Maraya Journal, Spring 2015

Page 1

٢٠١٥ ‫ ربيع‬- ‫العدد الثاني‬

Mirrors of Heritage Issue No. 2 – Spring 2014

Mirrors of Heritage

٢٠١٥ ‫ ربيع‬- ‫العدد الثاني‬ Issue No. 2 – Spring 2015


‫ـمية ُم َـح َّك َمة َتصدر مرتين في السنة‬ ‫َأكادي ّ‬ ‫نش ُرها‬ ‫َي ُ‬ ‫مركز التراث اللبناني‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫الجامعة اللبنانية األميركية‬ ‫رئيس التحرير‪/‬مديـر الـمركـز‬ ‫هنري زغيب‬ ‫ميــة‬ ‫الهـي َـئـة ِ‬ ‫العـ ْـل َّ‬ ‫(ترتيبا أَ‬ ‫العائلة)‪:‬‬ ‫الدكاتــرة‬ ‫بجديا ِب ْاسم ِ‬ ‫ا َألساتذ ُة َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫رمزي بعلبكي | الجامعة األَميركية | ُ أستاذ‬ ‫كرسي الدراسات العربية‬ ‫ّ‬

‫السـرديات‬ ‫لطيف زيتوني | الجامعة اللبنانية األَميركية | أُستاذ َّ‬

‫عماد سالمة | الجامعة اللبنانية األَميركية | أُستاذ العالقات الدولية‬ ‫واإلعالم‬ ‫الشهال | الجامعة اللبنانية | مساعد رئيس الجامعة للعالقات العامة ِ‬ ‫محمد َب َدوي َّ‬

‫هنري العويط | المدير العام لـ‪‬مؤسسة الفكر العربي‪‬‬

‫رنيه غطّ اس | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذة ِإدارة ا َألعمال‬ ‫للش ُـؤون ا َألكاديمية‬ ‫اإلسالمية في لبنان | مستشار رئيس الجامعة ُّ‬ ‫وجيه فانوس | الجامعة ِ‬ ‫لحود | الجامعة اللبنانية األَميركية | ُأستاذ الهندسة المعمارية والحفاظ على التراث‬ ‫َأنطوان ُّ‬ ‫ـمسؤول تجاه الحكومة‬ ‫الـمدير ال ُ‬ ‫وسـي‬ ‫كريستيان ُأ ّ‬ ‫اإلدارة والتحرير‬ ‫ِ‬

‫مركز التراث اللبناني ‪ -‬الجامعة اللبنانية ا َألميركية ‪ -‬قريطم ‪ -‬بيروت‬ ‫(المقسم ‪)1600‬‬ ‫هاتف‪+ 961 1 78 64 64 :‬‬ ‫ّ‬ ‫فاكس‪+ 961 1 78 64 60 :‬‬ ‫ص ب‪ 13 - 5053 :‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫‪clh@lau.edu.lb‬‬

‫‪www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh‬‬


‫ُأولى الـ‪‬مرايا‪‬‬

‫الغني‬ ‫مرايا عريق ٌة أُخرى من تاريخنا‬ ‫ّ‬

‫العدد الثاني ‪ -‬ربيع ‪٢٠١٥‬‬

‫‪3‬‬

‫ُأولى الــ‪‬مرايا‪ - ‬هنري زغيب‬ ‫الغني‬ ‫مرايا عريق ٌة أُ خرى من تاريخنا‬ ‫ّ‬

‫هنـري زغـيـب‬

‫لبنان في األرشيف الوطني*‬

‫‪8‬‬ ‫‪25‬‬

‫د‪ .‬أحمد حطيط‬ ‫لبنان في أرشيف الحروب الصليبية‬ ‫في الشرق‬ ‫د‪ .‬الياس القطار‬ ‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫‪45‬‬

‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬ ‫لبنان في التاريخ الكنعاني ‪ -‬الفينيقي‬

‫‪73‬‬

‫د‪ .‬بطرس لبكي‬ ‫الحرير اللبناني في األرشيف المحلي‬ ‫أواخر الفترة العثمانية‬ ‫واألجنبي‬ ‫َ‬

‫‪2‬‬

‫‪86‬‬

‫د‪ .‬جوزف أبو نهرا‬ ‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫هنري زغـيب‬

‫‪106‬‬

‫د‪ .‬حسان حالق‬ ‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫‪123‬‬

‫د‪ .‬رياض غنام‬ ‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫‪144‬‬

‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬ ‫لبنان في أرشيف متصرفية جبل لبنان‬

‫‪160‬‬

‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تدمري‬ ‫لبنان في األرشيف العربي واإلسالمي‬

‫لبنان في األرشيف الدولي*‬

‫‪182‬‬

‫الحكيم‬ ‫د‪ .‬أنطوان‬ ‫ّ‬ ‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫‪258‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬كرم رزق‬ ‫لبنان في األرشيف النمساوي‬

‫‪208‬‬

‫د‪ .‬عباس أبو صالح‬ ‫لبنان الخمسينات في األرشيف األميركي‬

‫‪268‬‬

‫‪223‬‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬ ‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫د‪ .‬مسعود ضاهر‬ ‫لبنان في وثائق األرشيف األميركي‬ ‫‪1959 – 1835‬‬

‫أبجديا باالسم األول للكاتب‬ ‫* َت َس ُلس ًال‬ ‫ً‬

‫بين تشرين َ‬ ‫منبر ‪‬مركز التراث‬ ‫استقبل‬ ‫األول ‪ 2004‬وحزيران ‪2005‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫متعدد‪ :‬لبنان في َ‬ ‫األرشيڤ‬ ‫موضوع‬ ‫ذات‬ ‫ٍ‬ ‫واحد ِّ‬ ‫اللبناني‪ ‬سلسل َة محاضرا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫ٍ‬ ‫مؤتمر‬ ‫مؤرخون وجامعيون أَ كاديميون َّ‬ ‫شكلوا ماد َة ْ‬ ‫قدمها َ‬ ‫المحلي والدولي‪َّ ‬‬ ‫حصيلتها‬ ‫ـام جــاءت‬ ‫معمق ٌة ناتج ٌة عن بحث وتوثي ٍق قــام بهما‬ ‫َ‬ ‫عـ ّ‬ ‫نصوص ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وجميعهم اختصاصيون في مجاالتهم‪ِ ،‬فإذا بها مرجعية‪/‬ثقة‬ ‫الـمحاضرون‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األرشيڤ الوطني َ‬ ‫لحقبات ساطعة من تاريخ لبنان‪ ،‬عبر َ‬ ‫واألجنبي‪ ،‬تتجلّ ى‬ ‫لكنما الوافر الغنى‬ ‫فيها صور ُة هذا البلد الضئيل الجغرافيا والدي ُـمغرافيا ّ‬ ‫تاريخاً عريقاً منذ الصفحات ُ‬ ‫األولى في ِس ْفر التاريخ الحضاري‪ ،‬ما دعا‬ ‫المؤ ِّرخ الفرنسي غبريال هانوتو (‪ِ )1944-1853‬إلى قناعته‬ ‫الدﭘـلوماسي َ‬ ‫ِ‪‬إ ْن لم يكن لبنان أَ على قمة في الجغرافيا فهو من أَ على جبال التاريخ‪‬‬ ‫(مقدمته لكتاب قنصل فرنسا في لبنان رنيه ريستيلوبـير ‪‬تقاليد فرنسا في‬ ‫لبنان‪ - ‬منشورات ِفليكس أَ لكان ‪ -‬باريس ‪.)1918‬‬ ‫بقيت بين محفوظات‬ ‫نصوص تلك المحاضرات المتسلسلة شهرياً َ‬ ‫ُ‬ ‫يجعل‬ ‫بما‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫مجموع‬ ‫صدارها‬ ‫إل‬ ‫م‬ ‫موس‬ ‫انتظار‬ ‫في‬ ‫اللبناني‪‬‬ ‫التراث‬ ‫‪‬مركز‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫صدورها‪ُ ،‬حزم ًة واحد ًة‪ ،‬وحد ًة مرجعية للدارسين والباحثين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وصدرت مجلة ‪‬مرايا التراث‪ ‬ذاكر ًة نابض ًة لتراثنا‬ ‫وها الموسم حان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫المنتظر َة منذ‬ ‫النصوص الرصين َة‬ ‫تحتضن تلك‬ ‫طبيعي أَ ن‬ ‫اللبناني‪ِ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫فتصدر فــي هــذا الـعــدد الـخــاص مرجعاً‬ ‫عشر سـنــوات لــدى ‪‬الـمــركــز‪،‬‬ ‫َ‬ ‫للمختصين والمهتمين بتاريخنا قديمه ووسيطه والمعاصر‪.‬‬

‫معال ُـم من ِإرثنا اللبناني منذ الفجر الفينيقي‬ ‫بين يديك في هذه الصفحات ِ‬ ‫والذاكرة ِاإلسالمية والمملوكية والصليبية والمتصرفية ومحفوظات َ‬ ‫األديار‬ ‫صفحات‬ ‫جانبها‬ ‫وأَ يام الحرير ودفاتر بيروت‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ووثائق أَ هلية من كل لبنان‪ُ ،‬ت ُ‬ ‫أُ خرى من أَ رشيڤ الدول في المحفوظات الفرنسية َ‬ ‫واألميركية والبريطانية‬ ‫والنمساوية‪.‬‬


‫‪4‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫واضـ ٌـح من هــذه َ‬ ‫قسم منها ذا‬ ‫تهيأَ ت للمنبر‪ .‬لــذا جــاء‬ ‫ٌ‬ ‫األبـحــاث أَ نها َّ‬ ‫بحثي وشك ٍل أَ‬ ‫وفهارسه ومراج ِعه)‪،‬‬ ‫كاديمي تقنياً (بحواشيه‬ ‫مضمو ٍن تاريخي‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حفل المحاضرة ألن شفاهة‬ ‫اآلخر اكتفى ِبإيصال المعلومة ِإلى ْ‬ ‫وقسمها َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وفهارس ومراجع)‪ ،‬ولو‬ ‫(حواشي‬ ‫التقنية‬ ‫كاديمية‬ ‫األ‬ ‫الكتابة‬ ‫ض‬ ‫تقت‬ ‫لم‬ ‫المنبر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نصهم للنشر لكانوا حتماً‬ ‫لكتاب هذا القسم َ‬ ‫كان َّ‬ ‫اآلخر أَ ن ِّ‬ ‫يقدموا أَ ساساً َّ‬ ‫ـمتقن‪.‬‬ ‫َت َّـم ُموه ً‬ ‫شكال ْتقنياً ُم ْـت َـقـناً مع مضمونهم الرصين ال َ‬

‫ظهر‬ ‫يقدم‬ ‫غاي ُة هذا العدد أَ ن ِّ‬ ‫ومراجعيها‪ ،‬وأَ ن َت َ‬ ‫َ‬ ‫نصوصه ماد ًة ل َـمراج ِعها ُ‬ ‫وتد ُّخلَ ها‬ ‫مستقطباً‬ ‫منها ساطع ًة صور ُة لبنان‬ ‫اهتمام الدول الكبرى ودخولَ ها َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فاصل من تاريخها هي أَ يضاً‬ ‫عندنا َم‬ ‫ومداخالتها فتبدو من وثائقها َع ّنا أَ و َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مهم ٌة‬ ‫ومسائل‬ ‫وقائع‬ ‫نحن‬ ‫تاريخنا‬ ‫من‬ ‫ظهر‬ ‫ت‬ ‫مثلما‬ ‫ب‪،‬‬ ‫وحس‬ ‫تاريخنا‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ورسم ْتها‬ ‫حاسمة َش َّكلها أَ عــام لبنانيون‬ ‫ت‬ ‫مفاصل‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مصيرية ومنعطفا ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وحسب بل للمنطقة المحيطة‬ ‫معال ُـم لبناني ٌة في خارطة جيوسياسية ال للُ بنان ْ‬ ‫الحكام لم َتبلُ غ الشعب‬ ‫تاريخياً وجغرافياً ‪َ ،‬وت ّتضح منها خفايا على مستوى ّ‬ ‫داتها على َ‬ ‫ت وحروباً‬ ‫عرف بها بل‬ ‫ت ونزاعا ٍ‬ ‫األرض ُمحالفا ٍ‬ ‫وترد ِ‬ ‫بنتائجها ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ولم َي ِ‬ ‫فيتدخ ُل الخارج‬ ‫الداخل‬ ‫سببها‬ ‫ثمنها‬ ‫ّ‬ ‫فيدفع َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َي ُ‬ ‫الشعب أَ و ُي ِّ‬ ‫دفع بها الخارج َ‬ ‫والتوسعية ال وفْ ق مصلحة الشعب اللبناني‪.‬‬ ‫َليحلَّ ها وفْ ق مصالحه السياسية‬ ‫ُّ‬ ‫مور كثير ٌة تكشفها َ‬ ‫ب‬ ‫األبحاث في هذا العدد الخاص‪َ ،‬تؤ ّدي ِإلى تصوي ٍ‬ ‫أُ ٌ‬ ‫كل أَ رشيڤ‬ ‫وضح كم‬ ‫في تاريخنا أَ و‬ ‫ضروري ْ‬ ‫تصحيح في معلوماتنا‪ُ ،‬وت ِ‬ ‫حفظُ ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫من المراسالت الدﭘــلوماسية والقنصلية والمعلومات الـمتناقَ ـلة والتقارير‬ ‫يكشفها‬ ‫الدول ال‬ ‫ُ‬ ‫السياسية السرية أَ و العادية‪ ،‬الكتشاف زوايا في مسيرة َ‬ ‫عند‬ ‫ِاإلعــام وال َتظهر عــاد ًة ِإال في ِّ‬ ‫كتبوها) أَ و َ‬ ‫مذكرات أَ صحابها ِ(إذا ُ‬ ‫ث أَ و مؤرخ‪.‬‬ ‫ص باح ٍ‬ ‫انكشافها في نَ ّ‬

‫مولودته‬ ‫وهــي ذي رســالـ ُة ‪‬الـمــركــز‪ ‬منذ ِإنشائه (‪ ،)2002‬ورســال ـ ُة‬ ‫ِ‬ ‫الجديدة ‪‬مرايا التراث‪.‬‬

‫مدير المركز‪ /‬رئيس التحرير‬

‫الغني‬ ‫مرايا عريق ٌة أُخرى من تاريخنا‬ ‫ّ‬

‫عمر تاريخنا الذي‪ ،‬لغناه‪ ،‬ال يقاس بالسنوات بل‬ ‫ِإنها ِإذاً َ‬ ‫حز ٌم من ْ‬ ‫تغيرات وتـطـ ُّـورات ووقائع‬ ‫ـور‬ ‫ٍ‬ ‫بـ ُـقــرو ٍن ُ‬ ‫وعـصـ ٍ‬ ‫متتالية ش ِه َد لبنان خاللها ُّ‬ ‫ت‬ ‫وواق ـعــات‪،‬‬ ‫معظمها ال يــزال محافَ ظاً عليه في محفوظات الــدول ذا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ناصعة كعادة‬ ‫عناية‬ ‫مبوباً محفوظاً في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫العالقة بتاريخنا‪ُ ،‬م َف ْه َرساً مرقَّ ماً َّ‬ ‫الــدول أَ ن ُتحافظ على ذاكرتها في المحفوظات‪ ،‬ومنه محلّ ٌّي ال يزال‬ ‫واآلخ ُر مبعثَ ٌر بين َ‬ ‫األفراد غير‬ ‫بعناية‬ ‫بعض ُه محفوظٌ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ت عندنا ُ‬ ‫في سجال ٍ‬ ‫المهتمين َ‬ ‫كاألساتذة ُك ّتاب أَ بحاث هذا‬ ‫متروك لعناية‬ ‫ُم َب َّوب وال ُم َف ْه َرس‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ت من‬ ‫العدد‪ُ ،‬عـ ُـنــوا به‬ ‫َ‬ ‫واستلُّ وه من مصادره وأَ فادوا منه لدخول صفحا ٍ‬ ‫تاريخنا‪.‬‬

‫َّ‬ ‫صدر شاكر ًة ُك ّتاب‬ ‫الموثقة‪،‬‬ ‫هــذه الصفحات‬ ‫بنصوصها ووثائ ِقها‪َ ،‬ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يوم أَ َلقوها على منبره‬ ‫تعاونهم مع ‪‬مركز التراث اللبناني‪َ ‬‬ ‫األبحاث على ُ‬ ‫قبل عشر سنوات‪ ،‬وعلى ِإصــدارهــا اليوم في هذا العدد الخاص مرايا‬ ‫جديد ًة من ُتراثنا الغني العريق‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬ ‫د‪ .‬أحمد حطيط‬ ‫لبنان في أرشيف الحروب الصليبية‬

‫د‪ .‬حسان حالق‬ ‫لبنان في أرشيف بيروت‬

‫د‪ .‬الياس القطار‬ ‫أرشيف لبنان في العهد المملوكي‬

‫د‪ .‬رياض غنام‬ ‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬ ‫لبنان في الزمن الفينيقي‬

‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬ ‫لبنان في أرشيف المتصرفية‬

‫د‪ .‬بطرس لبكي‬ ‫حرير لبنان في األرشيف المحلي واألجنبي‬

‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تدمري‬ ‫لبنان في األرشيف اإلسالمي‬

‫د‪ .‬جوزف أبو نهرا‬ ‫لبنان في أرشيف األديار‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫لبنان في أرشيف‬ ‫الحروب الصليبية في الشرق‬ ‫توزع السكان جغراف ًيا ومواقفهم من الفرنج‬ ‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫نائب رئيس الجامعة اإلسالمية للبحث العلمي‬

‫مدخل‪:‬‬ ‫مستعمال‬ ‫أستهـل دراستي بمالحظة منجهية‪ :‬لم يكن مصطلح ‪‬لبنان‪‬‬ ‫ً‬ ‫تعبيرا عن‬ ‫بمدلوله الرسمي قبل نظام المتصرفية (‪ )1861‬ولــم يظهر‬ ‫ً‬ ‫دوليا ّإال مع إعــان دولة‬ ‫الوطن اللبناني بحدوده الراهنة المعترف بها ً‬ ‫لبنان الكبير (‪ .)1920‬قبلذاك كان يعني ‪‬منطقة جبل لبنان‪ ‬كما جاء في‬ ‫المصادر المحلية واإلسالمية‪ .‬وهكذا حين نستعمل مصطلح ‪‬لبنان‪ ‬في‬ ‫تشكل منها لبنان الحالي فإنما على سبيل‬ ‫العصور الوسطى للمناطق التي َّ‬ ‫االستخدام المصطنع‪.‬‬ ‫َوبعد‪ :‬األرشيف المعاصر لـمرحلة ‪‬الحروب الصليبية‪)Les Croisades( ‬‬ ‫خال من ذكر كلمة ‪‬الصليبيين‪ ‬ألن المؤرخين الالتين استخدموا مصطلح‬ ‫‪‬ال ـح ـجــاج‪ )Les Pèlerins( ‬أو ‪‬المسيحيين‪ )Les Chrétiens( ‬أو‬ ‫‪‬الفرنج‪ )Les Francs( ‬في تأريخهم تلك الحروب‪ ،‬بينما اكتفى المؤرخون‬ ‫المسلمون باستخدام المصطلح األخير أو ‪‬إفرنج‪ ،‬للداللة على أوروبيين‬ ‫شاركوا في ‪‬الحروب الصليبية‪ ،‬مع أن مصطلح ‪‬الحروب الصليبية‪ ‬لم‬ ‫يظهر إال‬ ‫متأخرا في العصر الحديث‪.1‬‬ ‫ً‬ ‫توخيا للدقة العلمية سأستخدم عبارة ‪‬حــروب الفرنج في الشرق‪‬‬ ‫ً‬ ‫بدال من ‪‬الحروب الصليبية‪ ‬التي انتهت سنة ‪ 1291‬قاضي ًة على كيانات‬ ‫ً‬ ‫سياسية أربعة أقامها الفرنج في الشرق‪ :‬إمــارة الرها‪ ،‬وإمــارة أنطاكية‪،‬‬ ‫كونتية طرابلس‪ ،‬ومملكة بيت المقدس (وكانت تتبع لها الكيانات الثالثة‬ ‫األولــى) بعدما استقر الفرنج في الشرق نحو قرنين‪ .‬وبذلك أميزها عن‬ ‫حروب الفرنج في غرب المتوسط‪ :‬حركة االسترداد‪ ،‬أو ‪‬الريكنكيستا‪‬‬ ‫(‪ )La Reconquista‬وهي انتهت بسقوط األندلس في أمام اإلسبان سنة‬ ‫‪.1492‬‬ ‫‪ 11‬قاسم عبده قاسم‪ ،‬ماهية الحروب الصليبية‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪،‬‬ ‫‪ ،1990‬ص ‪.16 – 11‬‬

‫بعد هذا التوضيح‪ ،‬وقبل أن أعرض لتطور المناطق اللبنانية في ظل‬ ‫استنادا إلى المعطيات في أرشيف حروب الفرنج في الشرق‪،‬‬ ‫حكم الفرنج‬ ‫ً‬ ‫أُ وضح أن هذا األرشيف ذو ثالثة أنواع رئيسة‪:‬‬ ‫ •األرشيف المحلي‪ ،‬ومنه‪ :‬تاريخ بيروت‪ ‬لصالح بن يحيى التنوخي‪،‬‬ ‫‪‬تاريخ‪ ‬ابن سباط‪ ،‬سجل النسب األرسالني‪ ،‬زجلية ابن القالعي‪،‬‬ ‫‪‬قواعد اآلداب حفظ األنـســاب‪ ‬لمؤلف مجهول‪ ،‬و‪‬هــوامــش ِإنجيل‬ ‫ُّربوال‪.‬‬ ‫ •األرشيف العربي واإلســامــي‪ ،‬ومنه‪ :‬كتاب‬ ‫‪‬االعـتـبــار‪ ‬ألســامــة بــن منقذ‪ ،‬ذيــل تاريخ‬ ‫دمشق‪ ‬البن القالنسي‪ ،‬الفتح القسي‪ ‬البن‬ ‫العماد األصفهاني‪ ،‬الكامل في التاريخ‪ ‬البن‬ ‫األثير‪ ،‬كتاب الروضتين في أخبار الدولتين‪‬‬ ‫ألبــي شــامــة‪ ،‬تــاريــخ الملك الـظــاهــر‪ ‬لعز‬ ‫الدين ابن شداد‪ ،‬ذيل مرآة الزمان‪ ‬لموسى‬ ‫اليونيني‪ ،‬م ـفـ ّـرج ال ـكــروب فــي تــاريــخ بني‬ ‫أيوب‪ ‬البن واصل‪ ،‬و‪‬كتاب السلوك لمعرفة‬ ‫دول الملوك‪ ‬للمقريزي‪ ،‬كتب الرحالة ابن‬ ‫َ‬ ‫جبير واإلدريسي و‪‬أخبار العباد وآثار البالد‪‬‬ ‫للقزويني‪.‬‬

‫ •األرشيف الالتيني‪ ،‬ومنه ما يعود إلى وليم‬ ‫ال ـصــوري‪ ،‬ميخائيل الـســريــانــي‪ ،‬جــاك دي‬ ‫فيتري )‪ .(Jacques De Vitry‬واألرشـيــف‬ ‫اإليطالي‪ ،‬ومنه‪ :‬وثائق البندقية كما نشرها ‪ ،Tafel et Thomas‬الوثائق‬ ‫الج َنوية – مجموعة ‪ ،Fonti Per La Storia D’Italia‬الوثائق البيزية‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫َ‬ ‫مجموعة ‪ ،Muller‬األرشيف األرمني الذي نشر بعضه ‪ Hayton‬في كتابه ‪La‬‬ ‫‪ Flor des Estoires‬وتضاف إلى هذا األرشيف مذكرات الرحالة األجانب‬ ‫ومنهم دانيال الروسي‪ِ ،‬ف ِتلوس ‪ ،Fetellus‬بنيامين التطيلي‪ ،‬وثائق ّكتاب‬ ‫العدل الالتين‪ ،‬نصوص اتفاقات الصلح والهدن المعقودة بين المسلمين‬ ‫والفرنج خالل فترة وجود هؤالء في الشرق‪.2‬‬ ‫‪ 22‬أحمد حطيط‪ ،‬قضايا من تاريخ المماليك السياسي والحضاري‪ ،‬دار الفرات‪،‬‬ ‫بيروت‪( 2003 ،‬الفصالن‪ :‬الثالث والرابع‪ ،‬ص‪.)148 – 77‬‬

‫‪9‬‬


‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫‪ 33‬أثار جان ريشار تساؤالت حول مالبسات استجابة ملوك أوروبا وأمرائها لنداء‬ ‫البابا‪ ،‬إذ ربط االستجابة بالبنبة اإلقطاعية والذهنية الخاصة بالفروسية األوروبية‬ ‫بعامة‪ ،‬والفرنسية منها بخاصة‪.‬‬

‫‪J. Richard, Croisade et mission en terre d’Orient: La participation française‬‬ ‫‪(Extrait du colloque de Lyon organisé le 23 – 31 Mai 1980, sur « Les réveils‬‬ ‫‪.missionaires en France », p. 19‬‬

‫‪ 44‬نصوص هذه المعاهدة مذكورة في‪ :‬القلقشندي‪ ،‬صبح األعشى في صناعة‬ ‫االنشا‪ ،‬ج ‪ ،14‬ص ‪ 39‬وما بعدها‪.‬‬

‫منطقة شمال لبنان الحالي كانت تابعة لكونتية طرابلس التي امتدت‬ ‫جنوبا إلى نهر‬ ‫شماال على الساحل الشامي من أنطرطوس (طرطوس)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرورا ببارونية جبيل ومطرانية البترون حتى حدود‬ ‫الكلب شمالي بيروت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫المعاملتين‪ ،‬وتوغلَ ت في الداخل حتى جبل المنيطرة وحصن عكار‪.‬‬ ‫الجماعات اللبنانية داخــل مملكة الالتين في بيت المقدس وكونتية‬ ‫خصوصا‬ ‫طرابلس توزعت في مجموعات عدة اختلفت إحداها عن األخرى‬ ‫ً‬ ‫بانتمائها الديني والمذهبي‪ .‬ففي جبل الشوف (جبل صيدا) تمركزت‬ ‫منطقتي جبل‬ ‫طائفة الموحدين الدروز‪ ،‬في إطار بارونية صيدا‪ ،‬وشغلت‬ ‫َ‬ ‫بـيروت (المتن والغرب) ووادي التيم الخاضعتين آنــذاك لسيطرة أتابكة‬ ‫دمشق‪ ،‬وبعدهم لأليوبيين فالمماليك‪.‬‬

‫‪ 55‬س‪ .‬رنسيمان‪ ،‬تاريخ الحروب الصليبية‪ ،‬تعريب السيد الباز العريني‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪ ،1967‬م ‪ ،2‬ص ‪.476 – 475‬‬ ‫‪ 66‬وليم الصوري‪ ،‬تاريخ الحروب الصليبية‪ ،‬تعريب سهيل زكار‪ ،‬بيروت‪ ،1990 ،‬ج‪،2‬‬ ‫ص ‪.613‬‬

‫‪ 77‬وليم الصوري‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ .602 – 601‬وحول محاوالت أسياد صور‬ ‫لاللتفاف على امتيازات البنادقة في مدينتهم‪R.Grousset, Epopée des Croisades, :‬‬ ‫‪.Paris, 1936, P. 371 – 372‬‬

‫‪11‬‬

‫الصليبية في الشرق‬

‫أ‪  .‬بارونية بيروت‪ ،‬كما جاء في المعاهدة المعقودة سنة ‪ 1269‬بين‬ ‫وسيدة بيروت إيزابيال إيبالن (‪Isabella‬‬ ‫السلطان المملوكي الظاهر بيبرس ّ‬ ‫‪4‬‬ ‫حد صيدا‪ ‬عدا بالد الغرب المتاخمة‬ ‫‪ّ )Ibelin‬‬ ‫حد جبيل إلى ّ‬ ‫امتدت ‪‬من ّ‬ ‫لبيروت والخاضعة آنذاك للتنوخيين بزعامة األمير بحتر التنوخي حليف‬ ‫رف تنوخيو جبل بيروت بـ‪‬بني بحتر‪.‬‬ ‫وبدءا من ‪ُ 1124‬ع َ‬ ‫سالجقة دمشق‪ً .‬‬

‫ج ‪  .‬سنيورية صــور ضمت مــع المدينة ثـ ً‬ ‫ـاثــا وتسعين قــريــة‪ ،‬وكانت‬ ‫جنوبا باتجاه عكا إلى موقع ُيـعرف اليوم‬ ‫(كما ذكر وليم الصوري‪ )6‬تمتد‬ ‫ً‬ ‫بـ‪‬منطقة اسكندرون‪ ‬على نحو خمسة أميال من مدينة صور‪ ،‬فيما تمتد‬ ‫تقريبا‪ ،‬وعرضها نحو ميلين في‬ ‫شماال باتجاه صيدا على المسافة ذاتها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مــداه األضـيــق‪ ،‬ونحو ثالثة أميال في مــداه األوس ــع‪ .‬وكــان للبنادقة ثلث‬ ‫صور وامتيازات تجارية عامة حصلوا عليها بموجب اتفاقية بينهم وبين‬ ‫أمراء الفرنج في بيت المقدس إبـان احتالل المدينة سنة ‪ ،1124‬مما أثار‬ ‫يتحيــنون الفرص كي يضعوا ح ًـدا لنفوذ البنادقة‬ ‫حفيظة‬ ‫أسيادها فأخذوا ّ‬ ‫‪7‬‬ ‫في سنيوريتهم ‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف الحروب‬

‫‪10‬‬

‫اختلفت آراء المؤرخين – وال تزال – حول دوافع حروب الفرنج في الشرق‬ ‫وأهدافها‪ .‬وهي بدأت بعد نداء شهير أطلقه البابا أوربانوس الثاني (‪)Urbin II‬‬ ‫في مدينة كليرمون ِف َّـران الفرنسية (تشرين الثاني ‪ )1095‬دعا فيه جموع‬ ‫المؤمنين المحتشدة هناك إلــى نجدة المسيحية الـمـهـ َّـددة فــي الشرق‬ ‫واسترجاع األراضي المقدسة في فلسطين من المسلمين‪ .‬عندها انطلقت‬ ‫إلــى الشرق حمالت عسكرية متالحقة شــارك فيها متدينون وفالحون‬ ‫وفقراء من أهل المدن األوروبية‪ .‬ولم يستجب الملوك والنبالء وتجار المدن‬ ‫اإليطالية الثالث لنداء البابا لكنهم رأوا من إسهامهم في تلك الحمالت‬ ‫وسيلة لتحقيق طموحاتهم في بسط النفوذ والهيمنة على مناطق من الشرق‬ ‫والتنعم بخيراتها‪ ،‬مستغلين حـالـة تش ُّـتت وتـ َ​َشـظٍّ كانت تعاني منها الديار‬ ‫‪3‬‬ ‫الشامية والمصرية‬ ‫عن معلومات أرشيف حروب الفرنج في الشرق أن المناطق اللبنانية‪،‬‬ ‫بتالوينها الدينية والمذهبية‪ ،‬كانت مـوزعة بين مملكة بيت المقدس‬ ‫جزءا‬ ‫الالتينية وكونتية طرابلس عدا أقسام داخلية وسهـلية وجبلية َ‬ ‫بقيت ً‬ ‫من األراضــي اإلسالمية التابعة لدمشق‪ ،‬وهي كسروان والبقاع والقسم‬ ‫وبقيت هذه األخيرة‬ ‫الشمالي من جبل الشوف‪ ،‬والمتن ومنطقة وادي التيم َ‬ ‫وبقيت بيروت ومنطقة‬ ‫ّ‬ ‫طويال في تجاذب بين‬ ‫ً‬ ‫الحكام المسلمين والفرنج‪َ .‬‬ ‫خاضع َتين لمملكة القدس‬ ‫عامل‪)‬‬ ‫ـ‪‬جبل‬ ‫ب‬ ‫(المعروف‬ ‫الحالي‬ ‫لبنان‬ ‫جنوب‬ ‫َ‬ ‫كال منها بارون أو سيد‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫الالتينية‪ ،‬وتشمالن كيانات إقطاعية يحكم ًّ‬ ‫بارونية بيروت‪ ،‬بارونية صيدا‪ ،‬سنيورية صور‪.‬‬

‫شماال‪ ،‬نهر الليطاني‬ ‫ً‬ ‫ب‪  .‬بارونية صيدا كانت تتصل بنهر الــدامــور‬ ‫جنوبا‪ ،‬وتخضع لها عدلون وصرفند (صرفَ ت) وجزين واألجزاء الجنوبية‬ ‫ً‬ ‫ولسيدها مكانة خاصة في مملكة القدس على أنه أحد‬ ‫الشوف‪.‬‬ ‫جبل‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫أربعة أسياد يتدرجون في الرتبة بعد الملك هم أسياد يافا‪ ،‬والجليل‪،‬‬ ‫وصيدا‪ ،‬وشرق األردن‪.5‬‬


‫لبنان في أرشيف الحروب‬ ‫‪13‬‬

‫‪12‬‬ ‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫‪ 88‬‬

‫منها كتابات الدبس والدويهي والشدياق وغيرهم‪.‬‬

‫‪ 99‬‬

‫ابن جبير‪ ،‬رحلة ابن جبير‪ ،‬تحقيق حسين نصار‪ ،‬القاهرة‪ ،1955 ،‬ص‪.250‬‬

‫الصليبية في الشرق‬

‫والمصادر اللبنانية المتأخرة‪ 8‬تذكر انتقال المعنيين إلى منطقة البقاع‬ ‫نحو سنة ‪ ،1120‬ومنها إلى جبل الشوف فنزلوا صحراء بعقلين وعززوا‬ ‫السـ َّـنــة سنة‬ ‫صالتهم بأمراء الغرب التنوخيين‪ ،‬كما ُ‬ ‫تذكر انتقال الشهابيين ُ‬ ‫‪ 1173‬من حوران إلى وادي التيم واستقرارهم في بيـداء الظهر من جبل‬ ‫الجـديدة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الكــنيسة إلى ُ‬

‫السـ َّـن ـ ُة منطقة طرابلس وساحل جبل صيدا (ساحل جبل الشوف)‬ ‫سكن ُّ‬ ‫ومنطقة بعلبك‪.‬‬ ‫أما الشيعة اإلثنا عشرية في جبل عامل (التابع لمملكة بيت المقدس‬ ‫الالتينية) فليس في المرويات التاريخية معلومات عن أحوالها ّإال ما نقله‬ ‫الرحالة األندلسي ابن جبير‪ ،9‬والشيعة االثنا عشريون سكنوا طرابلس‬ ‫تدريجا في‬ ‫خصوصا في فترة حكم بني عمار الشيعة لكن وجودهم تقلص‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫‪ 1 11‬االدريسي‪ ،‬نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق‪ ،‬بيروت‪ ،1989 ،‬م ‪ ،1‬ص ‪.372‬‬ ‫‪Guillaume de Tyr, Le Royaume de Jérusalem (1099 – 1184) édité et 112‬‬ ‫‪.annoté par M. Guizot, Beyrouth, 1992, II, pp. 373 – 374‬‬

‫‪ 113‬عن نشأة طائفة النصيرية وتطور أوضاعها في بالد الشام‪:‬‬

‫‪C. Cahen, Note sur les origines de la communauté syrienne de Nusayris, in‬‬ ‫‪.Revue des Etudes Islamiques, Paris, 1970, pp. 243 – 249‬‬

‫‪Cf. Bear, art. Ismailyya ,EI2 ,IV , 215 – 216; Lewis, art. Hashishiyya, EI2, III, 1 14‬‬ ‫‪.pp. 275 – 276‬‬

‫‪ 115‬عدد من المصادر الالتينية‪.‬‬

‫‪ 116‬جواد بولس‪ ،‬تاريخ لبنان‪ ،‬تعريب جورج حاج‪ ،‬بيروت‪ ،1973 ،‬ص ‪.282‬‬ ‫‪ 117‬س‪ .‬رنسيمان‪ ،‬تاريخ الحروب الصليبية‪ ،‬م ‪ ،2‬ص ‪.516 – 515‬‬

‫‪15‬‬

‫الصليبية في الشرق‬

‫‪.Wiet, art. Banu Ammar , EI2, p. 461 110‬‬

‫لبنان في أرشيف الحروب‬

‫‪14‬‬

‫عمار أمام الفرنج واستيالئهم‬ ‫طرابلس وجوارها بعد سقوط إمــارة بني ّ‬ ‫جنوبا في‬ ‫على طرابلس ومنطقتها سنة ‪ 1209‬فنزحت منهم جماعات كثيرة‬ ‫ً‬ ‫اتجاه جبال كسروان‪.10‬‬ ‫استوطن النساطرة مدينة طرابلس وتمركز الملكيون في البترون‬ ‫والكورة واستقر بعض اليعاقبة في طرابلس ومعظمهم في جونية كما‬ ‫ذكر الرحالة اإلدريسي‪ 11‬الذي زار المنطقة وقتذاك ونقل صورة حية‬ ‫عن واقع السكان فيها‪.‬‬ ‫صعودا نحو منطقتي‬ ‫انتشر الموارنة في بالد جبيل وفي منطقة البترون‬ ‫ً‬ ‫بـشــري وإه ــدن واختلطوا بطوائف مسيحية أخ ــرى وبخاصة الملكيين‬ ‫عد َدها‬ ‫واليعاقبة‪ّ ،‬‬ ‫قدر َ‬ ‫مشكلين في كونتية طرابلس أكبر مجموعة سكانية ّ‬ ‫‪12‬‬ ‫ألفا ‪.‬‬ ‫وليم الصوري (أواخر القرن الثاني عشر) بأربعين ً‬ ‫طائفة النصيرية‪ 13‬سكنت منطقة عكار وجبال لبنان الشمالية والوسطى‬ ‫متجاورة مع الموارنة في الجبال والجرود‪ .‬وأقام اإلسماعيليون‪ 14‬دويلة‬ ‫مستقلة في القسم الجنوبي من جبال النصيرية (جبال البهرة) الشاهقة‬ ‫وقالعا منيعة أبرزها‪:‬‬ ‫الوعرة المسالك‪ ،‬وأنشأوا لحماية دويلتهم حصونً ا‬ ‫ً‬ ‫القدموس‪ ،‬الخوابي‪ ،‬العليقة (القليعة) والكهف‪.‬‬ ‫إلى الطوائف المذكورة كانت جماعات قليلة من أرمــن ويهود تنتشر‬ ‫متفرقة في أرجاء كونتية طرابلس‪.‬‬ ‫السكان المسيحيون (الموارنة والملكيون واليعاقبة والنساطرة واألرمن‪،‬‬ ‫يسمونهم السكان‬ ‫‪ )...‬المنتشرون فــي المناطق اللبنانية كــان الفرنج‬ ‫ّ‬ ‫‪Les‬‬ ‫المحليين (‪ )Les Indigènes‬أو السوريين (‪Syriens‬‬ ‫ويسمون السكان‬ ‫)‬ ‫ُّ‬ ‫‪‬الك َفرة‪.15)Les Infidèles( ‬‬ ‫المسلمين َ‬

‫في تلك الفترة كانت العربية لغة السكان المحليين في المناطق‬ ‫خصوصا في قسمه‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وكانت السريانية متداولة في جبل لبنان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الشمالي ‪.16‬‬ ‫أمام تعدد قضايا تاريخ لبنان خالل فترة حروب الفرنج في الشرق‪،‬‬ ‫أكتفي بدراسة ال تزال غامضة وملتبسة حول مواقف السكان المحليين‬ ‫من الفرنج‪ ،‬وأحاول مقاربة حقيقتها بعدما حيكت حولها روايات مختلفة‬ ‫قحم في‬ ‫ً‬ ‫حينا ومتناقضة أحيانً ا‪ ،‬بعضها يستند إلى الواقع والبعض اآلخر أُ ِ‬ ‫النص التاريخي ألسباب ُم ْغرضة‪ ،‬إضافة إلى ما شاع في كتابات المؤرخين‬ ‫المحدثين من صريح الكالم عن تعاون الموارنة والشيعة االثني عشرية مع‬ ‫ْ‬ ‫الفرنج‪.‬‬ ‫فعال‬ ‫هل السكان المحليون على اختالف معتقداتهم الدينية تعاونوا ً‬ ‫مع الفرنج في حروبهم ضد الحكام المسلمين؟‬ ‫في األرشـيــف المعاصر لما يسمى ‪‬الـحــروب الصليبية‪ ‬والمراجع‬ ‫حينا ومتناقضة أحيانً ا حول هذه المسألة الشائكة‪.‬‬ ‫حولها‪ ،‬روايات مختلفة ً‬ ‫إذا استثنينا الموارنة والشيعة االثني عشرية من الجماعات اللبنانية‪ ،‬ليس‬ ‫في أرشيف حــروب الفرنج في الشرق ما يثير االهتمام بالنسبة لتعاون‬ ‫الجماعات المحلية (مسيحيين ومسلمين) مع الفرنج ّإال في حاالت نادرة‪.‬‬ ‫أي تعاون للملكيين (أتباع الكنيسة‬ ‫وما أمكنني االطالع عليه‬ ‫نصوص ال تذكر ّ‬ ‫ٌ‬ ‫البيزنطية) مع الفرنج‪ ،‬بل تشير إلى أن الفرنج عند استيالئهم على القدس‬ ‫في ‪ 15‬تموز ‪ 1099‬استبعدوا رجــال الدين الملكيين عن كنيسة القيامة‬ ‫حتى سنة ‪ 1101‬حين توصل ملك القدس بــودوان األول (‪)Baudouin I‬‬ ‫واألمبراطور ألكسي كومنين (‪ )Alexis Comnène‬إلى تسوية مؤقتة فأعيد‬ ‫رجال الدين الملكيون إلى كنيستهم َو ُسمح لهم بمزاولة شعائرهم الدينية‪.‬‬ ‫لكن تلك التسوية لم تنجح في وضــع حد لتدفق الملكيين إلــى الداخل‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي‪.17‬‬ ‫في بعض الروايات أن العالقات بين الفرنج والنساطرة واألرمن كانت‬ ‫أكثر رحابة ألن الفرنج تركوا لهؤالء حرية ممارسة الطقوس والشعائر‬ ‫والقضاء وأعفوهم من ضريبة العـُشر مع أن الفرنج كانوا يدققون في‬ ‫بحق التصديق على انتخابات‬ ‫الوظائف الدينية لتلك الجماعات واحتفظوا ّ‬ ‫بطاركتهم ومطارنتهم‪.‬‬


‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫‪ 119‬‬ ‫‪Michel Le Syrien, Chronique, édité et traduit par J.B.Chabot, Paris,‬‬ ‫‪.1905, III, p. 222‬‬

‫‪J. Richard, Le comté de Tripoli sous la dynastie toulousaine, Paris, 220‬‬ ‫‪.1945,p. 88‬‬

‫‪ 221‬ابن األثير‪ ،‬الكامل في التاريخ‪ ،‬بيروت‪ ،1967 ،‬م ‪ ،8‬ص ‪.124 – 123‬‬

‫‪ 222‬ابن واصل‪ ،‬مفرج الكروب في أخبار بني أيوب‪ ،‬القاهرة‪1960 ،‬م‪ ،‬م‪ ،3‬ص‬ ‫‪232 – 229‬؛ رنسيمان‪ ،‬تاريخ‪ ،‬م‪ ،3‬ص ‪.274‬‬

‫‪ 223‬أحمد حطيط‪ ،‬تاريخ لبنان الوسيط ‪ /‬دراسة في مرحلة الصراع المملوكي الصليبي‪،‬‬ ‫بيروت‪1986 ،‬م‪ ،‬ص ‪.88 – 66‬‬

‫‪.Guillaume de Tyr, Le Royaume, II,p.1028 224‬‬

‫‪.Jacque De Vitry (édition Bongars) p. 1093 225‬‬ ‫‪.J. Richard, Croisade et mission, p. 86 226‬‬ ‫‪ 227‬إسطفان الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة ص ‪.135‬‬

‫‪ 228‬إسطفان الدويهي‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.146‬‬

‫‪17‬‬

‫الصليبية في الشرق‬

‫‪Cf. C. Cahen, La Syrie du Nord à l'époque des Croisades et la‬‬ ‫‪ 118‬‬ ‫‪.Principauté d'Antioche, Paris, 1942, p. 338‬‬

‫لبنان في أرشيف الحروب‬

‫‪16‬‬

‫َذكـ َـر مستشرقون أن اليعاقبة لم يحظوا بثقة الفرنج رغــم محاوالت‬ ‫قادتهم للتقرب من الفرنج كي يعترفوا بنظامهم الكنسي في أنطاكية‪،18‬‬ ‫معاصر‬ ‫ويصر بطريرك اليعاقبة ميخائيل السرياني (‪)Michel L'Assyrien‬‬ ‫ُ‬ ‫تلك األح ــداث على مــدى تسامح الفرنج مــع اليعاقبة ومــع غيرهم من‬ ‫المسيحيين الشرقيين‪19:‬كان أحبار كنيستنا يعيشون بين الفرنج دون أن‬ ‫يكونوا عرضة لالضطهاد أو االستخفاف‪ .‬ففي فلسطين كما في سوريا لم‬ ‫كل‬ ‫ُيـ ِثر الفرنج أية مشكلة حول مسألة اإليمان بل كانوا يعترفون بمسيحية ّ‬ ‫من احترم الصليب دونما تحقق أو تفحص‪.‬‬ ‫ال تتحدث المصادر عــن عــاقــات تـعــاون بين الفرنج واليهود الذين‬ ‫اضطـُهدوا في أوروبا في القرن العاشر ونالوا نصيبهم من مجازر اقترفها‬ ‫الفرنج عند استيالئهم على بيت المقدس‪.‬‬ ‫ويستبعد جان ريشار‪( 20‬م‪ )3‬أي احتمال تعاون بين النصيرية والفرنج‬ ‫استدراج النصيرية قو ًة من الفرنج إلى معابر جبلية وعرة سنة‬ ‫مرجحا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫‪ 1137‬حيث أبادها عماد الدين زنكي قرب بعرين‪.‬‬ ‫االسماعيليون شـ ّـكـلــوا مجموعات ســريــة فــي بعض حــواضــر الشام‬ ‫معتمدين لضمان سالمة دويلتهم على التوازن بين قوتي المسلمين والفرنج‪:‬‬ ‫الحكام المسلمين وأحيانً ا مع الفرنج‪ ،‬وخططوا الغتيال‬ ‫ّ‬ ‫حينا مع‬ ‫تحالفوا ً‬ ‫‪21‬‬ ‫القادة من الطرفين‪ .‬حاولوا اغتيال صالح الدين مرتين وفشلوا ‪ ،‬قتلوا‬ ‫أمــراء مسلمين‪ ،‬اغتالوا ريموند الثاني (‪ )Raymond II‬كونت طرابلس‪،‬‬ ‫فجند‬ ‫وكونراد دي مونتفور )‪ (Conrad de Montfort‬صاحب سنيورية صور‪ّ ،‬‬ ‫‪22‬‬ ‫عاو َن‬ ‫الفرنج ضدهم حمالت شرسة عامي ‪1214‬م و‪1215‬م ‪ .‬ومع ذلك َت َ‬ ‫االسماعيليون مع الفرنج لـمنع سقوط طرابلس أمام السلطان المملوكي‬

‫ضدهم نشاطه العسكري واحتل قالعهم سنة ‪.23 1273‬‬ ‫وجه ّ‬ ‫بيبرس الذي ّ‬ ‫أعود إلى الموارنة والشيعة االثني عشرية‪.‬‬ ‫شعبا قوي البنية ومقاتلين‬ ‫عن الموارنة َذك َر وليم الصوري أنهم ‪‬كانوا ً‬ ‫قدموا فوائد عظيمة للمسيحيين (الفرنج) في المعارك التي‬ ‫شجعانً ا‪ّ ،‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬ ‫ـرارا ضد العدو (المسلمين)‪ ، ‬وأشــاد جاك دي فيتري‬ ‫خاضوها مـ ً‬ ‫‪26‬‬ ‫ريشار‬ ‫جان‬ ‫وذكر‬ ‫السهام‪،‬‬ ‫رمي‬ ‫ببراعتهم في‬ ‫هاما من‬ ‫ا‬ ‫جزء‬ ‫لوا‬ ‫شك‬ ‫ّ‬ ‫أنهم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جيش كونتية طرابلس عندما تعرضت لهجوم مباغت شنه عليها ظهير‬ ‫الدين طغتكين سنة ‪1116‬م‪ .‬وكتب باحثون آخرون عن إسهام الموارنة في‬ ‫سقوط طرابلس أمــام الفرنج وعن دورهــم في تأخير استعادة المماليك‬ ‫ـضون من قراهم في أعالي الجبال‬ ‫المدينة ألنهم (أي الموارنة) كـانـوا ينق ُّ‬ ‫ليقطعوا خط الرجعة على جيش المماليك عند مهاجمته طرابلس ويفتكوا‬ ‫بــه‪ .‬ويستند هــؤالء الباحثون إلــى روايــة اسطفان الدويهي أن السلطان‬ ‫الظاهر بيبرس حاول حصار طرابلس مرتين‪ :‬األولى سنة ‪ُ 1264‬‬ ‫واألخرى‬ ‫سنة ‪ ،1267‬فانحدر الموارنة من جبالهم وقاتلوا السلطان فهزموه في المرة‬ ‫األولى وأرغموه في ُ‬ ‫األخرى على االنكفاء إلى حصن عكار‪ ،27‬فقام السلطان‬ ‫المنصور قالوون بهجوم كبير على مناطق الموارنة سنة ‪ 1283‬واستولى‬ ‫على إهدن والحدث‪.28‬‬ ‫فريقا من الموارنة تعاون مع المسلمين ضد أسياد‬ ‫وفي روايات أخرى أن ً‬ ‫عاو َن موارنة جبال بشري ومسيحيو‬ ‫كونتية طرابلس الفرنج‪ ،‬كما حين َت َ‬ ‫الكورة (معظمهم ملكيون) مع القوات التركمانية بقيادة بزواش أو بزواج‬ ‫بقواته طرابلس من دمشق عن طريق بعلبك سنة ‪ 1137‬وهزم‬ ‫الذي قصد ّ‬ ‫وقت َل بونس (‪ )Pons‬سيد طرابلس في‬ ‫جيش الكونتية قرب قلعة الحجاج َ‬ ‫ساحة المعركة فانتقم ولده ريمون الثاني (‪ )Raymond II‬من المسيحيين‬ ‫عددا‬ ‫(موارنة وملكيين) بمهاجمة مناطقهم الجبلية قرب طرابلس واعتقل ً‬ ‫كبيرا منهم مع نسائهم وأطفالهم ونقلهم إلى طرابلس مقيدين بالسالسل‬ ‫ً‬


‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫‪.J. Richard, Croisade et mission, p. 88 330‬‬

‫‪ 331‬ابن القالعي‪ ،‬حروب المقدمين (زجلية ابن القالعي) نشر بولس قرألي‪ ،‬المجلة‬ ‫البطريركية‪ ،‬السنة العاشرة‪ ،‬بيروت‪ ،‬حزيران – تموز ‪ ،1935‬ص ‪.605‬‬ ‫‪.Guillaume De Tyr, Le Royaume, II, p. 1028 332‬‬

‫‪ 333‬بطرس ضو‪ ،‬تاريخ الموارنة‪ ،‬بيروت‪ ،1977 ،‬م‪ ،3‬ص ‪.472‬‬

‫‪19‬‬

‫الصليبية في الشرق‬

‫‪Guillaume De Tyr, Op. Cit., II, p. 684; R. Grousset, Histoire des Croisades, 229‬‬ ‫‪.Paris, 1936, pp. 67 – 69‬‬

‫لبنان في أرشيف الحروب‬

‫‪18‬‬

‫وأنزل بهم التعذيب حتى الموت على مرأى أهالي المدينة‪ ،29‬ما ترك استياء‬ ‫في أوساط مسيحيي الكونتية‪ .‬حاول مؤرخون التخفيف من وطأة السلبيات‬ ‫المترتبة عليها‪ ،‬ومنهم جان ريشار الذي اعتبر أن ‪‬خيانات‪ ‬الموارنة لم‬ ‫تـُـضعف إخالصهم ألسياد طرابلس الذين ظلوا يعتمدون عليهم في مواجهة‬ ‫وأكــد على العالقات الودية بين الفرنج والموارنة مقارنة مع‬ ‫المسلمين‪ّ ،‬‬ ‫‪30‬‬ ‫جماعات مسيحية محلية أخرى ‪.‬‬ ‫عن ابن القالعي ‪ 31‬أن ما تعرض له موارنة الجبل بعد حادثة بزواش‬ ‫سبب أزمة كبيرة بين فريق من الموارنة والفرنج بلغت ذروتها سنة ‪1145‬‬ ‫ّ‬ ‫بعصيان هذا الفريق على كنيسة روما‪ ،‬على رأسه البطريرك لوقا البنهراني‬ ‫فمهد هذا الفريق الطريق أمام استيالء نور الدين زنكي‬ ‫من جبة بشري‪ّ ،‬‬ ‫على حصن المنيطرة سنة ‪ 1165‬وساعد على توغل الناصر صالح الدين‬ ‫في مناطق الموارنة سنة ‪.1186‬‬ ‫تلك الخالفات بين الموارنة والفرنج لم تخمد ّإال نحو ‪ 1182‬عندما‬ ‫عـاد فريق من الموارنة إلى وحدة الكنيسة الكاثوليكية بتـدخل من سيد‬ ‫جبيـل األمبرياتشي‪ ،32‬وهي عالقة لم ُتر ْق لفريق آخر من الموارنة (عشائر‬ ‫فاقم الخالفات بين أبناء‬ ‫منطقة بشري ومرتفعات بالد جبيل والبترون) ما َ‬ ‫ـدءا من ‪ 1182‬فساعد سالم مقدم بشري المماليك‬ ‫الطائفة المارونية بـ ً‬ ‫‪33‬‬ ‫باجتياحهم إهدن والحدث‬ ‫مدعوه إلى رواية‬ ‫اتهام شيعة جبل عامل بالتعاون مع الفرنج استند ّ‬ ‫ابن جبير أثناء مروره ببالد عاملة في طريقه إلى عكا‪ ،‬بأنه وجد الشيعة‬ ‫على أحسن حال إبان حكم الفرنج الذين تركوا للسكان أمالكهم وبيوتهم‬ ‫وحقولهم لقاء تأدية ‪‬نصف الغلة عند أوان ضمها‪ ،‬وجزية على كل رأس‬ ‫دينار وخمسة قــراريــط‪ ،‬وال يعترضونهم في ذلــك‪ .‬وللفرنج على ثمر‬ ‫الشجر ضريبة خفيفة يــؤدونـهــا‪ ،‬مساكنهم بأيديهم وجميع أحوالهم‬ ‫متروكة لهم‪ .‬وكل ما بأيدي اإلفرنج من المدن بساحل الشام على هذه‬


‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫‪ 335‬ابن جبير‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.292‬‬

‫‪ 336‬كمال الصليبي‪ ،‬منطلق تاريخ لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،1979 ،‬ص ‪.89‬‬

‫‪.Henri Lammens, La Syrie, Précis historique, Beyrouth, 1994,I, p. 169 337‬‬

‫‪ 31 339‬حول مضمون السبب الثاني‪:‬‬ ‫‪.René Ristelhueber, Les Traditions françaises au Liban, Paris, 1918, pp. 52 – 53‬‬ ‫‪ 440‬بطرس ضو‪ ،‬تاريخ الموارنة‪ ،‬بيروت‪ ،1977 ،‬م ‪ ،3‬ص ‪.473 – 469‬‬ ‫‪ 441‬أسامة بن منقذ‪ ،‬كتاب االعتبار بيروت‪ ،1988 ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪ 442‬منهم الدويهي‪ ،‬والشدياق‪ ،‬والدبس‪ ،‬والسمعاني‪ ،‬وغيرهم‪0‬‬

‫‪21‬‬

‫الصليبية في الشرق‬

‫‪ 334‬ابن جبير‪ ،‬رحلة ابن جبير‪ ،‬ص ‪.292 – 291‬‬

‫‪ 338‬كمال الصليبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95 – 94‬‬

‫لبنان في أرشيف الحروب‬

‫‪20‬‬

‫السبيل‪ :‬رساتيقها كلها للمسلمين‪ ،‬وهي القرى والضياع‪ .34‬ويورد ابن‬ ‫جبير‪ 35‬أن ما يدفعه المسلمون للفرنج أقل بكثير مما يدفعه ‪‬إخوانهم‪‬‬ ‫في المناطق الخاضعة لسلطة المسلمين‪.‬‬ ‫هكذا استنتج دارسون أن شيعة جبل عامل كانوا على وفاق مع الفرنج‪،‬‬ ‫مبررينه بسياسة تعصب مذهبي اعتمدها الزنكيون‪ ،‬وبعدهم صالح الدين‬ ‫ّ‬ ‫ضد المسلمين من غير القائلين بمذاهب‬ ‫والمماليك‪،‬‬ ‫األيوبيين‬ ‫من‬ ‫وخلفاؤه‬ ‫ّ‬ ‫أهل السنة‪.‬‬ ‫نحو تقويم الروايات المختلفة‬ ‫الروايات اآلنفة الذكر تحتاج قراءة متأنية لمقاربة الحقائق في مواقف‬ ‫الموارنة والشيعة االثني عشرية من الفرنج‪.‬‬ ‫بالنسبة للموارنة‪ :‬بعدما أحكم الفرنج سيطرتهم على ساحل الشام‬ ‫نشطت حركة التجارة بين ضفتي المتوسط الشرقية والغربية فازدهرت‬ ‫الـمــرافــئ الشامية (بـمــا فيها مــرفــآ طــرابـلــس وجبيل الـتــابـعــان لكونتية‬ ‫إيجابا على المناطق الساحلية والريفية القريبة من‬ ‫طرابلس) ما انعكس‬ ‫ً‬ ‫خصوصا اآلهلة بموارنة جبيل الذين‬ ‫الكونتية‪،‬‬ ‫في‬ ‫التجاري‬ ‫حركة التبادل‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا مع التجار الفرنج في المدن على قاعدة تبادل المصالح‪،‬‬ ‫تعاملوا‬ ‫ً‬ ‫فتعاون موارنة الساحل واألرياف القريبة من الساحل مع الفرنج في شتى‬ ‫المجاالت‪ ،‬ومنها المجال العسكري‪ ،‬بينما تح ّـفظ موارنة المناطق الجبلية‬ ‫العالية تجاه الفرنج كما تجاه المسلمين‪ .36‬السبب في موقف هذا الفريق‬ ‫الماروني من الفرنج‪ :‬حالة التعصب الكاثوليكي‪ ‬عند الفرنج الذين‬ ‫َذك َر هنري المنس‪ )Henri Lammens( 37‬أنهم‪ :‬لم يعاملوا المسيحيين‬ ‫المحليين بأفضل من معاملتهم السكان المسلمين بل صادروا ممتلكاتهم‪،‬‬ ‫وأقطعوها لألسياد الفرنج وفق النظام اإلقطاعي في أوروبا آنذاك‪ ،‬ما دفع‬ ‫األهالي أحيانً ا إلى التمرد على الفرنج‪.‬‬ ‫إيجابا من التركمان‪،‬‬ ‫وهذا ما يفسر مالبسات موقف موارنة الجبال‬ ‫ً‬ ‫مقدم‬ ‫وتسهيل وصولهم إلى مشارف طرابلس سنة ‪ ،1137‬وتعاون سالم ّ‬ ‫الحقا مع المماليك في هجومهم على إهدن وحدث الجبة‬ ‫موارنة بشري‬ ‫ً‬ ‫سنة ‪ ،1283‬وما يفسر دوافع معارضة شديدة أظهرها فريق من الموارنة‬

‫تجاه خطوة االتحاد مع كنيسة روما بمبادرة من موارنة الساحل نحو سنة‬ ‫‪ ،1182‬ما أسهم داخــل الطائفة في تعميق خــاف بلغ ذروتــه في السنة‬ ‫نفسها (‪ )1182‬حين بات للموارنة بطريركان‪ :‬أحدهما مناهض للفرنج‬ ‫مركزه حدث الجبة‪ ،‬واآلخــر المنتخب بمعرفة سيد جبيل األمبرياتشي‬ ‫مركزه حــاالت‪ ،‬ما صــدع وحــدة الكنيسة المارونية حتى زوال الكيانات‬ ‫الالتينية من الشرق‪.38‬‬ ‫ما ذكره بطرس ضو عن أسباب الخالف بين الموارنة الفرنج يوضح‬ ‫خلفيات سياسة الـفــرنــج فــي تعاملهم مــع الـسـكــان المحليين مسلمين‬ ‫ردهــا بطرس ضو إلى أسباب جوهرية ثالثة‪:‬‬ ‫ومسيحيين‪ .‬وهي أسباب ّ‬ ‫عنجهية الفرنج واستبدادهم‪ ،‬ضغوط كنيسة روما على الكنيسة المارونية‬ ‫وطقوسا وتقاليد وع ــادات وجعل البطريركية‬ ‫تنظيما‬ ‫باتجاه ‪‬اللَ ْي َت َنة‪‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪39‬‬ ‫المارونية تابعة لبطريركية أنطاكية الالتينية ‪ ،‬ثم اختالف المزاج الالتيني‬ ‫الغربي عن المزاج الماروني الشرقي‪ ،‬واختالف الطرفين حول أسلوب‬ ‫التعامل مع المسلمين‪ ،‬وبخاصة لدى قسم ماروني مسالم كان يمتعض‬ ‫من العنف المتغـلب عند الفرنج‪ .40‬ورأي بطرس ضو في نزوع الفرنج إلى‬ ‫القساوة والعنف ّ‬ ‫يذكر برأي أسامة بن منقذ‪ 41‬أمير شيزر (عاصر حروب‬ ‫ّ‬ ‫الفرنج في الشرق واطلع على أحوالهم) إذ َنعت الفرنج بـ‪‬بهائم ليس فيهم‬ ‫والحمل‪.‬‬ ‫سوى فضيلة الشجاعة والقتال‪ ،‬كما في البهائم فضيلة القوة‬ ‫ْ‬ ‫استنادا إلى عوامل االختالف التي ساقها ضو بين الفرنج والموارنة‬ ‫ً‬ ‫‪‬الطائفة األكثر رعاية لــدى الفرنج‪ ‬نستنتج أن الجماعات الطائفية‬ ‫حاال في ظل حكم الفرنج في الشرق‪.‬‬ ‫المحلية األخرى لم تكن أحسن ً‬ ‫‪42‬‬ ‫من المفارقات ‪‬المألوفة‪ ‬في كتابات بعض المؤرخين اللبنانيين‬ ‫حصرهم استقبال لويس التاسع ملك فرنسا (القديس لويس) بالموارنة‬ ‫دون سواهم من الجماعات المحلية األخرى‪ ،‬ومسارعة وفد ماروني كبير‬ ‫إلى عكا للمشاركة في استقبال ملك فرنسا العائد من األسر بعد هزيمته‬ ‫أيضا‬ ‫في معركة المنصورة سنة ‪ ،1250‬ونجدته بعشرين ألف مقاتل – وقيل ً‬


‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫‪ 444‬يوسف الدبس‪ ،‬تاريخ سوريا‪ ،‬بيروت‪ ،1902 ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.274‬‬

‫‪ 445‬ابن جبير‪ ،‬رحلة‪ ،‬صص ‪.296 – 294،295 ،292 – 291 ،276‬‬ ‫‪ 446‬أسامة بن منقذ‪ ،‬كتاب االعتبار‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪ 447‬أحمد حطيط‪ ،‬تاريخ لبنان الوسيط‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪.R. Débit et autres, Les Croisades, Paris, 1988, p. 15 448‬‬

‫إبــان مقاربتي الحقيقة فــي مــواقــف سكان المناطق اللبنانية من‬ ‫الفرنج‪ ،‬حاولت تصفية ذهني من ركام أفكار شائعة أو مألوفة تعتور‬ ‫خصوصا ما يعود منها إلــى العصور‬ ‫ثقافتنا المتصلة بتاريخ لبنان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الوسطى وما ساد فيها من مفاهيم دينية وأساطير وخرافات‪ ،‬وكذلك‬ ‫إمعان بعض كتبة التاريخ المحلي (إرضــاء لمشاعرهم وأهوائهم) في‬ ‫تشويه معالم تاريخ لبنان الوسيط بإقحامهم روايات ال صلة لها بالواقع‬ ‫التاريخي واعتمادهم حوادث مفردة على أنها ثابتة رغم التحفظ على‬ ‫قيمتها العلمية ولــم يتورع بعضهم عن تسويق خطاب تاريخي مؤدلج‬ ‫يتوسل اإلسقاط التاريخي والبتر والتبسيط واللبس والمغالطة بلوغً ا‬ ‫سلفا‪.‬‬ ‫إلى استنتاجات محددة ً‬ ‫‪ 449‬ابن القالنسي‪ ،‬تاريخ دمشق‪ ،‬تحقيق سهيل زكار‪ ،‬بيروت‪ ،1983 ،‬ص ‪.284‬‬ ‫‪ 550‬ابن القالنسي‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.285 – 284‬‬

‫‪ 551‬أحمد حطيط‪ ،‬إشكاليات كتابة تاريخ جبل عامل في العصر الوسيط‪ ،‬جريدة‬ ‫‪‬السفير‪ ‬البيروتية‪ 22 ،‬أيلول ‪ /‬سبتمبر ‪ ،1988‬ص ‪.11‬‬

‫‪23‬‬

‫الصليبية في الشرق‬

‫‪Cf.: Guillaume de Tyr, Jacque de Vitry, Michel Le Syriaque, R. Grousset, 443‬‬ ‫‪.J. Prawer, C. Cahen, K. Setton, S. Runciman‬‬

‫خاتمة‬

‫لبنان في أرشيف الحروب‬

‫‪22‬‬

‫وجه إلى أمير الموارنة ورؤساء كهنتهم رسالة في‬ ‫‪ 125‬ألف – وأن الملك َّ‬ ‫‪ 21‬أيار ‪ 1250‬أظهر فيها محبته الموارنة وامتدح طائفتهم واتحادهم الدائم‬ ‫وأعلَ َمهم أن ‪‬األمة المارونية‪ ‬جزء من األمة‬ ‫مع خلفاء بطرس الرسول ْ‬ ‫وتعهد باسم فرنسا إيالء الموارنة رعاية يتمتع بها الفرنسيون‬ ‫الفرنسية‪َّ ،‬‬ ‫أنفسهم‪.‬‬ ‫‪43‬‬ ‫سوى أن المصادر األصلية والمراجع الموثوقة  عن فترة ‪‬الحروب‬ ‫بعد وجود‬ ‫أي أشارة إلى الرسالة المزعومة‪ ،‬ولم يثبت ُ‬ ‫الصليبية‪ ‬خلَ ت من ّ‬ ‫هذه الرسالة في األرشيف الفرنسي عن القرون الوسطى‪ .‬وزيــارة الوفد‬ ‫الماروني عكا لتهنئة ملك فرنسا كانت كمجيء وفــود عديدة أخــرى إلى‬ ‫مقدم االسماعيلية‬ ‫عكا للترحيب بالملك لويس التاسع‪ ،‬ومنها وفد أرسله ّ‬ ‫(‪‬شيخ الجبل‪ ‬وفْ ق المصادر الالتينية) رحب به الملك كما رحب بسائر‬ ‫الوفود وأجاب ‪‬شيخ الجبل‪ ‬على رسالته‪ .44‬وتبادل الزيارات بين المسلمين‬ ‫أمرا مألوفً ا بعدما خف االحتقان بينهم‪،‬‬ ‫والفرنج‪،‬‬ ‫أيام السلم‪ ،‬بات ً‬ ‫خصوصا َ‬ ‫ً‬ ‫وفي كتابات ابن جبير وأسامة بن منقذ شواهد على ذلك‪ :‬ابن جبير ذكر‬ ‫أن العالقات التجارية لم تنقطع بين المسلمين والفرنج رغم اشتداد القتال‬ ‫أيام صالح الدين‪ ،45‬وأسامة بن منقذ ذكر صالت حميمة جمعته‬ ‫بينهم َ‬ ‫‪46‬‬ ‫أيضا‬ ‫مع فارس افرنجي من جيش الملك فولك (‪ .)Foulques‬وما َح َّد ً‬ ‫من حالة العداء بين المسلمين والفرنج‪ :‬انشغال ِكال الطرفين بمشاكله‬ ‫الداخلية‪ .‬فالمعسكر اإلسالمي ش ِهد بين أيوبيي الشام ومصر خالفات‬ ‫حادة أدت إلى استيالء الفرنج على مدن (من بيروت إلى عسقالن) كان‬ ‫استعادها صالح الــديــن‪ ،47‬والصراعات في معسكر الفرنج حتى عشية‬ ‫وصول لويس التاسع إلى عكا (منها خالف في المدينة سنة ‪ 1250‬بين‬ ‫حربا أهلية في‬ ‫البنادقة َ‬ ‫والج َن ّويين حول ملْ كية كنيسة القديس سابا) ولّ دت ً‬ ‫شوارع عكا انتقل صداها إلى إمارة أنطاكية – طرابلس فانقسم المعسكر‬ ‫اإلفرنجي منطقتين متعاديتين‪.48‬‬

‫معطيات المؤرخين في أحكامهم عن تعاون شيعة جبل عامل مع الفرنج‬ ‫ليست حقائق غير قابلة للشك بل تقابلها روايــات أخــرى مغايرة‪ .‬فابن‬ ‫أن ملك‬ ‫القالنسي الدمشقي عاصر تلك األحــداث ونقل عنه متأخرون ّ‬ ‫الفرنج بودوان حين حاصر مدين َة صور سنة ‪ 1111‬أتت أهل صور رجالة‬ ‫كثيرة من صور وجبل عاملة‪ ،49‬وقاوموا الفرنج بمؤازرة قوات أرسلها‬ ‫لنجدتهم طغتكين أتابك دمشق فانكفأ المهاجمون عن المدينة بعد حصار‬ ‫ّنيف وأربعة شهور‪.50‬‬ ‫حجج بعض المؤرخين حــول اضطهاد السلطة اإلسالمية‬ ‫وضعيف ٌة‬ ‫ُ‬ ‫مسلمين غير قائلين بمذاهب السنة األربعة‪ ،‬لتبرير تعامل سكان جبل‬ ‫عامل مع الفرنج‪ .‬فسياسة صالح الدين مع غير أهل السنة لم تكن ثابتة‬ ‫بدليل أنه في فترات معينة ووفق مقتضيات مصلحة الدولة‪ ،‬كان على وفاق‬ ‫مع االسماعيلية الشيعة وتعاون معهم في مجاهدة الفرنج‪ ،‬وكانوا في فترات‬ ‫قابال للنقاش ما ذكره دارسون حول‬ ‫أخرى أعداء السلطان األيوبي‪ .‬ويبقى ً‬ ‫‪‬عاملية‪ ‬األمير حسام الدين بشارة الــذي أقطعه صالح الدين منطقة‬ ‫‪‬خيط بانياس‪ ‬ومنها جبل عامل (بالد بشارة) مكافأة له على مشاركته‬ ‫السلطان في فتح حصن هونين‪.51‬‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫‪24‬‬ ‫د‪ .‬أحمد حطيط‬

‫إن مــواقــف الـمــوارنــة والشيعة مــن الـحــدث الكبير ال ــذي طغى على‬ ‫المنطقة (وال تختلف عنه مواقف الجماعات السكانية اللبنانية األخرى‬ ‫الخاضعة لنفوذ الفرنج) كانت محكومة بطبيعة الصراع الناشب‪ .‬فتقاسم‬ ‫النفوذ في المناطق اللبنانية بين الحكام المسلمين والفرنج تلَ ْت ُه حالة انعدام‬ ‫وزن لدى الجماعات اللبنانية على اختالف عقائدها وتوجهاتها الدينية‬ ‫فترتئذ‪ .‬لذا لم‬ ‫والمذهبية‪ ،‬ببسبب ضبابية المناخ السياسي في المنطقة‬ ‫ٍ‬ ‫تشكل الطوائف اللبنانية‪ ،‬مجتمعة أو منفردة‪ ،‬كتلة متجانسة مع الفرنج أو‬ ‫متحالفة معهم‪.‬‬ ‫حينا إلى جانب الحكام المسلمين وأحيانً ا إلى‬ ‫مالت جماعات لبنانية ً‬ ‫أحيانً‬ ‫تبعا‬ ‫المتنازعين‪،‬‬ ‫الطرفين‬ ‫تجاه‬ ‫أخرى‬ ‫ا‬ ‫جانب الفرنج‪ ،‬وتحفظ بعضها‬ ‫ً‬ ‫لمقتضيات مصالح آنية ومباشرة وتشابكها وتداعيات التـناحر القبلي ‪ /‬العشائري‬ ‫ال الديني ‪ /‬الطائفي‪ ،‬وتسارع المستجـدات على طول ساحة المواجهة (ال أستثني‬ ‫من ذلك ًأيا من الجماعات اللبنانية) وإن كانت مواقف هذه الجماعة أو تلك‬ ‫تتمظهر أحيانً ا بمظهر ديني أو مذهبي‪ .‬ولم تحقق أي ُة جماعة لبنانية مكاسب‬ ‫نوعية في ظل حكم الفرنج في الشرق‪ ،‬فما كان لدى األسياد الفرنج من اعتداد‬ ‫بالقوة ونزعة االستعالء وهاجس المنفعة الشخصية جعلهم ال يحترمون العهود‬ ‫وال يقيمون وزنً ا للتحالفات مع الجماعات المحلية‪ ،‬فأسهموا في إثارة مشاعر‬ ‫الريبة تجاههم وانعدام ثقة السكان بهم‪.‬‬ ‫غموضا أحاط‪ ،‬وال يزال يحيط‪ ،‬بجوانب‬ ‫آمل من دراستي هذه أن تجلو‬ ‫ً‬ ‫كثيـرة مـن تاريـخ لبنـان‪ ،‬بـيـنــها َت َو ُّز ُع السكان الجغرافي في مرحلة ‪‬حروب‬ ‫ملتبسا في مواقف الجماعات السكانية‬ ‫وغموضا آخر‬ ‫الفرنج في الشرق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حاذرت إيديولوجيا طغت على كتابات كثيرين ممن أرخوا‬ ‫من الفرنج‪ .‬لذا‬ ‫ُ‬ ‫والمعقدة من تاريخ لبنان‪.‬‬ ‫لهذه الفترة الدقيقة‬ ‫ّ‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬ ‫د‪ .‬الياس ّ‬ ‫القطار‬

‫أستاذ التاريخ الوسيط في الجامعة اللبنانية‬

‫يبق َأثـ ٌـر من أرشيف سلطنة المماليك‪ ،‬ألسباب غير معروفة قد تكون‬ ‫لم َ‬ ‫إهماال‪ ،‬أو انّ ها ال تزال محفوظة‬ ‫ً‬ ‫اضطرابات سياسية عصفت بدولتهم‪ ،‬أو‬ ‫أن ّكتاب دواوين‬ ‫األيــام‪ .‬مع ّ‬ ‫غير مكشوفة‪ ،‬أو ألسباب أخرى قد تبرزها ّ‬ ‫(خصوصا القلقشندي) نقلوا مئات الوثائق عن‬ ‫اإلنشاء في موسوعاتهم‬ ‫ً‬ ‫فترة حكم المماليك وقبلهم منذ مطلع الخالفة اإلسالمية‪.‬‬ ‫متنوعة‬ ‫رغم هذا الواقع ِ‬ ‫حظ َي لبنان في عهد المماليك بمجموعة وثائق ّ‬ ‫المصادر‪.‬‬ ‫أو ًال‪ :‬الوثائق ذاتها‬ ‫ربوال‬ ‫ ) أإنجيل ّ‬

‫مكتوبا بالحرف السرياني‪،‬‬ ‫نص األناجيل األربعة‬ ‫نسخه في دير بيت‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫هو ّ‬ ‫زغبا (شمال سورية) سنة ‪586‬م رهبان على رأسهم الراهب ّربــوال‪ .‬وفي‬ ‫صو ُر مشاهد من حياة المسيح‪ ،‬بينها أقدم‬ ‫الكتاب‪ ،‬إلى نصوص األناجيل‪َ ،‬‬ ‫وأول صورة تاريخية للسيدة العذراء‬ ‫صورة تاريخية مرسومة له‬ ‫مصلوبا‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫حاملة الطفل يسوع‪ .‬انتقل هذا اإلنجيل من مكان نسخه إلى دير مار مارون‬ ‫في سورية‪ّ ،‬ثم انتقل مع البطريركية المارونية إلى جبال لبنان وبقي لديها‬ ‫إلى القرن القرن السابع عشر حين انتقل إلى فلورنسا حيث هو اآلن‪.‬‬ ‫سجال‬ ‫الفنية‪ ،‬كان في دير سيدة قنوبين‬ ‫ً‬ ‫هذا اإلنجيل‪ ،‬إلى قيمة صوره ّ‬ ‫مسجلَ ٌة على‬ ‫صكوكها ونصوص مواضيع أخــرى‬ ‫ُ‬ ‫عقارية‬ ‫لوثائق‬ ‫خاصة‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫درجت عند‬ ‫فشوهتها‪ ،‬وهذه عادة َ‬ ‫هوامش المخطوط وطالت بعض الصور ّ‬ ‫تسجل‪ ،‬على هوامش كتب‬ ‫الموارنة حتى مطلع القرن العشرين إذ كانت‬ ‫َّ‬ ‫الصالة‪ ،‬وقائع تجري في بعض القرى‪ ،‬والبطريرك أسطفان الدويهي في‬ ‫نقال عن حواشي كتب‬ ‫كتابه ‪‬تاريخ األزمنة‪َ ‬ذكر معلومات طريفة كثيرة ً‬ ‫الصالة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫نماذج من نصوص ربوال‬

‫‪1.1‬نص وقف من عام ‪1361‬م‪:‬‬

‫‪‬بسم اهلل الحي األزلي لما كان نهار السبت خامس عشر يوم مضت من‬ ‫شهر أيار المبارك الوافق لسنة ‪1672‬يونانية حضر‪( ...‬غير مقروء) جماعة‬ ‫يأتي ذكرهم وشهادتهم في آخر هذا السند وحضر حنا ابن سركيس من قرية‬ ‫بلوزا وأوقف عن روح صهره صار كروم عند العين الفوقاني حده من الشرق‬ ‫ملك بيت (غير مقروء) ومن الغرب ومن القبلة ملك حوش ومن الشمال ملك‬ ‫الدير وبذلك‪ ...‬شهد بصحة ذلك الخوري يعقوب (غير مقروء)‪.‬‬ ‫ ‪2.‬ومن تلك الفترة نص وقفية أخرى عام ‪2631‬م‪:‬‬

‫‪‬باسم اهلل الحي إلى األبد ليكن الذكر الصالح للخوري شمعون ابن‬ ‫الخوري عبد يسوع من قرية داريــا المباركة الذي وهب من تلقاء نفسه‪،‬‬ ‫ألجل ذكره وذكر والديه لدير سيدتنا مريم في قنوبين أربع عشرة شجرة‬ ‫زيتون في قرية كفرشخنا المباركة في األرض المدعوة صارا القريبة من‬ ‫النهر‪ ،‬في السنة ‪ 1763‬لليونان (‪1362‬م)‪ .‬وشهد بذلك المطران يعقوب‬ ‫الذي كتب هذا بخط يده‪.‬‬

‫‪‬سنة ألف وسبعماية وسبعة وعشرين (‪1416‬م) غنية من قرية بقوفا‬ ‫وقفت شجرة الجوز الموجودة عند كنيسة القديس نقوال عن روحها وعن‬ ‫أرواح أوالدها سابا ويوحنا وشهد اآلباء الخوارنة موسى ويوسف وجرجس‬ ‫ويوسف ودانيال‪.‬‬

‫غنيا‬ ‫ ‪4.‬نص وقف ‪1641‬م (النصف الثاني من القرن الخامس عشر كان ً‬ ‫قياسا إلى القرون السابقة)‪:‬‬ ‫باألوقاف ً‬

‫‪‬سـنــة ‪ 1772‬مــن سنين إسـكـنــدر الـيــونــانــي أوق ــف ال ـخــوري جرجس‬ ‫والخوري هالل القاطنين في دير حوقا أوقفوا من تعبهم وعرق جبينهم‬ ‫صالحا عن‬ ‫تذكارا‬ ‫للدير المبارك سيدة قنوبين الدست الكبير وجعلوه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نفوسهم في الدنيا واآلخــرة رحمهم اهلل أمين‪ .‬وكل واحد حسب صالته‬ ‫سيئا‪ .‬وكذلك كان الوقف في زمان أبونا ومعلمنا‬ ‫ينال الجزاء‬ ‫صالحا كان أم ً‬ ‫ً‬ ‫ورئيسنا وتاجنا ومدبرنا البطريرك مار يعقوب الحدثي رحمه اهلل ويرحمنا‬ ‫في بركة صالته آمين‪ .‬والذي يخرج هذا الدست من الدير المذكور أو يبيعه‬ ‫أو يرهنه يكون ممنوع محروم مفروز من اهلل ومن كرسي مار بطرس أمين‬ ‫ومن حقارتنا هذه ومن جميع الكراسي‪.‬‬ ‫ ‪5.‬نص من عام ‪6151‬م‪:‬‬

‫‪‬لما كان تاريخ سنة ‪ 1827‬يونانية (‪1516‬م) البطرك بطرس ابن داود‬ ‫الملقب ابن حسان من القرية المباركة الحدث أرسل إليه بابا روما على يد‬ ‫رهبانه فرنسيسكو ورفاقه القوميسار وترجمانه أول الحوايج وجه المذبح‪،‬‬ ‫وثانيا خف وحذاء مزركش وثالثهم أربع كتاتين اثنتين حمر واثنتين مزركشتين‬ ‫ً‬ ‫وعلى صدر كل واحدة شمر وختن مقصبات في ذهب وكذلك ختمه وكذلك‬ ‫كفوف يدين مزركشين وكذلك مقعدين تحت البدلة على الكرسي وكذلك زنار‬ ‫في شماريخ مقصبين في ذهب وكذلك المنصفة البيضا وكذلك بطرشينين‬ ‫مزركشين وكذلك ثــاث زنــود واحــد أحمر واثنين مزركشين وكذلك بدله‬ ‫مزركشة في ذهب وفضة وكذلك غفارتين مزركشات واحدة كبيرة وأخرى‬ ‫مرصع في لؤلؤ كذلك ثالث جواخ وكذلك جوختين للملقب‬ ‫زغيرة وكذلك تاج َّ‬ ‫إيليا أمير الموارنة وعشرة أخــرى الستعمال خــدام دير السيدة مريم في‬ ‫قنوبين‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫‪26‬‬

‫جزءا من فترة الوجود‬ ‫الوثائق‬ ‫ّ‬ ‫المسجلة على هوامش إنجيل ربوال تطال ً‬ ‫وجزءا من مطلع العهد العثماني‪.‬‬ ‫الفرنجي – الصليبي وكامل الفترة المملوكية‬ ‫ً‬ ‫نصوصا تاريخية‪ ،‬بينها نصان من عام ‪1399‬م‬ ‫وثائق هذا اإلنجيل تشمل‬ ‫ً‬ ‫وعام ‪1516‬م فيهما أسماء بعض الكهنة ومكان وجودهم‪ ،‬وعالقة البطريرك‬ ‫بطرس ابن داوود بالبابا في روما وبالرهبانية الفرنسيسكانية‪.‬‬ ‫النوع اآلخــر من الوثائق‪ :‬السنة الطقسية المارونية‪ ،‬والنوع الثالث‪:‬‬ ‫األوقاف المارونية وهي نصوص أوقاف من القرنين الرابع عشر والخامس‬ ‫تحدد أمكنة األوقــاف ونوعيتها والواقفين‬ ‫عشر ومطلع العهد العثماني ّ‬ ‫مؤرخة‬ ‫نص وقفية‪ ،‬إلى ستة نصوص غير َّ‬ ‫والشهود‪ .‬عدد هذه النصوص ‪ّ 12‬‬ ‫من العهد المملوكي‪ .‬وهذه الوقفيات توضح جغرافية انتشار الموارنة في‬ ‫القرون الوسطى‪ ،‬وتبرز دور دير قنوبين‪ ،‬قبل انتقال البطاركة إليه‪ ،‬ما‬ ‫أيضا‬ ‫قد يكون ساهم في االنتقال من دير سيدة ايليج‪ .‬وفي النصوص ً‬ ‫ومقدمين) لتأكيد على تاريخيتها‬ ‫إشارة إلى شخصيات مارونية (أساقفة‬ ‫ّ‬ ‫وما ورد في جزء عنها في المصادر الالحقة‪ ،‬وإشارة إلى نوعية العالقة‬ ‫بين الكرسي الرسولي والبطريركية المارونية‪ ،‬ما يشير إلى نوعية الحياة‬ ‫عهدئذ‪.‬‬ ‫الروحية المارونية ونوعية الكتابة السائدة‬ ‫ٍ‬

‫ ‪3.‬نص وقف من عام ‪6141‬م‪:‬‬

‫‪27‬‬


‫‪28‬‬ ‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫تكونت‬ ‫يحتل أرشيف بكركي المقام األول بين مراكز األرشيف اللبناني‪ّ .‬‬ ‫رسائل األحبار الرومانيين وأجوبة‬ ‫نواته منذ بدأت تبلُ ُغ البطارك َة الموارنة‬ ‫ُ‬ ‫البطاركة الموارنة عليها‪ .‬أقـ َـد ُم بــراءة (مخطوطة على جلد غــزال كسائر‬ ‫ال ـبــراءات)‪ :‬ب ــراءة البطريرك أينوشنتس الثالث سنة ‪ 1215‬وفيها يدعو‬ ‫البطريرك إرميا العمشيتي إلى حضور المجمع المسكوني الرابع في الالتران‪.‬‬ ‫البراءات المحفوظة في أرشيف بكركي من سبعة أجيال تبلغ ‪ 107‬براءات‪.‬‬ ‫نصها األصلي محفوظ في بكركي‪.‬‬ ‫أصدرها األب عنيسي مجموعة لكن ّ‬ ‫سخا‪ :‬البطريرك المؤرخ‬ ‫تنظيما‬ ‫أول من عني بهذه البراءات‬ ‫وترتيبا ونَ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أسطفان الدويهي الــذي (كما ذكــر عنه مــؤرخ سيرته البطريرك سمعان‬ ‫تنبه إلى‬ ‫ّ‬ ‫عواد) كان مولَ ًعا بتواريخ الطائفة وكتاباتها الرسمية حتى العبادة‪ّ .‬‬ ‫فنشرها قبل العنيسي‬ ‫الماروني‬ ‫البطريركي‬ ‫الكرسي‬ ‫مع‬ ‫المراسالت‬ ‫أهمية‬ ‫َ‬ ‫جامعا إياها في مصحف واحد حتى إذا فقد شيء من أصلها‬ ‫بنحو قرنين‬ ‫ً‬ ‫يستعاض عنه بالنسخة المنسوخة‪ ،‬وأوكــل كتابتها إلــى المطران يوسف‬ ‫مضيفا إليها نُ َس َخ رساالت البطاركة‬ ‫شمعون الحصروني الذي نسخ البراءات‬ ‫ً‬ ‫‪‬سجل‬ ‫باسم‬ ‫المصحف‬ ‫هذا‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫وع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحكام وحجج الكرسي البطريركي‪ِ ُ .‬‬ ‫الحقا عشر صفحات‪ .‬آخر‬ ‫الدويهي‪ ‬وهو في ‪ 770‬صفحة أضيفت إليها‬ ‫ً‬ ‫‪1‬‬ ‫صفحة في السجل‪ :‬أمر البابا إقليموس العاشر حول يوبيل عام ‪.  ١٦٧٥‬‬ ‫نماذج من وثائق الكرسي البطريركي‬ ‫(ال ــوثــيــقــت ــان ُ‬ ‫األولَ ـ ـ ـ َـيـ ـ ــان – األولـ ـ ــى م ــن عـ ــام ‪1484‬واألخ ـ ـ ـ ـ ــرى مــن‬ ‫نقال عن وثيقة شراء يفترض‬ ‫‪ – 14882‬منسوختان عن ‪‬سجل الدويهي‪ً ‬‬ ‫النص)‬ ‫أنها معقودة في المحكمة الشرعية اإلسالمية كما يظهر‬ ‫ّ‬

‫‪1.1‬مشترا كرم البويرات بأرض بان بدراهم ميتي وخمسين سنة ‪988‬‬ ‫للهجرة‬

‫‪ 11‬المعلومات عن أرشيف بكركي مذكورة في مقالة األب الدكتور بولس صفير‬ ‫‪‬أرشيف البطريركية المارونية في بكركي‪ :‬طريقة جمعه‪ ،‬محتوياته‪ ،‬تنظيمه الحديث‪‬‬ ‫في المؤتمر األول حول أرشيف تاريخ لبنان‪ ،‬قسم التاريخ – كلية اآلداب الفرع الثاني‬ ‫في الجامعة اللبنانية‪ 29 – 27 :‬نيسان ‪ ،1983‬منشورة في مجلة دراسات‪ ،‬كلية التربية‬ ‫‪.)1984( 14 – 13‬‬ ‫‪ 22‬‬

‫أرشيف بكركي‪ ،‬سجل مخطوط رقم ‪ ،113‬حجة رقم ‪ 1‬و‪ 2‬بالكرشوني‪.‬‬

‫ ‪2.‬مشترا كرم الزيتون بعربة سرعل‪.‬‬

‫بسم اهلل الرحمان الرحيم من لطفك دايما‬ ‫اش ـتــرى الـبـطــرك بـطــرس يـعــرف بــابــن يـعـقــوب الـنـصــرانــي البطرك‬ ‫الحدثي الكاطن يوميدا بدير قنوبين بجبة بشراي بما له لنفسه دون غيره‬ ‫من الزين ابن كعف ابن عبداهلل المسلم من قرية سرعل عمل طرابلس‬ ‫المحروسة‪ .‬اشترى منه فباعه في عقد واحد وصفة واحدة ومقام واحد‪.‬‬ ‫ودخر البايع المذكور إن ذلك له وملكه وبيده وحوزه وتحت تصرفه إلى‬ ‫حين البيع وذلك جميع الكرم العنب القايم به أصول زيتون الكائن بأرض‬ ‫قرية سرعل المذكورة ويعرف بعربة سرعل بما له من القبلة أرض داوود‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫وثائق الكرسي البطريركي الماروني‬

‫بسم اهلل الرحمان الرحيم من لطفك دايما‬ ‫اشترى البطرك بطرس ابــن يوسف ابــن يعقوب النصراني البطرك‬ ‫الماروني القاطن بدير قنوبين ويعرف بالحدثي بما له لنفسه دون غيره من‬ ‫القسيس سركيس ابن يوحنا ويعرف بابن الكريطة النصراني من قرية بان‬ ‫عمال جبة بشراي‪ .‬اشترى منه فباعه في عقد واحد وسفقة واحدة ومقام‬ ‫واحد ما دخر البايع المذكور من ذلك له وملكه وبيده وفي حيازته وتحت‬ ‫تصرفه ومنتقل إليه باالبتياع الشرعي وذلك جميع الكرم الكاين بقرية بان‬ ‫المذكورة ويعرف بالبيورات وحده بكامله من القبله المشرفة ملك الخوري‬ ‫نوح ومن الشرق الدرب السالك‪ .‬ومن الشمال ملك الخوري فخر ومن الغرب‬ ‫ملك الشقطين بجميع ذلك كله وحقوقه وطرقه وطرايقه وما يعرف به شرعا‬ ‫مشتمال‬ ‫صحيحأ وشرعيا وبيعآ قاطعا الزما مرضيا ال شرط فيه وال فساد‬ ‫ً‬ ‫على اإليـجــاب والقبول الشرعي بثمن مبلغه لذلك من الــدراهــم الفضه‬ ‫درهما ونصف الكل مايه درهم‬ ‫معامله يوميدا مبلغ مايتي درهما وخمسون‬ ‫ً‬ ‫وخمسة وعشرون درهما – قر البايع المذكور بقبض جميع الثمن المعين‬ ‫من المشتري المذكور للقبض الشرعي بتمامه وكماله ولم يتأخر له من ذلك‬ ‫الدراهم الفرد وكذلك بعد النظر والروية والمعرفة والمعاينة والمعاقدة‬ ‫الشرعية من غير جبن حصل عليهما ذلك وال حيف وال فساد وعلم المشتري‬ ‫المذكور أن على األرض المذكوره خراجا لمقطع القرية في كل سنة من‬ ‫الدراهم الموصوف مبلغ ثالثة دراهم فما بان في المبيع المعين اعال من‬ ‫درك وتبعا فضمانه على البايع حيث يوجبه الشرع الشريف ويقتضيه ووكال‬ ‫في ثبوته وطلب الحكم به توكال شرعيآ واشهدا عليه ما بذلك ثامن عشر‬ ‫شوال سنه ‪ 89‬وثمان ماية‪ ،‬أحسن اهلل ختامها وكان على البايع والمشتري‬ ‫المذكورين أعاله محمد ابن محمد يمن الشافعي لطف اهلل‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫‪30‬‬

‫ ‪ ...3.‬مشترا كرم الزيتون بوطا عبدين سنة ‪6941 / 109‬‬

‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫إشترى بطرس بن داود بن يوسف النصراني البطرك‪...‬ويعرف‪ ...‬من‬ ‫قرية عبدين من عمل بشراي‪ ...‬جميع المروش(بستان زيتون) الزيتون‬ ‫اإلسالمي الكاين بــأرض قرية عبدين المذكورة ويعرف بالوطا‪ ...‬بثمن‬ ‫العدة ومعاملة يوميدا مبلغ اربعماية درهم نصف‬ ‫مبلغه من الدراهم الفضة ّ‬ ‫ذلك مايتي درهم‪ ...‬وشهد عليهما اهلل مستهل شهر صفر األعز من شهور‬ ‫سنة احدى وتسعماية كاتبه فقير غفر اهلل تعالى محمد بن محمد بن يمن‬ ‫بدفع خليفه بحكم النوب بجبة بشراي والكورة‪.3‬‬ ‫ ) جرسائل البابوات‬ ‫ممتازة كانت عالقات الــوالء بين الموارنة ورومــا‪ ،‬منذ نشوء الطائفة‬ ‫المارونية‪ّ ،‬‬ ‫وتوثقت أكثر مع العهد الفرنجي – الصليبي بعد قطيعة فرضتها‬ ‫الظروف التاريخية والجغرافية‪ .‬ونتيجة لتلك العالقات قامت مراسالت‬ ‫وثائقها األب طوبيا العنيسي‬ ‫عدة بين البابوات والبطاركة الموارنة‪ ،‬نشر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫في مجلدين‪:‬‬ ‫‪1. Bullarium Maronitarum complectens Bullas, Brevia, Epistolas,‬‬ ‫‪Constitutiones aliaque Documenta a Romanis Pontificibus ad‬‬

‫‪ 33‬أرشيف بكركي‪ ،‬سجل مخطوط رقم ‪ ،113‬حجة ‪ 4‬بالكرشوني‪ .‬المروش‪ ‬لفظة‬ ‫عامية = حقل زيتون محدود‪.‬‬

‫‪2. Collectio Documentorum Maronitarum complectens Brevia‬‬ ‫‪Pontificia, Epistolas Partriarcales, Monumenta Historica magni‬‬ ‫‪momenti quibus perpetua inter S.Sedem Apostolicam et Nationem‬‬ ‫‪Maronitarum relatio probatur, ex Tabulario Secreto S. Sedis,‬‬ ‫‪Bibliotheca Vaticana, Variisque Bibliothecis in Urbe excerpta et juxta‬‬ ‫‪temporis seriem disposita, Liburni, Typ. G. Fabbreschi, 1921.‬‬

‫برناردس‬ ‫ويمكن تكملة هاتين المجموتين بوثائق إضافية نشرها األب‬ ‫ُ‬ ‫غبيرة الغزيري وغيره‪.‬‬ ‫الــب ــراءات وال ـمــراســات الـبــابــويــة (ح ـتــى نـهــايــة الـعـهـ َـديــن الصليبي‬ ‫أبرزها مع‬ ‫والمملوكي) منشور ًة في مجلدي العنيسي تبلغ ‪ 24‬وثيقة‪ ،‬هنا ُ‬ ‫تاريخها واسم البابا‪ :‬من أينوشنتس الثالث إلى إرميا العمشيتي (نيسان‬ ‫‪ ،)1213‬من أينوشنتس الثالث إلى البطريرك واألساقفة الموارنة (‪3‬‬ ‫كانون الثاني ‪ ،)1215‬من أينوشنتوس الرابع إلى البطريرك دانيال (‪ 8‬آب‬ ‫‪ ،)1219‬من أينوشنتوس الرابع إلى البطريرك الماروني (‪ 5‬آب ‪،)1246‬‬ ‫مــن البابا اسكندر الــرابــع إلــى البطريرك سمعان واألســاقـفــة والكهنة‬ ‫والشعب (‪ 14‬شباط ‪ ،)1256‬من أوجين الرابع إلــى البطريرك يوحنا‬ ‫الجاجي (‪17‬كانون الثاني ‪ ،)1441‬من البابا نقوال إلى البطريرك يعقوب‬ ‫الحدثي (‪ ،)1447‬من أوجين الرابع (‪ 7‬آب ‪ ،)1445‬من البابا غالكتوس‬ ‫الثالث إلى البطريرك يعقوب الحدثي (‪14‬حــزيــران ‪ ،)1455‬من البابا‬ ‫سيكستس الرابع (‪ 5‬تشرين الثاني ‪ ،)1475‬من البابا بولس الثاني إلى‬ ‫البطريرك بطرس بن حسان (آب ‪ ،)1469‬رسالة من البطريرك سمعان‬ ‫حسان إلى البابا ليون العاشر (‪ 2‬آذار ‪ ،)1514‬من البابا ليون العاشر‬ ‫ابن ّ‬ ‫إلى البطريك سمعان ابن حسان (‪ 15‬آيار ‪ ،)1514‬من البابا ليون العاشر‬ ‫(‪ 25‬أيار ‪ ،)1514‬من ليون العاشر إلى األمة المارونية (‪ 27‬أيار ‪،)1514‬‬ ‫من البابا ليون العاشر (‪ 13‬أيلول ‪ ،)1515‬من البطريك سمعان إلى‬ ‫البابا ليون العاشر (‪ 13‬شباط ‪ ،)1515‬من البابا ليون العاشر (‪ 1‬أيلول‬ ‫‪ ،)1515‬من ليون العاشر (‪ 22‬تموز ‪ ،)1515‬من البابا غريغوريوس الثاني‬ ‫عشر إلى البطريرك سمعان (‪ 1‬آب ‪ .)1515‬ثم البابا أوجين الرابع إلى‬ ‫الموارنة (‪ ،)1439‬ورسالة من فرنسوا سوريانو (‪ )1494‬وأخرى من األخ‬ ‫غريفون إلى الموارنة منشورة في مجموعة مبارك‪.4‬‬ ‫‪ 44‬المعلومات عن وثائق روما وبكركي موجودة في‪:‬‬ ‫‪.Y. Moubarac, Pentalogie Maronite, Beyrouth 1984, 471 – 511‬‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫الرطيل ومــن الـشــرق األرض الممسرة ومــن الشمال أرض موسى ابن‬ ‫منصور ومن الغرب أرض عيسى بن قشخبان بجميع ذلك كله وحقوقه‬ ‫وطرقه وطرايقه وما يعرف به‪ ...‬البيع شرعا‪ ...‬صحيحا شرعيا وبيعا‬ ‫قاطعا الزما مرضيا ال شرط فيه وال فساد مشتمال على ايجاب القبول‬ ‫الشرعي بثمن مبلغه لذلك من الدراهم الفضة معاملة دمشق المحروس‬ ‫مبلغ خمس ماية درهم نصفها مايتي وخمسون درهما استقر أعاله قبضا‬ ‫صحيحا شرعيا تاما كامال ووافيا ولــم تأخر له من ذلــك درهــم الفرد‬ ‫بعد النظر والروية والمعرفة والمعاقدة الشرعية من غير غبن حصل‬ ‫عليهما ذلك وال فساد فما كان في المبيع المعين أعاله من درك وتبعة‬ ‫فضمانه على البايع حيث يوجبه الشرع الشريف ويقتضيه ووكــا في‬ ‫تبريته والحكم به توكال شرعيا وشهدا عليهما الشهود مستهال شهر‬ ‫رمضان المعظم قدره ثالثة وتسعين وثمان ماية على البايع والمشتري‬ ‫المذكور أعاله محمد ابن يمن الشافعي لطف اهلل‪.‬‬

‫‪Patriarchas Antiochenos Syro – Maronitarum missa, Romae, MCMXI,‬‬ ‫‪Max Bretschneider Libarius Editor, Via del Tritone, 8.‬‬

‫‪31‬‬


‫‪32‬‬ ‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫‪‬أوجانيوس األسقف عبد عبيداهلل إلى األخ المحترم يوحنا بطريرك‬ ‫الموارنة السالم والبركة الرسولية قد أطلعنا على ما كتبتموه لنا في شهر‬ ‫آب الفائت صحبة الولد العزيز الراهب بطرس من اإلخوة الصغار ونظرنا‬ ‫فإذا نعمة الهنا وسيدنا يسوع المسيح معكم لقبولكم تعاليم إيمانه بكل‬ ‫كل من يتولى‬ ‫رضى واختيار ولكم رجاء وطيد في الكرسي الرسولي وفي ّ‬ ‫رياسته فاإلله الضابط الكل يفيض نعمه عليكم وعلى الشعب الذي تحت‬ ‫سببا النتظام سائر الفضائل التي تمدحون‬ ‫طاعتكم وكما كان الخضوع ً‬ ‫أيضا لكل ما نكتبه إليكم لتمتلئوا حكمة ونعمة وال‬ ‫عليها فلتكن طاعتكم ً‬ ‫أيضا الشعب واألمم األخرى‬ ‫يكفي أن تسلكوا بها أنتم وحدكم بل أن تقودوا ً‬ ‫في تلك البالد واألعمال القاصية إلى الحياة الدائمة بأمثال أفعالكم‪ .‬ولما‬ ‫كل شيء في كتابنا هذا أرسلنا إليكم الولد العزيز‬ ‫لم يمكنا أن نبين لكم ّ‬ ‫الراهب أنطونيوس من طورية من الرهبانية المعروفة باإلخوة الصغار‬ ‫كل ما‬ ‫وجعلناه‬ ‫ً‬ ‫رفيقا لولدنا الراهب بطرس من ً‬ ‫فرارا وهما يشرحان لكم ّ‬ ‫تعتقد به الكنيسة الكاثوليكية وال يكفي أن تقبلوهما وأن تكونوا متحدين‬ ‫أيضا على الثبات والمحاربة ألجل‬ ‫بالكرسي الرسولي بل أن تقووا نفوسكم ً‬ ‫اإليمان لتنالوا اإلكليل ولم نقل ذلك لريبة لنا في ثباتكم وثبات ملتكم بل‬ ‫ألننا علمنا أنكم استقبلتم قصادنا وظهرتم بهجة ومسرة زائدة حتى أغضبتم‬ ‫أعدائكم عليكم فقبضوا على البعض من رؤسائكم وقتلوا البعض وصبرتم‬ ‫على ذلك بشهادة كبرى وصح فيكم قول الرسول إنكم صبرتم على نهب‬ ‫أموالكم بفرح عظيم‪ .‬ويتحتم علينا في مخاطبتنا لكم أن نبين ما تستحقون‬ ‫عليه الثناء والثواب األبدي وإذا فعلتم ما ذكرناه وكنتم مستعدين للعمل به‬ ‫استشعرتم في قلبكم بفرح جزيل من أجل الهبات العظيمة المنحدرة عليكم‬ ‫من لدن اهلل‪.‬‬ ‫كتب في فلورنسا سنة ‪ 1441‬لتجسد المخلص في اليوم الثاني عشر من‬ ‫كانون األول وفي السنة الحادية عشرة من حبريتنا‪.5‬‬ ‫المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل‪،‬‬ ‫‪ 55‬الترجمة في المطران يوسف الدبس‪ ،‬الجامع‬ ‫ّ‬ ‫ص ‪.266 – 265‬‬

‫تعطي نماذج عن وثائق هذه الرهبانية التي ُكلِّ فت شؤون المسيحين‬ ‫بعد رحيل الصليبيين‪ .‬وكانت تسميتهم ‪‬اإلخــوة الصغار‪ ‬المكلفين‬ ‫شــؤون األرض المقدسة‪ .‬مركزهم الرئيس في القدس وكــان لهم دير‬ ‫فــي بـيــروت‪ .‬كلّ فهم الكرسي الرسولي زيــارة الـمــوارنــة واالط ــاع على‬ ‫أوضاعهم‪ .‬اشتهر منهم ‪‬األخ غريفون‪ ،‬أقــام بينهم من ‪ 1450‬إلى‬ ‫نص في ‪‬سجل الدويهي‪‬‬ ‫‪ 1475‬وترك وثائق عن حالة الموارنة‪ ،‬بينها ّ‬ ‫(بكركي) بخطّ معاصره األسقف ابــن القالعي‪ ،‬ثـ ّـم حـ ّـل محلّ ه ‪‬األخ‬ ‫بطرس النابوليتاني‪.6 ‬‬ ‫نموذج من الوثائق الفرنسيسكانية‬ ‫نص من ‪ :1475‬وبحجة تحصيل ضريبة يسمونها جالية كانوا يسلبون‬ ‫الجبليين الفقراء (الموارنة) من كل ما يملكون ثم يضربونهم بالعصي‬ ‫ّ‬ ‫ومتهوال الخطر‬ ‫ويلحقون بهم كل أنواع العذاب لينتزعوا منهم ما ليس معهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الذي كان يلحق برعيته عمد البطريرك إلى ترك كل عائدات كنائسه إلشباع‬ ‫نهم هؤالء الطغاة‪.7...‬‬ ‫ ) هأرشيف المدن التجارية‬ ‫فيه معامالت تجارية بين المدن المتوسطية‬ ‫وج َن َوى‬ ‫(خصوصا البندقية َ‬ ‫ً‬ ‫خصوصا بيروت‪ ،‬وفيه معلومات بعض‬ ‫ومرسيليا) ومدن الساحل اللبناني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫هذه المدن عن القرون الوسطى‪ ،‬ونصوص عدة أخصها نصوص ّكتاب‬ ‫طي الغبار‪.‬‬ ‫العدل وال تزال ّ‬ ‫في هذه المحفوظات ‪ 63‬وثيقة بندقية في مجموعة لبنانية خاصة‪،‬‬ ‫بعضها عن بيروت وطرابلس والبعض اآلخــر عن مــدن تجارية مشرقية‬ ‫أخرى (غالبيتها من القرن الخامس عشر) وهي عقود تجارية عقدت في‬ ‫هاتين المدينتين أو تشير إليهما‪.8‬‬ ‫‪ 66‬‬

‫كمال الصليبي‪ ،‬منطلق تاريخ لبنان‪ ،‬منشورات كارافان ‪ ،1977‬ص ‪.162‬‬

‫‪M.Civezza, Relation de fr.Ariosti, in l’histoire des missions franciscaines,‬‬ ‫‪ 77‬‬ ‫‪.tr. par V. Bernardin de Rouen, Paris, 3 vol. 1898, vol III, p.215‬‬

‫‪ 88‬‬ ‫‪Donatella Nebbiai, « Les rapports entre Venise et le Liban: une collection‬‬ ‫‪de letters commerciales inédites du XVe » in Le livre et le Liban, Paris, Unesco‬‬ ‫‪.1982, pp.98 – 108‬‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫نموذج من رسائل البابوات‬ ‫رسالة من البابا اوجانيوس الرابع (‪ )1441‬إلى البطريرك الماروني‬ ‫يوحنا الجاجي إثر حملة نائب طرابلس المملوكي على الكرسي البطريركي‬ ‫في دير سيدة إيليج في ميفوق‪:‬‬

‫ ) دوثائق الرهبانية الفرنسيسكانية‬

‫‪33‬‬


‫على مداخل األبنية التاريخية اللبنانية وعلى عتبات وحيطان الكنائس‬ ‫والجوامع والمدارس كتابات منقوشة على الحجر تؤرخ للبناء أو تختصر‬ ‫نصان بالسريانية فوق مدخل كنيسة سيدة إيليج‬ ‫معلومات عائدة له‪ ،‬منها ّ‬ ‫(المركز البطريركي منذ أواســط العهد الصليبي حتى القرن الخامس‬ ‫عشر) قرب دير سيدة ميفوق‪ ،‬وكنيسة سيدة ِب ْسري في قضاء جزين‪ ،‬وهما‬ ‫من نهاية العهد الصليبي ومطلع الوجود المملوكي‪ ،‬وكتابة على حائط جامع‬ ‫فخرالدين األول في دير القمر من القرن الخامس عشر تؤرخ للبناء وتثير‬ ‫حيرة المؤرخين في تحديد هوية هذا األمير‪.‬‬ ‫تلخص‬ ‫أهم النقوش الوثائقية من فترة المماليك‪ :‬في طرابلس‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أحداثا منها بناء أو ترميم أبنية صليبية وتحويلها إلى جوامع‪ ،‬أو تنشر‬ ‫عهدئذ يعود ريعها لجامع أو مدرسة أو عمل خير‬ ‫أجزاء من وقفيات نشأت‬ ‫ٍ‬ ‫معين‪ .‬من أهم هذه الوقفيات‪:‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫‪1.1‬وقفية مدرسة الخيرية حسن‪ ،‬تعود إلى عهد سيف الدين اسندمر‬ ‫نائب طرابلس (أواخر القرن الثالث عشر ميالدي)‪.‬‬ ‫ ‪2.‬وقفية جامع طينال نائب طرابلس‪ ،‬وهو ُب ِن َي إبان نيابته الثانية منذ‬ ‫‪.4331‬‬

‫ ‪3.‬وقفية تربة طينال‪.‬‬ ‫ ‪4.‬وقفية المدرسة السقرقية (‪ )6531‬بناها حاجب طرابلس سيف‬ ‫الدين اتطرق‪.‬‬ ‫ ‪5.‬وقفية تربة المدرسة الخاتونية (‪ )1731‬نسبة إلى الخاتون أرغون‬ ‫زوجة عزالدين إيدمر‪.‬‬ ‫وفي هذه النقوش ذكر القرى الموقوفة ووصفها وما تشتمل عليه من‬ ‫أنواع األراضي والطرقات وينابيع المياه ومصابن ومعاصر ومطاحن‪ .‬وفي‬ ‫المدينة تحدد الحوانيت والدور واألفران‪.9‬‬ ‫ّ‬ ‫القطار‪ :‬نماذج من األوقاف‬ ‫للتعرف على هذه الوقفيات وموضوع الوقف‪ :‬الياس‬ ‫‪ 99‬‬ ‫ّ‬ ‫في أواخر القرون الوسطى ومطلع العهد العثماني وأهميتها في كتابة تاريخ لبنان‪،‬‬ ‫المؤتمر األول حول ‪‬أرشيف تاريخ لبنان‪ ‬قسم التاريخ‪ ،‬كلية اآلداب – الفنار‪،‬‬ ‫‪ 29 – 27‬نيسان ‪ ،1983‬منشورات مجلة دراسات في كلية التربية – الجامعة اللبنانية‪،‬‬ ‫‪ )1984( 14 – 13‬ص‪ .297 – 277‬ولإلطالع على النصوص كاملة‪ ،‬مراجعة األبنبة‬ ‫في طرابلس أو الرجوع إلى‪:‬‬

‫نماذج من الوثائق المنقوشة‬ ‫‪1.1‬ترميم الجامع المنصوري الكبير في طرابلس على لوحة تعلو الباب‬ ‫الكبير بطول ‪260‬سنتم وعرض ‪ 39‬سنتم من ثالثة أسطر بالخط النسخي‪،‬‬ ‫وفي هذا الجامع نصوص أخرى‪ ،‬منها‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ .‬أمر‬ ‫بإنشاء هذا الجامع المبارك موالنا السلطان األعظم سيد ملوك العرب‬ ‫الكفار الملك األشرف صالح الدنيا والدين‬ ‫والعجم وفاتح األمصار ومبيد ّ‬ ‫خليل قسيم أمير المؤمنين بن موالنا السلطان الملك المنصور سيف‬ ‫المقر العالي‬ ‫الدنيا والدين قــاوون الصالحي خلّ د اهلل ملكه‪ .‬في نيابة‬ ‫ّ‬ ‫العزي عز الدين أيبك الخزندار األشرفي المنصوري‬ ‫األميري الكبيري ّ‬ ‫نائب السلطنة بالفتوحات والسواحل المحروسة عفا اهلل عنه وذلك في‬ ‫سنة ثالث وتسعين وستماية والحمد هلل وحده‪‬‬

‫نص مرسوم أصدره السلطان شيخ سنة ‪ 718‬من أربعة أسطر موجود‬ ‫ ‪ّ 2.‬‬ ‫في نهاية ممر جامع التوبة‪ :‬الحمد هلل رسم باألمر العالي السلطاني‬ ‫وصرفه‬ ‫وشرفه وأنفذه‬ ‫ّ‬ ‫الملكي المؤيدي أبي النصر شيخ أعاله اهلل تعالى ّ‬ ‫بإبطال المظالم المحدثات على أهــل طرابلس من التحجير على قوت‬ ‫العباد من القمح واللحم والخبز والطرح وغير ذلك بحيث ال يعود‪ .‬ويبطل‬ ‫ذلك جميعه في هذه األيــام الزاهرة خلّ د اهلل سلطانها ودام قدرته على‬ ‫المسلمين‪.‬‬

‫نص وقفية جامع طينال على البوابة اليمنى منقوش على أربعة أسطر‪:‬‬ ‫ ‪ّ 3.‬‬ ‫‪‬بسم اهلل الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذا الجامع المعمور بذكر اهلل تعالى‬ ‫موالنا المقر األشرفي العالي المولوي الكافلي السيدي المالكي المخدومي‬ ‫السيفي طينال المالكي الناصري كافل الممالك الشريفة الطرابلسية بلّ غه‬ ‫المعينة‬ ‫وتقبل في الصالحات أعماله ووقــف عليه لمصالحه‬ ‫اهلل آماله‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في كتاب وقفه جميع البستان المعروف بالحموي بظاهر طرابلس وجميع‬

‫‪Sobrenheim, Matériaux pour un corpus inscriptonum arabicarum, Le Caire,‬‬ ‫‪.Inst. D’Ar. Orientale, 1909, pp.87 – 88, 91 – 92, 109 – 111, 115 – 116, 136‬‬

‫ّ‬ ‫القطار‪ ،‬المقال المذكور أعاله عن األوقاف‪.‬‬ ‫‪ 110‬الياس‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫ ) والوثائق المنقوشة في طرابلس وغيرها‬

‫نص الوقفية بكاملها‪ ،‬موجود في دار‬ ‫ ‪6.‬وقفية برج جلبان‪ :‬وثائقي ينشر ّ‬ ‫النص‬ ‫الكتب الظاهرية (دمشق) تحت الرقم ‪ 8384‬يعود إلى ‪ .1441‬وفي ‪ّ 10‬‬ ‫األمكنة الموقوفة وما وقف له‪ ،‬وأجور عمالها في طرابلس وفي صيدا ‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫المدرَجة في مصادر‬ ‫ثان ًيا‪ :‬الوثائق ُ‬ ‫‪36‬‬

‫ ) أوثائق محلية لبنانية منشورة في ‪‬تاريخ بيروت‪ ‬لألمير صالح بن‬ ‫يحيى وفي ‪‬تاريخ ابن اسباط‪.‬‬

‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫أول المؤرخين الموحدين الدروز المعروفين‪ :‬صالح بن يحيى (النصف‬ ‫األول من القرن الخامس عشر) وهو أمير من عائلة بحتر بن علي أمير‬ ‫منطقة الغرب وبيروت‪ ،‬يتحدر من عائلة ُ‬ ‫األمراء التنوخيين‪ .‬أتحف التأريخ‬ ‫ذرية بحتر بن علي‬ ‫اللبناني بكتابه ‪‬تاريخ بيروت‪ ‬عن أخبار السلف من ّ‬ ‫أمير الغرب في بيروت بدأ األب لويس شيخو اليسوعي ينشره في مجلة‬ ‫كتابا سنة ‪ ،1902‬وأعاد طبعه بطريقة منهجية‬ ‫المشرق (‪ )1898‬ثم أصدره ً‬ ‫علمية األب فرنسيس هورس اليسوعي والدكتور كمال الصليبي سنة ‪.1969‬‬ ‫أهمية صالح بن يحيى أنّ ــه جمع أخبار عائلته من أوائــل عهدها في‬ ‫إمــارة الغرب بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر من المستندات‬ ‫الخطية والروايات الشفهية ووضعها في كتاب بقي دون غيره من التواريخ‬ ‫المحلية فترتئذ‪ .‬سماه ‪‬تذكرة‪ ‬وضعها ‪‬كي يستفيد الخلَ ف من معرفة‬ ‫مجتهدا‬ ‫وأيده بحجج‬ ‫أخبار السلَ ف‪ ،‬فكان ال يروي ً‬ ‫ً‬ ‫شيئا ّإال شفعه بأسانيد ّ‬ ‫على صحة النقل‪ .‬وأحيانً ا يذكر ما هو شاهده عيانً ا‪.‬‬ ‫الكتاب‪ ،‬في جزء منه‪ ،‬يؤرخ لبيروت التي آلت إلى عائلة بحتر بن علي‬ ‫قيمة‬ ‫مهمة الدفاع عنها وحمايتها من غزوات الفرنج‪ ،‬وهو ّ‬ ‫يقدم معلومات ّ‬ ‫ّ‬ ‫عما جرى فيها‪ .‬وأهميته ليست في ما نقله صالح بن يحيى من أخبار عن‬ ‫ّ‬ ‫المصادر العربية بل في إدراجه وثائق العائلة في سياق التاريخ اإلسالمي‪.‬‬ ‫جدا لوثائق عائلية من جهة‪ ،‬ومن أخرى تعطي بالنص‬ ‫وكتابه‬ ‫مهم ًّ‬ ‫ٌّ‬ ‫سجل ً‬

‫نماذج من الوثائق المدرجة في كتاب صالح بن يحيى‬ ‫‪1.1‬نص التكليف باالقطاع لألمير بحتر بن علي‪ :‬كتب هــذا المثال‬ ‫األجل ناهض الدولة أبو العشاير بحتر بن علي بن ابراهيم‬ ‫الشريف لألمير‬ ‫ّ‬ ‫بن أبي عبداهلل ادام اهلل تأييده وتسديده وتمهيده باجرايه على رسومه‬ ‫المستمرة وقاعدته المستقرة من الضياع المنسوبة إلى رسمه المعروفة‬ ‫باسم والــده واسـمــه‪ ،‬وأن يتناول ما يخص الخاص السعيد منها بحيث‬ ‫ويتقوى به على الخدمة وأجــرى على معهوده من‬ ‫يصرفه في مصالحه‬ ‫ّ‬ ‫اإلمارة بالغرب من جبل بيروت وهو معروف منعوت لما عرف من نهضته‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫قديما بالطنطاش‬ ‫الحانوتين المالصقين لبابه وجميع البستان المعروف‬ ‫ً‬ ‫بسقي طرابلس وجميع الحانوتين المالصقين لسوق السالح بجوار الحمام‬ ‫المعروف بأسندمر وهي اآلن ملك الواقف وجميع ثلث الخان المعروف‬ ‫بدار الوكالة القديمة وجميع القرية المعروفة بأرزونية من عمل عرقا بجون‬ ‫طرابلس وشــرط أنّ ــه مهما فضل من ريع هذا الوقف عن أربــاب وظائفه‬ ‫المعينة في كتابه يصرف للفقراء والمساكين المقيمين بطرابلس‬ ‫ومصالحه‬ ‫ّ‬ ‫مرت ًبا‬ ‫يرتب ألحد ّ‬ ‫والواردين إليها حسب ما يراه الناظر في ذلك من غير أن ّ‬ ‫مستمرا كانت‬ ‫شيئا‬ ‫بدله أو ّرتب ً‬ ‫كل يوم ومن غير ذلك أو ّ‬ ‫ً‬ ‫كل شهر أو ّ‬ ‫في ّ‬ ‫عليه لعنة اهلل والمالئكة والناس أجمعين‪.‬‬

‫الكامل نماذج من نصوص اإلدارات الزنكية واأليوبية والمملوكية‪ .‬ومن أن‬ ‫يقدم وقائع‬ ‫الكتاب ّأول‬ ‫سجل (‪‬أرشيف‪ )‬مستنسخ من التاريخ اإلسالمي ّ‬ ‫ّ‬ ‫خصوصا والتنوخية‬ ‫سياسية عسكرية بــإدراج مساهمة العائلة البحترية‬ ‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬وأُ َسر أخرى من الموحدين الدروز في تاريخ المنطقة‪ .‬لكن األهم‬ ‫ً‬ ‫السجل نماذج نصوص اإلقطاع كما هي ال كما في كتب الفقه‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمليا‪ .‬وتلك النصوص‬ ‫عليه‬ ‫هو‬ ‫كما‬ ‫ال‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫ينبغي‬ ‫كما‬ ‫الواقع‬ ‫ر‬ ‫وتصو‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫العائلية أفضل نموذج لدراسة التركيب العائلي في عاداته وتقاليده وعالقات‬ ‫الزواج فيه ومواضيع أخرى عبر نموذج عائلة البحتريين‪ ،‬ووقائع اجتماعية‬ ‫التوج َه االجتماعي االقتصادي‬ ‫مة‬ ‫ت قَ ّـي ٍ‬ ‫واقتصادية وثقافية ترفد بمعطيا ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫للدراسات التاريخية المعاصرة‪.‬‬ ‫على هدى صالح بن يحيى سار مؤرخ آخر من منطقة الغرب‪ ،‬عايش‬ ‫نهاية الدولة المملوكية وسقوطها وبزوغ دولة العثمانيين‪ :‬حمزة بن أحمد‬ ‫المعروف بابن إسباط (ت ‪ )1520‬من بلدة عبيه في كتابه ‪‬صدق األخبار‪‬‬ ‫أو ‪‬تاريخ ابن إسباط‪ ‬نَ َش َرت ما فيه من معلومات عن األجزاء اللبنانية‬ ‫نصه الكامل في جزءين الدكتور‬ ‫نائلة تقي الدين قائدبيه (‪ )1989‬ونَ َش َر َّ‬ ‫عمر تدمري (‪.)1993‬‬ ‫جزء من الكتاب ينسخ كتاب صالح بن يحيى بوثائقه العائلية ويستفيض‬ ‫الجزء اآلخر بتوسيع موجز التاريخ العام‪.‬‬ ‫حيث تــوقّ ــف صالح (من‬ ‫يكمل ابــن إسـبــاط تــاريــخ األم ــراء البحترين‬ ‫ُ‬ ‫ويغنيه باستفادته‬ ‫منتصف القرن الخامس عشر حتى مطلع السادس عشر) ْ‬ ‫من تقارير رسمية ّ‬ ‫اطلع عليها‪ .‬من هنا أن كتابه‪ ،‬كما كتاب صالح بن يحيى‪،‬‬ ‫مصدر مهم للتاريخ االجتماعي واالقتصادي والثقافي في لبنان عند نهاية‬ ‫القرون الوسطى‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫‪38‬‬

‫ ‪2.‬نص مرسوم لألمير زهر الدولة البحتري من قبل نور الدين زنكي‪:‬‬ ‫‪‬إن األمير النجيب زهر الدولة مفيد الملك أمير الغرب كرامة ادام اهلل‬ ‫تعالى عزه وسالمه مملوكنا وصاحبنا ومن اطاعه فقد اطاعنا ومن عاونه‬ ‫مشكورا ومــن خالفه في هذا‬ ‫في جهاد الكفار فقد عمل برضانا وكــان‬ ‫ً‬ ‫األمر وعصاه فقد خالف أمرنا واستحق المقابلة والسياسة على العصيان‪.‬‬ ‫تاريخه رابع عشر ربيع األول سنة اثني وخمسين وخمسماية‪.12‬‬

‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫ ) بوثائق إدارية منشورة في الموسوعات اإلسالمية وفي طليعتها نهاية‬ ‫األرب للنويري وصبح األعشى للقلقشندي‬ ‫شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب البكري النويري (‪ 732 – 677‬هـ ‪/‬‬ ‫‪1332 – 1279‬م) مــن أبــرز كـ ّـتــاب الموسوعات فــي العصر المماليكي‪.‬‬ ‫مقر ًبا‬ ‫كاتبا في مختلف دواوين الحكومة وكان ّ‬ ‫مصري األصل‪ ،‬عمل أبوه ً‬ ‫من السلطان الناصر محمد بن قالوون‪ .‬شغل النويري سنتين منصب رئيس‬ ‫الكتبة لدى نظارة الجيش في نيابة طرابلس‪ّ ،‬ثم انتقل في الوظيفة ذاتها‬ ‫مصنفه الشهير‬ ‫إلى مقاطعات مصرية في كتابة اإلنشاء‪ ،‬ما أتاح له تحرير‬ ‫ّ‬ ‫جامعا األدب إلى اإلدارة‪.13‬‬ ‫ً‬ ‫‪ 111‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ...‬دار المشرق‪ ،‬بيروت ‪ ،1969‬ص ‪.40‬‬ ‫‪ 112‬صالح بن يحيى‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪ 113‬كمال الدين األدفوي‪ ،‬الطالع السعيد الجامع ألسماء الفضأل والرواة بأعلى‬ ‫الصعيد‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المطبعة الجمالية‪ ،1924 ،‬ص ‪.46‬‬ ‫مفصلة عنه عند اغناطيوس كراتشكوفسكي‪ ،‬تاريخ األدب الجغرافي العربي‪،‬‬ ‫معلومات‬ ‫ّ‬ ‫نقله عن الروسية صالح الدين هاشم‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط ‪ ،1987، 2‬ص‬ ‫‪ .442 – 439‬وكذلك نقوال زيادة‪ ،‬الجغرافية والرحالت عند العرب‪ ،‬الدار األهلية للنشر‬ ‫‪ ،1982 ،3‬ص ‪.92 – 89‬‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫وكفايته وحسن سيرته وأمانته والواجب على الرؤساء والفالحون أعزهم اهلل‬ ‫تعالى سماع كلمته والدخول تحت طاعته فيما يلتمسه منهم من استخراج‬ ‫الحقوق السلطانية وموافقته على ما يطرأ من الخدم الديوانية وليحذروا‬ ‫الذب‬ ‫من الخالف فيعود عليهم الحيف واإلجحاف وسبيله أدام اهلل تأيده‬ ‫ّ‬ ‫عنهم وإيصال شكاويهم إلى النواب والمتصرفين واألصحاب بحيث يجرون‬ ‫اسما والواجب على‬ ‫على عادتهم من غير تحديد‬ ‫رسما وال حادث لحيف ً‬ ‫ً‬ ‫الوالة والنواب المستجدين واألصحاب أجرى األمير المقدم ذكره على ما‬ ‫رسمناه ولعتمد (ليعتمد) على العالمة الكريمة في أعاله إن شا اهلل وكتب‬ ‫في العشر األوسط من محرم سنة اثنين وأربعين وخمسماية‪.11‬‬

‫دونها كشاهد عيان بمشاركته في بعض‬ ‫أهمية النويري إذً ا في معلومات ّ‬ ‫األح ــداث أو بتسجيله ما رآه وشــاهــده أو سمع عنه مباشرة‪ .‬وفــي هذا‬ ‫خصوصا تقريره‬ ‫السياق ما ذكره من معلومات فريدة عن طرابلس ونيابتها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الفريد عن الزراعة وطرقها في نيابة طرابلس وسائر بالد الشام‪.‬‬ ‫كتاب ‪‬صبح األعشى‪ ‬للقلقشندي موسوعة ّ‬ ‫نصوصها‬ ‫تضم‬ ‫موثقة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫متنوعة من حقبات التاريخ اإلسالمي العربي الــذي‪ ،‬بافتقاره إلى‬ ‫وثائق ّ‬ ‫وثائق وأرشيف‪ ،‬يجد في كتاب القلقشندي أحد مصادر إسالمية قليلة‬ ‫نصوصا إدارية للدولة والدويالت اإلسالمية من مختلف عصورها‪.‬‬ ‫جمعت‬ ‫ً‬ ‫وناشر نصوص‬ ‫جامعا‬ ‫مؤرخا وحسب بل‬ ‫وأهمية القلقشندي ليست في كونه‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫رسل‬ ‫حرفية قديمة ضاع منها في وقائع الحدثان المتقلّ بة ما كان ُي َ‬ ‫كتب ُوي َ‬ ‫من دواوين اإلدارة اإلسالمية منذ زمن النبي محمد حتى الدولة المملوكية‬ ‫الثانية (القرن الخامس عشر ميالدي)‪.‬‬ ‫يهتم له ُك ّتاب التراجم‬ ‫إذا كان القلقشندي على هذه األهمية فلماذا لم ّ‬ ‫عموما؟ ربما لذهنية القارئ في القرون الوسطى من‬ ‫أو ّكتاب التاريخ‬ ‫ً‬ ‫جهة‪ ،‬ولنوعية الثقافة التي أنتجتها الحضارة العربية من جهة أخرى‪.‬‬ ‫خصوصا والمسلم‬ ‫فالقارئ – العربي‬ ‫عموما – ال يستسيغ سوى قراءة تاريخ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حولي مداره الوقائع السياسية والعسكرية‪.‬‬ ‫من هو القلقشندي؟ إنه أحمد بن علي أبو العباس أحمد القلقشندي‬ ‫الشافعي الفقيه‪ ،‬كاتب‬ ‫السر في الدولة المملوكية‪ .‬ولد سنة ‪1355 / 756‬‬ ‫ّ‬ ‫حاليا لمديرية القليوبية) من عائلة‬ ‫في بلدة قلقشندة (شمال القاهرة‪ ،‬تابعة ً‬ ‫تعنى بالعلم‪ .‬توفي عاشر جمادى اآلخــرة سـنــة‪ 16/821‬تموز ‪ 1418‬عن‬ ‫‪ 65‬سنة‪ .‬ترك بلدته يطلب العلم في اإلسكندرية ويدرس األدب والحديث‬ ‫والفقه‪ .‬نــال في الحادية والعشرين إجــازة التدريس على مذهب اإلمــام‬ ‫ـدرس فتر ًة ثم التحق سنة ‪ 1389 / 791‬بديوان اإلنشاء في‬ ‫الشافعي‪ ،‬فـ ّ‬ ‫القاهرة بصفة ‪‬كاتب الدست‪ .‬ونتيج ًة لتجربته كتب مقالة تعريف بكتابة‬ ‫الدرية في المناقب البدرية‪ ،‬لكنها إليجازها‬ ‫سماها‪ :‬الكواكب‬ ‫ّ‬ ‫اإلنشاء ّ‬ ‫مفص ًال فوضع كتابه ‪‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا‪‬‬ ‫شرحا‬ ‫احتاجت‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫شوال سنة ‪.1412/814‬‬ ‫‪28‬‬ ‫الجمعة‬ ‫يوم‬ ‫تأليفه‬ ‫من‬ ‫وفرغ‬ ‫ّ‬ ‫كتب القلقشندي فــي الـقــانــون واألدب وأدب كتابة اإلن ـشــاء‪ .‬ففي‬ ‫الشافعيين كمال الدين‬ ‫العال َـمين‬ ‫القانون كتب تعليقات على مؤلفات‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫احمد المدلجي (ت ‪ )1355/757‬ونجم الــديــن عبد الـغـفــاّ ر القزويني‬ ‫(ت ‪ )1266/665‬اللذين فقدت آثارهما‪ .‬وله في الفقه الشافعي كتيب‬ ‫الكرام في‬ ‫‪‬الغيوث الهوامع‪ .‬وفي حقل األدب كتب ‪‬حلية الفضل وزينة ِ‬

‫‪39‬‬


‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫‪ 114‬ليس في المصادر العربية سوى إشارات عابرة عن القلقشندي‪ .‬إضافة إلى‬ ‫ما يذكره عن نفسه يمكن الرجوع إلى لمحات موجزة عنه في ‪:‬السخاوي‪ ،‬الضوء‬ ‫الالمع‪ ،‬القاهرة ‪.8/35،2 – 1934‬ابن العماد‪ ،‬شذرات الذهب في اخبار من ذهب‪،‬‬ ‫القاهرة ‪.149/51،7 – 1350‬المقريزي‪ ،‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪ ،‬القاهرة‬ ‫‪ ،821/36،3 – 1934‬ط‪ .‬دار الكتب ‪1972‬ج‪ 4‬ق‪ .74 – 473/ 1‬ابن تغري بردي‪ ،‬المنهل‬ ‫الصافي‪ ،‬القاهرة ‪ .31 – 330/1، 1956‬وثمة ترجمته لألستاذ محمد عبد الرسول‪،‬‬ ‫مقدمة ج ‪ 14‬ص ‪ .20 – 1‬وكذلك‪:‬‬

‫‪.M.GAUDEFROY – DEMOMBYNES, La Syrie à l’époque des Mameloukes‬‬ ‫‪.D’après les auteurs arabes,Paris 1923,V – XV‬‬

‫لمزيد من المعلومات عن المراجع وعن الدراسات عن القلقشندي ثمة الدراسة‬ ‫الممتازة في ‪.C.E.BOSWORTH, «Kalkashandi», E.I.2, T. IV, pp. 531 – 533:‬‬

‫نيابة طرابلس في وثائق القلقشندي‬ ‫حرفيا عن المراسالت بين السلطة‬ ‫في ‪‬صبح األعشى‪ ‬نماذج منسوخة‬ ‫ً‬ ‫المركزية المملوكية في القاهرة مع الموظفين في طرابلس‪.‬‬ ‫ـاســا على نيابتي دمـشــق أو‬ ‫كــانــت نيابة طــرابـلــس نيابة صغيرة قـيـ ً‬ ‫ذكر‬ ‫حلب أو على السلطة المركزية في مصر‪ .‬لذلك ال يشبع‬ ‫الفضول ُ‬ ‫َ‬ ‫القلقشندي إياها‪ .‬ففيها كالم عن الوظائف اإلداريــة‪ :‬ما هو بحاضرة‬ ‫طــراب ـلــس مــن أربـ ــاب ال ـس ـيــوف ووظ ــائ ــف ديـنـيــة ووظ ــائ ــف ديــوان ـيــة‪،17‬‬ ‫أن كانت في طرابلس‬ ‫ويفصل الكاتب وضعية أربــاب السيوف‪ 18‬فيذكر ْ‬ ‫ّ‬ ‫الوظائف اآلتية‪ :‬نائب السلطنة‪ 19‬مع وصف مرتبة وترتيب النيابة في‬ ‫ويحدد وظيفة النائب وصالحياته ودوره وكيفية تعيينه‬ ‫ركــوب النائب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تقدم له والخلع ودور الرشوة في الحصول على النيابة وأسباب‬ ‫وهدايا ّ‬ ‫‪20‬‬ ‫النواب وحالتهم األخالقية‪ .‬وكذلك وصف صالحيات الحاجب‬ ‫عزل ّ‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫المهمندار وشــاد الــدواويــن وشــاد ال ـخــاص وشــاد مركز البريد‬

‫‪96 – 78،92 – 29،72 – 20/14 115‬‬ ‫‪71 – 31/14 116‬‬

‫‪176،195/12 117‬‬

‫‪234 – 233/4 118‬؛‪176،179،181،188/12‬‬

‫‪224/4 119‬؛‪385،391 – 335،384 – 333/8‬؛‪234 – 179،233 – 176/12‬‬ ‫‪233 – 185،232/4 220‬‬ ‫‪187/4 221‬‬

‫‪453 – 181،450 – 179/12 222‬‬ ‫‪ 187،190/4 223‬‬ ‫‪187/4 224‬‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫‪40‬‬

‫نصه في صبح األعشى (ج ‪)14‬؛‪،‬‬ ‫المفاخرة بين السيف والكالم‪ ‬وأدخل ّ‬ ‫تعليقا على قصيدة ‪‬بانت سعاد‪ ‬بعنوان‪ :‬كنه المراد في شرح‬ ‫وكتب‬ ‫ً‬ ‫بقدر كتاباته عن‬ ‫الشهرة‬ ‫إلى‬ ‫تدفعه‬ ‫لم‬ ‫الكتابات‬ ‫هذه‬ ‫ولكن‬ ‫سعاد‪.‬‬ ‫بانت‬ ‫ْ‬ ‫خصوصا كتابه ‪‬صبح األعشى‪ ‬وهو طليعة الكتب‬ ‫فن صناعة اإلنشاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫عن دواوين الدولة اإلسالمية‪ ،‬وطليعة موسوعات العهد المملوكي وجميع‬ ‫عهود التاريخ اإلسالمي حول أدب كتابة اإلنشاء‪.‬‬ ‫صدر هذا الكتاب الموسوعة ألول مرة في القاهرة بين ‪ 1913‬و‪1920‬‬ ‫مقدمة و‪ 10‬مقاالت وخاتمة‪ ،‬وفيه دراسة عامة مفصلّ ة‬ ‫تضم‬ ‫جزءا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في ‪ً 14‬‬ ‫السر في الديوان‬ ‫عن العلوم النظرية والصفات العملية الواجبة على كاتب‬ ‫ّ‬ ‫الرسمي‪.‬‬ ‫إضافة إلى نصوص الوثائق استند القلقشندي في جمع معلوماته إلى‬ ‫السر وفي التاريخ والجغرافيا‪ .‬لكن أبرز مصدرين‬ ‫مؤلفين كتبوا في كتابة‬ ‫ّ‬ ‫أخذ عنهما‪ :‬ابن فضل اهلل العمري (ت ‪ )1349/749‬وابن ناظر الجيش‬ ‫(ت ‪ .)1384/786‬وأردف ‪‬الصبح‪ ‬بمختصر له هو ‪‬ضوء الصبح المسفر‬ ‫وجنى الضوء المثمر‪( ‬صدر الجزء األول منه في القاهرة ‪)1906/1324‬‬ ‫وفيه تفاصيل غير مذكورة في ‪‬صبح األعشى‪ .‬كما كتب ‪‬نهاية األرب‬ ‫لمعرفة أنساب العرب‪( ‬صــدر في بغداد سنة ‪ 1914‬بــدون ذكــر النسخ‬ ‫المخطوطة التي أخذ عنها‪ ،‬وصدرت منه في القاهرة طبعة علمية سنة‬ ‫‪ ،)1959‬وك ـتــاب‪ :‬قــائــد الجمان فــي التعريف بقبائل عــرب الــزمــان‪‬‬ ‫أيضا‬ ‫وأيامهم‪ .‬وله ً‬ ‫(القاهرة ‪ .)1964‬وهذان الكتابان تعريف بقبائل العرب ّ‬ ‫كتاب‪ :‬مآثر األنافة في معالم الخالفة‪( ‬الكويت ‪ 1964‬في ‪ 3‬أجزاء من‬ ‫دون تحديد المخطوط الذي اعتمد عليه) ويعالج موضوع دوافع الخالفة‪.14‬‬ ‫كتاب ‪‬صبح األعشى‪ ‬جزيل الفائدة وعظيم النفع‪ ،‬يبرز البروتوكول‬ ‫الواجب اعتماده كما في المراسالت والنواهي والتواقيع والطلبات من وإلى‬

‫ونواب سلطنة وموظفين‬ ‫أصحاب الشأن من خلفاء وسالطين ووزراء وعمال ّ‬ ‫متنوعة بينها‬ ‫عسكريين وإداريين ودينيين‪ .‬وفي الكتاب مواضيع اجتماعية ّ‬ ‫عقود الصلح وفيها صورة عن واقع األرض لجهة إنتاجها االقتصادي‪،15‬‬ ‫وكذلك نصوص سالطين المماليك والفرنج‪.16‬‬

‫‪41‬‬


‫‪42‬‬

‫‪478 – 457/12 225‬‬ ‫‪186/4 226‬‬

‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫‪186/4 227‬‬

‫‪187/4 228‬؛‪370/14‬‬

‫‪187/4 229‬‬ ‫‪187/4 330‬‬

‫‪468/5 331‬‬

‫‪455 – 453/12 332‬‬ ‫‪456/12 333‬‬ ‫‪453/12 334‬‬

‫نص تكليف نائب طرابلس بالنيابة‬ ‫نموذج عن ّ‬ ‫‪‬إن أولــى من تفتر الثغور بإيالته عن شنب النصر وترمي الحصون‬ ‫بكفالته‪ ،‬من شام من العدا برقها بشرر كالقصر‪ ،‬وتقسم السواحل بمهابته‪،‬‬ ‫من جــاور من أهــل الكفر بحرها بين الحصد والحصر‪ ،‬وتمنع عزماته‬ ‫ـدب عقاربها‪ ،‬أو تركب اللجج بغير أيامه مراكبها‪ ،‬أو‬ ‫شواني العدا أن تـ ّ‬ ‫ينتقل عن ظهر البحر إلى غير سيوفه أو قيوده محاربها – من لم يزل في‬ ‫ناصبا على الشرك‬ ‫زاخرا كالبحر عبابه‪،‬‬ ‫المعا كالبرق شهابه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نصرة الدين ً‬ ‫ً‬ ‫ساريا إلى قلوب أهل الكفر قبل‬ ‫سيفه‪،‬‬ ‫الوريد‬ ‫موارد‬ ‫إلى‬ ‫ظاميا‬ ‫عذابه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جفونهم طيفه‪ ،‬قائمة مقام شرف الحصون أسنة رماحه‪ ،‬غنية بروج الثغور‬ ‫عن تصفيحها بالجلمد بصفا صفاحه‪ ،‬مع خبرة بتقدمة الجيوش تضاعف‬ ‫وتسدد إلى مقاتل أهل الكفر‬ ‫إقدامها‪ ،‬وتثّ بت في مواطن اللقاء أقدامها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سهامها‪ ،‬وتقرب عليها في البر والبحر منالها وتبعد مراميها على من‬ ‫رامها‪ ،‬ومعدلة للرعايا السكون في مهاد أمنها‪ ،‬والركون إلى ربا إقبالها‬ ‫ووهاد يمنها‪ ،‬فسرب الرعايا مصون بعدله‪ ،‬والعدل مكنون بين قوله وفعله‪.‬‬ ‫‪253 – 226/13 443‬‬

‫‪122 – 119/1 444‬‬

‫‪456 – 455/12 335‬‬

‫‪122 – 119/1 445‬‬

‫‪138/1 337‬؛‪234/4‬؛‪478 – 195،456،475 – 188/12‬‬

‫‪122 – 119/1 447‬‬

‫‪459 – 456/12 336‬‬

‫‪147 – 146/4 446‬؛‪239 – 238/13‬‬

‫‪194،234 – 192/4 338‬؛‪475،482 – 187،199،472 – 145،181/12‬؛‪350/14‬‬

‫‪151 – 150/1 448‬؛‪151/4‬؛‪35،249 – 20،30 – 13/13‬‬

‫‪195/12 440‬‬

‫‪365 – 364/12 550‬‬

‫‪481 – 465،480 – 495،460 – 198،485 – 195/12 339‬‬ ‫‪199 – 198/12 441‬‬ ‫‪233/4 442‬‬

‫‪173/4 449‬‬ ‫‪20/13 551‬‬

‫‪459/3 552‬‬

‫لبنان في األرشيف المملوكي‬

‫وشاد الميناء‪ 25‬ونقيب النقباء‪ 26‬وشاد األوقاف‪ 27‬ومقدم البريد‪ 28‬وأمير‬ ‫‪32‬‬ ‫‪30‬‬ ‫ومقدم التركمان‪ 31‬ونقابة العسكر‬ ‫أخوربة البريد‪ 29‬وواليــة المدينة‬ ‫ّ‬ ‫وشد الشواني‪ 33‬ونقيب الجيش‪ 34‬ونقابة األشراف‪ 35‬ودار الضرب‪.36‬‬ ‫ّ‬ ‫ويصف الوظائف الديوانية‪ :‬ناظر المملكة ونــاظــر الجيش وصاحب‬ ‫ديوان المكاتبات وكتاب الدست وكتاب الدرج وشهادة الجيوش وشهادة دار‬ ‫الضرب‪.37‬‬ ‫ويصف الوظائف الدينية‪ :‬القضاة األربعة ووكالة بيت المال وقارئ‬ ‫ومفتيي دار العدل والمحتسب ومشيخة اإلمام‬ ‫وقاضيا العسكر‬ ‫الحديث‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫‪38‬‬ ‫األوزاعي والخطابة واألمامة ونظر األوقاف ووظائف زعماء أهل الذمة ‪.‬‬ ‫وعن الوظائف خــارج طرابلس ثمة وصف نــواب الواليات في تحديد‬ ‫وظيفتهم‪ ،39‬وأرباب الوظائف الديوانية‪ 40‬والوظائف الديوانية‪ ،41‬ومماليك‬ ‫كانوا في جند حلقة طرابلس‪.42‬‬

‫ويصف فرقً ا دينية إسالمية ومسيحية كانت في طرابلس‪ :‬عقيدة الشيعة‬ ‫وفرقها‪ 43‬وعقيدة اإلسماعيلية‪ 44‬وتاريخ اإلسماعيلية في بالد الشام‪ 45‬وفي‬ ‫عهد المماليك‪ 46‬إبان القرن الخامس عشر‪.47‬‬ ‫‪49‬‬ ‫ويشرح أصل النصيرية ووضعيتهم ومشاكلهم‪ ، 48‬وتسمية المسيحيين‬ ‫وممارستهم شعائرهم‪ 50‬وكيفية تطبيق الشروط العمرية‪ 51‬وجباية الجزية‬ ‫(الجالية)‪.52‬‬

‫‪43‬‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫‪44‬‬ ‫ّ‬ ‫القطار‬ ‫د‪ .‬الياس‬

‫والنير الذي يزهى أفق‬ ‫ولما كان فالن هو الليث الذي يحمي به غابه‪ّ ،‬‬ ‫تألق فيه شهابه‪ ،‬والهمام الذي تعدى هممه فرسان الوغى فتعد إحادها‬ ‫باأللوف‪ ،‬والشجاع الذي إذا استعاذت سواعد الشجعان بسيوفها استعانت‬ ‫بقوة سواعده السيوف – اقتضت آراؤنا الشريفة أن نحلي به جيد مملكة‬ ‫انتظمت على وشام البحر‪ ،‬وأحاطت بما في ضميره من بالد العدا إحاطة‬ ‫القائد بالنحر‪.‬‬ ‫فرسم باألمر الشريف ال زال (‪ )...‬أن يفوض إليه كيت وكيت‪ :‬لما أشير‬ ‫إليه من أسباب ّتعينه لهذه الرتبة المكينة‪ ،‬وتحلّ يه بما وصف من المحاسن‬ ‫التي تزهى بها عقائل الحصون المصونة‪ .‬فليل هذه النيابة الجليلة بعزمه‬ ‫تكمل مراتبها‪ ،‬ومهابة تحوط ممالكها‪ ،‬وصرامة تؤمن‬ ‫وهمة ّ‬ ‫تجمل مواكبها‪ّ ،‬‬ ‫مسالكها‪ ،‬ومعدلة تعمر ربوعها ورباعها‪ ،‬ويقظة تصون حصونها وقالعها‪،‬‬ ‫وشجاعة تسري إلى العدا سرايا رعبها‪ ،‬وسطوة تعدى السيوف فال تستطيع‬ ‫الكماة الدنو من قربها‪ ،‬وسمعة ترهب مجاوريه حتى يتخيل البحر (أنه) من‬ ‫أعوانه على حربها‪.‬‬ ‫وليؤت تقدمة الجيوش اإلسالمية حقها من تدبير يجمع على الطاعة‬ ‫أمرها وأمراءها‪ ،‬ويرفع في مراتب الخدمة الشريفة على ما يجب أعيانها‬ ‫وكبراءها ويرهب بإدامة االستعداد قلوب أعدائها‪ ،‬ويربط بأيزاكها شواني‬ ‫البحر حتى تعتد الرباط في ذلك من الفروض التي يتعبد بأدائها‪ ،‬فال‬ ‫يلوح قلع في البحر للعدا إال وهو يرهب الوقوع في حبالها‪ ،‬وال تلحظ عين‬ ‫عدو سنا البر إال وهي تتوقع أن تكحل بنصالها‪ ،‬وليقم منار العدل بنشر‬ ‫لوائه‪ ،‬ويعضد حكم الشرع الشريف برجوعه إلى أوامره وإنتهائه‪ ،‬وليكف‬ ‫يد الظلم (عنها) فال تمتد إليها بنان وليشفع العدل باإلحسان إلى الرعية‬ ‫فإن اهلل يأمر بالعدل واإلحسان‪ ،‬وفي سيرته التي جعلته صفوة االختيار‪،‬‬ ‫ونخبة ما أوضحته الحقيقة من االختبار‪ ،‬ما يغني عن الوصية إال على‬ ‫سبيل الذكرى التي تنفع المؤمنين وترفع قدر الموقنين‪ ،‬ومالكها تقوى اهلل‬ ‫تعالى‪ :‬ليجعلها أمام اعتماده‪ ،‬وأمام إصداره وإيراده‪ ،‬واهلل تعالى يديم مواد‬ ‫تأييده وإسعاده‪ ،‬إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬

‫الكنعاني ‪ -‬الفينيقي‬ ‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫أستاذ التاريخ القديم في الجامعة اللبنانية‬ ‫وجامعة الروح القدس – الكسليك‬

‫مقدمة عامة‬ ‫ّ‬

‫األرشيف مؤسسة قديمة عرفتها معظم الشعوب منذ اختراع الكتابة‬ ‫في األلف الرابع (ق‪.‬م)‪ .‬وهي جزء أساس من ذاكرة اإلنسان نركن إليها‬ ‫عند أية محاولة لدراسة النشاطات اإلنسانية في مستوياتها االقتصادية‬ ‫واالجتماعية والسياسية والعسكرية والدينية‪.‬‬ ‫أهمية هذه المؤسسة في حفظ ما هو قديم ويتعلق بحياة اإلنسان‪ ،‬أكان‬ ‫نصا أم أدوات صلبة ثابتة أو منقولة (أبنية‪ ،‬مفروشات‪ ،‬أواني مختلفة)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والحفريات األثــريــة التي جــرت‪ ،‬وال ت ــزال‪ ،‬فــي مختلف مناطق الشرق‬ ‫ت مهم ًة تعنى بتكوين‬ ‫المتوسطي‪ ،‬أثبتت امتالك الدول القديمة مؤسسا ٍ‬ ‫أرشيفاتها وحفظ ذاكرتها‪ ،‬وخصصت لها أمكنة مالئمة لحفظها وترتيبها‪.‬‬ ‫والمكتشفات التي تمت في مصر‪ ،‬وماري (تل الحريري)‪ِ ،‬وإ ْبال (تل‬ ‫مــرديــخ)‪ ،‬ومسكنه – إمار‪ ،‬وأوغــاريــت (رأس الـشـمــرا)‪ ،‬وفــي الممالك‬ ‫اآلشــوريــة‪ ،‬أو ما حفظته الـتــوراة عن تاريخ الممالك العبرية‪ ،‬جميعها‬ ‫تأكيد مادي على وجود أرشيفات ُحفظت فيها معلومات مهمة حول تاريخ‬ ‫ٌ‬ ‫هــذه الممالك‪ ،‬وحــول ذاكــرة الشعوب التي سكنتها‪ .1‬وفــي أقسام منها‬ ‫ – دو ٍل منذ العهد البرونزي قامت في‬ ‫إشــارات قيمة تتعلق بتاريخ مــد ٍن َ‬ ‫لبنان القديم‪.‬‬ ‫أرشيفات وادي النيل ُكتبت بالهيروغليفية على ورق البردى أو على‬ ‫المكتش َفة في أرض‬ ‫جــدران المعابد والقبور ومنها األهــرامــات‪ .‬بينما‬ ‫َ‬ ‫الحقا‪ :‬سورية الحالية) ُكتبت‬ ‫الرافدين أو في بالد أمورو (البالد اآلرامية‬ ‫ً‬ ‫بالمسمارية على ألواح الطين المشوي أو على تماثيل من حجر البازالت‬ ‫طبيعية عاشتها تلك المناطق‪.‬‬ ‫األسود‪ ،‬ما أتاح حفظها رغم عوامل‬ ‫ّ‬ ‫‪. Voir: DCPP, passim; DCM, passim 11‬‬ ‫أنطوان القسيس‪ ،‬األرشيف المنسي في تاريخ لبنان القديم‪ ،‬في‪ :‬دراسات‪ ،‬رقم ‪،97/26‬‬ ‫مجلد ‪ ،1997 ،1‬ص‪.154 – 115 .‬‬


‫‪46‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪A propos de l’archive à Ougarit, voir: PRO; TO I; TO II; P. XELLA, I testi‬‬ ‫ ‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪rituali di Ugarit I, (Studi Semitici 54), Roma, 1981; YON Marguerite – SZNYCER‬‬ ‫‪Maurice – BORDREUIL Pierre (éds.), Le pays d’Ougarit autour de 1200 av.‬‬ ‫‪J-C., (Ras Shamra – Ougarit XI), Actes du colloque International Paris 28‬‬ ‫‪juin – 1er juillet 1993, Paris, 1995; Dennis PARDEE, Les textes rituels,1 – 2, (Ras‬‬ ‫;‪Shamrat – Ougarit XII), Editions Recherche sur les Civilisations, Paris, 2000‬‬ ‫;‪Id., Ritual and Cult at Ugarit, (Writings from the Ancient World), Atlanta, 2002‬‬ ‫‪YON M. – ARNAUD Daniel (éds.), Etudes ougaritiques I. Travaux 1985 – 1995,‬‬ ‫‪(Ras Shamra – Ougarit XIV), Paris, 2001; P. BORDREUIL – D. PARDEE, Manuel‬‬ ‫‪.d’Ougaritique, 1 – 2, Paris, 2004‬‬

‫‪ 44‬‬ ‫‪5 5‬‬

‫جدول لألبجديتَ ين الفينيقية واليونانية القديمة‪،‬‬ ‫من كتاب ‪.Liban, l’autre rive, Paris 1998, p.123‬‬

‫‪.Hérodote, Histoire, II, 44‬‬

‫)‪. Flavius JOSEPHE, A. J., VIII, 5, 3 (144); IX, 14, 2 (283‬‬

‫‪Voir, R. LAQUEUR, Menandros 10, PW, XV/1, 1931, col. 762; L. TROIANI,‬‬ ‫‪ 66‬‬ ‫‪Osservazioni sull opera storiografica di Menadro d’Efeso, dans Studi in‬‬ ‫‪. onore di E. Bresciani, Pisa, 1985, p.521–528‬‬

‫‪7 7‬‬ ‫‪Nous ne connaissons pas ce personnage à travers les sources‬‬ ‫‪historiques, voir: C. Müller (FHG, VI, 398), l’identifie soit à Aelius Dios ou‬‬ ‫‪. bien à Laitos, cf. Flavius JOSEPHE, C. A., p. 22, note 3‬‬

‫‪47‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫‪ 22‬أنطوان القسيس‪ ،‬مملكة أوغاريت‪ ،‬مجلة بيبليا‪ ،‬رقم ‪ ،27‬تموز أيلول ‪،2005‬‬ ‫ص‪.17 – 11 .‬‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫ة – الفينيقية؟‬ ‫الكنعاني‬ ‫فهل هذا التقليد الشرقي القديم انتقل إلى المدن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا‪ :‬هل سكان لبنان القديم في العهدين البرونزي والحديدي عرفوا‬ ‫ً‬ ‫كيفية تكوين األرش ـيــف وطريقة حفظه واستعماله؟ لإلجابة عــن هذه‬ ‫ّ‬ ‫األسئلة صعوبات منهجية مختلفة سنحاول في هذا البحث اإلضاءة على‬ ‫جوانب منها‪ ،‬بما تتيحه لنا األصول والمصادر التاريخية واألثرية المتعلقة‬ ‫بالحضارة الكنعانية‪-‬الفينيقية‪.‬‬

‫‪  . 1‬األرشيف في المدن الكنعانية – الفينيقية‬ ‫الحفريات في مواقع أثرية عديدة من لبنان لم تكشف عن وجود مادي‬ ‫لألرشيف‪ ،‬ما دفع باحثين كثيرين إلى نكران وجــوده عند الكنعانيين أو‬ ‫الفينيقيين الذين سكنوا لبنان خالل العهدين البرونزي والحديدي‪ .‬إنما‪،‬‬ ‫ماديا وجود األرشيف‬ ‫بعد اكتشاف مملكة أوغاريت‪ 2‬الكنعانية (‪ّ ،)1929‬‬ ‫تأكد ً‬ ‫في هذه المملكة‪ .3‬وال تزال هذه المسألة مطروحة في الفترة الفينيقية‬ ‫(خالل العصر الحديدي) لعدم اكتشاف دالئل حسية تساعد على حلها‪،‬‬ ‫تأكيدها‪ ،‬من خالل مصادر تاريخية وأثرية عائدة‬ ‫وتاليا‬ ‫ُ‬ ‫تلمسها‪ً ،‬‬ ‫إنما يمكن ُّ‬ ‫إلى الحضارة الكنعانية‪-‬الفينيقية‪.‬‬ ‫وجود أرشيفات في مــدن‪ /‬دول قامت في مناطق مختلفة من لبنان‬ ‫القديم يؤكده ما ذكــره المؤرخ اليوناني هـيــرودوت ( ‪ 4 )Hérodote‬عن‬ ‫ص ــور‪ ،‬أو مــا أورده ال ـمــؤرخ ال ـي ـهــودي فــا فـيــوس يوسيفوس( ‪Flavius‬‬ ‫معتمدا على مصدرين‬ ‫‪ 5 )Josèphe‬في كتابته عن فينيقيا وتاريخ ملوكها‬ ‫ً‬ ‫ـســس ( ‪Ménandre‬‬ ‫فينيقيين ي ـعــودان إلــى ميناندر المنسوب إلــى أفَ ـ ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 6 )d’Efese‬وديوس ( ‪7 )Dios‬؛ أو ما ذكره المؤرخ الفينيقي فيلون الجبيلي‬


‫كتاب الكاهن البيروتي َس ُنك ْن َي ُت ْن‬ ‫( ‪ )Philon de Byblos‬في ترجمته‬ ‫َ‬ ‫( ‪ )Sanchunyatan‬أن هذا األخير جمع معلوماته من أرشيف المعابد‬ ‫ليكتب التاريخ الفينيقي ‪ ،8‬أو ما بينته االكتشافات األثرية في مناطق‬ ‫عدة من فينيقيا أو من مناطق االنتشار الفينيقي كما الحال في كيتيون‬ ‫(الرنكا في قبرص) أو في قرطاجة ‪ ،9‬وهي أختام لوسم ملفات أرشيف‬ ‫غالبا من ورق البردى ‪.10‬‬ ‫كانت ً‬

‫أدبي تاريخي (مجمل نصوص مكتوبة بالخط المسماري أو النسخي‬ ‫أظهرتها الحفريات األثرية في لبنان أو في مناطق الشرق منذ قرن‬ ‫ونيف)‪.‬‬ ‫في تلك المصادر يرد اسم لبنان وأنتي ليبان في سياق معلومات هامة‬ ‫تتعلق بصفة القداسة أو بما تتمتع به تلك الجبال من ثروات طبيعية أبرزها‬ ‫واللزاب والسرو والسيما شجر األرز‬ ‫أخشاب األشجار الصمغية كالعرعر‬ ‫ّ‬ ‫المعروف بأرز لبنان (‪.12)Cedrus Libani‬‬

‫إذا كــان الكنعانيون‪-‬الفينيقيون عــرفــوا مؤسسة األرشيف – لسوء‬ ‫الحظ لم ّيتم الكشف على جزء ولو بسيط منه – فأين لبنان فيه؟ وما‬ ‫الواقع التاريخي والسياسي للبنان من خالل مصادر الحضارة الكنعانية‪-‬‬ ‫الفينيقية؟‬ ‫سياسيا‬ ‫مفهوما‬ ‫حقب التاريخ القديمة‪ ،‬لم يشكل‬ ‫اسم لبنان‪ ،‬طيلة َ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بحدود واضحة المعالم‪ .‬فحدود الــدول‪ ،‬في التاريخ القديم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫دائما‬ ‫والعسكرية‪ ،‬وهي‬ ‫السياسية‬ ‫مسألة معقدة تخضع لقوة الدولة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫آنية تمر بها الدولة‪ .‬فلبنان في التاريخ‬ ‫بحالة ّ‬ ‫مد وجزر ً‬ ‫تبعا لظروف ّ‬ ‫القديم تسمي ٌة لواقع جغرافي فقط أُ طلق على جبال السلسلة الغربية‬ ‫ـرورا بلبنان الحالي حتى جبال‬ ‫شـمـ ًـاال مــن جبل األق ــرع فــي ســوريــا م ـ ً‬ ‫الجليل في فلسطين‪ ،‬تقابلها السلسلة الشرقية المعروفة باسم أنتي‬ ‫ليبان ( ‪.)Anti-Liban‬‬ ‫أساسيين‪ :‬أثري (بما تم‬ ‫دراسة لبنان القديم ترتكز على مصدرين‬ ‫ّ‬ ‫اكتشافه في مواقع عدة موزعة على األراضــي اللبنانية أو خارجها)‪،‬‬

‫‪  . 1 . 2‬لبنان في النصوص الفينيق ّية القديمة‬

‫‪48‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪CF. W CULICAN, The Iconographies of Some Phoenician Seals and Seal‬‬ ‫‪ 99‬‬ ‫‪.Impressions, AJBA, 1 / 1, 1968, p. 50 – 103; E. GUBEL, DCPP, s.v. Archives‬‬

‫‪ 110‬أنطوان القسيس‪ ،‬األرشيف المنسي في تاريخ لبنان القديم‪ ،‬دراسات‪ ،‬رقم ‪،97/26‬‬ ‫مجلد ‪ ،1997 ،1‬ص‪.154 –115 .‬‬

‫‪ 111‬حول تاريخ الكتابة وظهور األبجديات‪ :‬أنطوان القسيس‪ ،‬تاريخ الكتابة واختراع‬ ‫األبجدية الفينيقية‪ ،‬في أنطوان الدويهي (ناشر)‪ ،‬أربعة قرون من ثقافة الحرية في‬ ‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،2006 ،‬ص‪.60–40 .‬‬

‫‪Sur le cèdre du Liban et son attestattions dans les sources anciennes, 112‬‬ ‫‪voir: J. PAIRMAN BROWN, The Lebanon and Phoenicia, Ancient Texts‬‬ ‫‪Illustrating their Physical Geography and Native Industries I the Physical‬‬ ‫‪Setting and the Forest, Beyrouth, 1969, passim; voir aussi le numéro spécial‬‬ ‫‪de la revue AHL, Autumn 2001, sur le Cèdre du Liban: Cedrus Libani où‬‬ ‫‪.plusieurs articles scientifiques sont publiés‬‬

‫‪Voir DCPP, p. 258 – 259; DISO, s.v. lbnn; DNSWI, s.v. lbnn; Leïla BADRE, 113‬‬ ‫‪Le nom du Liban écrit sur les pierres, l’argil et le papyrus, dans Camille‬‬ ‫‪ABOUSSOUAN (éd.), Le livre et le Liban jusqu’à 1900, Paris, 1982, p. 17 – 20.‬‬ ‫‪:Voir aussi‬‬

‫ليلى بدر‪ ،‬تاريخ لبنان القديم (من األلف الثالث إلى القرن الرابع قبل الميالد)‪ ،‬في‬ ‫عادل إسماعيل (ناشر علمي)‪ ،‬لبنان في تاريخه وتراثه‪ ،‬مركز الحريري الثقافي‪ ،‬جزأن‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،1993 ،‬ج‪ ،1 .‬ص‪.68–33 .‬‬ ‫‪.Voir Liban (montagne) dans DCM, p. 471 114‬‬

‫‪49‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫‪8 8‬‬

‫‪.Cf. Philon de Byblos dans P. É.., Chapitre 9 – 10‬‬

‫يرد اسم لبنان في المصادر التاريخية القديمة باألشكل التالية‪ :‬ل‬ ‫ل ب َن ن و (‪La/‬‬ ‫والعبرية‬ ‫بالفينيقية‬ ‫ب ن ن (‪)Lbnn‬‬ ‫والسريانية‪ ،‬و َل ‪ِ  /‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والبابلية‪ ،‬و رم ن ن (و) ([‪)Rmnn[w‬‬ ‫واألشورية‬ ‫باألكدية‬ ‫‪)libnānu, Labnânu‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫باليونانية‬ ‫‪)Libanos,‬‬ ‫(‪Libanus‬‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫المصرية‪،‬‬ ‫بالهيروغليفية‬ ‫ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪13‬‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫بالعربية ‪ .‬أما أنتي ليبان (السلسلة الشرقية)‬ ‫والالتينية‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪14‬‬ ‫فوردت في مصادر ما بين النهرين بإسم َسريان (‪. )Sariân‬‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫‪  . 2‬لبنان في أرشيف الكنعانيين‪-‬الفينيقيين‬

‫‪11‬‬


Sur la glyptique dans l’ancien Orient, voir: P. AMIET, Sceaux dans 220 l’ancien Orient, DBS, 12, 1992, col. 66 – 86; P. BORDREUIL, Sceaux inscrits des pays du Levant, DBS, 12, 1992, col. 86 – 212 (surtout col. 202 – 212 pour une bibliographie exhaustive); P. BORDREUIL, Catalogue des Sceaux ouestsémitiques inscrits de la Bibliothèque Nationale, du Musée du Louvre et du .Musée biblique de Bible et Terre sainte, Paris, 1986

Cf. P. BORDREUIL, Métrologie, dans DCPP, p. 291  –  292, avec 221 .bibliographie

Cf. KASSIS, Approche p. 94–96; Pour les monnaies des villes 222 phéniciennes au Liban, voir E. BABELON, Catalogue des monnaies grecques de la Bibliothèque Nationale. Les Perses achéménides, les satrapes et dynastes tributaires de leur empire, Chypre et Phénicie, Pari, 1893; G.F. HILL, Phoenicia. A Catalogue of the Greck Coins in the British Museum, London, 1910 (réedition, Bologna, 1965); E.T. NEWELL, The First Seleucid Coinage of Tyre, Numismatie Notes and Monographis, 11, New York, 1921, p. 1 – 40; J.

BABELON, Catalogue de la collection de Lugens, IV, Paris, 1936; D. BARAMKI, The Coin Collection of the American University of Beirut Museum. Palestine and Phoenicia, Beirut, 1974; M. CHEHAB, Monnaies gréco-romaines et phéniciennes du Musée national, Beyrouth, Liban, Paris, 1977; R.S. HANSON, Tyrian Influence in the Upper Galilée, Cambridge, 1980; J.W. BETLYON, The Coinage and Mints of Phoenicia. The Pre-Alexandrine Period, (Harverd Semitic Monograph, 26), California, 1982; J. ELAYI – A.G ELAYI, Trésors de monnaies phéniciennes et circulation monétaire (Vème – IVème siècle avant .J.-C.), Paris, 1994

:‫ أسقف بيتربورغ البريطاني ريشار كمبرلند‬:‫ أول من ترجم هذا النص‬223

.R.CUMBRLAND, Sanchuniathon’s Phoenician History, London, 1720

.Voir, Philon de Byblos dans P. É., Chapitre 9 – 10 224

‫ في لبنان‬16‫شرعية‬ ‫ وحفريات غير‬15‫رسمية‬ ‫رغم ما يحكى عن حفريات‬ ّ ّ ‫ ما ُع ِث َر‬،‫الشرقية للبحر المتوسط‬ ‫ أو في المناطق‬،‫حتى وقتنا الحاضر‬ ّ ‫الفينيقية ال يتجاوز مئتي نقش لم يرد فيها‬ ‫عليه في لبنان من النقوش‬ ّ ‫وتحديدا قرب‬ ،‫األثرية في قبرص‬ ‫ بينما االكتشافات‬،‫أي ذكر السم لبنان‬ ً ّ ‫فينيقية تعود إلى القرن‬ ‫ أظهرت ملعقة من البرونز تحمل كتابة‬،‫ليماسول‬ ّ 17 ‫ قدمها إلى‬،‫ التابع لـ حيرام ملك صيدا‬،‫ كان حاكم المدينة‬.‫م‬.‫الثامن ق‬ ‫ وفي قرطاجة ُع ِث َر على‬.18‫بعل لبنان الذي ُيحتمل أن يكون له فيها معبد‬ ‫ (لـ ـ عشترة‬،‫بالبونية ُيفيد عن بناء معابد لـ ـ عشترة ولـ ـ تانيت بلبنان‬ ‫نقش‬ ّ 19 ً ‫ولـ ـ تنيت ب لبنن) ما يجعل عبادة اإللهتين‬ . ‫مرتبطا مباشرة بجبل لبنان‬ :‫ حول هذه البعثة‬.‫ مع بعثة أرنست رينان‬،1861 ‫ في العام‬،‫ بدأت الحفريات الرسمية‬1 15 ،)‫ في أنطوان القسيس (ناشر علمي‬،‫ أرنست رينان ورحلته إلى فينيقيا‬،‫أنطوان القسيس‬ ‫ سلسلة‬،‫ منشورات الجامعة األميركية للعلوم والتكنولوجيا‬،‫لبنان على أقالم المستشرقين‬ ‫ استمرت الحفريات في ظل‬.2019 –201 .‫ ص‬،2014 ،‫ بيروت‬،19 ‫ رقم‬‫اللبنانية‬ ‫الذاكرة‬ ّ ‫ على جميع‬،1943 ‫ منذ‬،‫ أشرفت الدولة اللبنانية‬.‫االحتالل العثماني واالنتداب الفرنسي‬ ‫ الحفريات األثرية في‬،‫ أنطوان القسيس‬:‫أجنبية‬ ‫لبنانية أو‬ ‫الحفريات التي قامت بها بعثات‬ ّ ّ .11169 ‫ عدد‬،1993 ‫ ايلول‬12 ،‫ جريدة الحياة‬،‫ بين الواقع الرسمي وأعمال الهواة‬:‫لبنان‬ :‫والسرية التي حصلت في لبنان‬ ‫الشرعية‬ ‫ عن الحفريات غير‬116 ّ ّ

S. HAKIMIAN, Une archéologie parallèle: les fouilles clandestines et fortuites .au Liban, Berytus, 35, 1987, p. 199 – 209

ً ‫متواصال‬ ‫سريا‬ ‫أثريا‬ ‫ تكشف‬1987 ‫اللبنانية الصادرة بعد‬ ‫ومراجعة الصحف‬ ً ً ً ‫نشاطا‬ ّ ‫حرضة على هذه‬ ‫ـم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫للجهات‬ ‫أو‬ ‫بالحفر‬ ‫يقومون‬ ‫لمن‬ ‫ة‬ ‫قانوني‬ ‫مالحقة‬ ‫في لبنان بدون‬ ّ ُ ّ ‫ وسط بيروت بين االكتشافات‬،‫ مي عبود أبي عقل‬:‫ كما خالل حفريات بيروت‬،‫األعمال‬ .1999 ،‫ بيروت‬،‫والجرافات‬

‫ ودفع الجزية للملك‬،‫أيضا ِملك صور يوم شكلت المدينتان مملكة واحدة‬ ً ‫ هو‬117 :‫ كما جاء في حوليات هذا الملك‬،.‫م‬.‫ ق‬738 ‫األشوري تغلت فالصر الثالث العام‬ ANET, p. 274–301; CAH, III/ 1, IV; P. XELLA, les sources cunéiformes, dans V. KRINGS (éd.), La civilisation phénicienne et punique: manuel de recherche, .Leiden – New York – Köln, 1995, p. 51–56

CIS I, 5; KAI, 31; TSSI, III, 17; Sur l’étude de cette inscription, voir: O. 118 MASSON – M. SZNYCER, Recherches sur les Phéniciens à Chypre, (Hautes études orientales 3), Genève  –  Paris, 1972, p. 77  –  78; O. MASSON, La dédicace à Ba‘al du Liban (CIS I, 5) et sa provenance probable de la région de Limassol, Semitica, 35, 1985, p. 33 – 46; M. SZNYCER, Brèves remarques sur .l’inscription de Chypre, CIS I, 5, Semitica, 35, 1985, p. 47 – 50; DCPP, p. 57

Voir, CIS 1, 3914; KAI 81; P. BORDREUIL, Tanit du Liban (Nouveaux 119 documents phéniciens 3), Studia Phoenicia, 7, 1987, p. 98 – 99; C. BONNET, Astarté. Dossier documentaire et perspectives historiques, (Collezione di .Studi fenici 37), Roma, 1996, p. 98 – 99

50 ‫ أنطوان القسيس‬.‫د‬

‫لبنان في التاريخ‬ ‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

51

‫الفينيقية‬-‫ة‬ ‫الكنعاني‬ ‫وكذلك ال يرد اسم لبنان في المصادر الرسمية للمدن‬ ّ 20 ّ ‫ كاألختام‬،‫وال في مواقع االنتشار الفينيقي في المتوسط‬ ‫الرسمية أو‬ ّ ‫ وهي ُمستند رسمي عن الواقع السياسي واإلداري‬،22‫ أو العملة‬21‫األوزان‬ .‫الممالك‬/‫لتلك المدن‬ 23 ‫ ترجم فيلون الجبيلي كتاب التاريخ الفينيقي‬.‫م‬.‫في القرن األول ق‬ ‫ إنما‬،‫ الكاهن البيروتي َس ُنك ْن َي ُت ْن‬.‫م‬.‫الذي وضعه في القرن الثاني عشر ق‬ ‫ لكن أوسابيوس أسقف قيصرية‬.‫لم ُيعثر حتى اليوم على أي جزء منهما‬ 24 ‫استعمل أجزاء من ترجمة فيلون الجبيلي في كتابه التحضير اإلنجيلي‬


‫‪52‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪A.I. BAUMGARTEN, The Phoenician History of Philo of Byblos. A‬‬ ‫‪Commentary, Leyde, 1981; H.W. ATTRIDGE – R.A. ODEN, Philo of Byblos the‬‬ ‫‪Phoenician History, (The Catholic Biblical Quaterly Monograph, Series 9),‬‬ ‫‪.Washington, 1981‬‬

‫‪ 226‬أنطوان القسيس‪ ،‬األرشيف المنسي في تاريخ لبنان القديم‪ ،‬دراسات‪ ،‬رقم ‪،97/26‬‬ ‫مجلد ‪ ،1997 ،1‬ص‪.131–130 .‬‬

‫‪.P. É, 10, 8 227‬‬

‫والحثية‪:‬‬ ‫‪ 228‬جبل األقرع في سورية‪ ،‬وهو جبل خازي في المصادر األكدية‬ ‫ّ‬ ‫‪.DCPP, p. 60‬‬

‫‪ 229‬لم نتمكن من تحديد موقعه بعد‪ ،‬لكن األرجح أن يكون في منطقة فلسطين‪ ،‬إذا‬ ‫اعتبرنا أن األسماء المذكورة في النص‪ ،‬تبدأ من الشمال باتجاه الجنوب‪ .‬يعتقد الباحث‬ ‫األلماني أوتو أيسفلدت‪ ،‬أن هذا الموقع هو جبل طابور في فلسطين‪ ،‬على اعتبار ان اسم‬ ‫براتي تحوير اسم هذا الجبل‪ ،‬ومرد ذلك إلى تكرار نقل مخطوط أوسابيوس القيصري‪:‬‬

‫‪Otto EISSFELDT, Der Gott des Tabor und seine Verbreitung, AfR, 31, p. 14 – 41,‬‬ ‫‪.1934; Cf Kleine Schriften, 2, Tübingen, 1963, 29 – 54‬‬ ‫الحقا عدد من الباحثين‪.A.I. BAUMGARTEN, Op. cit., p. 154 –155:‬‬ ‫وافقه‬ ‫ً‬

‫لــم يــرد اســم لبنان فــي األرش ـيــف الفينيقي بتفصيل ووضـ ــوح‪ ،‬لكن‬ ‫ين‪-‬الفينيقيين أوردت اسمه‬ ‫الكنعاني‬ ‫أرشيفات‪ 30‬الحضارات ال ُـمعاصر ِة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫توضح موقعه ومفهومه الجغرافي والديني‬ ‫ومهمة ّ‬ ‫وفق مفاهيم ُمحددة ُ‬ ‫بشكل مباشر بالنسبة إلى تلك الحضارات‪ ،‬وبشكل غير مباشر بالنسبة‬ ‫ف من النصوص‬ ‫للكنعاني‬ ‫ين‪-‬الفينيقيين‪ .‬وفــي تلك األرشيفات ما ُ‬ ‫اكت ِش َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الهيروغليفية المصرية‪ ،‬أو ما‬ ‫أو‬ ‫ة‬ ‫والبابلي‬ ‫ة‬ ‫واألشوري‬ ‫ة‬ ‫األكدي‬ ‫المسمارية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أوردته التوراة وما جاء عن لبنان في النصوص الكالسيكية‪.‬‬

‫المسمارية منذ أواســط األلف‬ ‫يرد اسم لبنان ألول مرة في النصوص‬ ‫ّ‬ ‫‪31‬‬ ‫الثالث ق‪.‬م‪ .‬كما تؤكد نصوص مملكة ِإ ْبــا ‪ .‬لكن سرجون األكــدي األول‬ ‫(‪ 2279 – 2335‬ق‪.‬م‪ ).‬يؤكد وصوله إلى غابة أرز لبنان إبان حملته العسكرية‬ ‫األموريين‬ ‫ضد ممالك‬ ‫والكنعانيين‪ ،‬وأخذ منها الجزية ومنها أخشاب األرز‪.32‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وير َّجح أن يكون ملك ماري‪ ،‬يهدون ليم‪ ،‬وصل إلى غابة أرز لبنان وأقام له‬ ‫َ‬ ‫تذكاريا بعدما جلب معه كميات من خشب األرز ليسقف بها هيكل‬ ‫ا‬ ‫نصب‬ ‫فيها‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬

‫‪53‬‬

‫‪  . 1 . 2 . 2‬لبنان في النصوص المسمارية‬

‫‪Sur les archives dans le Proche-Orient ancien, voir: K.R. VEENHOF 330‬‬ ‫‪(éd.), Cuneiform Archives and Libraries, Istanbul, 1986; F. JOANNÈS (éd.),‬‬ ‫‪.Les phénomènes de fin d’archives en Mésopotamie, RA, 39, 1995‬‬

‫‪Sur l’archive à Ebla et sur sa publication, voir: Archivi Reali di Ebla. 331‬‬ ‫‪Testi, Université de Rome, depuis 1981; L. CAGNI (éd.), Ebla 1975–1985,‬‬ ‫‪Dieci anni di studi linguistici e filologici, (Atti del convegno internazionale,‬‬ ‫;‪Napoli, 9 – 11 ottobre 1985) Napoli 1987, avec bibliographie exhaustive‬‬ ‫‪Jean-Marie DURAND – Dominique CHARPIN (éds.), Amurru 1–2, Mari, Ébla‬‬ ‫‪et les Hourrites, (dix ans de travaux, deuxième partie: actes du colloque‬‬ ‫‪international, Paris, mai 1993), édition Recherche sur les civilisations, Paris,‬‬ ‫‪1996, 2001; Cyrus GORDON (éd.), Eblaitica, essays on the Ebla archives and‬‬ ‫‪.Eblaite language, Volume 1 – 3, New York, 1987, 1990, 1992‬‬ ‫‪Voir: J.G. WESTENHOLZ, Legends of the Kings of Akkade, Winona Lake, 332‬‬ ‫‪.1997; Voir aussi Sargon dans DCM, p. 755 – 756‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫ونقدا‪ .‬له ترجمتان عربيتان‪:‬‬ ‫درسا‬ ‫ً‬ ‫‪ُ 225‬ترجم هذا النص إلى لغات مختلفة وأُ شبع ً‬ ‫فرنسية قديمة (‪ )1846‬ولم ُي َشر إلى الترجمات‬ ‫اعتمدت على ترجمة‬ ‫األولى (‪)1970‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الالحقة‪ :‬يوسف الحوراني‪ ،‬نظرية التكوين الفينيقية وآثارها في حضارة اإلغريق‪،‬‬ ‫معر ُبها ترجمات باإلنكليزية‬ ‫دار النهار للنشر‪ ،‬بيروت‪1970 ،‬؛ واألخرى (‪ )1993‬اعتمد ّ‬ ‫الفرنسية‪ ،‬ولم ُي ُعد إلى النص اليوناني األصلي‪ :‬عيد مرعي‪ ،‬فيلون‬ ‫واأللمانية‪ ،‬وأهمل‬ ‫ّ‬ ‫الجبيلي‪( ،‬سلسلة أبجدية المعرفة ‪ ،)80،‬األبجدية للنشر‪ ،‬دمشق‪1993 ،‬؛ وعن‬ ‫الدراسات باللغات األجنبية‪:‬‬

‫‪  . 2 . 2‬لبنان في األرشيف الخارجي‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫الفينيقية‪ .25‬وهذا النص‬ ‫وإليه يستند الباحثون في دراساتهم عن الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫ينتمي إلى المذهب التوفيقي (‪ )Evhémérisme‬الذي يقول ببشرية اآللهة‪،‬‬ ‫وهو أسلوب أدبي رمزي اعتمده فيلون الجبيلي ليماشي مدارس عصره في‬ ‫الحقبة‬ ‫الرومانية‪.26‬‬ ‫ّ‬ ‫الفينيقيين‪ .‬يعرض لها‪ ،‬يسرد‬ ‫يروي النص مسألة الخلق من وجهة نظر‬ ‫ّ‬ ‫مراحلها ليصل إلى خلق اإلنسان‪ .‬وعندما يصل إلى توالد النور والنار‬ ‫والشعلة يشير إلى أبنائها الذين اكتشفوا كيفية الحصول على النار‪ ،‬ومنهم‬ ‫ت بأسمائهم جبال‪ 27‬هي من الشمال‬ ‫جاءت ساللة أبناء كبيري ْ‬ ‫البنية ُس ِّم َي ْ‬ ‫‪29‬‬ ‫إلى الجنوب‪ :‬كاسيوس‪ ،28‬لبنان‪ ،‬أنتي ليبان‪ ،‬براتي ‪ .‬وانتسبوا إلى أمهاتهم‬ ‫شريكا لهن‬ ‫ً‬ ‫يلتقيهن‬ ‫يخت ْر َن أول من‬ ‫كن َ‬ ‫ّ‬ ‫اللواتي‪ ،‬في تلك الفترة الزمنية‪َّ ،‬‬ ‫تتحدد‬ ‫عليها‬ ‫التي‬ ‫باألرض‬ ‫األم‬ ‫تشبيه‬ ‫في الحياة‪ .‬وهذا تعبير رمزي عن‬ ‫ّ‬ ‫الفينيقية‪ ،‬وفق منطق النص‪ ،‬وما ّتم اكتشافه‬ ‫الجغرافية للمنطقة‬ ‫البيئة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا يكون‬ ‫من مواقع أثرية في المنطقة الجغرافية حيث تقع تلك الجبال‪ً .‬‬

‫للفينيقيين واتفق بذلك مع المصادر‬ ‫النص كشف حدود المنطقة الجغرافية‬ ‫ّ‬ ‫واألثرية حول هذه المسألة‪.‬‬ ‫التاريخية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪ 334‬انتشار المعابد على مرتفعات لبنان التي تزيد عن ‪1500‬م وآثار مواقع سكن تعود‬ ‫إلى حقبة فجر التاريخ‪ ،‬إضافة إلى مكتشفات جديدة في موقع يانوح تؤكد أن جبال لبنان‬ ‫احتضنت السكن البشري منذ فجر التاريخ‪ :‬أنطوان القسيس‪ ،‬دراسات‪ ،‬ص‪20–17 .‬؛‬ ‫وأيضا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪Pour Yanouh, voir: Pierre-Louis GATTIER et al., BAAL, 8, 2004, p. 119 – 210‬‬ ‫‪avec bibliographie; Fr. BRIQUEL-CHATONNET, Les cités de la côte phénicienne‬‬ ‫‪.et leurs sanctuaires de montagne, in ARG, 2005, p. 20 –33‬‬

‫‪Cf. P. MONTET, Byblos et l’Egypte, Paris 1928 – 1929; N. JIDEJIAN, 335‬‬ ‫‪Byblos à travers les âges, Beyrouth, 1977; G. SCANDONE, Les sources‬‬ ‫‪égyptiennes, dans V. KRINGS (éd.), La civilisation phénicienne et punique:‬‬ ‫‪manuel de recherche, Leiden – New York – Köln, 1995, p. 57; W.L. MORAN, les‬‬ ‫‪lettres d’El.Amarna, (tr. fr. de D. COLLON – H. CAZELLES), Paris, 1987; voir‬‬ ‫‪aussi: J. FREU, La correspondance d’Abimilki; prince de Tyr et la fin de l’ère‬‬ ‫‪Amarnienne, Annales de la Faculté des Lettres et Sciences humaines de‬‬ ‫?‪Nice, 50, 1985, p. 23– 60; H. SALAME-SARKIS, Wahlia – Mahallata – Tripoli‬‬ ‫‪.MUSJ, 49, 1975 – 1976, p. 551 – 563‬‬

‫‪55‬‬

‫رسالة باللغة األوغاريتية لــعقد إيجار باخرة من ملك جبيل‬ ‫(المتحف الوطني – دمشق)‪ .‬رقمها ‪.RS 18.025‬‬

‫جدا عن لبنان ومدنه المختلفة تمحور معظمها حول‬ ‫معلومات مهمة ً‬ ‫‪36‬‬ ‫عالقات األخوة والتجارة ‪.‬‬ ‫المسمارية العائدة إلى األلف األول ق‪.‬م‪ ،.‬المكتشفة في‬ ‫إن النصوص‬ ‫ّ‬ ‫بالبابليين‪ُ ،‬تعطي إشارات‬ ‫باألشوريين أو‬ ‫بالد ما بين النهرين‪ ،‬والمتعلقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واضحة حول لبنان وعالقته بتلك الدول التي قامت بعدة حمالت عسكرية‬ ‫ضده للحصول على ثرواته الخشبية المتنوعة‪ ،‬والدليل‪ :‬أنصاب أقاموها‬ ‫على ضفتي وادي نهر الكلب‪.37‬‬ ‫‪.Cf. TO 1; TO 2, passim 336‬‬

‫‪.Voir: Leïla BADRE, Nahr el-Kelb, in DCPP, p. 307 337‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫‪ 333‬أنطوان القسيس‪ ،‬دراسات‪ ،‬رقم ‪ ،97/26‬مجلد ‪ ،1997 ،1‬ص‪.131–130 .‬‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫‪54‬‬

‫اإلله شمش‪ .33‬وفي الفترة نفسها تشير نصوص شمشي أدو‪ ،‬ملك بالد ما‬ ‫العليا‪ ،‬أنه تنقل بجيشه في عدة ممالك في لبنان وفي البقاع‬ ‫بين النهرين ُ‬ ‫وفي األنتي ليبان لمساعدة حليفه إيشي أدو‪ ،‬ملك قطنه‪ ،‬على إخماد حركات‬ ‫اكتشفت لدى أرشيف مملكة‬ ‫متمردة في تلك المناطق‪ ،‬كما ورد في رسائل ُ‬ ‫ماري‪ ،‬ما يؤكد وجود بعضها في نطاق سيطرة ملك َ‬ ‫مدلوال‬ ‫ً‬ ‫قطنة‪ .‬لكن لهذا‬ ‫أهم‪ :‬إثبات السكن في مرتفعات لبنان وأنتي ليبان ما يدحض نظريات قديمة‬ ‫ّ‬ ‫والحيوانية‪.‬‬ ‫ة‬ ‫الخشبي‬ ‫للثروة‬ ‫ا‬ ‫مصدر‬ ‫فقط‬ ‫وتعتبره‬ ‫لبنان‬ ‫جبل‬ ‫في‬ ‫السكن‬ ‫تنفي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مستقال‬ ‫سياسيا‬ ‫نظاما‬ ‫زعم أن تلك المناطق‬ ‫ً‬ ‫وثمة ٌّ‬ ‫شك في ْ‬ ‫الجبلية لم تعرف ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫األثرية الحديثة بدأت تلقي أضواء‪،‬‬ ‫فاالكتشافات‬ ‫الساحل‪،‬‬ ‫مدن‬ ‫غرار‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫‪34‬‬ ‫وإن خجولة‪ ،‬على هذه المسألة ‪.‬‬ ‫في نسخة بابلية قديمة (بداية األلف الثاني ق‪.‬م‪ ).‬لملحمة البطل‬ ‫األسـطــوري جلجامش أنــه انتصر على هــوواوا حــارس غابة األرز في‬ ‫لبنان‪ .‬وفــي منتصف األلــف الثاني ق‪.‬م‪( .‬حقبة العمارنة) يبدو أن‬ ‫فترتئذ ضمن‬ ‫حاليا وكانت‬ ‫العلويين‬ ‫القسم األكبر من لبنان (ومنه جبال‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫تبين مراسالت العمارنة‬ ‫كما‬ ‫ة‬ ‫األموري‬ ‫جبل لبنان) كان ضمن السيطرة‬ ‫ّ ‪ّ 35‬‬ ‫واالكتشافات األثــريــة في المدن‬ ‫الكنعانية ‪ .‬وهنا أهمية النصوص‬ ‫ّ‬ ‫األوغاريتية المتنوعة المواضيع‪ ،‬والمكتشفة في أرشيف القصر الملكي‬ ‫ّ‬ ‫أو النصوص الملحقة بها‪ ،‬والمكتشفة في رأس ابن هاني‪ ،‬ألنها تعطي‬


‫لبنان في التاريخ‬ ‫‪57‬‬

‫‪56‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫لم ينتظر اآلشوريون األلف األول ق‪.‬م‪ .‬للقيام بحمالت عسكرية باتجاه‬ ‫البحر المتوسط‪ ،‬فـتغلت فألصر األول (‪ 1076 – 1114‬ق‪.‬م‪ ).‬في السنة‬ ‫عسكرية نحو فينيقيا للحصول على خشب األرز كي‬ ‫جند حملة‬ ‫الرابعة لحكمه ّ‬ ‫ّ‬ ‫يبني هيكل اإللهين آنو وأدد (كما تذكر حولياته)‪ .‬ومثله فعل أشور ناصربال‬ ‫الثاني (‪ 859 – 883‬ق‪.‬م‪ ).‬وشلمنصر الثالث (‪ 824 – 858‬ق‪.‬م‪ ).‬وأدد‬ ‫نيراري الثالث (‪ 783 – 810‬ق‪.‬م‪ ).‬وتغلت فألصر الثالث (‪ 727 – 744‬ق‪.‬م‪).‬‬ ‫وســرجــون الثاني (‪ 705 – 721‬ق‪.‬م‪ ).‬وسنحاريب (‪ 681 – 704‬ق‪.‬م‪).‬‬ ‫وابنه أسرحدون (‪ 669 – 680‬ق‪.‬م‪ ).‬وأشور بانيبال (‪ 630 – 669‬ق‪.‬م‪).‬‬ ‫ونبوخذ نصر الثاني (‪ 562 – 604‬ق‪.‬م‪ ).‬وقورش األول (‪ 530 – 539‬ق‪.‬م‪).‬‬ ‫وداريـ ــوس األول (‪ 486 – 521‬ق‪.‬م‪ ).‬لكنهم أضــافــوا إلــى المعابد بناء‬ ‫قصورهم والتفاخر بجلب أخشاب لبنان‪ .38‬وكان الصوريون والجبيليون‬ ‫ويصدره إلى الخارج‪ .‬والدليل‪ :‬واجهة قصر‬ ‫أفضل َمن يقطع أخشاب األرز‬ ‫ّ‬ ‫‪Cf. ANET, p. 274–301; CAH, III/ 1, IV; P. XELLA, les sources cunéiformes, 338‬‬ ‫‪dans V. KRINGS (éd.), La civilisation phénicienne et punique: manuel de‬‬ ‫‪.recherche, Leiden – New York – Köln, 1995, p. 51– 56; DCM, p. 472 et passim‬‬

‫ب – أددا ملك جبيل إلى الفرعون أمينوفيس الرابع‬ ‫رسالة باللغة األكدية من َر‬ ‫ْ‬ ‫(موقع العمارنة – مصر) رقمها ‪ EA89‬متحف برلين‬

‫الصوريين في قطع وتحميل أخشاب‬ ‫خورزباد وعليها نُ قشت صورة عن عمل‬ ‫ّ‬ ‫األرز لحساب الملك سرجون الثاني‪.39‬‬ ‫‪Voir: E. POTTER, Catalogue des antiquités assyriennes. Musée du 339‬‬ ‫‪Louvre, Paris, 1924, p. 86–88; A. PARROT, La «scène maritime» de Khorsabad,‬‬ ‫‪dans Sumer, 6, 1950, p. 115–116; W.S. SMITH, Interconnctions in the‬‬ ‫‪Ancient Near East. A Study of the Relationships between the Arts of Egypt,‬‬ ‫‪the Aegean and Western Asia, New-Haven – Londres, 1965, p. 121–122, pl.‬‬ ‫‪155 –156; M. WÄFLER, Nicht assyrer neuassyrischer Darstellugen, (AOAT 26),‬‬ ‫‪.Neukirchen – Vluyn, 1975, p. 95 – 96‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫جدارية قصر الملك سرجون في خورزاباد (بالد ما بين النهرين)‬ ‫متحف اللوفر – باريس‪.‬‬


‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪P.R.S. MOOREY, Ancient Mesopotamian Materiels and Industries, 441‬‬ ‫‪.Oxford, 1994; DCPP, p. 289–290‬‬

‫‪.Voir, DCPP, p. 492; Boissons alcoolisées, dans DCM, p.138 – 140 442‬‬

‫ين‪-‬الفينيقيين‪ :‬أنطوان‬ ‫الكنعاني‬ ‫الدينية لدى‬ ‫‪ 443‬حول المذابح والمعابد والمفاهيم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القسيس‪ ،‬مالمح من الفكر الديني الكنعاني الفينيقي‪ ،‬منشورات الجامعة األميركية‬ ‫للعلوم والتكنولوجيا رقم ‪ ،17‬بيروت‪.2013 ،‬‬ ‫‪.Voir: DCM, s. v. Hurrite, p. 397– 400 avec bibliographie 445‬‬

‫‪.Voir: L. BADRE, Nahr el-Kelb, in DCPP, p. 307 447‬‬

‫‪59‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫‪.Voir: KASSIS, Approche, p. 109 – 110 444‬‬

‫‪ 446‬أنطوان القسيس‪ ،‬دراسات‪ ،‬رقم ‪ ،97/26‬مجلد ‪ ،1997 ،1‬ص‪.131 – 130 .‬‬

‫‪Voir: Pierre BRIANT, Histoire de l’empire perse: de Cyrus à Alexandre, 440‬‬ ‫‪Paris, 1996, passim; Jean-François, BRETON, Les inscriptions forestières‬‬ ‫;‪d’Hadrien dans le Mont Liban, dans IGLS 8, 3, (BAH 104), Paris, 1980, passim‬‬ ‫‪Maurice SARTRE, L’Orient romain. Provinces et sociétés provinciales en‬‬ ‫‪Méditerranée orientale d’Auguste aux Sévères (31 avant J.-C. – 235 après‬‬ ‫‪.J.-C.), Paris, 1991, passim‬‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫‪58‬‬

‫الخشبية المهمة‪،‬‬ ‫ـوريــة باتت غابات لبنان‪ ،‬لثروتها‬ ‫منذ الفترة األشـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫األشوريين الملكية‪ ،‬وتوالت بعدها على ملكيتها الدول التي‬ ‫ضمن أمالك‬ ‫ّ‬ ‫الفينيقية حتى نهاية الفترة‬ ‫المدن‬ ‫على‬ ‫األول‪،‬‬ ‫النفوذ‬ ‫لها‬ ‫كان‬ ‫سيطرت‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫البيزنطية‪ .40‬كانت األخشاب ُتنقل عن طريق البر باتجاه نهر الفرات وعبره‬ ‫ّ‬ ‫جنوبا نحو الهضبة اإليرانية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تلك المصادر المسمارية لم تقتصر على ذكر أخشاب لبنان بل ّركزت‬ ‫نواح أخرى ال تقل أهمية عن المواد الخشبية‪ .‬فالبابليون في القرن‬ ‫على‬ ‫ٍ‬ ‫‪41‬‬ ‫السابع ق‪.‬م‪ ،.‬جلبوا الحديد من لبنان ‪ ،‬واشتهر خمر لبنان عند شعوب‬ ‫األوغاريتية‬ ‫الشرق القديم كما ورد في المصادر‬ ‫والبابلية الحديثة‪.42‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ين‪-‬الفينيقيين (بدليل معابد‬ ‫الكنعاني‬ ‫مقدسا لــدى‬ ‫جبال‬ ‫كــان لبنان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت لبنان أفضل مكان‬ ‫المرتفعات‪ )43‬لذا اعتبرت ملحم ُة جلجامش غابا ِ‬ ‫خصوصا شمش (أي الشمس)‪ .‬بينما الشعوب‬ ‫مقدس لسكن اآللـهــة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ـوريــة وبعدها اآلرامـ ّـيــة اعتبرت أن إلــه لبنان األهــم هــو البعل‪ ،‬إله‬ ‫األمـ ّ‬ ‫‪44‬‬ ‫الحورية التي أقامت في‬ ‫العواصف والعوامل الطبيعية ‪ .‬وتقاليد الشعوب‬ ‫ّ‬ ‫‪45‬‬ ‫شمال سورية الحالية وصفت‬ ‫باألولوهية الكاملة لبنان وأنتي ليبان ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪  . 2 . 2 . 2‬لبنان في النصوص الهيروغليف ّية المصريّة‬ ‫الكنعانية تشكلت على الشاطئ‬ ‫االتصال المصري األول مع مدن – دول‬ ‫ّ‬ ‫أثرية‬ ‫اللبناني الحالي يعود إلى األلف الرابع ق‪.‬م‪ .‬كما تؤكد مكتشفات ّ‬ ‫الكنعانية‬ ‫الفرعونية والدول‬ ‫في مدينة جبيل‪ .46‬وحسن العالقة بين مصر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكنعانية كانت‬ ‫ف إلى اآلخر‪ :‬فالبالد‬ ‫ثم‬ ‫كل طر ٍ‬ ‫الفينيقية فرضتها حاجة ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صدر لألخشاب إلى مصر الفقيرة بالغابات‪ُ ،‬يضاف إليها الزيوت‬ ‫أول ُم ّ‬ ‫محليا أو المستوردة من‬ ‫والخمر والعطور واألحجار الكريمة المصنعة‬ ‫ًّ‬ ‫أفغانستان أو من داخل الشرق القديم‪ .‬تأتي إلى جبيل‪ ،‬أو سواها من‬ ‫المدن الساحلية ُويعاد تصديرها إلــى مصر‪ .‬كانت تلك المدن تحتاج‬ ‫ســوق استهالك تـجــاري مهم كبالد النيل لكنها كانت تحتاج أكثر إلى‬ ‫والعسكرية غير القاهرة‪ ،‬كالتي أمنتها لها مصر‬ ‫السياسية‬ ‫الرعاية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشمالية‬ ‫حدودها‬ ‫عن‬ ‫الدفاع‬ ‫إلى‬ ‫سعت‬ ‫فمصر‬ ‫ق‪.‬م‪.‬‬ ‫الرابع‬ ‫األلف‬ ‫منذ‬ ‫ّ‬ ‫كنعانية تمتاز‬ ‫استمرارية نفوذها في مناطق‬ ‫ببسط سيطرتها أو تأمين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتقدم‬ ‫بجبال لبنان العالية والممرات الضيقة واألودية الوعرة فتعيق أن ّ‬ ‫األكديون وغيرهم من دول ما بين‬ ‫الميتانيون أو‬ ‫الحثيون أو‬ ‫إلى مصر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النهرين والهضبة األناضولية‪ .‬هكذا غدت أرض كنعان منطقة تجاذب‬ ‫وعسكرية سيطرت على منطقة شرق البحر المتوسط في‬ ‫سياسية‬ ‫قوى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُمجمل خقبة التاريخ القديم‪.‬‬ ‫تميزت بالسالم وبتبادل هدايا أرسلها‬ ‫المصرية‬ ‫العالقات‬ ‫ّ‬ ‫الكنعانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫أبرزها‬ ‫فراعنة مصر إلى ملوك المدن‬ ‫الكنعانية أو معابدها لقاء بضائع ُ‬ ‫ّ‬ ‫قيما لها في جبيل أو غيرها من المدن (مثل‬ ‫الخشب‪ .‬وأرسلت مصر ُم ً‬ ‫حاليا) ل ُـمراقبة حسن سير العالقة التجارية‬ ‫مملكة كوميدي = كامد اللوز‬ ‫ًّ‬ ‫بين الطرفين وتنفيذ قطع األخـشــاب من جبال لبنان وتصديرها إلى‬ ‫مصر‪ ،‬بين نهاية عهد األسرة الثالثة وبداية فترة األسرة الرابعة (نحو‬ ‫‪ 2500‬ق‪.‬م‪ ،).‬واستمر هذا األمر طيلة فترة النفوذ المصري‪ .‬من ذلك أن‬ ‫الفرعون سنفرو استورد من جبيل حمولة أربعين سفينة من الخشب‪ .‬وكذا‬ ‫سارت األمور مع فراعنة الدولة المصرية الوسطى والحديثة وتفاخروا‬ ‫بجلبهم ألخشاب لبنان والسيطرة على غاباته وخلّ دوا مرورهم فيه بوضع‬ ‫أنصاب لهم على مجرى نهر الكلب‪ .47‬وأفاضت بردياتهم بالحديث عن‬


‫‪60‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪Cf. G. LEFEBVRE, Romans et contes égyptiens de l’époque pharaonique, 449‬‬ ‫–‪Paris, 1949, p. 204–220; ANET, p. 25–29; H. GOEDICKE, The Report of Wen‬‬ ‫‪.Amun, Baltimore – London, 1975‬‬

‫‪Cf. Cl. OBSOMER, Sinouhé l’Egyptien et les raisons de son exil, Le 550‬‬ ‫‪.Muséon, 112/3 – 4,1999, p. 208 – 271‬‬

‫‪ 551‬حول مضمون التوراة ومسألة التعاطي اإليديولوجي معها‪ :‬أنطوان القسيس‪،‬‬ ‫دراسات‪ ،1997 ،26 ،‬ص‪150 – 146 .‬؛ الخوري بولس الفغالي‪ ،‬المحيط الجامع في‬ ‫الكتاب المقدس والشرق القديم‪ ،‬بيروت جونيه‪ ،2003 ،‬ص‪.295 .‬‬ ‫وأيضا‪:‬‬ ‫‪ 552‬الخوري بولس الفغالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.382–381 .‬‬ ‫ً‬

‫‪Pour le Talmud de Babylone nous avons deux traductions en anglais et en‬‬ ‫‪allemand, voir; I. EPSTEIN (éd), Talmud de Babylone , 34 vol et 1 vol d’index,‬‬ ‫‪Londres, 1935 –1952; L.B. GOLDCHMIDT, Talmud de Babylone, 12 vol, Berlin,‬‬ ‫;‪1929 –1936, suivie d’un index préparé par R. EDELMANN, Copenhague, 1959‬‬ ‫‪pour le Talmud de Jérusalem nous avons une seule Traduction en français,‬‬ ‫‪.voir, M. SCHWAB, Le Talmud de Jérusalem, 6 vol.,Paris, 1969‬‬

‫‪  . 4 . 2 . ٢‬لبنان في المصادر الكالسيكية‬ ‫أساسية‬ ‫باليونانية‬ ‫الكالسيكية‬ ‫النصوص والـ ُـرقُ ــم‬ ‫وبالالتينية مــادة ‪ّ 57‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لمعالجة تاريخ‬ ‫الفينيقيين ومسألة انتشارهم في البحر المتوسط وهي‬ ‫ّ‬ ‫قيمة عن لبنان وثرواته وإطــاره القانوني‬ ‫مصادر أرشيف مهم لـمعلومات ّ‬ ‫وفق نظام فرضه االسكندر الكبير وخلفاؤه على الشرق‪ ،‬ووفق تنظيم إداري‬ ‫‪ 553‬الخوري بولس الفغالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.1098 1097 .‬‬

‫‪Cf. Fr. BRIQUEL-CHATONNET, Les relations entre les cités de la côte 5 54‬‬ ‫‪phénicienne et les royaumes d’Israël et de Juda, (OLA 46, Studia Phoenicia, 12),‬‬ ‫‪.Leuven, 1992, p. 250– 258‬‬

‫‪.Cf. Fr. BRIQUEL-CHATONNET, Op. cit, passim 555‬‬

‫‪ 5 56‬أنطوان القسيس‪ ،‬دراسات‪ ،1997 ،26 ،‬ص‪150 – 146 .‬؛ الخوري بولس الفغالي‪،‬‬ ‫المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم‪ ،‬بيروت – جونيه‪ ،2003 ،‬ص‪.295 .‬‬

‫‪ 5 57‬أنطوان القسيس‪ ،‬المسألة الفينيقية وتطور الدراسات التاريخية واألثرية‪ ،‬في األب‬ ‫أيوب شهوان – الدكتور أنطوان القسيس (ناشران)‪ ،‬دراسات في العالم الشرقي والتاريخي‬ ‫اللبناني‪ ،‬مقاالت مهداة إلى الخوري بولس الفغالي‪ ،‬جونيه‪ ،2002 ،‬ص‪.59 – 39 .‬‬

‫‪61‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫‪Cf. L. SPELEERS, Egypte, dans DBS, 2, 1934, col. 756–919; J. SIMONS, 448‬‬ ‫;‪Handbook for the Study of the Egyptian Topographical Lists, Leyde, 1936‬‬ ‫‪A.H. GARDINER, Egyptian Hieratic Texts, Hildsheim, 1964; S. AHITUV,‬‬ ‫‪Canaanits Toponyms in Ancient Egyptian Documents, Jerusalem, 1984; Cf. P.‬‬ ‫‪MONTET, Byblos et l’Egypte, Paris 1928 –1929; N. JIDEJIAN, Byblos à travers‬‬ ‫;‪les âges, Beyrouth, 1977; Voir aussi les papyrus: Anastasi I, Anastasi III, 5–6‬‬ ‫‪Anastasi IV, 4–5. Sur l’importation égyptienne du bois résineux du Liban,‬‬ ‫‪voir: Thierrry BARDINET, Relations économiques et pressions militaires en‬‬ ‫‪Méditerranée orientale et la Libye au temps des Pharaons, (Histoire des‬‬ ‫‪importations égyptiennes des résines et des conifères du Liban et de la Libye‬‬ ‫‪depuis les périodes archaïques jusqu’à l’époque ptolémaïque), (Etudes et‬‬ ‫‪.Mémoires d’égyptologie, n° 7), Paris, 2008‬‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫لبنان وعن غاباته‪ ،48‬بدليل بردية ون – أمــون عن هذه التجارة‪ .49‬وثمة‬ ‫مسألة اللجوء السياسي لألمير سنوحي الهارب إلى أرض كنعان من ظلم‬ ‫الجئا إلى جبل لبنان ومنه إنتقل إلى‬ ‫الفرعون‪ ،‬ومغادرته مدينة جبيل‬ ‫ً‬ ‫البقاع‪ 50‬عن طريق معبر أفقا‪/‬المنيطرة اليمونة‪.‬‬ ‫إذً ا صفة الملجأ (يعتبرها البعض من إفــرازات تاريخ لبنان الوسيط‬ ‫اإلسالمية على‬ ‫المسيحية أو‬ ‫الدينية‬ ‫والحديث ويربطها بتكوين المجموعات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجغرافية‬ ‫واقع من مسلمات هذا الجبل‬ ‫اختالف طوائفها ومذاهبها) هي ٌ‬ ‫ّ‬ ‫التاريخية‪.‬‬ ‫في ُمجمل حقباته‬ ‫ّ‬ ‫‪  . 3 . 2 . ٢‬لبنان في المصادر العبريّة‬ ‫واألورشليمية‪،‬‬ ‫البابلية‬ ‫العبرية‪ :‬التوراة‪ 51‬والتلمود‪ 52‬بنسختيه‬ ‫المصادر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخية‪ ،‬مصدر أساسي ضروري لدراسة تاريخ‬ ‫بما فيها من وفرة معلومات‬ ‫ّ‬

‫الكنعانية‪-‬‬ ‫وخصوصا تاريخ الحضارة‬ ‫عموما‪،‬‬ ‫الشرق المتوسطي القديم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الفينيقية السيما خالل األلف األول ق‪.‬م‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اسم لبنان يرد في التوراة نحو سبعين مرة‪ ،‬واألرز خمس وسبعين مرة‪.‬‬ ‫بهية‬ ‫ّ‬ ‫وكتاب التوراة ربطوا لبنان بغاباته المهمة الجميلة المكللة بالثلوج‪ ،‬قامة ّ‬ ‫تشبها بعظمته‬ ‫وسمى سليمان َ‬ ‫قصره ‪‬غابة لبنان‪ً ‬‬ ‫وفردوس ملك وجبل البخور‪ّ .‬‬ ‫ميز في مواضع عدة من النص‬ ‫ـم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫لكن‬ ‫ف هيكله من أخشاب أرزه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وسق َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫الشعرية‬ ‫النصوص‬ ‫وفي‬ ‫والخجل‪.‬‬ ‫الكبرياء‬ ‫جبل‬ ‫أخرى‬ ‫أماكن‬ ‫في‬ ‫هو‬ ‫التوراتي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫رمزية عن لبنان هي من روائع اآلداب القديمة (نشيد األناشيد‪،‬‬ ‫تشابيه وصور ّ‬ ‫‪54‬‬ ‫‪53‬‬ ‫أثرية‬ ‫المزامير‪ ،‬في كتب األنبياء )‪ .‬وفي مواقع مختلفة من فلسطين أدلة ّ‬ ‫خشبية أخرى من لبنان‪.‬‬ ‫لبقايا من أخشاب األرز وأنواع‬ ‫ّ‬ ‫هذا التناقض في النص التوراتي ال يقتصر على لبنان وحده بل ينسحب‬ ‫ة‪-‬الفينيقية‪ .‬وهو صراع‬ ‫الكنعاني‬ ‫على نظرة الكاتب التوراتي إلى الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حتمي ًة لصراع اقتصادي سياسي اجتماعي بين‬ ‫تصادمي بين الفكرين نتيج ًة‬ ‫ّ‬ ‫حوله ُك ّتاب‬ ‫العبرانية من جهة‪ ،‬والمدن‬ ‫الممالك‬ ‫الفينيقية من جهة أخرى‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪55‬‬ ‫التوراة‬ ‫دينيا ‪ .‬وفي التلمود البابلي واألورشليمي ْذك ُر لبنان ومدنه‬ ‫ً‬ ‫صراعا ً‬ ‫‪56‬‬ ‫واالجتماعية‬ ‫المعيشية‬ ‫وغاباته وأوضاع سكانه‬ ‫واالقتصادية ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪62‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪Voir: Pierre BRIANT, Histoire de l’empire perse: de Cyrus à Alexandre, 559‬‬ ‫‪Paris, 1996, passim; Jean-François, BRETON, Les inscriptions forestières‬‬ ‫;‪d’Hadrien dans le Mont Liban, dans IGLS 8, 3, (BAH 104), Paris, 1980, passim‬‬ ‫‪Maurice SARTRE, Op. cit., passim; Maurice SARTRE – Alain TRANOY, Op. cit.,‬‬ ‫‪.passim‬‬ ‫‪Nous partageons l’opinion de S. RIBICHINI, Les sources gréco- 660‬‬ ‫‪latines, KRINGS,(éd.), Op cit., p. 73 – 83. Voir aussi, H. SALAME SARKIS, la‬‬ ‫‪pseudo – Tribune d’Ešmun; un problème d’interpretatio phoenissa? Berytus,‬‬ ‫‪35, 1987, p. 120 – 125; Sur cette tribune, voir la dernière interprétation plus‬‬ ‫‪convaincante que nous partageons, de: Catherine APICELLA, Le culte‬‬ ‫‪d’Apollon à Sidon ou les modalités d’intégration d’un dieu étranger, dans‬‬ ‫‪Corinne BONNET – Amandine DECLERCQ – Iwo SLOBODZIANEK (dir.), Les‬‬ ‫‪représentations des dieux des autres, Colloque de Toulouse, 9–11 décembre‬‬ ‫‪.2010, (Suppl. Myth. 2 n. s. 2011), Palermo, 2011, p. 177–192‬‬

‫‪63‬‬

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

‫ ‪Voir: Maurice SARTRE, Op. cit., passim; Maurice SARTRE‬‬ ‫ –‬ ‫‪Alain 558‬‬ ‫‪TRANOY, La Méditerranée antique, IIIe siècle av. J.-C./ IIIe siècle apr. J.-C.,‬‬ ‫‪.Paris, 1997‬‬

‫لبنان في التاريخ‬

‫الرومانية‪.58‬‬ ‫الشرقية في األمبراطورية‬ ‫وسياسي روماني للمقاطعات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكالسيكية انتقلت غابات لبنان والمناطق المحيطة بها‬ ‫خالل الفترة‬ ‫ّ‬ ‫والبيزنطيين من بعدهم‬ ‫إلى عهدة ملوك البطالسة أو األباطرة الرومان‬ ‫ّ‬ ‫محليين إلدارتها‬ ‫وأصبحت من ممتلكاتهم الخاصة‪ ،‬فعينوا عليها مسؤولين‬ ‫ّ‬ ‫والسهر على ثرواتها الخشبية ومنع التعديات عليها واستثمارها لصالح‬ ‫مالكيها‪ .‬وحظيت بعض المواقع بنوع من االستقاللية وفق ما يشبه نظام‬ ‫البلديات المحلي في عصرنا الحاضر‪ .‬بينما المدن القديمة مثل صور‬ ‫سياسية ُمميزة عن باقي مقاطعات‬ ‫عطيت حقوقً ا‬ ‫ّ‬ ‫وصيدا وبيروت وجبيل أُ َ‬ ‫خاصة‬ ‫عبرت عن استقاللية‬ ‫ّ‬ ‫األمبراطورية تمثَّ لت بحق ضرب العملة التي ّ‬ ‫بسلطته‬ ‫ضمن النظام األمبراطوري مع االعتراف‬ ‫السياسية عليها‪ .59‬وعلى‬ ‫ّ‬ ‫لمنهجية جديدة‬ ‫الكالسيكية أن يخضع‬ ‫اآلخــذ بمضمون هذه المصادر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإليجابية لمضمونها وفق قراءة جديدة‬ ‫جرد والنظرة‬ ‫تعتمد التحليل ال ُـم َّ‬ ‫ّ‬ ‫‪60‬‬ ‫وتحليل يستند إلى آخر ما ُينشر في هذا المجال ‪.‬‬

‫خاتمة‬ ‫الكنعانية‪-‬‬ ‫في عرضنا مصادر األرشيف المتعلقة بلبنان في الحقبة‬ ‫ّ‬ ‫الساحلية‪ ،‬بل ُيشكل‬ ‫الفينيقية يبدو لبنان وثيق االتصال بتاريخ المدن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واجتماعيا‬ ‫ا‬ ‫وعسكري‬ ‫ا‬ ‫واقتصادي‬ ‫سياسيا‬ ‫امتدادها الحيوي‪ ،‬ويرتبط بها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودينيا‪ .‬إنــه ثروتها الخشبية‪ ،‬عليها تنازع الغزاة في كل الفترات‪ ،‬وهو‬ ‫ً‬ ‫الملجأ يأتي إليه من شعر بالظلم في بيئته األساسية‪ ،‬وهو خط الدفاع‬ ‫لسكانه ولشعوب الشرق القديم المتناحرة لـحماية حدودها البعيدة‪ ،‬وهو‬ ‫القامة المهيبة التي اكتسبت القداسة والتأليه‪ ،‬وهو جبل البخور والطيوب‬ ‫والغزلية‪ ،‬وهو ممر طبيعي ال غنى‬ ‫استلهم منه الشعراء صورهم الدينية‬ ‫ّ‬ ‫الحضارية لشعوب العالم القديم‪.‬‬ ‫عنه في التجارة والحروب والتفاعالت‬ ‫ّ‬ ‫ومبتغى للشعوب القديمة‪ ،‬كان‬ ‫هذا الـ‪‬لبنان‪ ،‬بقدرما كان محط ًة‬ ‫ً‬ ‫أيضا محور حروبها ومكان تنازعها عليه وعبره‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ـدر ُه‪ ،‬هذا الموقع الجغرافي‪ ،‬أن يبقى كما في الماضي‬ ‫وقد يكون قـ ُ‬ ‫وسالمة‬ ‫محط أطماع الغير فيه‪ ،‬ال يستغنون عنه وال يتركونه يعيش في سلْ ٍم‬ ‫ٍ‬ ‫وسالم‪.‬‬


‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

65

KASSIS, Approche KASSIS Antoine, Approche aux cultures méditerranéennes des origines, (projet Culture méditerranéenne n° 2), éd. Communauté des Universités méditerranéennes, Bari – Italie, 1995 (réimprimé au Liban, 1996). MUSJ Mélanges (de la Faculté Orientale) de l’Université SaintJosèph, Beyrouth Orientalia Lovaniensia Analecta. OLA P. É. EUSEBE DE CESAREE, La préparation évangélique, tr. fr. par J. SIRINELLI Ed. des PLACES, (Sources chrétiennes, 206), Paris, 1974 ; Une nouvelle édition traduite par Ed. des PLACES, (Sources chrétiennes, 369), Paris, 1991. PRO Palais royal d’Ougarit.

‫الئحة المختصرات‬ A. J. FLAVIUS JOSEPHE, Antiquités judaïques, (La Société des études juives), 1– 4, Paris, 1912 – 1929. AHL Archaeology and History in Lebanon. AION Annali dell’Istituto orientale di Napoli. AIPHOS Annuaire de l’Institut de philologie et d’histoire orientales et slaves Bruxelles. Australian Journal of Biblical Archaeology. AJBA ANET J.B PRITCHARD (éd.), The Ancient Near Eastern Texts Relating to the Old Testament, Princeton, 21955. Alter Orient und Altes Testament, Kevelar – Neukirchen –  AOAT Vluyn.

PW A. PAULY G. WISSOWA et al (éd.), Real – Encyclopädie der classischen Alterumswissenschaft, Stuttgart München, 1893 et ss.

ARG Archiv für Religionsgeschichte.

Revue d’assyriologie et d’archéologie orientale, Paris. RA

BAH

Sous vocable. s.v.

C. A. FLAVIUS JOSEPHE, Contre Apion, (coll. des Universités de France), tr. Fr. M. MEUNIER, Paris, 1930.

TO I A. CAQUOT – M. SZNYCER – A. HERDNER, Textes ougaritiques I. Mythes et legends, (LAPO 7), Paris 1974.

Bulletin d’archéologie et d’antiquités libanaises, Beyrouth. BAAL Bibliothèque archéologique et historique.

The Cambridge Ancient History, Cambridge. CAH

TO II A. CAQUOT – J.M. TARRAGON – J.L. CUNCHILLOS, Textes ougaritiques II. Textes religieux et rituels. Correspondance, (LAPO), Paris 1989.

CIS I Corpus Inscriptionum Semiticarum. Pars I: Inscriptiones phoenicias continens, Paris 1888 et ss.

TSSI J.C.L. GIBSON, Textbook of Syrian Semitic Inscriptions III. Phoenicians Inscriptions, Oxford, 1982.

DCM Fr. JOANNES (éd.), Dictionnaire de la civilisation mésopotamienne, Paris, 2001.

‫المراجع‬ ‫باللغة العربية‬1.1

‫ تاريخ لبنان القديم (من األلف الثالث إلى القرن الرابع قبل‬،‫ •بدر ليلى‬ ‫ مركز‬،‫ لبنان في تاريخه وتراثه‬،)‫ في عادل إسماعيل (ناشر علمي‬،)‫الميالد‬ .68 – 33 .‫ ص‬،1 .‫ ج‬،1993 ،‫ بيروت‬،‫ جزأن‬،‫الحريري الثقافي‬ ،‫ نظرية التكوين الفينيقية وآثارها في حضارة اإلغريق‬،‫ •الحوراني يوسف‬ .1970 ،‫ بيروت‬،‫دار النهار للنشر‬

DBS Dictionnaire de la Bible, Supplément, Paris, 1928 et ss.

DCPP Ed. LIPINSKI (éd.), Dictionnaire de phénicienne et punique, Brepols, 1992.

la

civilisation

DISO Ch.-F. JEAN – J. HOFTIJZER, Dictionnaire des inscriptions sémitiques de l’Ouest, Leyde, 1965. DNWSI J. HOFTIJZER – K. JONGELING, Dictionary of the NorthWest Semitic Inscriptions, (Handbuch der Orientalistik), 1 – 2, Leiden – New York – Köln, 1995. FGH F. JACOBY, Die Fragmente der griechischen Historiker, Berlin-Leyde, 1923 – 1958. FHG C. MÜLLER, Fragmenta Historicorum Graecorum, Paris, 1841 – 1870.

64 ‫ أنطوان القسيس‬.‫د‬

‫لبنان في التاريخ‬

KAI H. DONNER W. RÖLLIG, Kanaanäische und aramäische Inschriften, Wiesbaden, 31971 – 1976.


• ahituv S., CanaanitsToponyms in Ancient Egyptian Documents, Jerusalem, 1984.

‫لبنان في التاريخ‬

• Ahl, Autumn 2001, sur le Cèdre du Liban: Cedrus Libani où plusieurs articles scientifiques sont publiés.

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

67

• Amiet P., Sceaux dans l’ancien Orient, DBS, 12, 1992, col. 66 – 86. • Anastasi I. • Anastasi III, 5 – 6. • Anastasi IV, 4 – 5. • Apicella Catherine, Le culte d’Apollon à Sidon ou les modalités d’intégration d’un dieu étranger, dans Corinne BONNET – Amandine DECLERCQ – Iwo SLOBODZIANEK (dir.), Les représentations des dieux des autres, Colloque de Toulouse, 9 – 11 décembre 2010, (Suppl. Myth. 2 n. s. 2011), Palermo, 2011, p. 177 – 192. • Archivi Reali di Ebla. Testi, Université de Rome, depuis 1981. • Attridge H.W. – Oden R.A., Philo of Byblos the Phoenician History, (The Catholic Biblical Quaterly Monograph, Series 9), Washington, 1981. • Babelon E., Catalogue des monnaies grecques de la Bibliothèque Nationale. Les Perses achéménides, les satrapes et dynastes tributaires de leur empire, Chypre et Phénicie, Pari, 1893. • Babelon J., Catalogue de la collection de Lugens, IV, Paris, 1936. • Badre Leïla, Le nom du Liban écrit sur les pierres, l’argil et le papyrus, dans Camille Aboussouan (éd.), Le livre et le Liban jusqu’à 1900, Paris, 1982, p. 17 – 20. • Baramki D., The Coin Collection of the American University of Beirut Museum. Palestine and Phoenicia, Beirut, 1974. • Bardinet Thierrry, Relations économiques et pressions militaires en Méditerranée orientale et la Libye au temps des Pharaons, (Histoire des importations égyptiennes des résines et des conifères du Liban et de la Libye depuis les périodes archaïques jusqu’à l’époque ptolémaïque), (Etudes et Mémoires d’égyptologie, n° 7), Paris, 2008. • Baumgarten A.I., The Phoenician History of Philo of Byblos. A Commentary, Leyde, 1981.

،‫ بيروت‬،‫ وسط بيروت بين االكتشافات والجرافات‬،‫ •عبود أبي عقل مي‬ .1999 ‫ المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق‬،‫ •الفغالي الخوري بولس‬ .2003 ،‫ بيروت جونيه‬،‫القديم‬ ‫ في أنطوان القسيس‬،‫ أرنست رينان ورحلته إلى فينيقيا‬،‫ •القسيس أنطوان‬ ‫ منشورات الجامعة األميركية‬،‫ لبنان على أقالم المستشرقين‬،)‫(ناشر علمي‬ .‫ ص‬،2014 ،‫ بيروت‬،19 ‫ رقم‬‫اللبنانية‬ ‫الذاكرة‬ ‫ سلسلة‬،‫للعلوم والتكنولوجيا‬ ّ .2019 – 201 ،‫ دراسات‬:‫ في‬،‫ األرشيف المنسي في تاريخ لبنان القديم‬،‫ •القسيس أنطوان‬ .154 – 115.‫ ص‬،1997 ،1 ‫ مجلد‬،97/26 ‫رقم‬ ‫ بين الــواقــع الرسمي‬:‫ الحفريات األثــريــة في لبنان‬،‫ •القسيس أنـطــوان‬ .11169 ‫ عدد‬،1993 ‫ ايلول‬12 ،‫ جريدة الحياة‬، ‫وأعمال الهواة‬ ،‫ المسألة الفينيقية وتطور الدراسات التاريخية واألثرية‬،‫ •القسيس أنطوان‬ ‫ دراسات في العالم‬،)‫في األب أيوب شهوان الدكتور أنطوان قسيس (ناشران‬ ،‫ مقاالت مهداة إلى الخوري بولس الفغالي‬،‫الشرقي والتاريخي اللبناني‬ .59 – 39 .‫ ص‬،2002 ،‫جونيه‬ ‫ في أنطوان‬،‫ تاريخ الكتابة واختراع األبجدية الفينيقية‬،‫ •القسيس أنطوان‬ ،2006 ،‫ بيروت‬،‫ أربعة قرون من ثقافة الحرية في لبنان‬،)‫الدويهي (ناشر‬ .60 – 40 .‫ص‬ ‫ منشورات‬،‫ مالمح من الفكر الديني الكنعاني الفينيقي‬،‫ •القسيس أنطوان‬ .2013 ،‫ بيروت‬،17 ‫الجامعة األميركية للعلوم والتكنولوجيا رقم‬ ‫ تموز أيلول‬،27 ‫ رقم‬،‫ مجلة بيبليا‬،‫ مملكة أوغاريت‬،‫ •القسيس أنطوان‬ .17 – 11 .‫ ص‬،2005 ‫ األبجدية‬،)80 ،‫ (سلسلة أبجدية المعرفة‬،‫ فيلون الجبيلي‬،‫ •مرعي عيد‬ 1993 ،‫ دمشق‬،‫للنشر‬

66 ‫ أنطوان القسيس‬.‫د‬

‫باللغات األجنبية‬2.2


‫لبنان في التاريخ‬

• Durand Jean-Marie – Charpin Dominique (éds.), Amurru 1 – 2, Mari, Ébla et les Hourrites, (dix ans de travaux, deuxième partie: actes du colloque international, Paris, mai 1993), édition Recherche sur les civilisations, Paris, 1996, 2001.

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

69

• Eissfeldt Otto, Der Gott des Tabor und seine Verbreitung, AfR, 31, p. 14 – 41, 1934; Cf Kleine Schriften, 2, Tübingen, 1963, 29 – 54. • Elayi J. – Elayi A.G, Trésors de monnaies phéniciennes et circulation monétaire (Vème – IVème siècle avant J.-C.), Paris, 1994. • Epstein I. (éd), Talmud de Babylone, 34 vol + 1 vol d’index, Londre, 1935 – 1952. • Eusebe De Cesaree, La préparation évangélique, tr. fr. par J. Sirinelli Ed. des Places, (Sources chrétiennes, 206), Paris, 1974; Une nouvelle édition traduite par Ed. des Places, (Sources chrétiennes, 369), Paris, 1991. • Flavius Josephe, Contre Apion, (collection des Universités de France), tr. fr. M. MEUNIER, Paris, 1930. • Flavius Josephe, Antiquités judaïques, (La Société des études juives), 1 – 4, Paris, 1912 – 1929. • Freu J., La correspondance d’Abimilki; prince de Tyr et la fin de l’ère Amarnienne, Annales de la Faculté des Lettres et Sciences humaines de Nice, 50, 1985, p. 23 – 60. • Gardiner A.H., Egyptian Hieratic Texts, Hildsheim, 1964. • Gattier Pierre-Louis et al., Mission de Yanouh et de la haute vallée du Nahr Ibrahim, BAAL, 8, 2004, p. 119 – 210. • Gibson J.C.L., Textbook of Syrian Semitic Inscriptions III. Phoenicians Inscriptions, Oxford, 1982. • Goedicke H., The Report of Wen-Amun, Baltimore – London, 1975. • Goldchmidt L.B., Talmud de Babylome, 12 vol, Berlin, 1929  –  1936, suivie d’un index préparé par R. Edelmann, Copenhague, 1959.

• Betlyon J.W., The Coinage and Mints of Phoenicia. The PreAlexandrine Period, (Harverd Semitic Monograph, 26), California, 1982. • Bonnet C., Astarté. Dossier documentaire et perspectives historiques, (Collezione di Studi fenici 37), Roma, 1996, p. 98 – 99. • Bordreuil P. – Pardee D, Manuel d’Ougaritique, 1 – 2, Paris, 2004. • Bordreuil P., Catalogue des Sceaux ouest-sémitiques inscrits de la Bibliothèque Nationale, du Musée du Louvre et du Musée biblique de Bible et Terre sainte, Paris, 1986. • Bordreuil P., Sceaux inscrits des pays du Levant, DBS, 12, 1992, col. 86 – 212 (surtout col. 202 – 212. • Bordreuil P., Tanit du Liban (Nouveaux documents phéniciens 3), Studia Phoenicia, 7, 1987, p. 98 – 99 • Breton Jean-François, Les inscriptions forestières d’Hadrien dans le Mont Liban, dans IGLS 8, 3, (BAH 104), Paris, 1980. • Briant Pierre, Histoire de l’empire perse: de Cyrus à Alexandre, Paris, 1996.

68

• Briquel-Chatonnet Fr., Les cités de la côte phénicienne et leurs sanctuaires de montagne, in ARG, 2005, p. 20 – 33.

‫ أنطوان القسيس‬.‫د‬

• Donner H. Röllig W., Kanaanäische und aramäische Inschriften, Wiesbaden, 31971 – 1976.

• Briquel-Chatonnet Fr., Les relations entre les cités de la côte phénicienne et les royaumes d’Israël et de Juda, (OLA 46, Studia Phoenicia, 12), Leuven, 1992, p. 250 – 258. • Cagni L. (éd.), Ebla 1975 – 1985, Dieci anni di studi linguistici e filologici, (Atti del convegno internazionale, Napoli, 9 – 11 ottobre 1985) Napoli 1987. • Caquot a. – Sznycer M. – Herdner A., Textes ougaritiques I. Mythes et legends, (LAPO 7), Paris 1974. • Caquot A. – Tarragon J.M. – Cunchillos J.L., Textes ougaritiques II. Textes religieux et rituels. Correspondance, (LAPO), Paris 1989. • Chehab M., Monnaies gréco-romaines et phéniciennes du Musée national, Beyrouth, Liban, Paris, 1977. • Corpus Inscriptionum Semiticarum. Pars I: Inscriptiones phoenicias continens, Paris 1888 et ss.

• Gordon Cyrus (éd.), Eblaitica, essays on the Ebla archives and Eblaite language, Volume 1 – 3, New York, 1987, 1990, 1992.

• Culican W, The Iconographies of Some Phoenician Seals and Seal Impressions, AJBA, 1/1,1968, p. 50 – 103.

• Hakimian S., Une archéologie parallèle: les fouilles clandestines et fortuites au Liban, Berytus, 35, 1987, p. 199 – 209.

• Cumbrland R., Sanchuniathon’s Phoenician History, London, 1720.


‫لبنان في التاريخ‬

• Montet P., Byblos et l’Egypte, Paris 1928 – 1929.

‫الكنعاني ـ الفينيقي‬

71

• Moorey P. R. S., Ancient Mesopotamian Materiels and Industries, Oxford, 1994. • Moran W.L., les lettres d’El.Amarna, (tr. fr. de D. Collon – H. Cazelles), Paris, 1987. • Newell E.T., The First Seleucid Coinage of Tyre, Numismatie Notes and Monographis, 11, New York, 1921. • Obsomer Cl, Sinouhé l’Egyptien et les raisons de son exil, Le Muséon, 112/3 – 4, 1999, p. 208 – 271. • Pairman Brown J., The Lebanon and Phoenicia, Ancient Texts Illustrating their Physical Geography and Native Industries I the Physical Setting and the Forest, Beyrouth, 1969. • Pardee Dennis, Les textes rituels,1 – 2, (Ras Shamrat – Ougarit XII), Editions Recherche sur les Civilisations, Paris, 2000. • Pardee Dennis, Ritual and Cult at Ugarit, (Writings from the Ancient World), Atlanta, 2002. • Parrot A., La «scène maritime» de Khorsabad, dans Sumer, 6, 1950, p. 115 – 116. • Pauly A. Wissowa G. et al (éd.), Real – Encyclopädie der classischen Alterumswissenschaft, Stuttgart München, 1893 et ss. • Potter E., Catalogue des antiquités assyriennes. Musée du Louvre, Paris, 1924. • Salame Sarkis H., la pseudo – Tribune d’Ešmun; un problème d’interpretatio phoenissa? Berytus, 35, 1987, p. 120 – 125.

• Hanson R.S., Tyrian Influence in the Upper Galilée, Cambridge, 1980. • Hérodote, Histoire, II, 44. • Hill G.F., Phoenicia. A Catalogue of the Greck Coins in the British Museum, London, 1910 (réedition, Bologna, 1965). • Hoftijzer J. – Jongeling K., Dictionary of the North-West Semitic Inscriptions, (Handbuch der Orientalistik) 1  –  2, Leiden  –  New York – Köln, 1995. • Jacoby F., Die Fragmente Berlin – Leyde, 1923 – 1958.

der

griechischen

• Jean Ch.-F. – Hoftijzer J., Dictionnaire sémitiques de l’Ouest, Leyde, 1965.

des

Historiker, inscriptions

• Jidejian N., Byblos à travers les âges, Beyrouth, 1977. • Joannès F. (éd.), Les phénomènes de fin d’archives en Mésopotamie, RA, 39, 1995. Fr. (éd.), Dictionnaire • Joannès mésopotamienne, Paris, 2001.

de

la

civilisation

• Kassis Antoine, Approche aux cultures méditerranéennes des origines, (projet Culture méditerranéenne n° 2), éd. Communauté des Universités méditerranéennes, Bari – Italie, 1995 (réimprimé au Liban, 1996). • Kassis Antoine, Matériaux pour un inventaire d’épigraphie sémitique du Liban, dans G. AIRALDI – P. MORTARI VERGARA CAFFARELLI, Storia, arte, archeologia del Libano, (Genova, 22 – 24 gennaio 1996), Genova, 1999, p. 37 – 41. • Krings V. (éd.), La civilisation phénicienne et punique: manuel de recherche, Leiden – New York – Köln, 1995.

• Salame-Sarkis H., Wahlia – Mahallata – Tripoli? MUSJ, 49, 1975 – 1976, p. 551 – 563.

• Laqueur R., Menandros 10, PW, XV/1, 1931, col. 762.

• Sartre Maurice – Tranoy Alain, La Méditerranée antique, IIIe siècle av. J.-C./ IIIe siècle apr. J.-C., Paris, 1997.

• Lefebvre G., Romans et contes égyptiens de l’époque pharaonique, Paris, 1949.

• Sartre Maurice, L’Orient romain. Provinces et sociétés provinciales en Méditerranée orientale d’Auguste aux Sévères (31 avant J.-C. – 235 après J.-C.), Paris, 1991.

• Lipinski Ed. (éd.), Dictionnaire de la civilisation phénicienne et punique, Brepols, 1992.

• Schwab M., Le Talmud de Jérusalem, 6 vol.,Paris, 1969.

• M. Sznycer M., Brèves remarques sur l’inscription de Chypre, CIS I, 5, Semitica, 35, 1985, p. 47 – 50

• Simons J., Handbook for the Study of the EgyptianTopographical Lists, Leyde, 1936.

• Masson O. – Sznycer M., Recherches sur les Phéniciens à Chypre, (Hautes études orientales 3), Genève – Paris, 1972

70 ‫ أنطوان القسيس‬.‫د‬

• Masson O., La dédicace à Ba‘al du Liban (CIS I, 5) et sa provenance probable de la région de Limassol, Semitica, 35, 1985, p. 33 – 46.


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫‪• Smith W. S., Interconnctions in the Ancient Near East.‬‬ ‫‪A Study of the Relationships between the Arts of Egypt, the‬‬ ‫‪Aegean and Western Asia, New-Haven – Londres, 1965.‬‬ ‫‪• Speleers L., Egypte, dans DBS, 2, 1934, col. 756 – 919.‬‬

‫الحرير اللبناني‬

‫في األرشيف المحلي واألجنبي‬ ‫أواخر َ الفترة العثمانية‬

‫‪• Sznycer M., Brèves remarques sur l’inscription de Chypre,‬‬ ‫‪CIS I, 5, Semitica, 35, 1985, p. 47 – 50.‬‬

‫د‪ .‬بطرس لبكي‬ ‫مؤرخ وكاتب اقتصادي‬

‫‪• Troianil., Osservazioni sull opera storiografica di Menadro‬‬ ‫‪d’Efeso, dans Studi in onore di E. Bresciani, Pisa, 1985, p.521 – 528.‬‬ ‫‪• Veenhof K.R. (éd.), Cuneiform Archives and Libraries, Istanbul,‬‬ ‫‪1986.‬‬ ‫‪• Wäfler W., Nicht assyrer neuassyrischer Darstellugen, (AOAT‬‬ ‫‪26), Neukirchen – Vluyn, 1975.‬‬ ‫‪• Westenholz J.G., Legends of the Kings of Akkade, Winona‬‬ ‫‪Lake, 1997.‬‬ ‫‪• Xella P., I testi rituali di Ugarit I, (Studi Semitici 54), Roma, 1981‬‬

‫‪72‬‬

‫‪• Yon M. – Arnaud Daniel (éds.), Etudes ougaritiques I. Travaux‬‬ ‫‪1985 – 1995, (Ras Shamra – Ougarit XIV), Paris, 2001‬‬

‫د‪ .‬أنطوان القسيس‬

‫‪• Yon Marguerite – Sznycer Maurice – Bordreuil Pierre (éds.), Le‬‬ ‫‪pays d’Ougarit autour de 1200 av. J-C., (Ras Shamra – Ougarit‬‬ ‫‪XI), Actes du colloque International Paris 28 juin – 1er juillet 1993,‬‬ ‫‪Paris, 1995.‬‬

‫أرشيف الحرير في لبنان متشعب المصادر‪ ،‬فليس في لبنان أرشيف‬ ‫جدا عن الحرير في‬ ‫مركزي مختص بالحرير بل معلومات متفرقة غنية ً‬ ‫علي التركيز على ‪‬الحرير‬ ‫تاريخ لبنان متوفرة في مصادر كثيرة مما يحتم ّ‬ ‫اللبناني في األرشيف األجنبي والمحلي‪ ،‬من خالل مصادر أجنبية ومحلية‬ ‫عاما من تاريخ هذا اإلنتاج شبه اإلحادي في‬ ‫توفرت لدي وتغطي نحو ‪ً 150‬‬ ‫لبنان إبان المرحلة العثمانية‪.‬‬ ‫‪ .1‬الحرير اللبناني في بعض األرشيفات األوروبية‬ ‫ ) أاألرشيف الفرنسي‪:‬‬ ‫األرشيف الفرنسي الدبلوماسي والقنصلي والتجاري أحد أغنى مصادر‬ ‫المعلومات عن الحرير في لبنان منذ مطلع القرن السادس عشر‪ .‬نشر‬ ‫حكيم‬ ‫القسم األكبر منه الدكتور عادل أسماعيل‪ ،‬كما نشر الدكتور أنطوان ّ‬ ‫وزمالء آخرون وثائق عدة من هذا األرشيف‪.‬‬ ‫بعض ما لم ينشر‪ :‬أرشيف وزارة التجارة الفرنسية التي كانت تتلقى‬ ‫تقارير تجارية من القناصل الفرنسيين في ّبر الشام منذ مطلع سبعينات‬ ‫القرن التاسع عشر‪ .‬وبين التقارير المحفوظة من المرحلة العثمانية في‬ ‫تقريرا تغطي المرحلة بين ‪1870‬‬ ‫األرشيف الوطني الفرنسي (باريس) ‪18‬‬ ‫ً‬ ‫و‪ 1914‬وهذا العدد مؤشر إلى أهمية هذه األنشطة بالنسبة للفرنسيين‪ ،‬إذ‬ ‫إن فرنسا كانت ممول هذا النشاط وسوقه األساسي وأكبر سوق للمنتجات‬ ‫اللبنانية بسبب استئثارها شبه الكامل بصادرات الحرير‪.1‬‬ ‫أول تقرير أرسله قنصل فرنسا العام في بيروت نهار ‪1870/11/22‬‬ ‫يعالج أوضاع معامل حل الحرير (الكراخين) في لبنان‪ ،‬الفرنسية منها‬ ‫‪Boutros Labaki, «La soie dans l’économie du Mont-Liban», in Revue‬‬ ‫‪ 11‬‬ ‫‪.Peuples Méditerranéens, no. 7, Paris 1979‬‬


‫صالة النسيج لدى ميتم راهبات المحبة في بيروت‬

‫د‪ .‬بطرس لبكي‬

‫‪A. N.F.12 7192, Lettre du Ministre des Affaires Etrangères au Ministre‬‬ ‫‪ 22‬‬ ‫‪du Commerce et de l’Agriculture en date du 19/12/1875, relatant une lettre du‬‬ ‫‪.Consul de France à Beyrouth‬‬

‫‪A.N.F.12 7197 : «Commerce et navigation de Tripoli de Syrie en 1884»,‬‬ ‫‪ 55‬‬ ‫‪Lettre du Vice Consul A.O. Geoggroy au Consul Général à Beyrouth M.‬‬ ‫‪.Patrimonio du 3/2/1885‬‬

‫‪ 44‬‬ ‫‪A.N.F.12 7192, Lettre du 7/10/1879 du Ministre des Affaires Etrangères‬‬ ‫‪.au Ministre de l’Agriculture et du commerce‬‬

‫‪ 77‬‬ ‫‪A.N.F.12 7197, « L’industrie séricicole dans le district de Tripoli pendant‬‬ ‫‪la campagne 1898 – 1899 » Rapport de séjour du Vice Consul de France à‬‬ ‫‪.Tripoli au Ministre des Affaires Etrangères en date du 7/9/1899‬‬

‫‪ 33‬‬ ‫‪A.N.F.12 7192, Lettre du Ministère des Affaires Etrangères au Ministre‬‬ ‫‪du Commerce et de l’Agriculture en date du 2/10/1876, relatant une lettre du‬‬ ‫‪.Consul de France à Beyrouth‬‬

‫‪ 66‬‬ ‫‪A.N.F.12 7192 : Consulat Général de France à Beyrouth, « Situation de‬‬ ‫‪.l’industrie et du Commerce » – Lettre du 5/6/1893‬‬

‫‪75‬‬

‫المحلي واألجنبي‬ ‫في الشرق‬ ‫األرشيف‬ ‫الصليبية‬ ‫في‬

‫وذك ُر أرقام عن صادرات الحرير من طرابلس و‪%85‬‬ ‫وغيره من المزروعات‪ْ ،‬‬ ‫منها موجه إلى فرنسا‪ ،‬مع اإلشارة إلى هبوطها إلى ‪ %45‬من مستواها عام‬ ‫‪.5 1883‬‬ ‫وفي تقرير القنصلية العامة في بيروت نهار ‪ 1893/6/5‬عن ‪‬وضع‬ ‫الصناعة والتجارة‪ 6 ‬أن الموسم السنوي أقل ربحية من الموسم السابق‪،‬‬ ‫وصورة سريعة عن تطور زراعة التوت منذ أواخر السبعينات ونمو تصدير‬ ‫الشرانق إلى فرنسا بتأثير دعم الغزل فيها‪ ،‬ويؤرخ بسرعة لتطور معامل‬ ‫الغزل الفرنسية والوطنية في لبنان منذ الثالثينات‪ .‬ويصف وضعها الحالي‬ ‫ْ‬ ‫ومشيرا إلى الــدور الفرنسي في تمويل‬ ‫مرك ًزا على المعامل الفرنسية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ويقدر موسم الشرانق عام ‪ 1893‬بنحو ‪ 5‬ماليين كلغ‪.‬‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫المعامل‬ ‫ّ‬ ‫في أواخر القرن التاسع عشر يفيد تقرير نائب القنصل الفرنسي في‬ ‫طرابلس إلى وزير الخارجية نهار ‪ 7 1899/9/7‬عن األوضاع المناخية لموسم‬

‫الحرير اللبناني‬

‫‪74‬‬

‫والوطنية‪ .‬يبدأ بوصف المعامل الفرنسية ويعطينا تفاصيل عن عددها‬ ‫‪ 10‬معامل‪( ،‬تسعة منها في المتصرفية وواحــد في ضواحي بيروت)‪:‬‬ ‫معمل بتاتر (لبورتاليس) ومعمل عين حماده (لمورغ دالغ) ومعامل حمانا‬ ‫(بالوى تستنوار) ومعمل في بيروت (ألغيالز) ومعمل عين مشرع‬ ‫والقرية‬ ‫َ‬ ‫(لباتايل) ومعمل بعبدا (للويس كامباسيديس) ويذكر حجم كل معمل‬ ‫وقيمة التثميرات فيه‪ ،‬ويعطينا معلومات عن عدد العمال واختصاصاتهم‬ ‫وتصنيفهم وفْ ق الجنس واألجر والطائفة‪ ،‬ويصف شروط العمل وأهمية‬ ‫صناعة الحل ومردودها مع دراسة اقتصادية فنية عن عمليات التجفيف‬ ‫والحل والشحن‪ ،‬كما يصف معامل الحل الوطنية‪،‬وهي نحو ‪ 100‬معمل‪،‬‬ ‫منها خمسة أو ستة تنافس المعامل الفرنسية إدار ًة وسمعةً‪ ،‬منتشرة‬ ‫بعضها محميون‬ ‫فــي مناطق الـجــرد والـغــرب والمتن وك ـســروان‪ ،‬يملك َ‬ ‫مــن الفرنسيين وروس وبــروسـيــون وأساقفة وأدي ــرة وأم ــراء ومواطنون‬ ‫وتشكل تجهيزات هذه المعامل أربعة أضعاف تجهيزات المعامل‬ ‫ّ‬ ‫عاديون‪.‬‬ ‫الفرنسية‪ ،‬لكن إنتاجيتها أخف‪ ،‬ويذكر التقرير النشاط التصديري لبعض‬ ‫البيوتات الفرنسية (ريجيو وبورتاليس)‪.‬‬ ‫وفي تقرير وزارة الخارجية لسنة ‪ 1875‬رسالة لقنصل بيروت يصف‬ ‫فيها التأثير السلبي للطقس البارد في فصل الشتاء على الموسم‪ ،2‬وتقرير‬ ‫عامئذ ربع الموسم‬ ‫مماثل أواخر ‪ 1876‬يشكو من ضعف مواسم لم تبلغ‬ ‫ٍ‬ ‫العادي بسبب أمراض فتكت بدودة القز‪.3‬‬ ‫وفي رسالة وزير الخارجية الفرنسي إلى وزير التجارة والزراعة نهار‬ ‫إعالم وزارة التجارة والزراعة بعودة‬ ‫نقال عن قنصل بيروت‬ ‫‪ً 1879/10/7‬‬ ‫ُ‬ ‫‪4‬‬ ‫المواسم إلى ثلثي مستواها العادي ‪.‬‬ ‫في رسالة نائب قنصل فرنسا في طرابلس نهار ‪ 1885/2/3‬إلى القنصل‬ ‫العام في بيروت إشارة إلى استتباب كميات إنتاج الحرير عام ‪ 1884‬وعدم‬ ‫زيادتها واقتالع بعض أصحاب بساتين التوت أشجارها واستبدالها بالزيتون‬


‫‪76‬‬ ‫د‪ .‬بطرس لبكي‬

‫ « ‪A.N.F. 12 7192,‬‬ ‫ ‪Campagne séricicole 1899‬‬ ‫ –‬ ‫‪1900 en Syrie et au‬‬ ‫‪8 8‬‬ ‫‪Liban ». Lettre du Consul Général à Beyrouth à Monsieur Delcasse, Ministre‬‬ ‫‪.des Affaires Etrangères, en date du 25/2/1900, p. 1 à 5‬‬

‫‪A.N.F.12 1792, «Mouvement Commercial et Maritime de Beyrouth en 110‬‬ ‫‪.1905» – p. 13 à 22, 72, 80, 84, 90, 97, 115, 116, 122, 129 à 136, 138, 139, 140‬‬

‫‪A.N.F.12 1793, Annexe à la lettre du Consul de France à Damas du‬‬ ‫‪ 99‬‬ ‫‪.12/8/1902, no. 2, p. 44 – 45‬‬

‫‪A.N.F.12 7197, «Note sur le commerce de la soie à Tripoli de Syrie». Du 111‬‬ ‫‪Vice Consul de France à Tripoli de Syrie au Ministère des Affaires Etrangères,‬‬ ‫‪.communiquée au Ministère du Commerce le 19 août 1905‬‬

‫‪77‬‬

‫المحلي واألجنبي‬ ‫في الشرق‬ ‫األرشيف‬ ‫الصليبية‬ ‫في‬

‫عامئذ وكميات إنتاج‬ ‫الشرانق وعن أسعار أوراق التوت والشرانق المشجعة‬ ‫ٍ‬ ‫وتصدير الشرانق والخيوط والمستخرجات األخــرى وهي كميات فاقت‬ ‫مثيالتها لعامي ‪ 1897‬و‪.1898‬‬ ‫عام ‪ 1900‬يفيد القنصل العام في بيروت وزير الخارجية ‪‬دلكاسيه‪ ‬في‬ ‫‪8‬‬ ‫رسالة ‪ 1900/2/25‬عن ‪‬موسم الحرير ‪ 1900 – 1899‬في سوريا ولبنان‪ ‬‬ ‫توسع زراعة التوت في البقاع‬ ‫وعن حجم الموسم البالغ ‪ 5‬ماليين كلغ‪ ،‬وعن ُّ‬ ‫وعن مردود المغازل ونسبة الشرانق المصدرة إلى أوروبا وإنتاج الخيوط‬ ‫المحلي وتطور األسعار الشهرية للشرانق والحرير وارتفاعها ومصادر‬ ‫توسع زراعة التوت على حساب زراعة الكرمة‬ ‫البذور ومردودها‪ ،‬وعودة ُّ‬ ‫والزيتون وتطور الطاقة اإلنتاجية للمغازل وحجم الصادرات وتمركزها‬ ‫باتجاه فرنسا‪.‬‬ ‫يثبتها تقرير ‪‬تجارة دمشق عام ‪ 1902‬الذي أرسله‬ ‫هذه المعلومات ُ‬ ‫قنصل دمشق في ‪ 1902/8/12‬وفي التقرير التجاري عن دمشق المرسل‬ ‫نهار ‪ .9 1905/8/10‬وفي التقريرين معلومات عن زراعة التوت في مناطق‬

‫حاصبيا وراشيا وبعلبك والبقاع وعن إرســال الشرانق المنتجة في هذه‬ ‫المناطق إلى مغازل جبل لبنان‪.‬وفي التقرير عن ‪‬حركة التجارة والمالحة‬ ‫في بيروت عام ‪ْ 10 1905‬ذك ٌر لحجم موسم ‪ 1905‬وأسعاره وأشكال تربية‬ ‫دودة القز‪ ،‬وانتشار زراعة التوت في السهل الساحلي بين صيدا وطرابلس‬ ‫وفي المناطق الجبلية السفلى حيث شروط تربية دودة القز أفضل منها‬ ‫في السهل الساحلي وفي المناطق الجبلية العليا‪ .‬ويحدد التقرير مصادر‬ ‫استيراد بذار القز‪.‬‬ ‫في السنة ذاتها يرسل نائب القنصل في طرابلس مذكرة حول ‪‬تجارة‬ ‫الحرير في طرابلس‪ 11 ‬أحالتها وزارة الخارجية إلى وزارة التجارة في‬ ‫‪ ،1905/9/19‬وفيها نشاط نسيج الحرير في طرابلس من حيث اإلنتاج‬ ‫واألسـ ــواق وت ـجــارة خيط الحرير ومخلَّ فات ال ـغـ ْـزل مــع وصــف األسـعــار‪.‬‬ ‫ويالحظ تدني مستوى موسم ‪ 1905‬نسبة لموسم ‪ .1904‬وفي المذكرة‬ ‫مساعي تصدير خيط الحرير إلى الواليات المتحدة عبر المغتربين ودعوة‬ ‫فرنسيين إلى إنشاء معامل للنسيج ألن أثرياء البلد يخشون القيام بمشاريع‬

‫الحرير اللبناني‬

‫القر ّية (قرب بحمدون)‬ ‫كرخانة آل غيرين في بلدة َ‬

‫القر ّية (قرب بحمدون)‬ ‫ناحية أخرى من كرخانة آل غيرين في بلدة َ‬


‫د‪ .‬بطرس لبكي‬

‫‪A.N.F.12 7288, «Lettre du Consul Général de France à Beyrouth au 113‬‬ ‫‪.Ministre du Commerce et de l’Industrie», du 2/5/1910, p. 2‬‬

‫‪Consulat Général de France en Syrie : «Rapport commercial de 1914», 114‬‬ ‫‪Annexe à la lettre de Georges Picot, Consul Général de France à Beyrouth, à‬‬ ‫‪Monsieur le Directeur de l’Office du Commerce Extérieur (Paris), Beyrouth le‬‬ ‫‪.28/10/1914 – p. 22 à 37‬‬

‫ ) باألرشيف النمساوي‪:‬‬ ‫وحاليا‬ ‫(الحقا سفير‬ ‫المستشار في وزارة الخارجية اللبنانية فارس عيد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صو َرها‬ ‫متقاعد) نشر مجموعة تقارير دبلوماسية وقنصلية نمساوية َّ‬ ‫أثناء عمله قنصل لبنان في فيينا‪ .‬وليت دبلوماسيينا يحذون حذوه وحذو‬ ‫السفير عــادل اسماعيل ويجمعون كنوز معلومات عن لبنان موجودة في‬ ‫أرشيف الدول الذين هم معتمدون فيها‪ .‬ونشر معهد التاريخ في جامعة‬ ‫إبتداء من ‪ 1997‬بإشراف األب‬ ‫الروح القدس – الكسليك هذه المجموعة‬ ‫ً‬ ‫الدكتور كرم رزق وبمساعدة الزمالء الدكاترة جان غي سركيس والياس‬ ‫ّ‬ ‫القطار وعبد اهلل مالح وطانيوس نجيم‪ .‬وكما األرشيف البريطاني‪ ،‬كانت‬ ‫محدود ًة مصالح األمبراطورية النمساوية في الحرير اللبناني‪ ،‬ورد بعضها‬ ‫في معلومات تقارير القناصل إلى السلطات في فيينا‪ .‬وفي تقرير السفير‬ ‫النمساوي في إسطنبول ‪‬ستورمر‪ ‬إلى المستشار ‪‬مترنيخ‪ ‬في ‪ 13‬كانون‬ ‫األول ‪ 1836‬ترجمة فرنسية ألمر سلطاني إلى محمد علي يطلب منه عدم‬

‫‪79‬‬

‫المحلي واألجنبي‬ ‫في الشرق‬ ‫األرشيف‬ ‫الصليبية‬ ‫في‬

‫‪A.N.F.12 7281, «Commerce et Navigation de Caiffa pendant l’année 1906», 112‬‬ ‫‪.du 20/10/1907, p. 17‬‬

‫يـحــوي مـعـلــومــات عن‬ ‫قـطــاع الحرير فــي لبنان‬ ‫ذكرتها تقارير القناصل‬ ‫ْ‬ ‫البريطانيين فــي بيروت‬ ‫إبـ ـ ـ ــان الـ ـ ـق ـ ــرن الـ ـت ــاس ــع‬ ‫ع ـشــر‪ .‬لـكــن غـ ــزارة هــذه‬ ‫الـ ـمـ ـعـ ـل ــوم ــات ال تـ ـق ــارن‬ ‫بمثيالتها فــي األرشـيــف‬ ‫الــدبـلــومــاســي والقنصلي‬ ‫وال ـ ـت ـ ـجـ ــاري ال ـفــرن ـســي‪،‬‬ ‫ـس م ـع ـلــومــات ت ـجــارة‬ ‫ع ـكـ َ‬ ‫االس ـت ـيــراد مــن الـمــرافــئ‬ ‫ال ـل ـب ـنــان ـيــة فـ ــي بـ ـي ــروت‬ ‫وط ــرابـ ـل ــس‪ ،‬فــالـبـضــائــع‬ ‫حياك يعمل على النول‬ ‫البريطانية كــانــت األكثر ّ‬ ‫فـ ــي ه ـ ــذه ال ـ ـت ـ ـجـ ــارة مــا‬ ‫انعكس في غــزارة التقارير ودقتها حول تجارة االستيراد‪ّ .‬‬ ‫واطلعنا على‬ ‫هذه التقارير في (‪ )Public Record Office‬في لندن وهي غنية بالمعلومات‬ ‫بالطريقة التي ذكرناها‪.‬‬

‫الحرير اللبناني‬

‫‪78‬‬

‫مماثلة خوفً ا من جشع الموظفين الحكوميين‪ .‬ويشير تقرير نائب القنصل‬ ‫الفرنسي في حيفا نهار‪ 1907/10/20‬حول ‪‬حركة المالحة والتجارية في‬ ‫حيفا عام ‪ 12 1906‬إلى قلة إنتاج الشرانق في الجليل وحداثتها وإلى بيع‬ ‫كل محصول الشرانق لمغازل بيروت وجبل لبنان‪ .‬ورسالة القنصل العام في‬ ‫بيروت إلى وزير التجارة والصناعة في ‪ 1910/5/2‬تشير إلى توقعات حسنة‬ ‫بالنسبة لموسم ‪.13 1910‬‬ ‫التقرير التجاري لعام ‪ 1914‬من القنصل العام في بيروت ‪‬جــورج‬ ‫بـيـكــو‪ 14 ‬يشير إلــى زراع ــة ال ـتــوت فــي جبل لبنان وفــي الـبـقــاع بشكل‬ ‫نظرا للمناح البارد‪ .‬ويركز على مخاطر يتحملها صغار مربي‬ ‫محدود ً‬ ‫دودة القز بسبب المضاربة التجارية‪ ،‬وهي مخاطر دفعت مزارعين في‬ ‫سواحل لبنان إلى استبدال أشجار التوت بأشجار الحامض والليمون‬ ‫مردودا‪ .‬وفي البقاع بدأت حركة استبدال التوت بزراعة البطاطا‪.‬‬ ‫األكثر‬ ‫ً‬ ‫معلال اهتمامه بدور فرنسا في‬ ‫ويستفيض التقرير في صناعة الحرير‬ ‫ً‬ ‫تمويل هذه الصناعة واستيعاب إنتاجها‪ :‬يستعرض عدد المعامل وطاقتها‬ ‫االنتاجية وحصة الفرنسيين منها وتوقيت المواسم وشروط تربية دودة‬ ‫القز ومردودها ومصادر البذور‪ ،‬ووضع المصانع وتدني إنتاجيتها ونوعية‬ ‫الغزل‬ ‫الخيوط‪ .‬ويختم وصفه هذا النشاط بتحليله مصاعب تواجه معامل ْ‬ ‫من غالء المواد األولية إلى عدم توفير السيولة ودور المصارف والبيوت‬ ‫وأخيرا‬ ‫الغزل وشروط التمويل‪،‬‬ ‫التجارية في مدينة ليون بتمويل صناعة ْ‬ ‫ً‬ ‫كمية إنتاج الخيوط‪.‬‬ ‫كليا على قطاع‬ ‫كل هذا االهتمام نابع من كون الفرنسيين يسيطرون ً‬ ‫الحرير في المتصرفية والمناطق اللبنانية المحيطة بها التابعة لواليتي‬ ‫بيروت ودمشق‪ .‬ففرنسا كانت تستورد ما يفوق ‪ %95‬من الحرير اللبناني‪،‬‬ ‫يمولون معظم الموسم بتسليفاتهم عبر وكالئهم‬ ‫وكان تجار الحرير في ليون ِّ‬ ‫غزل الحرير في لبنان‪.‬‬ ‫معامل‬ ‫أكبر‬ ‫يملكون‬ ‫المحليين وكان فرنسيون‬ ‫ْ‬

‫ ) أاألرشيف اإلنكليزي‪:‬‬


‫القبان العمومي للحرير في‬ ‫‪‬القيصرية‪( ‬ناحية في‬ ‫الحقا سوق الصاغة)‬ ‫بيروت‪،‬‬ ‫ً‬

‫لتصدير الحرير‪ ،‬وإذا كان للتجار اإلنكليز أي شكوى فليبلغوا محمد علي‬ ‫(‪.)ad. No 161, D. Alexandrie 10 – 22 Janvier 1836‬‬ ‫وخاتمة األرشيف النمساوي تقرير القنصل النمساوي من اإلسكندرية إلى‬ ‫المستشار ‪‬مترنيخ‪ ‬في ‪ 9‬تموز ‪ 1838‬حول احتكار محمد علي باشا تجارة‬ ‫الحرير في بر الشام وانزعاج الدول األوروبية من ذلك (‪.)Turkei a no 389 B‬‬ ‫محفوظ لــدى أرشيف الدولة ‪ Archivo di Stato‬في تورينو وفيه‬ ‫بالفرنسية تقارير القناصل في بيروت إلى وزارة الخارجية في تورينو‪،‬‬ ‫وبعض المعلومات عن الحرير في لبنان بين ‪ 1820‬و‪.1859‬‬ ‫‪ .2‬الحرير اللبناني في الوثائق المحلية‬ ‫ ) أأرشيف األديرة والمؤسسات الدينية‪:‬‬

‫‪80‬‬ ‫د‪ .‬بطرس لبكي‬

‫‪1.1‬أرشيف الكنيسة الملكية للروم الكاثوليك‪:‬‬

‫التعرض لتجار الحرير اإلنكليز والسماح لهم بالتجارة الحرة للحرير في‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫وفي الشهر السابق (‪ )1835/12/5‬كتاب من القنصل النمساوي في‬ ‫اإلسكندرية ‪‬لورن‪ ‬إلى السفير النمساوي في إسطنبول ‪‬ستورمر‪ad.( ‬‬ ‫إنكليزيا يعارض احتكار محمد علي تجارة الحرير‬ ‫موقفا‬ ‫‪ )N°176‬يصف فيه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫في ّبر الشام‪.‬‬ ‫وفــي أواخ ــر كــانــون الثاني ‪1836‬تـقــريــر مــن السفير ‪‬سـتــورمــر‪ ‬إلى‬ ‫المستشار ‪‬مترنيخ‪ ‬يعكس فيه ردة فعل محمد علي على فرمان السلطان‬ ‫المذكور حول تجارة الحرير في بر الشام‪.)Turkei, VI K64, n°160( .‬‬ ‫وفي ‪ 10‬شباط ‪1836‬تقرير بالفرنسية من ‪‬الكولونيل دوهاميل‪ ‬إلى‬ ‫‪‬بوفونيف‪ ‬من اإلسكندرية حيث يصف كيف المندوب اإلنكليزي ‪‬الكولونيل‬ ‫كومبل‪ ‬سلم الفرمان السلطاني حول حرية تجارة الحرير في ّبر الشام‪.‬‬ ‫فرد محمد علي بالطلب من السلطات المحلية في بر الشام عدم التعرض‬ ‫َّ‬

‫الدكتور طانيوس نقوال رياشي وضع أطروحته ‪‬الوضع االقتصادي في‬ ‫لبنان ‪( 1918 – 1697‬جامعة القديس يوسف – ‪ ،1987‬بإشراف الدكتور‬ ‫معتمدا بشكل شبه كامل على وثائق اطلع عليها في أديرة‬ ‫منير إسماعيل)‬ ‫ً‬ ‫ومطرانيات تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك الملكيين في لبنان‪ .‬وهو تناول‬ ‫أسعار الشرانق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر‪ ،‬وتجهيزات الحل‬ ‫وكلفة التسليك وأسعار األطباق والمحامل وأسعار عباءات حريركان ينتجها‬ ‫الرهبان‪ ،‬وأسعار أنصاب التوت وحمل التوت في طرابلس‪ ،‬برمانا‪ ،‬زوق‬ ‫مكايل‪ ،‬الخنشارة‪ ،‬دير الشير‪ ،‬سوق الغرب‪ ،‬صربا‪ ،‬صيدا‪ ،‬زحلة‪ ،‬البقاع‬ ‫الغربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬درعون‪ ،‬جزين‪ ،‬الدامور‪ ،‬وفيها معلومات وافرة عن أسعار‬ ‫أواخر القرن الثامن عشر وإبان القرن‬ ‫الحرير وبزره‪ ،‬والشرانق في أماكن عدة‬ ‫َ‬ ‫التاسع عشر وتطورها والكميات المنتجة والعقود المبرمة بين المؤسسات‬ ‫الدينية والمنتجين من جهة والتجار من جهة أخرى‪ .‬وهذه األطروحة مدخل‬ ‫إلى أبحاث تفصيلية وتحليلية ودليل للمؤرخين الراغبين التعمق في التاريخ‬ ‫االقتصادي واالجتماعي لقطاع الحرير في لبنان في الفترة العثمانية‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫المحلي واألجنبي‬ ‫في الشرق‬ ‫األرشيف‬ ‫الصليبية‬ ‫في‬

‫في محفوظات األديرة والمؤسسات الدينية كمية كبيرة من المعلومات‬ ‫َت َّـم استثمار قسم منها في أبحاث جامعية‪ .‬منها‪:‬‬

‫الحرير اللبناني‬

‫ ) جأرشيف مملكة سردينيا والبيمون‪:‬‬


‫ ‪2.‬أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين‪:‬‬

‫د‪ .‬بطرس لبكي‬

‫قسما‬ ‫في ثمانينات القرن الماضي نشر‬ ‫كبيرا من هــذا األرشيف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫زمالؤنا الدكاترة خالد زيادة وفريدريك معتوق وعبد السالم التدمري في‬ ‫ُ‬ ‫معهد العلوم اإلجتماعية – الجامعة اللبنانية – طرابلس‪ .‬واستثمر هذا‬ ‫األرشيف باحثون درســوا التاريخ االقتصادي واالجتماعي في الشمال‬ ‫َ‬ ‫اللبناني‪ ،‬منهم الدكتور نافذ األحمر عن ‪‬االلتزام في عكار إبان السلطنة‬ ‫الـعـثـمــانـيــة‪ – 1991( ‬أطـ ــروحـ ــة دكــت ــوراه فــي كلية اآلداب – ال ـجــام ـعــة‬ ‫اللبنانية – الفنار)‪ .‬وفي بحثه معلومات عن زراعة التوت وإنتاج الحرير‬ ‫في عكار وانعكاساتها الضرائبية في القرون السابع عشر والثامن عشر‬ ‫والتاسع عشر‪ ،‬إذ كان ثالثة أرباع مال الميري يسدد بعد موسم الحرير‪،‬‬ ‫وحسب لكن في معظم أنحاء والية طرابلس‪ ،‬ما يشير إلى‬ ‫ال في عكار‬ ‫ْ‬ ‫أن إنتاج الحرير كان المصدر األساسي لحركة االقتصاد النقدي السلعي‬ ‫في تينك الفترة والمنطقة‪.‬‬

‫‪1.1‬وثائق آل الخازن‪:‬‬

‫‪‬دفتر حسابات شيخ من آل الخازن‪( ‬مجهول االسم األول) سلمني إياه‬ ‫جرجي عقيقي من حراجل‪ ،‬وفيه معلومات تفصيلية لـما بين ‪ 1833‬و‪1911‬حول‬ ‫حصلت على‬ ‫األسعار المتعلقة بقطاع الحرير (بذور‪ ،‬ورق‪ ،‬شرانق‪ .)...،‬كما‬ ‫ُ‬ ‫وثائق آلل الخازن في سهيلة (كسروان) كانت محفوظة على سطح كنيسة‬ ‫القرية‪ ،‬اكتشفها وجمعها وحفظها الباحث آمال وهيبه وفيها معلومات غنية‬ ‫جدا عن اقتصاديات كسروان (وخاصة الحرير في كسروان) منذ ‪ .1837‬من‬ ‫ً‬ ‫تلك المعلومات‪ :‬نسبة التوت من إنتاج العودات‪ ،‬أسعار الشرانق وتطورها‪،‬‬ ‫تطور قطاع نسيج الحرير في كسروان‪ ،‬مداخيل بعض عودات الخوازنة من‬ ‫الحرير ومداخيلهم من الشرانق‪ ،‬معلومات عن الديون وموسم الحرير‪ ،‬مداخيل‬ ‫وإنتاج الشركاء ومدخولهم السنوي من الحرير‪ ،‬إنتاجهم من موسم الشرانق‪،‬‬ ‫مصانع حل الحرير في كسروان عند مطلع القرن العشرين‪ .‬ووضع آمال وهيبه‬ ‫من هذه المعلومات دبلوم دراسات معمقة في التنمية‪ :‬بعض آثار االنخراط‬ ‫في االقتصاد العالمي على اقتصاد ومجتمع جبل لبنان في القرن التاسع‬ ‫نموذجا‪ – 1985( ‬معهد العلوم اإلجتماعية – الرابية)‪.‬‬ ‫عشر – كسروان‬ ‫ً‬ ‫ ‪2.‬وثائق آل طوبيا في عمشيت‬

‫اطلع الباحث سيمون عبد المسيح على مجموعة مهمة مــن وثائق‬ ‫أعد أطروحة دكتوراه في الجامعة اللبنانية‬ ‫آل طوبيا في عمشيت ومنها ّ‬ ‫(كلية األداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬الفنار‪ )1991 ،‬وردت فيها معلومات حول‬ ‫اقتصاديات جبل لبنان الشمالي (بالد كسروان وجبيل والبترون والجبة‬ ‫والزاوية) بين ‪ 1840‬والحرب العالمية األولــى‪ ،‬وتطور إنتاج الحرير في‬ ‫بعض القرى وأسعار الشرانق والخيوط‪ ،‬وشروط العقود‪ ،‬وأسعار منسوجات‬ ‫الحرير واألرباح والعموالت على تجارة الحرير‪.‬‬ ‫ ‪3.‬وثائق عائالت في وسط وجنوبي جبل لبنان والشمالوجبل عامل‬ ‫والبقاع والجبل‬

‫جمعتها المؤرخة الدكتورة نجال أبو عز الدين ونشرتها ضمن سلسلة‬ ‫‪‬مـصــادر التاريخ اللبناني‪ ‬أصــدرهــا في ثالثة أجــزاء ‪‬المركز الوطني‬ ‫وثائق بين‬ ‫للمعلومات والدراسات‪ .‬وفي الجزء الثالث الخاص باالقتصاد‬ ‫ُ‬

‫‪83‬‬

‫المحلي واألجنبي‬ ‫في الشرق‬ ‫األرشيف‬ ‫الصليبية‬ ‫في‬

‫ ‪3.‬أرشيف المحكمة الشرعية في طرابلس‪:‬‬

‫بين وثائق عائلية ّ‬ ‫لعت عليها في أكثر من منطقة لبنانية‪:‬‬ ‫اط ُ‬

‫الحرير اللبناني‬

‫‪82‬‬

‫أطلعني األب اغناطيوس سعادة على دفاتر حسابات جمعية المرسلين‬ ‫اللبنانيين المحفوظة في جونيه منذ تأسيس الجمعية (النصف األول من‬ ‫القرن التاسع عشر) حتى الحرب العالمية األولى‪ .‬ودرس الباحث جوزف‬ ‫جميل عقيقي هذه الوثائق ووضع منها بإشرافي رسالة ماجيستار وأطروحة‬ ‫دبلوم في التاريخ االقتصادي (‪ ،1983‬في الجامعة اللبنانية‪ ،‬معهد العلوم‬ ‫تكون التخلف‬ ‫االجتماعية – الرابية)‪ .‬وفي الرسالة يدرس الباحث مظاهر ُّ‬ ‫سجالت‬ ‫االقتصادي واالجتماعي في منطقة كسروان بين ‪1840‬و‪ 1918‬وفْ ق‬ ‫ّ‬ ‫الكر ْيم‪.‬‬ ‫دير َ‬ ‫الكريم ومداخيل‬ ‫ويظهر من هذه الوثائق تطور كميات اإلنتاج في دير َ‬ ‫وتطور أسعار الشرانق‪ .‬وحلل الباحث أزمة إنتاج الحرير‬ ‫الدير من الشرانق‬ ‫ُّ‬ ‫وانخفاض األسعار والكميات المنتجة بين سبعينات القرن التاسع عشر‬ ‫‪‬مدونات‬ ‫والحرب العالمية األولى ونتائج هذه التطورات‪ ،‬انطالقً ا من دفاتر‬ ‫ّ‬ ‫المؤسسة للخوري يوحنا الحبيب‪ ‬ودفاتر ‪‬الياس أبي وردية (شناعي) من‬ ‫أعـ ّـد بإشرافي كذلك أطروحة دبلوم‬ ‫نفسه َ‬ ‫الرقم ‪ 73‬إلى ‪ .83‬والباحث ُ‬ ‫الــدراســات المعمقة حــول ‪‬الشريك والدير في إطــار التطور االقتصادي‬ ‫واالجتماعي في كسروان‪ .‬تناول فيها تطور مداخيل الشركاء الصافية وغير‬ ‫وتطور ملكية الدير وتوسعها ودور‬ ‫الصافية من الشرانق وأوضــاع الشركاء‬ ‫ُّ‬ ‫الحرير في ذلك‪.‬‬

‫ ) بأرشيف بعض العائالت‪:‬‬


‫ ) جأرشيف إدارة المتصرفية‬

‫‪84‬‬ ‫د‪ .‬بطرس لبكي‬

‫خاتمة‬ ‫اطلعت عليها من أرشيفات الدول‬ ‫تلك أهم مصادر أوروبية ومحلية‬ ‫ُ‬ ‫واإلدارات والطوائف والعائالت حول اقتصاد الحرير في لبنان إبان الفترة‬ ‫العثمانية‪ ،‬معظمها غير منشور والقسم الكبير منها غير مستثمر بعد‪.‬‬ ‫شكل الحرير‪ ،‬في الفترة العثمانية‪ ،‬عماد اقتصاد لبنان‪ :‬كانت أشجار‬ ‫ّ‬ ‫التوت تغطي ‪ %40‬من األراضي الزراعية في متصرفية لبنان‪،‬وإنتاج الشرانق‬ ‫ومداخيل حله أكثر من ‪ %40‬من مجموع مداخيل السكان في المتصرفية‪،‬‬ ‫والنسبة ذاتها لصادرات سلع المتصرفية‪ .‬فهذا القطاع جعل اقتصاد هذه‬ ‫اقتصادا‬ ‫المتصرفية ولبنان‬ ‫إحاديا (‪ )Monoproducteur‬كما القطن في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مصر‪ ،‬أو القهوة في البرازيل‪ ،‬أو القمح ولحم البقر في األرجنتين‪.‬‬ ‫وكانت صناعة غزل الحرير أهم صناعة بدون منازل‪ ،‬ال في متصرفية‬ ‫جبل لبنان وحسب بل في كل لبنان وبر الشام‪ ،‬وهي شكلت نواة الطبقة‬

‫‪85‬‬

‫نساء يغزلْ ن الخيطان في كرخانة حرير فرنسية (محفورة من القرن السادس عشر)‬

‫المحلي واألجنبي‬ ‫في الشرق‬ ‫األرشيف‬ ‫الصليبية‬ ‫في‬

‫عام ‪ 1906‬قام عزتلو إبراهيم بك األســود (مدير معارف متصرفية‬ ‫سابقا‪ ،‬وصاحب امتياز جريدة ‪‬لبنان‪ ‬في بعبدا) فنشر كتاب ‪‬دليل‬ ‫لبنان‬ ‫ً‬ ‫لبنان‪ ،‬وفيه معلومات كثيرة حول المتصرفية سياسية وإدارية واقتصادية‬ ‫واجتماعية وطائفية وإدارية‪ ،‬وحول المداواة والصحة والقوانين والضرائب‬ ‫وأصول أسماء القرى والمدن وسكك الحديد وشبكة النقل وكلفتها ودليل‬ ‫المهن الحرة في المتصرفية والطرق العامة وطولها‪ .‬وفي نهاية الكتاب نص‬ ‫يتضمن بيانً ا عن كل قرية من متصرفية لبنان والمديرية المنسوبة إليها‪،‬‬ ‫وسكانها مميزاتها ومحصوالتها وحيواناتها‪ .‬وابرهيم األسود حصل على‬ ‫هذه المعلومات من إدارة المتصرفية (بعبدا) وهو تولى فيها مناصب عدة‪.‬‬ ‫وفي النص ْذكر إنتاج الشرانق (باألقة) قبيل ‪ 1906‬قري ًة قرية‪ ،‬ومديري ًة‬ ‫وقضاء قضاء‪.‬‬ ‫مديرية‪،‬‬ ‫ً‬

‫الحرير اللبناني‬

‫منتصف القرن الثامن عشر و‪ 1860‬جمعها ونسخها وصنفها وقــدم لها‬ ‫األستاذ سليمان أبــو عز الدين‪ ،‬وهــي من ‪ 125‬وثيقة اقتصادية ومالية‬ ‫حصرا‪ :‬حساب الخراج على زراعة التوت في قرية كفرا‬ ‫مثاال ال‬ ‫تتضمن ً‬ ‫ً‬ ‫(‪ 1833‬الوثيقة رقــم ‪ ،)15‬علم بيان وزن شرانق الحرير في قرية روم‬ ‫(‪ )1847‬وعشرات وثائق فيها شروط العقود وأسعار الشرانق والحرير‪،‬‬ ‫وغيرها‪ ،‬وهي وثائق لعائالت جنبالط‪ ،‬أرسالن‪ ،‬نكد‪ ،‬شهاب‪ ،‬مشايخ قرية‬ ‫الناصرة‪ ،‬آل أبي اللمع‪ ،‬آل أبو عز الدين‪.)... ،‬‬

‫المناطق‪،‬خصوصا في جانبها النسائي ألن النساء أغلبية‬ ‫العاملة في هذه‬ ‫ً‬ ‫القوى العاملة في هذه الصناعة‪.‬‬ ‫اجتماعيا فظهرت فئات اقتصادية‬ ‫أبرز تغيير‬ ‫نوعيا‪:‬‬ ‫ نمو قطاع الحرير َ‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واجتماعية جديدة من رأسماليين أصحاب مصانع ومتاجر وبيوت مال حلت‬ ‫في السلطة محل الوجهاء االقطاعيين‪ ،‬وساهمت في بروز الملكية الفردية‬ ‫الصغيرة‪ ،‬قاعدة الديمقراطية في الجبل خاصة‪.‬‬ ‫ثقافيا‪  :‬ساهم تطور هذا القطاع وسيطرته على اإلقتصاد والمجتمع‬ ‫ً‬ ‫اللبناني في التحديث االقتصادي والمجتمعي والثقافي بما رافق تطور هذا‬ ‫القطاع االقتصادي من تطور في التعليم والهجرة‪.‬‬ ‫من هنا أن متابعة تفصيلية لدراسة قطاع الحرير في لبنان ضرورية‬ ‫الستكمال معرفة تاريخ لبنان االقتصادي واالجتماعي والسياسي والثقافي‪.‬‬ ‫لكن الحصاد كبير والفعلة قليلون‪.‬‬ ‫مصادر هذه الدراسة متوفرة بكثرة‪ّ ،‬‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر‬ ‫في الجامعة اللبنانية‬

‫تكامل يساعد الباحثين في‬ ‫والدولي‬ ‫في العودة إلى األرشيف المحلّ ي ّ‬ ‫ٌ‬ ‫استنطاق المصادر التاريخية المتنوعة‪ ،‬وفي توضيح معالم الماضي الغامضة‬ ‫أهميته‬ ‫لكتابة تاريخ لبنان بصورة أوفى‪ .‬لكل نوع من األرشيف دوره‪ ،‬وتختلف َّ‬ ‫أهمية األرشيف الدولي لكتابة‬ ‫الزمنية‪ .‬فتارة تبرز‬ ‫وفق الموضوع والمرحلة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخ لبنان السياسي وتحديد موقعه في العالقات بين الدول ودوره في‬ ‫وطورا تبرز أهمية األرشيف المحلّ ي لكتابة تاريخ لبنان‬ ‫العالمية‪،‬‬ ‫المنظومة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادي واالجتماعي وتبيان نوع وحجم المبادالت الزراعية والصناعية‬ ‫والخدماتية بين مختلف الفئات والمناطق اللبنانية‪ ،‬وإظهار التفاعل بين‬ ‫نسيجها االجتماعي‪ .‬وأحيانً ا ُي َع َّو ُل على األرشيف المحلّ ي‬ ‫المكو ِنة‬ ‫العناصر‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫جدلية التفاعل بين الداخل والخارج‪ ،‬أو بين الداخل‬ ‫معا لتوضيح‬ ‫والدولي ً‬ ‫ّ‬ ‫خارجية‪.‬‬ ‫والداخل بفعل عوامل وتأثيرات‬ ‫ّ‬ ‫ينجم عنها من‬ ‫لإلفادة من أرشيف األديــار في كتابة تاريخ لبنان وما ُ‬ ‫التجددية‪La( ‬‬ ‫نتائج‪ ،‬تندرج المنهجية في خانة ‪‬المدرسة التاريخية‬ ‫ّ‬ ‫أساسية وتحليلُ ها على ضوء‬ ‫العمل على وثائق‬ ‫‪ )Nouvelle Histoire‬وهي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫بتجاوز تاريخ األحداث السياسية وتاريخ األمراء‬ ‫منهجيات البحث الحديثة‬ ‫ُ‬ ‫والحكام‪ ،‬والتركيز على البيئة الجغرافية والتركيبات االجتماعية وتطورها‬ ‫ّ‬ ‫الكمي (دراسة‬ ‫عبر الزمان‪ ،‬وعلى الحياة االقتصادية‬ ‫ً‬ ‫تركيزا على التاريخ ّ‬ ‫توزع الملكية العقارية وطرق استثمار األرض واالنتاج الزراعي واألسعار‬ ‫واألجور والمقاييس واألوزان)‪.‬‬ ‫معالم ‪‬المدرسة التاريخية التجددية‪ ‬بــدأت تظهر في لبنان منذ‬ ‫تطور‬ ‫سبعينات ال ـقــرن الـمــاضــي مــع كوكبة مــؤرخـيــن محدثين تــابـعــوا ّ‬ ‫التخصص في أوروبــا وتولّ يهم التدريس‬ ‫علم التاريخ بعد عودتهم من‬ ‫ّ‬ ‫خاصة‪ .‬ومع تنظيم المؤتمرات ونشر‬ ‫في الجامعة اللبنانية وجامعات‬ ‫ّ‬ ‫األبحاث في التاريخ االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬شجعوا الطالب على توثيق‬ ‫األرشيف الخاص المتوفّ ر في لبنان‪ ،‬واتباع المنهجيات العلمية الحديثة‬ ‫في دراسته وتحليل محتواه‪ ،‬فإذا بأرشيف العائالت المقاطعجية وأرشيف‬

‫القسم األول – أرشيف األديار‪ :‬أنواعه ومحتوياته‬ ‫ليس في لبنان أرشيف رهباني ّ‬ ‫منظم قبل مطلع القرن الثامن عشر‪،‬‬ ‫تاريخ النشأة القانونية للرهبانيات األنطونية واللبنانية والمريمية عند‬ ‫الموارنة‪ ،‬والشويرية والحلبية والمخلّ صية عند الملكيين‪ .‬قبلذاك لم ُتكن‬ ‫أي تنظيم أو قانون بل تعتمد تقاليد رهبانية‬ ‫العباد‬ ‫والنساك تتبع ّ‬ ‫ّ‬ ‫جماعات ّ‬ ‫قديمة في حياة الزهد والتقوى‪ .‬مع النشأة القانونية أخذت األديار تحتفظ‬ ‫غني‬ ‫في انتظام بمختلف أنواع الوثائق والسجالت فتجمع لديها أرشيف ّ‬ ‫مهما لكتابة تاريخ لبنان االقتصادي واالجتماعي في القرنين‬ ‫بات‬ ‫ً‬ ‫مصدرا ًّ‬ ‫الثامن عشر والتاسع عشر‪.‬‬ ‫يتميز؟‬ ‫ماذا في أرشيف األديار؟ وب َـم ّ‬ ‫تعبيرا عن الواقع المعاش‬ ‫عينات األرشيف الرهباني أوفى‬ ‫ً‬ ‫لكي تكون ّ‬ ‫اعتمدت في هذه الدراسة على أرشيف ستة أديار لـخمس‬ ‫في الماضي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫متنوعة بين الجبل والساحل‪ ،‬ما‬ ‫رهبانيات مختلفة‪ ،‬في مناطق جغرافية ّ‬ ‫أتاح إجراء دراسات مقارنة بين البيئات الجغرافية واالجتماعية في سائر‬ ‫مناطق لبنان في العهد العثماني‪.‬‬ ‫درست أرشيفها هي‪:‬‬ ‫الرهبانيات التي‬ ‫ُ‬ ‫سابقا)‪ :‬أرشيف دير مار اليشاع‬ ‫‪1.1‬الرهبانية المريمية المارونية (الحلبية‬ ‫ً‬ ‫بشري (مركز التأسيس) وأرشيف دير سيدة اللويزة‪ ،‬زوق مصبح‪ ،‬الدير‬ ‫ّ‬ ‫األساسي‪.‬‬

‫‪2.2‬الرهبانية اللبنانية المارونية‪ :‬أرشيف دير مار أنطونيوس – بيت شباب‪.‬‬

‫يوحنا‪ ،‬الخنشارة‪ ،‬الدير‬ ‫الملكية‪ :‬أرشيف دير مار‬ ‫‪3.3‬الرهبانية الشويرية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األساس‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫أساسيا لمواضيع‬ ‫مصدرا‬ ‫يشكل‬ ‫ّ‬ ‫األديــار والمحاكم الشرعية وغيرها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العليا وأطاريح الدكتوراه في‬ ‫أبحاث‬ ‫ْ‬ ‫عالجتها رسائل دبلوم الدراسات ُ‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫كنت‪ ،‬مع بعض الــزمــاء أواس ــطَ السبعينات‪ ،‬بين أوائــل‬ ‫وصــدف أن ُ‬ ‫اهتموا بالعودة إلــى أرشيف األدي ــار لكتابة تاريخ لبنان االقتصادي‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫مصدرا لكتابة التاريخ الرهباني‬ ‫حتئذ‬ ‫واالجتماعي بعدما كان هذا األرشيف‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫والديني دون سواه‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫‪4.4‬الرهبانية الحلبية الملكية‪ :‬أرشـيــف ديــر المخلّ ص‪ ،‬صــربــا‪ ،‬الدير‬ ‫األساس‪.‬‬

‫‪5.5‬الرهبانية المخلّ صية الملكية‪ :‬أرشيف ديــر المخلّ ص‪ ،‬جــون‪ ،‬الدير‬ ‫األساس‪.‬‬ ‫جغرافيا على الشكل التالي‪:‬‬ ‫تتوزع‬ ‫هذه األديار ّ‬ ‫ً‬

‫ •ديران في المتن ‪ :‬الخنشاره وبيت شباب‬ ‫ •ديران في كسروان ‪ :‬زوق مصبح وصربا‬ ‫بشري‬ ‫ •دير في الشمال ‪ّ :‬‬ ‫ •دير في الجنوب ‪ :‬جون‬

‫‪88‬‬ ‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫جبال وســاحـ ًـا على أربـعــة أدي ــار فــي الجبل وديـ َـريــن في‬ ‫وهــي تـتــوزع ً‬ ‫الساحل‪.‬‬ ‫وسجالت وإضبارات مختلفة‪،‬‬ ‫يتضمن أرشيف األديار دفاتر حسابات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أفصلها كاآلتي‪:‬‬ ‫ّ‬

‫عامة ودفاتر حسابات‬ ‫ ) أدفاتر الحسابات على نوعين‪ :‬دفاتر حسابات ّ‬ ‫خاصة بالشركاء أو بغيرهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تتضمن مصاريف األديــار ومداخيلها من‬ ‫العامة‪:‬‬ ‫‪1.1‬دفاتر الحسابات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هبات ومبيعات ومشتريات‪ ،‬وأنواع السلع وأسعارها ومصادرها ومصاريف‬ ‫نقلها‪ ،‬وأنواع العملة المدفوعة‪ ،‬وطرق تصريف االنتاج الزراعي والصناعي‬ ‫وحسابات ضرائب الميري (يدفعها الرهبان عن أمالكهم) والضرائب الفردية‬ ‫(يدفعونها عن الشركاء)‪ ،‬ومبالغ يفرضها األمير الحاكم عن طريق البلص‪.‬‬

‫ ‪ 2.‬دفاتر حسابات الشركاء‪:‬‬ ‫تتضمن أنواع عقود الشراكة وفق نوعية‬ ‫ّ‬ ‫كل من طرفي العقد‪ :‬المالك‬ ‫األرض وإنتاجها الزراعي‪ ،‬مع حقوق وواجبات ٍّ‬ ‫وكمياتها‪ .‬وهذه الدفاتر‬ ‫وتتضمن أنــواع المحاصيل‬ ‫والشريك‪.‬‬ ‫الزراعية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تساعد على دراسة طرق استثمار األرض واالنتماء االجتماعي والجغرافي‬ ‫ودينية كانت بينهم وبين‬ ‫للشركاء وشبكة عالقات اقتصادية واجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫الرهبان‪ ،‬أو بين الرهبان ومقاطعجيي المناطق‪ُ .‬وتظهر هذه الدفاتر تزايد‬ ‫أمــاك األديــار في القرن الثامن عشر مع تزايد عدد الشركاء التابعين‬

‫‪89‬‬

‫عن دفتر الحسابات العامة في دير مار يوحنا الخنشارة‬ ‫ابتداء من أول تشرين الثاني ‪1753‬‬ ‫ً‬

‫وتحولت‬ ‫للرهبان‪ ،‬ما انعكس على توازنات سياسية كانت في جبل لبنان‬ ‫ّ‬ ‫تدريجا إلى مصلحة اإلكليروس على حساب بعض الزعامات اإلقطاعية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫السجالت‪ ،‬وهي على ‪ 6‬أنواع‪:‬‬ ‫ ) ب‬ ‫ّ‬ ‫تتضمن عقود شراء وبيع وهبة ومقايضة‬ ‫‪1.1‬سجالت األمالك العقارية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حل‬ ‫ووقف‪ ،‬وتشير إلى خالفات حول حق الملكية أو حول حدودها‪ ،‬وطرق ّ‬ ‫النزاعات باللجوء إلى شهادة الشهود والتحكيم‪ ،‬أو إلى القضاء المحلّ ي‪،‬‬ ‫وصوال إلى األمير الحاكم‪ ،‬مع استصدار فتاوى قضاة الشرع المسلمين‬ ‫ً‬ ‫‪.‬‬ ‫للدفاع عن حق ودحض ّإد ٍ‬ ‫رد َت َع ٍّد‬ ‫عاء أو ِّ‬


‫‪90‬‬ ‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫ً‬ ‫أحداثا ووقائع تجري في‬ ‫يوميا‬ ‫ ‪3.‬سجالت اليوميات (‪ّ :)Diaires‬‬ ‫تدون ً‬ ‫الدير ومحيطه أو ما يصل إليه من أخبار عن أحوال المناطق األخرى وأحوال‬ ‫شدة البرودة والصقيع‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫الجبل‬ ‫وتتضمن معلومات عن تقلّ بات الطقس‪ّ :‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫شدة الحرارة والجفاف وانعكاس ذلك على قلّ ة اإلنتاج في المواسم الزراعية‬ ‫أو ّ‬ ‫أخبارا عن ّزوار الدير وضيوفه‬ ‫وعلى ارتفاع األسعار‪ .‬وتحوي هذه السجالت‬ ‫ً‬ ‫يوحنا‬ ‫رحــالــة أوروبيين (ديــر مــار‬ ‫ّ‬ ‫من أعيان وعــابــري سبيل ومحتاجين أو ّ‬ ‫أشهرا الكاتب الفرنسي فولناي في القرن الثامن عشر)‪.‬‬ ‫الخنشارة استضاف‬ ‫ً‬

‫ ‪4.‬سـجـ ّـات الـعـمــاد والـ ــزواج والــوف ـيــات‪ :‬تساعد فــي دراس ــة التطور‬ ‫سن مبكرة‪،‬‬ ‫للسكان المسيحيين‪،‬‬ ‫الديموغرافي ّ‬ ‫وتدل أن الزواج كان يتم في ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأن نسبة اإلنجاب كانت مرتفعة‪ ،‬ونسبة الطالق شبه معدومة‪ .‬وتحوي‬ ‫نسخا منقولة عن سجالت إحصاءات السكان الرسمية في‬ ‫بعض األديار‬ ‫ً‬ ‫ونسخا عن سجالت توزيع ضرائب الميري في مختلف‬ ‫عهد المتصرفية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قرى ونواحي الجبل‪.‬‬

‫والخاصة وقراراتها‪ :‬تشير إلى‬ ‫العامة‬ ‫ ‪5.‬محاضر المجامع الرهبانية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تطور القوانين الرهبانية وتأثرها بتطورات الحياة االجتماعية خارج الدير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويبرز فيها بعض التراخي أحيانً ا في تطبيق النذور الرهبانية الثالثة‪:‬‬ ‫والتشدد‬ ‫والعفة والطاعة‪ ،‬ودعوات إلى احترام القوانين الرهبانية‬ ‫الفقر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في تطبيقها‪ ،‬وتعكس هذه المحاضر تطور هذه القوانين وتفاعل األديار مع‬ ‫واجتماعيا‪.‬‬ ‫واقتصاديا‬ ‫دينيا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫محيطها ً‬

‫ ‪6.‬سـجـ ّـات المخطوطات والكتب‪ :‬تساعد في دراســة االهتمامات‬ ‫وللسكان المحيطين بأديارهم وفــق مواضيع‬ ‫ّ‬ ‫الفكرية والدينية للرهبان‬ ‫تتمحور حولها نسخ المخطوطات والكتب‪ ،‬ألن بعض األديــار‪ ،‬إلى جانب‬ ‫مدرسة مفتوحة للجميع‪ ،‬كان يلعب دور المكتبة العامة ويعير الكتب إلى‬

‫ ) زاإلضبارات المختلفة‪ :‬وهي تحوي ‪ 3‬أنواع من الوثائق‪:‬‬ ‫‪1.1‬مذكرات شخصية لرهبان مقيمين في لبنان أو سافروا إلى أوروبا‬ ‫وأميركا لجمع المساعدات أو لخدمة الجاليات اللبنانية والمسيحية في بلدان‬ ‫اإلنتشار‪ .‬وفــي هــذه المذكرات معلومات غنية عن األحــوال االجتماعية‬ ‫واالقتصادية والسياسية وال ـعــادات والتقاليد وأبــرز أحــداث عاصروها‬ ‫ورأيهم فيها‪.‬‬

‫ ‪2.‬نسخ وصايا كتبها أشخاص لتوزيع ميراثهم وأودعوها الدير أمان ًة‬ ‫طالبين من رئيسه السهر على تنفيذها عند وفاتهم‪.‬‬ ‫الري في مزرعة بيت عيال التابعة لـدير مار يوحنا الخنشارة‬ ‫بيان توزيع أَ وقات مياه‬ ‫ّ‬ ‫‪ 13‬تموز سنة ‪1916‬‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫ ‪2.‬س ـجــات الـ ـم ــراس ــات‪ :‬تـتـضـمــن م ــراس ــات ذات طــابــع سياسي‬ ‫واجتماعي مع المقاطعجيين في مناطق الجبل أو مع األمير الحاكم‪،‬‬ ‫وأحيانً ا مع الوالة العثمانيين أو مع قناصل الدول‪ .‬وتتضمن مراسالت ذات‬ ‫السدة البابوية في روما‪.‬‬ ‫طابع ديني مع األساقفة والبطاركة‪ ،‬أو حتى مع‬ ‫ّ‬ ‫وهذه المراسالت تساعد على دراسة الواقع اإلداري والسياسي وعالقة‬ ‫تطورت في بعض المناطق من مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫حكام المقاطعات بالرهبان وهي ّ‬ ‫صكوك حماية الرهبان وأمالكهم من‬ ‫المحليين‬ ‫واألمراء‬ ‫المشايخ‬ ‫إصدار‬ ‫َ‬ ‫تعدي الرهبان‬ ‫ّ‬ ‫التعدي (أوائل القرن الثامن عشر) إلى مرحلة‬ ‫التشكي من ّ‬ ‫ّ‬ ‫على أمالك المقاطعجيين (أواخر القرن)‪.‬‬

‫سجل‬ ‫يوحنا الخنشارة‬ ‫طالبي االستزادة من العلم والمعرفة‪ .‬وفي دير مار‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫بأسماء من كانوا يستعيرون الكتب من مكتبة الدير مع عنوان كل كتاب‬ ‫وتاريخ استعارته وإعادته‪ .‬ويتوزع المواطنون وفق انتمائهم االجتماعي بين‬ ‫والفالحين‪.‬‬ ‫التجار‬ ‫ّ‬ ‫أمراء أو مشايخ مقاطعجيين وأشخاص عاديين كبعض ّ‬

‫‪91‬‬


‫يعالج هذا القسم كيفية اإلفادة من أرشيف األديار لكتابة تاريخ لبنان‬ ‫االقتصادي واالجتماعي واإلداري والمالي والثقافي‪.‬‬ ‫ ) أتاريخ لبنان اإلقتصادي‬ ‫نواح اقتصادية من تاريخ لبنان في‬ ‫يساعد أرشيف األديار في توضيح‬ ‫ٍ‬ ‫العهد العثماني‪ ،‬كوضع الملكية العقارية وطــرق استثمار األرض وأنــواع‬ ‫المزروعات واألوزان والمقاييس والعمالت واألسعار‪ ،‬ويساعد على إبراز‬ ‫س لألديار في تحريك عجلة االنتاج الزراعي وفي التنمية‬ ‫دور اقتصادي رئي ٍ‬ ‫اإلجتماعية‪.‬‬ ‫‪1.1‬الملكية العقارية‬

‫‪92‬‬ ‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬ ‫سند ملكية خاقاني (سلطاني) لعقار في قضاء بعلبك سنة ‪1908‬‬

‫تمتع بها جبل لبنان‬ ‫يؤكد أرشيف األديار خصوصي ًة سياسية وإدار ًة ذاتية ّ‬ ‫إبان نظام اإلمارة‪ ،‬وانعكاسها على وضع الملكية العقارية‪ .‬بعد معركة مرج‬ ‫دابق (‪ )1516‬اعتبرت الدولة العثمانية أراضي بالد الشام مناطق مفتوحة‬ ‫فجعلتها ملكها واعتبرتها أراضي أميرية‪ .‬ولم‬ ‫مأخوذة عنو ًة من المماليك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫يتمتعون بحق الملكية العقارية بل يستثمرون أراضي‬ ‫ّ‬ ‫يكن‬ ‫السكان المحلّ يون ّ‬ ‫تبعا للشرع اإلسالمي‪ .‬ولم يكن السالطين العثمانيون‬ ‫انتفاع‬ ‫حق‬ ‫بموجب‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫موظفي الــدولــة والـقــادة العسكريين رواتــب ثابتة‬ ‫يدفعون لـلــوزراء وكبار‬ ‫قسما من األراضي األميرية إقطاعات‬ ‫فأعطوهم‪ ،‬بموجب نظام اإللتزام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ـاص‪ ،‬فاستثمر‬ ‫ّ‬ ‫تعددت أنواعها وفق قيمة مــردودهــا‪ :‬تيمار وزعامت وخـ ّ‬ ‫ويشغلون فيها الفالحين‬ ‫الملتزمون االقطاعات لقاء خدمات يؤدونها للدولة‬ ‫ّ‬ ‫قسما من الغلّ ة تختلف نسبته بين منطقة وأخرى‪.‬‬ ‫فيعطونهم‬ ‫ً‬ ‫كانت الملكية الخاصة قليلة اإلنتشار في الواليات العثمانية باستثناء‬ ‫خاصا يتمتع أصحابه بحقوقهم‬ ‫ملكا‬ ‫جبل لبنان الذي كانت معظم أراضيه ً‬ ‫ً‬ ‫والتصرف والبيع والرهن والهبة والبدل‪ ،‬بموجب عقود‬ ‫كاملة في االنتفاع‬ ‫ّ‬ ‫بسيطة بين المتعاقدين دون الرجوع إلى المقاطعجي أو األمير الحاكم‪.‬‬ ‫والعبارات في عقود البيع واضحة الداللة على أن األراضي المذكورة فيها‬ ‫تخصنا (أو التي نملك) والتي‬ ‫خاصة‪ :‬بعنا األرض التي‬ ‫أمالكا‬ ‫ً‬ ‫كانت كلّ ها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫انتقلت إلينا بالشراء (أو باإلرث الشرعي) من‪ ...‬أصبح المكان المذكور‬ ‫يتصرف به كيفما يشاء‪ ،‬برضى البائع التام‬ ‫ملكا للشاري من جملة أمالكه‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وبصحة العقل والجسد‪ ،‬وشهادة‬ ‫دون كــره وال عناد أو غش أو فساد‪،‬‬ ‫ّ‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫ ‪3.‬جــداول بتوزيع مياه الــري على المنتفعين من أصحاب الحقوق‪،‬‬ ‫حصة كل مالك أرض لها حق ري من‬ ‫وتسمى جداول ‪‬تعدين‪ ‬نسبة إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬عدان‪ .‬هذه الجداول تساعد في فهم قواعد‬ ‫وتسمى‬ ‫معين‪،‬‬ ‫الحصة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نبع ّ‬ ‫متبعة في توزيع حصص الري وفي توقيت اإلفادة منها وكيفية توزيع‬ ‫كانت ّ‬ ‫البدل المتوجب لناطور الماء‪.‬‬

‫القسم الثاني – تاريخ لبنان في أرشيف األديار‬

‫‪93‬‬


‫‪94‬‬

‫والمالكون‬ ‫كان الفالحون أصحاب األراضي يستثمرون أرضهم مباشر ًة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفالحين بعقود‬ ‫يلزمون استثمارها إلى ّ‬ ‫الكبار كالمقاطعجيين واألديــار ّ‬ ‫شراكة تعطيهم ربع إنتاج األرض (شريك مرابع) أو الثلث (شريك مثالث)‬ ‫أو النصف (شريك مناصف) وفق طبيعة األرض ونوع المزروعات‪.‬‬ ‫وفق عقود الشراكة ودفاتر حسابات الشركاء َت ْظهر في أرشيف األديار‬ ‫أربعة أنواع من عقود الشراكة‪:‬‬ ‫حبوبا في‬ ‫مشجرة تزرع‬ ‫ •عقد المزارعة‪ :‬يجري على أرض سليخ غير‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مدة يتفق عليها المالك‬ ‫انتهاء‬ ‫مواسم سنوية‪ .‬ينتهي العقد بنهاية الموسم أو‬ ‫ّ‬ ‫وتبعا للعادات‬ ‫والشريك‪ .‬كانت عقود المزارعة تجري وفق إرادة المتعاقدين ً‬ ‫والتقاليد‪ ،‬إلى أن صدرت مجلّ ة ‪‬األحكام العدلية‪ ‬سنة ‪( 1876‬القانون‬ ‫المدونة‪.‬‬ ‫المدني العثماني) فبدأ إبرام العقود يخضع ألحكام القوانين‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫أشجارا مثمرة يسلّ مها‬ ‫ •عقد المساقاة‪ :‬يجري على أرض مزروعة‬ ‫ً‬ ‫ويسمدها‬ ‫يتعهد العناية بها ويحرثها ويسقيها‬ ‫المالك إلــى فـ ّـاح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حصة في اإلنتاج تــوازي قيمة مبلغ يدفعه‬ ‫ُويصلح جدرانها مقابل ّ‬ ‫مسبقا وفق قيمة األشجار المزروعة‪ .‬إذا دفع الشريك ربع‬ ‫للمالك‬ ‫ً‬ ‫قيمة الشجر كان شريك الربع‪ ،‬وإذا دفع النصف كان شريك النصف‪.‬‬ ‫وكان ما يدفعه الشريك أمانة يسترجعها كاملة عند انتهاء العقد إذا‬ ‫لم ينقص عدد الشجر‪ ،‬فإذا نقص حسمت من األمانة قيمة الشجر‬ ‫حصته من قيمة أشجار زرعها‬ ‫الناقص وإذا زاد عددها أخذ الشريك ّ‬ ‫قبل نهاية العقد‪.‬‬

‫ •عقد الموارقة‪ :‬نوع من المساقاة يجري على أرض مزروعة شجر‬ ‫يسمى ‪‬عقد موارقة‪ .‬يتكفل‬ ‫توت‪ُ ،‬يستثمر ورقها لتربية دود ّ‬ ‫القز لذا ّ‬ ‫ربيعا‬ ‫الشريك بعنايته بشجر التوت وقطاف ورقها موسمين في السنة‪ً ،‬‬ ‫فشرانق ويسلمها صحيحة‬ ‫دودا‬ ‫القز ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫حتى ينمو ً‬ ‫وخريفا‪ ،‬وبتربية بزر ّ‬ ‫تسمى‬ ‫توتا‬ ‫حصته منها‪ .‬كانت األرض المزروعة ً‬ ‫للمالك بعد أخــذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫القز‪.‬‬ ‫يؤمن المالك للشريك أدوات تربية دود ّ‬ ‫‪‬العودة‪ ،‬وفي العقد ّ‬ ‫مميز يساعد‬ ‫ •عقد المغارسة (شراكة الشلش أو المناصبة)‪ :‬عقد ّ‬ ‫حصة في اإلنتاج وحسب‪،‬‬ ‫الشـريك فـي تملُّ ك قسم من األرض ال ّ‬

‫ ‪3.‬األوزان والمقاييس واألسعار‬

‫تساعد دفاتر حسابات األديار في دراسة أوزان ومقاييس سائدة في‬ ‫السلع‬ ‫جبل لبنان إبان القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وتطور أسعار ّ‬ ‫اإلستهالكية وأسواق الشراء والبيع والحركة التجارية‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫المدونة أسماؤهم في العقد‪ ...‬مهما جاء من شفعة أو تبعة فهي‬ ‫الشهود‬ ‫ّ‬ ‫تالزم البائع‪ ،‬وضريبة الميري على المكان تالزم الشاري‪....‬‬ ‫ ‪2.‬طرق استثمار األرض وأنواع المزروعات‬

‫يتعهد الفالح‬ ‫فيقدم المقاطعجي أو الدير إلى الشريك ً‬ ‫ّ‬ ‫أرضــا بـ ً‬ ‫ـورا ّ‬ ‫ـارا‪ ،‬وعـنــد نـضــوج هذه‬ ‫باستصالحها وب ـنــاء الـجـلــول وزرع ـهــا أشــج ـ ً‬ ‫قسم ملكية األرض واألشجار مناصفة بين المالك‬ ‫األشجار ِوإ ِ‬ ‫ثمارها ُت َ‬ ‫األساسي والشريك عن طريق القرعة‪ .‬وهذا العقد أتاح لفالحين أن‬ ‫يصبحوا مالكين بجهدهم وعملهم في األرض ال بما ٍل قلّ ما كان يتوفّ ر‬ ‫نقدا للشراء‪ .‬وســاعــدت عقود المغارسة في تفتيت الملكيات‬ ‫لهم ً‬ ‫الكبرى في جبل لبنان وانتقالها من المقاطعجيين إلــى الفالحين‬ ‫أو أديــار كان رهبانها يدخلون في عقود مغارسة مع المقاطعجيين‬ ‫فيعملون في األرض البور الستصالحها وزرعـهــا ليصبحوا مالكي‬ ‫نصف األرض وما عليها من شجر عند نهاية العقد‪ .‬وفي أرشيف‬ ‫دير مار يوحنا الخنشارة أن الرهبان الشويريين عقدوا سنة ‪1765‬‬ ‫مع األمراء اللمعيين منصور وأحمد وسلمان ونصر عقد شراكة شلش‬ ‫على أرض بور كبيرة في خــراج قرية المروج وتعهدوا أن يزرعوها‬ ‫أشجار صنوبر‪ .‬بعد عشرين سنة كبرت جذوعها وأصبحت صالحة‬ ‫فتمت القسمة وبات‬ ‫الستعمالها‬ ‫ً‬ ‫جسورا في سقوف البيوت الترابية ّ‬ ‫الرهبان يملكون نصف حرج الصنوبر المعروف اليوم ببلدة ‪‬غابة‬ ‫ّ‬ ‫ـ‪‬القطارة‪ .‬ولم يكتف الرهبان بامتالك‬ ‫عرف ب‬ ‫بولونيا‪ ،‬وكان‬ ‫قديما ُي َ‬ ‫ً‬ ‫نصف أرض اللمعيين الواسعة سنة ‪ 1785‬فاشتروا من األمير سلمان‬ ‫حصة األمراء بمبلغ ‪ 400‬غرش‪،‬‬ ‫أبي اللمع سنة ‪ 1833‬القسم األول من ّ‬ ‫أيضا‪ ،‬فأصبحت ‪‬غابة‬ ‫وسنة ‪ 1838‬القسم المتبقي بمبلغ ‪ 400‬غرش ً‬ ‫يوحنا‪ .‬وفي أرشيف الدير أن الرهبان‪،‬‬ ‫بولونيا‪ ‬ملك رهبان دير مار‬ ‫ّ‬ ‫بعدما تراجع اهتمامهم بالعمل الزراعي مع مطلع القرن العشرين‪،‬‬ ‫فرزوا تلك األراضي وباعوها لميسورين بنوا بيوت اصطياف فعمرت‬ ‫المنطقة وازدهرت‪ .‬وكي يشجع الرهبان على تأهيل المنطقة وهبوا‬ ‫سنة ‪ 1939‬قطعة أرض للسيدة ماري سماحة مكافأة لها على بناء أول‬ ‫سجالت الدير أن بين الشاري‬ ‫بيت على أرض مفرزة اشترتها‪ .‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫للبناء في غابة بولونيا فرنسيين ومصريين وفلسطينيين ولبنانيين‬ ‫بينهم الدكتور توفيق رزق الــذي تم انتخابه ّأول رئيس بلدية لبلدة‬ ‫االصطياف الناشئة‪.‬‬

‫‪95‬‬


‫األوزان والمقاييس‪:‬‬

‫ • ُ‬ ‫غراما‪.‬‬ ‫درهما‪ ،‬وتساوي ‪200‬‬ ‫األوقية =  ‪66,66‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫ • ُ‬ ‫األقّ ة ‬

‫غراما‪.‬‬ ‫=  ‪ 400‬درهم وتساوي ‪1200‬‬ ‫ً‬

‫ •الوزنة ‬

‫=  ‪ 5‬أرطال أو ‪ 12‬كلغ‪.‬‬

‫غراما‪.‬‬ ‫ •الرطل =  أقّ تان أو ‪2400‬‬ ‫ً‬

‫رطال أو ‪ 72‬كلغ (لوزن ورق التوت)‪.‬‬ ‫ •الحمل =  ‪ً 30‬‬ ‫ •القنطار =  ‪ 100‬رطل أو ‪ 240‬كلغ (لوزن الحطب)‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫كانت قيمة األوزان تختلف بين منطقة وأخرى‪ :‬الحرير يوزن بالرطل‬ ‫الشامي المساوي ‪ 3,132‬كلغ‪ ،‬والقطن يوزن بالرطل المصري المساوي‬ ‫ـرارا أمــر فيه بتوحيد‬ ‫‪ 0,443‬كلغ‪ ،‬حتى أصــدر داود باشا سنة ‪ 1862‬قـ ً‬ ‫األوزان في جبل لبنان على قياس عيارات مدينة بيروت (األقّ ة اإلسطمبولية‬ ‫أساس الوزن‪ 400 :‬درهم اسطمبولي أي ‪ 1,28‬كلغ)‪.‬‬ ‫وفي دفاتر حسابات األديار معلومات عن أصناف السلع وأسعارها‪ ،‬منها‬ ‫األول من القرن الثامن عشر كان يوازي سعر‬ ‫أن سعر الشعير في النصف ّ‬ ‫قياسا للقمح‪ ،‬ولكثرة طلب الفالحين الذين كانوا‬ ‫القمح‬ ‫تقريبا لقلة زراعته ً‬ ‫ً‬ ‫وعلفا للدواب والبغال‪،‬‬ ‫يستعملونه لصناعة الخبز عندما ال يتوفّ ر القمح‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وسائل النقل المتوفرة آنــذاك‪ .‬في بداية القرن الثامن عشر كــان سعر‬ ‫غرشا‪،‬‬ ‫الشعير في المتن يتجاوز سعر القمح‪ :‬بينما كيل القمح يباع بـ‪0,75‬‬ ‫ً‬ ‫كان كيل الشعير يباع بغرش‪ .‬وفي نهاية القرن الثامن عشر ارتفع سعر كيل‬ ‫غرشا‪.‬‬ ‫القمح إلى ‪ 4‬غروش بينما لم يرتفع سعر كيلو الشعير أكثر من ‪2,5‬‬ ‫ً‬ ‫األول من القرن‬ ‫وتسجل دفاتر الحسابات َ‬ ‫ّ‬ ‫ثبات سعر الحرير في النصف ّ‬ ‫غرشا للرطل بينما ارتفع في النصف الثاني‬ ‫الثامن عشر‪ :‬راوح بين ‪ 20‬و‪ً 21‬‬ ‫غرشا للرطل أي نحو الضعفين‪ .‬وارتفع سعر التبغ في‬ ‫من القرن إلى ‪40‬‬ ‫ً‬ ‫نسبيا أكثر من سعر الحرير‪ :‬بينما يباع الرطل في ّأول‬ ‫القرن الثامن عشر‬ ‫ً‬ ‫غرشا أي بزيادة ثالثة‬ ‫غرشا أصبح في آخر القرن يباع بـ‪1,5‬‬ ‫القرن بـ‪0,5‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أضعاف‪.‬‬

‫غرشا‬ ‫ •‪0,18 = 1725 – 1700‬‬ ‫ً‬ ‫غرشا‬ ‫ •‪0,23 = 1750 – 1726‬‬ ‫ً‬ ‫غرشا‬ ‫ •‪0,32 = 1775 – 1751‬‬ ‫ً‬

‫غرشا‬ ‫ •‪0,25 = 1800 – 1776‬‬ ‫ً‬

‫غرشا) وسنة‬ ‫فتكون نسبة ارتفاع أجرة العامل بين سنة ‪0,18( 1700‬‬ ‫ً‬ ‫أقل من نسبة زيادة أسعار بعض السلع‬ ‫‪ً 0,52( 1800‬‬ ‫غرشا) ‪ ،% 8,288‬وهي ّ‬ ‫الفالحية منذ أواسط‬ ‫الفالحين وبداية الثورات ّ‬ ‫يفسر ضيق ّ‬ ‫األساسية‪ ،‬ما ّ‬ ‫الشرائية‪.‬‬ ‫القرن الثامن عشر نتيجة تراجع القدرة‬ ‫ّ‬ ‫ ) بتاريخ لبنان االجتماعي‬ ‫األديار التي انتشرت في أنحاء جبل لبنان لم تكن مراكز عبادة فقط‬ ‫شكلت في محيطها الجغرافي دائــرة النشاط االقتصادي والعالقات‬ ‫بل ّ‬ ‫االجتماعية‪ .‬ويساعد أرشيفها في اإلضاءة على تاريخ لبنان اإلجتماعي‪.‬‬ ‫‪1.1‬الدير عامل إنماء واختالط في المجتمع الريفي‬

‫إنمائيا في محيط قرى نشأت فيها‪ ،‬باستصالح‬ ‫دورا‬ ‫لعبت األديــار ً‬ ‫ً‬ ‫وفتح‬ ‫األراضي البور وتشغيل اليد العاملة الزراعية في أمالكها الواسعة‪ْ ،‬‬ ‫المدارس لتعليم القراءة والكتابة وبعض العلوم البسيطة كعلم الحساب‪.‬‬ ‫عرف‬ ‫أصبح كل دير َم ْعلَ ًما من معالم القرية التي ينتمي إليها‪ ،‬ولم يعد ُي َ‬ ‫تأسس أو التي تأسست‬ ‫باسم شفيعه فقط بل باسم البلدة التي فيها ّ‬ ‫حوله‪ .‬من ذلك‪:‬‬ ‫ •دير السيدة في قنوبين يعرف بدير ّقنوبين‪.‬‬ ‫قزحيا‪.‬‬ ‫قزحيا نسبة لوادي‬ ‫ •دير مار أنطونيوس يعرف بدير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ •ديــر السيدة فــي اللويزة يعرف بدير الـلــويــزة‪ ،‬واشتهر بمدرسته‬ ‫وبجامعته‪.‬‬

‫ •دير مار يوحنا في الخنشارة يعرف بدير الخنشارة‪ ،‬واشتهر بمطبعته‬ ‫وبمدرسته‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫وحدة الوزن األساسية‪ :‬الدرهم‪ ،‬ويساوي نحو ‪ 3‬غرامات (‪ 3.2‬غرام‬ ‫في اسطمبول و‪ 3.08‬في مصر)‪ .‬واألوزان األخرى‪:‬‬

‫اليومية على الشكل التالي‪:‬‬ ‫تطورت أجرة العامل‬ ‫ووفق دفاتر الحسابات ّ‬ ‫ّ‬

‫‪97‬‬


‫ويلقب بالعامر لتشغيله‬ ‫ •دير المخلّ ص في جون يعرف بدير جون ّ‬ ‫الناس وفتح أبوابه للضيوف ومساعدة المحتاجين‪.‬‬

‫‪98‬‬ ‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫الرهبان النسيج اإلجتماعي في الجبل بعناصر جديدة عـ ّـززت‬ ‫رفَ ـ َـد‬ ‫ُ‬ ‫والسنية‪ .‬وكان المقاطعجيون الدروز‬ ‫والشيعية‬ ‫الدرزية‬ ‫المناطق‬ ‫في‬ ‫االختالط‬ ‫ّ‬ ‫يشجعون على تأسيس األديار في مناطقهم‪:‬‬ ‫والشيعة‪ ،‬ألسباب اقتصادية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كانوا َي ْج ُبون الضرائب من مقاطعاتهم لمصلحة األمير الحاكم ويتقاضون‬ ‫نسبة مئوية من مجمل ما يجمعون‪ .‬وألن ضريبة الميري كانت مفروضة على‬ ‫يتمنون استصالح األراضي‬ ‫إنتاج األرض الزراعي ًأيا تكن مساحتها‪ ،‬كانوا ّ‬ ‫البور في مقاطعاتهم لزيادة مداخيلهم الشخصية عن طريق زيادة المداخيل‬ ‫الضريبية‪ .‬لذا شجعوا الرهبان على تأسيس األديار في مناطقهم لخبرتهم‬ ‫ّ‬ ‫في استصالح األرض واستنبات الــزرع من الوعر‪ ،‬فالعمل في األرض من‬ ‫صلب القوانين الرهبانية‪ ،‬وتمرين على قهر الغرائز وترويض الجسد‪.‬‬ ‫إقامة األدي ــار في المناطق غير المسيحية استتبعت تشغيل شركاء‬ ‫مسيحيين في أعمال األرض الزراعية وتكوين نسيج اجتماعي مختلط لم‬ ‫يتعكر صفو األمن واالستقرار فيه ّإال في أواسط القرن التاسع عشر نتيجة‬ ‫ّ‬ ‫عوامل سياسية داخلية وخارجية أذكت الخالفات الطائفية‪.‬‬ ‫ـوزع األمــاك الديرية والقرى المسيحية‬ ‫يشير أرشيف األديــار إلى تـ ّ‬ ‫غربا‬ ‫الطابع في بعض مناطق الجنوب بـ َـخطّ متواصل ينطلق من صيدا ً‬ ‫جزين شرقً ا‪ ،‬تتقاطع فيه قرى درزية عن شماله وأخرى شيعية‬ ‫ً‬ ‫وصوال إلى ّ‬ ‫كال منهما‬ ‫عن جنوبه‪ .‬وجرى ذلك بتشجيع الفريقين الدرزي والشيعي ألن ً‬ ‫تتشكل حولها‪ ،‬عنصر‬ ‫ّ‬ ‫كان يرى في جيرة األديار والقرى المسيحية التي‬ ‫أمان وعامل إنماء‪.‬‬ ‫الفالحين‬ ‫ ‪2.‬أرشيف األديار مصدر لدراسة أوضاع ّ‬

‫تشير دفاتر حسابات الشركاء في مختلف األديار اللبنانية إلى أن عددهم‬ ‫واضحا‬ ‫تأثيرا‬ ‫استمر في اإلرتفاع حتى أوائل القرن العشرين‪ ،‬وأن للرهبان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫في المجتمع الريفي‪ .‬فمن أسماء الشركاء في بعض المناطق نرى عائالت‬ ‫بأكملها تعمل في أراضي األوقاف الديرية عن طريق عقود الشراكة‪ :‬األب‬ ‫شريك في عودة مستقلّ ة‪.‬‬ ‫شريك في عودة‪ ،‬وكل ابن من أوالده البالغين‬ ‫ٌ‬ ‫وعندما كان يعجز أحد األبناء عن دفع المال المتوجب إلتمام عقد المساقاة‬

‫ ‪3.‬الدير مستودع أمانات ومصرف وكاتب عدل‬

‫في دفاتر حسابات األديار أن مقاطعجيين خافوا سطوة األمير الحاكم‬ ‫في العهد الشهابي‪ ،‬فلجأوا إلى األديار يودعون أموالهم أمانة عند رئيس‬ ‫الدير‪ .‬سنة ‪ 1793‬أودع الشيخ غندور سعد الخوري (كاخية األمير يوسف‬ ‫يوحنا الخنشارة‪ ،‬وبعد وفاته ّادعى ورثته بأنهم‬ ‫الشهابي) أمواله في دير مار ّ‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫ •دير مار أنطونيوس في بيت شباب يعرف بدير بيت شباب‪ ،‬واشتهر‬ ‫بمدرسته (اليوم مركز مهم للمعاقين)‪.‬‬

‫أو الموارقة‪ ،‬كان يتضامن مع إخوته لتأمين المبلغ المطلوب فيصبح جميع‬ ‫اإلخوة شركاء في العودة نفسها وبموجب العقد ذاته‪.‬‬ ‫أوالدا قاصرين‪ ،‬ال يحق لهم‬ ‫تاركا‬ ‫أيضا‪ :‬عند وفاة شريك ً‬ ‫ً‬ ‫وفي الدفاتر ً‬ ‫قانونً ا إبرام عقد مشاركة مكان والدهم المتوفى فيجري إبرام العقد باسم‬ ‫أرملته حتى بلوغ أحد األوالد‪.‬‬ ‫عدة‬ ‫وتدل حسابات الشركاء على تبعيتهم االقتصادية للرهبان نتيجة ّ‬ ‫ّ‬ ‫عوامل دينية واجتماعية واقتصادية‪ .‬فإلى الرعاية الروحية كان الدير‪:‬‬ ‫ومستقرة‪ ،‬يهتم بتصريف اإلنتاج الزراعي في‬ ‫يؤمن ظروف عمل جديدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الموزعين في‬ ‫لفالحي القرية عبر وكالئه التجاريين‬ ‫األســواق الخارجية ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسكر واألقمشة‬ ‫ّ‬ ‫(كالبن واألرز‬ ‫مختلف المناطق‪ ،‬ويستورد منتجات‬ ‫ّ‬ ‫لسكان القرية‪.‬‬ ‫القطنية) يبيعها ّ‬ ‫ـضــا مــن أرشـيــف األدي ــار أن الرهبان كــانــوا يلعبون أحيانً ا‬ ‫نستنتج أيـ ً‬ ‫دور الوسيط التجاري بين الشركاء عندما يعجز أحدهم عن تأمين ثمن‬ ‫المشترى لشريك آخر‪ ،‬فكان الرهبان‬ ‫يسجلون في دفاترهم قيمة الديون‬ ‫ّ‬ ‫المتوجبة على الشركاء بعضهم لبعض ثم يسددونها من مداخيل العودات‬ ‫العز‪‬‬ ‫القز موسم ّ‬ ‫في تموز بعد بيع محاصيل الحرير السنوية‪ :‬كان ‪‬موسم ّ‬ ‫تسدد مختلف أنواع الديون في الريف اللبناني‪.‬‬ ‫فيه ّ‬ ‫أيضا في عجز معظم حساباتهم‬ ‫تبعية الشركاء للدير‬ ‫اقتصاديا تظهر ً‬ ‫ً‬ ‫حصتهم في‬ ‫عن‬ ‫للشركاء‬ ‫تعطى‬ ‫سلفات‬ ‫نتيجة‬ ‫الرهبان‪،‬‬ ‫السنوية لمصلحة‬ ‫ّ‬ ‫إنتاج األرض‪ ،‬وعجزهم عن تسديدها في المواسم‪ ،‬أو بسبب خدمات‬ ‫وتم تسجيلها على حسابهم مثل‪ :‬أجرة ناطور‪ ،‬بدل تدخين‬ ‫ّ‬ ‫قدمها لهم الدير ّ‬ ‫حل الشرانق‪ ،‬ثمن ملح أو زيت أو قماش‪... ،‬‬ ‫دود ّ‬ ‫القز‪ ،‬بدل ّ‬ ‫يتبين من أرشيف األديــار أن نسبة الشركاء المديونين بصورة شبه‬ ‫ّ‬ ‫واستمر هــذا الوضع حتى‬ ‫والثلثين‪.‬‬ ‫النصف‬ ‫بين‬ ‫ـراوح‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫كانت‬ ‫ة‬ ‫مستمر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رهبانيات‬ ‫فصفت‬ ‫شديدا‬ ‫ضيقا‬ ‫الحرب العالمية األولى حين عرف لبنان‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫قسما من أراضي أديار كانوا‬ ‫أوضاع شركائها‪ ،‬ومع نهاية الحرب ملّ كتهم‬ ‫ً‬ ‫يستثمرونها بموجب عقد شراكة‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫‪100‬‬

‫جواز سفر عثماني للنائب البطريركي الماروني المطران الياس الحويك (البطريرك الحقاً )‬ ‫يحمل توقيع المتصرف نعوم باشا وتاريخ ‪ 24‬نيسان ‪1897‬‬

‫ ) جتاريخ لبنان اإلداري والمالي‬ ‫‪1.1‬في التاريخ اإلداري‬

‫الباحث في تاريخ المقاطعات اللبنانية إبان العهد العثماني يجد في‬ ‫أرشيف األديــار معالم تساعده على رســم حــدود هــذه المقاطعات عبر‬ ‫حج ُة بيع أرض‬ ‫حجج بيع األراضي وحسابات دفع ضريبة الميري‪ .‬منها ّ‬ ‫في الشوير كتبها األمير عبداهلل اللمعي سنة ‪ 1710‬لمصلحة الرهبان‬ ‫الحلبيين ورد في مطلعها‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم مجلس الحكم‬ ‫المطهرين اللذين‬ ‫المنيف ومحضر الشرع الشريف اشتريا القديسين‬ ‫ّ‬ ‫يدعيان يومئذ الخوري جرجس والخوري سليمان الحلبيين الذين كانا‬ ‫قاطنين في دير البلمند القاطنين يوم تاريخه في دير مار يوحنا بأرض‬ ‫قرية الشوير تابع أعمال كسروان اشتريا ألنفسهما دون غيرهما من سائر‬ ‫الناس أجمعين من حضرة الجناب العالي المحترم األمير أبــو حسين‬ ‫عظيما الشهير بإبن أبي اللمع اشتريا‬ ‫المكرم (عبد اهلل) زاد اهلل كرمه‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫منه فباعهما جميع ما ذكره جناب الباب العالي أنّ ه ملكه‪ ...‬في ‪ 10‬شوال‬ ‫‪ 1122‬هجرية (‪ 1710‬ميالدية)‪.‬‬ ‫مهمين‪:‬‬ ‫نستنتج من هذه الوثيقة أمرين ّ‬ ‫أن منطقة الشوير ومحيطها كانا سنة ‪ 1710‬تابعين لمقاطعة‬ ‫ • ّ‬ ‫كسروان‪ ،‬فصلهما األمير حيدر عن كسروان بعد معركة عين دارة سنة‬ ‫وضمهما إلى بقية األراضي في المتن مقاطعة مستقلة عرفت‬ ‫‪1711‬‬ ‫ّ‬ ‫بقاطع بكفيا سلّ مها لألمراء اللمعيين مكافأة لهم على مساندته لتحقيق‬ ‫النصر على اليمنيين في عين دارة‪.‬‬

‫أن اللمعيين كانوا يحملون لقب اإلمــارة قبل معركة عين دارة‪ ،‬ما‬ ‫ • ّ‬ ‫يتنافى والقائلين بأن األمير حيدر رفعهم من درجة المقدمية إلى درجة‬ ‫اإلمارة على سبيل المكافأة كما ورد عند بعض المؤرخين‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫لم يستلموا األمانة كاملة‪ .‬لجأوا إلى القضاء فاعتبر القاضي (المطران‬ ‫ري الرهبنة الشويرية مسؤول عن‬ ‫مدب ّ‬ ‫الماروني مخايل فاضل) أن أحد ِّ‬ ‫النقص وألزم الرهبانية بدفع تعويض للورثة‪.‬‬ ‫خاصة باستالم‬ ‫بعد هذه القضية وجدت الرهبانية ضرورة وضع قوانين ّ‬ ‫الــودائــع واألمــانــات‪ ،‬وهــو ما تـ ّـم مجمع ‪ 1802‬الــذي أقـ ّـر بـضــرورة تنظيم‬ ‫محضر على نسختين يوقعهما شهود عند االستالم والتسليم‪ ،‬يحتفظ‬ ‫المودع بإحداهما ورئيس الدير باألخرى‪.‬‬ ‫قروضا‬ ‫أديار تؤمن‬ ‫وبسبب غياب المصارف في الريف اللبناني كانت‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫نسبيا‪ ،‬تراوحت بين ‪ %5‬و‪.%10‬‬ ‫مالية لطالبيها لقاء فائدة سنوية مقبولة‬ ‫ًّ‬ ‫وفي أرشيف دير مار يوحنا الخنشارة أنه كان يستقرض المال من قنصل‬ ‫قروضا لـمن يطلبونها من‬ ‫يؤمن‬ ‫ً‬ ‫فرنسا هنري غيز بين ‪ 1835‬و‪ 1837‬كي ّ‬ ‫الدير أو لتسديد ديون ترتبت على الرهبانية بعد انقسامها سنة ‪ 1829‬إلى‬ ‫وحلبية‪.‬‬ ‫شويرية‬ ‫ّ‬

‫لعبت بعض األدي ــار دور كـ ّـتــاب ال ـعــدول الضامنين حـفــظَ نصوص‬ ‫االتـفــاقــات الـمـعـقــودة بين فريقين‪ ،‬والـســاهــريــن على تنفيذها‪ .‬ففي‬ ‫األرشيف الرهباني اتفاقات عدة ليس الرهبان طرفً ا فيها بل شهود‬ ‫يتمتعون بثقة الطرفين ويضمنون تنفيذ التعهدات‪ .‬كما نجد نصوص‬ ‫ّ‬ ‫الدير طالبين منهم السهر على‬ ‫وصايا سلّ مها واضعوها أمانة لرهبان ّ‬ ‫تنفيذها عند وفاتهم‪.‬‬

‫‪101‬‬


‫ ‪2.‬في التاريخ المالي‪:‬‬

‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫ •سنة ‪ 1789‬بلص الـجـ ّـزار ديــر مــار الياس ُ‬ ‫الطوق في زحلة بمبلغ‬ ‫‪ 600‬غرش‪ .‬وفي السنة نفسها بلص األمير بشير الرهبان الشويريين‬ ‫األول األب‬ ‫نزوال عند طلب‬ ‫خفضه إلى‪ً 2000‬‬ ‫بمبلغ‪ 4000‬غرش ّ‬ ‫المدبر ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاوفانوس الذي أظهر عجز الرهبنة عن تأمين المطلوب‪.‬‬

‫ •سنة ‪ 1791‬بلص األمير بشير الرهبانية اللبنانية المارونية بمبلغ‬ ‫يوما مع‬ ‫‪ 15000‬غرش ثم ّ‬ ‫خفضها إلى ‪ 8500‬بعد مفاوضات عشرين ً‬ ‫تعهد بدفع ‪ 2500‬غرش‬ ‫الرئيس العام األباتي عمانوئيل‬ ‫الجميل الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتسنى جمعه من مختلف أديار‬ ‫لمدة شهر حتى‬ ‫فورا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويقسط الباقي ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الرهبنة‪.‬‬

‫ •سنة ‪1792‬عاد األمير بشير وبلص الرهبانية الشويرية بمبلغ ‪1500‬‬ ‫غرش‪ ،‬إضافة إلى زيادة فرضها على ضريبة الميري السنوية بنسبة‬ ‫‪( %50‬مال ونصف)‪.‬‬

‫وعن أرشيف األديار أن الرهبان كانوا يدفعون بانتظام ضريبة الميري‬ ‫على أمالكهم‪ ،‬ولــم تكن دائـمـ ًة إعـفــاءات أو تخفيضات استفادوا منها‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫‪102‬‬

‫ماليا يساعد أرشيف األديار على دراسة أنواع ضرائب كانت مفروضة‬ ‫ً‬ ‫في جبل لبنان‪ ،‬ونسبة أمــوال ضريبية كان يدفعها الرهبان عن أمالكهم‬ ‫وعن شركائهم إضافة إلى أتاوات ومبالغ إضافية كانوا يدفعونها لألمراء‬ ‫‪‬أخذُ‬ ‫الحاكمين عن طريق البلص‪ .‬و‪‬البلْ ص‪ ‬في قاموس ‪‬المنجد‪ ‬هو ْ‬ ‫ظلما أو من دون وجه مشروع‪.‬‬ ‫المال من الرعية ً‬ ‫سائدا في لبنان من‬ ‫يمكن الباحث دراسة النظام الضرائبي الذي كان‬ ‫ً‬ ‫مدونات حجج شراء األراضي‬ ‫خالل محتويات دفاتر حسابات األديار أو ّ‬ ‫ذكر قيمة الميري المتوجبة على الشاري‪ ،‬والجهة المنوط بها جمع‬ ‫التي َت ُ‬ ‫وفقا للمقاطعة‪ ،‬والعهدة التي تتبع األرض لها‪ .‬ويمكن اللجوء إلى‬ ‫الضريبة ً‬ ‫وصوالت دفع ضرائب كانت تعطى لألديار في القرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫يتبين أن أمالك األديار‬ ‫من هذه الوثائق‪ ،‬وخالفً ا لبعض اآلراء السائدة‪ّ ،‬‬ ‫ردت‬ ‫لم تكن معفا ًة من ضريبة الميري وال من ‪‬البلْ ص‪ ‬األميري‪ .‬وإذا َو َ‬ ‫محددة‪ .‬االعفاء الوحيد الذي كان يسري على‬ ‫ولمدة‬ ‫اعفاءات فاستثنائية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرهبان بصورة دائمة هو من ضريبة الجزية‪ ،‬وكان يطال كل رجال الدين‬ ‫المسيحيين من رهبان وغيرهم‪.‬‬ ‫جر المياه من عين زحلتا‬ ‫في العهد الشهابي أراد األمير بشير الثاني ّ‬ ‫إلى قصره في بيت الدين عن طريق السخرة‪ ،‬فأمر بأن يحفر كل رجل بالغ‬ ‫تمنعه عن الحفر يدفع لألمير‬ ‫جزءا من القناة يوازي طول قامته‪ ،‬وفي حال ّ‬ ‫ً‬ ‫يستثن األمير بشير الرهبان من هذه‬ ‫ماليا كتعويض عن الممانعة‪ .‬لم‬ ‫بدال‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫السخرة وفرض عليهم دفع البدل المالي‪ .‬اتفق الرهبان البلديون والرهبان‬ ‫بحجة عجزهم المالي وقـ ّـرروا‬ ‫األنطونيون على االمتناع عن دفع البدل‬ ‫ّ‬ ‫وفدا من مئة راهب مع معاولهم إلى مشارف‬ ‫المساهمة بالحفر فأرسلوا ً‬ ‫بيت الــديــن‪ .‬عندما رآهــم األمير بشير طلب منهم الـعــودة إلــى أديارهم‬ ‫يتمكن من‬ ‫إن ‪‬األمير بشير لم ّ‬ ‫وأعفاهم من دفع البدل كي ال يقول الناس ّ‬ ‫إيصال المياه إلى قصره ّإال بمساعدة الرهبان‪.‬‬ ‫حكام المقاطعات اللبنانية في مناطق الجبل يطمعون بأموال‬ ‫كــان ّ‬ ‫الرهبان‪ .‬فعدا الضريبة‪ ،‬كانوا يفرضون عليهم تقديم هدايا موسمية‬ ‫مسجلة في األرشيف باسم ‪‬مال‬ ‫بصورة منتظمة أو دفع مبالغ مقطوعة‬ ‫ّ‬ ‫شيئا‬ ‫مقطوع‪ ‬أو ‪‬مقارضة‪ ‬على أساس أن المقاطعجي يسعى أن يقرض ً‬ ‫فشيئا مال الدير‪ .‬وسنة ‪ 1812‬اشتكى الرهبان الموارنة في المتن إلى‬ ‫ً‬ ‫حكام المقاطعة طلبوا منهم مال مقارضة‬ ‫األمير بشير أن األمراء اللمعيين ّ‬ ‫سبق أن دفعوه مباشرة إلى خزينة األمير الحاكم‪.‬‬

‫أيضا على الرهبان دفع مساهمات عينية سنوية‬ ‫فرض المقاطعجيون ً‬ ‫الدينية‪ .‬سنة ‪ 1761‬طلب الشيخ سلمان حماده‬ ‫وهدايا بمناسبة األعياد‬ ‫ّ‬ ‫قزحيا وحوقا (في وادي ّقنوبين) مساهمات عينية مقابل تأمينه‬ ‫من ديري‬ ‫ّ‬ ‫التعديات‪ .‬فرض على دير قزحيا تقديم عشرة شنابل قمح‬ ‫من‬ ‫الحماية‬ ‫ّ‬ ‫وعـشــرة شنابل شعير‬ ‫سنويا (الشنبل نحو ‪ 60‬رط ـ ًـا) وأرب ــع ذبــائــح في‬ ‫ً‬ ‫رمضان‪ .‬وفرض على دير حوقا أربعة شنابل قمح وذبيحتين في رمضان‪.‬‬ ‫تسمى ‪‬ذخيرة‪ ‬لكونها تساهم في تغطية‬ ‫كانت فريضة القمح والشعير‬ ‫ّ‬ ‫حمالت عسكرية يقوم بها المشايخ المقاطعجيون‪.‬‬ ‫هدايا األعياد المفروضة على الرهبان‪ ،‬كان اسمها يختلف بين منطقة‬ ‫وردت باسم ‪‬مشيخية‪( ‬ألنها ُتدفَ ع إلى‬ ‫وأخرى‪ .‬في أرشيف أديار الشمال َ‬ ‫مشايخ آل حمادة)‪ ،‬ووردت باسم ‪‬رمضانية‪ ‬في حال دفعت في رمضان‪.‬‬ ‫‪‬عيدية‪،‬‬ ‫المقدمة إلى مشايخ آل الخازن باسم‬ ‫وفي كسروان وردت الهدايا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسكر وزيت وصابون‪.‬‬ ‫بن ّ‬ ‫ً‬ ‫وكانت‬ ‫إجماال ّ‬ ‫تقدم بمناسبة عيد الفصح وتتألّ ف من ّ‬ ‫إضافة إلى المتوجبات السنوية المفروضة على الرهبان دأب األمراء‬ ‫الشهابيون‪ ،‬منذ عهد األمير يوسف‪ ،‬إلــى طلب أمــوال استثنائية بشكل‬ ‫عكا أحمد باشا ال ـجـ ّـزار‪ ،‬وعرفت هــذه األمــوال‬ ‫ـاء لوالي ّ‬ ‫عشوائي إرض ـ ً‬ ‫المفروضة بشكل غير شرعي بـ‪‬البلص‪:‬‬

‫‪103‬‬


‫د‪ .‬جوزيف أبو نهرا‬

‫ ) دتاريخ لبنان الثقافي‬

‫إلى النواحي االقتصادية واالجتماعية واالدارية والمالية‪ ،‬يفيد أرشيف‬ ‫األديار لدراسة األوضاع الثقافية في لبنان عبر اهتمامات الرهبان التربوية‬ ‫وفتحهم المدارس‪ ،‬ولرصد االهتمامات الفكرية عبر عناوين المخطوطات‬ ‫والكتب المشتراة والمحفوظة في مكتبات األدي ــار‪ .‬وفــي إحصاء الئحة‬ ‫مخطوطات وكتب في دير مار يوحنا الخنشارة (اشتراها الراهب نقوال‬ ‫كتابا‬ ‫الصائغ من حلب سنة ‪ )1716‬أن عددها ‪ّ ،47‬‬ ‫تتوزع على الدين (‪ً 27‬‬ ‫كتابا)‪ .‬وعن الالئحة‬ ‫بينها ‪ 4‬كتب إسالمية)‪ ،‬واللغة الغربية واألدب (‪ً 20‬‬ ‫أهمية‬ ‫غرشا‪ ،‬وفق‬ ‫غرشا و‪15‬‬ ‫أن سعر الكتاب المخطوط يتراوح بين ‪0,75‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫المخطوط وحجمه واسم الخطاط الذي نقله‪.‬‬

‫أرشيف األديار يساعد في تطوير مدرسة جديدة لكتابة تاريخ لبنان‪،‬‬ ‫والحكام ونزاعاتهم الدائمة من أجل السلطة والتسلّ ط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إنما ال تاريخ األمراء‬ ‫يسميهم جورج لوفيڤر ‪‬نور التاريخ‪ .‬و‬ ‫بل تاريخ الشعب ّ‬ ‫وفالحين بسطاء ّ‬ ‫تركيزا على دراسة‬ ‫هذه المدرسة الجديدة ّتتضح معالمها وتبرز خصائصها‬ ‫ً‬ ‫أرشيفات كانت مهملة أو لم تستثمر بما فيه الكفاية‪ ،‬كأرشيف األديــار‬ ‫والمحاكم الشرعية واألرشيفات األهلية‪.‬‬ ‫وختاما‪ ،‬لنا َت َـم ٍّـن وتنبيه‪:‬‬ ‫ً‬

‫التمني‪ :‬إيالء تاريخ لبنان االجتماعي واالقتصادي أهمية أكبر إذ‬ ‫‪ّ 1.1‬‬ ‫معا بالتعاطي اليومي‬ ‫والتعاون‬ ‫التقارب‬ ‫إلى‬ ‫المجتمع‬ ‫أفراد‬ ‫حاجة‬ ‫تبرز فيه‬ ‫ً‬ ‫لتأمين مصالح حياتية متبادلة ًأيا يكن انتماؤهم الديني أو السياسي‪ .‬وهنا‬ ‫يختلف التاريخ االجتماعي واالقتصادي عن تاريخ سياسي يركز على نزاعات‬ ‫غالبا بتسديد‬ ‫بعيدا عن مصالح شعب َ‬ ‫فوقية ألصحاب السلطة والقرار ً‬ ‫ملزم ٍ ً‬ ‫فواتير باهظة ال قرار له في استحقاقها‪ .‬التاريخ االجتماعي واالقتصادي‬ ‫تاريخ التبادل والتكامل‪ ،‬بينما السياسي تاريخ التناقض والتناحر‪.‬‬ ‫ ‪2.‬التنبيه من اإلنجراف إلى منزلقين‪:‬‬

‫ •منزلق الكتابة اإليديولوجية لتاريخ لبنان‪ ،‬وهي اليوم عملة رائجة‬ ‫تشوه الحقيقة لمصلحة فئات أو أفــراد على حساب مصلحة الوطن‬ ‫ّ‬ ‫واألمانة العلمية‪ ،‬وعلى حساب أجيال المستقبل‪.‬‬

‫الموحد‪،‬‬ ‫ •منزلق مساومات طائفية وسياسية في تأليف كتاب التاريخ‬ ‫ّ‬ ‫تؤدي إلى تشويه الحقيقة التاريخية أو طمسها‪ ،‬وإلى تفويت فرصة أخذ‬ ‫العبر من الماضي ألجل بناء المستقبل على أسس ثابتة‪.‬‬

‫نتالعبن بالتاريخ‪ ،‬إنــه‪ ،‬كما رآه ﭘ ــول ڤاليري ‪‬أخطر ما أنتجت‬ ‫فال‬ ‫ّ‬ ‫يوما‬ ‫يصبح‬ ‫أن‬ ‫يوشك‬ ‫ة‬ ‫التاريخي‬ ‫بالحقيقة‬ ‫يتالعب‬ ‫فمن‬ ‫الفكر‪،‬‬ ‫كيمياء‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ألعوبة التاريخ‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف األديار‬

‫‪104‬‬

‫الحكام على‬ ‫ّ‬ ‫لمدة محدودة وألسباب موجبة أبرزها تشجيع‬ ‫أحيانً ا‪ ،‬بل ّ‬ ‫ض جديدة تعفى من الميري في المرحلة األولــى لتغطية‬ ‫استصالح أرا ٍ‬ ‫تكاليف اإلستصالح‪.‬‬ ‫عندما بنى المطران أفتيموس الصيفي دير المخلّ ص في جون‪ ،‬وشرع‬ ‫حدد له األمير حيدر شهاب ضريبة‬ ‫في استصالح األراضي البور حوله‪ّ ،‬‬ ‫غرشا مهما بلغ إنتاج األراضــي المستصلحة‬ ‫ميري مقطوعة قيمتها ‪12‬‬ ‫ً‬ ‫حديثً ا‪.‬‬ ‫سنة ‪1723‬سلّ م األمير حيدر شهاب الرهبان الشويريين دير مار شعيا‬ ‫برمانا مع أراضيه المهملة‪ ،‬وأعفاهم من دفع ضريبة الميري ثماني‬ ‫في ّ‬ ‫سنوات كافية إلعادة إحياء األراضي الزراعية واإلفادة من إنتاجها لتغطية‬ ‫نفقات الضريبة‪.‬‬ ‫أرضا‬ ‫سنة ‪ 1765‬وهب الشيخ الدرزي كنعان أبي نكد الرهبان الموارنة ً‬ ‫في بلدة الناعمة لبناء دير مار جرجس‪ ،‬وأعطاهم صك حماية يعفيهم‬ ‫من بعض الرسوم (على الماعز والبقر والدواب والنحل والزيتون) ويعفي‬ ‫شركاءهم من دفع الجزية وأعمال السخرة‪ ،‬وال يطلب منهم ّإال دفع مال‬ ‫َ‬ ‫الميري على إنتاج أراضيهم‪.‬‬ ‫ومــن طرائف أرشيف ديــر المخلّ ص – جون أن الشيخ علي جنبالط‬ ‫أعفى رهبان الدير سنة ‪ 1712‬من دفع الضرائب على ما يزرعونه حديثً ا‬ ‫طالبا بالمقابل‬ ‫(زيتون وتين وكرمة) ومن دفع الرسوم على الماعز والنحل ً‬ ‫محمد‪.‬‬ ‫‪‬تقديم الصلوات عن ّنية ابنه‬ ‫ّ‬

‫الخالصة‬

‫‪105‬‬


‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫‪ 9.9‬المتحف الوطني في بيروت‪.‬‬

‫‪ 1010‬دار الكتب الوطنية في بيروت‪.‬‬

‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫أُ ستاذ التاريخ الحديث والمعاصر‬ ‫في جامعة بيروت العربية‬

‫مقدمـة‬ ‫لتميز بيروت عبر‬ ‫يتميز األرشيف في بيروت المحروسة‬ ‫ُّ‬ ‫بالتنوع والغنى ُّ‬ ‫التاريخ‪ ،‬ل ِق َدمها إلى ستة آالف عام على األقل‪ ،‬ولعبور حضارات وأمم ودول‬ ‫وأمبراطوريات عليها منذ العهود الفينيقية القديمة إلى العهد العثماني‬ ‫فعهود االنتداب الفرنسي واالستقالل‪.‬‬ ‫ل ــذا‪ ،‬بحكم الـتـطــورات العسكرية والسياسية واألزم ـنــة التاريخية‪،‬‬ ‫ضــاع كثير من الوثائق والمستندات التاريخية المتعلقة بتاريخ بيروت‪،‬‬ ‫وبقيت مستندات ووثــائــق منحوتة على صخور وأل ــواح حجرية ولوحات‬ ‫رخامية‪ ،‬ومخطوطات ووثائق تاريخية تعود بتاريخها إلى العهد العثماني‬ ‫(‪ )1918 –1516‬وما بعده‪ ،‬وأَ همـُّها محفوظات‪:‬‬ ‫‪1.1‬وثائق ومستندات خاصة بالعائالت البيروتية‪.‬‬ ‫‪ 2.2‬سجالت ومستندات محكمة بيروت الشرعية‪.‬‬ ‫‪ 3.3‬مــركــز ال ــدراس ــات األرثــوذك ـســي فــي ب ـيــروت (تــابــع لمطرانية الــروم‬ ‫األرثوذكس)‪.‬‬ ‫‪ 4.4‬جمعية المقاصد الخيرية اإلسالمية في بيروت‪.‬‬

‫‪ 1111‬الجمعية العاملية اإلسالمية في بيروت‪.‬‬ ‫‪ 1212‬جمعية البر واإلحسان البيروتية‪.‬‬

‫‪ 1313‬جامعة بيروت العربية‪.‬‬

‫‪ 1414‬دار األيتام اإلسالمية ومؤسسات الرعاية اإلسالمية في بيروت‪.‬‬ ‫‪ 1515‬دار العجزة اإلسالمية في بيروت‪.‬‬

‫‪ 1616‬دار الفتوى فــي الجمهورية اللبنانية والمديرية العامة لألوقاف‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 1717‬مخطوطات كلية الشريعة في بيروت‪.‬‬

‫‪ 1818‬مكتبة المعهد األلماني لألبحاث الشرقية في بيروت‪.‬‬

‫‪ 1919‬رؤساء الوزراء والوزراء والنواب البيارتة وأرشيف الزعامات والقيادات‬ ‫البيروتية‪.‬‬ ‫‪ 2020‬المساجد والزوايا والكنائس واألديرة في بيروت‪.‬‬

‫‪ 2121‬األحزاب والمنظمات البيروتية‪.‬‬ ‫‪ 2222‬الصحف والدوريات البيروتية‪.‬‬ ‫‪ 2323‬مطرانية بيروت للموارنة‪.‬‬

‫‪ 2424‬القصر الجمهوري في بيروت‪.‬‬

‫‪ 5.5‬المعهد العالي للدراسات اإلسالمية (تابع لجمعية المقاصد الخيرية‬ ‫اإلسالمية)‪.‬‬

‫‪ 2525‬المجلس النيابي في بيروت‪.‬‬

‫‪ 7.7‬جامعة القديس يوسف في بيروت‪.‬‬

‫‪ 2727‬الوزارات والمؤسسات الرسمية في بيروت‪.‬‬

‫‪ 6.6‬الجامعة األميركية (الكلية السورية اإلنجيلية) في بيروت منذ ‪.1866‬‬

‫‪ 2626‬رئاسة الوزراء في بيروت‪.‬‬

‫‪ 8.8‬مركز الوثائق التابع للمديرية العامة لآلثار في بيروت‪.‬‬

‫‪ 2828‬بلدية بيروت منذ العهد العثماني‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫‪107‬‬


‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫‪ 2929‬المستشفيات والمؤسسات الصحية‪.‬‬ ‫الك ّـتاب بالعدل والمخاتير البيارتة‪.‬‬ ‫‪ُ 3030‬‬

‫‪ 3131‬غرفة الصناعة والتجارة في بيروت‪.‬‬ ‫‪ 3232‬مؤسسات اقتصادية ومالية واجتماعية وتربوية وإنسانية وخيرية‬ ‫وسواها‪.‬‬ ‫ونظرا للحجم الواسع لدى مراكز األرشيف في بيروت‪ ،‬أقتصر في‬ ‫ً‬ ‫مركزين‪:‬‬ ‫دراستي على‬ ‫َ‬ ‫ ‪ 1.‬أرشيف وسجالت المحكمة الشرعية في بيروت‪.‬‬

‫ ‪ 2.‬أرشيف وسجالت مطرانية الروم األرثوذكس في بيروت‪.‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪109‬‬

‫أو ًال ‪ -‬أرشيف وسجالت المحكمة الشرعية في بيروت‬

‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫لــم تـهـتـ ّـم الــدولــة العثمانية‪ ،‬مـنــذ نـشــأَ تـهــا‪ ،‬بــالـحـفــاظ عـلــى الــوثــائــق‬ ‫والمستندات السياسية واإلداريــة والعسكرية‪ .‬لكنها – منذ استقرت في‬ ‫اسطنبول بعد ‪1452‬م على عهد السلطان محمد الفاتح‪ ،‬وبعدما سيطرت‬ ‫على بالد الشام ومصر (بين ‪ )1517 – 1516‬رأت من الضروري االحتفاظ‬ ‫بوثائقها ومراسالت سالطينها وصدورها العظام والوزراء واألمراء والقادة‪،‬‬ ‫معا‪ ،‬مقتبس ًة‬ ‫وتنظيم األوضاع اإلدارية والعقارية والوقفية للدولة وللسكان ً‬ ‫بعض األنظمة المملوكية والغربية‪.‬‬ ‫وبالفعل ونتيجة التفاعل بين العثمانيين والغرب‪ ،‬حدثت نقلة نوعية في‬ ‫بعض التنظيمات اإلدارية‪ ،‬ما أتاح للمسؤولين العثمانيين تنظيم إداراتهم في‬ ‫حفظ وأرشفة الفرمانات والقرارات‬ ‫اسطنبول والواليات العثمانية‪ ،‬فبدأ ْ‬ ‫والتعاميم السلطانية وقرارات الصدور العظام والوزراء والوالة والباشوات‬ ‫والواليات والمتصرفيات واأللوية والسناجق وسواها‪.‬‬ ‫ولما صدرت الفرمانات السلطانية بتأسيس فتنظيم المحاكم الشرعية‬ ‫في بيروت والواليات العثمانية األخرى‪ ،‬أخذت المحاكم الشرعية تسجل‬ ‫لديها الفرمانات السلطانية والقرارات الحكومية المتنوعة والمعامالت‬ ‫اإلدارية والعقارية والوقفية والدعاوى والمعامالت االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والسياسية والعسكرية وسواها‪.‬‬

‫إعالن أوقاف الخواجة ميخائل الغرزوزي ألراضيه في رأس بيروت لصالح الكلية اإلنجيلية لبناء مدرسة‬ ‫عليها لتعليم مختلف العلوم والصناعات لمختلف الطوائف على أن يكون الواقف عليها الخواجة دانيل بلس‬ ‫ومن يأتي بعده (مجموعة سجالت المحكمة الشرعية في بيروت ‪ 1286‬هـ) (تنشر للمرة األولى)‬


‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫أهمية سجالت المحكمة الشرعية في بيروت وموضوعاتها‬ ‫تشعبت األنـشـطــة فــي بـيــروت العثمانية بين اجتماعية واقتصادية‬ ‫وسياسية وتربوية وعلمية وثقافية ومعمارية وإدارية وعسكرية‪ ،‬وتوسعت‬ ‫بيروت وتزايد سكانها وقاطنوها من المناطق اللبنانية والواليات العثمانية‬ ‫ورعايا عثمانيين عرب وغير عرب ورعايا أجانب‪ .‬لذا تزايدت المعامالت‬ ‫المتعلقة بالبيارتة والرعايا وانعكست على نشاط المحكمة الشرعية في‬ ‫بيروت بمختلف إداراتها والعاملين فيها من حكام شرع ومفتين وقضاة‬ ‫وعلماء وكتبة وشهود حال‪ .‬من هنا أن مستندات ووثائق المحكمة الشرعية‬ ‫تاريخا صادقً ا للحياة في بيروت‬ ‫وتشكل‬ ‫ّ‬ ‫في بيروت تعكس مختلف األنشطة‬ ‫ً‬

‫‪1.1‬د‪ .‬عمر تدمري‪ ،‬د‪ .‬خالد زيادة‪ ،‬د‪ .‬فريدريك معتوق‪ ،‬نشروا السجل‬ ‫األول من سجالت المحكمة الشرعية في طرابلس‪ ،‬وتالهم الرائد نهدي‬ ‫الحمصي‪.‬‬

‫سنو‪ ،‬أ‪ .‬محمد حلمي الرواس‪ ،‬نشروا‬ ‫‪2.2‬د‪ .‬طالل المجذوب‪ ،‬د‪ .‬غسان ّ‬ ‫بعض وثائق سجالت المحكمة الشرعية في صيدا‪.‬‬

‫‪3.3‬أساتذة جامعيون عملوا على وثائق سجالت المحكمة الشرعية في‬ ‫صور بين ‪ 1996‬و‪.1997‬‬

‫ووجهنا طالب الدراسات العليا إلى االهتمام بتلك الوثائق والسجالت‬ ‫ّ‬ ‫فاعتمدوا عليها في رسائل الماجستير والدكتوراه لفترة التاريخ الحديث‬ ‫في العهد العثماني‪ .‬وباشتغالنا وزمالء لنا في لبنان والعالم العربي (في‬ ‫مقدمتهم الدكتور عبد الكريم رافــق وتــامــذة كثر عملوا على سجالت‬ ‫تبينت أهمية هذه السجالت كوثائق أساسية ال طعن‬ ‫المحاكم الشرعية) َ‬ ‫وأمد ْتنا بمادة تاريخية غنية المعلومات‪،‬‬ ‫في صحتها ألنها تمثل واقع الحال َّ‬ ‫جديدة المضامين‪ ،‬أتاحت لنا الحصول على معلومات لم يسبق نشرها‪،‬‬ ‫منها اكتشافُ نا معلومات مهمة من سجالت المحكمة الشرعية في بيروت‪،‬‬ ‫بينها‪:‬‬

‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫‪110‬‬

‫ولم تقتصر وظيفة المحكمة الشرعية في بيروت وسواها من المحاكم‬ ‫في العهد العثماني‪ ،‬على المسلمين وقضاياهم الشرعية من زواج وطالق‬ ‫وإرث ووصية ونفقة ووقف فحسب بل امتدت اختصاصاتها ووظائفها إلى‬ ‫قضايا المسلمين والمسيحيين واليهود والرعايا األجانب‪ ،‬وهي قضايا لم‬ ‫تكن مقتصرة على الدعاوى الدينية بل على كل ما يتعلق بحياة المواطن‪.‬‬ ‫من هنا أن المحكمة الشرعية في العهد العثماني كانت بمثابة العدلية‬ ‫اليوم‪ ،‬تضم محاكم عديدة منها‪ :‬محكمة البداية‪ ،‬محكمة الجزاء‪ ،‬محكمة‬ ‫الحقوق‪ ،‬محكمة االستئناف‪ ،‬وكانت تضم بما يعرف اليوم بــ‪‬الدوائر‬ ‫العقارية‪ ‬و‪‬الــدوائــر المالية‪ ‬وأرشيف الفرمانات والتعاميم السلطانية‬ ‫والحكومية وسواها‪.‬‬ ‫وألن اختصاصات المحكمة الشرعية في بيروت امتدت إلى الرعايا‬ ‫المحليين واألجــانــب‪ ،‬تميزت بغنى ال ـمــادة التاريخية وتنوعها وتنوع‬ ‫موضوعاتها‪ .‬سوى أن سجالت المحكمة الشرعية في بيروت ال ترقى‬ ‫إلى ما قبل ‪1843‬م‪ ،‬ما أفقد المادة التاريخية وأرشيف المحكمة وثائق‬ ‫ومستندات مهمة‪ ،‬على عكس سجالت محكمة طرابلس ومحكمة صيدا‬ ‫الشرعيتين اللتين ترقى وثائقهما إلى القرنين السادس عشر والسابع‬ ‫عشر‪ .‬أما سبب فقدان محكمة بيروت الشرعية الكثير من أرشيفها فيعود‬ ‫إلى تعرض بيروت المستمر لحروب خارجية قبل القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫مرارا منذ العهد العثماني إلى‬ ‫وتنقل مركزها‬ ‫وسطها لالحتراق‪ُّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫وتعرض َ‬ ‫بداية الحرب اللبنانية (‪ )1975‬حتى استقر مركزها اليوم في منطقة‬ ‫الطريق الجديدة‪ .‬والسجالت التي عملنا على وثائقها منذ ‪( 1984‬لُ َغ ُتها‬ ‫تجليدا‬ ‫مدون بالتركية) ليست في حالة ممتازة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إجماال عربية‪ ،‬وبعضها ّ‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫وعناي ًة لكنها مقبولة‬ ‫ً‬

‫انعكاسا لرأي وتحليل‬ ‫العثمانية على عكس وثائق دبلوماسية وقنصلية تمثل‬ ‫ً‬ ‫شخصي وتعبر عن مواقف وانطباعات شخصية للسفراء أو للقناصل في‬ ‫عاصمة أو مدينة‪.‬‬ ‫ويمكن الباحث في سجالت المحكمة الشرعية في بيروت أن يستخرج‬ ‫نشر للمرة األولى ألن تلك السجالت والوثائق من العهد‬ ‫معلومات مهم ًة ُت َ‬ ‫والمؤسف أن‬ ‫العثماني اهتمت بالشؤون البيروتية والعثمانية واألجنبية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يتنبهوا إلى‬ ‫الدراسين والمؤرخين أهملوا هذه السجالت سنوات طويلة ولم ّ‬ ‫أهميتها وال ّ‬ ‫اطلعوا عليها لجهلهم ما تحويه من معلومات مهمة‪ ،‬واكتفوا‬ ‫بالوثائق الدبلوماسية الفرنسية أو البريطانية أو األميركية أو األلمانية أو‬ ‫اإليطالية أو النمساوية أو الروسية وغيرها‪.‬‬ ‫يسعدني أن أكون أول من اشتغل على سجالت المحاكم الشرعية في‬ ‫ونشر الكثير من وثائق سجالت المحكمة‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫بدأت منذ ‪ 1984‬تحقيق ْ‬ ‫ُ‬ ‫الشرعية في بيروت‪ ،‬وكان أوائل من اشتغلوا على وثائق طرابلس وصيدا‬ ‫وصور‪:‬‬

‫‪111‬‬


‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫‪1.1‬أسماء قادة ووالة ومفتين ونقباء أشراف وشيوخ مهن وحرف‪ ،‬وعلماء‬ ‫ونقباء تجار وقضاة‪ ،‬تبوأوا تلك المناصب في العهد العثماني‪ ،‬واأللقاب‬ ‫التي حملوها والفرمانات التي صدرت بحقهم‪.‬‬

‫‪2.2‬أسـمــاء مناطق وحـ ــارات وأزق ــة فــي مــدن وواليـ ــات انــدثــرت واختفت‬ ‫مالمحها ومعالمها‪.‬‬

‫ ‪ 3.‬مالمح عمرانية واجتماعية واقتصادية كانت قائمة في المدن والواليات‬ ‫العثمانية‪.‬‬

‫‪4.4‬مصطلحات عثمانية كانت تستخدم في تلك الفترة‪ ،‬واندثرت مع الزمن‪.‬‬

‫‪5.5‬أسماء وقيمة عمالت ونقود عثمانية وعمالت أجنبية كانت متداولة في‬ ‫بيروت والدولة العثمانية والدول األخرى‪.‬‬

‫‪112‬‬ ‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫‪6.6‬أسماء األبــراج واألبــواب واألسـواق والقيساريات واألفــران والبساتيـن‬ ‫والحدائـق والـمــزارع‪ ،‬ومواقع السرايات والثكنات العسكرية‪ ،‬والجوامع‬ ‫والجبانات‪ ،‬والمدارس والمقاهي والموانئ‪.‬‬ ‫والزوايا والكنائس‪ ،‬والخانات‬ ‫ّ‬

‫‪113‬‬

‫‪7.7‬أسماء مفتين ووالة وقادة ال في بيروت وحسب بل في مختلف الواليات‬ ‫خصوصا من كانت له معامالت ودعــاوى ُسجلت في محكمة‬ ‫العثمانية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بيروت‪.‬‬

‫‪8.8‬العالقات االقتصادية واالجتماعية في ما بين المسلمين وما بين المسلمين‬ ‫والمسيحيين البيارتة‪ ،‬وبين البيارتة واللبنانيين أو العرب أو األجانب‪.‬‬

‫لغويا أو مصطلحات لغوية أو‬ ‫‪9.9‬لغة العصر في تلك الفترة العثمانية‬ ‫ً‬ ‫تعبيرا ً‬ ‫مستوى اللغة‪ .‬فالبيارتة أبناء بيروت يتحدثون بلهجات عربية وأحيانً ا يكتبون‬ ‫‪‬الص ْور‪ ،‬و‪‬البسطة‪‬‬ ‫فيحولون السين إلى صاد (‪‬السور‪ ‬يلفظونها‬ ‫بها‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ويحولون الجيم إلى شين (‪‬اجتماع‪ = ‬اشتماع‪،‬‬ ‫‪‬البصطة‪)‬‬ ‫يلفظونها‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬الحرج‪ = ‬لحرش‪ ،‬وجــه‪= ‬وش‪ .)‬ومن خالل هذه الكلمات أو‬ ‫سائدا في‬ ‫اللهجة عرفنا ‪ -‬من خالل سجالت المحكمة الشرعية ‪ -‬ما كان‬ ‫ً‬ ‫بيروت ولبنان من لهجات‪ ،‬وأخذت الدراسات األدبية الحديثة تتحول إلى‬ ‫النصوص التاريخية لدراستها ودراسة سماتها األدبية‪.‬‬ ‫المتبع فــي الــواليــات‬ ‫‪1010‬معامالت ال ـشــراء والبيع والـنـظــام المعماري ّ‬ ‫يدون‬ ‫والمدن‪ .‬فالقاضي أو الحاكم الشرعي في المحكمة الشرعية كان ّ‬ ‫جميع التفاصيل المتعلقة بالعقار موضوع البيع والشراء‪.‬‬

‫وثائق من سجالت المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة عام ‪ 1263‬ه ‪ ،‬تتضمن أسماء بعض‬ ‫األسر البيروتية منها‪ :‬قرنفل‪ ،‬زنتوت‪ ،‬عبال‪ ،‬جمال الدين‪ ،‬منيمنه‪ ،‬قمورية‪ ،‬إدريس‪ ،‬السبليني‬ ‫وسواها‪.‬‬


‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬ ‫‪115‬‬

‫‪114‬‬ ‫د‪ .‬حسان حالق‬ ‫وثيقة تتضمن أسماء بعض المتبرعين من المسلمين والمسيحيين لجمعية المقاصد عند تأسيسها‬ ‫في بيروت عام ‪ ١٢٩٥‬هـ – ‪ ١٨٧٨‬م‪.‬‬

‫الئحة جمعية بيروت اإلصالحية عام ‪ 1913‬تضمنت المطالبة باإلصالحات والالمركزية من الحكومة العثمانية‬ ‫(نص أصلي ‪ -‬مجموعة د‪ .‬حسان حالق)‬


‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬ ‫‪117‬‬

‫‪116‬‬ ‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫وثيقة من سجالت المحكمة الشرعية في بيروت تبين تركة محمد صالح أفندي مدير أوقاف بيروت‪،‬‬ ‫بحضور قائمقام بيروت والحاكم الشرعي ومجلس بيروت‪ ،‬وهي تظهر المستوى اإلقتصادي واإلجتماعي‬ ‫للمتوفى‪ ،‬وما يملكه من اغراض وأدوات ومال‪ ،‬وذلك في سنة ‪ 1282‬ه ـ‬


‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫‪1212‬أوقـاف المسلمين والمسيحيين ومواقعها وعددها وأهميتها‪ ،‬وأوقاف‬ ‫المؤسسات البيروتية وبينها‪ :‬وقف ميخائيل بن يونس الغرزوزي على الكلية‬ ‫السورية اإلنجيلية في القرن التاسع عشر على أن يكون الــواقــف عليه‬ ‫القس دانيال ْب ِلس‪ ،‬ووقف العلماء الذي أوقفه والي بيروت نصوحي بك‬ ‫في عهد مفتي بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري في القرن التاسع‬ ‫فضال‬ ‫عشر‪ ،‬وال يزال هذا الوقف من أغنى أوقاف المسلمين في بيروت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عن أوقاف أوقفت على جمعية المقاصد الخيرية اإلسالمية في بيروت‪،‬‬ ‫وأوقاف األمراء الشهابيين‪ ،‬وأوقاف الموارنة وسواهم‪.‬‬

‫‪1313‬ألبسة السكان وأدواتهم المنزلية وأثــاث منازلهم البيروتية‪ .‬فوثائق‬ ‫‪‬حصر اإلرث‪ ‬للمتوفى البيروتي أو ســواه ُتظهر ما يتركه المتوفى من‬ ‫أموال أو متعلقات شخصية أو منزلية ُتظهر بدورها مستواه االقتصادي‬ ‫واالجتماعي وأدوات اندثرت اليوم مع مصطلحاتها العثمانية‪.‬‬ ‫‪1414‬عمليات عقود البيع والشراء وأساليبها وعقود اإليجار‪.‬‬

‫‪1616‬معامالت الزواج والطالق وحصر اإلرث والوصية والنفقة‪.‬‬

‫‪1717‬الفرمانات السلطانية بما فيها فرمانات الخدمة العسكرية اإللزامية‬ ‫والمعامالت المالية والعقارية‪.‬‬ ‫‪1818‬أمور تتعلق بشيخ اإلسالم والمفتين والبطاركة والمطارنة‪.‬‬ ‫‪1919‬أمور تتعلق بالمرأة البيروتية والعثمانية‪.‬‬

‫‪2020‬معامالت تتعلق بالوالة واألمراء والمشايخ والباشوات واألغوات والقادة‬ ‫واألفندية واألمراء الشهابيين وأمراء آل أرسالن ومشايخ آل جنبالط وآل‬ ‫الخازن وآل تلحوق والعماد ونكد وسواها‪.‬‬

‫هكذا تتبين لنا أهمية وثائق وسجالت المحكمة الشرعية في بيروت‬ ‫ويتبين أن تلك‬ ‫وهي أُ هملت‬ ‫ً‬ ‫طويال عند إعداد البحوث والدراسات التاريخية‪ّ ،‬‬ ‫الوثائق والسجالت ضرورة أولى العتمادها في دراسة التاريخ االجتماعي‬ ‫واالقتصادي واإلداري والمالي والمعماري والعائلي في بيروت والواليات‬ ‫العثمانية‪ ،‬ودراسة تاريخ البيارتة‪ .‬وكل دراسة سابقة عن بيروت العثمانية لم‬ ‫تعتمد على تلك الوثائق والسجالت تبقى مبتورة وليست ذات أصالة وأهمية‪.‬‬

‫ثان ًيا ‪ -‬أرشيف مركز الدراسات األرثوذكسي في بيروت‬ ‫(مطرانية الروم األرثوذكس)‪:‬‬ ‫حــرصــت مطرانية ال ــروم األرث ــوذك ــس فــي ب ـيــروت (األشــرف ـيــة) على‬ ‫إنشاء مركز للدراسات األرثوذكسية تعاونً ا مع قسم التوثيق والدراسات‬ ‫األنطاكية في جامعة البلمند‪ ،‬ل َـج ْمع وثائق ومستندات خاصة بطائفة‬ ‫الروم األرثوذكس في بيروت وسائر المناطق اللبنانية والسورية‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى جمع مخطوطات دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية صادرة عن‬ ‫أعالم الطائفة‪ .‬وبالفعل جمع المركز وثائق وسجالت خاصة بالطائفة من‬ ‫وعهدي االنتداب الفرنسي واالستقالل‪ ،‬فيها التاريخ األهلي‬ ‫العهد العثماني‬ ‫َ‬ ‫لطائفة الروم األرثوذكس ال سيما في بيروت‪ ،‬مصنفة في مجلدات وفْ ق‬ ‫جزءا‬ ‫جلي‪ ،‬تمثل ً‬ ‫التسلسل التاريخي‪ ،‬مكتوبة بالعربية وبخط أسود واضح ّ‬ ‫أساسيا من تاريخ الطائفة في بيروت وفي لبنان‪ ،‬ومالمح من العالقات‬ ‫ً‬ ‫االجتماعية بين الطوائف اللبنانية‪ .‬وتلك الوثائق جزء أساسي من تاريخ‬

‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫‪118‬‬

‫‪1111‬الجذور التاريخية للعائالت البيروتية واللبنانية ومعلومات عن أصول‬ ‫وفروع العائالت وتشعباتها وألقابها ومهنها وما تفرع عنها من عائالت‬ ‫أخــرى‪ .‬فقبل اشتغالنا على سجالت المحكمة الشرعية في بيروت لم‬ ‫والنحاس عائلة واحــدة‪ ،‬وعائالت‬ ‫سنو ويموت‬ ‫نكن نعرف أن عائالت ّ‬ ‫ّ‬ ‫عيتاني وبيهم وال ـحــص عائلة واحـ ــدة‪ ،‬وعــائـلـ َـتــي مشاقة وب ـلــوز عائلة‬ ‫وعائلتي فرشوخ ومسالخي عائلة واح ــدة‪ ،‬وعــائــات الداعوق‬ ‫واح ــدة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وعائلتي منيمنة والمغربل‬ ‫والـلـ ّـبــان والقاضي الــداعــوق عائلة واح ــدة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫عائلة واحدة‪ ،‬وعائالت فتح اهلل والشيخ وغندور عائلة واحدة‪ ،‬وعائالت‬ ‫الشعار والحسامي والنقاش والجبيلي وبكداش الجبيلية عائلة واحدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وعائلتي مخزومي‬ ‫واحدة‪،‬‬ ‫عائلة‬ ‫والبدوي‬ ‫وزنهور‬ ‫ودياب‬ ‫العرب‬ ‫وعائالت‬ ‫َ‬ ‫وعائلتي‬ ‫وعائلتي العجوز وطيارة عائلة واحدة‪،‬‬ ‫وسلطاني عائلة واحدة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والعجم عائلة‬ ‫وعائلتي نجا‬ ‫األنـســي والسجعان وعاليه عائلة واح ــدة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وعائلتي القرى‬ ‫واحــدة‪ ،‬وعائالت غالييني ومحيو والترك عائلة واحــدة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وبدران عائلة واحدة‪ .‬وفي السياق ذاته اكتشفنا جذور العائالت البيروتية‬ ‫ومناطق أصلها‪ :‬االسكندراني‪ ،‬المصري‪ ،‬الفيومي‪ ،‬الدمياطي‪ ،‬الدسوقي‪،‬‬ ‫الحلوانـي‪ ،‬الشامي‪ ،‬الحمصي‪ ،‬الحلبي‪ ،‬الالدقاني‪ ،‬الحموي‪ ،‬االزمرلي‪،‬‬ ‫أورفلي‪ ،‬استانبولـي‪ ،‬الترك‪ ،‬المدني‪ ،‬الحجازي‪ ،‬مكي‪ ،‬النابلسي‪ ،‬اليافاوي‪،‬‬ ‫عكاوي‪ ،‬القدسي‪ ،‬اليافـي‪ ،‬الطرابلسي‪ ،‬البعلبكي‪ ،‬الصيداني‪ ،‬الجزائري‪،‬‬ ‫المغربي‪ ،‬السوسي‪ ،‬االرناؤوط‪ ،‬البوشناق‪ ،‬وسواها من عائالت‪.‬‬

‫‪1515‬الدعاوى المتنوعة بين البيارتة أو الرعايا العثمانيين واألجانب‪.‬‬

‫‪119‬‬


‫‪120‬‬

‫‪1.1‬كتاب المخطوطات العربية في مكتبة بطريركية إنطاكية وسائر المشرق‬ ‫للروم األرثوذكس (‪.)1988‬‬

‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫‪2.2‬كتاب المخطوطات العربية في مكتبة مطرانية حلب للروم األرثوذكس‬ ‫(‪.)1989‬‬

‫‪3.3‬كتاب المخطوطات العربية في األديرة األرثوذكسية األنطاكية في لبنان‪:‬‬ ‫شويا‪ ،‬كوسبا‪ ،‬بقعاتا‪ ،‬دير الحرف‪ ،‬دوما‪( .‬الجزء األول ‪.)1991‬‬

‫‪4.4‬كتاب المخطوطات العربية في أبرشيات حمص وحماه والالذقية للروم‬ ‫األرثوذكس (‪.)1994‬‬

‫‪5.5‬كتاب المخطوطات العربية في األديرة األرثوذكسية األنطاكية في لبنان‪،‬‬ ‫الجزء الثاني الخاص بمخطوطات دير سيدة البلمند (‪.)1994‬‬

‫‪6.6‬كتاب محفوظات ديــر سيدة البلمند البطريركي وديــر النبي الياس‬ ‫البطريركي في شويا ودير القديس يوحنا المعمدان في دوما (‪.)1995‬‬ ‫وصدرت عن مطرانية الروم األرثوذكس دراسات علمية‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪1.1‬دراسـة جميلة كوستي ‪‬مدرسـة زهرة اإلحسـان ‪ ،1928-1881‬وهي‬ ‫دراسة علمية اعتمدت على وثائق وسجالت مدرسة زهرة اإلحسان‪ ،‬وعلى‬ ‫أرشيف مركز الدراسات األرثوذكسي في بيروت (‪.)1996‬‬

‫هذه المخطوطات اهتمت بالنواحي الدينية واالجتماعية واالقتصادية‬ ‫والصحية واألرثــوذكـسـيــة‪ ،‬وأخ ــرى اهتمت بالفقه اإلســامــي‪ .‬وحرصت‬ ‫مطرانية الــروم األرثوذكس على إصــدار كتب أخــرى تفيد في الدراسات‬ ‫التاريخية السياسية أو االجتماعية أو االقتصادية أو التربوية‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪1.1‬كتاب الذكرى األلفية لمعمودية الروس‪ :‬وقائع مشاركة الوفد األنطاكي‬ ‫برئاسة البطريرك أغناطيوس الرابع بالذكرى األلفية لمعمودية الروس‪.‬‬

‫‪2.2‬كتاب في المسألة اللبنانية والمصير المسيحي للبطريرك أغناطيوس‬ ‫الرابع‪ ،‬وفيه مواقف الروم األرثوذكس من األمور السياسية في لبنان‪.‬‬

‫‪3.3‬كتاب ‪‬الناموس المقدس الشريف‪ ‬أول كتاب بالعربية وهو مخطوط‬ ‫ـددا من قوانين‬ ‫فريد من ‪ 496‬صفحة يضم قوانين الرسل والمجامع وعـ ً‬ ‫اآلباء وما رتبوه وحددوه بشروط الشريعة المسيحية وسائر ما يخص الملة‬ ‫األرثوذكسية‪.‬‬

‫‪4.4‬كتاب عن دير القديس جاورجيوس في منطقة دير الحرف‪ ،‬وفيه تاريخ‬ ‫النشأة في منطقة المتن منذ ‪ 1306‬ويبرز حماية أحد أمراء الدروز من آل‬ ‫التنوخ لهذا الدير‪.‬‬ ‫‪5.5‬كتاب عن تأسيس دير سيدة سنة ‪ 1157‬إبان الحروب الصليبية‪.‬‬

‫‪6.6‬كتاب محفوظات عامة (‪ )1995‬يتضمن سجالت وأوراقً ا عن دير سيدة‬ ‫البلمند ودير النبي الياس ودير القديس يوحنا‪ ،‬فيها محفوظات وجدت‬ ‫في األدي ــرة محفوظة منذ فترات مختلفة تفيد في معطيات اجتماعية‬ ‫واقتصادية ودينية‪ ،‬وفيها سجالت ووقائع يومية وحجج وأوراق ومراسالت‬ ‫تتيح للباحثين دراســة التوسع العقاري لــأوقــاف األرثوذكسية وأوضــاع‬ ‫الفالحين والعالقات بين األسقف أو البطريرك ورئيس الدير‪ ،‬وتعطي فكرة‬ ‫عن العائالت في القرى وتركيبها وتطورها وتفاعلها مع الدير‪ ،‬إلى سجالت‬ ‫دونت تطور األسعار والرواتب وتنوع الطبقات االجتماعية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫من أهمية مركز الدراسات األرثوذكسية في بيروت أن القيمين عليه‬ ‫(أيــا تكن مناطقهم واتجاهاتهم‬ ‫يتيحون لطالب العلم والــدراســات العليا ً‬

‫لبنان في أرشيف بيروت المحروسة‬

‫الدولة العثمانية وتاريخ لبنان وتاريخ العائالت اللبنانية المختلفة‪ ،‬وتماثل‬ ‫سجالت ووثائق المحكمة الشرعية في بعض مواضيعها وأهميتها‪.‬‬ ‫صور باحثون أرثوذكس السجالت الوثائقية واشتغلوا‬ ‫من جهة أخرى ّ‬ ‫عليها‪ .‬وبين دراسات علمية اعتمدت على أرشيف مطرانية الروم األرثوذكس‬ ‫فــي بـيــروت‪ :‬دراس ــة األب متري ج ــرداق ‪‬أوض ــاع ال ــروم األرثــوذكــس في‬ ‫استنادا لدفاتر‬ ‫مدينة بيروت وعالقتهم بالدولة العثمانية ‪1908 – 1876‬‬ ‫ً‬ ‫عدها سنة ‪ 1999‬رسالة دبلوم الدراسات العليا في قسم‬ ‫العسكرية‪ ،‬أَ َّ‬ ‫التاريخ في كلية اآلداب الفرع األول في الجامعة اللبنانية‪.‬‬ ‫مهمة‬ ‫أصــدر مركز الــدراســات األرثوذكسية منشورات بيبلوغرافية‬ ‫ّ‬ ‫تضمنت محتويات ومحفوظات ومخطوطات موجودة في أماكن البطريركية‬ ‫والمطرانيات واألديرة األرثوذكسية في لبنان وسوريا‪ .‬وبين ما أصدره قسم‬ ‫(تنسيقا مع جامعة البلمند)‪:‬‬ ‫التوثيق والدراسات اإلنطاكية في بيروت‬ ‫ً‬

‫ ‪ 2.‬دراســة مارلين نجيب حيدر ‪‬مستشفى القديس جاورجيوس للروم‬ ‫األرثوذكس ‪ 1934 – 1877‬وهي دراسة علمية اعتمدت على وثائق ومصادر‬ ‫خاصة بمستشفى القديس جاورجيوس (‪.)1996‬‬

‫‪121‬‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫إسهاما‬ ‫وطوائفهم) االطالع على ما فيه من سجالت ووثائق ومستندات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫من المركز في تشجيع الدراسـات التاريخية ونشر التراث اللبناني‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬ ‫د‪ .‬رياض غ ّنام‬

‫خاتمـة‬ ‫هــي هــذه أهمية الــوثــائــق والـسـجــات فــي أرشـيــف مــركــز الــدراســات‬ ‫األرثوذكسية وكانت مهملة عند إعداد البحوث والدراسات الخاصة ببيروت‬ ‫العثمانية والطائفة األرثوذكسية‪ .‬وها هي اليوم ضرور ٌة أولى لكل باحث في‬ ‫تاريخ بيروت االقتصادي واالجتماعي والعسكري واإلداري والمالي‪ ،‬فلن‬ ‫تكون دراسته على جدة ورصانة إال إذا اعتمد على وثائق وسجالت مركز‬ ‫الدراسات األرثوذكسية ووثائق وسجالت المحكمة الشرعية في بيروت‪،‬‬ ‫إلى ما يمكن أن ّ‬ ‫يطلع عليه من وثائق أهلية ورسمية أخرى‪.‬‬ ‫‪122‬‬

‫المدير العام لشؤون الجلسات واللجان‬ ‫النواب‬ ‫في مجلس ّ‬

‫يتركز بحثي على نقطتين أساسيتين‪:‬‬ ‫وخصوصا تاريخ مقاطعات جبل‬ ‫‪1.1‬أهمية األرشيف في كتابة التاريخ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫لبنان‪.‬‬

‫‪2.2‬نماذج عن وثائق غير منشورة عن نواحي حياة جبل لبنان السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية والمالية والثقافية‪.‬‬

‫د‪ .‬حسان حالق‬

‫أن ‪‬إذا ضــاعــت األص ــول ضــاع‬ ‫عــن ال ـمــؤرخ الــدك ـتــور أســد رسـتــم ْ‬ ‫التاريخ‪ .‬فعملية التأريخ ُتبنى على المشاهدات العينية والحسية‪،‬‬ ‫وعلى المصادر األساسية من مخطوطات ووثائق وأصــول‪ ،‬أكثر مما‬ ‫تبنى على الــروايــات الشفهية والعنعنات واألس ـنــاد‪ .‬وبـقــدرمــا تكون‬ ‫األصول أساسية وموثوقة‪ ،‬تقارب عملي ُة التأريخ الحقيق َة والواقع إن‬ ‫ند ُر الوثائق والمخطوطات‬ ‫لم نقل إنها الحقيقة في ذاتها‪.‬‬ ‫وبقدرما َت ُ‬ ‫ْ‬ ‫واألصول المعاصرة للحدث التاريخي نبتعد عن الحقيقة لتصبح العملية‬ ‫ضربا من تصورات وأوهام يلجأ عندها ‪‬المؤرخ‪ ‬إلى تركيب‬ ‫التاريخية‬ ‫ً‬ ‫شوه يخدم فكرة سياسية أو فئة اجتماعية أو طائفة دينية أكثر‬ ‫تاريخ ُم َّ‬ ‫مما يخدم تاريخ شعب وبالد أو حقيقة تاريخية مطلقة تسمو على ما‬ ‫عداها من مصالح ومنافع ونظريات‪.‬‬ ‫بقدرما‬ ‫ال أؤكــد هنا على أهمية الوثائق الدولية للدول األجنبية‪ْ ،‬‬ ‫نحن في حاجة إلى ترويج وعي وثائقي يتناول أرشيفنا المحلي واألهلي‪.‬‬ ‫فخصت‬ ‫وتنظيما‬ ‫وعيا‬ ‫والمتقدمة منها‬ ‫عموما‬ ‫فالدول‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سب َق ْتنا ً‬ ‫خصوصا‪َ ،‬‬ ‫وثائقها بـمبا ٍن تراثية وطوابق مجهزة وأدراج تصون محفوظاتها الوطنية‬ ‫َ‬ ‫وغير الوطنية‪ .‬ونحن في لبنان ال تزال خطواتنا متعثرة رغم محاوالت‬ ‫رسمية من الدولة اللبنانية في بدايات عهد االستقالل‪ :‬الجامعة اللبنانية‪،‬‬ ‫المديرية العامة لآلثار‪ ،‬المتحف الوطني‪ ،‬مؤسسة المحفوظات الوطنية‪،‬‬ ‫وال بد من العمل على كيفية إغناء محفوظاتنا الوطنية‪ ،‬في اتجاهين‪:‬‬


‫ ‪2.‬اتجاه داخلي‪ :‬بإطالق حملة توعية لدى الناس واألفراد والبيوت‬ ‫تركيزا على من ينتسبون إلى األسر المقاطعجية الحاكمة ومن‬ ‫العريقة‬ ‫ً‬ ‫يحتفظون بوثائق مهمة يختزنونها حاجبين عنها النور والهواء‪ ،‬تاركينها‬ ‫وعبث عوادي الزمن ونوائب الحروب والنيران‪.‬‬ ‫للرطوبة وحشرات العث َ‬

‫‪124‬‬ ‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫في المرحلة األخيرة أخذت الدراسات واألبحاث األكاديمية تعتمد‬ ‫على وثائق ومحفوظات غير منشورة أكثر مما على مصادر ومراجع‬ ‫تــم ن ـشــرهــا‪ .‬ومـنــاطـقـنــا الـلـبـنــانـيــة غـنـيــة بــاألرش ـيــف األه ـلــي‪ .‬واألس ــر‬ ‫ت) في جبل لبنان‬ ‫‪‬المقاطعجية‪ ‬التي َ‬ ‫حك َمت (بعضهم يقول َت َح َّك َم ْ‬ ‫(آل شهاب وأرســان وأبي اللمع وجنبالط ونكد وتلحوق وعبد الملك‬ ‫والخازن وحبيش والدحداح وحمادة وغيرها) ال تزال تحتفظ بوثائق‬ ‫أمورا مهم ًة ال تزال في اللبس والغموض‪،‬‬ ‫ومحفوظات إذا نُ ِشرت توضح ً‬ ‫ـمقولة‬ ‫وتقلب الكثير من األفكار والمفاهيم التاريخية‪ ،‬وتضع حـ ًـدا ل‬ ‫ٍ‬ ‫ـزور‪ ،‬مقولة سلم بها فــي ِنـ َـســب مختلفة‬ ‫ٍ‬ ‫مجحفة ‪‬تــاريــخ لبنان ال ـمـ ّ‬ ‫وكتاب وباحثون في الحقل التاريخي‪.‬‬ ‫مؤرخون ّ‬ ‫إجماال متوفرة وفق توزعها المناطقي‪ :‬وثائق المناطق الشمالية‬ ‫ً‬ ‫الوثائق‬ ‫مــن جبل لبنان متوافرة وغنية‪ ،‬بينما تندر فــي المناطق الجنوبية من‬ ‫الجبل‪ .‬ومراسالت القائمقامية النصرانية غنية وكثيرة عكس مراسالت‬ ‫لعاملَ ين‪:‬‬ ‫القائمقامية الدرزية‪ .‬ولعل ذلك ِ‬

‫خصوصا بفضل‬ ‫‪1.1‬انتشار القراءة والكتابة في مناطق الجبل الشمالية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫رجــال الدين المسيحيين وإرساليات غربية تأسست في تلك المناطق‪،‬‬ ‫عكس الحياة الثقافية والتعليمية في القسم الجنوبي من جبل لبنان‪.‬‬

‫ ‪2.‬نتائج الحرب األهلية المدمرة في مناطق الجبل المختلطة بين‬ ‫‪ 0481‬و‪ 0681‬وما رافقها من حرق بيوت وتدمير قرى وإتالف موجودات‬ ‫ومحتويات‪ ،‬ما قضى على مخطوطات ووثائق عن تلك الفترة والفترات‬ ‫السابقة من تاريخ الجبل‪.‬‬

‫الوثيقة رقم ‪1‬‬ ‫أوامر من األمير بشير‬ ‫الشهابي الثاني بإبطال‬ ‫عادات وتقاليد‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫‪1.1‬ات ـجــاه خ ــارج ــي‪ :‬بــالـتــوجــه نـحــو مـحـفــوظــات دول أجـنـبـيــة ذات‬ ‫عالقة بشؤون جبل لبنان (فرنسا وبريطانيا وروسيا وبروسيا والنمسا‬ ‫والدويالت اإليطالية) ونحو األرشيف العثماني حيث تاريخ المقاطعات‬ ‫فتتزود محفوظاتنا الوطنية بصور عن‬ ‫اللبنانية في العهد العثماني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هذا األرشيف‪ ،‬ثم يصار إلى تنظيمها وفهرستها لوضعها في تصرف‬ ‫الدارسين والباحثين‪.‬‬

‫ويمكن أن نضيف إلى هذين العاملين طبيعة مجتمع درزي يفتقر إلى‬ ‫والقيمة‪ .‬فاألديار والكنائس‬ ‫أماكن آمنة يحفظ فيها موجوداته الثمينة‬ ‫ّ‬ ‫وخصوصا سجالتهم ووثائقهم‪ .‬بينما‬ ‫حفظت الكثير من تراث المسيحيين‬ ‫ً‬ ‫تعرضت لحمالت دهم من‬ ‫وكتبهم‬ ‫تراثهم‬ ‫خلوات الدروز التي كانت تحفظ‬ ‫ّ‬ ‫األمير بشير الشهابي وابراهيم باشا المصري أتلفت الكثير من موجوداتهم‬ ‫وكتبهم الدينية التي شاع انتشارها لدى غيرهم منذ تلك الفترة‪.‬‬ ‫بعد هذا التفصيل أصل إلى عرض وثائق عن تاريخنا وتراثنا األهلي‬ ‫مع تعليق موجز عليها‪.‬‬

‫‪125‬‬

‫تتناول عادات وتقاليد كانت سارية في الجبل منذ مئات السنين‪ .‬منها‬ ‫جيادا يضعون‬ ‫جوادا أو‬ ‫في مأتم أي إقطاعي أو متنفذ أن يسرجوا للفقيد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شيئا من مالبسه وأسلحته‪ ،‬وهــذا ما يسمونه ‪‬قلم‬ ‫على سرج كل جــواد ً‬ ‫سيفا من‬ ‫الخيل‪ ‬أو ‪‬تقليم الخيل‪ .‬ويقود كل جــواد رجـ ٌـل يحمل بيده ً‬ ‫الندابين‪ .‬وقد يمثّ لون مشاهد من‬ ‫سيوف الميت‪ ،‬ويذهبون ويجيئون أمام ّ‬ ‫صليبا من خشب ثياب األمير أو الشيخ المتوفى‬ ‫حياة الفقيد فيلبسون‬ ‫ً‬ ‫ويدججونه بالسالح من رأســه إلــى قدميه ليستعرض رجالَ ه المسلحين‬ ‫ـاده ُبع َّدتها مجللة سروجها بالسواد‪.‬‬ ‫فيمرون أمامه‬ ‫أزواج ــا تتبعهم جـيـ ُ‬ ‫ً‬ ‫ومنهم من كان ّيكحل عيون فرس الميت بالفلفل فتنثر الدمع كأنها تبكي‬


‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫الوثيقة رقم ‪2‬‬ ‫موضوعها العمل المختلط في الكرخانات‪ .‬والـ‪‬كار خانة‪ ‬معمل لحل‬ ‫شرانق الحرير يعمل فيه النساء والرجال مختلطين‪ ،‬ونتيجة هذا االختالط‬ ‫الحقا تعني في بالد المشرق‪ :‬بيت البغاء‪.‬‬ ‫أمست هذه الكلمة‬ ‫ً‬ ‫تربية دود القز وصناعة حل الشرانق وغزل الحرير كانت ذات أهمية‬ ‫أولى في الحياة االقتصادية لجبل لبنان‪ ،‬ومن أهم أسباب المعاش أيامها‪.‬‬ ‫وهي مهنة أغفلها الــدروز وتعاطاها النصارى‪ ،‬وكانت من دواعــي تقريب‬ ‫فخر الدين النصارى إليه‪ ،‬كما يذكر المؤرخ الخوري أسطفان البشعالني ‪.‬‬ ‫وكان موسم القز يسمى ‪‬موسم العز‪ ‬أو ‪‬مزاق الدفاتر‪( ‬دفاتر الديون)‪.‬‬ ‫وكان الناس ينتظرونه لوفاء َدين أو لشراء ما يحتاجه البيت من مواد غذائية‬ ‫أو أثاث أو فستان للزوجة‪ .‬وسنة ‪ 1855‬بلغ إنتاج الشرانق في جبل لبنان‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫‪126‬‬

‫أيضا عرقبة الفرس‪ :‬يجرحونها في إحدى قوادمها‬ ‫فارسها‪ .‬ومن عاداتهم ً‬ ‫َ‬ ‫ثم يربطونها ويتركونها حتى تنفق‪ .‬وإلى جانب الندب وتقليم الخيل كانوا‬ ‫الحكم والسيف والترس‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يقدمون بعض مشاهد الفروسية فيلعبون لعبة‬ ‫ّ‬ ‫ويقيمون عراضات وحوربة مطلقين نيران البنادق‪.‬‬ ‫وهــذه وثيقة‪ /‬رسالة من األمير قاسم شهاب إلــى بعض مشايخ آل‬ ‫الخازن يعلمهم فيها أوامر وتعليمات والده األمير بشير الشهابي‪ ،‬ومما‬ ‫ورد فيها‪:‬‬ ‫أوال مزيد األشواق إلى مشاهدتكم في كل خير وعافية‪ ،‬وبعده نخبر‬ ‫ً‬ ‫اخوتكم حضرلنا مرسوم من سعادته (أي األمير بشير) فحواه السامي‬ ‫يعلن عن أبطال العوايد الغير الحميدة الجارية في محالت الكره (أي‬ ‫األتـ ــراح) مثل ســرج خيل ودوران فــي المحمل (أي الـنـعــش) بشخص‬ ‫الميت وحمل بنادق ومناداة‪ ،‬وان المناعي الذين يحضروا المحل تكون‬ ‫ذه َب ُتهم معهم (أي زادهم) حتى ال يصير أكالف على بيت المتوفى‪ ،‬وال‬ ‫ْ‬ ‫يكون استعمال عزايم‪ ،‬ثم إبطال ما هو حايد عن اللياقة والتهذيب في‬ ‫محالت الفرح مثل قواص ومصاريف وخالف اشيا ال لزوم لها وذلك من‬ ‫ساير مقاطعات التزام سعادته‪ ،‬بحتم كلي‪ ،‬يلزم تعريف اخوتكم ليكونوا‬ ‫باطالعكم‪ ،‬وتنبهوا على أهالي عهدتكم بهذا المسرى‪ ،‬وأي من بدا منه‬ ‫خالف نرتب جزاه وال تقطعوا أخباركم عنا‪.‬‬ ‫محب مخلص‬ ‫قاسم شهاب‬

‫‪127‬‬ ‫معارضة عمل الفتيات في كرخانات الحرير‬

‫نحو مليون ومائتي ألف أقّ ة (األقّ ة نصف رطل = ‪ 1250‬غرام) أي ما يعادل‬ ‫نصف ما تنتجه كل بالد سوريا من الشرانق‪.‬‬ ‫في هذه الوثيقة أعاله (من ‪ )1869‬احتجاج على عمل الفتيات في معامل‬ ‫حل شرانق الحرير‪ .‬وكانت الحاجة إلى اليد العاملة دفعت إلى طلب المزيد‬ ‫وبان لعمل الفتيات والشبان في‬ ‫فسد‬ ‫من العمال‬ ‫النقص األوالد والنساء‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أثر على األخالق العامة فعارضت السلطات الدينية عمل النساء‬ ‫الكرخانات ٌ‬ ‫داخل مصنع يعمل فيه رجال‪ .‬وحمل لواء المعارضة المطرانان طوبيا عون‬ ‫التوصل إلى حل‬ ‫وتصاعد حدتها‪ ،‬تم‬ ‫ويوسف جعجع‪ .‬ومع تفاقم األزمة‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وسط‪ :‬تعمل البنات مع الشبان في الكرخانة الواحدة بشرطين‪ :‬أن ُيبنى‬ ‫حاجز بينهما ويكون لكل منهما مدخل خاص‪ ،‬وأن يرافق األهل بناتهم عند‬ ‫قدومهن إلى المصنع وعند مغادرتهن‪ .‬ومما ورد في الوثيقة‪:‬‬ ‫‪ ...‬المعروض انه كما ال يخفى سيادتكم اننا مقيمون بالمتن منذ عام‬ ‫دائما متوجهة لتربية بنات المقاطعة‬ ‫‪ ،1854‬وفي ابتدا إقامتنا كانت أفكارنا ً‬ ‫حل الحرير في كرخانتنا آملين بأن هذه الواسطة تساعد عيال‬ ‫ولتعليمها ّ‬ ‫سهل الباري عز وجل أشغالنا قد توجهنا لألوروبا‬ ‫البنات‪ ،‬ثم فيما بعد إذ ّ‬


‫الوثيقة رقم ‪3‬‬

‫وثيقة رقم ‪4‬‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫وأطَّ لعنا على كيفية اتقان الحرير‪ ،‬ورجعنا لهذا الطرف وباشرنا عمار‬ ‫كرخانة محتوية على دواليب ‪ 76‬مع بناء مخصوص لمنامة البنات‪ .‬وبعد‬ ‫مشقات عديدة توصلنا إلى ان يكون عندنا ماية وثالثين بنتا معلمات‬ ‫بشغل الحرير‪ .‬فإذا شاء خاطر سيادتكم وتنازلتم بمنح البركة لهن ليرجعن‬ ‫وليشتغلن عندنا تزيدونا عبودية وبرجوعهن تصبح كرخانتنا جميعها بنات‪،‬‬ ‫وحينئذ نتعهد لسيادتكم بأن ال يكون عندنا وال ذكر واحد‪....‬‬

‫انتقاله يوم الجمعة الواقع في ‪ 23‬الجاري‪ ،‬فلنفسه السعادة‪ ،‬ولجنابكم‬ ‫البقا‪ ،‬فاقتضى تعريف جنابكم بذلك‪ ،‬ليكون معلومكم‪ ،‬والبركة االلهية‬ ‫تشمل جنابكم‪ ،‬وأطال اهلل بقاكم‪.‬‬ ‫‪ 23‬أيار ‪1845‬‬ ‫المطران بولس مسعد المطران سمعان زوين‬ ‫(الختم)‬ ‫(الختم)‬ ‫الوكيل البطريركي‬ ‫الوكيل البطريركي‬

‫‪129‬‬

‫‪128‬‬ ‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫وفاة البطريرك يوسف حبيش ‪ ٢٣‬ايار ‪١٨٤٥‬‬

‫كان لألسرة الخازنية دور كبير في تاريخ البطريركية المارونية‪ ،‬وكان‬ ‫لرأيها مكانة في اختيار البطاركة الموارنة‪ ،‬وكانت تشرف على حماية‬ ‫عملية االنتخاب وتتدخل لترجيح بعض األسماء‪.‬‬ ‫الوثيقة أعاله‪ :‬من المطرانَ ين بولس مسعد وسمعان زوين ُيعلمان فيها‬ ‫بعض مشايخ آل الخازن بوفاة البطريرك يوسف حبيش‪ ،‬وتاريخها ‪23‬‬ ‫عامئذ)‪ .‬وجاء في‬ ‫أيار ‪( 1845‬بعد شهر من نشوب الحرب األهلية الثانية‬ ‫ٍ‬ ‫الوثيقة‪:‬‬ ‫جناب أوالدنا األجالء المحترمين المشايخ بيت أبو قنصوه الخازن‬ ‫األحشمين‪،‬‬ ‫غــب اه ــدا جنابكم الـبــركــة االل ـه ـيــة‪ ،‬وب ــث مــوفــور األشـ ــواق القلبية‬ ‫لمشاهدتكم المأنوسة على كل خير وعافية‪ ،‬انه ال أعلمتم جنابكم بمكروه‪،‬‬ ‫قد انتقل لرحمته تعالى قدس سيدنا البطريرك يوسف (حبيش) وكان‬

‫إتهام قنصل النمسا للمطران طوبيا عون بتحريك فتنة ‪ ١٨٦٠‬ونفي المطران لتلك التهمة‪.‬‬ ‫‪ ٢٣‬حزيران ‪١٨٦٠‬‬

‫فتنة ‪ 1860‬أو ‪‬حرب الستين‪ ‬أو الحرب األهلية (تسمى خطأً حرب‬ ‫دوافع داخلي ٌة ناجمة عن مصالح فرقاء النزاع‬ ‫‪ 1860‬الطائفية) أَ سبابها‬ ‫ُ‬ ‫تقاطعت مع مــداخــات دول أوروبـيــة لـتنفيذ‬ ‫وصراعهم على السلطة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫مصالحها السياسية واالقتصادية‪ ،‬حتى بدت مسألة الصراع كأنها تتعلق‬


‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫‪130‬‬ ‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫بتناقضات فرنسا وبريطانيا‪ .‬واتخذت هذه الحرب منحى حرب طائفية‬ ‫معا‪.‬‬ ‫ِلـما رافقها من شحن طائفي مارسته قوى طائفية درزية ومسيحية ً‬ ‫ولخص قنصل روسيا في بيروت بتكوفيتش حرب تينك الستين بأن صراع‬ ‫ّ‬ ‫الموارنة والدروز هو ثمرة التنافس اإلنكليزي الفرنسي‪.‬‬ ‫أس ـبــاب فتنة ‪ 1860‬ال يمكن حصر أسبابها بعامل واح ــد أو فئة‬ ‫اجتماعية واح ــدة‪ .‬لها أسـبــاب ع ـ ّـدة وتقاطعت فيها عــوامــل مختلفة‪.‬‬ ‫فما حصل سنة ‪ 1860‬ذو عالقة بأجواء إقليمية ودولـيــة‪ :‬التناقضات‬ ‫االستعمارية بين الجبارين فرنسا وبريطانيا بلغت ذروتها‪ ،‬وتمثلت أماكن‬ ‫الصدام بينهما في البلقان ومصر (قناة السويس) وسوريا وجبل لبنان‪،‬‬ ‫وكانت سياسة السلطنة العثمانية تقضي ب َـم ْر َك َزة السلطة وتعميم نمط‬ ‫الحكم العثماني المباشر‪ .‬ومــن جهة ثانية كانت للكنيسة مشاريع في‬ ‫السلطة والسيادة وارتقاب الفرص المناسبة إلقامة كيان سياسي مستقل‬ ‫صعدت الخطاب السياسي بعد تدفق‬ ‫للمسيحيين بمساعدة فرنسا‪ ،‬لذا َّ‬ ‫آراء ليبرالية كــانــت تضخها مؤسسات ثقافية وتعليمية انتشرت في‬ ‫الجبل‪ ،‬وكان المقاطعجيون الدروز يتمسكون بالنظام السياسي السائد‬ ‫ألنه يكفل استمرار امتيازاتهم وسيطرتهم على فائض االنتاج الزراعي‬ ‫(الريع العقاري)‪ .‬هذه وسواها من أسباب تلك الحرب األهلية‪ ،‬ساهم‬ ‫وتحريضا‬ ‫وتنظيما‬ ‫قتاال‬ ‫فيها رجال دين دروز‪ ،‬وموارنة بشكل خاص‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتعبئة‪ .‬وكان أبرز هؤالء مطران بيروت طوبيا عون الذي ألّ ف جمعية في‬ ‫بيروت لشراء السالح وتوزيعه في القرى والبلدات وبث النشرات‪ ،‬فكانت‬ ‫بصماته واضح ًة في تلك الفتنة األهلية‪.‬‬ ‫أوالده يرسلونها الى‬ ‫حملها الياس حــوا‬ ‫َ‬ ‫صــورة الوثيقة رقــم‪ :‬رسالة ّ‬ ‫المطران طوبيا عون‪ ،‬يستوضحه فيها عن اتهام وجهه اليه قنصل دولة‬ ‫مؤداه‪:‬‬ ‫النمسا في بيروت‪ّ ،‬‬ ‫‪ ...‬ان الحركة الكاينة في جبل لبنان االن‪ ،‬فيما بين الفريقين‬ ‫(أي الدروز والنصارى) هي بتحريك من قبل سيادتكم‪ ،‬بمساعدة غبطة‬ ‫بطريركنا الكلي الشرف‪ ،‬وقد أعرض ذلك إلى من يقتضي ها هنا‪ ،‬وصار‬ ‫السؤال من سيادة بطريرك طائفة الروم االنطاكي‪ ،‬وكذلك من حضرة‬ ‫نظرا‬ ‫الخوري حنا حبيب‪ ،‬فأجابوا بأن لم بلغهم هذا األمر‪ ،‬وال يؤملوه‪ً ،‬‬ ‫لمعرفتهم بسيادتكم حيث فال كانوا بجهتكم‪ ،‬وبحيث ان هذه التقوالت‬ ‫واالشاعات التي من دون شك وال ريب هي عديمة الصحة‪ ،‬فقد صعب‬ ‫حركتنا الغيرة ان نعرض هــذه القضية‬ ‫علينا جـ ًـدا استماعها‪ ،‬ولـهــذا َّ‬ ‫لمسامعكم الكريمة ألجل تميزوا اصدقايكم من اعدايكم بطرفكم ُوت ْجروا‬

‫ما تقتضيه ذكا نيرتكم ودراية غبطته بما يردع هذه اإلشاعات البسيطة‪،‬‬ ‫وهذا خصوصي بشأن ذلك غب تكرار ما تقدم ‪.‬‬ ‫الياس حوا وأوالده‬ ‫‪ 23‬حزيران سنة ‪1860‬غ‬ ‫برسالة جاء فيها‪:‬‬ ‫حوا‬ ‫ٍ‬ ‫وكتب المطران طوبيا عون رسالة إلى ّ‬ ‫‪ ...‬وكل ما افدتموه عما قد أشيع بهذا االثنى بطرفكم حسبما بلغ‬ ‫حضرتكم‪ ،‬وهــو قيل انــه قد حضر من بيروت مضبطة تحت امضاءات‬ ‫ذكرتم بعضها‪ ،‬وماءلها ان الحركة الكاينة بجبل لبنان االن‪ ،‬فيما بين‬ ‫الفريقين هي بتحريك من قبلنا بمساعدة غبطته الخ‪ ،‬وبحيث ان هذه‬ ‫التقوالت واالشاعات التي وان كانت من دون شك وال ريب هي عديمة‬ ‫جدا استماعها‪ ،‬ولهذا حركتكم الغيرة‬ ‫الصحة‪ ،‬مع هذا فقد صعب عليكم ً‬ ‫ان تفيدونا عن ذلك ألجل نميز اصدقاينا من اعداينا‪ ،‬ونجري المقتضى‬ ‫بــردع هــذه االشــاعــات‪ ،‬فجميع ذلــك صــار معلوما‪ ،‬ومــا أكثر مــا غدونا‬ ‫ممنونين‪ ،‬مفاعيل محاسنكم‪ ،‬ومادحين غيرتكم هذه‪ ،‬طالبين لكم من‬ ‫العال تمام التوفيق والنجاح‪ ،‬وبما ان حضرتكم من مجرد سماعكم هذه‬ ‫متم انها من األكاذيب العديمة الصحة‪،‬‬ ‫حك ُ‬ ‫التقوالت بحقنا وحق غبطته َ‬ ‫سبيال لالهتمام بنفي هذه‬ ‫وحكمكم هذا واقع بعين محله‪ ،‬فما ابقيتم لنا‬ ‫ً‬ ‫الوشاية التي هي ذات افترا محض‪ ،‬ممن ال يخاف اهلل‪ .‬وان هذا الواشي‬ ‫الجسور يروم نقض مساعينا السلمية المشهورة بوشايته المذكورة‪ .‬إال‬ ‫ان هذا الحبل قصير كما ال يخفى‪ ،‬وربما يكون االن بلغ حضرتكم أو‬ ‫واطماءنان بالكم‪ ،‬مما‬ ‫قريبا صحيح هذه الحركة‪ ،‬ومنشئيها‬ ‫سيبلغكم‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫تحملتموه من الصعوبة لدى سماعكم هذه اإلشاعة‪ ،‬وإال فنحن نكلف‬ ‫حضرتكم بأال تدعوا ان يالمسكم أدنى غم من هذا القبيل‪ ،‬ويمكنكم ان‬ ‫تتصرفوا بكل شجاعة وثقة‪ ،‬في نفي هذه التقوالت من عقل من يتوهمها‬ ‫بنا وبشخص غبطته الشريف‪ ،‬وال يخال بالفكر انه يمكن ألحد كاين‬ ‫من يكون‪ ،‬أن يظهر نفسه ضدنا‪ ،‬وضد غبطته بهذه الوشاية التي نفثها‬ ‫مشجوبا وينال جزاء وشيه‪ ،‬ولهذا‬ ‫سرا‪ ،‬ألنه من المعلوم إذا ظهر سيعود‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نظن ان ما قيل عن هذه المظبطة بحقنا‪ ،‬وحق غبطته‪ ،‬هو غير صحيح‪،‬‬ ‫ورده على راس مرتكبيه‪،‬‬ ‫البطْ ـل بالحق ّ‬ ‫ومع هذا فنحن مستعدون لدفع ُ‬ ‫وتشك ًرا من عميم محاسنكم‬ ‫اشعارا لحضرتكم بوصول تحريركم‪،‬‬ ‫واالن‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫واظهارنا ممنونين غيرتكم‪ ،‬بادرنا برقمه مكررين اهدا‪.....‬‬ ‫منحازا إلى فرنسا التي نصرته‬ ‫وللتفصيل‪ :‬كان المطران طوبيا عون‬ ‫ً‬ ‫لقضيتها في جبل لبنان‪ ،‬حتى أنه توفي بسكتة دماغية مفاجئة عند سماعه‬

‫‪131‬‬


‫الوثيقة رقم ‪5‬‬

‫وثيقة رقم ‪6‬‬ ‫‪132‬‬

‫رسالة نيفين مور إلى الشيخ سعيد جنبالط ومناشدته حماية المسيحيين‪.‬‬

‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫هــي رســالــة مــن قنصل إنـكـلـتــرا في‬ ‫س ــوري ــا ن ـي ـفــن مـ ــور إلـ ــى ال ـش ـيــخ سعيد‬ ‫جنبالط يحثُّ ه فيها على التدخل لفك‬ ‫ومنح سكانها‬ ‫حصار الدروز عن دير القمر ْ‬ ‫الراحة واألمن واألمان‪.‬‬ ‫جناب األكــرم المقام األفخم حميد‬ ‫المزايا بهي الشيم سعيد بك جنبالط‬ ‫المحترم أدام اهلل بقاه‪.‬‬ ‫غب التحية انه من بعد جملة تحارير‬ ‫سعيد جنبالط‬ ‫وردت من جنابكم‪ ،‬بهم توضحوا تكديركم‬ ‫من األحــوال المكربة الحاصلة‪ ،‬وانكم مستعدين إلى إجــراء كل ما به‬ ‫متجددا قد حضر جمهور من الدروز‬ ‫استحساننا‪ ،‬فاالن حيث بلغنا انه‬ ‫ً‬ ‫على دير القمر وأحاط بها‪ ،‬فالبرهان الوحيد الذي نرغبه من جنابكم بناء‬ ‫وسرعتا (سرعة) تستعملوا سطوتكم الفعالة‬ ‫حاال‬ ‫على افاداتكم هو انه ً‬ ‫ً‬ ‫بمنع هذا العمل وتفريق هذا الجمهور عن دير القمر لمحالته‪ ،‬واعطاء‬ ‫أهاليها راحتهم وأمنيتهم ومنع كل ثقلة عنهم‪ .‬وكذلك بسرعة المبادرة‬ ‫بــإعطى الــراحــة واألمنية إلــى باقي النصارى المشتتين بمقاطعاتكم‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫نبأ انكسار فرنسا أمــام المانيا سنة ‪ 1870‬ووقــوع األمبراطور الفرنسي‬ ‫أسيرا عند بسمارك‪.‬‬ ‫نابوليون الثالث‬ ‫ً‬

‫وتجميعهم وإيصالهم إلى محالت الذي يرغبوا الوصول إليها‪ ،‬من دون ان‬ ‫تعدى أم ثقلة من أحد‪ .‬فهذا هو رأينا‬ ‫تسمحوا بأن يحصل عليهم أدنى ّ‬ ‫نقدمه لجنابكم ونحثكم عليه‪ ،‬وهو البرهان الذي يدل على‬ ‫الوحيد الذي ّ‬ ‫متأخرا‪ .‬ونظن ان النصايح والتنذيرات السابقة‬ ‫حقيقة ما أفدتم عنه ولو‬ ‫ً‬ ‫باتحادهم مع تحريرنا هذا يكونوا كفاية عن االسهاب‪ .‬وننتظر افاداتكم‬ ‫أيضا‪ .‬باتباع هذا الرأي واالطمئنان عن‬ ‫االيجابية ً‬ ‫فعال مع نصيحة الغير ً‬ ‫رفاهكم آدام اهلل بقاكم‪.‬‬ ‫محب مخلص‬ ‫نيفن مور‬ ‫‪ 20‬حزيران سنة ‪( 1860‬الختم) قنصل جنرال دولة انكلترا بسوريا‬

‫‪133‬‬

‫سند تعهب من الشخين‬ ‫بشير جنبالط وجرجس باز‬ ‫إلى مشايخ الخازن ويقضي‬ ‫برفع الدموس عن كسروان‬ ‫‪ 1221‬هـ ‪ 1806 /‬م‬

‫وتفوقت عليه‬ ‫بشير جنبالط شخصية مقاطعجية عاصرت األمير بشير ّ‬ ‫عدم الشيخ في‬ ‫في المال والرجال‪ .‬لكن الغلبة كانت لألمير في النهاية وأُ ِ‬ ‫عكا سنة ‪ .1825‬وجرجس باز شخصية سياسية عاصرت األمير بشير‬ ‫ووقَ ـفت مع أوالد األمير يوسف وكان لها ارتباطاتها مع الوالة العثمانيين‪،‬‬ ‫ما آثار ضغينة األمير بشير فعمل على تصفيته باالتفاق مع الشيخ بشير‬ ‫جنبالط وأركــان الحزب اليزبكي آنــذاك‪ .‬وكــان جرجس باز على خالف‬


‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫الوثيقة رقم ‪8‬‬

‫وثيقة رقم ‪7‬‬ ‫جمع سالح مشايخ‬ ‫آل الضاهر وأهالي الزاوية‪.‬‬ ‫‪ ١٢٦١‬ه‪ ١٨٤٥ /‬م‬

‫حجة شراء حارة في قرية بيت الدين بتاريخ ‪ ١٧٢٢‬م‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫‪134‬‬

‫مع شقيق األمير بشير األمير حسن حاكم بالد كسروان‪ .‬تفاقمت العداوة‬ ‫بينها قضية‬ ‫بين جرجس وحسن بسبب صــراعــات سياسية واقتصادية َ‬ ‫‪‬الديموس‪ Demos( ‬أو ‪‬الديموز‪ ‬يونانية معناها ‪‬أراضي الجماعة‪)‬‬ ‫وهــي تعبير عن مسح األرض وترتيب الضرائب المفروضة عليها وفق‬ ‫إنتاجها الزراعي حبوب أو ُخ َضر أو فاكهة)‪ُ .‬وتظهر الوثيقة أدنــاه نجاح‬ ‫جرجس باز سنة ‪ 1806‬في استصدار قرار األمير بشير بضمانة الشيخ‬ ‫وفرض الرسوم والضريبة كما‬ ‫بشير جنبالط لوقف الديموس على كسروان ْ‬ ‫في جبل الشوف آنذاك‪.‬‬ ‫صــورة السند الــذي من جناب الشيخ بشير جنبالط وجناب الشيخ‬ ‫جرجس باز وممضي بختومهم‪.‬‬ ‫باعث تحريره‬ ‫وتعهدنا إلى جانب أخواننا المشايخ بيت الخازن في‬ ‫ضمنا‬ ‫هو انه قد‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫حررها وأمضاها لهم سعادته‬ ‫القيام بما هو مرقوم لهم في الحجة الذي َّ‬ ‫بكامل شروطها النافذة لهم من ِحلم سعادته‪ ،‬وهي تلك الحجة المعروفة‬ ‫في رفع ديموس كسروان وانهم يكونوا حسبما هو كاين نظام جبل الشوف‬ ‫في كامل الرسوم والعوايد من دون نقض في كلمة واحدة‪ .‬حرر في رجب‬ ‫سنة احدى وعشرين ومايتين والـف (‪1806‬م)‪.‬‬ ‫ ‬ ‫محرره (مع الختم)‬ ‫ ‬ ‫محرره (مع الختم)‬ ‫بشير جنبالط‬ ‫ ‬ ‫جرجس باز‬ ‫ ‬

‫محمد نامق‪ ،‬مشير الفيلق الهمايوني‪ ،‬جاء برفقة شكيب أفندي (وزير‬ ‫خارجية السلطنة العثمانية) إلعــادة األمــن والـهــدوء إلــى جبل لبنان بعد‬ ‫الحرب األهلية سنة ‪ .1845‬وكان أول عمل أتاه إخراج عمالء األجانب من‬ ‫الجبل لإلقامة في بيروت ثم َج ْـمع سالح األهالي من الفريقين المتقاتلين‪.‬‬ ‫ومن ذلك َطـلَ ُـبه من آل الضاهر وأهالي الزاوية (شمال لبنان) جمع السالح‬ ‫وإرساله إلى طرابلس‪ .‬وجاء في الوثيقة‪:‬‬ ‫عموما‬ ‫واعالما به ألهالي الزاوية‬ ‫فخر أقرانهم المشايخ بيت الضاهر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫علما‪.‬‬ ‫يحيطون ً‬ ‫المنهي اليكم انــه قد تأكد لدينا اطاعتكم‪ ،‬فبحسب ذلــك أنشرح‬ ‫خاطرنا عليكم فينبغي ان تكونوا طيبين القلب والخاطر مأمنين مطمأنين‬ ‫وتقدموا اسلحتكم لطرابلس ليد المأمور المتعين لجمع األسلحة‬ ‫وللمباشر جرجس نصار من دون عاقة وتباشروا اشغالكم وأعمالكم وان‬ ‫شاء اهلل تعالى ال تشاهدوا غير الصيانة والراحة اعلموه واعتمدوه‪.‬‬ ‫محمد نامق ‪ 25‬شعبان ‪1261‬‬ ‫(ختم)‬

‫‪135‬‬


‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫‪136‬‬ ‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫الع ّقال‬ ‫بيت الدين بلدة درزيــة فيها خلوة دينية مــارس فيها المشايخ ُ‬ ‫بعيدا عن ضوضاء بعقلين ودير القمر‪ .‬وبعدما فتك‬ ‫عباداتهم وتقشفهم ً‬ ‫األمير بشير بالشيخين جرجس وعبد األحد باز سنة ‪ 1807‬آثر االبتعاد‬ ‫عن بلدتهما دير القمر لكثرة أنصارهما‪ ،‬واختار بلدة بيت الدين فاشترى‬ ‫بأموال زوجته الست شمس بعض أراضيها من الشيخ أبي علي البتديني‬ ‫بالتوسع في تملّ كه األرض‪ ،‬مرة بالغصب وأخرى‬ ‫وشرع ببناء قصره آخذً ا‬ ‫ُّ‬ ‫بما يشبه الغصب حتى أتى على أكثر أراضيها (عيسى اسكندر المعلوف‪،‬‬ ‫‪‬دوان ــي القطوف‪ ‬ص ‪ .)515‬وبيت الدين قمة عالية تشرف على دير‬ ‫سميت ‪‬بيت الدين‪ ‬لكن العامة اختصرت‬ ‫القمر‪ ،‬فيها خلوة للدروز‪ ،‬لذا َ‬ ‫‪‬بتدين‪ ،‬وثمة وثائق تؤكد أن بيت الدين كانت‬ ‫الكلمتين في واحدة فتقول ّ‬ ‫قرية عامرة مأهولة بالسكان‪ .‬وهنا وثيقة تؤكد عمران البلدة‪ ،‬وتعود إلى‬ ‫سنة ‪1135‬ه‪ 1722 /‬م‪ .‬أي قبل حلول األمير بشير فيها بنحو ‪ 85‬سنة‪.‬‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم وهو حسبي وثقتي وبه استعين‬ ‫هذا ما اشترى الرجل المدعو باسمه الشيخ أبو مــراد عبد الصمد‬ ‫األجل المحترم الشيخ باز من قرية عين ماطور احدى قرايا الشوف‬ ‫ابن‬ ‫ّ‬ ‫المعني الصيداوي‪ ،‬اشترى بماله الــذي أنعم اهلل عليه به لنفسه دون‬ ‫غيره ودون ساير الناس اجمعين من الرجل المدعو باسمه الشيخ ابو‬ ‫جمال الدين نجم ابن الشيخ حسن من قرية بتدين احدى قرايا الشوف‬ ‫جميعا من البلد المسماية والمعاملة‪ ،‬اشترى منه فباعه ما‬ ‫السويجاني‬ ‫ً‬ ‫هو ملكه وحــوزة يــده وتحت طلق تصريفه إلــى حين عقد هــذا المبيع‬ ‫الصحيح الشرعي وهي الحارة الكاينة له المعروفة بحارة صبره وهي بيتين‬ ‫وقبو بدارها ومدارها ومكانها ومرامي ثلجها وخربتها ومماشيها (كلمة‬ ‫مبلغا قدره ماية قرش كبار كاملة الوزن‬ ‫غير مقروءة) وعريش وغير ذلك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والعيار‪ ،‬ضرب سكة االسالم‪ ،‬العمل بها يوم تاريخه‪ ،‬قبضها البايع المزبور‬ ‫من يد الشاري المشهور في قبضة واحدة وصفقة واحدة ومجلس واحد‬ ‫برى ذمته من نقدها وصرفها واليمن عليها وصار الملك ملك الشاري دون‬ ‫ملك البايع يتصرف بملكه كيف شاء وحيث شاء ال يعارضه فيه معارض‬ ‫وال يدعى وال يوارث وال من ساير الموانع الشرعية وما جاء من شفعة أو‬ ‫بيعا‬ ‫‪ ....‬فهو الزم ذمة البايع المذكور وافترقوا على الرضا والقبول وذلك ً‬ ‫مرضيا ال شرط فيه وال فساد وال مرجع وال‬ ‫فاصال‬ ‫قاطعا‬ ‫شرعيا‬ ‫صحيحا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شرعا وابنا عليهما‬ ‫معاد بل بيع االسالم وصحة نفوذ األحكام ورضوا بذلك ً‬ ‫وتحريرا في شهر ذي القعدة من شهور سنة ألف وماية وخمسة‬ ‫باالشهاد‬ ‫ً‬ ‫وثالثين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصالة‪.‬‬

‫الوثيقة رقم ‪9‬‬

‫‪137‬‬

‫مت َبعة أواسط النصف‬ ‫تصنف في سياسة عرائض كانت َّ‬ ‫وهذه وثيقة ّ‬ ‫اآلخــر من القرن التاسع عشر‪ ،‬عن َتنامي موجة احتجاج ضد سياسة‬ ‫صارما تسلّ م أحكام متصرفية‬ ‫علمانيا‬ ‫المتصرف رستم باشا الذي كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جبل لبنان وساءته مداخالت رجال الدين في شؤون السياسة ومحاولتهم‬ ‫تسيير شؤون الحكم لـمصالحهم وأمزجتهم فوقف بوجههم في حزم وحال‬ ‫دون ممارساتهم‪ ،‬حتى أنه نفى المطران بستاني من بيت الدين إلى مدينة‬ ‫القدس وساعده في ذلك القنصل الفرنسي‪.‬‬


‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫الوثيقة رقم ‪10‬‬ ‫في هذه الوثيقة توزيع ضريبة ‪‬الفرضة‪( ‬الضريبة على الرؤوس أو‬ ‫ما يسمى ‪‬مال األعناق‪ )‬على سكان دير القمر‪ ،‬ومن فيها من طوائف‬ ‫دينية كانت تسكن البلدة أواخر عهد األمير بشير الشهابي الثاني‪ .‬أيامها‬ ‫تنوع طائفي من مسيحيين ملكيين وموارنة وموحدين‬ ‫كان في دير القمر ُّ‬ ‫دروز ويهود‪ ،‬وكان النكديون مشايخ البلدة وحكامها‪ .‬بعد ‪ 1860‬تم إجالء‬ ‫وتراج َع وجود اليهود فيها‪ .‬وفي انتخابات‪ 2000‬النيابية لم‬ ‫الــدروز عنها‬ ‫َ‬ ‫حاليا‬ ‫يسكن‬ ‫واحد‬ ‫درزي‬ ‫مقترع‬ ‫سوى‬ ‫القمر‬ ‫دير‬ ‫في‬ ‫الشطب‬ ‫لوائح‬ ‫يكن بين‬ ‫ً‬ ‫في كفرحيم‪.‬‬

‫األمير بشير الشهابي‬ ‫رسالة من األمير بشير إلى أهالي در القمر لجباية مبلغ ‪ ٣٥،٠٠٠‬قرش‬

‫توزيع فرضة دير القمر‬ ‫قروش‬

‫أنفار‬

‫‪6000‬‬

‫‪ 85‬دروز‬

‫‪1500‬‬

‫مـعــدل مــا يــدفـعــه الـفــرد‬ ‫منهم‬ ‫قرشا‬ ‫‪ً 70‬‬ ‫قرشا‬ ‫‪ً 300‬‬

‫‪11000‬‬

‫‪ 5‬مـ ـ ـش ـ ــاي ـ ــخ‬ ‫نكديين‬ ‫‪ 140‬الملكية‬

‫قرشا‬ ‫‪ً 78‬‬

‫‪13500‬‬

‫‪ 240‬الموارنة‬

‫قرشا‬ ‫‪ً 56‬‬

‫‪3000‬‬

‫‪ 30‬اليهود‬

‫‪ 100‬قرش‬

‫‪35000‬‬

‫‪500‬‬

‫وجاء في رسالة األمير بشير‪:‬‬ ‫أعزازنا المشايخ أهالي دير القمر المكرمين سلمهم اهلل تعالى‬ ‫بعد الشوق انه قبله صدر لكم أمرنا ان تحرروا خمسماية اسم بخمسة‬ ‫وثالثين ألف غــرش‪ ،‬وأخذتم األمــر بالمطاولة‪ .‬ولما وجدنا ان جميع‬ ‫البالد حررت دفاترها وانتهت وتقدمت وانتم ما حررتم شي اقتضى‪ ،‬وزعنا‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫‪138‬‬

‫وهنا الوثيقة التي رفعها األهالي إلى قنصل انكلترا‪:‬‬ ‫عرضحال لجانب مقام سعادة دولة انكلترا الفخيمة باالستانة العلية‬ ‫أدام اهلل اجاللها‪.‬‬ ‫المعروض من مقدميه ان ســوء ادارة متصرفنا دولتلو رستم باشا‬ ‫واستبداده المشهور وأعماله المخالفة نضام (نظام) جبل لبنان ومسكه‬ ‫حرية المجالس والقضاة قد سلب راحة جميعنا وجعلنا بحالة التعاسة‬ ‫واليأس نترقب بفروغ الصبر نهاية المدة المعينة لواليته للتخلص من‬ ‫عبوء (عبء) أثقال استبداده الذي لم تعد انفسنا تطيق احتماله‪ .‬ومن‬ ‫كون دولتكم الزاهرة موقعة على نضامات (نظامات) لبنان ولها المحافضة‬ ‫(المحافظة) عليها فحق لنا ان نتجاسر بتقديم هذه العريضة لمقامكم‬ ‫أيضا لسفارة (لسفارات) الدول العظام لغاية توضيح‬ ‫السامي كما قدمنا ً‬ ‫تشكياتنا وتظليمنا وسلب راحتنا في أيام متصرفنا المومي إليه‪ .‬وبما‬ ‫أن مدة متصرفيته كادت تنقضي فنسترحم بأن يصير التبصر بتبديله‬ ‫بشخص آخــر به اللياقة على موجب أصــول نظاماتنا اللبنانية ينهج‬ ‫منهج العدالة والحقانية الموجبة راحة األهلين المفقودة ولنا الرجا‬ ‫بأن دولتكم الفخيمة أعزها اهلل التي هي من أخص الدول المحامية عن‬ ‫حقوق األمم وناصرة المظلومين تنعطف لنحونا بعين الشفقة والرآفة‬ ‫جميعا نقدم‬ ‫اهتماما بتبديل متصرفنا إلعادة راحتنا وراحة عيالنا اذ اننا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الدعوات الخيرية بدوام شموس دولتكم الزاهرة في فلك السعود ويحفض‬ ‫(ويحفظ) ذات سعادتكم الكريمة في ذوي المجد واإلقبال أفندم‪.‬‬ ‫‪ 24‬جمادى آخر سنة ‪ 99‬‬ ‫ ‬ ‫بن ـ ــده‬ ‫أهالي الشوف الحيثي والسويجاني‬ ‫ ‬ ‫األختام‬ ‫ ‬

‫‪139‬‬


‫الوثيقة رقم ‪11‬‬

‫‪140‬‬ ‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫البطريرك الماروني بولس مسعد‬

‫رسالة من البطريرك بولس مسعد‬ ‫إلى المطران طوبيا عون حول جمع‬ ‫ايتام كاثوليك لتربيتهم على الطريقة‬ ‫البروتستانتية‪ ٢٦ .‬قانون األول ‪ 1860‬م‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫المبلغ المذكور عليكم كما هو محرر أعــاه‪ ،‬فالمراد كل طايفة تحرر‬ ‫دفتر بما خصها من المال واالسامي بوجه السرعة وتقدموه لدينا نؤكد‬ ‫عليكم بذلك ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫بشير شهاب‬

‫تبشيريا بين الطوائف‬ ‫صراعا‬ ‫طيلة القرن التاسع عشر عرف جبل لبنان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المسيحية ال غاية في التبشير بل غاية الــدول األوروبـيــة إنشاء مناطق‬ ‫نفوذ لها عبر طوائف تعتنق مذهبها الديني وتدين بمسلكها السياسي‪.‬‬ ‫وتوسلت أنشطة المبشرين أمرين‪ :‬التطبيب والتعليم‪ ،‬بإرسال أطباء إلى‬ ‫ّ‬ ‫القرى والدساكر لتطبيب السكان والحدب على الفقراء واأليتام‪ ،‬وفتح‬ ‫مدارس لتعليمهم وبث سياسات موجهة لصالح تلك الدول‪ .‬وكان المبشر‬ ‫أن ‪‬المدارس شرط أساسي لنجاح التبشير‪،‬‬ ‫ب يرى ّ‬ ‫األميركي هنري ِج َس ْ‬ ‫وهي واسطة ال غاية في نفسها‪ .‬وهنا رسالة من البطريرك بولس مسعد‬ ‫الى المطران طوبيا عون جاء فيها‪:‬‬ ‫يحظى بمطالعة حضرة المطران طوبيا عون مطران بيروت المحترم‬ ‫أيها األخ المحترم السالم بالرب والبركة الرسولية‬ ‫ووفــور األشــواق إلى مشاهدتكم بكل خير وعافية‪ ،‬بتاريخه ورد إلينا‬ ‫تحرير من غبطة األخ السيد فالوكا البطريرك االورشليمي على الالتينيين‪،‬‬ ‫رجال‬ ‫مضمونه انه وردت له افادة من سفير الكرسي الرسولي في فيانا بان ً‬ ‫أمرا‬ ‫من البروتسطنت يدعى الكونت بك فولمرستين البروسياني‬ ‫ً‬ ‫قاصدا ً‬ ‫ايتاما كاثوليكيين من‬ ‫أشهره في مياومات بالد جرمانيا وهو ان يجمع‬ ‫ً‬ ‫سوريا لكي يربيهم في بيوت البروتسطنت أو في مدارسهم التي في تلك‬ ‫الجهات‪ ،‬وان الجنرال الكونت فوفدر كيروبين الموجود االن في سوريا‬ ‫الفا من هؤالء األيتام‪ .‬وأما غاية غبطة‬ ‫قد تفوض منه بأن يرسل اليه ً‬ ‫البطريرك المرقوم باخباره لنا عن ذلك فهي لكي نبذل الجهد بمنع هذا‬ ‫العمل في طائفتنا حتى ال يقع أحد األيتام بأيدي المذكورين الذين‬ ‫يمكنهم اذ شاؤا ان يقدموا اسعافات لفقراء سورية دون أن يلزموهم إلى‬ ‫ضيافة ال ضمانة مخلصة فيها لحفظ االيمان الحقيقي‪ .‬فلزم افادة‬ ‫خوتكم ذلك لكي تسهروا غاية السهر وتفرغوا كامل الجهد في صد هذا‬ ‫العمل المضر في ابرشيتكم‪ ،‬وعندنا محقق مزيد سهركم على ما به‬ ‫شرف ديانتنا الكاثوليكية المقدسة‪ ،‬وابعاد ابناء ابرشيتكم عن كل ما‬ ‫ثانيا‪ .‬حرر في ‪ 26‬ك‪1‬‬ ‫يشين بذلك‪ ،‬وهذا كا ٍ‬ ‫ف والبركة تشمل حضرتكم ً‬ ‫سنة ‪1860‬‬ ‫الحقير بولس بطرس‬ ‫ ‬ ‫(الختم)‬ ‫ ‬ ‫البطريرك االنطاكي‬

‫‪141‬‬


‫صناعة الطناتير‬

‫لبنان في األرشيف األهلي‬

‫الوثيقة رقم ‪12‬‬

‫وثيقة رقم ‪13‬‬

‫‪143‬‬

‫‪142‬‬ ‫د‪ .‬رياض غنّام‬

‫الطرطور (أو الطنطور) لباس الرأس عند النساء المتزوجات‪ ،‬وهو قرن‬ ‫منعطفا إلى األمام حتى يتجاوز طوله‬ ‫قاعدته عند الرأس يعلو‬ ‫مخروطي‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫نصف ذراع‪ .‬وهو قديم في جبل لبنان وربما دخله مع العشائر العربية‪.‬‬ ‫كان يغطى بنقاب أو إزار يسمونه ‪‬الشمسية‪( ‬أو الشنبير) ُك ّن يطرحنه‬ ‫ويسدلْ َنه على الكتفين َويلبسن تحته ‪‬القفوية‪ ‬أو ‪‬الشكة‪‬‬ ‫فوق الطرطور‬ ‫ِ‬ ‫أو ‪‬الصفية‪ ‬أو ‪‬طربوش الفلْ ش‪ُ ،‬وي َش ُّد تحت الذقن ببنود من حرير‬ ‫أو بسالسل من نوع معدنه‪ .‬ويرى هنري غيز أن عادة استعمال الطرطور‬ ‫درجت عند الدروز ثم انتقلت إلى نصارى بالد الــدروز‪ .‬وكانت األميرات‬ ‫وزوجــات المشايخ يلبسن طناطير من ذهب‪ ،‬بينما طناطير عامة الناس‬ ‫والفالحين والفقراء كانت من فضة أو نحاس أو خشب‪ ،‬وقــد يتداخل‬ ‫الذهب مع الفضة‪ .‬وهنا وثيقة في هذا الشأن‪:‬‬ ‫حضرة ولدنا منصور المكرم‬ ‫غب اهــدا البركة من اهلل‪ ،‬خلص الطنطور‪ .‬انشا اهلل يكون مبارك‪،‬‬ ‫وال يحصل عوقه بــإقامته عندكم‪ ،‬وعين قرب (وعن قرب) نتكلف بعمل‬ ‫طنطور نظيره‪ .‬من حضرة عمكم ومنا البركة والسالم للجميع‪.‬‬ ‫ ‬ ‫الداعي الخوري يوسف الخازن‬

‫مت َب َع ًة‬ ‫وختاما هذه الوثيقة النادرة عن عمليات تحديد األراضي كما كانت َّ‬ ‫ً‬ ‫في القرون الماضية حتى األمس القريب‪ .‬الصك كان في دير طاميش ثم‬ ‫انتقل الى األديب رشيد األشقر‪.‬‬ ‫النص عمره اليوم ‪ 341‬سنة‪ ،‬وهــو صك بيع عقار في منطقة المتن‬ ‫الشمالي من لبنان‪ .‬مفرداته من واقع حال أيام زمان‪ ،‬لكنها كم تبدو اآلن‬ ‫رائعة ِل َـمن يفهمون اللهجة اللبنانية‪ ،‬وكان الثمن‪ :‬ربع صفيحة زيت ورغيفان‬ ‫خبز صاج‪.‬‬ ‫‪‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ .‬بتاريخه أدناه بعنا شقفة األرض التي‬ ‫تخصنا في محلة الزعرورة الى راهبات طاميش طولها مائتي ماسورة‬ ‫شرقا التنور الذي كانت تخبز عليه أم شلهوب‬ ‫بماسورة أبو طنوس‪ .‬يحدها ً‬ ‫وشماال الطيونة‬ ‫وغربا وكر الحية السودا التي عقست بو شاهين عملول‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يقيل عنزاته بو الياس‪.‬‬ ‫كان‬ ‫اللي‬ ‫مطرح‬ ‫ا‬ ‫وجنوب‬ ‫الدعويقة‬ ‫فيها‬ ‫المعششة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ثمن الجهات األربــع وقبضنا الثمن ربعية زيت ورغيفين كــار‪ .‬البيع تم‬ ‫برضانا ورضا الرب‪ .‬والخاين يخونه اهلل‪ .‬والشقفة صارت تخصه يتصرف‬ ‫فيها بحرية صرمايته بيقلعها ويلبسها على خاطرو‪ .‬سنة الف وستة ماية‬ ‫وأربعة وسبعون ‪.1674‬‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫لبنان في أرشيف متصرفية جبل لبنان‬ ‫الدكتور عبداهلل المالح‬

‫أو ًال‪ :‬تعريف تمهيدي بالمتصرفية‬ ‫نشأ نظام متصرفية جبل لبنان باتفاق دولــي عثماني في ‪ 9‬حزيران‬ ‫وجعل ‪‬لبنان الحالي‪ ‬قسمين‪:‬‬ ‫‪َ ،1861‬‬ ‫ •أرض الوالية‪ :‬شملت بيروت وصيدا وصور والجنوب وطرابلس وعكار‬ ‫والشمال والبقاع (باستثناء زحلة والهرمل)‪ ،‬تبعت الواليات العثمانية‬ ‫وحكمها والة عثمانيون وفق األنظمة العثمانية وقوانينها‪.‬‬ ‫َ‬

‫حكم متصرفية جبل لبنان (‪)1918 – 1861‬؟‬ ‫من َ‬ ‫نظام المتصرفية‪،‬‬ ‫عينهم‬ ‫ُ‬ ‫تاريخ المتصرفية يتمحور حول ‪ 8‬متصرفين ّ‬ ‫نصبهم فرمان عثماني بشكل يناقض بنود ذاك النظام‪ ،‬وتولّ ى وجهاء‬ ‫و‪ّ 3‬‬ ‫لبنانيون مناصب نائب المتصرف أو الوكيل‪.‬‬ ‫‪1.1‬المتصرف‪:‬‬

‫النظام األساسي (‪‬دستور المتصرفية‪ ‬إذا جاز التعبير) وضع على‬ ‫وخصه بسلطات شبه مطلقة‬ ‫مسيحيا‪،‬‬ ‫عثمانيا‬ ‫رأس السلطة متصرفً ا‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫خولته الجمع ‪‬في شخصه جميع صالحيات السلطة‬ ‫وبصالحيات واسعة ّ‬ ‫‪ 11‬مجلة حنون‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬عدد ‪،1988 ،20‬‬ ‫ص ‪.56‬‬

‫ُولد في اآلستانة (‪ )1818‬في عائلة كاثوليكية أرمنية‪.‬‬ ‫متصرفً ا‬ ‫صدر بروتوكول تعيينه في ‪ 10‬حزيران ‪1861‬‬ ‫ّ‬ ‫على جبل لبنان لـثالث سنوات‪ .‬دخل لبنان في ‪ 4‬تموز‬ ‫‪ .1861‬سنة ‪ُ 1864‬ج ّدد له خمس سنوات لكنه لم يكمل‬ ‫سنوات حاكميته‪ .‬قـ ّـد َم استقالته في ‪ 12‬نيسان ‪1868‬‬ ‫وغادر جبل لبنان إلى العاصمة العثمانية في ‪ّ ١٠‬أيار ‪ .1868‬بعد ستة عشر‬ ‫وزيرا للنافعة‪.‬‬ ‫يوما ُع ِّين ً‬ ‫ً‬ ‫ •المتصرف الثاني‪ :‬فرنكو نصري الكوسا‬

‫من طائفة الــروم الكاثوليك‪ ،‬حلبي األصــل عثماني‬ ‫التبعية‪ُ .‬ولد في اآلستانة‪ .‬تولى الحكم في ‪ 25‬حزيران‬ ‫‪ 1868‬وصدر فرمان تعيينه في ‪ 28‬تموز‪ .‬توفي في جبل‬ ‫لبنان في ‪ 11‬شباط ‪.1873‬‬ ‫ •المتصرف الثالث‪ :‬رستم مارياني‬

‫التـيـنــي إيـطــالــي األص ــل عثماني الجنسية‪ .‬صــدر‬ ‫بروتوكول تعيينه في ‪ 22‬نيسان ‪ .1873‬حكم من ‪ 8‬أيار‬ ‫‪ 1873‬حتى ‪ 8‬حــزيــران ‪ .1883‬غــادر لبنان عند نهاية‬ ‫واليته‪.‬‬ ‫‪ 22‬‬

‫جواد بولس‪ :‬لبنان والبلدان العربية‪ ،‬مؤسسة بدران‪ ،‬طبعة ثالثة ‪ ،1973‬ص‪.391‬‬

‫‪ 44‬‬

‫أوراق لبنانية‪ ،‬مجلد ‪ ،1957‬ص ‪.248‬‬

‫‪ 33‬‬

‫شاهين الخازن‪ :‬كنوز لبنان المرصودة‪ ،‬القاهرة ‪ ،1907‬ص ‪.89‬‬

‫‪145‬‬

‫متصرفية جبل لبنان‬

‫ •متصرفية جبل لبنان ‪‬الممتازة‪ :‬امتدت على ‪3727‬‬ ‫مربعا‪،1‬‬ ‫ً‬ ‫كيلومترا ً‬ ‫وضمت أقضية البترون والكورة وكسروان والمتن والشوف وجزين وزحله‬ ‫ومديرية دير القمر‪ .‬حكمها متصرف مسيحي عثماني غير لبناني‪،‬‬ ‫وتولّ ى شؤونها بإدارة شبه مستقلة وبضمانة دولية‪.‬‬

‫ •المتصرف األول‪ :‬داود قره بت أرتين يراميان‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر‬ ‫في الجامعة اللبنانية‬

‫‪2‬‬ ‫حددها فرمان التعيين بين ‪3‬‬ ‫زمنية ّ‬ ‫ّ‬ ‫التنفيذية‪ ‬وإدارة شؤون البالد لمدة ّ‬ ‫و‪ 5‬و‪ 10‬سنوات‪.‬‬ ‫العثمانية‪ ،‬باالتفاق مع ممثلي القوى األوروبية العظمى‪،‬‬ ‫كانت الدولة‬ ‫ّ‬ ‫المتصرف وتمنحه لقب الباشاوية والوزارة والمشيرية أحيانً ا‪ ،‬ويكون‬ ‫تعين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرجعه الباب العالي مباشرة فكان على متصرف جبل لبنان‪ ،‬ممثل ‪‬جاللة‬ ‫المتبوع األعظم‪ ،‬أن يوازن بين اإلخالص لـ‪‬دولته ومواله‪ ‬وخدمة مصلحة‬ ‫البالد التي تولى أمرها‪3‬؛ وبات منصبه في جبل لبنان ‪‬أعظم من منصب‬ ‫وزير‪.4‬‬


‫ •المتصرف الرابع‪ :‬واصا المرديتي‪ 5‬األلباني األصل‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫التيني عثماني التبعية‪ُ .‬ع ِّين متصرفً ا على جبل لبنان‬ ‫في ‪ 8‬أيار ‪ .1883‬تولى السلطة من ‪ 8‬حزيران ‪ 1883‬حتى‬ ‫وفاته في ‪ 29‬حزيران ‪.1892‬‬ ‫ •المتصرف الخامس‪ :‬نعوم توتنجي‬

‫من طائفة الــروم الكاثوليك‪ ،‬حلبي األصــل عثماني‬ ‫حكم من ‪ 4‬أيلول ‪1892‬‬ ‫التبعية‪ُ .‬ع ِّين في ‪ 15‬آب ‪َ .1892‬‬ ‫حتى ‪ 14‬تشرين األول ‪ .1902‬عاد إلى العاصمة العثمانية‬ ‫بعد نهاية حكمه‪.‬‬ ‫ •المتصرف السادس‪ :‬مظفر صادق‬

‫اسمه الحقيقي الديـســاس أي ــزودور تشايكوفسكي‪.‬‬ ‫التيني بولوني األصل عثماني الجنسية‪ .‬صدر بروتوكول‬ ‫حكم من ‪ 14‬تشرين األول‬ ‫تعيينه في ‪ 27‬أيلول ‪َ .1902‬‬ ‫‪ 1902‬حتى وفاته في ‪ 28‬حزيران ‪.1907‬‬

‫‪146‬‬

‫‪147‬‬

‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬

‫متصرفية جبل لبنان‬

‫ •المتصرف السابع‪ :‬يوسف فرنكو الكوسا‬

‫نجل المتصرف الثاني فرنكو الكوسا‪ .‬من طائفة الروم‬ ‫الكاثوليك‪ ،‬حلبي األصل عثماني التبعية‪ُ .‬ع ِّين في ‪ 8‬تموز‬ ‫‪ .1907‬حكم من ‪ 26‬تموز ‪ 1907‬حتى ‪ 8‬تموز ‪.1912‬‬ ‫ •المتصرف الثامن‪ :‬أوهانس بادروس قيومجيان‬

‫أرمني كاثوليكي‪ُ .‬ع ِّين متصرف جبل لبنان في ‪23‬‬ ‫كانون األول ‪ .1912‬حكم من ‪ 21‬كانون الثاني ‪ 1913‬حتى‬ ‫‪ 21‬حزيران ‪ 1915‬تاريخ حصوله على إجــازة خاصة من‬ ‫الصدر األعظم واعتكافه في منزله‪ .‬غادر لبنان من رياق‬ ‫في ‪ 7‬أيلول ‪ 1915‬إلى العاصمة العثمانية‪ .‬أمضى بقية‬ ‫الحياة في روما وتوفي في ‪ 11‬آب ‪.1933‬‬ ‫‪ 55‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫صور تامر المالط كثرة الرشوة في عهده بهذين البيتين الشهيرين‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فأجبتهم وانا الخبير بذاته‬ ‫ ‬ ‫قالوا‪ :‬قضى واصا وواروه الثرى‬ ‫برد حياته‬ ‫ ‬ ‫رنّ وا الفلوس على بالط ضريحه‬ ‫وأنا الكفيل لكم ّ‬

‫خطاب المحامي سليم باز في استقبال المتصرف مظفر باشا‪.‬‬


‫بعد أوهانس باشا أوعز القائد العسكري العام جمال باشا إلى الباب‬ ‫العالي بتسليم السلطة في جبل لبنان‪ ،‬بشكل مخالف لبنود النظام‪ ،‬إلى‬ ‫كل من‪:‬‬

‫السنية بتعيينه متصرفً ا‬ ‫ •علي منيف بك‪ :‬تركي األصل‪ ،‬صدرت اإلرادة‬ ‫ّ‬ ‫يعين بدون عهود‬ ‫متصرف‬ ‫على جبل لبنان في ‪ 2‬آب ‪ 1915‬فكان أول‬ ‫ّ‬ ‫دولية‪ .‬وصل إلى لبنان في ‪ 20‬أيلول ‪ .1915‬ومع هذا التعيين دخل‬ ‫ّ‬ ‫جديدا من اإلدارة والحكم‪ُ .‬عهدت إليه وزارة األشغال‬ ‫دورا‬ ‫ً‬ ‫جبل لبنان ً‬ ‫العثمانية في ‪ 23‬كانون الثاني ‪ 5 /1332‬شباط ‪ ١٩١٧‬فغادر جبل لبنان‬ ‫ّ‬ ‫الستالم منصبه الوزاري‪.‬‬

‫‪148‬‬

‫ •محمد حليم بك التركي‪ُ :‬عهدت إليه وكالة المتصرفية ثاني ًة في ‪12‬‬ ‫مارت ‪ ١٢ /1333‬أذار ‪ .1917‬حكم بالوكالة حتى تعيين متصرف جديد‪.‬‬

‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬

‫عين متصرف لبنان فــي ‪ 25‬آب ‪1918‬‬ ‫ •ممتاز بــك‪ :‬تركي األص ــل‪ّ .‬‬ ‫حتى ‪ 30‬أيلول ‪ 1918‬تاريخ خروج الجيش العثماني من لبنان وحلول‬ ‫حامال ما بقي في‬ ‫الفرنسيين مكانه‪ .‬وهو خرج من سراي الحكومة‬ ‫ً‬ ‫خزينة المتصرفية من أموال‪.‬‬

‫‪2.2‬الوكيل‪:‬‬

‫وعمليا أوجبت إيجاد منصب نائب المتصرف‬ ‫حياتيا‬ ‫ظــروف البالد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قسرا‪ .‬وبات هذا‬ ‫أو‬ ‫ا‬ ‫طوع‬ ‫غيابه‬ ‫عند‬ ‫المتصرف‬ ‫محل‬ ‫(أو الوكيل) يحل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ـرز واألهــم لدى اللبنانيين أيام المتصرفية‪ ،‬يحظى صاحبه‬ ‫المنصب األبـ َ‬ ‫ُ‬ ‫بالمقام الثاني بعد المتصرف‪ ،‬وباألول في سلم الوظائف اللبنانية‪ ،‬ما جعل‬ ‫وجهاء الموارنة يطمحون إليه ويسعون في سبيله لدى المراجع السياسية‬ ‫الفاعلة‪ .‬وهو ترأَّ س المجلس اإلداري النيابي في غياب المتصرف وقام‬ ‫مقامه بإدارة عموم شؤون البالد‪.‬‬ ‫استنادا إلى عرف سابق عين داود باشا الشيخ عيد بو حاتم أول وكيل‬ ‫ً‬ ‫ماروني من خارج الندوة النيابية للحلول محله في رئاسة مجلس اإلدارة‪،‬‬

‫ •من ‪ 11‬شباط ‪ 1873‬حتى ‪ 8‬أي ــار‪ 1873‬عند وفــاة فرنكو باشا حتى‬ ‫وصول رستم باشا في ‪ 8‬أيار ‪.1873‬‬

‫ •من ‪ 1876/7/10‬إلى ‪ 1876/9/15‬عند سفر رستم باشا في إجازة‪.‬‬

‫وبعد الشيخ عيد بوحاتم تولى منصب الوكيل وجهاء لبنانيون‪ ،‬أبرزهم‪:‬‬ ‫عمون عمون‪ ،‬نعوم قيقانو‪ ،‬أنطون عمون‪ ،‬أمين أبي اللمع‪ ،‬سعد شهاب‪،‬‬ ‫أفندي شهاب‪ ،‬حبيب البيطار‪ ،‬قبالن أبي اللمع‪ ،‬سليم عمون‪ ،‬سعداهلل‬ ‫الحويك‪ ،‬حبيب السعد‪.6‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬أرشيف المتصرفية‬

‫بعد هذا التمهيد العام‪ ،‬أصل إلى لبنان في أرشيف المتصرفية‪.‬‬ ‫ينتشر هذا األرشيف في جميع الدول المعنية بالمسألة اللبنانية‪ :‬تركيا‬ ‫سابقا) وفرنسا وبريطانيا والنمسا وروسيا وألمانيا‬ ‫(الــدولــة العثمانية‬ ‫ً‬ ‫عدة تضم محفوظات عائدة للمتصرفية‪،‬‬ ‫والفاتيكان وسواها‪ .‬وثمة مراكز ّ‬ ‫أبرزها‪:‬‬ ‫ •محفوظات المتحف الوطني ومحفوظات المديرية العامة لآلثار‪ .‬فيها‬ ‫وثائق وسجالت دوائر حكومة المتصرفية والمجلس اإلداري‪.‬‬ ‫ •دار الكتب الوطنية ومؤسسة المحفوظات الوطنية‪.‬‬

‫ •محفوظات مراكز المقامات الروحية (على اختالف المذاهب)‪ .‬تفترض‬ ‫الحصول على ِإذن خاص لالطالع عليها‪.‬‬ ‫ •سجالت المحاكم الروحية والشرعية‪.‬‬

‫‪ 66‬‬ ‫‪.1994‬‬

‫المسرة‪ ،‬عدد ‪،810‬‬ ‫عبداهلل المالح‪ :‬الوكيل في متصرفية جبل لبنان‪ ،‬مجلة‬ ‫ّ‬

‫‪149‬‬

‫متصرفية جبل لبنان‬

‫ •اسماعيل حقي بك‪ :‬تركي األصــل‪ ،‬كان ‪‬السكرتير العمومي للوكالة‬ ‫العثمانية في مصر‪ .‬صدرت إرادة تعيينه متصرفا في ‪ 3‬نيسان ‪/1333‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 3‬نيسان ‪ .1917‬بقي في السلطة حتى ‪ 25‬آب ‪.1918‬‬

‫ •من ‪ 1872/12/16‬حتى ‪ 1873/2/11‬بسبب مرض فرنكو باشا‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫ •محمد حليم بك التركي‪ :‬رئيس مالية جبل لبنان في عهد أوهانس‬ ‫حتى‪ 20‬أيلول ‪.1915‬‬ ‫باشا وحين غادر هذا تولّ ى الحكم بالوكالة ّ‬

‫لبنانيا يتولى صالحيات المتصرف عند غيابه عن‬ ‫موظفا‬ ‫فبات الوكيل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جبل لبنان أو وفاته‪ .‬وهو تولى السلطة الفعلية أول مرة عند سفر داود‬ ‫فتوالها َث ً‬ ‫الثا أيام فرنكو باشا‬ ‫باشا إلى اآلستانة في صيف ‪ ،1865‬وعاد ّ‬ ‫ورستم باشا‪:‬‬


‫ •مكتبات بعض الجامعات الناشطة على األراضي اللبنانية‪.‬‬ ‫ •مكتبات خاصة وأهلية‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫ •محفوظات الصحف والـمـجــات المحلية واالغـتــرابـيــة ومــا أغناها‬ ‫وأكثرها‪( .‬لسان الـحــال‪ ،‬البشير‪ ،‬ثمرات الفنون‪ ،‬الحقيقة‪ ،‬األرز‪،‬‬ ‫االتحاد العثماني‪ ،‬الحرية‪ ،‬الهدى‪ ،‬المرسل‪.)... ،‬‬

‫‪150‬‬

‫‪151‬‬

‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬

‫متصرفية جبل لبنان‬


‫‪1.1‬البراءات البابوية (‪ 107‬براءات) أولها ترقى إلى سنة ‪.1215‬‬

‫‪2.2‬وثائق ومستندات (نحو مليون وثيقة) أقدمها للقديس لويس التاسع‬ ‫وضعت الموارنة‬ ‫ملك فرنسا (‪ )1250‬وهي نسخة عربية لفرمان حماية‬ ‫َ‬ ‫تحت حماية الدولة الفرنسية‪.‬‬ ‫‪3.3‬مخطوطات قديمة (نحو ‪ 500‬مخطوط‪.)7‬‬

‫‪152‬‬ ‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬

‫‪ 77‬األب الدكتور بولس صفير‪ :‬أرشيف البطريركية المارونية في بكركي‪ ،‬مجلة‬ ‫دراسات‪ ،‬كلية التربية في الجامعة اللبنانية‪ ،‬العددان ‪ ،84/14 – 13‬ص‪.39 – 31‬‬

‫‪ 88‬‬

‫أي سنة ‪ 1864‬بعد انتهاء الفترة االختبارية‪.‬‬

‫‪153‬‬

‫متصرفية جبل لبنان‬

‫عن المتصرفية في هذه المحفوظات ثمة وثائق كثيرة من البطاركة‬ ‫بولس مسعد ويوحنا الحاج والياس الحويك‪.‬‬ ‫وجها من وجوه تاريخ لبنان وتشكل‬ ‫وثائق بكركي مهمة جـ ًـدا‪ ،‬تعكس ً‬ ‫أساسيا من تاريخه السياسي واالجتماعي واالقتصادي‪.‬‬ ‫جزءا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خاصا من السيد البطريرك‪ ،‬منحني‬ ‫وألن أرشيف بكركي يحتاج إذنً ا‬ ‫ً‬ ‫غبطة البطريرك خريش سنة ‪ 1977‬فرصة البحث في هذا األرشيف ما‬ ‫أتاح لي وضع رسالة ماجستير وأطروحتين وكتب ومقاالت تاريخية وما‬ ‫جعلني أعيد النظر بأمور ومقوالت تاريخية من عهد المتصرفية‪.‬‬ ‫وللوقوف على أهمية هذا األرشيف أعرض وثيقة تاريخية تقع في ‪6‬‬ ‫كبيرا ترقى إلى ‪ .1863‬يومها كان المعنيون يناقشون تعديل‬ ‫صفحات‬ ‫حجما ً‬ ‫ً‬ ‫نظام المتصرفية على عهد البطريرك بولس مسعد (‪.)1890 – 1854‬‬ ‫الوثيقة غير موقعة‪ ،‬لكنها تحمل تاريخ ‪ 18‬كانون األول ‪ ،1863‬موجهة‬ ‫إلى ‪‬السفير الخطير‪ ‬مع التمني برفعها إلى ‪‬دولة العاهل األعظم‪ ‬مع‬ ‫التوسل ‪‬إلى الباري تعالى بأن يحفظ شريف وجود الذات األمبراطورية‬ ‫ّ‬ ‫ويوطد أركان الدولة اإلفرنسية‪ .‬هذا بوضوح أنها موجهة إلى السلطات‬ ‫الفرنسية‪.‬‬

‫ ‪ .‬أ‪‬الوالية االجنبية على لبنان‪‬‬ ‫جاء في الوثيقة أن أمل اللبنانيين كبير باعتماد مبدإ الوطنية عند‬ ‫اختيار المتصرف الحاكم بعد انقضاء المرحلة االختبارية المحددة بثالث‬ ‫‪8‬‬ ‫ـرض بـ‪‬حكومة مسلّ مة‬ ‫سـنــوات ‪ .‬وكــان البطريرك يعتقد أن فرنسا لم تـ َ‬ ‫ألجنبي‪ّ ‬إال ‪‬لمدة وجيزة‪ ،‬وأنها سترفض القيد الذي يستبعد ‪‬الحكام‬ ‫عرضهم‬ ‫الوطنيين‪ .‬ورأى أن ‪‬النظام االختباري‪ ‬الموضوع لــ‪ 3‬سنوات ّ‬ ‫النقسامات وأضــرار وتكاليف ال يستطيعون احتمالها‪ .‬ومع هذا خضعوا‬ ‫تحل عليهم ‪‬عند‬ ‫‪‬لهذا الرسم الدولتجي الموقت‪ ‬واثقين بأن غيرة الدول ّ‬ ‫حلول األجل‪ ‬وترفع عنهم هذا القيد‪.‬‬ ‫وتذكر الوثيقة عن المادة األولى من النظام األساسي‪ :‬ينبغي أن تكون‬ ‫إدارة جبل لبنان في عهدة متصرف مسيحي منصوب من طرف الدولة‬ ‫العلية‪ .‬إن ألفاظ هذا البند بذاتها ال تنفي الحكم الوطني وال توجبه‪.‬‬ ‫وهذا في رأي البطريركية المارونية ‪‬يضاد باقي بنود النظامات‪ ‬التي‬ ‫قضت ‪‬أن يقام من كل طايفة لبنانية وكالء وأعضاء مجالس وحكام للصلح‬ ‫ومشايخ‪ ،...‬مع أن ‪‬في هذا البند أن يحكم على لبنان كلّ ه والـلي من غير‬ ‫كل طوايف الجبل‪ .‬وهكذا يكون النظام دعا إلى اعتماد األكثرية في األمور‬ ‫الجزئية ولم يعتبر هذه األكثرية عند اختيار المتصرف‪.‬‬ ‫وطنيا من‬ ‫حقوق الجبل قديمة جـ ًـدا وكانت تقضي بأن يكون حاكمه‬ ‫ً‬ ‫األكثرية‪ .‬لم ُتسقط أكثرية السكان هذا المطلب وال يمكنها أن تنسى هذا‬ ‫يعول على هذه األكثرية وال يمكنها‬ ‫الحق‪ .‬لذا ال يمكن الحاكم األجنبي أن ّ‬ ‫أن تثق به‪ .‬وكلما سنحت الفرصة أظهرت امتعاضها وأعلنت ‪‬تشكيها‪‬‬ ‫من خسارة حقها هذا بالقوة‪ .‬وهكذا لن يستريح الباب العالي من سماع‬ ‫‪‬تشكيات‪ ‬اللبنانيين المتواصلة‪.‬‬ ‫أن ليس لــ‪‬الوالي األجنبي‪ ‬قوة داخلية يستند إليها‬ ‫وكشف االختبار ْ‬ ‫أي من الطوائف اللبنانية المعروفة‪ .‬وإذا تمردت عليه‬ ‫إذ ال ينتمي إلى ٍّ‬ ‫إحدى الطوائف ال يخضعها إال بنفسها‪ ،‬وإذا أخضعها ‪‬بغيرها ينقسم‬ ‫الجسم على بعضه ويـخــرب المجموع ك ـلــه‪ ....‬والجندية الوطنية ال‬ ‫أيضا‪ .‬وعند‬ ‫تزيل هذه الصعوبة ألنها قليلة العدد ومنقسمة كالطوائف ً‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫جدا لكن العمل في معظمها غير‬ ‫المحفوظات في هذه المواقع مهمة ً‬ ‫متيسر‪ .‬لذا أكتفي هنا بواحد منها‪ :‬أرشيف بكركي‪.‬‬ ‫أرشيف بكركي‬ ‫مركزه متقدم بين مراكز المحفوظات في لبنان‪ ،‬يتميز بقدم مخطوطاته‬ ‫وتنوع محتوياته وغزارة مستنداته‪.‬‬ ‫ووثائقه ُّ‬ ‫يتضمن هذا األرشيف ثالثة أقسام‪:‬‬

‫أضرارا نتجت‬ ‫نص الوثيقة يعكس رأي البطريركية المارونية ويحدد‬ ‫ً‬ ‫عن نظام المتصرفية تحت التجربة واالختبار‪ ،‬ويتناول المحاور التالية‪:‬‬


‫ ‪ .‬بالمنحى الطائفي‬ ‫تأخذ الوثيقة التاريخية على المعنيين أنهم‪ ،‬عند وضع النظام األساسي‪،‬‬ ‫أُ خذوا بالمنحى الطائفي وقاموا بـ‪‬تقسيم لبنان إلى ستة أقسام في ست‬ ‫طوايف‪ .‬وفي شرح هذا المنحى‪:‬‬ ‫ •‪‬في المادة األولى أن يكون لكل طايفة وكيل عند المتصرف‪.‬‬

‫عضوا‪،‬‬ ‫ •في المادة الثانية أن يترتب مجلس إدارة كبير مركب من ‪12‬‬ ‫ً‬ ‫بنسبة اثنين عن كل طائفة‪.‬‬ ‫ •في المادة الثالثة أن ينقسم جبل لبنان إلى ستة أقضية‪.9‬‬

‫ •في المادة الرابعة‪ :‬يكون في كل قضاء مجلس محلي مركب من ثالثة‬ ‫إلى ستة أعضاء موكل على األقوام والملل المختلفة‪.‬‬

‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬

‫ •في المادة السابعة‪ :‬يكون في كل ناحية لكل مذهب حاكم‪ .‬وفي كل قضاء‬ ‫مجلس محاكمة مركب من مذاهب األهالي‪ .‬وفي مركز إدارة الحكومة‬ ‫عضوا من الطوائف الست‪ .‬وأما‬ ‫مجلس محاكمة كبير مركب من ‪12‬‬ ‫ً‬ ‫مأمورية رياسة مجالس المحاكمة فينبغي أن تدار من طرف األعضاء‬ ‫مناوبة بشرط أن تتبدل مرة في كل ثالثة أشهر‪.‬‬

‫في المادة ‪ :15‬أفراد الضبطية لتنفيذ أوامر الحكومة ‪‬يكون كل منهم‬ ‫من مذهب الشخص المتعلق به األمر‪.‬‬ ‫رسميا‬ ‫وهكذا‪ ،‬من مجرد مراجعة هذه البنود‪ ،‬يتضح أن لبنان مقسم‬ ‫ً‬ ‫ست طوائف ‪‬كل منها غير متعلق باألخرى بل منفصل عنها الفصل التام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومقطوعة رباطات اإللفة واالتحاد بين كل طايفة وأخــرى‪ ،‬حتى أنه أينما‬ ‫وجد ولو خمسة أنفار من مذهب بين عشرة آالف من مذهب آخر يجب أن‬

‫‪ 99‬ليس هذا التقسيم لتسهيل عمل حكومة البالد بل لـ‪‬فصل الطوائف الواحدة عن‬ ‫األخرى‪ ،‬ألن تقسيم األقضية ّتم على أساس طائفي‪.‬‬

‫‪155‬‬

‫متصرفية جبل لبنان‬

‫ •في المادة الخامسة‪ :‬يكون في الدوائر المختلطة ‪‬لكل مذهب شيخ‬ ‫على حد ٍة تكون حكومته جارية على أبناء مذهبه فقط‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫‪154‬‬

‫الضرورة ال يضرب الجنود طائفتهم‪ ،‬وإن ضربها غيرهم حصل االنقسام‪.‬‬ ‫ثم ليس للمتصرف قوة مستندة إلى الباب العالي ألن المادة ‪ 15‬تنهاه‬ ‫مؤقتا وفي أحــداث غير اعتيادية وبعد‬ ‫عن االلتجاء إلى هذه القوة إال‬ ‫ً‬ ‫استشارة المجلس اإلداري‪.‬‬ ‫تــردد أن طوائف لبنان متناحرة في ما بينها‪ ،‬وال ترضى طائفة أن‬ ‫تكون تحت حكم األخــرى‪ ،‬وأن الموارنة أنفسهم منقسمون؛ فبعضهم‬ ‫وطنيا‪ ،‬وبعضهم اآلخــر يريد ذاك‪ ،‬وليس في لبنان‬ ‫حاكما‬ ‫يريد هــذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من َيصلح للوالية عليه‪ .‬وإذا كــان الحاكم الوطني من طائفة تعارضه‬ ‫ضعيفا فيقلبونه‪ .‬وإذا افترضنا‬ ‫قويا فينتقم منها أو‬ ‫ً‬ ‫باقي الطوائف يكون ً‬ ‫صحة ما تردد يكون موارنة الجبل نحو ‪ 200000‬نسمة وباقي الطوائف‬ ‫المقسم خمس طوائف أخرى‪ .‬ولو‬ ‫مجتمعة نحو ‪ 62000‬أي نحو الربع‬ ‫ّ‬ ‫كان ‪‬الربع‪ ‬طائفة واحدة والموارنة ثالثة أرباع‪ ،‬هل يقتضي العدل أن‬ ‫مقسم إلى‬ ‫ُت ْع َد َم األرباع الثالثة حقها بسبب الربع؟ فكيف والعدد اليسير َّ‬ ‫خمس طوائف؟‬ ‫رفــض البطريرك فكرة انقسام الـمــوارنــة وأنـكــر ‪‬بالكلية‪ ‬أن يكون‬ ‫‪‬الموارنة منقسمين على أنفسهم بمسألة الوطنية‪ ،‬فجميعهم بفم واحد‬ ‫يلتمسونها غير ناسين حقوقهم‪ ،‬وإذا كان بينهم عدم إجماع على هذا‬ ‫الشخص أو ذاك فــ‪‬هذا ال يخلو من بالد‪ ،‬وهو مالزم الطبع البشري‪.‬‬ ‫أن ليس في لبنان من‬ ‫ومع هذا‬ ‫‪‬فأي وا ٍل يرضاه جميع مرؤوسيه؟‪ .‬والقول ْ‬ ‫ُّ‬ ‫رجاال‬ ‫ألفا ال نجد فيهم ً‬ ‫يصلح ‪‬للوالية عليه‪ ‬فبغير محله إذ مايتان وستون ً‬ ‫يسوسون بالدهم؟ المثل يقول إن مجنونً ا يعرف في بيته أكثر من فيلسوف‬ ‫في بيت غيره‪ ،‬وإذا الوالي األجنبي الذي ال قوة له في لبنان يستطيع بعد‬ ‫جمع إلى‬ ‫تنصيبه أن يسوسه‪ ،‬فكم يكون أولى بذلك الوالي الوطني الذي َي َ‬ ‫دعم الدول له قوة األكثرية؟‬ ‫وأما إذا كان الحاكم الوطني من األكثرية يضر بباقي الطوائف‪ ،‬فكالم‬ ‫يبطله االختبار ألنه بمدة أجيال عديدة ‪‬كــان الحكام من موارنة وكانت‬ ‫باقي الطوايف بالرغد والراحة والمساواة تحت أيديهم إلى سنة ‪،1841‬‬ ‫ال بل نؤكد أن ‪‬لبنان كان حينئذ ملجأ لهم وإلخوتهم السكان في جواره‪،‬‬ ‫وكانت لهم المساواة بباقي سكانه أجمع دون أدنى ضرر بباقي الطوايف‪.‬‬ ‫والــدلـيــل‪ :‬كــان يوظف مــن جميع الـطــوائــف عند الحكومة بــدون تمييز‪،‬‬ ‫و‪‬يمكننا أن نورد قائمة طويلة من متوظفين في أول رتبة من غير الموارنة‬ ‫أيام والية الحاكم الماروني األكثر قوة األمير بشير شهاب (الثاني) ‪،...‬‬

‫وإذا بعد هذا التاريخ نهضت طائفة على أخرى فذلك مفعول انقسام عمقته‬ ‫‪‬النظامات الحالية ال مفعول الحكم الوطني‪.‬‬


‫ ‪ .‬جالمساواة بين الطوائف‬ ‫وخصوصا في مجال التوظيف أدى إلى‬ ‫تسوية الطوائف في ما بينها‬ ‫ً‬ ‫در ُج الوثيق ُة التاريخية تعداد‬ ‫خلل وأضرار كبيرين‪ .‬ولتوضيح هذا األمر ُت ِ‬ ‫النفوس ‪‬وكمية المال الميري الذي تؤديه كل طايفة‪:‬‬ ‫‪156‬‬ ‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬

‫‪200000‬‬

‫موارنة‬

‫‪2550‬‬

‫‪027000‬‬

‫دروز‬

‫‪0500‬‬

‫‪016000‬‬

‫روم غير متحدين‬

‫‪0250‬‬

‫‪012000‬‬

‫روم متحدين‬

‫‪0100‬‬

‫‪004000‬‬

‫إسالم‬

‫‪0040‬‬

‫‪003000‬‬

‫متاولة‬

‫‪0060‬‬

‫‪262000‬‬

‫‪ 3500‬كيس‬

‫عددا‪،‬‬ ‫يتبين من هذا الجدول أن الموارنة كانوا نحو ثالثة أرباع السكان ً‬ ‫ّ‬ ‫وباقي الطوائف الخمس نحو الربع‪ .‬ومع هذا ساوى النظام بين كل من هذه‬ ‫الطوائف‪ ،‬وباألخص في الوظائف والموظفين والحقوق‪َ .‬وتعتبر الوثيقة أن‬ ‫‪‬ضرر ذلك يلتحق خاصة بالموارنة‪ ،‬فبموجب المادة األولى اآلمرة بإقامة‬ ‫وكيل لكل طائفة عند المتصرف ‪‬يلزم أن يكون وكيل للموارنة التي عددها‬ ‫‪ ،200000‬ووكيل لطائفة المتاولة التي عددها تحت حكومة الجبل ‪3000‬‬ ‫نفس‪ ،‬وكذلك لباقي الطوائف‪.‬‬

‫ ‪ .‬دالوظائف والمعاشات‬ ‫إن ‪‬إكثار الوظائف‪ ،‬وبالتالي المعاشات‪ ،‬فــوق ما يسمح به فقر‬ ‫يشكل مـصــدر خلل آخ ــر‪ .‬فبحسب م ــواد الـنـظــام اآلمــرة‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانيين‪‬‬ ‫بإقامة الموظفين والكتبة والضبطية‪ ،...‬يقتضي أن يكون لكل طائفة‬ ‫موظفون كما يأتي‪:‬‬

‫‪157‬‬

‫متصرفية جبل لبنان‬

‫عدد النفوس‬

‫الطوائف‬

‫مال ميري‪/‬اكياس‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫ف هؤالء الخمسة لهذه‬ ‫يكون الخمسة منفصلين عن العشرة آالف‪ .‬وإن لم يك ِ‬ ‫الوظايف فيؤتى لهم بالباقي من الخارج‪ ،‬واألشنع من ذلك أن يكون متوظفو‬ ‫تماما دون أدنى فرق بعدد أو‬ ‫الخمسة أنفار بمقدار متوظفي العشرة آالف ً‬ ‫معاش‪ .‬واألعظم من ذلك كله أن أعضاء الخمسة يترأسون على المجالس‬ ‫بمقدار ما يترأس عليها أعضاء العشرة آالف كما هو مبين في المادة ‪.7‬‬ ‫فهل من شبيه لهذا االنقسام في العالم؟ وهل من يجهل أضرار هذا‬ ‫التوزيع الطائفي؟‬

‫وبموجب البنود اآلمرة بإقامة مجلس اإلدارة ومجالس المحاكمة في‬ ‫األقضية من أعضاء ‪‬للموارنة الذين هم ثالثة أربــاع السكان ستة عشر‬ ‫عضوا‪.‬‬ ‫عضوا وللباقي الذين هم الربع ثمانية وستون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأوجبت المادة الخامسة على القرى والدوائر المختلطة أن ‪‬يكون لكل‬ ‫مذهب شيخ على حــدة‪ ...‬وهذا األمر ‪‬يلزم أن يكون لعدد ‪ 62000‬من‬ ‫باقي الطوائف مشايخ دواير نحو ‪ 200‬شيخ‪ ‬مع أن عدد الموارنة يفوق‬ ‫شيخا‪.‬‬ ‫األقليات وال يكون لهم أكثر من ‪60‬‬ ‫ً‬ ‫وجــاء في المادة السابعة ‪‬أن يقام في كل ناحية لكل مذهب حاكم‬ ‫حاكما وللملكية (الروم‬ ‫للصلح‪ ،‬يكون للموارنة بموجب تقسيم النواحي ‪22‬‬ ‫ً‬ ‫األرثوذكس) ‪ 15‬وللملكية الكاثوليك ‪ 15‬ولإلسالم ‪ 12‬وللمتاولة ‪ 9‬وللدروز ‪9‬‬ ‫حاكما وللخمس‬ ‫حكام‪ ،‬أي للموارنة الذين هم نحو ثالثة أرباع السكان ‪22‬‬ ‫ً‬ ‫حاكما‪.‬‬ ‫طوائف الباقية التي هي نحو ربع السكان ‪60‬‬ ‫ً‬ ‫وبالنظر إلــى ماهية الموظفين الـمــذكــوريــن أع ــاه يـكــون ‪‬الـمــوارنــة‬ ‫يدفعون من أصل ماهية هؤالء الموظفين نحو ثالثة أرباعها ويأخذون منها‬ ‫معا يدفعون من أصل ذلك‬ ‫لموظفيهم‬ ‫سدسا فقط‪ ،‬وباقي الطوائف الخمس ً‬ ‫ً‬ ‫نحو الربع ويأخذون منه لموظفيهم المذكورين خمسة أسداس كل طائفة‬ ‫سدسا بمقدار الموارنة‪ ،‬وإن قيل إن الموارنة مديونون بميرهم للدولة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وهي تدفعها لمن تشاء‪ ،‬قلنا إن المال المرتب على الجبل نوعان‪ :‬كمارك‬ ‫معينة بموجب النظام نفسه لموظفي الجبل‬ ‫وهذه كلها للدولة‪ ،‬وميري وهذه ّ‬ ‫ال لتقديم عبوديته‪.‬‬


‫‪1674‬‬

‫مجموع موظفي الموارنة‬

‫‪0205‬‬

‫موظفو الروم غير المتحدين‬

‫‪0307‬‬

‫‪0088‬‬ ‫‪0067‬‬ ‫‪2500‬‬

‫‪158‬‬

‫موظفو الروم المتحدون‬ ‫موظفو االسالم‬

‫موظفو المتاولة‬ ‫موظف‬

‫د‪ .‬عبداهلل المالح‬

‫نتيجة هذه الوثيقة‬ ‫خلُ صت هذه الوثيقة إلى تأكيد ضرورة إصالح أحوال جبل لبنان وأحوال‬ ‫سكانه من خالل تحقيق المطالب التالية‪:‬‬ ‫رأسا‬ ‫ً‬ ‫‪‬أوال‪ :‬أن ُيقام في لبنان وا ٍل واحــد وطني من األكثرية متعلق ً‬ ‫بالباب العالي‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أن تصحح النظامات الحالية بنفي كل ما يوصل إلى انقسام‬ ‫ً‬ ‫طائفة على نفسها أو على غيرها‪.‬‬

‫‪159‬‬

‫متصرفية جبل لبنان‬

‫عدلنا لكل منهم بين رفيع ووضيع مصروف وإجرة في كل شهر ‪200‬‬ ‫‪‬فلو ّ‬ ‫قرش وجدنا لكلهم في كل شهر ‪ 1000‬كيس‪ ،‬وفي كل سنة ‪ 12000‬كيس‪،‬‬ ‫ويضاف إلى ذلك ماهية المتصرف السنوية البالغة ‪ 1000‬كيس‪ ،‬فيكون‬ ‫المجموع بتمامه ‪ 13000‬كيس‪ .‬والحال أن مال الجبل كله بموجب النظام‬ ‫هو ‪ 3500‬كيس‪( ،‬وال يجوز رفعه إلى ‪ 7000‬كيس ّإال بعد سماح الظروف)؛‬ ‫فأهل الجبل فقراء الحال‪ ،‬وأراضيهم ال تكفي إلنتاج معاشهم؛ وال مدن‬ ‫لهم ألجل التجارة؛ فكيف يمكنهم دفع المبلغ المكسور كله ومقاطعات كثيرة‬ ‫منهم قد تعجز عن دفع ما خصها من الميري بحساب ‪ 7000‬كيس؟ وحتى‬ ‫كامال لفقرها‪.‬‬ ‫(‪ )1863‬لم تدفعه ً‬ ‫ومــع أن الـسـنــوات ال ـثــاث شــارفــت على الـ ــزوال فنصف الموظفين‬ ‫المرسومين ‪‬با ٍق في الورق ولم يتعين أحد من حكام الصلح وال واحد من‬ ‫مشايخ الدواير والضبطية الموعود بإقامتها‪.‬‬

‫لبنان في أرشيف‬

‫‪0159‬‬

‫موظفو الدروز‬

‫ثالثً ا‪ :‬أن يعطى لكل طايفة لبنانية من أعضاء المجالس وباقي المتوظفين‬ ‫بمقدار احتياجها واستحقاقها بالنظر إلى عدد نفوسها وإمالكها بمقابلة‬ ‫عادلة‪.‬‬ ‫رابـ ًـعــا‪ :‬أن يتوسع على اللبنانيين ببعض المحالت المالصقة الجبل‬ ‫كسهل بعلبك والبقاع وعكار وغيرها لتسهيل معاشهم مع حفظ حقوق‬ ‫الميري بتمامها‪.‬‬ ‫‪v‬‬ ‫ختاما‪ :‬هل حققت هذه العريضة غايتها؟ أي‪ :‬هل أُ خذ برأي بكركي؟‬ ‫ً‬ ‫الوقائع التاريخية تشير إلى أن السلطات السياسية‪ ،‬العثمانية والدولية‪،‬‬ ‫عدلت نظام المتصرفية وفْ َق تجربة المتصرف األول واعتراضات بكركي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حامال تعديالت أساسية‬ ‫وبالفعل صدر البروتوكول الثاني في ‪ 6‬أيلول ‪1864‬‬ ‫ً‬ ‫كمراعاة األكثرية السكانية وتعديل عدد النواب وتحسين طريقة االنتخابات‬ ‫النيابية وتقسيم كسروان قضاءين‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬لكن المعنيين لم يأخذوا‬ ‫بمبدأ الحكم الوطني مع أن النظام الجديد لم يلحظ وجوب هذا النفي‪،‬‬ ‫ولم يشكلوا محاكم تجارية في جبل لبنان ولم ُيلغوا التوزيع الطائفي‪ ،‬وال‬ ‫وسعوا حدود المتصرفية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن محفوظات الصرح البطريركي في بكركي من أثمن الوثائق العائدة‬ ‫تعبر عن آرائهم‬ ‫لتاريخ لبنان الحديث‪ ،‬ألن فيها حقائق عن مواقف للُّ بنانيين ِّ‬ ‫وتطلعاتهم ومعاناتهم‪ ،‬وتكشف حقائق مهمة لم تكن معروفة‪.‬‬


‫لبنان في األرشيف الوطني‬

‫لبنان في األرشيف العربي واإلسالمي‬

‫أستاذ التاريخ اإلسالمي والحضارة اإلسالمية‬ ‫في الجامعة اللبنانية‬

‫يؤسسها الصليبيون‪...‬‬ ‫قلعة طرابلس لم‬ ‫ّ‬

‫عندما أتى ُسفيان بن ُمجيب األزدي لفتح طرابلس‪ ،‬كانت المدينة‬ ‫داخال في البحر كــرأس بيروت‪ .‬وكانت المنطقة الشرقية‬ ‫بريا‬ ‫ً‬ ‫لسانً ا ًّ‬ ‫أرضــا قاحلة ال عمران فيها‪ .‬فطرابلس القديمة كانت مدينة الميناء‬ ‫ً‬ ‫حاليا‪ .‬حاصرها سفيان فاستعصت عليه فأشار عليه معاوية والي الشام‬ ‫ًّ‬ ‫يتمكن من‬ ‫آنذاك ببناء حصن يحتمي فيه وجنده لمواصلة الحصار حتى ّ‬ ‫طرابلسي اسمه‬ ‫إخباري‬ ‫محدث وأول‬ ‫فتح طرابلس‪ .‬وفي هذا يذكر أول‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫معاوية بن يحيى‬ ‫األطرابلسي ‪( 1‬القرن الثاني هـ‪/.‬الثامن الميالدي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حصنا‬ ‫األزدي بنى‬ ‫ً‬ ‫أن سفيان ْ‬ ‫أي أنه أقرب شخص إلى موقعة الفتح) ّ‬ ‫تمكن من تضييق الحصار على‬ ‫ُس ّمي باسمه (‪‬حصن سفيان‪ )‬ومنه ّ‬ ‫أهل المدينة حتى هربوا بالمراكب في البحر إلى السواحل البيزنطية‬ ‫ونجح في فتحها‪.‬‬ ‫‪ 11‬األطرابلسي‪ :‬نسبة إلى أطرابلس‪ ،‬بإضافة األلف المهموزة في أولها‪ .‬هكذا كانت‬ ‫تمييزا لها عن طرابلس الغرب‪ .‬وورد الذكر حول اسم‬ ‫كتب في المصادر القديمة‬ ‫ُت َ‬ ‫ً‬ ‫طرابلس في كتابي ‪‬تاريخ طرابلس السياسي والحضاري – الجزء األول‪.‬‬

‫‪161‬‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫أحصر بحثي في نقاط تتعلق بتاريخ لبنان في حقبة ُيسميها األوروبيون‬ ‫والمستشرقون ‪‬فترة العصر الوسيط‪ ‬أو ‪‬العصور الوسطى‪ ،‬وهي‬ ‫الممتدة من ظهور اإلســام حتى سقوط القسطنطينية سنة ‪ 1453‬م‪،‬‬ ‫أي من النصف األول للقرن السابع الميالدي حتى النصف اآلخــر من‬ ‫القرن الخامس عشر‪ ،‬وهي مرحلة امتدت نحو ‪ 900‬عام‪ ،‬وتشمل عهد‬ ‫األموي فالعهد العباسي‪ ،‬ثم الطولوني‪ ،‬فالعودة‬ ‫الخلفاء الراشدين فالعهد‬ ‫ّ‬ ‫إلى العباسيين‪ ،‬ثم العهد اإلخشيدي فالفاطمي فعهد الفرنجة واحتالل‬ ‫ساحل الشام‪ .‬وفي الفترة نفسها كان الحكم السلجوقي ثم األيوبي في‬ ‫بعلبك والقسم الشرقي من لبنان‪ .‬ثم جاء المماليك فحرروا لبنان من‬ ‫الفرنجة وحكم بعدهم العثمانيون‪.‬‬ ‫َمن كتب عن تاريخ لبنان خالل هذه المرحلة التاريخية؟‬ ‫أكثر باحثينا ومؤرخينا أهملوا الكتابة عن هذه المرحلة المهمة من‬ ‫تاريخ لبنان‪ ،‬وانصرفوا إلى الكتابة عن العصر الفينيقي أو التاريخ الحديث‬ ‫المتصرفية‬ ‫المعني أو عهد الشهابيين أو عهد‬ ‫كعهد األمير فخر الدين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجبل لبنان واالنتداب الفرنسي فعهد االستقالل‪ ،‬وأشاحوا عن العصور‬ ‫تقدمتها‪.‬‬ ‫والدول اإلسالمية التي ّ‬ ‫اهتموا بكتابة تاريخ لبنان ووضعوا للباحثين وطالب‬ ‫سأتوقف عند‬ ‫ٍ‬ ‫أربعة ّ‬ ‫الدراسات العليا مراجع أساسية لكتابة هذا التاريخ‪.‬‬ ‫حتي أول مــن كتب‬ ‫أولـهــم أشهر مــن ّأرخ عــن لبنان‪ :‬الدكتور فيليب ّ‬ ‫باإلنكليزية عن تاريخ لبنان الكامل والشامل‪ُ ،‬وترجم كتابه إلى العربية‬ ‫وصدر في ‪ 697‬صفحة‪ .‬وهو كتب ‪ 8‬صفحات عن عهد الخلفاء الراشدين‬ ‫عاما‪.‬‬ ‫والعهد األموي اي نحو ‪ً 130‬‬ ‫الثاني‪ :‬الدكتور كمال سليمان الصليـبي وكان أستاذ التاريخ اإلسالمي‬ ‫في الجامعة األميركية في بيروت‪ ،‬وله كتاب ‪‬منطلق تاريخ لبنان‪ ‬وفيه عن‬ ‫حتي‪.‬‬ ‫الفترة الوسيطة ‪ 16‬صفحة‪ ،‬أي ضعف ما كتبه الدكتور ّ‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫الدكتور عمر عبد السالم تدمري‬

‫ـدرس مــادة ‪‬تــاريــخ لبنان‬ ‫الثالث‪ :‬زميل لنا توفي قبل سنوات كــان يـ ّ‬ ‫الوسيط‪ ‬في الجامعة اللبنانية‪ ،‬هو األستاذ محمد علي مكي‪ ،‬وضع كتاب‬ ‫‪‬لبنان من الفتح العربي حتى الفتح العثماني‪ ،‬وفيه عن العهدين الراشدي‬ ‫واألموي ‪ 26‬صفحة من القطع الصغير‪.‬‬ ‫الرابع هو جواد بولس صاحب كتاب ‪‬تاريخ لبنان‪ ‬وفيه عن العهدين‬ ‫الراشدي واألمــوي ‪ 22‬صفحة من القطع الصغير أيضاً من المعلومات‬ ‫واألمويين الذين تعاقبوا على الخالفة والحكم‬ ‫عن الخلفاء الراشدين‬ ‫ّ‬ ‫وكــان لبنان يخضع لهم‪ .‬لكنه لم يذكر أسماء فاتحي المدن اللبنانية‬ ‫أذكر أن فاتح‬ ‫وتواريخ فتح بيروت وطرابلس وصيدا وصور وبعلبك‪ .‬لذا ّ‬ ‫بـيــروت هــو يزيد بــن أبــي سفيان نحو سنة ‪13‬ه ــ‪ .‬على عهد الخليفة‬ ‫عمر‪ ،‬وفاتح صور في تلك السنة نفسها هو ُشرحبيل بن َح َس َنة‪ ،‬وفاتح‬ ‫صيدا هو نفسه يزيد بن أبي سفيان‪ ،‬وفاتح بعلبك هو أبو ُعبيدة بن‬ ‫فف ِت َحت مرتين‪ :‬أُ ولى‬ ‫الجراح بين سنتي ‪ 14‬و‪ 15‬للهجرة‪ .‬أما طرابلس ُ‬ ‫ّ‬ ‫على عهد الخليفة عمر (وفق رواية الواقدي في كتاب ‪‬فتوح الشام‪)‬‬ ‫ُ‬ ‫عفان كما ذكر البالذُ ري في‬ ‫واألخرى في أوائل عهد الخليفة عثمان بن ّ‬ ‫‪‬فتوح البلدان‪ ‬نحو سنة ‪ 25‬هـ‪.‬‬


‫صورة المشهد الفاطمي المكتشف‬ ‫داخل قلعة طرابلس على يد اآلثاري‬ ‫األمير موريس شهاب سنة ‪.1969‬‬

‫‪ ...‬وال قلعة جبيل‪...‬‬ ‫دفتر أوقاف لواء‬ ‫طرابلس – وثائق األرشيف‬ ‫العثماني بأنقرة‪.‬‬

‫‪162‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫‪ 22‬‬ ‫‪.P.220‬‬

‫‪Répertoire Chronologique d’Epigraphie Arabe (1936) – Vol.7 – N" 2739,‬‬

‫وكذلك كتابي ‪‬لبنان من السيادة الفاطمية حتى السقوط بيد الصليبيين (القسم‬ ‫الحضاري) – طبعة دار اإليمان‪ ،‬طرابلس ‪1414‬هـ‪1994 /‬م – ص‪.205‬‬

‫‪163‬‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫فأين كان حصن سفيان؟‬ ‫ري في‬ ‫عن معاوية‬ ‫األطرابلسي (توفي نحو ‪ 170‬هــ‪ 786 /‬م)‪ ،‬والبالذُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬فتوح البلدان‪ ،‬وابن عساكر في ‪‬تاريخ دمشق‪( ‬مخطوط في ‪ 80‬مجلّ ًدا)‬ ‫حصنا على ُبعد نحو ميلين من طرابلس (أي حيث الميناء‬ ‫أن سفيان بنى‬ ‫ً‬ ‫حاليا)‪ .‬وإذا ِق ْسنا المسافة بين السور الشرقي لمنطقة الميناء وبين قلعة‬ ‫ً‬ ‫طرابلس الحالية لوجدنا المسافة بينهما نحو ميلين (‪ 3‬كلم و‪ 200‬م)‪ .‬فهل‬ ‫من مكان أفضل من موقع قلعة طرابلس ليبني ُسفيان حصنه عليه؟‬

‫أن قلعة جبيل بناها العرب‬ ‫لدينا نصوص سابق ٌة الحروب الصليبية ّ‬ ‫تؤكد ّ‬ ‫وربما قبله‪ .‬وفي المتحف الوطني لوحة حجرية (غير‬ ‫في العصر الفاطمي ّ‬ ‫تؤرخ بناء برج في قلعة جبيل تحمل تاريخ سنة ‪ 482‬هـ‪ 1089 /‬م‪،‬‬ ‫معروضة) ّ‬ ‫عثر عليها سنة ‪ 1936‬أثريون مستشرقون داخل القلعة ورجحوا تاريخها‬ ‫‪2‬‬ ‫مرت بساحل لبنان كانت‬ ‫نحو سنة ‪ 475‬هـ ‪ 1082 / .‬م‪ .‬وأول حملة للفرنج ّ‬ ‫سنة ‪ 491‬هــ‪ 1097 /‬م‪ ،‬ولم يحتلوا جبيل إال سنة ‪ 497‬هــ‪ 1103 /‬م‪( .‬بعد‬ ‫سقوط القدس بخمس سنوات)‪.‬‬ ‫هذه اللوحة المنقوشة هي إذً ا قبل الصليبيين‪ ،‬وأرجح تاريخها نحو سنة‬ ‫فاطمي في دمشق‪ ،‬وبيروت وصيدا وبعلبك‬ ‫ض‬ ‫‪ 482‬هـ‪ .‬ألن عليها اسم قا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫كانت آنذاك تتبع والي دمشق‪ ،‬بينما طرابلس مستقلّ ة عن دمشق‪ ،‬لها واليها‬ ‫شمالي فلسطين‪.‬‬ ‫يعينه الخليفة في مصر‪ ،‬وكانت صور تتبع والي صفد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نقشا على‬ ‫والــذي أمر ببناء البرج في قلعة جبيل (كما المنصوص ً‬ ‫اللوحة) هو ثقة الـمـُلك ابن الصوفي‪ :‬كان وزيـ ًـرا في دمشق وكلّ ف ابنه‬ ‫وأرخ ذلك البناء‪ .‬وفي كتاب ‪‬ذيــل تاريخ‬ ‫القاضي مكين الدولة ببنائه ّ‬ ‫دمشق‪ ‬البن القالنسي‪( ‬ت‪ .‬سنة ‪ 555‬هــ‪ 1160 /‬م) ذكر مفصل عن‬ ‫أسسها‬ ‫ثقة ال ُـملك وابـنــه وتاريخهما‪ ،‬مــا ُيبطل ّادع ــاء ّ‬ ‫أن قلعة جبيل ّ‬ ‫الصليبيون‪.‬‬ ‫ّ‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫صخري ُيشرف على‬ ‫أن القلعة جاثمة عند مرتفع‬ ‫لهذا المكان ميزتان‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫الشرقي‪ ،‬وأنها تحاذي نهر طرابلس (نهر أبي علي)‬ ‫المدينة والبحر وسهلها‬ ‫ّ‬ ‫للج ْند وخيولهم ما يحتاجونه من المياه‪.‬‬ ‫الذي يوفّ ر ُ‬ ‫فاطمي من عهد بني‬ ‫وال يــزال في وسط القلعة حتى اليوم مسجد‬ ‫ّ‬ ‫سابق للحروب الصليبية‪ .‬إذن‬ ‫الفاطمي‬ ‫عمار أمراء طرابلس‪ .‬والعصر‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فالموقع عــربـ ّـي وإســامـ ّـي األس ــاس فكيف يـ ّـدعــي مــن يــدعــي أن قلعة‬ ‫طرابلس صليبية؟‬ ‫هذه نقطة‪.‬‬


‫‪164‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫أن‬ ‫كتابا عن صيدا جاء فيه ّ‬ ‫قبل سنوات أصدرت ‪‬مؤسسة الحريري‪ً ‬‬ ‫قلعتها البحرية صليببية‪.‬‬ ‫أن بناء هذه القلعة كان‬ ‫يدي مخطوطات ووثائق تنفي ذلك‪ ،‬وتؤكد ّ‬ ‫وبين ّ‬ ‫ت طويلة‪ .‬وفي ‪‬تاريخ مدينة دمشق‪ ‬البن عساكر‬ ‫بسنوا‬ ‫ين‬ ‫الصليبي‬ ‫قبل‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تأريخ كل بالد الشام (سوريا ولبنان وفلسطين واألردن – أي إقليم بالد‬ ‫الشام كما يسمى في التاريخ اإلسالمي)‪ ،‬وهو ليس مجرد كتاب تاريخ يذكر‬ ‫سير أعالم من الرجال‬ ‫ب أو تسلسل بل‬ ‫يذكر حوادث تاريخية بتعاق ٍ‬ ‫ُ‬ ‫كتاب َ‬ ‫لكثير من المعلومات التاريخية‪ ،‬منها سيرة‬ ‫والنساء‪ ،‬يعرض من خاللها‬ ‫ٍ‬ ‫جده‬ ‫أحمد بن محمد بن ُجميع الصيداوي وفيها أنه ّ‬ ‫تدخل إلخراج خادم ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫الذي حبسه أبو الفتح بن الشيخ والي صيدا من قلعتها ‪ .‬وابن ُجميع توفي‬ ‫سنة ‪ 371‬هـ‪ 981/‬م‪ ،‬والصليبيون لم يحتلّ وا صيدا ّإال سنة ‪ 504‬هـ‪ 1110/‬م‪.‬‬ ‫أن قلعتها كانت موجودة قبلهم بأكثر من مئة عام‪.‬‬ ‫ما يعني ّ‬ ‫‪ 33‬تاريخ دمشق – مخطوط الخزانة التيمورية – دار الكتب المصرية‪ ،‬رقم ‪1041‬‬ ‫تاريخ‪ ،‬مجلّ د ‪ /3‬ورقة ‪ 162‬ومجلّ د ‪ /18‬ورقة ‪.317‬‬

‫ليو الطرابلسي ودميان الصوري‬

‫‪165‬‬

‫مشوهة أو‬ ‫مشوشة أو مضطربة أو‬ ‫جدا‬ ‫مهمة ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في تاريخنا معلومات ّ‬ ‫مزورة أو مطموسة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عبر البحر‬ ‫لبناني‬ ‫قائد‬ ‫أنه‬ ‫ويعرف‬ ‫هنيبعل‬ ‫هو‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫اللبناني‬ ‫يعرف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المتوسط وأراد أن يــدخــل روم ــا‪ .‬لكن اللبناني ال يـعــرف مــن هــو ليو‬ ‫مؤرخينا في‬ ‫الطرابلسي أو دميان‬ ‫الصوري‪ّ ،‬‬ ‫ألن ُكتبنا ال تذكرهما‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫حيادي وبشك ٍل‬ ‫ل‬ ‫بشك‬ ‫الوسيط‬ ‫العصر‬ ‫في‬ ‫لبنان‬ ‫تاريخ‬ ‫لبنان أن يكتبوا‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وموثق‪.‬‬ ‫علمي‬ ‫ّ‬ ‫‪ 44‬‬ ‫‪ 55‬‬

‫تاريخ دمشق – طبعة دار الفكر ‪ 92/57‬و‪.93‬‬

‫سفر نامه – ناصر خسرو علوي – ترجمة د‪.‬يحيى الخشاب – ص ‪.50 ،49‬‬

‫النحاة‪ ،‬للقفطي‬ ‫‪ 66‬معجم األدباء‪ ،‬لياقوت الحموي ‪ ،90/17‬إنباه الرواة على أنباه ُ‬ ‫‪.273/3‬‬ ‫‪.Mission de Phénicie – Ranin_ p 863 77‬‬ ‫‪Répertoire Chronologique d’Epigraphie Arabe – t. 8, p. 39‬‬ ‫صورة النص في كتاب ‪ Liban, l’autre rive‬منشورات معهد العالم‬

‫العربي – باريس‬ ‫‪ – 1988‬ص ‪ 234‬وفي كتابي‪ :‬لبنان من السيادة الفاطمية‪ – ...‬القسم الحضاري‬ ‫‪.209 – 207‬‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫القبة‪.‬‬ ‫صورة قلعة صيدا البحرية ويظهر إلى اليمين المسجد الذي تعلوه ّ‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫‪ ...‬وال قلعة صيدا البحرية‬

‫المحسن بن علي بن َك ْوجك الصيداوي يذكر ابن‬ ‫وفي سيرة الشاعر‬ ‫ّ‬ ‫الغرق‪ ‬في صيدا نحو سنة ‪ 394‬هـ‪ 1004 /‬م‪.‬‬ ‫عساكر أنه حفر ‪‬المحرس ِ‬ ‫وســاعــده فــي الـحـ ْـفــر م ـحـ ّـدث مــن أهــل صـيــدا هــو أبــو نصر ابــن طـ ّـاب‬ ‫‪4‬‬ ‫الجند‬ ‫الغرق مكان غــارق في الماء يبيت فيه ُ‬ ‫الـصـيــداوي‪( . ‬المحرس ِ‬ ‫للحراسة والرباط‪ .‬وهو وصف ينطبق على قلعة داخل البحر)‪.‬‬ ‫والرحالة‬ ‫الفارسي ناصر ُخ ْسرو زار قلعة صيدا سنة ‪ 438‬هـ‪ 1047 /‬م‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪5‬‬ ‫المحدثون والشعراء‬ ‫وكتب أنها قلعة حجرية ُمحكمة ‪ ،‬ذات قُ ّبة يجتمع فيها‬ ‫ّ‬ ‫وينقش بعضهم أسماءهم على جدرانها‪.6‬‬ ‫وسنة ‪ 491‬ه ــ‪ 1098 /‬م ُجـ ِّـد َد بــرج القلعة بأمر من والــي صيدا سعد‬ ‫الدولة األفضلي في عهد الخليفة المستعلي باهلل‪ ،‬كما تؤكد لوحة تاريخية‬ ‫كانت داخل القلعة‪ ،‬نُ قشت عليها عشرة أسطر بالخط الكوفي‪ ،‬وهي اليوم‬ ‫في متحف ‪‬اللوفر‪ – ‬باريس‪ ،‬قسم اآلثار الشرقية‪ ،‬رقمها (‪ .7)8152‬هذه‬ ‫إذً ا هوية قلعة صيدا الحقيقية بالنصوص والوثائق‪.‬‬


‫من هو ‪‬ليو الطرابلسي‪‬؟‬

‫فن الحيل والحروب‬ ‫كتاب ّ‬

‫‪167‬‬

‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫صنفها في العصر المملوكي‬ ‫ثمة مخطوطة ‪‬ال ِـحـ َـيــل في الحروب‪ّ ‬‬ ‫محمد بن منكلي الناصري (نسبة إلى السلطان الناصر محمد بن قالوون)‬ ‫متخصصة بفنون الصناعات الحربية وتصنيع أدوات الحريق‪ .‬وفي أقوال‬ ‫مؤرخينا العرب إن المسلمين عجزوا عن فتح القسطنطينية في‬ ‫أكثر ّ‬ ‫العصر األموي أو العباسي بسبب النار اإلغريقية عند البيزنطيين وحسن‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬لذا فشل المسلمون في اقتحامها‪.‬‬ ‫ضد األسطول‬ ‫استخدامها ّ‬ ‫ّ‬ ‫غير أن في مخطوطة الناصري معلومة نادرة عن أن المسلمين وصلوا‬ ‫ت كثير ًة الستخدامها في‬ ‫ً‬ ‫وصنعوا‬ ‫إلى حقيقة النار اإلغريقية‬ ‫ّ‬ ‫أشكاال وأدوا ٍ‬ ‫البرية والبحرية بإشعال النيران وسط الماء وإشعال المياه نفسها‪،‬‬ ‫الحروب ّ‬ ‫صنع بها ذلك السالح‪ .‬فمحمد‬ ‫ف دقيق‬ ‫للمواد من أعشاب ومن ُتربة ُي ّ‬ ‫ّ‬ ‫مع وص ٍ‬ ‫بن منكلي الناصري (من القرن الثامن الهجري في العصر المملوكي) عثر‬ ‫للمواد الحارقة‬ ‫على مخطوطة كتبها هشام بن الليث فيها وصفات تفصيلية‬ ‫ّ‬ ‫يعرف بصاحب المخطوط‬ ‫وتركيباتها وأدواتها وأنواعها‪ .‬لكن الناصري لم ّ‬ ‫النادر هشام بن الليث‪ ،‬وهو هشام بن الليث بن تميم الطرابلسي الصوري‪،‬‬ ‫َذكره البالذُ ري (توفي سنة ‪ 279‬هــ‪ ).‬في كتابه ‪‬فتوح البلدان‪ ‬عند سرده‬ ‫أخبار فتوح صور وسواحل الشام‪ ،‬كما ذكر ابن عساكر في ‪‬تاريخ دمشق‪‬‬ ‫سيرة هشام وأن والده الليث كان أمير البحر في بيروت وطرابلس‪ ،‬وأنه أسهم‬ ‫الهجري‪.‬‬ ‫آخر القرن األول‬ ‫في حملة األسطول اإلسالمي على القسطنطينية َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫محفوظا لدى دار‬ ‫إذن فصاحب المخطوط من لبنان‪ ،‬وكان المخطوط‬ ‫مادته إلى كتابه‬ ‫نقل‬ ‫صناعة األسطول في صور‪ ،‬كما ذكر ابن منكلي الذي‬ ‫ّ‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫‪166‬‬

‫اسمه‬ ‫إفرنجي من اسم ‪ Lion‬األســد‪ .‬يوناني األصــل‪ ،‬نشأ في مدينة‬ ‫ّ‬ ‫أسيرا إلى‬ ‫ـيء به‬ ‫(حاليا على الساحل‬ ‫أنطاليا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الجنوبي من تركيا)‪ .‬جـ َ‬ ‫ّ‬ ‫فأَ‬ ‫ورباه‬ ‫طرابلس نحو سنة ‪ 250‬هـ‪ 864 /‬م‪ ،‬خذه والي طرابلس زرافة التركي ّ‬ ‫خبيرا‬ ‫وأنشأه‪ .‬وألن طرابلس على البحر تعلّ م السباحة وأتقنها وأصبح‬ ‫ً‬ ‫المد والجزر وكل ما يتعلّ ق بأمور البحر‪،‬‬ ‫بالسفن والعواصف وعمليات‬ ‫ّ‬ ‫عاما على جميع األساطيل البحرية في‬ ‫بحريا‬ ‫قائدا‬ ‫بل أصبح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فقائدا ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫بحارة مصر والسودان واألحباش وسواحل الشام‬ ‫البحر المتوسط‪ ،‬يتبع له ّ‬ ‫العباسي‪ ،‬ونُ سب إلى‬ ‫وقبرص وكريت‪ ،‬ثم بات القائد العام على األسطول ّ‬ ‫وتزوج فيها وأنجب‪.‬‬ ‫طرابلس حين صار واليها ّ‬ ‫والعباسيين على منطقة‬ ‫شديدا بين البيزنطيين‬ ‫في أيامه كان الصراع‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫العواصم والثغور (الحدود الفاصلة بين الطرفين)‪ .‬يقوم هؤالء يقومون‬ ‫فيرد أولئك عليهم‪ .‬وحين قام البيزنطيون‬ ‫ت على المناطق المتاخمة ّ‬ ‫بحمال ٍ‬ ‫بحملة كبرى على مدينة َملَ طيا ونهبوها وهدموا مساجدها وقتلوا نساءها‬ ‫الطرابلسي للرد على تلك الحملة فجمع ‪ 54‬سفينة‬ ‫والرجال‪ ،‬انبرى ليو‬ ‫ّ‬ ‫في ميناء طرابلس وأبحر منها إلى ميناء طرسوس (خليج اإلسكندرون)‬ ‫والبيزنطيين‪ ،‬ومن هناك أبحر بمحاذاة‬ ‫العباسيين‬ ‫عند‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحد الفاصل بين ّ‬ ‫الجنوبي‪ .‬والطبري (أشهر َمن كتب التاريخ العربي)‬ ‫ساحل آسيا الصغرى‬ ‫ّ‬ ‫يسميه باسمه بل‬ ‫في كتابه ‪‬تاريخ الرسل والملوك‪ ‬يذكر غزوة ليو‪ ،‬ال ّ‬ ‫يدعوه ‪‬المعروف بغالم زرافــة‪ ‬فينسبه إلى الوالي زرافة الذي امتلكه‬ ‫أن غزوة ليو استهدفت مدينة أنطاليا التي ُولد‬ ‫وربــاه‪ ،‬ويعتبر الطبري ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيها‪ .‬غير أن غزوة ليو لم تتوقّ ف عند أنطاليا بل بلغت أقصى الشمال‬ ‫ـب مدينة‬ ‫اليوناني حتى مدينة سالونيك‪ .‬والــذي روى تلك الموقع َة راهـ ُ‬ ‫أسيرا لدى ليو الطرابلسي‪ ،‬ووصف‬ ‫يوحنا كامنياتس‪ ،‬إذ كان‬ ‫سالونيك‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حاليا‬ ‫وصفا‬ ‫الغزوة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دقيقا (بلُ غته اليونانية القديمة في مخطوطة موجودة ً‬ ‫في كنيسة سالونيك الكبرى) فذكر كيف حــاول األمبراطور البيزنطي‬ ‫وبحارته لكن‬ ‫وقادته العسكريون أن يدافعوا عن سالونيك في وجه ليو ّ‬ ‫وتمكن ليو من اقتحام سالونيك والبقاء فيها ‪ 10‬أيام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫محاوالتهم فشلت‬ ‫وعاد منها بـ‪( 22,000‬اثنين وعشرين ألف) أسير عدا أسرى افتداهم أهل‬ ‫وتوزع األسرى بين صيدا وصور وبيروت وطرابلس‪،‬‬ ‫سالونيك األغنياء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وسجن هناك بانتظار عملية‬ ‫ونُ قل‬ ‫ّ‬ ‫يوحنا كامنياتس إلى مدينة طرسوس ُ‬ ‫والبيزنطيين‪ .‬وأثناء اعتقاله كتب‬ ‫العباسيين‬ ‫بين‬ ‫األسرى‬ ‫وتبادل‬ ‫داء‬ ‫ال ِف‬ ‫ّ‬ ‫تفاصيل تلك الغزوة‪.‬‬

‫سنه ُيدعى َد ْميان من أصل‬ ‫حين أُ سر ليو أُ سر معه شخص آخر في ّ‬ ‫أميرا‬ ‫الحقا‬ ‫وع ّين‬ ‫ً‬ ‫يوناني ً‬ ‫ً‬ ‫العباسيين ُ‬ ‫أيضا‪ ،‬نشأ في بغداد لدى الخلفاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقره دار صناعة األسطول في صور‬ ‫جعل‬ ‫الشام‪.‬‬ ‫سواحل‬ ‫في‬ ‫البحر‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫ـ‪‬دميان الصوري‪ .‬اشترك مع ليو في غزوات‬ ‫ُفنسب إليها وبات ُيعرف ب ـ َ‬ ‫إلى جزيرة قبرص‪ ،‬وحين عزم العباسيون على إسقاط الدولة الطولونية‬ ‫في مصر كلّ فوا دميان الصوري اإلبحار بأسطوله من سواحل بالد الشام‬ ‫(صور وصيدا وطرابلس وغيرها) إلى مصر فعبر بالمراكب نهر النيل حتى‬ ‫بلغ ‪‬القطائع‪( ‬كانت قبل القاهرة التي بناها القائد جوهر الصقلّ ي سنة‬ ‫‪ 360‬هـ‪ .).‬وهكذا كان البحار دميان الصوري‪ ،‬المنسوب إلى مدينة صور‪،‬‬ ‫أحد قادة أساسيين أسقطوا الدولة الطولونية في مصر وأعادوا مصر إلى‬ ‫حضن الدولة العباسية‪.‬‬


‫محقق الكتاب الصادر لدى دار الكتب‬ ‫يعرف به ّ‬ ‫يعرف بصاحبها كما لم ّ‬ ‫ولم ّ‬ ‫المصرية‪.‬‬

‫‪168‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫مهمة عن تاريخ لبنان‬ ‫وثائق‬ ‫ّ‬

‫بين مخطوطات كثيرة جمعناها وصورناها من مكتبات العالم طيلة ‪35‬‬ ‫ثرية للباحثين في‬ ‫مهمة ونادرة عن لبنان‪ ،‬وتوفّ ر ّ‬ ‫مادة ّ‬ ‫ً‬ ‫عاما‪ ،‬فيها معلومات ّ‬ ‫تاريخه اإلسالمي (العصر الوسيط)‪ ،‬أذكر‪:‬‬ ‫العمري – مكتبة‬ ‫‪1.1‬مسالك األبصار في ممالك األمصار البن فضل اهلل ُ‬ ‫أحمد الثالث – اسطنبول‪.‬‬

‫‪2.2‬رسالة بولس األنطاكي إلى صديقه من مسلمي صيدا في القرن ‪ 2‬هـ‪/‬‬ ‫‪ 8‬م – المتحف العراقي – بغداد‪.‬‬

‫‪3.3‬تاريخ ابن الجزري لمحمد بن إبراهيم الجزري – مكتبة برلين – ألمانيا‪.‬‬

‫(حققته في ‪ 3‬مجلّ دات عن المكتبة الوطنية في‬ ‫‪4.4‬تاريخ ابن الجزري‬ ‫ُ‬ ‫باريس ودار الكتب المصرية وكوبرللي – اسطنبول )‪.‬‬

‫‪169‬‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫سنة ‪ 99‬ه ــ‪ 707 /‬م‪ .‬توفي الخليفة األمــوي سليمان بن عبد الملك‬ ‫وخلَ فه عمر بن عبد العزيز الذي كان أول قرار أصدره‪ :‬رفْ ع المسلمين‬ ‫َ‬ ‫يتمكنوا من‬ ‫شهرا ولم ّ‬ ‫الحصار عن القسطنطينية بعدما حاصروها ‪30‬‬ ‫ً‬ ‫كثيرا من البرد والثلوج والجليد ومات الكثير منهم ومن‬ ‫فتحها‪ ،‬وقاسوا ً‬ ‫وخيولهم‪.‬‬ ‫المؤرخون والباحثون اللبنانيون أن المعلومات قليلة والمصادر‬ ‫يدعي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا ال يمكن ســرد التسلسل‬ ‫غير متوفرة لكتابة تاريخ لبنان الوسيط‬ ‫ً‬ ‫مؤرخينا لــم يـقــرأوا ســوى الكتب‬ ‫التاريخي لتاريخ لبنان‪ .‬المؤسف أن ّ‬ ‫وكتب‬ ‫الس َنن الدينية ُ‬ ‫المعروفة المتداولة ولــم يتنبهوا إلــى ّ‬ ‫أن في كتب ُ‬ ‫الحديث معلومات عن تاريخ لبنان في العصر الوسيط‪.‬‬ ‫الصحاح ستة ّأولـهــا ‪‬صحيح‬ ‫أن ُكتب ِ‬ ‫في الحديث النبوي الشريف ّ‬ ‫ال ـب ـخــاري‪ ‬وب ـعــده ‪‬صحيح مـسـلــم‪ .‬وسعيد بــن منصور – شيخ اإلمــام‬ ‫(‪‬سـ َـنــن سعيد بن‬ ‫ّ‬ ‫الس َنن النبوية ُعــرف باسمه ُ‬ ‫كتابا في ُ‬ ‫مسلم – صنف ً‬ ‫أخيرا من مخطوط إلى مطبوع‪.‬‬ ‫انتقل‬ ‫منصور‪)‬‬ ‫ً‬ ‫ما الذي َذكـ َـره ‪‬سعيد بن منصور‪ ‬في ُس َننه؟‬ ‫(و ِلـ َـد في بعلبك سنة ‪ 88‬هـ‪ 706 /‬م وتوفّ ي‬ ‫يروي عن اإلمام األوزاعـ ّـي ُ‬ ‫مهمة‬ ‫في بيروت سنة ‪ 157‬ه ــ‪ 773/‬م وعاصر عمر بن عبد العزيز) رواي ًة ّ‬ ‫ذكرها في باب ‪‬الجهاد‪ ‬لـ ُـي ـبـ ّـيــن ُحكم الفقه اإلسالمي حول كيفية التعامل‬ ‫إن الخليفة‬ ‫مع الغنائم واألســاب في الحرب‪ ،‬فيذكر سعيد بن منصور ّ‬ ‫تعرضت سفينة عائدة إلى‬ ‫عمر لما أمر برفع الحصار عن القسطنطينية ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتعطلت ووقــع بحارتها األقباط أســرى لدى البيزنطيين‪،‬‬ ‫عاصفة عاتية‬ ‫ومكثوا أشـهـ ًـرا حتى غافلوا البيزنطيين فأصلحوا سفينتهم وشحنوها‬ ‫وفروا بها تساعدهم الريح حتى بلغوا بيروت‪.‬‬ ‫سالحا وذخيرة ّ‬ ‫ً‬ ‫وذكر ابن منصور عدالة الحكم الشرعي وموقف الفقه من األقباط‪ :‬هل‬ ‫ُيسمح لهم بدخول ميناء بيروت وأن يأخذوا السفينة أم تؤخذ منهم ألنهم‬ ‫غير مسلمين؟‬ ‫األوزاعي‪ ،‬يستشيرهم‬ ‫أرسل الخليفة إلى الفقهاء في بالد الشام‪ ،‬ومنهم‬ ‫ّ‬ ‫في هذا األمــر فأجمعوا على أن األقباط كانوا يشاركون المسلمين في‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫األقباط وحصار القسطنطين ّية‬

‫حقهم أن يأخذوا السفينة وما فيها على أن‬ ‫حصار القسطنطينية‪ ،‬فمن ّ‬ ‫الخ ْمس إلى بيت المال!‬ ‫يدفعوا قيمة ُ‬ ‫الفقهية ونجد في هذه الرواية القصيرة‬ ‫نشيح‪ ،‬كمؤرخين‪ ،‬عن المسألة‬ ‫ّ‬ ‫أمرين‪:‬‬ ‫أن األق ـبــاط‪ ،‬وهــم نـصــارى‪ ،‬كــانــوا منضوين مــع الجيش‬ ‫األمــر األول ّ‬ ‫اإلسالمي في حصار القسطنطينية وهي مدينة بيزنطية‪.‬‬ ‫جزءا أو جالي ًة من سكان بيروت‪،‬‬ ‫األمر اآلخر أن األقباط كانوا ّ‬ ‫يشكلون ً‬ ‫وابــن أبــي حاتم ال ــرازي ذكــر فــي كتابه ‪‬تقدمة المعرفة لكتاب الجرح‬ ‫أن اإلمــام األوزاعـ ّـي عندما ُت ُوفي سنة ‪157‬هـــ‪773/‬م خرج في‬ ‫والتعديل‪ّ ‬‬ ‫جنازته من سوق الطويلة إلى قرية حنتوس (منطقة األوزاعي اليوم) آالف‬ ‫المسلمين والنصارى واليهود واألقباط وهذا يؤكد وجود جالية قبطية منذ‬ ‫ذلك التاريخ المبكر في بيروت‪.‬‬ ‫روايات عدة عن مشاركة األقباط فيها مع المسلمين‪،‬‬ ‫ت كثير ٍة‬ ‫وفي غزوا ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫خصوصا الغزوة البحرية الكبرى ‪‬موقعة ذات الـصــواري‪ ،‬وفي ‪‬تاريخ‪‬‬ ‫ً‬ ‫الطبري ثالث صفحات عن اشتراك األقباط في تلك الموقعة‪ ،‬كما في كتاب‬ ‫‪‬الفتوح‪ ‬البن أعثم الكوفي‪ْ ‬ذك ُر مشاركة األقباط مع المسلمين في غزواتهم‬ ‫بيزنطيا يتقاضى ‪ 3‬دنانير‪ .‬وثمة شواهد تاريخية أخرى‬ ‫وأن كل قبطي يقتل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مؤرخونا وباحثونا ولم يتوقّ فوا عندها‪.‬‬ ‫سها‬ ‫يدر‬ ‫لم‬ ‫لألسف‬ ‫إنما‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬


‫‪1313‬الـ ِـح ـيــل فــي الــح ــروب لمحمد بــن َمـ ْـنـ ِـك ـلــي الـ ـن ــاص ــري – دار الكتب‬ ‫المصرية – القاهرة‪.‬‬

‫‪1515‬قــرآن أمــاجــور الموقوف فــي جامع صور – متحف الـفـ ّـن اإلسالمي‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫اسطنبول‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪1616‬مشيخة اليونيني لمحيي الدين اليونيني – المكتبة الظاهرية – دمشق‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪1717‬مشيخة اليونيني لشرف الدين اليونيني – المكتبة الظاهرية – دمشق‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪170‬‬

‫‪1818‬ذي ـ ــل مـ ـ ــرآة الـ ــزمـ ــان ل ـ ُـقــط ــب الـ ــديـ ــن ال ـيــون ـي ـنــي – م ـك ـت ـبــة أح ـمــد‬ ‫الثالث – استانبول‪.‬‬ ‫تاريخ الدول والملوك المعروف بتاريخ إبن الفرات – الجزء األول – مخطوط مكتبة فيينا بالنمسا‪.‬‬

‫‪6.6‬مجموع النوادر مما جرى لألوائل واألواخــر َلق َرطاي ال ِع ّزي – مكتبة‬ ‫ونشرته)‬ ‫(حققته‬ ‫ُ‬ ‫غوته – ألمانيا ّ‬ ‫‪7.7‬تاريخ دمشق البن عساكر – مكتبة مجمع اللغة العربية – دمشق‪.‬‬

‫‪2020‬معجم الشيوخ البن ُجميع الصيداوي – مكتبة جامعة ليدن – هولندا‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫المؤرخة تخريج محمد بن علي الصوري – المكتبة‬ ‫‪2121‬الفوائد العوالي‬ ‫ّ‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫الظاهرية بدمشق‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪8.8‬إظهار العصر ُلبرهان الدين البقاعي – مكتبة عارف حكمت – المدينة‬ ‫المنورة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪2222‬فوائد في نقد األسانيد لمحمد بن علي الصوري – مكتبة المتحف‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫البريطاني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪1010‬وثيقة وقفية قلعة طرابلس بخط السياقة – األرشيف العثماني في‬ ‫رئاسة الوزراء – اسطنبول‪.‬‬

‫الدرر ال ُـمضيئة للمقريزي – مكتبة اإلسكندرية‪.‬‬ ‫‪ُ 2424‬‬

‫سجالت‬ ‫‪1212‬وثيقة الخطيب واإلمام في جامع قلعة طرابلس (بالتركية)‬ ‫ّ‬ ‫المحكمة الشرعية – طرابلس (حققتها ونشرتها)‪.‬‬

‫‪2626‬نهاية الغاية لعبد ال ــرزاق بــن حمزة الطرابلسي – مكتبة األوقــاف‬ ‫العامة – بغداد‪.‬‬

‫‪9.9‬التعليق البن َط ْوق – المكتبة الظاهرية – دمشق‪.‬‬

‫طرابلس – سجالت المحكمة الشرعية‬ ‫‪1111‬وثيقة اإلمام والمؤذن في قلعة‬ ‫ّ‬ ‫(حققتها ونشرتها)‪.‬‬ ‫بطرابلس‬ ‫ُ‬

‫‪2323‬ال ـ ــرق ـ ــائ ـ ــق وال ـ ـح ـ ـكـ ــايـ ــات لـ ـ َـخـ ـ ْـيـ ــثَ ـ ـمـ ــة األط ــرابـ ـلـ ـس ــي – مـ ـكـ ـتـ ـب ــة‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫تشستربيتي – دبلن – إيرلندا الجنوبية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫للشبلي قاضي طرابلس – مكتبة تشستربيتي –‬ ‫‪2525‬محاسن الوسائل ِ‬ ‫إيرلندا الجنوبية‪.‬‬

‫‪171‬‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫‪5.5‬تاريخ الدول والملوك البن الفرات – مكتبة فيينا – النمسا‪.‬‬

‫للفيومي – نسخة في دار الكتب المصرية‪ ،‬ونسخة في‬ ‫‪1919‬نثر الجمان ّ‬ ‫مكتبة تشستربيتي في إيرلندا الجنوبية‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫‪1414‬وقفية برج ُج ّلبان في ميناء طرابلس وقلعة صيدا البحرية (مكتوبة‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫على َر ّق غزال)‪ ،‬مكتبة المجمع العلمي في دمشق‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫لبنان في األرشيف‬

‫‪172‬‬

‫‪3131‬ال ـ ـ ُـم ـق ـت ـفــي ع ـلــى كـ ـت ــاب ال ــروضــتــي ــن لــلــب ــرزال ــي (حـ ّـق ـق ـتــه ف ــي ‪4‬‬ ‫مجلّ دات) – متحف توب كابي – استانبول‪.‬‬

‫األطرابلسي‬ ‫الجزء العاشر من كتاب ‪‬الرقائق والحكايات‪ ‬لمؤلفه َخ ْيثَ َمة بن سليمان القُ رشي‬ ‫ّ‬ ‫ربتي في ْدب ِلن بأيرلندة الجنوبية‪.‬‬ ‫(حوالى ‪954‬م‪ ،).‬مكتبة ِ‬ ‫تش ْستَ ِ‬

‫‪2727‬تاريخ اإلســام ووفيات المشاهير واألعــام للذهبي – مكتبة حيدر‬ ‫أبــاد – الـهـنــد‪ ،‬ومكتبة آيــا صوفيا – اسطنبول‪ ،‬ودار الكتب المصرية‪،‬‬ ‫ونشرته في ‪ 52‬مجلّ ًدا)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫والمكتبة األحمدية – حلب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪2828‬ذيل تاريخ اإلسالم للذهبي – مكتبة تشستربيتي – إيرلندا‪ ،‬وجامعة‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫ليدن – هولندا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪2929‬نزهة األبصار لحسن آغا حاكم البقاع – الخزانة التيمورية في دار‬ ‫الكتب المصرية والمكتبة الظاهرية – دمشق‪.‬‬

‫نتخب في تكملة تاريخ حلب البن خطيب الناصرية – مكتبة‬ ‫‪3030‬الدر ال ُـم َ‬ ‫أحمد الثالث – اسطنبول‪.‬‬

‫‪3232‬تـحـفــة ال ـم ـجــاهــديــن ل ـح ـســام ال ــدي ــن الـطــرابـلـســي – مـكـتـبــة محمد‬ ‫الفاتح – اسطنبول‪ ،‬ومعهد المخطوطات العربية – القاهرة‪.‬‬ ‫‪3333‬مـ ـف ـ ّـرج ال ـ ـكـ ــروب ف ــي أخـ ـب ــار ب ـنــي أي ـ ــوب البـ ــن واصــل – ال ـم ـك ـت ـبــة‬ ‫(نشرت جزءه األخير)‬ ‫الوطنية – باريس‬ ‫ُ‬ ‫(حققتها‬ ‫الم َغ ْيزل – المكتبة الوطنية – باريس‬ ‫ُ‬ ‫‪3434‬ذيل ّ‬ ‫مفرج الكروب البن ُ‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫ُ‬

‫المعن َون لعبد الباسط الظاهري – مكتبة‬ ‫‪3535‬ال َـم ْجمع ال ُـم ّفنن بالمعجم‬ ‫ْ‬ ‫(حققته ونشرته في مجلّ دين)‪.‬‬ ‫بلدية اإلسكندرية ّ‬

‫‪3636‬نيل األمل في ذيل الدول لعبد الباسط الظاهري – مكتبة البودليان في‬ ‫جامعة أكسفورد (حققته ونشرته في ‪ 9‬مجلّ دات)‪.‬‬ ‫‪3737‬ال ـ ــروض ال ـبــاســم ف ــي ح ـ ــوادث ال ـع ـمــر والـ ـت ــراج ــم ل ـع ـبــد ال ـبــاســط‬ ‫(حققته ونشرته في ‪4‬‬ ‫الظاهري – مكتبة الفاتيكان ودار الكتب المصرية ّ‬ ‫مجلّ دات)‪.‬‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫كتاب ‪‬تحفة المجاهدين في العمل بالميادين‪ ‬لمؤلفه الجين الملقّ ب بحسام الدين‬ ‫الطرابلسي (حوالى سنة ‪1338‬م‪ ،).‬مكتبة جامعة ليدن بهولندة‪.‬‬

‫‪173‬‬


‫‪3838‬دي ــوان ابــن منير البــن منير الطرابلسي – مكتبة اإلمـبــروزيــانــا في‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫ميالنو – إيطاليا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫الجيعان – مكتبة‬ ‫‪3939‬القول المستظرف في سفر الملك األشــرف البن َ‬ ‫اإلســك ــوري ـ ـ ــال – إســب ــانــي ــا‪ ،‬وم ـك ـت ـبــة تــوري ـنــو – إي ـطــال ـيــا‪ ،‬ودار الـكـتــب‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫مذهبة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المصرية – نسخة ّ‬ ‫ص ْدق األخبار المعروف بتاريخ ابن سباط – مكتبة الفاتيكان – إيطاليا‪،‬‬ ‫‪ِ 4040‬‬ ‫والمكتبة الوطنية – باريس ومكتبة الجامعة األميركية – بيروت‪ ،‬ودار الكتب‬ ‫ونشرته في مجلّ دين)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫الوطنية – بيروت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪4141‬الفضل المأثور من سيرة الملك المنصور لشافع بن علي – مكتبة‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫البودليان في جامعة أكسفورد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫للقضاعي – مكتبة حكيم أوغلي باسطنبول‬ ‫‪4242‬اإلنـبــاء بأنباء األنبياء ُ‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪174‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫‪4444‬النفحة ال ِمسكية فــي الــدولــة التركية البــن ُدقماق – مكتبة جامعة‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫كامبردج – بريطانيا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪4545‬البستان الجامع للعماد األصفهاني – مكتبة البودليان – أكسفورد‪،‬‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫ومكتبة أحمد الثالث – أسطنبول‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫الخياط – مكتبة أحمد‬ ‫‪4646‬مختصر الـكــامــل فــي الـتــاريــخ لـلـمـســروري‬ ‫ّ‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫الثالث – اسطنبول‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪4747‬نزهة المالك والمملوك للعباسي الصفدي – مكتبة المتحف البريطاني‬ ‫ونشرتها)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫لمؤرخ مجهول – دار الكتب المصرية‬ ‫‪4848‬تاريخ الملك األشرف قايتباي‬ ‫ّ‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪4949‬جامع التواريخ المصرية لليافعي – المكتبة الوطنية‪ ،‬باريس‪.‬‬

‫(حققته‬ ‫‪5050‬تاريخ الصالحي البن واصل – مكتبة محمد الفاتح – اسطنبول ّ‬ ‫ونشرته في مجلّ دين)‪.‬‬ ‫‪5151‬التذكرة البن العديم الحلبي – دار الكتب المصرية‪.‬‬

‫‪5252‬تاريخ ابن ُعذيبة البن ُعذَ يبة – المكتبة الظاهرية – دمشق‪.‬‬

‫‪5353‬تاريخ العالئي البن أبي البركات – مكتبة شهيد علي – اسطنبول‪.‬‬

‫‪5454‬الــروض الزاهر في غزوة الملك الناصر البن عبد الظاهر – مكتبة‬ ‫ونشرته)‪.‬‬ ‫(حققته‬ ‫الوثائق – عمان‬ ‫برلين – ألمانيا‪ ،‬ومركز‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫‪5555‬إيقاظ الغافل بسيرة الملك العادل نور الدين ُزنكي البن أبي الوفاء‬ ‫المقدسي – مكتبة أحمد الثالث – اسطنبول‪.‬‬ ‫الش ْحنة – مكتبة‬ ‫‪5656‬روضــة المناظر في أخبار األوائــل واألواخ ــر البــن ِ‬ ‫(حققته ونشرته)‪.‬‬ ‫البودليان في جامعة أكسفورد – بريطانيا ّ‬ ‫ُ‬ ‫بعض ما في هذه المخطوطات من معلومات تاريخية عن‬ ‫لبنان في العصر الوسيط‬ ‫وصف لنهر العاصي ونهر طرابلس ومــزارات‬ ‫في ‪‬مسالك األبصار‪‬‬ ‫ٌ‬ ‫البقاع وآثار بعلبك ودير حمطورا ودير البنات ودير كفتون وكنيسة صور‬ ‫ووصف للبقاع وبيروت وصيدا وبعلبك وطرابلس وحصون تبنين وهونين‬ ‫ٌ‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫‪4343‬حــوادث الــزمــان ووفـيــات الشيوخ واألق ــران البــن الحمصي – جامعة‬ ‫كامبردج – بريطانيا‪ ،‬ومكتبة فيض اهلل أفندي – اسطنبول‪ ،‬ومكتبة جامعة‬ ‫ونشرتها في ‪ 3‬مجلّ دات)‪.‬‬ ‫(حققتها‬ ‫سوهاج – مصر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫كتاب ‪‬المختار من شعر ابن منير الطرابلسي‪( ‬حوالى سنة ‪1153‬م‪،).‬‬ ‫مكتبة اإلمبروزيانا في ميالنو بإيطاليا‪.‬‬

‫‪175‬‬


‫لبنان في األرشيف‬

‫‪176‬‬

‫‪177‬‬

‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫وشقيف أرنون وشقيف تيرون‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فضال عن أخبار وحوادث وتراجم ألعالم ٍ‬ ‫من المدن والمناطق اللبنانية ينفرد بها عن غيره‪.‬‬ ‫‪‬رسالة بولس األنطاكي‪ ‬أسقف صيدا (توفي سنة ‪ 154‬ه ــ‪ 770/‬م‪).‬‬ ‫وهي أقدم وثيقة عن عالقات النصارى بالمسلمين في لبنان منذ القرن‬ ‫الثاني الهجري (الثامن الـميالدي)‪ ،‬وهي رسالة كتبها إلى صديق له مسلم‬ ‫وس َننه‪ .‬وفيها‬ ‫يبين فيها ما يقوله النصارى عن الرسول محمد ُ‬ ‫من صيدا ّ‬ ‫والتجسد أنفذها إلى صديق آخر من أهل صيدا ُيدعى‬ ‫التثليث‬ ‫مقالة في‬ ‫ّ‬ ‫أبو سرور‪ ،‬ومقالة أخرى عن ال ِب َدع المنتشرة في عصره‪.‬‬ ‫فــي القسم غير المطبوع مــن ‪‬تــاريــخ ابــن ال ـجــزري‪ ‬معلومة نــادرة‬ ‫شابين من بعلبك في بناء الجامعة المستنصرية في بغداد‬ ‫عن إسهام ّ‬ ‫واختراعهما ساعة شمسية في قاعة الحكمة تؤقّ ت للناس ساعة بساعة‬ ‫ونهارا‪ ،‬وإكرام الخليفة المستنصر باهلل العباسي إياهما على عملهما‬ ‫ليال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الفريد‪.‬‬ ‫أن الفرنج عند‬ ‫في تاريخ ‪‬الــدول والملوك‪ ‬يــروي ابن الفرات كيف ّ‬ ‫احتاللهم طرابلس (آخر سنة ‪ 502‬هـ‪ 1109 /‬م) أحرقوا فيها مكتبة دار العلم‬ ‫المؤرخ الحلبي ابن‬ ‫التي كانت تضم ‪ 3‬ماليين مخطوط‪ .‬وينقل معلومات من‬ ‫ّ‬ ‫طيىء الذي ضاعت مؤلّ فاته الكثيرة وحفظ منها ابن الفرات ومن غيره‬ ‫أبي ّ‬ ‫ً‬ ‫وأحداثا شهدتها المدن والمناطق‬ ‫نصوصا نادرة عن زمن الحروب الصليبية‬ ‫ً‬ ‫المؤرخين‪.‬‬ ‫اللبنانية ينفرد بها عن غيره من‬ ‫ّ‬ ‫في مخطوط ‪‬مجموع النوادر‪ ‬تفصيل كيفية مقتل أمير جبيل الفرنجي‬ ‫بحيلة ّدبرها السابق شاهين (فارس عربي) تنفيذً ا ألمر السلطان الظاهر‬ ‫ٍ‬ ‫بيبرس‪ .‬وأفرد المخطوط ‪ 4‬صفحات لهذا الخبر الفريد والنادر ولم يذكره‬ ‫يمر اسم السابق شاهين في بعض المصادر بسطر‬ ‫أي مصدر آخر بينما ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤرخين اللبنانيين المحدثين‪.‬‬ ‫عند‬ ‫له‬ ‫ذكر‬ ‫وال‬ ‫عابر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في ‪‬تاريخ دمشق‪ ‬أخبار ومعلومات نــادرة عن لبنان ال نجدها في‬ ‫مصدر آخر‪ّ ،‬‬ ‫تغطي مرحلة مهمة من الفتح اإلسـالمي حتى الحروب‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مكثّ‬ ‫الصليبية‪ ،‬عدا معلومات فة في سياق تراجم األعالم الذين بلغوا نحو‬ ‫نتبين منها وقائع ومعلومات نادرة عن‬ ‫‪ 10‬آالف ترجمة في ‪ 80‬مجلّ ًدا‪ّ ،‬‬ ‫مدن وقرى لبنانية‪ ،‬نقلها عن مصادر قديمة ضائعة فحفظها لنا‪ ،‬وبينها‬ ‫مفصلة عن بناء حصن سفيان وفتح طرابلس وفتح بعلبك وصفحات‬ ‫رواية‬ ‫ّ‬ ‫من تاريخ الصراع بين المسلمين والبيزنطيين‪ ،‬وأخبار كثيرة عن طرابلس‬ ‫وبيروت وصيدا وصــور وبعلبك وعرقة ومشغرة وكــرك نــوح والمنيطرة‬ ‫وجبيل وجونيه ومليخ ونحلة وشبعا وغيرها‪.‬‬

‫وقفية برج األمير ُجلُ ّبان بطرابلس وقلعة البحر بصيدا مخطوطة على َر ّق‬ ‫ّ‬ ‫غزال في مكتبة المجمع العلمي بدمشق‪.‬‬


‫لبنان في األرشيف‬

‫‪178‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫كتاب ‪‬الحروب الصليبية‪ ‬لمؤلفه ِو َليم الصوري (سنة ‪1287‬م‪ ،).‬مكتبة‬ ‫بلدية بولوني بفرنسا‪.‬‬

‫ونشرته في ‪ 9‬مجلّ دات وهــو ذيل‬ ‫(حققته‬ ‫‪‬نيل األمــل في ذيــل ال ــدول‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لكتاب ‪‬دول اإلســام‪ ‬للذهبي وفيه معلومات مهمة عن لبنان في عصر‬ ‫مادته في كتابه ‪‬بدائع‬ ‫المماليك اعتمد عليه‬ ‫المؤرخ ابن إياس ونقل معظم ّ‬ ‫ّ‬ ‫المفنن بالمعجم المعنون‪‬‬ ‫الزهور في وقائع الدهور‪ ،)‬كتاب ‪‬المجمع‬ ‫ّ‬ ‫وفيه معلومات نــادرة مع أنه كتاب تراجم لألعالم‪ ،‬وبين معلومات ينفرد‬ ‫بها عن سائر المؤرخين أنه زار برج األمير برسباي الناصري على ساحل‬ ‫إن األمير برسباي نائب‬ ‫طرابلس ودخله أثناء إقامته مع أبيه فيها وقال ّ‬ ‫السلطنة في طرابلس بناه قبل عشر سنين أثناء نيابته (‪ 851 – 843‬ه ــ‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫بن قبله مثله‬ ‫‪ 1447 – 1439‬م) ووصفه بالبرج‬ ‫المعظم الهائل الذي لم ُي َ‬ ‫أجل المباني وأعظم اآلثار‪،‬‬ ‫في ميناء ساحل طرابلس ووصفه بأنه ‪‬من ّ‬ ‫ودخلت إليه وليس الخبر كالعيان‪ ،‬وفيه من آالت السالح والقتال‬ ‫شاهدته‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشيء الكثير‪ ،‬وفيه مسجد في منارة لألذان‪ ،‬وفيه إمام راتب ومؤذّ ن وفيه‬ ‫أيضا‪ .‬وبالجملة هو أعظم أبراج‬ ‫عين ماء وفــرن‪ ،‬وأظـ ّـن أن فيه طاحونً ا ً‬ ‫جم‪.‬‬ ‫ميناء طرابلس‪ ،‬وفيه من المقاتلة‬ ‫ّ‬ ‫جم ٌع ّ‬ ‫والرجالة ْ‬ ‫أن‬ ‫مؤرخ موثوق وشاهد عيان يدحض الزعم ّ‬ ‫هذا الوصف الدقيق من ّ‬ ‫ألن السباع شعار ريمون‬ ‫السباع‪‬‬ ‫‪‬برج‬ ‫سمى‬ ‫البرج من بناء الصليبيين وأنه ُي‬ ‫ّ‬

‫‪179‬‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫في ‪‬إظهار العصر‪ ‬معلومات مهمة ونادرة عن فترة من عصر المماليك‬ ‫البقاعي‬ ‫ـؤرخ لبناني عاصر تلك الفترة‪ :‬برهان الدين‬ ‫في لبنان كتبها مـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫(ت ‪ 885‬هـ‪ 1480/‬م) وأخبار كثيرة عن نواب السلطنة في طرابلس وقُ ضاتها‪،‬‬ ‫وعن آل حمادة ودورهم إبان عصر المماليك في لبنان‪ ،‬وأخبار عن ساحل‬ ‫وتعرضه لغزوات الفرنج وغاراتهم عن طريق البحر‪ ،‬ينفرد بها عن‬ ‫لبنان ّ‬ ‫المؤرخين لمشاركته الشخصية في بعض حوادثها‪.‬‬ ‫غيره من‬ ‫ّ‬ ‫كتاب ‪‬التعليق‪ ‬البن َط ْوق (ت ‪ 915‬هـ‪ 1509 /‬م) في مستوى ‪‬إظهار‬ ‫يوميا‪ ،‬وله رحالت كثيرة‬ ‫العصر‪ ‬أهميةً‪ ،‬فالمؤلّ ف‬ ‫دمشقي ّ‬ ‫يؤرخ لألحداث ً‬ ‫ّ‬ ‫صالت قُ ْربى في بيروت وطرابلس‪ ،‬ويذكر معلومات نادرة عن‬ ‫إلى لبنان وله ِ‬ ‫وأهميته‬ ‫وكرك نوح ووادي التيم والبقاع وبيروت وطرابلس وغيرها‪،‬‬ ‫بعلبك ْ‬ ‫ّ‬ ‫متأخرة من عصر المماليك مصادرها قليلة‪.‬‬ ‫يؤرخ لفترة‬ ‫ّ‬ ‫أنه ّ‬ ‫وثائق قلعة طرابلس ووقفية بــرج ُجلُ ّبان في طرابلس‪ ،‬وقلعة صيدا‬ ‫تقدم‬ ‫البحرية‪ ،‬ووقفية قرآن أماجور لدى جامع صور في العصر العباسي‪ّ ،‬‬ ‫ُمعطيات تاريخية دقيقة ّ‬ ‫قيمة تاريخية نادرة‪.‬‬ ‫موثقة‪ ،‬وهي ذات‬ ‫ٍ‬ ‫صنفها مؤلّ فون لبنانيون ذات أهمية قصوى وثــروة‬ ‫المؤلفات التي ّ‬ ‫تاريخية فــي الحديث واألدب والـتــراجــم والـفــوائــد والــرقــائــق‪ ،‬بينهم من‬ ‫الفاطمي‪ ،‬ومن عصر المماليك‪.‬‬ ‫العصر العباسي اإلخشيدي‪ ،‬ومن العصر‬ ‫ّ‬ ‫من تلك المؤلفات‪ :‬مشيخة شرف الدين اليونيني‪ ،‬مشيخة محيي الدين‬ ‫اليونيني‪ ،‬ذيل مرآة الزمان ُلقطب الدين اليونيني‪ ،‬معجم الشيوخ البن ُجميع‬ ‫المؤرخة‪ ،‬فوائد في نقد األسانيد لمحمد بن‬ ‫الصيداوي‪ ،‬الفوائد العوالي‬ ‫ّ‬ ‫علي الصوري‪ ،‬الرقائق والحكايات لخيثمة األطرابلسي‪ ،‬محاسن الوسائل‬ ‫للشبلي قاضي طرابلس‪ ،‬نهاية الغاية لعبد ال ــرزاق الطرابلسي‪ ،‬ديــوان‬ ‫الغربي من ُع َّبيه‪ ،‬تحفة‬ ‫ص ْدق األخبار البن سباط‬ ‫ابن منير الطرابلسي‪ِ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المجاهدين لحسام الدين الطرابلسي وهو من الكتب المهمة في الحرب‬ ‫الملونة‬ ‫وتعبئة الجيوش مع الرسوم التوضيحية للفرق العسكرية‪ ،‬والتزيينات ّ‬ ‫والمغ ّشاة بماء الذهب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مؤرخين زاروا لبنان ودرسوا فيه‪،‬‬ ‫ُيضاف إلى هذه أعاله مخطوطات ّ‬ ‫اختص بها كل واحد منهم عن‬ ‫مهمة‬ ‫ّ‬ ‫وبعضهم توفي فيه فأتوا عنه بمعلومات ّ‬ ‫(حققته‬ ‫اآلخر‪ ،‬منهم المؤرخ الذهبي في موسوعته الكبرى ‪‬تاريخ اإلسالم‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ونشرته) وهو‬ ‫(حققته‬ ‫مجلدا)‪ ،‬ذيل تاريخ اإلسالم للذهبي‬ ‫ونشرته في ‪52‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫والمؤرخ عبد الباسط الظاهري درس في‬ ‫ممن درس في بعلبك وطرابلس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طرابلس وأقام فيها ست سنوات مع أبيه المؤرخ خليل بن شاهين المتوفّ ى‬ ‫العمر والتراجم‪ ،‬كتاب‬ ‫في طرابلس‪ ،‬كتاب ‪‬الروض الباسم في حوادث ُ‬


‫لبنان في األرشيف الدولي‬

‫لبنان في األرشيف‬

‫رحالة في العصر العثماني يجهل‬ ‫دي تولوز! هذه ّادعاءات أطلقها مستشرق ّ‬ ‫وأن ريمون مات قبل‬ ‫أن شعار ريمون دي تولوز كان الصليب ال السباع‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫خمس سنوات من سقوط طرابلس‪ .‬فمتى يكون َبنى هذا البرج؟ وكيف‬ ‫لم تذكره المصادر التاريخية؟ ولماذا لم يذكره المطران وليم الصوري‬ ‫ـؤرخــون آخــرون عاصروا الحروب الصليبية وكتبوا عنها؟ لذا أنصف‬ ‫ومـ ّ‬ ‫الباحث األثــري الفرنسي جان سوفاجيه في دراسته عن البرج‬ ‫الحقيق َة‬ ‫ُ‬ ‫إسالمي خالص‪ ،‬عثر فيه على شعار األمير المملوكي َب ْرسباي‪ :‬أربعة‬ ‫بإنه‬ ‫ّ‬ ‫كؤوس منقوشة على دعامة القاعة السفلى من البرج‪ ،‬وال يزال محراب‬ ‫قائما حتى اليوم‪.‬‬ ‫المسجد ً‬ ‫إن في هذه المخطوطات ما يجعل كتابة تاريخ لبنان من جديد موثوقة‬ ‫ّ‬ ‫بدون تزييف أو طمس أو تشويه‪.‬‬

‫‪181‬‬

‫‪180‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبد السالم تدمري‬

‫د‪ .‬عباس أبو صالح‬ ‫لبنان الخمسينات في األرشيف‬ ‫األميركي‬

‫د‪ .‬مسعود ضاهر‬ ‫لبنان في األرشيف األميركي‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬ ‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫العربي واإلسالمي‬

‫الحكيم‬ ‫د‪ .‬أنطوان‬ ‫ّ‬ ‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬كرم رزق‬ ‫لبنان في األرشيف النمساوي‬


‫لبنان في األرشيف الدولي‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫الحكيم‬ ‫د‪ .‬أنطوان‬ ‫ّ‬

‫اللبنانية‬ ‫أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫وفي الجامعة‬ ‫اليسوعية وفي جامعة الروح القدس – الكسليك‪.‬‬ ‫ّ‬

‫أهمية كبرى في كتابة تاريخ لبنان الحديث‬ ‫إذا كان ألرشيف فرنسا‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية‬ ‫المميز الذي لعبته هذه الدولة في السلطنة‬ ‫والمعاصر‪ ،‬فللدور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول وسليمان‬ ‫منذ القرن الـســادس عشر‬ ‫ً‬ ‫(تحديدا منذ عهد فرنسوا ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وعلى‬ ‫بعض الطوائف‬ ‫القانوني)‪ ،‬ولعالقات متينة أقامتها معها‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫رأسها الموارنة‪.‬‬ ‫العثمانية عام ‪ ،1918‬خضع لبنان لالنتداب الفرنسي‬ ‫بعد انهيار السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫ساته وساهمت في وضع دستوره (أُ نجز عام ‪.)1926‬‬ ‫مؤس ِ‬ ‫فب َنت فرنسا ّ‬ ‫َ‬ ‫جوهرية ُيسلِّ م بها الجميع‪ ،‬ال يمكن التغاضي عن األرشيف‬ ‫إذً ا‪ ،‬ألسباب‬ ‫ّ‬ ‫األول من القرن العشرين‪.‬‬ ‫الفرنسي لكتابة تاريخ بالدنا في النصف ّ‬ ‫العثمانية‬ ‫بحثي مــن ثالثة أق ـســام‪ :‬الــوجــود الفرنسي فــي السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫حجما ومضمونً ا‪،‬‬ ‫وأشـكــالــه‪ ،‬األرشـيــف الفرنسي المتعلّ ق بتاريخ لبنان‬ ‫ً‬ ‫واستعراض أخطاء شائعة ومسائل غامضة في تاريخنا يساعد األرشيف‬ ‫الفرنسي على تصويبها وتوضيحها‪.‬‬ ‫‪v‬‬ ‫القسم األول‪ :‬الوجود الفرنسي في السلطنة العثمان ّية‬

‫بالفرنسية‬ ‫القانونية لهذا الوجود‪ :‬عهود األمــان التي ُتعرف‬ ‫الركيزة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(ع ِّر َبت خطأً ‪‬امتيازات‪.)‬‬ ‫باسم ‪ُ Capitulations‬‬ ‫عهود من‬ ‫كانت فرنسا ّأول دولــة أوروبـ ّـيــة تحصل من السلطان على‬ ‫ٍ‬ ‫وبرا‬ ‫هذا النوع أتاحت لرعاياها اإلقامة في الدولة‬ ‫بحرا ًّ‬ ‫العثمانية والتنقل ً‬ ‫ّ‬ ‫المقدسة في فلسطين‪،‬‬ ‫بشتى األعمال التجارية وزيارة األراضي‬ ‫والقيام ّ‬ ‫ّ‬ ‫حاكمون أمام‬ ‫قضائية فكانوا ُي َ‬ ‫بحصانة‬ ‫الرعايا‬ ‫هؤالء‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ـم‬ ‫ت‬ ‫إضافة إلى َ َ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫القنصلية ال أمام القضاء العثماني‪.‬‬ ‫المحاكم‬ ‫ّ‬ ‫مان ِحه فتلتمس الدول ُة‬ ‫مدة عهد األمان تنتهي مع موت السلطان ِ‬ ‫كانت ّ‬ ‫استمر هذا الوضع بالنسبة إلى فرنسا‬ ‫خليفته‪.‬‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫تجديد‬ ‫المستفيدة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫فهبت فرنسا وإنكلترا‬ ‫‪ُ 1.1‬‬ ‫سب َب ْتها أطماع القيصر نقوال ّ‬ ‫األول ّ‬ ‫حرب القرم َّ‬ ‫ومملكة بيامونت ساردينيا (‪ )Piémont-Sardaigne‬تدافع عن سلطنة‬ ‫ومضيقي البوسفور‬ ‫خوف هيمنة روسيا على منطقة البلقان‬ ‫بني عثمان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫عبء هذه‬ ‫فرنسا‬ ‫لت‬ ‫تحم‬ ‫أوروبا‪.‬‬ ‫في‬ ‫القوى‬ ‫توازن‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫وحفاظ‬ ‫والدردنيل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حدا للقتال‪.‬‬ ‫الحرب وترأّ ست عام ‪ 1856‬مؤتمر باريس الذي وضع ًّ‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫دراسة تقييم ّية لمساهمة أرشيف وزارة الخارج ّية الفرنس ّية‬ ‫في كتابة تاريخ لبنان في القرنين التاسع عشر والعشرين‬

‫حتى ‪ 1740‬حين حصل السفير الفرنسي ‪ Villeneuve‬من السلطان محمود‬ ‫أن مفعوله لن يتوقّ ف مع‬ ‫األول على عهد أما ٍن جديد ّ‬ ‫يؤكد فيه السلطان ّ‬ ‫ّ‬ ‫استمر العمل بهذا العهد‬ ‫وفعال‬ ‫يستمر خالل حكم خلفائه‪.‬‬ ‫نهاية واليته بل‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتمتع‬ ‫حتى أيلول ‪ 1914‬حين ألغى الباب العالي جميع االمتيازات التي كان ّ‬ ‫العثمانية‪.‬‬ ‫بها األجانب داخل الدولة‬ ‫ّ‬ ‫أساسيا في السلطنة حول ما‬ ‫دورا‬ ‫في القرن التاسع عشر لعبت فرنسا ً‬ ‫ًّ‬ ‫الشرقية‪.‬‬ ‫كان ُيعرف آنذاك بـ‪‬المسألة‬ ‫ّ‬ ‫ت العالقات بين باريس والـبــاب العالي ِإ ْثـ َـر الثور ِة‬ ‫بعد أن َ‬ ‫انتك َس ْ‬ ‫وحملة بونابرت على مصر‪ ،‬عقدت الحكومتان معاهدة صلح‬ ‫الفرنسية‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫فتقرب نابليون‬ ‫الشرق‬ ‫في‬ ‫ها‬ ‫مكانت‬ ‫فرنسا‬ ‫بعدها‬ ‫استعادت‬ ‫‪1802‬‬ ‫عام‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ضد أطماع الروس واالنكليز‪ .‬بعدها‬ ‫من السلطان سليم الثالث وسانده ّ‬ ‫الشرقية‪‬‬ ‫شاركت فرنسا في جميع الصراعات التي عرفتها ‪‬المسألة‬ ‫ّ‬ ‫وكان لها في بعضها دور قيادي‪ ،‬كما في حرب استقالل اليونان إذ َح َسم‬ ‫أسطولُ ها الموقف (تشرين األول ‪ )1827‬بمشاركة األسطولَ ين اإلنكليزي‬ ‫والــروســي في معركة نــافــاران ( ‪ )Navarin‬فـ ُـد ِّمـ َـر األسـطــوالن العثماني‬ ‫بعملية إنزال في شبه جزيرة الموريه‬ ‫الفرنسيون بعدها‬ ‫والمصري وقام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لليونانيين‪.‬‬ ‫دعما‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الفرنسيون سيطرتهم على الجزائر (بين‬ ‫اليونانية أحكم‬ ‫بعد المسألة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضد‬ ‫‪ 1830‬و‪ )1837‬وفي الوقت نفسه ساندوا‬ ‫محمد علي في صراعه ّ‬ ‫ّ‬ ‫يزج فرنسا في‬ ‫الموقف‬ ‫هذا‬ ‫فكاد‬ ‫السلطان العثماني (بين ‪ 1831‬و‪)1840‬‬ ‫ّ‬ ‫تراج ُع الملك لويس فيليب الذي‬ ‫األوروبية مجتمع ًة لوال‬ ‫ضد الدول‬ ‫ب ّ‬ ‫حر ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫المتحمس للحرب واستبدل‬ ‫خاف على عرشه فعزل رئيس وزرائه ‪Thiers‬‬ ‫ّ‬ ‫حدة العاصفة وأعاد فرنسا إلى‬ ‫به ‪ Guizot‬ال ُـم َـق َّرب من اإلنكليز ّ‬ ‫فخفف من ّ‬ ‫حظيرة الوفاق األوروبي‪.‬‬ ‫ـورطــت خاللها فرنسا في أزمــات‬ ‫بين ‪ 1853‬و‪ 1863‬عشر سنوات تـ ّ‬ ‫العثمانية‪ :‬حرب القرم (‪، )La guerre de Crimée‬‬ ‫ثالث مرتبطة بالسلطنة‬ ‫ّ‬ ‫شق قناة السويس‪.‬‬ ‫المسألة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬واألزمة الناتجة عن مشروع ّ‬ ‫ّ‬

‫‪183‬‬


‫‪184‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫تدخلت فرنسا في مصر داعم ًة الدبلوماسي فردينان‬ ‫‪3.3‬في الفترة عينها ّ‬ ‫الخ َد ْيوي سعيد‬ ‫دي ليسيبس (‪ )Ferdinand de Lesseps‬الذي حصل من ُ‬ ‫فتصدى له االنكليز رافضين‬ ‫لشق قناة السويس (‪)1854‬‬ ‫على امتياز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضرورية لالنطالق بالعمل فاتخذت‬ ‫المشروع‪ .‬وكانت موافقة الباب العالي‬ ‫ّ‬ ‫فتحمس‬ ‫دوليا ووضع نابليون الثالث ِث ْق َل بالده في الميزان‬ ‫المسألة‬ ‫ّ‬ ‫حجما ًّ‬ ‫ً‬ ‫الفرنسية‬ ‫ة‬ ‫الدبلوماسي‬ ‫ضغط‬ ‫تحت‬ ‫لندن‬ ‫وتراجعت‬ ‫للقناة‬ ‫ـون‬ ‫ـ‬ ‫ـي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األوروبـ ّ‬ ‫ود ِّش َنت‬ ‫وضغط الرأي العام األوروبي فانتصر دي ليسيبس‬ ‫وشق القناة ُ‬ ‫َّ‬ ‫عالمية‪ ،‬على رأسها‬ ‫شخصيات‬ ‫فــي احتفال عظيم (‪ )1869‬حضرته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمبراطورة ‪ Eugénie‬زوجة نابليون الثالث‪.‬‬

‫بعد هزيمة فرنسا أمام ألمانيا عام ‪َ 1870‬ضعف نفوذها في الشرق لبعض‬ ‫لكنها استعادت المبادرة ففرضت حمايتها على تونس في العام ‪.1881‬‬ ‫الوقت ّ‬ ‫الشرقية‬ ‫وفي السنوات األخيرة من القرن التاسع عشر عرفت المسألة‬ ‫ّ‬ ‫الدولية ظلّ ت محدودة‪.‬‬ ‫لكن انعكاساتها‬ ‫أزما ٍ‬ ‫ت (منها أزمتا كريت وأرمينيا) ّ‬ ‫ّ‬

‫تشجع الباب العالي على‬ ‫وكانت فرنسا‪ ،‬طيلة القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشهيرين‪:‬‬ ‫ببرنام َـجي اإلصالح‬ ‫إيحاؤها‬ ‫اعتماد سياسة اإلصالح‪ .‬من هنا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫‪‬خط كلخانه‪ )1839( ‬و‪‬الخط الهمايوني‪ )1856( ‬اللذَ ين أدخال تغييرا ٍ‬ ‫وفر َضا المساواة بين رعايا السلطان يدون‬ ‫جذري ًة على قطاعات اإلدارة َ‬ ‫ّ‬ ‫النظر إلى المذهب أو الدين‪ .‬وكانت فرنسا‪ ،‬باعتمادها هذه السياسة‪،‬‬ ‫وتحسين‬ ‫وأن إصالح إدارتها‬ ‫أن دولة بني عثمان ما زالت قابل ًة للحياة‪ّ ،‬‬ ‫تعتبر ّ‬ ‫َ‬ ‫ويدفع‬ ‫جديدة‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫مناع‬ ‫ها‬ ‫كسب‬ ‫ي‬ ‫ة)‬ ‫الذم‬ ‫(أهل‬ ‫المسلمين‬ ‫غير‬ ‫انها‬ ‫سك‬ ‫ّ‬ ‫أوضاع‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ ُ‬ ‫العثمانية شاخت‬ ‫التفكك‪ ،‬مقابل تأكيد روسيا أن السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫خطر‬ ‫عنها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫العالمية األولى إلى جانب الدول الوسطى‪،‬‬ ‫بعدما دخلت تركيا الحرب‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية بلغت‬ ‫المسألة‬ ‫أن‬ ‫ـا)‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ورو‬ ‫وإنكلترا‬ ‫اعتبر الحلفاء (فرنسا‬ ‫ّ‬ ‫فقرروا اقتسام تركة الرجل المريض في نهاية الحرب‬ ‫مرحلة النضج ّ‬ ‫أهمها‬ ‫سرية لهذا َ‬ ‫(في حال ُكتبت لهم َ‬ ‫الغلَ َبة) وعقدوا اتفاقات ّ‬ ‫الغ َرض‪ُّ ،‬‬ ‫اتفاق سايكس‪-‬بيكو الشهير الذي نالت منه فرنسا انتدابها على سوريا‬ ‫ولبنان في مؤتمر سان ريمو (نيسان ‪.)1920‬‬ ‫العثمانية إبان‬ ‫هذا هو دور فرنسا السياسي والعسكري في السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫أهمها‬ ‫القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين‪ّ ،‬‬ ‫لكن لها ُ‬ ‫أوج ًها أخرى ُّ‬ ‫االقتصادي والديني – الثقافي‪.‬‬ ‫اقتصاديا‪:‬‬ ‫ ) أ‬ ‫ً‬

‫حافظت فرنسا حتى أواخر القرن الثامن عشر على مركز الصدارة‪،‬‬ ‫الفرنسية‬ ‫لكن تجارتها في الشرق تراجعت إثر الثورة‬ ‫بفضل عهود األمان‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫وحملة بونابرت على مصر‪ ،‬رغم جهود أسرة الـبوربون بعد استرجاعها‬ ‫الحكم (‪ )1815‬إلعادة العالقة مع السلطنة إلى سابق عهدها‪ .‬كانت إنكلترا‬ ‫العثمانيين فاحتفظت به حتى الحرب‬ ‫األول في التجارة مع‬ ‫احتلّ ت المركز ّ‬ ‫ّ‬ ‫العالمية األولى‪ ،‬واكتفت فرنسا بالمرتبة الثانية التي عادت ففقدتها في‬ ‫ّ‬ ‫مطلع القرن العشرين لمصلحة النمسا وتراجعت إلى الثالثة‪ .‬في المقابل‬ ‫ّ‬ ‫حص ُتها من‬ ‫ـواال ضخمة في السلطنة‬ ‫وظفت فرنسا أمـ ً‬ ‫العثمانية فبلغت ّ‬ ‫ّ‬ ‫الـ َّـديــن العام العثماني ‪( % 60‬فــي العام ‪ )1914‬وبلغت استثماراتها في‬ ‫األجنبية‪.‬‬ ‫مختلف المشاريع ‪ % 45‬من مجموع االستثمارات‬ ‫ّ‬ ‫ارتبط االقتصاد اللبناني باالقتصاد الفرنسي منذ مرحلة الحكم‬ ‫الطيبة بين محمد علي وحكومة باريس‬ ‫المصري‪ ،‬إذ أتاحت العالقات‬ ‫ّ‬ ‫صناعيو مدينة ليون‬ ‫فرنسيين التمركز في لبنان‪ ،‬فأخذ‬ ‫لصناعيين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يوظفون مبالغ ضخمة في مصانع غزل الحرير في جبل لبنان وبيروت‪.‬‬ ‫صغيرا في هذه‬ ‫مصنعا‬ ‫وفــي العام ‪ 1836‬أنشأ الكونت ‪de la Ferté‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مصنعا‬ ‫المدينة‪ ،‬وفــي العام ‪ 1838‬أنشأت عائلة ‪ Portalis‬في بتاتر‬ ‫ً‬ ‫استمرت الحركة في ازدياد حتى‬ ‫الفرنسية‪.‬‬ ‫كبيرا اعتمد التكنولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فرنسية في منتصف القرن‪ ،‬إلى مصانع أخرى يملكها‬ ‫مصانع‬ ‫عشرة‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسيون معظم مصانعهم‬ ‫فية باع‬ ‫سكان البالد‪ .‬وفي عهد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتصر ّ‬ ‫اللبنانيين إال ثالثة‪.‬‬ ‫إلى‬ ‫ّ‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫المصريين (‪ )1840‬وسقوط حليفهم بشير‬ ‫‪2.2‬في لبنان‪ ،‬بعد انسحاب‬ ‫ّ‬ ‫الثاني الشهابي‪ ،‬اندلعت صراعات ذات طابع طائفي قُ ّس َم الجبل على‬ ‫وجنوبية يحكمها الدروز‪.‬‬ ‫المسيحيون‬ ‫شمالية َي ْح ُك ُمها‬ ‫قائمقاميتين‪:‬‬ ‫أثرها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتجددت االشتباكات في العام ‪ 1860‬فأرسل نابليون الثالث‪ ،‬باسم أوروبا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عسكرية إلى لبنان بقيادة الجنرال ‪ Beaufort d’Hautpoul‬ساعدت‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫حمل‬ ‫ّ‬ ‫مسيحيي الجبل على إعــادة بناء قراهم‪ ،‬واجتمعت لجنة‬ ‫المنكوبين من‬ ‫ّ‬ ‫وضع نظام جديد للبنان‪ :‬نظام البروتوكول‪،‬‬ ‫دولية في بيروت ُع ِه َد اليها‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬متصرفية جبل لبنان‪‬‬ ‫اسم‬ ‫تحت‬ ‫الجبل‬ ‫توحيد‬ ‫فرنسا‪،‬‬ ‫من‬ ‫بإصرار‬ ‫فأعاد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يعينه الباب العالي ويرتبط به‬ ‫يحكمها‬ ‫ّ‬ ‫متصرف مسيحي من رعايا السلطان ّ‬ ‫مباشر ًة ُوتوافق على تعيينه الدول الكبرى الموقّ عة على البروتوكول (المادة‬ ‫األولى من النظام األساسي)‪.‬‬

‫وقت اقتسامها وتحرير شعوب‬ ‫‪‬رجل أوروبا المريض‪ ،‬وحان‬ ‫وأصبحت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رزحت قرونً ا تحت نيرها‪.‬‬

‫‪185‬‬


‫ا – ثقافيا‪:‬‬ ‫ديني‬ ‫ً‬ ‫ ) ب ً‬

‫‪186‬‬

‫دور كبير في هذا القطاع إذ اعتبرتها عهود األمان حامي ًة‬ ‫كان لفرنسا ٌ‬ ‫السيما رعايا دول لم يمنحها السلطان عهد‬ ‫العثمانيين‪،‬‬ ‫الكاثوليك غير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكنها لم‬ ‫أمان‪ .‬جرت محاوالت ل َـم ّد هذه الحماية إلى الكنائس‬ ‫الشرقية ّ‬ ‫ّ‬ ‫جزئيا‪ ،‬ولنا عودة إلى هذا الموضوع في القسم األخير من البحث‪.‬‬ ‫تنجح ّإال‬ ‫ًّ‬ ‫الفرنسية على مستويين‪:‬‬ ‫الدينية‬ ‫وهكذا كانت الحماية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫المقدسة في فلسطين‬ ‫والحجاج األجانب واألماكن‬ ‫‪1.1‬حماية المرسلين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نصت عليها عهود أمان‬ ‫الرهبانيات‬ ‫وأديرة‬ ‫األوروبية وكنائسها‪ ،‬حماي ًة كامل ًة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بتعدي حدودها‪.‬‬ ‫لم يسمح السلطان‬ ‫للفرنسيين ّ‬ ‫ّ‬

‫ ‪2.‬حماية كاثوليك الشرق من رعايا السلطان الخاضعين لعهد أهل‬ ‫قانونية فكان السلطان يقبل أحيانً ا ببعض‬ ‫الذمة‪ ،‬حماي ًة لم تكن لها أسس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخية‬ ‫لصداقة‬ ‫ا‬ ‫إكرام‬ ‫وقناصل‬ ‫سفراء‬ ‫ا‬ ‫ودي‬ ‫بها‬ ‫م‬ ‫يتقد‬ ‫ومطالب‬ ‫وساطات‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أن رعاياه من أهل الكتاب‬ ‫يعتبر‬ ‫كان‬ ‫ه‬ ‫لكن‬ ‫وبحكوماتها‪،‬‬ ‫تربطه بملوك فرنسا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذمة‪ ،‬وكـ ّـل ما‬ ‫ّ‬ ‫يتمتعون بحمايته وحماية المسلمين في إطــار عهد أهل ّ‬ ‫يمس تعاليم اإلسالم وتقاليده وال يمكن القبول به‪.‬‬ ‫يخرج عن هذا اإلطار‬ ‫ُّ‬

‫قانونية لها‪.‬‬ ‫ـس‬ ‫مسيحيي الشرق إذً ا حماية‬ ‫حماية‬ ‫ّ‬ ‫جماعية ال أُ ُس ـ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدنية‬ ‫خاصا من الحماية‬ ‫نوعـا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫دول أخرى‪ ،‬مارست ً‬ ‫لكن فرنسا‪ ،‬ومعها ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ـطانية‪ .‬والـبراء ُة خطٌّ شريف يحمل‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ـراءا‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫دين‬ ‫مزو‬ ‫ـاص‬ ‫خ‬ ‫أش‬ ‫على‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ممثِّ‬ ‫األوروبية فَ َي ْك ُتبون عليه اسم شخص‬ ‫الدول‬ ‫لو‬ ‫مه‬ ‫يتسلّ‬ ‫ُطغرى السلطان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الجنسية يريدون حمايته فيتمتع حامل البراءة بجميع االمتيازات‬ ‫عثماني‬ ‫ّ‬ ‫كل سفارة‬ ‫يتمتع بها األجانب‪ ،‬على رأسها الحصانة‬ ‫التي ّ‬ ‫القضائية‪ .‬وكانت ُّ‬ ‫ّ‬ ‫توزعها على أشخاص يعملون في‬ ‫من السفارات‬ ‫األجنبية تعطى عدد براءات ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحراس‪ ،‬وعلى آخرين (أحيانً ا مسلمين) يرغبون‬ ‫كالمترجمين‬ ‫خدمتها‬ ‫ّ‬

‫كل من بيروت والقدس والقاهرة‪.‬‬ ‫‪1.1‬قنصل عام (‪ )Consul général‬في ّ‬

‫واالسكندرية‬ ‫وجدة‬ ‫كل من حلب وبغداد ودمشق ّ‬ ‫‪2.2‬قنصل (‪ )Consul‬في ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبور سعيد‪.‬‬

‫كل من االسكندرونة والموصل والبصرة‬ ‫‪3.3‬نائب قنصل (‪ )Vice-consul‬في ّ‬ ‫وطرابلس وحيفا ويافا والحديدة والسويس‪.‬‬

‫كل من أنطاكية وحمص وحماة‬ ‫‪4.4‬عميل قنصلي (‪ )Agent-consulaire‬في ّ‬ ‫وغزة وفي ‪ 18‬مدينة في‬ ‫والالذقية وصيدا وصور والناصرة وصفد‬ ‫وطبرية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واالسماعيلية الخ‪.‬‬ ‫وأسوان‬ ‫وطنطة‬ ‫والمنصورة‬ ‫دمياط‬ ‫منها‬ ‫مصر‪،‬‬ ‫ّ‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫وحصل الكونت ‪ de Perthuis‬الفرنسي من الباب العالي (‪ )1857‬على‬ ‫امتياز لشق طريق المركبات (‪ )Route carossable‬بين بيروت ودمشق‬ ‫ٍ‬ ‫انتهى العمل فيها سنة ‪ ،1862‬وحصل جوزف مطران من بعلبك على امتياز‬ ‫فرنسية وأنهت العمل في العام ‪،1894‬‬ ‫ذته شركة‬ ‫لتوسيع مرفأ بيروت ّنف ْ‬ ‫ّ‬ ‫مرورا‬ ‫فرنسية أخرى َب َنت الخط الحديدي بين بيروت وحوران‬ ‫فيما شركة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وعشية‬ ‫األول (بيروت – دمشق) في العام ‪.1890‬‬ ‫بدمشق‪ُ ،‬د ّشن منه الشطر ّ‬ ‫ّ‬ ‫فرنسيتان مشروعين آخرين‪ :‬طريق‬ ‫العالمية الولى ّنفذت شركتان‬ ‫الحرب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربات بيروت – صور‪ ،‬وخطّ الترامواي في مدينة بيروت‪.‬‬

‫العثمانية‪.‬‬ ‫التمتع بامتيازات األجانب والتخلُّ ص من كابوس القوانين‬ ‫في‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫وتربوي في سلطنة‬ ‫ثقافي‬ ‫وزن‬ ‫إضافة إلى وزنها الديني كان لفرنسا ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولية‪،‬‬ ‫الدبلوماسية‬ ‫بني عثمان‪ .‬فلُ ُغتها في القرن التاسع عشر كانت اللغ َة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفرنكوفونية كانت منتشرة في مدن كثير ٍة من لبنان وسوريا‬ ‫والمدارس‬ ‫ّ‬ ‫شرقية‪،‬‬ ‫ورهبانيات‬ ‫غربية أو كنائس‬ ‫إرساليات‬ ‫وفلسطين ومصر‪ ،‬تديرها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مثال‪ ،‬بلغ عدد‬ ‫وتدعمها الحكومة‬ ‫مالية‪ .‬فسنة ‪ً 1897‬‬ ‫الفرنسية بمساعدات ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدارس التي حصلت على مساعدة‪ 48 :‬في مصر‪ 27 ،‬في فلسطين‪74 ،‬‬ ‫الشمالية والعراق‪.‬‬ ‫في لبنان ومنطقة دمشق‪ ،‬و‪ 25‬في سوريا‬ ‫ّ‬ ‫الفرنكوفونية‬ ‫العالمية األولــى‪ ،‬كانت المدارس‬ ‫عشية انــدالع الحرب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األسيوية وفي مصر َت ُع ُّد ‪ 90‬ألف طالب‬ ‫المنتشرة في واليــات السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫االنكلو‪-‬أميركية‪.‬‬ ‫مقابل ‪ 23,500‬طالب للمدارس‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية‪ ،‬ففرنسا ّأول‬ ‫أما التمثيل الدبلوماسي الفرنسي في السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫وظل ممثّ لها‬ ‫أوروبية أنشأت لها سفارة لدى الباب العالي (‪)1535‬‬ ‫دولة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعتمد في استانبول حتى ‪ 1580‬حين سمح‬ ‫هو السفير األوروبي الوحيد‬ ‫َ‬ ‫سفير لها‪ ،‬تلتها انكلترا (‪ )1582‬ثم دول أخرى‪.‬‬ ‫للبندقية بتعيين‬ ‫السلطان‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫العالمية األولى‪ ،‬على مركز الصدارة‬ ‫سفير فرنسا حافظ‪ ،‬حتى الحرب‬ ‫لكن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسية منتشرة في‬ ‫ات‬ ‫القنصلي‬ ‫وكانت‬ ‫الدول‪.‬‬ ‫ة‬ ‫بقي‬ ‫سفراء‬ ‫إلى‬ ‫بالنسبة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسكندرية (منذ عهد المماليك أي‬ ‫ة‬ ‫قنصلي‬ ‫ها‬ ‫م‬ ‫أقد‬ ‫عثمانية عدة‪،‬‬ ‫مدن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قنصلية حلب‬ ‫ـدم‪:‬‬ ‫قبل الفتح العثماني)‪ّ .‬أمــا في البالد‬ ‫السورية فــاألقـ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )1535‬وكان القنصل يقيم أحيانً ا في حلب وأحيانً ا في طرابلس‪ .‬وفي‬ ‫قنصلية صيدا (‪ )1615‬وأخذ عدد‬ ‫قنصلية إزمير ثم‬ ‫العام ‪ 1610‬أُ نشئت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عشية‬ ‫القنصليات الفرنسية يزداد حتى أصبح الوضع في المشرق العربي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العالمية األولى على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫الحرب‬ ‫اندالع‬ ‫ّ‬

‫‪187‬‬


‫‪188‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬وضع أرشيف وزارة الخارج ّية الفرنس ّية‬ ‫المتع ّلق بتاريخ لبنان في القرنين التاسع عشر والعشرين‪.‬‬

‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫ً‬ ‫محفوظا لدى الوزارة في الكاي دورساي‬ ‫هذا األرشيف قسمان‪ :‬أول كان‬ ‫(‪ – )Quai d’Orsay‬باريس ثم نُ قل قبل أعوام إلى الكورنوف (‪)Lacourneuve‬‬ ‫شمالي العاصمة‪ ،‬واآلخر لدى مركز األرشيف الدبلوماسي التابع لوزارة‬ ‫ّ‬ ‫الخارجية في مدينة نانت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المتعلقة بتاريخ لبنان والمحفوظة في باريس‪ ،‬تندرج‬ ‫ ) أمعظم الوثائق‬ ‫ّ‬ ‫رئيسية‪.‬‬ ‫في تسعة أبواب‬ ‫ّ‬

‫السياسية في استانبول‪ :‬مجلّ داتها ‪ ،563‬منها‬ ‫‪1.1‬مراسالت السفارة‬ ‫ّ‬ ‫وتتطرق إلى قضايا‬ ‫‪ 362‬تحتوي وثائق القرن التاسع عشر‪ .‬لها طابع عام‬ ‫ّ‬ ‫قسم منها المسألة‬ ‫تهم فرنسا وأوروبا في عالقاتهما مع السلطنة‪ .‬يعالج‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية من جوانبها كافةً‪.‬‬ ‫ّ‬

‫السياسية (‪Correspondance politique‬‬ ‫‪2.2‬سلسلة مراسالت القناصل‬ ‫ّ‬ ‫ومسودات‬ ‫باريس‬ ‫في‬ ‫الوزارة‬ ‫إلى‬ ‫القناصل‬ ‫تتضمن تقارير‬ ‫‪:)des consuls‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫داخلية‬ ‫سياسية‬ ‫يتلقونها‪ ،‬وهــي تتناول شــؤونً ــا‬ ‫أجوبة وتوجيهات كانوا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خصوصا أزمات‬ ‫وتشعباتها‪،‬‬ ‫اللبنانية‬ ‫قسم منها المسألة‬ ‫وخارجية‪ .‬يعالج‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدينية‬ ‫والشؤون‬ ‫الطوائف‬ ‫بين‬ ‫والعالقات‬ ‫عشر‪،‬‬ ‫التاسع‬ ‫القرن‬ ‫في‬ ‫الجبل‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعية‪ .‬وهي تتوقف عند العام ‪.1896‬‬ ‫ة‬ ‫االقتصادي‬ ‫واألوضاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ـاريــة‬ ‫ ‪3.‬سلسلة ال ـمــراســات‬ ‫القنصلية والـتـجـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اقتصادية تتعلّ ق بحركة المرافئ‬ ‫‪ :)consulaire et commerciale‬معلومات‬ ‫ّ‬ ‫األوروبيين وبالصادرات والواردات واالنتاج الزراعي وحركة‬ ‫التجار‬ ‫وأنشطة ّ‬ ‫ّ‬ ‫واألمنية‪.‬‬ ‫الصحية‬ ‫النقل والمواصالت واألوضاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪4.4‬سلسلة‬ ‫المذكرات والوثائق (‪ :)Mémoires et Documents‬نوعان‬ ‫ّ‬ ‫متنوعة‬ ‫تتعدى‬ ‫عادية ال‬ ‫من الوثائق‪ :‬تقارير ومراسالت‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بضع صفحات ّ‬ ‫ّ‬ ‫شخصيات مطلعة على‬ ‫أعدتها‬ ‫مطولة ّ‬ ‫المصادر والموضوعات‪ ،‬ودراسات ّ‬ ‫ّ‬ ‫لألقليات‬ ‫س‬ ‫مكر‬ ‫منها‬ ‫كبير‬ ‫عدد‬ ‫خاص‪.‬‬ ‫أوضاع السلطنة وأوضاع لبنان بنوع‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ٌ‬ ‫الشرقية بشكل عام وللموارنة بشكل خاص‪.‬‬ ‫وللكنائس‬ ‫ّ‬ ‫تضم ‪404‬‬ ‫‪5.5‬السلسلة الجديدة‪:)Nouvelle Série( 1914 – 1897 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية‪ ،‬بينها ‪ 35‬مجلّ ًدا للبنان وسوريا‬ ‫مكرسة للسلطنة‬ ‫مجلّ دات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتجارية‪.‬‬ ‫ة‬ ‫السياسي‬ ‫المراسالت‬ ‫فيها‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫وفلسطين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ َِ‬ ‫ّ‬

‫تضم ‪170‬‬ ‫‪6.6‬سلسلة الحرب ‪:)Guerre 1914 – 1918( 1918 – 1914‬‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية‪ ،‬بـينها ‪ 67‬مجلّ ًدا لسوريا ولبنان وفلسطين‬ ‫مكرسة للسلطنة‬ ‫مجلّ ًدا ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحجاز‪.‬‬

‫‪7.7‬سلسلة ال ـم ـشــرق‪ ،‬ســوريــا ول ـب ـنــان ‪1939 – 1918‬‬ ‫تضم وثائق عهد االنتداب‪.‬‬ ‫‪:)Syrie – Liban‬‬ ‫ّ‬

‫(‪E-Levant,‬‬

‫العالمية الثانية فــي ثــاث مـجـمــوعــات‪ :‬سلسلة‬ ‫‪8.8‬وثــائــق ال ـحــرب‬ ‫ّ‬ ‫فيشي – المشرق (‪ ،)Vichy – Levant‬سلسلة لندن (‪ ،)Londres‬وسلسلة‬ ‫الجزائر (‪.)Alger‬‬

‫تضم وثائق حديثة لـما‬ ‫‪9.9‬وثائق أفريقيا والمشرق (‪ّ :)Afrique – Levant‬‬ ‫العالمية الثانية‪.‬‬ ‫بعد الحرب‬ ‫ّ‬

‫تهم‬ ‫موضوعنا منها ثالث مجموعات‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ ) بالوثائق المحفوظة في نانت‪ّ ،‬‬ ‫الفرنسية في استانبول‪ :‬مجموعة ضخمة من‬ ‫‪1.1‬محفوظات السفارة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 2200‬مجلّ د ّ‬ ‫تغطي الحقبة ‪ ،1914 – 1528‬هي بعد األرشيف العثماني من‬ ‫أغنى المصادر لكتابة تاريخ السلطنة‪ .‬فيها مراسالت السفراء مع وزارة‬ ‫القنصليات‬ ‫الخارجية في باريس والباب العالي ومراسالتهم مع مختلف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قنصليات صـيــدا وبـيــروت‬ ‫بينها‬ ‫ة‪،‬‬ ‫العثماني‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ض‬ ‫األرا‬ ‫على‬ ‫ـدة‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫الـمـتــوا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وطرابلس‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫بين منتصف القرن السابع عشر وأواخــر القرن الثامن عشر‪ ،‬اختار‬ ‫الخازنية‪ :‬أبــو نوفل‬ ‫ملوك فرنسا قناصل بيروت من بين أبناء األســرة‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )1679 – 1656‬وولــده أبو قانصو (‪ّ ،)1691 – 1679‬ثم الشيخ حصن‬ ‫وأخيرا الشيخ نوفل الخازن (‪.)1758 – 1708‬‬ ‫الخازن (‪)1707 – 1697‬‬ ‫ً‬ ‫غير‬ ‫عين لويس السادس عشر‬ ‫مارونيا آخــر َ‬ ‫ًّ‬ ‫وبعد انقطاع أربعين سنة ّ‬ ‫قنصال لفرنسا في بيروت‪ .‬وكانت‬ ‫خازني هو الشيخ غندور سعد الخوري‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وكل‬ ‫حدث‬ ‫كل‬ ‫فيرصدون‬ ‫ة‪،‬‬ ‫وقضائي‬ ‫تجارية‬ ‫سياسية وأخرى‬ ‫مهام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للقناصل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫موضوع َي ُه َّم دولتهم بشكل أو بآخر‪ ،‬يتراسلون بشأنه في ما بينهم ويرسلون‬ ‫الخارجية في باريس‪ .‬كانوا صلة‬ ‫التقارير إلى السفير في استانبول ووزارة‬ ‫ّ‬ ‫المحليين‬ ‫العثمانية والزعماء‬ ‫الوصل بين حكومتهم من جهة‪ ،‬والسلطات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محلية مكتوبة باللغات‬ ‫تقاريرهم بوثائق‬ ‫وغالبا ما أرفقوا‬ ‫من جهة أخرى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الشرقية‪ .‬من هنا أهمية مراسالتهم في كتابة تاريخ لبنان‪.‬‬ ‫ّ‬

‫(‪Correspondance‬‬

‫‪189‬‬


‫‪190‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫ ‪3.‬أرشيف االنتداب‪ :‬مشترك بين لبنان وسوريا‪ .‬نُ ِقل من بيروت إلى‬ ‫عددا‬ ‫يتكون من نحو ‪ 0054‬صندوق‬ ‫كل منها ً‬ ‫يتضمن ٌّ‬ ‫نانت في العام ‪ّ .8691‬‬ ‫ّ‬ ‫عسكريا‪،‬‬ ‫سياسيا‪،‬‬ ‫البلدين‬ ‫من الملفات تعالج مسائل لها عالقة بتاريخ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دينيا‪ ،... ،‬وهو مصدر أساسي لكتابة‬ ‫ماليا‪،‬‬ ‫أمنيا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ثقافيا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫األول من القرن العشرين‪.‬‬ ‫النصف‬ ‫في‬ ‫لبنان‬ ‫تاريخ‬ ‫ّ‬ ‫القسم الثالث‪ :‬مساهمة األرشيف الفرنسي في تصويب‬ ‫أخطاء الشائعة وتوضيح نقاط غامضة في كتاباتنا التاريخ ّية‪.‬‬ ‫التاريخية مسائل غامضة وأخطاء شائعة‪ ،‬هنا‬ ‫ال تــزال في كتاباتنا‬ ‫ّ‬ ‫ت منها نعرضها محاولين تصويبها مستعينين بنماذج من وثائق األرشيف‬ ‫ِس ٌّ‬ ‫الفرنسي‪.‬‬ ‫مسيحيي الشرق‪ .‬هل كانت مطلقة أم‬ ‫المسألة األولى‪ :‬حماية فرنسا‬ ‫ّ‬ ‫كانت لها حدود؟‬ ‫األوروبية‬ ‫أن الدول‬ ‫اللبنانية أو‬ ‫في بعض كتب التاريخ‬ ‫العربية انطباع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسيحية داخل السلطنة‪،‬‬ ‫تهب‪ ،‬ألدنى سبب‪ ،‬إلى نُ صرة الطوائف‬ ‫كانت ُّ‬ ‫ّ‬ ‫زودت بعض أبناء هذه الطوائف ببراءات حماية إلخراجهم عن سلطة‬ ‫وأنّ ها ّ‬ ‫العثمانية‪.‬‬ ‫الدولة‬ ‫ّ‬ ‫الدينية نوعان من الحدود‪ .‬أولهما‬ ‫الحقيق ُة غير ذلك‪ :‬كان للحماية‬ ‫ّ‬ ‫األجنبية بحماية‬ ‫العثمانيون (ال َيسمح السلطان لـلــدول‬ ‫نــوع رسـمــه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫قنصلية‬ ‫قنصليات طــرابـلــس وص ـيــدا وب ـيــروت‪ :‬أرشـيــف‬ ‫ ‪2.‬أرش ـيــف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملفات ُضـ َّـمــت إلــى أرشـيــف بـيــروت‪ .‬أرشـيــف صيدا‬ ‫طرابلس فُ ـ ِقـ َـد ّإال ّ‬ ‫نُ ـ ِقـ َـل إلــى فرنسا في العام ‪ 2391‬وهــو من ‪ 73‬مجلّ ًدا تغطي السنوات‬ ‫قنصلية بيروت‪ ،‬نُ ِق َل إلى نانت‬ ‫‪ .6281 – 5851‬ويـبقى األهــم‪ :‬أرشيف‬ ‫ّ‬ ‫العالمية‬ ‫في العام ‪ .9691‬استولى األتراك على قسم منه خالل الحرب‬ ‫ّ‬ ‫األولى‪ .‬وهو من ‪ 404‬مجلّ دات ّ‬ ‫تغطي بين ‪9361‬و ‪ ،8491‬فيه مراسالت مع‬ ‫الفرنسية‬ ‫القنصليات‬ ‫الوزارة في باريس والسفارة في استانبول ومختلف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫آالف‬ ‫وقنصليات الــدول األوروبـ ّـيــة األخــرى‪ ،‬وفيه‬ ‫المنتشرة في الجوار‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫السياسية‬ ‫الوثائق المتعلّ قة مباشرة بتاريخ لبنان‪ ،‬يعالج بعضها المواضيع‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعية‬ ‫والديموغرافية‬ ‫والمالية‬ ‫االقتصادية‬ ‫والبعض اآلخــر تلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملفات عن سكك الحديد والمرافئ وشــركــات المياه‬ ‫والتربوية‪ ،‬وفيه ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمصارف ومكاتب البريد واآلثار والمدارس والجامعات‪...‬‬

‫رسمت ُه الــدول الحامية‪ .‬ففرنسا لم‬ ‫واآلخـ ُـر‬ ‫ـذمــة)‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫رعاياه من أهــل الـ ّ‬ ‫تتصرف‬ ‫مسيحيو السلطنة‪ ،‬بل كانت‬ ‫تقبل بانجرارها وراء ما يطلبه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفق مصالحها الخاصة ونظرتها إلى األمور‪ .‬وهذا ما فعلته عام ‪1840‬‬ ‫حين ثاروا على ابراهيم باشا المصري‬ ‫وظن ‪ Bourée‬القنصل الفرنسي‬ ‫ّ‬ ‫أن عليه َت ّبني مطالبهم ومساندتهم فكتب بذلك إلى حكومته‬ ‫في بيروت ّ‬ ‫الخارجية‪ ،‬إذ كان‬ ‫ما أثار غضب تيير ( ‪ ،)Thiers‬رئيس الوزراء ووزير‬ ‫ّ‬ ‫محمد علي ومركز‬ ‫دفاعا عن‬ ‫ضد أوروبا مجتمع ًة‬ ‫ب ّ‬ ‫يستعد لخوض حر ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أن ما يقوم به ال يتفق‬ ‫فكت‬ ‫الشرق‪،‬‬ ‫في‬ ‫فرنسا‬ ‫َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ب إلى بوريه رسال َة تأني ٍ‬ ‫َ‬ ‫ضيقة‬ ‫نظر‬ ‫وجهة‬ ‫من‬ ‫األمور‬ ‫يعالج‬ ‫وأنه‬ ‫ة‬ ‫الفرنسي‬ ‫وخيارات الحكومة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية‬ ‫ألن ال ُـم ِل ّح ليس تأمين مستقبل الموارنة بل معالجة المسألة‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسية العليا‪.‬‬ ‫كاملهة وضمان المصالح‬ ‫ّ‬ ‫خبر الثورة التي اندلعت‬ ‫عميقا‬ ‫جاء في رسالة ‪ :Thiers‬أحزننا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫حديثا في لبنان‪ ،‬بسبب اهتمامنا بكاثوليك هذا القسم من سوريا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ـدثــا كهذا ومضاعفا ٍت يلقيها على الــوضــع الحالي الخطير‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫وألن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية التي‪ ،‬في‬ ‫المسألة‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫إيجاد‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫الرامية‬ ‫جهودنا‬ ‫ستعيق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شعرت‪ّ ،‬أيها‬ ‫أهمي ًة من المسائل األخــرى‪ .‬لذا‬ ‫أساسية وأكثر‬ ‫نظرنا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أقل‬ ‫بأنك تبدي‬ ‫السيد‪ ،‬بارتباك كبير عندما علمت ّ‬ ‫اعتناء بهذه المسألة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مما تبديه تجاه جانب آخر من الموضوع‪ :‬الضرر الذي يلحقه‬ ‫بكثير‬ ‫ّ‬ ‫المصرية على سوريا‪ ،‬والعرقلة التي بهذه‬ ‫السيطرة‬ ‫توطيد‬ ‫بالكاثوليك‬ ‫ّ‬ ‫السيطرة تصيب حماية فرنسا مصلحتهم‪ّ .‬إنــك تبذل كامل جهدك‬ ‫ثانوية‬ ‫أهميتها‬ ‫تفحص خطط وتوقعات جديرة باالهتمام‪ ،‬لكن‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقارن ًة بالمنازعة التي تقطع في الوقت الحاضر على أوروبا أنفاسها‪.‬‬ ‫بتصرفك هذا ال تسلك الطريق نفسه الذي خطّ ته حكومة الملك‬ ‫ّإنك‬ ‫ّ‬ ‫الخ‪( ..‬الوثيقة رقم ‪.)1‬‬

‫‪191‬‬


‫‪192‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫الوثيقة رقم ‪ :١‬القسم األول من رسالة ‪ ،Thiers‬رئيس الوزراء ووزير الخارجية‪ ،‬إلى‬ ‫بوريه‪ ،‬قنصل فرنسا في بيروت‪ ،‬بشأن ثورة الموارنة ضد الحكم المصري (تموز ‪)١٨٤٠‬‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫بعد هذه الرسالة‪ ،‬استدعى‬ ‫مكانه ملواز (‪.)Méloizes‬‬ ‫الجماعية التي مارستها فرنسا على‬ ‫الدينية‬ ‫هــذه حــدود الحماية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فردية كان‬ ‫مدنية‬ ‫مسيحيي الشرق‪ّ .‬ربما حصلت تـجــاوزات في حماية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسؤولية عن هذه التجاوزات‬ ‫لكن‬ ‫ة‪،‬‬ ‫السلطاني‬ ‫البراءات‬ ‫حاملو‬ ‫بها‬ ‫يتمتع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن الباب العالي‬ ‫ة‪،‬‬ ‫األوروبي‬ ‫ـدول‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫إلى‬ ‫ا‬ ‫مم‬ ‫أكثر‬ ‫العالي‬ ‫الباب‬ ‫إلى‬ ‫تعود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يوز ُعونها على‬ ‫كان‪ ،‬لقاء مبلغ من المال‪ ،‬يسلّ م هذه البراءات إلى السفراء ّ‬ ‫تجار كبار‪ ،‬منهم مسلمون كي‬ ‫َ‬ ‫مستخدميهم‪ ،‬فكانوا أحيانً ا يبيعونها إلى ّ‬ ‫للفرنسيين‪.‬‬ ‫قضائية كانت‬ ‫ويتمتعوا بحصانة‬ ‫يتخلّ صوا من دفع الضرائب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وراثية تنتقل من األب إلى االبن‪ .‬عندما ازداد الطلب على‬ ‫وكانت البراءات‬ ‫ّ‬ ‫البراءات بما تجاوز الحدود‪ ،‬شعر الباب العالي بالخطر فأصدر سنة ‪1863‬‬ ‫للقنصليات‬ ‫األجنبية حـ ّـدد بموجبه من يحق‬ ‫للقنصليات‬ ‫جديدا‬ ‫تنظيما‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وتزويدهم ببراءات‪ .‬وظلّ ت حكومة اسطنبول ممسكة باألمور‬ ‫استخدامهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المدنية والبراءات‪.‬‬ ‫حتى في الحماية‬ ‫ّ‬ ‫إن الملك ُح َسين كــان يجهل مضمون اتفاق‬ ‫المسألة الثانية‪ُ :‬يقال ّ‬ ‫نصه الكامل‪ .‬هل هذا صحيح؟‬ ‫سايكس‪-‬بيكو قبل أن ينشر البولشفيك ّ‬ ‫سريا‪ ،‬ولم‬ ‫التاريخية‬ ‫تؤكد الكتب‬ ‫العربية ّ‬ ‫أن اتفاق سايكس‪-‬بيكو ّ‬ ‫ظل ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن وثائق‬ ‫نصه البولشفيك‪ّ .‬‬ ‫يطلع عليه زعماء العرب إال بعدما نشر َّ‬ ‫تماما‪ ،‬فيها أن اإلنكليز والفرنسيين‬ ‫األرشيف الفرنسي تعطينا رواية مختلفة ً‬ ‫العربية العثمانية‬ ‫بالواليات‬ ‫ق‬ ‫المتعلّ‬ ‫في مطلع ‪ 1917‬كلّ فوا موقّ َعي االتفاق‬ ‫ّ‬ ‫(مارك سايكس وفرنسوا جورج بيكو) السفر إلى الحجاز ْ‬ ‫إلطالع الملك‬ ‫جدة في ‪ 18‬أيار ‪1917‬‬ ‫ُح َسين وأبنائه على مضمون االتفاق‪ .‬وصال إلى ّ‬ ‫مرارا بالملك ُحسين وبأبنائه‪ .‬وبعد خمسة ّأيام من المحادثات‪،‬‬ ‫واجتمعا‬ ‫ً‬ ‫‪‬وصلت إلى جـ ّـدة في الثامن عشر من‬ ‫باآلتي‪:‬‬ ‫حكومته‬ ‫إلى‬ ‫بيكو‬ ‫أبــرق‬ ‫ُ‬ ‫السيد مارك سايكس‪ ،‬وكان لنا في التاسع عشر ّأو ُل لقاء‬ ‫الجاري برفقة‬ ‫ّ‬ ‫إن الملك يعرف اآلن مضمون‬ ‫مع ملك الحجاز‪ ...‬يمكننا القول باختصار ّ‬ ‫إن‬ ‫يبد‬ ‫كنا نخشاه‪ّ .‬‬ ‫حد ّ‬ ‫متأثرا إلى ٍّ‬ ‫اتفاقنا [أي اتفاق سايكس‪-‬بيكو]‪ ،‬ولم ُ‬ ‫ً‬ ‫تهمه‪.‬‬ ‫ال‬ ‫وأورفا‬ ‫االسكندرونة‬ ‫من‬ ‫المنطقة األرمنية الواقعة إلى الشمال‬ ‫ُّ‬ ‫شبيها بدور إنكلترا‬ ‫ويمكننا في خطوط كبرى َت َخ ُّي ُل دور فرنسا في سوريا‬ ‫ً‬ ‫االسالمية من‬ ‫ممثلي الملك في المناطق‬ ‫في العراق‪ .‬وسنتعاون مع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسيحية‪ ،‬فإذا استولينا عليها‬ ‫سورية بواسطة مستشارينا‪ّ .‬أما المناطق‬ ‫ّ‬ ‫نشئ فيها دول ًة تكون تحت حمايتنا‪( ...‬الوثيقة رقم‬ ‫قبل نهاية الحرب ُن ُ‬ ‫‪ ،2‬الصفحتان األولى واألخيرة)‪.‬‬ ‫‪Thiers‬‬

‫وعين‬ ‫القنصل بوريه إلى باريس ّ‬

‫‪193‬‬


‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬ ‫‪195‬‬

‫‪194‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬ ‫البرقية التي أرسلها جورج بيكو من َع َدن (في ‪ ٢٤‬أيار ‪ )١٩١٧‬إلى وزارة‬ ‫الوثيقة رقم ‪ : 2‬الصفحة األولى من‬ ‫ّ‬ ‫أطْ‬ ‫وأوالده على مضمون اإلتفاق المعروف باتفاق‬ ‫الحسين‬ ‫عا‬ ‫لَ‬ ‫سايكس‬ ‫ومارك‬ ‫الخارجية الفرنسية يعلن فيها أنه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫سايكس ‪ -‬بيكو (أيار ‪...)١٩١٧‬‬

‫‪ ...‬والصفحة األخيرة من هذه الوثيقة‬


‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫‪196‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫عــاد بيكو إلــى فرنسا وأبــرق إلــى شرشلي ممثل فرنسا في الحجاز‬ ‫أن عبارة ‪‬المناطق‬ ‫(‪ 13‬حزيران ‪ )1917‬يطلب منه أن يوضح للحسين ّ‬ ‫استعملت خالل المحادثات تعني المناطق‬ ‫اإلسالمية في سورية‪ ‬التي ُ‬ ‫ّ‬ ‫الداخلية ال الساحل وكيليكيا‪ .‬ومن البرقية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪‬خالل محادثاتي األخيرة مع ملك الحجاز أطلعته على اتفاقنا‬ ‫التصرف‬ ‫بحرية‬ ‫قلت له ّإننا نحتفظ‬ ‫حــول منطقة الشرق األدن ــى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نشئ دولة لبنان الكبير تحت الحماية‬ ‫في المنطقة‬ ‫سن ُ‬ ‫الساحلية حيث ُ‬ ‫ّ‬ ‫أن الشرط األساسي لتعاوننا مع العرب في المناطق‬ ‫الفرنسية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأبلغته ّ‬ ‫ّ‬ ‫فرنسيين في مختلف اإلدارات‬ ‫الداخلية من سورية‪ :‬تعيين مستشارين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إجرائية‪( ...‬الوثيقة رقم ‪ ،3‬الصفحة‬ ‫بسلطة‬ ‫محدودة‬ ‫ة‬ ‫لمد‬ ‫عون‬ ‫يتمت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأبناءه ّ‬ ‫اطلعوا على‬ ‫سين‬ ‫الح‬ ‫أن‬ ‫النصوص‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫إذً‬ ‫ضح‬ ‫يت‬ ‫ـى)‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫األو‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫نشر البولشفيك‬ ‫الخطوط الكبرى التفاق سايكس‪-‬بيكو قبل‬ ‫أشهر من ْ‬ ‫ٍ‬ ‫نصه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أن حصار الحلفاء شواطئ السلطنة‬ ‫المسألة الثالثة‪ :‬هل‬ ‫صحيح ّ‬ ‫ٌ‬ ‫سبب المجاعة في لبنان؟ نعم‪،‬‬ ‫العثمانية خالل الحرب‬ ‫العالمية األولــى َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن في الوثائق‬ ‫ة‬ ‫تاريخي‬ ‫كتابات‬ ‫معظم‬ ‫تؤكد‬ ‫كما‬ ‫عربية حول الموضوع‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسية ما يغايرها‪ .‬إنما قبل ذلك لنا مالحظتان‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ضد لبنان‬ ‫بحرا لم يكن‬ ‫السواحل‬ ‫أ‪ .‬حصار الحلفاء‬ ‫موجها ّ‬ ‫العثمانية ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫سلبا على سائر المناطق كما أثرّ‬ ‫ّ‬ ‫بل ّ‬ ‫ضد السلطنة ّ‬ ‫ككل‪ ،‬فلماذا لم يؤثر ً‬ ‫على لبنان؟‬ ‫ب‪ .‬هــل يمكن اعتبار الحلفاء مسؤولين عــن األمــن الغذائي لسكان‬ ‫مسؤولية المجاعة‪ ،‬وهم في حالة حرب مع السلطنة؟‬ ‫السلطنة كي يتحملوا‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسية أمران‪:‬‬ ‫في الوثائق‬ ‫ّ‬

‫‪197‬‬

‫‪1.1‬منذ األســابـيــع األول ــى لــدخــول السلطنة ال ـحــرب ات ـخــذت السلطات‬ ‫الغذائية لبنان‪،‬‬ ‫دخول المواد‬ ‫حدت‬ ‫العثمانية في والية بيروت إجــراءات ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ينضم‬ ‫السوري – اللبناني‬ ‫الساحل‬ ‫على‬ ‫للحلفاء‬ ‫ـزاال‬ ‫ً‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫السلطات‬ ‫ب‬ ‫ُّ‬ ‫وتجن َ‬ ‫ّ‬ ‫حظر على مواد‬ ‫اللبنانيون فأضعفت قدرتهم على الصمود بفرض‬ ‫إليهم‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مخصصة للجبل‪.‬‬ ‫غذائية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ :19162.2‬اش ـتـ ّـدت المجاعة فــي لبنان فـتـحـ ّـرك الحلفاء والمغتربون‬ ‫بسف ِن‬ ‫إرسال مواد‬ ‫اللبنانيون ونسقت فرنسا مع بريطانيا‬ ‫غذائية إلى لبنان ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األميركية)‪ .‬ق ِبلَ ت واشنطن‬ ‫المتحدة‬ ‫والواليات‬ ‫(أسبانيا‬ ‫المحايدة‬ ‫الدول‬ ‫ّ‬ ‫دبلوماسييها في استانبول االتصال بالباب العالي‪ ،‬وفتح الحلفاء‬ ‫فطلبت من‬ ‫ّ‬

‫شرشلي بشأن المحادثات مع الملك حسين حول سوريا ولبنان‬ ‫الوثيقة رقم ‪ : 3‬تعليمات جورج بيكو إلى‬ ‫َ‬ ‫(‪ ٢٧‬حزيران ‪)١٩١٧‬‬


‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫المحملة‬ ‫ممرا في الحصار البحري تعبر منه إلى لبنان السفن المحايدة‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫الغذائية‪.‬‬ ‫بالمواد‬ ‫ّ‬

‫‪198‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫أن الموسم الزراعي ممتاز‬ ‫رفضت حكومة اسطنبول هذه المساعي بحجة ّ‬ ‫في سورية‪ ،‬والقمح متوفّ ر بكثرة وأُ رسلَ ت كميات كبيرة منه إلى لبنان‪ .‬وفي‬ ‫هذه الوثيقة تقرير سفير فرنسا في واشنطن إلى حكومته (‪ 10‬آب ‪:)1916‬‬ ‫تقريرا عن محادثاته مع‬ ‫‪‬أبرق القائم باألعمال األميركي في تركيا‬ ‫ً‬ ‫قرر الباب العالي‬ ‫الباب العالي حول مساعدات يحتاج إليها‬ ‫اللبنانيون‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫(استنادا إلى تقارير وصلته من‬ ‫مستمرا في ادعائه‬ ‫رفض هذا األمــر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأن لبنان ُز ّود‬ ‫دة‬ ‫جي‬ ‫سوريا]‬ ‫[في‬ ‫ة‬ ‫الزراعي‬ ‫المحاصيل‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫جمال باشا) ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بكميات كبيرة من الحبوب‪ .‬وإذا كان من معاناة‪ ،‬يضيف الباب العالي‪،‬‬ ‫أن في المسألة دسائس‬ ‫عما في استانبول وإزمير‪ .‬وهو يعتبر ّ‬ ‫فهي ال تزيد ّ‬ ‫أميركية كي يوهموا‬ ‫سياسية من الحلفاء الذين يلجأون إلى لجنة [إغاثة]‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأنهم يحسنون إليهم‪ .‬وأجاب السيد فيليبس [القائم باألعمال‬ ‫السوريين ّ‬ ‫ّ‬ ‫األميركي]‪ :‬إسمحوا لنا ًإذا بإرسال مساعدات إلى األرمن ألن وضعهم‬ ‫مرعب باعتراف الجميع‪ ،‬وليس للحلفاء مصالح معهم‪.‬‬ ‫حجة الباب العالي (الوثيقة‬ ‫وجاء الجواب بالرفض‪ ،‬ما يظهر هشاشة ّ‬ ‫رقم ‪.)4‬‬ ‫هذه الوثيقة تسقط ذريعة الحصار البحري الحليف وتظهر أن الحلفاء‬ ‫الغذائية مجانً ا إلى لبنان لكن‬ ‫ممر وإلرسال المواد‬ ‫كانوا على استعداد لفتح ّ‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية هي التي رفضت‪.‬‬ ‫الحكومة‬ ‫ّ‬ ‫أن إرسال‬ ‫المسألة الرابعة‪ :‬هل‬ ‫صحيح ما ورد في بعض النصوص ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الحويك‬ ‫الياس‬ ‫البطريرك‬ ‫برئاسة‬ ‫الصلح‬ ‫مؤتمر‬ ‫الوفد اللبناني الثاني إلى‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسيين؟‬ ‫بناء على طلب‬ ‫ّ‬ ‫ّتم ً‬ ‫ذهاب الوفد اللبناني الثاني إلى مؤتمر الصلح برئاسة البطريرك أزعج‬ ‫ُ‬ ‫الفرنسيين ألنّ هم كانوا يحاولون التفاهم مع فيصل حــول وضــع سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المتصرفية وإنشاء‬ ‫حدود‬ ‫بتوسيع‬ ‫ك‬ ‫(المتمس‬ ‫البطريرك‬ ‫مطالب‬ ‫أن‬ ‫ويرون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فسد مفاوضاتهم مع األمير‪ .‬لذا أرسل فرنسوا‬ ‫ت‬ ‫قد‬ ‫الكبير)‬ ‫لبنان‬ ‫دولة‬ ‫ُ ِ‬ ‫جورج بيكو برقيات عدة إلى حكومته بأنه حاول إقناع البطريرك بالعدول‬ ‫بالقوة (الوثيقة رقم ‪.)5‬‬ ‫منعه‬ ‫أصر وكان‬ ‫لكنه‬ ‫عن السفر ّ‬ ‫ّ‬ ‫صعبا ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أن سـ ّـكــان المقاطعات‬ ‫المسألة الخامسة‪ :‬مــا صـحـ ُة ِذ ْك ــر البعض ّ‬ ‫المتصرفية سنة ‪( 1920‬إلنشاء دولة لبنان الكبير) كانوا‬ ‫المضمومة إلى‬ ‫ّ‬ ‫رافضين الكيان الجديد؟‬

‫‪199‬‬

‫الوثيقة رقم ‪ : ٤‬الباب العالي ال يسمح ألميركا بإرسال مساعدات غذائية إلى لبنان (آب ‪)١٩١٦‬‬


‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬ ‫‪201‬‬

‫‪200‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫األول بيكو يحاول أن يثني البطريرك الماروني عن السفر إلى‬ ‫الوثيقة رقم ‪ : ٥‬المفوض السامي ّ‬ ‫مؤتمر الصلح (‪ ٢٦‬أيار ‪)١٩١٩‬‬

‫أي فَ ْر ٍز على أساس‬ ‫بعد سقوط السلطنة العثمانية (‪ )1918‬لم َيحصل ُّ‬ ‫السورية‪ ،‬بل‬ ‫ومؤيدي الوحدة‬ ‫مؤيدي لبنان الكبير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طائفي أو مناطقي بين ّ‬ ‫األول بالمحافظة على لبنان الصغير‪،‬‬ ‫قامت ثالثة ّتيارات‬ ‫سياسية طالب ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا بتوسيع الحدود‪ ،‬وقال الثالث بالوحدة‬ ‫ونادى الثاني بلبنان الكبير‬ ‫ً‬ ‫المتصرفية‪ ،‬بينما‬ ‫األول ينتمون إلى‬ ‫التيار ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السورية‪ ،‬فكان المدافعون عن ّ‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫التيارين‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫جميع‬ ‫والطوائف‬ ‫المناطق‬ ‫انضوت‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫طيبة بفيصل فانخرط بعضهم‬ ‫كان زعماء‬ ‫لبنانيون كثيرون على عالقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫منذئذ زيارات الى دمشق كما يظهر في تقرير ضابط‬ ‫في خدمته‪ .‬وبدأت‬ ‫ٍ‬ ‫االرتباط الفرنسي ‪ Cousse‬نهار ‪ 24‬أيار ‪( 1919‬الوثيقة رقم ‪.)6‬‬

‫مسيحية‪،‬‬ ‫الوثيقة رقم ‪ : 6‬وفد من شخصيات‬ ‫ّ‬ ‫وبيروتية‪ ،‬يزور فيصل في دمشق‬ ‫لبنانية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(أيار ‪)١٩١٩‬‬


‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫الوثيقة رقم ‪ :٨‬فعاليات سنية في‬ ‫مدينة صور تطالب بضم المدينة‬ ‫ومنطقتها إلى لبنان الكبير‬ ‫(تموز ‪)١٩١٩‬‬

‫‪202‬‬

‫‪203‬‬

‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫الوثيقة رقم ‪ :٧‬أبناء قضاء راشيا‬ ‫يطالبون باإلنضمام إلى لبنان‬ ‫(نيسان ‪)١٩١٩‬‬

‫الوثيقة رقم ‪ :٩‬المجلس‬ ‫البلدي في صور يطالب بضم‬ ‫المدينة إلى لبنان الكبير‬ ‫(تموز ‪)١٩١٩‬‬


‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫الوثيقة رقم ‪ :١٠‬عرضحال من أبناء قضاء مرجعيون يطالبون بعدم االنفصال عن لبنان الكبير‬

‫شخصية‬ ‫فــي األرش ـيــف الفرنسي مـئــات الــوثــائــق (عــرائــض ورســائــل‬ ‫ّ‬ ‫تمثيلية كالمجالس البلدية‪ ،‬ولهيئات ثقافية‬ ‫رسمية لهيئات‬ ‫وق ــرارات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتصرفية‬ ‫إلى‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫مناطق‬ ‫من‬ ‫كاألحزاب)‬ ‫ة‬ ‫سياسي‬ ‫ولهيئات‬ ‫كالنوادي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫االلتحاق بلبنان الكبير‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫يطلب موقّ عوها‬ ‫َ‬ ‫راشيا (‪ 19‬نيسان ‪.)1919‬‬ ‫ •الوثيقة رقم ‪ :7‬عريضة سكان‬ ‫ّ‬ ‫ •الوثيقة رقــم ‪ :8‬عريضة ُسـ ّـنــة صــور والمناطق الـمـجــاورة (‪ 11‬تموز‬ ‫‪.)1919‬‬

‫ •الوثيقة رقم ‪ :9‬عريضة المجلس البلدي لمدينة صور (‪ 11‬تموز ‪.)1919‬‬ ‫وشخصيات من قضاء مرجعيون‬ ‫ •الوثيقة رقم ‪ :10‬عريضة رجال دين‬ ‫ّ‬ ‫نصها‪:‬‬ ‫(بدون تاريخ)‪ ،‬هذا ّ‬

‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫‪204‬‬

‫‪‬سعادة مستشار قضاء مرج عيون األفخم‬ ‫متعلقة مع لبنان الكبير وال يمكننا‬ ‫كلها‬ ‫ّ‬ ‫‪‬نعرض بما أن مصالحنا َّ‬ ‫بضمنا إلى فلسطين أو‬ ‫كل سعي‬ ‫أن نقبل االنفصال عنه ً‬ ‫بتاتا ونرفض ّ‬ ‫ّ‬ ‫بناء عليه نرجو أن‬ ‫خالفها‪ ،‬وال نرضى أن نكون ّإال في لبنان الكبير‪ً ،‬‬ ‫اإليجابية واطالعها على رغائبنا‬ ‫الفعالة لدى المراجع‬ ‫تستعملوا الوسائل ّ‬ ‫ّ‬ ‫حكم علينا وعلى أوطاننا باإلعدام بأن نكون منفصلين‬ ‫إذ ال ُنريد أن ُي َ‬ ‫عن لبنان‪ ،‬ولهذا‪ ،‬فباسم العدالة والرأفة‪ ،‬نسترحم المدافعة عن حقوقنا‬ ‫أبدا عن لبنان الكبير [‪.]...‬‬ ‫واالحتفاظ بحالتنا الحاضرة بأن ال ننفصل ً‬ ‫أن الدستور‬ ‫المسألة السادسة‪ :‬هل‬ ‫دقيق ما ورد في بعض الكتابات ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الجمهورية الثالثة؟‬ ‫الفرنسيون نسخ ًة طبق األصل عن دستور‬ ‫اللبناني وضعه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت فرنسا‬ ‫لز َم ْ‬ ‫وفْ ق المادة األولى من صك االنتداب على لبنان وسوريا‪ ،‬أُ ِ‬ ‫يتعدى ثــاث سنوات من وضع‬ ‫بــإعــداد نظام أســاسـ ّـي للبلدين في ما ال ّ‬ ‫‪‬ي َع ّد النظام األساسي‬ ‫االنتداب موضع التنفيذ‪ .‬ورد في تلك المادة األولى‪ُ :‬‬ ‫عت َبر فيه حقوق الشعوب الساكنة في‬ ‫باالتفاق مع السلطات‬ ‫المحلية ُوت َ‬ ‫ّ‬ ‫ورغائبها‪....‬‬ ‫مصالحها‬ ‫األراضي المذكورة وكذلك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المحلية‪ :‬هل‬ ‫لــم ي ـحـ ّـدد الـصــك َمــن المقصود بـعـبــارة ‪‬الـسـلـطــات‬ ‫ّ‬ ‫الدينية؟ هل المجلس التمثيلي أم‬ ‫التقليدية أم رؤساء الطوائف‬ ‫الزعامات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مجلس تأسيسي جديد منتخب؟ ولم يوضح كيف ُت َعت َب ُر رغبات الشعوب‬ ‫أن هذه الرغبات تتعارض في ما‬ ‫السيما إذا ظهر ّ‬ ‫التي تسكن لبنان وسوريا‪ّ ،‬‬ ‫شكلت هذه النقاط خالفً ا بين‬ ‫بينها أو تتناقض مع مبدأ االنتداب‪ .‬من هنا ّ‬ ‫اللبنانيين‪.‬‬ ‫الفرنسيين‪ ،‬وبينهم وبين‬ ‫المسؤولين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخارجية فــي بــاريــس تعتبر إعــداد‬ ‫بين ‪ 1923‬و‪ 1924‬كانت وزارة‬ ‫ّ‬ ‫تشريعية صدرت‬ ‫عملية سهلة تقوم على جمع نصوص‬ ‫القانون األساسي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التمثيلية‬ ‫حتى تاريخه في دول تحت االنتداب‪ّ ،‬ثم َع ْرضها على المجالس‬ ‫ّ‬ ‫أساسيا‪.‬‬ ‫نظاما‬ ‫المحلية للمصادقة عليها فتقديمها إلى عصبة األمم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫هذه النظرة إلى النظام األساسي أثارت موجة احتجاجات في الدول‬ ‫المشرقية تحت االنتداب الفرنسي‪ .‬والمجلس التمثيلي اللبناني رفض‬ ‫ّ‬ ‫يوك ُل إليها إعــداد النظام‬ ‫منتخ َبة َ‬ ‫تأسيسية‬ ‫بجمعية‬ ‫هذه النظرة وطالب‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مسألتي موافقة‬ ‫األســاســي‪ .‬وفــي وثائق األرشيف الفرنسي ما ُيثبت أن‬ ‫َ‬ ‫واالمتثال لرغبات جميع السكان (كما نصت المادة‬ ‫المحلية‬ ‫السلطات‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫شكوكا وتـســاؤالت ألن السلطة‬ ‫ً‬ ‫طويال‬ ‫األولــى من صك االنـتــداب) أثارتا‬ ‫ً‬ ‫المحليين حول تنظيم البالد‪،‬‬ ‫الزعماء‬ ‫استشارت‬ ‫الفرنسية كانت تخشى‪ ،‬لو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وطنية مفرطة‪.‬‬ ‫مطالب‬ ‫فيض‬ ‫أمام‬ ‫تصبح‬ ‫أن‬ ‫ّ‬

‫‪205‬‬


‫لبنان في األرشيف الفرنسي‬

‫‪206‬‬ ‫د‪ .‬أنطوان الحكيّم‬

‫مفو ًضا‬ ‫في مطلع كانون الثاني ‪ ،1925‬وصل الجنرال ّ‬ ‫سراي إلى بيروت ّ‬ ‫ت عدة واندلعت في‬ ‫ساميا لفرنسا في سوريا ولبنان‪ّ .‬‬ ‫لكنه واجه صعوبا ٍ‬ ‫ً‬ ‫جذرية‬ ‫ت‬ ‫تعديال‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫إد‬ ‫لبنان‬ ‫في‬ ‫ـاول‬ ‫السورية الكبرى‪ .‬حـ‬ ‫عهده الثورة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على قانون االنتخاب وإلغاء التوزيع الطائفي لمقاعد المجلس فاصطدم‬ ‫بوزير‬ ‫مسؤولية إعداد‬ ‫الخارجية أريستيد بريان (‪ )Briand‬الذي سحب منه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اختصاصيين يرأسها النائب جوزف‬ ‫بالمهمة لجنة‬ ‫القانون األساسي وأوكل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪Paul-Boncour‬‬ ‫بول‪-‬بونكور (‬ ‫وقدمت‬ ‫سابقة‬ ‫أساسي‬ ‫قانون‬ ‫مشاريع‬ ‫درست‬ ‫)‬ ‫ّ‬ ‫لكن بول‪ -‬بونكور لم يقتنع بها فعلّ ق اجتماعاتها وأخذ‬ ‫اقتراحات جديدة‪ّ ،‬‬ ‫الخارجية لتشارك في وضع القانون األساسي‬ ‫ُيرسل التقارير إلى وزير‬ ‫ّ‬ ‫المفوض السامي‪ .‬وفي رسالته إلى‬ ‫شخصيات يختارها‬ ‫هيئات منتخبة ال‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التأخر في تنظيم أوضاع لبنان‬ ‫أن‬ ‫د‬ ‫يؤك‬ ‫ّ‬ ‫‪)1925‬‬ ‫الثاني‬ ‫تشرين‬ ‫(‪2‬‬ ‫بريان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسوريا هو سبب الثورة في سوريا‪ ،‬وأن أعمال اللجنة التي يرأسها ال يمكن‬ ‫وروحيتها‪.‬‬ ‫تؤدي إلى نتيجة بدون إعادة النظر في تركيبة اللجنة ونهجها‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجاء في الرسالة‪:‬‬ ‫جوهريا‪ .‬ليس المطلوب‬ ‫سوء تفاهم‬ ‫‪‬من الواضح أن في األساس‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫محمية بل أن ننظّ م االنتداب‬ ‫نحكم مستعمر ًة وال أن ُننشئ‬ ‫منا أن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الذي أوكلت إلينا به عصبة األمم‪ .‬فاالنتداب الذي نمارسه على شعوب‪،‬‬ ‫لكنها تنتمي إلى حضارات عريقة‪ ،‬ال يمكن‬ ‫هي بــدون شك‬ ‫ّ‬ ‫متخلفة ّ‬ ‫حقيقية للسكان‪ ،‬ال على‬ ‫ومبنيا على استشارة‬ ‫منفتحا‬ ‫أن يكون ّإال‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ممثلو‬ ‫تقدم بها أمام لجنتنا ّ‬ ‫شك أن االقتراحات التي ّ‬ ‫خداع‪ )...( ‬ال ّ‬ ‫حدا‬ ‫مطلقا وأماني الشعوب‬ ‫وزارتكم ال تتفق‬ ‫ً‬ ‫المعنية‪ .‬علينا أن نضع ًّ‬ ‫ّ‬ ‫لكل ذلك‪....‬‬ ‫يوكل بإعداد القانون األساسي‬ ‫وفي خاتمة الرسالة اقترح بول بونكور أن َ‬ ‫شخصيات‬ ‫الطبيعيين للسكان أو‬ ‫تضم الزعماء‬ ‫في كل دولــة إلــى لجنة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نتخ َبة‪ .‬والدول التي فيها مجلس تمثيلي‪ ،‬ومنها لبنان‪ ،‬تنبثق اللجنة فيها‬ ‫ُم َ‬ ‫عن هذا المجلس‪.‬‬ ‫وتبناها خليفة سـ ّـراي‪:‬‬ ‫تبنتها ال ــوزارة ّ‬ ‫انتصرت أفكار بول‪-‬بونكور‪ّ .‬‬ ‫المفوض السامي الجديد هنري دي جوفنيل‪ ،‬فوصل إلى بيروت في ‪2‬‬ ‫ّ‬ ‫كانون األول ‪ 1925‬وطلب من المجلس التمثيلي انتخاب لجنة ُت ِع ُّد الدستور‬ ‫دمــوس وبترو‬ ‫فتم في ‪ 10‬كانون األول انتخاب ‪‬لجنة ال ــ‪ 13‬مــن‪ :‬شبل ّ‬ ‫طراد وجورج زوين وروكز أبو نادر وجورج تابت وعمر الداعوق وعبود عبد‬ ‫الرزاق وصبحي حيدر ويوسف الزين وجميل تلحوق ويوسف سالم وميشال‬ ‫ّ‬ ‫نمور‪ ،‬وساعد اللجنة في‬ ‫شيحا‪ ،‬برئاسة رئيس المجلس التمثيلي موسى ّ‬

‫عملها‬ ‫الخبير الفرنسي ‪ .Paul Souchier‬نوقشت بنود الدستور في المجلس‬ ‫ُ‬ ‫تأسيسيا َص ّوت عليها باإلجماع الساعة ‪1:30‬‬ ‫مجلسا‬ ‫تحول‬ ‫ً‬ ‫التمثيلي الذي ّ‬ ‫ً‬ ‫صباح ‪ 23‬أيار ‪.1926‬‬ ‫‪v‬‬ ‫بعد هذا العرض لم ُتعد مقبول ًة ّأي ُة محاولة الستبعاد األرشيف الفرنسي‬ ‫أساسيا لكتابة تاريخنا‪ ،‬بــل يكون ذلــك خطأً‬ ‫منهجيا‪ .‬تقارير‬ ‫ـدرا‬ ‫مـصـ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫المؤرخ أن يقارنها بأخرى من‬ ‫لكن على‬ ‫ّ‬ ‫القناصل والسفراء ليست ُمنزلة ّ‬ ‫بحسه النقدي لالقتراب من الحقيقة‪.‬‬ ‫مصادر مختلفة ويستعين ّ‬ ‫فرنسية‬ ‫الخارجية‪ ،‬ثمة محفوظات‬ ‫وإلى ما عرضناه من أرشيف وزارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أخرى ذات عالقة مباشرة بتاريخنا وتاريخ منطقتنا‪ ،‬بينها‪ :‬المحفوظات‬ ‫البحرية‪ ،‬محفوظات‬ ‫الحربية‪ ،‬محفوظات وزارة‬ ‫الوطنية‪ ،‬محفوظات وزارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجوية وسواها الكثير‪.‬‬ ‫القوات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪207‬‬


‫لبنان في األرشيف الدولي‬

‫لبنان الخمسينات‬ ‫في األرشيف األميركي‬

‫‪ 11‬‬

‫من أولئك اإلداريين الكبار‪:‬‬

‫‪ Ann Whitman, File of the United States 1953‬‬ ‫‪. John Foster Dulles Papers, C.D. Jackson Papers, Christian Herter Papers, etc‬‬

‫‪209‬‬

‫في األرشيف األميركي‬

‫الوثائق الدبلوماسية إحدى أصول رئيسة ُت َعت َمد في دراسة الماضي أو‬ ‫كتابة التاريخ وحفظ تراث األمم والشعوب‪ .‬وهو ما يدعو الدول المتقدمة‬ ‫إلى جمع ما لديها من وثائق وإيداعها أمكنة خاصة لحفظها من التلف‬ ‫والضياع‪ .‬ولهذه الغاية نشأت في هذه الدول مؤسسات خاصة إلى جانب‬ ‫المؤسسات العامة لحفظ سجالت ووثائق ومذكرات من سياسييها وعلمائها‬ ‫ومفكريها البارزين ذوي الشهرة العالمية‪ ،‬لحفظ التراث الوطني وتسهيل‬ ‫ّ‬ ‫عمل الباحثين والعلماء في دراسة تلك الوثائق والسجالت واإلفــادة منها‬ ‫على أكثر من صعيد‪.‬‬ ‫سأستعرض مضمون وثائق ورسائل وتقارير دبلوماسية محفوظة في‬ ‫مركزين‪ :‬مركز األرشيف الوطني األميركي في واشنطن (‪American‬‬ ‫‪ )National Archives‬ومكتبة الرئيس األميركي دوايت أيزنهاور في بلدته‬ ‫أبيلين والية كنساس (‪ ،)Abiline – Kansas‬وأتناول منها فقط ما يتعلق‬ ‫بالشأن اللبناني خالل فترة الخمسينات من القرن الماضي‪ ،‬وأهمية تلك‬ ‫المرحلة‪ :‬الــدور األميركي في ما كان يجري من أحــداث على الساحة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬إذ كانت الدبلوماسية األميركية (في بيروت وعواصم بلدان‬ ‫الشرق األوســط) ترصد األحــداث وترسل عنها تقارير دورية إلى وزارة‬ ‫المركزين‬ ‫حفظ لديها‪ ،‬ثــم انتقلت الحـ ًـقــا إلــى‬ ‫الخارجية األميركية ُلت َ‬ ‫َ‬ ‫المذكورين أعاله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ولن أتوقف هنا عند وصف تلك المراكز ووسائل حفظ الوثائق فيها‪ ،‬بل‬ ‫أُ شير إلى طرق بحثية للوصول إليها وكيفية تصنيفها العام المندرج بأرقام‬ ‫محددة تحت مواضيع عامة أو عناوين عامة فيها اسم الدولة أو المنطقة‬ ‫ذات الصلة الرئيسية بالعنوان العام‪ ،‬أو عنوان حــدث مشهور (الحرب‬ ‫العالمية الثانية‪ ،‬الحرب الباردة‪ ،‬أوروبا‪ ،‬أزمة برلين‪ )... ،‬ومن العناوين‬ ‫ومدرجة في‬ ‫العامة يمكن بلوغ عناوين ثانوية أو جزئية متفرعة من األولى‬ ‫َ‬ ‫أرقاما خاصة بها (العالقات‬ ‫أبواب عامة أخرى لدى مركز األرشيف وتحمل‬ ‫ً‬ ‫التجارية رقم ‪ ،400‬العالقات الدولية رقم ‪ ،600‬العالقات الثقافية رقم‬

‫لبنان الخمسينات‬

‫الدكتور عباس َأبو صالح‬

‫مقسمة بدورها الى مواضيع جزئية (كما في‬ ‫‪ )... ،500‬وبعض تلك األبواب ّ‬ ‫باب ‪‬العالقات الدولية‪ ‬نجد زيارات رسمية لزعماء الدول‪ ،‬والمؤتمرات‬ ‫الدولية وكما باب المؤسسات الدولية الخ‪.)...‬‬ ‫بعض الوثائق األساسية عن لبنان في حقبة الخمسينات‪ ،‬محفوظ في‬ ‫‪‬الملفات المركزية‪ )Central Files( ‬وبعضها محفوظ في ملفات سرية‬ ‫محددا‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫رقما‬ ‫ً‬ ‫تحمل ً‬ ‫‪(Confidential U.S. State Department, Central Files, Record Group‬‬ ‫)‪59, Lebanon 1951 – 1953‬‬ ‫وثمة ملفات أساسية عن الشؤون الداخلية تحمل الرقمين (‪)783A‬‬ ‫و(‪ )983A‬وعن الشؤون الخارجية تحمل الرقمين (‪ )683A‬و(‪)611.83A‬‬ ‫وملفات أخرى لرؤساء الهيئة اإلدارية في واشنطن (‪)Record Group 218‬‬ ‫تتناول مرحلة ‪ 1958 – 1957‬وهي ذات أهمية خاصة في العالقات اللبنانية‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫وثمة وثائق أخرى ذات صلة بالشأن اللبناني في الخمسينات محفوظة‬ ‫في مكتبة الرئيس األميركــي دوايــت أيزنهــاور في (أبيلين – كنساس)‬ ‫مصنفة وفق أسماء كبار اإلداريين آنذاك في البيت األبيض‪.1‬‬ ‫مصنفا ‪‬وثــائــق‬ ‫كــان قسم مــن وثــائــق تلك الفترة (وهــي ب ــاآلالف)‬ ‫ً‬ ‫سرية‪ ‬لكنها لم َت ُعد جميعها ‪‬سرية للغاية‪ )Top Secret ( ‬ألنها باتت‬ ‫متوفرة لمن يرغب‪ ،‬لـمرور الزمن (‪ 50‬سنة) ولـمبدإ ّأال يكون الكشف‬ ‫عــن هــذه ‪‬الــوثــائــق الـســريــة‪ ‬ذا ضــرر بمصالح الــواليــات المتحدة أو‬ ‫بمصالح حلفائها‪ .‬وانطالقً ا من هذا المبدأ انكشفت للعامة ‪‬وثائق‬ ‫سرية‪ ‬بعد أقل من عقدين على كتابتها فيما أخرى لم تنكشف ولو بعد‬ ‫جزئيا كي ال تظهر‬ ‫عاما على تدوينها‪ ،‬أو انها انكشفت‬ ‫مرور خمسين ً‬ ‫ً‬ ‫بعض األسماء فيها‪.‬‬ ‫معظم تلك الوثائق يتناول الشأن السياسي اللبناني الداخلي والخارجي‪،‬‬ ‫والباقي يتناول شؤونً ا أخرى اقتصادية وثقافية واجتماعية‪ ،‬وهي رسائل‬ ‫وتـقــاريــر دوري ــة كــان يـعـ ّـدهــا أع ـضــاء السلك الــدبـلــومــاســي فــي السفارة‬ ‫تباعا إلى وزارة الخارجية األميركية في‬ ‫األميركية – بيروت‪ ،‬ويرسلونها ً‬ ‫واشـنـطــن‪ .‬وعند المستجدات السياسية المهمة تتوالى تلك الرسائل‬


‫لبنان الخمسينات‬

‫‪210‬‬

‫الدبلوماسية لتصبح يومية وتترافق مع رسائل أخرى من بلدان مجاورة ومن‬ ‫جهات استخبارية على تنوعها‪.2‬‬ ‫غـنــى ه ــذه الــوثــائــق عــن ال ـشــأن اللبناني مــا يتعلق بأهمية الـحــدث‬ ‫لالستراتيجية األميركية في المنطقة‪ .‬لــذا يمكن تصنيف تلك الوثائق‬ ‫وفــق مراحل تطور العالقات اللبنانية األميركية‪ ،‬ومــدى اهتمام اإلدارة‬ ‫األميركية يومذاك بلبنان وفق مصالحها الحيوية في الشرق األوسط إبان‬ ‫الخمسينات‪ .‬لذا تعكس تلك الوثائق سياسة الحكومة األميركية إزاء لبنان‬ ‫وسائر دول منطقة الشرق األوسط‪ ،‬وموقف الحكومات اللبنانية في عهد‬ ‫كميل شمعون من سياسة الواليات المتحدة في المنطقة واستراتيجيتها‪.‬‬ ‫وهنا يمكن تقسيم مراحل العالقات اللبنانية األميركية خالل الخمسينات‬ ‫إلى ثالث‪ :‬بداية الحرب الباردة في الشرق األوسط حتى ‪ ،1956‬مرحلة ما‬ ‫بعد أزمة السويس حتى نهاية األزمة اللبنانية ‪ ،1958‬وعهد فؤاد شهاب‪.‬‬ ‫فماذا عن كل مرحلة؟‬ ‫‪ .١‬المرحلة األولى‪ :‬موقف لبنان من الحرب الباردة‪:‬‬

‫‪211‬‬

‫د‪ .‬عباس أَبو صالح‬

‫‪ 22‬‬

‫منها نزول مشاة البحرية األميركية على شاطئ األوزاعي اللبناني (تموز ‪.)1958‬‬

‫‪ 33‬‬ ‫‪.)1954‬‬

‫‪George Kirk, the Middle East 1945 – 1950 (London: Oxford Univ. Press,‬‬

‫بتحركات قوى سياسية ال سيما الشيوعيين في لبنان ضد سياسة‬ ‫تقرير عن اهتمام السفارة األميركية‬ ‫ُ‬ ‫المعسكر الغربي ومشاريع الدفاع المشترك‪.‬‬

‫موج ًها إلى أماكن أخرى من العالم‪ ،‬منها أوروبا التي شهدت‬ ‫الباردة) كان َّ‬ ‫أكثر من أزمة حادة في برلين ثم في شرق آسيا حيث كادت الحرب في كوريا‬ ‫(‪ )1950‬تتطور إلى حرب عالمية ثالثة‪ .4‬وعدا مخاوف الغرب من توسع‬ ‫شيوعي سوفياتي نحو تركيا لم يكن للحكومات األميركية المتعاقبة (منذ‬ ‫حرب السويس ‪ )1956‬اهتمام أكبر بلبنان وجيرانه في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫)‪I. Lukacs, A History of the Cold War (1961‬‬ ‫‪ 44‬‬ ‫‪H. Zink, the United States in Germany 1945 – 1955‬‬ ‫ ‪Walter Lafeber, America Russia + the Gold War 1945‬‬ ‫ –‬ ‫‪1960 (Sydney,‬‬ ‫‪.Newyork, 1967) pp 95 and after‬‬

‫في األرشيف األميركي‬

‫تبدأ هذه المرحلة من مطلع الخمسينات حتى ‪( 1956‬نهاية حرب‬ ‫السويس)‪ ،‬وإبانها كانت السياسة األميركية‪ ،‬في منطقة الشرق األوسط‬ ‫خصوصا‪ ،‬تدور في محور السياسة البريطانية‪،‬‬ ‫عموما والمشرق العربي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عهدي الرئيس ترومان والرئيس‬ ‫خالل‬ ‫المتحدة‬ ‫الواليات‬ ‫حكومة‬ ‫كانت‬ ‫إذ‬ ‫َ‬ ‫أيزنهاور (أي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية) تعتبر الشرق األوسط‬ ‫منطقة نفوذ المملكة المتحدة التي كانت حليفة الواليات المتحدة ضد‬ ‫‪‬المعسكر الشيوعي‪ ‬إبــان الـحــرب ال ـبــاردة‪ .‬لــذا كــان وجــود القواعد‬ ‫العسكرية البريطانية في بعض بلدان المنطقة (كالسويس وقبرص)‬ ‫مرتكزا‬ ‫وما كان يربطها ببعض الدول العربية من معاهدات وتحالفات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أساسيا للدفاع عن وجود المعسكر الغربي ونفوذه ومصالحه في منطقة‬ ‫ً‬ ‫الشرق األوسط‪.3‬‬ ‫وألن المملكة المتحدة كانت تقود السياسة الغربية في الشرق األوسط‪،‬‬ ‫ثانويا كان اهتمام حكومات الواليات المتحدة‬ ‫تدعمها الواليات المتحدة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫(خصوصا مع احـتــدام الحرب‬ ‫فترتئذ‬ ‫اهتمامها‬ ‫بلبنان السياسي‪ ،‬ألن‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬


‫د‪ .‬عباس أَبو صالح‬

‫‪ 66‬‬ ‫وثيقة سرية في األرشيف األميركي حول موقف كميل شمعون‪U.S. Dept. of ) :‬‬ ‫)‪.State, Central Files: 783.00 .(W) 9 – 2652 (Sept. 52, confidential‬‬

‫‪ 77‬تقرير السفير األميركي في بيروت إلى وزارة الخارجية األميركية‪:‬‬ ‫)‪ the Department of State (Feb, 7, 1951‬ومجموعة وثائق سياسة الواليات المتحدة‬ ‫الخارجية‪.U.S. Dept of State, Foreign Relations of the United States :‬‬

‫‪Pinkerton to‬‬

‫‪213‬‬

‫تقرير عن دور ونشاط القوى الشيوعية في االنتخابات اللبنانية‬

‫وزير خارجيتها جون فوستر دالس واجتمع‬ ‫الواليات المتحدة فزار المنطق َة ُ‬ ‫بمسؤولين لبنانيين مستعدين للتعاون مع المعسكر الغربي بعد التشاور‬ ‫مع سائر الــدول الغربية المعنية والتنسيق معها‪ .‬وفي الوثائق األميركية‬ ‫حقيقة تلك المواقف‪ ،‬وفــي الوثائق البريطانية السرية إشكالية عالقة‬ ‫عربيــين يومذاك‪ :‬مصر والعراق‪ ،‬وميل كميل‬ ‫محو َرين‬ ‫لبنانية متوازنة بين َ‬ ‫َّ‬ ‫شمعون نحو حلف بغداد ومــا في ذاك الميل من هواجس نحو مشاريع‬ ‫تهدد وحدة لبنان واستقالله‪ .‬وتكشف تلك الوثائق سياسة‬ ‫وحدوية هاشمية ّ‬ ‫لبنان في مماشاة السياسة الغربية (كما في محور العراق) بدون إغضاب‬ ‫تقليديا‬ ‫فريق لبناني داخلي يؤيد محور مصر – سوريا والسعودية المناهض‬ ‫ً‬ ‫النفوذَ الهاشمي‪ ،8‬ومحاولة الرئيس شمعون اكتساب ضمانة الغرب إزاء ما‬ ‫بشأن زيارة دالس إلى بيروت‪U.S., Dept of States, Foreign Relations of the :‬‬ ‫‪ 88‬‬ ‫‪.U.S. 1952 – 1954 (Washington, 1986) pp 64 – 78‬‬

‫في األرشيف األميركي‬

‫كتقرير السفير األميركي في بيروت إلى وزارة الخارجية األميركية ‪Pinkerton to‬‬ ‫‪ 55‬‬ ‫)‪ secretary of state, 783 A (Feb. 1951‬ثم موقف لبنان الرسمي بشأن حرب كوريا‪:‬‬ ‫)‪.U.S. Dept of Army Message to sect of State No. 645, 19 Jan. 1951 (783A.00‬‬

‫لبنان الخمسينات‬

‫‪212‬‬

‫هذه النظرة األميركية إلى بلدان الشرق األوسط‪ ،‬من منظار تطورات‬ ‫وتشكل مصادر‬ ‫ّ‬ ‫الحرب ال ـبــاردة‪ ،‬تعكسها الوثائق الدبلوماسية بوضوح‬ ‫خصوصا‬ ‫معلومات عن الوضع السياسي في لبنان والمنطقة بشكل عام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بما كان للنفوذ البريطاني في لبنان والمنطقة من تأثير على موقف لبنان‬ ‫الرسمي إزاء ما كان يجري على الساحة اإلقليمية والدولية‪.‬‬ ‫ومع ‪‬الثورة البيضاء‪ ‬التي أطاحت عهد بشارة الخوري (‪ )1952‬وجاءت‬ ‫رئيسا‪ ،‬اهتم المعسكر الغربي بضرورة استمرار سياسة‬ ‫بكميل شمعون‬ ‫ً‬ ‫لبنانية خارجية توالي المعسكر الغربي في مواجهة المعسكر الشيوعي‪.‬‬ ‫وألن رئيس الجمهورية اللبنانية بموجب الدستور البناني كــان صاحب‬ ‫السلطة في القرار الرسمي تابعت تقارير دبلوماسيي السفارة األميركية‬ ‫وتاليا مواقف رئيس‬ ‫أوال مواقف رئيس الجمهورية وتصريحاته‬ ‫في بيروت ً‬ ‫ً‬ ‫الحكومة ووزير الخارجية‪ .‬وفي مركز األرشيف األميركي وثائق تؤكد موقف‬ ‫وداعما مشروع الدفاع‬ ‫منحازا إلى الغرب في الحرب الكورية‬ ‫بشارة الخوري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪5‬‬ ‫المد الشيوعي ‪ ،‬ووثائق أخرى تؤكد تصميم كميل شمعون‬ ‫المشترك ضد ّ‬ ‫‪6‬‬ ‫على إبقاء لبنان الرسمي إلى جانب المعسكر الغربي ذاته ‪.‬‬ ‫إلى اهتمام تلك الوثائق األميركية بموقف لبنان الرسمي من الحرب‬ ‫الباردة‪ ،‬تناولت وثائق أخرى شؤونً ا داخلية اقتصادية وسياسية‪ ،‬منها‬ ‫مـشــروع النقطة الــرابـعــة االقـت ـصــادي السياسي ( ‪ ،7 )Point IV‬ضمن‬ ‫مخطط أميركي تجاه دول من المنطقة توالي الغرب لمساعدتها في‬ ‫ميل الرأي العام الداخلي في‬ ‫تنفيذ مشاريع تحتاج تقنية حديثة‪ ،‬ما ُي ُ‬ ‫تلك البلدان إلــى تأيـيد المعسكر الغربي‪ ،‬ويـقـ ّـوي أنظمتها ضــد أي‬ ‫معارضة يسارية داخلية‪.‬‬ ‫بعض دول الشرق األوســط (تركيا‪ ،‬إيــران‪،‬‬ ‫هاجس اخـتــراق شيوعي‬ ‫َ‬ ‫شغ َل المعسكر الغربي خالل تلك المرحلة‪ .‬لذا سعت المملكة‬ ‫العراق) َ‬ ‫ودع َمتها حكومة‬ ‫المتحدة إلى بناء حلف دفاعي شرق أوسطي (‪َ )MEDO‬‬


‫د‪ .‬عباس أَبو صالح‬

‫‪ 110‬من هذه الوثائق‬ ‫‪.18 – 1954‬‬

‫السرية‪U.S. Dept of State, Central Files, 783A.5 Msp:‬‬

‫‪ 111‬بعض هذه الوثائق يتحدث عن دأب الحكومات اللبنانية في كبح جماح القوى‬ ‫الشيوعية في لبنان‪:‬‬ ‫)‪.U.S. Dept of State, Central Files 783A.00 (May 6, 1953‬‬

‫‪215‬‬

‫تقرير السفارة األميركية عن مظاهرة للقوى اليسارية قام بها طالب الجامعة األميركية‬ ‫ضد األحالف الغربية وقعتها السلطة اللبنانية (نيسان ‪.)1954‬‬

‫معارضة‬ ‫قوى‬ ‫ٍ‬ ‫مراقب ُة الوضع السياسي الداخلي في لبنان بـ َِر ْصد تحرك ً‬ ‫سياس َة األحالف الغربية فيه‪ ،‬لم ترد فقط في التقارير الدورية للسفارة‬ ‫األميركية في بيروت بل في وثائق أخــرى لجهاز المخابرات األميركية‬ ‫تناولت مواقف القوى السياسية في لبنان إزاء ذلك‪.12‬‬ ‫اهتمام تلك الوثائق باألوضاع السياسية يعكس موقف الدبلوماسية‬ ‫األميركية مما كــان يجري في لبنان السياسي‪ ،‬ويؤكد عالقته بالهدف‬ ‫األميركي االستراتيجي األساسي‪ :‬تنفيذ سياسة االحتواء ضد المعسكر‬ ‫الشيوعي في أنحاء العالم‪.‬‬ ‫‪ 112‬بين تلك التقارير‪White House Staff Papero, Daily intelligence Abstracts,:‬‬ ‫‪April 8, 1955, Box 11, operations Coordinating Board, Central Files Series‬‬ ‫)‪.(Eisenhower Library‬‬

‫في األرشيف األميركي‬

‫‪ 99‬حول البيان‬ ‫‪.p 621 – 623‬‬

‫الثالثي‪M. Khalil The Arab League State (Beirut 1962) Vol 11:‬‬

‫لبنان الخمسينات‬

‫‪214‬‬

‫وسياسيا بـطموح‬ ‫أمنيا بالصراع العربي الصهيوني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫يهدد الكيان اللبناني‪ً :‬‬ ‫الهاشميين الهيمنة على المنطقة‪.‬‬ ‫وكانت سياسة المعسكر الغربي عهدذاك تقضي بالمحافظة على الوضع‬ ‫الراهن في الشرق األوسط بإقامة توازن عسكري بين إسرائيل وجيرانها‬ ‫يهدد إسرائيل كما جاء في البيان‬ ‫أي سباق في المنطقة إلى تسلُّ ح ّ‬ ‫ومنع ّ‬ ‫‪9‬‬ ‫الدولي الثالثي (أيار ‪ . )1950‬لذا تكشف الوثائق األميركية التزام دول‬ ‫المعسكر الغربي بسياسة الحفاظ على الوضع العسكري الراهن في دول‬ ‫الشرق األوسط أي التزام خطوط الهدنة بين دول عربية محاذية إسرائيل‪،‬‬ ‫وحفظ توازن عسكري بين الدول العربية المجاورة مجتمعة مقابل الدولة‬ ‫الصهيونية‪.‬‬ ‫فترتئذ إزاء الصراع العربي‬ ‫تلك كانت استراتيجية المعسكر الغربي‬ ‫ٍ‬ ‫اإلسرائيلي وغـ َـدت السياسة الرسمية للحكومات األميركية المتعاقبة كما‬ ‫تعكسها الوثائق‪ ،‬ولم تنفع طلبات الحكومات اللبنانية من اإلدارة األميركية‬ ‫خشيت اإلخالل بالتوازن‬ ‫الحصول على السالح من الواليات المتحدة التي‬ ‫َ‬ ‫العسكري على جبهة الصراع العربي اإلسرائيلي‪ .‬وفي تلك الوثائق السرية‬ ‫نظرة الواليات المتحدة إلى دور لبنان وإمكاناته المحدودة في مساعدة‬ ‫المعسكر الغربي عند وقوع حرب شاملة مع اإلتحاد السوفياتي أو المعسكر‬ ‫الشيوعي‪.10‬‬ ‫الغرب في‬ ‫الموالية‬ ‫وانطالقً ا من مبدإ المحافظة على استقرار األنظمة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫منطقة الشرق األوسط‪ُ ،‬تظهر الوثائق األميركية أن اإلدارة األميركية في‬ ‫عهد أيزنهاور حرصت على مراقبة أوضاع سياسية داخلية في المنطقة‬ ‫ذات أهمية استراتيجية للغرب تقضي برصد أي تحرك سياسي تقوم به‬ ‫قوى يسارية أو شيوعية في المنطقة تناهض إنشاء حلف عسكري غربي‬ ‫للدفاع عن الشرق األوسط ومنها ‪‬الدفاع المشترك‪ )MEDO( ‬ومن ثم‬ ‫حلف بغداد‪.11‬‬


‫السياسية‪ ،14‬وهي مستندات تساعد اليوم في فهم دقائق تلك المرحلة‬ ‫وتفاصيل أحداث جرت في لبنان‪.‬‬

‫‪216‬‬ ‫د‪ .‬عباس أَبو صالح‬

‫لكن أوليات السياسة األميركية في الشرق األوســط لم تهمل جوانب‬ ‫ّ‬ ‫أخرى في الشأن اللبناني اقتصادية وثقافية واجتماعية ال تخلو أحيانً ا‬ ‫من طرائف وأخبار محلية ال صلة لها باستراتيجية الغرب الكبرى‪ ،‬كما‬ ‫وجيه‬ ‫وثيقة تفاصيل دعوة عشاء أقامها للدبلوماسيين األميركيين‬ ‫نقرأ في‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫لبناني‪ ،‬أو وصف تصرف زعماء سيـ ــاسيين إزاء قضايـ ــا محلية أو هامشية‪،‬‬ ‫‪13‬‬ ‫تهم‬ ‫منه ـ ــا كيفية إجراء االنتخابات البلدية وغيرها من أحداث محلية ال ّ‬ ‫كثيرا ما رافقتها بيانات رسمية أو‬ ‫الباحث‪ ،‬لكن تلك التقارير الدبلوماسية ً‬ ‫وثائق محلية جرى التعليق عليها‪ ،‬كأبحاث ملخصة عن األحزاب والقوى‬ ‫‪ 113‬وصف وليمة حضرها الدبلوماسي األميركي ووصف زعيم سياسي‪ ،‬وخبر موت‬ ‫السيدة نظيرة جنبالط‪.‬‬

‫‪ 114‬منها بحث عن األحزاب اللبنانية‪.‬‬

‫‪ 115‬نص مبدأ أيزنهاور‪U.S. Dept of State, United States Policy in the Middle :‬‬ ‫‪East, sept 1956, June 1957, (Near + Middle East Series 25, U.S. Government‬‬ ‫)‪.printing office (Washington, 1957, pp 44 – 47‬‬

‫‪217‬‬

‫في األرشيف األميركي‬

‫تقرير السفارة األميركية في بيروت عن مظاهرة الشيوعيين ضد سياسة الغرب‬ ‫ومنها ضد الحرب في كوريا‪.‬‬

‫مع نهاية أزمة السويس (‪ )1956‬وانسحاب فرنسا والمملكة المتحدة‬ ‫ثم تخلّ يها عن دورها القيادي بين دول الغرب في الشرق األوسط‪ ،‬بدأت‬ ‫مرحلة جديدة من العالقات اللبنانية األميركية كما مع سائر بلدان الشرق‬ ‫العربي‪ .‬وبعد بروز االتحاد السوفياتي قوة رئيسة في المنطقة رأت الحكومة‬ ‫األميركية في راجع النفوذ البريطاني في الشرق األوسط فراغً ا سيمأله‬ ‫االتحاد السوفياتي والشيوعية الدولية‪ ،‬فبادرت إلى ملء ذاك الفراغ وحفظ‬ ‫خول‬ ‫مصالح الغرب باستراتيجية جديدة ُعرفت بـ‪‬مبدأ أيزنهاور‪ ‬الذي ّ‬ ‫الحكومة األميركية استخدام قواها المسلحة لتساعد أية دولة حليفة أو‬ ‫صديقة في الشرق األوسط تطلب المساعدة ل َـر ّد أي اعتداء عليها من دولة‬ ‫شيوعية أو دولة تسير من المعسكر الشيوعي‪ .15‬وألن ‪‬مبدأ أيزنهاور‪‬‬ ‫قبوال من معظم الدول العربية (عدا األردن) ولم تدخل الحكومة‬ ‫يلق ً‬ ‫لم َ‬ ‫اللبنانية حلف بغداد‪ ،‬كانت أول دولة تقبل بذاك المبدأ بعد زيارة المندوب‬ ‫األميركي جيمس ريتشارد بيروت (آذار ‪ )1957‬فحظي الوضع اللبناني‬ ‫باهتمام دبلوماسي أميركي لم يعرفه من قبل‪ ،‬كما ظهر في رسائل وتقارير‬ ‫دبلوماسية كثيرة غنية بمعلومات عن األوضاع اللبنانية ومواقف الحكومة‬ ‫اللبنانية من القضايا اإلقليمية والدولية‪ .‬من هنا غنى الوثائق األميركية‬ ‫(خصوصا ‪ 1957‬و‪ )1958‬واندالع صراع‬ ‫بـمعلومات عن لبنان الخمسينات‬ ‫ً‬ ‫لبنانيين أساسيين‬ ‫فريقين‬ ‫بين‬ ‫ودولية‬ ‫إقليمية‬ ‫سياسي داخلي حول قضايا‬ ‫َّ‬ ‫أدى إلى ‪‬ثورة ‪ 1958‬الدامية‪.‬‬ ‫بين انتخابات ‪ 1957‬النيابية ومحاولة تجديد واليــة الرئيس شمعون‬ ‫وقيام الوحدة بين مصر وسوريا وانفجار األزمــة السياسية الدامية في‬ ‫ربيع ‪ ،1958‬كانت الدبلوماسية األميركية حاضرة وفاعلة كما ظهر من‬ ‫يوميا من‬ ‫تقارير ورســائــل دبلوماسية تصل وزارة الخارجية األميركية‬ ‫ً‬ ‫السفارة األميركية في بيروت ومن عواصم أخرى‪ .‬وتلك الوثائق محفوظة‬

‫لبنان الخمسينات‬

‫‪ .٢‬المرحلة الثانية‪ :‬بعد أزمة السويس واألزمة اللبنانية عام ‪:1958‬‬


‫لبنان الخمسينات‬ ‫‪219‬‬

‫‪218‬‬ ‫د‪ .‬عباس أَبو صالح‬

‫(‪Central‬‬

‫في األرشيف الوطني األميركي ومصنفة في الملفات المركزية‬ ‫‪ )Files‬في واشنطن كاآلتي‪:‬‬ ‫وتدخل اإلدارة‬ ‫ •ملف رقم (‪ )783A‬عن التطورات السياسية واألمنية‬ ‫ُّ‬ ‫عسكريا في األزمة‪.‬‬ ‫األميركية‬ ‫ً‬

‫ •ملف رقم (‪ )783.11‬وفيه رسائل تبادلها الرئيس كميل شمعون مع اإلدارة‬ ‫األميركية‪.‬‬

‫ •ملف (‪ )783A.5411‬وفيه معلومات تفصيلية عن تحرك القوات األميركية‬ ‫داخل لبنان‪.‬‬ ‫وثمة ملف أقل‬ ‫حجما رقمه (‪ )330‬عن دور مجلس األمن الدولي في‬ ‫ً‬

‫األزمة‪ ،‬وملف رقمه (‪ )611.8‬عن تأثير األزمة اللبنانية على الوضع اإلقليمي‪،‬‬ ‫والملف (‪ )590600‬سجل زمني عن األزمــة لمكتب األبحاث والمخابرات‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫وفي مكتبة الرئيس األميركي أيزنهاور وثائق كثيرة ومهمة عن األزمة‬ ‫اللبنانية الرسمية وشبه الرسمية مصنفة في ملفات عدة‪ ،‬أهمها ملفات‬ ‫وزيــر الخارجية األميركية جــون فوستر دارنــس (‪)John Fater Darnes‬‬ ‫عن محادثاته واجتماعاته مع الرئيس األميركي أيزنهاور وشــؤون األزمة‬ ‫ومحادثاتهما الهاتفية عن هذا الموضوع‪ .‬وثمة ملف (‪)Christian Herter‬‬ ‫وزيــر الخارجية األميركية منذ ‪( ١٩٥٩‬بعد مرض دالــس وموته)‪ ،‬وملف‬ ‫أوراق شــارل جاكسون المساعد الـخــاص للرئيس األمـيــركــي أيــزنـهــاور‪،‬‬ ‫آن ويتمان سكرتيرة‬ ‫وسجالت موظفي البيت األبيض وأهمها سجالت ّ‬ ‫الرئيس األميركي وفيها‪:‬‬

‫في األرشيف األميركي‬

‫مقتطف من مذكرة سرية الجتماع عقد في البيت األبيض (‪ 24‬تموز ‪ )1958‬بحثت خالله‬ ‫مسألة التعامل مع التيار القومي العربي (الناصري) المتعاظم من أجل المحافظة على المصالح‬ ‫األميركية في منطقة الشرق األوسط‬ ‫المصدر‪ :‬أوراق الرئيس األمريكي ايزنهاور‪ ،‬مكتبة ايزنهاور‬

‫مقتطف من وقائع إجتماع لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين مع الرئيس األمريكي ايزنهاور‬ ‫(في ‪ ١٥‬ايار ‪ )١٩٥٨‬لبحث إمكانية التدخل العسكري (المباشر) في حال طلبت الحكومة اللبنانية‬ ‫ذلك ويتضمن إشارة إلى تخلي اإلدارة األميركية عن دعم تجديد والية الرئيس شمعون‬ ‫المصدر‪ :‬أوراق الرئيس األميركي ايزنهاور‪E.O 12065 Sec. 3-204 Eisenhower Library‬‬


‫ •مفكرة الرئيس أيزنهاور اليومية‪.‬‬

‫ •وقائع جلسات مجلس األمن القومي األميركي‪.‬‬ ‫ •لقاءات مندوبي ورؤساء دول زاروا البيت األبيض وتطرقت إلى األزمة‬ ‫اللبنانية وشؤون دولية أخرى‪.16‬‬

‫‪220‬‬ ‫د‪ .‬عباس أَبو صالح‬

‫‪ .3‬مرحلة فؤاد شهاب‪:‬‬ ‫بعد حل األزمــة اللبنانية (‪ )1958‬تسلم الحكم الرئيس فــؤاد شهاب‬ ‫تدريجيا اهتمام اإلدارة‬ ‫وانسحب مشاة البحرية األميركية من لبنان وتقلّ ص‬ ‫ً‬ ‫‪ 116‬منها زيارة شاه إيران واشنطن (ربيع ‪)1958‬‬

‫‪ 117‬منها قرار نزول مشاة البحرية األميركية‪ :‬كتانيا‪ ،‬األزمة اللبنانية ‪ – 1958‬بيروت‬ ‫‪ ،1998‬الملحق‪ ،‬من ‪ 267‬بشأن قرار التدخل وخطواته صفحة ‪.160 – 133‬‬ ‫‪.U.S. Dept of State, Foreign Relations of the U.S. Vol. XI 118‬‬

‫نماذج من الوثائق عن لبنان في األرشيف األميركي‪:‬‬ ‫‪1.1‬وثيقة استعداد الرئيس شمعون لوضع إمكانات لبنان في خدمة المعسكر‬ ‫الغربي إذا حصلت مواجهة عسكرية مع المعسكر الشيوعي‪.‬‬

‫‪2.2‬تقرير ســري نموذجي عــن مشاكل الـشــرق األوس ــط ودور لبنان في‬ ‫مواجهتها‪.‬‬

‫بتحركات قوى سياسية ال سيما‬ ‫‪3.3‬تقرير عن اهتمام السفارة األميركية‬ ‫ُ‬ ‫الشيوعيين فــي لبنان ضــد سياسة المعسكر الغربي ومـشــاريــع الدفاع‬ ‫المشترك‪.‬‬

‫‪4.4‬تقرير السفارة األميركية في بيروت عن مظاهرة الشيوعيين ضد‬ ‫سياسة الغرب ومنها ضد الحرب في كوريا‪.‬‬ ‫‪5.5‬تقرير عن دور ونشاط القوى الشيوعية في االنتخابات اللبنانية‪.‬‬

‫‪6.6‬تقرير السفارة األميركية عن مظاهرة للقوى اليسارية قام بها طالب‬ ‫الجامعة األميركية ضد األحالف الغربية وقعتها السلطة اللبنانية (نيسان‬ ‫‪.)1954‬‬

‫‪221‬‬

‫في األرشيف األميركي‬

‫يالحظ الباحث من تلك الوثائق متابعة الدبلوماسية األميركية تفاصيل‬ ‫األحداث اليومية على الساحة اللبنانية إبان األزمة‪ ،‬واهتمام اإلدارة األميركية‬ ‫مباشر ًة بما يجري في لبنان أكثر من أية دولة أجنبية أو عربية (باستثناء‬ ‫ّ‬ ‫مهم لفهم جميع‬ ‫الجمهورية العربية المتحدة)‪.‬‬ ‫واالطالع على الدور األميركي ٌّ‬ ‫مالبسات وتطورات رافقت نشوء األزمــة وتدويلها واحتمال تدخل أميركي‬ ‫عسكري خططت له اإلدارة األميركية إذا ما انهار نظام سياسي يواليها في‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬كما َت َد ُّخلُ ها في ‪ 15‬تموز ‪ 1958‬بعد ثورة عراقية أطاحت‬ ‫الملكية الفت ًة أنظار العالم يــومــذاك‪ ،‬وظهرت في تلك الوثائق القرارات‬ ‫األميركية السياسية والعسكرية خــال ذلــك الـعــام‪ .17‬وفــي الوثائق وقائع‬ ‫اجتماعات سرية عقدتها إدارة أيزنهاور على أعلى المستويات في البيت‬ ‫األبيض واتصاالتها بالحلفاء الغربيين (كالمملكة المتحدة) َوت َـرقُّ ب ردة فعل‬ ‫من المعسكر الشيوعي كان فيها احتمال مواجهة عسكرية نووية‪ .‬وكان في‬ ‫خصوصا عند نزول مشاة‬ ‫تلك الوثائق رصد المواقف الدولية حول األزمة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫البحرية األميركية على شاطئ بيروت ‪ ،18‬ودور المبعوث األميركي روبرت‬ ‫مورفي والدبلوماسية األميركية في حل األزمة‪ ،‬ووقائع اتصاالت سرية بين‬ ‫رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر واإلدارة األميركية‬ ‫لمناقشة الحلول‪ ،‬والدور اإلقليمي (ال سيما العربي) في تلك األزمة‪.‬‬

‫لبنان الخمسينات‬

‫ •وقائع اجتماعات الحكومة األميركية‪.‬‬

‫ومهد‬ ‫جزءا من كل الشرق األوسط‪ّ .‬‬ ‫األميركية بلبنان فبات الشأن اللبناني ً‬ ‫إقليميا‬ ‫حل األزمة اللبنانية ألجواء استقرار سياسي ال في لبنان وحسب بل‬ ‫ً‬ ‫إذ قامت هدنة بين اإلدارة األميركية والقطب العربي الرئيسي الفاعل‪:‬‬ ‫فترتئذ‬ ‫رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر‪ .‬لذا ضؤلت‬ ‫ٍ‬ ‫أهمية الوثائق األميركية حول لبنان مقارنة بمرحلة األزمة وما رافقها من‬ ‫ـأزم في العالقات الدولية بين المعسكرين الشرقي‬ ‫حدة في المواقف وتـ ُّ‬ ‫والغربي في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫أن الوثائق األميركية عن لبنان الخمسينات تعكس موقف اإلدارة‬ ‫صحيح ّ‬ ‫األميركية‪ ،‬لكنها – إذا قورنت بوثائق دولية ومحلية أخرى – تبقى األكثر‬ ‫وتفصيال لفهم األسباب والوقائع ومجريات البحث عن حل‬ ‫وتنوعا‬ ‫غنى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫األزمة اللبنانية الدامية عام ‪.1958‬‬ ‫ضروري لوضع أي دراسة علمية‬ ‫من هنا أن االطالع على هذه الوثائق‬ ‫ٌّ‬ ‫منهجية لتلك المرحلة من التاريخ اللبناني‪.‬‬


‫لبنان في األرشيف الدولي‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‪:‬‬ ‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫إقليميا‬ ‫تحر َك مسؤولين لبنانيين‬ ‫رصد الدبلوماسية األميركية ُّ‬ ‫‪7.7‬تقرير عن ْ‬ ‫ً‬ ‫كزيارة الرئيس شمعون لقاهرة (‪.)1953‬‬

‫دوليا‬ ‫‪8.8‬تقرير عن متابعة الدبلوماسية األميركية تحرك مسؤولين لبنانيين ً‬ ‫كزيارة شمعون األرجنتين (حزيران ‪.)1954‬‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬ ‫أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر‬ ‫في الجامعة اللبنانية‬

‫‪9.9‬وثيقة أخبار اجتماعية‪ ،‬منها مأتم الست نظيرة جنبالط ودور آل‬ ‫جنبالط في السياسة اللبنانية‪.‬‬ ‫‪1010‬نموذج بحث عن األحزاب اللبنانية مرسل من السفارة األميركية إلى‬ ‫واشنطن‪.‬‬

‫‪1111‬مقاطع من وقائع جلسة عقدها مسؤولون كبار في البيت األبيض (‪15‬‬ ‫أيار ‪ )1958‬لبحث إمكان التدخل العسكري األميركي في لبنان‪.‬‬ ‫‪222‬‬

‫‪1212‬مقطع من وقائع جلسة سرية عقدت في البيت األبيض تقرر فيها‬ ‫إنزال مشاة البحرية األميركية (‪16‬تموز) في بيروت‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫د‪ .‬عباس أَبو صالح‬

‫فعال ما حدث في‬ ‫إذا كان‬ ‫هدف التاريخ الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬هل هو ً‬ ‫ُ‬ ‫التاريخ مع الماضي؟‬ ‫وقائع‬ ‫تتطابق‬ ‫درجة‬ ‫الماضي؟ وإلى أي‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يميز لويس غوتشالكي بين ‪‬الماضي الحقيقي‪ ‬و‪‬التاريخ‪ .‬فتاريخ‬ ‫الماضي اإلنساني بأكمله (مــا يسمى ‪‬الماضي الحقيقي‪ )‬ال يعرفه‬ ‫والتاريخ‬ ‫الـمــؤرخ إال بواسطة السجل المحفوظ (الـتــاريــخ المسجل)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فعال (التاريخ الحقيقي) بل السجالت الباقية لما‬ ‫المس ّج ُل ليس ما حدث ً‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬ ‫حدث‬ ‫رفعها‬ ‫يمكن‬ ‫غيره‬ ‫أو‬ ‫التاريخ‬ ‫في‬ ‫رواية‬ ‫‪‬ال‬ ‫وولش‬ ‫هنري‬ ‫وليم‬ ‫ق‬ ‫ووفْ‬ ‫‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إلى مرتبة الحقائق المنطقية الضرورية‪ .2‬وإن كنا ال نستطيع اختبار‬ ‫اعتباطيا‪.‬‬ ‫عمال‬ ‫بناءه ليست‬ ‫الماضي لمعرفة كيف كان يبدو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫فإعادتنا َ‬ ‫الذي يتحكم في التفسير التاريخي هو الحاجة إلى إنصاف دلي ٍل إن لم‬ ‫يكن‬ ‫محددا فهو ليس من صنع المؤرخ‪ 3‬بل يحتوي على شيء ‪‬حقيقي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬يقيني‪ ،‬موثوق‪.‬‬ ‫مؤكدة سماها المؤرخون ‪‬الحقائق‬ ‫التاريخ مجموعة كاملة من حقائق َّ‬ ‫ض الوثائق التاريخية ال ُتلغي الوقائع‬ ‫التاريخية‪ّ ،‬‬ ‫ـينية بع ِ‬ ‫لكن ثقتنا بـيـق ّ‬ ‫الموثوقة األخــرى‪ .‬فكل رواية عن الماضي ‪‬ال يمكن اعتبارها حقيقية‬ ‫أن ‪‬مهمة الـمــؤرخ في‬ ‫بمعزل عن باقي الــروايــات‪ .4‬وعــن إدوارد كــار ّ‬ ‫احترام حقائقه ال تستنفد بالتزامه أن يرى حقائقه صحيحة بل عليه أن‬ ‫‪Louis Gottschalki, Understanding History: a Primer of Historical‬‬ ‫‪ 11‬‬ ‫‪.Method, (Alfred Knopf, New York, 1950), pp. 45-46‬‬

‫*ال ــدكـ ـت ــور ع ـبــاس أَ بـ ــو صــالــح كـ ــان أسـ ـت ــاذ الــت ــاري ــخ ف ــي الـجــامـعــة‬ ‫األميركية والجامعة اللبنانية ثــم انتقل إلــى جامعة ظفار فــي صاللة‪.‬‬ ‫توفي في ‪ 6‬حزيران ‪.2011‬‬

‫‪ 22‬‬ ‫‪W.H. Walsh, Philosophy of History: An Introduction, (Harper & Row‬‬ ‫‪.Publishers, New York, London, 1967), p. 87‬‬ ‫‪ 33‬‬ ‫‪ 44‬‬

‫‪.Walsh, ibid, p. 89‬‬

‫‪.Walsh, ibid, p. 83‬‬


‫‪224‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪British documents on foreign affairs:‬‬ ‫‪Reports and papers from the foreign office confidential print.‬‬ ‫‪Part I, Series B‬‬ ‫‪The Near and Middle East: 1856-1914‬‬ ‫‪General Editors: Kenneth Bourne and D. Cameron Watt.‬‬ ‫‪University Publication of America, 1984.‬‬

‫مهم لمنطقة‬ ‫هذه الوثائق لدى الخارجية البريطانية مصدر تاريخي ّ‬ ‫الشرق األوسط وآسيا الصغرى‪ ،‬تتضمن نظرة تاريخية واقعية متعاطفة مع‬ ‫شعوب المنطقة‪ ،‬رغم تعارض هذه التقارير أحيانً ا مع السياسة البريطانية‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫‪ 55‬إدوار كار‪ .‬ما هو التاريخ‪ .‬ترجمة ماهر الكيالي وبيار عقل‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫(المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،)1986 ،‬ص‪.30 .‬‬ ‫‪ 66‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ .‬ص‪.15–14 ،‬‬

‫‪Tony Bennett. Cited by Keith Jenkins. On what is history. (Routledge,‬‬ ‫‪ 77‬‬ ‫‪.London and New York, 1995), pp. 17-18‬‬

‫‪225‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫إنها دراســة تحليلية لــ‪ 84‬وثيقة في المجلد السادس من مجموعة‬ ‫مجلدات تتناول وثائق الخارجية البريطانية بين ‪ 1856‬و‪ 1914‬بعنوان‪:‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫ُيظهر جميع الحقائق المتعلقة موضوع بحثه‪ .5‬وهو يرى أن ‪‬المؤرخين‬ ‫الخاصة ليسوا أكفياء كما يتوهمون ألنهم‬ ‫المتمسكين بآرائهم وحقائقهم‬ ‫ِ‬ ‫يبسطُ ويوضح‪،‬‬ ‫الذي‬ ‫الجهل‬ ‫إنه‬ ‫(‪.)...‬‬ ‫موضوعهم‬ ‫يجهلون الكثير من‬ ‫ِّ‬ ‫وينتقي ويحذف‪.6‬‬ ‫ويذهب طوني ِبـ ِّـنـت أبعد إذ يرى ‪‬أن طبيعة المعرفة التاريخية ال ُتبنى‬ ‫على حقيق ِتها أو مصداقي ِتها في تعاطيها مع الماضي بل تبنى على كتابات‬ ‫التاريخية هي ما يمكن‬ ‫تعبر عن هذه الحقيقة‪ .‬فموضوع الكتابة‬ ‫ِ‬ ‫مختلفة ّ‬ ‫استنتاجه وإعادة بنائه من خالل سجالت تاريخية أو أرشيفات هي نتاج‬ ‫عمليات تاريخية معقدة‪.7‬‬ ‫نشوه التاريخ عندما ندرسه من جانب واحد‪ ،‬بينما دراسته من جميع‬ ‫إذً ا ّ‬ ‫تقربنا إلى الحقيقة ألنها تتكامل لتعطي صور ًة أقرب ما تكون إلى‬ ‫جوانبه ّ‬ ‫تاريخية‬ ‫منهجية‬ ‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الواقع‪ ،‬كما أنها محاول ٌة عملي ٌة لالجابة عن استفسارا ٍ‬ ‫معقدة‪.‬‬

‫ش‬ ‫رؤية‬ ‫وهي حاج ٌة تاريخي ٌة مهمة لتعديل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تاريخية أساءت إلى التعاي ِ‬ ‫لبنان والمنطقة‪ ،‬كما في البلقان والقوقاز والمناطق األخرى‬ ‫الوطني في‬ ‫َ‬ ‫من آسيا الصغرى‪ ،‬ألن هذه الوثائق تعرض حقائق مهمة وضرورية‪ ،‬إنما‬ ‫معت ٌم عليها‪ ،‬عن تاريخ هذه المناطق وأحــداث درامية شهدتها في نهاية‬ ‫َّ‬ ‫محير ألن الكثير‬ ‫القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين‪ .‬والتعتيم عليها ّ‬ ‫منها منشور وموجود لدى بعض مكتبات الجامعات المهمة في لبنان إنما‬ ‫التجنب فمن الضروري‬ ‫بعيدة عن التداول‪ .‬ومهما كانت األسباب وراء هذا‬ ‫ّ‬ ‫الحيز التاريخي الذي تستحقه‬ ‫االطالع عليها ونشرها وترجمتها وإعطاؤها ّ‬ ‫في كتاباتنا التاريخية‪ .‬إنها حاجة وطنية وإنسانية إضاف ًة إلى أهميتها‬ ‫الحضارية‪.‬‬ ‫ف الـسـيــاسـيــة‬ ‫ب ـيــن الـ ـم ــواقـ ـ ِ‬ ‫لـبــريـطــانـيــا ال ـع ـظ ـمــى وت ـقــاريــر‬ ‫قناصلها ف ــارق مـهــم وأســاســي‬ ‫ألن الـ ـتـ ـق ــاري ــر ك ــان ــت ت ـسـ ِّـجــل‬ ‫ح ـقــائـ َـق يـنـبـغــي ع ـلــى أســاس ـهــا‬ ‫ـاء مــواقــف سياسية لــم تكن‬ ‫ب ـنـ ُ‬ ‫بالضرورة محكومة بما يجري‬ ‫ع ـلــى األرض م ــن أحـ ـ ــداث بل‬ ‫تــدخــل فــي صياغتها عــناصر‬ ‫ـرزهــا مصلحة الدولة‬ ‫أخــرى أبـ ُ‬ ‫وأشـ ـخ ــاصـ ـه ــا والـ ـ ـ ــرأي الـ ـع ــام‬ ‫وم ـت ـطــلّ ـبــاتــه وتــط ــلُّ ــع ــات ــه‪ .‬فما‬ ‫ك ــان يـهــم السياسيين مــن تلك‬ ‫الـ ـتـ ـق ــاري ــر‪ :‬م ـعــرفــة الـحـقـيـقــة‬ ‫والتعاطي معها وفــق ما تتيحه‬ ‫األوضـ ـ ــاع الـ ـس ــائ ــدة‪ .‬وطـبـيـعـ ُة‬ ‫الــوثــائ ـ ِق الـســريـ ُة أب ـعــدت خطر‬ ‫ت ــأثـ ـي ــر الـ ـسـ ـي ــاس ــة ع ـل ـي ـهــا إذ‬ ‫خــلّ ـصـتـهــا م ــن إم ـك ــان الـتـعــديــل‬ ‫والتغيير وفــق مصالح الــدولــة‪،‬‬ ‫فأصبحت الحقيقة هي الدافع‬ ‫والهدف لدى األطراف المعنية‬ ‫بها‪ .‬وهــذه حقيقة واضحة في تعاطي الدولة البريطانية مع األحــداث‬ ‫المتخذَ ُة‬ ‫مواقفها السياسية‪،‬‬ ‫أواخر القرن التاسع عشر حين‬ ‫في البلقان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫ت تاريخي ًة مهمة وأساسي ًة‬ ‫تتضمن‬ ‫ف البريطاني معلوما ٍ‬ ‫وثائق األرشي ِ‬ ‫ُ‬ ‫َلفهم ِ أحداث جبل لبنان عام ‪ ،1860‬وتجعل وجهة النظر التاريخية السائدة‬ ‫منحازا لصالح الــدروز‪ .‬فهل في الوثائق‬ ‫موقفا‬ ‫من الموقف البريطاني‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫البريطانية ما يشير إلى هذا االنحياز؟ وكيف ِّنقيم الموقف البريطاني‬ ‫ت تلك الوثائق؟‬ ‫اعتمادا على معطيا ِ‬ ‫ً‬

‫‪‬استلمت صباح اليوم مذكرة من السيد توفنيل‬ ‫ُ‬ ‫يطلب فيها الـلـقــاء بــي فــي أق ــرب وقــت ألن الـبــريــد الــذي‬ ‫استلمه من سوريا حمل معه نبأً‬ ‫يظهر أن التقارير‬ ‫محز ًنا‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫إلى الحكومة الفرنسية مبني ٌة على معلومات من الهاربين‬ ‫نرجح أن تكون في هــذه التقارير‬ ‫المسيحيين فقط‪ ،‬لــذا ّ‬ ‫شر ما َور َد في هذه‬ ‫مبالغة‪ .‬ولكن حتى إذا كان‬ ‫ً‬ ‫صحيحا ِع ُ‬ ‫عالميا‪ .‬والسيد توفنيل‬ ‫ا‬ ‫استنكار‬ ‫ف ُليثير‬ ‫التقارير‪ ،‬فهو كا ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قرأ لي هذه التقارير بكثير من األسى والتأثر‪ ،‬ألن المعاملة‬ ‫أض َحت معروف ًة ولم‬ ‫الفظيعة التي تعرض لها المسيحيون ْ‬ ‫واألطفال جميعهم‬ ‫والنساء‬ ‫راع العمر وال الجنس؛ الكهن ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫واألديرة ُن ِه َبت‪.‬‬ ‫تمييز‪،‬‬ ‫أي‬ ‫دون‬ ‫بحوا‬ ‫ُذ‬ ‫ِ‬

‫‪Thouvenel‬‬

‫جاللتها لن تكون أقل من الحكومة‬ ‫واثق من أن حكوم َة‬ ‫أنا‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫واستنكارا لألمور الرهيبة التي حدثت واألعمال‬ ‫أسفا‬ ‫الفرنسية ً‬ ‫ً‬ ‫ارت ِكبت‪ ،‬وأنها ستكون مستعدة لمؤازرة الحكومة‬ ‫الفظيعة التي ُ‬ ‫المتخذة لتأمين حماية السكان‬ ‫الفرنسية فــي التدابير‬ ‫َ‬ ‫المسيحيين في لبنان وتحقيق إدار ٍة أفضل لحكومة سوريا‪.‬‬ ‫وأضيف دونما رغبة في تبرير سلوك السلطات التركية أو‬ ‫بأن هؤالء األخيرين‬ ‫الدروز‪ ،‬ما يراه السيد بولوير ‪ّ H. Bulwer‬‬ ‫تعرضوا الستفزازا ٍت كثير ٍة من الموارنة‪.‬‬

‫‪British Documents On Foreign Affairs: Reports and papers from‬‬ ‫‪ 88‬‬ ‫‪the foreign office confidential print. Part I, Series B: The Near and Middle‬‬ ‫‪East: 1856- 1914. General editors: Kenneth Bourne and D. Cameron Watt,‬‬ ‫‪.(University Publication of America, 1984), pp. 3-4‬‬

‫‪227‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫األرشيف البريطاني وأحداث عام ‪ 1860‬في جبل لبنان‬

‫رغم اإلجماع الدولي على بشاعة المجازر ضد المسيحيين في جبل‬ ‫لبنان ودمشق عام ‪ 1860‬وإدانتها‪ ،‬ورغم اإلدانة البريطانية لتلك األعمال‬ ‫رغبة في‬ ‫التقارير البريطاني ُة و‪‬دون أي‬ ‫‪‬الرهيبة‪ ‬و‪‬الفظيعة‪ُ ،‬تشير‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫غة في‬ ‫تبرير سلوك ال ــدروز‪( ‬كما ذكــر القنصل البريطاني) إلــى ‪‬مبالَ ٍ‬ ‫ت كثيرة من الموارنة‪.‬‬ ‫تعرض الدروز ‪‬الستفزازا ٍ‬ ‫التقارير‪ ‬وإلى ُّ‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪226‬‬

‫استجاب ًة لرغبات الرأي العام البريطاني المتعاطف مع الحركات القومية‬ ‫لتقارير‬ ‫تتعارض وتـقــاريـ ُـر قناصلها إليها‪ .‬وهـكــذا تبقى‬ ‫هـنــاك‪ ،‬كانت‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الـقـنــاصـ ِل أهـمـيـ ٌة تــاريـخـيـ ٌة خــاصــة فــي كشف جــوانــب مهمة وأساسية‬ ‫لتقييمنا تلك المرحلةَ‪ ،‬ولتصحيح نظرتنا إلى دور الدولة العثمانية في‬ ‫تلك األحداث‪.‬‬ ‫وثائق‬ ‫برز‬ ‫وكما في البلقان والقوقاز وآسيا الصغرى‪ ،‬كذلك في لبنان‪ُ :‬ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫عد‬ ‫لتاريخ كان وال‬ ‫اآلخر‬ ‫الجانب‬ ‫الخارجية البريطانية‬ ‫ِ‬ ‫يزال يحتاج إلى ُب ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ويحرره‬ ‫تاريخ ِه‪،‬‬ ‫القديمة ِق َد َم‬ ‫محايد يخلِّ صه من رواسبه‬ ‫حقيقي‬ ‫تاريخي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫من ُع َقد خوف وعــدم ثقة فَ َقدت بريقها لكنها ال تــزال مبثوث ًة في كتبنا‬ ‫التاريخية وخلفياتنا الثقافية والحضارية‪.‬‬ ‫وبعيدا ما أمكن عن‬ ‫وثائق الخارجية البريطانية‪ ،‬بسبب طبيعتها السرية‬ ‫ً‬ ‫ص عاينوها‬ ‫التأثيرات السياسية‪ ،‬تنقل حقيق َة األحــدا ِ‬ ‫ث من خالل أشخا ٍ‬ ‫المعنية بهذه‬ ‫األطراف‬ ‫إليهم‬ ‫ب‪ ،‬أو من خالل ما نقلَ ت‬ ‫مباشر ًة أو عن َكث ٍ‬ ‫ّ‬ ‫بطبيعة تلك الوثائ ِق ساهمت في تسجي ِل‬ ‫األحــداث‪ ،‬والظروف المحيط ُة‬ ‫ِ‬ ‫واضعيها حفظوها للتاريخ‬ ‫التأريخ‬ ‫حقائق تاريخية لم يكن‬ ‫مقصودا بها لكن ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تاريخ بلدا ٍن كان ألطراف كثير ٍة دولية وإقليمية‬ ‫فبقيت خير َمعين الستبيان‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وتغيير‬ ‫تعديل‬ ‫دون‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫تب‬ ‫ا‬ ‫ممكن‬ ‫يعد‬ ‫لم‬ ‫حتى‬ ‫ه‬ ‫تر‬ ‫ً َ ُّ ُ ُ‬ ‫ومحلية ٌ‬ ‫ِ‬ ‫دور في تشويهه َوب ِ‬ ‫تلك الصورة القاتمة المضلِّ لة‪.‬‬ ‫رؤى تاريخي ًة جديد ًة تطرح الحاج َة‬ ‫األرشيف‬ ‫يقدم‬ ‫ُ‬ ‫هكذا ِّ‬ ‫البريطاني ً‬ ‫ُ‬ ‫فعلي لنظرة تاريخية عرجاء سائدة في كتاباتنا التاريخية‪ ،‬فهذه‬ ‫إلى تعدي ٍل‬ ‫ّ‬ ‫تؤرخ مرحلة مهمة وحساسة من مراحل تاريخ المنطقة وتاريخ لبنان‬ ‫ُ‬ ‫الوثائق ّ‬ ‫الحديث‪.‬‬

‫اإلدانة البريطانية لمجازر ‪1860‬‬ ‫‪8‬‬ ‫الوثيقة الثانية‬


‫الوثيقة الثانية والعشرون‬

‫زار المسؤول البريطاني دمشق وحاصبيا وراشيا لمعاينة األحــداث‬ ‫التقارير هذه الزيارة‪.‬‬ ‫بعد وقوعها مباشرة‪ .‬فهل زار جبل لبنان؟ ال تذكر‬ ‫ُ‬ ‫تفصيلية عما حدث في الجبل‬ ‫التساؤالت كبير ًة حول غياب معلومات‬ ‫وتبقى‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫تشبه ما أورده القنصل البريطاني حول زيارة المسؤول البريطاني دمشق‬ ‫وحاصبيا وراشيا‪.‬‬ ‫سالما ظهر الـبــارحــة وفــي رفقتي ستون‬ ‫ـت إلــى هنا‬ ‫وصـلـ ُ‬ ‫ً‬ ‫درزيا‪ .‬في الديماس التقينا بمزيد من‬ ‫عشر‬ ‫وخمسة‬ ‫ا‬ ‫جزائري‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المرافقين‪ 25 :‬من رجال عبد القادر‪ ،‬ومع كل هذا العديد‬ ‫دخلنا المدينة وسط اندهاش كل المسلمين‪ .‬وإضافة إلى‬ ‫ضابط تركي وبعض الجنود‬ ‫ُمرافقينا القانا على البوابة‬ ‫ٌ‬ ‫إلرشادنا‪.‬‬ ‫‪228‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪ 99‬‬

‫‪. British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 16-17‬‬

‫رأي المسؤول البريطاني بالتفاوت الكبير في أعداد القتلى في دمشق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قدر عدد القتلى هناك بثمانية‬ ‫‪‬الوكيل الفرنسي في دمشق ّ‬ ‫آالف قتيل بينما كتب الكولونيل أوريـلــي (‪ )O’Reilly‬عن‬ ‫ٍ‬ ‫إحصاء‬ ‫إعطاء‬ ‫خمسمئة قتيل‪ .‬إنما ال يمكن أحد أن يدعي‬ ‫َ‬ ‫صحيح‪.‬‬

‫األكيد أن في األمر مبالغة إذ لو جمعنا من تقول الروايات‬ ‫إنهم ُقتلوا‪ ،‬إضافة إلى من أنقذهم عبد القادر ومن كانوا‬ ‫ضعفي المسيحيين سكان‬ ‫في القلعة‪ ،‬يصبح العدد أكثر من‬ ‫َ‬ ‫دمشق في أي وقت‪ .‬لكن المعروف كاف ليشهد على حدوث‬ ‫القتل والسرق َة والنهب‪.‬‬ ‫كارثة رهيبة تضمنت‬ ‫َ‬ ‫‪11‬‬

‫الوثيقة الرابعة والعشرون‬

‫تقرير الكولونيل أوريللي حول أحداث دمشق‪.‬‬ ‫‪...‬في دمشق توالت أليام ٍ سلسلة اعتداءات ضد المسيحيين‬ ‫وزعماء‬ ‫والعلماء‬ ‫في المدينة‪ .‬السكان المسلمون في دمشق‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مسلمون آخــرون حاولوا إيقاف أعمال شغ ٍب قام بها رجال‬ ‫من ضاحية المدينة تدعى الميدان تقطنها جماعات غير‬ ‫الحوارنيين وال ـعــر ِب واألك ــراد القاطنين في‬ ‫مستقر ٍة مــن‬ ‫ِّ‬ ‫ودروزا لكن‬ ‫مسلمين‬ ‫كانوا‬ ‫األحداث‬ ‫مرتكبو‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫جوار‬ ‫ً‬ ‫المحترمين َسـعــوا إليـقــاف هــذه الحركة فلم‬ ‫المسلمين‬ ‫َ‬ ‫تدعمهم السلطات العسكرية‪ .‬لــذا تــولــى ف ــؤاد بــاشــا أمـ َـر‬ ‫السابق للقوات المسلحة أن يأتي‬ ‫العام‬ ‫أحمد باشا القائد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وسيمث ُل الضابطان عثمان بك‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫لتسليم‬ ‫إلى بيروت‬ ‫ُ‬ ‫وعبد السالم بك (لم يقوما بأي عمل خالل المجازر في‬ ‫حاصبيا ودير القمر) أمام المحكمة العسكرية هذا األسبوع‪.‬‬ ‫تبقى من سكان‬ ‫ومن َّ‬ ‫ُ‬ ‫عدد القتلى في دمشق نحو خمسمئة َ‬ ‫األحياء المسيحية لجأ إلى القلعة‪.‬‬ ‫ ‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., p. 18 1‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: ibid., pp. 18-19 1 11‬‬

‫‪229‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫دخلت‬ ‫دت بعد ظهر اليوم أنحاء الحي المسيحي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫تفق ُ‬ ‫م ـنــازل فخمة سبق أن زرت ـهــا قبل أســابـيــع عندما كانت‬ ‫ـط أن ـظ ــار الــدم ـش ـقـ ِّـي ـيــن‪ .‬ل ــم ي ـبــق مـنـهــا ال ـي ــوم غير‬ ‫م ـحـ َّ‬ ‫وغالبا ال تعلو عن األرض أكثر من خمسة أقدام‬ ‫الجدران‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أو ستة‪ .‬في كثير منها جثث لم تدفن‪ ،‬ورائحة نتنة ال‬ ‫رؤوســا مقطوعة‬ ‫تطاق ألن اآلبــار مليئة بالجثث‪ .‬رأيــت‬ ‫ً‬ ‫ـرافــا مبعثرة‪ .‬في أحد البيوت كانت الكالب ال تزال‬ ‫وأطـ ً‬ ‫تنهش‪ ،‬وفي بيتين ال تزال النار مشتعلة‪ .‬حتى في الليلة‬ ‫قبل الماضية أضــرم المسلمون النار في بعض البيوت‪.‬‬ ‫أي‬ ‫باختصار‪ :‬كل الحي المسيحي احترق ولم َ‬ ‫يسلم منه ُّ‬ ‫سلمت هي التي‬ ‫بيت‪ .‬البيوت المسيحية الوحيد ُة التي ِ‬ ‫واألد ِيــرة‬ ‫هبت ُوأتلفت‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫في المناطق اإلسالمية‪ ،‬لكنها ُن َ‬ ‫أطالال سوداء‪.‬‬ ‫أمست‬ ‫ً‬

‫الوثيقة الثالثة والعشرون‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬


‫الوثيقة األربعون‬

‫زيارة المسؤول البريطاني غراهام لمناطق حاصبيا وراشيا‪.‬‬ ‫أخبارا سيئة من بعض سكان حاصبيا‬ ‫في ‪ 6‬و ‪ 7‬آب تلقيت‬ ‫ً‬ ‫فقررت زيارة‬ ‫وراشيا عن حال المسيحيين في تلك المنطقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مجازر مريعة‪.‬‬ ‫أخيرا مسرح‬ ‫هاتين البلدتين اللتين كانتا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وبلغت راشيا صباح‬ ‫غادرت دمشق ليلتها (األربعاء في ‪ 8‬آب)‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قصدت بيت القائد الدرزي غازي‬ ‫اليوم التالي‪ .‬عند وصولي‬ ‫ُ‬ ‫تحرياتي عــن عــدد المسيحيين في‬ ‫ـورا‬ ‫الـعــريــان وب ـ ُ‬ ‫ـدأت ف ـ ً‬ ‫ِّ‬ ‫فاكتشفت أنهم في حا ٍل تاعسة‪ :‬ليس‬ ‫المدينة وأحوالهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الدروز عليهم‪ ،‬وبالكاد يكفيهم!‬ ‫طعام إال ما يجود به‬ ‫لديهم‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫رجال فقط‪ ،‬وباقي‬ ‫هم نحو ‪ 1.100‬نفس ليس بينهم سوى ‪ً ٧٦‬‬ ‫فر إلى دمشق وبيروت‪.‬‬ ‫الرجال ُقتلوا‪ ،‬والبعض َّ‬ ‫‪230‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫ليلتها توجهت إلــى حاصبيا‪ ،‬ثاني أكبر بلدة في منطقة‬ ‫ـت المال‬ ‫أعـ ـ ْـد ُت إحـصــاء النساء واألط ـفــال‪َ ،‬وزع ـ ُ‬ ‫حــرمــون‪َ .‬‬ ‫وزارني سكان أساسيون‪ .‬تبين لي أن المسيحيين أمسوا ‪1430‬‬ ‫بينما كانوا في األشهر الثالثة الماضية ‪ .3200‬البعض في‬ ‫بيروت ودمشق‪ ،‬وأخشى أن ‪ 1300‬منهم ُقتلوا‪ .‬والمسيحيون‬ ‫وهم‬ ‫هنا تعرضوا للمعانا ِة نفسها التي‬ ‫ُ‬ ‫وجدتها في راشيا‪ُ ،‬‬ ‫ف دائـم ٍ من مجزرة أخرى إذا ما ثار‬ ‫في المكانين على خو ٍ‬ ‫مجددا‪.‬‬ ‫الدروز‬ ‫ً‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 35-37 112‬‬

‫الوثيقة الثالثة والخمسون‬

‫الموقف البريطاني من أعمال الدروز‬ ‫توجز‬ ‫َ‬ ‫وهي ِ‬ ‫دورا في معاقبة‬ ‫‪ ...‬فليفهم الدروز أن للحكومة البريطانية ً‬ ‫وأن على‬ ‫ـرى‪،‬‬ ‫المجرمين منهم‪ ،‬كما ألي دولــة أوروبـيــة أخـ‬ ‫ّ‬ ‫الجيش األوروبــي أن ينتصر لقضية اإلنسانية ال أن يكون‬ ‫نصيرا للموارنة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التمييز بين األحداث الطائفية في الجبل وأحداث دمشق‬ ‫ورد في التقارير أن األحداث في دمشق مختلفة عن أحداث الجبل‪ :‬لها‬ ‫ت التاريخية تربطُ بين‬ ‫منطلقاتها وأهدافها المغايرة مع أن معظم الكتابا ِ‬ ‫استكماال لما حدث في الجبل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الحدثين بل تعتبر أحداث دمشق‬ ‫‪14‬‬

‫الوثيقة الواحدة والثالثون‬

‫ويــرى بولوير (‪ )Bulwer‬أن الحرب بين الموارنة وال ــدروز صراعات‬ ‫دي الذي ظهر في‬ ‫الشعور‬ ‫ف بــ‪‬الخصومات الوراثية‪ .‬أما‬ ‫ُت َص َّن ُ‬ ‫ُ‬ ‫المحم ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫متعمد‪.‬‬ ‫مخططٌ‬ ‫دمشق فــ‪‬مسأل ٌة أخرى‪ ‬ربما وراءها‬ ‫َّ‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 53-54 113‬‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: ibid., pp. 25-26 114‬‬

‫‪231‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫في راشيا زعيمان‪ :‬األول غازي آغا العريان واآلخــر محمد‬ ‫برع ٍب شديد ألنه كان‬ ‫النصر الذي َي ُ‬ ‫ذكر المسيحيون اسمه ُ‬ ‫ك في مجازر ‪ 11‬حزيران‪ .‬جاء يقابلني في‬ ‫الزعيم‬ ‫المحر َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫أظهر اعتقادهم مع‬ ‫نقاش‬ ‫بيننا‬ ‫ودار‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫اآل‬ ‫الزعيم‬ ‫منزل‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫أغلبية ال ــدروز أن الحكومة اإلنكليزية راضـيــة عما فعلوه‬ ‫ويظنون أن تخفيف عدد المسيحيين مقبول لدينا إلضعاف‬ ‫حت معلوماتهم وصارحتهم‬ ‫صح ُ‬ ‫النفوذ الفرنسي في البالد! َّ‬ ‫أن العالم المتمد ِن ُصدم بتصرفاتهم الوحشية‪ ،‬وال شعب‬ ‫كاإلنكليز ينفر مما فعلوه في األشهر الماضية‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪12‬‬

‫دفن‬ ‫زرت السراي فإذا بها مليئة بجثث المسيحيين‪ .‬لم ُت َ‬ ‫الجثث مـمــدد ٌة في كل مكان من ساحة القصر‬ ‫أي جثة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫البيضاء باتت ُب ّنية الـلــون‪ ،‬وفــي غرف‬ ‫ة‬ ‫الحجار‬ ‫المعبدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫جثث‬ ‫الغرف‬ ‫جميع‬ ‫في‬ ‫ً‪:‬‬ ‫ة‬ ‫فظاع‬ ‫أكثر‬ ‫منظر‬ ‫العلوي‬ ‫الطابق‬ ‫ٌ‬ ‫بعلو خمسة أو ستة أقدامٍ‪ ،‬ممددة‬ ‫مكدس ًة فوق بعضها ً‬ ‫َّ‬ ‫بعضا ّ‬ ‫حاق‬ ‫ميت‪ .‬وأضاف رهب ًة إلى هذا المنظر المريع َل ُ‬ ‫كيفما ُر َ‬ ‫أخذ َن‬ ‫؛‬ ‫أمواتهن‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ويند‬ ‫لن‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ت‬ ‫البائسا‬ ‫ة‬ ‫النسو‬ ‫بعض‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َُِْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ذبـ َـح‬ ‫ـدن‬ ‫ـ‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫كيف‬ ‫ني‬ ‫رن‬ ‫ويخب‬ ‫ـرى‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫جثة‬ ‫من‬ ‫ني‬ ‫دن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يق َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ونني‬ ‫وأوالدهن أمام‬ ‫هن وآبائهن‬ ‫ته ّن‬ ‫ودع َ‬ ‫أعينهن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأزواج ّ‬ ‫إخو ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫زرت‬ ‫شاهدا وأثأر‬ ‫ألكون‬ ‫لضحاياهن‪ .‬ولدى عودتي إلى راشيا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مشهد آخر كالذي في حاصبيا؛ ثم‬ ‫السراي فكان ينتظرني‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫باكرا صباح ‪ 12‬آب‪.‬‬ ‫فوصلتها‬ ‫دمشق‬ ‫إلى‬ ‫غادرت‬ ‫ُ‬ ‫ً‬


‫المحمدي الذي ظهر ضد المسيحيين هو‪ ،‬على كل‬ ‫الشعور‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ته أو‬ ‫داه‪،‬‬ ‫حا ٍل‪ ،‬مسأل ٌة أخرى‪ُ .‬ع ُ‬ ‫أنتج ُ‬ ‫مق ُه‪َ ،‬م ُ‬ ‫واألسباب التي َ‬ ‫ُ‬ ‫مظاهر ِه في مدينة دمشق‪،‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ـد‬ ‫ً‬ ‫أحد َثت واحـ ِ‬ ‫على األقـ ِّـل َ‬ ‫ِ‬ ‫جدا به‪.‬‬ ‫رأيك‬ ‫أعرف‬ ‫أن‬ ‫تشك ُل‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫يسرني ْ‬ ‫المهم ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫موضوعا ُّ‬ ‫‪15‬‬

‫الوثيقة الثالثة والستون ‬

‫‪232‬‬

‫ـرض الـمـســؤول البريطاني خيوطَ‬ ‫فــي توضيحه ت ـســاؤالت بولوير يـعـ ُ‬ ‫ث دمشق‪.‬‬ ‫وراء أحدا ِ‬ ‫المؤامر ِة َ‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 65-66 115‬‬

‫الوثيقة الرابعة والستون ‬

‫‪ ...‬أمــا عــن إع ــادة ترتيب أوض ــاع جبل لبنان‪ ،‬فيبدو أن‬ ‫تنفيذ‬ ‫مستوى ضيق‪ ،‬في‬ ‫السيد م‪.‬نوفيكوف يرغب‪ ،‬ولو على‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ـوحــا‪ :‬تحويل قائمقامية ال ــدروز إلى‬ ‫مشروعه األكـثــر طـمـ ً‬ ‫قائمقامية للروم األرثــوذكــس‪ .‬إذ إن روسيا لن ترضى في‬ ‫ٍ‬ ‫صعود الموارنة غير المشكوك فيه‪.‬‬ ‫لبنان‬ ‫َ‬ ‫إيراد القنصل البريطاني تقارير األطراف المعنية باألحداث‬ ‫ال يكتفي المسؤولون البريطانيون بإعطاء رأيهم ووصف مشاهداتهم‬ ‫ب روايات‬ ‫معنية بها رغم‬ ‫ينقلون‬ ‫أحداث ‪ ،1860‬بل‬ ‫تضار ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مواقف أطراف ّ‬ ‫ث‪ ،‬توضح طبيعة‬ ‫لألحدا‬ ‫ة‬ ‫المتباعد‬ ‫الرؤى‬ ‫وهذه‬ ‫المتنوعة‪.‬‬ ‫هذه المصادر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما جرى عام ‪ ،1860‬بشكل أفضل‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫الوثيقة العشرون ‬

‫تقرير القنصل البريطاني حول أحداث بعلبك‪.‬‬ ‫‪ ...‬بعد األح ــداث في دمشق قــام الفرسان األت ــراك غير‬ ‫أكراد) في حامية بعلبك‪ ،‬تحت قيادة‬ ‫النظاميين (معظمهم‬ ‫ِ‬ ‫حسان آغا اليازجي بمهاجمة السكان المسيحيين في البلدة‬ ‫والمناطق الـمـجــاورة‪ ،‬وارتـكـبــوا ت ـجــاوزات فظيعة ضدهم‪،‬‬ ‫ساندهم متاول ُة ومسلمو المنطقة؛ نهبوا بيوت المسيحيين‪،‬‬ ‫عشرين كنيس ًة‬ ‫اعتدوا على النساء‪ ،‬سرقوا وأحــرقــوا نحو‬ ‫َ‬ ‫الحي الذي يسكنه المسيحيون وقتلوا‬ ‫يرين ودمروا كامل‬ ‫َ‬ ‫ود َ‬ ‫ّ‬ ‫كبيرا منهم‪.‬‬ ‫ا‬ ‫عدد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 66-67 116‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., p. 15 117‬‬

‫‪233‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫ـروس‬ ‫‪‬أتـشــرف بإعالم فخامتكم عن اعتقاد البعض أن الـ َ‬ ‫ـاعــا عــن مصالحهم فــي هــذا البلد‬ ‫ـروم األرثــوذكــس‪ ،‬دفـ ً‬ ‫والـ ـ َ‬ ‫وبعدما لمسوا الخطر المحدق بهم في إخضاعهم فجأة‬ ‫أخيرا في وضع مخططا ٍت‬ ‫لسلطة مارونية ناشئة‪ ،‬انشغلوا‬ ‫ً‬ ‫تؤمن لجماعتهم منطقة نفوذ منفصلة ومستقلة‪ .‬إنما‬ ‫ِّ‬ ‫والحل‬ ‫واجهتهم مصاعب كبيرة في تحقيق هذا المشروع‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫األفضل في رأي مستشاريهم‪ :‬إقامة إدار ٍة مسيحية أرثوذكسية‬ ‫في شرق لبنان ألن طائفة الروم األرثوذكس هي أكبر طائفة‬ ‫مسيحيي دمشق‬ ‫مسيحية في سوريا‪ ،‬ينتمي إليها معظم‬ ‫ِّ‬ ‫وحاصبيا وراشـيــا وطرابلس وصيدا وضواحيها‪ .‬أمــا جبل‬ ‫لبنان فأغلبية سكانه موارنة‪ .‬ولتعديل هذا التفوق العددي‬ ‫مسعى لجلب مجموعات من الروم إلى الجبل‪.‬‬ ‫أرجح قيام‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مسيحيي دمـشــق على‬ ‫كــان قنصل ملك الـيــونــان يـحـ ِّـرض‬ ‫ِّ‬ ‫الهجرة بخطة عمل على تنفيذها‪ ،‬ال أستبعد أن يكون رسم‬ ‫أخيرا في هذه المدينة ذا‬ ‫الصلبان على أبواب المسيحيين‬ ‫ً‬ ‫أخيرا فكرة نقل سكان حاصبيا‬ ‫صلة بهذه السياسة‪ .‬وسادت‬ ‫ً‬ ‫ال ــروم مــن جبل حــرمــون إلــى جبل لبنان‪ .‬وعلى أي حال‬

‫‪16‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫الحرب بين الموارنة والدروز يجب‬ ‫‪‬من جهتي‪ ،‬يبدو لي أن‬ ‫َ‬ ‫نجد أمثل ًة‬ ‫أن ُينظَ ر إليها كمسألة مستقلة بذاتها‪.‬‬ ‫ويمكن أن َ‬ ‫ُ‬ ‫صراعات مماثل ٌة‬ ‫ت‬ ‫شب‬ ‫حتى عن‬ ‫الفظائع التي َم ْ‬ ‫ٌ‬ ‫يزتها كلما َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫بين قبائل متخاصمة ومتحاربة في تصنيف الخصومات‬ ‫الوراثية‪.‬‬

‫يتعذر تتبع تفاصيل الدسائس المسيحية الملتوية في هذه‬ ‫البالد وأرى فشل كل محاولة ترمي إلى إنشاء كيانات دينية‬ ‫وكنت أوضحت لفخامتكم أن‬ ‫منفصلة ومستقلة في سوريا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫علينا السعي لتحقيق الوحدة ال التجزئة‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫الوثيقة الخامسة والثالثون ‬

‫بيان مطران بعلبك إلى القنصل العام مور (‪)Moore‬‬

‫‪234‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: ibid., pp. 30-31 118‬‬

‫‪19‬‬

‫الوثيقة الثالثة واألربعون ‬

‫البريطانيين‪ ،‬حول األحداث‬ ‫عريضة السكان الــدروز إلى المسؤولين‬ ‫َ‬ ‫بينهم وبين الموارنة في جبل لبنان‪.‬‬ ‫‪ ...‬نحن ممثلي األمة الدرزية في جبل لبنان‪ ،‬بخاصتهم‬ ‫لرفع هذه العريضة إلى عتبة البوابة‬ ‫وعامتهم‪ ،‬تشجعنا‬ ‫ِ‬ ‫والمتعاطفة مــع الضعفاء من‬ ‫الملكية إلنكلترا الـعــادلـ ِـة‬ ‫ِ‬ ‫رف ٍق مع العريضة يتضمن‬ ‫وتجر ْأنا بوضع‬ ‫عباد اهلل؛‬ ‫تقرير ُم َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫حقيق َة األحداث التي وقعت بيننا وبين طائفة الموارنة في‬ ‫المسامع الملكية من بدايتها وحتى‬ ‫جبل لبنان كي تصل‬ ‫َ‬ ‫عام َل‬ ‫نهايتها‪ ،‬متمنين أن نحظى بعطف جاللتها في أن ُن َ‬ ‫واضحة األسباب والمصدر ال‬ ‫ثابتة‬ ‫لحقائق‬ ‫وبناء‬ ‫بمساوا ٍة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أي ُسلطة‬ ‫لنا‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫ا‬ ‫أحداث‬ ‫مخالفة‬ ‫قة‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫لفكرة‬ ‫تبعا‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫لمنعها‪ ،‬أو قدر ٍة على ضبطها‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫الوثيقة الرابعة واألربعون ‬

‫بإصرار‬ ‫يتطلعون‬ ‫‪‬بات من المعروف للعالم أجمع أن الموارنة‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫الطائفة الدرزية من جبل الدروز (جبال لبنان‬ ‫إلى استئصال‬ ‫ِ‬ ‫بفكرة‬ ‫مأخوذين‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫سيادتهم‬ ‫ط‬ ‫س‬ ‫وب‬ ‫والشرقية)‬ ‫الغربية‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫زه ِّوين كذلك بتمثيلهم‬ ‫عددهم‬ ‫وم ُ‬ ‫ِ‬ ‫الكبير وثرواتهم الطائلة‪َ ،‬‬ ‫آملين‬ ‫أعمال ُهم العدواني َة‬ ‫ض من أصحاب النفوذ‪ .‬بدأوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لبع ٍ‬ ‫أحبط مخططاتهم العدواني َة‬ ‫اهلل‬ ‫لكن‬ ‫هدفهم‪.‬‬ ‫بتحقيق‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫جزاء ما فعلوه‪.‬‬ ‫يستحقونه‬ ‫وعاقبهم بما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 38-39 119‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 39-45 220‬‬

‫‪235‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫شخصيا‬ ‫حلت بي‬ ‫إطالعكم على‬ ‫يجب‬ ‫‪‬سيدي‪:‬‬ ‫مصائب ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫س‬ ‫وبالكنائ‬ ‫ـي‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ـ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫أل‬ ‫التابعين‬ ‫المسيحيين‬ ‫وبالسكان‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫جماعات متوحش ٌة‬ ‫اجتاحت‬ ‫واألديــرة في منطقة بعلبك‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ومسلمو‬ ‫ـاولـ ُة‬ ‫ِ‬ ‫مدينة زحـلــة فنهبتها وأحرقتها وخ ــرج مـتـ ِ‬ ‫حقد أعمى‬ ‫منطقة بعلبك بالسالح وبكل ما يحملونه من‬ ‫ٍ‬ ‫بقتلهم وسرقة ممتلكاتهم وحر ِق‬ ‫المسيحيين فقاموا‬ ‫تجاه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫والمحاصيل‪.‬‬ ‫معهم الماشي َة‬ ‫بيوتهم وكنائسهم‪ ،‬ثم أخذوا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بعد إنجاز عملهم التدميري في القرى جــاؤوا إلى مدينة‬ ‫القوات التركي ُة في الحامية ولم تتخذ‬ ‫تص َّدهم‬ ‫ُ‬ ‫بعلبك‪ ،‬لم ُ‬ ‫مة وسط‬ ‫المسال‬ ‫المسيحية‬ ‫المجموعة‬ ‫لحماية‬ ‫أي خطو ٍة‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫جر ِد ُمشاهد‪.‬‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫بقيت‬ ‫بل‬ ‫الجسيمة‪،‬‬ ‫األخطار‬ ‫تلك‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ض‬ ‫وجدتني محاطً ا بالخطر من داخل وخارج‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ففررت مع بع ٍ‬ ‫رعيتي تاركين وراءنا ممتلكاتنا‪ .‬ومع وصولنا بعو ِن اهلل‬ ‫ِمن ّ‬ ‫أنباء وصو ِل حسان‬ ‫سالمين إلى بلدة بشري في لبنان‪ ،‬وردتني ُ‬ ‫نظامي‬ ‫غير‬ ‫باشا اليازجي إلى بعلبك على رأس ‪ 400‬جندي ِ‬ ‫ّ‬ ‫بالزي ‪‬األلباني‪ ‬ممن ُج ِمعوا من الطبقة التي ال تعرف‬ ‫ـراد المشهورين‬ ‫الدمشقيين‪،‬‬ ‫القانون من‬ ‫وبخاصة من األكـ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ظاهري هو حماي ُة سكا ِن‬ ‫ف‬ ‫بعدم االلتزام باألوامر‪ ،‬مع هد ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫بالء‬ ‫بعلبك لكن تبين أن هذا اآلغا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وجنود ُه األشــرار كانوا ً‬ ‫القائد‬ ‫هذا‬ ‫أطلق‬ ‫بيوتهم‪.‬‬ ‫في‬ ‫بقوا‬ ‫مسيحيين‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫عظيم‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫المسيحيين‬ ‫وبيوت‬ ‫ديننا‬ ‫ل‬ ‫رجا‬ ‫ومقر‬ ‫كنيستنا‬ ‫فهاجموا‬ ‫جنوده‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وأتلفوا الباقي وانتهكوا ُحرمة بي ِت اهلل‬ ‫وسرقوا ممتلكاتهم َ‬ ‫بعض الرجال واغتصبوا من التقوا‬ ‫ريعة‪ ،‬وقتلوا‬ ‫بطريقة ُم ٍ‬ ‫َ‬

‫الرواية الدرزية لألحداث األخيرة في لبنان‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫مطران الــروم الكاثوليك في بعلبك‪ ،‬بالتوافق مع قناصل‬ ‫بيانا عــن هــذه الـكــوارث‬ ‫الـقــوى العظمى‪ ،‬أرس ــل لــي الـيــوم ً‬ ‫ترجمة‬ ‫إرسال‬ ‫تأجيل‬ ‫ضيق الوق ِت دفعني إلى‬ ‫رعبة‪ ،‬لكن‬ ‫ٍ‬ ‫الم ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عن هذه الرسالة إلى مناسبة الحقة‪.‬‬

‫حلت‬ ‫به من النساء واألوالد ثم قتلوهم‪ .‬والـكــارثـ ُة التي َّ‬ ‫سريعا إلى القرى‬ ‫بالمسيحيين في مدينة بعلبك امتدت‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫حجم‬ ‫ظهر‬ ‫ي‬ ‫أعاله‬ ‫صر‬ ‫المخت‬ ‫والسرد‬ ‫القضاء‪.‬‬ ‫في‬ ‫المحيطة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ريق في تلك االعتداءات‪.‬‬ ‫الدم‬ ‫المسيحي الذي ُأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪236‬‬

‫‪237‬‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫ـران طوبيا‪ ،‬خــال ستة أشهر متواصلة‪ ،‬على‬ ‫عمل الـمـطـ ُ‬ ‫َ‬ ‫مسيحية فــي انطلياس؛ وتـبـ ًـعــا للمعلومات‬ ‫تكوين لجنة‬ ‫ٍ‬ ‫تطويع‬ ‫الرئيسي من تشكيل اللجنة‬ ‫هدفه‬ ‫التي َر َش َح ْت كان‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سالحا منهم‪،‬‬ ‫يملك‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ومعرف‬ ‫المناطق‬ ‫الشباب في كل‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫يزوده به‪ .‬وتدريب الشباب على التمارين العسكرية كان‬ ‫كي ّ‬ ‫للتخلص ما أمكن من الغرباء‬ ‫ـراء آخر وخطو ًة أخــرى‬ ‫َ‬ ‫إجـ ً‬ ‫أن المسلمين والمتاول َة الذين يسكنون‬ ‫عن طائفتهم‪ ،‬بدليل ّ‬ ‫والمناطق المجاور َة‪ ،‬طُ ِلب منهم‪ ،‬لقلة‬ ‫في كسروان وتــوال‬ ‫َ‬ ‫جب َر عدد كبير‬ ‫الرحيل عنهم أو‬ ‫عددهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اعتناق المارونية‪ ،‬فأُ ِ‬ ‫متمسكا بعقيدته‬ ‫ومــن بقي‬ ‫ً‬ ‫منهم على اعتناق المارونية‪َ ،‬‬ ‫ظروفا صعبة‪.‬‬ ‫عانى‬ ‫ً‬ ‫وتمت‬ ‫نج َزت كما‬ ‫َ‬ ‫عندما تبين لهم أن الترتيبا ِت ُأ ِ‬ ‫يرغبون‪ّ ،‬‬ ‫التحضيرا ِت لتنفيذ مخطاطاتهم كما هو‬ ‫مفصل أعــاه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫حضور‬ ‫الكتابة إلــى المناط ِق طالب ًة‬ ‫باشرت لجنة بيروت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المندوبين من كل مكان‪.‬‬ ‫أوال بــالـسـيـطــر ِة عـلــى ال ـطــرق الــرئـيـسـيـ ِـة فـســرقــوا‬ ‫ـدأوا ً‬ ‫ب ــ ُ‬ ‫أكثر‬ ‫المسيحيين باتوا‬ ‫المسافرين وأس ــاؤوا إليهم‪ .‬لكن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األمور إلى ذروتها ليل الجمعة‬ ‫وغليانا حتى وصل ِت‬ ‫هياجا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫‪ 15‬رمضان [‪ 6‬نيسان ‪ ]1860‬حين كان مكاري درزي من قرية‬ ‫بعقلين (منطقة الشوف) يمضي ليلته في خا ٍن للقوافل‬ ‫ق ــرب قــريــة ال ـحــدث الـتــابـعــة لـقــائـمـقــامـيــة المسيحيين‪،‬‬ ‫القرية وأطلقوا النار عليه بينما‬ ‫فهاجمه مسيحيون من‬ ‫ِ‬ ‫أشالء‬ ‫ـزاء وتركوه‬ ‫كان‬ ‫نائما ثم قطّ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫عوه بسيوفهم إلى أجـ َ‬ ‫يوما بعد يوم وبدأت‬ ‫الهياج‬ ‫مبعثر ًة‪ .‬بعد ذلك ازداد‬ ‫ُ‬ ‫الشعبي ً‬ ‫ُ‬ ‫تظهر في مقاطعة كسروان وفي‬ ‫حة‬ ‫الحشود‬ ‫مظاهر‬ ‫المسل ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بيروت وفي كل مكان‪ .‬ووصلت أخبار هذه الحادثة‬ ‫ضواحي‬ ‫َ‬ ‫الحرب‬ ‫وأعل َنت مجموع ٌة منهم‬ ‫السكان‬ ‫فتأثر‬ ‫جزين‬ ‫إلى‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫على قضاء الشوف‪.‬‬ ‫ـدوب المسيحيين فــي ال ـخــروب‪ ،‬ضــاهــر ناصيف‪ ،‬حمل‬ ‫م ـنـ ُ‬ ‫مسيحيين‬ ‫وأعلن الحرب واجتمع حوله مجموع ُة‬ ‫السالح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫في قرية البرجين حيث يسكن‪ ،‬وفــي اليوم نفسه توجهت‬ ‫خيالة زحلة إلى سهل البقاع بدأوا بقتل‬ ‫مجموع ٌة كبير ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫دروزا التقوهم في هذه المناطق‪ ،‬ويومها‬ ‫الماشية ورجـ ًـاال ً‬

‫بعيدا حتى نهر الكلب‬ ‫توغلت مجموع ٌة من سكا ِن كسروان‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫جيشا بقيادة طانيوس شاهين‪.‬‬ ‫ليكونوا ً‬ ‫ّ‬ ‫ـروان‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ـرود‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـوار‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫جمهور‬ ‫ـف‬ ‫ـ‬ ‫زح‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ذا‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـي‬ ‫وفـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ـروج فــي أط ــراف إقليم المتن‪ ،‬وفــي اليوم‬ ‫والقاطع إلــى م ـ ٍ‬ ‫التالي‪ ،‬الثالثاء‪ 29[ ،‬أيار] خرج خوري البوشرية على رأس‬ ‫غفير مــن المسيحيين رافـ ًـعــا رايــة الـحــرب‪ ،‬وتقدموا‬ ‫ـدد‬ ‫عـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫دروز بي ِت مري في اتجاه المتن‪.‬‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ـمهاجم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫جميع‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫مسيحيي دير‬ ‫وفي اليوم المذكور أعاله زحفت عصاب ٌة من‬ ‫ِّ‬ ‫العرقوب األدنى‪ ،‬وعند اقترابهم من قرية كفرنبرخ‬ ‫القمر إلى ُ‬ ‫مقر ملحم بك العماد‪ ،‬خرج الشيخ المذكور لطردهم فوقعت‬ ‫ِّ‬ ‫جبروا على العود ِة من‬ ‫وأ‬ ‫بنتيجتها‬ ‫المسيحيون‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ه‬ ‫ة‬ ‫ٌ‬ ‫معرك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫حيث أتوا‪.‬‬ ‫فــي ذل ــك ال ـيــوم تـجـ َّـمــع فــي ال ـم ـتـ ِـن جـمـهــور م ــوارن ــة أتــوا‬ ‫مــن زحلة وأمــاكـ َـن أخــرى وزحـفــوا باتجاه الـقــرى الــدرزيــة‬ ‫الـمـهـجــورة مــن سكانها فــي ج ــوار المناطق المسيحية‪.‬‬ ‫النار في قرنايل وكفرسلوان وغيرهما ثم تقدموا‬ ‫أضرموا‬ ‫ّ‬ ‫السكان‬ ‫باتجا ِه األحـيــاء الــدرزيــة المتبقية‪ .‬عندها خــرج‬ ‫ُ‬ ‫المسيحيون‬ ‫الدروز لطردهم وكانت معرك ًة طويلة ُه ِزم فيها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قتال في‬ ‫ب‬ ‫نش‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ذا‬ ‫اليوم‬ ‫في‬ ‫مشتتين‪.‬‬ ‫مدحورين‬ ‫وا‬ ‫وفـ ّـر‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫حصار شديد ُد ِحـ َـر المسيحيون هناك‬ ‫قرية حمانا وبعد‬ ‫ٍ‬ ‫ـضــا‪ .‬وف ــي ال ـيــوم الـتــالــي الخميس [‪ 31‬أيـ ــار] تقدمت‬ ‫أيـ ً‬ ‫المحتشدين في بيت مري لمهاجمة‬ ‫عصابات المسيحيين‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫القتال ‪ 8‬ساعا ٍت ُه ِزم في‬ ‫واستمر‬ ‫العبادية‬ ‫قرية‬ ‫في‬ ‫الدروز‬ ‫ُ‬ ‫نهايتها المسيحيون وتراجعوا مشتتين‪.‬‬ ‫في اليوم التالي الجمعة [األول من حــزيــران] بينما كان‬ ‫دير‬ ‫يخ ُّصهم في‬ ‫بعض دروز المناصف‬ ‫يحصدون ً‬ ‫حقال ُ‬ ‫َ‬ ‫جوار ِ‬ ‫ِ‬ ‫القمر أطلقت‬ ‫مسيحيي دير‬ ‫القمر هاجمتهم مجموع ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫النار عليهم ما ّأدى إلى اندالع قتال‪.‬‬ ‫جزين على‬ ‫مسيحيي‬ ‫وفي ذات اليوم هجمت مجموع ٌة من‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫وق ـ ِـوي حتى انتهى‬ ‫ال ــدروز في قرية نيحا واحـتــدم‬ ‫القتال َ‬ ‫ُ‬ ‫للمسيحيين في كل تلك النواحي‪.‬‬ ‫جلية‬ ‫بهزيمة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫الدروز إلى ضواحي زحلة‪ ،‬ويوم الثالثاء ‪24‬‬ ‫بعد ذلك وصل‬ ‫ُ‬ ‫الت ْي ِم‬ ‫ووادي‬ ‫ـوران‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫قبائل‬ ‫مت‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫حزيران]‬ ‫[‪12‬‬ ‫من الشهر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬


‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫رسالة من مسلم تركي في دمشق‪:‬‬ ‫وراء أحداث دمشق مؤامر ٌة مدبَّرة‬ ‫‪21‬‬

‫الوثيقة الرابعة والثالثون ‬

‫تسكع بعض الصبية‬ ‫‪‬نـحــو الـســاعــة الثانية بعد الظهر‬ ‫ّ‬ ‫في األحياء المسيحية من المدينة مزعجين المارة الذي‬ ‫سفهوهم بإهانات للمسيحيين‪ ،‬ولم يكن من طبيعة هؤالء‬ ‫القيام بهذه التجاوزات واإلهانات لكنهم تلقوا تعليمات‬ ‫الصبية‬ ‫ُ‬ ‫قياديي الفتنة‪ .‬بعد‬ ‫بعض‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫الحوادث]‬ ‫هذه‬ ‫مثل‬ ‫[الفتعال‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫تقرير عن هذه التجاوزات‬ ‫الحكومة‬ ‫نصف ساعة وصل إلى‬ ‫ٌ‬ ‫بإهانة المسيحيين وإذاللهم‪ ،‬فسارع قائد الشرطة مع بعض‬ ‫‪ 221‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 28-30‬‬

‫تتعدد الروايات التاريخية وتتضارب حول أحداث ‪ّ .1860‬إال أن‬ ‫هكذا‬ ‫ُ‬ ‫هذه الرؤى المتباعد َة لألحداث فرص ٌة لفهم طبيعة ما جرى عام ‪.1860‬‬ ‫وتتجلى موضوعي ُة البريطانيين وعــدم تحيزهم‪ ،‬في إدانتهم أعمال‬ ‫ال ــدروز بصرف النظر عــن الـظــروف المحيطة و‪‬اس ـت ـفــزازات مارونية‪‬‬ ‫سبقتها‪ ،‬وفي موافقتهم على معاقبة الدروز على أعمالهم‪.‬‬ ‫مسعى إلبراز التطورات المختلفة لطبيعة هذه األحداث‪ ،‬ترجموا‬ ‫وفي‬ ‫ً‬ ‫ت السكان المختلفة داعين إلى‬ ‫ونشروا رسائل وعرائض صــادرة عن فئا ِ‬ ‫أي منها‪ .‬لكن مجرد‬ ‫مضمون‬ ‫أخذها في االعتبار من دون تعليق على‬ ‫ٍّ‬ ‫نشرها يعطيها مصداقية وإال ما كانت ُلترفَ ع إلى المسؤولين البريطانيين‪.‬‬ ‫ومن عدم انحياز البريطانيين إلى جانب الــدروز‪ :‬موافقتهم على الحملة‬ ‫الفرنسية رغم كل تحفظاتهم عليها‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪238‬‬

‫‪239‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫أخبار أن الموارنة في‬ ‫تبلغهم‬ ‫ـور ُّ‬ ‫َ‬ ‫وضواحيها إلــى البقاع فـ َ‬ ‫ف أخرى‪ ،‬نهضوا لتنفيذ‬ ‫جبل الدروز‪ ،‬مع أعوانهم من الطوائ ِ‬ ‫ما خططوه الستئصال الطائفية الدرزية من جبل الدروز‬ ‫وبسط سيادتهم هناك‪ ،‬وبــدأوا بتشكي ِل عصابا ٍت ومهاجمة‬ ‫وجاء‬ ‫نار العصبية في عروقهم‬ ‫غفير‬ ‫جمع‬ ‫الدروز فتأججت ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫منهم الستطالع الحقائق ولنصرة أبناء عشائرهم‪ .‬وعندما‬ ‫فورا بإيقاف القتال‬ ‫سمع‬ ‫فخامة والي اإلقليم ِ بالخبر َأمر ً‬ ‫َ‬ ‫قائمقامي الجبل‬ ‫وأعطى األوامـ َـر والتوجيها ِت الالزم َة إلى‬ ‫َ‬ ‫يتوجب حضوره من‬ ‫مصحوبين ب َـمن‬ ‫للمجيء إلى بيروت‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫إقطاعيين وأعضاء مجالس محلية وأشخاص مرموقين من‬ ‫ض بما يجب فعله في ظل الظروف الراهنة‪.‬‬ ‫السكان للتفاو ِ‬ ‫وتحقيقا لهذه الغاية تدخل القائمقامان واآلخــرون‪ ،‬وبعد‬ ‫ً‬ ‫مناقشا ٍت مطولة بين الفريقين في المسائل المذكورة‪ ،‬توصل‬ ‫الطرفان إلى اتفاق عاد بموجبه السالم بين الفريقين‪ ،‬إذ‬ ‫تعهد كل فريق بالتنازل ونسيان الماضي وعدم القيام بأي‬ ‫مستقبال‪ ،‬منذ بداية‬ ‫حاضرا أو‬ ‫عمل أو التقدم بأي دعوى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫االضطرابات وتطورها إلى حرب شاملة حتى الوقت الراهن‪،‬‬ ‫ملزمة‪.‬‬ ‫وبناء عليه تمت كتابة اتفاقيات ِ‬ ‫ً‬

‫ص‬ ‫رجاله إلى القبض على عدد من هؤالء الصبية وأشخا ٍ‬ ‫آخرين‪ ،‬وأرسلوهم إلى مقر الحكومة حيث ُق ِّيدوا باألغالل‬ ‫ُوأرسلوا إلى السوق لكنس الشوارع ففعلوا‪ .‬عندها تجمع‬ ‫الجوار حول الصبية وأنقذوهم من الشرطة وقطعوا‬ ‫مسلمو‬ ‫ِ‬ ‫بعيدا‪ ،‬وفي خمس أو عشر‬ ‫السالسل عن أقدامهم وأرسلوهم‬ ‫ً‬ ‫المحال التجارية في السوق‪ .‬وبعد ُربع‬ ‫غلقت جميع‬ ‫دقائق ُأ ِ‬ ‫ّ‬ ‫صحيح أن‬ ‫‪.‬‬ ‫طويال‬ ‫واستمر‬ ‫النار‬ ‫يطلقان‬ ‫مدفعان‬ ‫كان‬ ‫ساعة‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫سكان القرى المحيطة بدمشق‪ ،‬والعرب والدروز جاؤوا بعد‬ ‫ساعا ٍت بحشود مألت المدينة ونهبوا الكثير وكانوا قسا ًة‬ ‫في إراقة الدماء وإضرام الحرائق‪ ،‬لكن االجتماع واالتفاق‬ ‫وسـ ْـعــي سـكــان دمـشــق مــع القرويين‬ ‫واالت ـحــاد واالن ـس ـجــام َ‬ ‫والعرب على تنفيذ هذه الفتنة في دمشق في غضون ساعة‬ ‫مسبقا‬ ‫واحدة‪ ،‬ما كان ليحصل من دون تخطيط رؤسائهم‬ ‫ً‬ ‫واضحا كما النهار‪ .‬ففي خمس‬ ‫وما حصل يجعل هذا األمر‬ ‫ً‬ ‫عشرة دقيقة ُن ِشرت الرايات البيض والخضر في أماكن بارز ٍة‬ ‫على كل البيوت اإلسالمية ولــم يمنعها أحــد‪ .‬فهل يمكن‬ ‫حصول هذه األمور في وقت قصير من دون تهيئة مسبقة؟‬ ‫ومن هنا يتضح أن الكارث َة التي وقعت على رؤوس المسيحيين‬ ‫المساكين وعلى ممتلكاتهم وبيوتهم وأوالدهم وأزواجهم كان‬ ‫سلفا‪.‬‬ ‫الزعماء دبروها ً‬


‫تخوفها من أطماع‬ ‫لماذا وافقت بريطانيا على إرسال هذه الحملة رغم ُّ‬ ‫فرنسا التوسعية ومن تجاوزات قد ترافقها ونتائج خطيرة قد تترتب عليها؟‬ ‫‪22‬‬

‫الوثيقة الثالثة والثالثون ‬

‫التوافق العثماني الفرنسي على إرسال هذه الحملة‬

‫‪240‬‬

‫‪‬عرضت الحكومة الفرنسية على الباب العالي إرسال قوات‬ ‫أعمال غير مشروعة والإنسانية‬ ‫فرضته‬ ‫فرنسية‪ ،‬وهذا العرض‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ونهبا لرعايا‬ ‫قام بها بعض فئات دنيا من سكان دمشق ً‬ ‫قتال ً‬ ‫حقيقية‬ ‫صداقة‬ ‫السلطان المسيحيين‪ .‬وهذا اإلرسال نتيج ُة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك‬ ‫تحر‬ ‫بأي‬ ‫تقوم‬ ‫لن‬ ‫وحميمة بين الحكومتين‪ ،‬ألن هذه القوات‬ ‫ٍ‬ ‫ولو بسيط داخل األمبراطورية التركية من دون موافقة موظَّ في‬ ‫الباب العالي‪ .‬لذا ال خوف من مجيء هذه القوات‪....‬‬ ‫الوثيقة الثامنة والثالثون ‬

‫التخوف البريطاني من المخططات الفرنسية وأسباب الموافقة على‬ ‫هذه الحملة‬ ‫أن جميع من أقاموا أمبراطوريا ٍت لهم‬ ‫‪َ ...‬يعي‬ ‫سيادتكم ّ‬ ‫ُ‬ ‫في الشرق‪ ،‬كانوا يعتبرون سوريا أفضل بلد يمكن أن يقوم‬ ‫ـط بين‬ ‫عليه أي مخطط‬ ‫الجتياح مشرقي‪ .‬فهي نقط ُة ربـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أفريقيا وآسـيــا‪ .‬وغ ــزوات فرنسا فــي السنوات األخـيــرة في‬ ‫مؤخرا في إيطاليا‬ ‫أفريقيا‪ ،‬والمواقع التي حصلت عليها‬ ‫ً‬ ‫وإسبانيا‪ ،‬والقوة الحربية البحرية الكبيرة التي هي اآلن‬ ‫تحت إشرافها‪ ،‬جميعها وضعتها في موقع لم تحتله من‬ ‫عمليا وتلك المخططات التوسعية التي أعلن‬ ‫قبل‪ ،‬يتوافق‬ ‫ً‬ ‫األمبراطور نابليون أنه ال يحبذها في الوقت الحاضر‪.‬‬ ‫وفحصناه‪ ،‬تأكدنا من أهميته وضرورة‬ ‫تمع ّنا بالموضع‬ ‫ُ‬ ‫كلما ّ‬ ‫ك‬ ‫ش‬ ‫أي‬ ‫من‬ ‫ينبع‬ ‫ال‬ ‫أقوله‬ ‫وما‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫ة‬ ‫مركز‬ ‫أعيننا‬ ‫إبقاء‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 27-28 222‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 33-34 223‬‬

‫التحفظات البريطانية على هذه الحملة ‪...‬‬ ‫الوثيقة التاسعة ‪24‬‬ ‫خضوعا لـهــذه الحاجة اإلنسانية ول ـضــرورة العمل‬ ‫‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ض من‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫على‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ـق‬ ‫ـ‬ ‫وواف‬ ‫جاللتها‬ ‫ة‬ ‫ُ‬ ‫حكوم‬ ‫ت‬ ‫تلق‬ ‫الفاعل‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫األمبراطور الفرنسي إلرسال قوات أوروبية إلى سوريا لتجنب‬ ‫المزيد من التجاوزات‪ .‬واستخدام قوا ٍت أجنبية داخل سوريا‬ ‫واف َقت عليها حكوم ُة جاللتها مع الكثير من التحفظ‬ ‫خطو ٌة َ‬ ‫ردود فع ٍل قوية من المسلمين‪ ،‬ما يسبب تأخير‬ ‫تثير‬ ‫ألنها قد‬ ‫َ‬ ‫بدال من تقدمها‪ .‬وعلى ضوء هذه‬ ‫مساعي السالم في سوريا ً‬ ‫المواقف المؤيدة يجب أال يتم التدخل إال فقط عندما‬ ‫سريعا عند انتفاء هذه الحاجة‪.‬‬ ‫تدعو الحاجة‪ ،‬وأن يتوقف‬ ‫ً‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., p. 8 224‬‬

‫‪241‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪23‬‬

‫اقترف فيها من أعمال وحشية‬ ‫إن ضعف تركيا البائس وما ُ‬ ‫رهيبة‪ ،‬وسـلــوك موظفيها الرسميين المشبوه‪ ،‬مــا يجعل‬ ‫الموافق َة على الحملة الحالية إنساني ًة وضروريةً‪ ،‬واإلنسان‬ ‫األك ـثــر تـعـقـ ًـا وتـنـبـ ًـهــا يــرضــخ ل ـل ـضــرورة‪ ،‬وأرغـ ــب أن تكون‬ ‫هذه الـضــرورة‪ ،‬بقدر اإلمكان‪ ،‬محصن ًة ضد أي إحــراج في‬ ‫المستقبل‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫الحملة الفرنسية إلى لبنان‬

‫وخصوصا بالحاكم الحالي‬ ‫فعلي بالحكومة الفرنسية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لفرنسا وهــو أظـ َـهـ َـر فــي مناسبات مختلفة رغـبـ ًة بتثبيت‬ ‫عــاقــات صــداقــة معنا‪ ،‬وت ـحـ ِّـركــه‪ ،‬كما أعـتـقــد‪ ،‬مشاعر ود‬ ‫وضع‬ ‫مؤقتا في‬ ‫تجاهنا‪ .‬فال حكومة يمكنها أن تضع نفسها‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫وصف ُته من دون أن يجر نتائج عليها وعلى حكوما ٍت‬ ‫كالذي‬ ‫ْ‬ ‫متوقعا لها في البداية‪ .‬ال‬ ‫أبعد مما كان‬ ‫تليها قد تذهب‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫شيئا عن الجزائر التي سيطر عليها شارل العاشر مع‬ ‫أقول ً‬ ‫وجــد أن االحتفاظ بها‬ ‫النية بإعادتها‪ ،‬لكن لويس فيليب َ‬ ‫حليفا‪.‬‬ ‫ضرورة قصوى إلبقائها‬ ‫ً‬


‫‪25‬‬

‫الوثيقة الخمسون ‬

‫‪‬علمت‪ ،‬باشمئزاز واستغراب‪ ،‬أن موارنة في ضواحي دير‬ ‫ُ‬ ‫العزل‪ ،‬بينهم‬ ‫ـدروز‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫ـدد‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫قتلوا‬ ‫ـرى‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫وأماكن‬ ‫القمر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫امرأة ورجل عجوز أعمى‪ .‬من دواعي األسى أن تترافق عود ُة‬ ‫النظام وتطبيق العدالة في الجبل مع نذائر الشؤم هذه‪.‬‬ ‫حدا‬ ‫أستحلف‬ ‫الدين واإلنسانية‬ ‫فباسم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فخامتكم أن تضعوا ً‬ ‫ِ‬ ‫لمثل هذه التجاوزات الوحشية‪.‬‬ ‫أسباب األحداث‬ ‫‪242‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪26‬‬

‫الوثيقة الثالثون ‬

‫‪‬الصراع األخير بــدأه الموارنة‪ .‬بــدوا مهتاجين مفعمين‬ ‫بأفكار الغزو والحماية الفرنسية‪ ،‬ما أدى إلى حدو ِث صراع‬ ‫ـؤمــا عليهم‪ .‬وأن ــا أمـيــل إلــى رأي أن سـلــوك بعض‬ ‫كــان شـ ً‬ ‫المندوبين األجانب‪ ،‬وروح تسلط ظهرت منهم‪ ،‬كانت لها‬ ‫بطريقة‬ ‫مؤخرا‬ ‫حصة كبيرة في بروز حالة شعورية ظهرت‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وعمت جميع أرجائها‪ .‬ويظهر‬ ‫ٍ‬ ‫مرعبة في جزء من سوريا َّ‬ ‫يتحضر منذ بعض الوقت عمل‬ ‫من أخبار وصلتني أن كان‬ ‫ّ‬ ‫منظم لتحريض المسيحيين ضد المسلمين والمسلمين‬ ‫ضد المسيحيين‪ ،‬باستثارة مخاوفهم المتبادلة‪ ،‬ومع أن‬ ‫غير‬ ‫تشجيع الحكومات األجنبية على هذا العمل افتراض َ‬ ‫صحيح‪ ،‬فالواضح أن بعض األجــانــب ساهموا فيه‪ .‬وفي‬ ‫ٍ‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: ibid., p. 50 225‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 24-25 226‬‬

‫الوثيقة الثامنة عشرة ‬

‫ال يكتفي القنصل البريطاني بإعطاء رأيــه حــول األح ــداث بــل ينقل‬ ‫للمسؤولين آراء متداولة حول أسبابها‪.‬‬ ‫‪‬ما الذي سبب األحداث األخيرة؟ للموضوع وجه ُة نظر ربما‬ ‫متطرفة ليس من الحكمة السعي لتأييدها لكن واجبي أن‬ ‫أنقلها لسيادتكم‪ ،‬وهي نسبة كل المصائب التي حدثت إلى‬ ‫مؤامرا ٍت من خديوي مصر والموارنة والموظفين الفرنسيين‪،‬‬ ‫ومن اعتمدوا وجهة النظر هذه‬ ‫بل الحكومة الروسية ً‬ ‫أيضا‪َ .‬‬ ‫أشاروا إلى زيارة خديوي مصر سوريا العام الماضي وبعثا ِت‬ ‫المستب ّد الذي‬ ‫منذئذ‪ ،‬والموقف‬ ‫أرسلها إلى تلك المقاطعة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اتبعه المندوبون الفرنسيون في سوريا‪ ،‬واألسلحة الفرنسية‬ ‫التي قيل إنها ُو ِجــدت بكميات هائلة لدى الموارنة‪ ،‬ومسار‬ ‫الموارنة خالل األشهر القليلة الماضية‪ .‬ويرون في كل هذه‬ ‫أسبابا كافية لكل ما حــدث‪ ،‬إلــى جانب مشاعر ذل ورهبة‬ ‫ً‬ ‫جعلت الدروز يائسين وشلت حركة السلطات العثمانية‪ .‬ومن‬ ‫جهة أخرى يرى آخــرون تصورا ٍت مساوية في تطرفها إنما‬ ‫باتجاه األتراك‪ ،‬إذ إن كل ما حدث كان مؤامرة َق َصدت منها‬ ‫أوال قضاء الدروز على الموارنة ثم على‬ ‫السلطات العثماني ُة ً‬ ‫ـدروز نتيج َة أعمالهم ضد الموارنة ما ُيفضي إلى بسط‬ ‫الـ ِ‬ ‫السيادة التركية‪ .‬أما الحقيقة فربما تظهر بشكل أفضل بين‬ ‫هاتين القصتين‪.‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 13-15 2 27‬‬

‫‪243‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫َمن المسؤول عن أحداث ‪1860‬؟‬ ‫ب ولم يكونوا‬ ‫الوثائق البريطانية ُت َب ِّر ُئ الدروز بأنهم‬ ‫استد ِرجوا إلى الحر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يريدونها‪ ،‬وتلوم بالدرجة األولى الموارنة والمندوبين األجانب‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪ ...‬والتجاوزات التي رافقتها‪.‬‬

‫ـت ارتيابكم بأن‬ ‫رسائلكم كما فــي رســائــل اآلخــريــن الحـظـ ُ‬ ‫الباب العالي شجع الحوادث األخيرة‪ .‬ربما بعض موظفيه‬ ‫قاموا بذلك‪ ،‬ولو انه ُمستبعد لوهلة أولى‪ ،‬إنما أطمئنكم‬ ‫أن ال علي وال ف ــؤاد بــاشــا على هــذا ال ـقـ ْـدر مــن الـشــر أو‬ ‫ْ‬ ‫اعتقاد‬ ‫الغباء كي يشتركوا في مثل هذه المخططات‪ ،‬وأي‬ ‫ٍ‬ ‫تسفيهه‪.‬‬ ‫مناقض‪ ،‬إذا ُو ِجد‪ ،‬يجب‬ ‫ُ‬


‫الوثيقة الخامسة والسبعون  ‬

‫في تفسير مواقف الدروز من أحداث ‪ ،1860‬يوازي القنصل البريطاني‬ ‫بين أعمال الدروز والمسيحيين‪.‬‬

‫‪244‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪29‬‬

‫الوثيقة الثانية عشرة ‬

‫القنصل الفرنسي توفنيل يعترف للقنصل البريطاني بــأن الموارنة‬ ‫مسؤولون عن بدء النزاع‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 76-79 228‬‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., p. 10 229‬‬

‫في المحاكمات والتعويضات‬ ‫ ) أالمحاكمات‬ ‫قاطعا على إدانة دروز كثيرين قاد ًة‬ ‫دليال‬ ‫خدمت المحاكمات ً‬ ‫تاريخيا ُ‬ ‫است ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأفرادا‪ .‬فما طبيعة تلك المحاكمات؟ وما مصداقية األحكام التي أصدرتها؟‬ ‫ً‬ ‫التعليمات الصادرة إلى القنصل البريطاني تؤكد على حرص المسؤولين‬ ‫في اتخاذ إجراءات ‪‬عادلة وفاعلة‪ ‬وعلى معاقبة المسؤولين عن األحداث‬ ‫رمه‪.‬‬ ‫كل بحسب درجة ُج ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪30‬‬

‫الوثيقة الثالثون ‬

‫‪‬المسار الــذي نتمنى اتباعه في ســوريــا‪ :‬أحـ ُـد المسارا ِت‬ ‫العادلة والفاعلة‪ .‬القاد ُة الرئيسيون أو مؤيدوهم يجب أن‬ ‫درجات‬ ‫ستر على أحد‪ .‬وللموظفين األتــراك‬ ‫ُي َ‬ ‫عاقبوا فال ُي ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أشخاصا بقت ٍل‬ ‫متفاوت ٌة في الجرم‪ :‬من نهبوا وقتلوا وأمروا‬ ‫ً‬ ‫ص‬ ‫شخ‬ ‫فكل‬ ‫ا‪،‬‬ ‫إجرام‬ ‫األكثر‬ ‫حتما الفئة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أو نه ٍب أو سل ٍب‪ُ ،‬هم ً‬ ‫تآمر أو اشترك مباشر ًة أو مداورة في االضطرابات األخيرة‪،‬‬ ‫ـدان بالجريمة األك ـثـ ِـر خ ـطــورة‪ ،‬لــذا يـعـ ِّـرضــون أنفسهم‬ ‫ُمـ ـ ٌ‬ ‫بالتساوي ألكثر عقاب صرامة‪.‬‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 24-25 330‬‬

‫‪245‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫درج الدروز إلى الحرب‬ ‫‪ ...‬ثمة حقيق ًة ال يمكن إنكارها‪ُ :‬‬ ‫است ِ‬ ‫بسبب دسائس وتهديدات أعدائهم المسيحيين‪ .‬لكن تشجيع‬ ‫قادتهم المحمديين أثــار شراستهم الفطرية ودفعهم إلى‬ ‫تجاوزات أساءت إلى انتصارهم‪ .‬هذه حقيقة ال يمكن نكرانها‪.‬‬ ‫خلت كانت الكارثة على وشك الحدوث‪ .‬عندما كنت‬ ‫ألشهر َ‬ ‫ٍ‬ ‫مؤخرا في البلد كانت المشاعر العدائية تسود الطرفين‬ ‫ً‬ ‫الدروز يريدون القتال‪ ،‬واعتقد الموارنة أن‬ ‫بوضوح‪ .‬لم يكن‬ ‫ُ‬ ‫ساعة انتصارهم حانت‪.‬‬ ‫ثبت َد ْخ ُل الجمارك‪ ،‬بين كانون الثاني ‪ 1857‬وربيع ‪،1860‬‬ ‫وي ِ‬ ‫ُ‬ ‫استيراد أكثر من ‪ 120‬ألف بندقية و‪ 20‬ألف مسدس‪ .‬وألن‬ ‫سيئا ويعرفه الجميع‪،‬‬ ‫تأثير المطران طوبيا ومساعديه كان ً‬ ‫أص ـ َّـر القنصل الفرنسي على إخــراجــه مــن بـيــروت شرطً ا‬ ‫أن ال يمكن‬ ‫أساسيا إلحــال الـســام‪ .‬ورغــم تأكيد سيادته ْ‬ ‫ً‬ ‫أي شيء ضده وال أي إثبات خطي ُيدينه‪ ،‬كانت هذه‬ ‫ُ‬ ‫إثبات ِّ‬ ‫المالحظة كافية للتعبير عن الدور الذي لعبه‪ .‬وثمة رسالة‬ ‫المطران‬ ‫كتبها‬ ‫ُ‬ ‫واحدة على األقل (ربما تم اكتشاف غيرها) َ‬ ‫قبل وقوع األحــداث إلى سكان دير القمر بعبارات حماسية‬ ‫ـاء على‬ ‫الهبة‬ ‫ً‬ ‫محرضا إيــاهــم ً‬ ‫علنا على طــرد الـ ــدروز‪ .‬بـنـ ً‬ ‫المسيحيين بأنهم ِق ِّديسون‬ ‫وصف‬ ‫السذاجة‬ ‫من‬ ‫تقدم‪،‬‬ ‫ما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أي من‬ ‫شهداء‪ .‬إنهم في تقاليدهم الحربية ال ِ‬ ‫يق ُّلون عن ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫للدماء‪.‬‬ ‫جيرانهم همجي ًة وتعطُّ ًشا‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪28‬‬

‫عمالء فرنسيين آالف البنادق على‬ ‫تقرير عن توزيع‬ ‫‪‬وصلني‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫كليا إمــداد الحكومة‬ ‫الموارنة‪ ،‬بينما السيد توفنيل ينفي ً‬ ‫إدخال‬ ‫أسلحة إلى الموارنة‪ ،‬وذكر أن المعلوم‬ ‫الفرنسية أي‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫صنع فرنسي‬ ‫من‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ـا‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـور‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫هائلة‬ ‫بكميات‬ ‫أسلحة‬ ‫ٍ‬ ‫علنا للدروز والموارنة على‬ ‫وبريطاني وكانت ُتباع في بيروت ً‬ ‫رجــح السيد‬ ‫السواء‪ .‬وفي حديثه عن بدء الصدام األخير ّ‬ ‫حرضهم بعض رجــال دينهم على بدء‬ ‫توفنيل أن الموارن َة ّ‬ ‫النزاع لتأكيد سيطرتهم على المناطق المختلطة‪ .‬قد يكون‬ ‫عفى المسؤولون‬ ‫األمر كذلك‪ ،‬ويرجو أال ُتطمر الحقائق أو ُي َ‬ ‫عن هذه الحوادث الرهيبة من نيل العقاب‪ ،‬وحتى لو كان ذلك‬ ‫صحيحا فالمذابح االعتباطية للرجال والنساء واألطفال‬ ‫ً‬ ‫حدود الدفاع المشروع عن النفس‪.‬‬ ‫تعدت‬ ‫َ‬ ‫َّ‬


‫الوثيقة السادسة والخمسون ‬

‫وفــي التقارير حــرص المسؤولين البريطانيين على إجــراء تحقيقات‬ ‫التحيز‪.‬‬ ‫بعيدا عن‬ ‫قضائية ً‬ ‫ّ‬

‫‪246‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪32‬‬

‫الوثيقة السابعة والخمسون ‬

‫تجاوزات كبيرة غير مألوفة اتبعتها المحكمة االستثنائية في محاكمة‬ ‫سعيد بك جنبالط‪.‬‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: ibid., p. 60 331‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 60-62 332‬‬

‫‪247‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫صاحب الــدولــة فــؤاد باشا خـ ّـول أعضاء اللجنة‬ ‫‪‬لما كــان‬ ‫ُ‬ ‫ـاء عنهم لمراقبة أع ـمــا ِل المحكمة‬ ‫الـســوريــة بــإرســال وك ـ َ‬ ‫االستثنائية في بيروت‪ ،‬أعهد إليك بأن تنوب عني في حضور‬ ‫جلساتها‪.‬‬ ‫عليك المبادر ُة بحضور الجلسة المقبلة‪ ،‬والمواظبة على‬ ‫َ‬ ‫حضور كـ ِّـل جلسة منذ بدايتها حتى ختامها عند انتهاء‬ ‫وتجرد كل ما يجري‪،‬‬ ‫تدون بكل دقة‬ ‫المحاكمات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫وعليك أن ّ‬ ‫تحيز‬ ‫أي‬ ‫وتتلطف بإبالغي إياه ختام كل جلسة‪ .‬وإذا‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫رأيت َّ‬ ‫ـروج على الـمــألــوف فــي إجـ ــراءات المحكمة‪ ،‬لصالح‬ ‫أو خ ـ ٍ‬ ‫المتهمين أو ِضــدهــم‪ ،‬أضــف مــذكــرة حــول هــذا الموضوع‬ ‫وأرفقها بتقريرك اليومي‪ .‬وإذا كانت طبيع ُة هذا االنحراف‬ ‫ِ‬ ‫سلم رئيس‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫بتصحيح‬ ‫تسمح‬ ‫انتباهك‬ ‫ت‬ ‫يلف‬ ‫ـذي‬ ‫الـ‬ ‫ـوري ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫المحكمة مذكرة خاص ًة تلفت فيها انتباهه إلى هذا الوضع‪.‬‬ ‫وتو َّخ الحذر فال تتجاوز حدود اللياقة في تنفيذ هذا العمل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سخا عن وثائق يقدمها المتهمون والشهود‪ ،‬واتخذ‬ ‫ن‬ ‫أطلب‬ ‫ُ ً‬ ‫إجراءات تمليها عليك نباهتك لتضمن أن التقرير المطلوب‬ ‫ووافيا كل ما يجري‪.‬‬ ‫دقيقا‬ ‫تمثيال‬ ‫منك كتابته يمثل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫وفي الختام َّ‬ ‫تذك ْر أنك وزمالءك ُقبلتم في المحكمة لهد ٍ‬ ‫واضــح‪ :‬تقديم الضمانة ألوروبــا أن التحقيقات القضائية‬ ‫أدق‬ ‫البحث‬ ‫التي تقوم بها المحكمة تتوخى‬ ‫والتمحيص في ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التفاصيل المتعلقة بإجراءات المحكمة‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪31‬‬

‫وجهتها إلى صاحب الدولة‬ ‫‪‬أرفع إليكم نسخ ًة عن مذكرة‬ ‫ُ‬ ‫وأثق أن سعادتكم تعلمون‬ ‫فؤاد باشا حول شكاوى السيد مور‪ُ .‬‬ ‫بأني لم أقم سوى بما تقتضيه العدالة في تقديم احتجاجي‬ ‫وفقا لتصريح السيد مور يبدو أن أعضاء‬ ‫الشديد إلى دولته‪ً .‬‬ ‫مذنبا كان‬ ‫المحكمة صمموا على التعجيل بإعدام السجين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫دافعين‪:‬‬ ‫بريئا‪ ،‬وتعجيل المحكمة‬ ‫أم ً‬ ‫المستهجن ُيعزى إلى َ‬ ‫َ‬ ‫مصادرتها‬ ‫‪ )1‬أن سعيد بك جنبالط ذو ثروة وأمالك واسعة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مرغوب يصب في مصلحة فؤاد باشا العسكرية‪ .‬وإن‬ ‫عمل‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أي من المذابح‪ ،‬لكنه كان‬ ‫لم يشترك سعيد بك نفسه في ٍّ‬ ‫مطلعا على كل ما جرى‪ ،‬ولو أراد ألمكنه ال َم ْنع الفظائع‬ ‫ً‬ ‫التي حدثت بل على األقل تخفيف وطأتها‪.‬‬ ‫عطي حرية القول‪،‬‬ ‫أن كان بإمكان سعيد بك‪ ،‬لو ُأ ِ‬ ‫‪ )2‬وصلني ْ‬ ‫إثبات أنه أنقذ وآوى مسيحيين كثيرين وأنه اعترض على‬ ‫ُ‬ ‫أعـمــال فظيعة قــام بها أتـبــاعــه‪ .‬ومهما يكن فهذا الرجل‬ ‫الحكم أن يتماشى وطبيعة‬ ‫يستحق محاكم ًة عادلةً‪ ،‬وعلى ُ‬ ‫دالئل يمكن إثباتها ضده‪.‬‬ ‫نزيهة أطالب بها في قضية‬ ‫عدالة‬ ‫إن الضمانات لتحقيق‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سعيد بــك‪ ،‬وكـنــت اقترحت اعتمادها مــن دون تمييز في‬ ‫محاكمة المتهمين المنتظرين محاكماتهم‪ .‬ومع ذلك كان‬ ‫واضحا أن األتــراك كانوا مستعدين إلعطاء أوروبــا كل ما‬ ‫ً‬ ‫تطالب به من الرؤوس‪.‬‬ ‫كان من األنسب لو توحدت اللجنة على احتجاج مشترك‪،‬‬ ‫الصعوبة في إيجاد‬ ‫وأجرؤ على القول إن بروسيا – نتيجة‬ ‫ِ‬ ‫موظفين يمكن الــركــون إليهم ‪ -‬لــم تكن ممثل ًة فــي هذه‬ ‫إلماما بسيطً ا بالعربية‪ ،‬وكان‬ ‫لم‬ ‫المحاكمات ّإال بشخص ُي ُّ‬ ‫ً‬ ‫السيد بيالرد يتغيب النشغاله بأعمال أخــرى‪ ،‬فلم تتمثل‬ ‫اللجنة إال بالسيد مور والبعثة النمساوية‪.‬‬ ‫قاضيا ومكانه األنسب‬ ‫أما حسني بك الذي ُسمح له بالعمل‬ ‫ً‬ ‫قفص االتهام‪ ،‬فاختيار اللجنة إياه جعلني أرى من الحكمة‬ ‫التحفظ على هذا االختيار حتى اجتماع اللجنة المقبل‬ ‫أياما بطل ٍب من فؤاد باشا‪.‬‬ ‫الذي تم تأجيله ً‬


‫الوثيقة الثامنة والخمسون ‬

‫تفاصيل أخرى حول عدم نزاهة محاكمة سعيد بك جنبالط‬

‫‪248‬‬

‫‪‬من واجبي إعالم سيادتكم أن محاكمة اللجنة االستثنائية‬ ‫سعيد بك جنبالط ال تتم بــروح من النزاهة‪ .‬ففي إفــادات‬ ‫سجل فــي محاضر‬ ‫الـشـهـ ِ‬ ‫ـود تفاصيل لصالح المتهم لــم ُت َّ‬ ‫دفاعا عن نفسه‪.‬‬ ‫الجلسات؛ وتم‬ ‫تجاهل كثير مما قاله المتهم ً‬ ‫ُ‬ ‫كبح‬ ‫ي‬ ‫وكان‬ ‫الشهود‪،‬‬ ‫ـاءات‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫اد‬ ‫لتفنيد‬ ‫الكافي‬ ‫الوقت‬ ‫عط‬ ‫لم ُي َ‬ ‫ُ َ‬ ‫بقسوة ولــو بشك ٍل غير مباشر كلما َجهر بما يمس سلوك‬ ‫الموظفين العثمانيين‪ .‬وفــي ظل هــذه الـظــروف‪ ،‬لم يكن‬ ‫نهوض سعيد بك في مرحلة من مراحل المحاكمة‬ ‫مستغربا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫معلنا توقفه عن‬ ‫محاكمته‪،‬‬ ‫طريقة‬ ‫من‬ ‫صوته‬ ‫بأعلى‬ ‫شاكيا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مجددا أمــام لجنة قال إن‬ ‫الظهور‬ ‫أو‬ ‫ـؤال‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫أي‬ ‫عن‬ ‫اإلجابة‬ ‫ً‬ ‫مناسبا‪.‬‬ ‫تراه‬ ‫ما‬ ‫تقرر‬ ‫فصاعدا أن تفعل وأن‬ ‫بإمكانها من اآلن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪34‬‬

‫أساليب المحكمة لتحقيق أهدافها المتحيزة‪.‬‬ ‫أي نوع‬ ‫‪‬يتعرض الشاهد إلى محاكمات حتى يتم إفهامه َّ‬ ‫من األدلة ترغب المحكمة في أن تسمعها منه‪ .‬في بعض‬ ‫دفع الشاهد كي يقول ما يناقض‬ ‫الحاالت‪ ،‬نتيجة لذلك‪ُ ،‬ي َ‬ ‫تمسك بأقواله السابقة‬ ‫تماما أقواله السابقة‪ .‬وفي حال َّ‬ ‫ً‬ ‫واحدا من األساليب الثالثة‬ ‫الرسمية‬ ‫الجلسة‬ ‫محاضر‬ ‫تتبع‬ ‫ً‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫معا من سجل المحكمة‪.‬‬ ‫ ‪ .‬أيتم إلغاء السؤال والجواب ً‬ ‫ ‪ .‬بتسمح فقط بجزء من السؤال أو الدليل ألن يدخل في‬ ‫السجل‪.‬‬ ‫مختلفا‬ ‫مختلفا يؤثر على المعنى ويجعله‬ ‫ ‪ .‬جتصطنع بناء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عما أدلى به الشاهد‪.‬‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., p. 62 3 33‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 62-63 334‬‬

‫الوثيقة الستون ‬

‫ص على أن تكون‬ ‫في تقارير المسؤولين البريطانيين إلى فؤاد باشا ْ‬ ‫حر ٌ‬ ‫أكثر دقة وأعظم نزاهة‪.‬‬ ‫إجراءات التحقيق َ‬ ‫‪‬إذا استمرت المحكمة جــاريـ ًة على النسق الــذي وصفه‬ ‫باطال‬ ‫نوعه سيعتبر‬ ‫فحكم‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫المحكمة ًأيا يكن ُ‬ ‫السيد مور‪ُ ،‬‬ ‫والمخالفة الفاضحة لما تفرضه‬ ‫بسبب الطريقة المتبعة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حدود العدالة المطلقة‪.‬‬ ‫إنني بعرضي هذه االنتقادا ِت أمــام فخامتكم ال أرغــب في‬ ‫بالتهم‬ ‫إنقاذ سعيد بك جنبالط‪ .‬وإذا ثبت أنه كان‬ ‫مذنبا ُّ‬ ‫ً‬ ‫يلح على دولتكم لمعاملته‬ ‫آخر من ُّ‬ ‫المرفوعة ضده سأكون َ‬ ‫برفق ال يستحقه؛ ولكني أجرؤ على القول أنه بقدر ما تكون‬ ‫شديدا‪ ،‬ينبغي أن تكون إجــراءات‬ ‫الجناي ُة فظيعة وعقابها‬ ‫ً‬ ‫التحقيق أكثر دقة وأعظم نزاهة‪.‬‬ ‫تتضاعف قوة هذا الرأي مئة مرة عندما نعلم أنه ال ُيسمح‬ ‫شيئا‬ ‫للسجين‬ ‫حاليا بمحام للدفاع‪ .‬وإذا جاز لي أن أقترح ً‬ ‫ً‬ ‫طريقة لتحقيق العدالة أن‬ ‫أفضل‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬أقول إن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫سمح للمتهم باختيار وكي ٍل أو محام ٍ للدفاع عن قضيته‪.‬‬ ‫ُي َ‬ ‫يحاكمون أمام‬ ‫مؤم ٌن حتى للمتهمين الذين‬ ‫َ‬ ‫وهــذا الحق َّ‬ ‫ـراءات ـهــا ع ــاد ًة أكـثــر اخـتـصـ ًـارا مــن أي‬ ‫مـحــاكـ َـم‬ ‫عسكرية إجـ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫محكمة أخرى معروفة في القانون األوروبي‪.‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., p. 63 335‬‬

‫‪249‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫الوثيقة التاسعة والخمسون ‬

‫‪35‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪33‬‬

‫كليا من‬ ‫وفي حال وجود دليل يؤدي إلى تبرئة المتهم ُيحذف ً‬ ‫سجالت المحكمة‪ .‬وحين يكون في المحكمة شهود ُيدلون‬ ‫تستبع ُد الشهادات التي تكون‬ ‫بشهاداتهم في وقــت واحــد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لصالح المتهمين‪ .‬وال يسمح للسجين بحضور الجلسة‬ ‫وكيل أو ممثل في‬ ‫عند االستماع للشهود‪ .‬وليس للسجين‬ ‫ٌ‬ ‫إن‬ ‫المحكمة لينوب عنه في مراقبة سير أعمال الجلسات‪ّ .‬‬ ‫لي لكل المراقبين‪.‬‬ ‫تحامل المحكمة َج ٌّ‬


‫الوثيقة الخامسة والسبعون ‬

‫عظيم‪ ‬و‪‬جريمة‪.‬‬ ‫‪‬إجحاف‬ ‫قرارات المحكمة المتخذة‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫‪250‬‬

‫ ) بالتعويضات‬ ‫استمرار للظلم‬ ‫هل التعويضات التي فُ رضت كانت منصفة‪ ،‬أم انها‬ ‫ٌ‬ ‫الالحق بالدروز ؟‬ ‫‪37‬‬

‫الوثيقة الخامسة والسبعون ‬

‫كشف ق ــرارات ظالمة لحقت بــالــدروز بعد‬ ‫فــي الوثيقة ذاتـهــا (‪)75‬‬ ‫ُ‬ ‫األحداث وأخرى حمقاء تتعلق بالتعويضات‬ ‫‪‬تشرفت في رسالة سابقة بالتصريح عن مخاوفي الكبيرة‬ ‫ّ‬ ‫من أن تؤدي الطريقة المجحفة في التعامل مع الدروز إلى‬ ‫الكثير من االضطهاد‪ .‬ويؤسفني أن أقول إن هذا الرأي َّأك َدته‬ ‫مالحظاتي الالحقة‪.‬‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 76-79 336‬‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: ibid., pp. 76-79 337‬‬

‫هشت لمعرفتي أن اقتراح‬ ‫لكنني عند العودة من دمشق ُد‬ ‫ُ‬ ‫السيد بـيــارد المنصف تـحــول مـشــروع وحـشــي جــاء فيه‪:‬‬ ‫‪‬لمساعدة المسيحيين الــذي عانوا من انتفاضة الــدروز‪،‬‬ ‫ي بلغ السن الــذي َيسمح لــه بالمشاركة في‬ ‫على كــل درز ٍ‬ ‫العطاء‪ ،‬أن يقدم‪:‬‬

‫‪ 10‬مد قمح‬ ‫‪ 10‬مد شعير‬ ‫‪ 10‬رطل زبيب‬ ‫‪ 1‬مد حمص‬ ‫‪ 3‬فرش‬ ‫‪ 3‬أغطية‬ ‫‪ 3‬وسائد‬ ‫‪ 2‬طنجرة‬ ‫‪ 1‬دست‬ ‫‪ 2‬بساط‬ ‫‪ 10‬قفة‬

‫قروش‬ ‫‪200‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪50‬‬ ‫قرشا‬ ‫‪ً 1065‬‬

‫وينبغي في فترة ال تتجاوز الخمسة أيام‪ ،‬أن يقدمها كل درزي‬ ‫عينا‪ ،‬تحت طائلة‬ ‫نقدا أو ً‬ ‫تجاوز الخامسة عشرة من عمره‪ً ،‬‬ ‫بقاء قوة عسكرية في منزله حتى يتم دفع ما يتوجب‪ .‬ويعود‬ ‫هذا المشروع‪ ،‬كما علمت‪ ،‬إلى السيد بورتاليس (‪)Portalis‬‬ ‫فاضح استخدام بعثة‬ ‫أشرت إلى أنه أساء بشكل‬ ‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫الذي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أرسله على رأسها جنرال جيش االحتالل الفرنسي بشكل غير‬

‫‪251‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪‬كما رأى سيادتكم من خالل رسائلي السابقة‪ ،‬ال اسعى إلى‬ ‫تخفيف فظائع جرائم ارتكبها الــدروز في حاصبيا وراشيا‬ ‫أشد اللوم للتأخر‬ ‫ودير القمر‪ .‬وأعتبر أن فؤاد باشا استحق ّ‬ ‫فــي عقابهم‪ .‬فلمصلحة الـعــدالــة واإلنـســانـيــة والحكومة‬ ‫المستقبلية للمقاطعة‪ ،‬من الـضــروري َجعل من تلطخت‬ ‫أيــديـهــم بــالــدمــاء عـبــرة لـســواهــم‪ .‬فبقسوة الـعـقــاب يفهم‬ ‫البرابرة فظاعة جرائمهم؛ لكن إنزال عقوبة الموت بطريقة‬ ‫قاسية غير متحيزة على بعض المعتدين البارزين‪ ،‬يختلف‬ ‫عن طريقة إعدام عمياء جائرة أدت إلى دفع ّأمة كاملة إلى‬ ‫نهائيا أن أنأى عن المشاركة في مثل هذه‬ ‫اليأس‪ .‬لذا قررت‬ ‫ً‬ ‫أت على‬ ‫الجريمة‪ .‬ومهما حــدث‪ ،‬ستثبت اآلراء التي تـجـ ّـر ُ‬ ‫تسجيلها أني بذلت ما في وسعي لمنع اللجنة من ارتكاب‬ ‫إجحاف عظيم‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫‪36‬‬

‫في ختام جلسة طويلة قبيل سفر المندوبين األوروبيين إلى‬ ‫الطلب من الــدروز محتجزي‬ ‫دمشق‪ ،‬اقترح السيد بيالرد‬ ‫َ‬ ‫المسروقات أن يتقاسموا مخزوناتهم من الغذاء واألمتعة‬ ‫المهجرين بفعل االضطرابات األخيرة‪ .‬ولم‬ ‫مع الضحايا‬ ‫َّ‬ ‫يقم أي اعتراض على هذا المبدأ اإلنساني والعقالني‪.‬‬


‫تفحصنا الحكم أع ــاه بالتفصيل يصعب إدراك إن‬ ‫فــي‬ ‫ُّ‬ ‫نسخط على وحشيته أو نسخر من حماقته‪.‬‬ ‫حتى المسيحيون لم يتملكوا ‪ %1‬من الرقم المقترح أن‬ ‫يعيدوه إليهم الــدروز‪ ،‬بينما الغبن في الطلب إلى كل فرد‪،‬‬ ‫ًأيا تكن إمكاناته‪ ،‬أن يدفع غرامة موحدة‪ ،‬هو ظلم ظاهر ال‬ ‫يحتاج ألي تعليق‪.‬‬ ‫تقدير أوضح للقسوة الرهيبة‬ ‫أمهد لسيادتكم السبيل في‬ ‫ٍ‬ ‫وكي ِّ‬ ‫في اإلجــراء المراد تنفيذه بحق ال ــدروز‪ ،‬سأعتمد طريقة‬ ‫المقابلة ُتظهر جور بنوده وتبرزها بشكل ظاهر للعيان‪.‬‬ ‫‪252‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪ 40‬مليون قرش مجموع ما على دمشق أن تدفعه‪ .‬سكانها‬ ‫المحمديون نحو ‪ 125‬ألف نسمة‪ ،‬منهم على األقل ‪ 35‬ألف‬ ‫شاب تجاوز الخامسة عشرة‪ .‬وغرامة ‪ 40‬مليون قرش موزعة‬ ‫قرشا على كل فرد‪.‬‬ ‫على ‪ 35‬ألف شخص تصل إلى ‪ً 1142‬‬ ‫دفعه كضريبة‪:‬‬ ‫واآلن‪ :‬المبلغ المطلوب من كل‬ ‫درزي مؤه ٍل ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫قرشا‪ .‬نتيجة لذلك مفروض على فالحي لبنان أن‬ ‫‪ً 1065‬‬ ‫يدفعوا في خمسة أيام المطلوب دفعه من سكان دمشق في‬ ‫غير العادلة‬ ‫خمسة أشهر‪ .‬وليس هذا فقط‪ ،‬فهذه الترتيبات ُ‬ ‫ستنعكس أقسى ضد ال ــدروز منه ضد الدمشقيين‪ ،‬إذ لم‬ ‫هبت من بيوت أغنياء‬ ‫ُي َ‬ ‫ستعد إال القليل من مسلوبات ثمينة ُن َ‬ ‫المسيحيين في تلك المدينة وسيبقى معظم المسروق مع‬ ‫حتما في دفع‬ ‫المكاسب المشؤومة ستساعد‬ ‫ناهبيه‪ ،‬وتلك‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الغرامة المالية‪ .‬وسيالحظ سيادتكم من اللوائح المرفقة‬

‫الوثيقة السابعة السبعون ‬ ‫أسباب إنسانية وراء رفض قيمة التعويضات‬ ‫‪‬أت ـشــرف بإبالغكم أنـنــي‪ ،‬مــن معلومات موثوقة تلقيتها‬ ‫وم ــن مــاحـظــاتــي الـشـخـصـيــة فــي جـبــل لـبـنــان عــن حالة‬ ‫مقتنعا بأن جميع المساهمات القسرية‬ ‫الدروز الراهنة‪ِ ،‬ب ُّت‬ ‫ً‬ ‫المقترحة في مخطط فخامة فــؤاد باشا هي غير عملية‬ ‫مطلقا‪ ،‬لألسباب التالية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ .1‬الدروز في كثير من الحاالت خسروا مثل المسيحيين في‬ ‫الحرب األهلية األخيرة‪ .‬المسيحيون أصبحوا بدون منازل‬ ‫جيدا جمعيات خيرية تأُ َّسست لمصلحتهم في‬ ‫فاهتمت بهم ً‬ ‫شيئا للدروز‪.‬‬ ‫حين لم ُتقدم أية جمعية خيرية ً‬ ‫ـرى‪ :‬عين عنوب‪ ،‬عيناب‪ ،‬بشتفين‪ ،‬كفريا‪،‬‬ ‫‪ .2‬ثمة‬ ‫ُ‬ ‫سبع قـ ً‬ ‫كفرتاقود‪ ،‬كفرنبرخ‪ ،‬وبقلون‪ ،‬وقــرى أخــرى لم أتمكن من‬ ‫كليا الجنود الفرنسيون أو المسيحيون‬ ‫معرفة أسمائها‪ ،‬نهبها ً‬ ‫مرافقو الحملة الفرنسية‪.‬‬ ‫‪ .3‬الغنائم التي ُو ِجــدت في القرى المختلطة أو الدرزية‬ ‫الصافية استعادتها القوى العسكرية الفرنسية أو التركية‪،‬‬ ‫وثمة حاالت كثيرة تم فيها حرمان الناس من كميات كبيرة‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫من أمالكهم الخاصة ً‬ ‫‪ .4‬قسم كبير مــن القمح والشعير فــي سهل البقاع ملك‬ ‫دروز جبل لبنان‪ ،‬صادرته الحكومة وصــادرت حتى الثيران‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 80-81 338‬‬

‫‪253‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫المحرضين‬ ‫إن البعثة األوروبية‪ ،‬إضافة إلى عقوبة موت طالت‬ ‫ّ‬ ‫فرض عقوبات‬ ‫األساسيين على المجازر في دمشق‪َ ،‬‬ ‫اقت َر َحت ْ‬ ‫مالية على جميع السكان المحمديين‪ .‬والغرامات القسرية‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كإجراء مشابه‪.‬‬ ‫التي ُف ِرضت على الدروز يمكن النظر إليها‬ ‫وتقدير الغرامة على مدينة دمشق الغنية قد تكون ُات ِخذت‬ ‫مقياسا لتقدير قيمة نسبية ينبغي طلبها من فالحي الجبل‬ ‫ً‬ ‫المعوزين‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫عنفا‬ ‫منظم إلى بعض القرى المختلطة‪ .‬وكــان يعتقد أن ً‬ ‫وحماقة أظهرهما في تلك المناسبة كانا كافيين لمنع هذا‬ ‫نهائيا من أن يصبح مصدر إلهام لمشاريع هامة‪.‬‬ ‫الشخص‬ ‫ً‬

‫كبيرا من المسروقات تم استرداده‬ ‫قسما‬ ‫بهذه الرسالة‪ ،‬أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من الدروز ومن المحتمل استرداد المزيد‪ .‬وأكثر‪ :‬عند توزيع‬ ‫األكبر من الضريبة‬ ‫الغرامة على سكان دمشق كان العبء‬ ‫ُ‬ ‫نسبة كبيرة من الطبقات الفقيرة‪،‬‬ ‫على األغنياء‪ ،‬وتم إعفاء‬ ‫ٍ‬ ‫أمــا في حالة ال ــدروز فممتلكات مشايخ وأعـضــاء الطائفة‬ ‫األغنياء صــودرت‪ ،‬وبقي على الطبقات الفقيرة وحدها أن‬ ‫تتحمل األعباء الكاملة لهذه الغرامة‪.‬‬


‫ ‪39‬‬

‫الوثيقة الثامنة والسبعون‬

‫حالة الدروز االجتماعية في عريضة استرحام إلى السلطات العثمانية‬

‫‪254‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫وتنتهي التقارير إلى التأكيد بأن ‪‬الموارنة والــدروز ليسوا منقسمين‬ ‫الختالفات دينية بل لعداوات السياسية‪( .‬الوثيقة ‪ ،)79‬وإلى أن مذابح‬ ‫ً‬ ‫متوارثة في واقع هذه‬ ‫أحداثا ‪‬أصلية‬ ‫لبنان ودمشق صيف ‪ 1840‬لم تكن‬ ‫َ‬ ‫المجتمعات‪ ،‬وفي حال ‪‬تطوير االزدهار‪ ‬و‪‬تحقيق العدالة‪ ...‬ستكون‬ ‫ازدهارا بين ممتلكات السلطنة‪.‬‬ ‫هذه المنطقة من أكثر المناطق‬ ‫ً‬ ‫‪40‬‬

‫الوثيقة األولى ‬

‫‪‬كيفما كانت األحوال في أقاليم بلغاريا والبوسنة والهرسك‪،‬‬ ‫أن‬ ‫أكيد ْ‬ ‫التي أخبرني سعادتكم أن روسيا تزعم بأنها بائسة‪ٌ ،‬‬ ‫ليس لها شبيه في شمال سوريا حيث الغياب شبه الكامل‬ ‫للجريمة من أي نوع يميز هذا البلد الذي ال مثيل له في‬ ‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., p. 81 339‬‬

‫‪.British Documents On Foreign Affairs: op. cit., pp. 1-3 440‬‬

‫‪255‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫‪‬نحن الموقعين أدنــاه سكان منطقة الجرد التابعة لدير‬ ‫الـقـمــر‪ ،‬لــم ُتسفك أي دم ــاء عـنــدنــا‪ ،‬ولــم ُي ـحـ َـرق بيت أي‬ ‫وتخلوا عن عائالتهم‬ ‫مسيحي‪ .‬ومن غادرنا من المسيحيين‬ ‫ّ‬ ‫إلعالن الحرب علينا‪ ،‬حافظنا على عائالتهم وأرزاقهم فلم‬ ‫واحدا‪ .‬وها أننا تلقينا شرف أوامر فخامتكم‬ ‫قرشا‬ ‫يخسروا ً‬ ‫ً‬ ‫يقدم للطائفة‬ ‫بأن على كل درزي يدفع الضريب َة أن‬ ‫الجديدة ّ‬ ‫َ‬ ‫المسيحية ‪ُ 10‬مد من القمح‪ ،‬ومن ال يملك هذه الحاجيات‬ ‫قرشا‪ .‬وفي كل األحوال‬ ‫نقدا ما يعادل ‪ً 1065‬‬ ‫يدفع قيمتها ً‬ ‫دائما من المطيعين ألوامر فخامتكم ولكن ببساطة‬ ‫سنكون ً‬ ‫شيئا‪ ،‬ونحن‬ ‫ليس بإمكاننا تنفيذ هذا الطلب ألننا ال نملك ً‬ ‫مستعدون لهجر بالدنا وتقديم كل ما نملكه لكم‪ ،‬ثم نذهب‬ ‫وليس علينا سوى القميص الذي نرتديه‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫وذ ِبح بعضها إلطعام الجنود‬ ‫المستخدمة ألغراض زراعية‪ُ ،‬‬ ‫الفرنسيين‪.‬‬

‫حدثت فيه صراعات‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫أي مكان آخر من أوروبــا‪ .‬صحيح ْ‬ ‫مسيحيي حلب عام ‪ ،1850‬ومذابح‬ ‫بين المذاهب (مذبحة‬ ‫ّ‬ ‫المنصف غير‬ ‫لبنان ودمشق الصيف ‪ )1840‬لكن المراقب‬ ‫ِ‬ ‫المتحيز ال يعتبر هذه األحــداث أصلية متوارثة في واقع‬ ‫هذه التجمعات‪ .‬إنها من أشكال انحطاط سيادة انفجرت‬ ‫حاالت َع َرضية ونسبية عند اإلحساس بقيام نظام اجتماعي‬ ‫آخر‪ ،‬والتغييير لصالح المسيحيين بدأ يأخذ طريقه وبالكاد‬ ‫يمكن اعتبارهم مضطهدين من األتراك‪.‬‬ ‫السلطات الحكومية فــي هــذا اإلقليم تعترف بالتسامح‬ ‫وجهه‬ ‫الديني وال َخرق‬ ‫س ّ‬ ‫عمليا لهذا المبدأ بدليل توبيخ قا ٍ‬ ‫ً‬ ‫لمسلمين أهانوا مسيحيين في الشارع‪ ،‬وكان‬ ‫علماء متنورون‬ ‫َ‬ ‫علنا في المساجد عن المساواة‬ ‫أئمة مسلمون كبار يعظون ً‬ ‫أمام اهلل بين كل البشر‪ ،‬مستشهدين على ذلك بما جاء في‬ ‫القرآن الكريم‪.‬‬ ‫قضيتها في أقاليم‬ ‫وتدعم نظرتي هذه خبر ُة سنوات عديدة‬ ‫ُ‬ ‫تركيا األوروبية واآلسيوية وفي القسطنطينية‪.‬‬ ‫ومن دون حماستي للموضوع أرى أن تطوير االزدهار السوري‬ ‫عسيرا‪ ،‬فمع حماية حياة وممتلكات طبقة المزارعين‬ ‫ليس‬ ‫ً‬ ‫وتحقيق العدالة في المدن‪ ،‬ستكون هذه المنطقة من األكثر‬ ‫ازدهـ ـ ًـارا بين ممتلكات السلطنة‪ .‬جــودة المناخ والسهول‬ ‫الخصبة وعــدد األنـهــار والسواقي للري‪ ،‬وصبر الفالحين‬ ‫ـاريــا‪ ،‬جميعها‬ ‫المنتجين والمجتمع الــذكــي والـنـ ِـشــط تـجـ ً‬ ‫عناصر تتيح ما يلزم لمنح سوريا درج ـ ًة من الرفاهية ال‬ ‫تتمتع بها اآلن‪.‬‬ ‫إن معالج ًة عقالني ًة للقضايا المهمة‪َ ،‬ولـ ْـجــم النافذين‬ ‫المحليين اعوجاج الفساد واالستغالل‪ ،‬وإعطاء المسيحيين‬ ‫حصة أكبر للمشاركة فــي إدارة ال ـشــؤون الـعــامــة‪ ،‬وتطهير‬ ‫وإعادة تنظيم القضاء‪ ،‬وتشجيع التعليم‪ ،‬واعتماد السلطات‬ ‫األوروبـيــة وعمالئها سياسة منصفة‪ ،‬جميع هــذه تبدو لي‬ ‫عملي ًة إصالحي ًة تطبيقي ًة قابل ًة للتحقيق وتأثيراتها المفيدة‬ ‫أكيدة لتحقيق األهداف المحددة‪.‬‬


‫‪256‬‬ ‫د‪ .‬عبداللطيف الحارس‬

‫‪.Walsh, Philosophy of History… op. cit., p. 97 441‬‬

‫‪257‬‬

‫ستينات القرن التاسع عشر‬

‫التاريخ‪ ،‬من وجهة نظر طائفية إحادية‪ ،‬يرضي أصحابه ويسيء إلى‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وال يمكن من خالله تحقيق السلم األهلي والتعايش الوفاقي‪ ،‬وهو‬ ‫منتقصة‪.‬‬ ‫يعبر عن حقيقة َ‬ ‫مفهومي الضحية‬ ‫دقيقا بين‬ ‫تحقق توازنً ا‬ ‫ً‬ ‫وتقارير األرشيف البريطاني ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عنصري سكان جبل لبنان الدروز والموارنة‪ ،‬وسكان المنطقة‬ ‫بين‬ ‫والجاني‪،‬‬ ‫َ‬ ‫مسلمين ومسيحيين‪ ،‬فتصبح بالتالي أساسية في الخلفية التاريخية لقاعدة‬ ‫التعايش األهلي بامتداداته التاريخية وآفاقه المستقبلية‪ .‬فالماضي جزء‬ ‫أساسي من مكونات الحاضر‪.‬‬ ‫ب هذه‬ ‫وفي سعينا نحو‬ ‫ت شعو ِ‬ ‫مجتمع ديمقراطي ِآمن يعكس تطلعا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المنطقة من خالل االمتداد التاريخي الضروري‪ ،‬كم نحتاج إلى هذه الوثائق‬ ‫المنصفة التي تعالج الماضي بموضوعية متوازنة مذهلة‪ .‬ورغم الصوابية‬ ‫النسبية لتشكيك البعض في نسبة نزاهتها ومــدى انحيازها‪ ،‬تحمل في‬ ‫ولنق ِنع‬ ‫تقاريرها صدمة قوية نحتاجها‬ ‫لتجاوز مرحلة االتهامات المتبادلة‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫أعماقَ نا أن تبادل التعايش والمحبة واالحترام‪ ،‬رغم االختالفات الدينية‬ ‫والمذهبية‪ِ ،‬ق َي ٌم أصيل ٌة في تاريخنا‪ ،‬نقي ٌة في تراثنا‪ ،‬ملهم ٌة مستقبلَ نا‪.‬‬ ‫وفي سعينا إلى الخروج من دوامة الفكر والفكر التاريخي المضاد‪ ،‬تأتي‬ ‫نكر مصالحه وتطلعاته‪ ،‬لكنه‬ ‫تقارير األرشيف البريطاني طرفً ا ثالثً ا ال نُ ِ‬ ‫ث يعرضها كما يراها ويعاينها‪ ،‬ويناقش المشاركين‬ ‫شاهد ِعيان على أحدا ٍ‬ ‫فيها‪ ،‬ضحايا وجناة‪ ،‬ويبقى الشاهد األقرب إلى الظلم والظلم المضاد‪،‬‬ ‫وأوهامها‪،‬‬ ‫تضحياتها‬ ‫وواقعيتها‪،‬‬ ‫آالمها‬ ‫َ‬ ‫حقيقة‬ ‫والمصدر األقرب من‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شارك ْته َ‬ ‫تاريخية‬ ‫ت‬ ‫صفحا‬ ‫إلى‬ ‫خالله‬ ‫من‬ ‫لتصل‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫مصداقي‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫كافي‬ ‫ا‬ ‫بعض‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وأعطته ً‬ ‫ً‬ ‫المتعمدة‪ ،‬وتزرع الثق َة في أعما ِق الماضي‪ ،‬لتنمو مع مراحل‬ ‫تنير العتمة‬ ‫َّ‬ ‫وتعايش أصيل بأصالة شعوب هذه‬ ‫واستقرار‬ ‫أمن‬ ‫التاريخ المختلفة‬ ‫براعم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحضاري العريق‪.‬‬ ‫المنطقة وتراثهم‬ ‫ِّ‬ ‫تاريخي مؤلم يتطلب كشف الحقائ ِق‬ ‫ض‬ ‫إن إســدال الستارة على مــا ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫المتساوية في مصداقيتها وتحيزها‪ ،‬ودمجها في صورة شاملة‬ ‫المتضاربة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جميعا في الظلم والمعاناة‪.‬‬ ‫أقرب إلى حياة الناس‪ُ ،‬تظ ِهر مساوا َة اللبنانيين‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ختر‬ ‫وإذا كان التاريخ‬ ‫فلن َ‬ ‫‪‬انتقائيا بطبيعته‪ ،‬على حد تعبير وولش(‪َ ،)41‬‬ ‫ً‬ ‫والسلم األهلي في مقابل تدخالتنا‬ ‫يمهد‬ ‫منه‬ ‫ً‬ ‫دعائم االستقرار ِّ‬ ‫َ‬ ‫تاريخا ِّ‬ ‫سيء إلى أسس الوفاق والتعايش‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫وتحيزاتنا وتحريفاتنا التاريخية التي ُت ُ‬

‫لبنان في األرشيف البريطاني‬

‫االستنتاج‬

‫فلنتخل عن احتكار المعانا ِة واالضطهاد في كل طائفة من طوائفنا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫تقارب مع التاريخ‪ ،‬ففي هذا‬ ‫وعن اتهام اآلخرين بالظلم واالستبداد‪ ،‬ولْ َن‬ ‫ْ‬ ‫حقيقي نحو آمالنا المنشودة في الحرية والتعايش والسالم‪،‬‬ ‫ب َت َق ُّرب‬ ‫التقار ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫أدبياتنا التاريخية من ُعقد الخوف والغبن والحرمان‪.‬‬ ‫وابتعاد عما يسود‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫جزء مهم من تاريخ لبنان وتراثه الحضاري‪.‬‬ ‫وثائق األرشيف البريطاني ٌ‬ ‫تماسك هويتنا اللبنانية في وجه‬ ‫وللتعمق في دراستها تأثير كبير على ُ‬ ‫وديموم ِتها‪.‬‬ ‫رياح التشكيك بأصال ِتها‬ ‫َ‬

‫غالف كتاب مهم يتعلّ ق بتاريخ الفترة موضوع هذه الدراسة‬


‫لبنان في األرشيف الدولي‬

‫ّ‬ ‫(ملخص دراسة)‬ ‫األب د‪ .‬كرم رزق‬

‫عميد كلية اآلداب في جامعة الروح القدس‪-‬الكسليك‬ ‫وأستاذ التاريخ فيها‬

‫عموما وباألرشيف النمساوي‬ ‫في دراستي ستة أقسام‪ :‬تعريف بالنمسا‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‪ ،‬وخمسة أقسام هي خمس قنوات دخلت من خاللها النمسا إلى‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‪.‬‬ ‫ولبنان‬ ‫ا‬ ‫عموم‬ ‫األوسط‬ ‫الشرق‬ ‫مناطق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫النمسا وأرشيفها‪:‬‬ ‫األمبراطورية‬ ‫خاصة يستمدها من تركيبة‬ ‫لألرشيف النمساوي شخصية ّ‬ ‫ّ‬ ‫غنية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫النمساوية‪ .‬فالنمسا في قلب أوروبا ونقطة التقاء ثالث حضارات ّ‬ ‫الرومانية‬ ‫ة‬ ‫األمبراطوري‬ ‫وريثة‬ ‫ة‬ ‫والسالفي‬ ‫ة‪،‬‬ ‫األلماني‬ ‫ة‬ ‫والجرماني‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الالتيني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجرمانية ‪ Saint empire romain et germanique‬التي ألغاها نابليون سنة‬ ‫ّ‬ ‫وثقافية ولغوية ودينية‪ ،‬وهي ترقّ ت‬ ‫إثنية‬ ‫ة‬ ‫بتعددي‬ ‫النمسا‬ ‫وتتميز‬ ‫‪.1808‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صف القوى العظمى وغدت األولى في أوروبا من حيث سعة مساحة‬ ‫إلى‬ ‫ّ‬ ‫أراضيها‪ ،‬وعدد ُس ّكانها (‪ 80‬مليون قبل الحرب العالمية األولــى)‪ ،‬وقوة‬ ‫توسعية شرقً ا وال‬ ‫جيشها‪ ،‬وازدهــار اقتصادها‪ .‬وهي لم ُتغذِّ أي مطامع‬ ‫ّ‬ ‫أمبراطورية‪ ،‬ومطمع كل أمبراطورية أن تتوسع‪.‬‬ ‫غربا‪ ،‬مع أنها‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫النمساوية عظمتها على عالقات التزاوج واالقتران‪،‬‬ ‫األمبراطورية‬ ‫َبنت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتب َّوأت‬ ‫َ‬ ‫فض ّمت البلدان المنخفضة وإسبانيا ونابولي والبوهيم والمجر‪َ ،‬‬ ‫قمة المجد زمن األمبراطور شارلكان فاستحقت القول المأثور ‪‬ليتحارب‬ ‫ّ‬ ‫فتتزوجين‪.‬‬ ‫اآلخرون‪ّ ..‬أما أنت ّأيتها النمسا المغبوطة‬ ‫ّ‬ ‫باالقتران إذً ا جمعت الممتلكات وغدت في القرنين السادس عشر والسابع‬ ‫وضد َه َجمات العثمانيين‬ ‫ضد اإلصــاح البروتستانتي‬ ‫عشر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫منيعا ّ‬ ‫حصنا ً‬ ‫الذين فشلوا في حصار فيينا (أيلول ‪ .)1683‬وكانت معاهدة كارلوفيتس‬ ‫حق التدخل‬ ‫(‪ )1699‬تتويج انتصارات النمساويين على العثمانيين ونيلها ّ‬ ‫في ترانسيلفانيا‪ ،‬وإعفاء المقاطعات المحررة من دفع الضرائب للسلطان‪،‬‬ ‫الدين‬ ‫الدين الكاثوليكي ورجال ّ‬ ‫حق حماية ّ‬ ‫وإعطاء األمبراطور النمساوي ّ‬ ‫الكاثوليك وحـ ّـق إعــادة ترميم وإعمار الكنائس ودور العبادة وفق أشكالها‬

‫المعهودة‪ .‬لكن العثمانيين كرروا هجماتهم في أوائل القرن الثامن عشر إذ‬ ‫النمساوية عند نهر‬ ‫الروس شجعتهم على اقتحام القالع‬ ‫إن انتصاراتهم على ّ‬ ‫ّ‬ ‫عنيفا فاحتلّ وا تينيسبار (‪)1617‬‬ ‫الهبسبورغ‬ ‫حماة‬ ‫رد‬ ‫ً‬ ‫الساف واألونــا‪ .‬كان ّ‬ ‫وبلغراد (آب ‪ )1717‬وأجبروا العثمانيين على عقد معاهدة باساروفيتس‬ ‫تقدم النمسا في شرق‬ ‫(‪ 21‬تموز ‪ )1718‬وهي ث ّـبـتت الفتوحات الجديدة‪ُّ :‬‬ ‫دولية‪ ،‬فاعترفت فرنسا وروسيا‬ ‫أوروبا وحقوق الحماية‬ ‫الدينية على خلفية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق للنمسا (وفق معاهدة باساروفيتس)‪ ،‬وتم للنمساويين االعتراف‬ ‫بهذا‬ ‫ّ‬ ‫األمبراطورية‬ ‫عموما في‬ ‫بالحماية والتدخل لحماية الكاثوليك والالتين‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وح ّددت‬ ‫العثمانية‪ّ ،‬‬ ‫ورتبت اتفاقية باساروفيتس شؤون التجارة والمالحة‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫معدل‬ ‫رسوم الجمارك على البضائع لدى الدخول والخروج بمعدل ‪ ،%3‬وهو‬ ‫ٌ‬ ‫العالمية األولى‪.‬‬ ‫ساريا حتى نهاية األمبراطوريتين بعد الحرب‬ ‫بقي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أما األرشيف النمساوي (ونحن في جامعة الروح القدس – الكسليك‬ ‫جزءا) فهو‬ ‫نشرنا منه حتى اآلن خمسة أجزاء‪ ،‬ويجب أن ننشره في ‪ً 15‬‬ ‫من ‪ 3‬مجموعات‪:‬‬ ‫المجموعة األولى‪ :‬تشمل تقارير إلى األستانة حيث هي اليوم كاملة‪.‬‬ ‫ويتميز األرشيف النمساوي عن األرشيف الفرنسي واألرشيف اإلنكليزي‬ ‫ّ‬ ‫كامال من‬ ‫الــذي تــأذّ ى بفعل الحربين العالميتين األولــى والثانية أنه نُ قل‬ ‫ً‬ ‫القسطنطينية إلى فيينا (ألن النمسا كانت صديقة اإلمبرطورية العثمانية)‬ ‫يرتب ما‬ ‫واعتنى بترتيبه وتنظيمه المستشرق رودولــف بينينييه وهو لم ّ‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫يخص لبنان وحده بل كل البلدان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المجموعة الثانية‪ُ :‬حفظت مباشرة في فيينا وهي ما زالت بدون ترتيب‬ ‫وتنسيق‪.‬‬ ‫المجموعة الثالثة‪ُ :‬ح َ‬ ‫فظت في بيروت ثم نُ قلت إلى فيينا لكنها ما زالت‬ ‫أيضا بدون تنسيق وترتيب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من هنا صعوبة البحث في المجموعتين األخيرتين‪ .‬سوى أن المجموعات‬ ‫الثالث تغطي المرحلة ذاتها‪ :‬من نهاية القرن الثامن عشر حتى نهاية‬ ‫المالح بتعريف‬ ‫الحرب العالمية األولــى‪ .‬ومنذ فترة قام الدكتور عبداهلل ّ‬ ‫‪‬المسرة‪.‬‬ ‫هذا األرشيف ونشر بحثه في مجلة‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا يمكن القول إن الفضل في حفظ األرشيف النمساوي يعود إلى‬ ‫الحقا) وهي‬ ‫الدبلوماسية‬ ‫(األكاديمية‬ ‫الشرقية‬ ‫أكاديمية العلوم‬ ‫تأسيس‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خرجت القناصل والسلك الدبلوماسي وكثيرين من العرب ممن انتسبوا‬ ‫ّ‬ ‫العالمية األولى وبعدها‪ ،‬وثمة لبنانيون تمرسوا فيها إبان‬ ‫الحرب‬ ‫قبل‬ ‫إليها‬ ‫ّ‬ ‫خمسينات القرن الماضي‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف النمساوي‬

‫لبنان في األرشيف النمساوي‬

‫‪259‬‬


‫لبنان في األرشيف النمساوي‬

‫القنوات النمساوية الخمس‪.‬‬ ‫قلت إن معاهدة باساروفيتس شجعت االتجار المثلث (بين النمسا‬ ‫ُ‬ ‫والبندقية)‪ ،‬وأتاحت للنمسا الدخول في الشرق عبر خمس‬ ‫وبالد البلقان‬ ‫ّ‬ ‫قنوات‪.‬‬ ‫القناة األولى‪:‬‬

‫‪260‬‬ ‫األب د‪ .‬كرم رزق‬

‫الدبلوماسية‪ .‬وكــان التمثيل الدبلوماسي النمساوي (قبل‬ ‫هي القناة‬ ‫ّ‬ ‫ومقتصرا على حـ ّـل الـنــزاعــات الدولية ووسيل َة‬ ‫متقطعا‬ ‫باساروفيتس)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حفاظ على ممتلكاتها لحماية مصالحها‪ .‬ولكن بعد معاهدة باساروفيتس‬ ‫القسطنطينية (اسطنبول) أصبح عميد السلك‬ ‫سفيرا في‬ ‫اعتمدت النمسا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وحق الصدارة‬ ‫ة‬ ‫األسبقي‬ ‫حق‬ ‫وله‬ ‫‪‬اإلنترنونسيو‪،‬‬ ‫لقب‬ ‫وحامال‬ ‫الدبلوماسي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األوروبية األخرى‪ .‬كما َع َّينت قناصل في أسكلة الشرق‬ ‫على سفراء الدول‬ ‫ّ‬ ‫يتعلقون بالسفير مباشرة ويراسلونه ويلتزمون بحماية الرعايا النمساويين‬ ‫وحـمــايــة تجارتهم وأعـمــالـهــم‪ .‬وه ــذا االزدهـ ــار فــي الـتـجــارة والـعــاقــات‬ ‫بين األمبراطوريتين دفــع باألمبراطورة ماريا تريزا إلــى تنظيم الجسم‬ ‫أكاديمية‬ ‫مرسوما بإنشاء‬ ‫الدبلوماسي وزيادة أعضائه‪ ،‬فأصدرت سنة ‪1754‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‪‬األكاديمية‬ ‫أشكاال متعددة حتى أصبحت‬ ‫ً‬ ‫الحقا‬ ‫الشرقية َعرفت‬ ‫للُّ غات‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تخرج منها الدبلوماسيون والمستشرقون‪ .‬وكانت قواعد‬ ‫الدبلوماسية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫انتخاب أعضائها دقيقة وصارمة‪ ،‬وكذلك برامج دروسها التي كانت تشمل‬ ‫السامية والجغرافيا والتاريخ والرياضيات‪ .‬تطورت هذه‬ ‫الشرقية‬ ‫اللغات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عدة واستمرت بعد سقوط األمبراطوريتين وال‬ ‫ً‬ ‫األكاديمية وعرفت‬ ‫أحواال ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقار القناصل في الشرق (وفــق تقاريرهم‬ ‫تــزال قائمة حتى اليوم‪ّ .‬أمــا‬ ‫ّ‬ ‫والالذقية وطرابلس‬ ‫ال ــواردة في األرشيف النمساوي) فكانت في حلب‬ ‫ّ‬ ‫واإلسكندرية‪ .‬وكــان القناصل موظفين يتقاضون‬ ‫وعكا‬ ‫وبيروت وصيدا ّ‬ ‫ّ‬ ‫رواتبهم من الدولة النمساوية عكس قناصل الــدول األخــرى الذين كانوا‬ ‫سر‬ ‫ً‬ ‫تجارا يتقاضون من التجار أو من الشركات الكبيرة‪ .‬وتكونت للقناصل أُ ٌ‬ ‫مثال في حلب‬ ‫عن‬ ‫ا‬ ‫أب‬ ‫عليها‬ ‫وتعاقبوا‬ ‫الوظيفة‬ ‫ورثوا‬ ‫أبناء‬ ‫وسالالت‬ ‫جد‪ ،‬كما ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫طويال‪،‬‬ ‫أُ سرة ‪‬بيكيوتو‪( Piciotto ‬أصلها من ليفورنو) َش َغلت القنصلية‬ ‫ً‬ ‫ثم شغلتها بعدهم أُ ســرة ‪‬بــوش‪ Poche ‬في بداية القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫وعكا أسرة‬ ‫وفي طرابلس كانت أسرة ‪‬كاتسيفليس‪ Catziflis ‬وفي صيدا ّ‬ ‫‪‬كاتافاغو‪.Catafago ‬‬ ‫رسميا‪ ،‬تم تعيين قناصل فخريين‬ ‫وإلــى جانب القناصل المعتمدين‬ ‫ً‬ ‫النمساوية في الشرق‪ .‬وفي‬ ‫والمصالح‬ ‫والسورية‬ ‫اللبنانية‬ ‫ثبتوا المصالح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪261‬‬ ‫رسالة من وزير الخارجية العثماني سريم أفندي إلى المترجم األول في الديوان السلطاني‬ ‫(‪ 1‬اذار ‪ )١٨٣٤‬حول إدراج إقليم جبيل ضمن حكومة القائمقامية المسيحية‪.‬‬

‫رسميا لقناصل الدول‬ ‫مركزا‬ ‫أربعينات القرن التاسع عشر غدت بيروت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العظمى فأوعز مترنيخ للبارون إدلبورغ ‪ Adelburg‬بتنظيم قنصليات الشرق‬ ‫القنصلية العامة‪ ،‬ونشأت قنصليتان‬ ‫األوسط‪ ،‬فارتقت بيروت إلى مستوى‬ ‫ّ‬ ‫جديدتان في دمشق والقدس‪ .‬لكن القناصل الذين اعترف بهم الباب العالي‬ ‫بموجب بــراءة‪ ،‬لم يكونوا جميعهم من أصل نمساوي‪ :‬منهم من كان من‬ ‫أصل تيرولي أو من البندقية أو من الممتلكات اإليطالية أو المجر‪ ،‬وكتبوا‬ ‫الوريال‬ ‫تقاريرهم بلغاتهم األم‪ .‬أما في لبنان فأهم القناصل‪ :‬الطبيب بيتر‬ ‫ّ‬ ‫ود ِفن‬ ‫الجدري‪،‬‬ ‫ضد‬ ‫ُ‬ ‫‪ Laurella‬وهو أَ دخــل إلى لبنان سنة ‪ 1810‬التلقيح ّ‬ ‫في مقبرة الالتين التى سعى إلى اقتنائها للكنيسة الالتينية في بيروت‪،‬‬ ‫والقنصل إدلبورغ وفيك بيكر ‪ Weckbeker‬الذي عاش أحداث ‪ 1860‬وكان‬ ‫ممثل النمسا في ‪‬اللجنة الدولية‪ ‬وهو واضع بروتوكول المتصرفية سنة‬ ‫‪ 1861‬وتعديالته سنة ‪ ،1864‬وله ابن ٌة تزوجت من عائلة دو فريج اللبنانية‪،‬‬ ‫وتوفي في بيروت إثر وقوعه عن الحصان‪.‬‬


‫‪262‬‬ ‫األب د‪ .‬كرم رزق‬

‫األمبرطورية‬ ‫المد نحو الشرق من‬ ‫هي القناة العسكرية‪ .‬فالنمسا ورثت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـدءا من أوروبــا‬ ‫ّ‬ ‫الجرمانية‪ ،‬منذ عهد شرلمان الــذي ذهــب نحو الشرق بـ ً‬ ‫المد من مظاهر التوسع‬ ‫الشرقية‪.‬‬ ‫والحقا تنامى التطلّ ع إلى الشرق ّ‬ ‫ً‬ ‫وتنقى ّ‬ ‫ّ‬ ‫والهيمنة فبات للنمسا دور مميز بين الدول العظمى بفضل العالقة بين‬ ‫العثمانية‪ .‬لذا لم تستعمل النمسا القوة العسكرية‬ ‫واألمبراطورية‬ ‫النمسا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عثمانية متكررة طالت عمق‬ ‫ضد هجمات‬ ‫ّإال فقط لتدافع عن ممتلكاتها ّ‬ ‫ّ‬ ‫أراضيها حتى العاصمة فاضطرت أن تزج نفسها في صراعات البلقان كي‬ ‫الروسي وتقيم حواجز مقابل اإلنتشار‪ .‬فالنمسا كانت‬ ‫تضع ًّ‬ ‫حدا للتوسع ّ‬ ‫التوسع الروسي ال التوسع العثماني‪ .‬ومع نهاية القرن التاسع عشر‬ ‫تخشى‬ ‫ّ‬ ‫تخلّ ت النمسا عن كل اعتبار حربي وارتضت (في مؤتمر فيينا) العمل ضمن‬ ‫مطالب ًة بحق أبوة هذا الوفاق‪ ،‬فكان مترنيخ والنمساويون‬ ‫ِوفــاق أوروبــي‬ ‫ِ‬ ‫أصحاب ُ‬ ‫األبــوة على ذلــك االتفاق غير المعلن‪ ،‬وهــو سبق إنشاء عصبة‬ ‫ضد محمد علي‬ ‫األمم‪ ،‬واألمم ّ‬ ‫المتحدة‪ .‬ولئن اشتركت النمسا في الحرب ّ‬ ‫(‪ )1840‬وفي حرب القرم (‪ )1854‬فهي تأخرت باالشتراك في الحرب‬ ‫تمسكا بمبدأ الحفاظ‬ ‫ً‬ ‫العالمية األولى‪ ،‬لصالح األمبراطورية العثمانية‪ ،‬أي‬ ‫فالتوجه األساسي‬ ‫تفكك‪.‬‬ ‫على كيان السلطنة وتخليصها من أي تقسيم أو ّ‬ ‫ُّ‬ ‫للسياسة النمساوية العليا كان أن تبقى األمبراطورية العثمانية متماسكة‬ ‫بجميع أقسامها ألن كل ضعف يصيب األمبراطورية العثمانية إنما يصيب‬ ‫كذلك قلب األمبراطورية النمساوية‪.‬‬ ‫مسرحا لعمليات حربية‪ ،‬كما سنة‬ ‫في جميع تلك التدخالت كان لبنان‬ ‫ً‬ ‫‪ 1840‬عند تدخل النمسا لطرد محمد علي باشا من لبنان‪ ،‬حين انكسر‬ ‫ابراهيم باشا وشاركت البحرية النمساوية بقيادة األدميرال بندييرا من‬ ‫أصل إيطالي‪ .‬وتحقق الدخول إلى قلعة صيدا مع البرنس فريدريش الذي‬ ‫لم يأخذ صيدا وحسب بل أوجد قاعدة لألسطولين اإلنكليزي والنمساوي‬ ‫قبل حلول الشتاء‪ .‬وحين مات فريدريش عن ‪ 27‬سنة في البندقية أمر‬ ‫تسمما أو غيره ألن ثورة‬ ‫مترنيخ بتشريح جثّ ته إنما لم تظهر أسباب الموت‬ ‫ً‬ ‫دائما باخرة باسم‬ ‫وبقيت في البحرية‬ ‫ّ‬ ‫النمساوية ً‬ ‫كانت اندلعت في البندقية‪َ .‬‬ ‫توسعت عالقات النمسا الدبلوماسية‬ ‫عندما‬ ‫‪‬صيدا‪ ‬جابت قناة السويس‬ ‫ّ‬ ‫فافتتحت لها مراكز قنصليات في الخليج‪.‬‬ ‫وكانت للحملة النمساوية سنة ‪ 1840‬اكتشافات علمية‪ ،‬منها تنقيبات في‬ ‫الك َنيسة بعثة‬ ‫اكتشفتها في قرنايل وجبل ْ‬ ‫مصر وسوريا ولبنان عن معادن‬ ‫ْ‬ ‫عضوا من األثريين النمساويين‪ .‬وللمناسبة‪ّ :‬أول‬ ‫ترأسها رودجرز مع ‪12‬‬ ‫ً‬

‫القناة الثالثة‪:‬‬ ‫الخيرية‪ .‬كان على النمسا‬ ‫الدينية والمساعدات‬ ‫هي قناة الحماية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن تحمي رعاياها واإلكـلـيــروس الالتين في البلقان واألراض ــي الواقعة‬ ‫تحت سيطرة العثمانيين‪ ،‬وامتدت حمايتها لتشمل الملكيين الكاثوليك‪،‬‬ ‫استقروا في‬ ‫قسما من رهبانهم (الميخيتاريست)‬ ‫وخصوصا األرمن ألن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فيينا والبندقية وأنتجوا ثروة ثقافية كبيرة ولديهم مخطوطات أرمنية مصورة‬ ‫وقديمة ذات قيمة عالية‪ .‬لذا كان من األمبراطورة ماريا تريزا أن حمت‬ ‫األرمن ‪‬الماخيتاريست‪ ‬والملكيين الكاثوليك في لبنان بعد فتنة ‪ 1860‬من‬ ‫تدمير الكنائس واألديرة‪ .‬وساعدت النمسا الملكيين بإعادة تعمير المدارس‬ ‫وخصوصا الكنائس في زحلة‪ ،‬كما ساعدت الموارنة وحمتهم‪ ،‬وكان لها دور‬ ‫ً‬ ‫كبير في تأسيس جمعية ـ‪ s.o.s‬في بحرصاف‪.‬‬ ‫مساعدا الملكيين على تبني الطقس الغربي (‪calendrier‬‬ ‫وتدخل مترنيخ‬ ‫ً‬ ‫‪ )latin ou Grégorien‬ولم يكن في الشرق إال لدى الموارنة منذ ‪،1610‬‬ ‫وكلف ذلك ثرو ًة باهظة إذ قدم البطريرك الماروني كمية كبرى من المال‬ ‫حل مشاكل نشبت‬ ‫لوالي حلب حتى يرضى بذلك‪ ،‬كما ّ‬ ‫تدخل البطريرك في ّ‬ ‫والقبعة‬ ‫خصوصا قضية الطابية‬ ‫بين الروم الكاثوليك والروم األرثوذكس‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫والزي واللباس‪.‬‬ ‫وخالل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر اهتمت النمسا بتأمين طرق‬ ‫المقدسة في‬ ‫الحج ووصــول الحجاج إلى القدس والحفاظ على األماكن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫استالم اإلكليروس الالتين وترميم دور العبادة‪ .‬وهي لعبت هذا الدور بلباقة‬ ‫وبراعة كي ال ُتغضب فرنسا التي تولت تلك المسؤولية وفق امتياز خاص‬ ‫منذ القرن السادس عشر‪.‬‬

‫لبنان في األرشيف النمساوي‬

‫القناة الثانية‪:‬‬

‫تصاميم لحفر قناة السويس وضعها نمساويون وبعدهم أكملها فرنسيون‬ ‫وإنكليز‪ .‬وبين اهتمامات النمساويين األخرى منذ النصف الثاني من القرن‬ ‫التاسع عشر‪ :‬التفتيش عن األحصنة وشــراء جياد عربية أصيلة‪ .‬وفي‬ ‫تجند الفتى مخايل فضل اهلل الحداد من‬ ‫حملة تفتيش بقيادة برودرمان ّ‬ ‫وتدرج حتى أصبح قائد مركز التدريب والتأصيل في المجر‪،‬‬ ‫بيت شباب‬ ‫ّ‬ ‫خاصة‪ ،‬ولدولة‬ ‫قائما تستثمره شركة‬ ‫وتأصيل الخيل ما زال حتى اآلن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫المجر األسهم الكبرى فيها‪ .‬ونأمل أن تتحقق أمنية أهل بيت شباب فيكون‬ ‫لهذا الشاب تمثال في بلدته األم‪ .‬أما حرب القرم التي دخلت فيها النمسا‬ ‫فأفادتنا في لبنان بشراء القمح والحبوب واستخدام أدوات النقل‪ ،‬ما رفع‬ ‫سعر السلع ووسائل النقل التي كان يستخدمها المكاري‪.‬‬

‫‪263‬‬


‫لبنان في األرشيف النمساوي‬

‫‪264‬‬

‫‪265‬‬

‫األب د‪ .‬كرم رزق‬

‫تواقيع أمراء ووجهاء مسيحيين من كل لبنان على عريضة تطالب بانتداب المطران نقوال مراد‬ ‫إلى اآلستانة (‪)١٨٤٣‬‬

‫عالقة الموارنة مع النمسا ترقى إلى زمن شارلكان الذي راسله البطريرك‬ ‫العكاري (‪ .)1527‬وحافظ الموارنة على الحماية الفرنسية رافضين‬ ‫موسى ّ‬ ‫الحماية النمساوية عندما تعثرت فرنسا حليفة محمد علي سنة ‪ ،1840‬ولم‬ ‫تنجح محاوالت بعثة نمساوية‬ ‫خاصة ترأسها شتايندل ‪ Steindl‬الذي قصد‬ ‫ّ‬ ‫البطريرك حبيش وأراد تغيير الحماية‪ ،‬فرفض البطريرك‪ .‬ولكنه مورس‬ ‫نوع من الحماية في مناسبات صعبة وحرجة كما في نظام إثبات‬ ‫فعليا ٌ‬ ‫ً‬ ‫المتصرفية وفي مشاكل‬ ‫نظام‬ ‫إثبات‬ ‫وفي‬ ‫(‪)18٤0‬‬ ‫وتعديالته‬ ‫القائمقاميتين‬ ‫ّ‬ ‫الهجرة وفي المعاريض عند تجديد والية المتصرف ورغبة اللبنانيين في‬ ‫مظفر باشا (شباط – تموز‬ ‫ذلك أو رفضهم‪ .‬وكان حصل ذلك على عهد‬ ‫ّ‬ ‫‪ )1902‬حين تم توقيع ‪ 94‬عريضة جابت كل لبنان وحملت تواقيع وأختام‬ ‫االختيارية ولم يكن للرأْ ي العام تعبير صارم للمعارضة غير ذلك‬ ‫الهيئات‬ ‫ّ‬ ‫مظفر باشا وكان بين‬ ‫والعربية)‪ .‬ولكن توفي‬ ‫بالفرنسية‬ ‫(كتابة معاريض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعارضين إلى جانب اإلكليروس‪ :‬األمير شكيب أرسالن صاحب العبارة‬ ‫وإجالال للموت ال للميت‪ .‬ورغم‬ ‫ً‬ ‫احتراما‬ ‫الشهيرة‪ :‬نمسك عن الكتابة‬ ‫ً‬ ‫إرادة اللبنانيين عين متصرفً ا يوسف فرنكو باشا ابن المتصرف الثاني‪،‬‬ ‫تعسفيا‪.‬‬ ‫فجاء تعيينه‬ ‫ًّ‬

‫إحصاءات لجبل لبنان الجنوبي (‪ ١٥‬ايار ‪)١٨٤٤‬‬

‫رحالة (مثل المونسينيور‬ ‫وعدا الحماية‬ ‫الدينية النمساوية زار لبنان ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومربيا في القصر األمبرطوري‪ ،‬جاء إلى لبنان وكتب‬ ‫وصيا‬ ‫ميسالن وكان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عن رحلته باأللمانية ُوترجمت إلــى اللغة الفرنسية‪ ،‬وفــي الخمسينات‬ ‫ترجمت إلى العربية)‪ ،‬وبعض أولياء العهد (‪ 1855‬و‪.)1896‬‬ ‫القناة الرابعة‪:‬‬ ‫جغرافيا ومجرى الدانوب‬ ‫هي القناة االقتصادية‪ .‬فموقع النمسا‬ ‫ً‬ ‫خاصا‬ ‫أسطوال‬ ‫ً‬ ‫حوال وجهتها نحو الشرق‪ .‬ابتنت االمبرطورة ماريا تريزا‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫البحرية وأسست سنة ‪ 1729‬شركة‬ ‫للمالحة‬ ‫قاعدة‬ ‫ترياستا‬ ‫من‬ ‫وجعلت‬ ‫ّ‬


‫األب د‪ .‬كرم رزق‬

‫القناة الخامسة‪:‬‬ ‫والرحالة ازدهــر مع الحماية‬ ‫هي قناة اإلستشراق‪ .‬وأدب الترحال‬ ‫ّ‬ ‫الدينية‪ ،‬وهو منهج يشرف على مقاربة علمية لحضارة الشرق القديمة‬ ‫ّ‬ ‫وإلماما بتاريخ شعوب‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الشرقي‬ ‫اللغات‬ ‫في‬ ‫رة‬ ‫متجذّ‬ ‫معرفة‬ ‫ويفترض‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مهما ما قدمه االستشراق على الصعيد العلمي واإلنساني‪،‬‬ ‫المنطقة‪ .‬وكان ً‬ ‫وم ــا ص ــدر فــي م ـجــات متخصصة فــي ال ــدراس ــات الـعــربـيــة والـتــركـيــة‬ ‫واليونانية‪ ،‬وفي تطوير هذه الحقول مع اختصاصيين كبار‬ ‫والبيزنطية‬ ‫ّ‬ ‫مثلك هامر بورشتال ‪ Hammer-Purgstall‬وهو كان في بداية القرن التاسع‬ ‫ودبلوماسيا‪ ،‬وال تزال منظمة على اسمه اليوم تنشر التراث‬ ‫مترجما‬ ‫عشر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المشرقي من سرياني وبيزنطي وتركي‪ ،‬وكذلك دوتيستا ‪ de Testa‬ولويس‬ ‫موزيل (‪ Musil‬دعي موسى الروالي) وثالثتهم كانوا في عصر واحد وعملوا‬

‫لبنان في األرشيف النمساوي‬

‫‪266‬‬

‫المشرق‪ ،)compagnie du levant( ‬حتى تخدم خط ترايست – سالونيك‬ ‫القسطنطينية (اسطنبول)‪ ،‬وتتفادى‬ ‫مدن األمبراطورية العثمانية‪ ،‬وخاصة‬ ‫ّ‬ ‫ح ـصــارات نابليون لـلـقــارة األوروب ـ ّـي ــة‪ .‬وبـعــد تأسيس اإلت ـحــاد الجمركي‬ ‫(‪ )zollverein‬في أوروبا انعزلت عنه النمسا‪ ،‬فتوجهت أكثر نحو الشرق‪.‬‬ ‫وحدث مترنيخ األسطول البحري وجعل محركاته على البخار‪ ،‬ومنه ولدت‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية في‬ ‫فتمكنت النمسا من السيطرة على األســواق‬ ‫ّ‬ ‫شركة ‪‬لُ ويد‪‬‬ ‫ّ‬ ‫والبريطانية‪ .‬وساعد على‬ ‫ة‬ ‫الفرنسي‬ ‫المنافسة‬ ‫رغم‬ ‫عشر‬ ‫القرن التاسع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تجاريا‪ :‬تجديد صناعتها وجودتها واستثمار متموليين‬ ‫تحصين موقع النمسا‬ ‫ً‬ ‫نمساويين كبار (مثل روتشيلد) أموالهم في الشرق األوسط‪ .‬كل ذلك زاد‬ ‫والقبعات‬ ‫النمساوية كالساعات والخزائن والمحارم‬ ‫الطلب على السلع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنتوجات صناعة‬ ‫ـذه‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ونافست‬ ‫أنواعها‪،‬‬ ‫على‬ ‫واألقمشة‬ ‫والطرابيش‬ ‫ُ‬ ‫الحرير التي كانت تشكل المدخول الرئيسي لألديرة واألهالي‪ .‬كما كان‬ ‫طلب على العملة النمساوية السيما التالر (عرف الـ ‪ Thaler‬بـ‪‬أبو الطير‪،‬‬ ‫متداو ًال في بلدان الخليج‬ ‫ألن عليه رسم نسر‪ ،‬وحتى زمن متأخر كان التالر‬ ‫َ‬ ‫كأثر ذي قيمة)‪ .‬واعترضت فرنسا على هذه اإلنجازات التجارية فصرح‬ ‫مترنيخ‪ :‬نكتفي بالضروري ونريد أن نتعامل بالمثل‪ ،‬بينما الفرنسيون‬ ‫دائما‪ ،‬ومن يطلب المزيد ال يحصل ّإال على القليل‪ .‬وكان‬ ‫يريدون المزيد ً‬ ‫متعادال بينما كان‬ ‫ً‬ ‫العثمانية‬ ‫واألمبراطورية‬ ‫معدل ميزان التجارة بين النمسا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يميل إلى إنكلترا وفرنسا‪ .‬وهكذا تفوقت النمسا على سائر الدول بتعاملها‬ ‫مع العالم العربي في مرونة شركاتها الصغيرة‪ ،‬وفي اتباعها سياسة الحياد‬ ‫المحقة‪.‬‬ ‫اإليجابي‪ ،‬ومساندتها للقضايا العربية‬ ‫ّ‬

‫في تلك المرحلة وكان لهم فضل إرسال بعثات عربية للتخصص والدراسة‬ ‫(نحو ‪ 200‬عربي من الشرق األوسط قبل الحرب العالمية األولى ذهبوا‬ ‫إلى النمسا للتخصص والدراسة)‪ .‬وبين من ساهموا في اإلستشراق‪ :‬ابن‬ ‫بشري الخوري أنطون عريضه (‪ )1820 – 1736‬أستاذ اللغة العربية وآدابها‬ ‫ّ‬ ‫في فيينا‪ ،‬خريج المدرسة المارونية في روما وكان في ديوان األمير يوسف‬ ‫شهاب‪ ،‬لكنه عند انتقال الحكم إلى األمير بشير الثاني لجأ إلى حلب‪ .‬وهو‬ ‫شارك في مجلة ‪‬مخزن الكنوز المشرقية ومعدن الرموز األجنبية‪ ،‬أول‬ ‫مجلة في فيينا لألمور الحقوقية وآداب عربية‪ ،‬تخرج عليه مستشرقون‬ ‫ـضــا مستشرقً ا‬ ‫نمساويين‪ ،‬وع ــاد إلــى لبنان سنة ‪ .1814‬وهـنــا أذك ــر أيـ ً‬ ‫حديثً ا‪ :‬بريشا فوتييه ‪ Breycha-Vauthier‬وكــان سفير النمسا في لبنان‬ ‫(‪ )1969 – 1964‬وساهم في توثيق العالقات النمساوية اللبنانية ووضع‬ ‫كتابا وكان عميد األكاديمية الدبلوماسية‪.‬‬ ‫عنها ً‬ ‫ختاما‪ ،‬إن لم يكن بين فيينا عروس الدانوب األزرق (احتفلت سنة ‪1996‬‬ ‫ً‬ ‫بمرور ‪ 1000‬عام على بزوغ اسم النمسا التاريخي) وبين بيروت (عروس‬ ‫أي تاريخ مشترك فثمة رسالة مشتركة‪:‬‬ ‫المتوسط الشرقي ّ‬ ‫وأم الشرائع) ُّ‬ ‫مركز لقاء وحوار وتفاعل بين الحضارات المتعددة‪ .‬من هنا أهمية إحياء‬ ‫التمثيل الديبلوماسي بين لبنان والنمسا منذ ‪ ،1955‬وإحياء جمعية الصداقة‬ ‫اللبنانية النمساوية‪ ،‬واستعادة التبادل الثقافي واالقتصادي بين البلدين‪.‬‬ ‫على أمل أن تعمل الدولة اللبنانية على إحياء تراثنا واالهتمام به على‬ ‫غرار ما يقوم به ‪‬مركز التراث اللبناني‪.‬‬

‫‪267‬‬


‫لبنان في األرشيف الدولي‬

‫لبنان في وثائق األرشيف األميركي‬

‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫أستاذ تاريخ لبنان المعاصر في الجامعة اللبنانية‬

‫مدخل‬

‫أضواء على وثائق األرشيف األميركي ‪1959 - 1835‬‬

‫وثائق األرشيف األميركي التي ّ‬ ‫ميكروفيلما) ليست‬ ‫لعت عليها (‪91‬‬ ‫اط ُ‬ ‫ً‬ ‫على درجة واحدة من التنوع والغنى‪ .‬وهي تشمل‪:‬‬ ‫‪• M 188: Dispatches from United States Consuls in Aleppo. Roll 1,‬‬ ‫‪1835 – 1840‬‬

‫‪T 367: Dispatches from United States Consuls in Beirut. The‬‬

‫ •‬

‫‪M 722: American National Archives, Lebanon, 17 Reels, 1910 – 1929‬‬

‫ •‬

‫‪American National Archives. 23 Reels, 1836 – 1906‬‬

‫‪T 1178: American National Archives, Lebanon, 5 Reels ,1930 – 1944‬‬ ‫‪M 604: Minutes of Meetings of The National Security Council‬‬ ‫‪with Special Advisory Reports. Central Intelligence Agency,‬‬

‫ •‬ ‫ •‬

‫‪3 reels, 1945 – 1951.‬‬ ‫‪M – 632: Documents of the National Security Council, 5 Reels,‬‬

‫ •‬

‫ ‪M 657: CIA Research Reports: The Middle east 1946‬‬ ‫ –‬ ‫‪1976,‬‬

‫ •‬

‫‪M 792: Confidential United States – State Department – Central‬‬

‫ •‬

‫‪1948 – 1951.‬‬

‫‪3 Reels.‬‬

‫‪Files, – 5 Reels ,1945 – 1949.‬‬

‫‪269‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫بدعوة مزدوجة من جامعة جورجتاون (واشنطن) ومؤسسة فولبرايت‬ ‫فــي النصف اآلخــر مــن ‪ ،1995‬أتيحت لي – طيلة ستة أشهر – فرصة‬ ‫ميكروفيلما‬ ‫االطالع على وثائق من األرشيف األميركي (محفوظة على ‪91‬‬ ‫ً‬ ‫مجلدا‬ ‫تغطي الفترة بين ‪ 1835‬و‪ )1959‬جمعت عنها نحو سبعة عشر‬ ‫ً‬ ‫وخصوصا حول دولة لبنان بحدوده‬ ‫من الوثائق األصلية حول بالد الشام‬ ‫ً‬ ‫الراهنة‪ّ ،‬‬ ‫لعت على القسم األكبر من وثائق عن لبنان في أرشيف جامعة‬ ‫واط ُ‬ ‫جورجتاون ووثائق الكونغرس األميركي وأطــروحــات أكاديمية حول هذا‬ ‫الموضوع تناولت جميعها لمحة شاملة عن تطور األوضاع في بالد الشام‬ ‫منذ السنوات األولى لقيام الدوائر القنصلية في هذه المنطقة حتى نهاية‬ ‫ثورة ‪ 1958‬في لبنان‪.‬‬ ‫وبما زودتني إدارة الجامعة اللبنانية من مبلغ زهيد‪ ،‬حملت معي ‪22‬‬ ‫ميكروفيلما من وثائق األرشـيــف األميركي حــول الحقبة من ‪1945‬حتى‬ ‫ً‬ ‫‪ ،1959‬أودعتها الفرع األول من كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية في الجامعة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬في انتظار َمن يستفيد منها بالتفصيل ألن اإلفادة منها ما زالت‬ ‫محدودة رغم مرور سنوات على وجودها في متناول الباحثين والطالب في‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫تلك الوثائق تضمنت تقارير عامة كثيرة تناولت تطور األوضــاع في‬ ‫وثقافيا‪ ،‬وتقارير‬ ‫وتربويا‬ ‫واجتماعيا‬ ‫واقتصاديا‬ ‫سياسيا‬ ‫منطقة بالد الشام‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معمق مقرون بالسيرة الذاتية لشخصيات لبنانية‬ ‫سرية ً‬ ‫جدا ذات تحليل ّ‬ ‫وعربية بارزة‪.‬‬ ‫وإلــى كل تلك‪ ،‬ثمة أطروحات أكاديمية كثيرة غير منشورة استندت‬ ‫أساسا إلى وثائق األرشيف األميركي حول لبنان‪ ،‬وضعها باحثون أميركيون‬ ‫ً‬ ‫وأوروبيون‪ ،‬وباحثون لبنانيون قلة بينهم المؤرخ الدكتور عباس أبو صالح‬ ‫واضع كتاب ‪‬األزمة اللبنانية عام ‪ 1958‬في ضوء وثائق يكشف عنها ألول‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪1959 – 1835‬‬

‫مرة‪ ،‬صدر في بيروت عام ‪ 1998‬وتضمن وثائق محدودة إنما مفيدة من‬ ‫األرشيف البريطاني واألرشيف األميركي وأرشيف األمم المتحدة‪ ،‬ونشر‬ ‫صورا مهمة لبعض تلك الوثائق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫رت وثائق‬ ‫صو ُ‬ ‫إزاء الكلفة الباهظة القتناء تلك التقارير على ميكروفيلم‪ّ ،‬‬ ‫بعد اإلفادة‬ ‫مهمة في فترات متقطعة وجمعتها في ‪17‬‬ ‫مجلدا لم ُتـ َـتــح لي ُ‬ ‫ً‬ ‫منها كما أرغــب‪ ،‬النشغالي في دراســات علمية أخرى وألن ما جمعته ال‬ ‫يغطي سوى مساحة محدودة من وثائق األرشيف األميركي الوفيرة‪ .‬لذا‬ ‫يشكلون فريق عمل‬ ‫حافزا لباحثين لبنانيين ّ‬ ‫أتمنى أن تشكل دراستي هذه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ناشطا يستكمل وثائق هذا األرشيف الغنية جـ ًـدا‪ ،‬ويفيد منها لتصويب‬ ‫خصوصا في‬ ‫حقائق ومعطيات كثيرة حول تاريخ لبنان الحديث والمعاصر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫النصف اآلخر من القرن العشرين‪.‬‬


‫‪M 793: International Foreign Affairs , 13 reels, 1950 – 1954.‬‬

‫‪Files – 16 reels 1955 – 1959.‬‬

‫ •‬

‫زمنيا إلى ثالث‬ ‫رغم التنوع في مواضيع هذه الوثائق‪ ،‬يمكن تقسيمها ً‬ ‫مراحل متميزة‪.‬‬ ‫طوعا عن المشرق العربي‬ ‫المرحلة األولى‪ :‬وثائق عزلة أميركا‬ ‫ً‬ ‫‪1914 – 1835‬‬

‫‪270‬‬ ‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫‪M 188: Dispatches from United States Consuls in Aleppo. Roll 1,‬‬

‫‪1835 – 1840‬‬

‫جدا كتبها القناصل األميركيون أو‬ ‫في هذا الميكروفيلم تقارير مختصرة ً‬ ‫مندوبوهم في السنوات األولى لعملهم وهي ليست مبوبة وال َّ‬ ‫منظمة بشكل‬ ‫جيد‪ ،‬أولُّ ها تقرير في ‪ 25‬آب ‪ ،1835‬باللغة الفرنسية فقط وبخط اليد‪.‬‬ ‫علي قراءة التقارير ألن تصويرها غير واضح‪ .‬اهتمامها األساسي‬ ‫ُ‬ ‫صع َبت ّ‬ ‫قضايا تجارية بالدرجة األولى‪ ،‬وسرد أعمال القنصليات ونفقاتها‪ ،‬وأسعار‬ ‫العمالت‪ ،‬والمكاييل واألوزان والمقاييس‪ ،‬وإشــارات وصفية إلى عادات‬ ‫وتقاليد سائدة في بالد الشام مدنً ا وأريافً ا‪.‬‬ ‫‪T 367: Dispatches from United States Consuls in Beirut. The‬‬

‫‪American National Archives. 23 Reels, 1836 – 1906‬‬

‫جدا‪ ،‬دون‬ ‫في هذه المجموعة الواسعة من الميكروفيلم تقارير مهمة ً‬ ‫تفصيال بالجغرافية واالقتصادية والسكانية‬ ‫اهتمام بالجوانب السياسية بل‬ ‫ً‬ ‫واضحا‪ ،‬من تقارير مفصلة‪،‬‬ ‫بدا‬ ‫عشر‬ ‫التاسع‬ ‫والتربوية‪ .‬ومنذ أواخر القرن‬ ‫ً‬ ‫اهتمام الواليات المتحدة بنفط هذه المنطقة‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ـثبت وجــود تقارير سابقة لكنها لم ُتعد‬ ‫‪2.2‬أول تقرير محفوظ‬ ‫ً‬ ‫جيدا ُيـ ُ‬ ‫ومرسل من حلب في ‪ 25‬آب ‪ 1835‬وفيه‬ ‫موجودة‪ .‬وهو مكتوب بالفرنسية‬ ‫َ‬ ‫مجامالت عامة‪ ،‬مع أن وثائق األرشيف ُتـثبت وجود قنصل عام في طرابلس‬ ‫هو أنطونيوس يني منذ ‪.1833‬‬

‫‪271‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫وثائق محدودة لوجود قناصل أميركيين في بعض مدن بالد الشام فقط‪،‬‬ ‫حين لم تكن لهم هواجس حقيقية لالطالع على أوضــاع المنطقة وتقديم‬ ‫تقارير يومية أو دورية إلى إداراتهم (كما سائر قناصل الدول الكبرى ذات‬ ‫الحضور الفاعل في بالد الشام كقناصل فرنسا وبريطانيا وروسيا)‪ .‬لذا‬ ‫جاءت تقارير تلك المرحلة متباعدة وغير دقيقة‪ .‬وربما توجد تقارير إضافية‬ ‫حول تلك المرحلة لم أستطع االطالع عليها لضيق الوقت أو لوجودها في‬ ‫مراكز أخرى‪.‬‬ ‫ميكروفيلما للسنوات ‪ ،1906 – 1835‬منها‪:‬‬ ‫راجعت ‪24‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪C 51: Confidential United States – State Department – Central‬‬

‫ •‬

‫المصورتين في ميكروفيلم ال تشي‬ ‫تقارير هاتين المجموعتين أعاله‬ ‫َّ‬ ‫استنادا إلى منهجية توثيقية واحدة‪ .‬فهي كشكول‬ ‫بأنها ُج ِمعت أو ُص ِّورت‬ ‫ً‬ ‫يضم مواضيع ووثائق مكتوبة ِبلُ غات عدة‪ ،‬كأنما هدف تصويرها مجرد‬ ‫الحفاظ عليها من التلف والضياع‪ .‬لــذا يصعب على الباحث الحصول‬ ‫ف لالطالع على محتويات‬ ‫منها على وثيقة معينة إن لم يكن لديه وقت كا ٍ‬ ‫ميكروأفالم مراكز القنصليات األميركية في بالد الشام‪.‬‬ ‫في النصف الثاني من القرن التاسع عشر توسعت أعمال الدوائر‬ ‫القنصلية وبدأ القناصل األميركيون ومساعدوهم يرسلون تقارير أكثر دقة‪،‬‬ ‫منها تقارير خاصة بالمقاطعات اللبنانية‪.‬‬ ‫وألن وثائق تلك المرحلة متباعدة (أحيانً ا لسنوات طويلة) ثمة رسائل‬ ‫ال أجوبة عنها‪ ،‬أو أجوبة عن رسائل فقدت أصولها‪ ،‬وجــداول مأخوذة‬ ‫من تقارير كانت مرفقة بها‪ .‬وفي تقارير نــواب القناصل األميركيين أو‬ ‫مساعديهم‪ ،‬في مدن بالد الشام وقصباتها‪ ،‬وثائق كثيرة بالعربية لم يبق‬ ‫لها أثر في األرشيف‪ ،‬ربما تلفت أو أُ تلفت قبل التصوير‪ .‬وحتى ‪ 1899‬كانت‬ ‫تقارير تكتب باليد وتصعب قراءتها بسبب جفاف حبرها‪ .‬ورغم أحداث‬ ‫فترتتذ‪ ،‬كان االهتمام األميركي بشؤون منطقة‬ ‫كبيرة عصفت ببالد الشام‬ ‫ٍ‬ ‫واضحا في تقارير معمقة ترصد‬ ‫بالد الشام يختفي سنوات طويل ًة ثم يعود‬ ‫ً‬ ‫ت مرتقبة‪ .‬وال بد من جهد توثيقي لفريق ِّ‬ ‫موثقين لبنانيين محترفين‬ ‫تغيرا ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫يرسم لوحة شاملة لـمحتويات مراكز األرشيف األميركي وإعــادة تبويب‬ ‫عموما وتاريخ المقاطعات اللبنانية‬ ‫الوثائق الخاصة بتاريخ بالد الشام‬ ‫ً‬ ‫بشكل خاص‪.‬‬ ‫كانت التقارير األميركية تصدر من مدن بالد الشام‪ :‬حلب‪ ،‬دمشق‪،‬‬ ‫طــراب ـلــس‪ ،‬الــق ــدس‪ ،‬بـ ـ ـيــروت‪ ،‬ص ـيــدا‪ ،‬حـيـفــا‪ ،‬ع ـكــا‪ُ ،‬ص ـ ـ ْـور‪ ،‬الــاذق ـيــة‪،‬‬ ‫االسكندرونة‪ ،‬ترسيس‪ ،‬أضنه‪ ،‬مرعش‪ ،‬عينتاب وغيرها‪.‬‬ ‫خرجت بثالث‬ ‫ومن مراجعتي التقارير المنشورة بين ‪ 1837‬و‪،1859‬‬ ‫ُ‬ ‫مالحظات أساسية‪:‬‬ ‫‪1.1‬غالبية تلك التقارير كتبت باليد وبأشكال مختلفة من الخطوط المألوفة‬ ‫فترتئذ‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫‪272‬‬ ‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫‪Consulat des Etats-Unis à Alep, Le 20 novembre 1837‬‬

‫)‪(signé Le consul A. Durighello‬‬ ‫‪Sources: Dispaches from United States Consul in Aleppo‬‬ ‫‪1835 – 1840, Roll I, M. 188, August 25, 1835 – August 16, 1840.‬‬ ‫‪The National Archives and Records Service, General Services‬‬ ‫‪Administration, Washington, 1958.‬‬

‫فترتئذ‪،‬‬ ‫في هــذا التقرير معلومات تفصيلية مهمة عن واليــة حلب‬ ‫ٍ‬ ‫ووصفها ‪‬أجمل مدن بالد الشام‪ ،‬وذات موقع ممتاز في التبادل التجاري‬ ‫مع الواليات المجاورة‪ ،‬في طليعة إنتاجها االقتصادي الحبوب والزيت‬ ‫والتبغ والقطن والحرير والصوف والفستق الحلبي‪ ،‬وهي مدينة صناعية‬ ‫تنتج النسيج والموسلين والثياب الحريرية والقطنية البالغة الجودة‪ .‬وتعطي‬

‫‪273‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫وللمثال فقط‪ ،‬حلّ لت مضمون تقرير مرسل من حلب في ‪ 20‬تشرين‬ ‫الثاني ‪ 1837‬مكتوب بالفرنسية فقط‪ ،‬ومضمون تقرير مرسل من بيروت‬ ‫في ‪ 11‬آب ‪ 1858‬مكتوب باإلنكليزية فقط‪ ،‬ومضمون تقرير ثالث مرسل‬ ‫من طرابلس في ‪ 21‬أيلول ‪( 1859‬ورد خطأ ‪ 31‬أيلول) مكتوب باإلنكليزية‬ ‫مع ترجمة مقابلة بالعربية على الصفحات نفسها‪ .‬وألن في التقارير الثالثة‬ ‫بت النص‬ ‫مترجمة‬ ‫كلمات غير مقروءة بوضوح‪ ،‬وأخرى‬ ‫ٍ‬ ‫صو ُ‬ ‫َ‬ ‫بعربية ركيكة‪ّ ،‬‬ ‫بكلمات واضحة َحـ َّـد الكلمات األصلية التي حافظت عليها‪ ،‬مع أن الكلمات‬ ‫الصعبة القراءة ال تغير في مضمون التقارير الثالثة ذات المادة الغنية‬ ‫تعزز‬ ‫التي‪ ،‬بعد مقارنتها بوثائق محلية وأجنبية من مصادر أرشيف أخرى‪ّ ،‬‬ ‫الدراسات التاريخية حول األوضاع االقتصادية واالجتماعية في بالد الشام‬ ‫في العقدين الخامس والسادس من القرن التاسع عشر‪ ،‬مع أن التقارير‬ ‫رب ُك عند عدم قراءتها ومعرفة مضمونها بدقة‪ .‬لكن تلك‬ ‫المخطوطة ُت ِ‬ ‫المخطوطة‪ ،‬مع السنوات األخيرة من القرن التاسع عشر‪ ،‬أخذت تتناقص‬ ‫تباعا لصالح التقارير المطبوعة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ماذا في تلك التقارير الثالثة؟‬ ‫التقرير األول‪ :‬في ‪ 20‬تشرين الثاني ‪ 1837‬من القنصل األميركي‬ ‫في حلب ألفونس دوريجالو ‪ 20 ،Alphonse Durighello‬صفحة بالفرنسية‬ ‫وبخط اليد‪ .‬حمل عنوان‪:‬‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪3.3‬التقارير الالحقة مكتوبة باليد وباالنكليزية فقط‪ ،‬تقابلها أحيانً ا ترجمات‬ ‫معا بين‬ ‫ٍ‬ ‫بعربية ركيكة‪ ،‬ما يــدل على غياب َمــن يتقن العربية واإلنكليزية ً‬ ‫مترجمي القناصل الذين ربما كانوا هم يترجمون التقارير أو مساعدوهم‪.‬‬


‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪274‬‬

‫‪275‬‬

‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫حلب اسمها للقطن الحلبي الجيد النوعية والمشهور على مستوى الوالية‬ ‫عهدئذ كان نحو‬ ‫كلها‪ .‬وفي إحصاءات تلك المرحلة أن عدد سكان حلب‬ ‫ٍ‬ ‫ألفا من المسيحيين‬ ‫‪ 60‬ألف نسمة‪ ،‬ثلثاهم‬ ‫تقريبا من المسلمين ونحو ‪ً 16‬‬ ‫ً‬ ‫واليهود‪ ،‬تليها في األهمية إنطاكية‪ ،‬وموردها األساسي الحرير الذي تنتج‬ ‫(خصوصا‬ ‫سنويا بين ‪ 220‬إلــى ‪ 250‬كنتاال‪ .‬وفــي المدن المجاورة‬ ‫منه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫في عينتاب) تنتشر صناعة الجلود لالستهالك المحلي‪ .‬وفي التقرير أن‬ ‫الالذقية واالسكندرون ميناءان بحريان لوالية حلب‪ ،‬تتم عبرهما معظم‬ ‫المبادالت التجارية مع الخارج‪ ،‬بتصدير جوز الطيب والقطن والصوف‬ ‫والحرير والشمع األصفر واألواني النحاسية القديمة وشعر الماعز وجلد‬ ‫تجاريا مع فرنسا وبريطانيا وإيطاليا‪ .‬كما‬ ‫تبادال‬ ‫ً‬ ‫األرانب والمواد الطبية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نشطت تجارة الذهب والفضة بكميات كبيرة حتى اضطرت الحكومة إلى‬ ‫اتخاذ تدابير صارمة للحد منها بعد أن باتت تهدد موارد البالد باالستنزاف‪.‬‬ ‫كانت فرنسا تستورد األقمشة والحرائر المطرزة والموشاة بالذهب‬ ‫أيضا ليفورنو وجنوى وتريستا إضافة إلى‬ ‫وورق الكتابة وغيرها‪ ،‬تستوردها ً‬ ‫المصنعة‪ .‬وأكد التقرير على أن التجارة الداخلية كلها بأيدي‬ ‫المواد القطنية‬ ‫َّ‬ ‫تجار محليين‪ ،‬وكان تجار بغداد يمولون قوافل التجارة بين حلب والداخل‬ ‫العراقي‪ ،‬بين ‪ 200‬و‪ 300‬جمل للقافلة الواحدة‪ ،‬وقد ينخفض العدد إلى‬ ‫‪ 1200‬و‪ 1500‬جمل طوال العام بسبب تعديات البدو على القوافل التجارية‪.‬‬ ‫أيضا أن القوافل كانت تنقل التنباك اإليراني وجوز الطيب‬ ‫وفي التقرير ً‬ ‫وجلد الجاموس ومــواد الصباغ والحرير الفارسي ُوبـ ّـن َمـخا (نسبة إلى‬ ‫الميناء اليمني المشهور) ومواد طبية من جميع األصناف‪ ،‬وتعود القافلة‬ ‫مصنعة‪ .‬وكانت قافلة الحجاج السنوية من اإليرانيين‬ ‫محملة بمواد أوروبية‬ ‫ّ‬ ‫في عيد األضحى تجلب معها الثياب المصنوعة من الكشمير والحرائر‬ ‫واألحجار الكريمة‪ .‬وازدهرت التجارة بين بغداد ودمشق في السلع ذاتها‪.‬‬ ‫على الجانب العراقي‪ ،‬إلى تجارة بغداد‪ ،‬كانت تنشط مدن الموصل‬ ‫وماردين وديار بكر وأورفا‪ ،‬تنقل منها القوافل جوز الطيب وشعر الماعز‬ ‫والقطن األبيض ويعاد تصدير قسم كبير من هذه السلع إلى أوروبا‪.‬‬ ‫على الجانب المصري تكاد العالقات التجارية تنحصر بين القاهرة‬ ‫والخ َضر‬ ‫وعبر موانئ دمياط واإلسكندرية‪ ،‬وتحمل معها األرز المصري‬ ‫ُ‬ ‫والح ّنة وجلد الجاموس‪ ،‬وتعود محملة بتبغ الالذقية (تبغ ‪‬أبو ريحة‪،)‬‬ ‫ِ‬ ‫وفي التقرير أن بالد الهند وفارس وجورجيا وبحر قزوين لم تكن تقيم‬ ‫عالقات تجارية مباشرة مع والية حلب‪ ،‬وأن تجارة الهند وبالد فارس‬ ‫كانت ترتبط مباشرة بميناء البصرة والقوافل إلى بغداد‪ ،‬فيما تجارة‬

‫جورجيا ومناطق بحر قزوين ترتبط مباشرة بالموانئ المصرية‪ .‬كانت‬ ‫القوافل التجارية تنقل إنتاج حلب إلى اآلستانة وإزمير وتعود محملة‬ ‫بالسلع األوروب ـيــة وم ــواد منتجة فــي أضنه وطــرســوس‪ ،‬خاصة القطن‬ ‫والصوف والشمع األصفر والنحاسيات القديمة‪ ،‬ويعاد تصديرها إلى‬ ‫أوروبا‪ .‬وكان التجار المحليون وسطاء معظم مدن المنطقة لصالح تجار‬ ‫حلب‪ .‬وأقيمت عــاقــات تجارية مباشرة بين ميناء الــاذقـيــة وجزيرة‬ ‫قبرص‪ .‬ويعتبر القطن المغزول أهم إنتاج والية حلب (حجمه عن ‪2500‬‬ ‫سنويا)‪ .‬وكان اإلنكليز ينافسون األميركيين في تجارة هذه السلعة‬ ‫بالة‬ ‫ً‬ ‫المهمة‪ ،‬وينصح القنصل بالمنافسة في هذه السلعة المتوفرة بكثرة ال‬ ‫في مناطق سوريا وحدها بل في جميع مناطق المشرق العربي‪ ،‬فلم تكن‬ ‫فرنسا وألمانيا وإيطاليا تصنع القطن إال لالستهالك المحلي‪ .‬وكانت‬ ‫بريطانيا الدولة الوحيدة التي تمتلك آالت حديثة ومتطورة تمكنها من‬ ‫منافسة دولية الحتكار هذه السلعة المربحة وتحاول احتكار القطن الخام‬ ‫في أي مكان تستطيع السيطرة عليه‪.‬‬ ‫كانت الضرائب المجباة على القطن في والية حلب تتراوح بين ‪3‬‬ ‫و‪ %10‬للمواد الفاخرة وتصل إلى ‪ %18‬لمواد كثيرة االستهالك كالسكر‬ ‫والفلفل وجوز الطيب ومواد الصباغة‪ .‬ويدفع عن السلع ضريبة جمارك‬ ‫استنادا إلى النظم التجارية الصادرة‬ ‫بنسبة ‪ %3‬مرة واحدة عند الدخول‬ ‫ً‬ ‫والمطبقة في واليــات السلطنة‪ .‬ومــع أن روسيا آنــذاك‬ ‫في اآلستانة‬ ‫َّ‬ ‫ـاويــا مــع سائر ال ــدول في‬ ‫تعامل تـسـ ً‬ ‫كانت البلد األكـثــر حـظــوة‪ ،‬كانت َ‬ ‫ضريبة الجمارك‪ ،‬والسلعة التي كانت تدفع ضريبة الجمرك مع إشعار‬ ‫بالدفع يمكن أن تنقل إلى أنحاء السلطنة وال تدفع ضريبة أخرى‪ .‬أما‬ ‫السلع غير المدرجة على الئحة التعريفات الجمركية فيتدفع الضريبة‬ ‫المقررة ‪ %3‬بما يعادل ‪ %20‬من قيمتها‪ .‬أما السلع الواردة من أوروبا أو‬ ‫الواليات المتحدة األميركية إلى مرفإ الالذقية لنقلها إلى حلب فكانت‬ ‫تدفع بين غــرش تركي واحــد إلــى أربعة غــروش عن البالة أو الطرد‪،‬‬ ‫بمثابة ضريبة ترانزيت غير موجودة في مرفأ اإلسكندرون وال في أي‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫مرفإ‬ ‫سوري َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وفي التقرير‪ :‬على كل قبطان سفينة أميركية ترسو في ميناء الالذقية‬ ‫تركيا رسم‬ ‫من الواليات المتحدة األميركية أو من أوروبا أن يدفع ‪ً 25‬‬ ‫غرشا ً‬ ‫دخول وخروج لستة أشهر‪ ،‬بينما قبطان سفينة من جنسية أخرى يدفع بين‬ ‫‪ 6‬إلى ‪ 8‬غروش فقط كرسم دخول وخروج‪ .‬أما ميناء االسكندرون فألنه‬ ‫أي سفينة أو تخرج منه وال تدفع ضريبة وال‬ ‫من صنع الطبيعة‪ ،‬تدخل إليه ُّ‬ ‫ضريبة دخول أو خروج في جميع موانئ والية حلب األخرى‪.‬‬


‫‪11, 1858. Roll 3, T. 367. The National Archives and Records Service,‬‬ ‫‪General Services Administration, Washington, 1958.‬‬

‫‪277‬‬

‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫في التقرير أن جميع المناطق السورية والفلسطينية‪ ،‬عــدا واليتي‬ ‫دمشق وحلب‪ ،‬كانت تتبع الحكم المصري في بيروت‪ .‬فباشا بيروت هو‬ ‫الحاكم العام على سوريا وفلسطين‪ ،‬ويأتي في المرتبة الثانية بعد السلطان‬ ‫تقدم لمحاكم بيروت‬ ‫العثماني والصدر األعظم‪ .‬وألن جميع الدعاوى كانت َّ‬ ‫وجميع القضايا المهمة تمر عبر القناصل العامين وحكام المقاطعات‪،‬‬ ‫تمركز قناصل الــدول الكبرى األربعة العامون للقوى العظمى في مدينة‬ ‫بيروت ليكونوا على مقربة من الحاكم العام‪ ،‬فسارع األميركيون إلى فتح‬ ‫قنصلية عامة لبالدهم في بيروت‪.‬‬ ‫وفي التقرير أن ‪‬البعثة الدبلوماسية في بيروت لن تبقى مجرد وجود‬ ‫قنصلي شكلي بل ستتحول قنصلية ذات صالحيات تامة‪ .‬وأثــار دهش َة‬ ‫ـزم الــواليــات المتحدة على تحويل القنصلية‬ ‫الحاكم العام في بيروت عـ ُ‬ ‫األمـيــركـيــة مــن مـجــرد قنصلية شكلية إل ــى قنصلية فــاعـلــة وف ــق تطور‬ ‫التقسيمات اإلداريــة والسياسية الجديدة في الواليات السورية‪ .‬وأبدى‬ ‫القنصل األميركي أسفه أن تبقى مصالح أمة عظيمة كالواليات المتحدة‬ ‫األميركية تحت رحمة بعثات دويالت أوروبية صغيرة مثل سردينيا وتوسكانا‬ ‫وبلجيكا وغيرها‪.‬‬ ‫رئيسيا للتجارة في جميع‬ ‫مركزا‬ ‫فترتئذ بدأت تتحول‬ ‫وكانت بيروت‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫األراضي السورية والفلسطينية‪ ،‬بمسلميها ومسيحييها‪ ،‬بأبنائها األصليين‬ ‫وبالوافدين للسكن فيها‪ .‬ومــن هــذا الــواقــع جعلت القنصلية األميركية‬ ‫تسميتها ‪‬قنصلية الواليات المتحدة األميركية في سوريا وفلسطين‪ .‬وإذ‬ ‫رئيسيا للبعثة التبشيرية األميركية‪ ،‬والبعثات الفرعية‬ ‫مركزا‬ ‫تحولت بيروت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المنتشرة في المراكز أو المدن الفرعية كانت تتبع مركز البعثة األساسي‬ ‫في القدس‪ ،‬كان المبشرون والملحقون بهم يرون القنصلية األميركية في‬ ‫لفض النزاعات‪ ،‬وتقديم المساعدات لهم كرعايا‬ ‫بيروت الجهة الصالحة‬ ‫ّ‬ ‫أميركيين‪ ،‬وحماية مصالحهم لدى الحاكم المصري العام‪.‬‬ ‫واستنادا إلــى مذكرة صــادرة عن وزارة الخارجية األميركية في ‪13‬‬ ‫ً‬ ‫تموز ‪ 1851‬إلى رئيس لجنة التجارة في مجلس الشيوخ األميركي‪ ،‬اقتنعت‬ ‫الخارجية األميركية بفتح القنصلية األميركية في بيروت لـ‪‬تطوير وحماية‬ ‫المصالح األميركية فــي ســوريــا‪ ‬على أن تكون للقنصل هيبة القنصل‬ ‫الروسي والقنصل اإلنكليزي وسائر القناصل المعتمدين في بيروت‪ .‬وجاء‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪276‬‬

‫ضريبة الجمارك (‪ )%3‬لم تكن مفروضة على سلع االستيراد أو التصدير‪،‬‬ ‫فكان أصحابها يدفعونها في المكان المخصص للبيع‪ .‬ولــم يكن قبطان‬ ‫يعرف عنه أحد‬ ‫ملزما بتقديم أوراق ثبوتية عند نزوله إلى البر بل ّ‬ ‫السفينة ً‬ ‫عمال القنصلية‪ .‬أما السفن الوافدة من بلدان موبوءة بأمراض معدية فتذهب‬ ‫إلى ‪‬الكرنتينا‪ ‬في مرفأ بيروت حيث مفرزة صحية ال يتم استقبالها في أي‬ ‫مرفأ آخر من المرافئ السورية‪ .‬وللمفرزة الصحية في بيروت صالحيات‬ ‫قوانين الصحة العامة وإجبارها على الحجر‬ ‫المخالفة‬ ‫السف ِن‬ ‫ِ‬ ‫كاملة لمالحقة ُ‬ ‫َ‬ ‫الصحي فيها‪ .‬أما قيمة الحجر الصحي فنصف بالمئة للسلع و‪ 10‬غروش‬ ‫للركاب وغرشان عن كل يوم حجر صحي‪ .‬وللسلطات الصحية أن تحدد مدة‬ ‫مكوث السفن واألشخاص في الحجر وموعد اإلبحار ووجهتها بعدذاك‪ .‬وفي‬ ‫التقرير كذلك ْذك ُر حمولة السفن وكيفية استحصال ترخيص للسلع المعدة‬ ‫للشحن‪ ،‬وضرورة احترام االتفاقيات الموقعة بين السلطنة العثمانية والدول‬ ‫األوروبية والواليات المتحدة‪ ،‬مع التشدد في مراقبة تهريب السالح أو شحنه‬ ‫وذكر التقرير اتفاقيات تجارية وقّ عتها السلطنة مع عدد من‬ ‫أو االتجار به‪َ .‬‬ ‫الدول وأعطت بعضها امتيازات خاصة بها لم تعطها لدول أخرى‪ ،‬وكانت‬ ‫تسمى الدول المحظية أو ذات االمتيازات‪.‬‬ ‫عند حصول نزاعات تجارية كانت تتشكل محاكم خاصة يشارك فيها‬ ‫القنصل أو من ينوب عنه للدفاع عن رعايا دولته‪ .‬ويورد التقرير الئحة بنسبة‬ ‫الموازين والمكاييل المعتمدة في والية حلب وما يقابلها في النظام األميركي‪،‬‬ ‫سلعا‬ ‫ووردت في التقرير سيطرة محمد علي باشا على بالد الشام واحتكاره ً‬ ‫كبيرا إلى مصر لتشغيل مصانع‬ ‫قسما ً‬ ‫تجارية كالقطن والحرير يرسل منهما ً‬ ‫الغزل والنسيج فيها‪ .‬لذا أبلغه القناصل األجانب قرارهم الجماعي بأن الدول‬ ‫الكبرى أقرت مبدأ حرية التجارة بموجب اتفاقية بالطا‪-‬ليمان ضد نظام‬ ‫االحتكار الذي أنشأه محمد علي في مصر وبالد الشام‪ .‬عندها أعطى الباشا‬ ‫تعليماته إلى مأموريه بإطالق حرية التجارة وتوقف االحتكار وبدأ شراء السلع‬ ‫وتهرب القنصل األميركي واضع التقرير من التعليق على‬ ‫تبعا ألسعار السوق‪ّ .‬‬ ‫ً‬ ‫مفضال عدم الدخول في هذا الموضوع الشائك‪ ،‬وربما‬ ‫األوضاع في مصر‬ ‫ً‬ ‫يفتقر إلى معلومات كافية عنه‪ ،‬فترك ذلك للقناصل األميركيين في مصر‬ ‫يقومون األوضاع االقتصادية فيها ومدى التزام باشا مصر بحرية التجارة‬ ‫ّ‬ ‫ذاكرا مصدرها‬ ‫الدولية‪ .‬وأشار في نهاية تقريره إلى أسعار سلع محلية‬ ‫ٍ‬ ‫فترتئذ ً‬ ‫اإلنكليزي أو الفرنسي أو األميركي أو اإليطالي‪.‬‬ ‫التقرير الـثــانــي‪ :‬فــي ‪ 11‬آب ‪ 1858‬مــن قنصل الــواليــات المتحدة‬ ‫األميركية في بيروت – سورية أوغست جونسون ‪20 ،Augustus Johnson‬‬ ‫صفحة باإلنكليزية وبخط اليد‪.‬‬

‫‪Sources: Consulate of the United States In Beirut Syria, August‬‬


‫&‬

‫)‪(Syria‬‬

‫‪Tripoli‬‬

‫‪States,‬‬

‫‪United‬‬

‫‪the‬‬

‫‪of‬‬

‫‪Vice-Consulate‬‬ ‫‪Dependencies‬‬

‫‪Sources: Roll 3, T. 367 Beirut 1857 – 1861. The National Archives‬‬ ‫‪and Records Service, General Services Administration, Washington,‬‬ ‫‪1958.‬‬

‫‪279‬‬

‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫هنا معظم ما ورد من النص العربي في هذا التقرير المهم‪.‬‬ ‫‪‬طرابلس في ‪ 21‬أيلول ‪1859‬‬ ‫مــن فيس (نــائــب) قنسالتو الممالك المتحدة فــي طرابلس‬ ‫ومتعلقاتها‬ ‫إلى جناب أغسطوس جنسن المحترم‪ ،‬قنصل الممالك المتحدة‬ ‫في سوريا وفلسطين‪.‬‬ ‫سيدي‪ ،‬لي الشرف أن أخبركم بهذا التعريف السنوي عن أمور‬ ‫كثيرة قد كلفني قسما (قسم) منها إلى بحث وســؤال ليس بيسير‬ ‫وذلك لعدم وجود تقويمات عمومية في هذه البالد كما هو بال شك‬ ‫معلوم لديكم‪.‬‬ ‫عن تجارة هذه البلدة من نحو مدة سنتين قد أخذت في التأخير‬ ‫وأسبابه ال تستطيع أن تجدها في الخساير العظيمة المناسبة إلى‬ ‫الحال التي كابدتها (كابدها) تجارنا عند نهاية الحرب الروسي‬ ‫(الروسية) األخير (األخيرة)‪ ،‬وفي قلة النقود التالية التي جعلت‬ ‫على األغلب أن تتحول تجارتها إلى أياد أخرة (أخرى)‪.‬‬ ‫إن حكومتنا في مــدة السنة الماضية كانت ظاهرة التعرض‬ ‫(االنحياز) إلــى جهة اإلســام وكــان ال يوجد عندها إنصاف في‬ ‫فصل أي دعوة (دعوى) بين مسلم ومسيحي‪.‬‬ ‫أيضا بأنها باحتياج كلي إلى قوة والي وعزم التنفيذ‬ ‫وقد يبان ً‬ ‫اللذان ال نرا (نــرى) أثـ ًـرا لوجودهما إال فيما يتعلق بشرف ونفع‬ ‫الطيفة (الطائفة) اإلسالمية‪ .‬وأما خلع وقتل إسماعيل خير بك‪،‬‬ ‫مدير قضا (قضاء) صافيتا سابق (السابق) التابعة إلى طرابلس‪،‬‬ ‫لقد أرجع إليها الخلل الذي كان منفيا منها (غائبا عنها) مدة أربعة‬ ‫(أربــع) سنوات تحت حكومته‪ .‬لقد ورد إلى الكمرك (الجمرك)‬ ‫حديثً ا أوامــر جديدة في تبطيل (إبطال) بعض رسومات (رسوم)‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪278‬‬

‫في التقرير‪ :‬يترقى ممثل الواليات المتحدة في بيروت إلى رتبة القنصل‬ ‫العام الذي ال يزال في القدس رغم اقتراحات نقل مركزه إلى بيروت إذ ال‬ ‫أثق أنه من القدس يحمي المصالح األميركية في بيروت‪.‬‬ ‫طوال أشهر سبقت إعداد التقرير كان القنصل العام األميركي يقيم في‬ ‫يافا‪ ،‬وطلب من كاتب التقرير أعاله أن يكون نائب القنصل العام في بيروت‪.‬‬ ‫كان في فلسطين آنذاك أكثر من نائب قنصل‪ :‬في يافا والرملة وحيفا وعكا‬ ‫وصور وصيدا ووكالة في الناصرة‪ .‬وكانت تلك المراكز تتبع مباشر ًة باشا‬ ‫بيروت بينما حيفا والرملة تتبعانه بشكل غير مباشر عبر حاكم القدس‪.‬‬ ‫لذا أسف التقرير ّأال تكون القنصلية األميركية في بيروت على المستوى‬ ‫وأال تحظى باهتمام وزارة الخارجية األميركية بتحويلها قنصلية‬ ‫المطلوب‪ّ ،‬‬ ‫عامة‪ .‬وإذ َت َوقَّ ع أن تتطور بيروت بسرعة لتصبح المركز التجاري األول في‬ ‫وتاليا مصلح ُة الواليات المتحدة األميركية أن تعزز قنصليتها في‬ ‫سوريا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وخصوصا حاكم بيروت‪ ،‬يعاملونها‬ ‫بيروت فال يظل حكام الواليات السورية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كإحدى الــدول األوروبية الصغيرة‪ ،‬اقترح استبدال تسمية القنصلية من‬ ‫‪‬قنصلية الواليات المتحدة األميركية لسوريا وفلسطين‪ ‬إلى ‪‬قنصلية‬ ‫خاصا من‬ ‫الواليات المتحدة لبيروت وملحقاتها‪ .‬ولكن ذلك يتطلب ً‬ ‫قرارا ً‬ ‫الخارجية األميركية‪.‬‬ ‫وأشار التقرير إلى أن أرشيف القنصلية غير منظم‪ .‬فالقنصل السابق‬ ‫غــادر في ‪ 4‬نيسان ‪ 1857‬وتأخر وصــول القنصل الجديد حتى ‪ 22‬تموز‬ ‫وأم َل‬ ‫‪ ،1858‬وكانت غالبية الوثائق بالعربية وغير مترجمة إلى اإلنكليزية‪ِ .‬‬ ‫خصوصا وثائق القناصل السابقين‬ ‫القنصل الحفاظ على وثائق القنصلية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومراسالتهم الدبلوماسية‪ ،‬وضرورة ترجمة الوثائق األساسية من اإلنكليزية‬ ‫إلى العربية وبالعكس‪ ،‬ألن العربية حتى ذلك الحين كانت معتمدة في العمل‬ ‫القنصلي ولــدى السلطات المحلية‪ ،‬مع كل السلبيات الناجمة عن عدم‬ ‫ترجمتها إلى اإلنكليزية‪.‬‬ ‫وفي التقرير أن نفقات القنصلية تــزداد‪ ،‬وأن في التأقلم مع عادات‬ ‫إلحاحا إلى الخارجية‬ ‫البالد وتقاليدها صعوبات كبيرة‪ ،‬وأن الطلب األكثر‬ ‫ً‬ ‫األميركية كــان الحاجة إلــى استئجار مبنى كبير للقنصلية ودفــع نفقات‬ ‫مساعد القنصل والترجمان وحــرس القنصلية‪ ،‬وزي ــادة نفقات القنصل‬ ‫لتمكينه من التجول في المناطق ودفــع أجــور البريد والجمارك‪ ،‬واألمل‬ ‫ب عن مخصصات القنصلية‪.‬‬ ‫َبتلَ ّقي جوا ٍ‬ ‫التقرير الثالث‪ :‬فــي ‪ 21‬أيـلــول ‪ 1859‬مــن نائب القنصل األميركي‬ ‫في طرابلس وملحقاتها أنطونيوس يني‪ ،‬في ‪ 6‬صفحات مكتوبة بخط‬

‫اليد وباإلنكليزية والعربية‪ ،‬عنوانه‪ :‬من فيس (نائب) قنسالتو (قنصل)‬ ‫الممالك (الواليات) المتحدة في طرابلس ومتعلقاتها (وملحقاتها)‬


‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫‪New York‬‬ ‫وفي ‪ 3‬تشرين الثاني وصول الفرقاطة البخارية واباش ‪Wabash‬‬

‫وصل‬

‫بإمرة األميرال ال فاالت ‪ La Valette‬والقبطان بارون‬ ‫في ‪ 19‬أيار السيد ذي (ذو) الشرف أ‪ .‬ورد ‪Honorable A. Ward‬‬ ‫وفي ‪ 13‬أيلول وصلت السفينة الحربية ماسيدونيا ‪Macedonian‬‬ ‫وكان قبطانها السيد لفي ‪.Cap. N. P. Levy‬‬ ‫ال يوجد أموات من أهالي أمريكا هذه السنة‪ .‬وأغتنم الفرصة‬ ‫‪Baron‬‬

‫في تقارير تلك المرحلة (‪ )1914 – 1861‬غياب أو تغييب شبه تام‬ ‫ألحداث دموية شهدتها مناطق في بالد الشام بين ‪1858‬و‪ ،1861‬لعلها‬ ‫حذفت من الوثائق القنصلية أو لعلها مودعة في أماكن خاصة بها من‬ ‫عموما بقيت التقارير األميركية‬ ‫األرشيف األميركي‪ ،‬ولم أَ َّط ِـلع عليها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عن متصرفية جبل لبنان وصفي ًة ولم ترتق إلى أهمية التقارير الفرنسية‬ ‫واإلنكليزية والروسية إبان تلك المرحلة‪ .‬لكنها حفظت رسائل مهمة كثيرة‬ ‫(الحقا‪ :‬الجامعة األميركية في بيروت)‪،‬‬ ‫إلدارة الكلية اإلنجيلية السورية‬ ‫ً‬ ‫كبيرا بالمسألة الثقافية في بالد الشام‬ ‫وأساتذتها الذين أولوا‬ ‫اهتماما ً‬ ‫ً‬ ‫ودور بيروت الفاعل فيها عند مطالع القرن العشرين‪.‬‬ ‫بين الــوثــائــق وثيقة وثيقة مهمة (فــي أي ــار ‪ )1906‬أعدتها اللجنة‬ ‫البرسبيتارية في الواليات المتحدة األميركية‪،‬‬ ‫الخارجية في الكنيسة‬ ‫ِ‬ ‫ملحقا لتقرير أرسله في ‪ 23‬حزيران ‪ 1906‬القنصل األميركي‬ ‫وأرسلتها‬ ‫ً‬ ‫العام في بيروت حول الئحة بالمؤسسات الثقافية والدينية والخيرية‬ ‫أن‬ ‫يتبين منه ْ‬ ‫في واليات سوريا‪ ،‬بيروت ولبنان (متصرفية جبل لبنان) ّ‬ ‫بات لألميركيين ‪ 185‬مدرسة أو مؤسسة خيرية في ‪ 140‬مدينة أو قرية‪،‬‬ ‫منها أربــع مؤسسات في بيروت‪ ،‬مركزان في كل من صيدا وطرابلس‬ ‫مركزا في البقاع وراشيا – حاصبيا‪ ،‬ثالثة مراكز في حوران‪،‬‬ ‫وصور‪12 ،‬‬ ‫ً‬ ‫مركز في حمص‪ ،‬مركز في حماه‪ ،‬خمسة في عكار‪ ،‬سبعة في مرجعيون‪،‬‬ ‫مركزان في صافيتا‪ ،‬مركز في كل من المتن وزحلة وجزين وكسروان‪،‬‬ ‫مركزا في الشوف‪.‬‬ ‫و‪12‬‬ ‫ً‬ ‫ومن الطرائف المهمة في تقارير ‪ :1906 – 1905‬صدور قانون عثماني‬ ‫يلزم حاملي جوازات السفر غير العثمانية بالحصول على تأشيرات فيزا‬ ‫أضر بعدد كبير من اللبنانيين وسائر‬ ‫للدخول إلى األراضي العثمانية‪ ،‬ما‬ ‫ّ‬ ‫رعايا السلطنة العثمانية في الخارج‪ .‬تقدموا بطلبات رسمية إلى القنصليات‬ ‫األميركية يعلنون فيها تخليهم عن جــوازات سفرهم الجديدة والتمسك‬ ‫ونظرا لكثرة طالبي التخلي عن الجنسية األميركية من‬ ‫بالهوية العثمانية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اللبنانيين‪ ،‬هنا بعض النماذج‪:‬‬

‫‪281‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫‪Mr. Samuel William, editor of Utica Morning Herald, Utica,‬‬

‫أضواء سريعة على التقارير األميركية ّإبان حقبة المتصرفية في لبنان‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪280‬‬

‫كانت تؤخذ على البضايع (البضائع) المحلية التي تنقل من محل‬ ‫إلى آخر داخل المملكة (السلطنة) العثمانية وفي إزاحة المنع عن‬ ‫(محتكرا)‬ ‫محجوزا عليه‬ ‫صنف القلو ‪( Potash‬البوتاس) الذي كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من الحكومة‪.‬‬ ‫من المدارس عندنا واحدة فقط مهمة تخص الروم التي تعلم‬ ‫العربي والفرنساوي واإليطالياني والرومي (اليوناني) والحساب‪،‬‬ ‫وعــدد تالمذتها المتوسط فقط ال يكون أنقص (أقــل) من ‪.150‬‬ ‫ويــوجــد مــدرســة أخــرى صغيرة تختص بالكاثوليك تعلم الـقــراءة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ال يوجد شيء من بنا (بناء) بنايات مشاعة جديدة بل بحري‬ ‫يوجد من تخريب تلك الكاينة (الكائنة)‪ .‬وقد سمع من أربعة أشهر‬ ‫عن مشروع عمل طريق للعربات بين المدينة واألسكلة (الميناء)‪.‬‬ ‫نظر بوقتها رجل إيطالياني يقيس الطريق ولكن لم يسمع شيء جديد‬ ‫بعد ذلــك‪ .‬إن أهالي طرابلس وملحقاتها بموجب التقويم األخير‬ ‫تفصيال في الجدول عدد‬ ‫الصحيح من جانب الحكومة هو كما مبين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أيضا بجدولين عدد ‪ 2‬يبين‬ ‫‪ 1‬الموضوع ًّلفا‬ ‫(ربطا)‪ .‬وقد أصحبته ً‬ ‫جاري أسعار وكميات المحصوالت في السنة السابقة‪ ،‬وعدد ‪ 3‬عن‬ ‫(المستوردة)‪ – .‬علما أن الوثائق‬ ‫أسعار وكميات األصناف المجلوبة‬ ‫ً‬ ‫ال تتضمن ًأيا من الجداول المشار إليها في التقرير – ‪ .‬ولكوني لم‬ ‫عما جا (جاء) من أهلي (أهالي)‬ ‫أعطكم بيانً ا في السنة الماضية ً‬ ‫وسفن الممالك المتحدة رأيــت من الاليق (الالئق) تقديمه بهذا‬ ‫(التقرير)‪.‬‬ ‫‪ 1858‬مستر صمأل (صموئيل) ولـيــم‪ ،‬مدير جــرنــال المرنن‬ ‫(المورننغ) هرلد أتيك‪ ،‬نيويورك‬

‫لتجديد احترامي الذي أنا به (لما أنا فيه)‪ .‬عبدكم المطيع فيس‬ ‫قونسالتو أمريكا‪ .‬أنطونيوس يني‪.‬‬


‫لبنان في وثائق األرشيف‬ ‫‪283‬‬

‫‪282‬‬ ‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬ ‫‪American Consulate –General N0. 34‬‬ ‫‪Beirut ,Syria ,January 22,1906‬‬ ‫‪Mr. Leo Borgholz to The Department of State‬‬ ‫‪Subject: Renunciation of citizenship by Salim Mattar‬‬

‫إزاء كثرة هذه الحاالت أخذت السلطات المحلية تقبل طلبات جماعية‬ ‫للتخلي عن جــواز السفر األجنبي والعودة إلى التابعية العثمانية‪ ،‬كهذا‬ ‫التقرير رقم ‪ 70‬تاريخ ‪ 11‬تشرين األول ‪ 1905‬لجانب رئيس قومسيون‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫‪‬إنني أرفض التابعية األميركانية وأرجو أن تقبلوني في صفة عثماني‬ ‫بتابعيتي العثمانية‪ .‬وهــا (ه ــذه) الــورقــة أقدمها لكم ليصير تقديمه‬ ‫(تقديمها) إلى أميركا في واسطتكم – سليم مطر ‪ 16‬ت‪( 1‬تشرين األول)‬ ‫‪( 321‬هجرية واألصح ‪ 16‬تشرين األول ‪.)1905‬‬

‫أسكلة بيروت العلية أحدنا صار له ثمانية (ثماني) سنوات‪ ،‬والثاني تسعة‬ ‫(تسع) سنوات‪ ،‬والثالث صار له سنتين (سنتان)‪ ،‬والرابع تسعة (تسع)‬ ‫(خالفا للقانون) صرنا تبعة (تابعية) أميركان‪.‬‬ ‫سنوات‪ .‬خالف القانون‬ ‫ً‬ ‫واآلن حضرنا إلى بالدنا‪ .‬بناء عليه نترك التابعية األميركانية وندخل‬ ‫وإشعارا بذلك صار إعطاء هذه الورقة ممضية لجانب‬ ‫بصفة عثماني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫رئيس قومسيون أسكلة (مرفأ) بيروت‪ .‬وألجله صار تحريره‪ .‬أفندم في‬ ‫‪ 26‬أيلول سنة ‪ 1321( 321‬هجرية‪ ،‬الموافق ‪ 11‬أوكتوبر ‪ )1905‬يوسف‬ ‫مخلوف إبراهيم فارس يعقوب عنداره أيوب من قرية عنداره (عين داره)‬ ‫وحرمته (زوجته) أستير لبناني وولده داوود ‪.‬‬ ‫وفي تقرير آخر رقم ‪ 37‬في األول من شباط ‪ 1906‬إشــارة مماثلة‬ ‫إلــى تخلي إسكندر حــداد عــن جنسيته األميركية‪ :‬إنـنــي أنــا الواضع‬


‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫تشير التقارير األميركية إلى معطيات وإحصاءات دقيقة ومفيدة لدراسة‬ ‫تاريخ لبنان السياسي واالقتصادي واالجتماعي بين ‪ 1914‬و‪ّ ،1944‬‬ ‫لعت‬ ‫اط ُ‬ ‫منها بدقّ ٍة على مجموعة الميكروفيلم المحفوظة بعنوان‪:‬‬

‫‪T 1178: American National Archives, Lebanon, 5 Reels ,1930 – 1944‬‬

‫تقارير المجموعة األولى تتناول مرحلة ‪ ،1929 – 1910‬لكنني لم أجد‬ ‫فيها مــادة مهمة من حقبة ‪ ،1920 – 1910‬أو لعلها محفوظة في أماكن‬ ‫مهما حول تاريخ المقاطعات اللبنانية‬ ‫أخرى من األرشيف‪ ،‬فهي تسد ً‬ ‫نقصا ً‬ ‫إبان الحرب العالمية األولى‪.‬‬ ‫جدا عن إدارة‬ ‫في تقارير المرحلة الثانية ‪ 1944 – 1921‬معلومات غنية ً‬ ‫االنتداب الفرنسي في سوريا ولبنان‪ ،‬وقضايا إنشاء الدويالت الجديدة‬ ‫والـحــدود ومظاهرات االحتجاج وحــركــات العصيان وال ـثــورات المحلية‪.‬‬ ‫وهــي ترصد بدقة دور االحتكارات الفرنسية وأنــواع الضرائب وأوضــاع‬ ‫الزراعة والصناعة والـ ِـحـ َـرف وسكك الحديد والتجارة والبنوك وأسباب‬ ‫الهجرة اللبنانية إلى الخارج وأعداد المهاجرين ومصادر هجرتهم من لبنان‬ ‫وتطور التعليم في لبنان وأعداد المدارس والمطابع والصحف والمجالت‬ ‫ُّ‬ ‫والحركات الثقافية والفنية والمستشفيات‪.‬‬ ‫دقة والدة الدستور اللبناني وتعديالته المتالحقة والمجالس‬ ‫ووردت في ٍ‬ ‫َ‬ ‫النيايبة ومجالس البلديات والشخصيات اللبنانية واألحــزاب السياسية‬ ‫ونشاط الشيوعية في سوريا ولبنان والطوائف واألقليات العرقية وصراع‬ ‫وصوال إلى تركيا ومشكلة األكراد‬ ‫ً‬ ‫القوميات على امتداد المشرق العربي‬ ‫وقضايا النفط وغيرها الكثير‪.‬‬ ‫جدا ومبوبة بشكل ممتاز‪،‬‬ ‫التقارير األميركية لتلك المرحلة باتت منتظمة ً‬ ‫مهما‬ ‫وتشكل‬ ‫ّ‬ ‫تراقب تحركات اإلدارة الفرنسية في سوريا ولبنان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫سجال ً‬ ‫ت الفرنسيةَ‪،‬‬ ‫االحتكارا‬ ‫المناهضة‬ ‫للحركات السياسية واإلضرابات العمالية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خصوصا شركة التبغ والتنباك (الريجي)‪ ،‬وكل ذلك بترجمة دقيقة إلى‬ ‫ً‬ ‫اإلنكليزية للقرارات الصادرة بالفرنسية عن إدارة اإلنتداب وردود الفعل‬ ‫اإلعالمية عليها في الصحف والمجالت اللبنانية الصادرة بالعربية أو‬ ‫الفرنسية‪ ،‬إضافة إلى ترجمة مقاالت كانت تصدر في مجالت وصحف‬ ‫خصوصا جــريــدة ‪L’Humanité‬‬ ‫عالمية تناهض االن ـتــداب الفرنسي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫المعبرة عن موقف الحزب الشيوعي الفرنسي وبعض القوى الديموقراطية‬ ‫ِّ‬ ‫االنتداب‪.‬‬ ‫المعادية‬ ‫الفرنسية‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وثائق األرشيف األميركي بين الحربين العالميتين سجل حافل لمعظم‬ ‫المناهضة االنـتــداب‪ ،‬إذ اتخذت‬ ‫حركات االحتجاج الوطنية والقومية‬ ‫ِ‬ ‫جميع ما قامت به‬ ‫الواليات المتحدة األميركية موقف مراقبة صارمة‬ ‫َ‬

‫‪285‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬تقارير أميركية عن لبنان ‪1944 – 1910‬‬

‫‪1910 – 1929‬‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪284‬‬

‫إسمي أدنــاه‪ ،‬حيث أنني كنت من مدة تسع سنوات توجهت إلى البالد‬ ‫األميركانية ألجل معاطات (معاطاة) التجارة وألجل ترويج مصالحي‬ ‫قد غيرت تابعيتي العثمانية واستحصلت على التابعية األميركانية‪.‬‬ ‫فألن أدخل إلى وطني بصفتي عثماني وأقدم البازبورط (جواز السفر)‬ ‫الذي استحصلت عليه من الحكومة األميركانية إلى الحكومة المحلية‪،‬‬ ‫وأرفض كل تبعة (تابعية) خالف تابعيتي العثمانة زبناء عليه قد اعطيت‬ ‫تحريرا في ‪ 14‬كانون الثاني شرقي ‪( 321‬هجرية‬ ‫هذا التعهد على نفسي‬ ‫ً‬ ‫‪ )1906‬إسكندر حداد‪.‬‬ ‫وفي التقرير رقم ‪ 43‬تاريخ ‪ 14‬شباط ‪ 1906‬إشارة إلى تخلي إبراهيم‬ ‫شليطا عن جواز السفر النمساوي والعودة إلى التابعية العثمانية‪.‬‬ ‫قيام مأمور رسمي بنزع التابعية األجنبية وضرورة‬ ‫وفي تقارير أخرى ُ‬ ‫رسميا عــن جــواز سفره‬ ‫العالقة‬ ‫صاحب‬ ‫تخلي‬ ‫توقيع شهود حــال على‬ ‫ً‬ ‫األميركي بشهادة مأمورين محليين‪.‬‬ ‫ففي التقرير رقم ‪ 52‬في ‪ 21‬آذار ‪ :1906‬إنني أنا الواضع إمضائي‬ ‫أدناه أرفض التبعة (التابعية) األميركية وأدخل إلى الممالك المحروسة‬ ‫الشاهانية بصفة عثماني‪ .‬وهــا (هــذا) بزبورتي (جــواز سفري) أقدمه‬ ‫ليصير تقديمه إلى المحل اإليجابي‪ .‬القابل بما فيه اإلمضاء إسكندر‬ ‫محررا في ‪ 14‬مارت ‪ 322‬شهود الحال‪ :‬مأمور حميدي ومأمور‬ ‫فرنسيس‬ ‫ً‬ ‫محمد صبري‪.‬‬ ‫وفي تقارير الحقة َت َق ُّد ُم صاحب جواز السفر األجنبي بطلب استرحام‬ ‫مع التخلي عن جواز سفره حتى يسمح له بدخول األراضي العثمانية‪.‬‬ ‫فمن التقرير رقم ‪ 6‬في ‪ 29‬أيار ‪ :1906‬بما أن أصلي من أهالي جبل‬ ‫لبنان من كفرذبيان‪ ،‬وعثماني األصــل وألجــل ترويج مصالحي الذاتية‬ ‫مؤقتا واآلن أسترحم دخولي في صفت‬ ‫أخذت البسابورط (جواز السفر)‬ ‫ً‬ ‫وإشعارا بذلك‬ ‫(صفة) عثماني إلى وطني وأترك البسابورط المذكور‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تحريرا في ‪ 30‬نيسان ‪ )1906( 322‬منصور كرم سالمه شهود‬ ‫أعطي هذا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حال منصور أبو حسين‪.‬‬

‫‪M 722: American National Archives, Lebanon, 17 Reels,‬‬


‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫توجه‬ ‫في هذه الحقبة كانت الواليات المتحدة (مع االتحاد السوفياتي) ّ‬ ‫السياسة الدولية في المشرق العربي كله بل بل تقرر مصير العالم طوال‬ ‫مرحلة الحرب الباردة ‪.1989 – 1945‬‬ ‫ّ‬ ‫لعت على مجموعة كبيرة من الوثائق األميركية لفترة ‪،1959 – 1945‬‬ ‫اط ُ‬ ‫متوفرة على ميكروفيلم في مكتبة جامعة جورجتاون (واشنطن)‪ ،‬وهب‬ ‫تندرج في المجموعات التالية‪:‬‬ ‫‪M 604: Minutes of Meetings of the National Security Council with Special‬‬ ‫‪Advisory Reports. Central Intelligence Agency, 3 reels, 1945 – 1951.‬‬

‫‪M 792: Confidential United States – State Department – Central Files, 5‬‬ ‫‪Reels 1945 – 1949.‬‬ ‫‪M 79 3: International Foreign Affairs, 13 reels, 1950 – 1954.‬‬ ‫‪C 51: Confidential United States – State Department – Central Files, 16‬‬ ‫‪reels 1955 – 1959.‬‬

‫منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تحولت الواليات المتحدة األميركية‬ ‫وخصوصا منطقة‬ ‫تأثيرا في رسم مستقبل العالم‬ ‫القوة العظمى األكثر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الشرق األوســط التي حظيت باهتمام كبير في االستراتيجية األميركية‪،‬‬ ‫لسببين‪:‬‬ ‫وتاليا‬ ‫‪1.1‬السيطرة على منابع النفط الغنية جدا في هذه المنطقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫التأثير على االقتصاد العالمي‪.‬‬ ‫‪2.2‬دعــم قيام دولــة إسرائيل وإعـطــاؤهــا أولــويــة مطلقة على سائر دول‬ ‫المنطقة‪.‬‬ ‫حفلت وثائق األرشيف األميركي بأهمية استثنائية تفوق وثائق األرشيف‬ ‫الدولي‪ ،‬وأحيانً ا المحلي‪ ،‬في القضايا االستراتيجية‪ .‬فالتقارير األميركية‬ ‫لسنوات ‪ 1959 – 1945‬لم ُتغفل حتى مقاالت صحافية تصدر في الصحف‬ ‫اللبنانية بالعربية أو بالفرنسية‪ .‬وثمة تقارير مطولة عن أوضــاع لبنان‬ ‫جدا‬ ‫تقدم مادة غنية ً‬ ‫السياسية واالقتصادية واالدارية والتربوية وغيرها‪ّ ،‬‬ ‫لدراسة تاريخ لبنان االقتصادي واالجتماعي والثقافي والتربوي‪ .‬لذا‪ ،‬منذ‬ ‫جدا ال بل‬ ‫نهاية الحرب العالمية الثانية‪ ،‬باتت التقارير األميركية أساسية ً‬ ‫األكثر أهمية بين جميع وثائق األرشيف الدولي لدراسة األوضاع المحلية‬ ‫في دول كثيرة من الشرق األوســط‪ ،‬بينها لبنان‪ .‬فهي رصـ َـدت تحركات‬ ‫الشيوعيين والقوميين العرب والبعثيين والناصريين والقوميين السوريين‬ ‫وأحزابا أخرى في خانة المعارضة‪ .‬وجميع التقارير‬ ‫واإلخوان المسلمين‬ ‫ً‬ ‫معززة بوثائق أصلية لكل تنظيم أو حزب وبأسماء الهيئات القيادية والوثائق‬ ‫التأسيسية وأساليب العمل وكيفية تنظيم المظاهرات والعالقات بين تلك‬ ‫األحزاب مع أكثر من دولة شرق أوسطية‪ ،‬وتفاصيل عن زعماء الطوائف‬ ‫واألسر السياسية في لبنان والصراع على الزعامة وتنظيم النقابات العمالية‬ ‫والمهنية والجمعيات األدبية والثقافية وغيرها‪.‬‬

‫‪287‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬تقارير أميركية عن لبنان بعد الحرب العالمية‬ ‫الثانية ‪1959 – 1945‬‬

‫‪M 657: CIA Research Reports: The Middle East 1946 – 1976, 3 Reels.‬‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪286‬‬

‫إدارة االنـتــداب الفرنسي في هــذه المنطقة وأحصت عليها مخالفاتها‬ ‫ضد ميثاق عصبة األمم‪ ،‬وأدانت تدابير احتكارية قامت بها االحتكارات‬ ‫الفرنسية في مناطق انتدابها‪ ،‬ما شكل مخالفة صريحة لسياسة الباب‬ ‫المفتوح التي تعهدتها تجاه الواليات المتحدة مقابل التغاضي عن نظام‬ ‫االنتداب‪.‬‬ ‫كانت الواليات المتحدة تنتظر لفرنسا نهاية غير سعيدة في سوريا‬ ‫ولبنان‪ .‬وصــدقــت توقعات قناصلها‪ ،‬فكان للواليات المتحدة واإلتـحــاد‬ ‫السوفياتي دور رئيس في إنهاء االنتداب الفرنسي على سوريا ولبنان بقرار‬ ‫عن مجلس األمن الدولي قضى برحيل جميع القوات األجنبية عن سوريا‬ ‫في ‪ 17‬نيسان ‪ ،1946‬وعن لبنان في ‪ 31‬كانون األول ‪.1946‬‬ ‫فــي هــذا السياق تـقـ ّـدم وثــائــق األرشـيــف األميركي (‪)1946 – 1921‬‬ ‫وتصوب وثائق‬ ‫إضافات مهمة جـ ًـدا للباحثين في تاريخ لبنان َح ْق َب َت ِئ ٍذ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فرنسية وإنكليزية منحازة ضد القوى السياسية الوطنية في سوريا ولبنان‪.‬‬ ‫وفــي الوثائق األميركية نصوص عرائض وبيانات احتجاج نشرها قادة‬ ‫وطنيون في سوريا ولبنان إبان تلك المرحلة أتلفوها خوفً ا من المالحقة‪،‬‬ ‫أو أتلفتها سلطات االنتداب‪.‬‬ ‫أمر الفت‪ :‬لم تكن سياسة الواليات المتحدة في تلك الفترة منحازة‬ ‫ٌ‬ ‫بعد إلى المشروع الصهيوني كما بعد قيام دولة إسرائيل‪ .‬بل كانت تناصر‬ ‫ُ‬ ‫حركات التحرر الوطني كما ظهر في تصريح الرئيس ِولـســون عن حق‬ ‫الشعوب في تقرير مصيرها ِب ُـح ّرية‪ ،‬من دون وصاية أو حماية أو انتداب أو‬ ‫أي شكل من أشكال االستعمار‪.‬‬

‫‪M – 632: Documents of the National Security Council, 5 Reels, 1948 – 1951.‬‬


‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪288‬‬ ‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫حول األزمة اللبنانية‪ ،‬منها إلى قادة قوات المارينز والقنصليات األميركية‬ ‫منبها إلى أنها‬ ‫في منطقة الشرق األوســط كي يشتروا التفاح اللبناني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مسألة ذات أهمية دبلوماسية وسياسية ال اقتصادية فقط‪ .‬ومن المفيد‬ ‫نشر تلك الوثائق التي تظهر أواليات عمل الدبلوماسية األميركية القائمة‬ ‫على البراغماتيكية وعلى التنبه إلى أدق التفاصيل‪ ،‬وكيف وزير خارجية‬ ‫واضحا بدعم‬ ‫اهتماما‬ ‫أقــوى دولــة في العالم جون فوستر داالس أبــدى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا عبر دفع األميركيين إلى استيراد قسم من إنتاجه‬ ‫النظام اللبناني‬ ‫ً‬ ‫الزراعي كالتفاح وغيره‪.‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫في باب ‪‬الشخصيات اللبنانية‪ ‬تقارير كثيرة عن الزعماء والمتنفذين‬ ‫في لبنان كبشارة الخوري ورياض الصلح وعبد الحميد كرامي وسامي‬ ‫الصلح وفؤاد شهاب والبطريرك المعوشي وشارل مالك وكمال جنبالط‬ ‫وريمون إده وصائب سالم ورشيد كرامي وبيار الجميل وجوزف سكاف‬ ‫وعادل عسيران وصبري حماده وأحمد األسعد ومجيد أرسالن وغيرهم‪.‬‬ ‫قويا‬ ‫زعيما‬ ‫ودققت التقارير في موقف الرئيس كميل شمعون‬ ‫لبنانيا ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عبد الناصر‪ ،‬لكنه شديد الصلة باإلنكليز‪ ،‬وتابعت التقارير‬ ‫ومعاديا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫مواقف الزعماء اللبنانيين من قيام الوحدة المصرية السورية وتخوفت‬ ‫من أثرها على لبنان‪.‬‬ ‫وتوقع السفير األميركي أزمة حادة في لبنان إلصرار الرئيس شمعون‬ ‫على تمديد واليته‪ .‬وثمة آالف الوثائق اليومية عن أسباب انفجار أحداث‬ ‫ترت َبت‬ ‫‪ 1958‬وموقف قائد الجيش فؤاد شهاب منها وأبعاد محلية وإقليمية ّ‬ ‫خصوصا بعد نزول المارينز في بيروت‪.‬‬ ‫عليها‪ ،‬ومواقف األطراف منها‬ ‫ً‬ ‫وهكذا‪ :‬يقدم األرشيف األميركي مادة غنية لدراسة تفاصيل يوميات‬ ‫تلك األحداث وتطور مواقف القوى المحلية واالتفاق الودي بين األميركيين‬ ‫وعبد الناصر على إيجاد حل عملي بمنع التمديد للرئيس كميل شمعون‬ ‫وبانتخاب قائد الجيش فؤاد شهاب لرئاسة الجمهورية اللبنانية‪.‬‬ ‫ومن طرائف هذا األرشيف أن وزير خارجية أميركا جون فوستر داالس‬ ‫(كان آنذاك أهم وزير خارجية في العالم) انشغل بإرسال أكثر من ‪ 50‬برقية‬

‫‪289‬‬


‫لبنان في وثائق األرشيف‬ ‫‪291‬‬

‫‪290‬‬ ‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫مالحظات ختامية‬ ‫الوثائق األميركية حول بالد الشام في القرن التاسع عشر حتى الحرب‬ ‫العالمية األولى كانت انطباعية غير كافية إلعطاء صورة دقيقة عن مشكالت‬

‫وصفية غير‬ ‫‪1.1‬معلومات القنصل األميركي في تقارير تلك المرحلة‬ ‫ّ‬ ‫دقيقة‪َ ،‬ت َو ُّجهها اقتصادي بدون تحليل معمق‪ .‬ففي التقرير الوصفي كان‬ ‫الدبلوماسي األميركي يبتعد عما له عالقة بالسياسة والسياسيين ويركز‬ ‫على النفقات القنصلية والحاجة إلى موازنة أكبر كي تكون له قدرة مواكبة‬ ‫األحــداث وإقامة تــوازن مع زمالئه الدبلوماسيين الغربيين الستقطاب‬ ‫شخصية أو عامة‪.‬‬ ‫زعماء محليين بوالئم ومساعدات مالية لمصال َـح‬ ‫ٍ‬ ‫تتطور‬ ‫األولى‬ ‫بداياتها‬ ‫وفيما كانت المصالح األميركية في بالد الشام في‬ ‫ّ‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫لم تكن السياسة األميركية في هذه المنطقة تدار من واشنطن فقط بل‬ ‫بتعاون الدبلوماسيين األميركيين في بيروت وتل أبيب والرياض والقاهرة‬ ‫وطهران وبغداد وأنقره وعواصم أخرى في الشرق األوسط‪ ،‬فكان تقرير‬ ‫فورا‬ ‫يعمم ً‬ ‫الدبلوماسي األميركي من إحدى تلك العواصم إلى واشنطن َّ‬ ‫ست ْم ِز ُج الخارجية األميركية آراء سفرائها في المنطقة قبل اتخاذ القرار‬ ‫َوت َ‬ ‫النهائي‪ ،‬لضمان المصالح األميركية في هذه المنطقة‪.‬‬

‫تقدم سوى إضافات محدودة لمواضيع‬ ‫كبرى كانت تعيشها المنطقة‪ ،‬لذا لم ّ‬ ‫بحثية تساعد المؤرخ المدقق على تنويع مصادره لكتابة تاريخ المقاطعات‬ ‫اللبنانية في تلك الحقبة‪.‬‬


‫‪292‬‬ ‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫‪3.3‬ع ــدا الـتــركـيــز ال ـثــابــت عـلــى ال ـجــوانــب الــديـمــوغــرافـيــة واالقـتـصــاديــة‬ ‫واالجتماعية بدأت التقارير األميركية توثق لمدارس اإلرساليات والتنافس‬ ‫الفرنسي البريطاني ومسألة نشر الديموقراطية في السلطنة العثمانية‬ ‫ووالياتها وأخبار الجمعيات األدبية والفنية والثقافية وقضايا الحريات‬ ‫العامة وأسباب الهجرة المتزايدة من بالد الشام إلى الخارج ودور بيروت‬ ‫كمركز استراتيجي للوجود األوروبــي في المنطقة وتقديم النصح للدولة‬ ‫األميركية بتعزيز حضورها على الساحة البيروتية والتأثير على النخب‬

‫فرضت عصب ُة األمم االنتدابين الفرنسي والبريطاني على واليات‬ ‫‪5.5‬بعدما َ‬ ‫عربية كانت خاضعة للسلطنة العثمانية‪ ،‬اعتمدت الواليات المتحدة األميركية‬ ‫سياسة الترقب الختبار قدرة الفرنسيين واإلنكليز على إدارة تلك المنطقة‬ ‫مع ضمانات تحمي مصالح الدول الرأسمالية الكبرى‪ ،‬في طليعتها الواليات‬ ‫المتحدة األميركية‪ ،‬من سقوط دول المنطقة في قبضة شيوعية عالمية‬ ‫خرجت منتصرة بعد الحرب العالمية األولى‪ .‬واستمرت الواليات المتحدة‬ ‫تتحين الفرص إلخراج الفرنسيين واإلنكليز من هذه المنطقة لغناها بالنفط‬ ‫وثابتا في االستراتيجية األميركية بعد الحرب العالمية‬ ‫موقعا‬ ‫متقدما ً‬ ‫ً‬ ‫وتشكيلها ً‬ ‫معركتي االستقالل وجالء الجيوش األجنبية عن‬ ‫الثانية‪ ،‬وبشكل خاص بعد‬ ‫َ‬ ‫سوريا ولبنان‪ ،‬وقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين‪.‬‬

‫تحول الــواليــات المتحدة‬ ‫‪6.6‬قيام دولــة إسرائيل عــام ‪ 1948‬تـ َ‬ ‫ـزامـ َـن مع ُّ‬ ‫خصوصا بعد فشل العدوان الثالثي على‬ ‫األميركية زعيمة العالم الحر‬ ‫ً‬ ‫مصر (‪ )1956‬ودور األميركيين في إلغاء نظم الحماية والوصاية واالنتداب‬ ‫واالستعمار الفرنسي واإلنكليزي القديم الذي استمر نحو قرن كامل‪ .‬وهنا‬

‫‪293‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫مركزا‬ ‫باكرا أدرك األميركيون أهمية بيروت التي بدأ تحضيرها لتكون‬ ‫ً‬ ‫‪ً 2.2‬‬ ‫أساسيا في الشرق األوسط منذ اتخذها ابراهيم باشا مقر قواته العسكرية‬ ‫ً‬ ‫مهما في العالقات‬ ‫ليكون‬ ‫مرفأها‬ ‫واإلنكليز‬ ‫الفرنسيون‬ ‫ع‬ ‫ووس‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫واإلدار‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫التجارية بين شرقي البحر المتوسط وأوروبــا‪ .‬وأضــاف األميركيون إلى‬ ‫مهما إذ نقلوا إليها مؤسساتهم الثقافية والتبشيرية (النصف‬ ‫بيروت ً‬ ‫دورا ً‬ ‫اآلخــر من القرن التاسع عشر) وأسسوا فيها أول جامعة أكاديمية في‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬ما حفز اآلباء اليسوعيين على إنشاء جامعة ثانية فيها‬ ‫لتصبح بيروت مركز إشعاع ثقافي ال مثيل له في تاريخ المنطقة‪ .‬وفي‬ ‫الوثائق األميركية توافق دولي ساهم فيه األميركيون لجعل بيروت ذات دور‬ ‫ثقافي واقتصادي مميز‪ ،‬فأصبحت (على حساب مدن أخرى كطرابلس‬ ‫وص ـيــدا) أب ــرز ال ـمــدن الكوسموبوليتية فــي بــاد ال ـشــام‪ ،‬ومــركــز حركة‬ ‫االستيراد والتصدير وإعادة التصدير بين المشرق العربي ومختلف دول‬ ‫العالم‪ .‬وعززت الواليات المتحدة األميركية قنصليتها العامة في بيروت‬ ‫لرعاية مصالحها المتزايدة في المشرق العربي‪ ،‬وباتت التقارير القنصلية‬ ‫أكثر دقة‪ :‬تستعرض حركة التبادل التجاري بين مدن بالد الشام ووالياتها‬ ‫وأهم السلع المصدرة منها والمستوردة إليها‪ .‬وركزت التقارير األميركية من‬ ‫بيروت وباقي القنصليات في بالد الشام على سلع تهم األميركيين بالدرجة‬ ‫خصوصا تجارة القطن (كان اإلنكليز يسعون الحتكارها في مصر‬ ‫األولى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وبالد الشام) ثم النفط الذي بدأ اكتشافه في إيران واألراضي العربية‪.‬‬

‫‪4.4‬تقارير القناصل األميركيين في بالد الشام مهدت لمزيد من االهتمام‬ ‫خصوصا بين أواخر القرن التاسع عشر والحرب‬ ‫األميركي بهذه المنطقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫العالمية األولى‪ .‬فهي شددت على أهمية المرحلة الدستورية في عاصمة‬ ‫السلطنة وما رافقها من نهوض على مختلف الصعد بحثً ا عن الحريات‬ ‫العامة والخاصة وبناء أحــزاب سياسية علنية‪ .‬واهتم المعنيون بتصريح‬ ‫الرئيس ِولسون عن حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها‪ ،‬وإرسال لجنة‬ ‫كينغ كراين األميركية إلى بالد الشام عام ‪ ،1919‬وبتحريض لبنانيين في‬ ‫الواليات المتحدة األميركية ألفوا ‪‬جمعية سوريا الوطنية‪ ‬نشر رئيسها‬ ‫ابراهيم متري الرحباني بيانه ‪‬يا أميركا تعالي وخلصي الشرق األدنى‪،‬‬ ‫طالب فيه باالنتداب األميركي على المشرق العربي‪ .‬وفي مذكرات كمال‬ ‫أتاتورك (صدرت بالفرنسية عام ‪ 1929‬وطبع ًة ثانية عام ‪ )2003‬عشرات‬ ‫العرائض تناشد الواليات المتحدة األميركية قبول االنتداب على واليات‬ ‫بالد الشام وعلى تركيا نفسها‪ ،‬وتكثّ فت في مطلع القرن العشرين المصالح‬ ‫األميركية فــي بــاد الـشــام فكثرت التقارير الدبلوماسية واالقتصادية‬ ‫والثقافية حول االهتمام األميركي المتزايد بمستقبل المنطقة‪ ،‬وهي تقارير‬ ‫باآلالف محفوظة بشكل جيد في األرشيف األميركي‪.‬‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫وخصوصا في النصف األول منه‪ ،‬كانت‬ ‫مع طــوال القرن التاسع عشر‬ ‫ً‬ ‫دول أوروبية بدأت تسيطر على السلطنة العثمانية ووالياتها منذ حملة‬ ‫سهال على األميركيين منافسة‬ ‫نابوليون على مصر وبالد الشام‪ .‬لم يكن‬ ‫ً‬ ‫اإلنكليز والفرنسيين في البحر المتوسط إبان تلك الحقبة فانصرفوا‬ ‫إلــى توسيع دائــرة وجــودهــم في نحو ‪ 100‬مدينة وقرية عبر المدارس‬ ‫وخصوصا‬ ‫والمؤسسات الخيرية واستمالة أبناء من الطوائف المسيحية‬ ‫ً‬ ‫األرثوذكسية إلى البروتستانتية‪.‬‬

‫وصوال إلى مركز السلطنة‬ ‫ً‬ ‫السياسية والثقافية في بالد الشام وجوارها‬ ‫في إسطنبول‪.‬‬


‫د‪ .‬مسعود ضاهـر‬

‫مثال وثائق ثــورة ‪ 1958‬في لبنان محفوظة بكاملها في وثائق‬ ‫وهــذه ً‬ ‫األرشيف األميركي‪ ،‬عشرات اآلالف من وثائق تعطي صورة واضحة عن‬ ‫تفاصيل األحداث وخلفياتها ومسارها‪.‬‬ ‫يتزايد عدد الباحثين األميركين المهتمين بشؤون لبنان والشرق األوسط‪،‬‬ ‫ويتصدرون بنشرهم الدراسات العلمية الموثقة جميع مراكز البحث العلمي‬ ‫نظرا لكثرة المراكز األميركية وألهمية منطقة الشرق األوسط‬ ‫في العالم‪ً ،‬‬ ‫في اإلستراتيجية األميركية‪ .‬مقابل ذلك نجد الوثائق األميركية عن مدن‬ ‫ومناطق بالد الشام منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية‬ ‫األولى ال تزال غائب ًة عن أبحاث الباحثين اللبنانيين المهتمين بتاريخ بالد‬

‫‪295‬‬

‫األميركي ‪1959 – 1835‬‬

‫‪7.7‬وثائق األرشيف األميركي عن لبنان والدول العربية منذ الحرب العالمية‬ ‫وتنوعا بين جميع وثــائــق األرشيف‬ ‫الثانية حتى الـيــوم هــي األكـثــر غنى‬ ‫ً‬ ‫المود َعة في جامعة أميركية‬ ‫في العالم‪ .‬ولعل حجم الوثائق عن لبنان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واحدة كجامعة جورج تاون في واشنطن‪ ،‬يفوق جميع الوثائق المتاحة أمام‬ ‫الباحثين اللبنانيين في جميع مراكز األبحاث والجامعات اللبنانية‪ .‬ومراكز‬ ‫تؤمن سرعة الحصول على الوثائق القديمة ووضعها في‬ ‫األبحاث األميركية ّ‬ ‫متناول الباحثين دون تعقيدات مهمة من أي نوع‪ ،‬ويمكن تصوير الكثير منها‬ ‫واالعتماد عليها في كتابة تاريخ موثق من مصادر أصلية‪.‬‬

‫لبنان في وثائق األرشيف‬

‫‪294‬‬

‫رأى باحثون لبنانيون وعــرب أن مراكز األبحاث األميركية التي تناولت‬ ‫تاريخ المشرق العربي انطلقت من الدفاع عن الدولة الصهيونية لتبرر‬ ‫اغتصاب فلسطين واألراض ــي العربية المجاورة والسيطرة على منابع‬ ‫يتبين صراع‬ ‫النفط‪ .‬وفي وثائق األرشيف األميركي لسنوات ‪ّ 1947 – 1945‬‬ ‫مناهضة‬ ‫إسرائيل وأخرى‬ ‫حاد داخل اإلدارة األميركية بين قوى مساند ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫إياها بشدة‪ .‬وكانت أوســاط أميركية تتخوف من ردود فعل سلبية على‬ ‫لكن تفكك‬ ‫المصالح األميركية المتزايدة في منطقة الشرق األوس ــط‪ّ .‬‬ ‫العرب وعدم اتفاقهم على استراتيجية موحدة ضد إسرائيل وهزائمهم‬ ‫العسكرية المتكررة أمام إسرائيل وإكثار قادتهم من الخطب الحماسية‬ ‫الجوفاء ضد أميركا ثم تخليهم عنها ودخولهم تحت المظلة األميركية‬ ‫أمور‬ ‫دفاعا عن مصالحهم الشخصية‬ ‫حرصا على توريث الزعامة ألبنائهم‪ٌ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سهلت ألنصار إسرائيل في اإلدارة األميركية جعل اإلستراتيجية األميركية‬ ‫وجهة إسرائيلية واضحة وتشجيعها على التوسع لبسط نفوذها بين النيل‬ ‫والفرات‪ ،‬وما زالت تستفيد حتى اليوم من حالة الضعف العربي المريع‬ ‫على مختلف الصعد لتكمل التوسع االستيطاني والعسكري المباشر‪ ،‬والعمل‬ ‫على إقامة الشرق األوسط الكبير برعاية أميركية وبأفضلية إسرائيلية‪.‬‬

‫الشام‪ ،‬مع أنها تتضمن معطيات علمي ًة كثير ًة ذات إضافات إلى معطيات‬ ‫الوثائق الفرنسية والعثمانية واإلنكليزية والروسية‪ ،‬ويجدر االطالع عليها‬ ‫لمزيد من تنوع المصادر حول بالد الشام‪ ،‬ومقارنة المعطيات العلمية‬ ‫الواردة فيها‪ ،‬وتعزيز المقوالت العلمية غير المؤدلجة بوثائق غنية ومفيدة‪،‬‬ ‫ما يساعد على تطوير الكتابة التاريخية في لبنان واالنتقال بها إلى مرحلة‬ ‫وتنوعا من حيث التوثيق والفرضيات العلمية واالستنتاجات‪.‬‬ ‫أرقى وأكثر غنى‬ ‫ً‬ ‫اهتم المؤرخون اللبنانيون بوثائق المرويات المحلية وأرشيف العائالت‬ ‫وم ـصــادر المؤسسات الرسمية والدينية (سـجــات المحاكم الشرعية‬ ‫وخصوصا األرشيف الفرنسي‪ .‬وتزايد‬ ‫واألديرة) ومصادر األرشيف األوروبي‬ ‫ً‬ ‫في الربع األخير من القرن العشرين اهتمام بوثائق األرشيف اإلنكليزي‬ ‫والنمساوي والروسي‪ ،‬وبقي األميركي شبه مجهول لمؤرخين لبنانيين ال‬ ‫تتسن لهم زيارة األرشيف األميركي لالطالع على‬ ‫يتقنون اإلنكليزية أو لم‬ ‫َّ‬ ‫عموما وتاريخ المقاطعات اللبنانية‬ ‫وثائقه الغنية حول تاريخ بالد الشام‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‪ .‬لكنما آن أن نستفيد منها في إعــداد دراســات علمية للتطور‬ ‫ً‬ ‫استنادا إلى تنوع المصادر المحلية واألجنبية‪.‬‬ ‫التاريخي في بالد الشام‬ ‫ً‬ ‫فغالبية الدراسات العلمية عن تاريخ لبنان تجاهلت أو جهلَ ت وثائق األرشيف‬ ‫األميركي العتقاد المؤرخين بغياب االهتمام األميركي في هذه المنطقة‬ ‫حتى الحرب العالمية األولى وعزلة الواليات المتحدة األميركية الطوعية‪،‬‬ ‫حافال إلدارة اإلنتداب الفرنسي في‬ ‫سجال‬ ‫مع أن في األرشيف األميركي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خصوصا وثائق القوى‬ ‫جدا في مختلف المجاالت‬ ‫سوريا ولبنان‪ ،‬ومادة غنية ً‬ ‫ً‬ ‫المناه َض ِة سياس َة االنتداب‪.‬‬ ‫والمنظمات السياسية والنقابية‬ ‫ِ‬ ‫بعد الحرب العالمية الثانية برز اهتمام أميركي كثيف بتاريخ منطقة‬ ‫سعيا إلى معرفة علمية دقيقة بماضي المنطقة للتأثير على‬ ‫الشرق األوسط ً‬ ‫حاضرها ومستقبلها‪ ،‬فتأسست عشرات المراكز العلمية األميركية وتزايد‬ ‫عموديا بشؤون المنطقة‪.‬‬ ‫الباحثون األميركيين المهتمون‬ ‫ً‬ ‫ختاما‪ :‬ثمة آفاق واسعة للتعاون الثقافي بين المراكز العلمية وباحثين‬ ‫ً‬ ‫متخصصين في لبنان والواليات المتحدة للقيام بدراسات علمية مشتركة‪،‬‬ ‫جيدا في مراكز األرشيف األميركية‬ ‫واإلفادة من حجم وثائقي كبير محفوظ ً‬ ‫وثائق بالغ ُة األهمية لم ُي ِفد‬ ‫حول تاريخ لبنان في القرن العشرين‪ .‬وهي‬ ‫ُ‬ ‫منها – إال‬ ‫جزئيا – عدد محدود من المؤرخين والباحثين اللبنانيين‪.‬‬ ‫ً‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.