تغريبة مصرية). الحكاية الشعبية وتوظيفها في نص (الحريق). لعبة التشخيص في مسرحيات (أبو نضارة – رواية النديم عن هوجة الزعيم– أبو نضارة – مولد يا بلد). الدمية الشعبية في نص(الحريق). ُوحقيقة األمر أن معظم العناصر الشعبية جاءت متداخلة في كل النصوص، لكنني -هنا -أشير فقط إلي ابرز العناصر في النص الواحد. أما فيما يتعلق بالعناصر غير الشعبية ..أتساءل :هل استطاع توظيفها ،أم أنها غابت تماما عن نصوصه ؟ إن العناصر غير الشعبية لم تغب تماما عن مسرحه ،فهي موجودة ،وموظفةفي سياق الحوار ذاته ،فنجد مثال أن الكاتب يستطيع أن يجعل لغة حواره المسرحي متوافقة مع طبيعة العناصر ذاتها ،فحين يظهر البطل بسماته
الشعبية ،يتحول إلي رمز ،أو معادل موضوعي للتجربة الفنية ،فتظهر عليه سمات البطل الشعبي ،وليس البطل التقليدي ،وتلعب اللغة لعبتها في ذلك، حيث نجدها لغة وجدانية ،تأخذ من الشعر إيقاعه وموسيقاه ،وان لم تكن شعرا خالصا ،ليتضافر هذا مع طبيعة الحوار الدرامي ،الذي ُيعد عنصرا من العناصر غير الشعبية ..ويقدم نسيجا دراميا له إيقاعه الخاص ومالمحه. وفي هذا اإلطار – أيضا -نراه يستطيع الجمع بين العامية والفصحى ،في لغة الحوار بشكلها التقليدي ،كما حدث مثال في مسرحية (رواية النديم عن هوجة الزعيم) ومسرحية (أبو نضارة). ونري الحوار ساخرا ،أو فكاهيا ،أو يعكس هزال ،حين يجيء علي لسان الشخوص ،لحظة تعبيرها عن نفسها في موقف ما ،كما اتضح ذلك في (المحبظين) أو (المخايلين) حوار النصوص التي اعتمدت علي عناصر ُ : أو(المشخصاتية) أو من يعملون في مهن المولد.
أبو العال السالموين
97 96
المحور الثاني مــــقــــاومــــة اإلرهـــــــاب
اختار الكاتب (محمد أبو العال السالموني) الطريق الصعب ،حين اقتحم المحرمة ،التي تعكس الفكر المتطرف ،واإلرهاب الذي عالم التابو والمناطق ُ يمارسه البعض باسم الدين ،هذا (الذي كان سبب تخلفنا القرون السابقة ،وسيظل سبب كبواتنا في القرون الالحقة إن لم يستأصل من جذوره فكرا وفعال) ،فكتب عددا من المسرحيات التي تناولت هذه القضية ،واستقي بعض موضوعاتها من التاريخ ،والبعض اآلخر من الواقع الحالي،موضحا -بالمعالجة الفنية -أن الفكر المتطرف يتخذ من الدين ستارا لتحقيق مآربه ،وأن أصحابه وظفوا الدين في السياسة ،وخلطوا األوراق ،ومارسوا كل ألوان العنف واالستبداد واإلرهاب للوصول إلي غايتهم. في هذا اإلطار الشائك ،كتب نصوص (السحرة -1975المليم بأربعة -1988 أمير الحشاشين -1993ديوان البقر -1994الحادثة التي جرت في شهر سبتمبر -2002رسائل الشيطان -2017جهاد الفواحش في زمن الدواعش –2018القتل في جنين .)2002 وهذا العدد من النصوص ليس هينا ،خاصة حين يكتبها كاتب واحد ،في الوقت الذي لم يهتم فيه كثير من كتاب المسرح ،بمعالجة الموضوع فنيا، مواجهة منهم لتلك الظاهرة التي باتت تُهدد حياتنا ،وتتطلب مواجهة حاسمة، يكون اإلبداع فيها أداة قوية للمقاومة ،ألن األمر يتعلق بتنمية وعي الناس ليستطيعوا المواجهة ،وحتى ال ينجرفوا نحو تصديق ادعاءات المتطرفين، خاصة حين يتخذون الدين أداة للتأثير ،وستارا للفعل. أبو العال السالموين
99 98
وقبل أن أتناول تلك النصوص بالبحث والدرس ،أود توضيح بعض النقاط المتعلقة بها: أوالُ :نالحظ اهتمام الكاتب (محمد أبو العال السالموني) بهذا الموضوع منذ سنوات طويلة ،ليس فقط ،حين كتب نصه األول في هذا اإلطار ،وهو نص السحرة (الذي أعده عن نص ساحرات سالم للكاتب األمريكي أرثر ميللر) في عام 1975ولكن في نصوص أخري لم يكن موضوعها الرئيسي هو التطرف واإلرهاب .صحيح أنها مجرد إشارات ،لكنها كشفت عن اهتمامه بهذا الموضوع،الذي أصبح شغله الشاغل ،ومشروعه التنويري ،الذي استكمله المشار إليها. في النصوص ُ وتلك اإلشارات وردت في نصوص (مآذن المحروسة -1982مولد يا بلد -1991تغريبة مصرية .)1992 في مآذن المحروسة :تناول موقف نابليون حين أعلن إسالمه هو وبعضجنوده أثناء الحملة الفرنسية علي مصر ،محاوال استخدام الدين لنيل ثقة المصريين ،ورجال الدين ،ليستمر تواجده في مصر. أحمد :أنت عارف انه ُيعلن إسالمه هو وجنوده ده معناته ايه ..معناته أنه ناوي يغزونا من الداخل ،بعد ما فشل بغزونا من الخارج. ويواصل قائال :هيه دي المشكلة العويصة ،كل حاكم ظالم عايز يضمن استمرار حكمه ،كان دايما يتمسح باسم الدين ،المماليك حكمونا ظلم باسم الدين، وباسم الدفاع عن الدين ،والعثمانيين كتموا علي أنفاسنا مئات السنين بحجة
أن السلطان العثماني ظل هللا في أرض المسلمين ،ودي الوقت ساري عسكر ماعندوش مانع يلعب نفس اللعبة ..يعلن إسالمه هو وجنوده عشان يضمن والء المسلمين ،وهي دي الخطورة في األمر ،خطورة استخدام الدين في السياسة، ()1 خطورة خلط األوراق بين الدين والدولة وعندما يتمادي نابليون في األمرُ ،مستخدما ورقة الدين ،يطلب من علماء األزهر إصدار فتوى تؤيد وجود حملته في مصر ،وتدعو لطاعته ،والحكم علي من يخرج عليه بالكفر والعصيان .مذكرا إياهم بأن كهنة آمون أعطوا الفتوى لألسكندر األكبر من قبل (فلسوف تقومون بنفس الدور السابق ،أعني ما صنع الكهنة لألسكندر في معبد آمون) وهنا يرد عليه واحد من مجاوري األزهر قائال :كال يا ساري عسكر نابليون ..كال لسنا كهانا لنتاجر بالدنيا والدين ..وإذا كنا سالمناك ،وأسلمناك األمر فذاك إلي حين ،حتى يقضي هللا قضاء يعلمه كيف يكون. هنا يؤكد المؤلف علي محاولة استناد نابليون إلي الدين إلحكام السيطرة علي المصريين ،والحصول علي طاعتهم ،ليس هذا فقط ،بل واتهام من يخرج عن طاعته بالكفر والعصيان. وفي مسرحية (مولد يابلد) يشير إلي موقف جماعات التطرف الديني منممارسة شعائر واحتفاالت مولد (أبو المعاطي) الذي كان ُيقام في دمياط في شهر ابريل من كل عام ،وكيف استطاعوا إجبار محافظ دمياط -وقتها- أبو العال السالموين
101 100
بحرمانية االحتفال به ،فأصدر قرار المنع الذي مازال ساريا حتى اآلن ،برغم أن الموالد لم يتم منعها في أي مكان آخر داخل مصر ،وهذا يكشف سطوة تلك الجماعات في تلك المحافظة. ولهذا السبب ونتيجة لالستجابة لطلبات الجماعات ،نجد المؤلف -وبشكل ساخر – ينتقد تلك االستجابة ،ألنها ستكون البداية للقضاء علي الثقافة ذاتها، وإلغاء كل ما يتعلق بها. مسعود :وبيقولك بدل ما يسموه قصر الثقافة ،حا يسموه كوم الثقافة مسعد :يا جدع ما تقولش الكالم ده أمال مسعود :أنت مش مصدق ..أصل الموج عالي قوي اليومين دول ،وعشان كده لغوا المولد ،ومش كده وبس ،وبيقولك حايلغوا المسرح والسيمة والتلفزيون والراديو ،أصل بيقولك ده بدعة من بدع أهل أوربا الكفرة مسعد :علي كده حايلغوا كل حاجة ،ماهي كل حاجة جاية من أوربا مسعود :أنت بتقول فيها ،ماهو بيقولك حايلغوا كل حاجة ،التلفزيون واألتوبيسات والقطورات والمكن والطيارات والدبابات ،وبيقولك حانرجع تاني زي زمان، نركب الحمير والجمال ،ونحارب بالسيوف والسهام ،ونسكن الكهوف والخيام، ()2 ونرعى األغنام وفي مسرحية (تغريبة مصرية) التي عالج فيها موضوع :إنسان ما بعد حرب أكتوبر ،وكيف أن االنفتاحيين هم الذي حصدوا نتائج االنتصار ،وتسببوا في
إهدار حق المقاتلين من أبناء الفقراء ،ليعيشوا عيشا كريما في وطن بات غريبا عنهم ،و(الغريب) في المسرحية ،عاد بعد الحرب فاقدا للذاكرة ،وال يعرف من هو ،وفي رحلة البحث عن الذات ،يكتشف أن أشياء كثيرة قد ُفُقدت ،وضاعت، وعليه أن يستعد لمواجهة حرب جديدة ،لكنها -هذه المرة -ستكون مع أعداء الداخل ،ويكتشف أن زميال له كان جنديا شارك -معه -في حرب تحرير األرض -اسمه عطوة -تم تجنيده -بعد سنوات من خروجه ُ -ليجاهد في أفغانستان ،ألن هناك من أقنعوه أنها أرض الجهاد ،وما هي إال أرض تصدير اإلرهابيين الذين ينطلقون بأوامر أمرائهم ،وباسم الدين. وحين يراه (غريب) بطل المسرحية ،مرتديا رداءا غريبا يسأله: غريب :إيه بقي اللبس الغريب اللي أنت البسه ..مش ده لبس الفالحين! عطوة :هو ده لبس الجهاد غريب :الجهاد ؟ شيء غريب سليم :موش غريب ..ما غريب إال الشيطان ..أصله مش فاهم يا عطوة ..فهمه يطلع معاك ألجل ما يحارب هناك. غريب :لسه حانحارب كمان؟ ضاحي :أيوه طبعا ..الجهاد واجب وفرض ،وهو ده لبس الجهاد ..قول يا عطوة ..فهمه معني الجهاد. هنا نري (ضاحي وسليم) من عناصر تجنيد الشباب ،وإرسالهم إلي أرض أفغانستان ،ليحاربوا باسم الجهاد ،والدفاع عن اإلسالم ،هؤالء هم تجار العقيدة والجهاد. أبو العال السالموين
103 102
وعندما يتساءل (الغريب) من هؤالء ؟؟ يجيبه المدرس المستنير: المدرس :أنا أقولك همه مين ..الجماعة ..اللي بيتاجروا بشبابنا تحت رايات العقيدة والجهاد ،اللي دايما يلعبوا اللعبة الخطيرة ،لعبة الدين والسياسة، والسيوف جنب المصاحف ،حتى خلوا تاريخنا كله فتنة كبري ،قتل سفك بدم بارد واغتيال ،والنهاردة بيلعبوها مرة تانية ..والشعار نفس الشعار ،ألجل يتورط شبابنا ويبقوا لعبة بين أيديهم ،يصنعوا منهم قنابل تنفجر أو تنتحر، ويحولوا األرض الخراب هيه دي السكة ياعطوة ،ناوي ترجع وال ناوي تستمر ()3 في سكة األرض الخراب ؟ وتُصبح عبارة المدرس ذات داللة واضحة صريحة ،وهو يوجهها لعطوة ()4 (قوم ياعطوة اخلع هدوم العنف والمتطرفين) تلك اإلشارات الثالث التي وردت في النصوص المشار إليها ،تؤكد أن قضيةالتطرف الديني ،واإلرهاب باسم الدين ،وممارسة سياسة خلط األوراق ،حين يلعب البعض لعبة الدين والسياسة ..قضية ُتلح علي كاتبنا إلحاحا كبيرا ،وحين يستحضرها ،يضعها في موضعها الصحيح داخل النصوص المسرحية. ثانيا :كيف بدأت ُلعبة خلط األوراق ،ولعبة اإلرهاب والقتل باسم الدين؟؟ الكبرى في عام 35ه ،حين ُقتل (عثمان بن عفان) بدأت مع اندالع الفتنة ُ الحروب األهلية في الدولة اإلسالمية ،وكلها تقوم علي خالفات سياسية.. وشاعت وقتها قصة (قميص عثمان) -التي استمرت من يومها حتى يومنا هذا-
وهو القميص الذي كان يرتديه (عثمان) ُملطخا بدمائه لحظة مقتله ،ووقتها قامت مجموعة من (الخوارج) بتعليقه علي منبر المسجد الجامع بدمشق كيدا (لعلي بن أبي طالب) الذي آلت إليه الخالفة بدعوي الثأر لمقتل (عثمان) ومنذ تلك اللحظة بدأ توظيف الدين في السياسة. فقام الخوارج باالنحياز لمعاوية بن أمية ،وادعوا بأنه أحق بالخالفة من (علي) ولقي هذا األمر هوي من (معاوية) فلم يقم بمبايعة (علي) بحجة ضرورة القصاص أوال :لمقتل (عثمان بن عفان). هنا قامت معركة بين أنصار (معاوية) وأنصار (علي) وعندما خاف (معاوية) من الهزيمة ،لجأ إلي التحكيم ،برفع المصاحف علي أسنة الرماح، تحت ضغط أنصاره والخوارج ..وهنا استجاب (علي) حقنا للدماء.. نتيجة لذلك انقلب الخوارج علي (علي) بسبب قبوله التحكيم ،واتهموه باالبتداع ،وعندما حاول استئناف قتال جيش (معاوية) اتهموه -ثانية -بأنه لم يغضب هلل ،وإنما غضب لنفسه ،ورموه بالكفر وطالبوه بالتوبة والرجوع إلي اإلسالم !! وهنا قالوا مقولتهم الشهيرة (ال حكم إال هلل) ،بعدها قاتلهم (علي) حتى قضي عليهم. استمر النزاع السياسي علي السلطة ،حتى مقتل (علي) في عام 40ه وتمتأبو العال السالموين
105 104
مبايعة ابنه (الحسن) الذي تنازل طواعية لمعاوية بعد ستة شهور حقنا للدماء، وظل (معاوية) حتى عام 60ه وورث بعده ابنه (يزيد) لتتحول الخالفة بعدهما إلي بيعة وشوري. الحكم بين يزيد والحسينُ ،قتل الحسين ،وسيطر وبسبب النزاع علي ُ األمويون علي الخالفة ..في وسط تلك األجواء ظهرت فرق جديدة للخوارج، استحلت الدماء ،واألعراض ،وأموال المسلمين بعد تسييس الدين ،واالنحراف به في صراعها علي السلطة ،وتلك الفرق الجديدة ظهرت بأسماء (القرامطة – المعتزلة – األزارقة – النجدات – األباضية – الصفرية – الشيبية – األشاعرة – الحشاشين) وكلها تؤمن بالعمل السري ،وترفع السالح ،وتمارس العنف واإلرهاب ،واالغتياالت ،ولقد أحدثت – بوجودها وبممارساتها – شرخا سياسيا في بناء الدولة اإلسالمية ،ظل قائما حتى اليوم ،وكأن التاريخ ُيعيد نفسه من جديد ،وتظهر فرق جديدة ،تُمارس نفس اللعبة ،وتقوم بنفس الدور ،وتخلط األوراق ،وتلعب لعبة الدين والسياسية ،مثل (جماعة اإلخوان المسلمين - التكفير والهجرة ( -)5الجهاد -الجماعة اإلسالمية ( –)6القاعدة – داعش). ثالثا:كيف ُيعالج الكاتب -أي كاتب -موضوع التطرف الديني واإلرهاب باسم الدين ،هل يتناول الفكر ؟أم يتناول الفعل ؟ المتطرف ،أجدي كثيرا من معالجة الفعل ،ألن أري أن معالجة الفكر ُ الفعل هو نتيجة طبيعية للفكر الذي أدي إليه ،ولكي نستطيع منع الفعل ،فال بد أن نتعرف أوال علي الفكر ،لكي نواجهه مواجهة حقيقية ،ليس بالدخول في
حوار مع عناصر الجماعات المتطرفة – كما حدث علي أرض الواقع بالفعل – ولكن بمواجهة األسباب ،وتعديل المناخ الذي يسمح لهؤالء بالتواجد بين الناس، والتأثير علي بعضهم من أجل تحقيق األهداف. هؤالء الذين يوظفون الدين في السياسة ،يعلمون أن الدين هو الورقة الرابحةللتأثير ،بسبب تدين شعبنا -بطبعه -لكن سياسة خلط األوراق والخداع ربما تغيب عن أذهان الناس ،ولذلك ينبغي العمل علي فصل الدين عن الدولة. وأعضاء الجماعات المتطرفة ،عندما يرون المنادين بالدولة المدنية ،أو العلمانية ،أو الليبرالية ،يتهمونهم -فورا -بالكفر والخروج علي الدين، ويحلون دمهم !! ويمارسون أساليب العنف بكل األدوات ،ليس فقط عنفا فكريا، أو لفظيا ،لكنه العنف الجسدي المتمثل في التصفية ،وإراقة الدماء ،حتى وان كانت دماء األبرياء. علي الجانب اآلخر أود اإلشارة إلي أن األعمال المسرحية التي تعرضالفعل اإلجرامي وتُجسد العنف فوق خشبة المسرح ،ليست هي األعمال التي ندخلها في إطار مواجهة اإلرهاب -فنيا -للسبب الذي ذكرته من قبل. وفي تلك القراءة سأحاول اإلجابة علي السؤال السابق ،لنتبين كيف عالج الكاتب (محمد أبو العال السالموني) تلك القضية ،التي تُعد مشروعا تنويريا، حقيقيا في مسيرته المسرحية.
أبو العال السالموين
107 106
أمير الحشاشين
()7
ُيقدم الكاتب (محمد أبو العال السالموني) مسرحيته (أمير الحشاشين) بعبارة قالها (ابن خلدون) في مقدمته مفادها( :العرب أصعب األمم انقيادا بعضهم وبعد الهمة والمنافسة في الرياسة ،فقلما تجتمع أهواؤهم، لبعض للغلظة واألنفة ُ الملك إال بصبغة دينية من نبوة أو رياسة أو أثر ومن أجل ذلك ال يحصل لهم ُ الجملة). من دين علي ُ و (ابن خلدون) -بتلك المقولة -يضع يده علي (أس الداء في نظام الحكم العربي الذي ال يتم إال بصيغة دينية ،ومن ثم اختلطت أوراق الدين بأوراق السلطة طوال تاريخنا منذ أن رفع األمويون المصاحف علي أسنة الرماح، ُ ورفع الخوارج شعار ال حكم إال هلل).. المقدمة الصريحة الكاشفة ،فهذا معناه أن وحين يبدأ الكاتب مسرحيته بتلك ُ فكرته قد تحددت سلفا ،وقضيته ،قد فرضت نفسها عليه ،حتى قبل أن يكتب، ولذلك فإن الجانب التسجيلي ،الذي يجيء ُمستلهما من التاريخُ ،يصبح هو مادة المسرحية ،وإن َّ تدخل الخيال أثناء المعالجة. ليس من الضروري -فنيا -أن يلتزم الكاتب باألحداث التاريخية حرفيا ،ألنه ال يعالج التاريخ كمنهج ،بل ُليسقط -من خالله -علي ما يحدث في الواقع المعالجة. اآلني ..وهذا هدف وضرورة تتطلبها ُ
وقد نتساءل :هل كانت هناك عالقة بالفعل بين الشاعر (تميم بن المعز لدين هللا الفاطمي) وراقصة تدعي (برديس) كما ذكر المؤلف في مسرحيته؟ وأن تلك العالقة كانت سببا دفع أبوه(المعز) حاكم مصر في عصر الدولة الفاطمية، عندما فتحها في عام 361ه إلبعاده عن والية العهد ،وجعلها البنه الثاني (عبد هللا) الذي توفي ،فجعلها من بعده لولده (العزيز) ؟؟ الكتب التي تحدثت أطرح هذا السؤال ألنني لم أجد ذكرا لهذه الواقعة في ُ عن (تميم) بل وليست هناك قصيدة واحدة كتبها عن (برديس) ،أقول هذا مع إيماني بحرية الكاتب في أن يتصرف تبعا لما يراه في ضوء بعض الوقائع التي ذكرها التاريخ.. المراجع حددت أن الشاعر تميم كان يحب المجون واللهو ،ويحب مشاركة المصريين احتفاالتهم ،وينزل إليهم ويعيش بينهم ،ولذلك فإنه من الممكن أن تكون هناك عالقة بينه وبين فتاه من عامة الشعب ،وتكون هذه العالقة من األسباب التي أدت إلي إبعاده عن والية العهد ،هذا باإلضافة إلي أن المراجع، أجمعت علي أن (تميما) اتسمت حياته بالغموض ..وأشارت إلي أن سبب إبعاد (المعز) لولده (تميم) يعود إلي أنه كان يميل إلي أصحاب الوقيعة ،والثورة من أقربائه ،فضال عن أنه لم يتسم بالطهارة كاملة( .فكان علي صلة قوية ببني عمومته من أبناء القائم ،وأبناء المنصور باهلل ،فهؤالء األمراء كانوا بالمهدية، ولم يطمئن الخلفاء إليهم ،بل جعل أمر الرقابة عليهم ،وعلي قصورهم إلي أبو العال السالموين
109 108
األستاذ(جوذر) الذي كان ُمطلعا علي أسرار هذه األسرة ،بل علي أسرار الدولة كلها ،فكان يعلم أمر الخالف الشديد بين أبناء عبيد هللا المهدي ،من ناحية، وأبناء القائم من ناحية أخري ،وأمر الخالف الذي كان بين هؤالء جميعا وبين المنصور وأبنائه ،ولقد أدي هذا بالمنصور إلي أن يصف أبناء عمومته وأقربائه بقوله في رسالة له إلي ولي عهده المعز « واعلم يا بني أن الشجرة الملعونة في القرآن هم بنو أمية باألمس ،وبنو جديك المهدي باهلل والقائم بأمر هللا ،ألن بني أمية إنما استحقوا ذلك لعداوتهم لجدك رسول هللا ووصية علي بن أبي طالب، وكذلك استحق هؤالء ذلك بعداوتهم هلل ،وألولياء هللا ،وجحدهم فضلنا ،وإنكارهم ()8 حقنا ،فاعلم ذلك وتدبره « ولقبهم في رسالة أخري بالحمير والبقر) وأيا كانت األسباب التاريخية ،فالمهم عند الكاتب أن واقعة اإلبعاد تمت تاريخيا بالفعل ،وفي المسرحية ،وظفها لمعالجة قضية اللعب سياسيا تحت شعار الدين ،ألن بعض الفرق السياسية ومنها (فرقة الحشاشين) استغلت واقعة إبعاد (تميم) ونفيه إلي خارج البالد ،إلحداث وقيعة بين الشقيقين ،حتى تستطيع تلك الفرق تحقيق مكاسب سياسية ،للوصول إلي السلطة ،زاعمة أن (تميما)هو اإلمام الحق ،ومن هنا لعبت لعبتها اإلرهابية التي تعتمد علي االغتيال السياسي. المعالجة -إسقاط حدث األمس البعيد علي عالمنا العربي ويريد الكاتب -بتلك ُ واإلسالمي حاليا ،حيث تقوم جماعات (اإلرهاب والهوس الديني بتأكيد العالقة المتقدم منذ قرون، بين الدين والسياسة ،تلك العالقة التي حسمتها أوربا والعالم ُ بالكفر أو الردة ،التي بينما نحن ما زلنا نخشى مجرد مناقشتها حتى ال ُنتهم ُ
أدت -في النهاية -إلي تشويه صورة اإلسالم والمسلمين لدي اآلخرين) النقطة الثانية التي أكد عليها الكاتب هي التشكيك في نسب المعز وأوالده إلي الرسول ،وأن الفاطميين ال أصول لهم ،وهذا األمر كان ُيزعج (المعز لدين هللا الفاطمي) كثيرا،فلعبت فرقة الحشاشين علي هذا الوتر ،لتهديد الحكم. ()9
وعلي الرغم من أنه ليس هناك خالفا علي تسلسل نسب (تميم بن المعز لدين هللا الفاطمي بن المنصور باهلل بن القائم بأمر هللا) إال أن الخالف شديد في نسبة (القائم بأمر هللا) إلي عبيد هللا المهدي مؤسس الدولة الفاطمية ،والخالف أيضا شديد في نسب (عبيد هللا المهدي) ..هذا الخالف يرجع لسببين (األول ما نجده في شعر تميم من إلحاح شديد في االنتساب إلي الرسول الكريم ،والسبب الثاني هو وجود خالف شديد بين أفراد أسرة الخالفة الفاطمية ،مما كان له أثر قوي ()10 في حياة األمير تميم) وهذا الذي تقوله المراجع ُيعارضه ما جاء في المسرحية علي لسان تميمحين واجه أبوه قائال له( :ال احنا من أهل البيت وال كانت أصولنا فاطمية، الحكاية لعبة الحكم الذكية اللي بتغلفها أفكار القداسة ،وفي حقيقتها مطامع ()11 سلطوية) وجاءت العالقة بين الشقيقين (تميم -العزيز) متوافقة مع ما جاء في المراجع ،حيث كانت العالقة بينهما طيبة ،ولم يكن أمر توليه العهد للعزيز تؤرق (تميما) أبدا برغم محاوالت قائد فرقة الحشاشين إلحداث الوقيعة، واستغاللها. أبو العال السالموين
111 110
استبدل الكاتب اسم (حسن الصباح) أمير الحشاشين ،باسم (برهام) في المسرحية ،ليؤكد -بشكل فني -علي أن معالجة الموضوع التاريخي ،أمر ال يهمه ،بقدر ما يهمه توظيف تلك األحداث ،لتوصيل رسالة ،تتوافق مع متغيرات الواقع الحالي. و(برهام) هذا يلعب لعبته ،علي الشقيقين ،وال يهمه من أمرهما شيئا ـ بقدر ما يهمه تحقيق هدف الوصول إلي السلطة ،حتى ولو زرع الفتنة بينهما، واحترقت البالد. ينسج -في البداية -خيوط المؤامرة ،التي لم يتبينها (تميم) بسبب ُحسن النية. وأمير الحشاشين (برهام) -كما قدمه الكاتب في المسرحية ُ -يذكرنا باإلرهابي (شكري مصطفي) أمير جماعة التكفير والهجرة،التي ظهرت في (الشيخ الذهبي) شيخ األزهر ،فضال عن مصر السبعينيات ،وقامت بقتل ()12 اتهامها للمجتمع المصري بالكفر والزندقة يتحدث (برهام) مخاطبا الجماهير قائال: برهام ) :يقف خطيبا) يا إخواني ..حمدا هلل علي أن وفقنا في الهجرة من أرض الكفر وأرض العصيان ،لنكون هنا في أرض الهجرة واإليمان ،الهجرة ياأخوان ،هي أول رحلتنا ،لكن العودة آخرها ،مابين الهجرة والعودة ،سيكون
ونعد العدة والقوة لنواجه من كانوا سببا لدينا الوقت لنشحذ همتنا وعزيمتناُ ، ونطهر أرضا عاثوا فيها فسادا وفسوقا ،ونخلصهم من حكم في هجرتناُ ، الطاغوت الكافر وتراث المجتمع الكافر.........................لكنا يا أخوان كي ننجح في إسقاط المجتمع الكافر ،البد لكل يد فيكم تحمل سيفا ،أن تدرك أن الطاعة ديدنها وبدايتها ونهايتها ،ليحقق غايتها ،والطاعة يا أخوان ،تعني التسليم المطلق ،أعني الطاعة عمياء ،خرساء وبكماء ،فليقسم كل منكم يا أخوان أن ُ ()13 الطاعة عمياء وعلي طول المعالجة الدرامية ،يوضح الكاتب كيف يمارس األمير سطوته علي الجميع ،وكيف يتشدق باإليمان ،ويتكلم باسم اإلسالم ،وباسم الدين ،للدرجة التي أزعجت (العزيز) حين رأي مدي استجابة الناس له ،وتصديقهم لكالمه، ونجاحه في الوقيعة ،وجر البالد نحو القتال ،فحاول إقناع شقيقه باستعادة الحكم، لكن(تميما) رفض ،وتمسك بما أحبه ،وهو الشعر ،وأعلن رفضه للحكم ،ولهذا السبب سيطر (برهام) سيطرة كاملة علي القصر ،برجاله الذين هددوا الناس داخله وخارجه ،وبرهام حين خاطب األمير ،تحدث باسم الشرع والشريعة، طالبا منه أن ُيعلن أن الحكم باطل ،والمجتمع صار جاهليا،وفاجرا ،وكافرا، ورأينا (العزيز) ضعيفا أمام ذلك اإلرهابي ،الذي يستخدم الدين أداة تهديد ووعيد ،فارضا شروطه عليه. برهام :كل أمراء الجماعات اللي نشأت للجهاد ،يحموا األقاليم بأنحاء البالد. أبو العال السالموين
113 112
العزيز :أمركم ..أمراؤكم يحكموا كل البالد. الزوجة (زوجة المعز) :هو ده معقول ،أمراء الحشاشين يحكموا ،ويتحكموا في أمر البالد. برهام :ال مؤاخذة يا أميرة يحكموها بأمر مني الزوجة :بأمر منك ؟ والعزيز موالك!؟ برهام :العزيز مواليا حا ينفذ أوامري.. الزوجة :شيء عظيم ،وأنت صفتك إيه تكون ؟ برهام :اإلمام والفقيه ،وكبير األمراء ،واألمير والوزير ،حامل التشريع وفي ايديا القوامة واإلمامة ،صاحب الفتوى ،وأنا القيم علي أمر الجماعة ،وأنا اآلمر الناهي ،أنا رب الشفاعة ،أنا المسول عن الدولة ،وعن الدين ،والصالة وقت الجماعة ،وأنا الضامن المضمون لتنفيذ الحدود وتطبيق الشريعة ،باستطاعة وفوق حدود االستطاعة. ويبدأ معلنا طلباته ،التي تُوضح مرجعيته الدينية الزائفة ،تلك التي يستند عليها ليقنع الناس بأنه جاء مدافعا عن الدين ،وليس باحثا عن السلطة ،جاء إلعادة المجتمع الكافر إلي صوابه ،بعد أن فقد صوابه في عهد (العزيز) يقول: برهام :أصدر اآلتي ياموالي العزيز ..من أمير األمراء وفقيه الفقهاء ،اإلمام برهام أمير المسلمين الصالحين ،الرجل يخرج بدون لحية حرام ..بدون جالبية بيضة حرام ..ست تخرج دون نقاب حرام ..زينة في األفراح حرام ..التنزه والتمشي علي النيل حرام ..التمتع بالجناين وشم النسيم حرام ،الجلوس علي المقاهي حرام ،أكل الكوسة والكسكسي حرام ..رؤية الحاوي وخيال الظل
حرام ..ألعاب المحبظاتية والتشخيص حرام ..عروسة المولد وحصان المولد حرام ،الربابة والغناء والرقص حرام ..شعر أو شعرا حرام ..طبل زمر ناي حرام ..العالج عند الطبيب حرام،األكل بالشوكة والسكين حرام ..لبس ()14 السراويل والفساتين حرام بينما الحالل الذي يراه هو( :الزواج من أربعة حالل ..اقتناء الجواري والعبيد حالل ؟؟ قتل الكفار وغير المسلمين حالل ،حرق كتب الشعر والمنطق حالل ..شرب ماء البير حالل ..أكل الفول المدمس حالل) وعندما يطلب من األمير وضع توقيعه علي تلك الشروط ،يدخل أخوه (تميم) ليعلن أن الشعب جاهز للمقاومة ،ولن يستسلم للعبة أمير الحشاشين أبدا ،وال لشروطه ،ومحاولة سيطرته علي الحكم ،وتنتصر إرادة الجماهير. التأكيد علي فكرة مقاومة اإلرهاب ،هي الرسالة التي يوجهها هذا النص إلي المتلقي ،بدون تبني تلك الفكرة ،سيستمر اإلرهاب معلنا شروطه ،وإعالء كلمته ،حتى ولو قامت علي باطل. ويوضح الكاتب كيف أن أصحاب هذا الفكر ُيقلقهم من يواجههم بالفكر، ُ ويفضح ممارساتهم وفكرهم ،حين يقومون بطعن (معروف) الذي يمثل الفكر في هذه المسرحية ،ويعتبر معادال موضوعيا لمفهوم االستنارة ،يطعنونه بالخنجر بعد اتهامه بالكفر والردة. أبو العال السالموين
115 114
معروف :نربأ بالدين عن مالعيب الحكام في الحكم برهام :أيوه ..قصدك فصل الدولة عن الدين ،مش ده غرضك يا شيخ معروف؟ معروف :أفهمني يا برهام ..أنا قصدي ما نخلطش أمور الدولة في أمور الدين، خلط األوراق بين األمرين لعبة خطيرة ،بتشوه صورة األتنين ،ودي مأساتنا في كل تاريخنا ،ودي غلطتنا اللي مازالت في مطاردتنا ،من عصر الفتنة الكبرى لحد اآلن ،والخوف يطاردنا ليوم الدين ..غلطة خلط األوراق ،واللبس الحاصل بين الناس وفي أذهانهم ،حتى اختل الميزان ،وظهر حكام أشكال وألوان ،وفرق وشيع وملل ونحل من كل مكان ،وفي كل زمان ،مسكوا ايدينا اللي بتوجعنا واللي تفرقنا وتجمعنا ،والكل رافع راية التحكيم ،ويقول ال حكم بغير الدين، طب مين علي حق ،ومين علي دين ،تعرفوا تقولوا يا مصريين ،ازاي تختاروا ()15 الحكم لمين والحق لمين ،والكل بيرفع قدامكم ألوية الدين موت معروف في هذه المسرحية ال يعني االستسالم ،بل يعني ضرورة المواجهة ،ألن تلك الجماعات تُعيدنا إلي عصر الجاهلية ،وتغيب التفكير، وتنتصر لفعل الطاعة العمياء ،وتنتصر للقيم الرديئة التي تهدم وال تبني مجتمعا، هنا ُيحاكم الكاتب الفكر المتخلف ،الفكر المتطرف ،وينتصر لثقافة التسامح في مواجهة ثقافة التعصب ،تلك الثقافة التي تروج لها جماعات اإلسالم السياسي منذ عصر الفتنة الكبرى حتى اآلن.
ديوان البقر
()16
تأتي مسرحية (ديوان البقر) لتؤكد علي ضرورة مقاومة أفعال التعصب والتطرف باسم الدين ،والتصدي لفكر الكراهية والعنف،والدعوة إلي احترام العقل ،والعلم ،فبهما سنستطيع مواجهة الذين يريدون تعطيل العقل ،ألن العقل وحده قادر علي مواجهة الجهل ،والخرافة ،وإحداث حالة من التنوير ،لن يستطيع أي متطرف أن يلعب لعبته البغيضة في ظلها. المستند إلي مفهوم خاطئ للدين الحنيف، والتصدي للفكر المتعصبُ ، يتطلب – كما ذكرت من قبل – معرفة الفكر الذي تقوم عليه إستراتيجية جماعات التطرف ،وبدون هذه المعرفة لن تُجدي المقاومة ..وهذا ما عالجه الكاتب في تلك المسرحية ،وبشكل واضح تماما كما سنري. استدعي الكاتب حكاية ذكرها (أبو الفرج األصفهاني) في كتابه الشهير (األغاني) وعالجها معالجة جديدة ،قدم من خاللها ،محاكمة فنية لفكر الجماعات المتطرفة ،التي تتحرك وتتحدث باسم الدين ،وبمغالطات ،ينبغي مواجهتها بحسم ،وليس بمواجهات مراوغة يحكمها الضعف ،والخوف. والحكاية مؤداها :أن عثمان الوراق قال :رأيت العتابي يأكل خبزا علي الطريق بباب الشام فقلت له :ويحك ..أما تستحي؟ فقال لي :أرأيت لو كنا في دار فيه بقر كنت تستحي وتحتشم أن تأكل وهي تراك؟ فقلت :ال ...قال فأصبر حتى أعلمك أنهم بقر ..فقام ووعظ وقص ودعا ،حتى كثر الزحام عليه ثم قال لهم :روي لنا غير واحد أنه من بلغ لسانه أرنبة أنفه لم يدخل النار ..فما بقي أبو العال السالموين
117 116
أحد إال وأخرج لسانه يومئ به نحو أرنبة أنفه ،ويقدر حتى يبلغها أم ال ..فلما تفرقوا قال العتابي :ألم أخبرك بأنهم بقر ؟؟ تلك الحكاية التراثية عالجها الكاتبُ ،مسقطا معناها علي ما تفعله جماعات التطرف الديني في واقعنا الحالي ،كاشفا عن فكرها وتفكيرها ،وأساليبها للسيطرة علي الناس وإقناعهم باألفكار المتعارضة مع العقل ،في محاولة منهم لجعل الناس قطعانا من األبقار تتدلي ألسنتها لتلعق أنوفها ،اتقاء لنار جهنم، وعذاب القبر ،بمقوالت ظاهرها الرحمة ،وباطنها العذاب. وقف (حمود بن المودود) -في المسرحية -هو وتابعه (مولود) في تلك المدينة الخيالية ليكمل حكاية األصفهاني ُمخاطبا الناس وكأنه (العتابي) ....( :أنا أدعي حمود بن المودود ،جئت من المشرق ،حيث الشمس المشرقة تضيء، وتمأل عالمنا بالنور وبالجود ،أنا حمود بن المودود ،ونسبي يمتد إلي آدم جد البشرية دون حدود ...هذا هو نسبي المبروك ،والممتد بعيدا ُبعد الشمس عن األرض ،بل ُبعد الطول عن العرض ،فتري ماذا جاء بحمود المبروك بن المودود لبلدتكم ،ومدينتكم بالذات ؟ ماذا يحمل من ُبشري األجداد إلي األحفاد ،أنا يا إخواني أحمل رؤيا تنقذكم من نار جهنم ،وعذاب القبر ..هل تسمعون ..........رؤياي تقول :من أمكنه أن يلعق أرنبة األنف بطرف لسانه، لن يدخل نارا أو يتعذب ،هذا حق يا قوم ،رؤياي أتت عن أكثر من واحد، ()17 وتقول :من أمكنه أن يلعق أرنبة األنف سينجو حتما من نار جهنم)
من هنا بدأت لعبة هذا الدعي ،التي يلعبها باسم الدين ،وهدفه األساسي هو الوصول إلي كرسي الحكم ،فلقد حاول أن يثبت لرفيقه (مولود) أنه بهذه الطريقة سيستطيع أن يجعله أميرا علي هذه البلدة التي نزل بها ،وسيستطيع أن يجعلهم مثل األبقار ،يحركون ألسنتهم لعقا لتصل إلي أنوفهم ،بهدف دخول الجنة ،والنجاة من عذاب النار ،ولن يفكروا ،ألن األبقار ال تفكر ،ولذلك سيسهل عليه السيطرة عليهم ،ويحولهم إلي مسخ ،كما يريد ،حتى أن ملك البالد صدق دعوته ،وفعل مثلما أمر ،بل وتنازل له عن الحكم طواعية ،ونفذ أوامره ،حين أراد التخلص من رموز التنوير في تلك المدينة (وزير الملك ،وأبنته نورهان) التي تعلمت خارج البالد ،وتؤمن بالعقل ،كما يؤمن به والدها ،أصدر أوامره بإحراقهما إرضاء للمتطرف الذي جعل معظم الناس يسيرون تحت عباءته، حتى أن تلك الفتاة الصغيرة – حين رأت جهل الحاكم ،رضيت بطلب الزواج منها ،لتفتح أبواب الحرية والعلم ،أمامه ،ولتنشر رسالتها التنويرية ،لتنقذه من المثلي لمواجهة أيدي حمودة بن المودود ،إيمانا منها بأن العلم هو الوسيلة ُ زحف جماعات الظالم والجهل. قررت مواجهة بن المودود ،وخاطبت الملك والناس ،لتنقذهم من الجهل واالستسالم للتطرف. نورهان :شيء رائع أن يسعي اإلنسان لكي يتوقي نار جهنم ،لكن أسألكم ..هل يخبرني أحد منكم عن سبب يربط بين الظاهرتين ..لعق األنف ونار جهنم ؟ أهنالك ما يربط بينهما (ال أحد يجيب) وأذن ال أحد يجيب ،إذا ليس هنالك في الواقع ما يربط بينهما ،وكذلك ليس للعق األنف أو الحلمة صلة بدخول النار ()18 أو الجنة أبو العال السالموين 119 118
المسرحية تنحاز لقيمة العلم والتفكير في مواجهة الجهل والخرافة والتخلف ،وتشير إلي طبيعة الصراع غير المتوازن بين قوتين :قوة من يؤمنون بالعقل ،وقوة من ال يؤمنون به. نورهان :يا أهل مدينتنا العقالء ،عودوا للعقل لكي يعصمكم من هذا الجهل ،يا أهل مدينتنا العقالء ،الحق أقول ال حل سوي العقل ،والعقل هو الحل. الصراع بين العقل والجهل ،يخلقه هؤالء المتطرفون بأفكارهم المتخلفة، وتحكيم العقل سيجعلنا ال نصدق أن اللسان يمكنه الوصول إلي أرنبة األنف، والذي يصدق ذلك هو نفسه الذي سيصدق الحاوي أو الساحر ،حين ُيخرج الكتكوت من فمه ،أو أذنه ،أو أي مكان آخر ،لكن من يفكر سيتساءل :هلي يعني هذا أن الكتاكيت كانت في معدة الحاوي ،فأخرجها من فمه ،أو إذنه ؟؟! أم أن األمر يعود إلي خفة يديه ومهارة حركته ؟؟؟ في حالة تصديق لعبة الحاوي أو الساحر ،نقول :إن اإلنسان قام بإلغاء العقل ،أو ما أسماه أستاذ التاريخ الدولي ()19 الحديث في جامعة ليدز البريطانية (فيليب تايلور) قصف العقول وما أسماه -أيضا -الدكتور عبد المحسن صالح( :االنحراف الفكري) حين تحدث عنه قائال( :هذا االنحراف الفكري عن شرائع هللا في كونه العظيمُ ،يعد انحرافا في توجيه عقول الناس عامة ،والشباب خاصة ،وجهة ال عقالنية ،فبدال من أن يسلكوا طريق العقل والصواب ،نراهم يعيشون في عالم التصورات الرديئة ،واألوهام المريضة ،وبدال من ترشيدهم ،وإرشادهم للبحث ()20 عن الحقيقية ،تكفيهم هذه الخزعبالت السقيمة
وألن حمودة اإلرهابي اليستطيع مواجهة (نورهان) حين تبث الوعي لدي الناس ،ويعلم أنها تستطيع القيام بذلك ـ لقوة حجتها ،مع علمه بأنه كاذب ،نراه ويعلن عن ذلك ينتقل سريعا الستكمال خطته ،مواجهة لنتائج فعل التنويرُ ، الحجة، صراحة ،بما يكشف عن وجهه الحقيقي ،وجه اإلرهابي ،الذي ال يملك ُ ويوظف الخرافة ،لتحقيق أغراضه فقط ،فيطلب من (مولود) الذي نصبه أميرا، بال إمارة ،توزيع األسلحة علي الناس ،لمواجهة تقويض المجتمع الكافر -علي حد قوله – وحين ُيخاطبهم نكتشف طبيعته الهمجية ،والعدوانية ،واإلرهابية. حمود :يا قوم ..يا أهل مدينتنا ،يا أصحاب اللحية والثوب األبيض ..كارثة كبري سوف تهب عليكم وعلينا كالطوفان ،أصحاب الفكر المستورد من أرض الروم يريدون لكم شرا ،والزج بكم في النار ،ووسيلتهم في ذلك فيما يزعم كهنتهم إعمال العقل ،لكن من قال بأن العقل وسيلة فهم أو إدراك ؟ العقل وسيلة إبليس وآل الشيطان ،ودمار لإلنسان ،العقل عدو لإليمان ،باهلل عليكم ،كيف لعقل يفهم معجزة لسان يتطلع لألفق المتمثل في أرنبة األنف ؟ ألهذا تفسير عند العقل ؟ ألدى العقل القدرة كي يفهم معني أن يصل لسان المرء إلي حلمة أذنيه ؟ أتحدي أن يفهم عقل هذا المعني. وحين ُيكمل (مولود) اإلرهابي التابع ،رسالة سيده ،نراه يخاطب الناس قائال: مولود( :وهو يلوح بالخنجر والجنزير) يا قوم ..يا أتباع بن المودود ،اليوم سنبدأ حملتنا ضد المجتمع الموبوء الكافر ،هذا المجتمع حالل فيه القتل ،وحالل فيه السرقة والسلب ،فلتُقتل ولتُسلب كل امرأة ال تتحجب أو تتنقب ،وإذا أخذتكم أبو العال السالموين
121 120
فيهن الرحمة فخذوهن سبايا للمتعة واللهو ،أما عن كل رجال المجتمع الفاسق، فليسحل وليصلب ولتقطع منهم كل األيدي واألرجل وخصوصا من لم يطلق لحيته السوداء ،ويرتدي الجلباب األبيض ،أو يكشف عن ساقين بزغب الشعر، ()21 هيا انطلقوا يا قوم لنقوض مجتمع الكفرة والكفر هذا الذي قاله (مولود) أمير تلك المدينة ،تردد صداه في عالمنا المعاصر، حين خاطب اإلرهابي (عاصم عبد الماجد)( )22الناس في ميدان رابعة أثناء ()23 سنقاتل الحضارة الكافرة اعتصامهم الشهير قائال: وبرغم أن الكاتب (محمد أبو العال السالموني) كتب نصه في عام 1994 أي قبل أحداث رابعة بتسعة عشر عاما ،إال أنها نفس العبارات ،بما يكشف عن أفكار تلك الجماعات ومنطلقاتهم الواحدة المحفوظة ،حين يلعبون بالدين السلطة ،إنها التُهمة من أجل السياسية ،وحين يخلطون األوراق ،للوصول إلي ُ الجاهزة ،تهمة التكفير .مهما اختلف الزمن وتباعدت السنون. رصد الكاتب أفكار تلك الجماعات ،من خالل المواقف واألحداث الدرامية، تلك األفكار أبرزها النص ،وعالجها ،وكشفها ،وفضحها أمامنا لنتعرف علي طبيعتهم ،وعقليتهم ،وأهدافهم ،ومن هذه األفكار: ( -)1أنهم يبدأون بدون استناد ألي قوة ،سوي قوة االدعاء ،فيلجأون إلي حيلة الموحد المتمثل في الجلباب األبيض ،للرجال ،والنقاب للنساء، ارتداء الزى ُ وهذا المظهر العام -مع تزايد األعداد ُ -يظهر وجودهم الذي ُيلقي الرعب – علي حد تعبيرهم – في نفوس الناس ،ويوحي بالجبروت وبالطاغوت. فحين ُيولي حمود (مولودا) أميرا علي تلك المدينة ،يتساءل ماذا سيفعل في
مواجهة قوة الملك.فيخبره حمود: حمود :األمر بسيط ..شعب مدينتك األبقار ،تجمعهم صفارة ،ويفرقهم نبوت، وهذا ما سوف يسهل لك من شأن الحكم (مولود يصفر فيتجمع الناس ثم يرفع النبوت فيتراجعون) أرأيت ؟ مولود :هذا حق يا سيدنا ..أبقار نعناعة :ماذا سيكون األمر إذا ما جاء الملك ومعه الحراس؟ حمود :لن يجرؤ أن يمسس أحدا منا مهما كان نعناعة :ال أفهم كيف ،وأنت بدون سالح أو أعوان ..والناس كما أنت تقول يفرقهم نبوت؟ حمود :سترين المعجزة الكبرى ،حين أحول من كان يفرقهم نبوت إلي طاغوت مخاطبا مولود :لك أن تتصور يامولود ..ماذا نصنع كي نوحي أن الحكم لنا والغلبة والسلطة لنا ؟ .............نلبس زيا ُيظهرنا كي نوحي أن السوق لنا، والغلبة في أيدينا. نعناعة :ال أفهم ماذا تعني يا حمود ؟ حمود :صبرا يا نعناعة ..مولود أرأيت إذا نحن طلبنا أن تتزيا النسوة زيا متحدا كمالبس نعناعة بعد التوبة مولود :ما أجمله من زى حمود :أيضا ما رأيك إن نحن دعونا أن يرتدي رجال مدينتنا أردية بيضاء قصيرة ،ويربون اللحية سوداء ،مثلك ومثلي ؟ مولود :هذا وهللا جميل..جلباب أبيض واللحية سوداء أبو العال السالموين
123 122
وبعد ارتدائهم للزى الموحد يقول: حمود :أرأيت إذن ..من ينظر إلي الناس بهذا الزى ،ماذا سيقول؟ نعناعة :سيقول بأن الحكم لكم ،السلطة تحت أياديكم ،والشارع والسوق وكل الناس جميعا رهن إشارتكم. حمود :مع أنا ال نملك أية قوة..وكل األمر مجرد زى واحد ،لكن الزى الواحد ()24 ُيلقي الرعب ،ويوحي بالجبروت وبالطاغوت ( -)2أنهم يفسرون الدين تفسيرا يدعم أهواءهم ..مثل تفسيرهم للزواج. حمود مخاطبا (نعناعة) الراقصة التي تابت برشوة مالية ،حين طلبت منه الزواج بها ،قال لها. حمود :ال بأس ..أتزوجك لعدة ساعات ،ثم أزوجك لمولود .......مولود أولي بك ،وإذا لم يعجبك طلقتك منه ،اختاري رجال أيا كان، وسوف أزوجك إياه ،وإذا لم ُيعجبك أزوجك لرجل آخر ،ولرجل ثالث أو رابع، كل رجال مدينتكم يتمني أن يتزوج منك ليوم أو يومين ،ال تخشي يا نعناعة، حين يتم لنا حكم مدينتكم ،فأنا أملك كل الفتيات بزواج أو بطالق ،وبحكم الشرع ،وإذا كنت تريدين زواج جميع رجال مدينتكم فسأكفله لك ،بطالق وزواج أيضا وفق الشرع. ( -)3استعمال األسلحة لتخويف الناس وقتلهم ،حتى ولو كانت أسلحة بدائية مثل الخنجر والسيف والجنزير.
( -)4الخلط بين أوراق الدين والسياسة ،في أكثر من موقع داخل المسرحية. المطلق بثقافة التعصب ،وغياب ثقافة التسامح. ( – )5اإليمان ُ ( -)6االنتقال من وطن إلي آخر ،وعدم التمسك بوطن واحد ،ألنهم يؤمنون أن الدين ال وطن له ..وتصبح أي أرض يوجدون عليها هي وطنهم .ولوقت محدد. أما عن موقف الملك كما قدمه لنا الكاتب ،فهو موقف ساخر ،وضعه في هذا القالب ،ليوضح كيف أن بعض الحكام يخشون جبروت وعنف وإرهاب تلك الجماعات المتطرفة ،ويتعاونون معهم ،خوفا علي أنفسهم ،فيبادلونهم الغزل، واالحتضان ،وهذا األمر حدث كثيرا علي المستوي الواقعي ،وليس الفني، (أنور السادات) حين قام ومازال يحدث ،ونتذكر موقف الرئيس الراحل بمواجهة اليسار باليمين الديني ،ألنه كان يشعر أن اليسار ال يتفق مع سياساته، ويعارض مواقفه ،خاصة بعد تصريحه الشهير ،بأن عام ،1971سيكون هو عام الحسم -أي الذي سيتم فيه تحرير األرض التي أغتصبها العدو اإلسرائيلي في - 67ومرت األعوام -بعد هذا التصريح ولم يتحقق ما صرح به !! فقامت مظاهرات الطلبة المناهضة ،التي قادها اليسار ،ففكر -علي الفور -في إفساح المجال أمام التيارات الدينية لمواجهة المد اليساري داخل الجامعات. ومن المفارقات العجيبة أن تشكيل الجماعة اإلسالمية من الطالب اإلسالميين، تم بمساندة من النظام ،فعندما تولي (محمد عثمان إسماعيل) أمين عام االتحاد االشتراكي -في ذلك الوقت -منصب محافظ أسيوط في عام ،1972أشرف بنفسه ،وبأوامر من السادات علي فض االعتصام الشهير بجامعة أسيوط ،والذي أبو العال السالموين
125 124
قاده طالب اليسار ،وكان للرجل نظرية مفادها :أنه إذا حصل اإلسالميون علي المعارضين التمويل الالزم ألنشطتهم ،فإنهم سيحلون محل الطالب اليساريين ُ للسادات ،ولذلك انشأ مكتبا بالمحافظة ،كانت وظيفته إعداد الكوادر للتصدي للطالب اليساريين ،وإجهاض قوتهم داخل الجامعة ،وكانت تلك هي البداية، المتطرفة ،المتسترة بالدين ،من التي ساعدت علي ظهور عدد من التنظيمات ُ أجل العمل علي تحقيق أهدافها الخاصة :تنظيم الفنية العسكرية -تنظيم التكفير والهجرة -الجماعة اإلسالمية -الجهاد -وغيرها من التنظيمات األخرى. والخطأ الذي وقع فيه السادات :هو محاولة استخدام الجماعات الدينية لخدمة أغراضه ،ولم يكن يعلم أنها سرعان ما تنتقل إلى العمل لحسابها الخاص، وتمزيق اإلطار الذي يراد منها أن تعمل في داخله ،ألنه (من االستحالة حصر ()25 هذه الجماعات في إطار محدد سلفا والدليل علي ذلك أن اإلرهاب بدأ وافدا من الخارج ،حين وجد أصحابه المتطرف ،حيث ظهرت مجموعة المناخ مهيأ -في مصر – لممارسة النشاط ُ العقيد (صالح سرية) الفلسطيني المولد ،األردني اإلقامة ،وأتهم هناك بالتآمر وحكم عليه باإلعدام ،ففر إلى العراق ،ومنها إلى بعض علي الملك حسينُ ، طرد منها ،ليجد مستقره األخير في مصر ،فقام الدول العربية األخرى التي ُ بممارسة مغامراته ،حين قام باحتالل الكلية الفنية العسكرية ،وقتل سبعة عشر شخصا ،معتقدا أنه قد ُيحدث انقالبا في مصر في عام ،1974لكن مغامرته باءت بالفشل ،وتم إعدامه … وتسلل إلى مصر -أيضا -إرهابي آخر ُيدعي (محمد سالم الرحال) الذي
قام بجمع فلول تنظيم (صالح سرية) وكان يطلق عليه اسم (حزب التحرير حرم أكل اإلسالمي) لينشئ تنظيما جديدا هو تنظيم (الجهاد اإلسالمي) الذي َّ ذبائح المصريين ألنهم كفار ،والصالة في المساجد الحكومية ألن الحكومة – في نظرهم – حكومة كافرة ،وحرضوا أتباعهم ضد التجنيد ،وزعموا أن قتال المصريين أولي من قتال العدو اإلسرائيلي !! وقاموا بسرقة أسلحة من الجيش، وانكشفت مؤامرتهم ،وتم القبض عليهم ،وكان من بين المقبوض عليهم أربعين من الصبيان الصغار الذين ُحفظ التحقيق بالنسبة لهم علي أساس أنه غرر بهم، وانتهت مجموعة الجهاد األولي لتقوم علي أنقاضها مجموعة الجهاد الثانية ،التي قامت بالصغار الذين تركتهم الحكومة رأفة بهم لصغر سنهم و ارتكب بعض ()26 أفرادها حادثة المنصة وقتل (أنور السادات) الكاتب علي وعي بطبيعة هؤالء الحكام ،ووعيه جعله يؤكد علي هذا المعني في مسرحية (أمير الحشاشين) حين جعل (العزيز بن المعز لدين هللا الفاطمي) يضع يده في أيدي المتطرفين بقيادة أميرهم (برهام) ولم ينقذ البالد من هذا التصرف األهوج سوي موقف أخيه (تميم) حين دعي للمقاومة ،ورفض ال استسالم. وهو ما حدث – أيضا -في مسرحية (ديوان البقر) حين تمسكت (نورهان) ابنه وزير الملك ،بضرورة مقاومة تلك العصابة التي تزعمها (حمود بن المودود) ودفعت الشعب للكالم واالحتجاج ،بعد أن طالت ألسنتهم ،نتيجة استمرارهم في لعق أرنبة األنف ،وفقدوا بعدها القدرة علي الكالم ،وقفت ضدهم ومعها أبوها الوزير ،ونعناعة الراقصة التي اكتشفت زيف وكذب وبهتان (حمود) وتنتهي أبو العال السالموين
127 126
المسرحية بكلمات (نورهان) التي حملت كثيرا من معاني المقاومة ،وقوة المواجهة ،تلك القوة التي دفعت (حمود بن المودود) ورفيقه ،إلي الرحيل عن تلك المدينة ،النكشاف أمرهما ،وعدم قدرتهما علي تفعيل فعل بقرنة الناس. نورهان :يا أهل مدينتنا ،أنا أعلم أن البقرنة استشرت فيكم وفقدتم فعل النطق، لكن ال يعني هذا أن تتسرب فيكم روح اليأس ..كال ..يا أهل مدينتنا ،الطائر قد ال يتكلم ،لكن يمكنه أن يرقص ،ويطير ويمكنه التغريد ،الزهرة قد ال تتحدث، لكن ُيمكنها أن تبتسم وترقص طربا وتميد ،وإذن فلنرقص ونغنى كالزهرة، وطيور الغيد ،هيا يا نعناعة ،مدي يدك ليرقص ويغني معك أهالي مدينتنا ،حتي تنفك األلسنة المعقودة ويعود النطق (ترقص نعناعة كالطائر المذبوح ويستجيب الناس رويدا رويدا حتي ينطلق الجميع في رقص محموم ،وهم يتخلصون من ألسنتهم المتضخمة وهم يغنون). بالقوي الناعمة -كلها -نستطيع مواجهة اإلرهاب ،ألن المتطرفين يعلمون مدي تأثير تلك القوي ،وقدرتها علي حماية أي مجتمع يلعب فيه التطرف دورا في تغييب الوعي،ولذلك فإنهم ينادون بتحريم كل أدوات الفنون والثقافة ،ومن المضحكة في هذا اإلطار (أن الخوميني حين تولي الحكم في إيران، األشياء ُ أصدر أول قرار له بمنع الموسيقي واألغاني في التلفزيون واإلذاعة ،فلما قالوا له إن هذه األجهزة تأتي بالموسيقي واألغاني من الدول األخرى ،أصدر قرارا بأال ُيسمح ببيع أي تلفزيون أو راديو ،إال لمن يثبت أنه متدين ،فكان المواطن الذي يريد شراء جهاز يذهب إلي الشرطة ،والحزب ،وعدة جهات أخري الستخراج شهادات بأنه متدين وعلي خلق ،ونفس الشيء حدث عندما
الحكم في بالدهم ،فكان أول قرار لرئيس الدولة وصل المجاهدون األفغان إلي ُ هو إلغاء األغاني والموسيقي ،هذا في الوقت الذي لم تُصدر أي من الدولتين ()27 قرارا بتطبيق مبدأ الشورى الذي هو دعامة الحكم في اإلسالم) ()28 الحادثة اللي جرت في شهر سبتمبر في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001وفي الساعة الثامنة والدقيقة الخمسين صباحا ،ارتطمت طائرة نقل بالبرج الشمالي من مركز التجارة العالمي ،وباشرت محطات التلفزيون بثها المباشر من نيويورك ،وعند الساعة التاسعة والدقيقة الثالثة صباحا اصطدمت طائرة نقل أخري بالبرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي ،وحصل االصطدام للبرج الجنوبي في وقت كانت فيه معظم المحطات تبث مشاهد للبرج الشمالي وهو يشتعل ،لذلك شاهده الماليين علي الهواء مباشرة ،ثم أُعلن عن هجوم آخر علي وزارة الدفاع األمريكية، وفي الساعة العاشرة صباحا انهار البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي مباشرة عبر شاشات التلفزيون ،وبعدها بنصف ساعة انهار البرج الشمالي، وتصاعد الدخان ولف الغبار المدينة ،وأُعلن عن موت عشرات اآلالف من األشخاص،ودفعت هذه الهجمات السلطات األمريكية إلي إخالء جميع المباني الحكومية في واشنطن ،بما في ذلك البيت األبيض ،والمباني العالية في أنحاء البالد ،كما أدي الحادث إلي قطع جميع االتصاالت والهواتف المحمولة في الساحل الشرقي ،ووقف جميع الرحالت الجوية التجارية ،ووقف حركة سير القطارات في شرق البالد بين واشنطن وبوسطن ،كما أغلقت الحدود مع أبو العال السالموين
129 128
المكسيك ،وأوقفت الحركة المرورية بأسرها عند الحدود عن تلك الوقائع تدور أحداث مسرحية (الحادثة اللي جرت في شهر سبتمبر) والتي كتبها (أبو العال السالموني) في عام 2002أي بعد الحادث بعام واحد أو أقل من العام ،بما يعني أنه تعامل معها حسب ما ُنشر وقتها ،وبالمعالجة التي قام بها -ولم يعتمد فيها تماما علي تفاصيل الحادثة -استطاع نصه أن يكون صادقا ،ومؤثرا تماما ،برغم ظهور تفسيرات جديدة للحادث ،بعد حدوثه بسنوات ،تفسيرات وأسرار ووثائق ،تشير إلي أن ثمة مؤامرة تمت واستخدم فيها اإلرهابيون الذين وظفتهم أمريكا من قبل ،وساعدتهم للقيام بأعمال لصالحها ـ وأن كل ذلك تم بهدف إلصاق تهمة اإلرهاب باإلسالم والمسلمين ،حين أرادت أمريكا التخلص من عمالئها. هذه التفسيرات لم تقلل من قيمة النص – كما أشرت – لماذا؟ ألن الكاتب أولي اهتمامه بطبيعة العالقة التي ربطت بين جماعات اإلرهاب -باسم الدين وأمريكا ،باإلضافة إلشارته إلي التداعيات التي خلفتها تلك الحادثة ،ودفعثمنها المسلمون داخل أمريكا وخارجها. المتعلقة بالحدث ،وأعلن في معالجته اعتمد الكاتب علي المادة التسجيلية ُ المتعلق به ،بما جاء علي لسان الدكتور عن موقفه الفكري تجاهه ،وتجاه السياق ُ (أبو الفرج الشرقاوي) – بطل المسرحية – األستاذ بجامعة نيويورك ،والمتزوج باألمريكية (ليزا) التي أنجبت له ولدا وبنتا ،صارا في مرحلة الشباب ،ذلك الرجل وجد نفسه فجأة مطرودا من عمله ،ويتم التحقيق معه بمعرفة المباحث الفيدرالية ،فضال عن إحراق فيلته ،واالعتداء علي أوالده في الجامعة ،ومطالبة ()29
حماه األمريكي (جونسون) وإصراره علي تطليق زوجته .بزعم حماية ابنته منه ،وحين رفض طلب التطليق ،وأمام تمسك الزوجة به ،هدده بالتحقيق معه، وتحمل التبعات ،ألن شقيقيه ينضمان لجماعة إرهابية ،وقد يكونا لهما صلة بالحادث ..تحت هذا التهديد،وجد حياته تتحطم أمامه تماما ،برغم أنه يجمع بين الجنسيتين األمريكية والمصرية ،ويعلم الجميع -بما في ذلك المباحث نفسها -أن سيرته ال تشوبها شائبة ،وسمعته طيبة ،وكل هذا لم يشفع له ،أمام المتطرف ،الذي يريد استغالل الحادثة ،في حملته االنتخابية ـ حماه األمريكي ُ لعضوية الكونجرس -معلنا أنه ُيقاوم اإلرهاب ،وأنه طلق ابنته من زوجها ألنه إرهابي ،أراد استخدام ذلك ليقنع المجتمع األمريكي ،بأنه فعل الصواب، برغم مغامرته بمستقبل أسرة ابنته ،وحياتها ،من أجل تحقيق مآربه الخاصة. (جونسون) هذا يقدمه الكاتب ُممثال للسياسة األمريكية ،التي تتبني فكر كرس لثقافة الكراهية، (االسالموفوبيا) وصدام الحضارات ،هذا الفكر الذي َّ وحكم علي اإلسالم بأنه يحتضن اإلرهاب. ومصطلح (االسالموفوبيا) الذي يعني كراهية المسلمين احتضنه الغرب منذ عام )30(1996وأصبح في أمريكا هو الفكرة التي علي أساسها يتم التعامل مع العرب المسلمين بعد حادثة سبتمبر. ونتيجة لذلك تعرضت الجالية العربية ،واإلسالمية لسلسلة من االعتداءات من َقبل بعض األمريكيين ،كما تعرضت إلي االعتقاالت والتفتيش والمراقبة، والمحاكمات من ِقبل الحكومة األمريكية بموجب القوانين الجديدة التي صدرت بعد 11سبتمبر ،فضال عن فصل الكثير من العرب والمسلمين من مختلف أبو العال السالموين
131 130
المعامل والمصانع ،ثم إبعادهم من حقلي الطيران وقيادة المحروقات ،واستمرت هذه الموجة من االعتداءات ،ووفقا إلحصائية أعدها مكتب التحقيقات الفيدرالي، لتصل نسبة جرائم التمييز والكراهية ضد الجالية العربية واإلسالمية ل%1600 في العام الذي تال الهجمات ،باإلضافة إلي الدور الكبير الذي مارسه اإلعالم ()31 األمريكي في عملية التشويه وتنظيم حمالت الهجوم ،وبث الكراهية أما فيما يتعلق بمصطلح (صدام الحضارات) فإن الكاتب يشير إلي كتاب (صامويل هنتنجتون) علي لسان (جونسون) الذي أراد استثمار الحادثة لصالحه – كما أشرنا من قبل – والكتاب هو (صدام الحضارات – إعادة صنع النظام العالمي) والذي قال فيه (إن الخطر الذي يهدد أمريكا هو خطر المسلمين) جونسون :اللي حصل دللوقت أفظع من الهزيمة ،ومن أي كارثة حصلت في التاريخ ..مستقبل الحضارة والمدنية مهدد يا دكتور من قبل عدو إرهابي شرير. أبو الفرج :ما هو ده الكالم اللي بيقوله الكتاب المشبوه بتاع صدام الحضارات ياحمايا العزيز ..أمريكا عاوزة مبرر ،عاوزة عدو بعد تفكيك االتحاد السوفيتي عشان تستعمل معاه الترسانة العسكرية ،وال أنت عاوز أسلحتها تتحول لخردة وتقفل مصانع السالح اللي بتكسب مليارات ؟ جونسون :ما تحاولش تهون من اللي حصل في سبتمبر يادكتور ..أنا متأكد أن اللي حصل وراه مخطط إرهابي بتموله دول زي دول الخليج ! أبو الفرج :آدي أنت جيبت الغايبة ياحمايا ،موش غريبة أن دول الخليج اللي فيها الثروة البترولية الهائلة هي اللي تتهمها أمريكا بتمويل اإلرهاب ،ومكدسة جيوشها وأساطيلها في الخليج بحجة ضرب العراق محور الشر ،أكيد أنت
عارف يا حمايا العزيز إن أمريكا هيه اللي سلحت العراق لضرب إيران ،وهي اللي شجعت العراق علي احتالل الكويت ،عشان يبقي فيه مبرر تحط رجلها في الخليج وتفضل تستنزف الثروة البترولية لحد ما تجف ،بعده أمريكا تمشي وتقول ما عدش فيه إرهاب ،قصدي ما عدش فيه بترول. (جونسون) هنا يتحدث عن تهديد الحضارة والمدنية علي أيدي اإلرهابيين، وكأنه يريد أن يقول إن المسلمين بال حضارة ،ألنه يعتبر اإلرهابيين يمثلون العالم اإلسالمي ،وال يريد االعتراف بأنهم ال يمثلون إال أنفسهم ،وتلك هي المعضلة ،واألكذوبة الكبرى التي يحاول األعداء تصديرها للعالم كله ليصدقها، ُ المشار إليه حين ذكر أن (المشكلة كتابه في (هنتنجتون) يؤكده المعني وهذا ُ المهمة بالنسبة للغرب ،ليست األصولية اإلسالمية ،بل اإلسالم ،فهو حضارة ُ المهمة بالنسبة المشكلة قوته، ضآلة وهاجسه ثقافته، بتفوق مقتنع شعبها مختلفة، ُ لإلسالم ليست المخابرات المركزية األمريكية ،وال وزارة الدفاع ،المشكلة هي الغرب :حضارة مختلفة شعبها مقتنع بعلمية ثقافته ،ويعتقد أن قوته المتفوقة إذا كانت متدهورة ،فإنها تفرض عليه التزاما بنشر هذه الثقافة في العالم ،هذه هي المكونات األساسية التي تُغذي الصراع بين اإلسالم والغرب)(( )32إن الخطر الذي ُيهدد أمريكا هو خطر المسلمين) تأمل معي عبارة(إن الخطر الذي يهدد أمريكا هو خطر المسلمين) قال المسلمين ،ولم يقل المتطرفين ..وذلك مقصود بالفعل ،لممارسة عملية تهديد العالم اإلسالمي ،بينما العقل يقول إن األقلية المتطرفة ال تُمثل األغلبية المتسامحة. أبو العال السالموين
133 132
أبو الفرج :يابنتي اعلقي ،بتصدقي الكالم ده ..مسلمين مين اللي بيهددوا أمريكا؟! مروان :وهو أحنا شوية يادادي ؟ ده أحنا يجي مليار ونص من سكان العالم. أبو الفرج :يا أبني الحكاية موش حكاية عدد ،العدد في الليمون ،اليهود يادوبك ما يزيدوش عن كام مليون ،ومع ذلك مسيطرين علي أمريكا والعالم. مروة :أمال بيعتبرونا خطر ليه يادادي؟ أبو الفرج :بينفخوا فينا يا بنتي عشان يستفزونا ويضربونا ،ويستنزفونا وياكلونا لحم ويرمونا عضم من خالل أزمة الدكتور المصري األمريكي المسلم ،نتعرف علي أطراف األزمة: الطرف األول :المتمثل في أمريكا ذاتها ،تلك الدولة التي ساعدت اإلرهابيين، ليكونوا أداتها ومخلبها لتنفيذ عمليات لصالحها ولحماية مصالحها ،حين استخدمتهم للقضاء علي االتحاد السوفيتي وتمزيقه ،بزعم شيوعيته وإلحاده، ليكون االتهام حافزا للمجاهدين ،الذي انطلقوا من أفغانستان وغيرها ،ونجحت مهمتهم بالفعل. والطرف الثاني :المتمثل في اإلرهابيين أنفسهم ،هؤالء الذي حصلوا علي الدعم الكامل (ماديا) وعسكريا ،لتنفيذ عملياتهم ،وحين تحقق ألمريكا حلمها بأن أصبحت يدها هي الطولي في العالم ،انقلبت عليهم ،وحاولت التبرؤ منهم ..هنا أدرك اإلرهابيون اللعبة ،فانقلبوا علي شيطانهم انتقاما. والطرف الثالث :هم الضحايا األبرياء ،الذين يمثلهم -هنا -الدكتور الجامعي
طرد إلي مصر ،وفي مصر ،يذهب إلي طبيب نفسي ،ليعالجه ،حين ظن الذيُ ، نفسه (أسامة بن الدن) من وقع االتهامات التي طاردته ،وهناك داخل العيادة، يسترجع األحداث كلها. فنتبين باإلضافة إلي ما حدث له في أمريكا ،تعرضه ألحداث أكثر إرهابا في بلده ،من قبل زوجتي شقيقيه ،حين تدخلتا في حياته وحياة أسرته، فتحول االبن إلي ملتحي ،وتزوج من فتاة كانت زوجة لألمير التي تنازل عنها ليتزوجها الشاب ،وما حدث مع االبن حدث مع االبنة أيضا ،وحين حاولت امرأة أخيه ،السيطرة علي زوجته األمريكية ،لم يستسلم ،ولم تستسلم كذلك زوجته ،وكان فعل المقاومة ،هو الفعل الوحيد الذي قام به كل من الزوجين، أمام تطرف وإرهاب المرأتين ،ورفيقاتهما من النساء. ُيحاكم الكاتب -في مسرحيته -الفكر المتطرف ،والسلوك الذي قوامه والمفتقد لثقافة التسامح ،مبينا – في بعض أجزاء منها – أن اإلرهاب العنفُ ، صناعة أمريكية .وأن ما حدث كان نتيجة طبيعية لتلك الصناعة ،وأن لعبة تبادل األدوار ،ومحاولة إبراز القوة بين طرفين ،هي لعبة شيطانية ،يلعبها شياطين ،ويدفع ثمنها اإلنسان. المتطرف عن أسباب اإلقدام علي تلك الحادثة قائال: أبو الفرج يسأل شقيقه ُ أمريكا نفسها عاوزة تفهم منكوا أنتوا ليه عملتوا فيها كده ؟ أبو الفتوح :وصدقتها يادكتور؟ أبو الفرج :ما صدقهاش ليه ،دول أفرجوا عني مخصوص ورجعولي أوالدي عشان أسألكوا السؤال ده ،وتجاوبوني عليه بصراحة ،ليه بعد ما لجأتوا ألمريكا أبو العال السالموين
135 134
ووفرت لكم الحرية واألمان ،انقلبتوا عليها ،وكرهتوها لحد ما ضربتوها ضربة سبتمبر الفظيعة. أبو الحسن :معقول يا دكتور يا أستاذ في أعظم جامعة أمريكية ما تعرفش إجابة سؤال زى ده؟ أبو الفرج :أنا عارف اإلجابة ،لكن عاوز اجابتكوا انتوا بالذات ،اللي اعرفه إنكم اختلفتوا مع حكومة الثورة ،وهربتوا علي أمريكا وعيشتوا فيها وأدت لكم فرصة تجمعوا نفسكم وتكونوا التنظيم الدولي لإلخوان المسلمين علي مستوي العالم كله ،وعملتوا جماعات تحت اسم اإلسالم السياسي ،وذودتكوا باألسلحة واألموال ،ومراكز التدريب ووسائل اإلعالم ،يعني كنتوا متجوزين أمريكا وعايشين معاها في التبات والنبات ،وخلفتوا منها تنظيمات متطرفة. ويواصل أبو الفتوح حواره مع شقيقه قائال: أبو الفتوح :عليك نور..أمريكا لما أديتنا فرصة نعمل التنظيم الدولي لإلخوان المسلمين واللي خالنا أنشأنا الجماعات اإلسالمية ،والتنظيمات السرية اللي بتقولوا عليها جماعات أصولية متطرفة ،عارف كان هدف أمريكا إيه، والنظم الوطنية اللي بترفع شعار إننا نساعدها علي القضاء علي الشيوعية ُ االشتراكية ،وبتعادي المصالح األمريكية ،واالمبريالية ،وكان المقابل ،إن أمريكا تساعدنا لالستيالء علي السلطة ،والحكم في الدول العربية واإلسالمية، ونرجع نظام الخالفة تحت راية التنظيم بتاعنا. لعبة الشيطان تلك التي يكشفها الكاتب علي لسان أحد شخوص المسرحية ،هي اللعبة التي تتم علي أرض الواقع بالفعل ،والكاتب التزم
المتعلقة بأمر اإلرهابيين وعالقتهم بأمريكا، بالوثائق ،واألوراق ،والبياناتُ ، ولم يأت بشيء من عنده يتعارض مع الواقع ،والنص ُيعد نصا تسجيليا ،تمت فيه عملية توظيف المادة الجافة دراميا ،فاكتسبت سمة الدراما التسجيلية ،وتقنية االسترجاع أو العودة إلي الماضي ،التي هي من تقنيات الرواية السردية، أكثر من كونها من تقنيات المسرح ،وظفها الكاتب هنا توظيفا جيدا ،ألن زمن المسرحية الفني لم يتعد سوي الوقت الذي قضاه (د .أبو الفضل) في عيادة الطبيب النفسي ،واسترجع معه األحداث التي حدثت من قبل ..في الرواية تتم عملية االسترجاع بلغة السرد ،وبواسطة الراوي ،وهنا – في المسرحية – تعتمد علي عناصر مغايرة تماماُ ،يوظفها المخرج ،برغم أن اإلرشادات المسرحية التي أشار إليها الكاتب حددت شاشة العرض السينمائي – كمثال -مضافا إليها عنصري اإلضاءة والموسيقي. السؤال الذي طرحه النص هو هذا :من يستطيع محاسبة أمريكا ،تلك الدولة التي احتضنت اإلرهاب ،وساعدته ،وقوته ،لتحقق به أغراضها ،في الهيمنة علي العالم ؟ تأكيدا لفكرة فرض الهيمنة علي العالم باسم محاربة اإلرهاب ،استحضر هنا – وقبل أن أعرض عليكم إجابة السؤال الذي طرحه النص – جزءا من خطاب الرئيس األمريكي (بوش) الذي ألقاه أمام الكونغرس بتاريخ 20سبتمبر 2001أي بعد الحادثة بتسعة أيام وقال فيه( :إن الحرب ضد اإلرهاب تبدأ بتنظيم القاعدة ،لكنها ال تنتهي هناك ،إن الحرب ضد اإلرهاب لن تنتهي حتى أبو العال السالموين 137 136
يتم العثور علي كل مجموعة إرهابية في العالم ،وحصارها ،وهزيمتها ،وعلي كل أمه ،وكل منطقة أن تتخذ قرارها اآلن ،إما أن تكون مع الواليات المتحدة، أو مع اإلرهابيين ،وأنه من اليوم وصاعدا كل أمة تواصل إيواء اإلرهاب ()33 ستعتبر من ِقبل اإلدارة األمريكية نظاما معاديا هذا الذي قاله (بوش) ُممثال لإلدارة األمريكية ،يوضح كيف أن أمريكا استطاعت توظيف الحدث ،لفرض الهيمنة علي العالم ،واعتبار من ليس معها فهو ضدها ،وما أشار إليه منذ ذلك التاريخ ،لم يتحقق علي أرض الواقع، المدعم لم ينتهي ،ولم يضعف ،بل اشتد ،وزاد ،وبدال من حيث إن اإلرهاب ُ القاعدة ظهرت داعش ،وبدال من (ابن الدن) ظهر (أبو مصعب الزرقاوي) الحجة الظاهرة والدائرة الجهنمية تدور ،طالما لعبة الشيطان مستمرة ،ولتكن ُ هي مواجهة اإلرهاب ،أما الباطن المستتر ،فهو مساندته في الخفاء ،الستخدامه في الوقت المناسب. واآلن كيف أجاب النص علي السؤال الذي طرحه ،والمتعلق بمن يستطيع محاسبة أمريكا ؟ ُيجيب أبو الفرج: أبو الفرج :الرأي العام العالمي هو اللي يقدر يحاسب أمريكا ،الجمعية العامة لألمم المتحدة ،محكمة العدل الدولية ،منظمات السالم وحقوق اإلنسان ،محاكم جرائم الحرب ،األحزاب والجمعيات األهلية ،والمدنية ،والنقابات واالتحادات، والروابط والنوادي ،كل دول ببساطة يقدروا يرفعوا دعاوي قضائية ضد المسئولين األمريكان في السي آي ايه والبنتاجون ،يطلبوا تقديمهم للمحاكمة
بتهمة تشجيع جماعات اإلرهاب ،وتربية كوادر تنظيم القاعدة وتمويل التنظيم الدولي لجماعة األخوان في أمريكا وأوربا ،وإنشاء مراكز تدريب عناصر التطرف ،وتشجيع األصوليات الدينية في العالم ،هما دول محور الشر الحقيقي ()34 والمسئولين عن اللي حصل لنا واللي حصل في سبتمبر والي لسه حا يحصل المعلوماتية في هذه المسرحية ،تم معالجتها دراميا ،وكان من الضروري االستناد إليها ،حين ُيعالج الكاتب موضوعا شائكا مثل هذا الموضوع ،ألن طبيعته السياسية تتطلب قدرا كبيرا من الوعي بتفصيالته -تفصيالت القضية وليس الحادث نفسه،ألن الحادث كان مجرد مفجر لتلك المعالجة الفنية،التي أضافت إلي خبرتنا – كمتلقين -خبرة جديدة ،وهذه الخبرة من األهمية بمكان ،أن تصل إلينا لنستطيع مقاومة اإلرهاب،فبدون معرفة األسباب ،ودراسة األفكار ،والوقوف علي الدوافع ،لن نستطيع مقاومته ،والتفكير -هنا – يصبح أداة من أدوات المقاومة ،ألننا نعيش في عالم تحكمه األكاذيب الكبرى. رسائل الشيطان
()35
في كتابه (طبائع االستبداد ومصارع االستعباد) ُيعلن مؤلفه :عبد الرحمن الكواكبي أسفه (علي هذا الدين الحر الحكيم ،السهل ،السمح ،الظاهرة فيه آثار الرقي علي غيره من سوابقه ،الدين الذي رفع اإلصر واألغالل ،وأباد الميزة واالستبداد ،الدين الذي ظلمه الجاهلون فهجروا حكمة القرآن ،ودفنوها في قبور الهوان ،الدين الذي فقد األنصار األبرار والحكماء األخيار ،فسطا أبو العال السالموين 7139 138
عليه المستبدون والمترشحون لالستبداد ،واتخذوه وسيلة لتفريق الكلمة وتقسيم األمة شيعا ،وجعلوه آلة ألهوائهم السياسية ،فضيعوا مزاياه ،وحيروا أهله بالتفريع والتوسيع ،والتشديد والتشويش ،وإدخال ما ليس منه فيه ،كما فعل قبلهم أصحاب األديان السائرة ،حتى جعلوه دينا حرجا ،يتوهم الناس فيه أن ما دونه المتفننون بين دفتي كتاب ُينسب السم إسالمي ،هو رمز الدين ،وبمقتضاه أال يقوي علي القيام بواجباته وآدابه ومريداته إال من ال عالقة له بالحياة الدنيا ،بل أصبحت بمقتضاها حياة اإلنسان الطويل العمر ،العاطل عن كل عمل ،ال تفي بتعلم ما هي اإلسالمية ،عجزا عن تمييز الصحيح من الباطل من تلك اآلراء المتشعبة ،التي أطال أهلها فيها الجدال والمناظرة ،وما افترقوا إال وكل منهم في موقفه األولُ ،يظهر أنه ألزم خصمه الحجة وأسكته بالبرهان ،والحقيقة أن ()36 كال منهما قد سكت تعبا وكالال من المشاغبة) هذا الذي يتحدث عنه (الكواكبي) هو نفسه ما يفعله أخوان هذا الزمان، المرشحون لالستبداد ،حين اتخذوا -ومازالوا يتخذون -الدين وسيلة لتفريق الكلمة ،وتقسيم األمة ،وجعلوه آلة ألهوائهم السياسية ،ويعتبرون اإلرهاب المصحف والسيفين ،وتحتهما كلمة شعارهم ،وبشكل علني ،اليدارونهُ ، ِ ط ْعتُم ِّمن ُقَّو ٍة استَ َ (وأَع ُّدوا َل ُهم َّما ْ (وأعدوا) ،وهي أول كلمة ِفي اآلية ِالكريمة َ ِ للا َو َع ُدَّو ُك ْم) صدق هللا العظيم ون ِبه َع ُدَّو َّ َو ِمن ِّرَباط اْل َخْي ِل تُْر ِهُب َ هنا يقولون :إنها دعوة رب العزة ،حين يقول لهم أن يرهبوا أعداء هللا، الذين هم أعداء األخوان،ويفسرونها هكذا :لدينا عدوان :عدو هللا ..وعدونا !! ومسرحية (رسائل الشيطان) ألبي العال السالموني ،تناقش هذا الفكر،
وتوضح كيف أنهم يسيرون علي نهج مرشدهم (حسن البنا) الذي وضع أسس جماعته وتنظيمه في الرسائل التي تحمل اسمه .عالج موضوعه دراميا، وذهب إلي التسجيلية ،التي منحت نصه مصداقية ،الستناده إلي أوراق الجماعة، وبعض أفعالها ،وتاريخها الممتد منذ نشأت في عام 1928إلي أن اصطدمت بالحكومة المصرية في عام 1948صداما داميا ،أسفر عن حلها ثم اغتيال مؤسسها حسن البنا في عام ،1949ثم عملها بشكل غير ُمعلن فيما بعد، واستمرارها حتى يومنا هذا. ولقد استند الكاتب ،إلي مرجعيات متعددة ،ووثائق ،تتعلق بتلك الجماعة ،أولها: المرشد (حسن البنا) التي توضح فكر الجماعة ،وتكشف منهجهم في رسائل ُ العمل ،وتلك الرسائل -كما يصفها (مفستو) شيطان فاوست ،والذي ارتدي قناعه (رجل المخابرات األمريكية) في المسرحية – (هي سفر الفتن الكبرى، والمحن العظمي في هذا العصر ..إنجيل األخوان ،وقرآن األخوان ،ودستور ()37 والملهم للتنظيمات اإلرهابية في العالم) األخوانُ ، وثانيها :االغتياالت المبكرة التي نفذتها الجماعة بعد إنشاء التنظيم الخاص أو السري لإلخوان (اغتيال محمود النقراشي باشا رئيس الوزراء -القاضي أحمد الخازندار -سليم زكي حكمدار أمن القاهرة) وثالثها :وثائق المخابرات األمريكية التي ُنشرت ،وكشفت طبيعة العالقة المبكرة بين التنظيم الدولي لإلخوان – في بداية النشأة – بقيادة (سعيد رمضان) ُ والمخابرات األمريكية في عهد الرئيس (ايزنهاور) منذ مطلع الخمسينيات. أبو العال السالموين
141 140
والسؤال اآلن هو هذا :كيف تعامل الكاتب مع تلك المعلومات والوثائق والمرجعيات فنيا ،وكيف أخضعها للقالب المسرحي بما يتطلبه من مواصفات وخصائص ؟ المتعارف عليه ،وبصرف النظر قدم مسرحيته في قالب المسرحية التسجيلية ُ عن العبارة التي وضعها أسفل عنوان المسرحية ذاكرا فيها إنها (دراما مسرحية شبه تسجيلية) ،أقول بصرف النظر عن هذا الذي ذكره،فإن المسرحية تسجيلية بالفعل ،وليست شبه تسجيلية ،وهذا األمر ال يقلل من شأنها من الناحية الفنية، كما سنوضح ذلك. وربما يعود السبب في حرص الكاتب علي ذكر تلك العبارة ،لمواجهة تخوفه – وهو نفس التخوف الذي واجه نقاد المسرح التسجيلي – حين رأوا أن (كتاب المسرح التسجيلي وقعوا في تناقض حاد وصعب الحل بين رغبتهم في االلتزام بنقل الواقع والتاريخ ،في صورة طبق األصل بقدر اإلمكان ،وبين رغبتهم في إبراز قضايا اإلنسان عامة ،من خالل هذا الشكل بحيث تكون قابلة للحل) ()38 وإذا كانوا قد نجحوا في تقديم طريقتين -علي األقل -لتحقيق صفة الشمول المرغوبة ،مع التزام قيمة الصدق التاريخي في التعامل مع األحداث الماضية عن طريق اختصار العنصر الحواري في المسرحية واالعتماد علي الصورة أكثر ،وتقديم نصوصهم بلغة خاصة غير واقعية ،ربما تكون اللغة الشعرية، إذا كانوا قد فعلوا ذلك ،لمواجهة تلك اإلشكالية ،فان الكاتب (محمد أبو العال السالموني) قد استطاع الخروج من هذا المأزق ،بطريقتين مختلفتين عن سابقيه
وهما :أوال :محافظته علي الشخصية المسرحية بطبيعتها الدرامية ،وبخصائصها اإلنسانية ،ومواصفاتها الدرامية ،ولم يجعلها بوقا يردد أفكار المرجع التسجيلي، أو أفكار الكاتب ذاته. وثانيا :اعتماده علي الخيال الذي ال يتعارض مع طبيعة التسجيلية ،ألن الخيال ويعمق فيها المعني ،وذلك حين استحضر شيطان المتوافق مع التجربة يثريهاُ ، (فاوست) -من األسطورة التي تحمل أسمه -والمسمي (مفيستو) وجعله قناعا لرجل المخابرات األمريكية الذي عقد صفقة الدم مع ممثل التنظيم الدولي لإلخوان (سعيد رمضان) ،ودفعه للتوقيع علي عقد االتفاق بدمه ،بتلك الطريقتين استطاع الكاتب أن ُيقدم نصا تسجيليا ،التزم فيه بالوقائع التاريخية ،وباألقوال ذاتها ،واألفعال أيضا ،وفي نفس الوقت لم يتخل -أثناء المعالجة -عن متطلبات البعد التراجيدي الذي أضفاه علي بعض الكتابة الدرامية ،حتى أننا لمسنا ذلك ُ شخوص المسرحية( ،حسن البنا -سعيد رمضان -هاني ابن سعيد رمضان) ذلك البعد التراجيدي تجلي من خالل إصرار الشخصية علي السير في طريقها علي ُ الرغم من معرفتها أنه سيفضي بها إلي الموت ،لكنه االستسالم لقدرها الحتمي، الذي ال تستطيع التخلص منه ،أو مواجهته ،ولعبت اللغة دورها في كشف مشاعر الشخصية الداخلية ،وبشكل إنساني ،بعيدا عن موقفنا منها .ففي نهاية الفصل األول ،وفي المشهد األخير منه ،نري لحظة سقوط (حسن البنا) وعلمه بأنه سيموت ،ومع ذلك لم يستطع مواجهة هذا اإلحساس إال باالستسالم له، باختياره ،ورغبته ،فبعد إجباره علي كتابة بيان لألمةُ ،يعلن فيه -عقب عملية االغتياالت التي قامت بها جماعته -ويعترف بأن القتلة (ليسوا إخوانا ،وليسوا أبو العال السالموين
143 142
مسلمين) فضال عن دعائه للملك فاروق بأن يحفظه هللا ويسدد خطاه ،وبعد أن قام بهذا نتيجة ضغط مصطفي باشا مرعي وزير الدولة ،وكان يعلم أنهم حين تركوه طليقا ،برغم الجريمة ،فهذا معناه أن هناك أمرا يدبر له في الخفاء ،أي كان يشعر بأنه سيتعرض لالغتيال ،ومع ذلك تحرك بحريه ،وانطالق ،وهذا ليس دليل شجاعة ،لكنه دليل استسالم للموت ،ألنه النهاية الطبيعية التي أدركها بنفسه ،يقول ألبنته وزوجها ،حين طلبا منه االختباء. المرشد :تلك الحرية تخنقني ،ولذلك أخرج كي أتحرر من سجن الحرية. سعيد :أين ستذهب يا موالي ،وقد أعلنت األحكام العرفية ،وتقرر حل األخوان؟ المرشد :أنا من أنشأت جماعتنا وحدي ،وسأنشئها ثانية وحدي ،كما نشأت أول مرة ،وإذا لم أفعل فالبركة فيك وفي التنظيم الدولي. وحين خرج متحررا من سجن الحرية ،تم اغتياله بالرصاص ،ومات علي الفور. حتى حفيد حسن البنا (هاني) الذي عقد صفقة جديدة مع الشيطان بعد موت والده (سعيد رمضان) يشعر بنفس الشعور ،ويتمسك بما كتبه القدر له ،ويعلم أنه المرشد، سيموت ،ولكن ال رجعة أبدا ،فنراها يقول لعم أمه (جمال البنا) شقيق ُ ويعطي المشورة ،وال أحد والذي كان ال يعترف بمنهجهم ،ويخالفهم الرأيُ ، يستمع إليه ،يقول له حين أراد نصيحته باالبتعاد عن الشيطان الذي يوظفه لتنفيذ الضالل والوهم والخيال. هاني :ال ترهق نفسك يا عماه ،أنا لن أخرج معك وال والدتي يمكنها أن تخرج، المظلم مهما كان ،ذلك أنا أوقعنا أنفسنا بإرادتنا أو حتى من غير من هذا النفق ُ
إرادتنا في شرك الشيطان ،نحن لعبنا اللعبة معه ،وكنا نطمع أن نستخدمه ال أن ()39 يستخدمنا ،فإذا اللعبة تنقلب علينا تدهمنا ،تغرقنا في هذا الطوفان الكاتب إذن – وكما ذكرت -تعامل مع الشخصية التاريخية نفسها،واستنطقها بمواقفها في الماضي ،لكنه وضعها في اإلطار اإلنساني ،ليعكس أحوالها وتناقضاتها ،وموقفها من نفسها ومن الحياة ،قدمها وكأنه يعرفها جيدا، ومرجعية المعرفة ،تعود إلي خبرة الكاتب في التعامل مع المادة التاريخية، فمعظم إنتاجه المسرحي ،دار في فلك توظيف التاريخ ،ومعالجته عصريا، بغرض إسقاط الوقائع القديمة علي واقعنا الحالي ،لنتخذ موقفا ،ونملك وعيا. في تلك المسرحية معلومات كثيرة ،ووقائع كثيرة ،تساعدنا علي معرفة طبيعة تلك الجماعة ،وطريقة تفكيرها ،ومرجعيتها ،وسلوك أفرادها، ومنهجها ..استطاع من خاللها أن يقدم أفكارا كثيرة جدا ،ووقائع مهمة أيضا، وبين من خالل كل هذا كيف أن األخوان كجماعة وتنظيم ،ال يتورعون عن التحالف مع الشيطان نفسه ،في سبيل تحقيق أحالمهم في حكم العالم ،ليس ُمهما أن تحدث عملية خلط الدين بالسياسة ،وليس مهما أن يكون هناك انتماء للوطن ،ألنهم يصرحون بأن الدعوة أممية ،يؤمنون بالعمل السري بالتنظيم الخاص أو السري ،العتمادهم علي تنفيذ العنف ،وإظهار التنظيم الدولي معتمدا علي الدعوة مع إنكار العنف ،البيعة تعني الطاعة العمياء للمرشد ،ألن (العضو المنضم إلي التنظيم ،كمثل الميت بين يدي من سوف يغسله حتى يودعه القبر). ُ أيضا استناده إلي رسائل (حسن البنا) ُموضحا كيف أنها أصبحت هي ميثاق أبو العال السالموين
145 144
عمل الجماعة برغم تغير الزمن ،واختالف السياق ،صارت بالنسبة لهم مثل القرآن ،ال يجوز الخروج عليها .تلك الرسائل ،وتأثيرها علي العمود الفقري الذي يقوم عليه جسد المسرحية – إذا صح التعبير -ألنها هي التي حركت األحداث ،وطورت الشخوص ،وبينت ردود األفعال ،وطبيعة الصراع. كيف عالج الكاتب المسرحي كل هذا من خالل القالب التسجيلي الذي أشرناإليه ؟ (رجل صالح يهدي الشيطان ،لكن الشيطان تبرأ مما يفعله اإلنسان)المسرحية تتكون من فصلين ،تدور أحداث الفصل األول في مصر ،وأحداث الفصل الثاني خارج مصر. يبدأ الفصل األول بمشهد يصحو فيه (سعيد رمضان)( )40من نومه فزعا ألنه رأي حلما مزعجا ،مؤداه أن ناسكا رآه يحاول هداية إبليس ،إال أن إبليس أخبر الناسك أنه ال يتحدي هللا ،وال يستطيع ذلك ،وكذلك اليغوي أحدا ،بل نفس اإلنسان األمارة بالسوء ،ويدعو الشيطان الناسك لرؤية ما يحدث ،فنراه ُيخرج لعبة علي هيئة ثعبان من صندوق ،ويلقيه – أثناء وقوفه في السوق المزدحم – بجانب الكلب الذي قفز نابحا ففزعت القطة وقفزت مصطدمة بالحلواني الذي فقد سيطرته علي قدر الزيت فانقلب الوعاء ،وانقلب موقد النار ،وجري الحلواني خلف الكلب ليضربه،فأتي صاحب الكلب ليمنعه ،فدارت معركة اختلط فيها الحابل بالنابل ،بينما نار الموقد امتدت وأشعلت السوق بأكمله ..هنا قال إبليس للناسك :أتراني أغريت الناسك بحرق السوق؟
فيرد الناسك :لكنك أنت وضعت البذرة التي كانت سببا في حرق السوق ،أعني الثعبان .فيرد إبليس :كان مجرد لعبة .فيرد الناسك :هو ثعبان اإلغواء ،من أغوي آدم حتى أخرجه من الجنة ..فيقول إبليس :إني أبرأ من حرق السوق.. ويتركه ويرحل. لقد ذكرت الموقف كامال ،ألن الكاتب وظفه كمعادل موضوعي للتجربة المسرحية كلها ،فهذا الشيطان ،يفعل شيئا يراه بسيطا ،لكن الشيء الذي فعله، يكون سببا في كوارث كثيرة ،وهذا بالضبط ،ما فعله األخوان ،حين كتب المرشد رسائله ،فأصبحت رسائل إغواء ودمار البشر ،بل والعالم كله ،ألنها صارت دستورا ،لمن آمن بها ،وكلها تقوم علي أفكار متطرفة ،وخطيرة ،حتى أن شيطان المسرحية (مفستو) يقول عنها – مخاطبا ابنة حسن البنا :ال نقرأها يا سيدتي فحسب ،بل ندرسها ،نتعلم منها ،وأكاد أقول :هي ما كانت عونا لسياستنا في فهم العقليات اإلسالمية والشرقية ،أنا شخصيا أثق بأن تعاوننا معكم هو ما ()41 سوف يؤدي حتما لسقوط السوفييت وتلك الرسائل -أيضا -ظاهرها يدعو لهداية البشر بنور اإلسالم ،ورفع علمه خفاقا علي كل ربوع األرض ،لكنها تؤكد -في نفس الوقت -علي أن القرآن الكريم يقيم المسلمين أوصياء علي البشرية القاصرة ،ويعطيهم حق الهيمنة عليها ،وحق السيادة علي الدنيا ،لتصير كل الدنيا إسالمية ،وذلك حين يقول في رسالته الثالثة (نحو النور)( :كانت قيادة الدنيا في وقت ما شرقية ثم صارت بعد ظهور اليونان والرومان غربية ،ثم نقلتها النبوات الموسوية أبو العال السالموين
147 146
والعيسوية والمحمدية إلي الشرق مرة ثانية ،ثم غفا الشرق غفوته الكبرى، وورث الغرب القيادة العالمية ،فلم يبق إال أن تمتد يد شرقية ،إذا بالدنيا مسلمة هانئة تهتف بشعار اإلخوان( :إسالمية ..إسالمية) وتشير إلي أن األمة التي تُحسن صناعة الموت ،وتعرف كيف تموت الميتة الشريفة ،يهب هللا لها الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في اآلخرة ،وأن المؤمن في سبيل هذه الغاية قد باع نفسه وماله ،فليس له فيها شيء ،وإنما هي وقف علي نجاح هذه الدعوة. والرسائل تُشير إلي تكفير المجتمعات الخارجة عن طوع األخوان ،ولذلك فإنها تمثل دستورا لجميع التنظيمات اإلسالمية التي ظهرت في العالم ،وخاصة التي ظهرت أثناء الحرب األفغانية ضد السوفييت ..فضال عن أنها تتحدث عن الجهاد الفريضة الماضية إلي يوم القيامة ،وهو المقصود -من وجهة نظر المرشد -بقول رسول هللا صلي هللا عليه وسلم (من لم يغزو ولم ينو الغزو، ()42 المرشد التي تعكس أفكارا كثيرة مات ميتة جاهلية) من هنا أصبحت رسائل ُ متطرفة ،أشار إليها النص في سياق المعالجة الدرامية ،هي الثعبان الذي وضعه الشيطان في صندوقه ،وحين أخرجه ،تسبب في إحراق السوق (العالم) كله. وفي الفصل األول – أيضا -نتعرف علي طقوس البيعة ،وعلي طبيعة وأصلالخالف بين القيادتين الرئيسيتين بعد المرشد وهما( :سعيد رمضان) المسئول عن التنظيم الدولي و(عبد الرحمن السندي)( )43مؤسس التنظيم الخاص أو السري ،وكيف أن (حسن البنا) استثمر هذا الخالف ،ووظفه لصالح الجماعة، وكان األول يؤمن بضرورة التوسع في مفهوم التنظيم السري ليستوعب العالم، ليحقق صيغته األممية ،بينما يري الثاني أن إجراء التوسع ،ضد السرية ،ذلك
النخبة والصفوة ،وبأرقام وبأسماء حركية ،أما أن السرية تعتمد علي أعضاء ُ المتسعة في العضوية ،وبصورته العلنية، التنظيم الدولي سيعتمد علي رقعته ُ و(السندي) كان دافعه -حين أراد المحافظة علي السرية – اعتماده علي تنفيذ العنف ،بينما الدولي يعتمد علي أسلوب الدعوة ،بل إنكار العنف ،بينما(سعيد) يري أن العنف والقتل ال ينبغي لهما أن يكونا في التنظيم ،أما عن رأي المرشد في تلك المسألة فان الكاتب يشير إليه في نصه حين تحدث قائال: المرشد :أنا مع رأيك ياسندي بسرية هذا التنظيم الخاص ،وتنفيذ العمليات النوعية والخاصة بحماية دعوتنا بالقوة ورباط الخيل ،حتى بالعنف أو القتل، كي نرهب أعداء هللا وأعداء جماعتنا ،ولنلقي الرعب بداخلهم كأداة للردع، وليثقوا أن جهاد اإلخوان جهاد ديني قدسي ،ليس مجرد عنف أو قتل ،هم حقا سيقولون إنا أرباب اإلرهاب أو العنف ،لكن لن ترعبنا كلمات هي ترهبهم أكثر مما ترهبنا نحن ،هذا رأيي في رأيك ياسندي ،أما عن رأيي فيما قال سعيد في شأن التنظيم الدولي ،فأنا معه تماما في الرأي،وال يتعارض والسرية في التنظيم الخاص ،إذ للدعوة وجهان :وجه سري يعمل تحت األرض ،وهذا دورك يا سندي ،دورك وحدك ،أما التنظيم الدولي سيعمل فوق األرض وفي كل بقاع ()44 األرض ،وبالطول وبالعرض ،وهذا دور سعيد رمضان الشخصيات الواقعية التي استحضرها الكاتب من صفحات التاريخ (حسن البنا -سعيد رمضان -عبد الرحمن السندي – جمال البنا) كلها تتحدث بلسان حالها ،لكن الكاتب وضعها ووظفها في إطار المعالجة الدرامية التي أرادها أبو العال السالموين
149 148
لموضوعه ،ليوضح لنا كيف أن تاريخ تلك الجماعة ،قائم علي الدم ،منذ البداية، وكيف أن نظام البيعة يجعل أمر طاعة المرشد فوق كل اعتبار ،حتى ولو كان الشخص يحمل رأيا مختلفا ،لكنه ال يستطيع المجاهرة به ،أو العمل عكس ما يطلب منه ،وتلك األفكار جميعها ،بما تحمل من تطرف ،ومغالطة ،حتى في فهم صحيح الدين ،ساعد الدول الغربية صاحبة المصلحة ،وعلي رأسهم أمريكا في توظيف ،ذلك ،حتى أن أمريكا نفسها كانت ومازالت تحرض تلك الجماعة، الكفر وضد اإللحاد ،ليتسع والجماعات المنبثقة عنها إلعالن الحرب الدينية ضد ُ العالم لهيمنتها وحدها بعد سقوط السوفييت ،وهذا ،ما يتناوله الفصل الثاني من المسرحية ،والذي تدور أحداثه – كلها – خارج مصر. هذا الفصل كان فيه (سعيد رمضان) هو البطل الدرامي الذي تدار به ومعه األحداث ،وقبل أن استعرض مواقفه ،أود التأكيد علي أن النص أشار إلي قضية الخلط بين الدين والسياسة ،هذا الذي يقوم عليه منهج اإلخوان ،في الحوار الذي دار بين (سعيد رمضان) و(جمال البنا) -شقيق المرشد ،والذي اعترض علي تكوين الجماعة أصال ،ولم ينضم لها -نراه ينتقد الخطوات التي اتخذها (سعيد) لتشكيل تنظيم يتبع اإلخوان في الدول األوربية قائال: جمال :عجبا !! إن كنت تُشكل تنظيما في دول إسالمية فاألمر طبيعي يتالءم مع مفهوم اإلسالم ،أما في الدول األوربية واألمريكية ،فاألمر سياسة ال دين. سعيد :هذا هو ما أعنيه وبالتحديد ،دين وسياسة ،وسياسة مع دين. جمال :هذا خلط لألوراق مشين
وفاء(ابنة المرشد) :يا عماه ..ما أعرفه أن أبي ال يخلط بين االثنين. سعيد :بل يخلط بينهما ،وإال ما معني شعار اإلخوان المصحف والسيفين ،ما معني الدعوة إلعادة دولتنا ،وخالفتنا اإلسالمية ،أو ليست تلك األفكار الواردة المرشد ،وخصوصا في المؤتمر الخامس وضرورة تنصيب بكل رسائل والدك ُ ()45 إمام هو ظل هللا علي األرض ،أو ليست تلك سياسة ؟ في الفصل الثاني :تتم عملية استثمار رسائل (حسن البنا) لمساعدة أمريكا لتُصبح القطب الواحد في العالم ،وإنهاء حربها الباردة مع السوفييت، فنري السفير األمريكي في مصر (جيفرسون كافري) ُيطلع الرئيس األمريكي (ايزنهاور) علي تلك الرسائل ،ويشرح له كيف يمكن تحويل الحرب الباردة إلي حرب دينية ضد الشيوعية. الرئيس :ماذا؟! أتريد ألمريكا الديمقراطية والليبرالية أن تدخل حربا دينية يا مستر كافري؟ السفير :عفوا يا مستر بريزدنت ،لسنا من سنقوم بتلك الحرب الرئيس :حسنا ..من سوف يقوم بها؟ السفير :من يعتنق األفكار الواردة هنا برسائل حسن البنا الرئيس :تعني أعضاء التنظيم اإلخوان في مصر؟ السفير :بل كل شعوب الدول العربية اإلسالمية في أقطار األرض الرئيس :وهل تعتنق الدول العربية واإلسالمية أفكار اإلخوان وحسن البنا؟ السفير :هذا هو دور األجهزة لدينا ..السي أي ايه يمكنها إقناع الدول العربية ()46 واإلسالمية برسائل حسن البنا لمقاومة الشيوعية أبو العال السالموين
151 150
من هنا بدأت لعبة الشيطان ،وتم توظيف (سعيد رمضان) المؤمن برسائل حسن البنا،وزوج ابنته ،ووضعت أربعة برامج للتنظيم الدولي، لمساعدته علي تحقيق هذا الهدف.األول يعتمد علي فلسفة التخويف ،وتقديس الرعب ،بما يعنيه اإلخوان بلفظ الجهاد في سبيل هللا ،والثاني :برنامج لمقاومة المقاتلة ،أو القتل باسم الحرية ،وهذا المشروع سري الشيوعية باسم الحرية ُ بين البنتاجون واألمن القومي ،يمول حربا ثقافية في كل مجاالت الفن وفي اآلداب .والثالث :برنامج الخنزير األحمر ،بذيل علي شكل (المنجل والمطرقة) شعار السوفييت ،ألن الخنزير هو الحيوان المكروه لدي المجتمعات اإلسالمية، والبرنامج الرابع هو مشروع (جراهام) ضد الشيوعية وهو عبارة عن شعارات مسيئة للدين اإلسالمي ،لتثير الغضب لدي تلك المجتمعات ،وهنا تم إقناع (سعيد رمضان) عميل المخابرات األمريكية ،لتبني نظرية اإلسالم السياسي بديال عن النظريات الشيوعية واالشتراكية.وتمت دعوته لحضور مؤتمر(جامعة ()47 برنستون) األمريكية في عام 1953 والكاتب (محمد أبو العال السالموني) لجأ إلي الرمز ،ليؤكد أن ذلك التحالف الذي تم بين سعيد رمضان والمخابرات األمريكية ،هو تحالف بينه وبين الشيطان ،فجعل رجل المخابرات يرتدي قناع (مفستو) شيطان أسطورة فاوست، ذلك الذي عقد معه فاوست اتفاقا ،فتفوق عليه ،وجرده من عظمته ،حين أصبح أقوي من الشيطان نفسه ،هذا هو ما أصبح عليه (سعيد رمضان) بكل ما فعله، وقام بتنفيذه ،بناء علي أوامر وتعليمات شيطان المخابرات األمريكية ،الذي
شجعه علي إعالن الحرب القدسية ،حرب الجهاد اإلسالمي ضد شيوعية روسيا بمشاركة الدول العربية واإلسالمية ،وحين استجاب ،مارست أمريكا تحريضها الكفر وضد اإللحاد ،وأصبحت لتلك الجماعات إلعالن الحرب الدينية ضد ُ العالقة بين الطرفين عالقة قويه ،ال يستطيع (سعيد رمضان)التخلص منها حتى بعد موته ،فاستمر ابنه سائرا علي نفس الدربَّ ، ووقع اتفاقا جديدا بدمه مع الشيطان ،بما يشير إلي أن عالقة اإلخوان بالمخابرات مستمرة حتى اليوم،ولن ()48 الخطط تتم باسم الدين تنتهي ،طالما ُوجدت المصالح المشتركة بينهما ،وكل ُ بهذه المعالجة الفنية للوقائع التاريخية ،استطاع الكاتب أن ُيقدم عمال مسرحيا تسجيليا ،تضافرت فيه عناصر متباينة ،جمعت بين الواقعي والمتخيل ،لكن المتخيل هنا ،جاء متوافقا مع الفكرة ،وليس معارضا لها. جهاد الفواحش في زمن الدواعش
()49
المختصرة بالعربية لعبارة (الدولة اإلسالمية في العراق داعش ()50هي التسمية ُ وألنهم يعلمون أنها ليست دولة معترف بها من قبل المجتمع والشام) الدولي ،لجأوا إلي التسمية المختصرة -في اعتقادي -لبث الرعب في نفوس الناس ،وهذا هدف أساسي من أهدافهم ،ألن الذين يقودون هذا التنظيم هم مجموعة من اإلرهابيين ،يؤمنون بوهم الخالفة ويتحدثون باسم الدين ،والدين منهم ومن أفعالهم براء. هذا التنظيم -بما فعله وما يفعله من أعمال عنف وإرهاب -فاق بكثير كل أبو العال السالموين
153 152
ما فعلته الجماعات والطوائف األخرى من الخوارج الذين ظهروا علي مدار التاريخ العربي اإلسالمي منذ أحداث الفتنة الكبرى،وجاءوا – في عصرنا الحالي -امتدادا طبيعيا لجماعة اإلخوان المسلمين( ،التي ألهمت كل جماعات اإلسالم السياسي ودعاة التطرف واإلرهاب ،والتكفير في كل أنحاء العالم) تلك الجماعات تسعي للحصول علي السلطة ،مستخدمة الدين ،فيخلطون المغرضة ،التي ال تمت بصلة إليه. بينه وبين السياسة .ويصدروا به الفتاوى ُ ويتصورون أنهم سيستطيعون إعادة نظام الخالفة التي ألغاها (مصطفي كمال ()51 أتاتورك) في عام 1924 إلغاؤها قضي علي الفكرة التي كانت مستقرة لدي المسلمين – حتى ذلك الحين -أن الخالفة اإلسالمية ضرورة دينية ،وركن من أركان اإلسالم ،حتى اعتقد البعض بأن من مات بغير خليفة أو إمام فقد مات ميتة جاهلية ،وهذا االعتقاد مازال قائما في عقلية كل الذين يسعون من أجل إعادتها -ولو الوجهة باستخدام العنف واإلرهاب -وألن األمر غير حقيقي ،وغير صحيح من ُ الدينية ،ويتصدي له العقالء من التنويريين ،لجأ الذين يريدون اللعب بالنار، إلي تكوين جماعات وتنظيمات ،تمارس اإلرهاب والعنف ،بزعم دفاعهم عن الدولة اإلسالمية ،وإعادة نظام الخالفة من جديد. في تلك اآلونة التي انتهت فيها تلك الخرافة ،رأينا من كان يسعي إليها (من الحكام العرب والمسلمين في ذلك الوقت ،منهم الشريف حسين ،والملك سعود والملك فؤاد ،وابنه الملك فاروق الذي أدعي نسبه إلي آل البيت الهاشميين، وكأنه يريد أحياء خرافة الصراع القديم ،وينافس الشيعة في إيران التي تنسب
إلي أئمتها التقديس بانتسابهم إلي أبناء (علي) من الهاشميين ،ثم يظهر فيما بعد طامعون في الخالفة آخرون ليسوا من الهاشميين ،ويدعون االنتساب إلي أهل الحكم والسلطة ،أمثال طالبان في أفغانستان السنة لمناوأة أهل الشيعة واقتناص ُ وباكستان ،وخليفة (داعش) في العراق والشام ،فضال عن أطماع (أردوغان) السلطان العثماني ،بدعم من التنظيم الدولي في تركيا الستعادة عصر حريم ُ لإلخوان تحت رعاية الواليات المتحدة األمريكية التي تسعي الستنساخ الفتنة الكبرى القديمة في صورة جديدة ،وهي نظرية الفوضى الخالقة التي تشتعل اآلن بين الطامعين في تجزئة المنطقة وتقسيمها من جديد ،وتوزيع غنائمها بين الجدد في إسرائيل، السنة في تركيا ،والفرنجة ُ الفرس الشيعة في إيران ،والروم ُ المتطرفة في المنطقة (اإلخوان -السلفيون -القاعدة – داعش) وللجماعات ُ ()52 وغيرها من جماعات الذئاب الشاردة والمنفردة ،عمالء المخابرات المركزية معالجة هذا الموضوع الخطير مسرحيا -وما تعلق به من فتاوى تؤكد جهل الذي نصب نفسه خليفة بالسيف والسكين والخنجر – ليست سهلة أبدا، ألنه موضوع فكري في األساس ،لكن الكاتب اقتحمه ،وبادر بمعالجته ،وقدم نصا يفضح فيه ،فكر تلك الجماعة ،وخليفتها المزعوم. تلك المسرحية تناقش الموضوعات الشائكة،المرتبطة بقضايا المرأة ،وما يتعلق بها من ممارسات تحصر عالقتها بالرجل في البعد الجنسي فقط ، حتى لو اقتضي األمر أن تكون العالقة اغتصابا ،المهم أن يستمتع الجنود المشاركين في جيش الخليفة ،ألنهم يقاتلون في سبيل هللا – كما يزعمون -من أجل إعالء راية الدولة اإلسالمية ،وجميعنا -نساء ورجاال -نصبح مجرد أبو العال السالموين
155 154
أسري وسبايا ورقيق وعبيد ،يفعلون معنا ما شاء لهم الفعل ،طالما أننا رضينا أن نعيش بدون خليفة !! وهذا الموضوع ُيعالج ُبعدا جديدا من أبعاد قضية اإلرهاب باسم الدين، التي اهتم بتناولها الكاتب (محمد أبو العال السالموني) في نصوص متعددة، البعد الجديد فرض نفسه ،ومازال يفرض تناولتها بالدراسة والتحليل ،وهذا ُ نفسه حتى اليوم .تناوله معتمدا علي الوقائع التي ُنشرت ،والملفات التي أشارت إلي مضمونه بخصوص فتاوى خليفة داعش المزعوم ،التي تُبيح نكاح المرأة حتى ولو بدون عقد زواج ،ألنها تساعد الجنود الذين يجاهدون في سبيل هللا، وترفه عنهم ،وستصبح – هي األخرى -مجاهدة جزاء ما أعطت !! باإلضافة إلي الفتوى التي تقول :إن المرأة األسيرة حين يطؤها ويعاشرها عشرة رجال من المجاهدين ،تُصبح مسلمة بإذن هللا ،وإذا خرجت عن التنظيم تُصبح في حكم ()53 المرتد ،ووجب رجمها وقتلها هم يفهمون عبارة (إن الضرورات تبيح المحظورات) فهما خاطئا ،ويفسرونها علي هواهم ،فيصبح المحظور أمرا عاديا ،حتى وان جاء ُمخالفا للشرع. والمباح -هنا ُ -يعبر عن هاجس الجنس وهوس النكاح ،الذي جعل (أبو بكر البغدادي) خليفة الدواعشُ ،يصدر الفتاوى التي تكشف عن هذا الهوس ،ومنها الفتوى التي أسماها (جهاد النكاح) (ويدعو كل نساء العالم للهجرة إلي دولتهم السنة من رجال داعش إلمتاعهم ،وهو ما لممارسة النكاح مع المجاهدين ُ يذكرنا بفرقة (حسن الصباح) اإلرهابية التي أقامت الجنة في قلعة الموت ،التي تمتلئ بالحور العين ،إلمتاع شباب المجاهدين الشيعة االنتحاريين من جماعة
الحشاشين) ولقد أثيرت قضية (جهاد النكاح) في سوريا -أيضا -حين ُنسبت بعض الفتاوى لبعض الشيوخ ،تدعو إلي (نفير النساء) إلي سوريا بغرض إشباع الرغبات الجنسية للمجاهدين – هكذا يسمونهم – ويعتبرون هذا النوع من الزواج جهادا في سبيل هللا !! وحين نعلم أن هناك ُكتبا تتضمن العناوين التالية :المباح في آداب النكاح – الطريقة النبوية السليمة في نكاح المرأة والبهيمة – شرح كتاب النكاح – الوشاح في فوائد النكاح -االنشراح في آداب النكاح -المباح في آداب النكاح -في فضل النكاح – الكفاءة في النكاح) وغيرها من تلك العناوين ،هنا نتيقن أن هذا الموضوع ُيمثل الشغل الشاغل لبعض الذين يريدون الحديث عنه بمرجعية دينية ،وليس بمرجعية علمية ،نفسية ،أو بيولوجية ،وتلك المرجعية التي تدعي إسالميتها تسيء – في الغالب – لهذا الموضوع ذو الصبغة اإلنسانية ،ألنها تعبر عن هوس جنسي كما أشرنا. وهنا ُيصبح حديث البعض من الذين يروجون لما يسمي بجهاد النكاح، أمرا طبيعيا – من وجهة نظرهم – فهم يصدرون الفتاوى التي تبيحه ،وتبيح – بالتالي زواج المتعة – ويرون أن اإلسالم لم يحرمه ،ويتغاضون عن اآليات التي تحرمه ،أن تلك الفتاوى تصدر عن جهله ،يسيئون لإلسالم والمسلمين عن عمد – كما أعتقد -أو عن جهل بين وخلل في التفكير العقلي ،لتعارضه مع الطبيعة اإلنسانية ،وتوافقه مع الطبيعة الحيوانية ،التي ال تقدر المشاعر، وال تؤمن بالحب. ()54
أبو العال السالموين
157 156
هو فعل اغتصاب كامل األركان حتى وإن تم بزواج عرفي ..لماذا؟ ألن اإلسالم أحاط العقد بقدسية ،توضحها اآلية الكريمة من سورة النساء (وكيف تأخذونه وقد أفضي بعضكم إلي بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا) (اآلية ..)21 إن الذين يبيحون (جهاد النكاح) لإلرهابيين الذي يعتقدون أنهم يجاهدون في سبيل هللا ،من أمرائهم ،ومن بعض شيوخ الفتنة ،يؤكدون علي:أوال :همجية الفعل وثانيا :الموقف المتدني تجاه الجنس والمرأة ،ألنهم يرون أن الرجل صاحب السيطرة ،ولذلك فإنه يحصر عالقته بها في نطاق المتعة الحسية فقط ،وثالثا :أن تلك الفتاوى التي تجيء من خارج نطاق ما يسمونه (الدولة اإلسالمية) تعكس فكر المجتمعات المتخلفة ،التي تخرج منها مثل هذه الفتاوى، وتنظيم داعش ،بوصفه تنظيما إرهابيا ،ال يعنيه أمر الدين في شيء ،بقدر ما يعنيه أن يحقق به ،ومن خالله ،أهدافه السياسية ،لتحقيق حلم (الدولة اإلسالمية) وإعادة الخالفة من جديد ،وكأنهم يعيدوننا إلي الماضي ،الماضي الذي ُُقتل فيه آالف المسلمين بأيدي المسلمين ،وليس بأيدي غيرهم ،دفاعا عن فكرة الخالفة المزعومة. كل الذي تحدثت عنه خالل السطور السابقةُ ،يمثل المرجعية الفكرية ،التي عالجها النص دراميا ..والسؤال هو :كيف عالجها دراميا ؟ استخدام الكاتب تقنية (مسرح المناقشة) التي تعتمد علي الشخوص المسرحية ،وحوارها ،أكثر من اعتمادها علي الحركة والصورة المسرحية، فالشخوص يتحدثون ،ومن خالل حديثهم نعرف ماضيهم ،وما وقع لهم من
أحداث ،أدت إلي الموقف النهائي الذي نراهم عليه وهم يقفون علي خشبة المسرح ،وتلك الطريقة وجدناها لدي بعض ُكتاب المسرح العالميين الذي ابتكروا تلك التقنية في مسرحهم ،مثل الكاتب النرويجي (هنريك إبسن) والكاتب االنجليزي الذي تأثر بإبسن -من هذه الناحية( -جورج برنارد شو) ،والقضية في هذا النص قضية هادفة – وتلك طبيعة مسرح المناقشة -لتناولها للموقف الفكري – كما ذكرت – لتنظيم (داعش) اإلرهابي. وبرغم أن هذا النوع من المسرحُ ،يمكن أن يتسبب في إحداث ملل لُلمتلقي، حين يحاكي موضوعه ،موضوع ندوة سياسية أو مقال ـ إال أن الكاتب (محمد أبو العال السالموني) استطاع – برغم هذا -أن يجعل الحوار حيويا ،يدعوك للترقب ،ويجبرك علي المتابعة ،بسبب غرائبية الموضوع من ناحية ،وبسبب أسلوب الكوميديا السوداء من ناحية أخري ،وبطبيعة الحال فإن هذا الموضوع – بسمته الفكرية الخالصة – ُيمكن أن يعكس أثرا من المباشرة أحيانا ،ومن الخطابية أحيانا أخري ،ومع ذلك فإن العمل ال يخلو من عنصر التشويق الذي أشرت إليه ،باإلضافة إلي تأثيره االيجابي علي المتلقي الذي يشارك مشاركة ايجابية ،حين يتلقي تلك الغرائبية ،ويفكر في طبيعتها ،ومضمونها ،وهو الهدف الرئيسي من هذا المسرح. وألن هذا النوع من الكتابة ،يتطلب وعيا كبيرا من الكاتب بطبيعة الموضوع، ومعرفة ،بكل الظروف والوقائع المحيطة به ،نري أن الكاتب درسه دراسة وافيه ،وقدم عالم تلك الجماعة من الداخل ،وليس من الخارجُ ،مركزا علي أبو العال السالموين
159 158
ومبينا كيف أن تلك الطبيعة ببعدها الشاذ ،تخلق مواقف كشف طبيعة التفكيرُ ، أكثر شذوذا ،تدفعنا التخاذ موقف تجاه تلك الجماعات ،فالكاتب هنا ُيحاكم فكر، وال يحاكم أحداث ،ألن الفكر ،فعل خطير جدا ،خاصة حين يتم باسم اإلسالم، ويشوه صورته الناصعة أمام العالم ،الذي ال يعرف عن اإلسالم شيئا. لم يتوسع في موضوعه ،بل كثفه ،حين اكتفي فقط بموقف واحد قام بمعالجته فنيا ،وهو المتعلق بفتوي (جهاد النكاح) دون غيرها من ممارسات التنظيم اإل رهابي. تبدأ المسرحية بحوار بين إرهابيين من داعش ،نفهم منه أن مجموعة من الفتيات جئن إلي معسكر التنظيم من أقصي بالد الشرق ،بعد إعالن خليفة داعش علي موقع االنترنيت دعوته لنساء العالم من أجل جهاد نكاح شرعي يضمن للمرأة جنات الخلد ،وتلك الفتيات جئن من الحانات والكباريهات المنتشرة هناك، وكن يرفهن -من قبل -عن الجند األمريكان .لكنهن جئن هذه المرة للتطهر، والتوبة ،ظنا منهن أن ذلك سيتم بزواج شرعي يحميهن ،ويبعدهن عن العمل السفن ،حين المخزي الذي قمن به من قبل ،لكن الرياح تأتي بما ال تشتهي ُ ُ تقابل المرأة (لوتس) خليفة داعش ،بمرافقة (وليد) الداعشي المترجم ،تكتشف أن الخليفة يتعامل معها كعاهرة ،لكنه في نفس الوقت يوافق علي مواقعة تلك الفتيات ،وتكون المواقعة حالال بالال ،اعتمادا علي أن الذنب سيقع عليهن وليس علي الجنود !! وحين يخبره (وليد) أنهن أتين من أجل التوبة ،ويردن (جهاد المنكر والبغي ..نري (الخليفة) يرد بأن ال أحد من نكاح) شرعي يبعدهن عن ُ الجنود سيرضي بالزواج من عاهرة ،ولكن يمكن أن يتم ذلك إذا وافقن علي
أن يؤخذن سبايا ،وهذا ما ترفضه (لوتس) وتتمسك بالزواج الشرعي من أجل التوبة ،ثم توافق حين تتعقد األمور ،وتري أن حياتها أصبحت في خطر. العهر. لوتس :أو لست تري هذا أفضل مما كنا فيه من الرجس وأعمال ُ وليد :ال ..لست أري فرقا بين االثنين ،بين حياة داعرة وحياة سبي ..مفهوم السبي هنا في دولتنا ال يختلف عن العهر وهتك العرض. لوتس :تعني أنا سنمارس نفس المهنة تحت مسمي آخر كسبايا ليس بغايا وليد :أهنالك فرق؟ لوتس :بل ثمة فرق ..حين نكون بغايا نفعل ذلك بإرادتنا ،وبرغبتنا ولذلك نأخذ عنه األجر ،أما حين نكون سبايا مغتصبات ،فاألمر يتم بدون إرادتنا أو رغبتنا، ويكون لنا شرف مقاومة المغتصبين لنا. هنا نطقت الغانية بلسان المؤلف ،ليوضح لنا األمر ،ويجعل تلك المرأة غير المسلمة ،حين تتحدث بفطرتها السليمة ،تبدو وكأنها مسلمة ،رافضة لفعل االغتصاب تحت أي مسمي. وحين يشتد الخالف بين (وليد) و(الخليفة) بعد أن عاد إليه عقله ،رافضا فتواه ،لتعارضها مع الشريعة ،وحبه للمرأة ،وحبها المتبادل له ،نراه يدافع عنهاُ ،معلنا حمايتها مهما كان الثمن ،هنا نري الخليفة يشتاط غضبا ،فيهدده بالحرق حيا ،لخروجه عن طوعه ،ومجادلته ،خاصة حين أعلن عن رغبته في الزواج منها ،زواجا شرعيا سليما ،بعيدا عن الفتوى التي تفرض عليها أن تسلم نفسها لعشرة رجال ،حتى تحصل علي التوبة. عاقبها والعقاب :أن تكون جاريته ،وبعدها يهبها لمن يشاء. أبو العال السالموين
161 160
الخليفة :مادامت وهبتني النفس كجارية وبال إجبار ،فأنا من حقي أن أهب الجارية لمن شئت (وبحزم) هذا هو القول الفصل ،وال تعقيب عليه يا أخ وليد.. خذها وأعلن فتواي علي الجند علي هذا النحو :فيأخذها أول جندي ويعاشرها زمنا ثم لجندي آخر ،ثم آلخر ودواليك. وليد :موالي ..هذا ما كانت تفعله في مهنتها األولي وأتت تتبرأ منها. الخليفة :اسمع يا أخ وليد ..في مهنتها األولي كانت تفعل ذلك وهي امرأة كافرة ،عاهرة ال دين وال أخالق لها ،أما اآلن فقد صارت أمة هللا ،تُجاهد بنكاح شرعي ،وهبته لوجه هللا ليمحو عنها ما اقترفته من اآلثام. المفارقة الباعثة للضحك هنا – وهو ضحك أشبه بالبكاء -أن الحوار يدور ُ المتعلق بنكاح نساء بشكل غير شرعي، وهو دين، أي يقره ال موضوع حول ُ مكافأة للجنود ،ألنهم يجاهدون في سبيل هللا ،بينما هو يجاهدون من أجل إرضاء الشيطان ،يتحاورون ،ويتحدثون بمرجعية دينية ،لكنها تتعارض – تماما -مع ما يفعلونه ،ويدعون إليه.ويبررون المعاصي. أبو الهيجاء( :منتشيا) يا هللا ..دقات الكعب العالي تسري في جسدي كالرعشة. أبو عقبة :اهدأ يا أبا الهيجاء ..هذي خطوات رئيستهن بصحبة من يتولي الترجمة لها ..األخ وليد. أبو الهيجاء :ما أسعد هذا األخ وليد ..قد كان رفيقا معنا في حرس القصر، أسعده الحظ بأن كان لديه المعرفة ببعض لغات أخري جعلته مترجم موالنا الشخصي ،الشك له حق النظرات بال حد ،فضال عن صحبته للمزة ،وحديثهما الممتد ،لكن ..أو هذا ليس يخالف شرع هللا ؟
أبو عقبة :يا أبا الهيجاء ..القاعدة الفقهية تقضي ،أن الضرورات تبيح المحظورات. هنا يقلبون القواعد رأسا علي عقب ،باسم الضرورة. ويعلن (وليدا) حبه للمرأة ويتصاعد الصراع الدرامي بين شخوص المسرحيةُ ، (لوتس) ويصارحها بحقيقة تفكير تلك الجماعة. وليد :المحنة قائمة في الفكر المتخلف لجماعتنا نحو المرأة ،فكر ينظر للمرأة ليس كإنسان ،لكن ينظرها موضوعا للشهوة واإلغراء ،ويعاملها من منطلق الهوس الجنسي ،أما النظرة للحب فال شيء ،هذا فكر ال يعرف شيئا عن عاطفة الحب أو العشق ،ال يعرف إال الشهوة والجنس ،كل قضايا التحريم أو التابو ،ال تصدر منهم إال عن جسد المرأة ،مرض مأساوي وعضال في عقل جماعتنا، المعتل. وأنا ال أنوي أن أمضي مع هذا الفكر ُ وحين يشتد الصراع ،نصل إلي النهاية التي أرادها المؤلف تشبه نهايات قصص الحب المأساوية ،خاصة مأساة (روميو وجولييت) التي انتهت بانتحارهما ،كحل للخروج من مشكالت ال يستطيعون مواجهتها ..هنا يقررا معا -االنتحار داخل الخيمة التي أعدت لخلوتهما ،حين أقنع (وليد)(الخليفة) كذبا بأنه سيواقع المرأة ،وبعدها سيسلمها للجنود كما أراد ..يطلقا علي رأسهما الرصاص ،ويموتا ،تعبيرا عن تمسكهما بالحب كقيمة ،ال يعترف أبو العال السالموين
163 162
المخالفة للشرع ،وتعطيل بها هؤالء اإلرهابيون ،وتعبيرا عن رفضهما للفتاوى ُ تنفيذها في دولة الخليفة. الخليفة (غاضبا) :هذان الملعونان المنتحران يريدان بهذا تعطيل فتاوانا للدعوة لجهاد النكاح في دولتنا ،لكن قسما عظما ،ليكونن العبرة والعظة لمن ال عبره له (يأمر أتباعه) ..خذا هذين الملعونين ،واخلعا مالبسهما وال تقوال إنهما انتحرا، ضبطا في الخيمة ،في حالة فحش وزنا ،ولذلك أطلقنا النار عليهما، بل قوال إنهما ُ كجزاء لهما ،ثم ُيعلقان فوق صليبين عاريين في الساحة ،وأمام المارة لثالثة أيام قذفا باألحجار. وتنتهي المسرحية بعبارته (ال رجعة عن فتواي ..من ال تقبل بمواقعة الجند العشرة راضية مرضية ،حتى تتطهر من رجس الكفر أو العهر ،تُصبح بمثابة زانية تُرجم باألحجار ،وتُقذف قذفا من قبل رجال وجند الدولة ،عارية حتى تشهق ،ليس من اللذة ،بل من شهقات القذف وكما نري فان الكاتب استطاع بأدوات المسرح ،أن يتناول موضوعا ،يفضحفيه فكر تلك الجماعة اإلرهابية ،منتصرا لقيمة الحب ،في مواجهة الكراهية، ومنتصرا لدقات القلوب حين تعرف طريقها نحو الخير والنور ،في مواجهة سواد القلوب التي ال تعرف إال طريق الشر والظالمُ ،يقدم قصة حب جديدة ،في تلك األجواء البغيضة ،التي ال يمكن للحب أن يجد فيها مكانا ليحيا ،وبالفعل،
لم يستطع أن يعيش ،وسط السواد الحالك ،الذي تريد تلك الجماعة ،وغيرها من الجماعات أن تُسدل أستاره علينا. السحرة
()55
التكريس لثقافة الخوف والتهديد واإلرهاب في أوائل السبعينيات من القرن الماضي ،قام (السادات) بمواجهة اليسار ويعارض باليمين الديني ،بسبب شعوره بأن اليسار ال يتفق مع سياساتهُ ، مواقفه ،خاصة بعد تصريحه الشهير ،بأن عام ،1971سيكون هو عام الحسم أي الذي سيتم فيه تحرير األرض التي أغتصبها العدو اإلسرائيلي في - 67ومرت األعوام -بعد هذا التصريح -ولم يتحقق شيئا مما صرح به !! فقامت المناهضة ،التي قادها اليسار ،فلجأ إلي إفساح المجال أمام مظاهرات الطلبة ُ التيارات الدينية لتواجه المد اليساري داخل الجامعات. ومن المفارقات العجيبة أن تشكيل الجماعة اإلسالمية من الطالب اإلسالميين، تم بمساندة من النظام ،فعندما تولي (محمد عثمان إسماعيل) أمين عام االتحاد االشتراكي -في ذلك الوقت -منصب محافظ أسيوط في عام ،1972أشرف بنفسه -وبأوامر من (السادات) -علي فض االعتصام الشهير بجامعة أسيوط ،الذي قاده طالب اليسار ،وكان للرجل نظرية مفادها:أن اإلسالميين إذا استطاعوا الحصول علي التمويل الالزم لممارسة نشاطهم ،ساعتها سيستطيعون إعاقة نشاط الطالب اليساريين المعارضين للسادات ،ولذلك انشأ مكتبا بالمحافظة أبو العال السالموين
165 164
كانت وظيفته إعداد الكوادر للتصدي للطالب اليساريين ،وإجهاض قوتهم داخل الجامعة ،وكانت تلك هي البداية ،التي ساعدت علي ظهور عدد من التنظيمات المتطرفة ،المتسترة بالدين ،والتي تفرغت لتحقيق أهدافها الخاصة مثل( :تنظيم الفنية العسكرية -تنظيم التكفير والهجرة -الجماعة اإلسالمية -الجهاد - وغيرها من التنظيمات. ولقد وقع السادات في خطأ كبير حين ظن أنه سيستطيع استخدام التيار الديني لخدمة أغراضه ،بينما الذي حدث ،أن هذا التيار سرعان ما انتقل للعمل لحسابه الخاص. وأصبح المناخ مهيئا أمام كل من يريد ممارسة نشاطه المتطرف ،حتى ولو جاء من خارج مصر ،فظهرت مجموعة العقيد (صالح سرية) الفلسطيني المولد ،األردني اإلقامة ( )56وقام بممارسة مغامراته ،حين احتل الكلية الفنية العسكرية ،وقتل سبعة عشر شخصا ،معتقدا انه قد ُيحدث انقالبا في مصر في عام ،1974لكن مغامرته باءت بالفشل ،وتم إعدامه … وتسلل – أيضا -إلى مصر اإلرهابي (محمد سالم الرحال) الذي قام بجمع فلول تنظيم (صالح سرية) الذي عمل تحت اسم (حزب التحرير اإلسالمي) لينشئ تنظيما جديدا اسمه (الجهاد اإلسالمي) .حرم أكل ذبائح المصريين ألنهم كفار ،و حرم الصالة في المساجد الحكومية ،ألن الحكومة -في نظر أعضائه -حكومة كافرة، وحرضوا أتباعهم ضد التجنيد ،وزعموا أن قتال المصريين أولي من قتال العدو اإلسرائيلي !! وقاموا بسرقة أسلحة من الجيش ،وانكشفت مؤامرتهم،
وتم القبض عليهم ،وكان من بين المقبوض عليهم أربعين من الصبيان الصغار الذين ُحفظ التحقيق بالنسبة لهم علي أساس أنه ُغرر بهم ،وانتهت مجموعة الجهاد األولي لتقوم علي أنقاضها مجموعة الجهاد الثانية ،التي قامت بالصغار الذين تركتهم الحكومة رأفة بهم لصغر سنهم ،وارتكب بعض أفرادها حادثة ()57 المنصة وقتل (أنور السادات) وحين قامت (جماعة التكفير والهجرة) بقيادة (شكري مصطفي) باختطاف وزير األوقاف الشيخ (حسن الذهبي) في عام - 1977واغتياله برصاصة في عينه اليسرى -حين أفتي بمروقهم – كانت هذه هي اإلشارة األولي، التي كشفت تعاظم نشاط تلك الجماعات ،وكشفت خطورتها ،خاصة أن تلك الجماعة لم تكن تعمل بشكل سري ،بل قام أعضاؤها ،بطرح أفكارهم عالنية، وتلك األفكار انتهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية ،هؤالء الذين قتلوا (عثمان ابن عفان) سنة 40هجرية ،ألنه رأي الخالفة (قميصا ألبسه هللا إياه) ،هاجرت تلك الجماعة من المجتمع ،الذي تراه كافرا ،وعاش أفرادها في منطقة صحراوية تقع بين المنيا والوادي الجديد ،مارست أعمالها ،وتدريباتها، ووضعت خططها وبرامجها ..وحين ُقبض علي أميرها (شكري مصطفي) ()58 تحدي المحققين ،وادعي أن أحدا لن يستطيع إعدامه ،ألنه المهدي المنتظر وكان للثورة اإلسالمية التي قامت في إيران عام ،1979تأثيرا علي أفراد تلك الجماعات ،وأصبحت نموذجا ُيحتذي به للوصول إلى السلطة ،وكانت النتيجة (اغتيال السادات) واستمرار نشاطهم بعد ذلك ،وزيادة العنف ،ومحاوالت االغتيال الفاشلة التي انتهت في عام ،1995بمحاولة اغتيال (حسني مبارك) أبو العال السالموين
167 166
في أديس أبابا ،ومذبحة األقصر في عام ،1997وتمكنت جماعة اإلخوان المسلمين من الوصول إلي السلطة عقب ثورة يناير ،2011واستمر عنفهم حتى اآلن. في الفترة التي أشرت فيها إلى أن السادات أحكم قبضته علي اليسار ،بإعطاء الفرصة كاملة للتيار الديني لكي يعمل بتشجيع منه ،طالب األدباء – خاصة هؤالء الذين يعيشون خارج العاصمة -وكان (محمد أبو العال السالموني) واحدا منهم -بإقامة اتحاد مستقل للكتاب ،يستطيعون من خالله ممارسة حريتهم في التعبير ،ألنه سيوحد صفوفهم في مواجهة السلطة ،التي حملت علي عاتقها مهمة تهميش دورهم تماما ،باتهامهم بالشيوعية تارة ،وبالكفر واإللحاد تارة أخري ،فاشتد الخناق عليهم ،و لم يستطيعوا نشر أعمالهم ،أو ممارسة أنشطتهم الفكرية واألدبية والفنية ،وكان قانون الرقابة علي المطبوعات، ويكشر عن أنيابه ،أمام كل من يريد الخروج عن النهج يفرض سطوتهُ ، المتفق عليه !! وكان هذا سببا من األسباب التي دعت لصدور األعمال األدبية بطريقة الماستر ،وهي طريقة للطباعة رديئة ،وغير عمليه ،كانت تتم بواسطة ماكينات تصوير األوراق ،التي كانت -في تلك اآلونة -اختراعا جديدا .ولم تستطع -مع ذلك -أن تمارس عملها بعيدا عن مقصلة الرقيب. وسط هذه األجواء القلقة ،كانت مدينة بور سعيد تستعد لالحتفال بعيد النصر في ليلة الثالث والعشرين من ديسمبر ،1974وكان من ضمن برنامج االحتفال عرض مسرحية السالموني (رواية النديم عن هوجة الزعيم)( )59من
إخراج (عباس أحمد) وهناك ُطرحت فكرة االتحاد المستقل مرة أخري ،وتم االتفاق علي إقامة مؤتمر قبل افتتاح المسرحية ،يضم بعض األدباء من األقاليم المجاورة لبور سعيد :دمياط والمنصورة ،وإصدار بيان يعبر عن رأيهم في هذه القضيةُ ،يعلق أمام باب المسرح ،للتوقيع عليه ،وكنت -آنذاك -واحدا من الذين حضروا هذا االحتفال ،وشاهدت وقائعه ولم يذهب من ذاكرتي ،علي الرغم من صغر سني في تلك المرحلة ..وبالفعل تم تعليق البيان ،ودار حوار حول تلك القضية بين الجمهور واألدباء في صالة العرض ،وتحول هذا الحوار إلى مظاهرة سياسية ،ثقافية ،تم علي أثرها استدعاء قوات األمن التي حاصرت قصر الثقافة ،وتم إلقاء القبض علي معظم الذين شاركوا في هذا المؤتمر ،من داخل المسرح ،وتم إلقاء القبض علي بعضهم ليال أثناء نومهم ،وكان (محمد أبو العال السالموني) واحدا من هؤالء الذين تم القبض عليهم ليال أثناء نومه، في منزل صديقه الكاتب (قاسم مسعد عليوة) ..وتم ترحيلهم إلى السجن ،وقضي مؤلف هذا النص ما يقرب من ثالثة شهور طبقا لقانون الطوارئ ،متهما بتلك التهمة الجاهزة :وهي إحراز منشورات معادية ،والعمل علي قلب نظام الحكم المعدة سلفا لكل الذين يعادون نظام السادات ::تهمة !! فضال عن تلك التهمة ُ اعتناق الشيوعية !! تلك التهمة التي جعلت الساحة جاهزة الستقبال التيارات الدينية لكي تمارس نشاطها لمواجهة الشيوعية الكافرة !! كل هذه األحداث التي ذكرتها دفعت الكاتب (محمد أبو العال السالموني) للذهاب إلي نص الكاتب األمريكي (آرثر ميلر) الذي كتبه بعنوان (البوتقة) أو (ساحرات سالم) فأعد عنه النص – الذي بين أيدينا (السحرة) في عام 1975 أبو العال السالموين
169 168
أي بعد خروجه من السجن مباشرة. أما عن :لماذا ذهب لهذا النص تحديدا ؟ نقول :ذهب إليه ألن األحداث التي ذكرتها آنفا ،ومرت بها مصر السبعينيات ،تشابهت مع األحداث التي دفعت (آرثر ميلر) لكتابه نصه. تلك األجواء المكارثية ( )60التي عاشها المعارضون لنظام السادات، الذين تعرضوا للسجن واالعتقال ،وإلصاق تهمة االنتماء للشيوعية هي نفس التهمة التي لصقها (جوزيف مكارثي) -عضو الكونجرس األمريكي لكل المعارضين للنظام -في فترة الحرب الباردة ضد السوفييت في عام 1950 حين أدعي -بدون دليل -أن هناك عددا كبيرا من الشيوعيين والجواسيس السوفيت ،والمتعاطفين معهم داخل الحكومة الفيدرالية األمريكية .ونتيجة لما ادعاه ،مورس اإلرهاب الثقافي والفكري ضد المثقفين ،وبعض الفنانين ،مما سلبيا على أدي إلى فتح تحقيق في هوليود بشأن عدد كبير منهم ،فأثر ذلك ً مهنتهم الفنية. ()61 وتشير األرقام إلى طرد أكثر من عشرة آالف شخص نتيجة مزاعم مكارثي و(آرثر ميلر) استوحي موضوع نصه من أحداث هوس ديني في قرية أمريكية في القرن السابع عشر ،عقب أحداث مشابهة جرت في بداية الخمسينيات من القرن الماضي في أمريكا – تلك التي أشرت إليها - األحداث القديمة التي استدعاها (ميلر) حدثت في عام 1692في بلدة سالم التابعة لوالية (ماساتشوستس) األمريكية ،قام فيها األصوليون ،بتشكيل محاكم
تفتيشُ ،عرفت باسم (محاكم السحرة) كانوا فيها يلفقون التُهم للمعارضين ،بزعم أنهم يستخدمون الشيطان والسحر في أعمال ضارة ،بينما األمر لم يكن حقيقيا، فنتج عن ذلك مقتل كثير من الضحايا إما شنقا ،أو كبسا تحت الحجارة!! وهذا الذي حدث في الماضي ،استدعاه الكاتب األمريكي ،ألنه وجد أن ما يحدث في أمريكا علي يد(مكارثي) والنظام المستجيب له ،يشبه تلك األحداث القديمة .حتى أن (ميلر) -نفسه -تعرض الضطهاد ،نتيجة اتهامه بانتمائه للشيوعية ،مما دفعه لكتابة النص في عام ،1953مواجهة الستبداد (المكارثية) نغصت علي الناس حياتهم أيامها، تجاه الحياة الفنية والسياسية والفكرية ،التي َّ كتبها ليكشف عن قمع السلطات ،التي قامت بالتحقيق واالستجواب ،اعتمادا علي الضالل ،وأكاذيب الناس الذين تحركهم الغرائز ،وال يحركهم العقل. والكاتب (محمد أبو العال السالموني) قام بتمصير هذا النص ،ليتوافق مضمونه مع الواقع السياسي واالجتماعي في مصر السبعينيات ،وإذا كان (آرثر ميلر) قد ذهب إلي عام ،1692فان (السالموني) ذهب إلي عام 1517 وما بعده (القرن السادس عشر الميالدي) وهو تاريخ الغزو العثماني لمصر بقيادة (سليم األول). والسؤال هو :لماذا ذهب إلي ذلك العصر ؟ ذهب إليه ،ألن الظروف السياسية واالجتماعية في تلك الفترة البعيدة ،تشبه – من حيث مضمونها ومناخها – نفس ما حدث في مصر السبعينيات ،حيث إتباع سياسة القمع ،وتكريس ثقافة الخوف والتهديد واإلرهاب ،باسم الدين أيضا. أبو العال السالموين
171 170
العثمانيون كانوا يزعمون أنهم جاءوا إلي مصر دفاعا عن الدين اإلسالمي، وحماية للشريعة ،لكن الحقيقة كانت غير ذلك تماما ،و(محمد ابن إياس الحنفي) مؤلف كتاب (بدائع الزهور في وقائع الدهور) كان حاضرا تلك األحداث ،وذكر وقائعها في كتابه ،وقال من ضمن ما قال :إن سليم األول قال -حين كان في معسكره قبل دخوله القاهرة ( -غدا أدخل مصر فأحرق بيوتها ،وألعب بالسيف في أهلها) وتلك العبارة ال يقولها إال إرهابي ..دموي،جاء من أجل الذبح ،ولم يجيء من أجل الدفاع عن الدين – كما زعموا – هذا الرجل قتل ويسهب ويلقي الجثة في النيل !! ُ أكثر من عشرة آالف ،وكان يقطع الرأس ُ ابن إياس في سرد المذابح المروعة ،التي شبهها بواقعة غزو الملك البابلي (نبوخد نصر الدين) لمصر في العصور القديمة ،وباجتياح (هوالكو) بغداد، ويقول :برغم أن (سليم) أوقف القتال ،لكن جنوده كانوا يعتدون علي العوام، ويسرقونهم ويقومون ب(تشليح ثيابهم وسرقة عمائمهم في الطريق) فضال عن اقتحام األزهر ،ومسجد ابن طولون ،وجامع الحاكم ،وإحراق جامع شيخو، وتخريب ضريح السيدة نفيسة ،حين داسوا علي قبرها ،وهذا يكشف أن السبب الحقيقي للغزو لم يكن الدفاع عن الدين ،بل إنهاء دولة الخالفة اإلسالمية في مصر ،ونقلها إلي اسطنبول ،وهذا ما حدث بالفعل. وحين يستدعي (السالموني) ذلك التاريخُ ،ليذكرنا بتلك األحداث – دون أن يشير إليها صراحة في المسرحية ،لكنها إشارات تكشف عن الفترة فقط -حين يفعل ذلك فهو علي وعي بأن ذلك التفكير مازال قائما في عصرنا
الحديث ،وبسببه ترتكب الجرائم ،تحت أي مسمي ،وتحت أي زعم ،فمثال نري رجال مثل (أردوغان) رئيس تركيا ،دائما ما يقول ويذكر أنه (حفيد العثمانيين) ولذلك نراه يتدخل في شئون الدول العربية واإلسالمية ،وينصر اإلرهاب، ويساند الجماعات المتطرفة ،ومنها اإلخوان المسلمين ،وفي داخله يبكي علي زوال خالفة (آل عثمان). هذا التاريخ من القمع ،واللعب باسم الدين ،وممارسة ظلم الناس ،ممتد حتى اآلن ،ولذلك حين تأتي مسرحية مثل تلك التي بين أيدينا ،نجدها تعبر عنا، وتتحدث عن واقعنا ،وإن ذهبت إلي الماضي ،ويصبح الرجوع إليه ،مجرد أداة فنية ،لمعالجة ،أحداث الحاضر ،نظرا للتشابه الشديد ،وليس هروبا ،أو إسقاطا ،كما يحدث عادة في األعمال التي تلجأ إلي التاريخ ،وتعالجها معالجة جديدة ،بهدف اإلسقاط .هنا ليس إسقاطا ،لكنه تأكيد علي امتداد الحدث ،بنفس مضمونه ،وأسبابه ،وان اختلفت شخوصه فقط. عالج النص معالجة مصرية خالصة ،ليقول -من خاللها :-إن األفكار المتشددة واإلرهاب الفكري هما اللذان يهددان حرية وأمن الوطن.. والمسرحية تشير إلى أن السلطة هي التي سمحت لهذه التيارات بممارسة نشاطها ضد خصومها ،وتركت لها الساحة لمباشرة مهامها إلرهاب المثقفين، واتهامهم بالردة والخروج علي الدين ..وكما خرج (جوزيف مكارثي) بلجنته الفاشية من الكونجرس األمريكي ،خرج علينا في مصر رجل يدعي (يوسف مكادي) ( )62وكان ضمن جماعة تسمى (لجنه النظام) من مهامها الهجوم علي أبو العال السالموين
173 172
المعادي المثقفين من ُ الكتاب والمفكرين ،وأساتذة الجامعات ،بحجة النشاط ُ للنظام ،وهذا التشابه هو الدافع إلى كتابة هذا النص المسرحي . وعلي الرغم من أن المسرحية ُكتبت منذ سنوات طويلة ،إال أنها تُعد بمثابة رؤية مستقبلية لألحداث التي أتت في مصر الثمانينات،ودفع السادات حياته ثمنا لها ،حين تم اغتياله بأيدي هؤالء الذين قام بحمايتهم ،وأعطاهم فرصة . الظهور علي الساحة ُيعالج الكاتب (محمد أبو العال السالموني) في هذا النص المسرحي ،نفس الموضوع ،ولكن من زاوية جديدة ،مؤكدا -من خالله -علي أن السلطة تُمارس سطوتها علي المعارضين لها باسم الدين ،متحالفة مع بعض المتهوسين والمتطرفين ،الذين يلوحون بالتكفير تارة ،وبالردة تارة أخري. إن مرض ابنة الشيخ (برهان) وابنة (الحاج جعفر) الذي قيل ،وأشيع أنه المفجر الرئيسي ألحداث جاء نتيجة سحر مارسته بعض النساء عليهما ،كان هو ُ المسرحية ،فالحدث يتطور بشكل تلقائي كلما تواترت عمليه البحث عن النساء الساحرات ،أو المتهمات بممارسة السحر ،وأثناء رحلة البحث اختلط الحابل بالنابل ،ووجهت االتهامات بشكل عشوائي ،وبدون روية أو دليل قوي ،وتم إعدام الكثيرات منهن ،وحين تصدي واحد من الرجال المستنيرين لهذا السلوك، لقي من اإلهانة والتعذيب ،ما جعله -في النهاية -يفكر في االعتراف بانتمائه إلى جماعة الشيطان ،برغم عدم انتمائه ألي جماعة ،ليستطيع إنقاذ زوجته المتهمة بممارسة السحر ،وتنتظر الحكم باإلعدام كغيرها من النساء ،وحتى ُ
يكون اعترافه بمثابة حافز لكل من تسول له نفسه الخروج علي التعاليم .انظر إلى تلك العبارات التي يقولها الشيخ برهان ،الذي يدعي أن ابنته أصابها السحر من هؤالء المتعاونين مع الشيطان ،وهو – في الوقت نفسه – يستخدم الدين لحماية فساده يقول: أنا بيتي هو بيت البلد ،مفتوح للناس كلهم ،ومع ذلك الزم تعرفوا أني حاميحمي الدين في البلد ،واللي يمسني يمس الدين ،واللي حا يمس الدين مصيره جهنم وبئس المصير. والشيخ الشيرازي -في المسرحية -يقف في خندق المتشددين والمتنطعين، وفي نفس الوقت يقف مع السلطة ممثلة في (الوالي العثماني) .اقرأ معي هذا الحوار الذي دار بينه وبين (حسين) ممثل المثقف المستنير الذي يعيش خالفا دائما مع السلطة الجائرة. الشيرازي :حي ..وهي األرواح خرافات يا سيد حسين؟ حسين :أنا ما بنكرش األرواح ياسيدنا..أنا بانكر تحضير األرواح ..ربنا بيقول يا سيدنا :ويسألونك عن الروح ..قل الروح من أمر ربي. الشيرازي :بس ما تقدرش تنكر األرواح اللي ظهرت مع جيوش موالنا الباب وهو بيحارب األعداء. العالي حسين :كالم فارغ ..دي دعاية بيعملها التُرك عشان يحببوا الناس في حكمهم الظالم ،ويفضلوا يسلبوا بالدنا وينهبوا باسم الدين الشيرازي :يعني لهم حق اللي بيقولوا أنك ضد الترك والباب العالي حسين :أنا ضد الظلم واالستغالل يا سيدنا. أبو العال السالموين
175 174
المنحاز للوالي ،وبأدائها الهزلي ،كشفت عن غياب تلك المحكمة بتشكيلها ُفكرة العدالة ،وكشفت عن الوالء للحاكم الظالم ،دفاعا عن المصالح ،وكشفت أن لعبة الدين ،وخلطها بالسياسة هي لعبة كل من يريد أن ُيقنعك أنه علي حق ،وأنك علي باطل ،وسيتهمك فورا وبسهولة بالكفر. وإذا كان هذا هو موقف رجل الدين تجاه المثقف المختلف عنه ،فان موقف رجل الدولة -وهو هنا القاضي -ومن البديهي أن يكون عادال -هو نفسه موقف رجل الدين تجاه المثقف المختلف معه ،فحين تتم مواجهة المحكمة بدليل قاطع يشير إلى أن (الحاج جعفر) – من أعيان الوالي والملتزم بالضرائب- هو الذي ادعي أن ابنته أصابها المرض؛ بسبب ممارسة أحد الرجال للسحر، وذلك لكي يسجنه ،ويستولي علي أرضه ،وحين طلبت المحكمة من (حسين) أن يذكر اسم الرجل الذي قطع بهذا الدليل ،رفض حسين طلب القاضي ،واجهه القاضي قائال: شوف يا راجل أنت ،لو كان الراجل بتاعك ده بيقول الحق كان زمانه جه هنا وقاله للمحكمة ،لكن مادام خايف من المحكمة يبقي راجل كذاب ،والزم يعاقب وإال حانقبض عليك أنت حسين :يا جناب القاضي اللي بتعملوه ده أسمه إرهاب ،الناس بالطريقة دي حاتخاف تقول حاجة في المحكمة .. القاضي :المخطئ هو اللي دايما يخاف يا سيد حسين. حسين :لكن القانون اللي بتحكموا بيه هنا ،هو قانون الخوف والتخويف.. القاضي :أنا مش مسئول عن الخوف ..وإذا كان موجود ،فيبقي عشان فيه
مؤامرة علي الدين والدولة ،البريء يا سيد حسين ما يخافش من المحكمة أبدا (لزيدان) أنت مقبوض عليك لغاية ما تعترف باسم الراجل.. الوالي :عفارم ..عفارم. من االستشهادات السابقة يتبين لنا؛ أن السلطة قد وضعت يدها في أيدي المتشددين من المتأسلمين الطامعين في الوصول إلى السلطة ،بهدف قمع ومواجهة كل صاحب رأي ُمعارض ؛ أو مخالف ،بصرف النظر عن قيمة الحقيقة التي يستند إليها؛ أي من التيارين ،تكريسا لثقافة العنف واإلرهاب الديني والسياسي ،تلك الثقافة التي فرضت نفسها علي الساحة لسنوات طويلة سابقة ،وربما لسنوات أخري الحقة. القتل في جنين
()63
علي ما يبدو أن هذا النص ُكتب ثالث مرات -تبين لنا ذلك باستقراء تواريخ الكتابة التي ذكرها المؤلف علي نصه -كتبه أول مرة في عام 1973 عقب انتصار الجيش المصري في حرب 6أكتوبر ،73وعالج فيه موضوع الحرب بين الفلسطينيين واإلسرائيليين ،ثم أعاد كتابته مرة أخري في عام 85ليجعل قضيته هي قضية الحرب والسالم بين الفلسطينيين واإلسرائيليين، خاصة بعد إبرام اتفاقية السالم بين مصر وإسرائيل ،وانعكاس تلك االتفاقية علي الفلسطينيين. في المعالجتين ،كان النص اسمه (المزرعة) ثم -بعدها -حدث االجتياح أبو العال السالموين
177176
اإلسرائيلي لمخيم (جنين)( )64الفلسطيني في أبريل عام ،2002فأعاد المؤلف كتابة النص ،متناوال فيه تلك األحداث ،مؤكدا -من خالله -علي أن إسرائيل ترفض فكرة فلسطين الديمقراطية ،تعبيرا عن نزعتها العنصرية ،وهذه النزعة ستكون ضد السالم .وسيصبح البيت الفلسطيني ،والمزرعة الفلسطينية،في حوزة السلطة اإلسرائيلية ،التي لم تعترف بحكم المحكمة التي عقدها الشاب الفلسطيني (عاصي) حين استطاع اقتحام البيت الذي تسكن فيه عائلة إسرائيلية، كانت قد استولت عليه ،هو والمزرعة أثناء حرب ،1948وقتلت أصحابه، يقتحم البيت ويجعل من فيه من اإلسرائيليين رهائن ،ويعقد محاكمة -بأطراف إسرائيلية ،كانوا يحتفلون في البيت حفال تنكريا -للعائلة التي اغتصبت المزرعة ،وبحضور ما تبقي من العائلة الفلسطينية من أصحاب البيت (سلمي أبو غالب -كنعان) وتصل المحاكمة إلي االعتراف بحق األسرة الفلسطينية،في هذا البيت ،بما تملكه من وقائع ،ومستندات ،وأدلة تاريخية. حاول الطرفان إيقاف نزيف الدم ،تحقيقا للسالم بين العائلتين ،وكتابة وثيقة تؤكد علي ذلك ،بتوقيعهما ،ألنه ال مناص من تواجد األسرتين معا بحكم األمر الواقع -،كما يؤكد علي ذلك النص -ولكن حين تصل السلطة اإلسرائيلية إلي البيت وتري الوثيقة ،ترفض االعتراف بها ،بزعم أنها بداية الهوية العربية ،ولهذا السبب قرر رجال الهوية اإلسرائيلية ،وذوبانها في ُ لضياع ُ السلطة اإلسرائيلية نسف البيت ،وإعادة بنائه ليكون ملكا خالصا لإلسرائيليين وحدهم. والكاتب يؤكد – من خالل المعالجة الدرامية لهذا الموضوع – علي أن
الصهيونية التي تتزعمها أمريكا ،صنعت ما أسمته (حرب اإلرهاب) وجعلته شعارا تضرب به كل الشعوب العربية ،وحين تستخدمه ،تخلط بينه وبين مفهوم المقاومة واالستشهاد في سبيل تحرير األرض ،والدفاع عن الحق ،هذا الخلط يكشف ،أن شعار محاربة اإلرهاب ،ما هو إال شعار يعيد التاريخ إلي ما قبل ويكرس لزمن البطالن ،ونهاية لتاريخ اإلنسان. ظهور التاريخُ ، والحوار الذي دار بين (أبو غالب) الفلسطيني _و(رافي) القائد اإلسرائيلي- المتعمد ،من قبل عدو ،ال يري في نهاية المسرحية -يكشف عن ذلك الخلط ُ إال نفسه ،وال يريد االعتراف بحق الفلسطيني في العيش ،كما يريده لنفسه، والمقاوم ،الذي وذلك حين جاء للقبض علي (عاصي) المناضل الفلسطينيُ ، يدافع عن عرضه وأرضه ،وناسه. أبو غالب :الحق لكم في القبض عليه ..هو تحت رعاية نشطاء حقوق اإلنسان رافي :الحق إلرهابي في أي حقوق مهما كان عاصي :أنا لست بإرهابي يا جنرال رافي :تاريخك وأصابتك وعجزك يثبت أنك إرهابي..ال تنس أنك أول من صنع العمليات االستشهادية ..إذ أنك من دفع بصاحبتك (سلمي) لتفجرنا نحن وإياها، في أكبر عملية إرهاب استشهادية ،ونجوت أنا منها. يوديث :وماذا عساها كانت تفعل وهي تري والدها ُينسف بالبيت ،وبأيديكم بدماء باردة كالموت ؟ رافي :هذا عمل إرهابي مرفوض أبو العال السالموين
179 178
أبو غالب :بل تضحية وفداء ..في لحظات اليأس الممقوت. رافي :هذا في الزمن الماضي يا حضرات ،ما قبل الحادي عشر من سبتمبر، أما اآلن ،فقد انقلب السحر علي الساحر ،أصبحت التضحية وعمليات االستشهاد مجرد إرهاب. هنا يتضح أن الكاتب يؤكد علي أن حادث انفجار البرجين في التاسع من سبتمبر 2001أصبح ذريعة أمام العالم ،لوأد أي مقاومة ،بما في ذلك المقاومة الفلسطينية ،التي تدافع عن أرض الفلسطينيين ،ووصم من يقومون بهذا العمل بأنهم إرهابيين ،ويعاملون بتلك الصفة ،وهم بما يفعلون يخلطون األوراق ،كما يفعلها المتطرفون،حين يخلطون بين الدين والسياسة ،ويمارسون اإلرهاب ،هنا الصهيونية العالمية تُكرس لمفهوم خاطئ للمقاومة ،وتنزعها وتلصق بها صفة التطرف واإلرهاب .وتلك الصهيونية من مفهومها الوطنيُ ، نفسها ،التي اصطنعت شعار حرب اإلرهاب ،تنطلق من منطلق ديني ،وباسمه مارست ومازالت تمارس إرهابا ،ال يختلف عن إرهاب الذين يدعون أنهم يدافعون عن اإلسالم ،بينما يدافعون عن مصالحهم من أجل الوصول للسلطة.. ألن الصهيونية حين ظهرت ألول مرة علي مسرح أوربا السياسي (ظهرت كأيديولوجية سياسية شاملة ،وحركة سياسة منظمة في أواخر القرن التاسع عشر ،ولكنها كفكرة سبقت الصهيونية اليهودية إذ يعود تاريخها إلي ما قبل ذلك ،لم تنشأ الفكرة الصهيونية -بما في ذلك أسطورتها األساسية -في هذه الفترة ،ولكنها تعود في تاريخها إلي ثالثمائة عام قبل المؤتمر الصهيوني األول
الذي ُعقد في (بازل) عام 1897حين التف مجموعة من اليهود األوربيين حول اللواء الصهيوني .وقد اتخذ النسيج الصهيوني شكله خالل القرون األربعة لتاريخ أوربا الديني ،واالجتماعي ،والفكري ،والسياسي ،نتيجة تداخل خيوط كثيرة مختلفة من الثقافة الغربية ،وفي طليعتها الخيوط الدينية ،وعلي ذلك فالتعاليم الصهيونية غير اليهودية قائمة علي مجموعة من األساطير الصهيونية التي تسربت للتاريخ الغربي............واألساطير الصهيونية التي بدأ غرسها في المبكرة في البيئة غير اليهودية كانت متوافقة مع تلك التي أصبحت هذه المرحلة ُ تشكل في النهاية المنطق الروحي الباطني للصهيونية اليهودية السياسية ،وهي المنتظر ،وقد جعلت أسطورة أساطير الشعب المختار ،والميثاق ،وعودة المسيح ُ الشعب المختار اليهود أمة ُمفضلة علي اآلخرين،بينما كانت أسطورة الميثاق المختار ،واألرض المقدسة كما وعد تُركز علي االرتباط السرمدي الدائم للشعب ُ هللا ،وبذلك ُمنحت فلسطين لليهود كأرض كتبت لهم ،أما أسطورة ترقب عودة المسيح فقد كفلت للشعب المختار ،أن يضع حدا لتشرده في الوقت المناسب ليعود ()65 لفلسطين إلقامة وطنه القومي هناك إلي األبد) المحتلة -الذي ركزت علي أبراز إذن فاإلرهاب الصهيوني في األرض ُ صورته تلك المسرحية -تحكمه مرجعية دينية أيضا ،هو إرهاب باسم الدين، لكنه غير ُمعلن صراحة ،واإلعالن يتضح ،حين يتحدثون عن تلك األساطير التي أشرنا إليها ،تلك التي تجعلهم يقتنعون بصحة ما يفعلونه ،من إجراءات غير إنسانية ،والكاتب يعكس وعيه ومعرفته ،بطريقة تفكير الصهاينة ،حين المقاوم الفلسطيني ،حين خاطب الجنرال اإلسرائيلي يقول علي لسان (عاصي) ُ أبو العال السالموين
181 180
الذي جاء العتقاله. عاصي :سأقص عليكم قصة ..واحدة من قصص التوراة لديكم ،كي نعرف نحن وإياكم والعالم أيضا ،هل مفهوم العمليات االستشهادية ،يعني اإلرهاب ،أم ال، هي قصة شمشون الجبار ..من وقع أسيرا في أيدي سكان فلسطين األصليين، أصحاب األرض ,أصحاب فلسطين ،وقع أسيرا رهن اليأس ورهن اإلحباط، ماذا كان عليه أن يفعل يا حضرات ،المنطق إن كنتم تثقون برأي المنطق ،أن يسعي للموت له ،ولمن أسروه من األعداء ،هذا هو حكم العدل كما جاء برأي التوراة ،شمشون الجبار الواقع في األسر ،لجأ إلي الرب ،وطلب االستشهاد وقال مقولته المعروفة ،يارب أعني واهدم معبدهم عليهم وعلي رأسي في آن واحد، وتقدم شمشون الجبار وحطم أعمدة المعبد حتى سقط عليه ،وعلي كل المدنيين العزل وبدون استثناء ،أطفال وشيوخ ونساء ،الكل سواء ،هذا هو شمشون ُ الجبار ،المثل األعلى للتضحية الكبرى للبطل اإلسرائيلي الفذ ،فتري ..هل هذا والمبهر عمل إرهابي يا حضرات ،هل يجرؤ أحد أن العمل االستشهادي الرائع ُ يجعل شمشون الجبار مثاال تاريخيا لإلرهاب ؟ وإذن فلماذا تُصبح عملية سلمي ()66 االستشهادية عمال من أعمال اإلرهاب ؟) التاريخ يذكر أن تلك الدولة قامت علي أساس ديني ،وإن أدعت العلمانية، فإرهاصات األيام الثالثة السابقة إلعالن دولة إسرائيل في 15مايو 1948 تؤكد علي أن األحزاب الدينية التي كانت موجودة قبل إعالن الدولة وهي (المزراحي -العامل المزراحي -أجودات يسرائيل -عمال أجوادات يسرائيل) تلك األحزاب الدينية فرضت الطابع اليهودي علي المجتمع اإلسرائيلي في
اإلطار العام للدولة ،وقام (بن جوريون) بتشكيل هيئة مكونة من 13شخصا من المقربين إليه ،ويمثلون تلك األحزاب ،وحين اختلفوا -فيما بينهم -حول صيغة إعالن الدولة -فيما يتعلق باستخدام اسم الرب -اقترح (بن جوريون) تسوية بين المتنازعين ،وكان النص النهائي علي النحو التالي( :بثقتنا في رب إسرائيل نوقع بأيدينا كشهود علي إعالننا هذا في دورة أعضاء مجلس الدولة المؤقت ،بمن فيهم أعضاء الحكومة المؤقتة ،هنا في المدينة العبرية تل أبيب، ُ في هذا اليوم مساء السبت 14مايو )1948وهذا النص أرضي رجال األحزاب الدينية ،وذلك لكونه مأخوذا من البركة األخيرة لصالة الخالق (ياحامي إسرائيل قم بمساعدة إسرائيل وأمنح عطيتك ليهودا وإسرائيل) ولقد قبل رجال المبام هذا النص ،وقبلوا تفسير (بن جوريون) بأن كل واحد يمكنه أن يفهم رب ()67 إسرائيل حسب رغبته !! هذا الذي يذكره التاريخ يؤكد علي أن تلك الدولة قامت علي أساس ديني، وإن أدعت فيما بعد – ظاهريا – أنها غير دينية ،كل هذه األحزاب الدينية ،تؤكد أنها احتضنت التطرف – منذ البداية -كما احتضنته ،جماعات الخوارج ،التي تدعي أنها تتحدث باسم اإلسالم. هنا كانوا يتحدثون باسم اليهودية ،ليدعموا وجودهم ،وعبارة (رب إسرائيل) تكشف مدي تطرفهم ،وكأن الرب ،لهم وحدهم دونا عن بقية الخلق ،من غير اليهود !! وحتى هذه اللحظة ،يدفعهم التطرف باسم الدين ،واعتمادا علي ما جاء في العهد القديم ،بعد تحريفه ،من أنهم شعب هللا المختار ،و ينبغي أن يكون لهم وطنا من النيل إلي الفرات ،ويسعون – تبعا لهذه العقيدة الدينية – لتنفيذ ذلك أبو العال السالموين
183 182
الم عن طريق القتل ،واالغتيال ،واستعمال كل أدوات اإلرهاب ُ المسلح ،وغير ُ سلح.. ولهذا السبب نفسه يؤكد المؤلف علي أن العقلية اليهودية المتطرفة ،دائما ما تنطلق من أساس ديني ،للتخلص من اآلخر ،ومبررها الوحيد في ممارسة اإلرهاب ،هو تلك المرجعية الدينية التي تذكرها كتبهم ،فهاهي (راكيل) زوجة المتطرفُ ،مغتصب بيت (كنعان) الفلسطيني تُعلن عن كراهيتها (جاكوب) ُ للفلسطينيين ،باعتقاد ديني ،تقول (إن الكنعانيين أصابتهم لعنات الرب وأن بقاياهم مازالت في شعب فلسطين ..اإلصحاح التاسع في سفر التكوين يقول: ملعون كنعان عبد العبيد يكون ألخوته من أبناء سام ،وقال مبارك الرب اله سام، ()68 ليكن كنعان عبدا لهم) بينما تري (يوديث) ابنتها :أن فلسطين هي أرض الشعب المختار ،أرض يهود بني إسرائيل. المتطرف ،نجد (فيير) الطيار األلماني الذي جاء متطوعا في ولهذا السبب الديني ُ الجيش اإلسرائيلي ظنا منه أنه سيحارب من أجل الحق ،فإذا به يكتشف الخدعة الكبرى ،فيقرر مغادرة إسرائيل والعودة إلي بالده برغم أنه كان ُيحب (يوديث) ابنة اإلرهابي (جاكوب) مغتصب بيت (كنعان) ومزرعته ،هنا يقول حين سمع حبيبته تشبه الفلسطينيين بالهنود الحمر :عفوا إن كنت أري في هذا أسلوب النازي واإلرهابيين. يوديث :حتى إن كان كذلك يا كابتن ال حل سواه.
فبير :لكني لم أتطوع معكم ألمارس هذا اإلرهاب ،وهذا التطهير العرقي. يوديث :عجبا ..ولماذا جئت أذن ما دمت تخالفنا الرأي ؟ فيبر :يبدو أني حقا أخطأت التفكير ..حين تطوعت تصورت بأني أصنع شيئا ()69 من أجل يهود أوربا المضطهدين من األلمان النازيين ونعلم أيضا أن (جاكوب) الذي حصل علي بيت (كنعان) ومزرعته، كغنيمة حرب ،بعد أن قتل أسرته (ولم يتبق منها سوي هو وابنته سلمي) ،كان أول المشاركين في تنظيمات اإلرهاب الصهيونية في أرض فلسطين ،كان واحدا من ضمن عصابات (األرجون ( – )70الهاجاناه – شتيرن ( ..)71إذن هو إرهابي ،بالفعل ،واالنتماء. والنص ُيدين (أمريكا) ألنها تُكيل األمور بمكيالين ،ألنها حين تتحدث عن اإلرهاب تقول :إنه يقتل المدنيين ،األبرياء ،بينما تغفل قتل الجنود اإلسرائيليين للمدنيين الفلسطينيين ،وال تعتبر هذا القتل إرهابا ،بل تعتبره حقا إلسرائيل، حين تحمي نفسها من إرهاب الفلسطينيين ،وتنسي أنهم أصحاب األرض ،وأن ما يقومون به هو مقاومة االحتالل ،مفهوم اإلرهاب مراوغ ،تبعا للمصالح، وتبعا للهوي. في برولوج المسرحية يقول المذيع ،وقبل تجسيد األحداث دراميا: المذيع :ماذا يعني اإلرهاب ،هل هو قتل للمدنيين؟ وإذن ماذا حدث هنا بجنين ؟ أو ليس الحادث في أرض فلسطين هنا أيضا قتل للمدنيين؟ ،ما األمر إذن يا سادتنا ،يبدو أن اللعبة أكبر منا ،أو أكبر من أن نفهمها أو نعقلها ،إذ إن أبو العال السالموين
185 184
المرجع والفتوى في مسألة اإلرهاب ،هو أمريكا صاحبة الحل وصاحبة العقد، ومسببة األسباب ،وخصوصا بعد الحادي عشر من سبتمبر ،من ُيؤذي أمريكا أو يمسسها بالسوء هو اإلرهاب ،من يمسس إسرائيل ربيبتها ،أو ُيزعج فيها األمن تالحقه تهم اإلرهاب ،أما أن تضرب أمريكا مدن اليابان بقنبلة ذرية ،أو تضرب أرض فيتنام ،ويموت المدنيون وباآلالف ،فليس بإرهاب ،أو تستوطن إسرائيل فلسطين وتقتل شعبا بالماليين ،أيضا هذا ليس بإرهاب ،يا سادتنا، إن كنتم تسعون لمعرفة السبب األول لإلرهاب ،هي أمريكا سبب اإلرهاب، هم أول من ضربوا المدن بأسلحة التدمير الشامل ،هم من زرعوا اإلرهاب بعالمنا اإلسالمي ،وعالمنا العربي ،وبالكامل ،هم من بذروه وحصدوه بباكستان وأفغانستان ،ليكون مبررهم للسيطرة علينا في كل مكان وزمان ،نحن ضحايا ()72 اإلرهاب وهم صناع اإلرهاب المؤلف علي لسان المذيع ،وجاء مباشرا ،وخطابيا ،وملحميا، هذا الذي يقوله ُيؤكد علي أن النص ،يدخل في إطار المسرح التسجيلي ،وتلك التسجيلية، تفرضها ضرورة فنية ،ترجع إلي الطبيعة السياسية للموضوع ،فضال عن استحضار حدث واقعي ،يتمثل في مذبحة جنين في أبريل عام ،2002والنص بهذه التسجيلية ،وتلك المباشرةُ ،يعد نصا يندرج تحت ما يسمي بالمسرح السياسي ،يوجه اإلدانة ،ليس فقط إلسرائيل ،صانعة اإلرهاب في المنطقة العربية كلها ،بل وحاميتها أمريكا صانعة اإلرهاب في العالم ،هذا اإلرهاب الذي تدينه ،وتدعي محاربته ،إنما هو عمل من أعمالها من أجل فرض الهيمنة بالكامل علي العالم.
قلت إن هذا النص يندرج تحت ما يعرف باسم (المسرح السياسي) ذلك المسرح الذي ساهم كل من إروين بيسكاتور Erwin Piscatorوبيتر فايس Weiseوجنتر جراس ،وكيبارد وبريخت ،وبعض المخرجين اآلخرين – في العالم -في تأسيس المسرح السياسي أو ما يسمى بالمسرح التسجيلي أو المسرح الوثائقي. وهناك من يعتبرون أن هذا المسرح بمباشرته ،وخطابيته ،ال ُيعد مسرحا بالمفهوم الفني للمسرح ،وهنا أقول :إن هذا الكالم يتعلق باإلشكالية الخاصة بمفهوم المسرح السياسي – بشكل عام – صحيح أن فيه مباشرة ،وفيه خطابية، المتعلق بمدي قربه أو بعده عن مفهوم المسرح، لطبيعته التسجيلية ،ولكن األمر ُ يرتبط -في اعتقادي -بمدي وعي المؤلف ،بطبيعة المسرح ،ودوره ،وتقنياته، ألنه يستطيع بهذا الوعي أن يوظف العناصر الدرامية كاملة ،حين ُيعالج موضوعه السياسي التحريضي ،الذي يهدف به إلي تنمية الوعي لدي المتلقي، وهذا هو هدفه األساسي. هذا الوعي الذي تحدثت عنه ،أجده متوفرا تماما مع نص (القتل في جنين) ،ألن المؤلف ،لم يغفل ،العناصر الفنية ،التي تُحدث الدرامية ،من حوار، وأحداث تتنامي ،وصراع يتولد ،وفعل درامي يتحقق وينمو. البعد الدرامي، ولذلك نري المؤلف يعتمد علي قيمتين حقق بهما ذلك ُ داخل نسيج التسجيلية التي أشرت إليها ،القيمة األولي تتمثل في فعل المقاومة، ليس فقط ببعدها السياسي ،ولكن -أيضا -ببعدها اإلنساني. أبو العال السالموين
187 186
وجاءت القيمة الثانية متمثلة في الحب ،تلك القيمة التي تؤكد علي الصفة اإلنسانية وسط ركام الظلم ،والقهر واإلرهاب ،والتنكيل الذي يتعرض له شخوص المسرحية. قيمة المقاومة تتجلي في موقف (سلمي) تلك الفتاة الفلسطينية ،ابنة (كنعان) التي رأت نفسها تعيش في بيتها مجرد ضيفة ،وهي صاحبة المكان، وكانت راضية بذلك طالما أنها تعيش في آمان ،ولكن حين رأت السلطات اإلسرائيلية ،تجيء لتهدم البيت ،وتغير معالمه ليصبح لإلسرائيلي (جاكوب) وينسف البيت به، وحده هو وأسرته ،يتمسك (كنعان) به ويرفض مغادرتهُ ، فال تجد أمامها سوي تفجير جسدها وسط الجنود اإلسرائيليين ،في أول عملية استشهادية تقوم بها فتاة في األرض المحتلة ،تفعل هذا ،ألنها لم تجد حال آخر أمامها ،وهي تري أبوها يموت عنوة ،وغدرا ،وإرهابا علي أيدي العدو، تفعل هذا ،برغم أنها فتاة تعيش وتحلم بحياة إنسانية ،وببيت يجمعها مع حبيبها المقاوم الذي أحبها وأحبته ،تُضحي بكل هذا ،من أجل (عاصي) ذلك الشاب ُ حياة اآلخرين ،ومواجهة للظالمين ،والمغتصبين للحق. هنا يتحدث (أبو غالب) الفلسطيني ،عم الفتاة قائال بعد استشهادها مؤكدا علي قيمة المقاومة كفعل من أفعال النضال قائال: أبو غالب :انطلق الكل ُيسابق نحو الموت واالستشهاد ،ولهذا صارت رحلة (سلمي) بثبات العرس الدموي هي رحلة كل الشعب اليائس من تحقيق العدل، لكن الشر الصهيوني يري في ذلك خطرا ويسميه اإلرهاب ،أرأيتم تزييفا أفظع
من هذا ،شعب ال يجد سوي الموت طريقا لمقاومة الظلم ُيقال له اإلرهاب، والعالم بدال من أن ُيشفق أو يتعاطف مع من يستشهد يصبح في نظر الكل ()73 مجرد إرهاب وقيمة الحب أيضا تتجلي في تلك العالقة الرومانسية التي تجمع مابين (سلمي) و(عاصي) وسط الدمار ،ووسط القتل ،ووسط القمع ،والمشاعر المؤلم الظالم ،يمنعهما من المتأججة بين الطرفين ،تعبر عن نفسها ،لكن الواقع ُ العيش في سالم ،ويمنعهما من تحقيق حلم العيش معا ..الحب هنا يقوي اإلرادة، ويعد دافعا – أيضا – من دوافع المقاومة. ُ سلمي :آه يا عاصي يا أملي المعبود ،سنوات العمر جميعا ال أذكر منها إال لحظات تالقي أعيننا في وسط الظلمة والبارود ،أحببتك لكن ال أدري كيف.. لو أني أملك أن أعطيك الكون مقابل حبك ،ما كنت توانيت ،فلتغفر لي عجزي هذا يا أغلي من أحببت ،ومن ناديت. عاصي :ويحي ..هذا حب ال يقدر أن يتحمله عاشق ليلي المجنون ،آه يا سلمي أنت بهذا الحب حكمت علي قلبي بجنون العشق األبدي،أو يرضي قلبك أن أصبح هذا المجنون ،هذا المفتون ؟! في هذا اإلطار -أيضا -وتجسيدا لفعل وقيمة الحب ،نجد (يوديث) تلك الفتاة ،التي أشرت في بداية حديثي عن تطرفها ،حين نظرت إلي الفلسطينيين، أبو العال السالموين
189 188
واعتبرتهم يشبهون الهنود الحمر ،هؤالء الذين ال حق لهم في الحياة علي أرض الميعاد ،تلك الفتاة اإلسرائيلية ،حين اكتشفت الزيف ،ولمست الظلم بنفسها، وعرفت الحقيقة ،وعلمت كيف أستولي والدها علي البيت الفلسطيني والمزرعة بالقوة والعدوان ،قررت العودة إلي فرنسا ،وغيرت جنسيتها ،لكنها عادت إلي فلسطين ،أثناء مجزرة (جنين) بحثا عن صديقها وحبيبها .الشاب الفلسطيني الذي ارتبطت به وجدانيا ،دون أن يعلم بذلك ،جاءت للبحث عنه ،ولالطمئنان عليه ،ونراها تُقدم أوراقا إلي لجنة نشطاء حقوق اإلنسان بمثابة شهادة ،عما يحدث داخل األرض المحتلة ،واألوراق كان قد أرسلها إليها صديقها (عاصي) عبر االنترنيت ،وتتعلق بمذابح جنين ،عندما جاءت ،شاهدت المأساة بنفسها، ورأت حجمها ،وقوة الدمار ،ومن هنا بدأت عملية استرجاع كل األحداث التي أشرت إليها آنفا ،باستخدام تقنية العودة إلي الماضي أو(الفالش باك). حبها لعاصي ،هو ما دفعها للمجيء ،واإلدالء بالشهادة،وقوفا إلي جانب الحق ،بعد تخلصها من الضالل الذي صدقته ،وعاشت فيه سنوات عمرها، فكما يقولون :إن الحب يصنع المعجزات. ودائما ما يؤكد الكاتب (أبو العال السالموني) -في مسرحه -علي تلك القيمة (قيمة الحب) ولعلنا نتذكر عالقة الحب التي جمعت بين (وليد) الداعشي المترجم في مسرحيته (جهاد الفواحش في زمن الدواعش) وكيف أن الحب ُ المضللة ،الكاذبة ،وكيف أنه تحمل فتواه مواجها (الخليفة) أمام يقف جعله ُ
الموت ،في سبيل الدفاع عن حبيبته (لوتس) التي جاءت من الشرق ،لتجاهد، لكنها اكتشفت اللعبة ،وعرفت أن األمر ال يعدو أن يكون مجرد استخدام لجسدها ،بدون عقد زواج كما كانت تظن ،ففضلت الموت مع حبيبها ،علي أال تستسلم لفتوى الخليفة الداعشي ،فيطلقان علي رأسهما الرصاص ،ويموتان ،كما مات من قبل (روميو) وكما ماتت (جولييت). في تلك المسرحية -أيضا -يظهر أمامنا الجنرال اإلسرائيلي (رافي) الذي جاء للقبض علي (عاصي) حين تتبع (يوديث) وهو يعلم أنها ستقابله ،وأعتبرها طعما لإليقاع بصديقها ،ونراه ُيحدثها بنفس الطريقة التي كان يتحدث بها الخليفة (جهاد الفواحش في زمن الدواعش) قائال: مع (وليد المترجم) في مسرحية (قد جئت علي أمل للقاء الحب ..لكن عفوا فأنا عشت بقية عمري منتظرا تلك اللحظة ،آليت علي نفسي أال أعتزل الحرب ،إال حين يتم القبض علي صاحبك ()74 اإلرهابي ،وبواسطتك أنت ،حتى تكتمل نهاية قصة حب مأساوية) تلك القيم اإلنسانية العظيمة ،صنعت األجواء الدرامية داخل المسرحية، ومألتها حياة ،نابضة ،وحددت طبيعة الصراع ،وشكله ،وأوصلته إلي الذروة، برغم تلك المباشرة ،والخطابية ،والتسجيلية التي أشرت إليها.
أبو العال السالموين
191 190
أما بعد: ومازال السؤال – الذي سبق وطرحه الدكتور جابر عصفور، واستحضرته في مقدمة الكتاب -مطروحا: ماذا حدث للتنوير؟ أطرحه في سياق التأكيد علي أهمية مشروع أبو العال السالموني التنويري ،الذي عالج فيه قضية التطرف باسم الدين ،هذا المشروع الذي بدأه منذ أكثر من أربعين عاما ،حين كتب نصه (السحرة) في عام ..1975وتلك الفترة الطويلة التي شهدت أحداثا كثيرة ،علي أيدي اإلرهابيين المنتمين إلي جماعات مختلفة ،تحركت باسم الدين ،لم تجد اهتماما من المثقفين والمبدعين والكتاب ،لتناول هذا الموضوع الحيوي الهام ..إما عجزا ،أو خوفا ،حتى أن ُ هذا الخوف -نفسه -تسرب إلي نفوس بعض المسئولين من الفنانين الذين منعوا ظهور مسرحيات (السالموني) علي خشبة المسرح ،وعنهم يتحدث الكاتب ذاكرا مواقفهم التي بدأت بمهاجمة نص (السحرة) -الذي أخرجه (عباس أحمد) علي مسرح الطليعة -2003من قبل رئيس البيت الفني للمسرح وقتها ،الذي هاجم النص علي صفحات الجرائد ،وأمر بإيقاف العرض ،ألن خالفا كان قائما بينه وبين مدير المسرح ،ثم تكرر المنع نفسه مع مسرحية (سيف هللا) في يوم افتتاحها بمسرح الطليعة ،1980ألن مدير المسرح وقتها المتطرفة ،وخاف من تهديداتها ،وحدث نفس الشيء استجاب لضغط الجماعات ُ
مع مسرحيته (المليم بأربعة) التي أخرجها (جالل الشرقاوي) وأوقفها بعد شهرين من عرضها ،بسبب تهديدات الجماعات المتطرفة بإحراق مسرح الفن الذي ُعرضت علي خشبته ،في عام ،1990وتم إيقاف بروفات مسرحية (أمير الحشاشين) التي كان سيخرجها (سعد أردش) ليقدمها علي مسرح السالم ،ألن مدير المسرح خاف من تهديدات الجماعات المتطرفة ،وكذلك خاف مدير الفرقة االستعراضية ،وتراجع عن إنتاجها برغم حماسه لها -بعد إيقاف إنتاجها في المسرح الحديث -وحدث الخوف نفسه ،من ِقبل مدير المسرح القومي ،حين منع عرض مسرحية (الحادثة اللي جرت في شهر سبتمبر). وسط كل هذه األجواء من الخوف وارتعاش األيدي ،لم يتوقف (السالموني) عن معالجة تلك القضية ،بل استمر ،حتى كتابة هذه السطور ،فمن بين النصوص التي تناولتها في هذه الدراسة نصا مخطوطا ،لم ُينشر بعد ،وهو نص (جهاد الفواحش في زمن الدواعش) .واألمر -إذن -يحتاج إلي شجاعة مماثلة لتقديم هذه النصوص وعرضها أمام الناس ،إذا ُكنا نريد بالفعل مقاومة اإلرهاب، ومحاكمة فكر المتطرفين فنيا ،ومسرحيا.. وكان عدم خوف المخرج (كرم مطاوع) -استثنائيا – حين أتاح لنص (ديوان البقر) فرصة الظهور علي خشبة المسرح ،ليس هذا فقط ،بل وتمثيل مصر في مهرجان عربي ،وحصول النص علي جائزة هامة ،وعنه يقول الكاتب أبو العال السالموني( :بارقة األمل الوحيدة وسط هذه الظلمة المدلهمة، أبو العال السالموين
193 192
هي تجربتي مع مسرحية (ديوان البقر) التي أخرجها كرم مطاوع وكانت آخر أعماله قبل وفاته المفاجئ في منتصف التسعينيات ،والحقيقة أن الفضل في نجاح تلك التجربة يعود إلي شجاعة الدكتورة هدي وصفي ،مدير ومؤسس مسرح الهناجر التي تحمست للتجربة ،وخاضتها بال خوف أو وجل ،وكنا في وقت يكاد يكون اإلرهاب قد وصل إلي ذروته ،ونجحنا بهذا العرض، وشارك في مهرجان قرطاج الذي احتفي به الجمهور التونسي أكثر مما احتفي به الجمهور المصري ،وحصل العرض علي جائزة أفضل نص مسرحي في ()75 المهرجان عام )1995 االنتكاسة التي حدثت للتنوير ،أتاحت الفرصة أمام جماعات الظالم، لتتواجد وتفرض هيمنتها ،في كل المؤسسات (التعليمية واإلعالمية والثقافية والدينية) ،وتراجع المثقف عن دوره ،لمواجهة الفكر المتطرف ،دفع ثمنه المواطن العادي ،حين لمس تداعيات اإلرهاب وآثاره علي حياته ،اجتماعيا، واقتصاديا ،وثقافيا. المواطن العادي يدفع ثمن تقاعس المثقف ،هؤالء الذي يسمون النخبة ،لم والمنتج لكثير من المحمل بالكثير من األعباءُ ، يعد دورهم ،ملموسا في واقعنا ُ الخسائر (وأي مقارنة بين أزمنة تنوير هذا الوطن ،والزمن الذي نعيش فيه تبدو في صالح الماضي لألسف ،كما لو كنا نتراجع إلي الوراء بدل أن نندفع إلي األمام ،ونتقهقر صوب ظالم التخلف ،بدل أن نستقبل أنوار التقدم ،ولنتذكر روح التسامح الذي ظلل حوار محمد فريد وجدي وإسماعيل أدهم وأحمد زكي
أبو شادي عام ،1937ولنتذكر روح التسامح الذي ظلل ،قبل ذلك بسنوات عدة، حوار فرح أنطون ( )1922-1861مع المجددين في الفكر اإلسالمي ،أمثال األفغاني ( )1897 -1838ومحمد عبده ( )1905-1949وكان ذلك حين رد فرح أنطون بما يخالف ماذهب إليه األفغاني في (الرد علي الدهريين) وتحديد مذهب (النيتشريين) ،ورأي في أفكار األفغاني « ما يقطع سبيل االرتقاء علي أمم المشرق اإلسالمية ،ويناقض المصلحة المدنية فيه ،ويحل عزائمها» فلم ينل أحد من فرح أنطون ،وكان ذلك حين اشتبك فرح أنطون نفسه ومحمد عبده تلميذ األفغاني في مناظرة مهمة ،حول ما كتبه (فرح أنطون عن فلسفة ابن رشد واضطهاده ،وعن الموازنة بين إرهاب المسيحية واإلسالم للمفكرين والمبدعين، فيما بدأ ينشره في مجلة (الجامعة) التي أنشأها بعد قدومه إلي اإلسكندرية عام ،1897واستمرت المناظرة ما بين صفحات (المنار) و(الجامعة) في مفتتح ()76 القرن الماضي ،دون أن تُصادر هذه المجلة أو تلك) كم نحتاج اآلن إلي هذه الظالل ،التي حدثت في الماضي البعيد، لنستظل بها ونستعيد معها مكانتنا الفكرية ،وإيماننا بالعقل ،الذي به – وحده – سنستطيع مواجهة سلوك التطرف ،ومظاهرة. ومحاوالت (أبو العال السالموني) تُعد محاوالت في إطار استعادة مكانة التنوير في إبداعنا المسرحي ،ولو تضافرت جهود المبدعين،الحتضان تلك القضية ،والعبير عنها ،ألصبح لنا شأنا آخر ،ولضاعت الفرصة أمام من يريدون تغييب العقل ،وإزاحة الحكمة.
أبو العال السالموين
195 194
الهوامش والمراجع
هوامش المقدمة ( -)1اجتهادات مصرية في البنية المسرحية – محمد أبو العال السالموني – دراسات في المسرح المصري – المركز القومي للمسرح 2016صفحة 39 ( -)2كتب دراسة بعنوان (الفرسان الصاعدون إلي الخشبة المنهارة) -في مجلة الكرمل – العدد - 1984 - 14ثم ُنشرت في كتابه (رؤى الواقع وهموم الثورة المحاصرة) 1989 ( -)3الثأر ورحلة العذاب – ُقدمت علي خشبة مسرح السالم في عام – 1982 من إخراج عبد الرحيم الزرقاني ( -)4هوامش علي دفتر التنوير – د .جابر عصفور – الهيئة العامة لقصور الثقافة – -2000صفحة 249 ( -)5ثقافة العنف واإلرهاب الديني والسياسي – أحمد عبد الرازق أبو العال – مطبوعات المجلس األعلى للثقافة 2010 هوامش المحور األول: ( -)1الزمار – – 1930استلهم فيها السامر الريفي ،فجعل بطلها من زامري السامر ،يشتغل فيه بالليل ،ويعمل ممرضا بالنهار في عيادة مفتش صحة بالريف، المقدمة التي كتبها الحكيم فقلب عيادة هذا الطبيب إلي سامر حقيقي – أنظر ُ لكتابه (قالبنا المسرحي) 1967 ( -)2الصفقة كتبت في عام 1956وهي محاولة إلدخال الفنون الشعبية الريفية أبو العال السالموين
197 196
من رقص وتحطيب وغناء في إطار المسرحية ،وتدور كلها في العراء أو الجرن أو أمام المصطبة -.المرجع السابق. ( -)3يا طالع الشجرة – – 1962وفيها قام بربط بعض المالمح الشعبية القديمة ،بأحدث مالمح الفن المعاصر في محاولة منه لإلجابة علي السؤال التالي :هل نستطيع أن نلحق بأحدث اتجاهات الفن العالمي عن طريق فننا وتراثنا الشعبي ؟ ( -)4مسرح الشعب – الدكتور علي الراعي – وهو كتاب ضم ثالثة كتب هي (الكوميديا المرتجلة – فنون الكوميديا – مسرح الدم والدموع). ( -)5مسرح الشعب – د .علي الراعي – دار شرقيات -1993 -صفحة -34 35 ( -)6قالبنا المسرحي – توفيق الحكيم – مكتبة مصر – 1967 ( -)7صدر كتاب قالبنا المسرحي في عام 1967بينما صدر كتاب الكوميديا المرتجلة عن دار الهالل في عام .1968أي بعد عام واحد من صدور كتاب توفيق الحكيم. ( -)8المسرح الشعبي المفهوم بين المطلوب والموروث – د .حسن عطية – مجلة المسرح – و ازرة الثقافة – قطاع المسرح – العدد – 24يوليو -1984صفحة 61 -60 ( -)9المرجع السابق. ( -)10المرجع السابق – صفحة 64 ( -)11توظيف التراث في المسرح – الدكتور عز الدين إسماعيل – مجلة فصول
المجلد األول – العدد األول – أكتوبر 1980صفحة 179 – ُ ( -)12المرجع السابق -صفحة181 ( -)13الحريق – 1968أبو زيد في بلدنا -1969حلم ليلة حرب -1963 رواية النديم عن هوجة الزعيم -1970مآذن المحروسة -1982أبو نظارة -1986المليم بأربعة -1988مولد يا بلد -1991مالعيب عنتر -1991 تغريبه مصرية 2007 ( -)14من الورقة التي تقدم بها الكاتب(محمد أبو العال السالموني) إلي لجنة المسرح بالمجلس األعلى للثقافة ،للموافقة علي تنظيم ُملتقي المسرح الشعبي األول والمنعقد في شهر ابريل 2018 ( -)15تناقش هذه المسرحية قضية الديمقراطية في مواجهة سيطرة وفساد طرحت بشدة في بيروقراطية األجهزة الحكومية في الريف ،وهذه القضية كانت قد ُ الكتاب – في أعقاب هزيمة 1967وانطلق السالموني للكتابة – هو وغيره من ُ الوقت الذي توقف فيه معظم ُكتاب الستينيات عن الكتابة وكأن الهزيمة جعلتهم يشعرون بمسؤوليتهم عنها ،حين كتبوا عن الثورة ومتغيراتها ،وهمها القومي ومبادئها ،و أروا أن كل هذا ينهار أمام أعينهم وكأنه كذبة كبيرة عاشوها وشاركوا النظام في رعايتها. ( -)16في عام 1931انشيء بنك التسليف الزراعي الذي عهدت إليه الحكومة بإقراض الجمعيات التعاونية الزراعية والفالحين.وعندما قامت ثورة 1952قامت الدولة بتأميم هذه الجمعيات ،وصدر قانون اإلصالح الزراعي رقم 178لسنة ،1952ونصت مواده علي وجوب إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية ..الخ وفي أبو العال السالموين
7199 198
ظل هذه القوانين ،والظروف المحيطة بها كتب أبو العال السالموني مسرحية أبو زيد في بلدنا في عام 1969 ( -)17األعمال المسرحية الكاملة – المجلد الثالث – الهيئة المصرية العامة للكتاب – – 2003صفحة 114 ( -)18المرجع السابق -صفحة 174 ( -)19المرجع السابق – صفحة 187 ( -)20اجتهادات مصرية في البنية المسرحية – محمد أبو العال السالموني – المركز القومي للمسرح – دراسات في المسرح المصري – 2016صفحة 64 (-)21هذا العمل كان سيخرجه سعد أردش لفرقة دمياط المسرحية ،إال أن المديرية – كما يذكر الكاتب في شهادته المنشورة في كتاب(اجتهادات مصرية) -السابق اإلشارة إليه – اجتمعت بأفراد المسرحية وعقدوا اجتماعا تاريخيا رفضوا فيه تقديم هذا العمل الذي يناوئ قرار المحافظ ،وكتبوا عريضة وقعوا عليها بالرفض ،وأنهم يبرءون ذمتهم أمام هللا والتاريخ ،عن ممارسة هذا الرجس من عمل الشيطان !! ( -)22جوزيف ويليام مكفرسون – خدم في الحكومة المصرية ()1925-1901 كان مدرسا للكيمياء في المدرسة الخديوية ،وعندما قامت الحرب العالمية األولي التحق بالمجهود الحربي لبالده ،فعين ضابطا بفرق الجمالة المصرية التي جندها البريطانيون خالل الحرب ،وعندما أصيب أعيد إلي القاعدة في مصر ،ثم عمل مأمو ار للضبط بالعاصمة المصرية ..وظل في مصر حتى بلغ سن التقاعد، فترك الخدمة المصرية ،واستقر في بيته الذي كان قد اشتراه بمنطقة بين السرايات، وأقام به حتى مات في عام ( 1946تلك المعلومات من مقدمة كتاب الموالد في مصر).
( -)23الموالد في مصر – ج.و .مكفرسون – ترجمة وتحقيق:د .عبد الوهاب بكر – مكتبة األسرة -1990الهيئة المصرية العامة للكتاب. ( -)24مسرح الشعب – الكوميديا المرتجلة في المسرح المصري – د .علي الراعي – دار شرقيات – -1993صفحة 36 ( -)25اسمه (فاتح بن عثمان األسمر الدكرورى) جاء إلى دمياط من مراكش بالمغرب ،في عام 1275بعد هدم المدينة فى عام 1250ورحيل لويس التاسع عنها ،جاء إليها وكانت خرابا ،ومعه عدد من رجال هللا جاءوا من أماكن مختلفة ,أقاموا فيها علي طريقة الصوفية في السياحة ،ولقد ُسمي بأبي المعاطي حين أطلق عليه أهالي المدينة هذا االسم بسبب مساعدته للفقراء ،وكثرة عطائه للمساكين وعابري السبيل. ( -)26صاحب هذه العبارات هو المهندس أشرف السعد ،صاحب شركة السعد لتوظيف األموال ،الذي أدمج مجموع شركاته مع مجموعة شركات الريان لتحمل أسما واحدا وهو (الريان والسعد) بعدها هرب إلي لندن ومازال هاربا فيها حتى كتابة هذه السطور ،وانتهت شركته في عام 1990وكان عمره ال يتجاوز الثالثين عاما إال بعامين فقط. ( -)27األعمال الكاملة – المجلد الثالث – صفحة (132مرجع سابق). ( -)28المرجع السابق – صفحة 212 ( -)29مالعيب عنتر – كتبها محمد أبو العال السالموني في عام – 1991 نشرت ضمن سلسلة المسرح العربي – العدد -117يناير – – 1998الهيئة المصرية العامة للكتاب أبو العال السالموين
201 200
ُقدمت علي مسارح الثقافة الجماهيرية :قصر المحمودية 1997من إخراج :عبد الستار الخضري -بيت منيا القمح من إخراج :سمير زاهر -1998الفرقة المركزية من إخراج :ناصر عبد المنعم -1996بيت سيدي سالم 2000من إخراج :صبري عسس -بيت طوخ من إخراج :محمد بحيري2001 ( -)30مالعيب عنتر – محمد أبو العال السالموني -المرجع السابق – صفحة 6-5 ( -)31ثأر بن عنترة – دراسة تطبيقية في األدب الشعبي – أحمد عباس صالح – كتاب روز اليوسف – نوفمبر -1973صفحة 12 ( -)32النبوءة أو قدر البطل في السيرة الشعبية العربية – د .أحمد شمس الدين الحجاجي – مكتبة الدراسات الشعبية – الهيئة العامة لقصور الثقافة – رقم -57أغسطس – 2001صفحة 130-129 ( -)33مآذن المحروسة – محمد أبو العال السالموني – األعمال الكاملة – المجلد الثاني – الهيئة العامة للكتاب 1995 قدمت هذه المسرحية في ساحة وكالة الغوري ألول مرة خالل شهر رمضان وشوال (يونيو ويوليو 1983من خالل الفرقة النموذجية المركزية للثقافة الجماهيرية من أخراج :سعد أردش. تمثيل :فاروق نجيب – محمد أبو العينين -هيام هالل – أحمد ماهر – محمد أحمد – انسي المصري – فتحي سعد -فاروق الباجوري – أحمد فوزي – صالح سعد – محمد الشربيني – محمود بشير – محمد عساكر -فايق سعيد – سعيد صديق – مصطفي أبو الخير .أغاني وأشعار :سمير عبد الباقي – ديكور:
أشرف نعيم – تصميم رقصات :حسن السبكي – ألحان :صالح محمود – عرائس وخيال ظل :نجالء رأفت ( -)34المصريون المحدثون (شمائلهم وعاداتهم) -ادوارد وليم لين – ترجمة: عدلي طاهر نور – ذاكرة الكتابة – الهيئة العامة لقصور الثقافة – جزءان - 1998 ( -)35فؤاد دوارة – مآذن المحروسة وعودة المحبظين – مجلة الكواكب – دار الهالل – 1983/7/5 ( -)36مآذن المحروسة – مرجع السابق – صفحة 95-94 ( -)37تغريبة مصرية – محمد أبو العال السالموني – الهيئة العامة للكتاب 1992الهيئة العامة لقصور الثقافة – -2007عرضت علي مسرح البالونفي نفس العام 1992 ( -)38مسرحنا والتاريخ وتراث القهر (تأمالت كاتب مسرحي معاصر) – نشر المقال ضمن كتاب :اجتهادات مصرية في البنية المسرحية – سلسلة دراسات المسرح المعاصر – المركز القومي للمسرح 2016صفحة 102 ( -)39فاروق خورشيد -الجذور الشعبية للمسرح العربي -دراسات أدبية - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991 -صفحة 134 ( -)40تغريبة مصرية – مرجع السابق – صفحة 102 ( -)41حلم ليلة حرب – تعد من األعمال األولي للكاتب محمد أبو العال السالموني ،كتبها في عام 1963بعنوان (حكاية ليلة القدر) ونشرت في مجلة إبداع في عام ،1988ثم نشرت ضمن سلسلة المسرح العربي – رقم – 65الهيئة أبو العال السالموين
203 202
المصرية العامة للكتاب – – 1992عرض علي مسرح الثقافة الجماهيرية (قومية ديرب نجم) من إخراج :فوزي عبد هللا -1996بيت ثقافة نجع حماد من إخراج: عبد الفتاح قدورة 1992 ( -)42قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية – أحمد أمين – مطبوعات المجلس األعلى للثقافة – -1999صفحة 164 ( -)43المسرحية – مرجع السابق – صفحة 107-106 ( -)44المسرحية – مرجع السابق – صفحة 116 ( -)45الحريق – مسرحية – محمد أبو العال السالموني – كتبها في عام -1967نشرت ضمن مطبوعات الكتاب األول في عام – 1971عرضت علي مسارح الثقافة الجماهيرية :ميت غمر -1973إخراج :علي سرحان – بورسعيد 1984إخراج :حمدي الوزير – دمياط 1984من إخراج :محمد ناصف – كفر الزيات 1986من إخراج :إبراهيم كريم – كفر سعد 1990من إخراج :رضا حسني – قومية بني سويف 1974من إخراج :رؤوف أألسيوطي ( -)46أبو نضارة – مسرحية – محمد أبو العال السالموني – األعمال الكاملة – المجلد الثاني – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1995 كتبها في عام – 1986طبعة أولي هيئة الكتاب -1988قدمت علي مسرح محمد فريد ُ -1994قدمت علي مسارح الثقافة الجماهيرية (في قصر ثقافة كفر سعد 1993من إخراج :فوزي سراج – قومية أسيوط 2001من إخراج :إبراهيم فؤاد). ( -)47د .علي الراعي – المسرح في الوطن العربي – عالم المعرفة – الكويت
– العدد رقم -25يناير 1980صفحة 54 ( -)48المسرحية – مرجع السابق – صفحة 265 ( -)49د .علي الراعي – الكوميديا المرتجلة في المسرح المصري – منشور ضمن كتاب مسرح الشعب – المرجع السابق – صفحة 30-29 ( -)50مسرحية (أبو نضارة) – المرجع السابق – صفحة 273 ( -)51رواية النديم عن هوجة الزعيم – مسرحية – كتبها في عام – 1970 نشرت في طبعتها األولي -1984الهيئة المصرية العامة للكتاب – ثم نشرت ضمن األعمال الكاملة (المجلد الثاني) – 1995الهيئة المصرية العامة للكتاب – قدمتها مسارح الثقافة الجماهيرية (قصر السنبالوين 1980من إخراج :عبد هللا عبد العزيز -الفرقة النموذجية 1981من إخراج :عبد الغفار عودة – كفر الشيخ 1974من إخراج محمد سالم – بورسعيد 1974من إخراج عباس أحمد – دمنهور 1975من إخراج :جمال هاشم – أبو حمص 1979من إخراج :جالل هاشم ( -)52لورد كرومر -الثورة العرابية – ترجمة :عبد العزيز عرابي – مكتبة األسرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – -1999صفحة 27 ( -)53الثورة العرابية – مرجع السابق – من مقدمة الطبعة الثانية التي كتبها الدكتور :يواقيم رزق مرقص -صفحة 8 ( -)54عبد هللا النديم خطيب الوطنية – الدكتور علي الحديدي – سلسلة أعالم العرب رقم – 9المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر – بدون تاريخ -صفحة 244 أبو العال السالموين
205 204
( -)55شمس الدين محمد بن دانيال بن يوسف بن معتوق الخزاعي الموصلي الملقب بالشيخ والحكيم ،طبيب رمدي (كحال) وشاعر وفنان وبرع في تأليف تمثيليات خيال الظل وتصوير حياة الصناع والعمال واللهجات الخاصة بهم وحاكى بطريقة مضحكة لهجات الجاليات التي كانت تعيش في مصر في زمنه. من أشهر تمثيلياته التي ال تزال مخطوطاتها موجودة « طيف الخيال « ،و» عجيب غريب « و» المتيم وضائع اليتيم «. ( -)56خيال الظل وتمثيليات ابن دانيال -دراسة وتحقيق :إبراهيم حمادة - سلسلة تراثنا -المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر -مصر – 1963 - صفحة 117 ( – )57د .عز الدين إسماعيل – مرجع السابق. هوامش المحور الثاني: ( -)1مآذن المحروسة – مسرحية – محمد أبو العال السالموني – األعمال الكاملة – المجلد الثاني – الهيئة المصرية العامة للكتاب – صفحة 77 ( -)2مولد يا بلد – دليل النصوص – مسرحيات مصرية – مطبوعات اإلدارة العامة للمسرح – الهيئة العامة لقصور الثقافة – العدد -2004 -18صفحة 21-20 ( -)3تغريبه مصرية – محمد أبو العال السالموني -مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة – 2007صفحة 98 ( -)4المرجع السابق – صفحة 99
( -)5قامت (جماعة التكفير والهجرة) بقيادة (شكري مصطفي) باختطاف وزير األوقاف الشيخ (حسن الذهبي) في عام - 1977واغتياله برصاصة في عينه اليسرى ،ألنه أفتي بأنهم مارقون – كانت هذه هي اإلشارة األولي ،التي تكشف تعاظم نشاط هذه الجماعات ،وتكشف خطورتها ،خاصة أن تلك الجماعة لم تكن تعمل بشكل سري ،بل قاموا بطرح أفكارهم عالنية ،وتلك األفكار انتهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية ،هؤالء الذين قتلوا (عثمان ابن عفان) سنة 40 هجرية ،بسبب أنه كان يري الخالفة (قميصا ألبسه هللا إياه) ،وهاجرت الجماعة من المجتمع ،الذي تراه مجتمعا كافرا ،ليعش أفرادها في الصحراء في منطقة تقع بين المنيا والوادي الجديد ،تمارس أعمالها ،وتدريباتها ووضع خططها وبرامجها.. وحين قبض علي أميرها (شكري مصطفي) تحدي المحققين ،وادعي أن أحدا لن يستطيع إعدامه ،ألنه المهدي المنتظر !! ولكنه أُعدم في 30مارس صبيحة زيارة السادات للقدس !! ( -)6في أوائل السبعينيات من القرن الماضي ،قام (السادات) بمواجهة اليسار باليمين الديني ،ألنه كان يشعر أن اليسار ال يتفق مع سياساته ،ويعارض مواقفه، خاصة بعد تصريحه الشهير ،بأن عام ،1971سيكون هو عام الحسم -أي الذي سيتم فيه تحرير األرض التي أغتصبها العدو اإلسرائيلي في - 67ومرت األعوام -بعد هذا التصريح ولم يتحقق ما صرح به !! فقامت مظاهرات الطلبة المناهضة ،التي قادها اليسار ،ففكر -علي الفور -في إفساح المجال أمام التيارات الدينية لمواجهة المد اليساري داخل الجامعات. ومن المفارقات العجيبة أن تشكيل الجماعة اإلسالمية من الطالب اإلسالميين، أبو العال السالموين
207 206
تم بمساندة من النظام ،فعندما تولي (محمد عثمان إسماعيل) أمين عام االتحاد االشتراكي -في ذلك الوقت -منصب محافظ أسيوط في عام ،1972اشرف بنفسه ،وبأوامر من السادات علي فض االعتصام الشهير بجامعة أسيوط ،والذي قاده طالب اليسار ،وكان للرجل نظرية مفادها :أنه إذا حصل اإلسالميون علي التمويل الالزم ألنشطتهم ،فإنهم سيحلون محل الطالب اليساريين المعارضين للسادات ،ولذلك انشأ مكتبا بالمحافظة كانت وظيفته إعداد الكوادر للتصدي للطالب اليساريين ،وإجهاض قوتهم داخل الجامعة ،وكانت تلك هي البداية، التي ساعدت علي ظهور عدد من التنظيمات المتطرفة ،المتسترة بالدين ،من أجل العمل علي تحقيق أهدافها الخاصة :تنظيم الفنية العسكرية – تنظيم التكفير والهجرة – الجماعة اإلسالمية -الجهاد -وغيرها من التنظيمات األخرى. والخطأ الذي وقع فيه السادات هو أنه حاول استخدام التيار الديني لخدمة أغراضه ،ولم يكن يعلم أنها سرعان ما تنتقل إلى العمل لحسابها الخاص ،وتمزيق اإلطار الذي يراد منها أن تعمل في داخله ،ألنه (من االستحالة حصر هذه الجماعات في إطار محدد سلفا ( -)7كتبها محمد أبو العال السالموني في عام -1993نشرت في المجلد الرابع لمؤلفات الكاتب -الهيئة المصرية العامة للكتاب – – 2006قدمت علي مسارح الثقافة الجماهيرية (بيت ثقافة الغنايم 1996من إخراج :سيد الخولي – فرقة قنا 1997من إخراج :إميل جرجس -بيت ديرب نجم 1998من إخراج :السيد الدميري -قصر غزل المحلة 1998من إخراج :أحمد عبد الجليل). ونظ ار ألهمية ما صرح به مؤلف النص – بخصوصه -في مقال كتبه بعنوان
(هموم كاتب مسرحي في عصر البقرنة) أستحضره هنا لتتبين كيف أن تفكير المسئول الثقافي مازال يتحرك في إطار المنع والمنح ،خوفا أو رفضا ،أو إيثا ار للسالمة .حدث هذا في عام 1994 يقول( :هذه المسرحية قمت بكتابتها من خالل ورشة عمل بيني وبين المخرج سعد أردش والشاعر سيد حجاب ،وقدمت للفرقة االستعراضية لتعرض علي مسرح البالون ،ولكن السيد رئيس قطاع الفنون الشعبية شعر بخطورة المسرحية، وبدعواها الشائكة والتي قد تعرضه لبطش الجناح العسكري للتطرف واإلرهاب، فقرر أن يتراجع عن تقديمها ،ولكن كيف يتراجع وهو الذي وعد بتقديمها بدليل أنه أرسلها إلي الرقابة علي المصنفات الفنية مرتين ،وبدليل أنه عرضها علي لجنة القراءة التي أقرتها ؟ كانت وسيلته في التراجع هو أن أعاد تشكيل لجان القراءة وأرسل المسرحية إلي لجنة قراءة جديدة ،ملفتا نظرها إلي القضية الشائكة التي تحملها ،فما كان من اللجنة التي استشعرت الخطر ،إال أن رفضتها ،وحينما احتججت علي ذلك أرسلها إلي مقرر لجنة القراءة المركزية بقطاع الفنون الشعبية الذي ما أن قرأها حتى فزع وجزع واتهمني تلفونيا في عقيدتي ،ألنني أدعو إلي فصل السياسة عن الدين ،وأرسلها إلي لجنة قراءة جديدة من بعض األساتذة الكبار الذين رفضوها أيضا من نفس المنطلق ،حينئذ قررت سحب المسرحية باالتفاق مع (سعد أردش) من قطاع الفنون الشعبية إلي قطاع المسرح الذي استقبل المسرحية بالترحاب حيث قال رئيس القطاع :كيف لي أن أرفض مسرحية يكتبها كاتب كبير ويخرجها مخرج كبير ويضع أشعارها شاعر كبير ،هذه تعتبر في حد ذاتها لجنة قادرة علي تحمل المسؤولية ..بعد فترة فوجئت بالسيد رئيس أبو العال السالموين
209 208
القطاع يخبرني تلفونيا ،أن هناك ضغطا شديدا من السيد رئيس قطاع الفنون الشعبية يحذره من إنتاج هذه المسرحية المشئومة ،ومن األفضل أن يغض النظر عن عمل شائك قد يسبب له الكثير من الحرج أو اإليذاء خصوصا وهو علي أبواب الخروج إلي المعاش) المرجع :اجتهادات مسرحية في البنية المسرحية – محمد أبو العال السالموني – المركز القومي للمسرح – سلسلة دراسات في المسرح المصري – صفحة 62-61 ( -)8ديوان األمير تميم بن المعز لدين هللا الفاطمي – دار الكتب المصرية – -1957مقدمة المحققين صفحة 8 ( -)9أمير الحشاشين – مرجع السابق – صفحة 302 ( -)10ديوان :األمير تميم بن المعز لدين هللا الفاطمي – دار الكتب المصرية 1957مقدمة المحققين :محمد كامل حسين – أحمد يوسف نجاتي – محمدعلي النجار -صفحة 6-5 ( -)11أمير الحشاشين – مرجع السابق – صفحة 320 ( -)12التكفير عنصر أساسي في أفكار هذه الجماعة ،فهم يكفرون كل من أرتكب كبيرة ،وأصر عليها ولم يتب منها ،وكذلك يكفرون الحكام الذين ال يحكمون بما أنزل هللا بإطالق ودون تفصيل ،ويكفرون المحكومين ألنهم رضوا بذلك وتابعوهم أيضا بإطالق ودون تفصيل ،ويكفرون العلماء ألنهم لم يكفروا هؤالء ،وال أولئك ،كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم !!.وشكري أحمد مصطفي من مواليد قرية الحواتكة بمحافظة أسيوط ،أحد شباب جماعة األخوان المسلمين الذين اعتقلوا عام 1965
النتسابهم إليها ،وكان عمره وقتئذ ثالثة وعشرون عاما ،تولي قيادة الجماعة داخل السجن ،وفي عام 1971أفرج عنه بعد أن حصل علي بكالوريوس الزراعة وبدأ التحرك في مجال الهيكل التنظيمي لجماعته ،وتمت مبايعته أمي ار للمؤمنين ،وفي سبتمبر 1973أمر بخروج الجماعة إلى المناطق الجبلية بدائرة أبي قرقاص بمحافظة المنيا ،وفي عام 1973اشتبه في أمرهم رجال األمن فتم إلقاء القبض عليهم ،وتقديمهم للمحاكمة في القضية رقم 618لسنة 73أمن دولة ،وفي 21 أبريل ،1973عقب حرب أكتوبر 1973صدر قرار جمهوري بالعفو عن شكري مصطفي وجماعته ،فعاود نشاطه من جديد وبصورة مكثفة ..وبعد إعدام شكري مصطفي ،بسبب اختطاف الشيخ الذهب وقتله ،اتخذت الجماعة طابع السرية، الذي لم تكن تنتهجه من قبل ،إال أن نشاطها كان محدودا ،بسبب الضربات األمنية المتالحقة ألفراد هذه الجماعة . ( -)13المسرحية –مرجع السابق – صفحة 330-329 ( :)14المسرحية – مرجع السابق صفحة 383 ( -)15المسرحية – مرجع السابق صفحة 341 ( -)16ديوان البقر – مسرحية -كتبها في عام 1994نشرت ضمن األعمال الكاملة – المجلد الرابع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2006 عرضت هذه المسرحية علي خشبة مسرح مركز الهناجر للفنون خالل شهري فبراير ومارس 1995من إخراج :كرم مطاوع – بطولة :عبد الرحمن أبو زهرة – عايدة فهمي – أحمد حالوة -ناهد رشدي -ماجد الكدواني – عاصم نجاتي – ديكور ومالبس :د .محمود مبروك – أشعار :خالد النشوقاتي – ألحان :د .جمال أبو العال السالموين
211 210
سالمة .وقدمت علي مسارح الثقافة الجماهيرية (النصر ببورسعيد من إخراج: طارق حسن). ( – )17ديوان البقر – مرجع السابق – صفحة 247 ( -)18ديوان البقر – مرجع السابق – صفحة 278 ( -)19ذكر ذلك في كتابه المعنون (قصف العقول) – ترجمة :سامي خشبة – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – العدد 2000 -256 ( -)20د .عبد المنعم صالح – االنسان الحائر بين العلم والخرافة – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – العدد -1979 – 15صفحة 234 ( -)21ديوان البقر – مسرحية -مرجع السابق – صفحة 282 ( -)22عاصم عبد الماجد محمد ماضي (مواليد )1958عضو مجلس شورى الجماعة اإلسالمية في مصر والمتحدث باسمها ،كان المتهم رقم 9في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام ،1981وصدر ضده في مارس 1982 حكما بالسجن 15عاما أشغال شاقة ،واتهم في قضية تنظيم الجهاد وبمحاولة قلب نظام الحكم بالقوة وتغيير الدستور ومهاجمة قوات األمن في أسيوط في 1981/10/8حيث كان على رأس القوة المقتحمة لمديرية األمن التي احتلت المديرية ألربع ساعات ،وأسفرت المواجهات في هذه الحادثة الشهيرة عن مصرع 118شخص ،وأصيب أثناء عملية االقتحام أصيب بثالثة أعيرة نارية في ركبته اليسرى والساق اليمنى فعجز عن الحركة مما أدى إلى نقله إلى المستشفى حيث تم القبض عليه ونقله إلى القاهرة ،وصدر ضده حكم باألشغال الشاقة المؤبدة في .1984/9/30شارك مع مجموعة منها عمر عبد الرحمن ،عبود الزمر ،طارق
الزمر ،خالد اإلسالمبولي وغيرهم في تأسيس الجماعة اإلسالمية في مصر التي انتشرت بشكل خاص في محافظات الصعيد وبالتحديد أسيوط والمنيا وسوهاج. وشارك عاصم مجلس شورى الجماعة في كل ق ارراته ،ومنها أعمال العنف من قبل عام 1981حتى نهاية العنف والصراع بمبادرة وقف العنف الصادرة في عام .1997ويقيم عبد الماجد اآلن في دولة قطر بعد مظاهرات 30يونيو 2013 وعزل محمد مرسي ( -)23بدأ االعتصام في رابعة العدوية يوم 28يونيو 2013وانتهي في يوم 14أغسطس من نفس العام .فبدايته تزامنت مع اعتصام معارضي مرسي بميدان تنديدا بسياسياته ومطالبته بالتنحي. التحرير ً ( -)24ديوان البقر – مسرحية – مرجع السابق – صفحة 173-172 ( - -)25يمكن مراجعة مقال د.فؤاد زكريا المنشور في صحيفة األهرام تحت عنوان :ثورة يوليو والجماعات اإلسالمية – أغسطس1985 ( -)26معظم هذه المعلومات جاءت علي لسان المستشار (ماهر الجندي) وكيل نيابة أمن الدولة ،الذي قام بالتحقيق في بعض قضايا هذه التنظيمات، ونشرت وقائعها في الصحف المصرية ،وقد عمل فيما بعد محافظا لمحافظة الجيزة ،حتى تمت أقالته بعد اتهامه في قضية (محمد فوده) المتهم باستغالل النفوذ والحصول علي رشاوى لتسهيل مهام بعض المستثمرين لدي المحافظة. ( -)27د .أحمد شوقي الفنجري – التطرف واإلرهاب – سلسلة المواجهة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – -1993صفحة 64-63ولقد استند الكاتب فيما وضع بين القوسين بما كتبه فهمي هويدي في كتابه (إيران من الداخل) فضال عن مقالة نشرها في صحيفة األهرام. أبو العال السالموين
213 212
( -)28الحادثة اللي جرت في شهر سبتمبر – مسرحية – محمد أبو العال السالموني -األعمال الكاملة – المجلد الرابع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – -2006نشر النص ألول مرة في عام 2004ضمن مطبوعات المجلس األعلى للثقافة. كتبها في عام – 2002قدمت علي مسرح الطليعة في عام 2013( -)29وردت اإلشارة إلي جريدة العرب – لندن 12سبتمبر 2001ضمن كتاب: االسالموفوبيا – جماعات الضغط اإلسالمية في الواليات المتحدة األمريكية (منظمة كير) –د .ربا قحطان الحمداني – دار العربي للنشر والتوزيع – القاهرة 2011 ( -)30ظهر مصطلح اإلسالموفوبيا عام -1996ألول مرة -بعد أن قام مركز دراسات «رونيميد ترست» اإلنجليزي بإعداد تقرير حول ظاهرة اإلسالموفوبيا في بريطانيا بإشراف البروفيسور غوردون كانوي نائب رئيس جامعة سسيكس .ونشر التقرير عام 1997تحت عنوان «اإلسالموفوبيا تح ٍـد لنا جميعا» .وقد عرف التقرير اإلسالموفوبيا بأنها «نظرة عالمية تشمل تخوفا دون سبب منطقي وكراهية للمسلمين ينتج عنها ممارسات تتسم باإلقصاء والتمييز» .ويحدد التقرير مظاهر اإلسالموفوبيا في كراهية عامة لكل المسلمين وتمييز ضدهم في العمل والفرص االقتصادية والحياة العامة .كما يتضمن المصطلح نظرة دونية لإلسالم ويعتبره أيديولوجية ينقصها المبادئ والقيم وال يتساوى مع الحضارة الغربية وهو دين عنيف أقرب إلى األيديولوجية السياسية منها إلى الدين. ( -)31االسالموفوبيا – جماعات الضغط اإلسالمية في الواليات المتحدة
األمريكية (منظمة كير) – د .ربا قحطان الحمداني – دار العربي للنشر والتوزيع – القاهرة – -2011الصفحات148 -146 : ( -)32صامويل هنتنجتون – صدام الحضارات – إعادة صنع النظام العالمي – ترجمة :طلعت الشايب – تقديم :د .صالح قنصوة -سطور – القاهرة – 1998صفحة 352( -)33الحملة أألمريكية ضد اإلرهاب خارج أفغانستان – عادل محمد سليمان – مجلة السياسة الدولية – مؤسسة األهرام – القاهرة – العدد 2002-148صفحة 185 ( -)34مسرحية – الحادثة اللي جرت في شهر سبتمبر – مرجع سابق – صفحة 508-507 ( -)35رسائل الشيطان – دراما مسرحية شبه تسجيلية – محمد أبو العال السالموني -سلسلة اإلبداع المسرحي – الهيئة المصرية العامة للكتاب – أكتوبر 2016 ( -)36عبد الرحمن الكواكبي – طبائع االستبداد ومصارع االستعباد – تحقيق وتقديم :د .محمد عمارة – دار الشروق -2009صفحة 38 ( -)37المسرحية – مرجع سابق – صفحة 135 ()38من مقدمة مسرحية ما ار صاد – بيتر فايس -ترجمة وتقديم د.يسري خميس – روائع المسرح العالمي – العدد 15 – 43مارس – 1967صفحة 15 ( -)39المسرحية – مرجع سابق – صفحة 131 ( -)40سعيد رمضان ( )1995-1926انضم إلي جماعة األخوان في عام أبو العال السالموين
215 214
،1940وهو أحد الرعيل األول من قيادات جماعة األخوان المسلمين ،وزوج ابنة المرشد (حسن البنا) والسكرتير الشخصي له ،ومن قادة األخوان في أوربا، أسس في ألمانيا الجمعية اإلسالمية وهي من المنظمات اإلسالمية هناك والتي استغلها لتحقيق أهداف الجماعة ُ -حكم عليه غيابيا باإلعدام لمشاركته في محاولة المؤرخ والكاتب البريطاني الشهير اغتيال جمال عبد الناصر – 1954كشف ُ (ستيفن دوريل) في كتابه الوثائقي (ام آي سكس :مغامرة داخل العالم السري لجهاز المخابرات البريطانية المعتمد علي وثائق المخابرات األمريكية والسويسرية واأللمانية عن تفاصيل عمالة سعيد رمضان ألجهزة المخابرات العالمية ،ويوضح الكتاب أنه في عام 1953التقي مع الرئيس األمريكي (ايزنهاور) في البيت األبيض الذي أقنعه عن طريق عميل السي آي ايه (روبرت دريهارد) بالبقاء في أوربا لمحاربة الشيوعية. ( -)41المسرحية – مرجع سابق – صفحة 101 ( -)42من رسائل المرشد خرجت فتاوي بعض أمراء تنظيم الجهاد ،ومنهم – علي سبيل المثال محمد عبد السالم فرج ،الذي تم إعدامه الشتراكه في عملية اغتيال الرئيس السادات في عام ،1981ذكر في ورقته المسماة( :الفريضة الغائبة): لقد أجمع المسلمون علي فرضية إقامة الخالفة اإلسالمية وإعالن الخالفة يعتمد علي وجود النواة ،وهي الدولة اإلسالمية ،ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية ،فعلي كل مسلم السعي إلعادة الخالفة بجد ،لكيال يقع تحت طائلة الحديث ،والمقصود بالبيعة بيعة الخالفة. ()43عبد الرحمن السندي من مواليد المنيا عام ،1918توفي 1962نتيجة حمي
روماتيزمية وخلل في صمامات القلب ،حاصل علي مؤهل متوسط ،قاد التنظيم السري المسلح الذي تم تأسيسه تحت إشراف مباشر ،وباختيار عناصره األساسية بمعرفة مرشد الجماعة (حسن البنا) وتؤكد الوقائع التاريخية والوثائق ومذكرات قادة األخوان ،أنه الرجل األخطر بين أعضاء الجماعة ،منذ نشأتها حتى اآلن ،وال يكاد ينافسه علي موقعه إال حسن البنا مؤسسها ،وعلي يديه تم اغتيال (النقراشي باشا -حكمدار القاهرة – القاضي الخازندار) عام -1948ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر عام 1954 ( -)44المسرحية – مرجع سابق – صفحة 45-44 ( -)45المسرحية – مرجع سابق – صفحة 51 ( -)46المسرحية – مرجع سابق – صفحة 75 ( -)47عام 1953هو نفس العام الذي كتب فيه (برنارد لويس) المعروف بميوله الصهيونية ،مقاله الشهير الذي بشر فيه بإستراتيجية أمريكية لتشجيع حركات إسالمية ،ودعمها لتكون سالحا ضد السوفييت في الشرق األوسط ،وهو المشروع الذي تلقاه (آالن داالس) مدير إدارة المخابرات المركزية. ( -)48يشرح «جمال البنا» شقيق (حسن البنا) لمؤلف كتاب «مسجد فى ميونخ» ..الكاتب الكندى ابن جونسون» ..كيف إن مرشد اإلخوان كان يرى فى ير للخارجية فهو متحدث لبق ورياضي نشط ..ثم أنه العقلية سعيد رمضان وز ًا القانونية التي تبرر للناس ضرورة ارتقاء اإلخوان سلم السلطة بديال عن الخالفة اإلسالمية التي انهارت في اسطنبول ..وكانت قاب قوسين أو أدنى من أن تسيطر على العالم كله.. أبو العال السالموين
217 216
ورمضان هو الذي أسس لفرع اإلخوان في األردن حتى منحه الملك عبد هللا األول بعيدا عن األعين التي بدأت تنتبه إليه بعد جرائم جواز سفر سمح له بحرية الحركة ً اإلخوان في مصر ،وفى عام 1948رحل إلى باكستان وبعدها بعام تم اغتيال «البنا» ولم يتوقف نشاط رمضان ويجب أن نذكر بأن مؤتمرات عديدة عقدت بعد سقوط الخالفة ..إليجاد بديل يجمع حشود المسلمين ..وهو ما جعل (البنا) يعلن عن تنظيمه في هذا التوقيت ..ولهذا اتجه سعيد رمضان إلى مفتى القدس أمين نظر إلى مكانة األقصى وفلسطين ..وكذلك إلى تركيا التي كانت قد الحسينيً ..ا اتجهت إلى العلمانية ..وبذلك تم ربط القاهرة ..باسطنبول ..والقدس ..وكراتشى من خالل المؤتمر اإلسالمي الذي جرى اإلعالن عنه وهو في حقيقة األمر يعلن داخليا في مصر بسلسلة عن الوجه الدولي لإلخوان بعد أن تم التضييق عليهم ً االغتياالت التي وقعت لشخصيات مرموقة ..واإلعالن عن حل الجماعة (هذا الهامش منقول من كتاب (وثائق البيت األبيض تتحدث :أمريكا واألخوان منذ خطة اغتيال عبد الناصر) للكاتب :عاطف الغمري – دار نهضة مصر للنشر – – 2014الطبعة األولي). ( -)49جهاد الفواحش في زمن الدواعش -مسرحية – محمد أبو العال السالموني -2018مخطوطة( -)50انبثق تنظيم داعش من تنظيم القاعدة في العراق ,أسسه (أبو مصعب الزرقاني) في عام 2004عندما كان مشاركا في العمليات العسكرية ضد القوات التي قادتها الواليات المتحدة األمريكية والحكومات العراقية عقب غزو العراق عام المسلحة مثل مجلس شوري المجاهدين، 2003مع غيرها من الجماعات السنية ُ
والتي مهدت لقيام تنظيم دولة العراق اإلسالمية ،وابتداء من عام 2004انتشر تنظيم داعش في العراق وفي بعض المحافظات السورية من الرقة وأدلب ودير الزور وحلب بعد الدخول في الحرب األهلية السورية ،صحيح أن تواجده أصبح اقل بعد مواجهته من التحالفات العربية ،إال أنه مازال يتحرك في بعض المناطق في صورة عصابات ،تقتل وتبث الرعب في نفوس اآلمنين. ( -)51في ذلك التاريخ – كما يذكر الدكتور :محمد أبو اإلسعاد في كتابه (السعودية واألخوان المسلمين) – مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق اإلنسان -القاهرة – 1996وجدها حكام البلدان اإلسالمية فرصة لتحقيق طموحاتهم السياسية العبيطة فمن أغاخان في الهند حتى ملك المغرب مرو ار بملك األفغان وشريف مكة وسلطان نجد ،وملك مصر تطلعوا جميعا إلي عرش الخالفة ..ووفقا لهذا الذي حدث وجه شيخ األزهر في 25مارس 1924بيانا إلي العالم اإلسالمي ضمنه دعوة رسمية لمؤتمر في القاهرة يتم عقده بعد عام – أي في مارس -1925لبحث مستقبل الخالفة اإلسالمية واختيار خليفة المسلمين مساندة للملك فؤاد في مصر ،حين تطلع إلي عرش الخالفة ،اعتمادا علي مركز مصر الحضاري في العالم اإلسالمي ،وعلي القيمة الدينية التي ُيمثلها الجامع األزهر .إال أن كل هذا تمت مقاومته والتصدي له من جانب العلمانيين المصريين دعاة الدولة المدنية الرافضين لفكرة الخالفة والدولة الدينية ،وقد وصلت هذه المواجهة ذروتها بصدور كتاب الشيخ علي عبد الرازق في ابريل 1925عن اإلسالم وأصول الحكم ،الذي انتهي فيه إلي أن الخالفة ليست أصال من أصول الحكم في اإلسالم ،وأن اإلسالم لم يقرر نظاما بعينه للحكم بل ترك للمسلمين أبو العال السالموين
219 218
الحرية في تنظيم الدولة وفقا لألحوال الفكرية واالجتماعية واالقتصادية مطلق ُ التي يكونون عليها مع مراعاة التطور االجتماعي ومقتضيات الزمن (صفحة -47-46المرجع السابق). ( -)52محمد أبو العال السالموني – مقدمة مسرحية (جهاد الفواحش في زمن الدواعش). ( – )53جاءت هذه الفتوي – كما يذكر المؤلف في مقدمة مسرحيته – بعد اغتصاب فتاة عراقية تنتمي إلي الطائفة األزيدية ،تم خطفها أثناء الغزو من قبل أعضاء التنظيم اإلرهابي ،وقام أحد أعضاء التنظيم باغتصابها ،ثم قام ببيعها إلي عضو آخر بالتنظيم الذي تناوب عليها عدة مرات قبل أن يقوم بدوره ببيعها إلي زميل ثالث ،وبنفس الطريقة تم تمرير الفتاة علي أحد عشر إرهابيا من أعضاء ويؤكد التنظيم ،ليتناوبوا اغتصابها بهذه الفتوى الشرعية التي أطلقها زعيم التنظيمُ ، البغدادي خليفة داعش في فتاويه بأن داعش تعتبر الفرقة الناجية من النار، والخروج عليها ُيعد كف ار ( -)54من مقدمة المسرحية – مرجع سابق ( -)55السحرة – مسرحية – محمد أبو العال السالموني – من مؤلفات محمد أبو العال السالموني – المجلد الرابع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – -2006 كتبها في عام 1975إعدادا عن مسرحية (ساحرات سالم) للكاتب األمريكي (أرثر ميلر) ..وعرضت في مسرح الطليعة في عام 2003 وحكم عليه باإلعدام ،ففر إلى ( -)56أتهم هناك بالتآمر علي الملك حسينُ ، طرد منها ،ليجد مستقره العراق ،ومنها إلى بعض الدول العربية األخرى التي ُ األخير في مصر.
( -)57معظم هذه المعلومات جاءت علي لسان المستشار (ماهر الجندي) وكيل نيابة أمن الدولة ،الذي قام بالتحقيق في بعض قضايا هذه التنظيمات ،ونشرت وقائعها في الصحف المصرية ،وقد عمل فيما بعد محافظا لمحافظة الجيزة ،حتى تمت أقالته بعد اتهامه في قضية (محمد فوده) المتهم باستغالل النفوذ والحصول علي رشاوى لتسهيل مهام بعض المستثمرين لدي المحافظة. (ُ -)58نفذ فيه حكم اإلعدام في 30مارس صبيحة زيارة السادات للقدس !! ( -- )59صدرت هذه المسرحية عن هيئة الكتاب في عام ،1984وعرضت علي مسارح الثقافة الجماهيرية من إخراج :عباس أحمد ( -)1974محمد سالم ( - )1974عبد الغفار عوده (..)1980 ( -)60أطلق مصطلح المكارثية على كل من يمارس اإلرهاب الفكري ويوجه اتهامات بالخيانة والعمالة دونما أي دليل ملموس. عضوا ( -)61جوزيف مكارثي سياسي أمريكي من مواليد عام 1904انتخب ً في مجلس الشيوخ األمريكي عام ،1946وبعدها بأربع سنوات أضحى حديث األمريكيين لالتهامات التي أعلنها حول تسلل أكثر من 205شيوعيا إلى و ازرة الخارجية األمريكي فكان من نتائج ذلك تشكيل لجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ عام ،1952وقد انحصرت مهمتها في التحقيق في هذه المزاعم ،على أن يتولى مكارثي رئاسة اللجنة خالل العامين التاليين ،شمل التحقيق مختلف اإلدارات الحكومية ،وجرى استجواب عدد ضخم من الشهود ،فأطلق على تلك الفترة اسم “الرعب األحمر وفي جلسة استماع علنية ،جرى توبيخ مكارثي على يد الكونجرس األمريكي ،وأدينت جميع تصرفاته .فخرج من دائرة الضوء ،وتوفي عام 1957 أبو العال السالموين
221 220
المقربين إلى مجلس قيادة الثورة ،ال ( -)62يوسف مكادي من الضباط األحرار ُ سيما الرئيسين جمال عبد الناصر ،وأنور السادات ،كان والده يحمل رتبة بك ،وله نفوذ في قريتهم بمحافظة المنيا ،وتربطه عالقة نسب مع عائلة أنور السادات. ( -)63القتل في جنين -مسرحية -محمد أبو العال السالموني -كتبها في عام 85/73باسم المزرعة – نشرت في هيئة الكتاب في عام -1990وعرضت علي مسرح قاعة منف بالثقافة الجماهيرية في عام – 1993ثم أعاد الكاتب كتابها من جديد ،وغير أسمها ليصبح (القتل في جنين) في عام ُ – 2002نشرت في الهيئة المصرية العامة للكتاب في عام2005 ( -))64اجتاحت قوات االحتالل اإلسرائيلية مخيم جنين لالجئين الفلسطينيين بالضفة الغربية الذي يضم 14,000نسمة في الثالث من أبريل 2002م وأعلنته منطقة عسكرية مغلقة .وشارك في االجتياح الذي تم في إطار عملية السور الواقي التي هدفت لكبح االنتفاضة الفلسطينية ووقف العمليات االستشهادية أكثر من 60دبابة وعشرات المركبات المدرعة وطائرات مروحية حربية .وعمدت قوات االحتالل إلى استخدام الجرافات لهدم المنازل على ساكنيها .قاوم عدد من المقاتلين الفلسطينيين الهجوم الصهيوني بالبنادق ومتفجرات بدائية الصنع لمدة ثمانية أيام بسطت بعدها قوات االحتالل سيطرتها على المخيم .وبعد أن منعت وسائل اإلعالم العالمية وسيارات اإلسعاف ووكاالت اإلغاثة من دخول المخيم قامت قوات االحتالل بإعدام العشرات من سكان المخيم ،ودفنت مئات من جثث القتلى في الساحة المركزية للمخيم وردمتها بالجير الحي واإلسمنت ( -)65الصهيونية غير اليهودية – جذورها في التاريخ الغربي – ريجينا الشريف
– ترجمة :أحمد عبد هللا عبد العزيز -سلسلة عالم المعرفة -الكويت – العدد رقم -96ديسمبر – 1985الصفحات 25-24 ( -)66القتل في جنين – مسرحية – مرجع سابق – صفحة 117-116 ( -)67القوي الدينية في إسرائيل بين تكفير الدولة ولعبة السياسة – د .رشاد عبد هللا الشامي – عالم المعرفة – الكويت – رقم -186يونيو – 1994صفحة 48-47 ( -)68القتل في جنين – مسرحية – مرجع سابق – صفحة41 ( -)69القتل في جنين -مسرحية -مرجع سابق – 47 (-)70األرجون هي المنظمة العسكرية القومية في إسرائيل وهي منظمة صهيونية شبه عسكرية ،كانت موجودة قبل إعالن دولة الكيان الصهيوني في فلسطين، وكل مشاكل الشعب الفلسطيني يعود سببها إلي هذه المنظمة التي كانت موجودة صنفت تلك المنظمة من قبل السلطات في الفترة ما بين 1948-1931ولقد ُ االنجليزية كمنظمة إرهابية في عام 1931وقامت تلك المنظمة ،بعمليات اغتيال كثيرة للفلسطينيين ،وكان مناحم بيجين قائدا لعصابة األرجون في عام 1943كما تذكر الوثائق وعرفت باسم (المقاتلون من أجل حرية إسرائيل) وهي منظمة (-)71شتيرنُ - إرهابية ،أسسها البولندي (أبراهام يائير) وتُعد من أكثر الميلشيات الصهيونية شراسة ،وهي منشقة عن منظمة األرجون ،وقامت بعمليات اغتصاب لألرض الفلسطينية ،فضال عن تنظيم عمليات هجرة اليهود إلي فلسطين باإلضافة إلي قيامها بعمليات اغتيال. أبو العال السالموين
223 222
( -)72القتل في جنين -مسرحية – مرجع سابق – صفحة 11-10 ( -)73القتل في جنين – مسرحية – مرجع سابق – صفحة 109 ( -)74القتل في جنين – مسرحية – مرجع سابق – صفحة 114 ( -)75في مقاومة اإلرهاب كلنا مرتعشون -محمد أبو العال السالموني – جريدة مسرحنا – الصادرة بتاريخ 23يونيو – 2017صفحة 27-26 ( -)76د .جابر عصفور – هوامش علي دفتر التنوير – مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة – رقم -2000 -58الطبعة الثالثة – صفحة 257-256 المراجع: المسرحيات: ( -)1مالعيب عنتر– محمد أبو العال السالموني -سلسلة المسرح العربي – العدد -117يناير – – 1998الهيئة المصرية العامة للكتاب ( -)2مآذن المحروسة – محمد أبو العال السالموني – األعمال الكاملة – المجلد الثاني – الهيئة العامة للكتاب 1995 ( -)3تغريبة مصرية – محمد أبو العال السالموني – الهيئة العامة للكتاب 1992الهيئة العامة لقصور الثقافة – 2007( -)4حلم ليلة حرب – محمد أبو العال السالموني -سلسلة المسرح العربي – رقم – 65الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1992
( -)5الحريق – محمد أبو العال السالموني – مطبوعات الكتاب األول – المجلس األعلى للثقافة 1971 - ( -)6أبو نضارة – محمد أبو العال السالموني – األعمال الكاملة – المجلد الثاني – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995 ( -)7رواية النديم عن هوجة الزعيم – محمد أبو العال السالموني -األعمال الكاملة (المجلد الثاني) – 1995الهيئة المصرية العامة للكتاب ( -)8مآذن المحروسة – محمد أبو العال السالموني – األعمال الكاملة – المجلد الثاني – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995 ( -)9مولد يا بلد – محمد أبو العال السالموني -دليل النصوص – مسرحيات مصرية – مطبوعات اإلدارة العامة للمسرح – الهيئة العامة لقصور الثقافة – العدد 2004 -18 ( -)10تغريبه مصرية – محمد أبو العال السالموني -مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة – 2007 ( -)11أمير الحشاشين -محمد أبو العال السالموني -المجلد الرابع لمؤلفات الكاتب -الهيئة المصرية العامة للكتاب –2006 ( -)12ديوان البقر – محمد أبو العال السالموني -األعمال الكاملة – المجلد الرابع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2006 ( -)13الحادثة اللي جرت في شهر سبتمبر –محمد أبو العال السالموني- األعمال الكاملة – المجلد الرابع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2006 ( -)14رسائل الشيطان– محمد أبو العال السالموني -سلسلة اإلبداع المسرحي أبو العال السالموين
225 224
– الهيئة المصرية العامة للكتاب – أكتوبر 2016 ( -)15جهاد الفواحش في زمن الدواعش -محمد أبو العال السالموني -2018 - مخطوطة ( -)16السحرة -محمد أبو العال السالموني –المجلد الرابع – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2006 ( -)17القتل في جنين -محمد أبو العال السالموني -كتبها في عام 85/73باسم المزرعة – الهيئة المصرية العامة للكتاب1990 - دوريات: ( -)1د .حسن عطية -المسرح الشعبي ..المفهوم بين المطلوب والموروث –– مجلة المسرح – و ازرة الثقافة – قطاع المسرح – العدد – 24يوليو 1984 ( -)2د .عز الدين إسماعيل -توظيف التراث في المسرح –– مجلة فصول – المجلد األول – العدد األول –أكتوبر – 1980أكتوبر ُ المحبظين – مجلة الكواكب – دار وعودة المحروسة مآذن – ة ر ا و د اد ؤ ف (-)3 ُ الهالل – 1983/7/5 ( -)4د.فؤاد زكريا -مقال -ثورة يوليو والجماعات اإلسالمية – صحيفة األهرام أغسطس1985( -)5محمد أبو العال السالموني – في مقاومة االرهاب كلنا مرتعشون -جريدة مسرحنا – الهيئة العامة لقصور الثقافة – 23يونيو 2014
كتب: ( -)1محمد أبو العال السالموني -اجتهادات مصرية في البنية المسرحية – دراسات في المسرح المصري – المركز القومي للمسرح 2016 ( -)2د .علي الراعي -مسرح الشعب – وهو كتاب يضم ثالثة كتب هي (الكوميديا المرتجلة – فنون الكوميديا – مسرح الدم والدموع) -دار شرقيات19 - 93 ( -)3توفيق الحكيم -قالبنا المسرحي – مكتبة مصر – 1967 ( -)7ج.و .مكفرسون -الموالد في مصر – ترجمة وتحقيق:د .عبد الوهاب بكر – مكتبة األسرة -1990الهيئة المصرية العامة للكتاب. ( -)10أحمد عباس صالح -ثأر بن عنترة – دراسة تطبيقية في األدب الشعبي كتاب روز اليوسف -نوفمبر 1973( -)11د .أحمد شمس الدين الحجاجي -النبوءة أو قدر البطل في السيرة الشعبية العربية -مكتبة الدراسات الشعبية – الهيئة العامة لقصور الثقافة – رقم -57أغسطس 2001 ( -)12ادوارد وليم لين -المصريون المحدثون (شمائلهم وعاداتهم) –-ترجمة: عدلي طاهر نور – ذاكرة الكتابة – الهيئة العامة لقصور الثقافة – جزءان - 1998 ( -)13فاروق خورشيد -الجذور الشعبية للمسرح العربي -دراسات أدبية - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991 - ( -)14أحمد أمين -قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية – مطبوعات أبو العال السالموين
227 226
المجلس األعلى للثقافة – 1999 ( -)15د .علي الراعي – المسرح في الوطن العربي – عالم المعرفة – الكويت – العدد رقم -25يناير 1980 ( -)16لورد كرومر -الثورة العرابية – ترجمة :عبد العزيز عرابي – مكتبة األسرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1999 ( -)17د.علي الحديدي -عبد هللا النديم خطيب الوطنية –– سلسلة أعالم العرب رقم – 9المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر – بدون تاريخ ( -)18ابن دانيال -خيال الظل وتمثيليات -دراسة وتحقيق :إبراهيم حمادة سلسلة تراثنا -المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر -مصر 1963 -( -)19ديوان :األمير تميم بن المعز لدين هللا الفاطمي – دار الكتب المصرية 1957مقدمة المحققين :محمد كامل حسين – أحمد يوسف نجاتي – محمدعلي النجار ( -)20فيليب تايلور ( -قصف العقول) – ترجمة :سامي خشبة – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – العدد 2000 -256 ( -)21د .عبد المنعم صالح – اإلنسان الحائر بين العلم والخرافة – سلسلة عالم المعرفة – الكويت – العدد 1979 – 15 ( -)22د .أحمد شوقي الفنجري – التطرف واإلرهاب – سلسلة المواجهة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1993 ( -)23د .ربا قحطان الحمداني – االسالموفوبيا – جماعات الضغط اإلسالمية في الواليات المتحدة األمريكية (منظمة كير) – دار العربي للنشر والتوزيع – القاهرة 2011
( -)24صامويل هنتنجتون – صدام الحضارات – إعادة صنع النظام العالمي – ترجمة :طلعت الشايب – تقديم :د .صالح قنصوة -سطور – القاهرة 1998- ( -)25عادل محمد سليمان -الحملة األمريكية ضد اإلرهاب خارج أفغانستان – مجلة السياسة الدولية – مؤسسة األهرام – القاهرة – العدد 2002-148 ( -)26عبد الرحمن الكواكبي – طبائع االستبداد ومصارع االستعباد – تحقيق وتقديم :د .محمد عمارة – دار الشروق 2009 ( )27بيتر فايس -مسرحية ما ار صاد – -ترجمة وتقديم د.يسري خميس – روائع المسرح العالمي – العدد 15 – 43مارس 1967 ( -)28عاطف الغمري (وثائق البيت األبيض تتحدث :أمريكا واألخوان منذ خطة اغتيال عبد الناصر) – دار نهضة مصر للنشر – – 2014الطبعة األولي ( -)29د .محمد أبو اإلسعاد -السعودية واألخوان المسلمين – مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق اإلنسان -القاهرة 1996 ( -)30ريجينا الشريف -الصهيونية غير اليهودية – جذورها في التاريخ الغربي –– ترجمة :أحمد عبد هللا عبد العزيز -سلسلة عالم المعرفة -الكويت – العدد رقم -96ديسمبر 1985 ( -)31د .رشاد عبد هللا الشامي -القوي الدينية في إسرائيل بين تكفير الدولة ولعبة السياسة –– عالم المعرفة – الكويت – رقم -186يونيو 1994 ( -)32د.جابر عصفور – هوامش علي دفتر التنوير – مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة – رقم -58سنة 2000 أبو العال السالموين
229 228
قائمة بمسرحيات محمد أبو العال السالموني
-1درس يف المأساة 1961جمعية الرواد أألدبي�ة بدمياط - 1962لم تعرض -2مباراة بال نتيجة 1962جمعية الرواد بدمياط -64مجلة إبداع -1988لم تعرض -3حلم ليلة حرب 1 963هيئ�ة الكتاب 1992الثقافة اجلماهريية -4حتت التهديد 1964مجلة إبداع 1983الثقافة اجلماهريية -سنة -1990الطليعة -1995الهناجر 2009 -5فرسان هللا واألرض (سيف هللا) 1965املركز القويم للفنون واآلداب -1985احتاد الكتاب العرب دمشق 2004أوقفت يف ليلة االفتت�اح بمسرح الطليعة ين�اير 1980 -6اجلانب اآلخر 1967لم تنشر عرضت يف املسرح املدريس سنة 1968 1968مطبوعات الكتاب األول 1971الثقافة اجلماهريية -7احلريق -8أبو زيد يف بلدنا 1969املجلد الثالث 2003الثقافة اجلماهريية 1969 -9رواية النديم عن هوجة الزعيم 1970هيئ�ة الكتاب 1984الثقافة اجلماهريية -10األرض واملغول 1971املجلد الثالث 2003مسرح املنصور يف الثمانيني�ات -11زيارة عزرائي�ل 1973املجلد الثالث 2003الثقافة اجلماهريية -12السحرة (تمصري عن ساحرات سالم) - 1975املجلد الرابع -2006الطليعة ديسمرب 2003 -13الثأر ورحلة العذاب (أمري الصعاليك) 1980ثقافة اجلزية -83مكتب�ة األسرة 2002 املسرح احلديث – ديسمرب 1982 -14رجل يف القلعة (الصعود ايل القلعة) -1981مجلة املسرح -83مختارات فصول -94مكتب�ة األسرة 1999املسرح القويم ين�اير -1987الطليعة -94الغد 2005 -15مآذن املحروسة 1982هيئ�ة الكتاب - 86وكالة الغوري 83 أبو العال السالموين
231 230
-16محمكة احلكماء (مدرسة املشاهدين) 1984هيئ�ة الكتاب -2003املسرح املتجول بالطليعة سنة 85 -17املزرعة (انفجار) 85-73هيئ�ة الكتاب 1990قاعة منف 1993 -18أبو نضارة 1986هيئ�ة الكتاب - 1988مسرح محمد فريد سنة 1994 -19حسان أقوي من اجلان (مسرحية لألطفال) 1986لم تنشر -املسرح املدريس يف الثمانيني�ات -20املليم بأربعة 1988هيئ�ة الكتاب - 1995مسرح الفن 1990 -21دكتوراه يف احلب (حببك يامجرم) -1989مجلة مسرحنا -2010مسرح الفن 1990 -22أمري املسرح (محمد تيمور) 1990املركز القويم للمسرح -1998مسرح الهناجر 1999 -23مولد يابلد 1991الثقافة اجلماهريية – دليل النصوص -2004مسرح كفر الشيخ 1993 -24مالعيب عنرت 1991هيئ�ة الكتاب 1997قاعة منف 1998 -25ست احلسن (تغريب�ة مصرية) 1992هيئ�ة الكتاب -1992مسرح البالون 1992 -26أمري احلشاشني 1993الثقافة اجلماهريية -1995الثقافة اجلماهريية -27ديوان البقر 1994هيئ�ة الكتاب - 1995مسرح الهناجر 1995 -28زوبة مصرية 1995هيئ�ة الكتاب - 2002لم تعرض -29املصري وأمري الفرجنة -1998احتاد الكتاب العرب دمشق - 2002لم تعرض -30القتل يف جنني 2002هيئ�ة الكتاب -2004لم تعرض -31احلادثة اللي جرت يف شهر سبتمرب -2002 -املجلس األعلى للثقافة - 2004مسرح الطليعة 2010
-32املحروس واملحروسة 2012هيئ�ة الكتاب 2012القويم 2013 لم تعرض -33احلب يف ميدان التحرير 2011مجلة مسرحنا 2012-2011 -34القصر املسحور 2014الثقافة اجلماهريية -2014لم تعرض -35عرش احلب 2016الثقافة اجلماهريية -2016لم تعرض -36رسائل الشيطان 2017هيئ�ة الكتاب 2017لم تعرض -37جهاد الفواحش يف زمن الدواعش – 2018مخطوطة -لم تعرض
أبو العال السالموين
233232
المحتويات
تقديم
13
-المحور األول:
عناصر المسرح الشعبي 25
-المحور الثاني:
مقاومة اإلرهاب 97
هوامش ومراجع 195 -قائمة بمسرحيات السالموني 229