Sanabil 35

Page 1

‫نحو مجتمع مناهض للتعذيب والعنف‬ ‫آذار ‪ 2010 /‬العدد اخلامس والثالثون‬

‫صحيفة شهرية تعنى مبناهضة التعذيب والعنف املنظم‪ ،‬تصدر عن مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‬

‫السجون اإلسرائيلية مقصلة دون إعدام‬

‫جرائم اإلهمال الطبي بحق األسرى في السجون اإلسرائيلية‬ ‫ألف جتربة طبية لشركات أدوية إسرائيلية أجريت على‬ ‫املعتقلني بشكل سري‬

‫حتقيق إبراهيم أبو كامش‬

‫ح ّمل مسؤولون فلسطينيون‪ ،‬م��ن القطاعني احلكومي واأله��ل��ي‪ ،‬حكوم َة إسرائي َل‬ ‫املسؤولية الكاملة عن حياة األس��رى واملعتقلني الفلسطينيني في السجون اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وخاصة في ظل سياسة اإلهمال الطبي املتعمد التي تنتهجها مديرية مصلحة السجون‬ ‫اإلسرائيلية بحق األسرى واملعتقلني‪.‬‬

‫زرع األمراض في أجساد األسرى الفلسطينيني‬

‫وات��ه��م وزي��ر األس���رى واحمل��رري��ن عيسى ق��راق��ع‪ ،‬حكومة إس��رائ��ي��ل باستقصاد زرع‬ ‫األم��راض في أجساد األسرى الفلسطينيني داخل سجون االحتالل‪ ،‬واالستهتار بحياتهم‬

‫وأرواح��ه��م واستخدامهم حقل جت��ارب للعقاقير والكيماويات الطبية لشركات األدوية‬ ‫اإلسرائيلية وألبحاثهم العلمية‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬هناك جرمية ومذبحة وحرب صامتة جتري عن سبق إصرار في السجون بحق‬ ‫أسرانا عن طريق اإلهمال الطبي والقتل املباشر لهم داخل السجون‪ ،‬مؤكدا ً وجود سياسة‬ ‫ممنهجة ومقصودة ورسمية لقتل األسرى من خالل عدم العناية الصحية بهم أو من خالل‬ ‫إجراء جتارب عليهم وبالتالي زرع األمراض في أجسادهم‪.‬‬ ‫التتمة صفحـ ـ‪ 9‬ـ ــة‬

‫بالتنسيق مع إدارتي اجلامعتني‬

‫املركز يتحصل على مقعدين في جامعتي اخلليل والقدس املفتوحة‬ ‫ضمن فعاليات ونشاطات مركز ع�لاج وتأهيل ضحايا التعذيب املختلفة لدعم ومساندة‬ ‫ضحايا التعذيب‪ ،‬وم��ن خ�لال اجلهود الكبيرة املبذولة في سبيل تسليط الضوء على قضايا‬ ‫األس��رى وضحايا التعذيب‪ ،‬قام املركز باالتصال بجامعتي القدس املفتوحة واخلليل؛ من أجل‬ ‫احلصول على مقعد ثابت في اجلامعتني لصالح الفئة املستهدفة التي يعمل معها املركز (ضحايا‬ ‫التعذيب والعنف املنظم)‪ .‬وقام املركز بالتنسيق واالتصال ـ وبجهود مشكورة من الدكتور أسعد‬ ‫أبو غليون في فرع اخلليل ـ املباشر مع إدارتي اجلامعتني ومن خالل مجموعة من االجتماعات‬ ‫واالت��ص��االت املباشرة ونتيجة تعاون وتفاعل إدارت��ي اجلامعتني في خدمة ضحايا التعذيب‬

‫مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‪ ...‬يعنى مبناهضة التعذيب والعنف املنظم‬ ‫مؤسسة أهلية مستقلة غير ربحية‪ ،‬تقدم خدماتها لضحايا التعذيب والعنف‬ ‫املنظم وأسرهم‪ ،‬ومن لهم عالقة بهم ممن يشاركونهم املعاناة املترتبة على‬ ‫األحداث املؤملة التي مروا بها‪.‬‬

‫والعنف املنظم في األراض��ي الفلسطينية فقد قررتا منح مقعدين دراسيني لهذة الفئة من خالل‬ ‫املركز؛ مما سيكون له بالغ األثر والتقدير لدى املستفيدين من البرنامج واملجتمع ككل‪ .‬وإننا في‬ ‫مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب نتقدم بالشكر اجلزيل من اجلامعتني وإدارتيهما على التفاعل‬ ‫اإليجابي مع املركز واالهتمام البالغ الذي أبدتاه في مساندة ودعم ضحايا التعذيب والعنف املنظم‬ ‫في فلسطني‪ .‬كما ويتقدم املركز بالشكر اجلزيل من الدكتور نعمان عمرو رئيس جامعة القدس‬ ‫املفتوحة فرع اخلليل‪ ،‬والدكتور عوني اخلطيب رئيس جامعة اخلليل‪ ،‬على التعاون الكامل الذي‬ ‫أبدياه في إجناح هذا التعاون والتنسيق‪ ،‬في سبيل خدمة فئة من أهم فئات املجتمع الفلسطيني‪.‬‬

‫‪March 2010 / NO 35‬‬

‫االفتتاحية‬ ‫ماذا بعد‪...‬؟!‬ ‫د‪ .‬محمود سحويل‬ ‫عانى الشعب الفلسطيني على مدار العقود السابقة‪،‬‬ ‫وال ي��زال يعاني‪ ،‬من اإلحباط والتهميش‪ ،‬وليس خافيا ً‬ ‫على أح��د أن اإلح��ب��اط في ه��ذه األوق���ات وص��ل إل��ى درجة‬ ‫ال ميكن التغاضي عنها‪ ،‬فاالحتالل وانتهاكاته املتواصلة‬ ‫بحق أب��ن��اء شعبنا م��ن ج��ان��ب‪ ،‬واالن��ق��س��ام ال��داخ��ل��ي بني‬ ‫األش��ق��اء م��ن جانب آخ��ر‪ ،‬ك��ان لهما بالغ األث��ر ف��ي زيادة‬ ‫اإلحباط والتوتر‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فق َد املواطن األم َ��ل في اخل��روج من دوام ِة‬ ‫املعانا ِة املستمر ِة‪َ ،‬‬ ‫ويلمس أن الك َّل يعم ُل‬ ‫ذلك أنه يشع ُر‬ ‫ُ‬ ‫��ق أج��ن ٍ‬ ‫وف َ‬ ‫��دات خارجي ٍة غير مرتبط ٍة مبا يعانيه‪ ،‬كما لم‬ ‫ي��ع��د ل��دي��ه أدن���ى أم��� ٍل ف��ي اخل����روج م��ن ه���ذه احل��ال��ة التي‬ ‫يعيشها من اختالفات وانقسامات على املستوى احمللي‪.‬‬ ‫وكذلك األم��ر على املستوى اإلقليمي والدولي ال��ذي يرى‬ ‫أن له مصلح ًة كبير ًة‪ ،‬لألسف‪ ،‬في بقاء االنقسام والتوتر‬ ‫اللذين تعيشهما األراض��ي الفلسطينية خاص ًة والعربية‬ ‫بشكل عام‪.‬‬ ‫ك��ذل��ك األم���ر بالنسبة ل�لأمم امل��ت��ح��دة‪ ،‬ومجلس األمن‬ ‫حتديداً‪ ،‬الذي من املفترض فيه أن يلعب الدور األكبر في‬ ‫الدفاع عن حقوق الشعوب وحمايتها‪ ،‬فحدث وال حرج‪...‬‬ ‫فقد حت��� ّول مجلس األم���ن م��ن ح���ا ٍم للشعوب املضطهدة‬ ‫إلى أدا ٍة في أي��دي موازين القوى؛ ما أدى إلى إفراغه من‬ ‫محتواه ومضمونه‪ ،‬فأصبح رهينة املعادالت السياسية‬ ‫التي حتكمه‪ ،‬فكم من القرارات التي صدرت تدين االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي وانتهاكاته املتواصلة لم ين ّفذ منها شي ٌء‪.‬‬ ‫كما أن التقهقر الذي حلق بالقضية الفلسطينية عربيا ً‬ ‫ودوليا ً على مدار حقبة من الزمن والضربات املؤملة التي‬ ‫تلقاها ه��ذا الشعب أفقدت املواطن األم��ل على املستويني‬ ‫احمللي واخل��ارج��ي‪ .‬االحتالل يستغ ُّل حالة التر ّنح التي‬ ‫منر بها في هذا الوقت‪ ،‬ويحاول أن يسلب منا كل ما يثبت‬ ‫هويتنا الفلسطينية‪ ،‬فما يحدث في اخلليل ليس بالغريب‬ ‫ع��ل��ى ه����ذا ال���ع���دو ال��ص��ه��ي��ون��ي وك���ذل���ك ح��ال��ة السرطنة‬ ‫واالستيطان التي متر بها كل الضفة الغربية وحتديدا ً‬ ‫القدس؛ في محاولة منه لتهويد املدينة املقدسة وأراضي‬ ‫الضفة الغربية بشكل عام‪ ،‬كذلك احلصار املفروض على‬ ‫قطاع غزة وترهيب وجتويع أهله‪ ،‬فاالحتالل يهدف من‬ ‫خالل هذه السياسية احلصول على تنازالت متتالية من‬ ‫جانب ال��ق��ي��ادات الفلسطينية وال��ت��ي مت��رر بغطاء دولي‬ ‫وإقليمي‪ ،‬فالفكر والسياسة االحتالليه م��دروس��ة ومع‬ ‫مرور الوقت لن يتبقى لنا ما نفاوض علية‪.‬‬ ‫م��ن ه��ن��ا‪ ،‬ي��ج��ب علينا ك��ش��ع��ب فلسطيني وق��ي��ادات‬ ‫نوحد صفوفنا وأن نستفيق من‬ ‫مخلصة لهذا الشعب أن‬ ‫ّ‬ ‫الغيبوبة التي أدخلنا فيها االحتالل‪ ،‬وان نعود للشعب‬ ‫الذي هو صمام األمان‪ ،‬وان يكون شريك في صنع القرار‪،‬‬ ‫فعلينا أن نتسامى على اخلالفات واجلراح‪ ،‬فهذا الشعب‬ ‫يستحق أفضل من هذا‪ ،‬وحجم التضحيات التي قدمها‪ ،‬وال‬ ‫يزال يقدمها‪ ،‬يجب أن حتترم وأن يحترم تاريخه‪.‬‬

‫تعبر بالضرورة‬ ‫املواد املنشورة في (سنابل) ال ّ‬ ‫عن وجهة نظرها‬


‫بعد توقيع أعضائه مذكرة لوضع آلية لزيارة السجون التابعة للسلطة‬

‫إجماع في أوساط «االئتالف الفلسطيني ملناهضة التعذيب» على أهمية‬ ‫فتح السجون لوضع حد لكافة املمارسات غير القانونية بحق احملتجزين‬ ‫رام الله – خاص بـ (سنابل)‬ ‫تتواصل جهود االئتالف الفلسطيني ملناهضة التعذيب‪ ،‬للوصول إلى حالة يتم‬ ‫فيها تكريس احترام حقوق اإلنسان‪ ،‬ووضع حد لكافة املمارسات التي يتعرض لها‬ ‫األسرى القابعون في سجون االحتالل اإلسرائيلي بشكل خاص‪ ،‬فضالً عن تلك التي‬ ‫يعاني منها احملتجزون في مراكز االعتقال والتوقيف التابعة للسلطة الوطنية‪،‬‬ ‫ومن هنا فقد بادرت مؤسسات االئتالف‪ ،‬أواخر الشهر املاضي‪ ،‬إلى توقيع مذكرة‬ ‫تفاهم‪ ‬خاصة مبؤسسات حقوق اإلنسان في الضفة وقطاع غزة‪ ،‬للتعاون حول‬ ‫آليات املتابعة واملراقبة وزي��ارة املعتقلني في السجون التابعة للسلطة‪ ،‬عالوة‬ ‫على استكمال اآلليات املتعلقة بزيارة مراكز االحتجاز والتوقيف‪ .‬وقد جاءت هذه‬ ‫املذكرة بعد لقاء بني ممثلني عن االئتالف‪ ،‬ووزير الداخلية الدكتور سعيد أبو علي‪،‬‬ ‫مت في إطاره االتفاق على العمل بشكل مشترك من قبل الوزارة واالئتالف من أجل‬ ‫متكني مؤسسات األخيرة من زيارة السجون بشكل دوري‪ .‬ومن وجهة نظر العديد‬ ‫من ممثلي مؤسسات االئتالف‪ ،‬فإن إيجاد آلية لزيارة مراكز التوقيف واالحتجاز‪،‬‬ ‫والرقابة عليها‪ ،‬يعتبر مسألة حيوية جلهة حتسني واق��ع احملتجزين في هذه‬ ‫املراكز‪ ،‬وإنهاء كافة املمارسات التعسفية التي قد يتعرضون لها‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬يؤكد الدكتور محمود سحويل‪ ،‬رئيس مركز «عالج وتأهيل‬ ‫ضحايا التعذيب»‪ ،‬أن التوقيع على املذكرة‪ ،‬جاء بعد عدة اجتماعات عقدت مع‬ ‫وزير الداخلية‪ ،‬والتوقيع مع جهات االختصاص في الوزارة على مذكرة تعاون‪،‬‬ ‫فيما يتعلق بزيارة مراكز التوقيف واالحتجاز التابعة للسلطة‪ ،‬واالط�لاع على‬ ‫واقع وظروف احتجاز املعتقلني‪.‬‬

‫استمرار التعذيب‬

‫وينوه الدكتور محمود سحويل بتجاوب وزير الداخلية مع مطالب االئتالف‬ ‫التحسن الذي طرأ على أداء األجهزة األمنية‬ ‫املختلفة‪ ،‬الفتا ً في الوقت نفسه‪ ،‬إلى‬ ‫ّ‬ ‫في احلد من حاالت التعذيب‪ ،‬بيد أنه يشير إلى أن مؤسسات حقوق اإلنسان ال تزال‬ ‫تستقبل شكاوى بخصوص وقوع تعذيب في السجون‪.‬‬ ‫وهو يشير إلى أن الهدف من وجود االئتالف‪ ،‬هو العمل املشترك مع رأس الهرم‬ ‫في السلطة وصناع القرار فيها‪ ،‬لتكون هناك سياسة للحد من عمليات التعذيب‬ ‫وانتهاكات حقوق اإلنسان وصوالً إلى مجتمع مدني دميقراطي‪.‬‬ ‫ويضيف سحويل‪ :‬إن هناك جهدا ً من االئتالف في شطري الوطن‪ ،‬للعمل على‬ ‫احل��د من ظاهرة التعذيب وانتهاكات حقوق اإلن��س��ان‪ ،‬وم��ن أج��ل دوري��ة زيارة‬ ‫السجون ومراكز التوقيف ومراقبة األداء فيها‪.‬‬ ‫وال يخفي سحويل تطلعه إلى أن تكون هناك خطوط عريضة لتنظيم عمل‬ ‫مؤسسات االئ��ت�لاف‪ ،‬م��ش��ددا ً على ض��رورة تكثيف عمل املؤسسات‪ ،‬فيما يخص‬ ‫االنتهاكات اإلسرائيلية على املستويني اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫غياب آلية منتظمة‬

‫وف��ي م��ع��رض تناوله للموضوع نفسه‪ ،‬ي��ق��ول ش��ع��وان ج��ب��اري��ن‪ ،‬م��دي��ر عام‬ ‫مؤسسة «احل��ق»‪ :‬باستثناء الهيئة املستقلة حلقوق اإلنسان «دي��وان املظالم»‪،‬‬ ‫ليست ه��ن��اك آل��ي��ة منتظمة وفاعلة ل��زي��ارة م��راك��ز االع��ت��ق��ال والتوقيف التابعة‬ ‫للسلطة‪ ،‬وهو ما يبدو متاحا ً للسلطة‪ ،‬بحكم دورها ووضعها القانوني كمؤسسة‬ ‫شبه رسمية‪ .‬ويتابع جبارين‪ :‬أحيانا ً يتاح ملؤسسات أو شخصيات معينة زيارة‬ ‫السجون التابعة للسلطة بشكل موسمي‪ ،‬ولذا فإننا في مؤسسات االئتالف نسعى‬ ‫إلى إيجاد آلية إضافية‪ ،‬تسمح ملؤسسات حقوق اإلنسان‪ ،‬بالرقابة على مراكز‬ ‫االحتجاز واالعتقال‪ ،‬باعتبار أن هذا أحد األهداف الرئيسة بالنسبة إلى االئتالف‪.‬‬ ‫ويلفت إلى أن مما يعزز جهود وتطلعات االئتالف فيما يتعلق مبراكز االحتجاز‬ ‫والتوقيف‪ ،‬تعهد وزي��ر الداخلية أب��و علي‪ ،‬بخصوص تسهيل مهمة مؤسسات‬ ‫االئتالف على صعيد زيارة السجون من خالل آلية متفق عليها‪ ،‬لكنه يقر باحلاجة‬ ‫إلى وضع هذه اآللية موضع التنفيذ‪ .‬وهو يرى أن أهمية متكني مؤسسات االئتالف‬

‫للمراسالت‬ ‫رام الله ‪ -‬شارع االرسال ‪ -‬عمارة املاسة ‪ -‬ط ‪3‬‬ ‫البريد االلكتروني‪press@trc-pal.org :‬‬ ‫صندوق بريد ‪468 :‬‬ ‫او عبر فاكس رقم ‪02-2989123‬‬ ‫هاتف ‪-02 2963932 - 2961710 :‬‬

‫املشرف العام‬

‫د‪ .‬محمود سحويل‬

‫تطبع في مطابع االيام‬

‫رئيس التحرير‬

‫فارس عبد الله‬

‫من زيارة مراكز التوقيف واالحتجاز‪ ،‬له بعدان‪:‬‬ ‫البعد األول ـ وقائي‪ ،‬ويتمثل في إشعار اجلهات املشرفة على هذه املراكز بأن‬ ‫هناك أطرافا ً رقابي ًة معين ًة تتابع عملها‪ ،‬وواق��ع السجون‪ ،‬ما يشكل أم��را ً يؤخذ‬ ‫باحلسبان في حسابات هذه اجلهات لتحسني الوضع على شتى الصعد‪.‬‬ ‫أما البعد الثاني ـ تبعا ً ملدير عام مؤسسة «احلق»‪ ،‬فيكمن في إتاحة الفرصة‬ ‫ملؤسسات االئتالف بحكم طبيعة عملها ومهامها‪ ،‬للتدخل في حال اكتشاف أي فعل‬ ‫تعذيب‪ ،‬مبا يصب في حتسني ظروف االحتجاز بشكل عام‪.‬‬ ‫ويردف جبارين قائالً‪ :‬صحيح أن هناك آلية للهيئة املستقلة لزيارة السجون‪،‬‬ ‫لكن هذا ال يحول في الواقع دون وجود صيغ أخرى‪ ،‬ألنه كلما كان هناك أكثر من‬ ‫صيغة على هذا الصعيد ميكن أن تكون الفعالية أكبر فيما يتعلق بالرقابة‪ ،‬وضبط‬ ‫األوضاع في مراكز االحتجاز والتوقيف‪.‬‬ ‫ويوضح أن الصيغة التي تركز عليها مؤسسات االئتالف‪ ،‬تتميز بأن زيارة‬ ‫السجون ستكون منتظمة‪ ،‬دون أن مينع ذلك من إجراء زيارات فجائية‪.‬‬

‫صعيد معاملة احملتجزين‪ ،‬لكن ال تزال هناك حاالت تعذيب وسوء معاملة‪ ،‬بيد‬ ‫أنها أقل بكثير من السابق»‪ .‬وهو يعزو قلة التعذيب‪ ،‬إلى وجود قرار على أعلى‬ ‫املستويات في السلطة‪« ،‬إذ باتت هناك إرادة سياسية‪ ،‬وبالتالي صلح احلال‪ ،‬بيد‬ ‫أن هذا التحسن غير كاف‪ ،‬وال بد أن يقترن مبأسسة عملية حظر التعذيب‪ ،‬وهذه‬ ‫املسألة تستدعي وجود قانون يجرم ويحظر التعذيب»‪.‬‬ ‫ويستدرك قائالً‪ :‬كما ال بد من ق��رار سياسي باحترام وتطبيق هذا القانون‪،‬‬ ‫وبالتالي فبوجود قانون وقرار سياسي باحترامه‪ ،‬نكفل أال يكون أي حتسن في‬ ‫واقع مراكز االحتجاز والتوقيف‪ ،‬أو تدن في مستوى التعذيب فيها رهنا ً بوجود‬ ‫شخص في مكان ما‪ ،‬إذا ذهب تعود األمور إلى سابق عهدها‪.‬‬ ‫وه��و يلفت إل��ى ض���رورة ات��ب��اع اإلج����راءات القانونية ف��ي م��وض��وع االعتقال‬ ‫واالحتجاز‪ ،‬الواردة في قانون «اإلجراءات» الفلسطيني‪ ،‬والذي هو مغيب بسبب‬ ‫اللجوء إل��ى استخدام آلية القضاء العسكري‪ ،‬م��ا يعتبره غصبا ً واع��ت��دا ًء على‬ ‫صالحيات القضاء املدني‪ .‬ويرى أن رقابة مؤسسات املجتمع املدني‪ ،‬ال تلغي وال‬ ‫تقلل من أهمية الدور الرقابي الواقع على عاتق القضاء‪ ،‬والنيابة العامة‪.‬‬ ‫ويختم جبارين قائالً‪ :‬غياب رقابة القضاء والنيابة العامة‪ ،‬وضعف رقابة‬ ‫مؤسسات املجتمع املدني‪ ،‬واالفتقار إلى قانون ملنع التعذيب‪ ،‬متثل كلها عناصر‬ ‫لوجود بيئة خصبة ألن يكون هناك اعتقال تعسفي‪ ،‬وسوء معاملة وتعذيب في‬ ‫مراكز االحتجاز والتوقيف‪.‬‬

‫تعزيز مكانة االئتالف‬

‫ويضيف‪ :‬دون أن تكون هناك زي��ارات فجائية ملراكز االحتجاز والتوقيف‪،‬‬ ‫سيظل هناك نقص‪ ،‬وبالتالي فإذا حتقق ذلك‪ ،‬أي الزيارات الفجائية‪ ،‬فإنه سيتم‬ ‫بال شك ترتيب األوضاع في مراكز االحتجاز والتوقيف‪ ،‬وعدم حدوث انتهاكات‪.‬‬ ‫ويقول‪ :‬إذا غابت الزيارات الفجائية‪ ،‬ستكون هناك إشكاليات‪ ،‬فمثالً قد يتعرض‬ ‫موقوف للتعذيب‪ ،‬وقبل أن يصار إلى تنفيذ زيارة ملركز االحتجاز الذي يوجد فيه‪،‬‬ ‫قد يتم نقله‪ ،‬وبالتالي فلن يتم التمكن في ظل غياب الزيارات الفجائية من مشاهدة‬ ‫ومعاينة حاالت التعذيب هذه‪ .‬ويسرد مثاالً آخر على ما يذهب إليه قائالً‪ :‬قد تكون‬ ‫ظروف االحتجاز خالل فترة معينة بائسة‪ ،‬من حيث النظافة أو مستوى اخلدمات‪،‬‬ ‫لكن في يوم الزيارة إذا كان مرتبا لها‪ ،‬أي غير فجائية‪ ،‬قد تتغير هذه املعطيات‪،‬‬ ‫ورغم أن البعض قد يعقد آماالً على أقوال احملتجزين فيما يتعلق بكشف وتوصيف‬ ‫واقع االعتقال‪ ،‬إال أن ذلك ال مينع إمكانية أن يلجأ احملتجزون إلى إخفاء املعلومات‬ ‫خشية التنكيل بهم أو التعرض للعقاب‪ ،‬ما يزيد من وجاهة الزيارات الفجائية‪،‬‬ ‫بغية االطالع على واقع مراكز االحتجاز والتوقيف بشكل دقيق‪.‬‬ ‫وبخصوص مدى ممارسة التعذيب في مراكز االحتجاز والتوقيف التابعة‬ ‫للسلطة‪ ،‬يؤكد جبارين أن ممارسة التعذيب انخفضت عن ذي قبل‪ ،‬وحتديدا ً‬ ‫مقارنة مع أوائ��ل ومنتصف العام املاضي‪ ،‬مضيفاً‪« :‬هناك حتسن ملموس على‬

‫وفي تعليقه على املسألة نفسها‪ ،‬يلفت حلمي األعرج‪ ،‬مدير مركز «الدفاع عن‬ ‫احلريات»‪ ،‬إلى أهمية املذكرة التي مت التوقيع عليها من قبل مؤسسات االئتالف‪،‬‬ ‫جلهة تعزيز مكانة ودور األخير‪ ،‬واالرتقاء مبستوى التعاون بني هذه املؤسسات‬ ‫من أجل حترمي ومنع ممارسة التعذيب‪.‬‬ ‫ويرى األعرج‪ ،‬أن املذكرة مبثابة نقلة أخرى على طريق تقوية دور االئتالف‪،‬‬ ‫والذي كان قد أعلن عن تشكيله خالل حزيران املاضي‪ ،‬منوها ً بأن االئتالف ُيعنى‬ ‫أساسا ً مبتابعة ما يتعرض له األسرى القابعون في سجون االحتالل‪.‬‬ ‫ويقول‪ :‬هناك اعتقال يومي من قبل ق��وات االحتالل اإلسرائيلي مبعدل ‪ 10‬ـ‬ ‫‪ 15‬مواطناً‪ ،‬وهؤالء يتعرضون للتعذيب منذ حلظة االعتقال؛ األمر الذي يزيد من‬ ‫املسؤولية امللقاة على كاهل االئتالف‪ ،‬خاصة أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي‬ ‫ش ّرعت التعذيب‪ ،‬وفي الوقت نفسه تنكر أنها متارسه‪ ،‬ما يستدعي من االئتالف‬ ‫تعزيز روح التعاون بني أعضائه لفضح املمارسات اإلسرائيلية على شتى الصعد‪.‬‬ ‫وهو يستذكر اللقاء الذي مت قبل التوقيع على املذكرة‪ ،‬مع وزير الداخلية‪ ،‬مشيرا ً‬ ‫إلى أهمية ما مت االتفاق عليه بني االئتالف وال��وزارة بخصوص إيجاد آلية لفتح‬ ‫أبواب مراكز االحتجاز والتوقيف التابعة للسلطة أمام االئتالف‪ ،‬بيد أنه يؤكد أن‬ ‫هذا يتطلب التوصل إلى ترتيب فني بني الطرفني‪.‬‬ ‫وي��ق��ول‪ :‬االت��ف��اق ال��ذي مت مع وزارة الداخلية‪ ،‬يعتبر خطو ًة مهم ًة بالنسبة‬ ‫ل�لائ��ت�لاف وامل��ؤس��س��ات امل��ش��ارك��ة ف��ي��ه‪ ،‬ألن��ه يعكس ال��ت��وج��ه��ات اإلي��ج��اب��ي��ة لدى‬ ‫يجسد التوجهات األخيرة التي ملسها اجلميع‪ ،‬واملتمثلة في منع‬ ‫السلطة‪ ،‬كما أنه‬ ‫ّ‬ ‫التعذيب في سجون السلطة‪ .‬ويرى أن زيارة مراكز االحتجاز والتوقيف من قبل‬ ‫أعضاء االئتالف‪ ،‬من شأنها أن متكن اجلمهور من االطالع على واقع هذه املراكز‪،‬‬ ‫والتيقن بشكل مباشر من احملتجزين من عدم ممارسة التعذيب‪.‬‬ ‫كما ينوه بأهمية ال��زي��ارة في حتسني أوض��اع االعتقال في مراكز االحتجاز‬ ‫والتوقيف التابعة للسلطة‪ .‬ويردف األعرج‪ :‬أعتقد أن تنفيذ اآللية املتعلقة بزيارة‬ ‫مراكز االحتجاز والتوقيف‪ ،‬سيشكل حافزا ً بالنسبة إلى اإلخوة في حماس الذين‬ ‫يسيطرون على قطاع غزة‪ ،‬كي يقوموا باملثل‪ ،‬أي اتخاذ موقف لتحرمي التعذيب‪،‬‬ ‫وفتح السجون أمام مؤسسات حقوق اإلنسان‪ ،‬ما سيعود بالفائدة على الشعب‬ ‫واملواطن الفلسطيني‪.‬‬

‫نحو مجتمع خال من التعذيب والعنف املنظم‬

‫لطلب اخلدمة واالستفسار ‪:‬‬

‫الزيارات الفجائية‬

‫ال تدعو احملنة تفقدكم األمل ‪ ...‬ويدا ً بي ٍد لنساعد ضحايا التعذيب‪.‬‬

‫ضحايا التعذيب والعنف ّ‬ ‫بتجارب قاسي ٍة؛ فهل نرضى باستمرار معاناتهم؟!‬ ‫املنظم م ّروا‬ ‫َ‬ ‫وهل نقبل أن مي َّر اآلخرون بالتجارب نفسها؟!‪.‬‬ ‫متخص ٍ‬ ‫ص في مجال الصحة‬ ‫مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب ـ ومن خالل طاق ٍم‬ ‫ّ‬ ‫النفس ّية واملجتمع ّية ـ يقدّم خدماته النفسية واملجتمعية والطبية املجانية لضحايا‬ ‫التعذيب والعنف ّ‬ ‫املنظم‪( :‬أسر الشهداء‪ ،‬األسرى احمل ّررين وأسرهم‪ ،‬اجلرحى وأسرهم‪،‬‬ ‫من تعرضت منازلهم للقصف‪ ،‬من وجدو في مكان اخلطر‪ ،‬من مروا بأحداث صادمة؛‬ ‫تسببت لهم باأللم واملعاناة)‪.‬‬ ‫املواد املنشورة في (سنابل) ال تع ّبر بالضرورة عن وجهة نظرها‪.‬‬ ‫ترحب (سنابل) بإسهامات الكتـّاب والباحثني ف��ي امل��ج��االت ذات العالقة بأهدافها‬ ‫املناهضة للتعذيب وال��ع��ن��ف امل��ن��ظ��م‪ ،‬وك��ذل��ك القضايا املتعلقة ب��اخل��دم��ات النفسية‬ ‫واملجتمعية‪ ،‬في مختلف األب��واب والدراسات والتجارب اإلنسانية ومراجعات الكتب‬ ‫وملخصات الرسائل اجلامعية وتغطية الندوات ومناقشة األفكار املنشورة فيها‪ ،‬على‬ ‫أالّ يكون قد سبق نشرها أو جزء منها‪ ،‬كما ال يجوز نشرها أو االقتباس منها أو تقدميها‬ ‫للنشر إالّ بعد احلصول على إذن كتابي من إدارة التحرير‪ ،‬وترجو (سنابل) من الكتاب‬ ‫والباحثني الراغبني في نشر أعمالهم أن يرسلوها في ملف (‪ )word‬ـ على أالّ يزيد عدد‬ ‫كلماتها على ‪ 1500‬كلمة ـ إلى العنوان التالي ‪:‬‬ ‫‪Email: press@trc-pal.org‬‬

‫‪2‬‬

‫املقر الرئيسي‬ ‫رام الله‪ -‬شارع اإلرسال – عمارة املاسة – طابق ‪3‬‬ ‫هاتف ‪ 972 2 2961710 ، 972+ 2 2963932 :‬فاكس ‪+ 972 2 2989123‬‬ ‫‪Email: press@trc-pal.org www.trc-pal.org‬‬

‫الفـ ــروع‬

‫اخلليل‬ ‫شارع امللك فيصل‪ -‬مقابل التربية والتعليم‪ -‬مجمع خلف التجاري ط‪4‬‬ ‫هاتف ‪ -02 2298020 :‬فاكس ‪-02 2298 021‬‬ ‫جنني‬ ‫حي البساتني‪ -‬عمارة جمعية بيت املسنني‪ -‬ط ‪1‬‬ ‫هاتف ‪ -04 2430363:‬فاكس ‪-04 2430362‬‬ ‫نابلس‬ ‫شارع العدل ‪ -‬عمارة عالول وأبو صاحله ط‪ 7‬هاتف ‪-09 2398143 :‬‬ ‫فاكس ‪-09 2398133‬‬


‫غزة‪ :‬اعتداءات‬ ‫إسرائيلية متواصلة‬ ‫وحياة داخلية قاسية‬ ‫ومستقبل مجهول‬ ‫كتب حسن جبر‬ ‫«حياتنا صعبة وقاسية» بهذه العبارة اختصر السائق سعيد أحمد (‪ 45‬عاماً)‬ ‫رأيه في األوضاع املعيشية في قطاع غزة‪ .‬وقال أحمد وهو يقود سيارته العمومية‬ ‫في شوارع مدينة غزة باحثا ً عن الركاب‪ :‬هل هذه غزة التي نعرفها ؟ انظروا إلى‬ ‫الناس والشوارع في غزة فهي ليست على حالها التي نعرفها‪.‬‬ ‫نحن «سائقي السيارات «ندور في الشوارع بال عمل مثلنا مثل باقي الناس الذين‬ ‫يعيشون حياة صعبة‪ .‬أحمد الذي يؤكد أنه يعمل لساعات على سيارته من أجل‬ ‫أن يعود بنحو خمسني شيكالً ألسرته املكونة من سبعة أفراد يشعر بالقلق من‬ ‫املستقبل املجهول الذي ينتظر سكان قطاع غزة‪...‬‬ ‫مشاعر أحمد ورؤي��ت��ه لسير األوض���اع ف��ي قطاع غ��زة تتطابق م��ع آراء غالبية‬ ‫السكان الذين يشعرون بالضيق وامللل من حياتهم وأوضاعهم القاسية والصعبة‬ ‫مع استمرار احلصار اإلسرائيلي على القطاع‪ .‬ويقول املراقبون ومنظمات حقوق‬ ‫اإلنسان العاملة‪ :‬إن أوض��اع الناس ت��زداد قسوة مع ازدي��اد وتواصل احلصار‬ ‫املشدد الذي تفرضه إسرائيل على ما يزيد على مليون ونصف املليون فلسطيني‬ ‫ممن يعيشون داخل القطاع‪.‬‬ ‫وحت���دث امل��رك��ز الفلسطيني حل��ق��وق اإلن��س��ان ع��ن اس��ت��م��رار ت��ده��ور األوض���اع‬ ‫اإلنسانية ومعاناة السكان املدنيني في قطاع غزة بعد أن قاسوا ظروفا ً إنسانية‬ ‫خطيرة خالل فترة العدوان احلربي على القطاع‪ .‬وحتدث تقرير حديث أصدره‬ ‫املركز عن تدهور األوض��اع املعيشية للسكان املدنيني جراء النقص اخلطير في‬ ‫احتياجاتهم الغذائية وارت��ف��اع ح��دة الفقر والبطالة بينهم‪ ،‬خاصة مع تشديد‬ ‫وإح��ك��ام احلصار الشامل على القطاع‪ .‬وأش��ار املركز إل��ى التوقف التام لكافة‬ ‫املرافق االقتصادية اإلنتاجية‪ ،‬مبا فيها املرافق الصناعية والزراعية واخلدمية‪،‬‬ ‫والناجم عن حظر ال��واردات والصادرات الغزية‪ ،‬وبسبب التدمير املنهجي لتلك‬ ‫املرافق خالل العدوان على القطاع‪.‬‬ ‫وانتقد املركز ما أسماه التقاعس الدولي املخجل‪ ،‬الذي يساهم في استمرار انتهاك‬ ‫حقوق املدنيني الفلسطينيني االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويحاربهم في وسائل‬ ‫وفعالة تكفل احترام قواعد‬ ‫عيشهم‪ ،‬عبر التخاذل عن القيام بأية تدابير فورية ّ‬ ‫القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي حلقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وق���ال‪ :‬إن ال��ه��م األس��اس��ي لنحو ‪ 1,5‬مليون فلسطيني م��ن س��ك��ان القطاع بات‬ ‫احلصول على احلد األدنى من احتياجاتهم األساسية من الغذاء والدواء‪ ،‬وتوفير‬ ‫االحتياجات األساسية آلالف العائالت واألس��ر التي أصبحت بال م��أوى جراء‬ ‫تدمير منازلها وفقدانها كافة ممتلكاتها‪.‬‬ ‫في ش��وارع غ��زة ميكن بوضوح مالحظة مظاهر تزايد الفقر في أوس��اط سكان‬ ‫القطاع‪ ،‬فمن مئات العمال الذين ينتشرون في الشوارع يحملون املكانس وأدوات‬ ‫التنظيف إل��ى ع��رب��ات ال��ك��ارو التي حتمل احل��ج��ارة الصغيرة ف��ي طريقها إلى‬ ‫املطاحن اجلديدة إلعادة تدويرها واستخدامها في البناء مرة أخرى‪.‬‬ ‫فجر خليل أبو شمالة مدير مؤسسة الضمير حلقوق اإلنسان قنبل ًة‬ ‫وقبل أيام ّ‬ ‫جديد ًة عندما انتقد بشدة القادة السياسيني الذين حولوا القضية الفلسطينية من‬ ‫سياسية إلى إنسانية مؤكدا ً أن أبناء هذه القيادات ال يعرفون معنى الشقاء‪.‬‬ ‫وأك��د أب��و شمالة أن��ه أخبر مسؤولني وق��ادة أح��زاب عن ظاهرة العمال الفقراء‬ ‫املعروفة باسم «املغربلني» إالّ أن أحدا ً لم يحرك ساكنا ً جتاه ما أسماها ظاهرة‬ ‫االستعباد اجلديدة والتي يدفع آالف الفلسطينيني صحتهم وكرامتهم ثمنا ً لها‪.‬‬ ‫يشار إلى أن آالف العمال في غزة يعملون في غربلة ركام البيوت املهدمة بطريقة‬ ‫يدوية للحصول على مادة احلصمة والبسكورس املستخدمة في عملية البناء‪.‬‬ ‫ويعمل في هذه املهنة أطفال وشيوخ ونساء دفعهم الفقر والبطالة ملمارسة هذه‬ ‫املهنة السوداء والتي تنتج عنها آثار صحية خطيرة وخاصة لصغار السن‪.‬‬ ‫وح�� ّم��ل أب��و ش��م��ال��ة (ف��ت��ح) و(ح��م��اس) امل��س��ؤول��ي��ة الكاملة ع��ن إف��ق��ار الشعب‬ ‫الفلسطيني وب��روز مثل تلك امل��آس��ي‪ .‬وم��ع استمرار احلصار اإلسرائيلي على‬ ‫قطاع غزة واصلت ق��وات االحتالل كذلك مالحقة صيادي األسماك داخ��ل البحر‬ ‫ومنعتهم من الصيد‪ .‬واشتكى الصيادون الذين يوردون األسماك الطازجة إلى‬ ‫غزة من تعرضهم إلطالق النار رغم وجودهم في املنطقة املسموح الصيد فيها‬ ‫وفقا ً التفاقيات أوسلو‪ .‬وبات الصيادون في القطاع الذين يعيلون نحو ثالثة‬ ‫آالف عائلة يشكون من تعرضهم لالعتقال وتخريب أدواتهم ومراكب صيدهم‪.‬‬ ‫وحتدث صيادون عن قيام قوات االحتالل باعتقال ثمانية صيادين في حادثتني‬ ‫منفصلتني وقعتا قبل أيام شمال قطاع غزة وشملت صيادين من عائالت السلطان‬ ‫وم��ع��روف‪ .‬وق��ال الصياد (أب��و ع�لاء) (‪ 50‬عاماً) من مدينة غ��زة‪ :‬إن ممارسات‬ ‫االحتالل ضد الصيادين شهدت تصعيدا ً متواصالً منذ عدة أسابيع‪.‬‬ ‫واكد أن الزوارق احلربية اإلسرائيلية باتت تتواجد باستمرار في عرض البحر‬ ‫ومتارس جملة من املضايقات ضد الصيادين‪.‬‬ ‫وقال نزار عياش‪ ،‬نقيب الصيادين في قطاع غزة‪ :‬إن إطالق النار باجتاه مراكب‬

‫ال��ص��ي��ادي��ن م��ت��واص��ل م��ن��ذ عدة‬ ‫أس����اب����ي����ع‪ .‬وأك��������د ع����ي����اش أن‬ ‫اس��ت��ه��داف ال��ص��ي��ادي��ن يتزامن‬ ‫م�����ع م���ن���ع���ه���م م�����ن ال���ص���ي���د في‬ ‫مسافة تتجاوز األرب��ع��ة أميال‬ ‫الفتا ً إل��ى أن ال���زوارق البحرية‬ ‫اإلس��رائ��ي��ل��ي��ة تطلق ال��ن��ار على‬ ‫ك��ل ص��ي��اد ي��ح��اول جت���اوز تلك‬ ‫امل����س����اح����ة‪ .‬وب�����ال�����ت�����وازي مع‬ ‫املعاناة والتضييق بات السمك‬ ‫الغزاوي يواجه معاناة أخرى‬ ‫م�����ع ت����دف����ق ال���س���م���ك امل���ص���ري‬ ‫املهرب إلى القطاع عبر األنفاق‬ ‫مما ساهم في انخفاض أسعار‬ ‫السمك رغم أنه دائما ً ما يكون‬ ‫عرضة ألن يفسد بشكل سريع‪.‬‬ ‫وقال (أبو عالء)‪ :‬إن أنفاق غزة‬ ‫تشهد في الغالب تهريب كميات‬ ‫ك��ب��ي��رة م���ن األس����م����اك باجتاه‬ ‫غ���زة ف��ي ح�ين يقتصر تهريب‬ ‫ال��س��م��ك ال���غ���زاوي جت���اه مصر‬ ‫على أس��م��اك السلطعون الذي‬ ‫يقل اص��ط��ي��اده ف��ي بحر مصر‪.‬‬ ‫ومب������وازاة األوض�����اع القاسية‬ ‫داخ�����ل ال���ق���ط���اع وم����ا يواجهه‬ ‫ال��ص��ي��ادون م��ن م��ع��ان��اة ت���زداد‬ ‫األوضاع صعوبة على احلدود اجلنوبية مع مصر حيث توجد مئات األنفاق التي‬ ‫تستخدم لتهريب كل شي إلى القطاع‪ .‬ورغم تواصل أعمال بناء اجلدار املصري‬ ‫احلديدي على احل��دود وإغ�لاق عدد من مالكي األنفاق ألنفاقهم طواعية تركزت‬ ‫أعني الغزيني على مواصلة سقوط الضحايا داخل األنفاق الباقية‪ .‬وحتدث (أبو‬ ‫محمد) «اسم مستعار» أحد مالكي األنفاق عن آخر حاالت الوفاة داخل األنفاق‬ ‫واملتمثلة في وف��اة الشاب محمد أحمد أب��و احلصني (‪ 22‬ع��ام��اً) بعد أن أصيب‬ ‫بصعقة كهربائية ناجتة عن متاس كهربائي داخل نفق في حي السالم جنوب‬ ‫رف��ح‪ .‬وأك��د أن أبو احلصني هو الضحية اخلامسة منذ بداية العام اجل��اري في‬ ‫حوادث متفرقة جرت داخل األنفاق وأوقعت إلى جانب القتلى اخلمسة ما يزيد‬ ‫على مائة إصابة في حوادث متفرقة‪.‬‬ ‫ووفقا ً إلحصاءات مركز امليزان في غزة فإن عدد من قتلوا داخ��ل األنفاق وصل‬ ‫إلى (‪ )141‬قتيالً واملصابني إلى (‪ )353‬مصابا ً منذ العام ‪ ،2006‬من بينهم (‪)4‬‬ ‫أطفال إلى جانب عشرة من بني ضحايا األنفاق القتلى سقطوا بسبب قصف قوات‬ ‫االحتالل ملناطق األن��ف��اق‪ .‬ودع��ا مركز امليزان إل��ى وق��ف كارثة األن��ف��اق‪ ،‬واتخاذ‬ ‫التدابير التي من شأنها أن حتمي عامليها وحتمي املواطنني من تبعات انفالتها‪.‬‬ ‫وانتقدت كتلة نضال العمال في القطاع ظاهرة انتشار األنفاق على امتداد حدود‬ ‫محافظة رفح مع مصر مؤكدة أن تلك األنفاق جلبت الكوارث على سكان القطاع‬ ‫عامة وسكان اجلنوب خاصة مبا حصدته من أرواح بريئة ومبا دخل عبرها من‬ ‫سموم ومخدرات والتي تستر أصحابها خلف شعار كسر احلصار ليتم ممارسة‬ ‫ج��رائ��م التهريب بشتى أن��واع��ه��ا‪ .‬وق��ال��ت الكتلة ف��ي ختام اجتماع عقدته لهذا‬ ‫الغرض‪ :‬إنه ومع دخول بعض السلع الغذائية تدخل كميات كبيرة من املمنوعات‬ ‫واملخدرات التي انتشرت في صفوف الشباب والتي شكلت تهديدا ً جديدا ً يضاف‬ ‫إلى معاناة الشعب الفلسطيني‪ .‬في غزة ال يجد أي مواطن صعوبة في تلمس‬ ‫معاناة شريحة واس��ع��ة م��ن السكان وامل��زارع�ين ال��ذي��ن يعيشون أو ميتلكون‬ ‫أراضي زراعية بالقرب من خط التحديد الفاصل بني قطاع غزة واألراضي احملتلة‬ ‫عام ‪ 1948‬والتي شهدت خالل األيام املاضية توغالت شبه يومية تفاقمت معها‬ ‫معاناة السكان هناك‪.‬‬ ‫ووفقا ً إلحصاءات غير رسمية فإن نحو ‪ % 20‬من األراضي الزراعية في القطاع ال‬ ‫يستطيع املزارعون الوصول إليها بسبب اإلجراءات اإلسرائيلية وعلى رأسها قرار‬ ‫إقامة منطقة عازلة مما حرم مئات األسر من الوصول إلى أراضيها بفعل إطالق‬ ‫النار املتواصل‪ .‬وملواجهة هذه اإلجراءات تداعت الفصائل السياسية واملنظمات‬ ‫اجلماهيرية واملدنية وشكلت اللجنة الشعبية ملقاومة «احلزام األمني التي كانت‬ ‫باكورة أعمالها تنظيم مسيرة على بعد ‪ 300‬متر من الشريط احلدودي رفع خاللها‬

‫‪3‬‬

‫عشرات املواطنني األعالم الفلسطينية ورددوا الهتافات الوطنية ضد االستيطان‬ ‫اإلسرائيلي وتهويد القدس»‪ .‬وقال محمود الزق‪ ،‬عضو املكتب السياسي جلبهة‬ ‫النضال الشعبي‪ :‬إن اللجنة الشعبية تستهدف إثارة الرأي العام العاملي ضد ما‬ ‫يجري من أعمال استهداف للمزارعني ومحاربتهم في مصدر رزقهم‪.‬‬ ‫وق���ال ال���زق‪ :‬إن ه��ن��اك تفكيرا ً لتحويل امل��س��ي��رة إل��ى ح��دث أس��ب��وع��ي ملناهضة‬ ‫االستيطان والتوغالت واالعتداءات اإلسرائيلية في القطاع الهادفة إلى مصادرة‬ ‫املئات من الدومنات على طول خط التحديد من جنوب القطاع إلى شماله‪.‬‬ ‫االعتداءات االسرائيلية واألوضاع الداخلية املتفجرة ألقت بظاللها على الوضع‬ ‫النفسي لسكان قطاع غزة وخلقت لديهم كثيرا ً من املشكالت النفسية‪.‬‬ ‫وتقول عال أبو حسب الله مساعد منسق برنامج اإلرشاد في جمعية املرأة العاملة‬ ‫الفلسطينية للتنمية في قطاع غزة إنهم ومن خالل عملهم مع األسر الحظوا بروز‬ ‫العديد من املشكالت على السيدات واألطفال السيما أن هذه املرحلة جاءت بعد‬ ‫مرحلة الفلتان األمني واحلصار واحلرب حيث ذاق اإلنسان الغزي فيه الويالت‬ ‫التي انعكست بالضرورة على صحته وحالته النفسية‪.‬‬ ‫وأكدت أبو حسب الله أن كثيرا ً من املواطنني يعانون من أعراض ومشاكل النوم‬ ‫كاألرق والكوابيس الليلية ومشاكل في األكل وفقدان الشهية‪ ،‬وقد ظهرت لديهم‬ ‫مشاعر اخلدر وفقدان األمل ومعايشة احلدث‪ ،‬باإلضافة إلى التجنب‪ ،‬واإلجهاد‬ ‫النفسي الشديد عند التعرض ملا يرمز لهذا احلدث هذه جميعها تسمى أعراض‬ ‫ما بعد الصدمة ‪ .PTSD‬كما أشارت إلى بروز أعراض الفقدان وهي‪« :‬ردة الفعل‬ ‫الطبيعية للحزن واالرتباك الذي يشعر به اإلنسان عند خسارة شخص عزيز أو‬ ‫شيء مهم‪ .‬وهي ردة الفعل التقليدية للموت والطالق وخسارة الوظيفة»‪.‬‬ ‫وقالت‪« :‬من أكثر املشاعر التي مير بها الشخص الفاقد‪ :‬احلزن الشديد والعميق‪،‬‬ ‫والصدمة‪ ،‬واإلنكار‪ ،‬واالكتئاب (كشعور وليس كاضطراب)‪ ،‬اإلحساس باحلذر‪،‬‬ ‫الشعور بالذنب‪ ،‬الشعور بالوحدة الشديدة‪ ،‬الغضب‪.‬‬ ‫وحتدثت أبو حسب الله عن العنف ضد النساء وما يترتب عليه من آثار نفسية‪،‬‬ ‫وأم��راض جسمانية منشؤها نفسي (مثل‪ :‬الصداع‪ ،‬الصداع النصفي‪ ،‬الدوخة‪،‬‬ ‫الرجفة في اليدين‪ ،‬ضغط الدم‪ ،‬السكري‪ ،‬زيادة دقات القلب) مؤكدة أن من أصعب‬ ‫احل��االت وضعية هي ح��االت الترقب واالنتظار والقلق على املصير وغموض‬ ‫املستقبل مم��ا ينعكس سلبا ً على نفسية اإلن��س��ان‪ ،‬واألزم���ة االجتماعية التقت‬ ‫باألزمة االقتصادية وأزم��ة النظام السياسي واالنقسام‪ ،‬مما أدى إل��ى تركيبة‬ ‫اجتماعية أصيبت باختالل اجتماعي كبير مهد لظهور معضالت مزمنة‪.‬‬ ‫احلديث مع سكان القطاع لعدة أيام لم يغير الصورة السلبية عن معاناتهم وأوضاعهم‬ ‫القاسية إال أن أمالً بسيطا ً كان يلوح دائما ً من ثنايا حكاياتهم ال ميكن جتاهله‪ :‬أن يتحد‬ ‫الفلسطينيون ويواجهوا املستقبل بإرادة واحدة بعيدا ً عن كل املنغصات الداخلية‪...‬‬


‫الناجون من التعذيب اإلسرائيلي هل ينجون من آثاره ؟‬ ‫ُيحاصر البيت باجلنود املدججني باألسلحة‪ ،‬ويقتحم ويصاحب ذلك إطالق نار‬ ‫كثيف وإلقاء قنابل صوت داخل البيت وترهيب األطفال والنساء النائمني بالصراخ‬ ‫والكالب البوليسية‪ ،‬ثم يسحب الشخص املطلوب خارجا ً بعد أن يأخذ دفعة حتت‬ ‫احلساب من التعذيب بضربه بأعقاب البنادق أمام أهله‪ ،‬عدا تفتيش البيت وحتطيم‬ ‫محتوياته وف��ي أحايني كثيرة يسرق اجلنود امل��ال وامل��ص��اغ الذهبي إن وق��ع حتت‬ ‫أيديهم‪ .‬ثم يكبل جنود االحتالل يدي األسير باألصفاد ورجليه باألغالل وال ينسون‬ ‫وضع كيس على رأسه وتعصيب عينيه‪ ،‬لتبدأ بعد ذلك كله رحلة طويلة من التعذيب‬ ‫قد ال تنتهي قريباً‪ ،‬هذا عدا آثارها التي تستمر بعد التحرر لألبد‪ ،‬فينضم األسير بذلك‬ ‫إلى قافلة طويلة من مليون أسير فلسطيني اعتقلتهم إسرائيل منذ العام ‪.1967‬‬ ‫جتري هذه العملية يوميا ً في الضفة الغربية وبوتيرة أقل في قطاع غزة‪ .‬يقول عبد‬ ‫الله الزغاري مدير نادي األسير‪« :‬إن غالبية عمليات االعتقال تتم بعد منتصف الليل‪،‬‬ ‫وبعض عمليات االعتقال تتم على احلواجز العسكرية واملعابر وخالل التظاهرات‪،‬‬ ‫ولكن التركيز يتم على االعتقال ليالً كون الليل يتميز بالهدوء ويريد االحتالل كسر‬ ‫ه��ذا ال��ه��دوء وتوسيع دائ���رة التعذيب لتصل ذوي األس��ي��ر‪ ،‬وخ�لال نقله إل��ى مركز‬ ‫التحقيق أو مبعنى أدق أقبية التحقيق يتعرض األسير للضرب بالعصي وأعقاب‬ ‫البنادق في السيارة العسكرية (اجليب) من قبل جنود االحتالل‪ ،‬عالوة على الكالب‬ ‫البوليسية كحلقة أخرى من خطة مبرمجة لتعذيب األسير وحتطيم معنوياته»‪.‬‬ ‫وف��ي فترة التحقيق تتنوع وس��ائ��ل التعذيب اجلسدية والنفسية بعد توفير‬ ‫الغطاء القانوني لها‪ ،‬فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تش ّرع القانون‬ ‫الذي ال يستند إلى مبادئ حقوق اإلنسان‪ ،‬حتى وصل األمر باحملاكم اإلسرائيلية إلى‬ ‫قبول اعترافات األطفال القاصرين الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي احملققني ممن‬ ‫تقل أعمارهم عن ‪ 18‬عاماً‪ ،‬وتبرر إسرائيل تعذيبها للمعتقلني الفلسطينيني باعتباره‬ ‫من األسلحة الضرورية في دف��اع إسرائيل عن نفسها ضد (االع��ت��داءات العنيفة)‪.‬‬ ‫ووضعت توصيات جلان حتقيق األساس القانوني للتعذيب مثل جلنة (الندو) التي‬ ‫شكلتها احلكومة اإلسرائيلية عام ‪ 1987‬للتحقيق في األساليب التي يستخدمها جهاز‬ ‫(الشاباك) وأجازت استخدام ضغوط نفسية وجسدية «معتدلة» للكشف عن قنبلة‬ ‫موقوتة‪ ،‬وهذه األساليب املعتدلة التي حتدثت عنها جلنة (الن��دو) يعود حتديدها‬ ‫عمليا ً مل��زاج وق��رار احملقق وكذلك جلنة (سوفر ـ م���ازوز) ع��ام ‪ 1999‬والتي قدمت‬ ‫تقريرا ً يوصي محققي (الشاباك) باستخدام «وسائل خاصة في حاالت استثنائية»‪،‬‬ ‫وبالتالي الكلمات الفضفاضة تشرعن التعذيب مع كل املعتقلني الفلسطينيني على‬ ‫اعتبار أنهم «حاالت استثنائية» أي القنبلة املوقوتة‪ ،‬وهي أن يكون احملقق على يقني‬ ‫(بأن األسير يخفي معلومات عن عملية وشيكة)‪ ،‬وتشمل أساليب التعذيب حسب‬ ‫شهادات األسرى‪ :‬الشبح املتواصل وتعريض األسير ملاء بارد وساخن‪ ،‬والصعقات‬ ‫الكهربائية ووض��ع رؤوس املعتقلني في املراحيض وفتح م��اء «النياغرا»‪ ،‬والهز‬ ‫العنيف‪ ،‬وأصبح االجت��اه نحو التعذيب النفسي أكثر من اجلسدي الذي يترك آثارا ً‬ ‫على امل��دى البعيد ويظهر جليا ً في هذا االجت��اه أسلوب غرف العصافير (العمالء)‪،‬‬ ‫والتهديد بالقتل واالغتصاب وإحضار أحد األقارب وخاصة الزوجة واألم‪ ،‬والقائمة‬ ‫تطول فإسرائيل تبتكر كل يوم أسلوبا ً جديدا ً لتعذيب األسرى‪.‬‬

‫أقبية التحقيق‬

‫يتم وضع األسير في زنزانة ضيقة ال تزيد مساحتها على مترين مربعني وتكون‬ ‫معتمة رطبة ذات رائحة كريهة‪ ،‬ويبقى فيها ساعات أو أياما ً حسب مزاج احملققني‬ ‫إلى أن يتم إحضاره إلى قبو التحقيق‪ ،‬وهو عبارة عن غرفة صغيرة تتسع لطاولة‬ ‫احملقق‪ ،‬ويجلس األسير على كرسي صغير تكون رجاله األماميتان أقصر من الرجلني‬ ‫اخللفيتني ويسبب ملن يجلس عليه أملا ً في البطن والظهر‪ .‬التهديد بإحضار الزوجة‬ ‫لتعريتها من مالبسها وهو أسلوب رائج في أقبية التحقيق مما يشعر األسير بحالة‬ ‫من اخلوف واألرق‪ ،‬مع تشديد القيود على يدي ورجلي األسير والضغط عليها من‬ ‫قبل احملققني‪ ،‬وهناك أسلوب الهز العنيف ويقوم على هز اجلزء العلوي من املعتقل‬ ‫إلى األمام واخللف عدة مرات وبشكل عنيف‪ ،‬وفي بعض األحيان يتم اله ّز بصورة‬ ‫تؤدي هز العنق و الرأس بسرعة‪ ،‬مما يلحق ضررا ً خطيرا ً بالدماغ والعمود الفقري‬ ‫وف��ق��دان الوعي والتقيؤ والتبول ال�ل�اإرادي وآالم شديدة في ال���رأس‪ ،‬ويعتبر الهز‬ ‫العنيف من األساليب اجلديدة التي اتبعت بعد توقيع اتفاقية (أوسلو) عام ‪،1993‬‬ ‫وقد تستمر عملية التحقيق ‪ 180‬يوما ً متواصلة‪ 60 ،‬يوما ً منها دون رؤية احملامي‪ ،‬في‬ ‫مراكز حتقيق عصيون واجللمة‪ ،‬و(املسكوبية) الذي يطلق عليه األسرى (املسلخ)‬ ‫لفظاعة التعذيب فيه وهو عبارة عن مبنى قدمي‪ ،‬وعسقالن وغيرها‪.‬‬ ‫ويضيف الزغاري‪« :‬غرف العار أو العصافير من أخطر أساليب التعذيب النتزاع‬ ‫اعترافات من األسير وحتطيمه وتترك أثرا ً كبيرا ً على نفسيته‪ ،‬وهي محرمة دولياً‪،‬‬ ‫حيث يدلي األسير باعترافات‪ ،‬وهو يعتقد أنه بني أسرى مناضلني وهو فخ يقع فيه‬ ‫الكثير من األس��رى‪ ،‬وبعض األس��رى يكتشف أنه في غرف العصافير وال يتجاوب‬ ‫معهم‪ ،‬ويتعرض للضرب واالعتداء بشكل عنيف من قبل العمالء‪ ،‬مما يؤثر بشكل‬ ‫سلبي على نفسية األسير»‪.‬‬ ‫اعتمد (الشاباك) على غرف العصافير (العمالء) بشكل مكثف النتزاع اعترافات‬ ‫من األسرى‪ ،‬وتبني دراسة أعدها نادي األسير أن ‪ %80‬من األسرى قد أدلوا باعترافات‬ ‫في غرف العمالء دون إدراكهم أن هذه املعلومات ستذهب للمخابرات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫ويخدع األسير بإشعاره أن التحقيق قد انتهى وسينقل إل��ى معتقل م��ا‪ ،‬وهنا يتم‬ ‫اجللوس معه من قبل اللجنة األمنية بحجة حماية أشخاص لم يعترف عليهم‪ ،‬فإن‬ ‫حتدث انتهى أم��ره بسرعة‪ ،‬وإن لم يتعاون يتهم باخليانة ومت��ارس عليه ضغوط‬ ‫نفسية وجسدية تصل حد االعتداء بالضرب املبرح‪.‬‬ ‫ويروي األسير احملرر محمد سالم من بيت حلم جتربته االعتقالية وكان يبلغ‬ ‫حينها من العمر ‪ 20‬عاماً‪« :‬في الساعة الواحدة ليالً سمعنا صوت انفجار ضخم تبعه‬ ‫حتطيم ب��اب املنزل‪ ،‬ودخ��ل جنود إسرائيليون غرفة نومي‪ ،‬ووضعوا عصبة على‬ ‫عيني‪ ،‬وربطوا يدي وقدمي‪ ،‬ثم جروني جرا ً في البيت وعلى األدراج حتى أدخلوني‬ ‫اجليب وقام أحد اجلنود أثناء الطريق بضربي على رأسي بكوعه‪ ،‬وبعد أن وصلنا‬

‫إل��ى معتقل عصيون‪ ،‬وضعوني في الساحة اخلارجية وأم��رون��ي باالستلقاء على‬ ‫األرض بعد أن خلعوا مالبسي وكنت أشعر ببرد شديد‪ ،‬وخاصة أن اجلو كان بادرا ً‬ ‫جدا ً في كانون الثاني ‪.»2003‬‬ ‫ويتابع بعد أن تأمل برهة في صورة له داخل السجن «في غرفة التحقيق اعتدى‬ ‫علي ثالثة محققني وضربوني بأقدامهم وضغطوا على أصابع قدمي بشدة مدة ساعة‪،‬‬ ‫وبعدها مت رشي مباء ب��ارد ج��دا ً بواسطة خرطوم رش��اش وخاصة في أذن��ي وفمي‬ ‫وصدري «‪ ،‬ويضيف‪ « :‬أحضروا قطعة ثلج وأجبروني على بلعها ثم أخذوني إلى‬ ‫املرحاض وفتحوا النياغرا ورشقوا امل��اء على وجهي‪ ،‬فأغمي علي‪ ،‬ووج��دت نفسي‬ ‫بعدها وحيدا ً في زنزانة تركوني فيها مدة ثالثة أي��ام دون طعام أو ش��راب وكنت‬ ‫أتضور جوعا ً وأصرخ ولم يجبني أحد»‪ ،‬ألنقل بعدها إلى معتقل املسكوبية‪.‬‬ ‫وي��واص��ل «ه��ن��اك أمضيت ش��ه��را ً ك��ام�لاً ل��م ت��ر عيني الشمس فيها‪ ،‬ول��م يسمح‬ ‫علي محقق يبدي تعاطفه معي بكلمات «أنت جيد‬ ‫للمحامي بزيارتي‪ ،‬وكان يتعاقب ّ‬ ‫وأريد مساعدتك‪ ،‬واعترف ولو كنت مظلوماً»‪ ،‬ويحاول إقناعي بشرب شاي أو قهوة‪،‬‬ ‫وآخ��ر يشتم ويهدد بقتلي وإحضار أف��راد عائلتي‪ ،‬وك��ان التحقيق يستمر يومني أو‬ ‫ثالثة أيام متواصلة دون نوم وشددوا القيود علي في الشبح داخل الغرفة السوداء‬ ‫وأنا جالس على كرسي صغير أتلقى الشتائم واإلهانات مع الشبح‪.‬‬ ‫وحكم محمد خمس سنوات‪ ،‬وخرج بعدها من السجن‪ ،‬يقول‪« :‬شعرت بفرحة‬ ‫غامرة في األسابيع األول��ى فكان بجانبي الكثير من الناس‪ ،‬وأقيمت حفلة ساهرة‬ ‫ولم يكن بوسعي أن أفكر في شيء‪ ،‬تال تلك املرحلة شعور بالغربة ومتلكني شعور‬ ‫باإلحباط من واقعي احلالي‪ ،‬وفي الليل أتصور أن أحدهم قادم العتقالي‪ ،‬فلم أستطع‬ ‫النوم‪ ،‬وفي أحد األيام ذهبت إلحدى املؤسسات فدخلت إحدى الغرف إلجراء معاملة‬ ‫ولسوء حظي كانت صغيرة ال تزيد على مترين مربعني وكان املوظف جالسا ً على‬ ‫كرسيه وأمامه كرسي صغير وعندما جلست شعرت بغضب كبير وخوف كذلك‪ ،‬ولم‬ ‫أمتالك نفسي وشعرت كأني من جديد في غرف التحقيق فخرجت مسرعا ً منها»‪.‬‬ ‫وقد يكون محمد محظوظا ً مقارنة بـ ‪ 70‬شهيدا ً قضوا في سجون االحتالل حتت‬ ‫التعذيب منذ العام ‪ 1967‬وك��ان أولهم الشهيد يوسف اجلبالي ال��ذي سقط حتت‬ ‫التعذيب عام ‪ 1968‬في سجن نابلس‪ ،‬تبعه العشرات منهم ‪ :‬إبراهيم الراعي‪ ،‬وخضر‬ ‫ترزي‪ ،‬ومحمد حماد‪ ،‬ونضال أبو سرور‪ ،‬ومروان معالي‪ ،‬وحسام قرعان‪ ،‬وعطية‬ ‫الزعانني‪ ،‬وعلي حسن شاهد‪ ،‬وصبري عبد ربه‪ ،‬والقائمة تطول‪.‬‬ ‫قصة أخ��رى روتها محامية سويدية تدعى بيرجيتا الفستروم خ�لال زيارتها‬ ‫إسرائيل توضح حجم التعذيب الوحشي الذي تعرضت له األسيرات والقاصرون‪،‬‬ ‫من خالل فتاة تبلغ من العمر (‪ 14‬عاماً) مت اعتقالها مدة ستة شهور دون محاكمة‪،‬‬ ‫ومنع محاميها وأهلها من زيارتها‪ ،‬وجلدها احملققون بالسوط وع ّرضوها لصعقات‬ ‫كهربائية والرش باملاء البارد‪ ،‬وع ّروها وقيدوها في سرير مدة يومني داخل زنزانة‪،‬‬ ‫وك���ان اجل��ن��ود اإلس��رائ��ي��ل��ي��ون يقفون خ���ارج ب��اب ال��زن��زان��ة وي��ه��ددون باغتصابها‬ ‫جماعياً‪.‬‬ ‫ون��ش��رت صحيفة (م��ع��اري��ف) اإلسرائيلية مقابلة م��ع أح��د احملققني بتاريخ‬ ‫‪ ،2002\4\7‬ورم���زت ل��ه ب��احل��رف (ن)‪ ،‬وي��وص��ف أس��ل��وب ضغطه على األسير‬ ‫(تعذيبه) «قد يكون جهز كل شيء ولم يبق إال التنفيذ‪ ،‬فأنت في مشكلة‪ ،‬وفي هذه‬ ‫احلالة تستخدم كل احليل والوسائل وحتى لو اضطررت إلى تكسيحه»‪.‬‬

‫آثار التعذيب الرهيبة‬

‫توضح مديرة وحدة بناء القدرات في مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب سهير‬ ‫اجلعبة أن غالبية األسرى هم ضحايا تعذيب‪ ،‬وتضيف «وتظهر على األسير احملرر‬

‫‪4‬‬

‫مجموعة كبيرة من اآلث��ار املختلفة من أسير إل��ى آخ��ر‪ ،‬كاالنفراد ‪ ،‬وال��وح��دة وعدم‬ ‫املشاركة في النشاطات االجتماعية وفقدان الثقة بالنفس‪ ،‬ويصبح حذرا ً في تعامله‬ ‫مع الناس‪ ،‬واضطرابات في النوم ويصبح التقلب الدائم في الفراش والكوابيس ال‬ ‫تنقطع‪ ،‬وع��دم التكيف مع احمليطني كالزوجة واألوالد وبعض األس��رى يصبحون‬ ‫عدوانيني ضد اآلخرين مبن فيهم أقاربهم»‪.‬‬ ‫وكانت خلفها على احلائط صورة ألحد مشاريع مساعدة ضحايا التعذيب كتب‬ ‫عليها ضحايا التعذيب ال ينسون معاناتهم‪ ،‬وتكمل «ميكن أن يكون أث��ر التعذيب‬ ‫عرضيا ً مؤقتا ً يختفي مع م��رور ال��زم��ن‪ ،‬وميكن أن يكون مرضيا ً مزمناً‪ ،‬ويصبح‬ ‫بحاجة لعالج نفسي وطبي‪ ،‬وتظهر أوجاع جسدية منشؤها نفسي وليس في الظهر‬ ‫والبطن أو اجللد»‪.‬‬ ‫كما أوضح الباحث في شؤون األسرى عبد الناصر فراونة في إحدى دراساته أن‬ ‫مئات األسرى استشهدوا نتيجة التعذيب وآثار السجن واإلهمال الطبي‪ ،‬وأن هناك‬ ‫أسرى يعانون أمراضا ً بانتظار املوت احملقق نتيجة لإلهمال الطبي‪.‬‬ ‫وكانت عضو الكنيست ورئيسة الكنيست السابقة داليا اتسيك كشفت النقاب قبل‬ ‫سنوات عن وجود ‪ 1000‬جتربة ألدوية جديدة مت إجراؤها على األسرى الفلسطينيني‬ ‫والعرب‪ ،‬بترخيص من وزارة الصحة اإلسرائيلية‪ ،‬وهذا يعزو كثيرا ًَ من األمراض‬ ‫املستعصية والتي تظهر على األسرى بعد حتررهم‪.‬‬ ‫وم��ن املالحظ أن محققي األجهزة األمنية الفلسطينية في الضفة وأم��ن املقالة‬ ‫في القطاع كانوا ضحايا للتعذيب في سجون االحتالل‪ ،‬مبعنى أن ه��ؤالء احملققني‬ ‫(الضحايا) أع��ادوا إنتاج ما تعرضوا له في السابق ضد خصمهم السياسي بشكل‬ ‫أعنف فترة ‪ 1996‬وبعد سيطرة حماس على غزة في ‪. 2007‬‬ ‫سناء املصري‪ ،‬اختصاصية نفسية في وزارة األسرى تقول إن الهدف من التعذيب‬ ‫ال يقتصر على انتزاع اعترافات بل حتطيم الذات‪ ،‬وحتييد األسير من الصراع‪ ،‬وإلغاء‬ ‫االنتماء للوطن واإلعاقات التي تبقى في جسد األسير تذكره بالتعذيب خلير دليل‬ ‫على نية االحتالل حتطيم اإلنسان الفلسطيني‪ ،‬وينتج عن التعذيب بشكل خاص‬ ‫واألس��ر بشكل ع��ام عقدة اخل��وف والنقص والغربة عن املجتمع‪ ،‬وتتغير مفاهيمه‬ ‫وتنقلب أفكاره رأسا ً على عقب‪ ،‬فيصبح اتكاليا ً على اآلخرين‪ ،‬وأش��ارت إلى أن فئة‬ ‫األطفال واملراهقني أكثر عرضة للتأثير التعذيب من ذوي التجربة األولى في األسر‪.‬‬ ‫ويزيد مدير نادي األسير «إن األسير الذي تعرض لفترة تعذيب طويلة بشكل‬ ‫خ��اص‪ ،‬تلتصق بشخصيته الكثير من اآلث��ار السلبية‪ ،‬فتصعب عليه ال��ق��درة على‬ ‫االن��دم��اج في املجتمع‪ ،‬يأتي كثير من الناس لتهنئته في اليوم األول خلروجه من‬ ‫السجن ثم ينفكون عنه‪ ،‬وبعدها يعيش حالة من الوحدة وخاصة في الشهور األولى‬ ‫من حترره‪.‬‬

‫ما العمل ؟‬

‫إن األس���رى يتعرضون لعملية تعذيب متكاملة يخطط لها االح��ت�لال منذ‬ ‫اللحظة األول��ى لالعتقال‪ ،‬هدفها تدمير األسير وتركه بعد التحرر يغرق في‬ ‫مشاكل نفسية وجسدية جتعل منه عالة على أسرته ومجتمعه‪ ،‬وهنا يأتي دور‬ ‫األسرة واألهل واملؤسسات لتفهم حالته ومساعدته على تخطي مرحلة الصدمة‬ ‫ج ّراء التعذيب‪ ،‬ومساعدة األسير ال تقتصر على األمور املادية بل تقدمي العون‬ ‫لكي ينسى ولو جزئيا ً حلظات العذاب في أقبية التحقيق املعتمة‪ ،‬وإخراجه من‬ ‫دائرة الوحدة والعزلة ليأخذ دوره الطبيعي في بناء مجتمعه‪ ،‬السيما أن غالبية‬ ‫فتي‪ ،‬وكما يقال الشباب‬ ‫األسرى من فئة الشباب ويتميز املجتمع الفلسطيني بأنه ّ‬ ‫عماد املجتمع‪.‬‬


‫ناقشت أبعاد االستيطان واعتداءات املستوطنني‬

‫عراق بورين‪..‬منوذج فلسطيني صارخ على اعتداءات املستوطنني‬ ‫كتب عاطف دغلس‬

‫انضمت قرية عراق بورين‪ ،‬جنوب غربي مدينة نابلس‪ ،‬شمال الضفة الغربية‪ ،‬إلى القرى الفلسطينية التي‬ ‫تقاوم االستيطان واجل��دار العنصري اإلسرائيلي‪ .‬وضربت القرية أروع األمثلة في التصدي للمستوطنني‬ ‫الذين قدموا من مستوطنة (براخاه) املقامة على أراضي القرية لسرقة وبسط نفوذهم على بئر املاء اخلاصة‬ ‫باألهالي‪.‬‬ ‫وتنتفض القرية كل يوم سبت حني يقتحم املستوطنون القرية للعبث فيها فسادا ً واالعتداء على أهلها‪ ،‬حيث‬ ‫أُصيب العشرات من أبناء القرية برصاص املستوطنني وجنود االحتالل الذين يأتون حلماية املستوطنني‪.‬‬ ‫وشكلت اعتداءات املستوطنني على قرية عراق بورين والقرى احمليطة بها هاجسا ً دائما ً ألهاليها الذين ال يتجاوز‬ ‫عددهم األلف نسمة‪ ،‬وبات حتدي اخلوف والقلق على سلم أولوياتهم‪ .‬وساقت اعتداءات املستوطنني على القرية‬ ‫إلى عقد ورشة ملتابعة اآلثار االجتماعية والنفسية الصعبة على أهالي القرية كنموذج للقرى الفلسطينية التي‬ ‫تتعرض ملثل هذه االعتداءات‪ ،‬حيث نظم الورشة مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب بنابلس‪.‬‬ ‫أبعاد االستيطان‬ ‫وافتتحت خولة العفوري من مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب الورشة التي عقدت مطلع الشهر اجلاري‬ ‫قائل ًة‪ :‬إن األهالي في مناطق املواجهات مع املستوطنني ـ السيما قرية عراق بورين ـ باتوا يواجهون حتديات‬ ‫مختلفة تتمثل باخلوف والقلق الدائمني وخاصة لدى األطفال منهم وكبار السن والنساء‪ .‬وأكدت خطورة األضرار‬ ‫النفسية املترتبة على اعتداءات املستوطنني املتكررة‪ ،‬وقالت‪ :‬إنها باتت تشكّل خطرا ً كبيرا ً على األهالي‪ ،‬وأن‬ ‫ضغوطا ً باتت تواجه شبان املناطق احملتدمة باملواجهات‪ ،‬وخاص ًة املراهقني‪ .‬وأكدت أن األطفال الذين يعيشون‬ ‫هذه املواجهات ـ ونتيجة ألن جتربتهم قليلة في احلياة ـ تنتابهم مشاعر اخلوف والقلق‪ ،‬ويصابون بالتبول‬ ‫ال�لاإرادي وقلة النوم ويقل حتصيلهم العلمي نتيجة لذلك‪ .‬وحذرت من أن تقود تلك االعتداءات اإلسرائيلية‬ ‫إلى هجرة املواطنني ألرضهم وقراهم «خاصة إذا لم يتلقوا الدعم املطلوب من املؤسسات املختلفة»‪ .‬أما عبد‬ ‫الرحيم أبو هيثم‪ ،‬رئيس املجلس القروي‪ ،‬فأكد أن معاناة أهالي قريته بدأت مع قيام مستوطنني من مستوطنتي‬ ‫(براخاه) و(يتسهار) احمليطتني بالقرية بالتهجم على مزارعني بالقرية ومنعهم من سقي محاصيلهم الزراعية‬ ‫ومواشيهم «من البئر اخلاصة بهم»‪ .‬وأشار إلى أنه املستوطنني لم يكتفوا بآالف الدومنات التي صادروها من‬ ‫أراضي القرية‪ ،‬بل قاموا بتنظيم اعتداءات متكررة على األهالي ومنعهم من االقتراب من أراضيهم القريبة من‬ ‫املستوطنة‪ .‬وأضاف‪ :‬إنه وعندما حاول املواطنون التصدي العتداءات املستوطنني ووجهوا بعنف كبير من قبل‬ ‫املستوطنني الذين يبادرون إلى إطالق الرصاص احلي على املواطنني العزل‪ ،‬كما أنهم يحتمون بجيش االحتالل‬ ‫الذي يقدم لهم الدعم بكافة أشكاله بدالً من ردعهم ومنعهم‪ .‬ولم يخف أبو هيثم أن مالحقات املستوطنني للقرية‬ ‫واعتداءاتهم باتت تشكل كوابيس تطارد األهالي‪ ،‬مضيفا ً إنهم حرموا من اخلروج في الليل لزيارة بعضهم‪،‬‬ ‫أو حتى رع��ي أغنامهم ومواشيهم في أراضيهم القريبة من املستوطنة‪ ،‬وبالطبع فقد حرموا من زراع��ة تلك‬ ‫األراضي‪.‬‬ ‫توسع كبير‬ ‫من جانبه‪ ،‬أكد غسان دغلس‪ ،‬مسؤول ملف االستيطان في شمال الضفة الغربية أن أطماع املستوطنني لم تقف‬ ‫عند حد معني‪ ،‬وقال‪ :‬إن التوسع االستيطاني آخذ في االزدياد‪ ،‬كما أن دوافع املستوطنني لالعتداءات تصاعدت‬ ‫وتنوعت بل باتت تستند إلى فتاوى دينية من حاخامات اليهود‪ .‬وأكد أن عدد التجمعات االستيطانية بالضفة‬ ‫الغربية والقدس وصل إلى ‪ 208‬جتمعات و‪ 217‬بؤرة استيطانية متتد على مساحة ‪ 430‬كم مربع «معظمها‬ ‫أراض زراعية»‪ ،‬وأن عدد املستوطنني بالضفة والقدس جتاوز النصف مليون مستوطن‪.‬‬ ‫وأك��د أن ط��ول الطرق االلتفافية املنتشرة بالضفة الغربية والتي أقيمت ألغ��راض خدمة االستيطان وصلت‬ ‫مساحتها إلى ‪ 800‬كم‪ ،2‬كما أن عدد القواعد العسكرية املنتشرة بالضفة أيضا ً بلغ ‪ 210‬قواعد عسكرية على‬ ‫مساحة ‪ 30‬كم‪.2‬‬ ‫وق��ال إن هذا التوسع االستيطاني هو على حساب األرض واإلنسان الفلسطيني‪ ،‬خاصة أن معظم األراضي‬ ‫املصادرة زراعية‪ .‬وش��دد دغلس على أن ارتفاع األخطار احملدقة باملواطنني ج��راء االستيطان واملستوطنني‬ ‫وأهمها تخوف املواطنني الدائم من ح��رق محاصيلهم الزراعية وقطع أشجار الزيتون والتي تشكل مصدر‬ ‫الرزق األساسي لهم‪ ،‬كما حدت من التقدم العمراني في أراضي املواطنني التي تقترب من املستوطنات ـ خوفا ً من‬ ‫الهدم واالقتحامات ـ عالو ًة على اخلوف الشديد الذي يصيب املواطنني‪ .‬وقال‪ :‬إن هذه سياسة ممنهجة لتكريه‬ ‫الفلسطيني بأرضه وترحيل املواطن عن أرضه وتهجيره‪« ،‬وهو ما يسعى إليه االحتالل من خالل تنفيذه هذه‬ ‫اخلطط»‪.‬‬ ‫خطط للمواجهة‬ ‫أما احملامي محمد كمنجي من الهيئة املستقلة حلقوق املواطن‪ ،‬فأشار إلى أن اعتداءات املستوطنني باتت تشكل‬ ‫خطرا ً على حياة الفلسطينيني‪ ،‬وخاص ًة الذين هم على احتكاك مباشر معهم‪.‬‬ ‫ودعا كمنجي املواطنني الذين يتعرضون إلى أعمال قمع من املستوطنني إلى تسجيل هذه االنتهاكات واللجوء‬ ‫للقانون ورف��ع شكاوى ضد سلطات االح��ت�لال واملستوطنني‪ ،‬وأك��د أن أهمية ذل��ك تكمن في احتمالية كسب‬ ‫املواطنني هذه الدعاوى «خاصة أن جرائم االحتالل ال تسقط بالتقادم»‪ .‬من جهته‪ ،‬دعا الدكتور عالم جرار‪ ،‬مدير‬ ‫برامج التأهيل املجتمعي في اإلغاثة الطبية إلى املواجهة الشعبية والسلمية العتداءات املستوطنني‪ ،‬وقال إن‬ ‫هذه املقاومة هي الوسيلة الوحيدة لردع املستوطنني ومنع اعتداءاتهم‪ .‬وأكد جرار ضرورة تقدمي الدعم الكافي‬ ‫من مختلف املؤسسات الرسمية والشعبية للمواطنني الذين يتصدون للمستوطنني‪ ،‬وقال إنه سيرفع شكاوى‬ ‫ومطالب أهالي القرية للجهات املعنية كي تتم االستجابة ملطالبهم‪ .‬ودعا إلى ض��رورة التعاون بني املجلس‬ ‫القروي واملتضررين لرصد األض��رار التي حلقت بهم وتقدمي املساعدات املختلفة لهم‪ ،‬ال سيما دعمهم بزراعة‬ ‫األشجار واالعتناء بأرضهم لدعم صمودهم أمام غطرسة االحتالل ومستوطنيه‪ ،‬وهو ما يتطلب مساند ًة شعبي ًة‬ ‫ورسمي ًة لهم‪ .‬وأثرى حضور األهالي الورشة‪ ،‬حيث طالبوا بضرورة تقدمي الدعم املادي لهم برصد موازنات‬ ‫كافية من السلطة لزراعة األشجار وفتح الطرق الزراعية ودعم املسيرات الشعبية التي تنظم ضد املستوطنني‪.‬‬

‫إجناز حافل باملتاعب‬ ‫االختصاصية‪ :‬ميادة الشيخ إبراهيم‬ ‫في صباح أحد أيام عملي في مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‪،‬‬ ‫قمت بالتوجه إلى دوام��ي في املركز‪ ،‬وفي أثناء سيري باجتاه املركز‬ ‫انتزع حذائي ال��ذي أرت��دي��ه‪ ،‬أكملت سيري إل��ى املركز وك��أن شيئا ً لم‬ ‫يحدث‪ ،‬املشكلة التي واجهتني هي أنه ال يوجد لدي متسع من الوقت‬ ‫للذهاب إلى السوق لشراء حذاء آخر؛ ألنني سأتوجه بعد دقائق قليلة‬ ‫إلى بلدة بعيدة ألنفذ فيها لقاءين توعويني‪ ،‬لذلك قمت بالذهاب إلى‬ ‫بيت زميلتي القريب من العمل واستعارة حذائها لكي ال أضيع املزيد‬ ‫من الوقت‪ .‬توجهت بعدها الستكمال العمل‪ ،‬فانطلقت متجه ًة إلى موقف‬ ‫سيارات طوباس‪ ،‬وكانت الطريق صعب ًة بسبب احلفريات لتعديل‬ ‫الطريق وتعبيدها‪ ،‬وبعد اجتياز الطريق الصعبة في احلافلة وصلنا‬ ‫إلى محافظة طوباس‪ ،‬ف��إذا بي أشعر بنوبات من ال��دوار بسبب بعد‬ ‫الطريق وصعوبتها‪ ،‬نزلت من احلافلة ألكمل طريقي إلى قرية بردلة‬ ‫ألصعد من جديد في حافلة أخرى‪ ،‬وتوجهنا إلى حاجز تياسير‪ ،‬وعلى‬ ‫احلاجز يقوم اجلندي اإلسرائيلي باملناداة على الركاب بعد نزولهم من‬ ‫احلافلة لكي يتجه السائق إلى التفتيش هو واحلافلة‪ ،‬ويتوجه الركاب‬ ‫إلى التفتيش وتسليم هوياتهم وفحصها من قبل جنود االحتالل‪ ،‬قام‬ ‫اجلندي باملناداة فتوجهت إلى مكان احلاجز ووضعت حقيبة العمل‬ ‫على الطاولة املخصصة للتفتيش فأخذ اجلندي الهوية ومن ثم أعادها‬ ‫إلي بعد أن قام بفحصها‪ ،‬فإذا بجندي آخر يشير إلى حقيبتي ويوجه‬ ‫ّ‬ ‫إلي األسئلة ع ّما بداخلها‪ ،‬فأجبته إنه جهاز (البتوب)‪ .‬فلم يصدقني‬ ‫ّ‬ ‫إل��ى أن قمت بفتحها وإخ��راج اجلهاز من داخلها‪ ،‬وبعد ذل��ك توجهت‬ ‫إلى السيارة التي كنا بها والتي تنتظر الركاب على مسافة بعيدة من‬ ‫احلاجز لكي يصعدوا إليها بعد التفتيش‪.‬‬ ‫انتهينا من احلاجز واستمر سيرنا باجتاه بردلة‪ ،‬التي وصلناها‬ ‫في مت��ام الساعة العاشرة صباحاً‪ ،‬ح��دث كل ه��ذا في ساعة ونصف‬ ‫تقريباً‪ ،‬وبعد أن وصلنا بدأت اللقاء التوعوي األول مع مجموعة من‬ ‫النساء في موضوع الصدمة النفسية‪ ،‬وانتهيت من اللقاء األول الساعة‬ ‫‪ ،11:45‬كان هذا اللقاء ناجحاً‪ ،‬انتظرت قليالً حتى يأتي الطالب الذين‬ ‫سيتم عقد اللقاء الثاني معهم ولكن املفاجأة كانت أن النساء لم يقمن‬ ‫بإخبار أبنائهن ع��ن ه��ذا اللقاء وقمن بطلب تأجيل عقد ه��ذا اللقاء‬

‫‪5‬‬

‫التوعوي إلى يوم آخر‪ ،‬هنا كانت الصدمة بالنسبة لي ألنني كنت قد‬ ‫اقترحت أن يتم تنفيذ لقاءين في هذا اليوم بسبب بعد املسافة والتعب‬ ‫الذي أواجهه‪ ،‬مفضل ًة استغالل الوقت واجلهد‪ ،‬انتظرت قليالً فلم يأت‬ ‫أحد‪ ،‬فطلبت من إحدى النساء املشاركات في اللقاء أن تأتي بصحبتي‬ ‫إلى رئيس املجلس القروي ال��ذي كان يجلس في دكانه القريب من‬ ‫مكان عقد اللقاء وقمت بتوضيح األمر له وطلبت منه أن يرشدني إلى‬ ‫منزل إمام املسجد‪ ،‬وفعالً توجهت إلى منزله وطلبت من أحد أبنائه‬ ‫أن يوجه نداء من خالل سماعة املسجد إلى طالب القرية من الصف‬ ‫ال��ع��اش��ر إل��ى ال��ص��ف ال��ث��ان��ي عشر بالتوجه إل��ى اجلمعية حلضور‬ ‫ورشة عمل‪ ،‬وقدمت الشكر إلى رئيس املجلس القروي‪ ،‬وتوجهت إلى‬ ‫اجلمعية‪ ،‬وفي أقل من عشر دقائق حضر إلى اجلمعية أكثر من ‪25‬‬ ‫طالبا ً ومت تنفيذ النشاط على أكمل وجه وحتقيق النتائج املرجوة‬ ‫من هذا النشاط‪ .‬انتهيت من تنفيذ النشاط الثاني في متام الساعة‬ ‫الثانية ظهراً‪ ،‬وقمت بعد ذلك بتجميع أوراقي ووضع (الالبتوب) في‬ ‫حقيبتي ألجته مرة أخرى إلى احلاجز لكي يقوم اجلندي مرة أخرى‬ ‫بطلب الهويات ومن ثم فحصها وإعادتها إلى الركاب‪ ،‬وحمدت لله ألن‬ ‫اجلندي لم يقم بإنزالنا من احلافلة ألنه لم يكن باستطاعتي بعد تعب‬ ‫هذا اليوم أن أقف على قدمي‪ ،‬وصلت إلى محافطة طوباس لكي أنطلق‬ ‫مر ًة أخرى إلى مدينة جنني لكي أستكمل يومي في املكتب‪ ،‬انتظرت‬ ‫أكثر من ربع ساعة في احلافلة لكي متتلئ وننطلق إلى جنني‪ ،‬وسرنا‬ ‫في الطريق لنمر م��ر ًة أخ��رى وننتظر احلفريات التي يتم العمل بها‬ ‫على طريق عقابة‪ ،‬وبعد عناء وصلت إلى املركز في متام الساعة ‪3:25‬‬ ‫وكان قد تبقى على انتهاء الدوام ‪ 5‬دقائق فقط‪ ،‬كنت أمتنى وقتها لو‬ ‫أن الدوام يستمر إلى الساعة السادسة؛ ألنني لم أرغب بعد كل هذه‬ ‫املعاناة في أن أركب في سيارة مر ًة أخرى ولم يكن باستطاعتي أن‬ ‫أمشي لكي أصل موقف احلافالت‪ ،‬واملضحك أكثر أن ح��ذاء زميلتي‬ ‫الذي ارتديته صباحا ً متزق هو اآلخر‪ ،‬ولكنني فعالً أشعر بالسعادة‬ ‫ليس ألن احلذاء أبقاني ضاحكة طول اليوم بل ألنني حققت ما أردته‬ ‫من هذا اليوم وحتديت نفسي واآلخرين بأنني أستطيع أن أحقق ما‬ ‫أسعى إليه ولكن مع املزيد من الصبر والتح ّمل‪.‬‬


‫مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‬

‫وحتد للوصمة االجتماعية‬ ‫خدمات كثيرة‬ ‫ٍّ‬ ‫خاص بـ (سنابل)‬ ‫كان متفوقا ً في دراسته‪ ،‬ولكن اعتقاله من قبل قوات االحتالل اإلسرائيلي أكثر‬ ‫من مرة‪ ،‬د ّمر أحالمه في احلصول على مستوى أكادميي متم ّيز‪ ،‬فقد مت اعتقاله أربع‬ ‫مرات خالل فترة وج��وده في املرحلة اجلامعية؛ األمر الذي أدى إلى عدم حصوله‬ ‫على الشهادة اجلامعية‪ ،‬وفي حينها مت إعطاؤه بطاقة خضراء لكي يضربه اجلنود‬ ‫على احلواجز والطرقات‪ ،‬وكان يضطر إلى أن يسلك طرقا ً جبلي ًة وعر ًة بسبب تلك‬ ‫الهوية اخلضراء‪ ،‬التي كانت تـُعطى للذين تنتهي فترة اعتقالهم في سجون االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫راشد رشيد ري��ان‪ ،‬يبلغ من العمر (‪ 45‬عاماً)‪ ،‬ويسكن في ق��راوة بني حسان‪،‬‬ ‫قضاء سلفيت‪ ،‬لم ين ِه حتصيله اجلامعي؛ ألن االحتالل اإلسرائيلي اعتقله وسجنه‬ ‫عدة مرات‪ ،‬وتعرض لإلصابة بأعيرة نارية في كتفه ويده‪ ،‬وكان أول اعتقال له وهو‬ ‫في سن الثامنة عشرة قبل االنتفاضة األولى‪.‬‬ ‫وألن راشد تزوج وأصبح لديه أوالد‪ ،‬فإنه لم يعد ميلك املال الستكمال دراسته‬ ‫اجلامعية‪ ،‬وعندما ك��ان يحاول احلصول على فرصة عمل في مكان م��ا‪ ،‬ال يتمكن‬ ‫من الوصول إليه بسبب الهوية اخلضراء والتي كانت مدتها خمس سنوات‪ ،‬وبعد‬ ‫انتهاء املدة حصل على عمل ولكن إصابته منعته من االستمرار في العمل‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫أن الراتب الذي كان يتقاضاه‪ ،‬لم يكن يغطي احتياجات أسرته‪ ،‬وألنه لم يحصل على‬ ‫شهادة جامعية لم يتمكن من إيجاد فرصة عمل جيدة‪.‬‬ ‫وبعد أن ع��اش راش��د ث�لاث عشرة عاما ً في غرفة ومطبخ وحمام مع زوجته‬ ‫وأطفاله‪ ،‬قرر أن يبيع قطعة األرض التي ميتلكها لكي يستطيع فتح مشروع صغير‬ ‫يجد من خالله الرزق ألطفاله‪ ،‬فقام بفتح بقالة صغيرة في قريته‪.‬‬ ‫كان راشد يعتقد أن مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‪ ،‬يتابع قضايا الفارين‬ ‫من أس��ره��م‪ ،‬ولكن بعد فترة حضر إل��ى املركز واطلع على خدماته‪ ،‬وأصبح أحد‬ ‫املنتفعني من خدمات املركز‪ ،‬واآلن هو بحالة جيدة‪ ،‬ويعمل لدى إحدى الشركات‬ ‫كمسوق مبيعات‪ ،‬ويطمح إلى إيجاد فرصة إلكمال حلمه اجلامعي‪.‬‬ ‫أما املنتفع (م‪.‬ع) الذي يبلغ من العمر (‪ 42‬عاماً)‪ ،‬من إحدى قرى رام الله‪ ،‬وهو‬ ‫متزوج ولديه ستة أوالد‪ ،‬فلم يستطع إكمال حتصيله العلمي‪ .‬قرأ كثيرا ً عن جتارب‬ ‫السجناء اآلخرين‪ ،‬وبالصدفة حينما مت اعتقاله وهو في بيته‪ ،‬كان يطالع كتابا ً‬ ‫يحكي عن وضع األسرى في سجون االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬وبعد ساعات وضع في‬ ‫زنزانة األسرى‪ ،‬ويؤكد أن أخطر شيء يعاني منه األسير هو وجود املتعاونني مع‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي داخل غرف السجون‪ ،‬ولكن القراءة جعلته يستطيع التعامل‬ ‫بشكل حذر داخل السجن‪.‬‬ ‫وبعد أن خرج من السجن تبدلت عاداته‪ ،‬وأصبح ال يحب أن يرى أحدا ً ويحب‬ ‫الوحدة‪ ،‬وال يحب العمل‪ ،‬وقد مت هدم بيته املكون من طابقني من قبل جيش االحتالل‬ ‫في اليوم نفسه الذي مت اعتقاله فيه‪.‬‬ ‫وأثـَّر هدم البيت على أحد أوالده بشكل كبير حيث بدأ في االن��زواء واجللوس‬ ‫ملشاهدة الرسوم املتحركة طوال النهار‪ ،‬وهناك من أشار على والده بأن يأخذ ابنه‬ ‫إلى طبيب نفسي‪ ،‬ولكن مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب عمل على مساعدته في‬

‫عالج ابنه عن طريق اختصاصيني نفسيني واجتماعيني‪ ،‬وبشكل عائلي‪ ،‬وهو اآلن في‬ ‫طريقة إلى الشفاء‪.‬‬ ‫ك��ان��ت ه��ذه من���اذج م��ن ح���االت يتابعها ويعاجلها م��رك��ز ع�لاج وتأهيل ضحايا‬ ‫التعذيب‪ ،‬وكانت هناك لقاءات أخ��رى إلب��راز اخلدمات التي يقدمها املركز‪ ،‬وطرق‬ ‫العالج‪ ،‬واملشاكل التي يصادفونها واحللول التي وضعت من أجل ذلك‪.‬‬ ‫حيث أشارت مديرة العالج والتأهيل في مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‪،‬‬ ‫سعاد متولي بدران‪ ،‬وهي مسؤولة عن جميع االختصاصيني النفسيني واالجتماعيني‬ ‫في جميع الفروع في الناحية العالجية والتأهيل‪ ،‬إلى أن هناك ثالثني موظفا ً تقريبا ً‬ ‫يعملون ف��ي م��ج��ال الصحة النفسية‪ ،‬وأن��ه��ا مسؤولة ع��ن سير برامجهم اليومية‬ ‫واألسبوعية‪ ،‬واإلشراف على احلاالت‪ ...‬وتقول‪« :‬إن طبيعة خدمات املركز مختلفة‪،‬‬ ‫ومنها ال��ذه��اب إل��ى امليادين املختلفة وزي���ارة ك��ل األش��خ��اص ال��ذي��ن يحتاجون إلى‬ ‫خدمات املركز‪ ،‬والعمل على التواصل مع البلديات والشخص املسؤول في البلدة‪،‬‬ ‫ومن خالل هؤالء نتوصل إلى األس��رى احملررين أو أهالي األس��رى‪ ،‬ونتوجه إليهم‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن املركز يتواصل مع كل من تضرر من االحتالل اإلسرائيلي واالعتقال‬ ‫السياسي‪ ،‬وأهالي الشهداء واجلرحى‪ ،‬ومن تعرض ملضايقات من جيش االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وهدم البيوت‪ ...‬وعندما يتوجه الطاقم إلى امليدان يقوم بشرح طبيعة‬ ‫اخلدمة التي يقدمها‪ ،‬ويتم سؤال الضحايا عن الذي حدث لهم‪ ،‬وتأثيره عليهم‪ ،‬وإذا ما‬ ‫تغ ّيرت حياتهم وعالقاتهم»‪.‬‬ ‫وتتابع ب��دران‪« :‬ومن هنا تبدأ حاجة الشخص للخدمة‪ ،‬وهذا األمر بحاجة إلى‬ ‫إقناع‪ ،‬ألن املجتمع يعتبر ذلك وصمة اجتماعية‪ ،‬لذلك يتم إقناع الناس بخدماتنا‪،‬‬ ‫كما أن كل خدماتنا داخل وخارج املركز مجانية‪ ،‬وهناك أناس نعفيهم من ثمن الدواء‬ ‫وآخرون نوفر لهم نسبة من ثمن الدواء‪ ،‬وذلك حسب حالتهم املادية‪ ،‬كما أننا نستقبل‬ ‫حاالت داخل املركز وتتم متابعتهم‪ ،‬من خالل طبيب نفسي واختصاصي اجتماعي‪،‬‬ ‫ونشترك كلنا في وضع خطة مشتركة للتدخل معهم وكيفية التدخل‪ ،‬وبالتالي يتم‬ ‫وضع اخلطة االجتماعية‪ ،‬وبناء على احلالة وحاجتها وإذا كانت الزيارات املنزلية‬ ‫مهمة أم ال‪ ،‬وهناك حاالت تأتي من خالل املنتفعني واملؤسسات احلكومية واألهلية‬ ‫وغيرها‪ ،‬بحاجة إلى اخلدمة»‪.‬‬ ‫وتضيف سعاد‪« :‬إن مناذج العالج املستخدمة متعددة‪ ،‬منها العالج الروائي وآخر‬ ‫عن طريق حركة العني وإعادة املعاجلة‪ ،‬والكل يتدرب على العالج السلوكي املعرفي‪،‬‬ ‫وهناك العالج العائلي حيث نتوجه إلى العائالت وليس لألفراد‪ ،‬وهناك عالج عن‬ ‫طريق اللعب والفن خاص باألطفال‪ ،‬ونتعامل مع األسرى سواء من أسرى إسرائيل‬ ‫أو السلطة أو دول عربية وذلك يكون ضمن عملنا‪ ،‬وأكثر املنتفعني من خدمات املركز‬ ‫هم من الرجال الذين تعرضوا لالعتقال‪ ،‬ألن نسبة الرجال الذين مت اعتقالهم أكثر من‬ ‫النساء اللواتي مت اعتقالهن‪ ،‬وفي موضع أهالي الشهداء فإن النساء نسبتهن أعلى في‬ ‫االنتفاع من خدمات املركز»‪.‬‬ ‫وتؤكد سعاد أنه في وزارة شؤون األس��رى ال يوجد دعم نفسي‪ ،‬لذلك يقومون‬

‫‪6‬‬

‫بتحويل احلاالت للمركز‪ ،‬وأيضا ً املركز يحول لهم حاالت خدمات التأهيل ألن املركز‬ ‫يستطيع استقبال عشرين شخصا ً في هذا املجال فقط‪ ،‬ويوجد لدى املركز مشروع‬ ‫صغير للتأهيل املهني‪.‬‬ ‫وت��ن��وه ب���دران ب��أن أول ش��يء يجب أن تتم احملافظة عليه ه��و أن يكون هناك‬ ‫محافظة على املعلومات‪ ،‬فمن غير املسموح به أن نعطي أية معلومة عن أي شخص‬ ‫ألي شخص آخ��ر‪ ،‬وإذا طلب منا إعطاء أي��ة معلومة فيجب أن تكون هناك موافقة‬ ‫خطية و مباشرة من املنتفع‪ ،‬وال نعطي أي��ة معلومات عن املنتفع حتى‪ ،‬ول��و كان‬ ‫املستفسر هو أحد أفراد العائلة‪ ،‬إال في حالة أن يكون املنتفع طفالً‪ ،‬فإننا نعطي ولي‬ ‫أمره املعلومات الالزمة عنه‪.‬‬ ‫وت��ق��ول ب���دران‪« :‬م��ن املمكن أن نستقبل ح���االت استثنائية إذا أص���رت احلالة‬ ‫على االنتفاع من خدمات املركز‪ ،‬وأك��دت أنه ال يوجد أي مكان آخر يعطي اخلدمة‬ ‫املتوفرة لدينا‪ ،‬وهناك اتفاقات خطية وضمنية بيننا وبني عدد من ال��وزارات‪ ،‬أكثر‬ ‫شيء نركز عليه في عملنا اآلن هو محو مفهوم الوصمة االجتماعية التي ينظر بها‬ ‫العديد من فئات املجتمع إلى من يتلقى العالج من قبل طبيب أو اختصاصي نفسي‪،‬‬ ‫وهناك مشكلة أخرى نعاني منها وهي أن عددا ً من األسرى ينكرون أنهم بحاجة إلى‬ ‫مساعدة‪.‬‬ ‫أما مستشارة الصحة النفسية في الدائرة العالجية ميسر صبح‪ ،‬التي واكبت‬ ‫املركز منذ بداياته من العام ‪ ،1983‬فقالت‪« :‬كنت أعمل املقابالت لألهل‪ ،‬وكنت قبل‬ ‫ذلك أعمل في مستشفى األم��راض العقلية‪ ،‬وتطور األم��ر عندما أصبح هناك مركز‬ ‫عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‪ ،‬وزاد بالتالي عدد أفراد الطاقم االجتماعي والنفسي‪،‬‬ ‫وحاليا ً أعمل كمستشارة مهنية وإدارية وشخصية‪ ،‬وتقول‪ :‬لدينا برنامجان داخل‬ ‫املؤسسة وخارجها‪ ،‬كما نحاول محو ظاهرة الوصمة االجتماعية التي توجه للذي‬ ‫يزور املركز لتلقي العالج»‪.‬‬ ‫وتتابع ميسر»إن االختصاصي في املركز يرى في األسبوع الواحد تقريبا ً من ‪15‬‬ ‫ـ ‪ 20‬حالة‪ ،‬ومنها حاالت تتم زيارتها مر ًة واحد ًة وأخرى تتم زيارتها بشكل دوري‪،‬‬ ‫كما لدينا ستة اختصاصيني في ف��رع رام الله وهناك أكثر من مئة حالة أو أكثر‪،‬‬ ‫وهذا يعني مئة جلسة في األسبوع‪ ،‬والعمل يستمر معهم أحيانا ً من ‪ 3‬ـ ‪ 4‬شهور‪،‬‬ ‫وهناك حاالت فصام عقلي وغيره من األمراض النفسية الصعبة‪ ،‬والعمل ينقسم بني‬ ‫االختصاصيني النفسيني واالجتماعيني والناحية الطبية»‪.‬‬ ‫وتضيف ميسر‪« :‬ون��ح��اول ف��ي اخل��ط��ة املستقبلية أن نغطي مناطق الضفة‬ ‫جميعها‪ ،‬وأن نصل إلى كل أسرة عانت من العنف‪ ،‬ونعمل على مساعدة الناس في‬ ‫تخطي األزم��ات التي عاشوها‪ ،‬وخلق مجتمع خ��ال من التعذيب من خ�لال تدريب‬ ‫األجهزة األمنية على سبيل املثال‪ ،‬ونعمل على محو الوصمة االجتماعية ألن هناك‬ ‫عائالت تخفي أوالده��ا الذين يعانون من م��رض نفسي‪ ،‬وذل��ك ألسباب اجتماعية‬ ‫أسرية متعددة‪ ،‬وهناك ال���دورات التي نقوم بعملها والتي نسعى من خاللها إلى‬ ‫تثقيف املجتمع بأن املريض النفسي مثل أي مريض أخر‪ ،‬وكيفية التعامل مع املريض‬ ‫النفسي وأنه يجب أن يكون له دور في احلياة حسب قدراته‪.‬‬


‫جانب من نشاطات وفعاليات وزارة شؤون األسرى‬ ‫املركز يثمن دور وزارة شؤون األسرى واحملررين في تفعيل قضية األسرى واملعتقلني في سجون االحتالل اإلسرائيلية‪ ،‬حيث ساهمت الفعاليات والنشاطات املتعددة التي قامت وتقوم بها الوزارة بتسليط الضوء على‬ ‫هذه القضية ووضعها في بؤرة اهتمام املجتمع احمللي والدولي‪ .‬كذلك يثمن املركز الدور املهم الذي تلعبه الوزارة في التنسيق واجلمع بني املؤسسات املعنية في هذا املجال احلكومية منها واملدنية‪ ،‬حيث خلق هذا التفاعل‬ ‫والتنسيق الدائم من قبل الوزارة ردة فعل مميزة وموحدة جتاه قضية األسرى واملعتقلني‪.‬‬

‫حفل تكرمي امهات األسيرات داخل السجون اإلسرائيلية مبناسبة يوم الثامن من آذار‬

‫حفل استقبال األسرى املقدسيني الذين أمضوا فترات طويلة في االعتقال واملفرج عنهم حديث ًا‬

‫ذاكرة في زيارة السجون‬

‫معاناة ترسمها آالم األمهات‬ ‫رام الله ـ (سنابل)‪ ،‬امتياز املغربي‬

‫ل��م ت��ك��ن ه���ذه ه��ي امل���رة األول����ى ال��ت��ي أذه���ب فيها ل��زي��ارة أخ ل��ي ف��ي سجون‬ ‫االح��ت�لال اإلس��رائ��ي��ل��ي‪ ،‬فمنذ أن ك��ن��ت ص��غ��ي��ر ًة ك��ان��ت ل���دي ث��ق��اف��ة ح���ول أسماء‬ ‫السجون اإلسرائيلية من كثرة زيارتي إخوتي املعتقلني في تلك السجون‪ ،‬أكثر‬ ‫من معرفتي بأي شيء آخر‪ ،‬وكبرت وال أزال أزور تلك السجون‪ ،‬فغالبا ً ما كان‬ ‫هناك واح��د من إخوتي داخ��ل تلك السجون‪ ،‬عندما كنت صغيرة كانت معرفتي‬ ‫صغيرة بحجم املعاناة‪ ،‬ألنني كانت أشارك فيها بكل طفولتي‪ ،‬واآلن عندما كبرت‬ ‫بدأت أرى تفاصيل أخرى غير احلافلة التي تقلنا إلى أحد السجون وغير معاناة‬ ‫اإلذالل والبرد واحل��ر‪ ،‬بدأت أحتسس نوعا ً آخر من األل��م‪ ،‬كان أملا ً مرسوما ً على‬ ‫وجوه النساء اللواتي كن يقمن بزيارة أوالدهن في سجون االحتالل اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫اكتشفت هذه املعاناة عندما حصلت على تصريح من قبل (الصليب األحمر) لكي‬ ‫أمتكن من زي��ارة أخي للمرة األول��ى بعد رفض أمني لي استمر عامني‪ ،‬ولكن في‬ ‫هذه الزيارة لم أ َر أخي محمد في السجن فقط بل رأيت تفاصيل معاناة املرأة منذ‬ ‫الساعة الرابعة صباحاً‪ ،‬وهي موعد احلافالت التي ستنطلق إلى حيث أول معبر‪،‬‬ ‫وحتى الساعة التاسعة مسا ًء أحياناً‪ ،‬وهي رحلة العودة‪ .‬وفي أول زيارة ألخي‬ ‫محمد غرقت عيناي بالدموع رغما ً عني‪ ،‬فهو أخي الصغير‪ ،‬لم أستطع أن أخفي‬ ‫دموعي‪ ،‬وهو في املقابل اغرورقت عيناه بالدموع‪ ،‬وكانت أمي برفقتي وكانت‬ ‫تبكي على بكائنا‪.‬‬ ‫وجاء موعد الزيارة الثانية‪ ،‬وهناك بدأت أنظر إلى النساء اللواتي كن يذهنب في‬ ‫احلافلة نفسها التي كانت تقلنا‪ ،‬كانت هناك معاناة من نوع آخر‪ ،‬حيث تعاني معظم‬ ‫النساء اللواتي يأتني إلى زيارة أبنائهن من أمراض عدة أولها الضغط وليس آخرها‬ ‫السكري‪ ،‬وقد جتتمع أربعة أمراض في امرأة واحدة‪ ،‬ولكن شوقها البنها ال مينعها‬ ‫من التفكير في مرضها‪ ،‬فكانت تقوم بأخذ حقيبة صغيرة لكي تضع فيها أنواع‬ ‫األدوية التي يجب أن تتناولها طوال الطريق‪ ،‬وتبقى طوال الطريق في احلافلة التي‬ ‫ال تتوقف أبدا ً إلى عند أبواب السجن‪ ،‬وهي تشرب األدوية حسب مواعيدها‪.‬‬

‫حلظات الترقب تنزع ما في القلب من ارت��ي��اح‪ ،‬فهناك أمهات كثيرات يبدأن‬ ‫في البكاء والصوم وعدم تناول الطعام‪ ،‬ألنهن منشغالت البال على أوالدهن في‬ ‫السجن‪ ،‬ويبدأن بقمع أنفسهن فال يأكلن وال يتحدثن ويكتفني بالصمت‪.‬‬ ‫وهناك نساء أخ��ري��ات ال يستطعن حمل احلقيبة التي يضعن فيها حاجات‬ ‫طلبها أوالده���ن في السجن‪ ،‬وتبقى امل��رأة حتمل حقيبتها من مكان إل��ى آخ��ر عند‬ ‫تبديل احلافلة وعمليات التفتيش الطويلة‪ ،‬التي قد تنتهي بالرفض أو تنتهي‬ ‫بذهاب احلافلة كما حصل معي في إحدى املرات‪ .‬أما في موضوع الدخول إلى مكان‬ ‫الزيارة‪ ،‬فإن وسيلة التحدث تكون عبر الهاتف‪ ،‬وه��ذا الهاتف عانيت منه كثيرا ً‬ ‫ألنني لم أستطع سماع ما يقوله أخ��ي محمد‪ ،‬فاعتمدت أن��ا وأم��ي على استخدام‬ ‫وسيلة مساندة وهي اإلشارات‪ ،‬والتي كنا نخطئ في استخدمها أحياناً‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يضيع مدة الزيارة‪ ،‬وكنت أتساءل إذا كنت ال أستطيع سماع صوت أخي أثناء مدة‬ ‫الزيارة عبر ذلك الهاتف‪ ،‬فكيف تتمكن النساء اللواتي يعانني من مشاكل في السمع‬ ‫من سماع أبنائهن؟‪.‬‬ ‫وقد حصل أن أمر أحد الضباط من جيش االحتالل في سجن النقب بأن يقوم‬ ‫األهل بتنظيف احلمام وساحة االنتظار‪ ،‬وهددهم بأنه لن يسمح لهم بالعودة إذا لم‬ ‫يقوموا بتنظيف مكان االنتظار‪ ،‬وهو عبارة عن ساحة خارجية في العراء‪.‬‬ ‫كنت أحب اجللوس في آخر مقعد في احلافلة لكي أكون مع إحدى أخواتي التي‬ ‫حصلت على تصريح بالزيارة ونساء أخريات‪ ،‬وصادف أن كانت هناك سيدة من‬ ‫منطقتنا تعاني من عدة أمراض لم أستطع أن أحصيها‪ ،‬وكان لديها أربعة أوالد في‬ ‫سجون االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬وكل واحد منهم في سجن وحده‪ ،‬وكانت تزور مثالً‬ ‫في اليوم األول معنا‪ ،‬وفي اليوم التالي تذهب لزيارة ابنها اآلخر وهكذا حتى تزور‬ ‫االبن الرابع‪ .‬وقد الحظت أنه ال يتوفر في احلافلة طبيب أو ممرض ملعاجلة األمهات‬ ‫الكبيرات في السن اللواتي يعانني من أمراض عدة‪ ،‬وأن األمر يبقى في رعاية الله‪،‬‬ ‫وإذا حصل وتعبت إحداهن في احلافلة أثناء مسيرة احلافلة التي ال تتوقف‪ ،‬فإنها‬

‫‪7‬‬

‫تكتفي بالصمت أو البكاء على حالها‪ ،‬أو أخذ جرعة دواء‪ ،‬فهي طبيب نفسها‪.‬‬ ‫عندما نزلنا من احلافلة بحثت تلك األم عن مكان تستظل به من أشعة الشمس‪،‬‬ ‫ووضعت حقيبتها‪ ،‬وهي تلهث‪ ،‬وبعدها أسندت إلي مهمة حراسة حقيبتها‪ ،‬وذهبت‬ ‫إلى إدخال مالبس ابنها عبر نافذة لتسليم تلك األمور‪ ،‬وبقيت تنتظر في صف طويل‬ ‫حتى أتى دورها‪ .‬وهناك مشهد لن أنساه‪ ،‬عندما كنا في طريق العودة‪ ،‬بدأت هذه‬ ‫األم بالنزول شيئا ً فشيئا ً عن مقعدها‪ ،‬وجلست على أرض احلافلة‪ ،‬وبدأت تشعر‬ ‫باالختناق‪ ،‬لم نستطع أن نقدم لها املساعدة‪ ،‬كانت تبكي على حالها‪ ،‬وكنا نحاول‬ ‫تهدئتها واحلديث معها‪ ،‬وبعد ساعة رأيناها تتمدد في وسط احلافلة‪ ،‬وتضع‬ ‫كيس األدوي��ة حتت رأسها وتنام‪ ،‬أنا ال أعرف حتى اآلن إذا كانت قد نامت أم أن‬ ‫تصح عندما وصلنا إلى نقطة تبديل احلافلة‪ ،‬وهناك قمنا‬ ‫املرض قد غلبها‪ ،‬ألنها لم‬ ‫ُ‬ ‫بإيقاظها‪ .‬حتى والدتي التي تزور معي‪ ،‬والتي التزال في عمر الثامنة واخلمسني‪،‬‬ ‫عاني من التعب واملرض بسبب طول مدة سير احلافلة‪ ،‬وطبيعة مكان االنتظار‬ ‫الذي هو عبارة عن ألواح من الزينكو معمولة على شكل سقف‪ ،‬ويبقى األهل حتى‬ ‫ساعة متأخرة وهم بني برد الشتاء وحر الصيف‪ .‬وهناك مشاهد تبقى في ذاكرة‬ ‫كل من يزور املعتقلني الفلسطينيني في سجون النقب ومجدو وعسقالن وغيرها‪،‬‬ ‫مشاهد ترسم حجم معاناة األمهات والنساء اللواتي قدمن أغلى ما لديهن‪ ،‬لشعب‬ ‫ووطن‪ ،‬وهن غير نادمات‪ ،‬ولكن رفقا ً بدموعهن وأملهن ومرضهن‪ ،‬رفقاً‪...‬‬


‫واقع مرير ومعاناة بعد اإلفراج‬

‫األسرى الفلسطينيون احملررون بحاجة إلى من‬ ‫يحميهم من آثار السجون ويوفر لهم حياة كرمية‬ ‫تقرير‪ :‬عزيزة ظاهر‬ ‫جيش م��ن احمل��رري��ن ي��ع��ان��ون م��ن أم���راض خطيرة‬ ‫ومزمنة وخبيثة ورثوها من السجون اإلسرائيلية‪ ،‬أو‬ ‫كان للسجون وآثارها‪ ،‬أو للتعذيب وتوابعه‪ ،‬أو اإلهمال‬ ‫الطبي وم��خ��اط��ره دور رئ��ي��س ف��ي ب��روزه��ا وظهورها‬ ‫عليهم بعد حتررهم مباشرة أو بعد سنوات من خروجهم‬ ‫من السجن‪ .‬وهم بحاجة إلى من يتابع شؤونهم ويوفر‬ ‫م��ت��ط��ل��ب��ات��ه��م وي��س��هّ��ل ت��وف��ي��ر اح��ت��ي��اج��ات��ه��م م���ن تأمني‬ ‫صحي‪ ،‬وع�لاج‪ ،‬وحت��وي�لات‪ ،‬ومتابعة نفسية‪ ...‬وفا ًء‬ ‫لتضحياتهم وتقديرا ً ملعاناتهم وحرصا ً على حياتهم‬ ‫وتكرميا ً لنضاالتهم‪.‬‬ ‫كثيرة هي املؤسسات احلكومية واملراكز األهلية التي‬ ‫تتبنى قضية األسرى وتتابع أمورهم وتطالب بحقوقهم‬ ‫سواء أكانوا داخل السجون اإلسرائيلية أو بعد اإلفراج‬ ‫عنهم‪ ،‬ولكن هل األسرى راضون عن هذه املؤسسات وما‬ ‫تقدمه لهم ؟ وم��ن بني تلك امل��راك��ز مركز ع�لاج وتأهيل‬ ‫ضحايا التعذيب‪ ،‬ووزارة ش��ؤون األس��رى واحملررين‬ ‫ونادي األسير ووزارة الصحة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫ش��ادي إبراهيم عثامنة من بلدة عصيرة الشمالية‪،‬‬ ‫ق��رب ن��اب��ل��س‪ ،‬واح���د م��ن م��ئ��ات األس���رى ال��ذي��ن خرجوا‬ ‫من السجن يعانون من أم��راض مزمنة‪ ،‬يبلغ من العمر‬ ‫عشرين عاماً‪ ،‬اعتقل بتاريخ ‪ 2007/3/28‬وكان عمره‬ ‫وقتها ‪ 17‬عاماً‪ ،‬بعد اعتقاله مباشرة تعرض للضرب‬ ‫امل��ب��رح ع��ل��ى رأس����ه م��ن ق��ب��ل ج��ن��ود االح���ت�ل�ال بأعقاب‬ ‫ب��ن��ادق��ه��م‪ ،‬وم��ك��ث ف��ي زن��ازي��ن التحقيق االن��ف��رادي��ة ما‬ ‫يقارب ‪ 60‬يوماً‪ ،‬عانى خاللها الكثير نتيجة رطوبتها‬ ‫وال��ض��وء اخل��اف��ت ال��ذي يستخدمه احملققون كأسلوب‬ ‫استفزاز لألسرى والذي يؤثر على النظر تأثيرا ً كبيراً‪،‬‬ ‫إضافة إلى الضرب املبرح أثناء التحقيق‪ ،‬كل هذا أدى‬ ‫إل���ى إص��اب��ة ش����ادي ب��ف��ق��دان ال��ب��ص��ر ف��ي إح����دى عينيه‬ ‫وض��ع��ف ح��اد ف��ي ال��ع�ين ال��ث��ان��ي��ة‪ ،‬إض��اف��ة إل��ى تعرضه‬ ‫ملوجات إغماء بني احلني واآلخ��ر حيث بدأ يشعر بهذه‬ ‫األع��راض بعد اعتقاله مباشرة‪ ،‬ول��م يكن يحصل على‬ ‫العالج املناسب داخل السجن؛ األمر الذي راكم من سوء‬ ‫وضعه الصحي‪.‬‬ ‫يقول عثامنة‪ :‬خرجت من السجن بتاريخ ‪ 2008/8/25‬ضمن قائمة‬ ‫اإلف��راج��ات ومباشرة بعد خروجي من السجن زارن��ي مختصون نفسيون‬ ‫من مركز ع�لاج وتأهيل ضحايا التعذيب‪ ،‬وح��ول دوره��م يقول «الش��ك في‬ ‫أنه كان لهم دور في حتسني نفسيتي من خالل بعض اجللسات وقد التحقت‬ ‫عندهم ب��دورة كمبيوتر؛ األم��ر ال��ذي ساهم بسد فجوة الفراغ عندي ولكن‬ ‫لفترة قصيرة‪ ،‬بالطبع كنت أتوقع مساند ًة أفضل من ذلك‪ ،‬على األقل بتوفير‬ ‫بعض األدوي��ة لي حيث يفوق سعر القطرات التي أستخدمها ‪ 500‬شيكل‬ ‫إضافة إلى األدوي��ة املسكنة األخ��رى‪ ،‬يعني لم أستفد من املركز سوى دورة‬ ‫الكمبيوتر‪ ،‬فوضعي النفسي جيد مقارنة مع وضعي الصحي‪ ،‬ويضيف أنا‬ ‫اآلن عمري ‪ 20‬سنة‪ ،‬شاب في وضعي بحاجة إلى أن يبني نفسه‪ ،‬ولكن كيف‬ ‫وأنا ال أملك شهادة توجيهي وال جامعة وال أستطيع العمل ؟ وال��دي يعمل‬ ‫مبحطة بنزين راتبه ال يتعدى ‪ 1500‬شيكل وأنا بحاجة إلى أكثر من ‪500‬‬ ‫شيكل أدوية شهرياً‪ ،‬فمن حقي كأسير محرر أعاني من إعاقة ببصري نتيجة‬ ‫الضرب في سجون االحتالل أن يوفر لي راتب شهري‪ ،‬وزارة شؤون األسرى‬ ‫لم تقدم لي شيئا ً وكافة التقارير الطبية قمت بتقدميها لهم‪ ،‬ولكن حتى اليوم‬ ‫لم أحصل على أي شيء منهم‪ ،‬وال من نادي األسير الفلسطيني‪ ،‬أتعالج في‬ ‫املستشفيات احلكومية على تأمني األسرى حصلت عليه من وزارة الصحة‬ ‫لكنهم ال يوفرون لي القطرات والدواء بدعوى أنه غالي الثمن‪.‬‬ ‫أما األسير احملرر فارس رمضان ‪ 26‬عاما ًَ من بلدة تل‪ ،‬قرب نابلس‪ ،‬فقد‬ ‫اعتقل بتاريخ ‪ 2005/10/12‬وكان مصابا ً برصاص قوات االحتالل وحكم‬ ‫عليه بالسجن أربع سنوات‪ ،‬فيقول‪ :‬إصابتي لم متنعهم من تعذيبي فكانوا‬ ‫يشبحوني لساعات طويلة‪ ،‬ويقيدوني على كرسي التحقيق حتى أصبحت‬ ‫أعاني من شلل نصفي في اليد اليمنى والرجل اليمنى‪ ،‬األمر الذي أثر على‬

‫حياتي اليومية في السجن‪ ،‬حيث عانيت من مشاكل أثناء األكل أو االستحمام‬ ‫وكل الفعاليات اليومية‪ ،‬كما قال األسير إنه في الفترة األخيرة أصبح يصاب‬ ‫باإلغماءات املفاجئة خاصة أثناء االستحمام‪.‬‬ ‫وكانت إدارة السجن ترفض توفير العالج الالزم لي وبعد اإلفراج عني‬ ‫بتاريخ ‪ 2009/8/9‬أصبحت أتعالج على نفقة أهلي‪ ،‬حيث أجريت لي عملية‬ ‫جراحية قبل فترة قصيرة في يدي ورجلي على حساب أخي الذي يعيل أسرة‬ ‫ويعمل موظفا ً بسيطاً‪ ،‬ولم أحصل على تغطية عالج من السلطة وأنا جريح‬ ‫انتفاضة وأسير محرر وتكلفة العملية كانت باهظة واألمل بالشفاء يبقى بيد‬ ‫الله‪ ،‬حتى راتب جريح لم أحصل عليه وقد ناشدت كافة املؤسسات املعنية‬ ‫مثل وزارة شؤون األس��رى واحملررين ومؤسسة اجلرحى ورفعت أوراقي‬ ‫ملكتب الدكتور سالم فياض دون جدوى ولم أسمع سوى وعود لم تتحقق‪،‬‬ ‫حتى منحة اإلفراج لم أحصل عليها حتى اآلن‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إلى دور مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب فيقول‪ :‬يقوم‬ ‫االختصاصي النفسي من مركز ع�لاج وتأهيل ضحايا التعذيب بزيارتي‬ ‫بشكل دوري لكن أن��ا ال أري��د كالما ً أري��د فعالً أري��د منهم أن يساعدوني في‬ ‫احلصول على حقي كجريح وأسير من حقي أن يكون لي راتب شهري أصرف‬ ‫منه على نفسي‪ ،‬من حقي أن أحصل على تغطية عالج على األقل‪.‬‬ ‫أما أيوب عودة (‪ 24‬عاماً) من بلدة حوارة‪ ،‬جنوب نابلس‪ ،‬فيقول‪ :‬اعتقلت‬ ‫أثناء عودتي من األردن على اجلسر حيث كنت أدرس باجلامعة األردنية‬ ‫واعتقلت سنة وثالثة شهور في سجن مجدو وخرجت من السجن بتاريخ‬ ‫‪ 2009/10/28‬وأن��ا أعاني من ألم شديد في ركبتي نتيجة الضرب الذي‬ ‫تعرضت له على أي��دي جنود االحتالل عند اعتقالي وأثناء التحقيق معي‪،‬‬ ‫ما أدى إل��ى تآكل في الغضروف وق��د أجريت عملية جراحية قبل أي��ام في‬

‫‪8‬‬

‫مستشفى رفيديا احلكومي‪.‬‬ ‫وحول دور نادي األسير يقول عودة ‪ »:‬أثناء وجودي في السجن ذهبت‬ ‫أختي إلى نادي األسير كي تسجل اسمي كي أحصل على الـ ‪ 800‬شيكل ولكن‬ ‫املوظفة التي قابلتها رفضت تسجيل اسمي كوني ال أنتمي إلى حركة فتح‬ ‫أو باألحرى كوني مؤيدا ً الجتاه آخر‪ ،‬وعلى حد علمي أن هذه املبالغ مقدمة‬ ‫من منظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬فإلى متى هذه النظرة العنصرية والتحيز‬ ‫والتمييز م��ن مؤسسات السلطة ب�ين اب��ن فتح واب��ن أي اجت��اه آخ��ر ونحن‬ ‫في النهاية كلنا فلسطينيون ولنا القضية والهدف نفسهما‪ ،‬أما حول مركز‬ ‫تأهيل وعالج ضحايا التعذيب فقد أشار إلى أن االختصاصي النفسي يزوره‬ ‫بشكل مستمر لالطمئنان على وضعه النفسي ال أكثر وال أقل‪ ،‬ولكن يجب أن‬ ‫يكون لهم دور أبرز من ذلك وأن يكونوا أداة ضغط على املؤسسات األخرى‬ ‫ويوصلوا قضيتنا إلى أصحاب املناصب‪.‬‬ ‫وقد طالب األس��رى الثالثة وذووه��م ـ الذين يعكسون وضع املئات من‬ ‫األسرى الذين يعانون من واقع مرير ووضع صحي صعب ـ املجتمع الدولي‬ ‫بضرورة حتمل مسؤولياته األخالقية واإلنسانية جتاههم وتوفير سبل‬ ‫الدعم واملساندة لهم‪ ،‬وإع���ادة تأهيلهم وتوفير الرعاية الصحية الكاملة‬ ‫والنموذجية لهم جميعا ً دون استثناء‪ ،‬باعتبارهم ضحايا ملمارسات االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي وجرائمه‪.‬‬ ‫وط��ال��ب��وا ال��س��ل��ط��ة ال��وط��ن��ي��ة الفلسطينية ـ��ـ م��ن خ�ل�ال وزارة األس���رى‬ ‫واحملررين ووزارة الصحة ـ بتوفير تأمني صحي ومجاني لكافة األسرى‬ ‫دون استثناء‪ ،‬يضمن لهم رعاية صحية أساسية مجانية‪ ،‬ويكفل توفير‬ ‫العالج الالزم والضروري لهم‪ ،‬وتوفير التحويالت للعالج‪ ،‬ومن من الواجب‬ ‫منح كل أسير محرر تعرض ملرض يحول دون قدرته على ممارسة أي عمل‬ ‫راتبا ً يوفر له ولعائلته لقمة العيش بحدودها األساسية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬


‫تتمة‬ ‫جرائم اإلهمال الطبي بحق األسرى في السجون اإلسرائيلية‬ ‫ألف جتربة طبية لشركات أدوية إسرائيلية أجريت على املعتقلني بشكل سري‬ ‫وأك��د قراقع‪ ،‬وج��ود جرمية وانتهاكات وصفها بالفظيعة بحق املعتقلني‪،‬‬ ‫مبينا ً أن ه��ذا امللف سيكون أح��د امللفات الرئيسة ف��ي ال��دع��وة التي سترفعها‬ ‫السلطة الوطنية إلى محكمة الهاي من أجل استصدار فتوى حول املركز القانوني‬ ‫للمعتقلني الفلسطينيني باعتبارهم أسرى حرب‪ ،‬كما تبنت جامعة الدول العربية‬ ‫التوجه إلى األمم املتحدة إلثارة قضية املعتقلني الفلسطينيني بكل ما حتمل من‬ ‫انتهاكات‪ ،‬وسنثير القضية خالل لقائنا مع احتاد احملامني العرب في القاهرة‪،‬‬ ‫في إطار محاولتنا استنهاض حترك عربي حقوقي للمندوبني العرب في األمم‬ ‫املتحدة ملساعدتنا من أجل أن يأخذ هذا امللف حقه على املستوى الدولي‪.‬‬ ‫جلنة الصليب األحمر ال تتح ّمل مسؤولياتها‬ ‫وانتقد قراقع دور جلنة الصليب األحمر الدولية‪ ،‬ووصفه باملستوى غير‬ ‫املطلوب‪ ،‬مطالبا ً إياها بأن تتحمل مسؤولياتها كمؤسسة دولية في فضح هذه‬ ‫السياسة اإلسرائيلية وعدم االجنرار وراء محاوالت تنصل احلكومة اإلسرائيلية‬ ‫من العناية الطبية باملعتقلني‪ ،‬وأيضا ً أن تزيد من طواقمها الطبية العاملة في‬ ‫داخل السجون والكشف وزيارة املرضى وتقدمي العالجات والفحوص الالزمة‬ ‫لهم وتقدمي أيضا ً األجهزة الالزمة‪ .‬ووصف قراقع الوضع الصحي داخل سجون‬ ‫االح��ت�لال باخلطير وامل��ت��ده��ور ج���دا ً ل�لأس��رى امل��رض��ى بسبب ت��زاي��د األم���راض‬ ‫وبالتحديد األم��راض اخلبيثة داخ��ل السجون في أجساد األس��رى‪ ،‬مشيرا ً إلى‬ ‫أن اإلحصائيات تشير إلى تزايد هذه احل��االت بشكل متواصل‪ .‬وذكّ��ر بأن عدد‬ ‫الشهداء الذين استشهدوا بسبب اإلهمال الطبي وتردي أوضاعهم الصحية منذ‬ ‫العام ‪ 2000‬وحتى اليوم بلغ ‪ 19‬أسيرا ًَ فلسطينياً‪ ،‬وآخرهم كان الشهيد جمعة‬ ‫موسى من القدس وه��ذا الرقم غير ع��ادي ويعني أن هناك وضعا ً غير طبيعي‬ ‫يجري داخل السجون‪ .‬وجدد تأكيده أن هناك سياس ًة متعمد ًة وممنهج ًة لقتل‬ ‫األس��رى بشكل بطيء داخ��ل السجون من خ�لال ع��دم توفير العناية الصحية‬ ‫لهم‪ ،‬وبالتالي حت�� ّول السجن إل��ى مقصلة دون إع���دام «على ح��د وص��ف��ه» من‬ ‫خالل زرع األمراض وعدم توفير العناية الصحية الكافية للمئات من املعتقلني‬ ‫الفلسطينيني‪ .‬وب�ّي�نّ أن اإلحصائيات تشير إل��ى وج��ود ‪ 1500‬حالة مرضية‬ ‫صعبة داخل السجون من بينها ‪ 18‬حالة مصابة بأمراض سرطانية أو أمراض‬ ‫خبيثة داخل السجون تهدد حياتهم باخلطر‪ ،‬ونحن نعيش حالة قلق على حياة‬ ‫األس��رى‪ ،‬متوقعا ً أن يستشهد أسرى مصابون بأمراض صعبة إذا ما استمرت‬ ‫هذه احلالة القاسية في سجون االحتالل‪.‬‬ ‫وت��اب��ع ه��ن��اك امل��ئ��ات أي��ض��ا ً م��ص��اب��ون بالشلل واإلع��اق��ة وامل���وج���ودون في‬ ‫مستشفى سجن الرملة على ع��ك��ازات وع��ج�لات معاقني‪ ،‬ع��دد كبير منهم كان‬ ‫اعتقل بعد إصابته بالرصاص‪ ،‬مماطلة كبيرة جدا ً في إجراء العمليات اجلراحية‬ ‫لهؤالء املرضى هناك تسويف وبالتالي سيتفاقم املرض أكثر فأكثر حتى يصل‬ ‫إلى مرحلة صعبة‪ .‬وأضاف‪ :‬إن املؤشر اآلخر هو وفاة حوالى ‪ 60‬أسيرا ً محررا ً‬ ‫منذ العام ‪ 1985‬بعد قضائهم فترات طويلة داخ��ل السجون بأمراض خبيثة‬ ‫وبالسرطان‪ ،‬كان آخر من توفي منهم محمد العملة قبل عدة أيام بعد اإلفراج‬ ‫عنه من السجون وتبني أنه مصاب بفشل كلوي في مرحلة خطيرة وبالتالي‬ ‫استشهد في مستشفى سجن عالية في اخلليل‪ ،‬وأن هناك الكثير من األسرى‬ ‫الذين اكتشفوا أنهم مصابون بأمراض خبيثة بعد اإلفراج عنهم‪.‬‬ ‫وأع��از قراقع هذه األسباب إلى ظ��روف السجن واملسؤولية التي تتحملها‬ ‫حكومة إسرائيل وإدارة السجون واألطباء اإلسرائيليون في السجون‪.‬‬ ‫األطباء في إسرائيل يتساوون مع اجلالدين‬ ‫وقال‪ :‬إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يتساوى فيها األطباء‬ ‫مع اجلالدين فال فرق بني الطبيب واجل�لاد أو احملقق داخ��ل السجون ومراكز‬ ‫التحقيق واملعسكرات اإلسرائيلية‪ ،‬ف��ال��ظ��روف الصحية ف��ي م��راك��ز احتجاز‬ ‫األس��رى أيضا ً قاسية للغاية‪ .‬وأوض���ح‪ :‬أن وزارة البيئة اإلسرائيلية كشفت‬ ‫مؤخرا ً عن وج��ود م��واد مسرطنة في محيط سجن النقب تؤثر على املعتقلني‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬وفي العام ‪ 1997‬اعترفت وكشفت وزي��رة العلوم في احلكومة‬ ‫اإلسرائيلية ومسؤولة شعبة األدوية أيضا ً في وزارة الصحة اإلسرائيلية عن‬ ‫وج��ود ‪ 1000‬جتربة طبية لشركات أدوي��ة إسرائيلية أجريت على املعتقلني‬ ‫الفلسطينيني بشكل سري وقالت حرفيا ً هناك في كل عام على طاولتها طلبات‬ ‫من شركات أدوية تتزايد أكثر وأكثر من أجل إجراء هذه االختبارات على األسرى‬ ‫داخل السجون دون أن يعرفوا‪.‬‬ ‫تنصل إسرائيل من التزاماتها القانونية في عالج األسرى‬ ‫وأع��رب قراقع عن قلقه من السياسات اإلسرائيلية اجل��دي��دة في موضوع‬ ‫عالج األس��رى املرضى‪ ،‬ومن ضمنها محاولة إسرائيل التنصل من التزاماتها‬ ‫القانونية في عالج األسرى داخل سجونها‪ ،‬مؤكدا ً أن مديرية مصلحة السجون‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬بدأت باتفاقية مع جلنة الصليب األحمر الدولية‪ ،‬تقضي بإلزام‬ ‫األسير الفلسطيني بدفع نفقات عالجه الطبي‪ ،‬ومن ال يستطيع دفع ثمن عالجه‬ ‫أو إجراء عملية جراحية فإنه ال يعالج‪ ،‬مؤكدا ً خطورة هذه اخلطوة التي حتاول‬ ‫إسرائيل من خاللها التحرر مما نصت عليها القوانني الدولية التي تلزم دولة‬ ‫االح��ت�لال بتوفير ال��ع�لاج ال��ك��اف��ي وال��ك��ام��ل والصحي‪ ‬لكل أس��ي��ر حتتجزه في‬ ‫سجونها‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬هناك مؤشرات جديدة على اتباع هذه السياسة اإلسرائيلية‪ ،‬وأهمها‬ ‫املساومة على العالج‪ ،‬فكثير من املعتقلني خاصة في مستشفى سجن الرملة‪،‬‬ ‫قاموا عن طريق احملامني الفلسطينيني برفع شكاوى على إدارة السجون وعلى‬ ‫األطباء اإلسرائيليني‪ ،‬بسبب عدم تقدمي العالج لهم‪ ،‬أو بسبب املماطلة في إجراء‬ ‫عمليات جراحية‪ ،‬أو في ع��دم إدخ��ال أطباء لهم‪ ،‬فحصلت مساومة والضغط‬ ‫عليهم مقابل سحب الشكوى مقابل الوعد بنقل األسير املريض إلى املستشفى‪.‬‬ ‫وق��ال‪ :‬إن املساومة لم جتر فقط داخ��ل السجون‪ ،‬وإمن��ا جت��ري حتى أثناء‬ ‫العمليات اجل��راح��ي��ة‪ ،‬حيث أص��ب��ح طبيب السجن شريكا ً م��ع اجل�ل�اد‪ ،‬عندما‬

‫يكتشف نقاط ضعف األسير الصحية‪ ،‬وبالتالي جتري املساومة واالبتزاز بهدف‬ ‫االعتراف مقابل وعود بتقدمي العالج‪ ،‬مشيرا ً إلى وجود شهادات موثقة كثيرة‬ ‫ل��دى كافة مؤسسات حقوق اإلن��س��ان ع��ن أس��رى مت��ت مساومتهم على العالج‬ ‫سواء خالل التحقيق أو خالل وجودهم داخل السجن أو في املستشفى أو عيادة‬ ‫السجن‪ .‬وقال قراقع‪ :‬وصلتنا‪ ،‬مؤخراً‪ ،‬رسالة من أسرى عسقالن‪ ،‬يطالبون فيها‬ ‫بإحضار أجهزة طبية لألسرى املرضى حتى على مستوى ن��ظ��ارات ومشدات‬ ‫وفرشات طبية خاصة للمصابني بأمراض العمود الفقري والظهر حيث بدأت‬ ‫إدارة السجون تسحب األم���وال من كانتني املعتقلني الفلسطينيني‪ ،‬مبعنى أن‬ ‫األسير يجب أن يشتري هذه األجهزة واملواد الطبية على حسابه أو من األموال‬ ‫التي تصله‪ ،‬وه��ذه سياسة جديدة نحن نحذر منها وهناك خطورة كبيرة على‬ ‫حياة املعتقلني‪ .‬وتابع‪ :‬هناك نوع آخر من املساومة‪ ،‬وهو اإلبعاد‪ ،‬كما حصل‬ ‫مع األسير أكرم العنتير‪ ،‬الذي كان يعاني من أمراض خطيرة جداً‪ ،‬وبدالً من أن‬ ‫تفرج عنه احلكومة اإلسرائيلية‪ ،‬قامت مبساومته باإلبعاد إلى اخلارج وبالفعل‬ ‫مت إبعاده إل��ى اسبانيا لتقلي العالج‪ ،‬واصفا ً ه��ذه األساليب بالال أخالقية وال‬ ‫مهنية وال إنسانية‪ .‬وذك��ر قراقع بعض احل��االت التي قامت إدارة السجون عن‬ ‫عمد بإعطائها أدوية ادعت فيما بعد أنها باخلطأ ولكنها سببت مضاعفات خطيرة‬ ‫لألسرى داخل السجون منهم األسير نضال أبو زيد من رام الله‪ ،‬الذي مت حقنه‬ ‫ضد أنفلونزا اخلنازير وأصيب بالشلل في سجن رامون وهو محكوم بالسجن ‪35‬‬ ‫عاماً‪ .‬واألسير محمد غوادرة من خان يونس في غزة‪ ،‬الذي يعاني من مرض في‬ ‫األعصاب‪ ،‬لكنهم بدال من معاجلة مرضه قاموا مبعاجلة أسنانه وأصيب بالتهاب‬ ‫ح��اد‪ ،‬وعلى أثر ذلك فقد النظر‪ ،‬واألسير مناضل عبد محمد شرقاوي من جنني‬ ‫أعطي دوا ًء ادعوا أنه باخلطأ وأصيب على إثره بالصرع داخل السجن‪ ،‬واألسير‬ ‫أمجد أبو لطيفة قاموا بإعطائه دواء أدى إلى إصابته ب��آالم شديدة‪ ‬في الرأس‬ ‫ونقل بشكل عاجل إلى مستشفى سوروكا‪ ،‬والطبيب نفسه اعترف أن سبب حالته‬ ‫الصحية هو إعطائه دواء باخلطأ‪ ،‬وقبل فترة أيضا ً أعطي زهير اسكافي حقنة‬ ‫أدت إلى تساقط شعره‪ ،‬وهناك حاالت كثيرة جدا ً تتعمد إدارة السجون إعطاء‬ ‫أدوية تؤدي إلى مضاعفات خطيرة لألسير‪.‬‬ ‫حاالت مرضية خطيرة مصابة بالسرطان‬ ‫وأش��ار قراقع‪ ،‬أيضاً‪ ،‬إلى وجود حاالت مصابة بالسرطان‪ ،‬معربا ً عن قلقه‬ ‫على حياتهم داخ��ل السجن‪ ،‬م��ن��اش��دا ً ك��ل اجل��ه��ات ال��دول��ي��ة وم��ؤس��س��ات حقوق‬ ‫اإلنسان ومنظمة الصحة العاملية التدخل لإلفراج عن هؤالء األسرى‪ ،‬الفتا ً إلى أنه‬ ‫بعد جهد قضائي كبير جدا ً مت اإلفراج عن فايز زيادات وحمزة الطرايرة املصابني‬ ‫بأورام يعاجلان حاليا ً ولكن في مرحلة متأخرة جدا ً من هذا املرض‪ ،‬وقبلهم مراد‬ ‫أبو سقوت أفرج عنه بشكل مبكر أيضا ً كان مصابا ً بالسرطان ولكن استشهد فيما‬ ‫بعد‪ .‬وأكد قراقع وجود حاالت في وضع خطير داخل السجن مثل األسير علي‬ ‫الصفوري مصاب بسرطان وهو من صيدا‪ /‬في طولكرم‪ ،‬ورائد درابية من غزة‬ ‫وهو على كرسي متحرك أيضا ً مصاب بالسرطان في الظهر وأجريت له عمليات‬ ‫ويعالج بالكيماوي‪ ،‬وأمل جمعة مصابة بالسرطان في الرحم‪ ،‬وعبد الله بني‬ ‫عودة مصاب بالسرطان ويخضع للعالج الكيماوي‪ ،‬محمد صالح عبد محسن‬ ‫من القدس مصاب بالسرطان في ال��رأس ومحكوم بالسجن ‪ 16‬عاماً‪ ،‬ووسام‪ ‬‬ ‫رابي مصاب بالسرطان ويتلقى العالج الكيماوي حالياً‪ ،‬وأحمد مصطفى النجار‬ ‫م��ن رام الله مصاب بالسرطان ف��ي احلنجرة وفقد ال��ص��وت ويخضع للعالج‬ ‫الكيماوي‪ ،‬ون��اج��ي ع��رار أورام سرطانية ف��ي ال��رق��ب��ة‪ ،‬وع��م��اد زع��رب م��ن خان‬ ‫يونس غدد وأورام سرطانية في الرقبة‪ ،‬وأكرم منصور يعاني من أورام ووزنه‬ ‫يتناقص ووضعه الصحي صعب للغاية‪ ،‬وقال‪ :‬هذه احلاالت وغيرها حتتاج إلى‬ ‫تدخل ومسؤولية إلنقاذها‪ .‬ودلل قراقع على خطورة الوضع الصحي لألسرى‬ ‫املرضى بشهادة رئيسة قسم متابعة األسرى في جمعية أطباء حقوق اإلنسان‬ ‫اإلسرائيلية وت��دع��ى الي��ت ف�ين التي ق��ال��ت‪« :‬إن األس���رى الفلسطينيني املرضى‬ ‫يواجهون عقبات كبيرة قبل وصولهم إلى الطبيب املعالج في عيادات السجون‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬كما أن جوهر مشكلة األس��رى نابع من ع��دم وج��ود جهاز رقابي‬ ‫على أداء إدارة مصلحة السجون اإلسرائيلية التي ال تولي أهمية كبيرة ملتابعة‬ ‫األوضاع الصحية لألسرى‪ ،‬فضالً عن أن إدارة السجون تختلق احلجج والذرائع‬ ‫الكاذبة ملنع الكثير من األسرى الفلسطينيني من االلتقاء بأطباء متخصصني أو‬ ‫بإجراء فحوص طبية في عيادات خارج السجن»‪.‬‬ ‫إهمال صحي وسوء الرعاية الطبية لألسرى‬ ‫ب���دوره‪ ،‬اعتبر مدير ع��ام مركز ع�لاج وتأهيل ضحايا التعذيب د‪ .‬محمود‬ ‫سحويل اإلهمال الصحي وسوء الرعاية في السجون اإلسرائيلية جزءا ً مهما ً من‬ ‫أساليب التعذيب‪ ،‬فإسرائيل تنتهك كافة املواثيق واألع��راف والقوانني الدولية‬ ‫ومنها اتفاقية جنيف للعام ‪ 48‬التي توجب توفير طبيب مؤهل في كل سجن‬ ‫لعالج املرضى وكذلك توفير مستشفى إذا استدعى األمر معاجلة حاالت مرضية‬ ‫فيه‪ .‬وت��اب��ع‪ :‬بعد دخ��ول كل أسير السجن حسب القانون ال��دول��ي يجب إجراء‬ ‫فحص طبي له‪ ،‬مؤكدا ً أن اإلهمال الطبي املتبع في السجون اإلسرائيلية بحق‬ ‫األسرى واملعتقلني الفلسطينيني‪ ،‬يعتبر من أساليب التعذيب الرئيسة‪ ،‬مشيرا ً‬ ‫إلى أن العزل االنفرادي شكل ‪ %76‬حسب دراسة أجراها املركز‪ ،‬يليه احلرمان من‬ ‫زيارة األهل‪ ،‬و‪ %73‬من األسرى يتم حرمانهم من الرعاية الطبية‪.‬‬ ‫وأكد د‪ .‬سحويل أن إدارة السجن ال ترسل أي مريض إلى عيادة السجن إال‬ ‫في ح��االت حرجة وخطرة وبعد احتجاج‪ ،‬وبحسب إف���ادات األس��رى ف��إن هذه‬ ‫العيادات تستخدم كملتقى للمتعاونني‪ ،‬وبالتالي ميتنع األسرى عن الذهاب إليها‬ ‫باعتبارها مشبوهة أمنيا ً وخوفا ً من االشتباه بهم بأنهم متعاونون‪.‬‬ ‫وبني د‪ .‬سحويل‪ ،‬أن هذه العيادات تفتقر إلى االختصاصيني‪ ،‬كما أن طبيب‬ ‫السجن ال يتواجد في العيادة بشكل يومي‪ ،‬وإذا ما تقيد الطبيب بوصف األدوية‪،‬‬ ‫فإن إدارة السجن ال تلتزم بإعطاء الدواء املناسب وتوصيات الطبيب‪ ،‬مؤكدا ً أن‬

‫‪9‬‬

‫األطباء في السجن هم من غير املؤهلني‪ ،‬وزي��ارة الطبيب للعيادة تكون عابرة‬ ‫وب��زي عسكري‪ ،‬األم��ر ال��ذي يشكل ح��اج��زا ً نفسيا ً ب�ين الطبيب وب�ين املريض‬ ‫األسير‪.‬‬ ‫منع األطباء الفلسطينيني من التدخل العالجي‬ ‫وأض���اف د‪ .‬س��ح��وي��ل‪ :‬إن‪ ‬إدارة السجن ال تتبع ن��ظ��ام��ا ً غ��ذائ��ي��ا ً للمرضى‪،‬‬ ‫ومتنع األطباء من خارج السجن من الزيارة‪ ،‬مبينا ً أن‪ ‬إدارة السجون أصدرت‬ ‫ق��رارا ً مبنع األطباء الفلسطينيني من زي��ارة السجون اإلسرائيلية‪ ،‬ما اضطرنا‬ ‫بالتعاون مع رابطة األطباء حلقوق اإلنسان اإلسرائيلية إلى رفع قضية لدى‬ ‫احملكمة اإلسرائيلية العليا ضد هذا القرار‪.‬‬ ‫وأكد د‪ .‬سحويل إن إدارة السجون تعطي أدوي ًة مهدئ ًة بهدف كسر معنويات‬ ‫األس��ي��ر وان��ت��زاع معلومات منه‪ ،‬وأوض���ح‪ :‬بحسب إف���ادات األس���رى ف��إن إدارة‬ ‫السجون تستخدم األسرى حقول جتارب لشركات األدوية اإلسرائيلية‪ ،‬كما أن‬ ‫سوء املعاملة من قبل طبيب السجن بالرغم من إعالن طوكيو ‪ 75‬للجمعية الطبية‬ ‫العاملية‪ ،‬فإنه يجب أن يعامل األسير باحترام وأن يلقى معاملة حسنة‪ ،‬وأن‬ ‫يعامل األطباء مرضاهم دون متييز‪ ،‬وأن يحافظ الطبيب على الصحة النفسية‬ ‫واجلسدية ملرضاه والتخفيف من آالمهم النفسية واجلسدية‪ ،‬لكن وعلى العكس‬ ‫من ذلك فإن األطباء اإلسرائيليني يعاملون مرضاهم األسرى كأعداء‪.‬‬ ‫تقييد األسرى املرضى بأصفاد معدنية‬ ‫وتابع د‪ .‬سحويل‪ ،‬الحظت خالل زياراتي للمرضى األس��رى في السجون‬ ‫واملستشفيات اإلسرائيلية‪ ،‬أنه يتم تقييد األس��رى املرضى باألسرة بواسطة‬ ‫أصفاد معدنية وهم في أوضاع صحية حرجة ويجري انتزاع معلومات منهم‬ ‫أثناء وجودهم داخ��ل املستشفى‪ ،‬مبينا ً أن��ه ق��ام بحوالى ‪ 328‬زي��ارة ويضطر‬ ‫خاللها إلى االنتظار في ظروف جوية صعبة في البرد أو احلر الشديدين لفترات‬ ‫طويلة جداً‪ ،‬وغالبا ً ما تدعي إدارة السجن أنه ليس مبقدورنا الزيارة‪.‬‬ ‫تورط الطواقم الطبية اإلسرائيلية في تعذيب األسرى‬ ‫وأك��د د‪ .‬سحويل ت��ورط الطواقم الطبية اإلسرائيلية في تعذيب األسرى‬ ‫بشكل أس��اس��ي‪ ،‬وق���ال‪ :‬إنهم‪ ‬يشاركون ف��ي عمليات التعذيب حيث مت تطوير‬ ‫أساليب تعذيب من قبل أطباء وعلماء ومهنيني إسرائيليني مثل الهز العنيف‪،‬‬ ‫وهناك حوالى ‪ 7‬أسرى منهم عبد الصمد حريزات توفوا حتت هذا األسلوب من‬ ‫التعذيب‪ ،‬الفتا ً إلى أن االستمارة الطبية التي يعبئها طبيب السجن تستعمل قبل‬ ‫وأثناء وبعد عملية التعذيب ملعرفة مدى قدرة األسير على حتمل التعذيب‪.‬‬ ‫وذكر د‪ .‬سحويل أن عدد األسرى املصابني باالنفصام النفسي ‪ 200‬أسير‪،‬‬ ‫و‪ 120‬أسيرا ً مريضا ً مصابون بالصرع‪ ،‬و‪ 20‬أسير مريضا ً يعانون من تخلف‬ ‫عقلي «الذكاء محدود»‪ ،‬وهناك عشرات احل��االت من املرضى الفصاميني قتلوا‬ ‫على احلواجز العسكرية لقيامهم بتصرفات غريبة‪ ،‬وحسب منظمات حقوق‬ ‫إنسان إسرائيلية فإن نسبة الذين يتعرضون للتعذيب من األسرى في السجون‬ ‫اإلسرائيلية بلغت ‪ ،%85‬مضيفا ً حسب إحصائياتنا فإن هذه النسبة ترتفع إلى‬ ‫‪ %94‬وملجرد احتجاز شخص تبدأ عملية التعذيب منذ حلظة اعتقاله‪ ،‬وأن ‪%40‬‬ ‫ممن يتعرضون للتعذيب يعانون من أعراض الصدمة النفسية‪.‬‬ ‫وأك��د د‪ .‬سحويل أن تقارير أطباء السجون م��زورة لصالح إدارة السجن‪،‬‬ ‫مشيرا ً إلى حالة األسير املريض ناهض األقرع‪ ،‬حيث مت التنسيق له الستكمال‬ ‫عالجه في الضفة الغربية بعد اجل��راح التي أصيب بها في قطاع غ��زة‪ ،‬وذلك‬ ‫بالتنسيق مع رابطة أطباء حقوق اإلنسان اإلسرائيلية‪ ،‬وهناك قرار ببتر الرجل‬ ‫الثانية لألسير األقرع‪ ،‬وبالتالي هذه احلاالت بحاجة إلى رعاية خاصة‪.‬‬ ‫وأفاد بأن نسبة الذين يعانون من أمراض اجلهاز الهضمي املعدة والقولون‬ ‫بلغت ‪ %23‬من األس��رى ال��ذك��ور و‪ %36‬بني اإلن��اث األس��ي��رات‪ ،‬م��ؤك��دا ًَ أن هناك‬ ‫الكثير من احلديث عن االنتهاكات الطبية التي تتم في السجون اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫وأوضح د‪ .‬سحويل أنه في ضوء تدهور األوضاع الصحية لألسرى املرضى‪،‬‬ ‫قام مركز عالج وتأهيل ضحايا التعذيب‪ ،‬مبخاطبة نقابة األطباء اإلسرائيليني‬ ‫التي لم جتب عن أي من اخلطابات العديدة التي وجهت لها‪ ،‬مؤكدا ً دعم توجه‬ ‫النقابة اإلسرائيلية لتوجه هؤالء األطباء في السجون واملعتقالت اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وتدعي أن أسرانا هم عبارة عن قنابل موقوتة‪ ،‬مبررة في ذلك التحقيق واستخدام‬ ‫وسائل التعذيب بحقهم‪.‬‬ ‫إرادة احلياة أقوى من إرادة املوت‬ ‫أم���ا األس��ي��ر احمل���رر ع��ل��ي ش�لال��دة ف��ت��ح��دث ع��ن جت��رب��ة ص��راع��ه م��ع املرض‬ ‫وإجراءات إدارة السجون في عالجه حيث مكث في املستشفى ‪ 14‬عاما ً من أصل‬ ‫‪ 20‬عاما ً قضاها في السجون وصل في مراحل كثيرة في فترة اعتقاله إلى املوت‬ ‫ولكن إرادة احلياة كانت أقوى‪.‬‬ ‫وق���ال‪ :‬نقلت إل��ى سجن عسقالن ف��ي سنة ‪ ،94‬أث��ن��اء تلقي ال��ع�لاج حلصر‬ ‫البول قمت بفتح الكبسولة الطبية فوجدتها جافة‪ ،‬وتطورت احلالة إلى أزمة‬ ‫وبدل نقلي إلى املستشفى نقلوني إلى سجن نفحة حيث البرد القارص لم أعد‬ ‫قادرا ً على التنفس إال عبر اجلهاز‪ ،‬وبعد ‪ 20‬يوما ً بدأت االحتجاجات لنقلي إلى‬ ‫املستشفى فأعطاني الطبيب حقنة االنفولني‪ ،‬ومبجرد حقني بها انفجر دمي‬ ‫ووصل على بعد مترين‪ ،‬وعند فحص الضغط وجده ‪ ،160 /220‬ومن هناك‬ ‫نقلوني إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع وخالل ‪ 24‬ساعة حقنت بحوالى‬ ‫‪ 28‬حقنة‪ ،‬ونقلت بعدها إل��ى مستشفى سجن الرملة في ‪ ،94/12/6‬وه��و ال‬ ‫يختلف عن ظروف السجن إن لم يكن أكثر تعذيباً‪ ،‬وفي حاالت االختناق التي‬ ‫كنت أصل إليها كانوا يعطوني عالجا ً غير مناسب حلالتي الصحية‪ ،‬وبعد أن‬ ‫ساءت حالتي حقنت بإبرة هيدروكونتيننت ‪ 250‬ملغرام وبعد نصف ساعة‬ ‫حقنت بأربع إب��ر من النوع نفسه وإل��ى جانب ‪ 1000‬ملغرام ك��ورت��وزون ما‬ ‫أفقدني االتزان والوعي‪ ،‬ونتيجة هذه األدوية ظهرت غدد كثيرة على طول العمود‬ ‫الفقري والكبد والرئة‪ .‬وتابع يوجد هناك بني األسرى من هم مصابون بشظايا‬ ‫ال يقدرون على اجللوس‪ ،‬وأي مريض يرغب في العالج داخل املستشفى يفرض‬ ‫عليه املكوث ‪ 12‬ساعة داخل «البوسطة» سيارة النقل بني السجون‪ ،‬وهو مقيد‬ ‫باألصفاد املعدنية‪ ،‬وبعد معاينته الطبية في املستشفى من قبل طبيب يفرض‬ ‫عليه العودة إلى السجن احملتجز فيه‪ ،‬لينتظر ‪ 6‬أشهر من أجل حجز دور إلجراء‬ ‫عملية جراحية له‪ ،‬وهكذا تتكرر العملية عدة مرات دون أن يقدم له العالج أو‬ ‫جترى له عملية جراحية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬


‫انتهاكات صارخة بحق األسرى‬ ‫في سجون االحتالل‬ ‫تقرير‪ :‬نادي األسير‬ ‫ذكر نادي األسير الفلسطيني أن سلطات االحتالل تنتهج مجموعة من املمارسات‬ ‫بحق األس��رى الفلسطينيني في سجونها‪ ،‬منتهكة بذلك كافة املواثيق واملعاهدات‬ ‫الدولية‪ .‬وبينّ النادي أن هذه االنتهاكات تتنوع وتتعدد‪ ،‬ب��دءا ً من عملية االعتقال‪،‬‬ ‫إل��ى استخدام العنف‪ ،‬إل��ى احلرمان من ال��زي��ارة‪ ،‬وانتهاج سياسة اإلهمال الطبي‪،‬‬ ‫واحلرمان من التعليم‪. ...‬‬ ‫وبينّ النادي أن اإلجراءات التي تنظم عملية االعتقال املعتمدة في إسرائيل والتي‬ ‫مت تعديلها في العام ‪ 1971‬هي ‪ 114‬اجرا ًء دون ان يكون من بينها أي إجراء رئيسي‬ ‫أو فرعي يتعلق باحلقوق القانونية للمعتقلني‪.‬‬ ‫وتعتبر ه��ذه اإلج���راءات املؤشر ال��ذي ينظم ويحكم ق��رارات وزي��ر الداخلية‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬فيما يتعلق بعملية االعتقال والظروف الواجب توفيرها للمعتقلني‪.‬‬ ‫إال أن املفارقة هي أن وزير الداخلية نفسه هو الذي يصدر هذه اإلجراءات ويعدلها‬ ‫بنا ًء على مراسم وزاري���ة‪ ،‬وال توجد هناك أي��ة إمكانية إلص��دار تعليمات تكون‬ ‫ملزمة للوزارة ومصلحة السجون‪ .‬كما ال توجد إمكانية كذلك إلصدار تعليمات‬ ‫تكفل حقوق املعتقلني‪.‬‬ ‫وأضاف إنه ال يجوز حسب القوانني اإلسرائيلية احتجاز أكثر من ‪ 20‬معتقالً في‬ ‫غرفة واحدة ال يزيد طولها على خمسة أمتار‪ ،‬وعرضها أربعة أمتار‪ ،‬وارتفاعها ثالثة‬ ‫أمتار‪ ،‬أو أن يكون السقف مفتوحاً‪ ،‬إن احلد األدنى للمساحة املعطاة للسجني الواحد‬ ‫في أمريكا وأوروب��ا هي عشرة أمتار مربعة ونصف املتر‪ ،‬بحيث يسمح باحتجاز‬ ‫املعتقلني مدة ‪ 23‬ساعة يوميا ً في زنازين أو غرف كهذه‪.‬‬ ‫يعتبر جهاز الشاباك اإلسرائيلي املسؤول عن التحقيق في حاالت التعذيب‬ ‫التي يتعرض لها املعتقلون داخ��ل السجون‪ ،‬وم��ن الصعب حتديد ما إذا كان‬ ‫تدخل هذا اجلهاز والتحقيق الذي يجريه يساعد على معاجلة حاالت التعذيب‬ ‫أم يزيدها صعوبة‪.‬‬ ‫واش��ار الى وجود ما يقارب ‪ 27‬مركز اعتقال الحتجاز الفلسطينيني موزعة ما‬ ‫بني مناطق ‪ 1948‬داخل إسرائيل واملناطق الفلسطينية احملتلة‪ ،‬وهناك أربعة مراكز‬ ‫حتقيق معروفة‪ ،‬إضافة إلى عدد من مرافق التحقيق السرية‪ ،‬حيث اعترفت إسرائيل‬ ‫بوجود واحد فقط منها مؤخرا ً مع أن موقعه ال يزال مجهوالً‪.‬‬ ‫كما يوجد ست مراكز اعتقال‪ /‬توقيف‪ ،‬وثالثة مراكز اعتقال عسكرية‪ ،‬وثالثة‬ ‫عشر ‪ 13‬سجنا ً الحتجاز الفلسطينيني م��ن سكان املناطق احملتلة‪ .‬ويعتبر نقل‬ ‫املعتقلني الفلسطينيني من املناطق احملتلة واحتجازهم في سجون داخ��ل أراضي‬ ‫الدولة احملتلة مخالفة للقانون الدولي ويشكل جرمية حرب‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا السياق‪ ،‬تنص امل��ادة ‪ 47‬من اتفاقية جنيف الرابعة على أن��ه “يجب‬ ‫احتجاز املتهمني من املناطق احملتلة داخل سجون تقع ضمن األراض��ي احملتلة وفي‬ ‫حالة ص��دور األحكام بحقهم‪ ،‬فيجب أن يقضوا محكوميتهم داخ��ل سجون تقع في‬ ‫األراضي احملتلة”‪ .‬وجتدر اإلشارة هنا‪ ،‬إلى أنه يوجد خمسة مراكز اعتقال عسكرية‬ ‫إسرائيلية داخل املناطق الفلسطينية احملتلة وسجن عسكري واحد فقط‪.‬‬ ‫تتكون بعض مراكز االعتقال من أبنية بينما يتكون البعض اآلخ��ر من خيام‬ ‫داخل معسكرات اجليش كحال سجن (كتسيعوت) في النقب‪ ،‬والذي أعيد افتتاحه‬ ‫مؤخراً‪ ،‬حيث نصبت فيه خيام قدمية بالية إليواء املعتقلني‪ ،‬تبقيهم عرضة لألحوال‬ ‫اجلوية القاسية في الصحراء‪ ،‬أما معتقل عوفر الواقع إلى اجلنوب من مدينة رام‬ ‫الله‪ ،‬فكان املعتقلون الفلسطينيون يحتجزون فيه في براكيات استخدمت سابقا‬ ‫كمواقف لآلليات العسكرية قبل أن ينصب اجليش خياما ً في هذا املعتقل‪ ،‬إن كال من‬ ‫(كتسيعوت) و(عوفر) و(مجدو)‪ ،‬هي سجون ال تكفل حماية للمعتقلني حيث ينتشر‬ ‫الذباب‪ ،‬والطفيليات‪ ،‬واجلرذان‪ ،‬إضافة إلى عدد آخر من الزواحف التي تشكل خطرا ً‬ ‫على حياة املعتقلني‪.‬‬ ‫كما تكتظ جميع مراكز االعتقال اإلسرائيلية باملعتقلني الذين ينامون على ألواح‬ ‫خشبية فوقها فرشات إسفنجية رقيقة للغاية‪ ،‬وينام املعتقلون في مراكز التوقيف‬ ‫على فرشات إسفنجية رقيقة ج��دا ً توضع على األرض‪ .‬وال تفي البطانيات القليلة‬ ‫باحتياجات املعتقلني‪ ،‬وتعمل املؤسسات احلقوقية والعائالت على إدخال بطانيات‬ ‫عندما تسمح إدارة السجون بذلك‪ ،‬أما الكهرباء‪ ،‬فهي متوفرة بشكل نادر جدا ً ومتنع‬ ‫اإلدارة احلركة بتاتا ً بعد الغروب‪ .‬وال يتوفر “فراش النوم” إال في السجون فقط‬ ‫بالرغم من كونه واالحتياجات األساسية األخرى غير كافية كحال مراكز التوقيف‪.‬‬ ‫ويضطر العديد من املعتقلني الفتراش األرض‪ .‬حيث ال يجدون مكانا ً للنوم بسبب‬ ‫حالة االزدحام الشديد في السجون‬ ‫وبخصوص الطعام‪ ،‬فقد قال‪ :‬تشير املادة ‪ 20‬من اتفاقية األمم املتحدة للمعايير‬ ‫الدنيا ملعاملة األسرى على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬تلزم اإلدارة بتقدمي وجبات طعام منتظمة للمعتقلني حتتوي على نظام‬ ‫غذائي متكامل يضمن الصحة والقوة الكافيتني ويجب أن يكون معدا ً جيدا ً وأن‬ ‫يقدم بشكل الئق‪.‬‬ ‫‪ .2‬يجب توفير مياه الشرب الصاحلة لكل معتقل بشكل دائم‪،‬‬ ‫تعتبر إدارة السجون املسؤول املباشر عن تقدمي وجبات الطعام للمعتقلني‪،‬‬ ‫كما يحق لكل معتقل احلصول على كمية كافية من الطعام‪ ،‬وقد شجعت إسرائيل‬ ‫املعتقلني الفلسطينيني في السنوات املاضية على احلصول على الطعام من خالل‬ ‫العائالت أو شراء األطعمة من كانتني السجون‪ ،‬ومع ذلك تقيد إدارة السجون عملية‬ ‫شراء الطعام من الكانتني بالرغم من كونها عملية ال أخالقية باعتبار أن اإلدارة هي‬ ‫املسؤولة عن تقدمي الطعام للمعتقلني‪ ،‬وفي معظم احلاالت‪ ،‬يتولى املعتقلون توفير‬

‫نصف احتياجاتهم من الطعام بأنفسهم مما يشكل‬ ‫عبئا ً كبيرا ً على العائالت باعتبار ان��ح��دار غالبية‬ ‫املعتقلني من أوساط اجتماعية فقيرة‪.‬‬ ‫م����ن ج���ه���ة أخ�������رى‪ ،‬ي���ت���ول���ى األس�������رى أنفسهم‬ ‫م��س��ؤول��ي��ة إع������داد وج���ب���ات ال��ط��ع��ام رغ����م امل���راف���ق‬ ‫البسيطة في املطابخ كما أنه يسمح فقط باستخدام‬ ‫املالعق البالستيكية أو اخلشبية‪.‬‬ ‫ويعتبر الطعام املقدم للمعتقلني الفلسطينيني غير‬ ‫كاف على مستوى الكمية والنوعية‪ .‬ففي املاضي‪ ،‬كان يقدم للمعتقلني الفلسطينيني‬ ‫طعام مثلج لم يكن من املمكن تناوله إال بعد تعريضه ألشعة الشمس لتذويب الثلج‬ ‫عنه‪ ،‬أما املشروبات الساخنة فكانت نادرة للغاية‪ ،‬وكانت مؤسسات حقوق اإلنسان‬ ‫والعائالت تتولى توفير االحتياجات الغذائية األساسية للمعتقلني كزيت الزيتون‬ ‫والقهوة والسكر كلما سمحت إدارة السجون بذلك‪ ،‬إال أن نقل هذه املواد عبر احلواجز‬ ‫العسكرية اإلسرائيلية كان أمرا في غاية التعقيد وكثيرا ما كان يتم نقلها للمعتقلني‬ ‫عبر احملامني الذين يزورون السجون عندما يسمح لهم مبقابلة املعتقلني‪.‬‬ ‫إال أن إدارة مصلحة السجون في الفترة األخيرة منعت إدخال هذه االحتياجات‬ ‫إلجبار األسرى على الشراء من الكنتني‪ ،‬والذي يدر دخالً ماديا ً على مصلحة السجون‪،‬‬ ‫واملشكلة هنا تكمن بارتفاع األسعار مقارنة مع السوق احمللية أو اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫أما املعتقلون األطفال والنساء‪ ،‬فإنهم يتلقون وجبات طعام تعد من قبل غيرهم‬ ‫مما دفع السجينات الفلسطينيات إلى االحتجاج ضد ذلك أكثر من مرة خاصة أنهن‬ ‫أحيانا ً يحتجزن مع السجينات اجلنائيات اإلسرائيليات في السجون نفسها‪ ،‬كما هو‬ ‫حاصل في قسم ‪ 2‬من سجن الشارون‪.‬‬ ‫هذا وال يراعى الوضع الصحي اخلاص ببعض املعتقلني الذين يحتاجون ألنظمة‬ ‫غذائية خاصة كمرضى السكري‪ ،‬وضغط الدم‪ ،‬مما يضطر بعض املعتقلني اآلخرين‬ ‫الى التبرع بجزء من وجباتهم الغذائية لزمالئهم املرضى ليوفروا لهم نظاما ً غذائيا ً‬ ‫يحافظ على صحتهم‪.‬‬ ‫كما ال توفر إدارات السجون اإلسرائيلية املالبس للمعتقلني الفلسطينيني أبداً‪،‬‬ ‫حتى أن بعض األسرى أمضوا عدة اشهر مبالبسهم امللطخة بالدم نتيجة إصابتهم‬ ‫أثناء عملية االعتقال‪ .‬كما أن املعتقلني ال��ذي اعتقلوا مبالبس النوم أو باملالبس‬ ‫الداخلية لم تتح لهم الفرصة لتغيير مالبسهم‪ ،‬وامضوا فترة سجنهم على هذه‬ ‫احلال‪ .‬أما الصابون وأدوات التنظيف األخرى‪ ،‬فإنها كانت توزع بشكل غير منتظم‬ ‫من قبل إدارة السجن‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬كانت تقدم اإلدارة في سجن (كتسيعوت)‬ ‫“النقب” لكل قسم يضم ‪ 120‬معتقال‪ ،‬قطعة ص��اب��ون واح���دة يوميا‪ ،‬وال يقدم‬ ‫الصابون لألسرى يومي اجلمعة والسبت‪ ،‬مما جعل املعتقلون يقدمون على شراء‬ ‫أدوات التنظيف من اإلدارة‪.‬‬ ‫أما الفرشات‪ ،‬فإنها بالية وأحيانا ً تكون مستخدمة في األص��ل من قبل اجلنود‬ ‫اإلسرائيليني؛ ما يجعلها مليئة بامليكروبات‪ ،‬أم��ا م��واد التنظيف الالزمة لتنظيف‬ ‫أقسام السجن‪ ،‬فإنها توزع بشكل غير منتظم وأحيانا ً ال تكون كافية أبدا ً وال يسمح‬ ‫بإزالة النفايات بانتظام‪ ،‬بينما تعاني أقسام السجون من مشاكل دائمة في شبكة‬ ‫املجاري‪ .‬وأوض��ح النادي أن هناك ع��ددا ً ال يستهان به وصل الى ما يقارب ‪1700‬‬ ‫حالية مرضية من اصل ‪ 7500‬يقبعون حاليا في سجون االحتالل ‪ ،‬وال يقدم لهم‬ ‫س��وى املسكنات‪ ،‬مما ادى ال��ى تفاقم وضعهم الصحي ل�لأس��وأ‪ ،‬كما يعاني ع��دد ال‬ ‫يستهان به من املعتقلني الفلسطينيني احملتجزين حاليا في السجون اإلسرائيلية من‬ ‫اإلصابات أو من أمراض مزمنة‪ ،‬كما أن العديد من الفلسطينيني يعانون من إصابات‬ ‫بالرصاص اإلسرائيلي تعرضوا لها أثناء عمليات اعتقالهم ولم يتلقوا إال عناية طبية‬ ‫أولية هذا إن كانوا قد تلقوها أصال‪.‬‬ ‫وق��د ع��ادت ع��ي��ادات السجون اإلسرائيلية لتقدمي املهدئات باعتبارها العالج‬ ‫الشافي لكل األم���راض مع األخ��ذ بعني االعتبار أن األط��ب��اء الذين يعملون في هذه‬ ‫العيادات ليسوا إال جنودا‪ .‬تتم عملية فحص املرضى من خلف حاجز‪ ،‬ويتم تأجيل‬ ‫احلاالت التي حتتاج إلى جراحة أو حتويل إلى املستشفى إلى فترات طويلة جدا‪.‬‬ ‫وق���د رف��ض��ت إدارة ال��س��ج��ون اإلس��رائ��ي��ل��ي��ة ط��ل��ب��ات م��ن��ظ��م��ات ح��ق��وق اإلنسان‬ ‫اإلسرائيلية تقدمي اخلدمات الطبية للمعتقلني داخل السجون‪ ،‬كما مت جتاهل الطلب‬ ‫املتكرر لتوفير الرعاية الصحية للمعتقلني الفلسطينيني وال��ذي تقدمت به اللجنة‬ ‫الدولية للصليب األحمر‪.‬‬ ‫واشار إلى املادتني ‪ 37‬و‪ 39‬من اتفاقية األمم املتحدة حول زيارة االسرى‪ ،‬بحيث‬ ‫نصت املادة ‪ 37‬على انه يسمح للمعتقلني باالتصال املنتظم وحتت اإلشراف الالزم‬ ‫مع عائالتهم وأصدقائهم واملقربني منهم سواء باملراسلة أو من خالل تلقي الزيارات‪.‬‬ ‫واملادة ‪ :39‬يسمح للمعتقلني بالبقاء على اطالع على آخر األخبار سواء من خالل‬ ‫السماح بتزويدهم بالصحف والنشرات أو املنشورات الصادرة عن املؤسسات أو من‬ ‫خالل السماح لهم باالستماع إلى األخبار اإلذاعية أو تنظيم احملاضرات لهم أو أية‬ ‫وسائل أخرى تختارها وتشرف عليها إدارة السجن‪.‬‬ ‫منعت إسرائيل منذ بداية االنتفاضة احلالية في أواخر العام ‪ ،2000‬العائالت‬ ‫الفلسطينية من زيارة املعتقلني في السجون اإلسرائيلية‪ ،‬وباتت حركة الفلسطينيني‬ ‫من داخل املناطق الفلسطينية احملتلة تتطلب احلصول على تصريح خاص للعائالت‬ ‫ال��راغ��ب��ة ب��زي��ارة أبنائها ف��ي إس��رائ��ي��ل ل��ل��دخ��ول إل��ى إس��رائ��ي��ل‪ ،‬رغ��م أن ال��ع��دي��د من‬ ‫االعتراضات قد قدمت للمحكمة العليا اإلسرائيلية ضد ذلك‪ ،‬إال أنها جميعا رفضت‬

‫‪10‬‬

‫بشكل دائم‪ ،‬ومع أن اللجنة الدولية للصليب األحمر جنحت في تنظيم مجموعة من‬ ‫الزيارات فيما مضى‪ ،‬إال أن هذه الزيارات واجهت العديد من الصعوبات‪ ،‬ومن اجلدير‬ ‫بالذكر أن املعتقلني الفلسطينيني معزولون عن العالم اخلارجي‪ ،‬وتقتصر زيارتهم‬ ‫في الفترة األخيرة على األقارب من الدرجة األولى‪ ،‬وغالبا ما يحرم األسير من لقاء‬ ‫أبيه او أمه بحجة املنع األمني‪.‬‬ ‫وبخصوص احلق في تلقي التعليم داخل سجون االحتالل فقد أش��ارت املادة‬ ‫‪ 77‬من القواعد الدنيا ملعاملة املعتقلني الصادرة عن األمم املتحدة حتت بند احلق في‬ ‫التعليم والترفيه على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬يجب فتح املجال أمام جميع املعتقلني املؤهلني إلكمال تعليمهم مبا فيه التعليم‬ ‫الديني في الدول التي تتبع مثل هذا النظام التعليمي‪ .‬ويجب أن يكون تعليم األميني‬ ‫والشباب إلزاميا بحيث تعطي إدارات السجون أولوية لتطبيق هذا النظام‪.‬‬ ‫‪ .2‬يجب أن يكون التعليم املوفر للمعتقلني مالئما لنظام التعليم في البلد الذي‬ ‫ينتمون إليه بحيث يسهل عليهم االنخراط في حركة املجتمع عند اإلفراج عنهم دون‬ ‫أية صعوبات‪.‬‬ ‫اال ان حكومة االحتالل رفضت في ب��ادئ األم��ر السماح لألسرى االن��خ��راط في‬ ‫سلك التعليم‪ ،‬وقامت بالتضييق عليهم‪ ،‬ولكن بجهود احلركة األسيرة وتضحياتها‪،‬‬ ‫استطاع األس��رى التغلب على قهر السجان‪ ،‬وحصلوا بإرادتهم على حق التعليم‪،‬‬ ‫إال أن إسرائيل إبان االنتفاضة احلالية عادت مبمارساتها التضييقية على األسرى‪،‬‬ ‫فحرمتهم من االنتساب الى التوجيهي‪ ،‬أو إلى اجلامعة احلرة‪ ،‬وترفض إدارة مصلحة‬ ‫السجون إدخال الكتب لألسرى‪ ،‬وقامت بسحب الكتب املتوفرة عند األسرى وأبقت‬ ‫على كتاب واحد لكل أسير في غالبية السجون‪.‬‬ ‫وأي��ض��ا ال يتوفر ل�لأط��ف��ال الفلسطينيني املعتقلني ف��ي ال��س��ج��ون اإلسرائيلية‬ ‫ومعسكرات االعتقال نظام تعليمي يومي‪ ،‬حيث تقيد بعض السجون اإلسرائيلية‬ ‫نظام التعليم املوفر للمعتقلني الفلسطينيني األط��ف��ال‪ ،‬فيما يحرم األطفال (ذكورا‬ ‫وإناثا) احملتجزون في معسكري مجدو وكتسيعوت‪ ،‬من أي شكل من أشكال التعليم‪،‬‬ ‫كما ال تسمح إدارات السجون بإدخال الكتب التي تساعد على التعليم الذاتي بشكل‬ ‫حر‪ ،‬باإلضافة إلى تقييد وقت الدراسة وحتديده‪ ،‬ويتم منع املعتقلني من الدراسة‬ ‫كأسلوب عقابي أحيانا‪.‬‬ ‫وم��ن اجل��دي��ر ذك��ره أن إدارة السجون تسمح ل�لأح��داث املدنيني اإلسرائيليني‬ ‫املعتقلني مبتابعة تعليمهم الرسمي داخ��ل السجن دون أن تؤثر ظ��روف االعتقال‬ ‫سلبيا على أوقات الدراسة‪.‬‬ ‫تسمح إدارة السجون اإلسرائيلية لبعض املعتقلني الفلسطينيني البالغني‬ ‫بااللتحاق في برامج دراسية محددة في إط��ار اجلامعة املفتوحة فقط‪ ،‬وقد باءت‬ ‫العديد من االعتراضات التي قدمت من قبل املعتقلني ومؤسسات حقوق اإلنسان‬ ‫للسماح للمعتقلني باالنتساب للجامعات العربية بالفشل‪ ،‬حتت ذرائ��ع أمنية غير‬ ‫مفهومة‪ ،‬ووفقا لألوامر العسكرية التي يخضع لها السكان الفلسطينيون في املناطق‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ميكن إلدارة السجون حتديد التخصصات التي يسمح للمعتقلني‬ ‫بدراستها ف��ي اجلامعة املفتوحة اإلسرائيلية‪ .‬كما ال يتمكن العديد م��ن األسرى‬ ‫الفلسطينيني من االنتساب والتسجيل في اجلامعات اإلسرائيلية نظرا لوضعهم‬ ‫االقتصادي السيئ‪ ،‬أو بسبب ع��دم إتقانهم اللغة العبرية‪ ،‬فيما يحرم املعتقلون‬ ‫واألسرى احملتجزون في السجون العسكرية من االنتساب للجامعات‪.‬‬ ‫وف��ي سياق متعلق باالتصال ب��األه��ل‪ ،‬ميكن للسجناء في غالبية السجون‬ ‫في العالم ممارسة حق استخدام الهاتف لالتصال بالعائلة أو احملامي‪ ،‬وتسمح‬ ‫مصلحة السجون اإلسرائيلية للسجناء اجلنائيني اإلسرائيليني فقط باستخدام‬ ‫الهاتف‪ ،‬فيما يحرم السجناء األمنيون العرب أو الفلسطينيون في السجون‬ ‫اإلسرائيلية من هذا احلق ألسباب أمنية‪ ،‬حتى في أكثر احلاالت اإلنسانية حساسية‬ ‫كموت احد أفراد العائلة مينع املعتقلون الفلسطينيون من إجراء املكاملات الهاتفية‬ ‫للتعزية أو لالطمئنان على سالمة قريب لهم مريض في حاالت املرض الشديد‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من مطالبة األسرى واملعتقلني الفلسطينيني املستمرة بهذا احلق في‬ ‫عدد ال منت ٍه من املناسبات‪ ،‬إال أن طلباتهم كانت تواجه دوما ً بالرفض املطلق من‬ ‫قبل إدارة السجون اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫لم تكن النساء الفلسطينيات مستثنيات من حمالت االعتقال اجلماعية التي‬ ‫شنتها القوات اإلسرائيلية بشكل عشوائي في املناطق الفلسطينية‪ ،‬وذل��ك بحكم‬ ‫انخراطهن الواضح جدا في االنتفاضة احلالية‪ ،‬وتعاني األسيرات الفلسطينيات من‬ ‫أعمال القمع اليومية في السجون اإلسرائيلية كما أنهن يحتجزن في اغلب األحيان‬ ‫جنبا إلى جنب مع السجينات اجلنائيات اإلسرائيليات في سجن (نفي ترتسا) او‬ ‫(الشارون)‪ ،‬وتتعرض األسيرات للتفتيش اجلسدي والتنكيل على أيدي السجانات‪،‬‬ ‫يتبع‬


‫كما ال يسمح لهن بانتخاب ممثالتهن أمام اإلدارة‪ ،‬إضافة للعزل االنفرادي والتحرش‬ ‫اجلنسي الذي يعتبر إجراء يوميا‪ ،‬كما حترم اإلدارة األسيرات من اخلروج من الغرف‪،‬‬ ‫ويتم تفتيش الزنازين بشكل استفزازي‪ ،‬ومصادرة األغ��راض الشخصية اخلاصة‬ ‫باألسيرات‪ ،‬هذا عدا تعرض األسيرات للغاز املدمع والضرب بشكل منتظم‪ ،‬وبلغ عدد‬ ‫األسيرات الفلسطينيات في السجون اإلسرائيلية ‪ 34‬أسيرة‪.‬‬ ‫فيما بلغ عدد األطفال الفلسطينيني احملتجزين في السجون اإلسرائيلية حوالى‬ ‫‪ 290‬طفال بني جيل ‪ 18 -12‬ع��ام��اً‪ .‬مع نهاية العام ‪ ،2009‬وبالرغم من احتجاز‬ ‫غالبية األطفال الفلسطينيني املعتقلني جنبا ً إلى جنب مع السجناء األحداث اجلنائيني‬ ‫اإلسرائيليني في سجن تلموند‪ ،‬إال أن هناك بعض األطفال احملتجزين في سجون‬ ‫وم��راك��ز توقيف أخ��رى داخ��ل إسرائيل وداخ��ل املناطق الفلسطينية احملتلة‪ .‬الذين‬ ‫يوقفون ويحقق معهم ويقضي بعضهم فترة حكمه ف��ي م��راك��ز توقيف واحتجاز‬ ‫البالغني نظرا ً لعدم وجود منشآت اعتقال خاصة باألطفال الفلسطينيني املعتقلني على‬ ‫خلفية أمنية‪ ،‬وحسب اإلجراءات والقوانني العسكرية اإلسرائيلية‪ ،‬يعامل األطفال في‬ ‫السادسة عشرة من العمر كبالغني‪ ،‬وفي أحيان كثيرة يتم التعامل مع من هم في جيل‬ ‫الرابعة عشرة كبالغني‪ .‬حيث تسمح األوامر العسكرية مبحاكمة األطفال ما بني سن‬ ‫‪ 14 -12‬عاما أمام احملاكم العسكرية بالرغم من أنهم يتلقون أحكاما مخففة نوعا ما‬ ‫في بعض األحيان‪ ،‬إن املعتقلني من األطفال الفلسطينيني يتلقون معاملة شبيهة بتلك‬ ‫التي يتلقاها املعتقلون البالغون‪ ،‬وأحيانا يتم تعريضهم لنفس اإلجراءات القاسية‬ ‫التي يتعرض لها املعتقلون البالغون‪.‬‬ ‫ال يقضي ق��رار محكمة العدل العليا اإلسرائيلية‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 6‬ايلول من‬ ‫العام ‪ 2000‬بعد االعتراض الذي تقدمت به مؤسسات حقوق إنسان مبنع استخدام‬ ‫التعذيب أثناء التحقيق في السجون اإلسرائيلية‪ ،‬بل إن األمر يتعدى ذلك لدرجة أن‬ ‫القرار املذكور يشرع استخدام أشكال محددة من التعذيب “بشكل معتدل” في حاالت‬ ‫معينة خاصة عند التحقيق مع املعتقلني الذين تصنفهم أجهزة األم��ن اإلسرائيلية‬ ‫كقنابل موقوتة‪ ،‬ويتيح ال��ق��رار للضحية تقدمي التماس للمحكمة في حالة ثبوت‬ ‫استخدام العنف ضده‪ .‬ومبا أن السلطات اإلسرائيلية تسمح باحتجاز املعتقل مدة‬ ‫شهرين يكون خاللها معزوال عن العالم‪ ،‬فإن محققي جهاز األمن العام يستطيعون‬ ‫استخدام أشكال محددة من التعذيب النتزاع االعترافات من املعتقل‪ .‬ومن بني وسائل‬ ‫التعذيب املسموح بها‪ ،‬احلرمان من النوم‪ ،‬والهز العنيف‪ ،‬بني وقت وآخر إلى جانب‬ ‫عدد آخر من األساليب‪.‬‬ ‫وتسمح األوام��ر العسكرية اإلسرائيلية باحتجاز املعتقل الفلسطيني موقوفا ً‬ ‫مدة ‪ 180‬يوما ويسمح كذلك مبنعه من زيارة محاميه مدة شهرين‪ .‬وبعد نهاية الـ‬ ‫‪ 180‬يوما‪ ،‬إما ان يتم تقدمي الئحة اتهام ضد املعتقل أو إط�لاق سراحه أو حتويله‬ ‫لالعتقال اإلداري‪ .‬وخالل فترة التحقيق يتعرض املعتقلون ألساليب تعذيب قاسية‬ ‫س��واء جسدية أو نفسية‪ ،‬وق��د فقد العديد من املعتقلني حياتهم أثناء وجودهم في‬ ‫أقبية التحقيق نتيجة التعذيب الذي مارسته أجهزة األمن اإلسرائيلية ضدهم كما أن‬ ‫االعترافات التي تنتزع حتت التعذيب‪ ،‬تعتبر أدلة كافية إلدانة املعتقلني في احملاكم‬ ‫اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫وعمليا ً تستخدم أساليب التعذيب التالية ضد املعتقلني الفلسطينيني‪:‬‬ ‫أعمال التعذيب الروتينية‪ :‬احلرمان من النوم‪ ،‬تقييد اليدين بقيود بالستيكية‬ ‫وشدها لدرجة متنع انتظام ال��دورة الدموية‪ ،‬الضرب‪ ،‬الصفع على الوجه‪ ،‬الركل‪،‬‬ ‫العنف اجلسدي والنفسي والتهديد بالقتل‪.‬‬ ‫• وسائل خاصة (تستخدم مع املعتقلني املصنفني كقنابل موقوتة)‪ :‬الشبح في‬ ‫وض��ع مؤلم حيث يتم تقييد املعتقل ال��ى كرسي صغير‪ ،‬الضغط على كافة أطراف‬ ‫اجلسد‪ ،‬الهز العنيف بشكل متواصل‪ ،‬اخلنق وعدد آخر من الوسائل املشابهة وشد‬ ‫الشعر واالهانة للكرامة‪.‬‬ ‫• الزنازين الصغيرة‪ :‬احلرمان من النوم‪ ،‬التعريض لدرجات ح��رارة متطرفة‪،‬‬ ‫التعريض املتواصل للضوء ولفترات طويلة‪ ،‬احلبس االن��ف��رادي‪ ،‬رش الغاز داخل‬ ‫الزنازين‪ ،‬ظروف اعتقال مهينة للكرامة‪.‬‬ ‫ويتمتع أف���راد أج��ه��زة األم��ن اإلسرائيلية باحلرية املطلقة فيما يخص وسائل‬ ‫التعذيب التي تستخدم والظروف التي تستخدم فيها‪ ،‬وفي حالة وجود أية شكوى‬ ‫ضد أجهزة األمن فان التحقيق يكون سريا ويقوم به ضابط من أجهزة األمن بالتعاون‬ ‫مع مدعي عام الدولة‪ ،‬وحتى اآلن لم تتم إدانة أي محقق منذ أن أحيلت املسؤولية عن‬ ‫التحقيق إلى وزارة العدل في العام ‪.1994‬‬ ‫كما أن ق��وات اجليش والشرطة وح��رس احل��دود يستعملون العديد من وسائل‬ ‫التعذيب أثناء قيامهم باعتقال الفلسطينيني أو أثناء وجودهم في املعتقالت‪.‬‬ ‫وبني النادي وجود صعوبات يواجهها احملامون ومؤسسات حقوق اإلنسان من‬ ‫بينها ‪:‬‬ ‫• يواجه نشطاء منظمات حقوق اإلنسان حاليا خطر التعرض لالعتقال من قبل‬ ‫قوات االحتالل اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫• تقييد حرية احلركة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة والى خارج البالد‪.‬‬ ‫• إج����راءات العقوبات اجلماعية ال��ت��ي تفرضها سلطات االح��ت�لال العسكرية‬ ‫اإلسرائيلية على املناطق الفلسطينية كمنع التجول واحلصار وهي اإلجراءات التي‬ ‫تؤثر على كافة جوانب حياة السكان وعلى أداء األفراد ألعمالهم‪ .‬ولعل جمع املعلومات‬ ‫عن انتهاكات حقوق اإلنسان هي واحدة من املهمات الصعبة في ظل الظروف املذكورة‬ ‫والتي تفرضها سلطات االحتالل على املناطق الفلسطينية بشكل عام‪.‬‬ ‫• عدد احملامني املتوفر ال يفي باحلاجة للدفاع عن املعتقلني في ظل الزيادة الهائلة‬ ‫في عدد املعتقلني‬ ‫• يسمح للمحامني الفلسطينيني بالترافع فقط أمام احملاكم العسكرية اإلسرائيلية‬ ‫الواقعة في املناطق الفلسطينية احملتلة بينما يتطلب املثول أمام محكمة العدل العليا‬ ‫اإلسرائيلية عضوية نقابة احملامني اإلسرائيليني‪.‬‬ ‫• الصعوبات التي يواجهها احملامون في عملهم ناجتة في األصل عن عشوائية‬ ‫القانون العسكري اإلسرائيلي وعدم وجود استقرار في اإلجراءات القانونية‪.‬‬ ‫• في كثير من األحيان ال يتم إبالغ احملامني مبوعد اجللسات‬ ‫• محدودية زي���ارات احمل��ام�ين للسجون وعند زي��ارت��ه��م‪ ،‬يتعرضون للتفتيش‬ ‫اجلسدي االستفزازي‪.‬‬ ‫• االعترافات املنتزعة حتت الضغط وامللفات السرية والتي تعتمد عليها احملاكم‪،‬‬ ‫حتد من إمكانية احملامني للدفاع عن املعتقلني ودحض االتهامات‪.‬‬ ‫• رف��ض السلطات اإلسرائيلية تطبيق نصوص القانون ال��دول��ي فيما يتعلق‬ ‫بحماية حقوق اإلنسان وحماية املعتقلني‪.‬‬

‫العالم يحتفي بيوم املرأة في حني‬ ‫حتتجز إسرائيل ‪ 34‬أسيرة بينهن ‪ 6‬أمهات‬ ‫قدورة فارس‬ ‫ف��ي ال��وق��ت ال��ذي تسعى وتتسابق فيه ال���دول إل��ى نصرة امل���رأة‪ ،‬م��ن أج��ل سن‬ ‫القوانني التي تكفل لها حريتها في استخدام كافة حقوقها املختلفة‪ ،‬والتي من أبسطها‬ ‫احلق في حرية الرأي والتعبير والتعليم‪ ،‬وحريتها في تلقي العالج‪ ،‬وفي تكوين‬ ‫عائلتها‪ ،‬وغيرها الكثير من احلقوق األخ��رى‪ ،‬نرى امل��رأة الفلسطينية شأنها شأن‬ ‫الرجل تتعرض من قبل سلطات االحتالل لكل ما من شأنه االنتقاص من حريتها‬ ‫وكرامتها‪.‬‬ ‫ففي هذا اخلصوص ذكر ق��دورة فارس رئيس نادي األسير الفلسطيني‪ :‬أن ما‬ ‫يزيد على عشرة آالف أسيرة اعتقلتهن إسرائيل منذ مطلع العام ‪ ،67‬وم��ا يقرب‬ ‫من ‪ 800‬أسيرة اعتقلن منذ مطلع القرن احلالي‪ ،‬وان ‪ 34‬أسيرة ال ت��زال إسرائيل‬ ‫تختطفهن بعيدا عن عائالتهن‪ ،‬وحترمهن من ابسط حقوقهن‪.‬‬ ‫وبني قدورة أن العدد اإلجمالي لألسيرات اللواتي ال يزلن في سجون االحتالل‬ ‫حتى ه��ذا الشهر هو ‪ 34‬أسيرة (‪ 17‬أسيرة في سجن ال��ش��ارون‪ ،‬و‪ 16‬أسيرة في‬ ‫الدامون‪ ،‬وأسيرة في عزل نفي تريستيا‪ ،‬أربع أسيرات منهن من األراضي احملتلة في‬ ‫العام ‪ ،48‬وأسيرتان من القدس وأسيرة واحدة من قطاع غزة‪ ،‬وبقيتهن من مناطق‬ ‫الضفة الغربية‪ ،‬منهن ست أمهات) يعشن ظروفا ً سيئة للغاية‪ ،‬وسط معاملة قاسية‬ ‫من قبل السجانني‪ ،‬يحرمن خاللها من ابسط حقوقهن التي كفلها القانون الدولي‪.‬‬ ‫وأوض��ح‪ :‬أن من بني األسيرات ست أمهات‪ ،‬أقدمهن في األسر إميان غزاوي من‬ ‫طولكرم ومحكومة بالسجن ‪ 13‬ع��ام��اً‪ ،‬اعتقلت بتاريخ ‪2001/3/8‬م‪ ،‬وه��ي أم‬ ‫لطفلني سماح ‪ 9‬سنوات وجهاد ‪ 10‬سنوات‪ ،‬ووالدهم أيضا أسير محكوم بالسجن‬ ‫‪ 20‬عاماً‪ ،‬وابتسام عبد احلافظ من القدس‪ ،‬ص��در بحقها حكم بالسجن ‪ 15‬عاما‪،‬‬ ‫واعتقلت بتاريخ ‪ ،2001/10/24‬وهي أم لستة أوالد‪( :‬ريناد ‪ 7‬سنوات‪ ،‬رمي ‪12‬‬ ‫سنة‪ ،‬رأفت ‪ 13‬سنة‪ ،‬رامي ‪ 15‬سنة‪ ،‬ربا ‪ 21‬سنة‪ ،‬راما ‪ 23‬سنة) يعيشون مع أبيهم‪،‬‬ ‫أما األسيرة ايرينا سراحنة‪ ،‬بيت حلم‪ ،‬واحملكومة بالسجن ‪ 30‬عاما‪ ،‬وهي في السجن‬ ‫منذ ‪2002/5/23‬م‪ ،‬فهي أم لطفلتني‪ ،‬فرق األسر بينهما فإحداهما تعيش في روسيا‬ ‫مع جديها من أمها غزالة ‪ 7‬سنوات‪ ،‬واألخرى ياسمني ‪ 9‬سنوات في كنف جديها من‬ ‫أبيها في بيت حلم كون زوج األسيرة معتقالً ومحكوما ً بالسجن ‪ 20‬عاماً‪ ،‬وقاهرة‬ ‫السعدي من جنني‪ ،‬محكومة ‪ 3‬مؤبدات و‪ 30‬عاماً‪ ،‬معتقلة منذ ‪2002/5/30‬م‪ ،‬أم‬ ‫ألربعة أوالد مع والدهم‪ ،‬وهم (ساندي ‪ 15‬سنة ‪ ،‬دينا ‪ 10‬سنوات‪ ،‬محمد ‪ 14‬سنة‪،‬‬ ‫رأفت ‪ 12‬سنة)‪ ،‬أما لطيفة أبو ذراع من نابلس‪ ،‬محكومة ‪ 25‬سنة‪ ،‬تاريخ االعتقال‬ ‫‪2003/9/12‬م‪ ،‬فهي أم لسبعة أبناء‪ ،‬يعيشون مع خالتهم كون والدهم يعيش في‬ ‫األردن‪ ،‬وهم‪( :‬ادهم ‪ 19‬عاماً‪ ،‬ليلى ‪ 18‬عاماً‪ ،‬أمين ‪17‬عاماً‪ ،‬و سامية ‪ 16‬عاماً‪ ،‬والء‬ ‫‪15‬عاماً‪ ،‬ومحمد ‪ 14‬عاماً‪ ،‬نغم ‪13‬عاماً‪ ،‬وآخر من قامت سلطات االحتالل باعتقالها‬ ‫األسيرة منتهى خالد رشيد الطويل بتاريخ ‪2010/2/8‬م‪ ،‬وهي زوجة رئيس بلدية‬ ‫البيرة جمال الطويل‪ ،‬لها أربعة أبناء (عبد الله ‪ 21‬عاماً‪ ،‬بشرى ‪ 16‬عاماً‪ ،‬يحيى‬ ‫‪14‬عاماً‪ ،‬نصر الله ‪ 9‬سنوات‪ ،‬مت حتويلها لالعتقال اإلداري‪.‬‬ ‫وق��ال ق��دورة في الوقت ال��ذي يحتفي فيه العالم بيوم امل��رأة العاملي يتناسى‬ ‫كثيرون امل���رأة الفلسطينية التي خاضت النضال جنبا إل��ى جنب م��ع ال��رج��ل من‬ ‫اج��ل نيل حريتهن وحرية شعبهن‪ ،‬وال ي��زال بعضهن في األس��ر‪ ،‬دون أي اكتراث‬ ‫ألوضاعهن‪ ،‬وما يعانني من مشاق بشكل يومي نتيجة غطرسة االحتالل‪ ،‬فيحرمهن‬ ‫من أبنائهن‪ ،‬وأزواجهن‪ ،‬وآبائهن وأمهاتهن‪ ،‬لفترات طويلة ناهيك عن التجاوزات‬ ‫التي حتدث بحقهن بشكل يومي‪ ،‬مثل احلرمان من الزيارات الداخلية في األقسام‪،‬‬ ‫أو احلرمان من الفورة‪ ،‬أو حتى من الكنتني‪ ،‬واالحتياجات اخلاصة‪ ،‬وحرمانهن من‬ ‫إدخال الكتب في زيارات األهل‪ ،‬وإدخال أو إخراج األشغال اليدوية وما يتعلق فيها‪،‬‬ ‫وأيضا االعتداء على خصوصيتهن عن طريق التفتيشات املهينة‪ ،‬والنقليات التي ال‬ ‫تكاد تخلوا من سخرية السجانني‪ ،‬أو إرهابهم ‪.‬‬ ‫وأكد قدورة ان غالبية األسيرات متت محاكمتهن من قبل سلطات االحتالل‪ ،‬بتهم‬ ‫منها مقاومة االحتالل واالنتماء ال��ى تنظيمات فلسطينية‪ ،‬أو التخطيط أو تنفيذ‬ ‫عمليات فدائية‪ ،‬حيث متضي خمس أسيرات منهن أحكاما ً بالسجن املؤبد‪ ،‬فأقدمهن‬ ‫األس��ي��رة آمنة منى م��ن ال��ق��دس اتهمت ب��اس��ت��دراج إسرائيلي إل��ى رام ال��ل��ه‪ ،‬فقتلته‬ ‫التنظيمات الفلسطينية وحكم عليها بالسجن املؤبد‪ ،‬أما األسيرة قاهره السعدي‬ ‫فهي أم لثالثة أبناء اعتقلت في العام ‪ ،2002‬واتهمت بتنفيذ عمليات استشهادية‬ ‫وح��ك��م عليها بالسجن امل��ؤب��د ث�لاث م���رات إض��اف��ة إل��ى ‪ 30‬ع��ام��ا‪ ،‬واألس��ي��رة أحالم‬ ‫التميمي فلسطينية من مواليد األردن‪ ،‬أوصلت استشهاديا ً إلى األراضي احملتلة ‪48‬‬ ‫نفذ عملية أسفرت عن مقتل ‪ 13‬إسرائيليا وجرح آخرين‪ ،‬حكم عليها بالسجن املؤبد‬ ‫‪ 13‬مرة و‪ 20‬عاما وعقدت قرانها على األسير نزار التميمي املعتقل منذ العام ‪1993‬‬ ‫وميضي حكما بالسجن املؤبد‪ ،‬واألسيرة دعاء زياد اجليوسي من سكان طولكرم‪،‬‬ ‫اعتقلت في العام ‪ 2002‬وتقضي حكما ً بالسجن ‪ 3‬مؤبدات و‪ 30‬عاماً‪ ،‬بعد اتهامها‬ ‫بتوصيل استشهاديني وتنفيذهم عمليات استشهادية‪ ،‬وكذلك األسيرة سناء شحادة‬ ‫من بلدة شعفاط بالقدس احملتلة‪ ،‬التي اعتقلت عام ‪ 2002‬وتقضي حكما ً بالسجن‬ ‫‪ 3‬مؤبدات‪.‬‬ ‫وأوضح فارس أن التنكيل و االذالل بحق األسيرات‪ ،‬واضح واتخذ عدة اشكال‪،‬‬ ‫منها االحتجاز لعدة ساعات في غرف العزل‪ ،‬أو كيل الشتائم لهن‪ ،‬ووصلت بعض‬ ‫احل��االت ال��ى االع��ت��داء على األسيرة بالضرب املبرح‪ ،‬ناهيك عن تقييدهن ساعات‬ ‫طوال في احلر الشديد او البرد واملطر‪ ،‬او القيام بالتصوير مع األسيرة وتشبيهها‬ ‫باإلرهابية‪ ،‬وحرمانها أيضا من وجبات الطعام لفترات طويلة قد تصل ملا يزيد على‬ ‫‪ 18‬ساعة‪ ،‬وعدم تقدمي العالج للمريضات منهن‪ ،‬مثل األسيرة وفاء البس التي هي‬ ‫بحاجة إلى عمليات جراحية ولم جترها لها إدارة مصلحة السجون‪ ،‬وقامت بعزلها‬ ‫في سجن نفي تريستيا‪.‬‬ ‫ولم تتوقف هذه االنتهاكات‪ ،‬بل امتدت لتشمل العائلة أثناء اعتقال األسيرات‬ ‫من بيوتهن‪ ،‬حيث قامت قوات االحتالل في كافة االعتقاالت التي دهمت فيها البيوت‬

‫‪11‬‬

‫بالعبث مبحتويات واثاث البيوت وتكسيره‪ ،‬واخ��راج من كان بالبيت في ساعات‬ ‫الليل البارد‪ ،‬وعدم السماح لالطفال بالبقاء في داخل غرف املنزل‪ ،‬وارهابهم‪ ،‬بحجة‬ ‫التفتيش‪ ،‬باالضافة ال��ى رم��ي القنابل الصوتية في البيت قبل االقتحام‪ ،‬واطالق‬ ‫الرصاص على الشبابيك‪ ،‬مما ترك حالة من الهلع لدى االطفال والشيوخ والنساء‪.‬‬ ‫وقال فارس ان إسرائيل مارست إرهاب الدولة بحق األسيرات بتطبيقها االعتقال‬ ‫اإلداري عليهن كما حصل مع كثير من األس��رى‪ ،‬وال��ذي يعتبر عقابا دون أي مبرر‬ ‫قانوني لالحتجاز‪ ،‬فال تزال إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تتبع سياسة‬ ‫االعتقال اإلداري‪ ،‬مخالفة بذلك كل االتفاقيات الدولية التي وقعت عليها خالفا ً‬ ‫ألحكام املواد ( ‪ )72 ,73 ,43‬من اتفاقية جنيف الرابعة‪.‬‬ ‫وبني فارس أن سلطات االحتالل عمدت إلى استهداف املسيرة التعليمية‪ ،‬بحيث‬ ‫ال ميضي أي شهر دون حملة اعتقاالت في صفوف طالب وطالبات اجلامعات وطالب‬ ‫الثانوية العامة (التوجيهي) واس��ت��ه��داف أس��ات��ذة اجلامعات ومعلمي امل���دارس‪،‬‬ ‫ولم تسلم األسيرات من هذه السياسة حيث حرمتهن اسرائيل هذا العام من تقدمي‬ ‫امتحانات الثانوية العامة كما حرمت العديد منهن من االلتحاق باجلامعة العبرية‬ ‫املفتوحة‪ ،‬دون ادن��ى مبرر ل��ذل��ك‪ ،‬كما سحبت الكتب وامل���واد التثقيفية م��ن غرف‬ ‫األسيرات وابقت لكل أسيرة فقط كتابا واحدا‪ ،‬ولم تسمح لذويهن او للصليب االحمر‬ ‫بادخال الكتب‪ ،‬ومنعتهن في كثير من احلاالت من عقد اجللسات التثقيفية‪ ،‬وفرضت‬ ‫الكثير من الغرامات عليهن للسبب نفسه‪.‬‬ ‫ووصف قدورة الوضع املعيشي لألسيرات في سجون االحتالل باملزري وغير‬ ‫اإلنساني بحيث تفتقد سجون االحتالل ألدنى مقومات احلياة اليومية فاملياه ملوثة‪،‬‬ ‫والغرف ضيقة‪ ،‬وقدمية والرطوبة فيها عالية‪ ،‬واألسقف تدلف مياه الشتاء على‬ ‫األسيرات‪ ،‬وغالبا ما تقوم األسيرات بشراء احتياجاتهن من مقصف السجن‪ ،‬الذي‬ ‫تكون أسعاره خيالية‪ ،‬إضافة إلى نوعية الطعام ال��رديء‪ ،‬وقمع األسيرات بحجة‬ ‫التفتيش‪ ،‬وما يرافق ذلك من كيل األسيرات بالشتم والتفتيش العاري ‪.‬‬ ‫وأوض��ح أن إسرائيل تتصرف كدولة فوق القانون الدولي‪ ،‬بتشريعها قوانني‬ ‫ملمارسة التعذيب بحق األسرى وبأساليب محرمة دوليا ً تتنافى مع اتفاقية مناهضة‬ ‫التعذيب واإلع�ل�ان العاملي حلقوق اإلن��س��ان‪ ،‬بحيث مي��ارس التعذيب ف��ي مراكز‬ ‫التحقيق بشكل ممنهج وم��دروس من قبل ضباط‪ ،‬للضغط على األسيرات من اجل‬ ‫كسر شوكتهن وإجبارهن على التعاون معهم في كثير من االحيان‪ ،‬وإجبارهن على‬ ‫االعتراف بامور لم يقمن بها‪.‬‬ ‫وطالب فارس كافة املؤسسات احلقوقية املدافعة واملناصرة لقضايا املرأة بإيالء‬ ‫اكبر قدر من االهتمام بقضايا األسيرات‪ ،‬والتكاتف مع اهالي األسيرات ونصرتهن‬ ‫والعمل على فضح ك��اف��ة االن��ت��ه��اك��ات ال��ت��ي مت���ارس بحقهن‪ ،‬ع��ن ط��ري��ق املشاركة‬ ‫باالعتصامات واملسيرات‪ ،‬وخصوصا في مثل الثامن من آذار ال��ذي تكون عيون‬ ‫العالم شاخصة فيه‪ ،‬مطالبا إياهن باعتبار يوم الثامن آذار هو يوم نصرة األسيرات‬ ‫في سجون االحتالل‪ ،‬كما طالب املجتمع الدولي بعدم السكوت على انتهاكات سلطات‬ ‫االحتالل املمارسة بحق األسيرات في سجونها‪ ،‬والعمل بشكل جدي لإلفراج عنهن‬ ‫من اجل عودتهن إلى أبنائهن وعائالتهن من جديد‪.‬‬


‫قريب ًا‬ ‫سيصدر عن مركز‬ ‫ع�� �ل� ��اج وت� ��أه � �ي� ��ل‬ ‫ضحايا التعذيب‬

‫الداعم الرئيسي للمركز‬

‫)‪European Union (EU‬‬

‫‪Netherland Representative Office‬‬

‫‪12‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.