AlmashHaD S1E01

Page 1

‫�سنواجه الإرهاب بامل�سرح‬ ‫ال خوف‪ ..‬ال �أب‪ ..‬ال رقيب‬

‫حممد ال�شربيني يكتب‪ :‬ابن الذين‬

‫ن�شرة غري دورية للمهرجان اخلتامى لفرق م�سرح الأقاليم ‪ -‬الدورة التا�سعة والثالثون ‪ -‬فرباير‪ -2014‬العدد الأول‬

‫ا‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫‪39‬‬


‫رئي�س جمل�س الإدارة‬

‫�س��عــد عب��د الرحمن‬

‫رئي�س الإدارة املركزية‬ ‫لل�شئون الفنية‬

‫نان�سى �سمري‬

‫مدير عام‬ ‫الإدارة العامة للم�سرح‬

‫دعاء من�صور‬

‫رئي�س التحرير‬

‫حممد الروبي‬

‫مديرا التحرير‬

‫�أحمد زيدان‬ ‫خالد ر�سالن‬

‫الإخراج الفنى‬

‫عر�ض اليوم‬ ‫فرقة بيت ثقافة �أبو حم�ص امل�سرحية‬ ‫تقدم‬ ‫م�س جوليا‬ ‫ت�أليف �أوج�ست �سرتندبرج‬ ‫ترجمة عبد احلليم الب�شالوي‬ ‫ديكور هاين اللقاين‬ ‫�إعداد مو�سيقى �إ�سالم طلبة ‪� -‬أحمد م�سعد‬ ‫ت�صميم وتنفيذ �إ�ضاءة نورا حممد‬ ‫�إخراج‬ ‫عماد حمرو�س‬ ‫على م�سرح املجل�س الأعلى لل�شباب يف ال�سابعة والن�صف‬

‫حممد الكومى‬ ‫�أخبار‬

‫حممد جمال الدين‬ ‫حممد عبد القادر‬ ‫التنفيذ‬

‫جلنة التحكيم لفرق البيوت �أبجدي ًا‬ ‫الفنان �أحمد �صيام‬

‫حممد ابراهيم‬

‫د‪.‬عبد ربه ح�سن عبد ربه‬

‫املراجعة اللغوية‬

‫د‪.‬ع�صام �أبو العال‬

‫جواد البابلى‬

‫الفنان عماد �سعيد‬

‫الت�صوير‬

‫د‪.‬هاين مطاوع‬

‫عادل مهران‬ ‫اجلمع‬

‫�أ�سامه عبد العزيز‬

‫�سارة عبد الوهاب مقرر ًا }‬


‫�أول‬

‫م�شهد‬

‫الفن حياة‬

‫كثريون ت�ساءلوا �ساخرين‪ :‬كيف تقيمون (مهرجانا) و�سط �أحزان‬ ‫النا�س على من �سقطوا �شهداء ب�أيادى الإرهاب؟‬ ‫و�آخرون ت�ساءلوا م�شفقني‪� :‬أمل يراودكم خوف من �أن ينتهز الإرهابيون‬ ‫فر�صة ( فرحكم ) ليحولوه �إىل جنازة جديدة ؟‬ ‫وله�ؤالء وه�ؤالء نقول‪� :‬إننا م�ؤمنني ب�أن الفن حياة‪ ..‬الفن مقاومة‬ ‫وب�أن الإرهاب لي�س هدفه ( القتل ) فى حد ذاته‪� ،‬إمنا هدفه الأحقر هو بث‬ ‫الرعب فى القلوب ‪ ،‬وبالتاىل وقف كل �أن�شطة احلياة وعلى ر�أ�سها الفنون‬ ‫التى يهابونها �أكرث مما نهاب نحن القنبلة‪ .‬اخلوف �إذن هو �أق�صى ما يحلم‬ ‫به الإرهاب ف�إذا مل يتحقق ت�آكل هو ح�سرة وغيظا وبقينا نحن نحتفى‬ ‫بالفن وباحلياة‪.‬‬ ‫ال �أخفيكم �سرا �أن التخوف نف�سه راود الكثري ممن بيدهم �أمر هذا‬ ‫املهرجان ‪ ،‬لكنهم انتهوا �إىل �أن مادام " لن ي�صيبنا �إال ما كتب اهلل لنا "‬ ‫ومادمنا ن�ؤمن خمل�صني ب�أن " �إن كانت ب�إيدى �أحدنا ف�سيلة فليزرعها "‬ ‫اتفقنا جميعا على �أن " ال تراجع وال ا�ست�سالم " ‪ ..‬فليحاربون هم بقنابلهم‬ ‫ولنقاومهم نحن بفنوننا‪ .‬لين�شدوا هم املوت واخلراب‪ ،‬ولن�سع نحن فى‬ ‫الأر�ض معمرين‪ .‬لرياهنوا هم على خوف النا�س ولنذكرهم دوما ب�أن‬ ‫النا�س قهرت اخلوف و�أ�سقطت نظامني فى ثالثة �أعوام ‪ .‬وب�أن هتافهم كان‬ ‫و�سيظل "عي�ش ‪ ..‬حرية " فال عي�ش وال حرية �إال بالفن ‪.‬‬ ‫ولتكن ر�سالتنا �إليهم ‪� :‬أقتلوا منا من �شئتم ‪ ..‬وامنحونا من الألقاب ما‬ ‫تريدون (ملحدون ‪� ..‬شيعة ‪ ..‬خوارج ‪ ..‬قوم لوط) ‪ ..‬وارفعوا فى مواجهتنا‬ ‫م�صاحفكم على �أ�سنة الرماح ‪ ...‬وهللوا وكربوا و�أنتم تخو�ضون فى بحور‬ ‫الدماء‪ ....‬احرقوا ال�شجر ‪ ..‬اذبحوا الأطفال ‪ ...‬ا�سحلوا الرجال وا�ستحلوا‬ ‫الن�ساء ‪ ....‬لكن وحني ترتاحون على �أطالل خرائبنا ‪ ...‬تذكروا كم من‬ ‫قرون قبلكم مرت علينا ‪ ،‬ذهبوا وبقينا ‪ .....‬فال تن�سوا حينها �أن تعلموا‬ ‫�أبناءكم فنون االنتحار ‪.‬‬ ‫لذلك كله ال ي�صح �أن ينتهى �أول م�شهد دون �أن نتوجه بال�شكر �إىل كل‬

‫حممد الروبى‬

‫من �أ�صر على املقاومة ‪ .‬ف�شكرا لل�شاعر �سعد‬ ‫عبد الرحمن الذى �آمن ودعم فكرة املقاومة‬ ‫بامل�سرح والفنون عامة ‪ ،‬و�شكرا للمقاتلة دعاء‬ ‫من�صور التى واجهت وتواجه حربا ت�ستهدف‬ ‫�إعاقة املهرجان ‪ ،‬و�شكرا للأديب الواعى حممد‬ ‫�أبو املجد الذى تطوع كعهدنا به دائما لتذليل‬ ‫كل عقبة واجهتنا خلروج " امل�شهد " كما نرجو‬ ‫ويرجو هو ‪ .‬و�شكرا للفنان عماد �سعيد رئي�س‬ ‫قطاع الفنون ال�شعبية الذى رحب ودعم فكرة‬ ‫�إقامة املهرجان على م�سرح البالون ‪ ،‬م�ؤمنا‬ ‫بفكرة �أن احلرب تطالنا جميعا وب�أن الفن ( هنا‬ ‫وهناك ) �سالحنا الوحيد ملواجهة �ضباع الع�صر‬ ‫‪ .‬و�شكرا لوزارة ال�شباب والريا�ضة التى �أتاحت‬ ‫لنا م�سرحها ال�ستكمال الفرح ‪ ..‬و�أخريا ال�شكر‬ ‫كل ال�شكر ملقاتلى �إدارة امل�سرح الذين �آمنوا‬ ‫بفنهم وعاهدوا النا�س على �أن ي�ستكملوا م�شروع‬ ‫بناء امل�سرح امل�صرى ف�أق�سموا �أن يوا�صلوا الليل‬ ‫بالنهار ليخرج مهرجانهم عنوانا لبداية جديدة‬ ‫تليق ببداية �أكرب تخطوها م�صر نحو م�ستقبل‬ ‫م�ؤ�س�س على املعنى احلقيقى للمدنية ‪.‬‬ ‫‪ ......‬وفى النهاية ن�ستميحكم عذرا �إن‬ ‫خرج " امل�شهد " �أقل من طموحنا وطموحكم‬ ‫‪ ...‬ونرجوكم ( كل فنان وناقد وم�شاهد ) �أن‬ ‫تكونوا لنا عيناً نرى بها �أخطاءنا‪ ،‬لنحقق معا‬ ‫ما نرجوه‬

‫‪3‬‬


‫حتقيق‬

‫الفنانون ي�ؤكدون‪:‬‬

‫�سنواجه الإرهاب بامل�سرح‬ ‫حممد عبد القادر‬

‫نا�صر عبد املنعم‪:‬‬ ‫على امل�سرح دعم مفاهيم‬ ‫الدولة احلديثة‬

‫وفاء احلكيم‪:‬‬ ‫القوافل امل�سرحية لعبت‬ ‫دور ًا مهم ًا وقت �إرهاب‬ ‫الت�سعينيات‪.‬‬

‫�أحمد �صيام‪:‬‬ ‫لنتعلم من �أغاين عبد احلليم‬ ‫حافظ!‬

‫امل�سرح والإرهاب ال يلتقيان‪ ،‬ورمبا تنبه �أقطاب اجلماعات الإرهابية لذلك فوجهوا �أتباعهم ملهاجمة امل�سرح اجلامعي يف ال�سبعينيات‬ ‫والثمانينيات‪ ،‬واالعتداء على م�سرحيني بال�سنج واملطاوي واجلنازير وهو الأمر الذي ا�ستفز جموع امل�سرحيني فانطلق البع�ض منهم‬ ‫�إىل �أقاليم م�صر املختلفة بل و�إىل بع�ض الدول العربية التي كانت �أي�ضاً من هذه املوجه الرببرية كاجلزائر‪ ،‬متقدمني بذلك املثل يف الدور‬ ‫احلقيقي للفنان يف هذه الظروف ت�شر�أب الأعناق جمدداً نحو امل�سرح حتى يعود �إىل دوره احلقيقي يف مقاومة التطرف وكراهية احلياة‪.‬‬ ‫د‪ .‬نهاد �صليحه قالت‪� :‬إن توقيت املهرجان جاء يف وقت نحتاج فيه بالفعل �إىل �إقامة �أكرب عدد من املهرجانات امل�سرحية كي نثبت �أن امل�سرح امل�صري ال ميوت‬ ‫حتى يف ظل احلروب والأزمات فدوره ين�صب دائماً على التغذية الثقافية والفنية وهو الدور الذي يجب �أن تلعبه دائماً الثقافة اجلماهريية‪.‬‬ ‫املخرج نا�صر عبد املنعم يرى �أن دور امل�سرح يف الفرتة االنتقالية التي نعي�شها حالياً البد �أن يتوجه نحو دعم مفاهيم وركائز الدولة احلديثة‪ ،‬والبد �أن ي�ضع‬ ‫فنانو امل�سرح ومنهم فنانو الأقاليم هذا امل�شروع القومي ن�صب �أعينهم ويعملوا على هذا الأ�سا�س‪.‬‬ ‫وي�ؤكد �أن على الفنان �أن يتوجه �إىل النا�س يف �أماكن وجودهم وال يجل�س يف انتظار خروجهم �إليه مما ي�ستلزم �ضرورة االهتمام مب�سارح الأماكن املفتوحة‬ ‫وال�شارع واجلرن‪ ..‬خ�صو�صاً و�أن امل�ستهدفني من هذا امل�شروع القومي غري قادرين على الذهاب �إىل امل�سرح‪.‬‬ ‫وي�ضع نا�صر عبد املنعم ت�صوراً للأفكار التي ينبغي �أن يعمل عليها امل�سرح يف الفرتة القادمة من �سيادة القانون العام ‪ ،‬والإعالء من قيمة املواطنة والت�سامح‬ ‫وقبول الآخر املختلف ونبذ العنف‪ .‬ويختم حديثه مبقولة هامة للمخرج الراحل �سعد �أرد�ش ‪ :‬امل�سرح ي�صلح كربملان �شعبي‪.‬‬ ‫املخرج ع�صام ال�سيد ي�شدد على �ضرورة �أن يبعد امل�سرح عن املبا�شرة يف مواجهته مع الإرهاب‪ ،‬فال يرفع الفتات مثل ال للإرهاب‪ .‬ولكن يركز على قيم مثل‬ ‫احلفاظ على احلياة وحرمة الدم‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫وي�شري �إىل ما فعله وزير الأوقاف احلايل من طرح مو�ضوعات على‬ ‫الدعاة و�أئمة امل�ساجد ليتناولونها مع النا�س يف خطب اجلمعة مقرتحاً �أن‬ ‫يبادر امل�سرح بو�ضع خطة باملو�ضوعات التي يناق�شها امل�سرحيون يف مواقعهم‬ ‫الثقافية بعيداً عن املبا�شرة يف الطرح‪.‬‬ ‫ويرى �أن �أف�ضل ال�سبل ملقاومة الإرهاب هو زيادة الوعي‪ ،‬لذا فعلى‬ ‫�إدارة امل�سرح االرتقاء ب�أدوات وامل�ؤلفني واملخرجني و�إقامة الور�ش التدريبية‬ ‫لتدريب امل�سرحيني على كيفية تناول موا�ضيعهم وكيفية اختيار �أفكارهم‬ ‫والعمل عليها ون�شر الوعي والثقافة‪.‬‬ ‫و �شدد يف نهاية حديثه على وهو �ضرورة تعظيم العائد من العرو�ض‬ ‫امل�سرحية ب�أن ال يقت�صر عر�ضها على املهرجانات فقط ولكن البد من �إقامة‬ ‫مو�سم م�سرحي بالأقاليم تعر�ض خالله الأعمال املنتجة‪ ،‬وحتريك العرو�ض‬ ‫يف حمافظاتها بني الق�صور والبيوت وخروجها �أي�ضاً �إىل حمافظات �أخرى ‪.‬‬ ‫الفنانة وفاء احلكيم ت�ؤكد على �أن امل�سرح هو �أهم الروافد الثقافية �ضد‬ ‫الإرهاب والتطرف‪ ،‬حيث �إنه ي�ضع الفكر على طريق ال�صواب عن طريق‬ ‫االهتمام بالبحث عن الفكر الفني وكيفية �إظهار �أف�ضل ما لديك الأمر الذي‬ ‫من �ش�أنه تفريغ طاقات كبرية قد يتم توجيهها لتدين احلياة‪.‬‬ ‫وت�سرتجع وفاء احلكيم جتربتها حيث �سافرت �إىل �أ�سيوط مع زمالئها‬ ‫من امل�سرحيني وقت ا�شتداد هجوم املتطرفني على العرو�ض امل�سرحية هناك‪،‬‬ ‫تتذكرها بائ�سة قائلة‪ :‬وقتها كانت وزارة الثقافة تقوم بدورها املرجو منها‪،‬‬ ‫ووقتها جتمع اجلمهور حولنا وبد�أنا يف �سحب الطاقات ال�سلبية وجتميع‬ ‫النا�س على كلمة حلوة وجملة مفيدة وجماليات م�سرحية يف عر�ضي «الأمرية‬ ‫ذات الهمة» و «�أخبار �أهرام جمهورية»‪.‬‬ ‫وت�شري وفاء احلكيم �أن دور وزارة الثقافة وحدها مل يقف عند حدود‬ ‫�أقاليم م�صر بل تخطاها �إىل الهم العربي اجلامع‪ ،‬فنحن حني تعر�ضت‬ ‫دولة اجلزائر ال�شقيقة ملحنة الإرهاب �سريت وزارة الثقافة امل�صرية القوافل‬ ‫الثقافية ‪ ،‬كما تذكر دور وزارة الثقافة �أي�ضاً يف دعم العراق وقت احل�صار‪ .‬و‬ ‫هكذا كان امل�سرح كا�شفاً للهم العام �سباقاً يف الذهاب �إىل اجلمهور‪.‬‬ ‫د‪� .‬سيد خطاب يلفت النظر �إىل دور امل�سرح يف مواجهة وحتليل الظواهر‬ ‫املجتمعية ودار�ستها وك�شفها و�إعادة �إنتاجها مرة ثانية يف املجتمع‪ .‬وي�ؤكد‬ ‫�أن جمرد وجود امل�سرح يف �أي بقعة كفيل ب�إذابة اجلمود والتحجر والإرهاب‪،‬‬ ‫والت�أكيد على مفهوم الدولة املدنية وقبول الآخر املختلف عن ال�سائد‬ ‫املجتمعي‪ .‬فامل�سرح قائم على قيم التعدد والتنوع والدميقراطية‪.‬‬ ‫وي�شدد على �ضرورة ا�ستباق الأحداث الإرهابية بالذهاب يف قوافل‬ ‫م�سرحية �إىل الأماكن املحرومة ثقافياً وفنياً‪ ،‬و�ضرورة �أن يبد�أ كتاب امل�سرح‬ ‫يف البحث يف م�صادر احلقد والكراهية والعمل على تفتيتها وهو ما يتطلب‬ ‫اال�ستعانة بالباحثني �أي�ضاً ملواجهة مثل هذه الإ�شكاليات‪.‬‬ ‫وي�ستطرد �سيد خطاب‪ :‬ومن �أجل ذلك البد من �إعادة الدور للم�ؤلف‬ ‫امل�سرحي ف�إ�سرتاتيجية مواجهة الإرهاب بحاجة �إىل زرع م�ؤلفني م�سرحيني‬ ‫وعقد دورات تدريبية يف كل قرى م�صر لذلك‪ ،‬ويعول على �شعراء العامية‬ ‫كنبت خ�صب لتخريج جيل جديد من الكتاب امل�سرحيني‪ ،‬المتالك �شعراء‬

‫د‪ .‬نهاد �صليحة‪:‬‬ ‫امل�سرح امل�صري‬ ‫ال ميوت‪.‬‬

‫ع�صام ال�سيد‪:‬‬ ‫علينا �أن ن�ستفيد من‬ ‫جتربة‬ ‫وزارة الأوقاف!‬

‫العامية اللغة ال�سهلة التي ت�صل للجمهور‪ ،‬وامتالكهم للح�س‬ ‫وال�صورة الفنية‪ ،‬بالتايل ي�سهل تدريبهم وت�أهيلهم ككتاب لديهم وجهة‬ ‫نظر ور�ؤية للعامل‪.‬‬ ‫ويطرح �أحمد �صيام العودة �إىل جتربة ما بعد ثورة ‪ 52‬حيث مت �إر�سال‬ ‫البعثات اخلارجية والتي عاد منها خمرجني �أمثال كرم مطاوع و�سعد‬ ‫�أرد�ش و�أحمد عبد احلليم لتقدمي امل�سرح التعليمي الذي نفتقر �إليه الآن‬ ‫يف م�صر‪ .‬ذلك �أن هذا امل�سرح جنم يف الو�صول �إىل اجلمهور وتعليمهم‬ ‫قيم مثل اال�شرتاكية و�أهمية قوانني مثل الإ�صالح الزراعي وامل�شروعات‬ ‫العمالقة‪.‬‬ ‫وي�ستطرد �أحمد �صيام‪ :‬وقت حكم الإخوان قمنا كمجموعة م�سرحية‬ ‫�ضمت �أ�شرف طلبة ونا�صر عبد املنعم و�سو�سن بدر و�أحمد �صيام لتقدمي‬ ‫م�سرح متجول على �صندوق عربة نقل تنتقل بني ميادين اجليزة والدقي‬ ‫والتحرير‪.‬‬ ‫وي�ؤكد �أن املو�ضوعات املطروحة منذ ثالث �سنوات ال تتعدى كونها‬ ‫«ركوب موجة» و�أن امل�سرح بحاجة ملو�ضوعات �أكرث عمقاً و�أكرث ب�ساطة‪،‬‬ ‫وين�صح �أحمد �صيام القائمني على امل�سرح وامل�سرحيني التعلم من عبد‬ ‫احلليم حافظ الذي قام بتلقني ال�شعب مبادئ اال�شرتاكية و�أهمية‬ ‫ال�صناعات الثقيلة من خالل �أغانيه‬

‫‪5‬‬


‫ر�ؤية‬ ‫ال خوف ‪ ..‬ال �أب‪ ..‬ال رقيب‬

‫فنون الثورة ‪..‬ثورة‬ ‫�إبراهيم احلــ�سينى‬ ‫�إذا ما تعرفنا على ما �أحدثته ثورتى ‪ 25‬يناير ‪ 30 ،‬يونيو من تغيري يف‬ ‫تركيبة ال�شخ�صية امل�صرية ‪ ،‬يـُمكننا �أن نتعرف عن قـُرب على ما يحدث الآن‬ ‫من تغيـّر يف راهن حركة امل�سرح امل�صري ‪ ،‬فماذا فعلت الثورة يف ال�شخ�صية‬ ‫اجلمعية للمجتمع امل�صري ‪..‬؟ لقد غيـّـرت الثورة كثرياً من القناعات‬ ‫والأفكار والر�ؤى لدى ال�شخ�صية امل�صرية ‪ ،‬قد يكون هذا التغيري �شكليا‬ ‫لدى الكثريين حتى الآن ‪ ،‬لكنه فى طريقة امل�ستقبلى ليمثل �أحد املكونات‬ ‫احلقيقية لهذة ال�شخ�صية ‪،‬لكننا �إذا ما ت�أملنا الآن بع�ض هذه التغيريات ـ‬ ‫ولو حتى ب�شكل ظاهري ـ �سنجد من بينها مثال �أن الثورة ‪:‬‬ ‫ك�سرت حاجز اخلوف‪ ،‬وخرجت ب�أفكار ال�شخ�صية و�آرائها من �سجنها �إىل‬ ‫العلن ‪� ،‬أ�صبحت هناك قـ ّوة مـُعلنة يف طلب احلقوق وتقدمي الواجبات ‪...‬‬ ‫نفت فكرة الأبوية التي كانت جتعل من رئي�س م�صر �أباً لكل امل�صريني‪،‬‬ ‫وبالتايل يـُ�صبح كل رئي�س لأية م�ؤ�س�سة هو �أب لكل من يعمل فيها‪ ،‬تبعاً‬ ‫لذلك ‪ ،‬انتفى ذلك و�أعيد تعريف معنى ال�سـُلطة‪ ،‬ومعنى التجاور وامل�ساواة‬ ‫يف املواطنة والعمل ‪...‬‬ ‫اختفى الرقيب الداخلي‪ ،‬وعلت الأ�صوات املـُطالبة بالتحرر وبكرامة‬ ‫املواطن و�ضرورة �إطالق �سيادة القانون‪ ،‬والعدالة االجتماعية‪ ،‬ومـُحاربة‬ ‫الف�ساد بكل �أ�شكاله ‪...‬‬ ‫انتهى جزء كبري من الدور التغييبي الذي كانت متار�سه بع�ض‬ ‫امل�ؤ�س�سات الثقافية واالجتماعية والدينية مبجرد حدوث الثورة‪ ،‬انتهى‬ ‫على الأقل �أثره الواقع على املجتمع مبثقفيه ونا�سه والعاديني‪ ،‬برغم �أنه‬ ‫مازالت هناك بع�ض امل�ؤ�س�سات متار�سه حتى الآن‪� ،‬أو على الأقل حتاول �أن‬ ‫متار�سه ‪...‬‬ ‫تعالت املـُطالبة ب�أخالقيات ميدان التحرير‪ ،‬حيث التعاون واملحبة‬ ‫التي �سادت �سلوك اجلميع‪ ،‬م�سيحي وم�سلم‪� ،‬شاب وفتاة ‪ ،‬رجل وامر�أة ‪،‬‬ ‫مثقف ورجل �شارع عادي‪ ،‬اختفى التحر�ش اجلن�سي وحوادث ال�سرقة‬ ‫‪ ،‬واختفت �أخالقيات الزحام وما ينتج عنها من ت�صرفات حمقاء‪ ،‬كان‬ ‫امليدان �أ�شبه بتطبيق عملي جلمهورية �أفالطون الفا�ضلة‪ ،‬وقد ا�ستمرت‬ ‫هذه الأخالقيات طوال ‪ 18‬يوماً من ‪ 25‬يناير �إىل ‪ 11‬فرباير ـ يوم تنحي‬ ‫الرئي�س ال�سابق ح�سني مبارك ـ ومازالت موجودة داخل ف�ضاء امليدان يف‬

‫‪6‬‬

‫مظاهرات ومليونيات الثورة التي تلت ذلك ‪ ،‬حتى اعت�صام �شهر يوليو‬ ‫الذي �أعقب جمعة " الثورة �أو ًال "‪ ،‬و�أعتقد �أنها �ست�ستمر بعد ذلك لتنتقل‬ ‫عدواها �إىل خارج ف�ضاء املكان ‪ ،‬فالل�شخ�صية امل�صرية طابع �إن�ساين خا�ص‬ ‫جداً ‪ ،‬يجعلها تلتزم �إذا ما توافر لها نظاماً اجتماعياً يـُحافظ على االلتزام‬ ‫ب�سلوكيات ومهارات و�أخالقيات معينة‪ ،‬ويجعلها متيل �إىل الفو�ضى �إذا ما‬ ‫حكمت املجتمع الذي حتيا فيه �سلوكيات الفو�ضى ‪...‬‬ ‫هذه املهارات ال�سلوكية اجلديدة التي جاء بها ف�ضاء ميدان التحرير‬ ‫للمجتمع امل�صري �أثناء ثورته غيـّرت جزءاً كبرياً من تركيبة املجتمع‪ ،‬ويف‬ ‫طريقها ـ �أمتنى ذلك ـ لتغيري جزء �آخر‪ ،‬ولذلك انعكا�ساته على طـُرق‬ ‫التفكري الفني داخل املجتمع‪ ،‬وقد بد�أت �إرها�صات هذا التفكري الفنى‬ ‫داخل ميدان التحرير طوال �أيام الثورة الثمانية ع�شر‪ ،‬فقد حـ ّول الثوار‬ ‫طريقتهم يف الثورة من �شكلها التقليدي �إىل طـُرق ثورية فنية مبتكرة‪،‬‬ ‫ن�ستطيع �أن نتعرف عليها يف العديد من املظاهر ـ التى ر�أيناها ـ منها‬ ‫مثال‪:‬‬ ‫ال�شعارات‪ :‬فقد كـُتبت بطريقة فنية خمتلفة ومـُبتكرة ‪ ،‬فقد رفع‬ ‫�أحدهم الفتة كتب عليها " ارحل بقى عايز �أر ّوح �أ�ستحمى "‪ ،‬و�آخر مـُوجهاً‬ ‫حديثه للرئي�س ال�سابق " ل�سه فاكر قلبي يديلك �أمان ‪...‬؟! "‪ ،‬و�سيدة‬ ‫ترفع الفتة كـُتب عليها " عايزه �أولد ‪ ،‬والواد م�ش عايز ينزل ويالقيك‬ ‫ل�سه بتحكم "‪ ،‬والفتة ملجموعة من العمال من جنوب م�صر يقولون فيها‬ ‫" �إرحل قبل ال�صعايدة ما ياجو"‪ ،‬وجمموعة من �شباب املنوفية ـ وهي‬ ‫املحافظة التي ولـ ِد فيها الرئي�س ال�سابق مبارك ـ يرفعون الفتة كتبوا‬ ‫عليها " �أبناء املنوفية يعتذرون ل�شعب م�صر "‪ ،‬وطفل �صغري يحمل الفتة‬ ‫كـُتب عليها " �إرحل بقى �إيدي وجعتني "‪ ،‬وفتاة حتمل الفتة مكتوب عليها‬ ‫" ده لو كان ن�سنا�س كان ح�س بالنا�س "‪ ،‬والأخرى حتمل الفتة كتبت عليها‬ ‫" ارحل بقى عايزة اجتـ ّوز "‪ ... ،‬وهكذا �إىل �آخره‪ ،‬لقد حـ ّول الثوار عرب‬ ‫�شعاراتهم الثورة �إىل فن قويل ‪...‬‬ ‫الت�شكيالت اال�ستعرا�ضية‪ :‬وهي كثرية‪ ،‬وت�شمل �إطالق‬ ‫الطائرات الورقية املـُلونة‪ ،‬وتلك الأخرى املـُز ّودة ب�أنبوب غازي ي�شتعل‬


‫عندما يرتفع �إىل م�سافة مـعينة‪� ،‬أي�ضاً‬ ‫الكتابة باحلجارة وب�ألوان الزيت على‬ ‫الأر�ض كلمات؛ من مثل‪� :‬إرحل‪ ،‬احلرية‪،‬‬ ‫م�صر‪ ... ،‬وكذا ر�سم قلوب تتخللها �ألوان‬ ‫العلم امل�صري الثالثة (الأحمر ـ الأبي�ض‬ ‫ـ الأ�سود)‪ ،‬ومن �ضمن الت�شكيالت �أي�ضاً‪،‬‬ ‫ت�شكيالت باجل�سد الب�شري‪ ،‬ك�أن يجل�س‬ ‫ثالثة بجوار بع�ضهم ليـُكـ ّونوا عرب‬ ‫�أج�سادهم ت�شكي ً‬ ‫ال ما يدل على حالة القرود‬ ‫الثالثة ال�شهرية الرامزة �إىل عدم الر�ؤية ‪،‬‬ ‫عدم ال�سمع ‪ ،‬عدم الكالم ‪� ،‬أو �أن ينام �أحدهم‬ ‫على الأر�ض وهو يخيط فمه بالألوان فوق‬ ‫�ضمادة تـُغلق هذا الفم متاماً ‪ ،‬ت�شكيل �آخر‬ ‫قام به زوجان عندما جاءا بابنهما الر�ضيع‬ ‫يف مهده وعلقا على ذلك املهد جـُم ً‬ ‫ال كثرية مفادها " ارحل ع�شان �أقدر‬ ‫�أكرب و�أروح املدر�سة " ‪...‬‬ ‫الهتافات القولية و�أ�سماء اجلـُمع ‪ :‬كان هـُناك طق�ساً غريباً‬ ‫يحدث كل يوم طوال الأيام الثمانية ع�شر ‪ ،‬كان خلف كل رجل حممول‬ ‫على الأعناق وهو يهتف للثورة ‪ ،‬جمموعة �أخرى ت�سري وراءه لت�ؤلف‬ ‫له حلظياً ال�شعارات التي يـُرددها ‪ ،‬والرجل الذي يهتف ومن يكتب له‬ ‫هذه الهتافات ‪� ،‬سواء كان واحد �أو �أكرث يف امل�سرية الواحدة ‪ ،‬جميعهم ال‬ ‫يعرفون بع�ضهم ‪ ،‬لقد وحدتهم �أخالقيات الثورة ‪...‬‬ ‫اجلرافيتي‪ :‬ويـُق�صد بهذه النوعية من الفن تلك املـُـمار�سة‬ ‫الفنية التي يقوم بها بع�ض الفنانني الت�شكيليني والهواة عندما يقدمون‬ ‫ر�سوماتهم املختلفة على اجلدران وحوائط املباين ‪ ،‬ليعربوا بها عن هموم‬ ‫و�أحداث اللحظة التي يعي�شونها ‪...‬‬ ‫لقد انت�شرت هذه النوعية من الر�سومات يف الفرتة الأخرية ‪ ،‬وامتدت‬ ‫من اجلدران وحوائط املباين لت�شمل �أعمدة الإنارة و�أ�سفلت الطـُرقات ؛‬ ‫حيث قدم مـُـ�صممي فن اجلرافيتي جمموعات كبرية من اللوحات الفنية‬ ‫املـُـعربة عن الثورة ‪ ،‬وجتلياتها املختلفة ‪ ،‬قدموا لوحات حروفية ت�ستخدم‬ ‫حروف الأبجدية العربية والإجنليزية يف ت�شكيالت جمالية مـُـعربة يف‬ ‫رموزها ‪ ،‬وم�ؤثرة يف معانيها ‪ ،‬قدموا �أي�ضاً ر�سومات كاريكاتريية ؛ تـُـعرب‬ ‫ب�سخرية عن �أحداث ثورة ‪ 25‬يناير وما بعدها ‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إىل ر�سومات‬ ‫لوجوه بع�ض �شهداء الثورة ؛ وذلك كما حدث بكرثة مع ال�شهيد �أحمد‬ ‫ب�سيوين؛ والذي ا�ست�شهد يوم جمعة الغ�ضب يف الثامن والع�شرين من‬ ‫يناير ؛ حينما كان يـُـحاول �إلتقاط �صور توثق لأحداث الثورة ‪ ،‬وقد يرجع‬ ‫انت�شار �صورة ب�سيوين حتديداً‪� ،‬إىل �أنه يف الأ�سا�س فنان ت�شكيلي‪ ،‬و�أن من‬ ‫اختاروا ر�سم �صوراً له قد يكونوا من �أ�صدقائه وزمالئه �أو تالميذه يف‬ ‫كلية الرتبية الفنية التي كان يعمل مـُـدر�ساً بها ‪...‬‬

‫امل�سرح ‪ :‬لعل �أهم الفنون التي كانت فاعلة داخل ميدان التحرير هو‬ ‫فن امل�سرح ؛ حيث قدّمت عـدّة م�سرحيات ق�صرية داخل امليدان ‪ ،‬و�أعيدت‬ ‫�أكرث من مـ ّرة يف اليوم الواحد ‪ ،‬مل يكن وقت عر�ض امل�سرحية يزيد على‬ ‫ع�شر دقائق ؛ منها مث ً‬ ‫ال م�سرحية ق�صرية جداً عن رجل هندي يحكي‬ ‫م�أ�ساته مع بالده ‪ ،‬حيث يـُقرر �أن �أحد رجال الأعمال ‪ ،‬ويـُ�سمى " �أحمد عز‬ ‫" قد نهب ثرواتها وو�ضعها يف خزائنه‪ ،‬وعرب رجل �آخر مع ذلك الهندي‬ ‫يتم ترجمة ما يقوله الهندي ب�شكل كوميدي �ساخر‪ ،‬بالطبع يعتمد هذا‬ ‫الفا�صل امل�سرحي على �سخونة اللحظة ال�سيا�سية‪ ،‬لذا فهو يلقى جتاوباً‬ ‫كبرياً من امل�شاهدين ‪...‬‬ ‫قدم بع�ض امل�سرحيني �أي�ضاً فا�ص ً‬ ‫ال م�سرحياً كوميدياً يـُج�سد �شخ�صية‬ ‫امل�سحراتي ال�شهرية ‪ ،‬الذي يدور داخل اجلموع املحت�شدة بامليدان باحثاً عن‬ ‫طفل تائه ‪ ،‬ونعرف من �سياق النداءات املـُتكررة لهذا املمثل ‪ /‬امل�سحراتي‬ ‫�أن هذا الطفل قد يـُمثل قيمة ما ‪ ،‬وطن ما‪� ... ،‬سرقه نظام حكم الرئي�س‬ ‫ال�سابق طوال ‪ 30‬عاماً ‪...‬‬ ‫الثورة �إذاً ح�ضرت بفنونها القولية والأدائية والت�شكيلية ‪ ،‬فلم يكن‬ ‫الفعل الثوري متجهماً و�إمنا كان وبرغم الق�سوة واملوت الذي ووجه بهما‬ ‫من قـ ِبل �أمن وع�ساكر وبلطجية النظام ال�سابق ‪ ...‬فع ً‬ ‫ال ثورياً ال يخلو‬ ‫من املرح والأمل الذي د�شن وجودهما وجود الفعل الفني والفكري ‪...‬‬ ‫نخل�ص من ذلك �إىل �أن الثورة ب�أدبياتها وفنونها و�سلوكياتها‬ ‫وم�سارات تفكريها اجلديدة ـ هذا بخالف ما �أنتجه العامل االفرتا�ضي‬ ‫على الإنرتنت من فنون �أخرى موازية ـ قد �أنهت منوذجاً معرفياً ‪،‬‬ ‫وبد�أت يف التمهيد لظهور منوذجاً معرفياً �آخر م�ستمد من روح اجلماعة‬ ‫الثورية‪ ،‬وكذا من روح فنون ميدان التحرير‪ ،‬وهو مامن �ش�أنه �أن ميكننا‬ ‫من تلم�س تلك الهوية امل�سرحية اجلديدة التى نحن ب�صدد البحث عنها‬ ‫داخل ركام الأفكار القدمية وتلك الأخرى اجلديدة التى مازالت فى‬ ‫�أطوار ت�شكلها الأوىل‬

‫‪7‬‬


‫ر�ؤية‬

‫قبل �أن ن�سقط �إىل الهاوية‬

‫الت�آكل البطيء يف امل�سرح االقليمى‬ ‫حممد م�سعد‬ ‫ظل امل�سرح امل�صري وفياً مل�شروع الدولة امل�صرية احلديثة حتى‬ ‫وهو يعار�ض الأنظمة املتتابعة التي تعاقبت على قيادة ج�سد الدولة‪.‬‬ ‫فلقد ظلت الدولة امل�صرية احلديثة حتتل مكانة خا�صة يف خطاب‬ ‫امل�سرح امل�صري‪..‬حتى يف �أكرث تلك امل�سارح راديكالية‪.‬‬ ‫ولكن تلك ال�سنوات الأخرية كانت فا�صلة يف تاريخ تلك العالقة‬ ‫بحيث نتج عنها حتول حقيقي يف عالقة الدولة بامل�سرح‪ ،‬فخالل تلك‬ ‫الفرتة ت�صاعدت عملية التحول القت�صاديات ال�سوق‬ ‫– بل وتبني النماذج الأكرث تتطرفاً ‪ -‬الأمر الذي‬ ‫دفع بالدولة لتبني �سيا�سة االن�سحاب التدريجي‬ ‫من الدعم املبا�شر للظاهرة للم�سرح عرب �أ�ساليب‬ ‫ملتوية مثل ترك امل�ؤ�س�سات دون تطوير �أو حتديث‬ ‫(كما حدث مع القطاع العام) حتى تت�ساقط وحدها‬ ‫‪ ،‬وكذلك جتميد امليزانيات وربطها ن�سب زيادتها‬ ‫بالت�ضخم (و�أحياناً عرقلتها يف مقابل الت�ضخم)‬ ‫و ت�شديد القب�ضة البريوقراطية على امل�سرح و‬ ‫التغا�ضي عن الت�ضخم غري املتوازن للكتلة الإدارية‬ ‫يف مقابل العنا�صر الفنية التي مل يتم تدريبها �أو‬ ‫حتديثها ‪ ..‬الخ‪ ...‬وب�شكل موازي فتح منافذ بديلة‬ ‫للعنا�صر الفنية حتقق لهم املرونة الكافية لتنفيذ‬ ‫�أعمالهم من ناحية وتتيح للدولة التخل�ص من عبء‬ ‫دعم امل�سرح من ناحية �أخرى‪.‬‬ ‫رمبا ميكننا �أن نلمح يف كافة امل�ؤ�س�سات امل�سرحية‬ ‫التابعة للدولة ذلك احل�ضور الطاغي لتلك املالحظة‬ ‫حتى اليوم لكن م�سرح الثقافة اجلماهريية تعر�ض ومل يزل يتعر�ض‬ ‫للعديد من امل�ؤثرات التي تت�ضافر مع ذلك اخلنق التدريجي للدعم‬ ‫املقدم من الدولة للم�سرح لتزيد من م�شاكله و�أزماته ‪ ..‬فخالل عقد‬ ‫الألفية �صدم م�سرح الثقافة بعدد من ال�صدمات القوية و العنيفة‬

‫حريق بني �سويف‬ ‫ن��ق��ط��ة ف��ا���ص��ل��ة فى‬ ‫تاريخ �إدارة امل�سرح‬

‫لعل �أبرزها حريق بنى �سويف‬ ‫الذي �أ�س�س ل�شق عميق وم�ؤمل‬ ‫بني امل�سرحيني و الدولة‪ ،‬كما‬ ‫�أدي احلريق لوفاة الكوادر الأكرث‬ ‫ت�أهي ً‬ ‫ال لقيادة الظاهرة امل�سرحية يف الأقاليم و الدفاع عنها ‪.‬‬ ‫لقد �شكل حريق بني �سويف نقطة فا�صلة يف تاريخ �أدارة‬ ‫امل�سرح ثم ت�ضافرت الظروف (واخليارات اخلاطئة لكثري‬ ‫ممن تولوا تلك الإدارة) يف تفتيت ما تبقي منها لي�صل‬ ‫الأمر بها يف النهاية لو�ضع �ضبابي وملغز‪.‬‬ ‫كذلك ف�إن �صعود التيارات الدينية املحافظة و �سيطرتها‬ ‫على احلكم (ثم �سقوطها) �شكل ومل يزل �ضغطاً حقيقياً‬ ‫على امل�سرح ب�شكل عام (ويف الأقاليم الأكرث �سخونة ب�شكل‬ ‫خا�ص)‪.‬‬ ‫وهو ما يعني �أنه لن يقدر للم�سرح الإقليمي (حتى لو‬ ‫و�صلنا لو�ضعية ا�ستقرار �سيا�سي م�ؤقتة) �إمكانية الو�صول‬ ‫لو�ضعية �أف�ضل من و�ضعيته احلالية‪.‬‬ ‫فال�صراع العنيف الدائر حالياً على امل�ستوي ال�سيا�سي‬ ‫بني القوى اليمينية ال ي�شي مب�ستقبل خمتلف عن ذلك‬ ‫الذي كانت تعده الدولة للم�سرح منذ بداية عقد الألفية‪..‬‬ ‫بل �سوف يزداد ان�سحاب الدولة تدريجياً و �ستت�سارع وتريته‬ ‫يف ظل الأو�ضاع االقت�صادية املرتدية واالرتفاع التدريجي‬ ‫للأ�صوات املنادية بوقف الدعم ب�أ�شكاله املختلفة (�صحية‪،‬‬ ‫ثقافية ‪..‬الخ ) وهي الأ�صوات التي تعالت يف الت�سعينيات وتزايدت‬ ‫خالل عقد الألفية لت�صل ملداها الأق�صى خالل العامني ال�سابقني ‪.‬‬ ‫رمبا يبدو احلديث هنا مبتعداً عن الق�ضايا الفنية التي ت�ستحق‬ ‫�أن يتم التوقف عندها‪ ..‬لكن واقع احلركة امل�سرحية خالل الأعوام‬

‫‪8‬‬


‫املا�ضية وعمليات التقلي�ص للميزانيات (حتى لو ارتفعت ظاهرياً وهو‬ ‫ما مل يحدث) وما �ساد داخل �أروقة الهيئة العامة لق�صور الثقافة‬ ‫من دعاوى تتبناها قيادته والتي تقوم على اتهام امل�سرحني بالف�ساد‬ ‫املايل‪ ..‬كل ذلك مل ي�ؤد (ولن ي�ؤدي بالت�أكيد) �إيل حترك حقيقي‬ ‫لتبديل الظروف الإنتاجية �أو انتزاعها من و�ضعية الف�ساد املايل و‬ ‫الإداري �أو تخلي�ص امل�سرح من ثقل اجلهاز الإداري املت�ضخم �أو ت�آكل‬ ‫البني الأ�سا�سية (امل�سارح ‪� ..‬أجهزة ال�صوت والإ�ضاءة ‪.)..‬‬ ‫�إن الهيئة تقوم بخنق متزايد للظاهرة امل�سرحية يف الأقاليم وهو‬ ‫ما ي�ؤثر بالت�أكيد على امل�ستوي الفني للعرو�ض و على قدرتها على‬ ‫حتقيق تناف�سية جمالية ‪ ..‬حتى لو �أ�ستطاع بع�ض املخرجني التحايل‬ ‫على الظروف الع�صيبة وتخليق حلول تقنية وجمالية حتول فقر‬ ‫املواقع و �ض�آلة امليزانيات �إيل دافع لالبتكار (كما �شاهدت هذا املو�سم يف‬ ‫ال�صعيد)‪ .‬ففي النهاية يظل امل�سرح الإقليمي ن�شاط خدمي تتكفل به‬ ‫الدولة لتحقيق جمموعة من الأهداف التنموية (�إيل جانب الرتفيه‬ ‫بالت�أكيد) بالأقاليم املختلفة وهو ما يعني بال�ضرورة �أن تخلي الدولة‬ ‫�أو تقل�صيها حل�ضورها �أو تبديلها خلططها (�أو قائمة �أهدافها)‬ ‫ي�ستتبع بال�ضرورة �إما انهيار ذلك امل�سرح �أو حتول نظامه الإنتاجي‬ ‫ليتنا�سب مع التوجهات اجلديدة ‪ ..‬وهو ما مل يحدث وبالتايل يظل‬ ‫الرتاجع و اجلمود و الت�آكل هو ال�سمة الرئي�سية للم�سرح الإقليمي‬ ‫ويزداد تف�سخ الأ�شكال الإنتاجية (ق�صور‪ -‬قوميات ‪ -‬بيوت) التي مت‬

‫‪9‬‬

‫ت�أ�سي�سها على �أنها مراتب �إنتاجية و فنية لكنها و�صلت ‪ -‬نتيجة‬ ‫لتدين امليزانيات ‪� -‬إيل حد ي�صعب معه على املتلقي �أن يجد فروقاً‬ ‫حقيقية بني عرو�ض الق�صور والبيوت على �سبيل املثال ‪ ..‬وهو ما‬ ‫ت�ضافر مع ت�آكل تلك الفرق و ترهلها وانعدام قدرتها على القيام‬ ‫بالأدوار التي ا�س�ست لتقوم ب�أدائها نتيجة عدم حتديثها امل�ستمر‪.‬‬ ‫وبالتايل ت�صبح كافة املحاوالت التي تقوم بها الإدارات املتتابعة‬ ‫والأفكار (الإبتكارية !!!) التي تتبناها الإدارة تدور يف فلك من‬ ‫�أثنني‪-:‬‬ ‫�أولهما ينطلق من حماولة ت�شديد القب�ضة الرقابية عرب قواعد‬ ‫حتا�صر الأعرا�ض اجلانبية للأزمة الإدارية و املالية وتتجاهل‬ ‫امل�سببات �أو تتعامي عنها لعدم قدرتها على مواجهة خيارات الدولة‬ ‫االقت�صادية و�سيا�ستها التي تقل�ص الدعم و جتففه تدريجياً‪..‬‬ ‫وثانيهما قائم على حماولة حتديث للأ�شكال الإنتاجية مبعزل‬ ‫عن القواعد الإنتاجية التي ال ت�ضعها و ال حتاول فر�ض �شروطها (�أو‬ ‫مطالبها) حتى على م�ستوي الهيئة‬

‫ت��راج��ع ك��اف��ة امل�شاريع‬ ‫ال��ق��وم��ي��ة ال��ت��ي تتبناها‬ ‫الدولة من �أهمها امل�سرح‬


‫حوار‬

‫"�أبو حم�ص" تكت�شف �سر‬ ‫"م�س جوليا"‬

‫جمدى احلمزاوى‬ ‫لي�س بالي�سري �أو ال�سهل �أن يقوم املمثل بدور يعترب هو فيه ن�صف العر�ض �أو ن�صف ال�شخ�صيات امل�شاركة بالتمثيل ‪ .‬فهنا ال ميكن �أبدا‬ ‫التغافل عن خط�أ �أو �إمياءة لي�ست مبكانها ال�صحيح ‪ .‬ولو قل ممثل �أو كان �أدا�ؤه بليلة من ليايل العر�ض �أقل من املعتاد �أو مل يكن على‬ ‫امل�ستوى اجليد‪ ،‬فمعنى هذا بكل ب�ساطة �أن خم�سني باملئة من التمثيل مل يكن على امل�ستوى اجليد تلك الليلة ‪ ،‬بعك�س الن�صو�ص التي‬ ‫تعتمد على الكثري من ال�شخ�صيات حيث ميكن لل�شخ�صية �أو القائم بها �أن يجعلك تغ�ض الطرف حينا �أو �أحيانا عن هفوات ممثلني قاموا‬ ‫ب�أداء �أدوار �شخ�صيات �أخرى‪.‬‬ ‫والفريق التمثيلي عر�ض م�س جوليا لفرقة بيت ثقافة ابو حم�ص هو من هذا النوع الذي حتدثنا عنه ‪ .‬وعن كيفية قيامهما‬ ‫بالأدوار وحتملهما هذه امل�سئولية كان لنا هذا اللقاء‪.‬‬ ‫وتقول �سلوى عن جتربتها مع عر�ض م�س جوليا لفرقة بيت ثقافة �أبو‬ ‫حم�ص مع املخرج عماد حمرو�س‪-:‬‬ ‫لقد وافقت على اال�شرتاك بالتمثيل يف عر�ض م�س جويل لعدة �أ�سباب �أهمها‬ ‫�أن هذا الن�ص كان م�شروع تخرجي يف ق�سم امل�سرح لذا مل �أكن غريبة‬ ‫على الدور‪ .‬رغم م�شقة التجربة والإجهاد الذهني والبدين الذي ي�صاحب‬ ‫�أداء مثل هذه ال�شخ�صيات لو كان لها �أن تقدم على امل�سرح ب�شكل جيد‪.‬‬ ‫�أما �أحمد فهمي ال�ضلع الثاين بالعمل التمثيلي للعر�ض فهو �أي�ضا‬ ‫ميلك العديد من اخلربات التي ت�ؤهله للقيام بهذا الدور وحتمل تلك‬ ‫امل�سئولية‪ ،‬فهو ع�ضو م�ؤ�س�س بفرقة كفر الدوار و�أبو حم�ص امل�سرحيتني‬ ‫وقام بامل�شاركة بالتمثيل يف �سبعني عر�ض م�سرحي على وجه التقريب‪.‬‬ ‫كما �أنه �أخرج العديد من العرو�ض امل�سرحية منها "يبقالك دمعتني"‪،‬‬ ‫والأم�سية الدينية يف حب ر�سول اهلل‪.‬كما ح�صل على العديد من اجلوائز‬ ‫يف جمال التمثيل‬ ‫ويقول عن جتربته مع عر�ض الليلة ‪-:‬‬ ‫هذا الدور جاء جديدا بالن�سبة يل لذا قبلته على الفور ‪ .‬كما �أن فكرة‬ ‫العر�ض ذاتها ا�ستهوتني لذا �أنا �أثق �أن هذا العر�ض من املمكن �أن يحقق‬ ‫�شيئا يف املهرجان فقد تعاملنا معه بكل اجلد واحلب‪.‬‬ ‫�أما حممود عبد النافع ع�ضو الفرقة وخمرج منفذ العر�ض فيتمتع‬ ‫مبواهب عدة منها الغناء ‪ .‬و�شارك يف الكثري من الأعمال مع الفرقة‬ ‫و�أي�ضا �سعيد بالتجربة وبجو الألفة التي ت�سيطر على جميع امل�شاركني بها‬ ‫وي�أمل لها التوفيق يف املهرجان‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫�أما هاين اللقاين مهند�س الديكور‬ ‫فهو خريج كلية الفنون اجلميلة جامعة‬ ‫القاهرة‪.‬‬ ‫كانت له �إ�سهاماته امل�سرحية التي ح�صل‬ ‫من خاللها على عدة جوائز م�سرحية‬ ‫ويرى �أن هذه التجربة هي جتربة‬ ‫�شاقة حيث تعار�ضت امليزانية مع ما كان‬ ‫ي�أمل به ولكنه حاول الت�صرف طب ًقا‬ ‫للموجود و�صوال لل�شكل املرجو واملتوائم‬ ‫مع ما كان يريد املخرج‪.‬‬ ‫�أما �إ�سالم ب�سيوين طلبة املعد‬ ‫املو�سيقى للعر�ض فهي التجربة الأوىل‬ ‫له يف هذا املجال ويقول �إنه قد القى‬ ‫الت�شجيع واال�ستح�سان من املخرج‬ ‫وفريق العمل لدرجة جعلته ال يبخل‬ ‫باجلهد على التطوير والإ�ضافة؛ ويقول �إنه لوال عالقته باملخرج ماكان‬ ‫قد قبل بالعمل لأنه يعلم �أنها جتربة �شاقة ولكن النجاح يزيل كل �أ�سباب‬ ‫التعب‪.‬‬


‫املخرج عماد حمرو�س‪:‬‬ ‫عماد حمرو�س خمرج عر�ض م�س جوليا لفرقة �أبو حم�ص امل�سرحية لي�س غريبا عن الفرقة ‪ ،‬فهو‬ ‫واحد من �أبنائها ‪ .‬كما �أن اعتماده كمخرج يف الهيئة العامة لق�صور الثقافة جاء من خاللها �أي�ضا ‪.‬‬ ‫حيث �أخرج للفرقة عر�ض "غرفة بال نوافذ"‪ .‬وقد ح�صد جائزة �أح�سن خمرج يف مهرجان نوادي‬ ‫امل�سرح عام ‪ . 2003‬لذا مل يكن غريبا �أن يحقق مع الفرقة نف�س النجاح ‪ .‬واجلميل انه اعتمد على نف�س‬ ‫�أ�سلوبه ‪� .‬أي اختياره لن�صو�ص م�سرحية ذات عدد حمدود من ال�شخ�صيات امل�سرحية ‪ .‬ولكنها يف نف�س‬ ‫الوقت ن�صو�ص تتعامل مع الواقع االجتماعي الإن�ساين ككل مع مراعاة متا�سها مع الواقع امل�صري ‪.‬‬ ‫و�إذا نظرنا لبع�ض �سطور من �سريته ال�شخ�صية �سنجد �أنه بالإ�ضافة لفوزه باجلائزة الأوىل يف‬ ‫الإخراج التي �أ�شرنا �إليها من قبل �سنجد �أنه قد حاز على املركز الثاين يف الإخراج عن عر�ض القدا�س‬ ‫الأ�سود لق�صر التذوق الفني بالإ�سكندرية ‪.‬‬ ‫ويقول عماد حمرو�س عن �سبب اختياره لن�ص م�س جوليا ‪-:‬‬ ‫اخرتت الن�ص امل�سرحي م�س جوليا بعد ان �سمعت الكثري من احلوارات النقا�شية والنقدية عنه من‬ ‫املهتمني وامل�شاركني بالعمل امل�سرحي ‪ ..‬وفعال بد�أ التجهيز لهذا العر�ض منذ �أكرث من عام‪ ،‬ومل �أبخل على‬ ‫العر�ض من جهود �أو م�صروفات مطلوبة خارج امليزانية املحددة ‪ .‬لتحقيق ال�ضرورة الفنية كما تخيلتها‪.‬‬ ‫�أما عن م�س جوليا فيقول‪� :‬إنها �صراع بني جن�سني ولي�ست جمرد �صرا ًعا بني الرجل واملر�أة ‪ .‬بل‬ ‫هي �صراع بني طبقتني من طبقات املجتمع ‪ ،‬وهذا ال�صراع موجود على الدوام عند اخلادم ( جان) كما‬ ‫هو �أي�ضا موجود يف العقل الباطن عند ابنة الكونت ( جوليا) النوعان من ال�صراع موجودان �أمامنا‬ ‫على الدوام ‪ ،‬وال ن�ستطع القول �أيهما الرئي�سي �أو الفرعي‪.‬‬ ‫الإجابة مرتوكة للمتلقي وما ي�ستخل�صه عند انتهاء العر�ض‬ ‫وال بد �أن �أنوه عن ال�صورة الرائعة التي ر�سمها امل�ؤلف للكونت والد جوليا ‪ ،‬فنحن ال نرى هذا الكونت‬ ‫وال ن�سمعه ‪� ،‬إمنا ن�سمع به وعنه؛ والكل يتحدث عنه ك�أنه �إله من الآلهة ؛ حديثا كله رهبة وخ�شية‪.‬‬ ‫وقد تعاملت مع فكرة امل�ستويات التي تبني وجود كل طرف يف منطقة �أعلى من الآخر يف حلظات‬ ‫معينة ‪ .‬فتارة تكون جوليا هي الأعلى وتارة يكون جان هو الأعلى وذلك طبقا ملقت�ضبات احلالة‪ ،‬وبهذا‬ ‫التعامل رمبا �أكون قد جنحت يف نقل �صورة ال�صراع ‪ ،‬فكالهما يف كل حلظات العر�ض يت�صارعان على‬ ‫�أي منهما ميلك املنطقة الأعلى ونادرا ما يجمعهما م�ستوى واحد‬ ‫�أوللحديث �أي�ضا عن م�سرح الثقافة اجلماهريية او م�سرح ق�صور الثقافة فهو يرى �أن هناك خلال‬ ‫هائال يف �إدارة الفن امل�سرحي �إداريا على كافة امل�ستويات ويكفي انه يقوم بالربوفات للعر�ض حتى ي�شارك‬ ‫يف املهرجان ‪ ،‬يف �إحدي ال�صاالت املجهزة للأفراح ويدفع �إيجارها اليومي ‪ .‬ومل تنتبه الإدارة ل�ضرورة‬ ‫جتهيز مكان للربوفات بداخل املوقع او حتى البحث عن مكان بديل ‪ ،‬كما �أن امليزانية يف الأ�سا�س لو كان‬ ‫قد مت االعتماد عليها فقط ماخرج العر�ض بهذه ال�صورة خا�صة امليزانية املخ�ص�صة لديكور العر�ض‪.‬‬ ‫ويقول �أي�ضا عماد حمرو�س مع نربة �أمل يف �صوته وانتظار ملا هو قادم ‪-:‬‬ ‫عودة الن�شاط امل�سرحي وامل�سرح عامة لدوره احلقيقي و�أخذ مكانه الذي ي�ستحقه ‪ .‬وتفاعله مع‬ ‫اجلمهور امل�صري ‪ ،‬مرهون �أ�سا�سا بنا ‪ .‬نحن الفنانني املتعاملني مع هذا امل�سرح ‪ ،‬فنحن منلك بعث‬ ‫الروح فيه من جديد ‪ .‬كما منلك العك�س‬

‫"مــــ�س جـــوليا"‬ ‫خ����رج����ت م��ن‬ ‫���ص��ال��ة �أف����راح!‬

‫‪11‬‬


‫�إبن‬ ‫حممد ال�شربينى‬

‫الذين‬

‫مل يكن ممكنا �أن نبد�أ "امل�شهد"‪ -‬ن�شرة املهرجان‪ -‬دون ان‬ ‫ن�ستدعيه مل�شاركتنا‪.‬‬ ‫�إنه حممد ال�شربيني‪ ،‬ذلك اال�سم الذي يعني لكل من عمل يف‬ ‫م�سرح الثقافة اجلماهريية الكثري وها نحن نعيد ن�شر �أول مقال له‬ ‫يف �أول ن�شرة ر�أ�س حتريرها يف مهرجان الت�صفيات النهائية لفرق‬ ‫الأقاليم الذي ا�ستمر من ‪� 2‬أغ�سط�س �إىل ‪� 3‬أغ�سط�س ‪ ..1993‬فلنقر�أ‬ ‫ولنعرف كم كان حممد ال�شربيني فناناً و�إن�ساناً وناقداً‪..‬‬

‫ا‬

‫لمشهد‬

‫ال ن�ستطيع ونحن جال�سون يف "�إقليم القاهرة" �أن نتحدث عن هموم‬ ‫امل�سرحيني يف �أنحاء الأقاليم الأخرى‪� ،‬إال �إذا ت�ساوت كفتا املنع والأخذ من‬ ‫كل �إقليم ولأنها �صارت كلمة يتجافاها اجلميع خوفاً من �أن تل�صق بهم‬ ‫تهمة �إقليمية – والعياذ باهلل – �أو ثقافة جماهريية – اكفينا ال�شر يارب‪-‬‬ ‫�أو ق�صور ثقافة ‪ -‬ياللي هواك �شاغل بايل "على ر�أي �أ�سمهان" رغم �أنها‬ ‫واحلمد هلل لي�ست تهمة بجناية �أو جنحة‪ ،‬ف�أن �أهل الثقافة والفن ب�إقليم‬ ‫القاهرة – �ساحمهم اهلل وغفر لهم – قد احلقوا بالكلمة ما هو �أكرب من‬ ‫كل هذا وذلك‪ ،‬ملاذا �إذن يا �أبناء القاهرة – الكربى وال�صغرى وعلى كل‬ ‫لون و�صنف وحجم؟ لأننا طبعاً نعي�ش يف العا�صمة يف م�صر �أم الدنيا‬ ‫كلها ومن عندنا ن�ستطيع �أن ن�صب اللعنات‪ ،‬ون�ستطيع �أن نذل‪ ،‬ونقدر‬ ‫�أي�ضاً على تركيز ال�ضوء على هذا املثقف �أو الأديب �أو الفنان الأقليمي ابن‬ ‫الإقليمي‪ ،‬و�أن نحيطه بهالة – كمان! مل يحلم بها من قبل �أحد وعليه‬ ‫من �أجل ذلك �أن يخ�ضع لنا نحن – �أ�صحاب اخلف�ض والرفع – ويدب‬ ‫– بت�شديد الدال – على الطبل كما ن�أمر ونريد‪ ،‬و�إذا كان الذين هنا مثل‬ ‫الذين هناك – كلهم �أوالد الذين – يريدون �أن يحيطوا علما مبهموم‬ ‫امل�سرحيني يف الأقاليم – ومعدزة على ا�ستخدام الكلمة – البد �أن نحيط‬ ‫علما بهموم امل�سرح يف "�إقليم" القاهرة وهي هموم مت�صلة جتري جريان‬ ‫الدم يف العروق هذا �إذا كان مازال هناك ما يجري �أ�ص ً‬ ‫ال والأن ال تعرف‬ ‫�أحمد من ازد �أحمد – فالتجاري يطل بر�أ�سه على خ�شبات م�سرح الدولة‪..‬‬ ‫بل ويجل�س ويدلدل رجليه �ساخراً من كل الراف�ضني احلاقدين اللي‬

‫‪12‬‬

‫بيقب�ضوا من ال�سفارات – ولنعد من حيث بد�أنا‬ ‫حتى ال يغ�ضب �أهل اخل�صخ�صة – و�ضع مكان‬ ‫(اخلاء) �أي حرف �أبجدي يعجب ح�ضرتك –‬ ‫لأن هموم املركزية �أكرث غيا من هموم �ضواحي‬ ‫املركزية‪ ،‬ملاذا يا هذا؟‪ ،‬لأننا يف املركزية ن�ستطيع‬ ‫�أن ن�صدر القرار وننفذه قبل �أن ي�صل لل�ضواحي‪،‬‬ ‫ون�ستطيع كذلك �أن منلأ حياتنا الثقافية والفنية‬ ‫بالقوانني واللوائح وملحقات القوانني واللوائح‬ ‫وملحقات امللحقات وننفذها‪ ،‬وقبل �أن نر�سل‬ ‫بهذه القوانني وا�شباهها لل�ضواحي‪ .‬ن�ستطيع‬ ‫�أن ن�صدر نقبها على الفور‪ ،‬فنلغي الأوىل قبل‬ ‫�أن ت�صل �إىل امللغيات‪ ،‬وتخرب ما تعمر‪ ،‬فالأم�س‬ ‫مل يكن �أف�ضل من اليوم‪ ،‬واحلياة بقى لونها‬ ‫مببي ومن الآن وحتى انقطاع الإر�سال �سنرتك‬ ‫كل هذا ونتكلم عن هذين وه�ؤالء والذين و�أوالد‬ ‫الذين الإقليميني‪ ،‬لأن امل�ساحة هذه تخ�صهم‪،‬‬ ‫ولو واحد تكلم كلمة واحدة ل�صالح هذا الذي‬ ‫لي�س ابن الذين‪ ،‬فعلي وعلى �أعدائي وكر�سي يف‬ ‫الكلوب‪ ،‬وبكره ت�شوف!‬


‫خطاب يعود من جديد‬ ‫مل�سرح الثقافة اجلماهريية‬

‫كوالي�س‬

‫د ‪�� .‬س�ي��د خ�ط��اب‬ ‫يـــــــــقـــــــــــوم الآن‬

‫جمال ياقوت يف�سح املجال لدماء جديدة‬

‫مهرجان "ال�شباب املبدع" يف دورته‬ ‫التا�سعة على م�سرح املركز الفرن�سي يبد�أ‬

‫املخرج جمال ياقوت �أكد اعتذاره عن تقدمي �أى‬

‫فعالياته اليوم و قد حر�صت لطيفة فهمي منظمة‬

‫�أعمال هذا العام نظرا الن�شغاله ك�أ�ستاذ جامعى عالوة‬

‫املهرجان‪ ،‬علي �إقامة املهرجان هذا العام برغم‬

‫على �أنه ي�ستعد لتقدمي عر�ضه اجلديد موعد مع اخلنازير‬ ‫على امل�سرح احلديث وذلك حر�ص ًا منه على اال يتق�صر‬

‫تتكون جلنة التحكيم كل من املخرج وامل�ؤلف‬

‫االخراج بق�صر �سيدى جابر على خمرج بعينه و �ضرورة‬

‫امل�سرحي الفرن�سي ف�إن�سان اكر وبون و د‪� .‬أمين‬

‫التنوع و تعاقب االجيال و تقدمي ر�ؤى اخراجية جديدة بدماء‬

‫ال�شيوي و املخرج ه�شام جمعه‬

‫جديدة‪.‬‬

‫الظروف الأمنية التى تعانى منها البالد ‪ ،‬و‬

‫فرقة قومية البحرية امل�سرحية ت�ستعد لبدء‬ ‫بروفات العر�ض امل�سرحي �أحدب نوتردام‬ ‫ت�أليف فيكتور هوجو و �إخراج احمد رجب �ضمن‬ ‫خطة �إنتاج هذا العام‬

‫ب�ب�رف ��ات ال �ع��ر���ض‬ ‫امل�سرحي عري�س‬ ‫بنت ال�سلطان للكاتب حمفوظ عبد‬ ‫ال��رح�م��ن �ضمن خطة �إن �ت��اج العام‬ ‫اجلديد للفرقة القومية باجليزة �أ�شعار‬ ‫�أح�م��د زي��دان �أحل��ان عهدى �شاكر‬ ‫ديكور �صبحي ال�سيد و حول اختياره‬ ‫للن�ص �أك��د خطاب �أن��ه يتما�شى مع‬ ‫احلالة و اللحظة التاريخية الآنية التي‬ ‫متر بها البالد‪.‬‬

‫�سامح عثمان يحكي عن البحر‬ ‫ن�صا جدي ًدا‬ ‫الكاتب امل�سرحي وال�شاعر �سامح عثمان يقدم يف املو�سم اجلديد بفرق الأقاليم امل�سرحية ً‬ ‫مع املخرج حممد الزيني بالفرقة القومية بالإ�سكندرية بعنوان كالم البحر والذي تدور �أحداثه حول تاريخ‬ ‫الإ�سكندرية وتنوعها الثقايف وم�شكالتها يف �إطار فني ‪ ،‬ويعد هذا امل�شروع جزء من خطة الإدارة العامة للم�سرح‬

‫املخرج ح�سن عبا�س بدء بروفات العر�ض‬

‫يف �ضخ دماء جديدة من املخرجني والكتاب بالفرق القومية وذلك لتخرج عن �أطرها التقليدية وتقدم عرو�ضا اكرث‬

‫امل�سرحي حلقة نار ت�أليف �أ�شرف عرتي�س لفرقة‬

‫متا�سا مع اجلمهور واكرث جذبا لل�شباب ‪،‬وتعد جتربة جديدة تعيد ر�ؤية املا�ضي ب�شكل معا�صر من خالل م�شاهد‬

‫ق�صر ثقافة فالحني املن�صورة‬

‫خاطفة تتمازج مع ما ت�شهده املدينة الآن من �صراع كاد �أن يطيح بهوتيها املنفتحة ‪ ،‬وجدير بالذكر �أن التجربة‬

‫املخرج �سامح فتحي بد�أ بروفات العر�ض‬

‫حتظى بدعم من حمافظ الإ�سكندرية اللواء طارق املهدي ‪.‬‬

‫امل�سرحى حي�ضان الدم لفرقة ق�صر ثقافة بور�سعيد‬ ‫�ضمن خطة االنتاج لهذا العام �أ�شعار طارق علي‬ ‫و مو�سيقى حممد �صالح و ديكور حممد مرعي‬ ‫‪ ،‬فتحي قال عن �أ�سباب اختياره للن�ص‪� :‬إنه و‬ ‫طاقم العمل �أرادوا اخلروج من عباءة النمطية‬ ‫و الرتاث ال�شعبى البور�سعيدى و تقدمي جتربة‬ ‫باللهجة ال�صعيدية‬ ‫املخرج �أحمد عجيبة بدء بروفات العر�ض‬ ‫امل�سرحي م�آذن املحرو�سة لفرقة ق�صر ثقافة �أبو‬

‫( ا�ستمارة ‪ ) 6‬فى الهناجر‬ ‫املخرج ح�سام التاجي يجرى الآن‬ ‫بروفات عر�ضه امل�سرحي ا�ستمارة ‪6‬‬ ‫عن ن�ص العجائز لفران�شي�سكو بينتث‬ ‫ا�ستعدادا لتقدميه �ضمن عرو�ض‬ ‫مهرجان ‪ 100‬ليلة على م�سرح الهناجر‪.‬‬ ‫العر�ض بطولة د‪� .‬أمين ال�شيوى‪ ،‬د‪ .‬عالء قوقه‪،‬‬ ‫حممد فاروق‪ ،‬و�سام �صبحي‪ ،‬مو�سيقى وليد حيدر‪.‬‬

‫كوكب �سيكا فى مرتوبول‬ ‫املخرج �سيد جرب ي�ستعد لتقدمي عر�ضه‬ ‫امل�سرحي للأطفال كوكب �سيكا على م�سرح‬ ‫مرتو بول و ذلك خالل الأ�سبوع القادم ‪،‬‬ ‫العر�ض ت�أليف و�أ�شعار عبده الزراع و احلان‬ ‫حممد �إبراهيم و ديكور و مالب�س د‪ .‬هالة‬ ‫قطب و بطولة عزة لبيب و نا�صر �سيف‪.‬‬

‫كبري ت�أليف حممد �أبو العال ال�سالمونى و �أ�شعار‬ ‫حممد عبد الرو�ؤف و احلان حممد العجمى و‬ ‫ديكور حممد غريب و ا�ستعرا�ضات حممد بركات‬

‫‪13‬‬


‫�آخر م�شهد‬ ‫د‪ .‬ح�سن عطية‬

‫وحدة الوطن فى تنوع م�سرحه‬ ‫�إقامة �أية تظاهرة فنية مثل هذه التى تنطلق الليلة فعل احتفاء بع�شق احلياة‬ ‫احلرة الكرمية‪ ،‬وحدث هام ب�إ�ضاءة �شعلة التنوير و�سط ظلمة ال�سكون والتكل�س‪،‬‬ ‫وتفعيل للعقل امل�شتعل بالأمل فى التغيري‪ ،‬وتن�شيط للوجدان املت�أجج بالرغبة فى‬ ‫�أن ي�ؤكد وجوده الفاعل و�سط �أهله ونا�سه‪ ،‬هو فى النهاية عودة امل�سرح جلماهريه‬ ‫الباحثة عن نف�سها فى دفء ف�ضائه وحرارة �أفكاره و�سخونة تفاعله مع جمتمعه‪.‬‬ ‫هى الدورة التا�سعة والثالثون للمهرجان اخلتامى لفرق الأقاليم البا�سلة‪،‬‬ ‫القادمة لعا�صمة املعز ت�ؤكد مبوهبة فنانيها وعطاء �أع�ضائها وجهد �صناعها على‬ ‫�أن الوطن ميتلك قدرات فذة و�إمكانات بارعة ميكن �أن تغري الكون مب�سرحها اجلاد ‪،‬‬ ‫وخا�صة وهى ت�صر على عدم ال�سقوط فى براثن امل�سرح التجارى الرخي�ص‪ ،‬وتتم�سك‬ ‫بطرح الأفكار ال�سامية عرب ن�صو�ص �شديدة التما�سك‪ ،‬تتجاوز نقل ما يحدث فى‬ ‫ال�شارع لف�ضاء امل�سرح ‪ ،‬وتنتقى �أبرز الثمار من كل �أرجاء العامل لتقدمه جلمهورها‬ ‫املتعني ‪ ،‬فى وجبات �شديدة الرثاء‪ ،‬حيث تتوزع على م�ستوى العامل جغرافيا‪ ،‬ممتدة‬ ‫من الأمريكى "يوجني �أونيل" �إىل امل�صرى "ر�أفت الدويرى" مرورا بال�سورى "�سعد‬ ‫اهلل ونو�س" والأ�سبانيني "لوركا" و"بويرو باييخو"‪ ،‬كما تتوا�صل التاريخ من �شك�سبري‬ ‫فى �أوائل القرن ال�سابع ع�شر حتى "�إ�سالم فرغلى" فى �أيامنا هذه ‪ ،‬مرورا بال�سويدى‬ ‫"�سرتندبرج" فى القرن التا�سع ع�شر والإيطاىل "داريو فو" فى القرن املا�ضى‪،‬‬ ‫وتعر�ضا للعديد من املدار�س الفنية الكال�سيكية والواقعية والتعبريية واحلداثية‪،‬‬ ‫كل هذا بر�ؤى معا�صرة و�شديدة احل�سا�سية ‪ ،‬ت�ؤكد على �أن عودة اجلمهور �إىل امل�سرح‬ ‫لي�ست هى الغاية املبتغاة ‪ ،‬بل الغاية احلقيقية هى عودة امل�سرح �إىل جمهوره ‪� ،‬أو‬ ‫مبعنى �أكرث دقة �إىل جماهريه املتعددة‪ ،‬فالوطن وحدته فى تعدد جماهريه و�شرائحه‬ ‫املجتمعية وثقافاته املمتدة من النوبة وحاليب و�شالتني حتى رفح وال�سلوم ‪.‬‬ ‫الوحدة فعال فى التنوع‪ ،‬ومهرجان هذا العام‪ ،‬كما يبدو من جدوله‪ ،‬يحتوى على‬ ‫كم هائل من التنوع ‪ ،‬ويك�شف عن اهتمام حقيقى بن�شر الثقافة امل�سرحية و�سط �أقاليم‬ ‫الوطن‪ ،‬وفى احلقيقة هناك ق�ضية �شديدة الأهمية تتعلق بن�شر الثقافة هذه‪ ،‬حيث‬ ‫يتباين مفهوم الثقافة بني كونها جمموعة العقائد والقيم واللغة وال�سلوك التى متيز‬

‫‪14‬‬

‫وطن عن غريه ‪ ،‬وكونها منجزات �إن�سانية جمتمعية‬ ‫ت�شكل قوام �صناعة ثقيلة وقوى ناعمة ال تخلق بذاتها ‪،‬‬ ‫بل تتطلب مواهب وقدرات و�إرادة وامكانات تتحقق بها‬ ‫على �أر�ض الواقع‪ ،‬فامل�سرح ال يتحقق مبجرد الرغبة‬ ‫فى حتقيقه‪ ،‬بل بالقراءة اجلادة والبحث امل�ستمر عن‬ ‫�أف�ضل ن�صو�صه‪ ،‬والوعى باملجتمع الذى �سينتج فيه‪،‬‬ ‫وثقافة هذا املجتمع املحلى داخل ثقافة الوطن ب�أكمله‪،‬‬ ‫ومن ثم اختيار �أف�ضل �أ�ساليب التوا�صل جماليا مع‬ ‫جمهور هذا املجتمع املحلى و�شرائحه املختلفة‪.‬‬ ‫من هنا يتولد هذا التمازج املثري بني الثقافة‬ ‫كمرياث من العقائد والقيم وال�سلوك اليومى الذى‬ ‫ميار�سه املواطن داخل وطنه‪ ،‬والثقافة ك�صناعة جمالية‬ ‫حتتاج جهدا وتنظيما وفعال م�ؤثرا فى حركة الواقع‪،‬‬ ‫وبدور الوعى بهذا التمازج والتداخل والت�شابك بني‬ ‫ثقافة الإن�سان امل�صرى املوغلة فى القدم‪ ،‬واملرتاكمة‬ ‫على مر الزمن‪ ،‬واملن�صهرة داخلها مئات الثقافات‬ ‫املتعاقبة و�آالف التجارب احلية ‪ ،‬والثقافة التى‬ ‫يجتهد املثقف امل�صرى فى نقلها وغر�سها ورعايتها‬ ‫داخل وطنه‪ ،‬وهى م�سئولية على املثقف الواعى‪ ،‬وحق‬ ‫للمواطن الب�سيط‪ ،‬وحلم ن�سعى جميعا لتحقيقه‪،‬‬ ‫ب�شرط �أن منتلك معا �إرادة التغيري لنحقق فعل‬ ‫الثورة بف�ضاء م�سرح يدرك �أن احل�صاد ال ي�أتى فور‬ ‫الغر�س ‪ ،‬بل بعد انتقاء البذور اجليدة‪ ،‬وتهيئة الأر�ض‬ ‫ال�ستقبالها وحمايتها من احل�شائ�ش ال�ضارة‪ ،‬وكم هى‬ ‫كثرية فى �أيامنا هذه‪ ،‬حتى نح�صد ثمارا يانعة ‪ ،‬ميتلك‬ ‫بها امل�صرى ر�ؤيته ال�صحيحة للغد القادم ‪.‬‬


‫جدول العرو�ض‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.