المكرمون
رئيس المهرجان
أ.د /حسن عطية مدير المهرجان
أ /إسماعيل مختار
رئيس تحرير المطبوعات
د /مصطفى سليم المنسق العام
ماجدة عبد العليم جرافيكس المطبوعات واإلخراج الفني
محمد عبد الحكيم الكومي
كــــــلــــــمــــــات
وزير الثقافة أ.د /إيناس عبد الدايم
حسني العزيب
7 6
يعد المسرح أحد روافد الثقافة المصرية ،معبرا عن واقعه، ومتطلعا لتغييره ،ومشتركا مع كافة الفنون األخرى فى نشر الوعي بين الجماهير واالرتقاء بالذوق العام لمواجهة التطرف الفكري ،مما يدعونا إلى ضرورة عودة الثقافة إلى المواطن من خالل تكاتف جميع القطاعات والتنسيق فيما بينها ،وإلى العمل من أجل تحقيق التواصل بين المركز فى العاصمة واألطراف فى األقاليم ،والسعى للكشف عن هوية كل بيئة ،بما يعكس هوية هذا المجتمع األصيل الخالد. ومن ثم يعتبر المهرجان القومي للمسرح هو النافذة التى نطل منها على كل منتج إبداعي فى كافة األقاليم والقطاعات والتوجهات ..أنه بانوراما مختارة لهذا الكم الرائع من العروض المسرحية التى قدمت خالل العام الماضى ،بما يسمح بالتعرف على مالمح تطور هذا المسرح ،ورصد مساره المتقدم دوما لألمام. تحية تقدير للقائمين على هذه التظاهرة الثقافية التي تعبر عن وجه من أوجه حضارتنا متمثال في أبو الفنون ..المسرح الذي سيظل دوما مساحة من التفاعل الثقافي االبداعي الحي المعبر عن العصر وهمومه وطموحاته.
أ.د .حسن عطية رئيس المهرجان
حسني العزيب
9 8
أنه تكريم لهم ..وشرف للمهرجان عندما قرر المهرجان القومى للمسرح فى دورته الحالية تكريم مجموعة من رموز المسرح المصرى ،كان يسير على منوال الدورات السابقة ،ويستكمل مسيرة التكريم فى الحركة الثقافية فى المجتمع ،ويصبو ألن يمثل المكرم ذاته كمبدع وناقد وكممثل لجيل ومرحلة ومعبر عن رؤية للعالم والمجتمع والفن المسرحي ،فالمبدع أو الناقد ُيكون ذاته بنفسه ،منتميا لجيل يحمل هموم الواقع والعالم ويعبر عنها بصياغات متعددة تحكمها غالبا رؤية هذا الجيل للدور المؤثر للفن عامة والمسرح خاصة فى مجتمعه ،كما أن هذا المبدع أو الناقد يوجد داخل مرحلة زمنية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تحاول تجاوز ما سبقها وتبنى عليه أو تغير فى مفاصله أو تهدمه تماما صانعة مرحلة مغايرة لما سبقها ،مما يجعله يتخذ موقفا مسايرا أو مناوئا لهذه المرحلة الزمنية التى يعيشها ويعبر عنها وداخلها ،متسلحا برؤية للعالم والحياة َكونها باختياره مما طرحه جيله من أفكار وصياغات جمالية محددة ،وما أثارته من قضايا المرحلة أو المراحل الزمنية التى عاشها وتطور وعيه داخلها. ينتمى المبدع والناقد بالضرورة لمجتمعهما ،وال يستطيع المسرحى خاصة ،مبدعا أو ناقدا ،أن ينفلت لحظة من التعبير عن حركة مجتمعه ،فالمبدع مهما تخفي خلف األقنعة الفنية المتعارف عليها هو معبر عما يجيش به صدر مجتمعه وناقدا لما يراه ناقصا فى واقعه أو إيديولوجية مضادة للشرائح المجتمعية
التى ينتمي فكريا لها ،والناقد مهما ناور فى كتاباته الصحفية واألكاديمية وأستخدم مصطلحات ملتبسة ،فهو محاور لما تقدمه الحركة المسرحية ،وما يراه متسقا أو مخالفا لما يأمل تحقيقه للمسرح والمجتمع معا. نحن ال نصدر هذه الكتب المحتفية بالمكرمين ،والتى قد يفرض االحتفاء هيمنة النظرة الفرحة بهم ،المبتهجة بتكريم المهرجان لهم ،ولكننا نحلم أن نضع أمام األجيال الجديدة الساعية لتغيير العالم ،أو المحبطة من ظروف معوقة لهذا التغيير ،نضع أمامها نماذج من إبداع أجيال صارعت أزمانها ،وتصدت للمتغيرات المحيطة بها ،وتعرضت لمضايقات أنظمة جاءت بسياسات تعادى ما آمنت هذه األجيال بها ،لم تيأس لحظة ،ولم تمل من المواجهة ،ولم تكتف بكتابات الحوائط ،لتكون بديال عن الكتابات المسرحية والنقدية ،نزلت للشارع لتكتب مسرحا واعيا وشرسا فى مواجهة الفساد واإلرهاب وكل خلل طرأ على المجتمع وأصاب ذاكرته بالشلل ،ولتبنى مسرحا صار صرحا لشباب اليوم وتجاربه المثيرة للجدل ،ولتؤسس فرقة مستقلة تهفو ظاهريا لرسم البهجة على الوجوه ،مع أنها تسعي لتغيير وعى جمهورها بنقد حاد لما تراه من سياسات ال تؤمن بها ،ولتشارك فى صياغة الصور المسرحية الراقية المعودة للعين على إدراك الفرق بين جمال الفن وقبح الواقع ،ولتؤسس أكاديميا جيال من المخرجين والممثلين صار درة المسرح الراهن ،ولتطارد بنقدها كل مفسدات الحياة الكريمة العادلة وكل إبداع يروج ويزين لها.
حسني العزيب
11 10
لقد تعودنا أن نذكر فى كتاباتنا أسماء مثل «ستانيسالفسكى» و»أدولف آبيا» و«بيرتولت بريشت» و«بيتر بروك» ،ونستشهد بأقوال «نيتشه» و«دريدا» و «باختين» ،ونزهو بصياغات «بيراندللو» و«بيتر بروك» و«جروتوفسكي» المسرحية ،متعالين على إبداعات «سعد أردش» و«كرم مطاوع» و«كمال ياسين» و«عبد الرحمن الشافعي» ،ومتغافلين عن أفكار «طه حسين» ود«.محمد مندور» ود«.لويس عوض» و«فاروق عبد القادر» و«سامى خشبة» ،بل وال نعرف أحيانا كتابات ألجيال قريبة من لحظتنا الراهنة ،ومازالت تكتب لنا مثل د«.أسامة أبو طالب» ود«.أحمد سخسوخ» و«عبد الرازق حسين» و«زينب منتصر» و«محمد الرفاعي» ،ومع احترامنا الكامل لكتاب الغرب ،فلكتابنا ومبدعينا حضور مهم فى حياتنا ،ومهم أن نضعهم فى ذاكرتنا الخصبة ،وننعشها بإبداعهم المدهش ابن واقعنا المعيش ،وبأفكارهم النيرة وليدة الحوار الخالق بين النظريات النقدية الغربية وحركة اإلبداع المسرحي المصرى داخل سياق مجتمعي متغير. ورغم طبيعة النشر المحدودة للمهرجان القومى ،وقلة عدد نسخ كل كتاب ،أال أننا نأمل أال يتوقف تلقي هذه الكتب ،عند االقتناء وأخبار عنها ،بل أن تفتح حوارا معها ومع أصحابها ،كى تتواصل األجيال مع بعضها البعض ،فما زلنا نرى نصوصا غربية كتبت من عدة قرون برؤى معاصرة ،ويغييب عن مسارحنا عروضا ونقادا الحديث عن ُكتاب ومخرجين ومصممى سينوجرافيا وأساتذة أكاديميين قدموا أعماال لم تبعد عن عامنا الحالي ربع قرن فقط.
هذا كتاب للحوار مع كتابه ،وحول صاحبه المبدع أو الناقد ،فهذا هو هدفنا األول من كتابته ونشره وتوزيعه ،علنا نستطيع أن نخلق تواصال بين األجيال يخلق بدوره حوارا جديدا فى ساحة اإلبداع المسرحية.
حسني العزيب
13 12
أ.د .عايدة عالم
تـــــــــقـــــــــديـــــــــم
في البدء كان النقش على الحجر باإلزميل ،والرسم على الجدران بالقلم أو أية أداة مشابهة ،تعبيرا من الذات المتفردة عن نفسها وعن رؤيتها للحياة وعن توثيقها لتاريخها وتاريخ وطنها على األعمدة ،وعليه كانت الفنون التشكيلية من أوائل الفنون المرئية التي ابتدعتها المخيلة اإلنسانية ،تبرز من خاللها عقلية الفنان الفردية وعالمه الخاص ،المتجلية في عالقته المباشرة مع فضاء اللوحة وسطح الجدار المرسوم عليه. ثم جاء المسرح ليجمع عدة فنون مرئية وسمعية سابقة عليه ،ومنها فنون التشكيل والعمارة ،التي سحبت من الفنان التشكيلي بعض من فرديته لتذيبها في جماعية اإلبداع المسرحي ،مما يخلق أحيانا نوعا من التآلف داخل الفنان التشكيلي بين فرديته وجماعية المسرح ،أو تخلق توترا في موقعه داخل اللوحة الحية الممثلة في فضاء يتحقق فيه مرئيا البعد الثالث ،الذي يخلقه المنظور في فضاء اللوحة. منذ هذه اللحظة بدأ ظهور مفهوم السينوجرافيا ،ليعبر عن مفردات الصورة المرئية المصاغ في عدة مناظر مسرحية ،مشتملة على الديكور والمالبس واإلكسسوارات وتغيراتها تحت األضواء المتعددة األلوان ،صحيح أن مصطلح السينوجرافيا قد أستخدم في الفترة الحديثة ،رغم اشتقاقه من اللغتين اليونانية والالتينية القديمة ،وظل مصطلح الديكور والمالبس واإلكسسوارات منفصلة من وجهة النظر العملية ،حتى ولو قام بها فنان واحد. حسني العزيب
15 14
ورغم ذلك لم تغب السينوجرافيا يوما عن العرض المسرحي ،ألنها ببساطة هى ركيزة العرض المسرحي ،وأساس تحققه على أرض الواقع ،فمنذ أن فكر اإلنسان في فن المسرح ،فكر في (المكان) الذي تجري فيه تلك الوقائع التمثيلية ،وفي (اإلطار) الذي يحتوي الممثل وكلماته المتوجه بها لجمهوره المتلقي ،عامال بذلك على تحديد مكانية التمثيل في مواجهة مكانية التلقي، والقراءة التاريخية السريعة ،تكشف لنا بعمق عن هذا الدور الهام لتحديد سينوجرافيا العرض المسرحي ،فقد بدأ المسرح الفرعوني كشعيرة عقائدية في رحاب المعبد ،وضمن طقوسه الدينية ،وحرص الفنان المؤدي على الفصل بين الطقس الديني واإلبداع الفني الذي يقوم به ،والمتابع لذلك الطقس والمتلقي لرسائله ،سيجد أن الطقس الديني الذي ذاب فيه المشاهد ،ظل وعاش ومات طقسا دينيا دون أن يتحول لمسرح بإبداع بشري ،بينما حاول البعض تحويل ذلك الطقس الديني لعمل مسرحي ،بفصل المتلقي المشاهد عن المؤدي للطقس، محددا لكل منهما مكانا منفصال عن اآلخر ،سواء داخل المعبد أو خارجه. وإذا ما كان المسرح اإلغريقي قد بدأ بالفنان المتجول (ثيسبيس) ،الذي حمل عربته وتحرك بها في األسواق ،معتليا إياها ،ومتوجها منها لجمهوره يحكي له الحكايات المستمدة من مالحم اإلغريق الكبرى مثل (اإللياذة) و(األوديسا) ،محوال عربته ومهماتها القليلة لسينوجرافيا كاملة لعرضه الفني، وهو ما كان يفعله كل فناني الظواهر الشعبية العربية مثل األراجوز وخيال الظل والبيانوال ،واالحتفاليات الشعبية كالسامر المصري ،والبساط المغربي،
والحكواتي الشامي ،بل وصناع الكوميديا دى الرتي اإليطالية في أسواق روما وفينيسيا وغيرها ،فقد نما المسرح اإلغريقي وصار متكامال على يد رواده ورموزه الكبرى أمثال «أيسخيلوس» و«سوفوكليس» و«يوربيديس» و«أرسطوفانيس» في مسارح حددت صالة العرض من جهة ،ومساحة العرض المسرحي من جهة أخرى ،على النحو المتدرج تاريخيا ،حيث «كان المسرح اليوناني يشيد على ربوة منحدرة قد نحت في صخرها مدرج على هيئة دائرة أو نصف دائرة ،يضم النظارة الذين كانوا يبلغون ما يقرب من أربعة عشر ألفا، ال يفوت واحدا منهم شيء .وكانت الصفوف األولى لعلية القوم السيما رجال الدين من كهنة اإلله ديونيسوس الذين كان العرض المسرحي يقام احتفاء بهم. وتمتد أمام المدرج المنحدر ساحة مبسوطة على شكل دائرة أو نصف دائرة أيضا تخصص للرقص ويسمونها أوركسترا Orchestraأي ساحة الرقص. وفي وسط هذه الساحة كانت ثمة مائدة تلتف حولها جوقة الغناء Chorusالتي لم يكن أفرادها يزيدون على إثنى عشر أو خمسة عشر .وإلى الخلف من تلك الساحة جدار يسمونه المنظر Skeneيواجه النظارة بمشاهد تنقش عليه» (،)1 هذا المنظر الخلفي لفضاء الفعل المسرحي ،والمحدد آلخر حدود سينوجرافيا العرض ،كان قد ظهر في البداية عاريا دون زخارف « ،ثم اكتسى تدريجيا ببعض المعلقات ،فلم يتحدد الفضاء المسرحي بمكان ممسرح ،وإنما كان يتجلى وجوده عبر تخيل الجمهور المتابع إلشارات النص ،على حين بدأ الديكور في االندماج في العرض المسرحي لإليحاء بأماكن عامة للحدث الدرامي (قصر، قلعة ،مكان مرتفع ،)...ومتحققا بواسطة ستار أو سواتر ،تسمى،Periactios حسني العزيب
17 16
معلقة على جوانب البرواز المسرحي ،ويمكن لهذه السواتر أن تدور أيضا حول نفسها ،لتقدم أوجها ديكورية جديدة ،على مدار العرض ،كما يجهز المنظر أيضا بمستويات متحركة ،وأخرى معلقة ببكرة بالسقف للصعود بها نحو اآللهة ،وكذلك بمستوى مرتفع لتمييزاألماكن األوليمبية ،وبشرفات ،وباب ()2 أرضي وساللم تهبط بواسطتها أشباح الموتى». أدرك اإلغريق إذن أن المسرح لكي يكون مسرحيا يتواصل مع جمهوره ،يجب أن يحدد له مكانا تدور فيه أحداثه ،وتتحرك فيه شخصياته، وأمامه وحوله مكان آخر للجمهور المشاهد لهذا العرض ،فانفصلت الصالة عن فضاء المسرح ،ورغم ثبات المواضع القائمة في فضاء المسرح ،بدالالتها المصاغة أيضا في النص الدرامي ،من أبواب تؤدى لداخل المدينة وأخرى لخارجها وثالثة لداخل القصر ،إلى جانب ثبات (المذبح) بوسط فضاء المسرح، والمستخدم دوما في النصوص الدرامية ،مما يعني أن سينوجرافيا العرض المسرحي سبقت كتابة النص الدرامي ،وفرضت مسبقا على الكاتب المسرحي المنظر ضرورة استخدام تلك السينوجرافيا في نصه المكتوب ،حتى أن ُ اإلغريقي الكبير «أرسطو» ،قد حدد سينوجرافيا العرض المسرحي كواحدة من عناصر التراجيديا الكيفية ،مؤكدا على أن المرئيات المسرحية ،هى واحدة من أجزاء التراجيديا الكيفية ،قائال في كتابه الشهير (فن الشعر) « :ومع أن لعنصر المرئيات المسرحية -في الحقيقة -جاذبية انفعالية خاصة به، إال أنه أقل األجزاء كلها من الناحية الفنية ،وأوهاها اتصاال بفن الشعر .فمن
الممكن الشعور بتأثير التراجيدية حتى ولو لم يقم بتقديمها ممثلون في عرض عام .باإلضافة إلى هذا ،فإن خلق التأثيرات المسرحية المرئية ،يعتمد على أصحاب الفنون المتعلقة باإلخراج المسرحي ،أكثر مما يعتمد على الشاعر ()3 التراجيدي». بهذا الفهم ،أدرك أرسطو أن (المرئيات المسرحية) هى أقرب لفن العرض المسرحي ،باعتبارها المحددة لمكان العرض وصورته المتلقاه بالعين، والصائغة لسينوجرافيا العرض الذي تجري في أحضانه مواقف الحدث الدرامي وشخصياته المتصارعة ،ومحتوية على المنظر ،واألثاث ،والمالبس، واإلضاءة ،وميزانسين الممثلين وإيماءاتهم ،وال تقف بذلك عند حدود كونها نماذج واقعية تشير لجغرافية أحداث المسرحية ،بل هى تشترك مع المسرحية ذاتها ،في كونها (محاكاة) لنماذج واقعية ،فالمذبح ليس هو قبر «أجاممنون» الذي تعرفت على شاهده أبنته «إليكترا» بأخيها الغائب «أورست» ،في مسرحية (حامالت القرابين) أليسخيلوس ،وال اإلله الهابط باآللة Deus ex machina هو الرب المعبود ،وال «أيسخيلوس» و«يوريبيديس» المتباريان في وزن الشعر في مسرحية (الضفادع) للكاتب الساخر «أرسطوفانيس» ،هما الشخصيتان العائشتان في الحياة ،وأحدهما ،وهو «يوريبيديس» ،ربما يكون حاضرا في صالة العرض ،لمعاصرته لكاتب المسرحية.
حسني العزيب
19 18
سينوجرافيا العرض ال تقدم مفردات واقعية ،حتى في أشد العروض إيغاال في الواقعية ،وهى باعتبارها فن تنسيق وإعادة صياغة الواقع جماليا في فضاء المسرح ،فهى هندسة منصة العرض ومكان العرض ،بل وصالة أو قاعة المشاهدين أحيانا معا ،وقد مرت تلك السينوجرافيا بتجارب عديدة، تناظر تجارب النص الدرامي ،وتدخل في إطار تجريبية العرض المسرحي، فال عرض دون مكان يتحقق داخله ،و«ولدت السينوجرافيا من فن الزخرفة المسرحية ،ثم تطورت في معارضتها للزخرفة لتصل إلى فن الديكور» ( )4حتى ولو كان في الشارع ،أو داخل الكنيسة ،في العصور الوسطى ،ثم تمرده على ذلك الداخل الديني ،ليخرج إلى الشارع ومدنيته ،لينشيئ مبانيه الخاصة ،ليتجلى بعد عصر النهضة وإبتعاث الفنون المسرحية ،خاصة في العصر اإلليزابيثي بمسرح الجلوب ،El Golobوفي العصر الذهبي اإلسباني والذي كان يطلق الكورال ، El Corralفكالهما خصص مكانا محددا للجمهور عليه مسرح ّ المشاهد سواء كان في الصالة أو في الشرفات الجانبية أو المطلة مباشرة على منطقة التمثيل ،وكانت تخصص لعلية القوم ،أما منطقة التمثيل فكانت مرتفعة عن سطح األرض ،ومنقسمة إلى قسمين بواسطة ستائر أمامية وخلفية مرسومة، فإذا ما انسحبت الستائر األمامية ظهرت كل المناظر الخارجية للمشهد أو أغلبها والتي تعبر إما عن حقل أو مدينة أو شارع ..إلخ ،وأحيانا أخرى كان التغيير يتم عن طريق حركة الممثل سواء بغيابه وتركه لساحة التمثيل خالية ،أو بظهوره من جانب مختلف إلضفاء معنى جديدا للمكان ،أما المناظر الداخلية فكان يعبر عنها بسحب الستائر الخلفية ليظهر من خلفها مستلزمات منزل ،والتي كانت
مكونة عادة من ثالثة أبواب ،واحد مخصص للممثل األول أي البطل الرئيسي، والباب الثاني خاص بالبطلة ،والباب الثالث خاص بالبطل الثاني. ومع ظهور المطبعة ،التي جعلت النص الدرامي يتجاوز حدود دار العرض وفضائه الذي يقدم في العرض بإخراج المؤلف نفسه ،أو منتجه صاحب الفرقة أو ممثله األول ،فصار من الممكن أن يقدم هذا النص في أكثر من مكان آخر ،وتزامن مع ذلك ظهور دوق «ساكس ماينينجن» كأول مخرج مسرحي ،يظهر معه مصمم السينوجرافيا كمهمة فنية ذات دور منفصل عن مهمة ومهنة المخرج والممثل والمؤلف بالطبع ،وراح مصمم السينوجرافيا خالل القرن العشرين يؤكد وجوده الفاعل في صياغة العرض المسرحي ،وعرف مسرحنا المصري السينوجرافيا مع أول صياغة لدار عرض مسرحي ،ذات مكان مخصص للتشخيص (خشبة) ،Stageوآخر لجلوس (النظارة) ،وأعتمد مسرحنا بداية على مصمم الديكور اإليطاليين ،والذين وفدوا للبالد مع األوبرات اإليطالية ،لذلك أرتكز تصورهم لصياغة سينوجرافيا العرض داخل المسارح المغلقة بحائطها الرابع المفتوح بستار برواز المسرح (البروسينيوم) ،على المناظر المرسومة على ستائر خلفية ،دون وضع أية مستويات (براتيكابالت) على سطح المسرح ،واالكتفاء بطرح مجموعة من األثاث الموحي بالمكان (كرسي ،مكتب ،سرير) ،ويبرز ذلك واضحا في مسرحية (إال خمسة) المسجلة تليفزيونيا لفرقة الريحاني ،في أوائل الستينيات من القرن العشرين ،ثم برز جيل جديد من مصممي السينوجرافيا تالقى مع أفكار المخرجين الجدد ،ليقدموا حسني العزيب
21 20
أشكاال جديدة لسينوجرافيا العرض المسرحي ،فيمد «كرم مطاوع « خشبة المسرح القومي ،بلسان ممتد وسط الصالة ،ليجري عليه أواخر الستينيات بعض مواقف عرضه لمسرحية «ميخائيل رومان» (ليلة مصرع جيفارا) ،ويحرك المخرج البورسعيدي «عباس أحمد» أوائل السبعينيات جدران حجرة بطل عرضه لمسرحية «ألبير كامي» (الحصار) ،تأكيدا لحصار المكان لشخصيته الممزقة ،ويقدم المخرج «محمد فاضل» تجاربه مع «ناجي جورج» في مقهى (ماتاتيا) ،ويبهر المخرج د« .عبد الرحمن عرنوس» مشاهده بعروض (مسرح القهوة) في مقهى (أسترا) بوسط القاهرة ،ويخرج مخرج شاب واعد، ضاع في دهاليز التليفزيون ،هو «محمد عبد هللا» ،للشارع مقدما أكثر من تجربة في فضاء الشارع المزدحم ،كما قدم المخرج «حسين جمعة» مسرحية «وليم شكسبير» (روميو وجوليت) بحديقة (النهر) أمام دار األوبرا بالقاهرة، ومسرحية (حلم ليلة صيف) لنفس الكاتب بقلعة (قايتباي) باألسكندرية ،ويستفيد الكثير من المخرجين ومصممي السينوجرافيا من فضاء الحديقة الثقافية بحي السيدة زينب ،لتقديم عروض ذات طبيعة مفتوحة ،ومنهم كاتبة هذا الكتاب، التي صاغت سينوجرافيا عرض مسرحية الكاتب «صفوت شعالن» (المزاد) مع المخرج «سمير حسني» ،معيدة صياغة مفردات المكان في بنية منظرية مسرحية ،توحي بدالالت جمالية إلى جانب اإلشارات الواقعية لمفردات المكان الثابتة والمضافة.
أن الخروج من األماكن التقليدية للمسرح ،وصناديقه اإليطالية ،إلى الشارع ليس جديدا علينا ،بل أن مسرح الثقافة الجماهيرية (الهيئة العامة لقصور الثقافة حاليا) يعرف تلك العروض منذ بداياته األولى ،فقد قدم المخرج «أحمد عبد الهادي» أواخر الستينيات عرضه لمسرحية «محمود دياب» (الهالفيت) في ساحة أرض بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ ،كما قدم د».هناء عبد الفتاح» تجربته المتميزة مع فرقة فالحين دنشواي بمحافظة المنوفية عام ،1964ورائعة الكاتب «يوسف إدريس» (ملك القطن) ،وأيضا قدم المخرج «أحمد إسماعيل» في الثمانينيات وفيما بعد تجربته المسرحية المتفردة في شبرا باخوم ،وأطلق عليها مسرح الجرن وتحت هذا المسمى قدم العديد من العروض والتي أصبحت إلى يومنا هذا مشروعه المفضل ،وقدم الناقد د« .حسن عطية» تجربة يتيمة له بجرن قرية بالمحلة الكبرى لمسرحية «محمود دياب» أيضا (ليالي الحصاد) من تصميم سينوجرافي للكاتبة ،والتي شاركت أيضا في تصميم سينوجرافيا عرض (الفرافير) للكاتب «يوسف أدريس» مع المخرج د« .رضا غالب» في ساحة نادى شعبي مفتوح بدكرنس محافظة الدقهلية ،كما شاهدت عرضا مبهرا في أسبانيا وبقلب العاصمة مدريد لفرقة المعمل للمسرح الريفي المكسيكية ،قدم عام 1987لمسرحية «جارثيا لوركا» الشهيرة (عرس الدم) في فضاء غابة ضخمة ،استخدمت فيها المخرجة مئات القطعان من الغنم، وعشرات الكومبارس ،وأدارت رمز الموت على حصان كان يحيط بشخصيات العرض ،ظاهرا ومختفيا في الغابة الكثيفة ،فتمددت بذلك حدود سينوجرافيا العرض ،وشملت وجودا ماديا من أشجار وبشر وخيول وشمس ساطعة ،حيث حسني العزيب
23 22
قدم العرض في شمس الظهيرة ،وهو «عرض بدون أضواء ملونة تعكس الحاالت النفسية ،أو تنير موقع األقدام أو تفصل بين أماكن األحداث ومواقع المشاهدين ،أو تخلق أي نوع من أنواع اإليهام أو اإلبهار»( ،)5وبالطبع ليست تجربة «بيتر بروك» األشهر لعرض (المهابهاراتا) عام ،1987الذي أعده الكاتب المسرحي والسينمائي المعروف «جان كلود كارييه» ،واستغرق زمن عرضه تسع ساعات ،في الهواء الطلق ،ليست بعيدة عن األذهان. في غمار هذا التجديد الذي ظهر في النصف الثاني في العقود الخمس األخيرة من القرن العشرين ،ظهر فنان السينوجرافيا «حسين العزبي « الذي يهتم بإبداعه هذا الكتاب في حقل السينوجرافيا ذي األبعاد المتعددة التي يتحقق فيها للصورة عمقا واقعيا وتتداخل فيه سلطة إبداع السينوجراف مع سلطات اإلخراج والتمثيل واإلنتاج ومؤسسات سلطوية مختلفة ،بما فيها الجمهور ذاته، ومؤجال الحديث عن دوره المتميز في حقل الفنون التشكيلية لكتاب آخر والذي يتحقق فيه للصورة عمقا متخيال ،وأن لم يغض النظر عن إبداعه في مجال الرسم ،والذي يثير قضية تعامل الفنان بين فضاء اللوحة المتفرد بها ،وفضاء المسرح الذي يشارك فيه أكثر من مبدع آخر ،تتعدد مستويات سلطة القيادة والتأسيس للعرض المسرحي ،ويخلق كما أشرنا في البداية توترا بين المبدع الفرد واإلبداع الجماعي.
عرفته أواخر السبعينيات عندما تم تعيننا معا في إدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية ،شابا رقيقا واعيا بالعالم ،طموحا ولديه أحالما كثيرة ،عاشقا لأللوان المبهجة مع حرصه على أن يبدو متناسق األلوان في مالبسه ،متفانيا في عمله، مستغنيا عن الماديات ،ومحبا للحياة ،يحترم زمالئه وعمال تنفيذ تصميمات ديكوره ومالبسه ،يقرأ ويلم بما قرأه ،يدرك أن السينوجرافيا ليست خلفية للتمثيل ،وال صورة مرئية للنص الدرامي ،بل هى حالة إبداع يتكامل وجودها مع إبداعات اإلخراج والتمثيل والحالة المسرحية وتقبل الجمهور ذاته ،وثقافته وذائقته الجمالية. هو رجل مسرح ،ال يلقي بتصميماته للمخرج ومساعده ومنفذ هذه التصميمات ،بل يشارك الجميع في عملية اإلبداع والتنفيذ معا ،منذ القراءة األولى للمخرج للنص الدرامي ،وأحيانا كثيرة يناقش المخرج والمؤلف فيما يتخيالن وجوده بفضاء المسرح. وإذ نتوقف هنا عند أبرز مساراته وتوجهاته ،فهى محاولة لالقتراب من عالم هذا الفنان المتميز ،وهذا العالم الصاخب له. فله أهدى كتابه ،ولي أسعد بكتابي عنه.
حسني العزيب
25 24
هـــــــــوامـــــــــش
( )1ثروت عكاشة (دكتور) المعجم الموسوعي للمصطلحات الثقافية -د.ثروت عكاشة .مكتبة لبنان -الشركة المصرية العالمية للنشر -لونجمان ،القاهرة ،.199 ص191 (Cesar Oliva / Francisco Torres Monreal, Historia basica )2 )43 p..199 del arte escenico. CATEDRA,S.A.,Madrid ( )3أرسطو فن الشعر ،ترجمة :دكتور إبراهيم حمادة ،مكتبة األنجلو المصرية، القاهرة .1989ص99 ( )4مارسيل فريد فون :السينوجرافيا ـ معالم على الطريق ـ مقال في (السينوجرافيا اليوم) ـ ترجمة د .حمادة إبراهيم وأخرون ـ إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ـ الدورة الخامسة ـ القاهرة 1993ص 13 ( )5حسن عطية (دكتور) :فضاءات مسرحية ،سلسلة «مكتبة الشباب» الهيئة العامة لقصور الثقافة ،القاهرة ،يناير 1996ص 161 – .16
حسني العزيب
27 26
ألـــــوان الــتــكــويــن المتعددة
أرتفع الطفل على أطراف أصابعه ،ليصل برأسه لحافة النافذة ،يبصر بعينيه الظلمة التي بدأت تخيم على شارعه الصغير ،القريب من مسجد السيدة زينب ،منتظرا ذلك الساحر الذي يشعل بعصاه المعدنية مصابيح االستصباح المنثورة بشارعه ،تاركا بعد رحيله بقعا ضوئية تصارع بقعا مظلمة عصية على اإلضاءة ،وتصنع إيقاعا مرئيا حينما يسير إنسان في الشارع منتقال بجسده من بقعة ألخرى ،يظهر في واحدة منها ثم يكاد يختفي في الثانية ،ثم يعاود الظهور مرة أخرى. يهرع الطفل الصغير إلى أوراقه ممسكا بقلمه الرصاص لكي يعبر عما اختزنته الذاكرة من صور لم تنمح بعد ،ينهمك في التعبير عما شاهده ،لكنه يحتار أمام حركة اإلنسان وسط هذه البقع المتباينة اإلضاءة ،وتظل هذه الحيرة بداخله وهو بعد في مرحلة الطفولة ،يجذبه في البدء اإليقاع اللوني والحركة الموحي بها في اللوحات التشكيلية ،خاصة وهو يدلف إلى كلية الفنون التطبيقية، ممسكا بيد خاله الطالب بالكلية ،والعب السلة بها ،مما جعله معروفا ومحبوبا من الجميع ،وأتاح له فرصة إصطحاب الصغير ليتجول بأروقة الكلية وأقسامها المختلفة ،منبهرا باتساعها وتعدد الفنون داخلها ،وبراعة أساتذتها وطالبها في حسني العزيب
29 28
التعبير على األوراق والحوائط والخزف وتشكيل كائنات بالطين والصلصال والطرق على المعادن والنسج على األنوال ،يقترب من صناعها ويشاركهم (لعبهم) اإلبداعي ،فتجذرت هذه الفنون في وعي الفنان «حسين محمد العزبي»، المولود في الرابع عشر من شهر فبراير عام 1947بالحي التراثي ،المغلف بروحانية متميزة ،وأجواء مبهجة ،ومواكب شعبية تمشي الهوينا في شوارع بورسعيد والسد ومراسينا ،تغير كل لحظة من مالمح الصورة المغروسة بأعماق الطفل النابه ،وتلون عينيه بألوان متعددة وكتل مختلفة ومساحات تضيق حتى تكاد تذوب في حضور البشر المحتفي بالمولد النبوي ومولد السيدة زينب وكافة الموالد التي تبتكرها المخيلة الشعبية كي تفرح وتذوب عشقا في المقام الجليل ،متجلية في حركة سكان الحي والقادمين إليه الدائرة حول المسجد المحبوب ،والمبثوثة بين أطياف عاشقة في الشوارع المحيطة بها في صورة جماعية تندمج فيها األرواح واألجساد بحس متعال وحضور ذائب في حضرة (الست). شاءت ظروف العائلة أن تنتقل بطفلها من حي السيدة زينب إلى حي شبرا ،حيث الشوارع متسعة ،والبشر قليل ،والهدوء يسكن البيوت وسكانها وغالبيتهم من أبناء الشرائح المتوسطة من الطبقة المتوسطة ،والتسامح يسري بين أرواح قاطنيها ،مما وفر له فرصة التأمل فيما يحيط حوله ،والخروج من الصورة التي كان مغروسا فيها ،ذائبا في تفاصيلها الشعبية ،منتشيا بروائحها الدينية ،ليقرأها من خارجها ،وواقفا بخطوات أمامها ،فيدرك قدرته على إعادة
صياغة تفاصيل الصورة الواقعية في صورة جمالية راقية ،زادها أتساعا وعمقا قضائه أجازات نصف السنة في رأس البر ،ثم دمياط فاإلسكندرية ،فدخل البحر فضاء ذائقته ،وتلونت رماديات شبرا والسيدة باألزرق الصافي ،وانفتحت اللوحة على كون ال حدود له ،لكن حركة البشر ظلت كامنة بأعماقه ،دافعة له للتمهل طويال بحي األنفوشي الشعبي الزاخر بالحياة في اإلسكندرية عروس البحر المتوسط. أوصلته سنوات عمره لمرحلة الثانوية ،التي أتمها وأهل نفسه لاللتحاق بالكلية التي تناسب إمكانياته وتلبي طموحه في أن يكون فنانا تشكيليا ،يرسم بالقلم على الورق عوالم عاشها وتخيلها ،فذاك ما أقتنع به وقتها أن الفن التشكيلي طريقه وحياته ،ومن ثم قدم أوراقه عن طريق مكتب التنسيق العام لكلية التربية الفنية بالزمالك ،وقضى بها عامه األول ،يدرس تاريخ الفن التشكيلي ومدارسه، حتى عرف أن ثمة معهدا عال للفنون المسرحية يدرس الديكور واألزياء، فهرع للتقديم إليه ،فثمة دراسة ال تقف عند اإلبداع في حدود اللوحة ،بل في فضاء مسرح تتحول فيه الخطوط واأللوان إلى مالبس حقيقية تتحرك في منظر مسرحي متعدد األبعاد. اجتاز الطالب الوسيم امتحانات قسم الديكور المطلوبة من رسم بالرصاص وأخر باأللوان وامتحان في الديكور المسرحي وجاءت اللحظة الفاصلة ،وكان أخر يوم في االمتحانات عبارة عن مشروع يتقدم به الطالب حسني العزيب
31 30
أمام لجنة مكونة من أحد عشر أستاذا في تخصصات مختلفة يناقشوه في مشروعه ،وكانت اللجنة مكونة من الفنان التشكيلي المتميز د.رمزي مصطفى، واألستاذ والفنان التشكيلي د .أبوخليل لطفي ،والفنان العالمي د.عمر النجدي، والمخرج والممثل المشهور أ.حمدي غيث ،واألستاذ الكبير المخرج والممثل أ.سعد أردش ،واألستاذ والناقد السينمائي المشهور د.رفيق الصبان ،واألستاذ الكبير في مجال علم النفس د.مصطفى سويف ،وأستاذ التمثيل د .على فهمى، وعلى رأسهم بالطبع عميد المعهد وقتها المخرج نبيل األلفي ،وكان مشروعه في مسرح العرائس ،وكان يحتوي على شخصيات عديدة ومتنوعة ،وبدأت اللجنة توجه له األسئلة ،كل أستاذ تبعا لتخصصه يباغته بسؤال غير مباشر وغير متوقع ،إال أن المفاجأة الكبرى كانت من أسئلة أساتذة التمثيل ،فبالرغم من أنه متقدم الختبارات قسم الديكور إال أنه خضع ألسئلة كبار أساتذة قسم التمثيل، فأخذ كل واحد منهم يوجه له سؤاال مثل :أشرح لنا ما هى طبيعة مشروعك ؟ وبسرعة قام بارتجال ديالوج بين شخصيتين يشرح من خالل تحاورهما طبيعة مشروعه ،ثم يالحقه أستاذ أخر بسؤال مفاجئ :قم بتعريف و أداء هذه الشخصية ويشير بإصبعه إلحدى الشخصيات النسائية في مشروعه ،مطالبا إياه بالحركة ،للتأكد من سرعة استجابته وأيضا من طريقة نطقه للحروف ومخارج األلفاظ ،ربما لضمه لقسم التمثيل ،أما األستاذ الدكتور مصطفى سويف فلم ينطق بحرف ،بل أخذ يراقب تصرفاته وردود أفعاله ويسجل مالحظاته .وبعد ذلك جاءت مرحلة امتحان المعلومات والثقافة العامة ،كانت امتحانات القبول صعبة والمنافسة شديدة و تعتبر تصفية لكي يختاروا 11طالبا فقط من عدد
المتقدمين .175طالب ،والتي فاز فيها بااللتحاق بالمعهد الذي كان أمل كل عشاق المسرح وقتها. زامل الفتى «حسين» في المعهد حينذاك من دفعته في الديكور صبري عبد العزيز وعبد ربه حسن ،وفي قسم التمثيل سميرة محسن وهناء الشوربجي وصبري عبد المنعم وسمير وحيد ويونس شلبي وسامي فهمي ،وفي قسم النقد حسن عطية ومحمد شيحة وزينب منتصر وأمينة النقاش ،ومن الدفعة السابقة عليه لينين الرملي ومحمد صبحي وهما اللذين بدأ العمل اإلبداعي معهما في واحدة من أهم مسارات إبداعه. عايش «العزبى» شابا ،وخالل سنوات المعهد ،مرحلة من أعقد مراحل التحول في الحياة المصرية ،ما بين سبتمبر 1967ويونيو ،1971أعاد فيها الفكر المصري الحديث عن الهوية المصرية ،وما يتخلل نسقها الثقافي من سلبيات قادت الدولة للهزيمة ،وهزت أعماق المجتمع المصري ،واتجه تيار فني يؤكد على إيجابيات الهوية المصرية ،ويرى سلبياتها عوارض زمنية يمكن التخلص منها ،وكان من أنصاره «العزبي» الذي عايش أصالة المجتمع في حي السيدة زينب ،وتطلع هذا المجتمع للتقدم في حي شبرا ،ومارس حق النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية في حي الهرم ،فصار أكثر التصاقا بالمجتمع، حتى في العروض المتعرضة لنقده ،كما في عروض محمد صبحي ،وأن برز أكثر في عروض عبد الرحمن الشافعي الشعبية. حسني العزيب
33 32
لم يكتف «العزبي» بدراسته المكثفة بالمعهد العالي للفنون المسرحية ،وال بتجاربه العملية أثناء الدراسة ،خاصة مع «محمد صبحي» ،وال بدراسته السابقة السريعة بكلية التربية الفنية ،بل راح يدرس (كورسات) مكثفة بالقسم الحر بالجامعة األمريكية لمدة عامين ،ليصقل موهبته من جهة ويعمق عالقته بالحياة ويتعرف على شخصيات جديدة بعضها من جنسيات غير مصرية ،كما سيدرس بعد تخرجه كورسات في أكاديمية الفنون الجميلة ببولونيا اإليطالية، امتدت لنحو تسعة عشر شهرا ،صقلتها جوالته في إيطاليا ليقف وجها لوجه أمام تجليات جيل ليوناردو دافنشي وفناني عصر النهضة واألجيال التالية لهم. جاءت تجربته العملية األولى في المسرح مع زميل دفعته سامي فهمي، شقيق الفنانة ومديرة فرقة المسرح الكوميدي األسبق عايدة فهمي ،والذي حقق نجاحا لفت األنظار إليه كممثل في بداية مشواره الفني ،ثم هاجر إلى الواليات المتحدة األمريكية نهائيا ،كانت هذه التجربة مع سامي في تقديم عرض مسرحية بإحدى كليات جامعة عين شمس ،وكانت اإلمكانيات المادية شحيحة جدا، فعمل حسين على تدوير األخشاب الموجودة ،واستخدام (الالفتات) المعلقة على الحوائط في صياغة المنظر المسرحي ،ولم يكن معهما ماال لنقل المهمات إلى دار عرض المسرحية ،فنقلوها على عربة يجرها حمار ،يسيرون إلى جانبها، حتى يهزمهم التعب فيقفزون ليناموا عليها. وخالل ما يقرب من نصف قرن أصر العزبي على أن يسير بإبداعه في طريق الرسم على اللوحة بريشته الصغيرة ،راسما عوالم لونية تشع ضوءا،
وتفيض حيوية ،وطريق صياغة المنظر المسرحي الذي ال يشع بذاته ،وال ينبض بالحيوية بمفرده ،بل باحتوائه على ممثلي العرض ،وتتعدد داللته حينما تتباين شحنات اإلضاءة وألوانها الساقطة عليه ،فتصبح السينوجرافيا معه هى اإلطار العام الذي يحتوى على الديكور والمالبس واإلكسسوارات ،يتدفق بالحركة بدخول الممثل إليه ،ويتفجر بالدالالت بتموجه تحت اإلضاءة الملونة. على هذا الطريق الثاني (السينوجرافيا) يدرك المتابع لمسيرة إبداع حسين العزبي أن ثمة مرحلتين متباينتين في عالمه اإلبداعي ،تتمثل األولى في صياغته لسينوجرافيا العديد من عروض المخرج والممثل محمد صبحي ،حتى صار ملمحا أساسيا في غالبية عروضه ،بينما تبدو المرحلة الثانية واضحة في صياغته لسينوجرافيا عروض عبد الرحمن الشافعي الشعبية ،حتى كاد أيضا أن يصبح ملمحا أساسيا من مالمح عروض هذا األخير. وال أحد ينكر أن السينوجرافيا فن قديم منذ أن صنعت البشرية مسرحها من لغة كالمية منطوقة على ألسنة الممثلين والمؤدين ،ولغات غير كالمية مرئية مصنوعة من حضور مادي قائم أو متحرك أو طائر في فضاء المسرح ،من ديكور وأزياء وإكسسوارات وحركة ممثل تحت إضاءة متغيرة طوال الوقت، مما أصبحت معه القضية الشاغلة لذهن مصمم السينوجرافيا هى كيف يمكن الموائمة بين وضع الممثل المتحرك طوال العرض والخلفية الثابتة والمرسومة القابعة في عمق الفضاء المسرحي وفقا لنظرية المنظور ،مما دفع بالسينوجرافيا حسني العزيب
35 34
للتطور من التجسيد الطبيعي لألجواء التي تجرى داخلها وقائع المسرحية، إلى التعبير عن المحتوى الداللي للمسرحية بشكل تشكيلي ،يستفيد من تعدد أساليب الرؤى التشكيلية والمسرحية خالل العقدين األخيرين من الزمان ،وتلعب اإلضاءة دورا بالغ األهمية في اإليهام بتحريك ما هو ساكن ،ومنح الدال الواحد عدة دالالت تتعدد بتعدد تغير اإلضاءة عليه. السينوجرافيا إذن هى فن تصميم المنظر المسرحي بشكل مبتكر، والمنظر المسرحي ليس مجرد لوحة ثابتة ساكنة من قماش مرسوم ،وإنما هى لوحة ممتلئة حيوية ؛ مسكونة ببشر ،ومتطورة بحركتهم ،ومتغيرة بصراعاتهم، لذا فالمنظر المسرحي هو وجود ديناميكي وليس إستاتيكي ،يولد كل لحظة دالالت جديدة ،ويتفاعل مع حركة الممثل الدائمة ،متجاوزا ثباته الذي قد يوحي بثبات العالم المسرحي في تضاد واضح مع عدم ثبات الشخصيات المتحركة داخله ،وهذا التضاد قد يؤدي إلى خلخلة المعنى المراد توصيله للمشاهد ،فكيف يمكن تصور منظر لساحة ببغداد أو الكويت أو القاهرة في زمن تاريخي قديم، تتوالى داخلها األحداث ،وتكبر فيها الشخصيات وتتغير مصائرها ،بينما شكل الساحة ثابت دون تغير ؟. إن التغير الحادث في المنظر المسرحي يكشف عن التغير الحادث في الشخصيات ،دونما حاجة ألن نقول ذلك ،مثلما هو الحال مع تغير مالبس الشخصيات أو بهتان ألوانها ،لهذا ال يمكن أن تتطور دراما (النص الدرامي) مع
ثبات العالم التشكيلي الذي يعبر عن هذا النص ،وهو ما يتطلب من السينوجرافيا ضرورة أن تحقق دينامية الفعل المسرحي ،وإال تصبح طول الوقت في وضع متجمد ،بينما كل شيء حولها يتحرك ،كما البد وأن تتواءم الصورة المنظرية مع طبيعة المكان المسرحي المتحققة داخله ،فللساحة المفتوحة طبيعة جمالية تختلف عن طبيعة القاعة الصغيرة ،المتناقضة بطبيعتها عن المسرح المجهز، والمتعامل مع فضاء مسرح متكامل ذي السوفيتا والفجوات المتحركة واإلضاءة المنفذة بالكومبيوتر.
حسني العزيب
37 36
الــــــطــــــيــــــران مع البهجة العميقة مرحلة
مــحــمــد صــبــحــي
كانت لزمالته لمحمد صبحي في المعهد العالي للفنون المسرحية دورا مهما في صياغة واحد من أبرز مالمح اإلبداع السينوجرافي في مسيرته الفنية، بدأت داخل المعهد نفسه ،وتبلورت عقب التخرج مع عرض (هاملت) الذي قدمه صبحي أوال على ساللم المعهد وفي فضائه المفتوح وأعمدته وساحته المليئة وقتذاك بحفر األرض التي كان يعاد تمهيدها في صيف ،1971فاستفاد حسين من إحدى الحفر ليظهرها في مشهد حفار القبور ،وبسطح الدور الثاني للمعهد ليظهر من خالله شبح هاملت األب ،وباألعمدة لتظهر وتختفي الشخصيات في لحظات درامية محددة ،كما صاغ كرسي العرش بصورة تؤكد على هيمنته على موضوع المسرحية ،ونفذ دائرة مفرغة في سطح ظهره ،استخدمها صبحي في إظهار أيادي ورءوس تهفو للحصول على كرسي العرش ،وأستغل الحفر والرمال الناتجة عنها ،والمعهد في حالة ترميم ،ليخلق حفرة حفار القبور ،التي جسد شخصيته عبد الحميد المنير ببراعة. كانت تجربة ثرية بالنسبة له في التعامل مع الفضاءات المفتوحة ،خاصة عندما تم نقل العرض بقاعة النيل بكنيسة الفرنسيسكان بوسط البلد ،حيث الفضاء مغلق ،والمسرح الموجود صغير ومحاط بالستائر التقليدية ،مما جعله يعيد صياغة مناظر العرض بطريقة مختلفة .وقد أعاد صبحي نفس العرض بعد أن صار نجما بمسرح االتحاد العام لعمال مصر بشارع الجالء ،ولكن هذه المرة األخيرة ،صاغ له السينوجرافيا د .سمير أحمد األستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية ،والذي تعاون معه من قبل في مسرحية (الجوكر) إخراج جالل الشرقاوي. حسني العزيب 39 38
غاب حسين العزبي عن التعاون مع محمد صبحي لعقدين من الزمان، حتى عاد معه ومع زميل دفعة صبحي ورفيق دربه لسنوات طوال الكاتب لينين الرملي ،واللذين أسسا معا فرقة (ستدوديو ،).8وقدم حسين معها ومعهما عرض (وجهة نظر) الذي شاركت به في الدورة الثانية للمهرجان القومي للمسرح التجريبي عام ،1989واستمر لسنوات خمس بعدها ،حيث مازج صبحي مخرجا وممثال في هذا العرض بين الكوميديا والتراجيديا ،ومخففا جحيمية الحياة التي تعيشها مجموعة من المكفوفين داخل مؤسسة فاسدة ،بكم هائل من المواقف الضاحكة ،وحمل الديكور الذي صاغه حسين العديد من الدالالت الموحية بانغالق المكان على من فيه وكأنه مجتمع مغلق ،فساحة المسرح األمامية هى قاع المؤسسة الذي يعيش فيه المكفوفين يعانون من ظلم وكذب اإلدارة ،بينما يتصدر عمق المسرح مستوى مرتفع بعدة ساللم وبه باب دوار تظهر وتختفي منه شخصيات اإلدارة :المدير وتابعه الملقب بعشماوي، موحيا بوجود دور علوي فيه كل ما حلم به (الناس اللي تحت) وتم نهبه من اإلدارة وتهريبه للدور العلوي .ديكور بسيط ،يتيح للممثل حرية الحركة، ويسمح للجمهور بإمكانية التركيز على القضايا المطروحة واألفكار الذكية المبثوثة في العرض. بعده جاء عرض (تخاريف) للثنائي صبحي والرملي ،مقدمين خمسة أحالم بخمسة مواقف في خمسة مشاهد بسيطة الصياغة المنظرية ،غير مشهد االفتتاح المقدم في مقدمة المسرح والمتكرر ظهوره بين المشاهد الخمس،
وهو ما وضع مصمم الديكور المسرحي في مأزق كيفية صياغة هذه المشاهد الخمس تاركا مساحة المقدمة للمشهد المتكرر والرابط بين مشاهد األحالم الخمس ،بديكورات مبسطة وموحية وقادرة في نفس الوقت على تغيير المنظر المسرحي ،وذلك بتصميم وتنفيذ وحدات تتحرك على عجل ،والبدء ببانوهات كبارفان سهل طيه ومرسوم عليه لوحات بخطوط أقرب لخطوط األطفال، تظهر شخصيات العرض من أعالها كأنها جزء من هذا العالم الطفولي، يتوسطها البطل محمد صبحي مختفيا في البداية خلف كتاب ضخم يحمل عنوان تخاريف ،فيثير في ذهن المتلقي منذ أول تلقي أنه أمام عرض أقرب ألحالم األطفال ،تسكن جديته في براءة ما يحلمون به ،عبر الحكاية التقليدية الرجل المسن الموشك على الموت في حجرة بيته الفقير ،والملقب ب (الندمان) ،جامعا أبنائه الست ليوصيهم بما يجب أن يفعلوه ،لنكتشف أنه أمهم وليس أبيهم ،وأنه مصاحب جنى سيتركه لهم ليحقق لهم أمانيهم ،والتي هى :أمنية امتالك (القوة) الجسدية التي يتأكد معها أنها ليست كل شيء أو هى دون قوة العقل ال تساوي شيئا ،و(الجاذبية) التي يدرك بطلنا في نهاية حكايتها أنها والجمال الظاهري ليسا الطريق القويم للحب الحقيقي بين البشر ،بل البد من العاطفة الصادقة واالحترام المتبادل ،ثم أمنية (المساواة) بين الرجل والمرأة ،فلكل منهما صفاته وتكوينه وتميزه عن اآلخر .لينتقل بعد ذلك إلى حلم (الثروة) التي يقدمها على أنها مفسدة للعالقات اإلنسانية ،وأخيرا يطرح أمنية القدرة على (التسلط) التي تتحول عمليا إلى ديكتاتورية في الحقل السياسي فيتم نبذها .بانوهات بسيطة ووحدات أثاث قليلة ومالبس دالة يصوغ بها حسين العزبي الصورة المرئية متعددة المشاهد في هذا العرض الساخر داخل فضاء أسود الجدران ،دونما حسني العزيب
41 40
اهتمام بالزخرفة والتفاصيل الصغيرة ،فالعرض عنده هو القضية والممثل التي يحملها إلى الجمهور. عامان يمران ليعود بعدهما حسين العزبي إلى رفيقيه محمد صبحي ولينين الرملي وفرقتهما (ستوديو ).8في عرض بالعربي الفصيح عام ،1991 والتي تعد أخر تعاون مسرحي بين لينين وصبحي ،كما تعد األولى التي كتبها لينين ولم يمثل فيها صبحي مكتفيا باإلخراج فقط مقدما مجموعة من الممثلين الشباب مثل منى ذكي وفتحي عبد الوهاب وماجد الكدواني ومصطفى شعبان وأشرف فاروق وداليا إبراهيم وكارولين خليل وسيد الرومي ،وكانت تعرض على مسرح (الفردوس) لثالثة أيام في األسبوع ،بالتزامن مع ثالثة أيام في نفس األسبوع لمسرحية (وجهة نظر) ،ونظرا لصغر فضاء مسرح الفردوس ،الذي تم تجهيزه لهذا العرض ،جاءت الديكورات بسيطة وسريعة الحركة والتغيير وموحية بمعاني المسرحية وفق تفسير مخرجها للنص المقدم. خالل عامي 1993و ،1994صاغ العزبي سينوجرافيا ثالثة عروض لمحمد صبحي ،بعد أن تم االنفصال فنيا بين األخير وزميل دفعته ورفيق دربه األول لينين الرملي ،اثنان منهما هما (على بالطة) لم يمثل فيها وأعتمد على مجموعة من الشباب والنجوم الجدد ،ولم تحقق المسرحية النجاح الجماهيري وال النقدي الذي عرفه مسرح محمد صبحي ،ثم جاءت مسرحية (ماما أمريكا) من تأليف مهدي يوسف ،لحقت بسابقتها بسبب بنائها الدرامي المعتمد على الرمز المكشوف ،فهذه أمريكا المتغطرسة ،وهذا مصر الطيب ،وذاك العراق المتعجرف ،وأخر يمثل الخليج الالهي ،والتيمة الدرامية تدور حول موت
األب «شحاتة» سليل عائلة منافع العثمانية ،تاركا وصيته المكتوبة ،موزعا من خاللها ثروته على أوالده ،مانحا أبنه عايش (المصري) أرضا ليس له حق استغاللها واستثمارها ،سرعان ما استولى على هذه األرض أفراد من عائلة الشفاط ،وعلى عايش وحده مهمة استردادها ،ولم يبق له سوى المنزل الكبير الذي ينازعه األشقاء في حقه فيه ،وتجتاح المنزل سيدة ثرية تعمل على شراء المنزل أو تأجيره لعدة سنوات ،لكي تحوله مقرا لفرع الجمعية (حماية حقوق الحمير) األمريكية. حاول العزبي االستفادة من فضاء المسرح باستغالله بمعمار أساسي، واقعي الصياغة ،يمثل بهو المنزل المتسع ،ثم بإدخال موتيفات علوية ،تحوله لجمعية (حقوق الحمير) ،ثم تغييره ليصير غرفة نوم المرأة الثرية ،التي تبدو وكأنها المرأة العجوز الجشعة القادمة لسلب أهل البيت حقهم فيها ،فيضع خلف السرير بانوهات ضخمة تمثل وجها بشعا ،تبدو خطوطه أميل لخطوط لوحات بيكاسو في مرحلته التكعيبية. فيما بين هذين العرضين األخيرين قدم العزبي تجربته الثرية في مسرح صبحي ،حيث قدم معه نص الكاتب السويسري األصل األلماني اللغة فردريش دورينمات (زيارة السيدة العجوز) الذي ترجمه عن األلمانية وأعده بأسلوب شاعري الكاتب والشاعر والمترجم المسرحي يسري خميس ،وعرض على دار األوبرا المصرية بعنوان (دورينمات والزيارة) ،وقامت ببطولته سناء الجميل مع جميل راتب وشعبان حسين ومحمود أبو زيد ورياض الخولي حسني العزيب
43 42
ويوسف داوود وعزة لبيب ،غناء أنغام وفادي اسكندر ،وألحان محمد علي سليمان ،تصميم رقصات حسن عفيفي ،مع كوكبة من الشباب الذين قدموا في البداية وبأسلوب تعليمي ربع ساعة من المعلومات عن كاتب النص دورينمات، ثم تحولوا تدريجيا إلى شباب القرية المنتظر عودة «كالرا» السيدة العجوز المحملة بآمال الثراء وتغيير واقع القرية المتدني إلى ما هو أفضل ،ويبدو أن هذا كان اتفاقا مع الجمعية الثقافية السويسرية (بروهيلفسيا) التي قامت بإنتاج العرض وتستهدف تعريف الجمهور المصري بكاتبها ،وهى من المرات النادرة الذي يقدم فيها صبحي عرضا من غير إنتاجه ،كما أنها المرة القليلة الذي يقدم عرضا باللغة العربية الفصحى بأداء ممتاز ،بعد تجاربه األولي مع هاملت وأوديب ،ومن المرات القليلة أيضا التي يخرج فيها صبحي عرضا ال يمثل فيه ،سبقه عرض (بالعربي الفصيح) وعرض (على بالطة) ،وأقام فيه العزبي معمارا كامال لقرية تسمو فيها خطوط البيئة الجغرافية السويسرية لتصبح قرية عالمية تلخص وجود أي قرية في العالم ،يقتحمها رأس المال البشع ليفسد أهلها، وصاغ العزبي المشاهد األولى لمحطة قطار بالقرية الصغيرة ،مدخال قطارا معدا كالقطار الواقعي إلى عمق المسرح ،مازجا بين البناء المعماري الضخم لساحة القرية وداخل الكنيسة ،وبين الموتيفات الصغيرة ذات المسحة التعبيرية مثل مقعد محطة القطار أو الشجرة العجفاء التي يلتقي عندها الحبيبين اللذين صارا عدوين بعد ربع قرن من الزمان.
عقب تقديم عرضي (زيارة السيدة العجوز) عام 1993و(ماما أمريكا) ،1994يغيب العزبي عن مسرح محمد صبحي ،بعد أن ترك بصمته واضحة على عروض السبعينيات والثمانينيات ،وكاد يكون قاسما مشتركا مع لينين الرملي ومحمد صبحي ،ولهذا وفي نفس عام ،1994صاغ سينوجرافيا عرض (وجع الدماغ) تأليف لينين الرملي وإخراج محسن حلمي ،وال يقدم مع لينين الرملي عروض أخرى سوى عرض (جنون البشر) من إخراج محمد أبو داوود .1997 لقد شكلت مرحلة إبداع المنظر والمالبس واإلضاءة المسرحية مع صبحي ولينين مرحلة هامة في مسيرة العزبي السينوجرافية ،تلتقي رؤيته مع رؤية الكاتب الرملي والمخرج صبحي ،فيقدمون جميعا عروضا ساخنة ومتشابكة مع المجتمع وهمومه ،وتهيمن الخطوط الحادة المتقاطعة مع أقواس النوافذ على عالمه السينوجرافي ،كما تترك الواقعية بصمتها على صياغته للمنظر المسرحي ومالبس الشخصيات ،مع بعض الميل لتصوير الحضور البشع لشخصيات أو شرائح مجتمعية بخطوط تعبيرية وتكعيبية ،وتصبح لإلضاءة، التي يقوم بها العزبي نفسه ،دورها في تحقيق التباين اللوني بين المنظر المسرحي ومالبس شخصيات العرض ،محققة انسجاما تاما في اللوحة المرئية، مهما تغيرت عناصرها بدخول شخصيات أو خروج أخرى ،وبإضافة عناصر ديكورية أو حذف بعضها ،ولكن تظل األجواء البورجوازية هى السائدة بحكم طبيعة النصوص التي يكتبها لينين الرملي ويخرجها محمد صبحي ،وبطلها البورجوازي الصغير. حسني العزيب
45 44
الــــــــــغــــــــــوص فى عمق التراث مرحلة عبد الرحمن الشافعي
بالتوازي والتزامن مع مرحلة صياغة السينوجرافيا لعروض محمد صبحي ،التي تدور أغلبها في أجواء مدنية ،ووسط الشرائح الوسطى للطبقة المتوسطة ،وتحمل قدرا من التعليمية ،شارك حسين العزبي في صياغة عروض المخرج الشعبي الشهير عبد الرحمن الشافعي ،وهى المرحلة األغزر واألكثر أهمية وإظهارا لرؤية العزبي وقدراته التقنية ،تعددت معها أسماء كتاب النصوص ،ولكن ظلت الرؤية الكلية لفن العرض الشعبي واحدة ومتماسكة، تتوجه للشعب البسيط الذي يشكل الطبقات الدنيا ،والذي مازالت ذاكرته تحفظ كلمات وألحان السير والحكايات الشعبية ،فظهرت أسماء لها دالالتها مثل يسري الجندي (عاشق المداحين) و(علي الزيبق) و(سيرة بنى هالل) ،نجيب سرور (منين أجيب ناس) و(ليلة نجيب سرور) صالح جاهين في نص من إعداد أحمد الحوتي ومهدي الحسينىي (الليلة الكبيرة) ،وأحمد الحوتي كاتبا (مصطفى كامل) و(طريق السماء) و(اإلمام البوصيري) ،ومهدي الحسيني بمفرده (ليلة الولد) ،ومحمود دياب في نص من إعداد أحمد الحوتي (أحزان الرجل الطيب) عن ثالثية (رجل طيب في ثالث حكايات) ،وحتى رشاد رشدي في نص من إعداد مهدي الحسيني وأشعار عزت عبد الوهاب (مولد ياسيد) عن نص (بلدي يا بلدي) ،وعزت عبد الوهاب (الشحاتين) المعد عن نص أوبرا الثالث بنسات لبريشت ،فضال عن سهرة مع رواة السيرة الشعبية ،وفرقة األقصر للفنون الشعبية وعرض رمضاني بعنوان (فركشة) وغيرها. حسني العزيب
47 46
هذه العروض الكثيرة جدا التي صاغ سينوجرافيتها حسين العزبي في ظل رؤية المخرج عبد الرحمن الشافعي ،وقدمت غالبيتها على مسرح السامر بالعجوزة قبل هدمه أوائل التسعينيات ،والذي لم يكن له عمق وكواليس بل ساحة فضاء أساسية يلتف الجمهور تقريبا حولها ،أشبه بالساحات الشعبية ومساحات األرض الزراعية بعد االنتهاء من حصاد زرعها ،تبلور هذه العروض واحدة من أبرز مراحل إبداع العزبي السينوجرافي ،ووعيه بطبيعة الخامة الشعبية، ووظيفة العنصر السينوجرافي في صياغة صورة مرئية ال تتناقض بين ما يحدث داخلها من أفكار وموضوعات ورؤى ،وال تتناقض مع حدث درامي كتبه مؤلف معروف ويجسده ممثلون محترفون يحدث اآلن ممسرحا الحكاية الشعبية ،ورواة شعبيون يقصون على الجمهور ما حفظوه من السير الشعبية على مر الزمن ،داخل ديكور مركب يحتاج مصمم السينوجرافيا فى حالة فك عناصر منه وإعادة تركيبها فى ثوان ،ويعد الديكور المركب من أكثر صياغات الديكور المسرحية صعوبة وإبهار لعين المتفرج ،ويتحمل مصمم السينوجرافيا بنائه وتركيبه إلى جانمب تصميمه لها. بدأ عرض (عاشق المداحين) كأمسية احتفائية بالشاعر الشعبي الشهير زكريا الحجاوي ،ونسب عنوان المسرحية إليه ،باعتباره أكثر من عشق فرق المداحين الشعبية وقدمها للحياة الفنية ،وذلك في شتاء ،1978فكتب يسري الجندي موقفين دراميين من حكايتين من حكايات التراث العربي التي صاغ الكثير منها زكريا الحجاوي من قبل ،وهما حكاية (سعد اليتيم) وحكاية (أيوب) بجذورهما في الثقافة المصرية القديمة (الفرعونية) ،وبدأ العزبي في صياغة ديكور مبسط
لألمسية ،إلي أن فوجئ المخرج عبد الرحمن الشافعي برئاسة الجمهورية تعلنه أن رئيس الجمهورية أنور السادات سيحضر األمسية ،فتكهرب الجو ،وزادت الميزانية ،وتحولت األمسية إلى عرض كبير شارك في تمثيله نجمي الثقافة الجماهيرية محمد أبو العينين وفاروق عيطة مع النجمتين فتحية طنطاوي وعزيزة راشد ،ونجوم الغناء الشعبي فاطمة سرحان وخضرة محمد خضر وشمندي القناوي ،وألول وآخر مرة تنقل مسرحية من إنتاج الثقافة الجماهيرية (الهيئة العامة لقصور الثقافة فيما بعد) على شاشة القناة األولى التليفزيونية في وقت عرضها على المسرح ،كما سافرت إلى تونس لتمثيل مصر في مهرجان قرطاج ،وتعددت عروضها هناك بين مسرح قرطاج الروماني الضخم ومسرح مركز الحمامات الشبيه ب (حدوة الحصان) ،مما حدا بالعزبي لتعديل الكثير من عناصر الديكور مع المخرج الذي غير بدوره ميزانسين الممثلين. أوقفته هذه التجربة للتأمل في عالقة العرض المسرحي بالمكان والبيئة عامة ،وبالفضاءات المفتوحة عامة ،فكيف له أن يستغل مسرح مفتوح ال تباين في مستوياته األفقية والرأسية ،على النقيض من قلعة ضخمة تتعدد مستويات االرتفاعات والمنخفضات والزوائد فيها فأكتسب خبرة في التعامل مع كل فضاء ،وجراءة حذف وإضافة قطع ديكورية ،وإعادة صياغة اإلضاءة ،التي يفضل القيام بها دوما ،إلبراز أو إخفاء زوائد معينة ،واستخدام الممثل ذاته، حجمه وحركته في صياغة الصورة السينوجرافية. حسني العزيب
49 48
كما راح يفتش في الموروثات الشعبية ،التي مازالت حتى وقتذاك تستخدم في أحيائنا الشعبية وقرانا الريفية ،ليستخدمها بصورة مكبرة تستطيع عين المشاهد في نهاية صالة العرض أن تراها ،مثل الكف المشرعة أصابعها الخمسة في وجه من يراها فتذهب الحسد عما يحيط بها ،وتسمى (خمسة وخميسة) ،ومثل المسبحة التي ترافق حضور شخصيات المشايخ وأهل الحى الطيبون وفقا العرف الشعبي الشائع ،وأيضا مثل طائر الحمام الذي يمثل حضوره حضور المحبة والهدوء بين البشر ،إلى جانب حدوة الحصان وشق القمر ورمز األسد المتكرر في الرسومات الشعبية /العربية بكثرة ،إلى جانب استخدام الحصير الشعبي بتدخالت بسيطة من الفنان ،تجعله داال على األماكن الريفية والصحراوية التي تجري فيها أحداث الحكايتين الشعبيتين ،واللتين يتم روايتهما من خالل الراوي (الشاعر) الشعبي بربابته الشهيرة ،وتجسيد بعض المواقف المكتوبة دراميا بمجموعة الممثلين ،وتأطيرهما بإطار شعبي غير مزيف ،تتجانس فيه ألوان مالبس الممثلين المصنوعة مع مالبس الرواة والمداحين الطبيعية ،داخل فضاء من العناصر الديكورية المتعددة ،وتحت إضاءة محددة األلوان تمنح العرض حضورا شبيه بالواقع خارج دار العرض المسرحي. أخذته التجربة الثانية مع عبد الرحمن الشافعي لعالم نجيب سرور، وذلك مع مسرحية (منين أجيب ناس) عام ،1979والتي تستلهم من الحكايات الشعبية قصة الحب المذبوح على أسنة التقاليد واألعراف ،حكاية حب حسن
ونعيمة ،التي تعدد استلهامها مسرحيا وسينمائيا وإذاعيا وتليفزيونيا كثيرا، وأن راح نجيب سرور يغرسها في تربة الوطن ،ويمزجها بهمومه السياسية، ويجعل من نعيمة بطلة البحث عن الخالص في المجتمع ،وجعلها تحمل رأس حسن المقطوع بأيدي العمد والباشاوات ،تجوب به القرى والنجوع هابطة مع اتجاه النهر من صعيد مصر إلى اإلسكندرية ،سعيا وراء الجسد الممزق، وكأنها إيزيس تسعى خلف جسد حبيبها أوزوريس ،كي تعيد للجسد رأسه وعقله وحضوره في الحياة ،وذلك داخل مجموعة من المناظر المسرحية المتنوعة والدالة على كل محافظة تمر بها نعيمة فى رحلتها نحو البحر المتوسط. صاغ حسين العزبي هذه الرحلة القادمة من الجنوب حتى الشمال، صانعا تدرجا بطول عمق المسرح ،حتى تطل منه نعيمة على النهر الجاري والمراكب السابحة على سطحه ،تحاور الصيادين ،وتكلم الفقراء ،وتدين من وقفوا مع السادة خوفا من جبروتهم ،ويلتف حولها الفقراء والبسطاء الذين ناصروا محبوبها حسن ونضاله ضد الفساد ،وأن عجزت قدرتهم على المواجهة عن انقاذه من أيدي العمدة ورجاالت السلطة. تنوعت صياغات العزبي مع عروض الشافعي مثل (الليلة الكبيرة) 1981إعداد مهدي الحسيني وأحمد الحوتي عن غنائية صالح جاهين الشهيرة، و(أحزان رجل طيب) إعداد أحمد الحوتي عن محمود دياب ،إلى جانب عدة سهرات مع السير الشعبية ،حتى وصل إلى (السيرة الهاللية) 1984ليسري حسني العزيب
51 50
الجندي ،التي كانت خطوته الثانية بعد سهرته المقدمة في جامعة القاهرة بعنوان (تنويعات على أداء السيرة الشعبية) ،وجاءت خطوته الثانية هذه مع السيرة الهاللية التي عرضت في البداية بوكالة الغوري ،والتى قام معها بإغالق النافورة التى تتوسط الوكالة ،ووضع لها تصميما على شكل الهالل جاء متماشيا مع األكسسورات سواء في الديكور أو في مالبس الشخصيات ،و راعي أال يزحم الوكالة بعناصر ديكورية كثيرة بل اكتفي بثراء المعمار الذي تتمتع به الوكالة ولم يقحم خامات حديثة على المكان األثري أو ألوان زاهية سواء في الديكور أو المالبس ،فاستخدم خامة الخيش بلونه الطبيعي كستائر للفتحات في الدور السفلي وشكلها بحيث تبدو كالخيام ولتعبر عن عامة الشعب و ما يعانيه من فقر ،أما شرفات الدور األول وهو مكان الحاكم «الزناتي خليفة» فهو األقوي واألكثر ثراء ومعه الطبقة العليا ،فتركها كما هي بجماليات معمارها واكتفي فقط بإضافة بعض اإلكسسوارات كالحراب وبعض السهام .أما المالبس فكان حريصا إلى أقصى الحدود إلبراز مالمح كل شخصية سواء في اللون أو خطوط الزي فتكون مالئمة لطبيعة وأبعاد شخصيته و أيضا ال بد أن تكون مريحة وسهلة و مرنة في الحركة ,فمثال شخصية «دياب» قام بتجسيد دوره الممثل القدير إبراهيم عبد الرازق ،وكان يتميز بضخامة جسمه ،فحرص البعد الدرامي للشخصية فوضع له العزبي على أن يبدو مهيبا وقويا إلبراز ُ حشوات في األكتاف فبدا أكثر ضخامة ،أما عن ألوان مالبسه فكانت تتراوح ما بين األسود واألحمرللداللة على قوته ودمويته.
ثم انتقل نفس العرض إلى مسرح السامر المفتوح ،وحصل عليها على جائزة الدولة التشجيعية ،وانتقلت لتقدم في بالتوه مصنوع داخل التليفزيون وإخراج تليفزيوني ألحمد بدر الدين ،ثم أعيد إخراجها باسم (ليلة بنى هالل) لتقدم على المسرح القومي في افتتاح ملتقى المسرح العربي في ديسمبر ،1994حيث تم المزج بين رواة السيرة ،الذين تتلمذوا على يدي الشافعي وبدأوا يتحركون على المسرح تاركين مقاعدهم في الخلفية ،وممثلي العرض مجسدي الدراما المكتوبة بوجهة نظر كاتبها ،فتخلق حوارا فنيا رائعا بين ما توارثناه من السيرة الهاللية وما أعيد صياغته منه بوجهة نظر معاصرة ،وكان على العزبي أن يرتب فضاء المسرح لكي يسمح لهذا الحوار بالتحقق مرئيا وسمعيا ،سواء في مسرح السامر المفتوح أو فضاء المسرح القومي المغلق، وأن يستفيد من الفضاء الذي يقدم داخله العرض ،ففي قاعة وكالة الغوري التي تقبع في مستطيل فناء الوكالة المكشوف من أعلى ،بينما تحيطه جدران أربع تحمل أدوارا خمسة ذات شرفات على الطريقة المملوكية ،والذي أنشأه السلطان قنصوه الغوري أوائل القرن السادس عشر الميالدى ،وهو ما ترك بصماته واضحة على المنظر المسرحي القائم بالفعل ،والموتيفات المضافة من نفس نسيج المنظر القائم ،مع بعض البانوهات الخلفية التي تمثل فرسان السيرة ،ولم يعد األمر محتاجا لخلفيات مصنوعة ،لوجود هذه الخلفيات بالفعل في الوكالة، بينما كان البد من وضع خلفيات للفرسان في عمق فضاء مسرح السامر ذي المنصة المجردة من كل شيء ،كما بث على المسرح مجموعة من المستويات لم تكن القاعة المحتوية على الجمهور المشاهد في حاجة لها. حسني العزيب
53 52
تعددت تجاربه مع الفنان عبد الرحمن الشافعي ،وتميزت في نهاية التسعينيات صياغته لعرض (مولد يا سيد) الذي أعده مهدي الحسيني عن نص الكاتب رشاد رشدي (بلدي يا بلدي) ،1968وتدور أحداثها بين زمنين : األول زمن السيد أحمد البدوي في منتصف القرن الثالث عشر تقريبا ،عندما كان بطلنا ثائرا شعبيا يقود الجماهير في مواجهة الحرب الصليبية ،وزمن نفس الشخصية بعد مئة عام من موته ،وقد تحول إلى ولي تحوطه الخرافات ويتبارك به الناس وتدور حوله الحكايات األسطورية ،وحرص العزبي على أن يمنح الثائر كل مساحة فضاء المسرح في بداية حياته ،يحيطه اللون األحمر، ويربطه بالناس الهرم األكبر ،داللة على مصريته وتمسكه بها ،وأحاط ديكوره الممتد يمنة ويسرى بالمداحيين والقوالين الذين رددوا الحكايات التي تصنع حول بطلهم ،ثم أقام له بيتا ليحاصر على سطوحه ،عندما أنتصر وصار حاكما، فأنعزل عن الناس البسطاء ،مكتفيا ببطانته الخاصة ،التي ساعدت في عزلته في خلق الخرافات حول دوره في الحياة. جذبته عروض الشافعي ومسرحة السير العربية إلى عالم الخامة المصرية األصيلة ،كالخيش والحصير ،فراح باحترام شديد لها يبتكر فيها، ويعدل من وضعيتها دون تعد على خصوصيتها الواقعية وصورتها الذهنية في عقل المشاهد المصري والعربي ،كما راح يستخدم منهجه في التلوين باإلضاءة في إعادة بعث الموتيفات الشعبية مسرحيا بصورة جمالية تجعلها تحافظ على خصوصيتها في الوقت التي تنسجم في تناغم جمالي في لوحات العرض المسرحية المتوالية.
وهو ما تناغم بدوره مع ما أسفرت عليه تجربته مع مسرح محمد صبحي ،حيث صار لأللوان وجود فاعل في العرض المسرحي ،وصارت لإلضاءة فاعلية في إظهار اللون وتخفيف حدة وجوده ،ومع تنوع أماكن العرض التقليدية والقاعات المفتوحة.
حسني العزيب
55 54
احـــتـــرام الــتــخــصــص
كشفت قراءتنا ألبرز توجهات العزبي في مسيرته السينوجرافية خالل عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينات خاصة ،أنه تعامل باحترام واحتراف ورقي مع المسرح الخاص (محمد صبحي) وغيره من عروض الفرق الخاصة ،وكذلك مع المسرح العام (عبد الرحمن الشافعي) وبضعة عروض أخرى ،وسار على ذات النهج في صياغاته السينوجرافية مع السيد راضى وسمير العصفوري ،ومع مراد منير ومحمود أبو جليلة ،ومع فرقة سمير غانم وفرقة نجم وفرقة فايز حالوة ،يعرف منهج كل مخرج ،وتوجه كل فرقة ،وهيمنة كل ممثل ،ويقدم سينوجرافية تتماشى مع احتياجات النص والفرقة والممثل ،وال فرق عنده بين المنظر المسرحي البسيط في مسرح ميامي مع فايز حالوة (مسرحية أوبك ،)1987والمناظر المسرحية المتعددة على البالون مع محمود رضا مؤلفا ومخرجا ومصمما لالستعراضات (قلب في الروبابكيا ،)1999فيقدم ما يحتاجه المسرح الخاص من شياكة وأناقة وأجواء فرحة في العروض الكوميدية ،ويقدم ما يحتاجه المسرح الجاد من رموز وداالت تمنح النص دالالت عميقة في العرض. كانت مرحلة ثالثة ومبهجة ،حيث أنتقل فيها العزبي من مسرحيات القطاع العام والقطاع الخاص الجاد ،إلى المسرح التجاري الغارق فى اإلفيهات والساعي للبهجة ،وبصورة خاصة مع مسرح «سمير غانم» وجمهوره المدنى الخاص، إال أنه شعر بمتعة كبيرة فتعرف على نصوص جديدة ومختلفة وعالم جديد مما دفعه لالقتراب من عالم الكوميديا ،وأخذ يبحث عن كل ما يبعث البهجة سواء في الخطوط أو األلوان ،فالكوميديا بوجه عام تفضل الخطوط المرنة واأللوان حسني العزيب
57 56
الصريحة المبهجة ،إضافة إلى ذلك فكوميديا سمير غانم لها مذاق خاص وأسلوب معين (كان يعتمد على مؤلفات أحمد اإلبياري ابن الكاتب أبو السعود اإلبياري)، و طوال فترة تعامله مع سمير غانم لم يتدخل في تصميماته سواء في الديكور أو المالبس أو اإلكسسوار ،كل ما كان يطلبه هو أن يفاجئه بتصميم زي وأكسسوار الشخصية التي سيقوم بأدائها .فاستخدم ألوان حديثة جدا وحرص علي أن تكون مبهجة سواء في عناصر الديكور أو المالبس وأيضا في اإلضاءة ،كما حرص على أن يكون الديكور مكمال للشخصية بحيث إذا تم حذف قطعة منه تأثرت الشخصية بغيابها ،هذا عالوة على أن الشخصية التي يلعبها سمير غانم كان يفضلها دائما تظهر كشخصية كارتونية أو شخصية كاريكاتورية ،وكان يترك له باستمرار حرية التصرف ومساحة واسعة ال حدود لها لإلبداع..لم يحدث على اإلطالق أن شعر أو أحسس بالتأرجح مابين تعامله في مسرح القطاع العام و مسرح القطاع الخاص، بالعكس كان يشعر بالمتعة بمعايشته في أجواء مختلفة و متنوعة،عندما يستطيع أن يحقق لكل قطاع ما يتطلبه من احتياجات ألنه كان يشعر بأنه مخرج ثاني للعرض ،عليه ىأن يتحمل أبرز ما فى العرض وهو صورته المرئية. أثناء ذلك تنوعت تصميماته مع مخرجين آخرين وفى فضاءات متعددة، فقام بتصميم ديكور ومالبس عرض (لولي) ،1995لقطاع الفنون الشعبية واالستعراضية ،على مسرح البالون ،إعداد محمد الفيل وأشعار أحمد فؤاد نجم، وإخراج مراد منير ،عن أوب ار (كارمن) عن رواية الكاتب الفرنسى بروسبير ميريميه، وموسيقى جورج بيزيه ،وبطولة فايزة كمال في الدور المماثل لدور كارمن ،الغجرية
المتمردة التي تعمل في أحد المصانع ،وتزهو بإغواء الرجال ،يتصارع عليها أحمد ماهر في دور الضابط «خوسيه» المغرم بها ،وسامي العدل في دور زعيم الغجر الساعي المتالك المتمردة لولي ،التي يقتلها الضابط عشقا جنونيا لها.
تشكل الديكور فى هذا العرض من كتلة ضخمة ثابتة ،بوسطها بوابة ضخمة ،وتتدرج يمنة ويسرى ،محيطة بمستوى مستطيلي يحتوي على دائرة في منتصفه ،يستخدم هذا الديكور كخلفية لساحة القرية ،حيث يدخل الضابط من خالل البوابة ،وتتناثر على مسطحاته األفقية شخصيات العمل الغجرية في تناسق محسوب ،وتتركب عليه قطعا ديكورية ليمثل بوابة أحد القصور ،هو نوع من الديكور المركب الذي يعشقه العزبي ،ويصلح لمسرحي السامر والبالون .
وفي كافة األحوال هو يحترم التخصص ،فيعطى ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل ،احتراما لذاته ،فال يتدخل أحدا في عمله ،وال يؤثر على إبداعه ،فينطلق متحر ار من قيد غير رؤيته الجمالية للعرض الذي يصنع صورته المرئية ،ويغيرها بمفاجآت تثير دهشة الجمهور ،فالدهشة نبراسه في الحوار مع صناع العمل المسرحي ،ومع جمهوره أيضا .
حسني العزيب
59 58
بــــيــــان بـــأعـــمـــال حسين العزبي
م
اسم المسرحية
تأليف
إخراج
مكان العرض
السنة
1
هاملت
شكسبير
محمد صبحي
قاعة النيل
1971
2
الجواب
ناجي جورج
سامي فهمي
السامر
1973
3
يلعب على الحبلين
مسرحية مصرية مكوتة بالكويت/ محمد صابر
عبد العزيز الفهد
مسرح المعاهد الخاصة فرقة المسرح الحر
4
عاشق المداحين-
يسري الجندي
عبد الرحمن الشافعي
السامر
زكريا الحجاوي
نقابة الصحفيين
البالون -سيد درويش- قرطاج تونس
1975
1979/78
5
منين أجيب ناس
نجيب سرور
عبد الرحمن الشافعي
السامر- األقاليم
1979
6
مصطفى كامل
أحمد الحوتي
عبد الرحمن الشافعي
الجمهورية
1980
7
ليلة نجيب سرور
نجيب سرور
عبد الرحمن الشافعي
السامر
1980
حسني العزيب
61 60
8
الليلة الكبيرة
صالح جاهين إعداد
9
عيل وغلط
مدحت يوسف
فيصل عزب
10
اهلل يا بلدنا
أحمد الحوتي
جمال قاسم
السامر -العريش
11
أحزان رجل طيب
محمود دياب إعداد أحمد الحوتي
عبد الرحمن الشافعي
السامر
1983
12
فرقة الواحات للفنون الشعبية
مالبس
البالون- األقاليم
1983
13
سهرة مع رواة السيرة الشعبية
مؤتمرالسيرة الشعبية العربية
عبد الرحمن الشافعي
السامر -الهرم جامعة القاهرة
1984
14
شرخ في جدار الخوف
محمد أحمد سليمان
سعد جميل
السامر
1984
15
عروسة الزار
سعيد محمد سعيد عزت عبد الوهاب
عادل العليمي
السامر
1984
أحمد الحوتي ومهدي الحسيني
1981
عبد الرحمن الشافعي
سرادق بالحسين مسرح عبد الوهاب الريحاني
1982
1983
16
فرقة األقصر للفنون الشعبية
17
علي الزيبق
يسري الجندي
18
سيرة بني هالل
يسري الجندي
عبد الرحمن الشافعي
19
الغوري يبني الهرم األكبر
سمير عبد الباقي
سمير حسني
الغوري - السامر
20
طريق السماء
أحمد الحوتي
عبد الرحمن الشافعي
السامر
1986
21
أوبك
فايز حالوة
فايز حالوة
ميامي
1987
22
مولد يا سيد
مهدي الحسيني
رشاد رشدي
عبد الرحمن الشافعي
السامر
1987
23
اإلمام البوصيري
أحمد الحوتي
عبد الرحمن الشافعي
مسرح بني سويف
1988
24
الدربكة
إنتصار عبد الفتاح
قاعة منف
1988
25
الشحاتين
عبد الرحمن الشافعي
السامر
حسني العزيب
63 62
عزت عبد الوهاب
عبد الرحمن الشافعي
مسرح األقصر
1984
عبد الرحمن الشافعي
السامر
1984
الغوري -السامر
1985 1986
المركز الثقافي الفرنسي
1988
26
السيرة الهاللية الشعراء التلقائيين
إعداد :عبد الرحمن الشافعي
أحمد بدر الدين
27
وجهة نظر
لينين الرملي
محمد صبحي
التليفزيون
1989
أوبرا الفردوس-91-90-89 - 2000 باريس -لبنان- تونس
28
تخاريف
لينين الرملي
محمد صبحي
نيوأوبرا
1989
29
الفرقة القومية للفنون الشعبية
مالبس
عرض استعراضي
بورسعيد
1989
30
فركشة
عرض تجميعي
عبد الرحمن الشافعي
سرادق بالحسين
1990
31
ليلة المولد
مهدي الحسيني
عبد الرحمن الشافعي
السامر
1990
32
قابيل وهابيل
إعداد: عباس أحمد
عباس أحمد
السامر
1991
33
ليالي السيرة الشعبية
عبد الرحمن الشافعي
مسرح دار األوبرا
1991
34
بالعربي الفصيح
لينين الرملي
محمد صبحي
نيوأوبرا الفردوس
93-92-91
35
مراتي تقريبا
مصطفى سعد
محمد أبو داود
كوزموس
1991
36
عطاء بال حدود
يوسف عفيفي
عبد الرحمن الشافعي
سيد درويش بالهرم
1992
37
الليلة المحمدية
أحمد فوزي
عبد الرحمن الشافعي
السامر
1992
38
رسائل قاضي إشبيلية
ألفريد فرج
أبو بكر خالد
السالم
1993
39
جرير وميراث اللعنة
محمد فتحي غريب
عمرو دوارة
الطليعة
1987
40
الكابوس العار
لينين الرملي
محسن حلمي
الفردوس
1993
41
يا حالوة زمان
السيد حافظ
عبد الرحمن الشافعي
سرادق الحسين
42
على بالطة
مهدي يوسف
محمد صبحي
قصر النيل
1993
43
زيارة السيدة العجوز
دورينمات إعداد:يسري خميس
محمد صبحي
دار األوبرا
1993
44
ماما أمريكا
مهدي يوسف
محمد صبحي
قصر النيل
-95-94 97-96
45
وجع الدماغ
لينين الرملي
محسن حلمي
الفردوس
95-94
46
لولي
محمد الفيل وأحمد فؤاد نجم
مراد منير
البالون
1995
47
أحالم ياسمين
فيكتور هوجو ترجمة :سمير سرحان
عبد الرحمن الشافعي
البالون
1997
حسني العزيب
65 64
48
شبورة
إسعاد يونس
سمير العصفوري
مسرح مدينة نصر
1997
49
جنون البشر
لينين الرملي
محمد أبو داود
الفردوس -إستراند اإلسكندرية- الريحاني
1997
50
الواد ويكا بتاع أمريكا
يسري األبياري
عادل األعصر
الهوسابير
1997
51
أنا والحكومة
أيمن بهجت قمر
حسن عبد السالم
كوتة باإلسكندرية-قصر النيل القاهرة
1997
52
ديسكو يا هو
مدحت أبوبكر
مدحت الشريف
الهوسابير
1998
53
تفاحة يوسف
مدحت أبوبكر
فؤاد عبد الحي
السالم القصر العيني
1998
54
شقاوة
مدحت أبوبكر
عادل عبده
قصر النيل
1999
55
أنا ومراتي ومونيكا
أحمد األبياري
محمود أبو جليلة
العيد اإلسكندرية قصر النيل القاهرة
2000 -1999
56
كيمو والفستان األزرق
فيصل ندا
السيد راضي
المسرح المصري فيصل ندا
2000-1999
57
الواد طبش عامل لبش
يسري اإلبياري
شريف عبد اللطيف
نجم اإلسكندرية نجم القاهرة
1999
58
قلب في الروبابكيا
محمود رضا
محمود رضا
البالون
1999
59
ساحر أوز
من األدب اإلنجليزي إعداد: سمير عبد الباقي
جمال قاسم
البالون
1999
60
مالعيب
يسري الجندي
أشرف زكي
الفردوس
2000
61
رصاصة في توفيق الحكيم القلب
حسن عبد السالم
مسرح ميامي
2000
62
يا أنا يا هوه
وديع أندراوس
حسن عبد السالم
البالون - اإلسكندرية
2000
63
عسل البنات
يوسف معاطي
محمد النجار
الهوسابير
2000
64
زكية زكريا والعصابة المفترية
فداء الشندويلي
رائد لبيب
البالون
2000
65
حلو وكداب
مدحت يوسف
محسن حلمي
الفردوس
2000
66
حلمان وعروس البحر
إعداد :عزت عبد الوهاب
حسن السبكي
البالون
2001
67
الطوفان
عبد الرحمن عرنوس
رشدي إبراهيم
بورسعيد
2001
68
زكية زكريا تتحدى شارون
فداء الشندويلي
رائد لبيب
قصر النيل
2001
69
دورى مي فاصوليا
أحمد األبياري
محمود أبو جليلة
األنفوشي اإلسكندرية
2001
70
لير بروفة أخيرة
د.سامح مهران
د.سامح مهران
العرائس السالم
2002-9-16 2002
حسني العزيب
67 66
71
رابعة زهرة العاشقين
72ديدى مخ صعيدى 73ابن حسب اهلل 74األولى في الغرام 75 ياغولة عينك حمرا
نجيب نجم
منصور مكاوي كرم النجار
حسام الدين صالح
البالون
2002-11-1
عادل عبده
مينوش
2003
البالون
2003
حسن عبد السالم فؤاد عبد الحي مسرح السالم 2..3-4-4 حسن عبد السالم
76خرابة زعتر يسري الجندي رشدي إبراهيم سمير الطائر السيد راضي 77نيو لوك أحمد البدري 78ريا وسكينة سمير الطائر في مارينا
مسرح مدينة اإلنتاج اإلعالمي- 6أكتوبر اإلسماعيلية اإلسكندرية الهانوفيل اإلسكندرية
2..4
2..4 2..4 2..4
79
الناس النص نص
أشعار هاني شحاته
فؤاد عبد الحي
السالم
2005
80
ليلة 14
أسامة أنور عكاشة
محمد عمر
الهناجر
2005
81
نساء السعادة
محمد حسن األلفي
حسن عبد السالم
مسرح السالم
2006
82
بيت الدمية
هنريك إبسن
علي خليفة
القومي
2006
83
يمامة بيضا
جمال بخيت عن توفيق الحكيم
حسام الدين صالح
الليسية باإلسكندرية والسالم بالقاهرة
2007
84
مراتي زعيمة عصابة
ابو السعود اإلبياري
أحمد اإلبيارى
مسرح الريحانى
2008
85
سكرهانم
أبو السعود األبياري أحمد األبياري
أشرف زكي
مسرح الريحاني
2010
86
ثورة العرائس
سمير عبد الباقي
هاني البنا
مسرح القاهرة للعرائس
2011
حسني العزيب
69 68
مـــلـــحـــق الــــصــــور
حسني العزيب
71 70
حسني العزيب
73 72
حسني العزيب
75 74
حسني العزيب
77 76
حسني العزيب
79 78
حسني العزيب
81 80
المحتويات
-تقديم
13
-ألوان التكوين المتعددة
27
الطيران مع البهجة العميقةالغوص فى عمق التراث-احترام التخصص
-ملحق الصور
حسني العزيب
83 82
45
55
بيان بأعمال حسين العزبي69
37
59