صناعة القرار الإستراتيجي

Page 1

‫ماستر الدراسات الدولية المعمقة‬

‫صناعة القرار االستراتيجي‬ ‫تحت إشراف ‪ :‬خديجة بوتخيلي‬ ‫من اعداد‪:‬‬ ‫•‬

‫أيوب برمي‬

‫•‬

‫عبد الغني الشيوخة‬

‫•‬

‫محمد عطيف‬

‫•‬

‫أيوب منصار‬

‫•‬

‫عبد الغني الشيوخة‬

‫•‬

‫عصام الرافعي‬

‫•‬

‫صالح الدين الجميلي‬ ‫‪2017-2018‬‬

‫‪1‬‬


‫مقدمة‬

‫تعتبر اإلستراتيجية من المفاهيم التي حظيت باهتمام بالغ في دراستها و تحليلها و هي من المفاهيم‬ ‫التي تتسم بالتعدد من حيث التعاريف المناطة بها‪ ،‬و ثم كون مجمل التعاريف تصبو نحو ربطها بمنشئها‬ ‫العسكري غير أنها تطورت مع نطور المنتظم الدولي و الدولة نفسها فتطور هذه األخيرة في عالقتها مع‬ ‫دول العالم و انتقالها من الفهم العسكري إلى المعطى السياسي و االقتصادي و االجتماعي بلوروا فهما جديدا‬ ‫لإلستراتيجية يطال مجمل مناحي تدخل الدولة ‪ .‬و قد تحدث هيربرت روزينسكي في الماضي عن‬ ‫اإلستراتيجية‪ 1‬الفطرية الغريزية أما في الوقت الحالي أصبحنا نتحدث عن علم اإلستراتيجية كمادة تدرس‬ ‫داخل الجامعات و األكاديميات‪... 2‬‬ ‫يعد القرار االستراتيجي من الحالقات المهمة في صياغة اإلستراتيجية ‪ ،‬و صناعة هذا القرار مسالة‬ ‫أساسية في كل دولة إذ يعد عنصرا حتميا في كافة صور و مراحل األنشطة الخارجية للدولة و يستند القرار‬ ‫االستراتيجي إلى نتائج عملية التحليل االستراتيجي التي تقودها الدولة ‪ ،‬إن القرار االستراتيجي يقع تحت‬ ‫رحمة التغيرات و التحوالت و يخضع لمؤشرات متعددة و يعرف على انه ذالك القرار الذي تم اختياره من‬ ‫مجموعة من البدائل اإلستراتيجية و الذي يمثل أفضل طريقة للوصول إلى أهداف إستراتيجية للدولة‪.‬‬ ‫وجب الفصل بين القرار االستراتيجي و القرار السياسي فهذا األخير هو ذالك القرار الذي تتوفر فيه‬ ‫واحدة من مجموعة من عناصر مختلفة أهمها أن يكون صادر عن شخص متخصص ذي صفة سياسية أو‬ ‫من خالل احد أجهزة السلطة السياسية أو منصبا على موضوع يتعلق بالسياسة العامة للدولة ‪.‬‬ ‫إن دراسة عملية صناعة القرار االستراتيجي تكتسي أهمية بالغة لنا كطلبة باحثين في حقل الدراسات‬ ‫الدولية باعتبار هذه الدراسة ستمنح لنا آليات و ميكانيزمات فهم القرار االستراتيجي من إطاره النظري‬ ‫المؤطر لهذه العملية ثم الفاعلون في صناعته ثم المراحل التي يمر منها للخروج لحيز الوجود‪.‬‬ ‫و تتمثل إشكالية حول كيف يصنع القرار االستراتيجي ‪ ،‬من اجل الخوض في اإلشكالية المطروحة يمكننا أن‬ ‫نطرح مجموعة من األسئلة المفتاحية التي تندرج في إطار تفكيك معطيات اإلشكالية وهي كالتالي‪:‬‬ ‫• ما هو اإلطار النظري المؤطر لعملية صنع القرار؟‬ ‫• من هم الفاعلون في صناعة القرار االستراتيجي ؟‬ ‫‪ -1‬محمد بنحمو ‪ :‬صناعة القرار االستراتيجي و المتدخلين فيه ‪ ،‬مركز راشيل كوري‬ ‫‪ -2‬صالح نيوف ‪ :‬مدخل إلى الفكر االستراتيجي ‪ ،‬األكاديمية العربية في الدانمرك كلية العلوم السياسية‬

‫‪2‬‬


‫• ما هي مراحل صنع القرار االستراتيجي ؟‬ ‫• ما هي العوامل المؤثرة في صناعة القرار االستراتيجي ؟‬ ‫• ما هي ابرز التي تواجه عملية صنع القرار ؟‬ ‫ولمحاولة اإلجابة على األسئلة المطروحة ‪ ،‬والعمل على حل إشكالية البحث ‪ ،‬اعتمدنا على مناهج‬ ‫مختلفة نرمي من خاللها إلى تحقيق تكامل منهجي يضفي قيمة علمية إضافية إلى البحث الذي نحن بصدده‪.‬‬ ‫ولذلك سيتم توظيف المنهجين االستنباطي واالستقرائي في التفاعل مع األفكار وسردها ومناقشتها ‪.‬‬ ‫و سوف نحاول التطرق للموضوع عبر التقسيم التالي ‪:‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬القرار اإلستراتيجي؛ النظرية و الفاعلون‬ ‫المطلب األول ‪ :‬نظرية صنع القرار‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬الفاعلون في صناعة القرار اإلستراتيجي‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬صنع القرار اإلستراتيجي؛ المراحل‪ ،‬العوامل و اإلشكاالت‬ ‫المطلب األول ‪ :‬مراحل صنع القرار االستراتيجي‬ ‫الم طلب الثاني ‪ :‬العوامل المؤثرة في صنع القرار اإلستراتيجي و إشكاالته‬

‫‪3‬‬


‫المبحث األول‪ :‬القرار اإلستراتيجي النظرية و الفاعلون‬ ‫يعد القرار االستراتيجي أحد الحلقات المهمة في عملية صياغة اإلستراتيجية‪ ،‬ويستند إلى نتائــج‬ ‫عملية التحليل االستراتيجي التي تقوم بها المنظمة‪ ،‬إذ يتم تكوين مجموعة بدائل متاحة‪ ،‬ويكون القــــرار‬ ‫االستراتيجي أفضلها من وجهه نظر السلطة العليا‪.‬و تطور تعريف القرار االستراتيجي من الحــقـــــــل‬ ‫العسكري إلى المجال االقتصادي واإلداري و السياسي بالخصوص بتطور اإلستراتجية و استعمالــها في‬ ‫هذه المجاالت ‪ .‬ما جعل تعريف القرار االستراتيجي يتنوع ويختلف باختالف المنظرين و المفكــــرين و‬ ‫صياغة هذا القرار كنظرية مستقلة بذاتها لدراسة السياسة الخارجية للدول‪ .‬بحيث سنتطرق في المطـــلب‬ ‫األول إلى نظرية صنع القرار نشأتها و روادها بينما سنتطرق في المطلب الثاني إلى الفاعلين فــــــــي‬ ‫صناعة القرار االستراتيجي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نظرية صنع القرار‬ ‫أن الحديث عن صناعة القرار يقتضي الحديث عن نظرية صنع القرار من حيث ظروف نشأتها‪،‬‬ ‫ايجابياتها و سلبياتها و روادها و هو ما سنحاول التطرق إليه في فقرتين نتناول في األولى نظرية صنع‬ ‫القرار و في الثانية رواد نظرية صناع القرار ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية نظرية صنع القرار‬ ‫ارتبطت نشأة نظرية صنع القرار أساسا بضرورة تطوير مقاربة صناعة القرار في دراسة السياسة‬ ‫الدولية‪ ،‬فكانت بدايتها خالل الخمسينيات من طرف ريتشارد سنايدر وزميله آليسون ‪ ،‬وهذا راجع إلى‬ ‫الظروف الدولية السائدة آنذاك ‪ ،‬وهي مثلها مثل النظريات األخرى والتي ظهرت لظرف ما ولتكريس‬ ‫سياسة ما حيث كانت الحرب الباردة مشتدة بين االتحاد السوفيتي والواليات المتحدة األمريكية وفي مرحلة‬ ‫الذروة وأقصى درجاتها وهذا ما أدى إلى ظهور أزمات خانقة في ما بين الدول ‪.‬‬ ‫وقد كانت الدول المهيمنة قبل التسعينات (الواليات المتحدة األمريكية و االتحاد السوفيتي) تشكل بؤر‬ ‫توتر في مناطق أخرى من أجل مصالحها سواء عسكرية أو اقتصادية أو استقطابية ‪ ،‬وهذا ما أدى بمنظري‬ ‫العالقات الدولية في تلك الفترة إلى إيجاد نظرية تساير الواقع المعايش في تلك الفترة ‪ ،‬وبذلك أتت نظرية‬ ‫اتخاذ القرار من أجل تحديد من يصنع القرار ومن يتخذه وما هي الفواعل واألطر المؤثرة في هذه العالقات‬ ‫بين الدول وكيفية إدارة األزمات والتعامل معها ‪ ،‬ويرى ريتشارد سنايدر أن بؤرة بحث العالقات الدولية‬ ‫يجب أن تكون حول المواقف وردود األفعال والتفاعالت بين الدول ‪ ،‬وهذه النظرية تلتقي مع النظرية‬ ‫الواقعية نوعا ما في كون الدولة هي الفاعل الرئيسي في العالقات الدولية‪.‬‬ ‫‪4‬‬


‫تقوم هذه النظرية على عملية صنع القرار السياسي الخارجي كأساس لتفسير السياسة الخارجية ‪ .‬و‬ ‫ترد على تحديد كيف تعمل الدولة و لماذا تعمل كما هي حيال موقف دولي محدد و ترتكز أيضا في البحث‬ ‫عن الكيفية التي تتفاعل بها النظم القومية مع المؤثرات التي تأتيها و تنعس عليها من النظام الدولي‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫و تكمن أهميتها في كونها تتعامل مع العناصر و المتغيرات الرئيسية التي تحدد حركة الدول و‬ ‫مواقفها و تصرفاتها‪ .4‬و تتناول هذه النظرية ظواهر العالقات الدولية وموضوعات السياسة الخارجية ‪ ،‬من‬ ‫منظور صانع القرار وكل مدخالته السيكولوجية والبيئة ‪ ،‬بمعنى أنها تبني تحليالتها للعالقات الدولية على‬ ‫افتراض أن العالقات الدولية هي نتاج لفعل صانع القرار المعبر عن بلورة لمجموعة العوامل الذاتية‬ ‫والموضوعة التي يصنع في ظلها القرار في السياسة الخارجية ‪ ،‬حيث تدرس العالقات الدولية ليس على‬ ‫أساس الدول بصورتها المجردة وإنما على أساس دراسة الدولة من خالل صناع قراراتها ‪ ،‬و هي تتشابه‬ ‫نوعا ً ما مع النظرية الواقعية في من يعتبر الفاعل األساسي في العالقات الدولية وهي الدولة ولكن الواقعيون‬ ‫يركزون على الدولة كوحدة ولكن نظرية صناع القرار تعتبر األفراد الذين يعملون في النظام السياسي هم‬ ‫الذين يعملون في صناعة القرار والدولة هي التي تتخذ القرار‪ .‬فنظرية صنع القرار تركز على صانع القرار‬ ‫نفسه باعتباره العنصر الرئيسي في العملية السياسية و هو المؤثر األكبر في القرار ‪ ،‬فاتخاذ القرار سلوك‬ ‫إنساني يرتبط بسلوك الفرد الذي يستقبل محفزات اتخاذ القرار ‪ ،‬و يجمع هذا السلوك بين الجانب العقالني‬ ‫لمتخذ القرار و جانبه غير العقالني ‪.‬‬ ‫إن هذه النظرية تعمل ع لى تحديد عدد كبير من المتغيرات المتعلقة بالموقف ثم تسعى إلى تحديد‬ ‫العالقة بين هذه المتغيرات و لكنها ال تضع فرضيات تطلب من صانع القرار أن يعمل على أساسها‪ .‬إنها‬ ‫تلعب دورا مهما في كشف العديد من الجوانب الهامة في السياسة كما إنها تفيد في البحوث التي تسعى إلى‬ ‫دراسة األفراد بوصفهم صناع بشكل أفضل من النظريات األخرى ‪ .‬و بطبيعة كل إنتاج بشري فهو ال يخلو‬ ‫من نواقص تجعله دائما محل انتقاد ‪ ،‬و قد وجهت لنظرية صنع القرار مجموعة من االنتقادات نذكر منها ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬هذه النظرية تتطلب عددا كبيرا من الباحثين لجمع المعلومات و عددا كبيرا من المنظرين‬ ‫لتقويم المعلومات ضمن تصنيفاتهم و عدم توفر هذه المتطلبات سيجعل من النتائج غير واقعية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬مخطط سنايدر و زمالؤه ال ينطبق على كل الدول إذ أن هذا النموذج يعمل على تحويل األنظمة‬ ‫السياسية الدولية على اختالفها إلى مفهوم أحادي للنظام السياسي‪.‬‬

‫‪ - 3‬إسماعيل صبري مقلد ‪ :‬السياسات الدولية ‪ ،‬دار السالسل ن الكويت ‪ 1987‬ص ‪181‬‬ ‫‪ - 4‬سعد حقي توفيق ‪ :‬مبادئ العالقات الدولية ‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ، 2015‬شركة عاتك لصناعة الكتاب القاهرة ص ‪117‬‬

‫‪5‬‬


‫‪ -3‬ينشا هذا المنهج من فكرة خالية من أية قيمة ألنه يحاول أن يحلل القرارات في إطار العالقات‬ ‫الدولية دون محاولة اإلجابة عن أي القرارات التي تكون صائبة و أيها خاطئة ‪.‬‬ ‫‪ – 4‬تسقط النظرية من العالقات الدولية كل شيء ال يمثل اإلضافة المجردة للقرارات فالنظرية‬ ‫تهمل المتغيرات المؤثرة ضمن سياسات القوة و قواعد السلوك الدولي إذ ال تعطي النظرية أي‬ ‫معيار لتفسير سياسات القوة أو وصف لقواعد السلوك الدولي‪.‬‬ ‫‪ -5‬تعاني النظرية من صعوبة حصر القو ى التي تؤثر في مسار مشكلة من مشاكل السياسة سواء‬ ‫أكانت قوى سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية ‪...‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬رواد نظرية صناعة القرار‬ ‫كما سبق الذكر فقد نشأت هذه النظرية في كنف الصراع القائم بين الواليات المتحدة األمريكية و‬ ‫االتحاد السوفيتي‪ ،‬الصراع الذي اثر بشكل كبير في مجموعة من المخللين السياسيين و كان أهمهم غراهم‬ ‫اليسون و ريتشارد سنايدر اللذان كان أول من نظرا لصناعة القرار االستراتيجي‬

‫أوال ‪ :‬سنايدر‬ ‫ريتشارد سنايدر هو أستاذ العلوم السياسية بجامعة براون األمريكية و هو مؤلف كتاب السياسة‬ ‫النيوليبرالية‪ .‬اهتم بموضوع صناعة القرار و نماذجه و اتخاذ القرارات خالل األزمات‪.‬‬ ‫يبني ريتشارد سنايدر نموذجه الخاص بعملية صناعة القرار على مسلمة أولية مفادها أن أفضل‬ ‫وسيلة الستيعاب السياسية الدولية و عوامل التأثير في سلوكية الدولة تكمن في التحليل على مستوى الدولة ‪,‬‬ ‫ويعتبر سنايدر أن الفعل الصادر عن الدولة يقوم به في الواقع أشخاص و بالتالي فان فهم و استيعاب هذا‬ ‫الفعل يتطلب النظر إلى محيط صناعة القرار من خالل إدراك صناع القرار لمحيطهم وليس من خالل موقع‬ ‫المراقب الحيادي والموضوعي‪ ،‬فالكيفية التي يحددها صناع القرار الوضع الذي يواجهونه هي التي تصنع‬ ‫سلوك الدولة تجاه الوضع‪ .5‬وبالتالي فإن اإلطار النظري للنموذج يركز على فكرة دراسة مسار التفاعل الذي‬ ‫يبدأ من الفعل الصادر عن الدولة ويقابله رد فعل من المحيط الخارجي الذي يأخذ األشكال ذاتها التي يأخذها‬ ‫الفعل األول فيشكل بذلك تفاعالً‪ .‬ويرى بأن الذين يدرسون في السياسة الدولية يهتمون بالدرجة األساسية‬ ‫باألفعال وردود األفعال والتفاعالت بين الوحدات السياسية التي يطلق عليها بالدول القومية‪ .‬و أن التركيز‬

‫‪-‬عبد المنعم محمد عدلي ‪ :‬القرار االستراتيجي في ضوء المتغيرات الدولية‪ ،‬المكتب العربي للمعارف ص ‪205‬‬

‫‪6‬‬


‫على األفعال يتطلب تحليل العمليات وان األفعال تنبع من ضرورة إقامة وتأمين وتنظيم اتصاالت مقنعة‬ ‫وموجهة بين الدول وممارسة بعض الرقابة على االتصاالت غير المرغوبة‪ .‬أما األفعال فإنها تمثل محاولة‬ ‫لتحقيق بعض األهداف ومنع وتقليل انجاز األهداف غير المتفق عليها أو المهددة للدول األخرى‪.6‬‬ ‫تأثر ريتشارد سنايدر بنظرية النظم في نموذجه في السياسة الخارجية ‪ ،‬و لعل ابرز ما نالحظه على‬ ‫النموذج كونه يحدد مجموعة كبيرة من المتغيرات المتعلقة بعملية صنع القرار ‪ .‬فنظرية صنع القرار تدعو‬ ‫لدراسة وحدة اتخاذ القرار في إطار البيئة النظامية التي توجد فيها هذه الوحدة و صانع القرار يتخذ قراره من‬ ‫خالل إدراكه للبيئة الداخلية و البيئة الخارجية‪ .‬و يرى سنايد أن الفعل يكون قائما تحليليا عندما توجد مجموعة‬ ‫من المقومات و هم الالعبين ‪ ،‬األهداف ‪ ،‬الوسائل و المواقف‪.‬‬ ‫ويمكن أن يعرف بواسطة الالعب أو الالعبين ضمن إطار طريقة الذي يعد نفسه في عالقة مع‬ ‫غيره من الالعبين اآلخرين و يرتبط معهم باألهداف و الوسائل المتاحة و في اإلطار الذي تتحول فيه هذه‬ ‫األهداف و الو سائل إلى استراتيجيات للفعل و تعرض إلى العوامل المناسبة للموقف ‪ .‬إن هذه الطرق التي‬ ‫تربط الالعب بالموقف تعتمد على طبيعة الالعب أو توجيهه‪ .‬هكذا فالدولة ينظر إليها بوصفها مشارك في‬ ‫نظام الفعل المتضمن الالعبين اآلخرين و الدولة توجه الفعل طبقا للطريقة التي ينظر بها إلى موقف معين‬ ‫بواسطة و من قبل بعض المسئولين و طبقا لما يريدون‪ .‬و إن فعل الالعبين األخريين و أهدافهم ووسائلهم و‬ ‫عناصر المواقف األخرى كلها مرتبطة بالالعب‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫إن هذه النظرية تعمل على تحديد عدد كبير من المتغيرات المتعلقة بالموقف‪ ،‬ثم تسعى لتحديد‬ ‫العالقة بين هذه المتغيرات‪ ،‬إنها تلعب دورا هاما في كشف العديد من الجوانب الهامة في صنع السياسة‬ ‫الخارجية‪.‬‬ ‫و إلى جانب نموذج سنايدر في صناعة القرار نجد منظر أخر و هو غراهم اليسون الذي طرح‬ ‫ثالث نماذج سنحاول التطرق إليها كالتالي ‪:‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نماذج اليسون‬ ‫ولد غراهم اليسون في ‪ 23‬من مارس ‪ 1940‬و هو باحث سياسي أمريكي اهتم بدراسة‬ ‫البيروقراطية و صناعة القرار ‪ ،‬و يعتبر من بين أهم رواد نظرية صنع القرار و من أهم مؤسسيها و اقترح‬ ‫في هذا الصدد ثالث نماذج لصناعة القرار ‪.‬‬ ‫‪ -6‬سعد حقي توفيق ‪ :‬مرجع سابق ص ‪118‬‬ ‫‪ -‬سعد حقي توفيق ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪1177‬‬

‫‪7‬‬


‫‪ -1‬نموذج الفاعل العاقل‬ ‫طبقا لهذا النموذج يتم افتراض أن الدول مثل الرجل العاقل الرشيد الذي يسعى إلى تعظيم المكاسب‬ ‫بإتباع تحليل عاقل للمكاسب و الخسارة المتوقعة لتحقيق األهداف ‪ .‬و يتم صنع القرار أوال بتحديد و وصف‬ ‫المشكلة أو القضية بشكل واضح و دقيق‪ ،‬ثم يتم تحديد األهداف و المصالح القومية و خاصة التي لها عالقة‬ ‫بهذه المشكلة أو القضايا ‪ .‬و يتم تحديد األولويات لكل من المشاكل و األهداف و المصالح ‪ .‬ثم يتم تحدي‬ ‫البدائل من االستراتيجيات ‪ .‬يتم تحديد النتائج المتوقعة من كل بديل ‪ .‬ثم يتم اختيار أفضل بديل استراتيجي‬ ‫من حيث مخرجاته ‪ .‬مشكلة النموذج انه يفترض أن الحكومات بالدول جيدة التنظيم‪ ،‬إال انه و بافتراض ذلك‬ ‫نجد أن القرار ال يصنع من قبل جهة واحدة بواسطة أفراد و جماعات لها الشكل المؤسسي و غير المؤسسي‬ ‫و المصالح و المستوى المتساوي من العقالنية‪ .8‬كما انه يفترض أن القرار يعمل على توازنات المدى‬ ‫الطويل ألنه يستهدف المصالح و األهداف القومية إال انه في أحيان أخرى يتطلب أن يعمل القرار على‬ ‫توازنات المدى القصير ‪ .‬كما يفترض أيضا سهولة و دقة حسابات العائد و الخسارة و هذا يعني توفر‬ ‫المعلومات ذات الجودة العالية و تضائل نسبة األخطاء أو التغيب و الحصر الكامل لألخطار المتوقعة و‬ ‫صدقها ‪ .‬غير أن المعلومات الخاصة بالدول األخرى طبيعتها أنها متغيرة و غامضة و خاصة في حالة‬ ‫المعلومات األمنية و اإلستراتيجية التي تبنى عليها‪ .‬المواقف الهجومية أو الدفاعية للدولة‪ .‬كما أن الوقت‬ ‫عامل حاسم في صنع القرار و بالتالي تكون متطلبات سرعة اتخاذ القرار المناسب في بعض المواقف‬ ‫تتعارض و دقة حجم البيان ات المتاحة ‪ ،‬و بالتالي عدم معقولية العالم المتصور و عدم مطابقته للواقع ‪ ،‬و هذا‬ ‫ينفي المثالية المطلقة في عقالنية صنع القرار السياسي في الدولة ‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ -2‬نموذج العمليات التنظيمية‬ ‫إن نظام صناعة القرار حسب هذا النموذج ليس موحدا بل يتكون من عدة وحدات أو أدوات مرتبطة‬ ‫بعضها ببعض ولكل منها حد معين من االستقاللية والمصلح الخاصة به‪ .10‬فمن سمات صناعة القرار في‬ ‫الدول المتقدمة مؤسسيا التنافس بين مختلف اإلدارات والدوائر في عملية صناعة القرار‪ .‬و من التقنيات‬ ‫المستعملة في التنافس تسريب أخبار أو المعلومات بهدف إحراج إدارة أو دائرة أخرى أو التطرف في‬ ‫موقف معين يترك مردودا سلبيا على إدارات أخرى وبالتالي يفشل سياساتها‪.‬‬

‫‪ -8‬عبد المنعم محمد عدلي ‪ :‬مرجع سابق ص ‪92‬‬ ‫سعد حقي توفيق ‪ :‬مبادئ العالقات الدولية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫‪ -10‬احمد نوري النعيمي ‪ :‬عملية صنع القرار في السياسة الخارجية – الواليات المتحدة األمريكية نموذجا – دار زهران‪ -‬عمان ‪ 2011‬ص ‪294‬‬ ‫‪1189‬‬

‫‪8‬‬


‫هناك مجال واسع للمناورات والتسابق في الحصول على المعلومات أو حجبها عن األطراف‬ ‫األخرى إذ أن المعلومات التي تصل إلى أعلى مستوى في نظام صناعة القرار لالختيار على أساسها لوضع‬ ‫سياسة معينة تمر عبر عملية التأطير التي تقوم بها كل من هذه الوحدات فسلوك الدولة حسب هدا النموذج ال‬ ‫يقوم على االخ تيار الحر و الموحد بل هو نتاج ما تقوم به وحدات عديدة بوظائفها و أدوارها حسب قواعد‬ ‫معينة و منظمة و لكل من هذه الوحدات إجراءات موحدة‪.‬‬ ‫يستتبع ذلك أن سلوك الدولة هو محصلة اإلجراءات المحددة مسبقا والتي تقوم بها هذه الوحدات إذا‬ ‫يعتبر سلوك الدولة كنتاج ل لعبة في إطار بنيتها التنظيمية و هي الوحدة األساسية في التحليل في هذا النموذج‬ ‫و ذلك لألسباب التالية‪:‬‬ ‫• كون األحداث الجارية هي نتاج البيئة التنظيمية‬ ‫• كون مجال الخيارات الحقيقية تحدده الخيارات والقدرات التي تملكها البنية التنظيمية‬ ‫• كون البنية التنظيمية تحدد األوضاع التي بدورها تؤثر في القرارات ضمن الضوابط التي تفرضها‬ ‫إمكاناتها وقدراتها‬ ‫وعليه فان الفاعل في هذا النموذج ليس الدولة كوحدة كما في النموذج األول وإنما شبكة الدوائر‬ ‫واإلدارات المترابطة والتي على رأسها القيادة‪.‬‬

‫‪-3‬نموذج السياسة الحكومية‬ ‫يتناول هذا النموذج التحليل على مستوى القيادة أو الفئة األعلى في نظام صناعة القرار ففي حين‬ ‫أن النموذج الثاني يتعامل مع القيادة كصانع قرار موحد تصله الخيارات والمعلومات من شبكة اإلدارات‬ ‫والدوائر المختلفة بشكل هرمي فان هذا النموذج يحاول تفسير وشرح العالقات القائمة في إطار هذه القيادة‬ ‫حيث أن لكل فرد سلوك ومصالح ودور خاص به‪ .‬و وزن سياسي في لعبة مميزة تتسم بالتنافس و التعاون‬ ‫بينهم و يتم التوصل إلى القرار باعتماد مختلف أشكال التفاوض و تقديم التنازالت المتبادلة و يستتبع ذلك انه‬ ‫يمكن تفسير سلوك الدولة الخارجي كنتاج للعبة التفاوض التي تجري في إطار القيادة إذا ال يوجد فاعل واحد‬ ‫هو الدولة كما هو الحال في النموذج األول بل فاعلون عدة في إطار القيادة و لكل منهم أهداف وطنية و‬ ‫شخصية و إدراك لمختلف القضايا و بالتالي لهم أولويات و تصورات قد تكون متمايزة حينا و متناقضة‬ ‫أحيانا و بالتالي القرار ليس خيارا عقالنيا بل محصلة سياسية للعبة التنافس و التعاون المستمرة بينهم‪.‬‬ ‫الفاعلون أيضا ليسوا واحدا و ال شبكة من الوحدات ولكن عددا من المسئولين الذين يقومون بادوار مختلفة‬ ‫في شبكة القرار فالدور يحدد على الفاعل ما يجب عمله و يضع ضوابط عليه و الخروج عن هذه الضوابط‬

‫‪9‬‬


‫يبقى مرتبطا بقدرة كل فاعل و إمكاناته‪ .‬و بالتالي فان سيطرة كل فاعل على موارد القرار تحدد تأثيره على‬ ‫النتيجة‪ .‬إذن فأصول و قواعد اللعبة تحددها األنظمة و األعراف القائمة‪.11‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الفاعلون في صناعة القرار االستراتيجي‬ ‫تن بع صناعة القرار االستراتيجي في الدولة من مصادر مختلفة‪ ،‬تتداخل فيها األجهزة التنفيذية و‬ ‫األمنية و العسكرية و الرأي العام الذي تعبر عنه جميع التنظيمات المدنية ووسائل اإلعالم الذي أصبح‬ ‫عامال ذا شان في السياسة الخارجية للبالد‪ .‬و لقد عملت بعض األنظمة السياسية على بقاء صياغة السياسة‬ ‫الخارجية في يد األجهزة التنفيذية بدال من الجهاز التشريعي‪ .‬و من هم المتدخلين في صناعة القرار‬ ‫االستراتيجي ‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬األجهزة الحكومية‬ ‫يدخل ضمن األجهزة الحكومية المساهمة في صناعة القرار االستراتيجي للدولة في ما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬رئيس الدولة‬ ‫يعد أعلى سلطة في البالد يمثل الدولة ووحدة الشعب و يصادق على االتفاقيات الدولية و نشرها‬ ‫و إيفاد الممثلين الدبلوماسيين لدولته‪ ،‬و قبول نظرائهم األجانب‪ .‬و يترأس أيضا مجلس األمن القومي كما‬ ‫يتخذ قرار تعبئة القوات المسلحة و يتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة للدولة نيابة عن المجلس‬ ‫الوطني و اتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام هذه القوات و تعيين رئيس األركان العامة هذا من جهة ‪ ،‬أما‬ ‫من جهة أخرى يقوم رئيس الدولة على إدارة و إشراف و تنفيذ القرار و خطة إعداد الدولة للدفاع ‪ ،‬لذا فهو‬ ‫المسئول عن تحديد األسس و القيود التي تعمل كل األجهزة و المؤسسات و التنظيمات الرسمية و الشعبة في‬ ‫إطارها المخصص‬ ‫إ‬

‫‪13‬‬

‫ذن فرئيس الدولة هو المسؤول األول عن صناعة القرار االستراتيجي و مواجهة كافة الظروف‬

‫المتعلقة بالسياسة الخارجية و الداخلية و العسكرية للدولة ‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫ عبد المنعم محمد عدلي ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪2311‬‬‫‪ - 12‬مالك مفتي ‪ :‬الجرأة والحذر في سياسة تركيا الخ ارجية‪،‬دراسات عالمية‪،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية‪،‬العدد‪ 27‬ص ‪23‬‬ ‫‪ - 13‬جالل عبد هللا معوض صناعة القرار في تركيا والعالقات العربية التركية‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬غشت‬ ‫‪،1998‬ص‪.18‬‬ ‫‪ - 14‬خليل حسين‪ .‬االستراتيجيا ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪40‬‬

‫‪10‬‬


‫ثانيا ‪ :‬رئيس الوزراء‬ ‫تمنح لرئيس الوزراء سلطة صياغة السياسة األمنية بالتعاون و التنسيق مع األجهزة البيروقراطية‬ ‫و العسكرية و المدنية ذات العالقة باإلضافة إلى كونه عضو في مجلس األمن القومي‪.‬‬ ‫كان لرئيس الوزراء دور في صياغة السياسة الخارجية للدولة دون أخذه بعين االعتبار النخب‬ ‫السياسية و العسكرية و هذا عرفته بعض األنظمة السياسة ‪ ،‬بحيث فرضت الظروف السياسة و الدولية‬ ‫المحيطة بالدولة على رئيس الوزراء التخلي عن صياغة السياسة الخارجية للدبلوماسيين و العسكريين‬ ‫المحترفين‪.‬‬ ‫و يختص رئيس الوزراء ـ رئيس المجلس الوزاري ـ بصياغة اإلستراتيجية العامة لحماية األمن‬ ‫القومي ‪ ،‬و إعداد القوات المسلحة للدفاع و الحرب‪ .‬و يمكنه أيضا ترؤس اجتماعات مجلس األمن القومي‬ ‫في حالة عدم اشتراك رئيس الدولة فيها‪ ،‬كما يقترح على الرئيس تعيين رئيس األركان العامة‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫ثالثا‪ :‬وزارة الخارجية‬ ‫أصبحت وزارة الخارجية المسئولة عن المعالجة اليومية للعالقات الخارجية للدولة‪ ،‬و هذا يتم عن‬ ‫طريق موظفي وزارة الخارجية باعتبارهم خرجي األكاديميات النخبة للدولة‪ ،‬و يملكون حسا متطورا من‬ ‫الهوية و الرؤيا المستقبلية تتماشى مع البيئة الخارجية للدولة ‪.‬‬ ‫فرغم إن وزارة ال خارجية تتوفر على مركز للدراسات اإلستراتيجية إال أن المركز محدود اإلمكانات‬ ‫و التجهيزات على مستوى البنيات التحتية و المؤسسية لتقديم دراسات و أبحاث إستراتيجية لمساعدة صناع‬ ‫القرار و لفهم التحديات المتسارعة اإلقليمية و التي تواجه الدولة‪.‬‬ ‫و لتجاوز هذا ال خصاص لبد من تكوين متخصصين و اطر في مجال التحليل االستراتيجي و االنفتاح‬ ‫على مؤسسات أخرى متخصصة في الشؤون اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫رابعا ‪ :‬مجلس األمن القومي‬

‫‪ - 15‬جالل عبد هللا معوض‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪21‬‬ ‫‪ - 16‬احمد داود اوغلو‪،‬العمق االستراتيجي‪،‬الطبعة األولى‪، 2010،‬مركز الجزيرة للدراسات‪،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪11‬‬


‫يترأسه رئيس الدولة و يضم رئيس الوزراء و رئيس األركان العامة و وزير الدفاع و وزير‬ ‫الخارجية و وزير الداخلية ‪ ،‬و قادة القوات البرية و البحرية و الجوية و قائد قوات الدرك ‪ .‬و يرسم‬ ‫السياسات العامة للدولة داخليا و خارجيا بحيث يبدأ بالقضايا األمنية و العسكرية و حماية الدولة من‬ ‫االعتداءات الخارجية ‪ ،‬و تهيئة القوة العسكرية اإلستراتيجية لمواجهة التحديات‪.‬‬ ‫لقد أصبح مجلس األمن القومي المؤسسة األكثر تحكما في توجهات الدولة على الصعيد الداخلي و‬ ‫الخارجي ‪ ،‬و كان محصورا في تشكيلته على النخبة العسكرية العليا برئاسة هيئة األركان العامة ‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة غير الحكومية‬ ‫يساهم مجموعة من ـالفاعلين غ ير الحكوميين ـ في صناعة القرار االستراتيجي للدولة سنتطرق‬ ‫إليهم كالتالي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬المؤسسة العسكرية‬ ‫يلعب الجيش دورا في صناعة القرار في الدولة بحيث أصبح منفذا رسميا للقرار االستراتيجي‬ ‫بهدف حماية األمن القومي و الوطني من المخاطر الخارجية و الداخلية ‪ .‬الن المؤسسة العسكرية تستمد‬ ‫قوتها من دعم رجال األعمال الكبار ووسائل اإلعالم الكبيرة‪. 18‬‬ ‫حسب بعض القوانين في األنظمة السياسية أن تدخالت الجيش في السياسة يعد عال قانونيا شرعيا‬ ‫بحيث أن المؤسسة العسكرية لها حق التدخل في السلطة إذا كان هناك خطر على الدولة و على نظامها‬ ‫الديمقراطي‪ .‬هذا يعني أن المؤسسة العسكرية تؤدي مهامها الدستورية‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫و غالبا فالقوات المسلحة تتدخل في كل ما يهدد الدولة من المخاطر او التهديدات الخارجية فإنها‬ ‫تبقى األداة الضامنة للخيارات اإلستراتيجية للدولة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األحزاب السياسية‬ ‫تعمل هذه التنظيمات على طرح خيارات سياسية خارجية‪ ،‬تكون مصدرا إلثراء التوجهات‬ ‫اإلستراتيجية و إعداد أطرها من اجل التطورات المحتملة التي ستحصل للدولة‬

‫‪ - 17‬فالديمير ايفانوفيتش‪،‬الصراع السياسي في تركيا‪،‬ترجمة إبراهيم الجهماني‪،‬الطبعة األولى‪1999،‬دار حوران للطباعة والنشر‪،‬دمشق‪،‬ص‬ ‫‪.381‬‬ ‫‪ - 18‬تركيا والقضية الفلسطينية‪،‬تقرير معلومات رقم ‪ 17‬لعام ‪، 2010‬مركز الزيتونة للدراسات واالستشارات‪،‬بيروت‪،‬ص ‪.10‬‬ ‫‪ - 19‬ياسر احمد حسن‪،‬تركيا البحث عن المستقبل‪،‬الطبعة األولى‪،2006،‬القاهرة‪،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬ص ‪50‬‬

‫‪12‬‬


‫و تظهر رؤية األحزاب اإلستراتيجية من خالل امتالكها لخطابات ومفاهيم سياسية خارجية تسعى‬ ‫إلى تنفيذها بمجرد الوصول إلى السلطة‪.‬‬ ‫كما تلعب قوى المعارضة دورا في عملية صنع السياسة الخارجية و التأثير في صنع القرار من‬ ‫خالل خطابات حساسة و قدرتها على المناورة و مناقشة رؤيتها اإلستراتيجية تحت سقف البرلمان لتوجيه‬ ‫سياسة الدولة الخارجية‪-‬اإلستراتيجية بمستوى أكثر عقالنية‪.20‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬صنع القرار اإلستراتيجي المراحل العوامل و اإلشكاالت‬

‫المطلب األول ‪ :‬مراحل صناعة القرار االستراتيجي‬ ‫المرحلة األولى ‪ :‬تحديد الموقف االستراتيجي‬ ‫يعد من األهمية تحديد الموقف الذي على أساسه يتخذ القرار االستراتيجي‪ ،‬وكما يعتقد صانع القرار‬ ‫فقط‪ ،‬وهذا ما يراه "سنا يدر" في حين يهتم "فرا نكل" بضرورة أخذ البيئة الموضوعية في االعتبار من‬ ‫وجهة نظره''‬

‫‪21‬‬

‫يجب الحصول على كل المعلومات والمعطيات والحقائق الوثيقة الصلة بالمشكلة وتحليلها‪ .‬مع‬ ‫ضرورة دراسة العوامل التوصل إلى االستنتاجات المؤثرة على المشكلة واألهداف والواجبات المنبثقة منها‪.‬‬ ‫يرى أبو دية في تحديد الموقف ضرورة دراسة العوامل الخارجية والداخلية والمتمثلة‪" :‬العامل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬والعسكري‪ ،‬واإلعالمي‪ ،‬والسياسي"‪ .‬وتحليلها وبيان تأثيرها على المشكلة‪ ،‬وبين‬ ‫أبو دية تأثير عوامل البيئة العلمية والنفسية كضوابط أو مقومات على عملية تحليل وصنع واتخاذ القرار''‪.‬‬ ‫تتعرض عملية تحليل صنع واتخاذ القرار االستراتيجي إلى ضغوط خارجية كبيرة‪ ,‬نتيجة لتأثير‬ ‫النظام الدولي ووحداته‪ ،‬وتُعد ُّ الم وضوعات التي ال ترد في ذهن صانع القرار غير مؤثرة في طبيعة القرار‪،‬‬ ‫لكنها تؤثر في نتيجة القرار بعد صدوره وانفصاله عن صانعه‪ ،‬ويصبح محكوما بالبيئة الموضوعية‪ .‬يجب‬ ‫على صانع القرار أن يجعل من قراره متناسبا ومتوافقا مع الموقف‪.‬‬ ‫أوضح العالمان فكثور فروم وزمي له فيليب يوتون في نموذجهما‪ ،‬الذي "يوضح األسلوب الموقفي‬ ‫والقدرة التي تمكن صانع القرار االستراتيجي ومتخذه على تفهم الظروف أو الموقف المحيط به‪ ،‬ممـــــا‬ ‫يدفعه نحو تحديد نوعية القرار الذي سيقوم بصناعته واتخاذه‪ ،‬وهذا يعتمد على دقة المعلومات وجدوى‬ ‫الهدف‪ ،‬والتجاوز على الغموض وخلق االستجابة التنفيذية‪''.‬‬

‫‪ - 20‬احمد داود اوغلو‪،‬العمق االستراتيجي‪،‬مرجع مشار إليه‪ ،‬ص ‪72‬‬ ‫‪ - 21‬الخزرجي تامر كامل‪ :‬العالقات السياسية الدولية واستراتيجية إدارة األزمات‪368‬‬

‫‪13‬‬


‫برزت خالل خمسينيات القرن الماضي الحاجة إلى دراسة القرارات‪ ،‬وخاصة في الجانــــــــب‬ ‫السياسي‪ ،‬والتي تتضمن قيما وأساليب محددة إزاء التعامل مع المواقف‪ ،‬مثل التدخل البريطاني في قناة‬ ‫السويس عام ‪ ،1956‬وغير ذلك مما سيتم دراسته مستقبال‪ ،‬وقد استنتج الباحثون أن للقيم الموقفية مجموعة‬ ‫فرضيات‪ ،‬يمكن أن تكون بمثابة ترجمة سلوكية مؤثرة على متخذي وصانعي القرارات اإلستراتيجية‪ ،‬والتي‬ ‫تشمل‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬أن القرارات المتعلقة بالموقف توجه وتتخذ في إطار هذا الموقف تحديدا‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬كلما كان الموقف يجسد أزمة كبيرة‪ ،‬كلما سعى متخذو القرار نحو التقارب فيما بينهم وتفعيل دور‬ ‫االستشارة الجماعية الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬كلما طال الموقف‪ ،‬كلما زادت كمية المعلومات المتوفرة عنه ‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬كلما ازدادت تكلفه التعامل مع الموقف‪ ،‬كلما زاد التراجع عن القيم التي ارتبطت به‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬كلما ازداد الموقف خطورة ازدادت جهود متخذ القرار نحو تطمين القلق العام والبحث عن‬ ‫معونات خارجية‪ ،‬والقيام باتصاالت دولية‪ ،‬ودراسات مقارنة لمواجهة الموقف‪.‬‬ ‫وتعليقا على ذلك‪ ،‬يرى الباحث وجود حالة من التطابق والموائمة ما بين موقف االحتالل‬ ‫األمريكي للعراق في عام ‪ 2003‬مع النقاط الواردة آنفا‪ .‬بعد إطالة أمد الحرب وكثرة الخسائر لدى القوات‬ ‫األمريكية‪ ،‬والتكاليف المادية الباهظة المصروفة على الحرب‪ ،‬والتي لم يعد يطيقها معظم الشعب األمريكي‪،‬‬ ‫دفع القيادة األمريكية برئاسة جورج بوش االبن في عام ‪ ،2007‬تشكيل لجنة يرأسها عضو مجلس النواب‬ ‫األمريكي لي هاملتون وجيمس بيكر وزير الخارجية األسبق ومجموعة من الشخصيات األخرى بإعداد‬ ‫دراسة بخصوص الموقف في العراق ودور الدول المحيطة به‪ ،‬وتأثيرها على الوجود األمريكي‪ ،‬وقد قامت‬ ‫اللجنة بزيارة العراق والدول المحيطة به وتقديم توصيات ألجل تفعيلها من قبل القيادة األمريكية‪.‬‬ ‫تتميز بعض المنظمات "كالمنظمات العسكرية بإدراج فقرة الموقف في مقدمة قراراتها اإلستراتيجية أو‬ ‫العملياتية أو التكتيكية منها‪".‬‬ ‫تعد عملية استعراض عوامل الموقف من األمور األساسية لفهم جوهر القرار والتي من خاللها يتم‬ ‫الحصول على كل المعطيات والحقائق الوثيقة الصلة بالمشكلة التي يجب تحليلها‪.‬‬ ‫تستهدف دراسة كل العوامل التوصل إلى االستنتاجات المؤثرة على المشكلة واألهداف والواجبات المنبثقة‬ ‫منها والتي من خاللها يمكن رسم الصورة الخاصة بالقرار‪.‬‬ ‫تعد عملية استكمال دراسة عوامل الموقف وتحديد مسالك العمل وإظهار البدائل من خالل التمعن في‬ ‫البيئة الموضوعية التي تأخذ من وجهة نظر متخذ القرار من العوامل الرئيسية لكون القرار بعد صدوره‬ ‫ينفصل عن صانعه ويصبح محكوما ً بتلك البيئة ولذلك تظهر كثير من التحديدات والمعا ضل التي تواجه‬ ‫القرار في عملية التنفيذ‪.‬‬ ‫‪14‬‬


‫يعتمد تعريف موقف معين أو تحديد مشكلة في كثير من األحيان على حجم المعرفة‪ ،‬لذلك تعدا‬ ‫لمعلومات ومخرجاتها ذات أثر كبير على ترشيد القرار‪ ،‬كما إن إدراك صانع القرار للموقف يتأثر بقيم‬ ‫ومعتقدات والتكوين الشخصي لمتخذ القرار والتي تعد جزءا ً من قيم الدولة ومعتقداتها وشخصيتها‪ ،‬والتي‬ ‫يعبر عنها من خالل موقعه الرسمي في رده على الموقف الناشئ‪ ،‬ويستند فهم صانع القرار للموقف إلى‬ ‫إدراكه له‪ ،‬وإلى المعلومات المتوفرة عنه لكي تمنح الفرصة بتحديد المشكلة والهدف الالحق‪.‬‬ ‫ينبغي ا ن يتعامل صانع القرار مع أفضل مايمكن الحصول عليه في ضوء المتغيرات الدولية‬ ‫المختلفة‪ ،‬وليس على أفضل مايتمناه‪ ،‬أي أن تكون نظرته واقعية للموقف واألهداف التي يسعى إليها ولقدرته‬ ‫على المواجه‪ ،‬وقد تتطلب في بعض األحيان ضرورة التضحية ببعض األهداف ليس لعدم أهميتها بل الن‬ ‫تحقيقها قد يرتب أضرارا كبيرة على الموقف مما يحرم من الحصول على المكاسب المتوقعة‪ ،‬وان‬ ‫التضحية في بعض األهداف مرحليا ً قد يؤدي إلى خلق موقف مالئم أفضل النجاز أهداف أخرى أكثر أهمية‪.‬‬ ‫لذلك يعد تحديد الموقف أولى مراحل عملية صنع القرار ويجب التأني في دراسته واستخالص مافيه‬ ‫وتحديد صورته لالستمرار والتقدم إلى المرحلة الثانية‪" ،‬وعليه فإن التعريف الموضوعي الدقيق للموقف‬ ‫واستيضاح معالمه يؤثر في النتيجة النهائية للقرار االستراتيجي‪".‬‬ ‫المرحلة الثانية ‪:‬تحديد المشكلة‬ ‫يعد تحديد المشكلة الحالة المستقبلية التي يرمي صانع القرار االستراتيجي عبر نشاطه إلى ترتيبها‬ ‫وتصنيفها لتشكل اإلطار العام للقرار‪ .‬فهي تحدد البدائل التي يبحثها‪ ،‬وطريقه التقييم لها‪.‬‬ ‫تؤثر الطريقة التي تعرض بها المشكلة تأثيرا عميقا على المسار الذي تم اختياره‪ ،‬وسيؤدي التحديد‬ ‫السليم لها من خالل بحثها وجمع البيانات واإلحصائيات المتعلق بها‪" ،‬وكلما كانت البيانات والمعلومات‬ ‫المتعلقة بالمشكلة صحيحة ودقيقة ومتكاملة‪ ،‬كان تعريف المشكلة وبيان حدودها وإيضاح أبعادها أكثر يسرا‬ ‫وسهولة‪ ،‬ويمكن الوصول إلى القرار االستراتيجي ‪22‬السليم في النهاية‪.‬‬ ‫يجب أن يكون التحرك األول لصانع القرار منصبا على خلق صورة أولية للمشكلة في أذهان‬ ‫منظومة هيكلية صناعة القرار‪ ،‬من خالل وضع قائمة تفقد أولية تشمل‪( :‬ماذا‪ ،‬لماذا‪ ،‬متى‪ ،‬كيف‪ ،‬أين‪ ،‬من)‬ ‫حاول أن تصوغ جملة مشكلة‪.‬‬ ‫تعرف المشكلة "بأكبر قدر ممكن من الدقة‪ ،‬وهل المشكلة مثيرة لالهتمام العام للقرار االستراتيجي‬ ‫أم فيها بعد خاص؟ وهل لها بعد يتعدى من حيث التأثير والنتائج حدود األشخاص المباشرين المعنيين بها‬ ‫كمشكلة‪".‬‬

‫‪ - 22‬الحسن أحمد مصطفي‪ :‬تحليل السياسات‪ ،‬مدخل جديد للتخطيط في األنظمة الحكومية‪-‬دبي ‪،‬طبعة البيان التجارية‪،1994،‬ص‪34‬‬

‫‪15‬‬


‫يحدد لنا بيتر دركر ثالثة أجزاء أساسية لكيفية التعامل مع المشكلة‪ ،‬في سبيل التعرف عليها‬ ‫ودراسة أبعادها من خالل ما يأتي‬

‫‪23:‬‬

‫أوالً‪ :‬تصنيف المشكلة‪ :‬هل هي مشكلة عامة متكررة يمكن مواجهتها‪ ،‬أم نوع جديد من المشاكل ال يمكن‬ ‫معالجتها‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬التعرف على المشكلة‪ :‬وهذا يعني تحديد المشكلة ومنحها التفسيرات المناسبة‪ ،‬وما هو جوهر‬ ‫مفتاحها‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تحديد الجواب للمشكلة‪ :‬ينبغي تعريض المشكلة إلى مجموعة من المعايير الواضحة‪ ،‬وكيفية جمع‬ ‫المعلومات عنها‪ ،‬وما هو الهدف الذي يجب أن يصل القرار إليه و تحديداته الشكل يوضح كيفية جمع‬ ‫المعلومات‪.‬‬ ‫وتحديد العناصر الجوهرية والنطاق الكافي لمعالجتها‪ ،‬باالستفادة من مشورة اآلخرين‪ .‬تجري‬ ‫إعادة النظر في تحديد المشكلة بمرور الوقت والتمسك بالرأي الذي يعتقد أنه صالح لحل هذه المشكلة‪،‬‬ ‫وتحدد األولويات بموجب مجموعة من الجمل مع بيان الهدف‪ ،‬وكيفية ربط األهداف الفرعية المباشرة‬ ‫باألهداف العامة‪ ،‬ولمن تعطى األولوية لهذين النوعين من األهداف‪ ،‬وكيف سيعمل حل هذه المشكلة على‬ ‫تحقيقهما؟ وما هي القدرات والموارد‪ ،‬لمواجهة هذه المشكلة؟ ينبغي على صانع القرار أن يتذكر في نهاية‬ ‫الخطوة األولى من تحديد المشكلة أن الهدف هو "جملة كيف" التي سوف تثير أفكارا جديدة للعمل عليها‪.‬‬ ‫المرحلة الثالثة ‪:‬تحديد األهداف اإلستراتيجية‬ ‫تعد عملية تحديد األهداف اإلستراتيجية من األمور األساسية في فن وتحليل وصناعة واتخاذ‬ ‫القرارات السليمة‪ .‬تكون عملية التفكير في األهداف وكتابتها على الورق في بعض األحيان كافية لتقود إلى‬ ‫الخيار االستراتيجي‪ ،‬دون القيام بمزيد من البحث‪.‬‬ ‫تساعد عملية تحديد األهداف في توجيه عملية صنع واتخاذ القرار بكاملها‪ ،‬بدءا من تحديد البدائل‬ ‫وتحليلها‪ ،‬والتي ستقود إلى تبرير الخيار النهائي‪.‬‬ ‫حدد جون هاموند ثالثة نقاط رئيسية للتركيز على األهداف للوصول إلى المسار الصحيح في‬ ‫صنع واتخاذ القرار‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬تساعد األهداف في تحديد المعلومات التي تسعى للحصول عليها‪ .‬فعند تحديد الهدف يجري جمع‬ ‫المعلومات وتفسيرها وصوال الستنتاجات منطقية تساعد في تحقيق القرار السليم‪ .‬والشكل آنفا يوضح‬ ‫كيفية الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫‪ - 23‬كامل تامر‪ :‬العالقات السياسية الدولية وأسلوب إدارة األزمات ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪369‬‬

‫‪16‬‬


‫ثانياً‪ :‬إن أهدافك تساعدك في تفسير اختيارك لآلخرين‪ .‬يطلب منك حينما تشرع التخاذ القرار بيان أسباب‬ ‫القرار الذي اتخذته‪ ،‬فعندما تكون مسلحا بقائمة من األهداف‪ ،‬فإنك تعرض مسار تفكيرك‪ ،‬وتبين كيف أن‬ ‫قرارك يحقق األهداف األساسية أكثر مما تحققها البدائل األخرى‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تحدد األهداف أهمية القرار وما يحتاج إليه من وقت وجهد واألمور غير المتوقعة‪ .‬قد ينصب اهتمام‬ ‫متخذ القرار على مجال أضيق مما يجب‪ ،‬وتستبعد اعتبارات مهمة ال تظهر إال بعد أن يكون القرار قد أخذ‪.‬‬ ‫ي جري التركيز على األمور الملموسة والقابلة للتقدير الكمي " كالتكاليف‪ ،‬مدى التوافر" وينســــــى‬ ‫العوامل غير الملموسة كالجوانب الذاتية "السمات‪ ،‬سهولة االستعمال"‪ ،‬واالهتمامات األساسية‪.‬‬ ‫يفكر صانع القرار االستراتيجي عند تحديد األهداف لمجموعة من التساؤالت التي تساعده في‬ ‫الوصول إلى تحقيق الهدف‪ ،‬وتشمل‪" :‬الغاية والرغبة من القرار والتفكير بأسوأ االحتماالت‪ ،‬و األثر‬ ‫المحتمل للقرار على اآلخرين‪ ،‬واالستئناس باآلخرين لالستفادة من تجاربهم‪ ،‬والتفكير بنوع العمل‪ ،‬والبحث‬ ‫في عملية تفسير القرارات لآلخرين‪".‬‬ ‫وباستخدام هذه األساليب وغيرها سيتم الحصول على الكثير من المالحظات التي تصنف األشياء‬ ‫المهمة والمتعلقة بالقرار الذي يراد اتخاذه‪.‬‬ ‫المرحلة الرابعة ‪:‬جمع المعلومات‬ ‫تعد عملية جمع المعلومات من األمور األساسية التي يستند عليها في عملية تحليل وصنع القرار‬ ‫االستراتيجي واتخاذه‪ ،‬وعند تحديد المشكلة وتفرعاتها تهيأ الوسائل لتقليل العناصر األساسية المجهولة من‬ ‫خالل الحصول على المعلومات‪ ،‬وهنالك ثالثة أمور أساسية يسترشد بها صانع القرار ليجمع المعلومات عن‬ ‫المشكلة وهي‪:‬‬

‫‪24‬‬

‫أوالً‪ :‬التفكير الدقيق بالمشكلة لضمان دقة تحديد مصادر المعلومات المرتبطة بتلك المشكلة وبأبعادها‬ ‫المؤثرة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬تفعيل دور االستشارة مع االختصاص وذوي الخبرات‪ ،‬من أجل الحصول على معلومات إضافية‪،‬‬ ‫تعزز فهم حدود المشكلة وظاهرتها مع الظرف الطبيعي واالعتيادي‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬حسن استخدام المعالجات اإلحصائية‪ ،‬وتوظيف المعلومات ذات الدالالت الواضحة باالستناد إلى‬ ‫مقاييس الموضوعية والصدق والثبات‪ ،‬بما يضمن فعاليتها في إعطاء القرارات والتقييمات الجيدة‬ ‫للخيارات والتفصيالت‪.‬‬ ‫تعد المعلومات من المقومات األساسية لترشيد القرار االستراتيجي‪ ،‬وألهميتها البد من إعطاء‬ ‫تعريف محدد لها‪ ،‬فالمعلومات بالمعنى العام‪ ،‬وكما عرفها (د‪.‬مازن الرمضاني) هي‪" :‬األداة التي من خاللها‬

‫‪ - 24‬الطيب حسن أبشر‪ :‬المحاور النظرية والتجريبية لعلم السياسة العامة‪ ،‬مسقط‪ ،‬مجلة اإلداري‪ ،‬عدد‪ ،1993 ،52‬ص‪26 -25‬‬

‫‪17‬‬


‫يتم تحويل البيئة الحركية إلى بيئة نفسية‪ ،‬والتي تتم في ضوء إدراك الموقف‪ ،‬وبالتالي صنع واتخاذ‬ ‫القرار"‪ ،....‬وهناك من يروي أنها‪" :‬عبارة عني سيل من اإلشارات ورسائل التي تحفز صانع القرار‬ ‫للتعامل مع الموقف''‬

‫‪25‬‬

‫تصبح القرارات اإلستراتيجية وغيرها من القرارات بال أساس عندما ال توجد معلومات إلدامتها‪.‬‬ ‫إن توافر المعلومات المتكاملة يعتبر الركيزة األساسية الهامة في استمرارية المنهجية التحليلية للقرار‬ ‫االستراتيجي ولمشكالته‪ ،‬ضمن مراحل االستدالل‪ ،‬واالستنتاج‪ ،‬والتقويم‪ ،‬واالختيار للبديل األحسن‪ ،‬ومن‬ ‫أجل تحقيق الفائدة في المعلومات يجب أن تتوافر فيها الخصائص التالية‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫أوالً‪ :‬الموضوعية والدقة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الشمولية‪ :‬وتعني القدرة للمعلوماتية على االتصال بطبيعة المشكلة والعناصر المؤثرة فيها والمتأثرة‬ ‫بها‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬المالئمة‪ :‬وتعني قدرة المعلومات على إعطاء الدالالت واآلثار التي تسهم في اإلحاطة بأبعاد‬ ‫المشكلة‪ ،‬وتحديد أفضلية البدائل الممكنة على الحلول‪.‬‬ ‫يتطلب البحث ضمن نطاق مشاريع القرارات البديلة الحصول على أكبر قدر من المعلومات في‬ ‫أقصر و قت ممكن ضمن وحدة صنع واتخاذ القرار نظرا لوجود العقبات الكثيرة‪ .‬تمر عملية تحليل‬ ‫المعلومات وتقيمها بثالثة مراحل أساسية لينتج عنها مايسمى (المعلومات الدقيقة أو االستخبارات)‪ .‬وتشمل‬ ‫المراحل ما يأتي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬اإلدراك‪ :‬ويعني فيه الصورة التي تتكون في ذهن صانع القرار بسبب الظروف غير الطبيعية المسببة‬ ‫لإلرباك في وظيفة اإلدراك لدى وحدة صنع واتخاذ القرار‪ ،‬باإلضافة إلى ضيق الوقت وقصر المدة الكافية‬ ‫للحصول على المعلومات الصحيحة والمصنفة في الحاالت الطارئة‪ ،‬والتغير السريع في الموقف مما يسبب‬ ‫في محصلته النهائية اإلجهاد والتعب والقلق‪ ،‬ويدفع إلى القصور في اإلدراك وسوء التقدير‪ ،‬مما يؤثر‬ ‫على موقف المنظمة‪ .‬واإلدراك عملية متشعبة ومعقدة‪.‬‬ ‫يرى روبرت جيرفيس "أن المنظومة العقائدية لصانع القرار والتجارب السابقة هي من أهم العوامل‬ ‫المؤثرة فيه‪ ،‬ويضاف إليها تكرار األفعال المباشرة والوثيقة الصلة بالقرار في عالقة المنظمة‪ ،‬كالتاريخ الذي‬ ‫يصبح اعتباره مقياس لدراسة الموقف‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬التصور‪ :‬يمثل مجموعة األفكار والمعلومات التي تحكم تصرف اإلنسان‪ ،‬وهي االنطباع األول الذي‬ ‫يتولد لدى الفرد نتيجة حافز معين‪ .‬وفي سياسة المنظمة الخارجية يستجيب صنع القرار ألفكار عن البيئة‬

‫‪ - 25‬المرجع نفسه‬ ‫‪ - 26‬طارق محمد سويدان ‪:‬مجلة اإلبداع‪،‬العدد ‪ 55‬تاريخ االصدار ‪ 2013‬يوليو ‪www.elbdaae.es‬‬

‫‪18‬‬


‫الخارجية ومؤثراتها على التصور‪ ،‬والتي تشمل المعلومات بكافة أشكالها وتدفقها بما يشبه وسائل تصل‬ ‫اإلنسان عن طريق حواسه‪ ،‬فتؤثر في التصور‪ ،‬وقد تحدث تغيرات جذرية فيه‪.‬‬ ‫وقد وصف (فرانكل) صانع القرار على رأس قمة الهرم في المنظمة‪" ،‬بأنه بعيد عن المعلومات التفصيلية‬ ‫التي تصف البيئة الخارجية‪ ،‬وأنه أسير المستشارين واإلجراءات البيروقراطية''‬

‫‪27‬‬

‫يكون لديه فكرة عن ذلك‬ ‫ثالثا‪ :‬التقويم‪ :‬إن تقويم صانع القرار للمعلومات من حيث جودتها‪ ،‬أو رداءتها‪ِّ ،‬‬ ‫التصور‪ ،‬وهذا يعرف بـ (تقويم التصور)‪ .‬تلعب القيم االجتماعية السائدة في المجتمع لصانع القرار دورا‬ ‫عاطفيا في التأثير بكيفية إدراكه على سلوك اآلخرين‪ ،‬وبالتالي يفسر المواقف التي تواجه بالشكل الذي ال‬ ‫يعارض ما تعلمه‪ ،‬وإن اختلفت البيئة الواقعية للموقف مع تلك القيم‪ .‬وكلما كان صانع القرار يمتلك‬ ‫معلومات دقيقة حول ما يواجهه كان أقرب إلى فهم الموقف‪.‬‬ ‫وخالصة األمر أن مسألة اإلحاطة بالموقف تتطلب ثالثة مراحل مترابطة هي‪( :‬اإلدراك‪ ،‬و‬ ‫التصور‪ ،‬والتقويم)‪ .‬فاإلدراك يؤدي إلى خلق صورة ذاتية عن طبيعة ومعنى المواقف‪ ،‬وهذه الصورة‬ ‫تستخدم كأساس لبناء التقييم ومدى القدرة الذاتية للمنظمة للرد على مطالب بيئتها الخارجية‪ ،‬أي إنها تستخدم‬ ‫لتقدي م المواقف واستقراء أمنيات الحقيقية‪ ،‬ومحصلة التقييم تؤثر أخيرا في نوعية التصرف الالحق لصنع‬ ‫القرار‪10.‬‬ ‫تنتج التطورات التي تحدث في موقف عن ديناميكية مستمرة يحصل منها شيء كبير من‬ ‫المعلومات‪ ،‬منها ماهو حقيقي‪ ،‬ومنها ماهو مخادع‪ ،‬ومنها ماهو متناقض‪ .‬فهذا يشكل عنصر ضغط على‬ ‫وحدة تحليل وصنع واتخاذ القرار االستراتيجي‪ ،‬وال يستطيع التعامل مع هذا الزخم الهائل من المعلومات‪،‬‬ ‫ويجب أن تعتمد الحكومات‪ ،‬أو المنظمات على أجهزتها االستخبارية‪" .‬ويجب أن تكون االستخبارات ضمن‬ ‫إطار الزمان والمكان لتوفير المعلومات القيمة والصحيحة لتقليل احتماالت الخطأ في القرار‬ ‫المرحلة الخامسة ‪ :‬توليد البديل االستراتيجي‬ ‫تمثل هذه المرحلة اتجاها فاعال لوضع المشكلة في طريق االختبار الموضوعي‪ ,‬من خالل معرفة‬ ‫طاقتها وقدرتها على االستجابة والتحول والتأثير لهذا البديل‪" ،‬وتكلف وحدة صنع واتخاذ القرار للبحث عن‬ ‫الحلول الممكنة وتقيم كل بديل منها‪ ،‬وتتضمن هذه المرحلة خطوتين أساسيتين‪ ,‬وهما‪:‬‬

‫‪28‬‬

‫أوالً‪ :‬الخطوة األولى‪ :‬تحتاج إلى بحث المختصين والخبراء لهذه المشكلة القائمة‪" ،‬وستبرز في هذه‬ ‫الحالة عدة بدائل يجري التحري عن اآلثار الجانبية لكل بديل‪ ،‬ومعرفة مصادره من خالل االستبصار‬

‫‪ - 27‬سانشيز‪ :‬مفهوم اإلدارة‪ ،‬ص‪ ، 153‬عن إبراهيم محمد حسن إعجام‪ ،‬تقانة المعلومات وإدارة المعرفة وأثرهما في الخيار االستراتيجي‪ ،‬رسالة‬ ‫دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية اإلدارة واالقتصاد في الجامعة المستنصرية‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬سنة ‪ .2007‬ص‪105‬‬ ‫‪D. Torrington and Jane weightman, " Effective Management: People and Organization" 2 nd ED, N. Y - 28‬‬ ‫‪prentice HallInternational(uk) Limited,1994, p.131‬‬

‫‪19‬‬


‫باألشياء‪ ،‬وطرق البحث العلمي وتوظيف النظريات العلمية‪ ،‬والدوافع الشخصية والقيم والحاالت الدراسية‬ ‫المماثلة‪ ،‬والمنظومة األخالقية القائمة في المجتمع محط الدراسة واالهتمام بالمشكلة القائمة‪".‬‬ ‫تحتاج هذه الخطوات األساسية إلى اختيار األساليب التي تؤمن لها المقدرة في تحليل البدائل وتقصي‬ ‫نتائجها ومميزاتها‪ ،‬ومن هذه األساليب‪:‬‬ ‫أ‪ .‬أسلوب الحدس‪ :‬وهي عملية ناجمة عن فاعلية الخبرات المتراكمة حينما تتسم ظروف المشكلة بعدم التأكد‬ ‫وقلة السوابق والحقائق حولها‪ ،‬وأن البدائل متداخلة‪ ،‬وهناك ضيق في الوقت ودعوة متشددة نحو حسم‬ ‫المشكلة‪.‬‬ ‫ب‪ .‬أسلوب دلفي‪ :‬وهي عملية جماعية تعبر عن آراء مجموعة من المختصين وعن تحليالتهم‪ ،‬إزاء القضايا‬ ‫المستقبلية وحلولهم اإلبداعية للمشكالت المتوقع قيامها ضمن المجاالت العامة‪.‬‬ ‫ج‪ .‬أسلوب السيناريو‪ :‬هو عملية افتراضية لمجموعة أحداث مستقبلية‪ ،‬تدفع نحو استشارة األفكار للتصرف‬ ‫حيالها‪ ،‬وتحديد اإلجراءات العالجية لها في ضوء معطياتها‪ ،‬وبما يعزز من القيمة التحسبية للقرار‪ ،‬وقدرته‬ ‫على التصدي للمشكالت التي قد تظهر‪.‬‬ ‫د‪ .‬أسلوب بحوث العمليات‪ :‬وهو عملية منظمة لتطبيق الوسائل العلمية في معالجة المشكالت المعقدة بإدارة‬ ‫النظم الكبرى وتوجيه قواها البشرية‪ ،‬ومعداتها ومواردها الحكومية والعسكرية‪ ،‬فضال عن توظيف فروع‬ ‫هذا األسلوب من البرمجة الخطية والمصفوفة‪ ،‬وتحليل السالسل الزمنية والمسار الحرج‬ ‫هـ‪ .‬أسلوب النماذج الرياضية‪ :‬وهي أساليب تجريبية لتحليل ومعالجة المتغيرات الكمية التابعة والمستقلة في‬ ‫عمليات صنع واتخاذ القرارات من خالل استخدام وتفعيل نماذج التنبؤات بمتغيرات البيئة‪ ،‬أو تلك النماذج‬ ‫المختصة بآلية عمل النظام ومعدالت أدائه‪ ،‬إضافة إلى النماذج البحثية عن الحلول المثلى‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الخطوة الثانية‪ ،‬وتشمل هذه المرحلة في تقيم هذه البدائل اإلستراتيجية بعد تعرضها لمجموعة من‬ ‫االختبارات العلمية والعملية‪ ،‬لبيان مزايا ومساوئ كل واحد منها‪ ،‬ومدى إمكانية مساهمته في حل مشكلة‬ ‫موضوع البحث‪.‬‬ ‫يؤكد سانشيز وآخرون أن هناك عالقة بين البدائل والمرونة والتكيف االستراتيجي للمنظمة‪،‬‬ ‫حيث أن فكرة توليد البدائل التي تعتمدها المنظمة‪ ،‬يعني امتالك المنظمة للمرونة اإلستراتيجية‪ ،‬وإن قيمة‬ ‫القرارات اإلستراتيجية للمنظمة تزداد بأمرين‪ :‬أولهما السرعة التي تستطيع المنظمة بواسطة استخدام‬ ‫خياراتها‪ ،‬وثانيهما انخفاض الكلفة من استخدام هذه الخيارات التي تشمل المتطلبات األساسية لعملية توليد‬ ‫البدائل اإلستراتيجية (اإلبداع‪ ،‬والمرونة‪ ،‬والتوقيت)‪.‬‬ ‫ونتيجة لعدم محدودية عدد البدائل اإلستراتيجية‪ ،‬لذا فإن استراتيجي المنظمة يدرسون عدد‬ ‫كبيرا منها ويتم االختيار من بينها‪ ،‬ووضعها ضمن قائمة بوصفها بدائل إستراتيجية يتم اختيار بديل‬ ‫استراتيجي واحد‪ ،‬أو أكثر لتعبر في النهاية عن القرار االستراتيجي‪ ،‬ويمثل عملية صنع القرار ليشمل‬ ‫‪20‬‬


‫دراسة وتحليل منطقي لكافة البدائل والمعطيات ذات العالقة بالمشكلة‪ ،‬وتم التعبير عنها في الموقف‪" ،‬وهي‬ ‫عملية تصنيف االحتماالت‪/‬البدائل إلى حدها األدنى ليتسنى لمتخذ القرار اتخاذ مايراه مناسبا‪".‬‬ ‫تسعى اإلدارة العليا إلى خلق "حالة الموائمة بين البدائل اإلستراتيجية وإمكانات المنظمة الداخلية‬ ‫والخارجية‪ ،‬وبما يوفر لها القدرة على اختيار البديل االستراتيجي األفضل من بين البدائل المتاحة‪".‬‬ ‫تبرز في هذه المرحلة أهمية دور هيئة الخبراء واالستشاريين والمعاونين للقائد أو الرئيس في‬ ‫عملية بحث ودراسة البدائل المطروحة‪ ،‬لكي تجعل للمنظمة في محيط أوسع واالستفادة من نقاط قوتها‪،‬‬ ‫لمتابعة األمور المهمة في بيئتها الخارجية‪ ،‬ويجب ربط البيئتين الداخلية والخارجية بنظر االعتبار وإال كان‬ ‫العمل نظريا‪.‬‬ ‫توجه قيادة المنظمة عمل هذا الفريق وتتابعه‪ ،‬وقد يتدخل القائد أو الرئيس شخصيا في كثير من‬ ‫األحيان الستبعاد بديل من البدائل ال يصلح تطبيقه‪ ،‬أو لتحديد االعتبارات األساسية التي ستتم عليها بناء‬ ‫عملية تقيمة البدائل‪.‬‬ ‫المرحلة السادسة ‪ :‬اختيار البديل االستراتيجي‬ ‫تعد هذه المرحلة من أدق مراحل القرار جميعا‪ ،‬ألن اختيار البديل االستراتيجي "يعني حقيقة‬ ‫األمر حسم الموقف والوصول إلى المحصلة النهائية للجهد المبذول‪ ،‬وهذا األمر يحتاج إلى القدر الكبير من‬ ‫الكفاءة والقدرة ا لذاتية للرئيس أو المدير لتحقيق االختيار السليم‪".‬‬ ‫تبنى القرارات على أساس من (الحقائق‪ ،‬والتحليل‪ ،‬واإلمكانيات‪ ،‬واالحتماالت‪ ،‬والخيارات)‪ ،‬فإن‬ ‫بنيت على غير ذلك فهي (فن)‪ ،‬يختلف أمره وفقا الختالف مواهب صانعيها‪ ،‬أما إذا كانت معتمدة على‬ ‫األسس المذكورة آنفا‪ ،‬فهي علم له أصوله وقواعده يطلق عليه علم القرارات‪" ،‬والذي بني وتطور نتيجة‬ ‫لإلنجازات التي حققتها ثورة المعلومات واالتصاالت‪ ،‬والتي طورت النماذج الفكرية المعتمدة والمؤثرة في‬ ‫تحليل وصناعة واتخاذ القرارات‪ ،‬أو التعلم ألمنظماتي‪ ،‬أو االجتماعي‪".‬‬ ‫يعد علم القرارات من الدروس المهمة والمستنبطة التي أنتجتها ثورة المعلومات‪ ،‬وتتطلب منا‬ ‫االستمرار في دراسته وتعلمه وخلق الموائمة والتزاوج التام بينه وبين االتصاالت‪ ،‬التي هي عصب وروح‬ ‫العصر ليتسنى لصانع القرار استخدامها في الوقت المحدد والمناسب‪.‬‬ ‫يجري اختبار البديل االستراتيجي "بحسب السياق المنطقي للمفاضلة‪ ،‬وعلى أساس التوجه‬ ‫الموزون والمحسوب‪ ،‬في ضوء المعايير والمقاييس ذات العالقة بنوعية القرار‪ ،‬وضمن إطار الكلفة‬ ‫والمنفعة المترتبة على البديل األفضل في إطار المفاضلة‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫تتضمن معايير المفاضلة الختيار البديل االستراتيجي المطلوب ضمن هذه المرحلة ما يأتي‪.‬‬ ‫‪ - 29‬شعراوي سلوى ‪ :‬االتجاهات الحديثة في تحليل السياسات العامة‪ ،‬بحث غير منشور‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪،2000 ،‬‬ ‫ص‪.10 -9‬‬

‫‪21‬‬


‫أ‪ .‬تكلفة البديل المترتبة عنه حينما ينفذ‪.‬‬ ‫ب‪ .‬قدرة البديل على استغالل الموارد المتاحة المسخرة لحل المشكلة‪.‬‬ ‫ج‪ .‬نوعية المعالجة التي يقدمها إزاء المشكلة كلية‪ ،‬أم جزئية‪.‬‬ ‫د‪ .‬مدى انسجام البديل مع أهداف القرار على صعيد النظام والمجتمع والبيئة‪.‬‬ ‫هـ‪ .‬مدى السرعة والتوقيت المطلوب في تنفيذ الحل ونتائجه المحتملة‪.‬‬ ‫و‪ .‬درجة المخاطرة المتوقعة عن البديل في حالة عدم تحقيقه الهدف المطلوب منه‪.‬‬ ‫برزت في النصف الثاني للقرن الماضي نظريات ووسائل قدمتها العلوم السلوكية وطورتها‬ ‫ثورة المعلومات‪ ،‬وأصبحت بإمكانياتها وفعالياتها تساعد محللي وصانعي ومتخذي القرار في اختبار البديل‬ ‫األفضل من بين مجموعة البدائل‪" ،‬وشملت هذه الطريقة‪ :‬نظرية المباراة‪ ،‬وشجرة القرارات‪ ،‬ونظرية‬ ‫االحتماالت‪ ،‬ودراسة الحالة‪".‬‬ ‫أكسبت تلك الطرق والنظريات صانعي القرار الخبرة المتواصلة والقدرة اإلبداعية وتفعيلها عند‬ ‫قيامهم بدراسة المشكالت وتحليلها ومعالجتها والوصول إلى حلول إيجابية يصددها‪.‬‬ ‫يخضع القرار االستراتيجي البديل لالختبار التجريبي من قبل صانع القرار ومتخذه‪ ،‬ليتسنى لهم‬ ‫التأك د من سالمة اختيارهم له‪ ،‬ولضمان جدول نتائجه وتأثيراته تمهيدا العتماده قرارا استراتيجيا مستقبليا‬ ‫عبر الواقع الميداني لحل المشكلة‪ ،‬وعند هذه الحالة يمكن أن نقول أن العملية بدأت تدخل في صلب اتخاذ‬ ‫القرار‪ ،‬ويمكن تعرفيها "بأنها عملية دقيقة تهدف إلى االختيار بين ال بدائل والخيارات‪ ،‬أي اختيار البديل الذي‬ ‫يعتبره متخذ القرار صحيحا‪ ،‬أو قريبا من الصحة عندما ال تتيسر المعلومات الكافية والكاملة حول المشكلة‪،‬‬ ‫وهي عملية مفاضلة دقيقة بين بديلين أو أكثر‪ ،‬يتمتعان بقيمة واحدة أو متشابهة‪ ،‬أو تكون فيها نسبة األرجحة‬ ‫ضئيلة‪".‬‬ ‫تعد اإلجراءات المتخذة قبل تطبيق البديل تقويما عمليا للحل النظري‪ ،‬واستكماال لعلمية الجهد‬ ‫العلمي والمعرفي في إدخال التعديالت المطلوبة‪ ،‬ولقياس فاعلية البديل وضمان النتائج المترتبة عليه الحقا‪.‬‬ ‫توجد وسائل متعددة تدعم وتساند هذه الخطوة المنهجية في اختيار البديل األفضل‪،‬وإثبات تميزه مثل‪:‬‬ ‫(برمجة الحاسوب‪ ،‬ونماذج المحاكاة‪ ،‬وتحليل الكلفة والمنفعة‪ ،‬والرضا العام والمشاركة‪ ،‬وعدالة اإلجراءات‪،‬‬ ‫وتقدير األثر االجتماعي‪ ،‬وتقدير األثر البيئي‪ ،‬وتحليل الخطر‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫تنفذ الخطوات الست الواردة آنفا في نطاق من السرية واألمن العالي بفعل الطابع التخصصي‬ ‫والتقني واالستشاري في هيكلية صنع واتخاذ القرار‪ .‬ويتطلب من جميع المعنيين في هذه المنظمة‬

‫‪ - 30‬الخزرجي‪ ،‬د‪ .‬ثامر كامل‪ ،‬العالقات السياسية الدولية واستراتيجية إدارة األزمات‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪375‬‬

‫‪22‬‬


‫والمشتركين معهم االلتزام بهذا المبدأ ومنع الخروقات االستخبارية الخارجية‪ ،‬وفي حالة انكشاف سره فله‬ ‫تأثير سلبي على مستقبل المنظمة سواء من البيئة الداخلية أو الخارجية‪.‬‬ ‫المرحلة السابعة ‪ :‬التنفيذ الفعلي للقرار االستراتيجي ومتابعته وتقويمه‬ ‫تعد هذه الخطوة هي مرحلة اإلعالن عن القرار رسميا ومن ثم تنفيذه‪ .‬يعتبر التنفيذ الفعلي‬ ‫للبديل‪ ،‬والذي سيصبح القرار االستراتيجي من الخطوات الهامة‪ ،‬بوصفها الحاسم المعلن والمكشوف الذي‬ ‫يعتزل الكثير من األمور‪ ،‬وقد يظهر بشكل مرضي أو غير مرضي لألطراف المعنية‪ .‬يستوجب تنفيذ القرار‬ ‫النهائي ضمن البيئة االجتماعية المعنية‪ ،‬ويتطلب التطبيق الفعلي بعض اإلجراءات الالزمة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬صياغة البديل بوصفه قرارا استراتيجيا داال ً على مضمونه بشكل جيد‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬اختيار الوقت المناسب إلعالن هذا القرار‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تهيئة البيئة الداخلية ‪ -‬المعنية لتنفيذ القرار‪ ،‬واالستعداد لعمل ذلك وتهيئة الموارد واإلمكانيات‬ ‫الالزمة‪ ،‬واإلدارات واألقسام‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬تهيئة البيئة الخارجية الرأي العام والمجتمع لضمان االلتزام وحسن التجاوب والتفاعل مع القرار‬ ‫وتنفيذه‪.‬‬ ‫يشمل القرار االستراتيجي "جميع األفعال التي تلزم وضعه موضع التنفيذ‪ ،‬أو في صورة تجعله‬ ‫يؤثر بالواقع وتتأثر به اإلجراءات التنفيذية للمشروع‪".‬‬ ‫تتصف عملية اتخاذ القرار وإعالنه بالصعوبة‪ ،‬وسبب ذلك يعود إلى جملة عوامل مهمة‪ ،‬بينهما‬ ‫عامالن أساسيا مترابطان هما‪:‬‬

‫‪31‬‬

‫أ‪ .‬صعوبة التنبؤ الدقيق والمسبق بنوعية ردود أفعال المنظمات األخرى‪ ،‬وبالتالي تحديد النتائج المترتبة‬ ‫على األنماط السلوكية المنوي اتباعها‪.‬‬ ‫ب‪ .‬احتمال الفشل الذي يسبب كارثة وخاصة في أوقات األزمات التي تواجه المنظمات بسبب التغير‬ ‫السريع لمواقف المنظمات األخرى‪ ،‬وعدم القدرة على السيطرة على الموقف‪.‬‬ ‫تضع قيادة المنظمة خطة لتنفيذ فقرات القرار االستراتيجي الذي وقع عليه االختيار‪ ،‬مع مالحظة‬ ‫التحديدات المفروضة‪ ،‬والتي تشمل‪:‬‬ ‫أ‪ .‬الوقت الذي يستغرقه لتنفيذ الحل‪.‬‬ ‫ب‪ .‬مراحل التنفيذ‪.‬‬ ‫ج‪ .‬األشخاص المسئولين عن التنفيذ والعالقة بينهم ومسؤولياتهم‪.‬‬ ‫د‪ .‬الطريقة التي يتم بها التنفيذ‪.‬‬

‫‪ - 31‬الدروبي‪ ،‬سليمان‪ ،‬اتخاذ القرارات والسيطرة على المشكالت واألزمات‪ ،‬دار األسرة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان األردن‪ ،2006 ،‬ص‪13‬‬

‫‪23‬‬


‫ه‪ .‬الوسائل المساعدة لمراقبة التنفيذ‪.‬‬ ‫و‪ .‬المعايير المستخدمة لقياس نسبة النجاح لحل المشكلة‪.‬‬ ‫ز‪ .‬المشكالت المستجدة نتيجة التنفيذ والحلول المناسبة لعالجها‪.‬‬ ‫ح‪ .‬البديل الواجب استخدامه في الظرف الطارئ‪.‬‬ ‫تجري متابعة ومراقبة تنفيذ القرار بالشكل الذي يعزز من استمرار يته التطبيقية والعملية‪ ,‬فضال‬ ‫عن إمكانية نجاحة في تحقيق األهداف المتواخاة‬

‫‪.‬‬

‫تبرز في هذه الحالة دور الجهات التي اشتركت في صناعة القرار‪ ،‬كنواب الرئيس والمستشارين‬ ‫وهيئات الركن ولجان التخطيط والمتابعة والتنفيذ‪ ،‬والتي تقوم بدورها بمتابعة ومالحقة فقرات التنفيذ‪،‬‬ ‫وتحديد درجات الفشل والنجاح‪ ،‬وتحليل النتائج النهائية للعمل والتنفيذ‪ ،‬وتقدير مدى تحقيقها لألهداف التي‬ ‫كان يقصدها القرار المتخذ‪.‬‬ ‫تستنهض الجهود الوقائية لمعالجة القرار عند مواجهته بعض الصعوبات أو العقبات من قبل‬ ‫لجان معدة لهذا الغرض‪ ،‬إما باالستمرار عليه ومعالجته‪ ،‬أو بالدعوة إلى تعديله‪ ،‬أو بإيقافه أو بإلغائه‪ "،‬وهذا‬ ‫يعكس روح المسؤولية لدى هيكلية صنع واتخاذ القرار‪ ،‬ودفعهم للمشاركة في إبداء اآلراء واالقتراحات‪،‬‬ ‫والتحري الدقيق عن مواطن الضعف خالل التنفيذ‪ ,‬مما يزيد من حماستهم وإقبالهم على الفعل''‬

‫‪32‬‬

‫تعتمد عملية استكمال المتابعة والمراقبة من خالل منظومات فنية وعلمية تحليلية متعددة‬ ‫المستويات تشمل‪ :‬التغذية الراجعة‪ ،‬أطر األعمال‪ ،‬توقيت األعمال‪ ،‬التحكم الذاتي‪ ،‬النظم المفتوحة‪ .‬يباشر‬ ‫متخذ القرار التقويم الموضوعي والمعالجة للنتائج المتحققة‪ ،‬ولآلثار الفعلية الناجمة من تنفيذ القرار ومنذ‬ ‫مراحله األولى‪ ،‬وبهذا يكون التقويم بمثابة االختبار‪ ،‬أو الفحص‪ ،‬لمعرفة التأثيرات التي أنتجها القرار‬ ‫للتماشي مع البرامج واألهداف التي تم التخطيط لها والمراد بلوغها وانجازها‪.‬‬ ‫فالتقويم‪" :‬يمثل العملية المنهجية التي يقوم بها صانعوا القرار‪ ،‬ويجري تطبيقها في سبيل تحديد قيمة النتائج‬ ‫المترتبة عن تنفيذه‪ ،‬بحيث ينتج عن هذه العملية التحليلية إثبات صحة البديل من عدمه‪ ،‬وبالتالي إيجاد بديل‬ ‫ثاني عوضا عنه في حالة الفشل''‬

‫‪33‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬صناعة القرار العوامل المؤثرة و معيقاته‬ ‫الفقرة األولى ‪ :‬العوامل المؤثرة في صناعة القرار اإلستراتيجي‬

‫‪ . - 32‬قنديل‪ ،‬د‪ .‬أماني‪ ،‬معاير التقيم في علم السياسة‪ ،‬بحث ضمن كتاب تقويم السياسات العامة‪ ،‬تحرير د‪.‬عبدالمطلب غانم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مطبعة أطلس‪،‬‬ ‫‪ ،1989‬ص‪107-106‬‬ ‫‪ - 33‬الدكتور يوسف ناصف حتي‪،،‬دراسة العالقات الدولية‪،‬دار الكتاب العربية‪،‬الطبعة االولى ‪،1988‬ص ‪179 178‬‬

‫‪24‬‬


‫تعتري عملية صناعة القرار االستراتيجي مجموعة من العوامل التي قد تؤثر إيجابا أو سلبا في هذه‬ ‫العملية‪ ،‬و يصنف الباحثون هذه العوامل الى عوامل موضوعية اوال ثم عوامل داتية مرتبطة بصامع القرار‬ ‫نفسه ثانيا‪.‬‬ ‫أوال ‪ :‬العوامل الموضوعية‬ ‫تتأثر عملية صناعة القرار بمجموعة من العوامل المرتبطة بالمحيط الداخلي للدولة غير أن هذه‬ ‫العملية تتاثر اكثر بالمحيط الخارجي للدولة الذي يشكل العامل الضاغط و المحفز التخاذ عملية القرار‪.‬‬ ‫‪- 1‬العوامل الداخلية‬ ‫البيئة الداخلية هي التي تستطيع الدولة التحكم فيها والتأثير عليها وتغيريها وفق ما تحتاجه لصياغة‬ ‫إستراتيجياتها و التي من خاللها تتمكن القيادة اإلستراتيجية من تسيير دولتها بفعالية اكبر وأدق‪ ،‬و ال يمكن‬ ‫للدولة صياغة إستراتيجية بدون تحليل كاف وحيد لبيئتها الداخلية وإمكانيتها‪ .‬و بمعنى أخر معرفة نفسها‬ ‫وقدراتها ومدى قوتها أو ضعفها وذلك في محاولة لتسخير بيئتها الداخلية وتطويعها في أغراضها‪ ،‬و تتمثل‬ ‫عوامل البيئة الداخلية في وظائف ونشاطات الدولة الرئيسية ألنها األعمدة األساسية ألنشطتها‪ ،‬و تكمن أهمية‬ ‫تحليل هذه العوامل في تحديد مصادر القوة وتدعيمها وتعميميها‪ ،‬و مصادر الضعف لتقويميها وتصحيحها‬

‫‪34‬‬

‫أ ‪-‬النظامين السياسي واالقتصادي ‪:‬‬ ‫إن عملية اتخاذ القرار السياسي مرتبط بطبيعة النظام السياسي للدولة‪ .‬فالنظام السياسي من حيت‬ ‫كونه ديمقراطيا‪ .‬أو غير ديمقراطي‪ ،‬يؤثر في عملية اتخاذ القرار‪ ،‬من حيث الجهة التي تصنع القرار‪ ،‬و‬ ‫مدى مشاركة أكثر من طرف في هذه العملية و من حيث المراحل التي تمر بها صناعة القرار‪ .‬ففي النظم‬ ‫الديمقراطية تخضع هذه العملية لإلجراءات و مشاورات و مناقشات طويلة مع جهات عديدة ؛ و يلزم‬ ‫لتنفيذها موافقة أكثر من جهة‪ ،‬و هذه اإلجراءات تؤدي إلى تأخير اتخاذ القرار وتنفيذه‪ .‬مما يجعل هذا القرار‬ ‫ال يتسم بالفعالية‪.‬‬ ‫كما يؤثر النظام االقتصادي في عملية اتخاذ القرار من زوايا عديدة‪ ،‬فالدولة التي تتمتع بنظام‬ ‫اقتصادي قوي‪ ،‬و تمتلك ثروات طبيعة و طاقات إنتاجية ضخمة نسبيا‪ ،‬تكون لديها حرية اكبر عند اختيارها‬ ‫البدائل المطروحة أمامها‪ .‬كما و إن قدرتها االقتصادية هذه تساعدها على تحقيق أهدافها التي تسعى إليها من‬ ‫وراء هذه القرارات‪ .‬و يجب إن نذكر أن وجود هذه الموارد االقتصادية للدولة‪ ،‬ال يكفي أحيانا لنجاح‬

‫‪ - 34‬سعد حقس توفيق ‪ :‬مرجع سابق ص ‪119‬‬

‫‪25‬‬


‫سياستها الخارجية‪ ،‬بل يجب أن يتوافر شرط أخر‪ ،‬وهو قدرة النظام على استمرار هذه الموارد واإلمكانيات‬ ‫وتوظيفها بشكل صحيح‪ ،‬لخدمة السياسية الخارجية للدولة‪.35‬‬ ‫ب‪-‬األحزاب السياسية ‪:‬‬ ‫مما الشك فيه على أن الحزب السياسي يعتبر من أبرز المؤسسات السياسية التي تسهم في صنع‬ ‫السياسية الخارجية‪ ،‬و يتوقف دور الحزب السياسي في عملية اتخاذ القرار في السياسة الخارجية على طبيعة‬ ‫النظام السياسي الذي يعيش فيه هذا الحزب‪ ،‬ففي النظم السياسية التي تعتمد سياسية الحزب الواحد‪ .‬يقل دور‬ ‫األحزاب في عملية صنع القرار‪ .‬و قد ينعدم تماما‪ ،‬حيث تحرم من المشاركة في الحكم بأي صورة من‬ ‫الصور‪ ،‬و تبقى في موضع مالحقة مستمرة من قبل النظام‪ ،‬و لهذا فإن الحزب الحاكم يكون له الدور‬ ‫الرئيس في عملية اتخاذ القرار‪ ،‬كما أن متخذي القرار يتأثرون ببرنامج الحزب ومبادئه‪.36‬‬ ‫‪ – 2‬العوامل الخارجية‬ ‫تشير البيئة الخارجية بشكل عام إلى تلك العوامل و الظروف لما وراء حدود إقليم الدولة مثل‬ ‫أفعال و ردود أفعال الدول األخرى و المجتمعات التي يعملون من اجلها كما أن تطابق العوامل الخاصة و‬ ‫الظروف في المواقف العامة و الخاصة يعتمد على االدراك و تقديرات صناع قرار الدولة و كيفية تعرضهم‬ ‫للتحريضات‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫أ‪ .‬النظام الدولي العام ‪:‬‬ ‫إن التغيير في شكل وطبيعة النظام الدولي العام‪ ،‬يؤثر في عملية اتخاذ القرار في السياسة‬ ‫الخارجية للدولة‪ ،‬بوصفها وحدة من الوحدات المكونة لهذا النظام‪ ،‬فالدول في ظل نظام تعدد األقطاب تتوافر‬ ‫لها حرية أكبر في الحركة واتخاذ القرارات كما يصبح للدول الصغرى قدرة أكبر على المناورة الخارجية‬ ‫عن طريق التلويح باالنضمام إلى حلف معين‪ ،‬أو االنسحاب من الحلف المنظمة إليه‪.‬‬ ‫ب‪ .‬األزمة السياسية الدولية ‪:‬‬

‫‪ - 35‬احمد عارف الكافرنة ‪ :‬العوامل المؤثرة في صناعة القرار في السياسة الخارجية ‪ ،‬مجلة دراسات دولية ‪ ،‬العدد ‪ 42‬سنة ‪ 2009‬ص ‪22-21‬‬ ‫‪ - 36‬احمد عارف الكافرنة ‪ :‬المرجع نفسه ص ‪24-23‬‬ ‫‪ - 37‬سعد حقس توفيق ‪ :‬مرجع سابق ص ‪119‬‬

‫‪26‬‬


‫تعرف األزمة السياسية بأنها موقف سياسي مفاجئ يشكل تهديدا سياسيا لألهداف القومية مع‬ ‫وجود مدة محدودة من الوقت لالتخاذ القرار‪ ،‬أي أن هناك ثالثة عناصر تتميز بها األزمة ( الفجأة ‪ ،‬التهديد‬ ‫‪ ،‬ضيق الوقت) و تتطلب األزمة اتخاذ قرارات سريعة‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العوامل الذاتية‬ ‫إن العوامل الموضوعية ليست وحدها المؤثرة في عملية صناعة القرار‪ ،‬فالعوامل الذاتية لصانع‬ ‫القرار تؤثر أيضا في هذه العملية و يذهب البعض إلى إعطائها أهمية اكبر من العوامل الموضـــــــــوعية‬ ‫فسنايدر يرى أن الدولة في النهاية هي واضعي القرارات فيها فصانع القرار هو الذي يصوغ السيـــــــاسة‬ ‫الخارجية و يحددها بناءا على فهمه و تصوره للمتغيرات الموضوعية و بناءا على أهمية تلك المـــــتغيرات‬ ‫الموضوعية‪.39‬و لمعرفة اثر العوامل الذاتية في صناعة القرار سوف نتناولها كالتالي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الخصائص الشخصية ‪ :‬و هي تلك الصفات المرتبطة بصانع القرار نفسه‪ ،‬و التي تؤثر في اسلوب‬ ‫صياغته للقراراته‪ ،‬و من هذه الخصائص التسلط القدرة على االبتكار روح المغامرة السعي نحو‬ ‫الشهرة تحقيق الذات القدرة على مواجهة الحالة الغامضة و غيرها من الخصائص‪ .‬و يرى جاك‬ ‫تيلور أن الخصائص الرئيسية للشخصية القيادية كما استخلصها من مجموعة من الدراسات‬ ‫التجريبية الواسعة التي قام بها و هي ‪،‬‬ ‫أ‪ .‬القدرة العقلية‬ ‫ب‪ .‬االهتمام بالعمل‬ ‫ت‪ .‬المهارة في االتصاالت‬ ‫ث‪ .‬القدرة على تحفيز المرؤوسين الى انجاز العمل بدقة‬

‫‪40‬‬

‫‪ -2‬النظام العقدي و القيمي لصانع القرار‬ ‫و هي مجموع العقائد و القيم التي تتكون لدى صانع القرار عن البيئة الخارجية و تتميز هذه العقائد‬ ‫بالترابط و عدم التناقض فيما بينها حسب ما يراه صاحبها بحيث تشكل لديه نظاما عقائديا يساعده على‬ ‫ضبط المعلومات الممكن قبولها و استيعابها من النظام الخارجي‪.‬‬ ‫‪ -3‬اإليديولوجية‬

‫‪ - 38‬احمد عارف الكافرنة ‪ :‬مرجع سابق ص ‪33‬‬ ‫‪ - 39‬احمد عارف الكافرنة ‪ :‬العوامل المؤثرة في صناعة القرار في السياسة الخارجية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪34‬‬ ‫‪ - 40‬احمد عارف الكافرنة ‪ :‬العوامل المؤثرة في صناعة القرار في السياسة الخارجية مرجع سابق ص ‪36-35‬‬

‫‪27‬‬


‫تطرق دي تراسي لمصطلح االيديولجية في عصر التنوير الفرنسي في كتابه '' عناصر اإليديولوجية ''‬ ‫و يعني بها علم األفكار أو العلم الذي يدرس مدى أو خطا األفكار التي يحملها الناس‪ .41‬و تعتبر‬ ‫اإليديولوجية السياسية عامال مؤثرا في اتخاذ القرار كونها تدخل في بناء الدولة و اختبار نظامها‬ ‫السياسي ألنها تعد سندا و إطارا للعمل من اجل التنمية المستدامة‪ ،‬و غياب أو فشل الدولة يأتي لغياب‬ ‫االيدولوجيا التي تقوم عليها الدولة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬معيقات صناعة القرار‬ ‫ال شك أن صناعة القرار تتم على در جة من الرشد و العقالنية ‪،‬باالستناد على مجمل التقديرات و‬ ‫الدراسات التحليلية ‪ ،‬إال انه و بالرغم من هذه اآلليات المتاحة و المراحل فمجموعة من القرارات تأتي‬ ‫بنتائج عكسية ال تكون متوقعة بل و تحول دون تفعيل اإلستراتيجية المراد إتباعها‪ ،‬لذلك كان من الواجب‬ ‫القيام بدراسة تحليلية للمسببات التي تحول دون ذلك‪ ،‬رغبة منا للرقي بصناعة القرار االستراتيجي‪،‬و‬ ‫سنتطرق لمجموعة من األسباب التي تأثر في هذه العملية و أهمها نذكر قصور البناء المؤسساتي‪ ،‬و البناء‬ ‫المجتمعي و إهمال مختلف المتدخلين في صناعة القرار‪.‬‬ ‫بحديثنا عن قصور البناء االستراتيجي أو قصور القرار االستراتيجي‪ ،‬نكون أمام بناء مؤسساتي‬ ‫بمختلف متدخليه من وزارة الخارجية‪ ،‬األحزاب السياسية و مراكز الدراسات عاجزة عن التأثير في هذه‬ ‫العملية‪.‬‬ ‫يظهر العائق الذي يراود وزارة الخارجية كفاعل في العمل السياسي‪،‬تؤثر فـــــــــي صنع القرار‬ ‫االستراتيجي بالطابع البيروقراطي الذي يؤثر على االستراتيجيات المتبعة وذلك باتصافها بالجمود‪ ،‬فيجعلها‬ ‫تتحلى بطابع قصير األمد أكثر مما هي طويلة‪. 42‬‬ ‫األحزاب السياسية كفاعل في صناعة القرار االستراتيجي يتوجب عليها طرح بدائل تحملها في‬ ‫أجندتها كي تكون مصدر إثراء للبناء االستراتيجي وذلك بمناقشتها في البرلمانات‪ ،‬من هنا يتوجب على‬ ‫األحزاب وضع أرضية كي تعتمد عليها دون اي اعتبارات سياسية‪ ،‬من اجل تسهيل عمليات التواصل بين‬ ‫البيروقراطية اإلدارية و رجال السياسة‪.43‬‬ ‫الجامعات و مراكز الدراسات المستقلة‬

‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7 - 41‬‬

‫‪ 42‬احمد داود اوغلو " العمق االستراتيجي‪ :‬موقع تركيا و موقعها في الساحة الدولية"‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ ،‬دار العربية للعلوم ناشرون‪،‬الطبعة‬ ‫االولى ‪ ،2010‬ص‪74-73‬‬ ‫‪43‬احمد داود اوغلو‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪72‬‬

‫‪28‬‬


‫يعتبر تطور النتاج المعرفي التحليلي احد الدعامات الرئيسية لالضطالع بصناعة إستراتيجية‬ ‫فعالة‪ ،‬فيعتبر اإلطار النظري هو المرجع الذي تقوم عليه خصوصا في وقت األزمات و التحوالت الجذرية‬ ‫في العالقات الدولية ‪.‬‬ ‫فابتعاد الجامعات عن مهمتها البحثية المتمثلة في إغناء طاولة صنع القرار بنتاج فكري‪،‬‬ ‫واقتصارها و فقط على تكوين المواطنين من اجل امتالك مهن فحسب يقوم على أسباب رئيسية‪ ،‬فإما أنها لم‬ ‫تعد تنتج كفاءات قادرة على إعطاء نتاج فكري رفيع من نوعه‪ ،‬أو أنها لم تستطع ربط عـــــــــــالقة بين‬ ‫البيروقراطية أي أصحاب التكوين األكاديمي و الدبلوماسيين الممارسين وصاني القرار‪ ،‬وخير مثال لربط‬ ‫اإلطار النظري بالتطبيقي هو اإلستراتيجية األمريكية لماهان و سبيكمان و إستراتيجية األلماني هاوسهوفر‪،‬‬ ‫والتي قدمت الدعم النظري لصانعي االستراتيجيات و ترك المجال ألصحاب االختصاص من اجل ربط تلك‬ ‫المعطيات النظرية بالواقع العملي‪.44‬‬ ‫كما هو معلوم انه لكل مجتمع مجموعة من الخصائص مميزة له التي يتشبت بها مما يشكل عائق‬ ‫في تفعيل مجموعة من البادائل التي تتسم بالواقعية و تكون مالئمة للوضع الذي تمر به كل دولة معينة مما‬ ‫يجعل صانع القرار او مجمل المتدخلين مرغمين لترجيح الكفة لصالح بدائل اخرى غير مضمونة النجاح و‬ ‫يصعب تفعيلها‪ ،‬و بحديثنا عن المتدخلين في صناعة القرار االستراتيجي يظهر وجه القصور في عدم‬ ‫التجانس و األزمات التي تحدث بين صانعي القرار و التي تعبر عن تعارض في االديولوجيات ووجهات‬ ‫النظر مما يخلق حلقة مفرغة تشكل عائق كبير لصانعي القرار‪ ،‬فكل هذه األسباب تحول دون اختيار رشيد‬ ‫لقرار االستراتيجي الفعال يض طلع بالحياة المجتمعية و المؤسساتية في الدولة‪.45‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬ ‫يعتبر موضوع صنع القرار واتخاذه من الموضوعات ذات األهمية الكبرى‪ .‬و تبرز أهمية هذا‬ ‫النوع من الدراسات على مستوى الدراسات السياسية ‪،‬وتنطلق األهمية من أمرين أساسيين‪ :‬أمر أكاديمي‬ ‫يتمثل في محاولة صياغة و الوصول إلى نظرية عامة قادرة عل وضع أسس تفسيرية و متكاملة لفهم و‬ ‫دراسة عملية اتخاذ القرارات‪ ،‬وأمر واقعي ممارساتي يتمثل في أهمية هذا النوع من الدراسات و مدى‬ ‫تأثيره على صناع القرار في مستوى حيوي حساس كالسياسة الخارجية و ما لهذا النوع من القرارات من‬ ‫خطورة باعتبارها تعبير عن مواقف و عالقات بين الدول بوزنها السياسي‪.‬‬

‫‪44‬احمد داود اوغلو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.74-73،‬‬ ‫‪Andrew scot , op, cit, pp.93-9445‬‬ ‫ذ‪ .‬فاروق عمر‪ ،‬صناعة القرار والراي العام‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ميريت للنشر‪ ،2001،‬ص ص‪،‬‬

‫‪29‬‬


‫تشكل القرارت التي تعمل على اساسها الدول بشكل عام ‪ ،‬الروح الحركية التي تنظم من خالل‬ ‫مسيرة الحياة في الداخل‪ ،‬او عالقات تلك الدول مع العالم الخارجي ‪ ،‬و لذلك فان خطورة و اهمية صناعة‬ ‫ذلك القرار تكون كبيرة لما قد يتسبب به من فوضى في حال لم يؤسس على قواعد علمية و عملية قوية وهنا‬ ‫البد من التاكيد على ضرو ة االعتناء بالقرار قبل اصداره النه يمثل الدولة كافة و منزلتها ويدل على تحضر‬ ‫تلك الدولة و في تعامالتها و عالقتها مع بقية دول العالم‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫الفهرس‬ ‫مقدمة‪2................................................................................................................................................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬القرار اإلستراتيجي النظرية و الفاعلون‪4.........................................................................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نظرية صنع القرار‪4................................................................................................................‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية نظرية صنع القرار‪4..........................................................................................................‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪:‬رواد نظرية صناعة القرار‪6........................................................................................................‬‬ ‫أوال ‪ :‬سنايدر‪6........................................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬نماذج اليسون‪7................................................................................................................................‬‬ ‫‪ .1‬نموذج الفاعل العاقل‪8................................................................................................................ ....‬‬ ‫‪ .2‬نموذج العمليات التنظيمية‪8..............................................................................................................‬‬ ‫‪ .3‬نموذج السياسة الحكومية‪9...............................................................................................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الفاعلون في صناعة القرار االستراتيجي‪10.......................................................................................‬‬ ‫الفقرة األولى ‪ :‬األجهزة الحكومية ‪10...............................................................................................................‬‬ ‫أوال ‪ :‬رئيس الدولة‪10................................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬رئيس الوزراء‪11.............................................................................................................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬وزارة الخارجية‪11.............................................................................................................................‬‬ ‫رابعا ‪ :‬مجلس األمن القومي‪11......................................................................................................................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة غير الحكومية‪12............................................................................................................‬‬ ‫أوال ‪ :‬المؤسسة العسكرية‪12.........................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬األحزاب السياسية‪12..........................................................................................................................‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬صنع القرار اإلستراتيجي المراحل العوامل و اإلشكاالت‪13....................................................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬مراحل صناعة القرار االستراتيجي‪13...........................................................................................‬‬

‫‪ - 46‬احمد عارف الكفارنة‪ :‬مرجع سابق ص ‪40‬‬

‫‪30‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬صناعة القرار العوامل المؤثرة و معيقاته‪24......................................................................................‬‬ ‫الفقرة األولى ‪ :‬العوامل المؤثرة في صناعة القرار اإلستراتيجي‪24...............................................................................‬‬ ‫أوال ‪ :‬العوامل الموضوعية‪24.......................................................................................................................‬‬ ‫‪ .1‬العوامل الداخلية‪24.......................................................................................................................‬‬ ‫‪ .2‬العوامل الخارجية‪25......................................................................................................................‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬العوامل الذاتية‪26..............................................................................................................................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬معيقات صناعة القرار‪27.............................................................................................................‬‬ ‫خاتمة‪29..............................................................................................................................................‬‬ ‫الفهرس ‪30...........................................................................................................................................‬‬

‫‪31‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.