Startups Magazine 4th edition

Page 25

‫‪HTTPS://STARTUPSMAG.ORG/‬‬

‫‪OCTOBER 2018‬‬

‫أخبرتــه جدتــه المريضــة أثنــاء زيارتــه لهــا فــي‬ ‫ً‬ ‫معينــا مــن الحســاء‬ ‫نوعــا‬ ‫المستشــفى‪ ،‬أنهــا تشــتهي ً‬ ‫والــذي ال ُيقــدم إال فــي مطعمهــا الــذي تُ حــب‪.‬‬ ‫اســتطردت الجــدة‪ ،‬التــي كانــت تعانــي مــن داء‬ ‫العضــال‪ ،‬والــذي كان فــي مرحلته األخيرة‪،‬‬ ‫الســرطان ُ‬ ‫ـزن ظاهــر‪ :‬إنهــم ال يقدمونهــا إال يــوم الجمعــة‪،‬‬ ‫وبحـ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ـا‪ ،‬ومــن يعلــم يــا ُبنــي‬ ‫ويجــب أن أنتظــر أســبوعا كامـ ً‬ ‫كــم بقــي لــي مــن العمــر‪ ..‬ابتســمت فــي ســخرية‬ ‫رغــم آالمهــا‪ :‬اعتبرهــا أمنيتــي األخيــرة‪.‬‬ ‫ـرول الحفيــد إلــى المقهــى‪ ،‬ســأل في لهفــة إن كان‬ ‫هـ ّ‬ ‫باإلمــكان تقديــم هــذا الصنــف اليــوم‪ ،‬إال أن النــادل‬ ‫اعتــذر فــي لباقــة ُ‬ ‫ولطــف‪ ،‬طلــب الشــاب المتحمــس‬ ‫مقابلــة مديــرة المقهــى‪ ،‬التــي أنصتــت فــي هــدوء‬ ‫يمكننــا فعــل ذلــك‪ .‬خــال‬ ‫ثــم فاجأتــه بالــرد‪ :‬نعــم ُ‬ ‫ً‬ ‫مقدمــا إلــى الجــدة المريضــة‪،‬‬ ‫ســاعة كان الحســاء‬ ‫باإلضافــة إلــى باقــات مــن الــورود والحلويــات‬ ‫وعشــرات الكــروت التــي حملــت أســماء العامليــن‬ ‫فــي المقهــى‪ ،‬مــع تمنياتهــم القلبيــة الحــارة بخالــص‬ ‫الشــفاء!!‬

‫الحساء السحري‪.‬‬ ‫كثير من الحب‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫كثير من المال‬ ‫ٌ‬

‫ــدر ألعتــى أســاتذة الدعايــة‬ ‫مــن كان يصــدق؟ لــو ُق ّ‬ ‫والتســويق وضــع خططهــم لتحقيــق أهدافهــم‬ ‫الســنوية لمــا كانــت هــذه النتيجــة المدويــة‪ ،‬فتخيــل‬ ‫كيــف أن لفتـ ًـة بســيطة مــن خــال إحــدى أفــراد فريــق‬ ‫العمــل أنعــش “البرانــد” وصنــع بصمــة انعكســت‬ ‫ً‬ ‫إيجابيــا علــى األداء المالــي للشــركة برمتهــا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫دائمــا ونتفاخــر بقلوبنــا الكبيــرة وصدقتنــا‬ ‫نُ بعبــع‬ ‫التــي ندفعهــا فــي لحظــة تعاطــف‪ ،‬نُ ّ‬ ‫نظــر ُ‬ ‫ونعطــي‬ ‫دروسـ ًـا فــي مســاعدة األخريــن‪ ،‬ونتجاهــل أن للعطــاء‬

‫ثامر عدنان شاكر‬ ‫‪PAGE | 49‬‬

‫ّأثــر الموقــف كثيـ ً‬ ‫ـرا فــي الجــدة والحفيــد اللــذان قــررا‬ ‫أن يذكــرا القصــة ويشــكران مديــرة المقهــى اللطيفــة‬ ‫مــن خــال صفحــة كل منهمــا الشــخصية فــي‬ ‫مواقــع التواصــل االجتماعــي‪ ،‬وقبــل أن يأتــي اليــوم‬ ‫الثانــي‪ ،‬كان ُر ّواد الصفحتيــن والناشــطون قــد وزعــوا‬ ‫المنشــور فــإذا بــه يحصــل علــى أكثــر مــن خمســة‬ ‫مالييــن إعجــاب وآالف مؤلفــة مــن المشــاركات‬ ‫والتعليقــات‪ ،‬لتصبــح العالمــة التجاريــة األشــهر فــي‬ ‫المدينــة برمتهــا‪ ..‬وخــال أيــام معــدودة!!‬

‫ألــف وجــه‪ ،‬وأن أوقعهــا تلــك التــي تأتــي مــن خــال‬

‫‪ISSUE NO. 4‬‬

‫‪STARTUPS MAGAZINE‬‬

‫لو ُق ّدر ألعتى أساتذة‬ ‫الدعاية والتسويق‬ ‫وضع خططهم لتحقيق‬ ‫أهدافهم السنوية لما‬ ‫كانت هذه‬ ‫النتيجة المدوية‬ ‫موقــف شــهم نبيــل لمســاعدة إنســان‪ ،‬وإن كان مــن‬ ‫خــال قيامنــا بعملنــا الروتينــي المعتــاد‪.‬‬

‫فــي كل مــرة ألمــح فيهــا تلــك الوجــوه التــي تقطــب‬ ‫جبينهــا‪ ،‬وتلــك األفــواه التــي تكشــر عــن أنيابهــا فــي‬ ‫دهاليــز عالــم المــال واألعمــال‪ ،‬تنتابنــي حالــة مــن‬ ‫الضحــك والتــي لطالمــا أحــاول إخفاءهــا‪ ..‬لمــاذا كل‬ ‫ً‬ ‫أقنعــة مــن اســمنت‬ ‫هــذا التجهــم‪ ،‬لمــاذا نرتــدي‬ ‫وندعــي أنهــا أحــد مرادفــات النجــاح وســاح االنتصــار‬ ‫ّ‬ ‫األول‪ .‬لألســف‪ ،‬حيــن نعمــل‪ ،‬نتجهــم ونعتقــد أن‬ ‫عالــم “البزنــس” ال يعــرف ســوى لغــة األرقــام‪.‬‬

‫ً‬ ‫أحيانــا كثيــرة يجــب أن نتوقــف ُبرهــة وســط هــذا‬ ‫المســتعر‪ ،‬ونتأكــد أن هــذا اإلنســان الــذي‬ ‫الســباق ُ‬ ‫بداخلنــا لــم تُ ِصبــه األيــام بالعطــب وأنــه لــم يتحــول‬ ‫قلبــا ينبــض بالحيــاة‪.‬‬ ‫إلــى آلــة ال تشــعر‪ ،‬وأنــه مــا زال ً‬ ‫إنهــا المحبــة واإلنســانية التــي تــدك أعتــى الحصون‪..‬‬ ‫والتــي تنتصــر أحيانـ ًـا كثيــرة علــى الميزانيــات وجــداول‬ ‫الصمــاء‪ .‬نعــم حتــى‬ ‫األرقــام والخطــط االســتراتيجية‬ ‫ّ‬ ‫فــي عالــم المــال واألعمــال‪ ،‬الكثيــر مــن الحــب‬ ‫والكثيــر مــن االهتمــام ُيحققــان الربــح‪ ،‬ويرفعــان‬ ‫حلــق بعيـ ً‬ ‫النفــس درجــات لتســمو وتُ ّ‬ ‫ـدا لتبلــغ آفــاق‬ ‫لــم نكــن لنصلهــا حتــى بشــق األنفــس‪ ،‬فلمــاذا‬ ‫نُ صـ ّـر أن نتجاهــل هــذه الحقيقــة وننكرهــا فــي ازدراء‬ ‫وجمــود؟‬ ‫كثيـ ٌـر مــن المحبــة والعطــاء فــي هــذا العالــم الصاخب‬ ‫المزدحــم بالضوضــاء يصنــع الكثيــر مــن المعجــزات‪..‬‬ ‫فتأمل!‬ ‫ّ‬

‫دمتم ودام الوطن بألف خير‪،،،،‬‬

‫‪48 | PAGE‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.