Mawaleh October 2012

Page 1

‫غري ّيون سوريون‬ ‫يؤيدون حقوق املثـل ّيـة‬

‫هيـك حياتنـــا‬

‫استبيان‪:‬‬

‫حقوق املثلية‪:‬‬ ‫اخلطوة املقبلة‬ ‫سوري‬ ‫مثلي‪ ...‬أنا ّ‬ ‫أنا ّ‬

‫حوار مع فتاة مثل ّية‬

‫احللقة املفقودة‬

‫بني املثل ّيات السور ّيات‬ ‫قصته‬ ‫نوار جريون يروي ّ‬ ‫رهــاب املثل ّية املؤسســـاتي‬ ‫املثل ّية اجلنسية يف علم النفس‬ ‫‪1‬‬

‫متحررون من قيود الطائف ّية‬ ‫فريوس الورم احلليمي البشري‬ ‫انتل توقف دعمها للكشافة األمريكية‬


‫ ‪4‬‬ ‫ ‪8‬‬ ‫ ‪14‬‬ ‫ ‪18‬‬ ‫ ‪20‬‬ ‫ ‪22‬‬ ‫ ‪24‬‬ ‫ ‪27‬‬ ‫ ‪28‬‬ ‫ ‪30‬‬ ‫ ‪32‬‬ ‫ ‪34‬‬ ‫ ‪38‬‬ ‫ ‪42‬‬ ‫ ‪43‬‬ ‫ ‪44‬‬ ‫ ‪46‬‬ ‫ ‪48‬‬ ‫‪ 52‬‬ ‫ ‪54‬‬ ‫ ‪56‬‬ ‫ ‪58‬‬ ‫ ‪60‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫احملتويات‬

‫جبهة مثلية موحدة‬ ‫يف املثلية اجلنسية‬ ‫رهاب املثلية املؤسساتي‬ ‫اغتصاب يف الزنزانة‬ ‫أنا مش كافر‬ ‫فريوس الورم احلليمي البشري‬ ‫نتائج االستبيان‪ :‬غرييون يؤيدون حقوق املثل ّية‬ ‫مشمش‪ :‬حقوق املثل ّية‪ :‬اخلطوة املقبلة‬ ‫احللقة املفقودة يف حياة املثل ّيات السور ّيات‬ ‫هيك حياتنا‪ :‬حوار مع فتاة مثل ّية‬ ‫يف دمشق‪ :‬مشاركة من فتاة مثل ّية‬ ‫ن ّوار جريون‪ :‬أبي أنا غاي‬ ‫كاسة شاي ومواحل‬ ‫الفارس اجملهول‬ ‫طني اليامسني‬ ‫متحررون من قيود الطائفية‬ ‫سوري‬ ‫مثلي‪ ...‬أنا ّ‬ ‫أنا ّ‬ ‫أخبار مثل ّية عامل ّية‬ ‫شخص ّية‪Ellen Degeneres :‬‬ ‫كتاب‪Cleopatra's Wedding Present :‬‬ ‫ّ‬ ‫فن‪Behind the Moon :‬‬ ‫بوشار‪Chloe :‬‬ ‫وثن ّية الوهم‬

‫‪http://facebook.com/mawale7‬‬ ‫‪http://issuu.com/mahmoudhassino/docs‬‬ ‫‪2‬‬


‫هيئة التحرير‬ ‫ ‬

‫حممود حسينو‬ ‫(سامي محوي)‬ ‫سرمد العاصي‬ ‫لوليا داوود‬ ‫آدم الدومري‬ ‫نوار جريون‬ ‫نور معراوي‬ ‫ليلى رحياني‬

‫«مــوالــح» هي جملة تعنى‬ ‫ بالتوجهــات اجلنســــــية‬ ‫ واهلــــو ّيــة اجلنــــــدر ّية‬ ‫وحقوق املثلية اجلنســ ّية‪.‬‬

‫للمراسلة‬ ‫لطلب املساعدة أو إرسال املشاركات‬ ‫‪mawale7’@gmail.com‬‬ ‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬

‫للتعليق أو مراسلة كتاب اجمللة‪،‬‬ ‫يرجى أخذ عناوين الربيد‬ ‫االلكرتوني املنشورة ضمن املقاالت‬ ‫واملواد الداخليّة‬

‫الغالف تصميم‪:‬‬ ‫نور مع ّراوي‬

‫التصميم الداخلي‪:‬‬

‫نور مع ّراوي وسامي محوي‬

‫‪3‬‬

‫إن هذه اجمللة ختاطبنا أو ًال‪ ،‬نطرح فيها‬ ‫مشكالتنا‪ ،‬ونقرتح حلو ًال هلا لعلنا نصل يوم ًا‬ ‫مثلي‪،‬‬ ‫إىل الوعي الكامل حول وجودنا كمجتمع ّ‬ ‫وحول حقوقنا اليت حيق لنا التمتع بها‪ ،‬كأي‬ ‫فر ٍد آخر من أفراد اجملتمع‪.‬‬


‫فستق‬

‫‪4‬‬


‫فستق‬ ‫جبهة مثلية موحدة‬

‫اجلنسية من كافة أركانه وخباياه‪ ،‬إال أن كثيرا ً من وسائل اإلعالم‬ ‫املثلية‬ ‫على الرغم من صعوبة تناول موضوع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بشكل أو بآخر‪ ،‬في‬ ‫ص في سوريا كانت قد طرحته على صفحاتها أو مواقعها االلكترونية‬ ‫الرسمي واخلا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫االلكترونية‪ ،‬دون أن تعتمد في طرحها على أصول‬ ‫محاول ٍة من بعضها جلذب القرّاء والزائرين ملواقعها‬ ‫ّ‬ ‫الصحفي‬ ‫أهم أركان وأصول التحقيق‬ ‫الصحفي الثابتة‪ ،‬واملتعارف عليها‬ ‫التحقيق‬ ‫دولياً‪ ،‬فمن ّ‬ ‫إقليميا ً أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اعتماد املوضوعية وعدم القيام بالتحقيق بنا ًء على معتقدات وأفكار مسبقة‪.‬‬ ‫املثلية باعتبارها مرضاً‪،‬‬ ‫النمطية لألفكار السائدة عن‬ ‫من املالحظ أن اإلعالم السور ّي كان يدور في فلك احملاور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫انحالال ّ أخالقياً‪ ،‬أو ظاهرة دخيلة على اجملتمع‪ ،‬حتى أن القارئ لكثي ٍر من التقارير املكتوبة يلحظ اجلهد املبذول‬ ‫قضية‬ ‫من قبل الكاتب لتمكني وترسيخ تلك النظريات‪ ،‬أو الدعوة لها أحياناً‪ ،‬لتخرج كافة احملاوالت لبحث‬ ‫ّ‬ ‫املثلية‪ ،‬وتعتمد وجهة النظر األحادية اجلانب‪ ،‬التي‬ ‫اجلنسية مبعلومات منقوصة‪ ،‬ال تبحث في كافة زوايا‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمثلية ضمن الشارع‪ ،‬لذلك لم تنجح أي ُة‬ ‫العدائية‬ ‫تبنى في مجملها على آلية خطاب واستثارة املشاعر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محاول ٍة قامت بها وسائل اإلعالم السورية في اخلروج من دائرة البروباغاندا في تناولها ملوضوع املثلية‪.‬‬ ‫تُعر ّ ُف البروباغاندا «‪ ، »Propaganda‬بأنها «نشر ُ مجموع ٌة من األفكار‪ ،‬الشائعات‪ ،‬أو املعلومات األحادية‬ ‫قضية‪ ،‬مؤسسة‪ ،‬أو دولة»‪ ،‬مبعنى آخر‪ ،‬البروباغاندا‬ ‫التوجه‪،‬سوا ًء بقصد الترويج أو اإلساءة لشخص‪ ،‬مجموعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لهدف ما‪ ،‬سوا ًء كان ذلك الهدف يقضي الترويج لفكرة ما‪ ،‬أو محاول ُة هدمها‪ ،‬وهي أيضا ً‬ ‫هي اإلعالم املوجه‬ ‫ٍ‬ ‫ما تطلق عليه بعض الدول أو املؤسسات صفة «املغرض» إن كان يستهدف صورتها أو مصاحلها‪ ،‬أما نحن‬ ‫للمثلية‪.‬‬ ‫عمل يصنف ضمن البروباغاندا املعادية‬ ‫في موالح‪ ،‬فسنطلق اسم «البروباغاندا‬ ‫الرهابية» على كل ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حق من احلقوق تتطلب حراكا ً اجتماعيا ً وسياسياً‪ ،‬يُجابَه ويُحارَب من قبل األطراف األخرى‬ ‫إ ّن املطالبة بأ ّي ٍ‬ ‫الرهابية ستزداد أضعافا ً في حال طرح قضية‬ ‫ببث بروباغاندا معادية‪ ،‬مما يعني أن شراسة البروباغاندا‬ ‫ّ‬ ‫خالف مهما كان نوعه‪،‬‬ ‫حقوق املثلية ومحاولة املطالبة بها‪ ،‬لذلك جن ّدد دعوتنا إلى التوحد معاً‪ ،‬ونبذ أ ّي‬ ‫ٍ‬ ‫ثنائي اجلنس على هدفنا األهم‪ ،‬ونتمكن من املطالبة‬ ‫املثلي أو‬ ‫لنجتمع جميعا ً كأصحاب وصاحبات التوجه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحقوقنا على وجه صحيح‪.‬‬ ‫اجلنسية‪ ،‬عبر محاربة إحدى مقوالت البروباغاندا‬ ‫املثلية‬ ‫لقد بدأنا في موالح أولى اخلطوات نحو املطالبة بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرهابية التي تدعي عدم وجودنا‪ ،‬وتعاملنا كظاهر ٍة دخيلة‪ ،‬إال أن الطريق أمامنا طويلٌ جداً‪ ،‬ويتطلب بكل‬ ‫تأكيد تشكيل جبهة مثلية موحدة‪ ،‬جتمعنا جميعا ً برغم اختالفات أفكارنا وتوجهاتنا‪.‬‬ ‫‪5‬‬


6


‫شاركونا بقصصكم وأفكاركم‬

SyrianGayGuy@gmail.com Mawale7@gmail.com

7


‫عوجا‬ ‫األمريكية النفسية نفس املوقف في عام ‪، 1975‬‬ ‫وحثت جميع مختصي علوم الصحة العقلية‬ ‫للمثلية‬ ‫ألخذ اخلطوات الالزمة إلزالة وصمة العار‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية بوصفها مرضا ً عقليا ً‪ .‬وتبنت اجلمعية‬ ‫الدولية للعمال نفس الفكرة‪.‬‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬أكّـد مختصو الصحة العقلية والباحثون‬ ‫مثلي اجلنسية‬ ‫من فترة طويلة أن كون الشخص‬ ‫ّ‬ ‫ال يورث أي عوائق في عيش حياة سعيدة‪ ،‬حية‪،‬‬ ‫مثلي اجلنسية –‬ ‫ومنتجة‪ ،‬وأن الغالبية العظمى من‬ ‫ّ‬ ‫ذكورا ً و إناثا ً – يعملون بشكل سليم في املؤسسات‬ ‫االجتماعية وفي العالقات الشخصية‪.‬‬ ‫أظهرت األبحاث والكتابات العيادية أن االجنذابات‬ ‫العاطفية واجلنسية لنفس اجلنس هي طبيعية‬ ‫وعدتها تنوعا ً إيجابيا ً في االجتاهات اجلنسية البشرية ‪.‬‬ ‫كما أن منظمة الصحة العاملية‪ ،‬التي صنفت‬ ‫املثلية اجلنسية‬ ‫في كتابها ‪ ICD-9‬عام ‪1977‬‬ ‫ّ‬ ‫كمرض عقلي؛ أزالتها من قائمة األمراض العقلية‬ ‫في كتابها ‪ ،ICD-10‬مؤيدة بذلك للتجمع الرابع‬ ‫والثالثني ملنظمات الصحة في ‪ 17‬أيار عام ‪.1990‬‬ ‫على الرغم من ذلك‪ ،‬فإن جتربة التمييز في اجملتمع‬ ‫وإمكانية الرفض من قبل األصدقاء والعائلة واآلخرين‪،‬‬ ‫قد يؤدي رمبا إلى انتشار أكبر من املتوقع ملشكالت‬ ‫مثليي اجلنس‪.‬‬ ‫األمراض النفسية بني بعض‬ ‫ّ‬ ‫ التطبيق املناسب للعالج النفسي اإليجابي‬‫يعتمد على هذه احلقائق العلمية اآلتية‪:‬‬ ‫ االجنذاب اجلنسي لنفس اجلنس‪ ،‬التصرفات‪ ،‬و‬‫االجتاهات بحد ذاتها هي تغيرات إيجابية للجنسية‬ ‫البشرية‪ .‬مبعنى آخر‪ ،‬ال يوجد أي دليل يدل على‬ ‫وجود اضطرابات تصيب النمو أو العقل‪.‬‬ ‫املثلية اجلنسية واالزدواجية اجلنسية‬ ‫ مت وصم‬‫ّ‬ ‫بوصمة عار‪ ،‬وكان لهذه الوصمة العديد من النتائج‬

‫السلبية‪ ،‬مثل متالزمة األقلية ‪.‬‬ ‫ االجنذاب للجنس الواحد أو التصرفات من املمكن‬‫أن تظهر في أشخاص مختلفي االجتاهات اجلنسية‬ ‫والهوية اجلنسية‪ ،‬أي أنها قد تصيب اجلميع‪.‬‬ ‫ومثليات اجلنس‬ ‫مثليو‬ ‫ من املمكن أن يعيش‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومزدوجو اجلنس حياة ُمرضية وثابتة وعالقات ملتزمة‬ ‫ومتساوية في اجلوهر مع العالقات التي يقوم بها‬ ‫غيريو اجلنس من النواحي األساسية جميعا ً‪.‬‬ ‫ ال تدعم أي دراسة حتليلية أو مقارنة النظريات‬‫للمثلية تأتي‬ ‫التي تقول بأن االجتاهات اجلنسية‬ ‫ّ‬ ‫بسبب صدمة أو خلل يعود منشؤهما للعائلة‪.‬‬ ‫علم أسباب األمراض‬ ‫صرّح كل من اجلمعية األمريكية النفسية‪ ،‬و جمعية أطباء‬ ‫النفس األمريكيني‪ ،‬و اجلمعية الدولية للعمال باآلتي‪:‬‬ ‫ال يوجد أي دليل علمي عن عوامل حتدد االجنذاب‬ ‫مثلياً‪ ،‬أو‬ ‫اجلنسي لألشخاص‪ ،‬سوا ًء كان غيريّاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مزدوجاً‪ ،‬كما ال توجد دالئل أن امليول اجلنسية قد‬ ‫تعود إلى عوامل بيولوجية‪ ،‬أو عوامل اجتماعية‬ ‫كاجتاهات األبوين‪ .‬على الرغم من ذلك‪ ،‬فإن الدليل‬ ‫مثليي‬ ‫العظمى من‬ ‫املتوفر يشير بأن األغلبية ُ‬ ‫ّ‬ ‫اجلنس – ذكورا ً و إناثا ً – قد تربوا على أيدي أبوين‬ ‫باجتاهات للجنس اآلخر‪ ،‬و معظم األطفال الذين تربوا‬ ‫مثليي اجلنسية بالنهاية كبروا ليصبحوا‬ ‫على أيدي‬ ‫ّ‬ ‫ذوي اجتاه جنسي للطرف اجلنسي اآلخر‪.‬‬ ‫‪8‬‬


‫عوجا‬ ‫يف املثلية اجلنسية‬ ‫موالح | نور معراوي‬

‫‪sgayrights@gmail.com‬‬

‫علم النفس‬ ‫كان ِعلم النفس أحد أول التخصصات التي درست‬ ‫املثلية اجلنسية على أنها ظاهرة سرية‪.‬‬ ‫اجتاهات‬ ‫ّ‬ ‫املثلية اجلنسية على‬ ‫ظهرت احملاوالت األولى لتصنيف‬ ‫ّ‬ ‫أنها مرض على يد فليد جلينغ اخملتص بعلم اجلنس‬ ‫في أواخر القرن التاسع عشر‪ .‬في عام ‪ 1886‬كتب‬ ‫عالم اجلنس ريتشارد فون كرافت‪ -‬ابينغ وصنف‬ ‫املثلية اجلنسية مع ‪ 200‬دراسة لالنحراف اجلنسي‬ ‫ّ‬ ‫و في عمله التعريفي «االنحـرافات اجلنسـية –‬ ‫املثلية‬ ‫‪ »Psychopathia sexualis‬اقترح ريتشارد بأن‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية قد نتجت إما عن حتريف َخلْقي خالل‬ ‫الوالدة أو اكتساب منحرف‪ .‬وفي نهاية العقدين‬ ‫للقرن التاسع عشر‪ ،‬بدأت رؤى مختلفة بالسيطرة‬ ‫على الدوائر الطبية والنفسية‪ ،‬تعتبر التصرف املثلي‬ ‫كمقياس لطبيعة الشخص احملكوم باجتاه جنسي‬ ‫محدد وثابت تقريبا ً‪ .‬في نهايات القرن التاسع عشر‬ ‫وبدايات القرن العشرين‪ ،‬كانت النماذج املرضية‬ ‫للمثلية اجلنسية هي املقياس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫صرّح كل من اجلمعية األمريكية النفسية‪ ،‬جمعية أطباء‬ ‫النفس األمريكيني‪ ،‬واجلمعية الدولية للعمال باآلتي‪:‬‬ ‫في عام ‪ 1952‬عندما نشرت جمعية أطباء النفس‬ ‫األمريكيني أول تشخيص لها وإحصائيات مرجع‬ ‫املثلية اجلنسية كانت متضمنة‬ ‫األمراض العقلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كمرض‪ ،‬تقريبا ً و بشكل فوري‪ ،‬ذلك التصنيف كان‬ ‫عرضة للتدقيق النقدي بأبحاث مولتها اجلمعية‬ ‫‪9‬‬

‫الدولية للصحة العقلية‪ .‬ذلك البحث والبحوث‬ ‫الثانوية بجانبه فشلت في إنتاج أي قواعد جتريبية أو‬ ‫للمثلية اجلنسية‪ ،‬غير أنها اجتاه جنسي‬ ‫علمية عائدة‬ ‫ّ‬ ‫صحي عادي‪ .‬وكنتيجة لهذه األبحاث مجتمعة‪،‬‬ ‫اخملتصون في الطب‪ ،‬والصحة العقلية‪ ،‬والعلوم‬ ‫السلوكية واالجتماعية وصلوا إلى استنتاج أنه كان‬ ‫املثلية اجلنسية كمرض عقلي أو تطرُف هو‬ ‫تصنيف‬ ‫ّ‬ ‫أمر غير دقيق‪ ،‬وأن تصنيف «‪ »DSM‬عك َ​َس افتراضات‬ ‫غير مختبرة معتمدة على املعايير االجتماعية التي‬ ‫كانت سائدة و انطباعات عيادية من مناظير ال متثل‬ ‫عينات متثل املرضى الذين يسعون للعالج و أشخاص‬ ‫آخرون جلبتهم تصرفاتهم إلى النظام القضائي‪.‬‬ ‫مع معرفة احلجة العلمية‪ ،‬فإن جمعية أطباء‬ ‫املثلية اجلنسية من قائمة‬ ‫النفس األمريكيني أزالت‬ ‫ّ‬ ‫املثلية اجلنسية‬ ‫األمراض في عام ‪ ،1973‬مصرحة بأن‬ ‫ّ‬ ‫بحد ذاتها ال تعبر عن ضعف في احلكم ‪ ،‬االستقرار‪،‬‬ ‫املوثوقية‪ ،‬أو القدرات االجتماعية العامة أو املهنية‪.‬‬ ‫بعد مراجعة البيانات العلمية بدقة‪ .‬تبنت اجلمعية‬


‫عوجا‬ ‫مثليي اجلنس – ذكورا ً و إناثا ً ‪:-‬‬ ‫مرحلة شباب‬ ‫ّ‬

‫مثليي اجلنس – ذكورا ً و إناث‬ ‫مرحلة الشباب عند‬ ‫ّ‬ ‫– حتمل احتمالية أكبر لالنتحار‪ ،‬تعاطي اخملدرات‪،‬‬ ‫مشاكل في املدرسة‪ ،‬ومشاكل العزلة بسبب‬ ‫البيئة العدوانية واملُدينة‪ ،‬اإلساءة اللفظية‬ ‫واجلسدية‪ ،‬الرفض والنبذ‪ ،‬والعزل من قبل العائلة‬ ‫مثلي اجلنسية‬ ‫واألقران‪ .‬وغالباً‪ ،‬فإن الشباب من‬ ‫ّ‬ ‫يتقدمون بشكاوى حول إساءات نفسية وجسدية‪،‬‬ ‫وأحيانا ً حترشات جنسية‪ ،‬من قبل األهل‪ ،‬أو‬ ‫الرعاة‪ .‬يُقترَح بأن األسباب لهذا التفاوت سببه‬ ‫بأن شبابهم ُمستهدف على أسس اجتاهاتهم‬ ‫اجلنسية أو مظهرهم الغير مؤكد جلنسهم‪،‬‬ ‫و عامل اخلطورة الذي يأتي مع األقلية اجلنسية‪،‬‬ ‫متضمنا ً التحقير‪ ،‬وعدم الظهور‪ ،‬والرفض من‬ ‫أفراد العائلة‪ ،‬قد يؤدي إلى زيادة في التصرفات التي‬ ‫تدفع بالشخص ألن يصبح ضحية ‪ ،‬كمشكلة‬ ‫تعاطي اخملدرات‪ ،‬ممارسة اجلنس مع العديد من‬ ‫األفراد‪ ،‬أو الهرب من املنزل وهو مراهق‪.‬‬ ‫أظهرت دراسة عام ‪ 2008‬العالقة بني درجة الرفض‬ ‫للشخص من قبل العائلة في مرحلة املراهقة‬ ‫وبني الصحة السيئة للمراهقني‪:‬‬ ‫نسب أعلى للرفض العائلي كانت وبشكل‬ ‫هام مرتبطة مع صحة الشخص املتدهورة‪،‬‬ ‫فمثليو ومزدوجو اجلنسية الذين ذكروا بأنهم‬ ‫ّ‬ ‫رفضوا من قبل األهل خالل فترة املراهقة كانوا‬ ‫غالبا ً ما يحاولون االنتحار بنسبة أعلى تقرب‬ ‫من ‪ 8.4‬مرات‪ ،‬ويزداد احتمال تعرضهم للكآبة‬ ‫عالية بنسبة ‪ 5.9‬مرة‪ ،‬فيما تزداد احتمالية‬ ‫تعاطيهم للمخدرات بنسبة ‪ 3.4‬مرات‪ ،‬وهم‬ ‫عرضة لالنخراط بعالقات جنسية غير آمنة‬ ‫بنسبة و ‪ 3.4‬مرات مقارنة مع أقرانهم الذين‬ ‫لم ترفضهم عائالتهم‪.‬‬

‫تاريخيا ً‪:‬‬ ‫املثلية‬ ‫املواقف االجتماعية حول العالقات اجلنسية‬ ‫ّ‬ ‫قد تنوعت عبر الوقت‪ ،‬من قبول أن يخوض الرجل‬ ‫عالقة مع رجل آخر‪ ،‬إلى تكامل‪ ،‬عبر القبول‪ ،‬إلى رؤية‬ ‫الفعل ذلك على أنه خطيئة طفيفة‪ ،‬إلى قمعه عبر‬ ‫القوى األمنية والنظام القضائي ‪ ،‬إلى وضعه حتت‬ ‫عقوبة املوت‪.‬‬ ‫في تصنيف مفصل ملواد تاريخية واثنوغرافية ملا‬ ‫للمثلية‬ ‫قبل احلضارة الصناعية‪ ،‬الرفض القاطع‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية كانت بنسبة ‪ 41%‬من قبل ‪ 42‬حضارة؛‬ ‫فيما مت تقبلها أو جتاهلها من قبل ‪ ،21%‬بينما لم‬ ‫يذكر ‪ 12%‬منهم هذا املفهوم أبدا ً‪ .‬من ‪ 70‬مسح‬ ‫املثلية اجلنسية أو ندرتها في‬ ‫إثني‪ 59% ،‬ذكروا غياب‬ ‫ّ‬ ‫احلدوث‪ ،‬و ‪ 41%‬ذكروا وجودها أو أنها شائعة‪.‬‬ ‫في احلضارات التي تأثرت باألديان اإلبراهيمية‪ ،‬فإن‬ ‫القانون و الكنيسة رسخا بأن اللواطة هي حتول ضد‬ ‫القانون اإللهي أو جرمية ضد الطبيعة‪ ،‬كما أنها ال‬ ‫حتمل سوى إدانة للجنس املثلي بني الذكور فقط‪.‬‬ ‫العديد من الشخصيات التاريخية‪ ،‬مثل سقراط‪،‬‬ ‫اللورد بايرون‪ ،‬إدوارد الثاني‪ ،‬وهادريان‪ ،‬كان يلصق بهم‬ ‫كلمات كـ لوطي أو مزدوج اجلنسية؛ و بعض املبشرين‪،‬‬ ‫كمايكل فوكولت‪ ،‬اعتبرها كمخاطرة عفا عليها‬ ‫الزمن للبناء املعاصر حول الغرابة اجلنسية في زمنهم‪.‬‬ ‫‪10‬‬


‫عوجا‬ ‫صرحت الكلية امللكية لعلم النفس في عام ‪ 2007‬باآلتي‪:‬‬ ‫قرن على أبحاث التقييمات والتحاليل‬ ‫رغم مرور ٍ‬ ‫النفسية‪ ،‬فإنه ال يوجد أي دليل موضوعي يدعم‬ ‫التخمني القائل بأن التربية األبوية أو التجارب في‬ ‫الطفولة املبكرة يلعبون دورا ً في تشكيل أساسيات‬ ‫االجتاهات اجلنسية للشخص‪ .‬وعلى ما يبدو أن‬ ‫االجتاهات اجلنسية هي بيولوجية بالطبيعة‪ ،‬تحُ َدد‬ ‫تفاعل معقد لعوامل جينية و البيئة الرحمية األولى‪،‬‬ ‫وعلى هذا فإن االجتاهات اجلنسية ليست بخيار‪.‬‬ ‫األكادميية األمريكية لطب األطفال عام ‪:2004‬‬ ‫رمبا ال حتدد االجتاهات اجلنسية بعامل واحد‪ ،‬بل بعدة‬ ‫عوامل جينية وتأثيرات بيئية‪ .‬في األجيال احلالية‪،‬‬ ‫فإن النظريات البيولوجية مت تفضيلها من قبل‬ ‫اخلبراء‪ ،‬على الرغم من استمرار النقاش وعدم‬ ‫اليقني بأصول التنوعات لالجتاهات اجلنسية‪ .‬حاليا ً‬ ‫فإن املعرفة تقترح أن تطور االجتاهات اجلنسية غالبا ً‬ ‫ما يكون في مراحل الطفولة املبكرة‪.‬‬ ‫صرحت اجلمعية األمريكية ألطباء النفس‪:‬‬ ‫رمبا توجد العديد من األسباب لتطور االجتاهات‬ ‫اجلنسية عند الشخص ولرمبا تكون األسباب مختلفة‬ ‫من شخص آلخر‪ ،‬وقالت أن معظم االجتاهات اجلنسية‬ ‫عند األشخاص حتدد بعمر مبكرة‪ .‬و تقضي أبحاث‬ ‫في كيفية حتديد االجتاهات اجلنسية عند الرجل‬ ‫بأنها لرمبا حتدد بعوامل جينية أو أخرى تعود لعوامل‬ ‫تربوية‪ ،‬مما رفع اخملاوف للتصنيف اجليني واختبارات‬ ‫التربية االبوية‪.‬‬ ‫ملثليات اجلنس فإنهن عادة ما يختبرن‬ ‫أما بالنسبة‬ ‫ّ‬ ‫جنسيتهم بشكل مختلف من الرجال‪ ،‬ولديهم‬ ‫منظور آخر لعلم أسباب األمراض‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫الصحة‪:‬‬ ‫الصحة العقلية‪:‬‬ ‫املثلية اجلنسية ألول مرة في‬ ‫عندما مت وصف‬ ‫ّ‬ ‫املثلية اجلنسية‬ ‫الكتب الطبية‪ ،‬كان يقترب من‬ ‫ّ‬ ‫من منظور السعي إليجاد مورث في األمراض‬ ‫العقلية وجذور أسبابه‪ .‬معظم األدب الطبي‬ ‫ومثليو اجلنس ركزوا على‬ ‫والصحة العقلية‬ ‫ّ‬ ‫اكتئابهم‪ ،‬تعاطيهم للمخدرات‪ ،‬واالنتحار‪.‬‬ ‫على الرغم من وجودها في اجملتمعات من غير‬ ‫مثليي اجلنسية ‪ ،‬إال أن هذا التعامل مع املثلية‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية قد تغير بعد إزالتها على أنها مرض‬ ‫عقلي من دليل إحصائيات التشخيص في‬ ‫عام ‪ .1973‬عوضا ً عن ذلك ‪ ،‬مت حتديد أن عوامل‬ ‫النبذ االجتماعي‪ ،‬التمييز القانوني‪ ،‬شمولية‬ ‫النظرة النمطية السلبية‪ ،‬والوصول احملدود‬ ‫مثليي‬ ‫للبنى الداعمة هي التي تؤدي إلى تأثر‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية سلبا ً بها‪ ،‬كما أنها قد تؤثر على‬ ‫صحتهم العقلية‪ .‬وصمات العار‪ ،‬والتحيز‪،‬‬ ‫جتمعية ُمسلطة‬ ‫والتمييز‪ ،‬املحَُفزة من مواقف ُم َ‬ ‫املثلية اجلنسية‪ ،‬يقود إلى انتشار أوسع‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫لألمراض النفسية بني مثليي اجلنس مقارنة‬ ‫بأقرانهم من الغيريّني‪ .‬كما تتوفر دالئل على أن‬ ‫التحرر البسيط من هذه املواقف خالل العقدين‬ ‫املاضيني كان سببا ً للتقليل من املشاكل‬ ‫مثليي اجلنس من الشباب‪.‬‬ ‫النفسية بني‬ ‫ّ‬


12


‫عوجا‬ ‫املثلية اجلنسية في اململكة احليوانية‪:‬‬ ‫سلوك‬ ‫ّ‬ ‫املثلية اجلنسية بني احليوانات إلى دليل‬ ‫يدل سلوك‬ ‫ّ‬ ‫للمثلية اجلنسية‪ ،‬واالزدواجية اجلنسية‬ ‫موثق لسلوك‬ ‫ّ‬ ‫والتحول اجلنسي في الثدييات واحليوانات من غير‬ ‫اجلنس البشري‪ .‬وتتضمن هذه سلوكيات العالقات‬ ‫اجلنسية‪ ،‬التودد‪ ،‬العاطفة‪ ،‬االرتباط الزوجي‪ ،‬واألبوية‪.‬‬ ‫باملثلية واالزدواجية اجلنسية‬ ‫فالتصرفات املتعلقة‬ ‫ّ‬ ‫منتشرة بشكل كبير في اململكة احليوانية‪.‬‬ ‫دلت دراسة في عام ‪ 1999‬من قبل الباحث بروس‬ ‫ثابت في ‪1500‬‬ ‫املثلية‬ ‫باجيميهل على أن سلوك‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫صنف من احليوانات البدائية إلى الدود املعوي‪ ،‬و‬ ‫موثق بشكل جيد ألكثر من ‪ 500‬صنف منهم‪ .‬يأخذ‬ ‫السلوك اجلنسي للحيوانات العديد من األشكال‪،‬‬ ‫حتى بني الفصيلة الواحدة‪ ،‬الدوافع والتضمينات‬ ‫لهذا السلوك مازالت غير مفهومة كلياً‪ ،‬على‬ ‫أساس أن معظم الفصائل لم تتم دراستها بشكل‬ ‫كامل‪ .‬وفقا ً للباحث بروس‪« :‬اململكة احليوانية‬ ‫[تفعلها] مع تنوع جنسي أكبر – متضمنا ً‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫واالزدواجية اجلنسية واجلنس الغير تكاثري – بشكل‬ ‫أكبر مما يقبله اجملتمع العلمي واجملتمع العام‪».‬‬

‫املثلية اجلنسية‪:‬‬ ‫الدين و‬ ‫ّ‬ ‫واملثلية اجلنسية بشكل‬ ‫قد تختلف العالقة بني الدين‬ ‫ّ‬ ‫كبير عبر الزمن واملكان‪ ،‬وبني أديان مختلفة وفروعها‪،‬‬ ‫املثلية و االزدواجية اجلنسية‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بشكل‬ ‫ّ‬ ‫غالبية مذاهب بعض االديان العاملية في عصرنا احلالي‬ ‫املثلية اجلنسية من منظور سلبي‪ ،‬على‬ ‫تنظر إلى‬ ‫ّ‬ ‫الرغم من أن القضية ليست دائما ً على هذا املنوال‪،‬‬ ‫املثلية‬ ‫فردود األفعال قد تتراوح بني تثبيط نشاطات‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية‪ ،‬إلى حترمي اجلنس املثلي بصراحة ووضوح‬ ‫تام بني البالغني‪ ،‬وإلى ُمعارضة القبول االجتماعي‬ ‫للمثلية اجلنسية‪ ،‬إلى إعدام الفاعلني فيها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪13‬‬

‫املثلية اجلنسية خطيئة‪،‬‬ ‫الكثيرون ناقشوا أنَّ كون‬ ‫ّ‬ ‫أكثر من كونها اجتاه جنسي بحد ذاته‪ .‬مع وجود‬ ‫الكثير من املنظمات التي تؤكد بأن العالج التحويلي‬ ‫النفسي من املمكن أن يساعد على القضاء على‬ ‫املثلية اجلنسية وإزالتها‪ .‬مع ذلك فإنه وضمن تلك‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫املثلية اجلنسية مبنظور‬ ‫األديان يوجد أيضا أناس يرون‬ ‫ّ‬ ‫إيجابي‪ ،‬وقد تبارك العديد من الطوائف الدينية زواج‬ ‫مثليي اجلنس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تاريخياً‪ ،‬بعض احلضارات و األديان استوعبت‪ ،‬أو‬ ‫أبلغت‪ ،‬أو بجلت اجلنسية أو احلب بني نفس اجلنس؛‬ ‫ميكن مالحظة أساطير وعادات مماثلة حول العالم‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2009‬في اململكة املتحدة‪ ،‬أصبح اجمللس‬ ‫املثلية اجلنسية‬ ‫الهندوسي أول دين أساسي يدعم‬ ‫ّ‬ ‫عندما رفعوا تقريرا ً يقول‪ « :‬الهندوسية ال تدين‬ ‫املثلية اجلنسية»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املثلية‬ ‫بغض النظر من موقف الهندوسيني من‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية‪ ،‬فإن العديد من الناس املؤمنني بأديانهم‪،‬‬ ‫نظروا إلى نصوصهم املقدسة وعاداتهم من‬ ‫أجل اإلرشاد في هذه املسائل‪ .‬على الرغم من‬ ‫ذلك‪ ،‬فغالبا ً ما يتم غض النظر عن سلطة‬ ‫العديد من العادات والنصوص والتشكيك‬ ‫بصحة ترجمتها أو تأويلها‪.‬‬


‫عوجا‬ ‫هود‪ ،‬احلجر‪ ،‬القمر‪ ،‬النمل‪ ،‬والعنكبوت‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى بعض األحاديث التي تعتبر ضعيفة السند‪ ،‬وال‬ ‫يعتمد عليها في التشريع‪ ،‬عدا عن أن القرآن لم‬ ‫يح ّدد عقوبة للفعل نفسه‪.‬‬

‫يجابهون بحروب شرسة ضدهم من قبل رجال الدين‬ ‫األعلى سلط ًة وشأناً‪ ،‬حيث يعتمد معظمهم مبدأ‬ ‫الرفض املطلق لرجل الدين املنفتح‪ ،‬بل وينزعون إلى‬ ‫اعتباره «كافرا ً» أو «خارجا ً» على الدين‪:‬‬

‫في هذه األديان الثالثة‪ ،‬أصبح املوقف املعلن حاليا ً‬ ‫أن الدين ال يرفض املشاعر املثلية‪ ،‬بل يحرّم الفعل‬ ‫اجلنسي فقط‪ ،‬وال تزال التشريعات اإلسالمية‬ ‫ّ‬ ‫املتفاوتة في التطبيق والشدة هي األقسى‪ ،‬حيث‬ ‫تصل إلى حد عقوبة اإلعدام كما في إيران‪ ،‬السعودية‪،‬‬ ‫موريتانيا‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫«أرجو أن يعترفوا أنه من خالل عرضنا للنصوص‬ ‫الواضحة من الكتاب املقدس‪ ،‬أن الكنائس‬ ‫األجنبية التي تشجع هذا األم ر «�‪gay church‬‬ ‫‪ »es‬ال تعتبر كنائس على اإلطالق‪ ،‬وال عالقة‬ ‫«عن موقع مار تقال»‬ ‫لها باملسيح»‪ .‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2001‬أصدرت «منظمة املهاجرين» فتوى‬ ‫تعتبر أن جميع القائمني والعاملني في «مؤسسة‬ ‫الفاحتة» ‪ -‬وهي مؤسسة تعمل على املطالبة‬ ‫بحقوق املثلية اجلنسية ‪ -‬هم مرتدون يجب تطبيق‬ ‫احلد عليهم‪.‬‬

‫رهاب املثلية املدعوم من الدولة‪:‬‬

‫من الدول التي يبلغ رهاب املثلية املدعوم من الدولة‬ ‫حدوده القصوى دولٌ مثل أوغاندا‪ ،‬زميبابوي‪ ،‬جامايكا‪،‬‬ ‫كوريا الشمالية‪ ،‬الصني‪ ،‬ورسيا‪ ،‬أما في الدول التي‬ ‫إسالمي‪ ،‬فيصعب الفصل بني‬ ‫تقوم على نظام حكم‬ ‫ّ‬ ‫رهاب املثلية الديني ورهاب املثلية املدعوم من الدولة‪،‬‬ ‫كما في السعودية وإيران‪ ،‬ومعظم دول اخلليج‬ ‫العربي‪ ،‬باإلضافة إلى اليمن والسودان‬

‫على الرغم من ذلك‪ ،‬هناك بعض رجال الدين املنفتحني‬ ‫على تقبل املثلية اجلنسية في األديان الثالثة‪ ،‬ومنهم‬ ‫من لديه وجهات نظر إيجابية وداعمة لها‪ ،‬إال أنهم‬

‫ميكن أن يتمثل رهاب املثلية املدعوم من الدولة في‬ ‫عدة أمور منها جترمي املثلية وفرض العقوبات عليها‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى لغة الكراهية أو التحريض ضد املثلية‪،‬‬ ‫وما يتبع ذلك من متييز وحتيز واضطهاد للمثلية‬ ‫اجلنسية‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫عوجا‬ ‫رهاب املثل ّية املؤسساتي‬ ‫موالح |سامي حموي‬

‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬

‫بدأنا في العدد السابق احلديث عن رهاب املثلية‬ ‫وأنواعه التي من أهمها وأكثرها خطرا ً هو‬ ‫رهاب املثلية املؤسساتي‪ ،‬أي الذي قد تقوم به‬ ‫مؤسسة دينية‪ ،‬كما ميكن أن تقوم به بعض من‬ ‫مؤسسات الدولة‪.‬‬

‫رهاب املثلية الديني‪:‬‬

‫حتتوي معظم ديانات العالم على تعاليم معادية‬ ‫للمثلية‪ ،‬حترميا ً وجترمياً‪ ،‬في حني جند ديانات أخرى لديها‬ ‫درجات مختلفة من غض النظر‪ ،‬إلى احلياد‪ ،‬إلى تقبل‬ ‫املثلية اجلنسية وإدراجها في دروسها الدينية‪.‬‬ ‫في العهد القدمي والتعاليم اليهودية‪ ،‬غالبا ً ما‬ ‫تستخدم قصة تدمير سودوم وعمورة «مدينة قوم‬ ‫لوط إسالميا ً» إلدانة املثلية‪ ،‬كما أن سفر الالويني‬ ‫يحتوي على حترمي واضح وعقوبة واضحة‪:‬‬ ‫«ال تضاجع ذكرًا مضاجعة امرأة» [الويني ‪]22 :18‬‬ ‫«إذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة فقد‬ ‫فعال رجسا ً كالهما إنهما يقتالن ودمهما عليهما»‬ ‫[الويني ‪]13 :20‬‬ ‫‪15‬‬

‫في املسيحية‪ ،‬يالحظ أن منظور الكنائس املشرقية‬ ‫للمثلية اجلنسية يعتبر أكثر تشددا ً من مواقف‬ ‫الفاتيكان‪ ،‬ومع ذلك فهي جميعها تعتمد في حترمي‬ ‫املثلية اجلنسية على نصوص العهد القدمي‪ ،‬وعلى‬ ‫بعض رسائل بولص الرسول‪ ،‬مثل رسائله إلى أهل‬ ‫كورينثوس وأفسس‪ ،‬دون أن يرد ذكر ٌ ألي حترمي في‬ ‫األناجيل األربعة‪:‬‬ ‫«أم لستم تعلمون أن الظاملني ال يرثون ملكوت‬ ‫اهلل؟ ال تضلوا‪ :‬ال زناة وال عبدة أوثان وال فاسقون وال‬ ‫مأبونون وال مضاجعو ذكور وال سارقون وال طماعون‬ ‫وال سكيرون وال شتامون وال خاطفون يرثون ملكوت‬ ‫اهلل» [‪ 1‬كورينثوس ‪]9-10 :6‬‬ ‫أما في اإلسالم‪ ،‬يعتمد التحرمي على قصة قوم لوط‬ ‫التي ذكرت في ست سور من القرآن‪ ،‬هي األعراف‪،‬‬


‫قصتك؟‬ ّ ‫شـو‬

‫شاركنا لنستفيد ونفيد‬ SyrianGayGuy@gmail.com Mawale7@gmail.com

16


‫عوجا‬ ‫وموريتانيا‪ ،‬حيث تستمد تلك الدول أحكام الدين‬ ‫في اضطهادها للمثلية‪ ،‬كما كان احلال في أوروبا‬ ‫في العصور الوسطى عندما كانت الكنيسة هي‬ ‫احلاكمة وكانت عقوبة املثلية هي اإلعدام‪.‬‬

‫املثلية املؤسساتي في سوريا‬ ‫رهاب‬ ‫ّ‬ ‫الديني‪:‬‬ ‫املثلية‬ ‫رهاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫يتكرر كثيرا ً في اخلطب الدينية اإلسالمية والوعظات‬ ‫والقداسات املسيحية في سوريا لفظتا «الشذوذ»‬ ‫و «اللواطة» عند احلديث عن املثلية اجلنسية‪،‬‬ ‫كما ينسب هذا الفعل إلى تقليد الغرب وعبادة‬ ‫الشيطان وغيرها‪.‬‬ ‫في نهاية التسعينيات من القرن الفائت‪ ،‬وبداية العقد‬ ‫األول من القرن احلالي‪ ،‬اتبعت خطب اجلمعة في معظم‬ ‫املساجد نهج الهجوم على ظاهرة «عبدة الشيطان»‬ ‫وكانت معظم اخلطب تنسب «الشذوذ اجلنسي»‬ ‫ألفعال هذه الطائفة‪ ،‬وتدعي أنه ناجم عن تعاطي‬ ‫اخملدرات واالنحالل األخالقي وتقليد الغرب‪.‬‬

‫رهاب املثلية املدعوم من الدولة‪:‬‬

‫لم يخلُ أي عق ٍد منذ منتصف الثمانينيات من‬ ‫القرن الفائت وحتى اآلن من حمالت مداهمة‬ ‫واعتقال للمثليني‪ ،‬كما أن بعض الفاسدين من‬ ‫رجال األمن والشرطة كانوا يستغلون مثل هذه‬ ‫األمور البتزاز املثليني ومحاولة احلصول على أموال أو‬ ‫رشاوى منهم مقابل عدم اعتقالهم‪ ،‬هذا عدا عن‬ ‫محاولة إرهاب املثليني وتخويفهم بني احلني واآلخر‪.‬‬ ‫خالل الربع األول من عام ‪ ،2010‬قامت قوات األمن‬ ‫السورية بحمالت مداهمة واعتقاالت على احلمامات‬ ‫وأماكن جتوال املثليني وحفالتهم اخلاصة والتي انتهت‬ ‫باعتقال ما يزيد عن ثالثني شخصا ً من حفلة خاصة‬ ‫كانت قد أقيمت في إحدى ضواحي مدينة دمشق‪،‬‬ ‫واستبقائهم قيد التحقيق ملدة جتاوزت التسعني‬ ‫يوما ً دون توجيه أي اتهام إليهم‪ ،‬لكنهم أشاعوا خبر‬ ‫مثلية قبل‬ ‫أن املعتقلني كانوا من رواد حفلة خاصة ّ‬ ‫إطالق سراحهم‪ ،‬مما أدى إلى خسارة الكثيرين منهم‬ ‫ألعمالهم‪ ،‬عدا عن تعرض جزء منهم للتهديد من‬ ‫قبل األسرة أو األقارب‪ ،‬األمر الذي دفع بعضا ً منهم‬ ‫إلى الهرب إلى دول مجاورة‪.‬‬

‫في عام ‪ ،2009‬قام أحد رواد موقع املان‪-‬جام «‪»ManJam‬‬ ‫في حلظة طيش بفضح أمر كثير من املثليني املسيحيني‬ ‫في أوساطهم االجتماعية في مدينة طرطوس‪ ،‬مما‬ ‫دفع رجاالت الكنيسة لالجتماع وتوجيه األهالي إلى‬ ‫فرض حصار على أبنائهم‪ ،‬ودفعهم نحو التردد على‬ ‫الكنيسة ومراجعة األطباء النفسيني لعالجهم‪.‬‬

‫وبعد بدء األحداث احلالية‪ ،‬بدأ تلفزيون الدنيا حملة‬ ‫رهابية ضد املثليني‪ ،‬متثلت في اتهام املتظاهرين ومن‬ ‫يبث تظاهراتهم باالنحالل األخالقي واللواطة على‬ ‫لسان علي الشعيبي الذي أصبح ضيفا ً شبه يومي‬ ‫على برامج القناة‪.‬‬

‫في ظل ظهور بعض املتشددين اإلسالميني وبروزهم‬ ‫في األحداث الراهنة‪ ،‬يخشى‪ ،‬حاليا ً ومستقبالً‪،‬‬ ‫من اتساع استخدام الدين ملالحقة مثليي اجلنس‬ ‫ومعاقبتهم على أفعالهم‪ ،‬على الرغم من عدم وجود‬ ‫حاالت مسجلة وموثقة من هذا النوع حتى اآلن‪ ،‬إال‬ ‫أن هذا األمر قد سبق أن حدث في العراق‪ ،‬حتى أصبح‬ ‫ظاهرة متكررة‪.‬‬

‫مثلية بعض‬ ‫عدا عن هذه احلملة‪ ،‬مت استخدام‬ ‫ّ‬ ‫املعارضنب لتهديدهم أو ابتزازهم لاللتحاق بصفوف‬ ‫املواالة مقابل «عدم افتضاح مثليتهم» على العلن‪،‬‬ ‫وعندما لم يرضخ هؤالء لالبتزاز‪ ،‬مت التشهير بهم‬ ‫علنا ً على شاشات التلفاز‪ ،‬ولعل أكبر مثال على ذلك‬ ‫هو حملة التشهير الشهيرة ضد رامي نخلة الذي‬ ‫كان معروفا ً باسمه احلركي «مالذ عمران»‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫عوجا‬

‫وقبل أن يفكروا بطريقة وإمكان خروجهم من‬ ‫الزنزانات التي ملا بعد رأوها‪ ،‬بدأت أفكارهم تأخذهم‬ ‫إلى الساعة التي ستلي إطالق سراحهم‪ ...‬هل‬ ‫سيعرف أهاليهم ميولهم اجلنسية؟ هل سيعرفها‬ ‫احلي؟ هل سيعرفها زمالؤهم في العمل‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫ّ‬ ‫وأصدقاء الطفولة‪...‬و‪...‬و‪...‬و؟‬ ‫توسلوا جميعا ً آلسريهم‪ ،‬وطلبوا الصفح عن ذنوب‬ ‫لم يقترفوها‪ ،‬لك ّن صخب التحقير واإلهانات كان‬ ‫أعلى من أنّات التوسل‪ ،‬وضاعت ابتهاالتهم بني‬ ‫ميم ونون وألف وياء وكاف‪ ،‬وعرف كل من كان قريبا ً‬ ‫حلظتها أ ّن هؤالء هم من ينعتهم البعض باملنايك‪.‬‬ ‫أخبر (ع) آسره في اخملفر بحالته الصحية‪ ،‬لكن‬ ‫األخير لم يأبه‪ ،‬بل أمره بالرقص له عارياً‪ ،‬أمام أنظار‬ ‫ثل ٍة ممن كان األحرى بهم مالحقة اجملرمني‪ .‬ولم يكن‬ ‫أمام صاحب القلب املنهك سوى اإلذعان‪ ،‬علّهم‬ ‫يلمحون في عينيه حياته السابقة التي يراها‬ ‫كلها اآلن‪ ،‬ويرى أكثر ما يرى منها‪ ،‬الغرفة التي ُشق ّ‬ ‫بعض من‬ ‫فيها صدره ليحصل ما في داخله على‬ ‫ٍ‬ ‫الرمق‪ ،‬ولم يكن يعرف أن حقدهم لم يكن وحده ما‬ ‫يعميهم عن آالمه‪.‬‬ ‫«اغتصبوني‪ ،‬مو مرة‪ ،‬أكتر من مرة‪ ،‬وبكل مرّة‬ ‫كنت عم بتمنى قلبي يوقف»‪،‬‬ ‫هنا أوقفته عن الكالم‪ ،‬فما قاله يكفي ليجهز على‬ ‫ب لم يعيه املرض‪.‬‬ ‫قل ٍ‬ ‫‪18‬‬


‫عوجا‬ ‫اغتصاب يف الزنزانة‬ ‫حقيقية‬ ‫موالح |قصة‬ ‫ّ‬ ‫حوار وصياغة‪ :‬سامي حموي‬ ‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬

‫لم يكن (ع) يعلم يومها أن حياته السابقة ستمر ّ‬ ‫أمامه كامل ًة كلّ يوم طيلة عشرة أيام‪ ،،‬ولم يكن‬ ‫ليحلم أ ّن قلبه املريض سيحتمل كل هذه اآلالم‪.‬‬ ‫بدا ذلك اليوم عاديا ً‬ ‫ّ‬ ‫ككل أيام (ع) الرتيبة‪ ،‬فحالته‬ ‫الصحية لم تعد تسمح له مبمارسة اجلنس‬ ‫رغم صغر سنه‪ ،‬إال أنه كان يحاول اخلروج عن‬ ‫مألوفه برحل ٍة إلى إحدى احلدائق‪ ،‬يلتقي فيها‬ ‫بعضا ً من األصدقاء اجملتمعني هناك‪ ،‬ويضيع في‬ ‫خياالته التي ال يسمح لها باجلنوح كثيرا ً كي ال‬ ‫تؤثر على قلبه املريض‪.‬‬ ‫اعتاد رؤية أمثاله من املثليني هناك‪ ،‬واعتادوا معا ً رؤية‬ ‫سيارات الشرطة تذرع الشارع أمامها جيئ ًة وذهاباً‪،‬‬ ‫واعتادوا أال يقترب منهم أحد‪ ،‬أال يسائلهم أحد‪ ،‬حتى‬ ‫ظن اجلميع أ ّن ال أحد يأبه ملثليتهم‪ ،‬فهم وغيرهم‬ ‫هنا منذ سنوات‪ ،‬لك ّن تلك العادة سريعا ً ما دمرت‪.‬‬ ‫اقتربت سيارات شرطة من املكان‪ ،‬وأحاطت بهم كمن‬ ‫يداهم عصاب ًة تهدد أمن الدولة‪ ،‬تصيدتهم واحدا ً‬ ‫واحداً‪ ،‬وحملت منهم إلى مخفر الشرطة ثالثني‪.‬‬ ‫كادت دقات قلب (ع) تفتك به‪ ،‬فالهدوء انقلب ذعراً‪،‬‬ ‫وتقلبات املشاعر تؤذيه‪.‬‬ ‫بدأ اإلذالل منذ حلظة االعتقال‪ ،‬وكانت كلمات‬ ‫حدب وصوب‪ ،‬تصل بينها‬ ‫التحقير تنهال من كل‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫أوامر بالصعود إلى عربة الشرطة لم يكن ٌّ‬ ‫منهم بحاجة إليها‪ ،‬فقد عرفوا أنهم مستهدفون‪،‬‬ ‫‪19‬‬


‫لم تألُ األم جهداً‪ ،‬فذهبت إلى الكنيسة لتخبر‬ ‫اخلوري مبا كان يفعله ابنها‪ ،‬فما كان من األخير إال‬ ‫أن طلب منها إحضاره إلى مكتبه في الكنيسة في‬ ‫يوم وساعة حددهما‪ ،‬وكان له األمر الذي أراد‪.‬‬ ‫في تلك الغرفة الضيقة‪ ،‬التي يجب أن يش ّع منها‬ ‫بكم من الكراهية لم يكن يظ ّن‬ ‫احلب‪ ،‬شعر (ز)‬ ‫ٍّ‬ ‫يوما ً أنه سيشهد مثيال ً له‪ ،‬فقد بدا له ذلك‬

‫عوجا‬

‫كرجل تتطاير شرارات‬ ‫اخلوري‪ ،‬الذي ألف بشاشته‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الغضب من عينيه‪ ،‬لتحرقه بنيران اخلوف‪ ،‬والعار‪.‬‬

‫لم يكتف اخلوري بأن استدعى األم وابنها‪ ،‬بل طلب‬ ‫أيضا ً من أخيه‪ ،‬الطبيب النفسي‪ ،‬القدوم في ذلك‬ ‫اليوم‪ ،‬لبحث حالة (ز) وكيفية إخراجه منها‪.‬‬ ‫اقترح األخ الطبيب طرقا ً مختلفة للعالج‪ ،‬تبدأ‬ ‫بجلسات املشاورة النفسية‪ ،‬وأملح أنها قد تصل‬ ‫إلى حد العالج بالصدمات الكهربائية‪ ،‬إلخراج‬ ‫«الشرير» من جسد الفتى الذاهل من احتاد جميع‬ ‫اآلراء على شرّه وفساده‪.‬‬ ‫كانت تهديدات اخلوري واضحة وبدت تعليماته‬ ‫صارمة‪ ،‬ولم يجد ب ّدا ً من اإلذعان لها‪ ،‬فقد كان على‬ ‫مثليته على‬ ‫قصة‬ ‫وشك أن يخسر كلّ شيء‪ ،‬وكانت ّ‬ ‫ّ‬ ‫وشك اخلروج للعلن‪ ،‬لكل من حوله‪ ،‬في ذلك اجملتمع‬ ‫الضيق الذي يريد أن يتسلى بتلقف قصص اآلخرين‬ ‫ّ‬ ‫وقضاء ساعات السمر في احلديث عنها‪.‬‬ ‫لم يستمع الطبيب كثيرا ً ملا أراد (ز) أن يقوله‪ ،‬فقد‬ ‫اكتفى بقوله «ما حدا علمني شي‪ ،‬أنا لقيت حالي‬ ‫هيك»‪ ،‬ليقرّر بدء العالج بالصدمات الكهربائية‪،‬‬ ‫جلسات من الصلوات‬ ‫التي رافقتها في بعض األحيان‬ ‫ٌ‬ ‫التي تهدف إلى طرد الشرّير من جسده الذي أوهنه‬ ‫اخلوف‪ ،‬واعتصره األلم‪.‬‬ ‫أذعن (ز) لألوامر الحقاً‪ ،‬وارتضى أن يتخذ لنفسه‬ ‫زوجة تختارها والدته بعد مشاورة اخلوري‪ ،‬زوجة‬ ‫صاحلة متدينة‪ ،‬تساعده في التخلص من الشرير‪،‬‬ ‫لكن دون أن يخبروها مبا يأمره الشرير بفعله‪.‬‬ ‫ال تزال نظرات اخلوري نحوه حتمل الكثير من الشك‬ ‫واحلكم عليه بالفجور ‪ ،‬وال يزال عقله حبيس‬ ‫حلظات جلسات الصدمات الكهربائية‪ ،‬وال تزال‬ ‫أصداء أصوات صلوات اخلوري تصدع رأسه‪ ،‬ليقول‬ ‫بني احلني واآلخر‪،‬‬ ‫«أنا مو كافر‪ ،‬أنا خلقت هيك»‬ ‫‪20‬‬


‫عوجا‬ ‫أنا مش كافـر‬ ‫حقيقية‬ ‫موالح |قصة‬ ‫ّ‬ ‫حوار وصياغة‪ :‬سامي حموي‬

‫كان (ز) فتى وحيدا ً لعائلته التي كانت معروف ًة‬ ‫في األوساط االجتماعية في مدينته‪ ،‬لذلك كانت‬ ‫مثليته كبيرة‪ ،‬فحاول عدم االختالط‬ ‫معاناته مع‬ ‫ّ‬ ‫باملثليني كثيراً‪ ،‬ظنا ً منه أن ذلك سيجعل من تركه‬ ‫املثلية والزواج أمرا ً أسهل‪ ،‬برغم درجة تعليمه‬ ‫مثليته ليست‬ ‫العالية ومطالعاته التي أكدت له أن‬ ‫ّ‬ ‫أمرا ً قابال ً للتغيير‪.‬‬ ‫أل ّن احلياة ال تخضع ملعادالت الرياضيات التي كان ضالعا ً‬ ‫تغيرت حياته‪ ،‬وانقلبت كل حساباته‪ ،‬عندما وقع‬ ‫فيها‪ّ ،‬‬ ‫وحتولت أحالمه من محاولة إرضاء العائلة‬ ‫في احلب‪ّ ،‬‬ ‫إلى محاولة البحث عن فرصة مُتَكّنه من كسر املألوف‬ ‫والبقاء مع حبيبه ُجلّ الوقت‪ ،‬إن لم يكن كلّه‪.‬‬ ‫«احلب غريب»‪ ،‬كما يقول‪ ،‬فقد بدت أعراض احلب‬ ‫تظهر على وجهه‪ ،‬وتتجلى في كل حتركاته‪ ،‬حتى أن‬ ‫والدته الحظت عالمات احلب عليه‪ ،‬وبدأت تالحقه‪،‬‬ ‫دون أن يشعر‪ ،‬لتعرف ملن يدق قلب ابنها الوحيد‪.‬‬ ‫كان معظم جهده يتجه نحو خلق الفرص للقاء‬ ‫حبيبه‪ ،‬دون ان يعير انتباها ً إلى محاولة إخفاء‬ ‫األمر عن والدته‪ ،‬التي كثفت جهدها في مالحقة‬ ‫ومتابعة ابنها‪ ،‬فهي لم تكن تريد له أن يتزوج‬ ‫فتاة من طائف ٍة أو شريحة اجتماعية مختلفة‪،‬‬ ‫فحاولت في أحد األيام تفقد هاتفه احملمول‪،‬‬ ‫احلب الذي تبادلها ابنه مع‬ ‫ل ُتفاجأ بكم رسائل‬ ‫ّ‬ ‫أحمد‪ ،‬الذي لم تعرفه أو تسمع به يوماً‪ ،‬لكنها‬ ‫بأفعال‬ ‫حكمت عليه بأنه فاسد‪ ،‬يغري ابنها‬ ‫ٍ‬ ‫مشينة‪ ،‬يجب أن توقفها‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬


‫لوز‬ ‫عند الرجال املثليني و‪ %50‬من حاالت سرطان احلنجرة‬ ‫عند كال اجلنسيني‪.‬‬ ‫لذلك تعد اإلصابة بالفيروس ذات خطورة عالية ملا قد‬ ‫يسببه من سرطانات وإن كانت معظم حاالت اإلصابة‬ ‫به ال تؤدي إلى أية أعراض أو مشاكل صحية أخرى‪.‬‬

‫طرق الوقاية‬ ‫مبا أن انتقال الفيروس يتم عن طريق احتكاك‬ ‫األعضاء اجلنسية‪ ،‬ال متنع الواقيات الذكرية اإلصابة‬ ‫به بشكل كامل‪ .‬الطريقة الوحيدة للحماية من‬ ‫انتقال الفيروس هي عدم ممارسة عالقات جنسية‬ ‫مع أكثر من شريك واحد خالل الفترة نفسها‬ ‫باستخدام الواقيات الذكرية‪.‬‬

‫لقاحني للحماية‬ ‫كذلك في اآلونة األخيرة‪ ،‬مت تطوير‬ ‫َ‬ ‫من اإلصابة بالفيروس أحدهما سيرفاريكس‬ ‫(‪ )Cervarix‬يعطى للنساء فقط حلمايتهم من‬ ‫سرطان عنق الرحم واآلخر غارداسيل (‪)Gardasil‬‬ ‫يعطى للرجال والنساء على حد سواء حلمايتهم‬ ‫من سرطان الشرج والثآليل اجللدية والتناسلية ‪.‬‬ ‫يؤمن هذان اللقاحان أكبر حماية ممكنة عندما يتم‬ ‫أخذهما قبل أن يقوم الشخص بأي ممارسة جنسية‬ ‫لذلك ينصح األهالي بأن يقوموا بتلقيح أبنائهم‬ ‫قبل أن يتموا سن الثانية عشر ولكن إذا لم يكن ذلك‬ ‫ممكنا ً عندها‪ ،‬ميكن لألشخاص الناشطني جنسيا ً أن‬ ‫يأخذوا اللقاح حتى حوالي سن اخلامسة والعشرين‪.‬‬ ‫يتوفر اللقاحان عند بضعة أطباء في سورية ويتم‬ ‫إعطاؤهما بشكل أساسي للمراهقات والنساء‬ ‫قبل الزواج ولكن بسبب الضغوط االجتماعية‬ ‫والتقاليد ال يتم نشرهما واإلعالن عنهما بشكل‬ ‫كاف وخاصة حلماية الشبان مثليي اجلنس‪.‬‬

‫طرق العالج‬ ‫ال يوجد عالج لفيروس الورم احلليمي البشري بحد‬ ‫ذاته‪ ،‬مما يجعل الوقاية منه أمرا ً بغاية األهمية‪.‬‬ ‫ولكن عند حدوث أية أعراض يسببها‪ ،‬ميكن اتباع‬ ‫طرق عالجها اخملتلفة‪ .‬ففي حالة اإلصابة بالثآليل‬ ‫اجللدية أو التناسلية‪ ،‬ميكن الذهاب عند أي طبيب‬ ‫جلدية والتخلص منها بشكل بسيط من خالل‬ ‫تناول بعض األدوية‪.‬‬ ‫أما في حالة اإلصابة بنوع من أنواع السرطان‬ ‫التي يسببها الفيروس (خاصة سرطان عنق‬ ‫الرحم وسرطان الشرج) فيجب استشارة طبيب‬ ‫مختص يحدد مدى تقدم السرطان والعالج‬ ‫املناسب للمريض‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫لوز‬ ‫فريوس الورم احلليمي البشري‬ ‫موالح | آدم الدومري‬

‫‪adam.domari@gmail.com‬‬

‫فيروس الورم احلليمي البشري أو كما يسمى‬ ‫باإلنكليزية ‪ Human Papillomavirus‬اختصارا ً‬ ‫«‪ »HPV‬هو أحد أكثر أنواع العدوى املنتقلة‬ ‫جنسيا ً انتشارا ً وسهول ًة في االنتقال إذ أنه ينتقل‬ ‫من الشخص املصاب إلى شركائه اجلنسيني عن‬ ‫طريق معظم املمارسات اجلنسية كما أن معظم‬ ‫حاالته ال تسبب أية أعراض واضحة مما يجعل‬ ‫اكتشافه عند املصاب أمرا ً صعبا ً‪.‬‬

‫طرق االنتقال‬

‫األعراض‬

‫ينتقل املرض من الشخص املصاب إلى شركائه‬ ‫اجلنسيني عن طريق اجلنس الشرجي واجلنس الفموي‬ ‫وخاصة اجلنس املهبلي لدى النساء مغايرات اجلنس‪.‬‬ ‫على عكس فيروس نقص املناعة املكتسب‪ ،‬ال يتم‬ ‫انتقاله عن طريق السائل املنوي بل عن طريق‬ ‫احتكاك األعضاء اجلنسية باألغشية اخملاطية‬ ‫للمصاب وبالتالي ال متنع الواقيات الذكرية انتقاله‬ ‫بشكل كامل‪ .‬كما ميكن في بعض احلاالت النادرة‬ ‫جدا ً أن يتم انتقال املرض من األم احلامل إلى جنينها‬ ‫أثناء الوالدة‪.‬‬

‫ال تسبب معظم اإلصابات بهذا الفيروس أية أعراض‬ ‫ظاهرية بل يتم الشفاء منها تلقائيا ً خالل عامني‬ ‫بعد اإلصابة على األكثر‪ .‬ولكن جتدر اإلشارة إلى أنه‬ ‫ميكن للمصاب أن ينقل املرض إلى شركائه اجلنسيني‬ ‫خالل هذه الفترة وإن لم تظهر عليه أية أعراض‪.‬‬ ‫في بعض احلاالت‪ ،‬ميكن أن يسبب الفيروس ثآليل‬ ‫جلدية أو تناسلية‪ .‬غالبا ً تظهر هذه الثآليل داخل‬ ‫املهبل أو الشرج أو على القضيب وفي حاالت نادرة‬ ‫ميكن أن تظهر في الفم واحللق نتيجة انتقال الفيروس‬ ‫عن طريق اجلنس الفموي‪.‬‬ ‫وفي بعض احلاالت األخرى‪ ،‬تؤدي اإلصابة بالفيروس‬ ‫إلى منو غير طبيعي للخاليا مما قد يتطور إلى سرطان‬ ‫في العضو املصاب‪ .‬وبشكل خاص‪ ،‬يعد فيروس الورم‬ ‫احلليمي البشري مسؤوال ً عن أكثر من ‪ %90‬من حاالت‬ ‫سرطان عنق الرحم عند النساء وسرطان الشرج‬

‫‪23‬‬


‫السؤال األول‪:‬‬ ‫للمثلية؟‬ ‫هل حتلم‪/‬حتلمني بحقوق كاملة‬ ‫ّ‬

‫مشمش‬

‫أجاب مائة واثنان «‪ »102‬بنعم بنسبة تتجاوز الستة‬ ‫وتسعني في املائة «‪ »96%‬فيما أجاب بال أربعة‬ ‫أشخاص كان أحدهم الشاب اللبناني املشارك في‬ ‫االستبيان‪ ،‬والذي ع ّبر في مساحة أخرى أ ّن ما يحلم‬ ‫به هو الهجرة‪ ،‬وليس حقوق املواطنة في بلده‪ ،‬فيما‬ ‫كانت إحدى اإلجابات بال من شخص يعتبر أن املطالبة‬ ‫املثلية هي اعتداء على حقوق اآلخرين‪.‬‬ ‫بحقوق‬ ‫ّ‬

‫السؤال الثاني‪:‬‬ ‫ما نوع احلقوق التي حتلم بها؟‬ ‫املثلية قانوناً‪ ،‬وحماية املثليني‬ ‫تفاوتت اإلجابات على هذا السؤال‪ ،‬كان معظمها يتمحور حول إلغاء جترمي‬ ‫ّ‬ ‫من االضطهاد النفسي واجلسدي املمارس عليهم من قبل الدين واجملتمع والدولة‪ ،‬كما أن بعض اإلجابات‬ ‫حملت تعبيرا ً بسيطا ً لكنه أيضا ً مع ّبر وهو «حقوق املواطنة الكاملة» الذي يحتوي في جوهره كل‬ ‫احلقوق الذي يجب أن يتمتع بها املواطن في وطنه‪ ،‬كما وردت كثير ٌ من اإلجابات التي تعتقد أن حرية‬ ‫املثلية‪.‬‬ ‫التعبير تشمل كلّ شيء‪ ،‬مبا فيه حقوق‬ ‫ّ‬ ‫السؤال الثالث‪:‬‬

‫املثلية أمر شائن؟‬ ‫هل تعتقد أن املطالبة بحقوق ّ‬

‫أجاب مائة وثالثة «‪ »103‬بـ«ال» بنسبة تتجاوز‬ ‫الستة وتسعني في املائة «‪ »97%‬فيما أجاب بنعم‬ ‫ثالثة أشخاص أحدهم ذات الشخص الذي يعتقد‬ ‫املثلية هي اعتداء على احلريات‬ ‫أن املطالبة بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫الدينية لآلخرين‪.‬‬

‫السؤال الرابع‪:‬‬ ‫املثلية أمر شائن؟‬ ‫ملاذا تعتقد أن املطالبة بحقوق ّ‬ ‫لم نحصل سوى على إجابة واحدة‪ ،‬كانت بلغة ركيكة تغلب عليها األخطاء اإلمالئية نصوغها لكم‬ ‫باآلتي‪« :‬ألننا ال ميكننا ان جنبر الناس على شيء يعتقدون أنه كفر ٌ في بالدهم‪ ،‬تنتهي حريتك عندما تبدأ‬ ‫حرية االخرين وأنا أعتقد ان ظواهر املثليني علنا ً اعتداء على دين وعادات وتقاليد وحرية اآلخرين»‪.‬‬ ‫‪24‬‬


‫مشمش‬ ‫حقوق املثلية ‪ -‬نتائج االستبيان‬ ‫التزال اإلجابة على االستبيان مفتوحة للجميع عبر الرابط املوجود على صفحة اجمللة على الفيسبوك‪.‬‬ ‫قام باملشاركة في االستبيان مائة وستة «‪ »106‬أشخاص‪ ،‬وكان الالفت مطالبة بعض غيريّي اجلنس‬ ‫تعديل االستبيان ليتمكنوا من املشاركة فيه‪ ،‬حيث شاركنا فيه عشرة من غيريّي اجلنس‪ ،‬أبدوا فيه‬ ‫تعاطفهم مع قضايا املثلية‪.‬‬ ‫كانت معظم املشاركات من أشخاص سوريني عدا مشاركني اثنني‪ ،‬أحدهما من لبنان واآلخر من األردن‪.‬‬

‫‪Gay 70‬‬ ‫‪Lesbian 6‬‬ ‫‪Bisexual 19‬‬ ‫‪Transgendered 1‬‬ ‫‪Heterosexual 10‬‬

‫‪25‬‬


‫مشمش‬ ‫حقوق املثلية ‪-‬اخلطوة املقبلة‬ ‫موالح |سامي حموي‬

‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬

‫ال تزال إحدى أكبر مشكالتنا في سوريا هي «تكبير الراس» واجلدل دون طائل‪ ،‬فنحن كسوريني منيل ألن ننسى أو‬ ‫عمل أن يتم بجهد فرد ّي‪ ،‬فتباين اآلراء هو أفضل ما ميكن أن يطرح طرائق حللول املشكالت‪،‬‬ ‫نتناسى أنه ال ميكن ألي ٍ‬ ‫مهما بلغت درجات االختالف والتباين فيما بيننا‪ ،‬ال تزال أهدافنا وآالمنا مشتركة‪ ،‬ولعلّ االستبيان السابق ونتائجه‬ ‫دليل على ذلك‪ ،‬فنحن في موالح‪ ،‬لن نستطيع القيام باملهمة وحدنا‪ ،‬ألننا مهما امتلكنا من قوة وشجاعة وإرادة‪،‬‬ ‫خير ُ ٍ‬ ‫ت أكبر من قدراتنا‪ ،‬حتى لو أردنا ذلك‪.‬‬ ‫نبقى بضع ًة من األشخاص‪ ،‬لن نستطيع أن نخطو خطوا ٍ‬ ‫غيرت وجه البالد ومعاملها‪ ،‬ويجب أن ال نختبئ من رياح التغيير‪ ،‬فاحلقوقُ ال‬ ‫متر ّ سوريا اآلن مبرحل ٍة‬ ‫ستغير ُ املستقبل كما ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمُ نح‪ ،‬بل تُؤخذ عنوةً عمن يريد أن يحرم أصحابها منها‪ .‬إ ّن خير مصدرٍ للعلم هو التاريخ‪ ،‬والتاريخُ يخبرنا أ ّن سابقينا‬ ‫واملثليات في سوريا قد عانوا كثيرا ً خالل عقد الثمانينيات‪ ،‬كما يخبرنا التاريخ واحلاضر‪ ،‬أن أقراننا في‬ ‫املثليني‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العراق قد عانوا ويعانون كثيرا ً منذ عام ‪ ،2003‬وإن لم نستفق للخطر املقبل علينا‪ ،‬فسنعاني الكثير‪ ،‬ولن يغفر َ لنا‬ ‫أحدٌ اختالفنا عليه أو ألجله‪ ،‬فنحن الهدف األسهل لالضطهاد‪ ،‬واحللقة التي جعلها الدين والدولة واجملتمع أضعف‬ ‫ت من االضطهاد والتهميش واملالحقة‪.‬‬ ‫احللقات عبر سنوا ٍ‬ ‫املثلية في الدول األخرى أن لكلّ دول ٍة ولكلِّ زمان خصوصيتهما‪ ،‬ويخبرنا أصحاب اخلبرة‬ ‫يخبرنا تاريخ املطالبة بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫املثلية تتم عبر صرخة تعلو فوق أصوات التجاهل‪ ،‬ليسمع كل من‬ ‫أن اخلطوة األولى دائما ً في سبيل املطالبة بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫حولنا صوتا ً يقول «نحن هنا‪ ،‬موجودون‪ ،‬إن قبلت عقولكم وجودنا أو لم تقبل‪ ،‬سنظلّ هنا»‪ ،‬كان الهدف من موالح‬ ‫املثلي‪ ،‬كي يسمعه السوريون‪ ،‬وبقية العالم‪.‬‬ ‫هو إيصال هذا الصوت‪ ،‬الذي نؤمن أنه في حاج ٍة جلميع أفراد اجملتمع‬ ‫ّ‬ ‫استنادا ً إلى االستبيان السابق‪ ،‬سنطرح بضع َة تساؤالت‪ ،‬لكي نصل معا ً ومبشاركتكم‪ ،‬إلى اخلطة املثلى واخلطوة املقبلة‬ ‫املثلي في سوريا في حاجة إلى مجلة كمجلتنا‪،‬‬ ‫املثلى في مشروع املطالبة بحقوقنا‪ ،‬فكما وردت تعليقات كثيرة أن اجملتمع‬ ‫ّ‬ ‫املثلي أننا أيضا ً في حاج ٍة إلى أفكار ومشاركات وتعليقات ومقترحات‪ ،‬تدفع بعملنا نحو‬ ‫نحن في موالح نقول جملتمعنا‬ ‫ّ‬ ‫األمام‪ ،‬بدل أن نعيق تقدمنا البطيء بخالفا ٍت تضر ّ بنا جميعاً‪ ،‬وال تعود بالنفع إال على من يريد أن يعيقنا ويلغينا‪.‬‬ ‫نقاط أثيرت من خالل تعليقاتكم ‪.‬‬ ‫أسئلتنا لالستبيان املقبل ستتمحور حول‬ ‫ٍ‬ ‫املثلية؟‬ ‫هل من املقبول أو املمكن إنشاء جمعية سورية للمطالبة بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫هل من املقبول أو املمكن توزيع منشورات توعوية حول املثلية اجلنسية؟‬ ‫هل من املقبول أو املمكن الدعوة إلى مسيرة أو اعتصام للمطالبة بحقوق املثلية‪ ،‬سوا ًء كان ذلك اآلن أم في املستقبل؟‬ ‫هل قرأت عن الوسائل واخلطوات األساسية للمطالبة باحلقوق؟‬ ‫وأسئلة أخرى مماثلة‪ ،‬نتمنى أن نحصل على إجابات عليها‪ ،‬بعد اإلعالن عن االستبيان على صفحة اجمللة على الفيسبوك‪.‬‬ ‫‪26‬‬


‫مشمش‬ ‫السؤال اخلامس‪:‬‬ ‫تصور عن طريقة البدء باملطالبة‬ ‫هل لديك‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية؟‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫بحقوق ّ‬ ‫أجاب اثنان وستون «‪ »62‬بنعم بنسبة تتجاوز ثمانية‬ ‫وخمسني في املائة «‪ »58%‬فيما أجاب بـ«ال» أربعة‬ ‫وأربعون شخصا ً «‪.»44‬‬

‫السؤال السادس‪:‬‬ ‫املثلية في سوريا؟‬ ‫ما هي برأيك الطريقة املثلى للبدء باملطالبة بحقوق ّ‬ ‫املثلية اجلنسية في سوريا‪ ،‬تبدأ بنشر‬ ‫اتفقت معظم اإلجابات على ضرورة إنشاء جمعية تطالب بحقوق‬ ‫ّ‬ ‫املثلية وماهيتها‪ ،‬وعن جناح املثليني واملثليات وثنائيي اجلنس في اجملتمع‪ ،‬كما اقترحت إحدى‬ ‫الوعي حول‬ ‫ّ‬ ‫اإلجابات نشر تقارير عن اإلساءة للمثليني وعن معاناتهم داخل سوريا‪ ،‬فيما تفاوتت اإلجابات األخرى بني‬ ‫للمثلية في اجملتمع‪ ،‬ومطالب بالعمل الفوري على إلغاء قانون‬ ‫مطالب بالتحاور مع الغيريّني املعادين‬ ‫ّ‬ ‫املثلية في سوريا‪.‬‬ ‫جترمي‬ ‫ّ‬ ‫كانت بعض آراء الغيريّن املشاركني في االستبيان صادمة بشكل يبشر باخلير‪ ،‬حيث اقترحوا تنظيم‬ ‫مسيرات حاشدة تطالب بحقوق املثليني يشارك فيها جميع من يدعم تلك احلقوق‪ ،‬فيما اقترح آخر‬ ‫املطالبة بتعديل املناهج التعليمية إلدراج امليول اجلنسية ضمن املنهاج الدراسي‪ ،‬كما اقترحوا علينا طرح‬ ‫إعالميا ً بالتدريج من خالل املسلسالت والبرامج واألخبار‪.‬‬ ‫الفكرة‬ ‫ّ‬

‫تعليقات سعدنا بها‪:‬‬ ‫إحدى السيدات الغيريات علقت في املساحة احلرّة بقولها‪« :‬أنا بدعمكن لألخير ‪ ،»>3‬ونحن كفريق موالح‬ ‫نرسل لها قلوبا ً وقبالت‪ ،‬ونتمنى لها السعادة وأن يبقى دعمها لنا مستمرّا ً‪.‬‬ ‫أحد الغيريّني متنى لنا في املساحة احلرّة التوفيق قائال ً «بالتوفيق شباب وصبايا»‪ ،‬وله جزيل الشكر وكل احملبة‪.‬‬

‫نود أن نشكر صديقة عزيزة قامت بعملية «طرش» االستبيان على حد تعبيرها‪ ،‬بعد أن اقترحت‬ ‫إضافة خيار للغيريني في االستبيان‪ ،‬مما مككنا من احلصول على آراءهم ومشاركاتهم معنا‪.‬‬ ‫لك‪.‬‬ ‫(ر)‪ ...‬شكرا ً ِ‬ ‫‪27‬‬


‫بيستاشيو‬ ‫مجموعات صغيرة دون وجود أي وسيلة لالتصال‬ ‫هي إحدى املشكالت الرئيسية التي تواجه مجتمع‬ ‫املثليات في سوريا‪ ،‬لكن ال ب ّد من وجود حلٍّ لها‪.‬‬

‫تتكون املبادئ الفكرية ملعظم العائالت السورية من‬ ‫مزيج من الدين والعادات والتقاليد‪ ،‬وبرغم وجود بعض‬ ‫العقليات والعائالت املنفتحة‪ ،‬إال أن الغالبية ليست‬ ‫كذلك‪ ،‬وفي حني أن االستقالل املادي واالستقرار بعيدا ً‬ ‫عن العائلة هو أمر يصعب أن حتققه املرأة السورية‬ ‫بشكل عام‪ ،‬تصبح فكرة الطرد من منزل العائلة هي‬ ‫املثلية‪ ،‬ملا قد يتلوه من‬ ‫الفكرة التي تخيف الفتاة‬ ‫ّ‬ ‫تشرد وحاجة مادية‪ ،‬اللذين يعدان من أصعب األمور‬ ‫التي قد يواجهها أ ّي شخص في مجتمعنا‪.‬‬

‫صرحت إحدى الفتيات ملوالح قائلة‪« :‬قمت بإنشاء‬ ‫ثم قامت إحدى‬ ‫حساب‬ ‫وهمي على الفيسبوك‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫املثليات بإضافتي إلى أربع مجموعات‬ ‫صديقاتي‬ ‫ّ‬ ‫صصت جميعها للفتيات املثليات في‬ ‫سريّة ُخ ِ‬ ‫سوريا»‪ ،‬وأضافت الفتاة التي رفضت نشر اسمها‬ ‫«لقد تخوفت للوهلة األولى أن يكون من بني أعضاء‬ ‫اجملموعة شباب غيريّون أنشأوا حسابات وهمية‬ ‫بأسماء فتيات بغرض التسلية والتحرش بالفتيات‬ ‫في اجملموعة‪ ،‬لك ّن اتضح فيما بعد أن جميع الفتيات‬ ‫مثليات‪،‬‬ ‫اللواتي يصل عدده ّن إلى ‪ 79‬فتاة ه ّن فتيات‬ ‫ّ‬ ‫وعددهن في اجملموعة يزداد باضطراد»‪.‬‬

‫عدا عن التخوف من الطرد من منزل العائلة‪ ،‬هناك‬ ‫صراع آخر يعكر صفو حياة معظم الفتيات اللواتي‬ ‫ينتمني إلى عائالت محافظة‪ ،‬أال وهو الزواج القسري‪،‬‬ ‫املثليات اللواتي‬ ‫فهناك عدد كبير من الفتيات‬ ‫ّ‬ ‫مت تزويجهن قسراً‪ ،‬وقد قالت إحداه ّن‪« :‬إن ارتداء‬ ‫كل هذه األقنعة لن ينجح إال في قتل روحي»‪ .‬إال‬ ‫املثليات قد تصرفن بذكاء واستطعن‬ ‫أن عددا ً من‬ ‫ّ‬ ‫مثلي في محاول ٍة لتجنب مثل‬ ‫أن يتزوج ّن من رجل‬ ‫ّ‬ ‫تلك املشكالت‪ ،‬لك ّن ذلك قد ال ينجح في جعل احلياة‬ ‫أسهل بالنسبة له ّن‪.‬‬

‫يتم مؤخرا ً إنشاء مجموعات سرية على أكبر شبكة‬ ‫مييز‬ ‫تواصل اجتماعي في العالم؛ الفيسبوك‪ ،‬وما ّ‬ ‫هذه اجملموعات أنها ال ميكن أن ظهر في نتائج البحث‬ ‫إن قمت بالبحث عن اسمها‪ ،‬حيث يجب على أحد‬ ‫أعضاء هذه اجملموعات أن يضيفك إليها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫املثليات‬ ‫تتخوف بعض الفتيات‬ ‫على الرغم من ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ت أخريات ضمن هذه اجملموعات‬ ‫من لقاء فتيات مثليا ٍ‬ ‫ثنائية اجلنس‬ ‫السرية‪ ،‬األمر الذي عبرت عنه فتاة‬ ‫ّ‬ ‫بقولها‪« :‬ماذا لو كانت الفتاة األخرى متهورةً‬ ‫وطائشة‪ ،‬وقامت باالتصال بأهلي لتخبرهم بتوجهي‬ ‫اجلنسي؟ لذلك ال ميكنني الوثوق بفتاة لم ألتقيها من‬ ‫ّ‬ ‫املثليات»‪.‬‬ ‫قبل‪ ،‬وهذا أمر ٌ تتفهمه معظم الفتيات‬ ‫ّ‬

‫بالنتيجة‪ ،‬ليس التخوف من الفتيات املثليات األخريات‬ ‫املثلية له ّن‬ ‫هو احلاجز الوحيد أمام مكاشفة الفتاة‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسي‪ ،‬بل اخلوف احلقيقي هو‬ ‫وتصريحها بتوجهها‬ ‫ّ‬ ‫اخلوف من املستقبل‪ .‬لكن يجب عليهن أن يعرفن‪ ،‬أ ّن‬ ‫األمور ستتغير نحو األفضل فيما لو قمن بتلك اخلطوة‪.‬‬

‫لم تكن تلك هي الفتاة الوحيدة املتخوفة من أم ٍر‬ ‫املثليات أبدين ذات التخوف‪،‬‬ ‫كهذا‪ ،‬فمعظم الفتيات‬ ‫ّ‬ ‫لك ّن ذلك ليس بسبب خشيتهن على عائالتهن إن مت ّ‬ ‫اجلنسية‪ ،‬بل بسبب خوفهن‬ ‫كشف سر ّ توجهاتهن‬ ‫ّ‬ ‫مما قد يتعرضن له من أذى إن حصل ذلك‪.‬‬ ‫‪28‬‬


‫بيستاشيو‬ ‫احللقة املفقودة‬ ‫في اتصال مع موالح‪ ،‬قالت لنا فتاة مثلية رفضت‬ ‫نشر اسمها «إن احلياة في بلدنا صعب ٌة على أية‬ ‫فتاة‪ ،‬بسبب الطريقة التي يتعاملون معنا بها في‬ ‫الشارع ووسائط النقل العامة‪ ...‬ولك أن تتخيلي‬ ‫مثلية‪ ...‬سيصبح‬ ‫ما وقع تلك املعاملة لدى فتاة‬ ‫ّ‬ ‫األمر أشبه بالكابوس»‪ ،‬وتابعت قائلة‪« ،‬كما أن‬ ‫الوضع محبط‪ ،‬ألنه ال يوجد مكان جنتمع فيه‪ ،‬أو‬ ‫موقع الكتروني تستطيع الفتيات استخدامه‬ ‫ليتعرفن إلى بعضهن»‪.‬‬

‫موالح | لوليا داوود وليلى ريحاني‬ ‫‪Loulia.Dawood@gmail.com‬‬ ‫‪Layla.Rihani@gmail.com‬‬

‫تتعرّض الفتاة املثلية للكثير من الضغوطات‬ ‫في بلدنا‪ ،‬فبينما ميكن أن تتعرض أية فتاة غيرية‬ ‫للمعاكسات‪ ،‬يكون حجم املضايقات للفتاة ذات‬ ‫املظهر الرجولي أكبر بعشر مرات‪ .‬هذا هو واقع‬ ‫حياتنا هنا‪ ،‬لكن ذلك ليس املعضل َة األكبر التي‬ ‫املثليات في سوريا‪.‬‬ ‫تواجهها‬ ‫ّ‬ ‫تكمن املشكلة األساس في عدم توفر وسيلة‬ ‫لالتصال والتواصل‪ ،‬فال يوجد موقع تعارف الكتروني‬ ‫املثليات وميكن أن يستخدمنه‬ ‫رسمي تعرفه الفتيات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في سوريا‪ ،‬وال نقاط جتمع والتقاء‪ ،‬في حني يستخدم‬ ‫‪29‬‬

‫الشباب املثليون السوريون موقعا ً الكترونيا ً للتعارف‪،‬‬ ‫دولي‪ ،‬إال أنهم يعرفونه جميعا ً‬ ‫وبرغم أنه موقع‬ ‫ّ‬ ‫ويستخدمونه‪ ،‬لذلك كان من األسهل عليهم أن‬ ‫يتصلوا ببعضهم ويتواصلوا‪.‬‬ ‫«نحن موجودات في كل مكان»‪ ،‬هذا ما أخبرتنا به‬ ‫إحدى الفتيات املثليات‪ ،‬وقالت متابع ًة أ ّن «املشكلة‬ ‫أننا ننقسم فيما بيننا إلى مجموعات صغيرة‬ ‫وكثيرة‪ ،‬مما يزيد من صعوبة اتصالنا ببعضنا»‪.‬‬ ‫وهذا ما اتفقت عليه معظم الفتيات اللواتي قمنا‬ ‫باالتصال به ّن إلعداد هذا التقرير‪ ،‬فاالنقسام إلى‬


‫بيستاشيو‬ ‫كانت أزواج املثليات مكونة من طرفني‪ .‬طرف ك ّن اإلناث‬ ‫النساء‪ ،‬وطرف ك ّن اإلناث الرجال‪ .‬كانت النساء يبدين‬ ‫غلوا ً في إظهار أنوثتهن‪ ،‬ويلبسن من الثياب أضيقها‪،‬‬ ‫ومن األلوان أكثرها تألقا ً‪ .‬في املقابل‪ ،‬كانت اإلناث‬ ‫الرجال يقصرن شعورهن‪ ،‬ويلبسن مالبس عريضة‬ ‫وفضفاضة ويقلدن في مشيتهن الشباب‪ .‬كنا نقول‬ ‫عن هذه الفئة «عربجيات»‪.‬‬

‫كانت في صفي بنتان‪ ،‬األولى وهي «العربجية»‬ ‫كانت من أصل فلبيني‪ ،‬وذات شعبية كبيرة في‬ ‫املدرسة‪ .‬كانت سمراء ومرحة‪ .‬كانت صاحبتها بنتا ً‬ ‫من أصول لبنانية‪ .‬شقراء خجولة و«مبنتة»‪ .‬كن‬ ‫يظهرن عواطفهن إحداهما لألخرى بدون أي اعتبار‬ ‫لرأي بقية الفتيات‪ .‬لم يكن أحدٌ ليجرؤ أن يشي بخبر‬ ‫صحبتهن لإلدارة‪ ،‬فقد كانتا قويتي الشخصية ذاتا‬ ‫نفوذِ بني الطالبات‪ .‬كما أن أحدا ً لم تكن لترغب في‬ ‫إدخال نفسها في هذا َ‬ ‫الشرَك‪.‬‬ ‫كنت أسمع الكثير من القصص عن فتيات يلتقني‬ ‫في احلمامات ويفعلن ما يفعلن‪ .‬كانت إدارة املدرسة‬ ‫تقبض على بعضهن متلبسات‪ .‬لكن املدرسة كانت‬ ‫خاصة‪ ،‬وكانت املديرة حريصة على بقاء الطالبات في‬ ‫مدرستها‪ ،‬فكان األمر ميضي بدون إخبار األهل‪ .‬لم يكن‬ ‫من مصلحة اإلدارة أن تطرد أي ًة من الفتيات‪ ،‬كما ليس‬ ‫من املعقول أن يُش َّهر بأي ٍة منهن‪.‬‬ ‫كنت في رغبة دائمة أن أخوض جترب ًة مع فتاة أخرى‪،‬‬ ‫لكنني لم أكن أجرؤ على ذلك‪ .‬لم أستطع أن أجمع‬ ‫الشجاعة الكافية‪ ،‬كما أنني كنت «مرتبطة» مع‬ ‫شاب في ما يشبه العالقة‪ .‬لم يكن يجذبني‪ .‬رمبا كان‬ ‫رياضيا و«جميال ً»‪ ،‬لك ّن وجهه لم يكن كذلك‪.‬‬ ‫جسمه‬ ‫ً‬ ‫لم أكن أك ّن له أية مشاعر‪ .‬هو كان لطيفً ا وطي ًبا‪،‬‬ ‫جميعا يشبهون بعضهم البعض في نظري!‬ ‫ولكنهم‬ ‫ً‬ ‫عندما انتقلت إلى سوريا ودخلت اجلامعة بدأت حياتي‬ ‫بالتغير بعض الشيء‪ .‬كنت قد بدأت أشاهد األفالم‬ ‫اجلنسية املثلية إذ كانت ثورة اإلنترت قد وصلت إلينا‪.‬‬ ‫تعرفت في تلك الفترة على فتاة كانت مختلفة عن‬ ‫البقيات‪ .‬كان مظهرها يصرخ باختالفها‪ .‬كانت مثلية‬ ‫وتريد للجميع أن يعرف ذلك‪ .‬وجدتني على املوقع‬ ‫االجتماعي الفيسبوك وأضافتني‪ .‬شيء ما دفعني‬ ‫لقبول طلب صداقتها مع أنني لم أر َ منها إال صورتها‪،‬‬ ‫ولم يكن هناك أية معلومات عنها في صفحتها‪.‬‬ ‫لكنني قبلت صداقتها! قبلتها على أية حال‪.‬‬ ‫‪30‬‬


‫بيستاشيو‬ ‫هيك حياتنا ‪1 -‬‬ ‫موالح | حوار‪ :‬سرمد العاصي‬ ‫‪SarmadOrontes@live.com‬‬

‫بدأت أعتقد أنني مثلية مع انتقالي للمرحلة الثانوية‪.‬‬ ‫كثيرات ك ّن مثليات في‬ ‫في السعودية حيث تربيت‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مدرستي‪ .‬كنت أراهن أزواجا ً أزواجا ً‪ .‬ك ّن يتصرفن‬ ‫مثلي‪ ،‬أو منطقة‬ ‫بطبيعية وارتياح كأن املدرسة حي‬ ‫ّ‬ ‫آمنة‪ .‬لم يكن يقتصر األمر على مدرستي‪ ،‬كان هذا‬ ‫أمرا ً عاديا ً في الكثير من املدارس أيضا ً‪.‬‬ ‫كانت إدارة املدرسة تنظم العديد من احملاضرات عن‬ ‫«الشذوذ اجلنسي» وحرمانيته في الدين اإلسالمي‪،‬‬ ‫ولكن كالمهم لم يكن يقنعني‪ .‬كان اعتقادي هو‬ ‫باستقاللية كل شخص‪ ،‬وحريته الكاملة في اختيار‬ ‫ما يريد‪ ،‬والتصرف كما يريد‪ .‬كم أن التحرمي كان‬ ‫الصفة السائدة في السعودية ألي متعة أو بهجة أو‬ ‫حتى ممارسة بسيطة ساذجة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ولكن هذا ال ينفي أن العديد من الفتيات ك ّ‬ ‫ن يصاحنب عدة شباب أحيانا ً‬ ‫أيضا ً غيريات‪ ،‬وك ّ‬ ‫في نفس الوقت‪ .‬كانت رفيقاتي من هذه الفئة‪،‬‬ ‫شاب وأن‬ ‫ن يدفعنني باستمرار ألن أتعرف على‬ ‫وك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫أصاحبه وأن أخرج معه‪.‬‬ ‫في املرحلة اإلعدادية كانت محاضرات املدرسة هي‬ ‫ما نبهني ملوضوع املثلية‪ .‬كانت املدرسات تتحرين‬ ‫بعمق‪ .‬ك ّن يسألننا إن وصلت ألي منا «رسالة» من‬ ‫فتاة أخرى‪ ،‬ولكن الفتيات ك ّن كتومات في هذا الشأن‪.‬‬ ‫لم تكن أي منهن لتبوح بأ ّي سر‪ .‬أذكر مرةً أن إحداهن‬ ‫اعترفت ألمها بحصول أم ٍر من هذا القبيل والتي‬ ‫أخبرت إدارة املدرسة‪ ،‬التي بدورها أخبرت أمي والتي‬ ‫سألتني إن حصل معي أمر كهذا‪ .‬لم يحصل‪ ،‬ولم‬ ‫أكن ألخبرها باألصل إن حصل‪.‬‬ ‫‪31‬‬


‫بيستاشيو‬ ‫يف دمشق‬ ‫مثلية‬ ‫موالح | مشاركة من فتاة‬ ‫ّ‬

‫‪32‬‬


‫بيستاشيو‬ ‫يف دمشق‬ ‫مثلية‬ ‫موالح | مشاركة من فتاة‬ ‫ّ‬ ‫قليال ً جداً‪ ،‬كما أنّه ّن ك ّن أيضا ً معروفا ٍت جدا ً من قبل اجلميع‪.‬‬ ‫كبرت تلك الشبكة شيئا ً فشيئا ً مبرور الوقت‪ ،‬وولدت‬ ‫بعض من‬ ‫معها بعض املشاكسات التي كان فيها‬ ‫ٌ‬ ‫الدراما‪ ،‬وكثير ٌ من الضحكات واملرح‪.‬‬

‫مثلية‪ ،‬كانت كلُّ فتا ٍة تشعر باحليرة‪،‬‬ ‫بدايةً‪ ،‬ككل‬ ‫ّ‬ ‫واخلجل‪ ،‬وأحيانا ً اخلزي‪ ،‬ألنها تظ ّن أ ّن ال واحدةً مثلها‬ ‫هنا في سوريا‪ ،‬حتى أ ّن بعضه ّن ك ّن يخجلن حتى من‬ ‫محاولة معرفة ماهية ما يشعرن به‪ ،‬وك ّن يخجلن‬ ‫من إشباع رغباته ّن‪ ،‬لذلك كانت حاله ّن تؤولُ دوما ً‬ ‫نحو النتيجة الوحيدة املعروفة في مجتمعنا‪ ،‬أي‬ ‫ت للجنس واإلجناب‪.‬‬ ‫ت إلى آال ٍ‬ ‫الزواج‪ ،‬ليتحول ّن من فتيا ٍ‬ ‫املثليات‬ ‫اقتصرت محاوالت كسر احلصار املفروض على‬ ‫ّ‬ ‫على من امتلكن الشجاعة‪ ،‬وحدها الفتاة الشجاعة‬ ‫باب افتراضي على االنترنت‪،‬‬ ‫هي من متكنت من خلق ٍ‬ ‫دول أخرى‪ ،‬ومع مرور الوقت‬ ‫تتحاور عبره مع‬ ‫ّ‬ ‫مثليا ٍت من ٍ‬ ‫وانتشار املعرفة‪ ،‬استطعن أن يجدن وسائل للقاء‪ ،‬في‬ ‫دمشق‪ ،‬في سوريا‪.‬‬ ‫بعض الفتيات امتلكن اجلرأة للتحدث لألخريات ولقائه ّن‪،‬‬ ‫مما خلق شبك ًة صغيرة من املعارف‪ ،‬كان عدد الفتيات فيها‬ ‫‪33‬‬

‫أما املشكالت التي تواجهنا فتتمثل في مشكلتني‬ ‫أساسيتني تواجههما كل فتاة في عاملنا‪ ،‬أوالهما‬ ‫هي الدين الذي يبدأ أهالينا بغرسه فينا منذ الصغر‪،‬‬ ‫والذي يصبح جدارا ً كبيراً‪ ،‬من الصعب اختراقه‪ ،‬بل‬ ‫وحتى النفكير في اختراقه‪ .‬أما املشكلة الثانية فهي‬ ‫الزواج‪ ،‬فهو ليس خياراًفي معظم احلاالت‪ ،‬خاص ًة أن‬ ‫بعض الفتيات يتم تزويجه ّن في سن الرابع َة عشرة‪،‬‬ ‫قبل أن يعرفن ما يردنه في احلياة‪.‬‬ ‫عندما تعرف الفتاة ماهيتها وما تريد‪ ،‬وتقرّر تق ّبله‪،‬‬ ‫تصبح كمن ترفض احلياة املفترضة املكتوبة عليها‪،‬‬ ‫متحدي ًة بذلك أهلها‪ ،‬ومجتمعها‪ ،‬لتصبح عرض ًة‬ ‫أللسنة الناس‪ ،‬لذلك جند أن معظم الفتيات يحلمن‬ ‫بالهجرة والسفر‪ ،‬خاص ًة من يعشن عالقات حب‬ ‫وارتباط‪ ،‬ألن السفر هو الطريقة الوحيدة التي ستمكن‬ ‫أية فتاتني من امتالك حيا ٍة مشتركة مع بعضيهما‪.‬‬ ‫حلم‬ ‫حتب‪ ،‬هو‬ ‫االستقرار في حيا ٍة مشتركة مع من ّ‬ ‫ٌ‬ ‫بسيط ال ميكن لنا أن نحققه هنا‪ .‬ما الذي ميكن‬ ‫أن تقوله أي ُة فتاة ألهلها؟ ما الذي سيحدث عندما‬ ‫تصبح في الثالثني ويبدأ الناس بسؤالها عن سبب‬ ‫عدم زواجها؟ ما العذر الذي تستطيع أن تختلقه في‬ ‫شاب مجهولٌ ال تعرفه من قبل خلطبتها؟‬ ‫كل مر ٍة يتقدم ٌّ‬


‫عجوة‬ ‫كان يومئ برأسه موافقا ً‪ .‬صراح ًة لم أكن أعرف‬ ‫اجلواب على سؤاله أصالً‪ ،‬هل أنا فعال ً‬ ‫مثلي اجلنس‬ ‫ّ‬ ‫أم ال؟ لم يكن لدي أية فكرة عن املوضوع‪ ،‬وكنت في‬ ‫حالة خوف شديد من أن يتخذ بحقي أي إجراء‪ ،‬فقد‬ ‫كان أبي شخصا ً عنيفا ً وأن يضربني كان أبسط‬ ‫األمور عليه‪ .‬لذلك أنكرت ومضت هذه احلادثة بدون‬ ‫شيء يذكر‪ ،‬ولم يحصل بعدها شيء مهم حتى تلك‬ ‫الليلة‪ ،‬وكان قد ضى وقت طويل قبلها‪.‬‬

‫لم أستطع النوم تلك الليلة‪ ،‬وحتدثت مع بعض‬ ‫عما حدث‪ ،‬وقضيت ليلة من‬ ‫من أصدقائي املثليني ّ‬ ‫اخلوف من أسوأ أيام حياتي‪ .‬و في اليوم التالي كان‬ ‫أبي يجلس على الشرفة و يشرب كوبا ً من القهوة‪،‬‬ ‫أمي كانت إلى جانبه لكنها ذهبت إلى غرفة النوم‬ ‫لتغير مالبسها‪ ،‬فقمت أنا و جلست معه آمال ً أن‬ ‫يتحدث معي باملوضوع ألنني قد تعبت من التفكير‬ ‫مبا قد يكون السبب في انزعاجه مني‪ ،‬وبدأ باحلديث‪.‬‬ ‫أبي‪ :‬أنا شو حاكيتك من زمان عن صور الشباب يللي‬ ‫كنت تشوفن؟‬ ‫أنا‪ :‬ليش شو في؟ ‬ ‫أبي‪ :‬أنا فتحت الهارد تبعك و شفت األفالم يللي‬ ‫عليه‪ ،‬نحنا شو حكينا من زمان؟ مو عَ ـأساس تبطل‬ ‫تشوف هيك شغالت؟ أنا كنت الحقك و بدي ألقطك‬ ‫ألنو كنت عرفان أنو رح ترجع تشوف هيك قصص‪.‬‬ ‫في هذه اللحظة تأتي أمي لتجلس معنا على‬ ‫الشرفة بعد أن أنهت ارتداء مالبسها‪ ،‬فيغير أبي‬ ‫احلديث‪ ،‬أنهض وأذهب لغرفتي ألعرف ماذا سأفعل‬ ‫بعد ما رأى أبي األفالم التي كنت أحتفظ بها على‬ ‫القرص الصلب‪ ،‬ولكنني كنت محظوظا أنه لم‬ ‫ير الصور التي كنت قد التقطتها مع شريكي‪.‬‬ ‫وبدأت التفكير فيما سأقول حني تسنح له الفرصة‬ ‫بالتحدث معي باملوضوع مرة أخرى‪ ،‬حيث لم يستطع‬ ‫أن يكمل حديثه مبجيء أمي‪ .‬استشرت وقتها جميع‬ ‫أصدقائي‪ ،‬وتراوحت النصائح بني إنكار األمر وقول أن‬ ‫األفالم هي من صديق‪ ،‬ولم أشاهدها بعد وال أعرف‬ ‫ماهيتها‪ ،‬وبني أن اعترف باألمر وأفصح له عن ميولي‪.‬‬ ‫لكن كال األمرين كان مخاطرة بحد ذاته‪ ،‬فإن اخترت‬ ‫الطريق األول‪ ،‬ال أعتقد أن أبي سيصدق أمرا ً كهذا‬ ‫ألنه كان يقظاً‪ ،‬كما ال أعتقد أن األمر سيكون‬ ‫أفضل باختياري أن أكذب عليه بهذه الطريقة‪ ،‬وإن‬ ‫اخترت الطريق الثاني‪ ،‬فأنا ال أعرف ردة فعله جتاه هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬ألنه ميكن أن يفعل أي شيء قد أستطيع‬ ‫تخيله‪ ،‬ويجب أن أكون جاهزا ً ألي قرار يتخذه‪.‬‬ ‫أو ال أستطيع ّ‬ ‫‪34‬‬


‫عجوة‬ ‫أبي أنا غاي‬ ‫موالح | نوار جيرون‬

‫‪nawar.jairoun@gmail.com‬‬

‫عدت إلى املنزل ذات يوم بعد أن كنت قد خرجت‬ ‫مع أصدقائي ألحد املقاهي‪ ،‬كان أبي يتصرف معي‬ ‫بغرابة‪ ،‬أحسست بأن هناك خطبا ً ما ولكنني لم‬ ‫أعرف بالضبط ما هو السبب احلقيقي‪ ،‬وكان من‬ ‫املستحيل التحدث معه عن املوضوع ألنه كان يظل‬ ‫صامتا ً و كأنه ال يريد التحدث أمام أفراد العائلة‪.‬‬ ‫لقد امتلكني خوف شديد من أن يكون قد علم عن‬ ‫ميولي اجلنسية املثلية‪ ،‬و بصراحة لم أفكر بغير هذا‬ ‫االحتمال‪ ،‬ألن القرص الصلب الذي أمتلكه يحتوي‬ ‫على أفالم جنسية مثلية‪ ،‬وصور لي مع شريكي‬ ‫السابق‪ ،‬لم تكن تلك الصور جنسية أو فاضحة‪،‬‬ ‫ولكنها كانت تكفي للداللة على أنني و شريكي‬ ‫مثليا اجلنس‪ ،‬وقد كان القرص الصلب بال حماية‪ ،‬وبدأت‬ ‫األفكار تدور في رأسي عما ميكن أن يكون قد رآه وما‬ ‫الذي سيحصل بعد أن يتحدث معي بهذا املوضوع‪.‬‬ ‫لقد عرف أبي عن ميولي اجلنسية منذ زمن بعيد‪،‬‬ ‫كنت في الرابعة عشرة من عمري و كان االنترنت قد‬ ‫دخل حديثا ً إلى منزلنا‪ .‬كنت أتصفح بعض املواقع‬ ‫املثلية وصورا ً لشباب عراة‪ .‬كنت أعجب مبا أرى‬ ‫ولكنني لم أكن أعرف أن هذا هو امليول املثلي‪ ،‬وأن‬ ‫اجملتمع ينظر إليه نظرة املريض النفسي‪.‬‬ ‫لم أكن ملما ً جدا ً بأمور االنترنت‪ ،‬فاكتشف أبي‬ ‫املواقع التي كنت أزورها ووبخني توبيخا ً شديدا ً قائال ً‬ ‫بعض العبارات املهينة بحق املثليني "لك أبي هدول‬ ‫كلّن شذوذ ووسخ‪ ،‬أنت هيك متلن؟" و أنا كنت أرد‬ ‫بأني كنت فقط أتصفح هذه الصفحات ألعرف عن‬ ‫هذه اجلماعات ال أكثر‪ .‬ال أعتقد بأنه صدقني ولكنه‬ ‫‪35‬‬


‫عجوة‬ ‫أنا‪ :‬ال ال أبداً‪ ،‬ما بعمل هيك شي شو مفكرني أنت؟‬ ‫أصال ً ما بسترجي و بخاف‪.‬‬ ‫حاولت إقناع أبي باملوضوع بطرق كثيرة‪ ،‬علمية‬ ‫وإنسانية‪ ،‬أنني ال أستطيع التحكم بهذه املشاعر‪،‬‬ ‫لكنه كان مصرا ً أنها مرض‪ ،‬وأنني ميكن أن أزور طبيبا ً‬ ‫نفسيا ً ليعاجلني‪ ،‬ولكن إن كانت مشاعري هي مرض‪،‬‬ ‫فما السليم الذي بقي مني؟‬ ‫وبعد جدال طويل‪ ،‬الحظت أنني لم أستطع إقناعه‪،‬‬ ‫وكنت دائما ً أنكر أنني قد مارست أيا ً من األفعال‬ ‫املثلية مع أي أحد كان‪ ،‬ألنني أعتقد أن عواقب اعتراف‬ ‫كهذا ستكون خطيرة جدا ً وغير محبذة‪ .‬اقترح أبي‬ ‫عندها أن أزور الكنيسة بشكل متواصل وأخبر أحد‬ ‫رجال الدين هناك بقصتي ليساعدني‪ ،‬كما أطلب‬ ‫مني أن أمحو تلك األفالم من القرص الصلب‪ ،‬ألنها‬ ‫باعتقاده هي الطريقة املثلى للشفاء‪.‬‬ ‫بعدما عجزت عن إقناعه باألمر قررت أن أخبره مبا يود‬ ‫سماعه وأنني سأمحو تلك األفالم‪ ،‬وأزور الكنيسة‬ ‫بشكل متواصل‪ ،‬وما إلى هنالك من أمور أخرى‬ ‫علي‪ .‬كنت أعرف أنها بال جدوى ألنني‬ ‫اقترحها‬ ‫ّ‬ ‫كنت قد جربتها جميعاً‪ ،‬مل ّدة طويلة جداً‪ ،‬لكن ال‬ ‫أحد يستطيع أن يغير مشاعره بأي طريقة كانت‪.‬‬ ‫بذلك ينتهي حديثنا‪ .‬يذهب إلى غرفته‬ ‫ويعطيني مصروفي الذي رفض إعطائي إياه في‬ ‫اليوم السابق مع ابتسامة تعلو وجهه‪ .‬لقد‬ ‫أحسست بارتياح كبير بعد هذا احلديث‪ .‬لم‬ ‫يكن مثلما أردت‪ ،‬لكنه كان خطوة إلى األمام‪،‬‬ ‫ومع مرور األيام لم أحلظ أي تغير في معاملتي‬ ‫عن باقي أخوتي من قبله أو من قبل أمي‪ ،‬التي‬ ‫شعرت بأن األمور على‬ ‫ال ب ّد أنه أخبرها‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫ما يرام‪ ،‬نعم‪ ،‬هو لم يكن راضيا ً عن تلك‬ ‫امليول‪ ،‬لكنه لم يقم بأي عمل ضدي‪ ،‬بل كان‬ ‫يناقشني حول فكرة كان يرفضها من قبل‪،‬‬ ‫ذلك وحده كان أمرًا جديرا ً بالذكر‪.‬‬ ‫‪36‬‬


‫عجوة‬ ‫بعد تفكير طويل ومحادثات طويلة مع االصدقاء‪،‬‬ ‫قررت ألاّ أنكر املوضوع وأن اعترف مبيولي له‪ ،‬وجهزت‬ ‫لنفسي حقيبة صغيرة فيها بعض األمتعة في حال‬ ‫قرر أنه ال يريدني في منزله بعد اآلن‪ ،‬لقد كان أبي‬ ‫شخصا ً متدينا ً ولم أكن أعرف مدى معرفته بأمور‬ ‫املثلية اجلنسية‪ ،‬ولم أعرف ما ميكن أن يفعل‪.‬‬ ‫تهيأت ألول محادثة مع أبي عن مثليتي اجلنسية‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬ ‫أنكر أنني كنت خائفاً‪ ،‬ولكنني كنت مصرّا ً على قراري‪،‬‬ ‫وعندما حلّ املساء‪ ،‬إذ به يدخل غرفتي‪ ،‬يسحب كرسيا ً‬ ‫ويجلس عليه مقابلي‪ ،‬والغضب بادٍ على وجهه‪ ،‬ينظر‬ ‫إلي مباشرة نظرات جديّة و يبدأ بالتحدث‪.‬‬ ‫أبي (بلهجة حادة)‪ :‬أي هات لشوف ما بدك حتكيلي‬ ‫ليش منزل عندك هيك أفالم؟ وال تقعد تلف وتدور‪،‬‬ ‫حاكيني بصراحة وبال كذب‪.‬‬ ‫أنا (بعد نفس عميق)‪ :‬أبي أنا غاي‪ ،‬شو أعمل يعني؟‬ ‫ينظر إلي متعجباً‪ ،‬ويه ّدئ من ح ّدة غضبه قليالً‪،‬‬ ‫إلي بلهجة لطيفة‪ ،‬كما اعتاد منذ‬ ‫قبل أن يتحدث ّ‬ ‫زمن ليس بطويل‪ ،‬وكأنه أراد أن يسمعني حقاً‪ ،‬ال أن‬ ‫علي بنفسه‪ ،‬و هنا أتابع‪...‬‬ ‫يحكم‬ ‫ّ‬ ‫أنا‪ :‬أبي أنت ملا مسكتني عم أتفرج ع صور شباب أنا‬ ‫وصغير وقلتلك أنا مو هيك‪ ،‬كنت فعال ً ما بعرف إذا أنا‬ ‫هيك أوال‪ ،‬يعني كنت صغير وما بعرف بهي القصص‪.‬‬ ‫أبي‪ :‬بس ما بيصير هيك‪ ،‬هاد شي غلط ومانو صح‬ ‫وأنت كان الزم تبذل جهدك لتبعد عن هي القصص‬ ‫مو حتط عندك هيك أفالم وسخة‪.‬‬ ‫أنا‪ :‬مني قلك ما حاولت بعد عن هي القصص؟ واهلل‬ ‫الفترة يللي قضيتها كانت صعبة كتير‪ ،‬كنت كتير‬ ‫أبكي وصلّي أنو أبعد عن هي الشغالت‪ ،‬بس ما القي‬ ‫حالي غير رجعتلها‪ ،‬وبصراحة حاسس حالي أحسن‬ ‫من بعد ما اقتنعت بحالي‪.‬‬ ‫أبي (مستغربا ً)‪ :‬يعني أنت بتتهيج إذا مسكت إيد‬ ‫شب؟ لك أبي حرام هيك‪ ،‬اهلل ما بيرضى بهالشي‪،‬‬ ‫لتكون كمان مجرب مع شي شب؟‬ ‫‪37‬‬


‫عجوة‬ ‫ُمفا ِخرا ً بِه وهو يأكل ما تبقى من صحن الفواكه‬ ‫ينظر ُ له بامتعاض وخوف ألن‬ ‫املِسكني‪ ،‬و اآلخر كان ُ‬ ‫ح ُب ضرب ُه للمزاح كما كان يض ِر ُب كرشه‪،‬‬ ‫األول كان ي ُ ِ‬ ‫أخرجت علبة‬ ‫جلست و قبل أن ألتقط أنفاسي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫السجائر من حقيبتي وأعطيتهما إياها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فرأيت نور َ‬ ‫وسعادةَ أسنانِهما الصفراء تَشكُرني على ما جلبت‪،‬‬ ‫فاملصبوغ يحتاج إلى الصابغ ليبقى على صبغته‪.‬‬

‫كنت قد‬ ‫ُفتِ َحت علبة السجائر وَوُزِعَّت السجائر‪ ،‬أنا‬ ‫ُ‬ ‫تركت التدخني من فترة طويلة لذلك لم أشارك‪ ،‬ث ُم‬ ‫بدأ ال ِنقاش وكأن ُه وُزّع مع الدخان‪ ،‬تكلمنا باألوضاع‬ ‫احلالية والسياسية‪ ،‬أخذنا دور احملللني السياسيني‬ ‫وسبحنا في التحليل واخليال‪ ،‬وكأننا كُنا على دراية‬ ‫ومن ث ُم أصبحنا ُخبراء طبيني‪،‬‬ ‫باللعبة السياسية‪ِ ،‬‬ ‫فوا ِحدٌ من األصدقاء كان بالفعل يدرس الصيدلة‬ ‫ولكنه دائما ً ما ميتعض من سؤال أي شخص ل ُه عن‬ ‫االمور الطبية‪ُ ،‬سرعان ما انقلب ال ِنقاش‪ ،‬وأصبحنا‬ ‫بفراغ تام‪ ،‬كما‬ ‫علماء في الدين وتناقشنا‬ ‫ِعندها‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫استلم هذا احلديث صديقي اآلخر فهو أقرب إلى‬ ‫َ‬ ‫نهم‪ ،‬كما‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫ليس‬ ‫ولكنه‬ ‫دين‬ ‫ل‬ ‫رج‬ ‫دعى‬ ‫َ ِ ِ ٍ ِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ما ي ُ‬ ‫انتهت األحاديث السابِقة انتهى هذا احلديث‪ ،‬لكن‬ ‫ت ِمن الرصاص من أسلح ٍة خفيفة ومن‬ ‫ت زخا ٍ‬ ‫مع صو ِ‬ ‫ث ُم تَبعها أقرباؤها من األس ِلحة املتوسطة والثقيلة‬ ‫وأختهم الكبيرة قذيفة الهاون‪ ...‬فسارعنا بالدخول‬ ‫يث كا َن للجلسة‬ ‫من البلكون إلى غرفة الضيوف‪َ ،‬ح ُ‬ ‫قدوم الشاي واملوالِح‪...‬‬ ‫نكهة أخرى‪ ،‬وباألخص مع‬ ‫ِ‬ ‫إبريقه الذي‬ ‫تصاعد من‬ ‫ِ‬ ‫مع الشاي وال ُدخان امل ُ ِ‬ ‫استهلكت ُه ألسنة النيران‪ ،‬بدأت املواضيع الضبابية‬ ‫أدمغتنا‪ ،‬فتكلمنا مرة أخرى في‬ ‫بالصعود إلى‬ ‫ُ‬ ‫أسطح ِ‬ ‫السياسة‪ ،‬وأخرى في حقوق اإلنسان‪ ،‬ومرة أخرى في‬ ‫العواطِف واألحاسيس اإلنسانية – هذا املوضوع كا َن‬ ‫للسخرية منه ‪ ،-‬ال أدري‪...‬‬ ‫دائما ً ما يفتح ُه أص ِدقائي ُ‬ ‫اعتراني إحساس غريب ِعندما نظرت إلى صديقي‬ ‫الثالث الذي كا َن يدر ُ ُس الفلسفة‪ ،‬فقد كا َن يعتلي‬ ‫وجه ُه ابتِسامة خضراء‪ِ ،‬من نوع «سأف َتح موضوع‬ ‫َ‬ ‫يَقلب اجلو»‪ ،‬طبعا ً قلت لنفسي «سيفتح موضوع‬ ‫فه َو دائما ً يَف َت ُح موضوع‬ ‫نت ُم ِ‬ ‫حقاً‪ُ ،‬‬ ‫املثلية»‪ ،‬وكُ ُ‬ ‫أعلم بعضها‪ ،‬بدأت االبتِسامات‬ ‫ألهداف‬ ‫املثلية‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫صبح قهقهات عن َد الصيدلي‪ ،‬و تبقى‬ ‫تتعالى ل ُت ِ‬ ‫ابتسامات عريضة صفراء عند االثنني الباقيني‪،‬‬ ‫حضر الفكرة اجلِنسية‬ ‫فموضوع املِثلية دائما ً ما ي ُ ِ‬ ‫ِعندهم بغض النظر عن عنوان املوضوع املَطروح‬ ‫لل ِنقاش أو َمذهبة أو َمنحناه‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫عجوة‬ ‫كاسة شاي ومواحل‬ ‫موالح | نور معراوي‬

‫‪sgayrights@gmail.com‬‬

‫كنت جالِسا ً‬ ‫أمام حاسوبي‬ ‫في ليل ٍة حار ٍة نسبياً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وحيداً‪ ،‬أفكر بمِ ا سأك ُتب للمجلة في العدد املقبل‪،‬‬ ‫مع عددٍ من األفكار العشوائية والفوضوية‪ ،‬التي مع‬ ‫عالم من اخليال األصفر‪،‬‬ ‫فوضويتِها‬ ‫سبحت بعيدا ً في ٍ‬ ‫ُ‬ ‫عالم‬ ‫عالم أفضل‪ ،‬في‬ ‫وجدت نفسي في‬ ‫حيث‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يتم به صناعة اإلنسان لكونهِ إنسانا ً‬ ‫وليس للتِجارة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ض كل ما هو طبيعي‬ ‫بإنسانيتِهِ كسلعة في‬ ‫سوق يَعر ُ‬ ‫ٍ‬ ‫خلف قضبان األحكام املُسبقة واجلهل واجملهول‪...‬‬ ‫أقرب إلى األنني‪،‬‬ ‫أيقظني الهات ِ ُف برنينه الذي بدا لي‬ ‫َ‬ ‫وأجبت كاملعتاد بـ «آلو»‪ ،‬كان‬ ‫رفعت السماعة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫صديقي على اخلط‪ ،‬يدعوني للذهاب إلى من ِزله‪،‬‬ ‫فهو قد دعا صديقينا اآلخرين اللذان أنهيا علبة‬ ‫السجائِر‪ ،‬فقد سمعتهما في اخللفية يخبرانه بأن‬ ‫يقول لي‪« :‬قل له أن يجلب مع ُه علبة سجائر من‬ ‫نت مترددا ً جدا ً في الذهاب فاألوضاع‬ ‫نوع بنتلي»‪ ،‬كُ ُ‬ ‫اصبح بعد املَغ ِرب‪،‬‬ ‫ال تسمح كثيراً‪ ،‬والوقت كا َن قد‬ ‫َ‬ ‫لت لنفسي ما الضرر؟ «الي بدو يصير‪ ،‬يصير»‪،‬‬ ‫قُ ُ‬ ‫أغلقت سماعة الهاتف وطلبت سيارة أجرة ألن منزل‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫صديقي بعيدٌ ِجدا عن منزلي‪ ،‬وَصلت سيارة األجرة‬ ‫ووصلنا سوي ًة إلى من ِزل صديقي‪ِ ،‬عندها استقبلني‬ ‫فصعدت الدرج‪ ،‬ث َُم فتح الباب‬ ‫البناية األول‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بفتح باب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثاني والثالث عندها وصلت إلى باب الشقة الذي‬ ‫كان الرابع في العدد‪ ،‬لم أس َتغ ِرب فهذا طبيعي في‬ ‫أوضاع كهذه أو أقل من طبيعي‪ ،‬االبتسامات كانت‬ ‫ما الحظت ُه أوال ً و ِمن ث ُم القُ بل اخلدية والكتفية‬ ‫وللمفارقة أخذني لنجلس‬ ‫املُعتادة‪ ،‬دخلنا سوي ًة‬ ‫ُ‬ ‫على البلكون‪ ،‬بع َد كُل تلك األبواب! وكالعادة‬ ‫جدت صديقي األول ُمتفَ ِرعا ً و يَض ِر ُب كرشه بيد ِه‬ ‫وَ ُ‬ ‫‪39‬‬


‫عجوة‬ ‫بواجباتنا االجتماعية والتواصل مع األفراد‪ ،‬وهذا غير‬ ‫صحيح عند املثليني‪ ،‬فنح ُن كما قلت من املجُتمع و فيه‪.‬‬ ‫يوافقنا في هذا الرأي عالم النفس الشهير‬ ‫«سيغموند فرويد»‪ ،‬فقد كان يعتبر أن البشر‬ ‫جميعا ً يولدون مزدوجي اجلنسية «‪ »Bisexual‬ثم‬ ‫حتدد جتاربهم وخبراتهم مع األهل واجملتمع اجتاهاتهم‬ ‫اجلنسية‪ .‬على الرغم من هذا‪ ،‬فإن فرويد كان يرى بأنه‬ ‫ال يجب النظر إلى املثلية اجلنسية من منظور األمراض‬ ‫العقلية‪ ،‬وقد بدى ذلك واضحا ً في رسالته الشهيرة‬ ‫كتب فرويد بِها‪:‬‬ ‫إلى ٍأم أمريكية في عام ‪َ ،1935‬‬ ‫املثلية اجلنسية بكل تأكيد ليست مبيزة‪ ،‬لكنها‬ ‫لخجل‪ ،‬كما أنها ليست بخطيئة‪،‬‬ ‫ليست أمرا ً يدعو لِ َ‬ ‫حط من قدر الشخص‪ ،‬وال ميكن تصنيفها كمرض‪،‬‬ ‫أو ٍّ‬ ‫نتجة‬ ‫نح ُن نعتبرها كتنوع للعملية اجلنسية وامل ُ َ‬ ‫عن إيقاف ُمحدد لتطور ِجنسي ما‪ .‬فالعديد من‬ ‫األشخاص احملترمون بشكل كبير في العصر احلديث‬ ‫نهم‬ ‫أو القدمي قد كانوا‬ ‫مثليي اجلنسية‪ ،‬وكا َن ِم ُ‬ ‫ّ‬ ‫العديد من الرجال العظماء مثل «أفالطون‪ ،‬مايكل‬ ‫آجنلو‪ ،‬ليوناردو دا فينشي‪ ...‬إلخ» ‪ ،‬وإن ُه من غير‬ ‫العادل أن نُحاكم املثلية اجلنسية على أنها جرم‪ ،‬وأن‬ ‫لهم ب ِ ُعنف أيضا ً‪)1(»...‬‬ ‫نعام ُ‬ ‫ِ‬

‫ثانيا ً – املشكلة الثانية في هذه الدراسات التحليلية أنها‬ ‫فحصت مثليي جنسية حتت الرعاية الطبية النفسية‪،‬‬ ‫الذين يبحثون عن عالج أو رعاية طبية من نوع ما‪ ،‬وهذا ال‬ ‫ميكن أن يشكل أو أن يمُ ثِل التجمع السكاني كله‪ ،‬فإنه‬ ‫من اخلاطئ أن نحكم على جميع ُمغايري اجلنس من‬ ‫بيانات مت أخذ ُها من مريضني نفسيني غيريني‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫ال يمُ كننا التعميم على بقية مثليي أو ِمثليات اجلِنس‪.‬‬ ‫يؤسفني القول في النهاية أ ّن بعض علماء النفس‬ ‫و أطباء النفس ما زالوا يتمسكو َن بآرا ٍء وتصرُفات‬ ‫شخصية سلبية جتاه املثلية اجلنسية‪ ،‬كما يفعل‬ ‫بقية اجملتمعات في الوطن العربي وبعض اجملتمعات‬ ‫الغربية أيضاً‪ ،‬إال أن الدليل التجريبي والثوابت‬ ‫حلرَفية ال تدعم فكرة أن املثلية اجلنسية هي بأي‬ ‫ا ِ‬ ‫شكل ِوراثي‬ ‫شكل مرض عقلي من أي نوع‪ ،‬أو أنها ب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُمرتبطة مع علم األمراض العقلية‪.‬‬ ‫)‪reprinted in Jones, 1957, pp. 208-209, from the American (1‬‬ ‫‪Journal of Psychiatry, 1951, 107, 786‬‬

‫على الرُغم من أ ّن النظريات لعلم النفس التحليلي‬ ‫منذ ُ فترة كا َن لها تأثير كبير على التطبيب ال َنفسي‪،‬‬ ‫تلك التحاليل عرضة‬ ‫وفي احلضارات الكبيرة‪ ،‬لم تَكُن َ‬ ‫للفحص التدقيقي املبني على اخلبرة واملراقبة‪ ،‬عوضا ً عن‬ ‫ذلك‪ ،‬كانت مبنية على حتاليل عيادية مبنية على أسس‬ ‫املُراقبة لمِ رضى قد عرفوا بأنهم مثليو جنسية ُمسبقا ً‪.‬‬ ‫لكن هذه العملية حتوي على مشكلتني أساسيتني‪:‬‬ ‫أوال ً – هذه العملية ت َّعرض عملية التحليل النفسي‬ ‫لتشكيك في صحتها‪ ،‬فإن اجتاهات احمللل النظرية‪،‬‬ ‫وتوقعاته‪ ،‬وموقفه الشخصي‪ ،‬من احملتمل جدا ً أن حت َّ ِرف أو‬ ‫تشوه مراقباته‪.‬‬ ‫‪40‬‬


‫عجوة‬ ‫َتح املوضو َع صديقي‪ ،‬ث َُم ابتع َد وأخلى الساحة‬ ‫ف َ‬ ‫انخرط ُمباشرةً بمِ ا ل ُِقن من‬ ‫لصديقنا املُتدين‪ ،‬الذي‬ ‫َ‬ ‫شرح «شذوذ‬ ‫قبل اآلخرين‪ ،‬وبدأ بانشراح و انفتاحية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ال ِفعل» بدون االضطرار منه لإلتيان بأي دليل منطقي‬ ‫فاخر بالقدوم‬ ‫أو حجة عقلية‪ ،‬بل اكتفى بالقول وال َت ُ‬ ‫للفعل اجلِنسي من األمام و «طبيعية ال ِفعل»‪ ،‬و أن‬ ‫القدوم من اخللف هو أمر غير طبيعي‪ ،‬ولم يجرُؤ‬ ‫على التكلم و القول‪« :‬حتى احليوانات ال تأتي هذا‬ ‫ال ِفعل»‪ ،‬فقد أقنعته من أكثر من شهرين بأن‬ ‫اململكة احليوانية تفعلها وبتنوع أكبر من اإلنسان‪،‬‬ ‫لكن موقفه قد تطور اآلن لكي يقتنع بأ ّن حتى‬ ‫الغريزة احليوانية تتطور بشكل مختلف وليس لها‬ ‫عالقة بأي تصرف فطري و أن االجتاهات اجلنسية‬ ‫عند احليوان ال تولد معه بل تتطور كما يحدث عند‬ ‫اإلنسان – على حسب زعمه – وطبعا ً كان حديثه من‬ ‫كالم فقط – جتاهلت النقاش‬ ‫دون أي حجة أو دليل –‬ ‫ٌ‬ ‫كله‪ ،‬ألنه ومع وجود أي كالم للتحدث به فكالمه‬ ‫كا َن خاطئا ً بكافة املقاييس الدراسية «النفسية‪،‬‬ ‫أردت أن أعلم ما هو‬ ‫والبيولوجية‪ ،‬والطبية‪...‬إلخ»‪ُ ،‬‬ ‫االعتراض األكبر في العالقة املثلية‪ ،‬فسألتهم واحدا ً‬ ‫تلو اآلخر‪ ،‬فكان اجلواب املُشترك من الثالثة‪ ،‬بأنهم‬ ‫يقبلون املثلية وأنها موجودة في املجُتمع ويحترمون‬ ‫املثليني‪ ،‬لكن االعتراض كان على العالقة اجلنسية‪،‬‬ ‫وبتعبيرهم «كيف بِنام شب مع شب؟!!!»‪ ،‬مع تعابير‬ ‫القرف واالزدراء على وجوههم التي حفظت مالمحها‬ ‫وضعهم أنفُ سهم‬ ‫وه َو‬ ‫ُ‬ ‫وعرفت سببها الرئيسي‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫في خيالهم مكان أي مثلي و قيامهم بالعالقة خياليا ً‬ ‫مكانه‪ ،‬مما يُحفّز ِعندهم عقدة الرجولة‪ ،‬هم ليسوا ما‬ ‫يمُ كننا دعوتهم بـ «‪ ،»Homophobic‬ولكن من وجهة‬ ‫نظر أحادية االجتاه فهم كذلك‪ ،‬فقد أعلنوا بصراحة‬ ‫تامة – ماعدا صديقي املُتدين ‪ -‬عن إمكانية قيامهم‬ ‫بالعالقة املثلية إذا ما كانوا هم من يقومون بفعل‬ ‫اإلدخال‪ ،‬وكان خوفهم ونفورهم األكبر من العملية‬ ‫العكسية وحصولها معهم‪ ،‬فما فعلته عقدة‬ ‫الرجولة وانفتاحهم على شيء جديد في احلياة قد‬ ‫جعل عقولهم تتماشى مع التيار العام الغربي أكثر‬ ‫‪41‬‬

‫منه العربي‪ ،‬في تقبل املثليني واخلوف منهم في وقت‬ ‫واحد‪ ،‬باإلضافة إلى أ ّن هذه احلجة لم تكن كافية‪،‬‬ ‫ألنهم كانوا مقتنعني بفكرة إقامة عالقة مع فتاة‬ ‫وإتيانها من اخللف بدال ً من األمام‪ ،‬وكلنا نعرف ملاذا‬ ‫يتم ذلك في مجتمعاتنا الشرقية‪ ،‬على حسب ما‬ ‫قالوا‪« :‬بتضل هديك بنت مو شب»‪ ،‬مما يعني وبشكل‬ ‫واضح أنهم لم يكونوا مهتمني «بشذوذ ال ِفعل» أي‬ ‫طريقته‪ ،‬بل كانوا يهتمون إلى جنس الطرف اآلخر‪،‬‬ ‫هذا طبيعي ألي غَيري‪ ،‬ولكن من غير احلق إدخاله‬ ‫في نقاش ليس له أي عالقة به‪ ،‬فإذا كان اعتراضهم‬ ‫على قدوم الطرف اآلخر من اخللف‪ ،‬فعليهم أن ال يأتوا‬ ‫الطرف اآلخر الذي ينامون معه من اخللف أيضاً‪ ،‬لكي‬ ‫تصبح حجتهم مقبولة بشكل عام‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى كل هذا فنكهة امللوحة واحلالوة من‬ ‫املوالح والشاي‪ ،‬كانت وكأنها تساعد على استمرار‬ ‫احلديث‪ ،‬فقام صديقنا املتدين بقلب احلديث كل ُه‬ ‫وناقش املثلية من وجهة نظر مختلفة‪ُ ،‬معتقدا ً‬ ‫بأنها وجهة نظر حضارية أكثر‪ ،‬وقال و أقتبس‪:‬‬ ‫أناس شواذ مريضون‪ ،‬يحتاجون إلى العالج‪،‬‬ ‫«هم‬ ‫ٌ‬ ‫وبقبولهم واحترامهم ميكن حتقيق ذلك»‪ ،‬طبعا ً‬ ‫وافق ُه االثنان الباقيان – كالعادة ‪ ،-‬لكن بدون النظر‬ ‫معان ُمبطنة‪ ،‬وأعتقد‬ ‫في هذه العبارة وما حتوي من‬ ‫ٍ‬ ‫أن القبول الفور ّي أتى لقرب توليف هذه العبارة من‬ ‫التوليف االجتماعي لعقل الشاب وتوقعاته ِمنه‬ ‫الوراثة االجتماعية)‪ ،‬فهذه العبارة كانت تخبئ بني‬ ‫( ِ‬ ‫معان كثيرة‪ ،‬فاملرض النفسي أو اجلسدي‬ ‫سطورها‬ ‫ٍ‬ ‫لهما ثوابت وال يحتاج بالضرورة إلى تقبل اجملتمع‬ ‫لهما أو احترامهما‪ ،‬فإذا وجدت خطوات للعالج فإن‬ ‫الوصول إلى نتيجة سيتم عن طريق املرور بتلك‬ ‫اخلطوات‪ ،‬وبالنسبة للمثلية فإن تقبل النفس‬ ‫أساس بها‪ ،‬بغض النظر عن تقبل اجملتمع لها‪،‬‬ ‫فنحن نعيش حيواتنا على كافة األوجه ونشارك‬ ‫في اجملتمع ونذوب وننحل به ونقدم له ونأخذ ِمنه‪،‬‬ ‫فوصفنا باملريضني والشواذ هو أمر غير دقيق‪،‬‬ ‫فاملرض كا َن جسديا ً ام نفسياً‪َ ،‬س َيمنعنا من القيام‬


‫عجوة‬ ‫الياس ْ‬ ‫طُ‬ ‫ني‬ ‫ني مَ‬ ‫موالح | نور معراوي‬

‫‪sgayrights@gmail.com‬‬

‫نفض السجائِر‬ ‫صديقه الذي كا َن يُشاركُ ُه‬ ‫ُهو يَعلم ما ي َ ُظ ُن بأني ال أعلم؛ و َ ُ‬ ‫س في أذُ ِن َ‬ ‫ويهم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ينظر ُ في عيني َّ‬ ‫ت على‬ ‫الطاولة؛ يَب َت ِسمان‪ ...‬ويُعيدان‬ ‫الياسمني؛ على‬ ‫على‬ ‫َ‬ ‫إحياء املاضي بأسئل ٍة صباحية كانت قد تراكَ َم ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فنجان قَهوتي‪...‬‬ ‫صحن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بينهما‪ ،‬ويَرقُصان‬ ‫نح ِ‬ ‫صر ُ ُ‬ ‫َم ما ي َ ُظ ُن بأني ال أعلم؛ وي ُ ِ‬ ‫ساع ُد صديق ُه في ُجرأتِه على التخيل بأن العال َ​َم ي َ َ‬ ‫ُه َو يعل ُ‬ ‫طقوسهما اخلاصة وبعملي ٍة ِحسابية؛ وكأ ّن املوسيقى أصبحت (‪)1،2،3‬؛ نظر َ ل ُه وسجائِر ُ ُهما‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنغام حل ْ ِن ِهما ب ِ‬ ‫الياسمني‪...‬‬ ‫ضان مرةً أخرى في‬ ‫َ‬ ‫تُد ِّخ ُن رائِح َة جسدي؛ ُ‬ ‫وهما يَنفُ ِ‬ ‫أصبحت أرى كُلَّ شي ٍء‬ ‫ك من ضوء القَ مر‪ ،‬تجَ َعلُ من كُلّ شي ٍء شا ِحباً؛ لِدرجة أني‬ ‫وجه َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تلك االنعكاسات على ِ‬ ‫مكان والدَ ِة ُحلم‪...‬‬ ‫ت في‬ ‫سأحتطم مرةً أخرى ِمن‬ ‫واعتقدت أني‬ ‫باألسود واألبيض؛‬ ‫خيال إلى خيال؛ وفراغا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫كالنظ ِر‬ ‫معنى؛‬ ‫وبدون‬ ‫الوالدة‬ ‫َ‬ ‫مات َم َع َ‬ ‫سأتالشى اآلن عَ ن رؤاك؛ وأضيع في زُرق َ ِة عيناك؛ ب ِ َ‬ ‫صمتي؛ فالكَ ِل ُ‬ ‫ك صع َب ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ك سأستخ ِد ُم لغة لم استخدمها من قبل‪ ،‬لغ ٌة‬ ‫الظالم؛‬ ‫إلى مرآ ِة في َ‬ ‫مع َ‬ ‫وحروق شمسية على وجهِ ال ُتراب‪َ ...‬‬ ‫ٍ‬ ‫مص َدرُها ُ‬ ‫احمراراً؛‬ ‫آالف ال َتالفيف والبكرات‪ ،‬لغ ٌة لم أع َت ِقد بأني قادِر ٌ على اِستِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫خدامها ِمن قَبل؛ فهي ت َ ِ‬ ‫نب ُ‬ ‫ك الضائِع في َمصان ِ ِع القَ َدر‪...‬‬ ‫خص ِمثلي؛ بل ِمن‬ ‫تالفيف ُح ِب َ‬ ‫ِ‬ ‫ليس من َش ٍ‬ ‫ض إحساسا ً‪َ ...‬‬ ‫وتن َت ِف ُ‬ ‫رهما في‬ ‫أنهما‬ ‫ضان ما ت َبقى من مو ِ‬ ‫ُهما اآلن يَع َت ِقدان ب ِ ُ‬ ‫ت سجائِ ُ‬ ‫يعلمان ما ال أعلَم؛ ُ‬ ‫ذان آخر َ نَفَ ٍس؛ ويَنفُ ِ‬ ‫ويأخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ِمنفض ِة‬ ‫ومن ث ُم قذارةً لِ ُترمى في ِمنفضتي الكُبرى للذكريا ِ‬ ‫َ‬ ‫الياسمني التي أص َب َحت رماداً؛ ومن ث ُم طيناً؛ ِ‬ ‫مني القَ ِذر‪...‬‬ ‫َ‬ ‫والياس ِ‬ ‫‪42‬‬


‫عجوة‬ ‫الفارس اجملهول‬ ‫موالح | نوار جيرون‬

‫‪nawar.jairoun@gmail.com‬‬

‫جالسا ً كنت و كآبتي حتاصرني‬ ‫سنوات طوال و احلزن يجاورني‬ ‫راكبا همومي و القدر يراوغني‬ ‫فجأة!‬ ‫عينان‬ ‫متر من أمامي‬ ‫ِ‬ ‫لم أر َ مثلهما في أحالمي‬ ‫إحداهما اجلنة و األخرى النار‬ ‫أحاسيسي باتت كاإلعصار‬ ‫سنوات احلزن أمحتها‬ ‫نظرة من فارس جبار‬ ‫فيهما غابات املرجان و حقول اللؤلؤ‬ ‫فيهما سعادة و فرح و حزن و تلكؤ‬ ‫تشبهان سحابات بالدي الرمادية‬ ‫تشبهان سطوح املنازل القرمزية‬ ‫لم أر َ فيهما اجلمال فقط‬ ‫بل رأيت احلياة األبدية‬ ‫تناولت احلب نظرات من عينيك‬ ‫وروت أنفاسك ظمأ شفتي َّ‬ ‫أدعوك أيها الفارس اخلجول‬ ‫أن متتطي صهوة قلبي‬ ‫وتطير بي نحو احلقول‬ ‫حقول البهجة و السعادة‬ ‫ألن من غير املعقول‬ ‫أن تبقى لي اإلرادة‬ ‫بعدما غرقت في جمال عينيك نحو اجملهول‬ ‫يا سيدي‪..‬‬ ‫سأترك آثار عنفوان قبالتي على وجنتيك‬ ‫وأحتل كل شبر من جسدك‬ ‫وأغرس في قلبك متثالي‬ ‫‪43‬‬

‫وأزرع في رئتيك حبا ً فتتنفس عشقي‬ ‫غارقا ً في حبي عرفتك‬ ‫وعيناي باتتا طعامك و مصلياك‬ ‫كوكبا في مداري جعلتك‬ ‫و شمسا ً تغذي نهاري و اآلفاق‬ ‫وتتساءل عن غياب الشمس؟‬ ‫لقد باتت بقايا من أمس‬ ‫كصدى الهمس‬ ‫َخ ِجلَت من نور عينيك املشرقتني‬ ‫أترى؟!‬ ‫حتى الشمس أسقطتها‬ ‫بنظرة و غمزة عني‪..‬‬


‫جوز‬ ‫من اجملتمع املثلي‪ .‬وهذا ما يحرره من شرط متاثل االنتماء‬ ‫املذهبي أو العرقي‪ ،‬بل ومن أي قيد فكري أو اجتماعي‪.‬‬ ‫ملزما‪ ،‬بل بالكاد‬ ‫وأن املثليني ال يعتبرون ارتباطهم عق ًدا‬ ‫ً‬ ‫اتفاقًا‪ .‬وهذا ما يجعله منحال ال متحررًا‪ ،‬والذي هو احلال‬ ‫عند العديدين‪ .‬ولكن حترر املثليني من القوالب ما هو إال‬ ‫اكتفاء ذاتي وإدارة داخلية لشؤونهم بأنفسهم‪ .‬إذ ال‬ ‫ميكن تطبيق ُمثُل اجملتمع الغيري‪ ،‬والتي تعيبه في كثير‬ ‫من األحيان‪ ،‬على اجملتمع املثلي‪ .‬إال إن تسجيل العقد في‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬أو إعطاؤه مرجعية تشريعية ملزمة‬

‫فسخا لعقد‪،‬‬ ‫يضفي بعض اجلدية عليه‪ ،‬ويجعل فسخه‬ ‫ً‬ ‫ال كذبة أو نزوة فقط‪ .‬ولذلك فقد يكون تشريع االرتباط‬ ‫وقوننته من مصلحة اجملتمع املثلي‪ ،‬ولو كخطوة أولى‬ ‫باجتاه تطوير اجملتمع املثلي‪.‬‬ ‫قد نسرق بعض احلقيقة من القصة إن لم ننظر لها من‬ ‫كل نواحيها‪ .‬فاملثليون في مجتمعنا لن ينتجوا أوالدًا‪،‬‬ ‫وهذا ما يعفيهم من واجب نقل العقيدة أو االنتماء‬ ‫املسبق‪ ،‬والذي تفرضه معظم الدوغمات‪ ،‬إن لم يكن‬ ‫جميعها‪ .‬وهذا سبب آخر يضاف جملموعة األسباب تلك‪.‬‬ ‫فاملثليون ال يرون في ارتباطهم مؤسسة كزواج الغيريني‪.‬‬ ‫رمبا هو التزام معنوي بالتوحد بشخص آخر‪ ،‬أو هو إرضاء‬ ‫جلانب عاطفي فقط‪ .‬نظرتنا ألنفسنا على أننا لسنا‬ ‫مواطنني كاملني‪ ،‬أو لسنا أعضاء في اجملتمع كغيرنا‬ ‫الغيريني هي سبب نظرة الغيريني لنا‪ .‬لنا احلق بأن ال‬ ‫ننظر ألنفسنا كما ننظر للغيرين‪ ،‬ولكن ليس لهذا أن‬ ‫يؤثر على التزامنا ببعضنا‪ ،‬أو على قبولنا الرتباط أحدنا‬ ‫باآلخر‪ .‬وليس لنا أن نحتقر عالقاتنا أو أن نلوم فشل‬ ‫بعضها على املثلية‪ .‬قد يقع عاتق هذا اخلللل على‬ ‫املثليني أنفسهم‪ ،‬ولكن ليست على املثلية بحد ذاتها‪.‬‬ ‫جتاوز املثليني الختالفاتهم عند االرتباط ينبع من أنهم ال‬ ‫وداعما‬ ‫يرون في الشريك إال رفيقا في العاطفي واجلنس‪،‬‬ ‫ً‬ ‫للشريك في املسيرة احلياتية‪ .‬ال كما يرى بعض الغيرين‬ ‫في شريكهم‪ .‬فالبعض يرين في شريكهن عقد تأمني‬ ‫على احلياة‪ ،‬ووسيلة إلنتاج األبناء املعيلني‪ ،‬والبعض‬ ‫يرون في شركاتهن خادمات أو أدواة متع فقط‪ ،‬وليس‬ ‫ذما بالغيرين‪ ،‬وإمنا هو وصف لعض عالقاتهم‪.‬‬ ‫هذا ً‬ ‫االرتباط املثلي هو مجرد التزام بالعفة والتوحد بالشريك‬ ‫عاطفيا في بعض العالقات‪ .‬ولكن هذا ال ينفي أن‬ ‫ولو‬ ‫ً‬ ‫يكون لالرتباط املثلي قدسية الزواج الغيري‪ ،‬وأن يرتقي‬ ‫شكل االرتباط ليصل إلى الزواج عند حلول الظرف‬ ‫املناسب والوصول إلى الشخص الذي يستحق ارتباطً ا‬ ‫بهذه القدسية‪ .‬واحترام عالقات املثليني ببعضهم‪،‬‬ ‫صداقات أو ارتباطات عاطفية ينبع من احترامهم‬ ‫لذاتهم ال احترام غيرهم لهم‪ .‬وعندما يصبح االرتباط‬ ‫مقدسا عند الشريكني كما حال الزواج الغيري‬ ‫املثلي‬ ‫ً‬ ‫عند طرفيه سيصبح باإلمكان جعله حالة حقيقة‪،‬‬ ‫وخلق مؤسسة زوجية سعيدة متكاملة‪.‬‬ ‫‪44‬‬


‫جوز‬ ‫متح ّررون من قيود الطائفية‬ ‫موالح | سرمد العاصي‬

‫‪SarmadOrontes@live.com‬‬

‫املثليون وعلى الرغم من أنهم جزء من اجملتمع كنسيج‬ ‫عام بتنوعهم وكثرتهم‪ ،‬إال أنهم أيضا مجتمع داخل‬ ‫مجتمع‪ .‬وله صفات تتشابه سوا ًء أكان في الغرب أم في‬ ‫الشرق‪ .‬ويتميز اجملتمع املثلي في سوريا‪ ،‬والبالد احملافظة‬ ‫بشكل عام‪ ،‬أنه متقدم على مجتمعه في العديد من‬ ‫األمور‪ ،‬وأكثر ما يلفت النظر فيه هو جتاوزه عقبات‬ ‫االرتباط املوجودة في اجملتمع املثلي‪.‬‬ ‫في مجتمعنا احملافظ يصعب أن يُسمح بإنشاء عالقات‬ ‫عاطفية بني أبناء الطوائف اخملتلفة‪ ،‬وإن حصل هذا فإن إمتام‬ ‫العالقة وتتويجها بالزواج أو االرتباط الدائم هو أمر غاية في‬ ‫الصعوبة‪ ،‬بل ويكاد يكون مستحيال‪ .‬ولكن اجملتمع املثلي‬ ‫يتجاوز هذه احملنة بكثي ٍر من التعالي على كل التسميات‪.‬‬ ‫يعود ذلك لعدة أسباب‪ ،‬قد جتتمع في عالقة وقد يكون‬ ‫أحدها هو الوحيد في أخرى‪ .‬فاملثليون بكونهم مثليني‪ ،‬قد‬ ‫حكما‪ ،‬وبالتالي لن يكونوا حريصني على‬ ‫خرقوا التقاليد‬ ‫ً‬ ‫احلفاظ على ما هو أقل منها‪ ،‬على األقل في نظرهم‪ .‬قد‬ ‫يكون هذا حتررًا في جزئية جتاوز االختالف العرقي واملذهبي‬ ‫وغيرها من االنتماءات التي نولد فيها قبل أن تولد فينا‪.‬‬ ‫ولكن ما يؤثر سل ًبا على صورة املثليني هو التخلي عن‬ ‫القيم التقليدية للمجتمع والتي ال يكون التخلي عنها‬ ‫حتررًا‪ ،‬بل محض تنمرد‪ ،‬وال يكون الهدف من التخلي عنها‬ ‫الثورة عليها‪ ،‬بل فقط التمرد واملشاكسة ورمبا التميز‬ ‫الفاقع‪ .‬فاحترام آداب الطريق‪ ،‬أو اللباقة في احلديث‬ ‫مع الغرباء‪ ،‬أو حتى احترام خصوصيات بعضنا البعض‬ ‫ليست من القيم التي من اجملدي التخلي عنها‪ .‬ولعلي‬ ‫أخصص هنا ال أعمم على أفراد اجملتمع املثلي‪.‬‬ ‫قد يقال أن عقد االرتباط املثلي غير شرعي أصالً‪ ،‬بل‬ ‫وغير مقبول أبدا ً من اجملتمع ككل‪ ،‬وفي أغلب األحيان‬ ‫‪45‬‬


‫جوز‬ ‫تام ٍة بانتماءاتهم الدينية‪ ،‬وجند بعضهم‪ ،‬رغم سخريتهم‬ ‫الدائمة من املتشددين واملتمسكني بالدين‪ ،‬يلجؤون إلى‬ ‫سالح «احلرام» لقمع أية فكرة تخالف أفكارهم‪ ،‬إما‬ ‫ألنهم ال يزالون في الالوعي يؤمنون بحرمانيتها‪ ،‬أو ألنهم‬ ‫يعرفون مدى تأثير تلك الكلمة على من يريدون قمعه‪.‬‬ ‫لعل السبب الرئيس في ذلك يعود إلى أن الذاكرة‬ ‫اجلمعية العربية هي ذاكرة دينية في املقام األول‪،‬‬

‫فموسى ويسوع ومحمد انطلقوا بدياناتهم من هنا‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى أن أحداث القصص التوراتية واإلجنيلية‬ ‫أي‬ ‫والقرآنية تدور في هذه املنطقة‪ ،‬لذلك يسهل على ٍّ‬ ‫كان حتريك مشاعر العرب‪ ،‬والتحكم بهم أحياناً‪ ،‬عند‬ ‫العزف على أوتار دينية فكانت غالبية احلروب واملذابح‬ ‫التي مرت على املنطقة ذات طابع ديني‪ ،‬ولذلك أيضا ً‬ ‫يصبح من السهل استخدام الدين وسالح “احلرام” في‬ ‫محاولة قمع أي أمر كان‪ ،‬فهما من أسهل األسلحة التي‬ ‫يستخدمها أحد الوالدين عند محاولة دفع أبنائه إلى‬ ‫اجتناب سلوك ما‪ ،‬ولعل أكبر مثال على مدى تأثير هذه‬ ‫الذاكرة اجلمعية أن أول ما يرد إلى ذهن أي عربي عند‬ ‫ذكر املثلية اجلنسية هو قصة قوم لوط حتى أصبح‬ ‫اسم ذلك النبي اجلذر املستخدم للكثير من الكلمات‬ ‫التي تصف املثليني عند سكان املنطقة‪.‬‬ ‫بعد التنشئة التي ترتكز بشكل أو بآخر على التعريف‬ ‫بالدين‪ ،‬ينتقل التأثر بالدين عبر العائلة إلى التأثر به عبر‬ ‫اجملتمع الذي مهما ابتعد عن الدين إحلادا ً أو علمانية‪،‬‬ ‫يظل متصال ً بجذوره الدينية اعتبارا ً منه أن في ذلك‬ ‫متسكا ً بااألصالة‪ ،‬لذلك يظل لرجال الدين نفوذ كبير‬ ‫على الناس وعلى احلكومات‪ ،‬وعلى الرغم من أن سوريا‬ ‫ت ّدعي العلمانية‪ ،‬إال أن دستور الدولة يقضي باالحتكام‬ ‫إلى القرآن‪ ،‬كما أننا نرى فيها مناصب تتعلق باإلفتاء‬ ‫واألوقاف الدينية‪ ،‬وهذا يدل على أن فصل الدين عن‬ ‫الدولة بشكل تام وقطعي هو أمر ٌ شبه مستحيل في‬ ‫أية دولة من دول املنطقة‪ ،‬كما يدل على استحالة إقصاء‬ ‫الدين كأحد عوامل خوف وعدم استقرار املثليني العرب‪،‬‬ ‫والدين هنا ال يقتصر على الدين اإلسالمي رغم كونه‬ ‫األكثر تشددا ً في أحكامه ضد املثلية‪.‬‬ ‫املثلية‪ ،‬ال يجب بأي شكل‬ ‫عند البدء باملطالب ِة باحلقوق‬ ‫ّ‬ ‫من األشكال وحتت أي ظرف من الظروف أن نتجه إلى‬ ‫محاولة نقض الدين واالستهزاء به أو إبعاد الناس‬ ‫عنه‪ ،‬تلك ستكون محاولة فاشلة‪ ،‬فاألديان استمرت‬ ‫آالف السنني ولم تستطع أية محاوالت أن تقمعها أو‬ ‫تلغيها‪ ،‬فالبشر إجماالً‪ ،‬أيا ً كانت جغرافية املكان الذي‬ ‫ينتمون إليه وأيا ً كان تاريخه‪ ،‬يحتاجون إلى عقيدة‬ ‫ومنهج يؤمنون به ويحتكمون إليه‪ ،‬سوا ًء كانت تلك‬ ‫العقيدة سماوية أو وضعية‪.‬‬ ‫‪46‬‬


‫جوز‬ ‫سوري‬ ‫مثلي‪ ...‬أنا ّ‬ ‫أنا ّ‬ ‫موالح |سامي حموي‬

‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬

‫ميكننا أن نفترض أن أعظم حدث عرفه العقل الذي‬ ‫سيدعى يوما ً ألن يبلغ بنموذج «العقل احلر» إلى نقطة‬ ‫ُ‬ ‫الكمال من حيث النضج والغضاضة كان ذلك التحرر‬ ‫عقل مستع َبد‪ ،‬عقل‬ ‫الكبير الذي لم يكن قبله سوى‬ ‫ٍ‬ ‫مقيد في ركنه وإلى عموده إلى األبد على ما يبدو‪ .‬أية‬ ‫السالسل هي أقوى؟ أية الروابط يكاد يكون فصمها‬ ‫مستحيال ً؟ إنها‪ ،‬لدى أفراد النخبة والطبقة الرفيعة‪،‬‬ ‫الواجبات‪ :‬ذلك االحترام الذي يختص به الشباب‪ ،‬ذلك‬ ‫اخملزون من الرقة الوجلة جتاه كل القيم القدمية واملبجلة‪،‬‬ ‫ذلك االمتنان للتربة التي غذتهم‪ ،‬لليد التي أرشدتهم‪،‬‬ ‫للمعبد الذي تعلموا فيه العبادة”… نيتشه‬ ‫املشكلة األولى‪ :‬الدين‬ ‫من الدين تبدأ كل احلكايات‪ ،‬ففي البدء كانت الكلمة‪،‬‬ ‫وكلمة اهلل مسموعة هنا أكثر من أي مكان آخر‪ ،‬ولذلك‬ ‫كان الدين أمرا ً هاما ً وأساسيا ً في حياة العرب عامة‪،‬‬ ‫والسوريون ال يختلفون عن بقية العرب من تلك الناحية‪،‬‬ ‫والنظرة الدينية العامة جتاه املثلية هي نظرة حترمي وجترمي‪،‬‬ ‫فرجال الدين على اختالفهم يجمعون أن املثلية اجلنسية‬ ‫هي أمر مخالف للطبيعة التي خلق اهلل البشر عليها‪.‬‬ ‫رغم االختالفات بني أطياف اجملتمع السوري ونظرة بعضها‬ ‫للدين‪ ،‬إال أن للدين تأثيرا ً كبيرا ً على التنشئة‪ ،‬فمعظم‬ ‫السوريني يكبرون وهم يعلمون أن دينهم وطائفتهم‬ ‫يفرضان عليهم تصرفات وعادات معينة ال بد أن يقتدوا‬ ‫بها وال يخالفوها‪ ،‬لذلك يكبر الفرد السوري وهو على‬ ‫معرفة جيدة بالكثير من قوانني دينه وطائفته‪ ،‬ورغم‬ ‫ت‬ ‫وجود الكثير من امللحدين والعلمانيني واملنتمني لتيارا ٍ‬ ‫سياسية وفكرية ال دينية كالقوميني والشيوعيني‬ ‫وغيرهم‪ ،‬إال أننا جند كثيرا َ من هؤالء وأبنائهم على دراي ٍة‬ ‫‪47‬‬


‫كاجو‬ ‫رغم املطالبات املاليزية بتعديل املادة املتعلقة بتجرمي املثلية اجلنسية بحيث‬ ‫ال تشمل اجلنس املثلي بالتراضي بني شخصني بالغني التي أيدها معارضون‬ ‫بارزون في ماليزيا‪ ،‬إال أن القانون املاليزي املعمول به منذ عهد االستعمار ال‬ ‫اجلنسي وارتداء املالبس النسائية من قبل‬ ‫املثلية‪ ،‬كما مينع التحول‬ ‫يزال يجرم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرجال‪ ،‬الذين يخضعون حملاكمة شرعية في حال كانوا من املسلمني‪ .‬ومن‬ ‫صور رهاب املثلية املؤسساتي في ماليزيا إصدار قانون عام ‪ 1994‬يقضي مبنع‬ ‫أصحاب وصاحبات التوجه اجلنسي املثلي والثنائي ومغايري اجلنس من الظهور‬ ‫في وسائل اإلعالم‪ ،‬وإعالن رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد في عام ‪2001‬‬ ‫أن ماليزيا ستقوم بترحيل أي ديبلوماسي أو وزير مثلي من ماليزيا‪ ،‬واعتقال‬ ‫‪ 45‬رجال ً كانوا يرتدون مالبس نسائية في ‪ ،1998‬و‪ 23‬آخرين في عام ‪.1999‬‬

‫«كيف تكتشف الشبان والفتيات مثليي اجلنس»!‬ ‫عقدت في اآلونة األخير سلسلة من احملاضرات‬ ‫التعريفية حتت عنوان «كيف تكتشف الشبان‬ ‫والفتيات مثليي اجلنس» في عدد من املدارس‬ ‫في ماليزيا حتت رعاية وزرارة التربية‪ .‬وتهدف هذه‬ ‫احملاضرات‪ ،‬بحسب املنظمني‪ ،‬إلى مساعدة األساتذة‬ ‫واألهالي على اكتشاف ميول أبنائهم أو طالبهم‬ ‫اجلنسية من خالل عدد من املالمح الشائعة بني‬ ‫الشبان املثليني مثل الرغبة في إظهار شكل اجلسم‬ ‫عن طريق ارتداء القمصان الضيقة ذات الياقة‬ ‫املفتوحة على شكل حرف «‪ »V‬أو حمل حقائب‬ ‫كبيرة تشبه احلقائب النسائية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للفتيات مثليات اجلنس‪ ،‬فمن أهم مالحمهم‬ ‫بحسب احملاضرات اإلجنذاب إلى النساء واالستمتاع‬ ‫بصحبتهم وعدم إظهار أي مشاعر عاطفية جتاه الرجال!‬ ‫وقد أنكرت وزراة التربية املاليزية أن يكون لها أي‬ ‫عالقة باحملاضرات قائلة في بيان صحفي أن سلسلة‬ ‫احملاضرات من عمل مجموعة من املنظمات اخلاصة‪.‬‬ ‫اجلدير بالذكر أن القانون املاليزي يجرّم «العالقات‬ ‫اجلنسية اخلارجة عن الطبيعة» والتي تشمل اجلنس‬ ‫الشرجي واجلنس الفموي بعقوبة تتراوح من دفع‬ ‫غرامة إلى السجن ملدة ‪ 20‬عاما ً‪.‬‬ ‫‪48‬‬


‫كاجو‬

‫موالح | آدم الدومري‬

‫‪adam.domari@gmail.com‬‬

‫«ال تسأل‪ ،‬ال تقل» أو ‪ Don’t ask, don’t tell‬كانت السياسة املتبعة حول اجلنود‬ ‫وثنائيي وثنائيات اجلنس‪ ،‬منذ ‪ 21-12-1993‬وحتى‬ ‫األمريكيني من املثليني واملثليات‬ ‫ّ‬ ‫املثلي‬ ‫‪ ،20-9-2011‬حيث مت التغاضي فقط عن أصحاب وصاحبات التوجه اجلنسي‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسي‪ ،‬ومنع مضايقتهم والتمييز ضدهم‪ ،‬بينما‬ ‫الثنائي ممن لم يعلنوا توجههم‬ ‫أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كانت متنع املثليني واملثليات من االلتحاق باجليش‪ ،‬بسبب أن وجودهم في القوات املسلحة‬ ‫«قد يخلق خطرا ً غير مقبول على األخالق‪ ،‬العزمية‪ ،‬التراتب واالنضباط‪ ،‬ومتاسك الوحدة‬ ‫أو القطعة العسكرية‪ ،‬التي تعتبر جوهر القدرة العسكرية»‪ .‬وكانت تلك السياسة‬ ‫متنع اجلنود ‪-‬ذكورا ً وإناثا ً‪ -‬من التصريح أو التعبير عن امليول اجلنسية لهم‪ ،‬كما كانت‬ ‫متنع إجراء حتقيقات حول امليول اجلنسية للجنود إال في حالة وجود أدلة على السلوك‬ ‫اجلنسي املثلي‪ ،‬األمر الذي أسيء استخدامه الحقا ً إليذاء والتحرش باجلنود‪.‬‬

‫ال آثار سلبية إللغاء سياسة «ال تسأل‪ ،‬ال تقل»‬ ‫أظهرت دراسة أمريكية نشرت مؤخرا ً في إحدى‬ ‫مجالت جامعة كاليفورنيا في لوس أجنليس أن إلغاء‬ ‫سياسة «ال تسأل‪ ،‬ال تقل» لم تعد بأي آثار سلبية‬ ‫بعد حوالي العام على إلغائها‪.‬‬ ‫حيث ذكرت الدراسة‪ ،‬التي شارك فيها باحثون‬ ‫وأكادمييون من العديد من األكادمييات العسكرية‬ ‫األمريكية‪ ،‬أن إلغاء السياسة لم يؤثر على معنويات‬ ‫اجلنود أو اجلاهزية العسكرية أو روح الفريق ضمن‬ ‫اجليش األمريكي بل على العكس ارتفعت معنويات‬ ‫اجلنود املثليني وأصبح بإمكان القادة التركيز على‬ ‫التنظيم بشكل أكبر‪.‬‬ ‫من أجل احلفاظ على حيادية الدراسة وموضوعيتها‪،‬‬ ‫قام الباحثون مبقابلة أكثر من ‪ 500‬جنرال وأدميرال‬ ‫ممن كان لديهم حتفظات حول إلغاء سياسة «ال‬ ‫تسأل‪ ،‬التقل» باإلضافة إلى ‪ 60‬جندي مثلي وغيري‬ ‫من مختلف أقسام القوات األمريكية‪.‬‬ ‫جتدر اإلشارة إلى أن اجليش األمريكي أقر سياسة‬ ‫«ال تسأل‪ ،‬ال تقل» عام ‪ 1993‬وهي كانت متنع‬ ‫اجلنود املثليني من اخلدمة بشكل علني في اجليش‬ ‫األمريكي وتعرضهم للتسريح في حال أفصحوا عن‬ ‫ميولهم اجلنسي بشكل علني‪.‬‬ ‫‪49‬‬


‫كاجو‬ ‫املثلية بسبب خطاب‬ ‫تعتبر جامايكا من أكثر دول العالم رهابيةً جتاه‬ ‫ّ‬ ‫املثلية على الدين‬ ‫الكراهية واجلرائم املستهدفة للمثليني‪ ،‬ويعتمد رهاب‬ ‫ّ‬ ‫املثلية‬ ‫أهم ناشطي‬ ‫ودعم الدولة‪ ،‬ففي حزيران من عام ‪ ،2004‬قُتل أحد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبثليته‪،‬‬ ‫في البالد في بيته‪ ،‬ورفضت الشرطة أن تعتبر أن اجلرمية لها عالقة‬ ‫ّ‬ ‫بل وساعدت مشتبها ً به على جتنب التعرف عليه بحسب تقرير ملنظمة‬ ‫‪ ،Human Rights Watch‬وفيما بدأت األصوات تعلو للمطالبة بحقوق‬ ‫املثلية بدأت األصوات املعادية بالدعوة ملزيد من العنف ضد املثليني واعتبار‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية‪ .‬حتى‬ ‫واالمبريالية‬ ‫االستعمار‬ ‫أنواع‬ ‫من‬ ‫نوع‬ ‫هي‬ ‫ة‬ ‫الكثلي‬ ‫حقوق‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أغان تهاجم املثليني واملثليات وتدعو إلى‬ ‫مطربو الراغي ‪ Raggae‬يكتبون‬ ‫ٍ‬ ‫مهاجمتهم جسدياً‪ ،‬بل وحتى قتلهم‪.‬‬

‫فشل مسرية «النقاء اجلنسي» يف جامايكا‬ ‫قامت مجموعة مكونة مما ال يزيد عن ‪ 100‬شخص باملسير‬ ‫في شوارع كينغستون‪ ،‬عاصمة جامايكا‪ ،‬فيما دعي‬ ‫مبسيرة «النقاء اجلنسي» الرافضة للمثلية اجلنسية‬ ‫واالنحالل األخالقي الذي انتشر بشكل كبير في اجملتمع‬ ‫اجلامايكي في اآلونة األخيرة‪ ،‬بحسب املنظمني‪.‬‬ ‫نظم املسيرة بعض الناشطني املعارضني للمثلية في‬ ‫جامايكا ودعوا فيها املثليني إلى التكفير عن ذنوبهم‬ ‫والعودة إلى طريق اإلميان املسيحي الصحيح‪ .‬كما قام‬ ‫املشاركون بشجب األفالم اجلنسية‪ ،‬وممارسة اجلنس‬ ‫خارج نطاق الزواج‪،‬و بتوقيع عريضة موجهة إلى‬ ‫رئيسة الوزراء‪ ،‬بورشيا سيمبسون‪-‬ميلر‪ ،‬تطالب بعدم‬ ‫إلغاء القانون الذي يجرّم العالقات املثلية في البالد‪.‬‬ ‫ومن أطرف العبارات التي رددها املشاركون اتهام‬ ‫الرئيس األمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني‬ ‫دايفيد كاميرون مبحاولة نشر «البروباغاندا املثلية»‬ ‫لدعوة اجملتمع اجلامايكي إلى تقبل املثلية اجلنسية‬ ‫والتخلي عن القيم واملبادئ األخالقية التي يتمتع بها‪.‬‬ ‫جتدر اإلشارة إلى أن القانون اجلامايكي يعاقب على‬ ‫املثلية اجلنسية بالسجن ملدة قد تصل إلى ‪ 10‬أعوام‬ ‫إال أن هذا القانون نادرا ً ما يطبق على أرض الواقع‬ ‫كما هي احلال في دول البحر الكاريبي األخرى‪.‬‬ ‫‪50‬‬


‫كاجو‬ ‫تأسست منظمة الكشافة األمريكية في ‪ ،1910‬وانضمت إلى احلركة الكشفية‬ ‫العاملية منذ تأسيسها‪ ،‬وهي أكبر منظمة للناشئني في أمريكا مبا يزيد عن ‪ 2.7‬مليون‬ ‫عضو من الفتية الناشئني‪ ،‬وما يزيد عن مليون متطوع من البالغني‪.‬‬ ‫تهدف املنظمة إلى تدريب النشئ على املواطنة املسؤولة‪ ،‬تطوير الشخصية وبنائها‪،‬‬ ‫االعتماد على نفس من خالل مجموعة كبيرة من النشاطات اخلارجية‪ ،‬عدا عن برامجها‬ ‫التعليمية اخملتلفة‪.‬‬ ‫تنقسم التجربة الكشفية فيها إلى عدة أقسام بحسب العمر‪ ،‬فهناك فئة للفتية‬ ‫ما بني سبع سنوات إلى عشر سنوات ونصف‪ ،‬ثم فئة ملن جتاوزوا العاشرة والنصف إلى‬ ‫الثامنة عشرة من العمر‪ ،‬وهناك فئة للشبان والفتيات اللواتي أمتمن دراسة الصف‬ ‫الثامن (‪ 13‬أو ‪ 14‬عاما ً) حتى سن احلادية والعشرين‪.‬‬

‫انتل توقف دعمها ملنظمة الكشافة األمريكية‬ ‫أعلنت شركة انتل ‪ ،Intel‬إحدى أكبر شركات‬ ‫التكنولوجيا في العالم‪ ،‬أنها ستوقف دعمها‬ ‫املادي ملنظمة الكشافة األمريكية مادامت‬ ‫هذه األخيرة ترفض السماح لألشخاص الذين‬ ‫يعلنون مثليتهم اجلنسية باالنتساب إليها‬ ‫واإلشراف على نشاطاتها‪ ،‬كما ورد في بيان‬ ‫صحفي أصدرته الشركة في ‪ 20‬إيلول‪.‬‬ ‫جاء القرار بعد أن أوصل ناشطون عريضة‬ ‫عليها أكثر من ‪ 30,000‬توقيع للشركة طالبني‬ ‫منها إيقاف دعمها للمنظمة حيث قاد هذه‬ ‫احلملة زاك والز ‪ Zach Wahls‬الذي قامت‬ ‫الكشافة بطرد أمه من املنظمة عندما أعلنت‬ ‫ميولها اجلسنية املثلية‪.‬‬ ‫وقال أحد املسؤولني في شركة انتل أن منظمة‬ ‫الكشافة تقوم بالتمييز ضد املثليني جنسيا ً وهذا‬ ‫ما يتعارض مع سياسات الشركة باملساواة بني‬ ‫األشخاص بغض النظر عن ميولهم اجلنسية‪.‬‬ ‫وكانت انتل قد تبرعت بحوالي ‪ 700,000‬دوالر‬ ‫ملنظمة الكشافة عام ‪ 2010‬وبذلك تكون‬

‫املنظمة قد خسرت أكبر داعم لها بسبب‬ ‫سياساتها التمييزية‪.‬‬ ‫‪51‬‬


‫بزر‬ ‫خرب‬

‫سيتم منح إلني ديجينرس جائزة مارك تواين للفكاهة األمريكية في الثاني والعشرين من‬ ‫تشرين األول احلالي‪ ،‬حيث ستستلم متثاال ً برونزيا ً للكاتب األمريكي الراحل مارك تواين‪.‬‬ ‫ينظم هذه اجلائزة مركز جون كينيدي للفنون األدائية‪ ،‬الذي ذكر في إعالنه عن‬ ‫تكرمي ديجينرس أنها «عبر برامجها التلفزيونية وإطالالتها الكوميدية في األفالم‬ ‫واملسلسالت وحتى اإلعالنات التجارية التي قدمتها‪ ،‬استطاعت امتالك عالمتها‬ ‫املسجلة اخلاصة بها في الطرافة والفكاهة‪ ،‬والتي جعلتنا نتمكن من إيجاد اجلانب‬ ‫املضحك لإلنسان ولألرض‪ ،‬لنضحك معها لسنوات طويلة»‪.‬‬

‫بدأت إلني حياتها املهنية كفنانة كوميديا ارجتالية‪ ،‬أو ما‬ ‫يعرف باسم ‪ ،stand-up comedy‬وكانت تقول أن وودي‬ ‫آالن وستيف مارتني كان لهما أكبر تأثير في حياتها في‬ ‫ذلك الوقت‪ .‬بحلول عام ‪ 1981‬أصبحت إيلني مضيفة‬ ‫ومقدمة في نادي كاليد الكوميدي‪ ،‬وفي عام ‪1982‬‬ ‫استحقت لقب «أظرف شخص في أمريكا»‪.‬‬ ‫بعد عدة جناحات‪ ،‬مت اعتماد كتاباتها الكوميدية في‬ ‫مسلسل تلفزيوني حمل اسمها «‪ »Ellen‬الذي عرض‬ ‫منذ ‪ 1994‬وحتى ‪ .1998‬في عام ‪ ،1997‬قامت إلني‬ ‫باإلعالن عن مثليتها من خالل إعالن شخصيتها «‪Ellen‬‬ ‫‪ »Morgan‬في ذلك املسلسل لتوجهها اجلنسي‪ ،‬وفي‬ ‫ذات الوقت قامت إيلني بإعالن مثليتها عبر لقائني أحدهما‬ ‫مع مجلة ‪ Time‬واآلخر مع أوبرا وينفري في برنامجها‬ ‫املعروف‪ .‬وبرغم النجاح الذي حققته احللقة‪ ،‬الذي حازت‬ ‫عليها جائزة «أفضل سيناريو حللقة كوميدية» إال أن هذا‬ ‫مبثليتها أعاق عملها قليالً‪ ،‬بسبب الطبيعة‬ ‫التصريح‬ ‫ّ‬ ‫الرهابية املثلية للجمهور األمريكي والقائمني على‬ ‫العمل الفني والتلفزيوني في أمريكا‪ ،‬ومت ّ إيقاف العمل‬ ‫بعد موسم أخير في العام التالي‪ ،‬إال أنها استمرت‪ ،‬وتابعت‬ ‫تألقها وحصدها للجوائز لبرنامجها احلواري‪ ،‬حيث كانت‬ ‫ضمن «‪ »People’s Choice Awards‬كاملذيعة احملببة‬ ‫واملفضلة لست سنوات متتالية‪.‬‬

‫‪The Puppy Episode‬‬ ‫هو اسم احللقة التي قررت فيها إيلني أن شخصيتها‬ ‫مثلية‪ ،‬ولضمان‬ ‫ستعلن ميولها اجلنسية كفتاة‬ ‫ّ‬ ‫اإلثارة والذكرى‪ ،‬حتاول إلني اللحاق بسوزان ‪ -‬التي أدت‬ ‫شخصيتها لورا ديرن ‪ -‬في املطار لتعلن لها مثليتها‪،‬‬ ‫لكن بسبب وجود امليكروفون بينهما تصل صرختها‬ ‫«‪ »I’m Gay‬إلى كل من في املطار‪.‬‬ ‫حققت احللقة جناحا ً كبيراً‪ ،‬خاصة بوجود جنوم كبار‬ ‫كضيوف في احللقة‪ ،‬كان من بينهم أوبرا وينفري التي أدت‬ ‫دور املعاجلة النفسية إللني‪ ،‬كما ظهرت والدة إلني احلقيقة‬ ‫لثوان في املطار‪ ،‬لتبدو مندهش ًة من سماع اخلبر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حتتلّ احللقة املرتبة رقم ‪ 35‬ضمن «أفضل ‪ 100‬حلقة‬ ‫تلفزيونية على اإلطالق» في مجلة ‪.TV Guide‬‬

‫روسي منذ السادس عشر من‬ ‫إلني متزوجة من بورتيا دي ّ‬ ‫آب عام ‪ ،2008‬لكن بسبب ما يعرف باسم ‪Preposition 8‬‬ ‫والذي قضي بأن «وحده الزواج بني رجل وامرأة هو املعترف‬ ‫به في والية كاليفورنيا»‪ ،‬اضطرت إيلني وبورتيا النتظار قرار‬ ‫احملكمة العليا في كاليفورنيا بشأن زواجهما‪ ،‬والتي قضت‬ ‫بقانونيته ألنه مت قبل الرابع من تشرين الثاني عام ‪،2008‬‬ ‫وهو تاريخ إلغاء االعتراف بالزواج املثلي في كاليفورنيا‪.‬‬ ‫‪52‬‬


‫بزر‬ ‫شخصية‬

‫‪Ellen DeGeneres‬‬ ‫موالح |سامي حموي‬

‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬

‫بروفايل‬ ‫إلني ديجينرس‪ ،‬هي أحد أكثر الكوميديانات‬ ‫قربا ً إلى قلوب اجلمهور بشكل عام‪ ،‬واألمريكي‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬وهي إحدى أيقونات التلفزيون‬ ‫ومن رائدات الكوميديا وبرامج الـ ‪Talk‬‬ ‫‪ Show‬في العالم‪.‬‬ ‫‪ The Ellen DeGeneres Show‬قد‬ ‫دخل موسمه التاسع في سبتمبر املاضي‪،‬‬ ‫ثامن ميزته اجلوائز‪ ،‬حيث فاز‬ ‫بعد موسم‬ ‫ٍ‬ ‫بجائزة اإلميي للبرامج النهارية كأفضل‬ ‫يرنامج حواري لعام ‪ ،2011‬كما أن البرنامج‬ ‫نفسه كان قد حصد أكثر من ‪ 35‬جائزة‬ ‫خالل مواسمه الثمانية‪ ،‬عدا عن ذلك‪ ،‬فقد‬ ‫حصلت ديجينرس على لقب «اختيار اجلمهور‬ ‫ألفضل كوميديان» اثنتي عشرة مرة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى حصدها لقب «اختيار املراهقني ألفضل‬ ‫كوميديان» للسنة الثالثة على التوالي‪.‬‬ ‫تخف‬ ‫إلني ديجينرس هي امرأة مثلية‪ ،‬لم‬ ‫ِ‬ ‫ميولها‪ ،‬بل أعلنته في دولة يحكمها نوع خاص‬ ‫من رهاب املثلية املؤسساتي واالجتماعي‪،‬‬ ‫خاص ًة في مجال اإلعالم والفن‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫بزر‬ ‫الكاتب‬

‫الصحفي البريطاني ‪ ،Robert Tewdwr Moss‬من مواليد عام ‪ ،1961‬وجد مقتوال ً في‬ ‫شقته في لندن بعد يوم من واحد من إجنازه لكتابه هذا‪ ،‬وذلك في الرابع والعشرين من آب‬ ‫عام ‪ ،1996‬في جرمية قامت على ما يبدو مع سبق اإلصرار‪ ،‬لكن دون ترصد‪ ،‬حيث بدا واضحا ً أن‬ ‫اجلرمية كانت حلظية احلدوث‪ ،‬دون تخطيط مسبق‪ ،‬فقد عُ ثر َ عليه مقيد الساقني بسلك جهاز‬ ‫التلفاز الذي كان ميتلكه‪ ،‬كما أن يداه كانتا مقيدتني بحامل الستائر في شقته‪ ،‬ومت تكميم‬ ‫الرسمية بعد أن وُضع فيه زوجني من اجلوارب‪.‬‬ ‫بحزام قماشي لبزته‬ ‫فمه‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تيودور‪-‬موس هو خريج جامعة لندن‪ ،‬كلية بدفورد للغة اإلنكليزية‪ ،‬مع مرتبة الشرف‪ ،‬وكان‬ ‫كما يقول عنه بعض من عرفه‪ ،‬محبوباً‪ ،‬جذاباً‪ ،‬طويل القامة‪ ،‬وجميل املالمح‪ ،‬كما كان يحب‬ ‫اخململية‪.‬‬ ‫املالبس‪ ،‬ويعتبرها تعبيرا ً عن الذات‪ ،‬وكان يفضل الستر‬ ‫ّ‬

‫آراء‬ ‫بعض من جوانبه جتربتي‬ ‫الكتاب في‬ ‫يعكس‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الشخصية في سوريا‪ ،‬فقد كنت قد كبرت خارجها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وعدت إليها في عام ‪ ،1993‬وبرغم أنني كنت أصغر‬ ‫سلكت بعضا ً من الطرق‬ ‫من الكاتب وقتها‪ ،‬إال أنني‬ ‫ُ‬ ‫واستغربت أشياء استغربها‪ .‬وفي‬ ‫التي سلكها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أشياء لم يعرفها ألنني‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬عرفت‬ ‫َ‬ ‫ي‪ ،‬ومتكّن هو من معرفة أشياء لم أعرفها ألنه‬ ‫سور ّ‬ ‫غريب عن البالد‪ .‬خالصةُ القول‪ ،‬أ ّن هذا الكتاب يضع‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫شخص ألِـف التسعينيات في سوريا في رحلة‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫عبر الذاكرة‪ ،‬ويعرِّف غيره بها‪.‬‬ ‫سألت ‪ Bradley Secker‬عن رأيه في الكتاب‪ ،‬فقال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫وقد‬ ‫أحد‪،‬‬ ‫عنها‬ ‫يعرف‬ ‫ال‬ ‫مفقودة‪،‬‬ ‫ة‬ ‫«جوهر‬ ‫أنه‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫متنيت لو أنني‬ ‫سعيدا ً أنك أخبرتني عنه‪ ،‬ولكم‬ ‫ُ‬ ‫قرأته قبل زيارتي لسوريا أو خاللها‪ ،‬فالكاتب هو‬ ‫شعرت أن الكتاب‬ ‫مثلي اجلنس‪ ،‬لذلك‬ ‫بريطاني‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عكس جتربتي أيضا ً رغم أنني زرت سوريا ألول مرة‬ ‫أشياء‬ ‫بعد زيارته لها بأربعة عشر عاماً‪ ،‬وكانت‬ ‫ُ‬ ‫ن بعض األشياء كانت متاما ً‬ ‫كثيرة قد تغيرت‪ ،‬لك ّ‬ ‫مكثت في دمشق في «فندق‬ ‫كما رآها‪ ،‬حتى أنني‬ ‫ُ‬ ‫احلرمني» وهو نفس الفندق الذي اتخذه هو مقرّا ً‬ ‫له فيها‪ ،‬وأنا حتى اآلن عندما أرى شخصا ً من حلب‪،‬‬ ‫أذكر كلمته «‪ »moon face‬التي كان يصف فيها‬ ‫بعض احللبيني» وأضاف برادلي أنه سعيدٌ بالكتاب‬ ‫ألنه كان منصفا ً لسوريا‪ ،‬وملا فيه من «تكذيب‬ ‫للصورة اإلعالمية األحادية اجلانب عن الشعب‬ ‫السوري في الغرب»‪.‬‬

‫مـعلـــومــة‬

‫متت سرقة جهاز الكمبيوتر احملمول الذي كان تيودور‪-‬‬ ‫موس يحفظ الكتاب عليه‪ ،‬وعندما عُثر على اجلهاز‪،‬‬ ‫كانت النسختان اللتان حفظهما على اجلهاز وعلى‬ ‫مرن «‪ »floppy disk‬كان موجودا ً داخل اجلهاز‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫قرص ٍ‬ ‫قد متت إزالتهما‪ ،‬لذلك فالنسخة احلالية املطبوعة‬ ‫هي نسخة أقدم‪ ،‬كان الكاتب يقوم بتنقيحها‪ ،‬وهي‬ ‫كل ما بقي من الكتاب‪.‬‬ ‫لكم كان سيكون جميال ً لو أ ّن نسخة الكتاب‬ ‫النهائية التي أرادها تيودور‪-‬موس أن تُطبع هي التي‬ ‫ّ‬ ‫بني أيدينا‪ ،‬فهذه النسخة هي رائعة قبل تنقيحها‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫بزر‬ ‫كتاب‬

‫‪Cleopatra's Wedding Present‬‬ ‫موالح |سامي حموي‬

‫‪SyrianGayGuy@gmail.com‬‬

‫الكتاب‬

‫«هدية زفاف كليوباترا» هو ترجمة اسم الكتاب؛ لقد احتار مارك أنطوني بشأن هدية الزفاف‬ ‫التي يجب أن يقدمها إلى كليوباترا‪،‬فماذا ميكن أن ينقص ملكة فرعونية تعتلي عرش مصر؟‬ ‫ينقصها سحرٌ‪ ،‬جمالٌ ‪ ،‬وأرض من لم يرها سيظل ناقصاً‪ ،‬لذلك تخلّى عن عرش سوريا لكليوباترا‪،‬‬ ‫كرم ٍز حلبه لها‪.‬‬ ‫يقول روبرت تيودور موس «سوريا كانت جزءا ً من عربون احلب الذي قدمه مارك أنطوني إلى كليوباترا‪،‬‬ ‫ألي كان»‪.‬‬ ‫ففي وقتها‪ ،‬وحتى اآلن‪ ،‬هي أر ٌ‬ ‫ض للحب واأللغاز‪ ،‬وال تكشف عن أسرارها بسهولة ٍّ‬

‫مثلي‬ ‫سائح‬ ‫لم يكن روبرت تيودور موس في كتابه مجرد‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫مكان بعيد‪ ،‬فقد زار سوريا في عام‬ ‫يبحث عن اجلنس في‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،1994‬ليستكشفها حقاً‪ ،‬ويبحث عن أسرارها التي‬ ‫عرف أنها لن تبوح بها بسهولة‪ ،‬فزار كلّ املواقع األثرية‪،‬‬ ‫املنسية في إيبال‪ ،‬إلى ماري وتدمر وغيرها‪،‬‬ ‫من املدن‬ ‫ّ‬ ‫املثلي خالل زيارته تلك‪.‬‬ ‫كما قام باستكشاف اجملتمع‬ ‫ّ‬ ‫وصل تيودور‪-‬موس أول ما وصل إلى حلب‪ ،‬من هناك تبدأ‬ ‫رحلته في الكتاب‪ ،‬من فندق بارون‪ ،‬الذي ينطلق منه‬ ‫الستكشاف مدين ٍة كانت وال تزال من أكثر املدن السوريّة‬ ‫عبقا ً‬ ‫باملثلية املستترة خلف حواجز اخلوف والذعر من‬ ‫ّ‬ ‫افتضاح السر الدفني‪ ،‬لك ّن ذلك لم مينع البعض من‬ ‫البوح له بأسرارهم‪ ،‬خاص ًة جتار املدينة القدمية‪ ،‬وبعض‬ ‫نزالء الفنادق اآلخرين‪ .‬من حلب‪ ،‬بدأ تيودور‪-‬موس رحلته‬ ‫في سوريا‪ ،‬حيث قضى في شمالها وقتا ً ليس بالقصير‪،‬‬ ‫يكتب عن أحوال الناس وما يشاهده بأمان ٍة فائقة‪ ،‬يرصد‬ ‫مثليتني‪ ،‬ويحاول أن يخترق حاجز صمت‬ ‫ما يراه بعينني‬ ‫ّ‬ ‫املثليينّ السوريي‪.‬‬ ‫عيني صاحبه‪ ،‬الذي كان أمينا ً في‬ ‫يأخذك الكتاب عبر‬ ‫ّ‬ ‫ملثلية‬ ‫استكشاف‬ ‫نقل كل ما رآه وسمعه‪ ،‬في رحل ِة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫واحلكومي‬ ‫سوريا‪ ،‬ملا يختبئ خلف ستائر القمع الديني‬ ‫ّ‬ ‫املثلية‪ ،‬ولكلّ تعبي ٍر عن رغبة حتى‬ ‫وقتها لكلّ مظاهر‬ ‫ّ‬ ‫‪55‬‬

‫في التنفّ س‪ ،‬فقد كانت سوريا تختنق بعجز أبنائها‬ ‫عن اللحاق بركب من حولهم‪ ،‬لك ّن سوريا كما رآها‬ ‫املثلي‪ ،‬لم تكن أيضا ً كما يريد الغرب أن يصورّها‬ ‫زائرها‬ ‫ّ‬ ‫في إعالمه‪ ،‬فالبساطة فيها تتجاوز الفهم‪ ،‬والناس‬ ‫الودودون احمل ّبون هم أجمل من أن يوصفوا‪.‬‬ ‫تضحك مع الكتاب‪ ،‬تبكي‪ ،‬تبتسم‪ ،‬وتُفاجأ مبدى متكّن‬ ‫كاتبه من رصد ما رأى‪ ،‬وإن كنت أصغر من أن تتذكّر‬ ‫مرحلة التسعينيات‪ ،‬ولم تعرف عن بلدك وعن من‬ ‫الكتاب هو دليلك‬ ‫املثليني فيها وقتها‪ ،‬فهذا‬ ‫سبقك من‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الوحيد ملعرفة ما كان يجري في سوريا في تسعينيات‬ ‫مثلية‪.‬‬ ‫بأعني‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬وستراه‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬


‫بزر‬

‫مت ّ استخدام اللون األسود للتعبير عن حالة اخلفاء واحلرمان العاطفي واجلسدي في مجتمعاتنا؛‬ ‫ومتت إضافة ضوء القمر بشكل خفيف على اجلسمني إلضفاء األمل ولو كان ضعيفا ً‪.‬‬ ‫بالنسبة للوضعية التي تأخذها الفتاة فقد مت اختيارها محاول ًة النظر لألعلى ومحاولة‬ ‫االرتقاء فوق أحكام و جترمي اجملتمع لها‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للشاب فقد مت احتيار وضعيته فاحتا ً ذراعيه كتعبير عن حترره من قيود العادات‬ ‫وتطلعه إلى غ ٍد ومستقبل أفضل له‪.‬‬ ‫والتقاليد‬ ‫ّ‬

‫تعريف‬ ‫‪Behind‬‬ ‫‪the Moon‬‬ ‫‪Male‬‬

‫‪56‬‬


‫بزر‬

Behind the Moon

ّ ‫فن‬

‫ نور معراوي‬:‫موالح | رسم‬ sgayrights@gmail.com

Behind the Moon Female

57


‫بوشار‬ ‫‪chloe‬‬ ‫نسرق أو حتى نقتل في سبيل احلصول على ما نرغب‬ ‫به‪ ،‬فتسيطر علينا الرغبة‪ ،‬ونصبح في عالم آخر غير‬ ‫واقعي أو غير موجود‪ ،‬خلقناه بأنفسنا‪ ،‬وسكناه وحدنا‪.‬‬ ‫حياة كاثرين وديفيد مع ابنهما مايكل تبدو مثالية‬ ‫من اخلارج‪ ،‬ولكن العبرة التي دائما نتذكرها في األفالم‬ ‫وننساها في حياتنا الواقعية هي أن املظاهر السعيدة‬ ‫ال تعكس بالضرورة حياة سعيدة‪ .‬وأن املعطيات التي‬ ‫تبدو إيجابية ال تعطي بالضرورة نتائج إيجابية‪ ،‬بل ورمبا‬ ‫تعطي نتائج سلبية ومدمرة في بعض األحيان‪.‬‬ ‫قد يستغرب البعض اختيار هذا الفيلم كفيلم مثلي‪،‬‬ ‫وقد يبرر البعض ذلك ببعض املشاهد املثلية اجلنسية‬ ‫املوجودة فيه‪ .‬لكن األمر يتجاوز هذا التفسير‪ ،‬الذي‬ ‫ال يخلو من بعض الصحة‪ ،‬إلى ما يرمي إليه الفيلم‬ ‫باجململ‪ .‬فالرغبة حتكم الكثير منا في عالقاتنا مع‬ ‫أقراننا املثليني‪ .‬ومع أن الرغبة ليست بدافع سيء إال أن‬ ‫االستسالم لها يجعل التصرفات غريزية أكثر منها‬ ‫أخالقية‪ ،‬فتنسينا بعض القيم مثلما نسيت كلوي‬ ‫الكثير منها‪.‬‬ ‫يجدر بالذكر أن البطل ليام نيسني الذي مثل دور الزوج‬ ‫ديفيد كان قد فقد زوجته ناتاشا ريتشيردسون خالل‬ ‫تصوير الفيلم‪ ،‬ولكن هذا لم يعقه عن إمتام تصوير‬ ‫الفيلم‪ .‬حيث أنه تغيب فترة لكي يرعاها بعد إصابتها‬ ‫في حادث أليم‪ ،‬ولكن وبعد موتها بعدة أيام عاد ليكمل‬ ‫ما عليه من مشاهد‪ .‬وقد فسر هذا إبداعه في جتسيد‬ ‫حالة احلزن التي متلكت شخصية ديفيد في الكثير من‬ ‫األحيان‪.‬‬ ‫مخرج الفيلم هو اخملرج الكندي األرمني األصل آتوم‬ ‫إيغويان صاحب فيلم ‪ .Exotica‬ألف موسيقى الفيلم‬ ‫املوسيقي الكندي ميكاييل دانّا وكان مدير التصوير‬ ‫السينماتوغرافي الكندي أيضا بول سورسي‪ .‬وقد‬ ‫شارك كالهما في فيلم إيغويان ‪.Exotica‬‬ ‫‪58‬‬


‫بوشار‬ ‫‪chloe‬‬

‫تستند قصة هذا الفيلم على‬ ‫الفيلم الفرنسي «ناتالي» وفيلم‬ ‫كلوي هو النسخة اإلجنليزية منه‪.‬‬

‫موالح | سرمد العاصي‬

‫‪SarmadOrontes@live.com‬‬

‫يبدأ الفيلم ومنذ اللحظة األولى بطرح فكرته‬ ‫األساسية‪ :‬اإلغواء! ال ميتنع اخملرج عن تصوير البطلة‬ ‫كلوي (أماندا سايفرايد) مبرزّا أجمل مفاتنها‪ .‬شفتاها‬ ‫احلمراوتان‪ ،‬وثدياها املورقان‪ ،‬ورجالها املمشوقتان‪.‬‬ ‫وكلوي هذه هي مومس‪ ،‬تبيع ما ميكن بيعه ملن يريد‬ ‫شراءه‪ .‬وما تريد كاثرين (جوليان مور) شراءه هو اليقني‪.‬‬ ‫كاثرين تشك بأن زوجها ديفيد (ليام نيسني) يخونها‪،‬‬ ‫وتستأجر كلوي لكي تتحرى في األمر‪.‬‬ ‫ديفيد وكاثرين متزوجان ولهما ابن شاب اسمه مايكل (ماكس‬ ‫مفعما بالشغف‪ ،‬لكن الشغف يخبو‪،‬‬ ‫ثيريوت)‪ ،‬زواجهما كان‬ ‫ً‬ ‫والشاعرية تفقد مكانها املعتاد‪ .‬ويتوج اختالل التوازن بصورة‬ ‫جتدها كاثرين لتجعل الغيرة تشتعل فيها‪.‬‬ ‫يتحدث الفيلم عن الرغبة العاطفية واختالطها مع‬ ‫اجلنس في أماكن‪ ،‬وانفصالها عنه كل االنفصال في‬ ‫أماكن أخرى‪ .‬وعن ما يتولد لدى اإلنسان من أفعال‬ ‫تخلقها دوافع وليدة اللحظة‪ .‬قد نكذب أو نخدع أو‬ ‫‪59‬‬


60


‫مكادمييا‬ ‫وثن ّية الوهم‬ ‫أقدم من الزمن‪...‬‬ ‫ت‬ ‫ب اعتصره الوجع‪ ...‬من طعنا ِ‬ ‫ت هدآ ِ‬ ‫مزَّق َ ْ‬ ‫الليل أن ّ ُ‬ ‫ـات قل ٍ‬ ‫ت غدرٍ بدا َ‬ ‫ِ‬ ‫أحالم في‬ ‫ت بدت أطولَ من تعدادِ ثوانيها‪ ...‬واحتجزَتُه‬ ‫ت بساعا ٍ‬ ‫حاصر َ ُه سكو ُن الوق ِ‬ ‫ٌ‬ ‫دماءه‬ ‫سكون من اآلالم‪ ...‬بكى‬ ‫أقدام ولم تر َ َها أعْي‪ ...‬وفي‬ ‫أماك َن لم تطأ ْ َها‬ ‫ُ‬ ‫القلب َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫الشفق الذي لم يكن لينقضي‪ ...‬فال الليلُ يقْ ِبل وال‬ ‫في عينني غَ َدتا أكثر َ ُح ْمرَةً من‬ ‫ِ‬ ‫القلب في أني ِنهِ في سكون‪ ...‬في هدأ ٍة من الزمن‪...‬‬ ‫النهار يُش ِرق‪ ...‬ليغرَقَ‬ ‫ُ‬

‫سامي حموي‬

‫‪syriangayguy@gmail.com‬‬

‫الكواكب تتدحرج‬ ‫وقعت في فخٍّ من السكون كلُّ ساعاتِه سواء‪ ...‬حتى لَكأ َ ّن‬ ‫وأنا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫في مساراتِها جاهدةً لِ ُتغ َِّير َ فُصولَ‬ ‫نصب ُتك‬ ‫احلزن في حياتي‪ ...‬لكنني‬ ‫كنت قد َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الوجع لم تكن لتنقضي‪ ...‬في غيب ٍة‬ ‫على قلبي إلها ً‪ ...‬اح َت َجزَني في حلظ ٍة من‬ ‫ِ‬ ‫شمس وال يطفئ ُ لهي َبها مطر‪ ...‬أبحث عنك‪ ...‬عني‪ ...‬عن‬ ‫األلم ال تنيرُها‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بقيت مؤمنا ً بها‪ ...‬رغم أنها بدت أكثر بعدا ً من الشفق‪ ...‬أكثر بعدا ً‬ ‫حقيقتنا التي‬ ‫ُ‬ ‫من الشمس‪ ...‬وأكثر بعدا ً حتى منك‪...‬‬ ‫وناديت عليك أن إلهي امنحني احلياة‬ ‫وفي غفل ٍة من السكون‪ ...‬تربَّص بي املوت‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ك على قلبي َ‬ ‫غدوت صنما ً ال‬ ‫عرش األلوهية قد‬ ‫وأنقذني‪ ...‬فإذا بك يا من منح ُت َ‬ ‫َ‬ ‫ث حياةً وال يأبه بِهِ موت‪ ...‬وإذا بأيامي التي قضي ُتها في معبدك‪ ...‬أغنّي طربا ً‬ ‫ي ُب ُّ‬ ‫تدفعني نحو املوت دفعا ً‪ ...‬وتغرقُني في دماء ضاللتي‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫مبجدك‪ ...‬تغدو خناجر َ‬ ‫عيني‪ ...‬لتقول لي‬ ‫في هدأ ِة‬ ‫أيام ضاللتي أمام‬ ‫الزمن قبل ارتعاشا ِ‬ ‫ت املوت‪ ...‬مر ّ ْت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْت ألجلك‬ ‫أنني‬ ‫كنت عبدا ً صاحلا ً في رِقِّ معبدك‪ ...‬فقد أشعل ُْت لك الشموع‪ ...‬وذرف ُ‬ ‫ُ‬ ‫خدمت أن ينجدني‪...‬‬ ‫ت لك القرابني والنذور‪ ...‬فتوسلت باإلله الذي‬ ‫ُ‬ ‫الدموع‪ ...‬وق ّد ْم ُ‬ ‫يقترب ليأخذني‪...‬‬ ‫ت لم حترِّك ساكنا ً‪ ...‬وترك ْ َتني واملوت‬ ‫لكنك يا صنما ً أح َببْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أتي ُه في‬ ‫وبينما‬ ‫كنت أسلم للمو ِ‬ ‫ت نفسي‪َ ...‬‬ ‫أرسل ْ‬ ‫ُ‬ ‫إلي دمشق ُ التي تركَتْني ْ‬ ‫َت ّ‬ ‫ت في أذني وأنا بني يدي املوت‪ ...‬لعلّ ما مضى‬ ‫ضاللتي بك ر ُ ُسلَ محبَّتِها‪َ ...‬‬ ‫وه َم َس ْ‬ ‫حقا ً خير‪ ...‬خير ٌ سبقني وسبق كلَّ خير‪ ...‬خير ٌ كان ال بُدَّ منه‪ ...‬وبعد مخاض‬ ‫جراحك‪ ...‬ستولد اآلن حرا ً من رِقّك‪...‬‬ ‫ث فيه احلياةَ إال‬ ‫علي أم التاريخ وأمي‪...‬‬ ‫نادت‬ ‫صنم لن تب َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫انفض عنك غبار َ‬ ‫ّ‬ ‫حيث وُلِد أولُ نور‪...‬‬ ‫ني ‪ ...‬أقبلْ إلى‬ ‫ُ‬ ‫حقيق ُتك‪ ...‬اخرج ْمن ظلماتِك وأقبلْ إليَّ أيْ ب ُ ّ‬ ‫لتخرجني من عجزي وتيهي‬ ‫إلي براياتِها‪...‬‬ ‫إلى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حيث سينطفئ ُ آخر ُ نور‪ ...‬ولوَّ َح ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫آثام وثني ِة الو ْهم‪...‬‬ ‫وضاللتي‪...‬‬ ‫ومتحو عني َ‬ ‫َ‬

‫‪61‬‬


62


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.