Maraya Journal, Fall 2014

Page 1

‫العدد َ‬ ‫األ َّول ‪ -‬خريف ‪2014‬‬

‫التراثي‬ ‫رثنا‬ ‫ِإ ُ‬ ‫ّ‬ ‫حفظه‬ ‫تشريعات ْ‬ ‫ُ‬ ‫ومعايـير الحفاظ عليه‬

‫ملف العدد‬ ‫ّ‬

‫الشفوي‬ ‫اللبناني‬ ‫التراث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـموسيقي‬ ‫حكي وال‬ ‫بين ال َـم ّ‬ ‫ّ‬ ‫روي وال َـم ّ‬

‫تراثنا اللبناني‬ ‫معالم وعالمات‬ ‫ِ‬ ‫ • بيروت ‪‬المحروسة‪‬‬ ‫ • حرمون جبل التجلّ ي‬ ‫ • بعلبك اللُ غز‬


‫ـمية ُم َـح َّك َمة‬ ‫فصليةٌ َأكادي ّ‬ ‫ّ‬ ‫صد ُرها‬ ‫ُي ِ‬ ‫مركز التراث اللبناني‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫الجامعة اللبنانية األميركية‬ ‫رئيس التحرير‪/‬مديـر الـمركـز‬ ‫هنري زغيب‬ ‫ميــة‬ ‫الهـيـئَ ـة ِ‬ ‫العــلْ َّ‬ ‫َ‬ ‫اسم العائِ لة)‪:‬‬ ‫الدكاتــرة‬ ‫األساتذةُ َّ‬ ‫(ترتيبا َأ ً‬ ‫ً‬ ‫بجديا ِب ْ‬

‫رمزي بعلبكي | الجامعة َ‬ ‫كرسي الدراسات العربية‬ ‫األميركية | أُستاذ‬ ‫ّ‬ ‫لطيف زيتوني | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫السـرديات‬ ‫األميركية | أُ ستاذ َّ‬ ‫عماد سالمة | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية | أُ ستاذ العالقات الدولية‬ ‫واإلعالم‬ ‫محمد َب َدوي َّ‬ ‫الشهال | الجامعة اللبنانية | مساعد رئيس الجامعة للعالقات العامة ِ‬ ‫هنري العويط | المدير العام لـ‪‬مؤسسة الفكر العربي‪‬‬ ‫األميركية | أُ ستاذة ِإدارة َ‬ ‫س | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األعمال‬ ‫غطا ‬ ‫رنيه ّ‬ ‫للشـؤُ ون َ‬ ‫األكاديمية‬ ‫اإلسالمية في لبنان | مستشار رئيس الجامعة ُّ‬ ‫وجيه فانوس | الجامعة ِ‬ ‫لحود | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية | أُ ستاذ الهندسة المعمارية والحفاظ على التراث‬ ‫َأنطوان ُّ‬ ‫الـمدير الـمسؤُ ول تجاه الحكومة‬ ‫وسـي‬ ‫كريستيان ُأ ّ‬ ‫اإلدارة والتحرير‬ ‫ِ‬

‫صورة الغالف ‪ :‬ناحية من هياكل بعلبك‬ ‫تصميم و إخراج درغام ش‪.‬م‪.‬ل‬

‫مركز التراث اللبناني ‪ -‬الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية ‪ -‬قريطم ‪ -‬بيروت‬ ‫(المقسم ‪)1600‬‬ ‫هاتف‪+ 961 1 78 64 64 :‬‬ ‫ّ‬ ‫فاكس‪+ 961 1 78 64 60 :‬‬ ‫ص ب‪ 13 - 5053 :‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫‪clh@lau.edu.lb‬‬

‫‪www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh‬‬


‫َأ َّو ُل الـ‪‬مرايا‪‬‬

‫العدد َ‬ ‫األول ‪ -‬خريف ‪2014‬‬

‫‪3‬‬

‫َأ َّو ُل الــ‪‬مرايا‪ - ‬هنري زغيب‬ ‫نموذجا‬ ‫حفظ التراث‪ :‬مركز التراث اللبناني‪‬‬ ‫ً‬

‫‪8‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪42‬‬ ‫ف العدد‪:‬‬ ‫َم َل ُ‬

‫‪2‬‬

‫‪50‬‬

‫هنري زغـيب‬

‫‪73‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪148‬‬

‫حسان حالق‬ ‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني‬ ‫يوسف الحوراني‬ ‫حرمون جبل التجلي ونيسا مغارة أدونيس‬ ‫ابرهيم كوكباني‬ ‫لغزا‬ ‫بعلبك مدينة الشمس اللُ غز الذي لم ُيعد ً‬

‫عبداللطيف فاخوري‬ ‫المروي‬ ‫بيروت‪ ...‬إحكي لنا من تراثك‬ ‫ّ‬ ‫جوزف أبي ضاهر‬ ‫الزجل اللبناني من البدايات – شعر الحياة اليومية والتراث‬ ‫كفاح فاخوري‬ ‫نموذجا)‬ ‫وعرنيطة‬ ‫(الصافي‬ ‫لبنان‬ ‫في‬ ‫الموسيقية‬ ‫الحياة‬ ‫من فصول‬ ‫ً‬ ‫محمود زيباوي‬ ‫التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األخوان رحباني‬ ‫ناصر مخول‬ ‫اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬ ‫بديع الحاج‬ ‫‪Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres‬‬

‫تشريعات ومعايير‬ ‫التراثي‪:‬‬ ‫ِإر ُثنا‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬

‫‪170‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪184‬‬

‫مو َذج ًا‬ ‫‪‬مركز التراث اللبناني‪ ‬ن َ ُ‬ ‫هـنـري زغـيـب‬

‫ُترا ُثنا اللبناني‪ :‬معاِلم وعالمات‬

‫والموسيقي‬ ‫حكي‬ ‫اللبناني‬ ‫التراث‬ ‫الم ّ‬ ‫ّ‬ ‫روي َ‬ ‫الشفوي بين َ‬ ‫ّ‬ ‫والم ّ‬ ‫ّ‬

‫‪155‬‬

‫دور ُ الهيئات والم َؤسسات في حفظ التراث‬

‫حنا العميل‬ ‫ووطنيا‬ ‫ا‬ ‫عالمي‬ ‫عليه‬ ‫المحافظة‬ ‫تحديات‬ ‫المادي‪:‬‬ ‫غير‬ ‫الثقافي‬ ‫التراث‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نسيب حطيط‬ ‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬ ‫محمد ناصر‬ ‫دور التشريعات في حفظ التراث وحمايته‬

‫‪President Joseph G. Jabbra’s message:‬‬ ‫‪The importance of our heritage and traditions in the life of Lebanon‬‬

‫في تاريخ البلدان‪:‬‬

‫سي ُء الْ حفاظَ على تراث‬ ‫‪1.1‬‬ ‫ُ‬ ‫عوامل مه ِملَ ٌة ُت ْ‬ ‫فيغور مع الزمن في ِاإلهمال‬ ‫البالد المحلّ ّي‬ ‫ُ‬ ‫فالضياع‪.‬‬ ‫فالنسيان فاالندثار‬ ‫َّ‬

‫����راث ال��ب�لاد‬ ‫‪2.2‬ع��وام ُ��ل ض��اغ��ط�� ٌة ت��دف ُ��ع ت َ‬ ‫ظل‪،‬‬ ‫خارج‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حدودها فينتشر في العالَ م َوي ُّ‬ ‫حامال هوي َة بالده‪.‬‬ ‫غالباً ‪،‬‬ ‫ً‬

‫م��ع فجر ال��ع��ام الثاني م��ن َ‬ ‫األل���ف الثالث‬ ‫جدير بدخول‬ ‫حضاري‬ ‫مشروع‬ ‫لبنان‬ ‫ٌ‬ ‫ُو َلد ِل َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫لبنان ِإلى َ‬ ‫األلف الثالث‪ِ .‬إنه ‪‬مركز التراث‬ ‫��ت لَ َ��س َّ��م ْ��ي ُ��ت ُ��ه ‪‬بيت‬ ‫اللبناني‪ ،‬ول��و أَ ن��ص ْ��ف ُ‬ ‫الذاكرة اللبنانية‪.‬‬

‫بلد بدو ِن ذاكر ٍة‬ ‫الذاكرة‪ ...‬نعم‪ .‬فيا‬ ‫تعس ٍ‬ ‫َ‬ ‫بلد ال‬ ‫بلد يعيش وال َيحيا‪ .‬ويا‬ ‫تعس ٍ‬ ‫َألنه ٌ‬ ‫َ‬ ‫ذاكر َته َألنه ال ُي ِّورث تراثاً ِإبداعياً‬ ‫َيحفظُ‬ ‫َ‬ ‫ينقله من الذاكرة ِإلى المخطوطة فالوثيقة‪،‬‬ ‫ض سقيم وح��اض ٍ��ر‬ ‫ل��ذا يبقى ب��ل��داً ذا م���ا ٍ‬ ‫عديم ومستقب ٍل عقيم‪.‬‬

‫نتاجهم غالباً ِإلى أَ بنائهم‬ ‫المبدعون يورثون َ‬ ‫يستمر هذا‬ ‫ما‬ ‫��ادراً‬ ‫من الجيل الثاني‪ ،‬ون‬ ‫ُّ‬ ‫حفاد‬ ‫النتاج َمحفوظاً في الجيل الثالث مع أَ ٍ‬ ‫ابتعدوا زمنياً وعاطفياً عن الجيل َ‬ ‫األ ّول‬ ‫َ‬ ‫مهم ًال وحيداً ‪ ،‬أَ و‬ ‫في ْبقون‬ ‫َ‬ ‫نتاج ُه عندهم َ‬ ‫ُ‬ ‫يولُ ونه َم��ن قد ُيحافظ عليه‪ ،‬أَ و يتركونه‬ ‫ضمحل ويندثر‪.‬‬ ‫حتى َي‬ ‫ّ‬

‫ظل‬ ‫‪‬م��رك��ز ال��ت��راث اللبناني‪ُ ‬و ِل َ���د ك��ي َي َّ‬ ‫ومحافَ ظاً‬ ‫رث‬ ‫ُ‬ ‫فاإل ُ‬ ‫النتاج ِ‬ ‫ُ‬ ‫فالتراث َمحفوظاً ُ‬ ‫يضمحل وال‬ ‫عليه من جي ٍل ِإل��ى جيل‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫أَ‬ ‫يتشردوا‬ ‫كتب للمبدعين ن‬ ‫يندثر‪ ،‬وال ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫حياتهم ُ‬ ‫واألخ��رى بعد‬ ‫على‬ ‫مرتين‪ :‬أُ ولَ ��ى‬ ‫ِ‬ ‫الغياب‪.‬‬

‫خاص ٌة‬ ‫مراكز‬ ‫في ُد َول العالَ م الحضارية‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫كنوز التراث ِاإلبداعي َ‬ ‫والفني‬ ‫األ ِدبي‬ ‫ّ‬ ‫ِإليداع ِ‬ ‫وحف ِظها وصيان ِتها‬ ‫والشخصي‪،‬‬ ‫والخاص‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫وتقدي ِمها للدارسين والباحثين في ال ُـحلّ ة‬ ‫َ‬ ‫األنضر‪.‬‬

‫����د ليحفظ‬ ‫‪‬م��رك��ز ال��ت��راث ال��ل��ب��ن��ان��ي‪ُ ‬و ِل َ‬ ‫َ‬ ‫تراثنا َويحميه ُويحافظَ عليه في أَ فضل‬ ‫الوسائل والوسائط‪ ،‬وفي جميع عناصره‪:‬‬ ‫نتاجاً لبنانياً ِإب��داع��ي��اً أَ و بيوغرافياً أَ و‬ ‫لغة‬ ‫أُ وتوبيوغرافياً أَ و بيبليوغرافياً في أَ ّية ٍ‬ ‫م��ن لغات ال��ع��الَ ��م‪ ،‬فيكون ‪‬ال��م��رك��ز‪ ‬بيتاً‬ ‫ث‬ ‫لهذا النتاج َي َ‬ ‫حافظ عليه بأَ حد ِ‬ ‫حفظه ُوي ِ‬ ‫المهم‬ ‫وس��ائ��ل ال��ح ْ��ف��ظ وال��ت��وث��ي��ق‪ .‬فليس‬ ‫ُّ‬ ‫حفظ‪ ‬فقط‪ ،‬ب��ل‪ :‬كيف نَ حفظ‬ ‫‪‬م��اذا نَ َ‬ ‫حس ْن‬ ‫ماذا‪ .‬لن‬ ‫تكون ذاكر ٌة ِل َغ ِدنا إن لَ م نُ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مياً بل‬ ‫تراثنا‪ ،‬ال َك ّماً َت ُ‬ ‫‪‬كيف‪ ‬نَ حفظُ‬ ‫راك ّ‬ ‫وأَ‬ ‫كيفاً وتنسيقاً وتبويباً‬ ‫وحفظاً‬ ‫رش���ـﭭَـ��� ًة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صة َوفْ ��ق‬ ‫متخص‬ ‫ت‬ ‫���ارا‬ ‫��واد وم���ه‬ ‫ّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واق��ي��اً ِب��م َّ‬ ‫والتقنية‪ ،‬وأَ ح��دث‬ ‫مية‬ ‫ث‬ ‫أَ ح��د ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الطر ِق العلْ ّ‬ ‫����ؤون المتاحف‬ ‫م��ا ب��ل��غ ْ��ت��ه ال��خ��ب��رة ف��ي ش ُ‬ ‫والمكتبات ومراكز َ‬ ‫األبحاث والمحفوظات‪،‬‬

‫‪3‬‬


‫‪4‬‬

‫هكذا نَ ْح َفظ مستقبلَ نا في الحفاظ على‬ ‫حضورنا في‬ ‫حاضرنا بوعي ِإرث��ن��ا دل��ي َ��ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ال��زم��ان‪ِ .‬وإذا كنا نَ حفظ ف��ي المصار ِ‬ ‫وح ِل َّينا وال��ج��واه َ��ر في‬ ‫أَ م��والَ ��ن��ا وال��ودائ��ع‪ِ ،‬‬ ‫جدر بنا أَ ن نَ حفظَ تراثاً‬ ‫خزنا ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ت أَ مينة‪ ،‬فأَ ُ‬ ‫وأَ‬ ‫وأَ‬ ‫أَ‬ ‫ثمن‬ ‫بقى‪،‬‬ ‫المال‬ ‫من‬ ‫غلى‬ ‫لبالدنا‬ ‫هو‬ ‫ُ‬ ‫الح ِـل ِّـي وأَ رقى‪.‬‬ ‫من ِ‬ ‫حاضن‬ ‫راع‬ ‫كان ال َّ‬ ‫ٍ‬ ‫بد لهذا ‪‬المركز‪ ‬من ٍ‬ ‫ب ي ْ��ؤم��ن بالمشروع وأَ َه ّـم ّـيـته على‬ ‫���را ٍ‬ ‫ع ّ‬ ‫���ن ل��ه ال����والدة‬ ‫ال��م��س��ت��وى ال��وط�� ِن��ي‪ ،‬وي َ���ؤ ِّم ُ‬ ‫المشروع‬ ‫والرعاية واالنطالق‪ ،‬فاحتضنت‬ ‫َ‬ ‫‪‬الجامع ُة اللبنانية َ‬ ‫األميركية‪ ‬ووفَّ َرت له‪،‬‬ ‫كل نوع‪.‬‬ ‫كل دعم من ّ‬ ‫وال تزال توفر له‪ّ ،‬‬

‫هنري زغـيب‬

‫ِإ َّن الذي ُينتج‪ِ ،‬إن لَ م ُي ْ‬ ‫سقطه الزمان َهجيناً‬ ‫هاجس المابعد‪،‬‬ ‫دائ��م��اً‬ ‫ودخ ً‬ ‫��ي�لا‪َ ،‬ي ُ‬ ‫سكنه ِ‬ ‫ُ‬ ‫يغيب َفت ْعرى أَ وراقُ ����ه ف��ي ُي ْتم‬ ‫���وف أَ ن‬ ‫وخ ُ‬ ‫َ‬ ‫حض ُنها‬ ‫ي‬ ‫��ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫��د‬ ‫ع‬ ‫��‬ ‫ب‬ ‫جد‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫حين‬ ‫الغياب‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫بدف ِء الْ حفظ والرعاية‪.‬‬ ‫ْ‬

‫َ‬ ‫وأل َّن ال��م��ب��دع��ي��ن الحقيقيين َم��س��ك��ونُ ��ون‬ ‫���اال ِب��ه��اج��س ال��م��وت المفاجئ وق��لَ �� ِق‬ ‫ِإ ْج���م ً‬ ‫الغياب والرحيل‪ُ ،‬و ِل َ��د هذا ‪‬المركز‪ ‬كي‬ ‫نتاجهم من أَ ن يعتريه ُي ْت ُم الغياب أَ و‬ ‫َيحمي َ‬ ‫برد الرحيل‪.‬‬ ‫يلفح ُه ُ‬ ‫َ‬

‫معين‪،‬‬ ‫يدهم ِاإل َ‬ ‫في العاد ِة أَ ن َ‬ ‫نسان في ٍ‬ ‫عمر َّ‬ ‫يصيب الذاكرة يدعى‬ ‫مرض‬ ‫متقدم ٍ أَ و فَ ِت ّي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ـ‪‬ألزهاي ِمر‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ْ‬

‫رث‬ ‫��ب ِاإل َ‬ ‫ه���ذا ‪‬ال���م���رك���ز‪ ‬ل��ك��ي ال ي��ص��ي َ‬ ‫هاي ِمر‪.‬‬ ‫بداعي اللبناني‬ ‫ِاإل‬ ‫مرض ال ْ‬ ‫ـ‪‬ألز ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫انطالقاً من هذا ِاإليمان في ِح ْفظ التراث‬ ‫والحفاظ عليه‪َ ،‬ش ِه َدت ‪‬الجامعة اللبنانية‬ ‫َ‬ ‫األميركية‪ ‬والد َة ‪‬مركز التراث اللبناني‪‬‬

‫مرين‬ ‫من هنا ّ‬ ‫تركزت غاي ُة ‪‬المركز‪ ‬على أَ َ‬ ‫رئيسين‪:‬‬ ‫َ‬

‫‪1.1‬لَ ْ��م��لَ َ��م�� ُة ال��ت��راث ال��م��ح��لّ ّ��ي ال��م َ��ب��ع��ثَ ��ر أَ و‬ ‫نس ّي أَ و الموجود‬ ‫المنت ِظر أَ و‬ ‫َ‬ ‫المهمل أَ و ال َـم ِ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬ ‫أَ‬ ‫أَ‬ ‫��اب��ه و ذوي��� ِه���م و ق��ادري��ه��م‪،‬‬ ‫ع��ن��د ص��ح ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتوثيق ُه ُمحافَ َظ ًة عليه‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ظ‬ ‫ُ‬ ‫جميعه ِ‬ ‫وح ْف ُ‬ ‫َوت ُ‬

‫خارج‬ ‫المو َّزع‬ ‫‪2.2‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫البحث عن التراث اللبناني َ‬ ‫هاجراً أَ و ُم َه َّجراً ‪ ،‬في َجميع بلدان‬ ‫لبنان‪ُ ،‬م ِ‬ ‫عادت ُه ِإلى‬ ‫العالَ م وفي َجميع لُ غات العالَ م‪ِ ،‬وإ ُ‬ ‫مصد ِر ِه َ‬ ‫رض ِ��ه ُ‬ ‫جميعه‬ ‫األم‪ِ ،‬إلى‬ ‫َ‬ ‫أَ ِ‬ ‫األ ّول‪َ ،‬وت ُ‬ ‫َ‬ ‫وح ُ‬ ‫حافظ ًة عليه‪.‬‬ ‫وتوثيق ُه ُم‬ ‫فظ ُه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬

‫حق َقها‬ ‫ضمر ‪‬المركز‪ ‬أَ ن ُي ّ‬ ‫هذه الغاية أَ َ‬ ‫ليكون‪:‬‬

‫ثقافية نَ موذَ ِج َّي ًة أُ ولى‬ ‫سياحة‬ ‫ • َمحط َة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫في لبنان‪.‬‬

‫كاد ْيمياً وثقافياً وتراثياً‬ ‫ول أَ ِ‬ ‫ •مرجعاً أَ َ‬ ‫لإلرث ِاإلبداعي اللبناني‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ •مكتب ًة مركزي ًة لتراث ‪‬العالَ م اللبناني‪،‬‬ ‫وم��س َ��ت َ��ن��داً مركزياً ف��ي لبنان ل��ـ‪‬ذاك��رة‬ ‫ُ‬ ‫الحضور اللبناني في العالَ م‪.‬‬

‫وفي سبي ِل الوصول ِإلى هذه الغاية َر َسم‬ ‫‪‬المركز‪ ‬آلي ًة للعمل َيسعى ِإليها ويمكن‬ ‫تلخيصها باآلتي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مو ّسعة للتراث َ‬ ‫األدبي‬ ‫ •وضع بـيـبـليوغرافيا َ‬ ‫والفني والفكري والتاريخي اللبناني‪.‬‬

‫ •الحصول على َمخطوطات المبدعين‬ ‫اللبنانيين في َجميع الحقول‪.‬‬

‫ت‬ ‫ •الحصول على م َّ‬ ‫ض وأَ َدوا ٍ‬ ‫��واد وأَ غ��را ٍ‬ ‫ت ووث��ائ َ��ق ورس��ائ َ��ل وص َ��و ٍر‬ ‫وأَ ورا ٍق وآال ٍ‬ ‫جامعية‬ ‫عليا‬ ‫ت‬ ‫����ا‬ ‫س‬ ‫ودرا‬ ‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫وأُ ط���روح���ا ٍ‬ ‫َّ‬ ‫���ص أَ ع�ل�ام‬ ‫ت َت ُ‬ ‫ت وم��ع��ل��وم��ا ٍ‬ ‫ودوري�������ا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫���خ ُّ‬ ‫ال��ت��راث اإلب��داع��ي اللبناني‪ ،‬والتاريخ‬ ‫اللبناني‪.‬‬ ‫المفصل َ‬ ‫واألرش��ـﭭـ��ة الواسعة‬ ‫ •التوثيق‬ ‫َّ‬ ‫ال��دق��ي��ق��ة ع��ل��ى أُ س���س علمية ب��أَ ح��دث‬ ‫الطرق ِاإللكترونية الرقمية للمعلومات‬ ‫(‪ ) digitalization‬والمكننة المستدامة‪.‬‬

‫��س م��وق ٍ��ع ل��ه على اإلن�� ِت ْ��ر ِن��ت كي‬ ‫ •ت��أْ س��ي ُ‬ ‫يكون واح ًة لبناني ًة مفتوح ًة للعالم كله‪.‬‬ ‫َ‬

‫ومنذ انطالقة ‪‬المركز‪ ‬وهو يقوم بجمع‬ ‫م���ا ي��ت��وفّ ��ر ل���ه م���ن ال���ت���راث ف���ي ع��ن��اص��ره‬ ‫مقس َم ًة ِإل��ى أَ‬ ‫تطمح أَ ن‬ ‫جنحة‬ ‫المتعددة‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫تض َّم تلك العناصر في تنسي ٍق َوفْ ق صور ٍة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وشخصية‬ ‫��ام ٍ��ة وخ��اص ٍ��ة‬ ‫أَ َّول��ي ٍ��ة أل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جنحة ع ّ‬ ‫تحتوي على تراث‪:‬‬ ‫األدب اللبناني (ف��ي لُ َ��غ�� ِت ِ��ه ُ‬ ‫ • َ‬ ‫األ ّم وفي‬ ‫َجميع لُ غات العالَ م)‪.‬‬

‫ • َ‬ ‫األدب المهجري‪ :‬ال��راب��ط��ة القلمية‪،‬‬ ‫ال��ع��ص��ب��ة َ‬ ‫األن��دل��س��ي��ة‪ ،‬أَ دب المهاجر‬ ‫ُ‬ ‫األخرى‪... ،‬‬

‫ • َ‬ ‫األدب ال��ش��ع��ب��ي (نُ ���ص���وص���اً ِش��ع��ري�� ًة‬ ‫��واال‬ ‫ومخطوطةً‪ ،‬أَ ق ً‬ ‫��ري��ةً‪ ،‬مطبوع ًة َ‬ ‫ون��ثْ ّ‬ ‫ختلفة)‪.‬‬ ‫شعبي ًة شفويةً‪،‬‬ ‫ووثائق ُم ِ‬ ‫َ‬ ‫ • ِاإلرساليات َ‬ ‫األجنبية‪.‬‬

‫ •ال��ف ّ��ن التشكيلي ف��ي لبنان (نصوص‪،‬‬ ‫ك���ت���ب‪ ،‬ب����رام����ج‪ ،‬م��ل��ص��ق��ات‪ ،‬رس����وم‪،‬‬ ‫جسمات‪ ،‬بطاقات‪ُ ،‬ص َور‪،‬‬ ‫بروشورات‪ُ ،‬م ّ‬ ‫المعشق‪ ،‬وثائق ُمختلفة)‪.‬‬ ‫الزجاج‬ ‫ّ‬

‫ •الزجل اللبناني (مطبوعه والمخطوط)‪.‬‬ ‫ •ال��م��س��رح اللبناني وال��م��س��رح الغنائي‬ ‫ت‬ ‫ومخطوطة‪ ،‬بطاقا ِ‬ ‫(نصوصاً مطبوع ًة َ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫ت‪ِ ،‬إع�لان��ا ٍ‬ ‫ملصقا ٍ‬ ‫����وراً ‪َ ،‬‬ ‫دع���وة‪ُ ،‬ص َ‬ ‫وثائق ُمختلفة‪.)... ،‬‬ ‫َ‬ ‫ت نوطة‪،‬‬ ‫(مخطوطا ِ‬ ‫ •الموسيقى اللبنانية َ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫��ص��ق��ا ٍ‬ ‫ب��ط��اق��ا ِ‬ ‫������وراً ‪ ،‬م��ل َ‬ ‫ت دع����وة‪ُ ،‬ص َ‬ ‫وثائق ُمختلفة‪.)... ،‬‬ ‫ت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫منشورا ٍ‬

‫����دب‪،‬‬ ‫ •ال��غ��ن��اء ال���ت���راث���ي ال��ش��ف��وي (ال َّ����ن ْ‬ ‫الحداء‪ ،‬المواويل‪.)... ،‬‬ ‫الحوربة‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ •السينما اللبنانية منذ مطالعها (أَ فالماً ‪،‬‬ ‫ت‪،‬‬ ‫������وراً ‪ِ ،‬إع�ل�ان���ا ٍ‬ ‫أَ ش���رط���ةً‪ ،‬ك ُ��ت��ب��اً ‪ُ ،‬ص َ‬ ‫وثائق ُمختلفة‪.)... ،‬‬ ‫ت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُملصقا ٍ‬ ‫ •المهرجانات األدبية والفنية‪.‬‬

‫واإلداري‬ ‫ •ال��ت��اري��خ اللبناني السياسي ِ‬ ‫وال��دﭘـ��ل��وم��اس��ي وال��ش��ع��ب��ي (ن��ص��وص��اً ‪،‬‬ ‫وثائق‬ ‫��ذك��رات‪،‬‬ ‫حاض َر‪ ،‬م ّ‬ ‫ت‪َ ،‬م ِ‬ ‫��ج َّ�لا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِس ِ‬ ‫ُمختلفة‪.)... ،‬‬

‫جالت‬ ‫ •ال��ت��راث الصحافي‬ ‫وم ّ‬ ‫ُ‬ ‫(صحف َ‬ ‫حتجبة‪ ،‬أَ ع�لام الصحافة اللبنانيون‬ ‫ُم ِ‬ ‫في لبنان وعالَ م االنتشار اللبناني)‪.‬‬ ‫ •جناح خاص بالطبعات ُ‬ ‫مؤلفات‬ ‫األولى ِل َ‬ ‫اللبنانيين في َجميع اللغات‪.‬‬

‫بترجمات َ‬ ‫األدب اللبناني‬ ‫ •جناح خاص‬ ‫َ‬ ‫من العربية ِوإليها‪.‬‬

‫مو َذج ًا‬ ‫دور ُ الهيئات والم َؤسسات في حفظ التراث ‪‬مركز التراث اللبناني‪ ‬ن َ ُ‬

‫فال يعود التراث اللبناني تائهاً أَ و عرض ًة‬ ‫األيدي َ‬ ‫َلن ْهب َ‬ ‫واأليام‪.‬‬

‫في الشهر َ‬ ‫ودع َمت‬ ‫األ ّول من سنة ‪َ 2002‬‬ ‫مهمته وأَ‬ ‫ضيء على‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫نشطته مؤمن ًة بأَ نّ ُه ُي ُ‬ ‫وأَ‬ ‫أَ‬ ‫ت‬ ‫وعالما‬ ‫عماال‬ ‫ً‬ ‫عالماً‬ ‫اللبناني‬ ‫التراث‬ ‫ٍ‬ ‫وثيقياً ل ِ�لإرث‬ ‫فيص ِبح م ِ‬ ‫��رج��ع��اً م��رك ّ‬ ‫��زي��اً َت ّ‬ ‫عبر‬ ‫الثقافي‬ ‫ِ‬ ‫اللبناني في لبنان والعالَ م ْ‬ ‫ُمختلَ ف حقوله وف��روع��ه ون��ت��اج��ه ولُ ��غ ِ��ات��ه‬ ‫لترسيخ ِاإلرث اللبناني في ذاكرة المستقبل‪.‬‬

‫���ح���ص���ول ع��ل��ى م��ج��م��وع��ات ك��ام��ل��ة‬ ‫ •ال ُ‬ ‫َ‬ ‫(ص����ادرة ف��ي َجميع ال��ل��غ��ات) ألع��م��ال‬ ‫الك ّتاب والشعراء والمفكرين اللبنانيين‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ • ِاإلرث التربوي في لبنان‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫ •جناح َاألشرطة الصوتية‪:‬‬

‫عرية وأَ دب��ي��ة‬ ‫‪.‬أ أَ ش��رط�� ُة تسجيال ٍ‬ ‫ت ِش َّ‬ ‫وموسيقية َوتمثيلية بأَ صوات أَ‬ ‫صحابها‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪.‬ب حلقات ب ِ‬ ‫��رام��ج ِإذاع��ي��ة عن أَ ع�لام ٍ‬ ‫ومواضيع أَ دبية أَ و تراثية أَ و‬ ‫لبنانيين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فكرية لبنانية‪.‬‬

‫ •جناح َاألشرطة البصرية‪:‬‬

‫�����ال م���س���رح���ي���ة وم��وس��ي��ق��ي��ة‬ ‫‪.‬أ أَ ع�����م ٌ‬ ‫مصورة‪.‬‬ ‫وكوريغرافية‬ ‫َّ‬

‫‪6‬‬

‫‪.‬ب أَ ف��ل�ام لبنانية (روائ���ي���ة ط��وي��ل��ة‪،‬‬ ‫وثائقية‪ِ ،‬ت ِلفيلم‪.)...،‬‬

‫هنري زغـيب‬

‫‪.‬ج ح��ل��ق��ات ت��ل��ـﭭـ��زي��ون��ي��ة ع���ن أَ ع��ل�ام ٍ‬ ‫لبنانيين‪ ،‬وم��واض��ي��ع أَ دب��ي��ة وثقافية‬ ‫وتراثية لبنانية‪.‬‬ ‫‪.‬د الزجل اللبناني‪ :‬أَ عالماً وحفالت‪.‬‬

‫يطمح ‪‬المركز‪‬‬ ‫وفي المواد غير الكتبية‬ ‫ُ‬ ‫ِإلى احتواء‪:‬‬

‫والقروي‬ ‫الريفي‬ ‫ •متحف للتراث اللبناني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شروح تفصيلية‪.‬‬ ‫والمديني مع‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫صن َعة‬ ‫ •مواد وأَ دوات أَ صلية‪ ،‬وأُ خ��رى ُم َّ‬ ‫َت َـش ُّـبـ ِه َّـيـة تقليداً َ‬ ‫لألصلية‪.‬‬ ‫وم َج َّسمات‪.‬‬ ‫ •رسوم ُ‬ ‫وص َور ُ‬

‫ • َ‬ ‫(ص َ���ور‬ ‫األزي����اء الفولكلورية اللبنانية ُ‬ ‫وأَ فالم)‪.‬‬ ‫ •اآلالت التراثية الموسيقية اللبنانية‬ ‫التقليدية (هوائية‪َ ،‬و َترية‪ ،‬قَ رعية)‪.‬‬

‫��اذج م��ن ال��ص��ن��اع��ات ال ِ��ح َ��رف َّ��ي��ة في‬ ‫ •نَ ��م ُ‬ ‫َجميع المناطق اللبنانية ‪.‬‬ ‫وص َـور ومطبوعات وثائقية عن‬ ‫ •أَ ف�لام ُ‬ ‫الح َرف اللبنانية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ •ال��ت��ق��ال��ي��د ال��ل��ب��ن��ان��ي��ة ف���ي ال���م���أْ ك���والت‬ ‫المحلية‪.‬‬

‫ومنشورات ودوري��ات‬ ‫ •‬ ‫مطبوعات ُوك ُتب‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫حول هذه المواد أَ عاله‪.‬‬ ‫َأنشطة رديفة‬

‫��ط��م��وح‪ِّ ،‬‬ ‫ت���وازي���اً م��ع ه���ذا ال��ع َ��م��ل ال َّ‬ ‫ينظ ُم‬ ‫ت‬ ‫‪‬ال���م���رك���ز‪ ‬دوري������اً س��ل��س��ل�� َة ُم���ح���اض���را ٍ‬ ‫ت َ‪ ‬محلية ودول��ي��ة حول‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ون����دوا ٍ‬ ‫ومؤتمرا ٍ‬ ‫واإلرث الفكري‬ ‫التراث ِاإلبداعي ِاإلنساني ِ‬ ‫اللبناني‪.‬‬ ‫اثني‬ ‫في هذا السياق َت َـم َّكن ‪‬المركز‪ ‬طيل َة َ‬ ‫عشر عاماً من تنفيذ‪:‬‬ ‫ومحاضرة ولقاء في مواضيع‬ ‫ • ‪ 94‬ندوة ُ‬ ‫تراثية وأَ دبية وثقافية وفنية‪.‬‬

‫��اض��ر ًة من لبنان‬ ‫وم��ح ِ‬ ‫ • ‪ُ 213‬م ِ‬ ‫حاضراً ُ‬ ‫وس���وري���ا وم��ص��ر وال���م���غ���رب ُ‬ ‫واألردن‬ ‫وت��ون��س وال���س���ودان وال��ك��وي��ت وال��ع��راق‬ ‫وفلسطين ِوإسپانيا ِوإيطاليا والواليات‬ ‫المتحدة‪.‬‬

‫ • مهرجان شعري لبناني عربي ُد َول��ي‪:‬‬ ‫‪‬قصائد ُحب ِإلى نَ جمة بيروت‪.‬‬

‫ •‪ 12‬استذكار غياب في ‪ 13‬ندوة‪ِ :‬إدڤيك‬ ‫ش��ي��ب��وب‪ ،‬ميخائيل نعيمه (ن��دوت��ان)‪،‬‬ ‫ميشال ُّزك���ور‪ ،‬ك��رم ملحم ك��رم‪ ،‬شبلي‬ ‫مالط‪ ،‬لورين الريحاني‪ ،‬عمر فاخوري‪،‬‬ ‫ّ‬

‫��ؤت��م��رات ُم َ��ت��ع ِّ��ددة َ‬ ‫األص����وات‪ :‬يوم‬ ‫ •‪ 4‬م َ‬ ‫ال��ت��راث ال ِ��ح َ��رف��ي اللبناني‪ ،‬لبنان في‬ ‫َ‬ ‫األرشيڤ الوطني (‪ 4‬ندوات)‪ ،‬لبنان في‬ ‫َ‬ ‫األرشيڤ العالَ مي (‪ 7‬ندوات)‪ ،‬ابرهيم‬ ‫عبدالعال (‪ 4‬ندوات)‪ ،‬اللجنة الوطنية‬ ‫اللبنانية ُ‬ ‫لألونسكو (‪ 4‬ندوات)‪.‬‬

‫ •‪ 9‬م����ع����ارض ف��ن��ي��ة وأَ دب�����ي�����ة‪ :‬اآلالت‬ ‫الموسيقية التراثية‪ ،‬مصطفى فَ ـ ُّـروخ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫األخطل الصغير‪ ،‬جان خليفة‪ ،‬ميشال‬ ‫ُّزك���ور‪ ،‬ك��رم ملحم ك��رم‪ ،‬شبلي مالط‪،‬‬ ‫وجيه نحلة‪ ،‬عبداهلل غانم‪.‬‬ ‫ •‪ 3‬م��واس��م ج��ام��ع��ي��ة ع���ن‪ :‬ج��ب��ران (‪6‬‬ ‫ن��دوات)‪ ،‬أَ مين الريحاني (‪ 6‬ندوات)‪،‬‬ ‫َ‬ ‫األخوين رحباني (‪ 4‬ندوات)‪.‬‬

‫عشرات الصحف والمجالت اللبنانية‬ ‫ •‬ ‫ُ‬ ‫المحتجبة ُم َب َّوبة ُم َف ْهرسة بالتفصيل‬ ‫ِ‬ ‫الدقيق‪.‬‬ ‫ •‪ 15‬كتاباً توثيقياً في سلسلة منشورات‬ ‫‪‬المركز‪:‬‬

‫تض ّم‬ ‫‪1.1‬مرايا من تراث لبنان (‪ 7‬أَ جزاء ُ‬ ‫نصوص ندوات أَ قامها ‪‬المركز‪.)‬‬ ‫���ي ف����ي خ��م��س��ي��ن��ي��ة‬ ‫‪2.2‬ك����ت����اب ت���وث���ي���ق ّ‬ ‫مصطفى فـ ُّـروخ‪.‬‬

‫‪ 4.4‬ال��ق��ص��ة ال��ق��ص��ي��رة ف���ي ل��ب��ن��ان‪‬‬ ‫لــميشال جحا‪.‬‬ ‫��ب ِإل��ى نجمة بيروت‪‬‬ ‫‪5.5‬قصائد ُح ّ‬ ‫(نُ صوص ‪‬مهرجان َ‬ ‫األرز الشعري‪.)‬‬

‫ـذكر شاعر َ‬ ‫األرز ‪ -‬شبلي مالط‪‬‬ ‫‪6.6‬نَ َـت ّ‬ ‫(نُ صوص الندوة)‪.‬‬

‫‪7.7‬ال��ف��ت��ى ال��م��ت��م ّ��رد م��ي��ش��ال ُّزك����ور‪‬‬ ‫السكندر نجار‪.‬‬

‫‪8.8‬م�����ي�����ش�����ال ُّزك�����������ور ف������ي م���ع���رض‬ ‫‪‬المعرض‪( ‬نُ صوص الندوة)‪.‬‬ ‫‪ 109.9‬سنوات في خدمة تراث لبنان‪‬‬ ‫ضم أَ نشطة المركز أَ ول‬ ‫(كتاب‬ ‫توثيقي َي ُّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 10‬سنوات)‪.‬‬ ‫المجلس العلمي‬

‫كل ما َو َرد آنفاً ‪ِ ،‬إلى‬ ‫ِ‬ ‫يرجع ‪‬المركز‪ ،‬في ِّ‬ ‫س ِعلْ مي‪ ‬من أَ صحاب االختصاص‬ ‫‪‬مجل ٍ‬ ‫َ‬ ‫ف��ي ُمختلف ال��ح��ق��ول ِاإلب��داع��ي��ة َيستنير‬ ‫جار ِب ِهم ِل ُـح ْسن َس��ي ِ��ر ِه ُوبلوغ‬ ‫ِب ِـخ َبر ِتهم َوت ِ‬ ‫أَ فضل أَ داء وآلية وعمالنية من أَ ْجل َتـحقيق‬ ‫هدف ِه وغاي ِته‪.‬‬ ‫ِ‬

‫مو َذج ًا‬ ‫دور ُ الهيئات والم َؤسسات في حفظ التراث ‪‬مركز التراث اللبناني‪ ‬ن َ ُ‬

‫ •ج��ن��اح خ����اص ب��ي��ب��ل��ي��وغ��راف ّ��ي ول����و لم‬ ‫تكن اآلث��ار المذكورة فيه موجود ًة في‬ ‫‪‬المركز‪.‬‬

‫مز َّججة للمالبس اللبنانية‬ ‫جسمات َ‬ ‫ • ُم َّ‬ ‫من القرون الماضية‪.‬‬

‫�����ؤاد س��ل��ي��م��ان‪ُ ،‬ع َ��م��ر‬ ‫ول��ي��د غ��ل��م��ي��ة‪ ،‬ف َ‬ ‫ُ‬ ‫األنسي‪ ،‬عبداهلل غانم‪ ،‬ميشال أَ سمر‪.‬‬

‫الموحدين‬ ‫‪3.3‬أَ دب المخاطبة عند‬ ‫ِّ‬ ‫الدروز‪ ‬لـمحمود صعب‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫‪7‬‬


‫ُتراثُنا اللبناني ‪ :‬معاِلم وعالمات‬

‫بلدية بيروت المحروسة‬ ‫د‪َ .‬ح َّسان حالق‬

‫وثائق ومحاضر من جلسات بلدية بيروت‬ ‫صدر للمرة األولى‬ ‫تَ ُ‬

‫ب��ل��دي��ة ب���ي���روت ال��م��ح��روس��ة‬ ‫شهدت‬ ‫في عهد الشيخ عبد القادر‬ ‫قباني تطوراً ب��ارزاً في مختلف الميادين‬ ‫اإلنمائية والعمرانية‪.‬‬ ‫هنا نماذج إسهامات وإنجازات بلدية على‬ ‫ضوء وثائقها ومحاضر جلساتها التي تنشر‬ ‫للمرة األولى‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫مؤرخ يرصد ُج ّل أبحاثه على استجالء تاريخ بيروت التي ولد فيها (‪)1946‬‬ ‫ • ّ‬ ‫ويعمل فيها ويخصص لها معظم انصرافه التأليفي‪.‬‬

‫ •يحمل الدكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة االسكندرية (‪ )1981‬في‬ ‫مرتبة الشرف ُ‬ ‫األولى‪.‬‬ ‫ •هو حالياً ‪ :‬أُ ستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة بيروت العربية‪.‬‬

‫ •تولى مناصب ومسؤوليات أَ كاديمية وعلمية وثقافية عليا‪ ،‬وله أنشطة‬ ‫عدة‪،‬‬ ‫علمية واجتماعية وإعالمية كثيرة‪ ،‬وإسهامات جامعية ودراسية ّ‬ ‫وإشراف على رسائل ماجستير ودكتوراه في لبنان والخارج‪.‬‬ ‫ •مؤلفاته زادت عن ‪ 100‬كتاب ومنشور في التاريخ والعلوم والبحث العلمي‬ ‫والتوثيق وتحقيق المخطوطات ومناهج التربية وشخصيات ومؤسسات‬ ‫ودراسات في الحضارة العربية واإلسالمية والشعوب اإلسالمية والمدن‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬

‫كانت بلدية بيروت‪ ،‬في العهد العثماني‪ ،‬بمثابة ‪‬حكومة بيروت المحروسة‪،‬‬ ‫تتعاون مع والي بيروت لتحسين ظروف الحياة فيها وتأمين جميع ظروف‬ ‫كامال‬ ‫العيش الكريم ألهلها وسكانها‪ .‬وألجل هذا التعاون كانت تلقى دعماً‬ ‫ً‬ ‫هره هذه الوثائق‬ ‫من السلطان عبدالحميد الثاني (‪ )1909-1876‬فتنعم بـما ُت ْظ ُ‬ ‫حسان حالق‪.‬‬ ‫ص بها ‪‬مرايا التراث‪ ‬مشكوراً‬ ‫ُ‬ ‫المؤرخ الدكتور َّ‬ ‫النادرة التي َخ َّ‬

‫ع��ق��د ال��م��ج��ل��س ال��ب��ل��دي ل��م��دي��ن��ة ب��ي��روت‬ ‫المحروسة جلسة الخميس في ‪ 2‬مارس‬ ‫‪1900-1316‬م برئاسة الشيخ عبد القادر‬ ‫قباني‪ ،‬وحضر من األعضاء‪ :‬سليم أفندي‬ ‫البواب‪ ،‬وسليم أفندي الداعوق‪ ،‬ومصطفى‬ ‫أف��ن��دي ال��غ��ن��دور‪ ،‬ونعمه أف��ن��دي زخ��ري��ا‪،‬‬ ‫ونقوال أفندي عجوري‪ ،‬وجورجي بك رزق‬ ‫��وزي‪ ،‬ومحمد خير‬ ‫اهلل‪ ،‬وحبيب أفندي ب ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫بك اياس‪ ،‬ومحمد مصطفى أفندي بيهم ‪.‬‬ ‫من األم��ور التي عالجها المجلس البلدي‬ ‫استناداً إلى محضر الجلسة‪:‬‬

‫‪1.1‬حضر إل��ى دائ���رة مجلس البلدية يوم‬ ‫ت��اري��خ��ه م��ن ب��اع��ة ل��ح��وم ال��ب��ق��ر‪ :‬عثمان‬ ‫رم��ض��ان‪ ،‬وسليم وي��وس��ف خليفة‪ ،‬وسليم‬ ‫ريشه‪ ،‬وصار مذاكرتهم بخصوص اإلذعان‬ ‫لدفع خمس ب��ارات عن كل أق��ة لحم بقر‬ ‫رسم دباغة‪ ،‬وحيث أص��روا على االمتناع‬ ‫‪  11‬جلسة المجلس البلدي لمدينة بيروت‪2 ،‬‬ ‫مارس ‪ ،1316‬ص ‪ .1‬ألن بعض مجلدات محاضر‬ ‫عمدت إلى ترقيم‬ ‫المجلس البلدي بدون ترقيم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المجلدات األصلية‪ .‬والمجلس البلدي‪ ،‬في تدوين‬ ‫محاضر جلساته‪ ،‬اعتمد تاريخ السنة الهجرية‬ ‫والسنة المالية‪ .‬والتدوين في العهد العثماني قلَّ ما‬ ‫اعتمد تاريخ السنة الميالدية‪.‬‬

‫‪2.2‬تقرر أن يصرف إلى شركة الغاز ثمانية‬ ‫عشر فرنك أجرة تصليح قنديل وقونسول‬ ‫وأجرة إرجاعهما على زاوية ملك الخواجة‬ ‫يوسف بسول في محلة رأس بيروت‪.‬‬

‫‪3.3‬ت���ق���رر أن ي���ص���رف إل�����ى وك���ي���ل خ���رج‬ ‫المستشفى ال��ب��ل��دي م��اي��ة وت��س��ع��ون غرش‬ ‫وخمس بارات عملة دارجة ثمن تنكة السمن‬ ‫المأخوذة إلى المستشفى المذكور معرفة‬ ‫القومسيون المخصوص ليسلم المبلغ المار‬ ‫ذكره إلى أصحابه‪.‬‬

‫‪4.4‬ص��ار المذاكرة بخصوص فتح وتوسيع‬ ‫طريق النورية‪ ،‬وص��ار مطالعة االستدعاء‬ ‫المتقدم م��ن ال��س��ت م���اري قرينة القونت‬ ‫[الكونت] انطون ط َ��رزي تاريخ ‪ 28‬شباط‬ ‫سنة ‪ 1315‬المحول من جانب مقام الوالية‬ ‫ال��ج��ل��ي��ل��ة‪ ،‬وب��م��ا أن ال��س��ت ال��م��وم��ى إليها‬ ‫تدعي مغدوريتها من جهة الشرفية المقرر‬ ‫ّ‬ ‫استيفائها عن العقار خاصتها البالغ واحد‬ ‫وعشرين ألف وتسعماية واثني عشر غرش‪،‬‬ ‫فألجل إعادة الكشف‪ ،‬وإعطاء تقرير موضح‬ ‫بذلك‪ ،‬تقرر تعيين كل من رفعتلو محمد خير‬ ‫بك اي��اس‪ ،‬وسليم بك ال��داع��وق‪ ،‬وجورجي‬ ‫بك رزق اهلل‪ ،‬ونعمه أفندي زخريا ومهندس‬ ‫البلدية‪ ،‬ومع عزتلو بشاره أفندي مهندس‬ ‫النافعة‪ ،‬وأن يعرض عن ذلك لجانب الوالية‬ ‫الجليلة ألجل تعيين عضوين من مجلس إدارة‬ ‫الوالية ليذهبا مع الهيئة المذكورة‪ ،‬إلعطاء‬ ‫تقرير بذلك‪.‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫في العهد العثماني‬

‫بلدية بيروت المحروسة في عهد‬ ‫عبد القادر أفندي قباني (‪)1901-1900‬‬

‫صار التنبيه عليهم بأنه غير مرخص لهم‬ ‫ذبح البقر‪ ،‬إال أن يدفعوا الرسم المذكور‪،‬‬ ‫وم��ن امتنع يصير م��ص��ادرة اللحم خاصة‬ ‫َ‬ ‫للمحافظة على رسوم البلدية‪ ،‬وعليه تقرر‬ ‫قيد ذلك في جريدة قرارات المجلس‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫ويلي ذلك تواقيع رئيس وأعضاء المجلس‬ ‫البلدي‪.‬‬ ‫االهتمام بالمجتمع المدني‬

‫‪10‬‬ ‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫المجلس البلدي ف��ي ب��ي��روت المحروسة‬ ‫على عهد رئيسه الشيخ عبد القادر قباني‬ ‫حرص على االهتمام باألوضاع االجتماعية‬ ‫والصحية وإنشاء الـ‪‬خسته خانة‪ ‬ومحاربة‬ ‫الغالء وتوفير السلع الغذائية للمواطنين ال‬ ‫سيما الطحين وتأمين اإلنارة وسواها‪ .‬ففي‬ ‫جلسة السبت ‪ 24‬ربيع األول ‪ 8(1318‬تموز‬ ‫‪ )1316‬وف��ي حضور رئيس البلدية عبد‬ ‫القادر أفندي قباني واألع��ض��اء‪ :‬إبراهيم‬ ‫بك األسود‪ ،‬ونعمه أفندي زخريا‪ ،‬ومحمد‬ ‫مصطفى أفندي بيهم‪ ،‬وسيون أفندي أبو‬ ‫مور‪،‬‬ ‫شنب‪ ،‬نوقشت قضايا عدة وتقررت أُ ٌ‬ ‫منها‪:2‬‬

‫حيث اتضح بخصوص أرزاق الضابطة عن‬ ‫شهر ح��زي��ران سنة ‪ ،1316‬أن فئة ُ‬ ‫األقّ ��ة‬ ‫من الطحين ثمانية وأربعون قرشاً ‪ ،‬وأُ قة‬ ‫الغاز ثالثة وأرب��ع��ون‪ ،‬وم��ن الشعير ثالثة‬ ‫وعشرين‪ ،‬واوقة التبن ثماني بارات عملة‬ ‫صاغ‪ ،‬فتقرر أن تعطى الفئة المطلوبة على‬ ‫هذه الصورة عن شهر حزيران ‪ ،1316‬بعد‬ ‫أن يضم خمس ب��ارات على أُ ق��ة الطحين‬

‫‪  22‬جلسة المجلس البلدي لمدينة بيروت‪،‬‬ ‫‪ 24‬ربيع األول ‪ ،1318‬ص ‪.41‬‬

‫‪1.1‬لما كانت األص��ول الخاصة تستدعي‬ ‫رف���ع ال��ع��ل��ة واآلف�����ات‪ ،‬وك��ان��ت التنظيفات‬ ‫ف‪ ،‬ف��ال��دائ��رة البلدية ل��م تنفك‬ ‫أفضل وا ٍ‬ ‫ع���ن أخ���ذ ك���ل اح��ت��ي��اط م���ن ش��أن��ه حفظ‬ ‫الصحة العامة‪ ،‬ولهذا اضطرت إلى بذل‬ ‫المصارف الكثيرة مضاعفاً ‪ ،‬كاستئجار‬ ‫المركبات للطواف‪ ،‬وتشكيل الخستخانه‬ ‫التي أنشئت حديثاً في الحرش [الحرج]‬ ‫ل��وض��ع ح��اج��ات األرب��ع��ة المصابين التي‬ ‫تقضي ال��ح��ال ب��إح��راق��ه��ا فيما بعد على‬ ‫نفقة البلدية‪ ،‬وسد [إقفال] بعض الحانات‬ ‫إل���ى غ��ي��ر ذل���ك م��م��ا ي��ع��ود ب��ال��ن��ف��ع ال��ع��ام‬ ‫للصحة‪ .‬وبالنظر لمضيقة [عجز] صندوق‬ ‫البلدية بالحال الماضي كما هو معلوم من‬ ‫البودجه [الميزانية]‪ ،‬فقد تقرر أن يصير‬ ‫التشبث بتحصيل ديونها بموجب المادة‬ ‫األربعين من قانون البلدية سداً للمصارف‬ ‫المذكورة [والنفقات] عربات التنظيفات‬ ‫وزيادتها‪ ،‬وأجرة العمل والمأمورين الذين‬ ‫يجب استخدامهم لذلك فوق العادة‪ ،‬وأن‬ ‫يعرض إلى جانب الوالية الجليلة لصدور‬ ‫األم��ر الكريم إلى دائ��رة البوليس إلرسال‬ ‫اث��ن��ي��ن م���ن رج��ال��ه��ا أو م��ع��اون��ي��ه��م ي��وم��ي��اً‬ ‫ليساعدوا مأموري البلدية بتحصيل رسوم‬ ‫التنظيفات‪ ،‬فقد تقرر عالوة على ذلك أن‬ ‫يستأذن من جناب ال��والي��ة الجليلة بأخذ‬ ‫مبلغ عشرة آالف غ��رش من م��ال اإلعانة‬ ‫للمهاجرين على سبيل القومسيون يصرف‬ ‫في سبيل التنظيفات‪.‬‬

‫‪2.2‬تلي تقرير مدير الغاز المؤرخ في ‪16‬‬ ‫تموز سنة ‪ 1900‬المتقدم إلى مقام الوالية‬ ‫العالي والمحول إلى هذه الدائرة المتضمن‬ ‫توليه من قبل الهيئة العمومية في باريس‬ ‫بتسوية دي��ون الشركة من البلدية‪ ،‬أو في‬

‫ويلي ذلك تواقيع رئيس وأعضاء المجلس‬ ‫البلدي‪.‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪ُ 5.5‬ت ِل َي تقرير رفعتلو الحاج سليم أفندي‬ ‫البواب تاريخ ‪ 2‬مارس سنة ‪ 1316‬بخصوص‬ ‫إج��ارة الدكاكين بطريق النورية الجديدة‬ ‫على أي��ام متقطعة‪ ،‬وأن المبلغ المجموع‬ ‫هو أربعماية واثنين وثمانين غرشاً عملة‬ ‫صاغ‪ ،‬فتقرر قيد ذلك إيراد في الصندوق‬ ‫البلدي‪.‬‬

‫ح��ت��ى ت��ص��ب��ح أوق����ة ال��خ��ب��ز ب��س��ع��ر ث�لاث‬ ‫وخمسون باره‪.‬‬

‫األقل استالم مبلغ وافر من أصل الدين في‬ ‫الحال‪ِ ،‬وإال فإنه يضطر إلى إطفاء الغاز في‬ ‫األزقة‪ .‬وبالمذاكرة بذلك‪ ،‬رؤى أن الشركة‬ ‫كانت تتناول المبالغ المقررة لها بحسب‬ ‫ال��م��ق��اول��ة ال��م��ع��ق��ودة بينها وب��ي��ن ال��دائ��رة‬ ‫البلدية‪ ،‬والفائض جار على مطاليبها وفقاً‬ ‫لالتفاق‪ ،‬فقد أوجب ذلك مزيد االستغراب‬ ‫لخروجه ع��ن ال��ح��دود المألوفة‪ ،‬السيما‬ ‫قبال بواسطة الرياسة ألخذ‬ ‫وأنه قد تكلف ً‬ ‫عقارات بمقابلة دينه‪ ،‬باعتبار الماية أربعة‬ ‫في السنة‪ .‬وبوقتها امتنع عن قبول ذلك‪،‬‬ ‫على أن��ه إذا أص��رت الشركة على إطفاء‬

‫الغاز‪ ،‬فالدائرة البلدية‪ ،‬والحالة هذه تعتبر‬ ‫عمل الشركة ه��ذا‪ ،‬بأنه قطع لكل عالقة‬ ‫لها مع الدائرة البلدية‪ ،‬وتصبح البلدية حرة‬ ‫بإنارة األزقة في البترول إلى أن يتيسر لها‬ ‫التنوير بواسطة أخرى يكون أكثر فائدة من‬ ‫الغاز الهوائي‪ ،‬وتعتبر أيضاً أن القناديل‬ ‫الموجودة وقونسالتها هي بمثابة قسم من‬ ‫ديون الشركة يجب خصم قيمته من أصل‬ ‫الدين‪ ،‬ألن عمل الشركة جعل البلدية غير‬ ‫قادرة على االنتفاع بشيء منها‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫جلسة مجلس بلدية بيروت برئاسة عبد القادر أفندي قباني في ‪ 2‬مارس ‪ُ 1316‬بحث فيها‬ ‫موضوع تمنع البعض عن دفع الرسوم وصرف مبالغ لشركة الغاز‪ ،‬وللمستشفى البلدي‪ ،‬وتوسيع‬ ‫طريق النورية‪ ،‬وأجور بعض دكاكين البلدية‬


‫بعض واردات البلدية ونفقاتها‬ ‫سنة ‪1316‬‬

‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫مصارفات ونفقات البلدية سنة ‪1316‬‬

‫ويلي ذلك تواقيع رئيس وأعضاء البلدية‪.‬‬ ‫دوما‪ ...‬مسألة النصاب‬ ‫ً‬

‫ع��ن��د دراس����ة م��ح��اض��ر ج��ل��س��ات المجلس‬ ‫البلدي لمدينة ب��ي��روت المحروسة يتكرر‬ ‫أكثر من مرة عدم اكتمال النصاب النعقاد‬ ‫الجلسات فال تنعقد‪ .‬وفي جلسة االثنين ‪3‬‬ ‫ربيع اآلخ��ر ‪ 17-1318‬تموز ‪ 1316‬عقدت‬ ‫جلسة برئاسة عبد القادر قباني وحضور‬ ‫األعضاء‪ :‬إبراهيم بك األسود‪ ،‬ونقوال أفندي‬ ‫ع��ج��وري‪ ،‬ونعمه أف��ن��دي زخ��ري��ا‪ ،‬ومحمد‬ ‫مصطفى أفندي بيهم‪ ،‬وسليم بك الداعوق‪،‬‬ ‫وتداول الرئيس واألعضاء عدة أمور‪ ،‬واتخذ‬ ‫القرارات الالزمة بشأنها ومنها‪:4‬‬

‫كما بحث المجلس بعض األم��ور اإلنمائية‬ ‫الخاصة بأسواق بيروت المحروسة‪ ،‬ومنها‬ ‫م��ش��روع إن��ش��اء م��ج��رور يمتد م��ن ساحة‬ ‫ال��ن��وري��ة إل��ى س��وق س��رس��ق‪ .‬وب��ع��د إهمال‬ ‫العمال تقرر مد المجرور بإشراف مهندس‬ ‫البلدية ومعه عضو المجلس البلدي نعمة‬ ‫أف��ن��دي زخ��ري��ا‪ .‬كما ق��رر المجلس خصم‬ ‫(كذا) راتب شهر على أحد حراس البلدية‬ ‫ألنه أهمل في مراقبة المخالفات في مناطق‬ ‫زقاق البالط والباشورة‪ .‬كما قرر المجلس‬ ‫صرف (‪ )42‬فرنكاً و(‪ )30‬سنتيماً إلى شركة‬ ‫المياه مصاريف تصليحات أنابيب الحديقة‬ ‫الحميدية‪ ،‬وص��رف (‪ )643‬فرنكاً و(‪)45‬‬ ‫سنتيماً إلى شركة المياه ذاتها قيمة المياه‬ ‫المستعملة لرش الطرق في بيروت وأجرة‬ ‫ال��ع��م��ال‪ .‬كما ت��ق��رر ص��رف (‪ )197‬فرنكاً‬ ‫و(‪ )35‬سنتيماً لشركة المياه كلفة ‪‬تبحيص‪‬‬ ‫الطرق (وضع الحصى عليها)‪ .‬والمالحظ‬ ‫أن جميع هذه النفقات صرفت لشركة المياه‬ ‫استناداً إلى تقارير من مهندس البلدية‪ .‬كما‬

‫‪2.2‬تلي اس��ت��دع��اء ال��س��ادات محمد راش��د‬ ‫بيهم وأخوانه‪ ،‬وعبد الرحمن أفندي بيهم‬ ‫وأخ����وه ال���م���ؤرخ ف��ي ‪ 5‬رب��ي��ع األول ‪1316‬‬

‫‪  33‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 27‬ربيع األول ‪ ،1318‬ص ‪.42‬‬

‫‪  44‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 3‬ربيع اآلخر ‪ ،1318‬ص ‪.44‬‬

‫‪1.1‬تلي تقرير مهندس البلدية المتضمن‬ ‫بأن القنطرة المسقوفة بالخشب الموجودة‬ ‫على طريق البحر في منطقة رأس بيروت‬ ‫‪‬ه��ي ف��ي حالة مخربة‪ ،‬وتقضي عقدها‬ ‫بالحجارة‪ ...‬ألنه طالما معقودة بالخشب‬ ‫ف��إن��ه��ا ت��ح��ت��اج إل���ى إص�ل�اح مستمر‪ ،‬مما‬ ‫ي��زي��د المصاريف إل��ى ح��وال��ي خمسماية‬ ‫غرش‪ ،‬لذلك‪ ،‬قرر المجلس عقد القنطرة‬ ‫بالحجارة ألن ذلك أوفر على البلدية‪ ،‬على‬ ‫أن تعقد بواسطة مهندس البلدية‪.‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪12‬‬

‫وفي جلسة الثالثاء في ‪ 27‬ربيع األول ‪11-‬‬ ‫تموز ‪ 1316‬وبرئاسة عبد ال��ق��ادر أفندي‬ ‫تمت دراسة تقرير مهندس البلدية‬ ‫قباني‪ّ ،‬‬ ‫المرفق بتقرير بكباشي السواري الخاص‬ ‫بالمياه التي تصب في قشلة السواري من‬ ‫مياه البلدة‪ ،‬وال��ت��ي ُت َب ِّين ب��أن قناة المياه‬ ‫ال��خ��اص��ة بها تحتاج إل��ى تصليح وكلفتها‬ ‫خمسماية وواحد وسبعين قرشاً وربع‪ .‬وقد‬ ‫تبين بأن البلدية لم يسبق لها أن أنفقت على‬ ‫مثل هذا العمل الخاص بالقشلة ألن أكالف‬ ‫إصالح كل قناة عائدة على من ينتفع بالمياه‬ ‫المذكورة‪ ،‬فعليه تقرر تحرير مذكرة بذلك‬ ‫إل��ى وكيل القومندان العساكر الشاهانية‬ ‫ألعالم بكباشي قشلة السواري‪.3‬‬

‫تقرر صرف مبلغ (‪ )970‬غرشاً عملة دارجة‬ ‫إلى أحمد أفندي العرب جاويش البلدية‪،‬‬ ‫أج��ور العمال الذين اشتغلوا في ‪‬تشحيل‬ ‫الحرش‪( ‬حرج بيروت المحروسة) يوزعهم‬ ‫على العمال بمعرفته‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫استمرت بلدية بيروت المحروسة في متابعة‬ ‫ّ‬ ‫أوضاع المحروسة وأوضاع البيارتة والعمل‬ ‫تطورها‬ ‫على تنفيذ م��ا يضمن اس��ت��م��رار ّ‬ ‫وتطور أوضاعها االقتصادية واالجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫والصحية والبيئية والعمرانية‪ .‬لذا تتابعت‬ ‫الجلسات ف��ي عهد الرئيس عبد القادر‬ ‫قباني‪ .‬وف��ي جلسة الثالثاء ‪ 8‬أغسطس‬ ‫‪ ،1316‬نوقشت أم��ور بيروت المحروسة‪،‬‬ ‫عدة‪ ،‬منها‪:5‬‬ ‫واتخذت قرارات ّ‬

‫‪1.1‬تعيين محمد علي أفندي سعادة مفتشاً‬ ‫للبلدية بعد إحالة المفتش فؤاد بك شهاب‬ ‫على التقاعد‪ ،‬وإحالة هذا القرار لجانب‬ ‫الوالية الجليلة‪.‬‬ ‫‪  55‬جلسة المجلس البلدي في ‪ 8‬آب ‪،1316‬‬ ‫ص ‪.48‬‬

‫‪3.3‬تلي االستدعاء المقدم من عبد الغني‬ ‫سعاده ملتزم عملية رش الطرق في بيروت‬ ‫ال��م��ح��روس��ة سنة ‪ .1317‬وط��ل��ب اس��ت��ن��اداً‬ ‫إلى قائمة المناقصة والشرطنامة إعطاؤه‬ ‫بدال من ألفي قرش‪ ،‬ألن‬ ‫ثالثة آالف قرش ً‬ ‫ش���وارع وط��رق��ات ب��ي��روت باتت تحتاج إلى‬ ‫بدال من ثمانية عشر‬ ‫برميال يومياً ً‬ ‫عشرين‬ ‫ً‬ ‫برميال‪،‬‬ ‫فضال من أنه يقوم بتصليح براميل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الرش‪ ،‬وكلفتها نصف ما يتقاضى تقريباً ‪.‬‬ ‫ووافق المجلس على االستدعاء المومى إليه‬ ‫على أن يقوم المستدعي في السنة التالية‬ ‫بتصليح براميل ال��رش على نفقته‪ ،‬وأخذ‬ ‫سند منه بمعرفة قلم المجلس‪.‬‬ ‫ويلي ذلك تواقيع رئيس وأعضاء المجلس‬ ‫البلدي‪.‬‬ ‫أيض ًا وأيض ًا‪ ...‬أزمة مياه وكهرباء‬ ‫طيلة العهد العثماني وال��ع��ه��د الفرنسي‬ ‫وعهود االستقالل كان البيارتة وما زالوا‬ ‫يعانون من مشكلة المياه والكهرباء‪ .‬لذا‬

‫‪1.1‬في جلسة الخميس ‪ 22‬م��ارس ‪1317‬‬ ‫برئاسة عبد القادر أفندي قباني وحضور‬ ‫األع��ض��اء‪ :‬سليم ب��ك ال���داع���وق‪ ،‬ومحمد‬ ‫خير اياس‪ ،‬وإبراهيم بك األسود‪ ،‬والحاج‬ ‫مصطفى الغندور‪ ،‬ونقوال أفندي عجوري‪،‬‬ ‫ومحمد مصطفى أفندي بيهم‪ ،‬تلي تحرير‬ ‫م��دي��ر ش��رك��ة ال��م��ي��اه ال��م��وس��ي��و م��ارت��ن��دل‬ ‫بتاريخ ‪ 16‬آذار ‪ 1901‬بخصوص طلبه من‬ ‫المجلس البلدي اتفاق على المياه الالزمة‬ ‫لرش الطرقات بسعة المتر المكعب خمسة‬ ‫وعشرين سنتيماً ‪ .‬وجرت المذاكرة بحضور‬ ‫المستر مارتندل مدير الشركة المذكورة‪،‬‬ ‫وبعد المخابرة الشفاهية ج��رى االتفاق‬ ‫ب��ي��ن ال��م��ج��ل��س وب��ي��ن ال��م��وم��ى إل��ي��ه‪ ،‬ب��أن‬ ‫البلدية تدفع له مبلغ الستين ألف فرنك‬ ‫المخصصة للشركة سنوياً عن ثمن المياه‪،‬‬ ‫وقسم من الديون بأوقاتها أي بظرف سنة‬ ‫ألف وثالثماية وسبعة عشر الحالية‪ ،‬وأن‬ ‫تجتهد بتحصيل بقايا أموال السنة الرابعة‪،‬‬ ‫وبعد أن تدفع من أصلها معاش المأمورين‬ ‫عن شهر شباط‪ ،‬تدفع في أول األمر مبلغ‬ ‫الخمسة عشر ألف فرنك الباقية للشركة‬ ‫من تخصيصات السنة السابقة‪ ،‬وبناء على‬ ‫ذلك فالشركة ُتبقي ثمن الماء الالزم لهذه‬ ‫الطرقات حسب سعره السابق أي كل متر‬ ‫مكعب باثني عشر سنتيماً ونصف‪ .‬ووافق‬ ‫جناب المدير المومى إليه على ما ذكر‪،‬‬ ‫وتقرر عليه الكيفية للوالية الجليلة‪.‬‬

‫‪2.2‬تلي تقرير مدير شركة المياه الخواجة‬ ‫(المستر) مارتندل‪ ،‬بتاريخ ‪ 28‬آذار سنة‬ ‫‪ 1901‬المتضمن طلبه تعديل الفائدة على‬ ‫مبلغ الخمسة عشر ألف فرنك التي توقفت‬ ‫من تخصيصات الشركة في بودجه (ميزانية)‬ ‫سنة ألف وثالثماية وستة عشر في الماية‬

‫في ظل الدولة العثمانية التي كانت ترى‬ ‫أنها الدولة الخالقة‪ ،‬كانت بلدية بيروت‬ ‫المحروسة تتعامل بالفائدة المالية مع‬ ‫المؤسسات البيروتية والعثمانية والدولية‬ ‫بدون قيود‪ .‬كما ُيظهر واقع الحال تحكم‬ ‫الشركات األجنبية بالمؤسسات العثمانية‪،‬‬ ‫ومن بينها البلدية‪.‬‬

‫‪3.3‬تلي ق��رار مجلس إدارة ال��والي��ة بتاريخ‬ ‫‪ 5‬كانون األول سنة ‪ 1316‬نومرو (‪)379‬‬ ‫المتضمن ل����زوم ت��ن��زي��ل م��ب��ل��غ س��ت��ة آالف‬ ‫ق��رش م��ن ثمن أم�ل�اك ال��خ��واج��ات ج��ورج‬ ‫موسى سرسق وإخوانه‪ ،‬والخواجة يوسف‬ ‫ّتيان التي صار هدمها‪ ،‬وأخذ قسماً منها‬ ‫لتوسيع الطريق الواقع شرقي دار الحكومة‬ ‫خمنة لها وقدرها ماية‬ ‫الم ّ‬ ‫من أصل القيمة ُ‬ ‫وثمانية عشر ألف ق��رش‪ ،‬وإعطاء الباقي‬ ‫وق���دره م��اي��ة واث��ن��ي عشر أل��ف ق��رش إلى‬ ‫الخواجات المومى إليهم‪ ،‬وع��دم مطالبة‬ ‫البلدية لهم بقيمة شرفية‪ ،‬ألنهم بالرجوع‬ ‫إلى أمالكهم إلى الوراء لم يزد اعتبارها‪ .‬ثم‬ ‫تلي أمر الوالية الجليلة الصادر بتاريخ ‪15‬‬ ‫م��ارس سنة ‪ 1317‬نومرو (‪ )26‬المتضمن‬ ‫لزوم إعطاء الخواجات المومى إليهم سنداً‬ ‫بالقيمة المذكورة حسب المسودة المرسلة‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪14‬‬

‫ب��خ��ص��وص قبولهم ت��س��دي��د ال��ب��ل��دي��ة مبلغ‬ ‫ع��ش��رة آالف وأرب��ع��م��اي��ة وس��ب��ع��ة وأرب��ع��ي��ن‬ ‫ق��رش عملة دارج���ة‪ ،‬مطلوبهم من الدائرة‬ ‫البلدية بموجب مضبطة بيهم مؤرخة في‬ ‫‪ 12‬تموز ‪ ،1315‬وذل��ك بقية ثمن أمالكهم‬ ‫التي هدمت لتوسيع الشارع الجديد‪ ،‬وذلك‬ ‫بإعطائهم [ببيعهم] الدكان ملك البلدية في‬ ‫الشارع المذكور المعروفة تحت نومرو (‪)3‬‬ ‫والمأجورة بستماية وخمسين قرش سنوياً‬ ‫سكن عبد القادر العريس بمبلغ أربعة عشر‬ ‫ألف قرش عملة دارجة‪ ،‬يخصم من أصلها‬ ‫مطلوبهم المحرر أع�ل�اه‪ ،‬ويستوفى منهم‬ ‫الباقي‪ ،‬وحيث رؤى بذلك صالح الطرفين‪،‬‬ ‫تقرر االستئذان عن ذلك من جناب الوالية‬ ‫الجليلة‪ ،‬حتى إذا صدر أمرها العالي بإجراء‬ ‫اإلي��ج��اب يصير وض���ع ال��دك��ان ال��م��ذك��ورة‬ ‫بالمزايدة العلنية‪ ،‬وإذا تبين وجود من يشتري‬ ‫بثمن أكثر من القيمة المحررة أعاله يصير‬ ‫بيعها إلى الزائد األخير ويدفع للمستدعين‬ ‫قيمة مطلوبهم من ثمنها (انتهى)‪.‬‬

‫‪2.2‬بمناسبة ق���رب ح��ل��ول ال��ي��وم السعيد‬ ‫ال��م��ص��ادف م����رور خ��م��س وع��ش��ري��ن سنة‬ ‫تبوء ‪‬حضرة سيدنا وموالنا السلطان‬ ‫على ُّ‬ ‫المعظم تخت الخالفة الكبرى [السلطان‬ ‫عبد الحميد الثاني]؛ ولما كان من الواجب‬ ‫القيام بالمعدات [باإلعداد] الالزمة منذ‬ ‫اآلن‪ ،‬إلج��راء االحتفاالت الفائقة تعظيماً‬ ‫وتكريماً لهذا اليوم السعيد‪ ،‬تقرر أن يعهد‬ ‫إل��ى ك��ل م��ن الرئيس عبد ال��ق��ادر أفندي‬ ‫قباني واألعضاء سليم أفندي البواب ونعمة‬ ‫أفندي زخريا قومسيوناً لالهتمام وإجراء‬ ‫م��ا ي��ل��زم ل��ذل��ك إث��ب��ات��اً ل��ش��ع��ار ال��ص��داق��ة‬ ‫والعبودية‪ .‬وم��ن اإلن��ج��ازات التي قامت‬ ‫بها البلدية بهذه المناسبة إقامة ‪‬السبيل‬ ‫الحميدي‪ ‬في ساحة السور‪.‬‬

‫كانت تثار أحياناً مشكلة المياه في جلسات‬ ‫المجلس البلدي لمدينة بيروت المحروسة‪:‬‬

‫خمسة‪ .‬وجرت المذاكرة بحضور الخواجة‬ ‫م��ارت��ن��دل مدير الشركة ال��م��ذك��ورة‪ ،‬ول��دى‬ ‫تكليفه بقبول الفائدة عن المبلغ المذكور في‬ ‫الماية أربعة كما هو جار على بقية المبلغ‬ ‫المطلق للشركة‪ ،‬أظهر عدم اقتداره‪ ،‬لذلك‪،‬‬ ‫حيث أن الشركة في لندره (لندن) حررت له‬ ‫قبال‬ ‫أمراً قطعياً بهذا الخصوص‪ ،‬وبما أنه ً‬ ‫بتاريخ ‪ 19‬نيسان سنة ‪ 1900‬قد اشترطت‬ ‫الشركة على البلدية أن الفائدة عن المبلغ‬ ‫المذكور في الماية خمسة‪ ،‬تقرر تصحيح‬ ‫القيود على هذا الوجه عن المبلغ المذكور‬ ‫فقط لحين إيفائه‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫ه��ك��ذا‪ ،‬اس��ت��ن��اداً إل���ى ق���رار وال���ي ب��ي��روت‬ ‫المحروسة‪َ ،‬ت َب ّنى المجلس البلدي تسديد‬ ‫ال��م��ت��وج��ب��ات وال��ت��ع��وي��ض��ات ال��م��ال��ي��ة آلل‬ ‫سرسق وآلل ّتيان بالتقسيط‪ ،‬وب��دون أية‬ ‫ف��وائ��د م��ال��ي��ة‪ ،‬ل��ع��دم وج���ود األم�����وال في‬ ‫صندوق البلدية‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫التي مآلها أن��ه بالنظر لعدم وج��ود دراه��م‬ ‫ك��اف��ي��ة لتسديد ه���ذا المبلغ ف��ي ص��ن��دوق‬ ‫البلدية في الوقت الحاضر رؤى تسويته‬ ‫مقسطاً أرب��ع��ة أق��س��اط اع��ت��ب��اراً م��ن ‪10‬‬ ‫مارت من هذه السنة‪ :‬القسط األول يدفع‬ ‫بعد مرور شهرين‪ ،‬والثاني بعد مرور أربعة‬ ‫أش��ه��ر‪ ،‬وال��ث��ال��ث ب��ع��د م����رور س��ت��ة أش��ه��ر‪،‬‬ ‫والرابع بعد مرور ثمانية أشهر‪ ،‬وذلك من‬ ‫أم���وال السنة الحالية والسنين السابقة‪.‬‬ ‫فعمال بذلك‪ ،‬تقرر أن يعطى للموصى إليهم‬ ‫ً‬ ‫سنداً مختوماً بختم المجلس يتضمن لزوم‬

‫دف��ع مبلغ المئة واالث��ن��ي عشر أل��ف قرش‬ ‫المذكورة لهم بظرف ثمانية أشهر بحسب‬ ‫األقساط المحررة من أموال السنة الحالية‪،‬‬ ‫وأموال السنين السابقة‪.‬‬

‫‪4.4‬تلي اس��ت��دع��اء خ��زن��ة بنت خليل شيخ‬ ‫عمر من أهالي قرية طلوزه التابعة لنابلس‬ ‫(هكذا) وابنتها جميلة المؤرخ في ‪ 11‬مارت‬ ‫إعطاؤهما‬ ‫سنة ‪ .1317‬وعند المذاكرة تقرر‬ ‫ُ‬

‫معاش ثالثة أشهر اعتباراً من شهر مارت‬ ‫الحالي‪ ،‬ك��ل شهر خمسة وسبعون قرشاً‬ ‫فقط لتحقق فقر حالهما صدقة عن الذات‬ ‫الشاهانية بصورة مؤقتة‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫جلسة مجلس بلدية بيروت برئاسة عبد القادر قباني في ‪ 3‬ربيع اآلخر ‪1318‬هـ‪ 17-‬تموز ‪1316‬‬ ‫(‪1900‬م) تضمنت دراسة بعض عقارات في رأس بيروت‪ ،‬وتسديد مبالغ آلل بيهم ثمن أمالكهم‬ ‫التي هدمت لتوسيع الشارع الجديد‬

‫جلسة مجلس بلدية بيروت برئاسة عبد القادر قباني في ‪ 8‬أغسطس ‪ ،1316‬تضمنت موضوع‬ ‫غياب مفتش البلدية فؤاد بك شهاب‪ ،‬واإلعداد لالحتفال بمرور ‪ 25‬سنة على تولي السلطان عبد‬ ‫الحميد الثاني العرش‪ ،‬وموضوع تلزيم رش الطرق في بيروت‬


‫‪ )2‬بلدية بيروت المحروسة‬ ‫في عهد عبد الرحمن باشا بيضون‬ ‫(‪)1903 -1901‬‬

‫‪18‬‬ ‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫ب��ع��د دراس����ت����ي ع���ش���رات آالف ال��وث��ائ��ق‬ ‫وال��م��ح��اض��ر وق�����رارات ال��م��ج��ل��س البلدي‬ ‫لمدينة بيروت المحروسة تبينت لي حقائق‬ ‫اج��ت��م��اع��ي��ة واق��ت��ص��ادي��ة وص��ح��ي��ة وبيئية‬ ‫وتربوية ووقفية وعمرانية وتاريخية بما فيها‬ ‫طمس تاريخ رؤساء وأعضاء من المجلس‬ ‫البلدي للمحروسة‪ :‬تم تأريخ رؤساء بلدية‬ ‫بيروت وأغفل تاريخ معظمهم ال عمداً بل‬ ‫جهال بوثائق أصلية ال تشير إليهم‪ .‬هكذا‬ ‫ً‬ ‫تبين ل��ي أن عبد ال��رح��م��ن ب��اش��ا بيضون‬ ‫(باني مسجد برج أبي حيدر عام ‪)1901‬‬ ‫تولى رئاسة بلدية بيروت المحروسة بين‬ ‫‪ 1319-1317‬وله فيها إنجازات وإسهامات‬ ‫إنمائية وعمرانية مهمة‪.‬‬

‫فالخميس ‪ 22‬كانون الثاني سنة ‪ 1319‬عقد‬ ‫المجلس البلدي لمدينة بيروت المحروسة‬ ‫تابع جلسة ‪ 22‬مارس ‪1317‬‬

‫‪  66‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 22‬آذار ‪ ،1317‬ص ‪.90-89‬‬

‫‪1.1‬ت��دارس المجلس البلدي ب���إدارة أمور‬ ‫داخ��ل��ا وخ���ارج���اً ‪،‬‬ ‫‪‬ال���ب���ل���دة‪ ‬أي ب���ي���روت‬ ‫ً‬ ‫وتبين بأن ق��رار تخفيض جواشن البلدية‬ ‫(ال��ح��رس) إل��ى عشرين ن��ف��راً ك��ان ق���راراً‬ ‫خاطئاً ‪ ،‬لذلك تقرر إعادة العدد إلى أربعة‬ ‫وعشرين نفراً وإعادة الذي صار إخراجهم‬ ‫وهم‪ :‬أسعد أفندي عقل‪ ،‬إبراهيم أفندي‬ ‫ال��ح��ص��ري‪ ،‬خليل أف��ن��دي ط��ب��اخ��ه‪ ،‬حسن‬ ‫أفندي الكستي‪ ،‬إبراهيم أفندي الحريري‪،‬‬ ‫رض���ا أف���ن���دي ال��ك��ري��دي��ة‪ ،‬ال��ش��ي��خ ف���ارس‬ ‫أفندي حبيس‪ ،‬مع إبقاء كل من الجواشن‬ ‫في مأمورياتهم وهم‪ :‬أحمد عزت أفندي‪،‬‬ ‫محمد أفندي عانوتي‪ ،‬سليم شهاب الدين‬ ‫أفندي‪ ،‬طاهر أفندي اليافي‪ ،‬نقوال أفندي‬ ‫بخعازي‪ ،‬عبده أفندي ربيز‪ ،‬اسكندر أفندي‬ ‫عبود‪ ،‬سليمان أفندي البستاني‪ ،‬حبيب‬ ‫أفندي بدوره‪ ،‬سموحه أفندي حزقيل‪ .‬وبما‬ ‫أن أحد الجواشن نقوال أفندي عرمان ترك‬ ‫وفر كما انفهم من تقرير المفتش‬ ‫مأموريته ّ‬ ‫المؤرخ في ‪ 15‬كانون الثاني سنة ‪،1319‬‬ ‫لذلك تقرر عزله واالستغناء عنه‪ ،‬وتعيين‬ ‫كل من محمد أفندي فايد وهاشم أفندي‬ ‫بوجي جاويشين إب�لاغ��اً لعدد الجواشن‬ ‫أربعة وعشرين نفراً ‪ ،‬واالعتذار من الياس‬ ‫أفندي فياض وجورجي أفندي خباز بسبب‬ ‫االكتفاء ب���ـ(‪ )24‬ن��ف��راً ‪ .‬كما ق��رر المجلس‬ ‫تنزيل معاشات الجواشن مايتي وخمسين‬ ‫قرشاً شهرياً اعتباراً من ‪ 22‬كانون الثاني‬ ‫سنة ‪.1319‬‬ ‫‪  77‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 22‬كانون الثاني ‪ ،1319‬ص ‪.140-139‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫جلسة ‪ 22‬م���ارس سنة‬ ‫‪ 1317‬ب���رئ���اس���ة ع��ب��د‬ ‫ال��ق��ادر أف��ن��دي قباني‪،‬‬ ‫تضمنت دراسة االتفاق‬ ‫ب��ي��ن ال��ب��ل��دي��ة وش��رك��ة‬ ‫م���ي���اه ب�����ي�����روت‪ ،‬ودف����ع‬ ‫ت���ع���وي���ض���ات ه�����دم آلل‬ ‫س���رس���ق‪ ،‬وم��س��اع��دات‬ ‫لبعض الفقراء من خارج‬ ‫بيروت‬

‫‪5.5‬وي��ل��ي ذل����ك ت��واق��ي��ع رئ��ي��س وأع��ض��اء‬ ‫المجلس البلدي‪ ،‬غير أنه ذيل بعض األعضاء‬ ‫على تواقيعهم بالعبارات التالية‪ :‬مخالف‬ ‫ال���ق���رار ال��ث��ال��ث ل��ع��دم وج����ود م��ال��ي��ة‪...‬‬ ‫و‪‬مخالف للقرار الثالث لكونه ما جرت‬ ‫المذاكرة به مجلسياً بحسب األص��ول‪.‬‬ ‫ما يعني أن بعض أعضاء المجلس البلدي‬ ‫لم ي��ت��رددوا في إب��داء اعتراضهم ال على‬ ‫ق���رارات مجلسهم ب��ل على ق���رارات وال��ي‬ ‫بيروت وجناب الوالية الجليلة‪ ،‬ما يؤكد أن‬ ‫البيارتة مسلمين ومسيحيين نشأوا منذ‬ ‫مئات السنين على مبادئ الحرية والعدالة‬ ‫والحق والديمقراطية ‪.6‬‬

‫جلسة برئاسة سعادتلو عبد الرحمن باشا‬ ‫ب��ي��ض��ون وح��ض��ور األع���ض���اء‪ :‬ال��ش��ي��خ طه‬ ‫أفندي النصولي‪ ،‬ومصباح أفندي جبيلي‪،‬‬ ‫وودي���ع أف��ن��دي ف��ي��اض‪ ،‬وإب��راه��ي��م أفندي‬ ‫غبريل ‪ ،7‬وقرروا األمور التالية‪:‬‬

‫‪19‬‬


‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫وفي بنود أخرى على جدول األعمال بحث‬ ‫ال��م��ج��ل��س ال��ب��ل��دي ت��ق��ري��ر ط��ب��ي��ب البلدية‬ ‫والرسالة الواردة من وكالء ‪‬شركة السيكورتاه‬ ‫العثمانية‪ ،‬وموضوع التنويرات‪ ،‬وعدم تعيين‬ ‫مأمور جديد لجمع رسوم التنويرات‪ .‬واستمع‬ ‫المجلس البلدي إلى تقرير مهندس البلدية‬ ‫شرح فيه سقوط حائط الطريق الواقع قبلي‬ ‫مخازن شركة السكة الحديدية المعروفة‬ ‫بمخازن خضرا‪ .‬وتقرر إعادة بناء الحائط‬ ‫منعاً للضرر‪ .‬وف��ي الجلسة ذات��ه��ا تقررت‬ ‫إنارة الدائرة البلدية بالنور الغاز على حساب‬ ‫الشركة م��ج��ان��اً ‪ ،‬ع��دا مصاريف ‪‬الحيات‬ ‫الالزمة لذلك‪ ،‬وثمن قناديل‪.‬‬

‫بعد ذلك تمت تواقيع الرئيس واألعضاء‪.‬‬

‫ف م��ن الحديد في‬ ‫‪1.1‬إن��ش��اء ث�لاث م��ص��ا ٍ‬ ‫سوق القطن لمنع مياه المطر من الدخول‬ ‫إل���ى ال��م��ح�لات‪ ،‬وت��ن��زي��ل��ه��ا ف��ي ال��م��ج��رور‬ ‫العمومي‪ ،‬وصرف ثالثماية قرش الالزمة‬ ‫لذلك بمعرفة مهندس البلدية‪.‬‬ ‫‪2.2‬صرف ثالثماية وخمسة وثمانون قرشاً‬ ‫عملة دارج��ة عن مصاريف سليم قليالت‬ ‫من أهالي بيروت ال��ذي ص��ار إرس��ال��ه مع‬ ‫نفر تراندارمه إلى دار السعادة لمداواته‬ ‫من داء الكلب بموجب السند المتقدم من‬ ‫جاويش التراندارمه قاسم آغا‪ ،‬والمصدق‬ ‫من طرف قوماندان التراندارمه‪.‬‬

‫‪3.3‬صرف خمسماية وتسعة وتسعون قرشاً‬ ‫وخمس عشرة باره صاغ ثمن الخبز الالزم‬ ‫إلى خستخانة البلدية عن أيلول سنة ‪1318‬‬ ‫ب��م��وج��ب ال��س��ن��د ال��م��ؤرخ ف��ي ‪ 21‬تشرين‬ ‫األول سنة ‪ 1318‬المعطى من وكيل خرج‬ ‫الخستخانة‪ ،‬كما تقرر صرف ثالثة آالف‬ ‫وم��اي��ة وخمسة وخمسون ق��رش��اً وثالثون‬ ‫باره ثمن األرزاق ومستلزمات الخستخانة‬ ‫بموجب سندات مقدمة من وكيل الخرج‬ ‫والمصدقة من المأمورين المختصين‪.‬‬ ‫‪  88‬جلسة ال��م��ج��ل��س ال��ب��ل��دي ل��م��دي��ن��ة ب��ي��روت‬ ‫في ‪ 30‬تشرين األول ‪ ،1318‬ص ‪.166‬‬

‫‪5.5‬تقرر تعليق ثالثة قناديل في الطريق‬ ‫الموصل من جامع المصيطبة إلى طريق‬ ‫بئر السبيل‪ ،‬نظراً ألهمية الطريق المذكور‪،‬‬ ‫ولتكرار استرحام األهالي لذلك‪.‬‬

‫‪6.6‬تقرر نقل قنديل الغاز الموجود بحائط‬ ‫ديه في طريق المحافر إلى مواجهة مدخل‬ ‫زاروب الحاج سعد الدين أفندي الطيارة‪،‬‬ ‫ونقل القنديل الموجود أمام العازارية إلى‬ ‫مفرق الطريقين بحيث يتعمم النور أكثر‪.‬‬

‫‪7.7‬تقرر تعليق قنديل أمام فرن القنطاري‬ ‫بالنظر ألهمية الطريق المذكور‪ ،‬وتقرر‬ ‫تعبئة ثالثة قناديل في الطريق الممتد من‬ ‫جامع رأس بيروت إلى جسر عين المريسه‪،‬‬ ‫وإخبار شركة الغاز بالقرارات المذكورة‪.‬‬ ‫وتلي بعد ذلك تواقيع الرئيس واألعضاء‪.‬‬ ‫إنارة الشوارع بالقناديل‬ ‫����������ح م����ن دراس��������ة ق����������رارات ه���ذه‬ ‫وواض ٌ‬ ‫��رص المجلس البلدي لمدينة‬ ‫الجلسة ح ُ‬ ‫ب���ي���روت ع��ل��ى م��ن��ع األض�����رار ع���ن س��ك��ان‬ ‫س����وق ال���ق���ط���ن‪ ،‬وااله���ت���م���ام ب���األوض���اع‬ ‫ال��ص��ح��ي��ة ال���ع���ام���ة وال���خ���اص���ة ب���إرس���ال‬ ‫أح��د المواطنين البيارتة إل��ى استانبول‬ ‫لمعالجته من داء الكلب‪ُ .‬وت ّبين القرارات‬ ‫ال��ت��زام البلدية ب��أوض��اع المواطنين عن‬ ‫ط��ري��ق وض���ع ق��ن��ادي��ل ال��غ��از ف��ي ش���وارع‬ ‫وأحياء ومناطق عديدة راح��ة للمواطنين‬

‫الخميس ‪ 9‬ش��وال سنة ‪ 26-1320‬كانون‬ ‫األول ‪ ،1318‬انعقد المجلس البلدي جلسة‬ ‫برئاسة سعادة الرئيس عبد الرحمن باشا‬ ‫بيضون‪ ،‬وبحضور األع��ض��اء‪ :‬الحاج سعد‬ ‫ال��دي��ن أف��ن��دي ال��ط��ي��اره‪ ،‬وم��ح��م��د أف��ن��دي‬ ‫مصطفى بيهم‪ ،‬ومصباح أف��ن��دي جبيلي‪،‬‬ ‫وفيليب أفندي بسول‪ ،‬والياس أفندي واكيم‪،‬‬ ‫وجورجي بك رزق اهلل‪ ،‬وسليم بك الداعوق‪،‬‬ ‫ووديع أفندي فياض‪ ،‬وحنا أفندي حنينه‪.‬‬

‫ن��اق��ش المجلس ال��ب��ل��دي أوض����اع ب��ي��روت‬ ‫المحروسة والبيارتة واتخذوا بشأنها عدة‬ ‫قرارات إنمائية وإدارية وصحية وإنسانية‬ ‫ومنها‪:9‬‬

‫‪1.1‬ت��ع��ي��ي��ن ق��وم��س��ي��ون ب��م��ق��ت��ض��ى ن��ظ��ام‬ ‫األم���ل��اك الس���ت���م�ل�اك ال��م��خ��زن��ي��ن ملك‬ ‫الخواجات بسترس بجوار البور (المرفأ)‬ ‫لتوسيع الطريق‪.‬‬

‫‪2.2‬تعيين قومسيون للكشف على األرض‬ ‫المتنازع عليها بين البلدية وبعض اإلدارات‪.‬‬ ‫‪3.3‬ض���رورة التشدد ف��ي المحافظة على‬ ‫الصحة العمومية ف��ي ب��ي��روت‪ ،‬ومراقبة‬ ‫األن��ف��ار المسؤولين ع��ن ه��ذا ال��م��وض��وع‪،‬‬ ‫ومحاسبتهم في حال تقصيرهم‪.‬‬

‫‪4.4‬استناداً إل��ى أم��ر نظارة الداخلية في‬ ‫استانبول (وزارة الداخلية) وبواسطة الوالية‬ ‫الجليلة‪ ،‬تقرر عدم قبول أوراق القونطوراتات‬ ‫(العقود) المتعلقة بإيجار واستئجار أحد‬ ‫العقارات‪ ،‬ما لم تكن األوراق ممهورة بختم‬ ‫قومسيون السكة الحجازية‪.‬‬ ‫‪  99‬جلسة ال��م��ج��ل��س ال��ب��ل��دي ل��م��دي��ن��ة ب��ي��روت‬ ‫في ‪ 9‬شوال ‪ ،1320‬ص ‪.170–169‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪20‬‬

‫‪2.2‬تلي التقرير المقدم من مأمور الغازخانة‬ ‫ال��م��ؤرخ ف��ي ‪ 25‬ك��ان��ون الثاني سنة ‪1319‬‬ ‫الذي يطلب تعيين محل من طرف المجلس‪،‬‬ ‫ألجل ما يلزم لتنك البترول قرب الغاز خانة‪،‬‬ ‫ألن المحل ينبغي أن يكون بعيداً عن مكان‬ ‫الغاز خانة‪ ،‬وأنه ال بد للمجلس البلدي من‬ ‫تهيئة المحالت الكافية الستيعاب ما يرد‬ ‫م��ن ال��ب��ت��رول‪ ،‬وب��أق��رب وق��ت‪ ،‬وتبين أن��ه ال‬ ‫يوجد محل أنسب من محل سعادتلو موسى‬ ‫أف��ن��دي فريج وال��خ��واج��ة قمطي ف��ي محلة‬ ‫مينا العقارب‪ .‬لذلك‪ ،‬تقرر تأليف لجنة من‬ ‫سعادتلو الرئيس عبد الرحمن باشا بيضون‬ ‫وعضوية الشيخ طه أفندي النصولي‪ ،‬ووديع‬ ‫أفندي فياض‪ ،‬ومهندس البلدية للكشف على‬ ‫المحالت المومى إليها‪ ،‬وعن عدد المخازن‬ ‫ال����ذي ي��رغ��ب ف���ي ت��أج��ي��ره��ا‪ ،‬وع����ن ع��دد‬ ‫استيعابها من صناديق البترول‪ ،‬وأن يعدوا‬ ‫مفصال‪،‬‬ ‫‪‬رابوراً ‪( ‬تقريراً ) بهذا الخصوص‬ ‫ً‬ ‫ليتمكن المجلس البلدي استئجار المحالت‬ ‫المذكورة بالشروط التي يتم عليها االتفاق‪.‬‬

‫وفي جلسة األربعاء شعبان سنة ‪30 -1320‬‬ ‫تشرين األول ‪ 1318‬انعقدت جلسة للمجلس‬ ‫البلدي بغياب الرئيس عبد الرحمن باشا‬ ‫بيضون‪ ،‬فترأسها س��ع��ادة وك��ي��ل الرئيس‬ ‫محمود بك (ه��ك��ذا) وبحضور األعضاء‪:‬‬ ‫محمد أفندي مصطفى بيهم‪ ،‬وسعد الدين‬ ‫أف��ن��دي ال��ط��ي��اره‪ ،‬وس��ل��ي��م ب��ك ال���داع���وق‪،‬‬ ‫وح��ن��ا أف��ن��دي حنينه‪ .‬وب��ح��ث المجتمعون‬ ‫األوضاع الصحية واالجتماعية والعمرانية‬ ‫واإلنمائية لبيروت المحروسة‪ ،‬واتخذوا‬ ‫قرارات مهمة إلنارة بيروت بقناديل الغاز‪،‬‬ ‫واتخذوا بشأنها القرارات التالية ‪:8‬‬

‫‪4.4‬صرف أربعة وسبعون قرشاً صاغ إلى‬ ‫عبد الغني النقاش ثمن البترول الالزم إلى‬ ‫الدائرة البلدية في شهري أيلول وتشرين‬ ‫األول سنة ‪ 1318‬إليقاده في التسعة قناديل‬ ‫ال��م��وج��ودة داخ��ل وخ���ارج ال��ب��ل��دة‪ ،‬بموجب‬ ‫السند المتقدم منه‪ ،‬والمصدق عليه من‬ ‫مأمور الحراس‪.‬‬

‫وتسهيال للتبصر واالنتقال من شارع إلى‬ ‫ً‬ ‫آخر‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫‪6.6‬الموافقة على طلب مدير المستشفى‬ ‫ال��ب��ل��دي ت��أم��ي��ن م��ل��ب��وس��ات وم��ف��روش��ات‬ ‫للخستخانة وللمرضى نظراً لتقادم وتهالك‬ ‫السابق منها‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫‪7.7‬استناداً إلى ج��واب غرفة التجارة في‬ ‫بيروت المحروسة‪ ،‬فقد أص��درت البلدية‬ ‫الئحة أسعار جديدة متعلقة بالدقيق والكاز‬ ‫والشعير والفحم وال��ت��ب��ن‪ ،‬ل��ذل��ك أعلمت‬ ‫دائ��رة الضبطية‪ ،‬ب��أن يضم خمس ب��ارات‬ ‫على فئة الدقيق‪ ،‬بحيث يصبح سعر كيلو‬ ‫الخبز خمسين بارة صاغ‪.‬‬

‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫‪8.8‬دعم خستخانة البلدية بصرف (‪)569‬‬ ‫قرشاً و(‪ )10‬ب��ارات عملة صاغ ثمن خبز‬ ‫للمستشفى وصرف (‪ )2007‬قروش عملة‬ ‫دارج����ة ث��م��ن األرزاق للمستشفى تسلم‬ ‫كلها إل��ى وكيل خ��رج الخستخانة بموجب‬ ‫سندات‪.‬‬

‫‪9.9‬تعيين منيح أف��ن��دي رم��ض��ان مفتشاً‬ ‫للبلدية (أصبح فيما بعد رئيساً للبلدية)‪.‬‬

‫‪1010‬تعيين محمد علي أفندي سالم مفتش‬ ‫البلدية السابق‪ ،‬مديراً لخستخانة البلدية‬ ‫بمعاش (‪ )400‬قرش شهرياً ‪.‬‬ ‫‪1111‬صرف (‪ )478‬قرشاً إلى مراد أفندي‬ ‫م��ح��رم ب��م��وج��ب س��ن��د ث��م��ن ال��ق��رط��اس��ي��ة‬ ‫ال��م��أخ��وذة م��ن ع��ن��ده ل���زوم قلم المجلس‬ ‫البلدي‪.‬‬

‫‪1212‬ص���رف ري����االن م��ج��ي��دي��ان مصاريف‬ ‫تسفير الشخص المسمى دولتشاه وحرمته‬ ‫وول���ده م��ن مهاجري ق���وزان (ق����ازان) إلى‬

‫‪1313‬ص���رف أرب��ع��ة ري����االت م��ج��ي��دي إل��ى‬ ‫فاطمة بنت قره محمد‪ ،‬وعايشه شقيقتها‪،‬‬ ‫وع���اي���ش���ة ب��ن��ت م��ص��ط��ف��ى‪ ،‬وم��ح��م��د بن‬ ‫مصطفى من أهالي إزمير بموجب السند‬ ‫المتقدم منهم بالنظر لفقر حالهم صدقة‬ ‫عن العافية السنية‪.‬‬

‫‪1414‬صرف (‪ )5347‬قرشاً ونصف قرش‬ ‫عملة دارجة إلى مراد أفندي بارودي ثمن‬ ‫العقاقير المأخوذة من عنده لزوم أجزاخانة‬ ‫البلدية بمعرفة القومسيون المخصوص‪.‬‬ ‫وبعد ذلك تم توقيع الرئيس واألعضاء‪.‬‬

‫الثالثاء ‪ 7‬كانون الثاني سنة ‪ ،1318‬انعقد‬ ‫المجلس البلدي لمدينة بيروت المحروسة‬ ‫جلسة برئاسة الرئيس سعادتلو عبد الرحمن‬ ‫ب��اش��ا ب��ي��ض��ون‪ ،‬ون���اق���ش ق��ض��اي��ا إن��م��ائ��ي��ة‬ ‫وعمرانية بما فيه ش��ق وتوسيع ال��ط��رق‪،‬‬ ‫وم��وض��وع استمالك عقار حبيب األدي��ب‪،‬‬ ‫واس��ت��م�لاك ع��ق��ار ن��ج��ي��ب ط����راد لتوسيع‬ ‫طريق سوق المخازن‪ ،‬واتخذ القرار بالهدم‬ ‫والتعويض على ال��م�لاك‪ .‬كما تقرر زي��ادة‬ ‫اإلنفاق على قناديل الغاز لتنوير المزيد من‬ ‫الشوارع والطرقات والحارات البيروتية ‪.10‬‬

‫ب��دراس��ة ه���ذه ال��دع��وى ال��م��ق َّ��دم��ة ل��وال��ي‬ ‫بيروت المحروسة تبين من تقرير الوالية‬ ‫الجليلة بأن محكمة البداية ق��ررت عدم‬ ‫صالحيتها رؤي��ة ال��دع��وى‪ ،‬واقترحت أن‬ ‫يبت بهذه الدعوى تميزاً ش��ورى الدولة‪،‬‬ ‫غير أن المجلس البلدي‪ ،‬بعد دراسة وافية‬ ‫ملف الدعوى‪ ،‬وبعد إرسال مهندس البلدية‬ ‫َّ‬ ‫ول��ج��ن��ة خ��اص��ة ب��ه��ذا ال��م��وض��وع‪ ،‬ق��ررت‬ ‫أن ‪‬أبنية وقف الروم األرثوذكس‬ ‫البلدية ّ‬ ‫ال��واق��ع��ة ف���ي ش����ارع ال��ن��وري��ة ال��م��ذك��ورة‬ ‫موافقة للخريطة المصدقة بختم مجلس‬ ‫إدارة الوالية الجليلة الرسمي‪ ،‬والساحة‬ ‫ب��اق��ي��ة ك��م��ا ه���ي‪ ،‬وق����ررت ذل���ك ب��ق��رار ‪7‬‬ ‫كانون الثاني سنة ‪ 1318‬المحرر أعاله‪.‬‬ ‫ول��ع��دم مشاهدتها م��ا يخالف الخريطة‬ ‫ال��م��ذك��ورة ال��م��ص��دق��ة ال يمكنها توقيف‬ ‫األبنية المذكورة‪ ...‬وبناء عليه استمرت‬ ‫مطرانية الروم األرثوذكس بمتابعة البناء‬ ‫واإلنشاءات‪ ،‬وأعلم المجلس البلدي هذا‬ ‫ال��ق��رار ل��ج��ان��ب ال��والي��ة الجليلة‪ ،‬وغ��ض‬ ‫الكيفية وط��ل��ب ث��م��ن ال��ب��دل (ال��ط��واب��ع)‬ ‫الالزم لصور القرارات من المدعي جناب‬ ‫بطريركية الروم الكاثوليك‪.‬‬

‫وف���ي جلسة ال��س��ب��ت ف��ي ‪ 22‬م���ارس سنة‬ ‫‪ 1319‬ب��ح��ث ال��م��ج��ل��س ال��ب��ل��دي ب��رئ��اس��ة‬ ‫سعادتلو عبد الرحمن باشا بيضون قضية‬ ‫اع��ت��راض بطريرك ال���روم الكاثوليك على‬ ‫األبنية المباشر بها مطران الروم األرثوذكس‬ ‫في بيروت في شارع النورية لما أحدثته من‬

‫َوت���لَ ���ت ت��واق��ي��ع رئ��ي��س وأع���ض���اء المجلس‬ ‫البلدي ‪.11‬‬

‫‪  110‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 7‬كانون الثاني ‪ ،1318‬ص ‪.170‬‬

‫‪  111‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 22‬مارس ‪ ،1319‬ص ‪.194-193‬‬

‫ف��ي ‪ 20‬أي��ل��ول سنة ‪ 1319‬عقد المجلس‬ ‫ال���ب���ل���دي ل��م��دي��ن��ة ب���ي���روت ج��ل��س��ة مهمة‬ ‫تقرر فيها عمل أرب��ع��ة منافخ ج��دد ل��زوم‬ ‫القصبخانة بكلفة أربعة وثالثين مجيدية‪.‬‬ ‫ومن القرارات المهمة المتخذة وضع ستة‬ ‫آالف ومايتان وعشرة صناديق بترول صار‬ ‫وض��ع��ه��م ف��ي م��ي��ن��اء ال��ع��ق��ارب‪ ،‬وج���اء في‬ ‫تقرير م��أم��ور ال��غ��ازخ��ان��ة‪ ،‬واألم���ر األكثر‬ ‫أهمية على الصعيد األم��ن��ي واإلن��س��ان��ي‬ ‫الذي بحثه المجلس البلدي لمدينة بيروت‬ ‫المحروسة في الجلسة ذاتها‪ ،‬يتمثل في‬ ‫تعويضات مقررة إثر ‪‬حادثة المزرعة‪ ‬في‬ ‫بيروت التي وقعت بين مسلمين ومسيحيين‬ ‫م��ن أب��ن��اء ال��م��زرع��ة‪ ،‬سقط نتيجتها قتلى‬ ‫وجرحى منهم ثمانية قتلى وثمانية جرحى‪.‬‬ ‫لذا ق��ررت بلدية بيروت برئاسة سعادتلو‬ ‫عبد الرحمن باشا بيضون‪ ،‬وبأمر صادر‬ ‫من حضرة دولتلو ناظم باشا وكيل الوالية‬ ‫الجليلة‪ ،‬إع��ط��اء ذوي القتلى والجرحى‬ ‫ومنهم الفقراء والمحتاجون‪ ،‬تعويضات‬ ‫من صندوق المجلس البلدي ‪‬صدقة عن‬ ‫ال��ع��اف��ي��ة ال��س��ن��ي��ة‪ ‬واس��ت��ج�لاب ال��دع��وات‬ ‫الخيرية للحضرة العلية الشاهانية‪ ،‬وقد‬ ‫تكون قومسيون لهذه التعويضات برئاسة‬ ‫رئ��ي��س ال��م��ج��ل��س ال��ب��ل��دي س��ع��ادت��ل��و عبد‬ ‫الرحمن باشا بيضون وع��ض��وي��ة‪ :‬محمد‬ ‫أف��ن��دي مصطفى ب��ي��ه��م‪ ،‬وفيليب أف��ن��دي‬ ‫بسول‪ ،‬وم��ن منيح أفندي رمضان مفتش‬ ‫ال��دائ��رة البلدية‪ .‬وه��ذا بيان باألشخاص‬ ‫ال��ذي��ن اس��ت��ف��ادوا م��ن ص��ن��دوق المجلس‬ ‫البلدي تعويضاً عن القتلى والجرحى من‬ ‫ذويهم ‪:12‬‬ ‫‪  112‬جلسة المجلس البلدي لمدينة بيروت‬ ‫في ‪ 20‬أيلول ‪ ،1319‬ص ‪.228-226‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪5.5‬منعاً للهدر أو السرقة أو اإلهمال تقرر‬ ‫أن ي��ق��وم رئ��ي��س ال��ب��ل��دي��ة شخصياً وأح��د‬ ‫أعضاء المجلس البلدي باستالم البحص‬ ‫الذي يوضع على الطرقات‪.‬‬

‫دمشق بموجب االستدعاء المقدم منهم‪،‬‬ ‫والمحول من جانب الوالية الجليلة‪.‬‬

‫أضرار على إنشاءات الروم الكاثوليك‪ ،‬وسد‬ ‫الطريق العمومي وتضييق الساحة‪ .‬كما‬ ‫أن مطران ال��روم األرث��وذك��س ناقض عمله‬ ‫الكفالة وال��ض��م��ان��ة ال��ت��ي سبق أن قدمها‬ ‫لبطريركية الروم الكاثوليك‪ ،‬لذلك‪ ،‬وطالب‬ ‫بطريرك الروم الكاثوليك المجلس البلدي‬ ‫بوقف تنفيذ أبنية مطرانية الروم األرثوذكس‬ ‫في باطن بيروت في شارع (سوق) النورية‪.‬‬

‫تعويضات األمن االجتماعي‪...‬‬

‫‪23‬‬


‫‪24‬‬ ‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫‪ 231.10‬قرش‬ ‫‪368‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪462.20‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪277.20‬‬ ‫‪115.25‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪231.10‬‬ ‫‪303.15‬‬ ‫‪383.920‬‬ ‫‪115.25‬‬ ‫‪115.25‬‬

‫‪ 4070.30‬قرشاً‬

‫إلى زوجة أسعد الخوري‬ ‫مقتوال‬ ‫ً‬ ‫المصيطبة‬ ‫إلى خليل أبو زيد‬ ‫مقتوال‬ ‫ً‬ ‫رأس النبع‬ ‫إلى حسن قليالت‬ ‫مقتوال‬ ‫ً‬ ‫زقاق البالط‬ ‫إلى زوجة أسعد النوري‬ ‫مقتوال‬ ‫ً‬ ‫المصيطبة‬ ‫البسطة‬ ‫مجروحاً إلى محمود شهاب الدين‬ ‫مجروحاً إلى محمود أبو حسن زين‬ ‫البسطة‬ ‫مجروحاً إلى نخلة فرح‬ ‫رأس النبع‬ ‫مجروحاً إلى اديل بنت حبيب عبد النور‬ ‫المصيطبة‬ ‫مجروحاً إلى ميخائيل طنوس الحداد‬ ‫المزرعة‬ ‫مجروحاً إلى الماس زوجة بشاره حبيب‬ ‫المزرعة‬ ‫مجروحاً إلى انطون مزهر‬ ‫الدحداح‬ ‫إلى زوجة عبد القادر الداموري‬ ‫مقتوال‬ ‫ً‬ ‫المصيطبة‬ ‫إلى زوجة صالح نبوه‬ ‫مقتوال‬ ‫ً‬ ‫جسر بيروت‬ ‫مجروحاً إلى سليم شعبان‬ ‫تكنات‬ ‫مصارفات بموجب قائمة أجرة عربات‬ ‫جسر بيروت‬ ‫األشرفية‬

‫المجموع‬

‫مقتوال‬ ‫ً‬ ‫مقتوال‬ ‫ً‬

‫بيد زوجة نخلة الخيط‬ ‫بيد زوجة الضابطية‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪ ...‬وتعويضات للموسيقى‬ ‫في الجلسة ذاتها ق��رر المجلس البلدي‪،‬‬ ‫استناداً إلى تقرير مهندس البلدية المحرر‬ ‫بذيل السند المعطى من معلم الموسيقى‬ ‫العسكرية‪ ،‬أنه جرت العادة بإعطاء خمسين‬ ‫مجيدي في كل عيد جلوس همايوني‪ ،‬لذا‬ ‫تقرر ص��رف خمسين مجيدي م��ن أم��وال‬ ‫الزينات إلى الفرقة الموسيقية إكراماً لها‬ ‫بعيد الجلوس الهمايوني المأنوس‪.‬‬ ‫ال��ث�لاث��اء ‪ 28‬ت��ش��ري��ن األول س��ن��ة ‪1319‬‬ ‫انعقدت جلسة للمجلس البلدي برئاسة‬ ‫الرئيس سعادتلو عبد الرحمن باشا بيضون‬ ‫وح���ض���ور األع���ض���اء‪ :‬ال��ش��ي��خ ط���ه أف��ن��دي‬ ‫ال��ن��ص��ول��ي‪ ،‬وس��ل��ي��م ب��ك ال���داع���وق‪ ،‬وودي���ع‬ ‫أف��ن��دي ف��ي��اض‪ ،‬ومصباح أف��ن��دي جبيلي‪.‬‬ ‫وف���ي ه���ذه ال��ج��ل��س��ة ت��ل��ي��ت م��ذك��رة رئيس‬ ‫البلدية المقدمة للوالية والمتضمنة طلب‬ ‫تعيين هيئة فنية للكشف على ‪‬الكشك‪‬‬

‫االث���ن���ي���ن ‪ 15‬ك���ان���ون األول س��ن��ة ‪1319‬‬ ‫ان��ع��ق��د المجلس ال��ب��ل��دي لمدينة ب��ي��روت‬ ‫المحروسة جلسة برئاسة سعادتلو عبد‬ ‫الرحمن باشا بيضون وحضور األعضاء‪:‬‬ ‫ال��ش��ي��خ ط��ه أف��ن��دي ال��ن��ص��ول��ي‪ ،‬ومصباح‬ ‫أفندي جبيلي‪ ،‬وإبراهيم أفندي غبريل‪،‬‬ ‫ووديع أفندي فياض‪ ،‬وحنا أفندي حنينه‪.‬‬ ‫وبحث المجتمعون قضايا متعلقة بتوزيع‬ ‫أموال على الفقراء‪ ،‬وبأوضاع المومسات‬ ‫والضرائب المفروضة عليهن‪ ،‬والضرائب‬ ‫المفروضة على بعض تجار لحوم األبقار‪.‬‬ ‫ومن القرارات المتخذة ‪:14‬‬

‫‪1.1‬ص��رف (‪ )800‬ق��رش عملة ص��اغ إلى‬ ‫سعادة الرئيس عبد الرحمن باشا بيضون‬ ‫بموجب السند المقدم منه‪ ،‬وهو المبلغ الذي‬ ‫وزع بمعرفته لبعض الفقراء والمحتاجين‬ ‫صدقة عن الحضرة السلطانية‪.‬‬ ‫‪  113‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 28‬تشرين األول سنة ‪ ،1319‬ص ‪.232‬‬ ‫‪  114‬جلسة المجلس البلدي‬ ‫في ‪ 15‬كانون األول ‪ ،1319‬ص ‪.235‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫ق��ي��م��ة ال��ت��ع��وي��ض ال�����م�����ن�����ط�����ق�����ة‬ ‫أو المحلة‬ ‫بارات ‪ +‬قرش‬

‫الحالة‬

‫ال����������ع����������دد‬ ‫المتسلسل‬

‫ه���ك���ذا‪ ،‬ب��ع��د اس���ت���ئ���ذان ج���ان���ب ال���والي���ة‬ ‫الجليلة‪ ،‬قدمت بلدية بيروت المحروسة‬ ‫م��ن صندوقها ال��خ��اص تعويضات ل��ذوي‬ ‫القتلى والجرحى البالغة قيمتها (‪)4070‬‬ ‫قرشاً و(‪ )30‬ب��ارة‪ ،‬ودفعتها من األم��وال‬ ‫المخصصة للفقراء صدقة ع��ن العافية‬ ‫السلطانية‪ .‬ولما كانت األموال المخصصة‬ ‫للفقراء غير كافية طلب المجلس البلدي‬ ‫م��ن جانب ال��والي��ة الجليلة موافقته على‬ ‫زي��ادة مبلغ خمسة عشر أل��ف ق��رش على‬ ‫ال��م��خ��ص��ص��ات ال���م���ذك���ورة م���ن األم�����وال‬ ‫البلدية العمومية‪ ،‬ألن المبالغ المقررة في‬ ‫البودجه (الميزانية) غير كافية للمطالب‬ ‫(للتعويضات)‪.‬‬

‫الذي تقرر عمله في الحديقة الحميدية‪،‬‬ ‫وع��م��ل كشف ث���ا ٍن ل��ه حسب األص���ول مع‬ ‫ال��ش��رح ال��م��ح��رر بظهرها م��ن ط��رف سر‬ ‫مهندس النافعة المتضمن التصديق على‬ ‫أكالف الكشك المذكور وهي (‪)379.41‬‬ ‫قرشاً حسب بيان مهندس البلدية‪ ،‬وحيث‬ ‫أن ش��رح السر مهندس المومى إليه هو‬ ‫بمثابة كشف ثاني‪ ،‬تقرر صرف األكالف‬ ‫المذكورة من أموال الطرقات العمومية بعد‬ ‫خصم األربعماية ريــال مجيدي تبرع بها‬ ‫لذلك حضرة عطوفتلو رشيد بك أفندي‬ ‫والي بيروت السابق ‪.13‬‬

‫‪25‬‬


‫‪3.3‬بما أن محالت المومسات ومنذ القدم‬ ‫مصنفة إلى قسمين وفئتين‪ ،‬أولى وثانية‬ ‫على النحو التالي‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أالقسم األول ي��ؤخ��ذ عنه ف��ي كل‬ ‫شهر أربعة رياالت مجيدي‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بالقسم الثاني يؤخذ عنه ريالين‬ ‫مجيدين في كل شهر‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫وجاء في مناقشات المجلس البلدي أن هذه‬ ‫ال��رس��وم المستوفاة متواضعة إذا قيست‬ ‫بمصروفات وإنفاق المجلس البلدي على‬ ‫تلك المـحالت‪ ،‬السيما لجهة مصـاريف‬ ‫معاشات مـأموري الصحة‪ ،‬وكلفة تداوي‬ ‫المومسات ف��ي المستشفى البلدي‪ ،‬لذا‬ ‫ت��ق��رر رف���ع ق��ي��م��ة ال���رس���وم ع��ل��ى م��ح�لات‬ ‫المومسات على النحو التالي‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أالقسم األول (الفئة األول��ى) من‬ ‫محالت المومسات يؤخذ منه في كل‬ ‫شهر خمسة مجيديات‪.‬‬

‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪2.2‬قرر قطع التعيينات (وقف التوظيفات)‬ ‫للمأمورين في المستشفى البلدي بموجب‬ ‫ق��رار المجلس مراعاة لالقتصاد‪ ،‬ويحرر‬ ‫بذلك تذكرة لمدير المستشفى‪.‬‬

‫ ‪ .‬بالقسم الثاني (الفئة الثانية) من‬ ‫محالت المومسات يؤخذ منه في كل‬ ‫شهر ثالثة رياالت مجيدي‪.‬‬ ‫كما ق��رر المجلس البلدي إع���ادة ك��ل من‬ ‫خ��ي��ري ب���ك وم��ح��م��ود أف���ن���دي الطبيبين‬ ‫لمأمورية معاينة المومسات والمحالت‬ ‫ال���م���ذك���ورة ب��م��ع��اش ش���ه���ري ل��ك��ل منهما‬ ‫أربعماية ق��رش‪ ،‬على أن يدفع لهما من‬ ‫واردات الرسوم المذكورة‪ ،‬على أن يعرض‬ ‫ذلك لمقام الوالية الجليلة‪.‬‬

‫‪3.3‬تمت دراس���ة االس��ت��دع��اء ال��م��ق��دم من‬ ‫ق��س��ط��ن��ط��ي��ن راف���ت���ه ب���ول���ى م���ن ال��ت��اب��ع��ي��ة‬ ‫اليونانية‪ ،‬وأح��د تجار لحوم األب��ق��ار في‬ ‫ب��ي��روت المحروسة‪ ،‬وال ُـمحال م��ن جانب‬ ‫الوالية الجليلة‪ ،‬وال��ذي يعترض فيه على‬ ‫الخمس ب��ارات المقررة رسماً على لحوم‬ ‫األب����ق����ار‪ ،‬ب���دع���وى أن����ه ال ي��وج��د ‪‬إرادة‬ ‫َس ِنية‪ ‬بهذا الرسم‪ .‬وغب المذاكرة بذلك‬ ‫تقرر إعطاء الجواب للوالية الجليلة بذيل‬ ‫االس��ت��دع��اء حسب األج��وب��ة السابقة مع‬ ‫التشبث وأخذ الوسائط الفعالة الستيفاء‬ ‫ُّ‬ ‫ب��ق��اي��ا ال��رس��م ال��م��ذك��ور ال��م��ت��راك��م��ة عند‬ ‫المستدعي‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫وبعد انتهاء الجلسة وقَّ ع الرئيس واألعضاء‬ ‫على محضر الجلسة‪.‬‬

‫جلسة مجلس بلدية بيروت في ‪ 9‬شوال ‪1320‬هـ‪1902-‬م (‪ 26‬كانون األول ‪)1318‬‬ ‫برئاسة عبد الرحمن باشا بيضون تضمنت مناقشة تعيين قومسيون الستمالك مخازن الخواجات‬ ‫بسترس‪ ،‬وفض منازعات أمالك‪ ،‬وزيادة التنظيفات‪ ،‬وإيجار أمالك‪ ،‬وتأمين بحص للطرقات‪،‬‬ ‫وتأمين الدقيق والكاز‪ ،‬وصرف أموال للمستشفى البلدي‪...‬‬


‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪28‬‬

‫‪29‬‬

‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫جلسة ‪ 7‬كانون الثاني سنة ‪،1318‬‬ ‫تلي فيها تقرير قومسيون االستمالك‪ ،‬ودراسة استدعاء مطران الروم الكاثوليك‪...‬‬

‫جلسة مجلس بلدية بيروت برئاسة عبد الرحمن باشا بيضون في ‪ 22‬مارس ‪1319‬‬ ‫تلي فيها استدعاء مطران الروم األرثوذكس للحصول على عطل وضرر للمطرانية‬


‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪30‬‬

‫‪31‬‬

‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫تابع جلسة ‪ 22‬مارس ‪1319‬‬

‫جلسة برئاسة عبد الرحمن باشا بيضون في ‪ 15‬كانون األول ‪ ،1319‬تقرر فيها صرف مبالغ على‬ ‫الفقراء‪ ،‬ووقف التعيينات في المستشفى البلدي حرصاً على مالية البلدية‪ ،‬ورفع الرسوم على‬ ‫المومسات‪ ،‬ودراسة استدعاء تاجر اللحوم اليوناني قسطنطين باولي‬


‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪32‬‬

‫‪33‬‬

‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫جلسة مجلس بلدية بيروت برئاسة عبد الرحمن باشا بيضون في ‪ 20‬أيلول ‪ 1319‬تضمنت‬ ‫موضوعات عديدة أهمها صرف تعويضات على القتلى والجرحى نتيجة حادثة المزرعة‬

‫تابع جلسة ‪ 20‬أيلول ‪،1319‬‬ ‫وفيها اإلنفاق على (‪ )21‬قنديل إلنارة الطرق والشوارع في بيروت المحروسة‬


‫بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني ‪1891-1918‬‬

‫‪34‬‬

‫‪35‬‬

‫َسان حالق‬ ‫د‪ .‬ح َّ‬

‫ت��اب��ع ال��ج��ل��س��ة ذات���ه���ا‪ ،‬وف��ي��ه��ا ص���رف م��ك��اف��آت ل��ل��ف��رق��ة ال��م��وس��ي��ق��ي��ة ال��ع��س��ك��ري��ة العثمانية‬ ‫بمناسبة عيد الجلوس الهمايوني‪ ،‬ومصاريف للمستشفى البلدي‬

‫جلسة مجلس بلدية بيروت برئاسة سعادتلو عبد الرحمن باشا بيضون في ‪ 28‬تشرين األول سنة ‪،1319‬‬ ‫تضمنت موضوع تعيين هيئة فنية للكشف على مشروع الكشك في الحديقة الحميدية‬


‫ُتراثُنا اللبناني ‪ :‬معاِلم وعالمات‬

‫حرمون جبل التجلّي‪...‬‬ ‫ونيسا مغارة أدونيس‬ ‫د‪ .‬يوسف الحوراني‬

‫مواقع أخرى ال تقل‬ ‫غير أن في أرض لبنان‬ ‫َ‬ ‫وذات قيمة‬ ‫‪‬أُ عجوبيةً‪ ‬عن مغارة جعيتا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تفر َدها ما يذكره عنها‬ ‫يؤيد ُّ‬ ‫معنوية كبرى ِّ‬ ‫التاريخ‪ ،‬ويتطلَّ ب التأييد واإلش���ارة إليها‬ ‫والتذكير بها‪.‬‬ ‫جبل حرمون‬

‫‪36‬‬

‫ •من مواليد يارون (جنوب لبنان ‪.)1931‬‬

‫ •باحث في التاريخ الحضاري‪ ،‬مؤرخ‪ ،‬جامع تراث‪ ،‬وعالم باآلثار‪.‬‬

‫ •له مؤلفات ع ّ��د ٌة في مسائل تاريخية وحضارية وجغرافية ح��ول لبنان‬ ‫والمنطقة‪ ،‬منها‪ :‬اإلنسان والحضارة‪( ‬مدخل إلى دراسة الحضارات‬ ‫اإلن��س��ان��ي��ة ‪ ،)1962‬ن��ظ��ري��ة التكوين الفينيقية وآث��اره��ا ف��ي حضارة‬ ‫اإلغريق‪ ،)1970( ‬لبنان في قيم تاريخه‪ ،)1992( ‬البنية الذهنية‬ ‫الحضارية في الشرق المتوسطي اآلسيوي القديم‪ ،)1993( ‬جماليات‬ ‫الحكمة في التراث الثقافي البابلي‪ ،)1994( ‬قانا الجليل في الجنوب‬ ‫اللبناني‪ ،)1995( ‬مجاهل تاريخ الفينيقيين‪ ،)1999( ‬المجهول‬ ‫والمهمل من تاريخ الجنوب اللبناني ‪ -‬جبل عاملة‪ ،)1999( ‬من تراث‬ ‫لبنان‪ ،)2003( ‬فصول مجهولة من تاريخ العرب ولغتهم ‪ -‬العدنانيون‪‬‬ ‫(‪ ،)2010‬قراءات تاريخية‪.)2011( ‬‬ ‫الباحث الدكتور يوسف الحوراني يشغل‪ ،‬منذ نصف قرن‪ ،‬مكان ًة عالي ًة في‬ ‫نبش كنوز تراثنا على كامل َ‬ ‫نادر‬ ‫األرض اللبنانية الغنية في صدرها ِب ِ��إرث ٍ‬ ‫عمي ٍق في التاريخ عري ٍق في الجغرافيا‪ .‬وها هو‪ ،‬في هذا المقال الذي خص‬ ‫واحتين تزيدان من ألق لبنان في‬ ‫به‪ ،‬مشكوراً ‪ ،‬مرايا التراث‪ ،‬يكشف عن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األسطورة والدين والتاريخ‪.‬‬

‫في رأس هذه المواقع الهامة‪ :‬جبل حرمون‪،‬‬ ‫وال يزال اسمه يحمل شهادة على ما كان له‬ ‫في التاريخ من قيمة وقداسة‪ .‬فهذا الجبل‬ ‫هو ‪‬أرض األحياء‪ ،‬أي ‪‬الخالدين‪ ‬كما‬ ‫ف به ملحمة ‪‬غلغامش السومري‪ ‬في‬ ‫عر ُ‬ ‫ُت ِّ‬ ‫األل��ف الثالث قبل التاريخ الميالدي‪ ،‬وهو‬ ‫زاره لتخليد اسمه في حيثما تذكر األسماء‬ ‫في أرض اإلله‪ ،‬وأنه سار مع ‪‬عوطو‪ ‬أي‬ ‫الشمس‪ .1‬وهذه الصفة (‪‬أرض األحياء‪)‬‬ ‫ظ��لّ ��ت ت��راف��ق ذك���ر ح��رم��ون‪ ،‬ف��ن��ق��رأُ ه��ا في‬ ‫م��زام��ي��ر عبرية منسوبة إل��ى داود‪ ،‬بينها‬ ‫المزمور ‪ ،133‬وفيه عند تشبيه الوفاق بين‬ ‫األخ��وة كـ‪‬ندى حرمون‪ ‬ألن��ه هناك أمر‬ ‫الرب بالبركة‪ ،‬حياة إلى األبد…‪.‬‬ ‫وورد ْذك��ر ح��رم��ون كذلك ف��ي مخطوطات‬ ‫البحر الميت على أنه ‪‬جبل الرؤى‪ ،2‬وكان‬ ‫على قمته عند مدخل المعبد صخرة تحمل‬ ‫باللغة اليونانية عبارة ‪‬ثيو ماجسطو‪( ‬أي‬ ‫اإلله األعظم)‪ .‬وسنة ‪ 1870‬قطع اإلنكليزي‬

‫ح���رم���ون ه���ذا ه���و ‪‬ج��ب��ل ال��ت��ج��ل��ي‪ ‬ل��دى‬ ‫المسيحيين‪ ،‬بإجماع اإلنجيليين على ذكر‬ ‫��وب وأخ��اه‬ ‫أن ‪‬أخ���ذ ي��س ُ‬ ‫ْ‬ ‫��رس وي��ع��ق َ‬ ‫��وع ب��ط َ‬ ‫يوحنا وصعد بهم على جبل ع��ا ٍل وتجلَّ ى‬ ‫فأشرق وجهه كالشمس‬ ‫على م��رأى منهم‬ ‫َ‬ ‫وصارت ثيابه بيضاء كالنور‪( .‬متى ‪-1:17‬‬ ‫‪5‬؛ مرقس ‪7-2:9‬؛ لوقا ‪ .)34-28:9‬ويكمل‬ ‫أن ‪‬سحابة غطتهم‪ ‬وهو ما ال يمكن‬ ‫النص َّ‬ ‫تجول يسوع ‪ -‬أن يحدث على‬ ‫ في منطقة ُّ‬‫جبل عال يحتجز السحب إال على حرمون‪،‬‬ ‫وكان صعودهم إليه من قيصرية فيليبس‬ ‫(بانياس الحالية في أرض الجوالن عند‬ ‫أَ سفل الجبل)‪.‬‬ ‫صفة ‪‬اإلله األعظم‪ ،‬المعطاة إلله حرمون‬ ‫والمكتوبة على الصخرة باللغة اإلغريقية‪،‬‬ ‫ه��ي صفة اإلل���ه ‪‬ع َّ‬ ‫��ط��ر‪ ‬الكنعاني ال��ذي‬ ‫ذك ُره نصوص ‪‬بعل أوغاريت‪ ‬الكنعانية‬ ‫َت ُ‬ ‫(األل��ف الثاني قبل الميالد) بأنه ‪‬يملك‬ ‫ب���أرض‪‬أل‪ ‬كلها‪ .)65:6( ‬وحتى اليوم‬ ‫ف��ي ج��وار ح��رم��ون قرية ع��ط��رون ال ت��زال‬ ‫تحفظ االس����م‪ ،‬وي��ع��ط��ي أه��ل��وه��ا للمعبد‬ ‫اس��م��ي��ن م��ت��ن��اف��س��ي��ن‪ :‬ق��ص��ر ع��ن��ت��ر‪ ‬أو‬ ‫‪‬قصر شبيب‪ ،‬ما يعني أن المعبد كان‬ ‫ع��الَ ��ـ��م ّ��ي ال��وج��ه ب ِ��إل��ه��ه األع���ظ���م‪ ،‬أع��ط��اه‬ ‫الحوريون تسمية إلههم األعظم ‪‬شوب‪،‬‬ ‫وال��ي��وم تحمل اس��م��ه ب��ل��دة كفرشوبا على‬ ‫سفح ح��رم��ون‪ ،‬وك��ان الكنعانيون يطلقون‬

‫حرمون جبل التجلّي‪ ...‬ونيسا مغارة أدونيس‬

‫الف��ت��اً أن يهتم اللبنانيون‪ ،‬محلياً‬ ‫كان‬ ‫وع��ال��م��ي��اً ‪ ،‬ب��م��واق��ع��ه��م السياحية‬ ‫الطبيعية ويطلبوا من اآلخرين تأييدهم‪،‬‬ ‫صوتوا لتصنيف مغارة ‪‬جعيتا‪‬‬ ‫كما عندما ّ‬ ‫بين العجائب العالمية السبع‪.‬‬

‫السير شارلز وورن ه��ذه الصخرة ونقلها‬ ‫معه إل��ى لندن كما روى الباحث كليرمون‬ ‫كهفا‬ ‫أورد‬ ‫معتقدا‬ ‫غانو ال��ذي‬ ‫أن ً‬ ‫شعبيا ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مجاورا كان يضم رف��ات آدم وبعض أبنائه‬ ‫ً‬ ‫المشهورين‪.3‬‬

‫‪37‬‬


‫َّ‬ ‫‪‬عطر‪.‬‬ ‫عليه اسم اإلله الكنعاني األعظم‬ ‫�����رف ال��س��ك��ان االس��م��ي��ن إل��ى‬ ‫والح���ق���اً ح َّ‬ ‫الشعبيين في‬ ‫‪‬شبيب‪ ‬و‪‬عنتر‪ ‬البطلَ ين‬ ‫َّ‬ ‫التراث الشعبي العربي‪.‬‬

‫‪38‬‬ ‫د‪ .‬يوسف الحوراني‬

‫مشتركا بين‬ ‫ً‬ ‫هكذا يكون ‪‬معبد حرمون‪‬‬ ‫وه��م الكنعانيون‬ ‫الشعوب التي‬ ‫َ‬ ‫قصد ْته‪ُ :‬‬ ‫فالحوريون الذين كانوا منتشرين بينهم‪،‬‬ ‫تسمت بلدة‬ ‫وقبلهم ال��س��وم��ري��ون ال��ذي��ن‬ ‫َّ‬ ‫‪‬ع��ي��ن ع��ط��ا‪ ‬ب��اس��م إل��ه ال��ش��م��س لديهم‬ ‫وهو كان يرافقهم في ترحالهم من أرض‬ ‫الرافدين إلى حرمون‪ ،‬أي من الشرق إلى‬ ‫الغرب‪.‬‬

‫مترا عن البحر‪،‬‬ ‫يعلو جبل حرمون ‪ً 2814‬‬ ‫ووص ُف ُه‬ ‫ويطل على بعض الدول القديمة‪ْ .‬‬ ‫بـ‪‬جبل ال���رؤى‪ ‬يستحق التوقُّ ف العلمي‬ ‫الفيزيائي عنده بعد ربطه بارتفاعه العالي‪.‬‬ ‫‪‬سفر القضاة‪ )3:3( ‬بـ‪‬جبل بعل‬ ‫عرفه‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ح��رم��ون‪ ،‬وك��ان يقيم عليه ‪‬ال��ح��وري��ون‪‬‬ ‫(‪‬س��ك��ان جبل لبنان‪ ‬كما يذكر النص)‪.‬‬ ‫وما يعنينا من هذا التعريف‪ :‬نسبة الجبل‬ ‫إل���ى ال��ب��ع��ل ال ال��ع��ك��س‪ .‬ف��ل��ل��ح��وري��ي��ن‪ ،‬في‬ ‫نصوص العهد القديم‪ ،‬غموض في هويتهم‬ ‫نرجح‬ ‫ونسبتهم إلى الكنعانيين‪ ،‬ما يجعلنا ِّ‬ ‫أنهم الذين كشفت الحفريات األثرية عن‬

‫جبل حرمون‪ ،‬هيبة شاهد صامت على عبادات ومعتقدات‬

‫وجودهم الكثيف المسالم بين الكنعانيين‬ ‫في معظم بالدهم‪.‬‬ ‫أفقا ومغارة نيسا‬

‫اآلخر الموازي في تاريخيته وأهميته‬ ‫الموقع َ‬ ‫جبل ح��رم��ون‪ :‬منطقة أفقا وم��غ��ارة نيسا‬ ‫َ‬ ‫ب احتضان والدة وطفولة‬ ‫نس‬ ‫ي‬ ‫إليها‬ ‫التي‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫بعض كبار اآللهة وأشهرهم ‪‬ديونيسوس‪‬‬ ‫الذي يعني اسمه ‪‬إله منطقة نيسا‪ ،‬وثمة‬ ‫ثالثة أبطال مؤلَّ ـهون يحملون كذلك هذا‬ ‫أن‬ ‫االسم‪ .‬يذكر المؤرخ هيرودت (‪ّ )51:2‬‬ ‫قدموس كان في منطقة بويتيا اإلغريقية‬ ‫يعلّ م االعتقاد بديونيسوس‪ ،‬عقيدة كانت‬ ‫تجدد الحياة كتجدد الطبيعة‬ ‫تنص على‬ ‫ُّ‬ ‫ال��س��ن��وي‪ ،‬أي ب��ال��م��وت وق��ي��ام��ة ال��رب��ي��ع‪،‬‬ ‫م��ع ط��ق��وس احتفالية م�لازم ٍ��ة ذل��ك وفق‬ ‫عقائد الساميين القدماء في بالد كنعان‬ ‫والرافدين‪.‬‬

‫انتشارا‬ ‫كانت الديونيسية أوس��ع العقائد‬ ‫ً‬ ‫ف��ي ال��ع��ال��م ال��ق��دي��م‪ ،‬لبساطتها وط��ق��وس‬ ‫عاطفية مثيرة فيها تجذب الناس‪ .‬وارتبطت‬ ‫بها طقوس وأساطير كثيرة ع��ن البطولة‬ ‫والرحلة بجيش إلى الهند‪ .‬وتلك األساطير‬ ‫دخلت ال��ت��راث العربي باسم ‪‬ذو ن��واس‪،‬‬

‫أفقا‪ -‬في مغارة نيسا كانت والدة ديونيسوس‬

‫وذك���ر م��ؤرخ��و اإلس��ك��ن��در أن���ه ك���ان ي��ق ِّ��در‪،‬‬ ‫وفق العقيدة الديونيسية‪ ،‬ما ينسب له من‬ ‫تعبيرا عن‬ ‫تحركات عسكرية في بالد آسيا‬ ‫ً‬ ‫انتصاراته واالبتهاج بها خالل مواكب الفرح‪.‬‬

‫رومانيا‬ ‫إغريقيا أو‬ ‫مؤرخا‬ ‫ويندر أن نجد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لم يذكر شخصية ديونيسوس وعطاءاته‬ ‫للحضارة اإلن��س��ان��ي��ة‪ ،‬وإن ك��ان��ت الوقائع‬ ‫تمتزج غالباً بأساطير وقصص خيالية‪،‬‬ ‫منها ما ذكره دي��ودورس الصقلي (‪)73:3‬‬ ‫عن وجود ثالثة أشخاص باسم ديونيسوس‪،‬‬ ‫أح ُ��ده��م يتبع س��ي��رة سلَ فه بتعليم الناس‬ ‫زراع��ة الفواكه وصناعة الخمر من العنب‬ ‫��ص أن الخلود لمن‬ ‫��ي ن ٍّ‬ ‫أو الشعير ِ(ب َ��و ْح ِ‬ ‫يعلّ م الناس ويحسن إليهم)‪ .‬والثالث هو‬ ‫اب���ن شميله ب ْ��ن��ت ق��دم��وس (‪ )64:3‬وق��د‬ ‫تسمى ‪‬ديو‪-‬نيسا‪ ‬نسبة إلى اإلله ‪‬زوس‪‬‬ ‫ومنطقة ‪‬نيسا‪ ‬أرض نشأته‪.‬‬

‫ون��ق��ل دي����ودورس ش��ع ً��را لهوميرس يحدد‬ ‫موقع نيسا في ْذكره أوزيريس (عزير) الذي‬ ‫‪‬نشأ في مدينة نيسا ابناً لــزوس وكان يهتم‬ ‫بالزراعة‪ .‬ومما جاء في القصيدة‪:‬‬

‫جنينا‬ ‫شميله حملت بك‬ ‫ً‬ ‫لزوس الذي يبتهج بالرعود‬ ‫أيها السيد في ‪‬طيبه‪…‬‬ ‫اآلخرون ال يزالون يعتبرون والدتك على‬ ‫أنها خطأ‬ ‫جاء بك إلى النور‬ ‫اجتماع الناس واآللهة خفية عن ‪‬هيرا‪‬‬ ‫البضين‬ ‫ذات الذراعين‬ ‫َّ‬ ‫بعيدا عن الناس‬ ‫ً‬ ‫جبل‬ ‫هناك في موقع يدعى نيسا‪ ،‬وه��و‬ ‫ٌ‬ ‫عا ٍل ذو غابا ٍت كثيفة‬ ‫ب�ع�ي� ً�دا ف��ي فينيقيا‪ ...‬عند ت��دف��ق مياه‬ ‫‪4‬‬ ‫مصر‪)66:3( .‬‬ ‫ن��ق��ل ال��ص��ق��ل��ي ه����ذا ال��ن��ص ع���ن أن��اش��ي��د‬ ‫يتنبه أحد لتحديد‬ ‫هوميرس (‪ ،)9-1:1‬ولم ّ‬ ‫وعالقتها بفينيقيا‬ ‫الصقلي م��وق َ��ع نيسا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وغاباتها الكثيفة‪ ،‬في البالد العربية قرب‬ ‫مصر (‪ .)15:1‬وكان هيرودت مؤرخ اإلغريق‬ ‫األكبر‪ ،‬عند ْذك��ره ديونيسوس ابن شميله‬

‫‪39‬‬


‫‪40‬‬ ‫د‪ .‬يوسف الحوراني‬

‫لتحديد ال��م��وق��ع وف ْ��ه��م م��ا أراده الشاعر‬ ‫هوميروس‪ ،‬نعود إلى نصوص فرعونية ورد‬ ‫فيها ْذك��ر منطقة في لبنان ُتدعى ‪‬نيكا‪‬‬ ‫مشهورة اشتهرت بغاباتها وأخشاب مميزة‬ ‫فيها كان الفراعنة يفاخرون بالحصول عليها‬ ‫من ‪‬أرض اإلله‪ ‬العالية‪ .‬ونقرأ اسم هذه‬ ‫عدة بينها نُ ُصب للفرعون‬ ‫المنطقة في أماكن ّ‬ ‫ت���وت ع��ن��خ أم���ون ف��ي ال��ك��رن��ك‪ ،‬وح��ول��ي��ات‬ ‫رعمسيس الثالث على نصب بركال‪.6‬‬

‫تسمية‪‬نيكا‪ُ ‬تقرأباليونانية‪‬نيسا‪(‬كمانقرأ‬ ‫لوقيان السم لوسيان)‪ ،‬ما يعني أن اختالف‬ ‫لفظ االس��م ك��ان السبب األول في الخطأ‪،‬‬ ‫يليه الموقع الطبيعي كما َذك��ره هوميروس‬ ‫وه���و م��ي��اه ال��ن��ي��ل ع��ن��د فيضانه وان��دف��اع��ه‬ ‫حتى منطقة جبيل في أرض فينيقيا‪.‬‬

‫الفيضانية ربط بها القدماء‬ ‫هذه الظاهرة َ‬ ‫دينيا كانوا يمارسونه في مصر عند‬ ‫ً‬ ‫طقسا ً‬ ‫فيضان نهر النيل السنوي‪ :‬يصنعون من أوراق‬ ‫البردي شكل رأس يرمزون به إلى رأس اإلله‬ ‫‪‬أوزيريس‪( ‬عزير)‪ُ ،‬يلْ قونه في مجرى النهر‬ ‫ويجرفه التيار في سبعة أيام إلى شاطئ جبيل‬ ‫دون‬ ‫ً‬ ‫فيقيم المؤمنون في جبيل‬ ‫دينيا ّ‬ ‫احتفاال ً‬ ‫تفاصيلَ ه المؤرخ لوقيان السميساطي في‬ ‫‪7‬‬ ‫العبري‬ ‫أوائل القرن الميالدي الثاني ‪ .‬وأشار ْ‬ ‫أشعيا (‪ )2:18‬إلى هذا الطقس في ْذكره‬ ‫رس ًال في البحر‬ ‫بالد أنهار أفريقيا‬ ‫ِ‬ ‫‪‬المرسلَ ِة ُ‬

‫أوصاف هذا الكهف مطابق ٌة تماماً مغارة‬ ‫ال��روي��س ف��ي منطقة أف��ق��ا‪ ،‬عند مدخلها‬ ‫جسر ح��ج��ري طبيعي م��ن ورائ���ه تدخلها‬ ‫أشعة الشمس‪ .‬والنهر المحيط بالجزيرة‬ ‫مشك ًال‬ ‫ِّ‬ ‫ه��و ال��ن��ب��ع ال��م��ت��دف��ق م��ن ال��م��غ��ارة‬ ‫شبه جزيرة قبل التقائه بالنبع المتدفق‬ ‫من مغارة أفقا‪ .‬هكذا تكون شبه الجزيرة‬ ‫محاطة بنهرين ال بالبحر كما ذُ ِكر‪.‬‬

‫بعد اندهاش دي��ودورس الصقلي (أواسط‬ ‫ووص ِفه طبيع َة‬ ‫القرن األول قبل الميالد)‬ ‫ْ‬

‫تلك مواقع تاريخية ال تقل روعة عن مغارة‬ ‫جعيتا‪ ،‬وثروة عالمية يحفظها ألبنائه لبنان‬ ‫التاريخ‪.‬‬

‫‪References‬‬ ‫‪1.  Pritchard (James B.), Ancient Near‬‬ ‫‪Eastern Texts, p. 48; ed. Princeton‬‬ ‫‪University Press, 1969.‬‬

‫‪2.  Allegro (J.M.), The Dead Sea‬‬ ‫‪Scrolls, pp. 142-144; ed. Pelican Book,‬‬ ‫‪1961.‬‬ ‫‪3.  Ganneau (Clermont), Tome 5,‬‬ ‫‪pp. 353, 361; ed. Ernest Leroux.‬‬ ‫‪4.  Diodorus Siculus (12 vols),‬‬ ‫‪L.O.E.B. Classical Library; ed. Harvard‬‬ ‫‪University Press, London 1968.‬‬ ‫‪5.  Herodotus, The Histories; ed. The‬‬ ‫‪Penguin Classics.‬‬ ‫‪6.  Pritchard (James, B.), Ancient Near‬‬

‫‪Eastern Texts (ANET), pp. 240, 252; ed.‬‬ ‫‪Princeton University Press, New Jersey‬‬ ‫‪1969.‬‬

‫‪7. Lucian de Samosate, La Déesse‬‬ ‫‪Syrienne No.7; éd. Janck, Paris 1947.‬‬ ‫‪8.  Frazer (J.G.), The Golden Bough,‬‬ ‫‪(Abridged edition), ch. 30; ed.‬‬ ‫‪Macmillan & Co. Ltd., London 1960.‬‬ ‫;‪9.  Homere, L’Odyssée, chap. 8: 266‬‬ ‫‪ed. Garnier-Flammarion, Paris.‬‬

‫حرمون جبل التجلّي‪ ...‬ونيسا مغارة أدونيس‬

‫اب��ن��ة ق��دم��وس‪ ،‬ع ّ��ي��ن نيسا ف��ي ‪‬أثيوبيا‪‬‬ ‫(‪ 5)46:2‬ورأى أن أوزيريس هو ديونيسوس‬ ‫ذات��ه (‪ .)145:2‬وهكذا أخطأ المؤرخون‬ ‫في تفسير كلمة ‪‬رواون‪ ‬اإلغريقية وتعني‬ ‫قصد‬ ‫ينابيع مياه النيل‪ ،‬فيما هوميرس َ‬ ‫م��ن ت��دف��ق م��ي��اه مصر ت��ي��ارات م��ي��اه النيل‬ ‫التي تصل إلى فينيقيا‪ ،‬حيث منطقة نيسا‬ ‫وغاباتها الكثيفة فوق جب ٍل عا ٍل‪.‬‬

‫وفي ق��وارب من البردي على وجه الماء‪.‬‬ ‫وذكر السميساطي اعتقاد أهالي جبيل في‬ ‫َ‬ ‫زمانه أن أوزيريس مدفون في أرضهم‪ ،‬وأنه‬ ‫نشأ في منطقة نيسا وك��ان‬ ‫يحب الزراعة‬ ‫ّ‬ ‫وعلَّ م الناس صناعة الخمر وحفظها إلى‬ ‫جانب صناعات أخرى (‪ .)15:1‬ونيسا هي‬ ‫منطقة أفقا التي اشتهرت بخمورها كما‬ ‫َذك َرت نصوص مالحم أوغاريت في أواسط‬ ‫األلف الثاني قبل الميالد (الرفائيم ‪-20:3‬‬ ‫مقرا لإلله ‪‬أل‪ ‬عند‬ ‫‪ .)25‬وكانت المنطقة ً‬ ‫مجرى النهرين قرب أفقا‪( ‬ملحمة البعل‬ ‫وعناة ‪ 21:4‬و‪ .)22‬وع��ن السميساطي أن‬ ‫أوزيريس هو ذاته ديونيسوس نسبة لموقع‬ ‫مولده (‪ .)15:1‬ويصف منطقة نيسا‪ ،‬غير‬ ‫نهرا يحيط‬ ‫ذاكر مصدر معرفته بها‪ ،‬بأن فيها ً‬ ‫بجزيرة ويمكن بلوغُ ها عبر َمـمر ضيق ُيدعى‬ ‫‪‬األب��واب النيسية‪ ،‬وبأنّ ها غزيرة الينابيع‬ ‫خصبة التربة تحوي فواكه وكروماً معرشة‬ ‫على األشجار‪ ،‬تمتاز بمناخ صحي يعيش فيه‬ ‫كثيف‬ ‫‪‬واد‬ ‫الناس‬ ‫أعمارا مديدة‪ ،‬ومدخلها ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫��ار تحجب أشعة الشمس‪ ،‬فيه كهف‬ ‫أش��ج ٍ‬ ‫داخ��ل جرف صخري تصله أشعة الشمس‬ ‫بعد مدخله‪ ،‬أمامه جميع أن��واع الشجر مع‬ ‫مثالي ليكون‬ ‫مكان‬ ‫طيورها المغردة‪ ،‬وهو‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫مقرا لآللهة‪.)68:3( ‬‬ ‫ً‬

‫منطقة أف��ق��ا‪ ،‬ج��اء م���ؤرخ ح��دي��ث (السير‬ ‫جيمس ف��ري��زر) يصف المكان باندهاش‬ ‫أكبر يوم زاره في أوائ��ل القرن العشرين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫رابطا بين ما عاينه وما كان قرأ حوله من‬ ‫رواي��ات وأساطير تاريخية‪ .‬ومما كتبه في‬ ‫فصل خ��اص عن أدون��ي��س‪ :‬ك��ان كنيراس‬ ‫ت في مكان‬ ‫ملك جبيل أنشأ‬ ‫معبدا ْ‬ ‫ً‬ ‫لعش َت ْر ْ‬ ‫ف���وق ج��ب��ل ل��ب��ن��ان‪ ،‬يبعد م��س��ي��رة ي���وم عن‬ ‫العاصمة جبيل‪ .‬والمكان‪ ،‬على األرجح‪ ،‬هو‬ ‫أفقا عند منبع نهر أدونيس في منتصف‬ ‫الطريق بين جبيل وبعلبك‪ ،‬يتدفق فيه النهر‬ ‫من مغارة في عمق جرف صخري عمالق‬ ‫م��ك َّ��ون م��ن ق��ط��وع ص��خ��ري��ة ع��ل��ى أش��ك��ال‬ ‫أب��راج فيدفع في مجراه بسلسلة شالالت‬ ‫حتى أعماق الوادي الرهيب‪ .‬وكلما انحدر‬ ‫المجرى أعمق تزايدت األعشاب وتكاثفت‬ ‫متشابكة ف��ي ص���دوع الصخور وشقوقها‬ ‫ستارا أخضر فوق الجدول الهادر أو‬ ‫ناشرة‬ ‫ً‬ ‫الجاري عند الهوة المخيفة في األسفل‪ .‬إنه‬ ‫أخ��اذٌ ُيسكر النظر إلى هذه المياه‬ ‫منظر ّ‬ ‫المتلوية بما فيها من عذوبة‪ ،‬وإل��ى هواء‬ ‫الجبل وما فيه من نقاء‪ ،‬وإلى النباتات وما‬ ‫فيها من اخضرار وحياة… ال أجمل منه‬ ‫مسرحاً ألجمل قصة حب مأساوي يقصفه‬ ‫الموت (إش��ارة إلى حب أدونيس وموته)‪.‬‬ ‫وقفا ألدونيس‬ ‫هذا الوادي كان في القديم ً‬ ‫وما زال يحمل ذكراه حتى اليوم ألن حوله‬ ‫مرتفعات تحيط به مزروعة بآثار عبادته‪،‬‬ ‫منها معلَّ ق فوق هاوية مرعبة يشعر الناظر‬ ‫من فوقها بدوار في رأسه إذ يرى النسور‬ ‫ت��ح��وم ح��ول أعشاشها محلقة ب��ع��ي ً��دا في‬ ‫مساء فوق‬ ‫األسفل‪ .‬وعندما تومض األنوار‬ ‫ً‬ ‫تخي ُل وج��ود إنسان‬ ‫المنحدرات ال يمكن ُّ‬ ‫‪8‬‬ ‫هناك لصعوبة العيش في هذا الموقع‪. ‬‬

‫وإذا كانت أفقا مغارة أفروديت األسطورية‬ ‫فالرويس مغارة أريس عشيق أفروديت‪ ،‬كما‬ ‫جاء في‬ ‫أوديسة هوميروس (‪ 266:8‬و‪310‬‬ ‫ّ‬ ‫وغ��ي��ره��ا)‪ .9‬واسمه يلفظ أروي���س باللهجة‬ ‫األيولية اليونانية‪ ،‬وتذكر األسطورة أنه الذي‬ ‫تحول دباً وقتل أدونيس فاصطبغت مياه النهر‬ ‫ّ‬ ‫فعال ما يحدث عند‬ ‫باألحمر لون الدم‪ .‬وهو ً‬ ‫التقاء نبع الرويس بنبع أفقا‪ ،‬كأن أحدهما‬ ‫بقوة االندفاع فيسيل ما يحمل‬ ‫يطعن اآلخر ّ‬ ‫حمر‬ ‫أحمر‪ ...‬بلون الدم‪.‬‬ ‫من تراب أَ َ‬ ‫َ‬

‫‪41‬‬


‫ُتراثُنا اللبناني ‪ :‬معاِلم وعالمات‬

‫مدينة الشمس‪:‬‬ ‫عد لُغ ًزا‬ ‫اللغز الذي لم ي َ ُ‬ ‫د‪ .‬ابرهيم كوكباني‬

‫أَضواء جديدة تنكشف للمرة األُولى عن مدينتنا الخالدة‬

‫‪42‬‬

‫ •من مواليد عيتنيت (البقاع الغربي) سنة ‪.1938‬‬

‫ •يحمل دكتوراه في الفلسفة من جامعة القديس يوسف (بيروت) وفي علم‬ ‫اآلثار من جامعة السوربون (پاريس)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أبحاثا وتنقيبات‬ ‫ •تولى رئاسة قسم اآلثار في المديرية العامة اآلثار وأدار‬ ‫عدة‪.‬‬ ‫ •زاول تدريس اآلثار في الجامعة اللبنانية وجامعة الروح القدس (الكسليك)‪.‬‬ ‫ •له دراسات كثيرة منشورة في مجالت متخصصة (مجلة متحف بيروت‪،‬‬ ‫مجلة ‪‬سيريا‪ ،)‬وفي نشرات وكتيبات حول صور وبعلبك وكامد اللوز‬ ‫ووادي قاديشا وسواها‪ ،‬وتبنت بعضها منظمة األونسكو في پاريس‪.‬‬ ‫ • أشرف على عدد من التنقيبات األثرية في بعلبك وصيدا وصور والخرايب‬ ‫وحفريات بيروت األخيرة بين ‪ 1977‬و‪.1983‬‬

‫كبيرا من حيث ضخامة حجارتها وبنيانها بهذا الشكل‬ ‫ال تزال بعلبك ً‬ ‫لغزا ً‬ ‫ومعدات بدائية‪.‬‬ ‫غير وسائل‬ ‫ّ‬ ‫المتناسق في عصر لم تكن متوفر ًة فيه ُ‬

‫أخيرا‪ :‬أن تكون هي مدينة ‪‬تونيپ‪‬‬ ‫سوى أن واح ً��دا من ألغازها انكشف‬ ‫ً‬ ‫فك‬ ‫نقوشها الباحث ابرهيم كوكباني الذي أشرف على حفريات‬ ‫َ‬ ‫الفرعونية كما ّ‬ ‫في أرجاء الهياكل وعاد بهذه الحقائق‪.‬‬

‫ورد اس����م ت��ون��ي��پ (‪ )Tunip‬ض��م��ن ه��ذه‬ ‫المجموعة ال ُـم ْغفلة‪ ،‬وأل َـم َح بعض العلماء‬ ‫أن ق��د ت��ك��ون م��ن م���دن س��وري��ا‬ ‫وال��ف��ق��ه��اء ْ‬ ‫الشمالية‪ ،‬دون تحديد موقعها الجغرافي‬ ‫ال��ث��اب��ت‪ .‬وظ ّ���ل ه��ذا الموضع غير واض��ح‬ ‫حتى َّتم في حفريات بعلبك اكتشاف قطعة‬ ‫فخارية ممهورة بختم ٍ لـمشهد طقوسي‬ ‫أخيرا حل اللغز‬ ‫وكتابة مسمارية أتاحت‬ ‫ً‬ ‫المزمن‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1967‬أجرينا إس��ب��ارات في الطرف‬ ‫ال��غ��رب��ي م��ن ال��ب��ه��و الكبير (ب��ي��ن المذبح‬ ‫العظيم والدرج المؤدي الى هيكل جوبتير)‬ ‫فتبين لنا أن الرومان‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ 1.1‬إبان احتاللهم بعلبك شيدوا معابدهم‬ ‫فوق تل أثري كان ُيعرف بـ‪‬المدينة العليا‪‬‬ ‫أو ‪‬األكروپوليس‪.‬‬

‫ف‬ ‫‪2.2‬عمدوا‪ ،‬لتوسيع رقعة البنيان‪ ،‬إلى َجر ِ‬ ‫رأس ه��ذا ال��ت��ل ال��م��خ��روط ّ��ي الشكل غير‬ ‫آبهين لـما فيه من طبقات أثرية متعاقبة‪ ،‬ثم‬ ‫دعموا جوانبه بأساسات ضخمة من حجارة‬ ‫تزن آالف األطنان (لعلّ ها أكبر حجارة بنائية‬ ‫في التاريخ) على شكل الحرف الالتيني ‪H‬‬ ‫ال��ذي يرمز إل��ى هليوپوليس (‪)Heliopolis‬‬ ‫أي‪ :‬مدينة الشمس‪.‬‬

‫عدا تلك المعالم العمرانية‪ ،‬اكتشفنا في‬ ‫طيات هذه الطبقة القطع األثرية التالية‪:‬‬

‫ •مجموعة أدوات صوانية ذات أشكال‬ ‫واس���ت���خ���دام���ات م��ت��ن��وع��ة م���ن ال��ع��ص��ر‬ ‫البرونزي الوسيط‪.‬‬

‫ •أدوات مصنوعة من الزجاج الطبيعي‬ ‫(‪.)Pierres obsidiennes‬‬ ‫ • ِج ْع ًال من عهد الهكسوس‪.‬‬

‫ملون ًة ذات تأثير قبرصي‬ ‫ • ِك َس ًرا فخاري ًة ّ‬ ‫(‪.)Milk – bowls‬‬

‫فأسا برونزية من عهد الهكسوس‪.‬‬ ‫ • ً‬

‫ •قطعة ف��خ��اري��ة تحمل اس��م ‪‬تونيپ‪‬‬ ‫مدونً ا بالحروف المسمارية‪.‬‬

‫ه���ذه ال��ك��س��رة ال��ف��خ��اري��ة (‪1,5×6×12‬‬ ‫جرة خمر أو زيت‪ ،‬لونها‬ ‫سنتم) قد تكون ّ‬ ‫وردي‪ ،‬طريقة َش ِّيها متجانسة ظ��اه ً��را‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫���زي���ن���ة ب��م��ش��ه��د ط��ق��وس��ي ي���ب���رز ّرب��ت َ��ي��ن‬ ‫م ّ‬ ‫واقفتين‪ ،‬تلبس الواحدة منهما‬ ‫متقابلتين‬ ‫َ‬ ‫��اج��ا م��ق ّ��رنً ��ا‪ ،‬وترفع‬ ‫رداء ط ً‬ ‫��وي�لا‪ ،‬تعتمر ت ً‬ ‫ً‬ ‫تضرع وص�لاة‪ .‬في‬ ‫قفة‬ ‫و‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫عالي‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫يديها ً‬ ‫ال��وس��ط ق���رص ال��ش��م��س ض��م��ن ال��ه�لال‪،‬‬ ‫يليه الصليب المصري المعروف بـ‪‬عنخ‪‬‬ ‫الر َّب َتين‬ ‫(‪ )Ankh‬رمز الحياة والقيامة‪ .‬مع َّ‬

‫عد لُغز ًا‬ ‫مدينة الشمس‪ :‬اللغز الذي لم ي َ ُ‬

‫من ‪‬تونيپ‪ )Tunip( ‬الفرعونية إلى هليوپوليس‬ ‫(‪ )Heliopolis‬اليونانية إلى بعلبك اللبنانية‬

‫اك��ت��ش��اف رس���ائ���ل ت���ل ال��ع��م��ارن��ة‬ ‫منذ‬ ‫(‪ )1887‬وهي تثير فضول علماء‬ ‫وب��اح��ث��ي��ن (ه��ال��ي��ڤ��ي ‪،Joseph Halevy‬‬ ‫ك��ن��ودزون ‪ ،Jorgen Knudtzon‬ميرسر‬ ‫‪ )... ، John Mercer‬اك��ت��ش��ف��وا هوية‬ ‫م��ع��ظ��م ال��م��دن ال��م��ذك��ورة ف��ي ال��رس��ائ��ل‬ ‫وم��وق��ع��ه��ا‪ّ ،‬إال بعضها ألن أص��ل االس��م‬ ‫تبدل أو ألنها غرقت في النسيان‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الحيز‬ ‫تحت البالط الروماني مباشرة‪ ،‬في ّ‬ ‫المجاور البازيليك البيزنطية‪ ،‬عثرنا على‬ ‫مشرعة‬ ‫أساسات مساكن بدائية ذات أبواب ّ‬ ‫على ممر ضيق (عرضه نحو ‪ 50‬سنتم)‪،‬‬ ‫ج��دران��ه��ا م��ن الحجر الغشيم‪ ،‬أرضيتها‬ ‫مغطاة بنوع م��ن العدسة (الفسيفساء)‪.‬‬ ‫مواقد في زواياها تشير‬ ‫وتبدو حتى اليوم‬ ‫ُ‬ ‫إليها آثار رماد‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫فنكل‬

‫(‪)Irving Finkel‬‬

‫(‪)Christopher Walker‬‬

‫رموز الكتابة فإذا هي‪:‬‬ ‫‪1.1‬كيسيب أبي مالك‬

‫(‪)Kissib abi Malik‬‬

‫(‪)dumu‬‬

‫‪(3.3‬اللوحة مكسورة)‬

‫‪ 4.4‬بعل ‪ -‬تونيپ (‪ .)Paal Tunip‬‬

‫����ر اس��م مدينة‬ ‫أه��م��ي��ة ه��ذه ال��ك��ت��اب��ة‪ِ :‬ذ ْك ُ‬ ‫‪‬ت��ون��ي��پ‪ ‬وم��ل��ك��ه��ا ك��ي��س��ي��ب أب���ي م��ال��ك‪،‬‬ ‫والعثور عليها ف��ي حفريات بعلبك وما‬ ‫ل��ذل��ك م��ن م��دل��والت علمية وت��اري��خ��ي��ة‪.‬‬ ‫��ال��ـ��م��ان ه��ال��ي��ڤ��ي وف��ن��ك��ل أن‬ ‫ورأى ال��ع ِ‬ ‫‪‬ت��ون��ي��پ‪ ‬ه��ي بعلبك‪ ،‬لكنهما ل��م ُيثْ ِبتا‬ ‫ذل��ك‬ ‫علميا‪ .‬ل��ذا عارضهما رنيه دوس��و‬ ‫ً‬ ‫ب��أن��ه��ا ب��ل��دة ‪‬ال��دن��ي��ب��ة‪ ‬أو ‪‬ال��دن��ي��ب‪‬‬ ‫(ش���رق���ي م��ن��ط��ق��ة ال��رس��ت��ن ف���ي س��وري��ا)‬ ‫الطباق بين حرف الدال في‬ ‫مستندا إلى ِ‬ ‫ً‬ ‫الدنيب والتاء في تونيپ‪.‬‬

‫الكسرة الفخارية التي وجدت‬ ‫ف��ي بعلبك م��ك��ت��وب��ة ب��ال��ح��رف‬ ‫المسماري‬

‫‪44‬‬ ‫د‪ .‬ابرهيم كوكباني‬

‫����ز َم األث���ري‬ ‫وج َ‬ ‫أن التونيپ ه��ي ‪‬ت��ل الدنيبة‪ ‬للتقارب‬ ‫اللفظي بين ال��دال والتاء في االسمين‪،‬‬ ‫حت َم العودة إلى النصوص المصرية‬ ‫ما ّ‬ ‫وال���راف���دي���ة ال��ق��دي��م��ة ل�لاط�لاع وإج����راء‬ ‫المقاربات واستخالص النتائج العلمية‬ ‫البحتة‪.‬‬

‫‪Du Menil du Buisson‬‬

‫ضفيرة مجدولة تجعل المشهد قسمين‪:‬‬ ‫ف��ي ال��ق��س��م ال��ع��ل��وي ث�لاث��ة أش��خ��اص في‬ ‫الر َّب َتين‪ ،‬يرفع‬ ‫وقفة احترام‪ ،‬ينظرون إلى َّ‬ ‫ك ّ��ل منهم ي��ده اليسرى للتضرع والصالة‪،‬‬ ‫الكتابة بالحروف المسمارية ضمن أربعة‬ ‫أع��م��دة‪ ،‬واح��ده��ا لجهة اليسار والثالثة‬ ‫َّ‬ ‫محطم‪.‬‬ ‫معظمه‬ ‫آخرها‬ ‫لجهة اليمين‪ُ .‬‬ ‫ُ‬ ‫���ك رم���وز ه���ذه ال��ك��ت��اب��ة ألن‬ ‫ك���ان ص��ع ً��ب��ا فَ ُّ‬ ‫رس َ��م الشكل البابلي الكالسيكي‬ ‫الكاتب َ‬

‫واضعا‬ ‫معتمدا طريقة التدوين القديمة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المسامير م��ن اليمين ال��ى ال��ي��س��ار ومن‬ ‫العالـم رنيه البات‬ ‫أعلى إلى أسفل‪ .‬ويرى‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )R. Labat‬أن التدوين على لوحات اآلجر‬ ‫تطورا من نقش األختام‬ ‫الطري كان أسرع‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫خصوصا أن النحات‪،‬‬ ‫على حجارة صلبة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يتعمد‬ ‫ن ً‬ ‫�����زوال ع��ن��د رغ��ب��ة ال���زب���ون‪ ،‬ك���ان ّ‬ ‫المحافظة على النقش نفسه ِل َـما يمثِّ له‬ ‫الختم من صدقية في التعامل الشخصي‬ ‫العال َـم ْين‪ :‬إرڤين‬ ‫والتجاري‪ .‬إنما‪ ،‬بفضل‬ ‫ِ‬

‫ ) أالنصوص المصرية‬ ‫‪1.1‬حوليات تحوتمس الثالث‪.‬‬ ‫ورد اسم ‪‬تونيپ‪ ‬في حوليات تحوتمس‬ ‫الثالث ثالث مرات‪:‬‬ ‫ •‪‬الفرعون‪ ،‬في السنة ‪ 29‬من حكمه‬

‫ •ف���ي م��ك��ان آخ���ر ت����ورد ال��ح��ول��ي��ات أن‬ ‫تمكن‪ّ ،‬إب���ان حملته‬ ‫تحوتمس الثالث َّ‬ ‫التالية‪ ،‬من فض التحالف القائم بين‬ ‫الميتانيين وأُ مراء قادش وتونيپ‪ ،‬بعد‬ ‫أن هدم مدن الساحل وأسر من السكان‬ ‫نحو ‪ ،492‬بينهم ابن ملك تونيپ الذي‬ ‫كان يتولى قيادة الجيش‪.‬‬

‫ •‪‬ف���ي ال��س��ن��ة ‪ 42‬م��ن ح��ك��م��ه (‪1464‬‬ ‫ق‪.‬م‪ ).‬ي��ج��ت��اح ت��ح��وت��م��س ال��ث��ال��ث كل‬ ‫الشاطئ الفينيقي فيهدم مدينة عرقا‬ ‫فيحرق‬ ‫وقُ راها ثم يتوغل إلى الداخل ُ‬ ‫ت��ون��ي��پ وي��ق��ط��ع أش��ج��اره��ا وي��س��ت��ول��ي‬ ‫على خ��ي��رات سهولها ث��م يتوجه نحو‬ ‫قادش‪.‬‬

‫من قراءة هذه المقاطع الثالثة نستخلص‬ ‫أن ‪‬ت����ون����ي����پ‪ ‬ك���ان���ت ع���اص���م��� ًة م��ن��ي��ع��ة‬ ‫بمعسكرها ف��ي ‪‬وارت������ت‪ ،‬تهيمن على‬ ‫ت مع‬ ‫منطقة زراعية خصبة‪ ،‬وانها‬ ‫َ‬ ‫تحالف ْ‬ ‫جيرانها في الشمال مثل (‪ )Orthosia‬على‬ ‫الساحل الفينيقي وق���ادش ف��ي ال��داخ��ل‪،‬‬ ‫إلبعاد االحتالل المصري عنها‪.‬‬ ‫‪2.2‬قبر منخبري سنب‬ ‫‪ )Senb‬في ثيبة (‪)Thèbes‬‬

‫(– ‪Menkepru‬‬

‫وه��و كاهن ك ّ��رس حياته لخدمة معبد‬ ‫رسوم‬ ‫أمون أيام تحوتمس الثالث‪ ،‬في قبره‬ ‫ٌ‬ ‫ُتبرز ملوك المناطق يحملون الهدايا جاثين‬ ‫أم���ام ال��ف��رع��ون الس��ت��رض��ائ��ه‪ ،‬بينهم ملك‬ ‫قادش وملك تونيپ وابنه‪.‬‬

‫عد لُغز ًا‬ ‫مدينة الشمس‪ :‬اللغز الذي لم ي َ ُ‬

‫‪2.2‬دومو (ابن)‬

‫وكريستوفر ُووك��ر‬ ‫��ك‬ ‫ّ‬ ‫تمكنا م��ن فَ ّ‬

‫مدنها‬ ‫(‪1476‬ق‪.‬م‪).‬‬ ‫احتل فينيقيا فهدم ُ‬ ‫ّ‬ ‫وسيطر على ‪‬وارت��ت ‪ Wartet‬حصن‬ ‫دخ ًال‬ ‫مدينة تونيپ‪ ،‬حليفة ق��ادش‪ُ ،‬م ِ‬ ‫إليها ط��ق��وس آلهته المصرية بعدما‬ ‫أرس��ل من المغانم ال��ى مصر ما يزيد‬ ‫سفينتين‪.‬‬ ‫عن حمولة‬ ‫َ‬

‫‪45‬‬


‫‪3.3‬رسائل تل العمارنة‬

‫‪46‬‬ ‫د‪ .‬ابرهيم كوكباني‬

‫جاء في الرسالة‪ :‬بعد الخضوع التام‬ ‫نذكركم ب��أن سلفكم‬ ‫لمشيئتكم السامية‪ِّ ،‬‬ ‫ت��ح��وت��م��س ال��ث��ال��ث م ّ��ي��ز ت��ون��ي��پ وش ّ��رف��ه��ا‬ ‫فأدخل إليها طقوس آلهته المصرية‪ .‬ونحن‬ ‫بدورنا نود أن نُ بقي على هذا االمتياز‪.‬‬ ‫وعندما شعر ملك الحثيين بدنو الخطر‬ ‫جدد تحالفه مع ‪‬تونيپ‪ ‬فأرسل‬ ‫المصري َّ‬ ‫م��ن ق��وات��ه العسكرية إليها‪ ،‬لكن ه��ذا لم‬ ‫معلنا‬ ‫يمنع رعمسيس الثاني من احتاللها ً‬ ‫انتصاره على الحثيين وإجالئهم عن كامل‬ ‫فينيقيا بقسميها الجنوبي والشمالي‪.‬‬ ‫ ) بالنصوص الرافدية‪:‬‬ ‫بالد ما بين النهرين والجوار‬ ‫‪1.1‬إبال‬

‫(‪)Ebla‬‬

‫ورد اسم ‪‬تونيپ‪ )Tu-n-ép/Ki( ‬أكثر‬ ‫م��ن م��رة ف��ي ك��ت��اب��ات إب�لا ال��س��وري��ة التي‬ ‫كانت تقيم عالقات تجارية معها‪ ،‬مؤدية‬ ‫دور الوسيط مع جبيل‪ .‬ونقرأ في النص‬ ‫رقم ‪ 23‬من المراسالت‪ :‬استيراد خمسة‬ ‫ملونة‬ ‫أث���واب م��ن ال��ج��وخ‪ ،‬وخمسة أث���واب ّ‬ ‫لرجل جبيل‪ ،‬بواسطة عمالئنا في تونيپ‪.‬‬ ‫��وح أن ‪‬تونيپ‪ ‬كانت‬ ‫وه��ذا ي��دل في وض ٍ‬ ‫الوسيطة بين إب�لا ف��ي ال��داخ��ل السوري‬ ‫وجبيل على الساحل الفينيقي‪.‬‬

‫ورد ف��ي��ه��ا أن ال��م��ل��ك ت��غ��ل��ت‪ -‬فالسر‬ ‫وذك َر مدينة قار‪-‬‬ ‫الثالث اجتاح جبل لبنان َ‬ ‫ح َ��دد (‪ )Kar-Adad‬التي يؤكد رنيه دوسو‬ ‫مثبتا نظرية هاليڤي وفنكل‪،‬‬ ‫أنها بعلبك‪ً ،‬‬ ‫��ادي��ة أو‬ ‫إنما ب��دون االستناد إل��ى قرينة م ّ‬ ‫ثابتة علمية واضحة‪.‬‬

‫يبقى أن النص الذي يوضح هذه المسألة‪،‬‬ ‫رغم غرابته‪ ،‬ورد في رسالة الكاتب أمون‪-‬‬ ‫أوپـيت (‪ )Amoun-Opet‬إلى القائد الملكي‬ ‫حوري (‪ )Hori‬يخبره فيها بأسلوب ساخر‬ ‫ع��ن رج��ل كهل ف��ي هليوپوليس الشرقية‬ ‫بخس‬ ‫يقيم مع رجل يدعى كيسيب‪ ،‬وهو‬ ‫ٌ‬ ‫فلسا‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫يتعدى سعره العشرين ديبانً ا أو ً‬ ‫أيكون هذا الـ‪‬كيسيب‪ ‬هو ملك ‪‬تونيپ‪‬‬ ‫التي هي هليوپوليس الشرقية؟‬

‫اس��م بعلبك كلمتان‪ :‬ب��ع��ل‪ ،‬وه��و اإلل��ه‬ ‫السيد‪ ،‬رب السماء والبرق والرعد‪ ،‬مرادف‬ ‫ّ‬ ‫ح َ���دد األش����وري البابلي وزوس اليوناني‬ ‫وجوبيتر الروماني‪ .‬و‪‬ب��ك‪ ،‬وه��و السهل‬ ‫أو البقاع‪ .‬وبعلبك خضعت طوال تاريخها‬ ‫القديم الح��ت�لاالت خارجية كثيرة‪ ،‬وك��ان‬ ‫حدد‬ ‫اسمها يتغير مع كل محتل‪ :‬من قار‪َ -‬‬ ‫األشورية البابلية إلى هليوپوليس اليونانية‬ ‫مرورا بـ‪‬تونيپ‪ ‬المصرية‪.‬‬ ‫والرومانية‪،‬‬ ‫ً‬

‫وباستعراضنا ُب ْ��ن َ��ي��ة االس��م األخ��ي��ر نجده‬ ‫من جذرين‪ :‬ت��ون (‪ )Tun‬و پي (‪ .)Pi‬وكان‬ ‫الشرقيون يلفظون األحرف الصوتية بدون‬ ‫كتابتها ويستعيضون عنها بحركات‪ ،‬كسائر‬ ‫اللغات السامية (ومنها العربية)‪ ،‬وعوض‬ ‫األلف‪ ،‬يحذفون هذا‬ ‫يدونوا ‪‬أتون‪ ‬مع ِ‬ ‫أن ّ‬ ‫��دون��ون ‪‬ت���ون‪)Tun( ‬‬ ‫ال��ح��رف الصوتي وي ِّ‬ ‫فقط‪ .‬و كلمة ‪‬پي‪ )Pi( ‬هيروغليفية تعني‬ ‫المكان والموضع والموقع‪.‬‬

‫عندما احتل اإلغريق مصر (أوائ��ل ق ‪4‬‬ ‫ق‪.‬م‪ ).‬سموا ‪‬هليوپوليس‪ ‬مدينة ‪‬رع‪-‬‬ ‫پي‪ )Ra-Pi( ‬أو مدينة ‪‬رع‪ ‬إله الشمس‪،‬‬ ‫وهي اليوم قرب القاهرة‪ .‬وعندما احتلوا‬ ‫بعلبك المسماة آنذاك ‪‬أتون‪ -‬پي‪( ‬تونيپ)‬ ‫أطلقوا عليها االس��م نفسه‪ :‬هليوپوليس‬ ‫ألنهم كانوا يعتقدون أن ‪‬رع‪ ‬إله قومي‪،‬‬ ‫بينما ‪‬أتون‪ ‬إله كوني يتسع نفوذه ليشمل‬ ‫سائر المناطق الخارجية الواقعة تحت‬ ‫متداوال‬ ‫ً‬ ‫حكمهم‪ .‬وظ��ل اس��م هليوپوليس‬ ‫حتى الفتح العربي حين ع��اد إل��ى أصله‬ ‫السامي الفينيقي‪ :‬بعلبك (مدينة البعل‪،‬‬ ‫سيد السماوات والصواعق)‪.‬‬ ‫نش ُر حقيقة اسم‬ ‫وم��ا إن ت ّ��م سنة ‪ْ 1999‬‬

‫هكذا‪ ،‬بفضل ه��ذا االكتشاف‪ ،‬عرفنا ما‬ ‫ك���ان اس���م بعلبك ال��ت��ي دع��اه��ا الفراعنة‬ ‫‪‬أت��ون ‪ -‬أپي‪( ‬تونيپ) أي مدينة ‪‬أتون‪‬‬ ‫أو مدينة الشمس‪ ،‬ودعاها اليونان كذلك‬ ‫بعد ‪‬أغْ َرقَ ة‪ ‬االسم إلى هليوپوليس كما‬ ‫فعلوه في مصر ّإبان احتاللهم إياها‪.‬‬

‫وب��ع��د ‪‬س��ي��ري��ا‪ ‬تناقلت خ��ب َ��ر االك��ت��ش��اف‬ ‫صحف محلية وم��ج�لات علمية‪ ،‬م��ا أدى‬ ‫ب��ع��دئ ٍ��ذ إل���ى ت��ح��دي��د م��وق َ��ع ّ��ي ‪‬ن��ح��اش��ي��ا‪‬‬ ‫و‪‬ع���م���ق���ي‪ ‬ال�����واردي�����ن ف����ي رس����ائ����ل ت��ل‬ ‫ال��ع��م��ارن��ة‪ ،‬ف���إذا ه��م��ا‪ :‬مدينة عنجر (أو‬ ‫عميق‬ ‫خلقيس "‪ "Chalcis‬اليونانية) ومدينة ّ‬ ‫البقاعيتان في لبنان‪.‬‬

‫هوامش ومصادر‬ ‫ •م��ج��ل��ة ‪‬س��ي��ري��ا‪ – ‬ال���ج���زء ‪ 76‬س��ن��ة ‪1999‬‬ ‫(منشورات ‪ IFAPO‬بيروت) ص ‪ 237‬إلى ‪.240‬‬

‫ •ترجمة رسائل تل العمارنة إل��ى اإلنكليزية‪:‬‬ ‫جون ميرسر (‪.)1982-1934‬‬

‫ •ترجمة رس��ائ��ل ت��ل العمارنة إل��ى األلمانية‪:‬‬ ‫كنودتزون (‪.)1917-1854‬‬ ‫جورجن‬ ‫ْ‬

‫���م���ي اآلث������ار‬ ‫ •م�����راس��ل��ات خ����اص����ة م����ع ع ِ‬ ‫���ال���ـ َ‬ ‫البريطانيين إرڤين فنكل (مولود سنة ‪،)1951‬‬ ‫وكريستوفر ُووكر‪.‬‬

‫ •ترجمة رس��ائ��ل ت��ل العمارنة إل��ى الفرنسية‪:‬‬ ‫جوزف هاليڤي (‪.)1917-1927‬‬

‫دوب ِ��و ْي ُّ��س��ون‬ ‫ •دراس���ة ال��ك��ون��ت روب��ي��ر دومينيل ْ‬ ‫(‪ )1986-1895‬في عدد ‪‬سيريا‪ ‬المذكور‬ ‫أعاله‪.‬‬

‫عد لُغز ًا‬ ‫مدينة الشمس‪ :‬اللغز الذي لم ي َ ُ‬

‫واضحا في الرسالة‬ ‫ورد اس��م تونيپ‬ ‫ً‬ ‫‪ 59 EA‬ال��ت��ي وج��ه��ه��ا أه��ال��ي ت��ون��ي��پ إل��ى‬ ‫الفرعون أخناتون‪ ،‬ولم يذكروا اسم ملكهم‬ ‫ألنه لجأ إلى منطقة أخرى كي ال يقع أسير‬ ‫فعل زميله ملك جبيل‬ ‫عسكر الفرعون‪ ،‬كما َ‬ ‫‪ Rib – Addi‬إذ لجأ إلى ملك بيروت أمونيرا‬ ‫‪.Amunira‬‬

‫‪2.2‬النصوص األشورية ‪ -‬البابلية‬

‫لذا يمكن القول إن بعلبك‪ّ ،‬إبان االحتالل‬ ‫ال���م���ص���ري‪ ،‬ك��ان��ت ‪‬أت����ون‪-‬پ����ي‪Aton-( ‬‬ ‫‪ )Pi‬أَ ي مدينة ‪‬أت��ون‪ ‬إله الشمس عند‬ ‫المصريين‪.‬‬

‫‪‬تونيپ‪ ‬ف��ي مجلة سيريا (‪ )Syria‬حتى‬ ‫تلقفها علماء اآلثار بحماسة ٍ‬ ‫وثناء معتبرين‬ ‫ّ‬ ‫حال‬ ‫نهائيا ِللُ غز‬ ‫أن هذا االكتشاف وضع ً‬ ‫ً‬ ‫حيرهم وأثار فضولهم‪.‬‬ ‫طالما ّ‬

‫‪47‬‬


‫وي‬ ‫التـراث‬ ‫اللبنانـي َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َف ّ‬ ‫ّ‬ ‫بين‬

‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقي‬ ‫وس‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫رو ّي‬ ‫الـم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫والـم ْح ّ‬ ‫ ‬ ‫بيروت ‪ . . .‬إحكي لنا من تراثك المروي‬

‫عبداللطيف فاخوري‬

‫ ‬ ‫الزجل اللبناني من البدايات – شعر الحياة اليومية والتراث‬

‫جوزف أبي ضاهر‬

‫ ‬ ‫من فصول الحياة الموسيقية في لبنان‬

‫كفاح فاخوري‬

‫التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األخوان رحباني ‬

‫محمود زيباوي‬

‫ ‬ ‫اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬

‫ناصر مخول‬

‫ ‬ ‫‪Le chant traditionnel au Liban – Identité, histoire et genres‬‬

‫أ‪ .‬بديع الحاج‬


‫التراث‬ ‫وي‬ ‫اللبناني َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َف ّ‬ ‫ُّ‬

‫بيروت‪ ...‬بيروت‪...‬‬ ‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬ ‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫عبداللطيف فاخوري‬

‫ •من مواليد بيروت ‪.1939‬‬

‫ • ُمحام ٍ في االستئناف منذ ‪.1964‬‬

‫ت ِإسالمية وثقافية وعلْ مية‪.‬‬ ‫مؤسسات وهيئا ٍ‬ ‫عضو في َ‬ ‫ • ٌ‬ ‫‪50‬‬

‫مؤلفات وأَ‬ ‫بحاث فقهي ٌة وقانونية‪.‬‬ ‫ •له‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫وقدم لكتب أَ دبية وبيروتية‪ ،‬منها‪ :‬رسائل‬ ‫ • َّ‬ ‫حقق ُكت ًبا تراثي ًة َّ‬ ‫ع�م��ر ف��اخ��وري‪ ،)1981( ‬ك �ي��ف ينهض ال �ع��رب‪ ‬لعمر‬ ‫فاخوري (‪ ،)1981‬الكفاية لذوي العناية‪ ‬للمفتي الشيخ‬ ‫عبد الباسط الفاخوري (‪.)1993‬‬

‫وتسجيال‪ ،‬وله‬ ‫وج ْم ًعا‬ ‫تحقيقا‬ ‫اهتم بتراث بيروت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتقميشا َ‬ ‫ • ّ‬ ‫مشت َرك ‪ ،)1995-‬منزول‬ ‫في هذا الحقل‪:‬‬ ‫‪‬بيروتنا‪( ‬كتاب َ‬ ‫ُ‬ ‫بيروت‪ ،)2003( ‬ذكريات بيروتية لـمصطفى عبد اللطيف‬ ‫�ب‪،)2005( ‬‬ ‫فاخوري‪ ،)2004( ‬رفيق بيروت‪-‬حكاية ُح� ّ‬ ‫حكايات أَ مثالهم ووقائع أَ يامهم (‪ ،)2009‬ذاكرة‬ ‫‪‬البيارتة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أزهار وأَ شجار بيروت‪.)2012( ‬‬

‫�ذاق ُم َـم َّيز‪ .‬فيه من الشفوي‬ ‫لبيروت‪ ،‬في تراثنا اللبناني‪ ،‬نكه ٌة خاص ٌة وم� ٌ‬ ‫�داول‪ ،‬بفضل من َيحفظون ه��ذا ال�ت��راث ِإ ًرث��ا‬ ‫َ‬ ‫المتوارث ما ال ي� ُ‬ ‫�زال في ال �ت� ُ‬ ‫وسجال في ذاكرة‬ ‫وتحقيقا‪ ،‬فيبقى أَ ًثرا في كتاباتهم‬ ‫تدوينا‬ ‫يحافظون عليه‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الوطن‪.‬‬

‫ـمؤرخ عبداللطيف فاخوري الذي‬ ‫من عاشقي هذا ِاإلرث العريق‪ :‬المحامي وال ّ‬ ‫مشكورا‪ ،‬بهذه َ‬ ‫النوستالجية عن تراث بيروت‪.‬‬ ‫األلوان‬ ‫خص ‪‬مرايا التراث‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫‪51‬‬

‫الحكواتي كما رسمه مصطفى فروخ‬

‫الحكواتي يأْسر عنترة‬ ‫شباب البسطة‬ ‫النوم‬ ‫فيحرم‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫في أمثال البيارتة قولُ هم‪ :‬ق��ال��وا‪ :‬عنتر‬ ‫بيك ُسر ألْ ف‪ ،‬قالوا‪ :‬ألنو فيه بضهرو ألْ ف‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫عنت َرك؟ قال‪:‬‬ ‫وقولُ هم‪ :‬قالوا لعنتر‪ :‬مين َ‬ ‫ت حالي وما حدا َر ّدن��ي‪ ،‬وقولهم‪:‬‬ ‫َع ْن َت ْر ْ‬ ‫�دوك؟ قال‪:‬‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫بتغلُ‬ ‫كيف‬ ‫لعنتر‪:‬‬ ‫‪‬قالوا‬ ‫ّ‬ ‫ت يفزع القوي‪.‬‬ ‫ضرب الضعيف َ‬ ‫ُب ُ‬

‫السير الشعبية أنها مثَّ لَ ت صورة‬ ‫في سياق ِ‬ ‫المواجهة بين ال�ع��رب وأع��دائ �ه��م‪ .‬وأخ��ذ‬ ‫ال��رواة يضيفون إليها الكثير من الخوارق‬ ‫وأعمال سحر ورصد أسهمت في انتصار‬ ‫البطل‪ .‬وفي طبيعة البيارتة أنهم ال يعرفون‬ ‫التعصب الديني وال التمييز العنصري‪.‬‬

‫رمزا‬ ‫لذا اعتبروا عنترة‪ ،‬العبد األسود‪ً ،‬‬ ‫للشجاعة واإلقدام‪ .‬وأُ غرموا بقراءة سيرة‬ ‫عنترة حتى ات�خ��ذوه��ا وسيل ًة ف��ي أنسهم‬ ‫تذكرهم بشجاعة البطل وما‬ ‫وسمرهم‪ِّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫يتحلّ ى به من فضائل وإقدام ورعاية ذمام‪،‬‬ ‫ورفض القهر والتسلُّ ط والغدر‪ ،‬والمحافظة‬ ‫على حرمة الجوار وحرمة النساء‪ .‬وإذا كان‬ ‫ورث اللون عن أُ ِّمه َ‬ ‫األ َمة السوداء‪،‬‬ ‫عنترة‬ ‫َ‬ ‫فالسير ُة جعلَ ت م��ن ه��ذا ال�س��واد ‪‬عقدة‬ ‫ال �ل��ون‪ ‬عند البطل‪ ،‬ودف�ع� ْ�ت��ه إل��ى إظهار‬ ‫بطولته ونجابته حتى إج�ب��ار ق��وم��ه على‬ ‫االعتراف بسيادته‪ .‬وعن سواد بشرة عنترة‬ ‫َ‬ ‫حفظها العامة‬ ‫تشير السيرة إل��ى أب�ي��ات‬ ‫ورددوها‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫َّ‬


‫وشخصية عنترة محببة لـما تمثّ له من‬ ‫ف �ض��ائ��ل‪ .‬روى األص �ف �ه��ان��ي ع ��ن ال�ن�ب��ي‬ ‫أعرابي‬ ‫ص��ف لي‬ ‫(صلعم) أنه قال‪ :‬ما ُو ِ‬ ‫ّ‬ ‫فأحببت أن أراه ّإال عنترة‪.‬‬ ‫قط‬ ‫ُ‬

‫‪52‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫سنة ‪ 1898‬وضع شكري غانم في پاريس‬ ‫مسرحيته ‪‬عنتر‪ ‬بفكرة توحيد القبائل‬ ‫ومثِّ لت على‬ ‫وجمعها تحت راي��ة واح ��دة‪ُ .‬‬ ‫ْ‬ ‫مسرح األودي��ون سنة ‪ 1910‬وعلى مسارح‬ ‫شعرا‪،‬‬ ‫وعربها الياس أب��و شبكة‬ ‫ً‬ ‫أخ��رى‪َّ ،‬‬ ‫نثرا‪.‬‬ ‫والياس غالي ً‬

‫وكانت ‪‬عنترة‪ ‬أول مسرحية مثَّ لها سليمان‬ ‫سالمة حجازي‪.‬‬ ‫قرداحي والشيخ ّ‬

‫وسنة ‪ 1950‬وض��ع حسن شكر الهاشمي‬ ‫(‪ )1970-1910‬من عنقون (جنوب لبنان)‬ ‫ملحمة ‪‬عنترة‪ ‬بالزجل اللبناني في ألْ ف‬ ‫وستمئة وبيتين (‪.)1602‬‬

‫عنترة الحكواتي‬ ‫�وص��ا بعد‬ ‫�اء‪ ،‬خ��ص� ً‬ ‫ك� ��ان ال��ب��ي��ارت��ة م � �س� � ً‬ ‫اإلف � �ط� ��ار ف���ي رم � �ض� ��ان‪ ،‬ي� �ه ��رع ��ون إل��ى‬ ‫مقاهي البسطة والباشورة وساحة السور‬ ‫�ص��ور = َع ال� ُّ�س��ور) لمتابعة الحكواتي‬ ‫(ع� ُّ‬ ‫َ‬ ‫�لا‬ ‫ص‬ ‫�‬ ‫السير‬ ‫�ول‬ ‫�‬ ‫ص‬ ‫�‬ ‫ف‬ ‫�ن‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫ليلة‬ ‫�ل‬ ‫�‬ ‫ك‬ ‫�روي‬ ‫ي�‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الشعبية‪ ،‬يسرد حوادثها بـنبرة تمثيلية‪.‬‬

‫البوش في زمني ‬ ‫نعم نعم كنت أرعى َ‬ ‫وكنت صغي ــر السن محتقرا‬ ‫وأمشي اثني عشر ألف ماشية‬ ‫وكنت أمشي‬ ‫ّ‬ ‫وكنت أرعاها بالبيد والصحرا‬ ‫فبت في األحراش وال أحد يؤانسني ‬ ‫ّ‬ ‫سوى ا ُأل ُسود واللبوة والنمرا (كذا)‪.‬‬ ‫وي��روى أن محمد العيتاني (وال��د السفير‬ ‫ع�ب��د ال �غ �ف��ار) ك ��ان ي�س�ت��وق��ف ال�ح�ك��وات��ي‬ ‫وتجاوزت‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫معترضا‪ :‬شو هيدا؟ أخطأْ َ‬ ‫واذكرها كما هي‪.‬‬ ‫الوقائع‪ .‬إرجع ُ‬

‫ف��ي إح ��دى ال�ل�ي��ال��ي ك��ان ال�ح�ك��وات��ي روى‬ ‫معينة ج��رت بين عنترة والمدعو‬ ‫ح��وادث ّ‬ ‫ً‬ ‫لقيطا‬ ‫أن‬ ‫لقيط ب��ن زرارة‪ ،‬وف��ي أح� ِ�ده��ا ّ‬ ‫غلب عنترة وضربه في كتفه‪ ،‬فأخذ فريق‬ ‫‪‬طيب يا لقيط‪،‬‬ ‫من المستمعين يصيح‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫�ت ي��ا ل �ق �ي��ط‪ ،‬ف�ن�ه��ض أب ��و ناجي‬ ‫أح �س �ن� َ‬ ‫شهاب الدين وص��رخ بالحكواتي‪ :‬وقِّ ��ف‬ ‫عندك‪ .‬شو هيدا زراره مراره‪ ،‬إنت عمتقرا‬ ‫بالمصريه‪ ،‬ما يدل‬ ‫بالشاميه‪ ،‬الزم تقرا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على أن الشعب كان يميز في سرد السيرة‬ ‫الطبعتين الشامية والمصرية‪.‬‬ ‫بين‬ ‫َ‬

‫في ليلة أخرى كان الحكواتي يصف معركة‬ ‫شدة‬ ‫خاضها عنترة‪ ... :‬وإذا هما في ّ‬ ‫بغبار َعال‬ ‫القتال وح��وم��ة ال�م�ي��دان‪ ،‬وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫وسد منافذ األقطار‪ ،‬فظهر عسكر‬ ‫وثار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتقدمه ف��ارس بالحديد الغاطس‪،‬‬ ‫ج� ّ�رار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أخ ��ذ ي��زم �ج��ر وي �ه� ْ�م��در وي ��دم ��دم دم��دم��ة‬ ‫ُ‬ ‫األ ُس ��ود وي��زع��ق وي�ن��ادي وي�ق��ول‪ :‬أينكم يا‬ ‫ك�لاب العرب‪ ،‬إنزلوا إل��ى ساحة الميدان‬ ‫ف��ارس ل �ف��ارس‪ ،‬ع�ش��رة ل �ف��ارس‪ ،‬خمسين‬ ‫لفارس‪ ،‬إن جيتوا حملة بالجملة كفى‪.‬‬

‫روى لي الفنان محمد فليفل أن��ه‪ ،‬عندما‬ ‫ختم ال�ق��رآن الكريم‪ ،‬أه��داه وال��ده الحاج‬ ‫َ‬ ‫سليم سير َة عنترة في ع��دة أج��زاء‪ .‬وألن‬ ‫ال��وال��د ال ي�ع��رف ال �ق��راءة ك��ان يطلب من‬ ‫يوميا من فصول السيرة‪.‬‬ ‫ابنه أن يقرأ له ً‬ ‫وعندما وقع عنترة في األس��ر قال الحاج‬ ‫سليم البنه‪ :‬ما ضيعانو هالبطل يؤسر؟‬ ‫أهلل يرضى عليك يا ابني‪ِ ،‬ف ّكو‪....‬‬

‫أبو الفوارس ووراءه عبلة‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫أقبلت ‬ ‫سيذكرني قومي إذا الخيل َ‬ ‫البدر‬ ‫فتقد‬ ‫وفي الليلة الظلماء ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫يعيبون لوني بالسواد جهال ًة‬ ‫الفجر‬ ‫سواد الليل ما طلع‬ ‫ولوال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أس َو ًدا فخصائلي ‬ ‫ِلئن كان لوني ْ‬ ‫القطر‬ ‫ستنزل‬ ‫بياض ومن َّ‬ ‫كف َّي ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ ‬ ‫ولوال سناني والحسام ُول ّـمتي‬ ‫فخر‬ ‫عبس وال نالها‬ ‫لما ُذ ِك َرت‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫المخصص‬ ‫كان يبدأ بسرد حوادث الفصل‬ ‫َّ‬ ‫لكل ليلة‪ .‬كأن يقول على لسان عنترة‪:‬‬

‫ثم روى الحكواتي ْأسر عنترة‪ :‬حلَ ف ذو‬ ‫الخمار أن ي��أس��ر عنترة‪ .‬وزاد ب��ه القلق‬ ‫والهيام فسار إلى بيت اهلل الحرام‪ ،‬وأقام‬ ‫ث�لاث��ة أي� ��ام‪ ،‬يهجر أك��ل ال �ط �ع��ام‪ ،‬وي�ن��وي‬ ‫الصيام ق� ّ�دام األنصاب واألصنام‪ ،‬ويبكي‬ ‫جن الظالم‪ ،‬ويسأله النصر‬ ‫ّ‬ ‫قدام هبل إذا ّ‬ ‫الهمام‪ .‬وفي اليوم الرابع‬ ‫عنترة‬ ‫ه‬ ‫عدو‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يبشره ببلوغ‬ ‫رأى ذو الخمار في منامه ما ّ‬ ‫أمله وينصحه بأال يضرب عنترة بسيف وال‬ ‫يقريه بحديد‪ .‬وقام ذو الخمار وأصحابه‬ ‫بتقفي أثر عنترة فوجدوا ج��واده األبجر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأدرك ��وا أن صاحب ال�ج��واد نائم فوقعوا‬ ‫شدوه على جواده‪ ،‬وساروا‬ ‫عليه وربطوه ثم ُّ‬ ‫تسعهم من الفرح‪ ،‬إذ وقع البطل‬ ‫والدنيا ال ُ‬ ‫والضرر حتى يعلم أن‬ ‫الق ْس َور في األس��ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الشجاعة ال تنفع عند ن��زول ال�ق� َ�در‪....‬‬ ‫وأق�ف��ل الحكواتي كتاب السيرة‪ ،‬وتعالت‬ ‫ت وش��ات��م ومستنكر‬ ‫األص� ��وات ب�ي��ن ش��ام � ٍ‬ ‫ليلتئذ‬ ‫ون��اق��م‪ .‬وإذا ب�ث�لاث��ة ش �ب��ان ك��ان��وا‬ ‫ٍ‬ ‫يتابعون السيرة‪ ،‬يذهبون إلى بيوتهم في‬

‫م�ح�ل��ة زاروب ال�ط�م�ل�ي��س (ق� ��رب س��اح��ة‬ ‫صيفا وال �ح��رارة‬ ‫ال �س��ور)‪ ،‬وك��ان الطقس‬ ‫ً‬ ‫ش��دي��دة‪ ،‬فلم يتمكنوا م��ن ال �ن��وم‪ .‬ت�ن��ادوا‬ ‫فانوسا وتوجهوا إلى محلة الحدرة‪،‬‬ ‫وحملوا‬ ‫ً‬ ‫ونقدوه‬ ‫حيث مسكن الحكواتي‪ ،‬فأيقظوه َ‬ ‫مجيدية قائلين‪ :‬دخيلك‪ ،‬ما جايـينا نوم‪،‬‬ ‫تفك عنترة من أسره‪ .‬فأحضر‬ ‫نرجوك أن ّ‬ ‫الحكواتي كتاب السيرة وتال للشباب فصل‬ ‫تحرير عنترة من أسره فعادوا إلى بيوتهم‬ ‫قريري البال وناموا هانئين‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫عبداللطيف فاخوري‬

‫بقيت راس �خ��ة ف��ي ال��ذاك��رة‬ ‫ه��ذه ال�ـ� ُ�م��ثُ ��ل َ‬ ‫الشعبية‪ ،‬وم�ن�ه��ا م ��وال ب�ي��روت��ي سباعي‬ ‫نظمه الشيخ أح�م��د الطرابلسي وغناه‬ ‫إيليا بيضا‪:‬‬ ‫يا معشر الناس ما بالدهر صاحب وفي‬ ‫ك ّ��ل��ي��ت ح��ت��ى ان���ب���رى م��ن��ي ل��س��ان��ي وف��ي‬ ‫ق���ال اب���ن ش����داد ع��ن��ت��ر ق���ول راج����ح وف��ي‬ ‫وصل الحبل بالحبل يا بني عبس ذمام‬ ‫وي���ن ْإل��ـ��ـ يحفظوا للصاحب وف���ا وذم���ام‬ ‫تبقى النصيحة بجمل عند العرب وذمام‬ ‫وال���ي���وم ك��ي��ل ال��ن��ص��ي��ح��ة ب���ال���ع���داوة وف��ي‬ ‫أن من شيوع سيرة عنترة‬ ‫وم��ن الطريف ّ‬ ‫ومحبة الشعب وت�ق��دي��ره م��ا جعل العامة‬ ‫تخلط بينه وبين الصحابة فتعتبره منهم‪،‬‬ ‫حتى جاء في مثَ ِلهم العامي‪ :‬من معرفتو‬ ‫بيترضى على عنتر‪.‬‬ ‫بالصحابة‬ ‫ّ‬

‫وم���ن ح �س �ن��ات س �ي��رة ع �ن �ت��رة أن نقيب‬ ‫أش� ��راف ب��ي��روت ال �ش �ي��خ ع �ب��د ال��رح�م��ن‬ ‫�در ًس��ا في‬ ‫خطيبا‬ ‫الحوت كان‬ ‫وإماما وم� ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫بطل ‪‬الظاهر بـيــبـرس‪ ‬المنصور‬ ‫السور‪‬‬ ‫يتز ّوج في مقهى َ‬ ‫‪‬ع ُّ‬

‫ك���ان أج���دادن���ا وآب���اؤن���ا ي �ق �ص��دون بعض‬ ‫المقاهي كمقهى البسطة الفوقا ومقهى‬ ‫الباشورة ومقهى َع ُّصور (اليوم ساحة رياض‬ ‫سيرا‬ ‫الصلح) لإلصغاء إلى الحكواتي يروي ً‬ ‫أيضا في القاهرة ودمشق‬ ‫شعبي ًة كانت تروى ً‬ ‫وبغداد ومدن إسالمية أخرى‪.‬‬ ‫وال غ��راب��ة م��ن اشتهار السير والمالحم‬ ‫ف ��ي م��واج �ه��ة أخ� �ط ��ار ك���ان ي �ت �ع��رض لها‬ ‫الوطن العربي‪ .‬فبطوالت حمزة البهلوان‬ ‫شملت الساحل الفينيقي م��ن جبيل إلى‬ ‫ب�ي��روت فحيفا فيافا‪ .‬وس�ي��رة بني هالل‬ ‫روت الحلْ ف بين العدنانيين والقحطانيين‬ ‫وخ��روج�ه��م تحت راي��ة ال�ه�لال إل��ى شمال‬ ‫أفريقيا‪ .‬وسيرة األميرة ذات الهمة روت‬ ‫ال �ن �ض��ال ض��د ب�ي��زن�ط��ة‪ .‬وس �ي��رة الظاهر‬ ‫بيبرس ص ��ورت توحيد الكلمة ف��ي بالد‬ ‫العرب للكفاح ضد الفرنجة‪.‬‬

‫وف� ��ي ح �ي��ن ت��رك �ن��ا ت��راث��ن��ا وم��أث��ورات �ن��ا‬ ‫الشعبية واستوردنا ما هو افرنجي سواء‬ ‫أك��ان ‪‬ب��رن�ج� ً�ي��ا‪ ‬أو ل��م ي�ك��ن‪َ ،‬ت��وافَ � َ�ق مع‬ ‫تقاليدنا وتراثنا أو لم يتوافق‪ ،‬أعلن بيار‬ ‫برنار صاحب دار ‪‬سندباد‪ ‬في باريس‬

‫الظاهر هو بيبرس العالئي البندقداري‬ ‫الصالحي رك��ن الدين صاحب الفتوحات‬ ‫واألخبار واآلثار‪ ،‬قاتل التتار في فلسطين‬ ‫وتولى سلطنة مصر والشام سنة ‪ 658‬هـ‪.‬‬ ‫وتلقب بالملك‬ ‫بعد مقتل السلطان قطز‪َّ ،‬‬ ‫القاهر ثم الملك الظاهر‪ .‬له وقائع هائلة‬ ‫م��ع التتار والفرنجة‪ ،‬وف��ي أي��ام��ه انتقلت‬ ‫ال �خ�لاف��ة إل ��ى ال ��دي ��ار ال �م �ص��ري��ة‪ .‬ت��وف��ي‬ ‫في دمشق وأقيمت ح��ول مرقده المكتبة‬ ‫الظاهرية الشهيرة‪.‬‬

‫وباإلشاحة عن اللون لدى عنترة وعن أصل‬ ‫الظاهر بيبرس المملوك‪ ،‬يشير استمرار‬ ‫سيرة الملك الظاهر وغيرها من السير‬ ‫تمسك الشعب بتراثه‪ ،‬ما أسهم في‬ ‫إل��ى ُّ‬ ‫توحيد مفاهيم المجتمع وتثبيت انتماء‬ ‫قومي وحضاري إنساني يتجاوز الحدود‬ ‫والكيانات المصطنعة وال يعترف بأشكال‬ ‫التجزئة وال يصنف الناس وفق لونهم أو‬ ‫جنسهم أو أصلهم‪ ،‬على ما قال ابن الوردي‬ ‫�در ُس �ه��ا مدرسة‬ ‫ف��ي الميته ال�ت��ي ك��ان��ت ت� ِّ‬ ‫الشيخين محمد الحوت وعبد اهلل خالد‬ ‫في جامع النوفرة ‪ -‬بيروت‪:‬‬

‫أبدا ‬ ‫ال تقل أصلي وفصلي ً‬ ‫إنما أصل الفتى ما قد حصل‬ ‫ ‬ ‫أه � ُّ�م م��ا ف��ي ه ��ذه ال �س �ي��رة أن �ه��ا ال ُت��رج��ع‬ ‫بطول َة الظاهر وان�ت�ص� َ�اره إليه وح��ده‪ ،‬بل‬ ‫إلى مجموعة أبطال معه من مناطق عربية‬ ‫كالحجاز والشام والعراق وفلسطين ومصر‬ ‫وال� �س ��ودان‪ .‬وه��ي ت ��روي ب �ط��والت عثمان‬

‫ك ��ان ال �ح��اج سليم ي �ب��دأ ال�ف�ص��ل اليومي‬ ‫تذكر بموضوع الفصل‬ ‫بمقدمة ‪‬فرشة‪ّ ‬‬ ‫السابق رواه في الليلة الفائتة‪ ،‬كقوله‪ :‬يا‬ ‫باسط يا َودود‪ ،‬يا شديد البطش يا جبار‪،‬‬ ‫يا مغيث أغثنا بالتوبة والمغفرة‪ ،‬يا معين‬ ‫تقدم‬ ‫ال تكشف األسرار‪ ،‬نحكي اليوم عما ّ‬ ‫معنا ليلة أمس عن باقي إتمام كمال كالم‪،‬‬ ‫عما ترجمنا بين أيادي السادة الكرام‪ ،‬عن‬ ‫العلْ م الباهر والنجم الزاهر والذيل الطاهر‬ ‫بتوحيد اهلل الملك الظاهر‪ ،‬الحاكم باأليام‬ ‫والناصف باألعدال‪ ،‬من ّاتسم بخدمته مثل‬ ‫سعد وبقية الرجال‪ ،‬عليهم السالم‪ ،‬أظن‬ ‫هنا أودعنا الكالم‪....‬‬

‫ث��م يبدأ بسرد ح ��وادث الفصل الجديد‪،‬‬ ‫وفيها أن الملك الظاهر كلّ ف أحد أبطاله‬ ‫الغزاوي بالبحث عن‬ ‫شيحة جمال الدين ّ‬ ‫الفارس معروف وفك أسره من حبس ملك‬ ‫القطالن‪ .‬سار شيحة حتى نزل في ميناء‬ ‫عجوزا شمطاء كان كل من‬ ‫القطالن فرأى‬ ‫ً‬ ‫ي��راه��ا يناغشها وي�ن��ادي�ه��ا‪ ،‬فتبعها ودخ��ل‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫‪54‬‬

‫ك��ان��ت ال�س�ي��رة ت��رك��ز على إغ��اث��ة ال�ج��وار‬ ‫وال ��ذود ع��ن ال�ح�ي��اض وح�م��اي��ة م��ن يلجأ‬ ‫طالبا حمايته‪ .‬ومن السيرة‬ ‫ص‬ ‫إلى شخ ٍ‬ ‫ً‬ ‫شخصا أتى عنترة وقال له‪ :‬أنا في‬ ‫أن‬ ‫ً‬ ‫ذمتك وذمامك‪ ،‬وأنا جارك‪ .‬سأله عنترة‬ ‫عن الجوار بينهما وكيف ك��ان‪ ،‬فأجاب‪:‬‬ ‫�ت م��ن دي���اري وم �ع��ي م��ائ��ة ن��اق��ة‪،‬‬ ‫‪‬خ��رج� ُ‬ ‫ووص �ل��ت أرض �ك��م ف��رأي��ت ع �ب��دك يسقي‬ ‫إبلك من البئر‪ .‬دليت حبلي الذي معي فلم‬ ‫يصل إلى الماء‪ .‬استأذنته أن يوصل حبلي‬ ‫بعدت‬ ‫بحبله‪ ،‬وسقيت إبلي ومضيت‪ .‬فلما‬ ‫ُ‬ ‫علي جماعة فأخذوا النوق ومضوا‪.‬‬ ‫خرج ّ‬ ‫أتيت إليك لتخلّ ص نوقي ألن اتصال الحبل‬ ‫بالحبل ذم��ام‪ ،‬والتماس الطنب بالطنب‬ ‫طنب‪ .‬وأن��ا بقيت ج��ارك وف��ي ذمامك‪.‬‬ ‫واسترد له نوقه‪.‬‬ ‫فحمى عنترة الرجل‬ ‫ّ‬

‫جامع البسطة الفوقا‪ .‬وكان قبالة الجامع‬ ‫�وص��ا بعد‬ ‫م�ق�ه��ى ي��زدح��م ب ��ال ��رواد خ �ص� ً‬ ‫اإلفطار في رمضان لإلصغاء إلى سيرة‬ ‫يوما انتباه الشيخ‬ ‫عنترة‪ .‬لفت االزدح��ام ً‬ ‫ال �ح��وت ف��دخ��ل المقهى م�ت�ن� ِّ�ك� ً�را وأسمع‬ ‫الحضور بطابع إسالمي قص ًة عما كان‬ ‫يتمتع به من مناقب فضاق المقهى‬ ‫عنترة ّ‬ ‫ب��ال��رواد وانتقل الشيخ إل��ى الجامع‪ ،‬ما‬ ‫رغَّ ب الناس بعدئذ على ارتياد المسجد‪.‬‬

‫م �ب��اش��رة ال� ��دار‪ ،‬ق�ب��ل س��ن��وات‪ ،‬إص ��دار‬ ‫سنويا من مخطوطة عثر عليها‬ ‫جزءين‬ ‫ً‬ ‫داخل قصر العظم في دمشق‪ ،‬يفوق عدد‬ ‫ص�ف�ح��ات�ه��ا ‪ 35‬أل��ف ص�ف�ح��ة ع��ن سيرة‬ ‫ال �ظ��اه��ر ب �ي �ب��رس‪ ،‬وق�� َّ�در ص ��دور ال�ج��زء‬ ‫األخير منها سنة ‪.2015‬‬

‫الحبلة ال �م �ص��ري‪ ،‬وش�ي�ح��ة ج�م��ال ال��دي��ن‬ ‫ودور‬ ‫الغزاوي‪ ،‬وابراهيم الحوراني الشامي‪َ ،‬‬ ‫كل واحد منهم في محاربة التتار والفرنجة‪.‬‬ ‫روى والدي أن الحاج سليم الحشاش أقدر‬ ‫ُرواة سيرة الظاهر بيبرس في بيروت‪ .‬كان‬ ‫غيبا م��ن دون االس�ت�ع��ان��ة بكتاب‪،‬‬ ‫ي��روي�ه��ا ً‬ ‫وحامال‬ ‫طربوشا‬ ‫ومعتمرا‬ ‫ا‬ ‫غنباز‬ ‫مرتديا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عصا ‪‬خيزرانة‪ .‬وكان من العبي السيف‬ ‫والترس‪ ،‬وذا ق��درة هائلة على التأثير في‬ ‫الجمهور بسرعة بديهة وقوة إقناع وتعبير‬ ‫وم �ع��رف��ة ب��األس��م��اء واألم���اك���ن وال��وق��ائ��ع‬ ‫حدث بلسان البطل‬ ‫وصفات األبطال‪ .‬إذا ّ‬ ‫ضخم صوته‪ ،‬وإذا المتحدث جبان أخفض‬ ‫َّ‬ ‫وشد سمعهم‬ ‫صوته فاستهوى قلوب سامعيه َ‬ ‫وبصرهم ف�لا تتحول أعينهم لحظة عنه‬ ‫كأنما القوم نيام وما هم بنيام‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫ ‬ ‫للغــزو نشــاطي وإل ـيـه طــربي‬ ‫ما لي في العيش غيره من أر ِب‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫بالجد وبالجهاد نجح الطلب‬ ‫ ‬ ‫وال��راح��ة مستودعة في التعب‪.‬‬

‫‪56‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫ثم يروح يروي وقائع الحرب بين الظاهر‬ ‫والملكة شمقرين الساحرة (كانت العامة‬ ‫ت�س�ت�ع�ي��ر ل �ق��ب ش �م �ق��ري��ن ل��وص��ف بعض‬ ‫شخصيات م�س��رح ال �ق��ره ك��وز) وك��ان من‬ ‫الطبيعي‪ ،‬والظاهر بيبرس بطل موعود‪ ،‬أن‬ ‫تساعده األنس والجان في حروبه‪ .‬وعندما‬ ‫يصل الحكواتي إلى عرس البطل ابراهيم‬ ‫ال�ح��وران��ي يختم السيرة بقوله ‪‬وأقيمت‬ ‫األف � � ��راح‪ ،‬وال �ل �ي��ال��ي ال� �م�ل�اح‪ ،‬وارت �ف �ع��ت‬ ‫ال��زي �ن��ات‪ ،‬ص��لُّ ��وا وس��لِّ �م��وا ع�ل��ى صاحب‬ ‫المعجزات‪ ‬وينشد من الدوبيت‪:‬‬ ‫����ز‬ ‫ال راح�������ة ف����ي ال���ع���ي���ش س�����وى أن أغ ُّ‬ ‫�����رب�����ا إل������ى ال���ط���ل���ى ي��ه��ت ُّ��ز‬ ‫وس���ي���ف���ي ط ً‬ ‫����ز‬ ‫ف������ي ذل أه��������ل ال������ع������دا ي�����ك�����ون ال����ع ُّ‬ ‫����ز‬ ‫وال���������ق���������درة ف�������ي غ�����ي�����ر ج������ه������اد ع����ج ُ‬ ‫حفظتها‬ ‫�واال‬ ‫وك��ان��ت ال�س�ي��رة تتضمن أق� � ً‬ ‫ْ‬ ‫أمثاال‪ ،‬منها‪ :‬ال يختبئ‬ ‫ً‬ ‫ورد ْدت�ه��ا‬ ‫العامة َّ‬ ‫وراء الحيطان إال الجبان‪ ،‬قيمة العبد‬ ‫م��ن قيمة س� ّ�ي��ده‪ ،‬الخدمة بالفلوس ال‬ ‫ب��ال��دب��وس‪ ،‬م��ا ش��رب��ه وال ن��زل ل��ه على‬ ‫معدة‪ ،‬هالطين ليس من هالعجين‪... ،‬‬

‫شابا سنة ‪1911‬‬ ‫ومن أطرف ما يروى أن ً‬ ‫‪‬ع ُّصور‪ ‬فرأى األعالم تخفق‬ ‫مر بقهوة َ‬ ‫ّ‬ ‫ف���وق ال� �ك ��راس ��ي‪ ،‬وال �م �ش��اع��ل ُم� �ض ��اءة‪،‬‬ ‫والجمع م��زدح� ً�م��ا‪ ،‬والموسيقى تصدح‪.‬‬

‫حادثة طريفة‪ :‬ذات ليلة من أيار ‪ُ 1888‬و ِج َد‬ ‫محمد عبد العال (شقيق خليل عبد العال‬ ‫والد المهندس إبراهيم عبد العال) وأحمد‬ ‫الكعكي (م �ع��روف ب �ـ‪‬اب��ن ّري��س المينا‪)‬‬ ‫وتبين‬ ‫مطعونَ ْين‬ ‫ٍ‬ ‫بمدية في طريق الغلغول‪ّ ،‬‬ ‫من التحقيق أن‬ ‫شخصا كان يلقب بـ‪‬النوق‬ ‫ً‬ ‫المغربل‪ ‬سمع قصة الظاهر بيبرس في‬ ‫واشتدت به الحماسة حتى‬ ‫‪‬ع ُّصور‪‬‬ ‫ّ‬ ‫قهوة َ‬ ‫المذكورين‬ ‫إذا خ��رج من المقهى ص��ادف‬ ‫َ‬ ‫فطعنهما بمديته‪.‬‬ ‫المسحراتي في شوارع بيروت‬ ‫ّ‬ ‫ينادي باألسماء أ َ‬ ‫صحاب البيوت‬ ‫َ‬ ‫�اول‬ ‫ال�ـ� ُ�م� َ�س� ِّ�ح��ر ه��و م��ن ي��وق��ظ ال �ن��اس ل�ت�ن� ُ‬ ‫ال �س �ح��ور ف��ي ش�ه��ر رم��ض��ان‪ .‬ي ��دور على‬ ‫البيوت قبل الفجر بنحو ساعتين‪ ،‬في يده‬ ‫طبل ٌة يضرب عليها‪ ،‬ويتغنى بأقوال ومدائح‬ ‫وغالبا‬ ‫منب ًها بها أصحاب البيوت‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مختلفة ّ‬ ‫ما ينادي على كل رب بيت باسمه أو بلقبه‪.‬‬

‫�إن‬ ‫ف��ي ال �ح��دي��ث ال �ش��ري��ف‪ :‬ت �س� َّ�ح��روا ف� ّ‬ ‫‪‬تسحروا ولو بجرعة‬ ‫السحور َبركة‪ ‬وفيه‬ ‫َّ‬ ‫السحر‪.‬‬ ‫اسم ما يؤكل وقت‬ ‫َ‬ ‫والسحور ُ‬ ‫ماء‪َّ .‬‬ ‫�اول ال�ص��ائ�م ِ ال� َّ�س�ح��ور‪ ،‬وهو‬ ‫وال� ُّ�س�ح��ور ت �ن� ُ‬ ‫مشتق م��ن ال�س� َ�ح��ر‪ :‬بين الفجر الصادق‬ ‫ٌّ‬ ‫وجها إلى النهار‬ ‫والفجر الكاذب‪ ،‬ألن له ً‬ ‫ووجها إلى الليل‪.‬‬ ‫ً‬

‫للتزود بالطعام‬ ‫السحور دع��وة‬ ‫ُّ‬ ‫ولما ك��ان ّ‬ ‫وال �ش��راب‪ ،‬ب��رزت شخصية المسحراتي‬ ‫الذي يتولى إيقاظ النيام لتناول الطعام‪.‬‬ ‫ك��ان وال��ي مصر يذهب سنة ‪238‬ه� �ـ إلى‬ ‫ج��ام��ع ع �م��رو ب��ن ال �ع��اص ف��ي الفسطاط‬ ‫ماشيا من وسط القاهرة وينادي بالسحور‪.‬‬ ‫ً‬ ‫المكرمة التسحير‬ ‫مكة‬ ‫في‬ ‫المؤذن‬ ‫وتولى‬ ‫ّ‬ ‫من مئذنة الركن الشرقي للمسجد‪ ،‬ونصبت‬ ‫في أعلى المئذنة قطعة خشبية ُيرفع عليها‬ ‫ويطفآن‬ ‫قنديالن كبيران يوقدان للسحور‬ ‫َ‬ ‫عند اإلمساك‪.‬‬

‫قيل إن األندلسيين في قرطبة استعملوا‬ ‫ال��ب��وق ف��ي ال� �ن ��داء للتسحير (م ��ن ب��وق��ا‬ ‫الرومانية ‪ Bucca- bouche‬وتعني الفم)‪.‬‬ ‫ثم انتقل البوق إلى فاس وأُ طلق على البوق‬ ‫اسم النفير‪ .‬وح� ّ�ل محل الطبل ال��ذي كان‬ ‫مستعم ًال أي��ام الموحدين‪ .‬ل��ذا بنيت في‬ ‫َ‬ ‫فاس ثالثة أبراج‪ ،‬أحدها ‪‬برج البواقين‪.‬‬ ‫كان طول البوق نحو مترين وهو من ثالثة‬ ‫أقسام متداخلة‪ ،‬استوحاه رسامون لرسم‬ ‫المالك النافخ بالبوق يوم القيامة‪.‬‬ ‫في العصر العباسي شاع التسحير مع أبي‬ ‫مكلفا بإيقاظ الخليفة‪.‬‬ ‫نقطة ال��ذي ك��ان‬ ‫ً‬ ‫الشعر الذي‬ ‫وسمى أهل بغداد ‪‬القوما‪‬‬ ‫َ‬ ‫نظموه في إيقاظ الخلفاء لتناول السحور‪،‬‬ ‫وجاء في آخره‪ :‬قوما للسحور قوما‪ .‬أما‬

‫ساد إنشاد الحماق عند السحور وكان ُي َ‬ ‫نظم‬ ‫في أدوار‪ .‬وابن األثير في ‪‬المثل السائر‪‬‬ ‫أطرى بالغة مسحري عصره‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫أي�������ه�������ا ال���������ن���������وام ق��������وم��������وا ل����ل����ف��ل�اح‬ ‫واذك������������روا اهلل ال��������ذي أج��������رى ال����ري����اح‬ ‫إن ج����ي����ش ال����ل����ي����ل ق������د ّول����������ى وراح‬ ‫وت���������داع���������ى ع����س����ك����ر ال�����ص�����ب�����ح والح‬ ‫����������ص����������وام ي�������ا ب����ش����راك����م����و‬ ‫�����ر ال ّ‬ ‫م�����ع�����ش َ‬ ‫�����ن�����اك�����م�����و‬ ‫رب�������ك�������م ب�������ال�������ص�������وم ق���������د ه ّ‬ ‫وه��������و ج��������ار ال����ب����ي����ت ق������د أع���ط���اك���م���و‬ ‫�����ل�����ة أرب����������اب ال�����ص��ل��اح‪.‬‬ ‫�����ع َ‬ ‫ف����اف����ع����ل����وا ِف ْ‬ ‫في بالدنا ما زالت سائر ًة عادة التسحير‬ ‫فولكلوريا‪.‬‬ ‫طابعا‬ ‫ولو انها أخ��ذت أحيانً ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتخـتلف عبارات اإليقاظ‪ِ :‬من المسحرين‬ ‫َمن يقرأ آي��ات ِمن القرآن الكريم‪ ،‬ومنهم‬ ‫‪‬تسحروا كلوا واش��رب��وا‪ .‬في‬ ‫َمن يقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فلسطين كان المسحر يقول‪ :‬ال إله ّإال‬ ‫اهلل‪ ،‬ي��ا نايم وح��د ال��داي��م‪ .‬ي��ا نايم وحد‬ ‫اهلل‪ ،‬أو ‪‬ي��ا نايمين ف��ي دورك ��م قوموا‬ ‫إلى سحوركم جايي النبي يزوركم‪ .‬وفي‬ ‫المغرب يردد الدقاقون‪ :‬عباد اهلل نوضوا‬ ‫تسحروا في طاعة اهلل يرحمنا ويرحمكم‬ ‫اهلل‪ .‬وم��ن طريف ما ذك��ره األس��دي عن‬ ‫مسحر مدينة إدل��ب قوله‪ :‬يا أهل إدلب‬ ‫ّ‬ ‫ما أكتركو‪ ،‬جعيص معيص مسحركو‪ ،‬إن‬ ‫فقتوا وإن ما فقتوا‪ ،‬إلي كيل شعير عليكو‪،‬‬ ‫باخدو وبقلع عينيكو‪.‬‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫خلفها وص�ب� َ�ر حتى نامت فخنقها ولبس‬ ‫ثيابها وسار في األزقة فدخل سراية الملك‬ ‫السجان وخلّ ص الفارس المسجون‪.‬‬ ‫وقتل‬ ‫ّ‬ ‫وهنا كانت ترتفع الصيحات في المقهى‪،‬‬ ‫وينشد الحاج سليم‪:‬‬

‫ت �ق� ّ�دم إل��ى ال�ق�ه��وة ف��رأى م��وائ��د الحلوى‬ ‫ممدودة على أنواعها‪ .‬سأل عن االحتفال‬ ‫والزينة والموسيقى والحلوى فقيـل له‪:‬‬ ‫‪‬ال�ي��وم ع��رس ابراهيم الحوراني الشاب‬ ‫البطل المغوار في قصة الملك الظاهر‪.‬‬ ‫�رام��ا ل��ه‪ ،‬وننصحك‬ ‫أع��ددن��ا ك��ل ه��ذا إك� ً‬ ‫بالبقاء حتى يبدأ الحكواتي بوصف حفلة‬ ‫زفافه‪.‬‬

‫السحور بما فرضته أحكام‬ ‫نظم إع�لان ّ‬ ‫الحسبة‪ .‬قال إبن اإلخ��وة ‪‬ينبغي للمؤذّ ن‬ ‫أن يزيد في التذكار والتسبيح في ليالي‬ ‫أوال ثم يشرب‬ ‫بالسحور ً‬ ‫رمضان‪ ،‬وينادي ّ‬ ‫الماء ثم ينادي قرب الصباح ثم قرب األذان‪،‬‬ ‫يطفئ الفانوس ثم يؤذّ ن‪ ،‬ومتى‬ ‫ثم بعد ذلك‬ ‫ُ‬ ‫كسره‪ .‬فإن من‬ ‫تعذّ ر عليه ْ‬ ‫طفي الفانوس َ‬ ‫لم يسمع األذان لبعده‪ ،‬إنما اعتماده في‬ ‫أكله وشربه على رؤية الفانوس‪.‬‬

‫أهل الشام ومصر والمغرب فسموا ذاك‬ ‫الشعر ‪‬الحماق‪ ‬وأعاد البعض لفظه إلى‬ ‫الحمق ألن دقات النفير في المغرب كانت‬ ‫أرب� ً�ع��ا‪ :‬أول��ى بعد نصف ساعة من صالة‬ ‫العشاء‪ ،‬ثانية بعد ساعتين أو ث�لاث من‬ ‫األولى إليقاظ الطبال (الدقّ اق)‪ ،‬ثالثة هي‬ ‫الحمقاء ألنها تنبه الدقاق إلى قرب انتهاء‬ ‫مهمته‪ ،‬والرابعة آخر دقة قاطعة السحور‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫وفي العادة أن يترافق في األداء نفاران‪.‬‬ ‫وق��د ي�ك��ون��ان ف��ي أص��ل ع ��ادة ن �ش��أت في‬ ‫بالدنا‪ :‬ترافُ ُق الطبل والزمر وشيوع أمثال‬ ‫العبيهما فتقول‪ :‬الطبال‬ ‫شعبية تجمع بين َ‬ ‫بيعرف بيت الزمار‪ .‬وشوارب كبار يا طبال‬ ‫يا زمار‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫اس�ت�ع�م��ال ال �ط �ب�لات ل�ل�س�ح��ور ق��دي��م في‬ ‫بيروت‪ .‬لم ترد من أخبار المسحرين ّإال‬ ‫�رض��ا ع��ن بعضهم ف��ي أواخ ��ر‬ ‫م��ا ذك ��ر ع� ً‬ ‫ال �ق��رن ال�م��اض��ي‪ .‬وم��ا ك��ان يحصل منهم‬ ‫تنافى مع غاية التسحير ألن كل فرد من‬ ‫الطبالين كان يجول جميع أحياء البلدة‪.‬‬ ‫وألج ��ل أن ي�س��اع��ده ال��وض��ع ع�ل��ى القيام‬ ‫بمهمته ك ��ان ي��أخ��ذ ط�ب�ل�ت��ه م��ن ال�س��اع��ة‬ ‫ليال) ويجول من‬ ‫الرابعة عربية (العاشرة ً‬ ‫مكان إل��ى آخ��ر بحيث يمر كل رب��ع ساعة‬ ‫واحد من أصحاب تلك الطبالت‪ ،‬وهكذا‬ ‫إل��ى ق��رب اإلم �س��اك‪ .‬وف��ي شهر رمضان‬ ‫‪1298‬هـ‪/‬آب ‪1881‬م شكا األهالي من هذا‬ ‫حد‬ ‫الوضع راجين البلدية والضابطة وضع ّ‬ ‫بتعيين كل صاحب طبلة لمحلة مخصصة‪.‬‬ ‫وشكوا من الوضع نفسه في شهر رمضان‬ ‫‪1302‬ه � �ـ‪/‬ح� ��زي� ��ران ‪1885‬م وم� ��ن إك �ث��ار‬ ‫الطبالين م��ن الخبط وك��ان��وا بلغوا أكثر‬ ‫طباال‪ .‬وفي رمضان ‪ 1313‬هـ‪/‬‬ ‫من أربعين ً‬ ‫حزيران ‪1886‬م ورد في صحيفة ‪‬ثمرات‬ ‫الفنون‪ ‬لصاحبها الشيخ عبد القادر قباني‬

‫ولم يكن يتولى التسحير ّإال َمن في صوته‬ ‫حسنا‬ ‫محببا وب�ي��ان��ه‬ ‫رق��ة تجعل إن �ش��اده‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإشارته لطيفة‪ .‬كان المسحر في بيروت‬ ‫ال�ق��دي�م��ة ي �ع��رف ج�م�ي��ع ال �س �ك��ان فيجول‬ ‫بطبلته وينادي كل صاحب دار باسمه أو‬ ‫بكنيته‪ :‬ي��ا أب��ا ف�ل�ان‪ ‬ف��إذا أج��اب��ه هذا‬ ‫‪‬وحد اهلل‪.‬‬ ‫األخير قال له‪ِّ :‬‬ ‫مسحر مختص‬ ‫وكان لكل محلة في بيروت‬ ‫ّ‬ ‫بها‪ ،‬فإذا انقضى رمضان وجاء العيد دار‬ ‫المسحراتي على البيوت ي�ط��رق أبوابها‬ ‫فيعطونه بعض النقود عيدية له‪.‬‬

‫س�لام��ي على ن��اس ي��وم ال��ح��رب م��ا ّول��وا‬ ‫اتبلوا‬ ‫نصبوا‬ ‫خياما لهم َع البحرين ما ّ‬ ‫ً‬ ‫ف���ي أول ال��ل��ي��ل ح���ل���وا ش���ع���وره���م ح ّ��ل��وا‬ ‫وف���ي آخ���ر ال��ل��ي��ل ف��ي ح َ���رم ال��ن��ب��ي ص ّ��ل��وا‬ ‫***‬ ‫سالمي على ناس يوم الحرب عملوا عيد‬ ‫رك��ب��وا م��ط��اي��ا ل��ه��م َع كلم ـ ــة التوحيد‬ ‫ب�����أول ال��ل��ي��ل ي���ق���را ورده��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��م وي��ع��ي��د‬ ‫وب���آخ���ر ال��ل��ي��ل ي��ص��اف��ح ال��ن��ب��ي ب��اإلي��د‬ ‫وك��ان أب��و عبد ال��زغ�ل��ول ي�ت��ردد إل��ى بيت‬ ‫جدي أبو مصطفى الفاخوري في الخندق‬ ‫الغميق (ح��ال� ً�ي��ا ش��ارع داود ع�م��ون) بعد‬ ‫أن انتقلت العائلة إل��ى تلك المحلة سنة‬ ‫‪ ،1902‬وكان في جواره بيت القرم‪ ،‬فكان‬ ‫داود ال�ق��رم (ال��رس��ام) وزوج �ت��ه فرجيني‬ ‫نعمان م��ن المعجبين ب�ص��وت ال��زغ�ل��ول‪،‬‬ ‫فكانت فرجيني تنادي جارتها جدتي أم‬ ‫مصطفى وت �ق��ول ل �ه��ا‪ :‬ي��ا س��ت عايشه‬ ‫�وم��ك‪ ‬وتطلب منها أن تدعو‬ ‫م�ب��ارك ص� ِ‬ ‫يوميا لسماع تسحيراته‪،‬‬ ‫يمر‬ ‫المسحر كي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ومنها‪:‬‬ ‫في أول القول مدحك يا نب ـ ـ ــي استفتاح‬ ‫وبخاطري يا مصطفى لسكن حداك وارتاح‬ ‫وب��ش��اه��د ال��ك��وك��ب ال����دري مسـ ــا وص��ب��اح‬ ‫وب��ق��ول للعين م��ن بعد السهـ ـ ــر ترتاح‬

‫فروخ‬ ‫الطّ ّبال ّ‬ ‫والزمار بريشة مصطفى ّ‬

‫***‬ ‫وب��ت��ان��ي ال��ق��ول م��دح��ك ي��ا ن��ب��ي مطلوب‬ ‫ك���م ك��رب��ة ف��رج��ت��ه��ا م���ن ك����رب ال��م��ك��روب‬ ‫إج���ت ال��غ��زال��ه لبنها َع ال��ث��رى مسكوب‬ ‫أج��رت��ه��ا ي��ا ن��ب��ي ح��ت��ى ت��وص��ل المكتوب‬

‫وأن�������������ت أع�������ظ�������م م�����خ�����ل�����وق ت���ظ���ل���ل���ه‬ ‫ال���زرق���اء ي���ا س��اك ً��ن��ا ف���ي ال��ق��ب��ة ال��خ��ض��را‬ ‫ي���ا ص��اح��ب ال��م��ع��ج��زات ال���ب���اه���رات لقد‬ ‫أع����ط����اك رب ال���س���م���اء اآلي������ة ال��ك��ب��رى‬ ‫إن ال�����وف�����ود إل������ى أع����ت����اب����ك ال���ت���ج���أوا‬ ‫���ات���ا ي���ا أب����ا ال���زه���را‬ ‫ي���رم���ون م��ن��ك ال���ت���ف ً‬ ‫وف��ي إح��دى سنوات االن�ت��داب الفرنسي‪،‬‬ ‫كثر ج��والن الطبالين في أحياء المدينة‬ ‫وص ��ادف م��روره��م ق��رب م�ن��زل المفوض‬ ‫السامي الذي تضايق من أصواتهم وأمر‬ ‫الضابطة فألقت القبض على عشرات‬ ‫منهم وأودع�ت�ه��م م�ك��ان التوقيف‪ .‬وحين‬ ‫وص��ل الخبر إل��ى المفتي الشيخ محمد‬ ‫ت��وف�ي��ق خ��ال��د ات�ص��ل ب��ال�م�ف��وض السامي‬ ‫واستنكر فعله المنافي للشعائر وطالبه‬ ‫فورا‪ .‬وهكذا كان‪.‬‬ ‫بإطالق سراحهم ً‬ ‫قره كوز وعيواظ‪...‬‬ ‫دوي ّتو مسرح خيال الظل‬ ‫مسرح ال�ك��راك��وز (ال �ق��ره ك��وز) أو ‪‬خيال‬ ‫الظل‪ :‬حاجز خشبي يفصل المشاهدين‬ ‫عن الالعب‪ .‬فوق الحاجز ستارة قماشية‬ ‫بيضاء‪ ،‬وفي الكواليس شخوص العروض‬ ‫واحدها نحو ‪ 30‬سنتم‬ ‫التمثيلية في أشكا ٍل‬ ‫ُ‬ ‫من جلد حيوان‪ ،‬بحسب شكل الشخصية‬ ‫في المسرحية‪ :‬حيوان أو جماد (شجرة‪،‬‬ ‫بيت‪ ،‬حمار‪ ،‬كلب‪ .)...‬وجميعها مثْ بتة على‬ ‫قضيب حديدي رفيع‪.‬‬ ‫عند انطفاء األن��وار في القاعة يضاء وراء‬ ‫الستارة مصباح زيتي أو مجموعة شموع‬ ‫فتظهر خ �ي��االت ال�ش�خ��وص على الستارة‬ ‫وتنعكس من الجهة األخرى فيراها المتفرجون‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫م��ن األم �ث��ال ال�ق��دي�م��ة ف��ي ب �ي��روت قولهم‬ ‫‪‬س��م��وك م �س� ّ�ح��ر ق ��ال خ �ل��ص رم �ض��ان‪‬‬ ‫عاطال عن العمل كان يراجع أحد‬ ‫وأصله أن‬ ‫ً‬ ‫طلبا لوظيفة‪ ،‬وفي آخر شهر‬ ‫المتنفذين ً‬ ‫مسح ًرا‪.‬‬ ‫المتنفذ‪ :‬عيناك‬ ‫رمضان قال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولعل أصل هذا المثل من المثل المغربي‬ ‫ال��ذي يقول ‪‬أي��ش كان باباك؟‪ ‬فأجاب‪:‬‬ ‫‪‬ن� ّ�ف��ار‪ ‬ف�ق��ال ل��ه‪ :‬ال�ح�م��د اهلل رمضان‬ ‫تقضى‪.‬‬ ‫ّ‬

‫أن المطبلين ما زال��وا يأخذون بالجوالن‬ ‫من الساعة الرابعة فيذهب األول ثم يأتي‬ ‫الثاني فالثالث فالرابع في أوقات مختلفة‪،‬‬ ‫شديدا كأن الناس‬ ‫ضربا‬ ‫وكل منهم يضرب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫في حالة النوم العميق‪ .‬نجحت تلك الحملة‬ ‫فبادر رئيس البلدية عهذاك (محيي الدين‬ ‫حماده ابن عبد الفتاح آغا حماده الشهير‬ ‫موعزا إلى الطبالين بأن يالزم‬ ‫بـ‪‬فتيحة‪)‬‬ ‫ً‬ ‫كل منهم محلته ويجول بها ال يتعداها إلى‬ ‫فخف األمر عما كان‪.‬‬ ‫غيرها‪.‬‬ ‫ّ‬

‫المسحرين‪.‬‬ ‫ع��رف��ت ب �ي��روت كثيرين م��ن‬ ‫ّ‬ ‫وك��ان ص��وت أب��ي عبد الزغلول من أجمل‬ ‫األصوات في التسحير‪ .‬ومن أناشيده‪:‬‬

‫مسحر رأس النبع وأذكر عنه إنشاده‬ ‫أدركت‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫من نظم الشيخ إبراهيم المجذوب‪:‬‬

‫‪59‬‬


‫ال�������ك�������ل إش�����������������ارة وأن��������������ت ال����م����ع����ن����ى‬ ‫ي��������������ا م��������������ن ال إل�������������������ه إال ه�����و‬ ‫وأنشده أحمد من نظمه‪:‬‬

‫يروي معاصرو السلطان العثماني أورخان‬ ‫بورصة‪،‬‬ ‫أَ ْن ِإ ّب��ان بناء مسجده في مدينة‬ ‫َ‬ ‫ك��ان ق��ره ك��وز وع�ي��واظ يعمالن في البناء‬ ‫العمال عن‬ ‫ويتلهيان بنكات هزلية ألهت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العمل فأمر المتسلم بإعدامهما‪ ،‬ثم ندم‬ ‫أيضا‪:‬‬ ‫على ذل��ك وأص��اب��ه غ��م شديد فطلب من وأنشد من نظمه لنفسه ً‬ ‫ٌّ‬ ‫ ‬ ‫صديقه الشيخ محمد كوشتري أن يزيل مــا خـيــال ال ـظــل إال‬ ‫شكال من‬ ‫الغمة فصنع له على هيئتهما ً‬ ‫ع�����ب�����رة ل����م����ن اع���ت���ب���ر‬ ‫ ‬ ‫عنه ّ‬ ‫شاشة‬ ‫وراء‬ ‫مساء‬ ‫كل‬ ‫يحركه‬ ‫صار‬ ‫الجلد‬ ‫ ‬ ‫فاع ـت ـبــر ق ــول ــي أي ــا‬ ‫ّ‬ ‫ويروي على لسانهما ِنكات‪.‬‬ ‫ه�������ذا ت����ج����ده م��ع��ت��ب��ر‬ ‫ ‬ ‫وكذا الدنيا شخوص ‬ ‫بورصة وكان اسمه‬ ‫قيل إن أصل عيواظ من‬ ‫َ‬ ‫ت���������ت���������راءى ل���ل���ن���ظ���ر‬ ‫ ‬ ‫الحقيقي (يوركجه خليل)‪ ،‬أهله من بيت‬ ‫ ‬ ‫ثـم ت ـم ـضــي وت ــولــي‬ ‫الصياد‪ ،‬ال يذهبون للصيد إال ووراءه��م‬ ‫م����ث����ل ل����م����ح ال���ب���ص���ر‬ ‫ ‬ ‫كلب‪ .‬وأطلق على عيواظ لقب ‪‬الحاج‪‬‬ ‫ألنه زار الحجاز مرات‪ ،‬وتوفي في الشام وع�ل��ى ال�ح��ائ��ط ال�ش�م��ال��ي ل�ح�ج��رة ال��رك��ن‬ ‫وهو عائد من الحج األخير‪.‬‬ ‫الجنوبي الغربي من الجامع العمري الكبير‬ ‫نص على لوح رخامي ورد فيه‬ ‫قره كوز يعني ‪‬العين السوداء‪( ‬ق��ره‪ :‬في بيروت ٌ‬ ‫أن ‪‬ال�س�ي��د أح�م��د ع��ز ال��دي��ن ج � ّ�دد هذا‬ ‫أس��ود‪ ،‬و‪‬ك��وز‪ :‬عين) ول��د في سونيوس‬ ‫المحل‪.‬‬ ‫لطيفا يحب المزاح‬ ‫(والي��ة أدرن ��ه) وك��ان‬ ‫ً‬ ‫سريع الخاطر في أجوبة مضحكة‪ .‬وكانا س�ن��ة ‪ 1847‬أص ��در ه �ن��ري غ�ي��ز (قنصل‬ ‫يجتمعان وتدور بينهما فكاهات‪ ،‬حتى إذا فرنسا ف��ي ب�ي��روت إب��ان ال��رب��ع األول من‬ ‫ّ‬ ‫توثقت روابط الصداقة بينهما ترك عيواظ ال �ق��رن ال �ت��اس��ع ع �ش��ر) م��ذك��رات��ه وفيها‪:‬‬ ‫ب�لاده وج��اء يسكن ب��ورص��ة وت�ح� ّ�دث بهما ‪‬ال�م�ق��اه��ي ف��ي ب �ي��روت ك�ث�ي��رة‪ :‬واح��دت�ه��ا‬ ‫ً‬ ‫الناس وصاروا يريدون االجتماع بهما‪.‬‬ ‫بدائيا‪ ،‬تتوزع‬ ‫تبليطا‬ ‫غرفة معتمة مبلطة‬ ‫ً‬

‫�����ل‬ ‫أرى ه����������ذا ال��������وج��������ود خ������ي������ال ظ ّ‬ ‫م����ح����رك����ـ����ـ����ـ����ـ����ه ه��������و ال�������������رب ال�����غ�����ف�����ور‬ ‫ف������ص������ن������دوق ال����ي����م����ي����ن ب������ط������ون ح�����وا‬ ‫وص��������ن��������دوق ال�����ش�����م�����ال ه�������و ال����ق����ب����ور‬

‫‪60‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫وس �ن��ة ‪ 1875‬زار ال��رح��ال��ة الدپلوماسي‬ ‫اإليطالي ‪ Perolare Malmignati‬بيروت‬ ‫وشاهد في ‪‬قهوة القزاز‪( ‬ساحة البرج)‬ ‫مسرحية من مسرح القره ك��وز ذات ليلة‬ ‫رمضانية‪ ،‬فكتب‪ :‬في ليالي رمضان تمتلئ‬ ‫ناسا يأكلون ويشربون ويدخنون‪،‬‬ ‫الطرقات ً‬ ‫خاصة في ساحة البرج‪ ،‬فتضاء المقاهي‬ ‫ويتجول الباعة في كل مكان‪ .‬وعلى مدخل‬ ‫ّ‬ ‫مقهى عند زاوية الطريق (‪‬قهوة القزاز‪)‬‬ ‫ي �ق��ف ع��ج��وز ب�ل�ح�ي�ت��ه ال �ب �ي �ض��اء ي�ض��رب‬ ‫بالصنوج وال يقبض عند الدخول‪ .‬المقهى‬ ‫واس��ع األرج ��اء‪ ،‬في سقفه معلّ قة قناديل‬ ‫ك��از‪ ،‬وفي وسطه بركة ذات نافورة‪ ،‬وفي‬ ‫زاوية المقهى ستارة بيضاء شفافة مضاءة‬ ‫سن‪،‬‬ ‫من الخلف‪ .‬أغلب المشاهدين صغار ّ‬ ‫بسكر مثبت على‬ ‫يتجول بينهم بائع ل��وز ّ‬ ‫ع �ي��دان صغيرة فيشترون منه ويمصون‬ ‫السكر ببطء‪ ،‬ويجول بينهم عجوز من آن‬ ‫آلخر لتهدئتهم‪ ،‬ثم ينحني تحت الستارة‬ ‫إلع�ط��اء إش ��ارة ال�ب��دء وي�ع��ود ليجلس بين‬ ‫األوالد‪ .‬ووصف الرحالة بعض المشاهد‬ ‫كما يلي‪:‬‬

‫‪1.1‬ق��راك��وز ي�غ�ن��ي‪ .‬ي�ظ�ه��ر ع�ل��ى ال�ش��اش��ة‬ ‫ع�ص�ف��ور ك�ب�ي��ر ي�ق��اط�ع��ه وي �ن �ق��ره بمنقاره‬ ‫�رارا‪ .‬يكمل ق��راك��وز ال �غ �ن��اء‪ ،‬ث��م يظهر‬ ‫م� � ً‬ ‫عجوزان وعيواظ فيعرض عليهم قراكوز‬ ‫ال��دخ��ول إل��ى بيت م�ج��اور لقضاء الوقت‬ ‫باللهو‪ .‬يدق األربعة على الباب لكن العجوز‬ ‫صاحبة البيت تظهر على الشباك وترفض‬ ‫أن تفتح ْإال إذا دفع لها ليرة ذهبية‪ .‬يرفض‬

‫‪2.2‬تجيب العجوز غاضبة بأنها ال تستطيع‬ ‫استقبال األرب �ع��ة م� ً�ع��ا فليس عندها ّإال‬ ‫س��ري��ر واح ��د‪ .‬يشتمها ق��راك��وز وتشتمه‪،‬‬ ‫ويغرق الحاضرون في الضحك‪.‬‬

‫�رز ُق ق ��راك ��وز ف��ي أول ل�ي�ل��ة ع��رس��ه‬ ‫‪3.3‬ي � � َ‬ ‫بولد يظهر سريره على الشاشة‪ .‬يندهش‬ ‫قراكوز أن يكون أصبح ًأبا بهذه السرعة‪،‬‬ ‫واعدا بعدم الزواج‬ ‫ثم يقبل باألمر الواقع‬ ‫ً‬ ‫مرة أخرى‪.‬‬

‫وف ��ي ن �ه��اي��ة ال�ح�ف�ل��ة ي���دور ال �ع �ج��وز على‬ ‫نصف قرش‪،‬‬ ‫جامعا من كل ولد‬ ‫المشاهدين‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫خارجا‪ .‬ثم‬ ‫ومن ال يدفع يضربه ويرمي به‬ ‫ً‬ ‫يجمع العجوز الستارة والدمى ويذهب إلى‬ ‫مقهى آخر يعيد المسرحية نفسها‪.‬‬ ‫ك��ان السلطان عبد الحميد الثاني أهدى‬ ‫الشيخ محمد أب��و النصر ال�ي��اف��ي قطعة‬ ‫أرض في ساحة البرج بنى عليها الشيخ‬ ‫ضم عشرات الدكاكين ُعرف‬ ‫اليافي سوقً ا َّ‬ ‫بـ‪‬سوق أبو النصر‪ ،‬وفيه قهوة ذات رواق‬ ‫وف�س�ح��ة م�ف�ت��وح��ة ل�ج�ه��ة ال �ش��رق عرفت‬ ‫بـ‪‬قهوة القزاز‪ ‬لكثرة أبوابها وشبابيكها‬ ‫المزججة‪ .‬وبنى الشيخ اليافي زاوية للذكر‬ ‫ن��زل فيها األمير عبد ال�ق��ادر الجزائري‪،‬‬ ‫واليوم حل قسم من جامع محمد األمين‬ ‫محل الزاوية‪.‬‬

‫ال ن �ع��رف م ��ن ك���ان ي� �م ��ارس م�س��رح�ي��ات‬ ‫القراكوز في بيروت‪ .‬إنما في إحدى وثائق‬ ‫سنة ‪1286‬ه�� � �ـ‪1896/‬م أث �ن��اء معاملة بيع‬ ‫دار ق��رب ب��اب يعقوب بين محيي الدين‬ ‫ممثال بوكيله الشاعر عمر األنسي‬ ‫شاتيال‬ ‫ً‬ ‫السقعان وبين المشتري علي بن مصطفى‬ ‫النقيب‪ ،‬ورد ْذكر لشهود العقد بينهم الحاج‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫واضحة‪ ،‬ويبدأ الالعب ال ُـمخايل (من خيال‬ ‫يحركها بالعصي ويؤدي بصوته على‬ ‫الظل) ّ‬ ‫ل�س��ان الشخص م�ق��لّ � ً�دا ص��وت ك��ل شخص‬ ‫ومحركا كل شخص وفق ما يقتضيه الموقف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وحين ينتهي ال ُـمخايلون من التمثيلية وتحريك‬ ‫الدمى‪َ ،‬يجمعون من َ‬ ‫النظارة بعض الدراهم‬ ‫ويلمون شخوصهم ويغادرون المقهى‪ .‬ويرافق‬ ‫ّ‬ ‫حسن‬ ‫غالم يقلد النساء‬ ‫ُ‬ ‫الالعب عادة ٌ‬ ‫وآخر َ‬ ‫مضحكا‬ ‫ً‬ ‫الصوت للغناء‪ .‬ويكون تركيب اللعبة‬ ‫إما بأنف ضخم أو شفتين غليظتين أو صلعة‬ ‫المعة أو قفا عريض‪.‬‬

‫خيال‬ ‫الظل قديم في ب�ي��روت‪ .‬حين جاء‬ ‫ّ‬ ‫ع�ب��د ال�غ�ن��ي النابلسي ب �ي��روت ف��ي صفر‬ ‫(‪1105‬ه��ـ‪ /.‬تشرين أول ‪1693‬م) واجتمع‬ ‫إلى أحمد عز الدين البيروتي‪ ،‬وجد فيه‬ ‫نباه ًة اعتقادية وطرف جذبة إلهية‪ .‬أخبره‬ ‫منشدا‬ ‫أحمد بأنه رأى في الواقعة المنامية‬ ‫ً‬ ‫ينشد البيت‪:‬‬

‫فيها مصاطب حجرية مغطاة بالحصر‪،‬‬ ‫تعلو مقاعدها ‪ 25‬سنتم عن األرض‪ .‬عند‬ ‫المدخل موقد مع ركوتين أو ثالث ودزينة‬ ‫فناجين‪ ،‬ق��رب��ه مجموعة ن��راج�ي��ل‪ .‬يدفع‬ ‫الزبون عشر بارات مقابل القهوة والنرجيلة‬ ‫ومسرح القره كوز‪....‬‬

‫قراكوز وي��رد بإعطائها مئة ضربة ويغرق‬ ‫المشاهدون في الضحك‪.‬‬

‫‪61‬‬


‫سعيد اب��ن الحاج حسن ال��دب��اس الشهير‬ ‫بالكركوزاتي‪.‬‬

‫لو تعلم األرض من قد زارها فرحت ‬ ‫ ‬ ‫واستبشرت ثم باست موضع القدم ِ‬ ‫وأع ـل ـ ـنـ ــت بـلس ـ ــان الح ــال ق ــائـ ـل ــة ‬ ‫وسهال بأهل الجود والكرم‬ ‫أهال‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫‪62‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫وم�� ��ن ع� �ن���اوي���ن ب� �ع ��ض ال� �م� �س ��رح� �ي ��ات‪:‬‬ ‫الشحاذون‪ ،‬المرأتان الغيورتان‪ ،‬كلب بلدي‬ ‫وكلب افرنجي‪ ،‬مدمن األف�ي��ون‪ ،‬الطبيب‬ ‫اإلفرنجي‪ ،‬الحمام‪ ،‬السهرة‪ ،‬أجير الفران‪.‬‬ ‫تتردد بين الفصول أغ��ان شائعة‪.‬‬ ‫وكانت‬ ‫ّ‬ ‫وم��ن أه��م شخصيات م �س��رح ال �ق��راك��وز‪:‬‬ ‫كراكوز‪ ،‬عيواظ‪ ،‬المدلل‪ ،‬طرمان‪ ،‬قشقو‪،‬‬ ‫شمقرين ال�س��اح��رة‪ ،‬جبنيكو (اس��م أخي‬ ‫ع �ي��واظ ف��ي خيمة ال �خ �ي��االت��ي)‪ ،‬وب�ك��ري‬ ‫مصطفى (يمثل دور الشجاع الكريم) يهابه‬ ‫حامال على ظهره‬ ‫أشخاص الخيمة ويبدو‬ ‫ً‬ ‫برميل خمر ولكنه بطيء الفهم‪ ،‬وأصبح‬ ‫سائرا يكنى به بليد الفهم‬ ‫مثال‬ ‫في بيروت ً‬ ‫ً‬ ‫فيقولون ‪‬دار له بكري‪ ‬أو ‪‬داير له بكري‪.‬‬ ‫أيضا سعيد النصبة الذي‬ ‫ومن األشخاص ً‬ ‫دوم��ا بما‬ ‫ويتدخل‬ ‫عرس‬ ‫له قرص في كل‬ ‫ً‬ ‫ال يعنيه‪.‬‬

‫ومن أمثالنا الشعبية المتأثرة بالكراكوز‪:‬‬ ‫‪‬م �ث��ل خ�ي�م��ة ال��ك��راك��وز‪ ‬و‪‬ط� ��ول ع�م��ره‬ ‫دوم��ا‪:‬‬ ‫كراكوز بال س��راي��ة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وللمترافقين ً‬ ‫‪‬كراكوز وعيواظ‪ .‬وللمدلل شعبي ٌة لدى‬ ‫العامة لخفة دمه وصغر سنه‪ ،‬فإذا غاب‬ ‫عن خيمة كراكوز ضج عشاقه وسألوا عنه‬ ‫فيقول ال ُـمخايل إنه ‪‬مخستك‪( ‬خسته‪‬‬ ‫ت��رك �ي��ة م �ع �ن��اه��ا م��ري��ض وم �ن �ه��ا ‪‬خ�س�ت��ه‬ ‫مسهال ويحتاج‬ ‫خانه‪ ‬للمستشفى) تناول‬ ‫ً‬ ‫للتغذية‪ ،‬فتنهال على الكراكوزاتي اللحوم‬

‫وح �ت��ى وق ��ت م�ت��أخ��ر ب�ق��ي ال �ق��راك��وز في‬ ‫�ص��ور والبسطه‬ ‫مقاهي ب�ي��روت‪ :‬مقهى َع� ُّ‬ ‫ال�ت�ح�ت��ا وق �ه��وة ال� �ق ��زاز (ال� �ب ��رج) ومقهى‬ ‫السبليني (الديك) في عين المريسة‪ ،‬وال‬ ‫ي��زال الكثيرون ي��ذك��رون مسرحية ‪‬أجير‬ ‫تهيئ‬ ‫الفران‪ ‬أيام كانت المرأة البيروتية ّ‬ ‫باكرا وتعلّ م الخبز بعالمة خاصة‬ ‫العجين ً‬ ‫لتعرف عدد أرغفة عجنتها‪ ،‬ويتأخر صانع‬ ‫ال �ف��ران ك��ي ي��أت��ي ف�ي��أخ��ذه إل��ى ال�ف��رن ثم‬ ‫يحرقه ال�خ�ب��از ف��ي ال �ف��رن وينتقص منه‬ ‫وسط مشاهد الجدال بين المرأة وصانع‬ ‫الفران ومعلمه‪ .‬وفي نصوص بعض األدباء‬ ‫تأثر ببعض مسرحيات قره كوز وعيواظ‬ ‫ونسج مسرحيات على منوالها‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫المنادي على األَنباء والعجايب‪:‬‬ ‫يعلِم الغايب‬ ‫الحاضر ْ‬

‫قبل صدور الصحف في بيروت (‪‬ثمرات‬ ‫الفنون‪ ،1875 ‬و‪‬لسان الحال‪،)1877 ‬‬ ‫وقبل وص��ول ال��رادي��و والتلفزيون ووسائل‬ ‫اإلت� �ص ��ال ال �ح��ال �ي��ة‪ ،‬ك���ان إب�ل��اغ ال �ع��ام��ة‬ ‫ناد‬ ‫يتم ب ُـم ٍ‬ ‫بالتدابير والتعليمات اإلداري��ة ّ‬ ‫الدالل الذي ينادي على بضاعة‬ ‫غير ّ‬ ‫(وهو ُ‬ ‫للبيع) يجول في األسواق والحارات ُم ْب ِل ًغا‬ ‫م��ا ي��ري��د إع�لام��ه‪ ،‬وخ��ات� ً�م��ا ن ��داءه بعبارة‬ ‫‪‬الحاضر يعلم الغايب‪.‬‬

‫تنبيه الناس من‬ ‫قديما‬ ‫هدف المناداة‬ ‫وكان‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫جهة إل��ى أوام��ر السلطان ونواهيه (بينما‬ ‫ٍ‬ ‫اإلعالم اليوم يذيع ما يريده المتسلطنون)‪،‬‬ ‫بعاقبة َمن يخالف‬ ‫جهة أُ خرى تخويفهم‬ ‫ِ‬ ‫ومن ٍ‬ ‫السلطان أو يرتكب جريمة‪ .‬وكان مضمون‬ ‫المناداة يعطي فكرة عن األوضاع االجتماعية‬

‫من تلك الظواهر أن الملك الصالح (في‬ ‫ال �ق��اه��رة) ع� َّ�ي��ن ال�ف�ق�ي��ه ‪‬ال��ع� ّ�ز ب��ن عبد‬ ‫فتصدى للمماليك‬ ‫السالم‪ ‬قاضي قضاة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الذي لم يثبت عنده أنهم أحرار فباعهم في‬ ‫المزاد بأثمان باهظة صرفها على المصالح‬ ‫العامة‪ .‬وعندما هجم تيمورلنك على حلب‬ ‫نودي في القاهرة بـ‪‬الجهاد في سبيل اهلل‬ ‫لعدوكم األكبر تيمورلنك‪ ،‬الذي أخذ البالد‪،‬‬ ‫وقتل األطفال على صدور األمهات‪ ،‬وأسر‬ ‫وخرب الدور والمساجد والجوامع‬ ‫العباد‪ّ ،‬‬ ‫وجعلها اسطبالت للدواب‪ ،‬وهو قاصدكم‬ ‫يخرب ب�لادك��م ويقتل رجالكم وأطفالكم‬ ‫ويسبي حريمكم‪.‬‬

‫�أن ‪‬ال‬ ‫وف��ي أي��ام السلطان برقوق ن � ِ‬ ‫�ود َي ب� ْ‬ ‫م��ج��زوم وال أب� ��رص وال أق �ط��ع ي�ق�ي��م في‬ ‫القاهرة‪ ،‬ومن أقام فيها منهم ُش ِن َق أو ُو ِّسط‪‬‬ ‫(أي قُ ِطع بالسيف من وسطه إلى نصفين)‪.‬‬ ‫برجلين في وقت‬ ‫وجرى تجريس َمن تزوجت ُ‬ ‫واح��د فطيف بها على َج َمل وعلى رأسها‬ ‫طرطور أحمر ونودي عليها ‪‬هذا جزاء من‬ ‫برجلَ ين في اإلسالم‪.‬‬ ‫تتزوج ُ‬

‫وإذا شاع في البلد وباء أو حصل غالء‪ ،‬لم‬ ‫حل ّإال المناداة بالناس ‪‬أن‬ ‫يكن للسلطان ٌّ‬ ‫يصوموا ثالثة أيام متوالية وأن يخرجوا إلى‬ ‫الجوامع ويطلبوا من اهلل تعالى الكريم أن‬ ‫يكشف عنهم الفناء والغالء‪ .‬أما إذا حصل‬ ‫تمرد على السلطان ومماليكه‬ ‫عصيان أو ُّ‬ ‫بسبب فسادهم في األرض‪ ،‬فيسير الوالي‬ ‫ليال وأمامه حملة المشاعل تنادي ‪‬باألمان‬ ‫ً‬ ‫أحدا ال يخرج‬ ‫واألطمان (أي اإلطمئنان) وأن ً‬ ‫من داره بعد العشاء وكل من رآه يمشي بعد‬ ‫ال�ع�ش��اء يقطع أذن �ي��ه وم�ن�خ��اره أو يضربه‬ ‫بالمقارع‪ .‬وفي مرة أخرى نودي بأن ‪‬ال‬ ‫سوقي وال تاجر يبهدل مماليك السلطان‬

‫وم ��ن ط��ري��ف وق��ائ��ع ال �س �ل �ط��ان ب��رس�ب��اي‬ ‫أن أح��د مماليكه كشف رأس��ه بين يدي‬ ‫ال �س �ل �ط��ان ف� ��إذا ه��و أق � ��رع‪ .‬وإذ ضحك‬ ‫السلطان قال له المملوك‪ :‬اجعلني والي‬ ‫القرعان يا موالنا السلطان‪ ‬فأخرج له‬ ‫مرسوما بأنه ‪‬شيخ القرعان‪‬‬ ‫السلطان‬ ‫ً‬ ‫فصار ي��دور في األس��واق ويكشف رؤوس‬ ‫دينارا‪،‬‬ ‫الناس فمن وج��ده أق��رع أخذ منه‬ ‫ً‬ ‫فضجت العامة منه‪ .‬ون��ودي في القاهرة‬ ‫‪‬األمان واالطمئنان للقرعان في كل زمان‬ ‫ومكان وكل شي على حاله كما كان‪.‬‬

‫كثيرا في دمشق عما كان في‬ ‫ولم يختلف األمر ً‬ ‫قل القمح‬ ‫القاهرة‪ .‬ففي سنة ‪892‬هـ‪1486/‬م ّ‬ ‫فنود َي‬ ‫وزادت األسعار وصغرت قطع الخبز ِ‬ ‫‪‬من له حانوت فليفتحه َوي ِبع وإال شنق‪.‬‬ ‫ولما بدأت حملة السلطان سليم األول على‬ ‫بالد الشام نودي ‪‬باألمر بالمعروف والنهي‬ ‫عن المنكر وبإبطال الخمارات والمنكرات‬ ‫والمظالم‪ ‬كما أشهر النداء ‪‬باألمان وأن‬ ‫سالحا‬ ‫ال أذى وال ع��دوان وال أح��د يحمل‬ ‫ً‬ ‫غير األعوان‪ .‬وعند دخول السلطان سليم‬ ‫دمشق نودي بأن الفلوس القديمة ّ‬ ‫بطالة وأنه‬ ‫فلوسا جديدة‪ .‬ونادى الدفتردار بأن‬ ‫ضرب ً‬ ‫‪‬ال يخرج أحد من بيته إال يلبس سراويل‬ ‫عليه ومن خرج بعد ثالثة أيام بال سراويل‬ ‫خ �ص��ي‪ .‬ف��اه�ت� ّ�م ال �ن��اس وراج �ع��وا قاضي‬ ‫وخير‬ ‫األروام (العثماني) فعارض الدفتردار ّ‬ ‫الناس بين اللبس وعدمه‪.‬‬ ‫ون ��ودي سنة ‪923‬ه� �ـ‪1517 /‬م ب��أن الملك‬ ‫المظفر سليم خان أفنى الجراكسة وأمر‬ ‫بتزيين دم�ش��ق سبعة أي ��ام‪ .‬ث��م ن��ودي في‬ ‫الصالحية بوجوب حضور الكبار والصغار‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫قبل المباشرة بتلعيب الدمى كان يتلى بيتان‬ ‫من الشعر على لسان عيواظ هما‪:‬‬

‫وال�ح�ل��وي��ات‪ ،‬ويظهر ال�م��دل��ل ف��ي الليالي‬ ‫متوكئا على عصاه‪.‬‬ ‫التالية‬ ‫ً‬

‫والسياسية واالقتصادية في حينها‪.‬‬

‫وال يمسك ألحد منهم لجام فرسه ومن فعل‬ ‫ذلك قطعت يده وال يقل حياه عليهم‪ ‬فزاد‬ ‫فسادهم وتعديهم على العامة‪.‬‬

‫‪63‬‬


‫ألجل فريضة تفرض عليهم قدرها أشرفي‬ ‫عن كل شخص في كل عام‪ ،‬أسوة بما كان‬ ‫يحصل في اآلستانة‪.‬‬

‫عبداللطيف فاخوري‬

‫وعقابا للتشاتم والسباب في المشاحنات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫�ب الدين والناموس ح��رام في‬ ‫�‬ ‫س‬ ‫أن‬ ‫وبما‬ ‫ّ‬ ‫جميع األدي ��ان‪ ،‬أص��در وال��ي ب�ي��روت سنة‬ ‫قرارا يهدد فيه كل من يتجاسر على‬ ‫‪ً 1864‬‬ ‫أسبوعا‬ ‫بالسجن‬ ‫بالعقاب‬ ‫والشتم‬ ‫السب‬ ‫ً‬ ‫وعلّ ق القرار‬ ‫وبالتشهير وبالنفي واإلبعاد‪ُ .‬‬ ‫في األماكن العامة ونودي به في الطرقات‬ ‫تكرارا لقرار سبق وأصدره‬ ‫واألحياء‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫الوالي أحمد قيصرلي باشا سنة ‪.1860‬‬

‫وت�ك��اث��رت مسبة ال��دي��ن ف��ي ب�ي��روت ب��دون‬ ‫ح��رج سنة ‪ 1876‬وم��ا بعدها حتى دارت‬ ‫على األلسن كبقية الكالم ب��دون رادع وال‬ ‫زاجر‪ ،‬وسرت من الكبار إلى الصغار بدون‬ ‫مباالة كأنه أمر اعتيادي حتى أوش��ك ّأال‬ ‫ضربا من االستعانة‬ ‫يسلَ م منه أحد بل صار‬ ‫ً‬ ‫في الكالم فاستبدلوا به قولهم‪ :‬فهمت‬ ‫وي��رح �م��ك اهلل واس� �م ��ع ي ��ا س��ي��دي أن��ت‬ ‫الخ‪ ،...‬مما اضطر الحكومة إلى فرض‬ ‫جزاء نقدي من ريـــال وربع ريـال على كل‬ ‫مخالف‪ ،‬فاقترح خبيث على البلدية أن‬

‫ومن ذاك��رة المخضرمين ن��داءات صدرت‬ ‫عن وال��ي بيروت أو عن الدفتردار (وزير‬ ‫ال �م��ال �ي��ة)‪ .‬ع�ن��دم��ا ن �ف��ذت ال�ب�ل��دي��ة أوام��ر‬ ‫الوالي ومجلس اإلدارة بعدم رمي النفايات‬ ‫في األزقة والساحات سمع المنادي يقول‪:‬‬ ‫‪‬ي��ا ن��اس يا ه��ووو‪ ،‬يا أفندية وي��ا عتالي‪،‬‬ ‫بكب زباله كذا‬ ‫بأمر من موالنا الوالي‪ :‬يلّ ي ّ‬ ‫وكذا بحريمو‪....‬‬

‫وع �ن��دم��ا رت �ب��ت اإلدارة ف��رق��ة ضابطية‬ ‫لمعاقبة م��ن ي �ب� ّ�ول ع�ل��ى ال�ح�ي�ط��ان (ول��م‬ ‫تكن في المدينة مباول عمومية) تمنعت‬ ‫ال�ع��ام��ة ع��ن ت�س��دي��د ال��رس��وم ف �ن��ودي في‬ ‫األسواق‪ :‬يا ناس يا هووو‪ ،‬يا أفندية ويا‬ ‫عتاله‪ ،‬يا عموم تجار سوق سرسق وأياس‬ ‫وال�ف�ش�خ��ة (ال �ي��وم ش ��ارع وي� �غ ��ان)‪ ،‬بأمر‬ ‫موالنا ال��دف�ت��ردار‪ ،‬بدكن تدفعوا حراسه‬ ‫وكناسه َوبول َع الحيطان‪ .‬واللي ما بيدفع‬ ‫تحجز ممتلكاتو‪ ،‬وتصادر أموالو‪ ،‬وتفضح‬ ‫حريماتو‪ ،‬وبيتززا (يجازى)‪.‬‬

‫ولد‬ ‫وفي أشكال أخ��رى للمناداة‪ :‬إذا ضاع ٌ‬ ‫أو إذا فقد حمار‪ ،‬أخرج المنادي يصرخ في‬ ‫األس��واق وال ��دروب‪ :‬ي��ا سامعين الصوت‪،‬‬ ‫بالصالة على النبي‪ ،‬يا أوالد ال�ح�لال‪ ،‬يا‬ ‫رادين األمانات‪ ،‬يا مين شاف جحش أسود‬ ‫ّ‬ ‫بيرد‬ ‫بيردو اهلل ّ‬ ‫ضايع من مبارح العصر‪ ،‬ويلّ ي ّ‬ ‫أمانته‪ ،‬والحلوان نصف مجيدي‪ ،‬واألج��ر‬ ‫والثواب عند اهلل‪ .‬وكان إذا وجد أحدهم‬

‫وف��ي أواخ��ر القرن التاسع عشر اشتهرت‬ ‫المغنيتان‪ :‬سارة وسارينا‪ .‬أقامتا‬ ‫في بيروت‬ ‫ّ‬ ‫حفلة في قهوة القزاز (ساحة البرج) َوكلّ ف‬ ‫مناديا عند مدخل المقهى يردد‬ ‫منظم الحفلة ً‬ ‫مرغّ ًبا العامة‪ :‬الليلة الليلة وال كل ليلة يا‬ ‫شباب‪ ،‬الليلة بقهوة القجاز (الزجاج)‪ :‬سارة‬ ‫وسارينا أم البجاز (البزاز)‪ ،‬على رقص على‬ ‫فقش على َه ّز ‪....‬ــاز‪ .‬وازدحمت الصالة‬ ‫بجمهور طرب لسارينا تغني‪ :‬كوكية كوكية‬ ‫ومنين أجيب لك يا صبية‪ .‬يا شباب اهلل‬ ‫يخليكن‪ .‬قلبي متولع فيكن‪.‬‬ ‫وك ��ان ك��ل ت��اج��ر ي�س�ت��ورد ب�ض��اع��ة‪ ،‬يكلّ ف‬ ‫�ادي��ا ي ��دور ف��ي األس� ��واق يبلغ ال�ت� ّ�ج��ار‬ ‫م �ن� ً‬ ‫بورودها في مناداة تختلف بحسب مصدر‬ ‫البضاعة‪ .‬فاآلتية من بغداد يقال عنها‪:‬‬ ‫‪‬بغداد يا دار الصفا‪ ،‬دار المكارم والوفا‪،‬‬ ‫تضوي بنور المصطفى‪ ،‬والباز عبد القادر‬ ‫(الجيالني)‪ ،‬ثم يشير إلى أن البضاعة‬ ‫المذكورة متوفرة في مخزن التاجر الفالني‬ ‫في سوق الجوخ‪.‬‬ ‫دالَّل بيروت يبيع السراي الحكومي‪:‬‬ ‫‪‬على أُونا‪ ..‬على د ّوي‪ ..‬على تري‪‬‬

‫مزاول ُة أية حرفة أو مهنة في بيروت كانت‪،‬‬ ‫كما ف��ي بقية ال�ع��واص��م العربية‪ ،‬تخضع‬ ‫أن ُي�ش��رف‬ ‫ف أه��م م�ي��زات��ه ْ‬ ‫ل�ن�ظ��ام أص �ن��ا ٍ‬ ‫رئيس يدعى‬ ‫على عمل أصحاب كل حرفة‬ ‫ٌ‬ ‫مسؤوال‬ ‫ً‬ ‫‪‬شيخ الحرفة أو الصناعة‪ ‬يكون‬ ‫ع��ن سلوك العاملين ف��ي الحرفة وحسن‬ ‫أدائهم عملَ هم‪.‬‬ ‫ولنظام ال� ِ�ح� َ�رف هيكلية تبدأ من الصانع‬ ‫وتنتهي بـ‪‬شيخ الكار‪ .‬وكان إتقان العامل‬

‫وال���دالل (وف� ً�ق��ا للقاسمي) يبيع حوائج‬ ‫مقيدا بسوق محدد‪ ،‬أو ْ‬ ‫مط ًلقا‬ ‫الناس إما‬ ‫ً‬ ‫ك��دالل��ي البيوت والدكاكين‪ .‬وه��ي حرفة‬ ‫مكروهة‪ ،‬وال��دالل المقيد بالسوق أشد‬ ‫إثما لما يرد عليه من كثرة الحوائج‪ .‬قال‬ ‫ً‬ ‫اإلم��ام الغزالي‪ :‬لعل السبب فيه‪ :‬عدم‬ ‫استغناء الدالل عن الكذب‪ ،‬واإلفراط في‬ ‫مدح السلعة لترويجها‪ ،‬واألم��ر بيده فإن‬ ‫وحسن السلعة وأن شاء بخس‪.‬‬ ‫شاء زاد‬ ‫ّ‬ ‫وأكثر الداللين يبيع دينه بأقل قيمة من‬ ‫دنياه‪.‬‬

‫وق��دي� ً�م��ا ع��رف��ت ال �م��دن اإلس�لام �ي��ة ّدالل‬ ‫ودالل الجواري والداللة‬ ‫أوقاف المدارس ّ‬ ‫(أي الخاطبة)‪ .‬وم��ن ن��وادر القاضي أبي‬ ‫العباس الثقفي (المتوفى سنة ‪482‬ه �ـ)‬ ‫رجال كان يعمل‬ ‫في كتابه ‪‬المنتخب‪ ‬أن ً‬ ‫الدنان قال لداللة‪ :‬اخطبي فوق مقداري‬ ‫قوما سألوها‬ ‫ولك ما تريدين‪ ‬فقصدت ً‬ ‫ع��ن صناعته ف�ق��ال��ت‪ :‬ك��راب �ي��س‪( ‬قطع‬ ‫فزوجوه‪ .‬ولما فتشوا عنه قالت‬ ‫قماشية) ّ‬ ‫الداللة‪ :‬أعطوه كرابيس حتى يبيعها‪.‬‬ ‫كما روى أن امرأة خطبت لرجل سألت عنه‬ ‫فقالت الداللة‪ :‬يبيع ويشتري‪ .‬ثم فتش‬ ‫عنه فإذا هو ّ‬ ‫بطال‪ ،‬فقيل لها‪ :‬ألم تقولي‬ ‫يبيع ويشتري‪‬؟ فقالت‪ :‬نعم يبيع ثيابه‬ ‫خبزا‪.‬‬ ‫ويشتري بها ً‬

‫س�ن��ة ‪ 1881‬ح ��اول مجلس ب�ل��دي��ة ب�ي��روت‬ ‫شيوخا‬ ‫التدخل في نظام ال� ِ�ح� َ�رف فاختار‬ ‫ً‬ ‫كال منهم‬ ‫ألرباب الحرف والصناعات‪ ،‬وكلف ً‬ ‫تقديم دفتر يحوي أسماء تابعين صنعته وبيان‬ ‫سنهم وأسماء والديهم ومحل إقامتهم‪ .‬ووقع‬ ‫ّ‬ ‫في بعض اختياره خالف ما أراده كثير من‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫‪64‬‬

‫وتدابير‬ ‫مناسبات‬ ‫وفي بيروت كانت متعدد ًة‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫توجب إبالغ العامة‪ .‬لما حضر فؤاد باشا‬ ‫إلى بيروت لتطويق حوادث‪ 1860‬الطائفية‬ ‫أن� �ش ��أ م �ج �ل��س م �ح��اك �م��ات ف� ��وق ال� �ع ��ادة‬ ‫لمحاكمة من اشترك بتلك الفتنة‪ .‬أصدر‬ ‫قرارات نودي بها في األسواق‪ ،‬منها وجوب‬ ‫حمل النور على كل من يسير في األسواق‬ ‫منع لعب القمار‬ ‫والطرقات ً‬ ‫ليال‪ .‬ومنها ْ‬ ‫ف��ي أم��اك��ن االج�ت�م��اع‪ .‬ون��ودي سنة ‪1863‬‬ ‫ليال ب��دون مصباح ُوكلفت‬ ‫بمنع ال�ج��والن ً‬ ‫الضابطية بتوقيف المخالف وزج��ه في‬ ‫السجن حتى الصباح‪.‬‬

‫ت�ق��وم بتلزيم ه��ذه ال�غ��رام��ة‪ .‬وأوع ��ز وال��ي‬ ‫ب�ي��روت إل��ى ال��رؤس��اء الروحيين بضرورة‬ ‫النهي عن هذه األقوال وردع هذه األفعال‪.‬‬ ‫وذات يوم من ‪ 1872‬قبض رجال البوليس‬ ‫على شخص ك��ان يجدف بالدين فساقوه‬ ‫إلى السجن وهناك ت��ذرع بأن الشتم كان‬ ‫موجها للدجاجات وليس إلى صاحبها فلم‬ ‫ً‬ ‫يقبل عذره‪.‬‬

‫شيئا بعث من ينادي عليه ويختم مناداته‬ ‫ً‬ ‫بالقول‪ :‬يلّ ي له ضايع يعلّ م عالمته‪.‬‬

‫للتخر‬ ‫ه ‪ -‬استعدادا‬ ‫عملَ‬ ‫ج ‪ -‬خاضعا المتحان‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫وط �ق��وس ي �ج��از ل��ه ب�ع��ده��ا ح��ق م�م��ارس��ة‬ ‫حرفته باإلستقالل‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫عبداللطيف فاخوري‬

‫كان موقع سوق الداللين القديم في بيروت‬ ‫قرب زاوية الشيخ علي القصار (المعرض)‬ ‫وبعد توسيع سوق الفشخة (شارع ويغان)‬ ‫انتقل إل��ى س��اح��ة ال �س��راي ش��رق��ي جامع‬ ‫األمير عساف (السراي) وكان هذا السوق‬ ‫يزدحم بالباعة والمشترين والداللين‪.‬‬ ‫س��وق ال��دالل �ي��ن يسمى ‪‬س ��وق ال �ح��راج‪،‬‬ ‫بتحريف كلمة ‪‬ال �ح��رج‪ ‬أي اإلث ��م (م��دوا‬ ‫المقطع األخير ُليسمع) ويريدون باإلثم أن‬ ‫شرعا‪.‬‬ ‫من زاد ثم ّنكل يأثم‬ ‫ً‬ ‫ك��ان ال��دالل يفتح ال�م��زاد في حضور شيخ‬ ‫رزاق يا رب‪.‬‬ ‫الداللين فيقول‪ :‬يا ّفتاح يا ّ‬ ‫وينهي بكلمات إيطالية‪ :‬على أون��ا على‬

‫وك � � � ��ان ع � �م� ��ر ب��ك‬ ‫ال��داع��وق يتمثل به‬ ‫ف �ل �م��ا أراد إق��ن��اع‬ ‫ص ��دي� �ق ��ه ن �س �ي �ب �ن��ا‬ ‫ن� �ج� �ي���ب ال � ��زاه � ��د‬ ‫ب� �ش ��راء ع �ق��ار ق��ال‬ ‫ل���ه‪ :‬روح م�ت�ف��رج‬ ‫وارجع شاري‪.‬‬

‫س��ن��ة ‪ 1908‬ش�ك��ا‬ ‫ال� �ن ��اس م ��ن أف �ع��ال‬ ‫منكرة لبعض باعة‬ ‫س��وق ال��ح��راج‪ :‬إذا‬ ‫علموا بوفاة مسلول أو مصاب بمرض ُم ْع ٍد‬ ‫ذهبوا إلى بيته وابتاعوا من أمتعته ما يعزم‬ ‫أهل بيته على إحراقها وإتالفها‪ ،‬فاشتروها‬ ‫بثمن بخس وج��اءوا بها إلى السوق لبيعها‬ ‫إلى الناس‪.‬‬

‫وال��دالل��ة تشمل المنقول وغير المنقول‪.‬‬ ‫وس �ن��ة ‪ 1863‬ب�ي�ع��ت م �ن �ق��والت وع �ق��ارات‬ ‫مختلفة بالمزاد في معرفة وإشراف الدالل‬ ‫باشي (شيخ الداللين) طالب آغا ياسين ثم‬ ‫خلفه إبراهيم بدران‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1877‬وضعت عربة عمر فوزي باشا‬ ‫وال��ي سورية في دار الحكومة في بيروت‬ ‫وذك��ر‬ ‫لبيعها بمعرفة ال �ش��رع ال �ش��ري��ف‪َ .‬‬ ‫�دالل من مواصفاتها‪ :‬يجرها اثنان من‬ ‫ال� ّ‬

‫وسنة ‪ 1887‬بيع بالمزاد أثاث منزل عاكف‬ ‫باشا (قومندان الثكنة العسكرية) في دار‬ ‫عبد الغني باشا بيضون (باني جامع برج‬ ‫أبي حيدر) في المصيطبة‪.‬‬ ‫وك��ان يتم تلزيم ال��رس��وم ب��واس�ط��ة شيخ‬ ‫ال��دالل��ي��ن‪ ،‬وت �ك��لّ ��ف ال ��دوائ ��ر ال��رس�م�ي��ة‬ ‫الدالل بالسير مزايد ًة‪ ،‬كما كان األفراد‬ ‫ّ‬ ‫يستعينون به‪.‬‬

‫س�ن��ة ‪ُ 1863‬ع ��رض ب�س�ت��ان ال �ي��اس غانم‬ ‫للبيع بالمزاد‪ .‬وسنة ‪َ 1886‬طرح مجلس‬ ‫إدارة ل��واء بيروت للبيع خمسة وعشرين‬ ‫غ��رف��ة ف��ي خ��ان األم �ي��ر م �ن �ص��ور‪ .‬وسنة‬ ‫‪ 1887‬ط��رح حنا حنينة بالمزاد ولداعي‬ ‫روسو قنصل فرنسا‬ ‫السفر أثاث موسيو ّ‬ ‫ف��ي ب �ي��روت‪ .‬وس �ن��ة ‪ 1889‬أع �ل��ن قنصل‬ ‫ألمانيا ف��ي ب�ي��روت بيع قطعة أرض في‬ ‫ب ��اب إدري� ��س ف�ي�ه��ا ع �ش��رة م �خ��ازن عقد‬ ‫وخمسة دكاكين وآخورات للعربات والخيل‬ ‫ملْ ك أنطوان سيور على أن يتم البيع في‬ ‫القنصلية بمخابرة القنصل‪.‬‬ ‫وم��ن طرائف المزايدات أن دائ��رة إج��راء‬ ‫بيروت سنة ‪ 1897‬عرضت بيع أربعة حمير‬ ‫س��ود وثالثة آالف حجر للبناء ل��دى أحد‬ ‫المقلعجية لمصلحة الدائن قاسم الفحل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وتكاثر‬ ‫ومع اتساع األعمال وازدهار التجارة‬ ‫ال�م�ص��ارف وال�ص�ي��ارف��ة‪ ،‬ازداد التسليف‬ ‫غالبا ينتهي ببيع المال‬ ‫لقاء ره��ن‪ ،‬وك��ان ً‬ ‫َ‬ ‫تسديدا للدين‪ ،‬ما جعل‬ ‫المرهون بالمزاد‬ ‫ً‬ ‫العامة تردد‪ :‬يلي بدك ترهنو بيعو‪ ،‬ويلي‬ ‫بدك تخدمو طيعو‪.‬‬ ‫وكان بيع المراكب البحرية بالمزاد يخضع‬

‫سنة ‪ 1879‬ج��رى عند الساعة العاشرة‬ ‫قبل ظهر الثالثاء ‪ 8‬نيسان‪ ،‬في حاصل‬ ‫الخواجات بيكالوكا‪ ،‬بيع المركب اإليطالي‬ ‫س‬ ‫‪‬بيبو‪ ‬بحباله وجنازيره وفاليكه‪ ،‬وهو را ٍ‬ ‫في الغناس (مرفأ عند الكرنتينا) وجاء في‬ ‫اإلعالن أن البيع يتم بالحراج ‪‬على ضوء‬ ‫الشمعة وعند انطفاء ال�ض��وء يكون آخر‬ ‫المزاد‪ .‬ولعل من يعمل في البحر يعرف‬ ‫طريقة البيع على ضوء الشمعة‪.‬‬

‫أه��م م��زاي��دة شهدتها ب �ي��روت ف��ي القرن‬ ‫التاسع عشر ك��ان��ت م��زاي��دة بيع ال�س��راي‬ ‫الحكومي القديم (س��راي األمير منصور‬ ‫عساف) في ج��وار جامع األمير عساف‪.‬‬ ‫�دالل خليل‬ ‫سنة ‪ 1882‬سمع ال�ب�ي��ارت� ُة ال � َ‬ ‫ب ��دران ي�ج��ول ف��ي األس���واق ويبلغ التجار‬ ‫واألفندية بأن السراي معروض للبيع‪ .‬وفي‬ ‫نيسان رسا المزاد على محمد أياس بمبلغ‬ ‫رياال‪ ،‬ووفق القانون زاد آل سرسق‬ ‫‪ً 52050‬‬ ‫وت��وي�ن��ي على المبلغ ف��رس��ا لهم ال�س��راي‬ ‫بمبلغ ‪ 70050‬ري �ـ��ال (ال �ل �ي��رة ال��ذه�ب�ي��ة‪:‬‬ ‫خ �م �س��ة ري � � ��االت) وص� � ��ادف اس �ت�لام �ه��م‬ ‫السراي وص��ول المصريين المنفيين إلى‬ ‫موقتا ثم أنشأوا‬ ‫بيروت فأنزلوهم فيها‬ ‫ً‬ ‫مكانها بنايات ما عرف بـ‪‬سوق سرسق‪.‬‬ ‫والحقا بنت الحكومة السراي الصغير في‬ ‫ً‬ ‫ساحة البرج‪.‬‬

‫�دالل ال�ح��اج عنتر يقف ف��ي ش��ارع‬ ‫ك��ان ال � ّ‬ ‫البورصة قرب مبنى سينما أوديون (أوبرا‬ ‫سيفا يدلل عليه وينادي‪:‬‬ ‫حامال‬ ‫سابقا)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪‬سيف أثري من أيام ابراهيم باشا‪ ،‬مرصع‬ ‫مذهب‪ ،‬قطعت‬ ‫باألحجار الكريمة‪ ،‬مقبضه ّ‬ ‫رؤوس��ا‬ ‫فيه مئات ال��رؤوس الكبيرة‪ ،‬داوى‬ ‫ً‬ ‫كثيرة كانت تشكو الصداع‪.‬‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫‪66‬‬

‫المحترفين‪ .‬شكوا‬ ‫م ��ن ه���ذا اإلخ �ت �ي��ار‬ ‫فقرر المجلس دعوة‬ ‫أشخاص كل صنف‬ ‫النتخاب من يريدونه‬ ‫م ��ن ص�ن�ف�ه��م ي�ك��ون‬ ‫شيخا لهم معروفً ا‬ ‫ً‬ ‫باالستقامة وحسن‬ ‫ال � �س � �ل� ��وك‪ ،‬وذل� ��ك‬ ‫بأكثرية األص ��وات‪.‬‬ ‫ح � � � � � � � � ��ددت م� � � ��دة‬ ‫االنتخاب بين الرابع‬ ‫من أيار والثاني من‬ ‫ح � ��زي � ��ران ‪.1881‬‬ ‫ووزع � ��ت األص �ن��اف‬ ‫قبل الظهر لصنف‬ ‫وبعده لصنف آخر‪،‬‬ ‫فكان موعد انتخاب‬ ‫شيخ السماسرة أو‬ ‫ال��دالل�ي��ن بعد ظهر‬ ‫ال��خ��م��ي��س ال ��راب ��ع‬ ‫عشر من أيار‪.‬‬

‫دوي ع �ل��ى ت���ري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وفي المثل الشعبـي‪:‬‬ ‫‪‬ي��لّ ��ي م��ا بيشتري‬ ‫ي� �ت� �ف ��رج‪ .‬وأص��ل��ه‬ ‫�ض ال� ��دالل على‬ ‫ح� ّ‬ ‫ال �س �ع��ي ف �ي �ق��ال لـه‬ ‫وحرج‪،‬‬ ‫‪‬دلّ ل يا دالل ّ‬ ‫ي ��لّ ��ي م� ��ا ب �ي �ش �ت��ري‬ ‫يتفرج‪.‬‬

‫�رش �ه��ا ن�ف�ي��س‪ ،‬ت�س��ع شخصين‬ ‫ال �خ �ي��ل‪ ،‬ف� ُ‬ ‫وثالثة عند االقتضاء‪.‬‬

‫ألص ��ول خ��اص��ة م��ن األع� ��راف وال�ق��واع��د‬ ‫المعمول بها في التجارة والنقل البحريين‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫عبداللطيف فاخوري‬

‫باعة بيروت القديمة‪:‬‬ ‫‪‬س َلموني يا بصل‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ريحه يا خوخ‪...‬‬ ‫أَبو َ‬ ‫أَبو نقطة يا موز‪...‬‬

‫يوما من المسجد‬ ‫خ��رج اإلم��ام األوزاع ��ي ً‬ ‫ال� ُ�ع� َ�م��ري ف��ي ب��ي��روت ُ(ب� � ِن � َ�ي ب �ع��د الفتح‬ ‫ف بـ‪‬جامع البحر‪‬‬ ‫اإلسالمي‬ ‫وع ِر َ‬ ‫َ‬ ‫بيروت ُ‬ ‫وحاليا ‪‬جامع أبي بكر‬ ‫ثم ‪‬جامع الدباغة‪‬‬ ‫ً‬ ‫عسال‬ ‫رجال في دكان يبيع‬ ‫ً‬ ‫الصديق‪ )‬فرأى ً‬ ‫ناطفا‪ ،‬وإل��ى جانبه رج��ل يبيع البصل‬ ‫أو‬ ‫ً‬ ‫مناديا‪ :‬يا بصل أحلى من العسل‪ ...‬يا‬ ‫ً‬ ‫بصل أحلى من الناطف‪ .‬فقال األوزاعي‪:‬‬ ‫‪‬سبحان اهلل‪ ...‬سبحـان اهلل‪ ...‬أيظن هذا‬

‫ن��داءات الباعة من فنون األدب الشعبي‪.‬‬ ‫ل��م ت �ح��ظَ ب��اه �ت �م��ام ال�ب��اح�ث �ي��ن ف�ت�ن��اول�ه��ا‬ ‫ال�م�س�ت�ش��رق��ون‪ :‬س� ّ�ج��ل إدوارد ل�ي��ن وإنّ ��و‬ ‫ليتمان ن� ��داءات ب��اع��ة ال �ق��اه��رة‪ ،‬وال�ي��اس‬ ‫المقدسي بترغيب من لندبرغ نداءات باعة‬ ‫دمشق‪ .‬وما جمعته من نداءات باعة بيروت‬ ‫شخصيا‪ ،‬دفعني إلى‬ ‫وما أدركته وسمعته‬ ‫ً‬ ‫جمعها ودراسة معانيها وألحانها وعالقتها‬ ‫ب��ال �ت��اري��خ وال �ج �غ��راف �ي��ا وع �ق �ل �ي��ة ال �ع��ام��ة‬ ‫وأخالقها وم��ا فيها م��ن مالمح مناطقية‬ ‫وطبقية وأخرى ذات طابع وطني‪.‬‬

‫بناء لقاعدة الرزق عند تزاحم األقدام كانت‬ ‫نداءات الباعة تتردد في األسواق القديمة‪:‬‬ ‫حاليا)‪،‬‬ ‫ساحة البرج‪ ،‬سوق الفشخة (ويغان ً‬ ‫س��وق ال �ن��وري��ة‪ ،‬س��وق ال �ب��ازرك��ان وس��واه��ا‪.‬‬ ‫وعندما تولى اب��راه�ي��م فخري ب��ك رئاسة‬ ‫اهتم بتنظيم ساحة البرج‬ ‫مجلس بلدية بيروت ّ‬ ‫العاجة بأكواخ الباعة والحرفيين من حالقين‬ ‫ّ‬ ‫وطباخين وباعة ك��روش وقربهم‬ ‫افين‬ ‫وسك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫براميل وزناييل وسالل وقُ َفف وشوادر لطبخ‬ ‫اللحم ونفخ صدور الدجاج والحبش ونصب‬ ‫حبال الصباغين ونشر كراسي المقاهي‪.‬‬ ‫وعمت الشكوى في سوق الفشخة من ضيق‬ ‫ّ‬ ‫الشارع وفلش الباعة السحاحير والسالل‬ ‫والكراسي أمام محالهم إضافة إلى صاحب‬ ‫الحانوت وأوالده وح�م��اره وخ��روف��ه وم��رور‬ ‫قوافل ‪‬حمير الحجارة‪ ‬وسائقيها يحذورن‬ ‫المارة ‪‬ظهرك‪ ،‬بالك‪ ،‬جنبك‪....‬‬ ‫وكانت للسوق قواعد‪ .‬يقول باعة الفاكهة‬ ‫والخضار‪ :‬من الصبح للظهر البيع بربح‪،‬‬ ‫ومن الظهر للعصر البيع بالرسمال‪ ،‬وبعد‬ ‫العصر البيع ب�خ�س��ارة‪ .‬فقيل‪ :‬ي��ا فاتح‬ ‫دكانتك العصر ش��و ب��دك تبيع وش��و بدك‬

‫من نداءات الباعة ما له عالقة بالجغرافيا‪:‬‬ ‫‪‬سحارة عنب داريا‪ ...‬بحمدوني يا عنب‪...‬‬ ‫مغدوشي يا عنب‪ ...‬حموي يا مشمش‪...‬‬ ‫مال الشام يا عوجي‪ ...‬يافاوي (شموطي)‬ ‫ي��ا ل�ي�م��ون‪ ...‬تفاح م�ي��روب��ا‪َ ...‬سلَ موني يا‬ ‫بصل‪ ،...‬ومنها ما له عالقة بميزة الصنف‪:‬‬ ‫‪‬أبو ريحه يا خ��وخ‪ ...‬أبو نقطة يا موز‪...‬‬ ‫طيب هون يا عنب‪ ،‬والعال هون يا عنب‪....‬‬ ‫وثمة ن ��داءات م��وزون��ة على وزن مستفعلن‬ ‫مفعوالن‪ :‬من يشتري باتنجان‪ ،‬طيب مقلي‬ ‫طبخ‬ ‫الباتنجان‪ ،‬طيب مشوي الباتنجان‪ّ ،‬‬ ‫روحو الباتنجان‪ ‬أو ‪‬باتنجان كالهليون‪ ،‬أبو‬ ‫الفقير يا باتنجان‪ ،‬أيام الباتنجان ما بتنام‬ ‫(لتعدد الطبخات‬ ‫جوعانه إال كل كسالنه‪‬‬ ‫ُّ‬ ‫الخضر‬ ‫وباعة‬ ‫الباذنجان)‪.‬‬ ‫التي يصنع منها‬ ‫َ‬ ‫أيام اإلنتداب الفرنسي شاركوا في المقاومة‬ ‫السلبية فلجأوا أثناء مرور العسكر السنغالي‬ ‫إلى النداء على الباذنجان‪ :‬أسود يا ّريان‪،‬‬ ‫صنه صار لو رنّ ه‪.‬‬ ‫وعلى البصل‪ :‬أبو ّ‬ ‫ويرخص ثمن الفاكهة والخضار في آخر‬ ‫ودع‬ ‫ودع تعا ّ‬ ‫موسمها فينادي الباعة‪ :‬تعا ّ‬ ‫هيي أكله والوداع‪ ‬بعدما تباع عند إقبالها‬

‫الخضر (البندورة والخس والفجل‬ ‫وكانت‬ ‫َ‬ ‫�وق المدينة من‬ ‫وال �ب �ق��دون��س‪ )...‬ت��رد س � َ‬ ‫مزرعة رأس ب�ي��روت‪ .‬وسنة ‪ ،1910‬عند‬ ‫تفشي التيفوئيد فيها لعدم وج��ود صرف‬ ‫الخس‬ ‫صحي‪ ،‬نودي في المدينة بمنع بيع‬ ‫ّ‬ ‫الخساسة‬ ‫وأكلها فأخذ‬ ‫والخضر النيئة ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بالخس إل��ى بركة س��وق البازركان‬ ‫ي��أت��ون‬ ‫ّ‬ ‫لغسله من األوساخ‪.‬‬

‫واع �ت��اد ب��اع � ٌة ت��رغ�ي��ب ال��زب��ائ��ن باستعارة‬ ‫أوصاف لسلعهم من أصناف أخرى‪ :‬قلب‬ ‫الفستق يا لوز‪ ...‬قرنك عسل يا خروب‪...‬‬ ‫قلب ال �ل��وز ي��ا ت��رم��س‪ ...‬صابيع ال� ُ�ب� ُّ�ب��و يا‬ ‫خيار‪ ...‬هدايا لألحباب يا عناب‪ ...‬بزرك‬ ‫بن يا زع ��رور‪ ...‬بقالوة يا م��وز‪ ...‬كالوي‬ ‫يا ف��ول‪ ...‬مسمار الركب يا ف��ول‪ .‬ونودي‬ ‫على الحمص األخضر‪ :‬أم قليبانه‪ ،‬خضرا‬ ‫ومليانه‪ ،‬بتسلي الزعالنه‪ .‬وعلى المسلوق‬ ‫منه‪ :‬بليله بلبلوكي‪ ،‬سبع جواري خدموكي‪،‬‬ ‫قولي المك وأبوكي يشتروا لك َب ِل ْيلَ ه‪.‬‬

‫ومن الباعة من يذكر منافع الصنف فيقول‬ ‫عن الشمندر‪ :‬للسعلة دوا‪ ،‬للشهقة جوا‪،‬‬ ‫�روق ال���دم‪ .‬وق��د يختلف ال��زب��ون مع‬ ‫ب �ي� ّ‬ ‫مثال يسعى لتطفيف‬ ‫البائع‪ :‬بائع التفاح ً‬ ‫الكيل ف��إذا طمع ال��زب��ون ب��واح��دة زي��ادة‬ ‫قياسا على ‪‬زودة العربية‪‬‬ ‫عما يستحق‬ ‫ً‬ ‫(ك �م �ش��ة م��ن ال �ص �ن��ف تضيفها ال �ب��دوي��ة‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫‪68‬‬

‫الداللة أم عبده مارة في‬ ‫وذات يوم كانت ّ‬ ‫س��وق ال�ص��اغ��ة ف�ش��اه��دت ص��ائ� ً�غ��ا ُيل ِبس‬ ‫أساور‪ .‬رفعت حجابها وأخذت‬ ‫صبي ٍة‬ ‫زند‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تتمتم وتهذر وهي سائرة حتى بلغت حيث‬ ‫يقف الحاج عنتر بالسيف وبادرته‪ :‬روح‬ ‫ادح �ش��و‪ ‬ف�ق��ال ل�ه��ا‪ :‬ش��و القصة ي��ا أم‬ ‫عبده؟‪ ‬فأجابته‪ :‬ما بقى فيه حيا‪ ،‬ما‬ ‫بقى فيه دين‪ ،‬ما بقى حدا يستحي ويخاف‬ ‫أهلل‪ ،‬روح شوف الصايغ كيف عمبـيـدسدس‬ ‫زن��ود الصبيــة‪ .‬أخ��ذت��ه ال�غ�ي��رة وص��رخ‪:‬‬ ‫واستل السيف‬ ‫‪‬باطل‪ ...‬قولي مين هو؟‪‬‬ ‫ّ‬ ‫صائحا‬ ‫من غمده ول� ّ�وح م��رات في الهواء‬ ‫ً‬ ‫عاليا)‪ :‬ل ّـمي‬ ‫(صوت الدالل يجب أن يكون ً‬ ‫روس (رؤوس)‪ .‬وسمع التجار صراخه‬ ‫فأقفلوا حوانيتهم وه��رب ال �م��ارة وخلت‬ ‫األسواق‪ ،‬وأسرع رجال الضابطة وقبضوا‬ ‫عليه وساقوه إلى دائرة البوليس (البرج)‪.‬‬ ‫وأث��ن��اء س��وق��ه رأى أم ع �ب��ده ف �ق��ال لها‪:‬‬ ‫‪‬خربتي بيتي أهلل يخرب بي ِتك‪ .‬والحكم ُة‬ ‫يتورط اإلنسان فيندفع‬ ‫من ذلك ُ‬ ‫بيان كيف َّ‬ ‫قبل أن يفكر بعواقب األمور‪.‬‬

‫شيئا من الكذب يباح‪‬؟ فكان هذا ما‬ ‫أن ً‬ ‫بأسا‪.‬‬ ‫يرى بالكذب ً‬

‫تشتري‪ .‬وكانت في بيروت جماعة ‪‬معلمي‬ ‫�ودا مقابل‬ ‫الخضرة‪ ‬يسلفون ال �م��زارع ن�ق� ً‬ ‫الخضر إليهم يبيعونها للدكاكين‬ ‫إحضار‬ ‫َ‬ ‫ب��األس �ع��ار ال �ت��ي ي��ري��دون �ه��ا‪ .‬وح� � ّ�ول معلمو‬ ‫الخضرة محلتهم (شرقي سوق سرسق) إلى‬ ‫سوق ُخ َضر عرف ‪‬بالنورية‪ ‬لقربه من مزار‬ ‫سيدة النورية‪ ،‬بعدما رتبت البلدية الطرق‬ ‫وزينتها فاتخذها باعة الخضار والفاكهة‬ ‫ساحة لهم حتى ب��ات العابر يقطع ثمانين‬ ‫ذراع ��ا ف��ي أربعين دقيقة‪ .‬وك��ان المكارية‬ ‫ً‬ ‫ينقلون المشمش وال �خ��وخ وغيرهما من‬ ‫الفاكهة في صناديق كان التجار يجلبون بها‬ ‫البترول من أميركا وروسيا دون أن ّ‬ ‫ينظفوها‬ ‫كريها‪.‬‬ ‫طعما ً‬ ‫فتترك في الفاكهة ً‬

‫لعزتها وقلّ تها حينئذ وشهوة‬ ‫بثمن أغلى ّ‬ ‫الطباع واشتياق النفوس للجديد‪ .‬وكان بائع‬ ‫خيار حين يسأله زبون عن الثمن ويعرف‬ ‫ثمنه المرتفع يقول للبائع ‪‬جايي‪ ‬فيذهب‬ ‫وال يعود‪ .‬وعند العصر يتعلق البائع بزبون‪:‬‬ ‫‪‬من الصباح وكل واحد يقول لي جايي ولم‬ ‫ي��أت‪ ،‬فيقول ال��زب��ون‪ :‬الخيار ج��اي ما‬ ‫رايح‪( ‬أي أنه غالي الثمن عند نزوله ثم‬ ‫يرخص عندما يكثر)‪.‬‬

‫‪69‬‬


‫‪70‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫وك��ان باعة الحليب يفترشون األرض في‬ ‫س ��وق ال�ف�ش�خ��ة (ش� ��ارع وي��غ��ان) م�ن��ادي��ن‪:‬‬ ‫البقره‪ ‬وكانوا يأتون بالحليب من‬ ‫‪‬من ّبز‬ ‫َ‬ ‫ض��واح��ي ب �ي��روت‪ ،‬ف ��إذا بلغوا نهر بيروت‬ ‫وض�ع��وا م��ا ف��ي نحي (ض��رف) ف��ي نحيين‬ ‫(ألن شريك الماء ال يخسر) ثم دخلوا البلدة‬ ‫وباعوه‪ .‬ولما تكرر غشهم حثت الغيرة أهالي‬ ‫إلى اإلتيان بقطيع بقر ليأخذ الزبون حاجته‬ ‫صافيا ساعة يشاء‪ ،‬وتم وضع‬ ‫من الحليب‬ ‫ً‬ ‫القطيع في إسطبل للخواجات أصفر على‬ ‫طريق الشام (موقع خان األصفر في ساحة‬ ‫ال��دب��اس)‪ .‬وكانت كمية كبيرة من الحليب‬ ‫تأتي من مزرعة رأس بيروت حتى قيل إن‬ ‫أنواعا‪ :‬ما‬ ‫أحد الباعة هناك كان يبيع منه‬ ‫ً‬ ‫كان نصفه ماء بثمن‪ ،‬وما كان ثلثه ماء بثمن‪،‬‬ ‫وما كان ربعه ماء بسعر ثالث‪ .‬وشاع صيت‬ ‫الشيخ بحر الذي كان يبيع الحليب المغلي‬ ‫ف��ي ال�ق��دور ويمزجه بالماء حتى ال يبقى‬ ‫فيه من شبه الحليب سوى اللون‪ .‬وفيه قال‬ ‫الشاعر عمر األنسي‪:‬‬ ‫ل��ل��ش��ي��خ ب���ح���ر ك�����رام�����ات ق����د اش���ت���ه���رت‬ ‫ف���ي ال���ن���اس أش��ب��ه م���ن نـ ـ ــار ع��ل��ى علم‬ ‫��������������دوره م������ن ح����ل����ي����ب ب��������ات ي���م�ل�أه���ا‬ ‫ق‬ ‫ُ‬

‫وإل��ى باعة الحليب باعة السحلب‪ .‬وسنة‬ ‫‪ 1882‬وردت إلى البلدية عريضة تشكو من‬ ‫باعة السحلب‪ ،‬وفيها‪ :‬إذا مرت بالسحلبي‬ ‫ذوات العرض أطلق لسانه وقال‪ :‬كل هول‬ ‫بعشرين يا بيضا كل ه��ول بقمري (عملة‬ ‫نحاسية على رسم هالل) يا حلوه‪ .‬والى‬ ‫ج��ان��ب البائعين ك��ان ث��ال��ث ي �ن��ادي ‪‬جبن‬ ‫بلدي‪ ‬أو الجبنة الضرفية (توضع في جلد‬ ‫الشعر‪.‬‬ ‫ماعز) فيكثر فيه َ‬

‫بائع البوظة ك��ان يمر بين الغلمان فيمد‬ ‫مموجا صوته ف��ي ال�ه��واء‪:‬‬ ‫عنقه وي�ص��رخ‬ ‫ً‬ ‫‪‬نصف اوقية بعشرين يا غ�ن��دور‪ ،‬نصف‬ ‫اوقية بقمري‪ ،‬ح� ّ�ول صوبي‪ .‬وك��ان باعة‬ ‫البوظة ينشرون أوايلهم في الطريق‪ :‬تنكة‬ ‫البوظة‪ ،‬علبتها‪ ،‬تنكة األق��داح والمالعق‪،‬‬ ‫ال�م�ن�ش��ار‪ ،‬ال �م �ض��رب‪ ،‬ال�م�ق�ش��اط‪ .‬وسنة‬ ‫‪ 1882‬ان�ت�ش��رت م��ن ب�ي��ع ال�ب��وظ��ة ح��االت‬ ‫رئيس البلدية محيي‬ ‫بيعها‬ ‫ِإس�ه��ال فمنع َ‬ ‫ُ‬ ‫الدين حماده ومنع النداء عليها‪ .‬وشاع سنة‬ ‫‪ 1906‬أن أكثر باعة البوظة يمزجون بها‬ ‫البائع‬ ‫الزبون‬ ‫ماء بزر الكتان حتى إذا رأى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حبال من‬ ‫يشد بها ويسحبها على أصابعه ً‬ ‫العلبة حتى فوق رأسه‪ ،‬تحركت فيه شهوة‬ ‫�ذوق وس��ال لعابه ف�س��ارع إل��ى شرائها‬ ‫ال �ت� ُّ‬ ‫فأكلها وال يدري ماذا يحصل في إناء خلف‬ ‫ْ‬ ‫البائع لغسل مئات صحون أكل بها األجرب‬ ‫والسليم والمعلول‪.‬‬ ‫القصاب ك��ان يحمل على ظهره الخروف‬ ‫المذبوح يسيل منه الدم ويسير بين الناس‬ ‫صارخا‪ :‬ظهرك بالك جنبك‪ .‬وكان بائع‬ ‫ً‬ ‫المقادم ينادي ‪‬كل عشرة بقرش فراطة‪‬‬ ‫وي �ن �ت��ف ال �ش �ع��ر ج��ي� ً�دا ف�ق�ي��ل إن أف�ض��ل‬ ‫ال َـمقادم ما كان أصلع أمرد ال شارب له وال‬ ‫الناس باع ُة مقانق‬ ‫لحية‪ .‬وسنة ‪ 1881‬لفت‬ ‫َ‬

‫انتشرت المطاعم الثابتة في أنحاء بيروت‪،‬‬ ‫وت��وزع��ت المتنقلة ف��ي ب��اح��ات ال �س��راي‬ ‫الحكومي (ال �س��راي الصغير ف��ي ساحة‬ ‫ال �ب��رج)‪ .‬سنة ‪ ،1910‬فيما ك��ان المدعي‬ ‫وال��م��دع��ى ع �ل �ي��ه ي �ت �ق��اض �ي��ان ف ��ي ق��اع��ة‬ ‫المحكمة كانت تتناهى أص��وات الباعة‪:‬‬ ‫‪‬كعك سخن‪ ،‬شعيبيات‪ ،‬القليطة بمتليك‪.‬‬ ‫وتكرر المشهد سنة ‪ :1914‬بينما القاضي‬ ‫ع�ل��ى ق ��وس المحكمة تختلط م��راف�ع��ات‬ ‫المحامين ب��أص��وات ال�ب��اع��ة‪ :‬س ��وس يا‬ ‫س��وس‪ ،‬قضامة ناعمة‪ ،‬بوز يا ب��وز‪ ،‬كعك‬ ‫س �خ��ن‪ ،‬ك�ل�ه��ا ب� �ه ��ارات‪ ،‬ط�ي�ب�ي��ن سخنين‬ ‫ن��اه�ي�ي��ن‪ ،‬ق � ّ�رب َع ال�س�خ��ن ق� � ّ�رب‪ ،‬تمرية‬ ‫سخنة‪ .‬وعلى ذكر التمرية كان فؤاد باشا‬ ‫الذي حضر إلى بيروت الستيعاب حوادث‬ ‫‪ 1860‬الطائفية ف��ي الجبل‪ ،‬أص��در سنة‬ ‫تنبيها يمنع طبخ التمرية وبيعها‬ ‫‪1861‬‬ ‫ً‬ ‫ألنها من عجين وزيت أو سيرج يطاف بها‬ ‫على الصدور مكشوف ًة تحت أشعة الشمس‬ ‫وما ينشأ عن ذلك من أمراض‪.‬‬

‫وقبل تأسيس ‪‬عرداتي وداعوق‪ ‬معمل الثلج‬ ‫في رأس بيروت وإنتاج الثلج لدى شركة غاز‬ ‫صيفا من‬ ‫بيروت العثمانية‪ ،‬كان الثلج يجلب ً‬ ‫مستودعات خاصة محفورة في الجبل يخزن‬ ‫ً‬ ‫وحفاظا‬ ‫ودفعا ألض��راره‬ ‫شتاء‪.‬‬ ‫فيها الثلج‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على الصحة العمومية منعت البلدية سنة‬ ‫‪ 1882‬جلب ثلج الجبل‪ ،‬فنفذ الباعة األمر‬ ‫يومين ثم ع��ادوا إل��ى نداءاتهم في األزق��ة‬ ‫ملون‪ ‬فأقبل عليه الصغار‬ ‫‪‬منوع ّ‬ ‫واألسواق‪ّ :‬‬ ‫وك�ث��رت النزلة ال�ص��دري��ة وال�س�ع��ال‪ .‬وك��ان‬ ‫بائع أل��واح ثلج المعمل ينادي ‪‬ارحموا من‬ ‫رأسماله يذوب‪.‬‬

‫وف��ي س��اح��ة ال�س�م��ك ح�ي��ث ال �م �ي��اه تغمر‬ ‫ال �ط��ري��ق ن� ��ودي‪ :‬ط� ��ازه ي��ا س �م��ك‪ ،‬أك��ال‬ ‫الطازه ما بيتأذّ ى‪ .‬وإذ يقترب منه زبون‬ ‫ويأخذ سمكة يدنيها من أنفه يزجره البائع‬ ‫العجوز الجالس على كرسي قش يدخن‬ ‫النارجيلة‪ :‬أه��ذا سمك ُي�ش� ّ�م؟ أال ترى‬ ‫تورد خديه؟ أال ترى؟ أأنت أعمى؟‪ .‬وإلى‬ ‫ُّ‬ ‫الخضر والفواكه واألطعمة المطبوخة‬ ‫باعة‬ ‫َ‬ ‫ك��ان��ت ال��س��وق ت �ع��ج ب��ال�ح��رف�ي�ي��ن وص �غ��ار‬ ‫التجار‪ ،‬ينادي أح��ده��م‪ :‬معانا صحون‪،‬‬ ‫م �ع��ان��ا ك �ب��اي��ات‪ ،‬م �ع��ان��ا ف�ن��اج�ي��ن ق �ه��وة‪،‬‬ ‫وآخ ��ر‪ :‬مجلّ خ مجلّ خ‪ ،‬مقصات مجلّ خ‪،‬‬ ‫سكاكين مجلّ خ‪ ،‬وثالث‪ :‬مصلح بوابير‬ ‫مبيض‪‬‬ ‫الكاز سنكري‪ ،‬وراب��ع‪:‬‬ ‫‪‬مبيض ّ‬ ‫ّ‬ ‫(الح َرف الثالث األخيرة انقرضت أو تكاد)‬ ‫ِ‬ ‫وخامس‪ :‬شروال عتيق للبيع‪ ،‬كبران عتيق‬ ‫للبيع‪ ،‬وخ��ام��س‪ :‬ح��دي��د للبيع‪ ،‬نحاس‬ ‫للبيع‪ ،‬رص��اص للبيع‪ ،‬حديد بقضامه‪،‬‬ ‫إل��ى مصلح األح��ذي��ة (ل�س�ت�ي�ك��و) وم �ع� ّ�زل‬ ‫الج َور الصحية‪ ،‬وبائع الخام والعنبركيس‬ ‫ُ‬ ‫وأغنيته‪ :‬تفتا هندي‪ .‬تفتا هندي‪ .‬شاش‬ ‫صبيه‪ .‬أنا بائع‬ ‫حرير يا بنات‪ .‬افتحي لي يا ّ‬ ‫للستات‪.‬‬

‫روي‬ ‫م ّ‬ ‫بيروت‪ ...‬بيروت‪ ...‬إِحكي لنا من تُراثك ال َ‬

‫للمشتري) ن�ه� َ�ره ال�ب��ائ��ع‪ :‬ال�ت�ف��اح واق��ف‬ ‫علينا بمصاري‪ .‬وعندما ينضج الجميز‬ ‫‪‬تمر‬ ‫ليل َة البدر من قمر آب ينادي بائعه‪ّ :‬‬ ‫الجميز ت� ّ�م��ر‪ ‬وتبعه ب��ائ��ع ال�ت�ي��ن‪ :‬تين‬ ‫الجبل‪ ،‬دبالن دبل‪ ،‬بقراتي يا تين‪ .‬ومن‬ ‫نداءات بعض الباعة‪ :‬البياع بالحارة وال‬ ‫عازتك يا جاره‪ ،‬أو ‪‬ال تزعلي يا جاره‪،‬‬ ‫بالحاره‪ .‬و‪‬أحمر وحلو يا‬ ‫البياع بعدو‬ ‫َ‬ ‫يوما‬ ‫وع السكين يا بطيخ‪.‬‬ ‫بطيخ َ‬ ‫ُ‬ ‫وسمعت ً‬ ‫بائع عنب يرفع بيده العنقود من الصحارة‬ ‫وينظفه بالمقص م��ن ال�ح�ب��ات اليابسة‬ ‫وقبل أن يرصفه على الرف يقول‪ :‬بدنا‬ ‫بيتشفع فيه‪‬؟‬ ‫نشنقو‪ ،‬مين‬ ‫ّ‬

‫غ ْ���ر ًف���ا م��ن ال��ب��ح��ر أو رش ً��ف��ا م��ن ال ّ��د َي��ـ��م‬

‫قصابا‬ ‫يأخذون من لحم الخيل‪ ،‬حتى أن‬ ‫ً‬ ‫ُض ِبطَ يقصد جثة خيول على شاطئ البحر‬ ‫يأخذ من لحمها ويجعل منه مقانق (كما‬ ‫أخيرا في دول أوروبية)‪.‬‬ ‫حصل‬ ‫ً‬

‫عاما كنت تلميذً ا في مدرسة‬ ‫قبل ستين ً‬ ‫�ت‬ ‫عثمان ذي ال�ن��وري��ن المقاصدية ف��رأي� ُ‬ ‫بائعا‬ ‫ق�ب��ال��ة م��دخ��ل ال �م��درس��ة ال�ج�ن��وب��ي ً‬ ‫واقفا بعربته عليها لوح ثلج وفي يده قالب‬ ‫ً‬ ‫معدني طرفه كأسنان المنشار يمرره على‬ ‫ويصب‬ ‫لوح الثلج ثم ُيخرج مضمون القالب‬ ‫ّ‬ ‫سائال ملونً ا وينادي ‪‬فريسكو‪ ،‬وإلى‬ ‫عليه‬ ‫ً‬ ‫بالسكر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جانبه بائع تفاح سكري مغموس‬ ‫وبائع المعلل ينادي‪ :‬حلّ ي سنانك‪ .‬وعن‬ ‫أح��د المخضرمين أن ب��ائ��ع المعلل ك��ان‬ ‫قديما يمط المعلل بين يديه كي يتطاول‬ ‫ً‬ ‫فإذا امتألت يداه بالدبق بصق عليه وتابع‬ ‫عمله‬ ‫األلف)‪.‬‬ ‫مناديا‪ :‬بيعلَ ك ِ(ب َـم ّد ِ‬ ‫ً‬

‫‪71‬‬


‫التراث‬ ‫وي‬ ‫اللبناني َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َف ّ‬ ‫ُّ‬

‫سنة ‪ ،1894‬ش��اء رئيس البلدية محمد‬ ‫عبد اهلل بيهم تنظيم العمل فأمر األوالد‬ ‫م�م��ن ال ع�م��ل ل��ه ب��أن يحضر إل��ى محل‬ ‫عبد الرحمن نعماني فيعطى لكل منهم‪،‬‬ ‫م��ن م��ال رئيس البلدية ال�خ��اص‪ ،‬واجهة‬ ‫يحملها في عنقه عليها بضائع مختلفة‬ ‫صوفية وقطنية وكتانية وغيرها يطوفون‬ ‫بها في األسواق‪.‬‬

‫‪72‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫وأوح ��ت ن���داءات ال�ب��اع��ة أغ��ان��ي وأناشيد‬ ‫كثيرة لكبار المغنين‪ :‬سيد دروي��ش وعمر‬ ‫الزعني ويحيى اللبابيدي‪ ،...،‬فأُ ذْ ن الفنان‬ ‫تدرك ما ال يدركه اإلنسان العادي‪ .‬سمع‬ ‫�وم��ا ع�م��ر ال��زع�ن��ي ب��ائ��ع ال �ت��وت ي �ن��ادي‪:‬‬ ‫ي� ً‬ ‫‪‬ي��ا ت��وت ال �ش��ام ي��ا ش��ام��ي‪ ،‬وال�ش�ف��ا على‬ ‫اهلل يا شافي‪ ،‬فنظم أغنية في العنوان‬ ‫العوجة أغنيته ‪‬يا‬ ‫نفسه‪ .‬وأخذ من بائع‬ ‫َ‬ ‫م��ال ال �ش��ام ي��ا ع��وج��ه م��ن أص �ل��ك عوجه‬ ‫ي��ا ع��وج��ه‪ ،‬وأغ�ن�ي�ت��ه ‪‬ع �م��رك قصير يا‬ ‫مشمش‪ ،‬و‪‬بزرك بن يا زع��رور‪ .‬وسمع‬ ‫يحيي اللبابيدي ف�ق�ي� ً�را ي �ن��ادي ‪‬ي��ا داي��م‬ ‫الدوم كل مين إلو يوم‪ ‬فاستوحاها وكتب‬ ‫ولحن أغنيته الشهيرة ‪‬يا ريتني طير ألطير‬ ‫ّ‬ ‫حواليك‪ .‬وسمع بائع التفاح ينادي‪ :‬هلق‬ ‫إجا وهلق راح بياع التفاح‪ ‬فنظم‪:‬‬

‫هلق أجا وهلق راح‬ ‫ه��ل��ق ك���ان بحارتنا‬ ‫بالجيه‬ ‫ه��ل��ق ك���ان‬ ‫ّ‬ ‫هلق ك��ان بـجزين‬ ‫هلق كان بالروشة‬

‫ب��������ي��������اع ال�����ت�����ف�����اح‬ ‫واشترت منو جارتنا‬ ‫ناجيه‬ ‫واشترت منو‬ ‫ّ‬ ‫واشترى منه سي أمين‬ ‫واشترت منه عيوشة‬

‫معوق اللسان كان‬ ‫ومن الطرائف أن ً‬ ‫بائعا َّ‬ ‫يبيع ع�ل��ب ال�ك�ب��ري��ت وال �م �ح��ارم وي �ن��ادي‪:‬‬ ‫‪‬ش�ح�ي�ط��ه ب�م�ت��ال�ي��ك (ب �م �ت �ل �ي��ك)‪ ،‬وث�ل�اث‬ ‫محمة‪( ‬محرمة)‪ .‬وكان يقف في‬ ‫متاليك‬ ‫ّ‬ ‫المحاميين‬ ‫محلة باب إدريس تحت مكتب‬ ‫َ‬ ‫ص�لاح اللبابيدي وع�م��ر ف��اخ��وري‪ .‬وك��ان‬ ‫اللبابيدي يكتب مرافعة في دعوى جنائية‬ ‫والبائع ينادي‪ :‬شحيطه متاليك‪ ،‬شحيطة‬ ‫متاليك‪ ،‬فكتب اللبابيدي في المرافعة‪:‬‬ ‫‪‬شحيطة متاليك‪ .‬وبدأ في اليوم التالي‬ ‫مرافعته في محكمة الجنايات‪ :‬حضرة‬ ‫ال��رئ �ي��س‪ ،‬ح �ض��رات ال�م�س�ت�ش��اري��ن‪ ،‬ه��ذا‬ ‫المتهم ال��واق��ف أمامكم ب��ريء مـما نسب‬ ‫إل� �ي ��ه‪ ...‬شحيطة م�ت��ال�ي��ك‪‬؟ واس �ت��درك‬ ‫معتذرا ثم تابع مرافعته‪ ،‬وعندما عاد إلى‬ ‫ً‬ ‫مكتبه استدعى الشرطي الخاص بالمحلة‬ ‫طالبا منه ع��دم السماح‬ ‫ون�ق��ده إك��رام�ي��ة‬ ‫ً‬ ‫للبائع المذكور بالوقوف وال�م�ن��اداة تحت‬ ‫مكتبه‪.‬‬

‫الزجل اللبناني من البدايات‬ ‫شعر الحياة اليوميّة والتراث‬ ‫جوزف أبي ضاهر‬

‫ •من مواليد غادير (جونية) ‪.1947‬‬

‫نحات‪ ،‬صحافي‪ ،‬مسرحي‪ِ ،‬إعالمي وناشر‪.‬‬ ‫ •شاعر‪ ،‬رسام‪ّ ،‬‬

‫محررا‪ ،‬مدير تحرير‪ ،‬رئيس‬ ‫ •يعمل في الصحافة منذ ‪1964‬‬ ‫ً‬ ‫ثقافيا‪ ،‬وكاتب مقاالت‪.‬‬ ‫مسؤوال‬ ‫ً‬ ‫تحرير‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ •أسس مجلة ‪‬ص��دى األرز‪ )1987 - 1968( ‬وش��ارك في‬ ‫عدة‪.‬‬ ‫تأسيس مجالت ّ‬ ‫كتابا في الشعر واألدب والتاريخ والتراث وموسوعة‬ ‫ •له ‪ً 50‬‬ ‫وأعماال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في الزجل المحلّ ي واالغترابي أعالماً‬ ‫التلفزيونية‪،‬‬ ‫إذاعية‪ ،‬ومئات الحلقات‬ ‫ •له أربعة آالف حلقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫و‪ 18‬مسرحية لألطفال‪ ،‬وسبع للدمى المتحركة‪.‬‬ ‫ومعرضا نحت‪ ،‬وشارك‬ ‫ •تشكيلياً له في لبنان ‪ 4‬معارض رسم‬ ‫َ‬ ‫ف��ي ‪ 18‬معرضاً ح��ول ال�ع��ال��م‪ ،‬وص��در تقويم ألعماله في‬ ‫‪‬موسوعة الفن التشكيلي اللبناني خالل مئة سنة‪.‬‬ ‫ومداليات لبنانية وعالمية‪.‬‬ ‫ •نال أوسمة ِ‬

‫مكان واسع في التراث الشفوي اللبناني‪ ،‬ومكان ٌة عالية في الذاكرة‬ ‫للزجل‬ ‫ٌ‬ ‫الشعبية‪ .‬ولبنان يتميز به في دول الجوار بأنه ما زال حياً بنتاجه المكتوب‬ ‫يفصله هذا النص الشامل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والمنبري‪ ،‬بشعرائه الذاكرين‬ ‫والمستذكرين‪ ،‬كما ّ‬ ‫خبير ُطلَ عة في تاريخ الزجل اللبناني‬ ‫خص به ‪‬مرايا التراث‪‬‬ ‫على إيجازه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫وشعرائه‪ :‬الشاعر جوزف أبي ضاهر‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫ُوِل َد‬

‫الغناء كما تولد الينابيع‪ ،‬والينابيع‬ ‫تغني‪.‬‬ ‫ّ‬

‫�ار‬ ‫�وت ف��ي ال �غ �ن��اء اخ�ت�ي� َ‬ ‫�ص��د ال��ص� ُ‬ ‫ل��م ي�ت�ق� ّ‬ ‫كالما‬ ‫يتحول ً‬ ‫الشعر‪َ .‬ترك لجمال اللهفة أن ّ‬ ‫وتشكلت منه أولى‬ ‫ّ‬ ‫محكيا بـ‪‬لغة الحياة‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫شف َتي أُ ٍّم رندحت لصغيرها‬ ‫األغنيات على َ‬ ‫مغمورا‬ ‫كأنها تصلّ ي‪ ،‬لينام ف��ي ال�ه�ن��اءة‬ ‫ً‬ ‫والتمنيات وصفاء العمر‪.‬‬ ‫باألحالم‬ ‫ّ‬ ‫‪74‬‬ ‫جوزف أبي ضاهر‬

‫زغردت المرأة بكالم‬ ‫زجال‪،1‬‬ ‫محكي ُس ِّمى ً‬ ‫ٍّ‬ ‫في‪ :‬والدة‪ ،‬عرس‪ ،‬انتصار‪َ ،‬عودة من بعاد‬ ‫القلب يقال‬ ‫الحب‬ ‫وغربة‪ ...،‬وحين يلفح‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫غناء‪ ،‬وفي أعياد الغالل ومواسم‬ ‫فيه الغزل ً‬ ‫الخير‪.‬‬ ‫وف��ي زم��ن ال�ح��زن ن��اح��ت ال �م��رأة‪ ،‬ندبت‪،‬‬ ‫صيغا ه��ي في‬ ‫�س‬ ‫ً‬ ‫رث ��ت‪ ،‬وال �ك�لام ك��لّ ��ه ل � ِب� َ‬ ‫الزجل أساسه‪.‬‬

‫ك��ذل��ك ع �ن��د ال ��رج ��ال‪ :‬اخ� �ت ��اروا ال �ح��داء‬ ‫وال � َ�ح ��ورب ��ة ف��ي ف��رح �ه��م وح��زن �ه��م‪ ،‬وف��ي‬ ‫انتصارهم والتصاقهم بالحياة‪.‬‬ ‫زمنيا في مفارقات‬ ‫وسقط تأْ ريخ البدايات ًّ‬ ‫ومغالطات‪.‬‬ ‫ك� ّ�ل م��ا ُك �ت��ب ع��ن ب��دء ال��زج��ل ل�ي��س أكثر‬ ‫تكهنات واس�ت�ن�ت��اج��ات‪ .‬المعلومات‬ ‫م��ن ّ‬ ‫اللهم ّإال ما يكون في بعض‬ ‫متوارية‪.‬‬ ‫فيه‬ ‫َّ‬ ‫المواضيع من إش��ارة‪ ،‬أو نظرة بالعجلة‪،‬‬ ‫وتغنى‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ زج َل‪ :‬طرب ّ‬ ‫َ‬

‫إذً ا ه��و م��ن ال �ل �ه �ج��ات‪ ،‬وق �ب��ل الفصيح‬ ‫�ؤرخ�ي��ن‪ .‬وإذا ل��م يكن‬ ‫حسب باحثين وم� ّ‬ ‫ك��ذل��ك فهو ‪‬ق��دي��م ِق � َ�دم الفصيح‪ ‬كما‬ ‫العالمة الشيخ عبد اهلل العاليلي‬ ‫َج� َ�ز َم‬ ‫ّ‬ ‫في غير مناسبة‪.‬‬

‫أم��ا ال�ق��ول بنسبة ‪‬اخ �ت��راع‪ ‬ال��زج��ل إلى‬ ‫‪3‬‬ ‫أبي بكر بن قزمان األندلسي‬ ‫فأيضا من‬ ‫ً‬ ‫زجالي‬ ‫�ام‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫إ‬ ‫المغالطات‪ :‬ابن قزمان كان‬ ‫ّ‬ ‫زمانه وأشهرهم‪ ،‬ول��ه موشحات ودي��وان‪.‬‬ ‫والزجل قيل في األندلس قبله‪ ،‬ونُ ظم في‬ ‫البحور الخمسة عشر‪ ،‬حسب ابن خلدون‬ ‫ف��ي م�ق��دم�ت��ه‪ ،4‬و‪‬ل �ع��ل لشعر م��ار اف��رام‬ ‫وألحانه‪ ،‬وهو أبو البيعة‬ ‫السريانية ‪ ،5‬أثراً‬ ‫ّ‬ ‫واضحا في الزجل‪ ،‬قلّ ده قدماء الموارنة‬ ‫ً‬ ‫ينغمون ذلك‬ ‫في صلوات لهم (‪ )...‬وكانوا ّ‬ ‫ً‬ ‫وسطا بين‬ ‫في كنائسهم (‪ )...‬وجعلوا لغتها‬ ‫اآلرامية‬ ‫العامية والفصحى‪ .6‬وكان للّ غة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل بالد آرام التي‬ ‫ُ‬ ‫حضورها الطاغي في ّ‬ ‫‪  22‬أمين نخله‪ ،‬مقدمة ديوان معنّى رشيد نخله‪،‬‬ ‫طبعة ‪ ،1945‬ص ‪.20 ،18 ،16‬‬ ‫‪  33‬توفي سنة ‪.1160‬‬

‫البهية‪،441 :‬‬ ‫‪  44‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬طبعة‬ ‫ّ‬ ‫‪.446‬‬

‫‪  55‬افرام السرياني (‪ )373 – 306‬ولد في‬ ‫ـ‪‬كنارة الروح القدس‪ ،‬له مؤلفات‬ ‫نصبين‪ ،‬لُ ِّقب ب ّ‬ ‫وقصائد وميامر دينية‪.‬‬ ‫‪  66‬أمين نخله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪1.1‬ال�م�ع� ّ�ن��ى ال��ع��ادي‪ :‬ي�ت��أل��ف م��ن مطلع‬ ‫األول من ك� ّ�ل بيت‬ ‫ودور‪ُ ،‬ويقال للشطر ّ‬ ‫‪‬ال� �ص ��در‪ ‬ول�ل�ش�ط��ر ال �ث��ان��ي م��ن البيت‬ ‫‪‬العجز‪.‬‬

‫حتى وقوع‬ ‫‪‬استمرت هذه اللغة متداولة ّ‬ ‫ه ��ذه ال �ب�لاد ف��ي ح���وزة ال �ع��رب واخ�ت�ل��ط‬ ‫السريان بهم‪ ،‬فابتدأُ وا ينسون لغتهم إذ‬ ‫ّ‬ ‫األول‬ ‫حتى أصبحوا ت �ك��ون ال �ق��اف� ّ�ي��ة ف��ي ص ��در ال �ب �ي��ت ّ‬ ‫ذاك‪ ،‬ويتعلّ مون لغة العرب ّ‬ ‫وع�ج��زه‪ ،‬وعجز البيت الثاني واح��دة في‬ ‫في أواخر القرن التاسع وقد صارت لغتهم‬ ‫كل دور‬ ‫العامية اللغة العربية‪ .7‬ومن المعروف أن ‪‬المطلع‪ .‬يرجع إليها بعد نهاية ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬الشعر السرياني ّالقديم من نوع الزجليات يتألف من بيتين‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل المطلع‪:‬‬ ‫والموشحات ينقسم إلى أدوار‪ ،‬يشمل ّ‬ ‫‪8‬‬ ‫دور منها أب�ي� ً�ات��ا م�ع�ل��وم��ة‪ . ‬ل��ذا ال نرى‬ ‫ـخ‬ ‫ي‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ـا‬ ‫ي‬ ‫الب َـش ْـر ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اللبنانية شبيهاً في‬ ‫العامية‬ ‫لبعض األوزان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بتنغ َفر‬ ‫األوزان العربية فهي ‪‬مأخوذة في الغالب ْخطيتي َخ ِ��ط ّ��ي��ه بشرعهم م��ا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫َع الرجم كانو َسايقينك َع الدرو ‬ ‫عن أوزان الشعر السرياني‪.9‬‬ ‫ ‬ ‫���ل واح���د َح��ام��ل ب��إي��دو َح َجر‬ ‫ِ‬ ‫وك ّ‬ ‫دور‪:‬‬ ‫أوزان الزجل‬ ‫ ‬ ‫جد ّلية هالزمان‬ ‫وين َعينك َم َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اصطلح على تسميتها‬ ‫للزجل أوزان عديدة‬ ‫وص���در ال َـم َقام‬ ‫ تشوفها‪ ،‬إلها َ‬ ‫الحكي َ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ـ‪‬المعنى‪ .‬بعضها أُ همل‪ ،‬وبعضها اآلخر القول إلها وناشر عليها األما ن‬ ‫ّ‬ ‫تداوله‬ ‫ويشكل الصيغة ّ‬ ‫ّ‬ ‫يستمر ُ‬ ‫ْجناح السعاده وال قلب منها َن َفر‬ ‫المتفق عليها ‬ ‫الزجالين‪ ،‬وه��ي‪ ،‬بحسب الباحث‬ ‫�ل‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫بين ك ّ‬ ‫‪10‬‬ ‫المعنى ما يفضي آخره إلى ‪‬خرجة‪‬‬ ‫ومن‬ ‫ّ‬ ‫منير وهيبه الخازن ‪:‬‬ ‫تكون قافيتها ُح ّرة‪.‬‬

‫‪  77‬جبرائيل القرداحي الراهب الحلبي‪ ،‬المناهج‬ ‫في النحو والمعاني عند السريان‪ ،‬رومية ‪.1906‬‬

‫‪  88‬األب لويس شيخو‪ ،‬مجلة المشرق‪ ،‬مجلد‬ ‫‪ ،18‬طبعة ‪ ،1920‬ص ‪.730‬‬

‫‪  99‬جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ اللغة العربية‪ ،‬ص ‪.197‬‬

‫‪  110‬منير وهيبه الخازن الزجل تاريخه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وحديثا‪ ،‬طبعة ‪ ،1952‬ص‬ ‫قديما‬ ‫أدبه‪ ،‬أعالمه‬ ‫ً‬ ‫‪( .80 – 63‬االستشهادات المنشورة من دون ذكر‬ ‫مصادرها مأخوذة عنه)‪.‬‬

‫‪2.2‬ال�م�ع� ّ�ن��ى ال�ق�ص�ي��د‪ :‬ي�ت��أل��ف م��ن أب�ي��ات‬ ‫ع � ّ�دة ي�ك��ون َص�� ْ�در ال�ب�ي��ت األول وع�ج��زه‪،‬‬ ‫وع�ج��ز البيت ال�ث��ان��ي م��ن القصيدة على‬ ‫قافية واح��دة‪ .‬وص��دور األب�ي��ات التي تلي‬ ‫على قافية واح��دة‪ ،‬وأعجازها على قافية‬ ‫وغالبا م��ا تفضي القصيدة إلى‬ ‫واح ��دة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حرة‪.‬‬ ‫خرجة قافيتها َّ‬

‫‪‬غنى‪،‬‬ ‫‪  111‬اسم مفعول من الفعل السرياني ّ‬ ‫و‪‬المعنى‪.‬‬ ‫‪‬الم ّغنى‪‬‬ ‫َّ‬ ‫ومعناه ُ‬

‫الزجل اللبناني من البدايات شعر الحياة اليوميّة والتراث‬

‫تغني‪ ،‬والمطر‬ ‫ُو ِل َد كما تولد الريح‪ ،‬والريح ّ‬ ‫يغني‪ ،‬وأجنحة ال�ف��راش‪،‬‬ ‫يغني‪ ،‬والطير ّ‬ ‫ّ‬ ‫غناء هو منذ‬ ‫‪‬الكل‪‬‬ ‫ودبيب النمل‪ .‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ال��ب��دء ان��ف�ل�ات األح��اس �ي��س م��ن سجنها‬ ‫لمرافقة الصوت وإبراز محاسنه بـرهافتها‬ ‫وصدق تعابيرها‪.‬‬

‫مما ال يشفي صبابة (‪ .)...‬قيل إنه‪ ،‬في‬ ‫بالعامي‬ ‫االبتداء‬ ‫أوائ��ل العهد باللغة‪ ،‬كان‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫صافيا‪،‬‬ ‫ا‬ ‫يسير‬ ‫يقع‬ ‫من الشعر‪ ،‬فهو الذي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بالخاصي الذي ينبغي فيه قيام إعراب‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫شتى (‪ )...‬وقيل إن��ه‪ ،‬بعد أن‬ ‫وب�لاغ��ات ّ‬ ‫خ��ال��ط ال �ع��رب األع��اج��م وف �س��دت لغتهم‪،‬‬ ‫ن �ش��أَ ت فيهم ل �غ��ات خ��ال�ف��ت ل�غ��ة سلفهم‬ ‫وغَ َدوا على التخاطب بها‪.2‬‬

‫وسورية وفلسطين وب�لاد ما‬ ‫تشمل لبنان‬ ‫ّ‬ ‫بين النهرين‪ ،‬وت�م�ت� ّ�د ش �م� ً�اال م��ن سلسلة‬ ‫جبال طوروس إلى نهر الفرات شرقً ا‪ ،‬ومن‬ ‫غربا إلى بالد العرب‪.‬‬ ‫البحر‬ ‫المتوسط ً‬ ‫ّ‬

‫‪11‬‬ ‫مشتقة من األناشيد‬ ‫المعنى‬ ‫جميع أوزان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السريانية‪:‬‬ ‫والميامر‬ ‫ّ‬

‫‪75‬‬


‫َد ْب ِحة عين المكحوله ‬

‫والبسمات المـعسـولـه ‬

‫ف��ي��ه��ا م��دب��وح‬ ‫��رد ال����روح‬ ‫ب��ت ّ‬

‫‪12‬‬

‫الزجل اللبناني من البدايات شعر الحياة اليوميّة والتراث‬

‫وكل دور منها‬ ‫ثم يأتي الدور بعد المطلع‪ّ .‬‬ ‫يتألف من أربعة أبيات صدورها من قافية‬ ‫واحدة وقوافي أعجازها واحدة‪ ،‬إال عجز‬ ‫البيت ال��راب��ع فتعود قافيته إل��ى القافية‬ ‫العامة من المطلع‪.‬‬ ‫ّ‬

‫المخرج‪ :‬طريقته زيادة َخرجة‬ ‫المعنى‬ ‫‪ّ 5.5‬‬ ‫ّ‬ ‫ب�ع��د ك� ِّ�ل ب�ي��ت م��ن ال�ق�ص�ي��دة‪ ،‬ت�ك��ون فيها‬ ‫القافية جارية على القوافي األخيرة في‬ ‫األبيات‪ .‬ويأتي وزنه من البحر السريع‪.‬‬ ‫عيون ‬ ‫ك‬ ‫ما بين َجفاك ودبحة‬ ‫ِ‬ ‫��ون��ك‬ ‫ ‬ ‫����ري����ه م�����ات م��ج��ن ِ‬ ‫ي����ا ع����ام ّ‬ ‫عيونك‬ ‫فدا‬ ‫ِ‬

‫‪76‬‬ ‫جوزف أبي ضاهر‬

‫بطاقة دعوة إلحدى حفالت جوقة الشحرور‬

‫من شحرور الوادي‪:‬‬

‫من جوزف الخويري‪:‬‬

‫بمعزتو ‬ ‫لبنان ما عندي وطن‬ ‫ّ‬ ‫ك ـنــت عــاي ــش ح ـ ّـر َع شـ ّـم اله ــوا ‬ ‫َمحال‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫فية أرزت��و وم��ا كنت ف ّ���رق بين وج���ودك أو بالك‬ ‫التظلل تحت ّ‬ ‫لسبد يا لبنان ما نرجع نقول ‬ ‫ّ‬ ‫من كترما قلبي أنا ُحسنك هوى ‬ ‫ ‬ ‫ن ّ��ي��ال َم��ن ل��و فيك مرقد عنزتو ‬ ‫رب��ع ساعه م��ا بقى بقعد بالك‬ ‫‪3.3‬ال �م �ع� ّ�ن��ى ال �ج �ن��اس‪ :‬ي �ت��أل��ف م��ن ِع � ّ�دة‬ ‫�وش��ح‪ :‬يتألف م��ن وزن�ي��ن‪،‬‬ ‫المعنى ال �م� ّ‬ ‫‪ّ 4.4‬‬ ‫ت‪ ،‬يكون َص� ْ�در البيت األول وعجزه‬ ‫أب �ي��ا ٍ‬ ‫األول ي��أت��ي م��ن البحر ال �م��زدوج‪،‬‬ ‫م��ن قافية واح ��دة‪ ،‬وص��دور األب�ي��ات التي الشطر ّ‬ ‫لفظا وال �ش �ط��ر ال �ث��ان��ي م��ن ال�ب�ح��ر ال�م�ت�س��اوي‪،‬‬ ‫تلي ذل��ك منتهية بكلمات متشابهة ًّ‬ ‫ومختلفة معنى‪ .‬أما األعجاز فتعود قافيتها وطريقته أن تكون قافيتا الصدر في البيتين‬ ‫األول والثاني واح��دة‪ ،‬وقافيتا العجز منها‬ ‫العامة‪ .‬وتنتهي بخرجة قافيتها‬ ‫ّ‬ ‫إلى القافية ّ‬ ‫حرة‪.‬‬ ‫واحدة‪:‬‬ ‫ّ‬

‫وح ّن ‬ ‫ْ‬ ‫عليي َ‬ ‫ان عاد لوى قلبك ّ‬ ‫���ون���ك‬ ‫ ‬ ‫����رد ت����رج����ع روح م���دف ِ‬ ‫ب����ت ّ‬ ‫ومغبونك‬ ‫ِ‬ ‫كالمعنى العادي‪.‬‬ ‫المطول‪ :‬هو‬ ‫الردف‬ ‫َّ‬ ‫‪ّ 6.6‬‬ ‫ّ‬ ‫إن�م��ا ي�ف��اض إل��ى خ��رج��ات م�ت�ع� ّ�ددة تكون‬ ‫صدورها من قافية وأعجازها من أخرى‬ ‫(استحدث هذا النوع رشيد نخله)‪.‬‬ ‫من رشيد نخله‪:‬‬

‫‪77‬‬ ‫رشيد نخله‪ :‬أمير الزجل وصاحب النشيد الوطني اللبناني‬

‫‪‬القوال‪ ‬بنقل‬ ‫وهناك طريقة أخرى يكتفي‬ ‫ّ‬ ‫كل دور‬ ‫جملة من عجز البيت األخير من ّ‬ ‫األول من ال��دور التالي‪.‬‬ ‫إلى صدر البيت ّ‬ ‫حتى آخر القصيدة‪.‬‬ ‫وهكذا ّ‬ ‫من رشيد نخله‪:‬‬

‫الزهر ‬ ‫اهلل ِ‬ ‫يام القميص ّ‬ ‫معك ّ‬ ‫مع ‬ ‫ك‬ ‫زه��ر الربيع هفهف ع حفة نهر يا عين اهلل يساعدك ويكون ِ‬ ‫ ‬ ‫َ ّ‬ ‫ َع ق ّ��دم��ا بيهطل ِع َ��ب��ر م��ن م��دم ِ��ع��ك‬ ‫ّربك َخ َلق كـ ّـل الدنـي بأسبـوع ‬ ‫َت نحسب اللي ْم ّلوعك فلقة قمر ‬ ‫���ل ي��ن��ح��ت شهر‬ ‫ ‬ ‫ل��ك��ن ع��ل��ي�� ِ‬ ‫كض ّ‬ ‫ ْم��ن��ي��ن َول َ���وي���ن َت تقشعيه ويقشعك‬ ‫�ذي��ل ال �م �ق �ل��وب‪ :‬تختلف‬ ‫‪7.7‬ال �م �ع� ّ�ن��ى ال �م� ّ‬ ‫المعنى القصيد‪ :‬نوعان‪ :‬مستقل وتابع‬ ‫أوزانه‪ ،‬وطريقته أن ُتعاد الخرجة بكاملها ‪ّ 8.8‬‬ ‫للمعنى العادي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إل��ى ص��در ك� ّ�ل دور من ص��دور القصيدة‪،‬‬ ‫األول أي مطلع القصيدة‪.‬‬ ‫باستثناء الدور ّ‬ ‫األول أن تكون قافية الصدر واحدة‪.‬‬ ‫طريقة ّ‬ ‫‪  112‬من زجل شحرور الوادي‪.‬‬ ‫وقافية األعجاز واحدة‪:‬‬


‫من أسعد السبعلي‪:‬‬

‫المعنى العادي‬ ‫والطريقة األخرى كطريقة‬ ‫ّ‬ ‫في المطلع ويليه بيت ص��دره وعجزه من‬ ‫قافية واحدة‪.‬‬

‫‪9.9‬القصيد المرصود‪ :‬يكون من الجناس‪،‬‬ ‫تتألف ص��دوره من كلمات متشابهة لف ً‬ ‫ـظـا‬ ‫ومختلفة في المعنى‪ .‬وكذلك أعجازه‪ ،‬ويأتي‬ ‫كالمعنى العادي‪.‬‬ ‫على الوزن اليعقوبي‬ ‫َّ‬

‫القرادي العادي‪ :‬تأتي أوزانه من البحر‬ ‫‪ّ 1.1‬‬ ‫المزدوج‪.‬‬ ‫من فؤاد قرداحي‪:‬‬

‫جوزف أبي ضاهر‬

‫ ‬ ‫يا ضيعتنا مشتاقين‬ ‫شك َرك يا َمن على سطح العجوز ‬ ‫َأ ُ‬ ‫كي ـفـك يـا جـارة صـنـيـن‬ ‫ ‬ ‫ اس َ��م��ك تباهى َع الخاليق متل عين‬ ‫‪78‬‬ ‫ ‬ ‫حلوين ضياعو لبنان‬ ‫ـاليا شـبه العجـوز ‬ ‫ال زلت باسط ع ً‬ ‫قدك مش حلوين‬ ‫ ‬ ‫وعلي ضاهي وباهي متل عين‬ ‫لكن ّ‬ ‫ سامي ِ‬ ‫‪1010‬قصيد العادي المرصود‪ :‬تكون الكلمة‬ ‫األول وعجزه‪ ،‬أما عجز‬ ‫في صدر البيت ّ‬ ‫الثاني فمن الجناس‪ ،‬أي متشابهة ًّ‬ ‫لفظا‬ ‫ومختلفة في المعنى‪.‬‬

‫‪2.2‬ال �ق� ّ�رادي المهمل‪ :‬أوزان���ه م��ن البحر‬ ‫أيضا‪ ،‬وهو العاطل الذي ال نقط‬ ‫المزدوج ً‬ ‫أللفاظه‪.‬‬ ‫من أسعد السبعلي‪:‬‬

‫ّيلي ْم ِلـيت الـكـون مـن روحــك ِح َـكـم ‬ ‫روحــك هــال ـح ـ ّـره مـ ّـوال ‬ ‫ِ‬ ‫وحبك على العاشق َح َكم‬ ‫ إنت الهوى ّ‬ ‫الحر ومال‬ ‫صلى إلها‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َعينك على المشتاق شو فيها خطر‬ ‫الطل ‬ ‫وسال‬ ‫طل‬ ‫ك‬ ‫الل‬ ‫ه‬ ‫وس��ه��م��ه��ا ّإال ب��ق��ل��ب��ي م���ا َح َ��ك��م ْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ ‬ ‫أسمى وأحلى من السلسال‬ ‫ ‬ ‫المجزم‪ :‬يتألف من القصيد‬ ‫‪1111‬القصيد‬ ‫ّ‬ ‫المنقط‪ :‬أوزان ��ه م��ن البحر‬ ‫ومن مطلع ودور‪ .‬وطريقته التزام قافية في ‪3.3‬ال �ق� ّ�رادي‬ ‫ّ‬ ‫كل مقطع من األبيات والرجوع في البيت المزدوج‪ ،‬وعلى عكس المهمل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫القافية‬ ‫إلى‬ ‫األخير‬ ‫ّ‬

‫حصاني جال بسوق مجال ‬ ‫ ‬ ‫الميلين‬ ‫وهز رجال ْع َلى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ودمو سال ‬ ‫خصمي زال‪ّ ،‬‬ ‫وعني مال بلمحة َعين‬ ‫ ‬ ‫ّ‬

‫العامي‪ ،‬طبعة ‪،1970‬‬ ‫عبود‪ ،‬الشعر‬ ‫ّ‬ ‫‪  113‬مارون ّ‬ ‫ص‪.70‬‬

‫‪  114‬يمكن مراجعة قصيدة الكنز الدفين ديوان‬ ‫شحرور الوادي‪ ،‬طبعة ‪ ،2000‬ص ‪.31‬‬

‫من الياس خليل‪:‬‬

‫ْبال تأخير دفعنـا النقـد ‬ ‫نـقـد ن ِـق ّـد بـقـلـب كـبيـر‬ ‫ ‬ ‫بقلب كبير نقدنا النقد ‬ ‫دفعنا النقد ْبال تأخير‬ ‫ ‬ ‫‪5.5‬ال�ق� ّ�رادي‬ ‫المخمس مقلوب‪ :‬يأتي من‬ ‫ّ‬ ‫البحر المزدوج‪ ،‬وطريقته أن تكون قافية‬ ‫األول وعجزه‪ ،‬وعجز البيت‬ ‫صدر البيت ّ‬ ‫الثاني من المطلع واح��دة‪ .‬وقافية صدر‬ ‫البيت اآلخ��ر ح� َّ�رة‪ .‬أم��ا ال��دور فيجب أن‬ ‫ت�ك��ون ص ��دور أب�ي��ات��ه م��ن ق��اف�ي��ة واح ��دة‪،‬‬ ‫وقافية أعجازه واح��دة‪ .‬والشطر األخير‬ ‫تعود قافيته إلى قافية المطلع‪.‬‬ ‫من الياس خليل‪:‬‬

‫بحور من اإلبداع قطعت ‬ ‫قطعت من اإلبداع بحور‬ ‫ ‬ ‫زهور من‬ ‫الخالق جمعت ‬ ‫ّ‬ ‫ ‬ ‫الخالق زهور‬ ‫جمعت من‬ ‫ّ‬ ‫‪6.6‬ال �ق� ّ�رادي الموشح‪ :‬أوزان ��ه م��ن البحر‬ ‫صدوره‪.‬‬ ‫البسيط‪ ،‬وتكون أعجازه مخالف ًة‬ ‫َ‬

‫القرادي المرصود‪ :‬أوزان��ه من البحر‬ ‫‪ّ 7.7‬‬ ‫األول وعجزه‪،‬‬ ‫المزدوج‪ ،‬يكون صدر البيت ّ‬

‫أنواع أخرى‪:‬‬ ‫ول �ل��زج��ل أن� ��واع أخ���رى ك��ذل��ك‪ :‬ال �ح��داء‪،‬‬ ‫الندب‪ ،‬أبو الزلف‪،‬‬ ‫الزلغوطة أو الزغردة‪َّ ،‬‬ ‫الموليات‪ ،‬العتابا والميجانا والشروقي‬ ‫ّ‬ ‫(قصيد بدوي صدوره من قافية وأعجازه‬ ‫من أخ��رى)‪ ،‬والبغدادي وهو من المواويل‬ ‫على البحر ال�م�ت��وازي‪ .‬واألرب �ع��ة األخيرة‬ ‫ليست محصورة في لبنان‪ ،‬ومعروفة في‬ ‫العربية المجاورة‪.‬‬ ‫الدول‬ ‫ّ‬ ‫ُي�ع��دد منير وهيبه ال �خ��ازن ‪‬أوزان الشعر‬ ‫العامي المتوازية الدعائم‪ ‬بالتالي‪ :‬األسواني‪،‬‬ ‫المتساوي‪ ،‬المتوسط‪ ،‬المتقارب‪ ،‬المزدوج‪،‬‬ ‫المتفاوت‪ ،‬المتناهي‪ ،‬السريع‪ ،‬البسيط‪،‬‬ ‫اليعقوبي‪ ،‬الوفائي‪ ،‬المتوازي والكامل‪.‬‬ ‫مدارس اللهجات‬ ‫ك� ّ�ل ما قيل زج ً�لا هو في المحكي غناء‪.‬‬ ‫صحت التسمية‪،‬‬ ‫(نثرا)‪ ،‬إذا ّ‬ ‫أما المحكي ً‬ ‫أيضا ما يستحق من اهتمام الباحثين‬ ‫فنال ً‬ ‫�دءا من القرن الثامن عشر‬ ‫والدارسين ب� ً‬ ‫حين تأسست في ناپولي (‪ )1727‬وڤيينا‬ ‫(‪ )1754‬مدرستان لتعليم القناصل اللغة‬ ‫محكية قد يحتاجون إليها‬ ‫العربية ولهجات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أكثر من ‪‬الفصحى‪ ‬خالل القيام بمهامهم‬ ‫في الشرق العربي‪.‬‬

‫بعد تينك المدرستين ول ��دت ثالثة في‬ ‫پ ��اري ��س (‪ )1851‬وراب� �ع ��ة ف ��ي م��وس�ك��و‬

‫الزجل اللبناني من البدايات شعر الحياة اليوميّة والتراث‬

‫العصفو ر‬ ‫طَ ّل الصباح َوت َ‬ ‫كتك َ‬ ‫�����ول�����ن�����ا ْب��ن��وم��ت��ن��ا‬ ‫ ‬ ‫ْس ِ‬ ‫����ه����رن����ا وطَ ّ‬ ‫الش َفق َف ّر ْق ْعلينا النور ‬ ‫شوفي َ‬ ‫��ش��م��س م��ن��ش��وره َع َخيمتنا‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ ‬ ‫ّ‬

‫القرادي‪ :‬هو وليد ميامر مار افرام (بحسب‬ ‫عبود‪ ،)13‬وهو في فنون عديدة منها‬ ‫مارون ّ‬ ‫ما أُ همل النظم فيها‪ ،‬وذك��ره رشيد نخله‬ ‫في دي��وان��ه‪ :‬ال�ق َّ�لاب‪ ،‬ك��رج الحجل‪ ،‬مشي‬ ‫المسجع‪َ ،‬د ّق‬ ‫المطبق‪ ،‬الكناري‪،‬‬ ‫الست‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫المربع‪ ،‬ال ِم ْجوز‪ ،‬نقلة العروس‪،‬‬ ‫المطرقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪14‬‬ ‫المربوط ال��خ ‪ .‬وال ضابط لها ك��األوزان‬ ‫القرادي التي‬ ‫السريانية‪ ،‬ومن أشهر فنون َّ‬ ‫ّ‬ ‫ينظم فيها الشعراء اليوم‪.‬‬

‫غـ ّـنــي ْب ـج ـن ـيـ ـنــة فـ ّـنـ ــي ‬ ‫غ ّـنيــه َت ت ـجـ ّـن ّـنــي‬ ‫ ‬ ‫غبت غفيت بظني فقت ‬ ‫ظني‬ ‫ ‬ ‫تغنجـت تخي َّـب ّ‬ ‫القرادي‬ ‫المخمس المردود‪ :‬وزنه من‬ ‫‪ّ 4.4‬‬ ‫ّ‬ ‫البحر المزدوج‪ ،‬وطريقته أن تكون قافية‬ ‫ص ��دور ال�م�ط�ل��ع واح� ��دة وق��اف �ي��ة أع �ج��ازه‬ ‫مرك ًبا من‬ ‫واح ��دة‪ .‬وأن يكون ال��دور منه َّ‬ ‫أربعة أبيات قافية صدورها واحدة‪ ،‬وقافية‬ ‫أعجازها واحدة‪.‬‬

‫وعجز البيت اآلخر من المطلع على قافية‬ ‫حرة‪.‬‬ ‫واحدة‪ ،‬وصدر البيت الثاني قافيته َّ‬ ‫َّأما الدور فتكون جميع صدوره على قافية‬ ‫واح��دة‪ .‬وقافية أع�ج��ازه واح��دة َّإال عجز‬ ‫البيت َ‬ ‫األخ �ي��ر فتعود قافيته إل��ى قافية‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫المطلع‬ ‫ّ‬

‫‪79‬‬


‫حالة مشتركة‬

‫‪80‬‬ ‫جوزف أبي ضاهر‬

‫يتميز لبنان بشعر زجلي يمثّ ل حالة مشتركة‬ ‫ّ‬ ‫بين أهله‪ .‬فهو الجزء ‪‬األوسع‪ ‬من لغتهم‬ ‫وتحدياً ‪ ،‬ويؤرخون‬ ‫يغنونه محاورة‬ ‫اليومية‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب��ه األح���داث‪ُ ،‬وي �ج� ّ�س��دون ع�ب��ره التقاليد‬ ‫متشحاً‬ ‫والعادات والتراث‪ ،‬ويكتبونه فكراً ّ‬ ‫بالرقة واألحاسيس والعمق اإلنساني‪.‬‬

‫رجع المؤرخون بدء بروز الزجل اللبناني‬ ‫ُي ِ‬ ‫إل��ى أبعد من ‪ 800‬سنة‪ ،‬تركيزاً على أن‬ ‫زجال وصلت إلينا أزجاله هو سليمان‬ ‫أول ّ‬ ‫األش �ل��وح��ي (‪ )1335 -1270‬م��ن ع�ك��ار‪.‬‬ ‫زجليته اليوم في مكتبة الڤاتيكان (رقم‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،)214‬من ستين بيتاً يصف فيها خراب‬ ‫مدينة طرابلس (‪ )1289‬بعد أن دخلها‬ ‫فاتحاً أح� ُ�د المماليك البحريين‪ :‬الملك‬ ‫المنصور سيف الدين قالوون‪.‬‬

‫التاريخية المعروفة‬ ‫الزجليات‬ ‫غير أن أشهر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫زجلية ابن القالعي (المطران‬ ‫إلى اليوم هي ّ‬ ‫جبرائيل القالعي ‪ ،1516 -1440‬من لحفد‬ ‫في بالد جبيل) يصف فيها نكبة كسروان‬ ‫زجليات‬ ‫بعد حصارها سبع سنوات‪ .‬وله‬ ‫ّ‬ ‫وعلمية ودي�ن� ّ�ي��ة‪َ ،‬ذك��ره��ا‬ ‫تاريخية‬ ‫أخ��رى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪  115‬ولد في عشقوت – كسروان (‪)1888–1804‬‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫رواد الصحافة‬ ‫من ّ‬ ‫ّ‬

‫والح� � �ق � ��اً ب�� � ��رزت زج � �ل� � ّ�ي� ��ات س��رج �ي��س‬ ‫السمارجبيلي (م��ن س�م��ار ج�ب�ي��ل)‪ ،‬منها‬ ‫مرثاة مؤثرة لفتح جزيرة قبرص ‪‬منظومة‬ ‫األبجدية‪ ،)1570( ‬وأخرى‬ ‫على األحرف‬ ‫ّ‬ ‫‪16‬‬ ‫‪‬ب��ال�ك��رش��ون�ي��ة‪ ‬ش��رح فيها أح��داث��اً في‬ ‫وزجلية القس عيسى‬ ‫لبنانية‪،‬‬ ‫طرابلس وقرى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الهزار (أواخر القرن السادس عشر) الذي‬ ‫ّ‬ ‫جمعها ك� ّ�راس‬ ‫كتب مدائح وتراتيل دينية‬ ‫َ‬ ‫من ‪ 48‬صفحة‪ .‬بعده برز مخائيل عبد اهلل‬ ‫سكان الشام) وهو كتب ديواناً‬ ‫حاتم (من ّ‬ ‫زجليات‪:‬‬ ‫زجليا مؤرخاً في آذار ‪ ،1619‬إلى ّ‬ ‫ًّ‬ ‫البطريرك يوسف حليب العاقوري (توفي‬ ‫‪ ،)1647‬والقس الياس الغزيري‪ ،‬الخوري‬ ‫‪18‬‬ ‫كامل نجيم‪ ،17‬والمطران عبد اهلل قراألي‬ ‫ال ��ذي ك�ت��ب ال �م��دائ��ح واالف ��رام � ّ�ي ��ات (‪71‬‬ ‫اف��رام� ّ�ي��ة) وغيرهم م��ن رج��ال دي��ن ودنيا‬ ‫ُحفظت مخطوطات أزجالهم في غير مكتبة‬ ‫عالمية‪ ،‬أب��رزه��ا مكتبة الڤاتيكان لوجود‬ ‫‪‬الزجالين‪ ‬في‬ ‫عدد كبير من رجال الدين‬ ‫ّ‬ ‫المارونية (روما)‪.‬‬ ‫المدرسة‬ ‫ّ‬ ‫مرحلة جديدة‬

‫زجلية منسوبة إلى األمير بشير‬ ‫وثمة أبيات ّ‬ ‫‪19‬‬ ‫الشهابي الكبير‬ ‫غزليات فيها رقّ ة لم‬ ‫وهي‬ ‫‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عرف لدى األمير بشير الذي خاطب ‪‬جبل‬ ‫ُت َ‬ ‫الشيخ‪ ‬والحبيب الذي يسكن خلفه‪:‬‬ ‫ش�����و ن���اب���ن���ا م�����ن ع���ش���رت���ك ش�����و ن��اب��ن��ا‬ ‫م����ا ص�����اب أي������وب ال���ن���ب���ي ال���ل���ي َص��اب��ن��ا‬ ‫��������ون ت�����راب�����ك ي�����ا ج��ب��ل‬ ‫ب���ح���ي���اة م���ي���ن ك ّ‬ ‫زي���������ح ن����ت����ف����ه ت�������ا ن������ش������وف ْح����ب����اب����ن����ا‬

‫ِإن َأطَ ّلت غيرتي بتقدح شرا ر‬ ‫ وإن ت�����وارت ب��ال��خ��ب��ا ش��وق��ي اس��ت��ع��ار‬ ‫***‬ ‫ي�����ا ج���ب���ل ي�����ا ش���ي���خ ج����ام����د م��ط��رح��ك نار الهوى في الحالتين ما بتنطف ي‬ ‫ال ع��اط��ف��ه وال ص����وت ق��ل��ب ب��ي��ج��رح��ك ي���ا ري��ت��ن��ي ق����ادر أع��ي��ش م���ن غ��ي��ر ن��ار‬ ‫ح��ي��د م��ن درب������ي‪ ...‬إل���ي خ��ل��ف��ك حبيب‬ ‫��زح��زح��ك عصر النهضة‬ ‫���زح���زح���ك ّرب�����ي ي���ا ّإن�����ي ب ْ‬ ‫ي���ا ي ْ‬

‫الشخصية الخاصة بالزجل اللبناني‬ ‫لكن‬ ‫ّ‬ ‫لم تتضح إال مع نهاية القرن التاسع عشر‬ ‫وب��داي��ة ال�ق��رن العشرين‪ ،‬واالن�ف�ت��اح على‬ ‫الثقافات وانتشار دراسات ومؤلفات تناولت‬ ‫العامية‪.‬‬ ‫العربية‬ ‫الزجل وأصول ‪‬اللغة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫منذ أواخر القرن السادس عشر بدأ الزجل‬ ‫اللبناني ي��أخ��ذ ات�ج��اه��اً ج��دي��داً ‪ .‬وت��داول‬ ‫زجال لألمير فخر الدين المعني‬ ‫المؤرخون ً‬ ‫ّ‬ ‫الثاني (‪ )1635 -1572‬رداً على آل سيفا‬ ‫عيروه بقصر قامته‪:‬‬ ‫الذين ّ‬

‫الممهدة لعصر النهضة‬ ‫في هذه المرحلة‬ ‫ّ‬ ‫ظ �ه��رت أس �م��اء أع�ل�ام أدب � ّ�ي ��ة وس�ي��اس� ّ�ي��ة‬ ‫م�ن�ه��ا‪ :‬ن��اص�ي��ف وخ�ل�ي��ل ووردة ال�ي��ازج��ي‪،‬‬ ‫ابراهيم ال�ح��وران��ي‪ ،‬جبران خليل جبران‬ ‫(كتب‬ ‫�درت مترجمة إلى‬ ‫‪‬موليات‪ 20‬وص� َ‬ ‫ّ‬ ‫ب ‪‬مرمر‬ ‫اإلنكليزية)‪ ،‬أمين الريحاني َ‬ ‫(كت َ‬ ‫ّ‬

‫‪  117‬من غزير فتوح كسروان‪ ،‬تلميذ المدرسة‬ ‫المارونية – روما (‪.)1669‬‬ ‫ّ‬

‫‪  119‬جوزف أبي ضاهر‪ :‬الرئيس أيوب تابت‬ ‫شاعر الو َد ّي‪ ،‬جامعة الروح القدس –  الكسليك‪،‬‬ ‫طبعة أولى ‪ ،2009‬ص ‪.9‬‬

‫سريانية‪.‬‬ ‫عربية مكتوبة بأحرف‬ ‫‪  116‬لهجة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪  118‬أحد رهبان دير مار سركيس وباخوس‬ ‫ريفون – كسروان ‪.1690‬‬

‫‪  220‬نشرتها جريدة العالم السوري (نيويورك‪،‬‬ ‫ّنوار ‪.)1927‬‬

‫ع�ص��ر ال�ن�ه�ض��ة ال��زج �ل� ّ�ي��ة (م�ط�ل��ع ال�ق��رن‬ ‫العشرين) قسمان وشاعران ّأثرا في جيل‬ ‫مغاير جاء بعدهما‪:‬‬

‫‪1.1‬رش��ي��د ب ��ك ن �خ �ل��ه ال � ��ذي ت �ب �ل��ور معه‬ ‫وه ��ج ال��زج��ل ‪‬وك� ��ان ع �ه��ده ان �ت �ق� ً�اال بين‬ ‫المحافظين وال�م�ح��دث�ي��ن‪ ،‬وال�ص�ل��ة التي‬ ‫سفر هذا‬ ‫تجمع بين فصلين كبيرين في ْ‬ ‫ نشرتها الجريدة ذاتها في تموز ‪.1921‬‬ ‫‪221‬‬ ‫ْ‬

‫ ‪‬عبدة الدوالر‪ ‬جوزف أبي ضاهر‪ ،‬الزجل‬ ‫‪222‬‬ ‫َ‬ ‫اللبناني شعراء ظرفاء‪ ،‬طبعة أولى دار كنعان‪،‬‬ ‫‪ ،1991‬ص ‪.42‬‬ ‫‪  223‬صدر من دون اسم مؤلفه في فلنت‬ ‫– ميشيغان‪ ،‬الواليات المتحدة األميركية ‪.1946‬‬

‫‪  224‬الوادي الصغير‪ ‬موقعه في بحمدون وفيه‬ ‫ب فيه خيمة‬ ‫كرم عنب كان يملكه الدكتور تابت نَ َص َ‬ ‫ودون فيها كتابه‪.‬‬ ‫على تلّ ة َ‬ ‫سكنها ّ‬

‫الزجل اللبناني من البدايات شعر الحياة اليوميّة والتراث‬

‫(‪ )1814‬وخ��ام �س��ة ف��ي ب��رل�ي��ن (‪)1887‬‬ ‫وسادسة في المجر (‪ )1891‬قبل أن تبدأ‬ ‫السياح‬ ‫كلية هامبورغ في ألمانيا تعليم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العامية‪.‬‬ ‫اللهجات‬ ‫فين‬ ‫والموظ‬ ‫�ار‬ ‫�‬ ‫�ج‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫وا ّ‬ ‫ّ‬ ‫�وج��ت ه��ذه ‪‬النهضة‪ ‬ف��ي جامعة في‬ ‫وت� ّ‬ ‫لندن (أوائ��ل القرن التاسع عشر) َد ّرس‬ ‫‪15‬‬ ‫فيها أح�م��د ف ��ارس ال �ش��دي��اق‬ ‫العربية‬ ‫ّ‬ ‫والمحكية‪ ،‬ووضع كتابه المرجع‪ :‬أصول‬ ‫ّ‬ ‫المحكية‪.‬‬ ‫العربية‬ ‫اللغة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫العالمة البطريرك أسطفان الدويهي في‬ ‫ّ‬ ‫كتابه ‪‬تاريخ األزمنة‪.‬‬

‫ْن��ح��ن��ا ْق���ص���ار‪ ...‬وب��ع��ي��ون األع�����ادي كبار‬ ‫إنتو خشب َح���ور‪ ،‬نحنا للخشب منشار‬ ‫������ق ط��ي��ب��ا وزم������زم وال���ن���ب���ي ال��م��خ��ت��ار‬ ‫وح ّ‬ ‫َ‬ ‫���ج���ر ع ّ��ك��ار‬ ‫م���ا ْب��ع ّ��م��ر ال���دي���ر ّإال م���ن َح َ‬

‫‪21‬‬ ‫اإلنكليزية‬ ‫وصدرت مترجمة إلى‬ ‫زماني‪‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫‪22‬‬ ‫أيضا)‪ .‬ولـمخائيل نعيمه وإيليا أبو ماضي‬ ‫ً‬ ‫أزجال ّتم تداولها مشافهة‪ .‬وصدر لبولس‬ ‫سالمه كتاب ‪‬زاوية من لبنان‪ ،23‬ولرئيس‬ ‫‪24‬‬ ‫‪‬الو َد ّي‪‬‬ ‫الدولة‬ ‫اللبنانية أيوب تابت كتاب ْ‬ ‫ّ‬ ‫كتبه قبل سنوات‬ ‫سنة غيابه (‪ )1947‬وكان َ‬ ‫خمس روى فيه ذكرياته بعد ابتعاده عن‬ ‫ال�س�ي��اس��ة ال �ت��ي ظ�ه��ر م��ن ف��رس��ان�ه��ا غير‬ ‫�رزه��م رئ�ي��س المجلس التمثيلي‬ ‫زج ��ال أب� ُ‬ ‫ّ‬ ‫طي‬ ‫زجله‬ ‫الباقي‬ ‫لبكي‬ ‫وم‬ ‫نع‬ ‫(‪)1923‬‬ ‫ل‬ ‫األو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نُ‬ ‫متغزال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫النسيان‪ ،‬باستثناء قليل ِشر وقاله‬

‫‪81‬‬


‫‪82‬‬ ‫جوزف أبي ضاهر‬

‫س‬ ‫قبلذاك كان الكاتب الفرنسي موريس ِ‬ ‫بار ّ‬ ‫زار لبنان والتقى رشيد نخله في الباروك‬ ‫وقال له بعد ّ‬ ‫ب الناس‬ ‫وح ِّ‬ ‫اطالعه على زجله ُ‬ ‫عرفت ما كنت أجهله‪:‬‬ ‫هذا الزجل‪ :‬اآلن‬ ‫ُ‬ ‫أنتم جماعة الشعراء الشعبيين تعيشون في‬ ‫بيوت ال�ن��اس‪ ،‬ونحن نعيش في كتبهم‪...‬‬ ‫منا‪.27‬‬ ‫فال بدع أن نراكم أشد حرارة ّ‬

‫ّأول كتاب زجلي مطبوع للرشيد‪ :‬رواية‬ ‫‪‬م�ح�س��ن ال �ه� ّ�زان‪( ‬ن � ّ�وار ‪ )1936‬أعيد‬ ‫طبعه في البرازيل (‪ )1940‬وفي صيدا‬ ‫ودمشق‪ ،‬وفي األخيرة صدر تحت عنوان‪:‬‬ ‫‪‬قصة هند بن جفيل وما جرى لها مع‬ ‫م�ح�ب��وب�ه��ا م�ح�س��ن ال� �ه � ّ�زان م��ن األخ �ب��ار‬ ‫واأله� ��وال ال�ت��ي ت�ش� ّ�ي��ب رؤوس األط �ف��ال‬ ‫بالتمام والكمال‪.‬‬ ‫وح ّبة العقد في نتاجه‪:‬‬ ‫كتابه الزجلي األهم َ‬

‫‪  225‬فاضل سعيد عقل من حديث خاص معه‪،‬‬ ‫ّنوار ‪.1976‬‬ ‫‪  226‬جوزف أبي ضاهر‪ ،‬رشيد نخله أمير‬ ‫الزجل‪ ،‬منشورات فينيكس‪ ،‬طبعة أولى ‪،2010‬‬ ‫ص ‪.27‬‬

‫‪  227‬جوزف أبي ضاهر‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫ص ‪.30‬‬

‫ف�ض��ل ‪‬األم��ي��ر‪ ‬رش �ي��د نخله ف��ي نهضة‬ ‫ه��ذا ال�ف��ن الشعبي اللبناني ودفْ � ِع��ه إلى‬ ‫اإلش���راق يتجلّ ى ف��ي نقله م��ن المناسبة‬ ‫االجتماعية الضيقة وال��وص��ف ال�س��ردي‬ ‫ّ‬ ‫وح���وارات التحدي وال��رث��اء وال�م��دي��ح إلى‬ ‫رح��اب��ة الشعر ال �خ ّ�لاق ف��ي س�لاس��ة لفظ‬ ‫ينقيه من الفصحى الكانت مسيطرة عليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فيظهر في جمال سبك وعمق فكر ليصبح‬ ‫محكي وصل‬ ‫شعر‬ ‫المدماك األس��اس في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫العالمية‪.‬‬ ‫اليوم إلى‬ ‫ّ‬

‫اآلخر ابتعد بالزجل عن المناخ‬ ‫‪2.2‬الشاعر َ‬ ‫وتجديدا وصياغ ًة تحافظ‬ ‫المرسحي وزنً ا‬ ‫ً‬ ‫الحقا إلى التطور‬ ‫على قديم دفع به العصر ً‬ ‫أساسا ُبني عليه ما ُعرف‬ ‫السريع‪ ،‬ليكون‬ ‫ً‬ ‫بـ‪‬المحكي اللبناني‪ ‬الذي لم يلبس ثياب‬ ‫الزجل‪ .‬إنه عبد اهلل غانم‪ .29‬جايل رشيد‬ ‫نخله واخ�ت�ل��ف عنه ف��ي ال� َ�ن� َ�ف��س الشعري‬ ‫واالن� �ط�ل�اق م��ن م �ن��اخ ال �ق��ري��ة وال �ه �ج��رة‬ ‫والتولُّ ه إلى اإلنسان الباحث في العقل عن‬ ‫الالمرئي من األحاسيس‪.‬‬ ‫العصرية‬ ‫‪  228‬صدرت طبعته األولى عن المكتبة‬ ‫ّ‬ ‫في صيدا ‪.1945‬‬

‫‪  229‬ولد في بسكنتا (‪ )1959 – 1895‬له‬ ‫مؤلفات في المرسح والشعر واألدب والتاريخ‬ ‫والفلسفة وجريدة ‪‬صنين‪ ‬ومجلّ ة ‪‬الدهر‪.‬‬

‫تبقى النجمة السارحة في غير فضاء‪،‬‬ ‫ال �ح��ام �ل � ُة اس���م ال �ش��اع��ر س �ع �ي��د ع �ق��ل‪،‬‬ ‫الشعرية في‬ ‫‪‬ب ْص َمته‪ ‬وروح��ه‬ ‫ّ‬ ‫ال�ب��ارزة َ‬ ‫ن�ت��اج غير ش��اع��ر‪ .‬أص��در ّأول ك�ت��اب له‬ ‫بالمحكية وبالحرف الذي ابتكره ليكون‬ ‫ّ‬ ‫‪‬الحرف اللبناني‪ ‬لمستقبل ستكون فيه‬ ‫�ارا‪ .‬الكتاب حمل‬ ‫المحكية األكثر ان�ت�ش� ً‬ ‫ّ‬ ‫عنوان ‪‬ي��ارا‪ ،33 ‬ألحقت به مؤلفات في‬ ‫المرسح والنثر المحكي‪ ،‬وبرزت أسماء‬ ‫(كسروان)‬ ‫غوسطا‬ ‫في‬ ‫‪  330‬ولد‬ ‫(‪ّ ،)1971 – 1913‬أسس جريدة ‪‬مرقد العنزه‪،‬‬ ‫تولّ ى رئاسة رابطة الزجل وعصبة الشعر اللبناني‪.‬‬

‫(كسروان)‬ ‫عينطورة‬ ‫في‬ ‫‪  331‬ولد‬ ‫(‪ُ ،)1967 – 1901‬عرف بـ‪‬شاعر الضيعة‪.‬‬

‫‪  332‬ولد في زحلة (‪ ،)1998 – 1912‬له مؤلفات‬ ‫بالمحكية‪.‬‬ ‫عدة‬ ‫شعرية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪  333‬مطبعة فؤاد بيبان وشركاه‪ ،‬جونيه ‪ ،‬شباط‬ ‫‪.1961‬‬

‫تمهد‬ ‫محاوالت‬ ‫ّ‬

‫قُ بيل االقتراب من عصر النهضة‪ ،‬ظهرت‬ ‫محاوالت فريدة من زجالين ّ‬ ‫تخطوا واقعهم‪،‬‬ ‫ب�ع�ض�ه��م ألس �ب��اب س �ي��اس� ّ�ي��ة ف��اض�ط�ه��دوا‬ ‫واض� �ط ��روا إل ��ى ال��ه��رب م��ن ظ �ل��م أرخ��ى‬ ‫بظالله حولهم‪ ،‬أو من ضيق عيش دفعهم‬ ‫للبحث ع��ن متنفس خلف األف ��ق‪ .‬وكانت‬ ‫ال�م��راك��ب على ال�ش��واط��ئ تنتظر اكتمال‬ ‫لنقلهم إل��ى العالم الجديد‪.‬‬ ‫ع��دد ركابها ْ‬ ‫‪34‬‬ ‫في طليعتهم الياس ال�ف� ّ�ران ال��ذي هرب‬ ‫العثمانية إلى نيويورك‬ ‫من زبانية السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫وأصدر فيها ّأول كتاب زجلي خارج لبنان‬ ‫(‪ .)1899‬وإلى البرازيل هاجر عدد كبير‬ ‫رقي‬ ‫ممن احترفوا الزجل ووصلوا به إلى ‪ٍّ 35‬‬ ‫جبور نجيمي ‪،‬‬ ‫وسالسة‪ :‬الدكتور فريد ّ‬ ‫‪37‬‬ ‫سليم لطف اهلل‪ 36‬أسعد حرب الشمالي‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫ال �ب��اق��ون ف��ي أرض �ه��م ومجتمعهم أكملوا‬ ‫وص��اروا طليعة قومهم‪ ،‬قلّ ة منهم جمعت‬ ‫مبعثرا‬ ‫أزج��ال�ه��ا ف��ي ك�ت��ب‪ ،‬وك �ث��رة تركته‬ ‫ً‬ ‫تتناقله ال�ش�ف��اه م��ع زي ��ادة أو نقصان أو‬

‫‪  334‬ولد في دير قوبل (‪ ،)1921 – 1858‬من‬ ‫مؤلفاته‪ :‬سلوى الهموم‪( ‬نيويورك)‪ ،‬و‪‬السمر‬ ‫في أوقات السهر‪.‬‬

‫‪  335‬ولد في معاصر الشوف (‪،)1943 – 1873‬‬ ‫أصدر كتاب ‪‬الزهر المنثور في لغة الشعور‪.‬‬

‫‪  336‬ولد في بسكنتا أواخر القرن التاسع عشر‬ ‫(ت ‪ ،)1961‬عاش في البرازيل‪ ،‬بويع بإمارة الزجل‬ ‫أزجاال مبعثرة في الصحف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فيها‪ ،‬ترك‬ ‫‪  337‬ولد في سهيله كسروان مطلع القرن‬ ‫العشرين (ت ‪ ،)1950‬عاش في َب َفلو نيويورك‪،‬‬ ‫الرباعية‪ ،‬اختاره شعراء‬ ‫أصدر مجلة ‪‬العصبة‬ ‫ّ‬ ‫‪‬أميرا لعصبة الزجل‪.‬‬ ‫المهجر األميركي‬ ‫ً‬

‫الزجل اللبناني من البدايات شعر الحياة اليوميّة والتراث‬

‫اإلرث الشعري الشعبي‪ .25‬انطالقً ا من‬ ‫هذا الواقع‪ ،‬وبتوجيه من رئيس الجمهورية‬ ‫اللبنانية ش��ارل ّدب��اس‪ُ 26‬م ِنح رشيد نخله‬ ‫ّ‬ ‫وس��ام االستحقاق اللبناني وب��وي��ع بإمارة‬ ‫الزجل في احتفال رسمي‪ ،‬وجاء في صك‬ ‫‪‬رفعت الزجل اللبناني إلى أوج‬ ‫المبايعة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ونهضت بالزاجل إلى مقام الشاعر‪،‬‬ ‫الشعر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الزجالين‪ ،‬وتناقلته‬ ‫فسارت الصحف بكالم ّ‬ ‫أف� ��واه ال��ن��اس ف��ي ال �م �ش��رقَ �ي��ن‪ ،‬وهتفت‬ ‫أصداؤه في الخافقين محلّ ة محلّ ة‪.‬‬

‫‪‬معنى رشيد نخله‪ ،28‬جمعه ابنه أمين‬ ‫ّ‬ ‫نخله وق� ّ�دم له في ‪ 32‬صفحة أط��ل فيها‬ ‫�رح ترتيبه الديوان‬ ‫على أص��ول الزجل وش� َ‬ ‫الحب‬ ‫والجمال‪،‬‬ ‫في أبواب سبعة‪ :‬المرأة‬ ‫ّ‬ ‫والطبيعة‪ ،‬الغزل وم��ا يتصل ب��ه‪ ،‬قصص‬ ‫اللبنانيات‪،‬‬ ‫�ب‪ ،‬التجارب وال�ع�ظ��ات‪،‬‬ ‫ال�ح� ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخصوصيات‪ .‬وغابت عن الديوان طرائف‬ ‫ّ‬ ‫زجلية مثل‪ :‬القرادي‪ ،‬الموشح‪ ،‬أبو الزلف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والموليات‪ ...‬وغيرها‬ ‫العتابا‪،‬‬ ‫الميجانا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منتشرا في زمانه‪.‬‬ ‫مما كان‬ ‫ً‬

‫المحكية‪ :‬العندليب‪‬‬ ‫األول ف��ي‬ ‫كتابه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ص� ��در ف ��ي ال� �ب ��رازي ��ل (‪ )1939‬وت��رك��ت‬ ‫انطباعا غير مألوف عند شعراء‬ ‫قصائده‬ ‫ً‬ ‫كان بعضهم في المرسح وخرج منه مثل‬ ‫ت‬ ‫أس�ع��د س��اب��ا‪ 30‬ال��ذي أص��در بعد س�ن��وا ٍ‬ ‫عشر كتابه األول ‪‬م��ن قلبي‪ ‬وراح فيه‬ ‫معتبرا‬ ‫إل��ى األب�ع��د‪ .‬ق� ّ�دم له سعيد عقل‬ ‫ً‬ ‫أنه‪ :‬مش قليل ما بلّ ش هالشعر يتعرض‬ ‫‪31‬‬ ‫للفكر والتجريد‪ .‬لحق به إميل مبارك‬ ‫فأصدر ‪‬أغاني الضيعه‪ ‬واقتصر مناخ‬ ‫اللبنانية‬ ‫قصائده على جماالت الضيعة‬ ‫ّ‬ ‫وحنين المغترب إليها مع قليل من الغزل‬ ‫وب�ع��ض النقد‪ .‬ث��م ج��اء ميشال ط ��راد‪،32‬‬ ‫تجديدا وانطالقً ا إلى مناخات ما‬ ‫األكثر‬ ‫ً‬ ‫ُعرفت قبله‪ ،‬فأصدر ‪‬جلنار‪،)1959( ‬‬ ‫وكتب له سعيد عقل مقدمة طويلة (‪16‬‬ ‫صفحة) ‪‬ألن قصائد ط��راد م��ش تانيه‬ ‫بهالشعر‪.‬‬

‫كبار في هذا المجال الواسع وسع أحالم‬ ‫الشعراء‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫ •الخوري خليل سمعان فرح الفغالي‪،38‬‬ ‫المعنى الفريدة‪‬‬ ‫أصدر ديوان ‪‬شمس‬ ‫ّ‬ ‫القوالين‬ ‫‪‬عزرائيل‬ ‫في أجزاء‪ ،‬وديوان‬ ‫ّ‬ ‫ال�ج�ه�لاء‪ ،‬كما سجلت بصوته (قبل‬ ‫كاهنا) بعض القصائد على‬ ‫أن يصبح‬ ‫ً‬ ‫أسطوانات‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫�ري��ب‪،41‬‬ ‫وم��ن ال�ك��ثُ ��ر‪ :‬منصور شاهين ال �غ� ّ‬ ‫ابرهيم الحوراني‪ ،42‬أمين أي��وب‪ ،43‬منصور‬ ‫صافي نصر‪ ،44‬حبيب أسطفان‪ 45‬وغيرهم‪...‬‬

‫جوزف أبي ضاهر‬

‫ •رش �ي��د ع� ّ�س��اف ف� �ي ��اض‪ 39‬ك �ت��ب قصة‬ ‫حوارية مع حنا‬ ‫‪‬الدست وأوالده‪ ‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫الياس حنا‪ ،40‬في ‪ 16‬صفحة صدرت‬ ‫الرشيدية في كفرشيما‪.‬‬ ‫عن المطبعة‬ ‫ّ‬

‫‪  338‬ولد في بدادون (‪ ،)1944 – 1859‬وضع‬ ‫كاهنا في الخمسين‬ ‫ألحانً ا مبتكرة للزجل‪ ،‬أصبح‬ ‫ً‬ ‫من عمره‪.‬‬ ‫أزجاال مبعثرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪  339‬ولد في بعبدا ‪ ،1852‬ترك‬ ‫‪  440‬ولد في بعبدا ‪.1852‬‬

‫‪  441‬ولد في الدامور (‪ )1920 – 1845‬صدر‬ ‫‪‬ديوانه‪ ‬بعد غيابه‪.‬‬

‫‪  442‬ولد في حلب (‪ ،)1916 – 1884‬استوطن‬ ‫لبنان‪ ،‬كتب في العلوم والفلسفة وله ديوان زجلي‪.‬‬

‫‪  443‬ولد في الشويفات (‪)1933 – 1862‬‬ ‫أزجاال مبعثرة‬ ‫ً‬ ‫ّلقب ‪‬عروس المرسح‪ ‬ترك‬ ‫صدرت في كتاب عن دار فينيكس‪ ،‬جامعة الروح‬ ‫وقدم لها جوزف أبي‬ ‫القدس – الكسليك‪ ،‬جمعها ّ‬ ‫ضاهر‪.‬‬

‫ضليعا‬ ‫‪  444‬ولد في الشويفات (‪ )1862‬كان‬ ‫ً‬ ‫أزجاال مبعثرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بأخبار ونوادر العرب‪ ،‬ترك‬

‫‪  445‬ولد في بتاتر الشوف (‪)1949 – 1885‬‬ ‫أتقن عشر لغات‪ ،‬اشتهر خطيباً ‪ ،‬له مجموعة‬ ‫أزجال غير منشورة‪.‬‬

‫م��ع مطلع ال�ق��رن الماضي َع��رف الزجل‬ ‫ّ‬ ‫وصوال‬ ‫ً‬ ‫تخطي حدود الوطن‬ ‫نهضة ّأهلته‬ ‫تعددت‬ ‫إلى دول‬ ‫عربية وعالم االغتراب‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫م��دارس��ه‪ ،‬وظ�ه��ر ال �ت �ح� ّ�ول ف��ي مسيرته‪،‬‬ ‫فانتقل من إطار البيت والباحة والمناسبة‬ ‫مرتكزا‬ ‫إلى إط��ار المنبر‪ .‬صار احترافً ا‬ ‫ً‬ ‫إل���ى ق ��واع ��د ث��اب �ت��ة م ��ع أس �ع��د ال �خ��وري‬ ‫‪46‬‬ ‫أسس‬ ‫الفغالي (شحرور ال��وادي) الذي ّ‬ ‫زجلية سنة ‪ 1928‬م��ع‪ :‬أمين‬ ‫ّأول جوقة‬ ‫ّ‬ ‫أيوب‪ ،‬يوسف عبداهلل الكحاله‪ ،47‬الياس‬ ‫القهوجي‪ ،48‬ثم استقرت معه ومع أنيس‬ ‫‪51‬‬ ‫روحانا‪ ،49‬طانيوس عبدو‪ ،50‬علي الحاج‬

‫‪  446‬ولد في بدادون (‪ )1937 – 1894‬ارتجل‬ ‫الزجل قبل أن يبلغ العاشرة ‪ ،‬جمع والده الخوري‬ ‫الفغالي مختارات من زجله ونشرها في ديوانه بعد‬ ‫سنتين على غيابه‪ .‬سجلت بعض قصائده بصوته‬ ‫على أسطوانات‪.‬‬ ‫‪  447‬ولد في الكحاله (‪ ،)1952 – 1899‬بقي‬ ‫مبعثرا‪.‬‬ ‫زجله‬ ‫ً‬

‫‪  448‬ولد في كفرشيما (‪ ،)1950 – 1890‬جمع‬ ‫مختارات من زجله في كتابين‪.‬‬

‫ج� ّ�دد ‪‬ال �ش �ح��رور‪ ‬أس�ل��وب غ�ن��اء الجوقة‬ ‫�دئ��ا ب��ال �ق �ص �ي��د ف��ال �م �ع� ّ�ن��ى‪ ،‬وت��ن��اول‬ ‫م �ب �ت� ً‬ ‫االجتماعيات‪،‬‬ ‫التحدي‪،‬‬ ‫فيهما مواضيع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مكمال بالقرادي قبل االنتقال‬ ‫الوطنيات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الموشح والغزل فالقصيد‪.‬‬ ‫ختاما إلى‬ ‫ّ‬ ‫ً‬

‫س�ن��ة ‪ 1936‬ح�م��ل ال �ش �ح��رور إل ��ى مصر‬ ‫شهرته وشهرة علي وأنيس فأحيوا حفالت‬ ‫ف��ي اإلس�ك�ن��دري��ة وال �ق��اه��رة (دار األوب ��را‬ ‫الملكية)‪ .‬وقال الشحرور رثاء في الملك‬ ‫ّ‬ ‫وتحية إلى‬ ‫فاروق‪،‬‬ ‫بالملك‬ ‫ا‬ ‫وترحيب‬ ‫فؤاد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أم كلثوم‪ .‬وشغل الناس والصحافة واإلذاعة‬ ‫ال �ت��ي اس�ت�ق�ب�ل�ت��ه ف��ي ي ��وم ع �ي��ده��ا ليلقي‬ ‫قصيدة‪ .‬وامتدحت ‪‬األهرام‪ ‬و‪‬المقطم‪‬‬ ‫و‪‬البصير‪ ‬سرعة بديهة ش�ع��راء الزجل‬ ‫اللبناني وق��درت �ه��م ع�ل��ى ارت �ج��ال أده��ش‬ ‫الجمهور المصري فطالب بتمديد إقامة‬ ‫الجوقة في مصر‪ ،‬إال أن الشحرور َخ َتم‬ ‫الرحلة بشوقه إلى صيف لبنان‪:‬‬ ‫ج������ي������ن������ا ل������م������ص������ر ت������ل������ات إخ�������������وان‬ ‫زرن�����������������اه�����������������ا زي����������������������������ارة ول����������ه����������ان‬ ‫خ��������اط��������رك��������م ص�������������ار ب��������دن��������ا ن����������روح‬ ‫�����ي�����ة ل������ب������ن������ان‪.‬‬ ‫اش������ت������ق������ن������ا ل�����ص�����ي�����ف ّ‬

‫‪  449‬ولد في وادي شحرور (‪،)1991 – 1905‬‬ ‫‪‬طالت النسر‪ ،)1975( ‬نال عليه‬ ‫صدر له‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫جائزة سعيد عقل‪ ،‬و‪‬منبر الشحرور‪ ‬مع رفيقه‬ ‫علي الحاج (‪.)1980‬‬ ‫‪  550‬ولد في بعبدا (‪ )1974 – 1903‬من‬ ‫القصيفي‪ ،‬أصدر كتاب ‪‬القديس شربل‪‬‬ ‫عائلة‬ ‫ّ‬ ‫ومختارات من زجله‪.‬‬

‫القماطيه (‪ ،)1971 – 1899‬شارك‬ ‫‪  551‬ولد في‬ ‫ّ‬ ‫في تأسيس رابطة الزجل اللبناني‪ ،‬تسلّ م رئاسة‬ ‫مؤسسها‪ ،‬صدر زجله‬ ‫جوقة الشحرور بعد غياب ّ‬ ‫في كتاب بعد غيابه‪.‬‬

‫تلك المرحلة شهدت تكريس رشيد نخلة‬ ‫ومبايعته أم�ي� ً�را للزجل اللبناني (‪)1933‬‬ ‫فأعلن الشحرور خليفته‪.‬‬ ‫رحالت‪ ،‬مجالّت‪ ،‬جمعيات‪ ،‬جوقات‪،‬‬ ‫ندوات‪ ،‬مؤتمرات‪ ،‬ترجمات‪...،‬‬

‫بعد ‪‬جوقة شحرور ال ��وادي‪ ‬التي نقلت‬ ‫ال��زج��ل ال �ل �ب�ن��ان��ي إل ��ى ‪‬أرض ال�ك�ن��ان��ة‪‬‬ ‫رواد أدب وشعر‬ ‫وك ��ان ال�ل�ب�ن��ان� ّ�ي��ون فيها ّ‬ ‫‪55‬‬ ‫شكل كميل خليفه (ك��روان‬ ‫وصحافة‪ّ ،54‬‬ ‫ال� � � � ��وادي) ج ��وق ��ة م� �ن ��ه وم � ��ن ط��ان �ي��وس‬ ‫‪  553‬مجلة الشعلة‪ 12 ،‬كانون الثاني ‪.1970‬‬

‫‪  552‬ولد في اللويزه – بعبدا (‪،)1999 – 1908‬‬ ‫ورئيسا لبلدية‬ ‫الزجلية‪،‬‬ ‫رئيسا للرابطة‬ ‫انتخب‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بعبدا‪ ،‬أصدر كتاب ‪‬صورة شاعر‪.)1980( ‬‬ ‫مؤسسها‬ ‫انضم إلى جوقة الشحرور بعد غياب ّ‬ ‫الذي أوصى بأن يكون رزق اهلل من أفرادها‪.‬‬

‫اللبنانيون أهم الجرائد‬ ‫‪ّ   554‬أسس‬ ‫ّ‬ ‫المصرية‪ :‬األهرام‪ ،‬المقطم‪،‬‬ ‫والمجالت‬ ‫ّ‬ ‫‪‬المقتطف‪ ،‬الهالل‪ ،‬الزهور‪ ،‬روز‬ ‫اليوسف‪ ‬وغيرها‪.‬‬

‫‪  555‬ولد في وادي شحرور (‪،)1977 – 1913‬‬ ‫صدر ديوانه بعد غيابه‪.‬‬

‫الزجل اللبناني من البدايات شعر الحياة اليوميّة والتراث‬

‫تحريف‪ ،‬وم��ا َس� ِ�ل� َ�م ك��ان بفضل نشره في‬ ‫الزجلية وصحفها‪ .‬من تلك‬ ‫أولى المجالت‬ ‫ّ‬ ‫القلة‪:‬‬

‫النهضة الزجلية‬

‫وأخ �ي� ً�را إم�ي��ل رزق اهلل‪ ،52‬وأك� َ�م��لَ ��ت هذه‬ ‫الجوقة فاتح ًة الباب أمام جوقات أخرى‬ ‫بعد غياب ‪‬الشحرور‪.‬‬

‫ل� ��دى ع��ودت��ه��م إل� ��ى ل �ب �ن��ان اس�ت�ق�ب�ل�ت�ه��م‬ ‫اللبنانية بسابقة أولى من نوعها‬ ‫الحكومة‬ ‫ّ‬ ‫وص َفها علي الحاج في حديث إلى مجلة‬ ‫َ‬ ‫‪‬ال �ش �ع �ل��ة‪ ... :53‬ك��ان ال�ج��و المكهرب‬ ‫يخيم على لبنان م��ن ‪ 1943‬إل��ى ‪1946‬‬ ‫فطلبت الحكومة مساعدة جوقات الزجل‬ ‫كل المناطق اللبنانية‪،‬‬ ‫بإقامة حفالت في ّ‬ ‫ال �ق �ص� ُ�د م�ن�ه��ا ج�م��ع ص �ف��وف اللبنانيين‬ ‫واالنضواء تحت راية لبنان‪ ،‬لعلم الحكومة‬ ‫طواعية حيال شعراء‬ ‫أن الجماهير أكثر‬ ‫ّ‬ ‫الزجل منها حيال الخطباء والمرشدين‪...‬‬ ‫وك��ان��ت الحكومة ت�ح� ّ�دد ال��زم��ان والمكان‬ ‫للحفالت ويرافق الجوقات موظف حكومي‬ ‫كل‬ ‫(ملحم غصن) يضع تقريره في نتيجة ّ‬ ‫حفلة ويرفعه إلى مكتب الدعاية الذي كان‬ ‫يديره تقي الدين الصلح‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫‪86‬‬ ‫جوزف أبي ضاهر‬

‫الحمالوي‪56‬وعبدو بدران غصن‪ 57‬وانطلق‬ ‫ب �ه��ا إل ��ى ال ��والي ��ات ال �م �ت �ح��دة األم �ي��رك� ّ�ي��ة‬ ‫اللبنانيين‬ ‫كبيرا من‬ ‫(‪ )1947‬فالقت‬ ‫ترحيبا ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ومن صحافة االغتراب‪ ،‬واعتبرت ‪‬سفارة‬ ‫متجولة‪ُ ‬تبث الحنين للعودة إلى الجذور‬ ‫والتراث‪ ،‬تبعتها رحلة ثانية (‪ )1944‬وثالثة‬ ‫نجاحها ال � ّ�درب لجوقات‬ ‫(‪ )1961‬وم� ّ�ه��د‬ ‫ُ‬ ‫أخرى سافرت الحقاً إلى المغتربات‪.‬‬ ‫الزجلية ظهرت سنة ‪ 1933‬مع‬ ‫الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫مجلّ ة ‪‬ال��زج��ل اللبناني‪ ‬ليوسف بشاره‬ ‫ال�ب��اح��وط‪ 58‬وخليل أي��وب ال�ح� ّ�ت��ي‪ ،59‬صدر‬

‫‪  556‬ولد في حماليا (‪ ،)1994 – 1910‬من‬ ‫حولها‬ ‫مؤسسي عصبة الشعر اللبناني ورئيسها‪ّ ،‬‬ ‫إلى نقابة‪ .‬أصدر ‪‬الشعلة‪ ‬و‪‬العصبة‪ ‬وصدر‬ ‫ديوانه االغترابي بعد وفاته (‪.)1966‬‬

‫الشياح (‪ُ ،)1988 – 1912‬عرف‬ ‫‪  557‬ولد في‬ ‫ّ‬ ‫بلقب ‪‬راديو الزجل‪ .‬أصدر مجلّ ة ‪‬الشحرور‪‬‬ ‫زجليا بعنوان ‪‬نداء األرز‪.)1961( ‬‬ ‫وكتابا‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫‪  558‬ولد في بعبدا (‪ُ )1955 – 1889‬حفظ زجله‬ ‫في مجلته‪.‬‬

‫‪  559‬ولد في الدامور (‪ )1977 – 1888‬شارك‬ ‫في تأسيس ‪‬رابطة الزجل اللبناني‪ ‬و‪‬جمعية‬ ‫مجالته‪.‬‬ ‫إمارة الزجل اللبناني‪ ‬حفظ زجله في ّ‬

‫األول منها ف��ي ‪ 29‬ن� � ّ�وار ح��ام ً�لا‬ ‫ال �ع��دد ّ‬ ‫تحت العنوان عبارة ‪‬تصدر بإشراف أمير‬ ‫الزجل‪( ‬رشيد بك نخله)‪.‬‬ ‫الحتي ليستقل بمجلته‬ ‫بعد سنة تركها‬ ‫ّ‬ ‫‪‬ال�ش�ع��ر ال �ق��وم��ي‪ )1934( ‬ث��م استبدل‬ ‫اسمها بــ‪‬أرزة لبنان‪ ‬نسبة إلى الجريدة‬ ‫الكان يصدرها شقيقه يوسف في ريو دي‬ ‫جانيرو (البرازيل ‪.)1916‬‬ ‫بعد أشهر على صدور ‪‬الزجل اللبناني‪‬‬ ‫أص� ��در ول��ي��م ص �ع��ب م �ج��لّ �ت��ه ‪‬ال �ب �ل �ب��ل‪‬‬ ‫(‪ )1933‬ث��م ح� ّ�ول �ه��ا إل ��ى ‪‬ب�ل �ب��ل األرز‪‬‬ ‫وأخيرا‬ ‫(‪ )1935‬فـ‪‬أمير الزجل‪)1941( ‬‬ ‫ً‬ ‫حتى مطلع‬ ‫‪‬البيدر‪ )1952( ‬واستمرت ّ‬ ‫الحرب على لبنان (‪.)1975‬‬ ‫وت �ت��ال��ت ال �م �ج�لات وال �ج��رائ��د ال��زج�ل� ّ�ي��ة‪:‬‬ ‫‪‬العندليب‪ ‬لفريد لحود (‪،)1936 -1935‬‬ ‫‪‬سلوى المهاجر‪ ‬ثم ‪‬السلوى‪ ‬لعبد اهلل‬ ‫أبو جوده (‪ )1944‬أصدرها كابي اسكندر‬ ‫حداد سنتين واحتجبت سنة ‪ ،1954‬مرقد‬ ‫ّ‬

‫وصدرت في المهاجر مجالت كان الزجل‬ ‫عمودها الفقري‪ :‬العصبة‪ ‬ألسعد حرب‬ ‫لحنا‬ ‫الشمالي (نيويورك)‪ ،‬القسطاس‪ّ ‬‬ ‫ع��ون (المكسيك)‪ ،‬ال �ب��رك��ان‪ ‬البراهيم‬ ‫عطيه (ال �ب��رازي��ل)‪ ،‬ال �م��واه��ب‪ ‬لنجيب‬ ‫ّ‬ ‫البعيني (كندا)‪.‬‬

‫‪  660‬لم يرد ذكرها في القرارات الصادرة‬ ‫الحقا)‪.‬‬ ‫عن وزارة األنباء آنذاك (اإلعالم‬ ‫ً‬

‫وكثرت الجوقات الحاملة أسماء ‪‬طيور‬ ‫م �غ� ّ�ردة‪ :‬الشحرور‪ ،‬ال �ك��روان‪ ،‬الحسون‪،‬‬ ‫وتوزعت‬ ‫الكنار‪ ،‬الزغلول‪ ،‬النسر‪ ،‬الباز‪ّ ...،‬‬ ‫زجالين معروفين‪ :‬ميشال‬ ‫رئاساتها على ّ‬ ‫ق��ه��وج��ي‪ ،‬ط��ان��ي��وس ال� �ح� �م�ل�اوي‪ ،‬ول �ي��م‬ ‫صعب‪ ،‬خليل روك��ز‪ ،‬كميل خليفه‪ ،‬محمد‬ ‫المصطفى‪ ،‬ف��رح��ان ال�ع��ري�ض��ي‪ ،‬موسى‬ ‫زغيب‪ ،‬جوزف الهاشم‪ ،‬حنا موسى‪ ،‬جريس‬ ‫البستاني‪ ،‬أنطوان سعادة‪ ،‬سميح خليل‪،‬‬ ‫اللبنانية‬ ‫‪ ...‬ودخ��ل ال��زج��ل إل��ى اإلذاع ��ة‬ ‫ّ‬ ‫فخصصت له رك� ً�ن��ا‪ ،‬وإل��ى تلڤزيون لبنان‬ ‫ّ‬ ‫فخصص برنامجاً زجلياً ‪ ،‬واح�ت� ّ�ل الزجل‬ ‫مكانة خاصة في المهرجانات واالحتفاالت‬ ‫ال�غ�ن��ائ� ّ�ي��ة ال�م��رس�ح� ّ�ي��ة‪ ،‬وب��ال��زج��ل ال��راق��ي‬ ‫اللبنانية أن تكون على‬ ‫استطاعت األغنية‬ ‫ّ‬ ‫كل شفة ولسان‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫�ادي��ة مع‬ ‫وظ�ه��رت األغنية الزجلية االن�ت�ق� ّ‬ ‫سامــي الصيــداوي وعمر الزعني (‪‬ڤولتير‬ ‫واستقبلت الجوقات في دول‬ ‫ال �ش��رق‪،)‬‬ ‫ُ‬ ‫�ام��ا‬ ‫ع��رب� ّ�ي��ة َّ‬ ‫خصصت لها م�ه��رج��ان��ات وأي� ً‬ ‫تراثية (سوريا‪ ،‬األردن‪ ،‬الكويت‪.)... ،‬‬ ‫ّ‬

‫أهمية‬ ‫وانعقدت ندوات ومؤتمرات لشرح‬ ‫ّ‬ ‫المغنى‪ :‬مؤتمر‬ ‫ه��ذا ال�ن��وع م��ن الشعر‬ ‫ّ‬ ‫ال��زج��ل اللبناني‪ )1946( ‬م��ع مشاركة‬ ‫ع��رب� ّ�ي��ة لباحثين وش �ع��راء م��ن فلسطين‪،‬‬ ‫األردن‪ ،‬سوريا‪ .‬و‪‬مؤتمر الشعر العامي‪‬‬ ‫(‪ ،)1995‬و‪‬م ��ؤت� �م ��ر ث �ق��اف��ة ال �ش �ع��ب‪‬‬ ‫(‪ )1993‬و(‪.)1997‬‬ ‫زجلية كثيرة ودواوي ��ن‬ ‫وص ��درت مؤلفات‬ ‫ّ‬ ‫لشعراء أحياء وشعراء غابوا وظل صوتهم‬

‫الزجل اللبناني من البدايات شعر الحياة اليوميّة والتراث‬

‫العدد األول من السنة األولى لـ‪‬الجريدة الزجلية‪ :‬الزجل اللبناني‪‬‬ ‫أصدرها صاحباها (باحوط وحتّ ي) ‪‬تحت رعاية أمير الزجل‪ ‬رشيد نخلة‬

‫سياسية أصدرها‬ ‫زجلية‬ ‫العنزة‪ ‬جريدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أسعد سابا (‪ ،)1948 - 1937‬السبعلي‪‬‬ ‫ألس� �ع ��د ال �س �ب �ع �ل��ي (‪،)1939 - 1938‬‬ ‫‪‬األدب الشعبي‪ ‬لميشال قهوجي ‪‬زغلول‬ ‫كفرشيما‪ )1975 - 1947( ‬صدرت فترة‬ ‫قصيرة بعد توقف عشرين سنة‪ ،‬صوت‬ ‫الجبل‪ ‬لفؤاد وخليل ق��رداح��ي (‪- 1948‬‬ ‫‪ ،)1975‬الشحرور‪ ‬لعبدو ب��دران غصن‬ ‫(‪ ،)1970 - 1950‬بنت لبنان‪1949( 60‬‬ ‫ ‪ ،)1952‬بنت العرزال‪ ‬ليوسف شلهوب‬‫(‪ ،)1959 - 1953‬م�ن�ج�ي��رة ال��راع��ي‪‬‬ ‫الحقا‬ ‫لخليل قرداحي (‪ )1954‬استبدلها‬ ‫ً‬ ‫ب �ـ �ـ‪‬ال �ف��ن وال� �ن� �ج ��وم‪ ،‬ب �س �ت��ان ال��زج��ل‪‬‬ ‫لحسين األشقر (‪ )1955 - 1954‬استبدلها‬ ‫الحقا بـ‪‬النصر‪ ،‬صوت الشاعر‪ ‬لفيليب‬ ‫ً‬ ‫الخوري وأنطوان أبو خليل (‪)1961- 1954‬‬ ‫أع ��اد إص��داره��ا روب �ي��ر خ ��وري (‪،)1988‬‬ ‫‪‬ال��زن��اب��ق‪ )1956 - 1955( ‬ألن �ط��وان‬ ‫وسليم أبو خليل‪ ،‬الكروان‪ ‬لكميل خليفه‬ ‫(‪ ،)1974 - 1956‬ال �م �س��رح‪ ‬ل�ج��وزف‬ ‫ال�ه��اش��م (زغ �ل��ول ال��دام��ور) وزي ��ن شعيب‬ ‫(‪ ،)1975 - 1958‬الشعلة‪ ‬لفاضل سعيد‬ ‫عقل (‪ ،)1970 - 1953‬العقل‪ ‬لفاضل‬ ‫سعيد عقل (‪ ،)1963‬العصبة‪ ‬لطانيوس‬ ‫ال �ح �م�لاوي (‪ ،)1975 - 1970‬ال�ج�ب��ل‬ ‫األخضر‪ ‬لسليمان محمد جابر (‪- 1973‬‬ ‫‪ )1975‬انتقلت ملكيتها إلى ابراهيم الريس‬ ‫وعاودت الصدور (‪.)1998‬‬

‫إل���ى ت �ل��ك ال �م �ج�لات ال��زج �ل� ّ�ي��ة ت��أس�س��ت‬ ‫ج�م�ع� ّ�ي��ات ُت�ع�ن��ى ب��ال��زج��ل‪ ،‬ب�ي�ن�ه��ا‪ :‬إم ��ارة‬ ‫الزجل‪ ،‬رابطة الزجل اللبناني‪ ،‬الجامعة‬ ‫(تحولت‬ ‫الزجلية‪ ،‬عصبة الشعر اللبناني‬ ‫ّ‬ ‫إلى نقابة)‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫التراث‬ ‫وي‬ ‫اللبناني َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َف ّ‬ ‫ُّ‬

‫عشاقهم عبر الكتاب‬ ‫وشعرهم في متناول ّ‬ ‫واألسطوانة والكاسيت‪.‬‬

‫ُوت��رج��م م��ن الشعر الزجلي اللبناني إلى‬ ‫حية‪ ،‬وقُ دمت عنه دراس��ات وبحوث‬ ‫لغات ّ‬ ‫محلية‬ ‫لنيل شهادات الدكتوراه في جامعات‬ ‫ّ‬ ‫وعالمية‪.‬‬ ‫وعربية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الفرنسية‬ ‫سنة ‪ 1966‬أوردت الموسوعة‬ ‫ّ‬ ‫الكبرى (‪‬غ��ران الروس‪ )‬نبذة عن الشعر‬ ‫الشعبي اللبناني بالنص التالي (ص ‪:)551‬‬ ‫‪‬يتميز الشعر الشعبي المكتوب باللغة‬ ‫ّ‬ ‫بحيوية كبيرة مع كابي حداد‬ ‫الدارجة‬ ‫ة‬ ‫العربي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ورشيد نخله وأسعد سابا وأسعد السبعلي‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫نصل إلى الحاضر فنلحظ حضور الزجل‬ ‫ف‬ ‫ب��دأ يضعف أم��ام مغريات اإلع�ل�ام‪َ .‬خ َّ‬

‫وه �ج��ه واق �ت �ص��ر ع�ل��ى ح �ف�لات الصيف‪.‬‬ ‫اح �ت �ج �ب��ت م �ع �ظ��م ال �م �ج�ل�ات وال �ص �ح��ف‬ ‫قل عدد الجوقات‬ ‫الخاصة به عن الصدور‪ّ ،‬‬ ‫فيما ازداد االه �ت �م��ام ب��ال�ش�ع��ر المحكي‬ ‫المكتوب‪ ،‬وكثر عدد الشعراء والمؤلفات‬ ‫ليتصدر االحتفاالت‬ ‫وأُ فسح له في المجال‬ ‫ّ‬ ‫والمنابر‪.‬‬ ‫ولكن‪...‬‬

‫وهويته‬ ‫تبقى للزجل نكهته الخاصة وفرادته‬ ‫ّ‬ ‫ظل‪ ،‬لن‬ ‫اللبنانية التي‪ ،‬وإن غمرها‬ ‫بعض ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫�ات (‪‬ال ��روح‬ ‫ت�ع��رف غ�ي� ً�اب��ا‪ .‬وب ��دأت ج��ام�ع� ٌ‬ ‫ال �ق��دس‪ ،‬جامعة س� ّ�ي��دة ال�ل��وي��زة) ُتصدر‬ ‫مؤلفات عن الزجل وأعالمه‪ ،‬فتحفظ هذا‬ ‫التراث الشعبي العريق توثيقاً وتأْ ريخاً ‪.‬‬

‫من فصول‬

‫الحياة الموسيقية في لبنان‬ ‫(أعمال وديع الصافي وسلڤادور عرنيطة نموذج ًا)‬ ‫د‪ .‬كفاح فاخوري‬ ‫ •األم�ي��ن ال�ع��ام للمجمع العربي للموسيقى (جامعة ال��دول‬ ‫العربية) منذ ‪.1997‬‬ ‫ •أس �ت��اذ محاضر ف��ي كلية الموسيقى ل��دى جامعة ال��روح‬ ‫ال �ق��دس‪ -‬الكسليك منذ ‪ ،2001‬وال�م�ش��رف على أط��اري��ح‬ ‫الماجستر والدكتوراه في مجال التربية الموسيقية‪.‬‬

‫جوزف أبي ضاهر‬

‫ •تولى إدارة المعهد الوطني للموسيقى في األردن بين ‪1988‬‬ ‫و‪.2012‬‬

‫ •ترأَّ س المجلس الدولي للموسيقى (اليونسكو) بين ‪-2001‬‬ ‫‪.2005‬‬

‫ •ح��ال�ي��اً ‪ :‬رئ�ي��س مجلس إدارة ‪‬م��رك��ز ال�ش�ب��اب الموسيقي‬ ‫األوروبي العربي‪( ‬ليماسول)‪.‬‬ ‫ •باحث في التربية الموسيقية ومؤلف وقائد موسيقي‪.‬‬

‫ •له سالسل كتب تعليمية في الموسيقى موجهة إلى مدارس‬ ‫العالم العربي‪.‬‬

‫ •ل��ه دراس ��ات وب�ح��وث وم�ح��اض��رات ف��ي م��ؤت�م��رات ون��دوات‬ ‫موسيقية متخصصة محلياً وعربياً ودولياً ‪.‬‬

‫ ‬ ‫شرقيها والغرب ّـي‪ ،‬عرفَ ت مراحل عدة‬ ‫الحياة الموسيقية في لبنان‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫تستقل في هوية خاصة وتشع في تأْ ثيرها على دول المحيط‪ .‬وقام‬ ‫منذ راحت‬ ‫ّ‬ ‫رواداً في حقل إنتاجهم‬ ‫هذا التأثير على ملحنين ومؤلفين موسيقيين كانوا ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ومؤثرين في جمهورهم وطالبهم والمريدين كما ُي َــؤ ِّرخ‬ ‫وسباقين في إبداعهم‬ ‫ّ‬ ‫الثنين منهم الباحث الدكتور كفاح فاخوري‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫د‪ .‬كفاح فاخوري‬

‫خ�ل�ال ت�ل��ك ال�ح�ق�ب��ة ان �ت �ش��رت ف��ي لبنان‬ ‫تدريجياً ظاهرة األسطوانة والفونوغراف‪،‬‬ ‫ثم إذاعة الشرق فاإلذاعة اللبنانية فإذاعة‬ ‫لبنان‪ ،‬فالسينما وال�م�س��رح والتلڤزيون‪.‬‬ ‫وأقبل كثيرون على درس الموسيقى في‬ ‫البيوت والمدارس والمعاهد المتخصصة‬ ‫والجامعات‪ .‬وفي حين كانت القاهرة مرنى‬ ‫الفن والفنانين‪ ،‬أخ��ذت بيروت تشاطرها‬ ‫تدريجاً هذا الموقع‪.‬‬

‫في هذه األج��واء خرج موسيقيان ال تجمع‬ ‫بينهما ص �ل��ة‪ :‬س �ل �ڤ��ادور ع��رن�ي�ط��ة وودي ��ع‬ ‫الصافي‪ ،‬مختلفان في أكثر من مجال لكن‬

‫وديع الصافي‪:‬‬ ‫نكهة التراث اللبناني‬ ‫في الحياة الموسيقية اللبنانية‬ ‫ع � � ��اش ‪ 92‬ع � ��ام � ��اً (‪- 1921/11/1‬‬ ‫ومرت حياته بست مراحل‪:‬‬ ‫‪ّ )2013/10/11‬‬ ‫ال�ط�ف��ول��ة‪ ،‬ال�م��راه�ق��ة‪ ،‬ب��داي��ة االح �ت��راف‪،‬‬ ‫االغ �ت��راب المتكرر‪ ،‬األغ�ن�ي��ة ال�ت��ي غيرت‬ ‫المسار‪ ،‬المهرجانات‪ ،‬االستقرار األخير في‬ ‫تتبين فرص‬ ‫لبنان‪ .‬وبرسم ه��ذه المراحل ّ‬ ‫واجهته طوال ‪ 79‬عاماً من القرن‬ ‫وتحديات‬ ‫ْ‬ ‫العشرين و‪ 13‬عاماً من الحادي والعشرين‪.‬‬

‫أمضى وديع طفولته في بلدته نيحا الشوف‬ ‫بين أجواء التراث الغنائي القروي‪َ .‬جده أبو‬ ‫ودمه‬ ‫قواال هاوياً ‪،‬‬ ‫بشارة كان ً‬ ‫ُ‬ ‫صوته جميل ُ‬ ‫خفيف‪ ،‬ووالده بشارة ورث جمال الصوت‬ ‫عن أبيه‪ ،‬ووالدته كانت ذات صوت رخيم‬ ‫كما وص�ف��ه ودي ��ع نفسه (س �ح��اب‪.)30 ،‬‬ ‫ومع أن االهتمامات الفنية لم تكن مستحبة‬ ‫حضورها‬ ‫ومسموحة في العائلة‪ ،‬فرضت‬ ‫َ‬ ‫الفت ًة موهب ُة الطفل ودي��ع‪ ،‬خصوصاً في‬ ‫�درس �ي��ه‪ ،‬حتى‬ ‫ال�م��درس��ة وب�ي��ن أق��ران��ه وم� ّ‬ ‫أن��ه ك��ان في العاشرة ي��وم كلّ فته مدرسته‬ ‫الغناء أمام الست نظيرة جنبالط إذ قامت‬ ‫المدرسة بزيارتها لتقديم واج��ب التهنئة‬ ‫بالشفاء‪ .‬وم��ن قريته ت�م� ّ�رس ودي��ع باكراً‬ ‫والعميم‬ ‫والغزيل‬ ‫والمعنى‬ ‫بغناء ال�ق� ّ�رادي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأبو الزلف والعتابا‪ .‬وفي رأيه ‪‬من ينشأ‬ ‫على العتابا والميجانا يسهل عليه الحقاً كل‬ ‫شيء‪( ‬سحاب‪.)43 ،‬‬ ‫في الحادية عشرة انتقل إلى مدرسة دير‬ ‫المخلص في بيروت فلفتت موهبته مدرسيه‬

‫وديع الصافي‪ :‬نكهة التراث اللبناني‬

‫وألحقوه في مقدمة جوقها‪ .‬بعد سنتين في‬ ‫هذه المدرسة اضطر إلى تركها لمساعدة‬ ‫وال��ده ف��ي إع��ال��ة العائلة (س �ح��اب‪.)44 ،‬‬ ‫ول��م يتوقف عن الموسيقى فتابع دراس��ة‬ ‫العزف على العود مع ألكسي الالدقاني‪،‬‬ ‫وك��ان ب��دأه��ا م��ع خاله نمر العجيل ال��ذي‬ ‫ك��ان يشجعه على الغناء أي�ض��اً (سحاب‪،‬‬ ‫‪ .)39-38‬وم��ع ال �ع��ود ت�ع��لّ ��م ال �ع��زف على‬ ‫الربابة والكمان‪ .‬وفي بيروت أثرى مخزونه‬ ‫الموسيقي بالتعرف إل��ى أعمال أم كلثوم‬ ‫أفالمهم‬ ‫وعبد الوهاب وأسمهان‪ ،‬بحضوره‬ ‫َ‬ ‫أو باستماعه إلى أسطواناتهم‪ ،‬فأضافت‬ ‫المدينة إل��ى غنائه الريفي فسحة ترتيل‬ ‫وتثقفاً فنياً‬ ‫ديني وكنسي رافقه طيلة حياته ُّ‬ ‫غير مباشر من أعمال عبد ال��وه��اب وأم‬ ‫كلثوم وسواهما‪.‬‬ ‫تقدم‬ ‫بداية احترافه كانت سنة ‪ 1938‬يوم َّ‬ ‫إلى اإلذاع��ة اللبنانية (بتشجيع من والده‬ ‫ال ��ذي ت�ق��اع��د م��ن س�ل��ك ال � ��درك)‪ .‬كانت‬ ‫اإلذاع ��ة ت�ع��رف ب �ـ‪‬رادي��و ال �ش��رق‪ ‬فوقف‬ ‫أم ��ام لجنة ف��اح�ص��ة م��ن‪ :‬م��دي��ر اإلذاع ��ة‬ ‫ال�ص�ح��اف��ي أل�ب�ي��ر أدي ��ب (‪)1985-1908‬‬

‫صنفته األول بين ‪45‬‬ ‫المهم أن تلك اللجنة َّ‬ ‫مرشحاً (إلياس وأبو جودة‪ )14 ،‬ومنحته‬ ‫لقب ‪‬الصافي‪ ‬لعذوبة صوته وصفائه‪،‬‬ ‫فالتصق هذا اللقب باسمه األول واشتهر‬ ‫بدال من اسمه األصلي وديع‬ ‫بوديع الصافي ً‬ ‫فرنسيس‪.‬‬

‫أك �س �ب��ت اإلذاع � ��ة ودي� ��ع ال �ص��اف��ي خ �ب��ر ًة‬ ‫ع��ززه��ا اه �ت �م��ام ب��ه م��ن م �ي �ش��ال خ�ي��اط‬ ‫ووج �ه��اه‬ ‫وسليم الحلو ال�ل��ذي��ن احتضناه‬ ‫ّ‬ ‫ودرب� � ��اه ع �ل��ى أص� ��ول األل� � ��وان ال�غ�ن��ائ�ي��ة‬ ‫َّ‬ ‫فاه بالمقامات واإليقاعات‬ ‫وثق‬ ‫المختلفة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫زوداه‬ ‫ت‬ ‫بموشحا‬ ‫‪)14‬‬ ‫جودة‪،‬‬ ‫(إلياس وأبو‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫بها وقصائد لحناها له (س�ح��اب‪.)46 ،‬‬ ‫ول��ودي��ع ف��ي اإلذاع � ��ة م��ح��اوالت ناجحة‬ ‫من ألحانه ّرك��زت هوية األغنية اللبنانية‬ ‫(إل�ي��اس وأب��و ج��ودة‪ ،)15 ،‬بين مطالعها‬ ‫‪‬ط��ل ال�ص�ب��اح وتكتك العصفور‪( ‬شعر‬

‫من فصول الحياة الموسيقية في لبنان‬

‫‪90‬‬

‫والدة س � � �ل � � �ڤ� � ��ادور ع ��رن� �ي� �ط ��ة‬ ‫بين‬ ‫(‪ )1914/3/14‬ووف � � � ��اة ودي� ��ع‬ ‫الصافي (‪ )2013/10/11‬نحو ق��ر ٍن‪ ،‬منه‬ ‫‪ 86‬ع��ام��اً ف��ي ال �ق��رن ال�ع�ش��ري��ن و‪ 13‬في‬ ‫ال�ح��ادي والعشرين‪ .‬وه��ذه حقب ٌة شهدت‬ ‫أح��داث��اً تاريخية تركت آثارها على لبنان‬ ‫واللبنانيين بين ال�ح��رب العالمية األول��ى‬ ‫(‪ )1918/11/11 - 1914/7/28‬والحرب‬ ‫العالمية الثانية (‪)1945/9/2-1939/9/1‬‬ ‫واالنتداب البريطاني على فلسطين واألردن‬ ‫والعراق‪ ،‬والفرنسي على سوريا ولبنان منذ‬ ‫نيسان ‪ ،1920‬ووالدة دول��ة لبنان الكبير‬ ‫(أول أيلول ‪ ،)1920‬ونيل لبنان استقالله‬ ‫االسمي (تشرين الثاني ‪ )1936‬والفعلي‬ ‫(‪ 22‬تشرين الثاني ‪ ،)1943‬وجالء الجيوش‬ ‫األجنبية عن لبنان (‪ ،)1946/12/31‬ونشوء‬ ‫دولة إسرائيل (أي��ار ‪ )1948‬محتل ًة أرضاً‬ ‫م��ن فلسطين وم��ولِّ ��دة للفلسطينيين وكل‬ ‫ت وحروباً ليست‬ ‫العرب نكبة تناسلت أزما ٍ‬ ‫أقلها في لبنان ث��ورة ‪( 1958‬اندلعت في‬ ‫‪ْ 1958/5/8‬إث��ر مقتل الصحافي نسيب‬ ‫المتني ‪ -‬الموقع اإللكتروني‪ :‬مقاتل من‬ ‫ال�ص�ح��راء‪ ،)‬وال�ح��رب المدمرة (نيسان‬ ‫‪ - 1975‬تشرين األول ‪.)1990‬‬

‫جمعهما في ه��ذا النص يعطي ص��ورة عن‬ ‫ْ‬ ‫واقع الحياة الموسيقية في القرن العشرين‪.‬‬

‫ومعاونيه‪ :‬مسؤول التسجيل‬ ‫ال �م �ل� ّ�ح��ن م �ي �ش��ال خ �ي��اط‪،‬‬ ‫مدير البرامج‪/‬رئيس الفرقة‬ ‫الملحن والباحث‬ ‫الموسيقية‬ ‫ّ‬ ‫ال �م��وس �ي �ق��ي س �ل �ي��م ال�ح�ل��و‬ ‫(‪ ،)1979-1893‬سكرتير‬ ‫الملحن‬ ‫القسم الموسيقي‬ ‫ّ‬ ‫وعازف العود محيي الدين‬ ‫سالم (والد المطربة نجاح‬ ‫س �ل�ام)‪ .‬غ�ن��ى أم��ام�ه��ا ‪‬ي��ا‬ ‫مرسل النغم الحنون‪ ‬من‬ ‫تلحينه وع��زف��ه على العود‬ ‫ومن كلمات األب نعمة اهلل‬ ‫حبيقة (ك�م��ا ي��ذك��ر الياس‬ ‫وأب ��و ج���ودة‪ 14 ،‬وخليفة‪،‬‬ ‫س في تاريخ تلحين األغنية‬ ‫‪ .)11‬وثمة لُ ْب ٌ‬ ‫أول لحن لوديع‬ ‫إذ يذكر ڤكتور سحاب أنها َ‬ ‫سنة ‪( 1944‬سحاب‪ )398 ،‬أي بعد سبع‬ ‫سنوات على وقوفه أمام اللجنة الفاحصة‪.‬‬

‫‪91‬‬


‫وغناها‬ ‫أسعد السبعلي) لحنها الصافي ّ‬ ‫سنة ‪( 1946‬س�ح��اب‪ )367 ،‬فكانت أول‬ ‫النهر‪ ‬أي امتأل‬ ‫ــ‪‬دفَ َق‬ ‫الغيث بل الدفق‪ .‬ف َ‬ ‫ُ‬ ‫حتى فاض الماء من جوانبه‪.‬‬

‫د‪ .‬كفاح فاخوري‬

‫بعد ثالث سنوات على عودته من البرازيل‬ ‫انطلقت أغنية من تلحينه جاءت مفصلية‬ ‫ومه‪ ‬من كلمات‬ ‫في مسيرته الفنية‪َ :‬‬ ‫‪‬ع اللُ َ‬ ‫عبد الجليل وهبي‪ .‬وفي حواره مع سليم‬ ‫سحاب‪ ،‬بطلب من شقيقه ڤكتور (سحاب‪،‬‬ ‫‪ ،)30‬ي��روي الصافي قصة ه��ذه األغنية‬ ‫التي كان لها فضل في انتشار شهرته‪ .‬فهو‬ ‫التغير الكبير في‬ ‫عاد من البرازيل وأحزنه ّ‬ ‫ذائقة المستمعين ‪‬كأنهم نسوا الصافي‪‬‬ ‫(إلياس وأب��و ج��ودة‪ .)15 ،‬وكانت أغانيه‬ ‫قبل سفره ُت َب ُّث مباشر ًة عبر األثير‪ ،‬قبل‬ ‫�وج��ه إلى‬ ‫تقنية التسجيل ف��ي اإلذاع ��ة‪ .‬ت� َّ‬ ‫مزار القديس شربل في عنايا مصلياً أن‬ ‫شبيه بنجاحه في‬ ‫يحظى بتوفيق من اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫وفت َق‬ ‫بالد االغتراب (سحاب‪َ .)64-63 ،‬‬ ‫له أن يخرج بعمل فني على نسق أغنية‬ ‫فريد األطرش ‪‬يا عوازل فلفلوا‪( ‬وكانت‬ ‫رائ�ج��ة ع �ه��دذاك) وف��ات��ح ب��األم��ر الشاعر‬ ‫أن لديه كلمات‬ ‫عبد الجليل وهبي فأجابه ّ‬ ‫أغنية تنافس ‪‬يا عوازل فلفلوا‪ ‬بل تتفوق‬ ‫�وم��ه‪ ‬ال �ت��ي فيها‬ ‫ع�ل�ي�ه��ا‪ .‬وك��ان��ت َ‬ ‫‪‬ع ال �ل� َ‬ ‫‪‬شيء من العتب واللوم‪ ‬بدل ‪‬الفالفل‪‬‬ ‫ولحنها ودي��ع ف��ي وقت‬ ‫(س�ح��اب‪.)68 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫قياسي (مسافة الطريق من لقائه بوهبي‬ ‫إل��ى بلوغ منزله)‪ .‬وظهرت األغنية سنة‬ ‫‪ 1953‬والقت شهرة شعبية مذهلة أعادت‬ ‫إلى الصافي ألقه‪.‬‬

‫سنة ‪ 1991‬ع��اد ودي��ع الصافي إل��ى لبنان‬ ‫واستقر فيه نهائياً ‪ ،‬إنما قام بزيارات فنية‬ ‫قصيرة إل��ى ال�خ��ارج‪ .‬تكثفت حفالته في‬ ‫لبنان وفي الخارج‪ ،‬وجمعه المنتج ميشال‬ ‫أل �ف �ت��ري��ادس ب��ال�م�غ�ن��ي اإلس �ب��ان��ي ال�ش��اب‬ ‫فشكال معاً ثنائياً فريداً‬ ‫خوسيه فيرنانديز ّ‬ ‫في فترة زمنية راجت فيها موجة ُعرفَ ت في‬ ‫العالم بالـ ‪( fusion‬االندماج أو االنصهار)‬ ‫حركتي العولمة وحوار‬ ‫وهي من حصائل‬ ‫َ‬ ‫ب األداء أجيال الشباب‬ ‫عج َ‬ ‫الحضارات‪ .‬وأَ َ‬ ‫فعادت شهرته تتألق وهو على مدخل عقده‬ ‫الثامن‪ .‬يومذاك قال ‪‬كان صوتي أفضل‬ ‫لكنه اآلن أكثر حكمة‪ ،‬مثل الخمر المعتق‪‬‬ ‫(سوق عكاظ ‪ ،2002‬حوار الحضارات في‬ ‫التغير‪ .)71 ،‬وبعد أن توقف‬ ‫عالم سريع‬ ‫ّ‬ ‫العمل المشترك (ال�ص��اف��ي وفيرنانديز‬ ‫تغيرت طبيعة الدعوات إلى‬ ‫وألفتريادس) ّ‬ ‫ودي��ع الصافي فغلب عليها طابع التكريم‬

‫سلڤادور عرنيطة‪:‬‬ ‫نهضة الموسيقى الكالسيكية‬ ‫في الحياة الموسيقية اللبنانية‬ ‫عن بيان سيرته (بخط بيده وبتدقيق فيه‬ ‫م��ع ابنته البكر ش��ادي��ة عرنيطة جاسر)‬ ‫أن��ه م��ن مواليد ال�ق��دس (‪.)1914/3/14‬‬ ‫فتعين‬ ‫تفتحت ب��اك��راً موهبته الموسيقية‬ ‫ّ‬ ‫وه��و ف��ي الحادية عشرة ع��ازف��اً مساعداً‬ ‫على األرغن في كنيسة القيامة (القدس)‪.‬‬ ‫وفي السادسة عشرة التحق ثالث سنوات‬ ‫بكاتدرائية القديسة كاترين (االسكندرية)‬ ‫ومدرباً جوقة الكنيسة‪.‬‬ ‫عازفاً على األرغن‬ ‫ّ‬ ‫س �ن��ة ‪ 1934‬ال �ت �ح��ق ب��أك��ادي �م �ي��ة س�ن�ت��ا‬ ‫تشيشيليا الموسيقية ف��ي روم ��ا ف��درس‬ ‫الپيانو والتأليف الموسيقي على المؤلف‬ ‫ال �م��وس �ي �ق��ي ال��ف��ري��دو ك ��ازي�ل�ا ‪Alfredo‬‬ ‫‪ )1947-1883( Casella‬واألرغ� ��ن على‬ ‫عازف األرغن فرناندو جرماني ‪Fernando‬‬ ‫‪ ،)1998 -1906( Germani‬وكالهما من‬ ‫كبار الموسيقى الغربية في القرن العشرين‪،‬‬ ‫األول من أبرز مؤلفي القرن واآلخر عازف‬ ‫األرغن في الڤاتيكان‪.‬‬

‫تخرج عرنيطة سنة ‪ 1935‬من أكاديميا‬ ‫ّ‬ ‫سنتا تشيشيليا ونال في ختام دراسته في‬ ‫روما جائزة االرتجال األولى‪ .‬وبعد سنتين‬ ‫سافر إلى لندن يدرس قيادة األوركسترا‬ ‫وال �ك��ورال على الن ��دون روالن ��د ‪Landon‬‬ ‫‪ )1938-1873( Roland‬الذي كان يحمل‬ ‫اللقب الملكي السير (‪ .)Sir‬ونال عرنيطة‬ ‫إج � ��ازة م��درس��ة غ �ي �ل��ده��ول ال�م��وس�ي�ق�ي��ة‬ ‫اللندنية‪.‬‬

‫من فصول الحياة الموسيقية في لبنان‬

‫‪92‬‬

‫سافر وديع الصافي مراراً ‪ ،‬بدءاً من سفرة‬ ‫قصيرة إل��ى حلب سنة ‪( 1941‬س�ح��اب‪،‬‬ ‫‪ )57‬وأخ��رى أط��ول إلى مصر سنة ‪1945‬‬ ‫(‪ 13‬ش�ه��راً )‪ ،‬ثم سافر سنة ‪ 1947‬ثالث‬ ‫سنوات إلى البرازيل‪ .‬وبسبب الحوادث في‬ ‫لبنان سنة ‪ 1958‬سافر إل��ى پاناما وعاد‬ ‫في السنة التالية إلى لبنان ليشارك سنة‬ ‫‪ 1959‬في إحياء ‪‬الليالي اللبنانية‪ ‬ضمن‬ ‫منوع‬ ‫مهرجانات بعلبك الدولية لبرنامج ّ‬ ‫تلحينا‪ :‬األخ ��وان الرحباني‪،‬‬ ‫ش��ارك فيه‬ ‫ً‬ ‫زك ��ي ن��اص �ي��ف‪ ،‬ت��وف�ي��ق ال �ب��اش��ا‪ ،‬فيلمون‬ ‫وهبه‪ ،‬محمد محسن (خليفة‪ .)12 ،‬على‬ ‫(إب���ان‬ ‫أن أط���ول س�ف��ر ل��ه دام ‪ 17‬س�ن��ة ّ‬ ‫الحرب اللبنانية ‪ )1975‬بين القاهرة ولندن‬ ‫(لسنة) فعودة إلى لبنان (فترة قصيرة) ثم‬ ‫مجدداً إلى لندن فپاريس (سحاب‪237 ،‬‬ ‫وخليفة ‪ .)13-12‬وإبان سفراته (ال سيما‬ ‫األولى) كانت أغانيه تدور حول االغتراب‬ ‫المعنى وال��زج��ل (إل �ي��اس وأب��و‬ ‫م��ع أب�ي��ات‬ ‫ّ‬ ‫ج���ودة‪ .)15 ،‬وم��ن ج ��دول أغ�ن�ي��ات ودي��ع‬ ‫ال�ص��اف��ي ف��ي ك�ت��اب ڤكتور س�ح��اب نتبين‬ ‫أغ�ن�ي��ة واح� ��دة‪ :‬ب�ي��ن ال�خ�م��ائ��ل وال��رب��ى‪‬‬ ‫لحنها في البرازيل بين ‪ 1950-1947‬من‬ ‫ّ‬ ‫كلمات إبراهيم البسيط (سحاب‪.)369 ،‬‬ ‫يرجح‬ ‫ولهذا العمل عنوان آخر‪ :‬رؤيا‪ ‬ما ّ‬ ‫أن��ه ع�م��ل دي �ن��ي كتبه األب األرث��وذك �س��ي‬ ‫القبطي إبراهيم البسيط (‪1885‬؟‪،1972-‬‬ ‫فيلم أبونا إبراهيم البسيط)‪ .‬وقد يكون‬ ‫لحن غيرها ف��ي الفترة نفسها‬ ‫الصافي ّ‬ ‫ووردت عناوينها في ال�ج��دول لكن تاريخ‬ ‫تلحينها غير محدد في العمود المخصص‬ ‫لذلك‪ ،‬ما يجعل ه��ذا الكالم مفتقراً إلى‬

‫سند علمي‪ .‬وفي الجدول نفسه أغنيتان‬ ‫من ‪( 1958‬سنة سفره إلى پاناما)‪ ،‬األولى‪:‬‬ ‫‪‬رمشة َعي ِنك‪ ‬كلمات ولحن زكي ناصيف‬ ‫ت��اري �خ �ه��ا ‪( 1958/3/3‬س� �ح ��اب‪)373 ،‬‬ ‫واألخ��رى ‪‬يا عيني دوقي الهنا‪ ‬لم ُيذكر‬ ‫ناظمها وملحنها‪ ،‬تاريخها ‪1958/4/22‬‬ ‫(سحاب‪ .)379 ،‬وتاريخ األغنيتين سبق‬ ‫غناهما قبل سفره‬ ‫أح��داث ‪ 1958‬أي أنه ّ‬ ‫إلى پاناما‪.‬‬

‫ب�ع��د ح� ��وادث ‪ 1958‬وع��ودت��ه م��ن پ��ان��ام��ا‬ ‫دخ��ل ودي ��ع ال�ص��اف��ي مرحلته ال�س��ادس��ة‪،‬‬ ‫ودخ��ل معها الفن الغنائي اللبناني عصراً‬ ‫ذهبياً بفضل مهرجانات بعلبك سنة ‪1959‬‬ ‫(‪‬الليالي اللبنانية‪ )‬استمر حتى ‪.1975‬‬ ‫ول���م ي� �ش ��ارك ال �ص��اف��ي ف ��ي م �ه��رج��ان��ات‬ ‫بعلبك ال��دول�ي��ة وحسب (‪،1960 ،1959‬‬ ‫‪ ،)1974 ،1973 ،1964‬بل في مهرجان‬ ‫األن��وار (‪ )1960‬ومهرجان جبيل (‪)1960‬‬ ‫ومهرجان األرز (‪ )1963‬ومهرجان ‪‬نهر‬ ‫الوفا‪ )1965( ‬ومهرجان مزيارة (‪)1966‬‬ ‫ومهرجانات بيت الدين (‪،1971 ،1970‬‬ ‫وأدى في تلك المهرجانات أغنيات‬ ‫‪ّ ،)1975‬‬ ‫ناجحة جداً من تلحينه‪ ،‬أبرزها ‪‬لبنان يا‬ ‫قطعة سما‪ ‬كلمات يونس اإلبن (‪)1960‬‬ ‫وأداء‪،‬‬ ‫تفوق فيها حتى على نفسه لحناً‬ ‫ً‬ ‫فكانت كأنها الينبوع تيمناً بالقول ‪‬فجر‬ ‫اهلل ينابيع الحكمة على لسانه‪.‬‬

‫بقيت دون المستوى الذي‬ ‫والتقدير‪ ،‬لكنها َ‬ ‫يستحقه فنان بهذه القامة‪.‬‬

‫‪93‬‬


‫‪94‬‬ ‫د‪ .‬كفاح فاخوري‬

‫سلڤادور عرنيطة‪ :‬مؤلف ‪ 204‬مقطوعات كالسيكية‬

‫تعين عرنيطة م��دي��ر القسم‬ ‫سنة ‪ّ 1937‬‬ ‫الموسيقي في جمعية الشبان المسيحية‬ ‫(‪ )YMCA‬في القدس التي غادرها في سنة‬ ‫النكبة (‪ )1948‬إل��ى ب�ي��روت ملتحقاً فيها‬ ‫سنة ‪ 1949‬بأسرة التدريس في الجامعة‬ ‫�درس إل��ى أستاذ‬ ‫األميركية ف�ت��درج م��ن م � ّ‬ ‫مساعد فأستاذ مشارك فأستاذ كرسي‪.‬‬ ‫ت رئاسة القسم‬ ‫وإل��ى التدريس تولى م��را ٍ‬ ‫الموسيقي‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1955‬أمضى سنة دراسية في جامعة‬ ‫هارڤرد ق��اد خاللها أوركسترا بيتسبورغ‬ ‫السمفونية وأورك �س �ت��را ت��ان�غ�ل��وود‪ ،‬وق� ّ�دم‬ ‫ح�ف�لات على األرغ ��ن ف��ي ق��اع��ة ه��ارڤ��رد‬ ‫ميموريـال وقاعة كريسكي‪.‬‬ ‫تعين عضواً في لجنة التأليف‬ ‫سنة ‪ّ 1955‬‬ ‫الموسيقي ال��دول�ي��ة‪ ،‬وع �ض��واً ف��ي رابطة‬

‫س �ن��ة ‪ 1965‬ن� ��ال ال �ج��وائ��ز‬ ‫ال�ث�لاث األول ��ى ف��ي مسابقة‬ ‫التأليف الموسيقي الثانية‬ ‫التي نظمتها جمعية الشبيبة‬ ‫الموسيقية في بيروت وكان‬ ‫أع �ض��اء لجنة التحكيم من‬ ‫بلجيكا وف��رن �س��ا وإس�پ��ان�ي��ا‬ ‫وپولندة وتركيا‪.‬‬

‫بلغت مؤلفاته الموسيقية ‪ ،204‬بينها ‪3‬‬ ‫سيمفونيات‪ 4 ،‬كونشرتات للبيانو واألرغن‬ ‫والفلوت والڤيوال‪ ،‬متتاليتان (‪10 ،)suites‬‬ ‫مقدمات (‪ )preludes‬للپيانو‪ ،‬سوناتاتان‬ ‫للپيانو‪ 4 ،‬مقدمات وفوغ لألرغن‪ ،‬رباعيتان‬ ‫�لأوب� َ�وا واألوركسترا‬ ‫وتريتان‪ 4 ،‬ريفيات ل ْ‬ ‫فازت إحداها بالجائزة األول��ى التي سبق‬ ‫ذكرها‪ 7 ،‬رقصات شرقية‪ 45 ،‬مقطوعة‬ ‫ك��ورال �ي��ة ل �ل �ك��ورال واألورك� �س� �ت ��را‪ ،‬ووض��ع‬ ‫سنة ‪ 1966‬نشيداً كورالياً في ذك��رى مئة‬ ‫سنة على تأسيس الجامعة األميركية في‬ ‫بيروت‪.‬‬

‫م��ؤل�ف��ات��ه ُع��زفَ ��ت ف��ي ال ��والي ��ات المتحدة‬ ‫وأوروب� � ��ا وأس �ت��رال �ي��ا وال� �ش ��رق األوس� ��ط‪.‬‬ ‫وم�� ��ن أه�� ��م ال � �ف� ��رق ال��م��وس��ي��ق��ي��ة ال �ت��ي‬ ‫أدت أع �م��ال��ه‪ :‬أورك �س �ت��را ه�ي�ئ��ة اإلذاع� ��ة‬

‫وه��و ق��اد فرقاً موسيقية‪ ،‬منها أوركسترا‬ ‫غ�ي�ل��ده��ول السمفونية (‪ 1936‬و‪)1938‬‬ ‫وأوركسترا راديو القدس (‪ 1941‬إلى ‪)1947‬‬ ‫وأورك�س�ت��را ال�ق��اه��رة السمفونية (‪)1966‬‬ ‫وأورك�س�ت��را برلين السمفونية وأوركسترا‬ ‫هالي السمفونية وأوركسترا راديو تورينو‪،‬‬ ‫إال أن بيان سيرته لم يحدد متى كان ذلك‪.‬‬

‫تقاعد من الجامعة عند بلوغه الخامسة‬ ‫والستين فسافر وزوجته الباحثة الموسيقية‬ ‫يسرى جوهرية عرنيطة إلى األردن وتوفي‬ ‫بالسرطان في عمان (‪.)1985/3/14‬‬

‫كان يفاخر بقدرته على االرتجال اكتسبه‬ ‫من تخصصه في العزف على األرغن ومن‬ ‫دراسته التأليف الموسيقي‪ .‬وك��ان يذكر‬ ‫أن حين كان طالباً طالما ُطلب إليه‬ ‫لطالبه ْ‬ ‫ارت�ج��ال مقطوعة موسيقية للپيانو على‬ ‫نسق موسيقى ب��اخ أو م��وزار أو بيتهوفن‬ ‫أو ديبوسي أو غيرهم‪ .‬وإذ يتحداه طالبه‬ ‫ُليثْ بت‪ ،‬ك��ان يبدأ بارتجال مبهر بعد أن‬ ‫يحدد أحدهم اللحن األساسي‪.‬‬

‫موسيقي‬ ‫كان يؤمن بأن الموهبة بال علم‬ ‫ّ‬ ‫تميزت‬ ‫مهما‬ ‫ال تجعل من الفرد موسيقياً‬ ‫ّ‬ ‫موهبته‪ ،‬والعلم الموسيقي بال موهبة ال‬ ‫يجعل من الفرد موسيقياً مهما تقدم علْ مه‪.‬‬ ‫المطلوب في نظره توافُ ُر الموهبة والعلم‬ ‫معاً ‪ .‬وكان يرى أن من ينطبق عليهم لقب‬ ‫‪‬موسيقي‪ ‬في البالد العربية ال يتجاوزون‬ ‫عدد أصابع اليد الواحدة‪.‬‬

‫لم يؤلف سلڤادور عرنيطة إال موسيقى‬ ‫ذات طابع أكاديمي رص�ي��ن‪ ،‬تماماً على‬ ‫خطى كبار مؤلفي موسيقى التراث الغربي‬ ‫من عصر الباروك إلى القرن العشرين‪.‬‬ ‫تهمه الشهرة بل إرض��اء قناعته‬ ‫لم تكن ّ‬ ‫كموسيقي متطلّ ب ال يتهاون مع نفسه‪ .‬كان‬ ‫ّ‬ ‫يقدم كل سنة حفلتين موسيقيتين‪ :‬أولى‬ ‫ف��ي عيد الميالد واألخ ��رى ف��ي الفصح‪،‬‬ ‫يحييها ك��ورال الجامعة (نحو ‪ 60‬منشداً‬ ‫وم �ن �ش��دة م�ع�ظ�م�ه��م م��ن ط�ل�ب��ة ال�ج��ام�ع��ة‬ ‫األم �ي��رك �ي��ة وخ��ري�ج�ي�ه��ا وال�م�ق�ي�م�ي��ن في‬ ‫محيطها من األج��ان��ب)‪ .‬وكانت تصاحب‬ ‫الكورال فرقة موسيقية تكبر وتصغر وفق‬ ‫ما توفر له الجامعة من ميزانية للعازفين‪.‬‬ ‫يطعم برنامجه‬ ‫وكان في معظم الحفالت ّ‬ ‫ب��واح��دة أو أك�ث��ر م��ن مقطوعاته يكتبها‬ ‫خصيصاً للكورال أو للفرقة الموسيقية أو‬ ‫لالثنين م�ع��اً ‪ .‬ول��م يكن يكتفي ف��ي نهاية‬ ‫الحفلة بتصفيق الجمهور ووقوفهم صفاً‬

‫من فصول الحياة الموسيقية في لبنان‬

‫ع��ازف��ي األرغ� ��ن األم�ي��رك�ي��ة‬ ‫(س� � �ن � ��ة االل� � �ت� � �ح�� ��اق غ �ي��ر‬ ‫محددة)‪ ،‬وسنة ‪ 1960‬عضواً‬ ‫في مجلس الفنون الشعبية‬ ‫الدولية‪ ،‬وسنة ‪ 1969‬عضواً‬ ‫ف���ي ال �ج �م �ع �ي��ة األم �ي��رك �ي��ة‬ ‫ل �ل�أس� ��ات� ��ذة ال �ج��ام �ع �ي �ي��ن‪،‬‬ ‫وك � ��ان ع� �ض ��واً ف ��ي جمعية‬ ‫المؤلفين والملحنين وناشري‬ ‫الموسيقى (‪‬س��اس�ي��م‪ ‬في‬ ‫پاريس)‪.‬‬

‫البريطانية (‪ )BBC‬وأورك �س �ت��را پيتسبرغ‬ ‫وأورك�س�ت��را برلين السمفونية وأوركسترا‬ ‫رادي ��و تورينو وأورك �س �ت��را ‪ PTT‬الفرنسية‬ ‫و‪ INR‬ال�ب�ل�ج�ي�ك�ي��ة وأورك� �س� �ت ��را س�ي��دن��ي‬ ‫ال �س �م �ف��ون �ي��ة وأورك� �س� �ت ��را رادي�� ��و وارس� ��و‬ ‫وأوركسترا القاهرة السمفونية وأوركسترا‬ ‫راديو ڤيينا‪.‬‬

‫كان سلڤادور عرنيطة مؤلفاً موسيقياً بارعاً‬ ‫بحسب ت�ع��ري��ف ال �م��ؤل��ف ال�م��وس�ي�ق��ي في‬ ‫التراث الموسيقي الكالسيكي الغربي‪ .‬كان‬ ‫متمكناً من كل متطلبات التأليف الموسيقي‬ ‫موهبة وعلْ ماً ‪ .‬وبدا ذلك واضحاً حين كلفه‬ ‫قسم الفنون في المركز التربوي للبحوث‬ ‫واإلنماء تأليف مقطوعة ألوركسترا طلبة‬ ‫السنة األولى في دار معلمي ومعلمات الفنون‬ ‫�درس��ي ال�م��وس�ي�ق��ى ل�ل�م��دارس‬ ‫(إلع� ��داد م� ّ‬ ‫الرسمية في لبنان)‪ ،‬فكتب مقطوعة بسيطة‬ ‫لكن فيها كل مقومات المقطوعة الموسيقية‬ ‫المتماسكة‪ ،‬ظهرت فيها قدرته على التأليف‬ ‫ال�م��وس�ي�ق��ي للمبتدئين بمثل ق��درت��ه في‬ ‫التأليف للمحترفين‪ .‬وذلك يرجع إلى خبرة‬ ‫طويلة اكتسبها من تأليف مقطوعات غنائية‬ ‫لكورال طلبة الجامعة األميركية في بيروت‬ ‫وجلُّ هم هواة يتغيرون سنة بعد أخرى‪.‬‬

‫‪95‬‬


‫التراث‬ ‫وي‬ ‫اللبناني َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َف ّ‬ ‫ُّ‬

‫طويال خلف المسرح لتهنئته بل يحرص‬ ‫ً‬ ‫على رأي ك� ٍّ�ل منهم‪ ،‬خصوصاً إن كانوا‬ ‫الحظوا تفاصيل عمله أو تفاصيل أخرى‬ ‫يكون ّرك��ز عليها أثناء التدريبات‪ .‬وكان‬ ‫يتضايق ممن يكتفون بمدح الحفلة بدون‬ ‫تبرير ذلك عملياً ‪.‬‬

‫وب �ق� ْ�د ِرم��ا ك��ان س�ل�ڤ��ادور عرنيطة ع��ازف‬ ‫أرغ��ن ماهراً متمكناً وق��ادراً على التحكم‬ ‫ب �ه��ذه اآلل ��ة ال�م�ع�ق��دة ن�س�ب�ي��اً ‪ ،‬ك��ان يجهل‬ ‫تشغيل أجهزة أخرى أبسط بكثير‪ ،‬كتركيب‬

‫الشريط في جهاز التسجيل لسماع أحد‬ ‫أعماله‪.‬‬ ‫ومن المفارقات أن ينال وديع الصافي من‬ ‫وكرس‬ ‫التقدير والشهرة ما يستحقه طبعاً ّ‬ ‫فنه ألجيال مقبلة‪ ،‬فيما لم ينل سلڤادور‬ ‫عرنيطة ما يستحقه من تقدير وشهرة‪.‬‬ ‫هل ألن األول حلّ ق عالياً فوق سربه وخط‬ ‫م �س��اره ال ��رائ ��ع‪ ،‬فيما غ ��رد اآلخ���ر خ��ارج‬ ‫السرب؟‬

‫المراجع‬ ‫‪96‬‬ ‫د‪ .‬كفاح فاخوري‬

‫ •إل �ي��اس‪ ،‬ع�ف��اف وك ��ارول نصر اهلل أب��و ج��ودة‪،‬‬ ‫ودي��ع الصافي‪ ،‬سلسلة أع�لام الموسيقى والغناء‬ ‫في لبنان ‪ ،4 -‬منشورات جامعة ال��روح القدس‪،‬‬ ‫الكسليك‪.2008 ،‬‬ ‫ •حتي‪ ،‬فيليب‪ ،‬تاريخ لبنان‪ :‬منذ أقدم العصور‬ ‫التاريخية إلى عصرنا الحاضر‪ ،‬تر‪ .‬أنيس فريحة‪،‬‬ ‫ط‪ .‬ثالثة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪.1978 ،‬‬ ‫ •خ�ل�ي�ف��ة‪ ،‬رب �ي��ع م�ح�م��د‪ ،‬ودي ��ع ال �ص��اف��ي حياته‬ ‫وأغانيه‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪،‬‬ ‫‪.2002‬‬ ‫ •س� ّ�ح��اب‪ ،‬فكتور ‪ ،‬ودي��ع ال�ص��اف��ي‪ ،‬دار كلمات‬ ‫للنشر‪ ،‬بيروت‪.1996 ،‬‬

‫ •س ��وق ع �ك��اظ ‪ ،2002‬ح���وار ال �ح �ض��ارات في‬ ‫التغير‪ ،‬مركز الشرق األوسط األردني‬ ‫عالم سريع‬ ‫ّ‬ ‫للثقافة والتطوير‪ ،‬عمان‪،2002 ،‬‬ ‫ •فاخوري‪ ،‬كفاح‪ ،‬سلڤادور ويسرى عرنيطة‪،‬‬ ‫مؤتمر ‪‬موسيقيون من القدس‪ ،‬الجامعة األردنية‪،‬‬ ‫عمان‪( 2009/11/25 ،‬مستنسخ)‪.‬‬ ‫ •ف � �ي � �ل� ��م ‪‬أب� � � ��ون� � � ��ا اب� � ��راه � � �ي� � ��م ال� �ب� �س� �ي���ط‪‬‬

‫‪h tt p : / / w w w. y o u t u b e . c o m / wa t ch ? v = -‬‬

‫‪.)2014/7/3( QnMmdrXBf0‬‬ ‫ •م��وس��وع��ة ‪‬م�ق��ات��ل م��ن ال �ص �ح��راء‪ ،‬المبحث‬ ‫السابع‪ ،‬أزمة ‪ ،1958‬والتهيئة لحرب أهلية‪‬‬ ‫ •‪http://www.moqatel.com/openshare/‬‬ ‫_‪Behoth/Siasia21/HarbLebnan/sec09.doc‬‬ ‫‪.)2014/7/3( cvt.htm‬‬

‫التراث الفولكلوري الشعبي‬ ‫كما تناوله األ َ َ‬ ‫خوان رحباني‬ ‫من مطلع االحتراف (‪)1948‬‬ ‫إلى ‪‬قصيدة حب‪)1973( ‬‬ ‫ • ُو ِلد في صيدا (‪.)1962‬‬

‫محمود الزيباوي‬

‫ •درس الفنون التراثية المسيحية وأصدر ‪‬األيقونة‪ ،‬معناها‬ ‫وت��اري�خ�ه��ا‪( ‬پ��اري��س ‪ُ 1993‬وت��رج��م إل��ى ‪ 6‬ل �غ��ات) وبعده‬ ‫‪‬مشارق مسيحية بين بيزنطيا واإلس�لام‪ُ 1995( ‬وترجم‬ ‫إلى ‪ 4‬لغات)‪ ،‬و‪‬الفن المسيحي األول‪(ُ ‬ترجم إلى ‪ 3‬لغات)‪.‬‬

‫ •نال من السوربون (‪ )2002‬دكتوراه في تاريخ الفنون على‬ ‫أطروحته ‪‬أقدم الجداريات المسيحية في مصر‪.‬‬

‫ •درس الفنون القبطية وأصدر عنها (بين ‪ 2003‬و‪ )2006‬في‬ ‫‪‬صور من مصر المسيحية‪ ،‬جداريات من‬ ‫فرنسا وإيطاليا‬ ‫َ‬ ‫واحة البجوات‪ ،‬األقباط‪ ،‬كنيسة شعب الفراعنة‪.‬‬

‫ •أصدر له ‪‬المركز الوطني للدراسات العلمية‪ ‬في پاريس‬ ‫كتابه عن جداريات كنائس سوريا ولبنان في القرون الوسطى‪.‬‬ ‫ •له في ملحق ‪‬النهار‪ ‬مقال أسبوعي منذ ‪.2003‬‬

‫تناول األخ��وان عاصي ومنصور الرحباني أغاني ومواويل وقصائد زجلية‬ ‫وطوراه إلى الحداثة كتاب ًة وتوزيعاً‬ ‫من التراث الشعبي‬ ‫َ‬ ‫المتداول منذ ُعقود‪َّ ،‬‬ ‫ومردديه‪.‬‬ ‫موسيقياً فحماله إلى جمهور اليوم كي ال يندثر مع أصحابه‬ ‫ِّ‬

‫غيروا جذوعه بل شذّ باه أنيقاً بـ‪‬إعدادهما‪ ،‬كما‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫يخلخال ج��ذوره وال ّ‬ ‫يوضح الخبير عميقاً في فنهما الزميل محمود الزيباوي‪.‬‬

‫‪97‬‬


‫‪98‬‬ ‫محمود الزيباوي‬

‫ثالثي النهضة الموسيقية اللبنانية الحديثة‪ :‬عاصي ومنصور‬ ‫�دادا وتلحينً ا) و فيروز (صوتً ا حمل اإلبداع‬ ‫(نصا وإع� ً‬ ‫الرحباني ً‬ ‫الرحباني الى آخر الدنيا)‬

‫قدم األخوان رحباني‪ ،‬ضمن‬ ‫‪ّ 1973‬‬ ‫صيف‬ ‫ليالي مهرجانات بعلبك‪ ،‬قصيدة‬ ‫تضمنت مجموعة‬ ‫ح��ب‪ :‬سهرة منوعات‬ ‫ّ‬ ‫‪‬يلبق ِلك َشك األلماس‪‬‬ ‫أغا ٍن جديدة بينها‬ ‫ْ‬ ‫ّأدت �ه��ا ف �ي��روز‪ .‬ف �ص��درت مجلة ‪‬الشبكة‪‬‬ ‫ناشر ًة في زاويتها ‪‬إذاع��ة وتلفزيون‪ ‬كلمة‬ ‫أن هذه‬ ‫للصحافي أنطوان بارود ّادعى فيها ّ‬ ‫‪‬ت َعا َع‬ ‫مقت َبسة من قَ ٍّد حلبي اسمه َ‬ ‫األغنية َ‬ ‫رد منصور الرحباني‬ ‫َ‬ ‫الفي‪ .‬بعد أُ سبوعين ّ‬ ‫بأن ‪‬مليون مطرب سبق‬ ‫في المجلة نفسها ّ‬ ‫‪‬يلبقلك شك األل�م��اس‪ ‬بالمطلع‬ ‫أن غنوا‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ذاته‪ ،‬وهي من القدود الحلبية القديمة‪ ،‬ولم‬ ‫يذكر األخوان رحباني أنهما أَ لَّ فا أو لَ َّـحنا هذا‬ ‫القد‪ ،‬بل ذَ َكرا على غالف األسطوانة أنه من‬ ‫ّ‬ ‫حرر‪.‬‬ ‫‪‬إعداد األخوين رحباني‪ .‬وللبيان ّ‬

‫منصور‪.‬‬

‫وال �م �ع��روف أن األخ��وي��ن عاصي‬ ‫ومنصور الرحباني بدآ مشوارهما‬ ‫الفني في منتصف األربعينات ثم‬ ‫تفرغا له كلياً بعد بضع سنوات‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وفيما ك��ان ع��اص��ي ش��رط�ي��اً في‬ ‫بلدية أنطلياس (‪ )1938‬ومنصور‬ ‫ش��رط��ي��اً ق �ض��ائ �ي��اً ف ��ي ب �ي��روت‬ ‫ـحد الوظيفة من‬ ‫(‪ )1939‬ل��م ت َّ‬ ‫دخولهما عالم الشعر والموسيقى‬ ‫والغناء‪ .‬وبعدما تسلّ م فؤاد قاسم‬ ‫إدارة اإلذاعة اللبنانية (‪ )1948‬ت َّـم‬ ‫في السنة ذاتها توظيف عاصي‬ ‫رسمياً في اإلذاعة ‪‬عازف كمان‬ ‫وم �ل� ّ�ح��ن أرك � ��ان‪( ‬ال ��رك ��ن ف�ق��رة‬ ‫م��ن أرب��ع أغ�ن�ي��ات) ش��ارك��ه فيها‬

‫أقدم ظهور مطبوع السم ‪‬رحباني‪ ‬كان في‬ ‫‪ 19‬آذار ‪ 1948‬ضمن فقرة موسيقية جمعت‬ ‫عاصي على الكمان إلى بهيج ميقاتي على‬ ‫العود‪ .‬وبعد أسبوعين ظهر االسم مرة ثانية‬ ‫ف��ي ‪ 2‬نيسان ف��ي ف�ق��رة موسيقية جمعت‬ ‫عاصي على الكمان إلى قسطنطين شويتي‬ ‫(ب��دل بهيج ميقاتي)‪ .‬وف��ي ج��دول برامج‬ ‫األسبوع التالي ترد عبارة ‪‬فرقة الرحباني‬ ‫في أغ��ان منوعة‪ ‬ضمن فترة من عشرين‬ ‫دقيقة بين الساعة ‪ 9:40‬والساعة ‪.10:00‬‬ ‫تحول ه��ذا الموعد برنامجاً أسبوعياً‬ ‫ثم ّ‬ ‫غير أننا لم نجد أي تعريف بأعضاء هذه‬ ‫‪‬الفرقة‪.‬‬

‫أن كانت األعمال‬ ‫ومن أج��واء تلك الفترة ْ‬ ‫ُ‬ ‫الرحبانية األول ��ى مما ل��م تألفه األذن‪.‬‬ ‫رف ��ض ك� ��ورس اإلذاع � ��ة ال �م �ش��ارك��ة فيها‬ ‫فجاء عاصي ومنصور بشقيقتهما سلوى‬ ‫وسمياها ‪‬المطربة نجوى‪ ‬فأخذت تؤدي‬ ‫بث إذاعي حي مباشر على‬ ‫أعمالهما في ّ‬ ‫المسبق‪.‬‬ ‫الهواء قبل أن يظهر التسجيل‬ ‫َ‬

‫لدى ذي��وع تلك األعمال األول��ى (معظمها‬ ‫منسي) جذبت انتباه صبري الشريف‬ ‫اليوم‬ ‫ّ‬ ‫(ي��وم �ه��ا رئ �ي��س ال �ق �س��م ال �م��وس �ي �ق��ي في‬ ‫‪‬محطة الشرق األدن��ى لإلذاعة العربية‪‬‬ ‫التابعة لوزارة الخارجية البريطانية) فجاء‬ ‫من قبرص إلى بيروت ووقّ ��ع مع األخوين‬ ‫رحباني ات�ف��اق��اً لتسجيل مجموعة أغ��ا ٍن‬ ‫لصالح ه��ذه المحطة‪ .‬وأخ��ذت أعمالهما‬ ‫م�ن��ذ ‪ 1949‬ت �ص��در م��ن ‪‬إذاع � ��ة ال�ش��رق‬ ‫األدنى‪ ‬بصوت شقيقتهما سلوى كذلك‪.‬‬

‫بعد فترة وج�ي��زة انتقلت مكاتب ‪‬إذاع��ة‬ ‫الشرق األدنى‪ ‬إلى بيروت فعرف األخوان‬ ‫رح��ب��ان��ي م ��ن خ�لال �ه��ا ان� �ت� �ش ��اراً واس��ع��اً‬ ‫ألع�م��ال�ه�م��ا‪ .‬وك��ان��ت ل�ه��ذه اإلذاع� ��ة مجلة‬ ‫باسمها (ظلت تصدر حتى إقفال اإلذاعة إثر‬ ‫االعتداء الثالثي سنة ‪ )1956‬ومن جداول‬ ‫البرامج ال ُـمذاعة المنشورة فيها يمكن َت َت ُّبع‬ ‫مسيرة األخوين رحباني‪ .‬في منتصف أيار‬ ‫‪ 1949‬ظهر اس��م ‪‬األخ��وان رحباني‪ ‬في‬ ‫فقرة بعنوان ‪‬أغان خفيفة‪ ‬وتكرر موعدها‬ ‫كبيرين من‬ ‫طيلة أسابيع‪ ،‬وأثارت إعجاب َ‬ ‫العاملين في الحقل الموسيقي العربي‪:‬‬

‫ت �ع� ّ�رف ع��اص��ي إل ��ى ف �ي��روز ف��ي اإلذاع���ة‬ ‫وتشكل الثالثي عاصي منصور‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‬ ‫�وال ج ��ذري ��اً في‬ ‫ف��ي��روز ت �ع��اونً ��ا رس ��م ت��ح� ً‬ ‫مسيرتها‪ .‬تتضارب اآلراء حول بداية هذا‬ ‫ال �ت �ع��اون‪ ،‬ويتطلب ه��ذا ال �م��وض��وع بحثاً‬ ‫تحول‬ ‫ً‬ ‫مستقال‪ .‬لكن الثابت أن ال�ت�ع��اون ّ‬ ‫شراكة كاملة منذ ‪ ،1952‬وص��وت فيروز‬ ‫منذئذ بات صوت األخوين الرحباني‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫أول أغنية رحبانية لفيروز كانت قصيدة‬ ‫‪‬حبذا يا غروب‪ ‬من شعر قبالن مكرزل‪،‬‬ ‫تلتها سلسلة طويلة من األغاني واللوحات‬ ‫الغنائية ت��وزع��ت على اإلذاع� ��ة اللبنانية‬ ‫وإذاع��ة الشرق األدن��ى واإلذاع��ة السورية‪.‬‬ ‫وفي مطلع ‪ 1952‬كتبت مجلة ‪‬الفن‪ ‬في‬ ‫القاهرة‪ :‬أصبح إنتاج األستاذين عاصي‬ ‫ومنصور الرحباني يمأل برامج محطات‬ ‫اإلذاعة في لبنان ودمشق والشرق األدنى‪.‬‬ ‫وق ��د ف��اوض� ْ�ت �ه �م��ا أخ� �ي ��راً م�ح�ط��ة ب �غ��داد‬ ‫لتسجيل ع��دة اسكتشات وأغنيات بأجر‬ ‫وتلقت المطربة الشابة فيروز ‪-‬‬ ‫ممتاز‪ّ ،‬‬ ‫وهي كوكب البرامج الرحبانية ‪ -‬رسالة من‬ ‫الموسيقار العالمي إدواردو بيانكو يعرض‬ ‫فيها عليها إقامة عدة حفالت في مسارح‬ ‫ن�ي��وي��ورك وپ��اري��س‪ ،‬بعد أن سجلت أثناء‬ ‫وج ��وده ف��ي لبنان بعض أغانيه العالمية‬ ‫ووفّ �ق��ت ف��ي غنائها كل‬ ‫بصوتها الساحر ُ‬ ‫التوفيق‪.‬‬

‫في أيار ‪ 1953‬نشرت مجلة ‪‬االثنين‪ ‬في‬ ‫ال �ق��اه��رة أي �ض��اً ع �ن��وان ‪‬ك��وك��ب اإلذاع� ��ات‬ ‫أن ‪‬محطات لبنان‬ ‫العربية الجديد‪ ‬ذاكر ًة ّ‬ ‫والشرق األدنى باتت تذيع يومياً ثالث أغنيات‬ ‫وأن ‪‬هذا العدد يبلغ‬ ‫على األقل لفيروز‪ّ ،‬‬

‫التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األ َ َ‬ ‫خوان رحباني‬

‫فعال‬ ‫ف��ي ه ��ذا ال �س �ي��اق َي�ص�ع��ب ً‬ ‫إحصاء األعمال التي ‪‬من إعداد‪‬‬ ‫األخوين رحباني ‪ -‬منذ احترافهما‬ ‫الفن إلى عهد ‪‬قصيدة حب‪- ‬‬ ‫استمداها من أعمال تراثية أو‬ ‫ّ‬ ‫فولكلورية أو شعبية قديمة غالباً‬ ‫والملحنين‪.‬‬ ‫مجهولة المؤلفين‬ ‫ّ‬

‫ولما أخذت أعمال األخوين تتكاثر‪ ،‬استقال‬ ‫منصور م��ن سلك الشرطة كما ج��اء في‬ ‫خبر نشرته مجلة ‪‬الصياد‪( ‬كانون الثاني‬ ‫‪ :)1953‬ت ��رك السيد منصور رحباني‬ ‫عمله في البوليس وانصرف الى مشاركة‬ ‫شقيقه عاصي في التأليف والتلحين‪.‬‬

‫مدحت عاصم وعبد الحليم نويرة‪ ،‬وظهر‬ ‫إعجابهما في مقاالتهما لـمجلة اإلذاعة في‬ ‫باب ‪‬برامجنا في ميزان النقد‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫ال�ش��ري��ط األول رق �م��ه ‪ 1935‬وف �ي��ه أرب��ع‬ ‫أغنيات ه��ي بحسب تسلسلها‪ :‬ميجانا‬ ‫و‪‬يال‬ ‫الزينو‪ّ ،‬‬ ‫‪‬ع َّ‬ ‫وعتابا‪ ،‬يا هويدلك‪َ ،‬‬ ‫نلم زهور‪ .‬األغنية الرابعة تبدو رحبانية‬ ‫ّ‬ ‫غير تراثية لكن الثالث األول ْ‬ ‫قطعاً من‬ ‫ت أغا ٍن‬ ‫إعدادهما‪ ،‬فكلماتها مغاير ٌة كلما ِ‬ ‫شبيهة أع� ّ�داه��ا الح �ق��اً ‪ ،‬منها (م �ث� ً�اال ال‬ ‫ٍ‬ ‫‪‬ع الزينو‪ ‬ف��ي صيغتها‬ ‫ح�ص��راً ) كلمات َ‬ ‫‪‬الشامية‪ ‬األولى‪:‬‬

‫محمود الزيباوي‬

‫َع الزينو الزينو الزينو ‬ ‫فيه ِع ْ��ش َ��ره بيني وبينو‬ ‫ ‬ ‫مهما يحكو عن وليفي ‬ ‫وحياة عينو‬ ‫ ‬ ‫ما ْبخونو ْ‬ ‫يفه‬ ‫ ‬ ‫مرجاتو خضرة َو ِر ِ‬ ‫ولطيفه‬ ‫حلوه‬ ‫نفحاتو‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الظريفه ‬ ‫لفتاتو السحر‬ ‫ِ‬ ‫ ‬ ‫بتموج ْب َ��ل ْ��م��ح��ات عينو‬ ‫ ‬ ‫طويله‬ ‫في ِإلنا ْليالي‬ ‫ِ‬ ‫الظليله‬ ‫ ‬ ‫ْب َروضات الحب‬ ‫ِ‬ ‫نغمه‬ ‫جميله ‬ ‫ِ‬ ‫بدي شي ِ‬ ‫���س���واد عينو‬ ‫ ‬ ‫ت��ت��غ َّ��زل ِب ْ‬ ‫ ‬ ‫ان جيت ْل ِحمانا‬ ‫يا ولفي ْ‬ ‫تعرف وفانا‬ ‫ ‬ ‫ْب َ‬ ‫وب ِ‬ ‫تسعد ْ‬ ‫بليل ْة هوانا ‬ ‫بتغني ِ‬ ‫ّ‬ ‫َع الزينو الزينو الزينو‬ ‫ ‬ ‫اآلخ ��ر رق� ُ�م��ه ‪ 2023‬وف�ي��ه ست‬ ‫ال�ش��ري��ط َ‬ ‫ف��ق��رات م �ت��راب �ط��ة‪ :‬م ��ن أرض� �ن ��ا‪ ،‬ي��ا‬ ‫ب��و ال �م �ي �ج��ان��ا‪ ،‬ي ��اب ��اال الال‪ ،‬أغ��ان��ي‬ ‫‪‬ب� �ك���را ب� �ت ��رج ��ع‪ ،‬ب �ي �ت �ن��ا‪،‬‬ ‫ال ��دب� �ك ��ة‪ُ ،‬‬ ‫‪‬دل� �ع ��ون ��ا‪ ،‬زه � ��ور ج �ن �ي �ن �ت �ن��ا‪ ،‬ي���ا ّام‬ ‫مقطوعات تستلهم وتعيد‬ ‫التنوره‪ .‬وهي‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫ه��ذه المغامرة واصلها األخ ��وان رحباني‬ ‫وسجال في منتصف الخمسينات مجموعة‬ ‫ّ‬ ‫أغ� ��ا ٍن م��ن ه ��ذا ال�ص�ن��ف ل�ح�س��اب شركة‬ ‫‪‬ص ��وت ال �ش��رق‪ ‬ف��ي س �ت��ودي� َ�وات محطة‬ ‫‪‬الشرق األدنى‪ ‬وشاعت على أسطوانات‬ ‫وال ت���زال ح�ت��ى ال �ي��وم ح� ّ�ي��ة ف��ي ال��ذاك��رة‬ ‫الجماعية وأُ عيد طبعها مراراً ‪.‬‬

‫بعض هذه األعمال يعتمد بشكل أساسي‬ ‫ويصح‬ ‫على ألحان تقليدية من الماضي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إدراج�ه��ا ‪‬م��ن إع��داد األخ��وي��ن رحباني‪،‬‬ ‫‪‬ع‬ ‫منها ‪‬البنت‬ ‫الشلبية‪ ،‬ي��ا غ��زي��ل‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الليا‪ ،‬يا ْح َــن ِّــي َــنــه‪...،‬‬ ‫الزينو‪ ،‬هال ال ّ‬ ‫وي�ص�ع��ب ت�ح��دي��د األغ��ان��ي األص�ل�ي��ة التي‬ ‫شكلت أس��اس ه��ذه األع �م��ال الرحبانية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لغياب تسجيالت قديمة لهذه األغ��ان��ي‪.‬‬ ‫كتيبات‬ ‫سوى أننا نجد نصوصاً لبعضها في ّ‬ ‫قديمة من العشرينات عنوانها ‪‬مجموعة‬ ‫األغاني واألناشيد‪ .‬نص ‪‬البنت الشلبية‪‬‬

‫التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األ َ َ‬ ‫خوان رحباني‬

‫‪100‬‬

‫العشر أحياناً في‬ ‫برنامج ‪‬ما يطلبه‬ ‫ال �م �س �ت �م �ع��ون‪.‬‬ ‫وتضيف المجلة‬ ‫أن ه��ذه المغنية‬ ‫ّ‬ ‫صبية ال‬ ‫‪‬ك��ان��ت‬ ‫ّ‬ ‫ت� ��زال ط��ال�ب��ة في‬ ‫يحمر‬ ‫المدرسة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خجال إذا‬ ‫وجهها‬ ‫ً‬ ‫ق� ��ال ل��ه��ا أح���د‪:‬‬ ‫‪‬صباح الخير‪.‬‬ ‫ب� ��دأت ت�غ�ن��ي في عاصي ومنصور ‪ ...‬واألحالم البعيدة التي تحققت‬ ‫ف ��رق ��ة ال� �ك ��ورس‬ ‫في فنه واقتباسه‪ .‬لمع قبل اكتشافه فيروز‬ ‫اكتشفها‬ ‫أن‬ ‫�ى‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫�روت‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫بمحطة إذاع� ��ة‬ ‫بسنتين‪ ،‬ولما ظهرت فيروز اتسع مجال‬ ‫األخ ��وان رح�ب��ان��ي‪ ،‬وت�ع��اق��دت معها محطة النشاط واإلنتاج والشهرة إلى أضعاف ما‬ ‫إذاعة دمشق على تسجيل عشرات األغاني‪ ،‬كانت عليه‪.‬‬ ‫فارتفع اسمها مرة واح��دة حتى طغى على‬ ‫الجميع‪ ،‬وارتفع بذلك كسبها من خمسين ف��ي تلك ال�ف�ت��رة م��ن الخمسينات اشتهر‬ ‫ليرة لبنانية إلى خمسمائة على أقل تقدير‪ .‬األخ � ��وان رح �ب��ان��ي ب��أغ��ان�ي�ه�م��ا ال�ق�ص�ي��رة‬ ‫ال��راق�ص��ة‪ ،‬لكن نتاجهما ل��م يقتصر على‬ ‫نجم ‪‬كوكب اإلذاع ��ات العربية الجديد‪ ‬هذا النوع وحده‪ .‬ففي الريپرتوار الرحباني‬ ‫ُ‬ ‫‪‬المغنية‬ ‫�ت‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫�ا‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫�وى‪،‬‬ ‫�‬ ‫ص‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫بسرعة‬ ‫سطع‬ ‫األول عشرات القصائد واللوحات الغنائية‬ ‫الخجولة‪ ‬نجمة من نجمات الفن‪ .‬في أيلول‬ ‫وأعمال فولكلورية‬ ‫والس ِك ْتشات الحوارية‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫‪ 1955‬صدر في عدد من مجلة ‪‬الصياد‪ ‬من ‪‬إعدادهما‪ ‬اقتبسها عاصي ومنصور‬ ‫�ص ع��اص��ي ال��رح �ب��ان��ي ببطاقة من تراث الغناء البلدي‪ ،‬يصعب إحصاؤها‬ ‫م �ق��ال خ � َّ‬ ‫ت�ع��ري��ف ف��ي زاوي���ة ‪‬أرش �ي��ف ال �ف��ن‪ ‬ج��اء وت� �ع ��داده ��ا ل �غ �ي��اب ج� ��دول ك��ام��ل ي�ح��وي‬ ‫فيه‪ :‬إنه زوج فيروز‪ .‬بدأ حياته مزارعاً م�ح�ف��وظ��ات اإلذاع� ��ة اللبنانية واإلذاع� ��ة‬ ‫ثم شرطياً ثم مونولوجست على مسارح ال�س��وري��ة ومحطة ال�ش��رق األدن ��ى‪ .‬ك��ل ما‬ ‫الضيعة‪ .‬أستاذه األول في الموسيقى األب نعرف أن إذاعة دمشق تحتفظ بعدد كبير‬ ‫بولس األشقر‪ .‬أستاذه الثاني البروفسور من تلك األعمال‪ ،‬وفي محفوظات محطة‬ ‫برتران روبيار‪ .‬أستاذه الثالث فنه الفطري الشرق األدنى سلسلة أخرى منها ُس ّجلت‬ ‫تغني‪ .‬ولفيروز أغان‬ ‫الجميل‪ .‬انتقل من مسارح الدورة ليغني في ضمن فترة ‪‬القرية ّ‬ ‫محطة بيروت (رادي��و الشرق آن��ذاك) مع أخرى من هذا الصنف كانت تؤديها باسم‬ ‫‪‬ت َب ْعــثُ ــر‪‬‬ ‫شقيقه منصور وشقيقته نجوى مقطوعات ‪‬فتاة الجبل‪ ،‬ضاعت بسبب َ‬ ‫ذات ث�ل�اث��ة أص � ��وات (ب��ول �ي �ف��ون��ي)‪ .‬هو نتاج ‪‬الشرق األدن��ى‪ ‬بعد إقفال مكاتبها‬ ‫صاحب مدرسة حديثة في الشعر اللبناني في بيروت وانتقالها إلى قبرص في مرحلة‬ ‫واألغنية الخفيفة‪ .‬فنان مقتبس‪ ،‬صادق أولى ّثم إلى محطة ‪‬بي بي سي‪ ‬في لندن‪.‬‬

‫في أرشيف إذاعة دمشق شريطان يحويان‬ ‫باقة م��ن تلك األغ��ان��ي الفولكلورية التي‬ ‫‪‬أَ َع َّدها‪ ‬عاصي ومنصور بإعادة صياغتها‬ ‫لتغنيها فيروز‪.‬‬

‫صياغته‪ ،‬لذا يصعب تصنيفها‪ ،‬فهي ‪‬من‬ ‫بقد ِرما هي من‬ ‫إع��داد األخوين رحباني‪ْ ‬‬ ‫ويصح هذا القول‬ ‫‪‬تأليفهما وتلحينهما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في لوحة غنائية عنوانها ‪‬شروقي‪ ‬فيها‬ ‫مواويل بديعة من هذا النوع عادت فيروز‬ ‫فأدتها مستقلّ ًة في تسجيالت الحقة من‬ ‫ّ‬ ‫نهاية الخمسينات‪ .‬وك��ذا األم��ر في عمل‬ ‫فَ ��ذّ أع� ّ�ده األخ��وان في األص��ل سنة ‪1953‬‬ ‫ل��زاوي��ة ‪‬القرية تغني‪( ‬محطة ‪‬الشرق‬ ‫األدنى‪ )‬وهو من حلقتين‪ :‬روكز َخ َطب‪‬‬ ‫تجوز‪ ‬بأداء فيروز ووديع الصافي‬ ‫و‪‬روكز َّ‬ ‫والمجموعة‪ .‬وفي إذاعة لبنان اليوم نسخة‬ ‫م��ن الحلقة األول ��ى نكتشف ف��ي حكايتها‬ ‫ق��رب��ى واض �ح��ة م��ع حكاية ‪‬س �ه��رة حب‪‬‬ ‫الع َملين تكتشف‬ ‫(أوائل السبعينات)‪ .‬وفي َ‬ ‫فيروز أن وديع ُي ِحب لكنه ُينكر ثم يكشف‬ ‫عن حبه‪ ،‬وكل ذلك في حوارات على ألحان‬ ‫فولكلورية تقليدية‪.‬‬

‫‪101‬‬


‫محمود الزيباوي‬

‫األص �ل��ي‪ ،‬م �ث ً�لا‪ ،‬يختلف كلياً ع��ن النص‬ ‫شامي وفيه ْذكر‬ ‫الرحباني الالحق‪ .‬فهو‬ ‫ٌّ‬ ‫الس �ك �ن��درون��ا وال��زب��دان �ي��ة‪ .‬وك��ذل��ك أع��اد‬ ‫‪‬ع الزينو‪ ‬بكلمات‬ ‫األخوان رحباني كتابة َ‬ ‫جديدة تختلف كلياً عن كلمات نسخة كانا‬ ‫سجالها في دمشق سنة ‪ ،1952‬واألرجح‬ ‫ّ‬ ‫ ‬ ‫أن ك�ل�م��ات األغ�ن�ي��ة رح�ب��ان�ي��ة ك�ل��ي��ا‪ .‬وف��ي َع اليادي اليادي اليادي‬ ‫ًّ‬ ‫ ‬ ‫����د َّي����ه‬ ‫����ي ِ‬ ‫ي�����ا ّام ال ْ‬ ‫����ب ْ‬ ‫����ع َ‬ ‫البرازيل سجل روميو فارس األغنية على‬ ‫ ‬ ‫أسطوانة ضمت ثماني أغان من الماضي‪ ،‬وحـ ـ ـيــاة عـ ـه ــد الهـ ــوى‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َل‬ ‫����������ع‬ ‫����������رج‬ ‫�����ي�����ا‬ ‫ل‬ ‫����������ك‬ ‫ ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫نصها مختلف كلياً عن الذي تؤديه فيروز‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫واألرج ��ح أن ف��ارس اعتمد نصاً تقليدياً يا حـ ـل ِـوه ي ـ ّـلـي ال ـقـ َـمـر ‬ ‫ك‬ ‫ ‬ ‫�������ور ْ‬ ‫ب����ي����ض ُّ����ل����و ن�������اط ِ‬ ‫فيما األخ��وان رحباني وضعا نصاً جديداً‬ ‫ ‬ ‫عشقــان غــاوي الس ـ َـهــر‬ ‫حمل بصمتهما ‪‬الرحبانية‪ ‬وهذا هو‪:‬‬ ‫�������ي�������ة ْزه‬ ‫ ‬ ‫ك‬ ‫ِب َ‬ ‫������������������ور ْ‬ ‫ِ‬ ‫�������ف ِّ‬ ‫ ‬ ‫إيــدي وإيــدك َع الـوادي‬ ‫وال ـل ـ ـيــل يـ ــاخــد صـ ــور ‬ ‫ي��اب��ا َت ن��ع��م��ل م��ش��وار‬ ‫ ‬ ‫وال����ن����ج����م����ات ت�������زورك‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ه‬ ‫ـزواد‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـي‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫بـ ــدن ــا ن ـ‬ ‫ِ‬ ‫ ‬ ‫الس ـ َـحــر‬ ‫بـكــرا ب ـيـ ـطــل َ‬ ‫‪102‬‬ ‫ي���اب���ا وال���ت���ي���ن���ات ك��ت��ار‬ ‫ ‬ ‫وب�������ت�������رج�������ع�������ي ل����ي����ا‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫َع الـزينو الــزينو الـزينو‬ ‫َع اليادي اليادي اليادي ‬ ‫يغمزني ِب��طْ ��راف عينو‬ ‫ ‬ ‫����د َّي����ه‬ ‫ ‬ ‫����ي ِ‬ ‫����ب ْ‬ ‫ي������ا ّام ال����ع َ‬ ‫ ‬ ‫و‬ ‫حب‬ ‫طول‬ ‫من‬ ‫محبوبي‬ ‫عش ـ ـقـ ــان ْوه ـ َّب ال ـه ــوا ‬ ‫ّ‬ ‫ن���اط���رن���ا ب���س�ل�ام عينو‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫م�����ن ص�������وب ال ْ����ب َ����ن َّ����ي����ه‬ ‫َع الــزينو الـزينو الـزينو‬ ‫ ‬ ‫���ح���ل عينو سار عاصي ومنصور على المنوال ذاته في‬ ‫ ‬ ‫أس���م���ر وم���ك ّ‬ ‫تسجيلَ ي ‪‬ه�لاال ال ّليا‪ ‬و‪‬ي��ا ْح َــن ِّــي َــنــه‪‬‬ ‫بحيــاتك بحي ــاة عيــنك‬ ‫ ‬ ‫وعدك باإلخالص وينو وب��ات��ت ه��ذه الباقة الفولكلورية رحباني ًة‬ ‫ ‬ ‫شكلَ ت فرعاً من النتاج‬ ‫فيروزي ًة بامتياز‪َّ ،‬‬ ‫ ‬ ‫ـسمه َع ْخــدودك‬ ‫مـرت نـ ِ‬ ‫تتغنى ْب َنفحة ُو ُع��ودك ال��رح �ب��ان��ي ال �م �ت �ع� ّ�دد ال ��وج ��وه واألن�� ��واع‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫بتوزيع أنيق ن��زع عنها ‪‬الطابع‬ ‫وتميزت‬ ‫طــالــب ورده مـن ورودك‬ ‫ ‬ ‫ٍ‬ ‫ق��ول��ي��ل��ن ت���ك���رم عينك البلدي‪ ‬الخام‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ـريفه‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫زارتنـا السمـرا الظ ِ‬ ‫أس� �ط ��وان ��ات األخ���وي���ن رح��ب��ان��ي األول� ��ى‬ ‫نحيفه‬ ‫تتمايل ح��ل ِ��وه‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫تبعتها‬ ‫أصدرتها شركة ‪‬ص��وت الشرق‪ْ ،‬‬ ‫ـطيفه ‬ ‫ـغمه لـ ِ‬ ‫هـاتـي ِـلـك نـ ِ‬ ‫مجموعة ثانية أنتجتها ‪‬الشركة اللبنانية‬ ‫ت���ت���غ ّ���زل ب����س����واد ع��ي��ن��و‬ ‫ ‬ ‫للتسجيالت الفنية‪ ‬التي ّأسسها الثري‬ ‫‪‬ع الفلسطيني بديع بولس في نهاية ‪( 1956‬بعد‬ ‫وما يقال في ‪‬يا غزيل‪‬‬ ‫يصح كذلك في َ‬ ‫ّ‬ ‫اليادي‪ ‬التي سجلها روميو ف��ارس كذلك وقْ ف ‪‬محطة الشرق األدنى‪ ‬إثر العدوان‬ ‫وع َّين صبري الشريف‬ ‫على األسطوانة ذاتها‪ .‬ولنا تسجيالت عدة الثالثي على مصر) َ‬

‫أسطوانة ‪‬سهرة مع فيروز‪ ‬مع غالفها‬

‫التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األ َ َ‬ ‫خوان رحباني‬

‫سابق األغني َة‬ ‫لهذه األغنية‪ ،‬منها ما هو‬ ‫ٌ‬ ‫ال��رح �ب��ان �ي��ة وم �ن �ه��ا م��ا ه��و الح ��ق إي��اه��ا‪،‬‬ ‫يتغير بين تسجيل وآخر‬ ‫والالفت أن النص ّ‬ ‫حتى َليصعب تحديد الكلمات األصلية‪.‬‬ ‫جاء في النص الرحباني‪:‬‬

‫م��دي��راً ل�ه��ا وس� ّ�ج��ل األخ���وان‬ ‫لحسابها سلسلة أعمال صدر‬ ‫م�ع�ظ�م�ه��ا ع �ل��ى أس �ط��وان��ات‪،‬‬ ‫ُجلُّ ها بصوت ف�ي��روز والباقي‬ ‫ب��أص��وات مغنين ظ �ه��روا في‬ ‫تلك الحقبة (ميشال بريدي‪،‬‬ ‫ح �س��ن ع �ب��د ال��ن��ب��ي‪ ،‬رن � � َ�ده‪،‬‬ ‫ش�ي��راز‪ .)... ،‬وت��م تسجيلها‬ ‫في الستوديو الذي كان يشهد‬ ‫ت �س �ج �ي�لات إذاع � � ��ة ال��ش��رق‬ ‫األدن� ��ى‪ :‬ص��ال��ة ال �ف��ري��ر على‬ ‫محلة الداعوق (اليوم مبعثرة‬ ‫ل �ل�أس� ��ف)‪ .‬وه� � ��ذه األغ ��ان ��ي‬ ‫تشكل مجموعة ضخمة تتميز‬ ‫بجودة عالية توزيعاً وتنفيذاً ‪،‬‬ ‫وت �ش �ه��د الخ��ت��م��ار ال �ت �ج��رب��ة‬ ‫الرحبانية في النصف اآلخر‬ ‫من الخمسينات‪.‬‬

‫‪103‬‬

‫‪‬الشركة اللبنانية للتسجيالت‬ ‫ال�ف�ن�ي��ة‪ ‬أص ��درت ف��ي ب��داي��ة‬ ‫انطالقتها أسطوانتين بعنوان‬ ‫واحد‪ :‬ألحان من الماضي‪‬‬ ‫كل منهما أغنيتين ‪‬من‬ ‫حملت ٌّ‬ ‫إعداد األخوين رحباني‪ ،‬في‬ ‫ُ‬ ‫األولى ‪‬زوروني كل سنة مرة‪‬‬ ‫و‪‬ط �ل �ع��ت ي��ا م�ح�ل��ى ن��وره��ا‪‬‬ ‫لسيد دروي��ش‪ ،‬وف��ي األخ��رى‬ ‫‪‬ي��ا م��ن ي�ح� ّ�ن إل�ي��ك ف��ؤادي‪‬‬ ‫و‪‬يا لور حبك‪ .‬على الغالف أسطوانة ‪ ‬فيروز‪ ‬مع غالفها وفيها ‪ 8‬أغنيات‪ ،‬بينها أغنيات تراثية‬ ‫ملء سمعنا تغنيها لنا فيروز‪ .‬فقد عزمت‬ ‫�ص‬ ‫الخلفي لألسطوانتين ن� ٌّ‬ ‫بدون توقيع يختصر منهج األخوين رحباني ‪‬الشركة اللبنانية للتسجيالت الفنية‪‬‬ ‫في العمل‪ ،‬جاء فيه‪ :‬تلك األغنيات التي على إص��دار مجموعة م��ن تلك األلحان‬ ‫يغنيها لنا أج��دادن��ا وج� ّ�دات�ن��ا‪ ،‬األغنيات التي شاعت منذ أكثر من ربع قرن‪ ،‬فكانت‬ ‫ال�ت��ي نحبها ون�ح��ب ذك��ري��ات�ن��ا معها أي��ام أغ�ن�ي��ات ال�ش�ب��اب ألج��دادن��ا‪ ،‬ف��ي إخ��راج‬ ‫كنا صغاراً واليوم ال نسمع غير صداها أن�ي��ق يليق بتلك األغ�ن�ي��ات ال�ع��زي��زة على‬ ‫البعيد في نفوسنا‪ ،‬ها هي اآلن من جديد نفوسنا‪ .‬وسيالحظ المستمع أن أغنياته‬ ‫أسطوانة ‪‬سهرة مع فيروز‪ ‬العدد الثاني‪ ‬مع غالفها‬


‫مع أوركسترا وكورس ‪‬الشركة اللبنانية‬ ‫للتسجيالت الفنية‪....‬‬

‫غالف أسطوانة ‪‬سهرة مع فيروز‪ ‬وفيها ‪ 7‬أغنيات‬

‫األغنية األولى على لحن ‪‬يا مال الشام‪،‬‬ ‫سجلها متري المر على أسطوانة صدرت‬ ‫ّ‬ ‫سنة ‪ ،1924‬ومطلعها‪:‬‬

‫محمود الزيباوي‬

‫ ‬ ‫يا مـن يحـ ُّـن إليــك فـؤادي‬ ‫ه�����ل ت����ذك����ري����ن ع����ه����ود ودادي‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫هل تذكرين ليالي الوصال‬ ‫��������ا ع���ل���ى ه���ات���ي���ك ال���ل���ي���ال���ي‬ ‫ آه ً‬ ‫ ‬ ‫ك ـنــا نـ ـغ ـنــي ونــور ال ـهــالل‬ ‫‪104‬‬ ‫ي���ث���ي���ر ال���ص���ب���اب���ة ف����ي األك����ب����اد‬ ‫أسطوانة ‪‬فيروز تغني لكم‪ ‬مع غالفها وفيها ‪ 7‬أغنيات ‬ ‫التي أحبها تعيش معه اليوم كما يحب أن‬ ‫يعيش حياته العصرية‪ .‬فقد احتفظت من‬ ‫الغني بالصفاء والصدق‪،‬‬ ‫ماضيها بطابعها‬ ‫ّ‬ ‫واستفادت من حاضرها بكل ما تمنحه‬ ‫المعالجة األورك�س�ت��رال�ي��ة م��ن إمكانيات‬ ‫قادرة على إظهار الصفاء‪ .‬وعندما نتحدث‬ ‫ع��ن األورك��س��ت��را ن �ف� ّ�ك��ر ف��ي ال �ه��ارم��ون��ي‬ ‫والتوزيع‪ ،‬اإلمكانيتين الضخمتين اللتين‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫أعط َتا الموسيقى طاقة التعبير والبقاء‪ .‬يا من يحن إليـك فـؤادي‬ ‫الوداد‬ ‫تذكرين عهود‬ ‫ ‬ ‫ه��ات��ان اإلم �ك��ان �ي �ت��ان ال�ض�خ�م�ت��ان تقفان ‬ ‫ِ‬ ‫هل ُ‬ ‫ ‬ ‫اليوم وراء ألحاننا ألول مرة في صراحة هل تـذكرين ليــالي هــوانا‬ ‫األخ� ��وان رح�ب��ان��ي‪،‬‬ ‫ج��ري�ئ��ة‪ .‬ف�ق��د ح��رص َ‬ ‫يوم التقينا وطاب ُلقانا‬ ‫ ‬ ‫عند إع ��داد األل �ح��ان ل�لأورك�س�ت��را‪ ،‬على حين الوفا لألغاني دعانا ‬ ‫تركته هذه‬ ‫استعادة الصدى البعيد الذي ْ‬ ‫واد‬ ‫ ‬ ‫طاف الجمال على كل ِ‬ ‫َ‬ ‫ـورود ‬ ‫األلحان في نفسهما مع كل ما التصق بها هل تـذكرين َغـداة الـ ُ‬ ‫وحر َصا أيضاً على أن‬ ‫من ذكريات حلوة‪،‬‬ ‫ود‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫حنت علينا وطابت ُو ُع ُ‬ ‫هود‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ينقالها بالشكل والطابع اللذَ ين َتأْ لَ فه كانت لنا في الغرام ُع ُ‬ ‫ص��ارت حديث الربى وال��ش��وادي‬ ‫آذاننا اليوم‪ .‬وقد أنشدت فيروز األلحان ‬ ‫وف ��ي أح ��د ك�ت� ّ�ي�ب��ات ‪‬م�ج�م��وع��ة األغ��ان��ي‬ ‫أبياته‬ ‫واألناشيد‪ ‬نص آخر لهذه األغنية‬ ‫ُ‬ ‫مختلفة عن تلك التي ينشدها متري المر‪.‬‬ ‫وإذا باألخوين رحباني‪ ،‬كعادتهما‪ ،‬يضعان‬ ‫كلمات جديدة لألغنية الموروثة ُويلبسانها‬ ‫حلة موسيقية ج��دي��دة ت��ده��ش المستمع‬ ‫ب �ج �م��ال ت��وزي �ع �ه��ا األورك��س��ت��رال��ي‪ .‬وه��ذا‬ ‫نص ُهما‪:‬‬ ‫ُّ‬

‫في النص القديم جاء‪:‬‬ ‫أال ق�����ف�����ي ب�����اهلل‬ ‫ورددي ذك���ـ���ـ���رى‬ ‫ِّ‬ ‫وق��ول��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ي لـ ــه‬ ‫ج�������زاك رب��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ي‬

‫من فوق هذا الضريح‬ ‫ف���������ؤادي ال���ج���ري���ح‬ ‫ي�����ا م����ي����ت ال����ه����وى‬ ‫ع��������ل��������ى ال��������وف��������ا‬

‫اح�ت�ف��ظ ع��اص��ي وم�ن �ص��ور بالبيت األول‬ ‫ونظما على طريقتهما أبياتاً الحقة تضمنت‬ ‫من النص القديم بيتاً واحداً هو‪:‬‬ ‫��������ذك��������ري‬ ‫‪‬أال ت َّ‬ ‫�����دا ع���ق���دن���اه‬ ‫وع�����ه ً‬

‫‪105‬‬

‫�����ي ال���ص���ف���ا‬ ‫ل�����ي�����ال َ‬ ‫ع�������ل�������ى ال��������وف��������ا‪‬‬

‫وج� ��اء ال �ن��ص ال��رح �ب��ان��ي ي�خ�ت��زل المعاني‬ ‫وال� �ص ��ور ف��ي ب�ض�ع��ة أب� �ي ��ات‪ ،‬ج��ام �ع��اً بين‬ ‫‪‬اإلع��داد‪ ‬و‪‬التأليف‪ ‬وإن غلب هذا على‬ ‫ذاك‪ّ .‬أدتها فيروز سنة ‪ 1957‬فشاعت كثيراً ‪،‬‬ ‫ثم استعادها عاصي ومنصور سنة ‪1975‬‬ ‫بتوزيع من ‪‬إعداد الياس الرحباني‪ ‬وبصوت‬ ‫موريس عقل في مسرحية ‪‬ميس الريم‪:‬‬ ‫ك‬ ‫ي������ا ل��������ور ح���ب��� ِ‬ ‫ك‬ ‫وق���������د وه�����ب ُ‬ ‫�����ت����� ِ‬ ‫����������ذ َّك����������ري‬ ‫أال ت َ‬ ‫�����دا ع���ه���دن���اه‬ ‫وع�����ه ً‬ ‫���ل���ام‬ ‫ال���ل���ي���ل واألح ْ‬ ‫��ام‬ ‫وال��ش��وق واألن��غ ْ‬ ‫ي�����ا ط���ي���ب���ه���ا أي�����ام‬ ‫���ش���د األن���س���ام‬ ‫وت���ن ِ‬

‫عاصي ومنصور يخاصران فيروز‬ ‫على درج أم عاصي في أنطلياس‬

‫����ؤاد‬ ‫�������وع ال����ف ْ‬ ‫ق����د ل ّ‬ ‫����������وداد‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫�����ب‬ ‫ْ‬ ‫َأل�����ح ّ‬ ‫�����ي ال���ص���ف���ا‬ ‫ل�����ي�����ال َ‬ ‫ع��������ل��������ى ال��������وف��������ا‬ ‫وال��ش��اط��ئ ال��ن��ادي‬ ‫وال��م��وط��ن ال��ه��ادي‬ ‫أح���ل���ى م���ن ال��غ َ��ف��ا‬ ‫��������وف��������ا‬ ‫ل�������ح�������ن ال َ‬

‫التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األ َ َ‬ ‫خوان رحباني‬

‫ال نجد على غ�لاف األسطوانة ْذك� َ�ر َمن‬ ‫�ب ‪‬ي��ا م��ن ي�ح� ّ�ن إل�ي��ك ف� ��ؤادي‪ ‬و‪‬ي��ا‬ ‫ك� َ�ت� َ‬ ‫لور حبك‪ ‬غير أن البحث في إصدارات‬ ‫النصين األصليين‬ ‫الماضي يقودنا إل��ى‬ ‫ّ‬ ‫كاآلتي‪:‬‬

‫فتحير الباحثين‪:‬‬ ‫أما أغنية ‪‬يا لور حبك‪‬‬ ‫ِّ‬ ‫ه��واة ال�ط��رب م��ن الجيل األق ��دم يؤدونها‬ ‫وملح ُنه مجهولين‪.‬‬ ‫كاتبه‬ ‫ِّ‬ ‫بنص قديم ال يزال ُ‬ ‫في العدد الخامس من ‪‬زهرة عشاق الفن‬ ‫طويل لهذه األغنية عنوانه‬ ‫نص‬ ‫ٌ‬ ‫المشهورة‪ٌّ ‬‬ ‫ت نصه مطلقاً إلى‬ ‫‪‬دمعة غ��رام‪ ،‬ال ي ُـم ُّ‬ ‫النص الرحباني ال��ذي غنته فيروز‪ ،‬وفيه‬ ‫يدعو العاشق حبيبته إلى زيارة قبره‪.‬‬

‫أسطوانة رقم ‪ 24319‬هال ال ّليا‪‬‬

‫بعد ‪‬ي��ا من يحن إليك ف��ؤادي‪ ‬و‪‬ي��ا لور‬ ‫سجل األخ��وان رحباني مع فيروز‬ ‫حبك‪ّ ‬‬ ‫لحساب ‪‬ال�ش��رك��ة اللبنانية للتسجيالت‬ ‫‪‬ع‬ ‫الفنية‪ ‬ثالثة أعمال من إعدادهما‪َ :‬‬ ‫الروزانا‪ ،‬مرمر زماني‪ ،‬أذكريني كلما‬ ‫الطير شدا‪ ،‬وصدرت على أسطوانة حمل‬ ‫غالفها الخلفي نصاً كتبه فائق الرجي (في‬ ‫‪ 19‬آذار ‪ )1958‬عنوانه ‪‬أغنيات شاعت‪،‬‬ ‫يعرف بشكل دقيق طريقة األخوين رحباني‬ ‫ّ‬


‫التراث‬ ‫وي‬ ‫اللبناني َ‬ ‫ُ‬ ‫الش َف ّ‬ ‫ُّ‬

‫‪106‬‬ ‫محمود الزيباوي‬

‫في استلهام التراث وإعادة تقديمه في قالب‬ ‫بصمتهما الفنية الخاصة التي‬ ‫جديد يحمل‬ ‫َ‬ ‫تميزا بها منذ بداياتهما اإلذاع �ي��ة حتى‬ ‫َّ‬ ‫‪‬قصيدة حب‪ ‬في بعلبك (‪.)1973‬‬

‫وفي نص فائق الرجي‪ :‬هذه اللوحات التي‬ ‫ولدت من زمان‪ ،‬بال درس وال تصميم‪ ،‬تعود‬ ‫اليوم إلى عالمنا‪ ،‬عالم أفكارنا وعواطفنا‪،‬‬ ‫س وتصميم‪ ،‬م��ن وراء شكل وتعبير‪.‬‬ ‫ب ��در ٍ‬ ‫وه��ذا التعبير الجديد ع��ن ع��واط��ف م� ّ�رت‬

‫ظاللها باألرض‪ ،‬كفيل ببعث جديد في‬ ‫العواطف واألفكار تتوالد وتتناسخ في‬ ‫التجدد الفني الصافي‪ .‬والتوكيد‬ ‫إطار‬ ‫ُّ‬ ‫على الفولكلور وال �ت��راث القديم ليس‬ ‫مجرد تهرب من مبادرة الخلق‪ .‬فالصنيع‬ ‫الفني ال ي��زال حيثما ك��ان‪ ،‬والتأليف‬ ‫يتحول إلى توزيع‪ .‬إنما التوزيع في‬ ‫لم‬ ‫ّ‬ ‫هذه األغاني عملية التقاء بين الحاضر‬ ‫والماضي‪ ،‬دأب على استطالعها الفن‬ ‫ب في تأليف جديد يكون‬ ‫المعاصر َلي ُص َّ‬ ‫يد‬ ‫امتداداً للتراث األصيل‪ .‬وأن تمتد ٌ‬ ‫إلى متاحف اإلذاعات واألوراق الصفراء‬ ‫جماال ال يليق به س��وى التألق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُلت ْطلع‬ ‫تحو ًال‬ ‫يسجل‬ ‫جديد‬ ‫فن‬ ‫بناء‬ ‫في‬ ‫ة‬ ‫ٌ‬ ‫مساهم‬ ‫ُّ‬ ‫عميقاً في تاريخ موسيقانا‪ .‬هذه األغاني‬ ‫في هذه األسطوانة لم ُتهمل الشكل في‬ ‫غني‬ ‫أدائها الجديد ألنها تعرف أن الشكل ٌّ‬ ‫وأن قوة االستغالل خاصة من‬ ‫باألفكار‪ّ ،‬‬ ‫خاصات الفن الحديث‪ ،‬فأدخلت الصور‬ ‫القديمة مؤثرات من طبيعة أحاسيسنا‬ ‫ومشاربنا‪ ،‬واستطاع ص��وت فيروز أن‬ ‫يبثَّ ها آه��ات وتهاليل‪ُ ،‬تفرح وال ُتبكي‪،‬‬ ‫ف�ه��ي تعبير ص���ادق ع��ن ع��اط�ف��ة حب‬ ‫عمي ٍق في عصور ك��ان يسودها صفاء‬ ‫التعبير وروم��ان �س �ي��ة ال �ع��واط��ف‪ .‬ه��ذه‬ ‫األغاني أحلى ما في الماضي‪ ،‬وقد استطاع‬ ‫يرد إليها الروح‬ ‫مثلَّ ث‬ ‫الرحبانيين وفيروز أن َّ‬ ‫َّ‬ ‫يتمناه الناس‬ ‫فتشيع بين الناس‪ .‬وأشهى ما ّ‬ ‫يطيبوا قلوبهم بعواطف الفنانين‪ .‬وبعد‪:‬‬ ‫أن ِّ‬ ‫عصر يتاح لنا فيه أن نحلم بعالم‬ ‫أَ لَ سنا في‬ ‫ٍ‬ ‫تغني لنا فيروز‬ ‫أن‬ ‫يكفي‬ ‫الفنانون؟‬ ‫يخلّ صه‬ ‫ّ‬ ‫لنحلم‬ ‫واألرض والبطولة‬ ‫والحب‬ ‫الجمال‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واألرض‬ ‫والحب‬ ‫الجمال‬ ‫فيها‬ ‫يصفو‬ ‫بدنيا‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والبطولة‪.‬‬

‫اآلالت الموسيقية التراثية‪:‬‬ ‫تصنيعها والعزف عليها‬ ‫ناصر مخول‬

‫ •ولد في ُجون (الشوف) سنة ‪.1944‬‬

‫ •تأَ ّثر منذ صباه بتراث الضيعة موسيقى وأغنيات وزج ً�لا‬ ‫وحكايات ومهرجانات فولكلورية‪.‬‬ ‫ •سنة ‪ّ 1964‬أسس ‪‬الفرقة الفولكلورية السياحية اللبنانية‪‬‬ ‫في رعاية ‪‬المجلس الوطني إلنماء السياحة‪.‬‬

‫ •طيلة نصف قرن (‪ )2014-1964‬حملت الفرقة تراث لبنان‬ ‫الموسيقي والغنائي الشعبي والمالبس التقليدية والمبارزات‬ ‫الشعبية والرقص الشعبي‪ ،‬في ‪ 190‬رحلة إلى ‪ 40‬بلداً في‬ ‫العالم‪ ،‬وشارك في ‪ 286‬مهرجاناً سياحياً ‪.‬‬ ‫ •إلى قيادته الفرقة‪ ،‬وضع كتباً عن اآلالت الموسيقية التراثية‬ ‫واألغاني الشعبية اللبنانية‪ ،‬وأنجز تصنيع ‪ 24‬آلة موسيقية‬ ‫تراثية جمعها في أول معرض من نوعه لآلالت الموسيقية‬ ‫التاريخية من ‪ 3000‬سنة (ق‪.‬م‪ ).‬حتى القرن السابع عشر‪.‬‬

‫شفوي‬ ‫�راث م��ادي‪ ،‬فمهار ُة صنعها تراث غير م��ادي‪،‬‬ ‫إذا اآلل� ُة الموسيقي ُة ت� ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫موسيقى وأَ نغاماً في قلب الفولكلور والثقافة التقليدية الشعبية‪.‬‬ ‫صدر عنها‬ ‫َي ُ‬ ‫ً‬ ‫فية تقليدية حددتها منظمة األونسكو ‪‬تراثاً‬ ‫وهي مهارة مرتبطة بفنون ِح َر ّ‬ ‫يطورها‪ ،‬كما حال‬ ‫غير م� ّ‬ ‫�ادي‪ ،‬مهار ًة تتناقل من جيل إلى جيل وكل جيل ِّ‬ ‫الفنان ناصر مخول في تصنيعه هذه اآلالت التسع‪.‬‬

‫‪107‬‬


‫ل �خ �ف��ض ال �ن��وت��ة‬ ‫بالصلوب ُتسحب‬ ‫ب��األس �ن��ان ع�ق��دة‬ ‫الخيط المربوط‬ ‫في أول الصلوب‬ ‫إل��ى الخلف عند‬ ‫تجربة الصوت‪.‬‬

‫مسطّ ح الصلوب‬

‫‪108‬‬ ‫ناصر مخول‬

‫تراث مادي‪.‬‬ ‫الموسيقية التقليدية‬ ‫ٌ‬ ‫اآللة‬ ‫لكن م�ه��ارة صناعتها تدخل في‬ ‫التراث غير المادي‪.‬‬

‫منذ ال ِقدم راح اللبناني يصنع من الطبيعة‬ ‫منوعة ترتبط بواقعه وموقعه‪،‬‬ ‫آالت موسيقية ّ‬ ‫يعزف عليها في أفراحه وأتراحه ومناسباته‬ ‫االجتماعية والوطنية‪ .‬هنا بعض تفصي ٍل‬ ‫وهوائيها‬ ‫إيقاعيها‬ ‫لصناعة ه��ذه اآلالت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫بمكوناتها وأدائها الصوتي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ووتريها‪ّ ،‬‬ ‫المجوز‬ ‫آل��ة ه��وائ�ي��ة قصبية م��زدوج��ة ذات ثالثة‬ ‫أقسام‪:‬‬ ‫ •األول قصبة ب��دون عقدة‪ ،‬طولها نحو‬ ‫‪ 20‬سنتم وقطرها نحو ‪ 8‬ملم‪.‬‬ ‫ •الثاني قصبة طولها ‪ 5‬سنتم تدخل في‬ ‫أعلى القصبة السفلى‪.‬‬

‫ •الثالث قصبة طولها ‪ 2‬سنتم تدخل في‬ ‫القسم الثالث‪.‬‬

‫َّ‬ ‫يغطس القسمان الثاني والثالث في مادة‬ ‫الزفت األسود لتمتين االلتصاق والحماية‬ ‫وال�ت�غ�ل�ي��ف‪ ،‬وي�ت��م ف� ْ�ت� ُ�ح ثمانية ث�ق��وب في‬ ‫القسم األطول بواسطة ريشة قدح حديدية‬ ‫قطرها ‪ 8‬ملم أو مسمار أو شيش حديدي‬ ‫الثقب بإحراقه في‬ ‫يحمى على النار فيفتح ْ‬ ‫ّ‬ ‫القصبة‪ ،‬ويتم تنظيف حرق الثقب األسود‬ ‫بورق الزجاج الناعم لدقّ ة أكثر في إخراج‬ ‫الصوت‪.‬‬ ‫الرأس الصوتي (الصلوب) في االصطالح‬ ‫التراثي‬ ‫وفْ �� َ�ق ق�ي��اس ال�ق�س��م ال�ع�ل��وي م��ن القطعة‬ ‫الفردية للمجوز تقطع مسافة قصيرة من‬ ‫ْ‬ ‫بقطر يمكن‬ ‫القصبة ذات �ه��ا م��ع عقدتها‬ ‫إدخالها في فتحة القسم العلوي‪ ،‬وبسكين‬ ‫يتم ش� ّ�ق ه��ذه القطعة بعكس العقدة‬ ‫ح��اد ّ‬

‫الموجودة فيصل الشق إلى محاذاة العقدة‪،‬‬ ‫وه��ذا ما يسمى ‪‬اللسان‪ّ ‬ثم َّ‬ ‫ينظف قعر‬ ‫ه ��ذا (ال �ص �ل��وب) ع �ن��د آخ ��ر ال �ع �ق��دة من‬ ‫‪‬ال��ح��رام��ي‪( ‬م�ص�ط�ل��ح ت��راث��ي ل�ب�ن��ان��ي)‬ ‫وه��و فاصل قطني موجود بكل عقدة من‬ ‫القصبة‪ ،‬لتنظيفها وحسن أداء الصلوب‪.‬‬ ‫ربط القصبتين لتصبح آلة المسحورة‬ ‫ت��رب��ط ال�ق�ص�ب�ت��ان ع�ن��د أسفلهما بخيط‬ ‫سميك يبلغ ربطة أخرى في أعلى القسم‬ ‫السفلي الطويل ثم يعاد تغطيس القصبتين‬ ‫معاً في مادة الزفت (أي مسافة الطبقات‬ ‫العليا المضافة على الطبقة السفلى ويترك‬ ‫الصلوب حراً )‪.‬‬ ‫دوزان وتثبيت وحدة صوت القصبتين‬ ‫عند آخر الريشة االرتجاجية في (الصلوب)‬ ‫�ف ط ��رف خ �ي��ط م��رب��وط ف��ي ال�ع�ق��دة‬ ‫ي��لَ � ُّ‬ ‫(آخ��ر ريشة االرت �ج��اج)‪ ،‬ث��م يمر الخيط‬ ‫متحركاً في الخيط الطولي الذي‬ ‫مربوطاً‬ ‫ّ‬ ‫يجمع القصبتين‪ ،‬وي��لَ ��ف ال�ط��رف اآلخ��ر‬ ‫من صلوب القصبة األخ��رى عند إدخ��ال‬ ‫الصلوبين‪ .‬ت�ت� ّ�م تجربة الجهة اليسرى‬ ‫بنفخ الصلوب األيسر مع لصق الصلوب‬ ‫يرتج‪،‬‬ ‫الخد داخل الفم كي ال‬ ‫األيمن في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫لرفع النوتة في الصلوب ُتدفَ ع باألسنان‬ ‫عقدة الخيط المربوط إلى األمام فيتوازى‬ ‫الصلوبان وتتساوى النوتات في الفتحات‪.‬‬ ‫طريقة العزف‬

‫الرعاة وبعض أهل القرى يعزفون على هذه‬ ‫النفس أي‬ ‫ب‪ ‬عند أخذ َ‬ ‫اآللة بطريقة َ‬ ‫‪‬الغ ّ‬ ‫في َع ّبأ‬ ‫المتواصل‪،‬‬ ‫�زف‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ال �ه��واء‪ ،‬خ�لال ا‬ ‫ُ‬ ‫الخدان بكل سعتهما في الفم‪ ،‬وعند أخذ‬ ‫ّ‬ ‫دافعين‬ ‫الفم‬ ‫على‬ ‫الخدان‬ ‫يضغط‬ ‫س‬ ‫النف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الهواء في المجوز تزامناً مع أخذ النفس‬ ‫انقطاع‬ ‫إلى الرئتين‪ ،‬فيتواصل العزف بال‬ ‫ٍ‬ ‫مرافقاً الرقص أو الغناء‪.‬‬ ‫ق�ب��ل ال �ب��دء ب��ال �ع��زف ُت �ق� َ�ف��ل جميع ثقوب‬ ‫المجوز وينفخ فيها بالعكس‪ :‬من األسفل‬ ‫إل��ى األع �ل��ى فيخرج ال �ه��واء ال�س��اخ��ن من‬ ‫ال �ف��م ب��واس�ط��ة ش��ق ال �ص �ل��وب‪ ،‬م��ا يعطي‬ ‫صدر صوتاً‬ ‫في ِ‬ ‫طراوة فورية للسان الصلوب ُ‬ ‫رخيماً ‪.‬‬ ‫موقع هذه اآللة في التخت الموسيقي‬ ‫في الستينات‪ ،‬عندما دخلت األغني ُة التراثي ُة‬ ‫الشعبي ُة إلى اإلذاعات واألسطوانات‪ ،‬دخل‬

‫اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬

‫وت� �ع���اد ال �ع �م �ل �ي��ة‬ ‫ذات� � � � �ه � � � ��ا ع� �ل ��ى‬ ‫ال �ص �ل��وب اآلخ ��ر‬ ‫األي �س��ر فيساوى‬ ‫صوت الصلوبين‪.‬‬

‫‪109‬‬


‫المزمار‬

‫‪110‬‬ ‫ناصر مخول‬

‫يروى أن هذه اآللة ظهرت في سهل البقاع‪،‬‬ ‫وتحديداً في منطقة بعلبك‪ ،‬إبان العبادات‬ ‫واقع‬ ‫تراث‬ ‫وبقيت مع العصور‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫الرومانية‪َ .‬‬ ‫وموقع‪ .‬وألن شجر المشمش متوافر في‬ ‫صن َع منها القدماء‪ ،‬لجودة‬ ‫هذه المنطقة‪َ ،‬‬ ‫خشبها‪ ،‬آل��ة المزمار ي��دوي��اً واستعملوها‬ ‫في األفراح واألتراح والمناسبات الوطنية‬ ‫ومشاهد‬ ‫والدينية‪ ،‬ترافقها إيقاعات طبول‬ ‫ُ‬ ‫رق� � � ��ص ش� �ع� �ب ��ي‪.‬‬ ‫وت��آخ��ت ه��ذه اآلل��ة‬ ‫م��ع طبيعة األرض‬ ‫ف ��ي س �ه��ل ال �ب �ق��اع‬ ‫ف�� � �ك� � ��ان ُي � �س � �م� ��ع‬ ‫ص� � ��وت ال� �م ��زم ��ار‬ ‫ال �ق��وي ال �ح��اد إلى‬ ‫أب � �ع� ��د م� � ��دى م��ن‬ ‫ال� �س� �ه ��ل ال���واس���ع‬ ‫إي� ��ذان� ��اً ب��اح �ت �ف��ال‬ ‫أو م� �ه���رج���ان أو‬ ‫م�ن��اس�ب��ة‪ .‬والح �ق��اً‬ ‫دخ� � � � �ل � � � ��ت ه � � ��ذه‬ ‫طولي للمزمار‬ ‫مسطّ ح‬ ‫ّ‬

‫طريقة صن ُْع المزمار‬ ‫ُي َ‬ ‫�ذع أو ف��رع م��ن شجرة المشمش‬ ‫قطع ج� ٌ‬ ‫القوية البنية والمسام‪ُ ،‬وي َتر ُك في ْبركة ماء‬ ‫يجف ف��ي ال�م��اء م��ن ح��رارة‬ ‫سنة ك��ي‬ ‫نحو ٍ‬ ‫ّ‬ ‫يتشقق طولياً عند جفافه‪.‬‬ ‫الشمس وكي ال‬ ‫ّ‬ ‫بعد سنة ُي�ق� َ‬ ‫�ط��ع ال �ج��ذع ب�ط��ول ‪ 30‬سنتم‬ ‫تفرغ القطعة وسطياً‬ ‫وقطر ‪10‬سنتم‪ ،‬ث� ّ�م َّ‬ ‫�وس��ع‬ ‫بثقب ط��ول��ي ق �ط��ره ن�ص��ف سنتم وي� َّ‬ ‫َط� َ�رف َم ْـخرج الصوت يدوياً بإزميل حفر‪،‬‬ ‫الخفان‪ ،‬ث� ّ�م بالسكين الحاد‬ ‫وين َّعم بحجر‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫القطر الخارجي الطولي ْ‬ ‫ْ‬ ‫بقطر نحو‬ ‫يصغر‬ ‫َّ‬

‫�ب اللب بمجرى طولي ق� ْ‬ ‫�ط��ره ‪ 5‬ملّ م‬ ‫ُي��ثْ � َ�ق� ُ‬ ‫ُوي�ج� ّ�وف في طرفه األسفل بشكل ملقط‬ ‫ي��دخ��ل ف��ي رأس ال �م��زم��ار ف�ت�ث� َّ�ب��ت عليه‬ ‫الريشة االرتجاجية‪.‬‬

‫الش ّبابة‬

‫اللب‬ ‫ي �ت��م ص�ن�ع��ه م��ن خ �ش��ب ش �ج��رة ال�ل�ي�م��ون‬ ‫لسهولة انزالق الصوت مباشر ًة من الريشة‬ ‫إلى مجرى الصوت الداخلي في المزمار‪.‬‬

‫قاعدة الريشة‬ ‫ُتصنع من قطعة تنك أو نحاس مخروطية‬ ‫طولها نحو ‪ 3‬سنتم‪ْ ،‬‬ ‫قطرها األعلى ‪ 2‬ملّ م‬ ‫ف على الطرف األسفل‬ ‫واألسفل ‪ 5‬ملّ م ُويلَ ُّ‬ ‫صوفي ممزوج بشمع عسلي في قطر‬ ‫خيط‬ ‫ّ‬ ‫يمتن دخول الريشة في اللب‪.‬‬ ‫مجدول ّ‬ ‫مادة رأس الريشة البدائية‬

‫ُيصنع رأس الريشة من شرش نبتة األرز‪،‬‬ ‫�دخ� ُ�ل ف��ي األس �ط��وان��ة‬ ‫ف م�ت�ي�ن��اً ُوي� َ‬ ‫ي �ج� َّ�و ُ‬ ‫ال�ن�ح��اس�ي��ة ال�م�خ��روط�ي��ة وي��رب��ط بخيط‬ ‫وي �غ� َّ�م��س ف��ي ال��زي��ت أس��ب��وع��اً ‪ .‬وي�ج��ب‬ ‫بلُّ ه دائ�م��اً بـريق الفم بضع دق��ائ��ق قبل‬ ‫العزف‪.‬‬ ‫تط ّور آلة المزمار‬ ‫ت�م� ّ�ك��ن ن��اص��ر م �خ��ول م��ن تفصيل قطعة‬ ‫نايلون فضية متينة بشكل مثلّ ث‪ ،‬وأقفل‬ ‫وثبته ف��ي رأس‬ ‫الجوانب بالصق شفاف ّ‬ ‫األسطوانة النحاسية فما عاد ضرورياً بلُّ ها‬ ‫أو وضعها في الماء للحصول على طراوتها‬ ‫وجهوزيتها للعزف المباشر‪.‬‬

‫ُتعزى إلى منطقة ُصور ويروى أن إليسار‬ ‫التي أبحرت من شاطئ ُص��ور إل��ى أرض‬ ‫تونس وبنت مدينة قرطاجة‪ ،‬كانت تهوى‬ ‫ص��وت ال�ش� ّ�ب��اب��ة‪ ،‬وه��ي آل��ة مصنوعة من‬ ‫قسطل طولُ ه ‪ 35‬سنتم ْ‬ ‫وقطره ‪ 1/5‬سنتم‪،‬‬ ‫ف �ي��ه خ �م �س��ة ث� �ق ��وب‪ .‬ك��ان��ت م ��ن ال��ذه��ب‬ ‫وتطورت مع العصور إلى الفضة وهي اليوم‬ ‫ّ‬ ‫من نحاس يعزف عليها رعاة وهواة‪.‬‬ ‫طريقة العزف عليها وتطورها‬ ‫ف��ي ج �ن��وب ل �ب �ن��ان ي �ع��زف ع�ل�ي�ه��ا بتركيز‬ ‫الطرف األعلى من فتحتها على فاصل من‬ ‫األسنان العليا يتالءم وموقع الطرف اآلخر‬ ‫من القطر األسطواني على خروج الهواء‪.‬‬ ‫ل ��ذا ي �ج��ب ال �ح �ص��ول ع �ل��ى ق� ْ‬ ‫�ط��ر ي �ت�لاءم‬ ‫ومركز أسنان العازف ليخرج الهواء صافياً‬ ‫ويحدث نغماً في األنبوب النحاسي‪ .‬كانت‬ ‫لكن ناصر‬ ‫ه��ذه اآلل��ة ذات خمسة ثقوب ّ‬ ‫طورها إل��ى ستة بزيادته ثقباً في‬ ‫ّ‬ ‫مخول ّ‬ ‫قفل باإلبهام‬ ‫الجهة السفلى من األنبوب ُي َ‬ ‫حمل اآللة‪.‬‬ ‫األيمن الذي به يتم ْ‬ ‫مواد هذه اآللة وصناعتها‬

‫قسطل نحاسي (أحمر أو أصفر) طوله نحو‬ ‫‪ 35‬سنتم ْ‬ ‫يحدد المساف َة‬ ‫وقطره ‪ 1/5‬سنتم‪ِّ ،‬‬ ‫بين ثقوبه مسمار تعليم فوالذي يعلّ م الموقع‬

‫اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬

‫فردية‬ ‫تراثية‬ ‫لنغمة‬ ‫صوت المجوز تطعيماً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫في فواصل موسيقية في األغنية ال لمرافقة‬ ‫المغني‪ ،‬وبنوتات محدودة لصغر النوتات‬ ‫والمسافات الصوتية في هذه اآللة‪.‬‬

‫اآلل ��ة ف��ي م�ن��اس�ب��ات األع� ��راس وال��زفّ ��ات‬ ‫الفولكلورية التراثية‪.‬‬

‫‪ 1/8‬سنتم ثم يتم فتح تسعة ثقوب ْ‬ ‫قطرها‬ ‫‪ 5‬ملّ م في مجرى المزمار منذ آخر البوق‬ ‫أن سماكة المزمار‬ ‫وبمسافات متساوية‪ ،‬على ّ‬ ‫بين الداخل والخارج ال تتعدى ‪ 3‬ملّ م‪.‬‬

‫ول �ك��ي ت�ص�ب��ح ال��ري �ش��ة ص��ال �ح��ة ل�ل�ع��زف‪،‬‬ ‫يقطع من رأسها بعض الملمترات بالنفخ‬ ‫المتواصل التجريبي وعند نقاوة الصوت في‬ ‫جميع فتحات المزمار ُتترك نهائية بقياسها‪.‬‬ ‫�ض��ل ع�ن��د ص�ن��اع��ة ال �م��زم��ار أن تكون‬ ‫ي �ف� َّ‬ ‫ْ‬ ‫السماكة بين الداخل والقطر الخارجي نحو‬ ‫‪ 2‬أو ‪ 3‬ملّ م‪ ،‬وأن ُت َرش بمادة اللَ َكر الشفاف‬ ‫ليسهل انزالق الصوت في مجرى األنبوب‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪111‬‬


‫بنقره على أن تكون المسافة بين الثقوب‬ ‫الستة متساوية بنحو ‪ 2/5‬سنتم‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫الشبابة‬ ‫يبعد الثقب السفلي ع��ن ط��رف‬ ‫ّ‬ ‫‪ 5‬سنتم‪ ،‬ويتم تثبيت الفتحات الصوتية‬ ‫ونوتاتها‪ُ .‬ت َق َّصر المسافة العليا بين الثقب‬ ‫الشبابة ُوي َق َّصر الطرف‬ ‫األعلى وحافة نهاية ّ‬ ‫ت إلخ��راج النوتات‬ ‫السفلي بضعة ملمترا ٍ‬ ‫ت تتناسب وقيمة‬ ‫الصافية في الشبابة نغما ٍ‬ ‫الشبابة‪.‬‬ ‫النفخ الهوائية في رأس ّ‬

‫ناصر مخول‬

‫ع�ل��ى ع���ازف ه ��ذه اآلل���ة تنظيفها دائ �م��اً‬ ‫وتطهير رأسها النحاسي الذي يفرز صدأً‬ ‫وحامضاً يؤذي الفم والصحة‪.‬‬

‫َت ُروج هذه اآللة في جنوب لبنان مع الرعاة‬ ‫وهوا ٍة في مناسبات تراثية‪ ،‬ويرافقها الرقص‬ ‫الشعبي الجنوبي (الدبكة الجنوبية)‪.‬‬ ‫المنجيرة‬

‫م �ع��روف��ة ف��ي ج �ن��وب ل �ب �ن��ان ص ��وب سهل‬ ‫ال �ب �ق��اع‪ .‬ك��ان��ت م��ن ق�ص�ب��ة ذات فسحة‬ ‫واح��دة طولية‪ ،‬في رأسها صافرة مثقوبة‬ ‫ينساب إليها الهواء من الفم بمجرى أفقي‬ ‫ويرتطم بفاصل حاد في القصبة يبعد عن‬ ‫آخر المجرى نحو ‪ 1/5‬سنتم‪ .‬لها ‪ 8‬ثقوب‬ ‫متساوية المسافة بينها بدون ثقب خلفي‪.‬‬ ‫تطورت الحقاً آخذ ًة عن آلة ‪‬الريكوردر‪‬‬ ‫ونقال عن رأسها الصافر‪.‬‬ ‫الغربية‪ً ،‬‬ ‫قليلون يحسنون ال �ع��زف عليها لسهولة‬

‫ال �ح �ص��ول ع �ل��ى ص���وت ال��ص��اف��رة ن�ف�خ��اً‬ ‫ويصعب على المبتدئ الحصول على صوت‬ ‫الناي بدون صافرة‪.‬‬ ‫تطور هذه اآللة واستحداثها‬ ‫من المنجيرة ظهرت آلة الريكوردر الغربية‬ ‫ال�م�س�ت�ن��دة ع �ل��ى رأس ص��اف��ر وال �ح��اوي��ة‬ ‫ْ‬ ‫والقطر تحدد‬ ‫ثقوباً غير متساوية األبعاد‬ ‫نوتة النغمات الغربية التي ليس فيها ربع‬ ‫الصوت‪ .‬ويرفق بهذه اآللة نموذج مطبوع‬ ‫لتعليم العزف عليها‪ ،‬وفيها السلّ م الغربي‬ ‫العادي الذي يصل مداه األعلى إلى قيمة‬ ‫السلّ م والنصف‪.‬‬

‫يتم تحديد النغمات والنوتات بإقفال ثقوب‬ ‫سفلى خلفية لتحديد القيمة الصوتية‬ ‫للثقب المحدد والمراد إخراج صوته‪.‬‬

‫تمكن عازف الناي جوزف أيوب‪،‬‬ ‫سنة ‪ّ 1958‬‬ ‫�درس العزف عليها لدى الكونسرفاتوار‬ ‫م� ّ‬ ‫اللبناني‪ ،‬من تطوير آلة الريكوردر بتصنيع‬ ‫آلة بقياسها الطولي والتجويفي من خشب‬ ‫ش�ج��رة المشمش‪ ،‬وس�م��اه��ا ‪‬ال��ري �ك��وردر‬ ‫الشرقي‪ ‬من قسمين‪ :‬سفلي بثلثَ ي طول‬ ‫ال�م�ن�ج�ي��رة وف �ي��ه ‪ 9‬ث �ق��وب ف��ي ال�م�ج��رى‬ ‫السفلي‪ ،‬وع�ل��وي ي�ح��وي ال ��رأس الصافر‬ ‫وغرفة الهواء األولية حيث يدخل القسم‬ ‫ويتحرك‬ ‫السفلي بالعلوي لمسافة ‪ 2‬سنتم‬ ‫ّ‬ ‫ضمن هذه المسافة لتحديد وتثبيت خفض‬ ‫أو إع�لاء النوتة بدقة (أي ال��دوزان العام‬ ‫لكافة الفتحات)‪.‬‬

‫طريقة صناعة ه��ذه اآلل ��ة (المنجيرة)‬ ‫الريكوردر الشرقية‬ ‫‪1.1‬تأمين القطع الخشبية المربعة األضلع‬ ‫‪ 4/4‬سنتم طول ‪ 30‬سنتم‪.‬‬

‫‪2.2‬خراطة القطعة من األضلع المربعة إلى‬ ‫الشكل األسطواني بقطر ‪ 4‬سنتم‪.‬‬ ‫‪3.3‬قطع القسم السفلي بطول ‪ 21‬سنتم‪،‬‬ ‫قطع القسم العلوي بطول ‪ 10‬سنتم‪.‬‬

‫‪َ 4.4‬ش� ُّ�ق ثقب طولي للقسم األول بريشة‬ ‫حديد طولها ‪ 26‬سنتم قطر ‪ 7‬ملّ م‪.‬‬

‫‪5.5‬ت��وس��ي��ع ال��ث��ق��ب ال� �ط ��ول ��ي ب��ال��ري �ش��ة‬ ‫المخرطية‪ ،‬يتم فتح الخشبة بمجرى ‪ 7‬ملّ م‬ ‫أعاله ‪ 1/20‬سنتم‪.‬‬ ‫‪6.6‬تثبيت الخشبة على المخرطة الخارجية‬ ‫لتحديد شكلها المخروطي وترك الحافة‬ ‫العليا بأسطوانة مفرزة إلدخالها في القسم‬ ‫األعلى الصافر بسماكة ‪ 3‬ملّ م‪.‬‬

‫‪1212‬خ�� � ��رط س� ��دة‬ ‫م���ن ال��خ��ش��ب ذات���ه‬ ‫بقطر قيمة مجرى خشبة الصافر‪.‬‬

‫‪1313‬حفر مجرى الهواء في الرأس الصافر‬ ‫وصوال إلى السد الحدودي الحاد‪.‬‬ ‫ً‬

‫‪1414‬ت��وس��ي��ع ال� �م� �ج ��رى ل� �ح���دود س�ق�ف��ي‬ ‫‪ 1/5‬ملّ م يقطعه المجرى الحاد المقابل‬ ‫هندسياً ‪.‬‬ ‫‪1515‬ت�ج��رب��ة ص��وت�ي��ة ل�ل�ص��اف��رة م��ع خ��رط‬ ‫الشفاه الخارجية‪.‬‬

‫‪1616‬تغليف ال �ط��رف ال�ع�ل��وي م��ن القسم‬ ‫السفلي ب �م��ادة ال�ف��لّ �ي��ن إلث�ب��ات�ه��ا وت�ح��رك‬ ‫طولها‪.‬‬

‫‪1717‬فتح المسافة الفلينية بين القسمين‬ ‫لتحديد دقة النوتة الصحيحة في الفتحات‪.‬‬

‫‪1818‬ت �ح��دي��د ال �ث �ق��وب وف��ق��اً ل�ل�م�س��اف��ات‬ ‫الصوتية في القسم السفلي‪.‬‬

‫‪7.7‬إدخ� ��ال ال�ق�س��م ال �ع �ل��وي ال �ص��اف��ر في‬ ‫المخرطة الحديدية الميكانيكية‪.‬‬

‫‪1919‬فتح ‪ 8‬ثقوب في أعلى للقسم السفلي‬ ‫وثقب واح��د في الجهة السفلى كل ثقب‬ ‫ْ‬ ‫قطره ‪ 5‬ملّ م وبمسافات متساوية‪.‬‬

‫‪9.9‬فتح مسافة الخشبة الصافرة بريشة‬ ‫قطرها ‪ 2‬سنتم‪.‬‬

‫‪2121‬حف الطبقة الخارجية للمنجيرة بورق‬ ‫الزجاج الناعم مع طالئه باللَ َكر‪.‬‬

‫‪8.8‬ف �ت��ح م� �ج ��رى ب �ق� ْ‬ ‫�ط��ر وط � ��ول ال �ق �س��م‬ ‫الصافر‪.‬‬

‫‪1010‬حفر خارجي على المخرطة إلظهار‬ ‫شكل اآللة الخارجي‪.‬‬

‫‪2020‬إدخ��ال القسم السفلي من المنجيرة‬ ‫بالقسم العلوي الصافر‪.‬‬

‫‪2222‬تخرج نوته (‪ )RE‬من الثقب الثاني من‬ ‫القسم السفلي من المنجيرة‪.‬‬

‫اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬

‫شبابة ُص ْور‬ ‫ّ‬

‫طولي للمنجيرة من خشب التوت‬ ‫مقطع‬ ‫ّ‬

‫‪1111‬ح��ف��ر م �ج��رى‬ ‫خروج الهواء بإزميل‬ ‫دقيق ح��اد قياس ‪5‬‬ ‫ملّ م‪.‬‬

‫‪113‬‬


‫طريقة العزف‬ ‫للعزف على المنجيرة طريقتان‪:‬‬

‫وخلَ فه جوزف‬ ‫األولى طريقة جوزف أيوب َ‬ ‫لويزة‪ :‬يتم إص��دار نصف الصوت بإقفال‬ ‫فتحتين وراء ث�ق��ب ي�خ��رج م�ن��ه ال�ص��وت‪،‬‬ ‫فتنقص القيمة الصوتية نصف صوت‪.‬‬

‫‪114‬‬ ‫ناصر مخول‬

‫األخ��رى طريقة ناصر م�خ��ول‪ :‬تصويرية‬ ‫ت �ح��دد ن��وت��ات ال�ف�ت�ح��ات وخ�ف�ض�ه��ا بفتح‬ ‫األصبع نصف فتحة تزامناً وضغط الهواء‬ ‫من الفم إلى رأس الصافرة‪ .‬ويدرس مخول‬ ‫تطوير ه��ذه اآلل��ة ب��وض��ع غ�لاف نحاسي‬ ‫خارجي يغطي الفتحات والثقوب بخمس‬ ‫محطات لخمسة أنغام (رص��ت‪ /‬نهاوند‪/‬‬ ‫ح �ج��از‪ /‬ع �ج��م‪ /‬ب �ي��ات ن ��وا) بفتل ال�غ�لاف‬ ‫النحاسي الرقيق وفقاً للجهة العليا وطلباً‬ ‫للنغمة المطلوبة‪ ،‬وعندها يستعاض عن‬ ‫إق �ف��ال الفتحات لبلوغ النغمة إذ تحدد‬ ‫الطبقة النحاسية خروج‬ ‫ال� �ن ��وت ��ات م ��ن ف�ت�ح��ات�ه��ا‬ ‫حسب ثبوتها‪.‬‬ ‫دور هذه اآللة‬ ‫في التخت الشرقي‬ ‫أدخ��ل ج��وزف أي��وب هذه‬ ‫اآللة إلى التخت الشرقي‬ ‫متحدياً بها صوت الناي‬ ‫ال�ق�ص�ب�ي��ة ال��ع��ادي��ة‪ ،‬وال‬ ‫يتصدر‬ ‫ي��زال منذ ‪1958‬‬ ‫ّ‬ ‫ب �ه��ذه اآلل� ��ة أه ��م ال �ف��رق‬ ‫�درس‬ ‫وع��ازف��ي ال�ن��اي‪ ،‬وي� ّ‬

‫وبتأمين موادها الخشبية (مشمش‪ /‬توت‪/‬‬ ‫زنزلخت) عاد مخول من السودان بقطعة‬ ‫(اإلبنوس) المهم لصناعة آالت‬ ‫خشبية من ِ‬ ‫النفخ العصرية‪.‬‬ ‫ناي القصب‬ ‫أق��دم آل��ة موسيقية في التاريخ‪ .‬اكتشف‬ ‫صوتها سليمان الحكيم عند ضفة نهر‪،‬‬ ‫وت �ط��ورت م��ع ال�ع�ص��ور‪ .‬يصنع ال �ن��اي من‬ ‫القصب ال�ف��ارس��ي (م��وج��ود على ضفاف‬ ‫نهر أب��و علي في طرابلس)‪ .‬وه��ذا النوع‬ ‫والعقد‪ .‬من‬ ‫ق��وي البنية كثير المسافات‬ ‫َ‬ ‫أنواعه ‪‬األنثى‪ ‬المتميز بقصر المسافات‬ ‫بين العقد وتساويها تقريباً بالطول والغلظ‬ ‫والقطر‪.‬‬

‫ْ‬ ‫قطع قصبة طويلة عمرها خمس سنوات‪،‬‬ ‫وتركها أسبوعين في الهواء والشمس كي‬ ‫يظهر غالفها باللون المرمري اللماع‪.‬‬

‫نشأت في الصحراء العربية وعزف عليها‬ ‫شعراء أو من رافقوا الشعر الملقى‪ .‬وفي‬ ‫اشتهرت في سهل البقاع ومحيطه‪.‬‬ ‫لبنان ُ‬

‫اختيار المسافة المستقيمة م��ن العقد‬ ‫لتسع م�س��اف��ات بين العقد الثماني أي‬ ‫ال �ف��واص��ل ال�م�ل�ت�ح�م��ة ب �ي��ن ال �م �س��اف��ات‪،‬‬ ‫�ص��ه��ا ب ��دقّ ��ة ل� �ع ��دم إف �ل��ات ال �غ �ش��اء‬ ‫وق� ُّ‬ ‫الخارجي من محيطه‪ُ .‬ت َف َّرغ المسافات‬ ‫محمى‬ ‫م��ن ال �ق��واط��ع ال��داخ�ل�ي��ة ب�ش�ي��ش‬ ‫ّ‬ ‫على النار‪ْ ،‬‬ ‫قط ُر ُه بقيمة القطر الداخلي‬ ‫للقصبة‪ُ ،‬وي َترك القاطع األعلى من رأس‬ ‫ال�ن��اس الغليظ‪ُ ،‬وي�ث� َ�ق��ب القاطع بنصف‬ ‫قيمة قطر القصبة‪.‬‬ ‫رأس ال �م �س��اف��ة ال �ع �ل �ي��ا (ال� �ط ��رف األول‬ ‫الغليظ) يتم شطب حافته بطريقة تتيح‬ ‫للهواء الخارج من الفم االنشطار بين داخل‬ ‫القصبة وخ��ارج �ه��ا‪ ،‬وه ��ذا م �ب��دأ ال�ع��زف‬ ‫وإص��دار الصوت ما يصعب على المبتدئ‬ ‫بلوغه‪.‬‬ ‫ال�ق�ص��ب ال��رف �ي��ع ُي �ص��در ال �ص��وت ال�ح��اد‬ ‫والقصب الغليظ ُيصدر الصوت القرار‪.‬‬

‫وعقدها‬ ‫جميع النايات مسافاتها تسع‬ ‫َ‬ ‫ث �م��ا ٍن‪ ،‬ي�ت��م ف�ت��ح س�ت��ة ث�ق��وب ف��ي ال��وج��ه‬ ‫للتحكم‬ ‫ّ‬ ‫األعلى للناي وثقب واحد خلفي‬ ‫ب��ال �ع��زف ع�ل�ي��ه ب �ي��ن ال��ق ��رار وال� �ج ��واب‪،‬‬ ‫وإض��اف��ة أنغام ون��وت��ات تصويرية دقيقة‬ ‫في السلّ م الموسيقي أو النغمة المراد‬ ‫عزفها‪.‬‬

‫يستعمل ع���ازف ال �ن��اي م�ج�م��وع��ة ن��اي��ات‬ ‫(ت�ص��ل إل��ى ‪ )10‬ب��أط��وال مختلفة تتالءم‬ ‫أصواتها ونوتاتها مع المعزوفة الموسيقية‬ ‫للمغني‪.‬‬ ‫أو الطبقة الصوتية‬ ‫ّ‬

‫مواد هذه اآللة وصناعتها‬

‫علبة خشبية مستطيلة مقفلة على الوجهين‬ ‫مثبتة بمسامير‬ ‫بقطعة م��ن جلد الماعز ّ‬ ‫على األطراف‪.‬‬

‫يخترق جهة ال�ع��رض العليا زن��د حديدي‬ ‫بطولين من طول العلبة‪ ،‬يثبت فيه مفتاح‬ ‫وتر من شعر ذَ نَ ��ب الخيل‪ ،‬يمر‬ ‫يلف عليه ٌ‬

‫اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬

‫‪2323‬لتثبيت نوته (‪ )DO‬بالمقام األصلي‬ ‫(پيانو) يسحب القسم السفلي من العلوي‬ ‫م��ع النفخ لتثبيت ن��وت��ة (‪ )RE‬ف��ي الثقب‬ ‫الثاني من القسم السفلي‪.‬‬

‫العزف على هذه اآللة في الكونسرفاتوار‪،‬‬ ‫ل�ع��دد قليل م��ن ال�ط�لاب لصعوبة العزف‬ ‫عليها وق��راءة نوتاتها‪ ،‬ولعدم صناعة هذه‬ ‫اآللة في لبنان والخارج‪ .‬لذا أنشأها مخول‬ ‫بصناعتها الدقيقة ش�ك ً�لا وص��وت��اً ودقّ ��ة‬ ‫نوتات‪.‬‬

‫صناعة ناي القصب‬

‫الربابة‬

‫‪115‬‬


Abdel-Nour Jabbour, Étude sur la poésie dialectale au Liban, Beyrouth, Publications de l’Université Libanaise, Section des études littéraires I, 19662.

(Le zajal [poésie populaire], son histoire, sa littérature, ses célébrités autrefois et maintenant), Jounieh-Liban, Al-Maṭbaʿa al-Būlsiyya, 1952.

Boucheman Albert de, « Matériel de la vie bédouine recueilli dans le désert de Syrie (Tribu des Arabes Sba’a) », Documents d’études orientales, t. 3, Paris, Institut français de Damas, Paris, 1934.

Jargy Simon, « La musique populaire du Proche-Orient Arabe », Encyclopédie de la Pléiade, Histoire de la Musique, t. I, Paris, Gallimard, 1993.

Guettat Mahmoud, La musique classique du Maghreb, Paris, Sindbad, 1980.

Jargy Simon, La poésie populaire traditionnelle chantée au Proche-Orient Arabe, Paris, Mouton, 1970.

Hajj (El) Badih, Constitution, évolution et situation du folklore musical au Liban, recueil et analyse, 2 volumes, Thèse de doctorat, Paris, Sorbonne Paris iv, 2003.

Lecerf Jean, « Littérature dialectale et renaissance arabe moderne », Extrait du bulletin d’études orientales de l’Institut Français de Damas, t. VII, 1931-1937/38.

Ḫāter Laḥad, Al-ʿādāt wat-taqālīd al-lubnāniyya (Les coutumes et les traditions libanaises), Beyrouth, Dār Laḥd Ḫāṭir, 1977

Touma Habib Hassan, La musique Arabe, Paris, Buchet/Chastel, 1996.

Ḫāzin Munīr Wahībi Al-, Al-zajal, tārīḫuhu, adabuhu, aʿlāmuhu qadīman wa ḥadītan

Royaume d’Egypte, Recueil des Travaux du Congrès de Musique Arabe, le Caire 1932, Le Caire, Boulac, 1934.

‫فوق الجلد على فرس ويثبت في أسفل زند‬ .‫حديدي يمر فوق وجه الجلد‬

‫ال�ق��وس قضيب متين ُي� َ�ش��د م��ن الطرفين‬ .‫بخيوط من ذنب الحصان‬ ‫ يثبت على الجهة العليا جلد‬.‫سنتم‬20 ‫من‬ ‫عزف عليها‬ ‫ماعز برباطات‬ َ ‫ ُي‬،‫تشد الجلد‬ ّ ‫ ف��ي وس��ط‬‫دم‬ ُ ‫بإيقاعين األول يسمى‬ .‫ على طرف الجلد‬‫تك‬ ‫ واآلخر‬،‫الجلد‬ ‫الطبل‬ ‫آل��ة إيقاعية م��ن صفحة خشبية ملفوفة‬ ‫أسطوانية على طرفها األول جلد ماعز‬ ‫يربط بحبل على الطرف اآلخ��ر ويضرب‬ ‫بعصاه على الجهة األول ��ى باليد‬ ‫الطبال‬ ُ ‫اليمنى فتعطي ص ��وت اإلي �ق��اع العريض‬ .‫وب��ال�ي�س��رى ص��وت��اً رف�ي�ع��اً بقضيب رف�ي��ع‬ ‫ضرب عليها وقوفاً في األف��راح واألت��راح‬ َ ‫ُي‬ .‫والمناسبات الوطنية‬

‫البزق‬ ‫ صندوق‬.‫آلة وترية شعبية استعملها الغجر‬ ‫رنين بشكل إج��اص��ة كاملة تتالصق فيها‬ ‫ سنتم وعرضه‬33 ‫ طوله‬.‫شفرات خشبية‬ ‫ له مقبض‬.‫سنتم‬17 ‫ وعمق بيت الرنين‬28 ‫ ف��اص ً�لا تحت‬27‫�زود ب �ـ‬ َّ � ‫ سنتم م‬52 ‫طوله‬ ‫أوت ��ار م��ن ال�ن��اي�ل��ون أو م��ن أم �ع��اء السمك‬ ‫ تمر فوقها أوت��ار معدنية‬،‫تسمى رب��اط��ات‬ ‫رفيعة الصوت والرنين وتكون دائماً مزدوجة‬ ‫تمر ف��وق القمرية الصغيرة‬ ّ ،‫بنوتة واح��دة‬ ‫وفوق الفرس الخشبي لتثبت في أسفل علبة‬ ‫ف عليها‬ ُ ‫عز‬ َ ‫ ُي‬.‫الرنين أي الصندوق اإلجاصي‬ .‫مبسطة من قرن الجاموس‬ ّ ‫البزق بريشة‬

‫ه��ذه اآلل ��ة ال ت��دخ��ل التخت ال�ش��رق��ي أو‬ ‫ لجهل عازفها ق��راءة النوتة‬،‫األورك�س�ت��را‬ ‫ألن األبعاد بين الفواصل في أسفل الزند‬ ‫قصيرة المسافة ومن الصعب تحديد موقع‬ .‫األصبع من دون النظر إلى موقعه‬ ‫الطبلة‬

‫آلة موسيقية إيقاعية من الجص الطبيعي‬ :‫ تصنع أسطوانياً بفتحتين‬،‫(الفخار) الترابي‬ ُ ‫ سنتم واألخرى سفلى‬25 ‫األولى عليا بقطر‬

116 ‫ناصر مخول‬

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

117

Bibliographie


C’est la même mélodie, avec des variations minimes, qui se répète pour tous les couplets. Le mouvement est conjoint. L’échelle est restreinte (la-ré).

119

Cette version du chant dalʽūna ne commence pas par le refrain habituel « ʽala dalʽūna w ʽala dalʽūna ». Sa mélodie est en mode bayāti la. Elle commence sur la tonique et fait un mouvement ascendant pour atteindre la tierce, la note de récitation. La poésie de dalʽūna est normalement paire, c’est-à-dire que les deux vers vont deux par deux. Dans ce chant, nous trouvons deux formules mélodiques différentes, une pour chaque vers poétique. La première est de mouvement ascendant tandis

que la seconde est descendante. La première commence sur la tonique, monte jusqu’à la tierce, atteint parfois la quarte et redescend pour faire une demi-cadence sur la seconde awj (si b). La deuxième débute sur la quarte et descend pour finir sur la tonique :

Analyse Le chant dalʽūna est typique pour accompagner la danse dabké. C’est un chant rythmique syllabique. Il est accompagné normalement de deux instruments, le mijwiz et le ṭabl. Plusieurs mélodies peuvent être appliquées à ce chant. D’allure simple, elles procèdent par mouvement conjoint. Leur étendue est restreinte se limitant, en général, à une quarte. Le mode musical le plus utilisé est le bayāti. Chez les Arabes, seminomades, le chant est interprété en alternance entre un soliste et l’assemblée. Dans les villages libanais, actuellement, c’est le soliste tout seul qui chante accompagné de quelques instruments le plus souvent non traditionnels.

Conclusion Tout au long de son histoire, le Liban était ouvert aux différents courants venant de l’extérieur. Il subit l’influence des cultures occidentales d’une part et orientales d’autre part. Toutefois, les influences étrangères ne nient pas la présence au Liban d’un patrimoine musical spécifique. Il s’agit, en effet, d’une musique qui porte en elle les traces des traditions de maintes civilisations qui se rencontraient, se succédaient ou s’ac-

compagnaient dans cette région du monde, mais elle reste toujours une musique libanaise. Face à ces influences, le Libanais choisit avec son sens de sélection et de triage ce qui va avec ses traditions, sa culture, sa personnalité, son caractère, ses croyances, ses habitudes, ses modes de vie et ses mœurs. Ensuite, il le moule, le taille et le développe afin qu’il devienne « libanais ». Concernant sa sauvegarde et sa survie, la transmission orale continue - même à l’époque contemporaine - d’être le principal canal par lequel le folklore musical libanais se lègue d’une génération à l’autre. Mais, l’essor des moyens de diffusion et de communication tels que la radio, la télévision, les chaînes stéréophoniques, le cinéma et l’internet facilitent et favorisent la réception des musiques étrangères et accélèrent le phénomène d’acculturation. En ce qui concerne l’avenir, une musique populaire n’apparaît pas comme quelque chose de stable. D’autre part, qui dit perfectionnement ou renouveau, ne dit pas destruction préalable du passé. Alors, le développement d’une musique libanaise doit émerger des lois et du langage même de cette musique. Comme dit Curt Sachs lors du Congrès de musique arabe (1932) : « Il s’agit d’avancer sans faire le bond mortel au-dessus de mille ans d’histoire, et de gagner un style nouveau, sans rien rejeter du patrimoine précieux que léguèrent à un peuple des générations innombrables. »40. 40)  Sachs, « Discours », Recueil des Travaux du Congrès, p. 71.

118 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

Tous les couplets et les refrains procèdent de la même manière. La tierce constitue pour les deux formules une note de récitation.


Le mouvement est ascendant au début de chaque formule mélodique et il est descendant dans les cadences. Le mouvement est conjoint. La deuxième ligne de la première mélodie commence sur le sigah (mi b), deuxième note par rapport à la tonique et troisième au rast (note de départ). Elle monte et descend d’une façon symétrique comme une parabole :

121 Cette version du chant dalʽūnā interprétée par Farḥa est constituée de deux mélodies : une pour le refrain et une pour les couplets. Cette structure n’est pas toujours appliquée à la forme dalʽūna. La mélodie est du mode bayāti ré. La première mélodie possède un ambitus restreint qui commence sur la sous-tonique et ne dépasse pas la quarte :

Elle est divisée en deux parties à l’exemple du vers poétique qui est lui aussi divisé en deux hémistiches. La cadence de la première partie se fait sur la note sigah,

La deuxième mélodie (B et B’), celle des couplets, est plus développée que la première. Elle commence par un saut d’intervalle de quinte (réla). A la place du ré du refrain, le la prend ici le rôle de la note de récitation. La partie B est formée d’un mouvement ascendant tandis que celle du B’ (deuxième hémistiche du vers) emprunte un mouvement descendant se terminant sur la tonique. Il s’agit d’une suite de notes descendant par degrés conjoints :

Dalʽūna, Fārūq Merhij39

120 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

Tandis que dans l’avant dernière ligne du chant, il fait une variation sur ces notes qui sont chantées par l’assemblée sur le ré récitatif :

et la deuxième partie se termine par une cadence parfaite sur la tonique

Le refrain est chanté tout d’abord en solo par le chanteur et repris ensuite par l’assemblée. La formule de la première mélodie (mes. 1 à 3) est interprétée en récitation principalement sur la note ré, ce qui donne au chant une allure plutôt rythmique et récitative :

Le chanteur descend dans la première ligne sur les syllabes « la » et « da » de ʽala dalʽūna (mes. 2), 39)  Chanteur bédouin, du Fāʽūr, la Békaa, date d’enregistrement : 18/9/1998.


La mélodie est en mode sigah ʽirāq si b constitué d’un nisba (tricorde) sigah en si b et d’un jins (tétracorde) hijâz dukah (ré).

La mélodie des deux premiers vers se termine sur la note awj (si b à l’octave) et donne l’ambiance de tension, parce que cette note mobile donne une impression d’instabilité, surtout quand elle est une note cadentielle à l’octave. Le troisième vers donne le sentiment de conclusion et de résolution. Sa mélodie commence sur le ré à l’octave et descend conjointement jusqu’au sol, remonte jusqu’au do et redescend jusqu’au sol :

Cette descente progressive en deux phases marque le chant muwaššaḥ et résolue peu à peu la tension. Le quatrième vers conclut la strophe. Sa mélodie commence sur le sol (la note finale du troisième vers). Elle est de mouvement descendant. Elle met en relief le jins (tétracorde) hijaz, le deuxième tétracorde du mode ʽirāq, et se termine sur la tonique ʽirāq (si b) :

À la reprise du refrain (mes. 19 à 21), le soliste combine le premier refrain et le premier couplet utilisant les deux sauts de tierce neutre.

Dans la deuxième ligne du deuxième refrain (mes. 22 à 24), le soliste combine ou résume en trois mesures les six mesures du deuxième couplet (mes. 16 à 21). Il part de ré aigu et termine avec la même cadence :

Dans le deuxième couplet, c’est toujours le mode awj (si b à l’octave) qui est mis en évidence dans le premier vers. Mais on remarque un changement : au lieu de commencer sur le sol et de monter jusqu’au si b, la mélodie débute sur le do (à l’octave), descend jusqu’au sol, remonte jusqu’au si b et se termine sur le si b :

attendre le refrain. Ce couplet ressemble beaucoup à son précédent. Analyse Ce chant est syllabique, rythmé et simple. Il est interprété en alternatif entre le soliste et l’assemblée. La mélodie est en mode huzam. La mélodie des vers répétés par l’assemblée est simple et répétée de façon identique tout au long du chant. 3. Dalʽūnā Définition Le mot dalʽūnā vient du mot arabe dallaʽa (choyer) et dalʽūnā en libanais veut dire « celle qui est choyée ». ʽAla dalʽūnā est un genre de chant populaire très répandu en Syrie et au Liban. Le dalʽūna est un chant rythmique et syllabique. Il accompagne normalement la danse traditionnelle dabké. Forme

Poétiquement, c’est un quatrain dont le dernier vers rime en ūnā37. Il parle généralement de l’amour. D’après Abdel-Nour, le dalʽūnā est un dérivé du qarrādi 38. Ce chant est formé d’un simple refrain ʽAla dalʽūnā w ʽala dalʽūnā sur lequel on peut faire des variations infinies en ajoutant chaque fois un couplet de deux vers, dont le dernier hémistiche rime en nā, imitant ainsi la rime du mot dalʽūnā. La structure se présente ainsi : na

na

**** b c b

c

b

c

d na Chants analysés Dalʽūna, Khalil Farḥa

Dans le deuxième vers il y a plus de récitation sur le do, mais le si b forme toujours la note pivot à laquelle sont attirées les autres notes. La mélodie se termine sur le si b :

Le troisième vers ressemble beaucoup au deuxième. Le quatrième vers du second couplet, comme celui du premier couplet, se termine sur la tonique. Après le deuxième couplet, le chanteur attaque le troisième sans

37)  Jargy, La poésie populaire, p. 37. 38)  Abdel-Nour, Étude sur la poésie dialectale, p. 106

122 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

123

Le chant est strophique et syllabique. Il est formé d’un refrain et de trois couplets. Après avoir commencé par un refrain, le chanteur passe au premier couplet. Ensuite, l’assemblée chante le refrain.


La mélodie du troisième vers commence sur le mi à l’octave et fait une demi-cadence sur le la. Le quatrième vers reprend la même mélodie que celle des reprises, et c’est l’assemblée qui termine le chant en reprenant le refrain pris au début.Les chanteurs continuent la compétition en dialoguant et en reprenant des refrains jusqu’à la fin. La poésie est du mètre poétique qarrādi (7+7 syllabes). Le poème se compose de deux vers en guise d’introduction (maṭlaʽ) et un couplet (dawr) formé de quatre vers (quatrain). Dans le maṭlaʽ, la règle exige que la rime soit identique dans le ṣadr et le ʽajoz du premier vers et dans le ʽajoz du second vers. Dans les adwār (pluriel de dawr) qui sont des quatrains, tous les ṣudūr (pluriel de ṣadr) riment entre eux, et les ʽojoz (pluriel de ʽajoz) riment aussi entre eux, sauf le tout dernier où la rime du maṭlaʽ (l’introduction) se retrouve de nouveau. Le poème prend la forme suivante: maṭlaʽ : a b a b Dawr :

c c c c

d d d b

Analyse Le chant qarrādi est partagé entre solo et chœur (couplet et refrain). Dans les joutes poétiques, on chante souvent des mawwāls lents et élégiaques. Mais quand on chante tout le temps des mawwāls, l’ambiance devient de plus en plus fatiguante et lourde. On introduit alors le qarrādi pour changer l’ambiance. Comme le confirme les poètes populaires, le chant qarrādi vient juste après la forme bağdādi : « l-bağdādi miftāḥ l-qarrādi » (le bağdādi est la clé du qarrādi).

plets (dawr) formé chacun de quatre vers (quatrains). Dans le maṭlaʽ, les deux ṣudūr (pluriel de ṣadr) riment entre eux, et les deux ʽojoz (pluriel de ʽajoz) riment aussi entre eux. Dans le dawr (couplet), tous les ṣudūr riment entre eux, et les ʽojoz riment aussi entre eux, sauf le tout dernier où la rime du ʽajoz du maṭlaʽ (l’introduction) se retrouve de nouveau :

Maṭlaʽ : a

b

a

b

Dawr :

d c d c d c d b

Chants analysés Muwaššaḥ, Khalil Farḥa

2. Muwaššaḥ baladī (du terroir, autochtone) Définition L’appellation muwaššaḥ est andalouse. Le terme muwaššaḥ dérive de: « tawšīḥ, wišāḥ ou išāḥ dont la signification de base est: ornementation, embellissement... »35. Mais le muwaššaḥ baladī libanais est tout à fait différent du muwaššaḥ andalou du point de vue poétique et musical. Forme Le muwaššaḥ baladī libanais est un genre dérivé du qarrādī avec des variations dans la construction métrique et dans la mélodie. C’est un chant syllabique, rythmique. Le vers est composé de deux hémistiches, le premier est constitué de sept syllabes et le second de quatre36. La pièce se compose de deux vers en guise d’introduction (maṭlaʽ, refrain) et de cou35)  Guettat Mahmoud, La musique classique du Maghreb, Paris, Sindbad, 1980, p. 126. 36)  Le vers du chant qarrādi est formé de deux hémistiches, ayant chacun sept syllabes.

124 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

125

mélodie habituelle du refrain. Puis, le chanteur reprend de nouveau les deux premiers vers avec des variations au niveau mélodique, c’est pour montrer ses capacités et sa virtuosité. L’assemblée reprend encore une fois le même hémistiche qu’avant. Et le chanteur termine le couplet.


Le mouvement de la mélodie est souvent descendant. L’échelle assez étendue, dépend de la voix du chanteur et de sa capacité à maîtriser l’improvisation. Les chanteurs sont accompagnés de deux instruments de percussions, le daff et la daraboukka. Ces deux instruments interviennent lors des refrains et lors de l’intermède qui marque le passage d’un chanteur à un autre.

127

La première ligne musicale qui correspond au premier vers poétique descend progressivement. Son premier hémistiche commence sur la septième et descend jusqu’à la tierce pour faire une demi-cadence. Le deuxième hémistiche commence sur la quarte et descend jusqu’à la tonique :

Après un dialogue sur le genre mʽanna, les poètes-chanteurs passent au chant qarrādi. Zağlūl débute ce genre de chant par une

introduction relativement longue par rapport à ce qui va suivre. En effet, par la suite, les chanteurs établissent un dialogue en chantant chacun une

La mélodie de la deuxième ligne est identique à celle du refrain chanté par l’assemblée. Elle commence sur la sixte, descend jusqu’au deuxième degré, remonte jusqu’à la quinte concluant le premier hémistiche et redescend jusqu’à la tonique terminant ainsi le vers :

Jusque là, il s’agit du maṭlaʽ (les deux premiers vers du chant qarrādi). Ce maṭlaʽ est repris par le soliste dans sa deuxième ligne du deuxième couplet. Et de nouveau, cette phrase est reprise en refrain par l’assemblée. Le chanteur fait des variations au niveau de la mélodie pour ne pas se répéter et pour donner plus d’enthousiasme, surtout qu’il s’agit des mêmes paroles. Il commence sur l’octave de la tonique, fait une variation dans la première mesure : le do est parfois bécarre parfois bémol, c’est pour donner un peu de couleur, c’est une sorte de sensible. Le deuxième hémistiche du premier vers (fin de la première ligne) fait une cadence sur la quinte pour introduire le deuxième vers qui a la même mélodie que celle chantée par l’assemblée. Le couplet, dawr, (bokra mnirjaʽ) commence sur l’octave de la tonique et fait un saut d’intervalle de quarte descendant :

La mélodie de ce vers tourne autour de la quinte (la). Il s’agit d’une demicadence. Le chanteur fait des acrobaties en attaquant l’octave, ou en faisant des ʽirab (pl. de ʽirba : fioriture). La deuxième mélodie du deuxième vers a comme note d’attraction le la. Après le couplet (dawr) vient la reprise de l’assemblée. Cette dernière reprend le dernier hémistiche interprété par le soliste, mais sur la

126 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

strophe suivie d’un refrain. Il est à noter que le groupe des chanteurs et l’assemblée interprètent les reprises avec beaucoup d’enthousiasme.La mélodie est en mode rast ré.


Le développement mélodique dépend beaucoup de la poésie. Les notes cadentielles sont choisies en fonction du sens du texte. Et ces cadences sont presque prédéfinies et connues à l’avance. Le premier vers fait sa cadence sur le mot (mdīni) sur la tonique, le second vers (tšāhdīni) fait une demi-cadence sur la tierce, le troisième vers (rajiʽna) fait une sorte de cadence sur la seconde. Le dernier vers (zīni) fait une coda finale et une cadence sur la tonique. Il s’agit d’un même développement pour les autres strophes, surtout en ce qui concerne les cadences. Le mouvement de la mélodie est tantôt ascendant tantôt descendant. Ce mouvement, absent dans la première strophe, on le remarque à partir de la deuxième strophe (6ème ligne : wniḥna badlit lğorbi... labsīni). Dans la strophe « III » (samiʽna... safīni), on remarque deux mouvements opposés, un ascendant et un descendant, qui vont toujours ensemble et qui donnent une sorte de tension-résolution. Ces mouvements sont mis en relief par le mode hijaz sol qui se résolue sur sigah mib. Dans la première strophe, le la# (2ème ligne) est une sorte de sensible pour le si, c’est une broderie passagère. Analyse Le développement mélodique dépend beaucoup de la poésie. Les

notes cadentielles sont choisies en fonction du sens du texte. Le qaṣīd est généralement introduit par une improvisation sur le vocable owf qui exprime la souffrance et la douleur. La poésie est souvent en dialecte libanais. Le chanteur improvise, mais l’improvisation est plus ou moins libre car elle dépend d’un style et d’une trame mélodique connue à l’avance. Le qaṣīd est formé de plusieurs strophes ayant toutes une même mélodie, avec des variations qui proviennent de la créativité du chanteur et de la construction poétique du texte chanté, surtout en ce qui concerne le rythme, les silences et les formes des notes.

II. Chants syllabiques 1. Qarrādi

qui signifie danser »30. Pour Wahibe, les mots qaraḍa, raqada et raqaṣa appartiennent à une même famille. « Le raqadān en arabe est un genre de danse, et le qarrādī au Liban est souvent suivi par la danse populaire dabké »31. Le qarrādī n’a pas de thème particulier, quoiqu’il convienne magnifiquement aux chants d’allégresse, aux satires et au genre humoristique. Il chante aussi les amours rustiques ou exprime la nostalgie du village libanais. « Les textes les plus répandus qui furent transmis d’une génération à une autre sont le plus souvent écrits en qarrādī »32. Forme Le qarrādī est le genre principal du chant rythmique libanais. La forme littéraire, définie de manière précise,

est basée sur une structure rigoureuse de quatrains rimés, où chaque vers comporte sept syllabes (heptasyllabique). « Nous croyons pouvoir conclure que rien jusqu’à présent ne contredit notre constatation; le qarrādi est constitué par des vers de sept syllabes »33. Il est très remarquable que le vers formé de sept syllabes soit précisément celui des hymnes syriaques de Saint Ephrem (IVe siècle). Le poème se compose de deux vers en guise d’introduction ou refrain (maṭlaʽ) et un nombre indéterminé de couplets (dawr) formé chacun de quatre vers (quatrains). Chants analysés Qarrādi , Zağlūl id-Dāmūr34, plage n° 12

Définition Le sens du terme qarrādi donne lieu à diverses interprétations. Laḥad Ḫāṭer28 propose deux définitions du mot qarrādī: la première renvoie au mot arabe qarāḍī de qārīḍ, un genre poétique; la deuxième se réfère aux qarrādīn (pluriel de qarrād: dresseur de singe qird), qui parcouraient le Liban en chantant29 et en faisant danser le singe. Mounir Wahibe rattache ce mot à « une racine commune aux langues sémitiques: raqada inversé

28)  Un écrivain libanais qui a décrit sur le village libanais d’antan ainsi que les mœurs et les traditions. 29)  Ḫāter Laḥad, Al-ʿādāt wat-taqālīd al-lubnāniyya (Les coutumes et les traditions libanaises), Beyrouth, Dār Laḥd Ḫāṭir, 1977, vol. 1, p. 279.

30)  Ḫāzin Munīr Wahībi Al-, Al-zajal, tārīḫuhu, adabuhu, aʿlāmuhu qadīman wa ḥadītan (Le zajal [poésie populaire], son histoire, sa littérature, ses célébrités autrefois et maintenant), Jounieh-Liban, Al-Maṭbaʿa al-Būlsiyya, 1952, p. 72-73. 31)  Ibidem. 32)  Abdel-Nour, Étude sur la poésie dialectale, p. 107.

128 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

129

La mélodie est presque la même pour toutes les strophes, avec des variations qui proviennent de la créativité du chanteur et de la construction poétique du texte chanté, surtout en ce qui concerne le rythme, les silences et les formes des notes.

33)  Lecerf Jean, « Littérature dialectale et renaissance arabe moderne », Extrait du bulletin d’études orientales de l’Institut Français de Damas, t. VII, 1931-1937/38, p. 63. 34)  Joseph Hachem, poète-chanteur professionnel, lieu d’enregistrement : Institut du Monde Arabe, date d’enregistrement : 17/10/1998. Le zajal, joute poétique improvisée, Institut du Monde Arabe, 17 octobre 1998.


tandis que celui de la tonique, à la fin du couplet, détermine la cadence finale.

Chants analysés Qaṣīd, Khalil Farḥa, plage n° 10

Structure poétique : Maṭlaʽ:

Hayhāt yā bu z-zeluf

ʽayni yā mūlāyā

a

Couplet : Refrain :

b c b c b c b ya a ya

Analyse Du genre récitatif, la mélodie d’Abu z-zeluf comporte des vocalises et un rythme libre. Il est chanté par un soliste homme ou femme. La poésie est mélismatique. Le rythme musical dépend des brèves et des longues de la poésie. Le dernier vers de chaque couplet est repris en chœur. Le chant est souvent introduit par une improvisation sur le vocable owf. La mélodie du chant est en mode sigah. Le chant est interprété en alternance entre le soliste qui chante un couplet et l’assemblée qui reprend le refrain après lui.

ya

5. Qaṣīd Définition Le mot qaṣīd provient de la même racine que le mot arabe qaṣīda26 qui veut dire poésie. En arabe, qaṣīd est un mot masculin et le mot qaṣīda est féminin. Forme Le qaṣīd libanais est du genre quasiimprovisé au rythme libre. Le récitatif musical qui sert de support au qaṣīd libanais se chante dans une tonalité apparentée au mode arabe classique du sigah. Au Liban, le qaṣīd est surtout une mélopée d’amour, « alors qu’en Syrie, il est chant de danse, d’amour, de guerre, d’éloge d’un chef ou d’un notable »27. 26)  On désigne sous le nom de qaṣīda l’adaptation musicale d’un poème comprenant plusieurs vers (dix, parfois vingt-cinq ou davantage) composés dans le mètre classique arabe et possédant une rime finale uniforme ainsi qu’un mètre fixe et régulier. (Voir: Touma Habib Hassan, La musique Arabe, Paris, Buchet/Chastel, 1996, p. 84). 27)  Jargy, « La musique populaire du ProcheOrient arabe », p. 565.

130 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

131

aussi un pivot autour duquel tournent les autres notes. Son rôle marque toujours la demi-cadence, l’inachevé,

Cette poésie chantée est introduite par une improvisation sur le vocable owf qui exprime la souffrance et la douleur. Cette improvisation est une familiarisation à la tonalité et joue un rôle fondamental dans la manière de mettre la voix en condition. Ce morceau conçu en mode huzam mi b, commence sur la tierce et se termine sur la tonique.

Le chant est du genre qaṣīd. La rythmicité alterne entre des passages mélismatiques et des passages syllabiques rythmés. La poésie est en dialecte libanais. Le chanteur improvise, mais l’improvisation est plus ou moins libre, elle dépend d’un style et d’une trame mélodique connue à l’avance. En effet, ce qaṣīd chanté par Khalil Farḥa est formé de plusieurs strophes.


Après le owf, c’est le vers « hayhāt yā buz zeluf ʽayni yā mūlaya ... » qui introduit le chant proprement dit. Il commence également sur la tierce et se termine sur la seconde. Son rythme est libre. La tierce est une note de récitation et la seconde est la note cadentielle. Dans les mouvements descendants, le chanteur altère le ré en ré #. Ce degré ré #, qui est introduit avant la note sigah mib, joue le rôle de la sensible. Le deuxième vers, contrairement au premier, est rythmé et vif. Il est chanté par l’assemblée en guise de refrain après chaque couplet. Le premier vers est plus plaintif, ses notes sont plus longues et les syllabes sont allongées. On se vante d’une interprétation dans laquelle une syllabe est le plus longtemps possible allongée. C’est surtout le mot hayhāt et plus précisément sa syllabe « hāt » qui est la plus allongée. Le texte chante souvent le thème de nadb ou complainte. Le premier vers possède souvent des paroles immuables tandis que le second vers donne le sens à la poésie chantée. Ce dernier n’a rien à voir avec le sujet du maṭlaʽ (début du chant) « hayhāt... ». Le second vers commence sur la tierce et se termine sur la tonique.Le refrain commence sur la tierce et se termine sur la tonique, il a le mouvement descen-

dant et un registre restreint. Les couplets sont souvent précédés par une improvisation sur le vocable owf. Après le tricorde sigah, c’est le tétracorde kord sol qui est utilisé. Cette combinaison d’un tricorde sigah attaché à un genre kord sol se retrouve rarement dans la musique arabe. L’échelle devient:

On rencontre cette échelle, avec la note sib au lieu de si, dans des chants de l’Église syriaque maronite, comme lmaryam yoldât alôho :

Dans l’Abu z-zeluf, le owf est exécuté en rythme libre. Après l’improvisation sur le vocable owf, le couplet commence sur la tierce sol. Ses vers sont divisés chacun en deux hémistiches et la mélodie est structurée selon cette division. Le premier hémistiche commence sur sol et se termine sur fa. Le deuxième, pour sa part, commence et se termine souvent sur fa. Voici un schéma pour la structure musicale du premier couplet : Vers 1 : Sol ------- Fa

Fa ------- Fa

Vers 2 : Sol ------- Fa

Fa ------- Fa

Vers 3 : Sol ------- Fa

Fa ------- Fa

Vers 4 : Sol ------- Fa

Sol-------mi b

D’après cette structure, on remarque l’importance du deuxième degré fa. Ce degré est cadentiel, récitatif, mais

132 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

133

Le chant est introduit par une improvisation sur le vocable owf. La mélodie de cette improvisation est en mode sigah mib. Elle commence sur la tierce et se termine sur la seconde, un degré important et fréquent dans ce chant.


Définition Abu z-zeluf et Immi z-zeluf : les mots arabes abu et imm signifient respectivement père et mère, et Abu z-zeluf est l’homme qui jouit de zeluf et Emmi z-zeluf est la femme dotée de zeluf. Plusieurs explications sont données pour ce mot zeluf. Pour les uns, zeluf ou zalaf est le petit nez bien dessiné; pour d’autres, il s’agit d’une personne qui a des boucles de cheveux : chez l’homme les favoris, chez la femme les accroche-cœurs. Abu z-zeluf est un chant montagnard qui célèbre les amours rustiques. Il est le fruit de l’improvisation et se transmet par tradition orale. Cette forme ne se rencontre aujourd’hui que très rarement.

135

Le chanteur affirme que ce genre musical est difficile à interpréter et c’est pour cela qu’il est de moins en moins chanté au Liban. Exécuté en solo, son rythme est libre et son registre, assez développé, dépasse l’octave. Analyse Le mawwāl bağdādi est chanté en solo. Son rythme est libre. Le chant est introduit souvent par une improvisation sur les mots ya leyli, ya ʽeyni

(ô ma nuit, ô mon œil21) ou bien owf owf. L’altération rythmique est fréquente dans le mawwāl. Autrefois, les voyelles, les consonnes, les syllabes, les mots et les expressions subissaient des mutilations énormes pour épouser l’air chanté, si bien qu’il s’agissait plutôt d’une prose rimée que d’une poésie à proprement parler. Ce genre de chant est difficile à interpréter et c’est pour cela qu’il est de moins en moins présent au Liban. 21)  Cette formule est utilisée dans un sens d’amabilité.

Historique Selon la tradition orale, ce genre prit naissance à Baghdad, après le massacre des Parmicides (vers le Xe siècle). Après l’exécution de Gaafar le Parmicide, Haroun Al-Rachid défendit d’adresser à ce dernier des élégies22. Cependant, une esclave de sa cour lui adressa une élégie de deux vers taillés sur un mètre spécial et se mit à les chanter en disant : Hayhāt yā bu z-zeluf, ʽayni yā mūlāyā (Ah comme c’était beau, ou bien, ah si tu revenais, ô homme aux favoris, tu es « mes yeux », ô mon seigneur).

Tu trouveras des cadavres enfouis sous le sol en ruine, réduits, après l’éloquence, au mutisme et au silence »23. Lorsqu’il eut appris ce raconte qu’Al-Rachid fit l’esclave et voulu la punir désobéissance. Elle lui cependant :

« O Prince des croyants, tu interdis de leur adresser des élégies en poésie, mais mon œuvre y est absolument étrangère puisqu’il manque le ton littéraire pur »24. Et le Calife fut convaincu par cet argument. Forme Le premier vers du couplet porte indifféremment Abu z-zeluf ou Emm ez-zeluf. Abu z-zeluf est le titre du premier couplet-type d’un genre poétique dont le deuxième vers rime en iyyā ou eyyā, sur le modèle des deux mots qui terminent le premier couplet. Sa construction littéraire est généralement le quatrain. Abu z-zeluf est composé d’après le mètre classique du basīṭ 25 : mustafʽilun fāʽilun mustafʽilun fāʽilun /O/O//O /O//O

/O/O//O

/O/O//O /O//O

« Ô Château ! Que sont devenus tes maîtres Persans, Rois du monde,

Chants analysés Abu z-zeluf, Khalil Farḥa

22)  Royaume d’Egypte, Recueil des Travaux du Congrès, p. 173-174.

/O//O

mustafʽilun fāʽilun mustafʽilun fāʽilun

Voici les deux vers:

ceux qui t’ont protégé armés de boucliers et de lances?

fait, on appeler pour sa répliqua

/O/O//O

23)  Ibidem. 24)  Ibidem. 25)  (/ = brève, /O = longue).

/O//O

134 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

4. Abu z-zeluf


L’étendue de l’échelle se situe entre le do et le la b. La note la b donne à la mélodie un cachet de tristesse (c’est le hijaz sol : sol-la b-si). Si on complète l’échelle, elle devient le maqâm suznâk faisant partie de la famille rast :

137

Le chanteur commence par interpréter un court mawwāl (improvisation vocale) pour introduire le chant. Il improvise sur le vocable owf. Sa voix malléable l’aide beaucoup pour faire les fioritures. La mélodie repose sur le mode sigah. Le chant est construit sur trois formules mélodiques. La première (A) commence sur la tierce sol et se termine sur le rast do :

C’est pour cela qu’elle donne l’apparence d’être en mode rast. Elle est en mouvement descendant de sol

vers do (layla… sahrān). La deuxième formule (B) commence, elle aussi, sur la tierce et termine sur la tonique si b. Cette formule a la même structure que la première sauf qu’elle ne se termine pas sur rast (do) mais sur sigah (mi b) (mawʽūd… wʽūdik). La troisième formule (C), qui a la forme d’une cadence, commence sur le juharkah (fa), le second degré de sigah.

Pour se laisser le temps de se rappeler des paroles, le chanteur descend sur le do (rast) en faisant une cadence et puis, il se lance sur le sol

Analyse Le šrūqi est un chant mélismatique. Étant une mélopée ou une poésie chantée, son rythme est libre. Souvent, une même formule mélodique se répète d’une façon presque identique pour tous les vers poétiques et quand il s’agit d’accompagnement instrumental, les transitions musicales sont souvent les mêmes et se répètent tout le temps. Le chanteur l’introduit par une mélodie sur les vocables « hey », « la la », qui n’ont pas de sens et « owf » qui exprime la souffrance. 3. Mawwāl Bağdādi ou tout simplement Bağdādi Définition Le mawwāl est un poème chanté en dialectal, mais dont la mélodie, riche de vocalises, s’inspire davantage

de la musique savante que de la musique populaire. Il est destiné surtout à l’expression de la tendresse ou de la passion. C’est une improvisation libre qui se plie à des tournures mélodiques familières au folklore, à une rythmique large et quasi-insensible comme celle du plain-chant. Il est souvent qualifié de bağdādi référant ainsi au nom de la capitale abbasside Baghdad. Rares sont ceux qui y portent attention, mais il fut un temps où presque tous les chanteurs (qawwāl) l’utilisaient pour chanter de leur voix grave et bien timbrée les exploits d’un héros imaginaire ou des thèmes lyriques, tels que l’amour de la nature, le regret, les saisons, la fuite du temps, le goût de la paix, la mort, Dieu, etc. Il est très difficile de retracer les origines du mawwāl. Ses origines irakiennes semblent certaines, puisque Baghdad continue à être le principal centre du mawwāl sous ses différentes formes. Forme Dans ses structures littéraires, le mawwāl ne se présente pas sous forme de quatrains comme la plupart des autres chants populaires, mais comporte sept, quatrorze vers, ou même davantage.20 Chants analysés Bağdādi, Khalil Farḥa

20)  Jargy, La poésie populaire, p. 36.

136 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

pour terminer sur le mi b (sigah). La mélodie se répète pour la suite de la poésie jusqu’à ce que cette dernière soit terminée.


Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

sie chantée. Entre les strophes, on trouve une improvisation instrumentale plus longue et plus développée que les transitions faites dans une seule strophe.

La mélodie est répétée d’une façon presque identique pour tous les vers poétiques et les mêmes transitions instrumentales sont souvent reprises. Le rythme est libre, il s’agit d’une mélopée, ou d’une poé-

Après ce chant appelé par le chanteur Qaṣīd ou Šrūqi, une courte improvisation instrumentale jouée sur le rabāb réintroduit le chant ʽatāba. Šrūqi, Khalil Farḥa

138 Après un chant ʽatāba, le chanteur joue une phrase musicale sur le rabāb pour faire la transition entre le mode bayāti sol

et le rast sol

Comme nous l’avons déjà mentionné, le mot qallu veut dire : « on lui a dit ». Ce mot ne fait pas partie de la poésie initiale, c’est une des façons pour introduire le chant et de le rendre plus narratif, comme s’il s’agissait d’une histoire. Dans la première et la seconde ligne, le vocable « ya he »,

chanté et allongé d’une façon mélismatique, ne fait pas partie de la poésie initiale et sert à introduire les vers de la poésie. Dans la troisième ligne, la syllabe « āl » dans le verbe « qāl » (dire) est chantée « yāl », et étendue sur plusieurs notes. Cette extension sert à prolonger le chant et le rendre plus ample. Le chanteur descend souvent de ré au si b sans passer par le do. Cela donne un cachet spécial pour le mode rast sol :

Les cadences sont toujours sur le sol. Elles ont le mouvement descendant (do, si b, la, sol). Cela met en évi-

P. Badih El.Hajj

139

dence le tétracorde rast. Par contre, la cadence finale est sur le awj (si b)


Le ʽatāba libanais s’est développé du point de vue sujet avec des poètes libanais qui se sont éloignés de la nostalgie et de l’amour, et ils ont chanté le Liban, sa beauté et sa nature. Au niveau musical, la mélodie s’est développée surtout avec Youssef Taj, ʽAlyā’ al-Monzer, Wadih Safi et Sabah. En fait, le ʽatāba libanais a pris un cachet différent des pays voisins à partir du début du XXè siècle. 2. Šrūqi Définition Ce chant est appelé šrūqi (de šarq ‫الشرق‬ : l’Orient, l’Est) par allusion à son origine, l’Est. Historique Connu d’abord à l’Est, dans la région du désert syrien, le šrūqi pénétra dans le milieu sédentaire, colporté par les bédouins qui, en s’accompagnant d’un rabāb, gagnaient leur vie en le chantant. Ils fréquentaient les bazars des villes et les foires, visi-

taient les cours des notables où ils chantaient les idylles des nomades et recevaient en échange des récompenses en argent ou des cadeaux16. Forme Le chant šrūqī se présente différemment chez les Bédouins ou chez les sédentaires. Pour les premiers, c’est une forme variée de ʽAtāba. Pour les autres c’est une forme de qaṣīda (poésie) sur des thèmes didactiques, le plus souvent religieux17. Les Libanais ne négligent pas cette variété poétique. Ils l’utilisent souvent comme introduction qui précède les qarrādi et les mʽanna dans les joutes poétiques. Les défauts des rimes, le manque de cadence et d’harmonie étaient camouflés par la mélodie du chant accompagné de l’instrument à corde unique, le rabāb. Le mètre que suivaient les anciens n’était pas toujours le même. Par ignorance, ils s’attachaient simplement à la forme extérieure. Des tentatives sérieuses ont été effectuées pour lui donner une métrique régulière. Le šrūqī fut doté d’un mètre invariable qu’on découvre dans la majorité de la production actuelle. Ce mètre, qui fut adopté aussi dans un certain nombre de poèmes anciens, n’est autre que le basīṭ (simple)18. Il se présente généralement ainsi :

/O/O//O     /O//O     /O/O//O     /O//O mustafʽilun fāʽilun mustafʽilun fāʽilun /O/O//O     /O//O     /O/O//O     /O//O Poétiquement le šrūqī est un poème

formé d’un certain nombre de strophes. Les premiers hémistiches ont la même rime; les seconds aussi ont une rime commune. Chants analysés Šrūqi, Maḥmūd is-Sayyid19

140 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

141

Liban. Toutefois, il s’agit de la même forme poétique et du même mode musical (bayāti). Après un petit prélude de rabāb, le poète-chanteur de ces tribus exécute, sur un registre aigu, un poème dont la mélodie est proche de la mélopée. Le chant se déroule sur un tétracorde descendant. La version chantée par ces bédouins est différente de celle pratiquée au Liban, tant du point de vue de la technique vocale que du style mélodique. Le rabāb y a un rôle très secondaire et se contente surtout de maintenir la tonique. Le poète chante l’amitié et la douleur de la séparation des êtres chers. Cette nostalgie est une constante de la vie nomade des Bédouins.

mustafʽilun  fāʽilun  mustafʽilun  fāʽilun 16)  Abdel-Nour Jabbour, Étude sur la poésie dialectale au Liban, Beyrouth, Publications de l’Université Libanaise, Section des études littéraires I, 19662, p. 102.

17)  Jargy Simon, La poésie populaire traditionnelle chantée au Proche-Orient Arabe, Paris, Mouton, 1970, p. 36.

18)  Abdel-Nour, Étude sur la poésie dialectale, p.102-103

19)  Chanteur et joueur de rebab de la région de Fāʽūr, la Békaa, bédouin de la tribu Hrouk.


a a

a

Exemple :

āb ou bā

ʼAṣadtī-n-nabʽ tā tmallī brīʼik baraʼtī wkahrabi-s-samki barīʼik

Ce chant ʽatāba est semi-improvisé. Le chanteur suit un plan mélodique défini et une trame spécifique. Le chant est en mode bayāti ré.

wʼiza-n-naḥli-d-dinī tğaḏa birīʼik waʼaʽ dāyeḫ biʼaḥḍāni-lʽšāb (Refrain : mījanā) nassam hawālwidyān bardū ḥbābinā Chants analysés ʽAtāba, Khalil Farḥa13

Le chant finit par une cadence introduisant un refrain syllabique mījana chanté par toute l’assemblée :

Le refrain interprété par l’assemblée :

143

142 Analyse Le chant ʽatāba est exécuté en solo. Sa mélodie enrichie par l’improvisation est interprétée dans une rythmique imprécise et souvent inégale. Sa mélodie est libre, son étendue peut être développée pour atteindre l’octave. Le chant est en mode bayāti. La mélodie procède le plus souvent par mouvement conjoint.

13)  Poète-chanteur, Qāʽ, Békaa nord-est, date d’enregistrement 17/8/1996.

Chez les Bédouins, la mélodie est dépouillée des vocalises et des riches fioritures qui accompagnent le chant ʽatāba chez les sédentaires. Après une intonation en voix tenue, et généralement sur une note aiguë, chaque vers est chanté presque recto-tono, avec l’accent rythmique marqué sur la dernière syllabe par une brève formule mélodique et un arrêt sur la sus-tonique. Seul le dernier vers du couplet comporte le repos sur la tonique. Chez les

sédentaires, ce dernier vers forme un refrain repris en chœur. La forme du chant ʽatāba enregistré auprès des Bédouins des tribus arabes Ṭayy14 et Jbūr15 de la région de Qamichli (Djéziré, Syrie du Nord) diffère du point de vue musical de celle pratiquée au 14)  La tribu Ṭay a joui d’un prestige considérable en Arabie. Originaires du Yémen, les Tays avaient étendu leur influence sur la plus grande partie de l’Arabie. Mais leur décadence, survenue à la suite de guerres, est antérieure à l’Islam, et c’est, vraisemblablement, à ce moment-là qu’ils ont quitté l’Arabie. En tout cas on les retrouve en deux groupements, de chaque côté du Tigre, et ce fait semble prouver qu’ils avaient d’abord gagné la région de Baghdad, et que c’est de là qu’ils seraient repartis, poussés par de nouveaux arrivants, pour remonter vers le Nord. 15)  Les Jbūr étaient semi-sédentaires et éleveurs de moutons. Ayant remonté l’Euphrate, ils ont été chassés de cette région, il y a une soixantaine d’années, par les Ogueidat et c’est à ce moment-là qu’ils se sont établis sur le moyen Khabour.

P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

rime presque toujours en āb (comme le mot ʽtāb) ou en bā (se référant au mot ʽatāba). La pièce prend la forme suivante:


2. Les chants syllabiques constituent des formes courantes et assez variées de la musique populaire libanaise. Ils sont caractérisés par un rythme vif et mesuré et par une mélodie dénuée de fioritures ou de mélismes. Les dimensions limitées de la mélodie imposent la forme strophique du couplet qui atteint 6)  Surtout les Bédouins des tribus arabes Ṭayy et Jbūr de la région de Qamichli (Djéziré, Syrie du Nord) où les enregistrements ont été effectués.

rarement jusqu’à six vers, quatre souvent, le plus souvent deux. Les vers constituant les chants à structure syllabique sont formés de plusieurs syllabes ; ils sont coupés en deux hémistiches bien individualisés (7+7, 7+4, 4+4), mais formant un tout se suffisant à lui-même. Leur forme littéraire est caractérisée par la structure du couplettype, qui sert souvent de refrain, et par un vers court et très scandé. Le poème se compose généralement de deux vers en guise d’introduction ou de refrain (maṭlaʽ) et d’un nombre de couplets (dawr) formé chacun de plusieurs vers. La plupart de ces chants sont destinés à stimuler et à soutenir la danse. La mélodie des chants syllabiques est généralement simple et de mouvement conjoint. La même mélodie peut se répéter pour tous les vers poétiques avec des variations. L’accompagnement d’un instrument à percussion (comme le la daraboukka) ainsi que le claquement des mains servent de soutien habituel pour les chants syllabiques. Les limites entre le chant mélismatique et celui syllabique restent parfois difficile à déterminer. En effet, certains chants offrent un mélange de genre mélismatique libre et de genre syllabique mesuré.

I. Chants mélismatiques 1. ʽatāba Définition Le chant ʽatāba est un des genres populaires les plus anciens et les plus répandus dans les pays arabes,

notamment au Liban, en Syrie, en Palestine, en Jordanie et en Irak. D’après le sens classique, le mot ʽatāba désigne des « reproches amicaux »7. Le nom dérive probablement du verbe arabe ʽātaba qui signifie blâmer, se plaindre. Pour certains, « ʽatāba est le chant des sédentaires de la tribu manāzer »8. Dans sa forme traditionnelle, « c’est un chant d’amitié, un poème nostalgique et mélancolique »9. Alors que les Bédouins lui gardent toujours ce caractère premier, certains poètes libanais ont composé sur la forme ʽatāba des poésies d’amour et des poésies chantant la beauté de leur pays. Sa structure littéraire comporte des libertés et des particularités de rythme et de rime qui diffèrent de ceux du vers classique. Historique On raconte selon une tradition orale, une histoire âgée de 450 ans concernant le chant ʽatāba. Les versions de cette histoire concordent même dans des régions éloignées les unes des autres : Syrie du nord, Baal7)  Ḫāter Laḥad, Al-ʿādāt wat-taqālīd al-lubnāniyya (Les coutumes et les traditions libanaises), Beyrouth, Dār Laḥd Ḫāṭir, 1977, vol. 1, p. 281; Ḫāzin Munīr Wahībi Al-, Al-zajal, Jounieh-Liban, Al-Maṭbaʿa al-Būlsiyya, 1952, p. 78 ; Jargy Simon, « La musique populaire du Proche-Orient Arabe », Encyclopédie de la Pléiade, Histoire de la Musique, t. I, Paris, Gallimard, 1993, p. 562. 8)  Boucheman Albert de, « Matériel de la vie bédouine recueilli dans le désert de Syrie (Tribu des Arabes Sba’a) », Documents d’études orientales, t. 3, Paris, Institut français de Damas, Paris, 1934, p.108. 9)  Jargy Simon, « La musique populaire du Proche-Orient Arabe », Encyclopédie de la Pléiade, Histoire de la Musique, t. I, Paris, Gallimard, 1993, p. 562.

beck (Liban). Cette histoire nous emmène à l’époque de la venue des tribus Chammar (Šammar) et Anézé (ʽNiza)10 à la région de la péninsule arabe. Un cheikh bédouin venant de l’Irak nommé ʽAbdallah al-Fāḍel de la tribu Anézé fut atteint d’une maladie contagieuse, la petite vérole (jidri), et fut obligé de quitter sa terre et sa tribu. Accompagné de son chien Šīr et de son chameau, il commença alors à chanter la poésie ʽatāba (ʽattib : chanter le ʽatāba), en guise de reproche. Il la diffusa depuis l’Iraq jusqu’au Liban en passant par la Syrie. La poésie de ʽatāba est généralement sur le mètre « wāfer » : Mufāʽalaton mufāʽalaton mufāʽalaton //O///O //O///O //O///O Mufāʽalaton mufāʽalaton mufāʽalaton //O///O //O///O //O///O11 Forme Le poème du chant ʽatāba est généralement formé d’un certain nombre de strophes, constituée de deux vers chacune. La structure du ʽatāba, libanais est similaire du point de vue poétique au ʽatāba bédouin (mêmes règles de rimes). Formé de quatre hémistiches, la fin de chacun des trois premiers comporte soit le même mot aux sens différents, soit des consonances identiques, mais avec des sens également différents12. Le dernier mot du quatrième hémistiche 10)  Nous trouvons toujours de sa descendance, comme la branche ou le clan Al-Milḥim (Faḫƒ al-Milḥim) de la tribu Hasséné (ʽAšīrat il-Ḥsina). 11)  /= haraka, O= skoun, 12)  Genre littéraire arabe appelé « jinās ».

144 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

145

et d’harmonie sont généralement camouflés par la mélodie du chant. Le chant commence souvent par une improvisation sur le vocable owf qui exprime la souffrance et la douleur. Cette improvisation permet d’entrer dans l’ambiance de la tonalité et joue un rôle fondamental dans la manière de mettre la voix en condition. La mélodie est caractérisée par l’emploi de mélismes et un rythme libre. Elle est presque exclusivement exécutée en solo et, en dehors d’une formule de base, la mélodie y offre un domaine propice à l’improvisation à partir de certains principes établis. Chez les Bédouins6, la forme des chants mélismatiques diffère du point de vue musical de celle pratiquée au Liban. Il s’agit parfois de la même forme poétique et du même mode musical, mais la version chantée par ces bédouins est différente, tant du point de vue de la technique vocale que du style mélodique. Les Libanais interprètent ces chants en les enrichissant par des fioritures, en développant l’échelle musicale et parfois en faisant des modulations modales.


Étudier un peuple à travers sa musique, ses chants et sa poésie, c’est étudier l’homme en profondeur dans ses dimensions verticale et horizontale. L’art musical joue au Liban un rôle prépondérant et constitue un élément essentiel des occasions publiques et privées. Du berceau jusqu’à la tombe, dans toutes les étapes de la vie humaines, dans les fêtes nuptiales comme dans les funérailles, la musique reste pour l’homme la manière qui exprime le mieux ses sentiments pour le profane comme pour le sacré. La tradition est « ce qui est transmis »2, c’est la mémoire collective et la chaîne qui relie le présent au passé. Les expressions de chants traditionnels ou de musiques traditionnelles sont entrées dans le langage courant pour désigner les musiques appartenant au domaine public, les musiques d’auteur « anonyme ou non déclaré, sur lesquelles aucune redevance ne peut être perçue »3. La musique traditionnelle 1)  Gennep Arnold Van, Le Folklore français du berceau à la tombe, cycles de carnaval Carême et de Pâques, Paris, Robert Laffont, 19982, p. xiv. 2)  Du latin tradere: remettre, transmettre. 3)  Royaume d’Egypte, Recueil des Travaux du Congrès de Musique Arabe, le Caire 1932, Le Caire, Boulac, 1934, p. 91-92.

devient ainsi cette musique « qui nous vient du passé ancien et qui a été transmise par une tradition orale […] de main en main, de mémoire à mémoire »4. Chaque pays possède sa propre musique traditionnelle : d’orchestres, de groupes de musiciens, de chansons liées aux occupations journalières, chants de travail, chants de batail, berceuses, cris des rues ou autres. Ces musiques n’ont pas seulement l’intérêt d’appartenir à une ancienne tradition nationale, mais, par leur archaïsme, elles peuvent même « permettre de mieux comprendre les musiques raffinées et classiques »5. Nous étudions brièvement dans cet article le chant traditionnel au Liban. Pays du Proche-Orient et également de la Méditerranée, le Liban est défini depuis longtemps comme une zone de passage et de transit. Notre travail consiste à présenter une série de chants recueillis et choisis comme représentatifs des principaux genres traditionnels du folklore musical libanais. Que représente cette musique ? D’où vient-elle ? De quels éléments a-t-elle été constituée ? Notre premier objectif est de cerner une musique libanaise spécifique, de montrer ses caractéristiques, de reconstituer son historique dans le cadre du possible et de la fixer sur des portées musicales.

4)  Kiani Majid, cité par During Jean, Quelque chose se passe: Le sens de la tradition dans l’Orient musical, Paris, Verdier, 1994, p. 58. 5)  Royaume d’Egypte, Recueil des Travaux du Congrès de Musique Arabe.

La société libanaise : diversité et richesse La société libanaise est un reflet de son histoire et de sa géographie. Une diversité d’habitudes, de traditions et de cultures découle de son histoire riche et compliquée et de sa pluralité de communautés religieuses. L’ouest et l’est du pays forment deux portails ouverts pour accueillir toutes sortes d’invasions et d’influences à tous les niveaux. D’une part, le Liban est ouvert aux cultures occidentales venant à travers la Méditerranée, et d’autre part orientales venant par la voie du désert arabe. Ce pays, véritable creuset de civilisations, a toujours été un terrain fertile pour la confrontation des idées. Différents courants l’ont traversé laissant chacun une empreinte distinctive dans divers domaines. Le défilé des civilisations a donc fait du Liban un foyer de cultures. Depuis l’Indépendance (1945), plusieurs institutions culturelles s’y fondèrent et diverses disciplines s’y imposèrent. Rendu centre de convergence des arts et des cultures, le Liban trouve enfin son entité qui constitue sa raison d’être.

Le chant populaire traditionnel Les chants étudiés dans cet article représentent la musique des campagnes et celle qui se mêle à la vie de chaque jour. Pour collecter ce patrimoine, un travail d’enregistrement a été effectué sur le terrain, par nous-même, entre 1994 et 2001, dans des villes et des villages libanais

comme Baalbeck (‫)بعلبك‬, Qaʼ (‫)القاع‬, Râs Baalbeck (‫)راس بعلبك‬, Rmeich (‫)رميش‬, Salima (‫)صاليما‬, Annaya (‫)عنّ ايا‬ et auprès les Bédouins comme les Arabes de Faʼour (‫ )عرب الفاعور‬au Liban et la tribu Ṭay (ّ‫)قبيلة طي‬, la tribu Chammar (‫شمر‬ ّ ‫ )قبيلة‬et la tribu Anézé (‫ )قبيلة ْع ِنزة‬en Syrie.

Classification des chants Si nous considérons le chant populaire traditionnel comme un tout où paroles et mélodie sont inséparables, il nous est possible de le classer en deux catégories distinctes : le chant mélismatique et le chant basé sur une structure syllabique. 1. Les chants mélismatiques sont basés sur la poésie chantée. Le poème est généralement constitué d’un nombre indéterminé de strophes formées de plusieurs vers. Pour sa part, la rime dépend de la forme chantée. Par exemple, dans le chant ʽatāba, chacun des trois premiers hémistiches constituant la strophe se termine par un mot de même consonance mais de sens le plus souvent différent (homonyme). Le dernier mot du dernier vers rime souvent en āb (comme le mot ʽitāb) ou bā (comme ʽatāba). Pour le šrūqi, les premiers hémistiches ont la même rime et les seconds possèdent aussi une rime commune. Au Liban, les chants mélismatiques sont souvent utilisés comme introduction précédant les chants du genre qarrādi ou mʽanna dans les joutes poétiques et les chants rythmiques en général. Les défauts des rimes, le manque de cadence

146 P. Badih El.Hajj

Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres

147

« Les pierres que vous déterrez avec passion seront encore là dans mille ans. Par contre, chaque jour, des vieux meurent dans les campagnes. Et avec eux, les traditions, les légendes, les secrets dont ils sont dépositaires. Déplacez donc votre curiosité vers ces reliques périssables ». 1


Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire et genres P. Badih El-Hajj

• Moine de l’Ordre Libanais Maronite. • Docteur en  Histoire de Musique et

Musicologie  (Paris IV – Sorbonne) pour sa thèse:Constitution, évolution et situation du folklore musical au Liban, recueil et analyse, 2 tomes, 2003, 575 pages.

• Directeur

du Centre des Archives Sonores et Musicales (USEK)

• Responsable

de la commission doctorale de la Faculté de Musique (USEK).

Pays du Proche-Orient et également de la Méditerranée, le Liban est défini depuis longtemps comme une zone de passage et de transit. Notre travail consiste à présenter une série de chants recueillis et choisis comme représentatifs des principaux genres traditionnels du folklore musical libanais. Que représente cette musique ? D’où vient-elle ? De quels éléments a-t-elle été constituée ? Notre premier objectif est de cerner une musique libanaise spécifique, de montrer ses caractéristiques, de reconstituer son historique dans le cadre du possible et de la fixer sur des portées musicales.

148


‫تشريعات ومعايير‬ ‫التراثي‪:‬‬ ‫ِإرثُنا‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬

‫التراث الثقافي غير المادي‪:‬‬ ‫تحديات المحافظة عليه‬ ‫عالم ًيا ووطن ًيا‬

‫حنا العميل‬

‫ •ولد في رميش (قضاء بنت جبيل) سنة ‪.1955‬‬

‫تنقل في مناصب رسمية عدة‪ ،‬منها‪ :‬رئيس ديوان المديرية العامة لآلثار‬ ‫ • ّ‬ ‫في وزارة الثقافة‪ ،‬رئيس مصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة في‬ ‫المديرية العامة للثقافة في وزارة الثقافة‪ ،‬رئيس المعهد الوطني العالي‬ ‫للموسيقى‪ -‬الكونسرفتوار باإلنابة (بصالحيات تقريرية وتنفيذية)‪.‬‬

‫السكري في وزارة االقتصاد‬ ‫ّ‬ ‫حاليا المدير العام للحبوب والشمندر‬ ‫ •هو‬ ‫ً‬ ‫والتجارة‪.‬‬

‫ •بين مسؤولياته في وزارة الثقافة اضطلع بمهام االتفاقيات الثقافية‬ ‫الدولية‪ ،‬والتراث الثقافي غير المادي‪ ،‬واإلدارة الجماعية لحقوق المؤلف‪،‬‬ ‫والمهن الفنية‪ .‬أَ دار ُو َرش عم ٍل وشارك في بعضها في مجاالت ثقافية‬ ‫مختلفة‪ ،‬أَ حدثـ ُــها ّأدت إلى تحضير ملف كامل عن الزجل اللبناني ت ّـم‬ ‫رفعه إلى منظمة األونسكو‪.‬‬ ‫ماديه وغير‬ ‫بين اهتمامات منظمة األونسكو في التراث الثقافي العالمي‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫سب ُل حفظه وإنقاذه من االندثار بعوامل بشرية أو طبيعية‪ ،‬فيبقى‬ ‫المادي‪ُ ،‬‬ ‫تشكل صلة الوصل بين ماضيها وحاضرها والمستقبل‪.‬‬ ‫ذاكر ًة للشعوب ّ‬

‫األستاذ حنا العميل‪ ،‬الذي أشرف على أعمال عدة في هذا الشأن‪ ،‬يكشف‬ ‫لـ‪‬مرايا ال��ت��راث‪ ‬مراحل إع��داد التراث اللبناني غير المادي ليكون على‬ ‫‪‬القائمة التمثيلية للبشرية‪ ‬لدى منظمة األونسكو‪.‬‬

‫‪149‬‬


‫حنا العميل‬

‫��وص��ا ف��ي الصكوك‬ ‫م��ن ه��ن��ا ظ��ه��ر (خ��ص ً‬ ‫الدولية ال��ص��ادرة عن منظمة األونسكو)‬ ‫مصطلح ‪‬التراث الثقافي المادي‪ ‬للداللة‬ ‫على العناصر المادية م��ن ه��ذا ال��ت��راث‪،‬‬ ‫ومصطلح ‪‬التراث الثقافي غير المادي‪‬‬ ‫للداللة على العناصر غير المادية منه‪.‬‬

‫أن ك�لا ‪‬ال���م���ادي‪ ‬و‪‬غ��ي��ر ال��م��ادي‪‬‬ ‫على ّ‬ ‫�����ش وم���ع ّ���رض ل�لان��دث��ار‬ ‫ت�����راث ق��دي��م َ‬ ‫وه ٌّ‬ ‫والضياع بفعل عوامل من صنع اإلنسان أو‬ ‫نظرا الرتباط‬ ‫معا‪ .‬لذلك‪ً ،‬‬ ‫الطبيعة أو كليهما ً‬ ‫التراث الثقافي بتاريخ الشعوب وماضيها‪،‬‬ ‫وألن���ه ي��ش ّ��ك��ل ص��ل��ة ال��وص��ل ب��ي��ن الماضي‬ ‫واعتزاز‬ ‫فخر‬ ‫والحاضر والمستقبل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫مصدر ٍ‬ ‫لكل مجتمع حي‪ ،‬تداعت الدول والمنظمات‬ ‫وصونه وحمايته‬ ‫الدولية إلى الحفاظ عليه َ‬ ‫��ؤم��ن‬ ‫واع���ت���م���اد ت��داب��ي��ر م��ن��اس��ب��ة ف��ع��ال��ة ت ّ‬ ‫ومستقبال‪.‬‬ ‫حاضرا‬ ‫استمراريته‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫أو ًال‪ :‬التراث الثقافي المادي‬ ‫وتدابير المحافظة عليه‬

‫ْأولَ ��ت ال��دول (والسيما األوروپية) المعالم‬ ‫اهتماما‬ ‫والمواقع األثرية واألبنية التاريخية‬ ‫ً‬ ‫قيم تاريخية وعلمية‬ ‫ً‬ ‫كبيرا ِلما تختزنه من َ‬ ‫وفنية وجمالية‪ِ ،‬ولـما ترمز إليه من عظمة‬ ‫وقدرات وإبداعات الحضارات التي بنتها‪،‬‬ ‫فَ َ��س َّ��ن��ت وط��ن ً��ي��ا ق��وان��ي��ن وأن��ظ��م��ة للحفاظ‬ ‫عليها وص��ي��ان��ت��ه��ا وح��م��اي��ت��ه��ا وإب���رازه���ا‪،‬‬ ‫وأن��ش��أت إدارات وم��ؤس��س��ات تعنى بها‪،‬‬ ‫ودوليا أقرت منظمة األونسكو ومنظمات‬ ‫ً‬ ‫صكوكا‬ ‫ً‬ ‫دولية أخرى تابعة لألمم المتحدة‬ ‫دولية ملزمة وغير ملزمة لـحماية التراث‬ ‫الثقافي المادي في أوقات الحرب أو في‬ ‫أوقات السلم‪.‬‬ ‫ ) أح �م��اي��ة ال � �ت� ��راث ال �ث �ق��اف��ي ال� �م ��ادي‬ ‫في أثناء النزاعات المسلحة‬ ‫نظرا لألضرار الجسيمة التي لحقت‬ ‫ً‬ ‫بالمعالم األث��ري��ة والتاريخية ف��ي الحرب‬ ‫ال��ع��ال��م��ي��ة ال��ث��ان��ي��ة‪ ،‬ت���داع���ت ال�����دول عبر‬ ‫منظمة األونسكو لبحث الوسائل والطرق‬ ‫لـحماية التراث الثقافي في أثناء النزاعات‬ ‫المسلحة‪ ،‬فأقر المؤتمر ال��ع��ام لمنظمة‬ ‫األونسكو سنة ‪ 1954‬إتفاقية الهاي لحماية‬ ‫الممتلكات الثقافية ف��ي أث��ن��اء النزاعات‬ ‫المسلحة والبروتوكول األول الملحق بها‪.‬‬ ‫وف���ي م��ق��دم��ة االت��ف��اق��ي��ة‪ ،‬ح���ول ال��دواف��ع‬ ‫ورد‪ :‬إن األط���راف السامية‬ ‫إلق��راره��ا‪َ ،‬‬

‫أن حماية التراث الثقافي بموجب‬ ‫غير ّ‬ ‫ه���ذه االت��ف��اق��ي��ة وال���پ���روت���وك���ول الملحق‬ ‫بها‪ ،‬اقتصرت مفاعيلها على النزاعات‬ ‫المسلحة ذات المدى الدولي‪ .‬لذلك‪ ،‬وألن‬ ‫أضرارا جسيمة تلحق بالتراث الثقافي في‬ ‫ً‬ ‫أثناء النزاعات المسلّ حة الداخلية (كالذي‬ ‫تعرض له التراث في أثناء النزاعات في‬ ‫ّ‬ ‫ما بين دول يوغوسالفيا السابقة) بادرت‬ ‫دول منظمة األون��س��ك��و سنة ‪ 1999‬إلى‬ ‫إقرار پروتوكول ثا ٍن ملح ٍق بهذه االتفاقية‬ ‫لحظَ إجراءات وتدابير تعزز حماية التراث‬ ‫َ‬ ‫الثقافي في أثناء النزاعات المسلحة ذات‬ ‫الطابعين الدولي وغير الدولي‪ ،‬فشكلت‬ ‫معا‬ ‫جزءا‬ ‫عندها االتفاقية بپروتوكوليها ً‬ ‫ً‬ ‫م���ن ال��ق��ان��ون ال���دول���ي اإلن��س��ان��ي ال���ذي‪،‬‬ ‫ف��ي أث��ن��اء ال��ن��زاع��ات ال��م��س��ل��ح��ة‪ ،‬يحمي‬ ‫العسكريين الجرحى واألسرى والمدنيين‬ ‫والممتلكات المدنية بما فيها الممتلكات‬ ‫الثقافية‪.‬‬

‫مع ذلك‪ ،‬ورغم هذه االتفاقية وسواها‬ ‫م��ن الصكوك ال��دول��ي��ة ف��ي إط���ار القانون‬ ‫الدولي اإلنساني‪ ،‬ال يزال التراث الثقافي‬ ‫ضحية أول��ى للنزاعات المسلحة (تدمير‬ ‫تماثيل بودا في وادي باميان في أفغانستان‬ ‫سنة ‪ ،2001‬تدمير ممنهج في مالي وسوريا‬

‫ ) بح �م��اي��ة ال� �ت ��راث ال �ث �ق��اف��ي ال �م��ادي‬ ‫في زمن السلم‬

‫التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه عالم ًيا ووطن ًيا‬

‫ال��ث��ق��اف��ي‪ ‬مصطلح حديث‬ ‫‪‬التراث‬ ‫نسبيا بدأت األوساط الدولية‬ ‫ً‬ ‫المعنية بالشأن الثقافي تتداوله مع مطلع‬ ‫النصف اآلخ��ر من القرن العشرين عاني ًة‬ ‫به في البدء اآلثار المنقولة وغير المنقولة‬ ‫(على سطح األرض أو في باطنها) والقصور‬ ‫وال���ق�ل�اع وال��ح��ص��ون واألب��ن��ي��ة ال��ت��اري��خ��ي��ة‬ ‫وتجمعات بنائية تمثل مراحل مختلفة من‬ ‫ُّ‬ ‫تطور البشرية العمراني‪ .‬لكن مفهوم‬ ‫تاريخ‬ ‫ّ‬ ‫الحقا مع مطلع الربع‬ ‫تطور‬ ‫المصطلح‬ ‫هذا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫األخ��ي��ر م��ن ال��ق��رن ليشمل ال��ج��وان��ب غير‬ ‫الملموسة م��ن ه��ذا ال��ت��راث‪ :‬الممارسات‬ ‫االجتماعية في مناسبات معينة‪ ،‬المعارف‬ ‫والمهارات التقليدية‪ ،‬فنون الغناء واألداء‬ ‫ال��ت��ق��ل��ي��دي��ة‪ ،‬ال��ق��ص��ة ال��م��ح��ك��ي��ة‪ ،‬األم��ث��ال‬ ‫وتنقلها م��ن جيل إل��ى جيل‬ ‫‪ 150‬الشعبية‪ُّ ... ،‬‬ ‫ورسوخها في المجتمع‪.‬‬

‫إلي��ف��اء ه���ذا ال��م��وض��وع ح��ق��ه‪ ،‬نستعرض‬ ‫بإيجاز ال��ت��راث الثقافي ال��م��ادي وتدابير‬ ‫ٍ‬ ‫المحافظة عليه‪ ،‬ثم التراث الثقافي غير‬ ‫المادي بتفصيل أكثر‪.‬‬

‫ال��م��ت��ع��اق��دة‪ ،‬الع��ت��راف��ه��ا ب��أض��رار جسيمة‬ ‫لحقت بالممتلكات الثقافية خالل النزاعات‬ ‫المسلحة األخيرة – وهي أخطار في ازدياد‬ ‫َّ‬ ‫لتقدم تقنية الحرب – والعتقادها‬ ‫مط ِرد‬ ‫ُّ‬ ‫أن األضرار الالحقة بالممتلكات الثقافية‬ ‫��س ال��ت��راث الثقافي ال��ذي‬ ‫ألي ش��ع�� ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ب ت��م ّ‬ ‫تملكه اإلنسانية جمعاء ألن كل شعب يسهم‬ ‫أن‬ ‫بنصيبه في الثقافة العالمية‪ ،‬والعتبارها ّ‬ ‫في المحافظة على التراث الثقافي فائد ًة‬ ‫عظمى لجميع شعوب العالم‪ ،‬لذلك ينبغي‬ ‫أن يحظى هذا التراث بحماية دولية‪.‬‬

‫والعراق‪ )... ،‬بأعمال تخريبية تستهدف‬ ‫ال��ص��روح وال��رم��وز والمقامات التاريخية‬ ‫الدينية وغير الدينية‪.‬‬

‫بعد ال��ح��رب العالمية الثانية وع��ودة‬ ‫االس��ت��ق��رار واالزده�����ار‪ ،‬ش��ه َ��دت األس���واق‬ ‫إقباال على اقتناء القطع الفنية‬ ‫ً‬ ‫العالمية‬ ‫واألث��ري��ة‪ ،‬ب��ط��رق م��ش��روع��ة أح��ي��انً ��ا وغير‬ ‫مشروعة أحيانً ا كثيرة‪ ،‬ما ح��دا بمنظمة‬ ‫األونسكو إل��ى إق��رار اتفاقية ثانية (سنة‬ ‫‪ )1970‬ح��ول التدابير ال��واج��ب اتخاذها‬ ‫لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية‬ ‫الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة‪،‬‬ ‫ُب��غ��ي�� َة ال��وق��ف أو ال��ح��د م��ن س��رق��ة القطع‬ ‫‪151‬‬ ‫الفنية واألث��ري��ة‪ ،‬وتصديرها أو المتاجرة‬ ‫ب��ه��ا ب��ط��رق غ��ي��ر م��ش��روع��ة‪ .‬وم��ن��ذ تنفيذ‬ ‫��ردت دول ع ّ���د ٌة بعض‬ ‫ه��ذه االتفاقية اس��ت ّ‬ ‫ممتلكاتها الفنية أو األثرية المسروقة أو‬ ‫المهربة إلى الخارج‪.‬‬ ‫ّ‬

‫تزايد األخطار التي تهدد التراث‬ ‫وأمام ُ‬ ‫تقليديا‬ ‫ال��ث��ق��اف��ي‪ ،‬ال ب��أس��ب��اب ان���دث���اره‬ ‫ً‬ ‫وحسب‪ ،‬بل بسبب ال��ظ��روف االجتماعية‬ ‫والتطور العمراني‬ ‫واالقتصادية المتغيرة‬ ‫ُّ‬ ‫���ث ال�����دول وتشجيعها‬ ‫���ح ّ‬ ‫ال��م��ت��س��ارع‪ِ ،‬ول���ـ َ‬ ‫وم��س��اع��دت��ه��ا ف���ي ال��ح��ف��اظ ع��ل��ى ت��راث��ه��ا‬ ‫ع��ن��ص ً��را م��ن ال��ت��راث ال��ع��ال��م��ي للبشرية‪،‬‬ ‫اع��ت��م��دت منظمة األون��س��ك��و س��ن��ة ‪1972‬‬ ‫اتفاقية ‪‬حماية التراث العالمي الثقافي‬ ‫والطبيعي‪ ‬بإنشاء قائمتين‪:‬‬ ‫ •‪‬قائمة التراث العالمي‪ُ ‬وت��درج‬ ‫عددا من عناصر تراثها‬ ‫فيها الدول ً‬ ‫الثقافي أو الطبيعي ذي القيمة‬ ‫االستثنائية منه‪.‬‬


‫حنا العميل‬

‫وب��ال��ف��ع��ل‪ ،‬س��اع��دت ه���ذه االت��ف��اق��ي��ة‪،‬‬ ‫موقعا‬ ‫حتى نهاية ‪ ،2013‬في إدراج ‪779‬‬ ‫ً‬ ‫على قائمة ‪‬ال��ت��راث العالمي الثقافي‪،‬‬ ‫موقعا على قائمة ‪‬التراث العالمي‬ ‫و‪197‬‬ ‫ً‬ ‫مشتركا بين الثقافي‬ ‫ً‬ ‫موقعا‬ ‫و‪31‬‬ ‫الطبيعي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والطبيعي‪ ،‬و‪46‬‬ ‫موقعا على قائمة ‪‬التراث‬ ‫ً‬ ‫وتمكن لبنان‬ ‫ّ‬ ‫المعرض للخطر‪.‬‬ ‫العالمي‬ ‫ّ‬ ‫م���ن إدراج خ��م��س��ة م���واق���ع ع��ل��ى ق��ائ��م��ة‬ ‫‪‬التراث العالمي الثقافي‪ :‬عنجر‪ ،‬بعلبك‪،‬‬ ‫‪ 152‬جبيل‪ ،‬ص��ور‪ ،‬وم��وق��ع وادي قاديشا وأرز‬ ‫ال��رب كمنظر ثقافي‪ .‬كما تمكنت سوريا‬ ‫من إدراج ستة مواقع على القائمة إياها‪،‬‬ ‫لكن األح���داث ف��ي س��وري��ا إب��ان السنوات‬ ‫ّ‬ ‫ال��ث�لاث األخ��ي��رة وم��ا ألحقته م��ن أض��رار‬ ‫ب��ه��ذه ال��م��واق��ع‪ ،‬جعلت منظمة األونسكو‬ ‫سنة ‪ُ 2013‬تدرج تلك المواقع على قائمة‬ ‫المعرض للخطر‪.‬‬ ‫‪‬التراث العالمي‬ ‫ّ‬

‫وألن األخ���ط���ار ال���ت���ي ت���ه���دد ال���ت���راث‬ ‫الثقافي ال تقتصر على عناصر هذا التراث‬ ‫ال��م��ن��ق��ول��ة وغ��ي��ر ال��م��ن��ق��ول��ة‪ ،‬ع��ل��ى سطح‬ ‫األرض أو في باطنها‪ ،‬بل تطال عناصر‬ ‫هذا التراث المغمورة بالمياه في البحار‬ ‫(خصوصا مع تطور‬ ‫واألن��ه��ر والبحيرات‬ ‫ً‬ ‫يسهل الوصول إلى األعماق ومع‬ ‫تكنولوجي ّ‬ ‫تقنيات حديثة تساعد في انتشال السفن‬ ‫أو الطائرات الغارقة بما تحويه من رفات‬ ‫بشرية وقطع وأدوات نادرة وغالية الثمن)‪،‬‬ ‫أقر المؤتمر العام لمنظمة األونسكو سنة‬ ‫‪ 2001‬اتفاقية ‪‬التراث الثقافي المغمور‬

‫إض���اف���ة إل����ى ج��م��ي��ع ت��ل��ك ال��ن��ص��وص‬ ‫المحاف َظة على التراث‬ ‫القانونية الدولية‬ ‫ِ‬ ‫ال��ث��ق��اف��ي ال����م����ادي‪ ،‬ع��م��دت ال�����دول على‬ ‫الصعيد الوطني إلى إقرار قوانين وأنظمة‬ ‫متعلقة بالمعالم األثرية والممتلكات الثقافية‬ ‫واألبنية التاريخية‪ ،‬وإنشاء المتاحف وتنظيم‬ ‫عملها‪ ،‬وتنظيم عمليات االقتناء والمتاجرة‬ ‫بالقطع األث��ري��ة واستيرادها وتصديرها‪،‬‬ ‫وإنشاء إدارات ومؤسسات تعنى بالحفاظ‬ ‫على هذا التراث وحمايته‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬التراث الثقافي غير المادي‬ ‫وتدابير المحافظة عليه‬ ‫عالم ًيا ووطن ًيا‬

‫ ) أعلى الصعيد العالمي‬ ‫الكم من النصوص القانونية‬ ‫أمام هذا ّ‬ ‫مكونات‬ ‫به‬ ‫حظيت‬ ‫وما‬ ‫والوطنية‪،‬‬ ‫الدولية‬ ‫ّ‬ ‫التراث‪ ،‬المادية أو الملموسة‪ ،‬من اهتمام‬ ‫ورعاية‪ ،‬أخ��ذت دول من أميركا الالتينية‬ ‫وش��رق��ي آس��ي��ا ت��س��أل منظمة األون��س��ك��و‪،‬‬ ‫منذ سبعينات القرن الماضي‪ ،‬االهتمام‬ ‫ـمكونات غير م��ادي��ة ل��ل��ت��راث الثقافي‪:‬‬ ‫ب ّ‬ ‫المعارف التقليدية‪ ،‬الفولكلور‪ ،‬الثقافة‬ ‫التقليدية والشعبية‪ ،‬المأْ ثورات الشعبية‪،‬‬ ‫التراث الشفهي‪ ... ،‬فصدرت سنة ‪1989‬‬ ‫عن الجمعية العامة لألونسكو أول وثيقة‬

‫وتتالت اجتماعات ومؤتمرات هادفة إلى‬ ‫إعطاء الجوانب غير المادية للتراث الثقافي‬ ‫أهمية يستحقها‪ ،‬فصدر سنة ‪ 1998‬عن‬ ‫منظمة األون��س��ك��و ب��رن��ام��ج إع�ل�ان ‪‬روائ���ع‬ ‫التراث الشفهي وغير المادي للبشرية‪،‬‬ ‫فكان أول إجراء دولي أولي للتعريف بالتراث‬ ‫غير المادي ودعمه في جميع أنحاء العالم‪،‬‬ ‫بموجبه تقدمت دول بترشيح بعض عناصر‬ ‫هذا التراث على قائمة الروائع‪ .‬هكذا بين‬ ‫‪ 2001‬و‪ 2005‬شهدت هذه القائمة تسجيل‬ ‫‪ 90‬رائعة من روائع التراث البشري‪ ،‬بينها ‪8‬‬ ‫روائع لدول عربية‪ :‬أهليل غرارة (الجزائر)‪،‬‬ ‫السيرة الهاللية (مصر)‪ ،‬المقام العراقي‬ ‫(العراق)‪ ،‬الحيز الثقافي لبدو البتراء ووادي‬ ‫ُر ّم (األردن)‪ ،‬الفضاء الثقافي لساحة جامع‬ ‫الفنا‪ ،‬وموسم طان طان (المغرب)‪ ،‬الحكاية‬ ‫الفلسطينية (فلسطين)‪ ،‬والغناء الصنعاني‬ ‫(اليمن)‪.‬‬

‫القيمون على هذا البرنامج في منظمة‬ ‫ّ‬ ‫األونسكو حرصوا في اختيار الروائع على‬ ‫قيمتها االس��ت��ث��ن��ائ��ي��ة ال���دال���ة ع��ل��ى النبوغ‬ ‫التنوع الثقافي فيها‪،‬‬ ‫البشري ّ‬ ‫الخالق وعلى ُّ‬ ‫كالكرنفاالت الشعبية (بوليڤيا وبلجيكا)‪،‬‬ ‫واألش���ك���ال التقليدية للمسرح (ال��ي��اب��ان��ي‬ ‫والهندي والكوري)‪ ،‬وتقاليد الغناء المتعدد‬ ‫األصوات (وسط أفريقيا وجورجيا وألبانيا)‪،‬‬ ‫وتم اختيار فضاءات ثقافية كأماكن تتركز‬ ‫فيها األنشطة الشعبية والتقليدية‪.‬‬ ‫اتفاقية األونسكو ‪2003‬‬ ‫للحفاظ على التراث الثقافي غير المادي‬ ‫بعد سنتين م��ن اجتماعات ال��خ��ب��راء في‬ ‫منظمة األون��س��ك��و‪ ،‬أق���ر م��ؤت��م��ره��ا ال��ع��ام‬ ‫سنة ‪ 2003‬اتفاقية الحفاظ على التراث‬

‫التعريف بالتراث الثقافي‬

‫تكرس‬ ‫بموجب‬ ‫اتفاقي َتي ‪ 1972‬و‪ّ 2003‬‬ ‫َّ‬ ‫مصطلحان اعتمدتهما منظمة األونسكو‬ ‫وغالبية الدول أعضائها‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أالتراث الثقافي المادي (‪)1972‬‬ ‫‪Patrimoine Culturel Matériel‬‬

‫ويشمل‪:‬‬

‫التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه عالم ًيا ووطن ًيا‬

‫المعرض‬ ‫ •‪‬قائمة التراث العالمي‬ ‫ّ‬ ‫عددا‬ ‫وترشح فيها الدول‬ ‫للخطر‪‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫من عناصر تراثها المهددة بالخطر‬ ‫أعماال كبرى تتخطى قدرة‬ ‫ً‬ ‫وتحتاج‬ ‫وماديا‪ ،‬فتستفيد‬ ‫فنيا‬ ‫ً‬ ‫الدولة المعنية ً‬ ‫وفقا‬ ‫من مساعدة منظمة األونسكو ً‬ ‫ألحكام هذه االتفاقية‪.‬‬

‫بالمياه‪ ،‬لحماية هذا التراث من التدخل‬ ‫َّ‬ ‫المنظم‪ ،‬أله��داف‬ ‫عشوائيه أو‬ ‫البشري‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وزنً‬ ‫اعتبارا‬ ‫أو‬ ‫���ا‬ ‫تقيم‬ ‫ال‬ ‫محضة‬ ‫تجارية‬ ‫ً‬ ‫ل��رف��ات ال��ب��ش��ر أو للقيمة ال��ت��اري��خ��ي��ة أو‬ ‫العلمية أو المعنوية للممتلكات الغارقة في‬ ‫حددت هذه االتفاقية مسؤولي َة‬ ‫المياه‪ .‬لذا ّ‬ ‫وتنظيم تعاونها‬ ‫الدول المعنية بهذا التراث‬ ‫َ‬ ‫مع المنظمات الدولية المختصة‪.‬‬

‫ملزمة توصي ِب َصون الثقافة‬ ‫قانونية غير ِ‬ ‫التقليدية والشعبية‪.‬‬

‫الثقافي غير ال��م��ادي‪ ،‬فكانت أول وثيقة‬ ‫ق��ان��ون��ي��ة دول��ي��ة م��ل ِ��زم��ة ك��ات��ف��اق��ي��ة ‪1972‬‬ ‫للتراث العالمي الثقافي والطبيعي‪ .‬بدأ‬ ‫تنفيذها سنة ‪ 2006‬بعد مصادقة ‪ 30‬دولة‬ ‫عليها توالت بعدها انضمامات أخرى بلغت‬ ‫اليوم ‪ 161‬دول��ة‪ ،‬وهي من أكثر اتفاقيات‬ ‫استقطابا عضوي َة ُد َول‪.‬‬ ‫األونسكو‬ ‫ً‬

‫ •اآلث� � ��ار‪ :‬األع���م���ال ال��م��ع��م��اري��ة‪153 ،‬‬

‫أع���م���ال ال��ن��ح��ت وال��ت��ص��وي��ر على‬ ‫المباني‪ ،‬العناصر أو التكاوين ذات‬ ‫الصفة األثرية‪ ،‬النقوش‪ ،‬الكهوف‪،‬‬ ‫مجموعات معالم ذات قيمة عالمية‬ ‫استثنائية في التاريخ أو الفن أو‬ ‫العلْ م‪.‬‬

‫ •‬ ‫المجمعات‪ :‬مجموعات المباني‬ ‫ّ‬ ‫المنعزلة أو المتصلة التي‪ ،‬بعمارتها‬ ‫أو تناسقها أو اندماجها في منظر‬ ‫ط��ب��ي��ع��ي‪ ،‬ت��ش ّ��ك��ل ق��ي��م��ة ع��ال��م��ي��ة‬ ‫استثنائية في التاريخ أو الفن أو‬ ‫العلم‪.‬‬

‫ •ال �م��واق��ع‪ :‬أع��م��ال اإلن���س���ان‪ ،‬أو‬ ‫األع��م��ال المشتركة بين اإلن��س��ان‬ ‫وال��ط��ب��ي��ع��ة‪ ،‬م��ن��اط��ق ف��ي��ه��ا م��واق��ع‬ ‫أث����ري����ة ذات ق���ي���م���ة اس��ت��ث��ن��ائ��ي��ة‬ ‫إتنولوجيا أو‬ ‫جماليا أو‬ ‫تاريخيا أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أنتروپولوجيا‪.‬‬ ‫ً‬


‫‪Immatériel‬‬

‫ويشمل‪:‬‬

‫‪Culturel‬‬

‫‪Patrimoine‬‬

‫حنا العميل‬

‫الممارسات وال��ت��ص��ورات وأش��ك��ال التعبير‬ ‫والمعارف والمهارات – وما يرتبط بها من‬ ‫آالت وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية –‬ ‫من التي تعتبرها الجماعات والمجموعات‬ ‫���زءا م��ن تراثهم الثقافي‪ .‬وه���ذا التراث‬ ‫ج ً‬ ‫جيال عن‬ ‫الثقافي غير ال��م��ادي المتوارث ً‬ ‫جيل تبدعه الجماعات والمجموعات من‬ ‫جديد بصورة مستمرة بما ّيتفق مع بيئتها‬ ‫وتفاعالتها م��ع الطبيعة وت��اري��خ��ه��ا‪ ،‬وهو‬ ‫ينمي لديها اإلح��س��اس بهويتها والشعور‬ ‫باستمراريتها‪ ،‬ويعزز من َث ّم احترام التنوع‬ ‫الثقافي وال��ق��درة اإلبداعية البشرية‪ .‬وال‬ ‫يؤخذ في الحسبان َألغراض هذه االتفاقية‬ ‫‪ 154‬سوى التراث الثقافي غير المادي الذي يتفق‬ ‫مع الصكوك الدولية القائمة المتعلّ قة بحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬مع مقتضيات االحترام المتبادل‬ ‫بين الجماعات والمجموعات واألفراد‪.‬‬ ‫م��ج��االت ال���ت���راث ال��ث��ق��اف��ي غ��ي��ر ال��م��ادي‬ ‫(مثاال ال‬ ‫الواردة في هذه االتفاقية تشمل‬ ‫ً‬ ‫حصرا)‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ •التقاليد وأشكال التعبير الشفهي‬ ‫بما فيها اللغة (كواسطة تعبير عن‬ ‫التراث الثقافي غير المادي)‪.‬‬

‫ •فنون وتقاليد أداء العروض‪.‬‬

‫ •ال�����م�����م�����ارس�����ات االج���ت���م���اع���ي���ة‬ ‫والطقوس واالحتفاالت‪.‬‬

‫ •المعارف والممارسات المتعلقة‬ ‫بالطبيعة والكون‪.‬‬ ‫ •ال���م���ه���ارات ال��م��رت��ب��ط��ة ب��ال��ف��ن��ون‬ ‫الحرفية التقليدية‪.‬‬

‫ ‪ .‬أالدوافع‪:‬‬ ‫ •أهمية التراث الثقافي غير المادي‬ ‫وعامال يضمن‬ ‫بوتق ًة للتنوع الثقافي‬ ‫ً‬ ‫التنمية المستدامة‪.‬‬

‫ •قابليته ال��ش��دي��دة للتأثر بسبب‬ ‫والتغير االجتماعي‬ ‫عاملَ ي العولمة‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫والديموغرافي‪.‬‬

‫ •اإلرادة ال��ع��ال��م��ي��ة وااله���ت���م���ام‬ ‫المشترك للدول األعضاء بـضرورة‬ ‫َصونه‪.‬‬ ‫ •االعتراف ب َ��دور التراث الثقافي‬ ‫غير المادي في التقارب والتبادل‬ ‫والتفاهم بين البشر‪.‬‬ ‫ ‪ .‬باألهداف‪:‬‬ ‫ • َص�����ون ال����ت����راث ال��ث��ق��اف��ي غير‬ ‫المادي‪.‬‬ ‫ •احترام التراث الثقافي غير المادي‬ ‫ل����دى ال��ج��م��اع��ات وال��م��ج��م��وع��ات‬ ‫المعنية واألفراد المعنيين‪.‬‬

‫ودوليا على‬ ‫ووطنيا‬ ‫محليا‬ ‫ •التوعية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أهمية التراث الثقافي غير المادي‬ ‫وأه��م��ي��ة ال��ت��ق��دي��ر ال��م��ت��ب��ادل لهذا‬ ‫التراث‪.‬‬

‫ •ال���ت���ع���اون ال���دول���ي وال��م��س��اع��دة‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫تدابير الصون والحماية‬ ‫ ‪ .‬أفي إطار منظمة األونسكو‪:‬‬ ‫ك��م��ا ات��ف��اق��ي��ة ‪ ،1972‬ن��ص��ت اتفاقية‬ ‫قائمتين‪ :‬األولى القائمة‬ ‫‪ 2003‬على نظام‬ ‫َ‬

‫بموجب هذه االتفاقية انفتح منذ ‪2008‬‬ ‫الترشح للتسجيل في إحدى القائمتين‬ ‫باب‬ ‫ُّ‬ ‫ف���إذا بالعناصر ال��م��درج��ة ع��ل��ى القائمة‬ ‫التمثيلية للبشرية حتى نهاية ‪ 2013‬تبلغ‬ ‫‪ 282‬ع��ن��ص ً��را‪ ،‬والعناصر ال��م��درج��ة على‬ ‫قائمة التراث الذي يحتاج إلى صون عاجل‬ ‫عنصرا‪.‬‬ ‫تبلغ ‪35‬‬ ‫ً‬

‫ويميز هذه االتفاقية عن اتفاقية ‪1972‬‬ ‫سجال ألفضل ممارسات صون‬ ‫استحداثها‬ ‫ً‬ ‫التراث الثقافي غير المادي‪ ،‬أُ درج فيه حتى‬ ‫ً‬ ‫نشاطا‪،‬‬ ‫مشروعا أو‬ ‫برنامجا أو‬ ‫اليوم ‪11‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ه��ي م��ن األف��ض��ل ف��ي تحقيق م��ب��ادئ هذه‬ ‫االتفاقية وأهدافها‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بمبادرات دولية أخرى‪:‬‬

‫ف��ي ه��دف منظمة األونسكو الحفاظ‬ ‫على التراث الثقافي غير المادي وصونه‬ ‫وح���م���اي���ت���ه‪ :‬خ���دم���ة ال ُ���ب���ع َ���دي���ن ال��ث��ق��اف��ي‬ ‫لكن المنظمة‬ ‫واالجتماعي لهذه الحماية‪ّ .‬‬ ‫العالمية للملكية ال��ف��ك��ري��ة (‪ )WIPO‬في‬ ‫ج��ن��ي��ڤ(م��ن��ظ��م��ة م��ت��خ��ص��ص��ة ف���ي األم���م‬ ‫المتحدة) تسعى كذلك إلى الحفاظ على‬ ‫ه��ذا ال��ت��راث وحمايته خ��ادم�� ًة ُب��ع ً��دا ثالثً ا‬ ‫للحماية‪ :‬البعد اإلق��ت��ص��ادي‪ ،‬أي تأمين‬

‫��وص��ا في‬ ‫غير ّ‬ ‫أن بعض ال���دول (خ��ص ً‬

‫التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه عالم ًيا ووطن ًيا‬

‫ ‪ .‬بالتراث الثقافي غير المادي (‪)2003‬‬

‫اتفاقية ‪ :2003‬دوافع وأهداف‬

‫التمثيلية ل��ل��ت��راث ال��ث��ق��اف��ي غ��ي��ر ال��م��ادي‬ ‫للبشرية‪ُ ،‬‬ ‫واألخ�����رى ق��ائ��م��ة ال��ت��راث غير‬ ‫ونصت‬ ‫المادي الذي يحتاج لصون عاجل‪ّ .‬‬ ‫أيضا على إنشاء لجنة حكومية‬ ‫االتفاقية ً‬ ‫وطنية لوضع معايير ترشيح عناصر التراث‬ ‫الثقافي غير المادي‪ ،‬دراسة طلبات الدول‬ ‫لهذه الغاية‪ ،‬إعداد التقارير والمقترحات‬ ‫إلى الجمعية العمومية لألونسكو التي لها‬ ‫أن تقرر أو ترفض التسجيل على إحدى‬ ‫القائمتين‪ ،‬إنشاء صندوق لمساعدة الدول‬ ‫أعضاء ه��ذه االتفاقية في الحفاظ على‬ ‫تراثها وإبرازه وتأمين استمراريته‪.‬‬

‫ال��ح��ق��وق ال��م��ادي��ة لمبدعي ه���ذا ال��ت��راث‬ ‫وح��ام��ل��ي��ه‪ ،‬ك��م��ا ح���ق ال��م��ؤل��ف أو ح��ق��وق‬ ‫ملكية فكرية أخ��رى‪ ،‬وهي أع ّ��دت مشروع‬ ‫اتفاقية دولية لــحماية ‪‬المعارف التقليدية‬ ‫والفولكلور وال��م��وارد الجينية‪ .‬ونوقش‬ ‫المشروع في مقر المنظمة (جنيڤ) على‬ ‫مستوى الخبراء ومندوبي ال���دول‪ ،‬وسط‬ ‫وجه َتي نظر‪ :‬أول��ى تتبناها دول أميركا‬ ‫َ‬ ‫الالتينية وأف��ري��ق��ي��ا وآس��ي��ا لتكريس حق‬ ‫ح��ام��ل��ي ه���ذا ال��ت��راث بالحماية ح ً��ق��ا من‬ ‫حقوق الملكية الفكرية‪ُ ،‬‬ ‫تتبناها‬ ‫واألخ��رى ّ‬ ‫الدول الغربية وأميركا الشمالية معارض ًة‬ ‫التقدم بطيء في‬ ‫التسليم بهذا الحق‪ .‬وألن‬ ‫ُّ‬ ‫بعد إقرار مشروع هذه‬ ‫هذا الشأن‪ ،‬لم يتم ُ‬ ‫االتفاقية‪.‬‬

‫ت ‪155‬‬ ‫أفريقيا وش��رق��ي آس��ي��ا) أق َّ���رت تشريعا ٍ‬

‫محلي ًة وطنية للحفاظ على تراثها غير‬ ‫ال��م��ادي وحماية حقوق حامليه وتكريس‬ ‫حقهم ب���اإلف���ادة ال��م��ادي��ة ف��ي ح���ال إف���ادة‬ ‫الغير من المعرفة واألسرار التي يكتنزها‬ ‫��وص��ا بعد تفاقم ما‬ ‫ه��ذا ال��ت��راث‪ ،‬وخ��ص ً‬ ‫قامت به شركات عالمية كبرى من سرقة‬ ‫أسرار المعرفة التقليدية (في الطب وعلم‬ ‫الفلك والفولكلور والصناعات التقليدية)‬ ‫تجاريا وتحقيق أرب��اح طائلة‬ ‫واستغاللها‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫أي تعويض ل�لأف��راد أو الجماعا ِ‬ ‫ب��دون ّ‬ ‫ح��ام��ل ِ��ة ه���ذه األس�����رار‪ .‬ل����ذا‪ ،‬ب��ع��د إق���رار‬ ‫التشريعات المحلية وإقامة دعاوى قضائية‬ ‫��ض��ه��ا إل��ى‬ ‫ع��ل��ى ت��ل��ك ال��ش��رك��ات ع��م��د ب��ع ُ‬ ‫التفاهم مع األف��راد أو الجماعات حاملة‬ ‫المعارف ودفع التعويضات لهم‪.‬‬

‫ال��م��ن��ظ��م��ة ال��ع��رب��ي��ة ل��ل��ت��رب��ي��ة وال��ع��ل��وم‬ ‫والثقافة (‪ ،)ALECSO‬للحفاظ على التراث‬ ‫الثقافي غير المادي وحمايته في ال��دول‬ ‫العربية‪ ،‬أع ّ��دت مشروع اتفاقية ‪‬حماية‬


‫ ) بعلى الصعيد الوطني‬

‫حنا العميل‬

‫متنوع‬ ‫يتميز لبنان بتراث ثقافي غني ّ‬ ‫كون عبر العصور من شعوب عاشت على‬ ‫َت َّ‬ ‫أرضه وانفتحت على ثقافات أخرى تفاعلَ ت‬ ‫معها فولّ د هذا التالقح الفكري ً‬ ‫ثقافيا‬ ‫إرثا‬ ‫ً‬ ‫��ام��ا م��ن م��ع��ال��م أث��ري��ة وم���ب���ا ٍن تاريخية‬ ‫ه ً‬ ‫وفلسفة وعلوم وشعر وآداب وفنون ومعارف‬ ‫تقليدية ومأثورات شعبية وصناعات ومهن‬ ‫ح��رف��ي��ة تقليدية ان��دث��ر بعضها وم���ا زال‬ ‫‪156‬‬ ‫البعض اآلخ���ر ي��ص��ارع ت��غ��ي��رات الطبيعة‬ ‫والديموغرافيا والتكنولوجيا‪.‬‬ ‫ ‪ .‬أوضع التراث الثقافي غير المادي‬ ‫قبل إنشاء وزارة الثقافة‬ ‫ووطنيا‬ ‫عالميا‬ ‫كما ل��م تكن ش��ائ��ع�� ًة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شائعا‬ ‫عبارة ‪‬التراث الثقافي‪ ،‬لم يكن‬ ‫ً‬ ‫��داولُ ��ه��ا ف��ي ل��ب��ن��ان مثلما ك��ان��ت شائع ًة‬ ‫ت ُ‬ ‫عبارات اآلثار واألبنية التاريخية من جهة‪،‬‬ ‫والثقافة الشعبية والفولكلور والمعارف‬ ‫التقليدية وال��ت��راث الشفهي م��ن الجهة‬ ‫األخرى‪ .‬فالدولة اللبنانية أولت رعايتها‬ ‫واه��ت��م��ام��ه��ا ل�لآث��ار واألب��ن��ي��ة ال��ت��اري��خ��ي��ة‬ ‫وأصدرت سنة ‪ 1933‬قانون ‪‬نظام اآلثار‬ ‫القديمة‪ ‬ح َّ��دد وع َّ���رف اآلث���ار المنقولة‬ ‫وغير المنقولة‪ ،‬واألبنية التاريخية وكيفية‬ ‫المحافظة عليها وطرق ووسائل حمايتها‪.‬‬ ‫واعتبر يومها هذا القانون من التشريعات‬ ‫ُ‬ ‫المتقدمة والوافية للحفاظ على الثروة‬ ‫أن لم‬ ‫األث��ري��ة ال��وط��ن��ي��ة‪ .‬إن��م��ا ال��م��ؤس��ف ْ‬

‫الح ً��ق��ا أصبحت تلك اإلدارة مديرية‬ ‫عامة في وزارة السياحة إل��ى أن أُ لحقت‬ ‫استحد َثت‬ ‫سنة ‪ 1993‬بوزارة الثقافة التي‬ ‫ُ‬ ‫عامئذ‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫��داول م��ن ال��ث��ق��اف��ة الشعبية‬ ‫أم���ا ال��م��ت َ‬ ‫والفولكلور وال��ت��راث الشفهي والمعارف‬ ‫التقليدية وس��واه��ا‪ ،‬فلم َيحظَ باالهتمام‬ ‫ال��رس��م��ي إال ف��ي ح���االت خ��اص��ة ولبعض‬ ‫عناصر ه��ذا ال��ت��راث‪ .‬فمصلحة الشؤون‬ ‫االجتماعية (ك��ان��ت وح���دة إداري����ة ضمن‬ ‫الحقا وزارة‬ ‫تتحول‬ ‫وزارة العمل قبل أن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫م��س��ت��ق��ل��ة)‪ ،‬أخ�����ذت ت��ه��ت��م ب��ال��ص��ن��اع��ات‬ ‫إحصاء وتحديد أماكن‬ ‫والحرف التقليدية‬ ‫ً‬ ‫وتوزيعها وعدد العاملين فيها‪ ،‬واقتراح ما‬ ‫يساعد على تطويرها واستمرارها‪ ،‬ومنح‬ ‫ق���روض وم��س��اع��دات للحرفيين‪ ،‬وتأمين‬ ‫محبي العمل في الحرف التقليدية‪،‬‬ ‫تدريب ّ‬ ‫وم���س���اع���دة ال��ح��رف��ي��ي��ن ع���ل���ى ت��ص��ري��ف‬ ‫إنتاجهم‪ ،‬والمشاركة في معارض محلية‬ ‫الح َرف وتسويقها‪.‬‬ ‫ودولية للتعريف بهذه ِ‬ ‫وأن����ش����أت ال����دول����ة ‪‬ب���ي���ت ال��م��ح��ت��رف‬ ‫اللبناني‪( ‬ت��ح��ت وص��اي��ة وزارة ال��ش��ؤون‬ ‫االجتماعية) لـتشجيع ال ِ��ح َ��رف التقليدية‬ ‫وال��ص��ن��اع��ات ال��ي��دوي��ة والريفية وتحسين‬ ‫أساليب وطرق إنتاجها وتصريفها‪.‬‬

‫���ح َ���رف‬ ‫ •دراس������ة ت��وث��ي��ق��ي��ة ع���ن ال ِ‬ ‫والصناعات التقليدية في لبنان‪.‬‬ ‫ •دراس�����ة ت��وث��ي��ق��ي��ة (م����ع ق��رص��ي��ن‬ ‫م���دم���ج���ي���ن ‪ )DVD‬ع�����ن اآلالت‬ ‫ال��م��وس��ي��ق��ي��ة ع��ب��ر ال��ع��ص��ور‪ ،‬وع��ن‬ ‫األغاني الشعبية اللبنانية القديمة‪.‬‬

‫ع��دا االهتمام الرسمي‪َ ،‬تنشأُ‬ ‫دائما‬ ‫ً‬ ‫قيمة من أف��راد أو جمعيات أو‬ ‫م��ب��ادرات ّ‬ ‫جامعات إلجراء دراسات أو إصدار كتب أو‬ ‫مجالت أو تنظيم ندوات عن عناصر تراثية‬ ‫مختلفة كالحرف والصناعات التقليدية‬ ‫��ص الشعبي (أو الحكاية ال��م��روي��ة)‬ ‫وال َ��ق ّ‬ ‫والشعر العامي وف��ن��ون األداء التقليدية‬ ‫والح َكم واألم��ث��ال الشعبية وس��واه��ا‪ ،‬كما‬ ‫ِ‬ ‫تقوم جهات رسمية أو غير رسمية بتنظيم ٍ‬ ‫عابر أو مبرمج الحتفاالت أو أنشطة أو‬ ‫م��م��ارس��ات تقليدية ت��رم��ز إل��ى مناسبات‬ ‫معينة‪ ،‬دون أن تأخذ تلك المبادرات طابع‬ ‫االستمرارية أو التأطير القانوني أو ّاتباع‬ ‫معايير موحدة‪ ،‬أو نيل مواكبة أو مساعدة‬ ‫تمكنها من تأمين ديمومتها‬ ‫رسمية مختصة ّ‬ ‫وتجنب‬ ‫وال��ح��ف��اظ على طابعها الثقافي‬ ‫ّ‬ ‫الطابع التجاري عليها أو تشويه مضمونها‬ ‫وتحريفه‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بوض � ��ع ال�� �ت� ��راث ال� �ث� �ق ��اف ��ي غ�ي��ر‬ ‫ال� �م ��ادي ب �ع��د إن��ش��اء وزارة ال�ث�ق��اف��ة‬ ‫ودورها في الحفاظ على هذا التراث‬ ‫ت��أس��س��ت وزارة ال��ث��ق��اف��ة ف���ي ل��ب��ن��ان‬ ‫بموجب ال��ق��ان��ون ‪ 215‬ت��اري��خ ‪1993/4/2‬‬ ‫فصل المديرية العامة لآلثار عن‬ ‫وفي نصه‬ ‫ُ‬

‫ول��م يتطرق قانون إنشاء ال���وزارة إلى‬ ‫ماد ِّيه أو غير المادي‪.‬‬ ‫التراث الثقافي ِّ‬

‫التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه عالم ًيا ووطن ًيا‬

‫ال��م��أْ ث��ورات الشعبية ف��ي ال���دول العربية‪‬‬ ‫بآلية محددة لهذه الحماية تتضمن اعترافً ا‬ ‫ب��ال��ح��ق��وق ال��م��ادي��ة لحاملي ه���ذا ال��ت��راث‬ ‫لكن هذا‬ ‫ً‬ ‫حقا من حقوق الملكية الفكرية‪ّ ،‬‬ ‫المشروع اصطدم بوجهات نظر متعارضة‬ ‫وما زال موضوع نقاش‪.‬‬

‫َت ْـج ِر تعديالت أو تحديثات لهذا القانون‬ ‫لـمواكبة تطورات العصر وتغييراته‪ ،‬وما‬ ‫زال س��اري المفعول حتى ال��ي��وم‪ .‬وكانت‬ ‫الدولة منذ ‪ 1923‬أنشأت ‪‬دائ��رة اآلث��ار‬ ‫القديمة‪ ‬ضمن ‪‬وزارة المعارف‪ ،‬وسنة‬ ‫‪ 1930‬أوعزت بتجميع المكتشفات األثرية‬ ‫فانتهى تجميعها سنة ‪ ،1937‬وتم افتتاح‬ ‫رسميا في ‪ 27‬أيار ‪1942‬‬ ‫المتحف الوطني‬ ‫ً‬ ‫يعاينون‬ ‫فأخذ زواره‬ ‫آثارا تمثل حضارات‬ ‫ً‬ ‫تعاقبت على أرض لبنان‪.‬‬

‫وكلّ فت ‪‬اللجنة الوطنية لألونسكو‪‬‬ ‫ج��ام��ع��ي��ي��ن واخ��ت��ص��اص��ي��ي��ن ف���ي ال���ت���راث‬ ‫��داد دراس��ات عن‬ ‫والمأثورات الشعبية إع َ‬ ‫عناصر هذا التراث ومنها‪:‬‬

‫وضمها إلى وزارة الثقافة‪،‬‬ ‫وزارة السياحة‬ ‫ُّ‬ ‫��داث مديرية عامة للثقافة‪ .‬وفي‬ ‫واس��ت��ح ُ‬ ‫تنقيبا‬ ‫باآلثار‬ ‫العناية‬ ‫��وزارة‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫صالحيات‬ ‫ً‬ ‫��رازا وأبنية تاريخية بترميمها‬ ‫وحماي ًة وإب ً‬ ‫وحمايتها وإنشاء متاحف أثرية وإدارتها‪،‬‬ ‫والعناية بالشؤون الثقافية والفنية (سينما‪،‬‬ ‫م��س��رح‪ ،‬م��ع��ارض‪ ،‬ف��ن��ون على اختالفها)‬ ‫وشؤون الكتاب والمطالعة العامة‪ ،‬وإنشاء‬ ‫المكتبات العامة وإدارتها‪.‬‬

‫ُب َع ْيد إنشاء ال���وزارة ب��ادرت إل��ى عملية‬ ‫توثيق بصري وسمعي بإنتاج أفالم وثائقية‬ ‫الح َرف التقليدية في المناطق‬ ‫عن معظم ِ‬ ‫اللبنانية‪ :‬صناعة الفخاريات والزجاجيات‪،‬‬ ‫النول‪157 ،‬‬ ‫صناعة النحاس‪ ،‬التطريز‪ ،‬حياكة َّ‬ ‫صناعة م��راك��ب الصيد وأدوات�����ه‪ ،‬صناعة‬ ‫س�لال ال��ق��ش‪ ،‬صناعة اآلالت الموسيقية‬ ‫ال��ت��ق��ل��ي��دي��ة‪ ،‬ص��ن��اع��ة ال���ص���اب���ون ال��ب��ل��دي‪،‬‬ ‫ال��ص��ن��اع��ات ال��ج��زي��ن��ي��ة (م�ل�اع���ق‪ُ ،‬ش َ����وك‪،‬‬ ‫سكاكين‪ ،‬خناجر‪ ،‬س��ي��وف‪ )...،‬وصناعات‬ ‫يدوية أخ��رى تبنى على المعرفة ومهارات‬ ‫أسرارها جماعات أو عائالت‬ ‫تقليدية تملك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وطورتها وأورثتها إلى األبناء‪.‬‬ ‫توارث ْتها َّ‬ ‫س��ن��ة ‪ 2001‬أن���ج���زت وزارة ال��ث��ق��اف��ة‬ ‫خ��م��س��ة م��ش��اري��ع ق��وان��ي��ن تتعلق ب��ال��ش��أن‬ ‫ال��ث��ق��اف��ي وأرس��ل��ت��ه��ا إل���ى م��ج��ل��س ال��ن��واب‬ ‫فأقرها سنة ‪ ،2008‬بينها القانون ‪ 35‬تاريخ‬ ‫‪( 2008/10/16‬تنظيم الوزارة) أعاد تحديد‬ ‫مراعيا‬ ‫وأسس عملها‬ ‫مهام وزارة الثقافة‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫المفاهيم الحديثة للثقافة‪ ،‬ودوره���ا في‬ ‫التنمية االجتماعية واالقتصادية واالنتقال‬ ‫القانون‬ ‫إلى مجتمع المعرفة‪ .‬وأَ ول��ى هذا‬ ‫ُ‬ ‫ال���وزار َة صالحية العناية باآلثار والتراث‬ ‫والممتلكات التاريخية والفنون واآلداب‬


‫حنا العميل‬

‫بعد صدور هذا القانون أعدت الوزارة‬ ‫مشروع مرسوم تطبيقي له ِّ‬ ‫ينظم وحدات‬ ‫ال������وزارة‪ ،‬الح ً‬ ‫��ظ��ا إن��ش��اء ‪‬دائ�����رة ال��ت��راث‬ ‫الثقافي غير المادي‪ ‬فيكون لبنان شهد‬ ‫أول ن��ص��ي��ن ق��ان��ون��ي��ي��ن ي��ت��ع��ل��ق��ان ص��راح��ة‬ ‫بالتراث الثقافي غير المادي‪ .‬وحين يتم‬ ‫‪ 158‬إق���رار ه��ذا ال��م��رس��وم تعمد ال����وزارة إلى‬ ‫كفية ف��ي هذا‬ ‫توظيف عناصر مختصة ّ‬ ‫المجال‪ ،‬وتبادر إلى تحديد وتوثيق عناصر‬ ‫‪‬ال��ت��راث الثقافي غير ال��م��ادي‪ ‬وتسجيل‬ ‫المستحق تسجيله على الالئحة الوطنية‬ ‫ّ‬ ‫للتراث‪ ،‬وتأمين استمرارية هذه العناصر‬ ‫وديمومتها حية في المجتمع‪.‬‬ ‫ ‪ .‬جإبرام إتفاقية األونسكو لسنة ‪2003‬‬ ‫ح��ول الحفاظ على ال�ت��راث الثقافي‬ ‫غير المادي‪ ،‬وإطالق العمل بها‬ ‫واك������ب ل���ب���ن���ان ف��ع��ل ً��ي��ا االج���ت���م���اع���ات‬ ‫والمناقشات التمهيدية إلقرار هذه االتفاقية‬ ‫ف��ي منظمة األون��س��ك��و‪ ،‬ع��ب��ر بعثة لبنان‬ ‫سجلتا‬ ‫في المنظمة ووزارة الثقافة اللتين ّ‬ ‫مالحظات ومقترحات إيجابية على مشروع‬ ‫االتفاقية قبل إقرارها الذي ت ّـم سنة ‪2003‬‬ ‫ف��ي ال��م��ؤت��م��ر ال��ع��ام لمنظمة األون��س��ك��و‪،‬‬ ‫فبادرت وزارة الثقافة إل��ى إع��داد مشروع‬ ‫قانون يجيز للحكومة إبرام اإلتفاقية أرسلته‬ ‫إل��ى مجلس ال��ن��واب ف��أق��ره بالقانون ‪720‬‬

‫ولكن‪ ...‬لتنفيذ هذه االتفاقية والعمل‬ ‫ْ‬ ‫عقبتان‪:‬‬ ‫الثقافة‬ ‫ت‬ ‫واجه‬ ‫بمضمونها‪،‬‬ ‫ة‬ ‫وزار‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ •ع�������دم وج��������ود ع���ن���ص���ر ب���ش���ري‬ ‫متخصص ومؤهل‪.‬‬

‫ •ع���دم ت��وف��ر ال��م��ي��زان��ي��ة ال�لازم��ة‬ ‫إلج�������راء دراس��������ات وأب����ح����اث ع��ن‬ ‫‪‬ال���ت���راث ال��ث��ق��اف��ي غ��ي��ر ال��م��ادي‪‬‬ ‫ووضع لوائح به وتوثيقه والمحافظة‬ ‫عليه وتأمين استمراريته‪.‬‬ ‫ ‪ .‬دمشروع التراث المتوسطي الحي‬ ‫‪"MEDLIHER" (Mediterranean Living‬‬ ‫)‪Heritage‬‬

‫منذ ‪ 2008‬ب���دأت األون��س��ك��و (ت��ع��اونً ��ا‬ ‫م��ع االت��ح��اد األوروپ�����ي) تحضير م��ش��روع‬ ‫‪ MEDLIHER‬ال��ه��ادف إل��ى مساعدة أرب��ع‬ ‫دول (مصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬سوريا‪ ،‬األردن) على‬ ‫تنفيذ اتفاقية ‪ ،2003‬والمساهمة في بناء‬ ‫القدرات المؤسساتية للدول الشريكة في‬ ‫هذا المشروع‪.‬‬

‫ف��ي أي��ل��ول ‪ 2009‬ت��م ت��وق��ي��ع االت��ف��اق‬ ‫فتم تنفيذه في أربع‬ ‫لتنفيذ هذا المشروع ّ‬ ‫سنوات على ثالث مراحل‪:‬‬

‫ •المرحلة األول��ى‪ :‬إج��راء دراس��ة‬ ‫ميدانية عن واق��ع التراث الثقافي‬ ‫غير المادي في لبنان‪ ،‬قام بها فريق‬ ‫عمل ف��ي إش���راف وزارة الثقافة‪،‬‬ ‫ن َّ‬ ‫��ظ َ��م ورش ع��م��ل ل��ت��دري��ب رؤس���اء‬ ‫ال���ف���رق وال��م��ح��ق��ق��ي��ن ال��م��ي��دان��ي��ي��ن‬ ‫لتعريفهم ب��ـ‪‬ال��ت��راث الثقافي غير‬ ‫��وم��ا وك��ي��ف��ي��ة تنفيذ‬ ‫ال���م���ادي‪ ‬ع��م ً‬ ‫��وص��ا‪ .‬انتهت‬ ‫ه���ذه ال��م��رح��ل��ة خ��ص ً‬

‫ •المرحلة الثانية‪ :‬قيام خبراء من‬ ‫األونسكو واالتحاد األوروبي بتقييم‬ ‫المرحلة األول��ى واختيار كل دولة‬ ‫عنصرا أو أكثر من تراثها الثقافي‬ ‫ً‬ ‫غير المادي لتنفيذه في المرحلة‬ ‫الثالثة‪.‬‬ ‫ •المرحلة الثالثة‪ :‬ت��م إنجازها‬ ‫تعاونً ا بين وزارة الثقافة واللجنة‬ ‫الوطنية اللبنانية لألونسكو‪ ،‬واختار‬ ‫لبنان وضع قائمة حصر أولية للشعر‬ ‫والمغنى والسيما‬ ‫الشعبي ال َـمقول‬ ‫ّ‬ ‫ال��زج��ل‪ ،‬م��ع االس��ت��م��رار ف��ي تنظيم‬ ‫ش عمل لتعزيز مؤهالت الفريق‬ ‫ُو َر َ‬ ‫في هذا المجال‪ .‬وشملت الدراسة‬ ‫‪1116‬‬ ‫شخصا (ه���واة ومحترفين‬ ‫ً‬ ‫من مناطق لبنانية ع ّ��دة) يمارسون‬ ‫أنواعا وتجليات‪.‬‬ ‫الشعر الشعبي‪،‬‬ ‫ً‬

‫هـ‪  .‬ترشيح ال��زج��ل ع �ل��ى ال�ق��ائ�م��ة‬ ‫التمثيلية للبشرية في األونسكو‬ ‫بعد إنجاز المرحلة الثالثة من مشروع‬ ‫��ض��رت‬ ‫‪‬ال���ت���راث ال��م��ت��وس��ط��ي ال���ح���ي‪ ،‬ح ّ‬ ‫(تعاونً ا مع نقابة شعراء‬ ‫الوزارة ملف الزجل‬ ‫ُ‬ ‫الزجل وجمعية اتحاد الشعر) لرفعه إلى‬ ‫األونسكو وترشيحه على القائمة التمثيلية‬ ‫للبشرية‪ .‬واتخذت الوزارة إجراءات تمهيدية‬ ‫وأس��اس��ي��ة‪ ،‬ف��أص��در وزي���ر الثقافة ال��ق��رار‬ ‫‪‬السجل الوطني للتراث‬ ‫‪ 2013/60‬بإنشاء‬ ‫ّ‬ ‫الثقافي غير ال��م��ادي في لبنان‪ ،‬وإدراج‬

‫التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه عالم ًيا ووطن ًيا‬

‫ون��ت��اج��ات ال��ف��ك��ر وال��ص��ن��اع��ات الثقافية‪.‬‬ ‫وه��و ع َّ��رف ‪‬ال��ت��راث‪ ‬على أن��ه ‪‬مختلف‬ ‫أع���م���ال اإلب������داع ال��ن��اب��ع��ة م���ن المجتمع‬ ‫وال��ق��ائ��م��ة على التقاليد وال��ت��ي تعبر عن‬ ‫ذاتية ثقافية واجتماعية للمجتمع اللبناني‬ ‫بمجموعاته ومناطقه وحقباته التاريخية‬ ‫شفهيا أو بغير ذل��ك من‬ ‫كافة والمتناقلة‬ ‫ً‬ ‫والح َرف‬ ‫أشكال التعبير وهي تشمل الفنون ِ‬ ‫والثقافة والعمارة التقليدية وما إليها‪.‬‬

‫فعليا في لبنان‬ ‫تاريخ ‪ ،2006/5/15‬وب��دأ ً‬ ‫تنفيذ االتفاقية منذ نيسان ‪.2007‬‬

‫ال��م��رح��ل��ة ب��وض��ع دراس����ة تقييمية‬ ‫ع���ن واق����ع ح���ال ال���ت���راث ال��ث��ق��اف��ي‬ ‫غير ال��م��ادي وال��م��ش��اري��ع المنفذة‬ ‫أو ال��ت��ي ي��ت��م ت��ن��ف��ي��ذه��ا‪ ،‬وإح��ص��اء‬ ‫اإلدارات والمؤسسات والمنظمات‬ ‫غير الحكومية (الدولية والمحلية)‬ ‫الناشطة في مجاالت هذا التراث‪.‬‬

‫والمغنى (وال سيما‬ ‫الشعر الشعبي ال َـمقول‬ ‫ّ‬ ‫عنصرا من عناصر التقاليد‬ ‫الزجل) فيه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأشكال التعبير الشفهي‪ .‬وعند إنجاز هذا‬ ‫الملف بكامل وثائقه والمستندات المطلوبة‪،‬‬ ‫تم إيداعه قسم التراث الثقافي في منظمة‬ ‫فتأكد من اكتماله وأحاله إلى‬ ‫األونسكو‪ّ ،‬‬ ‫الهيئة المختصة في األونسكو لدرسه وفق‬ ‫روزن��ام��ة المنظمة على أن يصدر القرار‬ ‫النهائي بالملف في خريف ‪.2015‬‬

‫ ‪ .‬وإج�� ��راءات وت��داب �ي��ر ل�ل�ح�ف��اظ على‬ ‫ال �ت��راث الثقافي غير ال �م��ادي وتأمين‬ ‫حيا في المجتمع‬ ‫ديمومته واستمراريته ًّ‬ ‫عمال باتفاقية األونسكو سنة ‪2003‬‬ ‫ً‬ ‫ح��ول الحفاظ على ال��ت��راث الثقافي غير‬ ‫ال��م��ادي‪ ،‬على ال���دول ال��م��وقِّ ��ع��ة أن َّتتخذ‬ ‫��ؤم��ن‬ ‫إج�����راءات محلية وط��ن��ي��ة وت��داب��ي��ر ت ِّ‬ ‫‪159‬‬ ‫دي��م��وم��ة ع��ن��اص��ر ه���ذا ال���ت���راث ح ّ��ي��ة في‬ ‫المجتمع‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪1.1‬تدابير تشريعية وتنظيمية‪ :‬وضع‬ ‫نصوص قانونية مناسبة وضرورية للحفاظ‬ ‫على ه��ذا ال��ت��راث وحمايته‪ ،‬واستحداث‬ ‫كفية‬ ‫أجهزة إدارية وتوظيف عناصر بشرية ّ‬ ‫ومتخصصة إلدارته والعناية به‪.‬‬

‫‪2.2‬تدابير مالية‪ :‬تأمين التمويل الالزم‬ ‫الستكمال التوثيق وتسجيل عناصر هذا‬ ‫التراث‪ ،‬ومساعدة حامليه ودعمهم‪.‬‬ ‫‪3.3‬تدابير عملية وميدانية‪:‬‬

‫ •متابعة العمل على توثيق ودراسة‬ ‫ال��ع��ن��اص��ر األخ������رى م���ن ال���ت���راث‬ ‫ال��ث��ق��اف��ي غ��ي��ر ال���م���ادي (ال���ت���راث‬ ‫ال��م��وس��ي��ق��ي‪ ،‬ال��ق��ص��ة ال��م��ح��ك��ي��ة‪،‬‬ ‫ال����ت����راث ال��م��ط��ب��خ��ي ال��ل��ب��ن��ان��ي‪،‬‬ ‫الح َرف‬ ‫المعارف وال��م��ه��ارات في ِ‬ ‫والصناعات التقليدية‪.)... ،‬‬


‫تشريعات ومعايير‬ ‫التراثي‪:‬‬ ‫ِإرثُنا‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬

‫عموما‬ ‫ •لَ ��ـ ْ��ح��ظُ ال��ت��راث الثقافي‬ ‫ً‬ ‫����وص����ا ف��ي‬ ‫وغ����ي����ر ال�����م�����ادي خ����ص ً‬ ‫المناهج التربوية المدرسية‪ ،‬وإبراز‬ ‫عنصرا من عناصر الهوية‬ ‫أهمي ِت ِه‬ ‫ً‬ ‫ودور ِه في تعزيز التنوع‬ ‫اللبنانية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الثقافي ضمن ال��وح��دة الوطنية‪،‬‬ ‫واح��ت��رام الخصوصيات الثقافية‬ ‫لكل مجموعة من مكونات المجتمع‪.‬‬ ‫ •إب����راز ه���ذا ال���ت���راث ف��ي وس��ائ��ل‬ ‫اإلعالم المتنوعة‪ ،‬وإعطاؤه مساحة‬ ‫إعالمية بارزة لتعريف الناس به‪.‬‬

‫‪160‬‬ ‫حنا العميل‬

‫ •ت��ع��زي��ز ال���ت���ع���اون ب��ي��ن ال��ه��ي��ئ��ات‬ ‫ال��رس��م��ي��ة وم���ن ّ‬ ‫���ظ���م���ات ال��م��ج��ت��م��ع‬ ‫ال���م���دن���ي واألف��������راد وال��ج��م��اع��ات‬ ‫والمبدعة‬ ‫الحاملة‬ ‫والمجموعات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذا التراث التخاذ أفضل الوسائل‬ ‫والطرق لحماية هذا التراث وتأمين‬ ‫تناقله إلى األجيال التالية‪.‬‬ ‫وختاما‪...‬‬ ‫ً‬

‫تحديد عنصر أو أكثر من عناصر‬ ‫ال يكفي‬ ‫ُ‬ ‫وتوثيقه‬ ‫ال��ت��راث ال��ث��ق��اف��ي غ��ي��ر ال��م��ادي‬ ‫ُ‬ ‫وتسجيلُ ه في ‪‬السجل الوطني للتراث‪‬‬ ‫وترشيحه على القائمة التمثيلية للبشرية‬ ‫ف��ي األون��س��ك��و‪ .‬ه��ذا عمل ض��روري إنما‬

‫ف‪ .‬التحدي األكبر في لبنان (ودول‬ ‫غير كا ٍ‬ ‫أخ���رى) يبقى إدارة ه��ذه العناصر بعد‬ ‫التسجيل وتأمين استمراريتها عناصر‬ ‫حية ف��ي المجتمع لنقلها إل��ى األج��ي��ال‬ ‫وم ِل ٌّح تعزيز التعاون‬ ‫التالية‪ .‬لذا‬ ‫ضروري ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫والتنسيق بين الجهات الرسمية المعنية‬ ‫ب��ه��ذا ال���ت���راث‪ ،‬واألف������راد وال��ج��م��اع��ات‬ ‫المعنيين به‪ ،‬والمنظمات الحكومية وغير‬ ‫الحكومية الوطنية والدولية الناشطة في‬ ‫هذا المجال‪ ،‬كما مع منظمة األونسكو‬ ‫وم��ك��ت��ب��ه��ا اإلق��ل��ي��م��ي ف���ي ل��ب��ن��ان‪ ،‬ل��وض��ع‬ ‫سياسة عامة تبرز التراث الثقافي ودوره‬ ‫الوطني في المجتمع‪ ،‬بترسيخ اللحمة‬ ‫بين مكوناته وت��ع��زي��ز ش��ع��وره��م بالفخر‬ ‫واالع���ت���زاز بماضيهم وت��اري��خ��ه��م وت��ال ً��ي��ا‬ ‫تعزيز انتمائهم إل��ى ال��وط��ن ووالئ��ه��م له‬ ‫ح��اض ً��را والتطلع إل��ى مستقبل ل��ه أكثر‬ ‫عظيم في‬ ‫إشراقً ا‪ .‬فللتراث الجامع أثر‬ ‫ٌ‬ ‫التنمية االجتماعية واالقتصادية لألفراد‬ ‫والمجموعات حاملة التراث ومبدع ِته‪،‬‬ ‫ولذا يقتضي لحظه ضمن خطط الدولة‬ ‫وبرامجها التنموية‪.‬‬

‫تكرس الحق‬ ‫دول ِّ‬ ‫في هذا المنطق ب��دأت ٌ‬ ‫بالتعرف على تراثها الثقافي والتمتع به‬ ‫دستوريا ألجيالها الحاضرة تحافظ‬ ‫حقا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عليه وتنقله إلى األجيال التالية ً‬ ‫وطنيا‬ ‫إرثا‬ ‫ً‬ ‫من أغلى الكنوز‪.‬‬

‫أسباب التلف والدمار‬ ‫في المصادر التراثية‬ ‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫ •من مواليد الدوير (النبطية) ‪.1960‬‬

‫ •دكتور في الهندسة المعمارية (جامعة موسكو ‪.)2000‬‬

‫ •دبلوم الدراسات العليا في هندسة الحدائق – معهد الفنون الجميلة –‬ ‫الجامعة اللبنانية – ‪.1991‬‬ ‫ •بكالوريوس في الهندسة المعمارية (جامعة بيروت العربية ‪.)1986‬‬ ‫ •مدير مركز النسيب للدراسات واإلحصاء‪.‬‬ ‫ •عضو نقابة المهندسين (منذ ‪.)1987‬‬

‫ •رئيس لجنة اإلرش��اد األكاديمي في معهد الفنون الجميلة – الجامعة‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫ •أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية – معهد الفنون الجميلة – قسم‬ ‫العمارة وهندسة الحدائق (منذ ‪.)1991‬‬

‫ •باحث مشارك مع بعض مراكز الدراسات العربية‪.‬‬ ‫ •عضو اتحاد الصحافة اللبنانية‪.‬‬

‫ •عضو اتحاد الصحافيين العرب‪.‬‬ ‫كنز األم��س ألجيال اليوم‪ ،‬يجدر‬ ‫بقدر االهتمام في كشف التراث وإب��رازه َ‬ ‫ْ‬ ‫الحفاظ عليه ً‬ ‫حف ُظ ُه من‬ ‫إرثا‬ ‫فريدا ألجيال الغد‪ .‬وفي رأْ س الحفاظ عليه ْ‬ ‫ً‬ ‫تجندت له مؤسسات وجمعيات ومنظمات دولية‬ ‫ما‬ ‫واإلهمال‪،‬‬ ‫التلف والدمار‬ ‫َّ‬ ‫تفصيال‬ ‫وشر ًعا ومعاهدات ومعايير‪ ،‬كما يظهر‬ ‫ً‬ ‫وضعت لهذا الحفاظ قوانين َ‬ ‫زودنا به الدكتور نسيب حطيط وهو بذلك خبير‪ .‬‬ ‫من هذا المقال العلْ مي ّ‬

‫‪161‬‬


‫تعريف‬

‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫ق��د ي��ك��ون ت ً‬ ‫وم��لْ ً��ك��ا‬ ‫��راث��ا إن��س��ان ً��ي��ا ج��ام ً��ع��ا‪ُ ،‬‬ ‫يحتم عليها الحفاظ‬ ‫ا‬ ‫حضاري‬ ‫لإلنسانية‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫عليه وحمايته بالتكافل والتضامن‪ ،‬وقد‬ ‫يكون ً‬ ‫دينيا يعبر عن‬ ‫قوميا أو ً‬ ‫أمميا أو ً‬ ‫تراثا ً‬ ‫ويعرف عما وصلت إليه‬ ‫ُهوية من أنتجه‬ ‫ِّ‬ ‫األم��م السابقة‪ ،‬ما يتيح تقييم المستوى‬ ‫الرقي‬ ‫‪ 162‬الحضاري بمفهومه العام‪ ،‬وم��دى‬ ‫ّ‬ ‫وال��ت��ق ُّ��دم أو االن��ح��ط��اط وال��وح��ش��ي��ة التي‬ ‫كانت عليها األمم السالفة‪.‬‬ ‫التراث ً‬ ‫لغة‬

‫هو ‪‬ك ُّ��ل ما خلفه السلَ ف من آث��ار علمية‬ ‫وف��ن��ي��ة وأدب���ي���ة‪ ،‬م���ادي���ة ك��ال��ك��ت��ب واآلث����ار‬ ‫وغ��ي��ره��ا‪ ،‬أو م��ع��ن��وي��ة ك�����اآلراء وال���ع���ادات‬ ‫جيال بعد جيل‪ ،‬مما‬ ‫الحضارية المنتقلة ً‬ ‫نفيسا لتقاليد ال��ع��ص��ر الحاضر‬ ‫يعتبر‬ ‫ً‬ ‫‪1‬‬ ‫وروحه‪. ‬‬

‫وردت كلمة التراث في القرآن الكريم (وتأكلون‬ ‫ماد ٍّي‬ ‫التراث ً‬ ‫أكال)‪ 2‬والمقصود بـ‪‬التراث‪ ‬كل ّ‬ ‫من م��ال وممتلكات يتركهما الميت ألوالده‬ ‫وقرابته المشمولين بتطبيق اإلرث‪ .‬وورد‬ ‫في القرآن الكريم الهدف والدور اإلخباري‬ ‫‪  11‬قاموس المعاني‬

‫‪  22‬سورة الفجر اآلية ‪19‬‬

‫تعريف اآلثار في القانون الدولي‪-‬‬ ‫‪4‬‬ ‫المنظمة الدولية لألونسكو‬

‫تعريف ال��ت��راث ي��ت��ج��اوز اآلث���ار وال��ص��روح‬ ‫المادية الماثلة من الحضارات والثقافات‪،‬‬ ‫ليشمل عادات الشعوب والجماعات اإلثنية‬ ‫وال��دي��ن��ي��ة وال��ق��وم��ي��ة وال��ل��غ��وي��ة وتقاليدها‬ ‫ومخيالتها في العمران واالجتماع‬ ‫وخبراتها‬ ‫ّ‬ ‫والفنون والتعبير الشفوي الحكائي والغنائي‬ ‫والموسيقي والرقص‪.‬‬ ‫معاهدة الهاي لحماية اآلثار‬ ‫(‪)1954/5/14‬‬ ‫المادة ‪ :1‬تعريف اآلثار الثقافية‬

‫‪‬في أغراض االتفاقية الحالية‪ ،‬دون النظر‬ ‫إل���ى األص���ل وال��م��ل��ك��ي��ة‪ ،‬يشمل اص��ط�لاح‬ ‫‪‬اآلثار الثقافية‪ ‬على‪:‬‬

‫أ‪ .‬العقار الثابت أو المنقول ذي القيمة‬ ‫الثقافية أو ذي الصفة ال��ذات��ي��ة‪ ،‬كاآلثار‬ ‫الثابتة التاريخية أو الفنية والوثائق وما‬ ‫إليها من ذوات القيمـة التاريخية أو األثرية‬ ‫أو الكتب الثمينة أو مجموعات الـوثائـق‬ ‫أو ذوات األهمـية العلمية‪ ،‬أو مجموعـات‬ ‫هامـة من منقوالت هذه الملكيات‪.‬‬ ‫‪  33‬سورة يونس اآلية ‪92‬‬

‫‪  44‬تأسست منظمة األمم المتحدة للتربية‬ ‫والعلوم والثقافة‪ ،‬اليونسكو (‪ ،)UNESCO‬عام‬ ‫عضوا‬ ‫‪ 1945‬وهي تتألف اليوم من ‪ 193‬دولة‬ ‫ً‬

‫المواصفات الدولية‬

‫‪5‬‬

‫‪‬اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي‬ ‫والطبيعي‪ ‬تم إعالنها في المؤتمر العام‬ ‫لليونسكو (‪ )1972/11/16‬بعد مصادقة‬ ‫‪‬كل َم ْعلَ م يتجاوز عمره‬ ‫‪ 189‬دولة على ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫‪ 100‬ع���ام ي��دخ��ل ض��م��ن الئ��ح��ة ال��ت��راث‬ ‫العالمي إذا توفرت فيه المعايير التالية‪:‬‬ ‫‪1.1‬المعايير الثقافية‬ ‫خ�لاق��ة من‬ ‫أو ًال‪ :‬أن يمثّ ل تحفة عبقرية ّ‬ ‫ُصنع اإلنسان‪.‬‬

‫ث��ان� ًي��ا‪ :‬أن يمثّ ل إح���دى القيم اإلنسانية‬ ‫الهامة والمشتركة في فترة من الزمن أو‬ ‫في المجال الثقافي العالمي‪ ،‬في تطور‬ ‫الهندسة المعمارية أو التقنية أو الفنون‬ ‫األث���ري���ة أو تخطيط ال��م��دن أو تصميم‬ ‫المناظر الطبيعية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثا‪ :‬أن يمثّ ل شهادة فريدة من نوعها أو‬ ‫استثنائية لتقليد ثقافي لحضارة قائمة أو‬ ‫مندثرة‪.‬‬

‫��ارزا على نوعية من‬ ‫رابعا‪ :‬أن يكون ً‬ ‫مثاال ب ً‬ ‫ً‬ ‫البناء أو المعمار أو مثال تقني أو مخطط‬ ‫يوضح مرحلة هامة في تاريخ البشرية‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬أن يكون ً‬ ‫رائعا لممارسات‬ ‫ً‬ ‫مثاال ً‬ ‫اإلنسان التقليدية في استخدام األراضي أو‬ ‫مياه البحر بما يمثل ثقافة (أو ثقافات)‪ ،‬أو‬

‫‪   55‬اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي‬ ‫والطبيعي ‪1972‬‬

‫ً‬ ‫مرتبطا ب��األح��داث أو‬ ‫�ادس��ا‪ :‬أن ي��ك��ون‬ ‫س� ً‬ ‫التقاليد المعيشية أو األفكار أو المعتقدات‬ ‫أو األعمال الفنية واألدب��ي��ة ذات األهمية‬ ‫العالمية الفائقة‪.‬‬ ‫(ورأت اللجنة ض����رور َة أن ي��ت��زام��ن ه��ذا‬ ‫المعيار مع معايير أخرى)‪.‬‬ ‫‪2.2‬المعايير الطبيعية‬ ‫سابعا‪ :‬أن يحتوي ظاهرة طبيعية فائقة أو‬ ‫ً‬ ‫مناطق ذات جمال طبيعي استثنائي‪.‬‬

‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬

‫مجموع اإلبداع الحضاري لألمم‬ ‫ُ‬ ‫التراث‬ ‫متناقضا‬ ‫متسلسال أو‬ ‫ُ السابقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫باقيا لحاضرها خالص َة تجربة‬ ‫أو‬ ‫ً‬ ‫مختلفا‪ً ،‬‬ ‫وأي نتاج‬ ‫��ارة‬ ‫م‬ ‫��‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫��ن‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫أدب‬ ‫��ن‬ ‫م‬ ‫إنسانية‬ ‫ّ‬ ‫حضاري إنساني مادي محسوس أو معنوي‬ ‫أو فكري‪.‬‬

‫للتراث في اآلي��ة الكريمة ‪‬فاليوم ننجيك‬ ‫كثيرا من‬ ‫ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن ً‬ ‫الناس عن آياتنا لغافلون‪.3‬‬

‫ب‪ .‬مبا ٍن ُم َش َّي َدة لحفظ الملكيات الثقافـية‬ ‫المنقولـة أو عـرضها كالمتاحف مما ورد فـي‬ ‫الفقرة (أ)‪ ،‬ومخابئ وقاية هذه الملكيات في‬ ‫حال وقـوع نـزاع مسلـّح‪ ،‬والمكتبات الكبيرة‪،‬‬ ‫وأمكنة حفـظ السجـالت‪.‬‬

‫خصوصا عندما‬ ‫تفاعل إنساني مع البيئة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُتصبح هذه عرض ًة لتأثيرات ال رجعة فيها‪.‬‬

‫ث��ام � ًن��ا‪ :‬أن ت��ك��ون ف��ي��ه أم��ث��ل��ة ب����ارزة تمثل‬ ‫رئيس ًة من تاريخ األرض‪ ،‬بما في‬ ‫مراحل‬ ‫َ‬ ‫ذل���ك س��ج��ل ال��ح��ي��اة وم���ا ي��ج��ري فيها من‬ ‫عمليات جيولوجية لتطوير تضاريسها‪ ،‬أو ‪163‬‬ ‫مالمح شكل األرض أو فيزيوغرافية كبيرة‪.‬‬

‫���ر َز األم��ث��ل��ة ع��وام��ل بيئية‬ ‫ت��اس� ً�ع��ا‪ :‬أن ُت ْ���ب ِ‬ ‫وب��ي��ول��وج��ي��ة لـعمليات ال��ت��ط ُّ��ور والتنمية‬ ‫األرض����ي����ة‪ ،‬وال���م���ي���اه ال��ع��ذب��ة ال��س��اح��ل��ي��ة‬ ‫والبحرية والنظم اإليكولوجية والمجتمعات‬ ‫المحلية من النباتات والحيوانات‪.‬‬

‫ع��اش� ً�را‪ :‬أن يحتوي األث��ر على أه��م وأكبر‬ ‫التنوع البيولوجي‬ ‫الموائل الطبيعية لحفظ ُّ‬ ‫في الموقع‪ ،‬بما في ذل��ك المحتوية على‬ ‫أنواع مهددة باالنقراض وذات قيمة عالمية‬ ‫فريدة‬ ‫بيئيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫علميا أو ً‬ ‫للم ْعلَ م‬ ‫الشعار ال��دول��ي َ‬ ‫التراثي‪:6‬‬

‫‪UNESCO World Heritage Centre   66‬‬ ‫‪1992- 2014‬‬


‫المؤسسات الدولية‬ ‫المكلفة حماية التراث‬

‫ •اليونسكو (‪ :)UNESCO‬منظمة األمم‬ ‫ال��م��ت��ح��دة للتربية وال��ع��ل��وم ال��ث��ق��اف��ة‪‬‬ ‫ف��روع��ه��ا ف��ي ك��ل ال��ع��ال��م‪ ،‬ت��ع��م��ل على‬ ‫ت��ش��ج��ي��ع وت���ح���دي���د وح���م���اي���ة ال���ت���راث‬ ‫الثقافي والطبيعي‪.‬‬

‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫ •(األلكسو ‪ )ALECSO‬المنظمة العربية‬ ‫للتربية وال��ث��ق��اف��ة وال��ع��ل��وم‪ ‬تأسست‬ ‫س��ن��ة ‪ ،1970‬وف����ي ال����م����ادة ‪ 15‬من‬ ‫‪164‬‬ ‫ميثاقها أن ‪‬تتعاون الدول العربية على‬ ‫إحياء التراث العربي الفكري والفني‬ ‫��ش��ره وتيسيره‬ ‫وال��م��ح��اف��ظ��ة ع��ل��ي��ه‪ ،‬ون ْ‬ ‫للطالبين بمختلف ال��وس��ائ��ل‪ ،‬وعلى‬ ‫ترجمة روائعه إلى اللغات الحية‪.‬‬ ‫ •‪ :ICCROM‬ال��م��رك��ز ال��دول��ي ل��دراس��ة‬ ‫وحفظ وترميم التراث الثقافي‪ ،‬تأسس‬ ‫سنة ‪ 1956‬من منظمة اليونسكو‪.‬‬

‫ •الوكالة الفرنكوفونية ‪ :ACCT‬أنشئت‬ ‫ل��ل��م��ح��اف��ظ��ة ع��ل��ى ال����ت����راث األف��ري��ق��ي‬ ‫دوما رؤساء دول‪،‬‬ ‫وتعزيزه‪ .‬على رأسها ً‬ ‫محوري بين اإلدارات الفرنكفونية‪،‬‬ ‫دورها‬ ‫ٌّ‬ ‫وتسهر على تنسيق برامج متعددة ذات‬ ‫صلة بالتراث مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬

‫ •البنك ال��دول��ي بالشراكة م��ع مؤسسة‬ ‫‪ BRETON NOODS‬وه���ي مجموعة‬ ‫البنك الدولي للتراث الثقافي‪.‬‬

‫ •‪ :ICOMOS‬المجلس الدولي للمعالم‬

‫ •الميثاق األميركي ‪ Pocte Rocrich‬نظام‬ ‫ق��ان��ون��ي لحماية ال��ت��راث الثقافي‪َ ،‬ت ّ��م‬ ‫مطب ًقا‬ ‫التوقيع عليه سنة ‪ 1935‬وما زال َّ‬ ‫بين الدول األطراف الموقعة عليه‪.‬‬ ‫التراث والهوية‬

‫���أي‬ ‫ل�لأم��م ه��وي��ة خ��اص��ة ت���ع ّ���رف ع��ن��ه��ا ك ّ‬ ‫هوية خاصة للفرد‪ ،‬مع اختالف عناصر‬ ‫الهويتين كركائز بنوية وتأثير الهوية العامة‬ ‫على هوية الفرد ما يعطيها غلبة وسيطرة‬ ‫��ارا يجمع بين هويات األف��راد‪ ،‬وتصبح‬ ‫إط ً‬ ‫الهوية الحضارية لألمة نافذة للتعرف على‬ ‫خصائص الهوية الفردية فيها‪ ،‬وللداللة‬ ‫على صلة حضارية قوية تربط األوط��ان‬ ‫بماضيها وإرث��ه��ا بحاضرها ومستقبلها‪.‬‬ ‫ف��ال��ك��ل��م��ة ال��ف��رن��س��ي��ة (‪patriotisme/‬‬ ‫‪ )patrimoine/patrie‬تربط الوطن بالتراث‬ ‫أن محو الجذور التاريخية‬ ‫لفظيا‪ .‬من هنا ّ‬ ‫ً‬ ‫ت تراثيةً) هو محو الهوية‬ ‫(عناصر ومفردا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ألي أمة أو جماعة بشرية‪ ،‬ما‬ ‫الحضارية ّ‬ ‫يسهل اقتالعها وإبادتها وتشتيتها وتحويل‬ ‫ّ‬ ‫األجيال الحاضرة غرباء الجئين في التاريخ‬ ‫والجغرافيا‪.‬‬ ‫أربعة مكونات عامة للتراث‬

‫كل نتاج أدبي أنتجه‬ ‫‪1.1‬التراث الثقافي‪ُّ :‬‬ ‫م��ب��دع��وه ف���ي ال���ت���اري���خ وح��ظ��ي ب��ال��ك��ت��اب��ة‬ ‫والتدوين أو حفظته الذاكرة الشعبية ً‬ ‫تراثا‬ ‫شعبيا م��ن قصص وأس��اط��ي��ر وسلوكيات‬ ‫ً‬ ‫وقيم أخالقية وإنسانية ترسم منظومة‬ ‫العالقات البيئية بين األفراد والشعوب‪.‬‬

‫كل إرث فني من رسوم‬ ‫‪3.3‬التراث الفني‪ُّ :‬‬ ‫وتماثيل وموسيقى ومسرحيات وأعمال‬ ‫تقدم للناس الفرح والجمال‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫وق�لاع‬ ‫‪4.4‬ال �ت��راث ال�م�ع�م��اري‪ :‬ك ُّ��ل َم��ب��ا ٍن‬ ‫ٍ‬ ‫تؤمن‬ ‫����روح وتماثيل وأن��ص��اب رم��زي��ة ّ‬ ‫وص ٍ‬ ‫حاجات اإلنسان من سكن وحماية وفعاليات‬ ‫اجتماعية‪ ،‬وكل العناوين التراثية الثالثة‬ ‫(ال��ث��ق��اف��ي��ة والعلمية وال��ف��ن��ي��ة)‪ .‬وال��ت��راث‬ ‫المعماري يتمايز عن غيره بالصمود والبقاء‬ ‫ت زمني ًة أطول لحصانته من التغيير‬ ‫فترا ٍ‬ ‫أي إضافة أو نقصان‬ ‫أو التزوير وكشفه ّ‬ ‫في مداميكه أو تصاميمه‪ ،‬ويؤرخ في ذاته‬ ‫لتاريخ أمم مرت عليه أو أسسته‪ ،‬ويحفظ‬ ‫ورسم‬ ‫هويتها وبعض إمكاناتها وصراعاتها ْ‬ ‫صورة تخيلية عن ماضيها وطرق معيشتها‬ ‫وال��ع�لاق��ات البيئية ومستواها الحضاري‬ ‫واإلن��س��ان��ي وغلبتها وت��ف ُّ��وق��ه��ا ول���و ب��دون‬ ‫ش��واه��د منقوشة ب��األح��رف أو األرق����ام‪:‬‬ ‫فمجرد رؤية القلعة أو الهرم أو المومياء‬ ‫ينبئ عما كانت عليه األم��م السالفة‪ ،‬ما‬ ‫يحول صمت اآلثار إلى صوت ودليل فصيح‬ ‫ِّ‬ ‫يشرح حكاية ما كان‪.‬‬ ‫ثالثة أسباب رئيسة‬ ‫لدمار المصادر التراثية وتلفها‬

‫��رد َت��ـ��ي ‪‬ال��ت��ل��ف‪ ‬و‪‬ال��دم��ار‪‬‬ ‫استعمال م��ف َ‬ ‫للمصادر ال��ت��راث��ي��ة ي��دل على نوعين من‬ ‫التراث‪:‬‬ ‫‪1.1‬ال����ت����راث ال��م��ك��ت��وب وال���م���خ���ط���وط أو‬ ‫الجداريات والرسوم‪.‬‬

‫تتعدد أسباب التلف والدمار في مصادر‬ ‫ّ‬ ‫ال��ت��راث م��ن آث���ار معمارية ومخطوطات‪،‬‬ ‫لتع ُّرض ه��ذه المصادر إل��ى أسباب تولّ د‬ ‫َ‬ ‫خ��س��ارت��ه��ا أو ت��ش��وي��ه��ه��ا أو ض��ي��اع��ه��ا أو‬ ‫ت��خ��ري��ب��ه��ا‪ .‬وت��ن��ق��س��م األس���ب���اب إل���ى ثالثة‬ ‫رئيسة‪ :‬بشرية‪ ،‬عوامل وك��وارث طبيعية‪،‬‬ ‫وبيولوجية‪.‬‬ ‫ ) أاألسبــاب البشريـــة‬ ‫أ‪ )1-‬الحروب‬

‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬

‫ً‬ ‫إنشاء مؤسسات‬ ‫حفظا للتراث العالمي تم‬ ‫ُ‬ ‫دول��ي��ة وإقليمية ووطنية للقيام بأنشطة‬ ‫قانونية وعلمية وعملية لدراسة مخاطر‬ ‫تهدد مصادر التراث‪ ،‬والعمل على حمايتها‬ ‫وصيانتها‪ .‬من هذه المؤسسات‪:‬‬

‫وال���م���واق���ع األث�����ري�����ة‪ ،‬م��ن��ظ��م��ة غير‬ ‫حكومية للتنسيق بين أفراد ومؤسسات‬ ‫تعمل للمحافظة على المعالم والمواقع‬ ‫التاريخية‪.‬‬

‫‪2.2‬ال �ت��راث ال�ع�ل�م��ي‪ :‬ك ُّ��ل ن��ت��اج علمي من‬ ‫رياضيات وكيمياء وحساب أو اكتشافات‬ ‫ونظريات علمية اعتمدت وساهمت في‬ ‫بناء المنظومة العلمية العامة ومانتج عنها‬ ‫من صناعات وعمارة ووسائل معيشية‪.‬‬

‫‪ 2.2‬ال��ت��راث المعماري م��ن ق�لاع وقصور‬ ‫وقنوات وغيرها‪.‬‬

‫الحروب واألعمال العسكرية من أخطر‬ ‫األسباب على تلف المصادر التراثية ألنها‬ ‫ت���ؤدي إل��ى مهاجمة ب�لاد ال��ع��دو لهزيمته‬ ‫مقدراته وإلحاق ‪165‬‬ ‫عسكريا والسيطرة على ّ‬ ‫ً‬ ‫���ادي‬ ‫��ري‬ ‫��وي��ا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫��‬ ‫ع‬ ‫��‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫���ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫��ا‬ ‫ش‬ ‫��‬ ‫ب‬ ‫���ه‬ ‫ب‬ ‫��ر‬ ‫ئ‬ ‫��ا‬ ‫ال��خ��س‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والمعارك في الماضي كانت مواجهة عن‬ ‫ق��رب بين ال��ج��ن��ود وال��ف��رس��ان ول��م تظهر‬ ‫أسلحة الدمار الشامل والمتفجرات الكبيرة‬ ‫إال مع مطلع القرن الثامن عشر‪ .‬قبلذاك‬ ‫كان المنجنيق غير المتفجر وكانت كرات‬ ‫الهدم والقار الملتهب‪ ،‬لذا كانت الحصون‬ ‫واألس���وار أول��ى ضحايا الهدم والتخريب‬ ‫لفتح الثغرات‪ ،‬إضافة إلى إشعال الحرائق‬ ‫في القرى والمخازن وهدم السدود ُوبنى‬ ‫مرتكزا للمقاومة والصمود‪.‬‬ ‫تشكل‬ ‫ً‬ ‫��ات وم��س��اج ُ��د‬ ‫ف��ي ت��اري��خ ال���ح���روب م��ك��ت��ب ٌ‬ ‫ودور ث��ق��اف��ة ت��ع��رض��ت للتدمير‬ ‫��س ُ‬ ‫وك��ن��ائ ُ‬ ‫واإلح��راق والتخريب لطمس معالم الهوية‬ ‫الثقافية والحضارية للشعوب المهزومة‬ ‫ومحو ذاكرتها الثقافية والتاريخية وقطع‬ ‫التسلسل بين الماضي والحاضر ومستقبل‬ ‫وحفر خندق ظالمي بين الماضي‬ ‫األم��ة‪ْ ،‬‬ ‫والمستقبل لغرس أفكار األم��ة المنتصرة‬


‫(‪)1‬‬

‫وف��ي العصر ال��ح��دي��ث‪ ،‬نتيج ًة لتطور‬ ‫الصناعات العسكرية والمتفجرات والقنابل‬ ‫تتعرض‬ ‫الضخمة (أسلحة الدمار الشامل)‪ّ ،‬‬ ‫لخطر الهدم مصادر التراث بكل مكوناتها‬ ‫الصغيرة والكبيرة‪ ،‬المخطوطة والمبنية‪،‬‬ ‫‪ 166‬والـمحفوظة في المتاحف‪ ،‬وتتعرض لإلبادة‬ ‫في لحظة واح��دة عند أي تفجير نووي أو‬ ‫‪8‬‬ ‫ما شابه‪ ،‬صورة رقم (‪ 7)1‬وصورة رقم (‪)2‬‬ ‫وم��ا تعرضت ل��ه قلعة الشقيف ف��ي لبنان‬ ‫سنة ‪ 1982‬عندما قصفتها طائرات العدو‬ ‫اإلسرائيلي صورة رقم (‪.9)3‬‬

‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫(‪)3‬‬ ‫أ‪ )2-‬المعتقدات الدينية‬

‫‪  77‬الجامع األموي في دمشق‪ .‬لوحة الفسيفساء‬ ‫المتضررة في جامع بني أمية الكبير‪ .‬المصدر‪:‬‬ ‫المديرية العامة لآلثار والمتاحف‬ ‫‪h tt p : / / w w w . d g a m . g o v. s y / i n d e x .‬‬ ‫‪php?d=177&id=1140‬‬

‫‪  88‬العراق ‪ -‬آثار ذي قار‪ .‬دبابة أميركية تتمركز‬ ‫في معالم تراثية في الشطرة (‪)2010/08/02‬‬ ‫‪   99‬ويكيبيديا‪ ،‬الموسوعة المجانية‬

‫م���وئ���لُ ���ه���ا ب���ن���اء ال���م���ع���اب���د وال��ك��ن��ائ��س‬ ‫والمساجد واآلل��ه��ة الحجرية (األص��ن��ام)‬ ‫وال��م��ح��اب��س واألدي������رة وم���واق���ع التنسك‬ ‫وأم��اك��ن ال��زي��ارة والحج وم��ا نتج عنها من‬ ‫إرث م��ع��م��اري وث��ق��اف��ي وع��م��ران وأس���واق‬ ‫وب��ي��وت للسكن واإلق���ام���ة وم���ا تستلزمه‬ ‫من بنى لتأمين حاجات العباد وال���زوار‪.‬‬ ‫رئيس إلع��ادة‬ ‫فالمعتقدات الدينية سبب‬ ‫ٌ‬ ‫ت��دم��ي��ر وت���لَ ���ف ه����ذه ال���م���ص���ادر ال��ت��راث��ي��ة‬ ‫(استنادا‬ ‫واإلنتاج اإلنساني إذ إن البعض‬ ‫ً‬ ‫إلى التشريع الديني أو الفتوى أو الحكم‬

‫بعيدا عن صوابيته وتوافقه مع‬ ‫الشرعي) ً‬ ‫يعمد إلى تدمير معتقدات‬ ‫األحكام اإللهية‪َ ،‬‬ ‫اآلخرين المخطوطة (الكتب المقدسة) أو‬ ‫المؤلفات أو الكتب والمنشورات‪ ،‬ل َـمحو‬ ‫المعتقد الديني والثقافي أو تدمير أماكن‬ ‫العبادة من معابد وثنية أو كنائس ومساجد‬ ‫أو تماثيل (بوذا‪ -‬األهرامات‪ -‬الفراعنة‪)...‬‬ ‫أو تدمير المقامات واألض��رح��ة والبيوت‬ ‫ب��ح��ج��ة إزال�����ة أس���ب���اب ال���ش���رك ال��ع��ق��دي‬ ‫وال���س���ل���وك���ي‪ ،‬أو ت��ح��وي��ل ال��ك��ن��ائ��س إل��ى‬ ‫مساجد‪ ،‬والعكس بالعكس‪ ،‬أو تدميرها‬ ‫أو م��ص��ادرت��ه��ا أو إق��ف��ال��ه��ا ك���ي ت��ت��ع ّ��رض‬ ‫وصوال إلى الهدم البطيء‬ ‫ً‬ ‫للتلف التراكمي‬ ‫واالن��ه��ي��ار بحرمانها ال��ص��ي��ان��ة وال��رع��اي��ة‬ ‫مدبر أو نتيجة‬ ‫هد َم‬ ‫والترميم ُلت َ‬ ‫تلقائيا بعمل َّ‬ ‫ً‬ ‫عوامل الزمن والطبيعة‪ .‬واألمثلة والشواهد‬ ‫التاريخية كثير ٌة على س��اح��ة الجغرافيا‬ ‫الدينية والسياسية وعبر القرون الماضية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫المعمرة بحجة‬ ‫وصوال إلى قطع األشجار‬ ‫ِّ‬ ‫أن الناس يعبدونها أو يتباركون بقداستها وطرابلس كذلك تكافح للحفاظ على مبا ٍن‬ ‫أثريا على‬ ‫(ك��م��ا ح��دث ف��ي س��وري��ا وش��م��ال أفريقيا تراثية فيها تبلغ نحو ‪َ 150‬م ْعلَ ًما ً‬ ‫الئحة المديرية العامة لآلثار‪،‬‬ ‫‪‬معظمها غير‬ ‫والجزيرة العربية)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ومهدد باالنهيار‪ ،‬إضافة إلى ‪150‬‬ ‫صان‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أ‪ )3-‬ت����ج����ارة األب���ن���ي���ة وال���ع���ق���ارات‬ ‫درج على القائمة ويحتاج حماية‬ ‫م‬ ‫غير‬ ‫مبنى‬ ‫ُ َ‬ ‫ (إعادة البناء)‬ ‫عاجلة‪ .‬ورغم القانون ‪ )2006(144‬في مصر‬ ‫��وص��ا للحفاظ على تراثها المعماري ومعاقبة من‬ ‫م��أس��اة ال���ت���راث ال��ع��ال��م��ي‪ ،‬خ��ص ً‬ ‫جزئيا مبنى أو منشأة بالحبس‬ ‫كليا أو‬ ‫ً‬ ‫ال���ت���راث ال��م��ع��م��اري وم��ل��ح��ق��ات��ه‪ ،‬ظ��ه��رت يهدم ً‬ ‫والغرامة‬ ‫مددا متفاوتة ومبالغ مالية كبيرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ب��ه��دم المباني واألح��ي��اء القديمة إلع��ادة‬ ‫تحقيقا لربح م��ادي ت��وف��ره عوامل لم يرتدع أصحاب معاول الهدم ولم ُي َق َّدم‬ ‫بنائها‬ ‫ً‬ ‫االس��ت��ث��م��ار ال��م��رت��ف��ع��ة (ع����دد ال��ط��واب��ق) أحدهم للمحاكمة‪ .‬وه��وذا الدكتور محمد‬ ‫واإلف��ادة من موقعها الجغرافي وهو عادة عوض (رئيس اللجنة الفنية للحفاظ على‬ ‫وسط المدينة أو مركز تجاري ذو أسعار التراث المعماري في مدينة اإلسكندرية)‬ ‫مرتفعة‪ ،‬ومع صدور قوانين لحماية اإلرث يعزو سبب فشل هيئة قضايا ال��دول��ة في‬ ‫الثقافي وتصنيف األبنية ‪‬أبنية تراثية إثبات أن العقار المراد إخراجه من قائمة‬ ‫م��م��ن��وع��ة م���ن ال���ه���دم وض������رورة ال��ح��ف��اظ التراث ينطبق عليه أحد األسباب الثالثة‬ ‫عليها‪ .‬هذه األساليب في االلتفاف على للحماية‪ ،‬إلى أن المسؤولين ال يستعينون‬ ‫القوانين والطرق الملتوية (رشاوى وتقارير بخبرة جهة االخ��ت��ص��اص‪ :‬اللجنة الفنية‬

‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬

‫في عقول األجيال المغلوبة المهزومة ثأْ ًرا‬ ‫منها وسرق َة ما تملك كغنيمة‪ ،‬كما حصل‬ ‫م��ع مكتبات ب��غ��داد أي���ام المغول والتتار‪،‬‬ ‫وال��ي��وم في القدس المحتلة حيث تحاول‬ ‫سلطات االحتالل اإلسرائيلي حفر أنفاق‬ ‫ت��ح��ت ال��م��س��ج��د األق���ص���ى ل��م��ح��و ال��ه��وي��ة‬ ‫اإلسالمية والمسيحية عن القدس وإعادة‬ ‫ب��ن��اء هيكل سليمان ال��م��زع��وم‪ ،‬وإس��ق��اط‬ ‫حاضر االحتالل على الماضي المفترض‬ ‫ووسم المدينة المقدسة بالطابع‬ ‫(اليهودي) ْ‬ ‫اليهودي ال اإلسالمي وال المسيحي‪.‬‬

‫م���زورة) ت��ؤدي إل��ى ه��دم األبنية القديمة‬ ‫بعد الحصول على تراخيص من الوزارات‬ ‫المعنية‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ :‬وضعت وزارة‬ ‫الثقافة اللبنانية قائمة بالمعالم التاريخية‬ ‫ف��ي لبنان فبلغ ع��دد األبنية التراثية في‬ ‫ب��ي��روت التسعينات م��ع م��ا ض ّ��م��ت إليها‬ ‫المديرية العامة لآلثار نحو ‪ 1600‬مبنى‬ ‫يعود معظمها إلى الحقبة العثمانية أو أيام‬ ‫االنتداب الفرنسي‪ .‬و مع بداية ‪ 2013‬بلغ‬ ‫التدمير نحو ‪ %80‬من األبنية الموضوعة‬ ‫على القائمة‪ ،‬وفق ما يؤكد ممثلو جمعية‬ ‫التراث اللبنانية ‪ ،APLH‬وجمعية ‪‬أنقذوا‬ ‫تراث بيروت‪ .‬وثمة أسباب أخرى لتدمير‬ ‫الجمعيتان على‬ ‫األبنية التراثية‪ ،‬كما تؤكد‬ ‫ّ‬ ‫‪‬تخلّ ف‪ ‬الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن‬ ‫تطبيق قانون التراث‪ ،‬إضافة إلى النقص‬ ‫في االهتمام‪ ،‬وع��دم وج��ود قانون لضبط ‪167‬‬ ‫عمليات البناء‪.‬‬


‫أ‪ )5-‬التوسع الزراعي‬ ‫واستصالح األراضي‬

‫أ‪ )6-‬الترميم العشوائي‬

‫‪168‬‬ ‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫وقسري في مناطق أثرية (مقابر مصرية‪،‬‬ ‫ق�لاع قديمة‪ ،‬أبنية خانات‪ ،‬بيوت أثرية‪،‬‬ ‫أس�لاك��ا كهربائية أو‬ ‫ً‬ ‫‪ )...‬وم ّ���دد السكان‬ ‫أنابيب صرف صحي أو بلّ طوا األرضيات‬ ‫وأدخلوا أدوات معيشية حديثة دون التفات‬ ‫إجراؤها‬ ‫أو مراعاة للطرق الفنية المطلوب‬ ‫ُ‬ ‫أو العمل بها‪ .‬وانتشرت قرى ومستوطنات‬ ‫ذات كثافة سكانية عالية وإهمال‬ ‫بشرية ُ‬ ‫وتعمم َت َد ْه ُو ُر المستوى‬ ‫وجهل بقيمة البناء ّ‬ ‫الثقافي والمعيشي العام نتيجة الفقر ما‬ ‫دف��ع مواطنين إل��ى ُسكنى أط�ل�ال أثرية‬ ‫ومقالع ومحاجر يقتلعون أحجارها ومواد‬ ‫يسبب‬ ‫خرابا‬ ‫بنائها فيزيدونها‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫وتهد ًما‪ ،‬ما ّ‬ ‫ت��دم��ي ً��را ك��ل ً��ي��ا أو ج��زئ ً��ي��ا لألبنية األث��ري��ة‬ ‫تلوث الهواء‬ ‫وأحيانً ا فقدانها‬ ‫ً‬ ‫تماما‪ ،‬إلى ُّ‬ ‫فتتش َّو ُه روع��ة المناطق‬ ‫والمياه الجوفية‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وعظ َم ُتها ويشيع القبح المعماري‬ ‫األثرية‬ ‫والتلوث البصري‪.‬‬

‫ج�����اء ف����ي ال����پ����روت����وك����ول األول م��ن‬ ‫پ��روت��وك��والت حكماء بني ص��ه��ي��ون‪... 10‬‬ ‫وفي السياسة يجب أن نعلم كيف نصادر‬ ‫األمالك بال أدنى تردد إذا كان هذا العمل‬ ‫يمكننا م��ن ال��س��ي��ادة وال���ق���وة‪ ،‬وج���اء في‬ ‫ّ‬ ‫الپرتوكول السادس عشر‪ ... :‬وسنطمس‬ ‫في ذاكرة اإلنسان العصور الماضية التي‬ ‫شؤما علينا‪ .‬هكذا بدأت أعمال‬ ‫قد تكون ً‬ ‫سرقة وحفر عشوائي عبر لصوص الكنوز‬ ‫والمقابر وهيئات باحثين وأس��ات��ذة بقناع‬ ‫‪‬مستشرقين‪ ‬م��ن دول أوروپ���ي���ة‪ ،‬كانت‬ ‫مهمتهم درس التراث في مصر وفلسطين‬ ‫وغ��ي��ره��م��ا‪ ،‬ت��ح��ت س���ت���ار ب��ع��ث��ات علمية‬ ‫وال��م��س��اع��دة ف��ي ال��ت��ن��ق��ي��ب‪ .‬ل��ك��ن ال��ه��دف‬ ‫الحقيقي كان مثلَّ ثً ا‪:‬‬ ‫المقنعة‬ ‫ •السرقة المباشرة أو القرصنة‬ ‫ّ‬ ‫بهدف الربح المادي للمهربين‪.‬‬

‫ع��م��ل��ي��ات ال��ت��رم��ي��م غ��ي��ر ال��م��دروس��ة‬ ‫بعيدا عن الدراسات العلمية‬ ‫وغير الفنية ً‬ ‫والجمالية‬ ‫والهندسية‬ ‫��ؤدي إل��ى طمس‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫بعض معالم ال��ب��ن��اء أو تغيير عناصرها‬ ‫وذل���ك ب���إزال���ة أو إض��اف��ة ع��ن��اص��ر كانت‬ ‫م���وج���ودة‬ ‫أص��ل�ا أو ب��اس��ت��خ��دام عناصر‬ ‫ً‬ ‫جديدة غير منسجمة كاستعمال الجبس‬ ‫أو اإلسمنت األبيض أو األس��ود أو مواد‬ ‫صمغية حديثة يتشربها الحجر مما يغير‬ ‫لونه أو تؤثر في تركيبه العضوي ويعرضه‬ ‫ل��ل��ت��ف��ت��ي��ت أو ال��ت��ق��ش��ر ف��ي��ت��ش ّ��وه ال��ط��راز‬ ‫المعماري وسماته المميزة في المراحل‬ ‫المعمارية التاريخية‪.‬‬

‫َّ‬ ‫المنظمة برعاية رسمية أثناء‬ ‫ •السرقة‬ ‫الغزو‪ ،‬أو شراء مسروقات وعرضها في‬ ‫خصوصا متاحف‬ ‫المتاحف األوروپية‬ ‫ً‬ ‫فرنسا وبريطانيا‪.‬‬

‫ •معرفة وتحليل المنافذ وجذور ثقافية‬ ‫يمكن من خاللها التغلغل في النسيج‬ ‫االج���ت���م���اع���ي وال���ث���ق���اف���ي وال��ن��ف��س��ي‬ ‫للشعوب‪ ،‬ومحاولة التضليل والتزوير‬ ‫في قراءة وتفسير الموروثات والتقاليد‬ ‫وربطها بنصوص توراتية وتلمودية‪.‬‬ ‫غي َرت سلطة االحتالل الصهيونية‬ ‫هكذا َّ‬ ‫أس��م��اء ال��م��دن واألم���اك���ن إل���ى مسميات‬ ‫واع َت َدت على المعالم‪ ،‬كالحفريات‬ ‫عبرية‪ْ ،‬‬

‫‪  110‬پروتوكوالت حكماء صهيون‪ -‬عباس محمود‬ ‫العقاد‪ -‬الطبعة الخامسة ‪1400‬هـ ‪1980 -‬م‬

‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬

‫للحفاظ على ال��ت��راث المعماري‪ .‬وأخ��ي ً��را‬ ‫����ر َج نحو ‪ 36‬مبنى م��ن قائمة المباني ‬ ‫أُ خ ِ‬ ‫تمهيدا لهدمها‪،‬‬ ‫التراثية في اإلسكندرية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عملية ت��وس��ع ال��م��س��اح��ات ال��زراع��ي��ة‬ ‫وه��ذه ك��ارث��ة تشهدها المدينة التي تضم‬ ‫وتطور وسائل ال��ري وحفر اآلب��ار وإقامة‬ ‫مسجال بخالف المناطق‬ ‫نحو ‪ 1135‬مبنى‬ ‫ً‬ ‫ال���س���دود ال��ك��ب��ي��رة ت����ؤدي إل���ى ارت���ف���اع أو‬ ‫والشوارع التراثية‪.‬‬ ‫انخفاض منسوب المياه الجوفية إضاف ًة‬ ‫إل��ى استصالح األراض���ي باستعمال آالت‬ ‫أ‪ )4-‬الزحف السكاني‬ ‫حديثة ثقيلة من جرافات وحفارات تسبب‬ ‫والسكن في اآلثار‬ ‫ ‬ ‫انتشر في مصر إسكان متطفل عشوائي ارتجاجات قاسية على طبقات األراض��ي‬ ‫تسبب‬ ‫ت��ع ّ��رض ال��م��ب��ان��ي إل���ى اه���ت���زازات ّ‬ ‫ت��ص��دع��ات وزي�����ادة ش��ق��وق ف��ي ال��ج��دران‬ ‫والقنوات أثناء الحفر‪.‬‬

‫أ‪ )7-‬السرقة والحفر غير المهني‬

‫أعتدت على‬ ‫المستمرة في القدس حيث‬ ‫َ‬ ‫إسالميا إضافة إلى معالم‬ ‫أثرا‬ ‫نحو ‪ً 280‬‬ ‫ً‬ ‫وآث��ار مسيحية في المدينة‪ .‬ومنذ ‪1954‬‬ ‫أصدرت األونسكو قرارات تتعلق بالقدس‬ ‫ومنها ق��رار يقضي بحماية ت��راث القدس‬ ‫وعدم المساس بعادات أهلها وتقاليدهم‪.‬‬ ‫مؤتمرا في‬ ‫وسنة ‪ 1974‬عقدت األونسكو‬ ‫ً‬ ‫بيروت تقرر فيه قطع جميع االتصاالت مع‬ ‫ردا على هدمها حي المغاربة في‬ ‫إسرائيل ً‬ ‫القدس سنة ‪ 1967‬وأوعزت إلى سفارات‬ ‫ال���دول ع��دم إق��ام��ة سفاراتها ف��ي القدس‬ ‫ألنها ليست عاصمة إسرائيل‪.‬‬

‫ودان�����ت ج��ام��ع��ة ال�����دول ال��ع��رب��ي��ة س��رق�� َة‬ ‫كتبا وت ً‬ ‫فلسطينيا‬ ‫ثقافيا‬ ‫��راث��ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إس��رائ��ي��ل ً‬ ‫وطلبت من المؤسسات الدولية المعنية‬ ‫ب��ال��ت��راث اس��ت��ع��ادة م��ا س��رق��ت��ه إس��رائ��ي��ل‬ ‫‪169‬‬ ‫وك���ذل���ك ال��ف��ي��ل��م اإلس��رائ��ي��ل��ي ‪‬ال��س��رق��ة‬ ‫ال��ع��ظ��م��ى ل��ل��ك��ت��ب‪ ‬وه����و ك��ش��ف س��رق��ة‬ ‫‪‬ال��ه��اج��ان��ا‪ ‬المكتبات الخاصة والعامة‬ ‫ف��ي فلسطين بعد احتاللها سنة ‪1947‬‬ ‫وما تالها‪ ،‬حين تضررت الهوية الوطنية‬ ‫وأمالك الشعب الفلسطيني وتمت مصادرة‬ ‫‪ 40‬ألف كتاب من مدينة القدس وحدها‬ ‫و‪ 30‬ألف كتاب من حيفا‪ ،‬وأضيفت هذه‬ ‫الكتب المسروقة إلى ما يسمى ‪‬المكتبة‬ ‫الوطنية اإلسرائيلية‪ ‬منذ ع��ام ‪،1948‬‬ ‫وقام اليهود بسرقة التراث الفلسطيني‪،‬‬ ‫كسرقة اسم (شيقل) العملة اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫الش ْقلة (أصغر وحدة وزن‬ ‫من وحدة الوزن َ‬ ‫فلسطينية وتعني الرجحة)‪ .‬وأطلق اليهود‬ ‫سنة ‪ 1980‬تسمية شيقل على عملتهم‪،‬‬ ‫وس���ج���ل اإلس���رائ���ي���ل���ي���ون ف���ي ال��ي��ون��س��ك��و‬ ‫���راض���ا ك��ث��ي��ر ًة ب��ي��ن��ه��ا ال���ث���وب ال��م��ط��رز‬ ‫أغ ً‬ ‫ال��ف��ل��س��ط��ي��ن��ي وص��ن��اع��ة ال��ف��خ��ار ك��ت��راث‬ ‫إس��رائ��ي��ل��ي‪ ،‬وس ّ��ج��ل��وا م��ع��ال��م فلسطينية‬ ‫كالحرم اإلبراهيمي وسور عكا‪ ،‬وسرقوا‬


‫المكتبات العربية كمكتبة القدس القديمة‬ ‫ونقلوها إلى الجامعة العبرية‪.11‬‬ ‫أ‪ )8-‬التقصير الرسمي‬ ‫لتسجيل المعالم األثرية‬ ‫ ‬

‫‪170‬‬

‫الثقافية‬

‫المجموع المختلطة‬

‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫‪440‬‬

‫‪9‬‬

‫‪375‬‬

‫‪56‬‬

‫‪121‬‬

‫‪3‬‬

‫‪83‬‬

‫‪35‬‬

‫أميركا الالتينية ومنطقة البحر الكاريبي‬

‫‪65‬‬

‫‪1‬‬

‫‪186‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪704‬‬

‫‪9‬‬

‫آسيا والمحيط الهادئ‬

‫‪3‬‬

‫‪42‬‬

‫‪33‬‬

‫أفريقيا‬

‫‪25‬‬

‫‪689‬‬

‫‪176‬‬

‫المجموع‬

‫‪60‬‬

‫‪4‬‬

‫جدول المعالم األثرية العالمية‬

‫‪12‬‬

‫ ‬

‫ش��ع��وب المنطقة وال��ج��ه��ات الرسمية‬ ‫ال��ح��اك��م��ة ت��ع��ان��ي ال��ض��ع��ف وال��ن��ق��ص في‬ ‫ال���وع���ي ال���ت���راث���ي وف����ي ح��م��اي��ة م��ص��ادر‬ ‫التراث وحفظ الذاكرة الحضارية‪ ،‬وتكاد‬ ‫تنحصر عند جمهور العامة نتيجة الجهل‬ ‫والفقر والحاجة الدائمة لتأمين وسائل‬ ‫أوروبا وأميركا الشمالية‬

‫‪129‬‬

‫أ‪ )9-‬النقص والقصور‬ ‫في قوانين الحماية‬

‫ال ت��زال القوانين الدولية أو الوطنية‬ ‫قاصرة عن حماية مصادر التراث ويجب‬ ‫ت��ط��وي��ر ال��ق��وان��ي��ن وال��ت��ش��ري��ع��ات وزي����ادة‬ ‫��واب��ا وع��ق ً��اب��ا ب��زي��ادة‬ ‫ال��وس��ائ��ل القانونية ث ً‬

‫‪   111‬الدستور ـ محمد الدحيات ‪2012/03/08‬‬ ‫‪   112‬لجنة التراث العالمي في اليونسكو‬

‫ •مخلفات ال��م��ص��ان��ع وال��م��دن وال��ت��ل��وث‬ ‫الزائد في الجو من ع��وادم السيارات‬ ‫ومداخن المصانع‪.‬‬

‫أ‪ )10-‬نقص الوعي والثقافة التراثية‬

‫الطبيعية المنطقة‬ ‫‪48‬‬

‫أ‪ )11-‬تعديات السياح والزائرين‬

‫‪13‬‬

‫الدول العربية‬

‫ال��ع��ي��ش‪ ،‬م���ا ي����ؤدي إل���ى ت��ه��دي��د م��ص��ادر‬ ‫التراث باإلستفادة من تفكيكها وبيعها أو‬ ‫استعمالها لمآرب أق��ل ض��رورة وأهمية‪،‬‬ ‫وتفكيك أبنية أثرية وج��دران الستعمالها‬ ‫في البناء‪ ،‬وحجة المحتاجين من العامة‬ ‫أن من ال‬ ‫لدى مطالبتهم بحفظ الماضي ّ‬ ‫يهمه بناء الماضي‬ ‫يستطيع بناء الحاضر ال ّ‬ ‫وحفظه‪ .‬والمناهج المدرسية أو البرامج‬ ‫التلفزيونية أو المقاالت الصحافية التي‬ ‫ذكر وال‬ ‫تتناول مواضيع التراث تكاد ال ُت َ‬ ‫تشكل ‪ %3‬من نسبة البرامج أو الكتابات أو‬ ‫المنشورات أو الموازنات الوطنية‪ .‬فهذه‬

‫وخصوصا إذا‬ ‫ •أشعة الشمس والحرارة‬ ‫ً‬ ‫ليال‬ ‫زادت ف��روق��ات درج���ات ال��ح��رارة ً‬ ‫وشتاء‪.‬‬ ‫صيفا‬ ‫ونهارا أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫ب ‪ )1-‬المياه الجوفية‪:‬‬

‫تتعرض األماكن األثرية والمخطوطات‬ ‫لتعديات الزائرين غير المسؤولة‪ ،‬بالحفر‬ ‫وال��ك��ت��اب��ة ع��ل��ى ال���ص���خ���ور أو اس��ت��ع��م��ال‬ ‫األل������وان ل���رس���م ش���ع���ارات أو أس���م���اء أو‬ ‫رس��ائ��ل‪ ،‬إض��اف��ة إل��ى التصوير باستعمال‬ ‫الكاميرات وفالشات الضوء أو التدخين‬ ‫داخل المتاحف والرسوم‪ ،‬ما يعرض هذه‬ ‫المصادر التراثية للتلف نتيجة اإلشعاعات‬ ‫واألضواء والحرارة المرتفعة‪.‬‬ ‫ ) بالعوامل والكوارث الطبيعية‬ ‫يرجع تآكل األحجار إلى العوامل الجوية‬ ‫وظواهر التعرية‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫وخصوصا الغزيرة أو الحاملة‬ ‫ •األمطار‬ ‫ً‬ ‫ت ب��س��ب��ب ال���غ���ازات‬ ‫��اض��ا وق���ل���وي���ا ٍ‬ ‫أح��م ً‬ ‫الذائبة فيها مثل ثاني أكسيد الكربون‪.‬‬ ‫‪   113‬تشويه اآلثار التاريخية في العال‪ -‬جريدة‬ ‫الرياض السبت ‪ 8‬ذي القعدة ‪ 1431‬هـ ‪ 16 -‬أكتوبر‬ ‫‪ - 2010‬العدد ‪15454‬‬

‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬

‫التقصير الرسمي والمدني العربي في‬ ‫تسجيل المعالم األثرية وحمايتها‪ ،‬أسهم‬ ‫في اندثار المصادر التراثية وتلفها أو عدم‬ ‫اكتشافها‪ ،‬مع أن في جغرافيا العالم العربي‬ ‫م��ه��د ال���رس���االت ال��س��م��اوي��ة وال��ح��ض��ارات‬ ‫القديمة‪ :‬الفرعونية والفينيقية والكنعانية‬ ‫وصوال إلى‬ ‫وحضارة بالد ما بين النهرين‬ ‫ً‬ ‫الحضارتين المسيحية واإلسالمية‪ ،‬ويحتل‬ ‫دوليا كما‬ ‫العالم العربي المراتب األخيرة ً‬ ‫في هذا الجدول‪:‬‬

‫ال��م��ك��اف��آت ألف�����راد أو ه��ي��ئ��ات تحميها‪،‬‬ ‫وبتشديد معاقبة من يتعرضون لها‪ ،‬وسن‬ ‫تشجع على دعم وصيانة المصادر‬ ‫قوانين‬ ‫ّ‬ ‫التراثية بإقرار ضريبة حفظ اآلثار وإقامة‬ ‫المتاحف الطبيعية (المواقع األث��ري��ة) أو‬ ‫م��ت��اح��ف ت��ض ّ��م م��ا ي��ت��م جمعه م��ن أدوات‬ ‫ووثائق تاريخية‪.‬‬

‫موازنة وزارة الثقافة اللبنانية ال تتعدى‬ ‫‪ 8‬مليارات ليرة لبنانية (نحو ‪ %0.28‬من‬ ‫الموازنة العامة)‪.‬‬

‫ •ال��ري��اح الحاملة ال��رم��ال أو األت��رب��ة أو‬ ‫دوام���ات هوائية أو تصحبها األمطار‬ ‫والبرق والصواعق‪.‬‬

‫للمياه الجوفية تأثير كبير على اآلثار‬ ‫م��ه��م��ا اخ��ت��ل��ف��ت أن����واع أح��ج��اره��ا ودرج���ة‬ ‫استجابة هذه األحجار للتعامل مع المياه‪.‬‬ ‫والحجر الرملي أضعف األحجار ويتآكل‬ ‫ويتحلّ ل أكثر من الحجر الجيري الذي يليه ‪171‬‬ ‫في نسبة التأثر بالمياه الجوفية‪ .‬وكذلك‬ ‫أح��ج��ار ال��غ��ران��ي��ت الصلبة تتأثر بالمياه‬ ‫المتكونة تحت سطح األرض‪ ،‬وهذا أكثر ما‬ ‫تعاني منه منطقتنا بسبب ارتفاع منسوب‬ ‫المياه الجوفية وقربها من سطح األرض‬ ‫لعدم وجود شبكات الصرف الصحي‪.‬‬ ‫ب ‪ )2-‬الرطوبة‬

‫‪14‬‬

‫ال��رط��وب��ة ال��ن��س��ب��ي��ة ل��ل��ه��واء المحيط‬ ‫ب��األث��ر المبني أو المخطوطات وال��رس��وم‬ ‫والمومياء‪ ،‬سبب مباشر في تلفها‪ ،‬أكانت‬ ‫ال��رط��وب��ة النسبية منخفضة أو مرتفعة‪.‬‬ ‫وخ���ط���ورة ه���ذا ال��ع��ام��ل ت��ح��دده��ا ظ��روف‬ ‫المبنى ودرج���ة ال��رط��وب��ة وخ���واص البيئة‬ ‫ال��م��ح��ي��ط��ة‪ .‬وه���ذه ال���زي���ادة ف��ي ال��رط��وب��ة‬ ‫النسبية ت���ؤدي إل���ى ت��ف��اع�لات كيميائية‬ ‫أه��م��ه��ا ت��ح��وي��ل ال���غ���ازات ال��ح��م��ض��ي��ة إل��ى‬ ‫‪Thermal and moisture protection   114‬‬ ‫‪manual، Christine Beall‬‬


‫ب ‪ )3-‬حركة الرياح‬

‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫ت������زداد س���رع���ة ال���ري���ح ع��ن��د أط����راف‬ ‫‪ 172‬األبنية وتشتد عند نهايات األبنية الكبيرة‬ ‫وخصوصا المرتفعة‪ ،‬وترتفع قيم الفروقات‬ ‫ً‬ ‫ف��ي الضغوط وتصبح سرعة ال��ري��ح على‬ ‫أشدها عند زوايا البناء الخارجية‪ ،‬وعند‬ ‫تصوينة السطوح المواجهة لمنطقة الضغط‬ ‫المرتفع‪ .‬الريح تؤثر على نسبة الرطوبة‬ ‫داخ���ل األب��ن��ي��ة وت��زي��د م��ن ض���رر األم��ط��ار‬ ‫والثلوج‪ .‬وتسهم الريح في زيادة شدة مياه‬ ‫األمطار فتضرب حبات المطر على أسطح‬ ‫ال��ج��دران الخارجية وت��دف��ع األم��ط��ار إلى‬ ‫مناطق عميقة داخل الجدران‪.‬‬ ‫ب ‪ )4-‬الحرارة‬

‫األس��ط��ح ال��خ��ارج��ي��ة للمباني األث��ري��ة‬ ‫والداخل المسقوف والرسوم والجداريات‬ ‫تتعرض لمؤثرات انخفاض وارتفاع درجات‬ ‫���ارا ن��ت��ي��ج��ة اخ��ت�لاف‬ ‫ال���ح���رارة ل ً‬ ‫��ي�لا ون���ه ً‬ ‫الفصول والمناخات الصحراوية الجافة‪،‬‬ ‫‪   115‬عبد المعز شاهين‪ .‬ترميم وصيانة المباني‬ ‫األثرية والتاريخية‪ ،‬ص ‪.177‬‬

‫ب ‪ )5-‬الحرائـق‬

‫ال��ح��رائ��ق المفتعلة أو العرضية أحد‬ ‫��رارا في المباني األثرية‬ ‫أكثر األسباب ت��ك ً‬ ‫أو المخطوطات والرسوم أو المعروضات‬ ‫أضرارا بالغة بمواد‬ ‫في المتاحف‪ ،‬وتسبب‬ ‫ً‬ ‫ال��ب��ن��اء‪ ،‬خ��اص��ة األخ��ش��اب المستعملة في‬ ‫األب����واب وال��ن��واف��ذ وال��س��ق��وف‪ ،‬م��ا ُيحدث‬ ‫تحويالت كيميائية ومعدنية في مواد البناء‬ ‫األخ�����رى م���ن األح���ج���ار أو ال���ط���وب اللبن‬ ‫وخصوصا األح��ج��ار الجيرية التي تتحول‬ ‫ً‬ ‫بالحرارة العالية إلى جير حي قليل الصالبة‬ ‫سريع التفتت وسهل النزح بالماء‪ .‬وتؤدي‬ ‫التحويالت الكيميائية والمعدنية إلى فقدان‬ ‫األح��ج��ار ص�لاب�� َة سطوحها لظهور ش��روخ‬ ‫عموما إلى‬ ‫وتقشرات فيها‪ .‬وتؤدي الحرائق‬ ‫ً‬ ‫كليا‪ .‬وفي‬ ‫تصدع المباني وربما إلى انهيارها ً‬ ‫التاريخ ضحايا حرائق من المباني األثرية‬ ‫والتاريخية‪ ،‬لعل آخرها قصر الجوهرة في‬ ‫منطقة القلعة (القاهرة)‪.‬‬

‫الزالزل أخطر عوامل الطبيعة‪ .‬تصيب‬ ‫ال��م��ب��ان��ي ب���أض���رار ب��ال��غ��ة‪ ،‬ت���ح ّ���و ُل ال��م��دن‬ ‫أط�لاال وخ��رائ��ب‪ ،‬وتهدم البناء‬ ‫ً‬ ‫والمباني‬ ‫كليا‪ ،‬أو ُتسقط أج���زاءه العليا كالقباب‬ ‫ً‬ ‫وال���م���آذن وال���ش���راف���ات‪ .‬وت��ت��أث��ر المباني‬ ‫الحجرية أكثر من مباني اللبن أو اآلجر‪.‬‬ ‫والصواعق تهدم الجانب المصاب إصابة‬ ‫مباشرة‪ ،‬وتشعل الحرائق في أجزاء قابلة‬ ‫لالشتعال‪ .‬والمباني في األماكن المرتفعة‬ ‫كالجبال والمرتفعات تتأثر أكثر من غيرها‬ ‫بالصواعق‪ ،‬كما تعرضت القالع والحصون‬ ‫ال���س���وري���ة‪ ،‬وم��ن��ه��ا ق��ل��ع��ة ال��م��رق��ب وقلعة‬ ‫الحصن وقلعة صالح الدين التي تعرضت‬ ‫ألخطار الصواعق مرات عديدة‪.‬‬ ‫ ) جعوامل التلف البيولوجية‬ ‫ال��ع��وام��ل البيولوجية خ��ط��ي��رة ت���ؤدي إل��ى‬ ‫تلف ال��ت��راث ال��م��ادي والمحسوس‪ .‬وهي‬ ‫عوامل باردة بطيئة ال ينتبه إليها القائمون‬ ‫على حماية وصيانة األث���ار ال��م��ادي��ة‪ ،‬أو‬ ‫ي��س��ت��خ ّ��ف��ون ب��خ��ط��ورت��ه��ا ل��ض��ع��ف ق��درات��ه��ا‬ ‫المفترضة والشعور بإمكان السيطرة عليها‬ ‫عندما تدعو الحاجة‪.‬‬ ‫من هذه العوامل‪:‬‬

‫ج ‪ )1-‬األش�������ج�������ار وال����ن����ب����ات����ات‬ ‫ المزروعة حول المبنى‬

‫األش��ج��ار أو ال��ن��ب��ات��ات ال��ك��ب��ي��رة ق��رب‬ ‫أو داخ���ل ب��اح��ات المباني األث��ري��ة تسبب‬ ‫ج���ذوره���ا ال��م��ت��م��ددة ت��ح��ت ال���ج���دران أو‬ ‫انكماشا في التربة‪،‬‬ ‫شروخا أو‬ ‫األساسات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خاصة في التربة الطينية‪ .‬منها أشجار‬ ‫ف والبلوط‪ ،‬عادة نصف‬ ‫الحور والصفصا ِ‬ ‫القطر مشابه الرتفاع الشجر ِة (أَ و أقل)‪.‬‬

‫ •الخفافيش (ال��وط��اوي��ط)‪ :‬ه��ي أكثر‬ ‫المبان َـي األثرية‪،‬‬ ‫الحيوانات تشويها‬ ‫ِ‬ ‫���وص���ا ال����م����وج����ودة ف����ي م��ن��اط��ق‬ ‫خ���ص ً‬ ‫نائية عن العمران‪ .‬تتخذ الوطاويط‬ ‫المباني مهاجع لها‪ ،‬وتحيض فتشوه‬ ‫الجدران وما عليها من نقوش وكتابات‬ ‫أو زخ��ارف وحليات ببقع بنية داكنة‬ ‫تصعب إزالتها‪.‬‬

‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬

‫ض تقابلها ولها خطرها على مواد‬ ‫أح��م��ا ٍ‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫يتكون منها المبنى األث��ري‬ ‫ً‬ ‫أثرية ّ‬ ‫وهي تساعد على نمو كائنات مـجهرية ال‬ ‫تهاجم فقط المواد العضوية بل األحجار‪.‬‬ ‫والرطوبة النسبية المرتفعة تذيب األمالح‬ ‫القابلة للذوبان في الماء والموجودة عادة‬ ‫في األحجار الرسوبية (الحجر الجيري‪،‬‬ ‫الرملي) فتحملها إلى األسطح المكشوفة‬ ‫ل��ت��ت��ب��ل��ور ف���ي ال��ط��ب��ق��ات ال��خ��ارج��ي��ة ل��ه��ذه‬ ‫األس��ط��ح عند ج��ف��اف محاليلها بالتبخر‬ ‫وبفعل ض��غ��وط موضعية هائلة تصاحب‬ ‫النمو البلوري لألمالح فتتفتت السطوح‬ ‫الخارجية لألحجار‪.15‬‬

‫وك���ذل���ك ال��م��خ��ط��وط��ات وال���م���وم���ي���اءات‬ ‫المحفوظة داخ��ل نواويسها وف��ي ظروف‬ ‫ال ت�ل�ائ���م ح��ف��ظ��ه��ا‪ .‬ت��ح��ت��ض��ن ال��ط��ب��ق��ات‬ ‫ال��خ��ارج��ي��ة األش���ع���ة ال��س��ي��ن��ي��ة وال سيما‬ ‫األش��ع��ة تحت ال��ح��م��راء وت��ت��زاي��د خطورة‬ ‫هذا العامل (تخزين الحرارة والتبريد) في‬ ‫األحجار النارية غير المسامية (الغرانيت‬ ‫والبازالت) واألحجار المتحولة (الكوارتز)‬ ‫ويقل في األحجار الرسوبية نتيجة فترة‬ ‫ّ‬ ‫زم��ن��ي��ة ط��وي��ل��ة ت��ت��ع��رض خ�لال��ه��ا المباني‬ ‫األثرية لعوامل اإلت�لاف الحراري (مئات‬ ‫آالف ال��س��ن��ي��ن) ونتيجة لتغيير ال��م��ن��اخ‪،‬‬ ‫وتغيير طبقة األوزون وارتفاع درجة حرارة‬ ‫األرض ما يؤدي إلى انهيار الترابط البيئي‬ ‫للجينات المعدنية لألحجار النارية ويؤدي‬ ‫إلى تفككها‪.‬‬

‫ب ‪ )6-‬الزالزل والصواعق‬

‫ج ‪ )2-‬الطيور والزواحف‬

‫تخرب المباني‬ ‫ •الفئــــران والجرذان‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حفر‬ ‫بطيء‬ ‫األثرية بثقوب ناتجة عن‬ ‫ٍ‬ ‫ل��ف��ئ��ران ت��ت��خ��ذ م��ن ش��ق��وق ال��ج��دران‬ ‫جحورا لها تتوالد فيها‪ .‬وقد تطول‬ ‫ً‬ ‫ه��ذه الجحور إل��ى أع��م��اق ومسافات‬ ‫تحولها أقني ًة لمياه األمطار‬ ‫طويلة‬ ‫ّ‬ ‫ت��ت��س��رب إل���ى ال��داخ��ل ف��ت��ت��ح��ول بيئة ‪173‬‬ ‫ت���ح���ض���ن ال���ط���ف���ي���ل���ي���ات وال��ب��ك��ت��ي��ري��ا‬ ‫ال��دق��ي��ق��ة‪ ،‬وت��ت��ح��ول األق��ن��ي��ة أن��اب��ي��ب‬ ‫ل��ل��ع��ص��ف ال��ه��وائ��ي ال��ن��اق��ل ال���ح���رارة‬ ‫وال���رم���ال وس���واه���ا م���ن ال���م���واد‪ ،‬ما‬ ‫يعرض األساسات والجدران الختالل‬ ‫ال���ت���وازن وال��ت��ص ُّ��دع��ات ال��ن��ات��ج��ة عن‬ ‫التشققات‪.‬‬

‫ •ال �ن �م��ل األب� �ي� ��ض‪ :‬ح���ش���رات ت��خ ّ��رب‬ ‫المباني األثرية إذ تحفر أنفاقها في‬ ‫وتسبب خلخلة‬ ‫األرض تحت األساسات‬ ‫ّ‬ ‫في التربة تخلخل المباني (الطينية‬ ‫ع��ل��ى األخ�����ص) ألن ال��ن��م��ل األب��ي��ض‬ ‫ي��ه��اج��م ق��وال��ب ال��ل��ب��ن وم��ون��ة الطين‬ ‫ويفتتها ليتغذى من التبن المهروس‬ ‫ّ‬ ‫فيها‪ ،‬كما يهاجم األخشاب في سقوف‬ ‫المباني القديمة وجسورها ودعاماتها‬ ‫وأسوارها وجسورها الداخلية وحتى‬ ‫نوافذها وثكنات قرميدها ليتخذ منها‬ ‫فيفتتها ُويفقدها صالبتها‬ ‫غ��ذاء ل��ه‬ ‫ّ‬


‫تصدع‬ ‫يؤدي ذلك إلى‬ ‫ُّ‬ ‫وتماسكها‪ .‬وقد ّ‬ ‫ال��م��ب��ان��ي إذا ك��ان��ت ه���ذه األخ��ش��اب‬ ‫م��ح��م��ل��ة ب��أث��ق��ال أو ت��ش ِّ��ك��ل ع��ن��ص ً��را‬ ‫هاما‪.‬‬ ‫إنشائيا ً‬ ‫ً‬

‫ج ‪ )3-‬الحشرات‬

‫د‪ .‬المهندس نسيب حطيط‬

‫ •ال� �ك ��ائ� �ن ��ات ال ��دق� �ي� �ق ��ة (ال �ب �ك �ت �ي��ري��ا‬ ‫والفطرات)‪ :‬بتح ُّلل مواد عضوية توجد‬ ‫‪174‬‬ ‫ع��ادة ف��ي تربة طينية تحتضن مباني‬ ‫أثرية وتاريخية‪ ،‬تصبح مواد البناء في‬ ‫أساسات هذه المباني في وسط شديد‬ ‫الحموضة أو شديد القلوية‪ ،‬ما يؤدي‬ ‫إلى تنشيط التفاعالت الكيميائية بين‬ ‫أح��ج��ار البناء وال��وس��ط المحيط بها‬ ‫أي التربة‪ ،‬إضافة إلى تحلل األحجار‬ ‫وم���واد ال��ب��ن��اء األخ���رى بفعل أحماض‬ ‫وغالبا‬ ‫أنزيمية ُتفرزها هذه الكائنات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫م��ا ت��ؤدي ه��ذه التفاعالت الكيميائية‬ ‫إلى تفتت مواد البناء وضياع تماسكها‬ ‫وصالبتها‪ ،‬م��ا ُيتلف المباني األثرية‬ ‫والتاريخية‪.‬‬ ‫أهم أنواع البكتريات‪:‬‬ ‫ •ب��ك��ت��ي��ري��ا ‪ Mieroflora‬ال��م��ؤك��س��دة‬ ‫ال��ك��ب��ري��ت‪ :‬ت��ع��ت��م��د ف���ي ن��م��وه��ا على‬ ‫��رك��ب��ات الفوسفور والكبريت ُوتفرز‬ ‫م ّ‬ ‫��اض��ا كالحمض الكبريتي ال��ذي‬ ‫أح��م ً‬ ‫يهاجم األحجار الجيرية الحاوية مادة‬

‫ •بكتيريا ‪ Thiobacilli‬تنمو بأعداد كبيرة‬ ‫إذا توافرت لها ظروف النمو والتكاثر‬ ‫وخاصة الرطوبة العالية ومواد الغذاء‬ ‫الوفيرة‪.‬‬

‫ •البكتيريا ذات دورة النيتروجين‪ :‬تستمد‬ ‫طاقتها من المواد النيتروجينية وتفرز‬ ‫ضعيفا‪،‬‬ ‫حمض النيتريك ال��ذي‪ ،‬وإن‬ ‫ً‬ ‫ُيتلف مواد البناء‪.‬‬

‫ •ال��ط��ح��ال��ب ‪ Floges‬وه���ي م��ن ع��وام��ل‬ ‫ال��ت��ل��ف ال��ح��ي��وي��ة‪ ،‬ت��ه��اج��م ال��ح��ج��ر أو‬ ‫ال��ط��وب اللبن المرتفعة فيهما نسبة‬ ‫ثقوبا متجاورة‬ ‫الرطوبة ُوتحدث فيها‬ ‫ً‬ ‫تشوه المنظر الخارجي للمواد النباتية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وإذا ما نمت ه��ذه الطحالب بكميات‬ ‫كبيرة عند أسفل أسطح م��واد البناء‪،‬‬ ‫ت��ق ّ��ش��ر األس��ط��ح فتتساقط م��ع م��رور‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫خالصة‬

‫معالجة األسباب المؤدية إلى تلف مصادر‬ ‫أوال‬ ‫التراث ودمارها تعتمد على اإلنسان ً‬ ‫كليا‪ ،‬ألن‬ ‫للتقليل من مفاعيلها أو إلغائها ً‬ ‫ألس��ب��اب ال��ت��ل��ف وال���دم���ار ع��وام َ��ل بشرية‬ ‫وأخرى طبيعية‪ .‬فمعالجة الخطأ البشري‬ ‫أوال ب��ال��ت��راج��ع عن‬ ‫م��س��ؤول��ي��ة اإلن���س���ان ً‬ ‫أخطائه ومعالجة غير المباشرة منها وغير‬ ‫المقصودة‪ ،‬بالحفاظ على البيئة وتحييد‬ ‫مصادر التراث عن النزاعات والحروب‪،‬‬ ‫صوال إلى حمايتها وصيانتها‪.‬‬ ‫ُو ً‬

‫مسؤولية البشر في التقليل من مفاعيل‬ ‫العوامل الطبيعية تكون في التفتيش عن‬ ‫وسائل طبيعية وبيئية وفي البحث العلمي‬

‫تزامنا مع التطور والتقدم العلمي المساعد‬ ‫ً‬ ‫على حماية ال��ت��راث‪ ،‬يسهم تطور أدوات‬ ‫الهدم والتدمير والتلوث الناتجة عن التقدم‬ ‫العلمي في تسارع وتزايد وشمولية التلف‬ ‫ودم���ار ه��ذا ال��ت��راث‪ ،‬م��ا يستدعي إق��رار‬ ‫تقيد استعمال وسائل‬ ‫معاهدات وقوانين ّ‬ ‫ال��دم��ار‪ ،‬وتمنع استخدامها ض��د مصادر‬ ‫التراث‪ ،‬وتعاقب المخالفين‪.‬‬

‫أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬

‫البري‬ ‫ث النحل‬ ‫ •النحل ال �ب � ّري‪ُ :‬ي��ح ِ��د ُ‬ ‫ُّ‬ ‫تلفا غير مباشر بالمباني األث��ري��ة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫��وص��ا ف��ي ال��م��ن��اط��ق ال��ن��ائ��ي��ة عن‬ ‫خ��ص ً‬ ‫ال����ع����م����ران‪ ،‬ف��ي��ب��ن��ي ع���ل���ى ال����ج����دران‬ ‫والتماسك‬ ‫أعشاشا شديدة الصالبة‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ت عضوية‬ ‫من الطين‪،‬‬ ‫ويسبب إف��رازا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ت��ش ّ��وه م��ظ��ه��ره��ا وت��ت��ل��ف م��ا فيها من‬ ‫نقوش وكتابات أو زخارف وحليات‪.‬‬

‫كربونات الكالسيوم وتحولها إلى مادة‬ ‫كبريتات الكالسيوم المائية ‪‬الجبس‪.‬‬

‫لمعالجة تداعيات وآث��ار هذه العوامل من‬ ‫ص��واع��ق تسبب ال��دم��ار وال��ح��رائ��ق نتيجة‬ ‫حركة ال��ري��اح وع��وام��ل ال��ح��رارة وال��ب��رودة‬ ‫وحماية طبقة األوزون‪.‬‬

‫ت‬ ‫إيجاد‬ ‫يجب‬ ‫مصادر جديد ٍة للتراث ذا ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مواصفات الصمود عبر الزمان وبمواجهة‬ ‫العوامل الطبيعية‪ .‬ففي ال��ق��رون الثالثة‬ ‫أي َم ْعلَ م تراثي تنطبق‬ ‫الماضية لم يظهر ُّ‬ ‫عليه م��واص��ف��ات اتفاقية حماية ال��ت��راث‬ ‫ال��ع��ال��م��ي وال��ث��ق��اف��ي والطبيعي ب��ع��د ‪100‬‬ ‫عام‪ ،‬إضافة إلى ضعف المواد المستعملة‬ ‫في البناء أو انها تحتاج إلى صيانة دائمة‬ ‫ودوري����ة ورع��اي��ة م��س��ت��دام��ة‪ ،‬وإال ان��ه��ارت‬ ‫سريعا فأفقدت ناس الحقبة حجز مكانهم‬ ‫ً‬ ‫وحرمتهم‬ ‫على خارطة الحضارات اإلنسانية‬ ‫ْ‬ ‫إظهار تراثهم على هذه الخارطة‪.‬‬

‫‪175‬‬


‫ُتراثُنا اللبناني ‪ :‬معاِلم وعالمات‬

‫دور التشريعات‬ ‫في حفظ التراث وحمايته‬ ‫محمد آصف ناصر‬ ‫المحامي‬ ‫َّ‬

‫ •تحصيله المدرسي في مدرسة راهبات المحبة‪.‬‬ ‫‪176‬‬

‫ •تحصيله الجامعي‪ :‬إجازة الحقوق من جامعة الحكمة‪ ،‬ودپلوم دراسات‬ ‫عليا في القانون الخاص من جامعة بيروت العربية‪.‬‬ ‫ •مارس المحاماة منذ ‪ 2000‬وانتسب إلى نقابة محامي طرابلس‪.‬‬

‫ •انتقل إلى العمل مع مكاتب دولية في دبي‪ ،‬ثم أسس هناك ‪‬مكتب ناصر‬ ‫لالستشارات القانونية‪.‬‬ ‫ •حاضر في قسم العلوم األكتوارية من الجامعة اللبنانية‪.‬‬

‫ •ش��ارك في مؤتمرات قانونية ح��ول التحكيم وحقوق اإلن��س��ان والقانون‬ ‫البحري‪.‬‬

‫ •له أبحاث ومقاالت منشورة في مجالت متخصصة‪.‬‬

‫ •وله ثالثة دواوين شعرية‪ :‬قصائد من زمن الجرح‪ ،‬حطمت الصنم‪‬‬ ‫و‪‬جدارية الصمت‪.‬‬ ‫مدى قلّ ما يمكن َض ُ‬ ‫حصر ُه ّإال بانتظام التشريع‬ ‫بطه أو‬ ‫يتشعب التراث إلى ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫قوانين وأنظم ًة تحفظ كيانه ًأيا كان وأنّ ى كان‪.‬‬ ‫َ‬

‫حمايته منها‬ ‫يتعرض لـمخاطر تجب‬ ‫ُ‬ ‫وألن التراث هوي ُة الحضارة في الوطن‪ّ ،‬‬ ‫والحفاظ عليه لحفظه من عوامل الزمن وعاديات األي��دي‪ .‬من هنا ولدت‬ ‫ّ‬ ‫مشكورا لـ‪‬مرايا‬ ‫هيأَ ه‬ ‫النص‬ ‫بعضها هذا‬ ‫تشريعات تحميه‪ ،‬ي��ورد َ‬ ‫ً‬ ‫الموثق ّ‬ ‫ُّ‬ ‫التراث‪ ‬المحامي محمد آصف ناصر‪.‬‬

‫ت هذه العبار ُة أمامي ونحن‬ ‫َت َّ‬ ‫بد ْ‬ ‫ـخدمة‬ ‫��دد ه��وي َ��ت��ن��ا‪ :‬ل‬ ‫ِ‬ ‫���ن ي��ت��ه ُ‬ ‫نحيا ف��ي زم ٍ‬ ‫مصالح أقوام ٍ آخرين ُينهب ُ‬ ‫تراثنا ومخزونُ نا‬ ‫ِ‬ ‫أجيال أدهشها‬ ‫بدده‬ ‫الثقافي والحضاري‪ُ ،‬وت ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ـمة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫زخرف العولَ ِ‬ ‫دور التشريع ف��ي‬ ‫ث العربي‬ ‫ِ‬ ‫حماية ال��ت��را ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومخاطر‬ ‫��ب ب��داي�� ًة ت��ح��دي َ��ده‬ ‫ِ‬ ‫وح��ف ِ‬ ‫َ‬ ‫��ظ ِ��ه ي��وج ُ‬ ‫وكيف‬ ‫ه‪،‬‬ ‫يمكن التشريع لـمواجهة هذه‬ ‫د‬ ‫تتهد‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫والتشريع في ذاته‬ ‫التراث‪،‬‬ ‫ظ‬ ‫وحف‬ ‫المخاطر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫الترا‬ ‫هو‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫وتتهد‬ ‫جزء من‬ ‫أيضا مخاطر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ ُ‬ ‫ٌ‬

‫��راث‬ ‫�����ورث‬ ‫���راث ه���و ال‬ ‫واإلرث وال��م��ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال���ت ُ‬ ‫���وروث‪ ،‬أي م��ا خلَّ فه ال��رج ُ��ل لورث ِته‬ ‫وال���م‬ ‫ُ‬ ‫(ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار الفكر‪-‬‬ ‫ب��ي��روت‪ ،1990 ،‬م��ادة ‪‬ورث‪.)199/2 ،‬‬ ‫تجارب‬ ‫بهذا المعنى الحضاري هو مجموع‬ ‫َ‬ ‫��رادف‬ ‫ثقافية‬ ‫وأخالقية وعمرانية‪ ،‬إذً ا م‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫زال زال��ت‬ ‫إذا‬ ‫��ة‪،‬‬ ‫م‬ ‫ل�لأ‬ ‫الحضارية‬ ‫الهوية‬ ‫َ‬ ‫هويتها‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ت ال���ت���راث‪ :‬ال���دي ُ���ن وال��ت��ش��ري ُ��ع‬ ‫م��ن م��ك��ون��ا ِ‬ ‫واآلداب‬ ‫والقانون‪،‬‬ ‫والتقاليد‬ ‫والعمران‬ ‫الفنون‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫وككل‬ ‫المجتمعية‪.‬‬ ‫��راف‬ ‫يتعرض‬ ‫إر‬ ‫واألع‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫��ب ال��ح��م��اي��ةَ‪ ،‬ينبغي ِح ْ��ف��ظُ‬ ‫ل‬ ‫ـمخاطر ت��وج ُ‬ ‫َ‬ ‫يخضع‬ ‫الزمن والتآكل‪ ،‬إذ‬ ‫التراث من عوام ِل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وحتمياتها التي منها‬ ‫الطبيعة‬ ‫لقوانين‬ ‫الفناء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وفناء األجزاء يؤدي إلى فناء الكل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ ) أالتراث والمخاطر‬ ‫الحي‪ :‬أنماطُ‬ ‫التراث‬ ‫معيشة يعتادها‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ب أن تتماهى‬ ‫ت الشعو ِ‬ ‫اإلنسان‪ .‬وفي عادا ِ‬ ‫ب األق������وى‪ ،‬ك��م��ا ع����اد ُة‬ ‫وع������ادات ال���ش���ع���و ِ‬

‫دور التشريعات في حفظ التراث وحمايته‬

‫ •من مواليد طربلس (‪.)1975‬‬

‫‪َ ‬أرى‬

‫راث َي نَ ْه ًبا‪!!...‬‬ ‫ُت ِ‬

‫ت‬ ‫البارزين في‬ ‫مع عادا ِ‬ ‫َ‬ ‫اإلنسا ِن أن يتماهى َ‬ ‫تهدد التراث‬ ‫مجتم ِع ِه‪ .‬هذه العاد ُة الطبيعي ُة ِّ‬ ‫عولمة‬ ‫تختلف عن‬ ‫الحي‪ ،‬فالعولمة الراهنة‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫اجتياح‬ ‫ينية وإسالمية‪ ،‬بظاهر ِة‬ ‫سبقتها‪ ،‬هلّ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مي‬ ‫تس ِّوقُ ُه‬ ‫الوعي عبر‬ ‫ٍ‬ ‫جديد َ‬ ‫إمالء ُسلَّ م ٍ ِق َي ٍ‬ ‫فيصيب‬ ‫وسائل اإلع�لام ِ وأنشط ٌة ثقافيةٌ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫انزياح‬ ‫اإلنسان‬ ‫فصاما‬ ‫مي ُيولِّ د‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ٌّ‬ ‫فكري َ‬ ‫قي ٌّ‬ ‫بين اإلنسا ِن وواق ِعه‪.‬‬

‫��اف إل���ى م��ا ت��ق َّ��دم أع��ل�اه‪َ :‬ت َ��دن��ي‬ ‫ُي��ض ُ‬ ‫وضمور‬ ‫السوقية للعام ِل العربي‪،‬‬ ‫القيمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ب‬ ‫بالدونية‬ ‫شعوره‬ ‫معاشه يولِّ د‬ ‫ِ‬ ‫في أسبا ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نفسه ومجتم ِعه‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫ه‬ ‫نظرت‬ ‫على‬ ‫ينعكس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحي والمادي‪ ،‬ما يفضي‬ ‫تراثه‬ ‫وتاليا إلى ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عالقة اإلنسا ِن العربي ‪177‬‬ ‫تأثير‬ ‫سلبي‬ ‫على‬ ‫إلى‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قي َمه‪.‬‬ ‫بتراثه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورفض ِه َ‬

‫مخاطر يواجهها‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫التراث في العالم ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تلبية‬ ‫القضائية في‬ ‫فشل‬ ‫العربي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النظم ِ‬ ‫ُ‬ ‫وجنوح‬ ‫ت‬ ‫ت السو ِق‪،‬‬ ‫المجتمع وحاجا ِ‬ ‫حاجا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫��اد ُ‬ ‫ت ال��غ��رب��ي ِ��ة إل��ى اس��ت��ب��ع ِ‬ ‫ال��ش��رك��ا ِ‬ ‫النظم ِ‬ ‫العقود‬ ‫القضائية‬ ‫المبرمة في‬ ‫العربية عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإخضاعها‬ ‫ال��دو ِل العربية‪،‬‬ ‫عموما لنظم ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الفكر‬ ‫ضمورا في‬ ‫استبعادا يولِّ د‬ ‫غربية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ترحيل المسائ ِل‬ ‫العربي‬ ‫القانوني‬ ‫يسببه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المعقد ِة‬ ‫أدائه فيخضع‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫والشائكة عن نطا ِق ِ‬ ‫نمطية‬ ‫أفقيا‪ ،‬وإذا بسعي‬ ‫إلى‬ ‫ٍ‬ ‫تكرر َ‬ ‫ُ‬ ‫ذاتها ً‬ ‫وابتكار ُ‬ ‫ت‬ ‫حل المشكال ِ‬ ‫النظم ِ‬ ‫القانوني إلى ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫يتحول إلى رضى‬ ‫الفاعلة‬ ‫ِ‬ ‫بالواقع المعا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫قواعد‬ ‫تتحو ُل‬ ‫ونُ ظم ٍ موجود ٍة‬ ‫تدريجا إلى‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫مقدسة ال‬ ‫يتصور تبديلَ ها أو‬ ‫يمكنه أن‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فيصاب ُ‬ ‫بالجمود‬ ‫القانوني‬ ‫تراثه‬ ‫تغييرها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫����ار‬ ‫ط‬ ‫اإل‬ ‫����ارج‬ ‫خ‬ ‫���زوي‬ ‫ن‬ ‫���‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫��ذوي‬ ‫ي‬ ‫��‬ ‫ف‬ ‫��ل‬ ‫��آك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وي��ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫المعرفي العالمي‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫هددان َ‬ ‫اليوم‪ :‬التدمير‬ ‫تراثنا‬ ‫خطران ُي ِّ‬ ‫َ‬ ‫والنسيان‪.‬‬

‫محمد آصف ناصر‬ ‫المحامي‬ ‫َّ‬

‫خطر التدمير ال��م��ادي والمعنوي‬ ‫إذا‬ ‫ُ‬ ‫فخطر النسيا ِن‬ ‫األعين‪،‬‬ ‫ماثل أمام‬ ‫وإنكار‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بطيء‬ ‫��م‬ ‫الهوية‬ ‫عقولنا‪ ،‬ال‬ ‫يتسلل إل��ى‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ندركه‪ ،‬من هنا ضرور ُة أن نعي‬ ‫نشع ُر به وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ث العربي‬ ‫حماية‬ ‫في‬ ‫‪ 178‬دور‬ ‫الترا‬ ‫ت‬ ‫التشريعا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحفظه‪.‬‬ ‫تحضن‬ ‫وإذا الحماي ُة‬ ‫خطر‬ ‫التراث من‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫التدمير المادي والمعنوي‪ ،‬فالحفظُ يحضن‬ ‫ِ‬ ‫تجديدهما‬ ‫على‬ ‫ويعمل‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫والهوي‬ ‫ة‬ ‫��ر‬ ‫ال��ذاك َ‬ ‫ِ‬ ‫ث وتصني ِمه‪.‬‬ ‫ومنع تآك ِل الترا ِ‬ ‫ِ‬ ‫همة؟‬ ‫فهل‬ ‫للتشريع ٌ‬ ‫دور في هذه ال َـم ّ‬ ‫ِ‬

‫ ) بالتشريع ‪ -‬لمحة عامة‬ ‫‪1.1‬‬ ‫تصنيف التشريع‬ ‫ُ‬ ‫��وم��ا عن‬ ‫ال��ت��ش��ري ُ��ع ال��ع��رب��ي ي��م��ت ُ‬ ‫��از ع��م ً‬ ‫الشريعة‪ .‬ففيما‬ ‫بوجود‬ ‫التشريع العالمي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يتم على‬ ‫م‬ ‫العال‬ ‫في‬ ‫ت‬ ‫التشريعا‬ ‫تصنيف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫المعاهدات‬ ‫خمسة مستويات‪ :‬الدستور‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الدولية‪ ،‬القوانين‪ ،‬المراسيم‪ ،‬القرارات‪،‬‬ ‫سداسيا‪:‬‬ ‫تصنيفا‬ ‫عدة‬ ‫ً‬ ‫دول عربي ٌة ّ‬ ‫تعتمد ٌ‬ ‫ً‬ ‫الشريعة‪ ،‬الدستور‪ ،‬المعاهدات الدولية‪،‬‬ ‫القوانين‪ ،‬المراسيم‪ ،‬القرارات‪.‬‬ ‫ُ‬

‫��ور مجموع ُة ن ُ‬ ‫��ظ��م ِ ال��ح ْ��ك��م ِ في‬ ‫ال��دس��ت ُ‬ ‫األساسية في‬ ‫الدولة‪ ،‬وخالص ُة الحقو ِق‬ ‫ِ‬ ‫الدولة‪ ،‬وهو في‬ ‫هذه‬ ‫مقدمة التشريعات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫��دور قانو ٍن أو مرسوم ٍ أو‬ ‫لذا ال‬ ‫ُ‬ ‫يجوز ص ُ‬ ‫��ور‪ ،‬تحت‬ ‫ع��ق ُ��د م��ع��اه��د ٍة ت��خ��ال ُ‬ ‫��ف ال��دس��ت َ‬ ‫ط��ائ��ل ِ��ة ال��ب��ط�لا ِن‪ .‬ف��ال��ق��واع ُ��د ال��دس��ت��وري�� ُة‬ ‫نشئ‬ ‫العقد‬ ‫أساس لتكوي ِنها‬ ‫االجتماعي ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫شخصية‬ ‫تعبير عن‬ ‫المعاهدات الدولي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ال���دول ِ���ة ال��م��ع��ن��وي ِ��ة ب��ي��ن ال�����دول وقيم ِتها‬ ‫متبادال‬ ‫ً‬ ‫التزاما‬ ‫تشكل‬ ‫غالبا ّ‬ ‫ً‬ ‫القانونية‪ ،‬وهي ً‬ ‫والمعاهدات‬ ‫��وق المواطنين‪.‬‬ ‫يحفظُ ح��ق َ‬ ‫ُ‬ ‫تحتل‬ ‫الدولية معروف ٌة‬ ‫ب‪،‬‬ ‫قديما بين الشعو ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫هاما رغم قوانين الإقليمية‬ ‫حيزا‬ ‫ً‬ ‫تشريعيا ً‬ ‫ً‬

‫القوانين‬ ‫ت‬ ‫نصوص‬ ‫تتناول موضوعا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫م��ح��دد ًة ي��ش ّ��رع��ه��ا غ��ال ً��ب��ا ممثلو ال��ش��ع�� ِ‬ ‫ترتيب الحيا ِة‬ ‫المجتمعية في الدولة‬ ‫وتتولى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وتنظيمها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪2.2‬القاعدة القانونية‪:‬‬

‫مجموع ق��واع��د قانونية‪ :‬كل‬ ‫ال��ق��ان��ون‬ ‫ُ‬ ‫قاعد ٍة‬ ‫تكون الخط الذي هو‬ ‫ٍ‬ ‫قانونية نقط ٌة ّ‬ ‫القانون‪ .‬وما يسري على القاعدة يسري‬ ‫خصائص‬ ‫على القانون‪ ،‬فللقواعد القانونية‬ ‫ُ‬ ‫محددة تتميز من خاللها القاعدة القانونية‬ ‫عن سائر القواعد في المجتمع‪ ،‬فهي‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أقاعدة سلوكية‪:‬‬ ‫ •تنصب القاعدة على تنظيم أداء األفراد‬ ‫وسلوكهم وال تحكم النيات‪.‬‬

‫ •القاعدة تنصب على الفعل أو االمتناع‬ ‫عن فعل‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بعامة ومجردة‪:‬‬ ‫ •ال ي��ج��وز أن ت��ت��ن��اول ق���اع���د ٌة ق��ان��ون��ي�� ٌة‬ ‫شخصا بعينه‪.‬‬ ‫ً‬

‫ •ال يمكن أن يعفى شخص بعينه من‬ ‫االلتزام بأحكام القانون‪.‬‬ ‫ ‪ .‬جاجتماعية‪:‬‬ ‫ • ّ‬ ‫حكمها‬ ‫ت االجتماعي َة َوت ُ‬ ‫تنظم العالقا ِ‬ ‫بضبط ميزان الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ •تحدد إطار الحق وتضمن ممارسته‪.‬‬

‫الحق وتضمن أداء الواجبات‪.‬‬ ‫ •تحمي‬ ‫ّ‬

‫اختياريا‪.‬‬ ‫ •تطبيق القاعدة القانونية ليس‬ ‫ً‬

‫ •وصفة الجبر وااللزام مرتبطة بالقاعدة‬ ‫القانونية‪.‬‬

‫فش ُل المرء عن االلتزام بأحكام القاعدة‬ ‫ • َ‬ ‫يفضي إلى تطبيق جزاء‪.‬‬ ‫ •إنها خاصية ال���وازع أو ال���رادع‪ .‬يكون‬ ‫مدنيا عبر ترتيب المسؤوليات‪،‬‬ ‫الوازع‬ ‫ً‬ ‫أو‬ ‫جزائيا عبر إنزال عقوبات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫طور وظيفة القاعدة القانونية‪:‬‬ ‫‪َ 3.3‬ت ُّ‬

‫دور التشريعات في حفظ التراث وحمايته‬

‫التراث العربي‬ ‫مخاطر‬ ‫هي ذي‬ ‫تهدد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اآلثار‬ ‫وأوابد تاريخي ًة َت ْغنى‬ ‫المادي‪ ،‬السيما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بها الجغرافيا العربي ُة وأصبحت عرض ًة‬ ‫ت‬ ‫سياسية‬ ‫ٍ‬ ‫ف وال��س��رق ِ��ة ب��ف��ع�� ِل أزم����ا ٍ‬ ‫للتل ِ‬ ‫راح‬ ‫تعصف‬ ‫ب‬ ‫بالمنطقة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح���رو ٍ‬ ‫العربية َ‬ ‫كثير من‬ ‫ضحيتها‪ ،‬إلى‬ ‫َ‬ ‫البشر والعمرا ِن‪ٌ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ف بغداد وحلب‬ ‫ِ‬ ‫التاريخية كمتح ِ‬ ‫المعالم ِ‬ ‫القديمة‪.‬‬

‫ومصدر‬ ‫القانون اإللهي‬ ‫الشريع ُة هي‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تجاوزه‬ ‫التشريع ال يمكن‬ ‫مصادر‬ ‫رئيس من‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ُ‬ ‫مخالف‬ ‫سلم‬ ‫الشريعة‬ ‫��ي‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫��ه‪.‬‬ ‫��ام‬ ‫ك‬ ‫��‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫أو‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ث الديني‬ ‫كامل‬ ‫قيمي‬ ‫يحافظُ على ال��ت��را ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫مقاومة‬ ‫الحي من‬ ‫التراث‬ ‫ن‬ ‫يمك‬ ‫ِّ‬ ‫و‬ ‫واألخالقي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫العولمة‬ ‫يومي تقليدي‪.‬‬ ‫أداء‬ ‫في‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫صدما ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تأمر‬ ‫أن الشريع َة‬ ‫ب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫غير َّ‬ ‫باألخذ باألسبا ِ‬ ‫ُ‬ ‫يدل على ذلك‬ ‫آمر بالعم ِل‪ُّ ،‬‬ ‫والنص الرباني ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫يوجب‬ ‫فالعمل‬ ‫قولُ ه تعالى‪ :‬وقل اعملوا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والعمل‬ ‫الوضعية‬ ‫التشريعية‬ ‫تطوير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫النظم ِ‬ ‫َ‬ ‫ت المرحلية‪،‬‬ ‫تفعيلها‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫لمواجهة التحديا ِ‬ ‫ِ‬ ‫للقوانين‬ ‫األساس‬ ‫الوضعية‬ ‫الشرعي‬ ‫فيكون‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫هو العمل‪،‬‬ ‫والعمل‬ ‫يحتاج خط ًة وعزيم ًة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أن للتشريعات الوضعية‬ ‫وضوابطَ ‪ .‬من هنا ّ‬ ‫قواعد‬ ‫مجموع‬ ‫القانون‬ ‫شرعيا‪ .‬وإذا‬ ‫أساسا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫السلوك اإلنساني‪ ،‬فهذه‬ ‫القواعد‬ ‫ناظمة‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫قو ِتها وفاعلي ِتها‪ ،‬وهذه‬ ‫تختلف باختال ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ف‬ ‫مواضيع تتناولُ ها‬ ‫القو ُة‬ ‫تختلف باختال ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫التشريعات‪.‬‬

‫دول‬ ‫���دره���ا‬ ‫(‪ُ )Extraterritoriales‬ت���ص ُ‬ ‫ٌ‬ ‫اختصاصها‬ ‫خارج نطا ِق‬ ‫لمسائل‬ ‫وتتصدى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الوطني أو السيادي‪.‬‬

‫ ‪ .‬دملزمة ومقترنة بجزاء‪:‬‬

‫مبادئ‬ ‫ُتبنى القاعدة القانونية على‬ ‫َ‬ ‫رية‬ ‫تكمن‬ ‫عامة متأَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صلة في المجتمع‪ِ ،‬ف ْط ٍ ُ‬ ‫ف��ي وع��ي ُ‬ ‫����ة الجماعي يتأصل فيها‬ ‫األم ِ‬ ‫معيار الحق الباطل والصحيح والخاطئ‪179 ،‬‬ ‫وهي خالص ُة التراث الحي في المجتمع‪،‬‬ ‫َوت َـج ٍّل‬ ‫واقعي حقيقي لمفاهيم المجتمع‬ ‫ٌّ‬ ‫المتوارثة وتجاربه المتراكمة‪ .‬والقاعدة‬ ‫َ‬ ‫غالبا ح��اج��ات المجتمع‬ ‫تلبي‬ ‫ً‬ ‫القانونية ّ‬ ‫ً‬ ‫وتطرح إجابات‬ ‫وحلوال إلشكاليات بنيوية‪،‬‬ ‫وابتعادها عن‬ ‫الواقع‬ ‫وتتمي ُز بـمحاكاتها‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التنظير‪ .‬فالقاعدة القانونية الناجحة‬ ‫تتعاطى مع الواقع كما هو‪ ،‬ال كما تتوخاه‬ ‫أن يكون وال كما يريده اآلخرون‪.‬‬

‫ك��ان للقاعدة القانونية منذ نشأتها‬ ‫وناظم دون أن تتعدى في وظيفتها‬ ‫وازع‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تطور وظائف‬ ‫إلى الهيكلة والتنمية‪ .‬ومع ُّ‬ ‫ال��دول��ة وم��ف��ه��وم ال��دول��ة ال��ح��دي��ث‪ ،‬ب��ات‬ ‫للتشريع دور فاعل في تنمية المجتمعات‬ ‫وحفظ الهوية‪.‬‬

‫في العصر الحديث لم يعد دور القاعدة‬ ‫��ورا ف��ي وظ��ي��ف��ة ال���وازع‬ ‫ال��ق��ان��ون��ي��ة م��ح��ص ً‬ ‫السلوك‪ ،‬بل تجاوزها إلى‬ ‫والناظم والحاكم‬ ‫َ‬


‫للقاعدة القانونية وظيفتان‪:‬‬

‫الحقوق‬ ‫ •وظيف ُة الوازع القانوني الحامي‬ ‫َ‬ ‫وناظمها‪.‬‬

‫ •وظ���ي���ف���ة ه��ي��ك��ل��ة ال���ط���اق���ات وت��ن��م��ي��ة‬ ‫المجتمعات‪ ،‬ف��ال��ق��اع��دة أداة ف��ي يد‬ ‫ال��م��ش��ت��رع وأص��ح��اب ال��ق��رار لتحقيق‬ ‫تصوراتهم ورؤاهم‪.‬‬

‫محمد آصف ناصر‬ ‫المحامي‬ ‫َّ‬

‫‪180‬‬ ‫قواعد‬ ‫هكذا يكون التشريع مجموع َة‬ ‫َ‬ ‫قانونية‪ .‬القاعدة هي التشريع‪ ،‬والتشريع‬ ‫يعمل بالقاعدة‪ :‬بها يزجر ُويثيب‪ ،‬وبها يهدم‬ ‫والتشريع يد‬ ‫ويبني‪ ،‬وبها يحمي ويحفظ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫التراث وجارحته‪ ،‬والقاعدة القانونية أدا ُة‬ ‫التشريع في عمله‪.‬‬

‫ ) جالوازع وحماية التراث‬ ‫هنا بعض تجليات حماية ال��ت��راث في‬ ‫التشريعات العربية‪ ،‬وه��ي تشريعات آمرة‬ ‫زاج���رة تحول دون االع��ت��داء على عناصر‬ ‫ال��ت��راث وج��زئ��ي��ات��ه‪ ،‬ان��ط�لاقً ��ا م��ن اعتماد‬ ‫العربية لغ ًة رسمية في التشريعات العربية‪،‬‬ ‫أن بعض‬ ‫ف��ال��ع��رب��ي��ة ل��غ�� ُة ال��ت��ق��اض��ي‪ ،‬م���ع ّ‬ ‫التشريعات العربية اعتمد سياسة التعريب‬ ‫ليت ِس َق ذهن الطالب‬ ‫في المناهج الدراسية َّ‬ ‫ُويبدع‪.‬‬ ‫ال���م���ادة ‪ 11‬م���ن ال���دس���ت���ور ال��ل��ب��ن��ان��ي‬ ‫تحدد العربية لغة رسمية‪ ،‬وكذلك المادة‬ ‫ّ‬

‫من آثار اعتماد لغة رسمية في الدولة‬ ‫أن تكون بها جميع المعامالت‪ :‬التقاضي‬ ‫والقوانين والمراسيم والطلبات والتراخيص‬ ‫وكل ما هو رسمي‪ ،‬وبقوة القانون‪ ،‬فإذا َت َّـم‬ ‫��رض رس��ال ٍ��ة أو كتاب أو‬ ‫في لغة أخ��رى ع ُ‬ ‫قب ُل العرض‬ ‫طلب على أي جهة رسمية‪ ،‬ال ُي َ‬ ‫شكال ويكون منعدم األثر القانوني‪.‬‬ ‫ً‬

‫ثمة تشريعات عربية عدة تعنى بحماية‬ ‫اآلثار واألبنية التراثية‪ :‬في العراق ‪‬قانون‬ ‫اعت ِمد‬ ‫اآلثار والتراث‪( ‬رقم ‪ 55‬سنة ‪ُ )2002‬‬ ‫زمنيا للتمييز بين اآلث��ار والتراث‪،‬‬ ‫معيارا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪‬كل أثر منقول أو غير منقول‬ ‫ا‬ ‫آثار‬ ‫فاعتبر‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫كل ما‬ ‫‪‬‬ ‫ا‬ ‫وتراثي‬ ‫سنة‪‬‬ ‫‪200‬‬ ‫عن‬ ‫يزيد عمره‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫يقل عن ‪ 200‬سنة‪ .‬وفي سوريا القانون‬ ‫رق��م ‪ 222‬لسنة ‪( 1963‬المعدل بالقانون‬ ‫رق��م ‪ 1‬لسنة ‪ )1999‬يعتمد ‪‬معيار ‪200‬‬ ‫سنة‪ ‬لتصنيف البناء التاريخي‪ .‬وفي مصر‬ ‫أثريا‬ ‫اعتبر القانون رقم ‪ 117‬سنة ‪ً 1983‬‬ ‫‪‬كل عقار يتجاوز عمره ‪ 100‬سنة‪.‬‬ ‫َّ‬

‫رئيسيا‬ ‫لكن ه��ذه التشريعات ُع�� ِن َ��ي��ت‬ ‫ً‬ ‫ب��اآلث��ار المادية دون ال��ت��راث الحي ال��ذي‬ ‫أف����رد ل��ه ال��م��ش ّ��رع ال��ج��زائ��ري ح��ي ً��زا من‬ ‫��ص‬ ‫ال��ق��ان��ون رق���م ‪ 4‬س��ن��ة ‪ 1998‬ال��م��خ��ت ّ‬ ‫ناو َل في تشريع‬ ‫بحماية التراث الثقافي‪َ ،‬وت َ‬ ‫‪‬اآلثار المادية العقارية وتلك المادي َة‬ ‫واحد‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫المنقولة والتراث غير المادي‪ .‬وفي لبنان‬ ‫صدر القانون رقم ‪ 37‬سنة ‪ 2008‬يختص‬ ‫بالممتلكات الثقافية مع إبقاء تطبيق القرار‬ ‫‪ 166‬ل‪.‬ر‪ .‬وتناول القانون اللبناني مفاهيم‬ ‫التراث غير المادي في ع��داد الممتلكات‬ ‫الثقافية‪.‬‬

‫ه���ذه ال��ت��ش��ري��ع��ات ت��ت��ص��دى لـمخاطر‬ ‫المشرع في نمطيات الحياة المدنية‬ ‫أَ ِل َفها‬ ‫ّ‬ ‫وأداء غير مسؤول‪ ،‬إلى السرقة‬ ‫ت‬ ‫ممارسا ٍ‬ ‫ً‬ ‫وع��ن َ��ي��ت‬ ‫���ش‪،‬‬ ‫غ‬ ‫���‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫���ر‬ ‫ي‬ ‫���زو‬ ‫ت‬ ‫���‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫��ب‪،‬‬ ‫وال��ت��ه��ري‬ ‫ُ‬ ‫التشريعات ‪ -‬في تصديها لحماية التراث‬ ‫المادي وف��ي ح��االت ن��ادرة حماية التراث‬ ‫غير المادي ‪ -‬بـمسألة حفظ التراث في‬ ‫حده األدنى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وال��م��أل��وف ف��ي منطقتنا ي��خ��رج على‬ ‫المألوف في البلدان األخرى من نمطيات‬ ‫ال��م��ع��ي��ش��ة اإلن��س��ان��ي��ة‪ .‬فمنطقتنا تشهد‬ ‫أزم����ات متنقلة يصعب معها اس��ت��ش��راف‬ ‫المستقبل وتحديد مستوى األمن واألمان‪.‬‬ ‫في المشهد العراقي (نيسان ‪ )2003‬سرقة‬ ‫وتاليا سرقة‬ ‫نبوخذنصر وتدميره‪،‬‬ ‫تمثال‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫المتحف الوطني العراقي‪ .‬وفي المشهد‬ ‫المصري إح���راق مركز البحوث القومية‬ ‫(ب��ع��د ث����ورة ‪ 23‬ي���ن���اي���ر)‪ .‬وف����ي المشهد‬ ‫ال��س��وري س��اح��ات ح��رب استبيحت فيها‬ ‫المواقع األثرية‪.‬‬

‫عميقا بالهوية‬ ‫ه��ذه المشاهد تضر‬ ‫ً‬ ‫ال��وط��ن��ي��ة ف��ي ال���دول ال��م��س��ت��ه َ��دفَ ��ة‪ .‬وه��ي‬ ‫وحسب‬ ‫ليست نتاج فراغ تشريعي وطني‬ ‫ْ‬ ‫ب��ل نتيجة ف���راغ سلطوي لحظ َة ان��ع��دام ِ‬ ‫ج��اذب��ي ٍ��ة أف��ض��ت إل���ى ت��دم��ي��ر إرث آالف‬ ‫السنين واس��ت��ب��اح��ت��ه‪ .‬فلو قسنا الضرر‬ ‫على معيار التراث العربي لوجدنا فداحته‬ ‫تتجاوز الزمن المعاش‪ ،‬وت ّـتسع رقعتها في‬ ‫االعتداء على‬ ‫الزمن الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫��داء على ال��ذاك��رة الجماعية‬ ‫ال��ت��راث اع��ت ٌ‬ ‫وأخ���ط���ر م���ن ال���ج���رائ���م ال��م��ص��ن��ف��ة ضد‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬

‫��وال إلى هذه الغاية ّيتخذ المشرع‬ ‫وص ً‬ ‫إجراءين الزمين‪:‬‬

‫دور التشريعات في حفظ التراث وحمايته‬

‫الرعاية وتحقيق السياسات االجتماعية‬ ‫والسياسية واالقتصادية‪ .‬وإلى دور الوازع‬ ‫وال���رادع ثمة وظيفة التنمية االجتماعية‬ ‫وتأسيس أجهزة إدارية في الدولة‪ .‬وقوانين‬ ‫ال��م��وازن��ة وال��م��ال��ي��ة ال��ع��ام��ة َت��ح ُ��ك��م النظم‬ ‫االق��ت��ص��ادي��ة‪ .‬وال��ق��اع��دة القانونية ّ‬ ‫تنظم‬ ‫تأسيس الجمعيات ذات النفع العام‪.‬‬

‫‪ 4‬م���ن ال���دس���ت���ور ال���ع���راق���ي‪ ،‬وال����م����ادة ‪5‬‬ ‫م��ن ال��دس��ت��ور ال��ج��زائ��ري‪ ،‬وال��م��ادة ‪ 7‬من‬ ‫الدستور اإلماراتي‪ ،‬والمادة ‪ 2‬من الدستور‬ ‫المصري‪.‬‬

‫وثمة تشريعات اعتمدت وسائل الحماية‬ ‫وتسجيال وممارس َة حق‬ ‫ً‬ ‫استمالكا‬ ‫نفسها‬ ‫ً‬ ‫تهريب اآلثار‪.‬‬ ‫المشرع‬ ‫م‬ ‫وجر‬ ‫الشفعة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬

‫ت��أك��ي ُ��د أه��م��ي��ة ال���ت���راث ال���م���ادي في‬ ‫ْ‬ ‫(حظر هدم األبنية التراثية‪،‬‬ ‫التشريعات‬ ‫ممارسة التصنيف التراثي‪ )... ،‬يحمي‬ ‫ال��ت��راث ال��م��ادي م��ن االن��دث��ار ف��ي الحياة‬ ‫��ات ف��اع��ل�� ٌة وأج��ه��ز ٌة‬ ‫المدنية حيث ح��ك��وم ٌ‬ ‫إداري������ ٌة م ّ‬ ‫���ؤث���رة‪ .‬أم���ا ف��ي ح����االت ال��ف��راغ‬ ‫مضار ال يمكن جبرها إال‬ ‫السلطوي فثمة‬ ‫ُّ‬ ‫بـتدخل السلطات المحيطة ومكافحتها‬ ‫ه��ذه ال��ج��رائ َ��م على أراضيها وح ِّ��ده��ا من‬ ‫انتشار رقعة الضرر‪.‬‬

‫ •أن تقر جامعة ال��دول العربية‬ ‫مشروع‬ ‫َ‬ ‫ق����رار ي��ل��ح��ظ ال��ج��رائ��م ال��واق��ع��ة على‬ ‫ال��ت��راث ال��ع��رب��ي ويعلنها ج��رائ��م ضد‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫‪181‬‬ ‫ •أن ت��ص��در ت��ش��ري��ع��ات الإق��ل��ي��م��ي��ة في‬ ‫التعدي‬ ‫ال��دول العربية تحاكم جرائم‬ ‫ّ‬ ‫ع��ل��ى ال��ت��راث ال��ع��رب��ي ول���و وق���ع خ��ارج‬ ‫نطاق اختصاصها‪.‬‬

‫ه��ك��ذا تحاسب األج��ه��زة الفاعلة في‬ ‫كل من يعتدي على هوية أمة بأكملها‬ ‫الدولة ّ‬ ‫شرعا أو‬ ‫ربحية أو لتطبيق ما يراه‬ ‫لتحقيق‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫حقا‪.‬‬ ‫ً‬

‫معظم عمليات التنقيب وإدارة المرافق‬ ‫السياحية تتعرض لمناقصات يتقدم إليها‬ ‫أجانب تسفر عن عقود تنزع االختصاص‬ ‫القضائي من قضاء ال��دول‪ .‬وثمة وسائل‬ ‫تشريعية تربط أي مسألة تخص التراث‬ ‫بمصلحة المجتمع العليا‪ ،‬ول���ذا تخضع‬ ‫لقواعد تطبيق مباشر تستبعد أي قانون‬ ‫أجنبي مختص وتطبق القانون المحلي ذا‬ ‫الصلة‪ ،‬فتحمي التراث من هيمنة الفكر‬ ‫القانوني الغريب‪.‬‬


183

Mr. Zoghaib never stopped dreaming. This time, with the help of his academic council, he wanted to make sure that Lebanese audiences are introduced to the importance of protecting all elements of their heritage. He began to think about establishing an academic journal for the Center, and presented a proposal to the administration of the University. The University accepted his proposal: this is the inaugural issue of the CLH Journal. The inaugural issue contains twelve refereed articles that treat a number of topics in Lebanese folklore. Abdel Latif Fakhoury relates how a hakawati told the story of the legendary Antara to a mesmerized crowd. The author speaks about the art of story-telling as it is still practiced in some areas of the Arab world. F. Badih el-Hajj, in his article on traditional Lebanese song forms such as Abu Ziluf, celebrates their variety. Hassan Hallak presents to us, in anamusing article, old records of the meetings of the Municipality of Beirut, an illustra-

tion of the topics that were on their agenda, such as hospitals and taxes on butchers. Nassib Hoteit deplores the destruction of our heritage, whereas Mohammad Assef Nasser speaks about the role of legislation in protecting it. Joseph Abi Daher’s piece is a fascinating analysis of Zajal poetry, while Youssef Hourani presents a description of Mount Hermon where Christians believe the transfiguration of Christ took place, comparing it to the source of the Adonis River. Hanna Al’amil speaks about the challenges of protecting and preserving our cultural heritage. Ibrahim Kawkabani analyses the old puzzle of Baalbek. Mahmoud Zibaoui addresses the popular Lebanese heritage as practiced by the Rahbani Brothers. Kifah Fakhouri describes traditional music in Lebanon focusing on Wadih As Safi. Last, Nasser Makhoul introduces us to traditional musical instruments. This first issue of the CLH Journal presents a wealth of knowledge about traditions that may be on their way out. I hope that readers will experience again those rich and enriching traditions and introduce them to their friends. I close by saluting Mr. Henri Zoghaib and the members of his council for bringing to reality two beautiful dreams focusing on the importance of our heritage and traditions in the life of Lebanon. May the unfolding dreams continue with vigor!

‫ وي��ع��ي��ش ف��ي ك��ل تفصيل من‬،‫ال��وظ��ي��ف��ي‬ .‫الحياة اليومية‬ ‫كيف يمكن للمشرع العربي أن يحفظ هذا‬ ‫التراث؟ ال يمكن حفظه عبر تشريع مباشر‬ ‫بل عبر تشريعات موازية تنتقل من قانون‬ ‫حماية الملكية الفكرية إلى قانون العمل‬ ‫وال��ق��وان��ي��ن التجارية والتعاميم الخاصة‬ .‫بترخيص الشركات‬

‫التراث الحي ال يحفظه إال المواطن الواجب‬ ‫ ولحفظ الهوية‬.‫أن يشعر بأهمية هويته‬ ‫والن َخب التعاطي مع حيثيات‬ ‫على‬ ُّ ‫المشرع‬ ّ ،‫المواطن اليومية لـمكافحة اجتياح العولمة‬ ‫وإع�����ادة ال��وع��ي إل���ى ق��اع��دت��ه ك��ي يتمكن‬ .‫مي‬ َ ‫المواطن من إعادة إحياء سلَّ ِمه‬ ّ ‫القي‬

‫حفظ‬ ‫فال‬ ْ ‫ وال ِق َي َم من دون‬،‫تراث بال ِق َيم‬ َ .‫الهوية والحفاظ عليها‬

‫ ) دالتنمية وحفظ التراث‬ ‫هكذا تكون وظيف ُة القاعدة القانونية‬ ‫����اوزت ال��ت��أط��ي��ر ال���ق���دي���م ف���ي ال����ردع‬ َ ‫ت����ج‬ ‫ فمن‬.‫والتنظيم لتبلُ غ التنمية والهيكلة‬ ُ ‫��اد مؤسسات‬ ‫ونظم‬ ‫واج��ب��ات‬ ُ ‫المشرع إي��ج‬ ّ ،‫تعنى بخدمة مصالح المجتمع وال��دول��ة‬ ‫مستوردة‬ ‫منها المتاحف (نمطية قديمة‬ َ ‫ ومؤسسات‬،‫من الغرب) وآلية التصنيف‬ ‫ ومؤسسات تحفيز التراث‬،‫العناية بالفنون‬ ‫ نص‬1000 ‫ ففي الجزائر أكثر من‬.‫الشعبي‬ ‫ عمار‬.‫تشريعي لتنظيم الحياة الثقافية (د‬ ‫التشريع والتنظيم الثقافي في‬ :‫كساب‬ .)2012/2002 - ‫الجزائر‬

‫الحي خارج‬ ‫تبقى إشكالية حفظ التراث‬ ّ ‫ فالتراث‬،‫استطاعة ال��م��ش��رع ال��م��ب��اش��رة‬ ‫ ف��ي ي��وم��ي��ات‬،‫ ال��ح��ي ي��ع��ي��ش ف��ي ال���س���وق‬182 ‫ في أدائه‬،‫ في َتو ُّج ِهه إلى العمل‬،‫المواطن‬ ‫محمد آصف ناصر‬ ‫المحامي‬ َّ

Mr. Zoghaib brought a panel of experts together to discuss a topic related to Lebanese heritage. At the end of the year he edited all the presentations and published them in one volume to be distributed to libraries and high schools free of charge. The program has been very successful, developing a significant number of followers who look forward to attending the monthly Monday evening event.


President’s message:

The importance of our heritage and traditions in the life of Lebanon

Mirrors of Heritage

Joseph G. Jabbra President Lebanese American University

Quarterly refereed journal published by The Center for Lebanese Heritage (CLH) at The American Lebanese University (LAU)

Henri Zoghaib - Editor

Issue No. 1 – Fall 2014

Lebanese heritage: Sites and milestones Lebanese Legacy: Bylaws & criteria Special Topic: Lebanese oral heritage

Center for Lebanese Heritage Lebanese American University – Kraytem – Beirut - Lebanon )Phone: ++961.1.78 64 64 (ext: 1600 Fax: ++961.1.78 64 60 P.O. Box: 5053 13 Beirut - Lebanon email: clh@lau.edu.lb www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh Design and layout by Dergham s.a.r.l

He

had a dream that was born from the ashes of a civil war that spared nothing in its wake; he was appalled by the destruction of a beautiful city, Beirut, the capital of Lebanon, and all the signs of vitality, culture, and civilization that animated its soul.He was deeply saddened by the sight of a ravaged heritage, a heritage that was disappearing in a violent and chaotic environment completely void of any respect for the sacred traditions of his beloved country. Our great and revered poet, Henri Zoghaib, wanted to translate his dream of protecting what was left of the rich Lebanese heritage into action, into reminding all Lebanese that it was vital to save the precious elements of their civilization. He approached Lebanese American University, and spoke to the administration about his dream. The Center for Lebanese Heritage was established in January 2002, and he became its indefatigable Director. I met Mr. Zoghaib in 2004, immediately after I became President of Lebanese American University (LAU). He introduced me to the Cen-

ter and what the Center stood for. He spoke to me passionately about the importance of making sure that Lebanese, young and old, should be aware of the value of their Lebanese heritage in keeping Lebanese society together, and understanding that diversity is a source of enrichment rather than a cause for destruction. I became attached to the Center and a strong supporter of its many activities. It became clear to me that the importance of the Center stems from its mission to preserve our heritage, and to bring people together, to be a beacon of hope, especially in this difficult time that Lebanon and the entire region are facing. The Center makes it clear to all of us that we need to be devoted to our heritage, our history, our identity, to our people who live in Lebanon and abroad, lest all of us become refugees. As Director of the Center for Lebanese heritage, Mr. Zoghaib, with the help of a very able academic council, established a program focused on Lebanese culture and heritage. Every month during the academic year,

184


Mirrors of Heritage Issue No. 1 – Fall 2014

Lebanese Legacy bylaws & criteria

Special TOPIC Lebanese oral heritage Lebanese heritage Sites and milestones


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.