حسين العزبي

Page 1



‫المكرمون‬

‫رئيس المهرجان‬

‫أ‪.‬د‪ /‬حسن عطية‬ ‫مدير المهرجان‬

‫أ‪ /‬إسماعيل مختار‬

‫رئيس تحرير المطبوعات‬

‫د ‪ /‬مصطفى سليم‬ ‫المنسق العام‬

‫ماجدة عبد العليم‬ ‫جرافيكس المطبوعات‬ ‫واإلخراج الفني‬

‫محمد عبد الحكيم الكومي‬



‫كــــــلــــــمــــــات‬


‫وزير الثقافة‬ ‫أ‪.‬د ‪ /‬إيناس عبد الدايم‬

‫حسني العزيب‬

‫‪7 6‬‬


‫ ‬ ‫يعد المسرح أحد روافد الثقافة المصرية‪ ،‬معبرا عن واقعه‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ومتطلعا لتغييره‪ ،‬ومشتركا مع كافة الفنون األخرى فى نشر‬ ‫الوعي بين الجماهير واالرتقاء بالذوق العام لمواجهة التطرف‬ ‫الفكري‪ ،‬مما يدعونا إلى ضرورة عودة الثقافة إلى المواطن من‬ ‫خالل تكاتف جميع القطاعات والتنسيق فيما بينها ‪ ،‬وإلى العمل‬ ‫من أجل تحقيق التواصل بين المركز فى العاصمة واألطراف فى‬ ‫األقاليم‪ ،‬والسعى للكشف عن هوية كل بيئة ‪ ،‬بما يعكس هوية‬ ‫هذا المجتمع األصيل الخالد‪.‬‬ ‫ومن ثم يعتبر المهرجان القومي للمسرح هو النافذة التى‬ ‫ ‬ ‫نطل منها على كل منتج إبداعي فى كافة األقاليم والقطاعات‬ ‫والتوجهات‪ ..‬أنه بانوراما مختارة لهذا الكم الرائع من العروض‬ ‫المسرحية التى قدمت خالل العام الماضى ‪ ،‬بما يسمح بالتعرف‬ ‫على مالمح تطور هذا المسرح‪ ،‬ورصد مساره المتقدم دوما لألمام‪.‬‬ ‫تحية تقدير للقائمين على هذه التظاهرة الثقافية التي‬ ‫ ‬ ‫تعبر عن وجه من أوجه حضارتنا متمثال في أبو الفنون ‪ ..‬المسرح‬ ‫الذي سيظل دوما مساحة من التفاعل الثقافي االبداعي الحي‬ ‫المعبر عن العصر وهمومه وطموحاته‪.‬‬


‫أ‪.‬د‪ .‬حسن عطية‬ ‫رئيس المهرجان‬

‫حسني العزيب‬

‫‪9 8‬‬


‫أنه تكريم لهم ‪ ..‬وشرف للمهرجان‬ ‫عندما قرر المهرجان القومى للمسرح فى دورته الحالية تكريم مجموعة‬ ‫ ‬ ‫من رموز المسرح المصرى‪ ،‬كان يسير على منوال الدورات السابقة‪ ،‬ويستكمل‬ ‫مسيرة التكريم فى الحركة الثقافية فى المجتمع‪ ،‬ويصبو ألن يمثل المكرم ذاته‬ ‫كمبدع وناقد وكممثل لجيل ومرحلة ومعبر عن رؤية للعالم والمجتمع والفن‬ ‫المسرحي‪ ،‬فالمبدع أو الناقد ُيكون ذاته بنفسه‪ ،‬منتميا لجيل يحمل هموم الواقع‬ ‫والعالم ويعبر عنها بصياغات متعددة تحكمها غالبا رؤية هذا الجيل للدور‬ ‫المؤثر للفن عامة والمسرح خاصة فى مجتمعه‪ ،‬كما أن هذا المبدع أو الناقد‬ ‫يوجد داخل مرحلة زمنية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تحاول تجاوز‬ ‫ما سبقها وتبنى عليه أو تغير فى مفاصله أو تهدمه تماما صانعة مرحلة مغايرة‬ ‫لما سبقها‪ ،‬مما يجعله يتخذ موقفا مسايرا أو مناوئا لهذه المرحلة الزمنية التى‬ ‫يعيشها ويعبر عنها وداخلها‪ ،‬متسلحا برؤية للعالم والحياة َكونها باختياره مما‬ ‫طرحه جيله من أفكار وصياغات جمالية محددة‪ ،‬وما أثارته من قضايا المرحلة‬ ‫أو المراحل الزمنية التى عاشها وتطور وعيه داخلها‪.‬‬ ‫ينتمى المبدع والناقد بالضرورة لمجتمعهما‪ ،‬وال يستطيع المسرحى‬ ‫ ‬ ‫خاصة‪ ،‬مبدعا أو ناقدا‪ ،‬أن ينفلت لحظة من التعبير عن حركة مجتمعه‪ ،‬فالمبدع‬ ‫مهما تخفي خلف األقنعة الفنية المتعارف عليها هو معبر عما يجيش به صدر‬ ‫مجتمعه وناقدا لما يراه ناقصا فى واقعه أو إيديولوجية مضادة للشرائح المجتمعية‬


‫التى ينتمي فكريا لها‪ ،‬والناقد مهما ناور فى كتاباته الصحفية واألكاديمية‬ ‫وأستخدم مصطلحات ملتبسة‪ ،‬فهو محاور لما تقدمه الحركة المسرحية‪ ،‬وما يراه‬ ‫متسقا أو مخالفا لما يأمل تحقيقه للمسرح والمجتمع معا‪.‬‬ ‫نحن ال نصدر هذه الكتب المحتفية بالمكرمين‪ ،‬والتى قد يفرض االحتفاء‬ ‫ ‬ ‫هيمنة النظرة الفرحة بهم‪ ،‬المبتهجة بتكريم المهرجان لهم‪ ،‬ولكننا نحلم أن نضع‬ ‫أمام األجيال الجديدة الساعية لتغيير العالم‪ ،‬أو المحبطة من ظروف معوقة‬ ‫لهذا التغيير‪ ،‬نضع أمامها نماذج من إبداع أجيال صارعت أزمانها‪ ،‬وتصدت‬ ‫للمتغيرات المحيطة بها‪ ،‬وتعرضت لمضايقات أنظمة جاءت بسياسات تعادى‬ ‫ما آمنت هذه األجيال بها‪ ،‬لم تيأس لحظة‪ ،‬ولم تمل من المواجهة‪ ،‬ولم تكتف‬ ‫بكتابات الحوائط‪ ،‬لتكون بديال عن الكتابات المسرحية والنقدية‪ ،‬نزلت للشارع‬ ‫لتكتب مسرحا واعيا وشرسا فى مواجهة الفساد واإلرهاب وكل خلل طرأ على‬ ‫المجتمع وأصاب ذاكرته بالشلل‪ ،‬ولتبنى مسرحا صار صرحا لشباب اليوم‬ ‫وتجاربه المثيرة للجدل‪ ،‬ولتؤسس فرقة مستقلة تهفو ظاهريا لرسم البهجة على‬ ‫الوجوه‪ ،‬مع أنها تسعي لتغيير وعى جمهورها بنقد حاد لما تراه من سياسات‬ ‫ال تؤمن بها‪ ،‬ولتشارك فى صياغة الصور المسرحية الراقية المعودة للعين‬ ‫على إدراك الفرق بين جمال الفن وقبح الواقع‪ ،‬ولتؤسس أكاديميا جيال من‬ ‫المخرجين والممثلين صار درة المسرح الراهن‪ ،‬ولتطارد بنقدها كل مفسدات‬ ‫الحياة الكريمة العادلة وكل إبداع يروج ويزين لها‪.‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪11 10‬‬


‫لقد تعودنا أن نذكر فى كتاباتنا أسماء مثل «ستانيسالفسكى» و»أدولف‬ ‫ ‬ ‫آبيا» و«بيرتولت بريشت» و«بيتر بروك»‪ ،‬ونستشهد بأقوال «نيتشه» و«دريدا»‬ ‫و «باختين»‪ ،‬ونزهو بصياغات «بيراندللو» و«بيتر بروك» و«جروتوفسكي»‬ ‫المسرحية‪ ،‬متعالين على إبداعات «سعد أردش» و«كرم مطاوع» و«كمال‬ ‫ياسين» و«عبد الرحمن الشافعي»‪ ،‬ومتغافلين عن أفكار «طه حسين» ود‪«.‬محمد‬ ‫مندور» ود‪«.‬لويس عوض» و«فاروق عبد القادر» و«سامى خشبة»‪ ،‬بل وال‬ ‫نعرف أحيانا كتابات ألجيال قريبة من لحظتنا الراهنة‪ ،‬ومازالت تكتب لنا مثل‬ ‫د‪«.‬أسامة أبو طالب» ود‪«.‬أحمد سخسوخ» و«عبد الرازق حسين» و«زينب‬ ‫منتصر» و«محمد الرفاعي»‪ ،‬ومع احترامنا الكامل لكتاب الغرب‪ ،‬فلكتابنا‬ ‫ومبدعينا حضور مهم فى حياتنا‪ ،‬ومهم أن نضعهم فى ذاكرتنا الخصبة‪ ،‬وننعشها‬ ‫بإبداعهم المدهش ابن واقعنا المعيش‪ ،‬وبأفكارهم النيرة وليدة الحوار الخالق‬ ‫بين النظريات النقدية الغربية وحركة اإلبداع المسرحي المصرى داخل سياق‬ ‫مجتمعي متغير‪.‬‬ ‫ورغم طبيعة النشر المحدودة للمهرجان القومى‪ ،‬وقلة عدد نسخ كل‬ ‫ ‬ ‫كتاب‪ ،‬أال أننا نأمل أال يتوقف تلقي هذه الكتب‪ ،‬عند االقتناء وأخبار عنها‪ ،‬بل أن‬ ‫تفتح حوارا معها ومع أصحابها‪ ،‬كى تتواصل األجيال مع بعضها البعض‪ ،‬فما‬ ‫زلنا نرى نصوصا غربية كتبت من عدة قرون برؤى معاصرة‪ ،‬ويغييب عن‬ ‫مسارحنا عروضا ونقادا الحديث عن ُكتاب ومخرجين ومصممى سينوجرافيا‬ ‫وأساتذة أكاديميين قدموا أعماال لم تبعد عن عامنا الحالي ربع قرن فقط‪.‬‬


‫هذا كتاب للحوار مع كتابه‪ ،‬وحول صاحبه المبدع أو الناقد‪ ،‬فهذا هو هدفنا‬ ‫األول من كتابته ونشره وتوزيعه‪ ،‬علنا نستطيع أن نخلق تواصال بين األجيال‬ ‫يخلق بدوره حوارا جديدا فى ساحة اإلبداع المسرحية‪.‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪13 12‬‬


‫أ‪.‬د‪ .‬عايدة عالم‬

‫تـــــــــقـــــــــديـــــــــم‬


‫في البدء كان النقش على الحجر باإلزميل‪ ،‬والرسم على الجدران‬ ‫ ‬ ‫بالقلم أو أية أداة مشابهة‪ ،‬تعبيرا من الذات المتفردة عن نفسها وعن رؤيتها‬ ‫للحياة وعن توثيقها لتاريخها وتاريخ وطنها على األعمدة‪ ،‬وعليه كانت الفنون‬ ‫التشكيلية من أوائل الفنون المرئية التي ابتدعتها المخيلة اإلنسانية‪ ،‬تبرز من‬ ‫خاللها عقلية الفنان الفردية وعالمه الخاص‪ ،‬المتجلية في عالقته المباشرة مع‬ ‫فضاء اللوحة وسطح الجدار المرسوم عليه‪.‬‬ ‫ثم جاء المسرح ليجمع عدة فنون مرئية وسمعية سابقة عليه‪ ،‬ومنها‬ ‫ ‬ ‫فنون التشكيل والعمارة‪ ،‬التي سحبت من الفنان التشكيلي بعض من فرديته‬ ‫لتذيبها في جماعية اإلبداع المسرحي‪ ،‬مما يخلق أحيانا نوعا من التآلف داخل‬ ‫الفنان التشكيلي بين فرديته وجماعية المسرح‪ ،‬أو تخلق توترا في موقعه داخل‬ ‫اللوحة الحية الممثلة في فضاء يتحقق فيه مرئيا البعد الثالث ‪ ،‬الذي يخلقه‬ ‫المنظور في فضاء اللوحة‪.‬‬ ‫منذ هذه اللحظة بدأ ظهور مفهوم السينوجرافيا‪ ،‬ليعبر عن مفردات‬ ‫ ‬ ‫الصورة المرئية المصاغ في عدة مناظر مسرحية‪ ،‬مشتملة على الديكور‬ ‫والمالبس واإلكسسوارات وتغيراتها تحت األضواء المتعددة األلوان‪ ،‬صحيح‬ ‫أن مصطلح السينوجرافيا قد أستخدم في الفترة الحديثة‪ ،‬رغم اشتقاقه من اللغتين‬ ‫اليونانية والالتينية القديمة‪ ،‬وظل مصطلح الديكور والمالبس واإلكسسوارات‬ ‫منفصلة من وجهة النظر العملية‪ ،‬حتى ولو قام بها فنان واحد‪.‬‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪15 14‬‬


‫ورغم ذلك لم تغب السينوجرافيا يوما عن العرض المسرحي‪ ،‬ألنها‬ ‫ ‬ ‫ببساطة هى ركيزة العرض المسرحي‪ ،‬وأساس تحققه على أرض الواقع‪ ،‬فمنذ‬ ‫أن فكر اإلنسان في فن المسرح‪ ،‬فكر في (المكان) الذي تجري فيه تلك الوقائع‬ ‫التمثيلية‪ ،‬وفي (اإلطار) الذي يحتوي الممثل وكلماته المتوجه بها لجمهوره‬ ‫المتلقي‪ ،‬عامال بذلك على تحديد مكانية التمثيل في مواجهة مكانية التلقي‪،‬‬ ‫والقراءة التاريخية السريعة‪ ،‬تكشف لنا بعمق عن هذا الدور الهام لتحديد‬ ‫سينوجرافيا العرض المسرحي‪ ،‬فقد بدأ المسرح الفرعوني كشعيرة عقائدية في‬ ‫رحاب المعبد‪ ،‬وضمن طقوسه الدينية‪ ،‬وحرص الفنان المؤدي على الفصل‬ ‫بين الطقس الديني واإلبداع الفني الذي يقوم به‪ ،‬والمتابع لذلك الطقس والمتلقي‬ ‫لرسائله‪ ،‬سيجد أن الطقس الديني الذي ذاب فيه المشاهد‪ ،‬ظل وعاش ومات‬ ‫طقسا دينيا دون أن يتحول لمسرح بإبداع بشري‪ ،‬بينما حاول البعض تحويل‬ ‫ذلك الطقس الديني لعمل مسرحي‪ ،‬بفصل المتلقي المشاهد عن المؤدي للطقس‪،‬‬ ‫محددا لكل منهما مكانا منفصال عن اآلخر‪ ،‬سواء داخل المعبد أو خارجه‪.‬‬ ‫وإذا ما كان المسرح اإلغريقي قد بدأ بالفنان المتجول (ثيسبيس)‪ ،‬الذي‬ ‫ ‬ ‫حمل عربته وتحرك بها في األسواق‪ ،‬معتليا إياها‪ ،‬ومتوجها منها لجمهوره‬ ‫يحكي له الحكايات المستمدة من مالحم اإلغريق الكبرى مثل (اإللياذة)‬ ‫و(األوديسا)‪ ،‬محوال عربته ومهماتها القليلة لسينوجرافيا كاملة لعرضه الفني‪،‬‬ ‫وهو ما كان يفعله كل فناني الظواهر الشعبية العربية مثل األراجوز وخيال‬ ‫الظل والبيانوال‪ ،‬واالحتفاليات الشعبية كالسامر المصري‪ ،‬والبساط المغربي‪،‬‬


‫والحكواتي الشامي‪ ،‬بل وصناع الكوميديا دى الرتي اإليطالية في أسواق‬ ‫روما وفينيسيا وغيرها‪ ،‬فقد نما المسرح اإلغريقي وصار متكامال على يد‬ ‫رواده ورموزه الكبرى أمثال «أيسخيلوس» و«سوفوكليس» و«يوربيديس»‬ ‫و«أرسطوفانيس» في مسارح حددت صالة العرض من جهة‪ ،‬ومساحة العرض‬ ‫المسرحي من جهة أخرى‪ ،‬على النحو المتدرج تاريخيا‪ ،‬حيث «كان المسرح‬ ‫اليوناني يشيد على ربوة منحدرة قد نحت في صخرها مدرج على هيئة دائرة‬ ‫أو نصف دائرة‪ ،‬يضم النظارة الذين كانوا يبلغون ما يقرب من أربعة عشر ألفا‪،‬‬ ‫ال يفوت واحدا منهم شيء‪ .‬وكانت الصفوف األولى لعلية القوم السيما رجال‬ ‫الدين من كهنة اإلله ديونيسوس الذين كان العرض المسرحي يقام احتفاء بهم‪.‬‬ ‫وتمتد أمام المدرج المنحدر ساحة مبسوطة على شكل دائرة أو نصف دائرة‬ ‫أيضا تخصص للرقص ويسمونها أوركسترا ‪ Orchestra‬أي ساحة الرقص‪.‬‬ ‫وفي وسط هذه الساحة كانت ثمة مائدة تلتف حولها جوقة الغناء ‪ Chorus‬التي‬ ‫لم يكن أفرادها يزيدون على إثنى عشر أو خمسة عشر‪ .‬وإلى الخلف من تلك‬ ‫الساحة جدار يسمونه المنظر ‪ Skene‬يواجه النظارة بمشاهد تنقش عليه» (‪،)1‬‬ ‫هذا المنظر الخلفي لفضاء الفعل المسرحي‪ ،‬والمحدد آلخر حدود سينوجرافيا‬ ‫العرض‪ ،‬كان قد ظهر في البداية عاريا دون زخارف‪ « ،‬ثم اكتسى تدريجيا‬ ‫ببعض المعلقات‪ ،‬فلم يتحدد الفضاء المسرحي بمكان ممسرح‪ ،‬وإنما كان يتجلى‬ ‫وجوده عبر تخيل الجمهور المتابع إلشارات النص‪ ،‬على حين بدأ الديكور في‬ ‫االندماج في العرض المسرحي لإليحاء بأماكن عامة للحدث الدرامي (قصر‪،‬‬ ‫قلعة‪ ،‬مكان مرتفع‪ ،)...‬ومتحققا بواسطة ستار أو سواتر‪ ،‬تسمى‪،Periactios‬‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪17 16‬‬


‫معلقة على جوانب البرواز المسرحي‪ ،‬ويمكن لهذه السواتر أن تدور أيضا‬ ‫حول نفسها‪ ،‬لتقدم أوجها ديكورية جديدة‪ ،‬على مدار العرض‪ ،‬كما يجهز‬ ‫المنظر أيضا بمستويات متحركة‪ ،‬وأخرى معلقة ببكرة بالسقف للصعود بها‬ ‫نحو اآللهة‪ ،‬وكذلك بمستوى مرتفع لتمييزاألماكن األوليمبية‪ ،‬وبشرفات‪ ،‬وباب‬ ‫(‪)2‬‬ ‫أرضي وساللم تهبط بواسطتها أشباح الموتى‪».‬‬ ‫أدرك اإلغريق إذن أن المسرح لكي يكون مسرحيا يتواصل مع‬ ‫ ‬ ‫جمهوره‪ ،‬يجب أن يحدد له مكانا تدور فيه أحداثه‪ ،‬وتتحرك فيه شخصياته‪،‬‬ ‫وأمامه وحوله مكان آخر للجمهور المشاهد لهذا العرض‪ ،‬فانفصلت الصالة‬ ‫عن فضاء المسرح‪ ،‬ورغم ثبات المواضع القائمة في فضاء المسرح‪ ،‬بدالالتها‬ ‫المصاغة أيضا في النص الدرامي‪ ،‬من أبواب تؤدى لداخل المدينة وأخرى‬ ‫لخارجها وثالثة لداخل القصر‪ ،‬إلى جانب ثبات (المذبح) بوسط فضاء المسرح‪،‬‬ ‫والمستخدم دوما في النصوص الدرامية‪ ،‬مما يعني أن سينوجرافيا العرض‬ ‫المسرحي سبقت كتابة النص الدرامي‪ ،‬وفرضت مسبقا على الكاتب المسرحي‬ ‫المنظر‬ ‫ضرورة استخدام تلك السينوجرافيا في نصه المكتوب‪ ،‬حتى أن ُ‬ ‫اإلغريقي الكبير «أرسطو»‪ ،‬قد حدد سينوجرافيا العرض المسرحي كواحدة‬ ‫من عناصر التراجيديا الكيفية‪ ،‬مؤكدا على أن المرئيات المسرحية‪ ،‬هى واحدة‬ ‫من أجزاء التراجيديا الكيفية‪ ،‬قائال في كتابه الشهير (فن الشعر) ‪ « :‬ومع‬ ‫أن لعنصر المرئيات المسرحية ‪ -‬في الحقيقة ‪ -‬جاذبية انفعالية خاصة به‪،‬‬ ‫إال أنه أقل األجزاء كلها من الناحية الفنية‪ ،‬وأوهاها اتصاال بفن الشعر‪ .‬فمن‬


‫الممكن الشعور بتأثير التراجيدية حتى ولو لم يقم بتقديمها ممثلون في عرض‬ ‫عام‪ .‬باإلضافة إلى هذا‪ ،‬فإن خلق التأثيرات المسرحية المرئية‪ ،‬يعتمد على‬ ‫أصحاب الفنون المتعلقة باإلخراج المسرحي‪ ،‬أكثر مما يعتمد على الشاعر‬ ‫(‪)3‬‬ ‫التراجيدي‪».‬‬ ‫بهذا الفهم‪ ،‬أدرك أرسطو أن (المرئيات المسرحية) هى أقرب لفن‬ ‫ ‬ ‫العرض المسرحي‪ ،‬باعتبارها المحددة لمكان العرض وصورته المتلقاه بالعين‪،‬‬ ‫والصائغة لسينوجرافيا العرض الذي تجري في أحضانه مواقف الحدث‬ ‫الدرامي وشخصياته المتصارعة‪ ،‬ومحتوية على المنظر‪ ،‬واألثاث‪ ،‬والمالبس‪،‬‬ ‫واإلضاءة‪ ،‬وميزانسين الممثلين وإيماءاتهم‪ ،‬وال تقف بذلك عند حدود كونها‬ ‫نماذج واقعية تشير لجغرافية أحداث المسرحية‪ ،‬بل هى تشترك مع المسرحية‬ ‫ذاتها‪ ،‬في كونها (محاكاة) لنماذج واقعية‪ ،‬فالمذبح ليس هو قبر «أجاممنون»‬ ‫الذي تعرفت على شاهده أبنته «إليكترا» بأخيها الغائب «أورست»‪ ،‬في مسرحية‬ ‫(حامالت القرابين) أليسخيلوس‪ ،‬وال اإلله الهابط باآللة ‪Deus ex machina‬‬ ‫هو الرب المعبود‪ ،‬وال «أيسخيلوس» و«يوريبيديس» المتباريان في وزن الشعر‬ ‫في مسرحية (الضفادع) للكاتب الساخر «أرسطوفانيس»‪ ،‬هما الشخصيتان‬ ‫العائشتان في الحياة‪ ،‬وأحدهما‪ ،‬وهو «يوريبيديس»‪ ،‬ربما يكون حاضرا في‬ ‫صالة العرض‪ ،‬لمعاصرته لكاتب المسرحية‪.‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪19 18‬‬


‫سينوجرافيا العرض ال تقدم مفردات واقعية‪ ،‬حتى في أشد العروض‬ ‫ ‬ ‫إيغاال في الواقعية‪ ،‬وهى باعتبارها فن تنسيق وإعادة صياغة الواقع جماليا‬ ‫في فضاء المسرح‪ ،‬فهى هندسة منصة العرض ومكان العرض‪ ،‬بل وصالة‬ ‫أو قاعة المشاهدين أحيانا معا‪ ،‬وقد مرت تلك السينوجرافيا بتجارب عديدة‪،‬‬ ‫تناظر تجارب النص الدرامي‪ ،‬وتدخل في إطار تجريبية العرض المسرحي‪،‬‬ ‫فال عرض دون مكان يتحقق داخله‪ ،‬و«ولدت السينوجرافيا من فن الزخرفة‬ ‫المسرحية‪ ،‬ثم تطورت في معارضتها للزخرفة لتصل إلى فن الديكور» (‪ )4‬حتى‬ ‫ولو كان في الشارع‪ ،‬أو داخل الكنيسة‪ ،‬في العصور الوسطى‪ ،‬ثم تمرده على‬ ‫ذلك الداخل الديني‪ ،‬ليخرج إلى الشارع ومدنيته‪ ،‬لينشيئ مبانيه الخاصة‪ ،‬ليتجلى‬ ‫بعد عصر النهضة وإبتعاث الفنون المسرحية‪ ،‬خاصة في العصر اإلليزابيثي‬ ‫بمسرح الجلوب ‪ ،El Golob‬وفي العصر الذهبي اإلسباني والذي كان يطلق‬ ‫الكورال ‪ ، El Corral‬فكالهما خصص مكانا محددا للجمهور‬ ‫عليه مسرح‬ ‫ّ‬ ‫المشاهد سواء كان في الصالة أو في الشرفات الجانبية أو المطلة مباشرة على‬ ‫منطقة التمثيل‪ ،‬وكانت تخصص لعلية القوم‪ ،‬أما منطقة التمثيل فكانت مرتفعة‬ ‫عن سطح األرض‪ ،‬ومنقسمة إلى قسمين بواسطة ستائر أمامية وخلفية مرسومة‪،‬‬ ‫فإذا ما انسحبت الستائر األمامية ظهرت كل المناظر الخارجية للمشهد أو أغلبها‬ ‫والتي تعبر إما عن حقل أو مدينة أو شارع‪ ..‬إلخ‪ ،‬وأحيانا أخرى كان التغيير يتم‬ ‫عن طريق حركة الممثل سواء بغيابه وتركه لساحة التمثيل خالية‪ ،‬أو بظهوره‬ ‫من جانب مختلف إلضفاء معنى جديدا للمكان‪ ،‬أما المناظر الداخلية فكان يعبر‬ ‫عنها بسحب الستائر الخلفية ليظهر من خلفها مستلزمات منزل‪ ،‬والتي كانت‬


‫مكونة عادة من ثالثة أبواب‪ ،‬واحد مخصص للممثل األول أي البطل الرئيسي‪،‬‬ ‫والباب الثاني خاص بالبطلة‪ ،‬والباب الثالث خاص بالبطل الثاني‪.‬‬ ‫ومع ظهور المطبعة‪ ،‬التي جعلت النص الدرامي يتجاوز حدود دار‬ ‫ ‬ ‫العرض وفضائه الذي يقدم في العرض بإخراج المؤلف نفسه‪ ،‬أو منتجه‬ ‫صاحب الفرقة أو ممثله األول‪ ،‬فصار من الممكن أن يقدم هذا النص في أكثر‬ ‫من مكان آخر‪ ،‬وتزامن مع ذلك ظهور دوق «ساكس ماينينجن» كأول مخرج‬ ‫مسرحي‪ ،‬يظهر معه مصمم السينوجرافيا كمهمة فنية ذات دور منفصل عن‬ ‫مهمة ومهنة المخرج والممثل والمؤلف بالطبع‪ ،‬وراح مصمم السينوجرافيا خالل‬ ‫القرن العشرين يؤكد وجوده الفاعل في صياغة العرض المسرحي‪ ،‬وعرف‬ ‫مسرحنا المصري السينوجرافيا مع أول صياغة لدار عرض مسرحي‪ ،‬ذات‬ ‫مكان مخصص للتشخيص (خشبة) ‪ ،Stage‬وآخر لجلوس (النظارة)‪ ،‬وأعتمد‬ ‫مسرحنا بداية على مصمم الديكور اإليطاليين‪ ،‬والذين وفدوا للبالد مع األوبرات‬ ‫اإليطالية‪ ،‬لذلك أرتكز تصورهم لصياغة سينوجرافيا العرض داخل المسارح‬ ‫المغلقة بحائطها الرابع المفتوح بستار برواز المسرح (البروسينيوم)‪ ،‬على‬ ‫المناظر المرسومة على ستائر خلفية‪ ،‬دون وضع أية مستويات (براتيكابالت)‬ ‫على سطح المسرح‪ ،‬واالكتفاء بطرح مجموعة من األثاث الموحي بالمكان‬ ‫(كرسي‪ ،‬مكتب‪ ،‬سرير)‪ ،‬ويبرز ذلك واضحا في مسرحية (إال خمسة) المسجلة‬ ‫تليفزيونيا لفرقة الريحاني‪ ،‬في أوائل الستينيات من القرن العشرين‪ ،‬ثم برز‬ ‫جيل جديد من مصممي السينوجرافيا تالقى مع أفكار المخرجين الجدد‪ ،‬ليقدموا‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪21 20‬‬


‫أشكاال جديدة لسينوجرافيا العرض المسرحي‪ ،‬فيمد «كرم مطاوع « خشبة‬ ‫المسرح القومي‪ ،‬بلسان ممتد وسط الصالة‪ ،‬ليجري عليه أواخر الستينيات بعض‬ ‫مواقف عرضه لمسرحية «ميخائيل رومان» (ليلة مصرع جيفارا)‪ ،‬ويحرك‬ ‫المخرج البورسعيدي «عباس أحمد» أوائل السبعينيات جدران حجرة بطل‬ ‫عرضه لمسرحية «ألبير كامي» (الحصار)‪ ،‬تأكيدا لحصار المكان لشخصيته‬ ‫الممزقة‪ ،‬ويقدم المخرج «محمد فاضل» تجاربه مع «ناجي جورج» في‬ ‫مقهى (ماتاتيا)‪ ،‬ويبهر المخرج د‪« .‬عبد الرحمن عرنوس» مشاهده بعروض‬ ‫(مسرح القهوة) في مقهى (أسترا) بوسط القاهرة‪ ،‬ويخرج مخرج شاب واعد‪،‬‬ ‫ضاع في دهاليز التليفزيون‪ ،‬هو «محمد عبد هللا»‪ ،‬للشارع مقدما أكثر من‬ ‫تجربة في فضاء الشارع المزدحم ‪ ،‬كما قدم المخرج «حسين جمعة» مسرحية‬ ‫«وليم شكسبير» (روميو وجوليت) بحديقة (النهر) أمام دار األوبرا بالقاهرة‪،‬‬ ‫ومسرحية (حلم ليلة صيف) لنفس الكاتب بقلعة (قايتباي) باألسكندرية‪ ،‬ويستفيد‬ ‫الكثير من المخرجين ومصممي السينوجرافيا من فضاء الحديقة الثقافية بحي‬ ‫السيدة زينب‪ ،‬لتقديم عروض ذات طبيعة مفتوحة‪ ،‬ومنهم كاتبة هذا الكتاب‪،‬‬ ‫التي صاغت سينوجرافيا عرض مسرحية الكاتب «صفوت شعالن» (المزاد)‬ ‫مع المخرج «سمير حسني»‪ ،‬معيدة صياغة مفردات المكان في بنية منظرية‬ ‫مسرحية‪ ،‬توحي بدالالت جمالية إلى جانب اإلشارات الواقعية لمفردات المكان‬ ‫الثابتة والمضافة‪.‬‬


‫أن الخروج من األماكن التقليدية للمسرح‪ ،‬وصناديقه اإليطالية‪ ،‬إلى‬ ‫ ‬ ‫الشارع ليس جديدا علينا‪ ،‬بل أن مسرح الثقافة الجماهيرية (الهيئة العامة‬ ‫لقصور الثقافة حاليا) يعرف تلك العروض منذ بداياته األولى‪ ،‬فقد قدم المخرج‬ ‫«أحمد عبد الهادي» أواخر الستينيات عرضه لمسرحية «محمود دياب»‬ ‫(الهالفيت) في ساحة أرض بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ‪ ،‬كما قدم د‪».‬هناء‬ ‫عبد الفتاح» تجربته المتميزة مع فرقة فالحين دنشواي بمحافظة المنوفية عام‬ ‫‪ ،1964‬ورائعة الكاتب «يوسف إدريس» (ملك القطن)‪ ،‬وأيضا قدم المخرج‬ ‫«أحمد إسماعيل» في الثمانينيات وفيما بعد تجربته المسرحية المتفردة في شبرا‬ ‫باخوم‪ ،‬وأطلق عليها مسرح الجرن وتحت هذا المسمى قدم العديد من العروض‬ ‫والتي أصبحت إلى يومنا هذا مشروعه المفضل‪ ،‬وقدم الناقد د‪« .‬حسن عطية»‬ ‫تجربة يتيمة له بجرن قرية بالمحلة الكبرى لمسرحية «محمود دياب» أيضا‬ ‫(ليالي الحصاد) من تصميم سينوجرافي للكاتبة‪ ،‬والتي شاركت أيضا في تصميم‬ ‫سينوجرافيا عرض (الفرافير) للكاتب «يوسف أدريس» مع المخرج د‪« .‬رضا‬ ‫غالب» في ساحة نادى شعبي مفتوح بدكرنس محافظة الدقهلية‪ ،‬كما شاهدت‬ ‫عرضا مبهرا في أسبانيا وبقلب العاصمة مدريد لفرقة المعمل للمسرح الريفي‬ ‫المكسيكية‪ ،‬قدم عام‪ 1987‬لمسرحية «جارثيا لوركا» الشهيرة (عرس الدم)‬ ‫في فضاء غابة ضخمة‪ ،‬استخدمت فيها المخرجة مئات القطعان من الغنم‪،‬‬ ‫وعشرات الكومبارس‪ ،‬وأدارت رمز الموت على حصان كان يحيط بشخصيات‬ ‫العرض‪ ،‬ظاهرا ومختفيا في الغابة الكثيفة‪ ،‬فتمددت بذلك حدود سينوجرافيا‬ ‫العرض‪ ،‬وشملت وجودا ماديا من أشجار وبشر وخيول وشمس ساطعة‪ ،‬حيث‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪23 22‬‬


‫قدم العرض في شمس الظهيرة‪ ،‬وهو «عرض بدون أضواء ملونة تعكس‬ ‫الحاالت النفسية‪ ،‬أو تنير موقع األقدام أو تفصل بين أماكن األحداث ومواقع‬ ‫المشاهدين‪ ،‬أو تخلق أي نوع من أنواع اإليهام أو اإلبهار»(‪ ،)5‬وبالطبع ليست‬ ‫تجربة «بيتر بروك» األشهر لعرض (المهابهاراتا) عام ‪ ،1987‬الذي أعده‬ ‫الكاتب المسرحي والسينمائي المعروف «جان كلود كارييه»‪ ،‬واستغرق زمن‬ ‫عرضه تسع ساعات‪ ،‬في الهواء الطلق‪ ،‬ليست بعيدة عن األذهان‪.‬‬ ‫في غمار هذا التجديد الذي ظهر في النصف الثاني في العقود الخمس‬ ‫ ‬ ‫األخيرة من القرن العشرين‪ ،‬ظهر فنان السينوجرافيا «حسين العزبي « الذي‬ ‫يهتم بإبداعه هذا الكتاب في حقل السينوجرافيا ذي األبعاد المتعددة التي يتحقق‬ ‫فيها للصورة عمقا واقعيا وتتداخل فيه سلطة إبداع السينوجراف مع سلطات‬ ‫اإلخراج والتمثيل واإلنتاج ومؤسسات سلطوية مختلفة‪ ،‬بما فيها الجمهور ذاته‪،‬‬ ‫ومؤجال الحديث عن دوره المتميز في حقل الفنون التشكيلية لكتاب آخر والذي‬ ‫يتحقق فيه للصورة عمقا متخيال‪ ،‬وأن لم يغض النظر عن إبداعه في مجال‬ ‫الرسم‪ ،‬والذي يثير قضية تعامل الفنان بين فضاء اللوحة المتفرد بها‪ ،‬وفضاء‬ ‫المسرح الذي يشارك فيه أكثر من مبدع آخر‪ ،‬تتعدد مستويات سلطة القيادة‬ ‫والتأسيس للعرض المسرحي‪ ،‬ويخلق كما أشرنا في البداية توترا بين المبدع‬ ‫الفرد واإلبداع الجماعي‪.‬‬


‫عرفته أواخر السبعينيات عندما تم تعيننا معا في إدارة المسرح بالثقافة‬ ‫ ‬ ‫الجماهيرية‪ ،‬شابا رقيقا واعيا بالعالم‪ ،‬طموحا ولديه أحالما كثيرة‪ ،‬عاشقا لأللوان‬ ‫المبهجة مع حرصه على أن يبدو متناسق األلوان في مالبسه‪ ،‬متفانيا في عمله‪،‬‬ ‫مستغنيا عن الماديات‪ ،‬ومحبا للحياة‪ ،‬يحترم زمالئه وعمال تنفيذ تصميمات‬ ‫ديكوره ومالبسه‪ ،‬يقرأ ويلم بما قرأه‪ ،‬يدرك أن السينوجرافيا ليست خلفية‬ ‫للتمثيل‪ ،‬وال صورة مرئية للنص الدرامي‪ ،‬بل هى حالة إبداع يتكامل وجودها‬ ‫مع إبداعات اإلخراج والتمثيل والحالة المسرحية وتقبل الجمهور ذاته‪ ،‬وثقافته‬ ‫وذائقته الجمالية‪.‬‬ ‫هو رجل مسرح‪ ،‬ال يلقي بتصميماته للمخرج ومساعده ومنفذ هذه‬ ‫ ‬ ‫التصميمات‪ ،‬بل يشارك الجميع في عملية اإلبداع والتنفيذ معا‪ ،‬منذ القراءة‬ ‫األولى للمخرج للنص الدرامي‪ ،‬وأحيانا كثيرة يناقش المخرج والمؤلف فيما‬ ‫يتخيالن وجوده بفضاء المسرح‪.‬‬ ‫وإذ نتوقف هنا عند أبرز مساراته وتوجهاته‪ ،‬فهى محاولة لالقتراب من‬ ‫ ‬ ‫عالم هذا الفنان المتميز‪ ،‬وهذا العالم الصاخب له‪.‬‬ ‫ ‬ ‫فله أهدى كتابه‪ ،‬ولي أسعد بكتابي عنه‪.‬‬ ‫ ‬

‫حسني العزيب‬

‫‪25 24‬‬


‫هـــــــــوامـــــــــش‬


‫(‪ )1‬ثروت عكاشة (دكتور) المعجم الموسوعي للمصطلحات الثقافية‪ -‬د‪.‬ثروت‬ ‫عكاشة‪ .‬مكتبة لبنان‪ -‬الشركة المصرية العالمية للنشر‪ -‬لونجمان‪ ،‬القاهرة ‪،.199‬‬ ‫ص‪191‬‬ ‫(‪Cesar Oliva / Francisco Torres Monreal, Historia basica )2‬‬ ‫‪)43 p..199 del arte escenico. CATEDRA,S.A.,Madrid‬‬ ‫(‪ )3‬أرسطو فن الشعر‪ ،‬ترجمة ‪ :‬دكتور إبراهيم حمادة‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪،‬‬ ‫القاهرة ‪ .1989‬ص‪99‬‬ ‫(‪ )4‬مارسيل فريد فون ‪ :‬السينوجرافيا ـ معالم على الطريق ـ مقال في (السينوجرافيا‬ ‫اليوم) ـ ترجمة د‪ .‬حمادة إبراهيم وأخرون ـ إصدارات مهرجان القاهرة الدولي‬ ‫للمسرح التجريبي ـ الدورة الخامسة ـ القاهرة ‪ 1993‬ص ‪13‬‬ ‫(‪ )5‬حسن عطية (دكتور) ‪ :‬فضاءات مسرحية‪ ،‬سلسلة «مكتبة الشباب» الهيئة‬ ‫العامة لقصور الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬يناير‪ 1996‬ص ‪161 – .16‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪27 26‬‬


‫ألـــــوان الــتــكــويــن‬ ‫المتعددة‬


‫أرتفع الطفل على أطراف أصابعه‪ ،‬ليصل برأسه لحافة النافذة‪ ،‬يبصر‬ ‫ ‬ ‫بعينيه الظلمة التي بدأت تخيم على شارعه الصغير‪ ،‬القريب من مسجد السيدة‬ ‫زينب‪ ،‬منتظرا ذلك الساحر الذي يشعل بعصاه المعدنية مصابيح االستصباح‬ ‫المنثورة بشارعه‪ ،‬تاركا بعد رحيله بقعا ضوئية تصارع بقعا مظلمة عصية‬ ‫على اإلضاءة‪ ،‬وتصنع إيقاعا مرئيا حينما يسير إنسان في الشارع منتقال بجسده‬ ‫من بقعة ألخرى‪ ،‬يظهر في واحدة منها ثم يكاد يختفي في الثانية‪ ،‬ثم يعاود‬ ‫الظهور مرة أخرى‪.‬‬ ‫يهرع الطفل الصغير إلى أوراقه ممسكا بقلمه الرصاص لكي يعبر عما‬ ‫ ‬ ‫اختزنته الذاكرة من صور لم تنمح بعد‪ ،‬ينهمك في التعبير عما شاهده‪ ،‬لكنه‬ ‫يحتار أمام حركة اإلنسان وسط هذه البقع المتباينة اإلضاءة‪ ،‬وتظل هذه الحيرة‬ ‫بداخله وهو بعد في مرحلة الطفولة‪ ،‬يجذبه في البدء اإليقاع اللوني والحركة‬ ‫الموحي بها في اللوحات التشكيلية‪ ،‬خاصة وهو يدلف إلى كلية الفنون التطبيقية‪،‬‬ ‫ممسكا بيد خاله الطالب بالكلية‪ ،‬والعب السلة بها‪ ،‬مما جعله معروفا ومحبوبا‬ ‫من الجميع‪ ،‬وأتاح له فرصة إصطحاب الصغير ليتجول بأروقة الكلية وأقسامها‬ ‫المختلفة‪ ،‬منبهرا باتساعها وتعدد الفنون داخلها‪ ،‬وبراعة أساتذتها وطالبها في‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪29 28‬‬


‫التعبير على األوراق والحوائط والخزف وتشكيل كائنات بالطين والصلصال‬ ‫والطرق على المعادن والنسج على األنوال‪ ،‬يقترب من صناعها ويشاركهم‬ ‫(لعبهم) اإلبداعي‪ ،‬فتجذرت هذه الفنون في وعي الفنان «حسين محمد العزبي»‪،‬‬ ‫المولود في الرابع عشر من شهر فبراير عام ‪ 1947‬بالحي التراثي‪ ،‬المغلف‬ ‫بروحانية متميزة‪ ،‬وأجواء مبهجة‪ ،‬ومواكب شعبية تمشي الهوينا في شوارع‬ ‫بورسعيد والسد ومراسينا‪ ،‬تغير كل لحظة من مالمح الصورة المغروسة‬ ‫بأعماق الطفل النابه‪ ،‬وتلون عينيه بألوان متعددة وكتل مختلفة ومساحات تضيق‬ ‫حتى تكاد تذوب في حضور البشر المحتفي بالمولد النبوي ومولد السيدة زينب‬ ‫وكافة الموالد التي تبتكرها المخيلة الشعبية كي تفرح وتذوب عشقا في المقام‬ ‫الجليل‪ ،‬متجلية في حركة سكان الحي والقادمين إليه الدائرة حول المسجد‬ ‫المحبوب‪ ،‬والمبثوثة بين أطياف عاشقة في الشوارع المحيطة بها في صورة‬ ‫جماعية تندمج فيها األرواح واألجساد بحس متعال وحضور ذائب في حضرة‬ ‫(الست)‪.‬‬ ‫شاءت ظروف العائلة أن تنتقل بطفلها من حي السيدة زينب إلى حي‬ ‫ ‬ ‫شبرا‪ ،‬حيث الشوارع متسعة‪ ،‬والبشر قليل‪ ،‬والهدوء يسكن البيوت وسكانها‬ ‫وغالبيتهم من أبناء الشرائح المتوسطة من الطبقة المتوسطة‪ ،‬والتسامح يسري‬ ‫بين أرواح قاطنيها‪ ،‬مما وفر له فرصة التأمل فيما يحيط حوله‪ ،‬والخروج من‬ ‫الصورة التي كان مغروسا فيها‪ ،‬ذائبا في تفاصيلها الشعبية‪ ،‬منتشيا بروائحها‬ ‫الدينية‪ ،‬ليقرأها من خارجها‪ ،‬وواقفا بخطوات أمامها‪ ،‬فيدرك قدرته على إعادة‬


‫صياغة تفاصيل الصورة الواقعية في صورة جمالية راقية‪ ،‬زادها أتساعا وعمقا‬ ‫قضائه أجازات نصف السنة في رأس البر‪ ،‬ثم دمياط فاإلسكندرية‪ ،‬فدخل‬ ‫البحر فضاء ذائقته‪ ،‬وتلونت رماديات شبرا والسيدة باألزرق الصافي‪ ،‬وانفتحت‬ ‫اللوحة على كون ال حدود له‪ ،‬لكن حركة البشر ظلت كامنة بأعماقه‪ ،‬دافعة له‬ ‫للتمهل طويال بحي األنفوشي الشعبي الزاخر بالحياة في اإلسكندرية عروس‬ ‫البحر المتوسط‪.‬‬ ‫أوصلته سنوات عمره لمرحلة الثانوية‪ ،‬التي أتمها وأهل نفسه لاللتحاق‬ ‫ ‬ ‫بالكلية التي تناسب إمكانياته وتلبي طموحه في أن يكون فنانا تشكيليا‪ ،‬يرسم‬ ‫بالقلم على الورق عوالم عاشها وتخيلها‪ ،‬فذاك ما أقتنع به وقتها أن الفن التشكيلي‬ ‫طريقه وحياته‪ ،‬ومن ثم قدم أوراقه عن طريق مكتب التنسيق العام لكلية التربية‬ ‫الفنية بالزمالك‪ ،‬وقضى بها عامه األول‪ ،‬يدرس تاريخ الفن التشكيلي ومدارسه‪،‬‬ ‫حتى عرف أن ثمة معهدا عال للفنون المسرحية يدرس الديكور واألزياء‪،‬‬ ‫فهرع للتقديم إليه‪ ،‬فثمة دراسة ال تقف عند اإلبداع في حدود اللوحة‪ ،‬بل في‬ ‫فضاء مسرح تتحول فيه الخطوط واأللوان إلى مالبس حقيقية تتحرك في منظر‬ ‫مسرحي متعدد األبعاد‪.‬‬ ‫اجتاز الطالب الوسيم امتحانات قسم الديكور المطلوبة من رسم‬ ‫ ‬ ‫بالرصاص وأخر باأللوان وامتحان في الديكور المسرحي وجاءت اللحظة‬ ‫الفاصلة‪ ،‬وكان أخر يوم في االمتحانات عبارة عن مشروع يتقدم به الطالب‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪31 30‬‬


‫أمام لجنة مكونة من أحد عشر أستاذا في تخصصات مختلفة يناقشوه في‬ ‫مشروعه‪ ،‬وكانت اللجنة مكونة من الفنان التشكيلي المتميز د‪.‬رمزي مصطفى‪،‬‬ ‫واألستاذ والفنان التشكيلي د‪ .‬أبوخليل لطفي‪ ،‬والفنان العالمي د‪.‬عمر النجدي‪،‬‬ ‫والمخرج والممثل المشهور أ‪.‬حمدي غيث‪ ،‬واألستاذ الكبير المخرج والممثل‬ ‫أ‪.‬سعد أردش‪ ،‬واألستاذ والناقد السينمائي المشهور د‪.‬رفيق الصبان‪ ،‬واألستاذ‬ ‫الكبير في مجال علم النفس د‪.‬مصطفى سويف‪ ،‬وأستاذ التمثيل د‪ .‬على فهمى‪،‬‬ ‫وعلى رأسهم بالطبع عميد المعهد وقتها المخرج نبيل األلفي‪ ،‬وكان مشروعه‬ ‫في مسرح العرائس‪ ،‬وكان يحتوي على شخصيات عديدة ومتنوعة‪ ،‬وبدأت‬ ‫اللجنة توجه له األسئلة‪ ،‬كل أستاذ تبعا لتخصصه يباغته بسؤال غير مباشر‬ ‫وغير متوقع‪ ،‬إال أن المفاجأة الكبرى كانت من أسئلة أساتذة التمثيل‪ ،‬فبالرغم من‬ ‫أنه متقدم الختبارات قسم الديكور إال أنه خضع ألسئلة كبار أساتذة قسم التمثيل‪،‬‬ ‫فأخذ كل واحد منهم يوجه له سؤاال مثل ‪ :‬أشرح لنا ما هى طبيعة مشروعك‬ ‫؟ وبسرعة قام بارتجال ديالوج بين شخصيتين يشرح من خالل تحاورهما‬ ‫طبيعة مشروعه‪ ،‬ثم يالحقه أستاذ أخر بسؤال مفاجئ ‪ :‬قم بتعريف و أداء هذه‬ ‫الشخصية ويشير بإصبعه إلحدى الشخصيات النسائية في مشروعه‪ ،‬مطالبا إياه‬ ‫بالحركة‪ ،‬للتأكد من سرعة استجابته وأيضا من طريقة نطقه للحروف ومخارج‬ ‫األلفاظ‪ ،‬ربما لضمه لقسم التمثيل‪ ،‬أما األستاذ الدكتور مصطفى سويف فلم‬ ‫ينطق بحرف‪ ،‬بل أخذ يراقب تصرفاته وردود أفعاله ويسجل مالحظاته‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك جاءت مرحلة امتحان المعلومات والثقافة العامة‪ ،‬كانت امتحانات القبول‬ ‫صعبة والمنافسة شديدة و تعتبر تصفية لكي يختاروا ‪11‬طالبا فقط من عدد‬


‫المتقدمين ‪ .175‬طالب‪ ،‬والتي فاز فيها بااللتحاق بالمعهد الذي كان أمل كل‬ ‫عشاق المسرح وقتها‪.‬‬ ‫زامل الفتى «حسين» في المعهد حينذاك من دفعته في الديكور صبري‬ ‫ ‬ ‫عبد العزيز وعبد ربه حسن‪ ،‬وفي قسم التمثيل سميرة محسن وهناء الشوربجي‬ ‫وصبري عبد المنعم وسمير وحيد ويونس شلبي وسامي فهمي‪ ،‬وفي قسم النقد‬ ‫حسن عطية ومحمد شيحة وزينب منتصر وأمينة النقاش‪ ،‬ومن الدفعة السابقة‬ ‫عليه لينين الرملي ومحمد صبحي وهما اللذين بدأ العمل اإلبداعي معهما في‬ ‫واحدة من أهم مسارات إبداعه‪.‬‬ ‫عايش «العزبى» شابا‪ ،‬وخالل سنوات المعهد‪ ،‬مرحلة من أعقد مراحل‬ ‫التحول في الحياة المصرية‪ ،‬ما بين سبتمبر ‪ 1967‬ويونيو ‪ ،1971‬أعاد فيها‬ ‫الفكر المصري الحديث عن الهوية المصرية‪ ،‬وما يتخلل نسقها الثقافي من‬ ‫سلبيات قادت الدولة للهزيمة‪ ،‬وهزت أعماق المجتمع المصري‪ ،‬واتجه تيار‬ ‫فني يؤكد على إيجابيات الهوية المصرية‪ ،‬ويرى سلبياتها عوارض زمنية يمكن‬ ‫التخلص منها‪ ،‬وكان من أنصاره «العزبي» الذي عايش أصالة المجتمع في‬ ‫حي السيدة زينب‪ ،‬وتطلع هذا المجتمع للتقدم في حي شبرا‪ ،‬ومارس حق النقد‬ ‫بالمعهد العالي للفنون المسرحية في حي الهرم‪ ،‬فصار أكثر التصاقا بالمجتمع‪،‬‬ ‫حتى في العروض المتعرضة لنقده‪ ،‬كما في عروض محمد صبحي‪ ،‬وأن برز‬ ‫أكثر في عروض عبد الرحمن الشافعي الشعبية‪.‬‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪33 32‬‬


‫لم يكتف «العزبي» بدراسته المكثفة بالمعهد العالي للفنون المسرحية‪ ،‬وال‬ ‫بتجاربه العملية أثناء الدراسة‪ ،‬خاصة مع «محمد صبحي»‪ ،‬وال بدراسته‬ ‫السابقة السريعة بكلية التربية الفنية‪ ،‬بل راح يدرس (كورسات) مكثفة بالقسم‬ ‫الحر بالجامعة األمريكية لمدة عامين‪ ،‬ليصقل موهبته من جهة ويعمق عالقته‬ ‫بالحياة ويتعرف على شخصيات جديدة بعضها من جنسيات غير مصرية‪ ،‬كما‬ ‫سيدرس بعد تخرجه كورسات في أكاديمية الفنون الجميلة ببولونيا اإليطالية‪،‬‬ ‫امتدت لنحو تسعة عشر شهرا‪ ،‬صقلتها جوالته في إيطاليا ليقف وجها لوجه‬ ‫أمام تجليات جيل ليوناردو دافنشي وفناني عصر النهضة واألجيال التالية لهم‪.‬‬ ‫جاءت تجربته العملية األولى في المسرح مع زميل دفعته سامي فهمي‪،‬‬ ‫شقيق الفنانة ومديرة فرقة المسرح الكوميدي األسبق عايدة فهمي‪ ،‬والذي حقق‬ ‫نجاحا لفت األنظار إليه كممثل في بداية مشواره الفني‪ ،‬ثم هاجر إلى الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية نهائيا‪ ،‬كانت هذه التجربة مع سامي في تقديم عرض مسرحية‬ ‫بإحدى كليات جامعة عين شمس‪ ،‬وكانت اإلمكانيات المادية شحيحة جدا‪،‬‬ ‫فعمل حسين على تدوير األخشاب الموجودة‪ ،‬واستخدام (الالفتات) المعلقة على‬ ‫الحوائط في صياغة المنظر المسرحي‪ ،‬ولم يكن معهما ماال لنقل المهمات إلى‬ ‫دار عرض المسرحية‪ ،‬فنقلوها على عربة يجرها حمار‪ ،‬يسيرون إلى جانبها‪،‬‬ ‫حتى يهزمهم التعب فيقفزون ليناموا عليها‪.‬‬ ‫وخالل ما يقرب من نصف قرن أصر العزبي على أن يسير بإبداعه‬ ‫ ‬ ‫في طريق الرسم على اللوحة بريشته الصغيرة‪ ،‬راسما عوالم لونية تشع ضوءا‪،‬‬


‫وتفيض حيوية‪ ،‬وطريق صياغة المنظر المسرحي الذي ال يشع بذاته‪ ،‬وال‬ ‫ينبض بالحيوية بمفرده‪ ،‬بل باحتوائه على ممثلي العرض‪ ،‬وتتعدد داللته حينما‬ ‫تتباين شحنات اإلضاءة وألوانها الساقطة عليه‪ ،‬فتصبح السينوجرافيا معه هى‬ ‫اإلطار العام الذي يحتوى على الديكور والمالبس واإلكسسوارات‪ ،‬يتدفق‬ ‫بالحركة بدخول الممثل إليه‪ ،‬ويتفجر بالدالالت بتموجه تحت اإلضاءة الملونة‪.‬‬ ‫على هذا الطريق الثاني (السينوجرافيا) يدرك المتابع لمسيرة إبداع‬ ‫ ‬ ‫حسين العزبي أن ثمة مرحلتين متباينتين في عالمه اإلبداعي‪ ،‬تتمثل األولى في‬ ‫صياغته لسينوجرافيا العديد من عروض المخرج والممثل محمد صبحي‪ ،‬حتى‬ ‫صار ملمحا أساسيا في غالبية عروضه‪ ،‬بينما تبدو المرحلة الثانية واضحة في‬ ‫صياغته لسينوجرافيا عروض عبد الرحمن الشافعي الشعبية‪ ،‬حتى كاد أيضا أن‬ ‫يصبح ملمحا أساسيا من مالمح عروض هذا األخير‪.‬‬ ‫وال أحد ينكر أن السينوجرافيا فن قديم منذ أن صنعت البشرية مسرحها‬ ‫ ‬ ‫من لغة كالمية منطوقة على ألسنة الممثلين والمؤدين‪ ،‬ولغات غير كالمية مرئية‬ ‫مصنوعة من حضور مادي قائم أو متحرك أو طائر في فضاء المسرح‪ ،‬من‬ ‫ديكور وأزياء وإكسسوارات وحركة ممثل تحت إضاءة متغيرة طوال الوقت‪،‬‬ ‫مما أصبحت معه القضية الشاغلة لذهن مصمم السينوجرافيا هى كيف يمكن‬ ‫الموائمة بين وضع الممثل المتحرك طوال العرض والخلفية الثابتة والمرسومة‬ ‫القابعة في عمق الفضاء المسرحي وفقا لنظرية المنظور‪ ،‬مما دفع بالسينوجرافيا‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪35 34‬‬


‫للتطور من التجسيد الطبيعي لألجواء التي تجرى داخلها وقائع المسرحية‪،‬‬ ‫إلى التعبير عن المحتوى الداللي للمسرحية بشكل تشكيلي‪ ،‬يستفيد من تعدد‬ ‫أساليب الرؤى التشكيلية والمسرحية خالل العقدين األخيرين من الزمان‪ ،‬وتلعب‬ ‫اإلضاءة دورا بالغ األهمية في اإليهام بتحريك ما هو ساكن‪ ،‬ومنح الدال الواحد‬ ‫عدة دالالت تتعدد بتعدد تغير اإلضاءة عليه‪.‬‬ ‫السينوجرافيا إذن هى فن تصميم المنظر المسرحي بشكل مبتكر‪،‬‬ ‫ ‬ ‫والمنظر المسرحي ليس مجرد لوحة ثابتة ساكنة من قماش مرسوم‪ ،‬وإنما هى‬ ‫لوحة ممتلئة حيوية ؛ مسكونة ببشر‪ ،‬ومتطورة بحركتهم‪ ،‬ومتغيرة بصراعاتهم‪،‬‬ ‫لذا فالمنظر المسرحي هو وجود ديناميكي وليس إستاتيكي‪ ،‬يولد كل لحظة‬ ‫دالالت جديدة‪ ،‬ويتفاعل مع حركة الممثل الدائمة‪ ،‬متجاوزا ثباته الذي قد يوحي‬ ‫بثبات العالم المسرحي في تضاد واضح مع عدم ثبات الشخصيات المتحركة‬ ‫داخله‪ ،‬وهذا التضاد قد يؤدي إلى خلخلة المعنى المراد توصيله للمشاهد‪ ،‬فكيف‬ ‫يمكن تصور منظر لساحة ببغداد أو الكويت أو القاهرة في زمن تاريخي قديم‪،‬‬ ‫تتوالى داخلها األحداث‪ ،‬وتكبر فيها الشخصيات وتتغير مصائرها‪ ،‬بينما شكل‬ ‫الساحة ثابت دون تغير ؟‪.‬‬ ‫إن التغير الحادث في المنظر المسرحي يكشف عن التغير الحادث‬ ‫ ‬ ‫في الشخصيات‪ ،‬دونما حاجة ألن نقول ذلك‪ ،‬مثلما هو الحال مع تغير مالبس‬ ‫الشخصيات أو بهتان ألوانها‪ ،‬لهذا ال يمكن أن تتطور دراما (النص الدرامي) مع‬


‫ثبات العالم التشكيلي الذي يعبر عن هذا النص‪ ،‬وهو ما يتطلب من السينوجرافيا‬ ‫ضرورة أن تحقق دينامية الفعل المسرحي‪ ،‬وإال تصبح طول الوقت في وضع‬ ‫متجمد‪ ،‬بينما كل شيء حولها يتحرك‪ ،‬كما البد وأن تتواءم الصورة المنظرية‬ ‫مع طبيعة المكان المسرحي المتحققة داخله‪ ،‬فللساحة المفتوحة طبيعة جمالية‬ ‫تختلف عن طبيعة القاعة الصغيرة‪ ،‬المتناقضة بطبيعتها عن المسرح المجهز‪،‬‬ ‫والمتعامل مع فضاء مسرح متكامل ذي السوفيتا والفجوات المتحركة واإلضاءة‬ ‫المنفذة بالكومبيوتر‪.‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪37 36‬‬


‫الــــــطــــــيــــــران‬ ‫مع البهجة العميقة‬ ‫مرحلة‬

‫مــحــمــد صــبــحــي‬


‫كانت لزمالته لمحمد صبحي في المعهد العالي للفنون المسرحية دورا‬ ‫ ‬ ‫مهما في صياغة واحد من أبرز مالمح اإلبداع السينوجرافي في مسيرته الفنية‪،‬‬ ‫بدأت داخل المعهد نفسه‪ ،‬وتبلورت عقب التخرج مع عرض (هاملت) الذي قدمه‬ ‫صبحي أوال على ساللم المعهد وفي فضائه المفتوح وأعمدته وساحته المليئة‬ ‫وقتذاك بحفر األرض التي كان يعاد تمهيدها في صيف ‪ ،1971‬فاستفاد حسين‬ ‫من إحدى الحفر ليظهرها في مشهد حفار القبور‪ ،‬وبسطح الدور الثاني للمعهد‬ ‫ليظهر من خالله شبح هاملت األب‪ ،‬وباألعمدة لتظهر وتختفي الشخصيات في‬ ‫لحظات درامية محددة‪ ،‬كما صاغ كرسي العرش بصورة تؤكد على هيمنته‬ ‫على موضوع المسرحية‪ ،‬ونفذ دائرة مفرغة في سطح ظهره‪ ،‬استخدمها صبحي‬ ‫في إظهار أيادي ورءوس تهفو للحصول على كرسي العرش‪ ،‬وأستغل الحفر‬ ‫والرمال الناتجة عنها‪ ،‬والمعهد في حالة ترميم‪ ،‬ليخلق حفرة حفار القبور‪ ،‬التي‬ ‫جسد شخصيته عبد الحميد المنير ببراعة‪.‬‬ ‫كانت تجربة ثرية بالنسبة له في التعامل مع الفضاءات المفتوحة‪ ،‬خاصة‬ ‫عندما تم نقل العرض بقاعة النيل بكنيسة الفرنسيسكان بوسط البلد‪ ،‬حيث‬ ‫الفضاء مغلق‪ ،‬والمسرح الموجود صغير ومحاط بالستائر التقليدية‪ ،‬مما جعله‬ ‫يعيد صياغة مناظر العرض بطريقة مختلفة‪ .‬وقد أعاد صبحي نفس العرض‬ ‫بعد أن صار نجما بمسرح االتحاد العام لعمال مصر بشارع الجالء‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫المرة األخيرة‪ ،‬صاغ له السينوجرافيا د‪ .‬سمير أحمد األستاذ بالمعهد العالي‬ ‫للفنون المسرحية‪ ،‬والذي تعاون معه من قبل في مسرحية (الجوكر) إخراج‬ ‫جالل الشرقاوي‪.‬‬ ‫حسني العزيب ‪39 38‬‬


‫غاب حسين العزبي عن التعاون مع محمد صبحي لعقدين من الزمان‪،‬‬ ‫حتى عاد معه ومع زميل دفعة صبحي ورفيق دربه لسنوات طوال الكاتب‬ ‫لينين الرملي‪ ،‬واللذين أسسا معا فرقة (ستدوديو ‪ ،).8‬وقدم حسين معها ومعهما‬ ‫عرض (وجهة نظر) الذي شاركت به في الدورة الثانية للمهرجان القومي‬ ‫للمسرح التجريبي عام ‪ ،1989‬واستمر لسنوات خمس بعدها‪ ،‬حيث مازج‬ ‫صبحي مخرجا وممثال في هذا العرض بين الكوميديا والتراجيديا‪ ،‬ومخففا‬ ‫جحيمية الحياة التي تعيشها مجموعة من المكفوفين داخل مؤسسة فاسدة‪ ،‬بكم‬ ‫هائل من المواقف الضاحكة‪ ،‬وحمل الديكور الذي صاغه حسين العديد من‬ ‫الدالالت الموحية بانغالق المكان على من فيه وكأنه مجتمع مغلق‪ ،‬فساحة‬ ‫المسرح األمامية هى قاع المؤسسة الذي يعيش فيه المكفوفين يعانون من ظلم‬ ‫وكذب اإلدارة‪ ،‬بينما يتصدر عمق المسرح مستوى مرتفع بعدة ساللم وبه باب‬ ‫دوار تظهر وتختفي منه شخصيات اإلدارة ‪ :‬المدير وتابعه الملقب بعشماوي‪،‬‬ ‫موحيا بوجود دور علوي فيه كل ما حلم به (الناس اللي تحت) وتم نهبه من‬ ‫اإلدارة وتهريبه للدور العلوي‪ .‬ديكور بسيط‪ ،‬يتيح للممثل حرية الحركة‪،‬‬ ‫ويسمح للجمهور بإمكانية التركيز على القضايا المطروحة واألفكار الذكية‬ ‫المبثوثة في العرض‪.‬‬ ‫بعده جاء عرض (تخاريف) للثنائي صبحي والرملي‪ ،‬مقدمين خمسة‬ ‫أحالم بخمسة مواقف في خمسة مشاهد بسيطة الصياغة المنظرية‪ ،‬غير مشهد‬ ‫االفتتاح المقدم في مقدمة المسرح والمتكرر ظهوره بين المشاهد الخمس‪،‬‬


‫وهو ما وضع مصمم الديكور المسرحي في مأزق كيفية صياغة هذه المشاهد‬ ‫الخمس تاركا مساحة المقدمة للمشهد المتكرر والرابط بين مشاهد األحالم‬ ‫الخمس‪ ،‬بديكورات مبسطة وموحية وقادرة في نفس الوقت على تغيير المنظر‬ ‫المسرحي‪ ،‬وذلك بتصميم وتنفيذ وحدات تتحرك على عجل‪ ،‬والبدء ببانوهات‬ ‫كبارفان سهل طيه ومرسوم عليه لوحات بخطوط أقرب لخطوط األطفال‪،‬‬ ‫تظهر شخصيات العرض من أعالها كأنها جزء من هذا العالم الطفولي‪،‬‬ ‫يتوسطها البطل محمد صبحي مختفيا في البداية خلف كتاب ضخم يحمل عنوان‬ ‫تخاريف‪ ،‬فيثير في ذهن المتلقي منذ أول تلقي أنه أمام عرض أقرب ألحالم‬ ‫األطفال‪ ،‬تسكن جديته في براءة ما يحلمون به‪ ،‬عبر الحكاية التقليدية الرجل‬ ‫المسن الموشك على الموت في حجرة بيته الفقير‪ ،‬والملقب ب (الندمان)‪ ،‬جامعا‬ ‫أبنائه الست ليوصيهم بما يجب أن يفعلوه‪ ،‬لنكتشف أنه أمهم وليس أبيهم‪ ،‬وأنه‬ ‫مصاحب جنى سيتركه لهم ليحقق لهم أمانيهم‪ ،‬والتي هى ‪ :‬أمنية امتالك (القوة)‬ ‫الجسدية التي يتأكد معها أنها ليست كل شيء أو هى دون قوة العقل ال تساوي‬ ‫شيئا‪ ،‬و(الجاذبية) التي يدرك بطلنا في نهاية حكايتها أنها والجمال الظاهري‬ ‫ليسا الطريق القويم للحب الحقيقي بين البشر‪ ،‬بل البد من العاطفة الصادقة‬ ‫واالحترام المتبادل‪ ،‬ثم أمنية (المساواة) بين الرجل والمرأة‪ ،‬فلكل منهما صفاته‬ ‫وتكوينه وتميزه عن اآلخر‪ .‬لينتقل بعد ذلك إلى حلم (الثروة) التي يقدمها على‬ ‫أنها مفسدة للعالقات اإلنسانية‪ ،‬وأخيرا يطرح أمنية القدرة على (التسلط) التي‬ ‫تتحول عمليا إلى ديكتاتورية في الحقل السياسي فيتم نبذها‪ .‬بانوهات بسيطة‬ ‫ووحدات أثاث قليلة ومالبس دالة يصوغ بها حسين العزبي الصورة المرئية‬ ‫متعددة المشاهد في هذا العرض الساخر داخل فضاء أسود الجدران‪ ،‬دونما‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪41 40‬‬


‫اهتمام بالزخرفة والتفاصيل الصغيرة‪ ،‬فالعرض عنده هو القضية والممثل التي‬ ‫يحملها إلى الجمهور‪.‬‬ ‫عامان يمران ليعود بعدهما حسين العزبي إلى رفيقيه محمد صبحي‬ ‫ولينين الرملي وفرقتهما (ستوديو ‪ ).8‬في عرض بالعربي الفصيح عام ‪،1991‬‬ ‫والتي تعد أخر تعاون مسرحي بين لينين وصبحي‪ ،‬كما تعد األولى التي كتبها‬ ‫لينين ولم يمثل فيها صبحي مكتفيا باإلخراج فقط مقدما مجموعة من الممثلين‬ ‫الشباب مثل منى ذكي وفتحي عبد الوهاب وماجد الكدواني ومصطفى شعبان‬ ‫وأشرف فاروق وداليا إبراهيم وكارولين خليل وسيد الرومي‪ ،‬وكانت تعرض‬ ‫على مسرح (الفردوس) لثالثة أيام في األسبوع‪ ،‬بالتزامن مع ثالثة أيام في نفس‬ ‫األسبوع لمسرحية (وجهة نظر)‪ ،‬ونظرا لصغر فضاء مسرح الفردوس‪ ،‬الذي‬ ‫تم تجهيزه لهذا العرض‪ ،‬جاءت الديكورات بسيطة وسريعة الحركة والتغيير‬ ‫وموحية بمعاني المسرحية وفق تفسير مخرجها للنص المقدم‪.‬‬ ‫خالل عامي ‪ 1993‬و‪ ،1994‬صاغ العزبي سينوجرافيا ثالثة عروض لمحمد‬ ‫صبحي‪ ،‬بعد أن تم االنفصال فنيا بين األخير وزميل دفعته ورفيق دربه‬ ‫األول لينين الرملي‪ ،‬اثنان منهما هما (على بالطة) لم يمثل فيها وأعتمد على‬ ‫مجموعة من الشباب والنجوم الجدد‪ ،‬ولم تحقق المسرحية النجاح الجماهيري‬ ‫وال النقدي الذي عرفه مسرح محمد صبحي‪ ،‬ثم جاءت مسرحية (ماما أمريكا)‬ ‫من تأليف مهدي يوسف‪ ،‬لحقت بسابقتها بسبب بنائها الدرامي المعتمد على‬ ‫الرمز المكشوف‪ ،‬فهذه أمريكا المتغطرسة‪ ،‬وهذا مصر الطيب‪ ،‬وذاك العراق‬ ‫المتعجرف‪ ،‬وأخر يمثل الخليج الالهي‪ ،‬والتيمة الدرامية تدور حول موت‬


‫األب «شحاتة» سليل عائلة منافع العثمانية‪ ،‬تاركا وصيته المكتوبة‪ ،‬موزعا من‬ ‫خاللها ثروته على أوالده‪ ،‬مانحا أبنه عايش (المصري) أرضا ليس له حق‬ ‫استغاللها واستثمارها‪ ،‬سرعان ما استولى على هذه األرض أفراد من عائلة‬ ‫الشفاط‪ ،‬وعلى عايش وحده مهمة استردادها‪ ،‬ولم يبق له سوى المنزل الكبير‬ ‫الذي ينازعه األشقاء في حقه فيه‪ ،‬وتجتاح المنزل سيدة ثرية تعمل على شراء‬ ‫المنزل أو تأجيره لعدة سنوات‪ ،‬لكي تحوله مقرا لفرع الجمعية (حماية حقوق‬ ‫الحمير) األمريكية‪.‬‬ ‫حاول العزبي االستفادة من فضاء المسرح باستغالله بمعمار أساسي‪،‬‬ ‫ ‬ ‫واقعي الصياغة‪ ،‬يمثل بهو المنزل المتسع‪ ،‬ثم بإدخال موتيفات علوية‪ ،‬تحوله‬ ‫لجمعية (حقوق الحمير)‪ ،‬ثم تغييره ليصير غرفة نوم المرأة الثرية‪ ،‬التي تبدو‬ ‫وكأنها المرأة العجوز الجشعة القادمة لسلب أهل البيت حقهم فيها‪ ،‬فيضع خلف‬ ‫السرير بانوهات ضخمة تمثل وجها بشعا‪ ،‬تبدو خطوطه أميل لخطوط لوحات‬ ‫بيكاسو في مرحلته التكعيبية‪.‬‬ ‫فيما بين هذين العرضين األخيرين قدم العزبي تجربته الثرية في‬ ‫ ‬ ‫مسرح صبحي‪ ،‬حيث قدم معه نص الكاتب السويسري األصل األلماني اللغة‬ ‫فردريش دورينمات (زيارة السيدة العجوز) الذي ترجمه عن األلمانية وأعده‬ ‫بأسلوب شاعري الكاتب والشاعر والمترجم المسرحي يسري خميس‪ ،‬وعرض‬ ‫على دار األوبرا المصرية بعنوان (دورينمات والزيارة)‪ ،‬وقامت ببطولته‬ ‫سناء الجميل مع جميل راتب وشعبان حسين ومحمود أبو زيد ورياض الخولي‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪43 42‬‬


‫ويوسف داوود وعزة لبيب‪ ،‬غناء أنغام وفادي اسكندر‪ ،‬وألحان محمد علي‬ ‫سليمان‪ ،‬تصميم رقصات حسن عفيفي‪ ،‬مع كوكبة من الشباب الذين قدموا في‬ ‫البداية وبأسلوب تعليمي ربع ساعة من المعلومات عن كاتب النص دورينمات‪،‬‬ ‫ثم تحولوا تدريجيا إلى شباب القرية المنتظر عودة «كالرا» السيدة العجوز‬ ‫المحملة بآمال الثراء وتغيير واقع القرية المتدني إلى ما هو أفضل‪ ،‬ويبدو أن‬ ‫هذا كان اتفاقا مع الجمعية الثقافية السويسرية (بروهيلفسيا) التي قامت بإنتاج‬ ‫العرض وتستهدف تعريف الجمهور المصري بكاتبها‪ ،‬وهى من المرات النادرة‬ ‫الذي يقدم فيها صبحي عرضا من غير إنتاجه‪ ،‬كما أنها المرة القليلة الذي يقدم‬ ‫عرضا باللغة العربية الفصحى بأداء ممتاز‪ ،‬بعد تجاربه األولي مع هاملت‬ ‫وأوديب‪ ،‬ومن المرات القليلة أيضا التي يخرج فيها صبحي عرضا ال يمثل‬ ‫فيه‪ ،‬سبقه عرض (بالعربي الفصيح) وعرض (على بالطة)‪ ،‬وأقام فيه العزبي‬ ‫معمارا كامال لقرية تسمو فيها خطوط البيئة الجغرافية السويسرية لتصبح قرية‬ ‫عالمية تلخص وجود أي قرية في العالم‪ ،‬يقتحمها رأس المال البشع ليفسد أهلها‪،‬‬ ‫وصاغ العزبي المشاهد األولى لمحطة قطار بالقرية الصغيرة‪ ،‬مدخال قطارا‬ ‫معدا كالقطار الواقعي إلى عمق المسرح‪ ،‬مازجا بين البناء المعماري الضخم‬ ‫لساحة القرية وداخل الكنيسة‪ ،‬وبين الموتيفات الصغيرة ذات المسحة التعبيرية‬ ‫مثل مقعد محطة القطار أو الشجرة العجفاء التي يلتقي عندها الحبيبين اللذين‬ ‫صارا عدوين بعد ربع قرن من الزمان‪.‬‬


‫عقب تقديم عرضي (زيارة السيدة العجوز) عام ‪ 1993‬و(ماما أمريكا)‬ ‫ ‬ ‫‪ ،1994‬يغيب العزبي عن مسرح محمد صبحي‪ ،‬بعد أن ترك بصمته واضحة‬ ‫على عروض السبعينيات والثمانينيات‪ ،‬وكاد يكون قاسما مشتركا مع لينين‬ ‫الرملي ومحمد صبحي‪ ،‬ولهذا وفي نفس عام ‪ ،1994‬صاغ سينوجرافيا عرض‬ ‫(وجع الدماغ) تأليف لينين الرملي وإخراج محسن حلمي‪ ،‬وال يقدم مع لينين‬ ‫الرملي عروض أخرى سوى عرض (جنون البشر) من إخراج محمد أبو داوود‬ ‫‪.1997‬‬ ‫لقد شكلت مرحلة إبداع المنظر والمالبس واإلضاءة المسرحية مع صبحي‬ ‫ولينين مرحلة هامة في مسيرة العزبي السينوجرافية‪ ،‬تلتقي رؤيته مع رؤية‬ ‫الكاتب الرملي والمخرج صبحي‪ ،‬فيقدمون جميعا عروضا ساخنة ومتشابكة‬ ‫مع المجتمع وهمومه‪ ،‬وتهيمن الخطوط الحادة المتقاطعة مع أقواس النوافذ‬ ‫على عالمه السينوجرافي‪ ،‬كما تترك الواقعية بصمتها على صياغته للمنظر‬ ‫المسرحي ومالبس الشخصيات‪ ،‬مع بعض الميل لتصوير الحضور البشع‬ ‫لشخصيات أو شرائح مجتمعية بخطوط تعبيرية وتكعيبية‪ ،‬وتصبح لإلضاءة‪،‬‬ ‫التي يقوم بها العزبي نفسه‪ ،‬دورها في تحقيق التباين اللوني بين المنظر‬ ‫المسرحي ومالبس شخصيات العرض‪ ،‬محققة انسجاما تاما في اللوحة المرئية‪،‬‬ ‫مهما تغيرت عناصرها بدخول شخصيات أو خروج أخرى‪ ،‬وبإضافة عناصر‬ ‫ديكورية أو حذف بعضها‪ ،‬ولكن تظل األجواء البورجوازية هى السائدة بحكم‬ ‫طبيعة النصوص التي يكتبها لينين الرملي ويخرجها محمد صبحي‪ ،‬وبطلها‬ ‫البورجوازي الصغير‪.‬‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪45 44‬‬


‫الــــــــــغــــــــــوص‬ ‫فى عمق التراث‬ ‫مرحلة‬ ‫عبد الرحمن الشافعي‬


‫ ‬ ‫بالتوازي والتزامن مع مرحلة صياغة السينوجرافيا لعروض محمد‬ ‫ ‬ ‫صبحي‪ ،‬التي تدور أغلبها في أجواء مدنية‪ ،‬ووسط الشرائح الوسطى للطبقة‬ ‫المتوسطة‪ ،‬وتحمل قدرا من التعليمية‪ ،‬شارك حسين العزبي في صياغة‬ ‫عروض المخرج الشعبي الشهير عبد الرحمن الشافعي‪ ،‬وهى المرحلة األغزر‬ ‫واألكثر أهمية وإظهارا لرؤية العزبي وقدراته التقنية‪ ،‬تعددت معها أسماء كتاب‬ ‫النصوص‪ ،‬ولكن ظلت الرؤية الكلية لفن العرض الشعبي واحدة ومتماسكة‪،‬‬ ‫تتوجه للشعب البسيط الذي يشكل الطبقات الدنيا‪ ،‬والذي مازالت ذاكرته تحفظ‬ ‫كلمات وألحان السير والحكايات الشعبية‪ ،‬فظهرت أسماء لها دالالتها مثل يسري‬ ‫الجندي (عاشق المداحين) و(علي الزيبق) و(سيرة بنى هالل) ‪ ،‬نجيب سرور‬ ‫(منين أجيب ناس) و(ليلة نجيب سرور) صالح جاهين في نص من إعداد‬ ‫أحمد الحوتي ومهدي الحسينىي (الليلة الكبيرة)‪ ،‬وأحمد الحوتي كاتبا (مصطفى‬ ‫كامل) و(طريق السماء) و(اإلمام البوصيري)‪ ،‬ومهدي الحسيني بمفرده (ليلة‬ ‫الولد)‪ ،‬ومحمود دياب في نص من إعداد أحمد الحوتي (أحزان الرجل الطيب)‬ ‫عن ثالثية (رجل طيب في ثالث حكايات)‪ ،‬وحتى رشاد رشدي في نص من‬ ‫إعداد مهدي الحسيني وأشعار عزت عبد الوهاب (مولد ياسيد) عن نص (بلدي‬ ‫يا بلدي)‪ ،‬وعزت عبد الوهاب (الشحاتين) المعد عن نص أوبرا الثالث بنسات‬ ‫لبريشت‪ ،‬فضال عن سهرة مع رواة السيرة الشعبية‪ ،‬وفرقة األقصر للفنون‬ ‫الشعبية وعرض رمضاني بعنوان (فركشة) وغيرها‪.‬‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪47 46‬‬


‫هذه العروض الكثيرة جدا التي صاغ سينوجرافيتها حسين العزبي في‬ ‫ظل رؤية المخرج عبد الرحمن الشافعي‪ ،‬وقدمت غالبيتها على مسرح السامر‬ ‫بالعجوزة قبل هدمه أوائل التسعينيات‪ ،‬والذي لم يكن له عمق وكواليس بل ساحة‬ ‫فضاء أساسية يلتف الجمهور تقريبا حولها‪ ،‬أشبه بالساحات الشعبية ومساحات‬ ‫األرض الزراعية بعد االنتهاء من حصاد زرعها‪ ،‬تبلور هذه العروض واحدة‬ ‫من أبرز مراحل إبداع العزبي السينوجرافي‪ ،‬ووعيه بطبيعة الخامة الشعبية‪،‬‬ ‫ووظيفة العنصر السينوجرافي في صياغة صورة مرئية ال تتناقض بين ما‬ ‫يحدث داخلها من أفكار وموضوعات ورؤى‪ ،‬وال تتناقض مع حدث درامي‬ ‫كتبه مؤلف معروف ويجسده ممثلون محترفون يحدث اآلن ممسرحا الحكاية‬ ‫الشعبية‪ ،‬ورواة شعبيون يقصون على الجمهور ما حفظوه من السير الشعبية‬ ‫على مر الزمن‪ ،‬داخل ديكور مركب يحتاج مصمم السينوجرافيا فى حالة فك‬ ‫عناصر منه وإعادة تركيبها فى ثوان‪ ،‬ويعد الديكور المركب من أكثر صياغات‬ ‫الديكور المسرحية صعوبة وإبهار لعين المتفرج‪ ،‬ويتحمل مصمم السينوجرافيا‬ ‫بنائه وتركيبه إلى جانمب تصميمه لها‪.‬‬ ‫بدأ عرض (عاشق المداحين) كأمسية احتفائية بالشاعر الشعبي الشهير زكريا‬ ‫الحجاوي‪ ،‬ونسب عنوان المسرحية إليه‪ ،‬باعتباره أكثر من عشق فرق المداحين‬ ‫الشعبية وقدمها للحياة الفنية‪ ،‬وذلك في شتاء ‪ ،1978‬فكتب يسري الجندي‬ ‫موقفين دراميين من حكايتين من حكايات التراث العربي التي صاغ الكثير منها‬ ‫زكريا الحجاوي من قبل‪ ،‬وهما حكاية (سعد اليتيم) وحكاية (أيوب) بجذورهما‬ ‫في الثقافة المصرية القديمة (الفرعونية)‪ ،‬وبدأ العزبي في صياغة ديكور مبسط‬


‫لألمسية‪ ،‬إلي أن فوجئ المخرج عبد الرحمن الشافعي برئاسة الجمهورية تعلنه‬ ‫أن رئيس الجمهورية أنور السادات سيحضر األمسية‪ ،‬فتكهرب الجو‪ ،‬وزادت‬ ‫الميزانية‪ ،‬وتحولت األمسية إلى عرض كبير شارك في تمثيله نجمي الثقافة‬ ‫الجماهيرية محمد أبو العينين وفاروق عيطة مع النجمتين فتحية طنطاوي‬ ‫وعزيزة راشد‪ ،‬ونجوم الغناء الشعبي فاطمة سرحان وخضرة محمد خضر‬ ‫وشمندي القناوي‪ ،‬وألول وآخر مرة تنقل مسرحية من إنتاج الثقافة الجماهيرية‬ ‫(الهيئة العامة لقصور الثقافة فيما بعد) على شاشة القناة األولى التليفزيونية في‬ ‫وقت عرضها على المسرح‪ ،‬كما سافرت إلى تونس لتمثيل مصر في مهرجان‬ ‫قرطاج‪ ،‬وتعددت عروضها هناك بين مسرح قرطاج الروماني الضخم ومسرح‬ ‫مركز الحمامات الشبيه ب (حدوة الحصان)‪ ،‬مما حدا بالعزبي لتعديل الكثير من‬ ‫عناصر الديكور مع المخرج الذي غير بدوره ميزانسين الممثلين‪.‬‬ ‫أوقفته هذه التجربة للتأمل في عالقة العرض المسرحي بالمكان والبيئة‬ ‫عامة‪ ،‬وبالفضاءات المفتوحة عامة‪ ،‬فكيف له أن يستغل مسرح مفتوح ال تباين‬ ‫في مستوياته األفقية والرأسية‪ ،‬على النقيض من قلعة ضخمة تتعدد مستويات‬ ‫االرتفاعات والمنخفضات والزوائد فيها فأكتسب خبرة في التعامل مع كل‬ ‫فضاء‪ ،‬وجراءة حذف وإضافة قطع ديكورية‪ ،‬وإعادة صياغة اإلضاءة‪ ،‬التي‬ ‫يفضل القيام بها دوما‪ ،‬إلبراز أو إخفاء زوائد معينة‪ ،‬واستخدام الممثل ذاته‪،‬‬ ‫حجمه وحركته في صياغة الصورة السينوجرافية‪.‬‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪49 48‬‬


‫كما راح يفتش في الموروثات الشعبية‪ ،‬التي مازالت حتى وقتذاك‬ ‫ ‬ ‫تستخدم في أحيائنا الشعبية وقرانا الريفية‪ ،‬ليستخدمها بصورة مكبرة تستطيع‬ ‫عين المشاهد في نهاية صالة العرض أن تراها‪ ،‬مثل الكف المشرعة أصابعها‬ ‫الخمسة في وجه من يراها فتذهب الحسد عما يحيط بها‪ ،‬وتسمى (خمسة‬ ‫وخميسة)‪ ،‬ومثل المسبحة التي ترافق حضور شخصيات المشايخ وأهل الحى‬ ‫الطيبون وفقا العرف الشعبي الشائع‪ ،‬وأيضا مثل طائر الحمام الذي يمثل‬ ‫حضوره حضور المحبة والهدوء بين البشر‪ ،‬إلى جانب حدوة الحصان وشق‬ ‫القمر ورمز األسد المتكرر في الرسومات الشعبية ‪ /‬العربية بكثرة‪ ،‬إلى جانب‬ ‫استخدام الحصير الشعبي بتدخالت بسيطة من الفنان‪ ،‬تجعله داال على األماكن‬ ‫الريفية والصحراوية التي تجري فيها أحداث الحكايتين الشعبيتين‪ ،‬واللتين‬ ‫يتم روايتهما من خالل الراوي (الشاعر) الشعبي بربابته الشهيرة‪ ،‬وتجسيد‬ ‫بعض المواقف المكتوبة دراميا بمجموعة الممثلين‪ ،‬وتأطيرهما بإطار شعبي‬ ‫غير مزيف‪ ،‬تتجانس فيه ألوان مالبس الممثلين المصنوعة مع مالبس الرواة‬ ‫والمداحين الطبيعية‪ ،‬داخل فضاء من العناصر الديكورية المتعددة‪ ،‬وتحت‬ ‫إضاءة محددة األلوان تمنح العرض حضورا شبيه بالواقع خارج دار العرض‬ ‫المسرحي‪.‬‬ ‫أخذته التجربة الثانية مع عبد الرحمن الشافعي لعالم نجيب سرور‪،‬‬ ‫ ‬ ‫وذلك مع مسرحية (منين أجيب ناس) عام ‪ ،1979‬والتي تستلهم من الحكايات‬ ‫الشعبية قصة الحب المذبوح على أسنة التقاليد واألعراف‪ ،‬حكاية حب حسن‬


‫ونعيمة‪ ،‬التي تعدد استلهامها مسرحيا وسينمائيا وإذاعيا وتليفزيونيا كثيرا‪،‬‬ ‫وأن راح نجيب سرور يغرسها في تربة الوطن‪ ،‬ويمزجها بهمومه السياسية‪،‬‬ ‫ويجعل من نعيمة بطلة البحث عن الخالص في المجتمع‪ ،‬وجعلها تحمل رأس‬ ‫حسن المقطوع بأيدي العمد والباشاوات‪ ،‬تجوب به القرى والنجوع هابطة‬ ‫مع اتجاه النهر من صعيد مصر إلى اإلسكندرية‪ ،‬سعيا وراء الجسد الممزق‪،‬‬ ‫وكأنها إيزيس تسعى خلف جسد حبيبها أوزوريس‪ ،‬كي تعيد للجسد رأسه وعقله‬ ‫وحضوره في الحياة‪ ،‬وذلك داخل مجموعة من المناظر المسرحية المتنوعة‬ ‫والدالة على كل محافظة تمر بها نعيمة فى رحلتها نحو البحر المتوسط‪.‬‬ ‫صاغ حسين العزبي هذه الرحلة القادمة من الجنوب حتى الشمال‪،‬‬ ‫ ‬ ‫صانعا تدرجا بطول عمق المسرح‪ ،‬حتى تطل منه نعيمة على النهر الجاري‬ ‫والمراكب السابحة على سطحه‪ ،‬تحاور الصيادين‪ ،‬وتكلم الفقراء‪ ،‬وتدين من‬ ‫وقفوا مع السادة خوفا من جبروتهم‪ ،‬ويلتف حولها الفقراء والبسطاء الذين‬ ‫ناصروا محبوبها حسن ونضاله ضد الفساد‪ ،‬وأن عجزت قدرتهم على المواجهة‬ ‫عن انقاذه من أيدي العمدة ورجاالت السلطة‪.‬‬ ‫تنوعت صياغات العزبي مع عروض الشافعي مثل (الليلة الكبيرة)‬ ‫ ‬ ‫‪ 1981‬إعداد مهدي الحسيني وأحمد الحوتي عن غنائية صالح جاهين الشهيرة‪،‬‬ ‫و(أحزان رجل طيب) إعداد أحمد الحوتي عن محمود دياب‪ ،‬إلى جانب عدة‬ ‫سهرات مع السير الشعبية‪ ،‬حتى وصل إلى (السيرة الهاللية) ‪ 1984‬ليسري‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪51 50‬‬


‫الجندي‪ ،‬التي كانت خطوته الثانية بعد سهرته المقدمة في جامعة القاهرة بعنوان‬ ‫(تنويعات على أداء السيرة الشعبية)‪ ،‬وجاءت خطوته الثانية هذه مع السيرة‬ ‫الهاللية التي عرضت في البداية بوكالة الغوري‪ ،‬والتى قام معها بإغالق‬ ‫النافورة التى تتوسط الوكالة‪ ،‬ووضع لها تصميما على شكل الهالل جاء متماشيا‬ ‫مع األكسسورات سواء في الديكور أو في مالبس الشخصيات‪ ،‬و راعي أال‬ ‫يزحم الوكالة بعناصر ديكورية كثيرة بل اكتفي بثراء المعمار الذي تتمتع به‬ ‫الوكالة ولم يقحم خامات حديثة على المكان األثري أو ألوان زاهية سواء في‬ ‫الديكور أو المالبس‪ ،‬فاستخدم خامة الخيش بلونه الطبيعي كستائر للفتحات في‬ ‫الدور السفلي وشكلها بحيث تبدو كالخيام ولتعبر عن عامة الشعب و ما يعانيه‬ ‫من فقر‪ ،‬أما شرفات الدور األول وهو مكان الحاكم «الزناتي خليفة» فهو‬ ‫األقوي واألكثر ثراء ومعه الطبقة العليا‪ ،‬فتركها كما هي بجماليات معمارها‬ ‫واكتفي فقط بإضافة بعض اإلكسسوارات كالحراب وبعض السهام‪ .‬أما المالبس‬ ‫فكان حريصا إلى أقصى الحدود إلبراز مالمح كل شخصية سواء في اللون‬ ‫أو خطوط الزي فتكون مالئمة لطبيعة وأبعاد شخصيته و أيضا ال بد أن تكون‬ ‫مريحة وسهلة و مرنة في الحركة ‪ ,‬فمثال شخصية «دياب» قام بتجسيد دوره‬ ‫الممثل القدير إبراهيم عبد الرازق‪ ،‬وكان يتميز بضخامة جسمه‪ ،‬فحرص‬ ‫البعد الدرامي للشخصية فوضع له‬ ‫العزبي على أن يبدو مهيبا وقويا إلبراز ُ‬ ‫حشوات في األكتاف فبدا أكثر ضخامة‪ ،‬أما عن ألوان مالبسه فكانت تتراوح‬ ‫ما بين األسود واألحمرللداللة على قوته ودمويته‪.‬‬


‫ثم انتقل نفس العرض إلى مسرح السامر المفتوح‪ ،‬وحصل عليها على‬ ‫ ‬ ‫جائزة الدولة التشجيعية‪ ،‬وانتقلت لتقدم في بالتوه مصنوع داخل التليفزيون‬ ‫وإخراج تليفزيوني ألحمد بدر الدين‪ ،‬ثم أعيد إخراجها باسم (ليلة بنى هالل)‬ ‫لتقدم على المسرح القومي في افتتاح ملتقى المسرح العربي في ديسمبر‬ ‫‪ ،1994‬حيث تم المزج بين رواة السيرة‪ ،‬الذين تتلمذوا على يدي الشافعي‬ ‫وبدأوا يتحركون على المسرح تاركين مقاعدهم في الخلفية‪ ،‬وممثلي العرض‬ ‫مجسدي الدراما المكتوبة بوجهة نظر كاتبها‪ ،‬فتخلق حوارا فنيا رائعا بين ما‬ ‫توارثناه من السيرة الهاللية وما أعيد صياغته منه بوجهة نظر معاصرة‪ ،‬وكان‬ ‫على العزبي أن يرتب فضاء المسرح لكي يسمح لهذا الحوار بالتحقق مرئيا‬ ‫وسمعيا‪ ،‬سواء في مسرح السامر المفتوح أو فضاء المسرح القومي المغلق‪،‬‬ ‫وأن يستفيد من الفضاء الذي يقدم داخله العرض‪ ،‬ففي قاعة وكالة الغوري التي‬ ‫تقبع في مستطيل فناء الوكالة المكشوف من أعلى‪ ،‬بينما تحيطه جدران أربع‬ ‫تحمل أدوارا خمسة ذات شرفات على الطريقة المملوكية‪ ،‬والذي أنشأه السلطان‬ ‫قنصوه الغوري أوائل القرن السادس عشر الميالدى‪ ،‬وهو ما ترك بصماته‬ ‫واضحة على المنظر المسرحي القائم بالفعل‪ ،‬والموتيفات المضافة من نفس‬ ‫نسيج المنظر القائم‪ ،‬مع بعض البانوهات الخلفية التي تمثل فرسان السيرة‪ ،‬ولم‬ ‫يعد األمر محتاجا لخلفيات مصنوعة‪ ،‬لوجود هذه الخلفيات بالفعل في الوكالة‪،‬‬ ‫بينما كان البد من وضع خلفيات للفرسان في عمق فضاء مسرح السامر ذي‬ ‫المنصة المجردة من كل شيء‪ ،‬كما بث على المسرح مجموعة من المستويات‬ ‫لم تكن القاعة المحتوية على الجمهور المشاهد في حاجة لها‪.‬‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪53 52‬‬


‫تعددت تجاربه مع الفنان عبد الرحمن الشافعي‪ ،‬وتميزت في نهاية‬ ‫ ‬ ‫التسعينيات صياغته لعرض (مولد يا سيد) الذي أعده مهدي الحسيني عن‬ ‫نص الكاتب رشاد رشدي (بلدي يا بلدي) ‪ ،1968‬وتدور أحداثها بين زمنين ‪:‬‬ ‫األول زمن السيد أحمد البدوي في منتصف القرن الثالث عشر تقريبا‪ ،‬عندما‬ ‫كان بطلنا ثائرا شعبيا يقود الجماهير في مواجهة الحرب الصليبية‪ ،‬وزمن‬ ‫نفس الشخصية بعد مئة عام من موته‪ ،‬وقد تحول إلى ولي تحوطه الخرافات‬ ‫ويتبارك به الناس وتدور حوله الحكايات األسطورية‪ ،‬وحرص العزبي على أن‬ ‫يمنح الثائر كل مساحة فضاء المسرح في بداية حياته‪ ،‬يحيطه اللون األحمر‪،‬‬ ‫ويربطه بالناس الهرم األكبر‪ ،‬داللة على مصريته وتمسكه بها‪ ،‬وأحاط ديكوره‬ ‫الممتد يمنة ويسرى بالمداحيين والقوالين الذين رددوا الحكايات التي تصنع‬ ‫حول بطلهم‪ ،‬ثم أقام له بيتا ليحاصر على سطوحه‪ ،‬عندما أنتصر وصار حاكما‪،‬‬ ‫فأنعزل عن الناس البسطاء‪ ،‬مكتفيا ببطانته الخاصة‪ ،‬التي ساعدت في عزلته في‬ ‫خلق الخرافات حول دوره في الحياة‪.‬‬ ‫جذبته عروض الشافعي ومسرحة السير العربية إلى عالم الخامة‬ ‫ ‬ ‫المصرية األصيلة‪ ،‬كالخيش والحصير‪ ،‬فراح باحترام شديد لها يبتكر فيها‪،‬‬ ‫ويعدل من وضعيتها دون تعد على خصوصيتها الواقعية وصورتها الذهنية في‬ ‫عقل المشاهد المصري والعربي‪ ،‬كما راح يستخدم منهجه في التلوين باإلضاءة‬ ‫في إعادة بعث الموتيفات الشعبية مسرحيا بصورة جمالية تجعلها تحافظ على‬ ‫خصوصيتها في الوقت التي تنسجم في تناغم جمالي في لوحات العرض‬ ‫المسرحية المتوالية‪.‬‬


‫وهو ما تناغم بدوره مع ما أسفرت عليه تجربته مع مسرح محمد‬ ‫ ‬ ‫صبحي‪ ،‬حيث صار لأللوان وجود فاعل في العرض المسرحي‪ ،‬وصارت‬ ‫لإلضاءة فاعلية في إظهار اللون وتخفيف حدة وجوده‪ ،‬ومع تنوع أماكن‬ ‫العرض التقليدية والقاعات المفتوحة‪.‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪55 54‬‬


‫احـــتـــرام الــتــخــصــص‬


‫كشفت قراءتنا ألبرز توجهات العزبي في مسيرته السينوجرافية خالل عقود‬ ‫ ‬ ‫السبعينيات والثمانينيات والتسعينات خاصة‪ ،‬أنه تعامل باحترام واحتراف ورقي مع‬ ‫المسرح الخاص (محمد صبحي) وغيره من عروض الفرق الخاصة‪ ،‬وكذلك مع‬ ‫المسرح العام (عبد الرحمن الشافعي) وبضعة عروض أخرى‪ ،‬وسار على ذات‬ ‫النهج في صياغاته السينوجرافية مع السيد راضى وسمير العصفوري‪ ،‬ومع مراد‬ ‫منير ومحمود أبو جليلة‪ ،‬ومع فرقة سمير غانم وفرقة نجم وفرقة فايز حالوة‪ ،‬يعرف‬ ‫منهج كل مخرج‪ ،‬وتوجه كل فرقة‪ ،‬وهيمنة كل ممثل‪ ،‬ويقدم سينوجرافية تتماشى‬ ‫مع احتياجات النص والفرقة والممثل‪ ،‬وال فرق عنده بين المنظر المسرحي البسيط‬ ‫في مسرح ميامي مع فايز حالوة (مسرحية أوبك ‪ ،)1987‬والمناظر المسرحية‬ ‫المتعددة على البالون مع محمود رضا مؤلفا ومخرجا ومصمما لالستعراضات‬ ‫(قلب في الروبابكيا ‪ ،)1999‬فيقدم ما يحتاجه المسرح الخاص من شياكة وأناقة‬ ‫وأجواء فرحة في العروض الكوميدية‪ ،‬ويقدم ما يحتاجه المسرح الجاد من رموز‬ ‫وداالت تمنح النص دالالت عميقة في العرض‪.‬‬ ‫كانت مرحلة ثالثة ومبهجة‪ ،‬حيث أنتقل فيها العزبي من مسرحيات القطاع‬ ‫العام والقطاع الخاص الجاد‪ ،‬إلى المسرح التجاري الغارق فى اإلفيهات والساعي‬ ‫للبهجة‪ ،‬وبصورة خاصة مع مسرح «سمير غانم» وجمهوره المدنى الخاص‪،‬‬ ‫إال أنه شعر بمتعة كبيرة فتعرف على نصوص جديدة ومختلفة وعالم جديد مما‬ ‫دفعه لالقتراب من عالم الكوميديا‪ ،‬وأخذ يبحث عن كل ما يبعث البهجة سواء‬ ‫في الخطوط أو األلوان‪ ،‬فالكوميديا بوجه عام تفضل الخطوط المرنة واأللوان‬ ‫حسني العزيب‬

‫‪57 56‬‬


‫الصريحة المبهجة‪ ،‬إضافة إلى ذلك فكوميديا سمير غانم لها مذاق خاص وأسلوب‬ ‫معين (كان يعتمد على مؤلفات أحمد اإلبياري ابن الكاتب أبو السعود اإلبياري)‪،‬‬ ‫و طوال فترة تعامله مع سمير غانم لم يتدخل في تصميماته سواء في الديكور أو‬ ‫المالبس أو اإلكسسوار‪ ،‬كل ما كان يطلبه هو أن يفاجئه بتصميم زي وأكسسوار‬ ‫الشخصية التي سيقوم بأدائها‪ .‬فاستخدم ألوان حديثة جدا وحرص علي أن تكون‬ ‫مبهجة سواء في عناصر الديكور أو المالبس وأيضا في اإلضاءة‪ ،‬كما حرص على‬ ‫أن يكون الديكور مكمال للشخصية بحيث إذا تم حذف قطعة منه تأثرت الشخصية‬ ‫بغيابها‪ ،‬هذا عالوة على أن الشخصية التي يلعبها سمير غانم كان يفضلها دائما‬ ‫تظهر كشخصية كارتونية أو شخصية كاريكاتورية‪ ،‬وكان يترك له باستمرار حرية‬ ‫التصرف ومساحة واسعة ال حدود لها لإلبداع‪..‬لم يحدث على اإلطالق أن شعر أو‬ ‫أحسس بالتأرجح مابين تعامله في مسرح القطاع العام و مسرح القطاع الخاص‪،‬‬ ‫بالعكس كان يشعر بالمتعة بمعايشته في أجواء مختلفة و متنوعة‪،‬عندما يستطيع‬ ‫أن يحقق لكل قطاع ما يتطلبه من احتياجات ألنه كان يشعر بأنه مخرج ثاني‬ ‫للعرض‪ ،‬عليه ىأن يتحمل أبرز ما فى العرض وهو صورته المرئية‪.‬‬ ‫أثناء ذلك تنوعت تصميماته مع مخرجين آخرين وفى فضاءات متعددة‪،‬‬ ‫ ‬ ‫فقام بتصميم ديكور ومالبس عرض (لولي) ‪ ،1995‬لقطاع الفنون الشعبية‬ ‫واالستعراضية‪ ،‬على مسرح البالون‪ ،‬إعداد محمد الفيل وأشعار أحمد فؤاد نجم‪،‬‬ ‫وإخراج مراد منير‪ ،‬عن أوب ار (كارمن) عن رواية الكاتب الفرنسى بروسبير ميريميه‪،‬‬ ‫وموسيقى جورج بيزيه‪ ،‬وبطولة فايزة كمال في الدور المماثل لدور كارمن‪ ،‬الغجرية‬


‫المتمردة التي تعمل في أحد المصانع‪ ،‬وتزهو بإغواء الرجال‪ ،‬يتصارع عليها أحمد‬ ‫ماهر في دور الضابط «خوسيه» المغرم بها‪ ،‬وسامي العدل في دور زعيم الغجر‬ ‫الساعي المتالك المتمردة لولي‪ ،‬التي يقتلها الضابط عشقا جنونيا لها‪.‬‬

‫ ‬

‫تشكل الديكور فى هذا العرض من كتلة ضخمة ثابتة‪ ،‬بوسطها بوابة‬ ‫ضخمة‪ ،‬وتتدرج يمنة ويسرى‪ ،‬محيطة بمستوى مستطيلي يحتوي على دائرة في‬ ‫منتصفه‪ ،‬يستخدم هذا الديكور كخلفية لساحة القرية‪ ،‬حيث يدخل الضابط من‬ ‫خالل البوابة‪ ،‬وتتناثر على مسطحاته األفقية شخصيات العمل الغجرية في‬ ‫تناسق محسوب‪ ،‬وتتركب عليه قطعا ديكورية ليمثل بوابة أحد القصور‪ ،‬هو نوع‬ ‫من الديكور المركب الذي يعشقه العزبي‪ ،‬ويصلح لمسرحي السامر والبالون‪ .‬‬

‫وفي كافة األحوال هو يحترم التخصص‪ ،‬فيعطى ما لقيصر لقيصر وما‬ ‫هلل هلل‪ ،‬احتراما لذاته‪ ،‬فال يتدخل أحدا في عمله‪ ،‬وال يؤثر على إبداعه‪ ،‬فينطلق‬ ‫متحر ار من قيد غير رؤيته الجمالية للعرض الذي يصنع صورته المرئية‪ ،‬ويغيرها‬ ‫بمفاجآت تثير دهشة الجمهور‪ ،‬فالدهشة نبراسه في الحوار مع صناع العمل‬ ‫المسرحي‪ ،‬ومع جمهوره أيضا‪ .‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪59 58‬‬


‫بــــيــــان بـــأعـــمـــال‬ ‫حسين العزبي‬


‫م‬

‫اسم‬ ‫المسرحية‬

‫تأليف‬

‫إخراج‬

‫مكان‬ ‫العرض‬

‫السنة‬

‫‪1‬‬

‫هاملت‬

‫شكسبير‬

‫محمد صبحي‬

‫قاعة النيل‬

‫‪1971‬‬

‫‪2‬‬

‫الجواب‬

‫ناجي جورج‬

‫سامي فهمي‬

‫السامر‬

‫‪1973‬‬

‫‪3‬‬

‫يلعب على‬ ‫الحبلين‬

‫مسرحية مصرية‬ ‫مكوتة بالكويت‪/‬‬ ‫محمد صابر‬

‫عبد العزيز‬ ‫الفهد‬

‫مسرح المعاهد‬ ‫الخاصة فرقة‬ ‫المسرح الحر‬

‫‪4‬‬

‫عاشق‬ ‫المداحين‪-‬‬

‫يسري الجندي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫زكريا الحجاوي‬

‫نقابة الصحفيين‬

‫البالون‪ -‬سيد‬ ‫درويش‪-‬‬ ‫قرطاج تونس‬

‫‪1975‬‬

‫‪1979/78‬‬

‫‪5‬‬

‫منين أجيب‬ ‫ناس‬

‫نجيب سرور‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‪-‬‬ ‫األقاليم‬

‫‪1979‬‬

‫‪6‬‬

‫مصطفى‬ ‫كامل‬

‫أحمد الحوتي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫الجمهورية‬

‫‪1980‬‬

‫‪7‬‬

‫ليلة نجيب‬ ‫سرور‬

‫نجيب سرور‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫‪1980‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪61 60‬‬


‫‪8‬‬

‫الليلة‬ ‫الكبيرة‬

‫صالح جاهين‬ ‫إعداد‬

‫‪9‬‬

‫عيل وغلط‬

‫مدحت يوسف‬

‫فيصل عزب‬

‫‪10‬‬

‫اهلل يا بلدنا‬

‫أحمد الحوتي‬

‫جمال قاسم‬

‫السامر‪ -‬العريش‬

‫‪11‬‬

‫أحزان رجل‬ ‫طيب‬

‫محمود دياب‬ ‫إعداد‬ ‫أحمد الحوتي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫‪1983‬‬

‫‪12‬‬

‫فرقة‬ ‫الواحات‬ ‫للفنون‬ ‫الشعبية‬

‫مالبس‬

‫البالون‪-‬‬ ‫األقاليم‬

‫‪1983‬‬

‫‪13‬‬

‫سهرة مع‬ ‫رواة السيرة‬ ‫الشعبية‬

‫مؤتمرالسيرة‬ ‫الشعبية‬ ‫العربية‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‪ -‬الهرم‬ ‫جامعة القاهرة‬

‫‪1984‬‬

‫‪14‬‬

‫شرخ في‬ ‫جدار الخوف‬

‫محمد أحمد‬ ‫سليمان‬

‫سعد جميل‬

‫السامر‬

‫‪1984‬‬

‫‪15‬‬

‫عروسة الزار‬

‫سعيد محمد‬ ‫سعيد عزت‬ ‫عبد الوهاب‬

‫عادل العليمي‬

‫السامر‬

‫‪1984‬‬

‫أحمد الحوتي‬ ‫ومهدي الحسيني‬

‫‪1981‬‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫سرادق‬ ‫بالحسين‬ ‫مسرح‬ ‫عبد الوهاب‬ ‫الريحاني‬

‫‪1982‬‬

‫‪1983‬‬


‫‪16‬‬

‫فرقة األقصر‬ ‫للفنون‬ ‫الشعبية‬

‫‪17‬‬

‫علي الزيبق‬

‫يسري الجندي‬

‫‪18‬‬

‫سيرة بني‬ ‫هالل‬

‫يسري الجندي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫‪19‬‬

‫الغوري‬ ‫يبني الهرم‬ ‫األكبر‬

‫سمير عبد‬ ‫الباقي‬

‫سمير حسني‬

‫الغوري ‪-‬‬ ‫السامر‬

‫‪20‬‬

‫طريق‬ ‫السماء‬

‫أحمد الحوتي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫‪1986‬‬

‫‪21‬‬

‫أوبك‬

‫فايز حالوة‬

‫فايز حالوة‬

‫ميامي‬

‫‪1987‬‬

‫‪22‬‬

‫مولد يا سيد‬

‫مهدي الحسيني‬

‫رشاد رشدي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫‪1987‬‬

‫‪23‬‬

‫اإلمام‬ ‫البوصيري‬

‫أحمد الحوتي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫مسرح بني‬ ‫سويف‬

‫‪1988‬‬

‫‪24‬‬

‫الدربكة‬

‫إنتصار عبد‬ ‫الفتاح‬

‫قاعة منف‬

‫‪1988‬‬

‫‪25‬‬

‫الشحاتين‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫حسني العزيب‬

‫‪63 62‬‬

‫عزت عبد‬ ‫الوهاب‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫مسرح األقصر‬

‫‪1984‬‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫‪1984‬‬

‫الغوري‪ -‬السامر‬

‫‪1985‬‬ ‫‪1986‬‬

‫المركز الثقافي‬ ‫الفرنسي‬

‫‪1988‬‬


‫‪26‬‬

‫السيرة‬ ‫الهاللية‬ ‫الشعراء‬ ‫التلقائيين‬

‫إعداد‪ :‬عبد‬ ‫الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫أحمد بدر الدين‬

‫‪27‬‬

‫وجهة نظر‬

‫لينين الرملي‬

‫محمد صبحي‬

‫التليفزيون‬

‫‪1989‬‬

‫أوبرا الفردوس‪-91-90-89 -‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫باريس‪ -‬لبنان‪-‬‬ ‫تونس‬

‫‪28‬‬

‫تخاريف‬

‫لينين الرملي‬

‫محمد صبحي‬

‫نيوأوبرا‬

‫‪1989‬‬

‫‪29‬‬

‫الفرقة‬ ‫القومية‬ ‫للفنون‬ ‫الشعبية‬

‫مالبس‬

‫عرض‬ ‫استعراضي‬

‫بورسعيد‬

‫‪1989‬‬

‫‪30‬‬

‫فركشة‬

‫عرض‬ ‫تجميعي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫سرادق‬ ‫بالحسين‬

‫‪1990‬‬

‫‪31‬‬

‫ليلة المولد‬

‫مهدي‬ ‫الحسيني‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫‪1990‬‬

‫‪32‬‬

‫قابيل‬ ‫وهابيل‬

‫إعداد‪:‬‬ ‫عباس أحمد‬

‫عباس أحمد‬

‫السامر‬

‫‪1991‬‬

‫‪33‬‬

‫ليالي السيرة‬ ‫الشعبية‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫مسرح دار األوبرا‬

‫‪1991‬‬

‫‪34‬‬

‫بالعربي‬ ‫الفصيح‬

‫لينين الرملي‬

‫محمد صبحي‬

‫نيوأوبرا‬ ‫الفردوس‬

‫‪93-92-91‬‬

‫‪35‬‬

‫مراتي‬ ‫تقريبا‬

‫مصطفى‬ ‫سعد‬

‫محمد أبو داود‬

‫كوزموس‬

‫‪1991‬‬


‫‪36‬‬

‫عطاء بال‬ ‫حدود‬

‫يوسف‬ ‫عفيفي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫سيد درويش‬ ‫بالهرم‬

‫‪1992‬‬

‫‪37‬‬

‫الليلة‬ ‫المحمدية‬

‫أحمد فوزي‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫السامر‬

‫‪1992‬‬

‫‪38‬‬

‫رسائل قاضي‬ ‫إشبيلية‬

‫ألفريد فرج‬

‫أبو بكر خالد‬

‫السالم‬

‫‪1993‬‬

‫‪39‬‬

‫جرير وميراث‬ ‫اللعنة‬

‫محمد فتحي‬ ‫غريب‬

‫عمرو دوارة‬

‫الطليعة‬

‫‪1987‬‬

‫‪40‬‬

‫الكابوس‬ ‫العار‬

‫لينين الرملي‬

‫محسن حلمي‬

‫الفردوس‬

‫‪1993‬‬

‫‪41‬‬

‫يا حالوة‬ ‫زمان‬

‫السيد حافظ‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫سرادق الحسين‬

‫‪42‬‬

‫على بالطة‬

‫مهدي يوسف‬

‫محمد صبحي‬

‫قصر النيل‬

‫‪1993‬‬

‫‪43‬‬

‫زيارة السيدة‬ ‫العجوز‬

‫دورينمات‬ ‫إعداد‪:‬يسري‬ ‫خميس‬

‫محمد صبحي‬

‫دار األوبرا‬

‫‪1993‬‬

‫‪44‬‬

‫ماما أمريكا‬

‫مهدي يوسف‬

‫محمد صبحي‬

‫قصر النيل‬

‫‪-95-94‬‬ ‫‪97-96‬‬

‫‪45‬‬

‫وجع الدماغ‬

‫لينين الرملي‬

‫محسن حلمي‬

‫الفردوس‬

‫‪95-94‬‬

‫‪46‬‬

‫لولي‬

‫محمد الفيل‬ ‫وأحمد فؤاد نجم‬

‫مراد منير‬

‫البالون‬

‫‪1995‬‬

‫‪47‬‬

‫أحالم‬ ‫ياسمين‬

‫فيكتور هوجو‬ ‫ترجمة ‪:‬سمير‬ ‫سرحان‬

‫عبد الرحمن‬ ‫الشافعي‬

‫البالون‬

‫‪1997‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪65 64‬‬


‫‪48‬‬

‫شبورة‬

‫إسعاد يونس‬

‫سمير‬ ‫العصفوري‬

‫مسرح مدينة‬ ‫نصر‬

‫‪1997‬‬

‫‪49‬‬

‫جنون البشر‬

‫لينين الرملي‬

‫محمد أبو داود‬

‫الفردوس‪ -‬إستراند‬ ‫اإلسكندرية‪-‬‬ ‫الريحاني‬

‫‪1997‬‬

‫‪50‬‬

‫الواد ويكا‬ ‫بتاع أمريكا‬

‫يسري األبياري‬

‫عادل األعصر‬

‫الهوسابير‬

‫‪1997‬‬

‫‪51‬‬

‫أنا‬ ‫والحكومة‬

‫أيمن بهجت‬ ‫قمر‬

‫حسن عبد‬ ‫السالم‬

‫كوتة‬ ‫باإلسكندرية‪-‬قصر‬ ‫النيل القاهرة‬

‫‪1997‬‬

‫‪52‬‬

‫ديسكو‬ ‫يا هو‬

‫مدحت أبوبكر‬

‫مدحت الشريف‬

‫الهوسابير‬

‫‪1998‬‬

‫‪53‬‬

‫تفاحة‬ ‫يوسف‬

‫مدحت أبوبكر‬

‫فؤاد عبد الحي‬

‫السالم القصر‬ ‫العيني‬

‫‪1998‬‬

‫‪54‬‬

‫شقاوة‬

‫مدحت أبوبكر‬

‫عادل عبده‬

‫قصر النيل‬

‫‪1999‬‬

‫‪55‬‬

‫أنا ومراتي‬ ‫ومونيكا‬

‫أحمد األبياري‬

‫محمود أبو‬ ‫جليلة‬

‫العيد اإلسكندرية‬ ‫قصر النيل‬ ‫القاهرة‬

‫‪2000 -1999‬‬

‫‪56‬‬

‫كيمو‬ ‫والفستان‬ ‫األزرق‬

‫فيصل ندا‬

‫السيد راضي‬

‫المسرح‬ ‫المصري فيصل‬ ‫ندا‬

‫‪2000-1999‬‬

‫‪57‬‬

‫الواد طبش‬ ‫عامل لبش‬

‫يسري اإلبياري‬

‫شريف عبد‬ ‫اللطيف‬

‫نجم اإلسكندرية‬ ‫نجم القاهرة‬

‫‪1999‬‬

‫‪58‬‬

‫قلب في‬ ‫الروبابكيا‬

‫محمود رضا‬

‫محمود رضا‬

‫البالون‬

‫‪1999‬‬


‫‪59‬‬

‫ساحر أوز‬

‫من األدب‬ ‫اإلنجليزي إعداد‪:‬‬ ‫سمير عبد الباقي‬

‫جمال قاسم‬

‫البالون‬

‫‪1999‬‬

‫‪60‬‬

‫مالعيب‬

‫يسري الجندي‬

‫أشرف زكي‬

‫الفردوس‬

‫‪2000‬‬

‫‪61‬‬

‫رصاصة في توفيق الحكيم‬ ‫القلب‬

‫حسن عبد‬ ‫السالم‬

‫مسرح ميامي‬

‫‪2000‬‬

‫‪62‬‬

‫يا أنا يا هوه‬

‫وديع أندراوس‬

‫حسن عبد‬ ‫السالم‬

‫البالون ‪-‬‬ ‫اإلسكندرية‬

‫‪2000‬‬

‫‪63‬‬

‫عسل البنات‬

‫يوسف معاطي‬

‫محمد النجار‬

‫الهوسابير‬

‫‪2000‬‬

‫‪64‬‬

‫زكية زكريا‬ ‫والعصابة‬ ‫المفترية‬

‫فداء‬ ‫الشندويلي‬

‫رائد لبيب‬

‫البالون‬

‫‪2000‬‬

‫‪65‬‬

‫حلو وكداب‬

‫مدحت يوسف‬

‫محسن حلمي‬

‫الفردوس‬

‫‪2000‬‬

‫‪66‬‬

‫حلمان‬ ‫وعروس البحر‬

‫إعداد ‪ :‬عزت‬ ‫عبد الوهاب‬

‫حسن السبكي‬

‫البالون‬

‫‪2001‬‬

‫‪67‬‬

‫الطوفان‬

‫عبد الرحمن‬ ‫عرنوس‬

‫رشدي إبراهيم‬

‫بورسعيد‬

‫‪2001‬‬

‫‪68‬‬

‫زكية زكريا‬ ‫تتحدى‬ ‫شارون‬

‫فداء‬ ‫الشندويلي‬

‫رائد لبيب‬

‫قصر النيل‬

‫‪2001‬‬

‫‪69‬‬

‫دورى مي‬ ‫فاصوليا‬

‫أحمد األبياري‬

‫محمود أبو‬ ‫جليلة‬

‫األنفوشي‬ ‫اإلسكندرية‬

‫‪2001‬‬

‫‪70‬‬

‫لير بروفة‬ ‫أخيرة‬

‫د‪.‬سامح مهران‬

‫د‪.‬سامح مهران‬

‫العرائس‬ ‫السالم‬

‫‪2002-9-16‬‬ ‫‪2002‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪67 66‬‬


‫‪71‬‬

‫رابعة زهرة‬ ‫العاشقين‬

‫‪ 72‬ديدى مخ‬ ‫صعيدى‬ ‫‪ 73‬ابن حسب‬ ‫اهلل‬ ‫‪ 74‬األولى في‬ ‫الغرام‬ ‫‪75‬‬ ‫ياغولة‬ ‫عينك حمرا‬

‫نجيب نجم‬

‫منصور‬ ‫مكاوي‬ ‫كرم النجار‬

‫حسام الدين‬ ‫صالح‬

‫البالون‬

‫‪2002-11-1‬‬

‫عادل عبده‬

‫مينوش‬

‫‪2003‬‬

‫البالون‬

‫‪2003‬‬

‫حسن عبد‬ ‫السالم‬ ‫فؤاد عبد الحي مسرح السالم ‪2..3-4-4‬‬ ‫حسن عبد‬ ‫السالم‬

‫‪ 76‬خرابة زعتر يسري الجندي رشدي إبراهيم‬ ‫سمير الطائر السيد راضي‬ ‫‪ 77‬نيو لوك‬ ‫أحمد البدري‬ ‫‪ 78‬ريا وسكينة سمير الطائر‬ ‫في مارينا‬

‫مسرح مدينة‬ ‫اإلنتاج‬ ‫اإلعالمي‪-‬‬ ‫‪6‬أكتوبر‬ ‫اإلسماعيلية‬ ‫اإلسكندرية‬ ‫الهانوفيل‬ ‫اإلسكندرية‬

‫‪2..4‬‬

‫‪2..4‬‬ ‫‪2..4‬‬ ‫‪2..4‬‬

‫‪79‬‬

‫الناس‬ ‫النص نص‬

‫أشعار هاني‬ ‫شحاته‬

‫فؤاد عبد الحي‬

‫السالم‬

‫‪2005‬‬

‫‪80‬‬

‫ليلة ‪14‬‬

‫أسامة أنور عكاشة‬

‫محمد عمر‬

‫الهناجر‬

‫‪2005‬‬

‫‪81‬‬

‫نساء‬ ‫السعادة‬

‫محمد حسن‬ ‫األلفي‬

‫حسن عبد‬ ‫السالم‬

‫مسرح السالم‬

‫‪2006‬‬

‫‪82‬‬

‫بيت الدمية‬

‫هنريك إبسن‬

‫علي خليفة‬

‫القومي‬

‫‪2006‬‬


‫‪83‬‬

‫يمامة بيضا‬

‫جمال بخيت‬ ‫عن توفيق الحكيم‬

‫حسام الدين‬ ‫صالح‬

‫الليسية باإلسكندرية‬ ‫والسالم بالقاهرة‬

‫‪2007‬‬

‫‪84‬‬

‫مراتي‬ ‫زعيمة‬ ‫عصابة‬

‫ابو السعود اإلبياري‬

‫أحمد اإلبيارى‬

‫مسرح‬ ‫الريحانى‬

‫‪2008‬‬

‫‪85‬‬

‫سكرهانم‬

‫أبو السعود األبياري‬ ‫أحمد األبياري‬

‫أشرف زكي‬

‫مسرح الريحاني‬

‫‪2010‬‬

‫‪86‬‬

‫ثورة‬ ‫العرائس‬

‫سمير عبد‬ ‫الباقي‬

‫هاني البنا‬

‫مسرح القاهرة‬ ‫للعرائس‬

‫‪2011‬‬

‫حسني العزيب‬

‫‪69 68‬‬


‫مـــلـــحـــق الــــصــــور‬


‫حسني العزيب‬

‫‪71 70‬‬



‫حسني العزيب‬

‫‪73 72‬‬



‫حسني العزيب‬

‫‪75 74‬‬



‫حسني العزيب‬

‫‪77 76‬‬



‫حسني العزيب‬

‫‪79 78‬‬



‫حسني العزيب‬

‫‪81 80‬‬


‫المحتويات‬


‫‪ -‬تقديم‬

‫‪13‬‬

‫‪-‬ألوان التكوين المتعددة‬

‫‪27‬‬

‫ الطيران مع البهجة العميقة‬‫الغوص فى عمق التراث‬‫‪-‬احترام التخصص‬

‫‪ -‬ملحق الصور‬

‫حسني العزيب‬

‫‪83 82‬‬

‫‪45‬‬

‫‪55‬‬

‫بيان بأعمال حسين العزبي‬‫‪69‬‬

‫‪37‬‬

‫‪59‬‬




Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.