٢٦٤
وﻟﺬا ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﺮأﻫﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ ا.Ô وﻣــﺎذا ﺣﺪث ﻟﺒﻮﻟــﺲ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳــﺔ؟ ﻫﺬا ﻏري ﻣﺬﻛﻮر ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻟﻜﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺒﻌﺾ ّأن اﻹﻣﱪاﻃﻮر ﻧريون ﻗﺘﻞ ﺑﻮﻟﺲ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ .ﻓﻜﺎن ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻹﻣﱪاﻃــﻮر ﻣﺮﻋ ًﺒﺎ ﻷن ﺑﻮﻟﺲ مل ﻳﻘﻢ ﺑﺄي ﻋﻤﻞ ﺧﺎﻃﺊ .ومل ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻣﺮﻋﺒﺎً ﻟﺒﻮﻟﺲ ﻧﻔﺴــﻪ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن داﺋﻢ اﻻﺷﺘﻴﺎق ﻷن ﻳﻜﻮن ﻣﻊ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﰲ اﻟﺴــامء وﻗﺪ ذﻛﺮ ﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ ﰲ رﺳﺎﺋﻠﻪ .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ أﺣﺐ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺒﻮا اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻗﺪ ﺗﺎق إﱃ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﻢ واﻟﺘﺤﺪث إﻟﻴﻬﻢ وميﻜﻦ أن ﻧﺮى ذﻟﻚ ﻣﻦ رﺳﺎﺋﻠﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻛﺎن أﺳﻤﻰ اﺷﺘﻴﺎق ﻟﻪ ﻫﻮ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻊ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻷن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ِﻣ ِﻠ ُﻜ ُﻪ اﻟﺬي ﺳــﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﺨﺪﻣﻪ .واﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣﺨ ّﻠﺼﻪ اﻟﺬي
أﺣــﺐ ﺑﻮﻟﺲ ﻛﺜ ًريا ﺟﺪًا ﺣﺘــﻰ إﻧﻪ ﻛﺎن راﺿ ًﻴﺎ ﺑﺄن ميﻮت ﻣﻦ أﺟﻠﻪ وﻗﺪ ﺗﺤ ّﻤﻞ ﻋﺐء ﺧﻄﺎﻳﺎه وﻫﺬا ﺳــﺒﺐ ﻣﺤﺒــﺔ ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻪ ﺑﻬــﺬا اﳌﻘﺪار، وﻫﺬا ﻛﺎن ﺳﺒﺐ رﻏﺒﺘﻪ ﰲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻌﻪ. ﻣﺒــﺎرك ﺑﻮﻟــﺲ .إﻧﻪ اﻵن ﰲ اﻟﺴــامء ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﻋــﺪاء ،وﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ميﺠــﺪ وﻳﻌﺒﺪ ﻣﻠﻜﻪ وﻣﺨﻠﺼﻪ إﱃ اﻷﺑﺪ! وﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴــﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘــﻲ ﻳﺘﻮﺟﺐ أن ﻧﻔﺘﺶ ﻋﻨﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﺠﺪﻫﺎ إﻻ ﻣﻊ اﻟﺮب.
٢٦٣
.٥٢ﺑﻮﻟﺲ ﰲ روﻣﺎ )أﻋامل (٣١ - ١١ :٢٨ وﺻــﻞ ﺑﻮﻟﺲ أﺧــ ًريا إﱃ روﻣﺎ وﻫــﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴــﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻴﴫ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ رﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﺷــﺎﻗﺔ ،أوﻻً ﺑﺴﻔﻴﻨﺔ أﺧﺮى ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺴري ﻋﺪة أﻳﺎم .وﻛﺎن ﻟﺒﻮﻟﺲ أﺻﺪﻗﺎء ﻳﻌﻴﺸــﻮن ﰲ روﻣﺎ وﻫﻢ ﻣﺴــﻴﺤﻴﻮن ﻳﺤ ّﺒﻮن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع، وﺳﻤﻌﻮا ّأن ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﱃ روﻣﺎ ﻓﺨﺮﺟﻮا ﻓﺮﺣــﺎ ﺑﺮؤﻳﺘﻬﻢ ﻻﺳــﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻓﻜــﻢ ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ً وﺷﻜﺮ ا Ôﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ. وﻗﺪ ُﺳــﻤﺢ ﻟﺒﻮﻟﺲ أن ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﺑﻴﺖ ﰲ روﻣﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﺑﻘﻲ ﺳﺠﻴﻨًﺎ ﻳﺤﺮﺳﻪ أﺣﺪ اﻟﺠﻨﻮد ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر ﻟﺬا مل ﻳﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻐﺎدر اﳌﻨﺰل .ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻣﺴﻤﻮﺣﺎ ﻟﻠﻨﺎس أن ﻳﺄﺗﻮا ﻟﺰﻳﺎرﺗﻪ وﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ً ﻳﻬﻮد ﻛﺜريون ﻳﻌﻴﺸــﻮن ﰲ روﻣﺎ .ومل ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺑﻮﻟﺲ أن ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻠﺘﻜﻠﻢ ﰲ ﻣﺠﻤﻌﻬﻢ وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻄﻠــﺐ ﻣﻨﻬــﻢ أن ﻳﺄﺗﻮا إﻟﻴﻪ ،وﻫــﺬا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻌﻠﻮﻧــﻪ .وﻛﺎن ﺑﻮﻟــﺲ ﻳﺨﱪﻫﻢ ﳌــﺎذا أﻟﻘﻲ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ وﺳــﺠﻦ وﳌــﺎذا ُأ ْﺣ ِﴬ إﱃ روﻣﺎ. وﻗﺪ ﻗﺎل ﻟﻪ اﻟﻴﻬﻮد" :ﻧﻌﻢ ،ﻟﻘﺪ ﺳــﻤﻌﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﺗﺒﴩ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وأﻧﻪ ﻫﻮ اﳌﺨ ّﻠﺺ اﻟﺤﻘﻴﻘــﻲ اﺑﻦ ا .Ôوﻗــﺪ ﻛﺎن ﻣﻮﳻ واﻷﻧﺒﻴﺎء ﰲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻗﺪ ﺗﻨﺒﺆوا ﻋﻨــﻪ وﻋﻦ آﻻﻣﻪ وﻣﻮﺗﻪ وﻋﻦ ﻗﻴﺎﻣﺘﻪ ﻣﻦ اﻷﻣــﻮات .وﻫﺬا ﻣﻜﺘﻮب ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘــﺪس .وﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺘﺤﺪث ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻬﺬا اﳌﻮﺿﻮع ﻃﻮال اﻟﻴﻮم ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺆﻣﻦ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع .ﻧﻌﻢ وﻗﺪ آﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬــﻢ وﻟﻜــﻦ آﺧﺮﻳــﻦ مل ﻳﺮﻳــﺪوا أن ﻳﺆﻣﻨﻮا وﺑﺪؤوا ﻳﺠﺎدﻟﻮﻧﻪ ﰲ اﻷﻣﺮ. ٢٦٢
وﺑﻘﻲ ﺑﻮﻟﺲ ﺳﺠﻴﻨًﺎ ﻣﺪة ﺳﻨﺘني ﰲ روﻣﺎ وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺿﻴﻮ ًﻓﺎ وﺧﺎﺻﺔ أﺻﺪﻗﺎءه .ودامئﺎً ﻳﺘﻜﻠــﻢ ﻣﻌﻬﻢ ﻋــﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .وﻛﺎن ﺑﻴﺘﻪ ﰲ ﻫﺎﺗني اﻟﺴــﻨﺘني ﻛﺄﻧﻪ ﻛﻨﻴﺴــﺔ وﻛﺎن ﻳﻜﺘﺐ رﺳﺎﺋﻞ إﱃ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ اﻟﺘﻲ زارﻫﺎ وﺑﺘﻠﻚ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻳﺨﱪﻫﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻌﺒﺪون اﻟﺮب وﻳﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ،ﻛام ﻳﺨﱪﻫﻢ مبﺎ ﻋﻤﻞ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻷﺟﻞ ﺷــﻌﺒﻪ، وﻫﺬه اﻟﺮﺳــﺎﺋﻞ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس
ومل ﻳﻔﻬــﻢ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻷﻣﺮ ﻓﻘﺎﻟﻮا "إن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻪ". ﻫــﺬا وﻛﺎﻧــﺖ ﻟﺒﺎﺑﻠﻴــﻮس ﺣﺎﻛــﻢ اﻟﺠﺰﻳــﺮة ﻣﻤﺘﻠﻜﺎت واﺳــﻌﺔ ﻫﻨﺎك ﻓﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻴﻬــﺎ ،وأﺿﺎﻓﻬﻢ ﻣﺪة ﺛﻼﺛﺔ أﻳــﺎم وأﻇﻬﺮ ﻟﻬﻢ ﻛﺮ ًﻣﺎ وﻋﻄ ًﻔﺎ .ومنﻲ إﱃ ﺑﻮﻟﺲ أن واﻟﺪ ﺑﺎﺑﻠﻴﻮس ﻣﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﺤ ّﻤﻰ ﻓﻘــﺎم ﺑﺰﻳﺎرﺗﻪ وﳌﺎ اﻗﱰب ﻣﻦ اﻟﻔــﺮاش اﻟــﺬي ﻛﺎن ﻣﻀﻄﺠ ًﻌﺎ ﻋﻠﻴــﻪ رأى ّأن اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻌﺎين ﻣﻦ ﺣــﺮارة ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﻓﺮﻓﻊ ﺻﻼة ﻟﻠﻪ ﻃﻠﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸــﻔﺎء ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺛﻢ وﺿﻊ ﻳﺪه ﻋــﲆ اﳌﺮﻳــﺾ ﻓﻔﺎرﻗﺘﻪ اﻟﺤﻤﻰ وﺷــﻔﻲ متﺎ ًﻣﺎ وﻫﻜــﺬا ﻧﺮى ﻛﻴــﻒ ﻳﺴــﺘﺠﻴﺐ ا Ôﻟﺼﻠﻮات ﺑﻮﻟﺲ. واﻧﺘﴩ ﺧــﱪ اﳌﻌﺠﺰة ﺑني اﻟﻨــﺎس ﰲ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻓــﺄىت إﻟﻴﻪ اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺮﴇ ﻓﺸــﻔﺎﻫﻢ ،ﻓﻜﻢ
ﺻﺎر اﻟﻨﺎس ﺳــﻌﻴﺪﻳﻦ وﻃﻔﻖ ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺨﱪﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع أﻳﻀﺎً. وﺑﻌﺪ ﻓﱰة ودّع ﺑﻮﻟــﺲ ورﻓﺎﻗﻪ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻟﻴﺘﺎﺑﻌﻮا إﺑﺤﺎرﻫﻢ إﱃ روﻣﺎ وﻗﺎم أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻬﻢ ﻫﺪاﻳــﺎ ﻟﻴﻈﻬﺮوا ﻛﻢ ﻛﺎﻧــﻮا ﻛﺮﻣﺎء. وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻠﻪ ﻫﻮ َﻣﻦْ ﻗﺼﺪ أن ﻳﺄيت ﺑﻮﻟﺲ إﱃ ﻫــﺬه اﻟﺠﺰﻳﺮة وﻫﺎ ﻫﻢ اﻵن ﻗﺪ ﺳــﻤﻌﻮا ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .ﻓﻜﻢ ﻛﺎن اﻟﺮب ﺻﺎﻟﺤﺎً ﻣﻊ أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة إذ رﻏﺐ ﺑﺸﻔﺎء ﻣﺮﺿﺎﻫﻢ ورمبﺎ ﺗﺤ ﱠﻮل ﺑﻌﻀﻬﻢ إﱃ اﻹميﺎن ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع ،وﻫﺬا ﻳﻘﺪّر أﻛرث ﺑﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺠﺴــﻢ اﻟﺴﻠﻴﻢ ،ﻓﻠﻴﺘﻨﺎ ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ دامئﺎً. ٢٦١
.٥١ﻋﲆ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺎﻟﻄﺔ )أﻋامل (١٠ - ١ :٢٨ ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ إﱃ ﺣﻄﺎم ﻟﻜﻦ اﻟﻨﺎس ﻧﺠﻮا إﱃ اﻟﱪ ﺑﺴــﻼم .ﻓﻔﻲ أي ﺑﻠﺪ ﻫــﻢ اﻵن؟ ﻟﻘﺪ أرﺳــﻮا ﻋﲆ ﺟﺰﻳﺮة اﺳﻤﻬﺎ ﻣﻠﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف اﻟﻴﻮم ﺑﺎﺳــﻢ ﻣﺎﻟﻄــﺔ واﻟﻨﺎس ﻫﻨــﺎك وﺛﻨﻴﻮن. ﻓﺮأوا ﻛﻴــﻒ ﻛﺎن ﺑﻮﻟــﺲ واﻵﺧــﺮون ﻣﺒﺘ ّﻠني ﺑﺎﳌﻴﺎه وﻳﺮﺗﺠﻔﻮن ﻣﻦ اﻟﱪد ﺟﺮاء اﻷﻣﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧــﻮا ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﻮا" :ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻴﻨﺎ" وأوﻗﺪوا ﻧﺎراً ﻟﻴﺠﻠﺴــﻮا اﻟﻨﺎﺟني ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻓﻜﻢ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻟﻄﻴﻔﺎً وداﻓﺌًﺎ واﻵن ﺳﺘﺠﻒ ﺛﻴﺎﺑﻬﻢ ﴎﻳ ًﻌﺎ ،وﻛﻢ ﻛﺎن أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻟﻄﻔﺎء وﻛﺮﻣﺎء ﻣﻌﻬﻢ. وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ُﻳﺒﻘﻮا اﻟﻨﺎر ﻣﺘﻘﺪة وﻟﺬا ﺗﻨﺎول
٢٦٠
ﺑﻮﻟﺲ ﺑﻌــﺾ اﻷﻏﺼﺎن ووﺿﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﺎر ،ﻟﻜﻦ اﻧﻈــﺮ ،ﻣﺎ ﻫﺬا اﳌﺘﻌﻠﻖ ﺑﻴﺪ ﺑﻮﻟﺲ؟ أﻧﻪ وﺣﺶ ﻛﺎن ﺑني اﻷﻏﺼﺎن وﺷــﻌﺮ ﺑﺤﺮارة اﻟﻨﺎر ﻓﻨﺸﺐ ﺑﻴﺪ ﺑﻮﻟﺲ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﺣﻨﺸــﺎً وﻫﻮ أﻓﻌﻰ ﺳﺎ ّﻣﺔ ﻛﺒرية .ﻓﻜﻢ ﻛﺎن ذﻟــﻚ ﻣﺮﻋ ًﺒﺎ! واﻵن ﻗﺪ دﺧﻞ اﻟﺴــﻢ إﱃ دم ﺑﻮﻟــﺲ ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣــﻦ أﻣﺮ ﺧﻄري ﻣﻤﻴﺖ. وﻗﺪ رأى أﻫﻞ اﻟﺠﺰﻳﺮة ذﻟﻚ ﻓﻘﺎﻟﻮا" :ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫــﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺠﺮﻣﺎً وﻟﺬا ﺳــﻴﻤﻮت ﺟﺮاء ﻟﺴﻌﺔ اﻷﻓﻌﻰ وﻫﺬا ﻋﻘﺎﺑﻪ" وﻓﻜﺮوا ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﻢ ّأن ﻳﺪه ﺳــﺘﺘﻮرم اﻵن وﺳــﻴﻘﻊ ﻣﻴﺘﺎً ﰲ اﻟﺤﺎل .وأﻣﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﻓﻨﻔﺾ اﻟﺤﻨﺶ ﰲ اﻟﻨﺎر ومل ﻳﺤﺪث ﻟﻪ ﳾء اﻟﺒﺘﺔ .وﺗﻠﻚ ﻣﻌﺠﺰة ﻣﻦ اﻟﺮب.
أﺣﺪﻫﻢ ﺳــﺒﺎﺣﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻘﺎﺋﺪ رﻓــﺾ اﻟﻔﻜﺮة وﻗﺎل ﻣﻦ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﻓﻠﻴﺴﺒﺢ إﱃ اﻟﱪ أوﻻً واﻵﺧﺮون ﻳﺘﺒﻌﻮن .وﻗﻔﺰ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﱃ اﳌﺎء ﻓﻤﻦ اﺳــﺘﻄﺎع اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﺳﺒﺢ وﻣﻦ مل ﻳﺴﺘﻄﻊ متﺴــﻚ ﺑﺎﻟﺤﻄﺎم اﻟﻌﺎﺋﻢ وﻧﺠﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﱃ اﻟﱪ ومل ﻳﺒﻖ أﺣﺪ ﰲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻛام ﻗﺎل ﺑﻮﻟﺲ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻟﻘﺪ وﻋﺪ اﻟﺮب وﻣﺎ ﻳﻌﺪ اﻟﺮب ﺑﻪ ﻳﻔﻲ ﺑﻪ دامئﺎً ﻷن وﻋﺪ اﻟﺮب ﺻﺎدق. ّإن اﻟــﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨــﺎس اﻟﻴﻮم ً أﻳﻀﺎ وﻳﻨﻘﺬﻫﻢ ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎر .ﻧﻌﻢ ﻓﺈذا ﻛﻨﺎ مل ﻧﺘﺤﻮل
ﺑﻌﺪ إﱃ اﻹميﺎن ﻓﻨﺤﻦ ﰲ ﺧﻄﺮ اﳌﻮت واﻟﻬﻼك أﻛــرث ﻣﻦ أوﻟﺌــﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻋــﲆ ﻣنت ﺗﻠﻚ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ .واﻟﺮب ﻳﺴﻮع ً أﻳﻀﺎ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس اﻟﻴﻮم .ﻓﺪﻋﻮﻧﺎ ّ ﻧﺼﲇ ﻛﻴام ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ.
٢٥٩
.٥٠ﺗﺤﻄﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ )أﻋامل (٤٤ - ١٤ :٢٧ ﻛﻢ اﺷﺘ ّﺪت اﻟﻈﻠﻤﺔ! وأﺧﺬت اﻟﻐﻴﻮم اﻟﺴﻮداء ﺗﺘﺪﺣﺮج ﰲ ﻗﺒﺔ اﻟﺴــامء وﺟﺎء اﻟﺮﻳﺢ ﻳﻌﺼﻒ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ أﻛرث ﺷــﺪة .واﻟﺮﻳﺎح ﺗﺜري ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺤﺮ ﺣﺘﻰ ﺻــﺎرت اﻷﻣﻮاج ﺗﻌﻠــﻮ وﺗﺮﺗﻔﻊ وﺗﻼﻃﻢ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ذات اﻟﻴﻤني وذات اﻟﻴﺴﺎر ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﺑﻬﺎ إﱃ أﻋﲆ اﻷﻣﻮاج وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺣﺼــﺎن ﺟﺎﻣﺢ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻬﺒﻂ ﺑﺎﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ إﱃ ﻃﻴــﺎت ﻇﻠــامء ﺑني اﻷﻣــﻮاج .وﺑــﺪأت ﺗﻬﺐ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ اﻟﺮﻋﺪﻳﺔ ،وﺗﻠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻮاﻋﻖ وﺗﺘﻮﻫﺞ أﻓﺎع ﻧﺎر ّﻳﺔ ﻣﻦ أﻋﺎﱄ اﻟﺴامء إﱃ اﻷﺳﻔﻞ وﻛﺄﻧﻬﺎ ٍ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺻﻮت اﻟﺮﻋﺪ اﳌﺮﻋﺐ. وﻛﻢ اﻋﱰى اﻟﺨﻮف اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻋﲆ ﻣنت اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻓﻬﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﺳــﻴﻐﺮﻗﻮن ﰲ اﳌﻴﺎه اﻟﻬﺎﺋﺠﺔ؟ وﺑﻘﻲ اﻟﻈــﻼم ً ﻣﺨﻴام ﻋﺪة أﻳﺎم ﻣﻦ ﻏري أن ﺗﴩق ﺷــﻤﺲ أو ﻳﻄﻠﻊ ﻗﻤﺮ أو ﺗﻈﻬﺮ ﻧﺠــﻮم ،ﺣﺘﻰ مل ﻳﺒﻖ ﻟﻬﻢ أﻣــﻞ ﰲ اﻟﺒﻘﺎء ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة. وﻓﺠﺄة أﺧــﺬ ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻘﺎل" :ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﺼﻐﻮا إﱄ وﺗﺬﻋﻨﻮا ﻟﺮأﻳﻲ إذ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻐﺎدر اﳌﻴﻨﺎء وﻗﺪ ﺣﺬرﺗﻜﻢ ،ﻟﻜﻦ ﺗﺸﺠﻌﻮا ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮا ﻓﻘــﺪ أﺧﱪين اﻟﺮب ﰲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﳌﺎﺿﻴﺔ أﻧﻪ ﻟــﻦ ﻳﻐﺮق أﺣﺪ ﻣﻨﺎ ،إﻻ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ" .وﻇﻦﱠ اﻟﺒﺤﺎرة أﻧﻬﻢ ﻗﺪ اﻗﱰﺑﻮا ﻣﻦ اﻟﱪ ،وﻫﺬا ﺧﻄري ﻋﲆ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ إذا دﻓﻌﺘﻬﺎ اﻷﻣﻮاج ﻋﲆ اﻟﺸﺎﻃﺊ اس ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻟﺘﺘﺤﻄــﻢ ،ﻓﺄﻟﻘﻮا أرﺑﻊ ﻣــﺮ ٍ ٢٥٨
اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ إﱃ اﻟﱪ ،ﻛام أﻟﻘــﻮا اﻟﻜﺜري ﻣﻦ أﺛﺎث وﺣﻤﻮﻟﺔ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺣﺘﻰ أﻛﻴﺎس اﻟﺤﻨﻄﺔ ﻟﺘﺒﻘﻰ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻓﺘﻌﻮم ﻋــﲆ اﳌﺎء أﻛرث .وﻣ ّﺮ اﻟﻠﻴــﻞ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒﺎ ﻓﻘﺎل ﺑﻮﻟﺲ "دﻋﻮﻧــﺎ ﻧﺄﻛﻞ أوﻻً ﻷﻧﻪ مل ﻳﺄﻛﻞ أي ﻣﻨﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻨﺬ أﺳﺒﻮﻋني" ّ وﺻﲆ ﺑﺼــﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻟﻴﺴــﻤﻌﻪ اﻟﺠﻤﻴــﻊ ،ﺛﻢ أﻛﻠﻮا وزال اﻟﺨــﻮف ﻋﻨﻬﻢ .وﻃﻠﻊ اﻟﻨﻬــﺎر ﻓﺮأوا ﻛﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﱪ ،ورﻓﻊ اﻟﺒﺤﺎرة اﳌﺮاﳼ وأﺑﺤﺮت اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﻧﺤــﻮ اﻟﱪ .وﻓﺠﺄة ﺳــﻤﻌﻮا ﺻﻮت ﺿﻮﺿﺎء ﻣﺮﺗﻔﻊ إذ ﻛﺎن ﻣﻘﺪم اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﻗﺪ ارﺗﻜﺰ ﺑﻼ ﺣــﺮاك ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺑني ﺑﺤﺮﻳﻦ واﻧﻜﴪ اﳌﺆﺧﺮ ،ومل ﻳﻌﺪ ﺑﺈﻣﻜﺎن أﺣﺪ أن ﻳﺒﻘﻰ ﰲ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻷﻣﻮاج اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ، ﻓﺎرﺗــﺄى اﻟﺠﻨﻮد أن ﻳﻘﺘﻠــﻮا اﻷﴎى ﻟﺌﻼ ﻳﻬﺮب
ﱠ "إن اﻟﻮﺿﻊ ﺳــﻴﺰداد ﺳــﻮءاً إذا ﻣﺎ أﺑﺤﺮﻧﺎ اﻵن ﻷﻧﻨﺎ ﺳــﻨﻜﻮن ﰲ ﺧﻄﺮ ﻣﺤــﺪق ﻛﺒري ،وﺣﺘﻰ أﻧﻔﺴــﻨﺎ ﺳــﺘﻜﻮن ﰲ ﺧﻄــﺮ" وﻟﻜــﻦ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻫﺰ رأﺳﻪ وأﺟﺎب" :ﻛﻼ ﻓﺴﻨﻜﻮن ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳــﺮام ﻷﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺨﺮج إﱃ ﻋــﺮض اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻞ ﺳﻨﺬﻫﺐ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺧﺮى ﰲ اﻟﺠﺰﻳﺮة". وواﻓﻖ اﻟﻀﺎﺑــﻂ ﻳﻮﻟﻴﻮس وﻣﻌﻈﻢ اﻟﺒﺎﻗني أﻳﻀﺎً ﻗﺎﺋﻠني ﰲ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﺑﻮﻟﺲ ﻋﺎرﻓﺎً ﺑﺤﺎراً ﰲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ؟ ﻓﻬــﻞ ﻫﻮ ﺑﺤﺎر؟ إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ّ ﻟﻴﻔﻬﻢ ﰲ أﻣﻮر إﺑﺤﺎر اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ .واﻟﻮاﻗﻊ إﻧﻪ مل ﻳﻜﻦ ﺑﺤﺎ ًرا وﻻ ﻳﻌﺮف ﰲ أﻣﻮر إﺑﺤﺎر اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ، وﻟﻜــﻦ ﺑﻮﻟﺲ ﺧــﺎدم ا Ôوﻗﺪ أﺧــﱪه ا Ôﻋﻦ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺪاﻫﻢ ،وﻟﺬا ﻛﺎن ﻣﺎ أﺧﻄﺮﻫﻢ ﺑﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﻫﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻷن ذﻟﻚ ﻛﺎن رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ا.Ô
وأﺑﺤﺮت اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻛﺎن ﻋﲆ ﺑﻮﻟﺲ واﻟﺴﺠﻨﺎء اﻵﺧﺮﻳــﻦ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﲆ ﻣﺘﻨﻬﺎ .وﻗﺪ ﺳــﺎرت اﻷﻣــﻮر ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺮﻳﺢ ﻣﻊ ﻫﺒﻮب اﻟﺮﻳﺢ اﻟﻬــﺎدئ .وﻧﴘ اﻟﻨﺎس ﻣــﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻬــﻢ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺗﻠﻘﻮا ﺗﺤﺬﻳﺮه! ﻓﻜﻴﻒ ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ اﻷﻣﻮر؟ ّإن اﻟــﺮب ﻳﺤﺬرﻧﺎ أﻳﻀﺎً متﺎﻣﺎً ﻣﺜﻞ أوﻟﺌﻚ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳــﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ ﻣنت ﺗﻠﻚ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜــﻮن ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ .ﻓﻘﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﴩﻳﺮة ﻻ ﺗﺮﻳــﺪ اﻹﺻﻐﺎء ﻟﻠﺮب متﺎﻣــﺎً ﻛام ﻓﻌﻞ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳــﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻋــﲆ ﻣنت ﺗﻠﻚ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺤﻦ ﰲ أﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻧﺼﻐﻲ ﻟﻠﺮب .وﻣﻦ ﺛﻢ ﺳرنﻳﺪ أن ﻧﻄﻴﻌﻪ. ٢٥٧
.٤٩ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﱃ روﻣﺎ )أﻋامل (١٣ - ١ :٢٧ ﻏﺎدرت اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻞ اﻟﺴــﺠﻨﺎء ﻣﻴﻨﺎء ﻗﻴﴫﻳــﺔ وﻛﺎن ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻨﻮد ﻟﻠﺤﺮاﺳــﺔ ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﻀﺎﺑــﻂ "ﻳﻮﻟﻴﻮس" وﻛﺎن ﺑﻮﻟــﺲ أﺣﺪ أوﻟﺌﻚ اﻟﺴــﺠﻨﺎء اﻟني ُﻳﻨﻘﻠﻮن إﱃ روﻣــﺎ ﻟﻠﻤﺜﻮل أﻣﺎم اﻟﻘﻴﴫ .ورﺳﺖ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﺑﻬﻢ ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﰲ ﻣﻴﻨﺎء ﺻﻴــﺪا ،وﻗﺪ ُﺳــ ِﻤﺢ ﻟﺒﻮﻟﺲ مبﻐﺎدرة اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﻟﺰﻳﺎرة أﺻﺪﻗﺎﺋــﻪ ﻷن اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻛﺎن ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻄ ًﻔﺎ ﻋﲆ ﺑﻮﻟﺲ ،ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻌﻮا إﺑﺤﺎرﻫﻢ. ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻌــﺔ أﻳﺎم وﺻﻠﻮا إﱃ ﻣﻴﻨــﺎء ﻣريا وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﻐﺎدروا اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻷﻧﻬﺎ مل ﺗﻜﻦ ﺗﻨﻮي اﻹﺑﺤﺎر إﱃ روﻣﺎ .وﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺳــﻔﻴﻨﺔ أﺧﺮى
٢٥٦
ﺗﺄﺧﺬﻫــﻢ إﱃ ﻫﻨﺎك .ومل ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﺗﺒﺤــﺮ ﺑﻬﻢ ﺑﴪﻋﺔ ﻷن اﻟﺮﻳــﺢ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻀﺎدة. وﺑﻌﺪ أﻳــﺎم ﻛﺜرية وﺻﻠــﻮا إﱃ ﻣﻴﻨﺎء ﻳﺴــﻤﻰ اﳌﻮاين اﻟﺤﺴــﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﰲ ﺟﺰﻳﺮة ﻛﺮﻳــﺖ .وﻣﻜﺜﻮا ﻫﻨــﺎك وﻗﺘﺎً ﻃﻮﻳــ ًﻼ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر أن ﻳﺘﻐري اﻟﺮﻳﺢ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﻨﺎﺳــﺒﺎً ﻟﻺﺑﺤﺎر .وﻛﺎن اﻟﺸــﺘﺎء ﻋﲆ اﻷﺑﻮاب ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺘﺤﺴﻨًﺎ أن ﻳﺒﻘﻮا ﰲ اﳌﻮاين اﻟﺤﺴــﻨﺔ ﻃﻮال اﻟﺸﺘﺎء ،وﻛﺎن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ﻳﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻋﻤﻠﻪ ﻓﻜﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺒﺤﺮوا إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺧﺮى ﰲ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻳﻘﻀﻮن ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﺘﺎء ﻋﲆ ﻧﺤﻮ أﻓﻀﻞ ومل ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﻴﺪة. وﻧﺼﺢ ﺑﻮﻟﺲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ورﺑﺎﻧﻬﺎ ﻗﺎﺋ ًﻼ:
ﻟﻜــﻦ ﺑﻮﻟﺲ أﺟﺎﺑﻪ" :ﻛﻼ أﻳﻬﺎ اﻟﻮاﱄ أﻧﺎ ﻻ أﻗﻮل أﺷــﻴﺎء ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻓــﻜﻞ ﳾء ﻗﻠﺘﻪ ﺻﺤﻴﺢ واﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس ﻳﻌﻠﻢ ﻫﺬا" ﻧﻌﻢّ ،إن اﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس ﻳﻌﻠــﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟــﻪ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘــﺪﱠس وﻋﺮف ﻣﺎ ﺣــﺪث ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ .واﻟﺘﻔﺖ ﺑﻮﻟــﺲ إﱃ اﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس وﻗــﺎل ﻟﻪ" :أﺗﺆﻣﻦ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ﺑﺎﳌﻜﺘــﻮب ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس؟ أﻧﺎ أﻋﻠﻢ أﻧﻚ ﺗﺆﻣﻦ" .وﺳﺎد اﻟﺼﻤﺖ ﻟﻮﻗﺖ ﻗﺼري ﺛﻢ ﻗــﺎل أﻏﺮﻳﺒﺎس" :ﺑﻘﻠﻴــﻞ ﺗﻘﻨﻌﻨﻲ أن أﺻري ﻣﺴﻴﺤ ًﻴﺎ" .ﻓﻘﺎل ﺑﻮﻟﺲ" :ذﻟﻚ أﺣﺐ إﱄ .ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴــﻞ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻜ ّﻠﻴﺔ ﻣﺴــﻴﺤ ّﻴﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻚ. ﻛﻢ أود أن ﺗﻜﻮن ﻛام أﻧﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻟﻴﺲ ﺳــﺠﻴﻨﺎً ﺑﻘﻴﻮد ﺑﻞ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺴﻴﺤ ّﻴﺎً ﻣﺜﲇ". وﻗــﺎم أﻏﺮﻳﺒــﺎس وﺑﺮﻧﻴــيك وﻓﺴــﺘﻮس وﻛﻞ
اﻟﺠﺎﻟﺴني ﻣﻌﻬﻢ واﻧﴫﻓﻮا وﻫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن" :ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن مل ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻘﺎب ﻷﻧﻪ مل ﻳﻔﻌﻞ أي ﳾء ﺧﻄﺄ"وﻗﺎل أﻏﺮﻳﺒﺎس ﻟﻔﺴﺘﻮس: "ﻛﺎن ميﻜــﻦ إﻃﻼق ﴎاح ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻷﻧﻪ ﻃﻠﺐ أن ﻳﺮى اﻟﻘﻴﴫ ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ" وﻟﺬا ﺑﻘﻲ ﺑﻮﻟﺲ ﺳﺠﻴﻨًﺎ. ﻟﻘﺪ ﻗﺎل اﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس "ﺑﻘﻠﻴﻞ" وﻟﻴﺲ "ﻛ ّﻠ ًﻴﺔ" وﻳﻈﻬــﺮ ﻛﺄﻧــﻪ أراد أن ﻳﺼري ﻣﺴــﻴﺤ ًﻴﺎ وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ مل ﻳﺮد ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺤﺐ اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻋﻨﺪﺋﺬ وﺳﻴﻄﻴﻊ اﻟﺮب .ﻛﻼ ،ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﺎ أراد ﺑﻞ أراد أن ﻳﺴــﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﺨﻄﻴﺔ .ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺼﲇ ﻗﺎﺋﻠني" :ﻳــﺎ رب أرﺟﻮ أن ﺗﺆﻛﺪ ﻋ ّ ﲇ ﺑﺄن ﻻ أﻛــﻮن ﺑﻘﻠﻴﻞ ﺑﻞ أن أﻛﻮن ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ آﺗ ًﻴﺎ ﻷﺧﺪﻣﻚ ،وﻷﺣﺒﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻲ".
٢٥٥
.٤٨ﺑﻮﻟﺲ أﻣﺎم اﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس )أﻋامل ٢٧ – ١٣ :٢٥؛ أﻋامل (٢٦ ﺟﺎء اﳌﻠــﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس وزوﺟﺘــﻪ ﺑﺮﻧﻴيك ﻟﺰﻳﺎرة ﻓﺴــﺘﻮس ﰲ ﻗﻴﴫﻳــﺔ ،وﻛﺎن أﻏﺮﻳﺒﺎس ﻳﺘﻮﱃ ﺣﻜﻢ ﻗﺴــﻢ ﻛﺒري ﻣــﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻬــﻮد ﻣﺜﻞ ﻓﺴﺘﻮس ،وﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ إرادة اﻟﻘﻴﴫ .ﻓﺘﺒﺎدﻟﻮا اﻷﺣﺎدﻳــﺚ ﰲ ﺷــﺘﻰ اﻷﻣــﻮر ﻟﻔﱰة ﺛــﻢ ﻗﺎل ﻓﺴــﺘﻮس ﻟﻠﻤﻠــﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس" :ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺳــﺠني اﺳــﻤﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻴﻬــﻮد أن ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻗﺎﺋﻠني إﻧﻪ أﺧﻄــﺄ ،وأﻧﺎ مل أﻓﻬﻢ اﳌﻮﺿــﻮع ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺟ ّﻴــﺪ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺪﻳﻨﻬﻢ ،ﻓﻬﻢ ﻳﺘﻜ ّﻠﻤﻮن ﻋﻦ ﺷﺨﺺ اﺳﻤﻪ ﻳﺴﻮع ﻣﺎت ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ وﻟﻜﻦ ﺑﻮﻟﺲ ﻳﻘﻮل إﻧﻪ ﺣﻲ". ﻓﺎﺳــﺘﻤﻊ أﻏﺮﻳﺒﺎس إﱃ اﳌﻮﺿــﻮع وﻗﺎل" :أود أن اﺳﺘﻤﻊ ﻟﺒﻮﻟﺲ" ﻓﻘﺎل ﻓﺴﺘﻮس "ﺣﺴﻨًﺎ ،ﰲ اﻟﻐﺪ ﺗﺴﺘﻤﻊ إﻟﻴﻪ" .وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ اﺳــﺘﻘﺒﺎل ﰲ اﻟﻘــﴫ ﻳﺤﴬه ﻛﺜــري ﻣﻦ أﻋﻴﺎن اﻟﻨــﺎس ﺑﺜﻴﺎﺑﻬﻢ اﻷﻧﻴﻘــﺔ .واﻧﻈﺮ ،ﻫﺎ ﻗﺪ ﺣﴬ اﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس ﻣﻊ ﺑﺮﻧﻴيك وﻗﺪ ﺑﺪا اﻻﺛﻨﺎن أﻛرث روﻋــﺔ وإﴍا ًﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻗــني! ﻳﺮﺗﺪﻳﺎن اﻟﺜﻴﺎب اﻟﺠﻤﻴﻠــﺔ وﻳﺘﺤﻠﻴــﺎن ﺑﺎﳌﺠﻮﻫــﺮات اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ واﻟﻔﻀﻴﺔ .ﺛﻢ أﺗﻮا ﺑﺸﺨﺺ آﺧﺮ ﻻ ﻳﺒﺪو ﻣﴩﻗﺎً وﻫــﻮ ﻣﻘﻴﺪ اﻟﻴﺪﻳﻦ ،ﻓﻬﻮ ﺳــﺠني ،إﻧﻪ ﺑﻮﻟﺲ! واﺑﺘﺪأ ﻓﺴﺘﻮس ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻫﺬا اﻟﺴﺠني ﻳﺴــﺘﺤﻖ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﳌــﻮت ﻛام ﻳﻘــﻮل اﻟﻴﻬﻮد، وﻟﻜﻨــﻲ ﻻ أﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺨﻄــﺄ اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﻪ، وﺑﻮﻟﺲ ﻗﺪ رﻓﻊ دﻋــﻮاه إﱃ اﻟﻘﻴﴫ وﻋﲇ أن أﻛﺘــﺐ رﺳــﺎﻟﺔ أﴍح ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻮﺿــﻮع ﻟﻠﻘﻴﴫ ﻷﺑني ﻟﻪ اﻟﺨﻄﺄ اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﻪ ﺑﻮﻟﺲ .وﻗﺪ أﺗﻴﺖ ٢٥٤
ﺑــﻪ أﻣﺎﻣﻚ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس ﻟﺘﺴــﺘﻤﻊ إﻟﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﱄ ﳾء ﻷﻛﺘﺐ .واﻧﺘﻬﻰ ﻓﺴــﺘﻮس ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ﻓﺴﻤﺢ ﻟﺒﻮﻟﺲ ﺑﺎﻟﺘﻜﻠﻢ. ﻓﺄﺧﱪﻫﻢ ﺑﻮﻟﺲ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻋﺪ ًوا ﻟﻠﺮب ﻳﺴﻮع أوﻻً ،وﻛﻴــﻒ ﺧ ّﻠﺼﻪ اﻟﺮب ﺣﺘــﻰ ﺻﺎر ﺧﺎد ًﻣﺎ ﻟﻴﺴــﻮع وﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺨﱪ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﺑﺄن ﻳﺘﻮﺑﻮا وﻳﺆﻣﻨﻮا ﻷن ﻳﺴــﻮع ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﺨﻄﺎة. وأن ّ ّ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻜﺘﻮب ﻋﻨﻪ ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس. ﻓﻘﺎﻃﻌﻪ ﻓﺴــﺘﻮس ﺑﺄﻋﲆ ﺻﻮﺗــﻪ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :أﻧﺖ ﺗﻘﻮل أﺷﻴﺎء ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻛﺎﻟﻬﺬﻳﺎن وﻏري ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻳﺎ ﺑﻮﻟﺲ وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻌﺔ ﻋﻠﻤﻚ ﻃﺒﻌﺎً".
ادّﻋﺎءاﺗﻬﻢ،ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎذﺑﻮن. ﺛﻢ ﺳﻤﺢ ﻟﺒﻮﻟﺲ ﺑﺎﻟﻜﻼم ﻓﻘﺎل ّإن ﻛﻞ اﻟﺘﻬﻢ ﻏري ﺻﺤﻴﺤﺔ وأﻧﻬﻢ اﺗﻬﻤــﻮه ﻛﺬ ًﺑﺎ .ﻓامذا ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﲆ ﻓﺴﺘﻮس أن ﻳﻌﻤﻞ اﻵن؟ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻄﻠﻖ ﴎاح ﺑﻮﻟﺲ ﻷن ﻋﲆ اﻟﻘﺎﴈ أن ﻳﻜﻮن ﻋﺎدﻻً. ﻟﻜﻦ ﻛﻼ ،ﻟﻦ ﻳﻘﻮم ﻓﺴﺘﻮس ﺑﺬﻟﻚ .ﳌﺎذا؟ ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻄﻴ ًﻔﺎ ﻣﻊ ﺷﻴﻮخ اﻟﻴﻬﻮد ﻟﻴﺒﻘﻰ ﺻﺪﻳ ًﻘﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﺜﻠام ﻛﺎن ﻓﻴﻠﻜﺲ ﻳﻌﻤﻞ .وأﻇﻬﺮ ﻓﺴــﺘﻮس ﺑﺬﻟﻚ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺣﺎﻛ ًام ﻋﺎدﻻً ،وﺳﺄل ﺑﻮﻟﺲ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻳﺮﻏﺐ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ. وﻧﻈﺮوا ﻛﻠﻬﻢ إﱃ ﺑﻮﻟﺲ ،ومتﻨﻰ ﺷﻴﻮخ اﻟﻴﻬﻮد أن ﻳﻘــﻮل ﻧﻌــﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻛام ﺗﺬﻛــﺮ ﺧﻄﻄﻮا أن ﻳﻘﺘﻠــﻮه ﰲ اﻟﻄﺮﻳــﻖ ،ﻓﻬﻞ ﻻﺣﻆ ﺷــﻴﺌﺎً ﻋﻦ ﺧﻄﻄﻬﻢ اﻟﴩﻳﺮة؟ ﻟﻘﺪ ﻋﺮف ﻣﻦ ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻛﻢ ﻳﻜﺮﻫﻮﻧــﻪ وﻟﺬﻟﻚ ﻗــﺎل" :ﻛﻼ ﻻ أرﻳﺪ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺴــﺘﻌﺪ ﻷن أﺗﺤﻤﻞ ﻋﻘﺎيب إن ﻛﻨﺖ اﺳــﺘﺤﻘﻪ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن اﳌﻮت ،ﻟﻜﻦ ﻻ أﺣﺪ ميﻜﻨــﻪ أن ﻳﱪﻫﻦ ﻋﲆ أﻧﻨﻲ أﺳــﺘﺤﻖ اﻟﻌﻘــﺎب ﻷﻧﻨﻲ مل أﻓﻌــﻞ أي ﳾء ﺧﻄﺄ وأﻧﺖ ﺗﻌﻠــﻢ ﻫﺬا أﻳﻬﺎ اﻟﻮاﱄ ،ﺑﻞ أرﻳﺪ أن أذﻫﺐ إﱃ ﻗﺎض أﻋﲆ ،إﱃ ﻗﻴﴫ. ٍ ﻟﻘﺪ ﻋﺮف ﺑﻮﻟﺲ ّأن ﻓﻴﻠﻜﺲ وﻓﺴــﺘﻮس ﻟﻴﺴﺎ ﻗﺎﺿﻴني ﻋﺎدﻟني ﻟﻜﻦ رمبﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﻴﴫ ﻧﺰﻳ ًﻬﺎ. وﺑﻌﺪ أن ﺗﻜﻠﻢ اﻟﻮاﱄ ﻣﻊ أرﺑﺎب اﳌﺸﻮرة ﻗﺎل: "ﻳﺎ ﺑﻮﻟﺲ ،ﺳــﺄدﻋﻚ ﺗﺬﻫــﺐ إﱃ روﻣﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﻴﴫ ﻓﻬﻮ اﻟﻘﺎﴈ اﻷﻋﲆ".
وﻫﻜــﺬا ﻧﺮى ﻛﻢ ﻳﻜﻮن اﻟﺒــﴩ ،وﺣﺘﻰ اﻟﻘﻀﺎة اﻟﻜﺒــﺎر ،ﻏري ﻋﺎدﻟني ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﻳﺤﻴﺎ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨــﺎ اﻟﴩﻳﺮة وﰲ ﻗﻠــﻮب اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻓﻬﻞ ﺗﺮون ﻛﻢ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ؟ وإذا ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻨــﺎ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻜﻮن ﻣﺨﻠﺼني ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻨﺎس وﺣﺴﺐ ﺑﻞ ﻟﻠﺮب أﻳﻀﺎً. ٢٥٣
.٤٧ﺑﻮﻟﺲ ميﺜﻞ أﻣﺎم ﻓﺴﺘﻮس )أﻋامل (١٢ - ١ :٢٥ ﻛام ﺗﺬﻛﺮ ،أىت والٍ ﺟﺪﻳﺪ اﺳــﻤﻪ ﻓﺴﺘﻮس ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﻓﻴﻠﻜﺲ وﻣﺮﻛﺰه ﺳﻴﻜﻮن ﰲ ﻗﻴﴫﻳﺔ .ﻓﺰار ﻓﺴﺘﻮس أورﺷﻠﻴﻢ أوﻻً ﻟﻴﺰور ﺷﻴﻮخ اﻟﺴﻨﻬﺪرﻳﻢ ﺑﺤﻀﻮر رﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ .وﺑﻮﻟﺲ ﻣﺎ زال ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﻫﻨﺎك وﻣﺎ ﻧﴘ ﻫــﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ،ﻓﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﻮﻟﺲ أو ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺘﻞ .ﻓﻄﻠﺒﻮا ﻣﻦ ﻓﺴــﺘﻮس ﻗﺎﺋﻠني" :ﻫﻞ ﻟﻚ أن ﺗﺄﻣﺮ ﺑﺈﻋﺎدﺗﻪ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ؟" ﻓﻠامذا ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﻫﻜﺬا؟ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻈﻨﻮن أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻘﻞ ﺑﻮﻟﺲ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ﻳﻜﻤﻨﻮن ﻟﻪ وﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻪ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ .ﻓﻜﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺮﻫﻮن ﺑﻮﻟﺲ. ﻗﺎل ﻟﻬﻢ ﻓﺴﺘﻮس" :ﻛﻼ ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺤﴬوا إﱃ ﻗﻴﴫﻳــﺔ وﺣﻴﻨﺌــﺬ ﺗﺒﻴﻨﻮن ﻣــﺎ ﻫﻮ اﻟﺨﻄﺄ
٢٥٢
اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﻪ ﺑﻮﻟﺲ" .وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻘﺪ ﻋﺎد ﻓﺴــﺘﻮس إﱃ ﻗﻴﴫﻳــﺔ ﻳﺮاﻓﻘﻪ رﺟﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻬﺪرﻳﻢ. وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ اﻗﺘﻴﺪ ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻦ اﻟﺴــﺠﻦ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﻴﻤﺜﻞ أﻣﺎم ﻣﺠﻠﺲ ﻗﻀﺎء ﻓﺴﺘﻮس .ﻧﻌﻢ ﻗﺎض أﻳﻀﺎ وﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻘﺮر ﻣﺎ ﻓﺈن ﻓﺴﺘﻮس ﻫﻮ ٍ إذا ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ﻣﺬﻧﺒﺎً .واﺑﺘﺪأ اﻟﺸــﻴﻮخ ﺑﺎﻟﻜﻼم وأﻃﻠﻘــﻮا اﺗﻬﺎﻣﺎت ﺳــﻴﺌﺔ وﻛﺎذﺑﺔ ﻋﲆ ﺑﻮﻟﺲ وﻫــﻲ ﻧﻔﺲ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻮﻫﺎ أﻣﺎم ﻓﻴﻠﻜﺲ، أﻧﻪ ﻳﺴﺒﺐ اﻟﻔﺘﻨﺔ وأﻧﻪ ﻳﺨﻄﺊ إﱃ ﻧﺎﻣﻮس ا،Ô ومل ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮا أن ﻳﻌﻄﻮا اﻟﱪﻫﺎن ﻋﲆ ﺻﺤﺔ
ﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌــﺎذا ﻛﺎن ﻋﲆ ﺑﻮﻟــﺲ أن ﻳﺒﻘﻰ ﰲ اﻟﺴــﺠﻦ؟ ﻷن اﻟﻴﻬﻮد أرادوه أن ﻳﺒﻘﻰ وﻓﻴﻠﻜﺲ ﴪ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﺄﺑﻘﺎه ﻣﺴــﺠﻮ ًﻧﺎ ،وﻛﺎن ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳ ّ ﻓﻴﻠﻜﺲ ﺑﺬﻟﻚ ﻏري ﻋــﺎدل ،ﻓﻬﻞ ﺗﺮى ﻛﻴﻒ ﺣﺬر ﺑﻮﻟــﺲ ﻓﻴﻠﻜــﺲ .واﻟﻮاﻗــﻊ ﻛﺎن ّأن ا Ôﻳﺤﺬره وﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﺮد أن ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻞ ﻳﺆﺟﻞ اﻷﻣﺮ وﻳﺴــﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﺨﻄﻴﺔ .وﻛﻢ ﻛﺎن ذﻟــﻚ رﻫﻴﺒﺎً .وﻧﺤﻦ ﻧﺤ ﱠﺬر ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أﻳﻀﺎً ،ﻓامذا ﻧﻔﻌﻞ؟ ﻧﺤﻦ ﻣﺜﻞ ﻓﻴﻠﻜﺲ ﻓﻬﻞ ﻧﻔ ّﻜﺮ ﻣﺜﻠﻪ ﰲ أن ﻧﺆﺟﻞ اﻟﺘﻮﺑﺔ؟ ﻓﺮمبﺎ منﻮت
ﻗﺒــﻞ أن ﻧﺘﻮب ﻓﻴﻜﻮن ﻗﺪ ﻓــﺎت اﻷوان .واﻟﺮب ﻳﻬﺐ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻜﺮه اﻟﺨﻄﻴﺔ وﻧﺤﺒﻪ ﻫﻮ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻴام ﺑﻌﺪ ﺑﻞ اﻵن .ﻓﺪﻋﻮﻧــﺎ ّ ﻧﺼﲇ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻛﻞ ﻳﻮم.
٢٥١
.٤٦ﺑﻮﻟﺲ ميﺜﻞ أﻣﺎم اﻟﻮاﱄ ﻓﻴﻠﻜﺲ )أﻋامل (٢٤ ﻫﻞ ﺗﺘﺬﻛــﺮ ّأن اﻟﻮاﱄ ﻓﻴﻠﻜــﺲ ﻛﺎن ﻳﺤﻜﻢ ﻋﲆ ﻗﺎض ً أﻳﻀــﺎ وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ أن اﻟﺒــﻼد ﺑﺄﴎﻫﺎ؟ وﻫﻮ ٍ ﻳﻌﺎﻗﺐ اﻟﻨﺎس إذا ﻋﻤﻠﻮا ﺷﻴﺌًﺎ ﺧﺎﻃﺌًﺎ .وﻗﺪ ُأ ْﺣ ِﴬ ﺑﻮﻟﺲ ﺑﻌــﺪ ﻋﺪة أﻳﺎم ﻣﻦ اﻟﺴــﺠﻦ ﻟﻴﻤﺜﻞ أﻣﺎم اﻟﻮاﱄ ﻓﻴﻠﻜﺲ ﻷﻧﻪ أراد أن ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﻣﺎذا ﻋﻤﻞ. وﻛﺎن ﺷــﻴﻮخ ﻣﻦ اﻟﺴــﻨﻬﺪرﻳﻢ ﻗﺪ ﻣﺜﻠﻮا وﻣﻌﻬﻢ رﺋﻴــﺲ اﻟﻜﻬﻨــﺔ ً أﻳﻀﺎ .ﻟﻘــﺪ أﺗﻮا ﻣﻦ أورﺷــﻠﻴﻢ ﺧﺼﻴﺼــﺎ ﻣــﻦ أﺟــﻞ أن ﻳﺘﻬﻤﻮا ﺑﻮﻟــﺲ ﻷﻧﻬﻢ ً ﻳﺮﻳــﺪون أن ﻳﻮﻗﻌﻮا اﻟﻌﻘﻮﺑــﺔ ﻋﲆ ﺑﻮﻟﺲ وﻟﻬﺬا ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻬﺬه اﻟﺮﺣﻠــﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،واﺻﻄﺤﺒﻮا ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺤﺎﻣ ًﻴﺎ اﺳﻤﻪ ﺗﺮ ُﺗ ﱡﻠﺲ ﻓﻜﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺮﻫﻮن ﺑﻮﻟﺲ. ﻓﻮﻗــﻒ ﺗﺮﺗﻠﺲ وﻗــﺎل" :أﻳﻬﺎ اﻟــﻮاﱄّ ،إن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺴــﺒﺐ اﻟﻬﻴــﺎج واﻟﻔﺘﻨــﺔ ﺣﻴﺜام ﻳﺬﻫــﺐ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺼــﺪر إزﻋــﺎج ﻟﻠﺸــﻌﺐ! وﻳﻨﺘﻤﻲ إﱃ ﺷــﻴﻌﺔ اﻟﻨﺼﺎرى اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻴﺴــﻮع اﻟﻨﺎﴏي .وﻫﻢ ﻣﺨﺎدﻋﻮن وﺑﻮﻟﺲ ﻫــﻮ زﻋﻴﻤﻬﻢ .وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻋﻤــﻞ ﺑﻮﻟﺲ أﻳﻀﺎً؟ ﻟﻘﺪ أدﺧﻞ ﻏﺮﻳﺒﺎً ﻏري ﻳﻬﻮدي إﱃ اﻟﻬﻴــﻜﻞ وﻫﺬا ﻏري ﻣﺴــﻤﻮح ﺑﻪ ﻷن اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻣﻘﺪس وﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻐري اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺪﺧﻮﻟﻪ. واﻧﺘﻬﻰ ﺗﺮﺗﻠﺲ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم وﻛﻞ اﻟﺸــﻴﻮخ اﻟﻴﻬﻮد أوﻣــﺆوا ﺑﺮؤوﺳــﻬﻢ .ﻧﻌــﻢّ ،إن ﺗﺮﺗﻠــﺲ ﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .وﺳــﻤﺢ ﻓﻴﻠﻜﺲ ﻟﺒﻮﻟﺲ ﺑﺎﻟﻜﻼم أﻳﻀﺎً، ﻓﻘــﺎل" :ﻳﻘﻮﻟــﻮن أﻳﻬﺎ اﻟﻮاﱄ إﻧﻨﻲ أﺛري اﻟﺸــﻐﺐ ﺣﻴﺜام أذﻫﺐ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻘﻴﻤﻮا اﻟﺤﺠﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻓﺄﻧﺎ مل أﺳﺒﺐ اﻟﺸﻐﺐ أو اﻟﻔﺘﻨﺔ ٢٥٠
ﰲ أي ﻣــﻜﺎن .وأﻳﻀــﺎً مل آيت ﺑﻮﺛﻨــﻲ إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻟﻜــﻦ ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻨــﻲ أﻧﺘﻤــﻲ إﱃ اﻟﺠامﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴــﻤﻰ اﻟﻨﺼﺎرى .ﻧﻌﻢ أﻧﺎ أؤﻣﻦ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ وأﻧــﺎ أﻋﺒﺪه .ﻟﺬﻟــﻚ أﻧﺎ أرﻳــﺪ أن أﺣﻴﺎ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘــﻲ ﻳﺄﻣﺮين اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪﱠس أن أﺣﻴﺎﻫﺎ، ﻓﻠﻴﺬﻛــﺮوا ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳــﺪ ﺷــﻴﺌًﺎ ﺧﺎﻃﺌــﺎً ﻗﻤﺖ ﺑﻪ". واﻧﺘﻬﻰ ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ﻓﻘﺎل اﻟﻮاﱄ" :ﺳــﺄدﻋﻮ ﻛﺒري اﻟﻀﺒﺎط ﻣﻦ أورﺷﻠﻴﻢ وﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻫﻨﺎك .واﻵن أﻋﻴﺪوا ﺑﻮﻟﺲ إﱃ اﻟﺴــﺠﻦ" .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣــﺪث وﻟﻜﻦ ﺣﺮاس اﻟﺴــﺠﻦ اﻋﺘﻨﻮا ﺑﺒﻮﻟﺲ ﻋﻨﺎﻳــﺔ ﺟﻴﺪة ﻷن ﻫﺬا ﻣــﺎ أراده ﻓﻴﻠﻜﺲ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ دﻋﺎ ﻓﻴﻠﻜﺲ ﺑﻮﻟﺲ ﻣﺮة أﺧﺮى ،ﻓﻘﺎم ﺑﻮﻟﺲ ﺑﺘﺒﺸري اﻟﻮاﱄ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ وﺑــني ً اﻟﺨﻄﺎة .ﱠ أﻳﻀﺎ ﻛﻢ ﻳﻜﻮن اﻷﻣــﺮ رﻫﻴ ًﺒﺎ إذا ﻣــﺎ واﺻﻠﻨﺎ ارﺗــﻜﺎب اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻷن ا Ôﺳــﻴﻌﺎﻗﺒﻨﺎ ﻷن ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﺳــﻴﻤﺜﻠﻮن أﻣــﺎم ا Ôوﻫﻜﺬا ﻛﺎن ﺗﺤﺬﻳﺮه ﻟﻠــﻮاﱄ ﻓﻴﻠﻜﺲ اﻟــﺬي أﺻﺎﺑﺘﻪ اﻟﺼﺪﻣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳــﻤﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻷﻧــﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ اﻟﺨﻄﻴــﺔ ،وﻗــﺎل ﻟﺒﻮﻟﺲ" :ﻳﺴﺘﺤﺴــﻦ أن ﺗﻌﻮد ﴎﻳ ًﻌﺎ ﻳﺎ ﺑﻮﻟﺲ وﺳﺄﺳﺘﻤﻊ إﻟﻴﻚ ﰲ وﻗﺖ آﺧﺮ إذ ﻟﻴﺲ ﻟﺪي وﻗــﺖ اﻵن ﻟﻜﻦ رمبﺎ ﻓﻴام ﺑﻌﺪ .ودﻋﺎ ﺑﻮﻟــﺲ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌﺎذا؟ ﻛﺎن ﻓﻴﻠﻜﺲ ﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﻄﻠﻖ ﴎاح ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻮﻟﺲ أو أﺻﺪﻗﺎءه رﺷﻮة. وﺑﻘﻲ ﺑﻮﻟﺲ ﰲ اﻟﺴــﺠﻦ ﺳــﻨﺘني ﻏﺎدر ﻓﻴﻠﻜﺲ ﺑﻌﺪﻫــام اﻟﻮﻻﻳﺔ وأىت وال ﺟﺪﻳﺪ .وﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل
اﻟﺴــﻨﻬﺪرﻳﻢ وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻬﻢ" :اﻃﻠﺒﻮا ﻣﻦ ﻛﺒري اﻟﻘــ ّﻮاد أن ﻳﺤﴬ ﺑﻮﻟﺲ إﻟﻴﻜــﻢ ﻛام ﻟﻮ ﻛﻨﺘﻢ ﺳــﺘﺘﻜﻠﻤﻮن ﻣﻌﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺎرﺣــﺔ ،وﻧﺤﻦ ﻧﻘﺘﻠﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺆىت ﺑﻪ إﻟﻴﻜﻢ" ﱠ ﺑﺎﻟﺨﻄﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﴎ ّﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ وﻃﺒﻌﺎً مل ﻳﻌﺮف أﺣﺪ اﺑﻦ أﺧﺖ ﺑﻮﻟﺲ ﺳﻤﻊ ﺑﺎﻟﻜﻤني اﳌﻨﺼﻮب ﻣﻦ ﻏــري أن ﻳﻼﺣﻈﻪ اﳌﺘﺂﻣﺮون ،ﻓﺄﴎع إﱃ اﻟﻘﻠﻌﺔ
وأﺧــﱪ ﺑﻮﻟــﺲ ﺑــﻜﻞ ﳾء .ﻓﻘﺎل ﻟــﻪ ﺑﻮﻟﺲ: "اذﻫﺐ وﻗﻞ ﻛﻞ ﳾء ﻟﻜﺒري اﻟﻀﺒﺎط" وﻫﻜﺬا ﻋﻤــﻞ .ﻓﺼﺪم ﻛﺒري اﻟﻀﺒﺎط ﺑﻬــﺬا اﻟﺨﱪ ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻜﺮ ﺑﺨﻄﺔ ﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻞ ً أﻳﻀﺎ. وﻛﺎن ٌ ﻟﻴــﻞ ،وأﴎع اﻟﻀﺎﺑﻂ ﺑﺘﺸــﻜﻴﻞ ﺣﺎﻣﻴﺔ ﻛﺒــرية اﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد وﻫــﺎ ﻫﻢ ﻳﺨﺮﺟﻮن ﻣــﻦ اﻟﻘﻠﻌﺔ ﺗﺤــﺖ ﺟﻨﺢ اﻟﻈــﻼم وﻫﻢ ﻋﲆ ﺻﻬﻮات اﻟﺠﻴﺎد ،وﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻌﻬﻢ؟ ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ وﻫﻢ ﻳﻨﻘﻠﻮﻧــﻪ إﱃ ﻣﻜﺎن آﺧــﺮ وﻛﺎﻧﺖ رﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠــﺔ وﺻﻠــﻮا ﺑﻨﻬﺎﻳﺘﻬــﺎ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﻴﴫﻳﺔ اﻟﺘــﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻛﺰًا ﻟﻠﻮاﱄ ﻓﻴﻠﻜﺲ اﻟﺬي ﻳﺤﻜﻢ اﻟﺒــﻼد ﺑﺄﴎﻫــﺎ .وأﻋﻄﺎه اﻟﺠﻨﻮد رﺳــﺎﻟﺔ ﻛﺒري اﻟﻀﺒــﺎط وﻛﻞ ﳾء ﻋﻦ اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻜﺘﻮب ﻓﻴﻬﺎ. وﻗﺮأ ﻓﻴﻠﻜﺲ اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ وأﻣــﺮ اﻟﺠﻨﻮد ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ،وأﻣﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﻓﻜﺎن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺒﻘﻰ ﺳــﺠﻴﻨًﺎ ﰲ ﻗﻴﴫﻳﺔ .واﻵن ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﻋﺪاؤه ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ أن ﻳﺆذوه ﻓﻘﺪ ﻛﺎن أرﺑﻌﻮن رﺟ ًﻼ ﻣﺴﺘﻌﺪﻳﻦ ﻟﻘﺘﻞ ﺑﻮﻟﺲ وﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﻌﺪ ﻣﻮﺟﻮدًا ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ. ﻧﻌﻢ ،ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻷﻋــﺪاء أن ﻳﻀﻌــﻮا ً ﺧﻄﻄﺎ ﴍﻳــﺮة وﻟﻜﻦ اﻟﺮب أﻛرث ﻗــﺪرة وﺣﻜﻤﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺘﻨــﻲ ﺑﺨﺪاﻣﻪ وﺑــﺄوﻻده ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﻮد أﻋﺪاء أﺷﺪاء .وميﻜﻦ ﻟﻨﺎ ً أﻳﻀﺎ أن ﻧﻄﻠﺐ ﺣﻔﻆ ا Ôﻟﻨﺎ ﰲ ّ ﻛﻞ ﻳﻮم.
٢٤٩
.٤٥ﺑﻮﻟﺲ أﻣﺎم اﻟﺴﻨﻬﺪرﻳﻢ )أﻋامل (٢٣ أراد اﻟﻘﺎﺋــﺪ اﻟﻌﺎم أن ﻳﻌﺮف ﻣﺎذا ﻋﻤﻞ ﺑﻮﻟﺲ. ﻟﺬﻟﻚ ﺳــﻴﺄيت ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻴﻬﻮد اﳌﻬﻤني ﰲ اﻟﻐﺪ .إﻧﻬﻢ أﻋﻀﺎء اﻟﺴﻨﻬﺪرﻳﻢ اﳌﺜﻘﻔني وأﻫﻢ رﺟﻞ ﻓﻴﻬﻢ ﻫﻮ رﺋﻴــﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ .ووﻗﻒ ﺑﻮﻟﺲ أﻣﺎﻣﻬــﻢ ﻣﻦ ﻏري ﺧﻮف وﻗﺎل" :أﻧﺎ مل أﻓﻌﻞ أي ﳾء ﺧﻄــﺄ واﻟﺮب ﻳﻌﻠﻢ ﻫــﺬا أﻳﻀﺎً" .ﻓﻐﻀﺐ رﺋﻴــﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ وأﻣﺮ أﺣﺪ اﻟﺨــﺪم ﺑﺄن ﻳﴬب ﺑﻮﻟﺲ ﻋﲆ ﻓﻤﻪ ،وﻫﻨﺎ اﺳﺘﺸــﺎط ﺑﻮﻟﺲ ﻏﻀﺒﺎً ً أﻳﻀﺎ وﻗﺎل ﻟﻪ" :ﺳــﻴﻌﺎﻗﺒﻚ اﻟﺮب ﻋﲆ ﻫﺬا ﻷن ﻣــﺎ ﻋﻤﻠﺘﻪ ﻏــري ﺻﺤﻴﺢ ﻷﻧﻚ ﻻ ﺗﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﴬب أﺣﺪاً مل ﻳﻔﻌﻞ أي ﳾء ﺧﻄﺄ". وﺳــﻤﺢ ﻟﺒﻮﻟﺲ ﺑــﺄن ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻓﻘــﺎل :ﱠ "إن اﻟﺮب ﺳﻴﻘﻴﻢ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻷﻣﻮات ﺛﺎﻧﻴﺔ" .ﻓﺒﻌﺾ اﳌﻌﻠﻤــني أوﻣﺆوا ﺑﺮأﺳــﻬﻢ ﻣﻮاﻓﻘني ﻋﲆ ﻗﻮل ﺑﻮﻟﺲ ّ ﺑــﺄن ﻫﺬا ﻣﺎ ﺳــﻴﺤﺪث ﺣﻘﻴﻘﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻌﻠﻤــني آﺧﺮﻳﻦ ﻫﺰوا أﻳﺪﻳﻬــﻢ ﻗﺎﺋﻠني" :ﻛﻼ ﻫﺬا ﻏــري ﺻﺤﻴﺢ وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﺴــﺘﺤﻴﻞ" .وﺑﺪأ اﻵن اﳌﻌﻠﻤﻮن ﻳﺘﺠﺎدﻟﻮن ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﻢ واﺷــﺘﺪ اﻟﻨﺰاع ﺑﻴﻨﻬﻢ وﻋﻠــﺖ أﺻﻮاﺗﻬﻢ .ﻓﺨﺎف اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻣﻦ أن ﻳﺆذوا ﺑﻮﻟﺲ وﻟﺬا أﻋﺎده إﱃ اﻟﻘﻠﻌﺔ. ﱠ وﺣــﻞ اﻟﻠﻴﻞ ﻓــﺈذا ﺑﺄﺣﺪﻫﻢ ﻳــﺰور ﺑﻮﻟﺲ ﰲ اﻟﻘﻠﻌﺔ ﺑﻴﻨام ﻛﺎن ّ اﻟﻜﻞ ﻧﺎمئني .إﻧﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻓﻘﺪ ﻓﻮﺟﺊ ﺑﻮﻟﺲ ﺑــﻪ واﻗﻔﺎً إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ،وﻗﺎل اﻟﺮب ﻟﻪ" :ﺗﺸــﺠﻊ ﻳﺎ ﺑﻮﻟﺲ ،ﻓﻘﺪ ﺷــﻬﺪت ﱄ ﻫﻨﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ وﻗﺮﻳﺒﺎً ﺳﺘﺸﻬﺪ ﱄ ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ روﻣﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ اﻹﻣﱪاﻃﻮر". ٢٤٨
وﻃﻠــﻊ اﻟﺼﺒﺢ ﻛﺎﳌﻌﺘــﺎد .ﻓﺎﻧﻈﺮ ،ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬــﻢ ،وﻫﻨﺎﻟﻚ أﻛرث ﺷــﺨﺼﺎ ﻳﻬﻮد ًﻳﺎ أﻋــﺪاء ﻟﺒﻮﻟﺲ ﻣــﻦ أرﺑﻌــني ً ﻳﺘﺂﻣﺮون ﻗﺎﺋﻠني" :ﻳﺠﺐ أن ﻳﻘﺘﻞ ﺑﻮﻟﺲ .ﻧﻌﻢ، وﻧﺤﻦ ﻟﻦ ﻧﺄﻛﻞ أو ﻧﴩب ﺷﻴﺌﺎً إﱃ أن ميﻮت"، وﻫﺬا ﻣﻘﺪار ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺮﻫﻮن ﺑﻮﻟﺲ ﻓﺘﺂﻣﺮوا ﻋﲆ ﺧﻄﺔ ﴍﻳﺮة ﻓﻴﺬﻫﺒــﻮن إﱃ ﻛﺒﺎر أﻋﻀﺎء
ﺑﻘﻮل ﳾء ﻟﻠﺸﻌﺐ؟" ﻓﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﺘﻜ ّﻠﻢ. ووﻗﻒ ﺑﻮﻟﺲ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻢ ﺣﻴﺚ ﻳﺮاه اﻟﺸﻌﺐ وأﺷــﺎر إﻟﻴﻬﻢ ﻟﻴﻬﺪؤوا ﻓﺘﻮﻗﻔــﻮا ﻋﻦ اﻟﴫاخ. ﻓﺄﺧﱪﻫﻢ ﺑﻮﻟﺲ ﻋﻦ ﻣﺎﺿﻴﻪ وﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﻞ اﳌﺴــﻴﺤﻴني ﻇﻨﱠﺎ ّ ﺑﺄن ﻫﺬه إرادة ا .Ôوأﺧﱪﻫﻢ ﻛﻴﻒ ﺧﻠﺼﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻖ دﻣﺸﻖ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻋــﺪ ٍّوا ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع وأوﻻده ﺑﻞ ﺻﺎر ﻳﺤﺒﻬﻢ. وأﺧﱪﻫﻢ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻗﺎل ﻟﻪ" :ﻳﺎ ﺑﻮﻟﺲ أرﻳﺪك أن ﺗﺨﱪ اﻟﻨــﺎس ﻋﻨﻲ .ﻧﻌﻢ ،وﺣﺘﻰ ّإن ﻋﻠﻴــﻚ أن ﺗﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﻮﺛﻨﻴني ﻏري اﻟﻴﻬﻮد ﻷين أرﻳﺪ أن أﺧ ﱢﻠﺼﻬﻢ أﻳﻀﺎً.
وﻫﻨــﺎ ﻋﺎد اﻟﻴﻬﻮد ﻳﴫﺧــﻮن ﺑﻐﻀﺐ" :أزﻳﻠﻮا ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺤﻴﺎة" وﻣﺎ ﻋﺎدوا ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﻋــﻦ اﻟﴫاخ ،ﻓﻘﻠﻖ ﻗﺎﺋــﺪ اﻟﺤﺎﻣﻴﺔ وﺗﺴﺎءل ﻣﺎذا ﻓﻌﻞ ﺑﻮﻟﺲ ،وأﻣﺮ ﺟﻨﻮده ﻗﺎﺋ ًﻼ: "أدﺧﻠﻮا ﺑﻮﻟﺲ إﱃ اﻟﻘﻠﻌــﺔ واﺟﻠﺪوه ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﻘﺮ ﺑﺎﻟﺨﻄﺄ اﻟﺬي ﻋﻤﻠﻪ". ﻓﺄدﺧﻞ اﻟﺠﻨﻮد ﺑﻮﻟﺲ إﱃ اﻟﻘﻠﻌﺔ وﻟﻜﻦ ﺑﻮﻟﺲ مل ﻳﺠﻠــﺪ ،ﻷن اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺳــﻤﻊ أن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺤﻤﻞ اﳌﻮاﻃﻨﻴــﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ وﻫﺬا ﻳﻌﻨــﻲ أن ﻳﻌﺎﻣﻞ ﻛﺎﻟﺮوﻣــﺎن ،واﻟﺮوﻣــﺎين ﻻ ﻳﺠﻠــﺪ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻘﺎب .إذن ﻳﺒﻘﻰ ﺑﻮﻟﺲ ﰲ اﻟﻘﻠﻌﺔ وﰲ اﻟﻐﺪ ﻳﺤﺴــﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎم اﻷﻣﺮ مبﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻤﻠﻪ .ورمبﺎ ﻓ ّﻜﺮ ﺑﻮﻟﺲ ﻛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺎﻳﺔ اÔﺑﻪ ﺣﺴﻨﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺠﻠﺪ ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﺟﻠﺪ. ﻧﻌﻢ ّإن اﻟﺮب ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﺄوﻻده ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ أﻋﺪاؤﻫــﻢ أن ﻳﻮﻗﻌﻮا اﻷذى ﺑﻬﻢ .وﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ رﺟ ًﻼ ﻣﺒﺎرﻛﺎً ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﺤﺎوﻟﻮن أن ﻳﺆذوه.
٢٤٧
.٤٤ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ )أﻋامل ٤٠ – ٢٧ :٢١؛ (٢٩ - ١ :٢٢ واﳌﺮﺳــﻠني اﻵﺧﺮﻳﻦ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ. وﺻﻞ ﺑﻮﻟﺲ َ ﻓﻔﺮح اﻟﺮﺳــﻞ واﻷﺻﺪﻗﺎء اﻵﺧــﺮون ﺑﺮؤﻳﺘﻬﻢ. وأﺧــﺬ ﺑﻮﻟــﺲ ﻳﺨﱪﻫﻢ ﺑﻜﻞ ﻣــﺎ ﺣﺪث ﻣﻌﻪ، وﺧﺎﺻﺔ ﱠ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺮب ﻷن اﻟﺮب ﻗﺪ ﺧ ّﻠﺺ أﻧﺎﺳﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻮﺛﻨﻴني ﻣﺎ ﻋﺎدوا ً ﻳﻌﺒــﺪون اﻷﺻﻨــﺎم ﺑﻞ ﺻﺎروا ﻳﻌﺒــﺪون اﻟﺮب ﻓﻘﻂ .إﻧﻬﻢ ميﺠﺪون اﻟﺮب وﻳﻌﺒﺪوﻧﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻋامﻟﻪ اﳌﺪﻫﺸﺔ. ﺑﻌــﺪ ﻓﱰة ذﻫــﺐ ﺑﻮﻟﺲ ورﻓﺎﻗــﻪ إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ورآه ﺑﻌــﺾ اﻟﻴﻬــﻮد ﻫﻨــﺎك ﻓﻐﻀﺒــﻮا .وﺻﺎر ﻳﺘﺤﺪث ﱞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻶﺧــﺮ ﻋﻦ ﺑﻮﻟﺲ ،واﻧﻀﻢ إﻟﻴﻬــﻢ أﻧﺎس أﻛرث ﺣﺘﻰ أﺣﺪﺛﻮا ﺷــﻐ ًﺒﺎ ،وأﻟﻘﻮا اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ ﺑﻮﻟﺲ ،ﳌﺎذا؟ وﻣﺎذا ﻋﻤﻞ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا ﺑﻌﻀﺎ ّ ﻟﺒﻌﻀﻬــﻢ ً "إن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﻌ ّﻠﻢ أﻣﻮ ًرا ﴍﻳﺮة ﻋﻦ ﻧﺎﻣــﻮس ا Ôاﳌﻘ ﱠﺪس واﻟﻬﻴــﻜﻞ ﺑﻴﺖ اÔ وﻗﺪ أدﺧﻞ ﻳﻮﻧﺎﻧﻴني إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ اﳌﻘﺪس ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻐري اﻟﻴﻬﻮد" وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺬﺑﻮن ﻃﺒ ًﻌﺎ. ﻣﺎ أﻓﻈﻊ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ .وﺳﺎء اﻟﺸﻐﺐ أﻛرث ،واﻧﻀﻢ إﻟﻴﻬﻢ أﻧﺎس آﺧﺮون ﻳﴫﺧﻮن ،وأﻣﺴﻜﻮا ﺑﻮﻟﺲ وﺟــﺮوه ﺧــﺎرج اﻟﻬﻴــﻜﻞ وﺻــﺎروا ﻳﴬﺑﻮﻧﻪ ﻳﺮﻳــﺪون ﻗﺘﻠــﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺣــﴬ اﻵن؟ ﺣﴬ ﺟامﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد اﻟﺮوﻣﺎن اﻷﺷﺪاء ﻳﺘﻘﺪﻣﻬﻢ ﻗﺎﺋﺪﻫــﻢ ،ﻓﺘﻮﻗﻒ اﻟﻴﻬﻮد ﻋــﻦ ﴐب ﺑﻮﻟﺲ. ﻓﺄﻣﺮ اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺟﻨﻮده ﺑﺘﻜﺒﻴﻞ ﺑﻮﻟﺲ وﺳــﺄل ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫﺬا وﻣﺎذا ﻓﻌﻞ؟ ﻓﺼــﺎر ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﺘﻜ ﱠﻠﻢ وﻛﻠﻬﻢ ﻳﴫﺧﻮن ﺳــﻮﻳﺔ .ومل ﻳﻔﻬــﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪ أﻳﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻨﻬﻢ وﻟﺬا أﻣﺮ ﺟﻨﻮده ٢٤٦
أن ﻳﺴــﻮﻗﻮا ﺑﻮﻟﺲ إﱃ اﻟﻘﻠﻌــﺔ ﺣﻴﺚ ميﻜﺚ اﻟﺠﻨــﻮد ،وﺗﺒﻌﻪ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﺸــﻌﺐ اﻟﻐﺎﺿﺐ إﱃ ﻫﻨﺎك. وﻋﻨــﺪ وﺻﻮﻟﻬﻢ إﱃ اﻟﻘﻠﻌﺔ وأﺗﻮا ﺑﻪ إﱃ اﻟﺪرج ﺻﻌﺐ ﻋﻠﻴﻬــﻢ اﳌــﺮور ﻓﺤﻤﻠﻪ اﻟﺠﻨــﻮد ﻟﺌﻼ ﻳﻔﺘﻚ ﺑﻪ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻬﺰون ﻗﺒﻀﺎﺗﻬــﻢ وﻳﴫﺧﻮن" :اﻗﺘﻠــﻪ" .وﺻﺎر ﺑﻮﻟﺲ اﻵن ﰲ اﻟﻘﻠﻌﺔ وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻴﻬﻮد أن ﻳﺆذوه. ﻓﻘﺎل ﺑﻮﻟــﺲ ﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺠﻨﻮد" :ﻫﻞ ﻳﺴــﻤﺢ ﱄ
ﻋﻨــﺪه .وﻛﺎن ﻟﻔﻴﻠﺒﺲ أرﺑﻊ ﺑﻨﺎت ﺗﻘﻴﺎت وﻛﻦ ﻳﺘﻨﺒﺄن وﻛﻨﺎ ﻣﺤﺒﺎت ﻟﺘﺒﺸــري اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻛام ﻳﻔﻌﻞ واﻟﺪﻫﻦ .وﰲ ذات ﻳﻮم أىت رﺟﻞ اﺳﻤﻪ أﻏﺎﺑﻮس ﻟﻴﺰورﻫﻢ وﻫﻮ ﻧﺒﻲ ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب .اﻧﻈــﺮ ،ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻞ؟ أﺧﺬ أﻏﺎﺑﻮس ﺣﺰام ﺑﻮﻟﺲ ورﺑﻂ ﻳﺪي ﻧﻔﺴﻪ ورﺟﻠﻴﻪ واﻟﻜﻞ ﻳﺮاﻗﺒﻪ ﺑﺼﻤﺖ ،ﻓامذا ﻳﻌﻨــﻲ ﻫﺬا؟ ﺑﺎدر أﻏﺎﺑﻮس إﱃ اﻟــﻜﻼم ﻓﻘﺎل" :ﺳــريﺑﻂ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬا اﻟﺤﺰام ﻫﻜﺬا ﻛام أﻧﺎ ﻣﺮﺑﻮط اﻵن وﻳﺴﻠﻤﻮﻧﻪ إﱃ أﻳﺪي اﻟﺠﻨﻮد اﻟﺮوﻣﺎن". ﻛﻢ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻣﺆﺳــﻔﺎً وﻣﺤﺰﻧﺎً ،ﻓﺪﻣﻌﺖ ﻋﻴﻮن ﻛﺜريﻳــﻦ ﻷﻧﻬــﻢ ﻳﻌﺮﻓــﻮن ﱠأن أﻏﺎﺑــﻮس ﻳﻘﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻷﻧﻪ ﺧــﺎدم ا .Ôﻓﻘﺎﻟــﻮا ﻟﺒﻮﻟﺲ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ!" ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻗﺎل ﺑﻮﻟﺲ؟ "ﳌﺎذا ﺗﺒﻜﻮن؟ ﺳﺄذﻫﺐ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ﻷن ﻫﺬا ﻣــﺎ ﻳﺮﻳﺪين ا Ôأن أﻓﻌﻠﻪ ﻓﺈن ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﱄ ﻣﻦ أن أرﺑﻂ ﻓﻼ ﺑﺄس ﰲ ذﻟﻚ .ﻧﻌﻢ ،وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﲇ أن أﻣﻮت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ
ّ ﻓﻜﻞ ﻣــﺎ ﻳﺮﻳــﺪه ا Ôﺻﺎﻟﺢ" .ﻓﻌــﺮف اﻟﻨﺎس ّأن ﺑﻮﻟــﺲ ﻣﺎ زال ﻳﻨﻮي اﻟﺘﻮﺟﻪ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ ﻻ ﻣﺤﺎﻟــﺔ ،ﻓﺴــﻜﺘﻮا وﻗﺎﻟﻮا ﺑﻌﻀﻬــﻢ ﻟﺒﻌﺾ: "ﻓﻠﺘﻜﻦ ﻣﺸــﻴﺌﺔ اﻟﺮب ﻓﻴام ﻳﺮﻳﺪه أن ﻳﺤﺪث" وﺗﺎﺑﻊ ﺑﻮﻟﺲ رﺣﻠﺘﻪ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ. أﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺤﻜﻤﺔ أن ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻮﻟﺲ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ؟ أﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﺎذا ﺳــﻴﻔﻌﻠﻮن ﺑــﻪ؟ ﻧﻌﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣــﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻮﻟﺲ أن ﻳﻔﻌﻞ أﻛرث ﻣــﻦ أي ﳾء آﺧﺮ؟ إﻧــﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﻟﺮب أن ﻳﻌﻤﻞ! إﻧﻪ ﺧﺎدم ﺣﻘﻴﻘــﻲ Ôوﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﻄﻴﻊ اﻟــﺮب ﻣﻦ ّ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻪ .وﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﳾء ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺣﺴــﻦ .ﻓﻠﻨﺴﺄل اﻟﺮب أن ﻳﻬﺒﻨﺎ ﻗﻠ ًﺒﺎ ﻛﻬﺬا أﻳﻀﺎً ،ﻷﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﻂ ﺗﺴــري اﻷﻣﻮر ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺣﺴﻦ ﻣﻌﻨﺎ.
٢٤٥
.٤٣اﻟﺮﺣﻠﺔ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ )أﻋامل (٢٦ - ١٥ :٢١ ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ وﻣﺮﺳﻠﻮن آﺧﺮون ﻋﲆ ﻣنت ﺳﻔﻴﻨﺔ. وﺑﻌــﺪ إﺑﺤﺎرﻫﺎ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﻳــﺎم وﺻﻠﺖ إﱃ ﻣﺮﻓﺄ ﺑﺎﺗﺮا ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ .إمنﺎ وﺟﺪوا ﺳــﻔﻴﻨﺔ أﺧﺮى ﰲ اﳌﺮﻓﺄ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺘﻮﺟﻪ إﱃ ﺻﻮر ﻓﺄﺑﺤﺮوا ﻋﲆ ﻣﺘﻨﻬﺎ ،ووﺻﻠﻮا إﱃ ﺻﻮر وﻣﻜﺜﻮا ﻫﻨﺎك أﺳــﺒﻮﻋﺎً ﻣــﻊ اﻷﺻﺪﻗﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﺒﻮﻟﺲ" :رﺟﺎء ﻻ ﺗﺬﻫﺐ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ" ﻓﻠامذا ﻗﺎﻟﻮا ذﻟﻚ؟ ﻟﻘﺪ أﺣﺎﻃﻬﻢ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ً ﻋﻠام ﺑﺎﻷﻣﻮر اﳌﺆﺳــﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻮاﺟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺮر اﻟﺬﻫــﺎب ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل
٢٤٤
ﻓﻮدّع أﺻﺪﻗﺎءه اﻟﺬﻳﻦ ﺷــﻴﻌﻮه إﱃ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ وأﺗــﺖ ﻣﻌﻬــﻢ زوﺟﺎﺗﻬــﻢ وأوﻻدﻫــﻢ ،وﺟﺜﺎ اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻋﲆ رﻛﺒﻬــﻢ متﺎ ًﻣﺎ ﻛام ﻓﻌﻞ ﺷــﻴﻮخ أﻓﺴــﺲ ،وﺻ ّﻠﻮا ﺑــﻜﻞ وﻗﺎر إﱃ اﻟــﺮب وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ودّﻋﻮه .وﺻﻌﺪ ﺑﻮﻟﺲ واﻵﺧﺮون إﱃ ﻣنت اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻋﺎد ﺟامﻋﺔ ﺻﻮر إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ. وﰲ اﻟﻴــﻮم اﻟﺘــﺎﱄ وﺻﻠــﻮا إﱃ ﻗﻴﴫﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻠﺒﺲ اﳌﺒــﴩ ،وﻫﻮ أﻳﻀﺎً ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب وواﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻌﺔ ﻳﺒﴩ اﻟﻨﺎس ،ﻓﺄﻗﺎﻣﻮا
ﺳــﺄﺗﺎﺑﻊ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺮب ﺣﺘــﻰ وإن ﻛﺎن ﻋﲇ أن أﻣﻮت ﻓﺎﻟﺮب ﺳﻴﻌﺘﻨﻲ يب". وﳌّــﺎ ﻗﺎل ﻫﺬا ﺟﺜﺎ ﻋﲆ رﻛﺒﺘﻴــﻪ وﺟﺜﺎ اﻟﺮﺟﺎل اﻵﺧﺮون ﻣﻌﻪ ّ وﺻﲆ ﻃﺎﻟﺒﺎً ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﻢ ﻷن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻫﻮ اﻟﺮاﻋﻲ اﻟﺼﺎﻟﺢ وﺑىك اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻦ اﻟﺼﻼة .ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓــﻮا أﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳــﺮوه ﺑﻌــﺪ اﻵن ﻷن ﺑﻮﻟﺲ ﻧﻔﺴــﻪ ﻗﺎل ﻫﺬا وﻟﺬﻟﻚ ﺣﺰﻧــﻮا ﺟﺪًا .ﻓﻌﺎﻧﻘﻮا ﺑﻮﻟــﺲ وﻗ ﱠﺒﻠﻮه ﻣﻮدﱢﻋني ،ﻓﻜــﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ! ﺛﻢ ﺷﻴﻌﻮه إﱃ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺣﻴﺚ ﺻﻌﺪ إﱃ ﻣﺘﻨﻬﺎ وأﺑﺤﺮ ﻓﻴﻬﺎ.
ﺗﺮواس وأﺧﺬ ﺳﻔﻴﻨﺔ إﱃ ﻣﻴﻠﻴﺘﺲ ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ وﻣﻦ ﻫﻨﺎك أرﺳﻞ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺷﻴﻮخ أﻓﺴﺲ.
ﳌــﺎذا ﻛﺎن أوﻟﺌﻚ اﻟﻨﺎس ﻳﺤ ﱡﺒــﻮن ﺑﻮﻟﺲ ﺑﻬﺬا اﳌﻘﺪار؟ ذﻟــﻚ ﻷﻧﻪ أىت إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻜﻠﻤﺔ ا Ôوﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺧ ّﻠﺼﻬﻢ اﻟﺮب .وﺻــﺎروا ﻳﺤ ﱠﺒﻮن اﻟﺮب وﺧﺎدﻣﻪ ﺑﻮﻟﺲ أﻳﻀﺎً .ﻓﻜﻢ ﺗﻜﻮن ﻣﺒﺎرﻛﺎً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳــﺘﺤﺐ أوﻻد اﻟﺮب ﺛــﻢ ﱡ ﱡ ﺗﺤــﺐ اﻟﺮب! وﻣﻦ ﱠ ُ وﺧ ﱠﺪاﻣﻪ أﻳﻀﺎً.
ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻮا ﻗﺎل ﻟﻬﻢ" :ﺗﻌﻠﻤﻮن إين ﻋﺸــﺖ ﻣﻌﻜﻢ ﺛﻼث ﺳــﻨﻮات أﻋــﻆ وأﻋ ّﻠﻢ وﻗﺪ ﺣﻮل اﻟــﺮب أﻧﺎﺳــﺎً ﻛﺜريﻳﻦ إﱃ اﻹميــﺎن ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﻌﺘﻨﻮا ﺑﺎﻟﺸــﻌﺐ ﻛام ﻳﻌﺘﻨــﻲ اﻟﺮاﻋﻲ ﺑﺨﺮاﻓﻪ ﻓﻬﻢ ﺧــﺮاف اﻟــﺮب وﻗــﺪ أﻋﻄﺎﻫــﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ. ﺳﻴﺄﺗﻴﻜﻢ أﻋﺪاء وﺳﻴﺤﺎوﻟﻮن ﺟﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﺮب ﻛﺎﻟﺬﺋﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻄﻒ اﻟﺨﺮاف ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻴﻊ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺴﻬﺮوا ﻋﻠﻴﻬﻢ .وأﻧﺎ ذاﻫﺐ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ وﻗﺪ أﺧﱪين اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ّأن ﻣﺸﻘﺎت ﺗﻨﺘﻈﺮين ﻫﻨﺎك وﻫﺬا ﻏري ﻣﻬﻢ ﻷين ٢٤٣
.٤٢ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﺗﺮواس )أﻋامل (٣٨ - ٧ :٢٠ وﺗﺎﺑــﻊ ﺑﻮﻟﺲ رﺣﻠﺘﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﺸــﻐﺐ اﻟﺼﺎﺧﺐ اﻟــﺬي ﺣﺪث ﰲ أﻓﺴــﺲ وزار ﻣﺪ ًﻧــﺎ ﻋﺪﻳﺪة ﴎ اﻷﺧﻮة ﻛﺎن ﻗــﺪ زارﻫﺎ ﰲ اﻟﺴــﺎﺑﻖ وﻗــﺪ ُ ﱠ ﰲ اﻟﻜﻨﺎﺋــﺲ ﺑﻬﺬه اﻟﺰﻳــﺎرات ،ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﱃ ﺗﺮواس وﻣﻜﺚ ﻫﻨﺎك أﺳﺒﻮﻋﺎً وﻛﺎن ﰲ ﺗﺮواس ً أﻳﻀﺎ ﻛﻨﻴﺴــﺔ ورﻋ ّﻴﺔ ﻷن ﺑﻮﻟﺲ ﻛﺎن ﻗﺪ زارﻫﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ. وﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﺄﺗﻮن ﻳﻮم اﻷﺣﺪ إﱃ ﻋُ ﻠ ّﻴﺔ واﺳﻌﺔ اﳌﺴــﺎﺣﺔ ﻋﲆ ﺳــﻄﺢ أﺣــﺪ اﳌﻨــﺎزل ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮن ﺑﻮﻗﺎر إﱃ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺛﻬــﻢ ﺑﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻈﻬﻢ ﻣــﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ،ﻛﻠﻤﺔ ا.Ô وﺻــﺎر اﻟﻮﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧ ًﺮا ﱠ ﻓﺤﻞ اﻟﻈﻼم وأﺷــﻌﻠﺖ اﻷﺿﻮاء وﺑﻮﻟﺲ ﻣﺎ زال ﻳﺨﺎﻃﺒﻬﻢ أﻛرث واﻟﻨﺎس ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮن ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺳــﻴﺘﺎﺑﻊ رﺣﻠﺘﻪ ﰲ ﻳﻮم اﻟﻐﺪ ﻓﻼ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮا إﻟﻴﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. ﻓﺘﻰ ﺟﺎﻟﺴــﺎً ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎﻓﺬة واﻧﻈﺮ ،ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ً ﻟيك ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺑﻮﻟﺲ ﰲ وﻋﻈﻪ ﻟﻬﻢ وﻛﺎن ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺑﻬﺪوء ﻟﻜﻦ ﻓﺠﺄة ﻧﻌﺲ وﻛ ّﻠﺖ ﺟﻔﻮﻧﻪ ﻓﺄﻏﻠﻖ ﻋﻴﻨﻴــﻪ وﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴــﻪ اﻟﻨــﻮم ﻷن اﻟﻮﻗﺖ ﺻﺎر ﻣﻨﺘﺼــﻒ اﻟﻠﻴﻞ ،ﻓامذا ﺣــﺪث؟ مل ﻳﻌﺪ اﻟﻔﺘﻰ ﻳﺘﻤﺴــﻚ ﺟﻴﺪاً ﻓﺴﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة إﱃ أﺳﻔﻞ. ﻓﺴــﻤﻊ ﺻﻮت ﺧﺒﻄﺔ واﺳــﺘﻠﻘﻰ ﻋﲆ اﻷرض. ﻓﺄﺻﺎﺑــﺖ اﻟﻨﺎس ﺻﺪﻣﺔ وﺗﻮﻗــﻒ ﺑﻮﻟﺲ ﻋﻦ اﻟﻮﻋﻆ ورﻛﺾ ﺑﻌــﺾ اﻟﺮﺟﺎل إﱃ اﻟﻔﺘﻰ ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﻜﻦ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﺤﻤﻠــﻮه ﻣﻴﺘﺎً ،وﻛﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺆﳌــﺎًَ .ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ ﺑﻮﻟﺲ ورأى اﻟﻔﺘﻰ ﻣ ّﻴﺘًﺎ ،ﻓامذا ٢٤٢
ﺳــﻴﻔﻌﻞ اﻵن؟ ارمتــﻰ ﻋﻠﻴــﻪ وﺣﻀﻨــﻪ وﻗﺎل ﻟﻠﻨــﺎس" :ﻻ ﺗﻘﻠﻘﻮا ّ ﻓﺈن ﻧﻔﺴــﻪ ﻓﻴــﻪ" ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ّأن اﻟﻔﺘﻰ ﺣﻲ! ﻓام أﻋﻈﻢ ﻫﺬه اﳌﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻟــﺮب .ﻟﻘﺪ ﻋﻤﻞ اﻟﺮب ﻛﻞ ﳾء ﺣﺴﻨًﺎ .وﺻﻌﺪ ﺑﻮﻟﺲ ﺛﺎﻧﻴﺔ إﱃ ﻓﻮق ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﻓﻜﴪوا ﺧﺒﺰًا وأﻛﻠــﻮا وﺗﻜﻠﻢ ﻛﺜ ًريا إﱃ أن ﺟﺎز اﻟﻠﻴــﻞ واﺑﺘﺪأ ﻳﻮم ﺟﺪﻳﺪ .ﺛﻢ ودّع ﺑﻮﻟﺲ أﻫﻞ
اﳌﺤﻔﻞ ﻣﻀﻄﺮ ًﺑــﺎ وﺑﻌﺾ اﻟﻨــﺎس ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﳌــﺎذا اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﺼﻴﺤﻮن .ودﻓﻊ ﺷﺨﺼﺎ ﻳﻬﻮد ًﻳﺎ اﺳﻤﻪ اﺳﻜﻨﺪر ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻴﻬﻮد ً أن ﻳﴩح اﻷﻣﺮ ﻟﻜﻦ اﻟﺠﻤﻊ مل ﻳﺴﻜﺘﻮا ﻟﻺﺻﻐﺎء ﻟﻪ ﺑــﻞ ازداد ﺻﻴﺎﺣﻬﻢ "اﻟﻌﻈﻤــﺔ ﻷرﻃﺎﻣﻴﺲ إﻟﻬﺔ أﻓﺴﺲ" ﻣﺪة ﺳﺎﻋﺘني! وﺧــﺮج رﺟﻞ ذو ﻣﺮﻛﺰ ﻋﺎلٍ ﻣــﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻬ ّﺪأ اﻟﺠﻤﻮع اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ" :ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻳﻌﻠــﻢ ّأن أرﻃﺎﻣﻴﺲ ﻫــﻲ إﻟﻬﺘﻨــﺎ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، وﻫﻲ ﺗﺤﺮس اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺠﻤﻴــﻞ وﻫﻨﺎﻟﻚ ﺻﻨﻢ أرﻃﺎﻣﻴﺲ اﻟﺬي ﻫﺒﻂ ﻣﻦ اﻟﺴامء وﻟﺬا ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﻬﺪؤوا ،ﻓــامذا ﻓﻌﻞ ﻫﺬﻳــﻦ اﻟﺮﺟﻠني؟ مل ﻳﻘﱰﻓﺎ إمثﺎً ومل ﻳﺴــﻴﺌﺎ إﱃ أرﻃﺎﻣﻴﺲ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن دميﱰﻳﻮس واﻟﺼ ّﻴﺎغ اﻵﺧﺮون ﻳﻈﻨﻮن ّأن ﻫﺬﻳﻦ
اﻗﱰﻓــﺎ ذﻧ ًﺒﺎ ﻓﻴﻤﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﺸــﺘﻜﻮا إﱃ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻬــﻮ اﻟﻘــﺎﴈ اﻟﺬي ﻳﻔﺼــﻞ ﰲ اﻷﻣــﺮ .ﻧﻌﻢ، وﻣــﺎ اﻟﺬي ميﻜﻦ أن ﻳﺤﺼﻞ ً أﻳﻀﺎ؟ ﻗﺪ ﻳﺴــﻤﻊ اﻹﻣﱪاﻃــﻮر أﻧﻜﻢ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﴫﺧــﻮن وﺗﺤﺘﺠﻮن ﻛﺜ ًريا وﻳﻈﻦ أﻧﻜﻢ ﺗﺜريون اﻟﺸــﻐﺐ وﻗﺪ ﻳﻮﻗﻊ ﻋﻘﺎﺑــﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻠﻨــﺎ" ﻓﺄﻃﺎﻋﻪ اﻟﻨــﺎس وﻋﺎدوا أدراﺟﻬﻢ إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺑﻬﺪوء. ﻟﻘﺪ ادﻋــﻰ دميﱰﻳﻮس أﻧﻪ ﻗﺪ اﻧﺰﻋﺞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻛﺮاﻣﺔ أرﻃﺎﻣﻴﺲ ،ﻟﻜﻨﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﺎن ﻣﺴــﺘﺎ ًء ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻔﺴﻪ وﳌﺼﻠﺤﺘﻪ ﻷن ﻣﻜﺎﺳﺒﻪ اﳌﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺪ ّﻧﺖ .ﻟﻘﺪ ﺣﺎول أن ﻳﺨﺪع اﻟﺸﻌﺐ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺨــﺪع اﻟﺮب ،ﻓﺎﻟــﺮب ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻘﺎﺻﺪﻧﺎ ﺣﺘــﻰ وإن ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻬﺎ، وﻳﻌﺮف ﻣﺎ ﰲ دواﺧﻞ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ أن ﻻ ﻧﻨﴗ ذﻟﻚ أﺑﺪًا.
٢٤١
.٤١دميﱰﻳﻮس ﺻﺎﺋﻎ اﻟﻔﻀﺔ )أﻋامل (٤٠ - ٢١ :١٩ ﻛﺎن دميﱰﻳﻮس ﺻﺎﺋﻎ ﻓﻀﺔ ﺣﺎذق ﻣﺎﻫﺮ ﻳﻌﻴﺶ ﰲ أﻓﺴﺲ وﻳﻌﻤﻞ أﺷــﻴﺎء ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ، ﻓﻬﻞ ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﺼﻨﻌﻪ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ؟ ﻛﺎن ﻳﺼﻨﻊ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﻓﻀﺔ ﺻﻐرية ﻟﻺﻟﻬــﺔ أرﻃﺎﻣﻴﺲ .ﻧﻌﻢ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﰲ أﻓﺴﺲ ﻫﻴﻜﻞ ﺟﻤﻴﻞ ﻣﺒﻨﻲ ﻟﻺﻟﻬﺔ أرﻃﺎﻣﻴــﺲ ،ودميﱰﻳﻮس ﻳﺼﻨﻊ ﻧﺴــﺦ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﻣﺼﻐﺮة ﻋﲆ ﺷــﻜﻞ ﻫﻴﻜﻞ أرﻃﺎﻣﻴﺲ وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﺸﱰون ﻫﺬه اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﻔﻀﻴﺔ اﳌﺼﻐﺮة ﻟﻴﺤﻔﻈﻮﻫﺎ ﰲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺒﺪون اﻹﻟﻬــﺔ أرﻃﺎﻣﻴﺲ ،وﻛﺎن دميﱰﻳﻮس ﻳﻜﺴــﺐ أﻣــﻮاﻻً ﻛﺜرية ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﻣﺜﻠﻪ اﻟﺼ ّﻴﺎغ اﻵﺧﺮون ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ. ﺛﻢ ﺟﺎء ﺑﻮﻟــﺲ إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻓﺘﺤﻮل اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس إﱃ اﻟﻠﻪ ﻓﻼ ﻳﻌﺒــﺪون أرﻃﺎﻣﻴﺲ ﺑﻌﺪ اﻵن ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺒــﺪون ا Ôوﺑﺎﻟﺘــﺎﱄ مل ﻳﻌﻮدوا ﻳﺸــﱰون ﺗﻠــﻚ اﻟﻬﻴــﺎﻛﻞ اﳌﺼﻐــﺮة ،وﻣﺎ ﻋﺎد ﺑﺈﻣــﻜﺎن دميﱰﻳﻮس أن ﻳﺒﻴﻊ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﻔﻀﻴﺔ ﻛﺎﻟﺴــﺎﺑﻖ ﻓﻨﻘﺺ دﺧﻠﻪ ﻣﻦ اﳌﺎل ﻣﻊ ﻧﻘــﺺ ﻣﺒﻴﻌﺎﺗﻪ .وﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌــﻲ أن ﻻ ﻳﻌﺠﺒﻪ ﻫــﺬا اﻷﻣﺮ وﻟﺬا رأى أن ﻳﺘﺤــﺪّث ﻣﻊ اﻟﺼ ّﻴﺎغ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ" :ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﳌﺎذا مل ﻧﻌﺪ ﻧﺒﻴﻊ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﻓﻀﻴﺔ ﻣﺼﻐﺮة ﻛام ﰲ اﻟﺴﺎﺑﻖ؟ إﻧﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺑﻮﻟﺲ اﻟﺬي ﻳﻘﻮل ﻟﻠﻨﺎس ّإن أرﻃﺎﻣﻴﺲ ﻟﻴﺴــﺖ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ إﻟﻬﺔ وﻗــﺪ ﺻﺪﻗﻪ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ورمبــﺎ ﻟﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻳﻌﺒﺪ أرﻃﺎﻣﻴﺲ ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﻳﺐ. أوﻣﺄ اﻟﺼ ّﻴﺎغ ﺑﺮؤوﺳﻬﻢ ﻣﻮاﻓﻘني ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ٢٤٠
دميﱰﻳــﻮس وﻏﻀﺒــﻮا ﻛﺜرياً ﻋــﲆ ﺑﻮﻟﺲ .ﻫﻞ ﺗﺴــﻤﻌﻬﻢ؟ ﻟﻘــﺪ ﻃﻔﻘﻮا ﻳﺼﻴﺤــﻮن ﺑﺼﻮت ﺻﺎﺧــﺐ واﻧﻀــﻢ إﻟﻴﻬــﻢ آﺧــﺮون أﻳﻀــﺎً ﰲ ﺻﻴﺎﺣﻬﻢ " :اﻟﻌﻈﻤﺔ ﻷرﻃﺎﻣﻴﺲ إﻟﻬﺔ أﻓﺴﺲ". واﻧﻈﺮ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺷــﺨﺼﺎن واﻗﻔﺎن ﻫام ﺻﺪﻳﻘﺎن ﻟﺒﻮﻟﺲ ﻓﺨﻄﻔﻮﻫام وﻗﺪ ﺳــﻤﻊ ﺑﻮﻟﺲ اﻟﺼﻴﺎح وﺳــﻤﻊ ﻛﻴﻒ أﺧﺬوا رﻓﻴﻘﻴﻪ ،ﻓﺄراد أن ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﺠﻤﻮع ﻟﻜــﻦ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻗﺎﻟﻮا" :ﻛﻼ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ ﻳﺎ ﺑﻮﻟﺲ" ﻷﻧﻬﻢ ﻗﻠﻘﻮا ﻋﲆ ﻣﺎ ميﻜﻦ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻟﺒﻮﻟﺲ إذا واﺟﻪ اﻟﺠﻤﻮع. واﺟﺘﻤــﻊ ﻛﺜــريون واﺳــﺘﻤﺮوا ﺑﺎﻟﺼﻴﺎح ﻓﻜﺎن
ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻴﺴــﻮا ﺧﺪا ًﻣــﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴني ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع ﻓام ﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﻌﻴﻨﻬــﻢ وﻻ ﻳﻄﻴﻌﻬﻢ اﻟﺸــﻴﻄﺎن .ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث .ﻳﴬﺑﻬﻢ اﻟﺮﺟﻞ ذو اﻟــﺮوح اﻟﴩﻳــﺮ ﺑﻘــﺪر ﻣﺎ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺼﻴﺒﻬــﻢ ﺑﻘﻮة وﴍاﺳــﺔ ﺣﺘﻰ ميــﺰق ﺛﻴﺎﺑﻬﻢ وﻣﻦ ﺣﺴــﻦ ﺣﻈﻬﻢ أن ﻳﺘﻤﻜﻨــﻮا ﻣﻦ اﻟﻬﺮب. وﺳــﻤﻊ ّ اﻟﻜﻞ ﺑﻬــﺬا وﻋﻠﻤــﻮا ّأن ﺑﻮﻟﺲ ﻓﻘﻂ ﻛﺎن ﺧﺎدﻣﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً ﻟﻠﺮب ﻳﺴﻮع .وﻋﻤﻞ اﻟﺮب ﻣﻌﺠــﺰات ﻛﺜرية ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻛﺜــري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺗﺤﻮﻟﻮا ﻟﻺميــﺎن ﺑﺎﻟﺮب ﻟﻴﻤﺠــﺪوه وﻳﻌﺒﺪوه. ﻧﻌﻢ ،ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن. واﻧﻈــﺮ ،ﻓــامذا ﻳﺤــﺪث ﻫﻨﺎك؟ إﻧــﻪ ﺣﺮﻳﻖ واﻟﻨــﺎس ﻳﺮاﻗﺒــﻮن .وﻛﺜــريون ﻳﺄﺗــﻮن ﺑﻜﺘﺐ اﻟﺴــﺤﺮ واﻟﺸــﻌﻮذة اﻟﴩﻳﺮة وﻳﺤﺮﻗﻮﻧﻬﺎ ﻣﻊ أﻧﻬــﺎ ﻏﺎﻟﻴﺔ اﻟﺜﻤﻦ ،وﻛﺎﻧﻮا اﻋﺘﺎدوا ﻋﲆ ﻗﺮاءﺗﻬﺎ ﻟﻠﻤﺘﻌﺔ ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪ اﻵن ،ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺻﺎر ﻟﻬــﻢ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ وﻟﺬا ﻻ ﻳﺮﻳــﺪون أن ﻳﻘﺮؤوا ﻛﺘﺐ اﻟﺨﻄﻴﺔ ﺑﻌــﺪ اﻵن وﻻ أن ﻳﺤﺘﻔﻈﻮا ﺑﻬﺎ ﰲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ .وﺻﺎروا اﻵن ﻳﺤﺒﻮن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺄﻋامل ردﻳﺌﺔ أو ﻳﻘﺮؤوا ﻛﺘﺐ اﻟﴩ .وﻫــﺬا ُﻳﻈﻬﺮ أ ّﻧﻬﻢ ﺻﺎروا ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺆﻣﻨني. وﻫﻨﺎﻟــﻚ اﻟﻴﻮم ﻛﺘﺐ ﴍﻳﺮة ﺣﻮﻟﻨﺎ أﻳﻀﺎً .ﻛﺘﺐ ﻣﻠﻴﺌــﺔ ﺑﺎﻷﻣــﻮر اﻵمثــﺔ ،ﺑﺎﻟﻔﺠــﻮر واﻟﺨﻄﻴﺔ، ﻓﻴﺠــﺐ أن منﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﻗﺮاءﺗﻬــﺎ ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﴪ. ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌــﺎذا؟ ﻷن ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣــﻸى ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺔ وﺳــﺘﺼﺒﺢ أﻛرث ً ﴍا واﻣﺘﻼء ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺔ إذا ﻗﺮأﻧﺎ
ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ وﻟﻬﺬا ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ اﻟﺮب أن ﻧﻘﺮأﻫﺎ.
٢٣٩
.٤٠ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أﻓﺴﺲ )أﻋامل (٢٠ - ١ :١٩ وﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻮﻟﺲ ﰲ رﺣﻠﺔ ﺗﺒﺸريﻳﺔ وﻳﺴــﺎﻓﺮ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﻓﺴﺲ .وﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ زارﻫــﺎ ﻟﻔﱰة ﻗﺼرية ﰲ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴــﺎﺑﻘﺔ؟ ﻟﻘﺪ وﻋﺪﻫــﻢ أن ﻳﻌﻮد إﻟﻴﻬﻢ وﻫﺎ ﻫــﻮ ﻳﻌﻮد إﱃ أﻓﺴﺲ. وﻳﺤــﺪث اﻟــﴚء ﻧﻔﺴــﻪ ﻫﻨﺎ ﻛــام ﰲ اﳌﺪن اﻷﺧــﺮى ،ﻓﺒﻮﻟﺲ ﻳﺒــﴩ ﰲ اﳌﺠﻤــﻊ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺆﻣﻦ مبﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ وﻳﺘﻌ ّﻤﺪون ﱡ وﻳﺤــﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘــﺪس ﻟﻴﺴــﻜﻦ ﻓﻴﻬﻢ .ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟــﻚ ﻛﺜــري ﻣــﻦ اﻟﻴﻬــﻮد ﻻ ﻳﺮﻳــﺪون أن ﻳﺆﻣﻨﻮا وﻳﻘﻮﻟﻮن ّإن ﺑﻮﻟﺲ ﻏﺸــﺎش وﻣﺨﺎدع، وﻳﺤﺮﺿﻮن أﻧﺎﺳﺎً آﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻴﻪ وﻫﻜﺬا ﻻ ﻳﻌﻮد ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻠﺤﻀــﻮر إﱃ اﳌﺠﻤﻊ .ﻟﻜﻨﻪ أﺧﺬ ﻳﺒﴩ اﻵﺧﺮﻳﻦ ّ ﻛﻞ ﻳﻮم ﰲ ﻣﺪرﺳــﺔ إﻧﺴــﺎن اﺳــﻤﻪ ﺗريا ّﻧــﺲ وﺑﻘﻲ ﻫﻜﺬا ﻣﺪة ﺳــﻨﺘني .وﻗﺪ ﺑﺎرك اﻟﺮب اﻟﺘﺒﺸــري اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑــﻪ ﺑﻮﻟﺲ وﺗﺤﻮل أﻧﺎس ﻛﺜريون إﱃ اﻹميﺎن ﻣﻦ ﻳﻬﻮد ووﺛﻨﻴني إذ ﻛﺎن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻟﺤﻀﻮر إﱃ اﳌﺪرﺳﺔ. ووﻫﺐ اﻟﺮب ﺑﻮﻟﺲ أن ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻌﺠﺰات ً أﻳﻀﺎ ﻓﺘــﺰول اﻷﻣﺮاض ﻋﻦ اﳌــﺮﴇ وﺗﺨﺮج اﻷرواح اﻟﴩﻳﺮة .ﻓﻬــﺆﻻء اﻟﻨﺎس ﻟﻬــﻢ أﻣﺰﺟﺔ ﻏﺎﺿﺒﺔ وﻳﺼﺒﺤﻮن ﴍﺳــني وﻳﻔﻘﺪون اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻛام ﻟﻮ ﻓﻘﺪوا ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ،ﻓﻴﻘﻮل ﺑﻮﻟﺲ ّإن ﻋﲆ اﻟﺸــﻴﻄﺎن أن ﻳﺨﺮج ﺑﺎﺳــﻢ اﳌﺴــﻴﺢ، ﻓﻴﻄﻴﻊ اﻟﺸــﻴﻄﺎن أﻣﺮ ا Ôﻟﻪ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر .وﻫﻞ ٢٣٨
ﺗﻌﻠﻢ ﻛﻴــﻒ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﺸــﻔﻮن ً أﻳﻀﺎ؟ ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺴــﺘﺨﺪم ﻣﻨﺎدﻳﻞ ميﺴــﺢ ﺑﻬــﺎ اﻟﻌﺮق ﻋﻦ وﺟﻬــﻪ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠــﻪ ﺑﺼﻨﺎﻋــﺔ اﻟﺨﻴﺎم أو ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻋﲆ ﺣﻀﻨﻪ ﻛام ﻧﺴــﺘﺨﺪم ﻧﺤﻦ اﳌﺂزر ﻓــﻜﺎن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﻫﺬه اﻷﻗﻤﺸــﺔ ﻟﻠﻤﺮﴇ ﻟﻴﻀﻌﻮﻫﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻴﺸﻔﻮن .وﻫﺬا ﻳﺤﺪث ً أﻳﻀﺎ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺑﻬﻢ أرواح ﴍﻳﺮة ﻓﺘﺨﺮج ﻣﻨﻬﻢ. وأىت ﺑﻌــﺾ اﻟﻨﺎس إﱃ أﻓﺴــﺲ وﺣﺎوﻟﻮا ﻋﻤﻞ ﻣﻌﺠﺰات ﻣﺜــﻞ ﺑﻮﻟﺲ ،وأﺧﺬوا ﻳﺄﻣﺮون اﻟﺮوح اﻟﴩﻳــﺮ ﺑﺎﻟﺨﺮوج ﺑﺎﺳــﻢ اﳌﺴــﻴﺢ ﻛام ﻳﻔﻌﻞ
ﺑــﻪ إﱃ اﻟــﻮاﱄ اﻟــﺬي ﻳﺤﻜﻢ اﳌﺪﻳﻨﺔ واﺳــﻤﻪ ﻏﺎﻟﻴــﻮن ﻣﻌﺘﻘﺪﻳﻦ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﻮﻟﺲ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻓﻌﻞ ﺑﻮﻟﺲ؟ ﻗﺎل اﻟﻴﻬﻮدّ : "إن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺴــﺘﻤﻴﻞ اﻟﻨﺎس ﻟﻴﻌﺒــﺪوا اﻟﻠﻪ ﺑﺨﻼف اﻟﻨﺎﻣﻮس" .ﻓام ﻫﺬه اﻷﻛﺎذﻳﺐ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻬﺎ! وأراد ﺑﻮﻟﺲ أن ﻳﻘﻮل ﺷــﻴﺌﺎً ﻟﻜﻦ ﻏﺎﻟﻴﻮن ﻗﺎل: "ﻟﻮ ﻋﻤﻞ ﻫﺬا ﺷﻴﺌﺎً ردﻳﺌﺎً ﻟﻜﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ، ﻟﻜﻦ ﻃﺎﳌﺎ اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠــﻖ ﺑﻌﺒﺎدة إﻟﻬﻜﻢ ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﻋﺮف ﺷﻴﺌًﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﺨﺼﻮص" إذن ،ﻻ ﻳﺮﻳــﺪ ﻏﺎﻟﻴــﻮن أن ﻳﻌﺎﻗــﺐ ﺑﻮﻟــﺲ ﻓﻄﺮدﻫﻢ ﻣــﻦ اﳌﺤﻜﻤﺔ وﻋــﺎدوا إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺧﺎﺋﺒــني .واﻧﻈــﺮ ،ﻣﺎذا ﻳﺤــﺪث ﻓﺠامﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس ﻏري اﻟﻴﻬــﻮد ﻗﺪ ﻏﻀﺒﻮا ﻋــﲆ اﻟﻴﻬﻮد، ﻷن اﻟﻴﻬــﻮد أﺛﺎروا ﻫﺬا اﻟﺸــﻐﺐ! ﻓﺄﻣﺴــﻜﻮا ﺳﻮﺳــﺘﺎﻧﻴﺲ رﺋﻴــﺲ اﳌﺠﻤﻊ وﴐﺑــﻮه ﻗﺪام اﳌﺤﻜﻤــﺔ وﻗﺪ رآﻫــﻢ ﻏﺎﻟﻴﻮن ﻟﻜﻨــﻪ مل ﻳﺒﺎلِ
ﺑﺎﻷﻣــﺮ ،وﺗﺮﻛﻬﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻣــﺎ ﻳﺮﻳﺪون ،ﻏري ّأن ﻫﺬا مل ﻳﻜﻦ اﻟﺘﴫف اﻟﺼﺤﻴﺢ. وﺑﻘــﻲ ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﻛﻮرﻧﺜــﻮس أﻳﺎ ًﻣﺎ ﻛﺜرية ﺛﻢ ودّع اﻹﺧﻮة وﺗﺎﺑﻊ ﺳــﻔﺮه إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﻓﺴــﺲ .وﺑﻘﻲ ﻫﻨﺎك ﻣﺪة ﻗﺼرية ،ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻴﻬﻮد أن ﻳﺒﻘﻰ ﻣﺪة أﻃﻮل وﻟﻜﻨﻪ ﻗــﺎل ﻣﻌﺘﺬ ًرا" :أرﻳﺪ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ ﻟﻼﺣﺘﻔــﺎل ﺑﺎﻟﻔﺼﺢ ﻟﻜﻦ ﺳــﺄﻋﻮد إﻟﻴﻜــﻢ إن ﺷــﺎء ا ،"Ôوﻏﺎدر ﻣﻦ أﻓﺴــﺲ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ رﺟــﻊ إﱃ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ ،وﻛام ﺗﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﺑــﺪأ رﺣﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﻫﻨــﺎك وﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﺘﺒﺸريﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ. ﻫﺬا وﻗــﺪ ﻛﺎن أﻋﺪاء ﺑﻮﻟــﺲ ﻳﻀﺎﻳﻘﻮﻧﻪ ﰲ ﻛﻞ اﻷوﻗﺎت وﻟﻜﻦ اﻟــﺮب ﻛﺎن ﻳﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﱢ ﻛﻞ ﻣﺮة .ﻧﻌﻢ ،إن اﻟﺮب ﻳﻌﻴﻨﻚ دامئﺎً ﺣني ﺗﻜﻮن اﺑﻨﻪ.
٢٣٧
.٣٩ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﻛﻮرﻧﺜﻮس )أﻋامل (١٧ - ١ :١٨ واﻧﺘﻘــﻞ ﺑﻮﻟــﺲ إﱃ اﳌﺪﻳﻨــﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴــﺔ وﻫــﻲ ﻛﻮرﻧﺜﻮس ،ﻓﻮﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ رﺟ ًﻼ ﻳﻬﻮد ّﻳﺎً اﺳﻤﻪ أﻛﻴﻼ واﺳﻢ زوﺟﺘﻪ ﺑﺮﻳﺴﻜ ّﻼ ﻳﻌﻤﻼن ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺨﻴﺎم، ﻓﺎﺳﺘﻄﺎع ﺑﻮﻟﺲ أن ميﻜﺚ ﰲ ﺑﻴﺘﻬام وﻫام ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻬﻨﺘﻪ وﻫﻜﺬا ميﻜﻨﻪ ﻣﺴــﺎﻋﺪﺗﻬام ﻓﻜﺎن اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻛﻞ ﻳﻮم.
وﰲ ﻳﻮم اﻷﺣــﺪ ﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ اﳌﺠﻤﻊ ،ﻛﻨﻴﺴــﺔ اﻟﻴﻬﻮد ،وﻗﺪ وﺻﻞ ﺳــﻴﻼ وﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس أﻳﻀﺎً إﱃ ﻛﻮرﻧﺜﻮس .وﺻﺎر ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺒﴩ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﳌﺠﻤﻊ ﻋــﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻟﻜﻦ اﻟﻴﻬــﻮد مل ﻳﺮﻳﺪوا أن ﻳﺴﺘﻤﻌﻮا ،ﻓﻴﺬﻫﺐ ﺑﻮﻟﺲ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ إﱃ ﻏري اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻜﺎن ﻳﺒﴩ ﰲ ﺑﻴﺖ ﻳﻮﺳــﺘﺲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻮﻧﺎﻧ ّﻴﺎً ﻣﺘﻌ ّﺒﺪًا ،Ôوﺑﻴﺘﻪ ﻣﻼﺻﻖ ﻟﻠﻤﺠﻤﻊ .وﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺒﴩ ﻟﻜﻦ أﻫﻞ ﻛﻮرﻧﺜﻮس ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻠﺤﺪﻳﻦ ،ﻓﻬﻞ
٢٣٦
ﺗﺮاﻫﻢ ﻳﺘﺤﻮﻟﻮن إﱃ اﻟﺮب؟ وﰲ أﺣﺪ اﻟﻠﻴﺎﱄ ﻗﺎل اﻟﺮب ﻟﺒﻮﻟﺲ" :ﻻ ﺗﺨﻒ ﺑﻞ ﺗﻜ ّﻠﻢ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻌﻚ وﻟﻦ ﻳﺆذﻳــﻚ أﺣﺪ وﻛﺜري ﻣﻦ اﳌﻠﺤﺪﻳﻦ ﻏري اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﻫﺬه اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺳﻴﺨﻠﺼﻮن". وﻛﺎن ذﻟــﻚ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌــﻞ ﻓﻜﺜري ﻣﻦ ﻏري اﻟﻴﻬﻮد آﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟﺮب وﺗﻌ ّﻤﺪوا ،وﺗﺸﻜﻠﺖ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع. ﻓﻜﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪرة اﻟﺮب ﻋﻈﻴﻤﺔ! وﻣﻜﺚ ﺑﻮﻟﺲ وﺳــﻴﻼ وﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس ﻓــﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﰲ ﻛﻮرﻧﺜﻮس ﺑﻠﻐﺖ ﺳــﻨﺔ وﺳــﺘﺔ أﺷــﻬﺮ ﺣﺪث ﺑﻌﺪﻫﺎ أﻣﺮ ﻓﻈﻴﻊ ،ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ ﻋﺼﻴﺎن ﺿﺪ ﺑﻮﻟﺲ ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ. ﻓﺎﻟﻴﻬﻮد وﻫﻢ أﻋــﺪاء ﺑﻮﻟﺲ ﻗﺒﻀﻮا ﻋﻠﻴﻪ وأﺗﻮا
ﺑﺎﺳــﻢ "ﺗﻞ اﳌﺮﻳﺦ" ،وﻫﻨــﺎك ﺗﺨﱪﻧﺎ ﻋام ﺗﺮﻳﺪ اﻟﺘﺤﺪث ﻋﻨﻪ". ﴪ ﺑﻮﻟــﺲ أن ﻳﺬﻫﺐ ﻣﻌﻬﻢ وﺑﺎﻟﻄﺒــﻊ ﻛﺎن ُﻳ ّ إﱃ أرﻳــﻮس ﺑﺎﻏــﻮس وﻫــﻲ ﺗﻞ ﻛﺒري ﺳــﻤﻲ ﻋﲆ اﺳــﻢ ﻛﻮﻛــﺐ اﳌﺮﻳــﺦ ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻋﲆ اﻟﺘﻞ ﺑﻨــﺎء ﺟﻤﻴــﻞ ميﺎﺛﻞ ﺻــﺎﻻت اﳌﺪﻳﻨﺔ ﰲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻓﻬﻨﺎك ﻳﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﻼﺳــﻔﺔ ﻟﻴﺘﻨﺎﻗﺸــﻮا ﰲ اﻷﻣــﻮر اﻟﺼﻌﺒﺔ .وﻗــﺪ ﺑﺪأ ﺑﻮﻟــﺲ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪث ووﻗــﻒ أﻧﺎس ﻛﺜريون ﻟﻴﺴــﺘﻤﻌﻮا إﻟﻴﻪ ،وﺻﺎر ﻳﻘﻮل" :أﻳﻬﺎ اﻟﺮﺟــﺎل اﻷﺛﻴﻨﻴﻮن ،ﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﰲ
ﻣﺪﻳﻨﺘﻜﻢ ﻣﻌﺎﺑﺪ ﺟﻤﻴﻠــﺔ وأﺻﻨﺎم ﻣﺬاﺑﺢ وﻗﺪ رأﻳﺖ أﺳامء اﻵﻟﻬﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻗﺪ رأﻳﺖ ﻣﺬﺑﺤﺎً ﻣﻜﺘﻮﺑﺎً ﻋﻠﻴﻪ "ﻹﻟــﻪ ﻣﺠﻬﻮل" ،ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ إﻟﻪ ﺗﺠﻬﻠﻮﻧﻪ وﻟﻜﻨﻜﻢ ﺗﻌﺒﺪوﻧﻪ ،وأﻧﺎ ﺳﺄﺧﱪﻛﻢ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻹﻟــﻪ ﻷين ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ أﻋﺮﻓﻪ .إﻧﻪ اÔ اﻟــﺬي ﺧﻠﻖ اﻟﻜــﻮن وﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴــﻪ .ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﳾء ﰲ اﻟﻮﺟﻮد وﻫﻮ رب اﻟﺴامء واﻷرض ،ﻫﻮ ﻣﻌﻄــﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﻟﻜﻞ إﻧﺴــﺎن ﻳﻮﻟﺪ ﻛام ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﻜﺎ ًﻧــﺎ ﻋﲆ اﻷرض ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻔﻜــﺮ ﺑﻪ ﻛﺈﻟﻪ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ أو اﻟﺬﻫﺐ ﻛﺎﻷﺻﻨﺎم وﻫﻮ ﻻ ﻳﺴــﻜﻦ ﰲ ﻫﻴﺎﻛﻞ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﺑﺎﻷﻳــﺎدي .ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﻣــﺎذا ﻳﻘﻮل ا Ô ّ ﻟﻜﻞ اﻟﻨﺎس؟ أن ﻧﺘﻮب وﻧﻌﻮد إﻟﻴﻪ ﻷن اﻟﺨﻄﻴﺔ أﺑﻌﺪﺗﻨــﺎ ﻋﻨــﻪ ﻓام ﻋﺪﻧــﺎ ﻧﻌﺮﻓــﻪ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﺒﺪه ً أﻳﻀﺎ .ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺨﻠﺺ ﺛﻢ ﺳرنﻳﺪ أن ﻧﻌﺒﺪه أﻳﻀﺎً .وإﻧﻪ ﺳﺘﻌﺮﻓﻪ وﻣﻦ ّ ﳌﻦ اﻟﴬوري ﻟﻨﺎ أن ﻧﺨﻠﺺ ﻷﻧﻪ ﺳــﻴﺄيت وﻗﺖ ﻳﻘﻒ ﻛﻞ إﻧﺴــﺎن أﻣﺎﻣﻪ ﻟﻴﺤﺎﺳــﺐ ﻋام ﻓﻌﻞ وﺳــﻴﺤﻜﻢ ا Ôﺣﻴﻨﺬاك ﺑﺎﻟﻌﺪل .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ّأن اﻟﻠﻪ ﺳﻴﺤﺎﺳﺐ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ وﻫﻞ ﺗﻌﺮﻓﻮن ﻣﻦ ﺳــﻴﻜﻮن اﻟﻘــﺎﴈ ﺣﻴﻨﺬاك؟ ﻫﻮ إﻧﺴﺎن ﻣﺎت ﻟﻜﻦ ا Ôأﻗﺎﻣﻪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮات. وأراد ﺑﻮﻟﺲ أن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع أﻛرث ،ﻟﻜﻦ اﻟﻨــﺎس مل ﻳﺮﻳﺪوا أن ﻳﺼﻐــﻮا إﻟﻴﻪ واﺑﺘﺪأ اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺴﺘﻬﺰﺋﻮن وﻳﻘﻮﻟﻮن " :ﻛﻴﻒ ميﻜﻦ ﻟﺸﺨﺺ ﻣﺎت أن ﻳﻌــﻮد إﱃ اﻟﺤﻴﺎة؟ ّإن ﻫﺬا ﻣﺴــﺘﺤﻴﻞ" .وﻛﻢ ﻣﻦ اﳌﺆﺳــﻒ إﻧﻬﻢ مل ﻳﺮﻳﺪوا أن ﻳﺼﺪﻗﻮا ﺑﻮﻟﺲ. واﻟﺤﻤﺪ ّ Ôأن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﺻﺪّﻗﻮا وآﻣﻨﻮا .وﻟﻘﺪ ﺣــﺮص اﻟﺮب ﺑﺬاﺗﻪ ﻋﲆ ﻫــﺬا اﻷﻣﺮ وﻫﻮ ﻣﺎ زال ﻳﻌﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ،ﻓﻴﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻬﺒﻨﺎ أن ﻧﻘﺒﻞ إﻟﻴﻪ وﻧﻌﺮﻓﻪ وﻧﺒﺪأ ﺣﺒﻪ وﻋﺒﺎدﺗﻪ .وميﻜﻦ ﻟﻚ أن ﺗﺼﲇ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮم. ٢٣٥
.٣٨ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أﺛﻴﻨﺎ )أﻋامل (٣٤ - ١٦ :١٧ وﺻــﻞ ﺑﻮﻟﺲ وﺣﺪه إﱃ أﺛﻴﻨﺎ وﻫﺬا ﻫﻮ اﺳــﻢ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳــﺎﻓﺮ إﻟﻴﻬﺎ .وأﺧﺬ ﻳﺘﺠﻮل ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﻜــﻦ اﻟﺬي رآه ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺤﺰن .ﻓــامذا رأى؟ رأى ﻣﻌﺎﺑﺪ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻛﺜرية ﻣﻸى ﺑﺎﻷﺻﻨﺎم واﳌﺬاﺑﺢ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻷﺿﺎﺣﻲ ﻟﻬﺬه اﻷﺻﻨﺎم .ﻧﻌﻢ وﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟــﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﳌﺘﻌ ّﻠﻤني واﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﰲ أﺛﻴﻨﺎ ﻓﻜﺎن مبﻘﺪورﻫﻢ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺒﻨﺎء ﻣﺜﻞ ﻫــﺬه اﳌﻌﺎﺑﺪ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ. وﻫــﻢ ﻳﻌﺮﻓــﻮن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻌﻠــﻮم ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ
٢٣٤
ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ اﻟﺮب ،وﻫﺬا ﻣﺎ أﺣﺰن ﺑﻮﻟﺲ ﺑﺮﻏﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ذﻛﺎء وﻓﻠﺴــﻔﺔ .وﻗﺪ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻊ أوﻻﺋﻚ اﻟﻔﻼﺳــﻔﺔ ﺣﻴﺜام ﻛﺎن ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﻬﻢ ﰲ اﻟﺴــﻮق .ﻓﺎﻟﺒﻌﺾ ﺳﺨﺮوا ﻣﻨﻪ وﻗﺎﻟﻮا إﻧﻪ ﻣﻬﺬار! ﻟﻜﻦ آﺧﺮﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮاّ : "إن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ إﻟﻪ مل ﻧﺴــﻤﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﻳﺘﻜﻠﻢ ً أﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻳﺴــﻮع ﻓﻤﻦ ﻫﻮ ﻳﺴﻮع ﻫﺬا؟" ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤــﻮا ﻣﻬﺘﻤني ﺑﺎﻷﻣﺮ وﻗﺎﻟﻮا ﻟﺒﻮﻟﺲ" :ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺄيت ﻣﻌﻨﺎ إﱃ أرﻳﻮس ﺑﺎﻏﻮس اﳌﻌﺮوف أﻳﻀﺎً
ﻋــﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﰲ اﳌــﺪن اﻷﺧﺮى ،ﻓﺄﺻﻐﻮا ﺑﺎﻫﺘــامم ﳌﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ،وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎذا ﻓﻌﻠﻮا؟ أﺧﺬوا ﻳﻘﺮؤون ﻛﺘﺒﻬﻢ اﳌﻘﺪﺳﺔ .ﳌﺎذا؟ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻳﺘﺄﻛﺪوا ﻣﻦ ّأن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﻘﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻗﺪ وﺟﺪوا ّأن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻌ ًﻼ ﰲ اﻟﻜﺘــﺎب اﳌﻘﺪسّ ، وأن ﺑﻮﻟــﺲ ﻻ ﻳﺘﺤﺪث ﺑﺄﻛﺎذﻳﺐ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻷﻧﻪ ﺧﺎدم أﻣني ﻟﻠﺮب ،وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس آﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟﺮب. واﻧﻈــﺮوا اﻵنّ ،إن ﺑﻌــﺾ اﻟﻐﺮﺑــﺎء ﻳﺄﺗﻮن إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻓﻤﻦ ﻫﻢ وﻣﻦ أﻳﻦ أﺗﻮا؟ إﻧﻬﻢ اﻷﻋﺪاء اﻷﴍار ﻣﻦ ﺗﺴﺎﻟﻮﻧﻴيك ،ﻓﻘﺪ ﺳﻤﻌﻮا ّأن اﻟﺮﺳﻞ
ﻗــﺪ ذﻫﺒﻮا إﱃ ﺑري ّﻳﺔ ،ﻓــﺄراد ﻫﺆﻻء اﻷﴍار أن ﻳﺤﺮﺿﻮا اﻟﻨﺎس ﺿﺪ اﻟﺮﺳــﻞ ﻫﻨــﺎ ً أﻳﻀﺎ .ﻓﻘﺎل أﻫــﻞ ﺑري ّﻳﺔ ﻟﻠﺮﺳــﻞ أن ﻳﻐــﺎدروا ﺑﴪﻋﺔ ﻷن اﻷﻣﺮ أﺻﺒﺢ ﺧﻄــ ًﺮا ﻛﺒ ًريا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﻨﺎ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻮﻟــﺲ وﻟﻜﻦ اﻟﺮﺳــﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﻘﻮا ﰲ ﺑري ّﻳﺔ ﻟﻔﱰة أﻃﻮل .ﻟﻘﺪ ﻏﺎدر ﺑﻮﻟﺲ إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻋــﲆ أن ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻪ ﺳــﻴﻼ وﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس ﻓﻴام ﺑﻌﺪ. ﻫﻞ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﻨﺎس ﰲ ﺑري ّﻳﺔ؟ ﻟﻘﺪ ﻗﺮؤوا ﻛﺘﺒﻬﻢ اﳌﻘﺪﺳﺔ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻧﺤﻦ ً أﻳﻀﺎ ،واﻟﺮب ﻳﻘﺪر ﻋﲆ أن ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻴﻬﺒﻨــﺎ اﻹميﺎن اﻟﺼﺤﻴﺢ وميﻸ ﺑــﻪ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ متﺎﻣﺎً ﻛام ﻓﻌﻞ ﻣﻊ أﻫﻞ ﺑري ّﻳﺔ. ٢٣٣
.٣٧اﻟﺮﺳﻞ ﰲ ﺗﺴﺎﻟﻮﻧﻴيك وﺑريﻳﺔ )أﻋامل (١٥ - ١ :١٧ وﺗﺎﺑﻊ اﻟﺮﺳــﻞ رﺣﻠﺘﻬﻢ ﻓﻮﺻﻠﻮا إﱃ ﺗﺴﺎﻟﻮﻧﻴيك ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﺠﻤﻊ وﻫﻮ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﺗﻠﻚ اﳌﺪﻳﻨﺔ .وﰲ ﻛﻞ ﻳﻮم أﺣﺪ ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ّ ﻳﺒﴩ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﰲ اﳌﺠﻤــﻊ وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻋﻠﻴــﻪ أن ﻳﺘــﺄمل ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﺷــﻌﺒﻪ وﻳﻘــﻮم ﻣــﻦ اﻷﻣــﻮات .ﻧﻌﻢ ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﺣﺪه ﻫﻮ اﳌﺨ ّﻠﺺ وذﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺒﴩ اﻟﻨﺎس ﺑﻪ. ﻓﺂﻣــﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻴﻬــﻮد وﻛﺜري ﻣﻦ ﻏــري اﻟﻴﻬﻮد، ﻟﻜــﻦ ﻣﺎذا ﺣــﺪث؟ ﻏﻀﺐ اﻟﻴﻬــﻮد اﻟﺬﻳﻦ مل ﻳﺮﻳﺪوا أن ﻳﺆﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟﺒﺸﺎرة اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ اﻟﺮﺳﻞ ﻓﺠﻤﻌﻮا ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎع رﺟﺎﻻً أﴍا ًرا ﻫﻴﺠﻮا اﻟﻨﺎس ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺿﺪ اﻟﺮﺳــﻞ .ﺛﻢ أرادوا أن ﻳﺴﺠﻨﻮا اﻟﺮﺳﻞ ،ﻟﻜﻦ أﻳﻦ ﻳﺠﺪوﻫﻢ؟ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻞ ميﻜﺜﻮن ﰲ ﺑﻴﺖ ﻳﺎﺳﻮن اﻟﺬي ﻛﺎن ﺻﺪﻳ ًﻘﺎ ﻟﻬﻢ .وﻣﻊ ّأن اﻟﺮﻋﺎع ﻓﺘﺸﻮا اﻟﺮﺳﻞ ﻫﻨﺎك ﻓﺈﻧﻬﻢ مل ﻳﺠﺪوﻫﻢ، وﻛﺎﻧﻮا ﻏﺎﺿﺒني ﺟﺪاً ﻓﺄﻟﻘﻮا اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ ﻳﺎﺳﻮن وﺑﻌﺾ اﻷﺧﻮة وﺟ ّﺮوﻫﻢ إﱃ اﻟﺸــﻴﻮخ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻜﻤﻮن اﳌﺪﻳﻨﺔ. وﻗــﺎل اﻷﻋﺪاء ﺑﺄﺻــﻮات ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ وﺻﺎﺧﺒﺔ ّإن ﻳﺎﺳــﻮن اﺳــﺘﻀﺎف اﻟﺮﺳــﻞ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ وﻫﺬا ﻏري ﻣﺴــﻤﻮح ﺑــﻪ ﻷن اﻟﺮﺳــﻞ ﻳﻌﺼــﻮن اﻟﻘﻴﴫ، ﻗﺎﺋﻠــني ّإن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻠﻚ آﺧﺮ اﺳــﻤﻪ ﻳﺴــﻮع" وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻜﺎم أﺧﻠﻮا ﺳــﺒﻴﻞ ﻳﺎﺳــﻮن وﺻﺤﺒﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻴﻨــﻮا ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺼﺪق ،وﻛﺎن ٢٣٢
ﺟﻴﺪًا ّأن اﻷﻋﺪاء اﻟﺮﻋﺎع مل ﻳﺠﺪوا اﻟﺮﺳﻞ .ﻓﺮمبﺎ اﺧﺘﺒﺄ اﻟﺮﺳﻞ ﻟﻜﻦ اﻟﺮب َﺣ ِﺮ َص ﻋﲆ أ ّﻻ ﻳﺠﺪﻫﻢ اﻷﻋﺪاء ،وﻫﻜﺬا ﻳﺤﻤﻲ اﻟﺮب ﺧﺪاﻣﻪ. وﻛﺎن ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻠﺮﺳــﻞ أن ﻳﻐــﺎدروا ﻫﺬه اﳌﺪﻳﻨــﺔ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮه .ﻓﻌﻨﺪﻣــﺎ ﱠ ﺣﻞ اﻟﻠﻴﻞ وﻧــﺎم اﻟﻨﺎس ﺧﺮﺟﻮا ﻣــﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ اﻟﻈــﻼم .وﰲ اﻟﻴــﻮم اﻟﺘﺎﱄ وﺻﻠــﻮا إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑري ّﻳﺔ .وﻟﻐﺎﻳﺔ اﻻﻣﺘﻨﺎن ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻫﻨﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔني
ﻓﺎﻟﻨﺎس اﻟﺨﻄــﺎة ﰲ ﻫﻮﻟﻨﺪا ميﻜﻦ أن ﻳﺨﻠﺼﻮا ً أﻳﻀﺎ .وﻧﺤﻦ ﻧﺼﻐﻲ إﱃ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻠﻪ اﻟﺬي ﺣﺮص أن ﻳﺠﻌﻞ ذﻟﻚ واﻗﻌﺎً ﻟﻨﺎ. وﻫﻜــﺬا اﻧﺘﻘﻞ ﺑﻮﻟﺲ وﺳــﻴﻼ وﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس إﱃ اﻟﻘــﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ ووﺻﻠــﻮا إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻴﻠﺒﻲ وﻣﻜﺜــﻮا ﻋــﺪة أﻳﺎم ﺣﺘﻰ ﱠ ﺣﻞ ﻳــﻮم اﻷﺣﺪ وﻻ ﻳﻮﺟــﺪ ﻛﻨﻴﺴــﺔ ﻓﺄﻳﻦ ﻳﺒــﴩون اﻵن؟ ﺧﺮﺟﻮا ﻣــﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ إﱃ ﺿﻔﺔ ﻧﻬﺮ ﺣﻴﺚ وﺟﺪوا ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺴﺎء ﻗﺪ ﺧﺮﺟﻦ إﱃ ﻫﻨﺎك ﻟﻠﺼﻼة ﻛﻌﺎدﺗﻬﻦ. وﻣﻊ ﻋﺪم وﺟﻮد ﻛﻨﻴﺴــﺔ ﻓﺈن اﻟﺮب ﻳﺴــﺘﻤﻊ ﻟﻬــﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺘﻤﻌﻦ ﻫﻨﺎك ﻷﻧﻬــﻦ أرد َْن أن ﻳﻌﺒﺪن اﻟﺮب ﻫﻜﺬا .ﻓﺎﻧﻀﻢ اﻟﺮﺳﻞ إﻟﻴﻬﻦ وﺑﺪأ ﺑﻮﻟﺲ ﻳﺒﴩﻫــﻦ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻛﻦّ ﻳﺼﻐني اﳌﺴــامة ﻟﻴﺪﻳﺎ وﻫﻲ ﺑﻬﺪوء وﺧﺎﺻﺔ إﺣﺪاﻫﻦ ّ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺛﻴﺎﺗريا اﻟﺒﻌﻴﺪة وﻣﻬﻨﺘﻬﺎ ﺑﻴﻊ ﻋﺒﺎءات أرﺟﻮاﻧﻴــﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ .واﻟﺬي ﺣﺪث أﺛﻨﺎء ﺗﺒﺸــري ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻬــﻦ ّأن اﻟﺮب ﻓﺘﺢ ﻗﻠﺒﻬــﺎ .ﻧﻌﻢ وﻫﺬا
ﴐوري ﻷن ﻗﻠﻮﺑﻨــﺎ ﻣﻐﻠﻘﺔ دامئــﺎً ﻋﲆ اﻟﺮب ﺑﺴــﺒﺐ ﺣﺒﻨﺎ ﻟﻠﺨﻄﻴﺌﺔ ،وﻟﺬا ﻻ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻳﺤﻴﺎ اﻟــﺮب ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻫﺬا أﻣــﺮ ﻓﻈﻴﻊ .ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻗﺎدر ﻋﲆ أن ﻳﻔﺘﺢ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻳﻬﺒﻨﺎ أن ﻧﻌﻮد إﱃ ﻣﺤﺒﺘــﻪ وإﱃ ﺧﺪﻣﺘﻪ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻧﻜﺮه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ. ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰة ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ إﻻ ا ،Ôوﻫﺬا ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ ﻟﻠﻴﺪﻳﺎ .ﻓﻄﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﺑﻮﻟﺲ وﺻﺤﺒﻪ أن ﻳﺄﺗﻮا ﻟﻴﻤﻜﺜﻮا ﰲ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻟﺘﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﻢ ﻷﻧﻬــﺎ ﺻﺎرت اﻵن ﻣﺤﺒــ ًﺔ ﻷوﻻد ا Ôوﺧﺪاﻣﻪ، وﻗﺒﻞ اﻟﺮﺳﻞ دﻋﻮﺗﻬﺎ. ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ ﺗﻠﻘﺖ ﻟﻴﺪﻳﺎ اﻹميﺎن اﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﻗﻠﺒﻬﺎ وميﻜــﻦ ﻟﻬﺎ أن ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻵن وﻛﺬﻟﻚ أﻫﻞ ﺑﻴﺘﻬﺎ. ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠــﻢ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨــﺎ أن ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ َ وﺗﻌﺎل ﻟﺘﺤﻴﺎ اﻟﺮب؟ "ﻳــﺎ رب اﻓﺘﺢ ﻗﻠﺒﻲ أﻳﻀﺎً، ﰲ ﻗﻠﺒﻲ ﻛام َ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﻊ ﻟﻴﺪﻳﺎ".
٢٣١
ﱪ وﺳﺎﻋﺪﻧﺎ )أﻋامل (١٥ - ١ :١٦ .٣٦اﻋ ْ ﻫــﻞ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﻗﺎم ﺑﻮﻟــﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﺑﺮﺣﻠﺔ؟ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﻠﻚ ﻫــﻲ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺒﺸــريﻳﺔ اﻷوﱃ، وﻫــﺎ ﻫﻢ اﻵن ﻗﺪ ﺑﺪؤوا اﻟﻘﻴــﺎم ﺑﺮﺣﻠﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ. وﻻ ﻳﺮاﻓﻖ ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﺑﻮﻟــﺲ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ وإمنﺎ ﻳﺮاﻓﻘﻪ ﺷــﺨﺺ آﺧﺮ ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب اﺳﻤﻪ ﺳﻴﻼ، ﻓﻮﺻﻼ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﺴــﱰة .وﻫــﻞ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﻟﻠﻤﺮﺳ َﻠني أراد اﻟﻨﺎس ﻫﻨﺎك أن ﻳﻘﺪﻣﻮا ذﺑﻴﺤﺔ َ ﺑﺸﺎب اﺳﻤﻪ )ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ(؟ ﻓﺎﻟﺘﻘﻮا ﻫﻨﺎﻟﻚ ّ ﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس ،اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺮﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﺳﻨﻪ ﻳﺨﴙ ا ،Ôﻧﻌــﻢ ّإن ﻫــﺬا ﻣﻤﻜﻦ ﺣﺘــﻰ وإن َ ﻛﻨﺖ ﺻﻐري اﻟﺴﻦ ،وإﻧﻬﺎ ﻟﱪﻛﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب إن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ أم ﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس
٢٣٠
وﺟ ﱠﺪﺗ ُﻪ ﻣﻦ أوﻻد ا Ôاﳌﺆﻣﻨني. وأراد ﺑﻮﻟــﺲ أن ﻳﻨﻀﻢ إﻟﻴﻬــام ﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس ﰲ رﺣﻠﺘﻬام ﻫــﺬه وﻛﺎن ﺗﻴﻤﻮﺛﺎوس ﺳــﻌﻴﺪاً ﺑﺄن ﻳﻘــﻮم ﺑﻬﺬا وﻟﺬا ﺗﺎﺑﻊ اﻟﺜﻼﺛــﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﰲ اﻟﺮﺣﻠﺔ .ﻛﺎن اﺳــﻢ اﻟﺒﻼد اﻟﺘــﻲ ﻳﺘﺠ ّﻮﻟﻮن ﻓﻴﻬﺎ "آﺳــ ّﻴﺎ اﻟﺼﻐﺮى" وأراد ﺑﻮﻟﺲ أن ﻳﺒﴩ ﰲ ﺗﻠﻚ اﳌﺪن واﻟﻘﺮى ﻟﻜﻦ مل ُﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ .وﻣﻦ اﻟﺬي مل َﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻪ؟ ﻛﺎن ﻫــﻮ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس وﻟﺬﻟــﻚ ﺗﺎﺑﻌــﻮا اﻟﺴــﻔﺮ إﱃ أن وﺻﻠــﻮا إﱃ اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺬﻫﺒﻮا أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ. وﰲ اﳌﺴــﺎء ﺳﻴﻨﺎﻣﻮن ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺮواس إذ ّ ﺣﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻠﻴــﻞ ﺑﻮﺻﻮﻟﻬﻢ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﺄﻳﻦ ﻳﺬﻫﺒﻮن؟ وﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﺳــﻴﻘﻮم اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﺑﺈﺑﻼغ ﺑﻮﻟﺲ أﻳﻦ ﻳﺬﻫﺒﻮن .ﻓﺮأى ﺑﻮﻟﺲ رؤﻳﺎ ،وﺗﺘﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ ّأن اﻟﺮؤﻳﺎ ﻫــﻲ ﻛﺎﻟﺤﻠﻢ .ﻓامذا رأى؟ رأى رﺟ ًﻼ واﻗﻔﺎً ﻋﲆ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﻳﺪﻋــﻮه ﻗﺎﺋ ًﻼ" :اﻋﱪ إﱃ ﻣﻜﺪوﻧﻴﺔ وﺳــﺎﻋﺪﻧﺎ". ﻓﻌــﺮف ﺑﻮﻟــﺲ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻫــﻢ اﻟﺮب أن ﻳﻌﻤﻠــﻮا ،ﻓﻌﻠﻴﻬــﻢ أن ﻳﻌﱪوا اﻟﺒﺤــﺮ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد اﻟﻐﺮﻳﺒــﺔ اﻟﻜﺒرية ،ﻷن اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪﻫﻢ أن ﻳﻨﻘﻠﻮا اﻹﻧﺠﻴﻞ إﱃ ﻫﻨﺎك ،وﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺤﺪّﺛﻮا اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺮب .ﻓﻬﻞ ﺗﻌﺮف اﺳﻢ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد؟ إﻧﻬﺎ أوروﺑﺎ .وﻫﺬه أول ﻣﺮة ﺗﺄيت ﻓﻴﻬﺎ إرﺳــﺎﻟﻴﺔ إﱃ أوروﺑﺎ .وﻫﻮﻟﻨﺪا ﺑﻠﺪ ﻣﻦ أوروﺑﺎ .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ ﺣﺮص اﻟﺮب ﻋﲆ أن ﱠ ﻳﺒﴩ ﺑﻜﻠﻤﺘﻪ ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء أوروﺑﺎ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﰲ ﻫﻮﻟﻨﺪا ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳــﻮاء،
مل ﻳﻌــﺪ ﻳﺘﺤ ّﺮك ،ﻓﺴــﺤﺒﻮه ﻣــﻦ ﺗﺤﺖ ﻛﻮﻣﺔ اﻟﺤﺠﺎرة وﺟﺮوه إﱃ ﺧﺎرج اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﻴﺚ أﻟﻘﻮه ﻫﻨﺎك وﻋﺎد اﻷﻋﺪاء أدراﺟﻬﻢ إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ. وأﺗﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺟامﻋﺔ ﻫﻢ أﺻﺪﻗﺎء اﻟﺮﺳﻮﻟني ﻣــﻦ اﳌﺆﻣﻨني وﻫــﻢ ﺣﺰاىن إذ ﻇﻨــﻮا أﻳﻀﺎً ّأن ﺑﻮﻟــﺲ ﻣﺎت ،وﳌﺎ أﺣﺎﻃﻮا ﺑــﻪ وﺟﺪوه ﺣ ّﻴﺎً إذ اﺳﺘﻔﺎق ووﻗﻒ ﻋﲆ ﻗﺪﻣﻴﻪ وﻫﺬه ﻣﻌﺠﺰة ﻣﻦ اﻟﺮب ،ﻓﻬﻜﺬا ﻳﻌﺘﻨﻲ اﻟﺮب ﺑﺨﺪاﻣﻪ.
أﻳﺪﻳﻬام .ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻛﺎﻧــﺖ أﻋﻈﻢ اﳌﻌﺠﺰات؟ ﻛﺎﻧﺖ ّأن اﻟــﺮب أ ّﻛﺪ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ ﻏــري اﻟﻴﻬــﻮد أﻳﻀــﺎً ،وﻟــﺬا مل ﺗﺬﻫــﺐ رﺣﻠﺔ اﻟﺮﺳﻮﻟني ﺳﺪىً . واﻟــﺮب ﻣﺎ زال ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس ،وﻟﺬا ﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ اﻟﺘﺒﺸري ﺑﻜﻠﻤﺔ ا Ôاﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل اﻟﺮب ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻨﺎ ،ﺑﻞ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ" :أﻋﻄﻨﻲ ﻗﻠﺒﻚ".
وﻋﺎد ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻌﻬﻢ إﱃ ﻟﺴــﱰة ﻟﻜﻨﻪ ﻏﺎدرﻫﺎ ﰲ اﻟﻴــﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﻣﻊ ﺑﺮﻧﺎﺑــﺎ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺧﺮى ﻫﻲ درﺑﺔ ﺣﻴــﺚ ّﺑﴩا وﺗﻠﻤﺬا ﻛﺜريﻳــﻦ وﻋﺎدا إﱃ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘــﻲ اﻧﻄﻠﻘﺎ ﻣﻨﻬﺎ .وﻛﻢ ﻓﺮح اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺮﻋﻴﺔ ﻫﻨﺎك ﺑﺮؤﻳﺘﻬام ﺳﺎﳌني .وﻗﺎم ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﺑﺈﺧﺒﺎرﻫﻢ ﱢ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻌﻬﻢ واﳌﻌﺠــﺰات اﻟﻜــﱪى اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﻬــﺎ اﻟﺮب ﻋﲆ ٢٢٩
.٣٥ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﰲ ﻟﺴﱰة )أﻋامل (١٩ - ٨ :١٤ اﺳــﺘﻤ ّﺮت اﻟﺮﺣﻠــﺔ إﱃ أﻣﻜﻨــﺔ أﺑﻌــﺪ ووﺻﻞ اﻟﺮﺳــﻮﻻن إﱃ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻟﺴــﱰة ﺣﺎﻣﻠني ﻣﻌﻬام رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺮب إﱃ اﻟﺸﻌﺐ ﰲ أﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨﻠﺺ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس .واﻧﻈﺮ ﻫﻨﺎﻟﻚ رﺟﻞ ﻳﺼﻐﻲ ﺑﺎﻫﺘامم ﳌﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﺮﺳــﻮﻻن ﻟﻜﻦ ﳌــﺎذا ﻻ ﻳﻘﻒ ﻋﲆ ﻗﺪﻣﻴﻪ؟ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻬﻮ ﻋﺎﺟﺰ ﻛﺴﻴﺢ ومل ﻳﺴــﺒﻖ أن متﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴري ﻣﻨﺬ ﻣﻮﻟﺪه .ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻴــﻪ ﺑﻮﻟﺲ ،ﻧﻌﻢ ،ﱠإن اﻟﺮﺟــﻞ ﻳﺼﺪﱢق و ُﻳﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻪ مبﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﺑﺄﻋﲆ ﺻﻮﺗﻪ" :ﻗﻢ ﻋﲆ رﺟﻠﻴﻚ ﻣﻨﺘﺼﺒﺎً" .وﻣﺎذا
ﺣﺪث؟ وﺛــﺐ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻜﺴــﻴﺢ وﺻﺎر ميﴚ، ﻓﺘﻮﺟﻬــﺖ أﻧﻈﺎر اﻟﺠﻤــﻮع إﱃ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﺑﺎﻧﺪﻫﺎش وﻗﺎﻟــﻮا ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾّ : "إن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺮﺟﻠــني آﻟﻬﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،وﻗﺪ ﺗﺸــﺒﻬﻮا ﺑﺎﻟﻨﺎس وﻧﺰﻟﻮا إﱃ اﻷرض ،ﻓﺪﻋﻮا ﺑﻮﻟﺲ ﻫﺮﻣﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ زﻓﺲ. وﺳﻤﻊ اﻟﺮﺳﻮﻻن اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﻟﻜﻦ مل ﻳﻔﻬام ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻷن ﻟﻐﺔ اﻟﻜﻼم ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻓﺠﺄة ﻇﻬﺮ رﺟﻞ ﻳﺒﺪو ﻣــﻦ ﺛﻴﺎﺑﻪ أﻧﻪ ﻛﺎﻫــﻦ اﻹﻟﻪ زﻓﺲ وﻣﻌﻪ ﺛريان وأﻛﺎﻟﻴﻞ ،ﳌﺎذا؟ ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﺪم ذﺑﻴﺤﺔ ،وﻫﺬا ﻫﻮ ﻋﻤﻞ اﻟﻜﺎﻫﻦ ،ﺗﻮﻗ ًريا ﻟﱪﻧﺎﺑﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮا إﻧﻪ اﻹﻟﻪ زﻓﺲ .ﻓﻌﺮف اﻟﺮﺳــﻮﻻن ﻣــﺎ ﻳﻈﻨﻪ اﻟﻨﺎس وﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﻋﻤﻠﻪ ،ﻓام أﻓﻈﻊ ذﻟﻚ .وﻗﺎﻻ ﻟﻬﻢ" :أﻳﻬــﺎ اﻟﺮﺟﺎل ،ﳌﺎذا ﺗﻔﻌﻠﻮن ﻫــﺬا؟ ﻧﺤﻦ ﺑــﴩ ﻣﺜﻠﻜﻢ وﻟﺴــﻨﺎ آﻟﻬﺔ ،ﻧﺤﻦ ُﺧﺪّام ا Ôاﻟﺬي ﺻﻨﻊ اﻟﺴــامء واﻷرض واﻟﺒﺤﺮ وﻳﺮزﻗﻨﺎ ﻃﻌﺎ ًﻣــﺎ وﴍا ًﺑﺎ وﻳﻨ ّﻤﻲ ﻛﻞ ﳾء ،واÔ ﻳﺮﻳﺪﻛــﻢ أن ﺗﺄﺗﻮا إﻟﻴﻪ ﻟﻴﺨ ّﻠﺼﻜﻢ ،ﻓﺎﺳــﺘﻄﺎﻋﺎ ﺑﻌﺪ ﺟﻬﺪ ﻛﺒري أن ميﻨﻌﺎ اﻟﺠﻤﻊ ﻣﻦ أن ﻳﺬﺑﺤﻮا ﻟﻬام. ﻟﻜــﻦ ﻣﻦ وﺻــﻞ اﻵن؟ ﻟﻘﺪ وﺻــﻞ ﻳﻬﻮد ﻣﻦ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ وإﻳﻘﻮﻧﻴﺔ ﺣﻴــﺚ ﻛﺎن ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ، وﳌﺎذا أىت ﻫﺆﻻء اﻟﻴﻬﻮد؟ اﻧﻈﺮوا إﱃ وﺟﻮﻫﻬﻢ اﻟﻐﺎﺿﺒــﺔ ،إﻧﻬــﻢ أﻋــﺪاء اﻟﺮﺳــﻮﻟني ﻓﺤﺮﺿﻮا اﻟﺠﻤــﻮع ﻋﻠﻴﻬــام ،وأﻣﺴــﻜﺎ ﺑﺒﻮﻟــﺲ ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻠﻮن؟ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺮﺟﻤﻪ ﺑﻮاﺑﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة ﻓﺴــﻘﻂ ﻋﲆ اﻷرض وﻇﻨــﻮا أﻧﻪ ﻗﺪ ﻣﺎت ﻷﻧﻪ
٢٢٨
ﻛﻞ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﺘﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﺑﻮﻟﺲ وﻛﺎن ﻏري اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن ﺑﺎﺣﱰام ﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻠﻪ ،وﻗﺎل ﺑﻮﻟﺲ إن ا Ôﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﻐﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﻏري اﻟﻴﻬﻮد أﻳﻀﺎً ،ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻤﻌﺠــﺰة ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻴﻬــﻮد؟ ﻟﻘﺪ ﻏﻀﺐ اﻟﻜﺜري ﻣﻨﻬﻢ ﻷﻧﻬــﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻌﻆ ﺑﻮﻟﺲ ﻟﻐــري اﻟﻴﻬﻮد وﻻ ﻳﺆﻣﻨــﻮن ّأن ﻏري اﻟﻴﻬﻮد ميﻜﻦ أن ﻳﺼــريوا أوﻻد ا ،Ôومل ﻳﺨﻒ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﻣــﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻐﺎﺿﺒني وﻗــﺎﻻ ﻟﻬﻢ" :ﻟﻘﺪ وﻋﻈﻨــﺎ ﻟﻜﻢ أوﻻً ﻟﻜﻨﻜــﻢ مل ﺗﺮﻳﺪوا أن ﺗﺼﻐﻮا، وﻟﺬا ﻧﺤﻦ ﻧﻨﻘﻞ رﺳــﺎﻟﺔ ا Ôﻟﻐري اﻟﻴﻬﻮد وﻫﺬا ﻣﺎ أﻣﺮﻧﺎ ﺑﻪ ا.Ô ﻓﻜﻢ ﻓﺮح ﻏري اﻟﻴﻬﻮد وآﻣﻨﻮا ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺼﻬــﻢ ً أﻳﻀﺎ .ﻟﻜﻦ ﻣــﺎذا ﻳﻔﻌﻞ
أوﻟﺌﻚ اﻟﻴﻬــﻮد اﻟﻐﺎﺿﺒﻮن؟ أﺧــﺬوا ﻳﺤ ّﺮﺿﻮن اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﲆ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ،وأﺧﺮﺟﻮﻫام ﻣﻦ اﳌﺪﻳﻨــﺔ ،وﻻ ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻬام ﺑﺎﻟﻌــﻮدة ،ﻓﺬﻫﺐ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،وﻻ ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻬــام ﺑﺎﻟﻌــﻮدة ،ﻓﺬﻫــﺐ ﺑﻮﻟــﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ إﻳﻘﻮﻧﻴﺔ .وﺣﺪث اﻟﴚء ﻧﻔﺴﻪ ﻛام ﺣﺪث ﰲ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ .ﻧﻌﻢ ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ أرادوا أن ﻳﺮﺟﻤﻮا اﻟﺮﺳــﻮﻟني وﻟﺬا ﻫﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ. وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻛﺎن ﻗﺪ ﺧ ّﻠﺺ أﻧﺎﺳــﺎً ﻣﻦ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ وإﻳﻘﻮﻧﻴﺔ ﻓﻬﻮ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء. وﻣــﺎ زال اﻟــﺮب ﻳﻘﻮم ﺑﻬــﺬا اﻟﻌﻤــﻞ واﻟﻨﺎس ﻳﺨ ﱠﻠﺼــﻮن ﺣﻴﺜــام ُﺗ َﻘﺪم رﺳــﺎﻟﺔ ا .Ôﻛام إﻧﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻠﺮب أﻋــﺪاء ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻛام ﻛﺎن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻴﻬــﻮد ﰲ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ .وﻧﺤﻦ أﻳﻀﺎً ﻧﺴــﻤﻊ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺮب ﻟﻨﺎ" :أﻗﺒﻠﻮا إ ﱠﱄ". ٢٢٧
.٣٤ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ وإﻳﻘﻮﻧﻴﺔ )أﻋامل ٥٢ – ١٣ :١٣و (٧ - ١ :١٤ ﺗﺎﺑﻊ اﳌﺮﺳــﻼن ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ رﺣﻠﺘﻬام ووﺻﻼ إﱃ ﻣﺪﻳﻨــﺔ أﻧﻄﺎﻛﻴــﺔ وﻫﻲ ﻟﻴﺴــﺖ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ اﻟﺴــﻮرﻳﺔ اﻟﺘــﻲ ﺑﺪآا اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻨﻬــﺎ ﺑﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺧﺮى ﺑﻨﻔﺲ اﻻﺳﻢ .وﰲ ﻳﻮم اﻷﺣﺪ ذﻫﺒﻮا إﱃ اﳌﺠﻤــﻊ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ّأن اﳌﺠﻤﻊ ﻫﻮ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺄﺗﻮن إﱃ اﳌﺠﻤــﻊ ،وﻗﺪ وﺟﺪ ﺑﻮﻟﺲ وﻳﺮﻧﺎﺑﺎ ﻷﻧﻔﺴــﻬام ﻣﻜﺎ ًﻧﺎ ﻟﻠﺠﻠــﻮس ﻫﻨﺎك .واﺑﺘــﺪأ وﻗﺖ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺼﻼة ،ﻓﺄوﻻً ﻳﺘﻠﻮن ﻓﺼ ًﻼ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﺛﻢ ﻳﻘﻮم أﺣﺪﻫﻢ ﻟﻴﻘــﺪم ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻮﻋﻆ .ﻓﻤﻦ ﺳﻴﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؟ ﻃﻠﺒﻮا ﻫﺬه اﳌﺮة ﻣﻦ ﺑﻮﻟﺲ أن ﻳﺘﻜ ّﻠﻢ ،ﻓﻮﻗﻒ وأﺷــﺎر ﺑﻴــﺪه ﻟﻴﺼﻤﺘﻮا ،وأﺧﺬ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن وﻗﺪ ﺑﺪأ ﺑﻮﻟﺲ اﻟﻜﻼم ﻋﻦ اﳌﺎﴈ وﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﺸــﻌﺒﻪ ﻓﻘﺪ أﺧﺮﺟﻬﻢ ﻣﻦ ﻣــﴫ وأىت ﺑﻬﻢ إﱃ أرض ﻛﻨﻌﺎن ﻧﺼﺐ ﻟﻬﻢ ﻣﻠﻜﺎً ﺟﻴﺪاً ﻫﻮ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ّ داود اﻟﺬي ﻣﻦ ﻧﺴﻠﻪ وﻟﺪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﺑﻦ اÔ وﻫﻮ اﳌﺨ ّﻠﺺ .وﻗﺪ ﻗﺘﻠﻪ اﻟﻴﻬﻮد ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ وﻟﻜﻦ أﺑﻴﻪ اﻟﺴاموي أﻗﺎﻣﻪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮات ،وﺑﻌﺪ ﻓﱰة وﺟﻴﺰة ﻋﺎد إﱃ اﻟﺴــامء وﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﻣﻜﺘﻮب ﻋﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ،وﻫﺬا ﻳﻈﻬﺮ وﻳﱪﻫﻦ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫﻮ اﳌﺨ ّﻠﺺ .وﳌﺎذا ﺣﺼﻞ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻟﻠﺮب ﻳﺴﻮع؟ وﳌﺎذا ﻛﺎن راﺿﻴﺎً ﺑﺄن ﻳﺘﺄمل وميﻮت؟ ﻫــﺬا ﻟﻴﺆﻛﺪ ﻋﲆ ّأن ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﺒــﴩ ميﻜﻦ ﻏﻔﺮاﻧﻬﺎ! وﺗﻠﻚ ﻫﻲ رﺳــﺎﻟﺔ ا.Ô وﻗﺎل ﻟﻬﻢ ﺑﻮﻟﺲّ : "إن ﻫﺬه اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ ميﻜﻦ أن ﺗﻌﻄﻰ ﻟﻜﻢ أﻳﻀﺎً". ٢٢٦
واﻧﺘﻬﻰ ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻦ وﻋﻈﻪ وﺧﺮج اﳌﺼ ّﻠﻮن ﻣﻦ اﳌﺠﻤﻊ .واﻟﺠ ّﻴــﺪ ﰲ اﻷﻣﺮ ّأن ﻛﺜ ًريا ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد آﻣﻨــﻮا مبﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﻓﺎﻟــﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس ﻫﻨــﺎ أﻳﻀﺎً .ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟــﻚ ً أﻳﻀﺎ ﻳﻬﻮد مل ﻳﺮﻳــﺪوا أن ﻳﺆﻣﻨــﻮا وﻫﺬا ﻣﺆﺳــﻒ .وﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻣــﻦ ﻏري اﻟﻴﻬﻮد أﻗﺒﻠــﻮا إﱃ ﺑﻮﻟﺲ ،وﻻ ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺪﺧﻮل اﳌﺠﻤــﻊ إمنﺎ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺴﻤﻌﻮا ﻛﺮازة ﺑﻮﻟﺲ وﻃﻠﺒﻮا أن ﻳﻜﻠﻤﻬﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﻜﻼم ﰲ اﻷﺣﺪ اﻟﻘﺎدم أﻳﻀﺎً. وﰲ اﻷﺣﺪ اﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ازدﺣﺎم إذ اﺟﺘﻤﻌﺖ
ﻓﻨﻈــﺮ إﻟﻴﻪ ﺑﻮﻟﺲ وﻗﺎل ﻟﻪ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﺻﺎرﻣﺔ" :أﻧﺖ اﺑــﻦ إﺑﻠﻴﺲ ﻳﺎ ﻋﻠﻴــﻢ ،وأﻧﺖ ﺗﻘــﺎوم اﻟﺮب أﻳﻬﺎ اﻟﻜﺎذب اﻟﻐﺸــﺎش وﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻜــﻒ ﻋﻦ ذﻟﻚ، وﺳــﻴﻌﺎﻗﺒﻚ اﻟﺮب وﺳــﺘﻜﻮن أﻋﻤﻰ ﻻ ﺗﺒﴫ ﻧﻮر اﻟﺸــﻤﺲ إﱃ ﺣــني" .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺼــﻞ ﰲ اﻟﺤﺎل وﺻﺎر ﻋﻠﻴﻢ أﻋﻤﻰ ﻻ ﻳﺮى ﺷــﻴﺌﺎً اﻟﺒﺘﺔ .وأراد أن ﻳﺨــﺮج ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﺴــﺘﻄﻊ أن ﻳﺮى اﻟﺒــﺎب ﻓﺄﺧﺬ ﻳﺘﻠﻤــﺲ ﺑﻴﺪﻳﻪ ﺣﺘﻰ ﺳــﺎﻋﺪه ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ، وﻗــﺪ رأى اﻟﻮاﱄ وﺳــﻤﻊ ّ ﻛﻞ ﳾء وﻋﻠﻢ اﻵن ﱠأن ﻋﻠﻴﻢ رﺟﻞ ﻛﺎذب وﻏﺸﺎش .وآﻣﻦ اﻟﻮاﱄ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ
اﻟﺘــﻲ ﺑﴩ ﺑﻬﺎ ﺑﻮﻟﺲ .ﻧﻌﻢّ ،إن ﺑﻮﻟﺲ ﺧﺎدم اﻟﻠﻪ أﻣــﺎ ﻋﻠﻴﻢ ﻓﺨﺎدم إﺑﻠﻴﺲ ،وا Ôأﻗﻮى ﻣﻦ إﺑﻠﻴﺲ وﻟﺬﻟﻚ آﻣﻦ اﻟﻮاﱄ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺑﻮﻟﺲ. ﻓام أﻗﻮى إﺑﻠﻴﺲ ﺣﺘﻰ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ إذ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ أن ﻧﺴﺘﻤﻊ إﱃ ﻛﻠﻤﺔ ا ،Ôوﻻ ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ أن ﻧﺨﻠﺺ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺮب أﻗــﻮى ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻬﺒﻨﺎ اﻹميﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻛام ﻓﻌﻞ ﻣﻊ اﻟﻮاﱄ.
٢٢٥
.٣٣ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﻳﺴﺎﻓﺮان )أﻋامل (١٢ - ١ :١٣ ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﺷﺎول ﻳﻘﻒ ﻣﺘﻔ ﱢﺮﺟﺎً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﺟﻤﻮن اﺳﺘﻔﺎﻧﻮس ﺣﺘﻰ اﳌﻮت؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺷــﺎول ﻋﺪ ًوا ﻟﻠــﺮب ﻳﺴــﻮع وﻷوﻻد ا ،Ôوﻣﴣ ﻟﻴﻌﺘﻘــﻞ أوﻻد ا Ôوﻳﺰﺟﻬﻢ ﰲ اﻟﺴــﺠﻦ .وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻋﻤﻞ ﻣﻌﺠﺰة ﻋﻈﻴﻤﺔ وﺧ ّﻠﺺ ﺷﺎول، ﻓﻜﺎن ﻋﺪ ًوا ﻟﻜﻨﻪ ﺻــﺎر اﻵن ﺻﺪﻳﻘﺎً ،وﻫﻮ ﻳﺤﺐ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﺷــﻌﺒﻪ .وﻗﺪ أراد اﻟﺮب ﻣﻦ ﺷﺎول أن ﻳﻜﻮن ﺧﺎدﻣﺎً ﻟﻪ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﺷــﺎول ً أﻳﻀﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨﺪم اﻟﺮب ﻳﺴﻮع .وﻗﺪ اﻋﺘ ُِﱪ ﺷﺎول ﻣﻦ اﻟﺮﺳــﻞ وﺻﺎر اﺳﻤﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻮﻟﺲ اﻟﺮﺳﻮل. وﻋﺎد ﺑﻮﻟﺲ إﱃ ﻃﺮﺳــﻮس وﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻌﻴﺪة، ﻟﻴﻌﻤﻞ ﰲ ﺣﺮﻓﺘــﻪ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺨﻴﺎم اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎن دﺧﻠﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺎع اﻟﺨﻴﺎم. وﰲ ذات ﻳﻮم أىت ﻟﺰﻳﺎرﺗﻪ رﺟﻞ اﺳﻤﻪ ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ وﻫﻮ ﺧــﺎدم ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع .وﻛﺎن ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﻳﻌﻴﺶ أوﻻً ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺳــﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺛــﻢ اﻧﺘﻘﻞ إﱃ ﻣﺪﻳﻨــﺔ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺒﴩ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،وﻗﺪ آﻣﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ أﻧــﺎس ﻛﺜريون. وﺗﺸــﻜﻠﺖ ﰲ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ رﻋ ّﻴﺔ ﻛﺒرية وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻛﺎن ﺑﺮﻧﺎﺑــﺎ ﻣﻨﻬﻤﻜﺎً ﺟﺪاً ﺑﺎﻟﻌﻤــﻞ ،ﻓﻬﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﺴــﺎﻋﺪه؟ ﻓﻄﺮأت ﻟﻪ ﻓﻜــﺮة أن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﻃﺮﺳــﻮس وﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺑﻮﻟــﺲ أن ﻳﺄيت ﻣﻌﻪ إﱃ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ ﻟﻴﺴــﺎﻋﺪه ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ وﻫﺎ أﻧﺖ ﺗﻌﺮف اﻵن ﺳﺒﺐ زﻳﺎرة ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﻟﺒﻮﻟﺲ. ٢٢٤
وﺟــﺎء ﺑﻮﻟﺲ ﻣﻌﻪ إﱃ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ وﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﺣﺪث أﻣﺮ ﻣﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس" :أرﻳﺪ ﻣﻦ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑــﺎ أن ﻳﺴــﺎﻓﺮا إذ ﻋﻠﻴﻬــام أن ﻳﺒﴩا ﺑﺎﻟﺮب ﻣﺮﺳﻠني". ﻳﺴــﻮع ﺣﻴﺜام ﻳﻜﻮن أﻧﺎس وﺳﻴﻜﻮﻧﺎن َ وﺣﺼﻞ ﻣﺎ أراد اﻟــﺮب واﻧﻄﻠﻖ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﰲ رﺣﻠﺘﻬــام ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻟــﻚ ﻓﱰة ﺻﻼة ﺑني اﻟﺮﻋ ّﻴــﺔ ﺣﻴﺚ ﻃﻠﺒﻮا ﻣﻦ اﻟــﺮب أن ﻳﻌني ﻫﺬﻳﻦ اﳌﺮﺳﻠني ﰲ ﻣﻬﻤﺘﻬام اﻟﺸﺎﻗﺔ. وأﺑﺤﺮ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﻋﲆ ﻣنت ﺳﻔﻴﻨﺔ إﱃ ﺟﺰﻳﺮة ﻛﺒرية ﻫﻲ ﻗﱪص ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد وﻟﻬﻢ ﻫﻨﺎك ﻣﺠﻤﻊ ﻫﻮ ﻛﻨﻴﺴــﺘﻬﻢ ،وﻣﺴــﻤﻮح ﻟﺒﻮﻟــﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑــﺎ أن ﻳﻌ ّﻠــام ﰲ ﻣﺠﻤﻌﻬﻢ .وﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﺳــﺎﻓﺮا إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺧــﺮى ﰲ اﻟﺠﺰﻳﺮة وﻫﻲ ﺑﺎﻓــﻮس ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ رﺟﻞ ﺳــﺎﺣﺮ اﺳــﻤﻪ ﺑﺎرﻳﺸﻮع وﻳﺪﻋﻰ اﺳــﻤﻪ "ﻋﻠﻴﻢ" ً أﻳﻀﺎ وﻫﻮ ﻣﻦ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﴎﺟﻴﻮس ﺑﻮﻟﺲ واﱄ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺬي ﻛﺎن رﺟ ًﻼ ً ﻓﻬﻴام ﻋﺎﻗ ًﻼ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﺑﻘﺪوم ﻣﺮﺳــﻠني إﱃ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﺳﺘﺪﻋﺎﻫام ﻟرياﻫام وﻟﻴﺴﻤﻊ ﻣﻨﻬام ﻛﻠﻤﺔ ا.Ô وﻟ ّﺒــﻰ ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑــﺎ اﻟﺪﻋﻮة ﰲ اﻟﺤــﺎل وأﺧﺬا ﻳﺨﱪاﻧﻪ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،ﻟﻜــﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﺴــﺘﻤﻊ إﻟﻴﻬام أﻳﻀﺎً؟ ﻋﻠﻴﻢ اﻟﺴــﺎﺣﺮ اﻟﺬي ﺑﺪا ﻏﺎﺿﺒﺎً وأﺧــﺬ ﻳﻘﺎﻃﻊ ﺑﻮﻟﺲ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴــﺘﻤﻊ اﻟﻮاﱄ ﳌﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﻮﻟﺲ وأن ﻳﺮﺣﻞ ﻫﺬان اﳌﺮﺳــﻼن ،وﻇﻬﺮ واﺿﺤﺎً أﻧﻪ ﻋﺪو ﻟﻠﺮب ﻳﺴﻮع.
٢٢٣
.٣٢ﺑﻄﺮس ﰲ ﺑﻴﺖ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس )أﻋامل (٤٨ - ١٧ :١٠ ﺑﻴﻨام ﺑﻄﺮس ﰲ ﺣرية ﻣﻦ ﻫــﺬه اﻟﺮؤﻳﺎ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻟﻺﻧﺎء اﻟﻜﺒــري اﻟﺬي ﻳﺤﻮي ﺗﻠــﻚ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت وﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﺷــﻴﺌًﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ،إذا ﺑﻪ ﻳﺴــﻤﻊ ﻗﺮﻋﺎً ﻋﲆ اﻟﺒﺎب ﰲ اﻷﺳــﻔﻞ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟــﺮوح اﻟﻘﺪسّ : "إن ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل ﻳﻄﻠﺒﻮﻧﻚ ﻓﻘﻢ واﻧﺰل واذﻫﺐ ﻣﻌﻬﻢ ﻷين أﻧــﺎ اﻟﺬي أرﺳــﻠﺘﻬﻢ" .و ُﻓﺘــﺢ اﻟﺒﺎب ودﺧﻞ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺬﻳﻦ أرﺳﻠﻬﻢ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس وﻃﻠﺒﻮا أن ﻳﺮوا ﺑﻄﺮس وﻗﺪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك. ﻓﺴﺄﻟﻬﻢ ﺑﻄﺮس "ﳌﺎذا أﺗﻴﺘﻢ؟" ﻓﺄﺧﱪوه ﻛﻞ ﳾء ﻋﻦ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس .ﻓﻌﺮف ﺑﻄــﺮس ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ اﻟﺮؤﻳﺎ .ﻓﺎﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻛﻞ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻏري اﻟﻄﺎﻫﺮة وﻟﺬﻟــﻚ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻮن ﺑﻴﻮت اﻟﻮﺛﻨﻴني ﻷن اﻟﻮﺛﻨﻴني ﻧﺠﺴــﻮن ﻛﺄوﻟﺌــﻚ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻏري ﻣﺴــﻤﻮﺣﺎ اﻟﻄﺎﻫﺮة اﻟﺘــﻲ رآﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺻﺎر ﻫﺬا ً ﻟﻬﻢ ﺑﻌﺪ اﻵن .وﺻﺎر ﻣﺴــﻤﻮﺣﺎً ﻟﺒﻄﺮس أن ﻳﺄﻛﻞ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻏري اﻟﻄﺎﻫﺮة ً أﻳﻀﺎ .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ ﺑﻄﺮس: "ﻏﺪًا أذﻫﺐ ﻣﻌﻜﻢ" .ﻓﻤﻜﺜﻮا ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﰲ ﺑﻴﺖ ﺳﻤﻌﺎن اﻟﺪﺑﺎغ. وﰲ اﻟﻐــﺪ اﻧﻄﻠﻘــﻮا إﱃ ﻗﻴﴫﻳﺔ ﻣﻊ ﺑﻄﺮس وﻗﺪ راﻓﻘﻬﻢ ً أﻳﻀﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﺧﻮة ﻣﻦ ﻳﺎﻓﺎ .ووﺻﻠﻮا إﱃ ﺑﻴﺖ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس اﻟﺬي رآﻫﻢ ﻗﺎدﻣني ﻓﺘﻘﺪم إﻟﻴﻬﻢ ﴎﻳ ًﻌــﺎ ﻟﻴﺴــﺘﻘﺒﻠﻬﻢ وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻــﻞ إﱃ ﺑﻄﺮس ارمتﻰ ﺳــﺎﺟﺪاً ﻟﻪ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﻘﺪم ﻟﻪ اﻟﻌﺒﺎدة ،وﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮس أﻧﻬﻀﻪ وﻗــﺎل" :ﻛﻼ ﻳﺎ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﺠﻮز وأﻧﺎ ﺑﴩ ﻣﺜﻠﻚ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻚ أن ﺗﺴــﺠﺪ ٢٢٢
ً أﻧﺎﺳــﺎ ﻋﺎﺑﺪًا ﻷي ﺑﴩ" .ودﺧﻠﻮا إﱃ اﻟﺒﻴﺖ ﻓﺮأوا ﻛﺜريﻳﻦ .ﻧﻌﻢ ﻷن ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس ﻗﺪ دﻋﺎ ﻛﻞ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ واﻟﻌﺎﺋﻠــﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮا ﻟﺒﻄﺮس أﻳﻀﺎً. وأﻧﺼــﺖ اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻄﺮس ﻳﻘــﻮل" :أﻧﺎ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ أرﻳﺪ أن أدﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻷﻧﻨﻲ ﻳﻬــﻮدي وأﻧﺘﻢ وﺛﻨﻴﻮن وﻟﻜــﻦ ا Ôأﻣﺮين أن آيت إﻟﻴﻜﻢ ﻓﻠامذا اﺳﺘﺪﻋﻴﺘﻤﻮين؟ وﻣﺎذا أﻓﻌﻞ ﻟﻜﻢ؟". ﻓﺄﺧﱪه ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس ﻋﻦ اﳌﻼك وﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻟﻪ ،وﻗﺎل: "أ ّﻣﺎ اﻵن وﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻣــﻊ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﺗﺨﱪﻧﺎ ﻣﺎ أﻣﺮك ﺑﻪ اﻟﺮب" ﻓﺎﻧﺪﻫﺶ ﺑﻄﺮس وﻗﺎل" :أﻋﻠﻢ اﻵن ّإن ا Ôﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﻜﻮن ﰲ ﻗﻠﻮب ﻏري اﻟﻴﻬﻮد ً أﻳﻀﺎ" ﻓﻠﻴﺲ اﻟﻴﻬﻮد وﺣﺴــﺐ ﺑــﻞ ميﻜﻦ ﻟﻸﻣﻢ اﻷﺧﺮى أن ﻳﺴﻤﻌﻮا رﺳﺎﻟﺔ ا .Ôﺛﻢ أﺧﺬ ﻳﺨﱪﻫﻢ ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ،وأﺧﱪﻫﻢ ﻋﻦ آﻻﻣﻪ وﻣﻮﺗﻪ وﻗﻴﺎﻣﺘﻪ ،وﻗﺎل أﻳﻀﺎً :ﱡ "ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ ﻳﻨﺎل ﻏﻔﺮان اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ" .ﻓﻜﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮن إﻟﻴــﻪ ﺑﺎﻫﺘامم ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻓﺠﺄة؟ ﺑﻴﻨام ﻛﺎن ﺑﻄــﺮس ﻳﺘﻜ ّﻠﻢ ﱠ ﺣﻞ اﻟــﺮوح اﻟﻘﺪس ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛام ﰲ ﻳﻮم اﻟﺨﻤﺴني .وﻗﺪ أﻣﻜﻦ رؤﻳﺔ ذﻟﻚ ﻷن اﻟﺠﻤﻴﻊ اﺑﺘﺪؤوا ميﺠﺪون ا Ôوﻳﺴــﺒﺤﻮﻧﻪ! ﻟﻘﺪ ﺻﺎر ﻏــري اﻟﻴﻬﻮد أوﻻد ا Ôﻓﻴﺎ ﻟﻬــﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰة ﻋﻈﻤﻰ! وﻗﺎل ﺑﻄﺮس" :واﻵن ميﻜﻦ أن ﺗﺘﻌﻤﺪوا ً أﻳﻀــﺎ" وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌــﻞ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮه اﻟﺮب ﻷوﻻده ﺑﺄن ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺪ ﻏﻔﺮت.
ﻓامذا ﻗﺎل ا Ôﻟﺒﻄﺮس؟ اﺳــﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﺮب ﺗﺪﻧﺴﻪ أﻧﺖ" .وﺳﻤﻊ ﻟﺒﻄﺮس" :ﻣﺎ ﻃﻬﺮه ا Ôﻻ ْ ﺑﻄــﺮس ﻫﺬا اﻟﺼﻮت ﻳﺘﻜــﺮر ﺛﻼث ﻣﺮات وﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﻘﻮل ا Ôاﻟﻌﺒﺎرة ﻧﻔﺴــﻬﺎ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ارﺗﻔﻊ اﻟﴚء ﰲ اﻟﺤﺎل إﱃ اﻟﺴامء.
ﺗﺤﺪث ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ أﺷــﻴﺎء ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻬﻤﻬﺎ أو إدراﻛﻬــﺎ .ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ ﺣﻴﻨﺬاك أن ﻧﺴــﺄل ا Ôوﻫﻮ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ.
ﻓﺎﺳــﺘﻐﺮب ﺑﻄﺮس وﺗﺴــﺎءل ﻣــﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻫﺬا؟ وﻓ ّﻜﺮ ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ ﻣﺎذا ﻳﺮﻳــﺪ ا Ôأن ﻳﻘﻮل ﱄ؟ ﻓﻠﻢ ﻳﻔﻬــﻢ .واﻟﻮاﻗــﻊ أﻧﻪ ﰲ ﺑﻌــﺾ اﻷﺣﻴﺎن ٢٢١
.٣١ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس )أﻋامل (١٦ - ١ :١٠ ﻛﺎن ﺟﻨﺪ ﻛﺜريون ﻳﻌﻴﺸــﻮن ﰲ ﻗﻴﴫﻳﺔ وﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺮوﻣﺎن وﻳﺤﻜﻤﻮن اﻟﺒﻼد .وﻛﺎن ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس ﻣﻦ أﻫﻤﻬــﻢ وﻫﻮ ﻗﺎﺋﺪ ﻣﺌــﺔ أي ﺿﺎﺑﻂ ﻳﺄمتﺮ ﺑﺄﻣﺮه ﻣﺌــﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد ،ومل ﻳﻜــﻦ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس وﺟﻨﻮده ﻳﻬﻮداً ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻠﻪ ﺑﻴﻨام ﻛﺎن ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس ﻳﻌﺮف ا Ôوﻫﻮ وأﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﻳﺨﺸﻮن ا .Ôﻧﻌﻢ ،ﻓﺎ Ôﻳﺨ ّﻠﺺ ﻏري اﻟﻴﻬﻮد أﻳﻀﺎً. وﻛﺎن ﻛﺮﻧﻴﻠﻴــﻮس ﻳﺼــﲇ إﱃ ا Ôوﻳﻌﻄــﻲ ﺻﺪﻗــﺎت ﻣﻦ اﳌــﺎل ﻟﻠﻔﻘﺮاء ﻟﻴﺸــﱰوا ﻃﻌﺎﻣﺎً وﺛﻴﺎﺑــﺎً وﻣــﻊ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎ Ôمل ﻳﻜــﻦ ﻗﺪ ﻋﺮف اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﻟﺬي ﻫﻮ اﳌﺨ ّﻠﺺ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺳــﻴﺄﺗﻮن إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع واÔ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﻴﻌﻤﻞ ﻋﲆ إمتﺎم ﻫﺬا اﻷﻣﺮ. ّ ﻳﺼــﲇ ﰲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم وﺑﻴﻨــام ﻛﺎن ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس اﻋﱰﺗﻪ ﺻﺪﻣــﺔ إذ رأى ﻓﺠﺄة أﺣــﺪًا ﻳﻘﻒ إﱃ ﺟــﻮاره ومل ﻳﻜﻦ إﻧﺴــﺎ ًﻧﺎ ﻋﺎدﻳــﺎً ﺑﻞ ﻣﻼك ﻣﻦ اﻟﺴامء ﻣﺮﺳﻞ ﻣﻦ ا Ôﻳﻠﺒﺲ ﺛﻮﺑﺎً ﻻﻣﻌﺎً .وﻗﺎل ﻟﻪ اﳌــﻼك" :ﻳــﺎ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴــﻮس" ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻌﺪ" :ﻣﺎذا ﻳﺎ ﺳــﻴﺪ" وﻳﻌﻨﻲ ﻣﺎذا ﻳﺠﺐ أن أﻓﻌﻞ ﻳﺎ رب؟ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﳌﻼك" :ﻟﻘﺪ ﺳــﻤﻊ اÔ ﻣﻦ اﻟﺴــامء ﺻﻠﻮاﺗﻚ وﻫﻮ ﻳﻌــﺮف ﺻﺪﻗﺎﺗﻚ ﻟﻠﻔﻘﺮاء .واﻵن أرﺳــﻞ رﺟﺎﻟﻚ ﻟﻴﺄﺗﻮك ﺑﺒﻄﺮس ﺧﺎدم اﻟﺮب ﻣﻦ ﻳﺎﻓﺎ وﻫﻮ ميﻜﺚ ﻋﻨﺪ ﺳﻤﻌﺎن اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺪﺑﺎﻏﺔ اﻟﺠﻠﻮد وﺑﻴﺘﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺤﺮ، وﻫﻮ ﺳﻴﺨﱪك ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع". ٢٢٠
ﻓﺎﻧﺪﻫﺶ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴــﻮس وﳌّﺎ اﻧﻄﻠﻖ اﳌﻼك ﻧﺎدى اﺛﻨني ﻣﻦ رﺟﺎﻟﻪ وﻋﺴــﻜﺮ ًﻳﺎ ﺗﻘ ًﻴﺎ وأﺧﱪﻫﻢ مبﺎ ﺟﺮى وأرﺳﻠﻬﻢ إﱃ ﻳﺎﻓﺎ ،ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻮا ﻟﻴﻔﺘﺸﻮا ﻋﻦ ﺑﻄﺮس ووﺻﻠﻮا إﱃ ﺑﻴﺖ ﺳــﻤﻌﺎن ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺤﺮ، ﻓﻬﻞ ﻳﺄيت ﺑﻄﺮس ﻣﻌﻬﻢ؟ وﻫﻞ ﻳﺮﴇ أن ﻳﺪﺧﻞ ﺑﻄــﺮس إﱃ ﺑﻴﺖ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس اﻟﻮﺛﻨﻲ واﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﻳﺪﺧﻠــﻮن ﺑﻴﻮت اﻟﻮﺛﻨﻴني؟ ﻟﻜﻦ ا Ôﺳــﻴﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ. ﻓﺒﻴﻨام ﺑﻄﺮس ﰲ ﺑﻴﺖ ﺳــﻤﻌﺎن وﻧﺤﻮ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﴩة وﻗﺖ ﺗﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم وأراد ﺑﻄﺮس ّ ﻳﺼــﲇ إﱃ ا Ôﻓﺼﻌﺪ إﱃ اﻟﺴــﻄﺢ ﻣﻨﻔﺮداً أن ﺑﻴﻨام ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺤﴬون اﻟﻄﻌﺎم ﰲ اﻟﺒﻴﺖ ﻓﺠﺎع ﺑﻄﺮس .وﺣﺪث أﻣﺮ ﻣﺪﻫﺶ إذ رأى ﺑﻄﺮس رؤﻳﺎ ﻛام ﻟﻮ ﻛﺎن ﰲ ﺣﻠﻢ ،ﻓامذا رأى؟ رأى اﻟﺴــامء ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ وﺷــﻴﺌﺎً ﻳﺸــﺒﻪ ﻗﻄﻌﺔ ﻛﺘﺎن ﻣﻌﻘﻮدة ّ ﺗﺘــﺪﱃ إﱃ اﻷرض وﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺰواﻳﺎﻫﺎ اﻷرﺑﻊ ﺟﻤﻴــﻊ دواب اﻷرض ،ﻏﻨﻢ وﺑﻘــﺮ وﺣﻴﻮاﻧﺎت ﺑﺮ ّﻳــﺔ إﺿﺎﻓــﺔ إﱃ أﻧــﻮاع ﻛﺜرية ﻣــﻦ اﻟﻄﻴﻮر، وﺳــﻤﻊ ﺑﻄﺮس ﺻﻮ ًﺗﺎ ﻳﻘــﻮل ﻟﻪ "ﻳﺎ ﺑﻄﺮس ﻗﻢ اذﺑــﺢ وﻛﻞ!" ﻓﻘﺎل ﺑﻄﺮس" :ﻛﻼ ﻳﺎ رب ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺎ دﻧﺴﺎ" .واﻟﻴﻬﻮد ﻧﺠﺴــﺎ ً أﻛﻠﺖ ﰲ ﺣﻴﺎيت ﺷــﻴﺌًﺎ ً ﻻ ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻛﻞ ّ ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﺑﻞ اﻟﻄﺎﻫﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻛﺎﻟﺒﻘﺮ واﻟﻐﻨﻢ .ﻓﻼ ﻳﺄﻛﻠﻮن ﺣﻴﻮاﻧﺎت ﻏــري ﻃﺎﻫﺮة ﻛﺎﻷﻓــﺮاس واﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ. وﻟﻬﺬا ﻗﺎل ﺑﻄﺮس ﻟﻠﺮب ﻻ ...
ﻣﻦ اﻟﻨﺎس آﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ أﻳﻀﺎً ﻛام ﺣﺼﻞ ﰲ ﻟــ ّﺪة .وﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺄن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ اﳌﻴﺘﺔ ﻗﺪ أﻋﻴﺪت إﱃ اﻟﺤﻴﺎة ﻣﺜﻞ ﻃﺎﺑﻴﺜﺎ .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ّأن اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ مل ﻳﺮﻳﺪوا أن ﻳﻌﺮﻓﻮا ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﺻﺎروا ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻵن ﻣﻨﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺨ ّﻠﺼﻬﻢ .وﻣﺎ ﻋﺎدوا ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻌﻴﺸﻮا ﺑﺪوﻧﻪ ﺑﻌﺪ اﻵن ،وﺑﺪؤوا ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ وﻫﺬه ﻣﻌﺠﺰة ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺟﺪاً أﻳﻀﺎً .واﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﻤﻞ ذﻟﻚ. ﻓﻬﻞ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮب أن ﻳﻌﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة إﱃ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ اﳌﻴﺘﺔ؟ ﻧﻌﻢ ﻳﺮﻳﺪ ،ﻓﻠﻨﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ. ٢١٩
.٣٠ﺑﻄﺮس ﻳﺬﻫﺐ ﰲ رﺣﻠﺔ )أﻋامل (٤٣ - ٣٢ :٩ ﺑﺎﴍ ﺑﻄﺮس اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺮﺣﻠﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ رﻋ ّﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺆﻣﻨني ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع. وﻗﺪ وﺻﻞ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻐرية اﺳــﻤﻬﺎ ُﻟ ﱠﺪة وﻗﺪ ﻓﺮح اﻟﻨﺎس ﺟﺪاً ﻫﻨﺎك ﺑﺰﻳﺎرة ﺑﻄﺮس ﻟﻬﻢ ﻷﻧﻪ ﺧﺎدم اﻟﻠﻪ .وﺟﺎء اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻼﺳــﺘامع إﻟﻴﻪ وﻫﻮ ﻳﺘﻜﻠﻢ إﻟﻴﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .وﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ رﺟــﻞ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﳌﺠــﻲء ﺑﻨﻔﺴــﻪ وﻟﺬﻟﻚ ﺟﻠﺒــﻮه ﻣﺤﻤﻮﻻً ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﻗﻮف أو اﻟﺴــري وﻛﺎن ﻛﺴــﻴﺤﺎً ﻳﻠﺰم اﻟﻔﺮاش ﻣﻨﺬ مثﺎين ﺳﻨﻮات واﺳﻤﻪ إﻳﻨﻴﺎس. ورآه ﺑﻄﺮس ﻣﻀﻄﺠﻌﺎً ﻋﲆ ﻓﺮاﺷــﻪ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ: "ﻳﺎ إﻳﻨﻴﺎس ﻳﺸﻔﻴﻚ ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ ،ﻗﻢ واﻓﺮش ﻟﻨﻔﺴﻚ" وﻳﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ ﻓﻘﺪ ﻗﺎم إﻳﻨﻴﺎس ﰲ اﻟﺤﺎل واﺳــﺘﻄﺎع أن ميﴚ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻷن رﺟﻠﻴﻪ ﻗﺪ ُﺷ ِﻔﻴﺎ متﺎ ًﻣﺎ وﻗــﺪ رآه اﻟﺠﻤﻴﻊ مبﺎ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺘﺴﺒﻮن إﱃ اﻟﺮﻋ ّﻴﺔ .ﻧﻌﻢ وﻛ ّﻠﻬﻢ ﺳﻤﻌﻮا ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻗﺪ ﺷﻔﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻜﺴﻴﺢ! وﺻﺎر اﻵن أﻧــﺎس ﻛﺜريون ﻳﺘﻮﺑــﻮن وﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻛرث ﻋﺪد اﻟﺮﻋﻴﺔ واﺗﺴــﻌﺖ ﺗﺨﻮﻣﻬﺎ، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺣﺮص ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع. وﺟــﺎء رﺟﻼن ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻟﺪّة وﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﻳﺎﻓﺎ ﺣﻴــﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك رﻋﻴــﺔ ً أﻳﻀﺎ وﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻬام ﺳــﺄﻻ" :أﻳﻦ ﺑﻄــﺮس؟" ﻓﺮأﻳﺎه أﻣﺎﻣﻬــام وﻗﺎﻻ ﻟﻪ" :ﻫﻞ ﻟــﻚ أن ﺗﺄيت ﻣﻌﻨﺎ إﱃ ﻳﺎﻓﺎ ﻷن اﻟﻨﺎس ﻫﻨﺎك ﺣﺰاىن ﻓﻘﺎم ﺑﻄﺮس وﺳﺎر ﻣﻌﻬام ﻋﲆ اﻟﻔﻮر. ووﺻﻠــﻮا إﱃ ﻳﺎﻓﺎ ﺣﻴﺚ وﺟﺪوا اﻟﻨﺎس ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ٢١٨
اﻟﺤﺰن ،ﻓــام اﻟﺬي ﺣﺪث؟ ﻟﻘــﺪ ﻣﺎﺗﺖ اﻣﺮأة اﺳــﻤﻬﺎ ﻃﺎﺑﻴﺜﺎ اﻟﺬي ﺗﺮﺟﻤﺘــﻪ ﻏﺰاﻟﺔ .وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻳﻀــﺔ ﺟﺪاً وﺳــﺎءت ﺣﺎﻟﻬــﺎ إﱃ أن ﻣﺎﺗﺖ. وﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻳﺤﺒﻮﻧﻬــﺎ إذ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﻌﺘﻨــﻲ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮاء وﺧﺎﺻﺔ اﻷراﻣﻞ ﻷن ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻦ أزواج ﻳﻌﻴﻠﻮﻧﻬــﻦ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻘﴤ وﻗﺘﺎً ﻃﻮﻳ ًﻼ ﺑﺨﻴﺎﻃﺔ اﳌﻼﺑﺲ وﺗﻮزﻋﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻔﻘﺮاء واﻷراﻣﻞ ﻣﺠﺎ ًﻧﺎ! ﻳﴪون ﺑﻬﺬه اﳌﻼﺑﺲ اﻟﺠﺪﻳﺪة. وﻛﻢ ﻛﺎﻧﻮا ّ وأﺧﺬوا ﺑﻄﺮس إﱃ اﻟﻌﻠﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺎﺑﻴﺜﺎ ورأى ﺑﻄﺮس أﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻣﺎﺗﺖ وﻛﺎن اﳌﻜﺎن ﻣﻠﻴﺌًﺎ ﺑﺎﻟﺤــﺰاىن ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻋﺮﺿﻮا ﻟﺒﻄﺮس اﳌﻼﺑﺲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﺨﻴﻄﻬــﺎ وﺗﻮزﻋﻬﺎ ﻓﻌــﺮف ﺑﻄﺮس ﻛﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺒﻮﻧﻬﺎ .ﻓﻄﻠﺐ ﺑﻄﺮس ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ أن ﻳﺨﻠﻮا اﻟﻐﺮﻓﺔ ﻓﺨﺮﺟﻮا ﻣﻨﻬﺎ وﺳﺎد اﻟﺴﻜﻮن ﰲ اﻟﻐﺮﻓﺔ ﻓﺠﺜــﺎ ﺑﻄﺮس ﻋﲆ رﻛﺒﺘﻴﻪ ّ وﺻﲆ ﻟﻠﺮب ﺑﺎﺣــﱰام ووﻗﺎر ﺛــﻢ وﻗﻒ وﺗﻘﺪم إﱃ ﺟﺴــﺪ ﻃﺎﺑﻴﺜﺎ اﳌﻴﺖ وﻗﺎل" :ﻳﺎ ﻃﺎﺑﻴﺜﺎ ﻗﻮﻣﻲ!" وﻳــﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ! ﻓﺘﺤــﺖ ﻃﺎﺑﻴﺜــﺎ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ وﻧﻈﺮت إﱃ ﺑﻄﺮس ﺛﻢ ﺟﻠﺴــﺖ .ﻓﺄﻣﺴﻚ ﺑﻄﺮس ﺑﻴﺪﻫﺎ وأﻗﺎﻣﻬﺎ ﻣــﻦ اﻟﻔﺮاش اﻟﺬي ﻛﺎﻧــﺖ ﻣﻀﻄﺠﻌﺔ ﻋﻠﻴﻪ .ﻧﻌﻢ ،ﻟﻘﺪ ﻋﺎدت اﻟﺤﻴﺎة ﺛﺎﻧﻴﺔ إﱃ ﻃﺎﺑﻴﺜﺎ. وﻧﺎدى ﺑﻄــﺮس اﻟﻨــﺎس اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺳــﺎﻣﺤﺎً ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﻐﺮﻓﺔ ﺣﻴﺚ رأوا ﻃﺎﺑﻴﺜﺎ ﺣﻴﺔ وﻋﲆ أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻳﺮام! ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰة ﻣﺪﻫﺸﺔ! ﻻ ﺷــﻚ ّأن اﻟــﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫــﻮ اﻟــﺬي ﻋﻤﻞ اﳌﻌﺠﺰة ،وﻛﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﺮﺣني .وﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻳﺎﻓﺎ ﺳــﻤﻌﻮا ﻋﻦ ﻫﺬه اﳌﻌﺠﺰة ﻓامذا ﺣﺼﻞ؟ ﻛﺜري
اﻟﺨﴢ ﻟﻔﻴﻠﺒﺲ" :ﻫﻞ ميﻜﻦ أن أﺗﻌﻤﺪ اﻵن؟" ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﻓﻴﻠﺒﺲ" :ﻧﻌــﻢ ﻓﻘﻂ إن ﻛﻨﺖ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻘﻠﺒــﻚ" .ﻓﻘﺎل اﻟﺨﴢ ﻟﻔﻴﻠﺒﺲ" :أﻧﺎ أؤﻣﻦ أن ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻫﻮ اﺑﻦ ا ."Ôﻧﻌﻢ إﻧﻪ ﻳﺆﻣﻦ وﻳﺜﻖ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣــﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻪ .وﺗﻮﻗﻔﺖ اﻟﻌﺮﺑﺔ وﻧﺰل اﻟﺨﴢ ﻣﻊ ﻓﻴﻠﺒﺲ إﱃ اﳌﺎء ﺣﻴﺚ ﺗﻌ ّﻤــﺪ ،وﻛﻢ ﻫــﻮ ﻓﺮح اﻵن ﺑﻌﻠﻤــﻪ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣﺎت ﻷﺟﻠﻪ وﺻﺎر اﻟﺨﴢ اﻟﺤﺒﴚ اﺑﻨًﺎ ﻟﻠــﻪ .وﺧﻄﻒ روح اﻟﺮب ﻓﻴﻠﺒــﺲ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺰن اﻟﺨﴢ ﻷن اﻟﺮب ﺑﻘﻲ ﻣﻌﻪ.
إذاً ﻛﻴــﻒ ﺧﻠــﺺ اﻟﺨــﴢ؟ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﻌﻤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس .وﻛﻴﻒ ﻗﺎم اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ؟ ﻣﻦ ﺧــﻼل ﻛﻠﻤﺔ ا .Ôﻓﻬﻞ ﻧﺴــﺘﻤﻊ ﻟﻜﻠﻤــﺔ ا Ôﺑﺎﺣــﱰام وأﻳﻀﺎً ﺣﻴﻨــام ﻳﻜﺮز ﺑﻬﺎ ُﺧــﺪّام ا Ôﻛام ﻓﻌﻞ ﻓﻴﻠﺒــﺲ؟ ﻓﺪﻋﻮﻧﺎ ّ ﻧﺼﲇ ﻃﺎﻟﺒني أن ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻠﻪ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻣﻌﻨﺎ ﻛام ﻓﻌﻞ ﻣﻊ اﻟﺨﴢ اﻟﺤﺒﴚ.
٢١٧
.٢٩ﻓﻴﻠﺒﺲ واﻟﺨﴢ اﻟﺤﺒﴚ )أﻋامل (٤٠ - ٢٦ :٨ ّ ﻫــﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻠﺒﺲ اﻟﺸــامس .ﻟﻘﺪ ﻏــﺎدر ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴــﺎﻣﺮة وﻫــﻮ اﻵن ﰲ ﺟﻨﻮب أورﺷــﻠﻴﻢ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﳌﺆدﻳﺔ إﱃ ﻏﺰة .وﻫﻮ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺣﻘﻴﻘ ًﺔ ﳌﺎذا ﻫﻮ ﻫﻨﺎك وﻛﺎن ﻣﻼك ﻣﻦ اﻟﺴــامء أﻣﺮه ﺑﺄن ﻳﺴــري ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻬﺎدئ اﻟﺬي ميﺘﺪ ﻋــﲆ اﻟﺠﺒﺎل وﻳﺘﺨﻠﻞ اﻟﻐﺎﺑﺎت ،ﻓﻼ ﺗﻠﺘﻘﻲ ﻓﻴﻪ ﺑﻜﺜــري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﻓﻴﻠﺒﺲ مل ﻳﻔﻬــﻢ ﳌﺎذا ُأ ِﻣﺮ ﺑﺄن ﻳﺴــﺎﻓﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻜﻨــﻪ ﻳﻨﻔﺬ أﻣﺮ اﻟﺮب ،وﻫﻮ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ﺧﺎدم أﻣني. اﻧﻈــﺮ ﻓﻬﻮ مل ﻳﻜﻦ اﳌﺴــﺎﻓﺮ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻫﺎ ﻫﻮ ﻳﺮى ﻋﺮﺑﺔ ﻓﺨﻤﺔ ﺗﺴري أﻣﺎﻣﻪ وﺗﺠﺮﻫﺎ أﺣﺼﻨﺔ ﻗﻮﻳﺔ .ﻓﺄﴎع ﻓﻴﻠﺒﺲ ﰲ ﺳريه ﺣﺘﻰ ﻟﺤــﻖ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﺔ وﺻﺎر ﻳﺴــري إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ، وﳌﺎذا ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؟ ﻟﻘﺪ أﻣﺮه اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﰲ ﻗﻠﺒﻪ أن ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﺔ. وﻛﺎن رﺟﻞ أﺳــﻮد اﻟﺒﴩة ﻣﻤﺘﻄﻴﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺮﺑﺔ واﳌﻼﺣــﻆ أﻧﻪ ﻛﺎن رﺟــ ًﻼ ذو ﻣﺮﻛﺰ رﻓﻴﻊ .ﻟﻘﺪ أىت ﻣﻦ ﺑﻼد ﺑﻌﻴﺪة ﺗﺴــﻤﻰ اﻟﺤﺒﺸﺔ ،وﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺤﻜﻤﻬﺎ ﻣﻠﻜــﺔ ﺛﺮﻳﺔ وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺨﴢ أﻫﻢ ﺧﺎدم ﻟﻬﺎ وﻛﺎن ﻫﻮ اﳌﻮﻛﻞ ﺑﺨﺰاﺋﻦ اﳌﻠﻜﺔ وأﻣﻮاﻟﻬﺎ وﻫــﻮ ﺣﺎﺟﺒﻬﺎ وﻛﺒري اﻷﻣﻨــﺎء ﻟﺪﻳﻬﺎ. وﻛﺎن ﻫــﺬا اﻟﺨــﴢ ﻗﺪ ﺳــﻤﻊ ﻋــﻦ اﻟﺮب ﰲ ٌ ﺷــﻮق إﻟﻴﻪ ﻣﻊ أ ﱠﻧﻪ وﺛﻨﻲ ﺑﻼده ﻓﻨﺒﺖ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﺗﻌﻴﺲ ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ميﻜﻦ أن ﻳﺠﻌﻠﻪ ﺛﺮي ﺳﻌﻴﺪ! واﻟﻮاﻗــﻊ أﻧﻪ أراد أن ﻳﺰور اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﻴﺖ ا Ôﰲ ٢١٦
أورﺷﻠﻴﻢ ﻟﻴﻌﺒﺪ ا.Ô وﻫﻜﺬا ﻗﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺸﺎﻗﺔ وﻫﻮ اﻵن ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻮدة إﱃ ﺑﻼده .وﺳﺎر ﻓﻴﻠﺒﺲ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺮﺑﺔ وﺳﻤﻊ اﻟﺨﴢ ﻳﻘﺮأ ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻣﻦ ﻧﺒﻮة إﺷﻌﻴﺎء. ﻓﺎﺳــﺘﻤﻊ ﻓﻴﻠﺒﺲ إﻟﻴﻪ ﺛﻢ ﻗــﺎل ﻟﻠﺨﴢ" :ﻫﻞ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﺎ ﺗﻘﺮأ؟" ﻓﺘﻮﻗــﻒ اﻟﺨﴢ ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءة وﻗﺎل" :ﻛﻼ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪي ﻣﻦ ﻳﴩح اﳌﻌﻨﻰ، ﻓﻬﻞ ميﻜﻨﻚ أن ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؟ اﺻﻌﺪ إﱃ اﻟﻌﺮﺑﺔ واﺟﻠﺲ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻲ" .ﻓﺠﻠﺲ ﻓﻴﻠﺒﺲ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ وﻗﺪ ﻓﻬﻢ اﻵن ﳌﺎذا أراده اﻟﺮب أن ﻳﺴــﺎﻓﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ اﳌﻮﺣﺶ. وأﺧﺬ اﻟﺨﴢ ﻳﺘﺎﺑﻊ اﻟﻘﺮاءة" :ﻣﺜﻞ ﺷــﺎة ﺳﻴﻖ إﱃ اﻟﺬﺑــﺢ ،وﻣﺜﻞ ﺧــﺮوف ﺻﺎﻣﺖ أﻣﺎم اﻟﺬي ﻳﺠــﺰه ﻫﻜــﺬا مل ﻳﻔﺘــﺢ ﻓﺎه" وﺳــﺄل اﻟﺨﴢ: "ﻋﻤﻦ ﻗﻴﻞ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم؟ وﻣﻦ اﳌﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﺸﺎة واﻟﺤﻤــﻞ؟" ﻓﺄﺧﱪه ﻓﻴﻠﺒﺲ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ّ وأن اﻟﺸــﺎة واﻟﺨﺮوف ﻟﻴﺲ إﻻ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟــﺬي ﻛﺎن راﺿ ًﻴﺎ ﺑﺎﳌــﻮت ﻟﻴﺤﻤﻞ ﻋﻘﺎب ﻛﻞ أوﻻده ﻟﻴﺨ ّﻠﺺ ﺷﻌﺒﻪ وﻫﻮ اﺑﻦ ا.Ô وأدرك اﻟﺨﴢ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜﻮن اض ﺑــﺄن ﻳﺨﻠﺼﻪ ﻣﻦ ﻣﺨ ّﻠﺼــﻪ وأﻧﻪ ﻗــﺎدر ور ٍ ﻛﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎه وآﻣــﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻪ واﺑﺘﺪأ ﻳﺤﺐ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﻌﺠﺰة اﻟﺮب ﰲ ﻗﻠﺒﻪ .وﻣﺎ ﻟﺒﺜﻮا أن وﺻﻠﻮا إﱃ ﻏﺪﻳﺮ ﻣﺎء ،ﻓﻘﺎل
ﺗﻔﻌﻠﻮن أﻧﺘﻢ ،وﺳــﺄﻋﻄﻴﻜﻢ ﻣــﺎ ﺗﺮﻳﺪون ﻣﻦ اﳌﺎل". ﻫﻞ ﺗﺴــﻤﻌﻮن ﻣﺎ ﻳﻘــﻮل؟ إﻧﻪ ﻳﺤﺴــﺐ أﻧﻪ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ ﴍاء ﻫــﺬا ﺑﺎﳌﺎل! وﳌــﺎذا ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺸــﱰي ﻫﺬا اﻷﻣﺮ؟ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﻮد ﻟﻴﻜﻮن رﺟ ًﻼ ّ ً ﻣﻬام وﻳﻌﻮد اﻟﻨﺎس إﻟﻴﻪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﳌﺸــﺎﻫﺪة ﺧﺪﻋﻪ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ. ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺑﻄﺮس ﺑﻠﻬﺠﺔ ﺻﺎرﻣﺔ" :ﻫﻞ ﺗﻈﻦ ّأن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ أن ﺗﺸﱰي ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ اﻟﺮب ﺑﺎﳌﺎل؟ أﻧﺎ أرى اﻵن أﻧﻚ ﻣﺎ زﻟﺖ ﻏري ﻣﺘﺠﺪد وﻻ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺨﴙ اﻟﻠﻪ وﺗﻌﺒﺪه ﺣﻘﻴﻘﺔ ،ﻓﺘﺐ وﻋﺪ إﱃ اﻟﻠﻪ واﻃﻠﺐ ﻣﻨــﻪ أن ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻚ ﻓﻜﺮ ﻗﻠﺒﻚ اﻟﴩﻳﺮ، وإﻻ ﺗﻬﻠﻚ أﻧﺖ وﻣﺎﻟﻚ" ﻓﺨﺎف ﺳــﻴﻤﻮن ﻛﺜ ًريا وﻗــﺎل ﻟﻬﻢ" :ﻫﻞ ﻟﻜﻢ أن ﺗﺼ ّﻠﻴﺎ أﻧﺘام ﻷﺟﲇ ؟ ﻫﻞ ﻟﻜﻢ أن ﺗﻄﻠﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﻻ ﻳﻌﺎﻗﺒﻨﻲ؟ ﻫــﻞ ﺗﺴــﻤﻊ ﻫــﺬا؟ ّإن ﺳــﻴﻤﻮن ﻳﺨﺎف ﻣﻦ اﻟﻌﻘــﺎب .ﻧﻌﻢ ّإن ﻋﻘﺎب ا Ôﻋﲆ اﻟﺨﻄﻴﺔ أﻣﺮ رﻫﻴــﺐ ،وﻛﺎن ﻋﲆ ﺳــﻴﻤﻮن أن ﻳﻔﻜﺮ وﻳﻌﻠﻢ ّأن ﴍ ﻗﻠﺒﻪ أﻣﺮ رﻫﻴﺐ أﻳﻀﺎً وﻫﺬا أﺳــﻮأ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺼﲇ ﻃﺎﻟﺒﺎً ﻗﻠﺒﺎً ﺟﺪﻳﺪًا. ﻛﻞ اﻟﻨــﺎس ﻳﺮﻳــﺪون أن ﻳﻔﻠﺘﻮا ﻣــﻦ اﻟﻌﻘﺎب ﻷﻧﻪ رﻫﻴــﺐ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ اﻟﻨــﺎس ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﺨ ّﻠﺼــﻮا ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺔ ،وﻫــﺬا ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺤﺐ اﻟﺨﻄﻴــﺔ ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﴩﻳﺮة اﻵمثــﺔ .ﻓﻨﺤﺘﺎج ﰲ اﻟﻮاﻗــﻊ إﱃ أن ﻧﺼ ّﻠـﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌ ّﻠﻤﻨﺎ اÔ أن ﻧﻜﺮه اﻟﺨﻄﻴــﺔ وأن ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺘﺨ ّﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ، وﺣﻴﻨﺌﺬ ﻧﻨﺠﻮ ﻣام ﻧﺴﺘﺤﻘﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﺎب أﻳﻀﺎً. ٢١٥
.٢٨ﺳﻴﻤﻮن اﻟﺴﺎﺣﺮ )أﻋامل (٢٥ - ٩ :٨ أﻻ ﻧﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ّأن اﻟﺮب ﻗﺪ ﺧ ّﻠﺺ اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﰲ اﻟﺴﺎﻣﺮة وأﻧﻬﻢ ﺗﻌ ّﻤﺪوا؟ وﻣﻦ ﺗﻈﻦ أﻧﻪ ﺗﻌ ّﻤﺪ أﻳﻀﺎً؟ إﻧﻪ ﺳــﻴﻤﻮن اﻟﺴﺎﺣﺮ ،ﻓﻬﻞ ﺻﺎر اﺑﻨﺎً Ô أﻳﻀﺎً؟ ﰲ أﺣــﺪ اﻷﻳــﺎم وﺻــﻞ اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﺮﺳــﻞ إﱃ اﻟﺴﺎﻣﺮة ﻫام ﺑﻄﺮس وﻳﻮﺣﻨﺎ .وﻛﻢ ﻛﺎﻧﺎ ﻓﺮﺣني، ﻷﻧﻬام ﺷــﺎﻫﺪا ﻛﻴﻒ ّأن اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ً أﻳﻀﺎ .وﻗﺪ اﺑﺘﺪأت ﺗﺘﺸﻜﻞ رﻋ ّﻴﺔ ﻟﻠﺮب ﰲ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ،رﻋ ّﻴــﺔ ﻗﻮاﻣﻬﺎ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮن ﻟﻴﺤﺒﻮا اﻟﺮب ﻳﺴﻮع. وﻳﺘﻜﻠــﻢ ﺑﻄــﺮس وﻳﻮﺣﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﻨــﺎس ﻗﺎﺋﻠني: ّ "ﺳــﻨﺼﲇ ﻷﺟﻠﻜﻢ ﻟيك ﺗﻨﺎﻟﻮا اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس". ﻟﻜــﻦ أمل ﻳﻜﻦ اﻟــﺮوح اﻟﻘــﺪس ﻣﻌﻬﻢ؟ وﻫﻞ أﻋﻄﻰ اﻟﻨــﺎس ﻗﻠﻮﺑﺎً ﺟﺪﻳــﺪة ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ؟ ﻧﻌﻢ، ﻟﻜﻦ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ميﻜﻦ أن ﻳﻌﻄﻲ أﻛرث ﺑﻜﺜري. ﻓﻤﺜ ًﻼ ميﻜﻦ أن ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ أن ﻳﺸﻔﻮا اﳌﺮﴇ ﻛام ﻳﻔﻌﻞ اﻟﺮﺳﻞ. ﻓﺼ ّﻠﻮا ﻣﻌــﺎً ﺑﻮﻗﺎر واﺣﱰام واﻟﺮب اﺳــﺘﺠﺎب ﻟﺼﻠﻮاﺗﻬــﻢ .واﻟﺮﺳــﻞ ﻳﻀﻌﻮن اﻷﻳــﺎدي ﻋﲆ اﻟﻨــﺎس ﻓﻴﻨﺎﻟﻮن اﻟﺮوح اﻟﻘــﺪس واﻵن ﻳﺤﴬ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻟﻴﻤﻜﺚ ﻣﻌﻬﻢ ﻛام ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ. وﻗﺪ ﺳــﻤﻊ ﺳﻴﻤﻮن اﻟﺴــﺎﺣﺮ ورأى ﻛﻞ ﳾء، ﻓﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ" :اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻳﺤــﴬ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻀﻌــﻮن أﻳﺎدﻳﻜﻢ ﻋﲆ رؤوس اﻟﻨﺎس ﻓﻬﻞ ﺗﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﺗﻌﻄــﻮا ﻫﺬا إ ﱠﱄ أﻳﻀﺎً؟ ﺣﺘﻰ أﻋﻄﻲ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛام ٢١٤
ﺳ ﱠﻜﺎن اﻟﺴﺎﻣﺮة ﻣﴪورﻳﻦ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ! وﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟــﻚ ُﻣﺸــﻌ ِﻮذ ﰲ اﻟﺴــﺎﻣﺮة اﺳــﻤﻪ ﺳــﻴﻤﻮن اﻟﺴــﺎﺣﺮ وﻫﻮ ﺧــﺎدم إﺑﻠﻴﺲ اﻟﺬي ﺑﻘﻮﺗﻪ ﻛﺎن ﺳــﻴﻤﻮن ﻳﻘﻮم ﺑﺨﺪع ﺳﺤﺮﻳﺔ وﻗﺪ أﺣﺐ اﻟﻨﺎس ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ وﻳﻘﻮل ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ: "ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﳌﺎذا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺳﻴﻤﻮن أن ﻳﻌﻤﻞ ﻫﺬا؟ ﻷن ﻓﻴﻪ ﻗﻮة ا "Ôوﻻ مي ّﻴﺰون أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗــﻮة إﺑﻠﻴﺲ اﻟﻌﺪو اﻷﻛﱪ ﻟﻠﻪ .وﻛﺎن ﺳــﻴﻤﻮن ﻓﺨﻮ ًرا مبﻬﺎراﺗﻪ اﻟﺴــﺤﺮﻳﺔ وﻳﻘــﻮل ّإن ﻻ أﺣﺪ ﻏريه ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﻷﻋامل. ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﳌــﺎذا ﻛﺎن ّ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺄﺗﻮن إﱃ ﺳﻴﻤﻮن وﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﻴﻪ؟ ﻷن اﻟﻨﺎس ﻫﻢ ً أﻳﻀﺎ أوﻻد إﺑﻠﻴﺲ ،وإﺑﻠﻴﺲ ﻫــﻮ اﳌﻠﻚ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ. واﻵن وﺻﻞ ﻓﻴﻠﺒﺲ إﱃ اﻟﺴــﺎﻣﺮة وﺻﺎر ﻳﻘﻮم مبﻌﺠــﺰات أﻳﻀــﺎً وﻟﻜﻨــﻪ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺎﺳــﻢ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻷن ﻓﻴﻠﺒﺲ ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب وﻳﺒﴩ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻛﻴﻒ أﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜــﻮن ﻣﻠــﻜﺎً ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻬــﻢ ،وﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس
اﻟﺨﻄــﺎة ،ﻓﻜﺜري ﻣــﻦ اﻟﻨﺎس اﺳــﺘﻤﻌﻮا وآﻣﻨﻮا ﺑــﻪ ﻷن اﻟــﺮوح اﻟﻘﺪس ﻗﺪ وﻫــﺐ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣﻠ ًﻜﺎ ﰲ ﻗﻠــﻮب ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺘﻌﻤﺪون ،وﻫــﺬا ﻳﻈﻬﺮ ّأن اﻟﺮب ﻗــﺪ ﻏﻔﺮ ّ ﻛﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ وأﻧﻬــﻢ أﺻﺒﺤﻮا أوﻻد ا .Ôوﻫــﺆﻻء اﻟﻨﺎس اﻵن ﻳﺮﻳــﺪون أن ﻳﻌﺒﺪوا اﻟﺮب ﱢ ﺑﻜﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬــﻢ .ومل ﻳﻌﻮدوا ﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ ﺳﻴﻤﻮن اﻟﺴﺎﺣﺮ ﺑﻌﺪ اﻵن ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺸﺎﻫﺪوا ﺧﺪﻋﻪ اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ ﺑﻌﺪ اﻵن. أﻻ ﻧــﺮى ّأن اﻟــﺮب أﻗــﻮى ﻣﻦ إﺑﻠﻴــﺲ؟ ﻧﻌﻢ ﻓﺎﻟــﺮوح اﻟﻘــﺪس ميﻜﻨﻪ أن ﻳﺠﻌــﻞ ﻣﻦ أوﻻد إﺑﻠﻴﺲ أوﻻدًا ﻟﻠﻪ ،وﻫﻮ ﻣﺎ زال ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ وﻣﺎ زال ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻓﻌ ًﻼ. وﻛﻠﻨﺎ ﴏﻧﺎ أوﻻد إﺑﻠﻴﺲ وميﻜﻦ أن ﻧﻌﻠﻢ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻤﻠﻬﺎ واﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨــﺎ .ﻓﺎﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﻳﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎً ﻋﲆ ﻗﻠﺒــﻚ وﺣﻴﻨﺌﺬ ﻻ ﺗﻜﻮن اﺑﻨﺎً ﻹﺑﻠﻴﺲ ﺑﻞ ﺗﺼﺒﺢ اﺑﻨﺎً .Ôوﻛﻢ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺒﺎرﻛﺎً ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. ٢١٣
.٢٧اﺳﺘﻤﺮار ﻋﻤﻞ اﻟﺮب )أﻋامل (٨ - ١ :٨ وﻳﺴﺘﻤﺮ اﻟﺮﺳﻞ ﺑﺎﻟﺘﺒﺸري ،واﻟﺮب ﻳﻌﻄﻲ ّأن ﻣﺰﻳﺪاً ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮن ﻟﻴﺤﺒﻮا اﻟــﺮب وﻳﺆﻣﻨﻮا ﺑﻪ وﻳﺨﻠﺼــﻮن .وﻧﺤﻦ ﻧﻄﻠﻖ ﻋــﲆ ﻫﺆﻻء ﻛﻠﻬﻢ ﻣﺠﺘﻤﻌني اﺳﻢ رﻋ ﱠﻴﺔ أو ﻛﻨﻴﺴﺔ وﻋﲆ ذﻟﻚ ﻧﻘﻮل إﻧﻪ ﺻﺎر ﻫﻨﺎﻟﻚ رﻋﻴﺔ ﻛﺒرية اﻟﻌﺪد ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ. ﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟــﺬي ﻳﺤﺪث اﻵن؟ ﻟﻘﺪ اﺑﺘﺪأ اﻷﻋﺪاء ﺑﺎﺿﻄﻬﺎد ﻫﺬه اﻟﺮﻋ ّﻴﺔ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ إﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ أﻧﺎس ﻣﻦ اﻟﺮﻋ ّﻴﺔ ﺣﺘــﻰ ّإن اﻷﻋﺪاء ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪﺧﻠــﻮن اﻟﺒﻴﻮت ﻟﻴﻠﻘﻮا اﻟﻘﺒــﺾ ﻋﲆ اﻟﺮﺟﺎل وﺣﺘﻰ ﻋﲆ اﻟﻨﺴــﺎء .وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤــﻮن ﻣﻦ ﻛﺎن ﻗﺎﺋﺪ ﺟامﻋﺔ اﻷﻋﺪاء؟ إﻧﻪ ﺷــﺎول اﻟﻄﺮﺳﻮﳼ،
٢١٢
وﻧﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ أﻧﻪ اﻋﺘﻨﻰ ﺑﺄﺛﻮاب اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﻘﻀﺎة ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺟﻤﻮا اﺳﺘﻔﺎﻧﻮس ﺣﺘﻰ اﳌﻮت. وﻛﺜري ﻣــﻦ اﻟﺮﻋﻴﺔ ﻫﺮﺑﻮا ﻣــﻦ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ وﺣﺘﻰ ﻣــﻦ اﳌﺪﻳﻨــﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻴﻌﻴﺸــﻮا ﰲ ﻣــﻜﺎن آﺧﺮ، ﻟﻜﻦ ﺣﻴﺜــام ﻳﺬﻫﺒــﻮن ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع .وﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ أﺧﺬ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻷﺧﺮى ﻳﺆﻣﻨﻮن أﻳﻀﺎً ،وﻫﺬا ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس .ووﺻﻞ أﺣﺪ اﻟﺸامﻣﺴــﺔ واﺳــﻤﻪ ﻓﻴﻠﺒــﺲ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴــﺎﻣﺮة وأﺧﺬ ﻳﺒﴩ اﻟﻨﺎس ﻫﻨﺎك ،وﻗﺪ أﻋﻄﺎه اﻟﺮب أن ﻳﻘﻮم مبﻌﺠﺰات ﻓﺸﻔﻰ اﳌﻔﻠﻮﺟني واﻟﻌﺮج ،وﻛﻢ ﻛﺎن
وﻧﺴــﻤﻊ اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس ﻳﻘﻮل أﻳﻀﺎً" :أﻳﻬﺎ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻗﺒﻞ روﺣﻲ" أي ﻳــﺎ رب أﻧﺖ ﺗﻌﺘﻨﻲ يب وأﻧــﺎ أﻣــﻮت ﻓﻠﻴﺘﻨﻲ آيت إﻟﻴﻚ ﰲ اﻟﺴــامء. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺠﺎرة ﺗﻨﻬﺎل ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﻬﺎت، ﻓﺠﺜــﺎ ﻋﲆ رﻛﺒﺘﻴﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى وﻗﺎل" :ﻳﺎ رب ﻻ ﺗﺤﺴــﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻴﺔ" أي إﻧﻪ ﻳﻘﺼﺪ اﻟﻘــﻮل" :ﻳﺎ رب أرﺟــﻮك أن ﺗﻐﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ. واﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس ﻫﻨــﺎ ﻳﺼــﲇ ﻣﻦ أﺟــﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻪ .واﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻋﻤﻞ ذﻟﻚ أﻳﻀﺎً ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺣــﺐ أﻋﺪاءه .وازدادت ﴐﺑﺎت ﻣﺎت إذ ﻗﺪ ّ اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻣﻮﻧﻬﺎ ﻋﲆ ﺻﺪره ورأﺳﻪ ﺣﺘﻰ ﻣﺎت اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس .واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻧﻔﺴﻪ إﱃ اﻟﺴامء وﻫﻮ اﻵن ﻣﻊ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع إﱃ اﻟﺪﻫﺮ واﻷﺑﺪ.
اﻷﻋــﺪاء اﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎ زاﻟﻮا أﺣﻴﺎء أو اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس اﻟﺬي ﻣﺎت؟ ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ اﻟﺠﻮاب أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻧﻌﻢ أﻧﺖ ﺳﺘﻜﻮن أﻛرث ﺳــﻌﺎدة إذا ﻛﻨﺖ ﻣﻦ أوﻻد ا ،Ôﻟﻜــﻦ إن مل ﺗﻜــﻦ ﻣﻦ أوﻻد ا Ôﻓام ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ أﻣﺎﻣــﻚ ،واﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن زال اﳌﺠــﺎل ً ﺗﻄﻠﺐ ذﻟﻚ ﻣﻨﻪ...
وﻋﺎد اﻷﻋﺪاء إﱃ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ وأىت ﺑﻌﺾ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻟﻴﺪﻓﻨﻮا اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس ،ﻓﻤﻦ ﻫﻮ اﻷﺳــﻌﺪ اﻵن؟
٢١١
.٢٦اﺳﺘﻔﺎﻧﻮس )أﻋامل ١٥ – ٨ :٦و أﻋامل (٧ اﻧﻈــﺮوا َﻣــﻦ ﻫﺬا اﻟــﺬي ﻳﺒــﴩ ﺑﻜﻠﻤﺔ اÔ؟ ﻣــﻦ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﺨﱪ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺨ ّﻠﺺ؟ ﻛﻼ ،ﻟﻴﺲ واﺣﺪاً ﻣﻦ اﻟﺮﺳــﻞ ﺑﻞ ﻫﻮ اﺳﺘﻔﺎﻧﻮس أﺣﺪ اﻟﺸامﻣﺴــﺔ اﻟﺴﺒﻌﺔ ،واﻟﻨﺎس ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮن إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه .ﻟﻜﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﺑﺘﺪؤوا ﻳﻐﻀﺒــﻮن ﻷﻧﻬــﻢ مل ﻳﺼﺪﻗﻮا ﻛﻼﻣــﻪ ،وأﺧﺬوا ﻳﺤﺎوروﻧﻪ وﻳﻈﻨﻮن أﻧﻬﻢ ﻳﻔﻮﻗﻮﻧﻪ ﰲ اﳌﻌﺮﻓﺔ. وﻟﻜﻦ اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس ﻛﺎن أﻛرث ﺣﻜﻤﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻷن ﻗﻠﺒﻪ ﻛﺎن ﻣﻤﻠﻮءاً ﻣﻦ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس متﺎ ًﻣﺎ ﻛام ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ اﻟﺮﺳﻞ .ومل ﻳﺴﺘﻄﻊ اﳌﻌﺎرﺿﻮن أن ﻳﺘﻔﻮﻗﻮا ﻋﻠﻴﻪ وﻟﺬﻟــﻚ ﻏﻀﺒﻮا أﻛرث وﺑﺪؤوا ﻳﺤﺮﺿــﻮن اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻣــﺎ ﻟﺒﺚ أن أﻟﻘﻲ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس .وأﺧــﺬوه ﻣﻌﻬﻢ إﱃ اﻟﺴﻨﻬﺪرﻳﻢ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن رﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﺸﻴﻮخ اﳌﻌﻠﻤني ﻣﺠﺘﻤﻌني ،وﻫﻢ اﻟﻘﻀﺎة ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر .وﻃﻠﺐ أﻋﺪاء اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎة أن ﻳﺤﻜﻤﻮا ﺑﻘﺘﻠﻪ ﻷﻧﻪ ﻗﺎل ﻛﻼم ﺗﺠﺪﻳﻒ ﻋﲆ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﻴﺖ اّ Ô وأن ﻳﺴــﻮع اﻟﻨﺎﴏي ﺳﻴﻬﺪم اﻟﻬﻴﻜﻞ إﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺘﺠﺪﻳﻒ ﻋﲆ ﻧﺎﻣﻮس اﻟﻠﻪ ّ وأن ﻋﻠﻴﻬــﻢ أن ﻻ ﻳﻄﻴﻌــﻮا اﻟﻨﺎﻣﻮس .وواﺿﺢ ّأن ﻫــﺆﻻء اﻟﻘﻮم ﻛﺎﻧﻮا ﻛﺎذﺑني .ﻓﺴــﺄﻟﻪ رﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨــﺔ إن ﻛﺎن ﻫــﺬا اﻻدﻋــﺎء ﺻﺤﻴﺤﺎً ،وﻛﻞ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ﻳﺸﺨﺼﻮن إﻟﻴﻪ ﻟﻴﺴﻤﻌﻮا ﻣﺎ ﻳﻘﻮل. وﻛﺎن وﺟﻬﻪ ﻳﻠﻤﻊ ﺑﱪﻳﻖ ﺳاموي ﻛﻮﺟﻪ ﻣﻼك، وﻫﺬا ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺮب. واﺑﺘﺪأ اﺳﺘﻔﺎﻧﻮس ﺑﺎﻟﻜﻼم وأﺧﱪﻫﻢ ﺑﺎﻟﻌﻈﺎﺋﻢ اﻟﺘــﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ اﻟﺮب ﻟﻠﺸــﻌﺐ ﰲ اﳌﺎﴈ وﺗﻜﻠﻢ ٢١٠
ﻋــﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وﻣﻮﳻ وداود وﺳــﻠﻴامن اﻟﺬي ﺑﻨﻰ اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﺣﻴﺚ ﻣﺴــﻜﻦ ا ،Ôوﻗﺎل ﻟﻬﻢ: "ﺗﻈﻨﻮن ّأن اﻟﻠﻪ ﻳﺴــﻜﻦ ﺑﻬــﺬا اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺤﻴﺎ ﺑني ﺷــﻌﺐ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ وﻳﻄﻴﻌﻮﻧﻪ ﻟﻜﻨﻜــﻢ ﻻ ﺗﺮﻳﺪون أن ﺗﺤﺒﻮا اﻟﺮب ﻷن ﻗﻠﺒﻜﻢ ﻗــﺎس ﻛﺎﻟﺤﺠﺮ ﻷﻧﻜــﻢ ﻗﺘﻠﺘﻢ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع". ٍ ومل ﻳﺘﻤﻜﻦ اﺳــﺘﻔﺎﻧﻮس ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪث أﻛرث ﻷن وﴏوا ﺑﺄﺳﻨﺎﻧﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ. اﻟﺸﻴﻮخ ﺣﻨﻘﻮا ﻛﺜ ًريا ّ ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ اﺳﺘﻔﺎﻧﻮس ﺑﻮﺟﻬﻪ اﳌﻨري وإﻣﺎرات اﻟﺴﻌﺎدة ﺑﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ وﻗﺎل" :إين أرى اﻟﺴاموات ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ واﻟﺮب ﻳﺴــﻮع واﻗﻒ ﰲ اﻟﺴــامء"، ﻓﻬﺠﻤــﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻨﻔﺲ واﺣﺪة وأﺧﺮﺟﻮه ﺧﺎرج اﳌﺪﻳﻨﺔ ورﺟﻤﻮه ﺣﺘﻰ اﳌﻮت .وﺧﻠﻊ اﻟﺸــﻴﻮخ ﺛﻴﺎﺑﻬﻢ اﻟﻔﻀﻔﺎﺿــﺔ ﻟريﺗﺎﺣﻮا ﺑﺎﻟﺮﺟﻢ أﻛرث وﻗﺪ اﻋﺘﻨﻰ ﺑﺜﻴﺎﺑﻬﻢ ﺷﺎب اﺳﻤﻪ ﺷﺎول.
اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻬــﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺘﻮﻓــﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ أﻛرث ﻣﻦ ﺗﻐﺎض ﻋﻦ اﻟﺮﺳــﻞ ،وﺑﺬﻟﻚ ﻟﻦ ﻳﻜــﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ٍ أﻳﺔ أرﻣﻠــﺔ أو ﻓﻘري .ﻓﺎﻟﺸامﻣﺴــﺔ ﺧﺪام اﻟﻠﻪ ً أﻳﻀﺎ متﺎ ًﻣﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺮاﻋﻲ واﻟﺸﻴﻮخ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺎل إﻧﻬــﻢ اﻟﻘﺎمئﻮن ﺑﺎﻷﻋامل اﻟﺨﺪﻣﻴــﺔ واﳌﻜﺘﺒﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﻨﺎس أن ﻳﻄﻠﺒﻮا اﳌﺴــﺎﻋﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ.
وﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﺸامﻣﺴــﺔ أن ﻳﺨﱪوا اﻟﻨﺎس اﻟﻔﻘﺮاء؟ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن إﺧﺒﺎرﻫﻢ ﻛﻴﻒ ميﻜﻨﻬــﻢ أن ﻳﺼريوا أﻏﻨﻴــﺎء ﺟﺪًا ،ﻟﻴﺲ ﺑﺎﳌــﺎل ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻘﻠــﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ .ﻧﻌــﻢ ،ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻐﻨﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻷن ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺼري اﻹﻧﺴــﺎن اﺑﻨﺎً .Ô
٢٠٩
.٢٥اﻟﺸامﻣﺴﺔ )أﻋامل (٧ - ١ :٦ ﻧــﺮى اﻟﺸامﻣﺴــﺔ ﻳﺤﴬون إﱃ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮم أﺣﺪ .وﻧﺮاﻫﻢ ﻳﺘﺠﻮﻟﻮن ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ وﺑﻴﺪﻫﻢ أﻛﻴــﺎس ﺻﻐرية ﻟﺠﻤــﻊ اﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻣﻦ اﳌﺼ ّﻠــني ﰲ أﺛﻨــﺎء اﻟﱰﻧﻴــﻢ .ﻓﺎﻟﻜﻴــﺲ اﻷول ﺗﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻟﻠﻔﻘــﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﴬون اﺟﺘامﻋﺎت اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ ،واﻟﺸامﻣﺴــﺔ ﻳﻌﺮﻓﻮن أوﻟﺌﻚ اﻟﻨــﺎس .وﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﻘﺮاء ﻻ ﻳﺤﴬون إﱃ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ وﻛﺜــري ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸــﻮن ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ ﰲ ﺑﻠﺪان ﻓﻘرية ﻓﱰﺳــﻞ ﻟﻬﻢ أﻣﻮال أو أﻃﻌﻤﺔ أو ﻣﻼﺑﺲ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻻ ﻧﻨﴗ اﻟﻔﻘﺮاء. ومل ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺷامﻣﺴــﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻞ ﻳﻌ ّﻠﻤﻮن وﻟﺬا ﺗﻮﱃ اﻟﺮﺳﻞ ﻫﺬه اﳌﻬﻤﺔ .وﻧﺬﻛﺮ ﻛﻴــﻒ ﻗﺎم اﻷﻏﻨﻴــﺎء ﺑﺒﻴﻊ ﺣﻘﻮﻟﻬــﻢ وﺑﻴﻮﺗﻬﻢ وﻛﻴﻒ أﺗﻮا ﺑﺎﻷﻣﻮال إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ .ﻓﺄﻳﻦ ذﻫﺒﺖ اﻷﻣﻮال؟ ﻟﻘﺪ اﻧﻬﻤﻚ اﻟﺮﺳﻞ ﻛﺜ ًريا ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ وﻟﺬﻟﻚ أﻫﻤﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﺮاء واﻷراﻣﻞ ﻋﻦ ﻏري ﻗﺼﺪ ،واﻷراﻣﻞ ﻧﺴﺎء ﻣﺎت أزواﺟﻬﻦ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬــﻦ ﻣﻌﻴﻞ ﻓﻼ ﻳﺠﻮز اﻟﺘﻐــﺎﴈ ﻋﻦ وﺿﻌﻬﻦ ﻟﻜﻦ اﻟﺮﺳﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻻﻧﻬامك ﻷن ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﻜﺮازة ً أﻳﻀﺎ. وﻟﺬا ﻗﺎل اﻟﺮﺳــﻞ إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﺘﺨﺐ ﺳﺒﻌﺔ رﺟﺎل ﻟﻼﻫﺘامم ﺑﺎﻟﻔﻘﺮاء ﺑﻴﻨام ﻳﻮاﻇﺐ اﻟﺮﺳــﻞ ﻋــﲆ اﻟﺼﻼة واﻟﺘﺒﺸــري ﺑﻜﻠﻤــﺔ ا .Ôوﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜــﻮن ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟــﺎل ﻣﻤﺘﻠﺌني ﻣﻦ اﻟﺮوح اﻟﻘــﺪس واﻟﺤﻜﻤﺔ .ﻓﻮاﻓــﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ ﻫﺬا ٢٠٨
اﻻﻗﱰاح واﺧﺘﺎروا ﺳﺒﻌﺔ رﺟﺎل. ووﻗﻒ ﻫــﺆﻻء اﻟﺮﺟــﺎل أﻣﺎم اﻟﺮﺳــﻞ اﻟﺬﻳﻦ وﺿﻌــﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻷﻳﺪي وﺻ ّﻠﻮا ﻃﺎﻟﺒني ﻣﻦ اﻟﻠﻪ أن ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ وأن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺧﺪا ًﻣــﺎ أﻣﻨــﺎء وﺻﺎﻟﺤني ﻟﻠــﺮب .وﻛﺎن أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺴــﺒﻌﺔ أول اﻟﺸامﻣﺴﺔ ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ. وﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن اﻵن أن ﻳﻬﺘﻤــﻮا ﺑﺎﻟﻔﻘﺮاء ﻷن
ﻳﻨﻈــﺮ إﻟﻴﻬــﻢ ﺑﻐﻀﺐ وميﻜــﻦ أن ﻳﺮﺟﻤﻮﻫﻢ ﺣﺘﻰ اﳌﻮت ﻷن اﻟﺮﺳﻞ مل ﻳﺮﺗﻜﺒﻮا إ ًمثﺎ ﺑﻞ ﺷﻔﻮا اﳌــﺮﴇ .وﻟﺤﺴــﻦ اﻟﺤﻆ ﻛﺎن اﻟﺮﺳــﻞ راﻏﺒني ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب ﻣــﻊ اﻟﺠﻨﺪ ﻣﻦ ﻏري ﺧﻮف وﻣﺎ ﻟﺒﺜﻮا أن ﺣﴬوا إﱃ اﳌﺠﻠﺲ. وﻗــﺎل ﻟﻬﻢ رﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨــﺔ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﺻﺎرﻣﺔ" :أمل ﻧﺄﻣﺮﻛــﻢ ﺑﺄ ّﻻ ﺗﻌ ّﻠﻤــﻮا ﺑﻬﺬا اﻻﺳــﻢ؟" وﻳﻘﺼﺪ اﺳــﻢ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻓﻬﻮ ﻳﻜﺮﻫــﻪ ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻮد أن ﻳﺬﻛﺮ اﺳــﻤﻪ .ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ اﻟﺮﺳــﻞ ّإن اﻟﻠﻪ ﻳﺮﻳﺪﻧــﺎ أن ﻧﻌ ّﻠﻢ ﺑﺎﺳــﻢ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻄﻴــﻊ ا Ôﻓﺄﻧﺘﻢ اﻟﺬﻳــﻦ ﻗﺘﻠﺘﻤﻮه ﻣﻌﻠﻘني إ ّﻳﺎه ﻋﲆ ﺧﺸــﺒﺔ ،ﻟﻜﻦ ا Ôأﻗﺎﻣﻪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮات وﻫﻮ اﳌﺨ ّﻠﺺ ،وﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس وﻳﻐﻔﺮ
ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ وﻫﺬا ﻋﻤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس. وﺳــﺎد اﻟﺼﻤﺖ ﰲ اﳌﺠﻠﺲ وﻟﻜﻦ ﻛﺎن اﻟﻘﻀﺎة ﺣﺎﻧﻘني وﺻﺎروا ﻳﺘﺂﻣــﺮون أن ﻳﻘﺘﻠﻮﻫﻢ .ﻟﻜﻦ واﺣﺪًا ﻣﻦ اﻟﺸــﻴﻮخ اﻟﻘﻀﺎة وﻫــﻮ ﻏامﻻﺋﻴﻞ ﻣﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎﻣــﻮس أراد أن ﻳﻘﻮل ﺷــﻴﺌًﺎ ُﻓﺄﺧ ِﺮج اﻟﺮﺳــﻞ ﻣﻦ اﳌﺠﻠﺲ وﻋﻨﺪﻫﺎ ﻗــﺎل ﻏامﻻﺋﻴﻞ: "إن مل ﻳﻜﻮﻧــﻮا ُﺧــﺪّام ا Ôﻓﺎﻷﻣــﻮر ﺳــﺘﺘﻐري ﴎﻳﻌــﺎً ،واﻟﻨﺎس ﻟﻦ ﻳﺴــﻤﻌﻮا ﻟﻬــﻢ .ﻟﻜﻦ إذا ﻛﺎﻧــﻮا ُﺧﺪّام ا Ôﻓﻌ ًﻼ ﻓﻼ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﻤﻞ ﻣﻌﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎً وإﻻ ﺳﻨﻌﺘﱪ ﻣﻘﺎوﻣني ."Ô وواﻓــﻖ ﺑﺎﻗــﻲ اﻟﺸــﻴﻮخ اﻟﻘﻀﺎة ﻋــﲆ ﻛﻼم ﻏامﻻﺋﻴﻞ ودﻋﻲ اﻟﺮﺳــﻞ ﻟﻠﺪﺧﻮل إﱃ اﻟﻘﺎﻋﺔ، ﻓﻘــﺎل ﻟﻬﻢ رﺋﻴــﺲ اﻟﻜﻬﻨــﺔ ﺑﻠﻬﺠــﺔ ﺻﺎرﻣﺔ: "ﺗﺬﻛــﺮوا أﻧﻪ ﻏري ﻣﺴــﻤﻮح ﻟﻜــﻢ أن ﺗﺘﻜﻠﻤﻮا ﺑﺎﺳﻢ ﻳﺴــﻮع" وأﻃﻠﻘﻮﻫﻢ ﺑﻌﺪ أن ﺟﻠﺪوﻫﻢ. وﻗﺪ ﻋﺎﻧﻮا أﳌﺎً ﻛﺒ ًريا ﺟﺮاء ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻞ ﺳﻌﻴﺪﻳﻦ وﻗﺎﻟﻮا" :ﻣﻦ اﳌﺆﺳﻒ أن ﻧﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺬا اﻟﺴﻮء ،وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻨﺘﺄ ّﻟﻢ ﺑﴪور ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺤﺒﻪ وﻧﺤﻦ ﺗﻼﻣﻴﺬه!" ﻓــامذا ﺳــﻴﻌﻤﻞ اﻟﺮﺳــﻞ اﻵن؟ ﺳﻴﺴــﺘﻤﺮون ﺑﺘﻌﻠﻴــﻢ اﻟﻨﺎس ﻋــﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻷن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﻌﺘﻨﻲ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ ﺑﺨﺪاﻣﻪ وأوﻻده.
٢٠٧
.٢٤اﻟﺮﺳﻞ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﺛﺎﻧﻴﺔ )أﻋامل (٤٢ - ١٧ :٥ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻞ ﻣﺴﺘﻤ ّﺮﻳﻦ ﰲ اﻟﻜﺮازة واﻟﺮب ﻳﻬﺒﻬﻢ أن ﻳﻘﻮﻣــﻮا مبﻌﺠــﺰات .ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﻗﻮة ﺷــﻔﺎء ﻟﻠﻤــﺮﴇ ،ﻓﻤــﻦ ﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴــري ﻳﺄﺗﻮن ﺑﻪ إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ .وﺣﺘﻰ اﳌﺮﴇ ﻣﻦ ﻣﺪن وﻗﺮى أﺧــﺮى ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺄﺗــﻮن ﻟﻴﻘﺎﺑﻠﻮا اﻟﺮﺳــﻞ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸــﻔﻮن .ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫــﻮ اﻷﻣﺮ اﻷﻛرث أﻧﺎﺳــﺎ ﻛﺜريﻳﻦ أﻫﻤﻴــﺔ؟ ﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﻌﻄﻲ ّأن ً ﻳﺆﻣﻨــﻮن وﻳﺼــريون أوﻻد ا .Ôوﻫــﺬه ﻫــﻲ اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ. وﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺪث اﻵن؟ ﻫﺎ ﻫﻢ اﻟﺠﻨﺪ ﻗﺎدﻣﻮن ﺛﺎﻧﻴــﺔ ﻟﻴﻠﻘــﻮا اﻟﻘﺒــﺾ ﻋــﲆ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺮﺳــﻞ وﻳﻠﻘﻮﻫــﻢ ﰲ اﻟﺴــﺠﻦ ،وﻫﺬا ﻣــﺎ أراده ﻟﻬﻢ أﻋﺪاؤﻫﻢ أي رﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﺸﻴﻮخ واﻟﻜﺒﺎر. وﻧﺤــﻦ ﻣﺎ زﻟﻨــﺎ ﻧﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺤﺎﻛﻤﻮن اﻟﺮﺳــﻞ اﻟﺬﻳﻦ أﻟﻘﻮا اﻵن ﰲ اﻟﺴــﺠﻦ ﻟﻴﻤﻜﺜﻮا ﻓﻴﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻟﻴﻌﺎﻗﺒﻬﻢ اﻟﻘﻀﺎة ﰲ اﻟﻐﺪ. ﻟﻘــﺪ ﺣﻞ اﻟﻈﻼم وﻧﺎم اﻟﺠﻤﻴــﻊ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻻ ﻳﻨﺎم ،ﻓﻘﺪ أرﺳﻞ ﻣﻼ ًﻛﺎ ﻣﻦ اﻟﺴامء إﱃ اﻟﺴﺠﻦ، ﻓــام اﻟــﺬي ﺳــﻴﻔﻌﻠﻪ؟ ّإن اﳌﻼك ﻗــﻮي ﺟ ٍّﺪا ﻓﻔﺘﺢ أﺑﻮاب اﻟﺴــﺠﻦ وﻗﺎل ﻟﻠﺮﺳــﻞ" :ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﻌــﻮدوا إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ وﺗﻜﻠﻤﻮا اﻟﻨﺎس ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮب ﻣﻨﻜﻢ أن ﺗﻔﻌﻠﻮا". ﻓﺄﻃﺎع اﻟﺮﺳﻞ اﻷﻣﺮ ،وﰲ اﻟﺼﺒﺎح أﺧﺬوا ﻳﻜﻠﻤﻮن اﻟﻨﺎس وﻳﻌﻈﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺨ ّﻠﺺ، متﺎ ًﻣﺎ ﻛام ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻌﻠﻮن ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻖ. وﰲ اﻟﺼﺒــﺎح ﺟــﺎء رﺋﻴــﺲ اﻟﻜﻬﻨــﺔ واﺟﺘﻤﻊ ٢٠٦
اﳌﺠﻠــﺲ ومل ﻳﻌﻠﻤــﻮا ﻣــﺎ ﺣــﺪث ﰲ اﻟﻠﻴــﻞ وﻃﻠﺒــﻮا ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺪ أن ﻳﺤﴬوا اﻟﺮﺳــﻞ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴــﺠﻦ .ﻓﻌﺎد اﻟﺠﻨﺪ وأﺧﱪوﻫﻢ أﻧﻬﻢ مل ﻳﺠﺪوا اﻟﺮﺳﻞ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﻣﻊ ّأن اﻷﺑﻮاب ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻐﻠﻘﺔ ﺑﺈﺣﻜﺎم .ﻓﺘﺴــﺎءل اﻟﻘﻀﺎة ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻛﻴﻒ ميﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻫــﺬا؟ وإذا ﺑﻮاﺣﺪ ﻳﺄيت وﻳﺨﱪﻫﻢ ّأن اﻟﺮﺳــﻞ ﻣﻮﺟــﻮدون ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻳﻌ ّﻠﻤﻮن اﻟﺸﻌﺐ .ﻓﺄرﺳﻞ اﻟﺠﻨﺪ ﻓﻮراً ﻟﻴﺤﴬوا اﻟﺮﺳــﻞ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺠﻨﺪ ﻗﻠﻘﻮا ﻷن اﻟﺸــﻌﺐ ﻛﺎن
ﻗﻠﺒﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﻟﺴﺖ اﺑﻦ ا Ôﺑﻞ اﺑﻦ إﺑﻠﻴﺲ". اﻧﻈــﺮ ﻣــﺎذا ﻳﺤــﺪث اﻵن ،ﻓﻘﺪ وﻗــﻊ ﺣﻨﺎﻧ ّﻴﺎ وﻫﺐ إﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺸــﺒﺎن ﻋﲆ اﻷرض وﻣﺎتّ . اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻓــﺎت اﻷوان وﻣﺎت، ﻓﻜــﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺮﻋﺒﺎً ،إﻧﻪ ﻋﻘﺎب اﻟﻠﻪ ،ﻓﻜ ّﻔﻨﻪ اﻟﺸﺒﺎن وﺣﻤﻠﻮه إﱃ اﻟﺨﺎرج ودﻓﻨﻮه. وﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﺛﻼث ﺳﺎﻋﺎت ﺟﺎءت اﻣﺮأﺗﻪ ﺳﻔرية ﻟﱰى ﳌــﺎذا ﺗﺄﺧﺮ ﺣﻨﺎﻧ ّﻴــﺎ ﺑﺎﻟﻌــﻮدة .وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ رأت ﻛﻴــﺲ اﻟﻨﻘﻮد ﻣﺎ زال ﻫﻨﺎك .وﻧﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻄﺮس وﻗﺎل" :ﻳﺎ ﺳﻔرية ﻫﻞ ﻫﺬا ﻛﻞ مثﻦ اﻟﺤﻘﻞ؟" ﻓﻘﺎﻟﺖ" :ﻧﻌﻢ ،ﻫﺬا ﻛﻞ اﻟﺜﻤﻦ" .وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻸﺳﻒ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻛﺬﺑﺎً .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ ﺑﻄﺮس ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺻﺎرم" :ﻣﺎ أرﻫﺐ ﻣﺎ اﺗﻔﻘﺘام ﻳﺎ ﺳــﻔرية ،ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻜﺬﺑني ﻋــﲆ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ً أﻳﻀﺎ .ﻟﻘﺪ ﻣﺎت زوﺟﻚ ودﻓﻦ ،وأﻧﺖ ﺳﺘﻤﻮﺗني ً أﻳﻀﺎ وﻫﺬا ﻋﻘﺎب ﻟﻚ ﻣﻦ ا."Ô
ﺧــﺎرج ًودﻓﻨﻮﻫﺎ وﻣﺎﺗــﺖ وﺣﻤﻠﻬﺎ اﻟﺸــﺒﺎب ً ﺑﺠﺎﻧﺐ زوﺟﻬﺎ .وﻗﺪ ﺳﻤﻊ اﻟﻜﺜريون مبﺎ ﺣﺪث ﻓﺄﺻﺎﺑﺘﻬﻢ اﻟﺼﺪﻣﺔ واﻋﱰاﻫــﻢ اﻟﺨﻮف وﺻﺎر مبﻘﺪورﻫﻢ أن ﻳﺮوا ﺑﺸــﺎﻋﺔ وﺧﻄﻮرة اﻟﺨﻄﻴﺔ ّ وأن ا Ôﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﻋﺎدل. ﻧﻌــﻢّ ،إن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ أن ﻧﻜﺬب ﻋﲆ اﻟﻨﺎس ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺮى ﻣﺎ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻳﻌﺮف إن ﻛﻨﺎ ﻧﻜﺬب. ﻓﻬــﻞ ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻘﻮل ﻟﻠﺮب؟ ﻳﺎ رب ّإن ﰲ داﺧﲇ ﻗﻠﺐ ﴍﻳﺮ وﻟﺬا أﻛﺬب ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻛام ﻓﻌﻞ ﺣﻨﺎﻧ ّﻴﺎ وﺳﻔرية وﻟﻬﺬا أﺣﺘﺎج إﱃ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳــﺪ ،ﻓﻠﻴﺘﻚ ﺗﻬﺒﻨﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﻠﺐ ﻳﺎ رب ،وﻟﻴﺘﻚ ﺗﻌ ّﻠﻤﻨﻲ ﻛﻴﻒ أﻗﺎوم اﻟﺨﻄﻴﺔ.
ﻓﻮﻗﻌﺖ ﺳــﻔرية ﻋﻨﺪ رﺟﲇ ﺑﻄﺮس ﰲ اﻟﺤﺎل
٢٠٥
.٢٣ﺣﻨﺎﻧ ّﻴﺎ وﺳﻔرية ﻳﻜﺬﺑﺎن ﻋﲆ اﻟﺮب )أﻋامل (١١ - ١ :٥ ﻛﺜري ﻣــﻦ اﻟﻨﺎس آﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟــﺮب ﻓﻜﺎن ﻋﺪدﻫﻢ ﺧﻤﺴــﺔ آﻻف ﻋﲆ اﻷﻗﻞ وﻗــﺪ أﺣﺒﻮا ﺑﻌﻀﻬﻢ ً ﺑﻌﻀــﺎ ﻛام أﺣﺒﻮا اﻟﺮب وﻛﺎن ذﻟﻚ واﺿﺤﺎً ،ﻓﻬﺎ ﻫﻢ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺄﺗﻮن ﺑﺎﻷﻣﻮال إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻫــﺬه اﻷﻣﻮال ﻟﻠﻔﻘــﺮاء ،وﻛﺎن أﺣﺪ اﻷﻏﻨﻴﺎء اﺳــﻤﻪ ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﻓﺒــﺎع ﺣﻘﻠﻪ اﻟﻜﺒري وأىت
٢٠٤
ﺑﺜﻤﻨﻪ إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ أﺣﺐ ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ اﻟﺮب وأﺣﺐ اﻟﻔﻘﺮاء وﻟﺬا أراد أن ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﻢ. ورﺟــﻞ اﺳــﻤﻪ ﺣﻨﺎﻧ ّﻴــﺎ وزوﺟﺘﻪ ﺳــﻔرية ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻬام ﺣﻘﻞ ﻓﺘﺸﺎورا وﺑﺎﻋﺎ اﻟﺤﻘﻞ ﺛﻢ ﺗﺸﺎورا إن ﻛﺎﻧﺎ ﺳــﻴﻌﻄﻴﺎن ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺜﻤﻦ ﻟﻠﺮﺳﻞ ،وﻗﺮرا أن ﻻ ﻳﻔﻌــﻼ ﻫــﺬا وﺗﻮاﻓﻘﺎ ﻋــﲆ أن ﻳﺤﺘﻔﻈﺎ ﺑﻘﺴــﻢ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺤﻘﻞ ﻷﻧﻔﺴﻬام ،وﻳﺪّﻋﻴﺎن أﻧﻬام ﻳﻌﻄﻴﺎن ﻛﺎﻣﻞ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻴﻈﻦّ اﻟﻨﱠﺎس أﻧﻬام ﺻﺎﻟﺤﺎن ﻣﺜﻞ ﺑﺮﻧﺎﺑــﺎ .وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﻔﻬﻢ أﻧﻬام مل ﻳﺤﺒﺎ اﻟﻔﻘﺮاء ﺑﻞ ﻳﺮﻳﺪان أن ﻳﻜﺘﺴــﺒﺎ اﻟﺴﻤﻌﺔ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻷﻧﻔﺴﻬام ،ﻷن ﻗﻠﺒﻴﻬام ﻛﺎﻧﺎ ﻣﺘﻜﱪﻳﻦ ﻳﻈﻬﺮان أﻧﻬام أوﻻد ا Ôﻋﲆ ﻏري اﻟﻮاﻗﻊ .وﻛﻠﻨﺎ ميﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻗﻠﺐ ﻳﺪاﺧﻠﻪ اﻟﻜﱪﻳﺎء ﻓﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﴬوري أن ﺗﻜﻮن ﻟﻨﺎ ﻗﻠﻮب ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺜﻞ ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ. وﻳﺬﻫﺐ ﺣﻨﺎﻧ ّﻴﺎ إﱃ اﻟ ّﺮﺳــﻞ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺮك ﻗﺴ ًام ﻣﻦ اﳌﺎل ﰲ ﺑﻴﺘﻪ وأﺧﺬ اﻟﺒﺎﻗﻲ إﱃ اﻟ ّﺮﺳﻞ ،وﻛﺎن ﻛﺜريون ﻳﻨﻈــﺮون إﻟﻴﻪ وﻳﻘﻮﻟﻮن ّإن ﺣﻨﺎﻧ ّﻴﺎ ﻗﺪ ﺑﺎع اﻟﺤﻘﻞ ﻛام ﻋﻤﻞ ﺑﺮﻧﺎﺑﺎ وﻫﺎ ﻫﻮ ﻳﺄيت ﺑﺎﳌﺎل إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ ،ﻓﻬﺬا ﻣﺎ ﻇﻨﻪ اﻟﻨﺎس أﻧﻪ اﻟﺼﺤﻴﺢ. وﻳﻌﻄﻲ ﺣﻨﺎﻧ ّﻴﺎ ﻛﻴﺲ اﻟﻨﻘﻮد إﱃ ﺑﻄﺮس ﻟﻜﻦ مل ﻳﻈﻬﺮ اﻟﴪور ﻋﲆ وﺟﻪ ﺑﻄﺮس وﻗﺎل ﻟﺤﻨﺎﻧ ّﻴﺎ: "ميﻜﻦ ﻟﻚ أن ﺗﺨــﺪع اﻟﻨﺎس وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ اﻟﻠﻪ، وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻘﻮل ّإن ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻣﻞ اﳌﺒﻠﻎ وﻣــﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﺿري ،ﻷﻧﻪ ﻏري ﻣﻔﺮوض ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻌﻄﻲ ﻛﻞ ﳾء ،ﻟﻜﻨﻚ اﻵن ﺗﻜﺬب ﻋﲆ اﻟﻨﺎس وﻋﲆ ا Ôاﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻷن اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻗﺪ ﻣﻸ
ﻟﻜام اﻟﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﺑﻌﺪ اﻵن" ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ ﺑﻄﺮس" :ﺑﻞ ﺳــﻨﻔﻌﻞ ﻷن ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﻟﺮب وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻄﻴﻌﻪ" .ﻓﻐﻀﺐ اﻟﻘﻀﺎة أﻛرث ﻟﻜﻦ مل ﻳﺘﺠﺎﴎوا أن ﻳﻮﻗﻌﻮا ﻋﻘﺎﺑﺎً ﺑﺎﻟﺮﺳــﻮﻟني ﻷن اﻟﻨــﺎس ﻋﻠﻤــﺖ ﺑﺎﳌﻌﺠــﺰة ﻓــﺄي ﻋﻘﺎب ﻳﺴــﺘﺤﻘﺎن؟ .ﻓﺎﺷــﺘﺪ ﻏﻀﺐ اﻟﻘﻀــﺎة ﻋﻠﻴﻬﻢ وﻫﺪدوﻫام وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻬــام ّإن ﻋﻠﻴﻬام أن ﻳﻠﻮذا ﺑﺎﻟﺼﻤﺖ. وﺳــﻤﺢ ﻟﺒﻄــﺮس وﻳﻮﺣﻨــﺎ ﺑﺎﳌﻐــﺎدرة ﻓﻌﺎدا إﱃ اﻟﺮﺳــﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺣﻴــﺚ ﻛﺎن ﻣﻌﻬﻢ أﺧﻮة آﺧﺮون ﻳﺤﺒﻮن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺳــﻞ واﻷﺧﻮة اﻵن؟ أﺧــﺬوا ﻳﺼ ّﻠﻮن ﻣ ًﻌــﺎ ﻗﺎﺋﻠني" :ﻳــﺎ ا ،Ôﻫﻨﺎﻟﻚ أﻋــﺪاء ﻛﺜريون ﻟﻠﺮب ﻳﺴﻮع وﻟﻨﺎ وﻫﻢ ﻳﱰﺑﺼﻮن ﺑﻨﺎ وﻳﻀﻤﺮون اﻟﴩ ﻋﻠﻴﻨــﺎ ،ﻓﻠﻴﺘﻚ ﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﻨﺎ ﻷﻧﻚ أﻗﻮى ﻣﻦ
اﻷﻋــﺪاء ،وﻟﻴﺘﻚ أﻳﻀﺎً ﺗﻘﻮي اﻟﺮﺳــﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺈﺧﺒﺎر اﻟﻨﺎس ﻋﻨﻚ ،وﻟﻴﺘﻚ ﺗﺴــﺘﻤﺮ أﻧﺎﺳﺎ ﻛﺜريﻳﻦ". ﺑﻌﻤﻞ اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ وﺗﺨ ّﻠﺺ ً ﻓﻬﻜﺬا ﺻ ّﻠﻮا ﻟﻠﺮب اﻟﺬي اﺳــﺘﺠﺎب ﻟﺼﻠﻮاﺗﻬﻢ وﻗــﺪ ﻻﺣﻈــﻮا ذﻟــﻚ إذ اﻣﺘــﻸ اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻣﻦ اﻟــﺮوح اﻟﻘــﺪس وﺗﺰﻋﺰع اﳌﻜﺎن اﻟــﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺠﺘﻤﻌني ﻓﻴﻪ ،وﻫﺬا أﻇﻬــﺮ ﻗﻮة ووﺟﻮد اÔ ﻣﻌﻬﻢ وﻋﻠﻤﻮا أﻧﻪ ﺳﻴﺴﺎﻋﺪﻫﻢ وﻳﺤﻤﻴﻬﻢ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻬﻢ. ﻋﻈﻴــام ،ﻓﺎﻟﺮب أﻗﻮى ﻣﻦ ﻛﻢ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ً ّ ﻛﻞ اﻷﻋــﺪاء وﻫــﻮ ﻳﺤــﺮص ﻋــﲆ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس ،وﻣﺎ زال اﻟﺮب ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬا دامئﺎً ،ﻓﻴﺎ رب ﻧﺴﺄﻟﻚ أن ﺗﺨ ّﻠﺼﻨﺎ...
٢٠٣
.٢٢اﻟﺮﺳﻞ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ )أﻋامل (٢٢ - ١ :٤ ّ ﺣﻞ اﳌﺴﺎء وﻟﻜﻦ ﺑﻄﺮس وﻳﻮﺣﻨﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺘﺎﺑﻌﺎن اﻟﻜــﺮازة ﻣﺴــﺘﻤﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳــﺚ ﻋــﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .ﻓﻬﻞ أﻋﺠﺐ ﻛﻼﻣﻬــام ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس؟ ﻛﻼ ،ﻓﻮاﺿــﺢ ﻣﻦ وﺟﻮه اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﻜﺘﺒﺔ ﻣﻨﻬﻢ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧــﻮا ﻏﻀﺎ ًﺑﺎ .وﺣــﴬ إﱃ اﳌﻜﺎن ﺟﻨﻮد ﻣﻊ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢّ ، وﻛﻞ ﻫﺆﻻء أﻋﺪاء ﻟﻠﺮﺳﻞ وﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع .وازداد ﻏﻀﺒﻬــﻢ ﺣﺘﻰ ﻗــﺎم اﻟﺠﻨﻮد ﺑﺈﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ ﺑﻄــﺮس وﻳﻮﺣﻨﺎ وأﻟﻘﻮﻫام ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﻟﻴﻤﻜﺜﺎ ّ ﻛﻞ اﻟﻠﻴﻞ وﻳﺤﺎﻛام ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ.
وﰲ اﻟﺼﺒــﺎح ﻧﻘﻠﻮﻫــام ﻣﻦ اﻟﺴــﺠﻦ ﻟﻴﻘﺎﺑﻼ اﻟﺮؤﺳﺎء واﻟﺸﻴﻮخ ﻣﻊ رﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ وﻛﺄﻧﻬﻢ ﰲ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻗﻀﺎﺗﻬﺎ أوﻟﺌﻚ اﻟﻐﺎﺿﺒني ﻟﻴﺤﺎﻛﻤﻮﻫام ﻋﲆ ﻣﺎ ﻋﻤﻼ ﻣﻦ ﴍ وﻳﻌﺎﻗﺒﻮﻫام .ﻓﺴﺄﻻ ﺑﻄﺮس وﴎ وﻳﻮﺣﻨﺎ" :ﻛﻴﻒ ﺷﻔﻴﺘام اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻜﺴﻴﺢ؟" ُ ﱠ اﻟﺮﺳﻮﻻن ﺑﺄن ﻳﺠﻴﺒﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﺆال ﻓﻘﺎل ﺑﻄﺮس: ّ "إن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ .ﻧﻌﻢ ﻫــﺬا اﻟﺬي ﺻﻠﺒﺘﻤﻮه ،ﻟﻜﻨــﻪ ﻗﺎم ﻣﻦ اﻷﻣﻮات وﺻﻌﺪ إﱃ اﻟﺴــامء ،ﻫﻮ اﻟﺬي ﻋﻤﻞ اﳌﻌﺠﺰة، وﻫﻮ اﳌﺨ ّﻠــﺺ وﻻ ﻣﺨ ّﻠﺺ ﻏريه .وﻛام ﻧﺮى ّإن ﺑﻄﺮس مل ﻳﻌﺪ ﺧﺎﺋ ًﻔﺎ أﺑﺪًا. وﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺷــﻔﻲ واﻗ ًﻔﺎ ﻣﻊ اﻟﺮﺳﻮﻟني إذ أراد أن ﻳﺒﻘﻰ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬام ﻓﻘﺪ ﺻﺎر ﺻﺪﻳﻘﺎً ﻟﻬام. وﺗﻌﺠﺐ أوﻟﺌﻚ اﻟﻘﻮم ﻣﻦ اﺳــﺘامﻋﻬﻢ ﻟﺒﻄﺮس ومل ﻳﻔﻬﻤــﻮا ﻛﻴﻒ ميﻜﻨﻪ وأﻳﻦ ﺗﻌ ّﻠﻢ أن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻫﻜﺬا ،ومل ﻳﺪرﻛﻮا ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﺆﻛﺪ ﻋﲆ ﻫــﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟــﺮوح اﻟﻘﺪس .وأﺧﺮج اﻟﺮﺳﻮﻻن ﺧﺎرج اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻟﻴﺘﻨﺎﻗﺶ اﻟﻘﻀﺎة ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬــﻢ ﻓﻘﺎﻟﻮا" :ﻧﻌــﻢّ ،إن ﻣﻌﺠــﺰة ﺣﺼﻠﺖ، وﻻ ﻳﺴــﺘﺤﻘﺎن ﻋﻘﺎﺑــﺎً إذ مل ﻳﺮﺗﻜﺒــﺎ أيّ ﺧﻄﺄ ﻓﻠﻨﺪﻋﻮﻫــام وﻧﻘــﻮل ﻟﻬام إﻧﻪ ﻏري ﻣﺴــﻤﻮح ﻟﻬــام ﺑﺄن ﻳﺘﻜﻠام ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻓﻴام ﺑﻌﺪ وﻧﻄﻠﻘﻬام". وأﻋﻴــﺪ ﺑﻄــﺮس وﻳﻮﺣﻨﺎ إﱃ اﻟﺸــﻴﻮخ اﻟﻘﻀﺎة ﻓﻘﺎﻟــﻮا ﻟﻬــام" :ميﻜﻨﻜام اﻟﺬﻫﺎب وﻻ ﻳﺴــﻤﺢ
٢٠٢
اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻫــﻮ ﻳﻘﻔﺰ ﻣﻦ اﻟﻔﺮح وﻳﺴــ ﱢﺒﺢ ا.Ô ﻛﻞ اﻟﻨﺎس رأوه ﻣﺎﺷــﻴﺎً ﻗﺎﻓﺰاً ﻓﺎﻣﺘﻠﺆوا دﻫﺸﺔ وﺣرية وﻗﺎﻟﻮا" :ﻣﺎ أﻋﻈــﻢ ﻫﺬه اﳌﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻟﺮﺳــﻮﻻن" ،ﻟﻜﻦ ﺑﻄــﺮس أ ّﻛﺪ ﻟﻬﻢ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫﻮ اﻟﺬي ﻋﻤــﻞ اﳌﻌﺠﺰة .ﻧﻌﻢ، وأﻧﺘﻢ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﺘﻤﻮه ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻛﺒرية ﻟﻜﻨﻪ اﻵن ﺣﻲ ﰲ اﻟﺴــامء وﻫﻮ اﻟﺬي ﺷﻔﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻜﺴﻴﺢ .ﻟﻜﻦ ﻓﻠﺘﻌﻠﻤﻮا ّأن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻐﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎﻛﻢ اﻟﺮﻫﻴﺒﺔ،
وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﱪﻛﻢ ﺑﻬﺬا ﻷﻧﻨﺎ ﺧﺪاﻣﻪ وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ أن ﻳﺘﻮﺑــﻮا وﻳﺆﻣﻨﻮا ﻟﺘﻐﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ وﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﰲ ﺳﻌﺎدة ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻣﺨﻠﺼﻬﻢ. وﻫﺬا ﻣــﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﺮب ﻟﻨﺎ اﻵن ﻛﺒــﺎ ًرا وﺻﻐﺎ ًرا ﻓﻬــﻮ ﻣﺎ ﻳﺰال ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻐﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ وﻳﺨﻠﺼﻨﺎ وﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ "ﺗﻮﺑﻮا وارﺟﻌﻮا إﱄ".
٢٠١
.٢١ﺷﻔﺎء اﻟﻜﺴﻴﺢ )أﻋامل (١٠ - ١ :٣ ﻣ ﱠﺮ ﻳﻮم اﻟﺨﻤﺴــني ،وﻧﺤــﻦ ﻧﺬﻛﺮ ّأن ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﺣﴬ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس اﻟﺬي وﻋﺪ ﺑﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،وﻛﺎن اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻳﻨﺘﻈﺮوﻧﻪ ﻣ ًﻌﺎ ﻣﺼ ّﻠني وﺑﻌــﺪ ذﻟﻚ ﻗﺎم اﻟﺘﻼﻣﻴــﺬ ﻳﺤﺪﺛﻮن ﱠ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ ،ﻓﻘﺪ أﻋﻄﺎﻫﻢ اﻟﺮوح اﻟﻘــﺪس اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻟﻴﻘﻮﻣﻮا ﺑﻬــﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻷﻧﻬﻢ ﺧــﺪام اﻟﺮب ،وﻗﺪ ﺧﻠﺺ أﻧــﺎس ﻛﺜريون وﻛﺎن ﻫﺬا ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس. وﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟــﻚ ﺟﻤﻊ ﻏﻔري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻮﺟﻬﻮن إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﻴﺖ ا Ôﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺼﻼة وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ،وﻣﻦ ﺑني اﻟﻨﺎس ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮﻻن ﺑﻄﺮس وﻳﻮﺣﻨﺎ ﻣﺘﻮﺟﻬــني إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻟﻠﺼﻼة Ôﻛام ﻳﺮﻳــﺪان أن ﻳﺒــﴩا اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع، وﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻳﻔﻌــﻼن ذﻟﻚ ﻻ ﺑﺪ ﻣــﻦ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس أﻧﺎﺳــﺎً وﻳﻌﻄﻴﻬــﻢ ﻗﻠﺒﺎً ﺟﺪﻳﺪاً ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺒﻮا اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻳﻌﺒﺪوه. وﻋــﲆ ﺟﺎﻧــﺐ اﻟﻄﺮﻳــﻖ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟــﻚ رﺟﻞ ﻛﺴــﻴﺢ ﻳﻄﻠﺐ ﺻﺪﻗﺔ ﻣﻦ اﳌﺎرﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس، ﻳﺴــﺘﻌﻄﻴﻬﻢ ﺷــﻴﺌﺎً ،ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻛﺴــﻴﺤﺎً ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴــري ،ومل ﻳﻜﻦ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﺠﺮي واﻟﻠﻌﺐ ﻣﻊ اﻟﺼﺒﻴــﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﻐرياً ﻷﻧﻪ ﻗﺪ وﻟﺪ ﻛﺴﻴﺤﺎً .ﻓﻜﻢ ﻛﺎن وﺿﻌﻪ ﻣﺤﺰﻧﺎً! وﻫﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻜﺴﺐ ﻣﻌﻴﺸﺘﻪ وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﰲ ﻓﻘﺮ ﻣﺪﻗﻊ ﻓﺼﺎر ﻣﺘﺴــ ﱢﻮﻻً ،ﻓﺈذا أﻋﻄﺎه اﻟﻨﺎس ﻧﻘﻮداً ﻳﺸــﱰي ﻃﻌﺎﻣــﻪ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ميﺪ ٢٠٠
ﻳﺪه ﻟﻠﻨﺎس ﻣﺴﺘﻌﻄ ًﻴﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ":ﻣﻦ ﻣﺎل ا ،Ôﻣﻦ ﻣﺎل ا"Ô ﻛﺎن اﻟﺒﻌــﺾ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﺷــﻴﺌﺎً ﻓﻴﻔــﺮح ،وآﺧﺮون ميــ ّﺮون ﺑﺈزاﺋﻪ وﻻ ﻳﻠﺘﻔﺘــﻮن إﻟﻴﻪ .وﻣﺮ ﺑﻄﺮس وﻳﻮﺣﻨــﺎ ﻓﻤﺪ اﳌﺘﺴــﻮل ﻳــﺪه ﻃﺎﻟﺒــﺎً ﺻﺪﻗﺔ، ﻓﻮﻗــﻒ ﺑﻄﺮس وﻳﻮﺣﻨﺎ وﻗﺎل ﻟﻪ ﺑﻄﺮس "اﻧﻈﺮ إﻟﻴﻨﺎ" ،ﻓﻈﻦ اﳌﺘﺴــﻮل أﻧﻪ ﺳﻴﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﻘــﺎل ﻟﻪ ﺑﻄﺮس" :ﻟﻴــﺲ ﱄ ﻓﻀﺔ وﻻ ذﻫﺐ" أي ﻻ ﻣــﺎل ﻟﺪي ﻷﻋﻄﻴﻚ" ،ﺳــﺄﻋﻄﻴﻚ ﺷــﻴﺌًﺎ آﺧﺮ" ﻓامذا ﻟــﺪى ﺑﻄﺮس وﻳﻮﺣﻨــﺎ ﻟﻴﻌﻄﻴﺎﻧﻪ إذن؟ ﻻ ﳾء ،ﻟﻜﻦ ﻟﺪى اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟﻜﺜري، ﺑــﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻛﻞ ﳾء وﻟﺬﻟﻚ ميﻜﻨﻪ أن ﻳﻌﻄﻲ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﻨﺎس أن ﻳﻌﻄﻮا .وﻗﺪ ُﺳ ِﻤ َﺢ اﻵن ﻟﺒﻄﺮس أن ﻳﻌﻄﻲ ﻣام ﻟﻠﺮب ،ﻷﻧﻪ ﺧﺎدم اﻟﺮب. ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺑﻄﺮس" :اﻟﺬي ﱄ ﻓﺈﻳﺎه أﻋﻄﻴﻚ :ﺑﺎﺳﻢ واﻣﺶ" وأﻣﺴﻜﻪ ﻳﺴﻮع اﳌﺴــﻴﺢ اﻟﻨﺎﴏي ﻗﻢ ِ ﺑﻴﺪه اﻟﻴﻤﻨﻰ وأﻧﻬﻀﻪ ،ﻓﺎﺳــﺘﻄﺎع اﻟﻜﺴﻴﺢ أن ﻳﺸــﻌﺮ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﺑﺮﺟﻠﻴﻪ وﻛﻌﺒﻴﻪ ﻳﺘﺸــﺪدان وأﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﻗﻮف واﳌﴚ! وﻫﺬا ﻳﺴﺎوي أﻛــرث ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ ،وﻗﺪ أﻋﻄﻲ اﻟﻜﺴــﻴﺢ اﻵن أﻛرث ﻣام ﺳــﺒﻖ أن ﻃﻠﺐ ﻣــﻦ أﺣﺪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ، وﻛﻢ ﻫﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻵن ﺑﺎﻟﺸﻔﺎء واﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ. ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ اﻟﻜﺴﻴﺢ اﻵن؟ ﻫﻞ ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﺑﻴﺘﻪ؟ ﻛﻼ ،ﺑﻞ ﺗﺒﻊ اﻟﺮﺳــﻮﻟني داﺧ ًﻼ ﻣﻌﻬام إﱃ
ﺗﺨﺘﺎر اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺷــﻴﻮﺧﺎً وﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن مبﺴــﺎﻋﺪة اﻟﺮاﻋﻲ ،واﻟﺮاﻋﻲ ﻫﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻌ ّﻠﻢ وﻳﻌﻆ واﻟﺸــﻴﻮخ ﻳﻠﻘﻮن اﳌﻮاﻋﻆ إذا مل ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ر ٍاع ﻟﻴﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ. وﻳﻘــﻮم اﻟﺮاﻋــﻲ واﻟﺸــﻴﻮخ ﺑﺰﻳــﺎرة اﻟﻨــﺎس وﻳﺤﺪﱢﺛﻮﻧﻬﻢ مبﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﺮب ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس وﻳﻘﻮﻣــﻮن ﺑﺰﻳﺎرة اﳌــﺮﴇ واﻟﺤﺰاىن ،ﻓﻴﺼﻠﻮن ﻣﻌﻬــﻢ وﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ وﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺴــﺘﺠﻴﺐ اﻟﻠﻪ ﻟﺼﻠﻮاﺗﻬﻢ .ﻓ ُﻴﺸــﻔﻰ اﳌﺮﴇ وﻳﺘﻌﺰى اﻟﺤﺰاىن، ﻟﻜــﻦ ﻫــﻞ ﻳﻜﻮن ﻫــﺬا ﻣــﻦ ﻋﻤــﻞ اﻟﺮاﻋﻲ واﻟﺸﻴﻮخ؟ ﻛﻼ ،ﻓﺎﻟﺮب ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ وﻟﻜﻦ اﻟﺮاﻋﻲ واﻟﺸــﻴﻮخ ﻗﺪ ُو ِﻫﺒﻮا أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ُﺧﺪّام ا .Ôوﻟﺬﻟﻚ ُﻳ ْﺪ َﻋﻮن ﺣﻤﻠﺔ اﻷﻣﺎﻧﺔ .إﻧﻬﻢ
أﻧــﺎس ﺧﻄــﺎة ً أﻳﻀﺎ ﻛﻜﻞ اﻟﻨــﺎس وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪﻫــﻢ ﺑﺮﻏﻢ ذﻟــﻚ أن ﻳﻌﺘﻨــﻮا ﺑﺎﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم اﻟﺮاﻋﻲ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﻳﻘﺪم اﻟﺸﻴﻮخ ﻋﻈﺎت ﻳﻘﻮم ا Ôﺑﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﻨﺎس واﻷوﻻد ً أﻳﻀﺎ! ٍ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺼﻐﻲ ﺑﻮﻗﺎر واﺣﱰام ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ ﻟﻜﻠامت اﻟﻨﻌﻤﺔ ﺑﻘﻠﻮب ﻣﺼ ّﻠﻴﺔ، وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ّ ﻧﺼﲇ ﺑﻬﺪوء ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻗﺎﺋﻠني: "ﻳﺎ رب ﺧ ّﻠﺼﻨﻲ أرﺟﻮك واﺟﻌﻠﻨﻲ أن أﺻري اﺑﻨًﺎ ﻟﻚ أﻳﻀﺎً".
١٩٩
.٢٠ﻋﺎد ﻋﺪد اﻟﺮﺳﻞ ﻟﻴﺼري إﺛﻨﻰ ﻋﴩ رﺳﻮ ً ﻻ )أﻋامل (٢٦ - ١٥ :١ وﻫﺬا ﺻﺎر ﺑﺎﺧﺘﻴﺎر َﻣﺘﱢﻴﺎس ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻳﻬﻮذا ،ﻓﻘﺪ ﻋﺎد اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع إﱃ اﻟﺴامء ﰲ ﻳﻮم اﻟﺼﻌﻮد، وﻛﺎن ﺗﻼﻣﻴــﺬ اﻟﺮب ﻫﻨــﺎك ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺼﻞ ذﻟﻚ ﻋــﲆ ﺟﺒــﻞ اﻟﺰﻳﺘــﻮن ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻋﺎد اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ﻟﻴﻤﻜﺜﻮا ﻣ ًﻌﺎ وﻛﺎن ﻋﺪدﻫﻢ أﺣﺪ ﻋﴩ ﻷن أﺣﺪﻫﻢ ﻗﺪ ﻣﺎت وﻫﻮ ﻳﻬﻮذا اﻟﺬي ﺧﺎن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع .وﻧﺤﻦ ﻧﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻟﻘﻲ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻟ ُﻴﺤ َﻜﻢ ﻋﻠﻴــﻪ ﺑﺎﳌﻮت ﻗﺎل ﻳﻬــﻮذا ّإن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺧﻄﺄه ﻓﺼــﺎر ﺧﺎﺋ ًﻔﺎ وﺗﻨﺎﻫﺒﺘﻪ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺴــﻮداء ﻷﻧﻪ رأى أﻧﻪ أﺧﻄﺄ ﺧﻄﺄً ﻓﺎدﺣﺎً ﺑﺤﻖ ﺳــﻴﺪه ﻓﻴﺌﺲ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻜﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺮﻋ ًﺒﺎ. إذن ﺻــﺎر ﻋﺪدﻫــﻢ أﺣﺪ ﻋــﴩ ﺗﻠﻤﻴﺬاً وﻫﻢ ﻣﻌﺎ وﻛﺎن ﻣﻌﻬﻢ ﺧﺪام اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،وﻛﺎﻧــﻮا ُ ﻛﺜري ﻣﻤﻦ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .ﻓﻘﺎل ﺑﻄﺮس ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫــﺆﻻء اﻟﺮﺟــﺎل" :ﻛﺎن ﻋﺪدﻧــﺎ إﺛﻨﻰ ﻋﴩ رﺳــﻮﻻً وﺗﻌﻠﻤﻮن ّأن ﻳﻬــﻮذا مل ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎ ﻓﻴﺠﺐ أن ﻧﻀﻴﻒ واﺣــﺪًا ﻟﻴﺼري اﻟﻌﺪد إﺛﻨﻰ ﻋﴩ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﻬﻞ ﺗﻌﺮﻓﻮن ﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ؟ ﺳﻨﻘﻮم ﺑﺎﺧﺘﻴــﺎر واﺣ ٍﺪ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻳﻬﻮذا .ﻓﺎﻗﱰح اﻷﺧﻮة اﺛﻨني ﻣﻨﻬﻢ ،أﺣﺪﻫﻢ اﺳــﻤﻪ ﻳﻮﺳــﻒ واﻵﺧﺮ ﻣﺘﱢﻴــﺎس .وﻗــﺎل ﺑﻄــﺮس :واﺣﺪ ﻣــﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺮﺟﻠني ﺳﻴﻜﻮن رﺳــﻮﻻً ،وﻛﻠﻨﺎ ﺳﻨﺨﺘﺎره ﻟﻜﻦ دﻋﻮﻧــﺎ أوﻻً ّ ﻧﺼﲇ ﻣﻌﺎً" وﻫﻜﺬا ﺣﺼﻞ ،ﻓﻄﻠﺒﻮا ﻣــﻦ اﻟــﺮب أن ُﻳﻈﻬﺮ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺨﺘــﺎر ﻟﻴﻜﻮن رﺳــﻮﻻً .ﺛﻢ اﻗﱰﻋﻮا ﻓﺄﺻﺎﺑــﺖ اﻟﻘﺮﻋﺔ ﻣﺘﱢﻴﺎس ١٩٨
ﻓﺼﺎر رﺳــﻮﻻً ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻳﻬــﻮذا وواﻓﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻋﺎد اﻟﺮﻗﻢ ﻟﻴﻜﻮن إﺛﻨﻰ ﻋﴩ ﻛام ﻛﺎن. واﻟﻴﻮم ﺗﺨﺘﺎر اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ رﺟﺎﻻً ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا رﺳ ًﻼ ﺑﻞ ﺧﺪّا ًﻣﺎ ﻟﻠﻪ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ر ٍاع ﻓﻐﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎرون راﻋﻴﺎً ﻣﻦ ﻛﻨﻴﺴﺔ أﺧﺮى، ﻓﻴﺪﻋﻮﻧﻪ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ رﺳــﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺄيت ﻟﻴﻜﻮن راﻋﻴﺎً ﻟﻬﻢ .وﻋﻠﻴﻨﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني أن ّ ﻧﺼﲇ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺮﺳﻞ اﻟﺮب ﻫﺬا اﻟﺮاﻋﻲ اﻟــﺬي ﻫﻮ ﺧــﺎدم اﻟــﺮب .وﰲ ﻛﻞ ﻳــﻮم أﺣﺪ ﻳﻌ ّﻠــﻢ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘــﺪس .وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ
ا ،Ôوﺑﺬﻟﻚ أزال اﻟﺸــﻚ ﻣــﻦ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻓﻘﻮي إميﺎﻧﻬﻢ. وﻗﺎل اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻟﺘﻼﻣﻴﺬه أﻣ ًﺮا ً ﻣﻬام ،ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﻨﴩوا اﻹﻧﺠﻴﻞ ﺑني ﻛﻞ اﻷﻣﻢ وﻟﺬﻟﻚ دﻋﻲ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ً رﺳــﻼ .ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺨﱪوا اﻟﻨﺎس أﻧﻬﻢ ﺧﻄﺎة ﻟﻜــﻦ ميﻜﻦ أن ﻳﺨﻠﺼﻮا ﺑﺈميﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ وأن ﺗﻨﴩ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎمل ﻟﺘﺼﻞ إﱃ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس. ﻟﻜــﻦ ﻫــﻞ ميﻜﻨﻬﻢ وﻫــﻞ ﻳﺠــﺮؤون ﻋﲆ أن ﻳﻔﻌﻠــﻮا ذﻟــﻚ؟ أﻻ ﻳﻮﺟﺪ أﻋــﺪاء وﻣﻘﺎوﻣﻮن ﻟﻬﻢ؟ ﻓﺎﻟﺸــﻴﻄﺎن ﻗﻮي ﺟﺪاً ﻓﻬﻞ ﻳﺘﻮب اﻟﻨﺎس وﻳﺘﺠﺪدون؟
ﻓﺎﺳــﺘﻤﻊ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻳﺴــﻮع ﻟﻬــﻢُ »: :د ِﻓ َﻊ اﻟﺴ َــام ِء َو َﻋ َﲆ اﻷَ ْر ِض... ، إِ َ ﱠﱄ ُﻛ ﱡﻞ ُﺳ ْــﻠ َﻄﺎنٍ ِﰲ ﱠ ــﻢ ُﻛ ﱠﻞ اﻷَ ﱠﻳ ِﺎم إِ َﱃ ا ْﻧ ِﻘ َﻀﺎ ِء اﻟﺪﱠﻫْ ِﺮ« َوﻫَ ﺎ أَ َﻧﺎ َﻣ َﻌ ُﻜ ْ وﻫــﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧــﻪ اﳌﻠﻚ ّ اﻟﻜﲇ اﻟﻘــﺪرة اﻟﺬي ﺳﻴﺴــﺎﻋﺪﻫﻢ .وﻣﻦ ﺛــﻢ ﻻ ﻳﺨﺎف ﺧﺪّاﻣﻪ ﻣﻦ أﺣﺪ! وﻳﺆﻛﺪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ّأن أﻧﺎﺳــﺎً ﻛﺜريﻳﻦ ﺳــﻴﺘﺠﺪدون وأﻧﻪ ﺳــﻴﻔﻌﻞ ذﻟــﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس. وﺳﻴﺴــﺘﻤﺮ اﻟﻌﻤﻞ أﻳﻀﺎً ﺑﻌﺪﻣﺎ ميﻮت اﻟﺮﺳﻞ، وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺳﻴﺄيت ﻣﺒﴩون وﻣﺮﺳﻠﻮن ﻟﻴﻨﴩوا رﺳﺎﻟﺔ اﻹﻧﺠﻴﻞ. وﻟﻬﺬا ﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ رﺳﺎﻟﺔ ا ،Ôﻓﺪﻋﻮﻧﺎ ﻧﺼﻐﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻮﻗﺎر ﻷن اﻟﺮب ﻳﺪﻋــﻮ اﻟﺨﻄﺎة اﻟﺘﺎﺋﻬني ﻟﻴﺄﺗﻮا إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ ،وﻣﺎ ﻳﺰال ﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﺨﻠــﺺ اﻟﺨﻄــﺎة اﻟﻀﺎﺋﻌــني ،وﻫﻮ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﻧﺤﻦ أﻳﻀﺎً.
١٩٧
.١٩ﺑني ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﻳﻮم اﻟﺼﻌﻮد )ﻣﺘﻰ (٢٠ - ١٦ :٢٨ مل َ ﻳﺒــﻖ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﰲ اﻟﻘﱪ ﻟﻜﻨــﻪ ﻗﺎم ﻣﻦ اﻷﻣــﻮات ،وﻛﺎن مبﻘــﺪوره أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ا ،Ôوﺗﻠﻚ ً أﻳﻀﺎ ﻛﺎﻧﺖ إرادة أﺑﻴﻪ اﻟﺴاموي ﻷﻧــﻪ أدّى ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﺣﻘﻬــﺎ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﺷﻌﺒﻪ وﺗﺤﻤﻞ ﻋﻘﺎﺑﻬﻢ. وﺑﻌﺪ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ أﻇﻬﺮ ﻳﺴــﻮع ﻧﻔﺴﻪ ﱢ ﻟﻜﻞ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺒــﻮه ﻷﻧﻬــﻢ ﻛﺎﻧــﻮا ﰲ ﺷــﺪﻳﺪ اﻟﺤﺰن ﻋﲆ ﻣﻮت ﺳــﻴﺪﻫﻢ وﻣﺨ ّﻠﺼﻬﻢ .ﻓــﺄوﻻً رأﺗﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺴــﻮة ﻋﻨﺪ اﻟﻘــﱪ ﻷﻧﻬﻦ ذﻫــنب إﱃ ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻛــﺮاً ﻋﻨﺪ ﻓﺠﺮ ﻳﻮم اﻷﺣﺪ ،وﰲ اﳌﺴــﺎء ﻇﻬﺮ اﻟﺮب ﻟﺘﻼﻣﻴﺬه ،ﻏــري أﻧﻪ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻇﻬﺮ ﻷﺣﺪ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ) ١ﻛــﻮر (٥:١٥اﻟﺬي ﻛﺎن إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ، ﺑﻄــﺮس اﻟﺬي أﻧﻜﺮ ﻣﻌ ّﻠﻤﻪ ﺛــﻼث ﻣﺮات ﻗﺎﺋ ًﻼ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ،وﻛﻢ ﺷﻌﺮ ﺑﻄﺮس ﺑﺎﻟﻨﺪم ،وﻟﺬﻟﻚ ﺑﺤﺚ ﻳﺴﻮع ﻋﻨﻪ ﻷن ﻳﺴﻮع أﺣﺐ ﺑﻄﺮس! ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻤﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﻄﺮس. ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻋﺪد ﻛﺒــري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أﺣﺒﻮا ﻳﺴﻮع وﻗﺪ أراد اﻟﺮب أن ﻳﻈﻬﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﻨــﺎس ﻗﺒﻞ أن ﻳﻌــﻮد إﱃ اﻟﺴــامء .ﻓﺤﴬوا ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ إﱃ اﻟﺠﺒﻞ وأىت اﻟﺮب ﻳﺴﻮع إﱃ ذﻟﻚ اﻟﺠﺒــﻞ وﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﺘﻼﻣﻴــﺬ أن ﻳﺨﱪوا اﻟﻨﺎس ﺑﺬﻟــﻚ .وﻛﺎن ﻣــﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﻨــﺎس ﻛﺜري ﻣﻤﻦ ﺷــﻔﺎﻫﻢ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،ﻣﺮﴇ وﻋﻤﻲ وﺑﺮص ﻓﺼــﺎر ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬــﻢ أن ﻳﺄﺗــﻮا إﱃ اﻟﺠﺒﻞ ،وﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﺻــﺎر ﻋﺪدﻫﻢ ﺧﻤﺴــﻤﺌﺔ وﻧﻴﻒ وﻛﺎن اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻣﻌﻬﻢ. ١٩٦
وﻛﻠﻬﻢ ﻳﻨﻈــﺮون إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣﺨ ّﻠﺼﻬﻢ اﻟــﺬي ﺑــﺬل ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ أﺟﻠﻬــﻢ ﻳﻘﱰب ﻣﻨﻬﻢ وﻫــﻮ ﻣﻠﻜﻬﻢ اﻟﻘﺎﺋــﻢ ﻣﻦ اﳌﻮت .وﺳــﺠﺪوا ﻟــﻪ ﺑﻮﻗﺎر ﻋﻨﺪﻣﺎ رأوه ﻋﺎﳌــني أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد إﻧﺴــﺎن ﺑﻞ ﻫﻮ ا Ôأﻳﻀﺎً ،ورمبﺎ ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ زاﻟﻮا ﻳﺸــﻜﻮن ﺑﺄﻧﻪ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘــﺔ وﻗﺪ ﻗﺎم ﻣﻦ اﳌﻮت وﺻﻌــﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺼﺪﻗــﻮا ﻓﺎﻗﱰب ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺮأوا ﺑﺄم أﻋﻴﻨﻬﻢ أﻧﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﺑﻦ
ذﻟﻚ اﻟﺒﺘّﺔ وﺳﺘﺴــ ّﺒﺤﻪ ومتﺠﺪه إﱃ اﻷﺑﺪ ،ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌﺎذا؟ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ اﺑﻨﻬﺎ ﻓﺤﺴﺐ وﻟﻜﻨــﻪ ﻣﺨ ّﻠﺼﻬــﺎ وﻛﺎن ﻋﻠﻴــﻪ أن ميﻮت ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻟﻴﺨ ّﻠﺼﻬﺎ وﻳﺨ ّﻠﺺ ﱠ ﻛﻞ ﺷﻌﺒﻪ ﻣﺤﺘﻤ ًﻼ اﻟﻌﻘﺎب ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ. ﻧﻌﻢ ّإن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻗﺪ أدى اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﺣﻘﻬــﺎ ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﻛﻞ اﻟﺒــﴩ وﺣﻤﻞ اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻪ .إﻧﻪ ﻓﺎدﻳﻬﻢ وﻫﻜﺬا ﻳﺨﻠﺺ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﻪ .وﺳــﻴﻜﻮن ﻛﻞ اﳌﺨ ّﻠﺼني اﳌﻔﺪﻳني
ﻣﻌﻪ ﰲ اﻟﺴامء ﻷﻧﻪ ﻫﻜﺬا أﺣﺒﻬﻢ. ﻛﻢ ﺳــﻴﻜﻮن ﻣﺮﻋﺒﺎً ﻟــﻮ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺤﻤﻞ وزر ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴــﻨﺎ وﻧﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻫﺬا ﻳﺤﺼﻞ إذا ﻧﺤﻦ ﻣﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻏري أن ﻧﺘﺠﺪد وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻗﺎدر وﻗﺎﺑﻞ أن ﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﻨﺎس ﻓﻠﻦ ﻳﻬﻠﻜﻮا ﺑﻞ ﻳﺤﻴﻮن وﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺴــﻤﻊ ﺻﻮﺗﻪ ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻳﻘﻮل" :اﻟﺘﻔﺘﻮا إﱄ واﺧﻠﺼﻮا".
١٩٥
.١٨ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻨﺪ ﺻﻠﻴﺐ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع )ﻳﻮﺣﻨﺎ (٢٧ - ٢٥ :١٩ ﻛﺎن ﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ وأورﺷﻠﻴﻢ ﰲ زﺣﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻷﻧﻪ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﻔﺼﺢ ،وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ زﺣﺎم ﺧﺎرج أورﺷﻠﻴﻢ ً أﻳﻀﺎ .وﻛﺜري ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺘﺠﻤﻌﻮن ﻋﲆ ﺗﻞ اﻟﺠﻠﺠﺜﺔ ﻓام اﻟﺬي ميﻜﻦ رؤﻳﺘﻪ ﻫﻨﺎك؟ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺛﻼﺛﺔ ﺻﻠﺒﺎن ﻟﻴﻤﻮت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل ،ﻓﻌﲆ اﻟﻴﻤني واﻟﻴﺴﺎر ﻣﺠﺮﻣﺎن ﻳﺴﺘﺤﻘﺎن اﳌﻮت ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻤﻞ ذاك اﻟﺬي ﰲ اﻟﻮﺳﻂ؟ ﻓﻬﻞ ارﺗﻜﺐ ﺧﻄﻴﺌﺔ؟ إﻧﻪ اﻹﻧﺴــﺎن اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي مل ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺧﻄﻴﺌــﺔ واﻟﱪيء اﻟﻮﺣﻴــﺪ ﰲ اﻟﻌﺎمل ،إﻧﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﺑﻦ ا!Ô ﻟﻜﻦ ﻣﺎ زال ﻋﻠﻴﻪ أن ميﻮت وﻫﺬا ﻣﺎ أراده ﻛﻞ أﻋﺪاﺋــﻪ ﻷﻧﻪ ﻗﺎل إﻧﻪ اﺑــﻦ اﻟﻠﻪ وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺒﻀﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴ ًﻼ ﰲ ﺑﺴــﺘﺎن ﺟﺜﺴﻴامين ﺣﻴﺚ ﻗﻴﺪوه وأﺧــﺬوه ﻛﺄﻧﻪ ﻓﺎﻋﻞ ﴍ وأﺗﻮا ﺑﻪ إﱃ ﺑﻴﻼﻃﺲ اﻟﻮاﱄ اﻟﺮوﻣﺎين اﻟﺬي ﻋﺮف ﱠأن ﻳﺴﻮع مل ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺴــﺘﻮﺟﺐ اﻟﺤﻜﻢ ،ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﻠﺐ ﻷﻧﻪ ﺧﴚ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﴫﺧﻮن "اﺻﻠﺒــﻪ ...اﺻﻠﺒﻪ!" .وﻛﺜريون ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻨــﺪ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻟﻜﻦ ﺗﻼﻣﻴــﺬه مل ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻫﻨﺎك ﻓﻘــﺪ ﻫﺮﺑﻮا ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ ومل ﻳﺤﴬوا إﱃ اﻟﺠﻠﺠﺜﺔ إﻻ واﺣﺪًا ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻮ ﻳﻮﺣﻨﺎ وإﱃ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻣﺮﻳﻢ أم ﻳﺴﻮع اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺮى اﺑﻨﻬﺎ اﻟــﺬي ﺗﺤﺒﻪ ،وﻣﺎ زاﻟــﺖ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ وﻟﺪﺗﻪ ﰲ ﻣﻐﺎرة ﺑﻴﺖ ﻟﺤــﻢ وﻗﺪ ﺟﺜﺎ اﻟﺮﻋﺎة ﻋﻨﺪ اﳌﺰود ﻛام ﺳﺠﺪ ﻟﻪ اﳌﺠﻮس اﻵﺗﻮن ﻣﻦ اﳌﴩق ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻠــﻚ اﻟﻴﻬــﻮد ،وﻫﻲ ﺗﺬﻛــﺮ ﻛﻴﻒ ﺣﻤﻠﻪ ١٩٤
ﺳﻤﻌﺎن اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﲆ ذراﻋﻴﻪ ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ،وﻛﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﺮﺣني ﺣﻴﻨﺬاك وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻳﻢ ﺗﺤﻔﻆ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﺘﻔﻜﺮة ﺑﻪ ﰲ ﻗﻠﺒﻬﺎ. وأﻣﺎ اﻵن ﻓﱰى اﺑﻨﻬﺎ ميﻮت ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻳﻮم أﻛرث ﺣﺰ ًﻧﺎ ﻣﻦ اﻵن ،وﻛﺎن ﺳﻤﻌﺎن ﻗﺪ ﻗﺎل ﻟﻬﺎ ّإن ﺳﻴ ًﻔﺎ ﺳﻴﺠﻮز ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،أي إﻧﻬﺎ ﺳــﺘﻜﻮن ﺣﺰﻳﻨﺔ ﺟﺪاً ﰲ ﻳﻮم ﻣﺎ وﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﻓﻬﻲ ﺗﺮى اﻵن اﺑﻨﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣﺪ أن ﻳﻌﺰﻳﻬﺎ أو ﻳــﺪرك ﻣﻘﺪار ﺣﺰﻧﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟــﻚ واﺣﺪًا ﻳﺮى ﺣﺰﻧﻬﺎ ،إﻧﻪ ﻳﺴــﻮع اﻟﺬي ﻳﺘﺄمل ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﺄﻣﻪ ومل ﻳﻨﺴﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺤﺒﻬﺎ. واﻟﺘﻔﺖ ﻳﺴــﻮع إﻟﻴﻬﺎ وﻗﺎل" :ﻳــﺎ اﻣﺮأة ﻫﻮذا اﺑﻨﻚ" وﻗﺎل ﻟﻴﻮﺣﻨﺎ" :ﻫﻮذا أ ّﻣﻚ" وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ّأن ﻳﺴــﻮع ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻳﻮﺣﻨﺎ أن ﻳﻌﺘﻨﻲ مبﺮﻳﻢ وأن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻌﺘﱪﻫﺎ ﻛﺄﻣﻪ ّ ّ وأن ﻋﲆ ﻣﺮﻳﻢ أن ﺗﻌﺘــﱪه ﻛﺎﺑﻨﻬﺎ وأن ﻳﺘﻌﺎوﻧﺎ ﻋﲆ ذﻟﻚ وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث إذ أﺧﺬﻫﺎ ﻳﻮﺣﻨﺎ إﱃ داره ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن وﺣﻴﺪة وﻫﻜﺬا ﻳﻌﺰﻳﺎن ﺑﻌﻀﻬام. وﻏﺎدرا اﳌﻜﺎن ﺑﻌﺪ أن ودﻋﺖ ﻣﺮﻳﻢ اﺑﻨﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ إﱃ اﻷﺑﺪ ،ﻓﻴﺴﻮع ﺳﻴﻤﻮت ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻟﻜﻨﻪ ﺳــﻮف ﻳﺤﻴﺎ ﺛﺎﻧﻴﺔ وﺳــﻴﻘﻮم ﻣﻦ اﳌﻮت، وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺳﻴﻌﻮد إﱃ اﻟﺴامء ،وﻋﻨﺪﻣﺎ متﻮت ﻣﺮﻳﻢ ﺳــﺘﺬﻫﺐ إﱃ ﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ .وﺳﱰاه ﻋﲆ ﻛﺮﳼ ﻋﺮﺷﻪ اﳌﺠﻴﺪ ﻷﻧﻪ ﻣﻠﻚ ،وﻟﻦ ﺗﺤﺰن ﺑﻌﺪ
ﻟﻜــﻦ ﻧﻮرﻫﺎ ﻗﺪ ﺿﻌــﻒ ﻧﻈﺮاً ﻟﻨﻔــﺎد اﻟﺰﻳﺖ ﻣﻨﻬــﺎ .ﻓﻘﺎﻣــﺖ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺤﻜﻴــامت ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ ﻣﺼﺎﺑﻴﺤﻬﻦ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺖ اﻹﺿــﺎﰲ اﻟﺬي ﺟﻠﺒﻨﻪ ﻣﻌﻬﻦ ﻓﻌﺎدت ﻣﺼﺎﺑﻴﺤﻬﻦ ﺗﺘﺄﻟﻖ .أﻣﺎ ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻷﺧﺮﻳــﺎت ﻓﱰﺟﺮﺟﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ واﻧﻄﻔــﺄت ﻷن زﻳﺘﻬــﺎ ﻗــﺪ ﻧﻀﺐ وﻣــﺎ ﻋﺎد ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻦ اﻻﻧﻀامم إﱃ ﻣﻮﻛﺐ اﻟﻌﺮﻳﺲ. وﻗﺎﻟــﺖ اﻟﺠﺎﻫــﻼت ﻟﻠﺤﻜﻴــامت" :أﻋﻄﻮﻧــﺎ ﻣــﻦ زﻳﺘﻜﻦ" وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻜﻴــامت ﻗﻠﻦ إﻧﻬﻦ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻌﻦ أن ﻳﻌﻄﻴﻨﻬﻦ ﻟﺌــﻼ ﻳﻨﻀﺐ اﻟﺰﻳﺖ ﻟﺪﻳﻬﻦ وﻗﻠﻦ ﻟﻬﻦ أن ﻳﺬﻫنب إﱃ اﻟﺴﻮق ﻟﻴﺒﺘﻌﻦ زﻳﺘًــﺎ وﻳﻌﺪن إﱃ اﻟﻌﺮس .وﻫﻜﺬا ﻛﺎن .واﻗﱰب اﳌﻮﻛــﺐ ﻓﺪﺧﻠــﺖ اﻟﺤﻜﻴامت ﻣــﻊ اﻟﻌﺮﻳﺲ
وأﻏﻠﻖ اﻟﺒﺎب واﺑﺘﺪأت ﻣﺮاﺳﻢ اﻟﻌﺮس. وﰲ ﻫﺬه اﻷﺛﻨــﺎء ﻋﺎدت اﻟﺠﺎﻫــﻼت وﻗﺮﻋﻦ اﻟﺒــﺎب ﻃﺎﻟﺒﺎت أن ﻳﺪﺧﻠــﻦ إﱃ اﻟﻌﺮس ،ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺮﻳــﺲ ﻗــﺎل ﻟﻬﻦ إﻧــﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬــﻦ وﻟﺬا ﻻ ُﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻦ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل .ﻓام ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ؟ اﳌﻘﺼــﻮد ﺑﺎﻟﻌﺮﻳﺲ ﻫﻮ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﺻﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮس ﻫﻲ اﻟﺴــامء ،أﻣﺎ اﳌﻘﺼــﻮد ﺑﺎﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﻌﴩ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮن إﱃ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ اﻟﺘــﻲ ﻓﻴﻬــﺎ أﻧــﺎس ﻳﻌﺘــﱪون أوﻻد اﻟﻠﻪ وﻗﺪ ﺗﺠﺪدت ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ،ﻓﻬــﻢ ﻛﺎﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺤﻜﻴامت اﻟﻠﻮايت ﻣﻌﻬــﻦ أﺑﺎرﻳﻖ زﻳــﺖ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻓﻬﺆﻻء ﻳﺤﻴﺎ اﳌﺴــﻴﺢ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ .ﻟﻜــﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ أﻧﺎس ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ ﻏــري ﻣﺘﺠﺪدﻳــﻦ وﻻ ﻳﺤﻴﺎ اﻟﺮب ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻓﻬﻢ ﻛﺎﻟﻔﺘﻴــﺎت اﻟﺠﺎﻫﻼت اﻟﻠﻮايت ﺣــﴬن ﻣﻦ ﻏري زﻳــﺖ إﺿــﺎﰲ .وﻓﺠﺄة ﻳﺼﻞ اﻟﻌﺮﻳﺲ ﻓﻬﻜﺬا ﺳﻴﺄيت اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻣﻦ اﻟﺴامء ﻓﺘﻬﺮع اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺠﺎﻫﻼت ﻟﻴﺒﺘﻌﻦ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺖ وﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن ﻏري اﳌﺘﺠﺪدﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﺤﻮﻟﻮا إﱃ ﻳﺴﻮع وﻳﺘﻮﺑﻮا ﻟﻴﺪﺧﻠﻮا اﻟﺴامء ﻟﻜﻦ ﻳﻜــﻮن ﻗﺪ ﻓــﺎت اﻷوان وأﻏﻠــﻖ اﻟﺒﺎب ﻓﻴﺬﻫﺒــﻮن إﱃ ﺟﻬﻨﻢ ﺣﻴــﺚ اﻷمل واﻟﺤﺰن إﱃ اﻷﺑــﺪ .ﻓﻠﻨﻔﻜﺮ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻔﺘﻴــﺎت اﻟﻘﺎرﻋﺎت ﻋﲆ اﻟﺒﺎب اﳌﻐﻠﻖ ﻣﻦ ﻏري ﺟﺪوى وﻫﻜﺬا ﺳﺘﻜﻮن اﻟﺤﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺄيت ﻳﺴﻮع .إذن ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ أن ﻧﺘﺠــﺪد ﻷن ﺑﻌﺪ اﳌﻮت ﻳﻔــﻮت اﻷوان أﻣﺎ اﻵن ﻓﺎﻟﻔﺮﺻﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺄيت إﱃ ﻳﺴﻮع ﻗﺒﻞ ﻓﻮات اﻷوان.
١٩٣
.١٧ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺬارى اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺤﻜﻴامت واﻟﺨﻤﺲ اﻟﺠﺎﻫﻼت )ﻣﺘﻰ (١٣ - ١ :٢٥ ﻧﺘﺬﻛــﺮ ﺑﺎﻟﻄﺒــﻊ أن اﳌﺜﻞ ﻗﺼــﺔ ﻳﺮوﻳﻬﺎ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻟﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻋﻤﻴ ًﻘــﺎ .ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ ﺑﺎﳌﺜﻞ أن ﻳﻌ ّﻠﻤﻨﺎ وﻳﺤ ّﺬرﻧﺎ .وﻫﺬا ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺬارى أو اﻟﻔﺘﻴــﺎت اﻟﺨﻤــﺲ اﻟﺤﻜﻴــامت واﻟﺨﻤﺲ اﻟﺠﺎﻫﻼت. ﱠ ﺣﻞ اﳌﺴــﺎء وﻏﺎﺑﺖ اﻟﺸــﻤﺲ وأﺧــﺬ اﻟﻬﺪوء ﻳﺴــﻮد ﻣﻊ زﺣﻒ اﻟﻈﻼم .ﻟﻜﻦ ﻧﺮى ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻦ ﻣﺼﺒﺎﺣﺎً ﻫــﺎدئ ﻋﴩ ﻓﺘﻴﺎت ﺗﺤﻤﻞ ﱞ زﻳﺘ ًﻴــﺎ .وﻛﺎﻧﺖ اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ ﻣﻀــﺎءة وﻫﻲ ﺗﻨﴩ ﻣﱰﺟﺮﺟﺎ ﻟﻄﻴ ًﻔﺎ ،وﻫﺬا ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻧــﻮ ًرا ً ﻃﺒ ًﻌﺎ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ زﻳﺖ ﰲ اﳌﺼﺒﺎح. ﻟﻜــﻦ إﱃ أﻳــﻦ ﺗﺬﻫﺐ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﻴــﺎت؟ أﻧﻬﻦﱠ ذاﻫﺒــﺎت ﻟﻠﻘــﺎء اﻟﻌﺮﻳﺲ وﺳــﻴﺄيت أﺻﺪﻗﺎؤه ﻣﻌــﻪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﻴﻠــﺔ وﻫــﻢ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ إﱃ ﺑﻴــﺖ اﻟﻌﺮوس ،ﺣﻴﺚ ﺳــﺘﻜﻮن ﺻﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮس، واﻟﻌــﺮوس وﺻﺎﺣﺒﺎﺗﻬــﺎ ﻳﻨﺘﻈــﺮن اﻟﻌﺮﻳــﺲ وأﺻﺤﺎﺑﻪ ﻫﻨﺎك ،وﻛﻠﻬﻢ ﺳــﻴﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﺎﻟﻌﺮس ﻣ ًﻌــﺎ ﺣــني ﻳﺤــﴬ اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻷن اﻟﻌﺮﻳــﺲ واﻟﻌﺮوس ﺳــﻴﺘﺰوﺟﺎن .وﻛﺎﻧــﺖ اﻟﻌﺮوس ﻗﺪ ﻛ ّﻠﻔــﺖ ﻋﴩة ﻣــﻦ ﺻﺎﺣﺒﺎﺗﻬــﺎ ﻟﺘﺬﻫنب ﻟﻠﻘﺎء اﻟﻌﺮﻳــﺲ ﻟﻴﺘﺒﻌﻦ ﺟامﻋﺘــﺔ وﻳﺪﺧﻠﻦ ﻣﻌﻬﻢ إﱃ ﺻﺎﻟــﺔ اﻟﻌــﺮس ،وأوﺻﺘﻬﻦ أن ﻻ ﻳﻨﺴــني ﻣﺼﺎﺑﻴﺤﻬــﻦ ﻷن ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ ﺟﻤﻴــﻊ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻀﺎءة. وﻫﻜﺬا ﻧﻌﻠــﻢ اﻵن ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠــﻚ اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻳﻨﺘﻈــﺮن ،وﻣــﻊ ﱟ َ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻦ وﻧﻌﻠــﻢ ﻣﻦ ﻛــﻦّ ١٩٢
ﻣﺼﺒﺎح ﻣﻀﺎء ،إمنﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻴﺎت ﺗﺤﺘﻔﻈــﻦ ﻣﻌﻬــﻦ ﺑﺰﻳــﺖ إﺿــﺎﰲ ﰲ إﺑﺮﻳﻖ ﺻﻐري ،ﻓﻼ رﻳﺐ أﻧﻬﻦ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺤﻜﻴامت ،أﻣﺎ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺨﻤﺲ اﻷﺧﺮﻳﺎت ﻓﻠﻢ ﻳﺠﻠنب ﻣﻌﻬﻦ أي زﻳﺖ إﺿﺎﰲ وﻫﻦ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺠﺎﻫﻼت .وﳌﺎ ﺗﺄﺧــﺮ اﻟﻌﺮﻳﺲ ﻋﻦ اﻟﺤﻀــﻮر ﺗﻌﺒﺖ اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻓﺠﻠﺴﻦ ﻋﲆ ﻗﺎرﻋﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻏﻠﺒﻬﻦ اﻟﻨﻌﺎس ﻓﻨﻤﻦ. وﻓﺠــﺄة ﰲ ﻣﻨﺘﺼــﻒ اﻟﻠﻴــﻞ اﺳــﺘﻴﻘﻈﻦ ﻋﲆ ﺻــﻮت ﻣــﻦ ﻳﻨــﺎدي ّأن اﻟﻌﺮﻳــﺲ ﻗﺪ ﺣﴬ ﻓﻘﻮﻣﻮا ﻟﻠﻘﺎﺋــﻪ .ﻓﺄﺧﺬت اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻣﺼﺎﺑﻴﺤﻬﻦ
ﻓامذا ﺳﻴﻔﻌﻞ اﻟﱪص؟ ﻫﻞ ﻳﺬﻫﺒﻮن إﱃ اﻟﻜﻬﻨﺔ؟ ﺑﺮﺻﺎ؟ وﻣﻊ ذﻟﻚ أﺧﺬوا ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ إﱃ أﻟﻴﺴــﻮا ً اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻛام أﻣﺮﻫﻢ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻷﻧﻬﻢ آﻣﻨﻮا ّأن ﻳﺴــﻮع ﻳﺸــﻔﻴﻬﻢ .وﺑﻴﻨام ﻫﻢ ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﱃ اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﻧﻈﺮوا إﱃ أﻧﻔﺴــﻬﻢ ﻓﺈذا ﻫﻢ ﻗﺪ ﺑﺮﺋﻮا متﺎ ًﻣﺎ ﻣﻦ اﳌــﺮض وزاﻟﺖ اﻟﺘﻘﺮﺣﺎت ﻋﻦ أﺟﺴﺎدﻫﻢ ﻓﻠﻦ ﻳﺮى اﻟﻜﻬﻨﺔ أﺛ ًﺮا ﻟﻠﻤﺮض .ﻓﻜﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻌﺪاء ﺑﺬﻟﻚ.
ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻲ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﺸﻜﺮه ،ﻷﻧﻪ رأى ّأن ﻣﻌﺠــﺰة ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻗﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﺸــﻔﺎء اﻟﺮب ﻟﻪ وﻫــﻮ ﻻ ﻳﻨﺘﻤــﻲ إﱃ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﻞ ﻛﺎن ﺳــﺎﻣﺮ ًﻳﺎ، وﻗــﺪ اﻣﺘﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﺸــﻜﺮ اﻟﻌﻤﻴﻖ وﻟﺬا ﺣﴬ إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع أوﻻً .وﻫﻨﺎ ﻗﺎل اﻟﺮب ﻳﺴﻮع: "أﻟﻴﺲ اﻟﻌﴩة ﻗﺪ ﻃﻬﺮوا؟ ﻓﺄﻳﻦ اﻟﺘﺴــﻌﺔ؟ أمل ﻳﻮﺟــﺪ ﻣﻦ ﻳﺮﺟﻊ ﻟﻴﻌﻄﻲ ﻣﺠــﺪاً Ôﻏري ﻫﺬا اﻟﺴﺎﻣﺮي اﻟﻐﺮﻳﺐ اﻟﺠﻨﺲ؟"
ﻫﺮﻋﻮا ﺟﻤﻴﻌﻬــﻢ إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻟريوا أﻧﻔﺴــﻬﻢ ﻟﻠﻜﻬﻨــﺔ ،إﻻ واﺣــﺪاً ﻣﻨﻬــﻢ ﻓﻘــﺪ ﺗﻮﻗﻒ ﰲ اﻟﻄﺮﻳــﻖ وﻋﺎد إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع واﻗﱰب ﻣﻨﻪ وﻫــﻮ ميﺠﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﺼﻮت ﻋﻈﻴﻢ ﺣﺘﻰ ﺳــﻤﻌﻪ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس وارمتﻰ ﻋﲆ وﺟﻬﻪ ﺳــﺎﺟﺪاً ﺑﺎﺣﱰام
ﻛﺎن اﻟﺘﺴﻌﺔ اﻵﺧﺮون ﻓﺮﺣني ﻟﻜﻨﻬﻢ مل ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺣ ًﻘﺎ ﺷﺎﻛﺮﻳﻦ ﻓﺎﻛﺘﻔﻮا ﺑﺸﻔﺎء أﺟﺴﺎدﻫﻢ وﻧﺴﻮا ﻋﻤﻞ اﻟــﺮب ﻓﻴﻬﻢ .ومل ﻳﻜﻮﻧــﻮا ﻣﺤﺒني ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع ﺑﺈﺧﻼص ﻷﻧﻬﻢ مل ﻳﻜــﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ إميﺎن ﺻﺎدق ﺻﺤﻴﺢ. وﻫﺬا ﻣــﺎ زال ﻳﺤﺪث ،ﻓﻜﺜــريون ﻳﺼ ّﻠﻮن ﻣﻦ ﴪوا ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺟﻞ اﻟﺸــﻔﺎء ،وﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ُﻳ َ ّ ﻳﺸــﻔﻴﻬﻢ اﻟﺮب وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻨﺴﻮن أن ﻳﺸﻜﺮوه. ﺣﺐ وﻫﻢ ﻳﺴﺘﻐﻨﻮن ﻋﻦ اﻟﺮب ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﱟ Ôﰲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ،ﻓﻜﻢ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻣﺆﺳ ًﻔﺎ وﻣﺤﺰ ًﻧﺎ. وﻗﺎل اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻟﻠﺴــﺎﻣﺮي" :ﻗﻢ واذﻫﺐ إميﺎﻧﻚ ﺧ ّﻠﺼﻚ" .ﻓﻬﻞ ﻧﻼﺣﻆ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟــﻞ إميﺎ ًﻧﺎ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧــﻪ ﻗﺪ ﺻﺎر ﻟــﻪ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ ،وﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺮى ذﻟﻚ ﺑﻮﺿﻮح ﻣﻦ ﺷــﻜﺮاﻧﻪ وﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع وﻣﻦ ﺗﻘﺪميﻪ اﳌﺠــﺪ ،Ôوﻫﻮ اﺑﻦ اÔ ﻋــﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل وﻫﺬا أﻛرث ﻗﻴﻤــﺔ وأﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻔﺎء اﻟﺠﺴــﺪي ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻻ ﻧﻨﴗ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ أﺑﺪاً. ١٩١
.١٦ﺷﻔﺎ ُء اﻟ َﻌ َ ً ص )ﻟﻮﻗﺎ (١٩ - ١١ :١٧ ﴩ ِة ُ ْ اﻟﱪ ِ
ﻋﴩة رﺟﺎل ُﺑﺮص ﺑﺆﺳﺎء ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ وأﺟﺴــﺎدﻫﻢ ﺗﻄﻔﺢ ﺑﺎﻟﻘﺮوح وﺣﺎﻟﻬﻢ ﺗﺴــﻮء أﻛــرث ﰲ ّ ﻛﻞ ﻳــﻮم وﻻ ميﻜﻦ أن ﺗﺘﺤﺴــﻦ ﻷن اﻟــﱪص ﻣﺮض ﻋﻀﺎل ﻻ ﻳﺸــﻔﻰ وﺳــﻴﻤﻮﺗﻮن ﺑﺪاﺋﻬﻢ ،وﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺒﻘﻮا ﻣﻨﻌﺰﻟني ﻋﻦ اﻟﻨﺎس ﻷن ﻫــﺬا اﳌــﺮض ُﻣﻌــ ٍﺪ وﺧﻄري ،ﻓﻜــﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﺆﺳــﺎء .وﻛﻢ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﺂﺑﺔ ﰲ اﻟﻌﺎمل ،ﳌﺎذا؟ ﱠإن ذﻟﻚ ﺑﺴــﺒﺐ اﻟﺨﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻮﻻﻫﺎ ﻣﺎ ﻣﺮض أﺣﺪ. وﻛﺎن ﻳﺴــﻮع ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ ﻓﺎﺟﺘﺎز ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﱪص وﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ أن ﻳﻘﱰﺑﻮا ﻣﻨﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﺴﻤﻌﻬﻢ إن ﺻﺎﺣﻮا ﺑﺄﻋﲆ أﺻﻮاﺗﻬﻢ .ﻓﺼﺎﺣﻮا ﻗﺎﺋﻠني" :ﻳﺎ ﻳﺴــﻮع ﻳﺎ ﻣﻌﻠﻢ ارﺣﻤﻨﺎ" ،ﻓــﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ أﻧﻬﻢ ﺳــﻤﻌﻮا ّأن اﻟﺮب ﺷــﻔﻰ آﺧﺮﻳﻦ واﻵن ﻳﻄﻠﺒــﻮن ﻣﻨﻪ أن ﻳﺘﺤﻨﻦ ١٩٠
ﻋﻠﻴﻬﻢ أﻳﻀﺎً .وﻗﺪ ﺳﻤﻊ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﺻﻴﺎﺣﻬﻢ ورآﻫﻢ ﻳﻘﻔﻮن ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ﺑﺎﺋﺴني .وﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﺮض ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻨﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،وﻗﻠﺒﻪ ﻣﻤﺘﻠﺊ ﺑﺎﻟﺸــﻔﻘﺔ وﺑﻜﺎﻣﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ ،وﺳﻴﺸﻔﻲ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل اﳌﺴﺎﻛني ،ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﻔﻌﻞ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻫﺬا .اﺳــﺘﻤﻊ إﻟﻴﻪ ﻳﻘﻮل ﻟﻬــﻢ" :اذﻫﺒﻮا وأروا أﻧﻔﺴــﻜﻢ ﻟﻠﻜﻬﻨﺔ" ﻓــامذا ﻳﻘﺼــﺪ ﺑﻘﻮﻟﻪ؟ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ اﻻﻗﱰاب ﻣﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ، ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﻛﺎﻧــﺖ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت؟ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﻘﺮروا إن ﻛﺎن أﺣﺪ ﻣﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟــﱪص أم ﻻ ،ﻓﺈذا ﻗﺎﻟﻮا ّإن اﳌﺮء ﻗﺪ ﺷــﻔﻲ ،ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ اﳌﺠﺘﻤﻊ، وﻫﻨــﺎ ﻳﻘﺼﺪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ّإن ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺮوا أﻧﻔﺴــﻜﻢ ﻟﻠﻜﻬﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﱪوﻧﻜﻢ ﺑﺄﻧﻜﻢ ﻗﺪ ﺷﻔﻴﺘﻢ.
ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺷــﻴﺌﺎً ﻓﺘﺤﻨﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ وأﻋﻨّﺎ" .ﻷﻧﻪ ﻓﻜﺮ ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ ﻫﺎ ّإن اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ مل ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮا ﻋﻤﻞ ﳾء ﻓﻬﻞ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع أن ﻳﺸﻔﻴﻪ؟ إﻧﻪ ﻳﺘﺴﺎءل إذ مل ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺄ ّﻛﺪاً ﻣﻦ ﻗﺪرة اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻷن اﻟﺼﺒﻲ ﻛﺎن ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺟﺪاً. ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻗﺎل ﻟــﻪ" :إن ﻛﻨﺖ ﺗﺆﻣﻦ يب ﻓــﻜﻞ ﳾء ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻬام ﻳﻜﻦ ﺳــﻮء اﻷﻣﺮ" ﻓﺄﺧــﺬ اﻟﻮاﻟﺪ ﻳﺒيك ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﻋﺪم اﻹميﺎن ﰲ ﻗﻠﺒﻪ وﻟﺬا ﻫﻮ ﰲ ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻟﺤﺰن واﻷﳻ .وﻋﺪم اﻹميــﺎن ﻫﺬا ﻣﻮﺟﻮد ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ً أﻳﻀﺎ وﺑﺴــﺒﺐ ﻋﺪم اﻹميــﺎن ﻧﻈﻦّ أن اﻟﺮب ﻻ ﻳﻘــﺪر أو ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨﻠﺼﻨــﺎ ،وإﻧﻪ ﳌﻦ أﻛﱪ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ أن ﻧﻔﻜﺮ ﺑﺄﻣﻮ ٍر ﺳﻴﺌ ٍﺔ ﻛﻬﺬه إزاء إﻟﻬﻨﺎ اﻟﺼﺎﻟﺢ.
اﻟﺼﺒﻲ ﻋﲆ اﻷرض ﺳﺎﻛﻨًﺎ ﺣﺘﻰ ﻇﻦ اﻟﻨﺎس أﻧﻪ ﻗﺪ ﻣﺎت وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع أﻣﺴﻚ ﺑﻴﺪ اﻟﺼﺒﻲ وأﻗﺎﻣﻪ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﺷﻔﻲ متﺎ ًﻣﺎ وﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻵن أن ﻳﺬﻫﺐ ﻣﻊ واﻟﺪه .ﻧﻌﻢ ،ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﻨﺠﻲ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﺸــﻴﻄﺎن ،وﻫﻮ أﻗﻮى ﻣﻦ أن ّ ﺧﻄﻴــﺔ ﻋﺪم اﻹميــﺎن ،وﻫﻜــﺬا إذن ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن ّ ﻧﺼﲇ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ.
ﻟﻜﻦ أﻟﻴــﺲ ﻣﻦ إميﺎن اﻟﺒﺘﺔ ﻟــﺪى اﻟﻮاﻟﺪ؟ ﻻ، ﺑــﻞ إﻧﻪ إميﺎن ﺿﻌﻴــﻒ وﻋﺪم إميﺎﻧــﻪ أﻗﻮى، وﻟﻬــﺬا ﻛﺎن اﻟﻮاﻟــﺪ ﺣﺰﻳﻨــﺎً ،ﻓﻘــﺎل واﻟﺪﻣﻮع ﺗﻄﻔﺢ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ" :أوﻣﻦ ﻳﺎ ﺳــ ّﻴﺪ ،ﻓﺄﻋﻦ ﻋﺪم إميﺎين" وﻗﻮﻟﻪ ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ إﻧﻪ ﻳﺆﻣﻦ ﻟﻜﻦ ﻳﺮﺟﻮ اﳌﺴﺎﻋﺪة ﻷن ﻋﺪم اﻹميﺎن ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻗﻮي واﻟﺮب ﻫــﻮ اﻟﻮﺣﻴــﺪ اﻟﻘﺎدر ﻋﲆ أن ﻳﻨــﺰع ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ .واﻟﺮب ﺳﻴﺴــﺎﻋﺪه ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن إميﺎﻧﻪ ﻗﻠﻴ ًﻼ ﻓﺄﻣﺮ اﻟﺮب اﻟﺮوح اﻟﻨﺠﺲ ﻗﺎﺋ ًﻼ ﻟﻪ» :أَ ﱡﻳ َﻬﺎ وح اﻷَ ْﺧ َﺮ ُس اﻷَ َﺻ ﱡﻢ ،أَ َﻧﺎ آ ُﻣ ُﺮ َكْ :اﺧ ُﺮ ْج ِﻣ ْﻨ ُﻪ َوﻻَ اﻟ ﱡﺮ ُ َﺗﺪ ُْﺧ ْﻠ ُﻪ أَ ْﻳ ًﻀﺎ!« .ﻓﻜﺎن ﻋﲆ اﻟﺸﻴﻄﺎن أن ﻳﺨﺮج ﻓﻮ ًرا ﻷن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺸــﻴﻄﺎن. وﻗﺒﻞ أن ﻳﺨــﺮج ﴏخ وﴏع اﻟﺼﺒﻲ .وﺑﻘﻲ ١٨٩
.١٥ﻳﺴﻮع ﻳﺸﻔﻲ ﺻﺒ ًﻴﺎ ﻓﻴﻪ روح ﻧﺠﺲ )ﻣﺮﻗﺲ (٢٩ - ١٤ :٩ ﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﻴﺬه ﻋﲆ ﺟﺒﻞ ﻋﺎلٍ ،وﳌﺎ ﻧﺰﻟﻮا ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻞ رأوا ﺟﻤﻌﺎً ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻳﺴﻮع .وأىت واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻊ إﱃ ﻳﺴﻮع َ وﺧ ﱠﺮ ﻋﲆ ُرﻛﺒﺘﻴﻪ أﻣﺎﻣﻪ وﻫﻮ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻘﻠﻖ واﻻﻧﺰﻋﺎج وﻗﺎل" :ﻳﺎ ﻣﻌ ﱢﻠــﻢ ،ارﺣﻢ اﺑﻨﻲ ﻓﻬﻮ ﻣﺼﺎب مبﺮض رﻫﻴﺐ، ودامئًﺎ ﻳﺴﻘﻂ ﻋﲆ اﻷرض وﻳﻌﱰﻳﻪ روح ﴍﻳﺮ وﻳﴫ ﺑﺄﺳــﻨﺎﻧﻪ وﻳﺰﺑﺪ ﻣــﻦ ﻓﻤﻪ ﻓﻼ ﻓﻴﻴﺒــﺲ ّ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻜﻼم ﻷﻧﻪ أﺧﺮس وأﻃﺮش ،وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻠﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ اﻟﻨﺎر أو ﰲ اﳌﺎء". ﻧﻌﻢ ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﺮض رﻫﻴﺐ ،وﻻ ﻳﻼﺣﻆ اﻟﺼﺒﻲ
ﻧﻔﺴــﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴــﻘﻂ وﺗﻨﺘﺎﺑﻪ ﻫــﺬه اﻟﻨﻮﺑﺔ اﻟﺨﻄرية وﻫﺬا ﺳﺒﺐ اﻟﻘﻠﻖ اﻟﺪاﺋﻢ ﻷﺑﻴﻪ .ورمبﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟــﻪ ﱞأم ً أﻳﻀﺎ ﻓﻜﻼﻫــام ﻗﻠﻘني ﻷﻧﻪ ﻛﺜ ًريا ﻣﺎ ﻳﺴــﻘﻂ ﰲ اﳌﺎء وﰲ اﻟﻨﺎر ،وﻗﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺎ أن ﻳﻨﻘﺬاه ﻋﺪة ﻣــﺮات ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ مل ﻳﻜﻦ أﺣﺪ ﺣﻮﻟﻪ؟ ﻛﻠﻨــﺎ ﻣﺮرﻧــﺎ ﰲ ﻇﻞ ﻗﻮة اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﺑﺴــﺒﺐ اﻟﺨﻄﻴﺌــﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺴــﻮء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ذﻟﻚ اﻟﺼﺒﻲ ،ﻓﺄذﻫﺎﻧﻨــﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﺟﻴﺪ وﻫــﺬه ﻋﻄﻴﺔ ﻣﻦ ا Ôﻟﻜﻦ ﻣﺎ زال اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﺳﺎﻛﻨًﺎ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﺑﺴﺒﺐ ذﻟﻚ أﺻﺒﺤﻨﺎ ﺑﺆﺳﺎء. وأﻣــﺮ آﺧﺮ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﻮاﻟﺪ ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع" :ﻃﻠﺒﺖ ﻣــﻦ ﺗﻼﻣﻴﺬك أن ﻳﺸــﻔﻮا اﻟﺼﺒــﻲ وﻟﻜﻨﻬﻢ مل ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮا" .ﻧﻌــﻢ ﻟﻘﺪ ﻃﻠــﺐ اﻟﻮاﻟﺪ ذﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﻷن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﺠﺒﻞ وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ مل ﻳﻘﺪروا أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺷــﻴﺌﺎً ﻷﻧﻪ ﻣﺎزال ﻫﻨﺎﻟﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﻋﺪم اﻹميﺎن ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺮب اﻧﻀﻢ إﻟﻴﻬﻢ اﻵن .وﻟﻬﺬا أىت اﻟﻮاﻟﺪ ﺑﺎﺑﻨﻪ إﱃ اﻟــﺮب ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ أﺗﻌــﺲ اﻟﺼﺒﻲ إﻧﻪ ﻳﴫخ ﺑﺼﺨــﺐ وﻳﺘﺪﺣﺮج ﻋــﲆ اﻷرض ،وﻓﻤﻪ ﻳﺰﺑﺪ وﻳﺨﺒﻂ ﺑﻴﺪﻳﻪ ورﺟﻠﻴﻪ ﻓﺴــﺄل اﻟــﺮب اﻟﻮاﻟﺪ: "ﻣﺘﻰ ﺑﺪأ ﻫﺬا اﳌﺮض ﻳﺼﻴﺐ اﻟﺼﺒﻲ؟" ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ اﻟﻮاﻟــﺪ" :ﻣﻦ أﻳﺎم ﻃﻔﻮﻟﺘــﻪ" ،إذن ﻛﺎن اﳌﺮض ﻣﻼز ًﻣﺎ ﻟــﻪ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ ﻓﻴﺎ ﻟﻠﺼﺒﻲ اﳌﺴــﻜني، وأﺧﺬ اﻟﻮاﻟﺪ ﻳﺮﺟﻮ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻗﺎﺋ ًﻼ" :إن ﻛﻨﺖ
١٨٨
ﺳﺘﴫ ﻳﺴــﻮع أراد أن ميﺘﺤﻨﻬﺎ ﻟريى إن ﻛﺎﻧﺖ ّ ﻋﲆ ﻃﻠﺒﻬﺎ .وﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳ ُﻴﻈﻬﺮ اﻟﺮب ﻟﻬﺎ ﱠأن إميﺎﻧﻬــﺎ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،وﻫﻮ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴــﺎﻋﺪﻫﺎ وﻗﻠﺒﻪ ُﻣﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﺤــﺐ ﺗﺠﺎﻫﻬﺎ ،وﺑﻬﺬه اﳌﺤﺒﺔ ﻳﺠﺬﺑﻬــﺎ إﻟﻴــﻪ ﺣﺘــﻰ وإن ﺑﺪا أﻧــﻪ ﻳﻄﺮدﻫﺎ. وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺎﺑﻌﺖ ﻃﻠﺒﺘﻬﺎ. ﻫــﺬا وأراد أن ميﺘﺤﻨﻬﺎ أﻛــرث ﻟريى ﻫﻞ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨــﻪ؟ ﻷﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌــﻞ وﺛﻨﻴﺔ وﻗــﺎل ﻟﻬﺎ إﻧﻪ ﻗﺪ ﺟــﺎء إﱃ اﻟﻴﻬﻮد ،ﻟﻜﻨﻬﺎ مل ﺗﺒﺘﻌﺪ ﺑﻞ ﺳــﺠﺪت ﻟﻪ ورﺟﺘﻪ ﺑﺮوح اﻟﺼﻼة ﻗﺎﺋﻠﺔ" :ﻳﺎ رب أﻋﻨﻲ!" ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻗــﺎل ﻟﻬﺎ" :ﻳــﺎ اﻣﺮأة ﻟﻴﺲ ﺣﺴــﻨًﺎ أن ﻳﻌﻄﻰ ﺧﺒﺰ اﻟﺒﻨني ﻟﻠﻜﻼب" وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﻼم ّأن اﻷم ﺗﻌﻄﻲ اﻟﺨﺒﺰ ﻷوﻻدﻫﺎ ﻟﻴﺄﻛﻠﻮا وﻻ ﺗﺮﻣﻴﻪ ﻟﻠﻜﻼب واﳌﻘﺼــﻮد ﺑﺎﻷوﻻد ﻫﻢ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻬﻢ ﻳﻨﺎﻟــﻮن اﺣﺘﻴﺎﺟﻬﻢ وﻫﻨﺎ ﻳﺪﻋﻰ اﻟﻮﺛﻨﻴﻮن ﻛﻼ ًﺑــﺎ ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬوا ﺧﺒــﺰًا .وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺳــﺘﺒﺘﻌﺪ اﳌﺮأة ﻋﻨﻬﻢ ﻷن اﻟﺮب ﻳﻘﻮل إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴــﺖ أﻛرث ﺑﻢ أﺟﺎﺑﺖ اﳌﺮأة؟ ﻗﺎﻟﺖ ﻧﻌﻢ ﻣــﻦ ﻛﻠﺐ .ﻟﻜﻦ َ ﻳﺎ ﺳــ ّﻴﺪ ﻫــﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﻟﻜﻦ اﻟﻔﺘﺎت ﻳﺘﺴــﺎﻗﻂ ﻣﻦ اﻷوﻻد ﻋــﲆ اﻷرض ﺗﺤﺖ اﻟﻄﺎوﻟﺔ ﻓﺘﺄﻛﻞ اﻟﻜﻼب ﻣﻨﻬﺎ" وﺗﻘﺼﺪ اﻟﻘﻮل ﻳﺎ ﺳــﻴﺪ أﻋﻄﻨﻲ ﻗﻠﻴ ًﻼ ﻣﻦ اﻟﻜﺜري اﻟﺬي ﺗﻌﻄﻴﻪ ﻟﺸــﻌﺒﻚ وﻫﺬا ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ .ﻓﻠﻢ ﻳﺘامﻟﻚ اﻟﺮب ﻧﻔﺴــﻪ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل: "ﻳﺎ اﻣﺮأة ﻋﻈﻴﻢ إميﺎﻧﻚ ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ" وﺷﻔﻴﺖ اﺑﻨﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ. ﻫﻨﺎﻟــﻚ ﺻــﻮت ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻳﻘــﻮل ﻟﻨــﺎ أﺣﻴﺎ ًﻧﺎ "ﺗﻮﻗﻔــﻮا ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ﻓﺎﻟﺮب ﻻ ﻳﺴــﺘﻤﻊ ﻟﻜﻢ" ﻓﺬﻟﻚ ﺻﻮت اﻟﺸﻴﻄﺎن وﻫﻮ ﻛﺬاب .ﻓﻠﻨﺴﺘﻤﺮ
ﺑﺎﻟﺼــﻼة وﻟﻨﻔﻜﺮ مبﺎ ﺟﺮى ﻣﻊ اﳌﺮأة اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴﺔ ﺑﻬﺬا اﳌﻌﻨﻰ ،واﻟﺮب ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻟﻬﺬه اﻟﺼﻠﻮات.
١٨٧
.١٤اﻟﺮب ﻳﺴﻮع واﳌﺮأة اﻟﻜﻨﻌﺎﻧ ّﻴﺔ )ﻣﺘﻰ (٢٨ - ٢١ :١٥ ﺧﺮج اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﺗﻼﻣﻴﺬه إﱃ ﺑﻠﺪ آﺧﺮ ،إﱃ ﻧﻮاﺣﻲ ﺻــﻮر وﺻﻴﺪاء وﻫام ﻣﺪﻳﻨﺘﺎن ﻛﺒريﺗﺎن ﻫﻨﺎك وﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬام ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻮﺛﻨﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺘﻤــﻮن إﱃ اﻟﺸــﻌﺐ اﻟﻴﻬــﻮدي ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺳﻤﻌﻮا ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع واﳌﻌﺠﺰات اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ. وﺑﻴﻨام ﻛﺎن ﻳﺴــري ﻣﻊ ﺗﻼﻣﻴﺬه ﻫﻨﺎك ﺗﺒﻌﺘﻬﻢ اﻣــﺮأة وﺛﻨﻴﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺸــﻌﺐ اﻟﺴــﺎﻛﻦ ﰲ ﻛﻨﻌــﺎن وﻟﺬﻟــﻚ ﺳــﻤﻴﺖ ﺑﺎﳌــﺮأة اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴﺔ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﴫخ ﻗﺎﺋﻠﺔ" :ارﺣﻤﻨﻲ ،ﻳﺎ ﺳــﻴﺪي ،ﻳﺎ اﺑﻦ داود! اﺑﻨﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﻄﺎن ،وﻳﻌﺬﺑﻬﺎ ﻛﺜ ًريا". ﻛﺎﻧــﺖ ﺣﻴﺎة ﺗﻠﻚ اﳌﺮأة ﺻﻌﺒﺔ وﺣﺰﻳﻨﺔ وﺣﺎﻟﺔ
اﺑﻨﺘﻬﺎ ﺣﺮﺟﺔ ﺟﺪاً إذ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺷﻴﻄﺎن ﻳﺘﻤ ّﻠﻜﻬﺎ، أي إﻧﻬﺎ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ ،ﺗﺼﻴﺢ ﺑﺄﻋﲆ ﺻﻮﺗﻬﺎ وﺗﺨ ّﺒﻂ ﺑﺬراﻋﻴﻬــﺎ ورﺟﻠﻴﻬﺎ وﻻ ﺗﻌــﺮف ﻣﺎ ﺗﻌﻤﻞ ،وﰲ ﺗﻠــﻚ اﻟﺤــﺎﻻت ﻳﺘﻤ ّﻠﻜﻬﺎ اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻛﺎﻣﻞ ،واﻟﺸــﻴﻄﺎن روح ﴍﻳﺮ ،وﻻ أﺣﺪ ميﻜﻨﻪ أن ميﺪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن إﱃ ﻫﺬه اﳌﺮأة واﺑﻨﺘﻬﺎ إﻻ إذا ﻛﺎن أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن. وﻛﺎﻧﺖ اﳌﺮأة ﻗﺪ ﺳــﻤﻌﺖ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع، وﻗــﺪ وﺻــﻞ اﻵن إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺴــﻜﻦ ﻓﺤﴬت إﻟﻴﻪ ﻋــﲆ اﻟﻔﻮر ﻷﻧﻪ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﻘﺎدر ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ وﻗﺪ آﻣﻨﺖ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺼﺪق وإﺧﻼص .واﻟﺮب أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻷﻧﻪ اﺑﻦ ﺗﴫح ﺑﻪ .وﻫﺬا داود وﻫــﺬا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳌــﺮأة ّ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ اﳌﺴــ ّﻴﺎ اﻟﺬي وﻟﺪ وﻣﻦ ﻧﺴــﻞ داود وﻫــﻮ اﻟﻘﺪﻳﺮ اﺑﻦ ا ،Ôوﻟﻬﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﳌﺮأة ﺗﻼﺣــﻖ ﻳﺴــﻮع .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺟﻮه ﺑﺄن ﻳﺸــﻔﻲ اﺑﻨﺘﻬﺎ وﻟﻜﻦ ﻳﺴــﻮع ﺗﻈﺎﻫﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ، ومل ﻳﺠﺒﻬﺎ ﺑﻜﻠﻤﺔ .وﻛﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻏﺮﻳ ًﺒﺎ ،ﻓﻀﺠﺮ اﻟﺘﻼﻣﻴــﺬ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺒﻌﻬﻢ ﻣﻜــﺮرة ﻃﻠﺒﻬﺎ، وﻟﺬا ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻴﺴﻮع "ﻳﺎ ﺳ ّﻴﺪ ،اﴏﻓﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺼﻴﺢ وراءﻧﺎ". وﻫﻨﺎ ﺗﻮﻗﻒ اﻟﺮب ،ﻓﻬﻞ ﺳﻴﺴﺎﻋﺪﻫﺎ اﻵن؟ ﻛﻼ ﺑــﻞ ﻗﺎل ﻟﻬﺎ" :ﻳﺎ اﻣﺮأة أﻧــﺎ ﻗﺪ أﺗﻴﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﺄﺳــﺎﻋﺪﻫﻢ وﺣﺪﻫﻢ ومل آيت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺛﻨﻴــني" .ﻓﻜﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻏﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،أﻓﻼ ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻌ ًﻼ أن ميﺪ ﻟﻬﺎ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن؟ ﻧﻌﻢ ﻗﺪ ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻫﻜﺬا وﻛﺄﻧﻪ ﻳﻄﺮدﻫﺎ .ﻟﻜﻦ
١٨٦
وﻛﺎن ﺑﻄــﺮس ﻳــﻮ ّد أن ﻳﻜﻮن ﻣــﻊ اﻟﺮب ﻷﻧﻪ ﻳﺤﺒــﻪ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ" :إن ﻛﻨﺖ أﻧﺖ ﻫﻮ ﻓﻤﺮين أن آيت إﻟﻴــﻚ ﻋﲆ اﳌﺎء" ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﻳﺴــﻮع" :ﺗﻌﺎل" ﻓﻨﺰل ﺑﻄﺮس ﻣﻦ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ وأﺧﺬ ﻳﺴــري ﻋﲆ اﳌﺎء ﺑﺎﺗﺠﺎه ﻳﺴﻮع. ﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻞ إﱃ اﻟﺮب ﺣﺪث أﻣﺮ إذ ﻧﻈﺮ ﺑﻄــﺮس إﱃ اﻟﻈﻼم ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ واﻟﺮﻳﺢ ﺷــﺪﻳﺪة ﻓﺨﺎف وﻗﺎل ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ ﻣــﺎذا ﻟﻮ ﻏﺮﻗﺖ؟ ﻟﻜﻦ أﻻ ﺗﺜﻖ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﺎ ﺑﻄــﺮس؟ إﻧﻪ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﺸﺪﻳﺪة واﻷﻣﻮاج اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ .وﻳﺒﺪو ّأن ﺑﻄــﺮس مل ﻳﻔﻜﺮ آﻧﺬاك إﻻ ﺑﺎﻷﻣﻮاج اﻟﺜﺎﺋﺮة واﻟﺮﻳــﺎح اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻓﻠﻢ َ ﻳﺒﻖ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام واﺑﺘﺪأ ﻳﻐــﺮق .وﴏخ ﺑﻄﺮس ﺑﺨﻮف ورﻋﺐ: "ﻳــﺎ رب ﻧﺠﻨــﻲ" ﻷﻧــﻪ أدرك ﱠأن اﻟــﺮب ﻓﻘﻂ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ُﻳﻨﻘﺬه.
وﻛﺎن ﻳﺴﻮع ﻋﲆ أﻫﺒﺔ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻴﻨﺠﻴﻪ ﻛام ﻫﻲ ﺟﻬﻮزﻳﺘــﻪ ﻹﻧﻘﺎذ ﻛﻞ أوﻻد اﻟــﺮب أﻳﻀﺎً، وﻫﺬا ﻣﻘﺪار ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻬﻢ ،ﻓ َﻤ ﱠﺪ ﻳﺪه وأﻣﺴــﻚ ﺑﻴﺪ ﺑﻄﺮس وﺳــﺤﺒﻪ ﻣﻦ ﺑــني اﻷﻣﻮاج ﻟﻴﻮﻗﻔﻪ ﻋﲆ اﳌﻴﺎه ﺛﺎﻧﻴﺔ وﻗﺎل ﻟﻪ" :ﻳﺎ ﻗﻠﻴﻞ اﻹميﺎن ﳌﺎذا ﺷﻜﻜﺖ؟" ﻓامذا ﻳﻘﺼﺪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع؟ ّإن إميﺎن ﺑﻄﺮس ﻛﺎن ﻛﻤﺜﻞ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺼﻐري ﰲ َﺣ ْﺒ ِﻮ ِه ﻣﻦ ﻏري ﺛﺒﺎت وﻟﺬا ﻳﺘﻌرث ﰲ ﻣﺸﻴﺘﻪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺘﺤﺴــﻦ ﺳريه أﻛرث ،وﻋﲆ ﻫﺬا اﳌﻨﻮال ﻛﺎن إميــﺎن ﺑﻄﺮس ﻣﺎ زال ﺻﻐ ًريا وﻟﺬا ﻧﻈﺮ إﱃ اﻷﻣﻮاج ﺑﺨﻮف ﻟﻜﻨﻪ ﺳــﻴﺜﻖ ﺑﺎﻟﺮب أﻛرث وأﻛرث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﻤﻮ. وﻋﺎد ﻳﺴﻮع وﺑﻄﺮس ﻣﻌﺎً إﱃ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ وﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧﻼﻫﺎ ﺳــﻜﻨﺖ اﻟﺮﻳــﺢ .وﻛﺎن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺻﻨــﻊ اﻟــﺮب ﻃﺒﻌــﺎً .وأﺑﺤﺮوا ﺑﻬﺪوء وﺳــﻼم إﱃ اﻟﺠﺎﻧــﺐ اﻵﺧﺮ ﻣــﻦ اﻟﺒﺤــﺮ ،وﻛﺎن ﻗﻠﺐ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻋﺎﻣ ًﺮا ﺑﺎﻟﺘﻮﻗري واﳌﻬﺎﺑﺔ ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع، وﺟﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﰲ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ وﺳﺠﺪوا ﻟﻪ ﻗﺎﺋﻠني: "ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﺖ اﺑﻦ ا ."Ôوﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وﻟﻜﻦ اﻵن ﺗﺮاﻫﻢ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﻮه أﻛرث. ﻓﻬــﻼ ﻧﺘﺬﻛﺮ ذﻟــﻚ ﻋﻦ اﻹميﺎن؟ إﻧﻨﺎ ﺳــﻨﻜﻮن أﻏﻨﻴــﺎء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﺳــﻌﺪاء ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘــﻰ وإن ﻛﺎن ﺻﻐرياً .ﻓــﺈن مل ﻳﻜﻦ ﻟﻨﺎ ﻫﺬا اﻹميﺎن ﻓﻨﺤﻦ ﻓﻘﺮاء وﺗﻌﺴــﺎء ،ﻟﻜﻦ ...ﻣﺎ زال ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﻧﺤﺼــﻞ ﻋﻠﻴﻪ ،و َﻣﻦْ وﺣﺪه اﻟﺬي ميﻜﻦ أن ﻳﻬﺒﻨﺎ ﻫﺬا اﻹميﺎن؟ إﻧﻪ اﻟﺮب!
١٨٥
.١٣ﻳﺴﻮع وﺑﻄﺮس ﻳﺴريان ﻋﲆ اﳌﺎء )ﻣﺘﻰ (٣٦ - ٢٢ :١٤ ﱠ ﺣــﻞ اﳌﺴــﺎء وﻏﺮﺑﺖ اﻟﺸــﻤﺲ وأﺧﺬ اﻟﻈﻼم ﻳﺸﺘﺪ ﻟﻜﻦ ﺑﻘﻴﺖ ﺳــﻔﻴﻨﺔ واﺣﺪة ﻋﲆ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ وﻋﲆ ﻣﺘﻨﻬﺎ ﺗﻼﻣﻴﺬ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .وﻛﺎن اﻟــﺮب ﻗﺪ أﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻹﺑﺤــﺎر إﱃ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺤــﺮ ومل ﻳﻜﻦ ﻫﻮ ﻣﻌﻬــﻢ إذ ﺻﻌﺪ إﱃ اﻟﺠﺒﻞ ﺣﻴﺚ اﻟﻬﺪوء واﻟﺴﻜﻴﻨﺔ وﻻ أﺣﺪ ﻫﻨﺎك، وﻛﺎن ﻳﺒﻐﻲ أن ﻳﺼﲇ ﻷﺑﻴﻪ اﻟﺬي ﰲ اﻟﺴــامء، وﻟﺬا أراد أن ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻨﻔﺮداً .ﻧﻌﻢ ،وﻧﺤﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ّ ﻧﺼﲇ ﻓﺎﻷﻓﻀﻞ ﻫﻮ أن ﻧﺠﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻜﺎ ًﻧﺎ ﻫﺎدﺋﺎً. وﻛﺎن اﻟﺘﻼﻣﻴــﺬ ﺑﺴــﻔﻴﻨﺘﻬﻢ ﰲ ﻋــﺮض اﻟﺒﺤﺮ واﻟﻈــﻼم ﺣﺎﻟﻚ ﺟــﺪًا .وﻓﺠﺄة ﻫﺒــﺖ اﻟﺮﻳﺎح وواﻓﺘﻬــﻢ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ وﺻــﺎر اﻟﺮﻳﺢ ﻳﺜري اﻷﻣﻮاج اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺣﺘــﻰ ﻃﻐﺖ ﻋﲆ اﻟﺴــﻔﻴﻨﺔ ومل ﻳﻌﺪ اﻟﺘﻼﻣﻴــﺬ ﻳﺒﺤﺮون إﱃ اﻷﻣﺎم ﺑﺴــﻔﻴﻨﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ أﺧﺬت اﻟﺮﻳﺎح اﳌﻀﺎدة ﺗﺘﻘﺎذﻓﻬﺎ ،وﻗﺎرب اﻟﻠﻴﻞ ﻋﲆ اﻻﻧﺘﻬﺎء ومل ﻳﺼﻠﻮا إﱃ وﺟﻬﺘﻬﻢ. وﻓﺠﺄة ،أﺧﺬ أﺣﺪ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻳﴫخ وﻛﺄﻧﻪ ﻣﺮﺗﻌﺐ
١٨٤
ﻓامذا ﻳﺮى ﺑني اﻷﻣﻮاج اﻟﺪاﻛﻨﺔ؟ ورأى اﻟﺒﺎﻗﻮن ﻣﺜﻠــام رأى ،رأوا أﺣﺪﻫــﻢ ﻳﺴــري ﻋــﲆ اﳌﻴﺎه وﻫﺬا ﻏري ﻣﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ ﻓﺼﺎروا ﻳﴫﺧﻮن" :إﻧﻪ ﺷــﺒﺢ" ،وﻳﴫﺧﻮن ﺑﺨﻮف .وﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴــري ﻋﲆ اﳌﻴﺎه ﻓﻠــامذا ﻳﺨﺎﻓﻮن؟ ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻈﻨﻮن ّ ﺑﺄن أﺣﺪاً ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺴري ﻋﲆ اﳌﺎء وﻻ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ّأن ﻳﺴﻮع ﻗﺎدر ﻋﲆ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻷﻧﻪ اﺑﻦ ا Ôاﻟﻘﺪﻳﺮ .ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﺳــﻴﺰﻳﻞ اﻟﺨﻮف ﻋﻨﻬﻢ وﻟﺬا ﻗﺎل ﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﺤﺎل" :أﻧﺎ ﻫﻮ ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮا" وﻗﺪ ﺳﻤﻌﻮه وﻣ ّﻴﺰوا ﺻﻮﺗﻪ.
وأﺧﺬت ﺗﺒيك ﺣﺘــﻰ ﺑﻠﻠﺘﻬام ﺑﺪﻣﻮﻋﻬﺎ ،وﳌﺎ مل ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻨﺸــﻔﺔ ﻟﺘﻤﺴــﺤﻬام اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺷﻌﺮ رأﺳﻬﺎ ﺛﻢ أﺧﺬت ﺗﺪﻫﻦ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺑﺎﻟﻄﻴﺐ وﺗﻘ ﱢﺒﻠ ُﻬام. وﳌﺎذا ﻋﻤﻠﺖ اﳌــﺮأة ﻫﺬا؟ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺰﻳﻨﺔ ﻋﲆ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﺎ وﺗﻌﻠﻢ ﻛﻢ ﻋﺎﺷــﺖ ﰲ اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻟﻜﻨﻬــﺎ اﻵن ﻧﺎدﻣﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ،ومل ﻳﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬــﺎ أن ﺗﻘــﻮل ذﻟﻚ ﻟﻠﺮب ﻳﺴــﻮع ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒــيك ﻛﺜ ًريا ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ وﻳﺮى ﻣﺎ ﰲ ﻗﻠﺒﻬــﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﻄﻮي ﻋﲆ أﻣ ٍﺮ آﺧﺮ وﻫﻮ إميﺎﻧﻬﺎ ّ ﺑﺄن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﻐﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫــﺎ وﻳﺨ ّﻠﺼﻬﺎ. وﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻋﻈﻤﺔ وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟﺬي ﺟﺎء ﻟﻴﺨﻠﺼﻬــﺎ ﻫﻲ أﻳﻀﺎً ،وﻟﻬﺬا ﺗﺤ ّﺒﻪ ﻣﻦ ﱢ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻬﺎ وﻟﻬﺬا ﻋﻤﻠﺖ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ. ﻛﻞ ﳾء ومل ﻳﺒﺪو ﺳــﻌﻴﺪاً وﻗﺪ رأى ﺳــﻤﻌﺎن ﱠ مبــﺎ رأى ،وﻓ ّﻜﺮ ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ أ ّﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻳﺴــﻮع ﻧﺒ ًﻴــﺎ ﻟﻌﻠــﻢ ّأن ﻫﺬه اﳌﺮأة ﺧﺎﻃﺌــﺔ وﻃﺮدﻫﺎ. وﻋﻠﻢ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣﺎ ﻳﻔ ّﻜﺮ ﺑﻪ ﺳﻤﻌﺎن ﻓﻘﺎل ﻟﻪ :ﻳﺎ ﺳــﻤﻌﺎن أرﻳﺪ أن أﺳﺄﻟﻚ ﻋﻦ ﳾء"ﻓﻘﺎل ﺳــﻤﻌﺎن" :ﻗﻞ ﻳﺎ ﻣﻌ ّﻠﻢ" ﻓﺄﺧﱪه اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻗﺼــ ًﺔ ﺻﻐري ًة ﻗﺎﺋ ًﻼ" :رﺟﻼن اﺳــﺘﺪاﻧﺎ ﻣﺎﻻً ﻣﻦ رﺟﻞ ﻏﻨﻲ ،أﺣﺪﻫام ﺧﻤﺴــﻤﺌﺔ دﻳﻨﺎر واﻵﺧﺮ ﺧﻤﺴﻮن دﻳﻨﺎ ًرا وﻛﺎن ﻋﻠﻴﻬام أن ُﻳﺴﺪﱢدا اﻟ ﱠﺪﻳﻦ ﻃﺒ ًﻌــﺎ ﻟﻜﻨﻬام ﻋﺠــﺰا ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺴــﺎﻣﺤﻬام اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺪاﺋﻦ ﻛﻠﻴﻬــام ،ﻓﻘﻞ أﻳﻬام ﻳﻜﻮن أﻛرث ﺣ ّﺒﺎً ﻟﻪ؟" ﻓﺄﺟﺎب ﺳﻤﻌﺎن" :أﻇﻦ اﻟﺬي ﺳﺎﻣﺤﻪ ﺑﺎﻷﻛرث".
اﻟﺘﻔﺖ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع إﱃ اﳌﺮأة وﻗﺎل ﻟﺴﻤﻌﺎن: »أَ َﺗﻨ ُْﻈ ُﺮ ﻫ ِﺬ ِه ا ْﻟ َﻤــ ْﺮأَ َة؟ إِ ﱢين د ََﺧ ْﻠ ُﺖ َﺑ ْﻴﺘ ََﻚَ ،و َﻣﺎ ًء ﻷَ ْﺟ ِﻞ ِر ْﺟ َ ﱠ ﲇ ﻟَ ْﻢ ُﺗ ْﻌﻂِ َ .وأَ ﱠﻣﺎ ِﻫ َﻲ َﻓ َﻘ ْﺪ َﻏ َﺴ َــﻠ ْﺖ ِر ْﺟ َ ﱠ ﻮع َو َﻣ َﺴ َﺤ ْﺘ ُﻬ َام ِﺑ َﺸ ْﻌ ِﺮ َرأْ ِﺳ َﻬﺎُ .ﻗ ْﺒ َﻠ ًﺔ ﲇ ِﺑﺎﻟﺪﱡ ُﻣ ِ ﻟَ ْﻢ ُﺗ َﻘ ﱢﺒ ْﻠ ِﻨﻲَ ،وأَ ﱠﻣــﺎ ِﻫ َﻲ َﻓ ُﻤﻨ ُْﺬ د ََﺧ ْﻠ ُﺖ ﻟَ ْﻢ َﺗ ُﻜ ﱠﻒ ﻴﻞ ِر ْﺟ َ ﱠ ﲇِ .ﺑ َﺰ ْﻳ ٍﺖ ﻟَ ْﻢ َﺗﺪْﻫُ ﻦْ َرأْ ِﳼَ ،وأَ ﱠﻣﺎ ﻋَﻦْ َﺗ ْﻘ ِﺒ ِ ِﻫ َﻲ َﻓ َﻘــ ْﺪ دَﻫَ ﻨ َْﺖ ِﺑ ﱢ ﻴﺐ ِر ْﺟ َ ﱠ ــﲇِ .ﻣﻦْ أَ ْﺟ ِﻞ ﺎﻟﻄ ِ ذﻟِ َﻚ أَ ُﻗ ُ ﻮل ﻟَ َﻚَ :ﻗ ْﺪ ُﻏ ِﻔــ َﺮ ْت َﺧ َﻄﺎ َﻳﺎﻫَ ﺎ ا ْﻟ َﻜ ِﺜ َري ُة، ﻷَ ﱠﻧ َﻬﺎ أَ َﺣ ﱠﺒ ْﺖ َﻛ ِﺜ ًرياَ .وا ﱠﻟ ِﺬي ُﻳ ْﻐ َﻔ ُﺮ ﻟَ ُﻪ َﻗ ِﻠ ٌ ﻴﻞ ُﻳ ِﺤ ﱡﺐ َﻗ ِﻠﻴ ًﻼ ،ﻓﻔ ﱠﻜ ْﺮ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي مل ﻳﺴــﺘﻄﻊ أن ﻳﻔﻲ ﺑﺎﻟﺨﻤﺴﻤﺌﺔ دﻳﻨﺎر«. ﺛﻢ ﻗﺎل اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻟﻠﻤــﺮأة» :ﻣﻐﻔﻮرة ﻟﻚ ﺧﻄﺎﻳــﺎك ﻓﺎذﻫﺒﻲ ﺑﺴــﻼم« .وﻫﻲ ﺗﻌﻠﻢ اﻵن ّأن ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﺎ ﻗﺪ ﻣﺤﻴﺖ ﻟﻸﺑﺪ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﺑﻨﺔ إﺑﻠﻴــﺲ وﻟﻜﻨﻬــﺎ ﺻﺎرت اﻵن اﺑﻨــﺔ ا .Ôوﻫﺬا ﻋﻤﻞ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬــﺎ ،إﻧﻪ ﻣﺨﻠﺼﻬﺎ، وﻗﺪ ﻏﻤﺮ اﻟﻔﺮح ﻗﻠﺒﻬﺎ. وﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻓﺮح أﻳﻀﺎً؟ إﻧﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳــﺄيت ﱡ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس إﻟﻴﻪ ﺑﺨﻄﺎﻳﺎﻫﻢ اﻵن وﰲ ﻛﻞ أوان ﻛــام ﻓﻌﻠﺖ اﳌﺮأة اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﻟﻴﻄﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ اﳌﻐﻔﺮة ﻓﻴﻐﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﱠ ﻛﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ.
ﻓﻘﺎل ﻟــﻪ ﻳﺴــﻮع" :ﺑﺎﻟﺼﻮاب ﺣﻜﻤــﺖ" .ﺛﻢ ١٨٣
.١٢ﻳﺴﻮع واﳌﺮأة اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ )ﻟﻮﻗﺎ (٥٠ - ٣٦ :٧ ﻫﺮج وﻣﺮج ﰲ ﺑﻴﺖ ﺳــﻤﻌﺎن اﻟﻔﺮﻳﴘ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻨﺘﻈــﺮون ﺿﻴﻮﻓﺎً ﻓﻘﺪ دﻋﺎ ﺳــﻤﻌﺎن ﻳﺴــﻮع وﺗﻼﻣﻴﺬه وﺑﻌﺾ اﻟﻔﺮﻳﺴﻴني واﻷﺻﺪﻗﺎء ﻟﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ،وﻛﺎن ﺳﻤﻌﺎن ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺿﻴﻮﻓﻪ ﺑﻘﺒﻠﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺎب وﻫــﺬه ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎدة اﻟﻴﻬﻮد، ﻛام ﻛﺎن ﻳﻘــﺪم ﻟﻬﻢ اﳌﺎء ﻟﻴﻐﺴــﻠﻮا أﻗﺪاﻣﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر ﻗﺒــﻞ اﻟﺪﺧــﻮل ﻷن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺘــﺬون اﻟﺼﻨﺎدل ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺪﻫﻦ اﻷﻗﺪام ﺑﺰﻳﺖ ﻣﻄ ّﺮي .وﺑﻌﺪﻫــﺎ ﻳﺘﱠﻜﺌﻮن ﺣﻮل اﳌﻮاﺋﺪ ﻓﻼ ﻳﺠﻠﺴﻮن ﻋﲆ ﻛﺮاﳼ ﻛام ﰲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﺑﻞ ﻋﲆ ﻣﻘﺎﻋــﺪ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺧﺎﺻــﺔ أو أراﺋﻚ ﺗﻮﺿﻊ ﺣﻮل اﳌﺎﺋــﺪة .ودﺧﻞ اﻟــﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟﺒﻴﺖ وﻟﻜﻦ اﳌﻀﻴﻒ مل ﻳﻘ ﱢﺒ ْﻠﻪ ﻛام مل ُﻳ َﻘﺪﱢم ﻟﻪ اﳌﺎء ﻟﻐﺴــﻞ ﻗﺪﻣﻴﻪ وﻻ اﻟﺰﻳﺖ اﳌﻄ ّﺮي ﻟﺪﻫﻨﻬام .ﻓﻜﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺆﺳــﻔﺎً ﻟﻠﺮب ﻳﺴﻮع وواﺿﺢ ّأن ﺳﻤﻌﺎن
١٨٢
مل ﻳﻜﻦ ﻳﺤ ّﺒﻪ. وﺑﻌــﺪ أن ا ﱠﺗــﻜﺄ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋــﲆ اﻷراﺋﻚ ﺣﻮل ﻣﺎﺋﺪة اﻟﻄﻌﺎم دﺧﻠﺖ اﻣﺮأة مل ﻳﺪﻋﻬﺎ ﺳﻤﻌﺎن ﻷﻧــﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﻣﻦ ﻫــﻲ ،إﻧﻬﺎ اﻣﺮأة ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺗﺄت ﻟﺘﺄﻛﻞ ﻓﻼ ﻣﻜﺎن ﻟﻬﺎ ﻋﲆ اﳌﺎﺋﺪة ،ﻟﻜﻨﻬﺎ مل ِ ﺑﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣﺮ آﺧــﺮ ،ﻓﺘﻮﺟﻬﺖ ﻣﺒﺎﴍة إﱃ ﻳﺴــﻮع ووﻗﻔﺖ ﺧﻠﻔﻪ ﺑﺎﺣﱰام وﻗ ﱠﺒ َﻠ ْﺖ ﻗﺪﻣﻴﻪ
وأﻧــﺖ أﻳﻀﺎً ﻳﺎ ﺳــ ّﻴﺪ ُﺗﻄﺎع ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﺗﺘﻜﻠﻢ". ﻓﺘﻌﺠﺐ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻣﻦ إميﺎن ذﻟﻚ اﻟﻀﺎﺑﻂ ّ اﻟﻮﺛﻨــﻲ وﻗﺎل" :مل أﺟﺪ وﻻ ﺑــني اﻟﻴﻬﻮد إميﺎﻧﺎً ﺑﻬﺬا اﳌﻘﺪار ...ﻋﻮدوا ﻓﺈن اﳌﺮﻳﺾ ﻗﺪ ﺷﻔﻲ". ورﺟــﻊ اﻟﺨﺪام إﱃ اﻟﺒﻴﺖ ﻟريوا ّأن اﳌﺮﻳﺾ ﻗﺪ ﺷــﻔﻲ ﻓﻌ ًﻼ .وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ّ ﻟﻜﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻫﻨﺎك ؟ ﻗﺎل ﻟﻬﻢ إﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻮﺛﻨﻴني ﰲ اﻟﺴامء وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻟــﻦ ﻳﺪﺧﻠﻮﻫﺎ ،ذﻟــﻚ ّأن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺳﻤﻌﻮا اﻟﻜﺜري ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻛﻠﻤــﺔ ا Ôﻟﻜﻨﻬﻢ مل ﻳﺮﻳــﺪوا أن ﻳﺘﻮﺑﻮا .وﻛﺜري ﻣــﻦ اﻟﻮﺛﻨﻴني ً أﻳﻀﺎ ﺳــﻤﻌﻮا ﻛﻠﻤــﺔ اﻟﺮب ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻛام ﻧﺴــﻤﻊ أﻳﻀﺎً اﻟﻜﺜري ﻋﻦ اﻟﺮب ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪّس ،وﻛﻢ ﺳﻴﻜﻮن اﻷﻣﺮ رﻫﻴﺒﺎً إذا ﺑﻘﻴﻨﺎ ﺑﻼ ﺗﻮﺑﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮل اﻟﺮب ﻟﻨﺎ" :اﻟﺘﻔﺘﻮا إﱄ واﺧﻠﺼﻮا ﻳﺎ ﺟﻤﻴﻊ أﻗﺎﴆ اﻷرض". ُ اﻟﺨ ّﺪام ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ "ﻳﺎ ﺳﻴﺪ ﻻ ﺗﺘﻌﺐ ﻧﻔﺴــﻚ ﻷين ﻏري ﻣﺴﺘﺤﻖ أن ﺗﺪﺧﻞ ﺑﻴﺘﻲ" وﻳﻘﺼﺪ أﻧﻪ وﺛﻨﻲ ﺧﺎﻃﺊ واﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻗﺪوس وﻗﺪﻳﺮ .ﻓﻴﺎ ﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻫﺬا اﻟﻀﺎﺑﻂ. ﻧﻌﻢ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺸــﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺿــﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪرك ﻛﻢ ﻧﺤﻦ ﺧﻄﺎة ﺗﺠﺎه ﻗﺪاﺳﺔ اﻟﺮب وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﻧﺘﻜﱪ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺨﺎدم اﳌﺮﻳﺾ؟ وﻛﻴﻒ ّ ﻳﺸــﻔﻰ إذا مل ﻳﺤﴬ اﻟﺮب وﻣﺎذا ﺳــﻴﺤﺼﻞ؟ ﻳﻘﻮل اﻟﻀﺎﺑﻂ" :ﻗــﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻴﱪأ ﺧﺎدﻣﻲ ﻓﺄﻧﺎ إن أﻋﻄﻴﺖ أﻣ ًﺮا ﻟﺠﻨــﻮدي ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻄﻴﻌﻮﻧﻨﻲ ١٨١
.١١ﻳﺴﻮع ﻳﺸﻔﻲ ﺧﺎدم اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻗﺎﺋﺪ اﳌﺌﺔ )ﻣﺘﻰ ١٣ – ٥ :٨؛ ﻟﻮﻗﺎ (١٠ - ١ :٧ دﺧﻞ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻛﻔﺮﻧﺎﺣﻮم .وﻛﺎن اﻟﺮوﻣﺎن ﻳﺤﻜﻤﻮن ﻫﻨــﺎك ﻛام ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑﺄﴎﻫﺎ وﻟﺬا ﺗــﺮى ﺟﻨﻮدﻫﻢ ﻳﺘﺠ ﱠﻮﻟﻮن ﰲ ﺷــﻮارع اﳌﺪﻳﻨﺔ، وﻛﺎن إﻣﱪاﻃــﻮر روﻣﺎ ﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻨﺎس ﻃ ّﻴﻌني وﻟﺬا وﺿﻊ ﻫﻨﺎك ﺿﺎﺑﻄﺎً ﻗﺎﺋﺪ ﻣﺌﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﻨﻮد ﻟﻴﺤﺮﺻﻮا ﻋﲆ أن ﻳﻨ ﱢﻔﺬ اﻟﻨﺎس ﻣﺎ ميﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻹﻣﱪاﻃــﻮر .وﻛﺎن اﻟﺮوﻣﺎن ﻏري ودﻳني ﻣﻊ اﻟﺸــﻌﺐ ﻷن اﻟﻨــﺎس ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﻜﺮﻫﻮﻧﻬﻢ وﻳﻌﺘﱪوﻧﻬﻢ أﻋﺪا ًء ﻟﻬﻢ. ﻟﻜﻦ ﻫــﺬا اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻗﺎﺋﺪ اﳌﺌــﺔ ﰲ ﻛﻔﺮﻧﺎﺣﻮم ﻛﺎن ﻟﻄﻴ ًﻔــﺎ ﻣﻊ اﻟﺸــﻌﺐ وﻗﺪ ﺳــﺎﻋﺪﻫﻢ ﰲ إﻗﺎﻣﺔ اﳌﺠﻤﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻘﺪﻳﻢ، واﳌﺠﻤﻊ ﻫﻮ اﻟﻜﻨﻴﺲ أو اﳌﻌﺒﺪ اﻟﺬي ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻴﻬﻮد ﻳﻮم اﻟﺴــﺒﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ إذ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﰲ ّ ﻛﻞ أﺳﺒﻮع. ﻟﻜــﻦ ﳌﺎذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻟﻄﻴﻔﺎً ﻣﻌﻬﻢ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺤﺪ؟ ﻷﻧﻪ ﺳــﻤﻊ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻫﻨﺎ ﰲ ﻛﻔﺮﻧﺎﺣﻮم ،ومل ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮف ﻋﻨﻪ ﺷــﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن وﺛﻨ ًﻴﺎ ﻳﻌﺒﺪ اﻷﺻﻨﺎم ،ﻟﻜﻨﻪ ﺗﻌ ّﻠﻢ ﻫﻨــﺎ ّأن اﻟﺮب ﻫﻮ اﻹﻟــﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﰲ اﻟﺴــامء وﻋﲆ اﻷرض وأراد أن ﻳﻌﺮﻓﻪ ،واﻣﺘﻸ ﻗﻠﺒــﻪ ﺑﺘﻮﻗري اﻟﺮب ﻳﻮ ًﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم واﺑﺘﺪأ ﻳﺤﺒﻪ وأراد أن ﻳﻌﺒﺪ ﻫﺬا اﻹﻟﻪ ،وﺻﺎر ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺷﻌﺐ اﻟﺮب. ١٨٠
ﻟﻜﻦ أﻣﺮاً ﺧﻄرياً ﺣﺼــﻞ إذ ﻣﺮض أﺣﺪ ﺧﺪام اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻣﺮﺿﺎً ﺷﺪﻳﺪاً ﺣﺘﻰ ﺷﺎرف ﻋﲆ اﳌﻮت، ﻓﻘﻠﻖ اﻟﻀﺎﺑﻂ ّ ﻷن اﻟﺨــﺎدم ﻛﺎن ﻋﺰﻳﺰاً ﻋﻠﻴﻪ. وﺳﻤﻊ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع َﻗ ِﺪ َم إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ،ﻓﻔ ّﻜﺮ ﺑﺎﻟﺬﻫــﺎب إﻟﻴــﻪ ﻟﻴﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺷــﻔﺎء اﻟﺨﺎدم ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﺠﺮؤ ﻷﻧﻪ وﺛﻨﻲ .ﻓﺄرﺳــﻞ إﻟﻴﻪ ﺷﻴﻮخ اﳌﺠﻤﻊ ،ﻓﺄﺗﻮا إﱃ ﻳﺴــﻮع ﻋــﻦ ﻃﻴﺐ ﺧﺎﻃﺮ وﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ أن ﻳﺄيت ﻟﻴﺸﻔﻲ ﺧﺎدم اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻛﺎن ﻣﺤ ّﺒﺎً ﻟﻬﻢ .ﻓﺬﻫﺐ ﻳﺴــﻮع ﻣﻌﻬﻢ ،وﻋﻨﺪ اﻗﱰاﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ أﺗﺎﻫﻢ ﺑﻌﺾ
ﺑﻴﺘﻪ ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻟﺼﺨﺮ اﻟﺠﺎﻣﺪ؟ ﺣﺴﻨﺎً ،ﺳﻨﻜﺘﺸﻒ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻌﺮف ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. وﺗﻢ ﺑﻨﺎء اﻟﺒﻴﺘني ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻛﺎﻣﻞ وﻛﺎﻧﺎ ﺟﻤﻴﻠني! وﰲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم ﻫﺒﺖ رﻳﺎح ﺷــﺪﻳﺪة ،واﺷﺘﺪت أﻛــرث ﻛﺎﻟﻌﺎﺻﻔــﺔ اﻟﻬﻮﺟﺎء وﻫﻄﻠــﺖ اﻷﻣﻄﺎر ﺑﻐﺰارة ﺣﺘﻰ ﻓﺎﺿﺖ اﻟﺴﻴﻮل وﴐﺑﺖ اﻷﻣﻄﺎر واﻟﺮﻳﺎح ﺟﺪران اﻟﺒﻴﺘني ﻓﺄﺧﺬت ﺟﺪران اﻟﺒﻴﺖ اﻷول ﺗﺘﺪاﻋﻰ ،وﺗﻘﻮض اﻟﺴــﻘﻒ ﻷن اﻟﺴﻴﻮل ﺟﺮﻓــﺖ اﻟﺮﻣﻞ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﻓﺎﻧﻬــﺎرت اﻟﺠﺪران ومل ﻳﺒــﻖ ﻣﻦ اﻟﺒﻴــﺖ اﻟﺠﻤﻴــﻞ إﻻ ﻛﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﺎم .وأﻣﺎ اﻟﺒﻴــﺖ اﻟﺜﺎين اﻟﺬي ﺗﻌﺮض ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻌﻮاﺻﻒ ﻓﻘﺪ ﺻﻤﺪت ﺟﺪراﻧﻪ أﻣﺎم اﻷﻣﻄﺎر واﻟﺮﻳﺎح واﻟﺴــﻴﻮل ومل ﺗﻬﺒﻂ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺼﺨــﺮ اﻟﺠﺎﻣــﺪ اﻟــﺬي ﻻ ﺗﺠﺮﻓــﻪ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ.
ﻓــام اﻟــﺬي ﻗﺼــﺪه اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣــﻦ ﻫﺬا اﳌﺜــﻞ؟ وﻣﻦ ُ ﻣﺜﻞ اﻟﺮﺟــﻞ اﻷول؟ إﻧﻬﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﴬون إﱃ اﻟﻜﻨﺎﺋــﺲ دامئًﺎ وﻳﺼ ّﻠﻮن وﻳﻘــﺮؤون اﻟﻜﺘــﺎب اﳌﻘــﺪس ،وﻫــﺬه أﻣﻮر ﻣﺴــﺘﺤﺒﺔ ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ اﻟﺮب أن ﻧﻘــﻮم ﺑﻬﺎ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻈﻨــﻮن أﻧﻬﺎ أﻣﻮر ﺗﺨ ّﻠﺼﻬﻢ ّ وأن اﻟﺨﻼص ُﻳﻨﺎل ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮق ﻓــﻼ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﺣﻘﻴﻘﺔ إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ إميﺎﻧﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً وﻻ ﻳﺜﻘﻮن ﺑﻪ ﻣﻦ ﱢ ﻛﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬــﻢ وﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪون ّأن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺧﺎﻃﺌﺔ وأﻧﻬﻢ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ ﻗﻠﻮب ﺟﺪﻳﺪة. أﻣﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸــﺒﻬﻮن اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜﺎين ﻓﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨــﻮن ﺑﺄﻧﻬــﻢ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻨﺎﻟــﻮا اﻟﺨﻼص ﺑﺠﻬﻮدﻫﻢ ﻷن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮﻧﻪ ّ ﻣﻠﻄﺦ ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺔ ،ﻓﻘﻠﻮﺑﻬﻢ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﺑﻴﻨام اﻟﺮب ﻗﺪوس ﻷﻧــﻪ اّ ،Ô وأن ﻫﻨﺎﻟﻚ واﺣﺪ ﻻ ﻏري ﻫﻮ اﻟﻘﺎدر ﻋــﲆ أن ﻳﻬﺒﻬﻢ اﻟﺨﻼص ﺑﻨﻌﻤﺘــﻪ وﻫﻮ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ اﻟﺬي ميﻠﻚ اﻟﺨــﻼص ،وﻫﻢ ﻳﺆﻣﻨــﻮن ﺑﻪ ﺑﻜﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬــﻢ وﻳﺜﻘﻮن ﺑﻪ وﺣﺪه دون ﻏريه. ﻳﺴــﻤﻰ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻫﻜﺬا ﻧﻌﺮف اﻵن ﳌﺎذا ّ ﺑﺎﻟﺼﺨﺮة ،ﻷن ﺑــﺪون ﺻﺨﺮة اﻟﺨﻼص ﻫﺬه ﻻ ميﻜــﻦ أن ﻧﺨﻠﺺ .وإذا ﻣﺎ ﻓ ّﻜﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ اﻷول ﻣــﺮة أﺧﺮى ﻧﺮى أﻧﻪ مل ُﻳ ْ َ نب ﻋﲆ اﻟﺼﺨﺮ .وﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓــﺈن اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳــﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﺣﻘﻴﻘــﺔ ﺳــﻴﺨﻠﺼﻮن ﻣﻬــام ﻳﻌﱰض ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺿﻴﻘــﺎت ﻷن إميﺎﻧﻬﻢ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﲆ ﺻﺨﺮ اﻟﺪﻫﻮر اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ،ﻋﲆ ﻣﻨﻮال اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺜﺎين اﳌﺒﻨﻲ ﻋﲆ اﻟﺼﺨﺮ. ١٧٩
.١٠ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻴﺘني )ﻣﺘﻰ (٢٩ - ٢٤ :٧ أﻋﻄﻰ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣﺜــ ًﻼ .واﳌﺜﻞ ﻗﺼﺔ ﻳﺮﻳﺪ اﻟــﺮب ﻳﺴــﻮع أن ﻳﻌ ّﻠﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬــﺎ أﻣ ًﺮا ذا ﻣﻌﻨﻰ أﻋﻤﻖ. ً ﻛﻞ ﻣﻨﻬام أن ﻳﺒﻨﻲ ﺑﻴﺘﺎً واﺑﺘﺪأ ﱞ رﺟﻼن ﻳﺮﻳﺪ ﱞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬام ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ ﺟﺎﻫﺪًا ،وﻗﺮﻳﺒﺎً ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺑﻴﺘﺎن ﺟﻤﻴﻼن ﻟﻠﺴــﻜﻦ .وﺳﻨﻨﻈﺮ أوﻻً ﻓﻴام ﻋﻤﻠﻪ أﺣﺪ اﻟﺮﺟﻠني ،ﻓﻘﺪ ﺑﺪأ أوﻻً ﺑﺘﻤﻬﻴﺪ ﻣﺴــﺘﻮى اﻷرض ﺛﻢ أﺧﺬ ﻳﻀﻊ اﳌﺪﻣﺎك اﻷول ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة ﻋﲆ اﻟﺮﻣﻞ ،وﻓﻮﻗﻪ اﳌﺪﻣﺎك اﻟﺜﺎين وﺗﺎﺑــﻊ ﻋﲆ ﻫﺬا اﳌﻨﻮال ﻋﺎﻣــ ًﻼ ﺑﺠﻬﺪ ﺣﺜﻴﺚ واﻟﺠﺪران ﺗﻌﻠﻮ ﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ. وﻧﻨﻈــﺮ إﱃ اﻟﺮﺟﻞ اﻵﺧﺮ ﻓرنى أﻳﻀﺎً أﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪاً ﻟﻜــﻦ ﻻ ﻧﺮى ﺟﺪراﻧــﺎً ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓﻠامذا؟
١٧٨
ﺑﻌﻤــﻞ آﺧﺮ ﻓﻘﺪ ﺣﻔﺮ ﰲ اﻟﺮﻣﺎل ذﻟﻚ أﻧﻪ ﺑﺪأ ٍ وأﺧﺬ ﻳﻌﻤﻖ اﻟﺤﻔﺮ ﺣﺘﻰ مل ﻳﻌﺪ ﺑﺎﺳــﺘﻄﺎﻋﺘﻪ أن ﻳﺤﻔــﺮ أﻛرث إذ ﺻﺎر رﻓﺸــﻪ ﻳﺼﻄﺪم ﺑﴚء ﺟﺎﻣــﺪ ،ﻷن ﻫﻨﺎﻟــﻚ ﺗﺤــﺖ اﻷرض ﰲ اﻟﻌﻤﻖ ﺻﺨــﺮ ﺟﺎﻣﺪ وذﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺒﺤﺚ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻨﻪ ﻟﻴﺒﻨــﻲ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓــﺄزال ﻛﻞ اﻟﺮﻣﻞ ﻋــﻦ اﻟﺼﺨﺮ. وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪأ ﻳﻀﻊ اﳌﺪﻣﺎك اﻷول ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة وﻓﻮﻗﻪ اﳌﺪﻣﺎك اﻟﺜﺎين وﻫﻜﺬا دواﻟﻴﻚ ،ﻓﺒﺪأت ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺠﺪران ﻓﻮق اﻷرض. ﻓﻠامذا ﺣﻔﺮ ﻋﻤﻴ ًﻘﺎ ﰲ اﻷرض؟ وﳌﺎذا ﺑﻨﻰ ﺟﺪران
ﰲ اﻟﻨﻌــﺶ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣــﻦ ذﻟﻚ وﻫﻞ ﻳﺴــﻤﻊ اﳌﻴﺖ؟ ﻛﻼ ﻃﺒﻌــﺎً إن ﻛﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺘﻜﻠﻢ وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺠــﺪي أن ﻧﺘﻜ ّﻠﻢ ﻣﻊ اﳌ ﱢﻴﺖ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻳﻜﻮن اﺑــﻦ ا Ôاﻟﻘﺪﻳﺮ ﻫــﻮ اﳌﺘﻜﻠﻢ ﻣﻊ اﳌﻴــﺖ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺴــﻤﻊ وﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﻴﺪه إﱃ اﻟﺤﻴﺎة. وﻗﺎل اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻣﺨﺎﻃﺒﺎً اﳌ ﱢﻴﺖ" :أ ﱡﻳﻬﺎ اﻟﺸﺎب ﻟﻚ أﻗــﻮل :ﻗﻢ" ،ﻓﺤﺪﺛﺖ اﳌﻌﺠــﺰة اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ وﺟﻠﺲ اﳌﻴﺖ! وﻳﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ ﻫﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؟ ﻧﻌــﻢ ﺻﺤﻴﺢ ﻓﻘــﺪ اﺑﺘﺪأ اﻟﺸــﺎب ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻷن اﻟﺤﻴﺎة ﻋﺎدت إﻟﻴﻪ وﻳﺴــﻮع أﻗﻮى ﻣﻦ اﳌﻮت وﻟﻬﺬا ﻳﺪﻋﻮه اﻟﻜﺘﺎب "إﻟ ًﻬﺎ ﻗﺪﻳﺮاً"! .وﻻ ﺷــﻚ ّأن ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻨﻌﺶ وﺿﻌﻮه ﻋﲆ اﻷرض ﻓﺄﻣﺴﻚ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﺑﻴﺪ اﻟﺸﺎب وأﻋﺎده إﱃ أﻣﻪ ﻟﺘﻌﻮد ﺑﻪ ﺣ ّﻴﺎً إﱃ اﻟﺒﻴﺖ ﻓﻴﺎ ﻟﻠﺴﻌﺎدة اﻟﻜﱪى!
أن ﻳﻌﻴﺪﻧﺎ إﱃ اﻟﺤﻴﺎة .إﻧﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي مبﻘــﺪوره أن ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻨــﺎ وﻓﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺸــﺎب .وميﻜﻨﻨﺎ دامئًــﺎ أن ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻗﺎﺋﻠــني" :أﻳﻬﺎ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻧﺮﺟﻮك أن ﺗﺤﻴﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ اﳌﻴﺘﺔ ﻷﻧﻚ أﻗﻮى ﻣﻦ اﳌﻮت".
وﺳــﻴﻄﺮت اﻟﺪﻫﺸﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻣﺠﺪوا اÔ ﻗﺎﺋﻠني" :ﻗﺪ ﻗﺎم ﻓﻴﻨــﺎ ﻧﺒﻲ ﻋﻈﻴﻢ ،واﻓﺘﻘﺪ اÔ
ﺷــﻌﺒﻪ" .واﻧﺘﴩ اﻟﺨﱪ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع واﳌﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ. وﻧﺤــﻦ اﻵن أﺣﻴﺎء .ﻧﻌﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻫــﻞ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟــﺮب ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﰲ ﻛﻠﻤﺘﻪ اﳌﻘﺪﺳــﺔ؟ ﻳﻘﻮل إﻧﻨﺎ أﻣﻮات ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺨﻄﻴﺔ ،ﻓامذا ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم؟ اﳌﻴﺖ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻘﻮم ﺑﺄي ﻋﻤﻞ ،وﻫﻞ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻻ ميﻜﻨﻨﺎ ﻋﻤﻠﻪ؟ ﻻ ميﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺤﺐ أو ﻧﻌﺒﺪ أو ﻧﻄﻴﻊ اﻟﺮب .ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻛﺎﺑﻦ أرﻣﻠﺔ ﻧﺎﻳني اﻟﺸــﺎب ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻣ ﱢﻴﺘﺎً .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺪﻋﻮه اﳌﻮت اﻟﺮوﺣــﻲ ،وﻧﺤﻦ أﻣﻮات روﺣ ّﻴﺎً ﺑﺴــﺒﺐ اﻟﺨﻄﻴﺔ وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﻠــﻢ اﻵن ﻣﻦ ﻳﻘﺪر ١٧٧
.٩إﺣﻴﺎء اﺑﻦ أرﻣﻠﺔ ﻧﺎﻳني )ﻟﻮﻗﺎ (١٧ - ١١ :٧ ﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﺗﻼﻣﻴــﺬه ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ إﱃ ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺻﻐرية اﺳــﻤﻬﺎ ﻧﺎﻳني وأﻧــﺎس ﻛﺜريون ﻳﺘﺒﻌﻮﻧــﻪ ﰲ ﻣﻮﻛﺐ ﻃﻮﻳﻞ .وﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺔ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻳﺨﺮج ﻣﻮﻛــﺐ آﺧﺮ ﻫﻮ ﻣﻮﻛﺐ ﺟﻨﺎزة واﻟﺤﺰن ﺑﺎ ٍد ﻋﲆ وﺟﻮه ّ ﻛﻞ اﳌﺸــﻴﻌني ،وﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل ﻳﺤﻤﻠﻮن ً ﻧﻌﺸﺎ وﻗﺪ ُﺳ ّﺠﻲ ﻓﻴﻪ ﺟﺜامن أﺣﺪ اﻟﺸــﺒﺎب وﻫﻢ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬــﻢ إﱃ اﳌﺪاﻓﻦ وﺧﻠﻒ اﻟﻨﻌﺶ ﺗﺴــري اﻣﺮأة ﺗﺒيك مبﺮارة وﻫﻲ أم اﻟﺸــﺎب اﳌﻴﺖ .أ ّﻣﺎ واﻟﺪ اﻟﺸــﺎب ﻓﻜﺎن ﻗﺪ ﻣﺎت وﺗﺮك اﻣﺮأﺗﻪ أرﻣﻠﺔ ﻣﻊ اﺑﻨﻬﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﺬا وﻛــﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻷم ﻣﴪورة ﺑﺎﺑﻨﻬﺎ اﻟﺬي ﺑﻘﻲ ﻟﻬﺎ وﻟﻜﻦ اﻵن مل ﺗﻌﺪ ﺳﻌﻴﺪة ﻷﻧﻪ ﻣﺎت.
ﻛﺎن ﻣﻮﻛﺐ اﻟﺠﻨــﺎزة ﻃﻮﻳ ًﻼ ﻷن اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﻣﻦ أﻫــﻞ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣــﴬوا ﻟﻴﺸــﺎرﻛﻮا اﻷم اﻟﺜﻜﲆ ١٧٦
ﺑﺤﺰﻧﻬﺎ ﻋﲆ وﺣﻴﺪﻫﺎ اﻟﺸﺎب وﻻ أﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻮﻗــﻒ اﳌﻮت ﻷن ﻻ أﺣﺪ أﻗﻮى ﻣﻨﻪ ،ﻓﻤﻦ أﻗﻮى ﻣﻦ اﳌﻮت؟ واﻗﱰب اﳌﻮﻛﺒﺎن ﻓﱰك اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻣﻮﻛﺒﻪ وذﻫﺐ إﱃ اﳌﻮﻛﺐ اﻵﺧﺮ ﺣﺘﻰ دﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﺶ وﳌﺴــﻪ ﻓﺘﻮﻗﻒ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻨﻌﺶ ووﻗﻒ ً أﻳﻀﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﺴــري ﺧﻠﻔﻪ .وﻧﻈﺮ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع أوﻻً إﱃ اﻷم اﻟﺒﺎﻛﻴﺔ وﻗﻠﺒﻪ ﻳﻄﻔﺢ ﺑﺎﳌﺤﺒﺔ واﻟﺸــﻔﻘﺔ وﻗﺎل ﻟﻬﺎ" :ﻻ ﺗﺒيك" ،وﻟﻜﻦ أﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﺳﺒﺐ ﺣﺰﻧﻬﺎ وﺑﻜﺎﺋﻬﺎ؟ أﻻ ﻳﻌــﺮف أﻧﻬﺎ أﺻﺒﺤﺖ وﺣﻴــﺪة اﻵن؟ ﻧﻌﻢ ﻳﻌﺮف ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﻘﺼﺪ ً ﺣــﺎﴐا ﻓﻼ داﻋﻲ اﻟﻘــﻮل إﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺒﻜﺎء ﻷﻧﻪ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺰﻳﻞ ﻛﻞ ﺣﺰن ﻣﻬام ﻳﻜﻦ ﻛﺒ ًريا وﻳﻬﺐ اﻟﻔﺮح اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺑﺪﻻً ﻣﻨﻪ.
ﺴﺠﻰ واﻵن ﻳﺘﻜﻠﻢ اﻟﺮب ﻣﻊ اﻟﺸﺎب اﳌﻴﺖ ا ُﳌ ّ
ﻏﺮﻓــﺔ ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ ووﻗﻒ أﻣﺎﻣــﻪ ﻋﺎرﻓﺎً ،ﻷﻧﻪ اﺑــﻦ ا Ôﻛ ّ ﲇ اﳌﻌﺮﻓﺔّ ،أن اﻟﺮﺟــﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻓﺴــﺄﻟﻪ ﺑﻠﻄــﻒ إن ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺸــﻔﻰ .وﻧﻈﺮ اﻟﺮﺟﻞ إﱃ ﻳﺴﻮع ومل ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻟﻜﻨﻪ إﻧﺴــﺎن ﻳﺸــﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ وﻳﻬﺘﻢ ﺑﺄﻣﺮه وﻳﺴﺄﻟﻪ إن ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺸﻔﻰ ﻣﻊ ّأن اﻟﺮﺟﻞ رمبﺎ مل ﻳﻌﺪ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﻓﻘﺪ ﻳﺌﺲ ﻣﻦ اﻟﺸﻔﺎء ﺑﻌﺪ ٣٨ﺳــﻨﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻈﺎر وﻻ أﺣﺪ ﻳﺴــﺎﻋﺪه ﻋﲆ اﻟﻨــﺰول إﱃ اﳌﺎء أوﻻً ﻟﻴﺸــﻔﻰ وﻟﺬا ﺗﺮاه وﺣﻴﺪًا وﺣﺰﻳﻨًﺎ .إمنﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨﻪ ﻳﺴﻮع أن ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎء ﻷن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﺴﺎﻋﺪه ﺑﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﺪر ﻋﲆ أن ﻳﺸــﻔﻴﻪ .واﻟﻴﻮم ﻣــﺎزال ﻫﻨﺎﻟﻚ اﻟﻜﺜري ﻣــﻦ اﳌﺮﴇ اﳌﻜﺘﺌﺒــني اﻟﺬﻳﻦ ﻳــﻮدون ﻟﻮ ّأن أﺣﺪًا ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻬﻢ ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ أن ﻻ ﻧﻨﴗ ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس اﻟﺤﺰاىن. ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع" :ﻗﻢ واﺣﻤﻞ ﻓﺮاﺷﻚ واﻣــﺶ" ،ﻓﺤﺪﺛﺖ اﳌﻌﺠﺰة ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ووﻗﻒ ِ اﻟﺮﺟﻞ وﻃﻮى ﻓﺮاﺷــﻪ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﺷﻔﻲ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ، ﺧﺎرﺟﺎ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﻓﻜﻢ ﻛﺎن اﻟﺮب وﺳــﺎر ً ﻳﺴﻮع ﻣﻘﺘﺪراً وﻛﻢ ﻛﺎن راﺣ ًام ﻟﻠﺮﺟﻞ اﳌﺮﻳﺾ وﻣﺸﻔﻘﺎً ﻋﻠﻴﻪ.
وﻫﻞ ﺗﻌﺮف ﻣﻌﻨﻰ "ﺑﻴﺖ ِﺣ ْﺴﺪا"؟ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ "ﺑﻴﺖ اﻟﺮﺣﻤﺔ" وﻫﺬا ﺻﺤﻴــﺢ ﻃﺎﳌﺎ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫﻨﺎك .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻧــﺮى اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺷــﻔﻲ ﻣﺘﻮﺟ ًﻬﺎ إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻟﻴﻘﺪﱢم اﻟﺸــﻜﺮ ﻟﻠﻪ ﻋﲆ ﺷــﻔﺎﺋﻪ ،ﻓﺮأى اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫﻨﺎك ،ﻧﻌﻢ ﻓﻘــﺪ أىت ﻟرياه ﻣــﺮة أﺧﺮى وﻳﻘــﻮل ﻟﻪ" :أﻧﺖ اﻵن ﺗﻌﺎﻓﻴﺖ ﻓﻼ ﺗﻌﺪ إﱃ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻟﺌ ّﻼ ﺗﺼﺎب ﺑﺄﺳﻮأ". ﻟﻘﺪ أﺧﱪه اﻟﺮب ﻛﻢ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺳﻴﺌﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ، وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﺮب ﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ ً أﻳﻀﺎ وأﻧﻨﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ أن ﻧﻨﺠــﻮ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻷﻧﻬــﺎ ﻛﺎﳌﺮض ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ،ﻓﻘﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣﺮﻳﻀﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻫﺬا أﺳﻮأ ﻣﻦ اﳌﺮض اﻟﺠﺴﺪي ﻓﻨﺤﺘﺎج إﱃ أن ﻧﺸﻔﻰ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺮض ﻟﺌ ّﻼ ﻳﺤﺪث أﻣﺮ أﻛرث ﺳــﻮ ًءا ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ وﻳﻘﻮﻟﻪ ﻟﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻷن اﻷﺳــﻮأ ﻫﻮ اﻟﻌﻘــﺎب اﻷﺑﺪي اﻟﺬي ﻧﺴﺘﺤﻘﻪ ﻋﲆ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ. وﻣــﻦ ﻫــﻮ اﻟﻘــﺎدر ﻋﲆ ﺷــﻔﺎﺋﻨﺎ ﻣــﻦ ﻣﺮض اﻟﺨﻄﻴﺌــﺔ؟ إﻧﻪ اﻟــﺮب ﻳﺴــﻮع ،وﻟﺬﻟﻚ دﻋﻲ اﺳــﻤﻪ "ﻳﺴــﻮع" اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ "ﻣﺨ ّﻠﺺ" ،وﻫﻮ ﻗﺎدر وراﻏﺐ ﰲ أن ﻳﺨ ّﻠﺼﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺮض اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﺮﻫﻴــﺐ ،ﻓﻠﻴﺘﻨﺎ ّ ﻧﺼﲇ وﻧﻄﻠﺐ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار.
١٧٥
.٨ﻳﺴﻮع ﰲ ﺑﻴﺖ ِﺣ ْﺴ َﺪا )ﻳﻮﺣﻨﺎ (١٨ - ١ :٥ ﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ ﱠ ﻷن ﻋﻴﺪ اﻟﻔﺼﺢ ﻗﺪ اﻗــﱰب ،وﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﺒﻨﻰ ﻛﺎﳌﺴﺘﺸــﻔﻰ ﻳﺪﻋﻰ "ﺑﻴﺖ ِﺣ ْﺴﺪا" ،ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﻛام ﻧﻌﺮف اﻵن ﻣﻊ أﻃﺒﺎء وﻣﻤﺮﺿﺎت ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﺧــﻞ إﱃ اﳌــﻜﺎن ﺗــﺮى ﺑﺮﻛﺔ ﻛﺒــرية ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺧﻤﺲ ﻏــﺮف ميﻜﺚ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﺮﴇ ﻋﲆ ﻣﻔﺎرش وﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺘﻮﺟــﻪ ﻣﻦ اﻟﻐــﺮف إﱃ اﳌﺎء ﺑﺴــﻬﻮﻟﺔ ،ﻓﻬﺬا ﻛﺴــﻴﺢ واﻵﺧﺮ أﻋﻤﻰ وﻏريه ﻣﺘﻴﺒــﺲ اﻟﺬراﻋني وﻣﺮﴇ آﺧﺮون ﻣﻦ ﺷــﺘﻰ أﻧﻮاع اﻷﻣﺮاض ﻣﺴﺘﻠﻘﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻳﻨﺘﻈﺮون أن ﻳﺘﺤ ّﺮك اﳌــﺎء ﰲ اﻟﱪﻛﺔ ﻟﺘﺒﺪو ﻣﻮﺟﺎﺗﻪ اﻟﺼﻐرية
ﻋﲆ ﺳــﻄﺢ اﳌﺎء ،وﻛﺎن ذﻟــﻚ ﻳﺤﺪث إذ ﻳﻨﺰل ﻣﻼك ﻣﻦ اﻟﺴامء ﻳﺮﺳــﻠﻪ ا Ôﻟﻴﺤﺮك اﳌﺎء وﻻ ﻳﻘﺪر أﺣﺪ أن ﻳﺮى اﳌﻼك أو ﻳﻌﺮف ﻣﺘﻰ ﻳﺤﴬ ﻟﻴﺤ ﱢﺮك اﳌﺎء .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺮك اﳌﺎء ﻳﴪع اﳌﺮﴇ ﺑﺎﻟﻨﺰول إﱃ اﳌﺎء واﻟﺬي ﻳﺴﺒﻖ إﱃ اﻟﻨﺰول ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺮﻳﻚ اﳌﺎء ﻳﺸــﻔﻰ أ ّﻳﺎً ﻳﻜــﻦ ﻣﺮﺿﻪ .وﻳﺒﻘﻰ اﻵﺧﺮون ﻣﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﻓﺮﺻﺔ أﺧﺮى. وﻛﺎن ﺑﻌــﺾ اﳌــﺮﴇ ﻫﻨﺎك ﻣــﻦ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻟﻨﺰول أوﻻً ﻣﻦ ﻏري أن ﻳﻨﺠﺤﻮا ﺣﺘﻰ ّإن أﺣﺪﻫﻢ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻨﺬ ٣٨ﺳﻨﺔ ومل ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻔﺮﺻﺔ اﻟﺸﻔﺎء ،ورمبﺎ ﻛﺎن ﻣﻔﻠﻮﺟﺎً وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ متﺎ ًﻣﺎ وﻷﻧﻪ مل ﻳﺴــﺘﻄﻊ اﻟﺘﺤﺮك ﺑﴪﻋﺔ مل ﻳﻜﻦ ُﻳﺸﻔﻰ .ﻓﻴﺎ ﻟﺘﻌﺎﺳﺘﻪ. ودﺧﻞ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﺘﺸــﻔﻰ وﺗﻮﺟﻪ إﱃ
١٧٤
اﻵن ﻛــام ﻛﺎن اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻳﻔﻌﻠــﻮن ﻷﻧﻪ مل ﻳﻌﺪ ﻋﲆ اﻷرض ،إمنﺎ ميﻜﻦ أن ﻧﻜﻮن ﺗﺎﺑﻌني ﻟﻪ ﺑﺄن ﻧﺤ ّﺒﻪ وﻧﺨﺪم ﻛﻨﻴﺴﺘﻪ ﳌﺠﺪ اﺳﻤﻪ اﻟﻘﺪوس. وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺮب إﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﺒﻌﻪ ﱡ ﻛﻞ اﻟﺒﴩ وﻟﻜﻦ ﻻ أﺣﺪ ﻳﺮﻳﺪ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﺒﺤﺴــﺐ ﻃﺒﻴﻌﺘﻨﺎ ﻧﺮﻳــﺪ أن ﻧﻌﻤﻞ إرادﺗﻨﺎ اﻟﺸــﺨﺼﻴﺔ، وﻗﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﴩﻳﺮة ﺗﺤﺐ اﻟﺨﻄﻴﺔ متﺎ ًﻣﺎ ﻛام ﻛﺎن ﻻوي ﻳﻔﻌﻞ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻔﻈﺎﻋــﺔ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺮب ﻟﻠــﻼوي ميﻜﻦ أن ﻳﻌﻤﻠﻪ ﻟﻨﺎ اﻟﻴﻮم ً أﻳﻀــﺎ إذ ميﻜﻦ أن ﻳﻄ ّﻮع إرادﺗﻨــﺎ ﻟﻨﺘﺒﻌﻪ ﻷن ﻟﻪ اﻟﻘــﺪرة ﻋﲆ ذﻟﻚ ،وﺑﺬﻟــﻚ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ أﺛﺮﻳﺎء وﺳﻌﺪاء ﻣﺜﻞ ﻻوي ،ﻓﻠﻴﺘﻨﺎ ّ ﻧﺼﲇ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﻞ ﻳﻮم.
١٧٣
.٧اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺪﻋﻮ ﻻوي ّ اﻟﻌﺸﺎر )ﻟﻮﻗﺎ (٣٢ - ٢٧ :٥ ﻛﺎن اﻟﺮوﻣــﺎن ﻳﺤﻜﻤﻮن اﻟﻴﻬﻮد وﻟﺬا ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﻴﻬــﻮد أن ﻳﺪﻓﻌــﻮا اﻟﴬاﺋــﺐ ﻟﻠﺮوﻣﺎن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺟﺒﺎة اﻟﴬاﺋــﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆدّون اﻷﻣﻮال ﺑﺪورﻫــﻢ إﱃ اﻟﺮوﻣﺎن .ﻓﺠﺎيب اﻟﴬاﺋﺐ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻮﻇ ًﻔــﺎ ﻟــﺪى اﻟﺮوﻣــﺎن وﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ﻛﺮه اﻟﻴﻬﻮد ﺟﺒﺎة اﻟﴬاﺋﺐ .وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ مل ﻳﻜﻦ ﺟﺒﺎة اﻟﴬاﺋﺐ ﻧﺰﻳﻬني ﻓﻴﺠﱪون اﻟﺸــﻌﺐ ﻋﲆ دﻓﻊ أﻛرث ﻣــام ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻴﺤﺘﻔﻈــﻮا ﺑﺎﻟﺰﻳﺎدة ،وﻫﺬه ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﴎﻗــﺔ وﻟﺬا مل ﻳﺮﻏﺐ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺠﺒﺎة ﺑﻞ ﻛﺮﻫﻮﻫﻢ. وﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﺠﺒﺎة واﺳﻤﻪ ﻻوي ﻳﺠﻠﺲ ﰲ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﻤﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﻣــﻜﺎن اﻟﺠﺒﺎﻳﺔ ،واﻟﻨﺎس ميﺮون ﺑﻪ ﻣﻦ ﻏري أن ﻳﻠﻘﻮا اﻟﺘﺤﻴﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻫﻮ ﻳﻌﺮف ّأن اﻟﻨــﺎس ﻳﻜﺮﻫﻮﻧﻪ وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺄﺑﻪ ﺑﻬﻢ ﻷن ﻋﻤﻠﻪ ﻛﺎن ﻳﺪ ّر ﻋﻠﻴﻪ أﻣﻮاﻻً ﻃﺎﺋﻠﺔ وﻫﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻬﺎ. ﻓﻬﻞ ﻧﻜﻮن ﺳﻌﺪاء ﻓﻌ ًﻼ ﻟﻮ ﻛﻨﺎ منﻠﻚ اﻷﻣﻮال؟ ﻛﻼ ،ﻷﻧــﻪ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻳﺄﺗﻴﻨــﺎ اﳌﻮت ﻟــﻦ ﺗﺠﺪﻳﻨﺎ اﻷﻣﻮال ﻧﻔﻌﺎً ،ﺑﻞ ﺳــﻨﻜﻮن ﻓﻘﺮاء وﺗﻌﻴﺴني إذا ﻣﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻏري أن ﻧﺘﺠﺪد ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﻨﺎ أﺛﺮى َﻣﻦْ ﻋﲆ اﻷرض. ﻟﻜﻦ أﻻ ﻳﻮﺟــﺪ ﻣﻦ ﻳﻮ ّد اﻟﺘﻌﺎﻣــﻞ ﻣﻊ ﻻوي؟ إذن ﻣﻦ ﻫــﺬا اﻟﺬي ﻳﻘﻒ أﻣﺎم ﻣﻜﺎن اﻟﺠﺒﺎﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻻوي؟ وﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ؟ إﻧﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﻦ ﺟﺎب ﻟﻠﴬاﺋﺐ وﺧﺎﻃﺊ وﻟﻜﻦ ﻫﻮ ﻻوي وأﻧﻪ ٍ اﻟــﺮب ﻳﺤ ﱠﺒﻪ ،وﻗﺪ أﺣﺒﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺠﺴــﺪ ١٧٢
أﺻــ ًﻼ وﻟﻬﺬا ﺟﺎء ﻟﻴﻄﻠﺒــﻪ وﻳﺨ ّﻠﺼﻪ ﻷن ﻻوي ﻛﺎن ﻓﻘرياً وﺗﻌﻴﺴﺎً ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺛﺮاﺋﻪ. وﻧﻈﺮ ﻳﺴﻮع إﱃ ﻻوي ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ اﻟﺘﻲ مل ﻳ َﺮ ﻻوي ﻓﻴﻬام أﻳﺔ ﻛﺮاﻫﻴــﺔ وﺗﻌﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﺤﺒﻪ ،ومل ﻳﺪرك ﻻوي اﻷﻣﺮ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني. واﻟﺘﻔﺖ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع إﻟﻴﻪ وﻗﺎل ﻟﻪ" :اﺗﺒﻌﻨﻲ" ومل ﻳﻘــﻞ أﻳﺔ ﻛﻠﻤــﺔ أﺧﺮى وﻛﺎن ذﻟــﻚ ﻛﺎﻓ ًﻴﺎ ﻟﻴﺪرك ﻻوي ﻛﻢ ﻛﺎن ﺗﻌﻴﺴــﺎً ﺑﺮﻏﻢ ﺛﺮاﺋﻪ وأﻧﻪ ﺧﺎﻃﺊ رﻫﻴﺐ ورﺟــﻞ ﺑﺎﺋﺲ وأﻧﻪ ﻫﻮ اﳌﺪان. ﻟﻜــﻦ اﻵن أىت ﻣــﻦ ﻳﺨ ّﻠﺼﻪ وﻳﺴــﻌﺪه وﻳﺮى ﻻوي ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﰲ ﻋﻴﻨﻴﻪ اﻟﺤﺎﻧﻴﺘني وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ﻟﻪ اﺗﺒﻌﻨﻲ وﻫﻮ اﻟﺠﺎيب اﻟﺨﺎﻃﺊ اﳌﻨﺒﻮذ ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰة. وﻛﺄن ﻳﺪاً ﻗﺪﻳﺮة ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني اﻣﺘﺪت ﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻼوي ،وﺗﻠــﻚ ﻫﻲ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺬﺑــﻪ ،وﻫﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ ﻛﻞ ﴍ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ،وﻣﺎ ﻋﺎد ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﺒﻘــﻰ ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻘﺎم ﺑﻜﺎﻣﻞ وﻋﻴﻪ وإرادﺗﻪ وﺗﺮك ﻛﻞ ﳾء وﺗﺒﻊ ﻳﺴــﻮع إذ أﺿﺤﺖ أﻣﻮاﻟﻪ ﻏري ذات ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻪ اﻵن ﻫﻮ أن ﻳﺘﺒﻊ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﻟﺬي ﺧ ّﻠﺼﻪ ﻣﻦ ﺑﺆرة اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻟﻴﺼري ﺳﻴﺪاً ﻟﺤﻴﺎﺗﻪ ،ومل ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﻫﺪف ﻟﻼوي إﻻ أن ﻳﺨﺪم ﺳﻴﺪه ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻪ وﻟﻴﺼري واﺣﺪًا ﻣﻦ ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻳﺴــﻮع .وﻻوي ﻫﺬا ﻫﻮ اﳌﺴــﻤﻰ ﻣﺘّﻰ ﻓﻴام ﺑﻌﺪ وﻗﺪ ﻛﺘﺐ إﻧﺠﻴﻞ ﻣﺘﻰ اﳌﻌﺮوف. ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺴري ﺧﻠﻒ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع
ﻋﲆ ﻳﺴــﻮع أن ﻳﺤﴬ ﻛام ﻇﻦّ ﻫﻮ أوﻻً ،وﻟﺬا ﻓﺈن اﺑﻨﻪ ﻗﺪ ﺷﻔﻲ. ﻓﻬﻞ ﻧﻼﺣﻆ ّأن اﻹميﺎن اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻗﺪ ﻣﻸ ﻗﻠﺒﻪ؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﻄ ّﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب وﻟﺬا ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺜﻖ ﺑﺎﻟﺮب ﰲ وﻗﺖ ﺣﺎﺟﺘﻪ ،وﻫﺬا ﺳــﺒﺐ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻟﻠﺮب ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﺒﻪ اﻟﺮب .ﻧﻌﻢ، ﻓﻠــيك ﻧﺜﻖ ﺑﺎﻟﺮب وﻧﻄﻴﻌــﻪ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ اﻹميﺎن وميﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻄﻠﺐ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﺮب. وﻋﺎد اﻟﺮﺟــﻞ أدراﺟﻪ إﱃ ﺑﻴﺘــﻪ وإذا ﺑﺨﺪّاﻣﻪ ﻳﻼﻗﻮﻧــﻪ ﰲ اﻟﻄﺮﻳــﻖ ﻟﻴﻘﻮﻟﻮا ﻟــﻪ ّإن اﺑﻨﻪ ﻗﺪ
ﺗﻌــﺎﰱ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳــﺄﻟﻬﻢ اﻟﺮﺟــﻞ ﻣﺘﻰ ﺣﺼﻞ ذﻟــﻚ ،أﻓﺎدوه ّ ﺑﺄن اﻟﺤ ّﻤﻰ ﻗــﺪ ﺗﺮﻛﺘﻪ اﻟﺒﺎرﺣﺔ ﰲ اﻟﺴــﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ .ﻓﺘﺬﻛﺮ اﻟﺮﺟﻞ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴــﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺴــﻮع ّإن اﺑﻨﻪ ﺣﻲ. وﺣﺪﺛﻬﻢ اﻟﻮاﻟﺪ مبﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻌﻪ وﺑﺎﻹميﺎن اﻟﺬي دﺧــﻞ ﻗﻠﺒﻪ وأﻧــﻪ ﺑﺬﻟﻚ اﻹميﺎن وﺛــﻖ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺪﺛﻬﻢ ﻋــﻦ إميﺎﻧﻪ ﺣﺼﻠﺖ ﻣﻌﺠﺰات أﺧﺮى ﻟﺪى اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻷن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻗﺪ َﻋ ِﻤ ْ ﺮت أﻳﻀﺎً ﺑﻬﺬا اﻹميﺎن اﻟﺬي ﻳﻐﻨﻲ وﻳﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺳﻌﻴﺪًا.
١٧١
.٦ﻳﺴﻮع ﻳﺸﻔﻲ اﺑﻦ ﺧﺎدم اﳌﻠﻚ )ﻳﻮﺣﻨﺎ (٥٤ - ٤٣ :٤ ﺟﺎء اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ ﻣﻊ ﺗﻼﻣﻴﺬه إﱃ ﻗﺎﻧﺎ اﻟﺠﻠﻴــﻞ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﺻﻨــﻊ أوﱃ آﻳﺎﺗﻪ ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ اﳌــﺎء إﱃ ﺧﻤــﺮ ﻃﻴﺐ اﳌــﺬاق .وﻫﻨــﺎك أﺗﺎه رﺟــﻞ ﻣﻦ ﻛﺒــﺎر اﻟﻘﻮم ﻳﻌﻤــﻞ ﰲ ﻗﴫ اﳌﻠﻚ ﻫــريودس وﻫﻮ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺤﺎﺷــﻴﺔ .وﻗﺪ أىت ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻔﺮﻧﺎﺣﻮم ﻗﺎﻃﻌﺎً ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ مبﺎ ﻳﻘﺎرب ﺧﻤﺲ ﺳــﺎﻋﺎت ﻟﻴﻠﺘﻘﻲ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻛﺎن اﻟﺤﺰن ﺑﺎد ًﻳﺎ ﻋﻠﻴﻪ وﻛﺄ ﱠﻧﻪ ﻳﻮاﺟﻪ ﻣﺸــﻜﻠﺔ ﺧﻄرية ،وﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﻷن اﳌﺮض ﻗﺪ اﺳــﺘﺤﻮذ ﻋﲆ اﺑﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ﻣﴩﻓﺎً ﻋﲆ اﳌﻮت. ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ ﻗﺪ ﺳــﻤﻊ ﺑﺎﳌﻌﺠــﺰات اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع وﺧﺎﺻﺔ ﺷــﻔﺎء اﳌﺮﴇ ،وﳌّﺎ ﺳﻤﻊ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﰲ ﻗﺎﻧﺎ ﻓ ّﻜﺮ ﻣﻠ ّﻴﺎً وﻗﺎل ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ "ﻟﻮ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻛﺎن ﻫﻨﺎ ﻟﻘﺎم ﺑﺸــﻔﺎء اﺑﻨﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻪ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ،وﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل أﺳــﺘﻄﻴﻊ اﻟﺬﻫﺎب إﻟﻴﻪ واﻟﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن وﻫــﺐ اﻷب اﻟﺤﺰﻳﻦ ﻳﺤــﴬ إﱃ ﻛﻔﺮﻧﺎﺣﻮم" ّ وﺟــﺎء إﱃ ﻗﺎﻧﺎ .وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﻘﻰ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺄيت إﱃ ﻛﻔﺮﻧﺎﺣﻮم ﻟﻴﺸــﻔﻲ اﺑﻨﻪ ﻗﺒﻞ أن ميﻮت. ﺗﻮﺟﻪ ﻫــﺬا اﻷب ﺑﻜﻞ اﺣﺘﻴﺎﺟﻪ إﱃ اﻟﺮب ﻟﻘﺪ ﱠ ﻫــﻢ وﺣﺰن ﻳﺴــﻮع وﺣ ّﺪﺛﻪ مبــﺎ ﻳﻜﺘﻨﻔﻪ ﻣﻦ ّ وﻧﺤﻦ أﻳﻀﺎً ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻔﻌــﻞ ذﻟﻚ ﻣﻊ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع مل ﻳﻌﺪ ﻋﲆ اﻷرض وﻫﻮ اﻵن ﰲ اﻟﺴامء وﻟﻜﻦ ﻣﺎ زال ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن مي ﱠﺪ ﻟﻨﺎ ﻳﺪ ١٧٠
ﻧﺘﻮﺟــﻪ إﻟﻴﻪ ﻟﻨﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻌــﻮن ،وﻳﺮﻳﺪﻧﺎ أن ﱠ ّ ﻛﻞ ﳾء ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻨﺒﻴﻞ. وﻗﺎل اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻟﻠﺮﺟﻞ" :ﻻ ﺗﺆﻣﻨﻮن إن مل ﺗﺮوا آﻳــﺎت وﻋﺠﺎﺋﺐ" وﻛﺎن ﻗﻮﻟﻪ ﻫﺬا ﻣﻮﺟﻬﺎً أﻳﻀــﺎً إﱃ اﻟﻨــﺎس اﻟﺤﺎﴐﻳــﻦ آﻧــﺬاك .ﻧﻌﻢ، ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﺤ ﱡﺒﻮن أن ﻳﺮوا اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ ﺣﺘﻰ ﻳﺆﻣﻨﻮا أن ﻳﺴﻮع ﻫﻮ اﳌﺴ ّﻴﺎ اﺑﻦ ا .Ôﻓﻬﻞ ﻳﺮﻳﺪ ﻳﺴﻮع أن ﻳﻌﻤــﻞ ذﻟﻚ أو ﻻ ﻳﺮﻳــﺪ أن ميﺪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن اﻵن؟ وﻣــﺎذا ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋــﲆ اﻟﺮﺟﻞ أن ﻳﻌﻤﻞ اﻵن؟ ﻫﻞ ﻳﺘﺨــﲆ ﻋﻦ اﻟﻄﻠــﺐ؟ ﻛﻼ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺑﻞ أﺧــﺬ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع أن ﻳﴪع ﺑﺎﻟﺤﻀﻮر ﻗﺒﻞ أن ﻳﻔﻮت اﻷوان. ﻧﻌﻢ ،ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ أن ﻧﺴــﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻄﻠﺐ ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﺑﺪا أ ّﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴــﺎﻋﺪﻧﺎ .وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ ﻇﻦ اﻟﻮاﻟﺪ؟ ﻛﺎن ﻳﻈﻦ أن ﻳﺴــﻮع ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺸﻔﻲ اﺑﻨﻪ إﻻ إذا ﺣﴬ ﻣﻌﻪ ﻟريى اﻻﺑﻦ اﳌﺮﻳﺾ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻷﻃﺒﺎء ﻓﻴﺄﺗﻮن إﱃ اﳌــﺮﴇ ﳌﻌﺎﻟﺠﺘﻬــﻢ .ﻟﻜــﻦ ﻳﺴــﻮع ﻟﻴﺲ ﻣﻀﻄﺮاً ﻷن ﻳﻔﻌــﻞ ذﻟﻚ ﻷﻧﻪ اﺑﻦ ا Ôاﻟﻘﺪﻳﺮ. ومل ﻳﺬﻫﺐ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣﻌﻪ ﻟﻜﻦ ﻣ ﱠﺪ ﻟ ُﻪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن ﻋــﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ،ﻓﻘــﺎل ﻟﻠﻮاﻟﺪ اﻟﺤﺰﻳﻦ: "ﻋﺪ إﱃ ﺑﻴﺘﻚ ﻓﺎﺑﻨﻚ ﻗﺪ ﺷﻔﻲ" .وﺻﺪّق اﻟﺮﺟﻞ ﻛﻼم اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻣﻊ أﻧﻪ مل ﻳﻔﻬﻢ اﻷﻣﺮ ﻟﻜﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻛﺎن ً ﻣﻔﻌام ﺑﺎﻹميﺎن اﻷﻛﻴﺪ ﺑﺄن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﻘﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،وأﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻮﺟﺐ
ﺧﻄﺎﻳﺎﻫــﺎ اﻟﻔﻈﻴﻌﺔ وﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺳــﻌﻴﺪة ﻓﻌ ًﻼ، ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ ﻳﺴــﻮع" :أﻧﺎ اﻟــﺬي أﻛﻠﻤﻚ ﻫﻮ" .ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ! اﳌﺨﻠﺺ ﻳﺠﻠﺲ ﻣﻌﻬﺎ ،ﻟﻘﺪ ﺟﺎء وأىت إﻟﻴﻬﺎ إﱃ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ،إﱃ اﻣﺮأة ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻟﻴﺨﻠﺼﻬﺎ وﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺳــﻌﻴﺪة ،وﻟﻘﺪ ﺻ ّﺪﻗــﺖ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻬــﺎ .واﻵن ﻧﺮى ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺴــﻌﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴــﺔ وﻣﻦ أﻳﻦ ﻧﻨﺎﻟﻬــﺎ إن مل ﻧﻜﻦ ِﻧﻠﻨﺎﻫﺎ َﺑﻌــﺪ ،وﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺘﻘﺪّم ﺑﻮﻗــﺎر واﺣﱰام ﻟﻨﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ. وﻋﺎد اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻟريوا أﻣﺮاً ﻏﺮﻳﺒﺎً ،ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻳﺘﻜ ﱠﻠﻢ ﻣﻊ اﻣﺮأة ﺳــﺎﻣﺮﻳﺔ وﻫﺬا ﻏري ﻣﺴﻤﻮح ﺑﻪ ﻟﻜﻨﻬﻢ مل ﻳﻘﻮﻟﻮا ﺷــﻴﺌﺎً .ﻓﱰﻛﺖ اﳌﺮأة ﺟ ﱠﺮﺗﻬﺎ وﻋﺎدت إﱃ ﺻﻮﺧﺎر ﻟﺘﺘﻜﻠﻢ مبﺎ رأت وﺳﻤﻌﺖ، وﻗﺪ ﺗﺮﻛﺖ ﺟﺮﺗﻬﺎ ﻷن اﳌﺎء اﻟﺤﻲ ﻗﺪ دﺧﻞ إﱃ ﻗﻠﺒﻬﺎ وﻫﻲ ﰲ ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻔﺮح.
وﺑﻌــﺪ ذﻟﻚ أىت أﻧﺎس ﻛﺜــريون ﻣﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ إﱃ اﻟﺒﱤ وﻋﻨﺪﻣﺎ رأوا ﻳﺴــﻮع ﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ أن ميﻜﺚ ﻣﻌﻬــﻢ ﺑﻀﻌﺔ أﻳﺎم ﻟﻴﻌ ّﻠﻤﻬﻢ .ﻓﻘﺒﻞ اﻟﺮب ذﻟﻚ اﻟﻄﻠــﺐ وﻣﻜﺚ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﺪة ﻳﻮﻣني ﺗﺤﻮل ﰲ أﺛﻨﺎﺋﻬام اﻟﻜﺜريون إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ وآﻣﻨــﻮا ﺑﻪ متﺎ ًﻣﺎ ﻛام ﻓﻌﻠﺖ اﳌﺮأة اﻟﺴــﺎﻣﺮﻳﺔ. واﻵن ﻧﺘﻔﻬــﻢ ﳌﺎذا ﻛﺎن ﻋﲆ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع أن ﻳﺠﺘﺎز اﻟﺴﺎﻣﺮة.
١٦٩
.٥ﻳﺴﻮع واﳌﺮأة اﻟﺴﺎﻣﺮﻳﺔ )ﻳﻮﺣﻨﺎ (٤٢ - ١ :٤ ﻣــ ّﺮ ﻳﺴــﻮع وﺗﻼﻣﻴــﺬه ﰲ إﺣﺪى ﺳــﻔﺮاﺗﻬﻢ مبﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﺎﻣﺮة اﻟﺘﻲ مل ﻳﻜﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺠﺘﺎزوﻧﻬﺎ ﺑﻞ ﻳﺘﺠﻨﺒﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﻌﻄــﺎف ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻷن اﻟﻴﻬﻮد واﻟﺴــﺎﻣﺮﻳني ﻛﺎﻧﻮا أﻋﺪاء ﻓﻼ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ،ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﺟﺘﺎز ﰲ اﻟﺴﺎﻣﺮة ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ ﻟﺘﻌﺮف ﳌﺎذا ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ. وﺻﻠــﻮا إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻮﺧﺎر ﺣﻴــﺚ وﺟﺪوا ﺑﱤ ﻣــﺎء ﻫﻨــﺎك ﻓﺠﻠﺲ اﻟﺮب ﻟﻴﺄﺧﺬ ﻗﺴــﻄﺎً ﻣﻦ اﻟﺮاﺣﺔ ﻷﻧــﻪ ﻛﺎن ﺗﻌ ًﺒﺎ .وذﻫــﺐ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﻴﺒﺘﺎﻋﻮا ﻃﻌﺎﻣﺎً ،وﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ أﺗﺖ اﻣﺮأة ﺳﺎﻣﺮﻳﺔ وﻋﲆ ﻛﺘﻔﻬﺎ ﺟﺮة ﻟﺘﺴﺘﻘﻲ ﻓﺮأت اﻟﺮب ﺟﺎﻟﺴــﺎ ﻋﲆ اﻟﺒﱤ ﻟﻜﻨﻬﺎ مل ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻳﺴــﻮع ً ومل ﺗﻜﻠﻤــﻪ إذ رأت أﻧﻪ ﻳﻬــﻮدي ﻓﻬﻮ ﻋﺪوﻫﺎ. ﻓامذا ﻓﻌﻞ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع؟ أﺧﺬ ﻳﺤﺪﺛﻬﺎ ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﺴــﻘﻴﻪ ﻣﺎء ﻓﺎﺳــﺘﻐﺮﺑﺖ اﳌﺮأة ﻫﺬا اﻟﻄﻠــﺐ وﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ" :أﻧﺖ ﻳﻬــﻮدي وأﻧﺎ اﻣﺮأة ﺳــﺎﻣﺮﻳﺔ ﻓﻜﻴــﻒ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻲ أن أﺳــﻘﻴﻚ؟" "أﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮﻓني ﻣﺎ ميﻜﻦ Ô ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ ﻳﺴــﻮعِ : أن ﻳﻌﻄﻴــﻚ ،وﻻ ﺗﻌﺮﻓني ﻣﻦ أﻧــﺎ ،وﻟﻮ ﻋﺮﻓﺖ ﻟﻄﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ أن أﻋﻄﻴﻚ ﻣﺎء ﺣ ّﻴﺎً" .ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ذﻟﻚ اﳌﺎء اﻟﺤﻲ؟ ﻟﻘﺪ ﻗﺼﺪ ﻳﺴــﻮع أﻧﻪ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس اﻟﺬي ميﻜﻨﻪ أن ﻳﺤﻴﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﳌﻴﺘــﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ميﻜﻨــﻪ أن ﻳﻌﻄﻴﻨــﺎ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ. ومل ﺗﻔﻬــﻢ اﳌﺮأة ذﻟﻚ ﻓﻘﺎﻟــﺖ ﻟﻪ" :ﻻ دﻟﻮ ﻟﻚ ١٦٨
واﻟﺒــﱤ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻤــﻦ أﻳﻦ ﻟﻚ اﳌــﺎء اﻟﺤﻲ؟"، ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ اﻟﺮب" :ﻣﻦ ﻳﴩب ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﺒﱤ ﻫﺬا ﻳﻌﻄﺶ أﻳﻀﺎً ،ﻟﻜﻦ اﻟﺬي ﻳﴩب ﻣام أﻋﻄﻴﻪ أﻧﺎ ﻓﻠﻦ ﻳﻌﻄﺶ ﺑﻞ ﻳﻨﺎل اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳﺔ" .ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ اﳌﺮأة" :ﻳﺎ ﺳﻴﺪ أﻋﻄﻨﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺎء ﻟيك ﻻ آيت ﻷﺳﺘﻘﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﱤ" .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ" :اذﻫﺒﻲ وادﻋﻲ زوﺟﻚ" ،ﻓﻔﻮﺟﺌﺖ اﳌــﺮأة وﻗﺎﻟﺖ ّإن ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ زوج ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ" :ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻟﻚ ﺧﻤﺴــﺔ أزواج واﻟﺬي ﻋﻨــﺪك اﻵن ﻟﻴﺲ زوﺟﻚ" .وﻫﻨﺎ ﻗﺎﻟﺖ اﳌﺮأة ﰲ ﻧﻔﺴــﻬﺎ إن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻌﺮف ﻛﻞ ﳾء ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺨﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻴﺸــﻬﺎ .وﻣــﺎ أﻛرث ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺴــﻴﻎ ﺣﻴﺎة اﻟﺨﻄﻴــﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗــﺮى اﻵن ّأن ﺣﻴــﺎة اﻟﺨﻄﻴﺔ ﺗﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴــﺎن ﺗﻌﻴﺴــﺎً ،ﻓﻴﺎ ﻟﺘﻌﺎﺳﺘﻬﺎ وﻫﻲ اﳌﺪاﻧﺔ ﰲ ذﻟﻚ. ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ" :ﻳﺎ ﺳــﻴﺪ أﻧﺎ ﻣﺘﺄﻛــﺪة ﻣﻦ أﻧﻚ ﻧﺒﻲ ﻓﻬﻼ ﺗﺨــﱪين أﻳﻦ ﻳﻨﺒﻐــﻲ أن أﻋﺒﺪ اÔ؟ ﻧﺤﻦ ّ ﻧﺼــﲇ ﻋﲆ ﻫــﺬا اﻟﺠﺒﻞ ﻟﻜﻨﻜــﻢ ﺗﻘﻮﻟﻮن إن ﻣــﻜﺎن اﻟﻌﺒﺎدة ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ" ،ﻓﻘــﺎل ﻟﻬﺎ" :ﻳﺎ اﻣــﺮأة ﻻ ﻳﻬﻢ أﻳﻦ ﻧﺼﲇ ،ﺑــﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺼﲇ ﻣــﻦ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﺻﻠﻮات ﺣﻘﻴﻘﻴــﺔ وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻷﻫﻢ". وﻓﺠــﺄة ﻗﺎﻟﺖ اﳌﺮأة "أﻋﻠﻢ ﱠأن اﳌﺴــ ّﻴﺎ ﺳــﻴﺄيت وﻣﺘﻰ ﺟــﺎء ﻳﺨﱪﻧﺎ ﺑﻜﻞ ﳾء" .ﻧﻌﻢ إﻧﻬﺎ ﺗﻌﻠﻢ ّأن اﳌﺴــ ّﻴﺎ ﻳﻘــﺪر أن ﻳﺨ ّﻠﺼﻬــﺎ وﻳﺤﺮرﻫﺎ ﻣﻦ
اّ Ô ﻛﲇ اﳌﻌﺮﻓــﺔ اﻟﺬي ﻳﺮى وﻳﻌﺮف ﻛﻞ ﳾء. وﳌّﺎ ﺟﻠﺴﺎ ﻗﺎل ﻧﻴﻘﻮدميﻮس" :ﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف ﻣﻦ اﻵﻳﺎت اﻟﺘــﻲ ﺗﻌﻤﻠﻬﺎ ّأن ا Ôأرﺳــﻠﻚ ﻣﻌ ّﻠ ًام" ﻓﻌﺮف ﻳﺴﻮع ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﻧﻴﻘﻮدميﻮس وﻟﺬا ﻗﺎل ﻟﻪ" :اﻟﺤــﻖ اﻟﺤﻖ أﻗﻮل ﻟﻚ ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ميﻜﻨﻪ أن ﻳــﺮى ﻣﻠﻜﻮت ا Ôﻣﺎ مل ﻳﻮﻟــﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ" وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮل ﻳﺴﻮع "اﻟﺤﻖّ اﻟﺤﻖّ " ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ ّ "إن ﻣــﺎ أﻗﻮﻟﻪ ﺻﺤﻴــﺢ ﻓﻼ ﺗﻨﺴــﻮه" .وﻳﺬﻛﺮ ﻳﺴــﻮع رؤﻳﺔ ﻣﻠﻜﻮت اﻟﻠــﻪ وﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ّأن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺪﺧﻞ اﻟﺴــامء ﺑﻌﺪ اﳌﻮت ﻟﻜــﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟــﺮب ﻫﻮ ﻣﻠﻚ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﺣﻴﻨﺌﺬ ﻧﻨﺘﻤــﻲ ﳌﻠﻜﻮﺗﻪ وﻟﻴــﺲ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﺧــﺮى ،ﻓﻤﻦ ﻫــﻢ اﳌﺒﺎرﻛﻮن؟ ﻳﻘﻮل ﻳﺴــﻮع: "إﻧﻬﻢ اﳌﻮﻟﻮدون ﺛﺎﻧﻴﺔ". ومل ﻳﻔﻬﻢ ﻧﻴﻘﻮدميﻮس ﺷــﻴﺌﺎً ﻓﻘﺎل" :ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻧﻮﻟــﺪ ﺛﺎﻧﻴﺔ" وﻛﻴﻒ ميﻜــﻦ أن ﻳﻌﻮد اﳌﺮء ﻟﻴﻮﻟﺪ ﻛﻄﻔﻞ ﻣﻦ أ ّﻣﻪ؟ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﻳﺴــﻮع" :أﻧﺖ ﺗﻌ ﱢﻠﻢ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘ ﱠﺪس ﻟﻠﺸــﻌﺐ وﻻ ﺗﻌﺮف؟" ومل ﻳﺠﺐ ﻧﻴﻘﻮدميﻮس ﻓﺄﺧﱪه اﻟﺮب ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻳﻮﻟﺪ ﺛﺎﻧﻴﺔ.
ﺛﻢ ﺗﺼﺒﺢ ﻛﺄﻧﻚ إﻧﺴــﺎن آﺧﺮ وﻗﺪ وﻟﺪت ﺛﺎﻧﻴﺔ وﻛﺄن ﺷﺨﺼﺎً ﺟﺪﻳﺪاً ﻗﺪ وﻟﺪ وﻟﻬﺬا ﻳﺪﻋﻰ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻮﻻدة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ. "ﻧﻌﻢ ﻳﺎ ﻧﻴﻘﻮدميﻮس" ﻳﻘﻮل اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ّ "إن اﻟــﺮوح اﻟﻘﺪس ﻗﺪﻳﺮ ﺟﺪًا ﻛﻤﺜــﻞ اﻟﺮﻳﺢ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴــﺘﻄﻴﻊ إﻳﻘﺎﻓﻬﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻤﻞ اﻟــﺮوح اﻟﻘﺪس اﻟﺬي إذا أراد ّأن أﺣــﺪاً ﻳﻮﻟﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺈﻧــﻪ ﻳﻮﻟﺪ وﻟﻮ مل ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ذﻟﻚ ﺑﺎﻷﺻﻞ. وﻋﺎد ﻧﻴﻘﻮدميــﻮس إﱃ ﺑﻴﺘﻪ وﻗــﺪ ﺑﺪأ ﻳﺘﻔﻬﻢ اﻷﻣــﺮ ،وﻗﺪ ﺣﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘــﺪس ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ووﻟﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .وﻓﻴام ﺑﻌﺪ ﺳــﺎﻋﺪ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ دﻓﻦ ﻳﺴﻮع ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻣﺎت ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ ،ﻣﱪﻫﻨﺎً ﻋﲆ ﺣﺒﻪ ﻟﻪ ﻓﺄراد أن ﻳﺨﺪﻣﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ. وﻧﺤﻦ أﻳﻀــﺎً ﻧﺤﺘﺎج إﱃ أن ﻧﻮﻟــﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، واﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﻣــﺎ زال ﻳﻌﻤﻞ ،وﻟﺬا ﻳﺠﺐ أن ّ ﻧﺼــﲇ ّ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻃﺎﻟﺒني وراﺟــني ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﱠ ﻳﺤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﺑﺄن ﺗﺘﻐري.
ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻮﻟﺪ ﺛﺎﻧﻴﺔ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮوح اﻟﻘــﺪس ﻷﻧﻪ ﻫــﻮ ا Ôأﻳﻀﺎً .واﻟــﺮوح اﻟﻘﺪس ﻳﺠﻌﻠــﻚ ﺗﺤــﺰن ﻷﻧــﻚ ﺗﻔﺘﻘﺪ اﻟــﺮب وﺗﺤﺰن ﺑﺴــﺒﺐ ﺧﻄﺎﻳﺎك وﻗﻠﺒــﻚ اﻷﺛﻴــﻢ ،وﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺤﺐ اﻟــﺮب وﺗﺒﺪأ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻀﻊ ﰲ ﻗﻠﺒﻚ اﻟﺸﻮق إﱃ أن ﺗﻌﺒﺪه وﺗﻄﻴﻌﻪ. وﻫــﺬه ﻛ ّﻠﻬﺎ أﻣﻮر ﻻ ﺗﺤﻴــﺎ ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﴩﻳﺮة وﻟﺬا ﻧﺤﺘﺎج ﻷن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ .وﻣﻦ ١٦٧
.٤اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻧﻴﻘﻮدميﻮس )ﻳﻮﺣﻨﺎ (٢١ - ١ :٣ ّ ﺣﻞ اﻟﻠﻴﻞ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻫﺪأ ﺻﺨﺐ اﻟﺸﻮارع وﺧﻠــﺪ اﻟﻨــﺎس إﱃ اﻟﻨﻮم ﰲ ﺑﻴﻮﺗﻬــﻢ .ﻻ ﻟﻴﺲ ﻛﻠﻬﻢ ﻓﻬــﺎ ﻫﻮ رﺟﻞ ﻳﻐــﺎدر ﺑﻴﺘﻪ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺢ اﻟﻈــﻼم وﻳــﴪع اﻟﺨﻄــﻰ ،إﻧــﻪ ﻧﻴﻘﻮدميﻮس ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻔﺮﻳﺴــﻴني وﻫــﻮ ﻣﻌﻠﻢ ﻣﺎﻫﺮ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻟﻠﻨﺎس. ﻓﺈﱃ أﻳﻦ ﻳﺬﻫﺐ ﻧﻴﻘﻮدميــﻮس ﰲ ﻫﺬا اﻟﻠﻴﻞ؟ إﻧــﻪ ﻣﺘﺠﻪ إﱃ اﻟﺒﻴﺖ اﻟــﺬي ميﻜﺚ ﻓﻴﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻣﻌﻪ .ﻟﻜﻦ ﳌﺎذا ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻠﻴﻞ؟ ﻷﻧــﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﺮف اﻟﻨﺎس واﻟﻔﺮﻳﺴــﻴﻮن اﻵﺧﺮون ﺑﺰﻳﺎرﺗﻪ ﻫﺬه ،ذﻟﻚ ّأن اﻟﻔﺮﻳﺴــﻴني ﻻ ﻳﺮﻳﺪون اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻳﺴــﻮع، ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺴــريوا ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ إﱃ اﻟﺴــامء ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻴﻨام ﻳﻘﻮل ﻟﻬﻢ ﻳﺴــﻮع ّإن ذﻟﻚ ﻏري ﻣﻤﻜﻦ وأﻧﻬﻢ أﻧﺎس أردﻳﺎء وﺧﻄــﺎة ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ اﻟﺨﻼص وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺮﻫﻮا اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ومل ﻳﺼﺪّﻗﻮا أﺑﺪاً أ ّﻧﻪ اﺑﻦ اﳌﺴــﻴﺎ اﳌﻨﺘﻈﺮ وﻟﺬﻟﻚ ﺳــﻴﺘﻤ ّﻠﻜﻬﻢ ا Ôوﻫﻮ ّ اﻟﻐﻀــﺐ إذا ﻋﻠﻤــﻮا ّأن ﻧﻴﻘﻮدميــﻮس ذﻫﺐ ﻟﺰﻳﺎرة اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع أو أﻧﻬﻢ ﺳﻴﺴﺨﺮون ﻣﻨﻪ، وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺬﻫﺐ ﻧﻴﻘﻮدميﻮس إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﰲ اﻟﻠﻴﻞ ﻷن ﻫﺬا ﻳﺤﺮج ﻣﻮﻗﻔﻪ. ووﺻــﻞ ﻧﻴﻘﻮدميﻮس إﱃ اﳌﻨــﺰل اﻟﺬي ميﻜﺚ ﻓﻴﻪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ،ﻟﻜﻦ أﻻ ﻳﻜﻮن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻧﺎمئًﺎ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﺎﻋﺔ؟ وﻫﻞ ﺗﺮاه ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻧﻴﻘﻮدميﻮس ﰲ اﻟﻠﻴﻞ؟ ﻻ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﺴــﺘﻴﻘﻈﺎً ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر ﻧﻴﻘﻮدميﻮس وﻋﺎر ًﻓﺎ أﻧﻪ ﺳﻴﺄيت ﻷﻧﻪ اﺑﻦ ١٦٦
إﱃ اﻟﻜﻨﺎﺋــﺲ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﻴــﻮت ا ،Ôأي ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ ا Ôأن ﻧﺴــﺘﻤﻊ إﱃ ﻛﻠﻤﺘــﻪ ﺑﻮﻗﺎر ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐــﻲ أن ﻧﻨﴗ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ .وﻛﺜــ ًريا ﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﺑﺄﻣﻮر أﺧﺮى وﻧﺤﻦ ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ ،وﻫﺬا ميﻜﻦ أن ﻳﺴﻤﻰ ﻧﻘﺺ ﺗﻮﻗري ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺮب. ﻓامذا ﺳﻴﻔﻌﻞ اﻟﺴﻴﺪ اﻵن؟ أﺧﺬ ﺑﻀﻊ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﺎل وﺟﺪ ﻟﻬﺎ ﻛﺴــﻮط أﺧﺬ ﻳﻄﺮد ﺑﻪ اﻟﺒﺎﻋﺔ واﳌﺸــﱰﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻬﻴﻜﻞ ،وﻛﺬﻟــﻚ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت وﻃﻴــﻮر اﻟﺤامم وﻗﻠﺐ ﻣﻮاﺋــﺪ اﻟﺼﻴﺎرف ﻗﺎﺋ ًﻼ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻻ ﺗﺠﻌﻠــﻮا ﺑﻴﺖ أيب ﺑﻴﺖ ﺗﺠﺎرة .وﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع أﺣﺪ أن ﻳﻌﻤﻞ ﺷﻴﺌًﺎ أو ﻳﻘﻮل ﺷﻴﺌًﺎ وﰲ ﻫﺬا ﻧﺮى ﻗﻮة اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻹﻟﻬﻴﺔ ،ﻧﻌﻢ ﻓﻬﻮ
اﺑﻦ ا Ôاﻟﻘﺪﻳﺮ. وﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ أىت إﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﺟﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد وﺳــﺄﻟﻮه ﳌــﺎذا ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ؟ وﻣــﻦ أﻋﻄﺎه ﻫﺬا اﻟﺴــﻠﻄﺎن وﻃﻠﺒــﻮا ﻣﻨﻪ آﻳــﺔ أو ﻣﻌﺠﺰة ﺗﺆﻳﺪ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع" :اﻧﻘﻀﻮا ﻫﺬا اﻟﻬﻴــﻜﻞ وﰲ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم أﻗﻴﻤــﻪ" .ﻓﻠﻢ ﻳﺼﺪق »:ﰲ ِﺳ ﱟﺖ َوأَ ْر َﺑ ِﻌ َ ني اﻟﻴﻬﻮد ﻫﺬا اﻟﻜﻼم وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ ِ َﺳــ َﻨ ًﺔ ُﺑ ِﻨ َﻲ ﻫ َﺬا ا ْﻟ َﻬ ْﻴ َﻜ ُﻞ ،أَ َﻓﺄَ ْﻧ َ ــﺖ ِﰲ َﺛـ َﻼ َﺛ ِﺔ أَ ﱠﻳ ٍﺎم ُﺗ ِﻘ ُﻴﻤﻪُ؟ ﻫﺬا ﻣﺴــﺘﺤﻴﻞ« .ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻗﺼﺪ أﻣﺮاً آﺧﺮ ﻓﺠﺴﺪه ﻫﻴﻜﻞ ميﻜﺚ ﻓﻴﻪ اÔ ﻷﻧــﻪ اﺑﻦ ا ،Ôأﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ وﻫﻴﻜﻞ ﺟﺴــﺪه ﺳﻴﻨﻘﺾ وﺳــﻴﻤﻮت وﻳﺪﻓﻦ وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﻘــﻮم ﻣﻦ اﻷﻣﻮات وﻳﺨﺮج ﻣــﻦ اﻟﻘﱪ وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل إﻧﻪ ﻳﻘﻴﻢ اﻟﻬﻴﻜﻞ )اﻟﺬي ﻫﻮ ﺟﺴــﺪه( ﰲ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم .وﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻵﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺮوا ﻓﻴﻬﺎ ّأن ﻳﺴــﻮع ﻫﻮ اﳌﺴــ ّﻴﺎ اﺑﻦ ا،Ô وﺗﻠﻚ اﻵﻳﺔ ﺗﻈﻬﺮ ّأن ﻟﻪ ﺳﻠﻄﺎن ﻟﻴﻄﻬﺮ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻷﻧﻪ ﺑﻴﺖ أﺑﻴﻪ .وﻗﺪ اﺳﺘﻤﻊ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ إﱃ ﻳﺴﻮع ﻳﺘﻜﻠــﻢ ﺑﻬﺬه اﻷﻣﻮر ﺛﻼث ﺳــﻨني وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎم ﻣــﻦ اﻷﻣﻮات ﺗﺬﻛﺮوﻫﺎ ،وﻋﻨﺪﻫــﺎ ﺗﺄﻛﺪوا ﻣﺮة أﺧﺮى ّأن ﻳﺴﻮع ﻫﻮ اﳌﺴ ّﻴﺎ ﻣﺨﻠﺺ اﻟﻌﺎمل.
١٦٥
.٣اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﻄﻬّﺮ اﻟﻬﻴﻜﻞ )ﻳﻮﺣﻨﺎ (٢٥ - ١٣ :٢ مل ﻳﻌﺪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﺣﻴﺪاً ﻓﻘﺪ دﻋﺎ إﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل ﻟرياﻓﻘﻮه .وﺻﺎر ﻳﺨﱪﻫﻢ ﻋﻦ أﺑﻴﻪ وﻋﻦ ﻧﻔﺴــﻪ وﻳﻌ ّﻠﻤﻬﻢ وﻟﻬﺬا دﻋــﻲ أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل "ﺗﻼﻣﻴﺬ" .وﻛﺎن أول اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻳﻮﺣﻨﺎ وأﻧﺪراوس وﺳﻤﻌﺎن ﺑﻄﺮس وﻓﻴﻠﺒﺲ وﻧﺜﺎﻧﺎﺋﻴﻞ .وﻗﺪ آﻣﻨﻮا ّأن ﻳﺴــﻮع ﻫﻮ اﺑﻦ ا Ôوأﻧﻪ اﳌﺨ ّﻠﺺ اﻵيت إﱃ اﻟﻌﺎمل .وﻟﺬﻟﻚ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﺴــﻤﻰ "اﳌﺴﻴﺎ" وﻫﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮل اﳌﺴﻴﺢ .وﻗﺪ أﺣ ّﺒﻪ اﻟﺘﻼﻣﻴــﺬ واﺑﺘﻬﺠﻮا ﺑــﺄن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻌﻪ .وذﻫﺐ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻣــﻊ ﺗﻼﻣﻴــﺬه إﱃ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴ ّﻤﻰ ﻗﺎﻧﺎ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﻗﺎم مبﻌﺠﺰﺗﻪ اﻷوﱃ ﺑﺄن ﺣ ّﻮل اﳌــﺎء إﱃ ﺧﻤﺮ ﻟﺬﻳﺬ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﰲ اﻟﻌﺮس ﻫﻨﺎك. وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ذﻫﺐ ﻳﺴﻮع إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن أوان ﻋﻴــﺪ اﻟﻔﺼﺢ ،وآﻻف اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﺪون ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺠﻬﺎت وﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺒﻠﺪان إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني ﻏري ﻋﺎﺑﺌني مبﺸﻘﺔ اﻟﺴﻔﺮ وﻃﻮل اﻟﻄﺮﻳﻖ .وﰲ ﻋﻴﺪ اﻟﻔﺼﺢ ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺘﺬﻛﺮون ﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﻟﺸــﻌﺐ ﻋﺒﻴﺪاً ﰲ ﻣﴫ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ وﻟﻜﻦ ا Ôأﻧﻘﺬﻫﻢ وأىت ﺑﻬﻢ إﱃ أرض ﻛﻨﻌﺎن. ﻛﺎﻧــﺖ اﻟﻄﺮﻗﺎت ﻣﺰدﺣﻤــﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎس وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس ﻳﺼﻄﺤﺒﻮن ﻣﻌﻬﻢ َﺣ َﻤ ًﻼ أو ﺧﺮوﻓﺎً ﻫﻮ َﺣ َﻤﻞ اﻟﻔﺼﺢ اﻟﺬي ﻳﻘ ﱠﺪم ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ .وﻫﻨﺎﻟﻚ أﻳﻀــﺎً أﻧﺎس ﻟﻴــﺲ ﻣﻌﻬﻢ ﺣﻤــﻼن ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ١٦٤
ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺳﻴﺸــﱰوﻧﻬﺎ ﻓﻴام ﺑﻌــﺪ إذ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻼن ﻣﻌﺮوﺿﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ .وﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﻳﺮى اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻐﻨﻢ ﺗﺜﻐﻮ واﻟﺜريان ﺗﺨﻮر ،إمنﺎ أﻳــﻦ؟ ﰲ اﻟﻔﻨﺎء اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻟﻠﻬﻴــﻜﻞ ،وأﺻﻮات اﻟﺒﺎﻋﺔ متﻸ اﻷﺟﻮاء ﺻﺨ ًﺒﺎ .وﻳﺼﻞ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻓريى وﻳﺴﻤﻊ ّ ﻛﻞ ﻫﺬا ،وﻳﺎ ﻟﻠﻔﻈﺎﻋﺔ ﻓﺎﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﻴﺖ أﺑﻴﻪ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐــﻲ أن ﻳﻮ ﱠﻗﺮ ﺑﻴﻨام اﻟﻨﺎس ﺗﺘﻌﺒــﺪ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻪ ﺑﺎﺣﱰام وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻛﺎن ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ. وﻧﺤﻦ ﻟﻴــﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻫﻴﻜﻞ وﻟﻜﻦ ﻧﺬﻫﺐ
ﺛــﻢ أﺧﺬ إﺑﻠﻴﺲ ﻳﺴــﻮع إﱃ اﻟﺴــﻄﺢ اﻷﻋﲆ ﻟﻠﻬﻴﻜﻞ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ وﻗﺎل ﻟﻪ" :ﻃﺎﳌﺎ أﻧﻚ ﺗﻘﻮل ﻓﺎرم ﻧﻔﺴﻚ إﱃ أﺳﻔﻞ وﻫﻮ إﻧﻚ ﺗﺜﻖ ﺑﺎ Ôأﺑﻴﻚ ِ ﻳﻌﺘﻨــﻲ ﺑﻚ ﻓﻼ متﻮت ﻷﻧﻪ ﻣﻜﺘﻮب ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس إﻧﻪ ﻳﺮﺳــﻞ ﻣﻼﺋﻜﺘــﻪ ﻟﻴﻨﻘﺬوك .ﻟﻜﻦ ﻳﺴﻮع ﻗﺎل ﻟﻪ" :ﻻ ﻟﻦ أﻓﻌﻞ ﻫﺬا ﻷﻧﻪ ﻣﻜﺘﻮب ﻻ ﺗﺠﺮب اﻟﺮب إﻟﻬﻚ" .وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻻ ﻧﺮﻣﻲ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﰲ اﳌﺨﺎﻃﺮ إذا مل ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﴐورﻳﺎً. وﺑﻌــﺪ ﻫﺬا أﺧــﺬ إﺑﻠﻴــﺲ ﻳﺴــﻮع إﱃ ﺟﺒﻞ ﻋﺎل ﺣﻴﺚ أراه ﺟﻤﻴﻊ ﻣامﻟــﻚ اﻟﻌﺎمل وﻏﻨﺎﻫﺎ وﻗــﺎل ﻟﻪ" :أﻋﻄﻴﻚ ﻫــﺬه ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ إن ﺧﺮرت وﺳﺠﺪت ﱄ". ﻳــﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﻈﻴﻌﺔ إذ ّأن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﺳــﻴﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎً إن ﻫﻮ ﺗﺄمل وﻣــﺎت وﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎ ميﻜﻨﻪ أن ﻳﺼري ﻣﻠﻜﺎً ﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻓام ﻋﻠﻴﻪ إﻻ
أن َﻳ ِﺨ ﱠﺮ وﻳﺴﺠﺪ ﻹﺑﻠﻴﺲ. ﻟﻜﻦ ﻳﺴﻮع ﻳﺠﻴﺒﻪّ : "إن اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻳﻘﻮل ﻟﻠــﺮب إﻟﻬﻚ ﺗﺴــﺠﺪ وإﻳﺎه وﺣــﺪه ﺗﻌﺒﺪ" .ﻻ أﺑﺪاً ،ﻓﻴﺴــﻮع ﻟﻦ ﻳﺴﺠﺪ ﻹﺑﻠﻴﺲ ،ﻓﻄﺮده ﻣﻦ أﻣﺎﻣﻪ ﻷن اﻟﺴﺠﻮد Ôوﺣﺪه. وﻧﻘــﻮل ّإن إﺑﻠﻴــﺲ ﻳﺮﻳﻨﺎ اﻟﻜﺜري ﻣــﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﺎمل وﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ ّإن ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻔﻜــﺮ ﻓﻴــﻪ وﻧﺤﺎول اﻟﺤﺼــﻮل ﻋﻠﻴﻪ وأﻧﻨﺎ ﻧﺴﻌﺪ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻧﻨﺎل ﻣﻦ اﻟﻌﺎمل. ﻟﻜﻦ إﺑﻠﻴﺲ ﻛﺬاب ،ﻓام ﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﰲ ﺳــﻌﺎدة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﻫــﺬه اﻟﺤﻴﺎة وأﻳﻀﺎً ﻋﻨﺪﻣﺎ منﻮت؟ إﻧﻪ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ إذا ﻣﺎ ﺣﺼﻠﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻨﻜﻮن أوﻻد ا Ôوﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج أن ﻧﻔ ّﻜﺮ ﻓﻴﻪ دامئــﺎً وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻄﻠﺒﻪ ﻋﲆ اﻟﺪوام.
١٦٣
ﱪﻳﺔ )ﻣﺘﻰ (١١ - ١ :٤ .٢ﻳﺴﻮع ُﻳ َﺠ ﱠﺮب ﰲ اﻟ ّ وﻟﺪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﰲ ﺑﻴﺖ ﻟﺤﻢ وأىت اﻟﺮﻋﺎة اﻟﻔﻘﺮاء ﻟﻴﺴﺠﺪوا ﻟﻪ ،ﻛام ﺣﴬ ﺣﻜامء ﻣﺠﻮس ﻣﻦ اﳌﴩق ﻟﻴﻔﻌﻠﻮا ذﻟﻚ أﻳﻀﺎً .وﺑﻌﺪ وﻻدة ﻳﺴــﻮع ﺑﺄرﺑﻌــني ﻳﻮﻣﺎً أىت ﺑﻪ ﻳﻮﺳــﻒ وﻣﺮﻳــﻢ إﱃ اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ،ﻟﻴﻘﺪﻣــﺎ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ اﻟﴩﻳﻌﺔ زوﺟﻲ ﺣامم. وﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني ﺣﻤﻞ ﺳــﻤﻌﺎن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻋﲆ ذراﻋﻴﻪ وﺑﺎرك ا Ôﺑﱰﻧﻴﻤﺔ ﻓﺮح. وﻛﺎﻧــﺖ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﺣﻨــﺔ اﻟﻨﺒﻴﺔ وﻗﺪ ﻏﻤﺮت اﻟﺴــﻌﺎدة ﻋﻴﻨﻴﻬــﺎ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺎد ﻳﻮﺳــﻒ وﻣﺮﻳﻢ إﱃ ﺑﻴﺖ ﻟﺤﻢ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻬﺮﺑﺎ ﻣﻊ ﻳﺴﻮع إﱃ ﻣــﴫ ﻷن اﳌﻠﻚ ﻫــريودس أراد أن ﻳﻘﺘﻠﻪ وﺑﻌﺪ ﻣﻮت ﻫريودس ﻋﺎدوا إﱃ اﻟﻨﺎﴏة. وﻋﻨﺪﻣــﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟﺜﻼﺛني ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ﺗــﺮك اﻟﻨﺎﴏة ﻟﻴﺘﺠﻮل ﰲ ﻃﻮل اﻟﺒﻼد وﻋﺮﺿﻬﺎ، إمنﺎ ﻗﺒــﻞ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ذﻫــﺐ أوﻻً إﱃ ﻧﻬﺮ اﻷردن ﺣﻴــﺚ ﺗﻌﻤﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻳﻮﺣﻨﺎ اﳌﻌﻤﺪان واﻧﻄﻠــﻖ إﱃ اﻟ ّﱪﻳﺔ وﻣﻜﺚ ﻫﻨﺎك أرﺑﻌني ﻳﻮﻣﺎً ومل ﻳﻜﻦ أﺣﺪ ﻳﻌﻴﺶ ﻫﻨﺎك إﻻ اﻟﻮﺣﻮش ،ﻟﻜﻦ زاره ﻫﻨــﺎك إﺑﻠﻴــﺲ وﻫــﻮ أﻋﺪى أﻋــﺪاء اÔ وﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ أن ﻳﺨﻀﻊ ّ ﻛﻞ إﻧﺴــﺎن ﻟﻪ .وﻟﻴﺘﻨﺎ ﻧﺘﺬﻛــﺮ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ ﺟﻨﺔ ﻋﺪن ﺣﻴﺚ ﺻﺎر ﻛﻞ اﻟﻨﺎس أوﻻداً ﻹﺑﻠﻴﺲ .وﻧﺤﻦ ﻧﻄﻴﻊ إﺑﻠﻴﺲ ﻛ ّﻠام ﻓﻌﻠﻨﺎ أﻣﺮاً ﺧﺎﻃﺌﺎً .أ ّﻣﺎ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ ﻓﻘﺪ ﺼﻎ ﻷﻗﻮال إﺑﻠﻴﺲ ،ومل ﻛﺎن اﻟﻮﺣﻴــﺪ اﻟﺬي مل ُﻳ ِ ﻳﺨﻄﺊ اﻟﺒﺘﺔ. ١٦٢
ﻟﻜﻦ إﺑﻠﻴﺲ ﻛﺎن ﻳﺮﻳــﺪه أن ﻳﺨﻄﺊ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺴــﻤﻴﻪ "اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ" ،ﻓﻠﻮ أﺧﻄﺄ ﻳﺴﻮع ﳌﺎ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧــﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺨ ّﻠﺼــﺎً ﻟﻠﺨﻄﺎة ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﺎﻃﺊ ﻓﻴﻜﺴﺐ إﺑﻠﻴﺲ اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻠﻨﺎس أن ﻳﺨﻠﺼﻮا. وﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒﺎً ﱠأن ﻳﺴﻮع ﻛﺎن ﺟﺎﺋﻌﺎً آﻧﺬاك ﻷﻧﻪ مل ﻳﺄﻛﻞ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ أرﺑﻌني ﻳﻮﻣﺎً ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ إﺑﻠﻴﺲ اﻧﻈــﺮ ﻫﺬه ﺣﺠﺎرة ﻓﺈن ﻛﻨــﺖ اﺑﻦ ا Ôﺣ ﱢﻮﻟﻬﺎ ﻟﺘﺼري ﺧﺒﺰاً ﻓﺘﺄﻛﻞ .ﻧﻌﻢ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻳﺴــﻮع أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻟﻜﻦ إﺑﻠﻴﺲ ﻛﺎن ﻳﺸﻜﻚ ﻳﺴﻮع ﺑﻌﻨﺎﻳــﺔ ا Ôﺑــﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﺼﻎ إﻟﻴﻪ وﺳــﻴﺒﻘﻰ واﺛﻘﺎً ﺑﺎ Ôأﺑﻴﻪ وﻟﻮ ﻓﻌﻞ ﻏري ذﻟﻚ ﻟﻜﺎن ﺧﻄﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ .ﻓﻘﺎل ﻳﺴﻮع ﻹﺑﻠﻴﺲ إﻧﻪ ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻋﲆ ﺛﻘﺘﻪ ﺑﺎ Ôأﺑﻴﻪ وﻃﺎﻋــﺔ ﻛﻠﻤﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ أﻛرث أﻫﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺰ.
ﻗــﺪ ﺗﺰوﺟﺘﻪ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ وﻫﻜــﺬا ﻳﻜﻮن اﻟﺮﺟﻞ اﻵﺧﺮ ﻫﻮ اﻟﻮاﻟﺪ ،ﻟﻜــﻦ ﻫﻞ ﻫﺬا ﻣﻌﻘﻮل؟ أمل ﺗﻌﺪه ﺑﺎﻟﺰواج ﻣﻨﻪ؟ وﻛﺎن ﺣﺰن ﻳﻮﺳــﻒ ﻳﺰداد ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮم وﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻞ وﻻ ﻳﺼﺪّق ﱠأن ﻣﺮﻳــﻢ ﺧﺪﻋﺘﻪ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أيّ ﺗﻔﺴــري آﺧــﺮ ﻟﻬﺬا اﻷﻣﺮ .وﻓ ّﻜــﺮ ﰲ أن ﻻ ﻳﺘﺰوﺟﻬﺎ ﺑﻞ ُﻳ ْﻌ ِﻠﻤﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﺳــﻴﱰﻛﻬﺎ وﺷــﺄﻧﻬﺎ وﻻ ُﻳﻌ ِﻠﻢ أﺣﺪًا ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﺌﻼ ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺎس إﻧﻬﺎ اﻣﺮأة ﺳــﻴﺌﺔ. وﻧﺎم ﻳﻮﺳﻒ ﻟﻴﻠﺘﻪ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻨ ّﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ا Ôﻻ
ّ ﻳﺘﺨﲆ ﻋﻦ أوﻻده ﰲ وﻗﺖ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ إﻟﻴﻪ. ورأى ﻳﻮﺳــﻒ ﻣﻼك اﻟــﺮب ﰲ اﳌﻨﺎم ﻳﻘﻮل ﻟﻪ ﺑﺄن ﻻ ﻳﱰدد ﺑﺎﻟﺰواج ﻣﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻷﻧﻬﺎ مل ﺗﺨﺪﻋﻪ وﻻ ﻋﺎﴍت رﺟ ًﻼ آﺧﺮ ّ وأن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘــﺪس اﻟﺬي ّ ﺣﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ وأﻧﻬﺎ ﺳــﺘﻠﺪ ﻃﻔ ًﻼ وﻳﺴﻤﻴﻪ ﻳﺴــﻮع اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ "ﻣﺨ ّﻠﺺ" ﻷﻧﻪ ﺳﻴﺨﻠﺺ ﺷﻌﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ. ﻓﻔﺮح ﻳﻮﺳــﻒ مبــﺎ رأى ﰲ اﳌﻨــﺎم وزال ﻋﻨﻪ ﺣﺰﻧــﻪ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﺑﻞ ﺻﺎر ﻓﺮﺣﻪ اﻵن أﻋﻈﻢ ﻷن ذﻟــﻚ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟــﺮب .وأﴎع إﱃ ﻣﺮﻳﻢ وأﺧﱪﻫﺎ ﺑﻜﻞ ﳾء ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أﺳــﻌﺪﻫﺎ ﻛﺜرياً وﺑﺪأا ﺣﻴﺎﺗﻬــام ﻣﻌﺎً ﻛﺰوﺟني وﺻﺎر ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺎ وﻗــﺮر أن ﻳﻌﺘﻨﻲ أﻳﻀﺎً ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﺳــﻴﻮﻟﺪ، وﻫﻮ ﻟﻴﺲ اﺑﻨﻪ ﺑﻞ ﻣﺨ ّﻠﺼﻪ. ﻧﻌﻢ ،ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬ ّﻤﺔ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ، ﺗﺨﻠﻴﺺ اﻟﺨﻄﺎة ،وﻣــﺎ زال ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺬه اﳌﻬﻤﺔ اﻵن .ﻓﻤــﻦ ﻳﺬﻫــﺐ إﻟﻴﻪ ﻛﺨﺎﻃﺊ ﻣﺴــﻜني، ﻳﺨﻠــﺺ .ﻓﻴﺎ رﺑﻨــﺎ أﺣﴬﻧﺎ ﻧﺤــﻦ أﻳﻀﺎً ﻫﻜﺬا إﻟﻴﻚ.
١٦١
.١ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻨﺠﺎر ...ودﻋﺎ اﺳﻤﻪ ﻳﺴﻮع )ﻣﺘﻰ (٢٤ – ١٨ :١ اﻟﻨﺎﴏة ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐرية مل ﻳﻜﻦ ﻳﺴﻜﻨﻬﺎ أﺣﺪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻘﻮم ،وﺣﺘﻰ ﻳﻮﺳﻒ ﻧﻔﺴﻪ مل ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﺠﺮد ﻧﺠﺎر ﺑﺴــﻴﻂ ﻟﻜــﻦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﴍﻳﻔﺔ اﳌﺤﺘﺪ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﺴــﺐ ﻟﻠﻤﻠﻚ داود وﺳﻠﻴامن. وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻜﻨﻬﺎ ً أﻳﻀﺎ إﻧﺴﺎﻧﺔ ﺗﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺮﻳﻢ، وﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﺗﻨﺘﺴــﺐ ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﳌﻠﻜﻴﺔ، وﻗــﺪ أﺣﺐ اﻻﺛﻨــﺎن ﺑﻌﻀﻬــام وﺗﻌﺎﻫﺪا ﻋﲆ اﻟﺰواج .وﻛﺎن ﻛﻼﻫــام ﻳﺤﺐ اﻟﺮب ﻓﻬام أوﻻد ا Ôوﻳﻌﻴﺸﺎن ﺑﺴﻌﺎدة وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﳌﺮء اﺑﻨﺎً Ôﻳﺒﻘﻰ ﺳﻌﻴﺪًا ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ. ومل ﺗﻜﻦ ﺗﺤﺼﻞ أﺣﺪاث ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﻨﺎﴏة ﻟﻜﻦ أﻣﺮاً ّ ً ﻣﻬام ﺣﺼﻞ ﻓﻌ ًﻼ ﻓﻘﺪ زار ﻣﺮﻳﻢ ﻣﻼك ﻣﻦ اﻟﺴامء وأﺧﱪﻫﺎ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن أ ّﻣﺎً ﻟﻠﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴــﻴﺢ .ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺳﻴﻜﻮن أﺑﻮه؟ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﺪ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻪ ﻣــﻦ أب أرﴈ وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻌﺘﱪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺧﻄﺎة .ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟــﻪ أب أرﴈ ،ﻓﻤﻦ ﺳــﻴﻜﻮن أﺑــﻮه؟ ّإن أﺑﺎه ﻫﻮ ا Ôاﻟﺬي ﰲ اﻟﺴــامء وﻟﺬا ﻳﺪﻋﻰ اﺑﻦ اÔ وﻫﻮ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﳌﻮﻟﻮد ﻗﺪوﺳــﺎً وذﻟﻚ ﻫﻮ ﻋﻤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس .ومل ﺗﺨﱪ ﻣﺮﻳﻢ ﺑﺬﻟﻚ أﺣﺪاً ﻣﻦ اﻟﻨﺎﴏة ،ﻓﻤﻦ ﺳــﻴﺼﺪﱢﻗﻬﺎ؟ ﺣﺘﻰ إﻧﻬﺎ مل ﺗﺨﱪ ﺧﻄﻴﺒﻬﺎ ﻳﻮﺳــﻒ ﺑﺎﻷﻣﺮ ّ ﻷن ﻫﺬه ﻣﻌﺠﺰة ﻟﻦ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس وﻻ ﺣﺘﻰ ﻣﺮﻳﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ أو ﺧﻄﻴﺒﻬﺎ ﻳﻮﺳــﻒ .ﻟﻜﻦ اﻟﻨﺎس ﺳــﻴﻼﺣﻈﻮن أﻧﻬﺎ ُﺣﺒﲆ وﻫﺬا أﻣﺮ ﻻ ميﻜﻦ إﺧﻔﺎؤه. ١٦٠
ﻛﺎن ﻳﻮﺳــﻒ ﻳﻘﻮم ﺑﻌﻤﻠــﻪ ﺑﺤﺮﻓــﺔ اﻟﻨﺠﺎرة ﻛﺎﳌﻌﺘﺎد وﻟﻜــﻦ ﳌﺎذا ﻳﺒﺪو ﺣﺰﻳﻨًــﺎ وﻣﺎ اﻟﺬي ﺣﺼﻞ؟ ﻟﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﻫــﻮ ً أﻳﻀﺎ ّأن ﻣﺮﻳﻢ ُﺣﺒﲆ. وﻻ ﻳﻮﻟﺪ وﻟﺪ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻴﺶ اﻟﺰوج واﻟﺰوﺟﺔ ﻣــﻊ ﺑﻌﻀﻬام وﻳﺤﺒﺎن ﺑﻌﻀﻬام ،ﻟﻜﻦ ﻳﻮﺳــﻒ وﻣﺮﻳــﻢ مل ﻳﺘﺰوﺟــﺎ ﺑﻌــﺪ وﻻ ﻳﻌﻴﺸــﺎن ﻣــﻊ ﺷــﺨﺼﺎ ﺑﻌﻀﻬام ،ﻓﻔﻜﺮ ّأن ﻣﺮﻳﻢ ّرمبﺎ أﺣﺒﺖ ً ﴎاً وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻬﺎ آﺧــﺮ وأﻧﻬام ﻗﺪ ﺗﻌــﺎﴍا ّ ﺧﺪﻋﺘــﻪ وأﺣ ّﺒﺖ اﻟﺮﺟﻞ اﻵﺧﺮ أﻛرث ﻣﻨﻪ ،وأﻧﻬﺎ
ﻗﺼﺺ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ
١٥٩
١٥٨
ﻟﺬﻟﻚ ﻗــﺮر ﻧﺤﻤﻴﺎ وﺿﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬــﺬا اﻟﺘﺠﺎوز اﻟﺨﻄــري ﻓﺄﻣــﺮ ﺑﺈﻏــﻼق ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺒﻮاﺑــﺎت ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺸــﺎء ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮل اﻟﺴــﺒﺖ ،ﻋــﲆ أن ﺗﻔﺘﺢ ﰲ اﻟﻴــﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﺑﻌﺪ زوال اﻟﺴــﺒﺖ وﻫﻜﺬا مل ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﺘﺠﺎر واﻟﺒﺎﻋﺔ ﻣــﻦ اﻟﺪﺧﻮل وأﻣﻀﻮا ﻟﻴﻠﺘﻬــﻢ ﺧﺎرج اﳌﺪﻳﻨﺔ ،وﳌّﺎ ﻋﺎدوا ﰲ اﻟﺴــﺒﺖ اﻟﺘــﺎﱄ ﺣﺬرﻫــﻢ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻣﻦ ذﻟــﻚ وﻫﺪدﻫﻢ ﻓﺎﺳــﺘﺠﺎﺑﻮا ﻟﻪ ومل ﻳﻌﻮدوا ﻳﺄﺗﻮن أﻳﺎم اﻟﺴﺒﺖ ﺑﻞ ﰲ أﻳﺎم اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻘﻂ. أ ّﻣﺎ اﳌﻼﺣﻈﺔ اﻷﻫــﻢ ﻋﻨﺪ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻓﻬﻲ ّأن ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﺬﻳﻦ وﻟﺪوا ﻣــﻦ اﻟﺰواج اﳌﺨﺘﻠﻂ ﻻ
ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﱪﻳﺔ ﺑﻞ إ ّﻣﺎ ﻟﻐﺎت أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ أو ﻟﻐــﺔ ﻟﻜﻨﺎء .وﻫﻨﺎ ﺗﻄﺎﻳــﺮ اﻟﴩر ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻲ ﻧﺤﻤﻴــﺎ ،ﻫﻞ ﺗﻌﺮف ﳌﺎذا؟ ﻟﻘﺪ وﻋﺪوه ﰲ اﳌﺮة اﻟﺴــﺎﺑﻘﺔ ﺑﻌﺪم ﺗﻜﺮار ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻟﻜﻨﻬﻢ اﻵن ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻬــﺎ .إﻧﻬﻢ ﻳﺴــﺘﺤﻘﻮن اﻟﻠﻌﻨﺔ ،أي ﻻ ﻳﺴــﺘﺤﻘﻮن اﻻﻧﺘامء إﱃ ﺷــﻌﺐ اﻟﺮب أﺑﺪًا ﺑــﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ إﺑﻌﺎدﻫﻢ .وﻫﺬا ﻣــﺎ ﻃﻠﺒﻪ ﻧﺤﻤﻴﺎ، إﺑﻌﺎد اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻐﺮﻳﺒﺎت ﻣﻊ أوﻻدﻫﻦ ،وﻃﺎﻟﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﻮﻋﺪ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ذﻟﻚ ،وﻃﺎﻟﺒﻬﻢ ﺑﺄن ﻳﺤﻠﻔﻮا أﻣﺎم اﻟﻠﻪ ﻷن اﻟﻠﻪ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﻌﺪون ﺑﻪ. وﻫﺬا ﺑﻴــﺎن ﻟﴩور اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺒﴩي اﻟﺬي ميﻴﻞ إﱃ اﻗﱰاف اﻷﺧﻄﺎء دامئًﺎ ،وﻟﺬا ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب دامئًﺎ" :ﻳﺎ رب اﺣﻔﻈﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وأﻋﻄﻨﻲ ﻗﻠ ًﺒﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ﻓﺄﺣﺒﻚ أﻧﺖ وأﻛﺮه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ". ﻓﻬــﻞ ﻻﺣﻈــﺖ ّأن ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﺴــﻌﻰ دا ًمئﺎ ﻟﺨري ﺷــﻌﺒﻪ؟ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻣﺤﺎرﺑــﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ. وﻫــﻞ ﺗﻌﻠــﻢ ﻣــﺎذا ﻛﺎن ﻳﻔﻌــﻞ؟ ﻛﺎن ﻳﺼﲇ ﺑﻠﺠﺎﺟــﺔ ،ﻷﻧﻪ ﺑﺪون اﻟــﺮب ﻻ ﻧﻘﺪر أن ﻧﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ .ﻧﻌﻢ إﻧﻪ ﺧﺎدم ﺣﻘﻴﻘﻲ واﺑﻦ أﻣني ﻟﻠﺮب. ﻫــﺎ ﻗــﺪ وﺻﻠﻨــﺎ إﱃ ﻧﻬﺎﻳــﺔ ﻗﺼــﺺ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﺴــﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ اﻟﻌﻬــﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ .ﻟﻘﺪ أرﺳــﻞ اﻟﺮب اﻟﻨﺒــﻲ ﻣﻼﺧﻲ آﺧﺮ أﻧﺒﻴﺎء اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ وﻫﻮ ﻋﲆ ﻏﺮار ﻣﻦ ﺳــﺒﻘﻮه ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ،ﻓﻘﺪ ﺗﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﻣﺠﻲء اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أرﺑﻊ ﻣﺌﺔ ﺳــﻨﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻧﺒﻮءة ﺳﺘﺘﺤﻘﻖ ً ﺣﺘام ﻷن وﻋﻮد اﻟﺮب ﺻﺎدﻗﺔ وأﻣﻴﻨﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﻨﺘﺎﺑﻌﻪ ﰲ ﻗﺼﺺ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ. ١٥٧
.٧٣ﻧﺤﻤ ّﻴﺎ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ )ﻧﺤﻤﻴﺎ (١٣ مل ﻳﻜﻦ مبﻘﺪور ﻧﺤﻤ ّﻴﺎ اﻟﺒﻘﺎء ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ ﻃﻮﻳ ًﻼ ﺑﻞ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻌﻮد إﱃ ﺑﺎﺑﻞ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺳﺎﻗﻲ اﳌﻠﻚ أرﺗﺤﺸﺴــﺘﺎ وﻟﻜﻮﻧﻪ ﻗﻄﻊ ﻋﻬﺪًا ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ ﻋﻤﻠــﻪ ﺣﺎﳌﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﻬﻤﺘــﻪ ﰲ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﺳﻮر أورﺷﻠﻴﻢ .وﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻘﻮم مبﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ دامئًﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻤﻊ ﰲ آﺧﺮ ﻣﺮة ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ ّأن ﻃﻮﺑﻴﺎ اﻟﻌﺪو اﻟﻠﺪود ﻟﺸﻌﺐ اﻟﺮب ﻳﺴﻜﻦ ﰲ ﺑﻴﺖ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻫﻴﻜﻞ اﻟﺮب وﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻏﺮﻓﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﺤﻮاﺋﺞ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﻼوﻳني وﻗــﺪ أﻋﻄﻴﺖ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﺣﺪ أﻗﺮﺑﺎﺋﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ وﻫﻮ أﻟﻴﺎﺷﻴﺐ. ﻓﺘﻤﻠــﻚ اﻟﻐﻀﺐ ﻧﺤﻤ ّﻴــﺎ ﻷن ﻃﻮﺑﻴﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷــﻌﺐ اﻟﺮب وﻫــﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺴــﺨﺮ ﻣﻨﻬﻢ وﻣﻌﻪ اﻟﺴﺎﻣﺮﻳني اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﻨﻮن ﺳــﻮر أورﺷــﻠﻴﻢ وﻟﺬا ﻓﺈن ﻣﻦ ﻏري اﳌﻘﺒﻮل أن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺴﻜﻦ اﳌﺠﺎور ﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺮب .ﻓﺠﺎء ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻋــﲆ وﺟﻪ اﻟﴪﻋﺔ ورﻣﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﺧﺎرﺟﺎ وﻃﻬــﺮوا اﻟﻐﺮﻓﺔ وأﻋــﺎد إﻟﻴﻬﺎ ﻃﻮﺑﻴــﺎ ً ﻛﻞ اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت اﻟﺴــﺎﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﺋﺪة ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ إﱃ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ. وﻣﺎ ﻫــﺬا اﻟﻬﺪوء اﻟﻌﻤﻴﻖ اﻟﺬي ﻳﻜﺘﻨﻒ أﻧﺤﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻣﺎ ﻳﺠﺎوره ،أﻳــﻦ اﻟﻼوﻳﻮن اﳌﻜﻠﻔﻮن ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ؟ ﻟﻘﺪ ﻏﺎدروا اﳌﻜﺎن ﻟﻘﻠﺔ اﳌﻮارد ﻷن اﻟﻨــﺎس اﻣﺘﻨﻌﻮا ﻋﻦ دﻓﻊ ﻣــﺎ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻟﺨﺪام اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪورﻫﻢ ﺻﺎروا ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﺣﻘﻮﻟﻬــﻢ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻋــامل .وﻫﻨﺎ ً أﻳﻀﺎ أﻟﺰم ﻧﺤﻤﻴــﺎ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ دﻓﻊ ﻣﺎ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ١٥٦
وأﻋﺎد اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﻼوﻳني إﱃ اﻟﺨﺪﻣﺔ. وأﻳﻀﺎً ﻻﺣﻆ ﻧﺤﻤﻴﺎ ّأن ﰲ ﻳﻮم اﻟﺴــﺒﺖ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻳﻮم راﺣﺔ ﻣﺨﺼﺺ ﻟﻠﻌﺒﺎدة ﻛام ﻳﻮم اﻷﺣﺪ ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻵن ،ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺘﺠﺎر واﻟﺒﺎﻋﺔ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺎﺗﻬﺎ وﻳﺒﻴﻌﻮن اﻟﺴــﻠﻊ ﻣــﻦ ﻗﻤﺢ وﺣﺒﻮب وﺧﻤﻮر وﺳــﻤﻚ .ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﻰ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر وﺟﻬﺎء اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻗﺎل" :ﻫﻞ ﻳﺴﻤﺢ اﻟﺮب ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ ﻳﻮم اﻟﺴــﺒﺖ إﱃ ﻳﻮم ﻋﻤﻞ وﺗﺠﺎرة؟ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﳌﺎﴈ وﻗﺪ ﻋﺎﻗﺐ اﻟﺮب اﻟﺸــﻌﺐ ﺑﻘﺴﻮة ﻓﻬﻞ ﺗﺤﺘﻤﻠﻮن ﻋﻘﻮﺑﺔ أﺧﺮى؟"
اﻟﺼﻠــﻮات واﻻﺑﺘﻬﺎﻻت ،وﻫﺬه اﻟﺼﻠﻮات ﻣﺪوﻧﺔ ﰲ ﻫــﺬا اﻟﺴــﻔﺮ ﺣﻴــﺚ اﻻﻋــﱰاف اﻟﺼــﺎدق واﻟﻌﻠﻨــﻲ واﻟﻨــﺪم اﻟﺤﻘﻴﻘــﻲ ﻋــﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﺪر وﺳــﻠﻒ ﻣﻊ إﻇﻬﺎر ﻋﻈﻤﺔ ا Ôوﺻﻼﺣﻪ ﻣﺎﺿﻴﺎً وﺣﺎﴐاً وﻣﺴﺘﻘﺒ ًﻼ ّ وأن ﻣﻌﺠﺰاﺗﻪ ﻳﺼﻨﻌﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻻﺳــﺘﺤﻘﺎق ﻓﻴﻨﺎ ﺑﻞ ﻣﻦ ﺑﺎب اﳌﺮاﺣﻢ اﻟﺼﺎدﻗﺔ، ﺛﻢ ﻃﻠﺒﻮا ﻣﻦ اﻟﺮب أن ميﻜﺚ ﻣﻊ ﺷﻌﺒﻪ وﻳﺒﺎرﻛﻪ. وﻟﻘــﺪ وﻋــﺪوا اﻟﺮب وﻋــﺪاً ﺻﺎدﻗــﺎً ﺑﺎﻻﻟﺘﺰام ﺑﴩﻳﻌﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻗﺮﺋﺖ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻣﻌﻬﻢ وﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬــﺎ دون ﺗــﺮدد .وﻗــﺪ ﻋﺮﻓــﻮا ّأن اﻟﺮب ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﺒﺎدة واﻟﺨﺪﻣﺔ وﻓﻖ ﻣﺎ ّ اﻟﴩﻳﻌــﺔ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻪ اﻟﺮب .وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ
ﻧﺮ ّﻧﻢ ﻗﺎﺋﻠني " :ﻋ ﱢﻠ ْﻤﻨﻲ أن أﻋﻤﻞ رﺿﺎك وأﺳﻠﻚ ﰲ ﺣﻘﻚ". وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺬي ﻗﻄﻌﻮه أﻣﺎم اﻟﺮب أﻳﻀﺎً؟ وﻋﺪوا ﺑﺄن ﻻ ﻳﺴــﻤﺤﻮا ﻟﺒﻨﻴﻬﻢ وﺑﻨﺎﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﺰواج ﻣﻦ ﻏري ﺷــﻌﺐ اﻟﺮب وأن ﻳﻘﺪّﺳﻮا ﻳﻮم اﻟــﺮب ﻓﻴﻤﺘﻨﻌــﻮا ﻋﻦ أي ﻋﻤﻞ دﻧﻴــﻮي .وﻳﻮم اﻟﺮب ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﻮ ﻳﻮم اﻷﺣﺪ وﻓﻴﻪ ﺗﻘﺪم اﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻟﻌﻤــﻞ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻣﺜﻠام ﻗﺪّﻣــﻮا ﻟﻠﻬﻴﻜﻞ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم ﻟﺘﺴﺪﻳﺪ ﻣﻌﻴﺸﺔ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﻼوﻳني وﻟﴩاء اﻟﺬﺑﺎﺋــﺢ واﻟﻘﺮاﺑني ،وﻫﺬا ﻳﻜﻠﻒ ﻣﺎﻻً ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ. وﻋﺎد اﻟﺸــﻌﺐ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻨﺸــﺎط اﻟﺮوﺣﻲ إﱃ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ﻓﺮﺣني. ١٥٥
.٧٢ﻋﺰرا ﻳﻌﻠﻢ اﻟﺸﻌﺐ )ﻧﺤﻤﻴﺎ ١٣ – ١ :٨و (٩ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺳــﺎﺣﺔ واﺳــﻌﺔ أﻣﺎم إﺣــﺪى ﺑﻮاﺑﺎت أورﺷﻠﻴﻢ .ﻓﻔﻲ ﺻﺒﺎح ذات ﻳﻮم اﺟﺘﻤﻊ ﺣﺸﺪ ﻛﺒري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس رﺟﺎﻻً وﻧﺴــﺎ ًء وأﻃﻔﺎﻻً .وﺣﴬ ﻋــﺰرا وﻧﺤﻤﻴﺎ ً أﻳﻀﺎ .وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ ﺗﺬﻛﺮون ﻋﺰرا اﻟﻜﺎﻫــﻦ واﻟﻜﺎﺗــﺐ اﻟﻌﺎمل ﺑﺎﻟﻜﺘــﺎب اﳌﻘﺪس وﺑﺄﺣــﻜﺎم اﻟﴩﻳﻌﺔ واﻟﻨﺎﻣــﻮس وﻫﻮ ﻗﺎدر أن ﻳﻌ ّﻠﻢ اﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻓﻄﻠﺐ اﻟﺸــﻌﺐ ﻣﻦ ﻋــﺰرا أن ﻳﻘﺮأ ﻟﻬﻢ ﻓﺼﻮﻻً ﻣﻦ ﴍﻳﻌﺔ ﻣﻮﳻ أي ﻣﻦ اﻷﺳﻔﺎر اﳌﻘﺪّﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﲆ ﻟﻔﺎﺋﻒ واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴــ ّﻤﻰ اﻷﺳﻔﺎر اﻟﺨﻤﺴﺔ أو أﺳﻔﺎر اﻟﻨﺎﻣﻮس ،أي :ﺗﻜﻮﻳﻦ – ﺧﺮوج – ﻻوﻳني – ﻋﺪد – ﺗﺜﻨﻴﺔ ،وﻗﺪ أﺿﻴﻔﺖ ﻟﻬﺎ اﻷﺳﻔﺎر اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﻴام ﺑﻌﺪ. ﻓــﺄىت ﻋــﺰرا ﺑﺎﻟﻠﻔﺎﺋﻒ ووﻗﻒ ﻋــﲆ ﻣﻨﱪ ﻋﺎلٍ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﺤﻀﻮر ﻣﻦ ﺳــامﻋﻪ ،ﻓﻮﻗﻒ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺨﺸﻮع ﻟﻼﺳﺘامع ﻋﺎﳌني أﻧﻪ ﻳﻘﺮأ ﻣﻦ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻠﻤــﺔ اﻟﻠﻪ .ﻧﻌﻢ ،وﻧﺤﻦ أﻳﻀــﺎً ّ أن ﻧﻮﻗــﺮ ﻛﻠﻤﺔ ا Ôﻋﻨﺪ اﻻﺳــﺘامع إﻟﻴﻬﺎ .وﻗﺪ أﺣﺎط ﺑﻌﺰرا ﺛﻼﺛﺔ ﻋــﴩ رﺟ ًﻼ ﻣﻜ ّﻠﻔني ﺑﴩح ﻣﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﲆ اﻟﻨﺎس ﻓﻬﻤﻪ. اﻧﻈــﺮ ،ﻟﻘﺪ ﺑﺪأ ﻋﺪد ﻛﺒري ﻣــﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء وﻫــﻢ ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮن إﱃ ﻋﺰرا ﻳﻘــﺮأ ﻷن اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻛﺸــﻔﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﻮﻫﺎ ﺿﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﻨﺪﻣــﻮا وﺣﺰﻧﻮا ﻋﲆ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫــﻢ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺬي أﺛﻠﺞ ﺻﺪرﻫﻢ وﻃأمن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ّأن آﻳﺎت اﻟﺮﺣﻤﺔ واﳌﻐﻔﺮة ﺗﻌﻄﻲ اﻟﻮﻋﺪ ﻟﻠﻨﺎدﻣني واﻟﺘﺎﺋﺒني ّ ﺑﺄن ١٥٤
ا Ôﻳﻐﻔﺮ ﻟﻬﻢ .ﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ﻧﻬﺎﻫﻢ ﻋﺰرا ﻋﻦ اﻟﺒــﻜﺎء ﻗﺎﺋــ ًﻼ" :ﻻ داﻋﻲ ﻟﻠﺒــﻜﺎء ﻓﺎﻟﻴﻮم ﻳﻮم ﻣﻘــ ّﺪس" وﻗﺎل" :اﻗﻀــﻮا ﻳﻮﻣﻜﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻜﻢ ً ﺑﻌﻀــﺎ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب ﻷن اﻟﻴﻮم ﻳﻮم ﴎور وﺣﺒﻮر". وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﺟــﺎء ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ وﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸــﻌﺐ إﱃ ﻋﺰرا ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻌﺮﻓﺔ اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ أﺣــﻜﺎم ﴍﻳﻌــﺔ اﻟﺮب ﻓﻮﻗﻌــﺖ اﻟﻘﺮاءة ﻋﲆ ﻣﻮﺿﻊ اﻷﻋﻴﺎد وﺗﺤﺪﻳﺪاً ﻋﻴﺪ اﳌﻈﺎل ﰲ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺴــﺎﺑﻊ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻴﻤﻮن ﻣﻈﺎل ﻣــﻦ اﻷﻏﺼﺎن ﺧﺎرج ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ أي ﻋﲆ ﺷــﻜﻞ أﻛﻮاخ وﻳﻘﻴﻤﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﳌﺪة أﺳــﺒﻮع اﺳــﺘﺬﻛﺎراً ﺑﺄ ّﻧﻬﻢ ﻋﺎﺷﻮا ﰲ ﺧﻴﺎم ﰲ اﻟﱪﻳﺔ ﺗﻈﻠﻠﻬﻢ رﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ وﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ﳌﺪة أرﺑﻌني ﺳﻨﺔ ﺧﻼل رﺣﻠﺔ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﻣﴫ إﱃ ﻛﻨﻌﺎن .وﻗــﺪ ﺗﺰاﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ ﻋﺰرا ﻣﻊ أﻳﺎم ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺼﻌﺪ اﻟﺸﻌﺐ إﱃ اﻟﺠﺒﺎل وﻗﻄﻌﻮا أﻏﺼﺎن أﺷــﺠﺎر ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ أﺣﺮاش ﻛﺜــرية وﻛﺜﻴﻔﺔ ،ﳌﺎذا ذﻟﻚ إذاً؟ ﻛام ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻴﺘﺬﻛﺮ اﻟﺸﻌﺐ ﻋﻨﺎﻳﺔ ا Ôﺑﺄﺟﺪاده ﰲ اﻟﱪﻳﺔ .وﻫﻜﺬا ﺗــﻢ ﻓﻌــ ًﻼ إذ أﻗﺎﻣــﻮا اﻷﻛﻮاخ ﻋﲆ اﻷﺳــﻘﻒ اﳌﺴــﻄﺤﺔ ﻟﻠﻤﻨــﺎزل أو ﰲ أﻓﻨﻴﺔ اﻟﺪور ﻛام ﰲ ﻓﻨــﺎء ﻫﻴﻜﻞ اﻟﻠﻪ وﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﺸــﻮارع .وﺑﺪت ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺴﻌﺎدة ﻋﲆ وﺟﻮه اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻷﻧﻪ ﺻﺎر مبﻘﺪورﻫــﻢ أداء ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺸــﻌﺎﺋﺮ واﻻﺣﺘﻔﺎﻻت وﺳامع اﻟﴩﻳﻌﺔ ﻣﻦ أﺳﻔﺎر ﻣﻮﳻ ﻳﻮﻣ ٍّﻴﺎ. وﺑﻌــﺪ اﻻﺣﺘﻔــﺎل اﺟﺘﻤﻊ اﻟﺸــﻌﺐ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﻳﻮم ﻟﻠﺼــﻼة ﺣﻴﺚ ﻳﻘــﺮأ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘــﺪس وﺗﺮﻓﻊ
ﺑﻴﺖ ﺷــﻤﻌﻴﺎ اﻟﻜﺎﻫﻦ اﳌﺠﺎور ﻟﻠﻬﻴﻜﻞ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺷــﻤﻌﻴﺎ "أﺗﺘﻨﻲ رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ﺗﻘﻮل ﱠإن اﻷﻋﺪاء ﺳــﻴﺄﺗﻮن اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻟﻴﻘﺘﻠــﻮك ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﺗﻔﻌــﻞ؟ ﺗﻌﺎل واﺧﺘﺒــﺊ ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻓﻠﻦ ﻳﻔﺘﺸﻮا ﻋﻨﻚ ﻫﻨﺎك". ﻗــﺪ ﻧﻈﻦ ّأن ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻓﺮح ﺑﻬــﺬا اﻻﻗﱰاح ،ﻟﻜﻨﻪ ﻫﺰ رأﺳــﻪ ر ً اﻓﻀﺎ وﻗﺎل" :ﻛﻼ ،ﻻ أدﺧﻞ اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺬي مل ﻳﺴــﻤﺢ اﻟﺮب ﺑﺪﺧﻮﻟﻪ إﻻ ﻟﻠﻜﻬﻨﺔ ﻟﺌﻼ أﺧﻄﺊ إﱃ اﻟﻠﻪ".وﻗﺪ ﻋﻠﻢ ﻧﺤﻤﻴﺎ أﻳﻀﺎً ّأن ﻫﺬه ﻣﺆاﻣــﺮة ﻣﻦ ﺳــﻨﺒ ّﻠﻂ واﻵﺧﺮﻳــﻦ ،ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻮ أن ﻧﺤﻤﻴــﺎ دﺧﻞ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻣﺎذا ﺳــﻴﺤﺼﻞ؟ ﺳﻴﻌﺮف اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎً ّأن ﻧﺤﻤﻴﺎ أﺧﻄﺄ إﱃ اﻟﻠﻪ وأﻧﻪ ﻏــري أﻣني ﻣﻊ اﻟﺮب وﻟﻦ ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮا إﻟﻴﻪ
ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .وﻛﺎن اﳌﺘﺂﻣﺮون ﻗﺪ وﻋﺪوا ﺷــﻤﻌﻴﺎ ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻪ ﻣﺎﻻً إن اﺳﺘﻄﺎع إﻗﻨﺎع ﻧﺤﻤﻴﺎ ﺑﺎﻟﺨﻄﺔ وﻟﺬا ﺳﻌﻰ ﻟﻺﻳﻘﺎع ﺑﻨﺤﻤﻴﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻮرﻃﺔ. ّ وﺻــﲆ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻗﺎﺋــﻼ" :ﻻ ﺗﻨﺲ ﻳﺎ رب ﻫــﺬا اﻟﴩ ﻣــﻦ ﻣﺨﻄﻄــﺎت وأﻛﺎذﻳﺐ ﻹﺧﺎﻓﺘﻲ يك أﺧﻄﺊ إﻟﻴﻚ" .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﱠأن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻜﺎﺋﺪ ﻣﺎ ﺗﺰال ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ُﺗﺤﺒﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺪرﺟﻮﻧﻨﺎ يك ﻧﺨﻄﺊ، ﻓﻠﻴﺘﻨﺎ ﻧﻜﻮن أﺷــﺪاء ﰲ اﻟﺮﻓــﺾ ﻣﺜﻞ ﻧﺤﻤﻴﺎ وﻧﺴﺄل اﻟﺤامﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب .وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻼح ﻧﺤﻤﻴﺎ ﰲ ذﻟﻚ؟ إﻧﻪ اﻟﺼﻼة ،إذ ﻻ ﺳﻼح أﻗﻮى ﻣﻨﻬﺎ. وﻗــﺪ اﻧﺘﻬــﻰ اﻟﻌﻤــﻞ ﺑﺎﻷﺳــﻮار ﰲ ٥٢ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻓﻘــﻂ .ﻓﺠﺎء اﻟﻮﺛﻨﻴﻮن واﻟﺴــﺎﻣﺮﻳﻮن ﻣﺮﺗﻌﺒني وﻣﻌﱰﻓني ﺑﻘــﺪرة اﻟ ّﺮب اﻟﺬي ﻳﻔﻮق وﻳﻀﺎﻫﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪاه .وﻫﺎ ﻫﻮ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺈﻧﺠﺎز اﻟﻌﻤﻞ ﺗــﻢ ﺗﺮﺗﻴﺒــﻪ واﺻﻄﻒ اﻟﻜﻬﻨــﺔ واﻟﻼوﻳﻮن ﻗﺪ ّ واﳌﻮﺳــﻴﻘﻴﻮن واﻟﻌﺎزﻓــﻮن ﺑــﻜﻞ اﻵﻻت اﳌﻮﺳــﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺻﻔني ﻣﺘﻘﺎﺑﻠني إذ ﺳــﻴﻄﻮﻓﻮن اﻟﺴﻮر اﻟﻌﺮﻳﺾ داﺋﺮ ًﻳﺎ ،ﻓﺮﻗﺔ ﺗﺘﺠﻪ ميﻴﻨًﺎ وﻓﺮﻗﺔ ﺗﺘﺠﻪ ﻳﺴــﺎ ًرا .وﺑﺪأت اﻷﺑــﻮاق ﺑﺎﻟﻌﺰف وﺑﺪأ اﻟﻨــﺎس ﺑﺎﻹﻧﺸــﺎد واﳌﺪﻳﺢ ﻟﻠﻪ ﺗﻌــﺎﱃ وﻫﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﺗﻼﻗــﺖ اﻟﻔﺮﻗﺘﺎن ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺛــﻢ ﺗﻮﺟﻬﻮا ﺟﻤﻴﻌــﺎً إﱃ اﻟﻬﻴــﻜﻞ وﻗﺪﻣــﻮا اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ﻟﻠﺮب ﺣﺼﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺴــﻮرﻫﺎ وأﺑﻮاﺑﻬﺎ إذ ﻫﻮ اﻟﺬي ﱠ اﻟﺤﺼﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺸــﻌﺐ ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﻟﻜﻞ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ّ ﻳﻮم ﴎور وﺣﺒﻮر ﱢ ﻛﻞ اﻷﻋامر، ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻟﻬﺘﺎف إﱃ ﻣﻜﺎن ﺑﻌﻴﺪ. ١٥٣
.٧١ﻧﺤﻤﻴﺎ وأﻋﺪاؤه )ﻧﺤﻤﻴﺎ ٦و (٧ اﻧﺘﻬﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺑﻨﺎء وﺗﺮﻣﻴﻢ ﺳــﻮر أورﺷــﻠﻴﻢ ﻓﺴــﻤﻊ ﺳﻨﺒ ّﻠﻂ وﻃﻮﺑﻴﺎ وﺟﺸــﻢ ﻋﻦ اﻟﴪﻋﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘــﺔ ﰲ اﻹﻧﺠــﺎز ﻓﺪﺑﺮوا ﺧﻄــﺔ أﺧﺮى إذ أرﺳــﻞ رﺟ ًﻼ إﱃ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﻘﻮل ﻟﻪ :ﱠ "إن ﺳــﻨﺒ ّﻠﻂ وﻃﻮﺑﻴﺎ واﻟﺮﺟﺎل ﻳﺮﻳﺪون اﻟﺘﺤﺪث ﻣﻌﻚ ﻓﻬﻞ ميﻜﻨــﻚ أن ﺗــﺄيت إﱃ ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐــرية ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ؟ وﻫﻢ ﻳﻼﻗﻮﻧﻚ ﻫﻨﺎك ً أﻳﻀﺎ".
ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﺰﻣﻌﻮن ﻋﲆ اﻟﺘﻤ ّﺮد ﻋﲆ اﳌﻠﻚ، وأﻧــﺖ ﻳﺎ ﻧﺤﻤﻴﺎ أﻳﻀﺎً ﻣﺘﻤ ّﺮد ﻋﲆ أرﺗﺤﺸﺴــﺘﺎ ﻋﺎﻫــﻞ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد ،وﻣﺎ ﺑﻨﺎء اﻟﺴــﻮر إﻻ دﻟﻴﻞ ﻋــﲆ رﻏﺒﺘﻚ ﰲ ﺗﻨﺼﻴﺐ ﻧﻔﺴــﻚ ﻣﻠــ ًﻜﺎ ﻋﲆ أورﺷﻠﻴﻢ وﻧﺤﻦ ﺳﻨﺨﱪ اﳌﻠﻚ أرﺗﺤﺸﺴﺘﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻜﻨﻨــﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻧﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻧﺮﻳﺪ اﻟﺘﺤﺪﱡ ث إﻟﻴﻚ ﺑﴪﻋﺔ".
أدرك ﻧﺤﻤﻴــﺎ ﺧﻴــﻮط اﳌﺆاﻣــﺮة وﻓﻬــﻢ أﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون اﻋﺘﻘﺎﻟﻪ أو رمبﺎ ﻗﺘﻠﻪ ﻓﺮد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻮا ًﺑﺎ ﻗﺎﺋــ ًﻼ" :أﻧﺎ ﻣﺸــﻐﻮل ﺟﺪًا وﻟﻴــﺲ ﻟﺪي وﻗﺖ أﺿﻴﻌﻪ ﺑﻞ أرﻳــﺪ إﻧﻬﺎء ﻣﻬﻤﺘــﻲ أوﻻً وﻟﺬا أﻧﺎ آﺳﻒ ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ اﻟﺬﻫﺎب ﻷي ﻣﻜﺎن" وﺣﺎول ﺳﻨﺒ ّﻠﻂ وﻃﻮﺑﻴﺎ وﺟﺸﻢ ﻣﻌﻪ أرﺑﻊ ﻣﺮات وﻛﺎن وﴏﻳﺤﺎ ﻣﻦ ﻧﺤﻤﻴﺎ .أ ﱠﻣﺎ ﰲ واﺿﺤﺎ ً اﻟﺮﻓﺾ ﻳﺄيت ً اﳌﺮة اﻟﺨﺎﻣﺴــﺔ ﻓﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﻀﻤﻨﺖ اﻻﺗﻬﺎم ّ ﺑﺄن
ﻟﻘﺪ ﻇﻨّﻮا ّأن ﻧﺤﻤ ّﻴﺎ ﺳﻴﺨﺎف ﻣام ﻗﺎﻟﻮه وﻳﺤﴬ ﻟﻠﻘﺎﺋﻬﻢ ﻟﻜﻨﻪ رد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :إن ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﺗﻠﻔﻴﻖ وﻛﺬب ﻣﻨﻜﻢ" .وﺗﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺴــﻤﻊ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﺼﲇ ﻟﻠــﻪ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :أﻋﻄﻨﻲ ﻳﺎ رب اﻟﻘﻮة أﻣﺎم ﻫﺬه اﻟﺘﻬﺪﻳــﺪات" .ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ ﻧﺤﻤ ّﻴﺎ إﱃ
١٥٢
وأﻣﺎم ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد ﺑﺪأت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺗﻈﻬﺮ، ﻓﺎﻟﺜﻐﺮات ﰲ اﻟﺴﻮر ﺗﻢ ﺳﺪّﻫﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻﺣﻆ اﻷﻋــﺪاء ذﻟﻚ ﻃــﺎر ﺻﻮاﺑﻬﻢ ،وﻫﻴﺄوا ً ﺟﻴﺸــﺎ ﳌﺤﺎرﺑــﺔ ﻧﺤﻤﻴــﺎ ﻋﲆ أن ﻳﺘﺴــﻠﻠﻮا ﻟﻴــ ًﻼ إﱃ داﺧــﻞ اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻳﻘﺘﻠﻮا اﻟﺒﻨﺎﺋــني ،ﻟﻜﻦ ﻧﺤﻤﻴﺎ اﻛﺘﺸــﻒ ﻫــﺬه اﳌﺆاﻣﺮة اﻟﺪﻧﻴﺌــﺔ ﻋﱪ أﺧﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺷــﻌﺒﻪ اﻟﺴﺎﻛﻨني ﺧﺎرج اﻟﺴﻮر ،ﻓامذا ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻔﻌﻞ؟ ﻫ ّﻴﺄ ﺣ ّﺮ ًاﺳــﺎ ﻣﺴﻠﺤني ﺑﺴــﻴﻮف ورﻣﺎح ﰲ ﻣﻮاﻗــﻊ اﻟﻌﻤﻞ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ: "أﻧﺘﻢ ﺗﺤﻤــﻮن اﻟﺒﻨﺎﺋني" ،وﻗــﺎل ﻟﻠﺒﻨﺎﺋني" :ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮا ،اﺗﻜﻠﻮا ﻋﲆ اﻟﺮب ﻓﻬﻮ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻌﺪو اﻟﻐﺎﺷﻢ".
ﻳﻨﺘﻬــﻲ ﰲ ﻳﻮم واﺣــﺪ؟ ﻓﻘﺎل ﻃﻮﺑﻴﺎ ﺳــﺎﺧ ًﺮا: "ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻳﻨﺘﻬﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ وﻳﻌﱪ ﺛﻌﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺴﻮر ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺴﻘﻂ ﺛﺎﻧﻴﺔ". ﺳــﻤﻊ ﻧﺤﻤﻴﺎ واﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻌﻪ ﻫﺬا اﻻﺳــﺘﻬﺰاء واﻟﺸــﺘﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﻴﺒﻮا ﺑﻞ أﺧــﱪ ﻧﺤﻤﻴﺎ اﻟﺮب ﺑﺼﻼﺗــﻪ إﻟﻴــﻪ ،وﻫﺬا أﻓﻀﻞ ﻣــﺎ ميﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻮاﺟﻪ اﻟﺴــﺨﺮﻳﺔ ،وﻋﻠﻴﻨــﺎ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ.
وﻫﺬه رﺳــﺎﻟﺔ ﻟﻨﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻳﻨﻘﻠﻬــﺎ ﻟﻨﺎ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻓﺈذا اﺟﺘﺰﻧﺎ ﰲ ﻇﺮوف ﺻﻌﺒﺔ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺴــﺘﻌني ﺑﺎﻟﺮب اﻟﻘــﺎدر ﻋــﲆ اﻟﺘﺪﺧــﻞ واﳌﺴــﺎﻋﺪة .وﻋﺮف اﻷﻋﺪاء ﺳــﻨﺒ ّﻠﻂ وﺟامﻋﺘــﻪ ﱠأن ﺧﻄﺘﻬﻢ ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻜﺸــﻮﻓﺔ ﻷن ﻧﺤﻤﻴﺎ ﺳ ّﻠﺢ اﻟﺒﻨﺎﺋني وﻫﻮ ﻳﺘﺎﺑﻊ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺒﺎﴍة ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل وﻣﻊ أﺣﺪﻫﻢ ﻗﺮن ﻛﺒﺶ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻛﺎﻟﺒﻮق ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﻟﻺﻧﺬار واﻟﺘﺤﺬﻳــﺮ وﻏــريه .ﻓﺈذا ﻫﺎﺟﻤﻬــﻢ أﺣﺪ ﻧﻔﺦ ﰲ اﻟﻘــﺮن ﻓﻴﺘﺄﻫــﺐ اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻟﻠﻤﻮاﺟﻬﺔ .أﻣﺎ ﰲ اﻟﻠﻴــﻞ ﻓﻌﻨﺪﻣــﺎ ﻳﻨﺎﻣﻮن ﻳﱰﻛــﻮن أﻣﺘﻌﺘﻬﻢ وﺳﻼﺣﻬﻢ ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﻢ ﺧﺸــﻴﺔ أن ﻳﺘﺴﻠﻞ اﻟﻌﺪو وﻋﻨﺪﺋــﺬ ﻳﺘﺄﻫﺐ ﻧﺤﻤﻴــﺎ ورﺟﺎﻟﻪ ﻟﻠﺮد ﺑﺄﴎع وﻗــﺖ ﻣﻤﻜــﻦ ﻣــﻊ ﻧﻔﺦ اﻟﻘــﺮن ﻻﺳــﺘﺪﻋﺎء ﺑﺨﻄﻰ ﺣﺜﻴﺜﺔ اﳌﻘﺎﺗﻠني .وﻫﻜﺬا ﺳــﺎر اﻟﻌﻤــﻞ ً ﻣﻦ اﻟﺼﺒﺎح ﻋﻨﺪ اﻧﺒﻼج اﻟﻔﺠﺮ ﺣﺘﻰ اﳌﺴﺎء إذ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ. ١٥١
.٧٠ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﺒﻨﻲ ﺳﻮر أورﺷﻠﻴﻢ )ﻧﺤﻤﻴﺎ ٢٠ – ١١ :٢و ٣و (٤ ﺑﻴﻨام اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻬــﺪوء ﻣﱰاﻓﻘﺎن واﻟﺠﻤﻴﻊ ﻧﻴﺎم ﻣﺎ ﻋــﺪا ﻧﺤﻤﻴﺎ وﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟــﺎل ،ﺧﺮج ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻟﻴﺘﻔﻘﺪ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺴﻮرﻫﺎ وﺑﻮاﺑﺎﺗﻬﺎ وﻫﻮ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎس ﳌﺎذا ﻋﺎد إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ .ﻓﺪار ﺣﻮل اﳌﺪﻳﻨــﺔ ورأى ﻃﺒﻌــﺎً ﱠأن ﺑﻌﺾ اﳌﻮاﻗﻊ أﻛــرث ﴐ ًرا ﻣــﻦ ﻏريﻫﺎ ،ﻓﺼــﺎرت ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻜﺮة واﺿﺤﺔ ﻋﻦ ﺿﺨﺎﻣﺔ اﻟﻌﻤﻞ وﺟﺴــﺎﻣﺔ اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻻﻫﺎ. ﰲ اﻟﻴــﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﺗﻜ ّﻠﻢ ﻣﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﺸــﺄن ﰲ اﳌﺪﻳﻨــﺔ وأﺧﱪﻫﻢ ﺑﺎﳌﻮاﻓﻘﺔ اﳌﻠﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﻬﺎ وﻗﺪ ﻋﺰا ذﻟــﻚ إﱃ ﺻﻼح اﻟﻠــﻪ وﻗﺪرﺗﻪّ . ﻓﻠام ﺳــﻤﻌﻮا ﻋﺮﺿﻪ ﻟﻠﻤﴩوع اﻟﺬي ﻳﻨﻮي ﺗﻨﻔﻴﺬه ﻗﺎﻟﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎً" :ﺳــﻨﻌﻤﻞ وﻧﺴــﺎﻋﺪ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﰲ وﺳــﻌﻨﺎ ﻹﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﺴﻮر وﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﺒﻮاﺑﺎت". ﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺳــﻤﻊ ﺑﺎﻷﻣﺮ؟ أﻋﺪاء ﺷــﻌﺐ اﻟﺮب ،ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻣﺮﻳني وﻫﻢ ﺳﻨﺒ ّﻠﻂ وﻃﻮﺑﻴﺎ وﺟﺸﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴــﻜﻨﻮن ﻋﲆ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻓﻀﺤﻜــﻮا وﻗﺎﻟــﻮا ﻟﻨﺤﻤﻴــﺎ ﺑﺎﺳــﺘﻬﺰاء" :ﻣﺎذا ﺳــﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬه اﳌﺮة؟ ﻫﻞ ﺗﻨــﻮي اﻟﺘﻤﺮد ﻋﲆ اﳌﻠــﻚ ﺛﺎﻧﻴﺔ؟ مل ﻳﺄﺑﻪ ﻧﺤﻤﻴﺎ مبﺎ ﻗﺎﻟﻮا وأﺟﺎﺑﻬﻢ: "إﻟﻪ اﻟﺴــامء ﺳــﻴﻌﻄﻴﻨﺎ اﻟﻨﺠﺎح وﺳﻴﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﺒﻴﺪه وﺳﻨﺒﺪأ اﻟﺒﻨﺎء". وﻓﻌــ ًﻼ ﺑــﺪأ اﻟﺒﻨﺎء ﻋﲆ ﻗﺪم وﺳــﺎق ،ﻟﻴﺲ ﰲ ﻣﻮﻗــﻊ واﺣﺪ ﺑﻞ ﰲ ﻋــﺪة ﻣﻮاﻗﻊ ﺑــﺂن ﻣ ًﻌﺎ،. ﻓﺎﻟﻮرﺷــﺎت ﺗﻌﻤــﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﺴــﻮر اﳌﻬــ ّﺪم ،ﺑﻞ ﺗﻌﻤــﻞ ﺑﺠﺪﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘــﺔ ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺮﻳــﺪون ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ أورﺷــﻠﻴﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺣﺼﻴﻨﺔ. ١٥٠
ﻏﻀﺐ ﺳــﻨﺒ ّﻠﻂ وﻃﻮﺑﻴﺎ وﺟﺸﻢ إذ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺮوا اﻷﺳــﻮار ﻣﺒﻨﻴﺔ أو ﻣﺮﻣﻤﺔ ﺑﻞ ﻳﺮﻳﺪون أورﺷﻠﻴﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻣﺴﺘﺒﺎﺣﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺘﻬﺰؤون وﻗﺎﻟﻮا ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﻢ" :ﻫﺆﻻء اﻷﻏﺒﻴﺎء ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻳﺘﻌﺒﻮن أﻧﻔﺴــﻬﻢ ﻋﺒﺜﺎً .ﻣﺎذا ﻳﻌﺘﻘــﺪون؟ ﻫﻞ ﻳﻈﻨــﻮن ّأن اﻟﻌﻤﻞ ﺳــﻮف
اﻟﺼﻼة ﻗﺼــرية ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻏري ﻣﻨﻤﻘﺔ ﻓﺎﻟﺮب ﻳﻌﺮف ﻣﺎذا ﻧﻘﺼﺪ. ﻟﻘﺪ ﺣﺼﻞ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻣﻦ اﳌﻠﻚ ﻋﲆ أﻛرث ﻣام ﺗﻮﻗﻊ إذ أﻋﻄــﺎه اﳌﻠﻚ ﻛﺘﺎ ًﺑﺎ ﻳﺄﻣــﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﻮﻻة ﺑﺘﺄﻣني ﻛﺎﻓﺔ ﻣﻮاد اﻟﺒﻨــﺎء .وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻄﻠﻖ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻧﺤﻮ
أورﺷــﻠﻴﻢ أﻣﺮ اﳌﻠﻚ ﻛﺘﻴﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺪ مبﺮاﻓﻘﺘﻪ وﺣامﻳﺘــﻪ ﻃﻮال اﻟﻄﺮ ﻳــﻖ .ووﺻﻞ ﻧﺤﻤﻴﺎ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ ﺑﻌﺪ ﺳﻔﺮ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﺮأى ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ أﻧﻪ مل ﻳﺒﻖ ﻣﻦ اﻟﺴــﻮر ﻣﺎ مل ﻳﻬــﺪم ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺴــﻤﺢ ﺑﺪﺧــﻮل اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ،ﻻ ﺑﺄس ،ﻓﻔﻲ ﻏﻀﻮن أﻳﺎم ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺳﻴﺠﺮي ﻧﺤﻤﻴﺎ دراﺳــﺔ ﳌﴩوع إﻋﺎدة ﺗﺮﻣﻴﻢ اﻟﺴــﻮر وﺳﻴﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ مبﻌﻮﻧﺔ اﻟﺮب ﻧﺎﺟﺤﺎً وﻣﺘﻘﻨﺎً.
١٤٩
.٦٩ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﻌﻮد إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ )ﻧﺤﻤﻴﺎ (١٠ :٢ – ١ ﻋﺮﻓﻨﺎ أن اﳌﻠﻚ اﻟﻔﺎرﳼ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﻜﻢ ﺑﺎﺑﻞ ﺑﻌﺪ ﺳــﻘﻮط اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ اﳌﻌﺎﴏ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻋــﻮدة اﳌﺴــﺒﻴني ﺑﺎﻟﺪﻓﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴــﺔ ﻫﻮ اﳌﻠﻚ أرﺗﺤﺸﺴــﺘﺎ .وﻛﺎن ﻧﺤﻤﻴــﺎ أﺣــﺪ أﻫﻢ ﺧﺪاﻣﻪ اﳌﻘﺮﺑني ﻣﻦ اﳌﺴــﺒﻴني ووﻇﻴﻔﺘﻪ ﺳﺎﻗﻲ اﳌﻠﻚ وﻫﻲ وﻇﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻳﻔﺤﺺ ﻣﺎ ﻳﻘﺪم ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﴍاب ﺧﺸﻴﺔ أن ﻳﺪس أﺣﺪﻫﻢ اﻟﺴﻢ ﻟﻪ .وﻛﺎن اﳌﻠﻚ ﻳﺜﻖ ﺑﻪ ﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺸــﻒ أﻛرث ﻣﻦ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﺴﻤﻴﻢ اﳌﻠﻚ ﺑﴩاﺑﻪ أو رمبﺎ ﺑﻄﻌﺎﻣﻪ ﻟﺬﻟــﻚ ﻛﺎن اﳌﻠﻚ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷــﺨﺺ ﻳﺄىب أن ﻳﺨﻮن اﳌﻠﻚ ﻓﻜﺎن ﻧﺤﻤﻴــﺎ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب ﻫﺬه ﺧﺎﺻﺔ وﺳﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن اﻟﺜﻘﺔ وﻧﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻈﻮة ّ ﻳﻜﻮن ﺳﺎﻗ ًﻴﺎ ﻟﻠﻤﻠﻚ. وﰲ ذات ﻳﻮم زاره ﺿﻴﻮف ﻣﻨﻬﻢ أﺧﻮه وﺑﻌﺾ اﳌﻌﺎرف ﻗﺎدﻣني ﻣﻦ أورﺷﻠﻴﻢ ﻓﻔﺮح ﺑﻘﺪوﻣﻬﻢ وﻋﻨﺪﻣــﺎ أﺧــﱪوه ﻋــﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﳌﺄﺳــﺎوي ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻋــﻦ ﺳــﻮرﻫﺎ اﳌﺘﻬــﺪم وأﺑﻮاﺑﻬــﺎ اﳌﺨ ّﻠﻌﺔ ﺑﺪا اﻟﺸــﺤﻮب ﻓﺠﺄة ﻋﲆ وﺟﻪ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻷﻧﻪ ﺗﺨﻴــﻞ اﻻﻧﻔﻼت اﻷﻣﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ وأﻧﻬﺎ ﻋﺮﺿﺔ ﻟ ّﻠﺼــﻮص واﻟﻐﺰاة ﻣﻦ اﻷﻋــﺪاء .ﻫﺬه اﻷﺧﺒﺎر دﻓﻌــﺖ ﺑﻨﺤﻤﻴــﺎ إﱃ اﻟﺒــﻜﺎء وزاﻟﺖ ﺷــﻬﻴﺘﻪ ﻟﻠﻄﻌــﺎم ّ وﺻﲆ ﺑﺤــﺮارة ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻳــﺎ رب إﻟﻴﻚ أﺧﻄﺄﻧــﺎ ﻟﻜﻦ ﻧﺮﺟﻮك أن ﻻ ﺗﱰﻛﻨﺎ ﻷن رﺣﻤﺘﻚ ﻻ ﺗﺘﺨﲆ ﻋﻦ ﺷﻌﺒﻚ وﻧﺤﻦ ﺷﻌﺒﻚ". وﻗﺎل ً أﻳﻀﺎ" :ﺳــﺎﻋﺪين ﻳــﺎ رب أرﺟﻮك ﻋﲆ أن ١٤٨
أﻛﺎﺷــﻒ اﳌﻠﻚ ﺑــﺎﻷمل اﻟﺬي ﻳﻌﺘــﴫين ﺣﺘﻰ ﻳﻘ ّﺪم ﻗﻠﺒﻪ ﱄ اﻟﻌــﻮن" .وﻫﺎ ﻫﻮ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﺆدي ﻋﻤﻠــﻪ ﰲ اﻟﻘﴫ اﳌﻠيك ﻓﻴﻘﺪم اﻟﴩاب ﻟﻠﻤﻠﻚ وزوﺟﺘﻪ اﳌﻠﻜﺔ اﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ ،ﻓﻼﺣﻆ اﳌﻠﻚ اﻟﺸﺤﻮب ﻋﲆ وﺟﻪ ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ" :ﻫﻞ أﻧﺖ ﻣﺴﻤﻮﺣﺎ ﻣﺮﻳﺾ؟" ﻓﺼﺪم ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻷﻧﻪ مل ﻳﻜﻦ ً ﻟﻠﺨــﺪم أن ﻳﻈﻬﺮوا اﻷﳻ ﻋــﲆ وﺟﻮﻫﻬﻢ ﰲ ﻣﺤــﴬ اﳌﻠﻚ .ﻓﻘــﺎل ﻧﺤﻤﻴــﺎ" :ﻻ ﻳﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﻼﻟﺔ ،ﺑﻞ ﺣﺰﻳﻦ ﻷن أورﺷﻠﻴﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻘﺎﺑﺮ آﺑﺎيئ ﻣﻬﺪﻣﺔ اﻷﺳﻮار وﻣﺤﱰﻗﺔ اﻷﺑﻮاب" ﻓﻘﺎل اﳌﻠﻚ" :ﻣﺎذا ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻔﻌﻞ ﻳﺎ ﻧﺤﻤﻴﺎ؟". ﻳﻌﺮف ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻣﺎذا ﻳﺮﻳﺪ وﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻞ وﻟﻜﻦ ﺗﺮى ﻫﻞ ﺳــﻴﻐﻀﺐ اﳌﻠﻚ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﻪ؟ ﻣﻦ ﺳﻴﺘﺪﺑﺮ اﻷﻣﺮ؟ اﻟﺮب وﺣــﺪه ﻳﻘﺪرّ . ﻓﺼﲆ ﻧﺤﻤﻴﺎ رﻏﻢ أﻧــﻪ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺮﻛﻊ وﻳﺠﺜــﻮ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ ّ ﺻﲆ ﺑﺨﺸــﻮع دون أن ﻳﺴﻤﻌﻪ أﺣﺪ، ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺴــﻤﻊ ﻫﻤــﺲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺻــﻼة ﻗﺼرية ﰲ ﻣﺤﴬ اﳌﻠــﻚ ،واﳌﻠﻚ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺟﻮا ًﺑﺎ. ﻓﻘﺎل ﻧﺤﻤﻴﺎ" :اﺳﻤﺢ ﱄ ﻳﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﻼﻟﺔ أن أذﻫﺐ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ﻷين أرﻳﺪ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء ﺳﻮر اﳌﺪﻳﻨــﺔ" .ﻓﻮاﻓﻖ اﳌﻠﻚ ﻋــﲆ ﴍط أن ﻳﺤﺪد ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻣﻮﻋﺪ ﻋﻮدﺗﻪ إﱃ ﻗﴫ اﳌﻠﻚ .ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻊ اﻟﺮب ﺻﻼة ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺴــﻤﻊ ﺻﻼة اﳌﻀﻄﺮ اﻟﺪاﻋــﻲ ﻣﻦ أﻋــامق ﻗﻠﺒﻪ ﺣﺘــﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺰوﺟﻦ رﺟﺎﻻً وﺛﻨﻴني. ﻓﺎﻧﺰﻋﺞ ﻋﺰرا ﺟــﺪًا ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺨﱪ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﺧﻄرية وﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﳌــﺎ ﻧﻬﻰ اﻟﺮب ﻋﻨﻪ. ﻓﺬﻫﺐ ﻋــﺰرا إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ وﺗﺴــﺎءل اﻟﻨﺎس ﻣﺎ ﻋﺴــﺎه ﻳﻔﻌﻞ؟ اﻧﻈﺮ ،ﻟﻘﺪ ﻣــﺰق ﺛﻴﺎﺑﻪ وﻧﺘﻒ ﺑﻌﺾ ﺷﻌﺮ رأﺳﻪ وﺟﻠﺲ ﺣﺰﻳﻨًﺎ ﺑﺎﻛ ًﻴﺎ. وﺷــﻮﻫﺪ ﻋﺪد ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﻬﺬه اﻟﺤﺎل ﻓﺨﺎﻓــﻮا وارﺗﻌﺒــﻮا وﻫﻢ ﻳﻌﺮﻓــﻮن اﻵن ﺣﺠﻢ ﺧﻄﻴﺌﺘﻬﻢ ،وﻋﻨﺪ اﳌﺴــﺎء رﻛﻊ ﻋﺰرا ﺑﺨﺸــﻮع وﻓﺘــﺢ ﻳﺪه ﻧﺤﻮ اﻟﺴــامء ّ وﺻﲆ ﻗﺎﺋــ ًﻼ" :ﻟﻘﺪ
أﺧﻄﺄﻧﺎ ﻧﺤﻮك أﻳﻬﺎ اﻹﻟﻪ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻓﻈﻴﻌﺔ وأﻧﺖ اﻹﻟــﻪ اﻟﺬي أﻇﻬﺮت ﺻﻼﺣــﻚ إذ أرﺟﻌﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﺴﺒﻲ وﻧﺤﻦ ﻧﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﺗﺄدﻳﺐ وﻋﻘﻮﺑﺔ ﻓﺄﻧﺖ اﻟﻌﺎدل وﻧﺤﻦ اﳌﺬﻧﺒﻮن" .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳــﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻋامر ﻫﺬه اﻟﺼﻼة ﺑﺪؤوا ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء رﺟﺎﻻً وﻧﺴــﺎء وأﻃﻔــﺎﻻً وﻗﺎل أﺣﺪﻫﻢ ﻟﻌــﺰرا ﺑﻌــﺪ أن اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ اﻟﺼــﻼة" :ﺻﺤﻴﺢ إﻧﻨﺎ أﺧﻄﺄﻧﺎ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻋﲆ اﺳــﺘﻌﺪاد ﻟﻠﻄﺎﻋﺔ ﻣﻬام ﻛ ّﻠﻒ ذﻟﻚ ،وﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻼﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻮﺛﻨﻴﺎت. ﻓﻮاﻓﻖ ﻋﺰرا وﺑﻌﺚ ﻣﻨﺪوﺑني ﻟﻜﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد ﻟﺪﻋﻮة اﻟﻨــﺎس ﻟﻠﻤﺠﻲء إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ ،وﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﻳــﺎم اﻣﺘﻸت ﺳــﺎﺣﺔ اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﺑﺎﻵﻻف ﻣــﻦ اﻟﻨﺎس وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴــامء متﻄــﺮ وﻣﻊ ﻫﺬا اﺣﺘﺸــﺪوا واﻋﱰﻓــﻮا ﻋﻠﻨًــﺎ أﻣﺎم ﻋــﺰرا ﺑﺄﻧﻬﻢ أﺧﻄــﺆوا إﱃ اﻟﻠﻪ وﻗﺪ أدرﻛﻮا ﻓﻈﺎﻋﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ووﻋــﺪوا ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ زوﺟﺎﺗﻬــﻢ ﺛﻢ ﻋﺎدوا ﺟﻤﻴ ًﻌــﺎ إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻌ ًﻼ ﻓﻘﺪ اﻧﻔﺼﻞ اﻟﺮﺟﺎل ﻋﻦ زوﺟﺎﺗﻬﻢ اﻟﻮﺛﻨﻴﺎت وﺣﺘﻰ ﻋﻦ اﻷوﻻد اﻟﺬﻳﻦ وﻟــﺪوا ﻣﻨﻬﻦ ﻷﻧﻬﻢ اﻋﱰﻓﻮا ﺑﺨﻄﻴﺌﺘﻬﻢ أﻣﺎم اﻟﺮب .وﻧﺤﻦ إذا ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻧﻌــﱰف ﺑﻬﺎ أﻣــﺎم اﻟﺮب وﻧﱰﻛﻬــﺎ ﻷن اﻟﻄﺎﻋﺔ وﻟﻴﺪة اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ إﻳﺎه اﻟﺮب. وﻧﺤــﻦ ﻧﺤﺘﺎج ذﻟﻚ ﻟﺬا ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻫﺬه اﻟﻬﺒﺔ اﳌﺒﺎرﻛﺔ. ١٤٧
.٦٨اﻟﻌﻮدة إﱃ ﻛﻨﻌﺎن ﺑﻘﻴﺎدة ﻋﺰرا )ﻋﺰرا ٧و ٨و (٩ ﺗﺬﻛــﺮ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴــﺪ ّأن ﻋﺪدًا ﻏﻔــ ًريا ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺴﺒﻲ ﻋﺎدوا ﺳــﺎﺑ ًﻘﺎ ﻣﻦ ﺑﺎﺑﻞ ﺑﻘﻴﺎدة زرﺑﺎﺑﻞ ورﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻳﻬﻮﺷــﻊ ،وﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴــني ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳ ًﺒــﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة اﻷوﱃ ﻳﺘﺄﻫﺐ ﺧﻤﺴــﻮن أﻟ ًﻔﺎ آﺧﺮون ﻟﻠﻌﻮدة مبﻮاﻓﻘﺔ اﳌﻠﻚ أرﺗﺤﺸﺴﺘﺎ ﻋﲆ ﻏﺮار اﳌﻠﻚ ﻛﻮرش ﻛام ﻣ ّﺮ ﻣﻌﻨﺎ وﻫﻮ اﻟﺬي ز ّود اﻟﻌﺎﺋﺪﻳــﻦ ﺑــﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟــﻮن ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺬﻫــﺐ واﻟﻔﻀﺔ ،ﻓﻜــﻢ ﻛﺎن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻋﻄﻮ ًﻓﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻘﺪ وﺿﻊ اﻟﺮب اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﺗﺠﺎه ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﺐ. وﻣﻦ ﺳﻴﻜﻮن اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻫﺬه اﳌﺮة؟ إﻧﻪ ﻋﺰرا اﻟﻜﺎﻫﻦ واﻟﻜﺎﺗــﺐ واﳌﻌ ّﻠﻢ ﻟﻠﴩﻳﻌــﺔ ،ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻜﻔﺎءة اﻟﻌﺎﻟﻴــﺔ واﻟﺨــﺎدم اﻷﻣــني ﻟﻠﺮب .وﻗــﺪ ﺗﺮﻳﺚ ﺑﺎﳌﻐﺎدرة إذ ﻃﻠﺐ أوﻻً ﻣﺸﻴﺌﺔ اﻟﻠﻪ وﺣامﻳﺘﻪ ﻟﻬﻢ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻮدة ﻷن اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻣﺨﺎﻃﺮﻫﺎ ﻛﺜرية مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻗﻄﺎع اﻟﻄﺮق ،ﻟﺬا ﺧﺼﺼﻮا ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻟﻠﺼﻼة ﻋﻨﺪ ﺿﻔﺔ اﻟﻨﻬﺮ. وﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻋﺰرا أن ﻳﻄﻠﺐ ﺟﻨﻮدًا وﺣ ّﺮ ًاﺳــﺎ ﳌﺮاﻓﻘﺘﻬــﻢ ومل ﻳﻜﻦ اﳌﻠﻚ ﻟﻴﺒﺨــﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻄﻠــﺐ وﻟﻜﻦ ﻋــﺰرا ﺧﺠﻞ ﻣــﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ إذ ﺳــﺒﻖ وأﺧﱪ اﳌﻠﻚ ّ ﺑــﺄن اﻟﺮب ﻫﻮ اﻟﺤﺎﻣــﻲ واﻟﺤﺎﻓﻆ ﻟﺸــﻌﺒﻪ ،وﻟﺬا مل ﻳﺸــﺄ أن ﻳﻈﻬﺮ ﻧﻔﺴــﻪ أﻣﺎم اﳌﻠﻚ وﻛﺄﻧــﻪ ﻏري واﺛﻖ مبﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺳﺎﺑ ًﻘﺎ. واﻧﻄﻠﻘﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻧﺤﻮ ﻛﻨﻌﺎن وﻗﺪ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ١٤٦
ﻗﺮاﺑﺔ اﻷرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ووﺻﻠﻮا ﺑﺴﻼم إذ ّأن ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻟﻠﻪ ﻛام آﻣﻨﻮا ﺣﻔﻈﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ اﳌﺨﺎﻃﺮ .وأول ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮه أﻧﻬﻢ ﺗﻮﺟﻬــﻮا إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻟﻴﻘﺪﻣﻮا ذﺑﺎﺋﺢ ﺷﻜﺮ ﻟﻠﺮب. وﺳﻤﻊ ﺳــﻜﺎن أورﺷــﻠﻴﻢ ﺑﺨﱪ اﻟﻮﺻﻮل وﻫﻢ ﻳﻌﺮﻓــﻮن أﻣﺎﻧﺔ ﻋﺰرا وﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﺮب اﻹﻟﻪ وﺟﺎء وﺟﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺸــﻌﺐ إﱃ ﻋﺰرا وﰲ ﻓﻤﻬﻢ ﺧﱪ ﻣﺰﻋــﺞ وﻫﻮ ّأن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣــﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ مبﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﺗﺰوﺟﻮا ﻧﺴــﺎء وﺛﻨﻴــﺎت ،وﺣﺘﻰ ﱠإن ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﻌﱪاﻧﻴﺎت
ﻋ ّﻤــﺖ اﻟﻔﺮﺣﺔ وﻏﻤﺮت ﻗﻠﻮﺑﻬــﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ورأى ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻟﺮب اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺑﻬﻢ. وأﺧــﺬوا ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺠﺪ وﻧﺸــﺎط ﺣﺘﻰ اﻛﺘﻤﻞ ﺑﻨــﺎء اﻟﻬﻴــﻜﻞ ودﺷــﻨﻮه ﺑﺎﻟﺬﺑﺎﺋــﺢ واﻹﻛﺮام ﺧﺼﻮﺻــﺎ ّ وأن ﺑﻬــﺎء اﻟﺒﻴــﺖ ﻛﺎن ﻛﺒﻬﺎﺋﻪ أﻳﺎم ً ﺳــﻠﻴامن وﻋﻤﺖ اﻟﻔﺮﺣﺔ ﻗﻠــﻮب اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﺑﻞ ﻫﻞ ﺗﻌﻠــﻢ ﻣﺎذا ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﺣﺠــﻲ؟ ﻗﺎلّ : "إن ﺑﻬﺎء ﻫﺬا اﻟﺒﻴــﺖ اﻵن أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺑﻬﺎﺋﻪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﰲ أﻳــﺎم ﺳــﻠﻴامن" ﻓــامذا ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ؟
ّأن ﻣﻦ ﻳﺮى اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﺳــﻴﺪرك اﻟﺒﻬﺎء اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،واﻟﺒﻬﺎء اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ اﻟﺮب ﻧﻔﺴــﻪ. اﺑﻦ اﻟﻠﻪ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﺗﺠﺴــﺪ وﺳﻴﺪﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﻛﻄﻔﻞ ﺛﻢ ﻛﺼﺒﻲ ﻋﻤــﺮه إﺛﻨﻰ ﻋﴩ ﻋﺎ ًﻣــﺎ ﺛﻢ ﻳﺪﺧﻞ وﻫــﻮ ﰲ اﻟﺜﻼﺛني ﻟﻴﻄﻬﺮه ﻷن اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻃﺎﻫ ًﺮا ﻓﻬﻮ ﻣﺴــﻜﻦ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﲇ .وﳌﺎذا ﺗﺠﺴﺪ؟ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﻋﺎر اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻋﻨﺎ وﻳﺨ ّﻠﺺ اﻟﺨﻄــﺎة ﻧﻈريﻧﺎ وميﻨﺤﻨﺎ اﻟﻘﻠﻮب اﻟﺠﺪﻳــﺪةّ ، ﻷن ﻫﺬه ﻫــﻲ إرادﺗﻪ وﻫﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﻫﺬا اﻟﻴــﻮم وﺳــﻴﻌﻤﻠﻪ ﻛﻞ ﻳــﻮم ﻻ ﺑﻞ ﻳﺮﻳﺪ ﻗﻠﻮب اﻟﺒﴩ اﳌﻠ ّﻮﺛﺔ ﻟﻴﻄﻬﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ...
١٤٥
.٦٧إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ )ﻋﺰرا ٤و ٥و (٦ ُوﺿــﻊ ﺣﺠﺮ اﻷﺳــﺎس وﺑﺪأ اﻟﻌﻤــﻞ اﻟﺠﺎد ﰲ إﻋــﺎدة ﺑﻨﺎء وإﻋــامر اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻋﲆ أﺳﺎﺳــﺎت ﻣﺘﻴﻨﺔ ،وإذا ﺑﻘﻮم ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻣﺮﻳني ﺟﺎؤوا وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻴﻬﻮﺷﻊ وزرﺑﺎﺑﻞ" :ﻧﺮﻳﺪ اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ ﰲ اﻹﻋامر ﻷﻧﻨــﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺮب ﰲ ﻫــﺬا اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻛام أﻧﺘﻢ ً أﻳﻀﺎ" .ﻟﻜﻦ زرﺑﺎﺑﻞ وﻳﻬﻮﺷﻊ ﻫﺰا رأﺳﻴﻬام ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﻗﺎﺋﻠني" :ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻌﻮﻧﺔ وﻻ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻣﻦ أﺣﺪ ،ﺑﻞ ﻧﺤﻦ وﺣﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﺒﻨﻲ ﻷن اﳌﻠﻚ ﻛﻮرش ﻫﻜﺬا أوﴅ". ﳌﺎذا ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮن اﳌﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻣﺮﻳني؟ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺮب ﻋﲆ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ، وﻟﻬﻢ أوﺛﺎﻧﻬﻢ .ﻓﺈن ُﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﳌﺸﺎرﻛﺔ ﺟﻠﺒﻮا أوﺛﺎﻧﻬــﻢ ﻣﻌﻬﻢ ،ﻟــﺬا ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ اﻻﺳــﺘﻐﻨﺎء ﻋــﻦ ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﻢ .ﻓﻐﻀــﺐ اﻟﺴــﺎﻣﺮﻳﻮن ﺟﺪًا وﻃﻔﻘﻮا ﻳﺰﻋﺠﻮن ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ اﳌﻨﻬﻤﻜني ﰲ إﻋﺎدة ﺑﻨــﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ وإن أﻣﻜﻨﻬﻢ ﺳــﻴﻮﻗﻔﻮن ﻋﻤﻠﻴــﺔ اﻟﺒﻨﺎء ﻛﻠ ًﻴﺎ .وﻗــﺪ ﻓﻌﻠﻮا أﻛرث ﻣﻦ ذﻟﻚ ً ﻣﻌﺮوﺿــﺎ ﻟﻠﻤﻠﻚ اﻟﻔﺎرﳼ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ إذ ﻛﺘﺒﻮا ﺗﺤــﺖ ﺳــﻠﻄﺎﻧﻪ ﻷن اﳌﻠــﻚ ﻛــﻮرش ﻛﺎن ﻗﺪ ﺗﻮﰲ وﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻠﻚ ﺟﺪﻳــﺪ اﻵن ،واﺗﻬﻤﻮا ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ رﺳــﺎﻟﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻤﺮد ﻋــﲆ اﳌﻠﻚ إذا أﻛﻤﻠﻮا ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺳﻴﻌﻠﻨﻮن اﻟﻌﺼﻴﺎن ﻋﲆ اﳌﻠﻚ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮأ اﳌﻠﻚ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أﻣﺮ ﺑﺈﻳﻘﺎف اﻟﻌﻤــﻞ ﻓﻮ ًرا ،ﻓﺘﻮﻗــﻒ اﻟﻌﻤﻞ وﻋﺎد ﺑﺎﺋﺴﺎ إﱃ اﻟﺒﻴﻮت ،ﻓﻴﺎ اﻟﺸﻌﺐ ﺣﺰﻳﻨًﺎ ﻣﻜﺴﻮ ًﻓﺎ ً ﻟﻠﺤــﺰن واﻷﳻ .وﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء أرﺳــﻞ اﻟﺮب ١٤٤
ﻧﺒﻴني ﻟﻠﺸــﻌﺐ ﻫام ﺣﺠﻲ وزﻛﺮﻳﺎ ﻓﻄﻠﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس اﻟﻌــﻮدة إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺑﻨــﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ. ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻠــﻪ وﻫﻮ ﻳﺘﻜﻔﻞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻗﻲ ﻷﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴــﻠﻄﺎن ،ﻓﻌﺎد اﻟﺸــﻌﺐ ﻓﻮ ًرا إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﲆ رﺳــﺎﻟﺔ اﻟﺮب ﻟﻬﻢ ﻋﲆ ﻟﺴﺎن ﺣﺠﻲ وزﻛﺮﻳﺎ .ﻓﺴــﻤﻊ ﻣﻠﻚ ﻓﺎرس ﺑﺎﻷﻣﺮ ،وﻻ ّ ﺷﻚ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أي ﻣﻦ اﻟﺴــﺎﻣﺮﻳني،ﻟﻜﻨﻪ ﻋﻠﻢ ً أﻳﻀﺎ وﺗﺄﻛﺪ ّأن اﳌﻠﻚ اﻟﺮاﺣﻞ ﻛﻮرش ﻫﻮ ﻣﻦ ﺳــﻤﺢ ﻟﻬﻢ وﻫﻮ اﻟــﺬي أﻋﻄﺎﻫﻢ ّ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﻘﺎل: "إ ًذا ﻓﻠﻴﺘﺎﺑﻌﻮا اﻟﺒﻨﺎء ﺑﺤﺴﺐ اﳌﻮاﻓﻘﺔ اﳌﻌﻄﺎة ﻣﻦ اﳌﻠﻚ ﻛﻮرش وﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻷﺣﺪ ﺑﺄن ﻳﻌﱰض ﻃﺮﻳﻘﻬــﻢ ،وﻟﻬــﻢ اﻟﺤــﻖ ﰲ ﴍاء ّ ﻛﻞ اﳌــﻮاد اﻟﻼزﻣﺔ وﻣﻨﺤﻬﻢ ﻫﺒﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻟﴩاء اﻷﺧﺸــﺎب واﻟﺤﺠﺎرة وﺣﺘﻰ اﳌﺎﺷــﻴﺔ ﻟﻠﺬﺑﺎﺋــﺢ ،وﻫﺎ ﻗﺪ
ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ. واﻧﻄﻠﻘــﺖ اﻟﺪﻓﻌﺔ اﻷوﱃ ﺑﻘﻴﺎدة زرﺑﺎﺑﻞ وﻫﻮ ﻣــﻦ ﺳــﻼﻟﺔ داود ،ورﺋﻴــﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻳﻬﻮﺷــﻊ واﺳــﺘﻐﺮﻗﺖ اﻟﺮﺣﻠــﺔ ﻋﺪة ﺷــﻬﻮر ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻛﺎن ﰲ ﻋﻮﻧﻬــﻢ ﻓﺄﺣﺎط ﺑﻬﻢ ﺑﻌﻨﺎﻳﺘﻪ وﺣامﻳﺘﻪ ﻓﻮﺻﻠﻮا ﺑﺴﻼم إﱃ ﻛﻨﻌﺎن .وﺑﺪؤوا ﺑﺎﻹﻗﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﻘــﺮى وﴍﻋﻮا ﰲ إﻋﺎدة اﻹﻋــامر ﺛﻢ ارﺗﺤﻠﻮا إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ مبﻮاﻓﻘﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﻴﺚ ّأن اﻟﺒﻴﻮت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﺪﻣﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺴﻮر ً أﻳﻀﺎ وﺻﻌﺪوا إﱃ اﻟﺠﺒﻞ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻬﻴــﻜﻞ وﻫﻮ ﺧﺮاب ً أﻳﻀﺎ. ﻛﻴﻒ وﻣــﻦ أﻳﻦ ﻳﺒــﺪؤون؟ ﴍﻋﻮا ﺑﺤﺴــﺐ ﴍﻳﻌﺔ اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ اﻟﺘــﻲ أﻣﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺮب أوﻻً ﺑﺒﻨﺎء اﳌﺬﺑﺢ ﰲ ﻧﻔﺲ ﻣﻜﺎﻧﻪ اﻟﺴــﺎﺑﻖ متﺎ ًﻣﺎ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﻬــﺰ ﻗ ّﺪم اﻟﻜﻬﻨﺔ ذﺑﺎﺋﺢ ﻋﲆ اﳌﺬﺑﺢ اﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻓﻤــﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا ﺗﻌﻮد ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻜﻬﻨﻮت إﱃ
ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪﻫﺎ وﺑﻘﻲ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻫﺬه ﻫــﻲ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺘﺎﻟﻴــﺔ .إﻧﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﺷــﺎﻗﺔ ﺑﻼ ﺷــﻚ ،وﻟﺬا ﺑﺪؤوا ﺑﻮﺿﻊ ﺣﺠﺎرة اﻷﺳﺎس اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻌﻮﻫــﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻟﺘﻜﻮن اﻷﺳــﺎس اﳌﺘني واﻧﺘﻬﻮا ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺟﻬﺪ ﺟﻬﻴﺪ ،وﻋﺎد اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﻼوﻳﻮن ﺑﻠﺒﺎﺳــﻬﻢ اﻷﺑﻴﺾ اﳌﺼﻨﻮع ﻣــﻦ اﻟﻜﺘّــﺎن وﺑﺄﺑﻮاﻗﻬﻢ وآﻻﺗﻬﻢ اﳌﻮﺳــﻴﻘﻴﺔ ﻳﺼﺪﺣــﻮن ﺑﺄﻋﺬب اﻟﱰاﻧﻴﻢ واﻷﻧﺎﺷــﻴﺪ ،إﻧﻬﻢ ﻳﺤﺘﻔﻠــﻮن ﺑﻮﺿﻊ ﺣﺠﺮ اﻷﺳــﺎس ﻓﺠﺎء اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻣﺎﻛﻦ ﻟﻴﺸﺎرﻛﻮا ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﻔﻞ اﻟﺒﻬﻴﺞ ﻓﺴﺒﺤﻮا اﻟﻠﻪ وﻣﺠﺪوه ﻣﻦ أﺟﻞ أﻧﻌﺎﻣﻪ وﺻﻼﺣﻪ ﻷﻧﻪ ﺣﻘﻖ ﻟﻬﻢ اﻷﻣﺎين ودﺑﺮ ﻟﻬﻢ ﺳﺒﻞ اﻟﻌﻮدة وإﻋﺎدة اﻹﻋامر وﻋﲆ رأس ذﻟﻚ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ. ﻓﻬﻞ ﻛﺎن ﻛﻞ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ﻣﴪورﻳﻦ؟ ﻛﻼ ،ﻓﺈن اﻟﻌﺠﺎﺋﺰ واﳌﺴــﻨني اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻴﺸــﻮن ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻛﺎﻧﻮا ﺻﻐﺎر اﻟﺴــﻦ ﻓﻴﺬﻛﺮون ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن أﺟﻤــﻞ إذ ﺑﻨﺎه ﺳــﻠﻴامن وﺣﺘــﻰ أﻳﺎﻣﻬﻢ ﻗﺒﻞ ذﻫﺎﺑﻬﻢ إﱃ اﻟﺴــﺒﻲ ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﺮوﻋﺘﻪ اﻷﺧﺎذة ،ﻟﺬا ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺒﻜﻮن إذ ﻳﻘﺎرﻧﻮن اﳌﺎﴈ ﺑﺎﻟﺤﺎﴐ .أﻣــﺎ اﻟﺒﺎﻗﻮن اﻟﺬﻳﻦ وﻟــﺪوا ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺴﺒﺤﻮن اﻟﻠﻪ ﺑﻔﺮح وﺳﻌﺎدة. وإﻧــﻪ ﻟﻴﺘﻮﺟﺐ ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴــﻊ أن ﻳﻌﺒﺪوا اﻟﻠﻪ ﻷﻧــﻪ ﺻﺎﻟــﺢ ﻟﻠﻜﻞ .ﻫــﻞ ﺗﻌــﺮف ﻛﻴﻒ ﻫﻲ اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴــﺔ؟ إﻧﻬﺎ ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻣﺘﻼك اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺸﻜﻠﻪ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس وﺑﻪ ﻓﻘﻂ ﻧﺸﺘﺎق ﺑﻞ ﻧﺘﻮق إﱃ ﺗﺴﺒﻴﺤﻪ. ١٤٣
.٦٦اﻟﻌﻮدة إﱃ ﻛﻨﻌﺎن )ﻋﺰرا ١و (٢ ﻛﺎن اﻵﻻف ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺴﺒﻲ اﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﰲ أﻳﺎم ﱠ اﻟــﺬي اﻗﺘﺎدﻫــﻢ أﴎى إﱃ ﻋﺎﺻﻤﺘــﻪ ﺑﻌﺪ أن اﺟﺘﺎح أورﺷــﻠﻴﻢ .وﻣــﺎت اﻟﻜﺜري ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﺑﻼد اﻟﺴــﺒﻲ إﻻ ّأن أوﻻدﻫــﻢ وأﺣﻔﺎدﻫــﻢ وﻟﺪوا وﺗﺮﻋﺮﻋﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﻷن اﻟﺴــﺒﻲ اﻟﺒﺎﺑﲇ دام ﺳﺒﻌني ﻋﺎ ًﻣﺎ ،وﻗﺪ ﺣﺎن وﻗﺖ ﻋﻮدﺗﻬﻢ ﺑﺤﺴﺐ وﻋﻮد اﻟــﺮب اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻌﻬــﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺧــﻼل اﻷﻧﺒﻴﺎء واﳌﺮﺳــﻠني .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺳــﻴﻄﺮ اﻟﻔﺮس ﻋﲆ ﺑﺎﺑﻞ واﻋﺘﲆ ﻛــﻮرش اﻟﻔﺎرﳼ ﻋــﺮش اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ ﻃﻠــﺐ ﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻴﻪ إﺑﻼغ رﺳــﺎﻟﺔ ﻟﺮﻋﺎﻳﺎه ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ أﻳﻨام ﻛﺎﻧﻮا ﰲ أﻧﺤﺎء اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬــﺎ" :ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻌﻮدة إﱃ أرض ﻛﻨﻌﺎن وإﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ أورﺷﻠﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻫﻴﻜﻞ اﻟﻠﻪ وﻳﺴﺎﻫﻢ ﰲ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻌﻮد .ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ ﺗﺒﻌﺚ ﻋﲆ اﻟﻔﺮح ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﺒﻴني. ﻫﺬا وﻗﺪ ﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ اﳌﻠﻚ ﻛﻮرش ﺑﺄن ﻳﺼﻄﺤﺒﻮا ﻣﻌﻬﻢ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻮز واﻟﻨﻔﺎﺋﺲ اﻟﺘﻲ ﺳﻠﺒﻬﺎ
١٤٢
ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻣﻦ ﻫﻴﻜﻞ اﻟﺮب ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ أي ﱠ آﻻف اﻷوﻋﻴــﺔ واﻟﻜﺆوس واﻷﺑﺎرﻳﻖ واﻟﺼﺤﻮن اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ واﻟﻔﻀﻴﺔ .وﳌﺎذا ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﻠﻄﻒ ﻣﻦ اﳌﻠــﻚ ﻛﻮرش؟ ّإن اﻟﺮب ﻫﻮ ﻣﻦ وﺿﻊ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻫﺬا اﻟﺤﻨﺎن ﺗﺠﺎه ﺷــﻌﺒﻪ ،ﻟﺬا ﻏﺎدرت اﻟﺪﻓﻌﺔ اﻷوﱃ ﻣــﻦ اﻟﻌﺎﺋﺪﻳــﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰﻳــﺪ ﻋﺪدﻫﻢ ﻋﲆ ٤٢٠٠٠ﺷــﺨﺺ ﻣﻊ دواﺑﻬﻢ وﻣﻮاﺷــﻴﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺑﻼدﻫﻢ اﻷﺻﻠﻴــﺔ .ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻋﺎد ﻛﻞ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴــﻞ؟ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻻ ،ﻓﺒﻌﻀﻬــﻢ ّ ﻓﻀﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﻷن اﻷﺣﻮال ﻣﺴــﺘﻘﺮة ﻫﻨــﺎك وﻻ رﻏﺒﺔ ﻟﺪﻳﻬــﻢ ﰲ إﻃﺎﻋــﺔ اﻟﺮب وﺧﺪﻣــﺔ ﻫﻴﻜﻠﻪ .ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺎر .ﻟﻜﻦ اﳌﻠﻚ أﺟﱪﻫﻢ ﻋﲆ ﺗﺰوﻳﺪ أﺧﻮﺗﻬﻢ اﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻴﻪ ،ﻷن رﺣﻠﺔ اﻟﻌﻮدة ﻃﻮﻳﻠﺔ وﺷــﺎﻗﺔ ً وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻋﺎدة
وﺗﻨﻔﺬ وﻻ ﺗﺴــﺘﻄﻴﻊ أﻳﺔ ﻗــﻮة أن متﻨﻌﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﻷﻧﻪ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻜﻮن ﺑﺄﴎه. وﺑﻌﺪ ﻗﺮون وﻟﺪ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ وﻟﻬﺬا ﻧﺤﺘﻔــﻞ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻴﻼده وﻛﺄﻧﻨﺎ ﻧﺤﺘﻔﻞ ﺑﺎﻟﻔﻮرﻳﻢ، ﻷن اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻗﺪ ﺻﺎر ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻹﻧﻘﺎذ ﻣﻦ اﳌﻮت ،ود ُِﺣﺮ اﻟﻌﺪ ّو وﻓﺸــﻠﺖ ﺧﻄﺘﻪ ﻹﻫﻼك اﻟﺒﴩ ،واﻟﺮب ﻳﺴﻮع أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن.
واﻟﺮب ﻳﻌﻤــﻞ وﻳﺄيت ﺑﺎﻟﻜﺜريﻳﻦ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻮﺑﺔ واﻹميﺎن ،وﻟﻬﺬا ﻧﺤﺘﺎج ﻷن ﻧﻘﻮل دامئًﺎ: "اﻗﺒﻠﻨﻲ ﻳﺎ رب أﻧﺎ اﻟﺨﺎﻃﺊ اﻟﻬﺎﻟﻚ ﻓﺄرﻛﻊ أﻣﺎﻣﻚ وأﺗﺤﺮر ﺑﻘﻮﺗﻚ ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ واﻟﺸــﻴﻄﺎن، واﺟﻌﻠﻨــﻲ اﺑﻨًﺎ ﻟــﻚ" .أو إذا ﻛﻨــﺎ ﻃﻠﺒﻨﺎ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﻘﻮل" :أﺷــﻜﺮ ﻳــﺎ رب ﻧﻌﻤﺘﻚ اﻟﺘﻲ ﺧ ّﻠﺼﺘﻨﻲ وﺟﻌﻠﺘﻨﻲ اﺑﻨًﺎ ﻟﻚ".
وﻟﻬﺬا ﻳﻘﻮل اﻵب اﻟﺴاموي" :ﻟﻘﺪ أرﺳﻠﺖ اﺑﻨﻲ اﳌﺨ ّﻠﺺ ﻟﻴﺤ ّﻮل اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا أﺑﻨﺎء اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ إﱃ أﺑﻨﺎء ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ اﻟﺴاموﻳﺔ وﻫﻢ أﺑﻨﺎء اﻟﻠﻪ". ّإن ﻫــﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﳌﻌﺠﺰي اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺎ زال ﻗﺎ ًمئﺎ
١٤١
.٦٥ﻳﻮم ﺧﺎص ،ﻋﻴﺪ اﻟﻔﻮرﻳﻢ )أﺳﺘري (٩ ﺻﺎر ﻳــﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ ﻣــﻦ آذار ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻣﻤ ّﻴﺰًا ً ﻋﻮﺿــﺎ ﻋــﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻣﺸــﺆو ًﻣﺎ ﻳﺒﺎد ﺑﻪ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﺑﺤﺴــﺐ اﻟﺨﻄــﺔ اﻟﴩﻳﺮة اﻟﺘﻲ رﺳﻤﻬﺎ ﻫﺎﻣﺎن وﻓﺸﻠﺖ إذ اﻧﻘﻠﺐ اﻟﺴﺤﺮ ﻋﲆ اﻟﺴــﺎﺣﺮ .وﻗﺎم ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن مبﻈﺎﻫﺮ ﻗﻮﻳــﺔ ،وﺻﺎرت رﻫﺒﺘﻬﻢ ﻗﻮﻳــﺔ ﻋﲆ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺎدوﻧﻬﻢ وﺻــﺎرت ﻣﻘﺘﻠﺔ ذﻫﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻤﺲ ﻣﺌﺔ ﻣﻦ أﻫﺎﱄ ﺷﻮﺷﻦ اﳌﻌﺎدﻳﻦ ﻟﻬﻢ مبﻦ ﻓﻴﻬﻢ أوﻻد ﻫﺎﻣﺎن اﻟﻌﴩة. ودﻋﺎ اﳌﻠﻚ أﺳﺘري ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ وﺳﺄل إن ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻄﻠﺐ آﺧﺮ ﻓﻄﻠﺒﺖ ﻳﻮ ًﻣﺎ إﺿﺎﻓ ًﻴﺎ ﻟﻴﺘﻤﻜﻦ ﺷــﻌﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻪ ﻓﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ . وﻫﻜﺬا ﺗﻢ ﻓﻘﺘﻠﻮا ﺛﻼث ﻣﺌﺔ ﺷﺨﺺ ﰲ ﺷﻮﺷﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤــﺔ ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻣني اﺣﺘﻔﻞ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨــﴫ وﺻﺎر اﻟﻌﻴﺪ ﺗــﺬﻛﺎ ًرا ﺳــﻨﻮ ٍّﻳﺎ ﻟﻺﻧﻘﺎذ اﻹﻟﻬﻲ ،ﻫﻜﺬا أﻣــﺮ ﻣﺮدﺧﺎي ،وﻫﻮ ﻳﻮم ﻋﻄﻠﺔ واﺣﺘﻔﺎﻻت وﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎت ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا .ﻓام اﺳــﻢ ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن ﺑﻪ؟ اﺳــﻤﻪ اﻟﻔﻮرﻳﻢ .وﻣــﺎذا ﺗﻌﻨﻲ ﻫــﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ؟ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻘﺮﻋــﺔ أو اﻟﻨﺼﻴﺐ ،ﻷن ﻫﺎﻣــﺎن أﻟﻘﻰ ﻗﺮﻋﺔ ﻟﻴﺨﺘﺎر اﻟﻴﻮم اﳌﻨﺎﺳــﺐ ﻹﺑﺎدﺗﻬﻢ .ﻓﺘﺤﻮل ﻫﺬا اﻟﻴــﻮم ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺮب ﻣﻦ ﻳﻮم ﻣﺸــﺆوم إﱃ ﻳﻮم إﻧﻘﺎذ ﺳــﻌﻴﺪ .وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ر ّﻓﻊ اﻟﺮب ﻣﻜﺎﻧﺔ أﺳــﺘري وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻠﻜــﺔ وﺻﺎر ﻣﺮدﺧــﺎي أرﻓﻊ اﳌﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﳌﻠﻚ. ١٤٠
ﻟﻜﻦ ﳌﺎذا ﻻ ﻳﺴــﻤﺢ اﻟﺮب ﺑﺈﺑﺎدة ﺷﻌﺒﻪ؟ ﻷن اﻟــﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻛﺎن ﺳــﻴﺄيت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺸــﻌﺐ وﻣﻦ ﺳــﻼﻟﺔ داود ﺗﺤﺪﻳــﺪًا وﻟﺬﻟﻚ ﺣــﺎول اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﺑﺎﺳــﺘﻤﺮار أن ميﻨﻊ ﻣﺠﻲء اﳌﺨ ّﻠــﺺ وإمتــﺎم اﻟﻨﺒــﻮءات .وﳌــﺎذا ﺣــﺎول اﻟﺸــﻴﻄﺎن ذﻟﻚ؟ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﺮى ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﺗﺸــﻤﻞ اﻟﺨﻄﺎة وﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻠﻨﺎس اﻟﺨﻄﺎة أن ﻳﻔﻠﺘﻮا ﻣﻦ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ ﻟﻴﺼريوا أﺑﻨﺎء ﻟﻠﺮب. إ ًذا ،ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻄﺔ ﻫﺎﻣﺎن ﻫﻲ ﺧﻄﺔ اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻜﻦ وﻋﻮد اﻟﻠﻪ وإرادﺗﻪ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﺗﺠﺮي
ﻳﻠﻐﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﺮﺳــﻮم اﻟﺴﺎﺑﻖ وﻳﺨﺘﻤﻪ ﺑﺎﻟﺨﺎﺗﻢ اﻟﺬي أﻋﻄــﺎه إﻳــﺎه اﳌﻠﻚ .ﻓﻜﺘــﺐ ﻣﺮدﺧﺎي اﻟﺮﺳــﺎﺋﻞ اﻟﺘــﻲ ﺗﻀﻤﻨﺖ أﻳﻀﺎً ﺣﻖ اﻟﺸــﻌﺐ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻣﺤﺎرﺑﺔ ﻣﻦ ﻳﺤﺎرﺑﻮﻧﻬﻢ واﻏﺘﻨــﺎم ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬــﻢ .واﻧﻄﻠﻖ اﻟﺴــﻌﺎة ﻋﲆ أﻓﻀــﻞ اﻟﺠﻴﺎد ﺑﺄﴎع ﻣــﺎ ميﻜﻦ إﱃ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺼﻞ اﻟﺨﱪ إﱃ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳــﺐ ،وﺻــﺎر ﻣﺮدﺧﺎي ﻳﺪﺧﻞ إﱃ اﻟﻘﴫ وﻳﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﻛﺄﻫﻢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺑﻠﺒﺎس أزرق ﺟﻤﻴــﻞ وﻋﻠﻴﻪ رداء أرﺟﻮاين ...أﻣﺮ راﺋﻊ، وﺻﺎر ﻣﻌﻠﻮ ًﻣﺎ ﰲ ﺷﻮﺷﻦ أﻧﻪ أﻗﺮب اﳌﻘﺮﺑني إﱃ اﳌﻠﻚ وﻛﺒﺎر اﳌﺴﺆوﻟني .وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﺖ رﺳﺎﺋﻞ اﳌﻠﻚ ﻓﺮح اﻟﺸﻌﺐ وزال اﻟﺨﻮف واﻟﺮﻋﺐ ﻣﻦ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ ﻣﻦ آذار ،اﻟﻴﻮم اﳌﺸــﺆوم. وﺗﺤﻮل اﻟﻨﻮح إﱃ ﻓﺮح وﺻﺎر اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺤﱰﻣﻬﻢ ﺣﺘﻰ ّإن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس اﻋﺘﻨﻘﻮا اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮدي راﻏﺒــني اﻻﻧﻀامم إﱃ اﻟﺸــﻌﺐ .وﻳــﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﺨــﺮة .ﻓﻬﻜﺬا ﻳﻌﺘﻨﻲ اﻟﺮب ﺑﺸــﻌﺒﻪ وﻫﻜﺬا ﻳﻨﻘﺬﻫﻢ ﻣﻦ اﳌﺂزق واﻟﺼﻌﺎب ﺣﺘﻰ ﰲ أﺳــﻮأ اﻟﻈــﺮوف ،ذﻟــﻚ ّأن اﻟﺮب ﻳﻘــﺪر أن ّ ﻳﺘﺪﺧﻞ وﻳﺴــﺎﻋﺪ وﻳﻘﺪم اﻟﻌﻮن ،ﻓﻠﻴﺖ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺣ ّﻴ ًﺔ ﻓﻴﻨﺎ وﻻ ﺗﱪح ذاﻛﺮاﺗﻨﺎ.
١٣٩
.٦٤اﻟﺮب ﻳﻌني )أﺳﺘري (٨ ﻣــﺎت ﻫﺎﻣﺎن وﻣﺎﺗﺖ ﻣﻌــﻪ اﻷذﻳﺔ واﻟﴩ ﺿﺪ ﺷــﻌﺐ اﻟــﺮب .وﻣﻨــﺢ اﳌﻠــﻚ ﻛﻞ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎت وﺗــﻢ اﺳــﺘﺪﻋﺎء ﻫﺎﻣــﺎن إﱃ اﳌﻠﻜــﺔ أﺳــﺘريّ . ﻣﺮدﺧﺎي ّ ﻷن أﺳــﺘري أﺧــﱪت اﳌﻠﻚ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻘــﺮىب اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻌﻬﺎ مبﺮدﺧــﺎي وﻋﻦ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ﻋﻢ ﻟﻬﺎ ﺑﻞ ﻛﺄب .وﳌّﺎ وﻗﻒ ﺑﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺠــ ّﺮد ّ ﻣﺮدﺧــﺎي أﻣــﺎم اﳌﻠﻚ ﺧﻠﻊ اﳌﻠــﻚ ﺧﺎمتﻪ ﻣﻦ إﺻﺒﻌــﻪ وﻣﻨﺤﻪ ﻟــﻪ وﻫﻮ اﻟﺨﺎﺗــﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻫﺎﻣﺎن ﻳﻠﺒﺴﻪ ﻷن اﳌﻠﻚ اﺳﱰده ﻣﻨﻪ. ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺳــﻴﺒﻘﻰ اﳌﺮﺳﻮم اﻟﺴــﺎﺑﻖ ﺑﺎﻹﺑﺎدة اﳌﻄﻠــﻮب ﺗﻨﻔﻴﺬه ﰲ اﻟﻴــﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ ﻣﻦ آذار ﺳــﺎري اﳌﻔﻌــﻮل؟ ذﻟﻚ اﳌﺮﺳــﻮم اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﺮﻋﺎﻳﺎ ﺑﻘﺘﻞ أيّ ﻓﺮد ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﺣﻴﺜام ﻳﻜــﻮن ﰲ اﳌﻤﻠﻜﺔ وﺳــﻠﺐ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻪ. ﻓﻬﺬا اﳌﺮﺳــﻮم اﻟﺬي اﺳﺘﺼﺪره ﻫﺎﻣﺎن ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﳌﻠﻚ وﺧﺘﻤــﻪ َ ﺑﺨﺎمتﻪ ﻻ ميﻜﻦ إﺑﻄﺎﻟﻪ ﺑﻞ ﻳﻄﺒﻖ ﺑﺤﺬاﻓريه ،ﻓامذا ﺳﻴﺤﺪث اﻵن؟
١٣٨
دﺧﻠﺖ أﺳﺘري ﰲ ذات ﻳﻮم ﻋﲆ اﳌﻠﻚ ﻓﺄدرك ّأن ﻟﺪﻳﻬــﺎ ﻃﻠ ًﺒﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺗﻠﺒﻴﺘﻪ ،ﻓﻤﺪ اﳌﻠﻚ ﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻪ ﻟﻠﻤﻮاﻓﻘــﺔ ﻋــﲆ اﳌﺜــﻮل ﻟﺪﻳــﻪ ﻓﻄﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﺘﻮﺳــﻞ أن ﻳﺒﻄﻞ ﻣﻔﻌﻮل اﳌﺮﺳﻮم اﻟﺬي ﺻﺪر ٍ ﰲ أﻳﺎم ﻫﺎﻣﺎن ﻣﻨ ًﻌﺎ ﻣﻦ إﺑﺎدة ﺷــﻌﺒﻬﺎ ﻣﺆﻛﺪة ﻋﲆ ّأن "اﳌﻠﻚ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﺈﺑﺎدة ﻛﻬﺬه ﻟﺮﻋﺎﻳﺎه"، ﻟﺬﻟﻚ اﺳــﺘﺪﻋﻰ اﳌﻠﻚ ﻣﺮدﺧﺎي وﻛ ّﻠﻔﻪ ﺑﺈرﺳﺎل رﺳﺎﺋﻞ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﳌﻠﻚ ﻷﻧﺤﺎء اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻛﺎ ّﻓﺔ
ﻋﻠﻢ ّأن اﳌﻠﻚ ﺳــﻴﻘﺘﻠﻪ ،وﻗﺎل ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ" :ﻣﻦ ﺳــﻴﻨﻘﺬين؟ رمبﺎ أﺳــﺘري؟ ﻓﺴــﻘﻂ ﻋﲆ رﻛﺒﺘﻴﻪ وﺗﻮﺳﻞ ﻟﻬﺎ أﻣﺎﻣﻬﺎ وﻫﻲ ﻣﺘﻤﺪدة ﻋﲆ اﻷرﻳﻜﺔ ّ ﺿﺎر ًﻋﺎ أن ﺗﻄﻠﺐ ﻟﻪ اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ ﻏﻀﺐ اﳌﻠﻚ. وﻋﺎد اﳌﻠــﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ،ﻓامذا رأى؟ ﻫﺎﻣﺎن راﻛ ًﻌــﺎ أﻣﺎم اﳌﻠﻜﺔ ﻓﺰاد ﻏﻀﺒــﻪ ﻷﻧﻪ ﻇﻦّ ّأن ﻫﺎﻣــﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺆذي اﳌﻠﻜــﺔ ،وأﻳﻦ؟ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟــﻚ ﰲ ﻗﴫي ﻳﺎ ﻫﺎﻣﺎن؟ ﻓﺄﻣــﺮ ﺧﺪاﻣﻪ ﺑﺄن ﻳﻐﻄــﻮا وﺟﻪ ﻫﺎﻣﺎن ،وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳــﺮاه ﺣ ًﻴﺎ ﺑﻌــﺪ اﻵن ،ﻓﻘﻴــﺪوه وأﺧﺮﺟﻮه ﺧﺎرﺟــﺎ .ﻓﻘﺎل أﺣﺪ ﺧﺪام اﳌﻠــﻚ" :أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ً ﻟﻘﺪ وﺿﻊ ﻫﺎﻣﺎن ﺧﺸــﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﺼﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺮدﺧــﺎي وﻫــﻲ اﻵن ﰲ ﺑﻴﺘــﻪ ،وأﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﻣﺮدﺧﺎي ﺻﺎﺣﺐ اﳌﻌﺮوف اﻟﻜﺒري ﺑﺈﻧﻘﺎذ ﺣﻴﺎة اﳌﻠﻚ" .ﻓﻘﺎل اﳌﻠﻚ" :ﻓﻠﻴﺼﻠﺐ ﻫﺎﻣﺎن ﻋﻠﻴﻬﺎ". أﺳــريا وﺻﻠﺒﻮه ﻓﺄﺧﺬ اﻟﺠﻨﻮد ﻫﺎﻣﺎن إﱃ ﺑﻴﺘﻪ ً ﻋﲆ اﻟﺨﺸــﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﳌﺮدﺧﺎي .وﻫﻜﺬا اﻧﺘﻬﺖ ﺣﻴﺎة ﻋﺪو اﻟﻠﻪ ﻷن اﻟﺮب ﻳﻘﻮل ﳌﺆﻣﻨﻴﻪ ميﺲ ﺣﺪﻗــﺔ ﻋﻴﻨﻲ". ميﺴــﻜﻢ ّ وﺷــﻌﺒﻪ" :ﻣﻦ ّ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ّأن ﻣﻦ ﻳﺆذي ﺷــﻌﺒﻲ ﻳﺆذﻳﻨﻲ أﻧﺎ، وﻣﻦ ﻳﺤﺎرب اﻟﻠــﻪ ﻳﻬﻠﻚ ،متﺎ ًﻣﺎ ﻛام ﺣﺼﻞ ﻣﻊ ﻫﺎﻣﺎن ،وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﺳــﻴﻈﻬﺮ اﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﺮأﻓﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮاﺿﻌﻮن أﻣﺎﻣﻪ.
١٣٧
.٦٣ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺎﻣﺎن )أﺳﺘري (٧ ﻫﺎ ﻗﺪ وﺻﻞ اﳌﻠﻚ وﻣﻌﻪ ﻫﺎﻣﺎن ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إﱃ ﻣﻜﺎن إﻗﺎﻣﺔ اﳌﻠﻜﺔ أﺳﺘري ،وﺑﺪأت اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ، وﺑﻌﺪﻣﺎ ُﻣﻠﺌــﺖ اﻷﻗﺪاح ﺑﺎﻟﻨﺒﻴﺬ ،ﺳــﺄل اﳌﻠﻚ وﻗﺎل" :ﻳﺎ أﺳﺘري ﻣﺎ ﻫﻲ ﻃﻠﺒﺘﻚ ﻣﻨﻲ؟ ﺳﺄﻣﻨﺤﻬﺎ ﻟــﻚ وﻟــﻮ إﱃ ﻧﺼﻒ اﳌﻤﻠﻜﺔ" .ﻓﻜــام ﺗﺮى ّإن اﳌﻠﻚ ﻟﻄﻴﻒ ﺟﺪًا ﻣﻊ أﺳﺘري .واﻵن ﺟﺎء دورﻫﺎ ﻟﺘﴫح مبﺎ ﺗﺮﻳﺪ وﻟﺪﻳﻬﺎ اﻵن ﺷــﺠﺎﻋﺔ أﻛرث ﻣﻦ ّ ذي ﻗﺒﻞ. ﻗﺎﻟــﺖ أﺳــﺘري" :أرﻳﺪ اﻟﺤﻴﺎة ﱄ وﻟﺸــﻌﺒﻲ ،ﻻ ﻧﺮﻳﺪ اﻟﻔﻨﺎء ،أرﺟﻮك ﻻ ﺗﺪﻋﻨﺎ منﻮت ﻷن ﺷﻌﺒﻲ
ﻗﺪ ﺑﻴــﻊ واﻟﻨﺎس ﻳﺮﻳﺪون ﻗﺘﻠﻨــﺎ وﺗﺪﻣريﻧﺎ وﻟﻮ ﺗﻢ ﺑﻴﻌﻨﺎ ﳌﺎ ﺗﺠــ ّﺮأت ﻋﲆ اﻟﻄﻠﺐ ﻛﻨّﺎ ﻋﺒﻴــﺪًا ّ ﻣﻨﻚ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ رﻋﺎﻳﺎك ،ﻓﺄرﺟﻮك ﻻ ﺗﺴــﻤﺢ ﺑﻬﺬا اﻷﻣــﺮ ودﻋﻨﺎ ﻧﻌﻴــﺶ" .ﻓﻔﻮﺟﺊ اﳌﻠــﻚ ﺑﻬﺬا اﻟــﻜﻼم واﻧﺘﻔﺾ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻫﻞ ﻣــﻦ ﻋﺪ ٍو ﻳﺠﺮؤ ﻋﲆ ﻗﺘﻞ اﳌﻠﻜﺔ وﺷﻌﺒﻬﺎ؟ ﻣﻦ ﻳﺠﺮؤ ﻋﲆ إﻳﺬاء واﺿﺤﺎ ﻣﺤﺪدًا". اﳌﻠﻜﺔ؟ ﻣﻦ ﻫﻮ؟ أرﻳﺪ ﺟﻮا ًﺑﺎ ً وﻃﻠﺐ ﻣﻦ أﺳﺘري إﻋﻼن اﺳﻢ اﻟﻌﺪو وأﻳﻦ ﻫﻮ وﻛﻴﻒ ﺳ ّﻮﻟﺖ ﻟﻪ ﻧﻔﺴــﻪ ﻋﻤﻞ ﻫﺬا .ﻓﺄﺷﺎرت أﺳﺘري ﺑﺈﺻﺒﻌﻬﺎ إﱃ ﻫﺎﻣﺎن وﻗﺎﻟﺖ" :اﻟﻌﺪو ﻫﻮ ﻫﺎﻣﺎن اﻟﴩﻳﺮ". ﻓﺎرﺗﺠﻒ ﻫﺎﻣﺎن وﺷــﺤﺐ ﻟﻮﻧــﻪ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺐ، ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ اﳌﻠﻚ اﻵن؟ ﺧــﺮج ﻏﺎﺿ ًﺒﺎ إﱃ ﺣﺪﻳﻘــﺔ اﻟﻘﴫ ،وﺣﺎر ﻫﺎﻣــﺎن ﻓﻴام ﻳﻔﻌﻠﻪ إذ
١٣٦
ﻧــﻮى ﻗﺘﻠــﻪ ﻋﲆ اﻟﺨﺸــﺒﺔ؟ اﻷﻣــﺮ أﻣﺮ ﻣﻠيك ً ﺣﺘــام .واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ّإن اﻷﻣﺮ واﻟﺘﻨﻔﻴــﺬ إﺟﺒﺎري أﻣﺮ إﻟﻬــﻲ ﻷن اﻟﻠﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻣــﺎ ﻳﺮﻳﺪ ،واﻹﻛﺮام ﳌﺮدﺧﺎي إﻛﺮام إﻟﻬﻲ. وﻫﺎ ﻗﺪ وﻗﻒ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﻄﺮﻗﺎت ﻳﺸــﺎﻫﺪون، ﻣﺎذا؟ وﻳﺴــﻤﻌﻮن ،ﻣــﺎذا؟ إﻧﻬﻢ ﻳﺸــﺎﻫﺪون ﻣﺮدﺧﺎي ﺑﺎﻟﻠﺒﺎس اﳌﻠﻮيك ﻣﻊ اﻟﺘﺎج وﻳﺴﻤﻌﻮن ﻫﺎﻣــﺎن ﻳﻨﺎدي" :ﻫﺬا ﻫﻮ إﻛــﺮام اﳌﻠﻚ ﻟﺮﺟﻞ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﻷن اﳌﻠﻚ ﻣﴪور ﺑﻪ".
وأﺻﺪﻗــﺎءه مبﺎ ﺣﺪث .ﻓامذا ﻗﺎﻟــﻮا ﻟﻪ" :ﻻ ﻳﺎ ﻫﺎﻣــﺎن ،أﺗﻀﻌﻒ أﻣــﺎم ﻫﺬا اﻟﺤــﺪث ،أﻧﺖ ﺗﺴﻘﻂ أﻣﺎﻣﻪ وﺗﺴــري ﻧﺤﻮ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﻌﻴﺴﺔ" .ﰲ ﻫــﺬه اﻷﺛﻨﺎء وﺻﻞ ﺧﺪام اﳌﻠﻚ إﱃ ﺑﺎب ﻣﻨﺰل ﻫﺎﻣﺎن ﻟﻴﺼﻄﺤﺒﻮه إﱃ وﻟﻴﻤﺔ اﳌﻠﻜﺔ.
وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻬﻰ اﻟﺤﻔﻞ ﻋﺎد ﻣﺮدﺧﺎي إﱃ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺑﻮاﺑــﺔ اﻟﻘﴫ ،وأ ّﻣﺎ ﻫﺎﻣــﺎن ﻓﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﺒﻴــﺖ ﻣﻄﺄﻃﺄ اﻟﺮأس ﻟﻴﺨــﱪ زوﺟﺘﻪ وأوﻻده
١٣٥
.٦٢اﳌﻜﺎﻓﺄة ﳌﺮدﺧﺎي )أﺳﺘري (٦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻴــﻞ واﻟﺠﻤﻴﻊ ﻧﻴــﺎم إ ّﻻ اﳌﻠﻚ إذ ﻛﺎن ﻏــري ﻗﺎدر ﻋﲆ اﻟﻨﻮم واﻟﻠﻴﻞ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮر اﳌﻠــﻚ أن ﻳﺴــﺘﺪﻋﻲ أﺣﺪ اﳌﻮﻇﻔــني ﻟﻴﻤﴤ اﻟﺴــﻬﺮة ﻣﻌﻪ .مبﺎذا؟ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ﺣﺘﻰ مي ﱠﺮ اﻟﻠﻴﻞ ﺑﴪﻋــﺔ .وﻫﺎ ﻫــﻮ اﳌﻮﻇﻒ ﻳﻘــﺮأ ﻋﲆ اﳌﻠﻚ ﺑﻌــﺾ اﻷﺣــﺪاث اﻟﺘــﻲ ﻣــﺮت واﳌﺪ ّوﻧﺔ ﰲ ﺳﺠﻼت اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ ،وﻛﺎن اﳌﻠﻚ ﻳﺼﻐﻲ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه. أﻳﻦ وﺻﻞ اﻟﻘﺎرئ اﻵن؟ وﺻﻞ إﱃ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ ﻓﱰة ﻟﻴﺴــﺖ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺂﻣﺮ ﺧﺎدﻣﺎن ﻋﻨﺪ اﳌﻠﻚ مبﺆاﻣﺮة ﴍﻳﺮة ﻟﻘﺘﻠﻪ ﻟﻜﻦ اﳌﻠﻚ اﻛﺘﺸﻒ ذﻟــﻚ ،ﻛﻴﻒ؟ ﻛﺎن اﻟﻔﻀــﻞ ﰲ ذﻟﻚ ﳌﺮدﺧﺎي اﻟــﺬي ﻋﻠﻢ ﺑﺎﳌﻜﻴﺪة وﺳــﺎرع إﱃ إﺧﺒﺎر اﳌﻠﻚ وﻫﻜﺬا أﻧﻘﺬ اﳌﻠﻚ ﻣﻦ اﳌﻮت. أﻣﺮ اﳌﻠﻚ اﻟﻘﺎرئ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻘﺮاءة وﻗﺎل: "ﻫــﻞ ﻛﺎﻓﺄﻧﺎ ﻣﺮدﺧــﺎي ﻋﲆ ذﻟــﻚ؟ ﻛﻼ ،رمبﺎ ﻧﺴﻴﻨﺎه ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﺠﻮز واﻵن وﻗﺖ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ. ﻫﻜﺬا اﻋﺘﱪ اﳌﻠﻚ ،وﻛﻴﻒ ﺳــﻴﻜﺎﻓﺄ ﻣﺮدﺧﺎي؟ ﺳــﻴﻄﻠﺐ ﻣﻦ أﺣــﺪ ﻛﺒﺎر ﻣﺴــﺎﻋﺪﻳﻪ رﻏﻢ ّأن اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎن ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ .وﺳــﺄل اﳌﻠﻚ" :ﻫﻞ ﻣﻦ أﺣــﺪ ﻣﻮﺟﻮد؟" ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﻧﻌــﻢ ﻫﺎﻣﺎن ﻳﺎ ﻣﻮﻻي .وﻛﺎن ﻫﺎﻣﺎن ﻗﺪ ﺣﴬ ﻟﻴﺴﺘﺄذن اﳌﻠﻚ ﺑﺘﻨﻔﻴــﺬ ﺧﻄﺔ ﺻﻠﺐ ﻣﺮدﺧﺎي ﻋﲆ اﻟﺨﺸــﺒﺔ. ﻟﻜــﻦّ اﳌﻠﻚ ﺳــﺒﻘﻪ ﺑﺎﻟﻜﻼم وﻗــﺎل" :ﻳﺎ ﻫﺎﻣﺎن ١٣٤
أرﻳﺪ ﻣﻜﺎﻓﺄة رﺟﻞ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎء وﺟﺎﺋﺰة اﳌﻠﻚ، ﻗﻞ ﻳﺎ ﻫﺎﻣﺎن ﻣﺎ ﻫﻲ أﻓﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ؟". ﻓﻈــﻦﱠ ﻫﺎﻣﺎن أﻧﻪ ﻫﻮ اﳌﻘﺼــﻮد ﺑﻬﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ اﳌﻠﻜﻴﺔ ّ وأن اﳌﻠﻚ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻌﻈﻴﻤﻪ ﻓﻘﺎل" :أﻓﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘــﺔ ﻳﺎ ﻣﻮﻻي ﻫﻲ أن ﺗــﺪع اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻠﺒﺲ ﺗﺎﺟﺎ ﻋﲆ رأﺳﻪ وﻳﺘﺠﻮل ﺣﻠﺘﻚ اﳌﻠﻮﻛﻴﺔ وﻧﻀﻊ ً ﻋــﲆ ﺻﻬﻮة ﺣﺼﺎن أﺻﻴﻞ ﰲ ﺷــﻮارع اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻳﻨﺎدى أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻨﺪاء ﻣﺘﺘﺎﺑﻊ ّأن ﻫﺬا ﻫﻮ إﻛﺮام اﳌﻠﻚ ﻟﺮﺟﻞ ﻳﺮﻳــﺪ ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻪ ﻷن اﳌﻠﻚ ﻣﴪور ﺟﺪًا ﺑــﻪ" ،ﻓﻘﺎل اﳌﻠﻚ" :أﺣﺴــﻨﺖ ﻳﺎ ﻫﺎﻣﺎن، أﴎع واﻋﻤــﻞ ذﻟــﻚ مبﺮدﺧــﺎي وأﻧــﺖ ﻣﻦ ﺳــﺘﻨﺎدي أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻨﺪاء" ﻓﺼﺎر ﻟﻮن وﺟﻪ ﻫﺎﻣﺎن ﻛﻮﺟﻪ اﻷﻣﻮات .ﻫﻞ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ أذﻧﺎه؟ ﻫﻞ ﺳــﻴﻜﺮم ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻫﺎﻣﺎن وﻫﻮ اﻟﺬي
اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻃﻠــﺐ اﻹﻛﺮام واﳌﺪﻳﺢ ،وﻫﻲ رﻏﺒﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﰲ داﺧﻞ اﻟﻘﻠﺐ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮج ﻫﺎﻣﺎن ﻣــﻦ اﻟﻘﴫ ﻣﺘﻮﺟ ًﻬﺎ إﱃ ﻣﻨﺰﻟــﻪ رأى ﻣﺮدﺧــﺎي ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻮاﺑــﺔ ﻓﺎﻣﺘﻌﺾ ﻣﻦ رؤﻳﺘــﻪ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻄﻴﻖ أن ﻳــﺮى ﻣﺮدﺧﺎي. ووﺻﻞ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ وأﺧﱪ زوﺟﺘﻪ ودﻋﺎ أﺻﺪﻗﺎءه
وأﺧﱪﻫﻢ ﺑﺎﻟﻌﺸــﺎء ﻣﻊ اﳌﻠــﻚ واﳌﻠﻜﺔ ،وﻗﺎل ﻟﻬــﻢ" :ﻏﺪًا ً أﻳﻀﺎ ﺳــﺘﻘﺎم ﻟﻨﺎ ﻧﻔــﺲ اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ. ﻓﺎﳌﻠﻜﺔ ﺑﻨﻔﺴــﻬﺎ وﺟﻬﺖ اﻟﺪﻋــﻮة إﱄ .ﻟﻜﻨﻨﻲ أﺷــﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﻜﺪر رﻏﻢ ﻫــﺬه اﻻﻣﺘﻴﺎزات ﻋﻨﺪﻣﺎ أرى ﻣﺮدﺧــﺎي اﻟﺬي ﻳﺮﻓﺾ ﺗﻘﺪﻳــﻢ اﻻﺣﱰام واﻟﺨﻀــﻮع ﱄ ﻓﻬــﺬا ﻳﺜريين وﻳﻜــﺪّر ﺣﻴﺎيت". ﻓﻘﺎﻟــﺖ زوﺟﺘﻪ واﻵﺧﺮون" :ﻻ ﺗﺰﻋﺞ ﻧﻔﺴــﻚ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﺑﺴﻴﻂ ،ﻓﺄﺣﴬ ﺧﺸــﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﺧﻤﺴــﺔ وﻋﴩﻳــﻦ ﻣــ ًﱰا واﻃﻠﺐ ﻣــﻦ اﳌﻠﻚ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻣﺮدﺧــﺎي ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﻜﻮن ﻋﱪة ﳌﻦ ﻳﻌﺘﱪ وﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺘﻤــﺮد .وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺳﺘﺸــﻌﺮ ﺑﺎﻟﻬﻨﺎء وأﻧﺖ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم ﰲ ﻗﴫ اﳌﻠﻜﺔ إذ ﻳﻜﻮن ﻋﺪ ﱡوك ﻣﺮدﺧﺎي ﻗﺪ ﻣﺎت. واﻓﻖ ﻫﺎﻣﺎن ﻋﲆ ﻫﺬا اﻻﻗﱰاح وﻫﻴﺄ اﻟﺨﺸــﺒﺔ ﻛام ﻗﺎﻟــﻮا ﻟﻪ ﻓﻨﺎم ﻗﺮﻳﺮ اﻟﻌــني ﺣﺘﻰ اﻟﺼﺒﺎح ﻟﻴــﺄذن ﻟﻪ اﳌﻠﻚ ﺑﺘﻌﻠﻴﻖ ﻣﺮدﺧﺎي ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻛﺎن ﻫﺬا رأي ﻫﺎﻣﺎن وﺧﻄﺘﻪ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺑﺨﺼﻮص رأي اﻟــﺮب وﺧﻄﺘﻪ؟ ﱠإن اﻷﻣــﺮ أوﻻً وأﺧرياً ﻟﻠﻪ وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎﻣﺎن.
١٣٣
.٦١إﱃ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﳌﻠﻚ )أﺳﺘري (٥ اﻧﻘﻀــﺖ اﻷﻳــﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ اﻟﺼــﻮم واﻟﺼﻼة واﻟﺘﴬع وﺟﺎء اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﺳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ أﺳﺘري إﱃ ﻣﺤﴬ اﳌﻠﻚً ، ﻋﻠام ّ ﺑﺄن اﳌﻠﻚ مل ﻳﺴــﺘﺪﻋﻬﺎ ﺑﻌﺪ .ورمبﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﺄﻣﻞ ذﻟﻚ وﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﻔﻌﻞ. وﻣﻊ ﻫﺬا ﺗﻮﺟﻬﺖ أﺳﺘري إﱃ ﻗﴫ اﳌﻠﻚ وﻗﻠﺒﻬﺎ ﻳﺨﻔﻖ ﺑﴪﻋﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻗﻠﺐ ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺮوح اﻟﺼﻼة ﻟﻠﺮب ﻷﻧﻪ ﻫﻮ وﺣﺪه اﳌﻌني ﰲ وﻗﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ. وﺻﻠﺖ أﺳــﺘري إﱃ ﺑﺎب اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻠــﺲ اﳌﻠــﻚ ،واﻧﻔﺘــﺢ اﻟﺒﺎب ﻓــﺈذا ﺑﺎﳌﻠﻚ ﺟﺎﻟــﺲ ﻋﲆ ﻋﺮش راﺋﻊ ووﻗﻔــﺖ أﻣﺎم اﻟﺒﺎب ﺣﺘــﻰ ﻳــﺆذن ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﺧــﻮل .ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ اﳌﻠﻚ؟ ﻻﺣﻆ اﳌﻠﻚ وﺟﻮدﻫــﺎ ﻓﻤ ّﺪ ﺻﻮﻟﺠﺎﻧﻪ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺠﻤﻴﻞ وﻫﺬه ﻋﻼﻣــﺔ اﻟﺮﺿﺎ اﳌﻠيك، ﻓﻴﺎ ﻟﺴــﻌﺎدﺗﻬﺎ إذ ﺳــﻤﺢ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺎﳌﻠــﻚ ﻳﺤﺒﻬﺎ، ﳌــﺎذا؟ ﻷن اﻟــﺮب وﺿﻊ ﰲ ﻗﻠﺒــﻪ ﻫﺬا اﻟﺤﺐ واﻟﺤﻨــﺎن وﻷن اﻟﺮب ﻳﺘﺤﻜــﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻘﻠﻮب، وﺑﻘﺪرﺗﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻋﲆ ﺟﻌﻞ ﻗﻠﺐ أﺣﺸﻮﻳﺮش رﻗﻴ ًﻘﺎ ﻧﺤﻮ أﺳﺘري ،وﻗﺎل ﻟﻬﺎ" :ﻣﺎذا ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ أﻳﺘﻬﺎ اﳌﻠﻜﺔ؟ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻄﻠﺒﻚ؟ أﻧﺎ ﻣﺴــﺘﻌﺪ أن أﻫﺐ أردت .مل ﺗﺘﻮﻗﻊ أﺳــﺘري ﻟﻚ ﻧﺼﻒ ﻣﻤﻠﻜﺘﻲ ﻟﻮ ِ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﻠﻄﻒ واﻟﻜﺮم ﻣﻦ اﳌﻠﻚ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ: "ﻫﻞ ﻟــﻚ أن ﺗﴩﻓﻨﻲ ﺑﺘﻨــﺎول اﻟﻄﻌﺎم ﻋﻨﺪي اﻟﻴﻮم ﻣﻊ ﻫﺎﻣﺎن؟" ،ﻳﻌﻠﻢ اﳌﻠﻚ ّأن ﻟﺪى أﺳﺘري ﻣﻄﻠ ًﺒــﺎ ﻟﻜﻦ اﻻﻧﻔﻌﺎل ﻻ ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﻠﺐ اﻵن ،ﺑــﻞ ﺳــﺘﻄﻠﺐ ذﻟﻚ ﻣﻨــﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﻠﺲ ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺪﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﻫﺎﻣﺎن .وﻋﻨﺪ اﳌﺴــﺎء ﺣﴬ ١٣٢
اﳌﻠﻚ ﻣﻊ ﻫﺎﻣــﺎن وﺗﻨﺎول اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻄﻌﺎم ﻣﻊ أﺳــﺘري وﻋﺎد اﳌﻠﻚ ﻓﺴــﺄﻟﻬﺎ "ﻣــﺎذا ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ﻳﺎ أﺳــﺘري؟ ﻟﻮ ﻃﻠﺒﺖ ﻧﺼﻒ ﻣﻤﻠﻜﺘﻲ ﻷﻋﻄﻴﺘﻚ". ﻗﺎﻟﺖ أﺳﺘري وﻫﻲ ﻏري ﻣﺮﺗﺎﺣﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﻄﻠﺐ اﻵنّ : "ﻫــﻼ ﺗﻜﺮﻣﺖ ﺑﺎﻟﺤﻀﻮر ﻏﺪًا ﻣﻊ ﻫﺎﻣﺎن وﺣﻴﻨﺌﺬ أﻗﻮل ﻣﺎ أرﻳﺪ؟". اﻧﴫف اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻋﺎد اﳌﻠﻚ إﱃ ﻗﴫه وﻫﺎﻣﺎن إﱃ ﻣﻨﺰﻟــﻪ ﻣﴪو َرا ﺑﺴــﺒﺐ اﻻﻣﺘﻴﺎز ﺑﺄن ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻊ اﳌﻠــﻚ واﳌﻠﻜﺔ ،ﻳــﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻓﺨــﺮ ﻋﻈﻴﻢ. واﻟﻜﱪﻳــﺎء اﻟﺬي ﻫﻮ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻣﻸ ﻗﻠﺐ ﻫﺎﻣﺎن، واﻟﻜﱪﻳــﺎء رﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﺘﻔﺎﺧﺮ واﻻﺳــﺘﻌﻼء ﻋﲆ
ﺧﺎد ًﻣــﺎ إﱃ ﻣﺮدﺧﺎي ﻟﻴﻌﻠﻤﻪ ﺑﺬﻟــﻚ .ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻣﺮدﺧﺎي" :ﻗﻞ ﻟﻬﺎ إن ﻣﺎت ﺷــﻌﺒﻚ ﻓﺴﺘﻤﻮﺗني أﻧــﺖ ً أﻳﻀﺎ ﻷﻧﻚ ﻣــﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴــﻞ ،واﻟﺮب ّ ﻳﺘﺨــﲆ ﻋﻦ ﺷــﻌﺒﻪ وﻟﺪﻳﻪ ﻃــﺮق أﺧﺮى ﻟــﻦ ﻹﻧﻘﺎذﻫــﻢ ،ﻓﻠــامذا أوﺻﻠــﻚ اﻟﻠــﻪ إﱃ ﻫﺬه اﳌﻜﺎﻧﺔ؟ أﻟﻴﺲ ﻟﻴﻮم ﻛﻬﺬا؟ ﻳﻮم ﻳﻌﺎين ﺷــﻌﺒﻚ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﺆس واﻟﺮﻋﺐ.
وﻧﻘﻞ اﻟﺨﺎدم ﻫﺬه اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ إﱃ أﺳﺘري ،ﻓامذا ﺳــﺘﻔﻌﻞ ﺑﺪورﻫﺎ؟ أرﺳــﻠﺖ ﺧﺎدﻣﻬﺎ ﺛﺎﻧﻴﺔ إﱃ ﻣﺮدﺧــﺎي ﻟﻴﻘﻮل ﻟﻪ" :ﺻﻮﻣــﻮا ﻷﺟﲇ ،ﻟﻴﻔﻌﻞ ذﻟــﻚ ﻛﻞ ﺷــﻌﺒﻲ ،وأﻧــﺎ ووﺻﻴﻔﺎيت ﺳــﻨﻔﻌﻞ اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴــﻪ ،وﺳــﺄذﻫﺐ إﱃ اﳌﻠــﻚ رﻏﻢ أﻧﻪ مل ﻳﺴــﺘﺪﻋﻨﻲ وﻟﻴﺤﺪث ﻣﺎ ﻳﺤــﺪث" .وأوﺻﻞ اﻟﺨﺎدم اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ إﱃ ﻣﺮدﺧﺎي ،وﻋﺮف ﻣﺮدﺧﺎي
ّأن أﺳﺘري ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﻣﻐﺎﻣﺮة ﻛﱪى ،وﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻠﻴﺤــﺪث ﻣﺎ ﻳﺤﺪث؟ ﻫﺬا ﻳﻌﻨــﻲ ّأن اﳌﻬﻤﺔ ﺧﻄرية وﻗﺪ ﺗﻜﻠﻔﻬﺎ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،وﻗﺎﻟﺖ ﰲ ﻧﻔﺴــﻬﺎ "ﻓﻠﻴﻜﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻷن ﺣﻴﺎة ﺷــﻌﺒﻲ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻋﲇ واﻟــﺮب ﻳﻌﺮف ﻧﻮاﻳــﺎي ،ﻓﺈن ﻣﺖ ﻓﺎﳌﺸــﻴﺌﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻗﻀﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻷن ﻋﻤﻞ اﻟﺮب ﺻﺎﻟﺢ دامئًﺎ".
وأﻣﴣ ﺑﻨــﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﺛﻼﺛﺔ أﻳــﺎم وﺛﻼث ﻟﻴﺎل ﺑﺎﻟﺼــﻮم واﻟﺼﻼة ﻛام ﻃﻠﺒﺖ أﺳــﺘري .واﻟﺼﻮم اﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب ً ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ّ واﻟﺘــﴬع ﰲ زﻣﻦ اﻟﺸــﺪة ﻟﻠﺘﻔــ ّﺮغ ﻟﻠﺼــﻼة واﻟﴫاخ ﻟﻠــﻪ ﻓﻬﺬا أﻓﻀﻞ ﻣــﺎ ميﻜﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﰲ زﻣﻦ اﻟﺤﺰن اﻟﻔﻈﻴﻊ.
١٣١
.٦٠ﰲ اﻟﺤﺰن اﻟﺸﺪﻳﺪ )أﺳﺘري (٤
ﺳــﻤﻊ ﻣﺮدﺧﺎي ﺑﺎﳌﺮﺳــﻮم اﳌﻠيك ﻓﺒﺪت ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺣــﺰان وﻣﺰق ﺛﻴﺎﺑﻪ وﻟﺒﺲ ﻟﺒﺎس اﻟﺤﺰن وذر اﻟﺮﻣــﺎد ﻋﲆ رأﺳــﻪ وأﺧﺬ ﻳﺘﺠﻮل ﰲ ﺷــﻮارع ﺷﻮﺷــﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﺮى اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﺣﺰﻧﻪ وﻧﻮاﺣﻪ إذ ﻛﺎن ﻳﺒــيك ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ ،ﻳﺎ ﻟﺤﺰﻧﻪ اﻟﺸــﺪﻳﺪ، ﻓﻤﻦ ﻳﻠﺒﺲ ﻟﺒﺎس اﻟﺤﺰن واﻷﳻ ﻻ ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺪﺧﻮل ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻘﴫ. وﻫﻜــﺬا ﻓﻌﻞ ﻛﻞ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎءﻫﻢ ﻫﺬا اﻟﺨﱪ اﻟﺴــﻴﺊ ،ﻳﺎ ﻟﻠﻬــﻮل ،ارﺗﻔﻊ ﻋﻮﻳﻠﻬﻢ إﱃ اﻟﺴــامء وﺻﺎرت ﺗﻌﺎﺳــﺘﻬﻢ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻟﺪى اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻟﻜﻦ اﳌﻠﻜﺔ أﺳﺘري مل ﺗﻜﻦ ﻋﲆ ﻋﻠﻢ ﰲ ١٣٠
ﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻣﺮ ،ﻟﻜﻦّ ﺧﺎدﻣﺎﺗﻬﺎ ووﺻﻴﻔﺎﺗﻬﺎ أﺧﱪﻧﻬﺎ ّأن ﻣﺮدﺧﺎي ﻳﻠﺒﺲ ﺛﻴــﺎب اﻟﺤﺰن وﻳﻘﻒ ﻋﲆ ﺑﺎب اﻟﻘﴫ .ﻓﺄرﺳــﻠﺖ إﺣــﺪى ﺧﺎدﻣﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﻟﺒــﺎس ﻓﺨﻢ إﱃ ﻣﺮدﺧﺎي ﻓﺮﻓﺾ ﺑﺸــﺪة وﻫﻮ ﻣﴫ ﻋﲆ ﺣﺰﻧﻪ ،ﻓﺄرﺳﻠﺖ ﺧﺎد ًﻣﺎ ﻳﺴﺘﺨﱪ ﻋﻦ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻣﺮدﺧــﺎي ﻓﺄﺧﱪ ﻣﺮدﺧــﺎي اﻟﺨﺎدم ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﳌﺮﺳــﻮم اﳌﻠيك اﻟﻘﺎﴈ ﺑﺈﺑﺎدة ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﺣ ّﻤﻠﻪ رﺳــﺎﻟﺔ ﺟﻮاﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻠﻜﺔ أﺳﺘري ﻋﻦ ﻧﻮاﻳﺎ ﻫﺎﻣــﺎن اﻟﴩﻳﺮة .ﻓﺼﺪﻣﺖ أﺳــﺘري ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﺎﻟﺨﱪ ،ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺼﺪﻣــﺔ اﻷﻛﱪ؟ ﻃﻠﺐ ﻣﺮدﺧــﺎي ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺜﻮل أﻣــﺎم اﳌﻠــﻚ وإﺑﻼﻏــﻪ ﺑﺎﻷﻣﺮ واﻟﺘﻮﺳــﻞ إﻟﻴﻪ ﻹﻟﻐﺎء ﻫﺬا اﳌﺮﺳﻮم ﻋﴗ أن ﻳﺮق ﻗﻠﺒﻪ وﻳﻠﻐﻲ ﻣﺮﺳــﻮﻣﻪ .وﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻘﻠﻖ أﺳــﺘري؟ أﻻ ﺗﺘﺠﺮأ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل ﻋﲆ اﳌﻠﻚ؟ ﻧﻌﻢ ،ﻻ ﺗﺘﺠﺮأ ﻷن اﳌﻠﻚ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻘﻂ وﻻ ُﻳ ْﺴﻤﺢ ﻷﺣﺪ ﺑﺎﳌﺠﻲء إﻟﻴﻪ ﻣﺘﻰ ﺷﺎء ،وﻣﻦ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﲆ اﳌﻠﻚ ﻣﻦ ﻏري دﻋﻮة ﻳﻨﺎل ﻋﻘﻮﺑﺔ اﳌﻮت .ﻫﺬه ﻫــﻲ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ ﻋﻨﺪ اﳌﻠﻚ .أ ّﻣﺎ إذا رأى اﳌﻠﻚ أﺣﺪًا وﻣﺪ ﺻﻮﻟﺠﺎن اﻟﺬﻫﺐ ﻧﺤﻮه ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺴامح ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل وﻻ ﻳﻌﺎﻗﺐ ّ وأن اﳌﻠﻚ ﺟﺎﻫﺰ ﻟﻼﺳــﺘامع ﳌﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻗﻮﻟــﻪ .واﻟﺼﻮﻟﺠﺎن ﻫﻮ ﻗﻀﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ اﻟﺨﺎﻟﺺ ﻻ ﻳﺤﻤﻠﻪ إﻻ اﳌﻠﻮك. وﺗﺤﺘﺎج اﳌﻠﻜﺔ أﺳــﺘري إﱃ ﺛﻼﺛني ﻳﻮ ًﻣﺎ ﳌﻮاﺟﻬﺔ اﳌﻠﻚ ،أﻣﺎ أن ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴــﻪ ﻣﺘﺠﺎوزة اﻷﻋﺮاف ﻓﻴﻌﻨﻲ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ ﻷن ﺗﺨﴪ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ .ﻓﺄرﺳــﻠﺖ
ﻫﺎﻣﺎن؟ أﻟﻴﺴﺖ ﻫﺬه وﺻﻴﺔ اﳌﻠﻚ؟" ﻓﺄﺧﱪﻫﻢ ﺑﺄﻧــﻪ ﻣﻦ ﻗﻮم ﻻ ﻳﺴــﺠﺪون إﻻ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ وﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺴــﺠﻮد ﻟﻠﺒﴩ ﻷن اﻟﻠﻪ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ذﻟﻚ. وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ميﺘﻨﻊ ﻋﻦ اﻟﺴﺠﻮد ﻟﻬﺎﻣﺎن .ﻓامذا ﻓﻌﻞ اﻟﺨﺪام ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﻼم؟ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﺒﻌﻀﻬــﻢ ً ﺑﻌﻀﺎ "ﻟﻮ ﻋﻠﻢ ﻫﺎﻣﺎن ﻓﺴــﻴﻐﻀﺐ وﻫﺬا ﺳريﻋﺐ ﻣﺮدﺧﺎي وﺣﻴﻨﺌﺬ ﺳرنى إن ﻛﺎن ﺳﻴﻨﺤﻨﻲ ﻟﻬﺎﻣﺎن أم ﻻ" .وأﺧﱪوا ﻫﺎﻣﺎن. ﻻﺣﻆ ﻫﺎﻣــﺎن ذﻟــﻚ ورمبﺎ ﺗﺴــﺎءل ﻣﺎ ﻫﺬه اﻟﺠﺴــﺎرة وﻋﺪم اﻟﻄﺎﻋﺔ؟ ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ وﻗﺢ ﻓﻌ ًﻼ. وزاد ﻏﻀﺐ ﻫﺎﻣﺎن وﻗﺮر إﻧﺰال اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻟﻴﺲ ﻋــﲆ ﻣﺮدﺧﺎي وﺣــﺪه ،ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠــﻢ ﻋﲆ ﻣﻦ ً أﻳﻀﺎ؟ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴــﻜﻨﻮن ﰲ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳــﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﻜﺮﻫﻬﻢ وﻗﺪ ورث ﻫﺬا اﻟﻜﺮه ﻣﻦ أﺟﺪاده. وذﻫــﺐ ﻫﺎﻣــﺎن إﱃ اﳌﻠﻚ وﻗﺎل ﻟــﻪ" :ﻳﻮﺟﺪ
ﻗﻮم ﻣــﻦ رﻋﺎﻳــﺎ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳــﺔ ﻻ ﻳﺨﻀﻌﻮن ﻷواﻣــﺮك أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ،وﻳﻜﴪون اﻟﻘﻮاﻧني ﻋﻤﺪًا ﻷن ﻟﺪﻳﻬــﻢ أﺣﻜﺎ ًﻣــﺎ أﺧﺮى ،ﻓﻬــﻢ ﻣﺘﻤﺮدون ﺣ ًﻘﺎ" وﻛﺎن ﻫﺎﻣﺎن ﻳﻜﺬب ﻋﲆ اﳌﻠﻚ ﻷن ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﻀﻌــﻮن ﻟﻠﻤﻠﻚ وﻓﻖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻤــﴙ ﻣﻊ ﴍﻳﻌﺔ اﻟﻠﻪ ﻟﻜﻦ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻠﻪ أﻫﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ. واﻗﱰح ﻫﺎﻣﺎن ﻋﲆ اﳌﻠﻚ إﺑﺎدة ﻫﺬا اﻟﺸــﻌﺐ ً ﺗﻔﻮﻳﻀــﺎ ﻣﻦ اﳌﻠــﻚ ﺑﻬﺬا ﺑﺄﻛﻤﻠــﻪ وﻃﻠــﺐ اﻟﺨﺼــﻮص .وواﻓــﻖ اﳌﻠﻚ ﴎﻳ ًﻌــﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ وﺧﺘــﻢ اﳌﻮاﻓﻘﺔ ﺑﺨﺎمتــﻪ اﳌﻠﻮيك وﻗﺪ أﻋﻄﺎه ﻟﻬﺎﻣﺎن ﻟﻴﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﳌﻠﻚ .إ ًذا اﻟﺨﺎﺗــﻢ ﻋﻨﺪ ﻫﺎﻣﺎن وﻋﻨﺪه ﺣﻖ اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ،ﻓﻬﻮ اﻵﻣﺮ اﻟﻨﺎﻫﻲ. وﺑﺪت اﻟﺴــﻌﺎدة ﻋــﲆ وﺟﻪ ﻫﺎﻣﺎن وأرﺳــﻞ اﻟﺮﺳــﺎﺋﻞ إﱃ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﺈﺑــﺎدة ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ،وﻣﺼــﺎدرة ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ. وأﻟﻘﻮا ﻗﺮﻋﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳــﺪ وﻗﺖ اﳌﺒﺎﴍة ﺑﺎﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻓﺘﺤﺪد ﻳﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ آذار ﻟﻴﻜﻮن ﻳﻮم اﳌﺬﺑﺤﺔ واﻟﻔﺠﻴﻌﺔ. ﺧــﺎف ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ وارﺗﻌﺒــﻮا ومل ﻳﻌﺮﻓﻮا ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻓﻤﻦ ﻳﺴــﺎﻋﺪﻫﻢ؟ ﻣﻦ ﻳﻨﻘﺬﻫﻢ؟ أﻻ ﻳﻮﺟــﺪ أﺣﺪ؟ أﻟﻴﺲ اﻟﺮب ﻗــﺎدر ﻋﲆ اﻹﻧﻘﺎذ؟ ﻧﻌــﻢ اﻟﺮب ﻗــﺎدر ،ﻓﺎﳌﺴــﺘﺤﻴﻞ ﻋﻨــﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﻤﻜﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﺴــﺎه ﺑﻞ أن ﻧﺜﻖ ﺑﻪ. ١٢٩
ﻋﺪو ﻏﺎﺿﺐ )أﺳﺘري (٣ .٥٩ﱞ ﻛﺎن ﻟﺪى اﳌﻠــﻚ أﺣﺸــﻮﻳﺮش ﻣﻮﻇﻔﻮن ﻛﺒﺎر وﻗــﺎدة ﻋﺴــﻜﺮﻳﻮن ﻳﻌﻤﻠــﻮن ﰲ ﻗﴫه وﻣﻦ أﻫﻤﻬﻢ ﻛﺎن ﻫﺎﻣــﺎن اﻟﻌامﻟﻴﻘﻲ أي ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌامﻟﻴﻖ وﻫﻢ اﻟﺠامﻋﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﺎﺗﻠﻮا ﻣﻊ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴــﻞ ﰲ زﻣﻦ ﺗﻴﻬﻬــﻢ ﰲ اﻟﺼﺤﺮاء وﺑﻘﻴﺖ اﻟﻌﺪاوة ﻗﺎمئﺔ ﺑني اﻟﺸــﻌﺒني ﻋﱪ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻓﻬﻞ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﺎﻣﺎن ﻋﺪ ٍّوا ﻫﻜﺬا ً أﻳﻀﺎ؟ اﻧﻈــﺮ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻫﺎﻣﺎن ﻳﺪﺧــﻞ إﱃ اﻟﻘﴫ أو ﻳﺨــﺮج ﻣﻨﻪ ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﻳﻨﺤﻨﻮن اﺣﱰا ًﻣﺎ ﻟــﻪ أو ﻳﻘﻔﻮن إﺟــﻼﻻً ﳌﻘﺎﻣﻪ ،ﻧﻌــﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ
١٢٨
ﺑﻨــﺎء ﻋﲆ أﻣﺮ ﺻﺎدر ﻣﻦ اﳌﻠــﻚ .وﻛﺎن ﻫﺎﻣﺎن ﻳﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﺬﻟﻚ .ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻳﻨﺤﻨﻮن؟ ﻻ ،ﻓﻮاﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس أﻣﺎم ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﻘﴫ ﻻ ﻳﻨﺤﻨﻲ ﻓﻤﻦ ﻫﻮ؟ ﻳﻨﺤﻦ ﻟﻬﺎﻣﺎن أﺑﺪًا ﺣﺘﻰ إﻧــﻪ ﻣﺮدﺧﺎي اﻟﺬي مل ِ ﻻﺣــﻆ اﻟﺠﻤﻊ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣــﻊ اﻟﻌﻠﻢ ّأن اﳌﻠﻚ أﻣﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻓﻘﺎﻟﻮا دﻋﻮﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻪ. ﻗﺎﻟــﻮا ﻟﻪ" :ﻳــﺎ ﻣﺮدﺧﺎي ،ﳌــﺎذا ﻻ ﺗﻨﺤﻨﻲ أﻣﺎم
واﻟﺤﺎﺳﻢ .أﺳــﺘري ﻫﻲ اﳌﻠﻜﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ .وﻫﻜﺬا ﺗﻢ وﺟﺮت ﻛﻞ اﻟﱰﺗﻴﺒﺎت وﻓﻖ اﻷﺻﻮل ﻓ ُﺘ ﱢﻮﺟﺖ أﺳﺘري ﻣﻠﻜﺔ ووﺿﻊ اﻟﺘﺎج ﻋﲆ رأﺳﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻞ. واﺳــﺘﻌﺎد اﳌﻠﻚ ﺳﻌﺎدﺗﻪ وأﻗﺎم ﻟﻌﺮوﺳﻪ وﻟﻴﻤﺔ ﻓﺎﺧــﺮة ﺗﻠﻴﻖ ﺑﻌــﺮس اﳌﻠﻚ دﻋــﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺒﺎر اﻟﻘــﻮم .ﻓﻤﻦ أوﺻﻞ أﺳــﺘري إﱃ ﻫــﺬا اﳌﻘﺎم؟ ﻫــﻞ ﻫﻮ اﳌﻠﻚ؟ ﺣﺴــﺐ اﻟﻈﺎﻫــﺮ ﻧﻌﻢ ،ﻟﻜﻦ
اﻟﺮب اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺸــﻜﻞ ﻏري ﻣﻨﻈﻮر ﻫﻮ ﻣﻦ أوﺻﻠﻬــﺎ إﱃ ﻣﻘــﺎم اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻷﻧﻪ ﻫــﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻔﻌــﲇ ﻟﻠﻜﻮن ﻛ ّﻠﻪّ ، وﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ﺗﺤﺖ ﱢ ﻳﺴــﺨﺮ ﻛﻞ ﳾء ﻹمتــﺎم إرادﺗﻪ إﻣﺮﺗــﻪ وﻫﻮ اﻟﺨــرية .ﻓام ﻫﻮ ﻣﻘﺼﺪ وﻣﻘﺎﺻــﺪه اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ ﱟ اﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺼري أﺳــﺘري ﻣﻠﻜﺔ؟ ﺳﻨﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻫﺬا ﰲ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻼﺣﻘﺔ. ١٢٧
.٥٨ﻣﻠﻜﺔ ﺟﺪﻳﺪة )أﺳﺘري (٢ ﺑﻌﺪ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات وﺑﻴﻨام ﻛﺎن اﳌﻠﻚ أﺣﺸﻮﻳﺮش ﺟﺎﻟﺴــﺎ ﰲ ﻗﴫه ﻳﺮاﺟﻊ ﻧﻔﺴــﻪ ﰲ أﻣﺮ ﺗﺨ ّﻠﻴﻪ ً ﻋﻦ اﳌﻠﻜﺔ وﺷــﺘﻲ ،ورمبــﺎ ﻛﺎن ﺿﻤريه ﻳﻘﻮل ﻟﻪ ّإن وﺷــﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﲆ ﺣــﻖ ،واﻟﻀﻤري ﻫﻮ اﻟﺼــﻮت اﻟﺨﻔﻲ اﻟﻬﺎﻣﺲ ﻓﻴﻨﺎ إن ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺷــﻴﺌًﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﻓﺎﻟﻀﻤري ﻫــﻮ ﻫﺒﺔ ﺑﺮﻛ ٍﺔ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ. واﻵن ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻣﻠﻜﺔ وﻫﺬا ﻳﺠﻌﻠﻪ ﺣﺰﻳﻨًﺎ، ﻓﺄﺷــﺎر ﻋﻠﻴﻪ أﻗﺮب اﳌﺴﺘﺸــﺎرﻳﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ" :أﻳﻬﺎ اﳌﻠــﻚ ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠــﻢ ﻣــﺎذا ﻳﺠــﺐ أن ﺗﻔﻌﻞ؟ اﺳــﺘﺪع اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣــﻦ أﺟﻤﻞ ﻓﺘﻴــﺎت اﳌﻤﻠﻜﺔ ِ واﺧﱰ واﺣــﺪة ﻣﻨﻬﻦ ﻟﺘﻜﻮن اﳌﻠﻜــﺔ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ واﻟﺠﺪﻳﺪة" ،ﻓﺠــﻲء ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻴﺎت إﱃ ﺷﻮﺷﻦ ﻣﻘﺮ ﻗﴫ اﳌﻠﻚ. ودﺧﻠﺖ اﻟﻔﺘﻴــﺎت اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى ﺣﺘﻰ دﺧﻠــﺖ ﻓﺘــﺎة ﻣﺘﻤﻴــﺰة ﺟﻌﻠــﺖ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ﻳﺘﺴــﺎءﻟﻮن ﻣﻦ ﺗﻜﻮن ،ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻬﻢ ﻫﻲ "أﺳﺘري" واﻻﺳــﻢ ﻳﻌﻨﻲ "ﻧﺠﻤﺔ" ،وﻛﺎن ﺟامﻟﻬﺎ ﻛﺎﻟﻨﺠﻢ اﻟﺴــﺎﻃﻊ ﰲ ﺳــامء اﻟﻠﻴﻞ اﻟﺤﺎﻟﻚ ،إﻧﻬﺎ ﺑﺪﻳﻌﺔ اﻟﺤﺴــﻦ راﺋﻌﺔ اﻟﺠامل ،وﻫــﻲ ﻓﺘﺎة ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎؤوا أﺛﻨﺎء اﻟﺴــﺒﻲ وﺑﻘﻮا ﺗﺤﺖ ﺳــﻠﻄﺔ ﻣﻠﻚ ﻓﺎرس ﺑﻌــﺪ زوال ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺑﺎﺑــﻞ .وﺑﺮﻏﻢ ﺟامﻟﻬﺎ ﻛﺎن اﻟﺤــﺰن ﰲ داﺧﻠﻬﺎ ﻛﺒــ ًريا رﻏــﻢ ﺣﺪاﺛﺔ ﺳــﻨّﻬﺎ ،ﳌــﺎذا؟ ﻟﻘﺪ ﻣﺎت واﻟﺪاﻫﺎ وﺑﻘﻴــﺖ وﺣﺪﻫﺎ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻟﻄﻒ اﻟﻠﻪ ١٢٦
ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﻟﻬﺎ ﻋﻢ ﻓﺎﺿﻞ اﺳﻤﻪ ﻣﺮدﺧﺎي اﻋﺘﻨﻰ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﺎﻳﺔ أﺑﻮﻳﺔ راﺋﻌﺔ. وﺑﻌــﺪ دﺧﻮﻟﻬﺎ اﻟﻘﴫ ﺗﺎﺑﻌﻬــﺎ ﻋﻤﻬﺎ ﻣﺮدﺧﺎي ﺑﺎﻻﺳﺘﻔﺴــﺎر ﻋﻨﻬﺎ وﻛﺎن ﻗــﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪم اﻹﻓﺼﺎح ﻋﻦ أﺻﻠﻬﺎ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ُأ ْﻟ ِﻘ ًﻴ ْﺖ ﻋﻤﻠﻴــﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺑﺪأ اﻟﺴــﺆال ،ﻣﻦ ﺳــﺘﻜﻮن اﳌﻠﻜﺔ؟ ﻓﺎﻟــﻜﻞ ﺟﻤﻴــﻼت ﱞ وﻛﻞ ﻣﻨﻬﻦ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﺘﻜﻮن اﳌﻠﻜﺔ وﻻﺳﻴام أن اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﺎت اﻟﻘﴫ ﻟﺪﻳﻬﻦ ﺧﱪة واﺳــﻌﺔ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻔﺘﻴــﺎت ﺑﺰﻳﻨــﺔ وﻣﺠﻮﻫﺮات وﻟﺒــﺎس ﻻﺋﻖ ﻟﻼﺧﺘﻴــﺎر .واﺳــﺘﻤﺮت ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺳــﻨﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ. واﻟﺴــﺆال ﻫﻮ ﻫﻞ ﻓ ّﻜ َﺮت اﻟﻔﺘﻴﺎت ﺑﴚء ﻣﻬﻢ ﻳﺠﺐ أ ّﻻ ﻳﱪح ﻣﻦ اﻟﺒﺎل؟ مل ﻳﻔﻜﺮن مبﻌﻄﻲ أو واﻫﺐ اﻟﺠامل اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻟﺨﺸﻮع واﻟﻮرع واﻟﻌﺒﺎدة اﻟﺼﺎدﻗــﺔ .ﻓﺎﻟﺮب ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻌﻄﻲ ﺟامل اﻟﻘﻠــﺐ اﻟﺪاﺧﲇ إذ ﻳﻄﻬﺮه ﻣﻦ ﱢ ﻛﻞ إﺛﻢ .ﻫﺬا ﻣــﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ،إﻧﻬﺎ اﳌﻌﺠﺰة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ. وﺗﻮﺟﺐ ﻋــﲆ اﻟﻔﺘﻴﺎت اﳌﺘﻘﺪﻣــﺎت ﻛﺎ ّﻓﺔ أن ﻳﻘﺎﺑﻠــﻦ اﳌﻠﻚ ﻋﲆ اﻧﻔــﺮاد ،وﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎء دور أﺳــﺘري .ﻛﺎن ﻗﻠﺒﻬــﺎ ﻳﺨﻔــﻖ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻓﻤﺤﴬ ﺷــﺨﺼﺎ اﳌﻠﻚ ﻣﺸــﻬﺪ رﻫﻴﺐ ﻷن اﳌﻠﻚ ﻟﻴﺲ ً ﻋﺎد ٍّﻳﺎ وﻫﻲ ﻓﺘﺎة ﻋﺎد ّﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ. وﻋﻨﺪﻣــﺎ رآﻫــﺎ اﳌﻠــﻚ ا ّﺗﺨــﺬ ﻗــﺮاره اﻷﺧري
مبﺎ ﺻﻨﻌﺖ وﺷــﺘﻲ اﳌﻠﻜﺔ .ﻓﻘﺎل ﻣﺴﺘﺸــﺎره : "ﻣــﺎذا؟ ﻣﻦ ﻳﺠــﺮؤ ﻋﲆ ﻋﺼﻴﺎﻧــﻚ؟ ﻫﺬا أﻣﺮ ﻓﻈﻴــﻊ" .وﻗﺎﻟــﻮا" :ﻧــﺮى ّأن اﳌﻠﻜــﺔ ﻻ ميﻜﻦ أن ﺗﺴــﺘﻤﺮ ﰲ ﻣﺮﻛﺰﻫــﺎ ﻷن ﺳــﻜﺎن اﳌﻤﻠﻜﺔ ﺳﻴﻌﺮﻓﻮن ﻣﺎذا ﻓﻌﻠﺖ وﻣﺎذا ﻧﺎﻟﺖ ﻟﻘﺎء رﻓﻀﻬﺎ درﺳﺎ ﻟﻜﻞ اﻟﻨﺴﺎء أواﻣﺮ اﳌﻠﻚ ،وﻫﺬا ﺳﻴﻜﻮن ً ﰲ اﳌﻤﻠﻜــﺔ ﻟﺌــﻼ ﻳﺘﻄﺎوﻟــﻦ وﻳﺮﻓﻀــﻦ أواﻣﺮ رﺟﺎﻟﻬﻦ" ﻓﻄﻠﻖ اﳌﻠﻚ زوﺟﺘﻪ اﳌﻠﻜﺔ وﺷﺘﻲ.
واﻟﺘﺠﺪﻳــﻒ ﻋﲆ اﻟﻠــﻪ .واﻟــﺮب ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ أن ﻧﺸــﱰك ﰲ ﺣﻔــﻼت ﻛﻬــﺬه وﻻ اﻻﺧﺘﻼط ﺑﻬﺎ، وﻫﺬه ﻣﺸﻴﺌﺔ اﻟﻠﻪ ﻷوﻻده.
ﻫﻞ ﻗﺎﻣﺖ وﺷــﺘﻲ ﺑﻌﻤﻞ ﻗﺒﻴﺢ؟ ﻛﻼ ،أﺑﺪًا ﻓام ﺻﺤﻴﺤﺎ .ﻻ ﻳﺠﻮز اﻟﺤﻀﻮر ﻓﻌﻠﺘﻪ وﺷــﺘﻲ ﻛﺎن ً إﱃ اﻟﻮﻻﺋــﻢ إ ّﻻ ﺑﺎﻟﻠﻴﺎﻗﺔ واﻻﺣﱰام ،وﻟﻴﺲ ﺣني ﻳﺴــﻜﺮ اﻟﻨﺎس وﻳﻔﻘــﺪون اﻟﻮﻋــﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﳌﻮﺳــﻴﻘﻰ اﻟﺴــﻴﺌﺔ واﻟﺨﻼﻋﺔ واﻟﺸــﺘﺎﺋﻢ ١٢٥
.٥٧اﳌﻠﻜﺔ اﻟﻌﺎﺻﻴﺔ )أﺳﺘري (١ ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ أن ﻛﺜريﻳﻦ ﻣــﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻴﺸــﻮن ﰲ ﺑﻼد اﻟﺴﺒﻲ ﺑﻌﻴﺪًا ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﺗﺄدﻳ ًﺒﺎ ﻟﻬــﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ .واﻧﺘﻘﻠﺖ اﻟﺴــﻠﻄﺔ ﰲ ﺑﺎﺑﻞ إﱃ اﻟﻔﺮس ﺑﻌــﺪ أن ﻗﻀﻮا ﻋــﲆ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴني ،وﻣﻠﻚ أﺣﺸــﻮﻳﺮش اﻟﻔﺎرﳼ ﻋﲆ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ ﻣﱰاﻣﻴﺔ اﻷﻃﺮاف ،وﺳــﻔﺮ أﺳــﺘري ﰲ اﻟﻜﺘــﺎب اﳌﻘﺪس ﻳﺨﱪﻧﺎ ﻋﻦ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﻫﺬا اﳌﻠﻚ.
ذات اﻟﱪﻳــﻖ ّ اﻷﺧــﺎذ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺴــﺠﺎد واﻟﺴــﺘﺎﺋﺮ واﻟﻮﺳــﺎﺋﺪ اﻟﺰاﻫﻴﺔ وﻛﻠﻬــﺎ ﺑﺄﻟﻮان ﺟﺬاﺑــﺔ زاﻫﻴﺔ وﺻﻨﺎﻋﺔ دﻗﻴﻘــﺔ .أﻣﺎ اﻟﻜﺆوس واﻷﺑﺎرﻳﻖ وﻏريﻫﺎ ﻓﻬــﻲ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ اﻟﺨﺎﻟﺺ ً ﺣﺘام ﺗﺴﻜﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻤﻮر اﻟﻔﺎﺧﺮة اﳌﺼﻨﻮﻋﺔ ﺧﺼﻴﺼﺎ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻣﻊ اﻟﻮﻓﺮة ﰲ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب ً ﻋﲆ ﻗﺪر ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻬﻲ اﻟﻨﻔﺲ.
وأﻗﺎم اﳌﻠﻚ وﻟﻴﻤــﺔ ﻋﺎﻣﺮة ﰲ ﻗﴫه دﻋﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺒــﺎر اﳌﺴــﺆوﻟني واﻟﻘﺎدة اﻟﻌﺴــﻜﺮﻳني وﻛﺎن ﻗﺪ اﻟﺘﻘﻰ ﺑﻬﻢ ﳌﺪة ﺳــﺘﺔ أﺷــﻬﺮ ﻷﻣﺮ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻤﻴــﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ،ﻓــام اﳌﻮﺿﻮع؟ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻳﺒﺪو ّأن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻳﺤﻜﻢ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ ﻣﻦ ١٢٧ﺑﻠﺪًا ﻻ ﺑــﺪ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳــﻪ أﻣﻮر ﻫﺎ ّﻣﺔ ﻳﺒﺤﺜﻬﺎ وﻫﻮ ﻳﺤﺐ اﻟﺘﻮﺳﻊ واﻟﺴﻴﻄﺮة واﻟﻨﻔﻮذ وﺿﺒﻂ اﻷﻣــﻮر ﺑﺎﻹﺿﺎﻓــﺔ إﱃ اﻟﻄﻤﻮح اﻟﻌﺴــﻜﺮي ﰲ اﻻﺣﺘﻼل وإﺧﻀﺎع اﳌامﻟﻚ اﻷﺧﺮى ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺑﻠﻎ ﻓﻴﻪ أﺣﺸﻮﻳﺮش ﺷﺄ ًﻧﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن أﻗﻮى ﻣﻠﻚ ﰲ اﻟﻌﺎمل ﻗﺎﻃﺒﺔ.
ﻣﺎذا ﺑﺨﺼﻮص اﳌﻠﻜﺔ وﺷــﺘﻲ؟ أمل ﺗﺤﴬ؟ ﻛﻼ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻗﴫ آﺧــﺮ ﺗﻘﻴﻢ ﻣﺄدﺑﺔ ﻣامﺛﻠﺔ ﻟﺴــﻴﺪات اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮاﻗﻲ ،ﻓﻬﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎم اﻟﻮﻻﺋﻢ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ.
وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ ﻳﺒﺪو اﳌﻠﻚ ﺳــﻌﻴﺪًا وﻓﺨﻮ ًرا وﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ أﻇﻬــﺮ ﻟﻠﻤﺪﻋﻮﻳــﻦ اﻟﻜﺒــﺎر ﺧﺰاﺋﻨﻪ وﻧﻔﺎﺋﺴﻪ ،ﻓﻜﻢ ﻫﻮ ﻏﻨﻲ .وﻣﺎ ﻫﺬه اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ إ ّﻻ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﱰف ﻷﻧﻬﺎ اﺳﺘﻤﺮت ﺳﺒﻌﺔ أﻳﺎم أي أﺳﺒﻮع ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ روﻋﺔ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻋــﺔ اﻟﻄﻌﺎم وﺣﺪﻫﺎ ﻣﺼﻨﻮﻋــﺔ ﻣﻦ اﳌﺮﻣﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﻣﻊ اﻟﺤﺠﺎرة اﳌﺮﺻﻌــﺔ اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ اﻟﺜﻤﻦ ١٢٤
وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺴﺎﺑﻊ وﻫﻮ اﻷﺧري ،دﺧﻞ أﺣﺪ ﺧﺪام اﳌﻠﻚ ﻋــﲆ اﳌﻠﻜﺔ وأﺑﻠﻐﻬﺎ ﻋﲆ ﻟﺴــﺎن اﳌﻠﻚ ﻗﺎﺋ ًﻼ ﻟﻬﺎ" :إن اﳌﻠﻚ ﻳﻄﻠﺒﻚ ﻟﻠﺤﻀﻮر إﱃ ﻗﴫه ﺣﺘﻰ ﻳﺮى ﻛﺒﺎر اﻟﻀﻴﻮف ﺟامﻟﻚ اﻟﻔﺘﺎن" ﳌﺎذا ﻃﻠﺐ اﳌﻠﻚ ﻫﺬا؟ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛري اﻟﺨﻤﺮ وﻗﺪ أﴎف ﰲ اﻟﴩاب ﻣﻊ ﺿﻴﻮﻓﻪ. وﻓ ّﻜــﺮت اﳌﻠﻜﺔ ﻣﻠ ّﻴﺎ ﺑﺎﻷﻣﺮ ،ﻓﻬﻞ ﺗﺬﻫﺐ ﻟريى ﻛﻞ ﻫــﺆﻻء اﻟﻀﻴــﻮف ﺟامﻟﻬﺎ ﻻﺳــﻴام وأﻧﻬﻢ ﺳﻜﺎرى ورمبﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻛﻼ ًﻣﺎ ﺳﺎﺧ ًﺮا وﻏري ﻻﺋﻖ. ﻛﻼ ،إﻧﻬﺎ اﻣﺮأة وﻗﻮرة وﻣﺤﱰﻣﺔ وﻫﺬا ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ رﻓﻀﺖ ﻃﻠﺐ اﳌﻠﻚ .ﻓﻌﺎد رﺳــﻮل اﳌﻠــﻚ ﺑﺠﻮاﺑﻬﺎ اﻟﺬي أزﻋﺞ أﺣﺸــﻮﻳﺮش ﺟﺪًا. ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺠﺮؤ اﳌﻠﻜﺔ ﻋﲆ رﻓﺾ ﻃﻠﺒﻪ؟ دﻋﺎ اﳌﻠﻚ ﻛﺒﺎر ﻣﺴﺘﺸﺎرﻳﻪ وﺣﻜامﺋﻪ وأﺧﱪﻫﻢ
وﻛﺎن ﻋﲆ داﻧﻴــﺎل أن ﻳﺤﴬ ﰲ اﻟﺤﺎل ﻟﻴﻘﻮل ﻟﻪ اﳌﻠﻚ" :ﻳﺎ داﻧﻴﺎل ،ﻣﺎذا ﺗﻌﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﻜﻠامت اﳌﻜﺘﻮﺑــﺔ ﻋــﲆ اﻟﺠــﺪار؟ إذا أﻧــﺖ ﻓﴪﺗﻬﺎ ﺳﺄﻋﻄﻴﻚ ﻣﺎﻻً وﻓ ًريا" .ﻗﺎل داﻧﻴﺎل" :أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ، أﻋﻂِ اﻟﻬﺪاﻳﺎ ﻟﻐريي ،ﻟﻜﻨﻲ ﺳﺄﻓﴪ ﻟﻚ اﳌﻌﻨﻰ. ﻟﻨﺒﻮﺧﺬﻧﴫ اﳌﺘﻌﺠﺮف ﻓـﺄﻧﺖ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﺣﺪث ﱠ اﻵﺛــﻢ وﻛﻴــﻒ ﻋﺎﻗﺒــﻪ اﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺻــﺎر ﻳﺄﻛﻞ اﻟﻌﺸﺐ ﻛﺎﻟﺜريان ،وﻫﺬا ﺗﺤﺬﻳﺮ ﻟﻚ ً أﻳﻀﺎ ﻟﻜﻨﻚ ﺳﺨﺮت واﺳﺘﻬﺰأت ﺑﺮب اﻟﺴامء وأﻧﺖ ﺗﴩب
اﻟﺨﻤﺮ ﺑﺄوﻋﻴﺔ ﻫﻴﻜﻠﻪ اﳌﻘﺪس .ﻫﻞ ﺗﺮى ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ؟ إﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮل ) َﻣﻨَﺎ َﻣﻨَﺎ َﺗ َﻘ ْﻴ ُﻞ و َﻓ ْﺮ ِﺳــني(، وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ ّأن اﻟﻠــﻪ ﻗﺪ أﺣﴡ أﻳﺎﻣﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﰲ آﺧﺮ ﻣﺤﻄــﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻚ ووزﻧــﻚ ﺑﺎﳌﻴﺰان ﻧﺎﻗﺼﺎ ﻷن ﻛﻞ ﻋﻤﻠــﻚ آﺛﻢ وﴍﻳﺮ، ﻓﻮﺟــﺪك ً وﻗــﺪ ّ ﻗﺴــﻤﻬﺎ ﻷﻣﻢ أﺧﺮى ﺣﻄﻢ ﻣﻤﻠﻜﺘﻚ أي ّ ﳌﺎدي وﻓﺎرس. وﻣــﺎ اﻟﺬي ﺣــﺪث ﰲ ﺗﻠــﻚ اﻟﻠﻴﻠــﺔ ﺑﺎﻟﺬات؟ اﺟﺘﺎﺣــﺖ ﺟﻴــﻮش ﻣﻠﻚ ﻓﺎرس ﻣﺪﻳﻨــﺔ ﺑﺎﺑﻞ، ﺑﻠﺸﺎﴏ. وﻗﺘﻠﻮا اﳌﻠﻚ ﱠ أﻻ ﻧﺮى ّأن اﻟﺮب ﻳﻌﺮف ّ ﻛﻞ ﳾء ﻋﻨﺎ؟ ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻞ، ﻣــﺎ ﻧﻘﻮل وﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ ،ﻓﺈذا مل ﻳﻌﺠﺐ اﻟﺮب ذﻟﻚ ﻓﻴﻌﻨﻲ ّأن أﻷﻓﻌﺎل واﻷﻗــﻮال واﻷﻓﻜﺎر ﺧﺎﻃﺌﺔ وﺗﺤﺘﺎج ﻟﱰاﺟﻊ ﻋﻨﻬﺎ وإﱃ ﺗﻮﺑﺔ وإﻻ ﻓﺎﻟﺘﺄدﻳﺐ ﺑﻠﺸﺎﴏ ،وﻳﻜﻮن ﻳﺄيت ﻓﺠﺄة ﻛام ﺟﺎء ﻋﲆ اﳌﻠﻚ ﱠ اﻟﺘﺄدﻳﺐ ﻣﺮﻋ ًﺒﺎ. اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻓﻘﻂ ﻫﻮ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﺼﻼح ﻋﲆ اﻷرض وﻫــﻮ اﻟﻜﺎﻣــﻞ ﺑﻼ ﺧﻄﻴﺌــﺔ ،وﺑﺨﻼﺻﻪ ﻳﻌﻄــﻲ اﻟﺘﱪﻳــﺮ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨــني وﻻ ﻳﺠﺪﻫﻢ اﻟﻠﻪ ﻧﺎﻗﺼــني ﻋﻨﺪﻣﺎ ميﻮﺗﻮن ﻷﻧــﻪ ﺑﻜامﻟﻪ ﻛ ّﻤ َﻠﻬﻢ. ﻓــام أﺣﲆ أن ﻧﻨﺎل ﻧﻌﻤــﺔ اﻟﺒﻨﻮة ﻓﻨﺼري أوﻻد اﻟﻠــﻪ وﻫﺬا ﻣﻤﻜــﻦ إذا ﻃﻠﺒﻨﺎ اﻟــﺮب ﻣﻦ ﱢ ﻛﻞ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ .وﺣﻴﻨﺌﺬ ﻓﻘﻂ ﻧﺨﺘﱪ اﻟﺴﻌﺎدة.
١٢٣
.٥٦داﻧﻴﺎل و ﺑﻠﺸﺎﴏ )داﻧﻴﺎل (٥ ﱠ ﺑﻠﺸــﺎﴏ ﺣﻔﻴﺪ ﰲ ذات ﻳــﻮم ﰲ ﻗﴫ اﳌﻠﻚ ﱠ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ،أﻗﻴﻤﺖ ﻣﺄدﺑﺔ ﻛﺒرية وﺣﻔﻠﺔ اﳌﻠﻚ ﱠ ﺻﺎﺧﺒــﺔ ﻟﻜﺒﺎر اﳌﺴــﺆوﻟني واﻷﻋﻴﺎن واﻟﻮﺟﻬﺎء ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺸﱰﻛﻮن ﰲ ﺗﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم ﻣــﻦ أﻓﺨﺮ اﻷﻃﺎﻳــﺐ وﴍب أﺟــﻮد اﻟﺨﻤﻮر، وﺑﻴﻨــام ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ ﻫﺮج وﻣﺮج ﻗﺎل اﳌﻠﻚ ﻟﺒﻌﺾ ﺧﺪاﻣﻪ أﺣــﴬوا ﱄ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﴪﻋﺔ ﻛﻞ أوﻋﻴﺔ اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ اﻟﺘﻲ ﻏﻨﻤﻬﺎ ﺟﺪي ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ ﻣﻦ ﻫﻴﻜﻞ أورﺷــﻠﻴﻢ .ﻓﺄﺣﴬت ﱠ إﻟﻴــﻪ ﰲ اﻟﺤﺎل ووﺿﻌﺖ ﻋــﲆ اﳌﻮاﺋﺪ اﳌﻠﻜﻴﺔ وﻣﻠﺌﺖ ﺑﺎﻟﺨﻤﻮر واﻟﻨﺒﻴﺬ ﻟﻴﴩب ﻣﻨﻬﺎ ﺿﻴﻮﻓﻪ اﻟﻜــﺮام ﻣﻊ زوﺟﺎﺗﻬﻢ وﻗﺎﻟــﻮا ﻣﺘﻔﺎﺧﺮﻳﻦ :ﱠ "إن آﻟﻬﺘﻨــﺎ ﰲ ﺑﺎﺑﻞ أﻗــﻮى ﻣﻦ إﻟﻪ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻷن ﻫﻴﻜﻠــﻪ ﻗﺪ ﻫﺪم وﻧﺤﻦ ﻧﴩب ﺑﺂﻧﻴﺔ ذﻟﻚ وﻣﺠﺪوا اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻷن آﻟﻬﺘﻨﺎ ﻗﺪ دﺣﺮت آﻟﻬﺘﻬﻢ" ّ أﺻﻨﺎﻣﻬﻢ وأوﺛﺎﻧﻬﻢ وﺳﺨﺮوا ﻣﻦ اﻹﻟﻪ اﻟﺤﻖ. وﻓﺠﺄة ﺳﺎد ﺳــﻜﻮت وﻫﺪوء ﻛﺼﻤﺖ اﻟﻘﺒﻮر. ﻓــام اﻟﺬي ﺗــﺮاه اﻟﻌﻴــﻮن ﻋﲆ ذﻟــﻚ اﻟﺠﺪار اﻷﺑﻴــﺾ اﻟﻨﺎﺻﻊ؟ اﻧﻈﺮ ،ﻛﺄﻧﻬــﺎ أﺻﺎﺑﻊ ﺑﴩﻳﺔ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﲆ اﻟﺠﺪار ﺷــﻴﺌًﺎ وﻗﺪ ﺷﺎﻫﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ذﻟــﻚ .وﺻﺎر وﺟــﻪ اﳌﻠﻚ ﺷــﺎﺣ ًﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺐ وﺻﺎرت رﻛﺒﺘــﺎه ﺗﺼﻄﻜﺎن ﻋﻨﺪﻣــﺎ رأى ﻫﺬه اﻷﺣﺮف ﻋــﲆ اﻟﺠﺪار ﺣﺘﻰ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﲆ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﻣﻦ ﺷــﺪة اﻟﺮﻋﺐ .وﻗﺎل أﺣﴬوا ﺑﴪﻋﺔ اﻟﺤﻜامء واﻟﻔﻠﻜﻴني واﳌﻨﺠﻤني ،ﻓﺠﺎؤوا ﺑﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻓﻘــﺎل ﻟﻬﻢ" :ﻓﴪوا ﱄ ﻣﻌﻨﻰ ١٢٢
ﻫــﺬه اﻟﻜﻠامت ،ﻓﻤﻦ ﻳﺴــﺘﻄﻊ أﻏــﺪق ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻬﺪاﻳﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺼري ﻏﻨ ًﻴﺎ ﺟﺪًا. ﻓﺴﻜﺖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ومل ﻳﺴﺘﻄﻊ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻜامء أن ﻳﻌــﺮف ﻣﻌــﺎين اﻟﻜﻠامت ،ﻓﺤــﺎر اﳌﻠﻚ ﰲ أﻣﺮه وﺑﻘــﻲ ﻳﺮﺗﺠﻒ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺐ اﻟﺬي اﻋﱰاه. ﺷــﺨﺼﺎ ﻓﺪﺧﻠﺖ اﳌﻠﻜﺔ إﻟﻴﻪ وﻗﺎﻟﺖ" :أﻋﺮف ً ً ﺣﺘــام أن ﻳﻔﴪ ﻟﻚ ذﻟــﻚ ،إﻧﻪ داﻧﻴﺎل، ﻳﻘﺪر ﻟﻨﺒﻮﺧﺬﻧﴫ رﺟــﻞ ﺣﻜﻴﻢ وﻫﻮ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﻔﴪ ﱠ أﺣﻼﻣﻪ ،رﺟﻞ ذيك ﻣﻘﺘﺪر.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻊ داﻧﻴﺎل اﻟﺤﻠﻢ ﺻﻤﺖ زﻫﺎء ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻟﺼﺪﻣﺘﻪ ﻣام ﺳﻤﻊ ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻠﻤﻠﻚ: "اﻟﺸــﺠﺮة ﻫﻲ أﻧﺖ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ﺑﺎﻟﻌﻈﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻨــﺪك ﻟﻜﻨﻚ ﺳــﺘﺨﴪﻫﺎ وﺳــﺘﺼري ﻛﺤﻴﻮان اﻟﻮﻋﺮ وﺗﻌﻴﺶ ﻋﲆ اﻟﻌﺸــﺐ ﻣﺜﻠﻪ ﳌﺪة ﺳﺒﻊ ﺳــﻨﻮات ،وﻟﻦ ﺗﻌﻴــﺶ ﻣﻊ اﻟﻨــﺎس ،ﺛﻢ ﺗﻌﻮد ﻓﺘﺘﺬﻟــﻞ أﻣﺎم اﻟﻠــﻪ اﻟﻌﲇ اﻟﻘﺪﻳــﺮ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﻠــﻚ اﻟﻜﻮن ﻓﻴﻌﻴﺪك إﱃ ﻋﺮﺷــﻚ ﻷن اﻟﺠﺬع
ﻧﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﻘﻮة واﻟﺬﻛﺎء ﻟﺪﻳﻨﺎ ،ﻓﻼ ﻧﺨﺪع أﻧﻔﺴﻨﺎ إذ ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﺘﻮاﺿﻊ ﻟﻨﻌﺮف ﺣﺠﻤﻨــﺎ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﴪ اﻟﺮب أن ﱠ ﻳﺤﻞ ﻓﻴﻪ. وﺑﻌﺪ ﺳــﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻛﺎن اﳌﻠﻚ ﻳﺘﻤﴙ ﻋﲆ ﺳــﻄﺢ ﻗﴫه ،ﻓﻨﻈﺮ إﱃ ﺟــامل ﺑﺎﺑﻞ ﻣﺘﻔﺎﺧ ًﺮا وﻗﺎل" :أﻧﺎ ﻣﻦ ﺑﻨــﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﻣﻤﻠﻜﺘﻲ وﺑﻼدي، ﻓﺄﺳــﻮارﻫﺎ ﻣﻨﻴﻌــﺔ وأﺑﻮاﺑﻬﺎ اﻟﻨﺤﺎﺳــﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ وﺣﺪاﺋﻘﻲ اﻟﻔﻴﺤــﺎء اﻟﻐﻨﺎء ﺻﻨﻌﺘﻬﺎ ﺑﺤﻜﻤﺘﻲ" ﻓﺠﺎء ﺻﻮت ﻣﻦ اﻟﺴــامء ﻓﺠﺄة ﻳﻘﻮل" :اﻧﺘﺰع اﳌﻠﻚ ﻣﻨﻚ وﺳﺘﻜﻮن ﻛﺎﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﻛﱪﻳﺎﺋﻚ" ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ ﻛﺎﻟﺒﻬﺎﺋﻢ وﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴــﺎﻋﺔ ﺻﺎر ﱠ نت و َﻓ َﻘــ َﺪ ﻋﻘﻠﻪ وﻃﺎل ﺷــﻌﺮه وأﻇﺎﻓﺮه ومل ﻳﻌ ِ ﺑﻪ أﺣﺪ ﳌﺪة ﺳﺒﻊ ﺳــﻨﻮات .ﺛﻢ اﺳﺘﻌﺎد ﻋﻘﻠﻪ وذﻫﻨــﻪ وﺻﺎر ﻳﻔﻜــﺮ وﻳﻨﻄﻖ ﻓﻘﺎل" :أﺳــﺒﺢ اﻟﺮب اﻟﻌﲇ ،اﳌﻠﻚ اﻟﴪﻣﺪي ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻠﻄﺎن واﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴــﻊ" وﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻻﻋﱰاف ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ إﱃ ﻋﺮﺷــﻪ وﻋﺎد واﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻋــﺎد ﱠ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﱃ ﺧﺪﻣﺘﻪ.
اﻟﺬي رأﻳﺘــﻪ ﻣﱰو ًﻛﺎ دون ﻗﻄــﻊ ﻳﻔﴪ ذﻟﻚ"، ودﻋﺎ داﻧﻴﺎل اﳌﻠﻚ ً ﻗﺎﺋــﻼ ﻟﻪ :ﱠ "ﺗﺨﻞ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﳌﻌﺼﻴﺔ وﺗﺐ إﱃ اﻟﻠــﻪ واﻋﻤﻞ اﻟﺨري ﻟﻠﻔﻘﺮاء واﳌﺤﺘﺎﺟني". ﻣــﺎ ﻫﺬا اﻟﺠﱪوت اﻟﺬي ﻳﺆذي ﺻﺎﺣﺒﻪ؟ ﻫﻜﺬا ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ أﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﺗﺘﻜﱪ إذ ﻧﻈﻦ أﻧﻨﺎ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ١٢١
ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ )داﻧﻴﺎل (٤ .٥٥داﻧﻴﺎل و ﱠ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻣﻠﻚ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴني اﻵﻻف ﻣﻦ ﺑﻨﻲ أﺧﺬ ﱠ إﴎاﺋﻴــﻞ أﴎى إﱃ ﺑــﻼده ﻟﻜﻦ اﻟﺮب مل ﱠ ﻳﺘﺨﻞ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﻞ أﻗﺎم ﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺑﻼد اﻟﺴــﺒﻲ أﻧﺒﻴﺎء وﺧﺪّا ًﻣﺎ أﻣﻨﺎء ﻟﻪ ﻳﻨﻘﻠﻮن رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻠﻪ إﱃ ﺷﻌﺒﻪ وﻣﻦ أﻫﻢ ﻫــﺆﻻء ﻛﺎن داﻧﻴﺎل اﻟﺤﻜﻴﻢ اﻟﻔﻬﻴﻢ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ اﻟﺬي ﺻــﺎر ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺴﺘﺸــﺎري ﱠ وﻛﺎن ﻳﻔــﴪ اﻷﺣــﻼم ﻟﻠﻤﻠﻚ وﻳﺒــني ﻟﻪ اﳌﺮاد ﻧﻈ ًﺮا ﻷن اﻟﻠﻪ أﻋﻄﺎه ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻤﺔ. ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ واﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻗﻮة ورﻫﺒﺔ اﳌﻠﻚ ﱠ اﻟﺬي أﺧﻀﻊ ً أﻣام وﺷﻌﻮ ًﺑﺎ وﻣامﻟﻚ إذ اﺟﺘﺎﺣﻬﺎ وﻓﺮض ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﺠﻮد واﻻﺣﱰام ﻟﻪ .أﺿﻒ إﱃ ذﻟﻚ ﻏﻨﺎه اﻟﻔﺎﺣﺶ اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ ﰲ روﻋﺔ اﻟﺒﻨﺎء ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﺑﻞ ﻣﻦ ﻗﺼﻮر وﻣﻌﺎﺑﺪ وﻣﺒﺎنٍ ،ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﻜــﻦ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻮاﻫﺐ اﻟﺨري واﻟﻨﻌﻢ ﺑﺴــﺒﺐ ﻛﱪﻳﺎﺋﻪ ،وﻋﺎش ﺣﻴﺎة اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﰲ ﻣﻌﺼﻴﺔ اﻟﻠﻪ. ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ً ﻣﺰﻋﺠﺎ وﰲ ذات ﻳﻮم ﺣﻠــﻢ ﱠ ﺣﻠام ً آﺧــﺮ .إﻧﻪ ﺣﻠــﻢ ﻏﺮﻳﺐ .ﻓام ﻫﻮ ﺗﻔﺴــريه ﻳﺎ ﺗﺮى؟ دﻋﺎ أﻓﻀﻞ ﺣﻜامﺋﻪ واﻟﺴﺤﺮة واﻟﻔﻠﻜﻴني واﳌﻨﺠﻤــني ﻓﻌﺠــﺰوا ﻋــﻦ ﺗﻔﺴــري ﺣﻠﻤــﻪ. ّ واﺳــﺘﺪﻋﻲ داﻧﻴــﺎل إﱃ اﻟﻘﴫ ﻓﺄﺧــﱪ اﳌﻠﻚ ﺑﺄﻧﻪ رأى ﺷــﺠﺮة ﻛﺒرية ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪرﺟﺔ ّأن ﺳﻜﺎن اﻷرض ﺟﻤﻴ ًﻌــﺎ ﻳﺮوﻧﻬﺎ ،وﻟﻬــﺎ أﻏﺼﺎن وأوراق ﺗﺴــﺘﻈﻞ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت وﺗــﺄوي إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻄﻴﻮر ﻟﺘﺼﻨﻊ أﻋﺸﺎﺷــﻬﺎ .واﻟﺸــﺠﺮة ﺗﺤﻤﻞ مثﺎ ًرا ﻣﻦ ﻓﺎﻛﻬﺔ ﻛﺜرية ﻟﺬﻳﺬة ﻟﻶﻛﻠني وﺷﺎﻫﺪ ﻓﺠﺄة ﻣﻼ ًﻛﺎ ١٢٠
ﻧﺎزﻻً ﻣﻦ اﻟﺴــامء ﻳﺼﻴﺢ ﺑﺼﻮت ﻋﺎل وﻳﻘﻮل: "اﻗﻄﻌﻮا اﻟﺸﺠﺮة وأﻏﺼﺎﻧﻬﺎ ،واﺗﺮﻛﻮا اﻟﺠﺬع ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻮه ،ﻓﻬﺬا اﻟﺠﺬع ﺳﻴﻜﻮن ﻛﺤﻴﻮان اﻟﻮﻋﺮ ﻳﺄﻛﻞ اﻟﻌﺸــﺐ واﻟﺤﺸﺎﺋﺶ ﳌﺪة ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﻓﻴﺸﺎﺑﻪ اﻟﺤﻴﻮان.
ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮﻟﻮا ﴎﻳ ًﻌﺎ إﱃ ﻋﺒﺎدة اﻷﺻﻨﺎم راﻓﻀني اﻻﺳــﺘامع إﱃ اﻟﺮب ﺑﻜﻞ ﺣﺰم .ﻓﺄرﺳﻞ اﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ رﺳــﺎﻟﺔ ﻋﱪ إرﻣﻴﺎ ﻣﻔﺎدﻫﺎ" :إن اﻟﺮب ﻏﺎﺿــﺐ ﺟﺪًا ،أﻓﻼ ﺗﻌﺮﻓﻮن أن ﻋﺒﺎدة اﻷﺻﻨﺎم ﺟﻠﺒﺖ اﻟﺒﺆس ﻋﲆ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﺳــﻴﻘﻮا ﻟﻠﺴﺒﻲ وأﻧﺘﻢ ﺗﻜﺮرون اﻟﺨﻄﺄ ﻧﻔﺴﻪ اﻵن .وﻟﺬا ﻓﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺳﺘﻨﺰل ﺑﻜﻢ .وﻫﻞ ﺗﻈﻨﻮن أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻜــﻢ؟ ﻧﻌﻢ، مبﻘــﺪور ﱠ ﺳــﻴﺼﻞ ﻣﻊ ﺟﻨﻮده وﻳﺪﻣــﺮ اﳌﺪن واﻟﻘﺮى ﰲ
ﻣﴫ وﺳﺘﻬﻠﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ". ﻫﻞ ﺳــريﺗﻌﺐ ﺑﻨــﻮ إﴎاﺋﻴﻞ؟ ﻫﻞ ﺳــﻴﱰﻛﻮن ﻋﺒــﺎدة اﻷﺻﻨﺎم؟ ﻛﻼ ،ﺑﻞ أﻋﻄﻮا ﺟﻮا ًﺑﺎ ﻗﺎﺳــ ًﻴﺎ ﻹرﻣﻴﺎ ﻗﺎﺋﻠني" :ﺳــﻨﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻨﺎ وﺳﻨﻌﺒﺪ اﻷﺻﻨﺎم ﻫﻨﺎ ﻷﻧﻨــﺎ ﺑﺎﻗﻮن ﰲ ﻣﴫ" .ﻓام أﻓﻈﻊ ﻫﺬا اﻟﻌﻨﺎد .ﺗﺮاﻫﻢ ﻳﺴــﺄﻟﻮن ﻋﻦ ﻣﺸﻴﺌﺔ اﻟﻠﻪ وﻳﻘﻄﻌــﻮن اﻟﻮﻋــﻮد ﺑﺎﻻﺳــﺘامع واﻟﻄﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﻳﺘﺤﻮﻟــﻮن إﱃ اﻟﻌﻜﺲ متﺎ ًﻣــﺎ .ﻓﻜﻢ ﻫﻮ ﻓﻈﻴﻊ ﻫــﺬا اﻟﴩ اﻟــﺬي ميﻸ ﻗﻠﻮﺑﻬــﻢ ،وﻫﻜﺬا ﻫﻲ ﺣﺎل اﻟﻨــﺎس ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ،ﻟﺬا ﻳﺠﺐ أن ﻧﺼﲇ ﻃﻠ ًﺒﺎ ﻟﻘﻠــﻮب ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻴــﺎن واﻟﺘﻤ ّﺮد ﻗﺎﺋﻠني: "ﻣﺎذا ﺗﺮﻳﺪين أن أﻓﻌﻞ؟" وﻧﻄﻠﺐ ً أﻳﻀﺎ ﻗﺎﺋﻠني: ﻳﺎ رب ﻋ ّﻠﻤﻨﻲ أن أﻓﻌﻞ رﺿﺎك". ﻛﻴﻒ اﻧﺘﻬﺖ ﺣﻴﺎة إرﻣﻴﺎ؟ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺮﻳﺤﺔ ﻛﻨﻬﺎﻳــﺔ اﻷﻣﻨﺎء ﻣــﻦ أوﻻد اﻟــﺮب .وﻻ ﻧﻌﺮف أﻳﻦ وﻣﺘﻰ ﻣﺎت ﻫــﺬا اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻀﺒــﻂ إذ ﻻ ﺧﱪ ﺑﻬﺬا اﻟﺨﺼﻮص ﰲ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ،ﻟﻜﻨﻨــﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴــﺪ أﻧﻪ اﻧﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺴــامء ﺣﻴﺚ ﻻ ﺣﺰن وﻻ أمل وﻻ ﺗﻨﻬﺪ وﻻ ﻣﻌﺼﻴﺔ ،ﺑﻞ ﺳــﻌﺎدة دامئﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﰲ ﺣﴬة اﻟﻠﻪ ﻣﻊ اﳌﻔﺪﻳني واﻟﻘﺪﻳﺴني ﻣﻦ أوﻻده. ١١٩
.٥٤إرﻣﻴﺎ ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﻣﴫ )إرﻣﻴﺎ (٤٤ - ٤١ ﻟﻘــﺪ ﻋﺎىن إرﻣﻴﺎ اﻟﻜﺜري ﻣــﻦ اﻷﺣﺰان واﻷوﺟﺎع ﻃــﻮال ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺴــﻌﻰ ﻟﺨري ﺷــﻌﺒﻪ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺳــﺨﺮوا ﻣﻨﻪ واﺳﺘﻬﺰؤوا ﺑﻪ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ متﻨــﻰ ﰲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم "ﻟــﻮ مل ﻳﻮﻟــﺪ" ،وﻣﻊ ّأن ﻫــﺬا اﻟﺘﻤﻨﻲ ﺧﺎﻃﺊ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻟﻜﻦ اﳌﻌﺎﻧﺎة اﻟﺸــﺪﻳﺪة ﺟﻌﻠﺘــﻪ ﻳﻨﻄﻖ مبﺜﻞ ﻫــﺬا اﻟﻜﻼم. وﻫــﺎ ﻫﻮ اﻵن ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻊ اﻟﺒﻘﻴــﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻏريﻫﺎ ﻣﻦ ﻣــﺪن ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﺗﺤﺖ ﺳــﻠﻄﺔ ﺟﺪﻟﻴﺎ اﻟﻮاﱄ اﻟﺬي ﻗﺘﻞ ﻋﲆ ﻳﺪ ﺷــﺨﺺ ﻳﺪﻋﻰ إﺳامﻋﻴﻞ ،وﻛﻢ ﺳﻴﻜﻮن ﻏﻀﺐ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﺷﺪﻳﺪًا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﺬﻟﻚ ،إذ أﻧﻪ ﱠ ﺳﻴﺄيت أو ﻳﺮﺳﻞ ﺟﻨﻮده ﳌﻌﺎﻗﺒﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﺗﻞ أو ً ﻳﻌﺎﻗﺐ ﱠ ﻣﺘﻬــام إ ّﻳﺎﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮاﻃﺆ ﻛﻞ اﻟﺸــﻌﺐ ﻣﻊ إﺳــامﻋﻴﻞ اﻟﺬي أﻗﺪم ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺠﺮميﺔ. ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ اﻟﺸﻌﺐ اﻵن؟ ﺳــﻴﻬﺮﺑﻮن إﱃ ﺑﻠــﺪ آﺧﺮ ،إﱃ ﻣﴫ ﻃﻠ ًﺒﺎ ﻟﻸﻣﺎن ﻓﻠﻦ ﻳﻼﺣﻘﻬﻢ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ إﱃ ﻫﻨﺎك. ﱠ ﻓــام ﻫﻮ رأي اﻟــﺮب ﺑﺬﻟﻚ؟ ذﻫﺒــﻮا إﱃ إرﻣﻴﺎ وﺳــﺄﻟﻮه ﻗﺎﺋﻠني" :ﻫ ّﻼ ﺳﺄﻟﺖ اﻟﺮب ّ ﻋام ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻋﻤﻠﻪ؟ ﻓﺴﺄل إرﻣﻴﺎ اﻟﺮب وﻗﺪ أﺧﺬ وﻋﺪًا ﻣﻦ اﻟﺸــﻌﺐ ﺑﺈﻃﺎﻋــﺔ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﺮ اﻟــﺮب ﺑﻪ ﻷن اﻟﻄﺎﻋﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﺗﺠﻠﺐ اﻟﺨري واﻟﱪﻛﺔ. وﻋﺎد إرﻣﻴﺎ ﴎﻳ ًﻌﺎ ﺑﺠﻮاب ﻣﻦ اﻟﺮب ﻳﻘﻮل" :ﻻ ﺗﻨﺰﻟﻮا إﱃ ﻣﴫ ،ﺑﻞ اﺑﻘﻮا ﰲ أﻣﺎﻛﻨﻜﻢ ودﻳﺎرﻛﻢ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ، واﻟﺮب ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻜﻢ ﻓــﻼ ﻳﺆذﻳﻜﻢ ﱠ أ ّﻣــﺎ إذا ﻧﺰﻟﺘــﻢ إﱃ ﻣﴫ ﻓﺴــﺘﻠﻘﻮن اﻷﺳــﻮأ وﺳﺘﻤﻮﺗﻮن ﺟﻮ ًﻋﺎ ﻛام ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ واﻟﻮﺑﺎء ً أﻳﻀﺎ" ١١٨
ﻓامذا ﺳﻴﻔﻌﻞ اﻟﺸــﻌﺐ؟ ﻫﻞ ﺗﺮاﻫﻢ ﻳﻠﺘﺰﻣﻮن مبﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺮب؟ أﺑﺪًا ،ﺑﻞ ﻏﻀﺒﻮا واﺳــﺘﺎءوا ﻣﻦ إرﻣﻴــﺎ واﺗﻬﻤﻮه ﺑﺎﻟﻜﺬب وأﻧﻪ مل َ ﻳﺘﻠﻖ رﺳــﺎﻟﺔ وأﴏوا ﻋــﲆ اﻟﻨﺰول ﻣﻦ اﻟﻠــﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺸــﺄن ّ إﱃ ﻣﴫ وأﺟﱪوه ﻋــﲆ ﻣﺮاﻓﻘﺘﻬﻢ ً رﻏام ﻋﻨﻪ. وﻓﻌ ًﻼ رﺣﻠﻮا إﱃ ﻣﴫ ﻣﺼﻄﺤﺒني ﻣﻌﻬﻢ إرﻣﻴﺎ ً رﻏام ﻋﻨــﻪ وﻛﺎﻧــﺖ اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﺷــﺎﻗﺔ، وأﺧــ ًريا وﺻﻠــﻮا إﱃ ﻣــﴫ وﺳــﻜﻨﻮا ﰲ ﺑﻌﺾ اﳌﺪن واﻟﻘﺮى ﻓﻴﻬﺎ .ﻟﻜﻦ ﺣﺪث اﻷﺳﻮأ اﻵن ﰲ
اﻟﺘﻲ ﺗﺒــﺪو ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎت اﳌــﻮت وﺗﺮﻣﺰ إﱃ اﻟﺸــﻌﺐ ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﺳﺘﺰﻫﺮ ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺳﻞ اﻟﻠﻪ اﺑﻨﻪ ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ ﻣﻮﻟﻮدًا ﻣﻦ ﻋﺬراء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ ﻛﺎﻟﻐﺼﻦ اﻟﺬي ﻳﺘﱪﻋﻢ ﻣﻦ ﺷﺠﺮة ﻳﺎﺑﺴﺔ وﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﻴﺄيت ﻣﻦ ﺳﻼﻟﺔ اﳌﻠﻚ داود وﺳﻴﻜﻮن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻋﲆ ﻋﺮش أﻋﻈﻢ ،داﺋﻢ وﺧﺎﻟﺪ.
واﻵن ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ رؤﻳﺔ ّأن ﻫﺆﻻء اﻟﺤﺰاىن ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﺗﺮاودﻫﻢ اﻟﺴــﻌﺎدة ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﻟﻌﻠﻤﻬﻢ وإميﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﳌﺨﻠﺺ اﳌﻠﻚ اﻟﺬي ﺳﻴﺄيت ﻟﻴﻨﻘﺬﻫﻢ. ﻣﻤــﻦ؟ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻃﺒ ًﻌــﺎ .وﻫﻮ ﺧﻼص أﻫﻢ ﻣﻦ إﻧﻘﺎذﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺴــﺒﻲ ﻷن ﺧﻼﺻﻪ ﻳﺘﻀﻤﻦ اﻟﻐﻔﺮان واﳌﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻊ اﻟﻠﻪ ،واﳌﺸــﻤﻮل ﺑﻬﺬا اﻟﺨﻼص ﺳــﻴﻌﻴﺶ ﻣــﻊ اﻟﺮب ﰲ اﻟﺴــامء إﱃ اﻷﺑﺪ .وﻫﺬه أﻋﻈﻢ ﻣﻬﻤﺔ ﻳﺤﻘﻘﻬﺎ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴــﻴﺢ .ﺻﺤﻴﺢ ّأن اﻟﻨﺎس ﻳﺸﺘﺎﻗﻮن ﻟﻠﻌﻮدة
إﱃ ﻣﻮﻃﻨﻬﻢ وﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻬﻢ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺘﺸﻮﻗﻮن ﳌﺠﻲء اﻟﻔﺎدي .ووﻋﻮد اﻟــﺮب ﺗﺪﻫﺶ اﻟﻨﺎس ﻟﺴــﺒﺐ ﺑﺴــﻴﻂ ﻫﻮ ّأن ﻻ أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ وﻋﻮدًا ﺑﻬﺬا اﻟﺨري وﻫﺬه اﻟﱪﻛﺔ وﻫﺬا اﻟﺼﻼح. ﻟﺬا ﻓﺈن ﻣﻦ آﻣﻦ ﺑﺎﻟﻮﻋﻮد وﻟﻮ ﻣﺎت ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ومل ﻳ َﺮ ﻛﻨﻌﺎن ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﺳــﻴﺬﻫﺐ إﱃ ﻛﻨﻌﺎن اﻟﺴامء ﺣﻴﺚ اﳌﻮﻃﻦ اﻟﺪاﺋﻢ.
وﻧﺤــﻦ اﻟﻴﻮم ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺤﺮﻳ ًﺮا ﻣﻦ ﺳــﺒﻲ أرﴈ ﺑﻞ ﻣﻦ ﺳــﺒﻲ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻳﺴﻮع ﻣﺎ زال ﻧﻔﺴﻪ اﳌﺨﻠﺺ واﳌﺤﺮر ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ.
١١٧
.٥٣إرﻣﻴﺎ واﳌﺴﺒﻴني )إرﻣﻴﺎ (٣٣ ﺟﺎﻟﺴــﺎ ﺣﺰﻳﻨًﺎ ﺑﺎﻛ ًﻴﺎ مبﺮارة ﻷن ﺷــﻮﻫﺪ إرﻣﻴﺎ ً اﻟــﺬي ّ ﺣﻞ ﺑﺄورﺷــﻠﻴﻢ أﻓﻈﻊ ﻣــام ﻳﺘﻮﻗﻌﻪ أو ﻳﺤﺘﻤﻠــﻪ إﻧﺴــﺎن ،واﻟﺬي ّ ﺣــﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎس أﻓﻈﻊ وأﺷــﻨﻊ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻨﴗ ﻣﻨﻈــﺮ ﻃﻮاﺑري اﻷﴎى ﻳﺮﺣﻠــﻮن إﱃ ﺑﺎﺑــﻞ ﻋﻨــﺪ اﻟﻨﻬﺮﻳــﻦ اﻟﻜﺒريﻳﻦ ّ دﺟﻠﺔ واﻟﻔﺮات ،اﻟﺬﻳــﻦ ﻋﺎﻧﺪوا اﻟﺮب ورﻓﻀﻮا ﺗﺤﺬﻳﺮاﺗﻪ وإﻧﺬاراﺗﻪ ﻋﲆ ﻟﺴــﺎن إرﻣﻴﺎ ﻓﺤ ّﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻮﻳــﻼت .وﻃﺒ ًﻌﺎ ﻳﻌﺮف إرﻣﻴﺎ ﻳﻘﻴﻨًﺎ ّأن اﻟﺮب ﺻﺎﻟــﺢ وﻋﺎدل وﻻ ﻳﻼم ،ﺑــﻞ اﻟﻠﻮم ﻳﻘﻊ ﻋﲆ ﻣﻦ ﻋﺼﺎ ومتﺮد .اﻟﻨﺎس اﳌﺴــﺒﻴني إﱃ ﺑﺎﺑﻞ
١١٦
ﻣــﺎذا ﻳﻘﻮﻟﻮن؟ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻋﱰف ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻠﺒﺖ اﻟﻘﺼﺎص اﻟﻌﺎدل وﻫﻢ ﺣﺰاىن ﻛام إرﻣﻴﺎ. ﻟﻜﻦ ﻻ ﺣﻮل ﻟﻬﻢ وﻻ ﻗﻮة. ﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣــﺎ ﻳﻘﻮﻟــﻪ إرﻣﻴﺎ اﻟﺤﺰﻳــﻦ؟ اﻟﺮب رﺣﻴــﻢ وﻃﻮﻳــﻞ اﻟﺮوح ﻛﺜــري اﻟﺮأﻓــﺔ ،وﻫﺬا أدﺧــﻞ ﺑﻌــﺾ اﻟﻔﺮح إﱃ ﻗﻠﺒــﻪ ﻷن ﻣﺎ ﺣﺪث ﺳــﺒﻖ أﺷﺎر اﻟﺮب إﻟﻴﻪ وﺗﻮ ّﻋﺪ ﺑﻪ .ﺑﻞ وﻋﺪ ﺑﺄن اﳌﺴﺒﻴني ﺳﻴﻌﻮدون ﻳﻮ ًﻣﺎ ﻣﺎ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ وﻫﺬا ﺳﻴﺴــﺘﻐﺮق إﻧﺠﺎزه ﺳــﺒﻌني ﺳــﻨﺔ .اﻟﻜﺜريون ﺳــﻴﻤﻮﺗﻮن ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﻟﻜﻦ أوﻻدﻫﻢ وأﺣﻔﺎدﻫﻢ ﺳــﻴﻌﻮدون وﻗﺪ ﺳــﻤﻴﺖ ﻫــﺬه اﻟﺤﻘﺒﺔ ﻣﻦ زﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد ﰲ ﺑﺎﺑﻞ ﺑﺎﻟﺴــﺒﻲ اﻟﺒﺎﺑﲇ ﻷن ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺴــﺒﻴني ﻫﻨــﺎك .وﻫﺬا اﻟﻮﻋﺪ ﻫﻮ رﺳﺎﻟﺔ ﻧﻘﻠﻬﺎ إرﻣﻴﺎ وﺑﻌﺾ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻤﻦ ﻋﺎﴏوا ﻫﺬه اﻟﻔﱰة وأﻇﻬﺮوا ﻋﻨﺎﻳﺔ اﻟﻠﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺎ زال ﻳﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺸــﻌﺐ ﻛﺸــﻌﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻋﺼﻮا ﻷن اﻟﻮﻋﺪ اﳌﻌﻄﻰ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ واﺳﺤﻖ وﻳﻌﻘﻮب ﻳﻨﺠﺰه اﻟﺮب ﻣﺘﺠﺎو ًزا ﻫﺬا اﻟﻌﺼﻴﺎن اﻟﺬي ﻧﺎل ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﻦ اﻟﺘﺄدﻳﺐ. أﻣﺎ اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ اﻷﺧﺮى واﻷﻫــﻢ اﻟﺘﻲ ُﻃﻠﺐ ﻣﻦ إرﻣﻴــﺎ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﺷــﺄن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻧﺒﻴﺎء ،ﻓﺘﺸــري إﱃ ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﺳــﻴﺄيت وﻫﻲ ﻧﺒﻮة ﺗﺪور ﺣﻮل اﻟﻐﺼﻦ ﻛام ﻳﺴــﻤﻴﻪ إرﻣﻴﺎ ،ﻓام اﳌﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻐﺼــﻦ؟ ﺗﺮى أﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﰲ اﻟﻐﺎﺑﺔ ﺷــﺠﺮة ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﻴﺘــﺔ ﺛــﻢ ﻳﱪز ﻣﻨﻬــﺎ ﰲ ﻓﺼﻞ اﻟﺮﺑﻴــﻊ ﺑﺮﻋﻢ أﺧﴬ وﻳﺼري ﻏﺼﻨًﺎ ﻳﻜﻮن ﻃﺮ ّﻳﺎ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺛﻢ ﺗﻈﻬﺮ اﻷوراق ﻋﲆ اﻟﻐﺼﻦ .ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺸﺠﺮة
ﻟﻜــﻦ دون ﺟــﺪوى ﻓﻘﺪ أﻟﻘــﻲ اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣــﻦ ﻛﺎن ﻣﻌﻪ وأﺗﻮا ﺑﻬــﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ إﱃ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻓامذا ﺳﻴﻔﻌﻞ ﺑﻬﻢ؟ ﻟﻘﺪ أﻣﺮ ﺑﻘﺘﻞ ﱠ أوﻻد ﺻﺪﻗ ّﻴــﺎ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻊ ﻛﺒــﺎر ﻣﻌﺎوﻧﻴﻪ أﻣﺎم ﻧﺎﻇﺮﻳﻪ ،ﺛﻢ أﻋﻤﻰ ﻋﻴﻨﻴﻪ وأﻟﺤﻘﻮه ﺑﺎﻷﴎى إﱃ ﺑﺎﺑﻞ. وﻣﺎذا ﺑﺨﺼﻮص إرﻣﻴﺎ؟ أﺧﺮﺟﻮه ﻣﻦ اﻟﺴــﺠﻦ ﻹﻟﺤﺎﻗﻪ ﺑﺎﻷﴎى إﻻ أن رﺳــﻮﻻً ﻣﻦ اﳌﻠﻚ ﺟﺎء وأﻣﺮ ﺑﺈﻃﻼق ﴎاﺣﻪ وأن ﺗﱰك ﻟﻪ ﺣﺮ ّﻳﺔ اﻹﻗﺎﻣﺔ أو اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻛﻴﻔام ﻳﺸﺎء ،وإذا أراد اﻟﺬﻫﺎب إﱃ
ﺑﺎﺑﻞ ﻓﺎﳌﻠﻚ ﺳــﻴﺤﻴﻄﻪ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ،أ ّﻣﺎ إن ﺷﺎء أن ﻳﺒﻘﻰ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻣﱰوك ﻟﻪ. ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات وﻛﺎن ﱠ وﺟﻬﻬــﺎ إرﻣﻴــﺎ ﻟﺼﺪﻗ ّﻴــﺎ ﺑﺘﺴــﻠﻴﻢ اﳌﺪﻳﻨــﺔ واﻻﺳﺘﺴــﻼم ﳌﻠﻚ ﺑﺎﺑﻞ .ﻓامذا ﺳﻴﻔﻌﻞ إرﻣﻴﺎ؟ ّ ﻓﻀــﻞ اﻟﺒﻘﺎء ﰲ ﻳﻬﻮذا ﻟﻴﻌﻴﺶ ﻣﻊ ﻣﻦ ﺳــﻤﺢ ﻟﻬــﻢ ﺑﺎﻟﺒﻘــﺎء ﺑﻌــﺪ أن ﺣ ّﻠﺖ ﺗﺄدﻳﺒــﺎت اﻟﻠﻪ اﳌﺮﻋﺒــﺔ ﻋﲆ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺼﻮا رﺳــﺎﻟﺔ اﻟﺮب ﻣﻠ ًﻜﺎ وﺷﻌ ًﺒﺎ .وﻳﺎ ﻟﻔﺪاﺣﺔ اﳌﻌﺼﻴﺔ. وﻫﻨــﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺬ ّﻛﺮ ﺷــﻨﺎﻋﺔ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ﺗﺠﺎه اﻟﻠــﻪ ﺗﻌﺎﱃ .أ ّﻣــﺎ أﻓﻜﺎرﻧﺎ اﻟﺘــﻲ ﻻ ﻳﻌﺮف أﺣﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﺳﻮاﻧﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ أﻣﺎﻣﻪ ،وﻟﻬﺬا ﻣﺎت اﳌﺴــﻴﺢ ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴــﺐ ﺣﺘﻰ ﻧــﺄيت إﻟﻴﻪ ﺑﻜﻞ آﺛﺎﻣﻨــﺎ وﻧﻄﺮﺣﻬــﺎ أﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻻﻋــﱰاف اﻟﺼﺎدق ﳌﻐﻔﺮﺗﻬﺎ وﻫﻮ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ.
١١٥
.٥٢ﺧﺮاب أورﺷﻠﻴﻢ )إرﻣﻴﺎ (١٤ - ١ :٣٩ ﻣــﺮت ﺳــﻨﺘﺎن واﻟﻮﺿــﻊ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ﻳﺰداد ﺳــﻮ ًءا ،وﻗﺪ ﻣﺎت اﻟﻜﺜريون ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺟﻮ ًﻋﺎ ﻛــام ّأن اﻟﻮﺑﺎء مل ﻳﺪﺧﺮ ﺟﻬــﺪًا ﰲ إﻧﻬﺎء ﺣﻴﺎة اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺳــﻴﻒ اﻟﻌﺪو اﳌﺴ ﱠﻠﻂ ﻋﲆ رؤوس ﺳﻜﺎن أورﺷﻠﻴﻢ ﻷن ﺟﻨﻮد ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ أﺣﺎﻃﻮا ﺑﺎﳌﺪﻳﻨــﺔ ﺑﻐﻴﺔ اﺟﺘﻴﺎﺣﻬﺎ ﱠ واﺣﺘﻼﻟﻬــﺎ .ﻛﻴﻒ ﺳــﻴﺪﺧﻠﻮن اﳌﺪﻳﻨﺔ؟ اﻧﻈﺮ، ﻟﻘﺪ ﻧﻘﺒﻮا ﰲ ﺳﻮرﻫﺎ ﺛﻐﺮة واﺳﻌﺔ وﺑﺬﻟﻚ ﺻﺎر ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ اﻟﺘﺴــﻠﻞ إﱃ داﺧﻠﻬﺎ ،وﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺟﻨــﻮد ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ ﻣﻨﻌﻬﻢ ﻓﻬﻢ ﻳﺘﺪﻓﻘﻮن ﺑﺎﻵﻻف، ﻳــﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﺮ ﻣﺮﻋﺐ ،ﻫــﺎ ﻫﻢ ﻳﻘﺘﻠﻮن ﻛﻞ ﻣــﻦ ﻳﺼﺎدﻓﻮﻧﻪ ﻣــﻦ رﺟﺎل وﻧﺴــﺎء وأﻃﻔﺎل، ﻓﺄﺷــﻼء اﻟﻨﺎس ﻣــﻸت اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻋــﻼ اﻟﴫاخ واﻟﻌﻮﻳﻞ اﻟﺼﺎﻋﺪ ﻣــﻦ اﻟﺤﻨﺎﺟﺮ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻣﻌني وﻻ ﻣﺠﻴــﺐ .اﻗﺘﺤﻢ اﻟﺠﻨﻮد اﳌﻨﺎزل مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ ﻗﴫ اﳌﻠﻚ ﺑﺎﻟــﺬات وﻫﺪﻣﻮا أﺳــﻮار اﳌﺪﻳﻨﺔ وﺗﻮﺟﻬــﻮا إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻓﺎﺳــﺘﻮﻟﻮا ﻋﲆ ﺧﺰاﺋﻨﻪ وﻧﻔﺎﺋﺴــﻪ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ واﳌﺠﻮﻫﺮات وﺗﺮﻛﻮا وراءﻫﻢ اﻟﺨﺮاب واﻟﺪﻣﺎر ،ﻓﻠﻢ ﻳﺴــﻠﻢ ﻣــﻦ ﻫﺬا اﻟﻬﻴــﻜﻞ اﻟﺬي ﺑﻨﺎه اﳌﻠﻚ ﺳــﻠﻴامن ﻣﻦ ﴍﻫــﻢ وﻋﺒﺜﻬﻢ ،وﺻﺎرت أﻟﺴــﻨﺔ اﻟﻠﻬﺐ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣــﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﺘﻰ ميﻜﻦ ﻟﻠﻤﺸــﺎﻫﺪ رؤﻳﺘﻬــﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ .وﻣﺎذا ﺣــﺪث ﻟﻠﻨﺎﺟني ﻣﻦ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ وﺳــﺎﻗﻬﻢ إﱃ اﻷﻫﺎﱄ؟ ﻟﻘﺪ أﴎﻫﻢ ﱠ ﺑﻼده أرﺗﺎﻻً ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻧﺎﺋﺤني وﺑﺎﻛني ﻋﲆ ﻣﺎ آﻟﺖ ١١٤
إﻟﻴﻪ اﻷﻣﻮر وﻻ ﻣﺠــﺎل ﻟﻠﻬﺮب ﻓﻌﻴﻮن اﻟﺠﻨﻮد ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ اﻟﻔﻘﺮاء ﻣﻦ ﺗﺮاﻗﺒﻬــﻢ .ﻟﻘﺪ ﺗــﺮك ﱠ اﻟﻨﺎس ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻜﺮوم واﻟﺤﻘﻮل وﻋني ﻋﻠﻴﻬﻢ واﻟ ًﻴﺎ اﺳﻤﻪ ﺳــﺨﺮة ﺑﺪون ﻣﻘﺎﺑﻞ ّ ﺟﺪﻟﻴﺎ. وﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻟﻠﻤﻠــﻚ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ؟ ﻟﻘﺪ ﺣﺎول اﻟﻬﺮب ﻣﻊ ﻟﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﳌﺴــﺆوﻟني
ﺳــﻴﻜﺎﻓﺌﻪ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻋﻈﻴﻤﺔ .ﻓﻤﻦ ﻣﻨّﺎ ﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺠﺪ رﺟ ًﻼ ﺑﻬﺬه اﻷﺧــﻼق اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ؟ ﻟﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺟﺘﺎح اﻷﻋﺪاء واﻟﺠﻮع واﻟﻮﺑﺎء ﻣﺪﻳﻨﺔ أورﺷﻠﻴﻢ وﻣﺎت اﻟﻜﺜــريون ﺑﻘﻲ ﻋﺒﺪﻣﻠﻚ ﺣ َﻴﺎ ﻷن اﻟﺮب ﺿﻤﻦ ﻟﻪ اﻟﺴﻼﻣﺔ. وزاد ﺧﻮف اﳌﻠــﻚ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء ﻟﺪرﺟﺔ اﻻرﺗﻌﺎب ﻣﻨﻬﻢ ﻓامذا ﻳﻔﻌﻞ؟ ﻋﺎد واﺳــﺘﺪﻋﻰ إرﻣﻴﺎ ﻃﺎﻟ ًﺒــﺎ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ اﻟﺼﺎدﻗــﺔ ،ﻓﻘﺎل إرﻣﻴﺎ: ﻟﻨﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻓﺘﺤﻴﻰ، "ﻣﻄﻠﻮب ﻣﻨﻚ اﻻﺳﺘﺴﻼم ﱠ ﻟﻜــﻦ إن رﻓﻀﺖ ﻓﺴــﺘﺤﺮق اﳌﺪﻳﻨﺔ وﺳــﺘﻘﻊ أﻧﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﰲ اﻷﴎ ،اﺳﺘﻤﻊ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ﻟﻠﺮب. رﺟﺎ ًء" ﻓﻬﻞ ﺳﻴﺴــﺘﻤﻊ اﳌﻠــﻚ ﻟﻠﺮب؟ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻻ، ﻓام ﻫــﺬا اﻟﻘﻠﺐ اﻟﴩﻳﺮ اﻟﻌﻨﻴﺪ .ﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات اﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻨﻴﺪًا ﻋﺎﺻ ًﻴﺎ .ﻓﻌﲆ ﻣﻦ ﻧﻀﻊ اﻟﻠــﻮم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴــﻮء اﻷﻣﻮر وﺗﺼﻞ
إﱃ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻔﻈﻴﻌﺔ؟ ﻋﲆ أﻧﻔﺴــﻨﺎ ﻷن اﻟــﺮب ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ أن ﻧﺴــﺘﻤﻊ ﻟﺼﻮﺗﻪ .ﻓﺈذا ﻣﺎ اﻛﺘﺸﻔﻨﺎ ﻗﺴﺎوة ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﻗﺴﺎوة ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ ﻓﻠﻨﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﻳﺴــﺘﺒﺪﻟﻪ ﺑﻘﻠﺐ ﻃﺎﺋﻊ ﻓﻬﻮ ﻗــﺎدر ﻋﲆ ذﻟــﻚ ﻷن اﻷﻣﺮ واﻟﺴــﻠﻄﺎن واﻟﻘﺪرة ﺑﻴﺪه ﺗﻌﺎﱃ. ١١٣
.٥١إرﻣﻴﺎ ﰲ اﻟﺠﺐ )إرﻣﻴﺎ (٣٨ ﻧﻌﻠﻢ ّأن إرﻣﻴﺎ دﺧﻞ ﺳﺠﻨًﺎ ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﻦ ﻗﴫ اﳌﻠﻚ ﺣﻴﺚ اﻟﺤﺎل ﻓﻴﻪ أﻓﻀﻞ ،وﺣﺮﻳﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ أﺳﻬﻞ، واﻟﻌﻨﺎﻳــﺔ أوﻓﺮ ﻣﻊ ﺣﺮاﺳــﺔ متﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﻬﺮب ﻃﺒ ًﻌــﺎ .ﻟــﺬا ﻛﺎن إرﻣﻴﺎ ﻳﺤﺪث اﻟﻨــﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬــﻢ وﻣﻨﻬﻢ اﻟﺠﻨﻮد اﳌﻜ ّﻠﻔني ﺑﺎﻟﺤﺮاﺳــﺔ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ ﻣﻠﻚ ﺑﺎﺑﻞ ﻗﺎﺋــ ًﻼ ﻟﻬﻢ" :ﺳــﻴﺤﺘﻞ ﱠ ﻣﺪﻳﻨﺔ أورﺷﻠﻴﻢ وﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﺼﻴ ًﺒﺎ، ﻓﺈذا اﺳﺘﺴــﻠﻤﺘﻢ ﻟﻠﺠﻴﺶ اﻟﺒﺎﺑﲇ ﻧﺠﻮﺗﻢ ،ﻟﻜﻦ إن ﺑﻘﻴﺘﻢ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ ﻓﺴﺘﻤﻮﺗﻮن ﻷن اﳌﺠﺎﻋﺔ ﻛﺎف ،وﻣﻊ ﻗﺎدﻣــﺔ وﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻃﻌــﺎم ٍ اﳌﺠﺎﻋــﺔ ﻳﱰاﻓﻖ اﻟﻮﺑﺎء اﻟﺬي ﺳــﻴﺤﺼﺪ أرواح اﻟﻌﺪﻳﺪﻳﻦ ،ﻛام ّأن ﺟﻴﺶ ﺑﺎﺑﻞ ﺳــﻴﻘﺘﻞ ﻋﺪدًا ﻛﺒ ًريا ﻣﻦ اﻟﺴ ّﻜﺎن". وﻛﺎن اﳌﺴــﺆوﻟﻮن اﻟﻜﺒﺎر ﻳﺴــﻤﻌﻮن ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ إرﻣﻴــﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﻐﻀﺒﻮا وﻧﻘﻠــﻮا ﻟﻠﻤﻠﻚ ّأن إرﻣﻴﺎ ﺑﻜﻼﻣــﻪ ﻫــﺬا ﻳﻀﻌــﻒ ﻣﻌﻨﻮﻳــﺎت اﻟﺠﻨﻮد وﻳﺘﺴــﺒﺐ ﺑﺎﻟﻬﺰميﺔ ﰲ ﺣﺎل ﻧﺸــﻮب اﳌﻌﺮﻛﺔ وﻫﻮ ﻳﺸــﺠﻌﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻬﺮوب ﻣــﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ، ﻓﻤــﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ميﻮت إرﻣﻴــﺎ .ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻧﴘ ﻫﺆﻻء؟ ﻟﻘﺪ ﻧﺴﻮا ّأن إرﻣﻴﺎ ﻫﻮ ﻧﺎﻗﻞ أﻣني ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻠﻪ ،ﻓﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا أﻋﺪاء ﻹرﻣﻴﺎ ﺑﻞ أﻋﺪاء ﻟﻠﻪ. وﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ اﳌﻠﻚ ﺑﺈﻧﺰال اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮوﻧﻬﺎ ﻣﻨﺎﺳــﺒﺔ ﺑﺤﻖ إرﻣﻴﺎ ،ﻓﻠامذا ﺳــﻤﺢ اﳌﻠﻚ؟ أﻻ ١١٢
ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄن إرﻣﻴﺎ مل ﻳﺮﺗﻜﺐ ذﻧ ًﺒﺎ؟ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ّأن اﳌﻠــﻚ ﻳﺨﺎف ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻣﻌﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺻﺎﻟﺤﺎ وﻻ ﻫﻮ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ. ﻣﻠ ًﻜﺎ ً ُﻓﺄ ِﺧﺬ إرﻣﻴﺎ إﱃ ﺳــﺠﻦ ﺗﺠــﺎوره ﺣﻔﺮة ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟﺴــﺎﺑﻖ ﺑ ًﱤا ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴــﺲ ﻓﻴﻬﺎ اﻵن إﻻ اﻟﻮﺣــﻞ وأﻧﺰﻟﻮه ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺮﻛﻮه ﻫﻨﺎك ﻗﺎﺋﻠني: "ﻟﻦ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﻞ ﺳﻴﻤﻮت إذ ﺳﻴﻐﺮق ﰲ اﻟﻮﺣﻞ وﺳﻴﺨﺘﻨﻖ ﺑﺎﻟﻄني .ﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﻫﺆﻻء اﻷﴍار أ ّﻣﺎ ﻣﺸــﻴﺌﺔ اﻟﻠﻪ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﻮﺿﻮع إﻧﻘﺎذ إرﻣﻴﺎ ﺧﺎدﻣﻪ اﻷﻣني .ﻟﺬا ﺳﺨ ﱠـﺮ اﻟﻠﻪ أﺣﺪ ﺧﺪام اﳌﻠﻚ واﺳــﻤﻪ ﻋﺒﺪﻣﻠﻚ اﻟﺬي أوﺻﻞ ﻟﻠﻤﻠــﻚ ﺧ ًﱪا ﻋﻦ اﻟﺤــﺎل اﻟﺮدﻳﺌﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻊ إرﻣﻴﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺄﺻﻴﺐ اﳌﻠﻚ ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ وأﻣﺮ ﻋﺒﺪﻣﻠــﻚ أن ﻳﺬﻫﺐ ﻓﻮ ًرا وﻳﺨــﺮج إرﻣﻴﺎ ﻣﻦ ﺗﻠــﻚ اﻟﺤﻔﺮة ﻗﺒﻞ أن ميﻮت ،ﻓﺄﺧﺬ ﻣﻌﻪ ﺛﻼﺛني رﺟ ًﻼ ﻟﻠﻤﺴــﺎﻋﺪة ،وﺳــﻼﻣﺔ إرﻣﻴــﺎ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﺑﻮﻋﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﺬ أن دﻋﺎه ﻟﻠﻨﺒﻮة. وﺣﺒﺎل أﺧﺬ ﻋﺒﺪﻣﻠﻚ ﻣﻌﻪ ِﺧﺮﻗﺎً ﺑﺎﻟﻴﺔ وأﺣﺰﻣﺔ ِ ﻟﻴﻀﻌﻬﺎ إرﻣﻴــﺎ ﺗﺤﺖ إﺑﻄﻴﻪ أﺛﻨﺎء ﺳــﺤﺒﻪ إﱃ اﻷﻋﲆ ﻟﺌﻼ ﻳﺘﺄذى .وﻓﻌﻞ إرﻣﻴﺎ ﻛام ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻋﺒﺪﻣﻠﻚ وﺳــﺤﺒﻮه ﻋﲆ ﻣﻬﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﻞ وﻫﺎ ﻫــﻮ اﻵن ﺧﺎرج اﻟﺒﱤ ﺣﻴﺚ أﻋﻴﺪ إﱃ اﻟﺴــﺠﻦ أ ّﻣﺎ ﻋﺒﺪﻣﻠﻚ وﻫﻮ اﻟﺨﴢ اﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ذو اﻟﺒﴩة اﻟﺴــﻮداء اﻟﻘﺎدم ﻣــﻦ ﺑﻼد ﺑﻌﻴﺪة ﻓــﺈن اﻟﻠﻪ
أﻃﻠﻖ ﴎاﺣﻪ ﻟ َﻴ ْﻤ ُﺜ َﻞ أﻣﺎم اﳌﻠﻚ اﻟﺬي ﺳــﺄﻟﻪ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻟﻚ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب. ﻗــﺎل إرﻣﻴــﺎ" :ﻧﻌــﻢ ﻳﻮﺟــﺪ أﻳﻬــﺎ اﳌﻠــﻚ، ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ ﻣﻠﻚ ﻓﺴﻴﺴــﻠﻤﻚ اﻟﺮب ﻟﻴــﺪ ﱠ ﺑﺎﺑــﻞ" ،وإرﻣﻴﺎ ﻻ ﻳﺘﻜﻠــﻢ إ ّﻻ ﺑﺎﻟﺼﺪق ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛ ّﻠﻔﻪ ذﻟﻚ اﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﺴــﺠﻦ اﳌﺮﻳﺮ. ﺛﻢ ﺳﺄل إرﻣﻴﺎ اﳌﻠﻚ" :ﳌﺎذا ﻳﺠﺐ أن أﺑﻘﻰ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ؟ وﻣﺎ اﻟﺬﻧﺐ اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﺘﻪ؟ ﻓﺄﺗﻮﺳﻞ
إﻟﻴﻚ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ أ ّﻻ ﺗﻌﻴﺪين إﱃ اﻟﺴــﺠﻦ ﻟﺌﻼ أﻣﻮت ﻫﻨﺎك" ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺤﺠﺰه ﰲ ﺳــﺠﻦ آﺧﺮ ﻗﺮب اﻟﻘﴫ اﳌﻠيك أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺣﻴﺚ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧــﻪ ﻣﻘﺎﺑﻠــﺔ اﻟﻨﺎس واﻟﺘﺤــﺪث ﻣﻌﻬﻢ ﻃﺎزﺟﺎ ﻛﻞ ﻳﻮم وأوﴅ اﳌﻠــﻚ ﺑﺈﻋﻄﺎﺋﻪ ﺧﺒﺰًا ً ﺑﻴﻮﻣﻪ.
١١١
.٥٠إرﻣﻴﺎ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ )إرﻣﻴﺎ (٣٧ ﺑﻠﻎ ﺧﻮف اﳌﻠﻚ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ وﺳــﻜﺎن أورﺷﻠﻴﻢ ً ﻋﻈﻴام ﻷن َ ﺟﻴﺸــﻪ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ ﻣﺒﻠ ًﻐﺎ ﻣﻦ ﱠ ٌ وﻫﺎﺋــﻞ ،ﻓــﺈذا ﺣــﺎﴏوا اﳌﺪﻳﻨﺔ ومل ﻗــﻮيﱞ ﻳﺴــﻤﺤﻮا ﻷﺣﺪ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل إﻟﻴﻬــﺎ أو اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻼ أﻣﺎن ﻷﺣﺪ .ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ إﻧﻘﺎذﻫﻢ؟ اﳌﻠــﻚ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ ﻳﻌﺮف ﻳﻘﻴﻨًﺎ أ ّﻧﻪ اﻟﺮب وﺣﺪه، ﻟﺬا أرﺳــﻞ ﺧﺪاﻣﻪ إﱃ إرﻣﻴﺎ ﻣﻊ رﺳﺎﻟﺔ ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﻨﻪ اﻟﺼﻼة ﺣﺘــﻰ ﻳﺘﺪﺧﻞ اﻟﺮب وﻳﻨﻘﺬﻫﻢ. ﻣﺨﺮﺟﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ اﻟﺨﻄري، ﻳﺮﻳﺪ اﳌﻠﻚ ً وﻟﻜﻦ مل ﻳﻄﻠﺐ ﻣﺸــﻴﺌﺔ اﻟﻠــﻪ ومل ﻳﺘﻮاﺿﻊ ﻹﻃﺎﻋﺘــﻪ ومل ﻳﻄﻠﺐ اﳌﻐﻔﺮة ﻋــﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎه وﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﺸــﻌﺐ .ﻛﻼ ،ﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮﺟﻮع إﱃ اﻟﺮب! وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ ﻳﺼ ّﻠﻮن ﻃﺎﻟﺒني ﺣﻠﻮﻻً ﳌﺸــﺎﻛﻠﻬﻢ وﻫﺬا أﻣﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ وﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻳﺮى ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻳﻌﺮف ﻣﺎ إذا ﻛﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻄﻴﻌﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وإن ﻛﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺨﺪﻣﻪ وﻧﺨﺸﺎه. وﺑﻌﺚ إرﻣﻴﺎ رﺳــﺎﻟﺔ ﺟﻮاﺑﻴــﺔ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻗﺎﺋ ًﻼ: "ﻳﻘــﻮل اﻟــﺮب ّ إن اﻟﺠﻮع ﺳــﻴﻔﺘﻚ ﺑﺎﻟﻜﺜري ﻣﻦ ﺳــﻜﺎن اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺛﻢ ﻳﺄيت اﳌــﺮض واﻟﻮﺑﺎء ﻓﻴﻘﺘﻼن آﺧﺮﻳﻦ ً أﻳﻀﺎ ﻋﺪا اﻟﺬﻳﻦ ﺳــﻴﻤﻮﺗﻮن ﺑﺴــﻴﻒ اﻷﻋﺪاء ،وﺳــﺘﺤﺮق اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎر" ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﺮﻋﺒﺔ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ١١٠
ﻳﴫون ﻋﲆ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻻ ﻳﺘﻮﺑﻮن ﳌﻦ ّ وﻳﻌﻮدون إﱃ اﻟﻠﻪ. وﻗﺪ ﺑــﺪا ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﻛام ﻟــﻮ ّأن اﻷﻣﻮر ﺗﺴــري ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ﻷن اﻧﺘﻈﺎر اﳌﺴﺎﻧﺪة ﻣﻦ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﺟﻴﺶ ﻣﴫ وﻗﺪرﺗﻪ ﻋــﲆ دﺣﺮ ﱠ ﺑﺤﺴﺐ ﻃﻠﺐ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ ﻳﻌﻄﻲ اﻷﻣﻞ .أﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﻃﻠــﺐ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ اﳌﺴــﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﻣﴫ؟ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ؟ ﻫﻞ ﺳــﻴﻬﺮب؟ ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ ﱠ أﺑﺪّ ا ،ﺑﻞ ﺳﻴﻮاﺟﻪ ﺟﻴﺶ ﻣﴫ وﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﴎا ﻣﻬﺰو ًﻣﺎ ،وﺳــﻴﻌﻮد وﻳﻌﻴﺪه إﱃ ﺑﻼده ﺧﺎ ً ﺟﻴﺶ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴني إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ .اﻷﻣﺮ ﻣﺨﻴﻒ وﻣﺮﻋﺐ ,وﻻ أﻣﻞ ﻟﺴــﻜﺎن اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻻﺳــﻴام ّأن إرﻣﻴﺎ ﺟ ّﻬﺰ ﻧﻔﺴــﻪ ﳌﻐﺎدرﺗﻬﺎ ﻟﻴﺬﻫﺐ إﱃ ﺑﻠﺪة ﺻﻐرية اﺳــﻤﻬﺎ ﻋﻨﺎﺛﻮث ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻪ، ﻟﻜــﻦ أﺣﺪ ﺣ ّﺮاس اﳌﺪﻳﻨﺔ أوﻗﻔﻪ وﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﳌﻐﺎدرة ً ﻣﺘﻬام إﻳــﺎه ﺑﺎﻻﻧﻀامم إﱃ اﻷﻋﺪاء ﻗﺎﺋــ ًﻼ" :أﻧﺖ ﺧﺎﺋﻦ" ﻗــﺎل إرﻣﻴﺎ" :ﻛﻼ ،ﻫﺬه ﺗﻬﻤﺔ ﺑﺎﻃﻠﺔ" ﺛﻢ أﺧﺬ إرﻣﻴﺎ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎة اﻟﻜﺒﺎر اﻟﺬﻳﻦ أودﻋﻮه اﻟﺴﺠﻦ وﻫﻢ ﻏﺎﺿﺒﻮن ﻋﻠﻴــﻪ ﺟﺪًا ﺑﻌــﺪ أن ﴐﺑﻮه ﴐ ًﺑــﺎ ﻣ ّﱪ ًﺣﺎ، ﺛﻢ ﺣﺒﺴــﻮه ﰲ زﻧﺰاﻧــﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﻗﺬرة ﺣﻴﺚ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻬﺎ أﻋﺘﻰ اﳌﺠﺮﻣني .ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻣﺮﻋــﺐ ،وﻟﻮ ﺑﻘــﻲ ﻓﻴﻪ إرﻣﻴــﺎ وﻗﺘًﺎ ﻃﻮﻳ ًﻼ ﻟﻜﺎن ميﻜﻦ أن ميﻮت ﻣﻦ اﻟﺸﻘﺎء واﻷمل ،ﻟﻜﻦ
أﺗﻌﻠــﻢ ﻣــﺎذا ﻓﻌــﻞ ﺣﻨﻨﻴــﺎ؟ أﺧــﺬ اﻟﻨري ﻋﻦ وﻛــﴪه وﻗﺎل" :ﻫﻜﺬا ﺳــﻴﻨﻜﴪ ﻋﻨــﻖ إرﻣﻴﺎ ّ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻣﻊ ﻧريه اﻟﻈﺎمل وﻟﻦ ﻧﻜﻮن ﻟﻪ ﻋﺒﻴﺪًا ﱠ ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم" .ﻫــﻞ ﻏﻀﺐ إرﻣﻴﺎ؟ أﺑﺪًا ،ﺑﻞ ﻗﺎل: "اﻟﺮب ﺳﻴﻜﺸﻒ اﻟﻨﺒﻮءة اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﻓﻴام ﺑﻌﺪ". وﻏــﺎدر إرﻣﻴــﺎ اﳌﻜﺎن وﻋﺎد ﺑﻌــﺪ ﻓﱰة وﺟﻴﺰة ﻛﴪت ﻧري اﻟﺨﺸــﺐ ﻟﻜﻦ وﻗﺎل ﻟﺤﻨﻨﻴﺎ" :ﻟﻘﺪ ّ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﺳــﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﺗﺄﻛﺪ ﺑﺄن ﻧري ﱠ وﻟــﻦ ﺗﻘﺪر ﻋﲆ ﺗﺤﻄﻴﻤﻪ وﻫــﺬه إرادة اﻟﺮب اﻟﺬي مل ﻳﺮﺳــﻠﻚ وأﻧﺖ ﻳﺎ ﺣﻨﻨﻴﺎ ،أﻳﻬﺎ اﻟﻠﺴــﺎن
اﻟﻜﺎذب اﻟﺬي ﺗﺨﺪع اﻟﻨﺎس ﺑﻪ ﺳــﺘﻤﻮت ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ،وﻫﺬه ﻋﻘﻮﺑﺘﻚ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺮب" ،وﺑﻌﺪ أﺷــﻬﺮ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﺎت ﺣﻨﻨﻴﺎ وﻋــﺮف اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﺼﺎدق ،ﻓﺈرﻣﻴﺎ وﻟﻴﺲ ﺣﻨﻨﻴﺎ اﳌﺨﺎدع اﳌﺨﺎﺗﻞ ﻫــﻮ ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ورﺳــﺎﻟﺔ إرﻣﻴﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟــﺮب .ﻓﺎﻟﻜﺬب ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻓﻈﻴﻌﺔ وﻻﺳــﻴام إذا ﻧﺴــﺐ إﱃ اﻟﻠﻪ. ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺗﻌﺸــﺶ ﰲ اﻟﻘﻠــﺐ ،وإذا ﻛﻨﺎ ﻧــﺮزح ﺗﺤﺖ ﺧﻄﻴﺌــﺔ اﻟﻜــﺬب ﻓﻠﻨﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟــﺮب أن ﻳﺒﻌﺪﻧــﺎ ﻋﻨﻬﺎ وﻳﺤﻤﻴﻨــﺎ ﻣﻨﻬﺎ وﻫﻮ ﻳﻌﻄﻴﻨــﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﻗﻮل اﻟﺼــﺪق ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻋﱰا ًﻓﺎ ﺑﺨﻄﻴﺌﺔ ارﺗﻜﺒﻨﺎﻫﺎ.
١٠٩
.٤٩إرﻣﻴﺎ واﻟﻨري اﻟﺨﺸﺒﻲ
)إرﻣﻴﺎ ٢٧و (٢٨
ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ وآﻻف ﺟﻴــﺶ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴني ﻗﺎدم .اﳌﻠﻚ ّ اﻟﺠﻨــﻮد ﻳﺰﺣﻔﻮن ﻧﺤﻮ ﻳﻬــﻮذا ﻟﻴﴬﺑﻮا ﺣﺼﺎ ًرا ﺷــﺪﻳﺪًا ﺣﻮل أورﺷــﻠﻴﻢ ،واﻋﱰى اﳌﻠﻚ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ وﻛﻞ اﻟﺸﻌﺐ ﺧﻮف ﺷﺪﻳﺪ ﻷن اﻟﻌﺪو ﺟﺎء ﻗﺒﻞ ﻫﺬه اﳌﺮة وأﺧﺬ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻷﴎى إﱃ ﺑﺎﺑﻞ. وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣــﻦ ﺑني اﻷﴎى؟ داﻧﻴﺎل
ورﻓﺎﻗــﻪ اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻫــﻢ اﻵن ﰲ ﺑﺎﺑﻞ .ومل ﻳﺪ ّﻣﺮ اﻟﺠﻨﻮد أورﺷــﻠﻴﻢ ﰲ ﺗﻠﻚ اﳌــﺮة ﻟﻜﻨﻬﻢ أﺧﺬوا ﻧﻔﺎﺋﺴــﻬﺎ وﺛﺮواﺗﻬــﺎ ﻣــﻦ ذﻫــﺐ وﻓﻀﺔ ﻣﻦ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻗﺪ ﺳﻤﺢ ﱠ ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﻘﺎء وﻋﺪ ﻣﻦ اﳌﻠﻚ ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻪ وﻟﺬﻟﻚ مل ﻳﺪﻣﺮ اﳌﺪﻳﻨﺔ ،وﻏﺎدر ﻣﻊ ﺟﻨﻮده. ﻓﻠامذا ﻳﻌﻮد ﻣﻠﻚ ﺑﺎﺑﻞ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﺟﻴﺸﻪ اﻵن؟ ﻷن ﺻﺪﻗ ّﻴﺎ وﺳــﻜﺎن أورﺷــﻠﻴﻢ ﻋﺼﻮا ﻋﻠﻴﻪ إذ ﻃﻠﺒــﻮا اﳌﻌﻮﻧــﺔ ﻣﻦ ﻣــﴫ ﻓﺠــﺎء اﳌﴫﻳﻮن ١٠٨
ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﻋﲆ ﳌﺴــﺎﻧﺪﺗﻬﻢ وﻣﻘﺎﺗﻠﺔ ﺟﻴــﺶ ّ ﻧﺒﻮﺧﺬﻧــﴫ وﻳﺘﺤﺮروا ﻣﻦ أﻣﻞ أن ﻳﺪﺣــﺮوا ّ ﻗﺒﻀﺘﻪ. اﻧﻈﺮ ،ﻫﺎ ﻫﻮ إرﻣﻴﺎ ﻳﱪز ﰲ ﻫﺬا اﳌﺸﻬﺪ ﻣﻨﺎد ًﻳﺎ ﰲ ﺷــﻮارع أورﺷــﻠﻴﻢ وﻫــﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﻧــ ًريا ﻋﲆ ﻛﺘﻔﻴﻪ ،اﻟﻨري اﻟﺬي ﻳﻮﺿﻊ ﻋﲆ اﻟﺪواب ﻟﻠﻔﻼﺣﺔ
ﻣــﻊ ﺣﺒﺎﻟﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﺛﻘﺎل ،ﻓام ﻛﺎن ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا اﻟﻨري ﻋﲆ ﻛﺘﻔﻲ إرﻣﻴﺎ؟ ﻳﻘﻮل إرﻣﻴﺎ: ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ وﺗﺨﺪﻣﻮه ﻟﻜﻦ "ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﻄﻴﻌﻮا ّ إذا ﺛﺮﺗﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﻘﺼﺎص ﻗﺎدم". وﻫﻨــﺎ ﻳﻼﻗﻴﻪ ﻧﺒﻲ آﺧــﺮ ﻫﻮ ﺣﻨﻨﻴــﺎ اﻟﻜﺬاب وﻳﻘــﻮل" :أﻧﺎ ﻋﻨﺪي رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟــﺮب ً أﻳﻀﺎ، ﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ ﺳﻴﻌﻮد ﻓﺨﻼ ًﻓﺎ ﳌﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ إرﻣﻴﺎ ،ﱠإن ﱠ إﱃ ﺑﺎﺑﻞ ﻣﺪﺣﻮ ًرا ﻓﻼ ﻳﺠﺘﺎح أورﺷﻠﻴﻢ وﺳﻴﻌﻮد اﻷﴎى وﻣﻌﻬﻢ ﺧﺰاﺋﻦ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ".
ذﺑﺎﺋﺢ ،ﻓﻬﻞ ﺗﺘﺼﻮر ﻓﻈﺎﻋﺔ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ؟ وإرﻣﻴﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ دﻋﺎ اﻟﻮادي ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ اﳌﺮﻋﺐ. ﺗﻮﻗــﻒ إرﻣﻴﺎ ورﻓﻊ اﻟﻮﻋــﺎء إﱃ أﻋﲆ ﺛﻢ رﻣﺎه ﻓﺘﺤﻄﻢ إﱃ ﻗﻄﻊ وﺷــﻈﺎﻳﺎ ﺗﻄﺎﻳﺮت ﰲ اﻷرﺟﺎء ﻛﺎﻓﺔ .ﻟﻘﺪ اﻧﺘﻬﻰ اﻟﻮﻋﺎء وﺻﺎر ﻋﺪﻳﻢ اﻟﻨﻔﻊ وﻻ ﻣﺠﺎل ﻹﺻﻼﺣــﻪ إﻃﻼ ًﻗﺎ ﺛﻢ ﻗﺎل" :ﻫﻜﺬا ﻳﻘﻮل ً ﺗﺤﻄﻴام اﻟﺮب ﻋﻦ أورﺷﻠﻴﻢ ،ﺳﻴﺤﻄﻤﻬﺎ اﻷﻋﺪاء ﻳﺸــﺒﻪ ﺗﺤﻄﻢ ﻫﺬا اﻟﻮﻋﺎء" .ﺛــﻢ ﻏﺎدر اﳌﻜﺎن وذﻫﺐ إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ وﺧﺎﻃﺐ اﻟﺸــﻌﺐ ﻓﻘﺎل: "ﺳــﻴﻌﺎﻗﺐ اﻟﺮب أورﺷﻠﻴﻢ وﺑﺎﻗﻲ ﻣﺪن ﻳﻬﻮذا اﻟﺬﻳﻦ مل ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮا ﻟﻠﺮب" .وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﻘﺪم أﺣﺪ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﺳــﻤﻪ ﻓﺸــﺤﻮر وﻫﻮ ﻧﺎﻇﺮ أول ﰲ ﺑﻴﺖ اﻟﺮب ،وﴐب إرﻣﻴﺎ وأودﻋﻪ اﻟﺴــﺠﻦ ﰲ ﻏﺮﻓﺔ ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ،ﺛﻢ أﻃﻠﻖ ﴎاﺣﻪ ﰲ اﻟﻴﻮم
اﻟﺘﺎﱄ ﻟﻜﻨــﻪ ﻗﺎل ﻟﻠﻜﺎﻫﻦ" :ﻻ ﻳﺪﻋﻰ اﺳــﻤﻚ ﻣﺴﺎ ﺑﻴﺐ" اﻟﺬي ﻓﺸﺤﻮر ﺑﻌﺪ اﻵن ﺑﻞ "ﻣﺠﻮر ّ ﻳﻌﻨﻲ "اﻟﺮﻋــﺐ ﻣﺤﻴﻂ" ،وﺳــﺘﺼﺎب ﺑﺼﺪﻣﺔ ﻛﻞ أﺻﺤﺎﺑﻚ .ﻧﻌﻢ ،ﱡ وﺳــﱰﺗﻌﺐ ﻣﻊ ﱢ ﻛﻞ ﺷﻌﺐ اﳌﻤﻠﻜﺔ ﺳــريﺗﻌﺐ وﺳــﻴﻜﺘﺌﺐ ﻷن ﻣﻠﻚ ﺑﺎﺑﻞ ﺳــﻴﺄﺧﺬﻫﻢ أﴎى وأﻧﺖ ﻳﺎ ﻓﺸــﺤﻮر ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻌﻬــﻢ ﻣــﻊ ﱢ ﻛﻞ أﻓــﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺘــﻚ وأﺻﺤﺎﺑﻚ. ﺳﺘﻤﻮت وﺗﺪﻓﻦ ﻫﻨﺎك". ﻧﻌﻢ ﻟﻘــﺪ رأى اﻟﺮب ﺳــﻮء ﺗﴫف ﻓﺸــﺤﻮر ﻓﻌﺎﻗﺒــﻪ ﻷن اﻟﺮب ﻳﻘﻮل" :ﻣــﻦ ميﺲ أوﻻدي ميﺲ ﺣﺪﻗﺔ ﻋﻴﻨﻲ" وأﻧﺎ ﻣﺘﺄﻛﺪ اﻵن أﻧﻚ ﺗﻔﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻫﺬا. ١٠٧
.٤٨ﺣﺰام إرﻣﻴﺎ ووﻋﺎء اﻟﻔﺨﺎر )إرﻣﻴﺎ ١٤ – ١ :١٣؛ ١٩؛ (٦ - ١ :٢٠ اﻟﺮب ﻣﺴﺘﻤﺮ وﻣﺼﻤﻢ ﻋﲆ إﻧﺬار ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ، ﻟــﺬا ﺗﺎﺑﻊ إرﻣﻴﺎ ﻣﻨﺎداة اﻟﻨــﺎس ،وأراد اﻟﺮب أن ﻳﻮﺿﺢ رﺳــﺎﻟﺘﻪ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻟﻔﻬﻢ اﻟﺸﻌﺐ ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ إرﻣﻴﺎ أن ﻳﺸــﱰي ﺣﺰا ًﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺘّﺎن، واﻟﻜﺘﺎن ﻗامش ﻣﺘني .ﻓﻮﺿﻊ إرﻣﻴﺎ اﻟﺤﺰام ﺣﻮل ﺧﴫه ﺑﻨــﺎء ﻋﲆ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟــﺮب ﻛام ﻧﻌﻠﻢ ﻣــﻦ اﻟﻨــﺺ ،ﺛﻢ ﻋــﺎد اﻟﺮب وﻃﻠــﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﻧﻬــﺮ اﻟﻔﺮات ﺣﻴﺚ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺻﺨﻮر ﻛﺜرية ﻗﺮب ﻣﺠــﺮى اﻟﻨﻬــﺮ وأن ﻳﺪﻓﻦ اﻟﺤﺰام ﺑني ﺷﻘﻮق اﻟﺼﺨﻮر .وﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟــﺮب أن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﺣﻴﺚ وﺿﻊ اﻟﺤﺰام
وﻳﺄﺧــﺬه ﻣﻦ ﺑني ﺷــﻘﻮق اﻟﺼﺨــﻮر .ﻓﺬﻫﺐ إرﻣﻴﺎ ووﺟﺪ ّأن اﻟﺤﺰام ﻗﺪ ﺗﻬﺮأ وﺗﻌﻔﻦ ومل ﻳﻌﺪ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام أو ﻷي ﻏﺮض آﺧﺮ ،واﻟﻐﺎﻳﺔ ً ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ّأن اﻟﻨﺎس ﺳــريون اﻟﺤﺰام وﻳﻔﻬﻤﻮن اﳌﻐﺰى ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻠﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ. ﻓامذا ﻗﺼﺪ اﻟﺮب ﻣﻦ وراء ذﻟﻚ ﻳﺎ ﺗﺮى؟ ﻳﻘﺼﺪ ّأن اﻟﺤﺰام ﻳﻠﺘﺼﻖ ﺑﺄﺟﺴﺎدﻧﺎ ،اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻨﺎ ،وﻟﻪ دور ﻫــﺎم ﰲ ﻟﺒﺎﺳــﻨﺎ ﻓرياد ﻣﻦ ذﻟــﻚ أﻫﻤﻴﺔ وﻗــﺮب اﻟﺮب ﻣﻦ ﺷــﻌﺒﻪ ودوره ﰲ ﺣامﻳﺘﻬﻢ، ﻓﻘﺎل" :أرﻳﺪ أن أﺳﻜﻦ وﺳﻂ ﺷﻌﺒﻲ وأن أﻛﻮن ﻗﺮﻳ ًﺒــﺎ ﻣﻨﻬــﻢ وأﻋﻀﺪﻫﻢ ﻛام ﻳﻌﻀــﺪ اﻟﺤﺰام ﺧــﴫ اﻹﻧﺴــﺎن ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺸــﻌﺐ أﻓﺴــﺪ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﺑﺨﻄﺎﻳﺎه اﻟﺘﻲ أﻓﺴﺪت ﻗﺪرﺗﻪ وﻣﺘﺎﻧــﺔ إميﺎﻧﻪ .ﻓام اﳌﻨﻔﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﺰام ﻣﻬﱰئ؟ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ إﻻ ﻟﻠﺮﻣﻲ .وﻫﻜﺬا ﺳــﺄرﻣﻲ ﺷــﻌﺐ ﻳﻬﻮذا وﺳــﻴﻄﺮدﻫﻢ أﻋﺪاؤﻫﻢ ﻣــﻦ ﺑﻼدﻫﻢ" ﻓﺎﻟﺤــﺰام ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻈﺎﻋﺔ اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻟﻜﻞ إﻧﺴــﺎن. ﻓﻌﻠﻴﻨــﺎ أﻻ ﻧﻨﴗ ذﻟﻚ ﻧﺤﻦ ً أﻳﻀﺎ .ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺨﻄﺊ إﱃ اﻟﺮب ﻛﻞ ﻳﻮم ،وﻓﻴﻨﺎ ﻗﻠﺐ ﴍﻳﺮ ﻟﺬا ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ. ﺑﻌﺪ ﻣﺪة ﻃﻠﺐ اﻟﺮب ﻣﻦ إرﻣﻴﺎ ﻃﻠ ًﺒﺎ آﺧﺮ وﻫﻮ ﴍاء وﻋﺎء ﻣﻦ اﻟﻔﺨﺎر ﻣــﻦ اﻟﻔﺨﺎري ،ﻓﺮاﻓﻘﻪ ﺑﻌــﺾ اﻷﻋﻴــﺎن واﻟﻮﺟﻬــﺎء واﻟﻜﻬﻨــﺔ ،ﻓامذا ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻮﻋﺎء اﻟﻔﺨﺎر اﻟﺬي اﺷــﱰاه؟ ﺳﻴﺬﻫﺐ إﱃ اﻟــﻮادي ،وﻣﻌﻪ اﻟﻮﻋــﺎء ،إﱃ وادي ﻫﻨﻮم، وﻳﺴــ ّﻤﻰ وادي اﻟﺬﺑﺢ ﺣﻴﺚ ﺗﻘــﺪم اﻟﻘﺮاﺑني ﻟﻺﻟــﻪ اﻟﻮﺛﻨﻲ ﺑﻌﻞ .وﻛﺎﻧــﻮا ﻳﻘﺪﻣﻮن أوﻻدﻫﻢ
١٠٦
واﻗﺮأ اﻟﺴﻔﺮ أﻣﺎﻣﻬﻢ ﻣﻦ أوﻟﻪ إﱃ آﺧﺮه. ﻓﻔﻌــﻞ ﺑــﺎروخ ﻛــام أوﺻــﺎه إرﻣﻴﺎ وﺳــﻤﻊ اﻟﺸــﻌﺐ ﻛﻞ اﻟﻜﻼم .ﻟﻜﻦ أﺣــﺪ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ أﴎع إﱃ اﳌﻠــﻚ ودﺧﻞ اﻟﻘــﴫ وأﺧﱪ أﺣﺪ ﻛﺒﺎر اﳌﺴــﺆوﻟني ﰲ اﻟﻘﴫ ﻋﻦ اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺬي ﻗﺮأه ﺑﺎروخ ﻋﲆ ﻣﺴﻤﻊ اﻟﻨﺎس .ﻓﺄرﺳﻠﻮا ﻋﲆ اﻟﻔﻮر رﺟ ًﻼ ﻟﻴﺴﺘﺪﻋﻲ ﺑﺎروخ اﻟﺬي ﺣﴬ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر وﺳﺄﻟﻮه ﻋﻦ ﻣﺤﺘﻮى اﻟﺴﻔﺮ ،ﻓﻘﺮأه ﻋﲆ ﻣﺴــﺎﻣﻊ ﻛﺒﺎر اﳌﺴــﺆوﻟني اﻟﺬﻳﻦ ﺻﻌﻘﻮا مبﺎ ﺳﻤﻌﻮه ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻵﺗﻴﺔ وﻗﺎﻟﻮا ﻟﺒﺎروخ: "ﺳﻨﺨﱪ اﳌﻠﻚ ً وﺣﺘام ﺳﻴﻐﻀﺐ ﻏﻀ ًﺒﺎ ﺷﺪﻳﺪًا، ﻟﺬا اذﻫــﺐ واﺧﺘﺒﺊ أﻧﺖ وإرﻣﻴﺎ ﰲ ﻣﻜﺎن ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﻪ أﺣﺪ. وأﴏ ﻋــﲆ أن ﻳﻘﺮأ ﺳــﻤﻊ اﳌﻠــﻚ ﺑﺎﻟﺴــﻔﺮ ﱠ أﻣﺎﻣﻪ ،ﻓــﺄىت أﺣــﺪ ﺧﺪاﻣﻪ ﺑﺎﻟﺴــﻔﺮ واﺑﺘﺪأ
ﺑﺎﻟﻘﺮاءة واﳌﻠﻚ ﻋﲆ ﻛﺮﳼ ﻋﺮﺷــﻪ ﻳﺴــﺘﻤﻊ وأﻣﺎ اﻟﺒﺎﻗﻮن ﻓﻜﺎﻧﻮا وﻗﻮ ًﻓﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮن ً أﻳﻀﺎ وأﻣﺎﻣﻬﻢ ﻣﻮﻗﺪ ﻟﻠﺘﺪﻓﺌﺔ ﻷن اﻟﻔﺼﻞ ﻛﺎن ﺷــﺘﺎ ًء .ومل ﻳﻜﺪ اﻟﻘﺎرئ ﻳﻨﻬﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ أو اﻟﺮاﺑﻊ ﺣﺘﻰ وﺻﻠﺖ اﻟﻘﺮاءة إﱃ اﻟﺘﺄدﻳﺒﺎت وأن اﻟﻌﺪو ﺳﻴﺠﺘﺎح اﳌﻤﻠﻜﺔ ّ ﻣﻦ اﻟﺴامء ّ وأن اﻟﺮب ﺳــﻴﻐﻔﺮ إن ﺗﺎب اﻟﺸﻌﺐ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻋﻮدة اﳌﻠﻚ واﻟﺸــﻌﺐ إﱃ اﻟﻠﻪ أي ﺑﺎﻻﻧﺼﻴﺎع ﻟﴩﻳﻌﺘﻪ ووﺻﺎﻳﺎه. ً اﻣﺘﻌﺎﺿﺎ وﴏخ ﻓﺠﺄة: وﺑﺪأ وﺟﻪ اﳌﻠﻚ أﻛرث "ﻫﺎﺗﻮا اﻟﺴــﻔﺮ" وأﺧﺬ ﺳــﻜﻴﻨًﺎ ﺣﺎدّة وﻣﺰّق اﻟﺴــﻔﺮ إر ًﺑــﺎ إر ًﺑــﺎ ورﻣﺎه ﰲ اﻟﻨــﺎر .وﺻﻌﻖ اﻟﺨﺪام وارﺗﻌﺒﻮا وﺗﻮﺳﻠﻮا ﻗﺎﺋﻠني" :رﺟﺎء أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ" ﻟﻜﻦ اﳌﻠﻚ ﺗﺎﺑﻊ إﺣﺮاق اﻟﺴــﻔﺮ ﺣﺘﻰ أىت ﻋﲆ آﺧﺮ ﻗﻄﻌــﺔ ﻣﻨﻪ .إﻧﻪ ﻳﺤﺮق ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻠﻪ إذ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴــﺘﻤﻊ ّ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ .وﻧﺤﻦ ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻊ اﻟﻮﻋﻆ ﻓﻠﻨﺼﻎ ﻟﻬﺎ ﺑﺨﺸــﻮع واﻟﺘﻌﻠﻴــﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺔ، ِ ﻣﻊ ﻗﻠــﺐ ﻣﻔﻌﻢ ﺑﺮوح اﻟﺼــﻼة ﻷن اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﺗﺨ ّﻠﺺ وﺗﻨﻘﺬ. ﺛﻢ أﻣﺮ اﳌﻠﻚ ﺧﺪاﻣﻪ ﺑﺈﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ إرﻣﻴﺎ وﺑــﺎروخ ﻟﻜﻦ مل ﻳﻘﺪروا أن ﻳﺠﺪوﻫام ﻓﺎﻟﺮب مل ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﺒﻘﻴﺎ ﺣﺮﻳﻦ ﻃﻠﻴﻘني .ﺛﻢ أﻣﺮ اﻟﺮب إرﻣﻴﺎ أن ﻳﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺳــﻔ ًﺮا آﺧﺮ، ﻓﻌــﺎد ﺑﺎروخ ﻣﺠﺪدًا ﻟﺘﺪوﻳﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﺼﻮص واﻟﻜﻠــامت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟــ َﺪ ْرج اﻷول ﻣﻊ إﺿﺎﻓﺎت ﺗﻀــﻢ اﳌﺰﻳﺪ ﻣــﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺳــﺘﻘﻊ ﻋﻠﻴﻬــﻢ ﻷن اﳌﻠﻚ واﻟﺸــﻌﺐ رﻓﻀﻮا اﻻﺳﺘامع إﱃ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮات وأﻣﻌﻨﻮا ﰲ اﻟﻌﺼﻴﺎن. ١٠٥
.٤٧إرﻣﻴﺎ و َد ْرج اﻷﺳﻔﺎر )ﻛﺘﺎب ﻣﻦ اﻟﻠﻪ() ،إرﻣﻴﺎ (٣٦ ﺳــﺎءت اﻷﺣﻮال ﰲ ﻳﻬــﻮذا وﺗﻔﺎﻗﻤﺖ ﺧﻄﺎﻳﺎ اﻟﺸــﻌﺐ ﺿﺪ اﻟﻠﻪ ﺣﻴﺚ ميﻌــﻦ اﳌﻠﻚ اﻟﴩﻳﺮ ﻳﻬﻮﻳﺎﻗﻴــﻢ ﰲ اﻟــﴩ .ﻓــامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ اﻟﺮب اﻵن؟ ﻫﻞ ﺳــﺘﺄيت اﻟﺘﺄدﻳﺒﺎت اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﻔﻈﻴﻌﺔ ﻋــﲆ اﻟﻨﺎس؟ ﻗــﺎل اﻟﺮب ﻹرﻣﻴــﺎ" :ﻟﻴﺲ اﻵن، ﺑﻞ ﺧﺬ ﻟﻨﻔﺴــﻚ َد ْر َج ِﺳــﻔﺮ ،ﻟﻔﺎﻓﺔ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﻮرق واﻛﺘﺐ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴــﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻚ أن ﺗﺒ ّﻠﻐﻪ ﻟﻠﺸــﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈــﺔ اﻷوﱃ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻷن اﳌﻔﺮوض أن ﻳﺘﻮب اﻟﻨﺎس إذا ﺳﻤﻌﻮا ﺗﺤﺬﻳــﺮات اﻟﺘﺄدﻳﺒــﺎت اﻟﺘــﻲ ﺳــﺘﺄيت ﻋﻠﻴﻬﻢ، وأﺳﺎﻣﺤﻬﻢ". وﻋﻨﺪﺋﺬ أﻏﻔ ُﺮ ﻟﻬﻢ ُ
١٠٤
وﻛﺎن ﻹرﻣﻴﺎ ﺻﺪﻳﻖ اﺳــﻤﻪ ﺑﺎروخ ﻗﺎدر ﻋﲆ اﻟﻜﺘﺎﺑــﺔ ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨــﻪ إرﻣﻴــﺎ اﻟﺘﺪوﻳﻦ وﻫﻮ ﺑﻨﻔﺴــﻪ ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻹﻣﻼء ﻋﻠﻴــﻪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﺑــﺎروخ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻗﺎل ﻟﻪ إرﻣﻴﺎ" :اذﻫﺐ اﻵن إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﰲ ﻳﻮم ﻳﺘﺠﻤﻬﺮ اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ ﺑﻜرثة
اﻟﻘﻀﺎة وﺳــﺄﻟﻮا" :ﻣــﺎ اﻷﻣﺮ؟" ﻓﻘــﺎل اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﺸــﻌﺐ" :ﻫــﺬا رﺟﻞ ﻳﺴــﺘﺤﻖ اﳌﻮت ﻷﻧﻪ ﻳﻨﻄــﻖ ﺑﻜﻼم ﳼء ﻋﻦ اﻟﻬﻴــﻜﻞ وﻋﻦ ﻣﺪﻳﻨﺘﻨﺎ أورﺷــﻠﻴﻢ" .ﺛﻢ ُﺳــ ِﻤﺢ ﻹرﻣﻴﺎ ﺑﺎﻟــﻜﻼم ﻓﻘﺎل: "أرﺳــﻠﻨﻲ اﻟــﺮب ،وﻣﺎ ﻗﻠﺘﻪ ﻫــﻮ ﻣﻨﻪ ﻣﺒﺎﴍة. واﻟﴩور اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺘﻜﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻃﺎﻋﺔ وﺗﻮﺑﺔ ﻟﻠﻮﻗﺎﻳــﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻋﻨﺪﺋــﺬ ﻻ ﺗﺼﻴﺒﻜﻢ". وﻻﺣﻆ إرﻣﻴﺎ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ ﻓﻘﺎل ً أﻳﻀﺎ" :إن
ﻗﺘﻠﺘﻤﻮين ﺳــﻴﻌﺎﻗﺒﻜﻢ اﻟﺮب ﻷﻧﻨﻲ ﺑﺮيء وﻛﻞ ﻣــﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻫﻮ أﻧﻨﻲ ﺑﻠﻐﺘﻜﻢ رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﻦ ا."Ô ﻓﻘــﺎل اﻟﻘﻀﺎة" :ﻻ ﻳﺴــﺘﺤﻖ إرﻣﻴﺎ اﳌﻮت ،وﻻ ﻧﻘﺪر ﻋﲆ إﻋﺪاﻣــﻪ ﻷن ﰲ ذﻟﻚ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻛﱪى إذ ﺗﻜ ّﻠﻢ مبﺎ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﺮب". ﺑﻬﺬه اﻟﻮﺳــﻴﻠﺔ أﻧﻘﺬ اﻟﺮب إرﻣﻴــﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﳌــﻮت وﻫﻜــﺬا ﻳﺤﻤﻲ اﻟــﺮب ﺧﺎدﻣﻪ اﻷﻣني وﻫﻜــﺬا ﻳﺤﻤﻴﻚ وﻳﻌﻄﻴﻚ اﻷﻣﺎن ﻓﻼ ﻳﺴــﻤﺢ ﻷﺣﺪ ﺑﺄن ﻳﺆذﻳﻚ.
١٠٣
.٤٦اﻟﺮب ﻳﺪﻋﻮ إرﻣﻴﺎ ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ )إرﻣﻴﺎ (١ ﻓﻌني اﻟﺮب ﺧﻠ ًﻔﺎ ﻟﻪ ،ﻷن اﻟﻨﺒﻲ إﺷــﻌﻴﺎء ّ ﻣﺎت ّ اﻟﺮب ﻻ ﻳﻬﻤﻞ ﺷﻌﺒﻪ وﻟﻮ ﺑﻠﻐﺖ ﻓﺪاﺣﺔ آﺛﺎﻣﻬﻢ ﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ اﻷﻋﲆ .ﻟﺬﻟﻚ اﺧﺘﺎر اﻟﺮب رﺟ ًﻼ ﻳﺤ ﱢﺬر اﻟﺸــﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﺘامدي ﰲ اﳌﻌﺎﴆ وﻳﺪﻋﻮﻫﻢ آت ﻟﻠﺘﻮﺑﺔ واﻟﻄﺎﻋــﺔ واﻟﺨﺪﻣﺔ وإ ّﻻ ﻓﺎﻟﺘﺄدﻳﺐ ٍ ﺑﺪون أدىن ﺷﻚ. ﻫــﺬا اﻟﻨﺒــﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻫﻮ إرﻣﻴﺎ اﻟــﺬي ﻗﺎل ﻟﻪ اﻟــﺮب" :أرﻳﺪك ﻳــﺎ إرﻣﻴﺎ أن ﺗﻜــﻮن ﻧﺒ ٍّﻴﺎ ﺗﺒ ّﻠﻎ رﺳﺎﻟﺘﻲ إﱃ اﻟﺸﻌﻮب ،ﻓﻘﺒﻞ أن ﺗﻮﻟﺪ ﻣﻦ رﺣﻢ أ ّﻣﻚ اﺧﱰﺗــﻚ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻤــﻞ واﻵن ﺣﺎن وﻗﺖ أداء اﳌﻬﻤﺔ" .ﻓﺒامذا ﻳﺠﻴــﺐ إرﻣﻴﺎ؟ إﻧﻪ رﺟﻞ ﺗﻘﻲ ﻳﺨﴙ ا Ôوﻣﻌــﺮوف ﺑﻄﺎﻋﺘﻪ وﺧﺪﻣﺘﻪ، وﻃﺒ ًﻌﺎ ﺳــﻴﻄﻴﻊ اﻟﺮب ﰲ ﻫــﺬه اﻟﺪﻋﻮة رﻏﻢ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ .ﻟﻜﻨــﻪ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﺣﺎول اﻟﺘﻤﻠــﺺ ﻣﻦ اﳌﺴــﺆوﻟﻴﺔ ﺑﺬرﻳﻌــﺔ أﻧﻪ ﺻﻐري اﻟﺴــﻦ وﺿﻌﻴﻒ اﻟﻨﻄﻖ وﻋﺪﻳﻢ اﻟﺨﱪة .ﻓﺠﺎء ﻗــﻮل اﻟﺮب ﺑﺄﻧــﻪ ﺳﻴﺴــﺎﻋﺪه ﻷن اﻟﺮب ﻳﺰود ﺧﺪاﻣﻪ وأﻧﺒﻴﺎءه ّ ﺑﻜﻞ أﺳــﺒﺎب اﻟﻨﺠﺎح ﻹﻳﺼﺎل وﺧﺼﻮﺻﺎ إﱃ رﺳــﺎﻟﺘﻪ ﻟﻠﺸــﻌﺐ أﻳﻨام وﺟﺪوا ً ﺳــﻜﺎن ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻳﻬﻮذا ﺳﻴام ّ وأن اﳌﻠﻚ اﳌﻌﺎﴏ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ ﻛﺎن رﺟ ًﻼ ﺗﻘ ّﻴﺎ اﺳﻤﻪ ﻳﻮﺷ ّﻴﺎ اﻟﺬي أزال اﻷوﺛﺎن وأﺣﺮﻗﻬﺎ وﻓﺮض ﻋﺒﺎدة ا Ôوﺣﺪه رﻏﻢ ﻣامﻧﻌﺔ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﺸــﻌﺐ ﻷﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻣﺎت ﻫــﺬا اﳌﻠﻚ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻳﻮﺷــ ّﻴﺎ ﻋﺎد ١٠٢
اﻟﺸــﻌﺐ ﴎﻳ ًﻌﺎ ﻟﻌﺒﺎدة اﻷﺻﻨــﺎم رﻏﺒﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﺣﻴــﺎة اﳌــﺎﴈ وﺧﺼﻮﺻــﺎ ّأن ﻣــﻦ ﺧﻠﻔﻪ ً ﻋﲆ اﻟﻌﺮش ﻛﺎن ﻋﲆ ﺷــﺎﻛﻠﺘﻬﻢ واﺳﻤﻪ اﳌﻠﻚ ﻳﻬﻮﻳﺎﻗﻴﻢ اﻟﴩﻳﺮ. وﻫﺎ ﻫــﻮ إرﻣﻴﺎ ﻳﺘﺠﻮل ﰲ ﺷــﻮارع أورﺷــﻠﻴﻢ وﻳﺘﺠــﻪ إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺠﻤﻬﺮ اﻟﻨﺎس أﻣﺎم ﺑﺎﺑﻪ وﻫﻮ ﻳﺤﻤﻞ إﻟﻴﻬﻢ رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ،رمبﺎ ﻳﺴــﺘﻤﻌﻮا ،رمبﺎ ﻳﺘﻮﺑﻮا ،ﻓام أﻃــﻮل أﻧﺎة اﻟﺮب ﻋــﲆ اﻟﺒﴩ اﻟﺨﻄﺎة .ﺣﺘــﻰ ﻣﻌﻨﺎ إذ ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺎ: "اﻟﺘﻔﺘﻮا إﱄ واﺧﻠﺼﻮا". ﴏح ﺑــﻪ إرﻣﻴﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻫﺬا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ّ إذ ﻗــﺎل" :ﺗﺄﺗﻮن ﻟﻠﻌﺒــﺎدة دون ﻃﺎﻋﺔ ،ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗﻄﻴﻌﻮه وﺗﻔﺎرﻗﻮا اﻟﺨﻄﻴﺔ وﻻ ﺗﻌﻮدوا إﻟﻴﻬﺎ، ﻓــﺈذا أﻃﻌﺘﻢ أﺑﻘﺎﻛــﻢ ﰲ أرﺿﻜﻢ وإذا ﻋﺼﻴﺘﻢ ﻓﺴــﻴﺨ ﱠﺮب ﻫــﺬا اﻟﻬﻴــﻜﻞ وﺳــﺘﺪﻣﺮ ﻣﺪﻧﻜﻢ وﺳــﻴﻘﺘﻞ اﻟﻜﺜريون وﺳــﻴﺆﺧﺬ اﻵﺧﺮون أﴎى وﺳــﺒﺎﻳﺎ ،ﻫﺎ أﻧــﺎ أﻧﻘﻞ ﻟﻜﻢ ﻣﺒــﺎﴍة ﻣﺎ أﻣﺮين اﻟــﺮب ﺑﺈﺑﻼﻏﻜﻢ إﻳﺎه".وﻛﺎن اﻟﺸــﻌﺐ ﻳﺼﻐﻲ واﻟﻜﻬﻨﺔ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﱃ إرﻣﻴﺎ .ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻳﻘﻮل ﻫﺬا؟ ﻫﻜﺬا ﻗﺎﻟﻮا ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ .ﻣﺎذا ﺳﻴﻔﻌﻠﻮن ﻳﺎ ﺗﺮى؟ ﻟﻘﺪ اﻧﻘﻀــﻮا ﻋﲆ إرﻣﻴﺎ ﺑﻐﻀﺐ وﺑﺄﻋﲆ أﺻﻮاﺗﻬﻢ ﴏﺧﻮا" :ﻳﺴــﺘﺤﻖ اﳌﻮت ،ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻘﺘــﻞ ،ﻳﺠــﺐ أن ﻳﻘﺘــﻞ" .وﺟــﺎء رﺟﺎل ﻣﻦ اﳌﺴــﺆوﻟني ﰲ اﻟﺪوﻟــﺔ وﺣﺎﺷــﻴﺔ اﳌﻠﻚ وﻫﻢ
ﻳﻘﺘﻞ أوﻻد اﻟﺮب وﻳﻀﻄﻬﺪﻫﻢ ﺑﻼ ﻫﻮادة؟ ﻻ، ﻏري ﺣﻴﺎﺗﻪ؟ اﻟﺮب ﻓﻘﺪ ﺗﻐري ﻛﻠ ٍّﻴﺎ! ﻛﻴﻒ؟ وﻣﻦ ّ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺣ ّﻮﻟــﻪ ﻣﻦ وﺣﺶ ﻣﻔﱰس إﱃ ﺣﻤﻞ ﻣﻨــﴗ ّ ﻳﺼﲇ ودﻳــﻊ .ﻓﻴﺎ ﻟﺠــﱪوت ا !Ôﻛﺎن ّ ﺑﺨﺸﻮع ﻋﲆ اﻟﺪوام واﻟﺮب اﺳﺘﺠﺎب ﻟﻪ وﻏﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎه وﻫﺬا ﻣﻤﻜﻦ ﻷن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟﺬي ﺳﻴﺄيت ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻘﺮون ﺳﻴﺴﺪد اﻟﺜﻤﻦ وﻣﻨﴗ ﻣﺸــﻤﻮل ﻋــﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﺟﻤﻴــﻊ اﻟﺒﴩ ّ ﺑﻜﻔﺎﻳﺔ ذﺑﻴﺤﺔ اﳌﺴــﻴﺢ اﻟﺬي ﻛﺎن اﺑﻨًﺎ ﻹﺑﻠﻴﺲ وﻗﺪ ﺗﺤﻮل اﻵن ﻟﻴﺼري اﺑﻨًﺎ ﻟﻠﻪ.
ﻻ ﻟﻸوﺛــﺎن ﻛام ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻞ ﻟﻠﻪ اﻟﺤﻲ اﻟﺬي وﺣﺪه ﻗﺎدر أن ﻳﻨﻘﺬ ﻛام أﻧﻘﺬ واﻟﺪه ﺣﺰﻗﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﻛﺎن ﻧﺪﻣﻪ ﻛﺒــ ًريا ﻟﺪرﺟﺔ ﺗﻮازي ﻓﻈﺎﻋﺔ ﺧﻄﻴﺌﺘــﻪ وﻟﺬا أﺧﺬ ﻳﺘﴬع إﱃ ا Ôوﻳﺘﻮﺳــﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻏﻔﺮان ﺧﻄﺎﻳﺎه اﻟﺸﻨﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﱰف ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻨًﺎ وﴏاﺣﺔ أﻣﺎم اﻟﺮب.
ﳌﻨﴗ أن ﻳﻄﻠﻖ ﴎاﺣﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﺠﻦ ورﺗﺐ اّ Ô وأن ﻳﻌﻮد إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ .ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ اﻵن وﻗﺪ ﻋﺎد إﱃ ﻋﺮﺷﻪ؟ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا ﺧﺎد ًﻣــﺎ ﻣﻄﻴ ًﻌﺎ ﻟﻠﺮب ،ﻓﻼ ﻣﺠــﺎل ﻷن ﻳﻌﻴﺶ ﺑﺎزدواﺟﻴــﺔ ،ﻓﺈ ّﻣﺎ ﻟﻠــﻪ أو ﻹﺑﻠﻴﺲ .ﻟﻘﺪ ﺣﺼﻞ ﻣﻨﴗ ﻋــﲆ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﺎﺑــﺪ ﻃﺎﺋﻊ وﺧﺎدم ّ ﻟﻠــﺮب ،وﺑﺎﴍ ﻓــﻮ ًرا ﺑﺈزاﻟﺔ اﻷﺻﻨــﺎم واﻷوﺛﺎن واﳌﺬاﺑــﺢ اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣــﻜﺎن ﰲ اﳌﻤﻠﻜﺔ أﻳﻀﺎ ،ورﻣﻰ ﱠ وﻣــﻦ داﺧﻞ اﻟﻬﻴﻜﻞ ً ﻛﻞ ﻧﺠﺎﺳــﺔ ﺧــﺎرج اﳌﺪﻳﻨﺔ وأﻋﺎد ﻣﺬﺑــﺢ اﻟﺮب وﺧﺪﻣﺎت اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻛﺎﻓﺔ إﱃ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪﻫﺎ .ورمبﺎ ﻳﺼﻴﺒﻚ ﺷﻌﻮر أﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﺑﺄن ﺧﻄﺎﻳﺎك ﻓﻈﻴﻌﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺮب وﻳﻨﻘﻄﻊ اﻷﻣﻞ ﰲ رﺣﻤﺘﻪ وﻧﻌﻤﺘﻪ ،ﻓﺘﺬﻛﺮ ﻫﺬا اﳌﻠــﻚ ﻛﻴﻒ ﺳــﺎﻣﺤﻪ اﻟﺮب وﺧ ّﻠﺼــﻪ ،ﻓﺎﻟﺮب اﻟﺠﺒﺎر ﺣﻨﺎن ورؤوف ً أﻳﻀﺎ وﻳﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﴍﻛﺔ ﻣﻌﻨﺎ ،وﻳﺤﺐ أن ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ دامئًﺎ.
ﻓﻬــﻞ ﻫﻮ اﻵن ذﻟﻚ اﻟﻌــﺪو اﻟﺰﻧﻴﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ١٠١
ﻣﻨﴗ ،اﳌﻠﻚ اﻟﺘﺎﺋﺐ إﱃ ا ٢) Ôﻣﻠﻮك (١٨ - ١ :٢١ ّ .٤٥ ﻣﻨﴗ ﻋﲆ ﺑﻌﺪ وﻓــﺎة اﳌﻠﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﺧﻠﻔﻪ اﺑﻨﻪ ّ ﻳﻬﻮذا وﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﴩة ﺳــﻨﺔ ،ﻓﻬﻞ ﺳﻴﻤﻠﻚ ﻋﲆ ﻏﺮار واﻟﺪه؟ ﻫﻞ ﺳﻴﺨﺪم اﻟﺮب؟ ﻛﻼ ،ﻓﻘــﺪ ﻛﺎن ﴍﻳ ًﺮا ﻻ ﻳﺤﺐ أن ﻳﺴــﻤﻊ أي ﳾء ﻋﻦ اﻟﺮب. وﻛﺎﻧــﺖ ﻣﺬاﺑﺢ اﻷوﺛﺎن ﻣﻨﺘــﴩة ﻋﲆ اﻟﺘﻼل ﺑﻜــرثة ﰲ أﻳﺎﻣﻪ ،ﺗﻠــﻚ اﻟﺘــﻲ ﻛﺎن واﻟﺪه ﻗﺪ ﻫﺪﻣﻬــﺎ أﻣــﺎ ﻫــﻮ ﻓﺄﻋــﺎد ﺑﻨﺎءﻫــﺎ وﺧﺼﺺ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻠﺸــﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ واﻟﻨﺠﻮم واﻟﻜﻮاﻛﺐ ﻟﻌﺒﺎدﺗﻬﺎ وﺗﻌﻈﻴﻤﻬﺎ ﺣﺘﻰ إن ﺑﻌﻀﻬﺎ وﺿﻊ ﰲ اﻟﺪار اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﻬﻴﻜﻞ ،ﺑﻞ ﰲ داﺧﻞ اﻟﻬﻴﻜﻞ. ﻣﻨــﴗ ﺑﺎﻟﺴــﺤﺮة واﻟﻌ ّﺮاﻓني ﻛــام اﺳــﺘﻌﺎن ّ ﻻﻋﺘﻘﺎده ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻐﻴﺐ وﻳﻜﺸــﻔﻮن اﳌﺴــﺘﻘﺒﻞ،ﻫﺬا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓــﺔ إﱃ اﳌﺸــﻌﻮذﻳﻦ اﻟﺬﻳــﻦ ميﺎرﺳــﻮن أﻋــامل اﻟﺨﻔــﺔ واﻟﺨﺪاع، ﻣﻨﴗ وﻛ ّﻠﻬﻢ ﺧﺪام إﺑﻠﻴــﺲ .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ ﺻﻤﻢ ّ ﻋﲆ أن ﻳﻌﻤﻞ اﻟﴩ ﺑﺄﻗﴡ درﺟﺎﺗﻪ وﺗﺒﻌﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﺳﻜﺎن اﳌﻤﻠﻜﺔ. وﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﺮﺳــﻞ اﻷﻧﺒﻴــﺎء ﺗﺒﺎ ًﻋﺎ ﻹﻋﻼن ﻋﺪم رﺿﺎ ا ،Ôذﻟــﻚ أن اﻟﺨﻄﻴﺔ ﺗﻐﻀﺐ ا Ôوﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺬرون اﳌﻠﻚ واﻟﺸــﻌﺐ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳﻮاء ﺑﺄن ﺗﺄدﻳﺒﺎت ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺳﺘﺤﻞ ﺑﻬﻢ إذا اﺳﺘﻤﺮوا ﺑﻔﻌﻞ اﻟﴩ ﺿــﺪ ا ،Ôﻟﻜــﻦ ﻣﻦ ﻏري ﺟــﺪوى إذ مل ﻣﻨﴗ أﻫﻠﻚ ﻳﻜــﻦ أﺣﺪ ﻳﺼﻐﻲ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء ﺑﻞ ّإن ّ أﺷــﺨﺎﺻﺎً أﺑﺮﻳﺎء ﻣﺆﻣﻨني ﻣﻦ ﻋ ّﺒﺎد اﻟﺮب ﺣﺘﻰ اﳌﻘــﺪس ﻳﻘﻮل ﱠإن دﻣﺎءﻫﻢ ﺟﺮت ﱠإن اﻟﻜﺘﺎب ﱠ ﻛﺎﻟﺴــﻮاﻗﻲ ﰲ ﺷﻮارع أورﺷــﻠﻴﻢ ،وﻫﻜﺬا ﻛﺎن ١٠٠
ﻣﻨﴗ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﺪو ﻟﺪود اﻓﱰاس وﺗﻮﺣﺶ ّ ﻟﻠﻪ وﻟﺸﻌﺒﻪ. وﰲ ذات ﻳﻮم ﺟﺎء ﺟﻨﻮد ﻣﻦ ﺑﻼد ﺑﺎﺑﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻣﻨﴗ وﺷﻌﺒﻪ، إذ ﺳﻤﺢ ا Ôﻟﻬﻢ ﺑﺘﺄدﻳﺐ اﳌﻠﻚ ّ أﺳــريا ﻣﻜ ّﺒ ًﻼ ﺑﺄﻏﻼل ﻣﻦ ﻧﺤﺎس. ﻓﺄﺧﺬوا اﳌﻠﻚ ً ﻣﻨﴗ ﰲ اﻟﺴــﺠﻦ ﺧﺎﺋ ًﻔﺎ ﻣﻜﺘﺌ ًﺒﺎ وﺑﻴﻨــام ﻛﺎن ّ ﺗﻌﻴﺴــﺎ ،ﻫﻞ ﺗﺘﺨﻴﻞ ﻣﺎذا ﻓﻌــﻞ؟ رﻛﻊ ّ وﺻﲆ ً
ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗــﻪ .وﻓﻌــ ًﻼ أﺧــﺬ ﺣﺰﻗﻴــﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻮن ﻧﻔﺴــﻪ ﻓﺎﻟﺸــﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﻧﺮاﻫــﺎ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤــﺮك ﻛﻌﻘﺎرب اﻟﺴــﺎﻋﺔ دامئًﺎ ﻧﺤــﻮ اﻷﻣﺎم وﺑﻨﻔﺲ اﻟﴪﻋﺔ ﻛﻌﻘﺎرب اﻟﺴﺎﻋﺔ ً أﻳﻀﺎ ودﻟﻴﻞ ﺗﺤﺮﻛﻬــﺎ ﻫﻮ اﻟﻈﻞ ،وأﻣﺎم ﺣﺰﻗﻴــﺎ ﺧﻴﺎرﻳﻦ إ ّﻣﺎ أن ﺗﺴــﺘﻌﺠﻞ اﻟﺸــﻤﺲ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﻟﻔﱰة ﻗﺼرية أو ﺗﻌــﻮد ﺑﻈ ّﻠﻬﺎ ﻟﻔﱰة وﺟﻴــﺰة .ﻓﺎﺧﺘﺎر ﺣﺰﻗﻴﺎ
اﻟﺨﻴﺎر اﻟﺜﺎين وراﻗﺒﻬﺎ ﻋﱪ ﺳﺎﻋﺔ ﺷﻤﺴﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ اﻟﺴــﺎﻋﺔ اﻟﺰواﻟﻴﺔ وﻫــﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴــﺎﻋﺎت ﻛﺎن ﻣﺄﻟﻮ ًﻓﺎ آﻧﺬاك ﻟﻌﺪم وﺟﻮد اﻟﺴــﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﻤﻠﻬﺎ ﰲ اﳌﻌﺼــﻢ اﻵن .وﻻﺣﻆ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﻓﻌ ًﻼ ﻋﻮدة اﻟﻈﻞ ﺑﺪرﺟﺎت واﺿﺤﺔ إﱃ اﻟﻮراء ﻟﻔﱰة
ﻗﺼــرية .وﻫــﺬا أﻣﺮ مل ﻳﺤﺪث ﻣــﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣــﻦ ﻣﻌﺠﺰة ﺧﺎرﻗﺔ .وﻟﻘﺪ ﺗﺄﻛﺪ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﻣﻦ ﺳــﻼﻣﺔ وﺻﺤﺔ اﻟﻮﻋﺪ اﻹﻟﻬﻲ وﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم ﺷــﻮﻫﺪ اﳌﻠﻚ داﺧ ًﻼ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺸــﻜﺮ واﻻﻣﺘﻨﺎن ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ إذ ﻗﺎل" :ﻣﺎ أﻋﻈﻢ ﺟﻮدك ﻳﺎ رب ﻣﻦ ﻧﺤﻮي إذ اﺳــﺘﺠﺒﺖ ﺻﻼيت ﻛﺪﻟﻴﻞ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﱄ وﻏﻔﺮت ﺧﻄﺎﻳﺎي". ﺑﻌﺪ ﻓﱰة ،وﺑﻌﺪﻣﺎ اﺳﺘﻘﺒﻞ اﳌﻠﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﺿﻴﻮ ًﻓﺎ رﻓﻴﻌﻲ اﳌﺴــﺘﻮى ،ﺟﺎء اﻟﻨﺒﻲ إﺷــﻌﻴﺎء إﻟﻴﻪ إذ ﻋﻠــﻢ ﺑﺰﻳﺎرﺗﻬﻢ ﻟﺘﻬﻨﺌﺘﻪ ﺑﺎﻟﺸــﻔﺎء ﻟﻜــﻦّ اﳌﻠﻚ ﻋﺮض ﻟﻬﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟرثوة اﻟﺘﻲ ﻋﻨﺪه ﻣﻦ ذﻫﺐ وﻓﻀــﺔ ﰲ ﺧﺰاﺋــﻦ اﳌﻤﻠﻜﺔ .ﳌــﺎذا ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ؟ ﺑﺴــﺒﺐ اﻟﻜﱪﻳﺎء ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻼ ﺷﻚ .ﻷﻧﻪ مل ﻳﻌﻠﻦ ﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﺼﺪر اﻟرثوة اﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﺮب ﺑﺎﻟﺬات. ﻓﺄﺗﺎه إﺷﻌﻴﺎء ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ا Ôﻓﻘﺎل :ﱠ "إن اﻟﻮﻓﺪ اﻟﺰاﺋﺮ ﻣــﻦ ﺑﺎﺑﻞ اﻟﺬي ﻋﺮﺿــﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻏﻨﺎك ﺳﻴﺄيت ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﺟﻨﻮد ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﳌﻤﻠﻜﺔ وﻳﺠﺘﺎﺣﻮن ﻣﻤﻠﻜﺘﻚ وﻳﺄﺧﺬون ﺛﺮوﺗﻚ .وﻫﺬا ﻟﻦ ﻳﺤﺪث اﻵن ﺑﻞ ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪ .وأﻧﺖ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﺣ ٍّﻴﺎ آﻧﺬاك" .ومل ﻳﻐﻀﺐ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﻷﻧﻪ ﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺘﻜ ًﱪا ،واﻟﻜﱪﻳﺎء ﺧﻄﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺿــﺪ اّ ،Ô وإن ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺒﻴﻞ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺸــﻌﺮ ﺑﺎﻷﳻ واﻟﻠﻮﻋﺔ ﻓﻘﺎل" :اﻟﺮب ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺴﻦ ﰲ ﻋﻴﻨﻴﻪ". ﻫﺬا ّ وإن اﻟﻜﱪﻳﺎء ﺗﻌﻴﺶ ﰲ دواﺧﻠﻨﺎ وﺗﻨﺴــﻴﻨﺎ ّأن ﻣﺼﺪر اﻟﺨري ﻫﻮ اﻟﺮب ،ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺘﻮﺟﻪ دامئًﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻃﺎﻟﺒــني أن ﺗﻜﻮن ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﺷــﺎﻛﺮة وﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﺤﺐ أن ﻳﺴﻜﻦ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻠﻮب. ٩٩
.٤٤إﺷﻌﻴﺎء ﻳﺰور ﺣﺰﻗﻴﺎ ﺛﻼث زﻳﺎرات ) ٢ﻣﻠﻮك (٢٠ دﺧﻞ اﻟﻨﺒﻲ إﺷﻌﻴﺎء ﻗﴫ اﳌﻠﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﰲ أﺛﻨﺎء ﻣﺮﺿﻪ اﻟﺸــﺪﻳﺪ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻪ ﺑﻬﺪﻓني ،اﻷول زﻳﺎرﺗﻪ ﻛﻤﺮﻳﺾ واﻟﺜﺎين ﻹﻳﺼﺎل رﺳــﺎﻟﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺮب. وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﱰب ﻣــﻦ ﴎﻳﺮ اﳌﻠﻚ ﻗﺎل ﻟﻪ" :أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ. اﻟﺮب ﻳﺒ ّﻠﻐﻚ ّأن ﻣﻮﺗﻚ وﺷﻴﻚ ،ﻟﺬا ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗــﻮدّع اﻷﻫﻞ واﻷﺻﺤﺎب وﺗﻨﻬﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﴐوري ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﻌﺐ واﳌﻤﻠﻜﺔ" .ﺛﻢ ﻏﺎدر إﺷــﻌﻴﺎء وﺑﻘﻲ ﺣﺰﻗﻴﺎ وﺣﺪه ﺣﺰﻳﻨًﺎ ﻣﺤﺘﺎ ًرا ﰲ وﺟﻪ وﺟﻬــﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺠﺪار أﻣﺮه ﻓــامذا ﻳﻔﻌﻞ؟ ّ ّ وﺻﲆ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻳﺎ رب أﻧﺎ ﺳﺄﻏﺎدر اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻜﺘﺌ ًﺒﺎ ﺟﺪًا ﻓﻜــﻦ ﺑﺮج اﻟﻘــﻮة واﳌﻠﺠــﺄ اﻟﺤﺼني ﱄ"
ﺛﻢ أﺧﺬ ﻳﺒيك ﺑﻜﺎء ﻣ ٍّﺮا ﻣﻊ اﺳــﺘﻤﺮاره ﺑﺎﻟﺼﻼة وﻫــﺬا أﻓﻀﻞ ﻣــﺎ ُﻳﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟــﺔ .وﻛﺎن ﺻﻮت ﺣﺰﻗﻴﺎ ﻛﺴﺠﻊ اﻟﺤامم أو زﻗﺰﻗﺔ اﻟﺴﻨﻮﻧﻮ ﻣﻦ ﺷــﺪة اﻟﺨــﻮف واﻟﻬﻠﻊ ﻟﻌﻠﻤــﻪ ّأن اﳌﺮض واﳌﺸــﺎﻛﻞ ﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس دون اﺳﺘﺜﻨﺎء ،وﻟﻬﺬا ميﻮﺗﻮن. ورﻏــﻢ إميﺎن ﺣﺰﻗﻴــﺎ ﻛﺎﺑﻦ ﰲ ﻋﺎﺋﻠــﺔ اّ Ô وأن اﻟﺴــامء ﻣﻮﻃﻨﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ إ ّﻻ ّأن رﻫﺒﺔ اﳌﻮت ﺑﻢ ﻛﺎن ﺗﻔﺮض ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ َ ﻳﻔﻜﺮ؟ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺤﺒﺘﻪ اﻟﺸــﺪﻳﺪة ﻟﺸﻌﺒﻪ ﻛﺎن ﻳﺨﴙ ﻣــﻦ ﺗﺤ ﱡﻮﻟﻬﻢ إﱃ ﻋﺒــﺎدة اﻷوﺛﺎن ﺑﻌﺪ رﺣﻴﻠــﻪ ،وﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ً أﻳﻀﺎ رﻏﺐ ﰲ اﻟﻌﻴﺶ ﻓــﱰة أﻃﻮل ﻟﺨﺪﻣــﺔ اﻟﺮب وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺸــﻌﺐ وﻟﻘﻠﻘﻪ ﻣﻦ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ،ﻷن اﳌﻠﻚ مل ﻳﻜﻦ ﻟﻪ اﺑﻦ ورﻳﺚ ﻟﻌﺮﺷــﻪ رﻏﻢ وﻋﺪ اﻟﺮب ّ ﺑﺄن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻣﻦ ﺳﻼﻟﺔ داود ﺳﻴﱰﺑﻊ ﻋﲆ اﻟﻌﺮش دامئًــﺎ .واﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻫﻮ ﻣﻦ ﺳــﻼﻟﺔ داود. ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﻜﻮن اﻷﻣﺮ إذا ﻣﺎت ﺣﺰﻗﻴﺎ؟ ﰲ ﺻﺒﺎح اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ دﺧﻞ إﺷﻌﻴﺎء ﻗﴫ اﳌﻠﻚ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺰف ﻟﻪ اﻟﺒﴩى ﺑﺎﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺮب ﻟﺼﻼﺗﻪ وأﻧﻪ ﻗﺪ أﻣ ّﺪ ﺑﻌﻤﺮه ﺧﻤﺲ ﻋﴩة ﺳﻨﺔ ،وﺑﺄﻧﻪ ﺳــﻴﺘﻌﺎﰱ ﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم وﻳﻌﻮد إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻷداء اﻟﺼﻼة ﻓﻴﻪ. ﻳــﺎ ﻟﻔﺮﺣــﺔ اﳌﻠــﻚ ،وﺳــﺄل إﺷــﻌﻴﺎء" :ﻫــﻞ ﻳﺴــﻤﺢ اﻟﺮب ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ ﺑــﺄن ﻳﻌﻄﻴﻨﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ؟"ﻓﺮﻏــﻢ إميﺎﻧﻪ ّ ﻓــﺈن اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺗﺮﻓﻊ
٩٨
ﺣﺘﻰ إﻧــﻪ وﺻﻒ اﻟﺮب ﺑﺎﳌﺨــﺎدع .ﻓام ﻋﴗ ﻳﻔﻌﻞ اﳌﻠﻚ ﺑﻬﺬه اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ؟ أﺧﺬﻫﺎ إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻓﺮﺷــﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﺮب وﺻﲆ ﺑﺨﺸﻮع ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻳﺎ رب أﻧﺖ اﻹﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﰲ اﻟﺴــامء وﻋﲆ اﻷرض،
ّ ﺗﺪﺧﻞ وأﻧﻘﺬﻧﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺮى اﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧﻚ وﺣﺪك اﻹﻟﻪ اﻟﻘﺪﻳﺮ". ّ ﻳﺼــﲇ ﻣﻦ أﺟﻞ ميﻜﻨﻚ أن ﺗﺴــﻤﻊ ّأن اﳌﻠﻚ اﻟﻨﺠﺎة إمنﺎ مبﺤﺒﺔ ﻟﻠﺮب وﺑﻜﻞ اﻻﺣﱰام واﻟﺜﻘﺔ. ﻓﺠﺎء رﺳــﻮل ﻣﻦ ﻋﻨــﺪ اﻟﻨﺒﻲ إﺷــﻌﻴﺎء ﻗﺎﺋ ًﻼ: "ﺳﻤﻊ اﻟﺮب ﺻﻼﺗﻚ .ﻟﻘﺪ ﺳﺨﺮ ﺳﻨﺤﺎرﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب إﻟــﻪ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﻟﺬا ﺳــﻴﻌﺎﻗﺒﻪ اﻟﺮب وﻟــﻦ ﻳــﺄيت إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻷن اﻟــﺮب ﻫﻮ ﺣﺎﻣﻴﻬﺎ وﺳﻴﻨﻘﺬ أورﺷﻠﻴﻢ". وﻫﺒــﻂ اﻟﻈــﻼم وﺣــﻞ اﻟﻠﻴــﻞ ﻓﻨــﺎم ﺟﻨﻮد ﺳــﻨﺤﺎرﻳﺐ ﰲ ﺧﻴﺎﻣﻬﻢ ﻓﺎﻧﻔﺘﺤﺖ اﻟﺴــﻤﻮات وﻧﺰل ﻣﻼك إﱃ اﻷرض .إﻧﻪ ﻣﻼك اﻟﻬﻼك وﴐب اﻟﺠﻴﺶ ﺧﻴﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺧﻴﻤﺔ ﰲ أرﺟﺎء اﳌﻌﺴــﻜﺮ ﻛﺎﻓﺔ ﻓــامت اﻟﺠﻨﻮد ﻻ ﺑﺎﳌﺌــﺎت ﺑﻞ ﺑﺎﻵﻟﻒ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﻊ اﻟﺼﺒــﺎح ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺜﺚ ١٨٥٠٠٠ ﺟﻨﺪي ﻣﻠﻘــﺎة ﻋﲆ اﻷرض .وأﻣــﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﻘﻮا ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴــﺎة ﻓﻘﺪ أﺻﺎﺑﻬﻢ اﻟﺮﻋﺐ وﻋﺎدوا إﱃ ﺑﻼدﻫﻢ ﻣﴪﻋني ،ﻓﺎﻟﺮب ﻻ ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻨﻪ وأﻣﺎ أورﺷــﻠﻴﻢ اﻟﻮاﺛﻘﺔ ﺑﻪ ﻓﻘــﺪ أﻧﻘﺬت .وﻣﻦ ﻳﺜﻖ ﺑﺎﻟﺮب ﻣﻦ ﱢ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻨﻘﺬ ﰲ وﻗﺖ اﻟﻀﻴﻖ. ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﺗﺮﻓﺾ اﻻﺗﻜﺎل ﻋﲆ اﻟﺮب ﺑﺴــﺒﺐ اﻹﺛﻢ اﻟــﺬي ﻓﻴﻬﺎ وﻟﺬا ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜــﻮن ﺛﻘﺘﻨﺎ أﻗﻮى ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻟﻘﻠﻮب ،ﻓﻠﻨﻀــﻊ إميﺎﻧﻨﺎ ﺑﻘﺪرة اﻟﺮب ﻓﻮق ﻛﻞ اﻋﺘﺒﺎر وﺑﺮوح اﻟﺼﻼة واﻟﺘﴬع ﻧﺼﲇ ﻛام ّ واﻟﺘﻮاﺿﻊ ّ ﺻﲆ ﺣﺰﻗﻴﺎ اﳌﻠﻚ. ٩٧
.٤٣إﻧﻘﺎذ أورﺷﻠﻴﻢ ﰲ زﻣﻦ اﳌﻠﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ ) ٢ﻣﻠﻮك ١٨و (١٩ ﺗﺴــ ّﻠﻢ اﳌﻠﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴــﺔ ﺑﻌﺪﻣــﺎ ﻣﺎت واﻟــﺪه اﻟﴩﻳﺮ اﳌﻠﻚ آﺣﺎز ،ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺑﻮاﻟﺪه ﺑﻞ ﺑﺎﳌﻠﻚ اﻟﺼﺎﻟﺢ داود إذ ﻛﺎن ﺧﺎﺋ ًﻔــﺎ اﻟﺮب وﺧﺎد ًﻣﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﱢ ﻛﻞ ﻗﻠﺒــﻪ ،ﻓﺒﺎﴍ ﺑﺎﻹﺻﻼح واﺑﺘــﺪأ ﺑﺈزاﻟﺔ اﻷﺻﻨﺎم واﻷوﺛــﺎن وﻣﺬاﺑﺤﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺑﻨﺎﻫــﺎ واﻟﺪه ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﺗﺨﺼﻴــﺺ اﻟﻌﺒــﺎدة ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻟﻠــﺮب وﺣﺪه ﻓﻘﻂ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ أﻣﺮ اﻟﺮب. ﻟﻜﻦ اﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﻳﺰﺣﻒ ﻧﺤﻮ أورﺷﻠﻴﻢ .آﻻف ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد اﻵﺷﻮرﻳني اﳌﺴﻠﺤني ﺑﺎﻟﺴﻴﻮف واﻟﺮﻣﺎح وﻗــﺪ ﺟﺎء دور أورﺷــﻠﻴﻢ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻗﻬــﺮوا ﻣﺪ ًﻧﺎ أﺧﺮى ﻣﻦ اﳌﻤﻠﻜﺔ .ﻓﺄﻏﻠﻘﺖ أورﺷــﻠﻴﻢ أﺑﻮاﺑﻬﺎ ﻟﻜــﻦ اﻟﻌــﺪو ﴐب ﻃﻮ ًﻗﺎ ﺣﻮﻟﻬــﺎ وﺣﺎﴏﻫﺎ، ﻓﺈذا ﻧﻈﺮت ﻣﻦ اﻟﺴــﻮر ﺗﺮى اﻟﺠﻨﻮد ﻣﺘﺄﻫﺒني ﻻﺣﺘﻼل اﳌﺪﻳﻨﺔ .ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﺮ ﻣﺮﻋﺐ ﻓﻌ ًﻼ. وﺗﻘﺪم أﺣﺪ ﻗﻮاد ﺟﻴﺶ آﺷﻮر واﺳﻤﻪ رﺑﺸﺎﻗﻰ ﻧﺤﻮ اﻟﺴــﻮر وﺻــﺎح ﺑﺼﻮت ﻋﻈﻴﻢ ﻳﺴــﻤﻌﻪ اﻟﻮاﻗﻔﻮن ﻋﲆ اﻟﺴﻮر" :أﺣﻤﻞ إﻟﻴﻜﻢ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻠيك ﺳﻨﺤﺎرﻳﺐ اﻟﺬي ﻳﻄﺎﻟﺒﻜﻢ ﺑﻌﺪم ﺗﺼﺪﻳﻖ اﳌﻠﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﲆ إﻧﻘﺎذﻛﻢ ﻣﺪّﻋ ًﻴﺎ ﺑﺄن اﻟﺮب ﺳــﻴﻨﻘﺬﻛﻢ ،إﻧﻪ ﻳﻜﺬب ﻋﻠﻴﻜﻢ ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﻣــﺎ ﻫﻮ ﻣﻄﻠﻮب ﻣﻨﻜــﻢ؟ ﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺴﺘﺴــﻠﻤﻮا ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺳــﻨﺤﺎرﻳﺐ وﻫﻮ ﻳﺄﺧﺬﻛﻢ إﱃ ﺑﻠــﺪ ﺟﻤﻴﻞ ﻛﺒﻠﺪﻛﻢ ﻫﺬا ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻴﺸــﻮن ﺑﺴــﻼم ورﺧﺎء وإﻻ ﻓﺴــﺘﻘﺘﻠﻮن ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ .ﻟﻘﺪ اﺟﺘﺎﺣﺖ ﺟﻴﻮﺷــﻨﺎ ً أﻣام أﺧﺮى ﻟﻬﺎ آﻟﻬﺔ ﺗﺪّﻋﻲ ﺑﻘﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺤامﻳﺔ ﻟﻜﻦ دون ﻓﺎﺋﺪة ،ﻟﺬﻟﻚ ٩٦
ﻻ ﺗﻌﺘﻘــﺪوا ﺑﺄن إﻟﻬﻜﻢ ﻳﻘﺪر أن ﻳﺤﻤﻴﻜﻢ ﻷن ﻗﻮﺗﻨﺎ ﻻ ﺗﻘﻬﺮ". ﺳــﻤﻊ اﳌﻠﻚ واﻟﺸــﻌﺐ ﻣــﺎ ﻗﺎﻟﻪ رﺑﺸــﺎﻗﻰ، ﻓام اﻟﻌﻤﻞ؟ أرﺳــﻞ اﳌﻠﻚ ﺑﻌﻀــﺎً ﻣﻦ ﺧﺪاﻣﻪ إﱃ اﻟﻨﺒــﻲ إﺷــﻌﻴﺎء ﻓﺄﺧﱪوه ﻋﻦ اﻟﺴــﺨﺮﻳﺔ واﻻﺳﺘﻬﺰاء ﺑﺤﻖ اﻟﺮب ﻣﻦ ﻓﻢ رﺑﺸﺎﻗﻰ وﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ اﻻﺑﺘﻬﺎل إﱃ ا .Ôﻧﻌﻢ ،وﻫﺬا ﺧري ﻣﺎ ميﻜﻦ ﻋﻤﻠــﻪ ﰲ وﻗﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ .وﺗﻠﻘﻰ اﻟﺨﺪام ﺟﻮاﺑﺎً ﺟﻤﻴــ ًﻼ ﻳﻨﻘﻠﻮﻧﻪ إﱃ اﳌﻠﻚ وﻫــﻮ ﱠأن اﻟﺮب ﻗﺪ ﺳﻤﻊ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ وﺳﻴﺪﺣﺮ اﻷﻋﺪاء. وﺑﻌﺪ ﻓــﱰة ﺗﻠ ّﻘﻰ اﳌﻠــﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ رﺳــﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺳــﻨﺤﺎرﻳﺐ ﺗﺤﺘﻮي ﺳــﺨﺮﻳﺔ واﺳــﺘﻬﺰاء ﺑﺎÔ
ﻳﻬــﻮذا ،ﻓﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﻳــﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﺑﺬﻟﻬﺎ اﻟﺮب ﻣﻬﻴﺌًﺎ ﻟﻬﻢ أﺳــﺒﺎب اﻟﺨري ﻣــﻦ ﻋﻴﺶ وﺣامﻳﺔ وراﺣــﺔ ﻛام ﻧﻔﻬﻢ ﻣﻦ رﻣﺰ اﻟﺴــﻮر اﻟﺬي ﺑﻨﺎه ﺻﺎﺣــﺐ اﻟ َﻜ ْﺮم ﻟﺪرء ﺧﻄﺮ اﻷﻋــﺪاء ﻣﻊ دوام ﻣﺮاﻗﺒﺔ ا Ôﻟﻬﻢ ﻷﺟﻞ ﺳــﻼﻣﺘﻬﻢ ﻛام ﻳﺮﻣﺰ إﻟﻴﻪ اﻟﱪج وﺳﻂ اﻟ َﻜ ْﺮم ،ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻟﻴ ًﻼ وﻧﻬﺎ ًرا ،ﻛام ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺧــﺪام ﺻﺎﺣﺐ اﻟ َﻜــ ْﺮم واﳌﻘﺼﻮد ﻫﻢ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺳــﻠﻬﻢ ا Ôﻟﻼﻋﺘﻨﺎء ﺑﺸــﻌﺒﻪ ﻳﺤ ّﺬرون اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻋﺪم اﻹمثﺎر. ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﺣﻤﻠﺖ اﻷﻏﺼﺎن ﻋﻨ ًﺒﺎ ﺳــﻴﺌًﺎ ﻛﺮﻣﺰ ﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﺸــﻌﺐ اﳌﺴــﺘﺪاﻣﺔ ﺿــﺪ ا Ôاﻟﺘﻲ ﺗﺠ ّﻠﺖ ﰲ ﻋــﺪم إﻃﺎﻋﺔ اﻟﺮب وﻋــﺪم اﻟﺘﻮﺑﺔ.
وﻫﻨﺎ ﻳﺴــﺄل اﻟﺮب ﺳــﺆاﻻً .ﻣﺎذا أﻓﻌﻞ ﻟﻜﺮﻣﻲ أﻛــرث ﻣــام ﻓﻌﻠﺘﻪ؟ ﳌــﺎذا أﻧﺘــﺞ ﻛﺮﻣــﻲ ﻋﻨ ًﺒﺎ ردﻳﺌﺎً؟ ﻟﻘﺪ ﺑﺬﻟــﺖ ﱠ ﻛﻞ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ ﻟﺤﻤﻠﻪ ﻋﲆ اﻹمثــﺎر اﻟﺠﻴﺪ اﳌﻔﻴﺪ ،وﻫــﺬا رﻣﺰ ﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ا Ôﺑﺸــﻌﺒﻪ ﻟﻜﻨﻬﻢ رﻓﻀــﻮا ﻣﺒﺎدﻟﺘﻪ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﻄﺎﻋﺔ اﻟﻠﺘني متﺠﺪان اﺳﻤﻪ. ﻣــﺎذا ﻳﻨﺒﻐــﻲ أن ﻳﻔﻌﻞ مبﺜــﻞ ﻫــﺬا اﻟ َﻜ ْﺮم؟ ﺳﻴﺤﻄﻢ اﻟﱪج وﻳﺰﻳﻞ اﻟﺴﻴﺎج ﻓﻴﺠﺘﺎﺣﻪ اﻷﻋﺪاء وﻳﴪﻗﻮﻧــﻪ ﻓﻴﺼري ﻣﻨﺒﺘًﺎ ﻟﻠﺸــﻮك واﻟﺤﺴــﻚ ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻨﺐ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺳــﻴﺤﺪث ﻟﻴﻬﻮذا ﻳﻘﻮل اﻟﺮب .ﺳﻴﺴﺒﻰ ﺳﻜﺎ ُﻧﻬﺎ إﱃ أرض ﻏﺮﻳﺒﺔ. اﻷﻣﺮ ﻣﺨﻴﻒ ﻟﻜﻨﻪ ﺣﺼﺎد ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻟﺨﻄﻴﺌﺘﻬﻢ. ﻳﺮوي إﺷــﻌﻴﺎء ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﻟﻨــﺎ وﻫﻲ ﻣﺪوﻧﺔ ﰲ اﻟﻜﺘــﺎب اﳌﻘــﺪس ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋــﲆ ﻋﻨﺎﻳﺔ اÔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺑﻨــﺎ ﻛام ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺬا اﻟ َﻜ ْﺮم ،وﻫﻮ ﻳﺮﻳــﺪ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻨﻔﻮﺳــﻨﺎ ّ ﻷن ﻛﻠﻤــﺔ ا Ôﺗﺆﻛﺪ ﻟﻨــﺎ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻮل :ارﺟﻌــﻮا إﱄ ﻓﺘﻜﻮﻧﻮن ﺳــﻌﺪاء .اﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻲ ﻓﺄﻧﺎ ﻗــﺎدر ﻋﲆ اﻟﻌﻄﺎء واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ .ﻓﻼ ﻳﺠﻮز أﺑﺪًا أن ﻧﺒﻘﻰ ﻏري ﺗﺎﺋﺒني ﻷن ﻧﻬﺎﻳﺘﻨﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﺳﻴﺌﺔ ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﻛام ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺳــﻜﺎن ﻳﻬﻮذا ﻣﻦ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ ً ﺣﺘــام ،ﻷن اﻟﺮب ﻳﻘﻮل ﻟﻘﺪ ﻓﻌﻠﺖ ﺧﻄﻴﺌﺘﻬﻢ ﻛﻞ ﳾء ﺣﺴــﻨًﺎ ﻟﻜﺮﻣﻲ ﻓامذا أﻓﻌﻞ أﻛرث ﻣام ﻓﻌﻠﺖ أو أﻗﺪﱢم أﻛرث ﻣام ﻗﺪﻣﺖ ... ٩٥
.٤٢أﻧﺸﻮدة إﺷﻌﻴﺎء ﻋﻦ اﻟ َﻜ ْﺮم )إﺷﻌﻴﺎء (٧ – ١ :٥ ﻛﺘﺐ إﺷــﻌﻴﺎء أﻧﺸــﻮدة ﻋﻦ اﻟ َﻜ ْﺮم ﺗﺼﻠﺢ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺜ ًﻼ ً أﻳﻀــﺎ أو ﻗﺼﺔ ﺗﻌﺒريﻳﺔ ﻳﻮﺻﻞ اÔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻜﺮة ﺗﻌﻠﻴــﻢ ﻣﺒﺪأ ﻣﺎ .ﻓﺎﻟﺮب ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟ َﻜ ْﺮم اﻟﺠﻤﻴﻞ وﻣﻮﻗﻌﻪ ﻋﲆ ّ ﺗﻞ ،وﻗﺪ اﺧﺘﺎر اﻟﺮب ﻣﻮﻗ ًﻌﺎ ذا ﺗﺮﺑﺔ ﺧﺼﺒﺔ وﻗﺪ أزﻳﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺤﺠﺎرة وﻏﺮﺳــﺖ أﺷــﺠﺎر اﻟﻜﺮوم ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﺸﺘﻮل. ﺳﻴﺎﺟﺎ ﺣﻮل اﻟ َﻜ ْﺮم ﻟﻴﻤﻨﻊ وﺑﻨﻰ ﺻﺎﺣﺐ اﻟ َﻜ ْﺮم ً دﺧﻮل اﻟﻠﺼﻮص واﻟﺤﻴﻮاﻧــﺎت اﻟﱪﻳﺔ إﻟﻴﻪ ﻣﻊ
٩٤
ﺑﺮج وﺳﻂ اﻟ َﻜ ْﺮم ﻳﺴــﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﺤﺎرس ﳌﺮاﻗﺒﺔ ﺳــﻼﻣﺔ اﻟ َﻜــ ْﺮم ﻋﻦ ﺑﻌــﺪ .ﻛام أﻧﺸــﺄ ﻣﻌﴫة ﻻﺳﺘﺨﺮاج ﻋﺼري اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻮل إﱃ ﻧﺒﻴﺬ ﻟﺬﻳــﺬ ،وﻻ ﻧﻨﴗ ﺟامل اﻟﻌﻨﺎﻗﻴــﺪ اﻟﺘﻲ ّ ﺗﺘﺪﱃ ﻣﻦ اﻟﻌﺮاﺋﺶ .ﻟﻜﻦ اﻟﻌﻨﺐ اﻟﺬي ﺗﻜ ّﻠﻢ ﻋﻨﻪ ﰲ اﻟﻨﺸــﻴﺪ ﻛﺎن ﻋﻨ ًﺒﺎ ﺳــﻴﺌًﺎ ﻏري ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻸﻛﻞ وﻻ ﻟﻠﻌﴫ وﺻﻨﻊ اﻟﻨﺒﻴﺬ ﺑﻞ ﻟﻺﺗﻼف ﻓﻘﻂ. ﻓامذا ﺗﻌﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﻘﺼــﺔ؟ إﻧﻬﺎ ﺗﺮﻣﺰ إﱃ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻨني ﰲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﳌﺴامة
اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ؟ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌﺎذا؟ ﺳﻴﻄﻠﺐ اﳌﻠﻚ آﺣﺎز ﻣﻦ ﻣﻠﻚ آﺧﺮ أن ﻳﺴﺎﻧﺪه. ﻟﻜﻦ ﻗﺎم اﻟﻨﺒﻲ إﺷــﻌﻴﺎء ﺑﺰﻳﺎرة اﳌﻠﻚ وﻧﻘﻞ ﻟﻪ رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻣﻄﻤﺌﻨًﺎ إﻳﺎه ّ ﺑﺄن اﻟﺠﻴﺸــني اﻟﻘﺎدﻣــني إﻟﻴﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﻐﻠﺒﺎ ﻋﻠﻴــﻪ ّ وأن ﻻ داﻋﻲ ﻟﻠﺨــﻮف ﻷن اﻟــﺮب ﺿﺎﻣﻦ ﻟــﻪ اﻟﻨﴫ ﻛام ﻻ داﻋــﻲ ﻟﻄﻠﺐ اﳌﺴــﺎﻧﺪة ﻣﻦ ﻣﻠــﻚ آﺧﺮ ﺑﻞ ﺗﻜﻔﻴﻪ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﺮب ﻷن اﻟﺮب ﻳﻔﻲ ﺑﻮﻋﻮده. ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻣﻊ ﻫﺬا اﳌﻠﻚ اﻟﺨﺎﻃﺊ ﻛﻢ ﻛﺎن اﻟــﺮب ً واﻟﺸــﻌﺐ اﳌﺘﻤﺮد .وﻋﺮض إﺷﻌﻴﺎء ﻋﲆ اﳌﻠﻚ آﺣﺎز أن ﻳﻄﻠﺐ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻛﻤﻌﺠﺰة ّ ﺗﺪل ﻋﲆ ﺻﺪق وﻋﺪ ا Ôﺑﺎﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ،ﻓﻬﻞ ﺳﻴﻜﻮن آﺣﺎز ﺳــﻌﻴﺪًا مبﺎ أﺗﺎه ﻣﻦ اﻟﺮب؟ ﻛﻼ أﺑﺪًا ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺮﻳــﺪ أﻳﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻣــﻊ ا Ôوﻻ ﻋﻼﻣﺔ ﺧﺎرﻗﺔ
وﻻ ﻣﺴــﺎﻋﺪة ﺑﻞ ﻳﴫ ﻋﲆ ﻃﻠﺐ اﳌﺴــﺎﻧﺪة ﻣــﻦ ﻣﻠﻚ دﻧﻴــﻮي ً ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﻣﺴــﺎﻋﺪة ﻣﻠﻚ اﻟﺴﻤﻮات .إﻧﻪ ﻋﺼﻴﺎن ﻋﲆ اﻟﺮب ﻣﻊ ّأن اﻟﺮب ﻣﺼﻤﻢ ﻋــﲆ ﺗﻨﻔﻴﺬ وﻋــﺪه ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻟﻠﻤﻠﻚ وﻟﻠﺸﻌﺐ ﺑﺂن ﻣ ًﻌﺎ ،واﻟﻌﻼﻣﺔ أﻧﻪ ﺳﻴﻮﻟﺪ ﻃﻔﻞ ﻣﻦ ﺳــﻼﻟﺔ داود ﻳﺼــري ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻛﺂﺣﺎز إمنﺎ ﻟﻦ ﻳﺮﺗﻜﺐ أﻳﺔ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻛام ﻳﻔﻌﻞ آﺣﺎز وﻫﺬا اﳌﻠﻚ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺨ ّﻠﺺ ﺷﻌﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ ﻷﻧﻪ ﻳﺼﻨﻊ اﻟﺨﻼص .وﺗﻔﻬــﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﱠأن اﳌﻘﺼﻮد ﻫﻮ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ ،ﻓﺎﺳــﺘﻤﻊ ﳌﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ إﺷــﻌﻴﺎء" :ﻫﺎ اﻟﻌﺬراء ﺗﺤﺒﻞ وﺗﻠﺪ اﺑﻨﺎً وﺗﺪﻋﻮ اﺳﻤﻪ ّ ﻋامﻧﻮﺋﻴﻞ" ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ّأن اﻟﻄﻔﻞ ﺳﻴﻮﻟﺪ ﻷ ّم مل ﺗﺘــﺰوج ،ﻓﻴــﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺠــﺰة .ﻣﻦ ﻫﻮ أﺑﻮه إذاً؟ ا Ôﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻬﻮ إذاً اﺑﻦ ا.Ôوﻳﺴﻤﻰ اﻟﻄﻔﻞ ﻳﺴﻮع "ﻋامﻧﻮﺋﻴﻞ" اﻟﺬي ﺗﻔﺴريه "اÔ ﻣﻌﻨﺎ" .إﻧﻪ اﻵﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳــﻴﻌﻄﻴﻬﺎ اﻟﺴــﻴﺪ اﻟﺮب ﺑﻨﻔﺴﻪ ،وﺳﺘﺤﺪث ﺑﻞ ﻗﺪ ﺣﺪﺛﺖ. أ ّﻣﺎ أن ﻳﻘﻮل "ا Ôﻣﻌﻨﺎ" ﻓﻴﻌﻨﻲ ّأن اﻟﺮب ﻳﻔ ّﻜﺮ ﺑﻨــﺎ وﻧﺤﻦ ﺧﻄــﺎة ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺤﻮﻟﻨــﺎ إﱃ أﺑﻨﺎء، ﻏﺎﻓ ًﺮا ﻟﻨﺎ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﺑﺎﺳــﺘﺤﻘﺎق ﻛﻔﺎرة ﻳﺴــﻮع، وﻣﺎ زال اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﻓﻠﻴﺘﻨﺎ ﻧﻄﻠﺐ ﻫﺬا ﺑﺼﻠﻮاﺗﻨﺎ. مل ﻳﻜﻦ آﺣﺎز ﺳــﻌﻴ ّﺪا ﺑﺎﻟﻌﻼﻣــﺔ وﺑﻬﺬا اﻟﻮﻋﺪ اﻹﻟﻬــﻲ .ﻟﻜﻦ وﺑــﻜﻞ ﴎور ّإن ﺑﻌﺾ اﻷﺗﻘﻴﺎء ﰲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺘﺄﳌﻮن ﺟﺮاء ﺧﻄﻴﺔ اﻟﺸــﻌﺐ ﻳﺮﻳﺪون إﻃﺎﻋﺔ ا Ôوﻳﺴــﻌﺪﻫﻢ أن ﻳﺴــﻤﻌﻮا ﻋﻦ وﻋــﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﻛﻬــﺬا وﻳﺘﻮﻗﻮن ﻟﻠﻤﻮﻋﻮد ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﻋامﻧﻮﺋﻴﻞ ﻣﺨ ّﻠﺼﻬﻢ. ٩٣
.٤١اﻟﻨﺒﻲ إﺷﻌﻴﺎء وﻧﺒﻮءة ﻋامﻧﻮﺋﻴﻞ )إﺷﻌﻴﺎء (٧ ﻛﺎن اﳌﻠــﻜﺎن آﺧﺎب وأﺧﺰﻳــﺎ ﻣﻠﻜﺎن ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﺸامﻟﻴﺔ وﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ اﻟﺴﺎﻣﺮة ،وﻛﺎﻧﺎ ﴍﻳﺮﻳﻦ، وﺧﻠﻔﻬــام ﻣﻠــﻮك أﴍار أﺧﺮ ﻋﲆ ﺷــﺎﻛﻠﺘﻬام رﻓﻀﻮا إﻃﺎﻋﺔ وﺧﺪﻣﺔ اﻟﺮب .ومل ﻳﻜﻦ ﺷــﻌﺐ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ أﺣﺴــﻦ ﺣﺎﻻً ﻣــﻦ ﻣﻠﻮﻛﻬﻢ ﺑﻞ ﻋﺎﺷــﻮا ﰲ اﻟﴩ وﺣﻴﺎة اﻟﺨﻄﻴﺌــﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺤﺬﻳﺮات اﻟــﺮب اﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﻢ ﻋﱪ أﻧﺒﻴﺎﺋﻪ اﳌﺮﺳــﻠني اﻟﺬﻳــﻦ ﺗﻮﻋــﺪوا اﻟﻨــﺎس ﺑﺎﻟﺘﺄدﻳﺐ واﻟﻘﺼــﺎص إن مل ﻳﺘﻮﺑﻮا ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻏري ﺟﺪوى. ﻟﻘــﺪ ﺻﱪ ا Ôﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﺘــﻰ ﺑﻠﻎ اﻟﺼﱪ ﻣﻨﺘﻬﺎه وﺑــﺪأ زﻣــﻦ اﻟﺘﺄدﻳﺐ ﻣﺴــﺘ َﻬ ًﻼ مبﺠﻲء ﺟﻴﺶ اﻟﻐﺰاة اﻷﺷــﻮرﻳني ﻧﺤﻮ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ .وﺑﺪأت اﳌﺪن ﺗﺘﻬــﺎوى أﻣﺎﻣﻬﻢ وﻳﺆﺧــﺬ أﻫﻠﻬﺎ أﴎى وﺳــﺒﺎﻳﺎ إﱃ ﺑﻼد ﺑﻌﻴﺪة ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻋﻮدة إﱃ اﻟﻮﻃــﻦ أﺑﺪًا ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺤــﺪث ﻟﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺄىب إﻃﺎﻋﺔ ا.Ô وﻫﻜﺬا زاﻟﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺸــامل وﺑﻘﻴﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻻﻫــﺎ واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻣﻠﻮك أﻛرث ور ًﻋﺎ وﺗﻘﻮى ﻣﻦ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺸــامل ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ اﳌﻠﻮك ﺑــﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻘﻂ ،أﺿﻒ إﱃ ذﻟﻚ اﺑﺘﻌﺎد اﻟﺸﻌﺐ ﻋﻦ اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﺼﺎدﻗﺔ واﻟﻄﺎﻋﺔ اﳌﺨﻠﺼﺔ ﻟﻠﺮب .ﻟﻜﻦ ا Ôاﻟﺬي ﻻ ﻳﱰك ﻧﻔﺴــﻪ ﺑﻼ ﺷﺎﻫﺪ أرﺳﻞ اﻟﻨﺒﻲ إﺷﻌﻴﺎء وﻫﻮ ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌﺎذا؟ ﻷن ﻧﺒﻮءﺗﻪ ﺧﺼﺼﺖ ﺳــﺎﺣﺔ ﻛﺒرية ﻟﻠﺤﺪﻳــﺚ ﻋﻦ ﻣﺠﻲء ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﺳﻴﺄيت ﺑﻌﺪ ﻗﺮون ﻋﺪﻳﺪة .ﻓﻜﻴﻒ ﻋــﺮف ذﻟــﻚ؟ اﻟﺮب ﻫــﻮ اﻟﺬي أوﺣــﻰ إﻟﻴﻪ، ٩٢
ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ. ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﻠﻚ ﻳﻬﻮذا؟ إﻧﻪ آﺣﺎز وﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﻼﻟﺔ داود ،ﻟﻜــﻦ ﻻ ﺗﺸــﺎﺑﻪ ﺑﻴﻨﻪ وﺑــني ﺟﺪه داود ﻷﻧﻪ ﺗﺒــﻊ اﻷوﺛﺎن وأﻗﺎم ﻟﻬــﺎ اﳌﺬاﺑﺢ ﺣﺘﻰ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ .واﻋﱰى اﻟﺮﻋﺐ ﻫﺬا اﳌﻠﻚ اﻟﴩﻳﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ ّأن ﺟﻴﺸني ﻗﻮﻳني ﻗﺎدﻣني ﻋﻠﻴــﻪ ،وﻛﺎﳌﻠﻚ َ أﻳﻀﺎ ﺧﺎف اﻟﺸــﻌﺐ ﺧﻮ ًﻓﺎ ﺟﻌﻠﻬــﻢ ﻳﺮﺗﺠﻔﻮن ﻛﺎﻟﻨﺒﺎت أﻣﺎم اﻟﺮﻳﺎح ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻠﻮن وﻛﻴﻒ ﺳﺘﻜﻮن
وﺻﻠــﻮا إﱃ ﻗﱪ أﻟﻴﺸــﻊ ،ﻓامذا ﻓﻌﻠــﻮا؟ رﻣﻮا ﺟﺜامن اﳌﻴــﺖ ﰲ ﻗﱪ أﻟﻴﺸــﻊ وﻻذوا ﺑﺎﻟﻔﺮار. وﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻻﻣــﺲ ﺟﺜامن ذﻟــﻚ اﳌﻴﺖ ﺟﺜامن أﻟﻴﺸــﻊ ﻋﺎدت ﻟﻪ اﻟﺤﻴﺎة وﺑﺪأ ﻳﺘﺤﺮك ﺛﻢ ﻋﺎد إﱃ أﻫﻠــﻪ .وﻳﺎ ﻟﻠﻤﻔﺎﺟﺄة! وﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰة! وﻫﺬه ﻋﻼﻣــﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻋــﲆ ﻛﺮاﻣﺔ ﺧﺎدﻣﻪ اﳌﺨﻠﺺ أﻟﻴﺸﻊ. واﻧﺘﻘﻠﺖ روﺣﻪ إﱃ اﻟﺴــامء ﻟﺘﻜﻮن ﻣﻊ اﻟﺮب إﱃ اﻷﺑﺪ .ﻣﺒﺎرك أﻟﻴﺸــﻊ ﺧﺎدم اﻟﺮب ،وﻗﺎﻣﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋــﺔ ﻣــﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﺪﻓﻦ أﻟﻴﺸــﻊ ﰲ ﻗﱪ ﻳﺸﺒﻪ ﻣﻐﺎرة ﺗﺤﺖ اﻷرض .وإذا ﺑﺠﻨﺎزة أﺧﺮى ﻗﺎدﻣــﺔ .وﻓﺠــﺄة ﻫﺎﺟﻤﻬﻢ ﺑﻌــﺾ اﻟﻠﺼﻮص، ﻓﺨﺎف اﳌﺸــﻴﻌﻮن وأرادوا اﻟﻬــﺮب وﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ
ﻛﻠﻨﺎ ﺳﻨﻤﻮت ،ﻟﻜﻦ إن ﻛﻨﺎ أﺑﻨﺎء اﻟﺮب ﻛام ﻛﺎن رﺑﺤﺎ .وﻫﺬا أﻟﻴﺸﻊ ﻓﺎﳌﻮت ﻟﻴﺲ ﺧﺴــﺎر ًة ﺑﻞ ً اﺧﺘﺒﺎر ﻛﻞ اﻟﻘﺪﻳﺴــني واﻟﺮﺳﻞ وﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻼﺗﻬﻢ اﳌﻌﱪة ﻋﻦ اﻷﺷﻮاق ﻟﻠﻘﺎء اﻟﺮب ﰲ أﻳﺔ ﻟﺤﻈﺔ.
٩١
.٤٠ﻣﻮت أﻟﻴﺸﻊ ) ٢ﻣﻠﻮك (٢١ - ١٤ :١٣ ﺷــﺎخ أﻟﻴﺸــﻊ وﺗﻘﺪﻣــﺖ ﺑﻪ اﻟﺴــﻨﻮن ،وﻣﻊ اﻟﺸــﻴﺨﻮﺧﺔ ﻳﺄيت اﳌﺮض واﻟﻌﺠﺰ ،ﻓﻠﻦ ﻳﻌﻴﺶ ﻃﻮﻳ ًﻼ ﺑﻞ ﺳــﻴﻤﻮت .وﺟﺎء أﺣﺪﻫــﻢ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻪ وﻋﻴﺎدﺗــﻪ ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ،إﻧﻪ اﳌﻠــﻚ ﻳﻮآش ﺑﺎﻟﺬات. وإذ رأى اﳌﻠﻚ أﻟﻴﺸــﻊ ﻋﲆ ﴎﻳــﺮه اﻧﻬﻤﺮت اﻟﺪﻣــﻮع ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ ،ﻓﻜﻢ ﻳﺼﻌﺐ اﻻﺳــﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ أﻟﻴﺸﻊ ﰲ اﳌﻤﻠﻜﺔ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ" :ﻳﺎ أيب ،ﻳﺎ أيب، أﻧــﺖ ﻣﺮﻛﺒﺔ اﳌﻤﻠﻜﺔ وﻋامد ﺟﻴﺸــﻬﺎ" .وأﻧﺖ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﻟﺮب ﻳﻌﻄــﻲ اﻟﻨﴫ ﻟﻠﺠﻨﻮد ﺑﺤﻀﻮر أﻟﻴﺸــﻊ اﻟﻨﺒﻲ ،ﻓﻜﺎن ﺣﻀﻮره ﻳﺴﺎوي ﻗﻮة اﻟﺠﻴﺶ. ﻧﻈﺮ أﻟﻴﺸــﻊ إﱃ اﳌﻠﻚ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ اﻟﻜﻠﻴﻠﺘني وﻗﺎل ﻟــﻪ" :اﻓﺘــﺢ اﻟﻨﺎﻓــﺬة" ،ﻓﻔﺘﺤﻬﺎ اﳌﻠــﻚ .ﻓﻘﺎل ً ﺳــﻬام ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﺬة" .ﻓﺄﺧﺬ اﳌﻠﻚ أﻟﻴﺸﻊ" :ارم ﻗﻮﺳﺎ ً وﺳﻬام ،ﺛﻢ وﺿﻊ أﻟﻴﺸﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻋﲆ ﻳﺪي ً اﳌﻠﻚ ﻛﻌﻼﻣــﺔ ﺑﺄن اﻟﻌﻮن ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ا .Ôورﻣﻰ اﳌﻠﻚ اﻟﺴــﻬﻢ ﻓﻄــﺎر ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻷﻋــﺪاء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﱰﺑﺼﻮن ﳌﺤﺎرﺑﺘﻪ ،ﻓﻘﺎل أﻟﻴﺸــﻊ" :ﺳــﻴﻨﻘﺬك اﻟﺮب ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺬﻫﺐ ﳌﻮاﺟﻬﺔ اﻷﻋﺪاء". ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻳﻮآش أن ﻳﴬب اﻷرض مبﺎ ﺑﻘﻲ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺳﻬﺎم ﻓﴬب اﳌﻠﻚ اﻷرض ﺑﻬﺎ ﺛﻼث ﻣﺮات ﻓﺎﻧﺰﻋﺞ أﻟﻴﺸﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﻗﺎل" :ﻟﻮ أﻧﻚ ﴐﺑﺖ اﻷرض ﺧﻤﺲ أو ﺳــﺖ ﻣﺮات ﻟﺮﺑﺤﺖ ﺧﻤﺲ أو ﺳــﺖ ﻣﻌﺎرك .وﻣﺎ ﻛﺎد اﳌﻠﻚ ﻳﻮدّع وﻳﻐﺎدر ﻣﻨﺰل أﻟﻴﺸﻊ ﺣﺘﻰ ﻓﺎرق اﻟﻨﺒﻲ اﻟﺤﻴﺎة ٩٠
ﻳﻜﻔــﻲ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ"ﻓﻌــﺎدوا إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﴪﻋني وأﺧﱪوا اﻟﺴــﻜﺎن مبﺎ ﺷــﺎﻫﺪوه .وﺳﻤﻊ اﳌﻠﻚ ﺑﺬﻟــﻚ ﻓﻘــﺎل" :ﻻ أﺻﺪق ﻓﻘــﺪ ﺗﻜﻮن ﺧﺪﻋﺔ وﻣﻜﻴــﺪة ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء اﻟﺬﻳﻦ رمبــﺎ اﺧﺘﺒﺆوا ﰲ ّ ﺳــﻴﻨﻘﻀﻮن ﻣﻜﺎن ﻣﺎ وإذا ذﻫﺒﻨﺎ إﱃ ﺧﻴﺎﻣﻬﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻨﺎ". ﻓﻘﺎل أﺣﺪ ﺧﺪام اﳌﻠﻚ" :ﻓﻠﻴﺴﻤﺢ اﳌﻠﻚ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب واﻻﺳﺘﻄﻼع" .وﻓﻌ ًﻼ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺣــﺪث ،وﻟﻘﺪ ﺻﺪق اﻟــﱪص اﻷرﺑﻌﺔ .ﻟﻘﺪ ﻓ ّﺮ اﻟﻌﺪو ﺗﺎر ًﻛﺎ وراءه ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺨري اﻟﻮﻓري .ﻓﻬﺮع ﺳــﻜﺎن اﳌﺪﻳﻨﺔ إﱃ اﳌﻌﺴــﻜﺮ ﺧﺎرج اﻷﺑﻮاب ﻃﻠ ًﺒﺎ ﻟﻠﻄﻌﺎم وﻫﻢ ﻳﺘﺪاﻓﻌﻮن .ﱞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺔ اﳌﺪﻳﻨﺔ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة ﺣﺘﻰ ّإن أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص ﺳﻘﻂ ﺗﺤﺖ اﻷﻗﺪام ومل ﻳﻘ َﻮ ﻋﲆ اﻟﻨﻬﻮض ﻓﺪاﺳــﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﺤﺖ أﻗﺪاﻣﻬﻢ ﻓامت ﻣﻮ ًﺗﺎ ﺷﻨﻴ ًﻌﺎ .ﻓﻤﻦ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ؟ إﻧﻪ اﻟﻀﺎﺑﻂ اﻟﺬي ﺳــﺨﺮ واﺳــﺘﻬﺰأ ﺑﺎﻟﺮب اﻟﺒﺎرﺣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن أﻟﻴﺸــﻊ ﻳﻌﺪ اﻟﻨــﺎس مبﻌﻮﻧﺔ اﻟﺮب ﻟﻬــﻢ وأﺧﱪه أﻟﻴﺸــﻊ ّ ﺑﺄن ﻧﻬﺎﻳﺘــﻪ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻗﺎﺋ ًﻼ ﻟﻪ"ﺳﱰى ﺑﻌﻴﻨﻚ ﻟﻜﻨﻚ ﻟﻦ ﺗﺄﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم".
ﻃﻌﺎ ًﻣــﺎ ﻟﺬﻳ ًﺬا ﻓﺄﻛﻠﻮا ﺣﺘﻰ ﺷــﺒﻌﻮا ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺑﻌﺪ؟ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﺒﻌﻀﻬــﻢ ً ﺑﻌﻀﺎ" :ﻳﺠﺐ أﻻ ﻧﻜﻮن أﻧﺎﻧﻴــني ،ﻓﺄﺧﻮﺗﻨــﺎ داﺧﻞ اﳌﺪﻳﻨــﺔ ﻳﺘﻀﻮرون ﺟﻮ ًﻋﺎ ،ﻓﻠﻨﺬﻫﺐ وﻧﺨﱪﻫــﻢ ﺑﺄن اﻟﻄﻌﺎم ﻫﻨﺎ
ﻧﻌﻢ ﺑــﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴــﺪ! وﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟــﺮب ﻳﺤﺪث ﺑﺤﺬاﻓريه ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ .ﻓــﻼ ﺗﻨﺲ ذﻟﻚ أﺑﺪًا .ﻟﻘﺪ ﺻﻼﺣﺎ ﻧﺤﻮ ﺳﻜﺎن اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺠﻴﺎع أﺑﺪى اﻟﺮب ً رﻏــﻢ ﴍورﻫــﻢ إذ ﻻ ﻳﺮﻳــﺪ ﻟﻬــﻢ اﳌﻮت ﺑﻞ ﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻮﺑﺔ واﻟﻌﻮدة إﻟﻴﻪ! وﻣﺎ زال اﻟﺮب ميﻨﺤﻨﺎ ﻧﻔﺲ اﻟﻔــﺮص ً أﻳﻀﺎ ،ﻓﻠﻴﺘﻨﺎ ﻧﻠ ّﺒﻲ ﻧﺪاء اﻟﺮب ﻟﻨﺎ وﻧﺴــﻌﻰ إﱃ رﺣﻤﺘﻪ ﻣﺴــﺘﻐﻠني اﳌﺘﺎح ﻟﻨﺎ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺄيت اﻟﺨﺴﺎرة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﻮض. ٨٩
.٣٩اﻟﺮب ﻳﻌني ) ٢ﻣﻠﻮك (٢٠ - ٣ :٧ ّ ﺣﻞ اﳌﺴــﺎء .وأﺧــﺬت اﻟﺸــﻤﺲ متﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﻐﺮوب وﻫﺒــﻂ اﻟﻈﻼم .ﻟﻜﻦ إذا متﻌﻦ أﺣﺪﻧﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻳﻼﺣــﻆ ﺣﺮﻛﺔ ﺧﺎرج أﺳــﻮار اﳌﺪﻳﻨﺔ. ﻧﻌــﻢ ،ﻣﺠﻤﻮﻋــﺔ ﻣﻦ أرﺑﻌــﺔ رﺟــﺎل ،ﻓامذا ﻳﻔﻌﻠﻮن؟ ﳌــﺎذا ﻻ ﻳﺪﺧﻠــﻮن اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻳﺄوون إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ؟ ﺣﺴــﻨًﺎ ،ﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ اﻟﺪﺧﻮل وﻻ اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻷﻧﻬــﻢ ﻣﺼﺎﺑﻮن ﺑﺪاء اﻟﱪص، ﻣﺴــﻤﻮﺣﺎ ﺑﺤﺴــﺐ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ومل ﻳﻜﻦ ً اﻟــﱪ ُص ﺑﺎﻟﻨــﺎس ﻷن اﻟﻘــﺮوح متﻸ أن ﻳﺤﺘــﻚ ُ ْ أﺟﺴــﺎﻣﻬﻢ وﺗﱰدى ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﳼء إﱃ أﺳﻮأ ﺣﺘﻰ اﳌﻮت ،وﻷن ﻫﺬا اﳌﺮض ﻣﻌ ٍﺪ ﻓﻘﺪ ﻣﻨﻌﻮا ﻣﻦ اﻻﻗﱰاب واﻻﺣﺘﻜﺎك ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻫﺆﻻء اﻟﱪص ﻛﺎﻧﻮا ﺟﺎﺋﻌني ً أﻳﻀﺎ ﻛام اﻟﺴــﻜﺎن داﺧﻞ اﻟﺴــﻮر)ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺠﺎﻋﺔ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ﰲ اﻟﺪرس اﻟﺴﺎﺑﻖ؟( ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺟﺎل اﻷرﺑﻌﺔ ﺗﻌﺎﻟﻮا ﻧﻨــﺰل إﱃ اﳌﺤ ّﻠﺔ ﻋﴗ أن ﻧﺠﺪ ﻃﻌﺎﻣﺎً ،ﻓﺠﺎؤوا ووﺟﺪوا ﱠأن اﳌﻌﺴــﻜﺮ ﻫﺎدئ متﺎﻣــﺎً ﻓﻈﻨﻮا ّأن اﻟﺠﻨﻮد ﻧﻴﺎم! ﻟﻜــﻦ ﻫﺬا ﻏﺮﻳﺐ ﻓﺄﻳﻦ اﻟﺤﺮس؟ ﻫﺪوء ﺣﺘﻰ داﺧﻞ اﻟﺨﻴﺎم وﻻ أﺣﺪ ﰲ اﳌﻌﺴﻜﺮ، واﻗﱰﺑــﻮا أﻛرث ﻟﻜﻦ ﺑﺤﺬر .ﻧﻈﺮوا داﺧﻞ اﻟﺨﻴﺎم ﻓﻠــﻢ ﻳﺸــﺎﻫﺪوا أﺣــﺪًا .ﻟﻘــﺪ ﻏــﺎدر اﻟﺠﻨﻮد ﻣﻌﺴــﻜﺮﻫﻢ وﺗﺮﻛﻮا وراءﻫــﻢ ﻛﻞ ﳾء ﻓامذا ﺣﺪث ﻳﺎ ﺗﺮى؟ مل ﻳﻔﻬﻢ اﻟﱪص اﻷرﺑﻌﺔ ﺷﻴﺌًﺎ. ﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ اﻟــﺬي ﺣﺪث ﻓﻌ ًﻼ؟ ﻟﻘﺪ ﺳــﻤﻊ وﻋﺮﺑﺎت اﻟﺠﻨــﻮد أﺻﻮا ًﺗﺎ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻛﺼــﻮت ﺧﻴﻮلٍ ٍ ﻛام ﻟــﻮ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺟﻴﺶ ﺟ ّﺮار ﻗــﺎدم إﻟﻴﻬﻢ، ﻓﺨﺎﻓﻮا وارﺗﻌﺒﻮا وﻻذوا ﺑﺎﻟﻔﺮار .ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ مل ﻳﻜﻦ ٨٨
ﻫﻨﺎﻟــﻚ أي ﺟﻴﺶ ﺑﻞ اﻟﺮب ﻫــﻮ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺴﻤﻌﻮن ذﻟﻚ اﻟﺼﻮت اﳌﺮﻋﺐ ﻓﻔﺮوا ﻣﴪﻋني ﺗﺎرﻛني وراءﻫــﻢ أﻣﺘﻌﺘﻬﻢ وﻣﺆوﻧﺘﻬﻢ وﻋﺘﺎدﻫﻢ وﻋﲆ ﻣﻘﺪار ارﺗﻌﺎﺑﻬﻢ أﴎﻋﻮا ﻫﺎرﺑني. اﻧﻈﺮ ﻣــﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﱪص اﻷرﺑﻌــﺔ .ﻟﻘﺪ وﺟﺪوا
ﺿﺤﻚ أﺣﺪ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ وﺳﺨﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم، وﻣﻦ اﻟﺴــﺎﺧﺮ؟ إﻧــﻪ ﺿﺎﺑﻂ ﻣﻘــ ّﺮب ﺟﺪٍّا ﻣﻦ ﻛﺎف ﻏﺪًا ﻟﻜﻞ اﳌﻠﻚ ،وﻗﺎل" :ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻨﺎ ﻃﻌﺎم ٍ ﻓــﺮد ﻣﻨﺎ؟ اﳌﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻟــﺮب أن ﻳﻔﺘﺢ ﻧﻮاﻓﺬ ﻣﻦ اﻟﺴامء ﻹﻧﺰال اﻟﻐﺬاء ﻣﺒﺎﴍة إﻟﻴﻨﺎ" .وﺳﻤﻊ
أﻟﻴﺸــﻊ ﻫﺬه اﻟﺴــﺨﺮﻳﺔ ﻓﻘﺎل ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻀﺎﺑﻂ: "ﺳــﱰى ذﻟﻚ ﺑﻌﻴﻨــﻚ ﻟﻜﻨﻚ ﻟﻦ ﺗــﺄﻛﻞ ﻣﻨﻪ"!. اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ إﻫﺎﻧﺔ ﻟﻠﺮب .اﳌﺂﳼ واﻟﺠﻮع واﻟﻌﻄﺶ واﳌــﺮض ﻛ ّﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ .ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ﻟﻨﺎ أن ﻧﻠــﻮم ا Ôﻋﲆ أﻳــﺔ ﻛﺎرﺛﺔ ﺗﺤﻞ ﺑﻞ ﺑﴫاﺣﺔ وﺗﻮاﺿﻊ ﻧﻌﱰف أﻣﺎم اﻟــﺮب ﺑﺨﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ،ﻓﻴﺎ رب اﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ وﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﱠ ﻛﻞ ذﻧﻮﺑﻨﺎ.
٨٧
اﳌﺎﺳﺔ ) ٢ﻣﻠﻮك ٣٣ – ٢٤ :٦؛ (٢ :٧ .٣٨ﰲ اﻟﺤﺎﺟﺔ ّ ﺑﻠﻐــﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﻄﻌــﺎم ذروﺗﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴــﺎﻣﺮة وﺗﺠﺎوزت ﺣﺪ اﻟﺘﺼــﻮر ،ﻓﻘﺪ ﺧﻠﺖ اﳌﻨــﺎزل ﻣــﻦ اﻟﻄﻌــﺎم و ُﻓ ِﻘﺪت اﻟﺴــﻠﻊ ﻣﻦ اﻷﺳــﻮاق ﳌﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺣﺘــﻰ إن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻣﺎﺗﻮا ﺟﻮ ًﻋﺎ. ﻓــام اﻟﺴــﺒﺐ؟ ﻟﻘﺪ ﺣــﺎﴏ اﻷﻋــﺪاء اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺠﻴــﺶ ﻗﻮي وﴐﺑــﻮا ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻃﻮ ًﻗــﺎ وﻣﻨﻌﻮا اﻟﺴــﻜﺎن ﻣﻦ دﺧﻮﻟﻬﺎ أو اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ ﳌﻨﻌﻬﻢ ﻣــﻦ إدﺧﺎل اﻟﻄﻌﺎم ،ﻓﻬــﻞ ﺗﺘﺼﻮر ﺣﺠﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ؟ ﻳﺼﻌــﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺼ ّﻮر ﻛﻞ ﻣﻨﻬام وﻟﺪ واﺣﺪ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﱠأن اﻣﺮأﺗــني ﻟﺪى ٍ واﺣــﺪة ﻣﻨﻬــام ﻟﻸﺧــﺮى ﺗﻌﺎﱄ ﻧﺬﺑــﺢ اﺑﻨﻲ وﻧﺄﻛﻠــﻪ اﻟﻴﻮم ﺛــﻢ ﻧﺄﻛﻞ اﺑﻨﻚ ﻏــﺪًا .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﺬﺑﺤﺘﺎ اﻟﻄﻔﻞ اﻷول وﻃﺒﺨﺘﺎه وأﻛﻠﺘﺎه، ﻓﻴﺎ ﻟﺒﺸــﺎﻋﺔ اﻷﻣﺮ .وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﻗﺎﻟﺖ اﻷم ﻟﻠﻤﺮأة اﻷﺧﺮى" :اﻟﻴﻮم دور اﺑﻨﻚ أﻧﺖ ﻧﺬﺑﺤﻪ وﻧﻄﺒﺨــﻪ وﻧﺄﻛﻠــﻪ" ﻓﺮﻓﻀــﺖ اﻷم اﻟﺘﻲ ﺑﻘﻲ اﺑﻨﻬﺎ ﺣ ًﻴﺎ وﺧﺒﺄﺗﻪ ﻓﺎﺷــﺘﻌﻞ ﻏﻀﺐ اﻷم اﻟﺜﻜﲆ وذﻫﺒﺖ إﱃ اﳌﻠﻚ ﺗﺸــﻜﻮ اﻷﻣﺮ إﻟﻴﻪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳــﻤﻊ اﳌﻠﻚ ﺑﺬﻟﻚ ﺻﺪم وﻏﻀﺐ! ﻟﻜﻦ ﻣﻤﻦ ﻏﻀﺐ؟ ﻏﻀﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب. ﻗــﺎل اﳌﻠﻚ" :ﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻟــﺮب أن ﻳﻌﻴﻨﻨﺎ" .وﻫﻞ ﺗﻌﻠــﻢ ﻣﺎذا ﻏﺎب ﻋﻦ ﻓﻜﺮ اﳌﻠﻚ؟ ﻟﻘﺪ ﻧﴘ ّأن اﳌﺠﺎﻋــﺔ ﺗﺄدﻳﺐ ﻣﻦ ا Ôﻷن اﻟﺸــﻌﺐ أﺧﻄﺄ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻓﻈﻴﻊ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺆدﺑﻨﺎ اﻟﺮب ّ ﻓﺈن ﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ّأن اﻟﺬﻧﺐ ذﻧﺒﻨــﺎ ّ وأن اﻟﻠﻮم ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻨﺎ. ﻟﻘــﺪ أﺧﻄﺄ اﳌﻠﻚ ﺑﺈﻟﻘﺎء اﻟﻠــﻮم ﻋﲆ ا Ôوﻫﺬا ٨٦
أﻣﺮ ﻻ ﻳﻄﺎق ،واﻷﺳــﻮأ أﻧﻪ مل ّ ﻳﺼﻞ ﺑﺨﺸــﻮع ﻟﻠــﻪ ،أي مل ﻳﻌﱰف ﺑﺨﻄﻴﺌﺘﻪ وﺧﻄﻴﺌﺔ ﺷــﻌﺒﻪ وﺑﻌﺪم اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻬﻢ ﻓﻴﺘﻮاﺿﻊ وﻳﻠﺘﻤﺲ اﻟﻌﻮن، ً ﻋﻠام ّ ﺑﺄن اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺷﻌﺒﻪ اﳌﺘﻀﺎﻳﻖ ﻟﻜﻦ ﻗﺴــﺎوة ﻗﻠﺐ اﳌﻠﻚ ﻗﺎدﺗﻪ إﱃ اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤامﻗــﺔ ﻓﻘﺎل" :ﺳــﺄﻗﺘﻞ أﻟﻴﺸــﻊ" .ﳌﺎذا؟ ﻣﺎ اﻟﺬﻧﺐ اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﻪ رﺟﻞ اÔ؟ ﻻ ﳾء .ﺑﻞ إﻧﻪ ﺣﺬر اﻟﺸــﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﺘــامدي ﰲ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺑﻨﺎء ﻋﲆ أواﻣﺮ ﻣﻦ اﻟــﺮب وﺣﺬرﻫﻢ ّ ﺑﺄن اﻟﺘﺄدﻳﺐ آت إن مل ﻳﺘﻮﺑﻮا ،وﻫﺎ ﻗﺪ ﺣﻞ اﻟﺘﺄدﻳﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻵن ﻋﲆ ﺷﻜﻞ اﳌﺠﺎﻋﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم اﻧﺼﻴﺎﻋﻬﻢ ﻟﺼﻮت اﻟﺮب. وﻣﻜﺚ أﻟﻴﺸﻊ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل وﻟﻜﻨــﻪ ﻓﺠﺄة ﻧﻄــﻖ ﺑﻘﻮﻟﻪّ : "إن اﳌﻠــﻚ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﺘﻠﻨﻲ إذ أرﺳﻞ ﺟﻨﺪ ًﻳﺎ وﻫﺎ ﻫﻮ آت ﺑﻨﻔﺴﻪ ً أﻳﻀﺎ. وﻛﻴﻒ ﻋﺮف أﻟﻴﺸــﻊ ذﻟﻚ؟ اﻟﺮب ﻫﻮ ﻣﻦ أﺧﱪه. وﻗــﺎل أﻟﻴﺸــﻊ" :إذا وﺻﻞ اﻟﺠﻨــﺪي ﻓﻼ ﺗﺪﻋﻮه ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻟﻜﻦ ﻳﺪﺧﻞ"ووﺻﻞ اﻟﺠﻨﺪي وﻛﺎن اﻟﺒﺎب ً اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻨﻌﻮه ﻣــﻦ اﻟﺪﺧﻮل وﻟﻴﺲ مبﻘﺪوره أن ﻳﺆذي أﻟﻴﺸــﻊ ،وﻫﺎ ﻫﻮ اﳌﻠﻚ ﻗــﺪ ﻟﺤﻖ ﺑﻪ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣــﻦ ﻋﺒﻴــﺪه وﻗﺎل ﻷﻟﻴﺸــﻊ ﺑﻐﻀﺐ ﺷﺪﻳﺪ" :ﻣﺎ أﺻﻌﺐ ﻫﺬه اﳌﺠﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺮب! أﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮب أن ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ؟" ﻟﻜﻦ أﻟﻴﺸﻊ أﺟﺎب اﳌﻠﻚ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :اﻟﻌﻜﺲ ﻫﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ اﳌﺴــﺎﻋﺪة وﻏﺪًا ﺳﺘﻨﻔﺮج اﻷﻣﻮر وﺳﺘﻜﻮن اﳌﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻣﺘﻮﻓﺮة ﺑﻜرثة ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ ،اﻟﺮب ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺤﻘﻖ ذﻟﻚ.
ﺟﻴﺶ اﻟﺴﺎﻣﺮة إﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ ﺟﻨﻮد ﺑﻨﻬﺪد وإﺑﺎدﺗﻬﻢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ .وﻫﻜﺬا ﺳﺎرت اﻷﻣﻮر ﺑﻴﴪ ﻣﻊ أﻟﻴﺸﻊ اﻟﻨﺒﻲ. وﻃﻠﺐ أﻟﻴﺸﻊ ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﻳﺪع ﺟﻨﻮد ﺑﻨﻬﺪد ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻳﻦ ﻫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻮا إﱃ اﻟﺴــﺎﻣﺮة. وﻳــﺎ ﻟﻠﺼﺪﻣﺔ ،ﻓﺎﻵن ﻳﺪرك ﺟﻨــﻮد ﺑﻨﻬﺪد أﻳﻦ ﻫﻢ ،إﻧﻬﻢ ﰲ ﻛﻤني ،أﴎى ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ﻧﻔﺴــﻬﺎ .وﻓــﺮح ﻣﻠــﻚ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ﺑﺬﻟــﻚ ﻷن ً ﺟﻴﺸــﺎ ﻣﻌﺎد ًﻳﺎ ﻗﺪ وﻗﻊ أﺳــ ًريا ﺑني ﻳﺪﻳﻪ ﻓﻘﺎل ﻷﻟﻴﺸﻊ"ﻫﻞ ﺗﺴــﻤﺢ ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ وإﺑﺎدﺗﻬﻢ؟" ﻓﻬﺰ أﻟﻴﺸﻊ رأﺳــﻪ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻻ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ،ﻻ ﺗﻘﺘــﻞ وﻻ ﺗﺆذي أﺣﺪًا ﻣﻨﻬــﻢ ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﻳﺠــﺐ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻔﻌﻞ؟ أﻋﻄﻬﻢ ﻃﻌﺎ ًﻣﺎ وﴍا ًﺑﺎ وأﺣﺴــﻦ ﺿﻴﺎﻓﺘﻬﻢ ﺛــﻢ دﻋﻬﻢ ﻳﻌــﻮدون إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺳﺎﳌني". مل ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻠﻚ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ﻛﻼ ًﻣﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع
ﻟﻜﻨﻪ ﻧ ّﻔﺬ رﻏﺒﺔ أﻟﻴﺸــﻊ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ،إﻧﻪ ﺧﺎدم اﻟــﺮب وﻳﺠــﺐ أن ﻳﻄﺎع ﻷن اﳌﻠــﻚ وﺟﻨﻮده أﴎ ﺟﻨﻮد ﺑﻨﻬﺪد ﰲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ﺑﻞ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻦ َ َ ﱠإن اﻟﺮب ﻫﻮ اﻟﺬي أﴎﻫﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ أﻟﻴﺸــﻊ اﻟﻨﺒﻲ .ﻓﻜﻢ ﻫﻮ ﺻﺎﻟــﺢ اﻟﺮب ﺣﺘﻰ ﻟﻠﻌﺪو .مل ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ ﺑﻞ اﺳﺘﺒﻘﻰ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،وإذ ُﻗﺪﱢم ﻟﻬﻢ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ أﻋﺎدﻫﻢ ﺳﺎﳌني إﱃ ﺑﻼدﻫﻢ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي مل ﻳﺘﻮﻗﻌﻮه أﺑﺪًا ،وﻫﺬا ﻫــﻮ ﺻﻼح ا Ôﻧﺤﻮ اﻟﺨﻄﺎة ﻣــﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻓﻬﻮ ﺻﺎﻟــﺢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ وﻟﻨــﺎ ً أﻳﻀﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﻟﺴــﻨﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أوﻟﺌــﻚ اﻟﺠﻨﻮد اﻷﻋــﺪاء ،ﻓﻘﻠﺒﻨﺎ اﻟﺨﺎﻃﺊ ﻋــﲆ ﻋﺪاوة ﻣــﻊ ا Ôوﻣﻊ ذﻟــﻚ ﻳﺒﻘﻴﻨﺎ اﻟﺮب أﺣﻴﺎء وميﻨﺤﻨــﺎ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب .وﻫﻮ وﺣﺪه ﻗــﺎدر أن ﻳﺤﻮل اﻟﻌﺪو إﱃ ﺻﺪﻳﻖ .ﻓﺄﻋﺪاء اÔ ميﻜﻨﻬﻢ أن ﻳﺼريوا أﺻﺪﻗــﺎءه ﺑﻞ أﺑﻨﺎءه ً أﻳﻀﺎ. وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺼــﻼح ﺑﻌﻴﻨﻪ .وﻫﻮ ﻳﻈﻬﺮ ﺻﻼﺣﻪ ﻧﺤﻮك ﻛﻞ ﻳﻮم ﻓﻬﻞ اﺧﺘﱪت ذﻟﻚ؟
٨٥
.٣٧ﺣﺘﻰ اﻷﻋﺪاء ﻳﻨﺠﻮن ﺑﺼﻼح اﻟﺮب ) ٢ﻣﻠﻮك (٢٣ - ١٩ :٦ ﻫﻞ ﺗﺬﻛــﺮ ﻛﻴﻒ ﺣﻤﻰ اﻟﺮب أﻟﻴﺸــﻊ ﺑﺄﻣﺎن؟ ﻟﻘــﺪ ﻛﺎن ﺟﻴﺶ اﻷﻋــﺪاء ﻛﺒــ ًريا وﻗﻮ ٍّﻳﺎ إﻻ أن ﺟﻴــﺶ اﳌﻼﺋﻜﺔ ﻛﺎن أﻛﱪ وأﻗــﻮى وﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻷﻋﺪاء ﻣــﻦ رؤﻳﺘﻪ ﻟﻜﻦ أﻟﻴﺸــﻊ ﺧﺎدم اﻟﺮب رأى ذﻟﻚ ...وﻫﻨﺎ ﻧﺘﺎﺑﻊ اﻟﻘﺼﺔ إذ ﺗﻘﺪّم ﺟﻴﺶ ﺑﻨﻬﺪد ﻟﻴﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﻟﻴﺸــﻊ ﻻﻋﺘﻘﺎﻟﻪ وﺗﻜﺒﻴﻠﻪ وﻧﻘﻠﻪ أﺳ ًريا إﱃ ﻣﻠﻜﻬﻢ .ﻓامذا ﺳﻴﻔﻌﻞ أﻟﻴﺸﻊ ﺗﻮﺟﻪ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﺒﺎﴍة! وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﺘﻘﻰ اﻵن؟ ﻟﻘﺪ ّ ﺑﻬﻢ ﻗــﺎل ﻟﻬﻢ" :ﺿﻠﻠﺘﻢ اﻟﻄﺮﻳــﻖ ،وﻗﺪ أﺗﻴﺘﻢ ﺧﻄﺄً إﱃ ﺑﻠﺪة أﺧــﺮى وﻋﻠﻴﻜﻢ أن ﺗﺬﻫﺒﻮا إﱃ ﻏري ﻫﺬه اﻟﺒﻠﺪة ﻟﺘﺠﺪوا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﺗﺒﺤﺜﻮن ﻋﻨﻪ ،ﻓﻬﻞ أد ﱡﻟﻜﻢ ﻋــﲆ اﻟﻄﺮﻳﻖ؟ ﺗﻌﺎﻟﻮا ﻣﻌﻲ
٨٤
وأﻧﺎ أﺳري أﻣﺎﻣﻜﻢ". ﻓﺼــﺪق ﺟﻨﻮد ﺑﻨﻬﺪد أﻟﻴﺸــﻊ ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﺻ ًﻼ ﰲ اﻟﺒﻠﺪة اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻧﻌﻢ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻘﺪوا اﻟﻘــﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮا أﻟﻴﺸــﻊ اﳌﺘﻜﻠﻢ ﻣﻌﻬــﻢ .وﳌﺎذا ﺣﺪث ذﻟــﻚ ﻣﻌﻬــﻢ؟ ﻷن اﻟﺮب اﺳــﺘﺠﺎب ﻷﻟﻴﺸــﻊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺐ أن ﻳﺤﻤﻴﻪ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ﺗﺎﻫــﻮا ﺣﺘــﻰ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓــﺔ أﻳﻦ ﻫــﻢ اﻵن وﻻ ﺣﺘــﻰ إﱃ أﻳﻦ ﻫــﻢ ذاﻫﺒﻮن ﻣﻊ أﻟﻴﺸــﻊ ﺑﻞ ﺗﺒﻌﻮه ﺑﻄﻮاﻋﻴﺔ .وإﱃ أﻳﻦ ﺳﻴﺄﺧﺬﻫﻢ ﻳﺎ ﺗﺮى؟ ﺳﻴﺄﺧﺬﻫﻢ إﱃ اﻟﺴــﺎﻣﺮة ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺑﻼده ﺣﻴﺚ اﳌﻠﻚ وﺣﺎﺷــﻴﺘﻪ وﺟﻨﻮده ،وﺳــﻴﻜﻮن مبﻘﺪور
ﺧﺎدم أﻟﻴﺸــﻊ وأدرك اﻵن ﻣــﺎ اﳌﻘﺼﻮد ﺑﻬﻢ "اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻨﺎ".
إن ﻛﻨــﺖ ﻗﺪ ﻗﺒﻠﺖ ﻳﺴــﻮع ﻣﺨ ّﻠ ًﺼﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﴏت اﻵن اﺑﻨًﺎ ﻟﻪ.
ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺮﻛﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻤﻨﻮﺣﺔ ﻷوﻻد اﻟﺮب إذ ﻳﻌﺘﻨــﻲ ﺑﻬــﻢ ﻋﲆ اﻟﺪوام .ﻧﻌــﻢ وأﻧﺖ إن ﻛﻨﺖ اﺑﻨًﺎ ﻟﻠﺮب ﻓﺴــﺘﻨﺎل اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ ﰲ اﳌﻮت .ﻓﺎﺳــﺄل اﻟﺮب أن ﻳﻀﻤﻚ إﱃ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ إن ﻛﻨــﺖ مل ﺗﻄﻠــﺐ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،واﺷــﻜﺮه ٨٣
.٣٦اﻟﺮب ﻳﺤﻔﻆ ﺧﺎدﻣﻪ ﺳﺎﳌًﺎ ) ٢ﻣﻠﻮك (١٨ - ٨ :٦ ﻛﺎن أﺣــﺪ اﳌﻠــﻮك اﻷﴍار واﺳــﻤﻪ ﺑﻨﻬﺪد ﰲ ﺑﻢ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻣﺠﺎورة ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ،وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ َ أﻣﺮ ﺟﻨﻮده؟ أن ﻳﻨﻬﺒــﻮا ﻛﻞ ﳾء وﻳﻘﺘﻠﻮا ﻛﻞ اﻟﻨــﺎس .ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻮﺟﺌﻮا ﺑﺠﻴﺶ ﻛﺒري ﻣﺴــﺘﻌ ٍﺪ ﻟﻘﺘﺎﻟﻬــﻢ ﻓﺎﻧﻬﺰﻣﻮا .وﳌﺎ ﻋﻠــﻢ ﺑﻨﻬﺪد ﺑﺎﻧﺪﺣﺎر ﺟﻴﺸــﻪ أﻣﺮﻫﻢ أن ﻳﻬﺎﺟﻤﻮا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى ﻟﻜﻦ ﻣﺼريﻫــﻢ مل ﻳﻜﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﳌﺮة اﻷوﱃ ﻓﺎﻧﺪﺣﺮوا .وﻫﻨﺎ ﻃﺮﺣﻮا اﻟﺴﺆال ﻋﲆ أﻧﻔﺴﻬﻢ! ﻛﻴﻒ ﻋــﺮف ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ أﻧﻨﺎ ﺳــﻨﻬﺎﺟﻢ وﻗﺪ أﻋﺪدﻧــﺎ ﺧﻄــﺔ ﴎ ّﻳــﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳــﺔ؟ وﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﺠﺪون ﺑﺎﻧﺘﻈﺎرﻫﻢ ً ﺟﻴﺸــﺎ ﻣﺴــﺘﻌﺪًا ﻟﻠﻘﺘﺎل ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺘﺸــﻔﻮن اﻟﺨﻄﻂ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ؟ ﻫــﻞ ﻣﻦ ﻣﺨﱪ ﻳﺘﺠﺴــﺲ ﻋﻠﻴﻬــﻢ؟ وﻏﻀﺐ اﳌﻠﻚ واﺳﺘﺪﻋﻰ ﻗﺎدة اﻟﺠﻴﺶ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ" :ﻣﻦ ﻳــﴪب ﺧﻄﻄﻨﺎ اﻟﻌﺴــﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﻌﺪو ﰲ ﻣﻨﻜﻢ ّ ﻛﻞ ﻣــﺮة؟ ﻣﻦ ﻳﺨﱪﻫﻢ دو ًﻣﺎ ﻣــﺎ ﻧﻨﻮي اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ﻓﻴﻔﺸــﻞ ﻫﺠﻮﻣﻨﺎ اﳌﺒﺎﻏﺖ؟" ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻻ ميﻜﻦ اﻟﺸﻚ ﺑﺎﻟﻘﺎدة اﻷوﻓﻴﺎء ﻟﻜﻦ واﺣﺪًا ﻣﻦ اﻟﻘﺎدة ﻗــﺎل ﻟﻠﻤﻠﻚ" :أﻧــﺎ أﻋﻠﻢ ﻳﺎ ﺻﺎﺣــﺐ اﻟﺠﻼﻟﺔ. ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻧﺒﻲ اﺳﻤﻪ أﻟﻴﺸﻊ ﻳﻌﺮف ﻛﻞ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻨﺎ وﻳﺨــﱪ اﻟﺠﻨﻮد ﻓﻴﺤﺘﺎﻃﻮن ﻟﻨﺎ وﻳﺼﺪون اﻟﻬﺠﻮم". ﻫــﻞ ﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ؟ ﻧﻌﻢ ﻓﺎﻟﺮب ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺨﱪ أﻟﻴﺸــﻊ وﻟﻬﺬا ﺻﺎر إﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ أﻟﻴﺸــﻊ ﻫﺪ ًﻓــﺎ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﲆ أواﻣــﺮ ﺑﻨﻬﺪد .وﻟﺬا ﺷــ ّﻜﻠﻮا ﻗﻮة ﻋﺴــﻜﺮﻳﺔ ﳌﻬﺎﺟﻤﺔ دوﺛــﺎن وﻫﻲ اﻟﺒﻠﺪة ٨٢
اﻟﺘﻲ ﻳﺴــﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ أﻟﻴﺸــﻊ ،وﻗﺪ وﺻﻠﻮا إﻟﻴﻬﺎ ﻟﻴــ ًﻼ واﻟﻨﺎس ﻧﻴــﺎم وأﺣﺎﻃــﻮا ﺑﺎﻟﺒﻠﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﻬﺎت ﺣﺘــﻰ ﻻ ﻳﻬﺮب ﻣﻨﻬﺎ أﺣــﺪ مبﺎ ﻓﻴﻬﻢ أﻟﻴﺸــﻊ .وﻫﻜﺬا ﺻﺎرت دوﺛــﺎن ﻣﺤﺎﴏة ﻣﻦ ﺟﻨﻮد ﺑﻨﻬﺪد مبﺮﻛﺒﺎﺗﻬﻢ وﰲ اﻟﺼﺒﺎح ﺳــﻴﻠﻘﻮن اﻟﻘﺒﺾ ﻋﲆ أﻟﻴﺸﻊ ،وﻫﺬا ﻛﻤني ﻟﺨﺎدم اﻟﺮب. ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺠﺮ اﺳﺘﻴﻘﻆ أﻟﻴﺸﻊ ﻛﻌﺎدﺗﻪ وﻣﻌﻪ ﺧﺎدﻣﻪ اﻟﺬي ﺧــﺮج ﺧﺎرج اﳌﻨﺰل وﻧﻈﺮ ،وﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻔﺎﺟــﺄة اﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ،ﻓﻘــﺪ رأى اﻟﺠﻨﻮد وﻣﺮﻛﺒﺎﺗﻬﻢ ﻳﺤﻴﻄﻮن ﺑﺎﳌﺪﻳﻨﺔ .ﻓﻌﺎد إﱃ ﺳﻴﺪه وأﺧﱪه مبﺎ رأت ﻋﻴﻨﺎه وﻗﺎل ﻟﻪ" :ﻣﺎذا ﺳﺘﻔﻌﻞ ﻳﺎ ﻧﺒﻲ اÔ؟ ﻟﻘﺪ ﺑﺪا ﺟﻴﺤــﺰي ﺧﺎﺋ ًﻔﺎ ﻣﺮﺗﻌﺪًا، ﻟﻜﻦ ﻫﻞ أﻟﻴﺸــﻊ ﻣﺮﺗﻌﺐ ً أﻳﻀــﺎ؟ أﺑﺪًا إﻃﻼ ًﻗﺎ! وﻗﺎل ﻟﺨﺎدﻣﻪ" :ﻻ ﺗﺨﻒ ﻷن اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻨﺎ أﻗﻮى ﻣــﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ" .ومل ﻳﻔﻬﻢ اﻟﺨﺎدم اﻟﺸــﺎب ﻣــﺎ ﻗﺼﺪ أﻟﻴﺸــﻊ إذ مل ﻳ َﺮ ﻣﻦ ﻫــﻢ اﳌﻘﺼﻮد ﺑﻬﻢ "اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻨﺎ" اﻟﺬﻳﻦ ﺳــﻴﺄﺗﻮن ﳌﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ وﻣﺴﺎﻧﺪﺗﻨﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺮى اﻷﻋﺪاء ﻓﻘﻂ. ّ ﺻﲆ أﻟﻴﺸﻊ ﺑﺨﺸﻮع وﺳﺄل اﻟﺮب ﻗﺎﺋ ًﻼ" :اﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻲ اﻟﻐــﻼم" .ﻓﺈذا ﺑﻪ ﻳﺮى ﻣﺎ مل ﻳﻜﻦ ﻳﺎ رب ّ ﻳﺮاه .رأى ً ﺟﻴﺸــﺎ ﺟﺮا ًرا ﻫﺎﺋ ًﻼ مبﺮﻛﺒﺎت ﻣﻦ ﻧﺎر ﻳﺤﻴﻄﻮن ﺑﺠﻴــﺶ ﺑﻨﻬﺪد .ﻣﻦ ﻫﻢ؟ إﻧﻪ ﺟﻴﺶ ﻣﻦ اﻟﺴــﻤﻮات ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺮب وﻳﺤﻴﻄﻮن ً أﻳﻀﺎ ﺑﺄﻟﻴﺸﻊ ﻟﺤامﻳﺘﻪ وﻳﺸﻜﻠﻮن ﺣﺎﺟﺰًا ﻓﺎﺻ ًﻼ ﺑﻴﻨﻪ ميﺴــﻪ اﻷذى .وﻫﻜﺬا ﻳﺤﻤﻲ وﺑني اﻷﻋﺪاء ﻟﺌﻼ ّ اﻟﺮب ﺧﺎدﻣﻪ .وزال اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﺟﻴﺤﺰي
ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺒﺎن واﻷﻏﺼﺎن ﻟﺘﺼري أﻋﻤﺪة ﺧﺸﺒﻴﺔ ﺻﺎﻟﺤــﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎء وﺗﺠﻤــﻊ ﻟﻼﺳــﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﺴــﻘﻮف واﻟﺠــﺪران واﻷﻋﻤــﺪة واﻟﻨﻮاﻓــﺬ ﻓﺴــﻴﺤﺎ واﻷﺑــﻮاب ﻋﲆ أﻣــﻞ أن ﻳﺒﻨﻮا ﻣﻜﺎ ًﻧﺎ ً ﻻﺳﺘﻴﻌﺎب اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻛﺎﻓﺔ. وﰲ ﻏﻤــﺮة ﻫــﺬا اﻟﻌﻤــﻞ اﻟﺠــﺎد ﴏخ أﺣﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠــني ﻓﺠﺄة! ﺗــﺮى ﻣﺎذا ﺣــﺪث؟ اﻧﻔﻠﺘﺖ اﻟﻔــﺄس ﻣﻦ ﻣﻘﺒﻀﻬﺎ اﻟﺨﺸــﺒﻲ وﺳــﻘﻄﺖ ﰲ اﻟﻨﻬــﺮ ...ﻗﻄﻌﺔ ﺛﻘﻴﻠﺔ ﻣــﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻏﺮﻗﺖ إﱃ ﻗﺎع اﻟﻨﻬــﺮ ﻣﺒــﺎﴍة ...ﻟﻘﺪ ﻓﻘﺪ ﻫــﺬا اﻟﺮﺟﻞ وﺳــﻴﻠﺔ اﻟﻌﻤﻞ ...ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺎر ،ﻷن اﻟﻔﺄس ﻟﻴﺴــﺖ ﻟﻪ ﺑﻞ ﻷﺣﺪ ﻣﻌﺎرﻓﻪ وﻗﺪ اﺳﺘﻌﺎرﻫﺎ ﻣﻨﻪ! ﻓﺄﺧﱪ أﻟﻴﺸــﻊ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﻗﺎﺋﻼ ﻟﻪ" :اﻟﻔﺄس ﻟﻴﺴــﺖ ﻣﻠيك ﺑﻞ ﻣﺴــﺘﻌﺎرة ،أﺳــﻌﻔﻨﻲ ﻳﺎ ﺳــﻴﺪي أرﺟﻮك". ﻗﺎل أﻟﻴﺸﻊ" :أﻳﻦ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻨﻚ؟ أرين اﳌﻜﺎن"، ﻓﺄﺷــﺎر اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻴﺪه إﱃ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﺳــﻘﻄﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻔﺄس ...ﻣﺎذا ﺳﻴﻔﻌﻞ أﻟﻴﺸﻊ؟ ﻗﻄﻊ ﻗﻄﻌ ًﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺸــﺐ ورمبﺎ ﻏﺼﻨًﺎ ورﻣــﻰ ﺑﻪ ﰲ ﻧﻔﺲ اﳌﻜﺎن ...ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺠــﺐ! ﻃﻔﺖ اﻟﻔﺄس ﻋﲆ وﺟﻪ اﳌﻴــﺎه! ﺣﺪﺛﺖ اﳌﻌﺠﺰة! اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻻ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﲆ اﳌﺎء ...ﻗﺎل أﻟﻴﺸــﻊ" :ﺧﺬﻫﺎ وﻋﺪ إﱃ ﻋﻤﻠﻚ".
ﻓﻬﻞ ﺗﺮى ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻄﻲ اﻟﺮب اﻟﻌﻮن ﰲ ﺣﻴﻨﻪ. أﻻ ﻳﺘﺪﺧﻞ إﻟﻬﻨﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﻌﻮن ﰲ ورﻃﺔ ﻗﺪ ﻧﺠﺪ أﻧﻔﺴــﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻟﻴﺲ أﻟﻴﺸﻊ ﻣﻦ ﺣﻞ اﳌﺸﻜﻠﺔ ﺑﻞ اﻟﺮب! ﻓﺎﻟﺨري واﻟﱪﻛﺔ واﻟﻌﻮن ﻣﻦ ﻋﻨﺪه ﺗﻌﺎﱃ! ﻧﺤﻦ ﻧﺘﻠﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺮب ﺑﺮﻛﺎت ﻋﺪﻳــﺪة ﺑﻼ ﺷــﻚ .وﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌــﺎذا ميﻨﺤﻨﺎ اﻟﺮب إﻳﺎﻫﺎ؟ ﻛﺄﻧــﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮل اﻧﻈﺮ ﺻﻼﺣﻲ ورﺣﻤﺘﻲ وﻋﻨﺎﻳﺘﻲ ﺑﻚ ﻛﻞ ﻳﻮم...
٨١
.٣٥اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﱪﻛﺎت ) ٢ﻣﻠﻮك ٤٤ – ٣٨ :٤؛ (٧ - ١ :٦ وﻳﺴــﺘﺄﻧﻒ أﻟﻴﺸــﻊ رﺣﻠﺘﻪ ﺛﺎﻧﻴــﺔ ﻓﻴﺼﻞ إﱃ اﻟﺠﻠﺠﺎل ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺪرﺳﺔ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺧﺎص. ﻟﻴﺴــﺖ ﻣﺪرﺳــﺔ ﻋﺎدﻳﺔ إﻃﻼ ًﻗﺎ ،ﺑﻞ ﻣﺪرﺳــﺔ ﻳﻨﺘﺴــﺐ إﻟﻴﻬﺎ ﺷــﺒﺎن ﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﺧﺪا ًﻣــﺎ ﻟﻠــﺮب أو أﻧﺒﻴﺎء وﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺪرﺳــﻮا اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪّس وﺳﻮف ﻳﺤﺎﴐ أﻟﻴﺸﻊ ﰲ ﺗﻠﻚ اﳌﺪرﺳﺔ ﻟﻴﺴﺘﻔﻴﺪ َ اﻟﻄ َﻠ َﺒ ُﺔ ﻣﻦ وﺟﻮده ﻣﻌﻬﻢ. وﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ وﻗﺖ اﻟﻄﻌﺎم ،ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺄﻛﻠﻮﻧﻪ ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﳌﺎذا؟ ﻷن ﻣﺠﺎﻋﺔ ﺷــﺪﻳﺪة اﻟﻮﻃــﺄة اﺟﺘﺎﺣﺖ اﻟﺒﻼد وﺻــﺎر اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻳﺠﺪون ﻣﺎ ﻳﺴﺪ رﻣﻘﻬﻢ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﺘﺪﺑﺮ أﻟﻴﺸﻊ وﻫﺆﻻء اﻟﻄﻠﺒﺔ أﻣﺮﻫﻢ ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻄﻌﺎم؟ ﺧﺮج أﺣﺪ اﻟﺸﺒﺎب إﱃ ﺣﻘﻞ ﻋ ّﻠﻪ ﻳﺠﺪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺤﴬه ﻟﻴﺄﻛﻠﻮه ﻓﻮﺟﺪ ﻳﻘﻄﻴﻨًﺎ ﺑ ّﺮ ٍّﻳﺎ ّ ﻣﺪﱃ ﻣﻦ اﻟﺸــﺠﺮ، واﻟﻴﻘﻄني ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺨﻴﺎر ﻟﻜﻦ ﺑﺤﺠﻢ أﻛﱪ ﺑﻜﺜري، ﻓﺄﺣﴬ ً ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻨﻬﺎ إﱃ اﳌﺪرﺳﺔ ﻓﻘﻄﻌﻮه ﻗﻄ ًﻌﺎ ﺻﻐــرية ووﺿﻌﻮه ﰲ ﻗﺪر ﻛﺒري أو وﻋﺎء ﻟﻠﻄﺒﺦ ووﺿﻌﻮه ﻋﲆ اﻟﻨﺎر ﺣﻴﺚ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻐﻠﻴﺎن ﴎﻳ ًﻌﺎ ﻟﺰﺟــﺎ وﺑﻌﺪ أن ﻧﻀﺞ اﻟﻄﻌﺎم ﺻ ّﺒﻮا ﻣﻨﻪ وﺻﺎر ً ﰲ أوﻋﻴــﺔ أو ﺻﺤﻮن ﻟﻜﻞ اﻷﻓﺮاد اﳌﻮﺟﻮدﻳﻦ، وﺑــﺪؤوا ﻳﺄﻛﻠﻮن وﻟﻜــﻦ ﻃﻌﻤــﻪ ﻛﺎن ﻣﻘﺰ ًزا، ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻷﻟﻴﺸــﻊ :ﱠ "إن ﰲ اﻟﻘﺪر ﻣﻮت ﻳﺎ رﺟﻞ " ﺳــﺎم وإن أﻛﻠﻨﺎ ﻣﻨﻪ منﺮض أو أي ﱠإن اﻟﻄﻌــﺎم ﱞ منﻮت! ﻓﺎﻟﻄﻌﺎم ﻻ ﻳﺆﻛﻞ". ﻗــﺎل ﻟﻬﻢ أﻟﻴﺸــﻊ" :أﺣــﴬوا ﱄ ﺑﻌﺾ دﻗﻴﻖ اﻟﻘﻤﺢ"،ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ ﺑﻪ؟ ﺳﻴﻀﻊ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﰲ اﻟﻄﻌﺎم اﳌﻄﺒﻮخ ﺛﻢ ﻳﻘﻮل" :ﺗﻨﺎوﻟﻮا ﻣﻨﻪ وﻛﻠﻮا" ٨٠
ﻓﺄﻛﻠــﻮا ﻛام ﻗــﺎل وزال ﺧﻄﺮ اﻟﺘﺴــﻤﻢ وﺻﺎر ﺻﺎﻟﺤــﺎ ﻟﻸﻛﻞ ﺑﻞ ﺑــﺪا ﻟﺬﻳﺬ اﻟﻄﻌﻢ، اﻟﻄﻌﺎم ً ﻓﺄﻛﻠﻮا وﺷــﺒﻌﻮا .وﻻ ﺷــﻚ أﻧﻨﺎ ﻧﺪرك ّأن ﻫﺬه ﻣﻌﺠﺰة ﺳاموﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب! وﰲ ذات ﻳــﻮم ﺟــﺎء رﺟﻞ إﱃ أﻟﻴﺸــﻊ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﴩﻳــﻦ رﻏﻴ ًﻔــﺎ ﻣﻦ اﻟﺸــﻌري وﺑﻌــﺾ اﻟﺬرة اﳌﺸــﻮﻳﺔ .إﻻ أن ﻫــﺬه اﻟﻜﻤﻴــﺔ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﰲ أﴏ اﻟﻮاﻗﻊ ﻹﻃﻌﺎم ﻛﻞ اﻟﺤﻀﻮر ،ﻟﻜﻦ أﻟﻴﺸــﻊ ّ وﻗﺎل" :اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺄﻛﻞ وﻳﺸــﺒﻊ" رﻏﻢ ﱠأن ﻋﺪدﻫــﻢ ﻗــﺎرب اﳌﺎﺋﺔ .مل ﻳﻘﻨــﻊ اﻵﺧﺮون ﻷن اﻟﺨﺒﺰ واﻟﺬرة ﻻ ﻳﻜﻔﻴﺎن أﺑﺪاً! ﻟﻜﻦ أﻟﻴﺸﻊ ﻋﺎد وﻗــﺎل" :ﻻ ﺑﺄس ،ﻓﺎﻟﺮب ﻳﻘﻮل ﱠإن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺳﻴﺸﺒﻌﻮن ،وﺳﻴﻔﻀﻞ ﻋﻨﻬﻢ" .وﺟﻠﺲ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﻮل اﳌﺎﺋﺪة وأﻛﻠﻮا ﺣﺘﻰ ﺷﺒﻌﻮا وﻓﻀﻞ ﻋﻨﻬﻢ. ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻘﻮة واﻟﺠﱪوت أﻳﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﺮب. مل ميﺾ وﻗﺖ ﺣﺘﻰ زار أﻟﻴﺸــﻊ ﻣﺪرﺳﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﺪارس اﻷﻧﺒﻴــﺎء ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪّس. وأﻧﺖ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﺎذا ﻧﻌﻨﻲ مبﺪارس ﻛﻬﺬه ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﺮ ﻣﻌﻚ ﻫﺬا اﻷﻣــﺮ .ﻓﻄﻠﺐ َ اﻟﻄ َﻠ َﺒﺔ ﻣﻦ أﻟﻴﺸــﻊ أن ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﻷردن ﻟﻘﻄﻊ اﻷﺧﺸﺎب ﺑﻐﻴﺔ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺑﻨﺎء اﳌﺪرﺳﺔ ﻷن اﻟﺒﻨﺎء ﺿﺎق ﺑﺎﻟﻄﻼب وﻗﺎﻟــﻮا ﻟﻪ" :ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻜﺎ ًﻧﺎ أوﺳــﻊ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻓﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ وﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ أن ﻳﺮاﻓﻘﻬــﻢ ﻓﻘﺎل" :ﻧﻌﻢ أﻧــﺎ ذاﻫﺐ ﻣﻌﻜﻢ" وﺗﻮﺟــﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﱃ ﻧﻬــﺮ اﻷردن ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻤﻮ اﻷﺷــﺠﺎر اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻋﲆ ﺿﻔﺎﻓــﻪ .وﺑﺪأ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد ﺑﻘﻄﻊ اﻷﺷــﺠﺎر ﺑﻌﺪ ﺗﺠﺮﻳﺪﻫﺎ
ﻗﺎل أﻟﻴﺸــﻊ ﻟﺨﺎدﻣــﻪ" :ادع اﳌــﺮأة اﻟﻮاﻟﺪة" ﻓﺤﴬت ورأت أﻟﻴﺸــﻊ واﺑﻨﻬﺎ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻴﺘًﺎ ﻳﻨﺒــﺾ اﻵن ﺑﺎﻟﺤﻴــﺎة! ﻳﺎ ﻟﻠﻤﻌﺠــﺰة اﻟﺨﺎرﻗﺔ! "ﺧﺬي وﻟــﺪك" ،ﻫﻜﺬا ﻗﺎل أﻟﻴﺸــﻊ .أ ّﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﺴــﺠﺪت أوﻻً ﻋــﲆ رﻛﺒﺘﻴﻬــﺎ أﻣﺎم أﻟﻴﺸــﻊ اﺣﱰا ًﻣــﺎ وﺗﻘﺪﻳ ًﺮا ﻷﻧﻪ ﺧﺎدم اﻟﺮب اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ اﳌﻌﺠﺰات واﻟﺨﻮارق ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺪاﻣﻪ.
ﺣﺘﻰ ﻣﻮىت اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ أﺻﺤــﺎب اﻟﻘﻠﻮب اﳌﻴﺘﺔ ﻛام ﻳﻘــﻮل اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘ ّﺪس ﻳﺴــﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻨﺎﻟﻮا اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻊ اﳌﺴﻴﺢ. ﻣﻦ ﻳﺤﻴﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ اﳌﻴﺘﺔ وميﻨﺤﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة؟ أﻧﺖ ﺗﻌﺮف اﻟﺠﻮاب ً ﺣﺘام إﻧﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ. ﻓﺎﻃﻠــﺐ ﻣﻨﻪ إن ﻛﻨﺖ مل ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ!.
أﻟﻴﺲ اﻟﺮب اﻟﺬي ﻳﻘﻴﻢ اﳌﻮىت؟ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﺑﻼ ﺷﻚ!
٧٩
ﺻﺒﻲ ٌ ﻣﻴﺖ ﻳﻌﻮد إﱃ اﻟﺤﻴﺎة ) ٢ﻣﻠﻮك (٣٧ - ١٨ :٤ .٣٤ﱞ ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ اﳌﺮأة اﻟﺸﻮمنﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻷﻟﻴﺸﻊ وﻛﻴﻒ أﻛﺮﻣﻬﺎ ا Ôﺑﺄن ﻣﻨﺤﻬﺎ اﺑﻨــﺎً؟ ﻛﱪ ﻫﺬا اﻟﻔﺘــﻰ وﻛﺎن ﻳﺤﺐ أن ﻳﺬﻫﺐ ﻟﻴﻠﻌﺐ ﰲ ﻣﺰرﻋﺔ أﺑﻴﻪ ،وﻗﺪ ﺳﺄل أﻣﻪ ﰲ ذات ﻳﻮم أن ﺗﺴــﻤﺢ ﻟــﻪ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب ﻣــﻊ واﻟﺪه إﱃ اﻟﺤﻘﻞ ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺼﺪ اﻟﻌامل اﻟﻘﻤﺢ ﰲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼــﺎد ،ﻓﺴــﻤﺤﺖ ﻟــﻪ ،وﻛﺎن اﻟﺤﺎﺻﺪون ﻣﴪورﻳﻦ ﺑﺮؤﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻔﺘﻰ ﻣﻌﻬﻢ. وﻃﺒ ًﻌﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺸﻤﺲ ﻛﺜرية اﻟﺤﺮارة ﰲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺼــﺎد وأﺷــﻌﺘﻬﺎ ﺗﺼﻴــﺐ اﻟــﺮأس ﻣﺒﺎﴍة، وﻫﻜــﺬا أﺻﻴــﺐ اﻟﻮﻟﺪ ﺑﴬﺑﺔ ﺷــﻤﺲ ﻓﻘﺎل ﺑﺼــﻮت ﺣﺰﻳــﻦ" :رأﳼ ...رأﳼ" ،ﻓﺠﺎء إﻟﻴﻪ اﻟﻮاﻟﺪ ﻣﴪ ًﻋﺎ وﻣﺴــﺘﺨ ًﱪا ﻓﻘــﺎل اﻟﻮﻟﺪ" :رأﳼ ﻳﺆﳌﻨــﻲ ﻳﺎ واﻟــﺪي" .ﻓﻄﻠﺐ اﻟﻮاﻟــﺪ ﻣﻦ أﺣﺪ ﺧﺪاﻣــﻪ أن ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻮﻟﺪ ﴎﻳ ًﻌــﺎ إﱃ أ ّﻣﻪ اﻟﺘﻲ أﺻﻴﺒــﺖ ﺑﺎﻟﺬﻫــﻮل واﻟﺼﺪﻣــﺔ ﻋﻨﺪﻣــﺎ رأت وﺣﻴﺪﻫﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﺤﺎل ﻳﺘﻮﺟﻊ وﻳﺘﺄمل ،ﻓﻮﺿﻌﺘﻪ ﰲ ﺣﻀﻨﻬﺎ ،ﺛﻢ زاد اﻟﻮﻟﺪ ﺗﺄﳌًﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻔﺲ ﺑﻌﺪ ﻓﱰة .ﻟﻘﺪ ﻣﺎت! إﻧﻪ ﻷﻣﺮ ﻣﻔﺰع! وﻛﻢ ﻛﺎن ﺣﺰن اﻟﻮاﻟﺪة ﺷﺪﻳﺪًا! ﻓامذا ﺳــﺘﻔﻌﻞ؟ ﺣﻤﻠــﺖ اﻟﻐــﻼم اﳌﻴﺖ إﱃ ﻏﺮﻓﺔ أﻟﻴﺸــﻊ إﱃ اﻟﻌﻠ ّﻴﺔ وﻣﺪدﺗﻪ ﻋﲆ ﴎﻳﺮه، وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ أن ﻳﺮﺳﻞ ﻟﻬﺎ ﺣام ًرا ﺗﺮﻛﺒﻪ ﻟﺘﺬﻫﺐ إﱃ أﻟﻴﺸــﻊ ،وﻓﻌــ ًﻼ ﺗﻮﺟﻬﺖ ﴎﻳ ًﻌﺎ إﱃ ﻣــﻜﺎن ﺗﻮاﺟــﺪه وﳌّﺎ رآﻫﺎ أﻟﻴﺸــﻊ ﻗﺎدﻣﺔ إﻟﻴﻪ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺟﻴﺤﺰي أن ﻳﺴﺘﻔﴪ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ اﳌﺠﻲء ،وﻫﻞ ﻛﻞ ﳾء ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام أم ٧٨
ﱠأن ﻫﻨﺎﻟﻚ أﻣ ًﺮا ﻗﺪ ﺣﺪث! ﻗﺎﺑﻠﻬــﺎ ﺟﻴﺤﺰي وﺳــﺄﻟﻬﺎ ﻟﻜﻨﻬــﺎ مل ﺗﺠﺒﻪ ﻷن اﳌﺼﻴﺒــﺔ ﻛﺒــرية ﺣﺘــﻰ وﺻﻠﺖ أﻣﺎم أﻟﻴﺸــﻊ وﺳﺠﺪت ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻴﻪ .ﻓﺤﺎول ﺟﻴﺤﺰي ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻟﻜﻦ أﻟﻴﺸﻊ ﻗﺎل ﻟﻪ" :اﺗﺮﻛﻬﺎ ﻷن ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺣﺰﻳﻨﺔ و ُﻣــ ﱠﺮة ،مل ﻳﺨﱪين اﻟﺮب ﺑﻬــﺬا ،ﻟﺬﻟﻚ ﻻ أﻋﺮف ﻣﺎ ﺑﻬــﺎ" .وأﺧﱪﺗﻪ اﳌﺮأة ﺑﺎﻟــﺬي ﺣﺪث ﻓﻌﻠﻢ أﻟﻴﺸــﻊ ﱠأن اﺑﻨﻬﺎ ﻗﺪ ﻣﺎت ،وﻫﻨﺎ ﻋﺮف أﻟﻴﺸــﻊ ﺳﺒﺐ ﺣﺰﻧﻬﺎ وﻣﺮارة ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻓﻄﻠﺐ أﻟﻴﺸﻊ ﻣﻦ ﺧﺎدﻣﻪ أن ﻳﺬﻫﺐ ﻣﻊ اﳌــﺮأة ﴎﻳ ًﻌﺎ وأﻋﻄﺎه ﻋﺼــﺎه ﻟﻴﻀﻌﻬﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﻐــﻼم .ﻟﻜﻦ اﳌﺮأة رﻓﻀــﺖ اﻟﺬﻫﺎب ﻣﻊ ﺟﻴﺤــﺰي ﻓﻬﻲ ﺗﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﻮﱃ أﻟﻴﺸــﻊ اﻷﻣﺮ ﺑﻨﻔﺴــﻪ .ووﺻﻞ ﺟﻴﺤﺰي ووﺿﻊ اﻟﻌﺼﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﻐﻼم ﻛام ﻗﺎل أﻟﻴﺸﻊ ﻓﻠــﻢ ﻳﺤﺪث ﳾء .ﻓﻌﺎد وأﺧﱪ أﻟﻴﺸــﻊ ﺑﺄن ﻻ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻌﺼﺎ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺼﺒﻲ .ﻓﺄىت أﻟﻴﺸــﻊ ﺑﻨﻔﺴــﻪ ﻣﻊ اﻷم إﱃ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن اﻟﻮﻟﺪ ﻣﻤ ّﺪدًا ،وﺳﺠﺪ أﻟﻴﺸــﻊ ﺑﺨﺸﻮع أﻣﺎم اﻟﴪﻳﺮ ّ وﺻــﲆ إﱃ ا Ôﻋﺎﳌًﺎ أن ﺣﻴــﺚ ﺟﺜامن اﻟﻮﻟﺪ، اﻟﺤﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﺮب وﺣﺪه وﻫﻮ اﻟﻘﺎدر ﻋﲆ إﻗﺎﻣﺔ اﳌــﻮىت ورد اﻟﺤﻴﺎة اﳌﻔﻘﻮدة .ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ أﻟﻴﺸــﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؟ ﺳﻴﺘﻤﺪد ﻋﲆ اﻟﻮﻟﺪ وﻳﻀﻊ ﻓﻤــﻪ ﻋﲆ ﻓﻤﻪ وﻳﺪﻳﻪ ﻋﲆ ﻳﺪي اﻟﻮﻟﺪ ﺛﻢ ﻗﺎم وﻃــﺎف اﻟﻐﺮﻓﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا .ﺛــﻢ ﻓﻌﻞ اﻟﴚء ﻧﻔﺴــﻪ ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻄﺲ اﻟﻮﻟﺪ ﺳﺒﻊ ﻣــﺮات ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ! وﻓﺘــﺢ ﻋﻴﻨﻴﻪ .إﻧــﻪ ﺣﻲ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ واﻟﺮوﻋﺔ.
وأﺧﺬﺗــﻪ إﱃ ﻣﻜﺎن اﻻﺳــﱰاﺣﺔ اﻟــﺬي وﻓﺮوه ﻟﻪ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﻓﻔﺮح أﻟﻴﺸــﻊ إذ ﺗﻔﺎﺟﺄ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻠ ّﻴﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻟﻪ اﻟﺴﺨﺎء .وﻳﺎ ﻟﻠﻔﺮﺣﺔ ﺑﻬﺬه ُ وﻟﺨﺎدﻣﻪ اﻟﺸﺎب ﺟﻴﺤﺰي اﻟﺬي ﻳﺮاﻓﻘﻪ دامئًﺎ. وﻗﺎل أﻟﻴﺸﻊ ﻟﺠﻴﺤﺰي اذﻫﺐ إﱃ اﳌﺮأة ﺻﺎﺣﺒﺔ اﳌﻨﺰل ﻷين أرﻳﺪ أن أﻗﺪم ﻟﻬﺎ ﺷﻴﺌًﺎ أو أﻋﻤﻞ ﻟﻬﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻷن ﻋﻨﺎﻳﺘﻬﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻹﻛﺮام ،واﺳﺄﻟﻬﺎ ﻣﺎذا ﺗﺮﻳﺪ ﻷﻗﴤ ﻟﻬﺎ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ اﳌﻠﻚ ﺑﺎﻟﺬات. ﻓﻌــﺎد ﺟﻴﺤﺰي وﻗــﺎل ﻟﻪ ﱠإن اﳌــﺮأة ﻻ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﴚء واﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻟﻜﻨﻨــﻲ أﻋﻠﻢ أﻧﻬﺎ مل ﺗﺮزق ﺑــﺄوﻻد ﺣﺘــﻰ اﻵن! وﻫﻨﺎ ﻗﺎل أﻟﻴﺸــﻊ ﻓﻠﺘﺄت إﱄ ﴎﻳ ًﻌﺎ .ﻓﺄﺗﺖ اﳌﺮأة ووﻗﻔﺖ أﻣﺎم أﻟﻴﺸــﻊ اﻟﺬي ﻗــﺎل ﻟﻬﺎ" :ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﳌﻘﺒــﻞ ﺳــريزﻗﻚ ا Ôﺑﻐــﻼم" .ﻓﻬــﺰت اﳌﺮأة رأﺳﻬﺎ وﻗﺎﻟﺖ" :ﻫﺬا ﺻﻌﺐ ﺑﻞ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻘﺪ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻨﺎ اﻷﻳﺎم أﻧﺎ وزوﺟﻲ". ﻟﻜــﻦ ﺧﻼ ًﻓــﺎ ﻟﺮأﻳﻬــﺎ ﺣﺒﻠﺖ ووﻟــﺪ ﻟﻬﺎ ﺻﺒﻲ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺬي ﺣﺪده أﻟﻴﺸﻊ .ﻓﻤﻦ ﻋﻤﻞ ﻫــﺬه اﳌﻌﺠﺰة؟ إﻧﻪ اﻟﺮب اﻟــﺬي اﻟﺘﻤﺲ ﻣﻨﻪ أﻟﻴﺸــﻊ ﻫﺬا اﻟﻄﻠﺐ .وﻛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺣﺔ اﻟﺮﺟﻞ وزوﺟﺘﻪ ﻛﺒرية ﺑﻬﺬا اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺠﻤﻴﻞ .ﻳﺎ ﻟﻌﻈﻤﺔ ا Ôوﺟﻼﻟﻪ .ﻓﻠﻘﺎء ﻋﻨﺎﻳﺔ اﳌﺮأة ﺑﺄﻟﻴﺸــﻊ ﺧﺎدم اﻟﺮب ،اﻋﺘﻨﻰ اﻟﺮب ﻧﻔﺴــﻪ ﺑﺤﺎﺟﺘﻬﺎ وﺳﺪدﻫﺎ ﻟﻬﺎ ...وﻧﺤﻦ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻧﺪرك ّأن ﻣﺤﺒﺔ ا Ôﻟﻠﻤﺮأة ﻗﺪ ﻇﻬــﺮت ﻋﻤﻠ ًﻴﺎ ﰲ ﻣﺤﺒﺘﻬﺎ ﻷﻟﻴﺸــﻊ ﺧﺎدم اﻟﺮب.
ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﱪ إﻇﻬﺎر ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻷﺧﻮﺗــﻚ وأﺧﻮاﺗﻚ اﳌﺆﻣﻨني وﻟﺨﺪام اﻟﺮب ﻛام ﻓﻌﻠﺖ ﻫﺬه اﳌﺮأة متﺎ ًﻣﺎ.
ﻓﺎﻃﻠــﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﻳﻌﻄﻴــﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻹﻇﻬﺎر ٧٧
.٣٣أﻟﻴﺸﻊ ﰲ ﺷﻮﻧﻢ ) ٢ﻣﻠﻮك (١٧ - ٨ :٤ اﻋﺘــﺎد أﻟﻴﺸــﻊ ﻋﲆ ﻗﻄــﻊ ﻣﺴــﺎﻓﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﺘﻨﻘ ًﻼ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ ﰲ ﻃﻮل اﻟﺒﻼد وﻋﺮﺿﻬﺎ ﻣﺨ ًﱪا اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﺮب ،ومل ﺗﻜﻦ وﺳﺎﺋﻂ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﴪﻳﻌﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻛام ﰲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻓﻜﺎن أﻟﻴﺸــﻊ ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ ﺳ ًريا ﻋﲆ اﻷﻗﺪام. ودﺧﻞ ﰲ ذات ﻳﻮم إﱃ ﻗﺮﻳﺔ اﺳــﻤﻬﺎ ﺷــﻮﻧﻢ. اﻧﻈــﺮ! ﻟﻘﺪ وﺟﺪ ﱠأن ﺑﺎب أﺣﺪ اﳌﻨﺎزل ﻗﺪ ﻓﺘﺢ وأﺗﺖ اﻣﺮأة ﳌﻼﻗﺎﺗــﻪ ودﻋﺘﻪ ﻟﻠﺪﺧﻮل ﻟﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌــﺎم واﻟــﴩاب ،وﻗﺪ ﺑﺪا ﻋﻠﻴﻬــﺎ اﻻرﺗﻴﺎح ﻟﻮﺟــﻮده ،إﻧﻬﺎ اﻣــﺮأة ﻛﺮميﺔ ﺳــﺨ ّﻴﺔ .وﻗﺎﺑﻠﻪ زوﺟﻬﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﱰﺣﺎب ﺑﻞ أﻛرث ،ﻓﺎﺳﱰاح وأﻛﻞ
٧٦
وﴍب ﻋﻨﺪﻫﻢ وﺗﺎﺑﻊ ﺳــﻔﺮه ﺑﻌﺪ أن ﺷﻜﺮﻫﻢ ﺑﺤﺮارة ﻋﲆ ﺣﺴﻦ ﺿﻴﺎﻓﺘﻬﻢ ،وﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ اﳌﺮأة: "ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ أن ﺗﺄيت إﻟﻴﻨﺎ ﻛ ّﻠام ﻛﻨﺖ ﻫﻨﺎ ﻓﺎﻟﺒﻴﺖ ﺑﻴﺘــﻚ ﻳﺎ رﺟــﻞ ا "Ôوﻓﻌ ًﻼ ﻛﺎن أﻟﻴﺸــﻊ ﻛ ّﻠام ﻋ َﱪ ﺑﺸــﻮﻧﻢ ميﻴﻞ إﱃ ﻫــﺬه اﻷﴎة اﳌﻀﻴﺎﻓﺔ ﺣﻴــﺚ رﺗﺒﻮا ﻟــﻪ ﻋﻠ ّﻴﺔ ﺻﻐرية ﻣﻔﺮوﺷــﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺮاﺣﺔ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﲆ ﻃﻠﺐ اﻟﺰوﺟﺔ ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ اﻟﺬي ﺳﺎرع إﱃ ﺗﺄﻣني اﻟﴪﻳﺮ واﻟﻄﺎوﻟﺔ واﻟﻜــﺮﳼ واﻟــﴪاج ﻟﻺﻧــﺎرة وﻏــري ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺮاﺣﺔ ﻷﻟﻴﺸﻊ .وﻋﻨﺪﻣﺎ أىت أﻟﻴﺸﻊ ﰲ اﳌــﺮة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﺳــﺘﻀﺎﻓﺘﻪ اﳌــﺮأة ﻛﺎﳌﻌﺘﺎد
إﺑﺮﻳــﻖ زﻳﺖ وﻻ ﳾء آﺧﺮ .ﻗﺎل ﻟﻬﺎ أﻟﻴﺸــﻊ" :ﻻ ﺑــﺄس ،اذﻫﺒﻲ اﺳــﺘﻌريي ﻣﻦ أﻗﺎرﺑــﻚ وﺟرياﻧﻚ وﻣﻌﺎرﻓﻚ أوﻋﻴﺔ وﻻ ﺗﻘﻠﲇ ﺑﻞ اﺳــﺘﻌريي أﻛرث ﻣﺎ ميﻜﻦ ،وﺻ ّﺒﻲ زﻳﺘًﺎ ﻣﻦ اﻹﺑﺮﻳﻖ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷوﻋﻴﺔ. اﻧﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ! ﻟﻘﺪ ﺳﺎرﻋﺖ اﳌﺮأة اﻷرﻣﻠﺔ إﱃ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﻃﻠﺒﻪ أﻟﻴﺸﻊ ﻣﻨﻬﺎ دون ﺗﺄﺧري ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﺎ ّأن ﻣﺎ ﻃﻠﺒﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺒﻪ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ .ﻣﺎذا ﺗﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ؟ ﻫﻞ ميﻸ إﺑﺮﻳﻖ اﻟﺰﻳﺖ ﻛﻞ اﻷوﻋﻴﺔ اﳌﺴﺘﻌﺎرة؟ مل ﺗﺴــﺘﻮﻋﺐ اﻷﻣﺮ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳــﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻧ ّﻔﺬﺗﻪ ﻟﻌﻠﻤﻬــﺎ ّأن اﻟﺮب ﻫﻮ اﻟــﺬي ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻟﻴﺸــﻊ .وﻫﺬا ُﻳ ْﻄ َﻠ ُﺐ ﻣﻨﺎ ﻧﺤﻦ ً أﻳﻀﺎ ،أن ﻧﻄﻴﻊ اﻟﺮب ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﺪاﻣﻪ.
ﻫــﺎ ﻗﺪ اﻣﺘﻸ اﻟﺒﻴﺖ ﺑﺎﻷوﻋﻴــﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷﻧﻮاع واﻷﺣﺠــﺎم ،وأﻏﻠﻘــﺖ اﻟﺒﺎب ﺧﻠﻔﻬــﺎ وﺑﺪأت ﺑﺼﺐ اﻟﺰﻳﺖ ﻣﻦ اﻹﺑﺮﻳﻖ ﰲ اﻟﻮﻋﺎء اﻷول ﺣﺘﻰ اﻣﺘــﻸ واﻧﺘﻘﻠﺖ إﱃ وﻋﺎء آﺧﺮ وﻫﻜﺬا ﺗﺘﺎﺑﻌﺖ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺣﺘــﻰ اﻣﺘــﻸت ﱡ ﻛﻞ اﻷوﻋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ وﻛﺎن وﻟﺪاﻫــﺎ ﻳﺴــﺎﻋﺪاﻧﻬﺎ ،وإﺑﺮﻳﻖ اﻟﺰﻳﺖ مل ﻳﻔــﺮغ ،إﻧﻬﺎ ﻣﻌﺠﺰة ﻣﻦ اﻟﺮب .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ وﻟﺪﻳﻬــﺎ أن ﻳﻘ ﱢﺮﺑﺎ إﻟﻴﻬﺎ اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷوﻋﻴﺔ اﻟﻔﺎرﻏﺔ ﻗﺎﻻ ﻟﻬﺎ ّإن ﱠ ﻛﻞ اﻷوﻋﻴﺔ اﻣﺘﻸت .اﻟﺰﻳﺖ ﻛﺜري وﻗﻴﻤﺘﻪ ﻛﺒرية ً ﺣﺘام. زال ﻫﻤﻬﺎ وارﺗﺴــﻤﺖ اﻟﺒﺴــﻤﺔ ﻋــﲆ وﺟﻬﻬﺎ ووﺟــﻪ وﻟﺪﻳﻬﺎ! ﺷــﻜ ًﺮا ﻟﻚ ﻳــﺎ رب ﻋﲆ ﺧريك اﻟﻜﺜري ﻓﻘــﺪ ﺻﻨﻌﺖ ﻣﻌﻨﺎ ﻣﻌﺠﺰة! وﺗﺴــﺘﻌﺪ اﳌﺮأة اﻷرﻣﻠﺔ اﻵن ﻟﺘﺬﻫﺐ ﺑﴪﻋﺔ إﱃ أﻟﻴﺸــﻊ ﻟﺘﺨﱪه مبﺎ ﺟﺮى وﺗﺴﺄﻟﻪ ﻣﺎذا ﺗﻔﻌﻞ. ﻗﺎل ﻟﻬﺎ أﻟﻴﺸﻊ" :ﺑﻴﻌﻲ اﻟﺰﻳﺖ وﺳﺪدي اﻟﺪﻳﻦ واﺣﺘﻔﻈﻲ مبﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻟﺘﺸﱰي ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟني إﻟﻴﻪ". ّإن ﺳــﻌﺎدة اﳌــﺮأة اﻷرﻣﻠــﺔ ﻣﻊ وﻟﺪﻳﻬــﺎ اﻵن ﻻ ﺗﻮﺻــﻒ ،إﻧﻬﺎ ﺳــﻌﺎدة ﻏﺎﻣﺮة ،ﻟﻘﺪ ﺗﺮﻛــﻮا اﻟﻔﻘﺮ وراءﻫــﻢ ،ﻳﺎ ﻟﻠﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﻟﺪن اﻟﺮب .وﻻ ﺷﻚ ّأن ﻫﺬه اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻗﺪ أدرﻛﺖ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻘﺎﺑﻠﺖ ذﻟﻚ ﺑﺎﻻﻣﺘﻨﺎن وﻋﺮﻓﺎن اﻟﺠﻤﻴﻞ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ. ﻫــﻞ ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟــﺪرس ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ؟ ّإن اﻟــﺮب ﻻ ﻳﺘــﻮاىن وﻻ ﻳﺘﺄﺧــﺮ ﰲ ﻣﺴــﺎﻋﺪة وﻣﺴﺎﻧﺪة ﻣﻦ ﻳﴫﺧﻮن إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺿﻴﻘﻬﻢ وﻫﻮ ﻗﺎدر ﱢ وﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻋﲆ ﺗﺴﺪﻳﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﻬام ﻋﻈﻤﺖ وﻣﻬام ﺻﻌﺒﺖ .واﻟﱰﻧﻴﻤﺔ ﺗﻘﻮل: ﻛﻞ إﻋﻮازي ﻟﺪﻳﻚ ...ﱡ ﻛﻞ ﺣﺎﺟﺘﻲ إﻟﻴﻚ ...ﱡ ﱡ ﻛﻞ ﺗﻜﻼين ﻋﻠﻴﻚ ،ريب ﻳﺴﻮع . ٧٥
.٣٢أرﻣﻠﺔ ﻓﻘرية ) ٢ﻣﻠﻮك (٧ - ١ :٤ واﺿﺤﺎ وﺣﺘﻰ ﻫﺎ اﻣــﺮأة ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻔﻘــﺮ ً اﻟﺘﻌﺎﺳــﺔ ً أﻳﻀﺎ! ﻓﻠامذا ﻫﻲ ﻫﻜــﺬا؟ ﻣﺎ اﻟﺬي ﺣــﺪث؟ ﻟﻘﺪ ﻣــﺎت زوﺟﻬﺎ ﺗﺎر ًﻛﺎ ﻟﻬــﺎ وﻟﺪﻳﻦ، ﻓﻬــﻲ أرﻣﻠﺔ وﻋﻠﻴﻬــﺎ أن ﺗﻌﻴــﻞ وﻟﺪﻳﻬﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺳﺒﺐ ﺣﺰﻧﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻻ متﻠﻚ ﺷﻴﺌًﺎ وﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺸﱰي أﺑﺴﻂ اﻟﺤﺎﺟﻴﺎت! واﻷﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻛ ّﻠﻪ ﱠأن ً رﺟــﻼ ﺟﺎء إﻟﻴﻬﺎ وﻃﺎﻟﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ اﻟﺬي ﻟــﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻷﻧﻬــﺎ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ ﺗﺴــﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻦ ﻫﺪدﻫــﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺄﻧﻪ ﺳــﻴﺄﺧﺬ وﻟﺪﻳﻬــﺎ ﻟﻴﻜﻮﻧﺎ ﻋﺒﺪﻳﻦ ﻟﻪ. ﻓﻴﺎ ﻟﺘﻌﺎﺳــﺔ ﺣﺎﻟﻬﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺘﺒﻘﻰ مبﻔﺮدﻫﺎ إذا ﻧ ّﻔــﺬ اﻟﺪاﺋﻦ وﻋﻴﺪه ،ﻓﻘــﺮرت أن ﺗﺬﻫﺐ إﱃ رﺟﻞ ا Ôأﻟﻴﺸــﻊ ﻟﱰوي ﻟــﻪ ﻗﺼﺘﻬﺎ ،ودﺧﻠﺖ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﺑﻠﻄﻒ ﻷﻧﻪ أﺷﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ إذ رآﻫﺎ ﺣﺰﻳﻨﺔ ،وأﺧﱪﺗﻪ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴــﻬﺎ،
٧٤
وﻫﻲ ﺑﻌﻤﻠﻬــﺎ ﻫﺬا ﺗﻨﻘﻞ اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ ﻟﻠﺮب ﻋﱪ ﺧﺎدﻣﻪ أﻟﻴﺸــﻊ ،وﻫﺬا ﻋﻤــﻞ ﺻﺤﻴﺢ .وﻧﺤﻦ ﻳﺠﺐ أ ّﻻ ﻧﺨﻔــﻲ أﺣﺰاﻧﻨﺎ وأوﺟﺎﻋﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺮب. واﺳﺘﻤﻊ أﻟﻴﺸﻊ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺈﺻﻐﺎء رﻏﻢ ﻋﺪم ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﲆ ﻣﺴــﺎﻋﺪﺗﻬﺎ ﻣﺎد ٍّﻳﺎ ﻷﻧﻪ مل ﻳﻜــﻦ ﻏﻨ ٍّﻴﺎ وﻻ ميﻠﻚ ﺛﺮوة ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻫﻮ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻜﻮن وﺑﻴﺪه ﺛﺮوات اﻷرض ﻓﻴﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ. وﺳــﺄل أﻟﻴﺸــﻊ اﳌﺮأة ﻣﺎذا متﻠﻚ ﰲ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ
أن ﻳﻬﺰم ﺑﺴــﻬﻮﻟﺔ ،ﻣام أﻗﻠﻖ اﳌﻠــﻮك اﻟﺜﻼﺛﺔ. ﻓــامذا ﻳﻔﻌﻠﻮن؟ وإن مل ﻳﺠﺪوا ﻣﺎء ﺳــﻴﻤﻮت ﺟﻨﻮدﻫــﻢ ﻣــﻦ اﻟﻌﻄﺶ .ﻓﻘﺎل اﳌﻠــﻚ ﻳﻮرام: "إذا أىت اﳌﻮآﺑﻴﻮن ﳌﻮاﺟﻬﺘﻨﺎ ﻓﺴــﻮف ﻳﻜﺴﺒﻮن اﳌﻌﺮﻛﺔ ﺑﺴــﻬﻮﻟﺔ ﻷن ﻗﻮة ﺟﻨﻮدﻧﺎ ﻗﺪ ﺧﺎرت، وﻣﻦ اﳌﺆﻛﺪ أن اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ ﻣﻬﺰوﻣني". ﻧﺒﻲ ﺧﺎدم أﻣﺎ اﳌﻠﻚ ﻳﻬﻮﺷــﺎﻓﺎط ﻓﻘﺎل" :أﻣﺎ ﻣﻦ ّ ﻟﻠﺮب ﺑني ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ؟" ،ﳌﺎذا ﺳﺄل ﻳﻬﻮﺷﺎﻓﺎط ذﻟﻚ اﻟﺴﺆال؟ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺆﻣﻨًﺎ ﺑﺎ Ôوﻳﻌﺮف ّأن اﳌﻌﻮﻧﺔ ﺗﺄيت ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺮب ﻓﻘﻂ ،وﻟﻬﺬا ﺳﺄل ﻋﻦ ﺧﺎدم ﻟﻠﻪ .ﻧﻌﻢ ،ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب ﻫﻮ أﻟﻴﺸﻊ اﻟﻨﺒﻲ ﻳﺮاﻓــﻖ اﻟﺠﻴﺶ .وﺑﴪﻋﺔ ﺗﻮﺟــﻪ اﳌﻠﻮك اﻟﺜﻼﺛﺔ إﻟﻴﻪ ،ﻟﻜﻦ أﻟﻴﺸﻊ مل ﻳﻜﻦ ودودًا ﻣﻊ ﻳﻮرام ،ﳌﺎذا؟ ﻷن ﻳﻮرام ﻛﺎن ﻳﺄىب اﻻﺳــﺘامع إﱃ اﻟﺮب ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ اﻻﺳــﺘامع إﱃ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻜﺬﺑﺔ ،وﻟﻬﺬا ﻗﺎل
ﻟﻪ أﻟﻴﺸــﻊ" :اذﻫﺐ إﱃ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻜﺬﺑﺔ واﻃﻠﺐ اﻟﻌﻮن واﳌﺴﺎﻋﺪة ﻣﻨﻬﻢ"ً ، ﻋﻠام ﺑﺄن أﻟﻴﺸﻊ ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺠﻴﺶ إﻛﺮا ًﻣﺎ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻳﻬﻮﺷﺎﻓﺎط اﻟﺤﺎﴐ ﻣﻌﻬﻢ. ﻓﻘﺎل أﻟﻴﺸــﻊ" :اﺣﻔﺮوا ﺧﻨﺎدق أﻳﻬﺎ اﻟﺠﻨﻮد ،ﻟﻦ متﻄﺮ اﻟﺴامء ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﺳﺘﻤﺘﻠﺊ اﻟﺨﻨﺎدق ﺑﺎﳌﺎء ﻧﴫا ً ﻋﻈﻴام. ﻷن اﻟﺮب ﺳﻮف ميﻸﻫﺎ وﺳﻴﻌﻄﻴﻜﻢ ً وﻋﻤﻠﻮا ﺑﺤﺴــﺐ ﻗﻮل أﻟﻴﺸــﻊ ﻓﺤﻔﺮوا ﺧﻨﺎدق وﻫﻲ ﺟﺎﻓﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺎء .وﺟﺎء اﳌﺴــﺎء ﻓﺤــﻞ اﻟﻈﻼم وﻧﺎم اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺣﺪث ﰲ اﻟﺼﺒــﺎح؟ ﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺨﻨﺎدق ﻣﻸى ﺑﺎﳌﺎء اﻟﻌﺬب، ﻓﴩب اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﺘﻰ ارﺗﻮوا واﺳــﺘﻌﺎدوا ﻗﻮﺗﻬﻢ وﻧﺸــﺎﻃﻬﻢ .ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣــﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ إﻟﻬﻴــﺔ ﺧﺎرﻗﺔ. وﻓﻬﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ أﻧﻬﺎ ﻣﻌﺠﺰة ا Ôﻣﻦ اﻟﺴامء. وﻗﻒ اﻷﻋﺪاء ﻗﺒﺎﻟﺘﻬﻢ ورأوا اﻟﺸــﻤﺲ ﺗﻌﻜﺲ أﺷــﻌﺘﻬﺎ ﻋــﲆ ﺻﻔﺤــﺔ اﳌﻴــﺎه ﺑﻠــﻮن أﺣﻤﺮ ﻓﺎﻋﺘﻘــﺪوا أﻧــﻪ دم!! وﻇﻨﻮا ّأن ﻻ ﺷــﻚ أﻧﻬﻢ ﺗﺼﺎرﻋﻮا وﺗﺸﺎﺟﺮوا ﻓﻴام ﺑﻴﻨﻬﻢ وﻗﺘﻠﻮا ﺑﻌﻀﻬﻢ ً ﺑﻌﻀــﺎ ،وﻗﺎﻟﻮا ﻧﺬﻫﺐ وﻧﻠﻘــﻲ ﻧﻈﺮة ،وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﱰﺑــﻮا أﺻﺎﺑﺘﻬــﻢ ﺻﺪﻣــﺔ ﻛــﱪى إذ مل ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ دم ﻟﺠﻨــﻮد ﺗﻘﺎﺗﻠﻮا ﻓﻴــام ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﻛﻼ، أﺑﺪًا ،ﺑﻞ ﻣــﺎ زاﻟﺖ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﻴﻮش ﻗﻮﻳﺔ. ووﻗﻊ اﳌﻮآﺑﻴﻮن ﰲ ﻛﻤني ﺟﻴﻮش اﳌﻠﻮك اﻟﺜﻼﺛﺔ اﳌﺘﺤﺎﻟﻔني اﻟﺬﻳﻦ راﻓﻘﻬﻢ ﻧﺒﻲ ا Ôأﻟﻴﺸﻊ. وﻫﻜﺬا اﻧﺘﻬﺖ اﻷﻣﻮر ﻋﲆ ﺧري ﻣﻦ ﻏري ﺧﺴــﺎﺋﺮ ﺗﺬﻛﺮ ،وﻟﻮ مل ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﻢ اﻟﺮب ﻣﺎذا ﻛﺎن ﺳﻴﺤﺪث؟ أﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳــﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة اﻹﻟﻬﻴﺔ وﻟﺬا ﻧﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣﻨﻪ دامئًﺎ ّ وﻫﻮ ﻣﺴــﺘﻌﺪ دو ًﻣــﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻳﺪ اﻟﻌــﻮن ﻟﻨﺎ ﰲ ﺳــﻴام اﻟﺼﻌﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻻ اﻷﺣﻮال ﻛﺎ ّﻓﺔ ،وﻻ ّ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أي ﻛﺎﺋﻦ آﺧﺮ أن ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﺑﺄي ﳾء. ٧٣
.٣١أﻟﻴﺸﻊ ﻳﺮاﻓﻖ اﻟﺠﻨﻮد إﱃ اﻟﺤﺮب ) ٢ﻣﻠﻮك (٣ ﻫﺎ آﻻف اﻟﺠﻨﻮد ﻳﺘﺄﻫﺒﻮن ﻟﻘﺘﺎل اﻷﻋﺪاء! ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ ﻛﺒري اﻟﻌﺪد .واﻷﻋﺪاء ﻫﻢ اﳌﻮآﺑﻴﻮن، وأﻣــﺎ اﻟﺠﻴﺶ ﻓﻤﺆ ّﻟ ٌ ــﻒ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﻴــﻮش ﻣﻊ ﺛﻼﺛــﺔ ﻣﻠﻮك ﺗﺂﻟﻔــﻮا وﻫﻢ ﻳﻮرام ﻣﻠﻚ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﻳﻬﻮﺷــﺎﻓﺎط ﻣﻠﻚ ﻳﻬﻮذا وﻣﻠﻚ آدوم .وﺳﺎر اﳌﻠﻮك اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻊ ﺟﻴﻮﺷﻬﻢ اﳌﺠﻬــﺰة ِﻋ ﱠﺪ ًة وﻋﺘــﺎداً ﳌﻼﻗــﺎة اﳌﻮآﺑﻴني ﻋﲆ
٧٢
أرﺿﻬﻢ وﻫﻲ ﻣﺴــرية ﺗﺴﺘﻐﺮق ﺳﺒﻌﺔ أﻳﺎم ﻋﱪ اﻟﺼﺤﺮاء ﺣﻴــﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﻨﻬﺎر ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺎ ّراً وﺟﺎ ّﻓﺎً واﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺳــﺔ ﺟ ّﺪاً إﱃ اﳌﺎء ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ اﺳــﺘﻬﻠﻜﻮا ﻛﻞ اﳌﻴــﺎه اﻟﺘــﻲ ﺑﺤﻮزﺗﻬﻢ ﰲ ﻳﻮم واﺣــﺪ وﺑﺪأ اﻟﻌﺴــﻜﺮ ﻳﺘﻤﻠﻤﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺶ ﻓﻤﻦ أﻳﻦ ﻳﺴــﺘﻘﻲ اﻟﺠﻨــﻮد واﻟﺨﻴﻮل؟ ﻻ آﺑﺎر وﻻ أﺣﻮاض وﻻ ﻣﺴﺘﺠﻤﻊ ﻣﻴﺎه أﺑﺪًا وﻻ ﻳﺮ ون إﻻ اﻟﺮﻣــﺎل ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن .ﻓﺘﻌﺐ اﻟﺠﻨﻮد وأﺧﺬ اﻹﻧﻬﺎك ﻳﺴــﺘﻨﺰف ﻗﻮاﻫﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﺗﻮا ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺴــري .أ ّﻣــﺎ أن ﻳﻘﺎﺗﻠــﻮا اﻷﻋﺪاء ﻓﻬﺬا ﻣﺴــﺘﺤﻴﻞ ﺟ ٍّﺪا .وﺻــﺎر اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻘﻮي ﰲ ﻏﻀــﻮن أﻳﺎم ﻗﻠﻴﻠــﺔ ﺟﻴﺸــﺎً ﺿﻌﻴ ًﻔﺎ ميﻜﻦ
أﻟﻴﺸــﻊ ﻓﺈمنﺎ ﻳﺴــﺘﻬﺰﺋﻮن ﺑﺎﻟﺮب ﻧﻔﺴــﻪ اﻟﺬي ﻳﺨﺪﻣــﻪ أﻟﻴﺸــﻊ ،وﻫــﺬا أﻣﺮ ﻓﻈﻴــﻊ! واﻟﺮب ﺳــﻴﻌﺎﻗﺐ ﻫــﺆﻻء اﻟﺼﺒﻴﺔ وﻫﺬا ﻣــﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻟﻬﻢ أﻟﻴﺸﻊ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺮب .وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻏﺎﺑﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ مبﺤﺎذاة اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻻﻗﻰ اﻷوﻻد أﻟﻴﺸﻊ ﻓﻴﻪ. وﻓﺠــﺄة ﺗﺤﺮﻛﺖ أﻏﺼــﺎن اﻷﺷــﺠﺎر واﻟﻨﺒﺎت وﻇﻬﺮت ﻓﺠﺄة ُد ّﺑﺘﺎن ﻣﺘﻮﺣﺸــﺘﺎن ﻣﻔﱰﺳــﺘﺎن ﺗﻈﻬــﺮان ﺻﻮ ًﺗﺎ ﻣﺮﻋ ًﺒﺎ ،ﻓﺒــﺪأ اﻷوﻻد ﻳﴫﺧﻮن ﻣــﻦ اﻟﺮﻋﺐ واﻟﺨﻮف وﻳﻠﺘﻤﺴــﻮن أن ﻳﻠﻮذوا ﺑﺎﻟﻔــﺮار ،ﻟﻜــﻦ مل ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﺠــﺎل ﻟﻠﻬﺮب ﻓﻘــﺪ ﻫﺠﻤــﺖ ﻋﻠﻴﻬــﻢ اﻟﺪُ ّﺑﺘــﺎن وﻣﺰﻗﺘﺎﻫﻢ ﺑﺄﻧﻴﺎﺑﻬــام وﻣﺨﺎﻟﺒﻬام اﻟﺠﺎرﺣــﺔ وﻗﺘﻠﺘﺎ ﻣﻨﻬﻢ اﺛﻨــني وأرﺑﻌني وﻟﺪًا .وﻫﻜــﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ
اﻟﻔﻈﻴﻌﺔ ﻟﻔﺘﻴﺎن اﺳﺘﻬﺰؤوا ﺑﺨﺎدم اﻟﺮب أﻟﻴﺸﻊ ...أﻻ ﺗﺮى ﺳﻮء اﺳــﺘﺨﺪام اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ واﻻﺳﺘﻬﺰاء ﺑﺎﻵﺧﺮﻳــﻦ؟ ﻓﻠﻨﻄﻠــﺐ ﻣــﻦ اﻟــﺮب أن ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﻗﻠ ًﺒﺎ ﻳﺤﱰم اﻵﺧﺮﻳــﻦ ،وﻓﻮق اﻟﻜﻞ ﻳﺤﱰم اﻟﺮب ﻳﺨﺺ اﻟﺮب إذ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ وﺧﺪّاﻣﻪ وﻳﺤﱰم ﻛﻞ ﻣﺎ ّ ﻓﺮﺻﺎ مثﻴﻨﺔ ﻧﺴــﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨــﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل رﻋﺎة ً اﻟﻜﻨﺎﺋــﺲ واﳌﻌ ّﻠﻤني وﻣــﻦ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ ﰲ اﳌﻨﺰل. واﳌﻄﻠﻮب ﻣﻨﺎ اﻹﺻﻐﺎء ﺑﺨﺸــﻮع ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﻤﻊ وﻛﺄن اﳌﺘﻜﻠﻢ ﻟﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﺮب ﺑﻨﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻣﺎ زال ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻨﺎ وﻳﺮﻳﺪ أن ميﻨﺤﻨﺎ ﻗﻠ ًﺒﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ً ﻣﻜﺎن ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ اﻟﺴــﻴﺌﺔ اﻟﴩﻳﺮة ...ﻓﺎﻃﻠﺐ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﺮب اﻵن وﻻ ﺗﺘﺄﺧﺮ ...ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻟﻚ...
٧١
.٣٠ﺑﺘﺄدﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ) ٢ﻣﻠﻮك (٢٥ - ٢٣ :٢
ﺗﺎﺑﻊ أﻟﻴﺸﻊ ﺳريه ﻓﻮﺻﻞ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗــﱰب ﻣﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﺪث أﻣﺮ ﻓﻈﻴﻊ. ﻓﻘﺪ اﻗﱰب ﻣﻨﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﻴﺎن واﻟﺼﺒﻴﺔ )وﻫﻢ ﻣﻦ أﻫﻞ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ( ،ﻋﻨﺪﻣﺎ رأوه ﻣﺎﺷ ًﻴﺎ مبﻔﺮده وداﺧ ًﻼ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ. ورمبــﺎ ﻗﺎﻟﻮا" :ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﻫــﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺘﻨﺎ وﻻ ﻧﺮﻳﺪه أن ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋــﻦ اﻟﺮب" وﳌﺎذا؟ ﻷن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺳــﻜﺎن ﺑﻴﺖ إﻳﻞ ﻗﺪ ﺗﺮﻛﻮا ﻋﺒﺎدة اﻟــﺮب واﻟﺘﻔﺘﻮا إﱃ اﻷﺻﻨــﺎم! وﺣﺘﻰ أوﻻدﻫﻢ ﻳﺸــﺎرﻛﻮﻧﻬﻢ ﻧﻔــﺲ اﻟﻔﻜﺮة واﻟــﺮأي وﻟﻬﺬا ﻻ ﻳﺮﺣﺒــﻮن ﺑﺨﺎدم اﻟــﺮب أﻟﻴﺸــﻊ ﻋﻨﺪﻫﻢ! ﻓﻴﺎ ﻟﻸﺳــﻒ! وﻣــﻊ ﱠأن أﻟﻴﺸــﻊ ﻛﺎن ﻧﺒ ّﻴــﺎً ﻟﻠﺮب ٧٠
ﻓﻘﺪ أﺧﺬ اﻷوﻻد ﻳﺴــﺘﻬﺰﺋﻮن ﺑﻪ وﻳﺸــﺘﻤﻮﻧﻪ وﻳﴫﺧــﻮن ﺑﺼــﻮت ﻋﺎلٍ " :اﺻﻌﺪ ﻳــﺎ أﻗﺮع"، ورمبﺎ ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﻘﺼﺪون "اﺻﻌﺪ إﱃ اﻟﺴــامء ﻳﺎ أﻗﺮع ﻛام ﻓﻌﻞ إﻳﻠﻴﺎ"... إﻧــﻪ ﳌﻦ اﳌﻌﻴﺐ أن ﻧﺸــﺘﻢ اﻟﻨــﺎس وﻧﻠﻘﺒﻬﻢ ﺑﺄﻟﻘﺎب ﻏري ﻻﺋﻘﺔ ،واﻟﺸــﺘﻴﻤﺔ إﻫﺎﻧﺔ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل وإﺳــﺎءة ﺗﺆذي ﻣﺸــﺎﻋﺮ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺮب ﻳﺮى ﱠأن اﻟﺸــﺘﺎﺋﻢ واﻟﺴــﺒﺎب ﺧﻄﻴﺌﺔ ﺷﻨﻴﻌﺔ، ﻓﻘﻠﻮﺑﻨــﺎ ُﺗــﴘء إﱃ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻷﻧﻬــﺎ ﺗﻜﺮه وﻻ ﺗﻌﺮف اﳌﺤﺒﺔ ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﳼء ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴــﺘﻬﺰئ ﻫﺆﻻء اﻟﺼﺒﻴﺔ ﺑﺨﺎدم اﻟﺮب
٦٩
.٢٩ﺑﺮﻛﺔ اﻟﻠﻪ ) ٢ﻣﻠﻮك (٢٢ - ١٥ :٢ ﻟﻘــﺪ ﻧﻈﺮ أﻟﻴﺸــﻊ ﻛﺜ ًريا إﱃ اﻷﻋــﲆ ،أﻣﺎ اﻵن ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﳾء ﻟﻠﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ! ﻫﻜﺬا ﻗﺎل أﻟﻴﺸــﻊ ﻟﻨﻔﺴــﻪ رمبﺎ وﻫﻮ ﻳﻬﻢ مبﻐــﺎدرة اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﺻﻌﺪ ﻣﻨــﻪ إﻳﻠﻴﺎ إﱃ اﻟﺴــامء ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻﺣﻆ ﱠأن ﻣﺮﻣﻲ ﻋﲆ اﻷرض ﻓﺄﺧﺬه ﻟﻨﻔﺴــﻪ رداء إﻳﻠﻴــﺎ ّ وﻛﺄن اﻟﺮب ﻳﻘﻮل ﻟﻪ ﱠإن ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺮداء دﻟﻴﻞ ﻋﲆ أﻧﻚ أﺧﺬت ﻣﻜﺎن إﻳﻠﻴﺎ ﰲ اﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﻨﺒﻮءة! وﻋــﺎد أﻟﻴﺸــﻊ أدراﺟــﻪ ﺣﺘﻰ وﺻــﻞ إﱃ ﻧﻬﺮ اﻷردن ومل ﻳﺸﺎﻫﺪ اﳌﻌﱪ اﻟﺬي ﻋﱪ ﻣﻨﻪ ﺳﺎﺑ ًﻘﺎ ﻣﻊ إﻳﻠﻴﺎ ،وإﻳﻠﻴﺎ ﻏــري ﻣﻮﺟﻮد اﻵن ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻣﻮﺟﻮد ﻓﺄﺧﺬ أﻟﻴﺸﻊ رداء إﻳﻠﻴﺎ وﴐب ﺑﻪ ﻣﺎء اﻟﻨﻬﺮ متﺎ ًﻣﺎ ﻛــام ﻓﻌﻞ إﻳﻠﻴﺎ ﻓﺎﻧﻔﻠﻖ اﻟﻨﻬﺮ ذات اﻟﻴﻤني وذات اﻟﻴﺴــﺎر ،وﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻗﺎل أﻟﻴﺸﻊ: "أﻳــﻦ ﻫﻮ اﻟﺮب إﻟﻪ إﻳﻠﻴﺎ؟" ﻓﻈﻬﺮ اﳌﻌﱪ وﻛﺄﻧﻪ أرض ﻳﺎﺑﺴﺔ ﻓﻌﱪ ﻣﻨﻪ إﱃ اﻟﻀﻔﺔ اﻷﺧﺮى ،وﻟﺬا ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺮى ﱠأن اﻟﺮب ﻣﺎ زال ﻫﻨﺎك .وﻋﺎد أﻟﻴﺸــﻊ إﱃ أرﻳﺤﺎ ﻓﻼﻗﺎه ﺑﻨــﻮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻷﻧﻔﺴــﻬﻢ ﻟﻘﺪ ّ ﺣﻞ أﻟﻴﺸﻊ ﻣﻜﺎن إﻳﻠﻴﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﺗﺮى أﻳﻦ ﻫﻮ إﻳﻠﻴﺎ؟ وﻗﺎﻟﻮا ﻷﻟﻴﺸﻊ ﻫﻞ ﻧﺬﻫﺐ ﻟﻨﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ؟ ﻓﻤﻨﻌﻬﻢ أﻟﻴﺸﻊ ﻟﻜﻨﻬﻢ مل ﻳﺬﻋﻨﻮا ﻟــﻪ ﺑﻞ ذﻫﺒﻮا ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋــﻦ إﻳﻠﻴﺎ ﻋﲆ اﻟﺠﺒﺎل وﰲ اﻟﻮدﻳﺎن ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻟﻴﺠﺪوﻧﻪ ﻃﺒ ًﻌﺎ. وأىت ﺑﻌﺾ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﺳﻜﺎن أرﻳﺤﺎ إﱃ أﻟﻴﺸﻊ وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻪ" :إﻧﻨﺎ ﺳﻌﺪاء ﺑﺎﻟﻌﻴﺶ ﰲ أرﻳﺤﺎ ﻟﻜﻦ ﻗﻠﺔ اﳌﻴــﺎه وﻋــﺪم ﻋﺬوﺑﺘﻬﺎ ﻣــﻦ اﻟﺒﱤ اﻟﺬي ﻧﺴــﺘﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻔﻘﺪ اﻟﺴﻌﺎدة ﻷن ﻋﺪم ﺻﻼﺣﻴﺔ اﳌﻴﺎه ﻟﻠﴩب وﻛﺬﻟﻚ ﻟﺮي اﳌﺰروﻋﺎت ٦٨
ﺗﺠﻌــﻞ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻏــري ﺳــﻌﻴﺪة ﻷن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻴﺎه ﺗﻘﺘﻞ اﳌﺰروﻋﺎت واﳌﺤﺎﺻﻴﻞ" ﻓام اﻟﺬي ﺳﻴﻔﻌﻠﻪ أﻟﻴﺸﻊ اﻵن؟ ﻟﻘﺪ ﺳﻤﺢ اﻟﺮب ﻷﻟﻴﺸﻊ ﺑﺄن ﻳﺠــﺮي ﻣﻌﺠﺰة ﻣﻦ أﺟﻞ رﻓﻊ اﳌﻌﺎﻧﺎة ﻋﻦ اﻟﻨﺎس. ﻓﻄﻠﺐ أﻟﻴﺸــﻊ ﻣﻨﻬﻢ وﻋﺎ ًء ﺟﺪﻳــﺪًا ﻓﻴﻪ ﻣﻠﺢ ﻓﻔﻌﻠﻮا ذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﻔــﻮر ،وﻃﻠﺐ أن ﻳﺄﺧﺬوه إﱃ ﻣﻜﺎن اﻟﺒﱤ ﻓﺴــﺎروا ﻣﻌــﻪ إﱃ ﻫﻨﺎك ،ﻓام اﻟﺬي ﺳــﻴﻔﻌﻠﻪ أﻟﻴﺸﻊ اﻵن؟ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﺠﻌﻞ اﳌﻴــﺎه ﻧﻘﻴﺔ ﺑﺎﺳــﺘﺨﺪام اﳌﻠﺢ ﻷﻧﻪ ﻳﺠﻌــﻞ اﳌﻴﺎه أﻛرث ﺳــﻮ ًءا ،ﻟﻜﻨــﻪ ذ ﱠر اﳌﻠﺢ ﰲ اﻟﺒــﱤ وﻗﺎل" :ﻫﻜﺬا ﻳﻘــﻮل اﻟﺮب :ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻫﺬه اﳌﻴﺎه ﻧﻘﻴﺔ" وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳــﺘﻘﻰ اﻟﺤﺎﴐون ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﺒــﱤ وﺟﺪوا ﱠأن اﳌﻴﺎه ﺻﺎرت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﻘﻴﺔ وﻋﺬﺑﺔ وﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠــﴩب وﻟﻠﺮي ً وﺣﺘام ﺳــﺘﻜﻮن اﳌﺤﺎﺻﻴﻞ واﻟﻐﻼل أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜري! وﻳﺎ ﻟﻔﺮﺣﺔ ﺳﻜﺎن أرﻳﺤﺎ! ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﻮا ﻳﻘﻴﻨًﺎ ّأن ﻫﺬه اﳌﻌﺠــﺰة ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟــﺮب ﻣﺒــﺎﴍة ﱠ وأن ﻫﺬه اﳌﻌﺠﺰة ﺗﻈﻬﺮ ﺻﻼح اﻟﺮب ﻷﻧﺎس ﻏري ﺻﺎﻟﺤني، وﻳﻘﻮل اﻟﺮب ﻟﻠﻨــﺎس ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﳌﻌﺠﺰة "ﺗﻮﺑﻮا واﻟﺘﻔﺘﻮا إﱄ ،وأﻧﺎ ﺳﺄﻋﺘﻨﻲ ﺑﻜﻢ".
ﻳﻌﻴﻨﻚ وأﻧﺎ ﺳــﺄﺧﻠﻔﻚ ﻟﺬا أرﻳﺪ أن ﻳﺴــﺎﻋﺪين اﻟﺮب ﻛام ﺳﺎﻋﺪك" .ﻓﻘﺎل إﻳﻠﻴﺎ" :ﻟﺴﺖ أﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﻌﻄﻲ ﺑﻞ اﻟﺮب ﻓﻬﻮ اﻟﻘﺎدر ﻋﲆ ذﻟﻚ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮاين ﻣﻔﺎرﻗﺎً ﻟﻚ ﻓﺎﻋﻠﻢ ﱠأن اﻟﺮب ﺳــﻴﻌﻄﻴﻚ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺘﺎﺑــﻊ ﺧﺪﻣﺘﻚ"! وﺻــﺎر ﺻﻮت ﻛﺄﻧﻪ رﻋﺪ وﺑﺪأت ﻋﺎﺻﻔﺔ ﺑﺮق ورﻋﺪ ﰲ اﻟﺴــامء ! ﻣﺎ ﻫﺬا؟ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﺎر ﻣﻤﻜﻦ رؤﻳﺘﻬﺎ وﺗﺠﺮﻫﺎ أﺣﺼﻨﺔ ﻣﻦ ﻧــﺎر وﻟﻬﻴﺐ ً أﻳﻀﺎ ﻓﺼﻌﺪ إﻳﻠﻴﺎ إﱃ اﳌﺮﻛﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﻌﻠﻮ ﺻﻌﻮدًا ﺣﺘﻰ اﺧﺘﻔﺖ ﻋﻦ اﻷﻧﻈﺎر ،وﻫﺎ ﻫﻮ أﻟﻴﺸــﻊ ﻳﺸﺨﺺ ﺑﺒﴫه ﻧﺤﻮ اﳌﺮﻛﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﺖ إﻳﻠﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ﺑﺎﻟﻜﺎد ﻳﺮى ﻧﻘﻄﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺑﻘﻌﺔ ﺻﻐرية ﰲ اﻟﺴــامء ﺛﻢ اﺧﺘﻔﺖ ﻛﻠ ٍّﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺮﻫﺔ وﺟﻴﺰة .وأﻟﻴﺸﻊ ﻳﻌﻠﻢ ﻳﻘﻴﻨًﺎ أﻳﻦ ذﻫﺐ إﻳﻠﻴﺎ ! ﻟﻘﺪ ذﻫﺐ إﱃ اﻟﺴامء ﻟﻌﻨــﺪ اﻟﺮب! ﻟﻘﺪ اﺳــﺘﺪﻋﺎه اﻟﺮب إﱃ ﺣﴬﺗﻪ ﻟﻴﻤﻜﺚ ﻫﻨﺎك ،ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﺮﻛﺔ ﻣﻨﺤﺖ ﻹﻳﻠﻴﺎ! ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ميــﻮت أوﻻد ا Ôﺗﺬﻫﺐ أرواﺣﻬﻢ إﱃ اﻟﺴــامء ﻣﺒﺎﴍة ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ أﺟﺴــﺎدﻫﻢ؟ ﺗﺪﻓﻦ اﻷﺟﺴــﺎد ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﺳﻴﻌﻄﻲ أوﻻده ﰲ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ أﺟﺴﺎدًا ﻣﺒﺎرﻛﺔ وﻣﻤﺠﺪة ﻻ متﻮت ﻟﺘﻜﻮن ﻣﻌﻪ ﰲ اﻟﺴــامء ﻛﺈﻳﻠﻴﺎ .ﻓﻠامذا ﻳﺮﻏﺐ
أوﻻد ا Ôﺑﺎﻟﺬﻫــﺎب إﱃ اﻟﺴــامء؟ ﻃﺒ ًﻌــﺎ ﻷن اﻟﺮب ﻳﺴــﻜﻦ ﰲ اﻟﺴامء وﻫﻢ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﻮﺟﻮد ﰲ ﺣﴬﺗﻪ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﻟﺘﺴﺒﻴﺤﻪ وﻋﺒﺎدﺗﻪ إﱃ اﻷﺑﺪ. ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻳﺤﺐ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﻟﺴامء ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻊ اﻟﺮب؟ وﻳﺨﺪﻣﻮﻧﻪ؟ ﻛﻼ ،ﻻ ﻳﺮﻳﺪون ﻷﻧﻬﻢ ﺳﻴﺤﺘﺎﺟﻮن إﱃ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺸــﺘﺎق إﱃ اﻟﺴامء وﻳﺘﻮق إﱃ ﺧﺪﻣــﺔ اﻹﻟﻪ اﳌﺒﺎرك وﻳﺤﺒﻮن اﻟﻠﻘﺎء ﺑﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ،وﻳﻌﺮﻓﻮن أن اﻟﺨﺎمتﺔ اﻟﺴﻌﻴﺪة ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻌﻪ ﰲ اﻟﺴــامء .ﻓﻌﻠﻴﻨــﺎ أن ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻫﺬه اﻟﺨﺎمتﺔ ﺑﺎﻹميﺎن ﺑﻴﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺤﻲ. ٦٧
.٢٨إﻳﻠﻴﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺴامء ) ٢ﻣﻠﻮك (١٤ - ١ :٢ ﺑﻴﻨام ﻛﺎن إﻳﻠﻴﺎ وأﻟﻴﺸﻊ ﻳﺴريان ﺟﻨ ًﺒﺎ إﱃ ﺟﻨﺐ ﻋﲆ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﱃ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ مبﻮدة وﻣﺤﺒﺔ ﺷﺪﻳﺪة، ودﻟﻴﻞ ذﻟﻚ وﺟﻮدﻫام اﻟﺪاﺋﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬام ،ﻣﻊ ّأن ﻫﺬا ﻟــﻦ ﻳﺪوم ﻃﻮﻳ ًﻼ وﻛﻼﻫام ﻳﻌﺮف ذﻟﻚ، ﺑــﺪأ إﻳﻠﻴﺎ ﻓﺠﺄة ﺑﺎﻟﻜﻼم ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻳﺮﻳﺪين اﻟﺮب أن أذﻫــﺐ إﱃ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ أﻣﺎ أﻧــﺖ ﻓﺎﻣﻜﺚ ﻫﻨﺎ". ومل ﻳﻮاﻓﻖ أﻟﻴﺸــﻊ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻷﻧــﻪ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺒﻘﺎء ﻣﻊ إﻳﻠﻴــﺎ! ﻓﺮاﻓﻘﻪ إﱃ ﺑﻴﺖ إﻳــﻞ ﺣﻴﺚ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺠﻤﻮﻋــﺔ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻳﻌﻴﺸــﻮن ﻫﻨﺎك وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴــﻤﻮﻧﻬﻢ "ﺑﻨﻲ اﻷﻧﺒﻴﺎء" ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻷﻟﻴﺸﻊ" :ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ّأن ا Ôﺳــﻴﺄﺧﺬ إﻳﻠﻴﺎ وﺳﺘﻔﱰﻗﺎن ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ؟"، ﻧﻌﻢ ﻛﺎن أﻟﻴﺸﻊ ﻳﻌﻠﻢ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﺮﻏﺐ اﻟﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺤﺰ ًﻧﺎ ﻟﻪ. ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻊ اﻟﻨﺒﻴﺎن إﻳﻠﻴﺎ وأﻟﻴﺸﻊ اﳌﺴري ﻓﻘﺎل إﻳﻠﻴﺎ ﺛﺎﻧﻴﺔ" :ﻳﺎ أﻟﻴﺸــﻊ ﻳﺮﻳﺪين اﻟﺮب أن أذﻫﺐ إﱃ أرﻳﺤﺎً ، أﴏ أﻟﻴﺸﻊ ﻋﲆ ﻣﺮاﻓﻘﺘﻪ ﻓﺬﻫﺒﺎ وأﻳﻀﺎ ّ
٦٦
ﻣ ًﻌﺎ ،وﻛﺎن ﺑﻨﻮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﰲ أرﻳﺤﺎ ﻳﻌﻠﻤﻮن ً أﻳﻀﺎ ﻓﻜﺮروا أﻣﺎم أﻟﻴﺸــﻊ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ ﺳﺎﺑ ًﻘﺎ وأﺟﺎب ﻫــﻮ ﻧﻔﺲ اﻟﺠــﻮاب ...ﱠإن اﻟﻔــﺮاق ﻳﺤﺰﻧﻪ وﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺘﺤــﺪث ﺑﻬﺬا اﳌﻮﺿﻮع اﳌﺆمل .ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻌﺎ اﻟﺴــري ﻓﻮﺻﻼ إﱃ ﻧﻬﺮ ،إﻧــﻪ ﻧﻬﺮ اﻷردن ،ﻓﻘﺎل إﻳﻠﻴﺎ ﻷﻟﻴﺸــﻊ اﻣﻜــﺚ ﻫﻨﺎ ﻟﻜﻦ أﻟﻴﺸــﻊ ﻛ ّﺮر رﻓﻀــﻪ ،وﻫﺎ ﻫام ﻳﻘﻔﺎن اﻵن ﻋﲆ ﺿﻔﺔ اﻟﻨﻬﺮ، ﻓﻜﻴﻒ ﺳــﻴﻌﱪان اﻟﻨﻬﺮ؟ أﺧﺬ إﻳﻠﻴﺎ رداءه وﻟ ّﻔﻪ ﻋﲆ ﺳــﺎﻋﺪه وﴐب ﺑﻪ اﻟﻨﻬــﺮ ﻓﺎﻧﻔﻠﻖ اﻟﻨﻬﺮ إﱃ ﺷ ّﻘني ﺑﻴﻨﻬام ﻳﺎﺑﺴــﺔ ﻓﻌﱪا ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ إﱃ اﻟﻀﻔﺔ اﻷﺧﺮى! إﻧﻬﺎ ﻣﻌﺠﺰة ﻣﻦ اﻟﺮب! ﻫﻨﺎ ﺟــﺎءت اﻟﺨﺎمتﺔ إذ ﻗﺎل إﻳﻠﻴﺎ" :ﻳﺎ أﻟﻴﺸــﻊ ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻴﺄﺧﺬين اﻟﺮب ﻋﻨﻚ! ﻳﺄﺧﺬين إﻟﻴﻪ! ﻟﻜــﻦ أوﻻً أرﻳﺪك أن ﺗﻄﻠﺐ ﺷــﻴﺌًﺎ ﻣﺎ أﺣﻘﻘﻪ ﻟــﻚ ﻗﺒﻞ اﻧﻄﻼﻗﻲ"! ﻓﻔﻜﺮ أﻟﻴﺸــﻊ ﻣﻠ ٍّﻴﺎ وﻗﺎل ﻋﺎﳌًﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ" :ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺮب دامئًﺎ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻚ
ﻣﺸــﻬﻮر وذاﺋﻊ اﻟﺼﻴﺖ ،ﻓامذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ إﻳﻠﻴﺎ اﻵن؟ ﻟﻘﺪ ﺧﻠﻊ رداءه اﳌﺼﻨﻮع ﻣﻦ وﺑﺮ اﻹﺑﻞ وأﻟﺒﺴﻪ ﻷﻟﻴﺸﻊ دون أن ﻳﻨﻄﻖ ﺑﺄﻳﺔ ﻛﻠﻤﺔ .ﻣﺎذا ﻳﻌﻨــﻲ ذﻟﻚ وﳌﺎذا ﻓﻌــﻞ إﻳﻠﻴﺎ ذﻟﻚ؟ ﻟﻘﺪ ﻓﻬﻢ أﻟﻴﺸﻊ اﳌﻐﺰى .ﻓﺈﻋﻄﺎء رداء إﻳﻠﻴﺎ ﻟﻪ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﺗﻢ ﺗﻌﻴﻴﻨﻪ ﻧﺒ ّﻴﺎً ﺧﻠﻔﺎً ﻹﻳﻠﻴﺎ .ومل ﺗﻜﻦ ﻫﺬه ﻗــﺪ ّ ﻓﻜﺮة إﻳﻠﻴــﺎ وﻻ ﺣﺘﻰ اﻗﱰاﺣﻪ ﺑــﻞ ﻫﻲ إرادة اﻟﺮب وﻣﺸﻴﺌﺘﻪ .ﻓﻬﻞ ﻟﺪى أﻟﻴﺸﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ أن ﻳﺼري ﻧﺒ ّﻴﺎً؟ ﻻ أﺑﺪاً ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻳﺪ إمتﺎم ﻣﺸــﻴﺌﺔ اÔ
ﰲ ﺣﻴﺎﺗــﻪ ﻷﻧﻪ ﻳﺤﺐ اﻟــﺮب وميﻜﻨﻚ أن ﺗﺮى واﺿﺤﺎ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﻹﻳﻠﻴــﺎ" :أرﻳﺪ أن أودّع ذﻟــﻚ ً واﻟﺪيّ وأﺗﺒﻌﻚ" ,وﺳﻤﺢ ﻟﻪ إﻳﻠﻴﺎ ﺑﺄن ﻳﻮدع أﺑﺎه وأﻣﻪ ﻓﺄﴎع أﻟﻴﺸﻊ إﱃ اﻟﺒﻴﺖ ﻟﺘﻮدﻳﻊ واﻟﺪﻳﻪ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد ﻋﻤﻞ ﺷــﻴﺌًﺎ آﺧــﺮ ً أﻳﻀﺎ ﻓﻘﺪ ذﺑﺢ ﺛﻮرﻳﻦ وﺳﻠﻖ وﺷﻮى اﻟﻠﺤﻢ ودﻋﺎ ﻛﻞ اﳌﻌﺎرف واﻷﺻﺪﻗﺎء ﻟﻴﺸــﺎرﻛﻮه اﻟﻄﻌﺎم ﺣﻴﺚ أﺧﺬ ّ ﻛﻞ ﻣﻨﻬــﻢ ﻗﻄﻌﺔ ﻟﺤﻢ ﻣﻦ ﻳﺪﻳــﻪ إذ ﻋﻠﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ ّأن ﻫــﺬه اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ وداﻋﻴــﺔ وﻫﻮ ﺑﺪوره ودّع اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻟﻦ ﻳﻌــﻮد إﱃ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﻘﻞ أﺑﺪًا ،ﺑﻞ ﺳــﻴﺬﻫﺐ إﱃ ﺣﻘﻞ آﺧﺮ ﻫــﻮ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺮب ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﺒﻮة ،وﻫــﺎ ﻫﻮ ﻳﺮاﻓﻖ إﻳﻠﻴﺎ وﻳﻐﺎدران اﳌﻜﺎن ﻣ ًﻌﺎ... ﻓﻬــﻞ ﻫﻨﺎﻟــﻚ ﺧﺪام ﻟﻠــﺮب ﰲ أﻳﺎﻣﻨــﺎ؟ ﻧﻌﻢ، ﻓﺎﻟﻘﺴﻴﺲ اﳌﺘﻔﺮغ ﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻫﻮ ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب ﻷﻧﻪ ﻳﻌ ّﻠﻢ وﻳﻌﻆ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺔ وﻳﺮﻋﻰ ﻛﻨﻴﺴﺔ اﳌﺴــﻴﺢ .ﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ميﻠﻚ ﻗﻠ ًﺒــﺎ ﺟﺪﻳﺪًا ﻗﺪ ﻏريه ﻳﺴﻮع ﻫﻮ ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب ،ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ذﻟﻚ؟ ّ ذﻟــﻚ ﻷن ﻟﻠﻤﺆﻣﻨني ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ رﻏﺒﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﻠﺐ .متﺎ ًﻣﺎ ﻛام ﻛﺎن إﻳﻠﻴﺎ وأﻟﻴﺸﻊ .ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺤﺘــﺎج إﱃ أن ﻧﺴــﺄل اﻟﺮب ﻛﻞ ﻳــﻮم ﻃﺎﻟﺒني وﻗﺎﺋﻠني" :ﻋ ّﻠﻤﻨﻲ ﻳﺎ رب أن أﺧﺪﻣﻚ ً أﻳﻀﺎ ،وأن وﻣﺨﻠﺼﺎ". أﻃﻴﻌﻚ ﻛام ﻛﺎن أﻟﻴﺸﻊ ﻣﻄﻴ ًﻌﺎ ً
٦٥
َ .٢٧ أﻟﻴﺸﻊ ﻳﺼري ﻧﺒ ّﻴﺎً ) ١ﻣﻠﻮك (٢١ - ١٩ :١٩ ﻛﺎن إﻳﻠﻴــﺎ ﻛام ﻧﻌﻠــﻢ ﻧﺒ ٍّﻴﺎ ﻟﻠــﻪ وﺧﺎد ًﻣﺎ وﻓ ٍّﻴﺎ ﻟﻪ ،وﻗﺪ ﻋ ّﻠﻢ اﻟﻨــﺎس ﻋﻦ ا Ôوﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ أن ﻳﺨﺪﻣﻮا اﻟﺮب ﻓﻘﻂ وﻻ أﺣﺪ ﺳﻮاه. ﻣﺬﺑﺤﺎ ﻟﻠﺮب ﻋﲆ ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﺑﻨﻰ إﻳﻠﻴــﺎ ً ﺟﺒﻞ ﻋﺎلٍ ؟ وﻛﻴﻒ ﻧﺰﻟﺖ اﻟﻨﺎر اﳌﻘﺪّﺳــﺔ ﻗﻤﺔ ٍ ﻣﻦ اﻟﺴامء وأﻛﻠﺖ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ اﳌﻘﺪّﻣﺔ؟ اﻧﻈﺮ ،ﻫﺎ ﻫﻮ إﻳﻠﻴﺎ ﻳﺴــري ﻗﺎد ًﻣــﺎ وﺣﻴﺪًا وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﰲ اﻟﺴــﻦ وﺷــﺎخ ،وﻳﺒﺪو ّأن ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﻗﺪ اﻗﱰﺑــﺖ وﻟﻜــﻦ إذا واﻓﺘﻪ اﳌﻨﻴــﺔ ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻧﺒﻲ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﰲ اﻟﺨﺪﻣﺔ ،أو ّإن اﻟﺮب ﻗﺪ ﻫ ّﻴﺄ ﻧﺒ ٍّﻴﺎ آﺧﺮ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤ ّﻠﻪ؟ ﻳﻜﻮن ﻣﺜﻠﻪ وﻳﺆدي ﻧﻔﺲ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ إﻳﻠﻴﺎ؟ اﺳــﺘﻤﻊ إﱃ ﻣﺎ ﺣﺪث.
٦٤
ﺑﻴﻨــام ﻛﺎن إﻳﻠﻴﺎ ﺳــﺎﺋ ًﺮا وﺣﺪه وﺳــﻂ اﳌﺮوج اﻟﺨــﴬاء واﻟﺤﻘﻮل رأى ﻓﺠﺄة رﺟﺎﻻً ﻣﻨﻬﻤﻜني ﰲ اﻟﺤﻘــﻞ ﻳﺤﺮﺛــﻮن أرﺿﻬﻢ مبﺤــﺮاث ﺗﺠ ﱡﺮه ﺛريان ﻗﻮﻳﺔ ﺗﺸﻖ اﻟﱰﺑﺔ ﻟﺘﻬﻴﺌﻬﺎ ﻟﻠﺒﺬار .ﻓﺪﺧﻞ إﻳﻠﻴــﺎ اﻟﺤﻘــﻞ وﺗﻮﺟﻪ إﱃ واﺣﺪ ﻣــﻦ اﻟﺮﺟﺎل اﳌﻮﺟﻮدﻳﻦ اﺳــﻤﻪ أﻟﻴﺸــﻊ وﻫﻮ اﺑﻦ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﻘﻞ ...ورمبﺎ ﺗﺴﺎءل أﻟﻴﺸﻊ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻗﺪوم إﻳﻠﻴﺎ إﻟﻴﻬﻢ وﻫﻮ ﻻ ﺷــﻚ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻷن إﻳﻠﻴﺎ ﻧﺒﻲ
اﻟﺨﺪام ﻣﺘﻮﺟﻬﻮن إﱃ ﻋﻘﺮون أرﺳﻞ اﻟﺮب إﻳﻠﻴﺎ ﳌﻼﻗﺎﺗﻬﻢ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ" :ارﺟﻌﻮا إﱃ اﳌﻠﻚ وﻗﻮﻟﻮا ﻟﻪ :أﻻ ﻳﻮﺟﺪ إﻟــﻪ ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ؟ ﻓﻠامذا ﺗﻠﺠﺄ إﱃ ﺑﻌﻞ زﺑــﻮب إﻟﻪ ﺑﻨﻲ ﻋﻘــﺮون؟ ﻓﺒام أﻧﻚ ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺘﺤﺴﻦ ﺑﻞ ﺳﺘﻤﻮت". وﻋﺎد اﻟﻌﺒﻴﺪ ﴎﻳ ًﻌﺎ إﱃ اﳌﻠﻚ أﺧﺰﻳﺎ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻃﺮﻳﺢ اﻟﻔﺮاش ...وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﺟﺄة ﻟﻠﻤﻠﻚ اﻟﺬي ﺳﺄﻟﻬﻢ" :ﳌﺎذا ﻋﺪﺗﻢ ﴎﻳ ًﻌﺎ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻟﻪ" :رﺟﻞ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﺎ أن ﻧﻌﻮد .ﻓﺴﺄﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﻮ؟ وﻣﺎ ﻫﻮ ﺷﻜﻠﻪ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻟﻪّ :إن رﺟ ًﻼ ﻳﻠﺒﺲ ردا ًء ﻣﻦ وﺑﺮ اﻹﺑﻞ ﻣﻊ ﺣﺰام ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﺎ أن ﻧﻌﻮد. ﻓﻘﺎل اﳌﻠــﻚ آه ...ﻋﺮﻓﺘﻪ ...إﻧﻪ إﻳﻠﻴﺎ ...اﻧﺘﻈﺮوا ﺳﺄﻧﺘﻘﻢ ﻣﻨﻪ! وﺳــﺎرع اﳌﻠــﻚ ﺑﺎﻟﻄﻠــﺐ ﻣــﻦ ﻗﺎﺋــﺪ ﻛﺘﻴﺒﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﺧﻤﺴــني ﺟﻨﺪ ٍّﻳﺎ أن ﻳﺼﻌﺪوا إﱃ اﻟﺠﺒــﻞ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻴﻢ إﻳﻠﻴــﺎ ﻟﻴﻌﺘﻘﻠﻮه وﻳﺄﺗﻮا ﺑﻪ إﱃ اﳌﻠــﻚ .وﳌــﺎ وﺻﻞ اﻟﻀﺎﺑــﻂ إﱃ إﻳﻠﻴﺎ ﻗﺎل ﻟــﻪ" :ﻳﺎ رﺟﻞ ا ،Ôاﻧﺰل ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻞ وﺗﻌﺎل ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻬﻜﺬا أﻣﺮ اﳌﻠﻚ ،ﻫﻞ ﺗﺴﻤﻌﻨﻲ ﻳﺎ إﻳﻠﻴﺎ؟" إﻧﻪ رﺟــﻞ ا ،Ôﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ ﻷن إﻳﻠﻴــﺎ ﻛﺎن ﺧﺎدم اﻟﺮب ،ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻛﺎن اﻟﻀﺎﺑﻂ ﺟﺎدٍّا ﰲ ﻛﻼﻣﻪ أو ﻣﺴﺘﻬﺰ ًﺋﺎ؟ ...ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻬﺰ ًﺋﺎ وا Ôﻳﻌﺎﻗﺐ ﻣﻦ ﻳﺴــﺘﻬﺰئ ﺑﺨﺪاﻣﻪ اﻷﻣﻨﺎء ...ﻓ ِﺒ َﻢ ر ّد إﻳﻠﻴﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻀﺎﺑﻂ اﳌﺘﻌﺠﺮف؟ ﻗﺎل ﻟﻪ :ﻓﻌ ًﻼ أﻧﺎ رﺟﻞ ا Ôوﺧﺎدﻣﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺘﻨﺰل ﻧﺎر ﻣﻦ اﻟﺴامء وﺗﻘﴤ ﻋﻠﻴﻚ وﻋﲆ ﺟﻨﻮدك. وﻓﻌــ ًﻼ ﻧﺰﻟﺖ ﻧــﺎر ﻣــﻦ اﻟﺴــامء وأﻛﻠﺘﻪ ﻣﻊ اﻟﺨﻤﺴــني اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻪ ،وﺳﻤﻊ أﺧﺰﻳﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻬﻞ
ارﺗﻌــﺐ؟ ﻛﻼ ،ﻷﻧﻪ ﻳﻜﺮه إﻳﻠﻴــﺎ وﻫﻮ ﻋﺪو اÔ
أﻳﻀــﺎ وﻟﺬا أرﺳــﻞ ً ً ﺿﺎﺑﻄﺎ آﺧﺮ ﻣﻊ ﺧﻤﺴــني آﺧﺮﻳﻦ ﻣــﻦ اﻟﺠﻨﻮد ﻓامﺗﻮا ﺑﻨﻔــﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ...ﻣﺎذا ﺳــﻴﻔﻌﻞ أﺧﺰﻳﺎ اﻵن؟ ﻫﻞ ﺳﻴﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﻗﺘﺎﻟﻪ ﻣﻊ اﻟﺮب؟ ﻧﻌﻢ ،ﻓﻘﺪ أرﺳﻞ ﻛﺘﻴﺒﺔ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻌﺪد ﻣــﺮة ﺛﺎﻟﺜﺔ ...واﻟﻀﺎﺑــﻂ ﻫﺬه اﳌﺮة مل ﻳﺴــﺘﻬﺰئ ﺑﺈﻳﻠﻴﺎ ﺑﻞ رﻛﻊ ﻋﲆ رﻛﺒﺘﻴﻪ أﻣﺎم إﻳﻠﻴﺎ وﺗﻮﺳــﻞ إﻟﻴﻪ أن ﻻ ﻳﻬﻠﻚ ﻫﻮ واﻟﺠﻨﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌــﻪ .وإزاء ﻫــﺬا اﻟﺘﻮاﺿﻊ مل ﺗﻨــﺰل ﻧﺎر ﻣﻦ اﻟﺴــامء ﺑﻞ ذﻫﺐ إﻳﻠﻴﺎ ﻣﻌﻬــﻢ ﳌﻼﻗﺎة اﳌﻠﻚ ﺑﺸــﺠﺎﻋﺔ وﻏري ﻫﻴﺎب ﻣﻦ ﻫــﺬا اﻟﻌﺪو وﻗﺎل َ أرﺳــﻠﺖ أﻳﻬﺎ اﳌﻠﻚ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﺑﻠﻪ" :ﻟﻘﺪ ﻋﺒﻴﺪك ﺗﻄﻠﺐ اﻟﺸــﻔﺎء ﻣﻦ ﺑﻌــﻞ زﺑﻮب ،أﻻ ﻳﻮﺟﺪ إﻟﻪ ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻟﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﺸــﻔﺎء ﻣــﻦ ﻣﺮﺿﻚ؟ ﻟﺬا ﻓﺈﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﻘﻮم ﻣﻦ ﻓﺮاﺷــﻚ ﻫﺬا ﺑﻞ ﺳﺘﻤﻮت ،ﻫﻜﺬا ﻳﻘﻮل اﻟﺮب" ... وﻫــﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻌ ًﻼ وﻣﺎت اﳌﻠﻚ أﺧﺰﻳﺎ وﻫﻮ ﻏري ﺗﺎﺋﺐ ور ً اﻓﻀﺎ أن ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎ ... Ôﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﻌﻴﺴــﺔ .ﻓﻤﻦ ﻳﻈﻦ ّأن ﻓﻴﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ ﻣﺤﺎرﺑــﺔ اﻟﺮب ﻳﻜﻮن ﰲ ﻋﺼﻴــﺎن ،ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ اﻟﻮاﺳــﻌﺔ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻐﻴري ذﻟﻚ وﻫﻮ ﻗﺎدر ﻋﲆ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻌﺪو اﻟﻠﺪود إﱃ ﺻﺪﻳﻖ ودود ... ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ أن ّ ﻧﺼﲇ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﻧﺮى اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﻳﱰﻛــﻮن اﻟﻌﺪاوة ﻣــﻊ ا Ôوﻳﺼــريوا أﺻﺪﻗﺎء ﺣﻤﻴﻤني ﻣﻌﻪ .
٦٣
.٢٦أﻻ ﻳﻮﺟﺪ إﻟﻪ ﻟﺪى ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ؟ ) ٢ﻣﻠﻮك (١ ﻛﻠﻨﺎ ﻳﺘﺬﻛﺮ اﳌﻠــﻚ اﻟﴩﻳﺮ آﺧﺎب وﺣﻴﺎﺗﻪ ﻏري اﳌﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺸﺎﻛﻠﺔ رﻏﻢ ﺗﺤﺬﻳﺮات اﻟﺮب ﻟﻪ ﻣــﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا .وﻗﺪ ﺣﻠﺖ ﻣﺠﺎﻋﺔ ﻋﲆ اﻷرض ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺠﻔﺎف واﻧﺤﺒﺎس اﳌﻄﺮ ﻟﺴــﻨني ﻋﺪﻳﺪة ﻛﻘﺼﺎص ﻣﻦ ا Ôﻟﻴﻌﻮد آﺧﺎب إﱃ اﻟﺘﻮﺑﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا مل ﻳﺤﺪث ،ﻓﺄﻋﻄﻰ ا Ôﻣﻄ ًﺮا وزاﻟﺖ اﳌﺠﺎﻋﺔ ﻋﴗ أن ﻳﺘﻮب آﺧﺎب ﻣﻊ ﺷــﻌﺒﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا مل ﻳﺤﺪث ً أﻳﻀﺎ ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻮاﱃ اﻟﺘﺄدﻳﺒﺎت واﻟﱪﻛﺎت ّ ﻓﺈن اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﻮل ﺗﻮﺑﻮا وﻋﻮدوا إ ﱠﱄ. وﻣﺎت آﺧﺎب ﰲ اﻟﺤــﺮب ﻣﻴﺘﺔ ﻓﻈﻴﻌﺔ ،وﻣﻠﻚ اﺑﻨــﻪ أﺧﺰﻳﺎ اﻟﺬي رمبﺎ ﺳــﻴﺨﺪم وﻳﻌﺒﺪ اﻟﺮب. وذات ﻳــﻮم ﻛﺎن ﻳﺘﺠــﻮل ﻋﲆ ﺳــﻄﺢ ﻗﴫه ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺳﻞ اﻟﺸﻤﺲ أﺷﻌﺔ اﻟﺪفء ﻋﱪ ﻧﻮاﻓﺬ اﻟﻘــﴫ ،وﻳﺒﺪو أن اﳌﻠﻚ ﻣﻦ ﻏري اﻧﺘﺒﺎه اﻗﱰب ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﻨﻮاﻓﺬ ﻏري اﳌــﺰودة ﺑﻘﻀﺒﺎن ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻓﺴــﻘﻂ ﻣــﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎﻓــﺬة ﻓﺄﺻﻴﺐ ﺑﺮﺿﻮض وﺟــﺮوح ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻧﻘﻞ ﻋــﲆ إﺛﺮﻫﺎ إﱃ ﻓﺮاﺷﻪ ،ﻓﻬﻞ ﺳﻴﺸﻔﻰ؟ ﻣﺎذا ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻪ؟ ﻟﻘﺪ ّ ﺳــﻴﺤﻞ ﺑﻪ ،ﻓﺈﱃ ﻣﻦ رﻏﺐ أﺧﺰﻳﺎ مبﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎذا ﺳــﻴﺬﻫﺐ؟ وﻣﻦ ﻳﺪري إن ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺘﺤﺴــﻦ ﺻﺤﺘﻪ؟ ﻫﻞ ﺳريﺳــﻞ ﺧﺪاﻣــﻪ إﱃ إﻳﻠﻴﺎ ﺧﺎدم اﻟــﺮب؟ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻠﺘﻤﺲ ﻣــﻦ اﻟﺮب ﻛﻞ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻨﺎ مبﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﻔﺎء ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض ...ﻓﻼ ﺗﻨﴗ ذﻟﻚ ... ﻛﻼ ،مل ﻳﻔﻌــﻞ ﺑــﻞ ذﻫــﺐ ﺧــﺪام اﳌﻠﻚ إﱃ ﻋﻘﺮون ،ﻟﻌﻨــﺪ اﻟﻐﺮﺑﺎء اﻟﺬﻳــﻦ ﻳﻌﺒﺪون ﺑﻌﻞ ٦٢
زﺑﻮب ،ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻨﻢ أن ﻳﺸــﻔﻲ ﻣﻠﻜﻬﻢ ...إﻧﻪ ﻷﻣﺮ ﳼء أن ﻻ ﻳﻜﺮم أﺧﺰﻳﺎ اﻟﺮب ﻓريﺳﻞ ﺧﺪاﻣﻪ ﻟﻄﻠﺐ اﻟﺸﻔﺎء ﻣﻦ اﻷوﺛﺎن .وﺑﻴﻨام ﻛﺎن
واﻟــﺪي ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ وﻫﻮ ﻣرياث ﻋﺎﺋﻠﺘﻨﺎ وﻳﺠﺐ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻫﺬه إرادة ا "Ôﻓﻨﺎﺑﻮت ﻛام ﺗﺮى ﻳﺮﻳﺪ إﻃﺎﻋﺔ اﻟﺮب ﺑﻬﺬا اﻟﺨﺼﻮص. وﻳﺬﻫــﺐ آﺧــﺎب إﱃ ﻗــﴫه ﻣﺘﻀﺎﻳ ًﻘﺎ ومتﺪد ﻋﲆ ﴎﻳــﺮه ووﺟﻬــﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺤﺎﺋــﻂ ،ورﻓﺾ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب إذ ﻗﺪ ﻓﻘﺪ اﻟﺸﻬﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﻐﻀــﺐ .ودﺧﻠــﺖ إﻳﺰاﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ وﺳــﺄﻟﺘﻪ ﻣﺎ اﻷﻣﺮ ،ﻓﺄﺧﱪﻫﺎ .ﻓﻘﺎﻟــﺖ ﻟﻪ":أأﻧﺖ ﺣ ًﻘﺎ ﻣﻠﻚ؟ ﻗﻢ وﺗﻨــﺎول ﻃﻌﺎ ًﻣﺎ وأﻧﺎ أﺿﻤﻦ ﻟﻚ اﻻﺳــﺘﻴﻼء ﻋــﲆ اﻟﻜﺮم .ﻓامذا ﺳــﺘﻔﻌﻞ إﻳﺰاﺑــﻞ ﻳﺎ ﺗﺮى؟ ﻟﻘــﺪ ﻓ ّﻜﺮت ﺑﺨﻄﺔ دﻧﻴﺌﺔ .ﺳــﺘﺒﻌﺚ رﺳــﺎﺋﻞ إﱃ وﺟﻬــﺎء اﳌﺪﻳﻨﺔ مبﻦ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻘﻀﺎة اﳌﻮﻛﻠني ﺑﺈﻧﺰال اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﲆ ﻣﻦ ﻳﺨﻄﺊ ،وﺳــﻴﻘﺮؤون اﻟﺘﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻠﻔﻘﻬﺎ إﻳﺰاﺑﻞ ﻋﲆ ﻧﺎﺑﻮت. وﻓﻌﻠﻮا ﻛام أﻣﺮﺗﻬــﻢ إﻳﺰاﺑﻞ واﺟﺘﻤﻌﻮا ﰲ ﻣﻜﺎن أﺣﴬ إﻟﻴﻪ ﻧﺎﺑﻮت ﻟﻴﻘﻒ أﻣﺎﻣﻬﻢ ،وﺗﻘﺪم ﺷﺎﻫﺪا زور وﻗﺎﻻ إﻧﻬام ﺳــﻤﻌﺎ ﻧﺎﺑﻮت ﻳﻠﻌﻦ ا Ôواﳌﻠﻚ
...ﻳــﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻛــﺬب واﻓﱰاء .وﻣﺎ ﻫــﻲ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻧﺎﺑــﻮت ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎل؟ اﳌــﻮت ﻃﺒ ًﻌﺎ ...ﻓﺠ ّﺮوا ﻧﺎﺑﻮت إﱃ ﺧــﺎرج اﳌﺪﻳﻨﺔ وأﺧﺬوا ﺣﺠﺎرة ﻛﺒرية رﺟﻤﻮه ﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﳌﻮت ﻛام أرادت إﻳﺰاﺑﻞ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳــﻤﻊ آﺧﺎب مبﻮت ﻧﺎﺑﻮت ﺗﻮﺟﻪ إﱃ اﻟﻜــﺮم واﺳــﺘﻮﱃ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﺋ ًﻼ ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ" :ﺻﺎر اﻟﻜــﺮم ﻛﺮﻣﻲ" .ﻟﻜــﻦ اﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﻫــﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﳌﻘﺒﻞ إﻟﻴــﻪ؟ إﻧﻪ إﻳﻠﻴﺎ اﻟﻨﺒــﻲ اﻟﺬي إذ وﺻﻞ أﻣﺎم اﳌﻠﻚ ﻗﺎل ﻟﻪ آﺧﺎب":أﺗﻴﺖ إﱄ ﻳﺎ ﻋﺪوي؟" ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻢ ﻛﺎن آﺧﺎب ﻳﻜﺮه إﻳﻠﻴﺎ. ﻓﻘﺎل ﻟﻪ إﻳﻠﻴﺎ":ﻧﻌﻢ أﺗﻴﺖ ﺣﺎﻣ ًﻼ ﻟﻚ رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ،ﻓـﺄﻧﺖ ﻗﺎﺗﻞ ﻣﺠﺮم وﻟﺺ ،وﺳﺘﻤﻮت أﻧﺖ ً أﻳﻀﺎ وﺳــﺘﻠﺤﺲ اﻟﻜﻼب دﻣﻚ ﻛام ﻟﺤﺴــﺖ دم ﻧﺎﺑﻮت ،وﺳﻴﻘﻄﻊ اﻟﺮب ﻧﺴﻠﻚ وﻋﺎﺋﻠﺘﻚ وﺳﺘﺄﻛﻞ اﻟــﻜﻼب واﻟﻄﻴــﻮر اﻟﺠــﻮارح ﺟﺜﺜﻬــﻢ ،وﻫــﺬا ﺳﻴﺼﻴﺐ إﻳﺰاﺑﻞ أﻳﻀﺎً ﻷﻧﻜام أﺧﻄﺄمتﺎ إﱃ ا.Ô ﻓﺄﺻﻴﺐ آﺧــﺎب ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ واﻟﺨــﻮف ﻣ ًﻌﺎ .إﻧﻪ ﺧﺎﺋﻒ ﻣــﻦ اﻟﻘﺼــﺎص اﻹﻟﻬﻲ ،ﻓﺨﻠــﻊ رداءه اﳌﻠﻮيك وﻟﺒﺲ ﻟﺒﺎس اﻟﺤــﺰن واﻷﳻ وﺗﻮاﺿﻊ... ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻛﺎن متﺜﻴ ًﻼ ﺑﺘﻤﺜﻴﻞ ،وﺗﻈﺎﻫﺮاً ﻣﺨﺎدﻋﺎً ﻻ ﻳﺨﻔــﻰ ﻋﲆ اﻟﺮب! ﻓﺂﺧﺎب مل ﻳﻜﻦ ﻧﺎدﻣﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﻠــﺐ ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﻗﺎل اﻟــﺮب ﻹﻳﻠﻴﺎ" :ﻗﻞ ﻵﺧــﺎب إﻧﻨﻲ ﺳــﺄؤﺧﺮ ﻗﺼﺎﺻــﻪ إﱃ ﺣني ﻷﻧﻪ ﺗﻮاﺿﻊ واﻧﺴﺤﻖ أﻣﺎﻣﻲ."... ﺻﺎﻟﺤﺎ ﺗﺠﺎه أﻻ ﺗﺮى ﻛﻴﻒ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮب أن ﻳﻜﻮن ً اﻟﺨﻄﺎة ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺴﺎة! ﻟﻜﻦ ﺻﻼح اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺨﻄﺎة اﻟﺘﺎﺋﺒني ً ﻓﻌــﻼ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻜﴪون ﺑﻘﻠﻮﺑﻬﻢ أﻣﺎﻣﻪ وﻳﺘﻮﺑﻮن ﻋﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ ...إﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ميﻨﺢ أوﻟﺌﻚ اﻷﴍار ﺧﻼﺻﻪ .ﻓﻜﻢ ﻫﻮ إﻟﻪ ﺻﺎﻟﺢ ورﺣﻴﻢ ،إﻟﻬﻨﺎ اﻟﻘﺪوس. ٦١
.٢٥ﻛﺮم ﻧﺎﺑﻮت اﻟﻴﺰرﻋﻴﲇ ) ١ﻣﻠﻮك (١٢ أﻧﺘﻢ ﺗﺬﻛﺮون أن اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻧﻘﺴﻤﺖ ﺑﻌﺪ اﳌﻠﻚ ﺳﻠﻴامن إﱃ ﻣﻤﻠﻜﺘني ،ﻓﺪﻋﻴﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺸامل "إﴎاﺋﻴﻞ" ﺣﻴــﺚ ﻋﺎش ﻓﻴﻬﺎ ﻋﴩة أﺳــﺒﺎط، ودﻋﻴﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺠﻨﻮب "ﻳﻬﻮذا" ﺣﻴﺚ ﻋﺎش ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺒﻄﺎن. وﻛﺎن ﻳﺮﺑﻌــﺎم ﺑﻦ ﻧﺎﺑﺎط أول ﻣﻠــﻮك اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺸــامﻟﻴﺔ ومل ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﻋﺒﺎدة ا Ôﺑﻞ ﺷــﺠﻊ وﻋ ّﻠــﻢ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺨﻄﺌﻮا أﻣﺎم ا !Ôﻓﻜﺎن رﺟ ًﻼ ﻻ ﻳﻌــﺮف اﻟﺘﻘﻮى وﻗﺪ ﺧﻠﻔــﻪ ﻓﻴام ﺑﻌﺪ ﻣﻠﻚ آﺧﺮ اﺳــﻤﻪ آﺧــﺎب وزوﺟﺘﻪ ﺗﺪﻋــﻰ إﻳﺰاﺑﻞ، وﻛﺎﻧﺎ ﻛﻠﻴﻬام أﺷﺪ ٍّ ﴍا وأﻛرث ﻓﺴﺎدًا ﻣﻦ ﻳﺮﺑﻌﺎم ﻷﻧﻬام ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻌﺒﺪان اﻹﻟــﻪ ﺑﻌﻞ ،وﻛﺎﻧﺎ ّ ﻳﺤﻀﺎن اﻟﻨﺎس ﻋﲆ ﻋﺒﺎدة ﻫــﺬا اﻟﺼﻨﻢ وﻗﺪ ﺑﻨﻴﺎ ﻟﻺﻟﻪ ﺑﻌﻞ ﻣﻌﺒــﺪًا وﻗ ّﺪﻣﺎ ﻟﻪ اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ،ﻓام أﺳــﻮأ ﻣﺎ آﻟﺖ اﻷﻣﻮر إﻟﻴﻪ ﰲ إﴎاﺋﻴﻞ. أرﺳــﻞ ا Ôﰲ ﺗﻠﻚ اﳌﺮﺣﻠﺔ ﻧﺒ ٍّﻴــﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻛ ّﻠﻨﺎ ﻫﻮ إﻳﻠﻴــﺎ اﻟﺬي ﺣﺬر اﳌﻠﻚ آﺧــﺎب دون ﺟﺪوى ﻷن
٦٠
آﺧﺎب وإﻳﺰاﺑﻞ ﻛﺎﻧﺎ ﺳــﺎﻓﻠني ﻓﻌ ًﻼ ،وإﻟﻴﻜﻢ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺔ ،ﻓﺒﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﱠأن آﺧﺎب ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﻗﴫ ﻓﺎﺧــﺮ ﻓﺈن ﺟﺎره ﻧﺎﺑﻮت ﻛﺎن ميﻠــﻚ ﻛﺮ ًﻣﺎ ﺑﺠﻮاره ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻪ وﻳﺄﻛﻞ ﻋﻨ ًﺒﺎ ﻣﻦ ﻧﺘﺎج اﻟﻜﺮم ﻓﻘﺎل اﳌﻠﻚ آﺧــﺎب ﻟﻨﺎﺑﻮت ذات ﻳﻮم" :أرﻳــﺪ اﻣﺘﻼك ﻛﺮﻣﻚ ﻷﻧﻨــﻲ أرﻳﺪ أن أﺟﻌﻠﻪ ﺣﺪﻳﻘــﺔ ﻣﻠﺤﻘﺔ ﺑﻘﴫي، وﺳــﺄﻋﻄﻴﻚ ﺑﺪﻻً ﻣﻨﻪ ﻛﺮ ًﻣــﺎ ﰲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ أﻓﻀﻞ ﻣــﻦ ﻛﺮﻣﻚ ﻫﺬا أو أدﻓﻊ ﻟﻚ مثــﻦ ﻛﺮﻣﻚ ،وﻫﺬا ﻋﺮض ﺟﻴﺪ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺸــﱰي ﻛﺮ ًﻣﺎ ﰲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻷﻧﻨﻲ أرﻳﺪ ﺿﻢ ﻛﺮﻣﻚ إﱃ ﻗﴫي". أﻣﺎ ﻧﺎﺑﻮت ﻓﻠﻢ ﻳﺘﺄﺧــﺮ ﺑﺎﻟﺠﻮاب ﺑﻞ ﻗﺎل ﻋﲆ اﻟﻔــﻮر" :ﻻ ﻳﺎ ﺣﴬة اﳌﻠــﻚ ﻓﺎﻟﻜﺮم ورﺛﺘﻪ ﻋﻦ
ﰲ ﻗﻮﻟــﻪ" :ﻟﻠــﺮب إﻟﻬﻚ ﺗﺴــﺠﺪ وإﻳﺎه وﺣﺪه ﺗﻌﺒــﺪ" ،أي ﻧﻘــ ّﺪم اﳌﺤﺒﺔ ﻟﻠﻪ وﺣــﺪه وﻧﻜﺮه اﻟﺨﻄﻴﺔ ،وﻟﻬﺬا ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ،ﺻﺒﻴﺎ ًﻧﺎ وﺑﻨﺎ ًﺗــﺎ ،أن ﻧﻄﻠــﺐ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟــﺮب ﻛﻞ ﻳﻮم ﺑﺎﻟﺼﻼة وﻧﺮﻓﺾ اﻻﻧﺼﻴﺎع ﻟﻠﴩﻳﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ أن ﻧﻄﻴﻌﻪ ﻛام أﻃﺎع ﺳﻠﻴامن زوﺟﺎﺗﻪ!
ﻟﺬﻟــﻚ أدّب اﻟﺮب ﺳــﻠﻴامن وو ّﺑﺨــﻪ إذ ﺟﺎء إﻟﻴﻪ أﺣــﺪ اﻷﻧﺒﻴﺎء وﻗﺎل ﻟﻪ" :ﺳــﻴﺨﻠﻔﻚ اﺑﻨﻚ أﻳﻬــﺎ اﳌﻠﻚ ﺑﺤﺴــﺐ وﻋــﺪ ا Ôﻟــﺪاود أﺑﻴﻚ، ﻟﻜﻦّ اﺑﻨﻚ ﻫﺬا ﺳــﻴﻤﻠﻚ ﻋــﲆ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺻﻐرية اﳌﺴــﺎﺣﺔ ،ﻓﺄﻧــﺖ متﻠﻚ اﻵن ﻋﲆ أﺳــﺒﺎط أو أوﻻد ﻳﻌﻘﻮب اﻹﺛﻨﻲ ﻋﴩ ﻟﻜﻦ ﰲ اﳌﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺳﺘﻘﺘﴫ اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻋﲆ ﺳﺒﻄني ﻓﻘﻂ ﻫام ﻳﻬﻮذا وﺑﻨﻴﺎﻣني" .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻌ ًﻼ ،إذ اﻧﻘﺴﻤﺖ اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻓﺘﺴــ ّﻠﻢ رﺣﺒﻌﺎم ﺑﻦ ﺳــﻠﻴامن اﳌﻠﻚ ﺑﻌﺪ أﺑﻴﻪ ﻋﲆ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻨﻬﺎ ﻋﺸريﺗﺎ ﻳﻬﻮذا وﺑﻨﻴﺎﻣني وﺳﻤﻴﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻳﻬﻮذا ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻜﱪ ﻫﺬا اﻟﺴــﺒﻂ وﻣﻨﻪ ﺟﺎء اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ. وﺑﺬﻟﻚ اﻟﺘﺰم اﻟﺮب ﺑﻮﻋﺪه أن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻣﻦ ﺳــﺒﻂ داود أو ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴــﻼﻟﺔ ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻣﱰ ّﺑ ًﻌﺎ ﻋﲆ ﻋﺮش اﳌﻤﻠﻜــﺔ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﰲ ﻳﻬﻮذا ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻣﻮﻗــﻊ اﻟﻬﻴــﻜﻞ .أ ّﻣﺎ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺸــامل وﻳﺘﺒﻌﻬــﺎ ﻋــﴩة أﺳــﺒﺎط ﻓﺪﻋﻴــﺖ ﻣﻤﻠﻜــﺔ إﴎاﺋﻴﻞ وﻗــﺪ ﻣﻠﻚ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﺮﺑﻌــﺎم ﺑﻦ ﻧﺎﺑﺎط اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻷﴎة داود .وﻗﺪ ﻧﺸــﺒﺖ ﻓﻴام ﺑﻌﺪ ﺣــﺮوب ﻛﺜرية ﺑــني اﳌﻤﻠﻜﺘــني! إﻧﻪ أﻣﺮ ﻛﺮﻳــﻪ ﻓﻌ ًﻼ ﻓﺎﻷﺧﻮة ﻳﺘﻘﺎﺗﻠﻮن وﻫﻢ ﻳﻨﺤﺪرون ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وإﺳﺤﻖ وﻳﻌﻘﻮب! وﻫﻜﺬا ﻧﺘﺬﻛﺮ دامئًﺎ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﺳــﻠﻴامن اﻧﻘﺴﻤﺖ اﳌﻤﻠﻜﺔ إﱃ اﺛﻨﺘني :إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ اﻟﺸامل وﻳﻬﻮذا ﰲ اﻟﺠﻨﻮب. ٥٩
.٢٤ﺧﻄﻴﺌﺔ ﺳﻠﻴامن :اﻧﻘﺴﺎم اﳌﻤﻠﻜﺔ إﱃ ﻣﻤﻠﻜﺘني) ١ﻣﻠﻮك (١١ ﻟﻘــﺪ ﻛﺎن اﳌﻠﻚ ﺳــﻠﻴامن ﻣﻠــ ًﻜﺎ ً ﺣﻜﻴام ﺑﺤﻖ وﺣﻘﻴﻖ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺴــﺎﻋﺪ ﺷــﻌﺒﻪ وﻳﻘﻮدﻫﻢ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ،ﺑــﻞ مل ﻳﻜﻦ ﻳﺒﺨــﻞ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﻋﲆ أﺣــﺪ ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺎ ﻣﻨﺤﻪ اﻟﺮب ﻣــﻦ ﻓﻴﻀﻬﺎ ،وﰲ اﳌﺤﺼﻠﺔ ﻧﻘﻮل أﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺮب؟ ﻫﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺳــﻠﻴامن اﻟﺬي ﻗﺪّر ذﻟﻚ ً أﻳﻀﺎ وأﻃﺎع وﺧﺪم ا Ôوﻓﻖ ذﻟﻚ .إﻻ أن ﺳﻠﻴامن ﻛﺒﺎﻗﻲ اﳌﺆﻣﻨني مل ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﺨ ّﻠﺺ ﻣﻦ ﱢ ﻛﻞ ﺷــﻮاﺋﺐ اﻟﺬات ﺑﻞ ﺑﻘﻲ ٌ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﻟ ًﻘﺎ ﰲ ﻗﻠﺒــﻪ ﻳﺘﺼﺎرع ﻣﻌﻪ ،وإذ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﴫاع ﻣﻊ اﻟﺨﻄﺄ اﻧﺼﺎع ﻟﻪ وﻣﺎل ﻗﻠﺒﻪ إﻟﻴﻪ! ﺗﺰوج ﺳﻠﻴامن ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ،ﻓﻔﻲ اﻷﻳﺎم اﻟﻐﺎﺑــﺮة َﻇﻦﱠ اﻟﻨــﺎس ﱠأن ﻫﺬا ﻳﺼــﺢ ﻟﻠﻤﻠﻮك اﻷﻏﻨﻴﺎء ،ﻏري ﱠأن ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜــﻮن ﻟﻠﺮﺟﻞ إﻻ زوﺟــﺔ واﺣﺪة ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﻟﺮب. ﻓﺎﺗﺨﺬ ﺳﻠﻴامن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺰوﺟﺎت ،واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻦ ﻛﻦﱠ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان ﺗﻌﺒﺪ اﻷﺻﻨﺎم ،ﻓامذا ﻓﻌﻠﺖ ﻧﺴﺎؤه؟ ﻟﻘﺪ ﺟﻠنب ﻣﻌﻬﻦﱠ أﺻﻨﺎم ﺷﻌﻮﺑﻬﻦﱠ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻛﺎن اﳌﻔﺮوض ﺑﺴﻠﻴامن أ ّﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻦﱠ ﺑﺬﻟــﻚ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻊ اﻷﺳــﻒ مل ميﻨ ْﻌﻬﻦﱠ ﺑﻞ ﺳﻤﺢ ﺑﺪﺧﻮل اﻷﺻﻨﺎم .وإذ رأت ﻧﺴﺎؤه ﺟامل اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺳﻌني ﻹﻗﺎﻣﺔ أﻣﺎﻛﻦ ﻟﻌﺒﺎداﺗﻬﻦﱠ اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﻟﻴامرﺳــﻦ ﺷــﻌﺎﺋﺮ اﻟﻌﺒﺎدة مبﻌﺰل ﻋﻦ ﻫﻴﻜﻞ اﻟﺮب اﻟﺬي ﺑﻨﺎه ﺳــﻠﻴامن ،ﻓﺒﻨﻴﺖ ﻣﻌﺎﺑﺪ ﻋﲆ ﻗﻤﻢ اﻟﺘﻼل اﳌﺤﻴﻄﺔ ﺑﺄورﺷﻠﻴﻢ وﻣﻮرﺳﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ّ ﺑﻜﻞ ﺣﺮ ّﻳﺔ .ﻟﻘﺪ رﻏﺐ ﺳﻠﻴامن ٥٨
ﺗــﴫف ﺑﻐﻴﺾ ﺑﺈرﺿــﺎء زوﺟﺎﺗــﻪ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﱡ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻹرادة ا.Ô وﺑﻌــﺪ ﻓﱰة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺳــﺎءت اﻷﻣﻮر وﺗﻮرط ﻫﻮ ﻧﻔﺴــﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﻌﺒﺎدة إذ ﺻــﺎر ﻳﺮاﻓﻘﻬﻦﱠ ، وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ إﱃ أﻳﻦ؟ إﱃ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﺒﺎدﺗﻬﻦﱠ ﺗﺎر ًة، وﺗﺎر ًة أﺧﺮى إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ،وﻫﻜﺬا اﻧﻘﺴــﻢ ﻗﻠﺒﻪ وراء ﻃﺮﻳﻘني! وﻫــﺬا ﻏري ﻣﻤﻜﻦ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻌﺒﺪ اﻟﺮب وﻧﺨﺪﻣﻪ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﻋﺒﺎدة اﻷوﺛﺎن ،ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺤﺐ اﻟﺮب واﻟﺨﻄﻴﺔ ﺑﺂن ﻣ ًﻌﺎ! وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺬرﻧﺎ اﻟﺮب ﻣﻨﻪ
ﺑﺪم اﳌﺴــﻴﺢ ،ﻷن ﺑﺪﻣﻪ ﻏﻔﺮان اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ،إذ ﺑﺬل ﻧﻔﺴﻪ ﻷﺟﻠﻨﺎ ﻟﻴﻌﻄﻴﻨﺎ ﺣﻴﺎة أﺑﺪﻳﺔ!
اﻟﻌﻴﺶ ﺑﺪون ﻃﻌﺎم ﻫﻜﺬا ﻧﺤﺘﺎج ﻟﻠﺮب اﻟﺬي
أﻣﺎ اﳌﻨﺎﺋﺮ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻟﻺﻧﺎرة وذﻟﻚ إﺷﺎرة إﱃ ﻧﻮر اﻟﺮب اﻟﺬي ﻳﺒــﺪد ﻇﻼم ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ .وﻫﺬا اﻟﻨﻮر ميﻸ اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﺎل اﻟﺨﻼص ﺑﺎﻹميﺎن. ﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸــري إﻟﻴﻪ اﳌﻨﺎﺋــﺮ اﳌﻮﻗﺪة ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ.
ﻳﺤﻴﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻳﻌﻄﻴﻨﺎ اﻟﺤﻴﺎة اﻷﺑﺪﻳﺔ. وﻛام ﻛﺎن اﻟﻜﺎﻫﻦ ّ ﺻﺒﺎﺣﺎ وﻣﺴــﺎ ًء ﻗﺮب ﻳﺼﲇ ً ﻣﺬﺑﺢ اﻟﺒﺨﻮر ،وﻛﺎﻧﺖ ﺳــﺤﺎﺑﺔ اﻟﺒﺨﻮر ﺗﺼﻌﺪ ﻧﺤــﻮ اﻷﻋــﲆ ﻛﺈﺷــﺎرة ﻟﺼﻌــﻮد ﺻﻠﻮاﺗﻨﺎ إﱃ اﻟﺴامء ،ﻫﻜﺬا ﻛﺎن ﻳﺴــﻮع ﻳﺼﲇ ﻷﺟﻠﻨﺎ ﻷﻧﻪ رﺋﻴﺲ ﻛﻬﻨﺘﻨﺎ اﻟﻌﻈﻴﻢ!
وأﻣﺎ اﻟﺨﺒﺰ ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺪة ﺧﺒﺰ اﻟﻮﺟﻮه ﻓﻴﺸري إﱃ اﻟﻐــﺬاء اﻟﺮوﺣﻲ ﻷن اﻟﺮب ﻫﻮ ﺧﺒــﺰ اﻟﺤﻴﺎة، ﻫﻜــﺬا ﻗﺎل ﻟﻨﺎ ،وﻫﻮ ﻳﻘﺼــﺪ ﺑﺬﻟﻚ أﻧﻪ ﻣﻨﺤﻨﺎ اﻟﻘــﺪرة ﻋــﲆ اﻻﺳــﺘﻤﺮار ﰲ ﻣﺴــﻠﻚ اﻹميﺎن ﺑﺤﻀــﻮره اﻟﺪاﺋﻢ ﻓﻴﻨﺎ .ﻓﻜام أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ
أﻣﺎ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ وﻫﻮ ﻣﺴــﻜﻦ ا Ôاﳌﻮﺿﻮع ﰲ ﻗﺪس اﻷﻗﺪاس ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻓﻴﺸري إﱃ ﻋﺮش ا Ôﰲ اﻟﺴــامء ﺣﻴﺚ اﻟﻘﺪاﺳﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ .ﻓامذا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ؟ ﻧﺤﻦ ﻧﺴــﻤﻊ ﻋﻦ ﻗﺪاﺳــﺔ ا Ôﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺘــﻲ ﻫﻲ ﺑﻴــﺖ ا ،Ôﻟﺬﻟﻚ ﻧﻘﺪم ﻟــﻪ اﻟﻌﺒﺎدة ﺑﻮﻗﺎر وﺧﺸﻮع وﻧﺴﺘﻤﻊ إﱃ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺑﺎﺣﱰام... ٥٧
.٢٣اﻟﻬﻴﻜﻞ ،ﺑﻴﺖ اÔ
١) ...ﻣﻠﻮك ٨و ٢أﺧﺒﺎر (١:٧
ﻫــﺎ ﻗﺪ ﺻﺎر اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﺟﺎﻫﺰًا ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺷــﻌﺎﺋﺮ اﻟﻌﺒــﺎدة ﻓﻴــﻪ ،وﺑﺪأ اﻟﻨــﺎس ﻳﺘﻮاﻓــﺪون إﻟﻴﻪ ﺑﺴﻌﺎدة ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻟﺤﻀﻮر اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﺗﺪﺷﻴﻨﻪ ،أي إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻓﻴﻪ .وﻟﻘﺪ اﻧﺘﻈﻢ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻟﺤﻤﻞ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳــﺎﺑ ًﻘﺎ ﰲ ﺧﻴﻤــﺔ اﻻﺟﺘامع ،واﻵن ﺻﺎر ﻣﻜﺎﻧﻪ ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ وﻫــﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮﻧﻪ ﺑﻮﻗﺎر ﺗــﺎم ﻟﻴﺰﻳﺤﻮا اﻟﺴــﺘﺎرة اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑــني اﻟﻘﺪس وﻗﺪس اﻷﻗﺪاس ﺣﻴﺚ ﻣﻮﺿﻌﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ وﻫﻮ ﻣﻈﻠﻞ ﺑﻜﺮوﺑﻴــﻢ اﳌﺠﺪ ذي اﻷﺟﻨﺤﺔ اﳌﺬﻫّ ﺒﺔ، ﺛﻢ ﻳﻐﺎدرون ﻗﺪس اﻷﻗﺪاس. وﻓﺠﺄة ﺗﻈﻠﻞ ﺳﺤﺎﺑﺔ اﻟﻬﻴﻜﻞ ومتﻸه ﻛﻠ ٍّﻴﺎ ﻛﻌﻼﻣﺔ ﺣﻀﻮر اﻟﺮب إﱃ ﻣﺴــﻜﻨﻪ .إﻧﻪ اﻹﻟﻪ اﻟﻘﺪّوس اﳌﻤﺠﺪ! وﻫﺎ ﻫﻮ اﳌﻠﻚ ﺳــﻠﻴامن ﻳﻌﺘﲇ ﻣﻨﺼﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ يك ﻳﺮاه ﱡ ﻛﻞ اﻟﺤﻀﻮر وﻳﺴــﻤﻌﻮﻧﻪ ً أﻳﻀﺎ وﻫــﻮ ﻳﺮﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺴــامء وﻳﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺼﻼة وﺗﻜﺮﻳﺴﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﻨﺎء اﳌﻘﺪّس ،واﻟﻨﺎس ﺗﺪﺷﻴﻨًﺎ ً ﻳﺴﻤﻌﻮﻧﻪ ﺑﻬﺪوء وﺧﺸﻮع ،ﻓﻴﻄﻠﺐ اﳌﻠﻚ ﻣﻦ اﻟﺮب أن ﻳﺴــﻜﻦ ﰲ اﳌﻜﺎن اﳌﻘﺪّس وﻳﺴﺘﻤﻊ ﻟﺸــﻌﺒﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﴬون إﱃ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻟﻠﻌﺒﺎدة. ﺣﺘﻰ إذا ارﺗﻜﺒﻮا اﳌﻌﺎﴆ وﻧﺪﻣﻮا وأﺗﻮا ﻣﻘ ّﺮﻳﻦ ﺑﺬﻧﻮﺑﻬﻢ ،ﻳﺘﻮﺳــﻞ ﺳــﻠﻴامن ﻟﻬــﻢ يك ﻳﺨﺘﱪوا اﻟﻐﻔﺮان وﻳﻨﻌﻤﻮا ﺑﻪ. ﺛﻢ ﻗﺪﻣﺖ ذﺑﺎﺋﺢ اﳌﺤﺮﻗﺎت ﻋﲆ اﳌﺬﺑﺢ اﻟﻜﺒري ﺣﻴﺚ اﻟﺤﻄــﺐ اﻟﺬي ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺟﺎﻫــﺰ ﻟﻺﻳﻘﺎد. ﻟﻜﻦ اﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﺣﺪث ،ﻓﻘﺪ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﺠﺄة ﻧﺎر ﻣﻦ اﻟﺴــامء واﻟﺘﻬﻤﺖ اﻟﻨﺎر ذﺑﻴﺤﺔ اﳌﺤﺮﻗﺔ اﻷوﱃ ﻛﻌﻼﻣﺔ رﺿﺎ ا Ôﰲ ﺗﺪﺷني ﻫﺬا اﳌﻜﺎن ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟــﺮب ،وﻛﻌﻼﻣﺔ اﺳــﺘامع واﺳــﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺼﻼة اﳌﻠﻚ ﺳــﻠﻴامن .وﺑﻘﻴﺖ اﻟﻨﺎر ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ واﳌﺰﻳﺪ
٥٦
ﻣﻦ اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ﺗﻘﺪم ﻋــﲆ ذات اﳌﺬﺑﺢ ﺑﺎﳌﺌﺎت أو ﺑﺎﻷﻟــﻮف ﻣﻦ ﺛريان وأﻏﻨــﺎم ﻷن اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺪﺷني اﺳــﺘﻤﺮت أﺳﺒﻮﻋني ﻣﺘﻮاﺻﻠني ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺎد ﻛﻞ واﺣﺪ إﱃ ﺑﻴﺘﻪ.
ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻳﺸري إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﺳــﻴﺄيت ﻟﻴﻘﺪم ﻧﻔﺴــﻪ ذﺑﻴﺤﺔ ،ﻓﺎﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺸري إﱃ ﻗﺮﺑﺎﻧﻪ اﳌﻘﺒﻮل ﻋﻨﺪ اﻵب ﻛﻔﺎرة ﻟﺨﻄﺎﻳﺎﻧــﺎ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴــﺐ اﻟﺬي ﺣﻤﻞ ﻋﻠﻴــﻪ ّ ﻛﻞ آﺛﺎﻣﻨــﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻔﻴﻨﺎ ﻣــﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻷﻧﻪ ﻣﺨﻠﺺ وﻓﺎدي اﻟﺒﴩ.
أﻣــﺎ ﺣﻮض اﻟﻨﺤــﺎس اﻟﺬي ﺳــﺒﻖ وﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻨﻪ ﰲ اﻟــﺪرس اﳌــﺎﴈ وﻛﺎن ﻳﺴــ ّﻤﻰ ً أﻳﻀــﺎ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﱪوﻧﺰي ،ﻓﻘﺪ ﺧﺼﺺ ﻟﻐﺴــﻞ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﻼوﻳني أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻴﻪ ،وﻫﺬا ﻳﺸري إﱃ ﱠأن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ مل ﺗﻜﻦ ﻃﺎﻫﺮة ﻛام ﻳﺠﺐ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،وﻫﺬا ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ اﻟﻘﻠﻮب .ﻓﺠﻤﻴﻊ اﻟﺒﴩ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﻼﻏﺘﺴﺎل ﺑﺎﳌﺎء اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﻌﺎدي ﺑﻞ ميﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ
ﻣﺴــﺎﺣﺎت ﻣﺮﺑﻌﺔ واﺳﻌﺔ وﻗﺪ ﺧﺼﺼﺖ اﻟﺒﺎﺣﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴــﺔ ﻣﻨﻬام ﻟﻠﻜﻬﻨﺔ ،أﻣــﺎ اﻟﺒﺎﺣﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻠﻌﻤﻮم اﻟﻨﺎس. ﻣﺬﺑﺤﺎ ﻟﻠﻤﺤﺮﻗﺎت ﻛﺒري اﻧﻈﺮ ،ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ أن ﻧﺮى ً اﻟﺤﺠﻢ ﻣﺼﻨﻮع ﻣــﻦ اﻟﻨﺤﺎس ﻣﻊ ﻣﺮﺣﻀﺔ أو ﻣﻐﺴــﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺤــﺎس ً أﻳﻀﺎ ﻋــﲆ إﺛﻨﻰ ﻋﴩ ﻣﻨﺤﻮ ًﺗــﺎ ﻋﲆ ﺷــﻜﻞ اﻟﺜــريان ﺗﺘﺠﻪ رؤوﺳــﻬﺎ إﱃ اﻟﺨــﺎرج ﻧﺤﻮ أرﺑﻌــﺔ اﺗﺠﺎﻫﺎت ،ﻛﻞ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬــﺎ ﺑﺎﺗﺠﺎه ﻣﻌني ،وﺗﺴــﻤﻰ ﻫﺬه اﳌﻐﺴــﻠﺔ اﻟﺒﺤﺮ اﻟﱪوﻧﺰي ﻧﻈ ًﺮا ﻟﺴــﻌﺔ ﺣﺠﻤﻬﺎ ...وأﺧ ًريا
اﻧﺘﻬﻰ ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺣﻴﺚ اﺳﺘﻐﺮق اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺳﺒﻊ ﺳــﻨني! وﻫﻮ ﺳﻜﻦ ا Ôﻣﻊ ﺷﻌﺒﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺨﺎﻃﺐ ا Ôﺷﻌﺒﻪ. وﻧﺤــﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻨﺎ ﻫﻴــﻜﻞ اﻟﻴﻮم ﻟﻜﻨﻨــﺎ ﻣﺎ زﻟﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ اﻟﺮب ﻳﺘﻜ ّﻠﻢ إﻟﻴﻨﺎ ،ﻓﻔﻲ ﺻﺒﺎح ﻛﻞ أﺣﺪ ﻧﺴــﻤﻊ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺮب ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ ﻋﱪ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻮﻋــﻆ ﻷن اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜــﻮن ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﻨﺎ ً أﻳﻀــﺎ ،ﻟﺬا ﻧﺴــﺘﻤﻊ ﻟﺼﻮﺗﻪ ﺑﺎﺣــﱰام وﻣﻬﺎﺑﺔ! ّ وﻧﺼﲇ ﻃﺎﻟﺒني ﺳﻜﻨﺎه ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺨﺘﱪ ذﻟﻚ ﺗﺼري ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻫﻴﻜ ًﻼ ﻟﻪ.
٥٥
.٢٢ﺳﻠﻴامن ﻳﺒﻨﻲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ١) ...ﻣﻠﻮك ٥؛ ٦؛ (٧ ﻛﱪ داود وﺷﺎخ ومل ﻳﻌﺪ مبﻘﺪوره إدارة اﳌﻤﻠﻜﺔ وﻛﺎن ﻗﺪ اﻧﺸــﻐﻞ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ اﻷﺧرية ﰲ أﻣــﺮ ﻫﺎم ،ﻫــﻞ ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﻫــﻮ؟ ﻟﻘﺪ ﺟﻤﻊ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ واﻟﻨﺤﺎس واﻟﺤﺠﺎرة اﻟﻜﺮميــﺔ واﳌﺠﻮﻫﺮات! ﻓــامذا ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻜﻞ ﻫﺬه اﻟرثوة؟ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻼ ﺷــﻚ اﺳــﺘﻌامﻟﻬﺎ ﰲ ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴــﻜﻞ! ﺣﺘﻰ ّإن اﻟﻜﺜريﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺄﺗﻮن ﺑﺎﻟﺤﲇ واﻷﺷــﻴﺎء اﻟﻨﻔﻴﺴــﺔ اﻟﺘﻲ ميﻠﻜﻮﻧﻬــﺎ وﻳﺘﱪﻋﻮن ﺑﻬــﺎ ﻟﺒﻨــﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﻜﻞ ﴎور ﻷﻧﻬــﻢ ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﻘﺪّﻣﻮن ﻟﻠــﺮب ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ...ﻳﺎ ﻟﻠﺴﻌﺎدة اﻟﻐﺎﻣﺮة اﻟﺘﻲ متﻸ ﻗﻠﺐ داود اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺸــﻜﺮ ا Ôﻣﻌﺘ ًﱪا ذﻟﻚ ﻋﻄﺎ ًء ﻣﺒﺎ ً ﴍا ﻣﻦ ا ... Ôﻟﻜﻦ ﻟﻦ ﻳﺴﻤﺢ اﻟﺮب ﻟﺪاود ﺑﺒﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﻞ اﺑﻨﻪ ﺳــﻠﻴامن اﻟﺬي ﺳﻴﺨﻠﻔﻪ ﻋﲆ اﻟﻌــﺮش ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳــﻴﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ،وﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻴﺌﺔ ا Ôﰲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ،ﺛﻢ ﻣﺎت داود واﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺴاموي اﻷﻋﲆ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﻊ اﻟﺮب إﱃ اﻷﺑﺪ ﻓﻄﻮﺑﺎك ﻳﺎ داود. واﻋﺘﲆ ﺳــﻠﻴامن اﻟﻌﺮش وﴍع ﺑﺄﻋﻈﻢ ﻣﴩوع! ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ؟ إﻧﻪ ﺑﻨﺎء ﻫﻴﻜﻞ اﻟﺮب! ﻣﺴﻜﻦ اﻟﺮب ...وﻛﺎن اﻟﻌامل ﻣﻦ ﺑﻠﺪ آﺧﺮ اﺳــﻤﻪ ﻟﺒﻨﺎن ﻳﻬﻴﺌــﻮن ﻣﺴــﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﻓﺒﻌﻀﻬــﻢ ﻳﻘﻄﻊ اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﻀﺨﻤﺔ واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻳﻬﻴﺊ اﻟﺨﺸﺐ ﻣــﻦ ﻏﺎﺑﺎﺗــﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،وﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﻣــﻮاد اﻟﺒﻨﺎء ﻫﺬه إﱃ ﻛﻨﻌﺎن. إﻧــﻪ ﻣﴩوع ﺿﺨــﻢ وﻋﻤﻞ ﻛﺒري ﺟــﺪٍّا! مل ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني ﺷــﺎﺣﻨﺎت وﻻ راﻓﻌﺎت وﻻ ٥٤
ﺟ ّﺮارات زراﻋﻴﺔ ﺑﻞ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﻌامل ﻳﻜﺪﺣﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﺒﺎح إﱃ اﳌﺴﺎء ﰲ ورﺷﺎت ﻗﺮب أورﺷﻠﻴﻢ ﺗﻘﻄــﻊ اﻟﺤﺠــﺎرة ﺣﺴــﺐ اﳌﻘﺎﻳﻴــﺲ اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺛﻢ ﺗﻨﻘﻞ إﱃ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ اﳌﺮ ّﻳﺎ ﺣﻴﺚ ﻣﻦ زﻣــﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻗــﺪّم إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﺑﻨﻪ إﺳــﺤﻖ ... وﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻮﺿﻊ أﺳﺎﺳﺎت اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻷن اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ أﺳﺎﺳــﺎت ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻳﻘــﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﻮاﺟﻪ اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻐﺰﻳﺮة واﻟﺮﻳﺎح اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ. ﺛﻢ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﻬﺎء ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺳﺎت ارﺗﻔﻌﺖ اﻷﻋﻤﺪة واﻟﺠــﺪران ورﺻﻔــﺖ اﻷﻋﻤﺪة ﰲ ﻫــﺬا اﻟﴫح اﻟﺸــﺎﻣﺦ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﲆ أﻋﲆ اﻟﺠﺒﻞ .مل ﻳﻜﻦ ﻳﺴﻤﻊ أي ﺻﻮت ﳌﻄﺮﻗﺔ أو إزﻣﻴﻞ أو ﻣﻨﺸــﺎر ﺧﺸــﺐ، ﻓﻜﻞ ﻫﺬه اﳌﺴﺘﻠﺰﻣﺎت وﻣﻮاد اﻟﺒﻨﺎء ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻨّﻊ ﺣﺴــﺐ اﻟﻘﻴﺎس وﻳﺆىت ﺑﻬﺎ ﻟﺘﺄﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﻗﻴﺎس دﻗﻴﻖ ،وﻗــﺪ ﺻﻨﻊ اﻟﻬﻴﻜﻞ أﻛﱪ ﻣﻦ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ﻫﻨﺪﺳ ٍّﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ متﻮﺿﻊ اﳌﻘــﺪس وﻗﺪس اﻷﻗــﺪاس إﺿﺎﻓــﺔ إﱃ متﻮﺿﻊ ﺧﺸــﺐ اﻷرز ﻣﻦ ﻏﺎﺑﺎت ﻟﺒﻨﺎن ﻛــام اﻟﻜﺜري ﻣﻦ أﺷﻜﺎل ﺷﺠﺮ اﻟﻨﺨﻴﻞ واﻟﺰﻫﻮر واﳌﻼﺋﻜﺔ اﳌﺮﺳﻮﻣﺔ واﳌﻨﺤﻮﺗــﺔ .ﻟﻘﺪ ﺑــﺪا ﻛﻞ ﳾء ﻻﻣﻌﺎً وﺑﺮاﻗﺎً ﻓﺒﺪا اﻟﻬﻴــﻜﻞ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ .ﻛام ا ّﺗﺨﺬت اﳌﻨﺎﺋــﺮ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ اﻟﻌــﴩ ﻣﻮﺿﻌﻬــﺎ ﰲ اﻟﻘﺪس واﳌﻮاﺋــﺪ اﻟﻌﴩ ﻟﺨﺒــﺰ اﻟﻮﺟــﻮه ،وﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺣﺠــﺎب اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺗﻮﺿﻊ ﻣﺬﺑــﺢ اﻟﺒﺨﻮر ..وﻓﻘﻂ ﺗﺎﺑــﻮت اﻟﻌﻬﺪ وﺿﻊ ﰲ ﻗــﺪس اﻷﻗﺪاس ﺗﻈﻠﻠﻪ ﻣﻼﺋﻜــﺔ اﻟﻜﺮوﺑﻴــﻢ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬــﺎ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ وﻋﻨﺪ ﻣﺪﺧﻞ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻳﻨﺘﺼﺐ ﻋﻤﻮدان ﻣﻦ ﻧﺤﺎس ﻣﻊ اﻟﻌﻠــﻢ ّأن ﻟﻠﻬﻴﻜﻞ ﺑﺎﺣﺘني ﺧﺎرﺟﻴﺘني ﺗﺸــﻜﻼن
ﻧﻌﻢ ﱠإن ا Ôﻳﺮﻳﺪﻧــﺎ أن ﻧﻌﱰف ﴏاﺣﺔ أﻣﺎﻣﻪ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻧﺨﻄﺊ ﻣﻦ ﻏري أن ﻧﺨﻔﻲ ﻋﻨﻪ ﺷــﻴﺌﺎً، وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻨﺎ. وﺟــﺎء أﺣﺪ اﻷﻓﺎﺿــﻞ وﻫﻮ ﺟﺎد اﻟــﺮايئ )ﻧﺒﻲ اﻟ ّﺮب( إﱃ اﳌﻠﻚ وﻛﺸــﻒ ﻟﻪ مبﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟ ّﺮب أن ﻳﻔﻌﻞ واﺿﻌﺎً أﻣﺎﻣﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺧﻴﺎرات ﻳﺨﺘﺎر اﳌﻠﻚ أﺣﺪﻫﺎ ﻟﺘﻜــﻮن ﺗﺄدﻳﺒﺎً ﺟﺰاﺋﻴﺎً ﻟﻪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ، ﻓﺈﻣﺎ ﺳﺒﻊ ﺳﻨني ﻣﻦ اﻟﻘﺤﻂ ميﻮت ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺟﺮاء اﳌﺠﺎﻋﺔ ،أو ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﻳﺠﺘﺎح ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻋــﺪاء اﳌﻤﻠﻜﺔ وﻳﻌﻴﺜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺴــﺎداً وﺗﺨﺮﻳﺒــﺎً وﺗﻘﺘﻴــ ًﻼ ،أو ﺛﻼﺛﺔ أﻳــﺎم ﻳﻐﴙ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﺮض اﻟﻘﺎﺗﻞ ﻓﻴﻤﻮت ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ...ﻓامذا اﺧﺘــﺎر داود؟ ﻟﻘﺪ وﺿﻊ ﻧﻔﺴــﻪ ﺑني ﻳﺪي اÔ ﻗﺎﺋ ًﻼ" :دﻋﻨﻲ أﺳــﻘﻂ ﰲ ﻳﺪ ا Ôوﻻ أﺳﻘﻂ ﰲ ﻳﺪ إﻧﺴﺎن ﻷن ﻣﺮاﺣﻢ ا Ôﻋﻈﻴﻤﺔ. ﻓﺄرﺳــﻞ ا Ôﻣﻼﻛﺎً ﻣﻦ اﻟﺴامء ﻫﻮ ﻣﻼك اﳌﻮت
ﻟﻴﺤﺼــﺪ أرواح اﻟﻨــﺎس ﺑﺎﻟﻮﺑــﺎء اﻟﻘﺎﺗﻞ أﻳﻨام ذﻫﺐ وﻣــﺎت اﻟﻌﺪﻳــﺪ ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس ﰲ اﻟﻴﻮم اﻷ ّول .ﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﻟﻄﺎف ا Ôوإﺣﺴﺎﻧﻪ ﱠأن اﻟ ّﺮب أﻣﺮ اﳌﻼك ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻴﻮم اﻷول ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻛﻔﻰ ... ﻻ ﺗﻜﻤﻞ اﳌﻬﻤﺔ" .ﻓﺘﻮﻗــﻒ اﳌﻼك ﻋﲆ اﻟﻔﻮر وﻛﺎن ﻗﺪ ﺷﺎرف أﺑﻮاب أورﺷﻠﻴﻢ وﻗﺪ رآه داود ﺣﺎﻣ ًﻼ ﺳــﻴﻔﻪ ﰲ أﻋﲆ اﻟﺴــامء ﻓﺴــﺠﺪ داود ﻟﻠﺮب وﻗﺎل" :أﻧﺎ أﺧﻄــﺄت وﻓﻌﻠﺖ اﻟﴩ ﻟﻜﻦ ﻫﻞ أﺧﻄﺄ ﻫﺬا اﻟﻘﻄﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس؟ ﻋﺎﻗﺒﻨﻲ أﻧﺎ ﻳﺎ رب ...أﻧﺎ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻘﺎب". ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ؟ ّإن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺸﻌﺐ ﻳﺘﺤﻤﻞ ذﻧﺒﺎً أﻳﻀﺎً ﱠ ﻷن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ مل ﺗﻜﻦ ﻣﺴــﺘﻘﻴﻤﺔ أﻣﺎم اﻟﺮب ﺤﺐ وﻳﺮﴇ ...وﻫﻨﺎ ﻋﺎد ﺟﺎد اﻟﺮايئ ﺑﺈﻳﻌﺎز ﻛام ُﻳ ّ ﻣﻦ اﻟــ ّﺮب ﻟﻴﻄﻠﺐ ﻣــﻦ داود أن ﻳﺒﻨﻲ ﻣﺬﺑﺤﺎً ﻋﲆ اﻷرض اﻟﺘﻲ رأى داود اﳌﻼك واﻗﻔﺎً ﻓﻮﻗﻬﺎ، ﻟﻠﺤﻨﻄﺔ ميﻠﻜﻪ أروﻧﺔ اﻟﻴﺒﻮﳼ. وﻫﻲ َﺑﻴﺪر ِ ﻓﺎﺳﺘﺠﺎب داود ﻷﻣﺮ اﻟ ّﺮب ﻋﲆ اﻟﻔﻮر واﺷﱰى اﻟﺒﻴــﺪر ﻣــﻦ ﺻﺎﺣﺒــﻪ وﺑﻨﻰ ﻣﺬﺑﺤــﺎً وأﺻﻌﺪ ﻣﺤﺮﻗﺎت وذﺑﺎﺋﺢ ﺳــﻼﻣﺔ ،وﻫﺎ ﻫــﻲ ﻧﺎر ﻣﻦ اﻟﺴــامء ﺗﻨــﺰل ﻓﺠﺄة ﻋــﲆ اﳌﺬﺑــﺢ ﻓﺘﺤﺮق اﻟﺬﺑﻴﺤــﺔ اﳌﻘﺪﻣــﺔ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎً ﻟﻠــ ّﺮب وﻫﺬا دﻟﻴﻞ اﻟﻘﺒﻮل .ﻓﺄﻋﺎد اﳌﻼك اﻟﺴﻴﻒ إﱃ ﻏﻤﺪه وﻋﺎد إﱃ اﻟﺴــامء .وﺗﺸــري ﻫﺬه اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ إﱃ اﻟ ّﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻷﻧﻪ ﻗ ّﺪم ﻧﻔﺴﻪ ﻋﲆ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﻛﺤﻤــﻞ ا Ôاﻟﺬي ﻳﺮﻓــﻊ ﺧﻄﻴﺔ اﻟﻌــﺎمل وﻫﻮ ﻛﻔﺎرة ﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﻛﻞ اﻟﺘﺎﺋﺒني إﱃ ا Ôﺣﺘﻰ ﻟﺨﻄﻴﺔ داود ﻫــﺬه ،وﺑﻨــﺎ ًء ﻋــﲆ ﻗﺒــﻮل ا Ôﻟﺬﺑﻴﺤﺔ ﻳﺴﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻳﻐﻔﺮ اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ،ﻳﻐﻔﺮ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ، وﻧﺤﻦ ﻣﺪﻋﻮون دوﻣــﺎً ﻟﻠﺼﻼة ﺑﺎﻟﻘﻮل" :اﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ". ٥٣
.٢١داود ﻳﺤﴢ و َﻳ ُﻌﺪﱡ
اﻟﺸﻌﺐ ٢) ...ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٢٤و ١أﺧﺒﺎر(٢٦:٢١
دﻋــﺎ اﳌﻠــﻚ داود ﻳــﻮآب ﻗﺎﺋﺪ ﺟﻴﺸــﻪ وﻗﺎل ﻟــﻪ" :ﻳﺎ ﻳﻮآب أرﻳﺪك أن ﺗﺠــﺮي إﺣﺼﺎء ﻋﺎ ًﻣﺎ ﻟﻌﺪد اﻟﺴــﻜﺎن ﰲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻲ ﻣﻦ أوﻟﻬﺎ ﻵﺧﺮﻫﺎ وﻣﻦ ﻃﻮﻟﻬــﺎ ﻟﻌﺮﺿﻬﺎ ﰲ ﻛﺎﻓﺔ اﳌﺪن واﻟﺒﻠﺪات واﻟﻘﺮى... ﻣﺎذا ﻳﺮﻳﺪ داود ﻣــﻦ ﻫﺬا اﻹﺣﺼﺎء؟ وﻫﻞ ﻛﺎن ذﻟــﻚ ﺑﺄﻣﺮ اﻟــﺮب؟ ﻻ ﺑﻞ ﻛﺎن ذﻟــﻚ ﻣﻦ ﺑﻨﺎت أﻓﻜﺎر داود إذ مل ﻳﺴﺘﴩ اﻟﺮب ﰲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ .إ ًذا ﳌﺎذا؟ ّإن داود ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻈﻤﺘﻪ وأﻫﻤﻴﺘﻪ ﻣــﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺮﻓــﺔ ﻋــﺪد ﺗﺎﺑﻌﻴــﻪ وﻣﻮاﻃﻨﻴﻪ واﻟﺬﻳــﻦ ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺘﻪ ،وﻫــﺬا ﺑﺎب ﻣﻦ أﺑﻮاب اﻟﻜﱪﻳﺎء ،ﻛام ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﺮف َ أﻳﻀﺎ ﻋﺪد اﻟﺠﻨﻮد اﳌﻘﺎﺗﻠــني ﰲ ﺟﻴﺸــﻪ ﻷن ﻛــرثة ﻋــﺪد اﻟﺠﻨﻮد ﺗﺠﻌﻠــﻪ ﰲ ﻣﺄﻣﻦ ﻣﻦ ﺧﻮف اﻷﻋﺪاء .وﻳﺒﺪو ﱠأن داود ﻗﺪ ﻧﴘ ﻣﻌﻮﻧﺔ ا Ôﻟﻪ ﰲ زﻣﻦ اﻟﺸــﺪاﺋﺪ أﻳﺎم ﻛﺎن ﻳﻮاﺟﻬﻬﻢ ،وأﻧﻪ ﻳﺜﻖ اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﻨﺎس أﻛرث ﻣام ﻳﺜــﻖ ﺑﺎﻟﺮب ،ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ أﻣــﺮ ﻓﻈﻴﻊ ،أﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻪ أﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ اﻷﺛﻴﻤﺔ. وأراد ﻳــﻮآب أن ﻳﺤ ﱢﺬر اﳌﻠﻚ ﻣــﻦ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﻓﻘﺎل ﻟــﻪ ﺑﻜﻼم ﻟﻄﻴﻒ" :ﻳﺠﻌﻠــﻚ اﻟﺮب أﻋﻈﻢ ﻣام أﻧــﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻵن! ﳌﺎذا ﻳﺮﻳﺪ ﺳــﻴﺪي اﳌﻠﻚ إﺣﺼﺎء اﻟﺸــﻌﺐ؟" وﻫﻨﺎ ﻧﺮى ّأن داود ﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﳌﺰﻳــﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ﺑﻞ ﺗﻨﻔﻴــﺬ أواﻣﺮه ﻓﻮ ًرا دون أﺑﻄﺎء .ﻟﺬا ﻧﺮى ﻳﻮآب ﻳﺴــﺎرع إﱃ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻷواﻣﺮ ﺑﺤﺬاﻓريﻫــﺎ ﻓﺄﺣﴡ اﻟﺸــﻌﺐ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ ﺑﻘﺎع اﳌﻤﻠﻜﺔ واﺳﺘﻐﺮق ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌﻪ ﺗﺴﻌﺔ ٥٢
أﺷــﻬﺮ ﻋﺎد ﺑﻌﺪﻫﺎ إﱃ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻗﺪﱠم ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺟﺪوﻻً ﺑﻌﺪد اﻟﺴــﻜﺎن ...ﻓﻬﻞ ﺗﻌﺘﻘﺪ ّأن اﳌﻠﻚ ﻛﺎن ﺳﻌﻴﺪًا؟ ﻻ ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﺣﺰﻳﻨًﺎ ﻓامذا ﺣﺪث ﺣﺘﻰ ﺑﺪا اﳌﻠﻚ ﻣﻀﻄﺮ ًﺑﺎ ﻫﻜﺬا؟ ﻟﻘﺪ اﻛﺘﺸــﻒ داود ﺳﻮء ﺗﴫﻓﻪ وأﻧﻪ ﻗﺪ أﺧﻄﺄ إﱃ اﻟﺮب ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤــﻞ ﻓﻨﺪم وﻃﻠﺐ اﻟﺼﻔﺢ واﻟﻐﻔﺮان ﻣﻦ اÔ ﺑﻜﻞ ﺗﻮاﺿﻊ أﻣﺎم ﻋﺰﺗﻪ اﻹﻟﻬﻴﺔ.
ﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ" :ﳌﺎذا ﻛﻞ ﻫﺬا اﻹﺣﺴﺎن وأﻧﺎ ﻣﺠﺮد ﻣــﻦ ﻛﻞ ﻗﻴﻤﺔ وﻗﺪ ﻻ أﺳــﺎوي أﻛرث ﻣﻦ ﻛﻠﺐ ﻣﻴــﺖ!" ودﻋﻲ ﺻﻴﺒــﺎ ﻟﻠﺪﺧﻮل وأﻣــﺮه اﳌﻠﻚ أن ﻳﺘــﻮﱃ إدارة ﻣﻤﺘﻠﻜﺎت ﻣﻔﻴﺒﻮﺷــﺚ وﻳﺄيت ﺑﺎﻷرﺑــﺎح واﻟﻌﻮاﺋﺪ اﳌﺎدﻳﺔ ﻟــﻪ وأن ﻳﻜﻮن ﻫﻮ وأﻓﺮاد أﴎﺗﻪ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ .ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻔﻴﺒﻮﺷــﺚ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧــﺖ أﻓﻜﺎر اﳌﻮت واﻟﻔﻨــﺎء ﺗﺮاوده وﻫﻮ
ﰲ ﻃﺮﻳﻘــﻪ ﻟﻠﻘﺎء اﳌﻠﻚ واﻵن ميﻜﻨﻪ أن ﻳﻌﻴﺶ ﺑﻜﻨﻒ اﳌﻠﻚ داود ﰲ رﺣﺎب اﻟﻘﴫ اﳌﻠيك. ﻫﻞ ﺗﻌﺮف مبﻦ ميﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺸﺒﻪ اﳌﻠﻚ داود ﺑﻬﺬا اﻟﺘﴫف؟ ﻧﺸــﺒﻬﻪ ﺑﺎﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي وﻟﺪ ﻣﻦ ﺳﻼﻟﺔ داود ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺠﺴﺪ ﻟﻜﻦ ﻋﲆ ﻧﺤــﻮ أﻋﻈﻢ وأﴍف وأﻗــﻮى ﻷﻧﻪ اﺑﻦ ا Ôﺑﺂن ﻣ ًﻌﺎ ،ﻟــﺬا ﻓﻬﻮ ﻣﻠﻚ ﻟﻸﺑﺪ .ﻓﻬﺬا اﻟﺼﻼح اﻟﺬي أﺑﺪاه داود ﻟﺮﺟﻞ ﻻ ﻳﺴــﺘﺤﻖ ﻣﺜﻞ ﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ ﻳﺸــﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ ﻧﺤﻮ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن ،وإن ﻛﺎن داود ﻗﺪ أﻋﻄﻰ ً أرﺿﺎ وﻣﻤﺘﻠﻜﺎت ﳌﻔﻴﺒﻮﺷــﺚ ﻓﺈن اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴــﻴﺢ ﻳﻌﻄــﻲ اﳌﻠﻜﻮت وﻳﺨﻠﺺ اﻟﺨﻄﺎة. ﺻﻼﺣــﺎ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﺤﺘﺎج وﻓﻘري ﻟﻘــﺪ أﻇﻬﺮ داود ً وﻧﺤــﻦ اﻟﺬﻳﻦ أﻓﻘﺮﺗﻨﺎ اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﻏﻨﻰ ا Ôوﺻﻼﺣــﻪ ،وﻟﱧ ﻛﺎن ﻣﻔﻴﺒﻮﺷــﺚ ﻻ ﻳﻘﻮى ﻋﲆ اﻟﺴــري ﺑﺸــﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ﻓــﺈن اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻗﺪ أﻋﺎﻗﺖ ﻣﺴــﻠﻜﻨﺎ ،ﻟﻜــﻦ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻮك ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻟﻨﺤــﺐ اﻟﺮب وﻧﻌﺒﺪه وﻧﺨﺪﻣــﻪ ﻃﻮال ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻷن اﻟــﺮب ﻳﻔﻌﻞ ﻟﻨﺎ وﺑﻨﺎ أﻛرث ﺑﻜﺜري ﻣام ﻗﺪّﻣﻪ داود ﳌﻔﻴﺒﻮﺷﺚ. أﻓﻼ ﻳﺴــﺘﺤﻖ اﻟﺮب ﻣﻨﺎ أن ﻧﻨﺤﻨﻲ أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻜﻞ اﺣــﱰام وﺗﻮاﺿﻊ ﻛــام ﻓﻌﻞ ﻣﻔﻴﺒﻮﺷــﺚ أﻣﺎم داود؟ ﻧﻌــﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻓﺎﳌﺘﻮاﺿﻌﻮن أﻣﺎم اﻟﺮب ﻣﻮﻋﻮدون ﺑﻨﻮال ﺻﻼح اﻟﺮب وﻋﲆ رأس ﻗﺎمئﺔ اﻟﺼــﻼح اﻟﺬي ﻳﻬﺒﻪ اﻟﺮب ﺗﺄيت ﻋﻄﻴﺔ اﻟﺒﻨﻮة إذ ﻧﺼري ﺑﺎﳌﺴﻴﺢ أﺑﻨﺎء ا ... Ôﻓﻴﺎ ﻟﻠﻐﻨﻰ اﻟﻌﻈﻴﻢ. ٥١
.٢٠داود وﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ ٢) ...ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ (٩ ﺑﻴﻨــام ﻛﺎن داود ﰲ ﻗﴫه ﻳﻔﻜﺮ وﺑﺘﺄﻣﻞ ﳌﻌﺖ ﰲ ذﻫﻨﻪ ﻓﻜﺮ ٌة ﻓﺴــﺄل أﺣﺪ ﻋﺒﻴﺪه" :ﻫﻞ ﺑﻘﻲ أﺣﺪ ﻣﻦ أﴎة ﺷــﺎول ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة؟ ﻷﻧﻨﻲ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻓﻘﺪ أرﻳــﺪ أن أﺳــﺪي إﻟﻴــﻪ ﻣﻌﺮو ًﻓــﺎ ً وﻋﺪت ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻮﻧﺎﺛﺎن اﺑﻦ ﺷﺎول وﻫﻮ ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺤﻤﻴﻢ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻛﺎن ﺣ ٍّﻴﺎ ،وﻟﻦ أﻧﴗ ﺻﺪاﻗﺘﻲ وﻣﺤﺒﺘﻲ ﻟﻪ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺒﺎدﻟﻨﻲ ﻧﻔﺲ اﳌﻮدة. ﻓﺎﺳــﺘﺪﻋﻰ اﻟﺨــﺪام إﱃ ﺣــﴬة اﳌﻠــﻚ رﺟ ًﻼ اﺳــﻤﻪ ﺻﻴﺒﺎ ﻛﺎن ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﳌﻠﻚ ﺷﺎول ﺳﺎﺑ ًﻘﺎ ﻓﺴــﺄﻟﻪ داود ﻧﻔﺲ اﻟﺴﺆال ﻓﻘﺎل ﻧﻌﻢ ﻫﻨﺎﻟﻚ رﺟﻞ أﻋﺮج ﻣﻌﺎق ﻫﻮ ﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ اﺑﻦ ﻳﻮﻧﺎﺛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﻗﺮﻳﺔ اﺳــﻤﻬﺎ ﻟﻮدﺑــﺎر ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ. ﻓﻄﻠﺐ داود ﻣﻦ ﺧﺎدﻣﻪ أن ﻳﺬﻫﺐ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر وﻳﺤﴬه إﻟﻴﻪ .وﻻ ﺷــﻚ ﱠأن ﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ ارﺗﻌﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻊ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ وﻇﻦﱠ ﱠأن اﳌﻠﻚ ﺳﻴﻨﺘﻘﻢ ﻣﻨــﻪ ﻷن ﺟﺪّه اﳌﻠﻚ ﺷــﺎول ﻛﺎن ﻋﺪ ّواً ﻟﺪوداً ﻟﺪاود وﺟﺎء إﱃ ﺣــﴬة اﳌﻠﻚ ﺑﻘﻠﺐ ﻣﺮﺗﻌﺶ ﻷﻧــﻪ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻣﺎذا ﻳﻀﻤﺮ ﻟــﻪ داود ﰲ ﻗﻠﺒﻪ! أﻟﻴﺲ ﺟــﺪّه ﻋﺪو اﳌﻠﻚ؟ وﻫﺎ ﻫــﻮ اﻵن أﻣﺎم ﻋﺮش اﳌﻠﻚ وﻗﺪ اﻧﺤﻨﻰ ﻟﻪ رﻏﻢ إﻋﺎﻗﺘﻪ ،ورمبﺎ اﺳــﺘﻨﺪ ﻋﲆ ﻋﻜﺎﻛﻴﺰ أو رمبﺎ ﺳــﺎﻋﺪه أﺣﺪﻫﻢ ﻋﲆ اﻻﻧﺤﻨــﺎء ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻻﺣــﱰام .وﺗﻮﺟﻪ إﻟﻴﻪ داود ﺑﺎﻟــﻜﻼم ﺑﻠﻬﺠﺔ ﻟﻄﻴﻔــﺔ ﺑﺪدت ﻣﺨﺎوﻓﻪ وﻗﺎل ﻟــﻪ" :ﻻ ﺗﺨﻒ ﻳﺎ ﻣﻔﻴﺒﻮﺷــﺚ ﻓﺄﻧﺎ أرﻳﺪ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻷن ﻫﺬا ﻫﻮ أن أﺻﻨــﻊ ﻣﻌﻚ ﻣﻌﺮو ًﻓــﺎ ً وﻋﺪي اﻟﺬي ﻗﻄﻌﺘﻪ ﻟﻮاﻟﺪك ﻳﻮﻧﺎﺛﺎن ،وﺳﺄﻋﻴﺪ ٥٠
ﻟــﻚ ﻣﻠﻜﻴــﺔ ﻛﻞ اﻷراﴈ اﻟﺘــﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺠﺪك اﳌﻠﻚ ﺷــﺎول ﻓﻬﻲ اﻵن ﻟــﻚ وأﻧﺖ ميﻜﻨﻚ أن ﺗﻌﻴﺶ ﻣﻌﻲ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻘﴫ وﺗﺄﻛﻞ ﻋﲆ ﻣﺎﺋﺪيت ﻛﻞ ﻳﻮم" ﻓﺎﻧﺤﻨﻰ ﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ ﺣﺘﻰ ﻛﺎد ﻳﻼﻣﺲ اﻷرض ﻷﻧــﻪ أﻣــﺮ ﻻ ﻳﺼﺪق ﻓﻌ ًﻼ أن ﻳﺴــﻤﻊ اﳌﻠﻚ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻬــﺬه اﻟﻌﺒﺎرات ﺑﻨﻔﺴــﻪ ،ﻓﻘﺎل
وﺳﻘﻂ ﻋﲆ اﻷرض ﺑﻼ ﺣﺮاك! ﺗﻮﻗﻒ اﳌﻮﻛﺐ وﺗﻮﻗﻔﺖ اﳌﻮﺳــﻴﻘﻰ وﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻔﺮﺣــﺔ إﱃ ﺣــﺰن ﺷــﺪﻳﺪ .ﻓــامذا ﻳﻔﻌﻠﻮن ﺑﺨﺼــﻮص اﻟﺘﺎﺑــﻮت؟ ﻻ ميﻜﻨﻬــﻢ أن ﻳﺘﺎﺑﻌﻮا اﻟﺴري إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ﻷن اﻟﺮب ﻏﺎﺿﺐ ﻓﻮﺿﻌﻮه ﰲ ﺑﻴﺖ ﻋﻮﺑﻴــﺪ آدوم اﻟﺠﺘّﻲ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﲆ أواﻣﺮ داود وﻋﺎدت اﻟﺠامﻫري ﺑﺼﻤﺖ إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﺎ... وﻣﺎذا ﺑﺨﺼــﻮص داود؟ إﻧﻪ ﻏﺎﺿﺐ ﻫﻮ اﻵﺧﺮ وﺣﺰﻳــﻦ ﻷن اﻷﻣــﺮ ﺳــﺎر ﰲ ﺑﺪاﻳﺘــﻪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺤــﺐ وﻳﺮﻏﺐ ﻟﻜﻦ اﻟﻨﻬﺎﻳــﺔ مل ﺗﻜﻦ ﻣﻮﻓﻘﺔ. ﻓﻤــﻦ اﻟــﺬي أﺧﻄﺄ؟ ﻻ ﺷــﻚ ﱠأن رﻏﺒــﺔ داود ﻛﺎﻧﺖ ﴍﻳﻔﺔ إذ ﺳــﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺘﺎﺑﻮت ،أﻣﺎ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻨﻘﻞ ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن وﻓﻖ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
اﻟﺘﻲ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻬﺎ ا Ôوﻟﻴﺲ ﺣﺴــﺐ ﻣﺎ ﻳﺮاه داود درﺳﺎ ﺑﺄن ﻧﺴﺄل دامئًﺎ ﻣﺎ ﻣﻨﺎﺳــ ًﺒﺎ .وﻫﻨﺎ ﻧﺘﻌﻠﻢ ً ﻫﻲ إرادة اﻟﺮب ﻓﻴام ﻧﻔﻌﻠﻪ. وﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﺳﻴﻌﻮد داود إﱃ اﻟﺘﺎﺑﻮت ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻷﻧﻪ ﺳــﻤﻊ ﻛﻴﻒ ﺑﺎرك ا Ôﺑﻴﺖ ﻋﻮﺑﻴﺪ آدوم اﻟﺬي ﻗــ ﱠﺪم ﻛﻞ اﻻﺣﱰام ﻟﻠﺘﺎﺑــﻮت ﺧﻼل وﺟﻮده ﰲ ﺑﻴﺘﻪ .وﻃﺒ ًﻌﺎ ﻳﻔﻜــﺮ داود اﻵن ﺑﺎﻧﺘﺒﺎه وﺣﺮص ﺷــﺪﻳﺪﻳﻦ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮر اﻟﺘﻘﻴــﺪ ﺑﺘﻌﻠﻴامت اﻟﺮب اﻹﻟﻪ ...ﻻ ﻣﺮﻛﺒﺔ أﻣﺎم ﻣﻮﻛﺐ اﻟﻨﻘﻞ ﺑﻞ ﻳﺤﻤﻠﻪ اﻟﻼوﻳــﻮن ﻋﲆ اﻷﻛﺘﺎف ﻣﻊ ﺣامﻻت ﺧﺸــﺒﻴﺔ ﻧﺎﺟﺤﺎ ﺣﺴﺐ اﻷﺻﻮل ،وﻫﻜﺬا ﻛﺎن اﻻﺣﺘﻔﺎل ً واﻟﻌــﺰف واﻟﻐﻨﺎء راﺋﻌــني ﻷن اﻟﻔﺮﺣﺔ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻮﺟــﻮه ﻛﺎﻧــﺖ ﻋﺎﻣﺮة وﻏﺎﻣــﺮة .ﺣﺘﻰ داود ﻛﺎن ﻳﺮﻗﺺ ﻣﻦ ﺷــﺪة اﻟﻔــﺮح !! وﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ أﺗﻮا ﺑﺎﻟﺘﺎﺑﻮت إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ ووﺿﻌﻮه ﰲ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺮب اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ﻟﻠﺮب. وﻗﺪ أﻋﻄﻰ داود ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺷــﺎرك ﰲ اﻻﺣﺘﻔﺎل رﻏﻴﻒ ﺧﺒﺰ وﻛﺄس ﺧﻤــﺮ وﻗﺮص زﺑﻴﺐ وﻋﺎد ﻓﺮﺣﺎ. ﻛﻞ واﺣﺪ إﱃ ﺑﻴﺘﻪ ً ﻓﻬﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺸــﻌﺮون ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة؟ ﻻ ،ﻓﻤﻴﻜﺎل زوﺟﺔ داود ﻻ ﺗﺒﺪو ﺳﻌﻴﺪة ﻷﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻈﺮت ﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬة ﻗﴫﻫﺎ ورأت داود ﻳﺮﻗﺺ أﻣﺎم ﺗﺎﺑﻮت ﻋﻬــﺪ اﻟﺮب مل ﺗﻠﺒﺲ اﻟﺤﻠــﺔ اﳌﻠﻮﻛﻴﺔ ﻛام ﻳﺠﺐ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ اﺣﺘﻘــﺮت زوﺟﻬﺎ داود ﻷﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد إﱃ ﻗﴫه ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺑﺎﺳــﺘﻬﺰاء" :ﻫﻞ ﻫﻜﺬا ﻳﻔﻌﻞ اﳌﻠﻚ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ؟ أﻧﺖ ﺗﺮﻗﺺ ﻣﻊ اﻟﻌﺒﻴﺪ وﰲ وﺳﻄﻬﻢ وﻟﺴﻮف ﻟﻦ ﻳﻘﺪﻣﻮا ﻟﻚ أﺑــﺪا" .ﻟﻜﻦ داود ﻗﺎل ﻟﻬﺎ" :اﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ اﻻﺣﱰام ً أن ﻳﺴــﻜﻦ ﰲ وﺳــﻄﻨﺎ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ أﻧﺎ ﺳﻌﻴﺪ وأﻧﺎ أرﻳﺪ أن أﺧﺪم وأﻋﺒﺪ اﻟﺮب ﺑﺘﻮاﺿﻊ ﻣﻊ ﻛﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ". ٤٩
.١٩داود وﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ ٢) ...ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٥؛ (٦ ﻫــﺎ ﻗﺪ ﺻــﺎر داود ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻋﲆ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﻫــﺬا وﻋﺪ ﺳــﺒﻖ أن أﺧﺬه ﻣــﻦ اﻟﺮب اﻟﺬي ﱡ ﻳﺨــﻞ ﺑﻮﻋﻮده أﺑﺪًا. وﰱ ﺑﻮﻋــﺪه ﻷن اﻟﺮب ﻻ وﻃﺒ ًﻌــﺎ ﻳﻌﻴﺶ اﳌﻠــﻚ داود ﰲ ﻗﴫ ﺟﻤﻴﻞ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ وﻫﻮ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ ﻧﻘــﻞ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ إﱃ ﻫــﺬه اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﻴﻜﻮن ﻗﺮﻳ ًﺒﺎ ﻣﻨﻪ .واﻟﺘﺎﺑﻮت ّ ﻣﻐــﴙ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻛﺎن ﻳﻮﺿﻊ ﰲ ﻫﻮ ﺻﻨﺪوق ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع ﰲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜﻮن ﺳــﻜﻨﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺎﺑﻮت .وداود ﻳﺤﺐ ا Ôوﻳﻌــﺮف ّأن ا Ôﻫــﻮ اﳌﻠﻚ اﻷﻋﲆ وﻫــﻮ ﻣﻠﻚ داود ،وﻟــﺬا ﻳــﻮد داود أن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺎﺑﻮت ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ. واﻟﺘﺎﺑﻮت مل ﻳﻜﻦ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﰲ أورﺷــﻠﻴﻢ ،وﻻ ﺣﺘﻰ ﰲ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع ﺑﻞ ﰲ ﺑﻴﺖ أﺑﻴﻨﺎداب ﰲ ﻗﺮﻳﺔ ﻳﻌﺎرﻳﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎن داود ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻪ ﻟﻴﻨﻘﻠﻪ ﻣــﻦ ﻫﻨﺎك .وﻗﺪ وﺟــﻪ داود دﻋــﻮات إﱃ ﻛﻞ وﺟﻬﺎء اﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻟﻴﺄﺗﻮا وﻳﺸﺎرﻛﻮا ﰲ اﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ اﻟﻨﻘﻞ ...أﻟﻴﺲ ا Ôﻫﻮ اﳌﻠﻚ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ ﺷــﻌﺒﻪ؟ ﻟﺬﻟﻚ رﺗــﺐ داود ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻴﻨﻘﻞ اﻟﺘﺎﺑﻮت ﻋﻠﻴﻬﺎ .ومل ﻳﻜﻦ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪه اﻟــﺮب ﻓﺎﻟﺘﺎﺑﻮت ﻻ ﻳﻨﻘﻞ ﻋﲆ ﻋﺮﺑﺔ ﺑﻞ ﻳﺤﻤﻞ ﺣﻤ ًﻼ ﻋﲆ اﻷﻛﺘﺎف ،ﻫﻜﺬا ﻳﻘﻮل اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ،ﻟﻜﻦ داود مل ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻊ اﻷﺳــﻒ! وﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺠﻤﻮع اﻟﻐﻔرية ﺗﺰﺣﻒ إﱃ ﺑﻴﺖ أﺑﻴﻨﺎداب وﻫﺎ ﻫــﻮ اﻟﺘﺎﺑﻮت ﻗﺪ وﺿﻊ ﻋــﲆ اﻟﻌﺮﺑﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﺠﺮﻫﺎ ﺛــريان ﻗﻮﻳﺔ ّ وﻳﺘﻮﱃ ﻋُ ﺰﱠة وﻫﻮ أﺣــﺪ أوﻻد أﺑﻴﻨﺎداب ﻗﻴــﺎدة اﻟﻌﺮﺑﺔ ﻳﺘﺒﻌﻪ اﻵﻻف ﻣﻦ ﺟامﻫري اﻟﺸــﻌﺐ ﻣﻊ أﺟﻮاق اﻟﻌﺎزﻓــني ّ واﳌﺮمنــني اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﺪﺣــﻮن ﺑﺄﻋﺬب ٤٨
اﻷﻟﺤﺎن .إﻧﻪ ﻳﻮم اﺣﺘﻔﺎل ﻛﺒري ﺣ ًﻘﺎ .اﻟﻜﻞ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺎﻟﺤــﺪث وﻋﲆ اﻷﺧــﺺ داود ،وﻳﺘﺎﺑﻊ اﳌﻮﻛﺐ ﺳريه ﻧﺤﻮ أورﺷﻠﻴﻢ. وﻓﺠﺄة ،اﻧﺸــﻤﺺ أﺣﺪ اﻟﺜريان ،ﻓﻤﺪ ﻋُ ﺰﱠة ﻳﺪه ﺣﺮﺻﺎ ﻣﻨﻪ ﻋﲆ ﻋﺪم وﻗﻮﻋﻪ ﻋﲆ إﱃ اﻟﺘﺎﺑﻮت ً اﻷرض ،وﻳﺒــﺪو ﱠأن اﻟ ّﺮب ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﴫف ﻷﻧﻪ ﻏري ﻣﺴﻤﻮح ﻷﺣﺪ أن ﻳﻠﻤﺲ اﻟﺘﺎﺑﻮت وﻗﺪ ﻧﻬﻰ اﻟﺮب ﻋﻦ ذﻟــﻚ ﺑﻜﻞ وﺿﻮح ﻋﲆ اﻋﺘﺒﺎر أن اّ Ô ﻛﲇ اﻟﻘﺪاﺳــﺔ واﻹﻧﺴﺎن ﺧﺎﻃﺊ وﻳﻌﺘﱪ ﻫﺬا اﻟﻠﻤﺲ ﻋﺪم اﺣــﱰام ﻟﻬﻴﺒﺔ ا .Ôﻃﺒ ًﻌﺎ ،مل ﻳﺨﻄــﺮ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺒﺎل ﻋُ ﺰﱠة ،ﻓامت ﻋﲆ اﻟﻔﻮر
ﻗﺪ أﺧﺬوا أﴎى ...ﻟﻘﺪ ﻫﺎﺟﻢ اﻟﻌامﻟﻴﻖ اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻧﻬﺒﻮا وﺳﺒﻮا وأﺣﺮﻗﻮا ﻛﻞ ﳾء. وأﺧــﺬ أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل اﻷﺷــﺪاء ﻳﺒﻜــﻮن ،وﺑىك ﻣﻌﻬــﻢ داود ً أﻳﻀــﺎ ،إﻧــﻪ أﻣﺮ ﻣﺮﻋــﺐ! وﻧﻈﺮ اﻟﺮﺟــﺎل إﱃ داود ﺑﻐﻀــﺐ وأﻟﻘــﻮا اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻓ ّﻜﺮوا ﺑﺮﺟﻤﻪ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻟﻪ ﻷن ﺣﺰﻧﻬﻢ اﺷﺘﺪ إﱃ درﺟــﺔ ﻛﺒرية .وﻻﺣــﻆ داود ذﻟﻚ ومل ﻳﻜﻦ مبﻘﺪوره أن ﻳﻔﻌﻞ أي ﳾء ﻓﻘﺪ وﻫﻨﺖ ﻋﺰميﺘﻪ وﺧﺎرت ﻗﻮاه وﻻم ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻌﺘﱪاً ﱠأن اﻟﺬﻧﺐ ذﻧﺒﻪ ﻓﻌــ ًﻼ ﻷﻧﻪ مل ﻳﻀﻊ ﺛﻘﺘــﻪ اﳌﻄﻠﻘﺔ ﺑﺎ ... Ôوﻗﺎل ﰲ ﻧﻔﺴــﻪ" :ﻟﻘــﺪ ﺧﺪﻋﺖ اﻵﺧﺮﻳــﻦ وأﴎﻓﺖ ﺑﺎﻟﻜﺬب ،ﻓﻬﻞ ﺳﻴﺴــﺎﻋﺪين اﻟــﺮب ﺛﺎﻧﻴﺔ؟" ﻧﻌﻢ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ،ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ اﳌﺴــﺎﻋﺪة ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻴﺪ
اﻷﻣﻮر إﱃ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ أوﻻً وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺒﺎﴍ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ وﻋﺪ ﺑﻪ داود ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﺨﻠﻒ ﺷﺎول ﰲ اﳌﻠﻚ ﻋﲆ اﻟﺸــﻌﺐ .وﻳﺴــﻤﺢ اﻟﺮب ﻟﺪاود ﺑﺄن ﻳﺴﺘﺠﻤﻊ ﻗﻮﺗﻪ وﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ...ﻓﻜﻢ ﻛﺎن اﻟﺮب ﻣﺤﺴﻨًﺎ إﻟﻴﻪ. وﻋﺎد داود ﻳﺴــﺄل اﻟﺮب وﻳﺴﺘﺸريه ﻓﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑــﺄن ﻳﻬﺎﺟﻢ ﻋامﻟﻴﻖ ووﻋــﺪه ﺑﺎﻟﻨﴫ ﻋﻠﻴﻬﻢ، وﻫﻜﺬا ﻳﻨﻘﺬ اﻟﻨﺴــﺎء واﻷﻃﻔﺎل اﻷﴎى .وﻓﻌ ًﻼ متﻜــﻦ داود ورﺟﺎﻟــﻪ ﻣﻦ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻛﻞ اﻟﻨﺴــﺎء واﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ دون أن ﻳﻔﻘﺪ أي ﻓﺮد ﻣﻨﻬﻢ ... ﻓﻤﺘﻰ اﺻﻄﻠﺤﺖ اﻷﻣﻮر ﻣﻊ داود؟ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد ﻳﺴﺄل اﻟﺮب وﻳﻄﻠﺐ ﻣﺸﻮرﺗﻪ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻋﻤﻠﻪ .ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﺗﺄيت اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻮﻓﻘﺔ وﻧﺎﺟﺤﺔ وﻣﺒﺎرﻛﺔ!! ٤٧
.١٨داود ﰲ ﺻﻘﻠﻎ ١) ...ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٢٧؛ ٢٨؛ ٢٩؛ (٣٠ ﻛﺎن ﺷﺎول ﻣﺎ زال ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ داود ،ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل داود ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﱠإن ﺷﺎول ﺳﻴﺠﺪين ﺣﺘ ًام وﺳﺄﻗﻊ ﰲ ﻳﺪه وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺳﻴﻨﻬﻲ ﺣﻴﺎيت ﻓﻤﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن اذﻫﺐ إﱃ أرض اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴني ﻣﻊ رﺟﺎﱄ وﻫﻜﺬا أﻛﻮن ﰲ ﻣﺄﻣﻦ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺷﺎول ...ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﺮﻳﺪ اﻟــﺮب أن ﻳﻨﺰل داود إﱃ أرض اﻟﻔﻠﺴــﻄﻴﻨﻴني؟ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﱠإن داود مل ﻳﺴــﺄل اﻟﺮب ﰲ ذﻟﻚ ... وﻳﺎ ﻟﻸﺳــﻒ ،ﻫﻞ ﺗﻌﺮف ﻣﺎذا ﻧﴘ داود ً أﻳﻀﺎ؟ ﻟﻘﺪ ﻧﴘ داود وﻋﺪ اﻟﺮب ﻟﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﺼري ﻣﻠ ًﻜﺎ ﺧﻠ ًﻔﺎ ﻟﺸــﺎول ،وﺑﻨﺎء ﻋﲆ وﻋــﺪ اﻟﺮب ﻣﻦ ﻏري اﳌﻤﻜﻦ ﻟﺸــﺎول أن ﻳﻨﺎل ﻣﻦ داود أو ﻳﻘﺘﻠﻪ ... ﻟﻘﺪ ﻓﻘﺪ اﻟﺜﻘــﺔ ﺑﺎﻟﺮب ﰲ ﺗﻠﻚ اﳌﺮﺣﻠﺔ وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺴري اﻷﻣﻮر ﻣﻌﻪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮام ! ووﺻــﻞ داود إﱃ أﺧﻴــﺶ ﻣﻠــﻚ اﻟﻔﻠﺴــﻄﻴﻨﻴني وﻃﻠﺐ اﻟﺴــامح ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﻘﻴــﻢ ﻋﻨﺪه ﻣﻊ رﺟﺎﻟﻪ، ﻓﺴﻤﺢ اﳌﻠﻚ ﻟﺪاود ﺑﺄن ﻳﺴﻜﻦ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﺳﻤﻬﺎ ﺻﻘﻠﻎ ،وﻛﺎن داود ﻳﺤــﺎرب أﻋﺪاء اﳌﻠﻚ أﺧﻴﺶ وﻳﺴﺎﻧﺪ ﺟﻴﺸﻪ ...وﺳﺄﻟﻪ اﳌﻠﻚ أﺧﻴﺶ ذات ﻣﺮة، أﻳــﻦ ﺗﻘﺎﺗﻞ؟ ﻓﻘﺎل داود ﰲ أرض ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ... ﺻﺤﻴﺤــﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ وداود مل ﻳﻜﻦ وﻫــﺬا مل ﻳﻜﻦ ً ﻳﻘــﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ...وﻫــﺬا ﻛﺬب ﻃﺒ ًﻌــﺎ ﻣﻊ ﱠأن اﳌﻠﻚ أﺧﻴﺶ ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﻣﴪو ًرا ﻣام ﺳــﻤﻌﻪ ﻣﻦ داود ﻇﻨًﺎ ﻣﻨــﻪ ﱠأن داود ﺻﺎر ﻋﺪ ًوا ﺣﻘﻴﻘ ًﻴﺎ ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وأﻧﻪ ﺳــﻴﻜﻮن ﺗﺤﺖ أﻣــﺮه وﰲ ﺧﺪﻣﺘﻪ دامئًــﺎ !! وذات ﻳﻮم ﻗــﺮر أﺧﻴﺶ أن ﻳﺤﺎرب ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴــﻞ وﻻ ﺑﺪ ﻟﺪاود أن ﻳﻨﻀــﻢ إﻟﻴﻪ ﰲ ﺣﺮﺑﻪ ﻫﺬه ﻷن أﺧﻴﺶ اﺳــﺘﺪﻋﺎه ﻃﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﻨﻪ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﻣﺰﻋﺠﺎ ﻟﺪاود ،أن ﻳﺤﺎرب ﺑﺠﻴﺸﻪ ،وﻛﺎن ﻫﺬا أﻣ ًﺮا ً ٤٦
ﺷــﻌﺒﻪ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺤــﺐ ذﻟﻚ وﻟﻜﻨــﻪ ﻻ ﻳﺠﺮؤ ﰲ ﻳﴫح ﺑﻬﺬا ﻟﻠﻤﻠﻚ أﺧﻴﺶ. اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﲆ أن ّ وﻫﺬا ﻳﺤﺪث ﻋﻨــﺪ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺬب ﻓﺈﻧــﻪ ﻳﺪﺧــﻞ ﰲ ﴏاع داﺧﲇ ﻣﺮﻳــﺮ ...وﺑﻘﻲ أن ﺗﻌــﺮف ّأن ﻣﻠﻮ ًﻛﺎ آﺧﺮﻳــﻦ اﻧﻀﻤﻮا إﱃ أﺧﻴﺶ ﳌﺤﺎرﺑﺔ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﺷ ّﻜﻠﻮا ً ﺟﻴﺸﺎ ﻛﺒري اﻟﻌﺪد ﳌﺤﺎرﺑﺔ اﳌﻠﻚ ﺷﺎول ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأوا داود ﺑني ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﻷﺧﻴﺶ" :ﻻ ﻧﺮﻳﺪ داود ﻣﻌﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﻟﺴــﻮف ﻳﻘﺎﺗﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﻮض أن ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺷﻌﺒﻪ .وﻫﻮ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺷﺎوس وأﺑﻄﺎل ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﺸــﺠﻌﺎن" ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ أﺧﻴﺶ" :ﻻ داﻋﻲ ﻟﻠﻘﻠﻖ ﺑﻞ ﺳﻴﻘﺎﺗﻞ ﺷﺎول ﻣﻌﻨﺎ" .ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﳌﻠﻮك أﴏوا ﻋﲆ اﺳــﺘﺒﻌﺎد داود ورﺟﺎﻟﻪ وﻟﻬﺬا أﺧﱪه أﺧﻴــﺶ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ داود" :أمل أﺧﺪﻣﻚ ﺑــﻜﻞ أﻣﺎﻧﺔ دامئﺎً؟" ﻗﺎل أﺧﻴــﺶ" :ﺻﺤﻴﺢ ،ﻟﻜﻦ اﳌﻠــﻮك اﻵﺧﺮﻳــﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻚ ﻣﻌﻬــﻢ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ" .وﺗﻈﺎﻫــﺮ داود ﺑﺎﻻﻧﺰﻋﺎج ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﴪور ﻗﻠﺒ ًﻴﺎ .وﻫﻨــﺎ ﻧﺮى ﻋﺪم أﻣﺎﻧﺔ داود ﻷﻧــﻪ ﺧﺪع أﺧﻴﺶ ،ﻣﻊ ّأن اﻟــﺮب ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﺪاود أن ﻳﺤــﺎرب أﺧﻮﺗﻪ ،ﻟﻜﻦ اﻟــﺮب ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺐ أﺣﺪاث ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻓﻀﻞ ﺟﺪًا ﻣام ﻧﻔﺘﻜﺮ. وﻋﺎد داود ورﺟﺎﻟﻪ إﱃ ﺻﻘﻠﻎ ﺣﻴﺚ اﺷﺘﺎﻗﻮا إﱃ ً ﻗﺴــﻄﺎ ﻣﻦ اﻟﺮاﺣﺔ وﻳﺮوا ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ أن ﻳﺄﺧﺬوا اﻟﺬﻳﻦ اﺑﺘﻌﺪوا ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﱰﺑﻮا ﻣــﻦ اﳌﺪﻳﻨــﺔ وﺟﺪوا ﺳــﺤﺐ اﻟﺪﺧﺎن ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣﻨﻬــﺎ ،ﻓام ﻫﺬا؟ ﻣﺎ اﻟــﺬي ﻳﺮوﻧﻪ ﻋﻦ ﺑﻌــﺪ؟ وﻫﺮﻋﻮا إﱃ اﳌﻜﺎن ﺣﻴﺚ وﺟﺪوا اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻗﺪ أﺣﺮﻗﺖ وﻻ أﺣﺪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻛﻞ اﻟﻨﺴــﺎء واﻷوﻻد
رﻋﺎة ﺷﺎول ﻣﻮﺟﻮدًا. وﻛﺎن ﺷﺎول ورﺟﺎﻟﻪ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ داود .وﻫﺎ ﻫﻮ ﻫﻨﺎك ﻋﲆ اﻟﺘﻞ ورﻣﺤﻪ ﺑﻴﺪه ً ﻋﻠام ﺑﺄن ﺷــﺎول ﻛﺎن ﻳﺸــﻚ ﺑﺮﺟﺎﻟﻪ ﻇﻨًﺎ ﻣﻨﻪ أﻧﻬﻢ ﻳﺴــﺎﻋﺪون ﴎا .وﺳــﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﺸــﻚ ﻫﻮ ﻏريﺗﻪ ﻣﻦ داود ٍّ داود ﻃﺒ ًﻌــﺎ ،وﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻐــرية إﱃ ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﰲ اﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﻓﺈن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻄﻠــﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب إزاﻟﺔ ذﻟﻚ ﻣــﻦ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ وأن ﻳﻌ ّﻠﻤﻨــﺎ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻐــرية واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ
ﺧﻄﻴﺘــﺎن ﻣﻘﻴﺘﺘﺎن ،وﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ إﱃ أﻳﻦ ﺗﻘﻮد اﻟﻐرية واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ؟ ذﻫﺐ دواغ اﻵدوﻣﻲ وأﺧﱪ اﳌﻠﻚ ﺷــﺎول ﺑﺄﻧﻪ ﺷــﺎﻫﺪ أﺧﻴامﻟــﻚ ﻳﺴــﺎﻋﺪ داود ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺣــﺪا ﺑﺮﺋﻴــﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ أﺧﻴامﻟﻚ أن ﻳــﺄيت ﻓﻮ ًرا ﻣــﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣــﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ إﱃ اﳌﻠﻚ ﺷــﺎول. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎؤوا إﻟﻴﻪ ﻗﺎل ﻟﻬﻢ" :ﳌﺎذا ﺳــﺎﻋﺪﺗﻢ وﺳﻼﺣﺎ داود؟ ﻟﻘﺪ أﻋﻄﻴﺘﻢ ﻟﻬﺬا اﳌﺘﻤﺮد ﺧﺒﺰًا ً ﳌﻘﺎﺗﻠﺘــﻲ" ﻓﻘﺎل أﺧﻴامﻟــﻚ" :أﻟﻴﺲ داود ﻣﻦ رﺟﺎﻟﻚ اﻷوﻓﻴــﺎء؟ ﻓﻬﻞ متﺮد ﻋﻠﻴــﻚ؟ إن ﻛﺎن ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻓﺄﻧﺎ ﻟﺴــﺖ ﻋﲆ ﻋﻠــﻢ ﺑﺬﻟﻚ!" ﻓﻘﺎل ً ﺷﺎول" :ﺑﻞ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﳌﻮت ﻳﺎ أﺧﻴامﻟﻚ وﻣﻌﻚ ﻛﻞ اﻟﻜﻬﻨــﺔ" وﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺟﻨﻮده أن ﻳﻘﺘﻠﻮﻫﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﺑﺴﺒﺐ أﻧﻬﻢ ﺳﺎﻋﺪوا داود ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﻢ أﻧــﻪ ﻫﺎرب ﻣــﻦ وﺟﻪ اﳌﻠﻚ .ﻟﻜــﻦ اﻟﺠﻨﻮد مل ﻳﺴــﺘﺠﻴﺒﻮا ﻟﻄﻠﺐ اﳌﻠﻚ .ﻓﻬــﻞ ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ أن ﻳﻘﺘﻠــﻮا ﺧﺪام ا Ôﻣﻦ اﻟﻜﻬﻨﺔ؟ إﻧﻪ أﻣﺮ ﺷــﻨﻴﻊ وﻣﻘﻴﺖ ...ﻻ ﻟﻦ ﻳﻔﻌﻠﻮا ذﻟﻚ. ﻓﻐﻀﺐ ﺷــﺎول ﻣﻦ ﺟﻨــﻮده وﻃﻠﺐ ﻣــﻦ دواغ اﻵدوﻣﻲ أن ﻳﻘﺘﻠﻬﻢ ﻓﻘﺘﻠﻬﻢ ﺑﻜﻞ وﻗﺎﺣﺔ ﺑﺴــﻴﻔﻪ وﻗــﺪ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﺧﻤﺴــﺔ ومثﺎﻧــني ﻛﺎﻫﻨًﺎ ﺑﻠﺒﺎﺳﻬﻢ اﻟﻜﻬﻨﻮيت اﻟﻨﺎﺻﻊ اﻟﺒﻴﺎض .ﺛﻢ ذﻫﺐ دواغ اﻵدوﻣــﻲ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻮب ﻧﻔﺴــﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻄﻦ اﻟﻜﻬﻨــﺔ وﻗﺘــﻞ ﻛﻞ ﺣﻲ ﻓﻴﻬﺎ مبﺎ ﻓﻴﻬــﻢ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﺮﺿــﻊ ...ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻌﺎر ﻣﻦ ﻫــﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﺿﻴﻊ ...ومل ﻳﻨــﺞ ﻣﻦ اﳌﻮت إﻻ واﺣــﺪ ﻫﻮ أﺑﻴﺎﺛﺎر اﺑﻦ أﺧﻴامﻟﻚ إذ ﻫﺮب إﱃ داود وﺑﻘﻲ ﻋﻨﺪه. ﻟﻘﺪ ارﺗﻜﺐ ﺷــﺎول ودواغ ﺟﺮاﺋﻢ إﺑﺎدة وﻗﺘﻞ ...ﻓﻬــﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴــﻒ ﱠأن ﱠ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺪأ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﺎﻟﻐرية واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ؟ ٤٥
.١٧ﻛﻬﻨﺔ ﻧﻮب ١) ...ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٢١؛ (٢٢ أﻋﻄﻲ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻫﻮ ﺷــﺎول ﺑﻦ ﻗﻴﺲ، وﻛﺎن أول ﻣﻠــﻚ ﻋﻠﻴﻬــﻢ .ﻟﻜﻨــﻪ مل ﻳﻜﻦ ﻣﻠ ًﻜﺎ ﺻﺎﻟﺤــﺎً ﻷﻧﻪ مل ﻳﻄﻊ اﻟــﺮب ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل اﻟﺮب "ﺳــﺄﻋني ﻣﻠﻜﺎً آﺧــﺮ ﻋﻮﺿﺎً ﻟﻠﻨﺒــﻲ ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ: ّ ﻋﻨــﻪ ،أرﻳﺪ ﻣﻠــﻜﺎً ﻣﻄﻴﻌﺎً" وﻫﻜــﺬا أﻣﺮ اﻟﺮب ﻧﺒ ﱠﻴﻪ ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ﺑﺄن ميﺴــﺢ داود ﻣﻠــﻜﺎً .وﻛﺎن داود راﻋﻴــﺎً ﺛﻢ ﺻﺎر ﻗﺎﺋﺪاً ﻋﺴــﻜﺮﻳﺎً ﰲ ﺟﻴﺶ اﳌﻠﻚ ﺷــﺎول وﻛﺎن ﺷﺠﺎﻋﺎً ﺑﺎﺳــ ًﻼ ﻓﻨﺎل ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻨﺎس ﻣﺎ أﺛﺎر ﻏرية ﺷــﺎول اﻟﺬي ﻗﺎل ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﱠإن اﻟﺸــﻌﺐ ﻳﺤﺐ داود أﻛرث ﻣﻨﻲ ﻓﺮمبﺎ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺼــري ﻣﻠﻜﺎً ﻋﻮﺿﺎً ﻋﻨﻲ .ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮر ﺷــﺎول أن ﻳﺘﺨ ّﻠــﺺ ﻣــﻦ داود وﻛﺎن داود ﻳﻌﻠــﻢ ّأن ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﺧﻄﺮ ّ وأن ﺷــﺎول ﻳﻨﻮي ﻗﺘﻠﻪ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻗــﺮر داود أن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﻣــﻜﺎن آﻣﻦ ﻓﺮﺣﻞ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﺳﻤﻬﺎ ﻧﻮب وﻫﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘــامع ﻣﻊ ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ وﻫﻨﺎ ﻳﻘﻴﻢ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﺧﺪام ا Ôوﻋﲆ رأﺳــﻬﻢ رﺋﻴﺲ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ واﺳــﻤﻪ أﺧﻴامﻟــﻚ .ﻓﺠﺎء إﻟﻴﻪ داود وﻫــﻮ ﰲ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع ّ ﻓﻠام رأى داود مبﻔﺮده اﺳــﺘﻐﺮب ﻷن ﻣﻦ اﳌﻔﺮوض أن ﻳﺮاﻓﻘﻪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﻨــﻮد ،ﻓﻬﻞ ﺣﺪث أﻣﺮ ﻣﺎ؟ ﻓﺨﺮج ﻟﻠﻘــﺎء داود وﻗﺎل ﺑﺼﻮت ﻣﺘﻬﺪج "ﳌﺎذا ﺟﺌﺖ ﻓﺒﻢ ﻳﺠﻴﺐ داود ﻳﺎ ﺗﺮى؟ مل إﱃ ﻫﻨــﺎ مبﻔﺮدك؟ َ ﻳﺸﺄ أن ﻳﺨﱪه أﻧﻪ ﻫﺎرب ﻣﻦ وﺟﻪ ﺷﺎول ﻓﻔﻜﺮ ﺑﺬرﻳﻌــﺔ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ وأﺟﺎب" :ﻃﻠــﺐ اﳌﻠﻚ ﻣﻨﻲ ﴎ ّﻳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ﺧﺪﻣــﺔ أؤدﻳﻬﺎ ﻟﻪ وﻫﻲ ﻣﻬﻤــﺔ ّ وﺳــﻴﻠﺤﻖ يب ﺟﻨﻮدي .ﻓﻜﻢ ﻣﻦ اﳌﺆﺳــﻒ أن ﻳﺘﻜﻠــﻢ داود ﺑﺎﻟﻜﺬب ،واﻟﻜﺬب أﻣﺮ ﺷــﻨﻴﻊ؟ واﻟﺮب ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨﺎ أن ﻧﻘــﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ دامئًﺎ .ﺛﻢ ٤٤
ﻗــﺎل داود ﻷﺧﻴامﻟﻚ :ﻫــﻞ ﻟﺪﻳﻚ ﳾء ﻟﻸﻛﻞ ﻓﺄﻧﺎ ﺟﺎﺋﻊ" ﻓﻘﺎل أﺧﻴامﻟﻚ "ﻟﺪي ﺧﺒﺰ اﻟﻮﺟﻮه أو ﺧﺒﺰ اﻟﺘﻘﺪﻣﺔ وﻫــﻮ ﺧﺒﺰ ﻣﻘﺪس ﻣﺨﺼﺺ ﻟﻠﻜﻬﻨﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺨﺒﺰ اﳌﺮﻓﻮع أي اﻟﺨﺒﺰ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻮﺟﻮد ،ﻓﻔﺮح داود وأﺧﺬ اﻟﺨﺒﺰ وﻃﻠﺐ ﻃﻠ ًﺒﺎ آﺧــﺮ ﻣﻦ أﺧﻴامﻟــﻚ ،إن ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺳــﻴﻒ أو رﻣﺢ .ﻓﻘــﺎل أﺧﻴامﻟﻚ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺳــﻴﻒ ﺟﻮﻟﻴﺎت اﻟﺠﺒﺎر وﻫﻮ ﺳــﻴﻒ ﻛﺒري اﻟﺤﺠﻢ ،وأﻧﺖ اﻟﺬي
ﻓﺄﺣﺐ داود أن ﻳﺄﺧﺬ ﻗﺘﻠﺖ ﺟﻮﻟﻴﺎت ﻳﺎ داود. ﱠ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﻒ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻟﺠﻮﻟﻴﺎت اﻟﺬي ﻗﺘﻠﻪ داود ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻓﺮدﻳﺔ .وﻫﻞ ﻛﺎن داود وأﺧﻴامﻟﻚ ﻟﻮﺣﺪﻫام؟ ﻛﻼ ﺑــﻞ ﻛﺎن دواغ اﻵدوﻣﻲ رﺋﻴﺲ
ﺛــﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﲆ ﻫﺬا اﳌﺸــﻬﺪ ﺻﺪﻳﻖ راﺑﻊ ﻫﻮ أﻟﻴﻬﻮ وﻫﻮ أﺻﻐﺮ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﺳــﻨٍّﺎ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻻ ﻧﺮاه ﻳﺘﺤﺪث ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺑﻞ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻻﺳﺘامع إﱃ اﳌﺤــﺎورات اﳌﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑني أﻳــﻮب وأﺻﺪﻗﺎﺋﻪ اﻟﺜﻼﺛــﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻜﻼم ﻇﻬﺮ ﻛﺄﻧﻪ أﻛرث ﺣﻜﻤﺔ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﻞ أﺷﺎر إﱃ أﻳﻮب ﺑﺄﻧﻪ أﺳﺎء ﻓﻬﻢ ﺷــﺨﺼﻴﺔ ا Ôﻷﻧﻪ مل ﻳﺪرك ﺣﻘﻴﻘﺔ اﳌﻌﺎﻧﺎة ومل ﻳﺪرك رﻓﻌﺔ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ ،ﻓﺎ Ôﻳﺴــﺘﺤﻖ أن ﻧﻨﻈــﺮ إﱃ أﻓﻌﺎﻟــﻪ وأﻋامﻟﻪ ﺑﺎﺣــﱰام وﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻐني ﻗﻴﺎﺳﺎً ﻋﲆ ﻣﻘﺪرﺗﻨﺎ واﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻨﺎ اﻟﻀﻌﻴﻒ اﻟﻌﺎﺟــﺰ ﻋﻦ ﻓﻬﻢ ﻣﻘﺎﺻﺪه اﻟﺴــﺎﻣﻴﺔ ﺑﺴــﺒﺐ ﻣﻴﻠﻨــﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺨﻄﺄ .ﻟﺬا أﻋــﺎد أﻟﻴﻬﻮ اﻻﻋﺘﺒﺎر إﱃ ﺻﻼح ا Ôﻣــﻦ ﻧﺤﻮﻧﺎ إن ﻛﻨﺎ ﻧﺜﻖ ﺑﺼﻼﺣﻪ ،ﻛام ﻋﺎﺗــﺐ أﻟﻴﻬﻮ أﺻﺪﻗﺎء أﻳــﻮب اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻷن اÔإن ﻛﺎن ﻳﺆدب اﻟﻨﺎس اﻷﴍار ﻓﺈﻧﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ميﺘﺤــﻦ أوﻻده ﺑﺎﻷمل ﺣﻴﻨﺎً وﺑﺎﻷوﺟﺎع أﺣﻴﺎﻧﺎً وﻟﻮ ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧــﺪرك ذﻟﻚ .وإﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﺣﻜﻤﺔ ا Ôﻓﻬﻮ ﻋﺎدل وﻟﺬا ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺼﻮم ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺄ ،ﻛام ﺻﺤﺢ
ﻣــﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻷﺻﺪﻗﺎء اﻟﺜﻼﺛﺔ ّ ﺑﺄن أﻳﻮب ﻛﺎن ﻣﺮاﺋ ًﻴﺎ. وﻗﺪ اﺳــﺘﻤﻊ أﻳﻮب واﻷﺻﺪﻗــﺎء اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺼﻤﺖ وإﺻﻐﺎء إﱃ أﻟﻴﻬﻮ. وﰲ آﺧــﺮ اﳌﻄــﺎف ﻛ ّﻠﻢ ا Ôأﻳــﻮب ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺎﺻﻔﺔ رﻋﺪﻳﺔ ﻗﻮﻳــﺔ ،وأﻇﻬﺮ ﻷﻳﻮب اﻟﺠﻼﻟﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ إذ ﺗﻜ ّﻠﻢ اﻟﺨﺎﻟــﻖ ﻋﻦ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ وﺣﻔﻈﻪ وﺿﺒﻄــﻪ ﻟﺨﻼﺋﻘــﻪ ﻣﻦ أﺻﻐــﺮ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ إﱃ أﻋﻈﻤﻬﺎ ﺷــﺄ ًﻧﺎ ﺿﻤﻦ ﺣﻜﻤــﺔ ﻻ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ .وإذ أدرك أﻳــﻮب ذﻟﻚ أﺣﻨﻰ رأﺳــﻪ ﺑﺎﺣﱰام ﻣﺒﺪ ًﻳﺎ أﺳﻔﻪ وﻧﺪﻣﻪ وﺗﻮﺑﺘﻪ ﻋام ﻇﻬﺮ وﺑﺪر ّ وﻋام ﻗﺎل واﻓﺘﻜﺮ .ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﻜﻞ وﺿﻮح أﻣﺎم ا.Ô وﺗﻜﻠــﻢ اﻟﺮب ً أﻳﻀﺎ إﱃ اﻷﺻﺪﻗــﺎء اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ )أﻟﻴﻔــﺎز وﺑﻠﺪد وﺻﻮﻓــﺮ( ﻗﺎﺋ ًﻼ إﻧﻬﻢ أﺳــﺎؤوا إﱃ أﻳﻮب إذ وﺻﻔﻮه ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺮاﺋ ًﻴﺎ وﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ وﻃﻠــﺐ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻠﺘﻤﺴــﻮا ﻣﻦ أﻳــﻮب أن ﻳﻘﺪم وﻳﺼﲇ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻢ .وﻓﻌ ًﻼ ّ ذﺑﺎﺋﺢ ﻋﻨﻬﻢ ّ ﺻﲆ أﻳﻮب ﻣﻦ أﺟﻞ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻓﺎﺳﺘﺠﺎب ﻟﻪ اﻟﺮب وﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ. ﺛﻢ أﺧﺬ اﻟﺮب ﻳﻬﺐ اﻟﺸﻔﺎء ﻷﻳﻮب ﻓﺎﺳﺘﻌﺎد ﺻﺤﺘﻪ ﺑﻜامﻟﻬﺎ وأﻋﺎد إﻟﻴــﻪ ﺛﺮوﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻓﻘﺪﻫﺎ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ، وأﻧﺠــﺐ أﻳﻮب ﻋــﴩة أوﻻد آﺧﺮﻳــﻦ وﻋﺎش ﻣﺌﺔ وأرﺑﻌني ﺳــﻨﺔ ﺛﻢ ﻣﺎت واﻧﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺴامء ﺣﻴﺚ ﻻ ﻣﺮض ﻳﻌﺎوده وﺣﻴﺚ ﻻ ﺳﻠﻄﺎن ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن ﻋﻠﻴﻪ. ﳌﺎذا رﻏــﺐ أﻳﻮب ﰲ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﻟﺴــامء؟ ذﻟﻚ ﻟﻴﻜــﻮن ﻣﻊ اﻟــﺮب ،وﻗــﺪ أﺣﺐ ﻣﺨ ّﻠﺼــﻪ ،أﻟﻴﺲ ﺗﺴﺒﻴﺤﺎ ﻻﺳﻢ اﻟﺮب. ﻛﺬﻟﻚ؟ وﻟيك ﻳﺮ ّﻧﻢ ﰲ اﻟﺴامء ً ﻓﻬﻞ ﻧﺮﻏﺐ ﻧﺤﻦ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﻟﺴــامء؟ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺸﺒﻪ ﺑﺄﻳﻮب! وإن ﻛﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻟﺴﻨﺎ ﻋﲆ ﺷﺒﻬﻪ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ مبﻌﻮﻧﺔ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس. ٤٣
.١٦أﺻﺪﻗﺎء أﻳﻮب ) ...أﻳﻮب (٤٢ - ٢ ﻫﻞ ﻣﻦ إﻧﺴــﺎن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﳻ ﻣﻊ أﻳﻮب؟ ﻫﻞ ﻣﻦ إﻧﺴــﺎن ﻳﺄيت ﻟﻴﻮاﺳــﻴﻪ؟ ﻧﻌﻢ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻪ وﻫﻢ أﻟﻴﻔﺎز و ِﺑﻠﺪد وﺻﻮﻓﺮ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮا مبﺎ ﺣﻞ ﺑﻪ ﻗﺪﻣﻮا إﻟﻴﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺨﻔﻔﻮا ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ .وﳌّﺎ رأوه ﺑﻬﺬا اﳌﻨﻈﺮ اﳌﺰري أﺻﺎﺑﺘﻬﻢ ﺻﺪﻣﺔ ﻛﺒرية ﻷﻧﻬﻢ مل ﻳﺘﻮﻗﻌﻮا أن ﻳــﺮوه ﺑﻬﺬه اﻟﺤﺎل ،ﺣﺘــﻰ إﻧﻬﻢ مل ﻳﻌﺮﻓﻮه ﻟﻠﻮﻫﻠــﺔ اﻷوﱃ ﻷن ﻣﻨﻈﺮه ﻗﺪ ﺗﻐــري ﻛﺜ ًريا ... ﻛﺎن ﺣﺠﻢ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻛﺒــ ًريا ﺟﺪًا ومل ﻳﻘﺪروا أن ﻳﻀﺒﻄﻮا ﻋﻮاﻃﻔﻬﻢ ﻓﺄﺟﻬﺸﻮا ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء ومل ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻗﻮل ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻪ ﻷﻳﻮب إزاء ﻣﺎ ﺷــﺎﻫﺪوه! ﻓام ﻋﺴــﺎﻫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن؟ وﻣﻜﺜﻮا ﻋﻨﺪه ﺳــﺒﻌﺔ أﻳﺎم ﻣﻦ ﻏري أن ﻳﻘﻮﻟﻮا أ ّﻳﺔ ﻛﻠﻤﺔ ،وأﺧ ًريا ﺑﺪؤوا اﻟــﻜﻼم وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ ﻳﻔﱰض أن ﻳﻜــﻮن ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻣﻌ ّﺰ ًﻳﺎ ﻷﻳــﻮب! ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻓﻌﻠﻮا ذﻟﻚ؟ ﻛ ّﻼ ،ﺑﻞ أﻟﻘﻮا ﺑﺎﻟﻼمئﺔ ﻋﻠﻴــﻪ وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻪ ّإن ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻤﻞ ﺷــﺎﺋﻦ ﻗﻤﺖ ﺑﻪ ﺿﺪ ا Ôوﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ﺣ ّﻠﺖ ﺑﻚ ﻫﺬه اﳌﺼﺎﺋﺐ، وﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻧﻚ ﻣﻤﻦ ﻳﺨﺸــﻮن ا Ôﻟﻜﻨﻨﺎ اﻵن ﰲ ﺧﻴﺒﺔ ﻣام ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ! ﻟﻘﺪ ﺧﺪﻋﺘﻨﺎ ﻳﺎ أﻳﻮب! ﻟﻜﻦ أﻳﻮب أﺟﺎﺑﻬﻢ ﻗﺎﺋ ًﻼ إﻧﻪ ﺻﺎدق ﰲ إميﺎﻧﻪ، ﻟﻴــﺲ ﻣﺮاﺋ ًﻴﺎ وﻻ ﻣﺨﺎد ًﻋــﺎ ،وﻟﻜﻢ زاد ﻫﺬا ﻣﻦ ﺣــﺰن أﻳﻮب ،ﻓﻘﺪ ﻋﻈــﻢ ﺣﺰﻧﻪ ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ﻟﻌﻦ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻴﻪ .وذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ متﻨﻰ ﻟﻮ مل ﻳﻮﻟﺪ .وﻫﺬا ﻏري ﻣﻘﺒــﻮل ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ! ﻟﻜﻦ ﻳﺘﺨــﲆ ﻋﻨﻪ ﻷﻧﻪ أﻳﻮب ﺗﺎﺑــﻊ ﻗﺎﺋ ًﻼ ّإن ا Ôﻻ ّ ﺣــﻲ وإﻧﻪ وإن اﻋﺘﻘــﺪ ﺑﻮﺟﻮد وﺳــﻴﻂ وﻓﺎ ٍد ٍ ٤٢
ﻣﺎت ﻓﺴــﻴﻘﻮم ﻣﻦ ﻗﱪه وﻳﺤﻴﺎ وﺳــريى ذﻟﻚ ﻋﱪ اﻟﻔﺎدي وﺳــﻴﻜﻮن ﻣﻌــﻪ إﱃ اﻷﺑــﺪ! وﻗﺪ ّ أﻳﻮب ﻋﻦ اﺷﺘﻴﺎﻗﻪ ﻟﺮؤﻳﺔ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم .ﻓﻼ ﺷﻚ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜ ّﻠﻢ أﻳﻮب ﺑﺎﻟﺮوح ﻋﻦ اﻟﻔﺎدي ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻨﻰ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﺳﻴﺄيت وﺳــﻴﻤﻨﺢ أﻳﻮب ﺟﺴﺪًا ً ﺳﻠﻴام ﻣﻌﺎﰱ وﺳﻴﻜﻮن ﻣﻌــﻪ إﱃ اﻷﺑﺪ ،وﻫﺬه إﺷــﺎرة إﱃ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻮات ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻼﳽ اﻟﺤــﺰن واﻷمل واﻟﺘﻨﻬﺪ. ﻓﻴــﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻣﺘﻴﺎز ﻣﻤﻨﻮح ﻷوﻻد اﻟﺮب رﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻧﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺣﺰن وأمل ﻫﻨﺎ ﻋﲆ اﻷرض.
اﳌﻘﺮوح ،وﻣﺎ ﻋﺎدوا ﻳﺼﺎﻓﺤﻮﻧﻪ أو ﺣﺘﻰ ﻳﺴــﻠﻤﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻛام اﻋﺘﺎدوا أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺳﺎﺑ ًﻘﺎ ﺑﻞ ﺻﺎر إذا دﻋﺎ أﺣﺪ ﺧﺪاﻣﻪ إﻟﻴﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻨﺪاﺋﻪ ومل ﻳﻌﺪ ﻳﺰوره أﺣﺪ ﻣﻦ أﻗﺮﺑﺎﺋﻪ ،وﺣﺘﻰ اﻷوﻻد ﺻﺎروا ﻳﺸــﻤﺌﺰون ﻣﻦ ﻣﻨﻈﺮه وﻳﺴﺨﺮون ﻣﻨﻪ ﺑﻞ وﻳﺒﺼﻘﻮن ﻋﻠﻴﻪ! وﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺗﴫف ﻣﺸني ﻣﻌﻴﺐ ﺣ ًﻘﺎ. وﺟــﺎءت زوﺟﺘــﻪ إﻟﻴﻪ ﻓﻠــﻢ ﺗﺄﺳــﻒ ﻋﻠﻴﻪ وﻻ ﺗﻌﺎﻃﻔــﺖ ﻣﻌﻪ وﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻫــﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ؟ "ﻫﻞ ﻣﺎ زﻟﺖ ﺗﻀﻊ ﺛﻘﺘﻚ ﺑﺎﻟﺮب؟ ﻗﺪ ﺧﺪﻣﺖ ا Ôدامئًﺎ وﻫﺎ ﻧﻬﺎﻳﺘﻚ اﻟﺴــﻴﺌﺔ ﻗــﺪ أزﻓﺖ ﺟﺰاء ﻃﺎﻋﺘﻚ وأﻣﺎﻧﺘــﻚ! ﻓﺎﻷﻓﻀﻞ ﻟﻚ أن ﺗﺠﺪّف ﻋﲆ ا Ôوﺗﻘﻮل ﻟﻪ ّإن ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻚ إﻟﻴﻪ ﻋﲆ اﻹﻃﻼق، و ُﻣ ْﺖ ،ﻓﻬﺬا أﻓﻀﻞ ﻟﻚ وﻟﻠﺤﺎل اﻟﺘﻲ أﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ". وﻛﻢ ﺣﺰن أﻳﻮب ﻟﺪى ﺳــامع ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ زوﺟﺘﻪ، واﻷﺳﻮأ أﻧﻬﺎ ﺟﺪّﻓﺖ ﻋﲆ ا Ôوﻫﺬا ﺟﻌﻞ ﺣﺰن أﻳﻮب ﻳﺘﻀﺎﻋﻒ ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ" :ﺗﺘﻜﻠﻤني ﻛﺎﻷﻏﺒﻴﺎء
واﻟﺠﻬﻠﺔ ...ﻓﻬﻞ ﻧﻘﺒﻞ اﻟﺨري ﻣﻦ ﻳﺪ ا Ôواﻟﴩ ﻻ ﻧﻘﺒﻞ؟ وﻻ ﻧﺴــﻤﻊ أﻳﻮب ﻳﺘﻔﻮه ﺑﺄﻳﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻧﺎﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ ا !Ôﻓــام اﻟــﺬي ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻫﺬا؟ ﻫــﻞ إن أﻳﻮب أﻓﻀﻞ ﻣــﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ؟ ﻻ ،ﺑــﻞ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺮب ﻳﺴــﻜﻦ ﰲ ﻗﻠﺐ أﻳــﻮب واﻟــﺮوح اﻟﻘﺪس ﻫﻮ ﻳﻮﺟﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ وميﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺪﻳﻒ ﻋﲆ اﻟﺬي ّ ا Ôوﻳﺤﻔﻈﻪ ﻣﺤ ّﺒﺎ ﻟﻠﻪ. وﻧﺤﻦ ً أﻳﻀﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﱃ ﻋﻤﻞ اﻟﺮوح اﻟﻘﺪس ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﰲ دواﺧﻠﻨﺎ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻟﻨﻠﻤﺲ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﻮن واﻟﺤامﻳﺔ واﻟﱪﻛﺔ! ٤١
.١٥أﻳﻮب اﻟﻔﻘري ...
)أﻳﻮب (٢٢ - ١٣ :١
ﻣــﻦ ﻫــﻮ ﻫــﺬا اﻟﺮﺟــﻞ اﻟﺮاﻛــﺾ ﺑﺄﻗﴡ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﴪﻋﺔ؟ إﻧﻪ أﺧﺪ ﺧﺪام أﻳﻮب، وﻻ رﻳﺐ ﰲ أﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ رﺳﺎﻟ ًﺔ ﻫﺎﻣ ًﺔ أو ﺧ ًﱪا ﻣﺎ. ﻟﻘــﺪ ﺟﺎء ﻟﻴﻘﻮل ﻷﻳﻮبّ : »إن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻛﺎرﺛ ًﺔ ﻗﺪ ﺣ ّﻠﺖ ﺑﻬﻢ .ﻟﻘﺪ ﻫﺠﻢ اﻟﻠﺼﻮص ﻓﺠﺄة وﴎﻗﻮا اﳌﺎﺷﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻋﻰ واﻟﺤﻤري ،وﻗﺘﻠﻮا ﻛﻞ اﻟﺨﺪام ﺑﺤﺪ اﻟﺴــﻴﻒ وﺑﻘﻴﺖ وﺣﺪي ﻷﺧﱪك إذ متﻜﻨﺖ ﻣﻦ اﻟﻔﺮار ﻣﻦ أﻳﺪﻳﻬﻢ«. وﻣﺎ ﻛﺎد ﻫﺬا اﻟﺨــﺎدم ُﻳﻨﻬﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ ﺧﺎدم آﺧﺮ ﻟﻴﻘﻮل ﻟﻪ إﻧﻬﻢ ﰲ أﺛﻨﺎء رﻋﻲ اﻟﻐﻨﻢ ٌ ﺻﺎﻋﻘــﺔ وأﺣﺮﻗﺖ اﳌﺮاﻋﻲ ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻦ اﻟﺴــامء ﻓﺎﺣﱰﻗﺖ اﻷﻏﻨﺎم ﻣﻊ اﻟﺮﻋﺎة وأﻧﻪ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻧﺠﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺎرﺛﺔ وأىت ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺳﻴﺪه أﻳﻮب ﺑﺎﻷﻣﺮ. ﺛﻢ ﺣﴬ رﺳﻮل ﺛﺎﻟﺚ إﱃ أﻳﻮب ﻟﻴﻘﻮل" :وﻧﺤﻦ إذ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﺠامل ﻫﺠﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﻜﻠﺪاﻧﻴﻮن وﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ اﻟﺴﻴﻮف اﻟﺒﺎﺗﺮة وﻫﺎﺟﻤﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﻬــﺎت ﻓﻘﺘﻠﻮا ﻋﺒﻴﺪك وﻧﻬﺒﻮا اﻟﺠامل وﺑﻘﻴﺖ أﻧﺎ وﺣﺪي ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﺤﴬت ﻷﺧﱪك". ــﻎ أﻳﻮب ﻧﺒــﺄً ﻣﺤﺰﻧﺎً وﺣﴬ ﺧــﺎدم راﺑﻊ ﻟﻴﺒ ﱢﻠ َ آﺧﺮ ﺑــﻞ ﻛﺎن أﻛرث اﻷﺧﺒﺎر ﻣﺄﺳــﺎوﻳﺔ وأﳌﺎً إذ ﻗﺎل" :ﺑﻴﻨــام ﻛﺎن أوﻻدك ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮن ﰲ ﺑﻴﺖ أﺧﻴﻬﻢ اﻷﻛﱪ ﻫﺒــﺖ رﻳﺢ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻓﺠﺄة وزﻋﺰﻋﺖ أرﻛﺎن اﻟﺒﻴﺖ اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﺘﺼﺪع وﻫﺒﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳــﻘﻒ اﳌﻨﺰل وﻗﺘﻠﻬﻢ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ وﺑﻘﻴﺖ أﻧﺎ وﺣﺪي ﻷﻧﻘﻞ ﻟﻚ ﻫﺬا اﻟﺨﱪ اﳌﻔﺠﻊ!" واﻵن ﻧــﺮى ﱠأن أﻳﻮب ﻗﺪ ﻓﻘﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ميﻠﻚ ،ومل ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﺧﺪم وﻻ أوﻻد وﻻ ﻣﻮاﳾ وﻻ ﻗﻄﻌﺎن. ﴐﺑــﻪ اﻟﻔﻘﺮ ﴐﺑﺔ ﻗﺎﺳــﻤﺔ ﰲ ﻳــﻮم واﺣﺪ. ٤٠
ﻓامذا ﺳﻴﻘﻮل أﻳﻮب اﻵن؟ اﻧﺘﺼﺐ ﻋﲆ ﻗﺪﻣﻴﻪ وﻣﺰق ﺛﻴﺎﺑــﻪ دﻟﻴﻞ اﻟﺤــﺰن واﻷﳻ اﻟﻌﻤﻴﻘني واﻧﺤﻨﻰ إﱃ اﻷرض ﺣﺘﻰ ﻻﻣﺲ اﻷرض ﺑﺮأﺳﻪ، واﺳﺘﻤﻊ إﱃ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ" :اﻟﺮب أﻋﻄﻰ واﻟﺮب أﺧﺬ، ﻓﻠﻴﻜﻦ اﺳﻢ اﻟﺮب ﻣﺒﺎر ًﻛﺎ" أي" :ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﻣﻠﻜﻪ ﻫــﻮ ﻋﻄﻴﺔ ﻣﻦ ا Ôوﻗﺪ أﺧﺬ اﻟﺮب ﻋﻄﻴﺘﻪ وﻻ أﺳــﺘﻄﻴﻊ إﻻ أن أﻗﺪﱢم ﻟﻪ اﻹﻛﺮام واﻟﺘﺴــﺒﻴﺢ ! ﻷن ا Ôﻻ ﻳﺨﻄﺊ ﺑﻞ ﺣﺎﺷــﺎه أن ﻳﺨﻄﺊ .ﻫﻞ ﺳﻤﻌﺘﻢ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم؟ مل ﻳﺠﺪّف أﻳﻮب ﻋﲆ اÔ ﻣﺠﺪه ّ وﻋﻈﻤﻪ! ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ّ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد اﻟﺸﻴﻄﺎن ﺛﺎﻧﻴﺔ إﱃ ﺣﴬة ا Ôﺳﺄﻟﻪ اﻟﺮب" :ﻫﻞ ﻻﺣﻈﺖ ﻋﺒﺪي أﻳﻮب؟ ﻻ ﺷــﺒﻴﻪ ﻟﻪ ﺑني اﻟﺒﴩ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺨﺸﺎين وﻳﺨﺪﻣﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧــﴪ ﻛﻞ ﳾء أﻋﻄﻴﺘﻪ إﻳﺎه" .ﻟﻜﻦ اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﻗﺎل ﻟﻠﺮب" :اﻟﻨﺎس ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺬاﺗﻬﺎ ،وﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن أﻏــﲆ ﻋﻨﺪه ﻣﻦ أي ﳾء آﺧــﺮ ،ﻓﺈذا أذﻧﺖ ﺑﺄن ﻳﺼﻴﺒﻪ اﳌﺮض ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺠﺪف ﻋﻠﻴﻚ" ﻓﻘﺎل اﻟﺮب ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن" :ﻣﺪ ﻳﺪك إﻟﻴﻪ وأﻣﺎ روﺣﻪ ﻓﻼ متﺴﻬﺎ". ﻓﺨﺮج اﻟﺸﻴﻄﺎن وﻣﴣ ﺛﺎﻧﻴﺔ. اﻧﻈﺮ اﻵن إﱃ أﻳﻮب ﻓﻘﺪ ﺻﺎر ﻣﺜﺎر اﺷــﻤﺌﺰاز ﺑﺴــﺒﺐ اﻟﻘﺮوح اﻟﺘﻲ ﴐﺑﺘﻪ ﻣﻦ ﻫﺎﻣﺔ رأﺳﻪ إﱃ أﺧﻤــﺺ ﻗﺪﻣﻴــﻪ ،واﻋﱰﺗﻪ اﻟﺤﻜــﺔ ﻓﺄﺧﺬ ﻛﴪة ﻣﻦ اﻟﺨﺰف ﻳﺤﻚ ﺑﻬﺎ ﺟﺴــﻤﻪ ومل ﻳﻌﺪ مبﻘﺪوره أن ﻳﻌﻴﺶ ﰲ اﳌﻨﺰل ،ﻓﻨﺄى ﺑﻨﻔﺴﻪ إﱃ ﻣﻜﺎن أﺷــﺒﻪ ﺑﺎﻟﻘامﻣﺔ وﻣﻐﻄﻰ ﺑﺎﻟﺮﻣﺎد .ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ أﻣﺮ ﺑﻐﻴﺾ ﺣ ًﻘﺎ. ﺳــﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﺨﱪ أﻳــﻮب واﳌﺼﺎﺋــﺐ اﻟﺘﻲ ﺣ ّﻠﺖ ﺑﻪ ﻓﻜﺎﻧــﻮا ﻳﺄﺗﻮن ﳌﺸــﺎﻫﺪﺗﻪ دون أن ﻳﻘﱰﺑﻮا ﻣﻨﻪ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻘﺬارة وﻧنت اﻟﺮاﺋﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮح ﻣﻦ ﺟﺴﺪه
ﺣــﺬوه .وﻛﺎن أوﻻده ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﱪوا ﻳﺰورون ﺑﻌﻀﻬﻢ ً ﺑﻌﻀــﺎ ،وﻳﻘﻴﻤﻮن اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت ﺑﺎﳌﻨﺎﺳــﺒﺎت ﺳــﻮ ّﻳﺔ ورمبــﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺎ أﻋﻴﺎد ﻣﻴﻼدﻫﻢ أو ﻣﺎ ﺷــﺎﺑﻪ ذﻟﻚ. وﻛﺎن أﻳﻮب ﻳﻔﻜﺮ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ أ ّﻧﻬﻢ رمبﺎ ﻳﻨﻄﻘﻮن أﻗﻮاﻻً أو ﻳﻔﻌﻠﻮن أﺷــﻴﺎء ﻏري ﻻﺋﻘــﺔ ﰲ اﺣﺘﻔﺎﻻﺗﻬﻢ ،ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣــﺎذا ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ أﻳــﻮب؟ ﻛﺎن ﻳﻘﺪم اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ﻟﻠﺮب ﻋﲆ ﻣﺬﺑﺢ أﻗﺎﻣﻪ ﻟﻬــﺬا اﻟﻐﺮض ،وﻛﺎن ّ ﻳﺼﲇ وﻳﺒﺘﻬﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻐﻔﺮ اﻟﺮب ز ّﻻت أوﻻده. أﺿﻒ إﱃ ذﻟﻚ إﻧﻪ إذا أﺣﺐ أﺣﺪﻫﻢ اﻟﺮب ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺐ اﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻳﺤﺐ ﻗﺮﻳﺒﻪ وﻳﺤﺐ ﺟرياﻧﻪ أي ﱡ ﱡ ﱡ وﻳﻈﻬﺮ ذﻟﻚ ﰲ اﺳﺘﻌﺪاده ﳌ ّﺪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن إﻟﻴﻬﻢ إذا رآﻫــﻢ ﰲ ﺣﺎﺟــﺔ إﱃ ﳾء .وﻛﺎن ﻳﺘﺼﺪق ﻋﲆ اﻟﻔﻘﺮاء وﻳﺤﺴﻦ إﱃ اﳌﻌﻮزﻳﻦ وﻟﻬﺬا ﻛﺎن أﻳﻮب ﻣﺤﻞ اﺣﱰام وﺗﻘﺪﻳــﺮ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﻪ ﻓﺈذا ﺻﺎدﻓﻮه ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺒﺎدروﻧﻪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻴــﺔ واﻻﺣﱰام،
ﻓﺤﺘــﻰ اﻷﻃﻔﺎل واﻷوﻻد ﻛﺎﻧــﻮا ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﻋﻦ اﻟﻠﻌــﺐ إذا ﻣ ﱠﺮ أﻳﻮب ﺑﻬﻢ ،ﻓﻬــﻞ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻜﺮه أﻳﻮب؟ ﻧﻌﻢ ...ﻫﻮ اﻟﺸــﻴﻄﺎن رﺋﻴﺲ اﻷﺑﺎﻟﺴــﺔ اﻟﺬي ﻳﺴ ّﻤﻰ "اﳌﺸﺘيك" وﻫﻮ اﻟﻌﺪو اﻟﻠﺪود Ôﺗﻌﺎﱃ وﻟﻬﺬا ﻳﻌﺎدي أوﻻد اً Ô أﻳﻀﺎ. واﺟﺘﻤــﻊ اﳌﻼﺋﻜــﺔ ذات ﻳﻮم أﻣــﺎم ا Ôوﻫﻢ ﺧﺪام ا Ôاﻷﻣﻨﺎء اﻷوﻓﻴﺎء ،وﺗﺴــﻠﻞ اﻟﺸﻴﻄﺎن إﱃ ﻫﻨــﺎك ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﺮب" :ﻣــﻦ أﻳﻦ أﺗﻴﺖ؟" ﻗﺎل اﻟﺸــﻴﻄﺎن" :ﻛﻨﺖ أﺟﻮب اﻷرض وأﺗﺠﻮل ﻓﻴﻬــﺎ" ،ﻓﻘــﺎل اﻟﺮب ﻟــﻪ" :ﻫﻞ رأﻳــﺖ أﻣﺎﻧﺔ وﻃﺎﻋﺔ وﻣﺨﺎﻓﺔ ﻋﺒﺪي أﻳﻮب؟ ﻻ أﺣﺪ ﻳﺸﺎﺑﻬﻪ ﻣﻦ اﻟﺒــﴩ ﰲ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﱄ وﻻ ﰲ ﻃﺎﻋﺘﻪ ! ﻓﻘﺎل اﻟﺸﻴﻄﺎن" :ﻻ ﻏﺮاﺑﺔ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻓﺎﻟﻐﻨﻰ واﻟﱪﻛﺎت اﻟﺘــﻲ ﻣﻨﺤﺘــﻪ إﻳﺎﻫــﺎ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺨﺪﻣــﻚ ،ﻓﺈذا اﻧﻘﻠﺒﺖ اﻷﻣﻮر ﻓﺴــﻮف ﻳﻨﻘﻠﺐ أﻳﻮب ﺿﺪك، ﻓﺨﺬ ﻣﻨﻪ اﻟرثوة واﻧﻈﺮ ﺗﺠﺪﻳﻔﻪ ﻋﻠﻴﻚ". ﻫﻞ ذﻟــﻚ ﺻﺤﻴﺢ؟ ﻳﺮﻳﺪ اﻟــﺮب أن ﻳﱪﻫﻦ ﻋﲆ ﻋﺪم ﺻﺤﺔ ﻣﺎ زﻋﻤﻪ اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﻟﺬﻟﻚ ﺳــﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن مي ّﺪ ﻳﺪه إﱃ ﺛﺮوة أﻳﻮب ﻣﻦ ﻏري إﻳﺬا ٍء ﻳﻮﻗﻌﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ .ﻓﻌﺎد اﻟﺸــﻴﻄﺎن إﱃ اﻷرض واﺑﺘﺪأ ﻋﻤﻠﻪ ﰲ دﻓــﻊ أﻳﻮب إﱃ ﻓﻘــﺪان ﻛﻞ ﻣﺎ ميﻠﻚ .وﻳﻘﺪر اﻟﺸــﻴﻄﺎن ﻋﲆ ﻋﻤﻞ ﻛﻬﺬا ﻓﻬﻮ ميﻠﻚ ﻗﻮة ﴍﻳﺮة ﻣﴬة ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺘﺠﺎوز ﺳﻠﻄﺎن ا،Ô ّ ﻧﺼــﲇ دامئًﺎ ﻗﺎﺋﻠني" :ﻟﻜﻦ ﻟﺬا ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺠﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﴩﻳﺮ".
٣٩
.١٤أﻳﻮب اﻟﻐﻨﻲ ...
)أﻳﻮب (١٢ - ١ :١
مل ﻳﻜــﻦ ﰲ أرض ﻋﻮص ﺣﻴﺚ ﻋﺎش أﻳﻮب رﺟﻞ أﻏﻨﻰ ﻣﻨــﻪ أو ﺣﺘﻰ ﻳﻮازﻳﻪ ﺑﺎﻟــرثوة .ﻛﺎن ﻏﻨ ّﻴﺎً ﺣ ٍّﻘﺎ وﻟﻪ ﻋﺎﺋﻠﺔ وﻋﻨﺪه ﺳﺒﻌﺔ أوﻻد وﺛﻼث ﺑﻨﺎت واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﺪم واﻟﻌﺒﻴﺪ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﺣﻘﻮﻟﻪ وﻣﺮاﻋﻴــﻪ وﻳﻌﺘﻨــﻮن ﺑﺎﳌﻮاﳾ اﻟﺒﺎﻟــﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ﺳﺒﻌﺔ آﻻف ﻣﻦ اﻷﻏﻨﺎم وﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﻣﻦ اﻷﺑﻘﺎر وﺧﻤﺲ ﻣﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺜريان وﺧﻤﺲ ﻣﺌــﺔ ﺣــامر. ﻛﻞ ﻣــﺎ اﻣﺘﻠﻜﻪ أﻳﻮب؟ ّ إمنــﺎ ﻫﻞ ﻛﺎن ﻫﺬا ّ ﻛﻼ! ﻓﻬﻨﺎﻟــﻚ أﻛرث ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﺤﺴــﺐ ﻗﻮل اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘــﺪّس ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺨــﴙ ا Ôوﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻳﺮﺗﻌﺐ ﻣﻦ ا Ôﺑﻞ ﻳﻌﻨﻲ ّأن اﺣﱰام وﺗﻮﻗري ا Ôﻛﺎن ميــﻸ ﻗﻠﺒﻪ وﻗﺪ أﺣــﺐ أﻳﻮب ا Ôﻛﺜرياً ﺟﺪًا ،وﺧﺪﻣﻪ وأﻃﺎﻋﻪ ﻟﻴﺲ ﻗﴪاً ﺑﻞ ﻃﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﻘﻠــﺐ .وﻃﺒﻌﺎً ﻳﺤﺘﺎج اﳌــﺮء إﱃ ﻗﻠﺐ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﻄﻴــﻊ ا Ôﻣــﻦ ﱢ ﻛﻞ اﻟﻘﻠــﺐ ﻷن اﻟﻘﻠﺐ ﻏري اﳌﺘﺠﺪﱢد ﻻ ﻳﺮﻏﺐ ﰲ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻠﺮب ،وﻟﻬﺬا ﻛﺎن
٣٨
أﻳﻮب ﻏﻨ ٍّﻴﺎ ﺑﺎﻟﺮوح واﳌﺎدة ،وﻏﻨﻰ اﻹميﺎن أﻋﻈﻢ وأﻫﻢ ﻷن ﻛﻨــﺰ اﻹميﺎن ﺧﺎﻟﺪ ﻻ ﻳﺰول! وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ّ ﻓﺈن ﺳــﻌﺎدة اﳌﺆﻣﻦ ﻻ ﻳﻀﺎﻫﻴﻬﺎ ﺳﻌﺎدة .وﻣﻦ ﻫﻨــﺎ ﻧﻔﻬﻢ ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺴــﻌﺎدة اﻟﺘــﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ ،إﻧﻬﺎ ﺳﻌﺎد ٌة ﻟرثو ٍة ﺑﺎﻹميﺎن. وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﺑ َﻢ ﻛﺎن أﻳﻮب ﻣﻨﺸﻐ ًﻼ؟ ﻛﺎن ﻳﻨﺸﻐﻞ ﰲ ﺗﺠﻨّــﺐ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺮاﻫﺎ ﻋﻤ ًﻼ ﺷــﻨﻴ ًﻌﺎ ﺿﺪ ا .Ôﻓﺈذا ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻌﻞ ﳾء ﻣﺎ ﻳﺴﺄل ﻧﻔﺴﻪ" :ﻫﻞ ﻳﺮﴇ ا Ôﻋــﻦ ﻫﺬا أم ﻻ؟" وﻧﺤﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﺬو
اﳌﺎﻃﺮة ﺑﺤﺠــﺎرة اﻟﱪد اﻟﺘــﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺨﻴﻮل واﻟﻌﺮﺑﺎت ﺗﻐﻮص ﰲ اﻟﻄــني اﻟﺬي ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻘــﺪم إﱃ اﻷﻣﺎم أو اﻟﱰاﺟﻊ إﱃ اﻟﺨﻠﻒ رﻏﻢ أﻧﻬﻢ أرادوا أن ﻳﻠــﻮذوا ﺑﺎﻟﻔﺮار ﻣﻦ وﺟﻪ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﺬﻳﻦ وﺻﻠﻮا إﻟﻴﻬﻢ وأﻋﻤﻠﻮا ﻓﻴﻪ ﻃﻌﻨَﺎ ﺑﺎﻟﺮﻣﺎح وﴐ ًﺑﺎ ﺑﺎﻟﺴــﻴﻮف ﻓﺴﻘﻄﻮا ﴏﻋﻰ ﰲ ﻣﻴﺪان اﳌﻌﺮﻛﺔ! اﻧﻈﺮ ﻣﻦ اﻟﺬي ﻳﻠﻮذ ﺑﺎﻟﻔﺮار ،إﻧﻪ ﺳﻴﴪا اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺬي وﺻﻞ إﱃ ﺧﻴﻤﺔ اﻣﺮأة اﺳﻤﻬﺎ ﻳﺎﻋﻴﻞ اﻟﺘﻲ رأﺗﻪ ﻗﺎدﻣﺎً إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ" :ﺗﻔﻀﻞ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل" وﻗﺪﻣــﺖ ﻟﻪ ﻟﺒﻨــﺎً ﻟﻴﴩب وﻳــﺮوي ﻇأمه ،ﺛﻢ أﺧﻠــﺪ إﱃ اﻟﻨﻮم ﻣﻦ ﺷــﺪة اﻹﻋﻴــﺎء ،ﻓﻐﻄﺘﻪ ﻳﺎﻋﻴﻞ ﺑﻐﻄﺎء ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ" :إن ﺳــﺄﻟﻚ أﺣﺪ ﻋﻨﻲ ﻓﻘــﻮﱄ ﻟﻪ ّإن ﻻ أﺣﺪ ﰲ اﻟﺨﻴﻤﺔ ...أﺗﺴــﻤﻌني ﻣﺎ أﻗﻮل؟" وﻧﺎم ﺳﻴﴪا ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻧﻮﻣﺎً ﻋﻤﻴﻘﺎً. ﻓﺄﺧﺬت ﻳﺎﻋﻴﻞ وﺗﺪاً ﺣﺪﻳﺪ ّﻳﺎً ﻣﻦ أوﺗﺎد اﻟﺨﻴﻤﺔ ﻣﻊ ﻣﻄﺮﻗﺔ ...ﻓامذا ﺳــﺘﻔﻌﻞ ﻳﺎﻋﻴﻞ؟ ﺳﺘﻐﺮز اﻟﻮﺗــﺪ ﰲ ﺻﺪغ ﺳــﻴﴪا ﻣﺴــﺘﻌﻴﻨﺔ ﺑﺎﳌﻄﺮﻗﺔ وﺗﻘﺘﻠﻪ وﻟﻬﺬا دﻋﺘﻪ إﱃ ﺧﻴﻤﺘﻬﺎ ...وﺟﺎء ﺑﺎراق ﻣﴪ ًﻋﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻠﺤﺎق ﺑﺴﻴﴪا ﻟﻴﺠﻬﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﻦ ﻳﺎﻋﻴــﻞ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ" :ﻻ داﻋــﻲ ﻟﺬﻟﻚ ،ادﺧﻞ إﱃ اﻟﺨﻴﻤﺔ واﻧﻈﺮ ﻋﺪوك ﻣﻘﺘﻮﻻً ﻣﻄﺮوﺣﺎً...
ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﴫ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺮب .وﺑﻬﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻧﻈﻤﺖ دﺑﻮرة ﻣﻊ ﺑﺎراق ﻗﺼﻴﺪة ﺷــﻌﺮ ﻟﻠﻐﻨﺎء ﺗﺨﻠﻴﺪًا ﻟﻬﺬا اﻻﻧﺘﺼــﺎر ﻳﻘﻮل ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ" :ﺑﺎرﻛﻮا اﻟﺮب!" .وﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪﻣﻮا اﻟﺤﻤﺪ واﻟﺸﻜﺮ . Ôإن ﱠ اﻟﱰﻧﻴﻢ ﻣﺪﻳﺢ ﻟﺼﻼح ا Ôﻷن اﻟﺮب ﺻﺎﻟﺢ ﻧﺤﻮ ﴪ ﺑﺄن ﺷــﻌﺒﻪ ﺣﺘﻰ وإن اﺑﺘﻌﺪ ﻋﻨــﻪ ! وﻫﻮ ُﻳ َ ﱡ ﻳﻈﻬــﺮ ﺻﻼﺣﻪ ﻟﻠﺨﻄﺎة ﻟيك ﻳﺘﻮﺑــﻮا وﻳﺮﺟﻌﻮا إﻟﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﰲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ،ﻓﻼ رﻳﺐ ﰲ ّأن اﻟﺮب ﻣﺴــﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﻣﺠﺪ وإﻛﺮام ،وﺟﺪﻳﺮ ﺑﺄن ُﺗ َﻘﺪّم ﻟﻪ اﻟﻌﺒﺎدة واﻟﺨﺪﻣﺔ.
٣٧
.١٣دﺑﻮرة وﺑﺎراق )اﻟﻘﻀﺎة ٤؛ (٥ ﺳــﻜﻦ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴــﻞ ﰲ ﻗﺮى وﻣــﺪن ﻋﺪﻳﺪة ﰲ ﻛﻨﻌــﺎن وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻃــﺮق ﺟﻴﺪة ﺗﺼﻞ ﻣــﺎ ﺑني اﳌــﺪن واﻟﻘﺮى ،ﻟﻜﻦ ﻫــﺬه اﻟﻄﺮق مل ﺗﻜﻦ آﻣﻨﺔ ﻟﻠﻤﺴــﺎﻓﺮﻳﻦ رﻏــﻢ ﺟامﻟﻬﺎ ،ﻓﻜﺎن اﻟﻨــﺎس ﻳﺤﺠﻤﻮن ﻋﻦ اﻟﺴــﻔﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻗﺎت اﻟﺮاﺋﻌــﺔ وﻳﻔﻀﻠﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻄﺮﻗــﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ واﻟﺠﺎﻧﺒﻴﺔ ،ﳌﺎذا؟ ﺧﻮ ًﻓــﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﺼﻮص وﻗﻄﺎع اﻟﻄﺮق اﻟﺬﻳﻦ اﻧﺘﴩوا وﺻﺎروا ﻳﺮﻫﺒﻮن اﻟﻨﺎس وﻳﺴﻠﺒﻮن أﻣﺘﻌﺘﻬﻢ ﺑﻞ ﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻬﻢ أﺣﻴﺎ ًﻧﺎ ،وﻛﺎن اﻷﻋﺪاء ﻣﺴــﻴﻄﺮﻳﻦ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن واﺳــﺘﻤﺮت ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺴﻴﺌﺔ ﻣﺪة ﻋﴩﻳﻦ ﻋﺎ ًﻣﺎ. ﻫــﻞ ﺗﺨﲆ اﻟــﺮب ﻋﻦ ﺷــﻌﺒﻪ؟ ﻧﻌــﻢ! ﻷﻧﻬﻢ ﺗﺮﻛﻮه وﺳــﺠﺪوا ﻟﻸﺻﻨﺎم وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ اﻧﺘﴩ اﻟﻠﺼــﻮص ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻛﻌﻘﻮﺑﺔ ﻣﻦ ا Ôﺗﻌﺎﱃ، واﻟﺘﺄدﻳﺐ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﺤﺴﺴﻮن ﺧﻄﻴﺌﺘﻬﻢ ﻓﺼﺎروا ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻟﺮب اﻟﺬي اﺳﺘﺠﺎب ﻟﻬﻢ ﻷﻧﻪ ﺻﺎﻟــﺢ وإﱃ اﻷﺑﺪ رﺣﻤﺘﻪ وﻗــﺪ ﻫ ّﻴﺄ ﻟﻬﻢ ﻗﺎدة ﻳﻌﻴــﺪون اﻷﻣﻦ واﻻﺳــﺘﻘﺮار ،وﻗﺪ دﻋﻲ أوﻟﺌﻚ اﻟﻘــﺎدة "ﻗﻀــﺎة" وﻫﻢ رﺟــﺎل ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﻢ ﻣﺎ ﻋﺪا "دﺑﻮرة" اﳌــﺮأة اﻟﻨﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺖ اﻟﻘﻀﺎء ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻘﻞ رﺳﺎﻟﺔ ا Ôﻟﺸﻌﺒﻪ، وﻛﺎن اﻟﺸــﻌﺐ ﻳﺤﱰﻣﻬﺎ وﻳﺴﺘﺸــريﻫﺎ ﰲ أﻣﻮر اﻟﺤﻴﺎة وﻳﻌﻤــﻞ ﺑﻨﺼﻴﺤﺘﻬﺎ وﻟﻬﺬا ﺳــﻤﻴﺖ أم ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ. وﰲ ﻳــﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم أرﺳــﻠﺖ دﺑــﻮرة ﻣﺒﻌﻮ ًﺛﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺷــﺨﺺ اﺳــﻤﻪ ﺑــﺎراق ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﻣﺪﻳﻨــﺔ أﺧﺮى ﺗﺴــﺘﺪﻋﻴﻪ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻬــﺎ ،وﳌﺎ ﺟﺎء ٣٦
ﺑﺎراق إﻟﻴﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ" :ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺸ ّﻜﻞ ﺟﻴﺸﺎً ﻗﻮاﻣــﻪ ﻋــﴩة آﻻف ﺟﻨﺪي ﻳﺬﻫﺒــﻮن ﻣﻌﻚ ﳌﺤﺎرﺑﺔ اﻷﻋﺪاء ﻋــﲆ ﺟﺒﻞ ﺗﺎﺑﻮر ،وﻫﺬه ﻫﻲ ﻣﺸــﻴﺌﺔ اﻟﺮب ﻳــﺎ ﺑﺎراق وﻫﻮ اﻟﺬي ﺳــﻴﺠﻌﻞ اﻟﻨﴫ ﻋﲆ ﻳﺪﻳﻚ". واﺳــﺘﺠﺎب ﻟﻬــﺎ ﺑﺎراق ﻣﺸــﱰﻃﺎً ﻋﲆ دﺑــﻮرة أن ﺗﺮاﻓﻘﻬــﻢ وإ ّﻻ ﻟــﻦ ﻳﺬﻫــﺐ" ﻓﻘﺎﻟــﺖ دﺑــﻮرة: "ﺳﺄراﻓﻘﻜﻢ ﻟﻜﻦ واﻟﺤﺎل ﻫﺬه ّ ﻓﺈن اﻟﺮب ﻟﻦ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻘﺘﻞ ﻗﺎﺋﺪ ﺟﻴﺶ اﻷﻋﺪاء ﺑﻴﺪك ﺑﻞ ﺑﻴﺪ اﻣﺮأة". وأرﺳــﻞ ﺑــﺎراق ﻣﺒﻌﻮﺛــني إﱃ ﻣﻀــﺎرب ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﺷﻜﻞ ً ﺟﻴﺸﺎ ﻣﻦ ﻋﴩة آﻻف ﺟﻨﺪي وﺻﻌــﺪ إﱃ ﺟﺒﻞ ﺗﺎﺑﻮر ﳌﻼﻗــﺎة اﻷﻋﺪاء اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧــﻮا ﺑﻘﻴــﺎدة أﻣــري اﻟﺠﻨﻮد "ﺳــﻴﴪا" اﻟﺬي ﺟــﺎء مبﺮﻛﺒﺎت ﻣــﻦ ﺣﺪﻳﺪ ﺑﻠﻎ ﻋﺪدﻫﺎ ﺗﺴــﻊ ﻣﺌﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺗﺠﺮﻫــﺎ ﺧﻴﻮل ﻗﻮﻳﺔ وﻣﻦ اﳌﻔﱰض أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺴــﺤﻖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ .وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴــﻞ أن ﻳﺤﺎرﺑﻮﻫﻢ ،ﻟﻜﻦ اﺳﻤﻊ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ دﺑﻮرة. "ﺗﻘ ﱠﺪم وﻗﺎﺗﻞ اﻷﻋﺪاء ﻳﺎ ﺑﺎراق ﻷن اﻟﺮب ﺳﺎﺋﺮ أﻣﺎﻣﻚ" .ﻓﺘﻘﺪم ﺑــﺎراق ورﺟﺎﻟﻪ وﻓﺠﺄة اﻛﻔﻬ ّﺮ اﻟﺠــﻮ وﺗﻠﺒﺪت اﻟﻐﻴــﻮم اﻟﺪاﻛﻨﺔ ﰲ اﻟﺴــامء، اﻟﱪد ﻛﺎﻟﺤﺠﺎرة ﺑﻐﺰارة وﺳــﺎﻟﺖ اﳌﻴﺎه وﻫﻄﻞ َ َ إﱃ اﻟﻨﻬﺮ اﳌﺴ ّﻤﻰ ﻧﻬﺮ ﻗﻴﺸﻮن اﳌﺤﺎذي ﻟﻠﺠﺒﻞ ﻓﻔﺎﺿــﺖ ﻣﻴﺎﻫﻪ ﻣﺘﺠﺎوزة ﺿﻔﺎﻓﻪ ﺣﺘﻰ ﻣﻸت ﱠ ﻛﻞ ﻣــﻜﺎن وﺻﺎر ﺗــﺮاب اﻷرض ﻃﻴﻨــﺎً ﻟﺰﺟﺎً، ﻓﺨﺎف اﻷﻋــﺪاء ﻣﻦ ﻫــﺬه اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ اﻟﻬﻮﺟﺎء
اﻟﻜﺜــري ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء ﺑﻞ أﻛرث ﻣــام ﻗﺘﻠﻪ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻫﻜﺬا ﻗﺎل اﻟﺮب .ﻋﻠام ّأن ﺑﻌﺾ اﻷﻋﺪاء ﻓﺮوا ﻫﺎرﺑــني وﻻﺣﻘﻬﻢ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻟﻜﻦ اﻟﺸــﻤﺲ ﻣﺎﻟــﺖ إﱃ اﳌﻐﻴﺐ وﺳــﻴﺤﻞ اﻟﻈﻼم وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺳــﻴﺼﻌﺐ اﻟﻘﺘــﺎل ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ اﻟﺮؤﻳﺔ ...ﻓﻴﺎ ﻟﻠﺨﺴﺎرة.
اﻟﻀــﻮء ﻗﺎمئًﺎ وﻛﺄن اﻟﻨﻬﺎر ﻳﻄﻮل واﻟﻠﻴﻞ ﻻ ﻳﺄيت، وﻫــﺬه اﳌﻌﺠﺰة مل ﻳﺴــﺒﻖ أن ﺷــﻮﻫﺪت ﻣﻦ ﻗﺒﻞ! ﺑﻞ ﺟﺎءت ﻫﻨﺎ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻟﺼﻼة ﺧﺎدﻣﻪ ﻳﺸــﻮع اﻟﺬي دﺣﺮ اﻷﻋﺪاء وأﺑﺎدﻫﻢ. ﻓام أﻋﻈﻢ اﳌﻌﻮﻧﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄيت ﰲ ﺳــﺎﻋﺔ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ.
ﻓﺎﺳﻤﻊ ﻣﺎذا ﻓﻌﻞ ﻳﺸﻮع .ﺗﻜﻠﻢ إﱃ ﻣﻦ؟ ﺗﻜﻠﻢ إﱃ اﻟﺸــﻤﺲ ﻣﺒﺎﴍة وإﱃ اﻟﻘﻤــﺮ ً أﻳﻀﺎ ﻗﺎﺋ ًﻼ: "ﻗﻔﻲ أﻳﺘﻬﺎ اﻟﺸــﻤﺲ ﰲ ﺟﺒﻌــﻮن وأﻧﺖ أﻳﻬﺎ اﻟﻘﻤﺮ ﰲ وادي إﻳﻠﻮن" .ﻫﺬا ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻏري ﺟﺎﺋﺰ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺳــﻠﻄﺎن ﻟﻴﺸﻮع ﻋﲆ اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ، ّ وﻳﺼﲇ ﻟﻪ ﻫﻮ ﻟﻜﻦ اﻹﻟﻪ اﻟﺬي ﻳﺜﻖ ﺑﻪ ﻳﺸﻮع ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻷﻧﻪ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﻬﺬه اﻟﻜﻮاﻛﺐ واﻷﺟــﺮام واﳌﺨﻠﻮﻗــﺎت ﻛﺎ ّﻓﺔ .وﻫﻜــﺬا ﺑﻘﻲ
٣٥
.١٢ﻳﺎ ﺷﻤﺲ ﺗﻮﻗﻔﻲ ) ...ﻳﺸﻮع ٩؛ (٢٧ - ١ :١٠ واﺟﺘﺎح ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺎي ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺛﺎﻧﻴــﺔ وﻗﺪ رﺑﺤــﻮا ﻫﺬه اﻟﺠﻮﻟــﺔ ﻷن اﻟﺮب وﻗــﻒ ﻣﻌﻬﻢ وﺳــﺎﻋﺪﻫﻢ ...إﻻ أﻧﻪ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺤﺴــﺐ ﺳــﻜﺎن ﻣــﺪن ﻛﺜرية أﻣﺎﻣﻬﻢ ﺣﻴﺚ ﱠ ﻫــﺬه اﳌﺪن ﺧﻮ ًﻓــﺎ ﻣﻦ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ،ﻓﻘﺪ ﺳــﻤﻌﻮا ﻣﺎذا ّ ﺣــﻞ ﺑﺄرﻳﺤﺎ وﻋــﺎي .وإﺣﺪى ﻫﺬه اﳌﺪن ﻫﻲ ﺟﺒﻌﺔ ،وﺳــﻜﺎﻧﻬﺎ اﳌﺪﻋﻮون ﺟﺒﻌﻮﻧﻴني أﺻﺎﺑﻬﻢ اﻟﺬﻋﺮ ﻟﺬا ﻗﺮروا أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺷــﻴﺌًﺎ ﻓامذا ﻓﻌﻠﻮا؟ ﻟﺒﺲ ﺑﻌﻀﻬــﻢ ﺛﻴﺎ ًﺑﺎ رﺛﺔ واﻧﺘﻌﻠﻮا أﺣﺬﻳﺔ ﺑﺎﻟﻴﺔ ووﺿﻌﻮا ﻋﲆ ﺣﻤريﻫﻢ أﻛﻴﺎﺳــﺎ ﺗﺎﻟﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺪ ﺗﺤﻔﻆ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻤﻮر ً وﺗﺴــﻤﻰ ّ اﻟﺰق وأﺧﺬوا ﻣﻌﻬــﻢ أرﻏﻔﺔ ﻋﻔﻨﺔ ﻣــﻦ اﻟﺨﺒﺰ وﺟﺎؤوا إﱃ ﻳﺸــﻮع ﺑﻬــﺬا اﳌﻨﻈﺮ اﳌــﺰري وﻗﺎﻟﻮا" :ﻟﻘﺪ ﺟﺌﻨﺎ ﻣــﻦ ﺑﻠﺪ ﺑﻌﻴﺪ إذ ﻗﺪ ﺳــﻤﻌﻨﺎ اﻟﻜﺜري ﻋﻦ إﻟﻬﻜﻢ اﻟﻘﻮي اﻟﺠﺒﺎر" وﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ أن ﻳﻘﻴﻢ ﻣﻌﻬﻢ ﻋﻬﺪًا .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ ﻳﺸــﻮع" :رمبﺎ أﻧﺘﻢ ﺗﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻛﻨﻌﺎن ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻴﻢ ﻋﻬﺪًا ﻣﻊ أﻫــﻞ ﻛﻨﻌﺎن ...ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻟﻪ: "اﻧﻈﺮ إﱃ أﺣﻮاﻟﻨﺎ وﺛﻴﺎﺑﻨﺎ وﻫﻴﺌﺘﻨﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺧﺒﺰﻧﺎ ﺗﻌﻔﻦ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻄﻌﻨﺎﻫﺎ يك ﻧﺼﻞ إﱃ ﻫﻨﺎ ،وﻧﺤــﻦ ﻣﻨﻬﻜﻮن ﻓﻌ ًﻼ وﻗﺪ ﺧﺎرت ﻗﻮاﻧﺎ! وﻫﻜﺬا ﺧﺪﻋﻮا ﻳﺸــﻮع وﺑﺎﻗــﻲ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﺻ ّﺪﻗﻬﻢ ﻳﺸــﻮع وﻗﺎل ﻟﻬﻢ" :ﻻ ﺑﺄس ﺳﻨﻀﻊ ﻣﻌﻜﻢ ﻋﻬﺪًا .وﺳﺘﻌﻴﺸﻮن ﻣﻌﻨﺎ ﺑﺴﻼم .وﻫﻜﺬا مل ﻳﺴــﺄل ﻳﺸــﻮع اﻟﺮب ﻋﻦ أﻣﺮ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس وﻧــﴘ أن ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﻟــﺮب ...وإﻧﻪ ﻷﻣﺮ ٣٤
ﻣﻌﻴﺐ أن ﻧﻨﴗ اﳌﺸﻮرة اﻹﻟﻬﻴﺔ. وﻏﺎدر اﻟﺠﺒﻌﻮﻧﻴﻮن اﳌﻜﺎن وﺗﺎﺑﻊ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ رﺣﻠﺘﻬــﻢ ﺣﻴــﺚ وﺻﻠــﻮا ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛــﺔ أﻳﺎم إﱃ ﻣﻨﻄﻘــﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺪن ﻛﺜرية ،وإﺣﺪى ﻫﺬه اﳌﺪن ﺟﺒﻌﺔ! واﻛﺘﺸــﻒ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﺨﺪﻳﻌﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﻮا ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻬﺆﻻء مل ﻳﺄﺗﻮا ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﺑﻌﻴﺪ ﻛام ﻗﺎﻟﻮا! ﻟﻜﻦ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﺣﺎﻓﻈﻮا ﻋﲆ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺬي ﻗﻄﻌــﻮه ﻟﻬﻢ ومل ﻳﺤﺎرﺑــﻮا اﻟﺠﺒﻌﻮﻧﻴني وﻓﺎء ﻟﻠﻮﻋــﺪ ﴍﻳﻄﺔ أن ﻳﻜــﻮن اﻟﺠﺒﻌﻮﻧﻴﻮن ّ ﻋامﻻً ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ اﺳــﺘﻘﺎء اﳌﺎء وﺗﻘﻄﻴﻊ اﻟﺤﻄﺐ وأﻋامل اﻟﺴــﺨﺮة ﺟﺰاء ﻟﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻜﺬب اﻟﺬي ﻧﻄﻘﻮا ﺑﻪ. وﻏﻀﺐ ﺳــﻜﺎن ﺑﺎﻗﻲ اﳌﺪن ﻣــﻦ اﻟﺠﺒﻌﻮﻧﻴني وﻗــﺮروا ﻣﺤﺎرﺑﺘﻬــﻢ ،ﻓﺨــﺎف اﻟﺠﺒﻌﻮﻧﻴــﻮن واﺳــﺘﻐﺎﺛﻮا ﺑﻴﺸــﻮع ،ﻓﻄﻠﺐ ﻳﺸــﻮع ﺑﺪوره ﻣﺸــﻮرة ﻣــﻦ اﻟﺮب اﻟــﺬي ﻗﺎل ﻟــﻪ" :ﻻ ﺑﺄس وﺳﺄﻋﻄﻴﻚ اﻟﻨﴫ". ﻓﻌﻨﺪﻣــﺎ ﻧﺤﺘــﺎج إﱃ اﻟــﺮب ﻓﻌــ ًﻼ وﻧﻠﺘﻤﺲ اﳌﻌﻮﻧــﺔ ﻣﻨــﻪ ﺑﺎﻟﺼــﻼة ،ﻓﺈﻧــﻪ ﻳــﺄيت ﻟﻌﻮﻧﻨﺎ وﻧﺠﺪﺗﻨﺎ ﻷﻧﻪ وﺣﺪه اﻟﻘﺎدر ﻋﲆ ﻣﺪ ﻳﺪ اﻟﻌﻮن إﻟﻴﻨﺎ .وﻓﻌ ًﻼ ﺧﺎض ﻳﺸــﻮع وﺟﻴﺸﻪ ﺣﺮ ًﺑﺎ ﺿﺪ ﺟﻴــﻮش اﻷﻋــﺪاء وأﻟﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻫﺰميــﺔ ﻧﻜﺮاء ﻓــﻼذوا ﺑﺎﻟﻔﺮار ﻣﻦ أﻣﺎﻣــﻪ ﻣﺬﻋﻮرﻳﻦ .وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﺣﺪث ً أﻳﻀﺎ؟ ﻇﻬﺮت ﻏﻴﻮم ﺳﻮداء اﻟﱪد اﻟﺬي ﺗﺴــﺎﻗﻂ ﻛﺄﻧﻪ وﺛﺎرت ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻣﻦ َ َ اﻟﺤﺠﺎرة ...ﻓﻌ ًﻼ ﺣﺠﺎرة ﻛﺒرية اﻟﺤﺠﻢ ﻗﺘﻠﺖ
ﻋﻠﻴــﻪ ،ﻓﺎﻟﺮب ﻳﺮى وﻳﺠــﺐ أن ﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻋﻦ أذﻫﺎﻧﻨﺎ ...
ﺳﻴﻜﺸــﻒ اﻟﺮب ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﻔﺎﻋــﻞ .ﻓﻌﲆ ﻣﻦ وﻗﻌــﺖ اﻟﻘﺮﻋﺔ؟ وﻗﻌﺖ ﻋــﲆ ﻋﺨﺎن ﻓﻮﻗﻒ أﻣﺎم ﻳﺸﻮع اﻟﺬي ﺳﺄﻟﻪ" :ﻗﻞ ﻟﻨﺎ ﻣﺎذا ﻓﻌﻠﺖ". ﻓﺄﺧﱪ ﻋﺨﺎن ﻳﺸــﻮع اﻟﺬي اﺳــﺘﻌﺎد ﻣﻨﻪ ﻛﻞ اﳌﴪوﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻃﻤﺮﻫﺎ ﰲ اﻟﺨﻴﻤﺔ .ﻓام اﻟﺬي ﺳــﻴﺤﺼﻞ اﻵن؟ ﻛﺎن ﻋﲆ ﻋﺨــﺎن أن ﻳﻨﺰل إﱃ وادي ﻋﺨــﻮر ﻣﻊ زوﺟﺘﻪ وأوﻻده وﻣﻮاﺷــﻴﻪ. ﻧﻌﻢ ﻣــﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ميﻠــﻚ .وﻋﻨﺪﻣــﺎ وﺻﻠﻮا إﱃ ﴍا ً اﻟﻮادي ﻗﺎل ﻟﻪ ﻳﺸﻮع" :ﻟﻘﺪ ﺟﻠﺒﺖ ً ﻋﻈﻴام ﻋﻠﻴﻨــﺎ .إﻧﻬﺎ ﻟﻌﻨــﺔ ا Ôوﻟﺬا مل ﻳﺴــﺎﻋﺪ اﻟﺮب اﻟﺠﻨﻮد .وﻫﺬا ﻫﻮ ﺳــﺒﺐ ﻣﻘﺘﻞ ﺳﺖ وﺛﻼﺛني ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮد .واﻵن ﺳﻴﻌﺎﻗﺒﻚ ا.Ô
ذﻫﺐ ﻳﺸﻮع إﱃ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع أﻣﺎم ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ وﻫﻮ ﻣﻤﺰق اﻟﺜﻴﺎب دﻟﻴﻞ اﻟﺤﺰن اﻟﺸﺪﻳﺪ وﻃﺮح ﻧﻔﺴــﻪ ﺑﺘﻮاﺿﻊ وإذﻻل أﻣﺎم اﻟﺘﺎﺑﻮت، ّ وﺻــﲆ إﱃ ا Ôﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﳌــﺎذا أﺗﻴﺖ ﺑﻨﺎ إﱃ ﻫﻨﺎ ﻳﺎ رب؟ ﻫﻞ ﻟﻠﻔﻨﺎء أﻣﺎم اﻷﻋﺪاء؟ واﻵن ﴏ ﻧﺎ ﻣﺜﺎر اﺳــﺘﻬﺰاء وﺿﺤﻚ ﻟﻸﻋﺪاء ،ﻓﻠﻴﺘﻨﺎ مل ﻧﻌﱪ اﻷردن إﱃ ﻫﺬا اﳌﻜﺎن! إﻧﻬﺎ إﻫﺎﻧﺔ ﻟﻚ ﻳﺎ رب.
وأﺧﺬ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﺣﺠﺎرة ﻛﺒرية ورﺟﻤﻮا ﻋﺨــﺎن وﻛﻞ أﻓﺮاد أﴎﺗﻪ ﺣﺘــﻰ ﻣﺎت اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﻘﺼﺎص ﻣــﻦ ا .Ôوﺻﺎر ﻋﺨــﺎن وأﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﺗﺤــﺖ ﻛﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة ﻛﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻓﺪاﺣﺔ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ.
أﻣــﺎ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴــﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺑﻨــﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻳﻨﻮون اﺣﺘﻼﻟﻬﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ "ﻋــﺎي" وﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻐرية ،ﻓﺄرﺳــﻞ ﻳﺸــﻮع رﺟﺎﻻً ﻳﺴﺘﻄﻠﻌﻮﻧﻬﺎ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎدوا ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻴﺸــﻮع إن ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻬﻢ إﱃ ﻗﻮة ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻛﺒرية ﻻﺣﺘﻼﻟﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻐرية ،ﻓﺄرﺳﻞ ﻳﺸــﻮع ﻗﻮة ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻗﻮاﻣﻬﺎ ٣٠٠٠ﺟﻨﺪي ،ردوا ﻋﲆ أﻋﻘﺎﺑﻬﻢ وﻓﻘﺪوا ﺳﺘﺔ وﺛﻼﺛني ﺟﻨﺪ ّﻳﺎً ﰲ ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ ...ﻳﺎ ﻟﻸﺳــﻒ! ﻟﻘﺪ اﺳــﺘﺎء اﻟﺸــﻌﺐ ﻛﺜ ًريا أﻣﺎم ﻫﺬه اﻟﻬﺰميﺔ اﳌﻨﻜﺮة ﻷن اﻟﺮب مل ﻳﺆازرﻫﻢ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ.
واﺳﻤﻊ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ اﻟﺮب ﻟﻴﺸﻮع" :ﻗﻢ وﻗﻒ ﻋﲆ ﻗﺪﻣﻴــﻚ ﻓﻘﺪ ارﺗﻜــﺐ اﻟﺸــﻌﺐ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻷن ﴎا وﻫﺬه أﺣﺪ رﺟﺎﻟﻚ أﺧﻔﻰ ﺑﻌــﺾ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ٍّ ﺗﻌﺘﱪ ﴎﻗﺔ ﻣﻨﻲ أﻧﺎ ،وﻻ أﺳــﺎﻋﺪﻛﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﺰال ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻣﻦ وﺳــﻂ اﻟﺸﻌﺐ .ﻓﻘﻢ أﺧﱪ اﻟﺸــﻌﺐ ﺑﺬﻟﻚ وﻗﻞ ﻟﻬﻢ أن ﻳﺤﴬوا ﰲ اﻟﻐﺪ أﻣﺎﻣﻲ وأﻧﺎ ﺳﺄﻛﺸﻒ ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﺴﺎرق".
إن اﻟﺮب ﻳﻜﺮه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻷﻧﻪ ﻗﺪوس وﻳﺠﺐ أن ﻻ ﻧﻨــﴗ ذﻟﻚ ﺑﻞ ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻗﺎﺋﻠني" :ﻋﻠﻤﻨﻲ ﻳﺎ رب أن أﻛــﺮه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وأﺑﻌــﺪين ﻋﻨﻬﺎ ﻷن ﺧﻄﻴﺌﺔ َﻋﺨﺎن ميﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﺳﺎﻛﻨﺔ ﰲ ﻗﻠﺒﻲ.
وﰲ ﺻﺒــﺎح اﻟﻴــﻮم اﻟﺘــﺎﱄ اﺟﺘﻤــﻊ اﻟﺸــﻌﺐ ﻛﻠﻪ وأﻟﻘﻰ ﻳﺸــﻮع اﻟﻘﺮﻋﺔ اﻟﺘــﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ٣٣
.١١ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻋَﺨﺎن )ﻳﺸﻮع (٧ ﺳــﻤﺢ ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﺑﺄن ﻳﺪﺧﻠﻮا أرض ﻛﻨﻌﺎن اﻟﻮاﻗﻌــﺔ ﻋﲆ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﻣــﻦ ﻧﻬﺮ اﻷردن، وﻛﺎن ﻣــﻮﳻ وﻫﺎرون ﻗﺪ ﺗﻮ ّﻓﻴــﺎ وآﻟﺖ ﻗﻴﺎدة اﻟﺸــﻌﺐ إﱃ ﻳﺸــﻮع ﺑﻦ ﻧﻮن وﻗﺪ ﺻﻨﻊ ﻟﻬﻢ اﻟﺮب ﻣﻤ ًﺮا ﻋﱪ ﻧﻬﺮ اﻷردن وﻛﺎن ﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ ﻳﺴري أﻣﺎم اﻟﺸﻌﺐ. وﻛﺎﻧﺖ أول ﻣﺪﻳﻨــﺔ اﺣﺘﻠﻮﻫﺎ ﻫﻲ أرﻳﺤﺎ اﻟﺘﻲ اﻧﻬــﺎرت أﺳــﻮارﻫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘــﺔ ﻣﻌﺠﺰﻳﺔ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻟﺮب ﺑﻨﻔﺴــﻪ واﺟﺘﺎح اﻟﺠﻨﻮد اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻗﺘﻠﻮا ّ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﺳــﺘﺜﻨﺎء ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺄ إﱃ ﺑﻴﺖ راﺣﺎب .ومل ﻳﺴــﻤﺢ ﻟﻠﺠﻨﻮد ﺑﺎﻗﺘﻨــﺎء اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻣﻬام ﻛﺎن ﻧﻮﻋﻬﺎ ﺳــﻮاء ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ أو اﻟﻔﻀﺔ أو اﻟﻨﺤﺎس ﻓﺎﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻟﻠﺮب ﻳﺆىت ﺑﻬﺎ إﱃ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘــامع واﻟﺒﺎﻗــﻲ ﻳﺘﻠﻒ .وﺑﻴﻨــام ﻛﺎن أﺣﺪ
٣٢
اﻟﺠﻨــﻮد ﻳﺘﺠﻮل ﺑني ﺧﺮاﺋﺐ اﳌﺪﻳﻨﺔ وﺟﺪ رداء ﻏﺎﱄ اﻟﺜﻤﻦ رمبﺎ ﻛﺎن ﻷﺣﺪ اﻷﺛﺮﻳﺎء ﻓﺄﺧﺬه ،ﺛﻢ أﺧﺬ ﺑﻌــﺾ اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀــﺔ وﺣﻔﺮ ﰲ أرض ﺧﻴﻤﺘﻪ وﻃﻤﺮ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺄﻛﺪ ﻣــﻦّ ّأن ﻻ أﺣﺪ ﻗﺪ ﺷــﺎﻫﺪه .ﻟﻜــﻦ ﺗﺮى ﻫﻞ رآه اﻟــﺮب؟ ﻃﺒ ًﻌﺎ رآه اﻟﺮب ﻷن ﻻ ﳾء ﻳﺨﻔﻰ
اﳌﻠﻮك .وﻛﻴﻒ ﻋﺮف ﺑﻠﻌﺎم ذﻟﻚ؟ ﻫﺬه اﻟﻜﻠامت ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎ ﻟ ّﻘﻨﻪ اﻟﺮب إﻳﺎه وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه رﺳــﺎﻟﺔ ﻣﺒﺎﴍة ﻣﻨﻪ وﻫــﻲ مبﺜﺎﺑﺔ اﻟﻮﻋﺪ اﻹﻟﻬﻲ ﺑﺄن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﺑﻦ ا Ôاﳌﺨﻠﺺ ﺳﻮف ﻳﺄيت! واﺳﺘﺸــﺎط ﺑﺎﻻق ﻏﻀ ًﺒﺎ وﻗﺎل ﻟﺒﻠﻌﺎم" :ﻋﺪ إﱃ ﻣﻮﻃﻨﻚ ﻓﻮ ًرا ،ﻓﻬﺎ ﻗﺪ ﺑﺎرﻛﺖ اﻟﺸﻌﺐ ﺛﻼث ﻣﺮات وأﻧﺎ دﻋﻮﺗﻚ ﻟﺘﻠﻌﻨﻪ". ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻮرة ﺑﻠﻌﺎم اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ؟ ﻟﻘﺪ ﻗﺎل ﻟﺒﺎﻻق" :مبﺎ أﻧﻜﻢ ﻛﻤﻮآﺑﻴني ﺳﺘﺤﺘﻔﻠﻮن ﻗﺮﻳﺒــﺎً ﺑﺄﺣﺪ أﻋﻴﺎدﻛﻢ اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ،ﻗﻮﻣﻮا ﺑﺪﻋﻮة ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎل ﻣﻌﻜﻢ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب ﻧﺴﺎ ًء ورﺟﺎﻻً ﻓريﻗﺼﻮن ﻣﻌﻜﻢ وميﺎرﺳــﻮن ﺷــﻌﺎﺋﺮﻛﻢ
وﻳﺴﺠﺪون ﻵﻟﻬﺘﻜﻢ ،وﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎل ﺳﻴﻐﻀﺐ إﻟﻬﻬﻢ ﻷن ﺷﻌﺒﻪ ﻳﻘﱰف اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ،ﻓام ﻋﻠﻴﻚ إﻻ أن ﺗﺠﻌﻞ ﺷﻌﺐ اﻟﺮب ﻳﺨﻄﺊ. ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺔ ﴍﻳﺮة! ﻃﺒ ًﻌﺎ ،ﻷن اﻟﺮب ﺳﺒﻖ أن ﺣ ّﺬر ﺷﻌﺒﻪ وأﻧﺬرﻫﻢ ﻋﲆ ﻟﺴﺎن ﻣﻮﳻ ﺑﺄن ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺸﺎرك ﰲ أﻋﻴﺎد اﻟﻮﺛﻨﻴني ﻳﻘﺘﻞ .وﻫﻜﺬا ﺣﺼــﻞ ،ﻓامت أرﺑﻌﺔ وﻋــﴩون أﻟﻔﺎً ﻣﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﻫﺬا ﻫــﻮ اﻟﺘﺄدﻳﺐ اﳌﻮازي ﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺷﻨﻴﻌﺔ ﻛﻬﺬه .ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻔﻲ اﳌﻮآﺑﻴني ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب اﻹﻟﻬﻲ ً أﻳﻀﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﺳــﺎﻫﻤﻮا ﰲ إﻳﻘﺎع اﻟﺸﻌﺐ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﻤني اﻟﴩﻳﺮ .وﻛﺎن اﻟﻌﻘﺎب ﺣﺮ ًﺑﺎ ﺗﻨﺸــﺐ ﺑني ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴــﻞ واﳌﻮآﺑﻴني أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺣﻴﺚ ﺳﻴﻘﺘﻞ اﻟﻜﺜري ﻣﻨﻬﻢ ﰲ ﻣﻴﺪان اﳌﻌﺮﻛــﺔ ،وﺣﺘﻰ ﺑﻠﻌﺎم ﻧﻔﺴــﻪ ﺳــﻴﻘﺘﻞ ﺟﺮاء ﻣﺸــﻮرﺗﻪ اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ اﻟﺴﻴﺌﺔ .وﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻢ ﻣﻦ اﳌﺮات ﺣﺬره اﻟﺮب ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﺘﴫف؟ ﻟﻜﻨﻪ مل ﻳﺴﺘﺠﺐ ﺑﻞ ﺳﺎر وراء ﻋﻨﺎد ﻗﻠﺒﻪ. وﻳﺤﺬرﻧــﺎ اﻟــﺮب ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻧﺤﻦ أﻳﻀــﺎً ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺮاءة اﻟﻜﻠﻤــﺔ ،ﻷن اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﺗﺤﺜﻨﺎ ﻋﲆ اﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﻠﺐ .وﻟيك ﻧﺤﺼﻞ ﻋــﲆ ذﻟﻚ ﻧﺤﺘــﺎج ﻟﻘﻠﺐ ﺟﺪﻳــﺪ ميﻨﺤﻨﺎ إﻳﺎه اﻟﺮب وﺣﻴﻨﺌﺬ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ ﺣ ًﻘــﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻠﺮب ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﻠﺐ! وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺗﻐﻤﺮﻧﺎ اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮق اﻟﻮﺻﻒ.
٣١
.١٠ﺑﻠﻌﺎم ﻳﺒﺎرك ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ )اﻟﻌﺪد (٢٦ ،٢٥ ،٢٤ ،٢٣ ﻫﺎ ﻗــﺪ وﺻﻞ ﺑﻠﻌــﺎم ﻋﲆ أﺗﺎﻧﻪ ،وﳌﺎ ﺳــﻤﻊ اﳌﻠﻚ ﺑﺎﻻق ﺑﺬﻟﻚ ﺧــﺮج ﻟﻠﻘﺎﺋﻪ وﻋﺎﺗﺒﻪ ﻗﺎﺋ ًﻼ: "ﳌﺎذا ﺗﺄﺧــﺮت ﰲ ﻣﺠﻴﺌﻚ؟ وﳌــﺎذا ﺗﻠﻜﺄت ﰲ اﻟﺤﻀﻮر؟" ،ﻓﻘﺎل ﺑﻠﻌﺎم" :ﻫﺎ ﻗﺪ ﺣﴬت إﻟﻴﻚ وﻻ ﺗﺘﻮﻗــﻊ ﻣﻨﻲ أن أﻗﻮل إﻻ ﻣﺎ ﻳﺄذن ﱄ اﻟﺮب ﺑﻘﻮﻟﻪ" .ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻻ اﻟﻄﻌﺎم ﺳﻮ ّﻳﺔ. وﰲ اﻟﻐﺪ ﺧﺮج اﳌﻠﻚ ﺑــﺎﻻق ﻣﻊ ﺑﻠﻌﺎم وﺻﻌﺪا إﱃ ﺟﺒﻞ ﻋﺎلٍ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬام أن ﻳﺮﻳﺎ آﻻف اﻟﺨﻴــﺎم ﳌﺮاﺑﺾ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ .ﻓﻄﻠﺐ ﺑﻠﻌﺎم ﻣﻦ ﺑﺎﻻق أن ﻳﻘﻴﻢ ﺳﺒﻌﺔ ﻣﺬاﺑﺢ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺛﻮر وﻛﺒﺶ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻔﻌﻞ ﺑﺎﻻق ﻛام ﺗﻜ ّﻠﻢ ﺑﻠﻌﺎم .ﺛﻢ ﻋﲆ ٍ ﻗﺎل ﺑﻠﻌﺎم "ﺳــﺄﺑﺘﻌﺪ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﳌﺪة ﻗﺼرية ﻋﴗ أن ﻳﻜ ّﻠﻤﻨﻲ اﻟﺮب ﺛﻢ أﺧﱪك مبﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﱄ!" .وﻋﺎد ﺑﻠﻌﺎم ﺑﻌﺪ ﺑﺮﻫﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ووﻗﻒ ﻗﺒﺎﻟﺔ اﳌﺬﺑﺢ ﺣﻴﺚ ﻗﺪم اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ وﻛﺎن اﳌﻠﻚ ً ﺣﺎﴐا ﻣﻊ ﻛﺒﺎر ﻣﺴــﺆوﱄ اﳌﻤﻠﻜﺔ ،ﻓﻘﺎل ﺑﻠﻌﺎم "اﺳــﻤﻌﻮا ،ﻟﻘﺪ دﻋﺎين ﺑﺎﻻق ﻷﻟﻌﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وأﻧﺎ ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﻟﻌــﻦ أ ّﻣ ًﺔ ﺑﺎرﻛﻬــﺎ اﻟﺮب ...وﻫــﺬا اﻟﺠﻤﻊ اﻟﻐﻔري اﻟﺬي ﻻ ﻳﻌﺪ ﻫﻮ ﺷﻌﺐ اﻟﺮب وأﻧﺎ أمتﻨﻰ أن ﺗﻜــﻮن آﺧﺮيت ﻛﺂﺧﺮﺗﻬﻢ" .ﻓﻠام ﺳــﻤﻊ ﺑﺎﻻق ﻣــﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺑﻠﻌﺎم ﴏخ وﻗــﺎل" :ﻣﺎذا ﻓﻌﻠﺖ؟ ﻟﻘﺪ دﻋﻮﺗﻚ ﻟﺘﻠﻌﻦ أﻋــﺪايئ وأﻧﺖ ﺗﺒﺎرﻛﻬﻢ؟" أﺟﺎب ﺑﻠﻌــﺎم" :ﻻ أﻗــﺪر أن أﻗﻮل ﺧﻼف ﻣــﺎ ﻳﺮﻳﺪين اﻟﺮب أن أﻗﻮﻟﻪ" .ﻓﻘﺎل ﺑﺎﻻق" :ﺗﻌﺎل ﻧﺬﻫﺐ إﱃ ﻣﻮﺿﻊ آﺧﺮ" وﻛﺎن ﺑﺎﻻق ﻏﺎﺿ ًﺒﺎ ﺟﺪًا. ﺛــﻢ ذﻫﺒﺎ إﱃ ﺟﺒﻞ ﻋــﺎلٍ آﺧﺮ وأﻗﺎﻣــﻮا ﻣﺬاﺑﺢ وﻗﺪﻣﻮا ذﺑﺎﺋﺢ أﺧﺮى .وﻗﺎم ﺑﻠﻌﺎم ﺑﺠﻮﻟﺔ مبﻔﺮده ﻛام ﺳﺒﻖ وﻓﻌﻞ ﰲ اﳌﺮة اﻷوﱃ ،ﻓﺄﺧﱪه اﻟﺮب مبﺎ ٣٠
ﻳﺠﺐ أن ﻳﻘﻮل ،ﻓﻘﺎل" :ا Ôﻻ ﻳﻜﺬب ،ﻓﺈذا أراد اﻟــﺮب أن ﻳﺒﺎرك ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺎرك وﻫﻮ اﻟﻐﺎﻓﺮ ﻟﺨﻄﻴﺔ ﺷــﻌﺒﻪ أﻳﻀﺎً ،ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣــﺎذا ﻳﻘﻮل اﻟﺮب؟ إﻧﻪ ﻳﻘﻮل ﱠإن ﻧﺠ ًام وﺻﻮﻟﺠﺎ ًﻧﺎ ﺳــﻴﺨﺮج ﻣﻦ وﺳــﻂ ﺷﻌﺒﻪ ﻷن ا Ôﻫﻮ ﻣﻠﻚ ﺷﻌﺒﻪ وﻟﻬﺬا ﺗﺮى ﺷﻌﺒﻪ ﻗﻮ ًﻳﺎ ﻛﺎﻷﺳﺪ ،أﻣﺎ اﻟﻨﺠﻢ واﻟﺼﻮﻟﺠﺎن ﻓﻴﺸريان إﱃ أن ﻣﻠ ًﻜﺎ ﻣﻘﺘﺪ ًرا ﺳﻴﻘﻮم ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ وﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ أﻗﻮى ﻣﻠﻮك اﻷرض .وﻫﺬه اﻟﻜﻠامت ﻳﺸــري ﺑﻬﺎ إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي ﺳﻴﺪﺣﺮ ّ ﻛﻞ
وﻓﺠﺄة ﺳﻤﻊ ﺑﻠﻌﺎم ﺻﻮ ًﺗﺎ ﻳﺤﺪﺛﻪ .ﻣﻦ اﳌﺘﻜﻠﻢ؟ ﻻ أﺣــﺪ ﰲ اﻟﺠــﻮار اﻟﻘﺮﻳﺐ .ﻫــﻞ ﻣﻦ أﺣﺪ؟ ﻛ ّﻼ ،ﻓﺎﻷﺗﺎن ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻠﻢ! أﻣﺮ ﻣﺴــﺘﺤﻴﻞ، اﻷﺗــﺎن ﺗﺘﻜﻠﻢ؟ ﻧﻌﻢ إﻧﻬﺎ ﺗﺘﻜﻠﻢ! ﻓﺎﻹﻟﻪ اﻟﻘﺪﻳﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ أﻧﻄﻖ اﻟﺪاﺑﺔ ﻓﺘﻜﻠﻤﺖ وﻗﺎﻟﺖ ﻟﺒﻠﻌﺎم: ﳌــﺎذا ﺗﴬﺑﻨﻲ ﺛﻼث ﻣﺮات؟ ﻣــﺎ اﻟﺬي ﻓﻌﻠﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﴬﺑﻨﻲ؟ ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ ﺑﻠﻌﺎم" :ﴐﺑﺘﻚ ﻷﻧﻚ ذﻫﺒﺖ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ أرﻳﺪ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻌﻲ ﺳــﻴﻒ ﻟﻘﺘﻠﺘﻚ" .ﻗﺎﻟﺖ اﻷﺗﺎن" :أﻟﺴــﺖ أﺗﺎﻧﻚ؟ ﻫﻞ ﻓﻌﻠﺖ ﺷﻴﺌًﺎ ﻛﻬﺬا ﻣــﻦ ﻗﺒﻞ؟ ﻗﺎل ﺑﻠﻌــﺎم" :ﻻ مل ﺗﻔﻌﲇ" .وﻓﺠﺄة اﻛﺘﺸــﻒ ﺑﻠﻌﺎم ﳌﺎذا ﺗﴫﻓــﺖ أﺗﺎﻧﻪ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤــﻮ اﻟﻐﺮﻳــﺐ ﻓﻌــ ًﻼ .رأى ﻣــﻼﻛﺎً واﻗﻔﺎً ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻗﺒﺎﻟﺘــﻪ ،وﻗﺪ رأﺗﻪ اﻷﺗﺎن ﻗﺒﻞ أن ﻳﺮاه ﺑﻠﻌﺎم .إﻧﻪ ﻣﻼك ﻳﺤﻤﻞ ﺑﻴﺪه ﺳﻴﻔﺎً. ﻓﻮﺟﺊ ﺑﻠﻌﺎم وﺧ ّﺮ ﻋﲆ وﺟﻬﻪ ﺳــﺎﺟﺪاً ،ﻓﻘﺎل ﻟــﻪ اﳌﻼك :ﳌﺎذا ﴐﺑﺖ اﻷﺗﺎن ﺛﻼ ًﺛﺎ؟ أﻧﺎ ﺟﺌﺖ ﳌﻨﻌــﻚ ﻣــﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻃﺮﻳﻘﻚ ﻷﻧــﻚ ﻣﺰﻣﻊ أن ﺗﻔﻌــﻞ ﺷــﻴﺌًﺎ ﻻ ﻳﺮﻳﺪك اﻟــﺮب أن ﺗﻔﻌﻠﻪ وﻟﻮ ﺗﺎﺑﻌــﺖ اﻷﺗﺎن ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻘﺘﻠﺘﻚ ﺑﺴــﻴﻔﻲ ﻫﺬا وأﺑﻘﻴﺖ اﻷﺗﺎن ﺣﻴﺔ. ﻗﺎل ﺑﻠﻌــﺎم ﻟﻘﺪ أﺧﻄﺄت ﻷﻧﻨــﻲ مل أﻋﻠﻢ أﻧﻚ واﻗﻒ ﻫﻨﺎ .ﺳــﺄﻋﻮد إﱃ ﺑﻴﺘﻲ ﻓﻮ ًرا إذا ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ ذﻟﻚ .ﻓﻘﺎل ﻟــﻪ اﳌﻼك" :اذﻫﺐ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻣــﻊ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﻟﻜــﻦ ﻻ ﺗﺘﻠﻔﻆ ﺑﺄﻳﺔ ﻛﻠﻤﺔ إﻻ ﺑﺈﻳﻌﺎز ﻣﻦ اﻟﺮب" ﻓﺘﺎﺑﻊ ﺑﻠﻌﺎم ﺳــريه ...وﻛﺎن اﳌﻔــﺮوض أن ﻳﻄﻴﻊ ﺑﻠﻌﺎم اﻟﺮب ﻟﻜﻦ مل ﺗﻜــﻦ ﻟﻪ رﻏﺒﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ داﺧﻞ ﻗﻠﺒﻪ ﻷﻧﻪ مل ﻳﻜﻦ ﻳﺤﺐ اﻟﺮب ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﻳﺮﻳﺪﻧﺎ اﻟــﺮب أن ﻧﻄﻴﻌﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﻠﺐ ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎن ﻗﻠﺒﻨﺎ اﳌ ّﻴﺎل إﱃ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ذﻟﻚ. ﻟﻜﻦ اﻟﺮب ﻗﺎدر ﻋﲆ أن ميﻨﺤﻨﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ﰲ إﻃﺎﻋﺘﻪ إن ﻃﻠﺒﻨﺎ ذﻟﻚ ﻣﻨﻪ ﺑﺼﻠﻮاﺗﻨﺎ. ٢٩
.٩ﺑﻠﻌﺎم ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻌﻨﺔ )اﻟﻌﺪد (٢٢ ﺗﺎه ﺑﻨــﻮ إﴎاﺋﻴﻞ أرﺑﻌني ﺳــﻨﺔ ﰲ اﻟ ّﱪﻳﺔ وﻗﺎرﺑﻮا اﻟﺪﺧﻮل إﱃ أرض ﻛﻨﻌﺎن أرض اﳌﻮﻋﺪ ،وﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺤﺎرﺑــﺔ أ ّﻣﺘني ﻗﻮﻳﺘني ﻗﺒﻞ اﻟﺪﺧﻮل إﱃ ﻛﻨﻌﺎن .واﻧﺘﴫ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬام مبﻌﻮﻧﺔ اﻟﺮب. وﺑﻘــﻲ أﻣﺎﻣﻬــﻢ ﻋﺪو ﺛﺎﻟــﺚ ﻫﻮ أ ﱠﻣــﺔ اﳌﻮآﺑﻴني ﺑﻘﻴﺎدة ﻣﻠﻜﻬﻢ ﺑﺎﻻق اﻟــﺬي ارﺗﻌﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﺑﻬﺰميﺔ اﻷﻣﺘني اﻟﺠﺎرﺗني وﺳــﺎءل ﻧﻔﺴــﻪ إن ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻋﲆ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ .ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻷن ا Ôإﻟﻪ ﺟﺒﺎر وﻋﻈﻴﻢ وﻫﻮ ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ، ﻓــامذا ﻳﻔﻌﻞ اﳌﻠﻚ ﺑــﺎﻻق؟ وﻃﺮأت ﻟﻪ ﻓﻜﺮة أن ﻳﺒﻌﺚ ﺑﻄﻠﺐ ﻧﺒﻲ اﺳــﻤﻪ ﺑﻠﻌــﺎم ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﻣــﻜﺎن ﺑﻌﻴﺪ ﻟﻴﺤﴬ إﻟﻴﻪ ﻻ ﻟﻴﺒﺎرك اﻟﺸــﻌﺐ ﺑﻞ ﻟﻴﻠﻌﻨﻪ ،ﻻﻋﺘﻘﺎده ﺑﺄن ﻟﻌﻨﺔ ﺑﻠﻌﺎم ﺳــﺘﻀﻌﻒ إﻟﻪ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﻔﻘﺪون ﻗﻮﺗﻬﻢ. وأرﺳﻞ ﺑﺎﻻق وﻓﺪًا ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺪه إﱃ ﺑﻠﻌﺎم وﻣﻌﻬﻢ ﻣﺎﻻً وﻓ ًريا ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻟﻪ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﴬوا أﻣﺎﻣﻪ أﺧﱪوه ﺑﻜﻞ ﳾء وﻃﻠﺒــﻮا ﻣﻨﻪ اﻟﺤﻀﻮر ﻓﻮ ًرا ﻟﻴﻠﻌﻦ اﻟﺸــﻌﺐ .أ ﱠﻣﺎ ﺑﻠﻌﺎم ﻓﺎﺳــﺘﻤﻬﻠﻬﻢ ﻟﻴﻠﺔ ﺻﺒﺎﺣــﺎ أﻋﻠﻤﻜﻢ مبﺎ ﻳﺮﻳﺪ واﺣــﺪة ﻗﺎﺋ ًﻼ" :ﻏﺪًا ً اﻟﺮب ﻣﻨﻲ أن اﻓﻌﻞ". وﰲ ﺗﻠــﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻗﺎل اﻟﺮب ﻟﺒﻠﻌــﺎم" :إﻳﺎك أن ﺗﺬﻫــﺐ ﻣﻊ ﻫــﺆﻻء وﻻ ﻳﺠﻮز ﻟــﻚ أن ﺗﻠﻌﻦ ﺷﻌﺒﻲ ﻷﻧﻨﻲ ﻣﻨﺤﺘﻬﻢ ﺑﺮﻛﺘﻲ". وﰲ اﻟﺼﺒــﺎح ﻗﺎل ﺑﻠﻌﺎم ﻟﻠﻮﻓــﺪ" :اﻧﻄﻠﻘﻮا إﱃ أرﺿﻜﻢ ﻷن اﻟﺮب أىب أن ﻳﺴــﻤﺢ ﱄ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎب ﻣﻌﻜﻢ" .وﻋﺎد ﻋﺒﻴﺪ ﺑﺎﻻق إﱃ ﻣﻮﻃﻨﻬﻢ وأﺧﱪوه مبﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﻠﻌﺎم .ﺛﻢ أرﺳــﻞ ﺑﺎﻻق إﱃ ﺑﻠﻌﺎم وﻓﺪًا آﺧﺮ ﻣــﻦ ﻋﺒﻴﺪه أﻛرث ﻋــﺪدًا ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺪ ٢٨
اﻷول وأﻛــرث أﻫﻤﻴﺔ وﻗﺎﻟــﻮا ﻟﺒﻠﻌﺎم" :ﻳﺮﺟﻮك اﳌﻠﻚ ﺑﺎﻻق أن ﺗﺄيت ﻣﻌﻨﺎ وﺳﻴﻌﻄﻴﻚ ﻣﺎﻻً وﻓ ًريا إذا ﺣﴬت ﻣﻌﻨﺎ ﻟﺘﻠﻌﻦ ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ". َ وأﻳﻀﺎ اﺳــﺘﻤﻬﻠﻬﻢ ﺑﻠﻌﺎم ﻟﻴﻠﺔ ﻋﴗ أن ﻳﺤﺪّﺛﻪ اﻟــﺮب ﺑﺄﻛــرث ﻣام ﻗﺎل ﻟــﻪ ﰲ اﳌﺮة اﻟﺴــﺎﺑﻘﺔ. وﻳﺒــﺪو ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا ّأن ﺑﻠﻌﺎم راﻏﺐ ﰲ إﻃﺎﻋﺔ أﻣﺮ اﻟــﺮب وﻟﻜﻨﻪ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻧــﻪ ﻛﺎن ﻳﻄﻤﻊ ﰲ ﻣﺰﻳﺪ ﻣــﻦ اﳌﺎل ،ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺼــري ﻏﻨ َﻴﺎ ،ﻳﺮﻳﺪ اﻣﺘﻼك اﳌﺎل أﻛرث ﻣﻦ إﻃﺎﻋﺔ أﻣﺮ ا .Ôوﻣﻦ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟــﻚ ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺒﺎً ﻟﻠامل أﻛرث ﻣﻦ ا ،Ôﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﻟﻪ اﻟﺮب ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ "اذﻫﺐ ﻣﻊ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﻏﺪًا ،وﻟﻜﻨﻚ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ أﻗﻮﻟﻪ ﻟﻚ ﻓﻘﻂ". وﰲ اﻟﻐــﺪ ﺑﺪأ ﺑﻠﻌــﺎم رﺣﻠﺘﻪ ﻋﲆ أﺗــﺎن وﻓﺠﺄة ﺻﺎرت اﻷﺗﺎن ﺗﻨﺤﺮف ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺤﻘﻞ، ﻓﻐﻀﺐ ﺑﻠﻌﺎم وﺻﺎر ﻳﴬب اﻟﺪا ّﺑﺔ ﻓﻌﺎدت ﺛﺎﻧﻴﺔ إﱃ اﻟﻄﺮﻳﻖ .وﺑﻌﺪ ﻓﱰة وﺟﻴﺰة ﺻﺎر اﳌﻌﱪ اﻟﺬي ﺗﺴــري ﻓﻴﻪ اﻟﺪاﺑﺔ ﺿ ﱟﻴﻘﺎً ﺑــني ﺟﺪارﻳﻦ وﺻﺎرت اﻷﺗﺎن ﺗﺘﴫف ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻓﺘﻀﻐﻂ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺠﺪار ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت ﻗﺪم ﺑﻠﻌﺎم ﻣﺤﺼﻮرة ﺑني اﻷﺗﺎن واﻟﺠــﺪار ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺆﳌﺔ ﻣام زاد ﻣﻦ ﻏﻀــﺐ ﺑﻠﻌﺎم اﻟــﺬي اﺧﺬ ﻳــﴬب اﻷﺗﺎن ﺑﺄﻛرث ﻗﺴــﻮة .وﻣﻊ ﺗﻘﺪم اﳌﺴــري ﺻﺎر اﻟﻄﺮﻳﻖ أﺿﻴﻖ ﻟﺪرﺟﺔ ﱠأن اﻟﺪا ّﺑﺔ مل ﺗﻌﺪ ﺗﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﺤ ﱡﺮك ُميﻨﺔ أو ُﻳــﴪة ورﻓﻀﺖ اﻟﺘﻘﺪم إﱃ اﻷﻣﺎم ﰲ ﺳــريﻫﺎ وﻛﺄن ﺷــﺨﺼﺎً ﻳﻘــﻒ أﻣﺎﻣﻬــﺎ ﻣﺎﻧﻌــﺎً إﻳﺎﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻘــﺪم ﻓﺮﺑﻀﺖ ﺗﺤﺖ ﺑﻠﻌــﺎم اﻟﺬي ﺛﺎر ﻏﻀﺒﻪ أﻛرث وأﺧﺬ ﻳﴬب اﻷﺗﺎن اﳌﺴﻜﻴﻨﺔ ﺑﻘﻀﻴﺐ.
وﻣﻌﻬﻢ ﻣﺒﺎﺧﺮ ،وﺣﴬ ﺟﻤﻬﻮر آﺧﺮ ﻟريوا ﻣﺎ اﻟﺬي ﺳــﻴﺤﺪث.وﻛﺎن اﻟﺮب ﺑﻼ ﺷﻚ ً ﺣﺎﴐا ﻷن ﻋﻤﻮد اﻟﻨﺎر ﻛﺎن ﻣﻮﺟــﻮدًا ،وﻫﺬه ﻋﻼﻣﺔ ﺣﻀﻮره ،وﻫﻮ ﻏﺎﺿﺐ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻷﻧﻪ ﻗﺎل ﳌﻮﳻ وﻫﺮون اﺑﺘﻌﺪا ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﻷين ﺳﺄﺑﻴﺪﻫﻢ .ﻓﺎﻧﺤﻨﻰ ﻣﻮﳻ وﻫﺎرون إﺟﻼﻻً ﻟﻠﺮب وﻗﺎﻻ :ﻳﺎ رب إن ﻛﺎن واﺣﺪ ﻗﺪ مت ّﺮد ﻓﻬﻞ ﺗﺒﻴﺪ ﻛﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺸﺪ ﺑﺴﺒﺒﻪ؟ ﻓﻘﺎل اﻟﺮب "اذﻫﺐ إﱃ ﺧﻴﺎم ﻗﻮرح وداﺛﺎن وأﺑريام واﻃﻠﺒﻮا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أن ﻳﻨﺄوا ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﻌﻴﺪًا ﻟريوا ﻣﻦ ﻫﻮ اﳌﺨﺘﺎر ﻋﻨﺪي ﻟﻴﻜﻮن ﻗﺎﺋﺪًا ﻟﺸﻌﺒﻲ". ووﻗــﻒ داﺛــﺎن وأﺑــريام أﻣــﺎم ﺧﻴﻤﺘﻬام ﻣﻊ اﻟﺰوﺟﺎت واﻷوﻻد دون ﺧﻮف ﻣام ﻗﺎﻟﻪ ﻣﻮﳻ ﺑــﺄن اﻟﺮب ﺳــﻴﺠﺮي ﻋﻤ ًﻼ ﺧﺎر ًﻗﺎ إذ ﺳــﻴﺠﻌﻞ اﻷرض ﺗﺒﺘﻠﻊ ﻫﺆﻻء ،وﺣﻴﻨﺌﺬ ﺳــﺘﻌﻠﻤﻮن أﻧﻬﻢ ﻗﺪ أﺧﻄﺆوا ﺿﺪ ا Ôﺧﻄﻴﺌﺔ ﻓﻈﻴﻌﺔ. وﻳﺎ ﻟﻬﻮل ﻣﺎ ﺣﺪث! اﻧﻈﺮ ﻣﺎ اﻟﺬي ﺟﺮى! ﻟﻘﺪ
اﻧﺸﻘﺖ اﻷرض ﻗﺮب ﺧﻴﺎم ﻗﻮرح وداﺛﺎن وأﺑريام وأﺣﺪﺛــﺖ ﻫﻮة واﺳــﻌﺔ ﻋﻤﻴﻘــﺔ واﺑﺘﻠﻌﺘﻬﻢ اﻷرض ﻣﻊ ﺧﻴﺎﻣﻬﻢ وﻣﻘﺘﻨﻴﺎﺗﻬﻢ .وﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ أن ﻳﺴــﻤﻌﻮا اﻟــﴫاخ واﻟﻌﻮﻳﻞ ﻓﻬﺮﺑﻮا ﺑﺄﴎع ﻣﺎ ميﻜﻨﻬﻢ .ﺛﻢ اﻟﺘﺤﻤﺖ اﻷرض وﻋــﺎدت ﻛام ﻛﺎﻧﺖ .وﻫﻜﺬا ذﻫﺐ اﳌﺘﻤﺮدون إﱃ اﻟﺠﺤﻴﻢ أﺣﻴﺎء. وﺣﺪث أﻣﺮ آﺧﺮ ً أﻳﻀﺎ ﻓﻘﺪ ﺧﺮﺟﺖ ﻧﺎر ﻣﺤﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻮد اﻟﺴﺤﺎب وﻗﺘﻠﺖ اﳌﺌﺘني واﻟﺨﻤﺴني رﺟــ ًﻼ ﺣﺎﻣﲇ اﳌﺒﺎﺧــﺮ ﻣﻤــﻦ آزروا ﻗﻮرح ﰲ متﺮده واﻧﺘﴩت ﺟﺜﺜﻬﻢ ﻋﲆ اﻷرض ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ ﺗﺄدﻳﺐ ا Ôﻷوﻟﺌﻚ اﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ. ﱠإن اﻟﺘﻤﺮد ﻋﲆ ا Ôأﻣﺮ ﻣﺮﻋﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ! وميﻜﻦ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺮى متــ ّﺮدًا ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻟﺬا ﻳﺠﺐ واﻟﺤﺎل ّ ﻧﺼــﲇ دامئًﺎ ﻗﺎﺋﻠــني" :ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻳﺎ رب ﻫــﺬه أن أن ﻧﻄﻴﻌﻚ وﻧﻌﻤــﻞ ﻣﺮﺿﺎﺗﻚ وأﺑﻌﺪ ﻋﻨﺎ وﻋﻦ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﱠ ﻛﻞ متﺮد".
٢٧
.٨ﻗﻮرح وداﺛﺎن وأﺑريام )اﻟﻌﺪد (٣٥ - ١ :١٦ ﺑﻠﻎ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﺴــﺎﻓﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ أرض ﻛﻨﻌﺎن اﳌﻮﻋﻮد ﺑﻬﺎ وﻛﺎن ﻣﻮﳻ ﻗﺪ أرﺳﻞ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ إﺛﻨﻰ ﻋﴩ رﺟ ًﻼ ﻟﻴﺴﺘﻄﻠﻌﻮا اﻷرض .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎدوا ﻣﻦ ﺟﻮﻟﺘﻬﻢ أﺧﱪوه ﺑﺄﻧﻬﺎ أرض ﺟﻤﻴﻠﺔ ذات ﺧري ﻛﺜري وﻓﻴﻬﺎ ﺳــ ّﻜﺎن ﻋامﻟﻘﺔ أﺷــﺪّاء ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻣﺪن ﻣﺤﺼﻨﺔ ﺑﺄﺳــﻮار ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌــﺔ .ﻓﻌﴩة ﻣﻦ ّ اﻟﺮﺟــﺎل أﺑﺪوا ﻋﺪم ﺛﻘﺘﻬﻢ ﺑﻘــﺪرة ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻋﲆ ﻛﺴﺐ اﻟﺤﺮب ﻋﲆ أوﻟﺌﻚ اﻟﻌامﻟﻘﺔ ﻓﺼﺪّﻗﻬﻢ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ وﴏﺧــﻮا ﻗﺎﺋﻠني" :ﻟﻘﺪ ﺧﺪﻋﻨﺎ اﻟﺮب ﻓﺪﻋﻮﻧــﺎ ﻧﻌﻮد إﱃ ﻣﴫ" ﻓﻴــﺎ ﻟﻠﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﻔﻈﻴﻌﺔ اﻟﺘــﻲ اﻗﱰﻓﻮﻫﺎ ﺑﻔﻘﺪ ﺛﻘﺘﻬﻢ ﺑﺎ !Ôوﻛﺎﻧﺖ ﻋﻘﻮﺑﺔ ا Ôﻟﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﺸــﻚ ﺑﻪ أﻧﻪ مل ﻳﺴــﻤﺢ ﺑﺪﺧــﻮل اﻷرض اﳌﻮﻋﻮدة ﻣﻦ اﺑﻦ ﻋﴩﻳﻦ ﺳــﻨﺔ ﻓﺼﺎﻋﺪًا اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺬﻣــﺮوا ﻋﲆ ا) Ôﻋﺪد ،(٢٩:١٤ وﺻــﺎر ﻟﺰا ًﻣــﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺘﻮﻫﻮا أرﺑﻌني ﺳــﻨﺔ ﰲ اﻟ ّﱪﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻣﺎﺗــﻮا ﰲ اﻟﻘﻔﺮ .أﻣﺎ أوﻻدﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ وﻟﺪوا ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﱰة ﻓﻘﺪ ﺳﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل إﱃأرضاﳌﻮﻋــﺪ. وﻓﻴــام ﻛﺎن ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻳﻄﻮﻓــﻮن ﰲ اﻟﺼﺤﺮاء ﺣﺪث أﻣﺮ ﻣﺮﻋﺐ ﺣﻴﺚ ّأن رﺟ ًﻼ اﺳــﻤﻪ ﻗﻮرح ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﰲ إﺣﺪى اﻟﺨﻴﺎم اﳌﻨﺘﴩة ﻣﻊ زوﺟﺘﻪ وأوﻻده وﻫﻮ ﻣﻦ ﺳﺒﻂ ﻻوي اﳌﻮﻛﻞ إﻟﻴﻬﻢ ﺧﺪﻣﺔ اﻟــﺮب ﰲ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع ﻛﻤﺴــﺎﻋﺪﻳﻦ ﻟﻠﻜﻬﻨﺔ، وﻛﺎن ﻟﻘﻮرح ﻫﺬا ﺻﺪﻳﻘــﺎن ﻫام داﺛﺎن وأﺑريام، ﻓﺎﺟﺘﻤﻌــﻮا ذات ﻳﻮم ﻳﺘﻜﻠﻤــﻮن ﻗﺎﺋﻠني" :ﻳﻈﻦ ﻫــﺎرون وﻣﻮﳻ أﻧﻬــام ﺻﺎﺣﺒﺎ ﺷــﺄن أرﻓﻊ ﻣﻨﺎ، ﺻﺤﻴﺤﺎ!" وﻗﺎدﻫﻢ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ إﱃ وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ً اﻟﺘﻤﺮد وﺗﺪاوﻟﻮا ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻣﻊ آﺧﺮﻳﻦ ﻓﻮاﻓﻘﻬﻢ ﻛﺜريون واﻧﻘﺎدوا إﱃ متﺮدﻫﻢ ،وﻫﻜﺬا ﺻﺎر ﻋﺪد اﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ ﻣﻊ ﻗﻮرح ﻗﺮاﺑﺔ اﳌﺌﺘني وﺧﻤﺴني رﺟ ًﻼ ٢٦
ﺗﻮﺟﻬــﻮا ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ إﱃ ﻣﻮﳻ وﻫﺎرون وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻬام: "ﻟﺴــﺘﻢ أرﻓﻊ ﺷــﺄنٍ ﻣﻨﺎ ،وﻧﺤــﻦ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻜﻮن ﻛﻬﻨﺔ ﻣﺜﻞ ﻫﺎرون وﻗﺎدة ﻣﺜﻞ ﻣﻮﳻ". وﻛﺎﻧﺖ ﺻﺪﻣﺔ ﳌﻮﳻ وﻫﺎرون ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳــﻮاء ﻷن ﻫــﺆﻻء اﻷﺷــﺨﺎص ﻳﻔﺘﻌﻠﻮن اﳌﺸــﻜﻼت وﻳﺘﻤﺮدون ﻋﲆ اﻟﺮب ﺑﺎﻟﺬات. ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻢ ﻣﻮﳻ" :ﺳــﻴﻌﻠﻦ اﻟــﺮب ﺑﺬاﺗﻪ ﻏﺪًا ﻣــﻦ ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﰲ أن ﻳﻜــﻮن ﻛﺎﻫﻨًﺎ .ﺗﻌﺎﻟﻮا ﻏﺪًا وﻣﻌﻜﻢ ﻣﺒﺎﺧﺮ ﻛﺎﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﻜﻬﻨﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ .وﻗﺒﻞ أن ﻳﻐﺎدروا إﱃ ﺧﻴﺎﻣﻬﻢ ﻗﺎل ﻟﻬﻢ ﻣــﻮﳻ "ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻏري راﺿني ﻋﻦ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺘﻲ أوﻛﻠﻬﺎ ا Ôﻟﻜﻢ ﰲ ﻣﺴــﻜﻨﻪ، واﻛﺘﻔﻮا مبــﺎ ﻣﻨﺤﻜﻢ إﻳﺎه ا Ôوﻻ ﺗﺘﻤﺮدوا ﻋﲆ ا Ôراﻏﺒني ﰲ وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻜﻬﻨﻮت". وﺗﻐﻴــﺐ ﻋﻦ ﻫــﺬا اﻟﻠﻘﺎء داﺛﺎن وأﺑــريام ﻣﻊ ّأن ﻣــﻮﳻ دﻋﺎﻫام إﻟﻴــﻪ وﺗﻜﻠام ﺑﻔﻈﺎﻇــﺔ ﻗﺎﺋﻠني: "ﻟﻘﺪ أﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻮﳻ ﻣﻦ ﻣﴫ ،ذﻟﻚ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻄﻴﺐ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﴩاب اﻟﴚء اﻟﻜﺜري. وﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﻮاﺟﻪ اﳌﻮت ﰲ اﻟﱪ ّﻳﺔ وﻓﻮق ذﻟﻚ ﻛﻠــﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜــﻮن ً زﻋﻴام ﻋﻠﻴﻨــﺎ ،وﻗﺪ وﻋﺪﻧﺎ ﺑﺎﻣﺘﻼك أرض ﻏﻨﻴــﺔ ﺑرثواﺗﻬﺎ وﺣﻘﻮﻟﻬﺎ وﻛﺮوﻣﻬﺎ. إﻧﻪ ﻣﺨﺎدع وﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﻀﻄﺮﻳﻦ ﻟﻼﻧﺼﻴﺎع إﻟﻴﻪ. ﻓﻼ ﻧﺤﴬ اﻻﺟﺘامع اﻟﺬي دﻋﺎﻧﺎ إﻟﻴﻪ". ﻏﻀﺐ ﻣﻮﳻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳــﻤﻊ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻷﻧﻬام اﺗﻬﻤﻮه زو ًرا وﺑﻬﺘﺎ ًﻧﺎ ،واﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﻬام ﺗﻜ ّﻠام ﻋﲆ اﻟﺮب مبﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ .وﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ اﺟﺘﻤﻌــﻮا ﺛﺎﻧﻴﺔ ،أي ﻗــﻮرح وﻣﻌﻪ اﳌﺌﺘني واﻟﺨﻤﺴــني ﻣــﻦ اﻟﺮﺟﺎل أﻣﺎم ﺧﻴﻤــﺔ اﻻﺟﺘامع
اﻟﺬي داﻓﻊ ﻋﻦ ﻣﻮﳻ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ؟ اﻟﺮب ﻧﻔﺴــﻪ! ﻟﻘﺪ ﻃﻠﺐ اﻟﺮب ﻣــﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ أن ﻳﺄﺗﻮا إﱃ ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع ﺣﻴﺚ ﻣﺴﻜﻦ ا ،Ôوﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻮا وﻗﻒ ﻋﻤﻮد اﻟﺴﺤﺎب ﻋﻨﺪ ﺑﺎب ﺧﻴﻤﺔ اﻻﺟﺘامع وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﺣﻀﻮر اﻟﺮب! وﻗﺎل اﻟــﺮب ﻟﻬﺎرون وﻣﺮﻳــﻢ ّ "إن ﻣﻮﳻ أﻫﻢ ﺧــﺎدم ﻋﻨﺪي ،وأﻧﺎ أﻛ ّﻠــﻢ ّ ﻛﻞ ﺧﺪاﻣﻲ ﺑﺄﺣﻼم وﻫﻢ ﻧﻴﺎم إﻻ ﻣﻮﳻ ﻓﺈين أﻛ ّﻠﻤﻪ ً ﻓام ﻟﻔﻢ ،ﻓﻬﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻲ ووﰲ ﱄ ...وأﻧﺘام ﻳﺎ ﻫﺎرون وﻣﺮﻳﻢ ﳌﺎذا أﺳــﺄمتﺎ ﻟﻌﺒﺪي ﻣــﻮﳻ؟ ﻟﻘﺪ أﺧﻄﺄمتﺎ "... وﺣﻤﻲ آﻧــﺬاك ﻏﻀﺐ اﻟﺮب ﻋﻠﻴﻬام ...وﻓﺠﺄة ﺣﺪث ﻣﺎ ﺣــﺪث !! ﻫﺎﻫﻲ ﻣﺮﻳﻢ وﻗﺪ أﺻﺎﺑﻬﺎ اﻟﱪص وﺻــﺎر ﺟﻠﺪﻫﺎ ً أﺑﻴﻀﺎ ﻛﺎﻟﺜﻠﺞ ...وأﺻﻴﺐ ﻫــﺎرون ﺑﺎﻟﻬﻠــﻊ إذ أﴎع إﱃ ﻣــﻮﳻ ﻣﻌﱰ ًﻓﺎ
ﺑﺎﻹﺳــﺎءة واﻟﻐﺒﺎء وﻗﺪ ﺑﺪت ﻣﺮﻳﻢ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﻴﺘﺔ ...ﻟﻜﻦ ﻣﻮﳻ مل ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻳﺪ اﳌﻮت ﻟﺸــﻘﻴﻘﺘﻪ! ﻓــامذا ﻓﻌﻞ ﻣﻮﳻ؟ ﻫﻞ ﻗــﺎل ّإن ﻣﺮﻳﻢ ﻧﺎﻟﺖ ﻣﺎ ﺗﺴــﺘﺤﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ؟ ﻛ ّﻼ ،مل ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﻞ ّ ﺻﲆ ﻷﺟﻠﻬﺎ وﴏخ إﱃ اﻟﺮب ﺑﺘﴬع ﻗﺎﺋ ًﻼ "أرﺟــﻮك ﻳﺎ رب اﺷــﻔﻬﺎ" .ﺑﺎﻟﻔﻌــﻞ ّإن ﻣﻮﳻ رﺟــﻞ ﺣﻠﻴﻢ!! وﻳﺎ ﻟﻠﻔﺮﺣﺔ ﻓﻘﺪ اﺳــﺘﻤﻊ اﻟﺮب ﻟﺼﻼة ﻣﻮﳻ وﺷﻔﻰ ﻣﺮﻳﻢ ،ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﺗﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬــﺎ أن ﺗﻌﻴــﺶ ﻣﻌﺰوﻟﺔ ﻟﺴــﺒﻌﺔ أﻳﺎم ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻨﺎس ﺑﺴــﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﱪص اﳌﺆﻗﺖ اﻟﺬي أﺻﺎﺑﻬﺎ .واﻧﺘﻈﺮ اﻟﺸﻌﺐ ﻋﻮدة ﻣﺮﻳﻢ إﱃ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪﻫﺎ يك ﻳﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺮﺣﻠﺔ.
٢٥
.٧ﻣﻮﳻ وﻫﺎرون وﻣﺮﻳﻢ أﺧﺘﻬام )اﻟﻌﺪد (١٢ ﺑﻠﻎ ﺷﻌﺐ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وإﺳﺤﻖ وﻳﻌﻘﻮب ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒرية ﰲ ﻣﴫ ﺑﺤﺴــﺐ وﻋﺪ اﻟﺮب ﻟﻬﻢ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻣــ ّﺮوا ﺑﻈــﺮوف ﻋﺼﻴﺒــﺔ ،ﻓﻘــﺪ دارت اﻷﻳﺎم وﺗﺒﺪﻟﺖ اﻷﺣﻮال ﺑﻌﺪ ﻣﻮت ﻳﻮﺳــﻒ وﺻﺎروا ﻋﺒﻴﺪًا ،إﻻ ّأن ا Ôرﺳــﻢ ﻟﻬــﻢ ﺧﻄﺔ إﻧﻘﺎذ ﺑﻨﺎء ﻋﲆ وﻋﺪه ﻟﺒﻨﻲ إﴎاﺋﻴــﻞ! وﻗﺪ ﻫ ّﻴﺄ ا Ôﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض رﺟ ًﻼ اﺳــﻤﻪ ﻣﻮﳻ اﻟــﺬي أﻧﻘﺬه ﻣﻦ اﳌــﻮت ﰲ ﻃﻔﻮﻟﺘــﻪ ﺑﻮاﺳــﻄﺔ أﻣــرية ﻣﴫﻳﺔ وﺟﺪﺗــﻪ ﰲ ﺳــ ّﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺐ ﰲ ﻧﻬــﺮ اﻟﻨﻴﻞ، ﻓﱰﻋــﺮع ﰲ ﻛﻨﻔﻬﺎ وﻧــﺎل ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﻗﴫ ﻗــﺮر أن ﻳﻠﻮذ ﺑﺎﻟﻔﺮار اﻷﻣــرية .وﰲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم ّ ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻞ رﺟ ًﻼ ﻣﴫ ٍّﻳﺎ ،وﻋﺎش ﰲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺻــﺎر راﻋ ًﻴﺎ ﻟﻠﻐﻨﻢ ،وﻗــﺪ أدرك أﻧﻪ ﻻ ميﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﺬ ﺷــﻌﺒﻪ ﺑﻘﻮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ،وأﻣﴣ ﰲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ أرﺑﻌني ﺳــﻨﺔ أﻣﺮه اﻟﺮب ﺑﻌﺪﻫــﺎ أن ﻳﻌﻮد إﱃ ﻣﴫ ﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﻓﺮﻋﻮن ﻧﺎﻗ ًﻼ ﻟﻪ رﺳﺎﻟﺔ ا Ô اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل "أﻃﻠﻖ ﺷﻌﺒﻲ ﻳﺎ ﻓﺮﻋﻮن". ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻋﻮن مل ﻳﺴﺘﺠﺐ ﻟﻠﻄﻠﺐ ﻓﻘﺎﺑﻠﻪ اﻟﺮب ﺑﻌــﴩ ﴐﺑﺎت ﻣﻮﺟﻌﺎت ﺳــﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﻓﺮﻋﻮن ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺎﳌﻐﺎدرة .وﺑﻌﺪ ﻣﻐﺎدرﺗﻬﻢ ﺑﺒﻀﻌﺔ أﻳﺎم ﻏري ﻓﺮﻋﻮن رأﻳﻪ وﻗ ّﺮر إﻋﺎدﺗﻬﻢ ﻓﻼﺣﻘﻬﻢ ﺣﺘﻰ ّ ﺑﻠــﻎ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ،وﻫﻨﺎك رﺗﺐ ا Ôﻟﺸــﻌﺒﻪ ﻋﺒﻮ ًرا وﺳــﻂ اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻴﺼﻠﻮا إﱃ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻨﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻋﻮن وﺟﻨﻮده ﻏﺮﻗﻮا ﰲ اﻟﺒﺤﺮ. ﻣــﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪأت رﺣﻠﺔ ﺑﻨــﻲ إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ اﻟ ّﱪﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎدة ﻣﻮﳻ ﻣــﻊ إﴍاف ا Ôاﻟﺪاﺋﻢ ﺑﻌﻤﻮد ﻣﻦ اﻟﺴــﺤﺎب ﻧﻬــﺎ ًرا وﻋﻤﻮد ﻣﻦ اﻟﻨــﺎر ﻟﻴ ًﻼ. وﻋﻨﺪﻣــﺎ وﺻﻠــﻮا إﱃ ﺟﺒﻞ ﺳــﻴﻨﺎء ﻋﻘﺪ اﻟﺮب ٢٤
ﻋﻬــﺪًا ﻣﻊ ﺷــﻌﺒﻪ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧــﻪ إﻟﻪ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ وأﻧﻬﻢ ﺧﺎﺻﺘﻪ اﳌﺨﺘﺎرة اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ﻃﺎﻋﺘﻪ وﻓﻖ ﻣﻌﻴﺎر اﻟﴩﻳﻌﺔ أو اﻟﻨﺎﻣﻮس اﻟــﺬي أﻋﻄﺎﻫﻢ إ ّﻳﺎه وﻫﻮ اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﻌﴩ اﻟﺘﻲ ﺳ ّﻠﻤﻬﺎ ﳌﻮﳻ ﻋﲆ ﺟﺒﻞ ﺳﻴﻨﺎء. ﻟﻜﻦ ﺑﺮﻏﻢ ﻫــﺬا أﻏﺎﻇﻮا ا Ôﺑﺨﻄﻴﺌﺘﻬﻢ ،اﻷﻣﺮ ّ ﻳﺼــﲇ ﻷﺟﻠﻬﻢ، اﻟــﺬي ﺣــﺪا مبــﻮﳻ إﱃ أن ﻓﺎﺳــﺘﺠﺎب ﻟﻪ اﻟﺮب ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻬﻢ إﻟ ًﻬﺎ ً رﺣﻴام ...ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ! وﻣــﻮﳻ ً أﻳﻀﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ ﺷــﻌﺒﻪ ﻛﺜــ ًريا ﻟﻜﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﻛﺎن ﻳﺘﺬﻣﺮ وﻳﺪﻣﺪم ﻣﺮا ًرا وﺗﻜﺮا ًرا ،ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻮﳻ ﻳﻌﺎين ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻻ ﺗﻄﺎق ﻷن اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺘﺬﻣﺮ ﻳﺼﻌﺐ إرﺿﺎؤه ... ﺣﺘــﻰ أﺧﻮه ﻫﺎرون اﻟﺬي ﻫﻮ رﺋﻴﺲ ﻛﻬﻨﺔ ﺧﺎدم ﻟﻠﺮب وأﺧﺘﻪ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻨﺒﻴﺔ ﺟﺎءا إﻟﻴﻪ ﻣﺘﺬﻣﺮﻳﻦ ﻣﻊ ﳾء ﻣﻦ اﻟﻐرية ﺑﺴــﺒﺐ رﻓﻌﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﻮﳻ ﻋﻨﺪ ا Ôوﻗﺎﻻ ﻟﻪ" :ﻟﺴﺖ وﺣﺪك ﺧﺎد ًﻣﺎ ،Ôﺑﻞ ﻧﺤﻦ ً أﻳﻀﺎ ﻣﺜﻠﻚ وﻟﺴﺖ ﻣﺘﻤﻴﺰًا ﻋﻨﺎ ﰲ ﳾء" إﻧﻪ ﺗﺬ ّﻣﺮ ﻋني ﻣﻮﳻ ﻟﻬﺬا اﻷﻣﺮ. ﻋﲆ ﻣﺸﻴﺌﺔ ا Ôاﻟﺬي ّ وﻧﺤــﻦ ميﻜﻦ أن ﺗﺘﻮﻟﺪ اﻟﻐــرية ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ،ﻓﺈذا أﺻﺎﺑﺘــﻚ اﻟﻐــرية اﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟــﺮب أن ﻳﺰﻳﻠﻬﺎ ﻋﻨﻚ واﻃﻠﺐ ﻏﻔﺮا ًﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﻷﻧﻬﺎ ﺧﻄﻴﺌﺔ. ﻫﻞ اﻧﺰﻋﺞ أو ﻏﻀﺐ ﻣﻮﳻ ﻣام ﺳﻤﻌﻪ ﻣﻨﻬام؟ ﻛ ّﻼ ،ﻷﻧﻪ رﺟــﻞ ﺣﻠﻴﻢ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﺑﻄﻲء اﻟﻐﻀﺐ وﻃﻮﻳﻞ اﻷﻧﺎة ﻓﻠﻢ ﻳﺮ ّد ﻋﻠﻴﻬام ﺑﴚء. ﻗﺎس ﻟﻜﻨﻪ ﺣﺰن ﻷن أﺧﺎه وأﺧﺘﻪ ﺗﻔﻮﻫﺎ ﺑﻜﻼم ٍ ﻻﺋﻖ ،وﻫﻜــﺬا ميﻜــﻦ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻌﻨﺎ وﻏــري ٍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴــﻤﻊ ﻛﻼ ًﻣﺎ ﻛﻬﺬا .ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ
اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎم أﺑﺪًا! ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺣﴬ أﺧﻮﺗﻪ أﻣﺎﻣﻪ رمبﺎ ﺑﻨﺎء ﻋﲆ دﻋﻮة وﺟﻬﻬﺎ ﻫﻮ إﻟﻴﻬﻢ ،واﻧﺤﻨﻮا أﻣﺎﻣﻪ اﺣﱰاﻣﺎً وﺗﻌﺒرياً ﻋﻦ رﻏﺒﺘﻬــﻢ ﰲ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺧﺪّا ًﻣﺎ ﻟﻪ .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻷﺧﻮة ﻣﺘﻮاﺿﻌني ﺣ ًﻘﺎ وﺣﻘﻴﻘﺔ. ﻃأمﻧﻬﻢ ﻳﻮﺳــﻒ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ :ﻻ ﺗﺮﺗﺎﻋﻮا ﻓﺎﻟﺮب
ﻳﺮﻳــﺪين أن أﻋﺘﻨﻲ ﺑﻜﻢ .ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻜﻢ أﺳــﺄﺗﻢ إ ّﱄ ﻟﻜﻦ ا Ôﻗﺪ ﺣ ّﻮل ذﻟﻚ ﻟﻠﺨري ...ﻓﻴﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ إﻟﻪ ﺣﻜﻴﻢ وﺻﺎﻟﺢ ! ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﳌﺎذا ﺗﻘﻠﺪت ﻫﺬا اﳌﻨﺼﺐ اﻟﺮﻓﻴﻊ ﻫﻨﺎ ﰲ ﻣﴫ؟ ﻓﻘﻂ ﻹﺑﻘﺎء ﻫﺬه اﻷ ّﻣﺔ ﻋﲆ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة وﻟيك ﻻ ﻳﺠﻮع أﺣﺪ أو ﻳﻬﻠﻚ ﺟﻮ ًﻋﺎ وﺳــﺄﻋﺘﻨﻲ ﺑﻜﻢ وﺑﺄوﻻدﻛﻢ ،ﻓﻼ ﻳﺘــﴪب اﻟﺨﻮف إﱃ ﻗﻠﻮﺑﻜــﻢ ﺑﻌﺪ اﻵن .وﺑﺬا أراح ﻳﻮﺳﻒ أﺧﻮﺗﻪ ﻓﻨﺎﻟﻮا ﻃأمﻧﻴﻨﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ. منﻮذﺟﺎ ﻋﻦ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ ﻫﻨﺎ ﻧﺮى ﻳﻮﺳــﻒ ً اﻟﺬي ﻋﻤﻞ ﻣﻌﻨﺎ أﻛرث ﺑﻜﺜري ﻣام ﻋﻤﻠﻪ ﻳﻮﺳﻒ ،ذﻟﻚ أن ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ أﻇﻬﺮ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻷﻧﺎس ﺧﻄﺎة ﻣﺜﻠﻨﺎ ﻳﺄت إﱃ اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع ﻋﻤﻠــﻮا ﴍو ًرا ﻛﺜرية ،وﻣﻦ ِ اﳌﺴﻴﺢ ﺑﺘﻮﺑﺔ ﺻﺎدﻗﺔ وأﻣﺎﻧﺔ ﻣﺨﻠﺼﺔ ﻣﻌﱰ ًﻓﺎ أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ ﻳﻨﻞ ﻣﻨﻪ ﻏﻔﺮان اﻟﺨﻄﺎﻳﺎ.
٢٣
.٦ﻳﻮﺳﻒ ﻳﺴﺎﻣﺢ أﺧﻮﺗﻪ )ﺗﻜﻮﻳﻦ ٤٤؛ ٤٥؛ (٢١ - ١٤ :٥٠ ﻳﻮﺳﻒ اﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮب اﳌﺤﺒﻮب اﳌﺪﻟﻞ ﻋﻨﺪ أﺑﻴﻪ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ أﺧﻮﺗﻪ اﻟﺒﺎﻗني اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدﻫﻢ أﺣﺪ ﻋﴩ ﻳﻐﺎرون ﻣﻨﻪ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮم وﻗﺪ ﺑﻠﻎ اﻟﻜﺮه ﺑﻬــﻢ إﱃ درﺟﺔ أﻧﻬﻢ رﻣﻮه ذات ﻳﻮم ﰲ ﺑﱤ ﺛﻢ ﺑﺎﻋﻮه ﻷﻧﺎس ﻏﺮﺑﺎء أﺧــﺬوه وﺑﺎﻋﻮه ﺑﺪورﻫﻢ ﻋﺒﺪًا ﰲ ﻣﴫ .وﻗﺪ ﺧﺪع أوﻟﺌﻚ اﻷﺧﻮة أﺑﺎﻫﻢ إذ ﻟﻄﺨﻮا ﺛﻮب ﻳﻮﺳــﻒ ﺑــﺪم ﺣﻴﻮان ﻣﺪﻋني أﻣﺎم واﻟﺪﻫﻢ ّأن وﺣﺸﺎً ﻣﻔﱰﺳﺎً ﻗﺘﻠﻪ. وأﻟﻘﻲ ﻳﻮﺳﻒ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﰲ ﻣﴫ ﺑﺘﻬﻤﺔ ﻛﺎذﺑﺔ ﻟﻜــﻦ ا Ôاﻓﺘﻘﺪه إذ ﺣﻠــﻢ ﻓﺮﻋﻮن وﻫﻮ ﻋﺎﻫﻞ ﻣﴫ ﺣﻠﻤني وﻃﻠﺐ ﺗﻔﺴرياً ﻟﻬام ،ﻓﺠﺎء اﻟﺘﻔﺴري ﻋﲆ ﻟﺴــﺎن ﻳﻮﺳــﻒ ﺑﺄن ﻣﴫ ﺳﺘﺸــﻬﺪ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎء واﻟﺨري ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﻣــﻦ اﻟﻘﺤﻂ واﻟﺠﻔﺎف .وﻛﻢ ﻓــﺮح ﻓﺮﻋﻮن ﺑﺄن ﻳﻮﺳــﻒ ﻋﺮف ﺗﺄوﻳــﻞ اﻟﺤﻠﻤني وﺟﻌﻠــﻪ ﻧﺎﺋ ًﺒﺎ ﻟﻪ .وﻋﲆ اﻟﻔــﻮر أﻣﺮ ﻳﻮﺳــﻒ ﺑﺘﺨﺰﻳﻦ اﻟﻘﻤﺢ واﻟﺤﺒﻮب ﰲ اﻟﺼﻮاﻣﻊ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺴﺒﻊ اﻷوﱃ ﺣﺘﻰ ﻳﺆﻣﻦ ﻟﻠﻨــﺎس متﻮﻳﻨﺎً ﳌﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻴﻪ ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺴﺒﻊ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﺮى ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ. وﰲ زﻣﻦ اﳌﺠﺎﻋﺔ ﺟﺎء أﺧﻮة ﻳﻮﺳــﻒ إﱃ ﻣﴫ ﻟﻴﺒﺘﺎﻋــﻮا اﻟﺤﺒــﻮب ومل ﻳﺴــﻤﺢ واﻟﺪﻫــﻢ ﺑﺄن ﻳﺼﻄﺤﺒــﻮا ﻣﻌﻬــﻢ أﺧﺎﻫــﻢ اﻟﺼﻐــري ﺑﻨﻴﺎﻣني. وﳌﺎ رأى ﻳﻮﺳــﻒ أﺧﻮﺗــﻪ ﻋﺮﻓﻬﻢ وأﻣﺎ ﻫﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮه .وﺗﻜﻠﻢ ﻣﻌﻬﻢ أول اﻷﻣﺮ ﺑﻨﱪة ﻗﺎﺳــﻴﺔ ً ﻣﺘﻬام إﻳﺎﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﺠﺴﺲ ،ﻓﺨﺎﻓﻮا وأﻧﻜﺮوا أﻧﻬﻢ ﺟﻮاﺳﻴﺲ .وأﻣﺮ ﺑﺈﻟﻘﺎء أﺧﻴﻪ ﺷﻤﻌﻮن ﰲ اﻟﺴﺠﻦ وأﻣﺮﻫﻢ ﺑﺈﺣﻀﺎر أﺧﻴﻬﻢ اﻟﺼﻐري ﺑﻨﻴﺎﻣني. وﰲ زﻳﺎرﺗﻬــﻢ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻛﺸــﻒ ﻳﻮﺳــﻒ ﺣﻘﻴﻘﺔ ٢٢
اﻷﻣﺮ ﻷﺧﻮﺗﻪ ،ﻓﺄﺻﺎﺑﺘﻬﻢ اﻟﺪﻫﺸﺔ إذ ﻋﻠﻤﻮا ّأن أﺧﺎﻫﻢ ﻳﻮﺳﻒ ﺣﻲ .ﻓﻄأمﻧﻬﻢ وﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻨﺘﻘﻠﻮا ﻣﻊ واﻟﺪﻫﻢ ﻟﻴﻌﻴﺸــﻮا ﰲ ﻛﻨﻔﻪ ﰲ ﻣﴫ ﻷن اﳌﺠﺎﻋﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﱢ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻋﺪا ﻣﴫ. وﺑﻌﺪ ﻣــﺪة ﻣﻦ اﻟﺰﻣــﻦ ﻣﺎت واﻟﺪﻫــﻢ ﻳﻌﻘﻮب ودﻓﻦ ﰲ أرض ﻛﻨﻌﺎن .ﻓام اﻟﺬي ﺣﺪث ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ؟ اﺟﺘﻤﻊ أﺧﻮة ﻳﻮﺳــﻒ وﻗﺪ ﺑﺪا ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺨﻮف ﻣام ﻋﴗ أن ﻳﻔﻌﻞ ﻳﻮﺳــﻒ ﺑﻬــﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﻮت واﻟﺪﻫــﻢ ،إذ رمبﺎ ﻳﻘﻮل ﻟﻬــﻢ .ﻟﻘﺪ ﺣﺎن وﻗﺖ اﻟﻌﻘــﺎب ﻟﻘﺎء اﻟﴩ اﻟــﺬي ﺻﻨﻌﺘﻤﻮه يب وﻗﺪ ّأﺟﻠــﺖ ﻫﺬا ﻟﺤني وﻓﺎة واﻟﺪي ﻷﻧﻨﻲ مل أرﻏﺐ ﰲ أن أﺣﺰن ﻗﻠﺒﻪ .وﻓﻌ ًﻼ ﻟﻮ ﱠأن ﻳﻮﺳــﻒ ﻋﻤﻞ ذﻟﻚ ﻷﺣﺰن ﻗﻠﺐ واﻟﺪه. ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻇﻦّ أﺧﻮة ﻳﻮﺳــﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﻔﻌﻞ ﺑﻬــﻢ ،ﻓﻘﺮروا أن ﻳﺮﺳــﻠﻮا إﻟﻴــﻪ ﻣﻨﺪوﺑﺎً ﻋﻨﻬﻢ وأﺧﱪوه مبﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻟﻴﻮﺳﻒ. وﺟــﺎء إﻟﻴــﻪ اﳌﻨﺪوب وﻗــﺎل ﻟــﻪ :ﱠإن إﺧﻮﺗﻚ ﻳﻌﱰﻓﻮن ﴏاﺣﺔ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺻﻨﻌﻮا ﺑﻚ ّ ﴍاً ﻋﻈﻴ ًام وﻫﻢ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﺳــﻒ واﻟﻨــﺪم ﻋﲆ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮه وﻫﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﺻﻔﺤﻚ وﻏﻔﺮاﻧﻚ ،إﻧﻬﻢ أﺧﻮﺗﻚ ﻣــﻦ ﻟﺤﻤﻚ ودﻣﻚ ﻳﺨﺪﻣــﻮن اﻟﺮب ﻛام أﻧﺖ ﺗﻔﻌــﻞ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻮاﻟﺪ ﻳﻌﻘــﻮب ﺣ ًﻴﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪك أن ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻬﻢ. اﻧﻈﺮ ﻟﱰى ﻳﻮﺳﻒ ﻳﺠﻬﺶ ﺑﺎﻛ ًﻴﺎ دﻟﻴﻞ اﻟﻔﺮح ﺑﺄن أﺧﻮﺗﻪ ﻗﺪ اﻋﱰﻓــﻮا ﻋﻠﻨﺎً ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ اﻟﺬي اﻗﱰﻓﻮه، ﻟﻜﻨــﻪ ﺣﺰن ً أﻳﻀﺎ ﻷن أﻓــﻜﺎ ًرا ﻏري ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻋﻦ اﻧﺘﻘﺎﻣــﻪ ﻣﻨﻬــﻢ ﻗــﺪ راودﺗﻬــﻢ ...وﻟﻴﺲ ﻫﻮ
وﻣﻮاﺷﻴﻪ ،وﻗﺪ اﺷﱰى ً أرﺿﺎ واﺳﻌﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ وﺳﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ وﺑﻨﻰ ﺧﻴﺎ ًﻣﺎ وﻣﺂوي وﺣﻈﺎﺋﺮ ﻟﻘﻄﻌﺎﻧﻪ. وﰲ ﻳــﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻃﻠﺐ اﻟﺮب ﻣﻦ ﻳﻌﻘﻮب أن ﻳﺬﻫــﺐ إﱃ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ ﻗﺎﺋــ ًﻼ "إﱃ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ُ ﻇﻬﺮت ﻟﻚ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺬ زﻣﺎن ﻃﻮﻳﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺮﺑﺖ ﻣﻦ وﺟﻪ أﺧﻴﻚ ﻋﻴﺴــﻮ .وﻫﻨﺎك أرﻳﺪ ﻣﻨﻚ أن ﺗﺒﻨــﻲ ﻣﺬﺑﺤﺎً ﻟﻌﺒﺎديت" .وﻛﺎن ا Ôوﻋﺪ ﻳﻌﻘﻮب ﰲ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ ّ ﺑﺄن اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻹﻟﻬﻴﺔ واﻟﱪﻛﺔ ﺳﱰاﻓﻘﻪ ﻣــﺪى اﻷﻳﺎم .وأﻋﻄــﻰ ﻳﻌﻘﻮب وﻋــﺪًا Ôﺑﺄن ﻳﻌﺒــﺪه ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻳﻌﻮد إﱃ ﻛﻨﻌﺎن. ﻟﻘﺪ اﻟﺘﺰم ا Ôﺑﻮﻋﺪ ﻟﻴﻌﻘﻮب وأﻣﺎ ﻳﻌﻘﻮب ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘــﺰم ﺑﻮﻋــﺪه Ôﻷن اﻹﻧﺴــﺎن ﻳﻨﴗ وﻋﻮده واﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻪ وأﻣﺎ ا Ôﻓﻼ ﻳﻨﴗ أﺑﺪًا! وﻋﻨﺪﻣﺎ ذﻫﺐ ﻳﻌﻘــﻮب إﱃ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ أﺧﺬ ﻣﻌﻪ زوﺟﺎﺗــﻪ وأوﻻده وﻋﺒﻴــﺪه وﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ ﱠأن ﻣﻌﻬﻢ أﺻﻨﺎﻣﺎً ﻣﻦ ذﻫــﺐ ،ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ إﺣﻀﺎرﻫﺎ إﻟﻴﻪ وﻃﻤﺮﻫــﺎ ﰲ اﻟــﱰاب ﰲ ﻣﻜﺎن ﻻ ﻳﻌﻠــﻢ ﺑﻪ أﺣﺪ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻷن ا Ôوﺣﺪه ﻫﻮ إﻟﻪ اﻟﺤﻖ وﻟﻪ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﻌﺒﺎدة واﻟﻄﺎﻋﺔ وﻟﻴﺲ ﻟﻸﺻﻨﺎم واﻷوﺛﺎن. ﺛــﻢ ﻃﻠــﺐ ﻳﻌﻘﻮب ﻣــﻦ أﻫﻠﻪ أن ﻳﻐﺘﺴــﻠﻮا وﻳﺴــﺘﺒﺪﻟﻮا اﻟﺜﻴﺎب ،وﰲ ﻫﺬا رﻣﺰ ﺑﺄن اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ Ôﺗﺴــﺘﻮﺟﺐ اﻏﺘﺴــﺎل اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ
أدران اﻟﺨﻄﻴﺌــﺔ .واﻧﻄﻠــﻖ اﻟﺠﻤﻴــﻊ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠــﺔ اﻟﺸــﺎﻗﺔ اﳌﺤﻔﻮﻓــﺔ ﺑﺎﳌﺨﺎﻃــﺮ ﻷن اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﺼﻮص وﻗﻄــﺎع اﻟﻄﺮق أﻣﺮ وارد ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺣﻮال. ﻟﻜــﻦ ذﻟــﻚ مل ﻳﺤــﺪث ﻷن وﻋــﺪ ا Ôﻟﻴﻌﻘﻮب ﺑﺎﻟﺤامﻳﺔ ﺳــﺎري اﳌﻔﻌﻮل ﻓﻼ ﻳﺠﺮؤ ﻋﺪو ﻋﲆ أن ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﻢ أي ﴐر .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻴﻮم ً أﻳﻀﺎ إذا رﻏﺒﺖ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺮب ﺑﻜﻞ ﻗﻠﺒﻚ ﻓﺈن اﻟﺮب ﺳﻴﺤﻤﻴﻚ. وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ ﻳﻌﻘﻮب وﻣﻦ ﻣﻌﻪ إﱃ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ ﻣﺬﺑﺤﺎ ﻟﻌﺒﺎدة اﻟــﺮب وﻗﺪّم ﻋﲆ اﳌﺬﺑﺢ ﺑﻨــﻰ ً ذﺑﺎﺋﺢ ﻟﻠﺮب ﻋﺎﺑﺪًا إﻳــﺎه ﻷن ﺑﺮﻛﺎت ا Ôﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰﻳﻠﺔ ووﻓرية. ً اﺳــام ﺛﻢ ﻗــﺎل اﻟﺮب ﻟﻴﻌﻘــﻮب ﻟﻘﺪ ﻣﻨﺤﺘﻚ ﺟﺪﻳﺪًا ،إﴎاﺋﻴﻞ ،اﻟــﺬي ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻚ أﻧﺖ اﺑﻨﻲ وﻫﺬا ﻫﻮ اﺳﻤﻚ ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋﺪًا ،وأﻧﺎ اﻟﺮب إﻟﻬﻚ اﻟﺬي ﺳﻴﺠﻌﻞ ﻣﻨﻚ أ ّﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ وﺳﻴﻘﻮم ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﻣﻠﻮك ،وﺳﺄﻋﻄﻴﻚ ﻫﺬه اﻷرض ﺗﻨﻔﻴ ًﺬا ﻟﻠﻮﻋﺪ اﻟﺬي ﻗﻄﻌﺘﻪ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ وإﺳﺤﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وأﻧﺎ اﻟﻴــﻮم أﻛﺮر اﻟﻮﻋﺪ ذاﺗﻪ ﻟﻚ .ﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﱪﻛﺎت ﺣﺼﻞ ﻳﻌﻘﻮب ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻊ أﻧﻪ ﺣﺎول ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻄﺮق ﻣﻠﺘﻮﻳﺔ! ﺛﻢ أﻗﺎم ﻳﻌﻘﻮب ﺣﺠ ًﺮا ﻣﻨﺘﺼ ًﺒﺎ وﺻﺐ ﻋﻠﻴﻪ زﻳﺘًﺎ وﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ ﻗﺮﺑﺎن ،Ôوﺻﺎر اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻘﺎم ﺗﺬﻛﺎر Ôإذ أراد ﻳﻌﻘﻮب أن ﻳﻘﻮل :ﻛــﻢ ﻫﻮ ﻋﻈﻴﻢ وﺻﺎﻟﺢ اﻟﺮب ﻣﻦ ﻧﺤﻮي ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ﱄ أن أﻧﴗ أﻟﻄﺎﻓﻪ وأﻓﻀﺎﻟﻪ ﻋﲇ. وﻫﻜــﺬا ﺗﺮى ﻛﻴﻒ ميﻜﻦ ﻷﺷــﺨﺎص ﻣــﻦ أﻣﺜﺎل ﻳﻌﻘﻮب ﻣﻤﻦ ﻫﻢ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺨﻄﻴﺌﺔ أن ﻳﻨﺎﻟﻮا اﻟﱪﻛﺔ ﻣــﻦ اّ .Ô وإن أﻋﻈﻢ ﺑﺮﻛﺔ ميﻜﻦ أن ﻧﺼﲇ إﱃ اÔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻮاﻟﻬﺎ ﻫﻲ أن ﻧﺼﺒﺢ أوﻻداً .Ô ٢١
.٥ا Ôﻳﺒﺎرك ﻳﻌﻘﻮب
)ﺗﻜﻮﻳﻦ (١٥ - ١ :٣٥
وﻟﺪ ﻹﺳﺤﻖ ورﻓﻘﺔ وﻟﺪان ﻫام ﻋﻴﺴﻮ وﻳﻌﻘﻮب وﻛﺎﻧﺎ ﺗﻮأﻣني. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﱪ اﻟﻮﻟﺪان ﺣﺪﺛﺖ أﻣﻮر ﻣﺤﺰﻧﺔ ﻓﻘﺪ أراد ﻳﻌﻘــﻮب أن ﻳﻨﺎل اﻟﱪﻛــﺔ اﻷﻋﻈﻢ ﻟﻴﺼري أ ّﻣﺔ ﻛﺒرية ﺗﺪﻋﻰ ﺷــﻌﺐ ا .Ôوﻣﻦ ﻫﺬه اﻷ ّﻣﺔ ﺳﻴﻮﻟﺪ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ .ﻟﻜﻦ إﺳﺤﻖ أراد ﻣﻨﺢ اﻟﱪﻛﺔ اﻷﻋﻈﻢ ﻻﺑﻨﻪ ﻋﻴﺴﻮ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن اﻻﺑﻦ اﻟﺒﻜــﺮ ،وأ ّﻣﺎ ﻳﻌﻘﻮب ﻓﺨــﺎدع واﻟﺪه وﺗﻈﺎﻫﺮ أﻧﻪ ﻋﻴﺴــﻮ .ومل ﻳﻜﻦ ﻣﺎ ﻓﻌﻠــﻪ ﻳﻌﻘﻮب ﻋﻤ ًﻼ ً ﺳــﻠﻴام ﻷن ﻟﻠــﺮب اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ أن ﺻﺤﻴﺤﺎ أو ً ميﻨــﺢ اﻟﱪﻛﺎت دون اﻟﻠﺠــﻮء إﱃ أﻋامل ﻛﻬﺬه وﻫﻮ اﻟﺬي ﺳــﺒﻖ وأﺧﱪ رﻓﻘﺔ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ .وﻛﻢ ﻛﺎن ﻋﻴﺴﻮ ﻏﺎﺿ ًﺒﺎ ﺑﺴﺒﺐ ذﻟﻚ ،وﻟﺬا ﻛﺎن ﻋﲆ ﻳﻌﻘﻮب أن ﻳﻠﻮذ ﺑﺎﻟﻔﺮار ﻣﻦ ﻏﻀﺐ أﺧﻴﻪ. وﻓﻴــام ﻫﻮ ﻧﺎﺋﻢ ذات ﻟﻴﻠــﺔ ﰲ ﺑﻴﺖ إﻳﻞ ﻇﻬﺮ
٢٠
ﻟﻪ اﻟﺮب واﻋــﺪًا إﻳﺎه ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ واﻟﱪﻛﺔ ﻣام أﺛﺎر إﻋﺠــﺎب ﻳﻌﻘﻮب اﻟــﺬي اﻟﺘﺤــﻖ ﺑﺨﺎﻟﻪ ﻻﺑﺎن وﻋﻤــﻞ ﻋﻨﺪه راﻋ ًﻴﺎ وﺗــﺰوج ﺑﺎﺑﻨﺘﻲ ﺧﺎﻟﻪ ﻟﻴﺌﺔ وراﺣﻴﻞ اﻟﻠﺘني أﻧﺠﺒﺘﺎ إﺛﻨــﻰ ﻋﴩ وﻟﺪًا وﻓﺘﺎة واﺣــﺪة .واﻗﺘﻨﻰ ﻳﻌﻘــﻮب اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻮاﳾ واﻟﻘﻄﻌﺎن وﺻﺎر ﻏﻨ ٍّﻴﺎ .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ ﺑﺎرﻛﻪ ا.Ô وﻋﺎد ﻳﻌﻘﻮب ﺑﻌﺪ ﺳــﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠــﺔ إﱃ ﻛﻨﻌﺎن، وذﻟــﻚ ﻣﺎ أراده ﻟﻪ ا Ôﻷن ﻛﻨﻌﺎن ﻫﻲ ﻣﺴــﻘﻂ رأﺳﻪ ،وﻫﺎ ﻫﻮ ﻋﺎﺋﺪ ﻣﻊ زوﺟﺎﺗﻪ وأوﻻده وﺧﺪﻣﻪ
ﴍﺑﺔ ﻣﺎء ﻣﻦ ﺟﺮﺗﻚ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﻔﺘﺎة ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻋﲆ اﻟﺮﺣﺐ واﻟﺴﻌﺔ ،وﺳﻮف أﺳﺘﻘﻲ ﻣﺎء ﻟﺠامﻟﻚ. وﻓﻌ ًﻼ ﺳﻘﺖ اﻟﺠامل ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﺎء. وﻟﻜــﻢ اﻧﺪﻫﺶ أﻟﻴﻌﺎزر ﻣــﻦ ﺗﺪﺑري ا Ôوﻓﺮح ﻓﺮﺣﺎ ﺷــﺪﻳﺪًا وﻗﺪم ﻟﻬﺬه اﻟﻔﺘﺎة ﺑﻌﺾ اﻟﻬﺪاﻳﺎ ً ﻣﻦ ﺣــﲇ وﻣﺠﻮﻫــﺮات وﻣﺼﻮﻏــﺎت ذﻫﺒﻴﺔ وﺳﺄﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ راﻏﺒﺎً ﺑﺎﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻓﺄﺧﱪﺗﻪ ﱠأن اﺳﻤﻬﺎ رﻓﻘﺔ وﻫﻲ ﻗﺮﻳﺒﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وﺑﺄن أﺑﺎﻫــﺎ ﻫﻮ أﺧﻮ إﺑﺮاﻫﻴــﻢ ،وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺮاﻓﻘﻬﺎ يك ﻳﺴــﺘﻀﻴﻔﻮه ﰲ ﺑﻴﺖ أﻫﻠﻬﺎ ﻷن ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣــﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻟﻪ وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻒ ﻟﺠامﻟﻪ أﻳﻀﺎً .واﺳﺘﺠﺎب أﻟﻴﻌﺎزر ﻟﺪﻋﻮة رﻓﻘﺔ ﺷــﺎﻛﺮاً اﻟﺮب اﻟﺬي رﺗﺐ ﻟﻪ ﻫــﺬا اﻟﻠﻘﺎء ..ﻓﻴﺎ ﻟﺮوﻋﺔ ﺗﺪﺑريات ا!Ô
وأﺗﺖ رﻓﻘــﺔ إﱃ اﻟﺒﻴﺖ وﺣﺪﺛــﺖ واﻟﺪﻳﻬﺎ مبﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻌﻬﺎ وﻛﺬﻟﻚ أﺧﺎﻫﺎ ﻻﺑﺎن اﻟﺬي ﺳــﺎرع ﺑﺪوره ﳌﻼﻗﺎة أﻟﻴﻌﺎزر اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ﻃﺎﻟﺒﺎً ﻣﻨﻪ أن ﻳﺄيت ﻣﺒﺎﴍة ّ ﻟﻴﺤﻞ ﺿﻴ ًﻔﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﻗﺎل ﻟﻪ إﻧﻬﻢ ﻗﺪ أﻋﺪوا ﻃﻌﺎﻣﺎً ﺷﻬ ّﻴﺎً ﻟﻪ وﻋﻠﻔﺎً ﻛﺎﻓﻴﺎً ﻟﺠامﻟﻪ. وﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم ﺣﺪﺛﻬﻢ أﻟﻴﻌﺎزر ﺑﻜﻞ ﳾء ﻋﻦ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ وﻋﻦ أﺣﻮال ﺳــﻴﺪه إﺑﺮاﻫﻴــﻢ ﻃﺎﻟﺒﺎً ﻳﺪ اﺑﻨﺘﻬﻢ رﻓﻘﺔ ﻻﺑﻦ ﺳــﻴﺪه، ﻓﻮاﻓﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ ﻃﻠﺒﻪ ﺑﺄن ﻳﺼﻄﺤﺐ ﻣﻌﻪ رﻓﻘﺔ ﻟﺘﻜﻮن زوﺟﺔ ﻹﺳــﺤﻖ ،ﻣﺪرﻛني ﱠأن ﻫﺬه ﻣﺸﻴﺌﺔ ا ،Ôﺛﻢ ﺧﻠﺪ اﻟﺠﻤﻴﻊ إﱃ اﻟﻨﻮم. وﻛﺎﻧــﺖ رﻏﺒﺔ أﻟﻴﻌــﺎزر أن ﻳﻌﻮد ﴎﻳﻌــﺎً ﰲ اﻟﻴﻮم أﴏ اﻟﺘﺎﱄ ﻓﺎﺳﺘﻤﻬﻠﻪ ﻻﺑﺎن ﺑﻀﻌﺔ أﻳﺎم ﻟﻜﻦ أﻟﻴﻌﺎزر ّ ﻋﲆ اﳌﻐﺎدرة وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ رﻏﺒﺔ رﻓﻘﺔ يك ﺗﺼﻞ إﱃ إﺳﺤﻖ ﺑﺄﴎع وﻗﺖ ﻣﻤﻜﻦ .وﻓﻌ ًﻼ ودّﻋﻮا وﻏﺎدروا. وﺑﻌــﺪ أﻳــﺎم ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣــﻦ اﻟﺴــﻔﺮ وﺻﻠﻮا إﱃ ﺷﺨﺼﺎ ﻣﺎﺷ ًﻴﺎ ﻛﻨﻌﺎن .وﻓﺠﺄة ﺷــﺎﻫﺪت رﻓﻘﺔ ً ﰲ اﻟﺤﻘــﻞ وﺗﺴــﺎءﻟﺖ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻫــﺬا اﻟﺮﺟﻞ؟ ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ أﻟﻴﻌﺎزر إﻧﻪ ﻋﺮﻳﺴﻬﺎ إﺳﺤﻖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻨﻔــﺮداً ﰲ اﻟﺤﻘﻞ ﻟﻴﺼــﲇ إﱃ ا .Ôﻓﺄﴎﻋﺖ رﻓﻘﺔ وﻧﺰﻟﺖ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻞ وذﻫﺒﺖ إﱃ إﺳﺤﻖ. وﺗﺰوج اﺳــﺤﻖ ورﻓﻘﺔ ﰲ ﺧﻴﻤﺔ اﻷم ﺳﺎرة ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﻮﻓﻴﺖ وﻛﺎن إﺳــﺤﻖ ﺣﺰﻳﻨﺎً ﻋــﲆ ﻓﺮاﻗﻬﺎ ﻟﻜﻦ اÔ ﻋﻮﺿﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺰوﺟﺔ أدﺧﻠﺖ اﻟﺒﻬﺠﺔ واﻟﺘﻌﺰﻳﺔ إﱃ ﻗﻠﺒﻪ. ﻣﺎ أﻋﺠﺐ ﻋﻨﺎﻳﺔ ا Ôﺑﺎﻟﻨــﺎس اﳌﺤﺘﺎﺟني إﻟﻴﻪ، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼ ّﻠﻮن إﻟﻴﻪ ﺑﻘﻠﻮب واﺛﻘﺔ ﻋﲆ ﻏﺮار ﻣﺎ ﻓﻌﻞ أﻟﻴﻌﺎزر اﻟﺪﻣﺸــﻘﻲ .وﻣﺎ زال اﻟﺮب ﻳﻔﻌﻞ اﻟﴚء ﻧﻔﺴﻪ وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮل ﻋﲆ ﻟﺴﺎن اﳌﺮﻧﻢ ﰲ ﻣﺰﻣﻮر " ١٠:٨١أَ ْﻓ ِﻐ ْﺮ َﻓ َ ﺎك َﻓﺄَ ْﻣ َﻸهُ". ١٩
.٤إﺳﺤﻖ ورﻓﻘﺔ
)ﺗﻜﻮﻳﻦ (٢٤
ﻣﻦ ﻫﻮ إﺳــﺤﻖ؟ إﻧﻪ اﻻﺑــﻦ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ وﺳــﺎرة .ﻓﻌﻨﺪﻣــﺎ وﻟﺪ إﺳــﺤﻖ ﻛﺎﻧــﺎ ﻛﻠﻴﻬام ﻋﺠﻮزﻳــﻦ ،وﻣﻊ ذﻟــﻚ ﻓﻘﺪ رزﻗﺎ ﺑﻬــﺬا اﻟﻮﻟﺪ ﺗﺤﻘﻴ ًﻘــﺎ ﻟﻮﻋــﺪ اÔﻟﻬام ﺑﺎﻹﻧﺠﺎب .وﺳــﻴﺼري إﺳــﺤﻖ ﻫﺬا ﻓﻴام ﺑﻌﺪ أ ّﻣــﺔ ﻛﺒرية ،وﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﺳﻴﻮﻟﺪ ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ. وﻣﺎﺗﺖ ﺳــﺎرة وﻫﻲ ﻃﺎﻋﻨﺔ ﰲ اﻟﺴــﻦ وﺑﻘﻲ إﺑﺮاﻫﻴــﻢ وإﺳــﺤﻖ وﺣﺪﻫــام ﺣﺰﻳﻨــني ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬام ﺑﺄن ﺳﺎرة ﻗﺪ اﻧﺘﻘﻠﺖ إﱃ ﺟﻮار رﺑﻬﺎ. ﻛﱪ إﺳــﺤﻖ وﺗﻘﺪم إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﻛرث ﰲ اﻟﻌﻤﺮ ﻋﺎﳌًﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﺳريﺣﻞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﺎمل ﰲ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ وﻟﻜﻨﻪ أراد أن ﻳﻔﺮح ﺑﺰواج إﺳــﺤﻖ ﻗﺒﻞ أن ميﻮت وﻫﻮ ﻳﻌﻠــﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺘــﺎة ﰲ أرض ﻛﻨﻌﺎن ﻋﺎﺑﺪة وﺧﺎدﻣﺔ ﻟﻠﺮب ،وﻻ ﻳﺠﻮز ﻹﺳﺤﻖ أن ﻳﻘﱰن ﺑﻔﺘﺎة ﻏري ﻣﺆﻣﻨﺔ .إذن ﻓﺒﻤﻦ ﻳﻘﱰن إﺳﺤﻖ؟ اﺳــﺘﺪﻋﻰ إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺣﺪ ﺧﺪّاﻣﻪ اﻟﻘﺪاﻣﻰ وﻛﺎن ﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ واﺳــﻤﻪ "أﻟﻴﻌﺎزر اﻟﺪﻣﺸــﻘﻲ" وﻃﻠــﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﻴﺪًا إﱃ ﻣﻮﻃﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻷﺻﲇ وﻳﻔﺘﺶ ﻋﻦ ﻓﺘﺎة ﻳﺘﺰوﺟﻬﺎ إﺳــﺤﻖ اﺑﻨﻪ ﻣــﻦ ﻗﻮم ﻳﻌﺒﺪون اﻟﺮب ﻷن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻳﻌﻴﺶ أﻧﺎس ﻳﻌﺒﺪون اﻟﺮب. ﻓﻘــﺎل أﻟﻴﻌﺎزر ﻣﺎذا أﻓﻌﻞ إذا رﻓﻀﺖ اﻟﻔﺘﺎة أن ﺗﺄيت ﻣﻌﻲ؟ ﻫﻞ آﺧﺬ إﺳــﺤﻖ إﱃ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﺎر؟ ﻓﺄﺟﺎب إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﱠإن ﻫﺬا ﻏري ﻣﺴــﻤﻮح ﺑﻪ ،ﺑﻞ ﻳﺒﻘﻰ إﺳﺤﻖ ﻫﻨﺎ ﻷن وﻋﺪ ا Ôﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﻴﺶ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷرض دون ﺳــﻮاﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ ﺛﻖ ﻳﺎ أﻟﻴﻌﺎزر ﱠ ﺑﺄن اﻟﺮب ﺳرياﻓﻘﻚ وﺳﻴﻨﺠﺤﻚ ﰲ ﻣﻬﻤﺘﻚ! ١٨
واﻣﺘﺜﻞ أﻟﻴﻌﺎزر ﻷﻣﺮ إﺑﺮاﻫﻴﻢ آﺧ ًﺬا ﻣﻌﻪ ﻋﴩة ﻣﻦ اﻟﺠامل اﳌﺤﻤﻠﺔ ﺑــﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻣﻦ ﻃﻌﺎم وﴍاب وﻫﺪاﻳﺎ وﻣﺠﻮﻫﺮات .وﺳــﺎر ﰲ رﺣﻠﺘﻪ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻋﱪ اﻟﺼﺤﺮاء اﻟﺸﺎﺳﻌﺔ .وﺻﻞ أﻟﻴﻌﺎزر أﺧــ ًريا إﱃ ﻣﻜﺎن ﻓﻴﻪ ﺑﱤ ﻓﺎﺳــﱰاح ﻣﻊ ﺟامﻟﻪ ﻣﻊ ﺣﻠﻮل اﻟﻠﻴﻞّ . وﺻﲆ ﻣﺒﺘﻬ ًﻼ إﱃ اﻟﺮب ﺑﻘﻮﻟﻪ ﱠإن ﻓﺘﻴﺎت اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺳﻴﺄﺗني ﻻﺳﺘﻘﺎء اﳌﺎء ،ﻓﻠﻴﻜﻦ ﱠأن اﻟﺘﻲ اﺳــﺄﻟﻬﺎ أن ﺗﺴــﻘﻴﻨﻲ وﺗﻘﻮل ﻧﻌﻢ ﺑﻞ أﺳﺘﻘﻲ ﻣﺎء ﻣﻦ اﻟﺒﱤ ﻟﺠامﻟﻚ ً أﻳﻀﺎ ﺗﻜﻮن ﻫﻲ اﳌﺨﺘﺎرة ﻟﺘﺼري زوﺟﺔ ﻹﺳﺤﻖ. وﺟــﺎءت إﺣــﺪى اﻟﻔﺘﻴﺎت ﺗﺤﻤــﻞ ﺟﺮة ﻋﲆ ﻛﺘﻔﻬﺎ وﳌﺎ ﻣﻸﺗﻬﺎ ﻗﺎل ﻟﻬﺎ أﻟﻴﻌﺎزر :ﻫ ّﻼ ﺳﻘﻴﺘﻨﻲ
ﻛﺪرﻟﻌﻮﻣﺮ وﺣﻠﻔﺎؤه وﻧﻬﺒﻮا وﺳﻠﺒﻮا ﺳﺪوم ﻛام ﺑﺎﻗــﻲ اﳌﺪن اﻷﺧﺮى .أﺧﺬوا اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴــﺎء واﻷﻃﻔــﺎل واﳌــﻮاﳾ وﻛﻞ ﳾء ،إﻧﻬﻢ ﻟﺼﻮص ﻓﻌ ًﻼ .ﺑﻴــ َﺪ ﱠأن رﺟ ًﻼ واﺣﺪاً ﻫــﺮب وﻫﻮ اﻟﺬي رﻛﺾ ﻣﴪ ًﻋﺎ ﻟﻴﺨﱪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺟﺮى. وأﺻﻴﺐ إﺑﺮاﻫﻴــﻢ ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ واﻟﺬﻫﻮل ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻋﻠــﻢ ﱠأن ﻟﻮﻃﺎً ﻗﺪ أﺧﺬ ﻣﻊ اﳌﺴــﺒﻴني وﻧﻬﺒﺖ ﺛﺮوﺗﻪ وﻛﻞ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻪ. ﻓــام اﻟﺬي ﺳــﻴﻔﻌﻠﻪ إﺑﺮاﻫﻴــﻢ اﻵن؟ مل ﻳﻔﻜﺮ ﻃﻮﻳ ًﻼ ﺑﻞ ﺳﺎرع إﱃ اﺳﺘﺪﻋﺎء ﻏﻠامﻧﻪ وزودﻫﻢ ﺑﺎﻷﺳــﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﻮف ورﻣﺎح وﺷــﻜﻞ ً ﺟﻴﺸﺎ ﻗﻮاﻣﻪ ٣١٨رﺟ ًﻼ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ :ﺳــﻨﻼﺣﻖ اﻷﻋﺪاء ﻟيك ﻧﻨﻘــﺬ اﻷﴎى .ﻓﺘﺒﻌﻪ اﻟﺠﻨــﻮد ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﴪﻋــﺔ ،واﻗﱰﺑﻮا ﻣــﻦ اﻷﻋﺪاء ﻋﻨــﺪ ﺣﻠﻮل اﻟﻈــﻼم ،وﻛﺎن إﺑﺮاﻫﻴــﻢ ﻗــﺪ ﻗﺴــﻢ ﺟﻨﻮده إﱃ ﻓﺮﻳﻘــني ﻟﻴﻄ ﱢﻮﻗﻮا اﻷﻋــﺪاء ﻃﻮﻗــﺎً داﺋﺮ ّﻳﺎً
وﻳﻬﺎﺟﻤﻮﻫﻢ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة .وﺣﺪﺛﺖ اﻟﺼﺪﻣﺔ اﳌﺬﻫﻠــﺔ ﻟﻠﻌــﺪو آﻧﺬاك ،اﻷﻣﺮ اﻟــﺬي مل ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻟﺤﺴــﺒﺎن ،ﻓﻘﺘﻞ ﺟﻨﻮد إﺑﺮاﻫﻴﻢ ً ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻨﻬﻢ وﻻذ اﻵﺧﺮون ﺑﺎﻟﻔﺮار ﻓﻼﺣﻘﻬﻢ ﺟﻨﻮد إﺑﺮاﻫﻴﻢ إﱃ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻬﺎ. وﻫــﺎ ﻫﻮ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻳﻌﻮد ﻇﺎﻓــ ًﺮا مبﻮﻛﺐ ﺣﺎﻓﻞ وﻗﺪ اﺳــﺘﻌﺎد ﱠ ﻛﻞ ﻣﺎ أﺧﺬه اﻷﻋــﺪاء ،وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻــﻞ إﺑﺮاﻫﻴــﻢ إﱃ ﺳــﺪوم ﻗﺎل ﻟــﻪ ﻣﻠﻜﻬﺎ: ميﻜﻨﻚ أن ﺗﺄﺧﺬ ﻣــﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻟﻴﺼري ﻣﻠﻜﻚ وﻣﻦ ﻣﻘﺘﻨﻴﺎﺗــﻚ .وﻳﻌﻮد اﻵﺧــﺮون إﱃ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﻛام ﻛﺎﻧﻮا ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻷﻧﻚ أﻧﻘﺬﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺳﻄﻮة اﻟﻌﺪو. ﻓﻘﺎل إﺑﺮاﻫﻴــﻢ راﻓﻀﺎً :ﻻ ،ﻓﻠﻮ أﺧﺬت ﺷــﻴﺌﺎً ﻟﻘﻠﺘﻢ ﱠإن إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻏﺘﻨﻰ مبﺎ ﻛﻨﺎ منﻠﻚ. وﺑﺮز ﰲ اﳌﺸﻬﺪ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ اﺳﻤﻪ ﻣﻠﻜﻴﺼﺎدق وﻫﻮ ﻣﻠﻚ ﳌﺪﻳﻨﺔ ﺻﻐرية اﺳــﻤﻬﺎ ﺷﺎﻟﻴﻢ وﻣﻌﻪ ﺧﺒﺰ وﺧﻤﺮ وﻗﺪم ﻣﻨﻬام ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ورﺟﺎﻟﻪ. وﻣــﺎذا ﻓﻌــﻞ ﻣﻠﻜﻴﺼﺎدق؟ ﺑﺴــﻂ ﻳﺪﻳﻪ ﻋﲆ رأس إﺑﺮاﻫﻴﻢ وﺑﺎرﻛﻪ ﺑﺎﺳــﻢ اﻟﺮب اﻹﻟﻪ .ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻓﻤﻠﻜﻴﺼﺎدق ﻫﻮ ً أﻳﻀﺎ ﻛﺎﻫﻦ اﻹﻟﻪ اﻟﻌﲇ وﻣﻦ ﻣﻬﺎﻣﻪ ﺗﺴــﺒﻴﺢ ا Ôاﻟﺬي أﺳــﺒﻎ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻨﴫ ﻋﲆ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ورﺟﺎﻟﻪ. وﻟﻘﺪ أﺻﻐﻰ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻟﻪ ﺑــﻜﻞ اﻧﺘﺒﺎه واﺣﱰام ﻋﺎﳌًﺎ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻜﺎﻫﻦ ﻣﺮﺳــﻞ ﻣﻦ ا Ôﻷﻧﻪ ﺧﺎدم ا...Ô ﻳﺎ ﻟﺼﻼح ا !Ôوﻟيك ﻳﻈﻬﺮ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻣﺘﻨﺎﻧﻪ Ôﻗﺪّم ﻟﻠﻜﺎﻫﻦ ﻣﻠﻜﻴﺼﺎدق ﻫﺪاﻳﺎ ﺗﺴﺎوي اﻟﻌﴩ أي واﺣﺪ ﺑﺎﻟﻌﴩة ﻣﻦ ﻛﻞ ﳾء. ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ رﻓﺾ إﺑﺮاﻫﻴﻢ أن ﻳﺄﺧﺬ ﺷــﻴﺌًﺎ ﻣﻦ أﻫﻞ ﺳــﺪوم؟ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻛﺎن إﺑﺮاﻫﻴﻢ رﺟ ًﻼ ﻏﻨ ًﻴﺎ ﺛﺮ ًﻳﺎ ﺑﱪﻛﺔ ا Ôﻷن ﺑﺮﻛﺔ ا Ôﻣﺼﺪر اﻟرثوة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ. ١٧
.٣إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻳﻨﻘﺬ ً ﻟﻮﻃﺎ
)ﺗﻜﻮﻳﻦ (١٤
ﻣــﻦ ﻛﺎن إﺑﺮاﻫﻴﻢ؟ ﻫــﻞ ﻛﺎن إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﺑﻨًﺎ Ô
ﺑﺎﻹميــﺎن ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮاﺣﻞ ﺣﻴﺎﺗــﻪ؟ ﻛﻼ ﺑﻞ ﻋﺎش ﺑﻌﺾ ﻣﺮاﺣــﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ أرض ﺗﻌﺒــﺪ اﻷوﺛﺎن وﻗﺪ ﻣﺎرس ذﻟﻚ ﻟﻔﱰة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺣﺘﻰ ﺟﺎءت اﻟﻠﺤﻈــﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻐري ﻓﻴﻬﺎ إﺑﺮاﻫﻴــﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ ﻳﺤــﺐ ا Ôوﻳﻄﻴﻌﻪ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺑــﺪأ ذﻟﻚ؟ اﻟﺮب ﻧﻔﺴــﻪ اﺧﺘﺎر إﺑﺮاﻫﻴﻢ ودﻋﺎه ،ﻓام أروع ذﻟﻚ! ﻧﻌﻢ اﻟﺮب وﺣﺪه ﻗﺎدر ﻋﲆ أن ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺬا! أﻣﺮ اﻟﺮب إﺑﺮاﻫﻴــﻢ ﺑﺄن ﻳﻐﺎدر ﺑﻠﺪه ﻣﺼﻄﺤ ًﺒﺎ ﻣﻌﻪ زوﺟﺘﻪ ﺳﺎرة ﻣﻊ ﺧﺪﻣﻪ وأﻏﻨﺎﻣﻪ وأﺑﻘﺎره وﻛﻞ ﻗﻄﻌــﺎن ﻣﺎﺷــﻴﺘﻪ وﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻪ ،وأىت ﺑﻪ إﱃ أرض ﻛﻨﻌﺎن ﻗﺎﺋ ًﻼ ﻟﻪ :ﺳــﺄﺟﻌﻠﻚ أ ّﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ وﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﺳــﺘﻌﻴﺶ ﻋﲆ ﻫــﺬه اﻷرض،أي ﻛﻨﻌــﺎن ،واﻋﺘﱪ اﻟﺮب أ ّﻣــﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ أ ّﻣﺔ ﻟﻠﺮب وﻣــﻦ ﻫﺬه اﻷ ﱠﻣﺔ ﺟﺎء اﻟﺮب ﻳﺴــﻮع اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﺨ ّﻠﺺ اﳌﻼﻳني ﻣﻦ اﻟﺒﴩ. أﻣﺎ ﻟﻮط وﻫــﻮ اﺑﻦ أﺧﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﻏﺎدر ﻣﻌﻪ ﻧﺤﻮ ﻛﻨﻌﺎن وﻟﻜﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺗﺮك إﺑﺮاﻫﻴﻢ وارﺗﺤﻞ ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ وﻣﻮاﺷﻴﻪ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﰲ ﺳﺪوم
١٦
وأﻣﺎ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻓﻘﺪ ﺳﻜﻦ ﰲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ .وذات ﻳﻮم ﺷــﺎﻫﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ رﺟــ ًﻼ ﻣﻘﺒ ًﻼ إﻟﻴﻪ ﺑﴪﻋﺔ وﻋﲆ وﺟﻬﻪ ﻋﻼﻣــﺎت اﻟﺤﺰن .ﻓﻤﻦ ﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ؟ وﻣﺎ اﻟﺬي ﺣﺪث؟ ﻟﻘﺪ أﺑﻠﻎ اﻟﺮﺟﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وﻫﻮ ﻳﻠﻬﺚ ﺑﺄﻧﻔﺎﺳﻪ اﳌﺘﻘﻄﻌﺔ ﱠأن أﻣ ًﺮا ﻣﺮﻋ ًﺒﺎ ﻗﺪ ﺣﺪث ،ﻓﻘﺪ ﻫﺎﺟﻢ اﻷﻋﺪاء ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺪوم وﻧﻬﺒﻮا ﻛﻞ ﺛﺮوﺗﻬﺎ وأﺧﺬوا ﻣﻌﻬﻢ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ وﺳﺒﻮا اﻟﺴﻜﺎن .ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺻﺪﻣﺔ ﻛﺒرية ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ! وﻣﻦ ﻫــﻢ أوﻟﺌﻚ اﳌﻬﺎﺟﻤني، وﳌﺎذا ﻓﻌﻠــﻮا ذﻟﻚ؟ إﻧﻬﻢ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع ﻛﺪرﻟﻌﻮﻣﺮ اﳌﻠﻚ اﻟﺬي ﻛﺎن زﻋﻴ ًام ﻟﺒﻌﺾ اﳌﺪن ﰲ ﻛﻨﻌﺎن وﻫﻮ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺣﺎﻛﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳــﺪوم وﻋﻤﻮرة وﺑﻌــﺾ اﳌﺪن اﻷﺧﺮى .وﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻔﺮوض أن ﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﳌﺪن ﺑﺪﻓﻊ اﳌﺎل ﻟﻪ ،وﳌﺎ رﻓﻀﻮا أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ذﻟﻚ ﺟﺎء إﻟﻴﻬﻢ وﺣﺎرﺑﻬﻢ وﺷــﺎرﻛﻪ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻬﺠﻮم أرﺑﻌﺔ ﻣﻠﻮك ﻣﻊ ﺟﻨﻮدﻫﻢ .وﻓﺎز
ﺛﻢ ﺻﺤﺎ ﻧﻮح ﺑﻌﺪ ﻓﱰة وزال ﻋﻨﻪ ﺗﺄﺛري اﻟﺨﻤﺮ وأدرك ﻓﻌﻠﺘــﻪ ،وﻋﺮف ﻣــﻦ ﻏﻄﺎه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﺎر ًﻳﺎ وﻋﺮف ﻛﻴﻒ ﺳﺨﺮ ﻣﻨﻪ ﺣﺎم ومل ﻳﺤﱰﻣﻪ ﻛام اﺣﱰﻣﻪ أﺧﻮاه ﺳﺎم وﻳﺎﻓﺚ .وﻫﺬه اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺣﺎم ﺗﺨﺎﻟﻒ أﻣﺮ ا Ôووﺻﻴﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل" :أﻛﺮم أﺑﺎك وأﻣﻚ" وﻫﻜﺬا ﻳﻮﺻﻴﻨﺎ اﻟﺮب اﻟﻴﻮم ﺑﺄن ﻧﻘﺪم اﻹﻛﺮام ﻟﻮاﻟﺪﻳﻨﺎ. واﺳــﻤﻊ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻧــﻮح ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺑﺘــﺪأ ﺑﺎﻟﻜﻼم، وﻫﻮ اﳌﺘﻜﻠــﻢ ﺑﺈﻳﻌﺎز ﻣﻦ ا Ôﻷﻧﻪ ﺧﺎدم اﻟﺮب وﻫــﻮ اﳌﺘﻜ ّﻠﻢ ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻟﺮب واﻟﻨﺎﻗﻞ ﻟﺮﺳــﺎﻟﺘﻪ، ﻓﻘــﺪ أﻋﻠﻦ اﻟﻠﻌﻨــﺔ ﻋﲆ ﺣﺎم إذ ﺳــﻴﻮﻗﻊ اÔ اﻟﻘﺼــﺎص ﻋــﲆ ﺣــﺎم ،ﻓﻌﺎﺋﻠﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺳــﺘﻜﱪ وﺗﺘﻮﺳــﻊ وﺗﺼري ﺷﻌﻮ ًﺑﺎ ً وأﻣام ﺳﺘﻜﻮن ﺧﺎدﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﻟﺘﻲ ﺳــﺘﻨﺤﺪر ﻣﻦ ﻧﺴــﻞ ﺳﺎم وﻳﺎﻓﺚ، وأ ﱠﻣــ ُﺔ ﺣﺎم ﺳﺘُﺴــﺘﻌ َﺒﺪ ﻷﻣﻢ أﺧﺮى .أﻣﺎ ﺳــﺎم وﻳﺎﻓﺚ ﻓﺎﻟﱪﻛﺔ ﺳــﺘﺤﻞ ﻋﻠﻴﻬــام .وﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻫــﻲ اﻟﱪﻛﺔ اﻷﻋﻈﻢ اﻟﺘﻲ ﺳــﻴﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﺎم؟ ﱠإن اﻟﺮب ﻳﺴﻮع اﳌﺴﻴﺢ اﳌﺨﻠﺺ ﺳﻴﻮﻟﺪ أﻧﺎﺳﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺸﻌﻮب ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ وﺳــﻴﺨ ّﻠﺺ ً واﻷﻣﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺣﺎم. ﻋﲆ ﻛﺘﻔﻴﻬام واﺳﺘﺪارا ﻟيك ﻻ ﻳﺸﺎﻫﺪا واﻟﺪﻫام، وﺳــﺎرا رﺟﻮ ًﻋﺎ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺨﻴﻤﺔ وﻫﻜﺬا مل ﻳﻨﻈﺮا ﻋﻮرة واﻟﺪﻫام ،وﻏﻄﻴﺎه ﺑﺎﻟﺜﻮب اﻟﻮاﺳــﻊ ﻟيك ﻻ ﻳﺮاه أي ﺷــﺨﺺ آﺧﺮ ﺑﻬﺬه اﻟﺤﺎل ومل ﻳﻘﺒﻼ اﻟﺴــﺨﺮﻳﺔ ﺑﻮاﻟﺪﻫام ﻷﻧﻬام أﺣ ّﺒــﺎه واﺣﱰﻣﺎه ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﻗﻊ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺄ.
ﻧﻌﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺣﺎم ! ﻓﻴﺎ ﻟﻠﺮوﻋﺔ! ﺻﺤﻴﺢ ﱠأن اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺷﻨﻴﻌﺔ ﻟﻜﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﴍ اﻟﺨﻄﺎة وأﻋﺘــﻰ اﻷﴍار أن ﻳﻨﺎل ﺧﻼص اﻟﺮب. ﻫﺬا ﻫــﻮ ا Ôاﻟﺠﺒﺎر اﻟﻌﻈﻴــﻢ .وﻧﺤﻦ ﺑﺪورﻧﺎ ﻧﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺨﻠﺺ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻓﻈﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻧﻘﱰﻓﻪ وﻧﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﴩور واﻵﺛﺎم. ١٥
.٢ﺳﺎم وﺣﺎم وﻳﺎﻓﺚ
)ﺗﻜﻮﻳﻦ (٢٩ – ١٨ :٩
ﺳــﺎءت اﻷﺣﻮال ﻋﲆ اﻷرض .ﻫﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺷــﻴﺚ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺴــﺎﺑﻘﺔ؟ ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻛﺎن ﻫﻨﺎﻟــﻚ اﻟﻜﺜــريون ﻣﻤــﻦ ﻳﺨﺸــﻮن ا Ôﻟﻜﻦ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻼﺣﻘﺔ أﻧﺠﺒﺖ أوﻻدًا أﺣﺒﻮا اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻋﺎﺷﻮا ﻓﻴﻬﺎ وﺻﺎر اﻟﺮاﻏﺒﻮن ﺑﻄﺎﻋﺔ اﻟﺮب ﻧﻔ ًﺮا ﻗﻠﻴ ًﻼ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .ﺛﻢ ّ ﺣﻞ ﻗﺼﺎص ا Ôﺑﺎﻟﻄﻮﻓﺎن إذ أﻣﻄــﺮ ا Ôﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻄ ًﺮا ﻏﺰﻳ ًﺮا ﻟﻔﱰة ﻃﻮﻳﻠﺔ وأﻏﺮق اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋــﺪا ﻧﻮح وزوﺟﺘﻪ ﻣﻊ أوﻻده اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻫﻢ ﺳــﺎم وﺣﺎم وﻳﺎﻓــﺚ وزوﺟﺎﺗﻬﻢ اﻟﺜــﻼث إذ دﺧﻠــﻮا اﻟﻔﻠﻚ اﻟــﺬي ﺻﻨﻌﻪ ﻧﻮح ﻓﺼﺎروا مثﺎﻧﻴﺔ. ﺻﺤﻴــﺢ ّأن ﻧﻮﺣــﺎً اﺑﻦ ﻟﻠﺮب ﻟﻜــﻦ أوﻻد اÔ ﻟﻴﺴــﻮا ﰲ ﻋﺼﻤــﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻛام ﺳــرنى، ﻓامذا ﻓﻌﻞ ﻧﻮح؟ ﻏﺮس ﻧﻮح ﻛﺮﻣــﺎً ﻓﺄﻧﺘﺞ ﻋﻨﺒﺎً وﺻﻨﻊ ﻣﻦ ﻋﺼري اﻟﻌﻨﺐ ﻧﺒﻴﺬاً ،وﻟﱧ ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻴﺬ ﻟﺬﻳﺬاً ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻨﻪ ﺧﺸﻴﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺣﺎل اﻟﺴﻜﺮ. وذات ﻳــﻮم أﴎف ﻧﻮح ﰲ ﴍﺑــﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻴﺬ ﻓﺴ ِﻜﺮ ،واﻟﺴﻜﺮان ﻻ ﻳﻌﻲ اﻟﻠﺬﻳﺬ اﻟﺬي ﺻﻨﻌﻪ َ وﻻ ﻳﻌﺮف ﻣﺎذا ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺄﺛري اﻟﺨﻤﺮ ﻋﲆ ﻋﻘﻠﻪ .وﻣــﺎذا ﻋﻤﻞ ﻧﻮح وﻫﻮ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎل؟ ﺧﻠﻊ ﻣﻼﺑﺴﻪ وﻧﺎم ﻋﺎرﻳﺎً ﻋﲆ أرض ﺧﻴﻤﺘﻪ ،ومبﺎ ﱠأن ﺑﺎب اﻟﺨﻴﻤﺔ ﻛﺎن ﻣﻔﺘﻮﺣﺎً ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻵﺧﺮﻳﻦ أن ﻳﺮوه ﻋﺎرﻳﺎً .ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻚ أن ﺗﻔﻌﻞ ﻫﺬا ﻳــﺎ ﻧﻮح ﻷن اﻟﺮب ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺤﺸــﻤﺔ ﰲ اﻟﺘﴫف واﻻﺣﺘﺸﺎم ﰲ اﻟﻠﺒﺎس. ١٤
وﻣﺮ ﺑﺎﻟﺨﻴﻤﺔ اﺑﻨﻪ ﺣﺎم ﻓﺮأى واﻟﺪه ﻋﺎر ًﻳﺎ .ﻫﻞ ﺗﺄﳻ مبﺎ رأى ﻣﻦ ﺗﺄﺛﺮ ﺣﺎم وارﺗﺎع ﻣﻦ اﳌﻨﻈﺮ أو ّ واﻟﺪه؟ ﻛﻼ ﺑﻞ ﺿﺤﻚ وﺳــﺨﺮ ﻣام رآه وأﴎع ﻓﺄﺧﱪ أﺧﻮﻳﻪ ﻇﻨًﺎ ﻣﻨﻪ أﻧﻬام ﺳــﻴﻀﺤﻜﺎن ﻛام ﻓﻌﻞ ﻫﻮ .ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻓﻌﻞ أﺧﻮاه ﻫﻜﺬا؟ ﻻ أﺑﺪًا! ﺑﻞ أﺧﺬا ﺛﻮ ًﺑﺎ واﺳ ًﻌﺎ ﺷﺒﻴ ًﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻄﺎﻧﻴﺔ ووﺿﻌﺎه
واﻟﺠﱪوت ومل ﻳﺴــﺄل ﻣﺎذا ﻳﺮﻳــﺪ اﻟﺮب ﻣﻨﻪ ﺑﻞ رﻓﺾ ﻣﺠﺮد اﻟﺘﻔﻜري ﺑﺎ ،Ôوﻋﻤﻞ ﻣﺎ ميﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻠﺒﻪ اﻟﴩﻳﺮ! ﺗﺮى ﻫﻞ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺳــﻼﻟﺔ ﻗﺎﻳني ﻣﻦ ﻳﺤﺐ اﻟﺮب؟ ﻛ ّﻼ ،ﻓﺎﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس
مل ﻳﺬﻛﺮ أ ٍّﻳﺎ ﻣﻨﻬﻢ .ﻓام أﺗﻌﺲ ذﻟﻚ! وﻧﻌــﻮد اﻵن إﱃ أدم وﺣــﻮاء ،ﻓﻘــﺪ أﺻﻴﺒــﺎ ﺑﺎﻟﺤــﺰن واﻷﳻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺘــﻞ وﻟﺪﻫام ﻫﺎﺑﻴﻞ. وﻣــﻦ أﻟﻄــﺎف ا Ôأﻧﻪ ﻋــ ّﻮض ﻋﻠﻴﻬــام ﺑﻮﻟﺪ آﺧﺮ أﺳــﻤﻴﺎه ِﺷــﻴﺚ .وﻛﱪ ﻫﺬا اﻟﻮﻟﺪ وﺗﺰوج وأﻧﺠــﺐ أوﻻدًا وأﺣﻔﺎدًا ﻓﺼــﺎروا ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻛﺒرية ﻛﻌﺎﺋﻠــﺔ ﻗﺎﻳــني ﻣــﻊ اﻻﺧﺘــﻼف اﻟﴫﻳﺢ ﻷن اﻟﻜﺜري ﻣﻦ أوﻻد ﺷــﻴﺚ آﻣﻨــﻮا ﺑﺎﻟﺮب وأﺣﺒﻮه ــﻢ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺎ وأﻃﺎﻋــﻮه واﺑﺘﻐﻮا ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ .ﻓ ِﻠ َ ﺗﺮى؟ أمل ﺗﻜﻦ ﻗﻠﻮب أوﻻد ﺷﻴﺚ متﻴﻞ إﱃ اﻟﴩ واﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻋﲆ ﻏــﺮار أوﻻد ﻗﺎﻳني؟ ﻃﺒ ًﻌﺎ ،ﻧﻌﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺮب اﻟﺬي ﺑﻴﺪه ﻗﻠﻮب اﻟﻨﺎس ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ ﺑﻘﻮﺗــﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ أن ميﻨــﺢ اﻟﻘﻠﺐ اﳌﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﻧﺤﻮه ،وﻳﺴﺘﻤﻴﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﻠﻮب إﱃ ﻃﺎﻋﺘﻪ وﺑﺬﻟﻚ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاء أﺻﺪﻗﺎء، وﻫﻨﺎ ﺗﻜﻤــﻦ اﳌﻌﺠﺰة! ﻓﺎ Ôوﺣﺪه ﻫﻮ اﻟﻘﺎدر ﻋﲆ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ وﻣﺎ زال ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ وﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ،وﻟﺬا ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺣني أن ﻧﺼــﲇ ﻃﺎﻟﺒني أن ﻳﺠﺮي اﻟﺮب ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻌﺠﺰة ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ. وﻟﻘﺪ متﻴــﺰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣــﻦ أﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺷــﻴﺚ ﺑﺎﺟﺘامﻋﻬﻢ ﺳــﻮﻳﺔ ﻟﻠﻌﺒــﺎدة واﻟﺼﻼة إﱃ اÔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ً ﺑﻌﻀﺎ ﻛام ﻧﻔﻌﻞ ﰲ ﻛﻨﺎﺋﺴﻨﺎ أﻳــﺎم اﻵﺣﺎد ،وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﺤﺎدﺛﻮن ﻋﻦ اﻟﺮب ﺑﻮرع وﺗﻘﻮى ،وﻳﺨﺪﻣﻮن اﻟﺮب ﺳــﻮ ّﻳﺔ .ﳌﺎذا؟ ﻷﻧﻬﻢ أﺣ ّﺒﻮا اﻟﺮب ،ﻓﻴﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﻣﺒﺎرك! ١٣
.١ﻋﺎﺋﻠﺘﺎن )ﺗﻜﻮﻳﻦ (٤ ﻳﺎ ﻟﺠﻮدة وﺟامل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ ا !Ôﻓﺎﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ وﻣﻼﻳني اﻟﻨﺠــﻮم ُﺗﻈ ِﻬﺮ ﻋﻈﻤﺘﻪ .وﻣﻦ ﻋﺎمل اﻟﺤﻴﻮان واﻟﻨﺒﺎت واﻟﻄﻴﻮر ﰲ اﻟﺴامء ﻛام ﻣﻦ ﻋﺎمل اﻷﺳــامك ﰲ اﳌﻴﺎه ﻧﺘﻌﺮف ﻋﲆ روﻋﺔ اﻟﺤﻜﻤــﺔ اﻹﻟﻬﻴــﺔ ﰲ اﻟﺨﻠــﻖ ،وا Ôﻫﻮ اﻟﺬي ﺧﻠــﻖ أﺑﻮﻳﻨﺎ اﻷوﻟني آدم وﺣــﻮاء؛ ﻓﺨﺪﻣﺎ اÔ وﺳ ّﺒﺤﺎ اﺳﻤﻪ ﺗﻌﺎﱃ وﻫام ﰲ اﻟﻔﺮدوس اﻟﺨﺎﱄ ﻣﻦ اﻷمل واﻟﺤــﺰن وﻣﻦ اﻟﺠﻮع واﻟﻌﻄﺶ ً أﻳﻀﺎ ﻷن اﻟﺒــﺎري ﺗﻌﺎﱃ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬام ﻛام ﺑﺒﺎﻗﻲ ﺧﻼﺋﻘﻪ ﻋﲆ ﺣﺪ ﺳــﻮاء! وﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻟﻸﺳــﻒ ،مل ﺗﺒــﻖ اﻷﻣﻮر ﻛام ﻫﻲ ﻓﻘــﺪ ﻋﺼﺎ آدم وزوﺟﺘﻪ ﺣــﻮاء ا Ôوأﺻﻐﻴــﺎ ﻹﺑﻠﻴﺲ ﻋــﺪو ا ،Ôوأﻛﻼ ﻣﻦ اﻟﺸــﺠﺮة اﻟﺘﻲ ﻧﻬﺎﻫام ا Ôﻋﻦ اﻷﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻗﺎل»ﻻ ﺗﺄﻛﻼ ﻣﻦ مثﺮﻫﺎ« ،وﻫﻜﺬا ﺻﺎرا ﻣﺬﻧﺒني وﺑﺎﺋﺴني ،وﺗﺒﻊ ذﻟﻚ دﺧﻮل اﻟﺤﺰن إﱃ ﺣﻴﺎﺗﻬام ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺴــﺒﺐ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ .وﺣﺼﻞ ﻣﻌﻬام ﻻﺣﻘﺎً أن وﻟﺪﻳﻬــام ﻗﺎﻳني وﻫﺎﺑﻴﻞ ﻛﱪا وﺣﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬام أﻣﺮ ﻣﺮ ّوع ﻓﻘﺪ ﻗﺘﻞ ﻗﺎﻳني أﺧﺎه اﻷﺻﻐﺮ ﻫﺎﺑﻴﻞ! وﻫﻜﺬا ﻧﺮى ﻗﺎﻳني ﻳﺘﻬ ّﺮب وﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ واﻟﺪﻳﻪ ﺑﺪل اﻻﻋﱰاف ﻟﻬام ،ﺑﻞ ﺗﻬﺮب واﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ اÔ ً أﻳﻀﺎ ﻇﻨًﺎ ﻣﻨﻪ أﻧﻪ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ اﻟﻌﻴﺶ ﺑﺴــﻌﺎدة ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ اﻟﺮب ،ﻟﻜﻦ اﻟﺠﺰء اﳌﺄﺳــﺎوي ﺣﺼﻞ إذ ﴍع ﺑﺒﻨــﺎء ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻐرية ﰲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ إذ ﺑﻨــﻰ ً ﻛﻮﺧﺎ ﻳﺄوي إﻟﻴﻪ ﺑﺠﺪار ﻣﻦ رﻣﻞ وﻣﻦ ﻣﻮاد أﺧﺮى ﻣﺘﻮﻓﺮة ﻛﺄﻏﺼﺎن اﻷﺷــﺠﺎر ،وﻋﺎش ١٢
ﰲ ﺗﻠﻚ اﳌﺪﻳﻨﺔ وﺗﺰوج اﻣﺮأة ورزق ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄوﻻد، وﺗﻜﺎﺛــﺮت اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وزاد ﻋﺪدﻫﺎ وﻫﻢ ﻳﻘﻄﻨﻮن ﺗﻠﻚ اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻛﻠﻬﻢ ﻃﺒ ًﻌﺎ ﻣﻦ ﺳﻼﻟﺔ ﻗﺎﻳني. وﺗــﺰوج واﺣــﺪ ﻣﻦ ﺳــﻼﻟﺘﻪ واﺳــﻤﻪ ﻻﻣﻚ ﺑﺎﻣﺮأﺗــني ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤ ّﺒــﻪ اﻟﺮب .أﻟﻴﺲ اﻟﺮب ﻣــﻦ وﻫﺐ ﻵدم اﻣــﺮأة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ؟ ورزق ﻻﻣــﻚ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺑﻨني ذﻛــﻮر ،اﻷول ﻳﺎﺑﺎل وﻫﻮ اﻟﺬي ﻋ ّﻠﻢ اﻟﻨــﺎس ﺻﻨﻊ اﻟﺨﻴﺎم ،واﻟﺜﺎين ﻳﻮﺑﺎل وﻫﻮ اﻟﺬي ﺻﻨﻊ آﻻت اﻟﻌﺰف واﻟﻄﺮب ﻛﺎﻟﻨﺎي واﻟﻘﻴﺜــﺎرة ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﺗﻮﺑﺎل ﻗﺎﻳني وﻫﻮ اﻟﺬي ﺻﻨﻊ اﻷواين اﳌﻌﺪﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ وﻧﺤﺎس وﺻﻨﻊ اﻟﺨﻨﺎﺟﺮ واﻟﺴــﻜﺎﻛني واﻟﺴﻴﻮف .وﻗﺪ أﺣﺐ ﻻﻣﻚ اﺑﻨﻪ ﻫﺬا ﺣ ًﺒﺎ ً ﺟام ﻷن اﺑﻨﻪ أﻋﻄﺎه ﺷﻌﻮ ًرا ﺑﺎﻟﻘﻮة واﻟﻌﻈﻤﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼح اﻟﺬي ﺻﻨﻌﻪ إذ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﺻﺎر مبﻘﺪور ﻻﻣﻚ أن ﻳﺮ ﱠد اﻟﺼﺎع ﺻﺎﻋني ﳌــﻦ ﻳﺤﺎول أن ﻳﻌﺎدﻳــﻪ وأن ﻳﴬب أﻋــﺪاءه ﺣﺘــﻰ اﳌﻮت ﺑﻬــﺬا اﻟﺴــﻼح اﻟﺬي ميﻠﻜــﻪ وأن ﻳﻨﺘﻘﻢ ﻣﻨﻬــﻢ ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺳــﺎء إﻟﻴﻪ وﻟﺪ ﺻﻐري .وﻇــﻦ ﻻﻣﻚ أﻧﻪ أﻗﻮى اﻟﻨﺎس ﺑﺴﻼﺣﻪ اﻟﺬي ﺑني ﻳﺪﻳﻪ وﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ
ﻗﺼﺺ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ
ﻣﻘﺪﻣﺔ اﳌﺆﻟﻒ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎين ﻣﻦ »ﻗﺼﺺ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻟﻠﺼﻐﺎر« ﻛام ﰲ اﻟﺠﺰء اﻷول ،ﻟﺪﻳﻨﺎ ١٢٥ﻗﺼﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻧﺮوﻳﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﺴﺔ.. وﻫﺬه اﻟﻘﺼﺺ ﻟﻴﺴﺖ واردة ﰲ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻓﻜﻠﻬﺎ ﺟﺪﻳﺪة إ ّﻻ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ. وﻷﻧﻨﻲ ﺑﺪأت ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء أﻳﻀﺎً ﻣﻦ اﻟﺴﻔﺮ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪّس ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋ ّ ﲇ أن أﻣ ﱠﺮ ﻣﺮور اﻟﻜﺮام ﻋﲆ اﻟﻜﺜري ﻣﻦ اﻷﺳﻔﺎر .وﺑﻐﻴﺔ رﺑﻂ اﻟﻘﺮاﺋﻦ ﺑني اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ روﻳﻨﺎﻫﺎ متﺖ إﺿﺎﻓﺔ ﻣﻘ ّﺪﻣﺎت إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺺ ﺗﺘﻀﻤﻦ متﻬﻴﺪاً ﻣﻮﺟﺰاً ﻳﺮﺑﻄﻬﺎ مبﺎ ورد ﰲ اﻟﺠﺰء اﻷول. وﻟﻘﺪ روﻳﺖ ﰲ اﻟﺠﺰء اﻷول أﻏﻠﺐ اﻟﻘﺼﺺ اﻷوﻟﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺴﻄﺔ .أﻣﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎين ﻓﺈن اﻟﻮﺗرية اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺳﺘﻜﻮن أﻋﲆ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺺ رﻏﻢ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﺑﺴﺎﻃﺔ اﳌﻔﺮدات. ﺗﻨﺸﺌ ًﺔ ﺗﻨﺸﺌﺔ أوﻻدﻫﻢ ِ آﻣﻞ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﱃ اﻟﱪﻛﺔ ﻋﲆ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ وﻫﻢ ﰲ ﻃﻮر ِ روﺣﻴ ًﺔ دﻳﻨﻴ ًﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ. ﺧﻮدا ،أﻳﺎر ٢٠٠٠ ﻩ .ﻓﺎن دام
١٠
-٢٠ﻋﺎد ﻋﺪد اﻟﺮﺳﻞ ﻟﻴﺼري إﺛﻨﻰ ﻋﴩ رﺳﻮﻻً -٢١ﺷﻔﺎء اﻟﻜﺴﻴﺢ -٢٢اﻟﺮﺳﻞ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ -٢٣ﺣﻨﺎﻧ ّﻴﺎ وﺳﻔرية ﻳﻜﺬﺑﺎن ﻋﲆ اﻟﺮب -٢٤اﻟﺮﺳﻞ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ ﺛﺎﻧﻴﺔ -٢٥اﻟﺸامﻣﺴﺔ -٢٦اﺳﺘﻔﺎﻧﻮس -٢٧اﺳﺘﻤﺮار ﻋﻤﻞ اﻟﺮب -٢٨ﺳﻴﻤﻮن اﻟﺴﺎﺣﺮ واﻟﺨﴢ اﻟﺤﺒﴚ -٢٩ﻓﻴﻠﺒﺲ ّ -٣٠ﺑﻄﺮس ﻳﺬﻫﺐ ﰲ رﺣﻠﺔ -٣١ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس -٣٢ﺑﻄﺮس ﰲ ﺑﻴﺖ ﻛﺮﻧﻴﻠﻴﻮس -٣٣ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﻳﺴﺎﻓﺮان -٣٤ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أﻧﻄﺎﻛﻴﺔ وأﻳﻘﻮﻧﻴﺔ -٣٥ﺑﻮﻟﺲ وﺑﺮﻧﺎﺑﺎ ﰲ ﻟﺴﱰة -٣٦اﻋﱪ وﺳﺎﻋﺪﻧﺎ -٣٧اﻟﺮﺳﻞ ﰲ ﺗﺴﺎﻟﻮﻧﻴيك وﺑريﻳﺔ -٣٨ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أﺛﻴﻨﺎ -٣٩ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﻛﻮرﻧﺜﻮس -٤٠ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أﻓﺴﺲ -٤١دميﱰﻳﻮس ﺻﺎﺋﻎ اﻟﻔﻀﺔ -٤٢ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﺗﺮواس -٤٣اﻟﺮﺣﻠﺔ إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ -٤٤ﺑﻮﻟﺲ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ -٤٥ﺑﻮﻟﺲ أﻣﺎم اﻟﺴﺘﻬﺪرﻳﻢ -٤٦ﺑﻮﻟﺲ ميﺜﻞ أﻣﺎم اﻟﻮاﱄ ﻓﻴﻠﻜﺲ -٤٧ﺑﻮﻟﺲ ميﺜﻞ أﻣﺎم ﻓﺴﺘﻮس -٤٨ﺑﻮﻟﺲ أﻣﺎم اﳌﻠﻚ أﻏﺮﻳﺒﺎس -٤٩ﺑﻮﻟﺲ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ إﱃ روﻣﺎ -٥٠ﺗﺤﻄﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ -٥١ﻋﲆ ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺎﻟﻄﺔ -٥٢ﺑﻮﻟﺲ ﰲ روﻣﺎ
أﻋامل ٢٦-١٥ :١ أﻋامل ١٠-١ :٣ أﻋامل ٢٢-١ :٤ أﻋامل ١١-١ :٥ أﻋامل ٤٢-١٧ :٥ أﻋامل ٧-١ :٦ أﻋامل ١٥-٨ :٦؛ وأﻋامل ٧ أﻋامل ٨-١ :٨ أﻋامل ٢٥-٩ :٨ أﻋامل ٤٠-٢٦ :٨ أﻋامل ٤٣-٣٢ :٩ أﻋامل ١٦-١ :١٠ أﻋامل ٤٨-١٧ :١٠ أﻋامل ١٢-١ :١٣ أﻋامل ٥٢-١٣ :١٣و٧-١ :١٤ أﻋامل ١٩-٨ :١٤ أﻋامل ١٥-١ :١٦ أﻋامل ١٥-١ :١٧ أﻋامل ٣٤-١٦ :١٧ أﻋامل ١٧-١ :١٨ أﻋامل ٢٠-١ :١٩ أﻋامل ٤٠-٢١ :١٩ أﻋامل ٣٨-٧ :٢٠ أﻋامل ٢٦-١٥ :٢١ أﻋامل ٤٠-٢٧ :٢١؛ ٢٩-١ :٢٢ أﻋامل ٢٣ أﻋامل ٢٤ أﻋامل ١٢-١ :٢٥ أﻋامل ٢٧-١٣ :٢٥وأﻋامل ٢٦ أﻋامل ١٣-١ :٢٧ أﻋامل ٤٤-١٤ :٢٧ أﻋامل ١٠-١ :٢٨ أﻋامل ٣١-١١ :٢٨
١٩٨ ٢٠٠ ٢٠٢ ٢٠٤ ٢٠٦ ٢٠٨ ٢١٠ ٢١٢ ٢١٤ ٢١٦ ٢١٨ ٢٢٠ ٢٢٢ ٢٢٤ ٢٢٦ ٢٢٨ ٢٣٠ ٢٣٢ ٢٣٤ ٢٣٦ ٢٣٨ ٢٤٠ ٢٤٢ ٢٤٤ ٢٤٦ ٢٤٨ ٢٥٠ ٢٥٢ ٢٥٤ ٢٥٦ ٢٥٨ ٢٦٠ ٢٦٢
٩
-٦٣ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺎﻣﺎن -٦٤اﻟﺮب ﻳﻌني -٦٥ﻳﻮم ﺧﺎص ،ﻋﻴﺪ اﻟﻔﻮرﻳﻢ -٦٦اﻟﻌﻮدة إﱃ ﻛﻨﻌﺎن -٦٧إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻬﻴﻜﻞ -٦٨اﻟﻌﻮدة إﱃ ﻛﻨﻌﺎن ﺑﻘﻴﺎدة ﻋﺰرا -٦٩ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﻌﻮد إﱃ أورﺷﻠﻴﻢ -٧٠ﻧﺤﻤﻴﺎ ﻳﺒﻨﻲ ﺳﻮر أورﺷﻠﻴﻢ -٧١ﻧﺤﻤﻴﺎ وأﻋﺪاؤه -٧٢ﻋﺰرا ﻳﻌ ّﻠﻢ اﻟﺸﻌﺐ -٧٣ﻧﺤﻤﻴﺎ ﰲ أورﺷﻠﻴﻢ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
أﺳﺘري ٧ أﺳﺘري ٨ أﺳﺘري ٩ ﻋﺰرا ١و ٢ ﻋﺰرا ٤و ٥و ٦ ﻋﺰرا ٧و ٨و ٩ ﻧﺤﻤﻴﺎ ١٠ :٢-١ ﻧﺤﻤﻴﺎ ٢٠-١١ :٢و ٣و٤ ﻧﺤﻤﻴﺎ ٦و ٧ ﻧﺤﻤﻴﺎ ١٣-١ :٨و٩ ﻧﺤﻤﻴﺎ ١٣
١٣٦ ١٣٨ ١٤٠ ١٤٢ ١٤٤ ١٤٦ ١٤٨ ١٥٠ ١٥٢ ١٥٤ ١٥٦
ﻗﺼﺺ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ -١ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻨﺠﺎر ...ودﻋﺎ اﺳﻤﻪ ﻳﺴﻮع
ﻣﺘﻰ٢٤-١٨ :١
١٦٠
-٢اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺠﺮب ﰲ اﻟ ّﱪ ّﻳﺔ
ﻣﺘﻰ ١١-١ :٤
١٦٢
-٣اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﻄﻬﺮ اﻟﻬﻴﻜﻞ -٤اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﻧﻴﻘﻮدميﻮس -٥اﻟﺮب ﻳﺴﻮع واﳌﺮأة اﻟﺴﺎﻣﺮ ّﻳﺔ
ﻳﻮﺣﻨﺎ ٢٥-١٣ :٢ ﻳﻮﺣﻨﺎ ٢١-١ :٣ ﻳﻮﺣﻨﺎ ٤٢-١ :٤
١٦٤ ١٦٦ ١٦٨
-٦اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺸﻔﻲ اﺑﻦ ﺧﺎدم اﳌﻠﻚ -٧اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺪﻋﻮ ﻻوي اﻟﻌﺸﺎر
ﻳﻮﺣﻨﺎ ٥٤-٤٣ :٤ ﻟﻮﻗﺎ ٣٢-٢٧ :٥
١٧٠ ١٧٢
-٨اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﰲ ﺑﻴﺖ ِﺣ ْﺴﺪا
ﻳﻮﺣﻨﺎ ١٨ -١ :٥
١٧٤
-٩إﺣﻴﺎء اﺑﻦ أرﻣﻠﺔ ﻧﺎﻳني -١٠ﻣﺜﻞ اﻟﺒﻴﺘني -١١اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺸﻔﻲ ﺧﺎدم اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻗﺎﺋﺪ اﳌﺌﺔ
ﻟﻮﻗﺎ ١٧-١١ :٧ ﻣﺘﻰ ٢٩-٢٤ :٧ ﻣﺘﻰ ١٣-٥ :٨؛ ﻟﻮﻗﺎ ١٠-١ :٧
١٧٦ ١٧٨
-١٢اﻟﺮب ﻳﺴﻮع واﳌﺮأة اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ
ﻟﻮﻗﺎ ٥٠-٣٦ :٧
-١٣اﻟﺮب ﻳﺴﻮع وﺑﻄﺮس ﻳﺴريان ﻋﲆ اﳌﺎء -١٤اﻟﺮب ﻳﺴﻮع واﳌﺮأة اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴﺔ -١٥اﻟﺮب ﻳﺴﻮع ﻳﺸﻔﻲ ﺻﺒ ّﻴﺎً ﻓﻴﻪ روح ﻧﺠﺲ
ﻣﺘﻰ ٣٦-٢٢ :١٤ ﻣﺘﻰ ٢٨-٢١ :١٥
١٨٤ ١٨٦
-١٦ﺷﻔﺎء اﻟﻌﴩة اﻟﱪص -١٧ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺬارى اﻟﺤﻜﻴامت واﻟﻌﺬارى اﻟﺠﺎﻫﻼت
ﻣﺮﻗﺲ ٢٩-١٤ :٩ ﻟﻮﻗﺎ ١٩-١١ :١٧ ﻣﺘﻰ ١٣-١ :٢٥
١٨٨ ١٩٠ ١٩٢
-١٨ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻨﺪ ﺻﻠﻴﺐ اﻟﺮب ﻳﺴﻮع
ﻳﻮﺣﻨﺎ ٢٧-٢٥ :١٩
-١٩ﺑني ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﻳﻮم اﻟﺼﻌﻮد
ﻣﺘﻰ ٢٠-١٦ :٢٨
١٩٤ ١٩٦
٨
١٨٠ ١٨٢
٢ﻣﻠﻮك ٢٥-٢٣ :٢ -٣٠ﺑﺘﺄدﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻠﻪ -٣١أﻟﻴﺸﻊ ﻳﺮاﻓﻖ اﻟﺠﻨﻮد إﱃ اﻟﺤﺮب ٢ﻣﻠﻮك ٣ ٢ﻣﻠﻮك ٧-١ :٤ -٣٢أرﻣﻠﺔ ﻓﻘرية ٢ﻣﻠﻮك ١٧-٨ :٤ -٣٣أﻟﻴﺸﻊ ﰲ ﺷﻮﻧﻢ ٢ﻣﻠﻮك ٣٧-١٨ :٤ -٣٤ﺻﺒﻲ ﻣﻴﺖ ﻳﻌﻮد إﱃ اﻟﺤﻴﺎة ٢ﻣﻠﻮك ٤٤-٣٨ :٤؛ ٧-١ :٦ -٣٥اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﱪﻛﺎت ً ٢ﻣﻠﻮك ١٨-٨ :٦ -٣٦اﻟﺮب ﻳﺤﻔﻆ ﺧﺎدﻣﻪ ﺳﺎﳌﺎ -٣٧ﺣﺘﻰ اﻷﻋﺪاء ﻳﻨﺠﻮن ﺑﺼﻼح اﻟﺮب ٢ﻣﻠﻮك ٢٣-١٩ :٦ ٢ﻣﻠﻮك ٣٣-٢٤ :٦؛ ٢ : ٧ اﳌﺎﺳﺔ -٣٨ﰲ اﻟﺤﺎﺟﺔ ّ ٢ﻣﻠﻮك ٢٠-٣ :٧ -٣٩اﻟﺮب ﻳﻌني ٢ﻣﻠﻮك ٢١-١٤ :١٣ -٤٠ﻣﻮت أﻟﻴﺸﻊ إﺷﻌﻴﺎء ٧ -٤١اﻟﻨﺒﻲ إﺷﻌﻴﺎء وﻧﺒﻮءة ﻋامﻧﻮﺋﻴﻞ إﺷﻌﻴﺎء ٧ -١ :٥ -٤٢أﻧﺸﻮدة إﺷﻌﻴﺎء ﻋﻦ اﻟ َﻜ ْﺮم -٤٣إﻧﻘﺎذ أورﺷﻠﻴﻢ ﰲ زﻣﻦ اﳌﻠﻚ ﺣﺰﻗﻴﺎ ٢ﻣﻠﻮك ١٨و ١٩ -٤٤إﺷﻌﻴﺎء ﻳﺰور ﺣﺰﻗﻴﺎ ﺛﻼث زﻳﺎرات ٢ﻣﻠﻮك ٢٠ ٢ﻣﻠﻮك ١٨-١ :٢١ ﻣﻨﴗ ،اﳌﻠﻚ اﻟﺘﺎﺋﺐ إﱃ اﻟﻠﻪ ّ -٤٥ إرﻣﻴﺎ ١ -٤٦اﻟﺮب ﻳﺪﻋﻮ إرﻣﻴﺎ ﻟﻠﺘﻨﺒﺆ إرﻣﻴﺎ ٣٦ -٤٧إرﻣﻴﺎ و َد ْرج اﻷﺳﻔﺎر إرﻣﻴﺎ ١٤-١ :١٣؛ ١٩؛ ٦-١ :٢٠ -٤٨ﺣﺰام إرﻣﻴﺎ ووﻋﺎء اﻟﻔﺨﺎر إرﻣﻴﺎ ٢٧و ٢٨ -٤٩إرﻣﻴﺎ واﻟﻨري اﻟﺨﺸﺒﻲ إرﻣﻴﺎ ٣٧ -٥٠إرﻣﻴﺎ ﰲ اﻟﺴﺠﻦ إرﻣﻴﺎ ٣٨ -٥١إرﻣﻴﺎ ﰲ اﻟﺠﺐ إرﻣﻴﺎ ١٤-١ :٣٩ -٥٢ﺧﺮاب أورﺷﻠﻴﻢ إرﻣﻴﺎ ٣٣ -٥٣إرﻣﻴﺎ واﳌﺴﺒﺒني إرﻣﻴﺎ ٤٤-٤١ -٥٤إرﻣﻴﺎ ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﻣﴫ داﻧﻴﺎل ٤ وﻧﺒﻮﺧﺬﻧﴫ -٥٥داﻧﻴﺎل ّ داﻧﻴﺎل ٥ وﺑﻠﺸﺎﴏ -٥٦داﻧﻴﺎل ّ أﺳﺘري ١ -٥٧اﳌﻠﻜﺔ اﻟﻌﺎﺻﻴﺔ أﺳﺘري ٢ -٥٨ﻣﻠﻜﺔ ﺟﺪﻳﺪة أﺳﺘري ٣ -٥٩ﻋﺪ ّو ﻏﺎﺿﺐ أﺳﺘري ٤ -٦٠ﰲ اﻟﺤﺰن اﻟﺸﺪﻳﺪ أﺳﺘري ٥ -٦١إﱃ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﳌﻠﻚ أﺳﺘري ٦ -٦٢اﳌﻜﺎﻓﺄة ﳌﺮدﺧﺎي
٧٠ ٧٢ ٧٤ ٧٦ ٧٨ ٨٠ ٨٢ ٨٤ ٨٦ ٨٨ ٩٠ ٩٢ ٩٤ ٩٦ ٩٨ ١٠٠ ١٠٢ ١٠٤ ١٠٦ ١٠٨ ١١٠ ١١٢ ١١٤ ١١٦ ١١٨ ١٢٠ ١٢٢ ١٢٤ ١٢٦ ١٢٨ ١٣٠ ١٣٢ ١٣٤
٧
اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت ﻗﺼﺺ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ di (d; -١
-٢ﺳﺎم وﺣﺎم وﻳﺎﻓﺚ
ﺗﻜﻮﻳﻦ ٤ ﺗﻜﻮﻳﻦ ٢٩-١٨ :٩
١٢ ١٤
-٣إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻳﻨﻘﺬ ﻟﻮﻃﺎ
ﺗﻜﻮﻳﻦ ١٤
١٦
-٤إﺳﺤﻖ ورﻓﻘﺔ
ﺗﻜﻮﻳﻦ ٢٤
١٨
Ô) -٥ﻳﺒﺎرك ﻳﻌﻘﻮب
ﺗﻜﻮﻳﻦ ١٥-١ :٣٥
٢٠
-٦ﻳﻮﺳﻒ ﻳﺴﺎﻣﺢ أﺧﻮﺗﻪ
ﺗﻜﻮﻳﻦ ٤٤؛ ٤٥؛ ٢١-١٤: ٥٠
٢٢
-٧ﻣﻮﳻ وﻫﺎرون وﻣﺮﻳﻢ أﺧﺘﻬام
اﻟﻌﺪد ١٢
٢٤
-٨ﻗﻮرح وداﺛﺎن وأﺑريام
اﻟﻌﺪد ٣٥-١ :١٦
٢٦
-٩ﺑﻠﻌﺎم ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻌﻨﺔ
اﻟﻌﺪد ٢٢
٢٨
-١٠ﺑﻠﻌﺎم ﻳﺒﺎرك ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ
اﻟﻌﺪد ٢٣؛ ٢٤؛ ٢٥؛ ٢٦
٣٠
-١١ﺧﻄﻴﺌﺔ ﻋَﺨﺎن
ﻳﺸﻮع ٧
٣٢
-١٢ﻳﺎ ﻣﺲ ﺗﻮﻗﻔﻲ...
ﻳﺸﻮع ٩؛ ٢٧-١ :١٠
٣٤
-١٣دﺑﻮرة وﺑﺎراق
اﻟﻘﻀﺎة ٤؛ ٥
٣٦
-١٤أﻳﻮب اﻟﻐﻨﻲ
أﻳﻮب ١٢-١ :١
٣٨
-١٥أﻳﻮب اﻟﻔﻘري
أﻳﻮب ٢٢-١٣ :١
٤٠
-١٦أﺻﺪﻗﺎء أﻳﻮب
أﻳﻮب ٤٢-٢
٤٢
-١٧ﻛﻬﻨﺔ ﻧﻮب
١ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٢١؛ ٢٢
٤٤
-١٨داود ﰲ ﺻﻘﻠﻎ
١ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٢٧؛ ٢٨؛ ٢٩؛ ٣٠
٤٦
-١٩داود وﺗﺎﺑﻮت اﻟﻌﻬﺪ
٢ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٥و ٦
٤٨
-٢٠داود وﻣﻔﻴﺒﻮﺷﺚ
٢ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٩
٥٠
-٢١داود ﻳﺤﴢ و َﻳ ُﻌ ّﺪ اﻟﺸﻌﺐ
٢ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ ٢٤و ١أﺧﺒﺎر ٢٦ : ٢١
٥٢
-٢٢ﺳﻠﻴامن ﻳﺒﻨﻲ اﻟﻬﻴﻜﻞ
١ﻣﻠﻮك ٥؛ ٦؛ ٧
٥٤
-٢٣اﻟﻬﻴﻜﻞ ،ﺑﻴﺖ اﻟﻠﻪ
١ﻣﻠﻮك ٨و ٢أﺧﺒﺎر ١ : ٧
٥٦
-٢٤ﺧﻄﻴﺌﺔ ﺳﻠﻴامن واﻧﻘﺴﺎم اﳌﻤﻠﻜﺔ
١ﻣﻠﻮك ١١
٥٨
-٢٥ﻛﺮم ﻧﺎﺑﻮت اﻟﻴﺰرﻋﻴﲇ
١ﻣﻠﻮك ١٢
٦٠
-٢٦أﻻ ﻳﻮﺟﺪ إﻟﻪ ﻟﺪى ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ -٢٧أﻟﻴﺸﻊ ﻳﺼري ﻧﺒ ّﻴﺎً
٢ﻣﻠﻮك ١
٦٢
١ﻣﻠﻮك ٢١-١٩ :١٩
٦٤
-٢٨إﻳﻠﻴﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺴامء
٢ﻣﻠﻮك ١٤-١ :٢
٦٦
-٢٩ﺑﺮﻛﺔ اﻟﻠﻪ
٢ﻣﻠﻮك ٢٢-١٥ :٢
٦٨
٦
ﻗﺼﺺ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﻟﻠﺼﻐﺎر Bible Stories for Young Children Van Dam Volume 2 ٢٠١٥ ﻃﺒﻌﺔ أوﱃ إﺻﺪار وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﳌﻌﻤﺪاﻧﻴﺔ اﻹﻧﺠﻴﻠﻴﺔ ﰲ دﻣﺸﻖ – اﻟﺪوﻳﻠﻌﺔ Published and distributed by the Baptist Evangelical Church, Damascus - Dwelaa
ﻣﻊ ﺻﻮر ﺗﻮﺿﻴﺤﻴﺔ ﻣﻠﻮﻧﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ، ﻗﺼﺔ ﻣﺮوﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﺑﻌﻬﺪﻳﻪ١٢٥ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب .ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷوﻻد ﻋﲆ ﺗﻔﻬﻢ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف اﻟﻘﺼﺔ إﻟﻴﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺟﻤﻴﻊ اﻷوﻻد اﻟﺼﻐﺎر
This book includes 125 stories from the Old and New Testament and is colorfully illustrated to help the child to understand the message of the story and it is particularly suited for all children. This book under the title “Bijbelse vertellingen voor jonge kinderen” was originally published in Dutch by Den Hertog Publishing House, Houten, The Netherlands. Den Hertog B.V., Houten, The Netherlands (English edition) ﻳﻮزع ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺠﺎﻧﺎً ﻣﻦ ِﻗ َﺒﻞ
اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻹﻧﺠﻴﻠﻴﺔ اﳌﻌﻤﺪاﻧﻴﺔ ٢٢٢٤٥ ب. ص،دﻣﺸﻖ – اﻟﺪوﻳﻠﻌﺔ ٠٠٩٦٣ – ١١ – ٤٧٣٣٩١٨ ﻫﺎﺗﻒ tabbalehchurch@hotmail.com :ﺑﺮﻳﺪ اﻟﻜﱰوين This book can be ordered for free from
the Baptist Evangelical Church, Damascus, Dwelaa - P.O.Box 22245
phone: 00963 – 11 - 4733918 Email: tabbalehchurch@hotmail.com ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ All rights reserved
ﻗﺼﺺ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘ ّﺪس ﻟﻠﺼﻐﺎر اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎين
أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب إﱃ أﺣﺒﺎيئ اﻟﺼﻐﺎر ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وزﻣﺎن إﻫﺪاء
ﻣﻦ..........................................................................
إﱃ.......................................................................................... مبﻨﺎﺳﺒﺔ................................................................................ اﻟﺘﺎرﻳﺦ................................................................................
ﺗﻨﻔﻴﺬ: ﻣﻄﺒﻌﺔ ﺑﺎب ﺗﻮﻣﺎ دﻣﺸﻖ -ﺳﻮرﻳﺔ babtoumaprint@gmail.com
ﻗﺼﺺ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘ ّﺪس ﻟﻠﺼﻐﺎر اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎين ﻫـ .ﻓﺎن دام اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻮﺿﻴﺤﻴﺔ ﺑﺮﻳﺸﺔ ﻛﺎب ﻛﺮاﻣري
إﺻﺪار وﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﳌﻌﻤﺪاﻧﻴﺔ اﻻﻧﺠﻴﻠﻴﺔ دﻣﺸﻖ -اﻟﺪوﻳﻠﻌﺔ