SCIENTIFIC AMERICAN ARABIC مجلة العلوم النسخة العربية - المجلد_27 - العددان 9\10

Page 1

‫املجلد ‪ 27‬ـــ العددان ‪10/9‬‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪September / October 2011‬‬

‫حرب الغذاء ‪:‬‬

‫اتهامات للمحاصيل املعدلة وراثي ًا‬

‫العددان ‪ 282/ 281‬ــــ السعر‪ 1.500 :‬دينار كويتي‬

‫�آخر‬ ‫احرتار‬ ‫عاملي‬ ‫كبري‬

‫علم األعصاب في قاعة احملكمة ‪:‬‬

‫دور مسوح الدماغ في احملاكمات القضائية‬

‫العضو اخلفي في عيوننا ‪:‬‬

‫مستقبالت ضوئية ال بصرية‬

‫ُّ‬ ‫حل معضلة متييز‬ ‫احلواسيب ألحاديث متزامنة‬

‫«إلى العلم أحتكم»‬

‫عالِم الفيزياء >مولر< واالحترار العاملي‬


‫�أخبار نيت�شر بالعربية‬

‫‪nature ARABIC NEWS‬‬ ‫مجلة جديدة تبحث عن رئيس‬

‫حترير لها‬

‫س���تكون أخب���ار نيتش���ر بالعربي���ة إصدار ًا جدي���د ًا لترجمة عربية ملواد مس���تقاة من املجلة األس���بوعية العلمي���ة العاملية‬ ‫املرموقة ‪ ،NATURE‬وهو مشروع رئيسي جديد للشركة َم اّ‬ ‫كميلن لالتصاالت العلمية (‪ )MSC‬املنبثقة عن مجموعة نيتشر‬ ‫للنش���ر (‪ ،)NPG‬التي ُتصدر عددا من املجالت العلمية العاملية املرموقة‪ ،‬ومنها ‪ Nature‬و ‪( Scientific American‬التي تُترجم‬ ‫إلى العربية منذ عام ‪ 1986‬باسم مجلة العلوم)‪.‬‬ ‫وفي إطار مشروع النشر اجلديد هذا‪ ،‬تبحث الشركة ‪ MSC‬عمن يتولى باقتدار إدارة حترير هذه املجلة اجلديدة وليكون أول‬

‫رئيس حترير أخبار نيتشر‬

‫بالعربية ‪Chief Editor of Nature Arabic News‬‬

‫س���وف يش���رف رئي���س التحرير على اختيار كاف���ة املواد التحريرية للترجم���ة‪ ،‬ويدير فريق حترير املجل���ة‪ ،‬ويأخذ على عاتقه‬ ‫تعظي���م ش���أنها وجودته���ا ومكانتها العلمية‪ .‬وعليه أيضا‪ ,‬أن يعمل عن كثب م���ع ‪ MSC/NPG‬في الرعاية التجارية وفِ َر ْق اإلعالن‬ ‫والرعاة اخلارجيني ‪.external sponsors‬‬

‫يشترط في املتقدم لهذه الوظيفة‪ :‬أن يكون طليقا في اللغتني العربية واإلنكليزية وحاصال على شهادة علمية عليا؛ وقادر ًا‬ ‫عل���ى فه���م امل���واد العلمية باللغة العربية مبختلف لهجاتها؛ ولديه خبرة ف���ي التحرير العلمي باللغة العربية ال تقل عن ثالث‬ ‫س���نوات‪ ،‬وخبرة في الترجمة من اإلنكليزية إلى العربية؛ وأن يكون مطلع ًا على قضايا اجلماعة العاملة في البحث العلمي‬ ‫واحتياجاتها عامليا‪ ,‬وبوجه خاص في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وعلى املتقدم أن يرسل سيرته الذاتية ‪ CV‬متضمنة ما يلي‪ :‬عرضا موجزا خلبراته ذات الصلة‪ ،‬وأمثلة عما كتب أو حرر بالعربية‬ ‫م���ن أخب���ار علمي���ة و‪/‬أو وجهات نظر‪ ،‬وكذل���ك مثالني لترجمة حديث���ة قام بها الثنني م���ن املعالم البحثي���ة ‪Research Highlights‬‬ ‫الواردة في املجلة ‪ ،NATURE‬انظر‪http://www.nature.com/nature/current_issue.html#rhighlts :‬‬ ‫يرجى تقدمي الطلب لهذه الوظيفة في موعد أقصاه ‪ 2011/11/21‬عن طريق املوقع اإللكتروني ‪http://jobs.macmillan.com‬‬

‫مع إدخال الرقم ‪ ،NPG/167/11‬متضمن ًا ما يلي‪ :‬عنوان املتقدم‪ ،‬رقم هاتفه نهارا‪ ،‬عنوانه اإللكتروني‪ ،‬راتبه احلالي‪ ،‬معلومات‬ ‫خاصة مبعرفني اثنني‪ ،‬والتاريخ الذي يكون فيه مستعدا لتسلم عمله اجلديد‪ .‬وعلى املتقدم كذلك أن يذكر في الرسالة املرافقة‬ ‫لطلبه ما يلي‪ :‬الراتب الشهري الذي يتوقعه في هذه الوظيفة ومدى اهتمامه بها ومالءمته لها‪.‬‬ ‫هذا وستكون الوظيفة بدوام كامل في مقر شركة َم اّ‬ ‫كميلن بالقاهرة‪ ،‬وسيكون راتب هذه الوظيفة متناسبا مع خبرات صاحبها‪.‬‬


‫املجلد ‪ 27‬ـ ـ العددان‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪282/281‬‬

‫الهيئة االستشارية‬

‫عدنان شهاب الدين‬ ‫رئ ـيـس الهيـئـ ــة‬

‫عبداللطيف البدر‬ ‫نائب رئيس الهيئة‬

‫عدنان احلموي‬

‫رئيس حترير مجلة العلوم‬ ‫مراسالت التحرير توجه إلى‪:‬‬ ‫مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬ ‫شارع أحمد اجلابر‪ ،‬الشرق ‪ -‬الكويت‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 20856 :‬الصفاة‪ ،‬الكويت ‪13069‬‬ ‫عنوان البريد اإللكتروني‪ - oloom@kfas.org.kw :‬موقع الوِ ب‪www.oloommagazine.com :‬‬ ‫هاتف‪ - )+965(22428186 :‬فاكس ‪)+965(22403895 :‬‬ ‫اإلعالنات في الوطن العربي يتفق عليها مع قسم اإلعالنات باملجلة‪.‬‬

‫‪Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed to‬‬ ‫‪SCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111‬‬ ‫‪Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O.Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895‬‬

‫ ‬

‫عضو الهيئة ـ رئيس التحرير‬

‫شارك في هذا العدد‬ ‫نزار أبا زيد‬ ‫رويدة أبو سمرة‬ ‫خضر األحمد‬ ‫علي األمير‬ ‫عمر البزري‬ ‫محمد حسن حتاحت‬ ‫عدنان احلموي‬ ‫محمد دبس‬ ‫زياد درويش‬ ‫عماد ريحاوي‬ ‫نزار الريس‬ ‫غدير زيزفون‬ ‫وليد الشارود‬ ‫جمال عبدالعاطي‬ ‫فؤاد العجل‬ ‫سحر الفاهوم‬ ‫أمل كفا‬ ‫عيسى لطفي‬ ‫أمين املريري‬ ‫جاكلني ولسن‬

‫سعر العدد‬ ‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫‪20‬‬ ‫البحرين ‪1.800‬‬ ‫تونس‬ ‫‪2.5‬‬ ‫اجلزائر‬ ‫ ‬ ‫جيبوتي ‬ ‫السعودية ‪20‬‬ ‫‪1.800‬‬

‫>‬

‫دينار‬ ‫درهم‬ ‫دينار‬ ‫دينار‬ ‫دينار‬ ‫فرنك‬ ‫ريال‬

‫مراكز توزيع‬

‫السودان ‬

‫جنيه‬ ‫ليرة‬ ‫شلن‬ ‫‬‫ريال‬

‫سوريا‬ ‫‪100‬‬ ‫الصومال ‬ ‫العراق ‪-‬‬ ‫ُعمان‬ ‫‪2‬‬ ‫فلسطني ‪$ 1.25‬‬ ‫‪ 20‬ريال‬ ‫قطر‬

‫الكويت‬ ‫لبنان ‬ ‫ليبيا‬ ‫ ‬ ‫مصر‬ ‫‪7‬‬ ‫املغرب ‪30‬‬ ‫موريتانيا ‬ ‫اليمن‬ ‫‪250‬‬

‫‪1.500‬‬

‫دينار‬ ‫ليرة‬ ‫دينار‬ ‫جنيه‬ ‫درهم‬ ‫أوقية‬ ‫ريال‬

‫‪4‬‬ ‫‪2.5‬‬

‫‪₤‬‬ ‫‪CI‬‬

‫‪Britain‬‬ ‫‪Cyprus‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪Greece‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪Italy‬‬

‫‪6‬‬

‫‪$‬‬

‫‪U.S.A.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪France‬‬

‫‪Germany‬‬

‫[ ما يعادل بالعملة احمللية دوالرا أمريكيا ونصف الدوالر (‪])USA $ 1.5‬‬

‫في األقطار العربية (انظر الصفحة ‪.)70‬‬

‫االشتراكات‬ ‫ترسل الطلبات إلى قسم االشتراكات باملجلة‪.‬‬ ‫ للطلبة وللعاملني في سلك‬ ‫التدريس و‪/‬أو البحث العلمي‬ ‫ لألفراد‬ ‫ للمؤسسات‬

‫بالدينار الكويتي‬

‫بالدوالر األمريكي‬

‫‪12‬‬

‫‪45‬‬

‫‪16‬‬

‫‪56‬‬

‫‪32‬‬

‫‪112‬‬

‫مالحظة‪ :‬حتول قيمة االشتراك بشيك مسحوب على أحد البنوك في دولة الكويت‪.‬‬

‫بزيارة موقع املجلة ‪ www.oloommagazine.com‬ميكن االطالع على مقاالت اإلصدارات املختلفة اعتبارا من العدد ‪.1995/1‬‬

‫كما ميكن االطالع على قاموس مصطلحات‬

‫باتباع التعليمات الواردة على الصفحة الرئيسية للموقع‪.‬‬

‫بنسـخة مجـانية من قرص ‪ CD‬يتضمن خالصات مقاالت هذه املجلة منذ نشأتها‬ ‫ميكـن تزويــد املشـتركني في‬ ‫عام ‪ 1986‬والكلمات الدالة عليها‪ .‬ولتشغيل هذا القرص في جهاز ُمدعم بالعربية‪ ،‬يرجى اتباع اخلطوات التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬اختر ‪ Settings‬من ‪ start‬ثم اختر ‪Control Panel‬‬ ‫‪ -2‬اختر ‪Regional and Language Options‬‬ ‫‪ -3‬اختر ‪ Arabic‬من قائمة ‪ Standards and Formats‬ثم اضغط ‪OK‬‬ ‫حقوق الطبع والنشر محفوظة ملؤسسة الكويت للتقدم العلمي‪ ،‬ويسمح باستعمال ما يرد في‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫شريطة اإلشارة إلى مصدره في هذه املجلة‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫املجلد ‪ 27‬ـــ العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫‪4‬‬

‫احترار عاملي‬

‫إلى العلم أحتكم‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫>‪ .D .M‬ليمونيك<‬

‫غدير زيزفون ـ عدنان احلموي‬

‫>‪ .A .R‬مولر<‬

‫عقد املتشككون املناخيون في الكونگرس اآلمال على الفيزيائي‬ ‫ملساعدتهم على املناظرة املناخية‪ .‬ولكن األمور جرت على غير ما كانوا يأملون به‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫استدامة‬

‫حرب الغذاء‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫>‪ .B‬بوريل<‬

‫رويدة أبو سمرة ـ محمد حسن حتاحت‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫إن احملاصيل املعدلة وراثيا تتلقى اتهامات غير مبررة من قبل البيئيني‪ ,‬على‬ ‫حد قول قيصر البحث الزراعي <‪ .R‬بيتشي>‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫طـب‬

‫دراسة األمراض في طبق‬

‫>‪ .S .S‬هال<‬

‫وليد الشارود ـ زياد درويش‬

‫استخدام مبتَكر للخاليا اجلذعية املأخوذة من أنسجة البالغني قد يؤدي إلى‬ ‫اإلسراع في تطوير عقاقير ملواجهة األمراض املنهِ كة‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫تصوير (تشخيصي شعاعي)‬

‫علم األعصاب في قاعة احملكمة‬

‫>‪ .S .M‬گازّانيگا<‬

‫عيسى لطفي ـ سحر الفاهوم‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫ميكن لدراسات مسوح الدماغ أن تغير املوقف القضائي حول املسؤولية‬ ‫الشخصية للمتهمني عما ارتكبوه‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫طاقة‬

‫بحث عن ّ‬ ‫حل جذري‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫>‪ .M‬فيشيتي<‬

‫عماد ريحاوي ـ محمد دبس‬

‫سيأتي أعظم مكسب من الطاقة نتيجة إعادة ابتكار جوهرية للتقانات السائدة‪،‬‬ ‫وذلك على حد قول املستثمر <‪ .V‬خوسال<‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪30‬‬

‫علوم عصبية‬

‫العضو اخلفي في عيوننا‬ ‫>‪ .I‬پروڤنسيو<‬

‫نزار أبا زيد ـ أمل كفا‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫تتالءم أجسامنا مع دورة الليل والنهار بفضل عصبونات متخصصة في عيوننا‪,‬‬ ‫وميكن أن تؤدي دراسة هذه اخلاليا إلى عالج جديد الكتئاب الشتاء وحاالت أخرى‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫ذكاء صنعي‬

‫حل معضلة إمكان احلواسيب‬ ‫ُّ‬ ‫متييز أحاديث متزامنة‬ ‫(معضلة حفل الكوكتيل)‬

‫عمر البزري ـ عدنان احلموي‬

‫>‪ .P .G‬كولينز<‬

‫تعاني احلواسيب صعوبات ج ّمة في تعرف كالم البشر عندما يتحدثون في آن‬ ‫واحد؛ ولكن ذلك وشيك التغ ّير‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫علوم عصبية حديثة‬

‫استخدام الضوء للتحكم بالدماغ‬ ‫>‪ .K‬دايسيروت<‬

‫علي األمير ـ جمال عبدالعاطي‬

‫الباحثون اليوم يستخدمون الضو َء الستقصاء كيفية عمل اجلهاز العصبي بتفاصيل‬ ‫غير مسبوقة‪ .‬وقد يؤدي ذلك إلى تطوير طرق عالجية أفضل للمشكالت النفسية‪.‬‬ ‫‪50‬‬

‫تقانة‬

‫داخل مختبر اللحم‬ ‫>‪ .J‬بارثوليت<‬

‫نزار الريس ـ غدير زيزفون‬

‫تسعى مجموعة من العلماء إلى تلبية رغبة العالَم املتزايدة في شرائح اللحم دون‬ ‫إحلاق األذى بكوكب األرض‪ .‬وتبدأ اخلطوة األولى بطبق پتري‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫تغ ّير مناخي‬

‫آخر احترار عاملي كبير‬ ‫>‪ .R .L‬كامپ<‬

‫فؤاد العجل ـ خضر األحمد‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫تشير أدلة جديدة غير متوقعة إلى أنّ معدل ارتفاع حرارة الكرة األرضية األشد‬ ‫خالل عصور ما قبل التاريخ بدأ بطيئا مقارنة مبا نواجهه في الوقت احلاضر‪.‬‬ ‫وفي هذه احلادثة املهمة دروس من أجل مستقبلنا‪.‬‬ ‫‪ 64‬أخبار علمية‬ ‫> عيون تراقب اخلنازير‪.‬‬ ‫> قليل جدا‪ ،‬كثير جدا‪.‬‬

‫‪ 68‬عالم الصحة‬ ‫معاجلة الزكام‪ :‬كن حذرا مما تتمناه‪.‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪3‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫إلى العلم أحتكم‬

‫( )‬

‫ملاذا لم يقل >‪ .A .R‬مولَر< للمتشككني املناخيني‬

‫(‪)1‬‬

‫في مجلس النواب ما كانوا يريدون سماعـه‪.‬‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫ل������م يك������ن >‪ .A.R‬مولر< يرت������اح على‬ ‫اإلط���ل��اق للحكم������ة العلمي������ة املعهودة‪.‬‬ ‫فعندما جاء أس������تاذه >‪ .L‬ألڤاريس< في‬ ‫الثمانين������ات بالفكرة الغريب������ة التي تفيد‬ ‫بأن مذنَّبا عمالق������ا أو نيزكا ضخما قد‬ ‫اصطدم باألرض فأدى ذلك إلى انقراض‬ ‫الديناص������ورات‪ ،‬ق������ام فيزيائ������ي بيركلي‬ ‫(جامعة كاليفورني������ا) بالذهاب إلى أبعد‬ ‫من ذلك‪ ،‬واقترح أن املذنب قد قذف به إلى‬ ‫طريقنا جنم معتم مرافق للشمس‪ ،‬أطلق‬ ‫عليه >مولر< اس������م مُنيسيس ‪.Nemesis‬‬ ‫وافت������رض في التس������عينات أن العصور‬ ‫اجلليدية التي مرت على األرض س������ َببها‬ ‫حطام فضائي ناجت من التغيرات الدورية‬ ‫في موقع مدار األرض‪.‬‬ ‫وب���َّي��نَّ >مولر< حديثا أن ما أس������ماه‬ ‫>آل ك������ور< «احلقيق������ة املزعج������ة» ليس‬ ‫س������وى حزمة م������ن أنص������اف احلقائق‪،‬‬ ‫وأكد أن قياس������ات ارتفاع درجة حرارة‬ ‫الك������رة األرضي������ة مليئة بش������روخ عميقة‬ ‫جدا‪ ،‬وأصر على أن الكثيرين من الذين‬ ‫حذروا م������ن التغير املناخي ل������م يقوموا‬ ‫س������وى ببيع الناس قائم������ة باحلاجيات‪.‬‬ ‫ومع أن >مولر< مقتنع بأن التغير املناخي‬ ‫حقيقة واقعة وينط������وي على خطر كامن‬ ‫قد يكون البش������ر متسببني في جزء منه‪،‬‬ ‫وجه العلماء باجتاه جتاهل النقد‬ ‫إ ّال أنه ّ‬ ‫الذي يثيره الدخالء أمثال عالم األرصاد‬ ‫اجلوي������ة >‪ .A‬وات������س< صاح������ب مدونة‬ ‫‪4‬‬

‫>‪ .D.M‬ليمونيك<‬

‫‪ ،Watts Up with That :blog‬واإلحصائي‬ ‫>‪ .S‬ماك إنتاير< صاحب مدونة التدقيق‬ ‫املناخ���ي ‪ .Climate Audit‬وب������دأ >مولر<‬ ‫مع مجموعة من زمالئه مشروع بيركلي‬ ‫حلرارة سطح األرض )‪ )2((BEST‬ليصلح‬ ‫الشروخ املوجودة في قياسات االحترار‬ ‫العاملي ‪.global warming‬‬ ‫وأدت وجه������ات النظر الت������ي تبناها‬ ‫>مولر< إل������ى جعله حبيب املتش������ككني‬ ‫واجلمهوري���ي��ن املنتخب���ي��ن حديثا الذين‬ ‫دعوه إلى مجلس النواب ليدلي بشهادته‬ ‫أمام جلنة العلوم والفضاء والتقانة فيما‬ ‫يتعلق بالنتائج األولية التي حصل عليها‪.‬‬ ‫ولكن >مولر< فاجأ املتش������ككني وقيادة‬ ‫اللجن������ة كما فاجأ نفس������ه عندما صرح‬ ‫أم������ام اللجنة في ‪ 2011/3/31‬بأن ما تبني‬ ‫حت������ى اآلن هو أن املش������روع ‪ BEST‬قد‬ ‫أثبت مجرى التفكير السائد في موضوع‬ ‫التغير املناخي‪ :‬فاألرض تس������خن وفق‬ ‫إسقاطات النماذج املناخية‪.‬‬ ‫وهذا االعتراف ح������ ّول >مولر< فورا‬ ‫من بط������ل إلى وغ������د في عي������ون بعض‬ ‫املتش������ككني‪ ،‬وأدى في الوقت نفسه إلى‬ ‫ابتهاج املناخيني‪ .‬نشر املوقع ‪ Grist‬على‬ ‫الوِ ب‪« :‬العلم ينش������ب أنيابه في مؤخرة‬ ‫املتشككني املناخيني على أرض مجلس‬ ‫الن������واب‪ ».‬أم������ا >مولر< فس������وف ينهي‬ ‫الدراسة األخيرة في أي يوم اآلن‪ ،‬وإذا‬ ‫أدت هذه الدراس������ة إل������ى تأكيد النتائج‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫األولي������ة‪ ،‬كما هو متوقع‪ ،‬فس������وف يعمد‬ ‫ِّ‬ ‫احلط نهائيا من مكانته‪.‬‬ ‫املتشككون إلى‬ ‫ولكن >مولر< أوضح في مقابلة أجراها‬ ‫مع مجلة س������اينتفيك أمريكان بعد فترة‬ ‫وجيزة من االنتهاء من اإلدالء بشهادته‬ ‫تلك أن هذا األمر ال يقلقه البتة‪.‬‬ ‫س���اينتفيك أمري���كان )‪ :(SA‬مل���ا كنت‬ ‫فيزيائي���ا متمرس���ا‪ ،‬فما ال���ذي جعلك‬ ‫تهتم مبوضوع التغير املناخي؟‬ ‫>مولر<‪ :‬لقد اهتممت بداية بالعالقة بني‬ ‫علم الفلك وتاري������خ األرض اجليولوجيا‬ ‫(علم األرض)‪ .‬وثمة نظرية تدعى نظرية‬ ‫ميالنكوڤيتش(‪ )3‬تربط العصور اجلليدية‬ ‫بأح������داث فلكية‪ ،‬ولكن ه������ذه النظرية لم‬ ‫َ‬ ‫حتظ بأي اهتمام علمي على مدى طويل‬ ‫من الزمن – هل عل������م الفلك صحيحا؟‬ ‫فالن������اس يعتق������دون أن املس������تقبل في‬ ‫النجوم‪ ،‬وأعتقد أنه لهذا السبب لم يلقَ‬ ‫هذا احلقل س������وى القليل من االهتمام‪.‬‬ ‫لقد أمضيت عش������ر سنوات دارسا هذا‬ ‫احلقل أنقب في كتاب يدعى «العصور‬ ‫اجلليدية واملس���ببات الفلكية»(‪ ،)4‬وهو‬ ‫كتاب مفص������ل وتقني ورياضياتي جدا‪.‬‬ ‫ومن الطبيعي عندما س������ألقي محاضرة‬ ‫ف������ي هذا املوض������وع‪ ،‬أن ينصب نصف‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪I Stick to the Science‬‬ ‫‪the climate debate‬‬ ‫‪Berkeley Earth Surface Temperature‬‬ ‫‪the Milankovitch theory‬‬ ‫‪Ice Ages and Astronomical Causes‬‬


‫باختصار‬ ‫من هو‬

‫>‪ .A .R‬مولر<‬

‫مهنته األصلية والثانوية‬

‫فيزيائي أصبح ضالعا في أبحاث التغير‬ ‫املناخي‬

‫أين‬

‫مختبر لورانس الوطني في بيركلي‬

‫مجال بحثه‬

‫الفيزياء الفلكية واجليوفيزياء‬

‫صورة كبيرة‬

‫أغضب >مولر< املتشككني املناخيني بعدما‬ ‫شهد في الكونگرس أنه يوافق وجهة النظر‬ ‫السائدة في أن األرض تسخن وفقا ملا‬ ‫تبينه النماذج املناخية‪.‬‬

‫عدد األس������ئلة التي س������تطرح حول هذا‬ ‫املوضوع على االحترار العاملي‪ .‬ولذلك‬ ‫ب������دأت باالس������تعداد لإلجاب������ة عن هذه‬ ‫األس������ئلة بدراس������ة موضوع االحترار‬ ‫العامل������ي‪ ،‬وكانت جميع الوس������ائل التي‬ ‫طورته������ا وجميع الطرائق التي تعلمتها‪،‬‬ ‫تتالءم وهذا احلقل اجلديد‪.‬‬ ‫والس������بب الفعلي ال������ذي جعلني آخذ‬ ‫هذا احلقل على محمل اجلد‪ ،‬هو معرفتي‬ ‫ب������أن معظم الناس يتجاهلون عالقة العلم‬ ‫باملوضوع‪ ،‬وهو أمر على غاية كبيرة من‬ ‫األهمي������ة‪ .‬وطرحت توصيات تطالب حتى‬ ‫األمم الفقي������رة في العال������م بأن تُخصص‬ ‫نسبة كبيرة من ناجتها احمللي اإلجمالي‬ ‫ملعاجلة مش������كلة االحت������رار العاملي‪ .‬وقد‬ ‫ش������مل تأثير املوضوع سياسات الطاقة‬ ‫الرئيسية في الواليات املتحدة‪ .‬ومع ذلك‬ ‫ال يبدو أن العلم قد حس������م األمر‪ .‬ولذلك‬ ‫خطر لي بأنه رمبا يكون من األهمية مبكان‬ ‫أن يدرس عالِم فيزيائي ذلك املوضوع‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬كيف خرج املشروع ‪ BEST‬إلى‬ ‫حيز الوجود؟‬ ‫>مولر<‪ :‬قام أحد زمالئي بلفت انتباهي‬ ‫إلى بع������ض القض ــاي ــا الت������ي أثـ ــارهـ ــا‬

‫>‪ .A‬واتس< الذي قد يبني أن العديد من‬ ‫احملطات التي تس������جل درجات احلرارة‬ ‫كانت س������يئة التموضع جدا‪ ،‬فقد كانت‬ ‫قريبة من األبنية ومن مصادر احلرارة‪.‬‬ ‫وكذلك كنت قد اطلعت بصورة منفصلة‬ ‫على العمل الذي أجراه >‪ .S‬ماك إنتاير<‬ ‫في كن������دا وال������ذي درس بيانات «عصا‬ ‫(لعب������ة) الهوكي» [وه������ي البيانات التي‬ ‫أدت ع������ام ‪ 1999‬إلى خط بياني يبني أن‬ ‫درجات احلرارة بقيت ثابتة تقريبا مدة‬ ‫تقارب األلف س������نة ثم أخذت تتصاعد‬ ‫بح������دة في القرن العش������رين مثل نصل‬ ‫عصا الهوكي]‪.‬‬ ‫وقد راجع������ت الورق������ة العلمية التي‬ ‫تشرح مسألة عصا الهوكي‪ ،‬فأصبحت‬ ‫غير مرتاح إلى درجة كبيرة‪ ،‬وش������عرت‬ ‫بأن هذه الورق������ة لم تدعم اخلط البياني‬ ‫بصورة كافية‪.‬‬ ‫وبعد عدة سنوات ظهر >ماك إنتاير<‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫وبينّ بالفعل أن مخط������ط عصا الهوكي‬ ‫البياني لم يكن ف������ي احلقيقة صحيحا‪.‬‬ ‫فقد تأثر بخطأ مهم جدا ارتكبه العلماء‬ ‫في طريقة حس������اب املكونات الرئيسية‪.‬‬ ‫ولذلك كنت مسرورا ألنني فعلت ذلك‪.‬‬ ‫وكانت هن������اك أيضا قضايا أخرى‪.‬‬ ‫إذ وجدت ثالث مجموعات رئيسية تقوم‬ ‫بتحليل درجات احلرارة‪ .‬فأدى ذلك إلى‬ ‫ظهور قضايا مهمة‪ ،‬كانت إحداها‪ :‬ملاذا‬ ‫قام هؤالء باس������تخدام جزء صغير فقط‬ ‫من محطات احلرارة؟ فقمنا بالنظر إلى‬ ‫ه������ذه القضية وفهمنا أنه������م فعلوا ذلك‬ ‫ألن طرائ������ق التحلي������ل اإلحصائي التي‬ ‫اس������تخدموها لم تتوافق سوى مع عدد‬ ‫صغير من احملطات‪ ،‬وكانت تعطي نتائج‬ ‫أفضل عندما تكون س������جالت مستمرة‬ ‫خالل مدة طويلة‪ .‬وهكذا كانوا يقومون‬ ‫باختيار احملط������ات التي كان لديها مثل‬ ‫هذه السجالت‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫يط������رح مث������ل ه������ذا الفعل س������ؤاال‬ ‫مش������روعا‪ :‬هل هناك حتي������ز كامن عند‬ ‫اختيار احملطات التي متتلك س������جالت‬ ‫طويل������ة ومس������تمرة؟ م������ن الطبيعي أن‬ ‫يح������دث ذلك‪ ،‬فل������و كان لدين������ا محطة‬ ‫تعم������ل منذ نحو مئة س������نة‪ ،‬يحتمل أن‬ ‫تكون عن������د بدء عملها واقعة في منطقة‬ ‫بعي������دة عن العم������ران ولكنها أصبحت‬

‫)‪ :(SA‬ه���ل كان التفكير الس���ائد لدى‬ ‫فئات حتلي���ل درجات احل���رارة بهذه‬ ‫الطريقة أيضا؟‬ ‫>مول���ر<‪ :‬لقد اتصلن������ا بالفئات األخرى‬ ‫العامل������ة في هذا املجال وميكنني القول‬ ‫إن������ه ثمة اتف������اق عاملي عل������ى أن إجناز‬ ‫األعمال بطرائق مختلفة قد يوفر العون‪.‬‬ ‫فمثال رحب >‪ .J‬هانسن< [من معهد ناسا‬

‫«قبل اإلدالء بشهادتي‪ُ ،‬نشرت مقاالت إخبارية في صحف‬ ‫رئيسية تدعي سلفا أنني متحيز وأن لي مآرب خاصة‪.‬‬ ‫ولست أدري من أين جاؤوا بذلك‪».‬‬ ‫في الوقت احلاضر تقع داخل املدينة‪،‬‬ ‫وقد يكون ذلك أعطاها ازديادا حراريا‬ ‫غير س������وي‪ .‬وهذا األمر يش������اهد في‬ ‫طوكيو‪ ،‬على س������بيل املثال ويدعى ذلك‬ ‫تأثي���ر اجل���زر احلرارية ف���ي املناطق‬ ‫احلضرية(‪.UHIE )1‬‬

‫لقد ادعت الفئات الثالث أن ذلك لم‬ ‫يكن مشكلة‪ .‬ورمبا يكونون على صواب‪.‬‬ ‫لكننا وجدنا أن تقييم هذا األمر صعب‬ ‫جدا ورأينا أنه باس������تخدام احلواسيب‬ ‫احلديث������ة‪ ،‬قد نتمكن م������ن تصميم نظام‬ ‫ميكن������ه فعال اس������تخدام جميع البيانات‬ ‫الت������ي تعالج املش������كالت املعروفة‪ ،‬مثل‬ ‫التأثي������ر ‪ ،UHI‬بطريق������ة مختلفة‪ .‬وهذه‬ ‫الطريقة ليست بالضرورة أفضل وإمنا‬ ‫هي مختلفة عن غيرها‪.‬‬ ‫وهذا ه������و األس������لوب ال������ذي يتبعه‬ ‫العلم������اء في إجناز األم������ور‪ .‬فال ميكننا‬ ‫دائم������ا االدع������اء أن طرائقنا أفضل مما‬ ‫س������بقها‪ ،‬ولك������ن ميك������ن إجن������از العمل‬ ‫بأسلوب مختلف لنرى هل سنصل إلى‬ ‫النتيجة نفسها‪ .‬فإذا حصلنا على نتيجة‬ ‫مختلفة يبرز عندئذ الس������ؤال ملاذا نقوم‬ ‫بدراس������ة ذلك‪ .‬فالقيام بإجناز األعمال‬ ‫بطريق������ة مختلف������ة هو رب������ح حقيقي في‬ ‫موضوع كالذي نحن بصدده‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫گودارد لدراس������ات الفض������اء] باجلهود‬ ‫الت������ي نبذلها ألنه يعتقد‪ ،‬اس������تنادا إلى‬ ‫خبرته الش������خصية في هذا املوضوع‪،‬‬ ‫أن اجلواب الذي نحن بصدد احلصول‬ ‫عليه س������يكون مماثال مل������ا حصلت عليه‬ ‫مجموعت������ه الدراس������ية‪.‬إن ذل������ك لطيف‬ ‫جدا – فهذا الن������وع من الثقة ال يصدر‬ ‫إال عن أشخاص أجروا أعماال دقيقة‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬لقد ندد >‪ .A‬واتس<‪ ،‬الذي يعده‬ ‫بع���ض علم���اء املن���اخ رافض���ا وليس‬ ‫مج���رد متش���كك‪ ،‬بتصريحات���ك ب�ي�ن‬ ‫الن���اس قبل أن تتواف���ر لديك النتائج‬ ‫النهائية؛ فلماذا فعلت ذلك؟‬ ‫>مول���ر<‪ :‬إن فكرة ع������دم عرض نتائجك‬ ‫على أحد‪ ،‬مبا في ذلك زمالئك‪ ،‬قبل أن‬ ‫تتم مراجعتها علميا من قبل األقران أمر‬ ‫جديد على العل������م‪ ،‬وقد جرى اعتمادها‬ ‫جلذب انتباه وس������ائل االع���ل��ام‪ .‬وأنا ال‬ ‫أرى هذا أمرا جيدا‪.‬‬ ‫وق������د تصبح املس������ألة أكثر صعوبة‬ ‫عندما ُيطلب إلى شخص مثلي أن يدلي‬ ‫بش������هادته في مجلس النواب األمريكي‬ ‫(الكونگرس)‪ ،‬وكنت على وش������ك رفض‬ ‫ذلك‪ .‬لقد ناقش������ت األمر م������ع زمالئي‪،‬‬ ‫فقال معظمه������م‪« :‬متعن‪ ،‬إنها احلكومة‪،‬‬ ‫املهم ف������ي األمر هو أن������ك إن لم تعطهم‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫رأي������ك وأفكارك بص������دق وصراحة عما‬ ‫تعرفه فس������وف يقرون تشريعا ال يأخذ‬ ‫في احلسبان الوضع احلالي للعلم‪».‬‬ ‫)‪ :(SA‬ه���ل تعتق���د أن أقوال���ك الت���ي‬ ‫تص���ب ف���ي اجتاه ما يقول���ه نقاد علم‬ ‫املناخ أمث���ال >واتس< و>ماك إنتاير<‬ ‫هي الس���بب في دعوتك إلى الش���هادة‬ ‫ظن���ا من رئي���س اللجن���ة >‪ .M .R‬هول<‬ ‫أنك س���تكون معارض���ا ملا يجمع عليه‬ ‫فِ كر املناخيني السائد؟‬ ‫>مولر<‪ :‬قبل اإلدالء بش������هادتي‪ ،‬نُشرت‬ ‫مق������االت إخبارية في صحف رئيس������ية‬ ‫عدتني س������لفا منح������ازا وملتزما برأي‬ ‫مسبق‪ .‬ولست أدري من أين أتوا بذلك‪،‬‬ ‫ولك������ن بإمكاني أن أخم������ن‪ :‬أعتقد أنهم‬ ‫كان������وا يتنبؤون مبا س������وف أقوله أمال‬ ‫باالس������تهانة به أو تسفيهه عندما يخرج‬ ‫إلى املأل‪.‬‬ ‫ول������ن أخوض ف������ي تخم���ي��ن دوافع‬ ‫رئاس������ة اللجنة اجلمهورية‪ .‬ويتملكني‪،‬‬ ‫بعد أن أدليت بشهادتي في الكونگرس‪،‬‬ ‫إحس������اس هو أن معظ������م أعضاء هذا‬ ‫املجل������س كانوا جدي���ي��ن ومن أصحاب‬ ‫الرأي وأنهم ل������و كانوا ال يتوافقون مع‬ ‫من تس������ميهم أصحاب الفكر الس������ائد‬ ‫ف������ي بعض وجهات النظ������ر‪ ،‬فذلك يعود‬ ‫لكونهم متش������ككني موضوعيني يثيرون‬ ‫قضاي������ا حقيقي������ة ل������م تت������م بالضرورة‬ ‫اإلجابة عنها‪.‬‬ ‫فأن������ا ال أهتم في أن يكون من أتكلم‬ ‫معه جمهوري������ا أو دميقراطي������ا‪ ،‬فالعلم‬ ‫ال حزب له‪ ،‬وأعتق������د أن مالذي هو في‬ ‫االحتكام إلى العلم‪ .‬فأنا لس������ت ملتزما‬ ‫بفكرة معينة وليس لدي أهداف سياسية‬ ‫تدعوني لالنحياز لهذا اجلانب أو ذاك‪.‬‬ ‫وأنا أحتكم إلى العلم‪ ،‬وهذا ما أنا بارع‬ ‫فيه‪ .‬وإذا ما قلت ش������يئا ُمدهشا‪ ،‬فذلك‬ ‫أمر جيد ويسهم في إغناء النقاش‪.‬‬ ‫(‪ urban heat-island )1‬جزر حرارية في املناطق احلضرية‪.‬‬


‫)‪ :(SA‬لقد قلتَ في أكثر من مناس���بة‬ ‫أن���ه م���ا م���ن ش���يء ف���ي الوالي���ات‬ ‫املتح���دة ميكن أن نق���وم به لتخفيض‬ ‫االنبعاثات الغازية سيحدث أي فرق؛‬ ‫ألن االنبعاث���ات الناجت���ة م���ن ح���رق‬ ‫الفح���م احلج���ري في الص�ي�ن والهند‬ ‫تنمو بوتيرة سريعة‪.‬‬ ‫>مول���ر<‪ :‬ف������ي الواق������ع إذا م������ا قمن������ا‬ ‫بالتخفيض واس������تمرت الهند في النمو‬ ‫وكذلك الصني‪ ،‬فإن تخفيضنا لن يحقق‬ ‫أي مكس������ب حقيق������ي‪ .‬واألم������ل هو أننا‬ ‫س������نكون قدوة تحُ تذى م������ن قبل الصني‬ ‫يس������وقها‬ ‫والهن������د‪ .‬ولكن الطريقة التي َ‬ ‫الكثي������ر من الناس ألس������باب سياس������ية‬ ‫ولكونها أكثر حزما‪ ،‬هي أننا املسؤولون‬ ‫عن االزدياد الش������ديد الحت������رار العالم‪،‬‬ ‫وعلينا تخفي������ض االنبعاث������ات بصرف‬ ‫النظر عما يفعل������ه اآلخرون‪ .‬وليس هذا‬ ‫بالنظر إلى األعداد‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل تعد نفسك متشككا؟‬ ‫>مول���ر<‪ :‬ال‪ .‬لي������س بالطريق������ة الت������ي‬ ‫يستخدم فيها هذا املصطلح‪ .‬أنا أعتبر‬ ‫نفسي متش������ككا مقبوال وفق الطريقة‬ ‫الت������ي يتبعها أي عال������م‪ .‬ولكن الناس‬ ‫يس������تخدمون مصطل������ح «متش������كك»‪،‬‬ ‫ولس������وء احلظ‪ ،‬يخلطونه مع مصطلح‬ ‫«راف������ض»‪ .‬واآلن يوج������د رافض������ون‬ ‫مناخيون؛ لن أس������ميهم‪ ،‬ولكن الناس‬ ‫تعرف من هم‪ .‬وهؤالء إناس اليعيرون‬ ‫العلم اهتماما يذك������ر‪ ،‬لكنهم يعمدون‬ ‫إلى قط������ف البيان������ات املقدمة بطريقة‬ ‫غير صحيحة ويقول������ون إنه ليس ثمة‬ ‫مشكلة تذكر‪.‬‬ ‫وأضم إلى قائمة املتش������ككني >واتس<‬ ‫و>ماك إنتاير< وهما ‪ -‬في نظري ‪ -‬يقدمان‬ ‫خدم������ة كبي������رة للمجتمع ع������ن طريق طرح‬ ‫تساؤالت مشروعة ويقومان بقدر كبير من‬ ‫العمل في الداخل واخلارج – ومما ال شك‬ ‫فيه أن ذلك جزء من العملية العلمية‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬ولكنك بالتأكيد تنتقد األشخاص‬ ‫الذين ميكن أن نسميهم «املدافعون عن‬ ‫البيئة»‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫>مول���ر<‪ :‬لق������د نقل عني أنن������ي قلت أن‬ ‫كال من >آل كور< والكاتب في صحيفة‬ ‫نيويورك تاميز >‪ .L .Th‬فريدمان< مبالغ‪،‬‬ ‫وهم������ا كم������ا أرى ش������خصان مهتمان‬ ‫بشدة بأخطار ازدياد االحترار العاملي‪،‬‬ ‫ولكنهم������ا من الذين يقتطف������ون البيانات‬ ‫أيض������ا‪ ،‬وال يعيرون العل������م أي اهتمام‪.‬‬ ‫وهذا األمر غير مس������تغرب‪ ،‬فهما ليسا‬ ‫باحثني علميني‪.‬‬ ‫فالعلم ليس كذلك‪ ،‬إذ إنه يفرض عليك‬ ‫أن ت������درس جميع البيانات وتس������تخرج‬ ‫نتيجة متوازن������ة‪ .‬وأعتقد أن ما يدفعهما‬ ‫إلى ما يقومان به هو اهتمامهم الشديد‬ ‫باألمر‪ ،‬وقد حققا بعض األمور احلسنة‬ ‫فعال مث������ل تعريف الش������عب األمريكي‬ ‫بقضي������ة يجب أن يك������ون مطلعا عليها‪.‬‬ ‫ولكن لكونهما ليسا عاملني‪ ،‬شعرا بأنه ال‬ ‫يتعني عليهما أن يعرضا البيانات التي‬ ‫تُظهر عدم التوافق وعدم التناسب‪ .‬و>آل‬ ‫گور< في نظر اجلماهير عالم‪ .‬واخلطير‬ ‫في األمر أنك عندما تبالغ سيكتش������ف‬ ‫الناس أنك قد بالغت‪ ،‬وعندها يحدث رد‬ ‫فعل الناس‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬كيف سيكون رد الفعل؟‬ ‫>مولر<‪ :‬أش������عر بأن جزءا من س������بب‬ ‫نقص االهتمام مبسألة التغير املناخي‬ ‫ف������ي الواليات املتحدة ف������ي هذه األيام‬ ‫يعود إل������ى رد فع������ل اجلمه������ور على‬ ‫املبالغة السابقة‪ .‬فاجلماهير هي ا َ‬ ‫حل َكم‬ ‫احملايد وتس������تمع إلى كال االجتاهني‪.‬‬ ‫وعندما يسمع الناس مثل تلك النتائج‬ ‫املختلفة تتشوش أفكارهم‪ .‬وأعتقد أن‬ ‫الناس هم حاليا في حالة من االرتباك‬ ‫والتش������وش‪ ،‬ألنه������م علم������وا أن بعض‬ ‫القضاي������ا الت������ي يثيرها املتش������ككون‬ ‫املوضوعيون صحيحة‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫)‪ :(SA‬هل تعتقد أن الهيئة )‪،)1((IPCC‬‬ ‫احلكم الرئيس���ي في عل���م املناخ‪ ،‬هي‬ ‫مؤسسة موضوعية؟‬ ‫(‪)2‬‬ ‫>مول���ر<‪ :‬تنط������وي الهيئ������ة ‪ IPCC‬على‬ ‫بعض املوضوعية العلمية‪ .‬ولكن املشكلة‬ ‫هي أن النواحي لدى الهيئة ‪ IPCC‬التي‬ ‫اس������تحوذت على انتب������اه اجلمهور هي‬ ‫األماك������ن التي حصل فيه������ا الكثير من‬ ‫املبالغ������ات‪ .‬وهكذا عندم������ا يقول الناس‬ ‫إن الهيئ������ة ‪ IPCC‬مازالت جوهريا على‬ ‫صواب‪ ،‬فإن نظر اجلمه������ور لن يتوجه‬ ‫نحو قياس������ات ارتفاع درجات احلرارة‬ ‫والنم������اذج احلاس������وبية بل س������يتوجه‬ ‫نحو املبالغات الت������ي تبنتها الهيئة مثل‬ ‫انصهار جليد الهماليا‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬لقد كانت النتائج التي قدمتَها‬ ‫إل���ى الكونگرس في الش���هر ‪« 3‬أولية»‬ ‫وتستند إلى نحو اثنني في املئة فقط‬ ‫من النتائج الكلية‪ .‬فعندما س���تنتهي‬ ‫من دراسة جميع البيانات هل ستَمثُل‬ ‫أمام املجلس مرة ثانية؟‬ ‫إلي اإلدالء بشهادتي‬ ‫>مول���ر<‪ :‬إذا طلب ّ‬ ‫أمام املجلس‪ ،‬فس������أقع في ورطة؛ وإنني‬ ‫متأك������د من أن املجلس س������يدعوني إلى‬ ‫الش������هادة‪ .‬فماذا علي أن أفعل؟ يا أيها‬ ‫املجتم������ع العلم������ي أرج������و أن تقدم لي‬ ‫النص������ح حول ماذا تفع������ل عندما يطلب‬ ‫إليك بلدك أفضل ما لديك من معرفة في‬ ‫>‬ ‫مسألة التغير املناخي في العالم؟‬ ‫>‪ .D .M‬ليمونيك< كاتب علمي متقدم في وكالة‬ ‫املناخ وهي منظمة غير ربحية وغير حزبية تهتم‬ ‫بعلم املناخ والصحافة املناخية‪.‬‬ ‫(‪Intergovernmental Panel on Climate Change )1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫الهيئة احلكومية الدولية حول التغير املناخي‪.‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, June 2011‬‬

‫‪7‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫حرب الغذاء‬

‫( )‬

‫إن احملاصيل املعدلة وراثيا تتلقى ‪ -‬على حد قول قيصر‬ ‫البحث الزراعي <‪ .R‬بيتشي> ‪ -‬اتهامات غير مبررة من قبل البيئيني‪.‬‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫نش������أ >‪ .R‬بيتش������ي> في أس������رة تنتمي إلى طائفة اآلميش‬ ‫‪ Amish‬التقليدي������ة بوالية أوهايو في مزرعة صغيرة كانت تنتج‬ ‫الغ������ذاء «بطرق بدائية» ‪ ،‬باس������تخدام عدد قلي������ل من املبيدات‬ ‫احلشرية والعشبية أو املواد الزراعية الكيميائية األخرى‪ .‬فقد‬ ‫تابع طريقه ليصبح خبيرا مش������هورا في ڤيروس������ات النباتات‬ ‫وليك������ون أول من أنتج محصوال زراعيا مع������دال وراثيا ‪ -‬مثل‬ ‫نبات الطماطم (البندورة) احلامل جلني مينحه املقاومة لڤيروس‬ ‫الطماطم الفسيفسائي املدمر‪ .‬ال يرى <بيتشي> فرقا بني الفالحة‬ ‫بتقنية بس������يطة منخفضة التكاليف كان يستخدمها في طفولته‬ ‫بقريته وبني حياة مهني������ة قضاها في تطوير التقانات الزراعية‬ ‫احلديثة املرتفعة التكاليف؛ إذ يعتبر <بيتشي> املعاجلة الوراثية‬ ‫للنباتات الغذائية طريقة ُم َس������اعِ َدة للحفاظ على تقاليد املزارع‬ ‫الصغيرة بخفض كميات املواد الكيميائية املس������تخدمة من قبل‬ ‫املزارعني في محاصيلهم‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2009‬تولى <بيتشي> زمام العمل في املعهد الوطني‬ ‫لألغذي������ة والزراع������ة‪ ،‬ال������ذراع البحثي اجلديد ل������وزارة الزراعة‬ ‫األمريكي������ة ‪ ،‬حي������ث يتحكم في ميزانية تع������ادل ‪ 1.5‬بليون دوالر‬ ‫للسعي إلى حتقيق رؤيته املستقبلية عن الزراعة‪ .‬وفي عام ‪2010‬‬ ‫َم َّو َل معهد «بيتش������ي» األبحاث الزراعية الطموحة‪ ،‬مثل الدراسة‬ ‫اجلينية الضخمة لـ ‪ 5000‬ساللة من القمح والشعير‪ ،‬جنبا إلى‬ ‫جنب مع مشاريع غير متوقعة‪ :‬مثال تخصيص ‪ 15‬مليون دوالر‬ ‫لدراسة سلوكية على بدانة األطفال في الواليات الريفية‪.‬‬

‫>‪ .B‬بوريل<‬

‫أث������ار تعيني <بيتش������ي> جدال لدى دعاة حماي������ة البيئة ألن‬ ‫عمله س������اعد على البدء مبش������اريع بقيمة ‪ 11‬بليون دوالر في‬ ‫الصناعة العاملية حول التقانات احليوية الزراعية‪ .‬لم تس������وق‬ ‫شركات البذور مطلقا نباتاته املقاومة للڤيروسات‪ ،‬ولكن جناح‬ ‫زراع������ة نبات الطماطم الذي أظهر مقاومة ش������به كاملة للعديد‬ ‫من س���ل��االت الڤيروس املختلفة ‪ -‬أكد على أهمية التقانة التي‬ ‫اع ُتم������دت في النهاية على نطاق واس������ع من قبل املزارعني في‬ ‫ُ‬ ‫الوالي������ات املتحدة‪ .‬وحاليا في الوالي������ات املتحدة فإن أكثر من‬ ‫‪ %90‬م������ن فول الصوي������ا ومحاصيل القط������ن وأكثر من ‪%80‬‬ ‫من نباتات الذرة ُهنْدِ َس������ت وراثيا ملقاومة مبيدات األعش������اب‬ ‫واحلشرات باستخدام أس������اليب مماثلة لتلك التي طورت من‬ ‫قبل <بيتش������ي>‪ .‬أثارت عالقات <بيتش������ي> القوية بالشركات‬ ‫الزراعي������ة الكبيرة قلق املزارعني العضويني ‪organic farmers‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫وأولئ������ك الذين يفضلون الطعام املنتج في مناطق قريبة منهم‬ ‫الكثير من متويل عمله في زراعة الطماطم من شركة مونسانتو ‪-‬‬ ‫إضافة إل������ى دفاعه عن التعديل الوراثي للمحاصيل الغذائية‪.‬‬ ‫ال يزال <بيتش������ي> ثابتا على موقفه‪ .‬وعلى الرغم من أنه يعتقد‬ ‫أن ش������ركات الب������ذور ميكنها أن تفعل املزيد لتحس���ي��ن األمن‬ ‫الغذائي في العالم النامي‪ ،‬لكنه يصر على أن التعديل الوراثي‬ ‫(املعاجل������ة اجلينية) أمر ضروري إلطعام األعداد املتزايدة من‬ ‫( ) ‪FOOD FIGHT‬‬ ‫(‪locavores )1‬‬

‫باختصار‬ ‫كرائ������د في تطوير األغذية املعدل������ة وراثيا أدى دورا مؤثرا على رأس‬ ‫وكالة أبحاث الزراعة األمريكية‪.‬‬ ‫يواص������ل >‪ .R‬بيتش������ي< الدفاع ع������ن مكانة بارزة للهندس������ة الوراثية‬ ‫للمحاصي������ل‪ ،‬وي ّدعي أنها توفر أساس������ا ألغراض الزراعة املس������تدامة‬ ‫واخلالي������ة من املواد الكيميائية التي س������تثبت أنها مح������ض نعمة للبيئة‬ ‫مقارنة مبخاطر مضادات األعشاب واحلشرات التقليدية‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫في الوقت نفسه أعرب الناقدون لألغذية املعدلة وراثيا عن قلقهم‬ ‫بسبب تعيني >بيتشي> في منصبه؛ إذ ي ّدعي >بيتشي> أنه من دون‬ ‫احملاصي������ل املعدلة وراثيا‪ ،‬س������يضطر املزارعون إل������ى العودة إلى‬ ‫املمارس������ات القدمية التي من ش������أنها أن تسبب انخفاضا في غلة‬ ‫احملاصيل وارتفاع األس������عار وزيادة في استخدام املواد الزراعية‬ ‫الكيميائية الضارة بالصحة‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬


‫س������كان األرض على نحو مس������تدام‪ .‬واآلن م������ع مقتطفات من‬ ‫محادثتنا الهاتفية مع السيد <بيتشي>‪:‬‬

‫مجلة ساينتفيك أمريكان (‪ :)SA‬هل كنت حاضرا لترى‬ ‫الطماط���م املعدلة وراثيا وهي تنم���و عندما ُزرعت في‬ ‫احلقل في إلينوي في عام ‪1987‬؟‬ ‫<بيتشي>‪ :‬بالطبع ‪ ,‬فقد كنت أنا من قام بزراعتها وكنت أقوم‬ ‫َمر على املكان مرة في األسبوع‪ ،‬وأحتقق‬ ‫بعزقها؛ حيث كنت أ ّ‬ ‫بنفس������ي من كل شيء في احلقل؛ كما ساعدتني ابنتي (‪)K.C.‬‬ ‫في نزع األعش������اب الضارة حول الطماطم في مرة من املرات‪.‬‬ ‫أردت حقا أن أرصد املزروعات وأرى كيف تطورت‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رائع‪ .‬ما نتساءل عنه اآلن هو هل سنعود إلى استخدام املواد‬ ‫الكيميائية فقط‪ ،‬أو أننا سنجد جينات جديدة تتوافق مع تنوع‬ ‫(‪ :)SA‬هل تفاجأت بفعالية اجلني املقاوم للڤيروس؟‬ ‫اآلفات التي نراها في جميع أنحاء العالم‪.‬‬ ‫<بيتش���ي>‪ :‬بكـ ــل تأكيـ ـ ــد ‪ ,‬فبينمــا كانت النباتات األم والتي‬ ‫فعلى عكس الواليات املتحدة‪ ,‬تواجه املناطق االس������توائية‬ ‫ال حتوي اجلني ت������زداد ضعفا‪ ،‬كانت تل������ك النباتات احملتوية‬ ‫في العالم ومن ضمنه������ا أجزاء من الصني‪ ،‬ضغطا متواصال‬ ‫للج���ي��ن تبدو وكأنها تتفجر حيوية كالديناميت‪ .‬ما زلت أحتفظ‬ ‫من حشرات متعددة‪ .‬ويحتاج العلماء إلى مجموعة متنوعة من‬ ‫بالصور األصلية منذ ‪ 25‬عاما‪ .‬إنه لشيء جميل حتى اآلن أن‬ ‫التقنيات اجلينية املختلفة للسيطرة على املجموعة املتنوعة من‬ ‫ننظ������ر إلى هذه الصور ونقول‪« :‬لقد عم������ل فريقنا بجد حقا»‪.‬‬ ‫احلشرات الضارة باحملاصيل‪ ،‬أو أنه قد يكون من الضروري‬ ‫َرأى ُأن������اس آخرون النوع نفس������ه من األعم������ال التقانية تطبق‬ ‫تطبيق التقانات غير اجلينية مثل مختلف املبيدات احلش������رية‬ ‫على اخليار والپاپايا ‪ papaya‬واليقطني والفلفل األخضر‪ .‬كثير‬ ‫غير املج ّربة للس������يطرة عليها‪ .‬وعموما‪ ،‬سوف جند أنواعا من‬ ‫من الناس يندهش من البساطة النسبية للمبدأ النظري وملدى‬ ‫اجلينات التي من ش������أنها احلماية من الذباب األبيض في بلد‬ ‫التأثير الكبير الذي قد ينتج منه‪.‬‬ ‫ما ومن يرقاته في بلد آخر‪ .‬إذا جنحنا في هذا فإنه س������يكون‬ ‫(‪ :)SA‬إن الفعالي���ة الت���ي حققته���ا مثل ه���ذه التجارب لدينا حلول وراثية لهذه األس������ئلة وليس حلوال كيميائية‪ ،‬ومن‬ ‫ال ت���دوم ف���ي الواق���ع إل���ى األبد‪ .‬نح���ن ن���رى اليوم أن ثم‪ ،‬في رأيي‪ ،‬ستكون احللول أكثر استدامة‪.‬‬ ‫ه���ذه التقان���ات قدمت لن���ا نباتات مقاومة للحش���رات (‪ :)SA‬يش���كو نق���اد صناعة التقان���ة احليوية الزراعية‬ ‫ولألم���راض النباتية التي متت الس���يطرة عليها‪ .‬فهل م���ن أنه���ا ركزت على تأمني مصال���ح املزارعني بدال من‬ ‫تعتقد أن الصناعة اعتمدت بش���كل كبير على التعديل حتسني نوعية األغذية للمستهلكني‪ .‬ماذا تقول لهم ؟‬ ‫الوراثي كحل لكل املشكالت كرصاصة فضية؟‬ ‫<بيتش���ي>‪ :‬في الس������نوات األول������ى اهتم الكثي������رون منا في‬ ‫(‪)1‬‬ ‫<بيتش���ي>‪ :‬ال‪ ،‬تحَ ْدثُ هذه األشياء في استنس���ال النبات الوس������ط اجلامع������ي باس������تخدام الهندس������ة الوراثي������ة لتعزيز‬ ‫بجميع أنواعه‪ ,‬سواء أكان االستنسال تقليديا أو جزيئيا كما محتوى الڤيتامني في الطعام وحتس���ي��ن نوعية البروتينات في‬ ‫نفعل اآلن‪ .‬وفي الستينات والس������بعينات من القرن العشرين البذور وتطوير احملاصيل الزراعية التي ال تتطلب اس������تخدام‬ ‫انتش������رت أمناط جديدة من مرض ص������دأ القمح بفعل الرياح املبيدات ‪ -‬وجميع ما فكرنا فيه مفيد للزراعة وللمس������تهلكني‪.‬‬ ‫القادمة من املكس������يك‪ ،‬لذا نش������ط مستنسلو النباتات جدا في وق������د كانت عملية املوافقة على منتجات التقانة احليوية مرهقة‬ ‫إيجاد مقاومة لهذا النمط من الصدأ‪ ،‬ولكن بعد عدة س������نوات ومكلفة وغير معروفة لألكادمييني‪ .‬وسيتطلب األمر اللجوء إلى‬ ‫سينتشر منط آخر من الصدأ‪ ،‬لذا سيكون عليهم العمل مسبقا القطاع اخلاص جلعل التقانات اجلديدة ناجحة إليجاد فرصة‬ ‫بحثا عن أنواع مقاومة لألمناط اجلديدة‪.‬‬ ‫ملنح املزارعني محاصيل ذات إنتاجية عالية‪ .‬إال أن ش������ركات‬ ‫ال توج������د مقاومة دائم������ة لألمراض‪ ،‬مما يطرح الس������ؤال الصناعات الغذائية التي تشتري تلك احملاصيل (مثل املطاحن‬ ‫التالي‪ :‬ملاذا قمنا بالتعديل الوراثي للنباتات الزراعية في املقام العام������ة‪ ،‬كيلوگز ‪ )Kellogg’s‬لم تعت������د أن تدفع أكثر من أجل‬ ‫األول؟ م������ا قمنا به خالل ال������ـ ‪ 15‬أو ‪ 20‬عاما املاضية هو أننا شراء القمح أو الش������وفان األعلى من حيث القيمة الغذائية أو‬ ‫قللنا من اس������تخدام املبيدات احلشرية في البيئة‪ ،‬وهذا شيء‬ ‫(‪breeding )1‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪9‬‬


‫احملافظة على املردود العالي‪ .‬وسوف تساعد على ذلك البذور‬ ‫األفضل ‪ ،‬وكذلك تطور املمارسات الزراعية‪.‬‬

‫يكفي محصول الذرة املعدلة وراثيا ألكثر من ‪ 80‬في املئة للسالالت األمريكية‬ ‫من هذا احملصول‪.‬‬

‫اخلضار احملتوية على كميات أكبر من املعادن‪.‬‬

‫(‪ :)SA‬لم ال؟‬ ‫<بيتش���ي>‪ :‬ألن الش������عب األمريكي ال يرغب ف������ي دفع املزيد‬ ‫مقابل احلصول على تلك املنتجات‪.‬‬ ‫(‪ :)SA‬املس���تهلكون اليوم مس���تعدون لدفع مبالغ أكثر‬ ‫للمحاصي���ل الت���ي تس���مى عضوي������ة ‪ organic‬أو حتى‬ ‫اخلالية من التعدي������ل الوراثي ‪ ،GM-free‬ألنهم ينظرون‬ ‫إلى مثل هذه احملاصيل على أنها أكثر استدامة‪ .‬كيف‬ ‫تعتقدون أن احملاصيل املعدلة وراثيا ميكن أن تساعد‬ ‫على جعل الزراعة أكثر استدامة؟‬ ‫<بيتش���ي>‪ :‬في رأي������ي‪ ،‬إن احملاصي���ل املعدلة وراثي���ا )‪(GM‬‬ ‫التي لدينا أس������همت بالفعل في الزراعة املستدامة‪ ،‬فقد خفضت‬ ‫من اس������تخدام املبيدات احلش������رية ومبيدات األعشاب الضارة‬ ‫وس������اعدت على منع تدهور التربة ألن محاصيل الزراعة املعدلة‬ ‫وراثيا تشجع على اس������تخدام أساليب الزراعة من دون حراثة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬هناك الكثير الذي ميكن القيام به‪ .‬وكما تعلمون‪ ،‬متثل‬ ‫الزراع������ة واحلراجة(‪ )1‬نحو ‪ 31‬في املئة م������ن االنبعاثات الناجتة‬ ‫لغازات االحتب���اس احلراري (الدفيئ���ة) ‪ ،greenhouse‬أي أكثر‬ ‫م������ن الـ‪ 26‬ف������ي املئة الناجتة م������ن قطاع الطاق������ة والزراعة تعتبر‬ ‫مصدرا رئيسيا النبعاثات غاز امليثان وأكاسيد النتروجني‪ ،‬وهي‬ ‫مسؤولة عن بعض التلوث في املجاري املائية وذلك بفعل األسمدة‬ ‫املتسربة من احلقول‪ .‬والزراعة بحاجة إلى حتسني ذلك‪.‬‬ ‫لم نصل بعد إلى احلد األعلى لتعداد سكان العالم‪ ،‬ورمبا‬ ‫لن نصل إلى ذلك حتى عام ‪ 2050‬أو ‪ .2060‬وفي غضون ذلك‪،‬‬ ‫يج������ب علينا زيادة اإلنتاج الغذائي وتخفيض انبعاثات غازات‬ ‫االحتب������اس احلراري والتقليل من تآكل التربة واحلد من تلوث‬ ‫حتد هائل‪ ،‬ولكن مع التقانات اجلديدة في‬ ‫املجاري املائية‪ .‬إنه ٍ‬ ‫مجال البذور وإنتاج احملاصيل الزراعية‪ ،‬س������يكون من املمكن‬ ‫التقليل من اس������تخدام األس������مدة الكيميائي������ة وكمية الري مع‬ ‫‪10‬‬

‫(‪ :)SA‬ت���ردد علماء البيئة ف���ي تبني احملاصيل املعدلة‬ ‫وراثيا بسبب مخاوف انتقال اجلينات إلى احملاصيل‬ ‫غير املعدلة وراثيا وكذلك إلى النباتات البرية األصلية‪.‬‬ ‫وه���ذا هو أحد األس���باب التي أدت بقاض احتادي في‬ ‫والية كاليفورنيا إلى أن يأمر مؤخرا بتدمير محاصيل‬ ‫الشوندر السكري املعدلة وراثيا‪.‬‬ ‫<بيتش���ي>‪ :‬أنت على صواب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فمن املهم اإلش������ارة‬ ‫إلى أن حكم احملكمة لم يكن حول س���ل��امة الشوندر السكري‬ ‫أو النبات������ات التي تنتج من التالقح ب���ي��ن األنواع‪ .‬فاملزارعون‬ ‫الذي������ن أحضروا عين������ة ممتازة من محاصيلهم على أس������اس‬ ‫أنه������ا عضوية ‪ -‬يالحظ من تعريفها أنها ال تتضمن هندس������ة‬ ‫جينية (تعديل جيني)‪ .‬فهم قلقون ألن محاصيلهم غير املعدلة‬ ‫وراثيا ‪ non-GM‬س������تتلقح بلقاح من احملاصيل املعدلة وراثيا‬ ‫مما س������يقلل من قيمتها‪ .‬فاملوضوع واحلالة هذه ليس قضية‬ ‫سالمة الغذاء وإمنا قضية تسويق املُنتَج‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬صحيح أن هناك أسبابا تدفعنا للمحافظة‬ ‫على األن������واع البرية م������ن احملاصيل النباتية فه������ي تؤدي دور‬ ‫مستودع يضمن التنوع الوراثي‪ .‬وهنا في الواليات املتّحدة على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬ال ُت ْز َر ُع الذر ُة املعدلة وراثيا بجانب الذرة الصفراء‬ ‫الب ّرية اآلتية م ْن املكس������يك‪ .‬هناك َب ْع������ض أنواع النباتات احمللية‬ ‫الت������ي قد يحدث التالق������ح فيما بينها‪ ،‬ومنها على س������بيل املثال‬ ‫الشمام والقرع إذ تنمو بعض األسالف البرية في احلقول‪ .‬ومن‬ ‫األهمية مبكان أن نضمن احلفاظ على هذه املادة الوراثية‪.‬‬ ‫وق������د يكون من املستحس������ن في بعض األرج������اء نقل ميزة‬ ‫مقاوم������ة املرض أو اآلفات‪ ،‬س������واء كانت طبيعي������ة الوجود أو‬ ‫ناش������ئة عن تعديل وراثي‪ ،‬إلى األعشاب الضارة ذات القرابة‪،‬‬ ‫وذلك ألن هذا سوف يقلل من انتشار احلشرات أو املمرضات‬ ‫(العوامل املمرضة)(‪ pathogens )2‬في املنطقة‪.‬‬ ‫(‪ :)SA‬ق����د يكون ه����ذا األمر إيجابيا بالنس����بة إلى الزراعة‪،‬‬ ‫ولك����ن لي����س بالضرورة إلى النظم البيئي����ة البرية‪ .‬فما هي‬ ‫العواق����ب إذا قمت بتكوين أرز غني بالڤيتامني ‪ A‬وانتش����ر‬ ‫هذا اجلني في بيئة يكون فيها الڤيتامني ‪ A‬نادرا؟‬ ‫<بيتشي>‪ :‬ال يتوقع معظم العلماء أي عواقب سلبية إذا انتقلت‬ ‫اجلينات املس������تخدمة في تطوي������ر األرز الذهب������ي (األرز الغني‬ ‫بالڤيتام���ي��ن ‪ )A‬إلى أصن������اف أخرى أو إل������ى األصناف البرية‬ ‫(‪ )1‬أو العوامل املسببة للمرض‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪forestry‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫القريبة‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬إن الفائدة من انتش������ار األرز الذهبي على‬ ‫نطاق واسع كغذاء ألولئك الذين يفتقر غذاؤهم إلى الڤيتامني ‪A‬‬ ‫س������تكون هائلة‪ .‬تخيل فيما لو أخرنا السماح مبثل تلك األغذية‬ ‫املعدلة‪ ،‬تاركني مئات اآلالف م������ن األطفال يصابون بالعمى‪ ،‬أو‬ ‫ضعف البصر‪ ،‬أو الوفيات املبكرة بسبب نقص الڤيتامني ‪ .A‬ما‬ ‫هي قيمة البص������ر عند األطفال؟ وما هو الضرر احملتمل حدوثه‬ ‫م������ن انتقال الصفة اجلينية إلى األرز البري أو الوحش������ي؟ أنت‬ ‫على ح ــق‪ ،‬فال تستطيع أن تقول إن في كل مكان في أي بلد أو‬ ‫كل مكان في العالم أو كل بيئة‪ ،‬ساخنة كانت أم باردة‪ ،‬لن يكون‬ ‫لها تأثير‪ ،‬ولكن نحن بحاجة إلى املوازنة بني احملاذير واملنافع‪.‬‬

‫(‪ :)SA‬يش���كو بعض العلماء من أن ش���ركات التقانات‬ ‫احليوي���ة ق���د أعاق���ت األبح���اث اخلاص���ة باحملاصيل‬ ‫املعدلة وراثيا‪ .‬أليست هناك حاجة ملثل هذه الدراسات‬ ‫للحصول على إجابات حول مخاطر هذه احملاصيل؟‬ ‫<بيتش���ي>‪ :‬هذا سؤال معقد بسبب العوامل املختلفة الكثيرة‬ ‫املنخرطة‪ .‬وفي رأيي‪ ،‬هذا املجال سيكون أكثر تقدما إذا أسهم‬ ‫عدد أكبر من العلماء األكادمييني في االختبار وأجريت أنواع‬ ‫أخرى م������ن التجارب‪ .‬لقد كانت مش������اركة القطاع األكادميي‬ ‫ضعيفة جدا في بعض هذه احلاالت‪ .‬ومنذ البداية حثّ الكثير‬ ‫منا على أن يكون هناك مزيد من املش������اركة‪ ،‬وأنا أستطيع أن‬ ‫أفهم قلق األكادمييني‪.‬‬ ‫ألت الشركات ملاذا ال تُتيح البذور للدراسة‬ ‫من ناحية أخرى‪َ ،‬س ُ‬ ‫م������ن قبل العلماء األكادمييني؟ فأش������ار البعض إلى أن عددا من‬ ‫الدراسات األكادميية في السنوات الـ ‪ 20‬املاضية حول استخدام‬ ‫احملاصيل املعدلة وراثيا كان ناقصا أو سيئ التصميم‪ .‬ونتيجة‬ ‫لذلك ‪ ،‬كان هن������اك الكثير من اجلهد الضائع من قبل العديد من‬ ‫العلماء اآلخرين الذين تابعوا مثل هذه الدراسات‪.‬‬ ‫لنأخ������ذ حالة التقرير القائل إن حب������وب لقاح الذرة املقاومة‬ ‫للحشرات تضر بيرقات الفراشة امللكية وغيرها من الفراشات‪،‬‬ ‫والذي قاد الكثيرين إلى االس������تنتاج بأن ال������ذرة املعدلة وراثيا‬ ‫سيكون لها أثر مدمر في تعداد الفراشات امللكية‪ .‬هذه النتيجة‬ ‫نُشرت على نطاق واسع في وس������ائل اإلعالم‪ ،‬كما بذلت وزارة‬ ‫الزراع������ة قدرا كبي������را من اجلهد على تعداد الفراش������ات امللكية‬ ‫واالس������تثمار ف������ي متابعة األبحاث التي أظهرت ف������ي النهاية أن‬ ‫اليرقات من املرجح أن تتأثر في ظل ظروف محدودة جدا‪ :‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬إذا حدث تلقيح احملاصيل في الوقت نفسه واملكان‬ ‫ذاته الذي يتم فيهما منو اليرقات‪ ،‬وهي حالة نادرة جدا جدا‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬يفيد اس������تخدام ال ُذرة املقاومة للحشرات‬ ‫في خفض االستخدام للمبيدات الكيميائية‪ ،‬مما يسبب ازديادا‬

‫في عدد الفراش������ات واحلش������رات األخرى‪ .‬من ه������ذه األمثلة‬ ‫وغيرها‪ ،‬فإن الش������ركات كانت قلق������ة بخصوص جودة بعض‬ ‫الدراس������ات األكادميية‪ ،‬وش������عرت بأنها قد تخس������ر أكثر مما‬ ‫تكس������ب في مثل تلك احلاالت‪ .‬ومع ذل������ك فإن الفائدة املرجوة‬ ‫م������ن العلماء األكادمييني من خالل إجراء دراس������ات مصممة‬ ‫تصميم������ا جيدا على احملاصي������ل املعدلة وراثي������ا‪ ،‬لهي فائدة‬ ‫كبي������رة‪ ،‬وآمل بأن تؤدي إلى مزيد من التعاون في املس������تقبل‪،‬‬ ‫وش������كوك أقل بني علماء القطاع الع������ام والقطاع اخلاص في‬ ‫مجال التقانة احليوية والزراعة‪.‬‬

‫(‪ :)SA‬ماذا ستكون النتيجة فيما إذا رفعت احملاصيل‬ ‫املعدلة وراثيا فجأة من السوق؟‬ ‫<بيتشي>‪ :‬هنا في الواليات املتحدة‪ ،‬يحتمل حدوث زيادة‬ ‫بسيطة في أسعار املواد الغذائية نظرا للكفاءة العالية حاليا‬ ‫نتيجة الس������تخدام ميزات التعديل الوراثي والتي أدت إلى‬ ‫انخفاض أسعار املواد الغذائية‪ .‬يتعني علينا أن نعود إلى‬ ‫أنواع اإلنتاج األقدم التي من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض‬ ‫كثافة املزروعات ومن احملتمل إلى انخفاض مردود الفدان‪.‬‬ ‫نريد أن نرى زي������ادة في عدد الهكتارات املزروعة‪ ،‬مبا في‬ ‫ذلك اس������تخدام بعض األراضي ش������به الزراعي������ة‪ ،‬لزيادة‬ ‫الن������اجت اإلجمالي‪ .‬في الواليات املتح������دة والدول األخرى‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫توجد زيادة كبيرة في استخدام الكيميائيات الزراعية‬ ‫مما س������بب زيادة القضايا املتعلق������ة بالصحة ذات الصلة‪.‬‬ ‫وم������ع أن هن������اك تقدما كبي������را في مجال زراع������ة النباتات‬ ‫خالل السنوات الـ ‪ 20‬املاضية‪ ،‬سيكون مردود احملاصيل‬ ‫الرئيس������ة مثل فول الصويا وال������ذرة والقطن أقل في غياب‬ ‫التقانة احليوية مما س������يكون عليه في حال وجودها‪ .‬وإذا‬ ‫الكلي‪ ،‬فس������ َي ُكونُ تأثير هذا‬ ‫إنتاج احملصول العاملي‬ ‫هب������ط‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الهبوط على األمم الفقيرة أكبر منه على األمم األكثر غنى‪.‬‬ ‫وسوف تعاني البلدان الفقيرة زراعيا أكثر من تلك البلدان‬ ‫>‬ ‫التي متتلك قاعدة قوية إلنتاج الغذاء الزراعي‪.‬‬ ‫>‪.B‬‬

‫(‪)1‬‬

‫بوريل< يقطن في مدينة نيويورك‪ ،‬وكثيرا ما يكتب عن‬ ‫العلوم والبيئة ملجلتي‪ :‬ساينتفيك أمريكان و نيتشر‪.‬‬

‫‪agrochemicals‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, April 2011‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪11‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫دراسة األمراض في طبق‬

‫( )‬

‫استخدام مبتكر للخاليا‬ ‫اجلذعية املأخوذة من أنسجة‬ ‫(‪)1‬‬

‫البالغني ميكنه أن ُيسرع من تطوير‬ ‫املنهكة‪.‬‬ ‫عقاقير ملواجهة األمراض ِ‬ ‫>‪ .S .S‬هال<‬

‫بتاريخ ‪ ،2007/6/26‬س������لكت >‪ .W‬تش������انگ< [مديرة قسم‬ ‫الوراثة السريرية بجامعة كولومبيا] طريقها إلى منطقة كوينز‬ ‫مبدينة نيويورك ولديها طلب حساس من سيدتني لهما مكانة‬ ‫عميدة األس������رة ‪ )2(matriarch‬في عائل������ة كرواتية حظها عاثر‪.‬‬ ‫لقد طلبت الباحثة إلى هاتني الشقيقتني‪ ،‬البالغتني من العمر‬ ‫‪ 82‬و ‪ 89‬عام������ا‪ ،‬أن تتبرع������ا لها ببعض م������ن خاليا جلدهما‬ ‫لك������ي تقوم باس������تخدامها ف������ي جتربة طموحة غي������ر معلومة‬ ‫النتائ������ج‪ ،‬ولكن ل������و حالفها النجاح فإن العائد منها س������وف‬ ‫يكون مضاعفا‪ :‬أوال‪ ،‬رمبا تس������رع ه������ذه التجربة من عجلة‬ ‫البحث عن عالج للمرض املستعصي املنتشر في عائلة هاتني‬ ‫الس������يدتني‪ .‬وثانيا‪ ،‬رمبا تؤسس هذه التجربة الستخدام ق ّيم‬ ‫وجدي������د للخاليا اجلذعية‪ ،‬وهي خاليا غير متخصصة لديها‬ ‫القدرة على إنتاج العديد من أنواع خاليا اجلس������م األخرى‪.‬‬ ‫تتذكر >تش������انگ< ذلك اللقاء بقولها‪« :‬لقد تناولنا طعام غداء‬ ‫طيب جدا‪ ،‬ثم عدنا إلى منزل السيدتني وقمنا بأخذ خزعات‬

‫بعد منو اخلاليا اجلذعية ملدة ‪ 30‬يوما في بيئة الزرع‬ ‫‪( medium‬باللون األحمر)‪ ،‬فإنها تصبح نسيجا متخصصا‬ ‫ميكن استخدامه لعمل مناذج ملختلف األمراض(‪.)3‬‬

‫‪culture‬‬

‫‪ biopsies‬من جلدهما»؛ ومبجرد جلوسهما إلى طاولة الطعام‪،‬‬ ‫فإن كلتا الش������قيقتني قامتا مبد ذراعيها بكل س������عادة‪ ،‬وذلك‬ ‫حس������بما تتذكر ابنة السيدة البالغ عمرها ‪ 82‬عاما‪ .‬لقد قالت‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪Diseases in a Dish‬‬ ‫‪stem cells‬‬

‫(‪)3‬‬

‫‪to model different diseases‬‬

‫عميدة األس������رة (األم الرئيسة) هي سيدة مخضرمة تخ ِّول لها العشيرة أو العائلة‬ ‫في بعض املجتمعات مهمة احلكم وإدارة األمور‪.‬‬

‫باختصار‬ ‫قي���د االنتظ���ار‪ :‬حتمل اخلاليا اجلذعية املأخ������وذة من األجنة أمال‬ ‫لع���ل��اج األمراض املس������تعصية‪ ،‬إال أن الباحثني ل������م يحققوا حتى اآلن‬ ‫الكثير من التقدم الستمداد طرق عالجية من هذه اخلاليا‪.‬‬ ‫فك���رة جدي���دة‪ :‬بدال من التركيز على العملي������ة العالجية‪ ،‬فإن عددا‬ ‫قلي���ل��ا من الباحثني يعتقدون أنه من األفضل حاليا اس������تخدام اخلاليا‬ ‫اجلذعية في املس������اعدة على اكتشاف العقاقير ودراس������ة الكيفية التي‬ ‫تعمل من خاللها األمراض املختلفة على إيذاء اجلسم‪.‬‬ ‫مقاربة مبتكرة‪ :‬حتى وقت قريب‪ ،‬كان يجري احلصول على اخلاليا‬ ‫‪12‬‬

‫اجلذعية املس������تخدمة لتنفيذ هذه الفكرة م������ن األجنة‪ .‬إال أن العلماء في‬ ‫ع������ام ‪ 2007‬متكنوا من إعادة برمجة اخلاليا البش������رية للبالغني لتصبح‬ ‫خاليا جذعية‪.‬‬ ‫خاليا جذعية مصممة حس���ب الطل���ب ‪:customized stem cells‬‬ ‫يس������تخدم الباحثون هذه اخلاليا التي جرت إعادة برمجتها في إحداث‬ ‫األمراض املختلفة في طبق پتري ‪ .petri dish‬ومن ثم فهم يس������تطيعون‬ ‫اختبار فعالية العقاقير ضد عينات األنس������جة التي جرت إعادة إنتاجها‬ ‫بهذه الطريقة‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬


‫عينات من جلد دستات(‪ dozens )1‬من مرضى ‪ ALS‬اآلخرين‬ ‫وم������ن متطوعني أصحاء قاموا أيضا بالتبرع بأجزاء ضئيلة‬ ‫من أنسجتهم‪ ،‬جرى حتفيزها(استحثاثها) بطريقة كيميائية‬ ‫لكي تتحول إلى ش������كل من اخلاليا اجلذعية يسمى اخللية‬ ‫املؤلف‬

‫اجلذعي���ة احملفزة املتعددة الق���درات‬

‫‪induced pluripotent‬‬

‫‪Stephen S. Hall‬‬ ‫‪ stem cell‬والت������ي متت برمجتها بعد ذلك لكي تصبح خاليا‬ ‫قام بوصف املراحل املبكرة في أبحاث اخلاليا اجلذعية في كتابه احلائز على‬ ‫عصبية‪ .‬وحتديدا‪ ،‬لقد مت استحثاث هذه اخلاليا لكي تصبح‬ ‫جائزة جتار اخللود ‪ .(2003 ,Houghton Mifflin) Merchants of Immortality‬وقد‬ ‫عصبون���ات محرك���ة ‪ ،motor neurons‬وه������ي خاليا عصبية‬ ‫صدرت الطبعة الورقية من أحدث كتبه «احلكمة‪ :‬من الفلسفة إلى علم األعصاب»‬ ‫‪(2011/3 ,Vintage) Wisdom: From Philosophy to Neuroscience‬‬ ‫تتحكم بطريقة مباش������رة أو ال مباشرة في عضالت اجلسم‬ ‫وتتأثر بش������كل عكس������ي باملرض ‪ .ALS‬وقد أظهرت مزارع‬ ‫األنس������جة الناجتة من تلك اخلاليا نف������س العيوب اجلزيئية‬ ‫الت������ي أدت إلى حدوث املرض ‪ ALS‬ف������ي املتبرعني‪ .‬مبعنى‬ ‫الش������قيقة الصغرى للباحثة >تشانگ<‪« :‬أنا أفهم ما تريدين‪ ،‬آخر‪ ،‬لقد اس������تطاع الباحثون‪ ،‬بش������كل مذهل‪ ،‬إعادة إنتاج‬ ‫ابدئي فورا بالتنفيذ»‪.‬‬ ‫املرض في طبق پتري(‪.petri dish )2‬‬ ‫كان������ت الش������قيقتان تعاني������ان تصلب���ا جانبي���ا ضموريا‬ ‫وبحص������ول الباحث���ي��ن على مث������ل هذه اخلالي������ا فإنهم‬ ‫‪ amyotrophic lateral sclerosis‬ويس������مي اختص������ارا )‪،(ALS‬‬ ‫(‪ )1‬دستات جمع دستة أي مجموعة مكونة من ‪ 12‬وحدة متماثلة‪.‬‬ ‫وهو م���رض عصب���ي تنكس���ي ‪ degenerative‬يعمل ببطء على (‪ُ )2‬يستخدم طبق پتري في تنمية مزارع اخلاليا‪.‬‬ ‫اإلصابة بالش������لل‪ ،‬وهو يعرف أيضا مب���رض لو جريگ ‪Lou‬‬ ‫‪ Gehrig’s disease‬نسب ًة إلى العب البيسبول >لو جريگ< بفريق‬ ‫يانك������ي ‪ Yankee‬والذي أخبره األطب������اء بأنه يعاني هذا املرض‬ ‫في عام ‪ 1939‬ثم توفي بعد ذلك بعامني‪ .‬وبينما ظهرت أعراض‬ ‫محدودة للمرض على الشقيقة الكبري وعمرها ‪ 89‬عاما‪ ،‬فإن‬ ‫ش������قيقتها الصغري وعمرها ‪ 82‬عاما كانت تعاني عند قيامها‬ ‫باملشي أو بلع الطعام‪.‬‬ ‫عل������ى الرغم م������ن أن معظم حاالت املرض ‪ ALS‬ليس������ت‬ ‫وراثي������ة‪ ،‬ف������إن هذا املرض أص������اب العديد م������ن أفراد هذه‬ ‫العائلة‪ .‬فلقد توارث أف������راد العائلة املتأثرون باملرض طفرة‬ ‫وراثي������ة لها عالقة باإلصابة بش������كل من املرض يتطور ببطء‬ ‫أكثر من الش������كل اآلخر الذي يصيب غالبية املرضى الذين‬ ‫يعانون هذا الداء‪ .‬لقد متكنت >تشانگ< من تتبع املرض في‬ ‫ع������دة أجيال من هذه العائلة في أوروب������ا والواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ .‬وتعلق على ذلك بقولها‪« :‬مرض >لو جريگ< ليس‬ ‫بطريقة جيدة ملوت اإلنسان»‪ .‬ففي كل مرة يتقابل فيها أفراد‬ ‫العائلة مع بعضهم في مراس������م الع������زاء‪ ،‬فإن أفراد اجليل‬ ‫األصغر س������نا ينظرون حولهم ويتس������اءلون «هل نكون نحن‬ ‫التالون ملن توفي؟»‬ ‫لم يس������تغرق األمر من >تشانگ< س������وى دقيقتني لكي‬ ‫تق������وم بأخذ خزعة باخل���رم ‪ – punch biopsy‬فكل ما حدث‬ ‫هو أخذ جزأين صغيرين م������ن جلد باطن الذراع يبلغ قطر‬ ‫تخزين بارد‪ :‬يتم حفظ اخلزعات املأخوذة‬ ‫كل منهما ‪ 3‬م ّليمتر‪ .‬وفي النهاية فإن خاليا الشقيقتني‪ ,‬مع‬ ‫من األنسجة واخلاليا اجلذعية في نتروجني سائل‪.‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪13‬‬


‫وصفة حسب الطلب‬

‫استخدامات جديدة للجلد القدمي‬

‫( )‬

‫يقوم الباحثون بجامعتي هارڤارد وكولومبيا‪ ،‬باس���تخدام تقنيات مت ابتكارها في اليابان‪ ،‬وذلك بأخذ نس���يج جلدي من البالغني (انظر أس���فل)‪ ،‬ثم عزل خاليا‬ ‫متخصصة منه تسمى أرومات ليفية ‪ ،fibroblasts‬التي يتم حتريضها بلطف بواسطة جينات ومواد كيميائية لكي تصبح خاليا عصبية‪.‬‬ ‫‪ 1‬يتم أخذ خاليا من جلد‬ ‫مريض باملرض ‪.ALS‬‬

‫جينات‬ ‫منظمة‬

‫‪ 2‬يقوم الباحثون‬ ‫بإدخال جينات منظمة‬ ‫إلى األرومات الليفية‬ ‫املأخوذة من النسيج‬ ‫الضام باجللد‪.‬‬

‫‪ 3‬تعمل اجلينات الدخيلة‬ ‫على إعادة برمجة‬ ‫األرومات الليفية لتصبح‬ ‫«خاليا جذعية محرضة‬ ‫متعددة القدرات»‬ ‫باستطاعتها أن تتحول‬ ‫إلى العديد من األنواع‬ ‫األخرى من اخلاليا‪.‬‬

‫خزعة باخلرم‬

‫خاليا أرومات ليفية‬ ‫خاليا جذعية‬ ‫محرضة‬ ‫متعددة‬ ‫الفاعلية (‪)iPS‬‬

‫اس������تطاعوا البدء بدراس������ة دقيقة ملا يح������دث من خلل في‬ ‫العصبون������ات عند مرض������ى ‪ ,ALS‬كما متكن������وا أيضا من‬ ‫البدء بفح������ص عقاقير من احملتمل أن يك������ون لها تأثيرات‬ ‫مفيدة في اخلاليا املريضة‪ .‬ويعد هذا اس������تخداما جديدا‬ ‫للخالي������ا اجلذعية يتناقض م������ع التقدم البط������يء واملخيب‬ ‫لآلمال وللجهود املتعلقة باستخدام تلك اخلاليا كعالجات‪.‬‬ ‫ل������و حالف النجاح ه ــذا التصور اخلاص بدراس���ة املرض‬ ‫في طبق ‪ ،disease-in-a-dish‬فإنه س������وف يس������رع من فهم‬ ‫الباحث���ي��ن للعديد من األمراض وس������وف يقود إلى فحص‬ ‫أسرع وأكثر كفاءة للمعاجلات احملتملة بواسطة العقاقير‪،‬‬ ‫وذلك ألن العلماء سوف يس������تطيعون اختبار هذه العقاقير‬ ‫في تلك امل������زارع اخللوية التي مت إعدادها حس������ب الطلب‬ ‫وذلك لقياس كفاءتها العالجية وس������ميتها احملتملة‪ .‬إضاف ًة‬ ‫إلى أبح������اث املرض ‪ ،ALS‬فإن اخلالي������ا اجلذعية احملفزة‬ ‫(املس������تحثة) يتم استخدامها اآلن على نطاق جتريبي لعمل‬ ‫مناذج لدستات من األمراض‪ ،‬مبا في ذلك فقر الدم املنجلي‬ ‫‪ ،sickle cell anemia‬والعدي������د م������ن أم������راض الدم األخرى‬ ‫ومرض پاركنسون ‪ .Parkinson’s disease‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫استطاع الباحثون في أملانيا أن ينتجوا خاليا قلبية تنبض‬ ‫بشكل غير منتظم يحاكي حاالت عدم انتظام ضربات القلب‬ ‫املختلفة‪ .‬وقد بدأت ش������ركات املستحضرات الطبية‪ ،‬والتي‬ ‫‪14‬‬

‫حتفظ������ت لفت������رة طويلة حول إمكان أن يك������ون علم اخلاليا‬ ‫اجلذعية مش������روعا له قيمة جتارية‪ ،‬بإبداء اهتمام بأسلوب‬ ‫«دراس������ة املرض في طبق» حيث إنه مع القدرات التقليدية‬ ‫في اكتشاف العقاقير على النطاق الصناعي‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2008‬مت نشر أولى نتائج جتارب املرض ‪.ALS‬‬ ‫وكم������ا يحدث في أغلب حاالت االبتكار‪ ،‬فإن النجاح فيها ال‬ ‫يعتمد على قوة الفكرة العلمية فحس������ب ولكنه يتطلب أيضا‬ ‫وجود فريق مناس������ب من األفراد الذين يقومون ببحث هذه‬ ‫الفكرة‪ .‬وفي هذه احلالة‪ ،‬فإن مجموعة الش������خصيات التي‬ ‫قــامــت ب ــالعم ــل تضمن ــت إلــى ج ــانـب >تشانگ< الب ــاحــث‬ ‫>‪ .L .L‬روبن<‪ ،‬وهو ممن هجروا املجال الصناعي في «التقانة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫احليوية» لكي يصبح رئيس������ا لف������رع الط���ب التحويلي‬ ‫‪ translational medicine‬مبعه������د هارڤارد للخاليا اجلذعية‪،‬‬ ‫و>‪ .C .K‬إيج������ان< وهو عالم ش������اب م������ن هارڤارد ال يكل من‬ ‫البح������ث في مجال اخلاليا اجلذعي������ة‪ ،‬وكان له تعاون بحثي‬ ‫مع >‪ .E .Ch‬هندرس������ون< وغيره من اخلبراء في «العصبونات‬ ‫احملركة» بجامعة كولومبيا‪.‬‬ ‫( )‬

‫‪New Uses for Old Skin‬‬

‫(‪ )1‬الط������ب التحويلي‪ :‬منظور جديد للبحث العلمي الطبي يهدف إلى إحداث تكامل بني‬ ‫املعارف والتطبيقات وذلك مبا يؤدي إلى حتويل املعرفة إلى ممارسة طبية‪.‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫‪ 4‬تتجمع اخلاليا ‪iPS‬‬ ‫لتكون أجساما جنينية‬ ‫الشكل‪ .‬ومن ثم يقوم‬ ‫الباحثون بإضافة‬ ‫جزأين صغيرين حاملني‬ ‫لإلشارات ‪signaling‬‬ ‫‪ molecules‬وهما‬

‫‪ 6‬نظرا ألن هذه اخلاليا‬ ‫العصبية اجلديدة‬ ‫ناجتة من مريض‬ ‫مصاب باملرض ‪،ALS‬‬ ‫فإنها تظهر اخلصائص‬ ‫املميزة لهذا املرض‪.‬‬

‫جزيئات حاملة‬ ‫لإلشارات‬

‫حامض الريتنويك‬

‫‪ 5‬تعمل اجلزيئات‬ ‫احلاملة لإلشارات على‬ ‫توجيه تطور اجلسم‬ ‫اجلنيني الشكل إلى‬ ‫عصبونات محركة‪.‬‬

‫‪ retinoic acid‬ومادة‬ ‫أخرى تعمل على حتفيز‬ ‫اخلاليا على االنقسام‪.‬‬

‫عقار محتمل‬ ‫الفاعلية‬

‫‪ 7‬يتم وضع اخلاليا‬ ‫العصبية في حجريات‬ ‫صوان وذلك الختبار‬ ‫داخل‬ ‫ٍ‬ ‫كفاءة العقاقير في عالجها‬ ‫بطريقة آلية ‪ .robotic‬ويتم‬ ‫اختبار مركب كيماوي‬ ‫واحد في كل حجيرة‪ ،‬وهذا‬ ‫يسمح بإجراء مسح على‬ ‫نطاق واسع لعدد متنوع‬ ‫من العقاقير احملتملة‬ ‫الفعالية‪.‬‬ ‫نتيجة مبشرة‬

‫خاليا مريضة‬

‫جسم جنيني الشكل‬

‫عصبون محرك‬

‫دور جديد للخاليا اجلذعية‬

‫( )‬

‫يج������ب أال يحدث لدينا خلط ب���ي��ن اخلاليا اجلذعية التي مت‬ ‫استخدامها في هذه الدراسات واخلاليا اجلذعية اجلنينية‬ ‫‪ embryonic stem cells‬والت������ي يتم احلصول عليها من األجنة‬ ‫في املراحل املبكرة من تطورها‪ .‬فمنذ اثنتي عش������رة سنة أثار‬ ‫>‪ .A .J‬تومسون< وزمالؤه حماس العالم بنبأ متكنهم من إنتاج‬ ‫خاليا جذعية جنينية بش������رية في املختبر وذلك للمرة األولى‪.‬‬ ‫إن هذه اخلاليا البدئية لديه������ا القدرة البيولوجية على جتديد‬ ‫نفس������ها إلى األبد‪ ،‬كم������ا أن لديها من املرون������ة ما ميكنها من‬ ‫التحول إلى أي نوع من خاليا اجلس������م‪ .‬لق������د أثارت إمكانية‬ ‫اس������تخدام هذه اخلاليا اجلذعية في عمل غريس���ات (طعوم)‬ ‫حس���ب الطلب ‪ made-to-order transplants‬لعالج كل شيء من‬ ‫مرض پاركنس������ون وحتى السكري كال من األطباء والباحثني‬ ‫وعامة املجتمع على نطاق واسع‪ ،‬واألهم منهم جميعا املصابون‬ ‫بأمراض غير قابلة للعالج‪.‬‬ ‫ولكن مازال������ت هناك حقيقت������ان قاس������يتان بحاجة إلى‬ ‫ح������ل‪ .‬أوالهما‪ ،‬اجلدل املجتمعي احلاد حول أخالقيات علم‬ ‫اخلالي������ا اجلذعية وال������ذي أدى إلى تس������ييس العلم وإبطاء‬ ‫البحث فيه‪ :‬فلقد طرحت التقنية مشاكل أخالقية إذ إنه البد‬ ‫من إتالف األجنة البش������رية للحصول على اخلاليا اجلذعية‬

‫اجلنينية‪ .‬ولقد بلغ هذا اجلدل ذروته بإعالن الرئيس‬ ‫بوش< في الش������هر ‪ 2001/8‬أنه سوف يتم قصر الدعم املالي‬ ‫ال������ذي تقدمه معاه������د الصحة القومي������ة ‪ NIH‬على األبحاث‬ ‫التي يتم فيها اس������تخدام عدد محدود من سالالت موجودة‬ ‫بالفع������ل من اخلاليا اجلذعية اجلنينية وهو األمر الذي أدى‬ ‫بش������كل فعال إلى إعاقة إنتاج سالالت إضافية من اخلاليا‬ ‫اجلذعية‪ ،‬مبا في ذلك الس���ل��االت التي ميكن اس������تخدامها‬ ‫ف������ي عالج األمراض‪ .‬وكرد فعل على ذلك‪ ،‬قامت مجموعات‬ ‫بحثية بارزة في جامعات هارڤارد وكولومبيا وس������تانفورد‬ ‫بالتع������اون مع مجموع���ات الدفاع ع���ن املرض���ى(‪ )1‬متمثلة‬ ‫مبشروع املرض ‪ ALS‬ومؤسسة نيويورك للخاليا اجلذعية‬ ‫بإنش������اء مختبرات مستقلة ال تخضع لهذا القرار الرئاسي‬ ‫تقوم بإجراء أبح������اث يتم متويلها من مصادر خاصة‪ .‬وفي‬ ‫عام ‪ 2009‬قامت إدارة الرئي������س >أوباما< بتخفيف القواعد‬ ‫الناظم������ة ألبح������اث اخلاليا اجلذعية‪ ،‬إال أن������ه في عام ‪2010‬‬ ‫صدر حكم قضائي من محكمة فدرالية بحظر قيام املعاهد‬ ‫القومية للصح������ة بتمويل هذه األبحاث مرة أخرى مما أدى‬ ‫إلى دف������ع هذا املجال البحثي إلى حاالت من عدم الوضوح‬ ‫العلمي والفوضي التمويلية‪.‬‬ ‫<‪.W .G‬‬

‫( )‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪A NEW ROLE FOR STEM CELLS‬‬ ‫‪patient advocacy groups‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪15‬‬


‫أما املش������كلة الثانية فهي علمية‪ .‬تتذكر >‪ .V‬إستس< [وهي‬ ‫املدير العلمي ملش������روع املرض ‪ ]ALS‬أن������ه كان هناك اندفاع‬ ‫جام������ح نحو اختبار فكرة زرع خاليا متخصصة مش������تقة من‬ ‫خاليا جذعية في املرضى من البشر (أو من احليوانات) وذلك‬ ‫كعالج خل������وي ملجموعة من األمراض‪« .‬ه������ذا احللم الكبير»‪،‬‬ ‫كما تصفه >إستس< «كان يتضمن احلصول على عصبونات‬ ‫محركة من اخلاليا اجلذعية‪ ،‬ثم وضعها في الدماغ أو النخاع‬ ‫الش������وكي‪ ،‬وأثر ذلك سوف يستعيد املرضى عافيتهم ويبدأون‬ ‫بالقيام برقصة الواتوسي ‪ .»Watusi‬إال أن األمور لم تسر على‬ ‫ه������ذا النحو في التجارب التي تكرر إجراؤها على احليوانات‪.‬‬ ‫تقول >إس������تس<‪« :‬من البداية وحتى النهاية كان الفشل حليفا‬ ‫لتلك التجارب‪».‬‬ ‫في ع������ام ‪ 2002‬قام >‪ .M .T‬جيس������ل< و >‪ .H‬ويتش������ترل<‬ ‫وفريقهم������ا البحث������ي في جامعة كولومبيا بنش������ر بحث بالغ‬ ‫األهمي������ة في مجلة اخللي������ة ‪ Cell‬أوضحوا في������ه بالتفصيل‬ ‫املكونات والطريقة التي قاموا باس������تخدامها لدفع اخلاليا‬ ‫اجلذعي������ة اجلنينية في مس������ار بيولوجي ي������ؤدي إلى تك ّون‬ ‫عصبونات محرك������ة‪ .‬وجد أحد الباحثني وه������و >روبن< أن‬ ‫هذا العمل يطرح وعدا يبش������ر باس������تخدام مختلف للخاليا‬ ‫اجلذعية‪ .‬لقد س������بق لهذا اجلني املتحمس >روبن< أن تلقي‬ ‫تدريب������ا في عل������م األعصاب ومارس العم������ل كباحث ومدير‬ ‫علمي في شركة تقانة حيوية بوالية ماساتشوستس تُسمي‬ ‫كي������ورس ‪ .Curis‬أدرك >روب������ن< أن إمكانية إحداث املرض‬ ‫في األطباق ميكنها أن تقدم لنا أس������لوبا ثوريا الكتش������اف‬ ‫العقاقي������ر‪ .‬فبخالف الكثير من العلم������اء األكادمييني ‪ ،‬فإن‬ ‫>روبن< كانت لديه معرفة علمية باكتش������اف العقاقير‪ .‬ففي‬ ‫أثناء عمله الس������ابق في التقانة احليوية‪ ،‬قام بإجراء أبحاث‬ ‫عل������ى جزيء أصبح في النهاية عقارا ذا قيمة جتارية تصل‬ ‫إلى بليون دوالر و ُيسمى تايسابري ‪ Tysabri‬ويستخدم في‬ ‫عالج مرض التصلب املتعدد ‪.multiple sclerosis‬‬ ‫بعد س������ماعه لنتائج أبحاث >جيس������ل< و >ويتشترل<‪ ،‬قام‬ ‫>روبن< بإعداد مس������ودة خطة عمل إلنشاء مؤسسة من نوع‬ ‫جديد للخاليا اجلذعي������ة ذات أهداف جتارية‪ ,‬وصفها بقوله‪:‬‬ ‫«إنها مؤسسة ال تركز جل اهتمامها على العالجات اخللوية –‬ ‫كما كان يفعل كل علماء بيولوجيا اخلاليا اجلذعية – ولكنها‬ ‫تهتم باس������تخدام اخلاليا اجلذعية في اكتشاف األدوية»‪ .‬في‬ ‫ذلك الوقت‪ ،‬لم يكن أصحاب رؤوس األموال املغامرون راغبني‬ ‫في تنفيذ هذه الفكرة‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬فقد متكن >روبن< من رعاية‬ ‫الفكرة من خالل ش������ركة كيورس‪ ،‬وقام بتوظيفها في دراسة‬ ‫م������رض ضمور العض��ل�ات نخاعي املنش����أ ‪spinal muscular‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪ ،atrophy‬وهو مرض يصيب العصبونات احملركة في األطفال‬ ‫و يش������به من الناحية الباثولوجية امل������رض ‪ .ALS‬وعام ‪2006‬‬ ‫عندما قررت ش������ركة >كيورس< التخلي عن املش������روع‪ ،‬ترك‬ ‫>روب������ن< مجال التقان������ة احليوية وانتقل إل������ى معهد هارڤارد‬ ‫للخاليا اجلذعية ليواصل أبحاثه مس������تخدما أسلوب دراسة‬ ‫املرض في طبق‪.‬‬ ‫بع������د ذلك بوقت قصير أعلن باحث بيولوجي ياباني اس������مه‬ ‫>شانيا<(‪ )1‬عن طريقة ميكنها أن تؤدي في نهاية األمر إلى إحداث‬ ‫حتول في دراسة بيولوجية اخلاليا اجلذعية والسياسات املتعلقة‬ ‫بإجراء أبحاثها‪ .‬ففي مؤمتر علمي مت عقده في الش������هر ‪2006/3‬‬ ‫مبدينة ويس������لر ‪ Whistler‬في مقاطعة برتيش كولومبيا‪ ،‬قام هذا‬ ‫الباحث وال������ذي يعمل بجامعة كيوتو بوصف طريقة يس������تطيع‬ ‫بواس������طتها البيولوجيون أن يقوموا بإعادة برمجة ‪reprogram‬‬ ‫اخلاليا البالغة املأخوذة من الثدييات‪ .‬جوهريا‪ ،‬متكن >شانيا<‬ ‫بطريقة كيماحيوي���ة ‪ biochemically‬من إعادة اخلاليا البالغة‬ ‫إلى ما يش������به اخلالي������ا اجلنينية أو اخلالي������ا اجلذعية دومنا‬ ‫احلاجة إلى اس������تخدام األجنة أو إتالفها‪ .‬أطلق >شانيا< على‬ ‫هذه اخلاليا اس������م خاليا جذعية محفزة (مستحثة) متعددة‬ ‫القدرات ‪ induced pluripotent stem cells‬أو اخلاليا )‪ .(iPS‬بعد‬ ‫ذلك بعام واحد‪ ،‬س������جل >ش������انيا< والباحث >تومس������ون< [من‬ ‫جامع������ة ويسكنس������ون ‪ ]Wisconsin‬قي������ام كل منهما على حدة‬ ‫بإنتاج اخلاليا ‪ iPS‬من أنسجة اإلنسان [انظر‪« :‬عوامل شفائك‬ ‫‪ ،‬العددان ‪ ، (2011)2/1‬ص ‪.]12‬‬ ‫الكامنة في جسمك»‪،‬‬ ‫كان م������ن بني احلاضري������ن في املؤمت������ر املنعقد مبدينة‬ ‫ويس������لر في ذلك اليوم الباحث >إيجان< وهو خبير بإعادة‬ ‫برمج���ة اخلالي���ا ‪ cellular reprogramming‬ف������ي هارڤارد‪.‬‬ ‫وف������ي الواق������ع‪ ،‬كان >إيجان< منش������غال قبل ه������ذا املؤمتر‬ ‫برؤيته اخلاصة لفكرة دراس������ة املرض في طبق‪ ،‬حيث إنه‬ ‫انخرط في العديد من مش������اريع األبح������اث التي كان يقوم‬ ‫فيها بأخذ اخللي������ة البالغة ويعمل عل������ى إعادتها تدريجيا‬ ‫بطرق كيماحيوية إلى حالة تش������به فيه������ا اخللية اجلنينية‪،‬‬ ‫مع السماح لها بالتكاثر ثم يقوم بحصاد اخلاليا اجلذعية‬ ‫من املستعمرة اخللوية الناجتة‪ .‬ولكنه كان يحاول أن يقوم‬ ‫بإنت������اج خاليا ش���به جنينية ‪ embryolike cells‬بأس������لوب‬ ‫قدمي يستخدم نفس طريقة االستنساخ التي مت بواسطتها‬ ‫إنت������اج النعجة >دو ّلي<‪ .‬م������ا كان يقوم به >إيجان< هو أخذ‬ ‫ن������واة خلية بالغة‪ ،‬مثل خلية اجللد‪ ،‬ثم زراعتها في بويضة‬ ‫غير مخصبة س������بق إزالة النواة اخلاصة بها‪ .‬إال أن عملية‬ ‫االستنس������اخ هذه كانت غير فعالة وأثارت جدال كبيرا عند‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Shinya Yamanaka‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫اس������تخدامها في إعادة برمجة خاليا اإلنسان ليس أقلها‬ ‫العثور على نس������اء مس������تعدات للتبرع بخاليا بويضاتهن‬ ‫للقيام بهذه العملية‪.‬‬ ‫باس������تخدام أسلوب >ش������انيا< متكن >إيجان< مع فريقه‬ ‫البحث������ي من تطويع الطريق������ة ‪ iPS‬للعمل في اختبار تضمن‬ ‫خاليا اإلنس������ان وذلك عام ‪ .2007‬في ذل������ك الوقت كان كل‬ ‫شيء آخر يلزم للقيام بدراسة املرض في طبق متاحا أيضا‪.‬‬ ‫وعلى س������بيل املثال‪ ،‬قامت >تشانگ< وزمالؤها [من جامعة‬ ‫كولومبي������ا] بتجميع اخلالي������ا من الش������قيقتني الكرواتيتني‬ ‫وغيرهم������ا من مرض������ى ‪ ALS‬وذلك انتظارا الس������تخدامها‬ ‫في جتارب >إيج������ان< اخلاصة باالستنس������اخ‪ .‬ومع وجود‬ ‫مصادر خاصة لتمويل املش������روع ‪ ALS‬فقد أمكن إنش������اء‬ ‫مختبر خاص بالقرب من جامعة كولومبيا قام فيه الباحثون‬ ‫بتخزين س���ل��االت من اخلاليا من املرض������ى (ومن ضمنهم‬ ‫الشقيقتني املسنتني) لعدة أش������هر‪ .‬ومن ثم ظهرت الطريقة‬ ‫‪ iPS‬بشكل مفاجئ لتحسن من فرصة جناح هذه األبحاث‪.‬‬ ‫تص������ف >إس������تس< [الباحثة في املش������روع ‪ ]ALS‬ما حدث‬ ‫بقولها‪« :‬لقد كان أمرا قدريا متاما أننا بدأنا بتجميع خاليا‬ ‫جلد بش������رية وفي أذهاننا أن نقوم باستخدامها في جتربة‬ ‫مختلفة متاما‪».‬‬ ‫كان في مقدمة سالالت اخلاليا التي مت أخذها من مرضى‬ ‫‪ ALS‬تل������ك اخلاليا الناجتة من الش������قيقة الكرواتية الصغرى‬ ‫والتي عانت املرض بش������كل أكبر‪ ،‬دعي������ت املريضة ‪ .A29‬لقد‬ ‫أمكن إعادة برمجة خاليا اجللد املأخوذة من كل من الشقيقتني‬ ‫بنجاح وحتويلها إلى خاليا عصبية‪ ،‬ولكن عمر املريضة ‪A29‬‬ ‫ودرج������ة مرضها أوضحت أنه من املمكن اس������تخدام الطريقة‬ ‫‪ iPS‬إلنتاج خاليا تس������تطيع أن تكشف لنا وجود مرض خطير‬ ‫ومزمن‪ .‬ويقول >إيجان<‪« :‬لقد اخترنا تلك العينات من اخلاليا‬ ‫ألن الش������قيقتني كانتا أكبر األش������خاص عمرا في دراس������تنا‪،‬‬ ‫لق������د أردنا أن نثبت أنه ميكنك أن تقوم بإعادة برمجة اخلاليا‬ ‫حتى ولو كانت مأخوذة من ش������خص كبير جدا جدا جدا جدا‬ ‫ومصاب بامل������رض لفترة طويلة‪ ،‬لقد كانت هاتان الش������قيقتان‬ ‫حالة خاصة‪».‬‬ ‫إن نتائج هذه الدراس������ة ظهرت في عدد الش������هر ‪2008/8‬‬ ‫من مجلة س����اينس ‪ Science‬ومتت اإلش������ادة بها في وسائل‬ ‫اإلع���ل��ام كحدث علمي ب������ارز‪ .‬لقد أتاحت فكرة اس������تخدام‬ ‫اخلالي������ا اجلذعية إلنتاج املرض في طبق وس������يلة للحصول‬ ‫على خاليا كان من الصعب أو املس������تحيل احلصول عليها‬ ‫باس������تخدام طرق أخرى – مبا في ذلك العصبونات احملركة‬ ‫املميزة للمرض ‪ ALS‬وم������رض ضمور العضالت النخاعي‪،‬‬

‫وخاليا امل������خ ذات الصلة بالعديد من األم����راض العصبية‬ ‫التنكسية ‪ ،neurodegenerative disorders‬وخاليا البنكرياس‬ ‫(املعثكل������ة) ذات الصلة بح������دوث مرض س����كري اليافعني‬

‫‪.juvenile diabetes‬‬

‫خاليا جذعية حسب الطلب‬

‫( )‬

‫خ���ل��ال العام���ي��ن املاضي���ي��ن أدى التع������اون العلمي بني‬ ‫جامع������ة كولومبيا ومعهد هارڤارد إل������ى احلصول على ما‬ ‫اليقل عن ‪ 30‬س���ل��الة خلوية بش������رية خاصة باملرض ‪،ALS‬‬ ‫وهناك املزيد منها في الطريق‪ .‬والعديد من هذه الس���ل��االت‬ ‫اخللوية يحتوي على طفرات فريدة مت الكشف عن وجودها‬ ‫في األش������خاص املصابني بحاالت ح������ادة وغير معتادة من‬ ‫امل������رض ‪ .ALS‬أم������ا األمر األكث������ر أهمية فهو أن أس������لوب‬ ‫دراسة املرض في طبق قد بدأ باإلفصاح عن فاعليته‪ ،‬وذلك‬ ‫بإمدادنا برؤى حول طبيعة املرض الذي أصاب العصبونات‬ ‫احملركة‪ .‬وعلى س������بيل املثال‪ ،‬استطاع الباحثون عن طريق‬ ‫اس������تخدامهم للخاليا الناجتة من الشقيقتني التعرف على‬ ‫مس������ارات جزيئية يبدو أن لها عالقة مب������وت العصبونات‬ ‫احملركة والذي يحدث عند تس������مم هذه اخلاليا بواس������طة‬ ‫مجموعة أخرى من العصبونات التي ُيطلق عليها اخلاليا‬ ‫النجمي���ة ‪ .astrocytes‬وقد أصب������ح باإلمكان وضع كل من‬ ‫العصبونات احملركة واخلاليا النجمية في الطبق‪ ،‬فقد بدأ‬ ‫العلماء اآلن بالبحث ع������ن مركبات عالجية محتملة ميكنها‬ ‫السمي للخاليا النجمية أو أن تعزز بقيا‬ ‫أن توقف النشاط ُّ‬ ‫العصبونات احملركة‪.‬‬ ‫على س������بيل املث������ال‪ ،‬بدأ الباحثون في الش������هر ‪2010/1‬‬ ‫بإج������راء فح������ص مبدئ������ي لتأثي������ر نح������و ‪ 2000‬مركب على‬ ‫العصبونات احملركة في مرضى ‪ ،ALS‬وذلك ملعرفة إن كان‬ ‫ألي م������ن هذه اجلزيئات القدرة على إطالة بقيا العصبونات‬ ‫احملرك������ة احملتوية على اجلني الطافر ذي العالقة باإلصابة‬ ‫بامل������رض ‪ .ALS‬و ُيظهر لن������ا هذا البرنام������ج البحثي الرائد‬ ‫أسلوبا جديدا في فحص كفاءة العقاقير ‪:drug screening‬‬ ‫إذ ب������دأ باحثو امل������رض ‪ ALS‬جتاربهم باختب������ار املركبات‬ ‫التي س������بق أن اعتمدته������ا إدارة الغذاء وال���دواء(‪ )1‬لعالج‬ ‫أم������راض أخرى‪ .‬لقد كان األمل بأن يحالف احلظ الباحثني‬ ‫ويتوصل������وا إلى جزيء مت اختباره م������ن قبل وثبت أنه آمن‬ ‫لإلنس������ان‪ ،‬بحيث ميكن اس������تخدامه في عالج مرض آخر‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪MADE-TO-ORDER STEM CELLS‬‬ ‫‪Food and Drug Administration‬‬

‫التتمة في الصفحة‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪25‬‬

‫‪17‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫علم األعصاب في قاعة احملكمة‬

‫( )‬

‫حاليا‪ ،‬نادرا ما يكون ملسوح الدماغ(‪ )1‬واألنواع األخرى من األد ّلة‬ ‫العصب ّية دور يذكر في احملاكمات القضائية‪ .‬غير أنّه في يوم ما ستتمكن‬ ‫هذه املسوح من تغيير املوقف القضائي من املصداقية واملسؤول ّية الشخص ّية‪.‬‬ ‫>‪ .S .M‬گازّانيگا<‬

‫بصدفة غريبة ُاس������تدعيت لتأدي������ة واجب خدمة احمل ّلفني‬ ‫للم ّرة األولى ُبعيد أن بدأت العمل مديرا ملش������روع جديد في‬ ‫مؤسس������ة >ماك آرثر< الذي يستكشف األمور التي يثيرها‬ ‫علم األعصاب في وج������ه نظام العدالة اجلنائ ّية‪ .‬وقد حضر‬ ‫ثمانون منّا لالختيار من بيننا في قض ّية امرأة شابة متّهمة‬ ‫بالقيادة حت������ت املؤث���رات العقليّ���ة ‪ .DUI‬ولكن ّ‬ ‫مت إقصاء‬ ‫معظ������م زمالئي املواطنني ألس������باب متنوعة وبش������كل رئيس‬ ‫بس������بب جتاربهم الش������خص ّية في القيادة حت������ت املؤثرات‬ ‫العقل ّية‪ .‬وأخيرا اس������تدعيت للمثول أمام القاضي الذي قال‬ ‫لي‪َ « :‬أخْ ِب ْرني ماذا تعمل‪».‬‬ ‫أجب������ت‪« :‬إنني باحث في علم األعصاب‪ ،‬وقد قمت فعال‬ ‫بعم������ل ذي صلة مبا يحدث في قاعة احملكمة‪ .‬فقد درس������ت‬ ‫مثال كيف تتش ّ‬ ‫������كل الذكريات الزائفة وطبيعة اإلدمان وكيف‬ ‫ّ‬ ‫ينظم الدماغ السلوك‪».‬‬ ‫إلي القاضي بإمعان وسألني‪« :‬هل تعتقد أن ّه باستطاعتك‬ ‫نظر ّ‬ ‫تعليق ّ‬ ‫كل ما تعرفه عن تلك األشياء خالل سير هذه احملاكمة؟»‬ ‫قلت إنّه بإمكاني احملاولة‪ ،‬وعندها َأذِ َن لي باالنصراف‪.‬‬ ‫وقد شعرت باالمتعاض‪ ،‬غير أنه ما كان يجب أن أشعر‬ ‫بذلك‪ .‬فمن أجل اإلنص������اف يفترض في القضاة واحملامني‬ ‫السعي إلى اختيار مح ّلفني ِّ‬ ‫يحكمون بناء على ما يسمعونه‬

‫في قاعة احملكمة فقط‪ ،‬واالبتعاد عن أولئك الذين قد يكونون‬ ‫سببا للتأثير غير املرغوب فيه في زمالئهم احمللفني اآلخرين‬ ‫بسبب خبراتهم اخلارجية س������واء كانت حقيق ّية أو تخ ّيل ّية‪.‬‬ ‫غير أنّه وبطريقة ما كان إقصاء القاضي انعكاسا الحتراز‬ ‫النظ������ام القضائي اليوم من أدوات ومفاهيم علم األعصاب‪.‬‬ ‫فبمساعدة تقنيات تصوير متط ّورة يستطيع علماء األعصاب‬ ‫إمع������ان النظر إلى داخل الدماغ احل������ي‪ ،‬وقد بدؤوا بتمييز‬ ‫أمن������اط النش������اط الدماغي الت������ي ترتبط بس������لوكيات وطرق‬ ‫تفكي������ر مع ّينة‪ .‬وبالفع������ل بدأ احملامون مبحاولة اس������تعمال‬ ‫مس���وح الدم���اغ(‪ )1‬كأد ّلة في احملاكم������ات‪ ،‬ولكن احملاكم ما‬ ‫زالت تتن������ازع في كيف ّية تقرير متى يجب أن تقبل مبثل تلك‬ ‫املسوح‪ .‬ففي املستقبل قد نرى أن قابلية ربط نشاط الدماغ‬ ‫باحلاالت الذهن ّية ميكنها أن تقلب القواعد القدمية لتقرير ما‬ ‫إذا كان لدى متّهم (أو متّهمة) سيطرة على أفعاله‪ ،‬وحتديد‬ ‫إل������ى أي مدى يجب معاقبة ه������ذا املتهم‪ .‬وحتى اآلن ال أحد‬ ‫ميتلك فكرة واضحة ح������ول كيف ّية توجيه التغيرات‪ ،‬غير أن‬ ‫النظام القضائي واجلمه������ور وعلماء األعصاب بحاجة إلى‬ ‫فهم األمور ذات األهم ّية لضمان بقاء مجتمعنا عادال‪ ،‬حتى‬ ‫( ) ‪Neuroscience in the courtroom‬‬ ‫(‪brain scans )1‬‬ ‫(‪criminal defenses )2‬‬

‫باختصار‬ ‫نادرا ما تقبل احملاكم اليوم مسوح‬ ‫الدم������اغ كدليل في احملاكمة ألس������باب‬ ‫قانونية وعلمية‪ .‬غير أنه مع نضوج علم‬ ‫األعص������اب قد يتزاي������د إدراك القضاة‬ ‫ب������أن تلك املس������وح ذات صل������ة بنقاط‬ ‫‪18‬‬

‫اجل������دل املطروحة حول احلالة الذهن ّية‬ ‫للمتّهم أو مصداق ّية شاهد ما‪.‬‬ ‫وق������د يأت������ي التأثير األعظ������م لعلم‬ ‫الدماغ ف������ي القانون من الفهم األعمق‬ ‫لألسباب العصب ّية للسلوك ّيات املعادية‬

‫للمجتمع والس������لوكيات غير القانون ّية‪.‬‬ ‫وق������د تضع االكتش������افات املس������تقبل ّية‬ ‫األس������اس ألنواع جديدة من الدفاعات‬ ‫اجلنائ ّية(‪ ،)2‬على سبيل املثال‪.‬‬ ‫غي������ر أن املفاهيم العصب ّية قد تقلب‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫أيضا األفكار التقليد ّية عن املس������ؤول ّية‬ ‫الش������خص ّية والعقاب الع������ادل‪ .‬لذلك‬ ‫على احملاكم وبق ّية املجتمع احلذر في‬ ‫املض������ي بتبني الدالئ������ل التي حصلوا‬ ‫عليها من علم األعصاب‪.‬‬


‫املؤلف‬ ‫‪Michael S. Gazzaniga‬‬

‫>گازّانيگا<‪ ،‬عضو الهيئة االستشار ّية ملج ّلة ساينتفيك أمريكان‪،‬‬ ‫وهو مدير مركز >سيج< لدراسة العقل في جامعة كاليفورنيا‬ ‫بسانتا باربارا ومدير سابق ملشروع القانون وعلم األعصاب‬ ‫لدى مؤسسة >جون ‪ .D‬وكاثرين ‪ T.‬ماك آرثر<‬

‫ول������و زلزلت املفاهيم اجلديدة األفكار القدمية‬ ‫حول الطبيعة البشر ّية‪.‬‬ ‫دليل غير مقبول (في الوقت احلاضر)‬

‫( )‬

‫م������ع تزايد تواف������ر الصور التي تس������تطيع‬ ‫وصف حالة الدماغ لشخص ما‪ ،‬فإن احملامني‬ ‫يطلبون إلى القضاة بش������كل متزايد قبول تلك‬ ‫املسوح كأد ّلة لتوضيح مثال إن كان املتهم غير‬ ‫مذنب بس������بب اجلنون أو أنّ ش������اهدا ما يقول‬ ‫احلقيقة‪ .‬وقد يواف������ق القضاة على الطلب إذا‬ ‫رأوا أن احمل ّلفني سيعتبرون املسوح واحدا من‬ ‫البيان������ات لدعم ادعاء احملامي أو الش������اهد أو‬ ‫إذا ظنّوا بأنّ رؤية الصور س������تعطي احمل ّلفني‬ ‫فهم������ا أفضل ألمر ما ذي صل������ة باحلالة‪ .‬غير‬ ‫أنّ القضاة س������يرفضون الطلب إذا استنتجوا‬ ‫أن املس������وح ستكون مقنعة بش������كل مبالغ فيه‬ ‫ولكن ألس������باب خاطئة أو أنّها س������تعطي وزنا‬ ‫زائدا مبالغ������ا فيه ألنّها ببس������اطة تبدو علم ّية‬ ‫بش������كل ش������ديد اإلقناع‪ .‬ووفقا للقانون‪ ،‬يحتاج القضاة إلى‬ ‫أن يق������رروا ما إذا كان هدف اس������تعمال املس������وح مس����اندا‬ ‫القت����راح مع��ّيّ ‪( probative‬أي مييل إلى مس������اندة الدفاع)‬ ‫أو استخدامها اس������تخداما متعصب����ا ‪( prejudicial‬مييل إلى‬ ‫حتبيذ أفكار مقررة مس������بقا) ومن األرجح أنها ستشوش أو‬ ‫تض ّلل احمل ّلفني‪ .‬وحت������ى اآلن فإنّ القضاة ‪ -‬متفقني في ذلك‬ ‫مع احلكمة التقليدية ملعظم علماء األعصاب وعلماء القانون ‪-‬‬ ‫عادة ما يقررون بأنّ مس������وح الدم������اغ تؤدي إلى التحيز غير‬ ‫العادل للمح ّلفني من دون تقدمي أي قيمة تذكر كدليل مس������اند‬ ‫القتراح معينّ ‪.‬‬ ‫كم������ا يتكرر إقصاء القضاة ملس������وح الدم������اغ بحجة أنّ‬ ‫العلم ال يدعم استعمالها كأد ّلة ألي حالة سوى حالة إصابة‬

‫الدماغ ب������األذى العضوي‪ .‬وقد يرغب محام������و الدفاع في‬ ‫اس������تخدام املسوح إلثبات أنّ لدى املتّهمني اضطرابا فكريا‬ ‫أو عاطف ّي������ا مع ّينا (كاختالل التقدي���ر(‪ )1‬أو األخالقية(‪ )2‬أو‬ ‫ضبط النزوات(‪ ،))3‬لك������ن وللوقت احلاضر على األقل‪ ،‬فإن‬ ‫معظم القضاة والباحثني متّفقون على أن العلم ليس متطورا‬ ‫بشكل كاف للسماح بتلك االستعماالت‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫يق ّدم تصوير الرنني املغنطيس���ي الوظيفي )‪(fMRI‬‬ ‫مثاال على طريق������ة ميكنها تقدمي معلومات علم ّية ج ّيدة‪ ،‬غير‬ ‫( ) )‪Unacceptable Evidence (For Now‬‬ ‫(‪flawed judgment )1‬‬ ‫(‪morality )2‬‬ ‫(‪impulse control )3‬‬ ‫(‪functional magnetic resonance imaging )4‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪19‬‬


‫ّ‬ ‫مفضلة لدى‬ ‫أن نزرا قليال منها مقبول قانون ّيا‪ .‬هذه التقنية‬ ‫يتقصون أي أجزاء من الدماغ تنشط خالل‬ ‫الباحثني الذين‬ ‫ّ‬ ‫فمث���ل��ا‪ ،‬أظهر بحث حديث قام به <‪ .D .A‬واگنر> وزمالؤه‬ ‫األفعال املختلفة كالقراءة أو التح ّدث أو أحالم‬ ‫اليقظة‪ .‬غير في جامعة ستانفورد أنّه حتت شروط جتريب ّية متحكم فيها‬ ‫(‪)1‬‬ ‫أن هذه التقنية ال تقيس انقداح اخلاليا الدماغيّة مباشرة يس������تطيع اجلهاز ‪ fMRI‬مع اس������تخدام لوغارميية حتليلية‬ ‫بل تقيس جريان الدم ا ّلذي ّ‬ ‫يظن أنه يتناسب إلى ح ّد ما مع معقدة تدعى مصن���ف األمن���اط ‪ patterns classifier‬التعيني‬ ‫نشاط اخلاليا العصب ّية‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فلتحديد اإلشارة بد ّقة ما إذا كان ش������خص ما ّ‬ ‫يتذكر شيئا‪ ،‬ولكنّه ال يستطيع‬ ‫ُّ‬ ‫الص َو ِرية املرتبطة بنموذج معينّ من النشاط الدماغي يضطر حتديد ما إذا كان محتوى ذاكرته املكتشفة حقيقيا أو تخ ّيليا‪.‬‬ ‫الباحثون عادة إلى أخذ املتوس������ط لع ّدة مسوح من عدد من وبعبارة أخرى‪ ،‬ميكننا اس������تعمال اجلهاز ‪ fMRI‬لكشف ما‬ ‫األش������خاص املش������اركني في االختبار‪ ،‬وا ّلذين ميكن لنمط إذا كان األفراد يعتقدون أنّهم ّ‬ ‫يتذكرون شيئا ولكن ال ميكننا‬ ‫دماغ ‪ brain pattern‬كل منهم أن يحيد بشكل‬ ‫الق������ول ما إذا كان ه������ذا االعتقاد صحيحا‪.‬‬ ‫علم‬ ‫استعمال‬ ‫إن‬ ‫واس������ع عن اآلخر‪ .‬وقد تب������دو صور الرنني‬ ‫ويس������تنتج >واگنر< أن طرائق اجلهاز ‪fMRI‬‬ ‫املغنطيسي ‪ fMRI‬ملتهم معينّ مختلفة بشكل األعصاب لتقدير ميك������ن أن تصبح ف ّعالة ف������ي نهاية األمر في‬ ‫كبير عن قيمة املتوسط املق ّدمة في احملكمة‪ ،‬الطبع واملصداقية كش������ف الكذب‪ ،‬ولكن هناك حاجة إلى مزيد‬ ‫من الدراسات في هذا املضمار‪.‬‬ ‫ولكنّها ق������د تبقى ضمن احلدود اإلحصائية‬ ‫للمتهمني‬ ‫العامة‬ ‫وهن������اك جت������ارب أخرى تس������اعد على‬ ‫ملجموع������ة البيان������ات ا ّلتي ّ‬ ‫مت حس������اب ذلك‬ ‫ميكن في نهاية‬ ‫كشف طبيعة الصدق‪ :‬هل ينتج الصدق من‬ ‫املتوسط منها‪.‬‬ ‫إضاف������ة إلى ذل������ك‪ ،‬فالعلماء ببس������اطة ال األمر أن يتغلب على غي������اب اإلغراء أو من تكري������س طاقة إرادة‬ ‫إضاف ّية ملقاومته؟ في عام ‪ ،2009‬أعطى <‪D‬‬ ‫يعرفون دائم������ا مدى التغييرات الس������وية في استعماله لسبر ما‬ ‫‪ ..J‬گري������ن> و<‪ .M .J‬پاكس������تون> [من جامعة‬ ‫الش������كل التش������ريحي للدم������اغ ونش������اطه في‬ ‫صادقني‬ ‫كانوا‬ ‫إذا‬ ‫هارڤارد] مشاركني في جتربة داخل جهاز‬ ‫مجموعة الس������كان (أو ف������ي مجموعات جزئية‬ ‫منها)‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن عرض مس������ح الدماغ ملتّهم بشأن شيء محدد‪ .‬ماس���ح ‪ scanner‬حاف������زا مال ّيا للمبالغة في‬ ‫التصريح عن دقتهم في معرفة نتيجة رمي‬ ‫معينّ م������ن دون بيانات من مجموعة مناس������بة‬ ‫للمقارنة ق������د يضلل احمل ّلفني تضليال كبيرا‪ .‬وقد بذل القضاة قطع������ة نقدية؛ واس������تطاع الباحثون أخ������ذ صور اجلهاز‬ ‫جه������ودا لتقومي إمكانية قبول أد ّلة مس������ح الدم������اغ العضو ّية ‪ fMRI‬ألف������راد كانوا يق ّررون قول الكذب أ ْو ال‪ .‬وقد اقترن‬ ‫ملش������كالت عصب ّية أو نفس ّية والتّي قد يكون لها وقع على كون السلوك املخادع بزيادة النشاط في بعض مناطق الدماغ‬ ‫املتّهم مذنبا؛ وقد يواجهون صعوبة أكثر في السنوات القادمة امل َ ْع ِني������ة بالتحكم ف������ي االنفعال وصنع الق������رار‪ .‬غير أن‬ ‫عند التقرير ما إذا كان سيس������مح لص������ور الدماغ بأن تخدم >گرين< و>پاكستون< الحظا أنّ بعض األفراد الذين قالوا‬ ‫كأدلة عل������ى حاالت ذهنية أكثر تعقي������دا كمصداق ّية أو صدق الصدق أظهروا أيضا ذلك النشاط الدماغي عينه؛ وبذلك‬ ‫ف������إنّ صور اجله������از ‪ fMRI‬ميكن أن تك������ون التقطت فقط‬ ‫أحد الشهود‪.‬‬ ‫منذ مطلع القرن العش������رين ‪ -‬عندما ا ّدعى عالم النفس صراعه������م اإلضافي ملقاومة اإلغراء وليس قولهم النهائي‬ ‫واملخترع >‪ .W .M‬مارستون< أنّ آلة الپوليگراف ‪ polygraph‬للصدق‪ .‬ولذا‪ ،‬فإنّ الباحثني يلتمسون من القضاة توخي‬ ‫الت������ي تقيس ضغط الدم والنبض والناقل ّية الكهربائ ّية للجلد احلذر في السماح باستخدام هذا النوع من البيانات في‬ ‫وإش������ارات فيزيولوج ّية أخرى تس������تطيع حتديد ما إذا كان احملكمة في الوقت احلاضر‪.‬‬ ‫ولكن وجهــة نظــرهــم ليست مقبولة من اجلميــع‪ .‬ويشــير‬ ‫ّ‬ ‫الشخص كاذبا ‪ -‬لقد صار كشف الكذب موضع جدل في‬ ‫األوس������اط القانون ّية‪ .‬فقد رأت احملاكم في الواليات املتحدة <‪ .F‬ش������اور> [أس������تاذ القانون في جامع������ة ڤيرجينيا وخبير‬ ‫ولكن هناك الدليل القانوني] إلى أنّ احملاكم تقبل اآلن بش������كل روتيني‬ ‫أن نتائج الپوليگراف بش������كل عام غي������ر مقبولة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تقنيات أخرى قيد التطوير‪ ،‬ومن املؤكد أنه س������يفرض على عدة أنواع من األدلة مشكوك فيها أكثر بكثير من علم كشف‬ ‫احملاكم في نهاي������ة األمر تقييم مقبولية تلك التقنيات أيضا‪ .‬الك������ذب الذي يجري إقصاؤه‪ .‬فالنهج احلالي لتقدير ما إذا‬ ‫وتتض ّمن هذه األدوات طرق تصوير الدماغ ا ّلتي تهدف إلى كان الشهود أو غيرهم يقولون الصدق هو غير دقيق ومبني‬ ‫كشف حاالت الذهن التي تعكس سلوكا صادقا‪.‬‬ ‫( ) ‪Detecting Lies and Determining Credibility‬‬ ‫كشف األكاذيب وحتديد املصداقيّة‬

‫( )‬

‫(‪)1‬‬

‫‪20‬‬

‫‪the firing of brain cells‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫مسح دماغي‬

‫مغالبة عصبية مع اإلغراء‬

‫( )‬

‫تظه���ر دراس���ة مثي���رة للتس���اؤل أحد مس���اوئ اس���تعمال مس���وح الدماغ‬ ‫ككاش���فات للك���ذب ف���ي قاع���ة احملكمة‪ .‬فقد وجدت مس���وح تصوي���ر الرنني‬ ‫املغنطيس���ي الوظيف���ي خالل اختب���ارات الصدق لألش���خاص بأنه مقارنة‬ ‫بالناس الصادقني باس���تمرار (الصورة في األعلى) فإن أولئك الذين كانوا‬ ‫يكذبون أحيانا (الصورة في األس���فل) أظهروا نش���اطا عصبيا أكثر (اللون‬ ‫األحمر) في مناطق الدماغ التي تعنى بالس���يطرة على التفكير‪ .‬وقد كانت‬ ‫أو ال في‬ ‫الفعالي���ة اإلضافي���ة موجودة إذا ما تصرف األفراد بش���كل صادق ْ‬ ‫حالة معينة‪ .‬ومن ث ّم فإن تلك الفعالية ال تكشف ما إذا كان أحدهم يكذب أو‬ ‫ال‪ .‬إنها تقترح فقط أن الش���خص (هو أو هي) ميارس س���يطرة على إدراكه‬ ‫عندما يجابه بفرصة للكذب‪.‬‬

‫نشاط دماغي منخفض لدى شخص مستقيم‬

‫نشاط دماغي أكثر لدى شخص أقل استقامة‬

‫على س������وء فهم للس������لوك غير الصادق‪ :‬فطريقة التصرف‪،‬‬ ‫مثال‪ ،‬ال تعطي دائما أد ّلة موثوقا بها على الصدق‪ .‬وللقانون‬ ‫معايي������ره اخلاصة لتقرير القبول في احملكمة؛ وهذه املعايير‬ ‫أكث������ر مرونة من املعايير العلم ّية‪ .‬ويجادل >ش������اور< في أنّه‬ ‫يجب السماح للمح ّلفني باألخذ بعني االعتبار نتيجة اختبار‬ ‫كشف الكذب الذي يحصل على ‪ 60‬في املئة درجة من الد ّقة‪،‬‬ ‫ألنّه قد يثير قدرا معقوال من الشك حول اإلدانة أو البراءة‪.‬‬ ‫انته������ت حديثا واحدة م������ن أولى القضاي������ا التي ُعنيت‬

‫باس������تعمال تقانة املسح الدماغي لكشف الكذب في محكمة‬ ‫بوالية تينيسي‪ .‬وفي قض ّية الواليات املتحدة ضد <سيمرو>‪،‬‬ ‫وج������د قاض������ي احملكمة أن الدلي������ل املق ّدم من قبل ش������ركة‬ ‫تستخدم جهاز ‪ fMRI‬جتاري لكشف الكذب يجب إقصاؤه‬ ‫جزئيا بس������بب القاعدة الفدرال ّية لألد ّلة ‪ ،403‬وا ّلتي تقضي‬ ‫بأن الدليل يجب أن يكون مساندا القتراح ‪ probative‬وليس‬ ‫داعما ألفكار مسبقة‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬شرح القاضي ملاذا وجد أنّ تأثير التقانة‬ ‫املتحيز لفكرة مس������بقة غير العادل طغى بشكل ملحوظ على‬ ‫قيمته الداعمة لالقتراح‪ .‬وكان االعتراض الرئيسي للقاضي‬ ‫ه������و أنّ خبير الدفاع الذي أجرى اختبار كش������ف الكذب لم‬ ‫يستطع إخبار احملكمة ما إذا كان اجلواب ألي سؤال معينّ‬ ‫هو صح أو خطأ‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فقد ش������هد خبير الدفاع بأنّه‬ ‫يس������تطيع فقط القول ما إذا كان املتهم يجيب بصدق بشكل‬ ‫عام عن مجموعة األسئلة املتعلقة للقض ّية‪.‬‬ ‫والبد للمرء أن يتس������اءل‪ :‬في قضايا مس������تقبل ّية هل ميكن‬ ‫أن تقب������ل النتائج باحملكم������ة إذا كان الهدف أكثر حتديدا‪ ،‬أي‬ ‫ببساطة معرفة ما إذا كان املتّهم مخادعا أ ْو ال بشكل عام؟ إنّ‬ ‫استعمال علم األعصاب لتقدير الصفات الشخص ّية والصدق‬ ‫بش������كل عام للمتّهمني ميكن أن يتغ ّل������ب في نهاية املطاف على‬ ‫اس������تعماله في س������بر صدقهم في أي أمر معني في احملكمة‪.‬‬ ‫والقاع������دة الفدرال ّية )‪ 608(b‬تقض������ي بأنّه متى ّ‬ ‫مت الهجوم على‬ ‫شخص ّية الشاهد ميكن للمحامي تقدمي آراء عن «طبع الشاهد‬ ‫فيما يتع ّلق بصدقه أو عدمه» كدليل‪ .‬وهذا النوع من األد ّلة في‬ ‫الوقت احلاضر هو ببس������اطة عبارة عن ش������هادة آخرين على‬ ‫شخص ّية الشاهد‪ .‬ولكن ماذا عن الغد؟ هل سيرغب احمل ّلفون‬ ‫في معرفة النتيجة التي يحققها الش������اهد في اختبار احتمال‬ ‫عدم األمانة؟ هل س������يكون الدليل ب������أنّ أحدهم مييل إلى عدم‬ ‫األمانة أكثر تعصبا إذا أتى من آلة من ّمقة؟ إن حدسي بأنّ مثل‬ ‫هذا الدليل سيس������تعمل في نهاية األمر وأنّه سيميل في البدء‬ ‫إلى أن يكون متحيز ّا لفرض ّية مسبقة‪ ،‬ولكن باكتساب املجتمع‬ ‫خبر ًة أكبر بالتقانة سيتضاءل أثر التعصب املسبق‪.‬‬ ‫مسح الدماغ ملعتلّي النفس‬

‫( )‬

‫وقد سبق أن اضطر القضاة واحملامون إلى حتديد دور‬ ‫مسح الدماغ في قاعة احملكمة‪ .‬ولكن على املدى البعيد فإنّ‬ ‫الوقع األكبر لعلم األعصاب على النظام القضائي سيتأتّى‬ ‫( ) ‪A Neurological Struggle with Temptation‬‬ ‫( ) ‪Scanning for Psychopaths‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪21‬‬


‫إجراءات‬

‫قبل أن يصبح مسح الدماغ دليال‬

‫( )‬

‫شأنها شأن جميع أشكال األدلة العلمية‪ ،‬فعلى مسوح الدماغ أن جتتاز على‬ ‫األقل مرحلتني من املراجعة وأحيانا أكثر قبل أن يسمح للمحلفني باالستماع‬ ‫إليها‪ .‬ويستطيع احملامون استئناف قرار حول قبول املسوح الدماغية فقط‬ ‫إذا بدا أن القاضي متادى في اجتهاده الشخصي في قضية‪.‬‬

‫من قبل الدفاع‬

‫يكلف محامي الدفاع خبيرا‬ ‫إلجراء مراجعة عصبية‬ ‫‪ neurological review‬لزبون‬ ‫أو شاهد إلعطاء رأي‪ .‬وإذا‬ ‫كان الرأي ال يساعد الزبون‬ ‫فإن احملامي ال يصرح به‪.‬‬

‫من قبل القاضي‬

‫في جلسة ما قبل احملكمة‬ ‫يحدد القاضي ما إذا كانت‬ ‫املسوح الدماغية املقدمة‬ ‫مطابقة لالحتياجات‬ ‫القانونية لألدلة‪ ،‬وما إذا‬ ‫كانت قيمة املعلومات فيها‬ ‫تفوق احتمال التحيز الذي‬ ‫ستسببه للحكم‪.‬‬

‫في احملاكمة‬

‫إذا ذهبت القضية إلى‬ ‫احملكمة (أمر نادر نسبيا)‬ ‫فيمكن للمحامي أن يقدم‬ ‫مسوحا دماغية موافَقا‬ ‫عليها من قبل القاضي‬ ‫ألخذها في االعتبار عند‬ ‫النطق باحلكم‪.‬‬

‫بش������كل رئيس من الفهم األعمق لكيف يهيمن دماغنا على‬ ‫سلوكنا‪ .‬وحتّى في الطفولة ّ‬ ‫املبكرة ُيظهر البشر إحساسات‬ ‫فطر ّية للعدل والتعاون إضافة إلى الرغبة في مواساة الذين‬ ‫أس������يء إليهم ومعاقبة املتجاوزين‪ .‬فنحن قضاة ومح ّلفون‬ ‫من������ذ الوالدة‪ .‬وفوق ه������ذه الغرائز بنينا رؤيتنا املس������تنيرة‬ ‫حول كيف يجب على التثقيف أن يالحظ الس������لوك املعادي‬ ‫للمجتمع ويعاقبه‪ .‬في يوم ما سيرغم علم األعصاب النظام‬ ‫القضائي على مراجعة قواعده لتقرير حالة الذنب وإصدار‬ ‫العقوب������ة‪ .‬كما قد يه������ ّز علم األعصاب فه������م املجتمع حول‬ ‫ماذا يعني أن ميتلك املرء «إرادة ح ّرة» وكيف تكون أفضل‬ ‫طريقة لتقرير متى يجب اعتبار أحدهم مسؤوال عن األفعال‬ ‫املعادية للمجتمع‪.‬‬ ‫لنعتب������ر الوضع النفس������اني والقانوني للمعتلني نفس���يا‬ ‫‪ psychopaths‬وا ّلذين يش������ ّكلون ّ‬ ‫أقل من ‪ %1‬من عا ّمة الس ّكان‬ ‫‪22‬‬

‫ولك������ن ‪ %25‬تقريب������ا من ا ّلذين هم في الس������جون‪ .‬ذلك النعت‪،‬‬ ‫مع اس������تعماله الشائع كصفة عامة لوصف كثير من املجرمني‬ ‫العنيفني وغير العنيفني‪ ،‬فإنه يخصص بشكل أدق ألولئك الذين‬ ‫ّ‬ ‫ومشخصة عبر اختبار يدعى‬ ‫لديهم حالة نفسان ّية مح ّددة بد ّقة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫قائمة هير لالعتالل النفسي املعدّلة )‪. (PCL-R‬‬ ‫وغالب������ا ما ُيظهر معت ّلو النفس جاذبية س������طح ّية وأنان ّية‬ ‫وس������لوك العظمة وخداعا وتالعبا باألمور وغياب الش������عور‬ ‫بالذنب أوالتعاطف‪ ،‬وهي س������مات يستطيع االختبار ‪PCL-R‬‬ ‫تقديرها جميعا‪ .‬غير أنّ االختبارات النفس ّية القياس ّية مثل‬ ‫االختب������ار ‪ PCL-R‬هي فق������ط بدائل عن قي������اس االختالالت‬ ‫العصب ّي������ة ا ّلتي أ ّدت إلى احلياة الذهني������ة املضطربة لهؤالء‬ ‫الن������اس‪ .‬ويجب أن توف������ر قياس������ات الفعالي������ات الدماغ ّية‬ ‫بالتصوير العصبي‪ ،‬على األقل نظر ّيا‪ ،‬طريقة أفضل بكثير‬ ‫لكشف املعت ّلني نفسيا‪.‬‬ ‫وحتّى اآلن‪ ،‬هناك ع ّدة دراس������ات ربطت االعتالل النفسي‬ ‫بنشاط دماغي غير عادي‪ .‬واملعت ّلون نفس ّيا يظهرون‪ ،‬على سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬اس������تجابات عصب ّية غير سو ّية لتنبيهات تتط ّلب انتباها‬ ‫ش������ديدا ولكلمات ذات معان عاطفية أو واقع ّية أو مج ّردة‪ .‬غير‬ ‫أنّ تلك االس������تجابات قد تظهر أيضا عند أناس عانوا إصابة‬ ‫في منطقة معروفة بالفص الصدغي األنس������ي ‪ -‬مبعنى أنّه ال‬ ‫ميكن اس������تخدامها كعالمات قاطعة على االعتالل النفس������ي‪.‬‬ ‫وتقترح دراس������ات أخرى بأن املصابني باالعتالل النفسي قد‬ ‫يعان������ون عطبا في ِبنى اجلهاز اللمب���ي(‪ )2‬العميقة في الدماغ‪،‬‬ ‫وهو اجلهاز ا ّلذي يس������اعد على توليد العواطف‪ ،‬غير أنّ هذه‬ ‫النتيجة أولية‪.‬‬ ‫بدأ العلماء أيضا بالبحث عن توصيالت غير س������و ّية في‬ ‫أدمغة املعت ّلني نفسيا‪ .‬فقد قام >‪ .M .E‬رايشله< و>‪ .B‬شانون<‬ ‫وزمالؤهما [في جامعة واشنطن بسانت لويس] مع <‪ .K‬كييل<‬ ‫[من جامعة نيومكس������يكو] بتحليل بيانات اجلهاز ‪ fMRI‬من‬ ‫مس������وح سجناء بالغني وأحداث جانحني‪ّ ,‬‬ ‫مت تقييمهم جميعا‬ ‫بإخضاعهم الختبار االعتالل النفس������ي باستعمال االختبار‬ ‫‪ .PCL-R‬فوجدوا أن لدى البالغني تش������كيلة من التوصيالت‬ ‫غير العاد ّية بني مناطق الدماغ‪ ،‬مع أنه ال يسود تغيير معينّ ‪.‬‬ ‫وظه������رت اختالف������ات مذهلة بانتظام وبش������كل حصري لدى‬ ‫اجلانحني الش������باب ‪ -‬وتزايدت درجة تلك التغييرات طرديا‬ ‫مع املستوى الفردي لس������لوك االندفاع لديهم‪ .‬وتفسير هذا‬ ‫أنّ األحداث املندفعني ينقصهم بعض التقييدات ‪ -‬املوجودة‬ ‫ف������ي احلالة الس������و ّية ‪ -‬على اختياراتهم م������ن األفعال‪ .‬ربمّ ا‬ ‫( ) ‪Before Brain Scans Can Be Evidence‬‬ ‫(‪Hare Psychopathy Checklist - Revised )1‬‬ ‫(‪limbic system )2‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫يصبح انتشار اخللل الدماغي بني األحداث‬ ‫(أو عليه������ا)‪ .‬وفي بحث يس������تخدم الرنني‬ ‫هل سيؤدي‬ ‫ّ‬ ‫املغنطيس������ي الوظيف������ي ‪ fMRI‬ي������درس <‪.R‬‬ ‫الذين ال يخضعون للعالج والذي يحث على اضمحالل مفاهيم‬ ‫السلوك االندفاعي في النهاية متعمما أكثر‬ ‫مونتاگي������و< [من كلية بيل������ور للطب] و <‪.G‬‬ ‫احلرة‬ ‫اإلرادة‬ ‫ويؤدي إلى االضطرابات العصب ّية املتن ّوعة‬ ‫يافي< [أس������تاذ القانون في جامعة ساوث‬ ‫واملسؤولية‬ ‫املشاهدة في البالغني‪ .‬وهذا االختالف ميكن‬ ‫كاليفورني������ا] م������ا إذا كان بع������ض املدمنني‬ ‫أيضا أن يس������اعد على تفس������ير ملاذا تنجح الشخصية‪ ،‬إذا أمكن يعانون ش������كال طفيفا من «عمى املجازفة»‬ ‫العالجات النفسان ّية لالعتالل النفسي لدى‬ ‫‪ .risk blindness‬ويتع ّل������م الناس األس������وياء‬ ‫املضادة‬ ‫القرارات‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫األحداث أكثر منها ل������دى البالغني ا ّلذين ال‬ ‫فكر ّي������ا عدم س������رقة احمل���ل��ات لتي ّقنهم بأنّ‬ ‫للمجتمع ظاهريا‪،‬‬ ‫يستجيبون ‪ -‬بشكل عام ‪ -‬للعالج‪.‬‬ ‫ارتكاب اجلرمية س������يعرض للخطر قدرتهم‬ ‫وبشكل مثير للجدل‪ ،‬ال يعتبر االعتالل‬ ‫على التمتع بحياتهم مع األصدقاء والعائلة‬ ‫إلى نوع ما من‬ ‫النفس������ي اآلن أساس������ا معترفا ب������ه لدفاع االنحرافات العصبية؟ ومتابعة مهنة مجدي������ة‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬غير أنّ‬ ‫بحجة اجلنون‪ .‬وعوضا من ذلك فإنّه ُينظر‬ ‫>مونتاگي������و< و >ياف������ي< وج������دا دالئل إلى‬ ‫إل������ى املعت ّلني نفس������يا على أنّهم أكثر خط������را من اجلانحني بع������ض املدمنني على األق������ل ال ميكنهم التي ّق������ن بفوائد تلك‬ ‫ا ّلذي������ن ال يعانون ذلك االضطراب‪ ،‬وبذل������ك يتل ّقون أحكاما الس������بل املختلفة للتص ّرف‪ .‬ومن احملتم������ل أن تؤدي نتائج‬ ‫أطول وأقسى‪ .‬هذا وإن وجود أداة أو طريقة تصوير عصبي أبحاثهم������ا إلى تبرير تعديل معيار «اإلنس������ان املعقول» في‬ ‫لتحديد معت ّلي النفس بش������كل موثوق به سيكون مفيدا في القان������ون اجلنائي‪ ،‬بحيث ميكن احلكم على املدمن حيال ما‬ ‫طور إصدار احلكم في قض ّية ما ألنّه قد يساعد على تقرير قد يفعله ش������خص مدمن معقول وليس حي������ال ما قد يفعله‬ ‫ما إذا كان املتهم يس������تحق احلجز الط ّبي والعالج بدال من ش������خص غير مدمن معقول في ذلك املوقف؛ وقد تؤ ّدي هذه‬ ‫احلبس العقابي‪ .‬وقد يصعب إقناع اجلمهور بتقبل وجوب النتيجة إلى تبرئة املتّهم املدمن أو إلى تخفيض عقوبته‪.‬‬ ‫حج������ز املصنفني به������ذه الطريقة في مستش������فى األمراض‬ ‫وعندما تؤخذ جميع األمثلة الس������ابقة معا‪ ،‬تبرز أس������ئلة‬ ‫العقلية عوضا عن السجن‪ ،‬ولكن مع ظهور أد ّلة كافية ميكن عميقة حول كيف ستقوم ثقافتنا واحملاكم مبعاجلة السلوك‬ ‫لتلك املمارس������ة أن تصبح في نهاية األم������ر توجها قانونيا‪.‬‬ ‫املع������ادي للمجتمع‪ .‬وكما تس������اءل عالم األعص������اب >‪.T .W‬‬ ‫وحتى ذلك احلني‪ ،‬يتمنّى املرء أن يقدم علم األعصاب طرقا نيوسوم< [من جامعة ستانفورد]‪ :‬هل سيكون لكل واحد منّا‬ ‫أفضل للمساعدة على تأهيل املصابني أو شفائهم‪.‬‬ ‫مستوى تقييم «للمسؤولية» مُ ستش���خص(‪ )3‬ميكن اعتماده‬ ‫عندما نخرق القانون؟ فإذا قمنا ك ّلنا قريبا بتحميل تاريخنا‬ ‫( )‬ ‫علم األعصاب والدفاعات اجلنائيّة‬ ‫املرضي الش������خصي على رقاقة ذاكرة للرج������وع إليه عند‬ ‫يقب������ل القانون اجلنائي حال ّيا قائم������ة قصيرة من الدفاعات احلاجة‪ ،‬حسب ما يتن ّبأ به بعض اخلبراء‪ ،‬فهل من احملتمل‬ ‫املمكنة ‪ -‬فهل س������يبدأ علم األعصاب احلديث بالزيادة عليها؟ أن نُضمنها بروفايال(‪ )4‬مشت ّقا من معرفة دماغنا وسلوكنا‬ ‫فمثال‪ ،‬إن احملاكم ترفض باس������تمرار قبول «الدفاع الرس������مي والذي يع ّبر عن معقوليتنا وعدم مباالتنا؟ فهل سيكون هذا‬ ‫بالضرب» من متّهمات انتقمن بق ّوة قاتلة التط ّور جيدا للمجتمع ويدفع العدالة إلى األمام‪ ،‬أم سيكون‬ ‫للم������رأة املعتدى عليها ّ‬ ‫ضد أزواجهن ا ّلذين مارسوا الضرب املنتظم والعنيف ضدهن‪ .‬له أثر معاكس؟ وهل سيؤدي ذلك إلى اضمحالل شعارات‬ ‫ومع ذل������ك هناك محاكم ف������ي بعض الواليات تس������مح للخبراء اإلرادة احل ّرة واملس������ؤول ّية الشخص ّية بشكل أعم إذا أمكن‬ ‫بالش������هادة بأنّ متالزمة املرأة املعتدى عليها بالضرب هي نوع ظاهريا ر ّد جميع القرارات املعادية للمجتمع إلى نوع ما من‬ ‫من االضط���راب (الك���رب) التال���ي للصدم���ة )‪ )1((PTSD‬الذي االنحرافات العصب ّية؟‬ ‫في اعتقادي أنه من املهم أن نُبقي التط ّورات العلم ّية حول‬ ‫ميكن للقاضي واحمل ّلفني أن يأخ������ذوه بعني االعتبار عندما‬ ‫يح������ددون مصداق ّية دع������وى امرأة بأ ّنه������ا تص ّرفت حلماية كيف يف ّعل الدماغ العقل منفصلة عن مناقش������ات املس������ؤولية‬ ‫نفسها‪ .‬وهذه السوابق تفتح بابا الستعمال قضائي أوسع الش������خص ّية‪ .‬فالن������اس هم ا ّلذي������ن يرتكب������ون اجلرائم وليس‬ ‫( ) ‪Neuroscience and Criminal Defenses‬‬ ‫لعلم األعصاب‪.‬‬ ‫(‪post-traumatic stress disorder )1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫إن حتديد النيّة اجلرميّ���ة أو احلالة العقلية ملتّهم في (‪ mens rea )2‬أو عقد النية على اإلجرام‪.‬‬ ‫(‪ُ :personalized )3‬مق ّدر بحسب األشخاص املعنيني‪.‬‬ ‫س������ياق معني له أثر كبير في مدى املسؤول ّية ا ّلتي تُلقى عليه‬ ‫(‪profile )4‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪23‬‬


‫أوضحت في مكان آخر‪ ،‬فإنّ مفهوم املسؤولية‬ ‫أدمغتهم‪ .‬وكما‬ ‫ُ‬ ‫الشخص ّية شيء ينتج من التفاعالت االجتماع ّية‪ .‬إنّه جزء من‬ ‫قواعد التبادل االجتماعي‪ ،‬وليس جزءا من الدماغ‪.‬‬ ‫تابع بحذر‬

‫( )‬

‫وعل������ى الرغ������م من املفاهي������م الكثيرة املس������تقاة من علم‬ ‫األعصاب‪ ،‬فإنّ االكتش������افات احلديثة ف������ي البحث العلمي‬ ‫في عق������ل األحداث تؤكد احلاجة إل������ى احلذر عند تضمني‬ ‫هذا العلم في القان������ون‪ .‬ففي عام ‪ 2005‬وفي قض ّية >روبر<‬ ‫ضد >س������يمونز< رأت احملكمة العلي������ا للواليات املتحدة بأنّ‬ ‫حك������م اإلعدام عل������ى متّهم ارتكب جرمية َقت ٍْل في س������ن ‪17‬‬ ‫أو ما دون ذلك يعتبر قاس������يا وعقاب������ا غير عادي‪ .‬وقد َبن َْت‬ ‫رأيها على ثالثة اختالف������ات بني األحداث والبالغني‪ :‬يعاني‬ ‫األحداث نقصا ش������ديدا في النضج واملسؤول ّية؛ واألحداث‬ ‫أكثر تأ ّثرا بالتأثيرات الس������لب ّية وليس لديهم احلرية إلخراج‬ ‫أنفسهم من املواقف السيئة؛ وشخص ّية احلدث ّ‬ ‫ّ‬ ‫تشكال‬ ‫أقل‬ ‫من ش������خص ّية البالغ‪ .‬ومع أنّ احملكمة أدركت أنها وضعت‬ ‫ح������دا عمريا اعتباطيا‪ ،‬فقد قض������ت بأنّه ال ميكن أن تُفرض‬ ‫عقوبة اإلعدام على شخص كان عمره أقل من ‪ 18‬عاما عند‬ ‫ارتكابه اجلرمية‪.‬‬ ‫في الشهر ‪ 2010/5‬زادت احملكمة من مدى هذا التحديد‪.‬‬ ‫فف������ي قض ّية >گراهام< ضد >فلوري������دا<‪ ،‬قررت احملكمة أنه‬ ‫بالنس������بة إلى اجلرائم‪ ،‬باس������تثناء جرمية القتل‪ ،‬فإنّ حكما‬ ‫بالس������جن املؤبد من غير إمكانية إطالق الس������راح املشروط‬ ‫ملجرم حتت س������ن ‪ 18‬ينتهك منع الدس������تور للعقاب القاسي‬ ‫وغير الع������ادي‪ .‬وأش������ارت احملكمة إلى معلوم������ات قدمتها‬ ‫اجلمع ّي������ة الطب ّية األمريك ّي������ة )‪ ،(AMA‬أنّ «علم النفس وعلم‬ ‫الدم������اغ م������ازاال ُيظهِ ������ران اختالفات أساس������ ّية بني عقول‬ ‫األحداث والبالغني‪».‬‬ ‫ولكن ما مدى متاس������ك دع������م هذا الرأي م������ن قبل علم‬ ‫األعصاب وعلم النفس؟ اس������تقصت دراس������ة قام بها <‪.S .G‬‬ ‫بيرن������ز> و >‪ .S‬مور< و <‪ .M .C‬كاپرا> [م������ن جامعة إميوري]‬ ‫م������ا إذا كانت النزع������ة ا ّلتي ال تقبل اجل������دل لدى األحداث‬ ‫������لوك خطر ناجمة عن عدم النضج في نظم‬ ‫باالنخراط في س ٍ‬ ‫إدراكهم ا ّلتي ّ‬ ‫تنظم االس������تجابات العاطف ّية‪ .‬وقد اختبر هذا‬ ‫الفريق النظر ّية باس������تعمال تقانة تدع������ى التصوير املؤثر‬ ‫االنتش���اري )‪ )1((DTI‬لفح������ص ح������زم امل������ادة البيضاء التي‬ ‫ّ‬ ‫التحكم املختلفة في القش������رة الدماغ ّية لدى ‪91‬‬ ‫تربط مناطق‬ ‫شخصا في سن املراهقة‪ .‬ومما يبعث على الدهشة‪ ،‬هو أن‬ ‫الذين انخرطوا في سلوك خطر‪ ،‬بدت لديهم حزم أكثر شبها‬ ‫‪24‬‬

‫بتل������ك ا ّلتي لدى البالغني مقارنة با ّلت������ي لدى أقرانهم ا ّلذين‬ ‫ابتعدوا عن السلوك اخلطر‪.‬‬ ‫وهكذا ق ّدم التصوير العصبي املتط ّور نتيجة معاكس������ة‬ ‫مباش������رة لوجهات النظ������ر العلم ّية والقانون ّي������ة املعهودة عن‬ ‫مقدرة األح������داث‪ .‬وإذا دعم مزيد من البح������ث العلمي تلك‬ ‫االس������تنتاجات‪ ،‬فالقانون‪ ،‬مبنطق������ه اخلاص‪ ،‬ميكن أن يق ّرر‬ ‫معاملة األحداث اجلانحني باملعايي������ر اجلنائ ّية للبالغني‪ ،‬أو‬ ‫ق������د تتطلب العدالة أن يخضع األح������داث احملكومون لتقانة‬ ‫التصوي������ر ‪ DTI‬أو لتقانة الحقة لتحديد م������ا إذا كانت بنية‬ ‫املادة البيض������اء لديهم ه������ي كتلك لدى البالغ���ي��ن‪ .‬وعندها‬ ‫تس������تطيع نتائج مثل هذا االختب������ار تزويد احملكمة باقتراح‬ ‫حول احلكم الذي تصدره‪ .‬إنّ مدى هذه العواقب ُي ِبرز ملاذا‬ ‫يجب أال َتس������تخدم احملاكم مفاهي������م من علم األعصاب في‬ ‫القانون حتّى ّ‬ ‫يؤكدها كم كبير من الدراسات‪.‬‬ ‫وعل������ى الرغم من التط������ ّورات املثيرة ا ّلت������ي يحققها علم‬ ‫كل يوم فإنه يجب أن ينظ������ر ّ‬ ‫األعص������اب ّ‬ ‫كل منّا بحذر إلى‬ ‫كيف ميكن دمج هذه التطورات تدريجيا في ثقافتنا‪ .‬هذا وإنّ‬ ‫أهمية مكتشفات علم األعصاب بالنسبة إلى القانون هي فقط‬ ‫ج������زء من الصورة الكاملة‪ .‬هل نريد يوما ما احلصول على‬ ‫مس������وح دماغ ّية خلطيباتنا أو لشركاء عملنا أو لسياسيينا‬ ‫حتى ولو لم يعت ّد بالنتائج في احملكمة؟ ومع استمرار تطور‬ ‫الفهم العلمي للطبيعة البشرية‪ ،‬فإنّ موقفنا األخالقي حول‬ ‫رغبتنا ف������ي إدارة مجتمع عادل س������يتغ ّير أيضا‪ .‬فال أحد‬ ‫أعرفه يريد التس������ ّرع في تبني إط������ار جديد من دون إعطاء‬ ‫عناية ش������ديدة لكل مكتش������ف جديد‪ .‬ولكن ال أحد يستطيع‬ ‫ ‬ ‫جتاهل التغييرات ا ّلتي تلوح في األفق‪.‬‬ ‫( ) ‪Proceed with Caution‬‬ ‫(‪diffusion tensor imaging )1‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, April 2011‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 17‬دراسة األمراض في طبق)‬

‫ذي صل������ة بالعصبونات احملركة ‪ .‬ولق������د متكن >روبن< من‬ ‫خالل مواصلته لتجارب موازية بهارڤارد من التعرف على‬ ‫ما يقرب من دستتني من اجلزيئات الصغيرة التي تستطيع‬ ‫التفاعل مع أحد املس������ارات اجلزيئية التي اكتشفت حديثا‬ ‫في العصبونات احملركة بحيث ميكنها أن تعزز من بقياها‪.‬‬ ‫وتقوم مؤسس������ة مرض ضمور العض���ل��ات النخاعي حاليا‬ ‫باختبار أحد هذه اجلزيئات على حيوانات مصابة بنموذج‬ ‫من هذا املرض‪.‬‬ ‫هناك مؤش������ر آخ������ر رمبا ال يقل أهمية ع ّما س������بق يدل‬ ‫عل������ى أن اخلاليا ‪ iPS‬تقدم لنا أس������لوبا واعدا الكتش������اف‬ ‫العقاقير‪ ،‬أال وهو أن >روبن< لم يعد يطرق أبواب ش������ركات‬ ‫العقاقير‪ .‬فمنذ قيام باحثي كولومبيا وهارڤارد بتأس������يس‬ ‫مبدأ دراس������ة املرض في طبق – والذي يعني إمكان إنتاج‬ ‫عصبونات حتتوي عل������ى العوامل الوراثي������ة املوجودة في‬ ‫ش������خص مريض ‪ -‬وذلك كما ح������دث مع املريضة ‪ A29‬في‬ ‫صي������ف عام ‪ ،2008‬فإن ش������ركات العقاقي������ر مازالت تقرع‬ ‫أبواب >روبن<‪ .‬ومن دون حتديد أس������ماء ش������ركات معينة‬ ‫وذلك لدواعي الس������رية‪ ،‬يقول >روب������ن<‪« :‬ميكنني القول إن‬ ‫كل شركات العقاقير الكبيرة قد أصبحت اآلن مهتمة بهذا‬ ‫األس������لوب»‪ .‬لقد امتدت اإلثارة إلى مجال التقانة احليوية‪:‬‬ ‫فالعديد من الباحثني الذين أس������هموا في موضوع «دراسة‬ ‫م������رض العصبون������ات احملركة ف������ي طبق»‪ ،‬وم������ن ضمنهم‬ ‫>إيجان< و>روبن< أصبحوا مش������تركني في أعمال ش������ركة‬ ‫التقان������ة احليوي������ة أي پيري������ان ‪ iPierian‬بكاليفورنيا‪ ،‬وهي‬ ‫واح������دة من العديد من الش������ركات املبتدئة في هذا املجال‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫والتي تتضمن ش������ركة الديناميكي���ات اخللوية الدولية‬ ‫وش������ركة ‪ Fate Therapeutics‬اللتني تقومان مبواءمة التقنية‬ ‫‪ iPS‬الستخدامها في اكتشاف العقاقير‪.‬‬ ‫في ذات الوقت يتزايد أعداد الباحثني الذين يواصلون‬ ‫جتاربهم مس������تخدمني أس������لوب دراس������ة املرض في طبق‪.‬‬ ‫فبعد وقت قصير من نش������ر دراس������ة املرض ‪ ALS‬في عام‬ ‫‪ ،2008‬س������جلت مجموعة منفصلة م������ن الباحثني في معهد‬ ‫هارڤ������ارد للخاليا اجلذعية اس������تخدامهم للطريقة ‪ iPS‬في‬ ‫إنتاج «خاليا لدراس������ة املرض في طبق» وذلك من مرضى‬ ‫مصابني بس������كري اليافعني‪ ،‬وبداء پاركنسون وغيرها من‬ ‫األم������راض‪ .‬وفي أواخ������ر عام ‪ 2008‬متكن������ت مجموعة من‬ ‫الباحثني بجامعة ويسكنس������ون بقيادة >‪ .N .C‬سڤندس������ن<‬ ‫(الذي انتق������ل منذ ذلك الوقت إلى مركز سيدارس‪-‬س������ينا‬ ‫الطب������ي ‪ Cedars-Sinai Medical Center‬بلوس أجنلوس) من‬ ‫إنتاج عصبونات محركة في طبق وذلك باس������تخدام خاليا‬

‫من مريض مصاب بضمور العضالت النخاعي‪.‬‬ ‫عندما س������ألت الباحثني بكولومبي������ا وهارڤارد ما إذا‬ ‫كانت الش������قيقتان الكرواتيتان عل������ى علم بالتطور البحثي‬ ‫الذي نتج من اس������تخدام م������ا تبرعتا به من خاليا‪ ،‬لم يكن‬ ‫عند أحد منه������م في البداية أي إجابة عن هذا الس������ؤال‪.‬‬ ‫ولكنن������ي عرفت في النهاية أن الش������قيقتني ال تزاالن على‬ ‫قيد احلياة‪ ،‬وذلك وفق������ا البنة املريضة ‪ A29‬والتي وافقت‬ ‫على التحدث عن ذلك ش������ريط ًة أال يتم ذكر اسمها أو اسم‬ ‫أف������راد عائلتها‪ .‬فالش������قيقة الكبرى والت������ي تبلغ اآلن من‬ ‫العمر ‪ 93‬عاما مازالت تعيش من دون أن يظهر عليها أي‬ ‫م������ن أعراض املرض ‪ :ALS‬فهي كما تقول ابنة ش������قيقتها‬ ‫مازالت «تعيش مبفردها‪ ،‬ومتش������ي حيث تشاء‪ ،‬وتتسوق‪،‬‬ ‫وتطه������و الطعام‪ ،‬وتكن������س وتنظف املنزل»‪ .‬أما الش������قيقة‬ ‫الصغرى‪ ،‬أو املريضة ‪ ،A29‬فقد أمتت في الشهر ‪2011/6‬‬ ‫العام اخلام������س والثمانني من عمره������ا‪ ،‬وذلك على الرغم‬ ‫من معاناتها املرض ‪ ،ALS‬وهي تس������تطيع احلركة «ببطء‬ ‫وضعف» و«تش������عر باالمتنان» ألن الفرصة قد أتيحت لها‬ ‫للمساعدة على إجراء هذه األبحاث العلمية‪.‬‬ ‫م������ا يزال هناك عبء قاس جاثم على ه������ذه العائلة ال يبدو‬ ‫أنه قد ذهب بعيدا عنه������ا وهو ما يؤكد لنا حالة اإلحلاح التي‬ ‫يش������عر بها من قد يستفيدون من أس������لوب استخدام اخلاليا‬ ‫اجلذعية في التوص������ل إلى عقاقير ملواجهة هذا املرض‪ .‬تقول‬ ‫ابنه املريضة ‪ A29‬والتي أوضح التش������خيص الطبي إصابتها‬ ‫هي نفس������ها باملرض ‪ ALS‬في عام ‪« :2002‬أنا صغيرة العمر‬ ‫نس������بيا‪ .‬نحن خائفون من أن يبدأ امل������رض بالظهور في عمر‬ ‫أصغر وذلك مع امتداد أجيال العائلة‪ .‬نحن نش������عر بأن األمر‬ ‫يبدو بعض الش������يء» ‪ -‬ثم تتوقف عن احلديث لكي تستجمع‬ ‫قواها وأفكاره������ا القامتة ال محالة – «وكأننا في صراع ضد‬ ‫لدي ابنة في س������ن املراهقة‪ ،‬وهو ما يثقل‬ ‫الزمن‪ .‬فأنا نفس������ي ّ‬ ‫>‬ ‫كثيرا أفكاري ومشاعري‪».‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Cellular Dynamics International‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, March 2011‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪25‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫حل جذري‬ ‫بحث عن ّ‬

‫( )‬

‫سيأتي أعظم مكسب من الطاقة نتيجة إعادة ابتكار‬ ‫جوهرية للتقانات السائدة‪ ،‬وذلك على حد قول املستثمر <‪ .V‬خوسال<‪.‬‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫>‪ .M‬فيشيتي<‬

‫لقد صار >‪ .V‬خوس���ل��ا< أش������هر املس������تثمرين الذين نالوا على مدى واسع‪ ،‬فلن يكون مؤثرا‪ .‬كيف ميكن تطبيق‬ ‫اعترافا واس������عا في مجال التقانات النظيف������ة‪ ،‬تلك التي تُو ِّلد ذلك على التقانات النظيفة؟‬

‫الطاق������ة أو تقتصد في اس������تخدامها مع ِّ‬ ‫أقل ق������در من التأثير‬ ‫البيئي‪ .‬في عام ‪ 2004‬أسس الشركة خوسال ڤينتشرز ‪Khosla‬‬ ‫‪ Ventures‬لتموي������ل ش������ركات جديدة بعد أن ظ������ل ردحا طويال‬ ‫من الزمن ش������ريكا في ش������ركة االس������تثمار الضخمة ‪Kleiner‬‬ ‫‪ .Perkins Caufield & Byers‬وتع������ود بدايات������ه ف������ي التعهدات‬ ‫االس������تثمارية إلى عام ‪ 1982‬حني شارك في تأسيس الشركة‬ ‫ص���ن مايكروسيس���تمز ‪ Sun Microsystems‬الت������ي أصبحت‬ ‫ش������ركة لألجهزة احلاس������وبية والبرمجيات وقد بلغت قيمتها‬ ‫س������بعة بالي���ي��ن دوالر‪ .‬وفي حوار ثنائي ُأج������ري أمام جمهور‬ ‫من املستثمرين وأصحاب املشاريع ‪ entrepreneurs‬في مجال‬ ‫الطاقة في املؤمتر ‪ GoingGreen‬الذي انعقد مؤخرا في س������ان‬ ‫فرانسيس������كو‪ ،‬طلب مراس������ل مجلة س������اينتفيك أمريكان >‪.M‬‬ ‫فيش������يتي< إلى >خوسال< (أحد مستش������اري املجلة) أن يق ّيم‪،‬‬ ‫بعني املم ّول املب������ادر‪ ،‬االبتكارات اجلديدة ف������ي مجال الطاقة‬ ‫يرجح جناحها وأن يعلل سبب هذه التوقعات‪ .‬وفيما يلي‬ ‫التي ِّ‬ ‫نعرض مقتطفات من هذا اللقاء‪:‬‬

‫س���اينتفيك أمريكان )‪ :(SA‬أحد املبادىء التي تب َّني َتها‬ ‫َ‬ ‫بوصفك مس���تثمرا‪ :‬إذا لم يكن االبتكار قابال للتطبيق‬

‫>خوسال<‪ :‬إن طاقة الرياح قابل ٌة للتطبيق على مدى واسع‪،‬‬ ‫ولكن تدهشني ندرة االبتكارات في هذا املجال‪ .‬فما حتتاج‬ ‫إلي������ه الرياح فعال هو تقانة لتخزين الطاقة‪ ،‬ولم ُي ْبدأ بتطوير‬ ‫التخزين للتطبيق على مدى واسع بعد‪ .‬وفي رأيي أن معظم‬ ‫احملاوالت في هذا املجال ليس������ت جدية؛ فنحن بحاجة إلى‬ ‫تغيير جذري‪ .‬أما الطاقة الشمس������ية فيب������دو أنها تُبلي بال ًء‬ ‫حس������نا‪ ،‬ولكن عددا أكب������ر من الالزم من الش������ركات تقوم‬ ‫صحيح أن التكاليف آخذة في االنخفاض‪،‬‬ ‫بالش������يء نفسه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ولك������ن ليس إلى درجة تكف������ي للوصول إلى ح ِّد القدرة على‬ ‫املنافسة في السوق من دون دعم – وهذا مبدأ آخر أتبنّاه‪.‬‬ ‫وتقع تبع������ة أغلب ذلك عل������ى املس������تثمرين واملمولني الذين‬ ‫يحاول������ون التركيز على االبتكار الهامش������ي التالي بدال من‬ ‫االبتكار اجلوهري التالي‪.‬‬ ‫إن أكثر املجاالت إثارة لالهتمام هو الذي يجده املعنيون‬ ‫أشد صعوبة‪ :‬أال وهو الوقود احليوي ‪ .biofuels‬فقد بدأت‬ ‫الش������ركة أميريس ‪ Amyris‬اكتتابا أوليا ألس������همها والذي‬ ‫حقق جناحا باهرا‪ ،‬وإحدى شركاتنا األخرى وهي الشركة‬ ‫جيڤو ‪ Gevo‬سائرة على الطريق نفسه‪ .‬وثمة أدل ٌة كافية تثبت‬ ‫( ) ‪IN SEARCH OF THE RADICAL SOLUTION‬‬

‫باختصار‬ ‫االبتكار اجلذري ثمة حاج ٌة إلى تطوير يحقق ما هو أكثر من مجرد‬ ‫إضافات بسيطة عند ابتكار تقانات طاقة نظيفة وفاعلة ميكنها املنافسة‬ ‫من دون دعم (حكومي) في األسواق الكبرى‪.‬‬ ‫التقانات التقليدية الس���ائدة مثل أنظمة تكييف الهواء ومح ّركات‬ ‫الس������يارات التي ميكن أن مت ِّثل أفضل األهداف لإلجنازات التي تغ ّير‬ ‫لعبة الطاقة الراهنة‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫هنالك حاجة إلى مزيد من حملة الدكتوراه في املجاالت العلمية‬ ‫التقني������ة لتحقيق إجن������ازات فعلية‪ ،‬وثمة طلبة ب������دؤوا بالتوجه نحو هذه‬ ‫املجاالت‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫معيار إنتاج الكهرباء بأس���لوب يخفض انبعاث الكربون سوف‬ ‫������جع معايير الطاقة غير املتجددة أو نظام الس����قف‪-‬و‪-‬املقايضة ‪a cap-‬‬ ‫يش ِّ‬ ‫‪ and-trade system‬على ابتكار تقانات أكثر نظافة‪ ،‬ومنها الوقود األحفوري‪.‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫أن قلة من التقانات التي ال يتعدى عددها أصابع‬ ‫اليد س������تكون مجدي ًة اقتصادي������ا‪ ،‬بعضها بدعم‬ ‫حكومي‪ ،‬وبعضها اآلخر من دون هذا الدعم‪ .‬أما‬ ‫التقانات التي ال حتظى بالدعم فهي األش������د إثارة‬ ‫لالهتمام ألنه سيكون باإلمكان تطبيقها على مدى‬ ‫واسع بشكل ال حدود له‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬مبدأ آخر‪ :‬ال َت ْستثِ م ْر في التقانة النظيفة‬ ‫‪ ،clean tech‬ب���ل اس��� َت ْثمِ ر في التقانة الرئيس������ية‬

‫‪ .main tech‬فم���ا ه���ي التقانة الرئيس���ية وملاذا‬ ‫ُ‬ ‫يكمن فيها الوع ُد املأمول؟‬ ‫>خوس�ل�ا<‪ :‬ال متث������ل الطاق������ة الشمس������ية وطاقة‬ ‫الرياح س������وى تعري������ف ض ّيق للتقان������ة النظيفة؛ بل‬ ‫لعله اجلزء األقل إثارة لالهتمام‪ .‬فشركتنا تستثمر‬ ‫في محركات للس������يارات جديدة كليا من الش������ركة‬ ‫إيك������و موتورز ‪ EcoMotors‬تتمي������ز بأنها أكثر كفاءة‬ ‫بنس������بة ‪ %50‬وأق������ل تكلفة من احمل������ركات املتوافرة‬ ‫اليوم‪ .‬ونحن نس������تثمر في مك ّيفات هواء تس������تخدم‬ ‫فيه������ا دورة ديناميكية حراري������ة جديدة‪ .‬تلك هي في‬ ‫رأيي التقانة الرئيس������ية‪ .‬إنها أجهزة تكييف الهواء‬ ‫الت������ي ال تزيد تكلفتها عل������ى تكلفة األجهزة احلالية‪،‬‬ ‫ولكن استخدامها للطاقة يقل بنسبة ‪ - %80‬هذا هو‬ ‫ما يس������تحق أن نتكلم عنه‪ .‬إنه������ا أنظمة إنارة تتميز‬ ‫بكفاءته������ا وتغطي تكاليفها على مدى االثني عش������ر‬ ‫شهرا األولى ال االثني عش������ر عاما التالية – وهذا‬ ‫أيضا ما يستحق أن نتكلم عنه‪.‬‬ ‫ونح������ن نس������تثمر في الزجاج وفي اإلس������منت‬ ‫[انظر اإلط������ار في الصفحة ‪ – ]28‬أي ف������ي البنية التحتية‬ ‫للمجتم������ع ال في التقانات النظيفة الهامش������ية املعتمدة على‬ ‫الدع������م احلكومي‪ .‬ف������إذا أراد مجتمع أن ينش������ئ مثال ‪10‬‬ ‫ش������ركات جديدة تعادل منط گوگل ‪ Google‬ولكن في مجال‬ ‫التقانات النظيفة فس������وف تكون هذه الشركات من شركات‬ ‫التقانة الرئيس������ية التي تعمل في األسواق الرئيسة من دون‬ ‫دعم حكومي‪.‬‬ ‫وأي تقانة ال حتقق القدرة التنافس������ية في الس������وق من‬ ‫ُّ‬ ‫دون دعم حكومي خالل الس������نوات الس������بع األولى من بدء‬ ‫بتطبيقها على مدى واس������ع ال تستحق مثل هذا الدعم‪ .‬رمبا‬ ‫حتتاج إلى ثالث أو أربع أو خمس سنوات للبحث والتطوير‬ ‫قب������ل البدء بتطبيقها على مدى واس������ع‪ ،‬لكنك لن تتمكن من‬ ‫العمل ف������ي الصني أو في الهند إن لم تك������ن تتمتع بالقدرة‬

‫على املنافس������ة في الس������وق من دون دعم‪ .‬فال وجود للدعم‬ ‫أو اإلعانات في الهند‪ ،‬وال يوجد دعم للطاقة الشمس������ية في‬ ‫تش������يلي أو في إفريقيا أو في معظم بل������دان العالم‪ .‬وغالبية‬ ‫األس������واق املهمة في مجال الطاقة هي أسواق العالم النامي‬ ‫التي تش������هد معدالت من������و مرتفعة‪ .‬فإن ل������م تتمتع بالقدرة‬ ‫التنافس������ية م������ن دون االعتماد على الدع������م‪ ،‬فلن تتمكن من‬ ‫دخول هذه األس������واق‪ ،‬ولن تخرج الشركة عن كونها شركة‬ ‫شديدة التخصص‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬إذن‪ ،‬م���ا ه���و احل���د األدنى من الس���عر املطلوب‬ ‫للق���درة عل���ى املنافس���ة؟ لق���د ّ‬ ‫ظ���ل املس���تثمرون عل���ى‬ ‫م���دى س���نني يقول���ون إن تقانة الطاق���ة اجلديدة يجب‬ ‫أن تناف���س النف���ط عندم���ا يصل س���عر البرميل إلى ‪40‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪27‬‬


‫حقيبة استثمارات‬

‫شركة خوسال ڤينتشرز‬

‫( )‬

‫اس����تثمرت ش����ركة خوسال ڤينتش����رز في س����بع وثالثني من ش����ركات تقانة‬ ‫املعلومات وثالث خمسني من شركات التقانة النظيفة‪ ،‬ومن هذه األخيرة‪:‬‬

‫وإذا متك������ن املصنع األول من إنت������اج الوقود مبا يعادل‬ ‫دوالرا للبرميل‪ ،‬فإنه ل������ن يتوقف عن اإلنتاج إلى أن يصبح‬ ‫الس������عر ثالثني دوالرا‪ .‬وبحلول العام ‪ 2030‬سيصبح سعر‬ ‫النفط بأسعار العام ‪ 2006‬ثالثني دوالرا للبرميل‪ ،‬ليس ألننا‬ ‫سنكون قد توقفنا عن استخدام النفط بل ألن النفط سيواجه‬ ‫حينذاك منافسة قوية‪.‬‬

‫‪75‬‬

‫)‪ :(SA‬كانت االس���تثمارات ف���ي الوقود احليوي كبيرة‬ ‫قبل س���نتني‪ ،‬ولكنها تركزت قبل ذلك على طاقة الرياح‬ ‫والطاقة الشمس���ية‪ ،‬بينما تركزت في الس���نة املاضية‬ ‫على الش���بكة الذكية‪ ،‬وهكذا يب���دو أن التقانة النظيفة‬ ‫هدف متحرك‪.‬‬

‫شركة‬

‫أميريس ‪AMYRIS‬‬

‫في إميرڤيل بوالية كاليفورنيا‬

‫جنحت في إنتاج متعضيات‬ ‫ميكروية ‪ microorganisms‬معدّلة‬ ‫حتوِّ ل السكر من مواد حيوية‬ ‫إلى وقود حيوي ومواد كيميائية‬ ‫لالستخدامات املتخصصة‪.‬‬

‫شركة‬

‫كاليرا ‪CALERA‬‬

‫في لوس گاتوس بوالية كاليفورنيا‬ ‫ابتكرت عملي ًة معاجلة تلتقط ثاني‬ ‫أكسيد الكربون وحتتجزه من‬ ‫محطات الطاقة ثم تستخدمه كمادة‬ ‫خام في صناعة اإلسمنت‪.‬‬

‫إيكو موتورز‬

‫‪ECOMOTORS‬‬

‫في ألني بارك بوالية متشيگان‬

‫أنتجت محرك سيارة يتميز مبكبس‬ ‫معاكس وأسطوانة معاكسة ‪opposed‬‬

‫‪ ،piston, opposed cylinder‬يقتصد‬ ‫في احلجم والوزن واستهالك الوقود‪.‬‬

‫شركة‬

‫كايتني ‪CAITIN‬‬

‫في بيتالوما بوالية كاليفورنيا‬ ‫ابتكرت نظاما لتكييف الهواء‬ ‫يستخدم دورة ديناميكية حرارية‬ ‫جديدة لتخفيض استهالك الطاقة‬ ‫تخفيضا مهما عند التشغيل‪.‬‬

‫دوالرا‪ .‬وبعضه���م ق���ال ‪ 50‬دوالرا‪ .‬ولكن أس���عار النفط‬ ‫ظ ّلت أعلى من ذلك بكثير طوال سنني‪ ،‬علما بأن الدول‬ ‫النفطي���ة الكب���رى أ َّكدت أنه���ا تريـــد أن جتع���ل الــحــد‬ ‫األدنى للسعر ‪ 80‬دوالرا‪ .‬فأين هو احلد؟‬

‫>خوس�ل�ا<‪ :‬يجب أن ننظر إلى املس������تقبل البعيد‪ .‬لنفترض‬ ‫أن أول مصن������ع إنتاج������ي لتحويل امل���واد احليوي���ة ‪biomass‬‬ ‫إل������ى وقود حيوي ينتج الوقود مب������ا يعادل ‪ 75‬دوالرا للبرميل‪.‬‬ ‫فاالحتماالت تقتضي بأن املصنع اخلامس سوف ينتج الوقود‬ ‫بس������عر ‪ 60‬دوالرا للبرميل‪ ،‬ومع بنائك للمصنع اخلامس عشر‬ ‫تصل إلى س������عر ‪ 50‬دوالرا‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن املصنع األول سينتج‬ ‫الوقود بالس������عر السائد تقريبا‪ ،‬ثم يستمر السعر باالنخفاض‬ ‫مع ازدياد عدد املصانع‪.‬‬ ‫وعند بناء املصنع اخلمسني‪ ،‬تبدأ حينئذ املنظومة البيئية‬ ‫احمليطة بتقدمي يد العون‪ :‬إذ تصبح أسعار خام التغذية من‬ ‫(‪)1‬‬ ‫امل������ادة احليوية أرخص بكثير؛ ويصنّ������ع أمثال >‪ .J‬ديري<‬ ‫مع������دات وأدوات مصنّعة حلصاد املادة احليوية وتقطيعها‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫>خوس�ل�ا<‪ :‬من املش������كالت القائمة أن الناشطني البيئيني‬ ‫جنح������وا جناحا كبي������را في حتديد املش������كالت التي نحتاج‬ ‫إلى ح ِّلها‪ .‬ولكنهم فش������لوا فشال ذريعا في اختيار احللول‪.‬‬ ‫وأعتق������د أن معظم الناش������طني البيئيني يقف������ون غالبا حجر‬ ‫عثرة ف������ي طريق احللول املجدية اقتصاديا‪ .‬وس������وف تفوز‬ ‫اجلاذبية االقتصادية عل������ى الدوام‪ .‬لهذا أتبنّى مبدأ القدرة‬ ‫على املنافسة في السوق من دون دعم حكومي‪.‬‬ ‫على س������بيل املثال‪ ،‬ال أعتقد أن السيارات الكهربائية هي‬ ‫مجدي������ة اقتصادي������ا اليوم‪ .‬خذ مثال الس������يارة نيس���ان ليف‬ ‫‪ :Nissan Leaf‬إنها سيارة كهربائية يبلغ سعرها ‪ 26‬ألف دوالر‬ ‫ببطارية يصل سعرها إلى ‪ 20‬ألف دوالر؟ هذا غير معقول‪ .‬أما‬ ‫السيارة شيفروليه ڤلط ‪ ،Chevy Volt‬التي ُت َع ُّد سيارة [هجينة]‬ ‫جيدة‪ ،‬فم������ن املتوقع أن تص ّدر ‪ 40‬ألف س������يارة بحلول العام‬ ‫‪ .2012‬في حني أن السيارة تاتا نانو ‪[ Tata Nano‬وهي سيارة‬ ‫صنعت في الهند] ق������د تلقت ‪200‬‬ ‫صغي������رة ورخيصة الثم������ن ُ‬ ‫ألف طلب ش������راء في اليوم األول م������ن اإلعالن عنها‪ .‬فتقاناتنا‬ ‫يجب أن تكون مش������ابهة لتقانة تاتا نانو‪ ،‬ال تقانة ش������يفروليه‬ ‫ڤل������ط‪ ،‬من حيث انخفاض انبعاثات الكربون‪ ،‬فمعظم النمو في‬ ‫سوق الس������يارات العاملي يحدث في الهند والصني واجلاذبية‬ ‫االقتصادية هي املفتاح‪.‬‬ ‫سيارة ثمنها ‪ 100‬ألف دوالر‪ ،‬مثل السيارة تيسال‬ ‫وفي‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،Tesla‬لي������س من امله������م كثيرا أن تك ِّل������ف البطارية ‪ 20‬ألف‬ ‫دوالر‪ .‬وال ري������ب في أن هذه الس������يارة ج ّذابة وممتعة‪ ،‬لكن‬ ‫مالكها ال ُي َع ُّد مش������تريا يهتم بالسعر‪ ،‬خالفا ملعظم الزبائن‬ ‫ف������ي العالم الذين يهتمون فعال بالس������عر‪ ،‬ويختارون حتما‬ ‫الس������يارة «تاتا نانو»‪ .‬وإذا أردت َّ‬ ‫حل مش������كلة املناخ‪ ،‬فما‬ ‫( ) ‪Khosla Ventures‬‬

‫(‪ )1‬جون ديري (‪1886-1804‬م) مستثمر أمريكي ومصنِّع لألدوات الزراعية‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬


‫عليك س������وى أن تصنع سيارات على ش������اكلة «نانو» ذات‬ ‫انبعاثات كربون منخفضة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫وإال يجب صنع بطارية س������يارة كهربائية تكلف ُعش������ر‬ ‫تكلفة بطاريات أيونات الليثي���وم ‪ lithium-ion‬التي تصنع‬ ‫اآلن‪ .‬ومن املؤكد تقريبا أن غالبية بطاريات أيونات الليثيوم‬ ‫التقليدية ستختفي في غضون خمسة عشر عاما أو نحوها‪.‬‬ ‫وال أحد غيري يعتقد ذلك‪ ،‬وها أنا أعلنها على املأل‪.‬‬ ‫نحن نستثمر في بطاريات أيونات الليثيوم اجلافة وقد‬ ‫ينجح ذلك‪ ،‬ونستثمر في بطاريات املغنيزيوم ‪magnesium‬‬ ‫وق������د ينجح ذلك أيضا‪ .‬كما أننا نس������تثمر ف������ي ابتكارات‬ ‫جديدة غير عادية أدعوها «األشياء النوعية املصغّرة التي‬ ‫ال أعرف لها اس������ما»‪ .‬وأحس������ب أن البطارية الرائدة بعد‬ ‫خمسة عشر عاما ستكون البطارية األقل احتماال للنجاح‬ ‫بنظر الناس اليوم‪.‬‬ ‫يعيدن������ا ذلك كله إلى االبتكار اجلذري‪ ،‬فالش������ركات التي‬ ‫ستفوز في معركة اجلاذبية االقتصادية الطاحنة وفي القدرة‬ ‫على املنافس������ة في الس������وق من دون دعم‪ ،‬ه������ي التي حتاول‬ ‫جتري������ب التقانات اجلذري������ة‪ .‬وإذا ُوجدت فك������رة مبتكرة من‬ ‫املرجح أن تكون نس������بة فش������لها ‪ ،%90‬فإنني أتبناها‪ .‬ملاذا؟‬ ‫َّ‬ ‫املرجح أن حتقق قف������ز ًة نوعي ًة في األداء‪ .‬وهذه هي‬ ‫ألن������ه من‬ ‫َّ‬ ‫«أطروح������ة البجعة الس������وداء في الطاقة» الت������ي وضعتها‪ .‬ال‬ ‫تبح������ث عن احللول ف������ي املجاالت التي يرتف������ع فيها احتمال‬ ‫حتقيق النجاح‪ .‬فهذه كلها ال تتحقق سوى بإضافات بسيطة‬ ‫وإمنا ابحث عنها في طرف منحنى التوزيع [الهرمي الشكل]‬ ‫«لالحتمال األكثر حظا في النجاح»‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬ه����ل تقع هذه احللول املتطرفة في بؤرة نش����اط‬ ‫الصندوق��ي�ن اللذي����ن أنش����أتهما‪ :‬بلي����ون دوالر لتقانة‬ ‫الطاق����ة واملعلوم����ات و‪ 300‬ملي����ون دوالر للتج����ارب‬ ‫العالية املخاطرة؟‬

‫>خوس�ل�ا<‪ :‬لدينا مال كثير الس������تثماره‪ .‬واملش������كلة تكمن في‬ ‫العث������ور على َم ْن يريد إيجاد اكتش������افات غي������ر تلك التي حتقق‬ ‫إضافات بس������يطة والتي ال ميكن تطبيقها على مدى واسع‪ .‬هل‬ ‫تريد إنتاج دي������زل حيوي من زيت النخي������ل؟ عظيم‪ ،‬رمبا ينجح‬ ‫أرجح ذلك‪.‬‬ ‫مسعاك‪ .‬ولكن هل يستحق هذا املسعى النجاح؟ ال ِّ‬ ‫يحاول آخرون إجناح الس������حر في مجاالت فش������ل فيها‪.‬‬ ‫الوقود من الطحالب؟ لقد قمت مبعاينة عش������رين مقترح عمل‪،‬‬ ‫ولم أجد واحدا منها مجديا من الناحية االقتصادية‪ .‬واألسوأ‬ ‫من ذلك أنني ال أستطيع عند معاينة تكاليف املعاجلة أن أحدد‬ ‫االبتكارات االفتراضية التي ميكن أن حتقق تطورا أو حتسنا‬

‫مبقدار خمس مرات‪ .‬واآلن‪ ،‬هل تس������تطيع أن تنشئ مصنعا‬ ‫ملعاجل������ة الطحال������ب للحصول عل������ى منتج عال������ي القيمة مثل‬ ‫نيوتراسيونتال ‪( neutraceutical‬منتجات غذائية مفيدة صحيا‬ ‫أو طبي������ا)؟ حتما‪ .‬وأقترح على املش������تغلني بالطحالب حتويل‬ ‫هدفهم إلى املنتجات العالية القيمة‪ ،‬فرمبا تنجح‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬ثم������ة ٌ‬ ‫مال كثي������ر‪ .‬ولكن ال توجد أع������داد كافية من‬ ‫التقانات املبتكرة‪ .‬وال يوجد ما يكفي من البارعني من حملة‬ ‫الدكتوراه ف������ي هذه املجاالت‪ .‬والواق������ع أنني أحصي عدد‬ ‫حملة الدكتوراه في ِّ‬ ‫كل ش������ركة [نقوم بتمويلها أو نفكر في‬ ‫متويلها]‪ .‬فأستدعي َّ‬ ‫كل مدير تنفيذي وأسأله‪« :‬ما هو عدد‬ ‫حمل������ة الدكتوراه الذين وظفتهم في الش������هر املاضي؟» هذا‬ ‫هو السؤال التقليدي الذي أطرحه‪ .‬إذ ال يوجد ما يكفي من‬ ‫املهارات التقانية لتحقيق ابتكارات مهمة‪ .‬فلم تكن جامعاتنا‬ ‫تخ ّرج ما يكفي من هؤالء إلى ما قبل س������نتني أو ثالث‪ ،‬حني‬ ‫ازداد االهتمام بالتقان������ة النظيفة أو تقانات الطاقة‪ .‬واخلبر‬ ‫السار هو أن األذكياء واملبدعني من طلبة الدكتوراه يتّجهون‬ ‫اآلن إلى هذه املجاالت‪ ،‬ومن َث ّم س������يكون هناك انفجار في‬ ‫االبتكارات في غضون عشر سنني‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬تق���ول إن هن���اك وف���رة في املال‪ ،‬ولك���ن منتقدي‬ ‫التقانة النظيفة يؤكدون أن تطبيقها على مدى واس���ع‬ ‫يتطلب الكثير من املال‪.‬‬

‫>خوس�ل�ا<‪ :‬هذا خط������أ مطلق‪ ،‬وحج ٌة فاس������دة‪ .‬فحجم املال‬ ‫املطل������وب لتحقيق تد ّفق نق������دي تُعادل فيه األرب������اح التكاليف‬ ‫أو االكتت������اب العام األولي (لألس������هم) أو لبلوغ مرحلة معقولة‬ ‫ميكن عندها بيع الش������ركة ال يختلف عما ب������دت عليه حقيبتنا‬ ‫ألس������هم التقانة النظيفة‪ ،‬حقيبتنا االس������تثمارية الرئيسية على‬ ‫كنت في أثنائها‬ ‫مدى الس������نوات اخلمس عشرة املاضية التي ُ‬ ‫في ش������ركة كالينر بيركينز حني كنا نس������تهدف في نش������اطنا‬ ‫تقانة املعلومات أو معدات االتصال اإللكترونية أو البرمجيات‬ ‫التجاري������ة‪ .‬وفي تس������عينات القرن املاضي احت������اج كثير من‬ ‫الشركات إلى خمسني أو مئة مليون دوالر للوصول إلى نقطة‬ ‫التعادل‪ .‬وس������وف حتتاج ش������ركاتنا العاملة في مجال أنظمة‬ ‫اإلنارة والتكييف إلى استثمارات مبالغ ضمن هذه احلدود‪.‬‬ ‫ه������ل هناك قلة من الش������ركات التي حتت������اج إلى ‪ 300‬أو‬ ‫‪ 400‬مليون دوالر؟ أجل بالتأكيد‪ ،‬ولكن لدينا ش������ركات تقانة‬ ‫حيوية بحاجة إلى ‪ 300‬أو ‪ 400‬مليون دوالر‪ .‬يبدو أن التوزيع‬ ‫متماثل تقريبا‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬رأس امل���ال مه���م‪ .‬ولك���ن م���اذا عن التش���ريعات‬ ‫التتمة في الصفحة‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪39‬‬

‫‪29‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫العضو اخلفي في عيوننا‬

‫( )‬

‫تتالءم أجسامنا مع دورة الليل والنهار بفضل عصبونات‬ ‫متخصصة في عيوننا‪ ,‬ودراسة هذه اخلاليا قد تؤدي‬ ‫إلى عالجات جديدة الكتئاب الشتاء وحاالت أخرى‪.‬‬ ‫>‪ .I‬پروڤنسيو<‬

‫في عش������رينات القرن العش������رين‪ ،‬اكتش������ف >‪ .E .C‬كيلر‬ ‫[عندما كان طالب دراسات عليا في جامعة هارڤرد] حقيقتني‬ ‫مفاجئتني عن الفئران التي كان يستولدها في غرفة استأجرها‬ ‫في سقيفة أحد البيوت‪ .‬كان نسل الفئران كله مصابا بالعمى‬ ‫التام‪ ،‬وم������ع ذلك كان������ت حدقاتها تتضيق اس������تجاب ًة للضوء‬ ‫احمليط‪ ،‬ولكن بسرعة أقل من حدقات الفئران املبصرة‪.‬‬ ‫بعد مرور س������نوات عديدة توس������ع الباحثون في دراس������ة‬ ‫مالحظ������ة >كيلر<‪ ,‬فب ّينوا أن الفئران التي خضعت للهندس������ة‬ ‫الوراثية املؤدية إلى فقدان العصي واملخاريط(‪( )1‬مستقبالت‬ ‫الضوء املش������اركة في الرؤية) بقيت تس������تجيب للتغيرات في‬ ‫اإلن������ارة بضبط س������اعتها على م������دى ‪ 24‬س������اعة تقريبا‪ ،‬أي‬ ‫املؤ ِّقتة الداخلية التي تقوم مبزامنة(‪ synchronization )2‬نشاط‬ ‫الهرمونات وحرارة اجلس������م والنوم‪ .‬وكان������ت هذه احليوانات‬ ‫تقوم بالنشاطات النهارية املعتادة في ضوء النهار والنشاطات‬ ‫الليلية في الظالم‪ ،‬وذلك على الرغم من غياب اخلاليا املستقبلة‬ ‫للضوء في شبكياتها التي تستخدمها عيون الفقاريات لتشكيل‬ ‫األخيلة علما بأن االستئصال اجلراحي للعينني أدى إلى إبطال‬ ‫هذه املقدرة‪ .‬وقد تكون هذه الظاهرة مش������تركة بني الكثير من‬ ‫الثدييات‪ ،‬مبا فيها البشر‪ :‬فقد بينت جتارب أجريت مؤخرا أن‬ ‫بعض فاقدي البصر يستطيعون ضبط ساعاتهم على مدى ‪24‬‬ ‫<‬

‫ساعة تقريبا‪ ،‬و تتضيق حدقاتهم استجاب ًة للضوء‪.‬‬ ‫وأحد التفسيرات املمكنة لهذا التناقض الظاهري هو أن‬ ‫مس������تقبالت الضوء الالزمة للرؤية غير مسؤولة عن تنظيم‬ ‫توقيت النشاط اليومي‪ ،‬وإمنا تقوم بهذه املهمة مستقبالت‬ ‫أخرى‪ .‬وبقيت فكرة وجود مستقبالت ضوئية غير العصي‬ ‫واملخاريط في الش������بكية تبدو فكرة غير معقولة حتى وقت‬ ‫قريب‪ :‬فقد درست الشبكية دراسة أكثر تفصيال من أغلب‬ ‫نسج اجلسم‪ ،‬وكان من املعروف أن املستقبالت الضوئية‬ ‫الوحي������دة املوجودة في عيون الثدييات هي الثنائي املعتاد‪:‬‬ ‫العصي واملخاريط‪.‬‬ ‫ولكن هناك حاليا أدلة مقنعة تشير إلى أن عيون الثدييات‪،‬‬ ‫مبا فيها البش������ر‪ ،‬توجد فيها مس������تقبالت ضوئية متخصصة‬ ‫ال تشارك في تش������كيل الصورة‪ .‬وتختلف اجلزيئات الكاشفة‬ ‫للضوء في هذه اخلاليا عن تلك املوجودة في العصي واملخاريط‪،‬‬ ‫وتتصل هذه اخلاليا بأجزاء مختلفة من الدماغ‪ .‬وهكذا‪ ،‬مثلما‬ ‫أن آذاننا تعطينا حس التوازن إضافة إلى السمع‪ ،‬فإن عيوننا‬ ‫أيضا عبارة عن عضوين مدموجني في عضو واحد‪.‬‬ ‫ق������د يؤدي هذا االكتش������اف إلى إمكانية مس������اعدة الناس‬ ‫( ) ‪THE HIDDEN ORGAN IN OUR EYES‬‬ ‫(‪rods and cones )1‬‬

‫(‪ )2‬ضبط التوافق الزمني‪.‬‬

‫باختصار‬ ‫بع������ض احليوانات تستش������عر الضوء بأعضاء خ������ارج عينيها‪ ،‬لكن‬ ‫البش������ر ال يس������تطيعون ذلك‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يس������تطيع بعض فاقدي البصر‬ ‫ضبط أجسامهم مع دورة الليل والنهار‪.‬‬ ‫وفي الس������نوات األخيرة مت ربط هذه االستجابات الالبصرية للضوء‬ ‫بعصبونات متخصصة في الش������بكية تس������تطيع كشف الضوء بصورة‬ ‫‪30‬‬

‫مس������تقلة‪ ،‬ولكنها أيضا تنقل اإلش������ارات م������ن العص���ي واملخاريط(‪.)1‬‬ ‫وتس������تجيب ه������ذه العصبونات للضوء األزرق‪ ،‬ويحتم������ل أن تكون بقايا‬ ‫ألعضاء قدمية تطوريا من ماضينا الالفقاري‪.‬‬ ‫وميكن أن يؤدي هذا االكتشاف إلى مقاربات جديدة لعالج االضطراب‬ ‫العاطفي املوسمي وبعض اضطرابات النوم وحاالت موهنة أخرى‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬


‫الذين لديهم مش������كالت على ضبط ساعتهم البيولوجية‪ .‬ميثل‬ ‫جيت�ل�اك(‪ jet lag )1‬واح������دة من الظواه������ر األوضح الضطراب‬ ‫املزامن������ة اليومية‪ ،‬أي فقدان التزامن ب���ي��ن دورة الليل والنهار‬ ‫وبني س������اعتنا الداخلية‪ .‬ويعتق������د أن العمل في مناوبات ليلية‪،‬‬ ‫وهو ش ٌ‬ ‫������كل مفروض ذاتيا لهذه احلالة‪ ،‬ميكن أن يزيد أخطار‬ ‫األم������راض القلبي������ة الوعائية واضطراب������ات اجلهاز الهضمي‬ ‫والس������رطان واملتالزم���ة االس���تقالبية(‪ ،)2‬وهي حالة ميكن أن‬ ‫تؤدي ف������ي النهاية إلى داء الس������كري من النمط ‪ 2‬والس������كتة‬ ‫الدماغي������ة‪ .‬وقد حدث بعض أش������هر الك������وارث الصناعية في‬ ‫التاريخ خالل املناوبات الليلية عندما يضطرب تيقظ العاملني‪،‬‬ ‫مث������ل ارتطام ناقل������ة البت������رول ‪ Exxon Valdez‬بالقاع في املياه‬ ‫الضحلة س������نة ‪ 1989‬واالنفجار في مصن������ع يونيون كاربايد‬ ‫(ال������ذي متتلكه حاليا ش������ركة داو الكيميائية) س������نة ‪ 1984‬في‬ ‫بوپ������ال بالهن������د واالنصهار الذي كاد يؤدي إل������ى كارثة نووية‬ ‫ف������ي مفاعل ثري مايل آيالند س������نة ‪ .1979‬ع������دا ذلك‪ ،‬يعاني‬ ‫ماليني الناس الذين يقطنون في املنطقتني القطبيتني الشمالية‬ ‫واجلنوبية اضطرابا انفعاليا موس������ميا‪ ،‬وهو في الغالب شكل‬ ‫من أشكال االكتئاب الشديد‪ ،‬ويبدو أنه أيضا استجابة لنقص‬ ‫حتسن فهمنا لكيفية‬ ‫الضوء خالل أيام الش������تاء القصيرة‪ .‬إن ّ‬ ‫حت ّكم النوع الثالث من أنواع مستقبالت الضوء في اإليقاعات‬ ‫اليومية واالنفعاالت يقترح أس������اليب تقليل التأثيرات السلبية‬ ‫للجيتالك والعمل في املناوبات الليلية وليالي الشتاء الطويلة‪.‬‬ ‫حساسية للضوء لكنها ُأغفلت‬

‫( )‬

‫يعل������م البيولوجي������ون منذ زم������ن بعيد بوج������ود متعضيات‬ ‫(كائنات حية) ‪ organisms‬لها أعضاء تكشف الضوء ألغراض‬

‫غير تش������كيل الصورة؛ إذ ميكن أن يعطي التغير في اإلضاءة‬ ‫إش������ارة إلى احليوان بأنه أصبح مكش������وفا‪ ،‬وم������ن ثم أصبح‬ ‫أكثر تعرضا للكائنات املفترس������ة أو األذى من اإلش������عاع فوق‬ ‫البنفس������جي‪ .‬وعند كثي������ر من احليوانات تطورت اس������تجابات‬ ‫تك ّيفي������ة مث������ل التمويه الفاعل أو جتنب الض������وء لتقليل عواقب‬ ‫االنكش������اف‪ .‬ومع أن مثل هذه االس������تجابات تتطلب نظاما ما‬ ‫لإلحساس بالضوء‪ ،‬إال أنها ال تتطلب وجود البصر بحد ذاته‪.‬‬ ‫فمثــال‪ ،‬في س������ـ ــنة ‪ 1911‬اكتش ــف عــالـم احليــوان النمســاوي‬ ‫>‪ .K‬فون فريش< [الذي فاز الحقا بجائزة نوبل] أن سمكة املنوة‬ ‫األوروبية ‪ European minnow‬العمياء يتحول لونها إلى الغامق‬ ‫إذا تعرضت للض������وء‪ ،‬ولكن اإلضرار بقاعدة الدماغ لديها قد‬ ‫أدى إل������ى إلغاء هذه االس������تجابة‪ ،‬مما قاد >ف������ون فريش< إلى‬ ‫اقتراح وجود مستقبالت ضوء البصرية في عمق الدماغ‪.‬‬ ‫ومث������ل هذه اخلاليا احلساس������ة للضوء توج������د عند كثير‬

‫من األنواع احليوانية؛ فعلى س������بيل املثال‪ ،‬يستطيع عصفور‬ ‫الدوري ‪ sparrow‬ضبط س������اعته على مدى ‪ 24‬س������اعة تقريبا‬

‫حتى ولو اس������تؤصلت عيناه‪ ،‬وذلك حسبما أثبته >‪ .M‬ميناكر‬ ‫في بداية سبعينات القرن العشرين‪ ،‬حني كان يعمل في جامعة‬ ‫تكساس‪ .‬وبينت جتارب الحقة أن هذه العصافير لديها خاليا‬ ‫حساس������ة للضوء في أدمغتها‪ ،‬وتبني أن كمية غير متوقعة من‬ ‫الضوء تخترق ري������ش العصفور وجلده وجمجمته وتؤدي إلى‬ ‫تفعيل هذه اخلاليا‪.‬‬ ‫إن احتمال وجود مستقبالت ضوء غير مرتبطة بالرؤية –‬ ‫عند بعض الثديي������ات على األقل – قد لفت انتباه البيولوجيني‬ ‫أول مرة عندما أبلغ >كيلر< عن جتاربه في عش������رينات القرن‬ ‫العش������رين على الفئران التي كان يستولدها‪ .‬ومبا أن تشريح‬ ‫شبكية الثدييات كان معروفا جيدا‪ ,‬كان االفتراض أن العضو‬ ‫املجهول الذي يش������عر بالضوء يقع ف������ي موضع غير العينني‪.‬‬ ‫ولكن بحلول بداي ــة ثمانينــات القـرن العش ــرين أدت دراسـات‬ ‫>‪ .J .R‬نلسون< و>‪ .I‬زوكر< [وكالهما كان يعمل حينها في جامعة‬ ‫كاليفورنيا ببيركلي] والتي أجروها على قوارض اس������تؤصلت‬ ‫عيونها‪ ،‬أدت إلى التش������كيك في صحة هذه الفرضية‪ :‬لم تكن‬ ‫هذه احليوانات قادرة على ضبط إيقاعاتها على مدى ‪ 24‬ساعة‬ ‫تقريبا وفق دورة الليل والنهار‪ ،‬وهذا يشير إلى أن املستقبالت‬ ‫احلساسة للضوء تتموضع في العني‪.‬‬ ‫وقد ب������دأ >ميناكر< [الذي انتقل إل������ى جامعة أوريگون]‬ ‫باس������تقصاء م������ا إذا كان لعني الفأر دور في االس������تجابات‬ ‫احلساس������ة للضوء الت������ي ال تتطلب تش������كل الصورة‪ ،‬وقام‬ ‫ي الدراس������ات العليا >‪ .J‬تاكاهاشي< و >‪ .D‬هدسن<‬ ‫مع طال َب ْ‬ ‫<‬

‫( )‬

‫‪LIGHT-SENSING BUT OVERLOOKED‬‬

‫(‪ : jet lag )1‬اضطراب الساعة الداخلية‪.‬‬ ‫(‪metabolic syndrome )2‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪31‬‬


‫املؤلف‬

‫‪Ignacio Provencio‬‬

‫>پروڤنسيو< مدرس البيولوجيا في جامعة ڤيرجينيا التي حصل منها على الدكتوراه‪.‬‬ ‫تطور اهتمامه بالعلوم العصبية‪ :‬فقد درس اليراع ‪ fireflies‬والصراصير وجراد البحر‬ ‫‪ crayfish‬عندما كان طالبا عند >جون كوپالند< في كلية سوارثمور‪.‬‬

‫بدراس������ة الفئران التي لديها طف������رة أدت إلى فقدان عصي‬ ‫ومخاري������ط وظيفية لديها‪ ،‬باس������تثناء بضعة مخاريط متدنية‬ ‫الفعالية‪ ,‬وقد فوجئ الباحثون بأن هذه الفئران كانت قادرة‬ ‫على قصر نش������اطها على ساعات الليل وتبقى خاملة نسبيا‬ ‫خالل ساعات النهار‪ ،‬مثلها مثل الفئران الكاملة اإلبصار‪.‬‬ ‫أحد التفس������يرات احملتملة لهذا الس������لوك هو أن املخاريط‬ ‫القليل������ة الضعيف������ة الباقية كان������ت قادرة عل������ى احملافظة على‬ ‫االستجابات الالبصرية للضوء‪ .‬ولكن في سنة ‪ 1999‬استعمل‬ ‫فريق بقيادة >‪ .R‬فوس������تر< [الذي كان يعمل حينها في الكلية‬ ‫اإلمبراطوري������ة بلندن] فئران������ا لديها طف������رة حترمها من منو‬ ‫العص������ي واملخاري������ط متاما‪ ،‬فأثبتوا أن ه������ذه اخلاليا لم تكن‬ ‫ضرورية حلدوث اس������تجابات البصرية للض������وء‪ ،‬فلم يبق إال‬ ‫تفس������ير واحد لهذه االكتش������افات‪ :‬يجب أن تك������ون في العني‬ ‫مستقبالت الضوء لم تكتشف بعد‪.‬‬ ‫كان ه������ذا االقتراح ضرب������ا من البدعة‪ ،‬فخاليا الش������بكية‬ ‫املس������ؤولة عن تش������كيل الصورة معروفة منذ منتصف القرن‬ ‫التاسع عشر‪ ،‬وبدت فكرة وجود خاليا أخرى حساسة للضوء‬ ‫في الشبكية غير معقولة‪.‬‬ ‫دعم بدعة‬

‫( )‬

‫إال أن األبحاث التي أجريتها مع >‪ .M‬روالگ< في منتصف‬ ‫تسعينات القرن العشرين في جامعة اخلدمات املوحدة للعلوم‬ ‫الصحية ساعدت في النهاية على إثبات أن >فوستر< كان على‬ ‫حق‪ .‬كان >روالگ< مهتما بش������كل آخر من اس������تقبال الضوء‬ ‫الالبص������ري‪ ،‬وه������و متوي���ه(‪ )1‬البرمائيات‪ .‬تكتس������ب اخلاليا‬ ‫الصبغي������ة في ذيول الش������راغيف لونا غامق������ا عندما تتعرض‬ ‫للضوء‪ ،‬وهي استجابة تكيفية تساعد على إخفاء هذا احليوان‬ ‫عندما ينكشف‪ .‬حتافظ هذه اخلاليا املسماة «حامالت امليالنني‬ ‫اجللدية» على اس������تجابتها حتى ولو استؤصلت من احليوان‬ ‫واستُن ِبتت في طبق‪ .‬لقد اكتشفت مع >روالگ< بروتينا جديدا‬ ‫‪32‬‬

‫في اخلاليا املس������تنبتة يش������به في تركيبه شبها عظيما صنفا‬ ‫م������ن األصبغة البروتينية التي تس������مى األوپس���ينات ‪،opsins‬‬ ‫والتي تسمح للعصي واملخاريط باإلحساس الضوء‪ ،‬وسمينا‬ ‫البروتني اجلديد ميالنوپسني ‪.melanopsin‬‬ ‫يرجح بشدة أن‬ ‫إن التش������ابه بني األوپسينات املعروفة كان ِّ‬ ‫امليالنوپسني هو اجلزيء املسؤول عن إطالق استجابة القتامة‪.‬‬ ‫تساءلنا ما إذا كان امليالنوپسني يؤدي دورا في اخلاليا األخرى‬ ‫احلساس������ة للضوء فبحثن������ا عنه في نس������ج الضفدع األخرى‬ ‫املع������روف عنها أنها حساس������ة للضوء مباش������رة‪ ،‬مثل باحات‬ ‫معينة من الدماغ والقزحية وش������بكية العني‪ ،‬فتبني أن العصي‬ ‫واملخاريط لم يوجد فيها هذا البروتني اجلديد احلساس للضوء‪.‬‬ ‫ولكننا فوجئنا باكتش������افه في عصبونات الشبكية التي تسمى‬ ‫باخلالي���ا العقدي���ة للش���بكية ‪ retinal ganglion cells‬والتي لم‬ ‫يكن ُيعت َقد سابقا أنها حساسة للضوء‪.‬‬ ‫تتصف ش������بكية الفقاريات ببنية رائع������ة ثالثية الطبقات‪.‬‬ ‫والطبق������ة األعمق منه������ا حتوي العص������ي واملخاريط‪ ،‬فيضطر‬ ‫الض������وء إلى اخت������راق الطبقتني األخريني قب������ل أن يصل إلى‬ ‫اخلاليا املس������ؤولة عن كشف الضوء من أجل اإلبصار [انظر‬ ‫اإلطار في الصفحة املقابل������ة]‪ .‬وبعد ذلك تنتقل املعلومات من‬ ‫العص������ي واملخاريط إلى الطبقة الوس������طى حيث تعاجلها عدة‬ ‫أصن������اف مختلفة م������ن اخلاليا‪ ،‬وأخيرا توص������ل هذه اخلاليا‬ ‫اإلشارة املعاجلة إلى الطبقة الس������طحية التي تتألف بالدرجة‬ ‫األولى م������ن اخلاليا العقدية‪ .‬ومن ه������ذه اخلاليا متتد محاور‬ ‫طويلة تنقل اإلشارة عبر العصب البصري إلى الدماغ‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2000‬وجدت مع زمالئي أول إش������ارة إلى أن جزءا‬ ‫ضئي���ل��ا من هذه اخلاليا العقدية حس������اس للضوء مباش������رة‪.‬‬ ‫واكتش������فنا حينه������ا أن ‪ %2‬من اخلاليا العقدية للش������بكية عند‬ ‫الفئران حتوي امليالنوپس���ي��ن‪ ،‬وأن نس������بة ضيئل������ة منها عند‬ ‫البش������ر حتتوي عليه أيضا‪ .‬وفي س������نة ‪ 2002‬تأك������د رأينا من‬ ‫خالل التج������ارب التي أجراه������ا >‪ .D‬بيرس������ون< وزمالؤه [في‬ ‫جامعة براون]‪ .‬لقد قام >بيرس������ون< وزمالؤه بتعطيل العصي‬ ‫واملخاريط وملؤوا اخلاليا العقدية احملتوية على امليالنوپس���ي��ن‬ ‫بصبغة‪ .‬بعد ذلك أزالوا الش������بكيات م������ن عيون الفئران وبينوا‬ ‫أن اخلاليا العصبية املصبوغة تطلق إش������ارات لدى تعرضها‬ ‫للض������وء‪ .‬ومب������ا أن العص������ي واملخاريط كانت معطل������ة‪ ،‬كانت‬ ‫اس������تجابة هذه اخلاليا تعني أن ه������ذه اخلاليا العقدية بالذات‬ ‫تس������تطيع كشف الضوء بنفس������ها‪ ،‬فضال عن نقل اإلشارة من‬ ‫العصي واملخاريط‪.‬‬ ‫تلقت هذه الفرضية دعما من بينات حصلت عليها مجموعات‬ ‫( ) ‪PROMOTING HERESY‬‬ ‫(‪camouflage )1‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫فهم جديد‬

‫كيف مييز اجلسم بني الليل والنهار‬

‫( )‬

‫عصا‬ ‫مخروط‬

‫تتكي���ف إيقاعاتنا البيولوجية بصورة طبيعية مع دورة الليل والنهار‪ ،‬وهي‬ ‫استجابة طبيعية تبقى حتى عند بعض األفراد الفاقدي البصر‪ .‬ولكن لم يكن‬ ‫معروفا حتى املاضي القريب ما هو جزء اجلس���م الذي يرس���ل اإلش���ارات عن‬ ‫الفرق بني الليل والنهار إلى الدماغ‪ .‬واآلن أصبح العلماء يعرفون اجلواب‪.‬‬

‫اخلاليا العقدية للشبكية‬ ‫اخلاليا العقدية‬ ‫احلساسة للضوء‬ ‫تفصيل جلزء‬ ‫من الشبكية‬

‫نحو العصب البصري‬

‫السبيل البصري‬

‫القشرة البصرية‬

‫دور جديد خلاليا مألوفة‬

‫يحدث اإلبصار عندما حتس العصي واملخاريط في الشبكية الضوء‪ ،‬فترسل إشارات إلى‬ ‫القشرة البصرية في مؤخر الدماغ‪ .‬تنقل العصي واملخاريط اإلشارات إلى الدماغ عن طريق‬ ‫عصبونات تسمى باخلاليا العقدية للشبكية التي متتد محاوره على طول العصب البصري‬ ‫(باللون األزرق في الصورة إلى اليسار والصورة في األعلى)‪ .‬بينت التجارب أن مجموعة‬ ‫فرعية من هذه العصبونات (باللون البرتقالي في الصورة في األعلى) تنتج صبغة لم تكن‬ ‫معروفة سابقا اسمها ميالنوپسني تسمح لهذه اخلاليا بكشف الضوء مباشر ًة‪ .‬وترسل هذه‬ ‫اخلاليا العقدية احلساسة للضوء املعلومات إلى الساعة البيولوجية الرئيسة للدماغ‪ ،‬وهي‬ ‫النواة فوق التصالبية (في اليسار) فضال عن مواقع أخرى (غير مبينة في الصورة)‪ ،‬وكأن‬ ‫أعيننا هي في الواقع عضوان‪ :‬عضو للرؤية وآخر لالستجابات الالبصرية للضوء‪.‬‬ ‫النواة فوق‬ ‫التصالبية‬

‫السبيل غير البصري‬

‫القشرة‬ ‫البصرية‬

‫الضبط اليومي‬ ‫للضوء‬

‫البصر‬

‫الشبكية‬

‫النواة فوق التصالبية‬

‫العصب البصري‬

‫إشارة إلى الدماغ‬

‫خلية عقدية‬ ‫حساسة للضوء‬

‫عصي ومخاريط‬ ‫أصبغة‬

‫ميالنوپسني‬ ‫ضوء‬

‫ضوء‬

‫التوصيالت العصبية‬

‫في احلالة الطبيعية ال تقتصر مسؤولية اخلاليا العقدية احملتوية على‬ ‫الصباغ على جمع املعلومات عن الضوء من أجل العقدة فوق التصالبية‪،‬‬ ‫إمنا تنقل هذه اخلاليا كذلك املعلومات من العصي واملخاريط إلى تلك‬ ‫الباحة من الدماغ‪.‬‬

‫بحثية ُأخرى في سنة ‪2002‬؛ فقد بينّ >سامر حتّار< [وزمالؤه‬ ‫من جامعة جونز هوپكنز] أن بعض احملاور من ش������بكية الفأر‬ ‫يتصل بالنواة ف���وق التصالبي���ة ‪،suprachiasmatic nucleus‬‬ ‫وهي باحة الدماغ التي ّ‬ ‫تنظم الس������اعة الداخلية للجسم‪ ،‬بينما‬ ‫بعضه������ا اآلخر يتصل بباحة الدم������اغ التي تتحكم في تض ُّيق‬ ‫احلدقت���ي��ن‪ .‬واخلالي������ا العقدية التي تتص������ل بهاتني الباحتني‬ ‫ه������ي بالضبط تلك التي حتوي امليالنوپس���ي��ن‪ .‬أش������ارت هذه‬ ‫االكتش������افات جميعها إلى احلل نفس������ه للغزنا‪ :‬مت ّكن اخلاليا‬ ‫العقدية احلساس������ة للضوء الفئران الت������ي ليس لديها عصي‬

‫ومخاري������ط وظيفية من تضييق حدقاتها واحملافظة على تزامن‬ ‫أجس������امها مع دورة الضوء والظ���ل��ام‪ ،‬إال أن الفئران التي ال‬ ‫عيون لها‪ ،‬ومن ث ّم ليس لها شبكية‪ ،‬تفقد هذه القدرة‪.‬‬ ‫بقي اختب������ار إضافي من أجل إغ���ل��اق القضية‪ .‬فكرت مع‬ ‫زمالئي ف������ي أننا لو اس������تولدنا فئرانا طبيعية باس������تثناء غياب‬ ‫امليالنوپس���ي��ن لديها فإن ه������ذه الفئران التي ال تس������تطيع إنتاج‬ ‫هذا الصباغ لن تكون لديها استجابات البصرية للضوء‪ .‬أكدت‬ ‫قاس»‪ ،‬فعندما‬ ‫نتائجنا املقولة املفضلة في مختبرنا‪« :‬العلم سيد ٍ‬ ‫( )‬

‫‪How the Body Knows Day from Night‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪33‬‬


‫البينات التجريبية‬

‫اكتشاف احلياة املزدوجة للعني‬

‫( )‬

‫لك����ي يفه����م الباحث����ون كيف تضب����ط الثديي����ات إيقاعاتها اليومي����ة لدورة‬ ‫اللي����ل والنه����ار‪ ،‬اضط����روا إلى العمل لعش����رات الس����نني من أج����ل حل ما‬ ‫يش����به لغزا بوليس����يا جتريبيا وهم يختبرون ماذا يحدث في حال تعطيل‬ ‫مختل����ف أج����زاء العني‪ .‬بع����د فترة وج����دوا أن العصي واملخاري����ط لم تكن‬ ‫ضروري����ة‪ ،‬ولك����ن يجب أن يوجد ش����يء آخر في الع��ي�ن (اللوحتان الثانية‬ ‫والثالثة)‪ .‬وعندما اك ُتش����ف امليالنوپس��ي�ن في مجموعة فرعية من اخلاليا‬ ‫العقدية للش����بكية وتبني أنه حس����اس للضوء‪ ،‬اع ُتقد أن هذه الصبغة هي‬

‫مفت����اح اللغ����ز‪ ،‬ولكن ثبت الحقا أنها ليس����ت أساس����ية (اللوح����ة الرابعة)‪.‬‬ ‫وبين����ت التجارب الالحق����ة (اللوحات األخيرة) أن ه����ذه املجموعة الفرعية‬ ‫م����ن اخلاليا العقدي����ة ضرورية‪ ،‬ولكن املنظومة تتص����ف ببعض اإلمكانات‬ ‫املزي����دة‪ ،‬ففي حال فقدان امليالنوپس��ي�ن من اخلالي����ا العقدية التي حتتوي‬ ‫عليه عاد ًة‪ ،‬س����تبقى اإليقاعات اليومية ما دامت العصي واملخاريط تعمل‪.‬‬ ‫أم����ا إذا كان����ت العص����ي واملخاريط ال تعمل‪ ،‬فيس����تطيع امليالنوپس��ي�ن في‬ ‫يؤمن اإلشارات املطلوبة‪.‬‬ ‫اخلاليا العقدية أن ِّ‬

‫اخلاليا العقدية‬ ‫للشبكية‬ ‫غياب اخلاليا‬ ‫املصنعة‬ ‫للميالنوپسني (بعد‬ ‫قتلها انتقائيا عند‬ ‫الفئران)‬

‫غياب العصي‬ ‫واملخاريط‬ ‫وامليالنوپسني‬ ‫(فئران معدلة‬ ‫وراثيا)‬

‫اخلاليا املصنعة‬ ‫للميالنوپسني‬ ‫ضرورية‬

‫يلزم وجود إما‬ ‫عصي ومخاريط أو‬ ‫ميالنوپسني‬

‫غياب امليالنوپسني‬ ‫(فئران معدلة وراثيا)‬

‫غياب العينني‬ ‫(االستئصال اجلراحي‬ ‫عند الفئران)‬

‫عصي ومخاريط غير‬ ‫وظيفية (الهندسة‬ ‫الوراثية أو طفرة‬ ‫وراثية عند البشر)‬

‫اخلاليا العقدية‬ ‫احلساسة‬ ‫للضوء (تصنع‬ ‫امليالنوپسني)‬ ‫شبكية سوية‬

‫التجربة‬ ‫بصر؟‬ ‫الضبط اليومي‬ ‫للضوء؟‬

‫جزئي‬

‫وظائف كل خلية‪/‬‬ ‫التأثيرات‬ ‫امليالنوپسني‬ ‫يشارك في العملية‪،‬‬ ‫لكنه غير ضروري‬

‫العينان ضروريتان‬ ‫للضبط‬

‫اعتقدنا أننا أوش������كنا أن منسك باحلل لهذا اللغز؛ ُصعقنا حني‬ ‫وجدنا أن الفئران التي ليس لديها ميالنوپس���ي��ن ال جتد صعوبة‬ ‫في ضبط ساعاتها على مدى ‪ 24‬ساعة تقريبا‪.‬‬ ‫العائق األخير‬

‫( )‬

‫ولك������ي نفس������ر هذه النكس������ة درس������نا احتم������ال أن هناك‬ ‫مس������تقبلة ضوئية البصرية أخرى تختبئ في الشبكية‪ .‬ولكن‬ ‫هذه الفرضي������ة بدت غير مرجحة لعدد من األس������باب‪ ،‬أهمها‬ ‫ْس���لة الكاملة جلينوم ‪complete genome sequencing‬‬ ‫السل َ‬ ‫أن ّ‬ ‫الفأر التي اس������تكملت في احلقبة نفس������ها الت������ي أمتمنا فيها‬ ‫َ‬ ‫تكتشف‬ ‫دراساتنا على الفئران احملذوفة اجلني ‪ knockout‬لم‬ ‫أي جين������ات أخرى واضحة لألصبغة‬ ‫في اجلينوم ‪َّ genome‬‬ ‫الضوئية ‪.photopigment‬‬ ‫‪34‬‬

‫العصي واملخاريط‬ ‫ليست ضرورية‬ ‫للضبط مع الضوء‬

‫وظائف سوية‬

‫كان������ت الفرضي������ة الثانية أن العص������ي واملخاريط واخلاليا‬ ‫العقدية احلساسة للضوء تعمل سوي ًة للتحكم في االستجابات‬ ‫الالبصرية للضوء‪ .‬وقد اختبرنا هذا االحتمال األخير من خالل‬ ‫هندسة فئران ليس لها عصي أو مخاريط أو ميالنوپسني‪ .‬ولم‬ ‫تُظهر هذه املس������وخ أي اس������تجابات للضوء‪ ،‬سواء بصرية أو‬ ‫ال بصرية‪ ،‬وكان س������لوكها مماثال للفئران التي أزيلت عيونها‬ ‫جراحيا‪ .‬وأخيرا اس������تطعنا أن نستنتج أن العصي واملخاريط‬ ‫واخلاليا العقدية احملتوية على امليالنوپس���ي��ن تعمل سوية على‬ ‫إيصال املعلومات الالبصرية عن الضوء إلى الدماغ‪.‬‬ ‫في الواق������ع‪ ،‬تظهر بينات أن اخلاليا العقدية احلساس������ة‬ ‫للضوء تعمل أيضا كس������بيل لنقل املعلوم������ات الالبصرية عن‬ ‫( )‬ ‫( )‬

‫‪Uncovering the Eyes’ Double Life‬‬ ‫‪ONE LAST HURDLE‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫الض������وء من العص������ي واملخاريط إل������ى الدم������اغ‪ ،‬مثلما تنقل‬ ‫اخلاليا العقدية األخرى في الشبكية املعلومات البصرية إلى‬ ‫املس������احات البصرية للدماغ‪ .‬وفي س������نة ‪ 2008‬ابتكرت ثالث‬ ‫مجموع������ات بحثية مختلفة‪ ،‬مبا فيه������ا مجموعتنا‪ ،‬طريقة لقتل‬ ‫اخلاليا العقدية احلساس������ة للضوء عن������د الفئران دون التأثير‬ ‫ف������ي باقي خاليا الفأر‪ .‬وعلى الرغم م������ن أن الفئران حافظت‬ ‫على حاس������ة البصر‪ ،‬إال أنه صارت متيل إلى اخللط بني الليل‬ ‫والنه������ار‪ ،‬وكذلك اضطرب تضيق احلدقة عندها [انظر اإلطار‬ ‫في الصفح������ة املقابلة]‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬ه������ذه اخلاليا العقدية‬ ‫املتخصص������ة ضروري������ة إلح������داث االس������تجابات الالبصرية‬ ‫للضوء‪ ،‬ولكن املنظوم������ة ككل تتمتع ببعض التكرار الداخلي‪:‬‬ ‫تستطيع هذه اخلاليا أن تكش������ف الضوء بصورة مستقلة أو‬ ‫تنقل املعلومات من العصي واملخاريط أو كال األمرين معا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫انحل اللغز أخيرا على األقل فيما يتعلق بالفئران‪.‬‬ ‫وهك������ذا‬ ‫ولكن ظهرت أدلة تشير إلى أن آلية فيزيولوجية مماثلة قد تكون‬ ‫موجودة عند البش������ر أيضا‪ .‬وفي س������نة ‪ 2007‬نشر >فوستر<‬ ‫وزمالؤه دراس������ة عن مريضني كفيفني ل������م يكن لديهما عصي‬ ‫ومخاريط وظيفية‪ ،‬أي املكافئ البشري لفئران >كيلر<‪ ،‬واللذين‬ ‫كانا مع ذلك قادرين على ضبط اإليقاعات اليومية عند التعرض‬ ‫الدوري للض������وء األزرق‪ ،‬وكانت أطوال موجات الضوء األزرق‬ ‫التي تعطي االستجابة املثلى لديهما تقع ضمن في املجال نفسه‬ ‫الذي يكشفه امليالنوپسني‪ ،‬والذي مت قياسه من خالل دراسات‬ ‫قامت بها مجموعتي البحثية بالتعاون مع مجموعة >بيرسون<‪،‬‬ ‫وفيها أجبرنا س���ل��االت من اخلاليا غير احلساسة للضوء في‬ ‫احلالة الطبيعية على إنتاج امليالنوپس���ي��ن‪ ،‬فبدأت هذه اخلاليا‬ ‫تستجيب للضوء بإرسال استجابة للضوء األزرق‪.‬‬ ‫وثمة مفاجأة شيقة أخرى‪ ،‬فقد وجدنا أن امليالنوپسني عند‬ ‫تعرضه للضوء يطلق شالال من اإلشارات الكيميائية داخل هذه‬ ‫اخلاليا‪ ،‬وهذه التفاعالت تشبه أكثر ما يحدث في مستقبالت‬ ‫الضوء عند الذباب واألخطبوط مما يحدث في العصي واملخاريط‬ ‫عن������د الثدييات‪ .‬ولم يكن هذا مفاجئا بالكامل أننا أدركنا قبلها‬ ‫بعدة سنوات أن متتالية جني امليالنوپسني تشبه أكثر متتاليات‬ ‫جينات األصبغة احلساسة للضوء عند الالفقاريات منها عند‬ ‫الفقاري������ات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يبدو أن امليالنوپس���ي��ن عند الثدييات هو‬ ‫صبغة حساسة بالضوء يتبع منظومة ال بصرية بدائية ‪ -‬كانت‬ ‫مجهولة من قبل ‪ -‬الستقبال الضوء موجودة في الشبكية جنبا‬ ‫إلى جنب مع أختها املتطورة‪ ،‬أي املنظومة البصرية‪.‬‬ ‫وفض���ل��ا عن الفضول العلمي البحت قد يكون الكتش������اف‬ ‫هذا العضو اخلفي اجلديد مقتضيات طبية أيضا ألنه يش������ير‬ ‫إلى العالقة بني صحة العني والصحة النفس������ية‪ ،‬والتي لم تلق‬

‫معرض صور‬

‫تشعر بالضوء وال ترى‬

‫( )‬

‫تضب����ط أغلب الكائن����ات إيقاعاتها البيولوجية من خالل اإلحس����اس بضوء‬ ‫النه����ار والظ��ل�ام‪ .‬وتكش����ف بع����ض احليوانات الض����وء باس����تخدام أعضاء‬ ‫متخصصة ال بصرية حساس����ة للضوء‪ ،‬وتس����تخدم هذه األعضاء في بعض‬ ‫احلاالت من أجل استجابات ال بصرية أخرى للضوء أيضا كتلك التي تساعد‬ ‫احلي����وان على االختباء‪ .‬ومع أن املس����تقبالت الالبصرية عند الثدييات تقع‬ ‫في العينني‪ ،‬إال أنها تتموضع عند بعض احليوانات في مواضع أخرى‪.‬‬

‫الشراغيف (يرقات‬ ‫الضفدع) وغيرها من‬ ‫البرمائيات حتس بالضوء‬ ‫بواسطة خاليا صبغية‬ ‫في جلدها فتستطيع‬ ‫تكييف تلوينها التمويهي‬ ‫ليناسب مختلف‬ ‫اخللفيات‪.‬‬

‫يستطيع عصفور‬ ‫الدوري ضبط إيقاعاته‬ ‫اليومية حتى ولو‬ ‫أزيلت عيناه‪ .‬وتستطيع‬ ‫خاليا متخصصة في‬ ‫دماغه أن تستشعر‬ ‫الضوء النافذ عبر‬ ‫الريش واجللد والعظم‪.‬‬

‫الفئران كانت الثدييات‬ ‫األولى التي اك ُتشف‬ ‫أنها تضبط إيقاعاتها‬ ‫اليومية حتى ولو كانت‬ ‫عمياء‪ ،‬كما قد حتافظ‬ ‫على استجابة تضيق‬ ‫احلدقة وتوسعها‪.‬‬

‫التقدير الكافي‪ .‬وتش������ير الدراس������ات إلى أن التعرض للضوء‬ ‫األزرق ميكن أن يزيد الوع������ي ويعكس اجليتالك أو احلرمان‬ ‫من الن������وم‪ ،‬وأن ّ‬ ‫يلطف االضطراب العاطفي املوس������مي‪ ،‬وهو‬ ‫مشكلة ش������ائعة في املنطقتني القطبيتني تسبب اكتئابا مضنيا‬ ‫وقد يدف������ع إلى االنتحار‪ .‬ويبدو م������ن الطبيعي أن نفترض أن‬ ‫العالج بالضوء فعال ألنه يستهدف اخلاليا العقدية احلساسة‬ ‫للضوء‪ .‬وبينت دراس������ات أخ������رى أن األطفال الفاقدي البصر‬ ‫الذين يعانون أمراضا تؤثر في اخلاليا العقدية في الشبكية مثل‬ ‫ال���زرق ‪ glaucoma‬معرضني ملعدل أعلى لإلصابة باضطرابات‬ ‫النوم مقارن ًة باألطفال الذين يعود العمى عندهم إلى أس������باب‬ ‫أخرى‪ .‬إذن‪ ،‬ميكن أن يؤدي استهداف صحة اخلاليا العقدية‬ ‫احلساس������ة للضوء إلى صنف جديد من العالجات للعديد من‬ ‫>‬ ‫احلاالت املتنوعة‪.‬‬ ‫( )‬

‫‪Feeling Light, Not Seeing‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, May 2011‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪35‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان ‪10/9‬‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫حل معضلة متييز‬ ‫ُّ‬ ‫احلواسيب ألحاديث متزامنة‬

‫( )‬

‫تعاني احلواسيب صعوبات ج ّمة في فهم الكلمات عندما‬ ‫يتحدث الناس في الوقت ذاته‪ .‬ولكن هذا احلال على وشك التغ ّير‪.‬‬ ‫>‪ .P .G‬كولينز<‬

‫تخ ّيل أن أحدهم يسرد عليك قصة‬ ‫مم ّلة ف������ي حفل‪ ،‬بينما جتذب اهتمامك‬ ‫إلى ح������ ّد أبع������د بكثير قص������ة يرويها‬ ‫بجوارك أح������د احلض������ور لصديقته؛‬ ‫فتح������ ّول انتباه������ك من قص������ة ُمح ّدثك‬ ‫ّ‬ ‫لتركز على القصة املجاورة‪ .‬وفي هذا‬ ‫الفعل البسيط ما تستحق عليه التهنئة‪،‬‬ ‫فق������د ب ّينت ق������درة اإلنس������ان على حل‬ ‫«معضلة متييز احلواس������يب ألحاديث‬ ‫متزامنة» ‪ -‬الت������ي تتمثل مبتابعة خيط‬

‫واحد م������ن احلديث ضمن اللغط الذي‬ ‫ينش������أ عندما يتخاط������ب اثنان أو أكثر‬ ‫في الوقت ذات������ه‪ .‬وهو إجناز ما زالت‬ ‫احلواسيب عاجزة عنه‪.‬‬ ‫فم������ع أن تع������رف الكالم آلي������ا يكاد‬ ‫يصب������ح عم���ل��ا روتين ّيا‪ ،‬إال أنه يفش������ل‬ ‫عندم������ا يتطلب األمر تعرف كالم يصدر‬ ‫عن اثن���ي��ن يتكلمان في الوقت ذاته‪ .‬ولن‬ ‫تقتصر فوائد تطوير برمجيات تس������مح‬ ‫بالفصل اآللي للكالم على حتسني أداء‬

‫باختصار‬ ‫حت���ى اآلن ل���م تتمك���ن احلواس���يب م���ن ح���ل‬ ‫«معضلة متييز احلواسيب ألحاديث متزامنة» ‪-‬‬ ‫أي فه���م ال���كالم عندم���ا يتح���دث اثن���ان أو أكثر‬ ‫ف���ي الوق���ت ذات���ه‪ .‬ومع ذل���ك‪ ،‬فقد أح���رز عدد من‬ ‫مجموع���ات البح���ث تقدما ملموس���ا باس���تخدام‬ ‫أس���اليب متباين���ة‪ .‬ويص���ف بالتفصي���ل برنامج‬

‫‪36‬‬

‫متع������دد الوس������ائط ‪ - multimedia‬ميك���ن الرجوع‬ ‫إليه ف���ي املوق���ع‬ ‫‪ - apr2011/speech‬األسس املنطقية التي تستند‬ ‫إليها إح���دى املقاربات الرائدة ف���ي هذا املجال‪.‬‬ ‫كما س���يتيح ه���ذا املوقع لزائ���ره فرصة الختبار‬ ‫قدراته على متييز مضمون أحاديث متزامنة‪.‬‬

‫‪www.ScientificAmerican.com/‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫منظوم������ات تع ّرف الكالم وحس������ب‪ ،‬بل‬ ‫س������تتعدى ذلك للخروج بتقنيات جديدة‬ ‫لفصل اإلش������ارات املتزامنة في حاالت‬ ‫أخرى‪ ،‬فتس������مح مثال بتفس������ير الصور‬ ‫الت������ي يتم احلص������ول عليها ف������ي عملية‬ ‫مسح الدماغ‪.‬‬ ‫وعل������ى الرغ������م م������ن أن املش������كلة‬ ‫املطروحة هي في غاية الصعوبة إال أن‬ ‫علماء احلاس������وب قد حققوا في حلها‬ ‫تقدما مثيرا لالهتمام خالل السنوات‬ ‫القليل������ة املاضية‪ .‬وق������د أحرزت إحدى‬ ‫مجموع������ات البحث جناح������ا فريدا في‬ ‫������ي قد يتجاوز قدرات‬ ‫مجال الفهم اآلل ّ‬ ‫البشر في هذا املضمار‪.‬‬ ‫( ) ‪: SOLVING THE COCKTAIL PARTY PROBLEM‬‬

‫«حل معضلة حفل الكوكتيل» أو‪ :‬حل معضلة التمييز‬ ‫اآللي ألحاديث متزامنة‪.‬‬


‫صوت متخيل‬ ‫املؤلف‬

‫بصمات صوتية‬

‫( )‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫تواتر‬

‫إن الفصل بني تيارين متباينني من‬ ‫الكلمات يش������كل حتديا يفوق بكثير ما‬ ‫يطرحه فهم كالم متحدث واحد‪ ،‬وذلك‬ ‫بس������بب الع������دد الفلكي م������ن التراكيب‬ ‫الصوتية املمكنة ضمن تياري احلديث‪.‬‬ ‫������ري للتقنيات املألوفة‬ ‫إن التطبيق القس ّ‬ ‫في فهم كالم متح������دث واحد من أجل‬ ‫حت������ري الط������رق املختلف������ة التي ميكن‬ ‫مبوجبها تركيب سيل الكلمات الناجمة‬ ‫عن عدد من املتكلم���ي��ن ‪ -‬بحيث ينجم‬ ‫ع������ن ذلك حديث متكام������ل لكل منهم ‪-‬‬ ‫يس������تهلك الكثير من الوق������ت‪ .‬لذا ال ب ّد‬ ‫للخوارزمي����ة ‪ algorithm‬املس������تخدمة‬ ‫لفص������ل وتعرف الكالم من اس������تثمار‬ ‫اخلصائص الضمني������ة لألصوات في‬ ‫ٍّ‬ ‫كل من تيارات الكالم املتزامنة‪.‬‬

‫‪B‬‬

‫تواتر‬

‫ِل َم هذه الصعوبة؟‬

‫( )‬

‫فالص������وت الصادر ع������ن متحدث‬ ‫واحد أو ع������دة متحدثني يتضمن طيفا‬ ‫م������ن التواترات تتغير ش������دة كل منها‬ ‫خ���ل��ال أزمن������ة مبقي������اس امليليثانية‬ ‫‪ .millisecond‬وميك������ن تتب������ع تغي������ر‬ ‫توات������رات املوج������ات الصوتي������ة التي‬ ‫ُيحدثه������ا املتكلم باس������تخدام راس���م‬ ‫الطيف (أو املطي���اف) ‪.spectrograph‬‬ ‫وم������ن املعروف أن املنظوم������ات املألوفة‬ ‫لتع ّرف الكالم حتل������ل بيانات متحدث‬ ‫واحد عل������ى مس������توى الفونيمات؛ أي‬ ‫باعتبار الوحدات الصوتية التي تتكون‬ ‫منه������ا كل كلم������ة؛ فكلمة «بي������ت» مثال‬ ‫مكون������ة من الوح������دات الصوتية‪َ :‬ب ‪-‬‬ ‫ي ‪ْ -‬ت‪ ،‬حي������ث تحُ دث ّ‬ ‫كل واحدة منها‬ ‫منط������ا متغيرا ميكن تعرفه في مخطط‬ ‫الطيف ‪.spectrogram‬‬ ‫وتؤدي النم������اذج اإلحصائية دورا‬

‫‪A‬‬

‫تواتر‬

‫‪Graham P. Collins‬‬

‫>كولينز< حصل على الدكتوراه في الفيزياء من‬ ‫جامعة ستوني بروكس وهو محرر مساهم في‬ ‫مجلة ساينتفيك أمريكان‪.‬‬

‫تعرض مخططات الطيف ‪ spectrograms‬تب ّدل مستوى‬ ‫األصوات مبرور الزمن عبر مجال من التواترات ‪-‬‬ ‫تسجل املخططات إلى ميني هذا الشكل عينات من‬ ‫الكالم ملدة ثانيتني‪ .‬وميثل تبدل األلوان في املخطط‬ ‫تب ّدل شدة الصوت من املرتفع (باألحمر) إلى املنخفض‬ ‫(باألزرق)‪ .‬وعندما يتكلم أربعة أشخاص في الوقت ذاته‬ ‫كما يبني املخطط )‪ (A‬يصعب مت ّيز تيار األصوات التي‬ ‫يصدرها أحد املتكلمني )‪ (B‬الذي ميثل املخطط ما صدر‬ ‫عنه من أصوات‪ .‬ولكن‪ ،‬كما يبني املخطط )‪ ،(C‬ميكن‬ ‫خلوارزمية ط ّورت مؤخرا لفصل الكالم تقدير ما نطق به‬ ‫هذا املتكلم بدقة تسمح للحاسوب تع ّرف ما قاله‪.‬‬

‫‪C‬‬

‫زمن‬

‫رئيس������يا ف������ي جميع أس������اليب تع ّرف‬ ‫الكالم فبواس������طتها ُيح ّدد احتمال أن‬ ‫يتب������ع صوت مث���ل��ا‪ “oh” ،‬صوت ”‪.“n‬‬ ‫وهك������ذا فإن مح������رك تع������رف الكالم‬ ‫يس������تخدم النماذج اإلحصائية ليبحث‬ ‫عن متتالي������ة الفونيمات األكثر احتماال‬ ‫كلمات متكاملة‪ ،‬ومن‬ ‫ويسعى إلى بناء‬ ‫ٍ‬ ‫جمل معقولة‪.‬‬ ‫ثم يجمعها في ٍ‬ ‫ولكن عندم������ا يتكلم اثنان في وقت‬ ‫واحد ف������إن عدد االحتم������االت املمكنة‬ ‫يبلغ ح������دودا كبيرة للغاي������ة‪ .‬إذ ميكن‬ ‫لطيف التواتر ف������ي ِّ‬ ‫كل حلظة أن ينجم‬ ‫عن أي من الفونيمني حسبما ينطقهما‬ ‫املتحدث������ان ف������ي كلمة م������ا‪ .‬ويزيد كل‬ ‫إضافي تعقيد العملية بصورة‬ ‫متحدث‬ ‫ّ‬ ‫أ ُّسـيّة ‪.exponential‬‬ ‫( ) ‪Voice Prints‬‬

‫( ) ?‪WHY SO DIFFICULT‬‬

‫‪37‬‬


‫أفكار واعدة‬

‫( )‬

‫ولكن‪ ،‬حلس������ن احلظ‪ ،‬فإن أصوات‬ ‫ال������كالم تختل������ف بص������ورة أو بأخرى‬ ‫باختالف املتحدث‪ .‬وميكن بالعودة إلى‬ ‫الطيفي تب���ّي��نّ عدد من مناطق‬ ‫املخطط‬ ‫ّ‬ ‫الطيف يتم ّيز ضمنها الصوت الناجم‬ ‫عن أحد املتحدث���ي��ن بارتفاع نبرته عن‬ ‫صوت املتحدث اآلخر‪ .‬وهكذا يتسنى‬ ‫لبرامج تع ّرف الكالم املألوفة أن تعثر من‬ ‫أجل كل من هذه املناطق على فونيمات‬ ‫محتمل������ة تقاب������ل ما نطق ب������ه املتحدث‬ ‫بسط‬ ‫املسيطر‪ ،‬ذو النبرة األعلى‪ ،‬مما ُي ّ‬ ‫كثيرا عملي������ة البحث ع������ن الفونيمات‬ ‫املتممة‪ .‬وقد استخدم علماء احلاسوب‬ ‫هذه اخلاصية‪ ،‬وهي اصطالحا تدعى‬ ‫نحو ًال ‪ sparseness‬في حتليل األطياف‬ ‫الناجمة ع������ن أصوات الكالم املنطوق‪،‬‬ ‫مم������ا مكنهم م������ن إحراز تق������دم كبير‬ ‫يتمث������ل بالعثور عل������ى «أقصر الطرق»‬ ‫ضمن غابة التراكي������ب التي يواجهها‬ ‫فص������ل كالم متحدث���ي��ن أو أكثر‪ .‬وفي‬ ‫س������عيهم هذا اتبع الباحثون مقاربتني‬ ‫رئيسيتني‪.‬‬ ‫تعم������ل إحداهما من األس������فل إلى‬ ‫األعلى في تفحص املالمح األساس������ية‬ ‫������ي لتحديد املناطق‬ ‫ف������ي املخطط الطيف ّ‬ ‫اخلاصة بأحد املتكلمني‪ .‬فمن احملتمل‪،‬‬ ‫على س������بيل املث������ال‪ ،‬أن َي ّ‬ ‫������دل صدور‬ ‫صوت مفاجئ ف������ي اللحظة ذاتها عند‬ ‫تواترين مختلفني على واحد دون غيره‬ ‫من املتكلمني‪.‬‬ ‫وتبحث ه������ذه املقارب������ة أيضا عن‬ ‫مقاط������ع في املخط������ط الطيفي ال يكون‬ ‫أي م������ن املتحدثني مس������يطرا‪.‬‬ ‫فيه������ا ّ‬ ‫وم������ن ثم تض������ع اخلوارزمي������ات التي‬ ‫تس������تخدمها ه������ذه املقارب������ة املقاطع‬ ‫املُلتبس������ة جانبا وحت������اول البحث عن‬ ‫متتاليات من الفونيمات تتماش������ى مع‬ ‫املقاطع السليمة‪ .‬وقد أحرز فريق من‬ ‫الباحثني في جامعة ش������فيلد بإنكلترا‬ ‫نتائ������ج جيدة باس������تخدام مث������ل هذه‬ ‫‪38‬‬

‫األس������اليب‪ .‬إذ يذكر تقرير نـشر عام‬ ‫‪ 2010‬أن هذا الفري������ق ّ‬ ‫حل في املرتبة‬ ‫الثالثة من حيث الدق������ة اإلجمالية في‬ ‫مقارنة ألداء عشر خوارزميات متباينة‬ ‫ٍ‬ ‫عاجلت مجموع������ة معيارية من عينات‬ ‫الكالم املتزامن‪.‬‬ ‫إال أن معظم فرق البحث التي تعمل‬ ‫في مضمار تعرف الكالم تتبنى مقاربة‬ ‫تعتم���د عل���ى النم���وذج ‪،model-based‬‬ ‫تتجه م������ن القمة إلى القاع������دة‪ .‬فتبحث‬ ‫اخلوارزمي������ات التي تس������تخدم في هذه‬ ‫املقاربة عن متتاليات من فونيمات مقبولة‬ ‫إفراديا‪ ،‬كما أن دمجها يحدث الصوت‬ ‫الكلي‪ .‬ومبا أن اعتبار ٍّ‬ ‫كل من التراكيب‬ ‫املمكنة للفونيمات املتزامنة هي أس������لوب‬ ‫ذو كفاءة متدنية للغاية‪ ،‬تلجأ األس������اليب‬ ‫املس������تخدمة إلى تبس������يط عملية تع ّرف‬ ‫الكالم باللج������وء إلى تقريبات ال تنتقص‬ ‫من دقة هذه العملية‪.‬‬ ‫واملثـ ــال على ذلــك مــا س������عى إلي ــه‬ ‫>‪ .T‬ڤيرتانن< [من جامعة تامپير للتقانة‬ ‫في ف ّلندا] لتبس������يط عملية البحث عن‬ ‫فونيمات مقبولة؛ إذ ّ‬ ‫تركز اخلوارزمية‬ ‫الت������ي ط ّورها بالتن������اوب على واحد ثم‬ ‫اآلخر من املتحدثني‪ .‬ويستند األسلوب‬ ‫الذي يتبع������ه >ڤيرتانن< أساس������ا إلى‬ ‫راهن للكالم الصادر عن‬ ‫أفضل‬ ‫تقدير ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫املتحدث ‪ ،A‬ثم يبحث ضمن الفونيمات‬ ‫العائدة للمتحدث ‪ B‬من أجل الوصول‬ ‫إلى ال������كالم الذي يفس������ر على النحو‬ ‫الكلي‪ .‬ومن ثم تعيد‬ ‫األفضل الصوت‬ ‫ّ‬ ‫اخلوارزمية الك ّرة م������ع عكس األدوار‬ ‫في كل مرة‪ .‬وهكذا أحرزت خوارزمية‬ ‫>ڤيرتانن< املرتبة الثانية متفوقة بدقتها‬ ‫على فريق >ش������فيلد<‪ ،‬م������ع أن أداءها‬ ‫َ‬ ‫تخ ّلف بأكثر من عشر نقاط مئوية عن‬ ‫أداء السامعني من البشر‪.‬‬ ‫وقد ج������رى أول اس������تعراض على‬ ‫اإلطــ���ل��اق خلوارزميـ ـ������ة فصــل الكــالم‬ ‫آلي������ا يفوق أداؤه ـ ــا أداء اإلنس������ان من‬ ‫قبــل ف ــري ــق مــن الب ــاحثــني في مختب ــر‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫>‪ .J .Th‬واطس������ون< التابع لشركة‬ ‫في يوركتون هايت������س بوالية نيويورك‪.‬‬ ‫وتعمل اخلوارزمية التي طورها مؤخرا‬ ‫هذا الفري������ق بصورة كف������ؤة حتى في‬ ‫احل������االت الت������ي يتكلم فيه������ا أكثر من‬ ‫متحد َث���ْي��نْ ‪ -‬ب������ل لق������د أمكنه������ا فصل‬ ‫تيارات متطابق������ة من الكالم ناجمة عن‬ ‫أربعة متحدثني‪ .‬وتقوم خوارزمية فريق‬ ‫ش������ركة ‪ IBM‬جزئيا بالتحليل املألوف؛‬ ‫أي بت َّتب������ع املقاربة التي تتجه من الق ّمة‬ ‫إل������ى القاعدة‪ ،‬فتق ّيم تك������رارا متتاليات‬ ‫جتريبي������ة من الفونيمات م������ن أجل كل‬ ‫واح������ ّد من املتكلمني‪ .‬ولكن بني كل زوج‬ ‫من التكرارات التي تق������وم بها املقاربة‬ ‫يس������تخدم البرنام������ج أكث������ر تقديرات‬ ‫الكالم وعدا للبحث عن فقرات املخطط‬ ‫الطيفي التي يبل������غ فيها ارتفاع صوت‬ ‫������توى يغطي‬ ‫واحد م������ن املتحدثني مس‬ ‫ً‬ ‫صوت اآلخرين‪ .‬وم������ن املثير لالهتمام‬ ‫أن ت َف ّح������ص املقاطع الت������ي يطغى فيها‬ ‫صوت أحد املتحدثني على سواه مينح‬ ‫هذه اخلوارزمية وسيلة عملية لتحسني‬ ‫تقدي������رات كالم جمي������ع املتحدثني في‬ ‫الوقت ذاته‪.‬‬ ‫اآللي للكالم‬ ‫وما زال أم������ام الفصل‬ ‫ّ‬ ‫طريق طويل قبل أن يتسنى للحواسيب‬ ‫التنص������ت عل������ى الثرثرة ف������ي احلفالت‬ ‫الصاخب������ة‪ .‬ولكن نتائ������ج األبحاث التي‬ ‫أجريت مؤخرا تشير إلى أن هذه الغاية‬ ‫قد تتحقق في نهاية املطاف‪ ،‬إذا لم تصل‬ ‫>‬ ‫بعد إلى مسمعنا‪.‬‬

‫‪IBM‬‬

‫( ) ‪PROMISING IDEAS‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, April 2011‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 29‬بحث عن حل جذري)‬

‫القانوني���ة لتقليص انبعاثات ثاني أكس���يد الكربون؟‬ ‫فضريب���ة عل���ى الوق���ود األحفوري أو نظام الس������قف‪-‬‬ ‫و‪-‬املقايضة(‪ )1‬أو وض���ع معايير لطاقة متجددة تتطلب‬ ‫أن توف���ر الطاق���ات املتجددة نس���بة مئوية م���ن موارد‬ ‫الطاق���ة عل���ى مس���توى الوالي���ة أو املس���توى الوطني‬ ‫جميعها وسائل غير مرنة سياسيا؟ بدال من ذلك تنادي‬ ‫بـ«معي���ار إلنتاج الكهرباء بأس���لوب يخ ِّفض انبعاثات‬ ‫الكربون»‪ ،‬الذي يتطلب أن تقلص الواليات االنبعاثات‬ ‫من مصادرها الكهربائية بنس���بة مح���ددة‪ ،‬مثال‪%80 ،‬‬ ‫بحلول عام ‪ .2030‬ملاذا قد تنجح مثل هذه اخلطة؟‬

‫>خوس�ل�ا<‪ :‬وفقا ملعي������ار إنتاج الكهرباء بأس������لوب يخ ِّفض‬ ‫انبعاث������ات الكرب������ون‪ ،‬فإن املقي������اس الوحيد ه������و حجم ثنائي‬ ‫أكس������يد الكربون املنت������ج وليس مصدر الطاقة املس������تعمل أو‬ ‫التقانة النظيفة املس������تخدمة لتحقيق ذلك الهدف‪ .‬وميكن ِّ‬ ‫لكل‬ ‫والية أن تختار التقانات املناس������بة لها‪ ،‬مثل الطاقة الشمسية‬ ‫ف������ي أريزون������ا أو طاقة الرياح في تكس������اس أو املادة احليوية‬ ‫في أركنس������اس‪ .‬كما ميكن للواليات التي تنتشر فيها محطات‬ ‫الفحم احلجري أو الغاز الطبيعي أن تس������تخدم القط الكربون‬ ‫أو تش������ظية الكربون لتخفيض االنبعاثات من دون تغيير نوع‬ ‫الوقود‪ ،‬ويك ِّون هذا بدوره ضغطا تنافسيا لتحسني تلك التقانة‬ ‫وتطويرها‪ ،‬وهو ضغط ال وجود له حاليا‪.‬‬ ‫كما يمُ ِّكن معيار إنتاج الكهرباء املنخفضة الكربون أرباب‬ ‫الوقود األحفوري التقليدي ومحطات الطاقة النووية اجلديدة‬ ‫من املنافس������ة‪ .‬ونحن بحاجة إل������ى تضافر جهود اجلميع في‬ ‫محاول������ة تطوير تقانات تخ ِّفض انبعاث������ات الكربون تخفيضا‬ ‫جذريا‪ ،‬وال تقتصر فقط على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح‪.‬‬ ‫إذ ميكن لتقانة الق������ط الكربون من الغاز الطبيعي أن تخ ِّفض‬ ‫انبع������اث الكربون ط������وال عمر احملط������ة مثلما تفع������ل الطاقة‬ ‫الشمس������ية‪ ،‬فضال ع������ن أنها أرخص تكلف ًة‪ .‬وإذا لم تش������مل‬ ‫خطة تخفي������ض االنبعاثات محطات الوق������ود األحفوري‪ ،‬فلن‬ ‫يصبح القط الكربون مجديا من الناحية االقتصادية‪ .‬وسوف‬ ‫ينحصر في نطاق املش������روعات الباهظ������ة التكلفة التي تُع ّدها‬ ‫وزارة الطاقة‪.‬‬ ‫وتتمث������ل الفائدة اإلضافية بأن الواليات املتحدة س������تطور‬ ‫كثيرا م������ن التقانات االقتصادية في مج������ال تخفيض انبعاث‬ ‫الكرب������ون لتجع������ل من البل������د رائدا في تصدي������ر تقانات القط‬ ‫الكرب������ون إلى الهند والصني حيث تق������ع معظم محطات توليد‬ ‫الطاقة من الفحم احلجري‪.‬‬

‫قل���ت‪« :‬ال أعمل إال على األش���ياء الت���ي تثير اهتمامي‪،‬‬ ‫لذل���ك تتغي���ر اهتمامات���ي َّ‬ ‫كل بض���ع س���نني وق���د حان‬ ‫الوق���ت ألتعلم ش���يئا جديدا»‪ .‬ما هي التقانات األش���د‬ ‫إثارة لالهتمام في السنوات اخلمس القادمة؟‬

‫كل مجال أعاينه‪ .‬وأنا لس������ت‬ ‫>خوس�ل�ا<‪ :‬يثي������ر اهتمام������ي ُّ‬ ‫مب������ازح‪ .‬لم أعتقد أننا س������نبتكر نوعا جديدا ال س������ابق له من‬ ‫التوصل‬ ‫احمل ّركات‪ .‬وح���ي��ن تفحصنا تكييف اله������واء‪ ،‬توقعنا‬ ‫ّ‬ ‫إلى كمبرس������رات أفضل أدا ًء – وهذا ش������يء هامشي‪ .‬ولكننا‬ ‫اكتش������فنا دورة ديناميكية حرارية جديدة‪ ،‬وهذه تقانة جديدة‬ ‫ط َّورها مهندسون في الشركة كيتني ‪ .Caitin‬ولم يستخدم أحد‬ ‫فعال دورة ديناميكية حراري������ة جديدة ألغراض جتارية طوال‬ ‫خمسني سنة‪ ،‬أو رمبا مئة‪ .‬لم أكن أتوقع ذلك‪.‬‬ ‫والواضح أن األشخاص الذين عملوا في مجاالت الطاقة‬ ‫القدمية طوال ثالثني س������نة ال يتبنون منظورا جديدا‪ ،‬مع أن‬ ‫العال������م قد تغ َّير من حولهم‪ .‬خذ مثال الهندس������ة امليكانيكية‪،‬‬ ‫فما زلنا نس������تخدم النظم امليكانيكي������ة العتيقة مثل الكامات‬ ‫‪ cams‬لتنظيم احلركة ونقلها إلى الصمامات واألس������طوانات‬ ‫في الس������يارة‪ .‬والكام������ة هي قطعة ثابتة م������ن املع ّدات‪ ،‬ولكن‬ ‫ظ������روف القيادة تغيرت‪ ،‬ولذلك يجب تغيي������ر التوقيت‪ .‬إن ما‬ ‫نحتاج إليه للتوقيت الدقيق ال بل املتغير‪ ،‬هو أجهزة محوالت‬ ‫طاق���ة إلكتروني���ة ‪ power electronics‬تكون أس������رع أدا ًء في‬ ‫فت������ح الصمامات وإغالقها‪ .‬ملاذا ال يتم التحكم إلكترونيا في‬ ‫صمامات احملرك ك ِّلها؟ ملاذا يجب على عنفات (توربينات)‬ ‫‪ turbines‬الري������اح أن ت������دور بس������رعة محددة بواس������طة ناقل‬ ‫الس������رعة‪ ،‬بدال من اس������تخدام محوالت الطاق������ة اإللكترونية‬ ‫لتحويل الطاقة جميعها إلى قوة نس������تخدمها حس������ب وتيرة‬ ‫احتياجاتنا؟ هذان مجرد مثالني اثنني؛ ولكن هنالك مئة حالة‬ ‫مش������ابهة في محوالت الطاقة اإللكترونية ميكن أن تؤدي إلى‬ ‫تغيير التطبيقات تغييرا جذريا‪.‬‬ ‫ثمة ابتكا ٌر إبداعي في كل مجال مهما كان قدميا‪ ،‬وهذا مي َّثل‬ ‫>‬ ‫مفاجأة ما كنت ألتوقعها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪a cap-and-trade system‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫متحمس لتقانة الق���ط الكربون‪ .‬فقد‬ ‫)‪ :(SA‬أن���ت مؤي���د‬ ‫ّ‬

‫‪Scientific American, January 2011‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪39‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫استخدام الضوء للتحكم بالدماغ‬

‫( )‬

‫أصبح الباحثون قادرين على استقصاء تفاصيل غير مسبوقة لكيفية عمل اجلهاز‬ ‫العصبي‪ ،‬وذلك باستخدام تقنية ُتدعى الوراثيات الضوئية ‪ ،‬حيث توصلوا إلى‬ ‫نتائج ميكن أن تتمخض عنها أساليب عالجية أكثر فعالية للمشكالت النفسية‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫>‪ .K‬دايسيروت<‬

‫في كل يوم أقضيه كطبيب نفس������ي ممارس تمَ ْـ ُثل أمامي‬ ‫محدودية هذا املجال‪ .‬وعل������ى الرغم من اجلهود النبيلة التي‬ ‫يبذلها السريريون والباحثون‪ ،‬فإن محدودية استبصارنا في‬ ‫جذور املرض النفس������ي ما زالت تش������كل عقبة أمام مساعينا‬ ‫الرامي������ة إلى اكتش������اف ط������رق عالجية ناجعة‪ ،‬وتس������هم في‬ ‫استمرار النظرة الواصمة حيال واحدة من كبرى املشكالت‬ ‫الصحي������ة التي يواجهه������ا العالم ك ّله‪ ،‬وم������ا يترتب عليها من‬ ‫خسائر فادحة‪ ،‬بدءا بسنوات العمر الضائعة وانتهاء باإلصابة‬ ‫بالعجز أو املوت‪ .‬وال ريب في أننا بحاجة إلى إجابات شافية‬ ‫في مجال الطــب النفـسي‪ ،‬ولكن وكما ك ــان ميكن لفيلســوف‬ ‫العـلــوم <‪ .K‬پوپر> أن يقول‪« :‬إذا أردنا احلصول على إجابات‬ ‫صحيح������ة‪ ،‬علينا أوال أن نطرح أس������ئلة جدي������دة‪ ،‬مما يعني‬ ‫بكلمات أخرى أننا بحاجة إلى تقانة جديدة‪».‬‬ ‫غي������ر أن تطوير طرق جديدة مالئمة ه������و أمر معقد‪ ،‬فدماغ‬ ‫الثد ّييات ال مثيل له من حيث تركيبته املتشابكة‪ ،‬فهو جهاز بالغ‬ ‫التعقيد يتكون من عشرات الباليني من العصبونات املتضافرة‬ ‫مع������ا‪ ،‬والتي متتل������ك خصائص متميزة ال حص������ر لها‪ ،‬ومناذج‬ ‫من االتصاالت السلكية لتبادل اإلش������ارات الكهربائية بصورة‬ ‫محددة زمنيا بدقة بالغة وفي أجزاء من املي ّلي ثانية‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫ك ّم وافر من الرس������ل الكيميائية احليوية املتنوعة‪ .‬وبسبب هذا‬

‫التعقيد املذهل‪ ،‬فإن علماء اجلهاز العصبي ال ميتلكون املفتاح‬ ‫لفه������م عميق ملا يق������وم به الدماغ فعل ّي������ا‪ ،‬وال لفهم نوعية مناذج‬ ‫النشاط التي تصدر عن خاليا معينة في الدماغ وتؤدي في آخر‬ ‫األمر إلى نشوء األفكار والذكريات واألحاسيس واملشاعر‪ .‬وإذا‬ ‫ما توس������عنا في حديثنا‪ ،‬فيمكنن������ا أن نقول إننا أيضا ال نعرف‬ ‫كيف ت������ؤدي العيوب في بنية الدماغ إلى نش������وء االضطرابات‬ ‫النفس������ية املختلفة‪ ،‬كاالكتئاب والفصام‪ .‬والنموذج ‪paradigm‬‬ ‫الس������ائد لالضطرابات النفسية بأطرها احلالية التي تقوم على‬ ‫فرضية اختالل التوازن الكيميائي وتغير في مستويات النواقل‬ ‫العصبي������ة ال تتواف������ق مع الس������رعة العالية ملجموع������ة الدارات‬ ‫الكهربائية العصبية‪ ،‬وهذا ما يفس������ر ملاذا تُعتبر طرق املعاجلة‬ ‫املستخدمة في الطب النفسي في جوهرها أساليب عالج جرى‬ ‫اكتشافها مصادفة؛ وبالطبع فمع العون الذي تقدمه تلك الطرق‬ ‫إلى كثير من الناس‪ ،‬فإنها نادرا ما تكون ملهمة‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬اليب������دو مس������تغربا أن يقترح احلائز عل������ى جائزة نوبل‬ ‫<‪ .F‬كريك> في مقالته التي نش������رها في مجلة ساينتفيك أمريكان‬ ‫س������نة ‪ 1979‬أن أكبر حتد تواجهه العلوم العصبية احلديثة يتمثل‬ ‫بضرورة التوصل إلى التحكم بنوع محدد من خاليا الدماغ من‬ ‫( ) ‪ CONTROLLING THE BRAIN WITH LIGHT‬أو ‪ :‬ن َْظ ُم الدماغ بالضوء‪.‬‬ ‫(‪optogenetics )1‬‬

‫باختصار‬ ‫ألمد طويل‪ ،‬ظل علماء اجلهاز العصبي ‪ neuroscientists‬يعانون اإلحباط‬ ‫ألنهم لم يتمكنوا من استقصاء آلية عمل الدماغ بصورة تفصيلية ودقيقة‬ ‫كم������ا يقتضي األمر‪ .‬وفجأة الح في األفق ح������ل أجنبته األبحاث اجلينية‬ ‫األساسية املعنية بدراس������ة املتعضيات امليكروي���ة ‪ microorganisms‬التي‬ ‫تعتم������د اعتمادا كليا ‪ -‬من أجل احلفاظ عل������ى حياتها ‪ -‬على بروتينات‬ ‫األوپسني احلساسة للضوء‪.‬‬ ‫وانطالق������ا من هذا املب������دأ‪ ،‬أصبح العلماء الي������وم قادرين على غرس‬ ‫جينات األوپس�ي�ن ‪ opsin genes‬في خاليا الدماغ واس������تخدام الوميض‬ ‫‪40‬‬

‫الضوئي حلث عصبون������ات معينة على اإلض���رام ‪ firing‬وفق الطلب‪ ،‬كما‬ ‫صاروا قادري������ن أيضا‪ ،‬وبفضل الوراثي���ات الضوئي���ة(‪ ،)1‬على إجراء‬ ‫جت������ارب عالي������ة الدقة تس������تهدف نوعا مح������ددا من اخلالي������ا في أدمغة‬ ‫احليوان������ات احلية الت������ي تتحرك بحرية‪ ،‬والتي ال ميكن فيها اس������تخدام‬ ‫مسار كهربية ‪ electrodes‬وغيرها من الطرائق التقليدية‪.‬‬ ‫وعل������ى الرغم من أن الوراثيات الضوئية ال تزال في طفولتها الباكرة‪،‬‬ ‫فقد أخذت تزودنا بإمكانيات الستبصار ما تنطوي عليه العلوم العصبية‬ ‫من أسس يقوم عليها عدد من األمراض النفسية‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬


‫املؤلف‬

‫‪Karl Deisseroth‬‬

‫<دايسيروت> هو عضو هيئة التدريس في كلية الهندسة البيولوجية‬ ‫وكلية الطب النفسي بجامعة ستانفورد‪ ،‬حاز جائزة ناكازوني العاملية‬ ‫ملا حققه من إجنازات في مجال تطوير بروتينات األوپسني اجلرثومية‬ ‫والوراثيات الضوئية‪.‬‬

‫دون إحداث تغيير في اخلاليا األخرى‪ .‬وغني عن القول إن التنبيه‬ ‫الكهربائي ال يفي بهذا الغرض‪ ،‬ألن املس������اري الكهربية ليس������ت‬ ‫أداة تتوفر فيها درجة الدقة املطلوبة‪ ،‬نظرا ألن رأس������ها املغروس‬ ‫ينبه جميع اخلاليا املجاورة وال ُيفرق بني أنواعها املختلفة‪ ،‬وألن‬ ‫اإلش������ارات الصادرة عنها غير قادرة عل������ى تثبيط العصبونات‬ ‫املس������تهدفة بدقة عالية‪ .‬وقد راهن <كريك> في محاضراته التي‬ ‫ألقاها الحقا على إمكانية اس������تخدام الضوء كأداة حتكم‪ ،‬وذلك‬ ‫ألنه قابل لإلرس������ال على شكل نبضات محددة بدقة عالية زمنيا‬ ‫ضمن مج������ال من األلوان واملواقع‪ .‬وقد أتت تصريحات <كريك>‬ ‫في الوقت الذي لم يكن أحد يعرف بتاتا كيف ميكن لنا أن جنعل‬ ‫نوعا معينا من اخلاليا يستجيب للضوء‪.‬‬ ‫في غضون ذل������ك‪ ،‬كان الباحثون العامل������ون في حقل من‬ ‫حق������ول علم األحياء ‪ -‬يبدو بعي������دا كل البعد عن املجال الذي‬ ‫ُيعنى بدراس������ة الدماغ عند الثد ّييات ‪ -‬منكبني على دراس������ة‬ ‫بعض املتعضي���ات امليكروية ‪ microorganisms‬في جانب من‬ ‫جوانبه������ا لم تثبت أهميته إ ّ‬ ‫ال بعد م������رور وقت طويل‪ .‬فمنذ ‪40‬‬ ‫عاما على أق������ل تقدير وعلماء البيولوجي������ا يعتقدون أن هناك‬ ‫متعضي������ات ميكروية تُنت������ج بروتينات تنظم جريان الش������حنة‬ ‫الكهربائية عبر غش������ائها اخللوي بصورة مباشرة كاستجابة‬ ‫للضوء املرئي‪ .‬وتسهم هذه البروتينات‪ ،‬التي تقوم مجموعة من‬ ‫جينات «األوپس���ي��ن» املم َّيزة بإنتاجها‪ ،‬في استخالص الطاقة‬ ‫م������ن الضوء وجتميع املعلومات عنه من البيئة التي تعيش فيها‬ ‫هذه امليكروبات‪ .‬في عام ‪ 1971‬قام كل من <‪ .W‬س������توكنيوس>‬ ‫و<‪ .D‬أوسترهلت> [من جامعة كاليفورنيا – سان فرنسيسكو]‬ ‫باكتشاف أن أحد تلك البروتينات؛ وهو باكتيريورودوپسني‬ ‫‪ ،bacteriorhodopsin‬يعمل مبفرده كمضخة أيونية يتم تفعيلها‬ ‫بفوتونات الضوء األخضر‪ ،‬أي إننا إزاء آلة جزيئية مدهش������ة‬ ‫ت������ؤدي مبفرده������ا جميع الوظائ������ف املطلوبة‪ .‬ومن ث������م‪ ،‬توالت‬ ‫االكتشافات املتعلقة بأعضاء هذه العائلة من البروتينات الحقا‪،‬‬ ‫فاك ُتش������فت الهالورودوپس���ينات ‪ halorhodopsins‬سنة ‪1977‬‬ ‫والتش���انيل رودوپس���ينات ‪ channelrhodopsins‬ع������ام ‪،2002‬‬

‫في س������ياق متابعة الفكرة الرئيسية لعام ‪ 1971‬املتمحورة حول‬ ‫اجلني الواحد الذي يتحكم مبجموعة كاملة من الوظائف‪.‬‬ ‫وإذا استخدمنا املنطق النموذجى لإلدراك املتأخر‪ ،‬فعندئذ‬ ‫ميكنن������ا القول إن صنع األدوات الالزمة لتجاوز التحدي الذي‬ ‫حتدث عنه <كريك> ‪ -‬وهو اس������تراتيجية من شأنها أن تحُ دث‬ ‫تقدما هائال ف������ي أبحاث الدماغ ‪ -‬كان من حيث املبدأ متاحا‬ ‫حتى قبل أن يتفوه <كريك> بذلك‪ .‬ومع هذا‪ ،‬فقد استغرق األمر‬ ‫أكثر من ‪ 30‬عاما حتى اس������تطعنا جتمي������ع املفاهيم في تقانة‬ ‫جديدة هي الوراثيات الضوئية‪.‬‬ ‫والوراثي������ات الضوئية ه������ي توليفة من عل������م الوراثة وعلم‬ ‫الضوء تهدف إلى التحكم بوقائع محددة حتدث في نوع معني‬ ‫من خاليا النس������يج احلي (وليس النسيج العصبي وحسب)‪.‬‬ ‫وتتضمن الوراثيات الضوئية عمليتني‪ :‬إحداهما هي اكتشاف‬ ‫اخلالي������ا الت������ي حتت������وي على اجلين������ات التي متن������ح إمكانية‬ ‫االس������تجابة للضوء‪ ،‬واألخرى هي غرس هذه اجلينات في تلك‬ ‫اخلاليا‪ .‬كما أنها تتضمن أيضا التقانة املساعدة على إيصال‬ ‫الض������وء إلى داخل الدماغ‪ ،‬فتوجيه������ه بالطريقة التي يؤثر بها‬ ‫في اجلينات واخلاليا املس������تهدفة‪ ،‬وم������ن ثم قياس جتليات أو‬ ‫آثار ه������ذا التحكم الضوئي‪ .‬وما يثير حم������اس علماء اجلهاز‬ ‫العصب������ي حيال الوراثيات الضوئية هو ما تقدمه لنا من قدرة‬ ‫على التحكم بأح������داث معينة داخل أنواع محددة من اخلاليا‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪41‬‬


‫وضمن أطر زمنية معينة‪ ،‬األمر الذي يعني أننا نعمل هنا على‬ ‫مستوى من الدقة‪ ،‬ليس فقط غير مسبوق‪ ،‬وإمنا على األرجح‬ ‫ال غنى عنه لفهم علم األحياء‪.‬‬ ‫ال ميكنن������ا أن نفهم أهمية أي حدث من األحداث التي تقع‬ ‫في خلية ما إ ّال في سياق األحداث األخرى التي يشهدها باقي‬ ‫النس������يج املجاور‪ ،‬أو املتعضي بكامله‪ ،‬أو حتى احمليط البيئي‬ ‫ثوان قليلة في‬ ‫األوس������ع‪ ،‬إذ إن تبدال بس������يطا ال يتجاوز مي ّلي ٍ‬ ‫توقيت اإلضرام العصبوني‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬ميكن أن ينجم‬ ‫عن������ه أحيانا انع������كاس تام في تأثير اإلش������ارة العصبونية في‬ ‫باقي اجلهاز العصبي‪ .‬إن آالف الباحثني يس������تخدمون اليوم‬ ‫الوراثيات الضوئية ببراعة ملعرفة كيف تتولد وظائف األعضاء‬ ‫املعقدة ويتولد الس������لوك من‬ ‫أمن������اط معينة من النش������اط‬ ‫وما يثير اهتمام‬ ‫الذي يحدث ف������ي مجموعة‬ ‫علماء اجلهاز‬ ‫منتخبة من العصبونات عند‬ ‫العصبي بالوراثيات الديدان والذباب واألسماك‬ ‫الضوئية هو‬ ‫والطيور والفئران واجلرذان‬ ‫والق������ردة‪ .‬وقد متخض عن‬ ‫في املقام األول‬ ‫هذه األبحاث‪ ،‬بالفعل‪ ،‬قدر‬ ‫ما تقدمه لنا من‬ ‫مه������م من االس������تبصار في‬ ‫قدرة على التحكم‬ ‫املشكالت اإلنس������انية‪ ،‬مبا‬ ‫فيها االكتئاب واضطرابات‬ ‫بأحداث معينة‬ ‫داخل أنواع محددة الن������وم وداء پاركنس������ون‬ ‫والفصام‪.‬‬

‫من اخلاليا وضمن‬ ‫أطر زمنية معينة‪.‬‬

‫إسقاط الضوء‬ ‫( )‬ ‫على احلياة‬ ‫إن اس������تعمال الضوء للتداخل في النظ������م احلية هو أحد‬ ‫التقاليد املعروفة في البيولوجيا‪ ،‬فالباحثون يس������تخدمون منذ‬ ‫وقت طويل طريق������ة تعتمد على الضوء تُدع������ى «كالي» ‪CALI‬‬ ‫له������دم ومن ث������م لتثبيط بروتين������ات ُمختارة‪ ،‬كما يس������تخدمون‬ ‫أيض������ا الليزر لتقويض خاليا معينة في دودة كينورابدايتس‬ ‫إليگان���س ‪ ،Caenorhabditis elegans‬مثال‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬حدثنا‬ ‫<‪ .L .R‬ف������ورك> [من مختبرات بيل ‪ ]Bell‬في س������بعينات القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬و<‪ .R‬يوست> [من جامعة كولومبيا] في سنة ‪،2002‬‬ ‫عن طرق تستخدم الليزر لتنبيه العصبونات من خالل متزيقها‬ ‫لبعض أجزاء األغش������ية اخللوية‪ .‬أما في العقد األخير‪ ،‬قامت‬ ‫مختب������رات أخرى باس������تخدام نظم متع������ددة املك ِّونات لتعديل‬ ‫اخلاليا املس������تهدفة بواس������طة الضوء‪ .‬ومن ه������ذه املختبرات‪:‬‬ ‫مختب������ر <‪ .G‬ميزنب������وك> من مرك������ز الس������رطان ميموريال –‬ ‫‪42‬‬

‫سلون ‪ -‬كاتارنگ‪ ،‬ومختبرات <‪ .E‬إيزاكوف> و<‪ .H .R‬كرمير‬ ‫و<‪ .D‬ترون������ر> في جامعة كاليفورنيا ‪ -‬بيركلي‪ .‬وقد ق ّدم هؤالء‬ ‫الباحثون – مثال – طريقة ُيستخدم فيها أحد البروتينات التي‬ ‫تق������وم بتنظيم العصبونات وإحدى امل������واد الكيميائية التي من‬ ‫شأنها أن تدفع هذا البروتني إلى العمل إثر تعريضه ملنبه من‬ ‫الضوء فوق البنفسجى‪.‬‬ ‫إ ّال أن هدم البروتينات أو اخلاليا املستهدفة يفرض بالتأكيد‬ ‫قي������ودا على خيارات الباحث التجريبي������ة‪ ،‬فالطرق التي تعتمد‬ ‫عل������ى الن ُ​ُّظم املتعددة املك ِّونات‪ ،‬مع أناقته������ا وفائدتها‪ ،‬تنطوي‬ ‫على حتديات عملية‪ ،‬إضافة إلى أنها ليس������ت قابلة للتطبيق أو‬ ‫االس������تعمال على نطاق واسع عند الثدييات‪ ،‬األمر الذي يعني‬ ‫أن������ه كان ال بد من حدوث حتول جذري باجتاه اس������تراتيجية‬ ‫الن ُ​ُّظ������م ذات املك ِّون الواحد‪ .‬وحينما حدث هذا التحول لم تكن‬ ‫اس������تراتيجية نظام املك ِّون الواحد قادرة على استغالل أجزاء‬ ‫أو طرق مستمدة من مناهج سابقة لتبنى عليها‪ ،‬بل عمدت بدال‬ ‫من ذلك إلى استثمار البروتينات ك ّلية الوظائف التي يتم تفعيلها‬ ‫بالضوء واس������تخالصها من ميكروبات باكتيريورودوپس���ي��ن‪،‬‬ ‫وهالورودوپسني‪ ،‬وتشانيل رودوپسني‪.‬‬ ‫وبع������د أن أصبحت باكتيريورودوپس���ي��ن وهالورودوپس���ي��ن‬ ‫معروفة في مج������ال البحث العلمي‪ ،‬قام معهد <كازوزا> ألبحاث‬ ‫الدن���ا ‪ DNA‬ف������ي اليابان عام ‪ 2000‬بنش������ر آالف من املتواليات‬ ‫اجليني������ة اجلدي������دة اخلاص������ة بطحال���ب الكالميدومون���اس‬ ‫رينه���اردي اخلضراء ‪green algae Chlamydomonas reinhardtii‬‬ ‫عل������ى اإلنترنت‪ .‬وأثن������اء قيام <‪ .P‬هاگيمان> ‪ -‬ال������ذي كان يعمل‬ ‫آن������ذاك في جامع������ة ريگينزب������ورگ ببرلني‪ ،‬وهو ال������ذي كان قد‬ ‫تنبأ ب������أن الكالميدوموناس ميكن أن تك������ون لديها قناة أيونية‬ ‫ضوئي���ة التفعي���ل ‪ – light-activated ion channel‬مبراجعة تلك‬ ‫املتواليات اجلينية استرعت انتباهه متواليتان طويلتان شبيهتان‬ ‫بالباكتيريورودوپس���ي��ن‪ .‬وبع������د حصوله على نس������ختني منهما‪،‬‬ ‫طلب إلى <‪ .G‬ناگل> [باحث رئيس������ي ف������ي فرانكفورت في ذلك‬ ‫احلني] أن يقوم باختبارهما ملعرفة هل كانتا متثالن – بالفعل ‪-‬‬ ‫كودين ‪ codes‬لقنوات أيونية‪ .‬قام <هاگيمان> و<ناگل> بتوصيف‬ ‫م������ا توصال إليه من نتائج بهذا الش������أن في س������نة ‪ .2002‬ويفيد‬ ‫توصيفهما هذا بأن إحدى هاتني املتواليتني تُك ِّود قناة غش������ائية‬ ‫أحادية البروتني حساس������ة للض������وء األزرق؛ أي إن ارتطام هذا‬ ‫البروتني‪ ،‬الذي أطلق عليه فيما بعد اسم (تشانيل رودوپسني‪)1-‬‬ ‫أو (‪ ،)ChR1‬بالفوتونات الزرق������اء يدفعه إلى القيام بنظم جريان‬ ‫األيونات ذات الش������حنة اإليجابية‪ .‬وفي الس������نوات الالحقة تابع‬ ‫>‬

‫( ) ‪CASTING LIGHT ON LIFE‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫علم األحياء املجهرية (امليكروبيولوجيا)‬

‫األصول املتواضعة للبروتينات احلساسة للضوء‬

‫( )‬

‫بع���ض أن���واع الطحال���ب واجلراثيم األخ���رى تعتمد من أج���ل احلفاظ على‬ ‫حياته���ا اعتم���ادا كلي���ا عل���ى البروتين���ات املعروف���ة ببروتينات األوپس�ي�ن‬ ‫التي تس���تجيب للض���وء املرئي‪ .‬وعندما تتعرض هذه القن���وات البروتينية‬ ‫للض���وء‪ ،‬فإنه���ا تق���وم بنظ���م جري���ان األيون���ات املش���حونة كهربائي���ا عب���ر‬ ‫األغش���ية اخللوي���ة‪ ،‬األم���ر الذي يمُ ّكن ه���ذه اخلاليا من اس���تخالص الطاقة‬

‫من البيئة التي تعيش فيها‪ .‬وميكن ملختلف أنواع األوپس���ينات أن تتباين‬ ‫في حساس���يتها للضوء وس���لوكها حياله‪ .‬وتش���كل جينات األوپس�ي�ن التي‬ ‫تق���وم بتركيب هذه البروتينات األس���اس الذي تقوم علي���ه تقانة الوراثيات‬ ‫الضوئي���ة التي يس���تخدمها علماء اجلهاز العصبي الي���وم للتحكم بنماذج‬ ‫نشاط العصبونات املستهدفة‪.‬‬

‫ميكروب‬

‫ڤولڤوكس كارتيري هو طحلب تربطه قرابة وثيقة‬ ‫بالكالميدوموناس ويتكون من مئات اخلاليا التي‬ ‫تعيش معا في مستعمرات كروية‪.‬‬

‫الكالميدوموناس رينهاردي هو طحلب وحيد‬ ‫اخللية متحرك مزوّ د بسوطني مينحانه القدرة‬ ‫على السباحة في املياه العذبة‪.‬‬

‫ناترونوموناس فاراعوني هو من العتائق‬ ‫البكتيرية التي ال تستطيع أن تعيش إ ّال في مياه‬ ‫ذات تركيز ملحي عال جدا‪.‬‬

‫موطن‬

‫تربة وجتمعات املياه العذبة في جميع أنحاء العالم‪.‬‬ ‫قناة‬

‫مستنقعات وبحيرات وبرك وحفر ممتلئة باملاء‪.‬‬

‫‪ 535‬نانومترا‬

‫طول املوجة‪ 470 :‬نانومترا‬

‫أيون الصوديوم‬

‫‪ 589‬نانومترا‬

‫أيون الصوديوم‬

‫تشانيل رودوپسني‪ )ChR2( 2-‬يسمح أليونات‬ ‫الصوديوم املوجبة بالعبور استجابة للضوء األزرق‪.‬‬

‫هالورودوپسني‬

‫‪ 589‬نانومترا‬

‫أيون الكلوريد‬

‫تشانيل رودوپسني (‪ )VChR1‬يستجيب لبعض‬ ‫موجات الضوءين األخضر واألصفر‪.‬‬

‫(‪)NpHR‬‬

‫بحيرات ملحية في مصر وكينيا حتتوي على نسبة‬ ‫عالية من الصودا‪.‬‬

‫تشانيل رودوپسني‬

‫هالورودوپسني (‪ )NpHR‬ينظم سريان أيونات‬ ‫الكلوريد السالب استجابة للضوء األصفر‪.‬‬

‫تشانيل‬

‫(‪)VChR1‬‬

‫رودوپسني‪)ChR2( 2-‬‬

‫االستجابة املرتبطة بالضوء‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪650‬‬

‫‪600‬‬

‫‪550‬‬

‫طول املوجة (نانومتر)‬

‫‪500‬‬

‫‪450‬‬

‫‪400‬‬

‫( ) ‪The Humble Origins of Light-Sensitive Proteins‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪43‬‬


‫إجراءات‬

‫حتضير العصبونات لالستجابة إلى الضوء‬

‫( )‬

‫إلجراء دراسات الوراثة الضوئية يقوم علماء اجلهاز العصبي بإدخال جينات‬ ‫األوپس�ي�ن إلى خاليا الدماغ بواسطة ڤيروس���ات َمهندسة‪ ،‬بحيث يصبحون‬ ‫قادري���ن بعدئ���ذ عل���ى ح���ث النش���اط العصب���ي بومضات م���ن الضوء حني‬ ‫يشاؤون‪ ،‬ثم مراقبة آثار ذلك في سلوك حيوانات التجارب‪.‬‬ ‫ڤيروس‬

‫جني األوپسني‬

‫معزز‬

‫يتم غرس اجلني املُعدّل في ڤيروس ما‪ ،‬ثم‬ ‫يُحقن هذا الڤيروس في دماغ أحد الفئران‪.‬‬

‫يقوم العلماء بضم جني األوپسني إلى عنصر يُدعى املعزز ‪ ،promoter‬وهو‬ ‫العنصر الذي ال يسمح لهذا اجلني بأن ينشط سوى في نوع معينّ من اخلاليا‪.‬‬

‫<هاگيم������ان> و<ناگل> وزمالؤهما‪ ،‬مب������ن فيهم <‪ .E‬بامبرگ> [من‬ ‫مدينة فرانكفورت] اس������تقصاء املتواليات األخرى‪ ،‬فاكتش������فوا‬ ‫بروتني تش������انيل رودوپس���ي��ن‪ 2-‬أو (‪ .)ChR2‬وبص������ورة متزامنة‬ ‫تقريبا‪ ،‬برهن <‪ .L .J‬سبوديت> على أن تلك اجلينات تؤدي دورا‬ ‫مهما في االس������تجابات املتعلقة بالضوء عند الكالميدوموناس‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإن اكتش������اف التشانيل رودوپسينات باعتبارها نوعا‬ ‫ثالثا من تلك البروتينات الناقلة‪ ،‬أحادية املكون وضوئية التفعيل‪،‬‬ ‫ل������م تكن لتت������م ترجمته فورا إلى ق������وة قادرة عل������ى دفع العلوم‬ ‫العصبية نحو األمام‪ ،‬أكثر مما فعله اكتشاف باكتيريورودوپسني‬ ‫وهالورودوپسني في العقود السابقة‪.‬‬ ‫وقد كش������ف لي بع������ض الباحث���ي��ن بأنهم كان������وا يفكرون‬ ‫ف������ي القيام بغرس جينات أوپس������ينية بكتيري������ة أو طحلبية في‬ ‫العصبون������ات ومحاولة التحكم عن طريق الضوء بهذه اخلاليا‬ ‫املعدل������ة‪ ،‬ولكنهم تخلوا عن هذه الفك������رة‪ .‬فاخلاليا احليوانية‪،‬‬ ‫على األرجح‪ ،‬ال تقوم بتش������غيل البروتينات اجلرثومية بطريقة‬ ‫فعال������ة أو آمنة‪ ،‬إضافة إل������ى أن هذه البروتين������ات هي فعليا‪،‬‬ ‫وبصورة مؤكدة‪ ،‬بطيئة وضعيفة إلى درجة ال تس������مح لها بأن‬ ‫تك������ون ف ّعالة كما يج������ب‪ .‬وهي‪ ،‬فوق ذل������ك‪ ،‬بحاجة إلى عامل‬ ‫إضاف������ي لكي تتمكن من أداء وظيفته������ا‪ ،‬وهو مركب ذو صلة‬ ‫بفيتامني ‪ُ A‬يدعى الريتينال املفروق من ش������أنه أن يس������اعدها‬ ‫على امتصاص الفوتون������ات‪ .‬لقد كانت املجازفة في هدر املال‬ ‫والوقت أكبر بكثير من أن تالقي القبول‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فقد كان حافز فريق أبحاث الهندسة البيولوجية‬ ‫الذي قمت بتشكيله في جامعة ستانفورد لالرتقاء بفهمنا للطب‬ ‫النفس������ي السريري أقوى من املتوقع‪ ،‬وهذا ما يبرر مجازفتنا‬ ‫‪44‬‬

‫الكبي������رة في أ ّال تتكلل مس������اعينا بالنجاح‪ .‬لقد ش������اهدت بأم‬ ‫عيني أثناء فترة تخصصي في الطب النفسي مكامن الضعف‬ ‫واآلثار اجلانبي������ة للمعاجلة الدوائية وغير الدوائية‪ ،‬كاملعاجلة‬ ‫بالصدمة الكهربائية ‪ electroconvulsive therapy‬على س������بيل‬ ‫املثال‪ ،‬وهذا ما أس������هم في دفعي إلى اتخاذ قراري احلاس������م‬ ‫بالعمل في جامعة س������تانفورد‪ ،‬حيث قمت سنة ‪ 2004‬بصفتي‬ ‫باحثا رئيس������ ّيا بتش������كيل فريق من طال َب ّي الدراس������ات العليا‬ ‫<‪ .E .S‬بويدن> و <‪ .F‬زانگ> ملجابهة هذا التحدي‪ .‬قمت بإدخال‬ ‫التش������انيل رودوپس���ي��ن‪ 2-‬في عصبونات الثديي������ات املزروعة‬ ‫باستخدام الطريقة املعروفة جيدا باسم التَعْ داء ‪،‎transfection‬‬ ‫وه������ي طريق������ة تقوم عل������ى تضفي���ر ‪ splicing‬جني التش������انيل‬ ‫رودوپـس������ـني‪ )ChR2( 2-‬مـع ن ــوع خ ــاص م ــن بدّالة التشغيل‬ ‫‪ on switch‬أو مع���زز ‪ ،promoter‬ثم غرس������هما معا في جينات‬ ‫ناقل (ڤيروس حمي������د‪ ،‬مثال) يقوم بإيصال هذه املادة اجلينية‬ ‫إل������ى داخل اخلاليا‪ ،‬حيث يضمن املع������زز أ ّال تقوم هذه املادة‬ ‫اجلينية باإلفصاح عن نفس������ها (أي أ ّال تقوم بصنع بروتينات‬ ‫األوپس���ي��ن املُكودة) س������وى في العصبونات املستهدفة (مثال‪،‬‬ ‫العصبونات التي تُفرز الناقل العصبي گلوتومات فقط)‪.‬‬ ‫وعلى خالف جميع التوقعات‪ ،‬سارت التجربة بنجاح كبير‬ ‫يدعو إلى الدهش������ة‪ ،‬واستطعنا باس������تخدام نبضات آمنة من‬ ‫الضوء املرئي التحكم على درجة عالية من الدقة (بامليلي ثانية)‬ ‫واجلدارة بالثقة بنماذج إضرام جهد الفعل الذي تطلقه اخلاليا؛‬ ‫وه������ي الومضات أو النبضات الڤلطي������ة التي متكن العصبون‬ ‫الواح������د من نقل املعلومات إلى عصبون آخر‪ .‬وقد قام فريقي‬ ‫( ) ‪Making Neurons React to Light‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫ألياف بصرية‬

‫عصبون‬ ‫عصبون‬ ‫قادر على‬ ‫االستجابة‬

‫يُعدي الڤيروس عددا من اخلاليا العصبية‪ ،‬ومع ذلك فإن املعزز ال يسمح‬ ‫بإنتاج بروتني األوپسني سوى في نوع واحد فقط من العصبونات‪.‬‬

‫مسابير َّ‬ ‫مكونة من األلياف البصرية تكون قادرة بعد غرسها في دماغ احليوان على‬ ‫إرسال وميض ضوئي إلى الدماغ للتحكم بنماذج معينة من النشاط العصبي‪.‬‬

‫في الش������هر ‪ 2005/8‬بنش������ر أول تقرير ع������ن عملية غرس جني‬ ‫أوپس������يني جرثومي واحد في عصبونات الثدييات وجعل هذه‬ ‫اخلاليا تستجيب للضوء بحساسية عالية‪ .‬وقد تبني لنا بالدليل‬ ‫أن التش������انيل رودوپس������ينات (والحقا الباكتيريورودوپسني‪،‬‬ ‫املع������روف من������ذ ع������ام ‪ ،1971‬والهالورودوپس���ي��ن أيضا) كلها‬ ‫قادرة على تفعيل اس������تجابة‬ ‫العصبون������ات للض������وء أو ما كان يبرر‬ ‫تثبيطها بصورة ف ّعالة وآمنة‪ .‬مجازفتنا الكبيرة‬ ‫كم������ا تبني لنا أيض������ا أن هذه‬ ‫القدرة تعود – في جزء منها في الفشل هو‬ ‫على أقل تقدي������ر ‪ -‬إلى الهبة حافزنا القوي‬ ‫غي������ر املتوقعة الت������ي أغدقتها لتحسني قدرتنا‬ ‫الطبيعة على أنسجة الثدييات‬ ‫بجعلها متتلك تلقائيا مقادير على فهم الطب‬ ‫ثابتة من الريتين������ال املفروق؛ النفسي السريري‪.‬‬ ‫العام������ل الكيميائي املس������اعد‬ ‫الذي حتتاج إليه الفوتونات وال تس������تطيع تفعيل األوپس������ينات‬ ‫اجلرثومية من دونه‪ ،‬األمر الذي يش������ير إلى أننا لسنا بحاجة‬ ‫إل������ى أكث������ر من نقل جني األوپس���ي��ن إلى داخ������ل العصبونات‬ ‫املستهدفة‪.‬‬ ‫قمت‬ ‫وبعد ظه������ور تقريرنا األول عام ‪ 2005‬بس������نة واحدة ُ‬ ‫مع زميلي <‪ .M‬ش������نيتزر> [من جامعة ستانفورد] بنشر مقالة‬ ‫مراجعة ‪ review paper‬أطلقنا فيها اسم «الوراثيات الضوئية»‬ ‫عل������ى الطريقة املذكورة آنفا‪ .‬وقد قام عدد كبير من املختبرات‬ ‫في جميع أنحاء العالم منذ ذلك احلني بإجراء األبحاث استنادا‬

‫إلى هذه الطريقة واس������تخدام صيغ مختلفة للجينات التي قام‬ ‫فريقي بتركيبها بصورة تسمح لها بالعمل في خاليا الثدييات‬ ‫على الوجه األمثل‪ .‬وإذا أحصينا املختبرات التي أرسلنا إليها‬ ‫هذه اجلينات حتى اآلن‪ ،‬ف������إن عددها يبلغ ‪ 700‬مختبر تقريبا‬ ‫في جميع أنحاء العالم‪.‬‬ ‫إدخال حتسينات على الطبيعة‬

‫( )‬

‫تشهد وس������ائل الوراثيات البصرية منوا سريعا من حيث‬ ‫عددها وتنوع قدراتها‪ ،‬وذلك بس������بب التقارب املدهش بني علم‬ ‫البيئة والهندس������ة‪ .‬وتنصب جهود الباحث���ي��ن اليوم على إثراء‬ ‫خزينة أدواتهم البحثية عبر التنقيب في عالم الطبيعة بحثا عن‬ ‫أدوات جديدة‪ ،‬وأيضا من خالل استغاللهم لتطبيقات الهندسة‬ ‫اجلزيئية وإدخال حتسينات على األوپسينات املعروفة جلعلها‬ ‫أكثر صالحية لالستخدام في طيف أوسع من التجارب‪ ،‬وعند‬ ‫عدد أكبر من املتعضيات‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2008‬على سبيل املثال‪ ،‬أدت استقصاءاتنا جلينوم‬ ‫‪ genome‬ن������وع آخر من الطحالب‪ ،‬ڤولڤوكس كارتيري ‪Volvox‬‬ ‫‪ ،carteri‬التي أجريناها بقيادة <‪ .F‬زانگون> إلى اكتش������اف نوع‬ ‫ثالث من التش������انيل رودوپس������ينات (‪ )VChR1‬يستجيب للضوء‬ ‫األصفر بدال من الضوء األزرق الذي س������بق ذكره في س������ياق‬ ‫احلديث عن <هاگيمان>‪ .‬وبفضل اس������تخدام هذا النوع اجلديد‬ ‫من التش������انيل رودوپس������ينات (‪ )VChR1‬ونوعي������ه اآلخرين معا‬ ‫أصبحن������ا قادرين على التحكم بخلي������ط من التجمعات اخللوية‪،‬‬ ‫( ) ‪IMPROVING ON NATURE‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪45‬‬


‫ممتلكات جزيئية‬

‫عُ دة متزايدة من اجلينات املفيدة‬

‫( )‬

‫تتمتع باخلصائص املطلوبة من شأنه أن ميكن العلماء من إيجاد حلول لأللغاز‬ ‫البيولوجي����ة ع����ن طريق إجراء جتارب ل����م تكن ممكنة في املاضي‪ .‬ونس����تعرض‬ ‫فيما يلي مجموعة من أصناف األوپسينات الق ّيمة وطرق استخدامها‪.‬‬

‫يتابع الباحثون جهودهم الرامية إلى حتسني كفاءات الوراثيات الضوئية عبر‬ ‫التالعب بجينات األوپسينات املعروفة والتنقيب في عالم الطبيعة عن بروتينات‬ ‫جدي����دة قادرة على االس����تجابة للضوء‪ ،‬إذ إن احلصول على أوپس����ينات جديدة‬

‫احلساسية لطول املوجة‬

‫االستخدامات‬

‫أوپسني‬

‫مصدر امليكروب‬

‫‪ 470‬نانومترا (احلد‬ ‫األقصى للتفعيل)‬

‫من أجل تفعيل أو إيقاف عمل سريع لإلضرام العصبونى بدقة امليلي‬ ‫ثانية‪ ،‬تصل إلى ‪ 200‬مرة في الثانية‬

‫أوپسينات الوظيفة‬ ‫التدريجية‬ ‫(طافرات تشانيل‬ ‫رودوپسني (‪)ChR2‬‬ ‫املتناهية البطء)‬

‫طحالب الكالميدوموناس‬ ‫رينهاردي‬

‫‪ 470‬نانومترا للتشغيل؛‬ ‫و‪ 546‬نانومترا إليقاف‬ ‫عمل بعض الطافرات‬

‫إلدخال اخلاليا في حالة استثارة أو إخراجها منها من خالل‬ ‫تعريضها ملدة قصيرة فقط لومضات من الضوء‪ .‬وبسبب حساسية‬ ‫هذه اخلاليا للضوء‪ ،‬ميكن استغاللها في التجارب التي تتطلب‬ ‫اختراق الضوء لطبقات سميكة من األنسجة (كما هو احلال في‬ ‫أدمغة الثدييات)‬

‫تشانيل رودوپسني‬

‫طحلب ڤولڤوكس كارتيري‬

‫‪ 535‬و‪ 589‬نانومترا‬

‫لتفعيل اإلضرام العصبي‪ ،‬ميكن استخدام (‪ )VChR1‬و (‪ )Chr2‬معا للتحكم‬ ‫بإضرام خليط من جتمعات عصبونية بصورة متزامنة ومنفصلة (أي‬ ‫ال يعتمد النوع الواحد من العصبونات على النوع اآلخر)‪ ،‬حيث إن‬ ‫األوپسني (‪ )VChR1‬يستجيب للضوء األصفر و (‪ )Chr2‬للضوء األزرق‪.‬‬

‫مستقبالت أپتو‪ .‬إكس‪.‬‬ ‫آر‪ .‬إس‬

‫تركيب مبني على‬ ‫الرودوپسني واملستقبالت‬ ‫املقترنة بالبروتني ‪G‬‬

‫‪ 500‬نانومتر‬

‫للتحكم السريع واخلاص بنوع معني من اخلاليا عبر السبل‬ ‫البيوكيميائية وليس عبر اإلشعارات الكهربائية للخاليا املستهدفة‪.‬‬ ‫وميكن استخدامه فى حيوانات التجارب التي تتحرك بحرية‪.‬‬

‫طافرات تشانيل رودوپسني طحالب الكالميدوموناس‬ ‫فائقة السرعة (‪)ChR2‬‬ ‫رينهاردي‬

‫(‪)VChR1‬‬

‫فالض������وء األصفر يقوم بنظم جزء من هذا اخلليط اخللوي على‬ ‫نحو معني‪ ،‬ف������ي حني أن الضوء األزرق يق������وم بإصدار أوامر‬ ‫مختلفة وجلزء آخ������ر من تلك التجمعات‪ .‬وقد وجدنا مؤخرا أن‬ ‫أكثر التش������انيل رودوپسينات فعالية هو في حقيقة األمر هجني‬ ‫من النوع الثال������ث (‪ ،)VChR1‬والن������وع األول (‪ )ChR1‬ال يدخل‬ ‫الن������وع الثان������ي (‪ )ChR2‬في تركيبه بتاتا‪ .‬أما م������ا قمنا بتعديله‬ ‫من أنواع التش������انيل رودوپس������ينات األخرى (وهي من ابتداع‬ ‫>‪ .O‬إزه������ار> و >‪ .L‬فينو> و >‪ .L‬گانادي������ن> و<هيگمان> وطلبته)‪،‬‬ ‫فيش������مل في الوقت احلالي طفرات تشانيل رودوپسني الفائقة‬ ‫السرعة من جهة واملتناهية البطء من جهة أخرى‪ ،‬وهي طفرات‬ ‫تُبدي ق������درة عالية على التحكم بتوقيت جه������ود الفعل ومددها‬ ‫الزمنية‪ .‬وفي حني أن النوع األول (الفائق الس������رعة) يحث على‬ ‫انبع������اث أكثر من ‪ 200‬جهد فعل في الثانية الواحدة‪ ،‬فإن النوع‬ ‫الثان������ي (املتناهي البطء) يدفع اخلاليا بفع������ل دفقة واحدة من‬ ‫الضوء إلى الدخول في حاالت مس������تقرة من القابلية لالستثارة‬ ‫أو إلى اخلروج منها‪ .‬إن أحدث ما منلكه حاليا من األوپسينات‬ ‫هو ذاك الذي يس������تجيب أيضا للضوء األحمر الداكن املجاور‬ ‫لألش������عة حتت احلمراء الذي يبقى متمركزا بوضوح‪ ،‬ويخترق‬ ‫األنسجة بسهولة و ُيسر‪ ،‬ويتم حتمله بجرعة عالية‪.‬‬ ‫وقد جنحت الهندس������ة اجلزيئية في توس������يع دائ������رة التحكم‬ ‫الوراث������ي الضوئي متعدية الس������لوك الكهربائي للخاليا لتش������مل‬ ‫‪46‬‬

‫كيميائيتها احليوية‪ ،‬فجزء كبير من األدوية الطبية املعتمدة يؤثر في‬ ‫عائلة من بروتينات غشاء اخللية من صنف املستقبالت املقترنة‬ ‫بالبروت�ي�ن‪ ،G-protein-coupled receptors G-‬وه������ي بروتين������ات‬ ‫تتحسس اإلش������ارات الكيميائية خارج اخللوية‪ ،‬مثل اإلبينفرين‪،‬‬ ‫وتستجيب للتغيرات التي تطرأ على مستويات اإلشارات الكيميائية‬ ‫داخل اخللوية‪ ،‬كأيونات الكالس������يوم مث���ل��ا‪ ،‬ومن ثم للتبدالت في‬ ‫نش������اط اخلاليا‪ .‬وقد جنح <‪ .D .R‬إيران> وآخ������رون في مختبري‬ ‫في تطوير مجموعة من املس������تقبالت املعروفة باس������م أپتو إكس‪.‬‬ ‫آر‪ .‬إس (‪ )opto XRs‬التي تس������تجيب بس������رعة للضوء األخضر‪،‬‬ ‫وذل������ك من خالل إضافة القطاع احلس������اس للض������وء من جزيء‬ ‫الرودوپسني إلى املس������تقبالت املقترنة بالبروتني‪ .G-‬فعندما تقوم‬ ‫الڤيروسات بإدخال املركبات اجلينية اخلاصة باألپتو إكس‪ .‬آر‪.‬‬ ‫إس إلى أدمغة قوارض املختبر‪ ،‬فإن املستقبالت ‪ opto XRs‬تزودنا‬ ‫بوس������يلة حتكم باألحداث الكيميائية احليوية في هذه احليوانات‬ ‫وه������ي تتحرك بحرية داخل قفصها‪ .‬واس������تنادا إلى ما مت ذكره‪،‬‬ ‫فقد أضحى التحكم الضوئي الس������ريع ببعض السبل الكيميائية‬ ‫احليوية داخل نوع معني من اخلاليا أمرا ممكنا‪ ،‬سواء بحاويات‬ ‫املختب������رات أو لدى الثدييات الطليقة‪ .‬إن ه������ذا التحكم بالكيمياء‬ ‫احليوي������ة يفتح الباب أمام الوراثي������ات الضوئية للدخول من حيث‬ ‫املبدأ إلى أية خلية وأي نسيج في عالم علم األحياء‪.‬‬ ‫( ) ‪An Expanding Tool Kit of Useful Genes‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫أخالقيات‬

‫هل تشكل الوراثيات الضوئية حتديا لألخالقيات ‪ethics‬؟‬

‫( )‬

‫انضمت الوراثيات الضوئية إلى صفوف‬ ‫التقنيات املعدلة للدماغ‪ ،‬مثل األدوية املؤثرة‬ ‫نفس������يا والتدخ���ل��ات اجلراحية الت������ي تثير‬ ‫تس������اؤالت أخالقية وفلسفية بسبب مفعولها‬ ‫الق������وي‪ .‬غير أن الوراثي������ات الضوئية ‪ -‬إذا‬ ‫ما نظرن������ا إلى أحد جوانبها عن كثب – هي‬ ‫في حقيق������ة األمر أكثر أمنا وأقل اش������تباكا‬ ‫مع االعتب������ارات األخالقية مقارن������ة بالطرق‬ ‫التي تقوم عل������ى االس������تراتيجيات القدمية‪.‬‬ ‫فاإلمكان������ات املتزايدة للوراثي������ات الضوئية‬ ‫وطبيعته������ا االنتقائي������ة تس������ير ي������دا بيد مع‬ ‫تعقيده������ا التقني؛ فال ميكن اس������تخدام هذه‬ ‫الطريق������ة لدى املرض������ى – عمليا ‪ -‬من دون‬ ‫موافقتهم ومعرفتهم‪.‬‬ ‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬فقد انبثقت مسائل أكثر‬ ‫مراوغ������ة (ورمبا أكثر أهمي������ة) بخصوص ما‬ ‫تتمتع به الوراثي������ات الضوئية من دقة عالية‪.‬‬

‫وفي مس������توى من املس������تويات‪ ،‬تنبثق جميع‬ ‫مظاه������ر ش������خصياتنا وأولوياتن������ا وقدراتنا‬ ‫وانفعاالتن������ا وذكرياتنا من وقائ������ع كهربائية‬ ‫وكيميائية حيوية حتدث في مجموعات معينة‬ ‫من العصبونات وفق من������اذج زمنية محددة‪.‬‬ ‫ومن ش������أن التحك������م باملكونات األساس������ية‬ ‫للعقل أن يثير جملة من األس������ئلة والتحديات‬ ‫الفلسفية بدءا بالسؤال املتعلق مببررات هذه‬ ‫التعديالت وهل هي مناسبة أم ال وصوال إلى‬ ‫أس������ئلة أكثر جتريدا ع������ن اجلوهر احلقيقي‬ ‫للذات واإلرادة وقابليتهما للتعديل‪.‬‬ ‫أم������ا التدخالت العصبية التي تس������تند إلى‬ ‫اجلراح������ة أو األدوي������ة أو املس������اري الكهربية‬ ‫فقد كانت تفتق������ر إلى الدقة على مدى تطورها‬ ‫التاريخي‪ ،‬مما جعل تلك القضايا الفلس������فية‬ ‫املهمة تدور في أطرها النظرية وليست العملية؛‬ ‫فهي لم حتظ باهتمام اختصاصي علم األخالق‬

‫إنّ الكثير من جينات األوپس���ي��ن الطبيعي������ة التي يتم العمل‬ ‫حاليا على اكتشافها في اجلينومات اجلرثومية تُك ّود بروتينات‬ ‫ال تس������تطيع خاليا الثدييات تصنيعها بصورة ج ّيدة‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫فق������د قام������ت <‪ .V‬گرادينارو> [من مجموعت������ي] بتطوير عدد من‬ ‫اس������تراتيجيات االس������تخدام العام لتحس���ي��ن طرق إيصال هذه‬ ‫اجلينات وحتس���ي��ن قدرتها التعبيري������ة‪ ،‬وأبرز مثال على ذلك هو‬ ‫َح ْز ُم اجلينات األوپسينية مع أجزاء من الدنا تكون مبنزلة الرموز‬ ‫البريدية التي تضمن وصول اجلينات إلى املكان الصحيح داخل‬ ‫خاليا الثدييات ومن ثم ترجمتها إلى بروتينات ف ّعالة وظيفيا كما‬ ‫ينبغي‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد أصبح الباحثون قادرين ‪ -‬وبفضل‬ ‫األدوات املكونة من األلي������اف البصرية التي طورناها في عامي‬ ‫‪ 2006‬و ‪ - 2007‬عل������ى إيص������ال الضوء ال���ل��ازم للتحكم اجليني‬ ‫الضوئي إلى أية منطقة من مناطق الدماغ الس������طحية والعميقة‬ ‫لدى الثدييات التي تتحرك بحرية‪ .‬ومن أجل أن تتسنى لنا قراءة‬ ‫اإلشارات الكهربائية الديناميكية التي يستثيرها التحكم الوراثي‬ ‫الضوئي قراءة متزامنة‪ ،‬قمنا بتطوير أدوات قياس بوحدة امليلي‬ ‫ثانية حتتوي على خليط متكامل من األلياف البصرية واملساري‬ ‫الكهربية (وأطلقنا عليها اسم املساري البصرية ‪.)optrodes‬‬ ‫م������ا ينبثق ع������ن ذلك هو ت������آزر جميل بني التنبي������ه الضوئي‬ ‫والتس������جيل الكهربائي نظرا ألن االثنني ميكن إعدادهما بحيث‬ ‫ال يتداخل أحدهما في اآلخر‪ .‬وقد أصبح بإمكاننا اليوم‪ ،‬مثال‪،‬‬ ‫أن نراقب التبدالت التي تطرأ على النش������اط الكهربائي للدارات‬

‫وال باهتمام القوانني إ ّال بصورة جزئية‪.‬‬ ‫وليست تساؤالت كهذه بغريبة عن الطبيب‬ ‫النفس������ي‪ ،‬فنحن نس������تخدم قدراتن������ا الطبية‬ ‫احلالية للتأثير في االنفعاالت البشرية‪ ،‬وفي‬ ‫التشييد النفسي للواقع‪.‬‬ ‫إ ّال أن الزمن يتغير‪ ،‬كما بينت لنا الوراثيات‬ ‫الضوئي������ة وس������رعة تطوره������ا املذهل������ة التي‬ ‫شهدناها في السنوات القليلة املاضية‪ .‬ولكننا‬ ‫لن نس������تطيع حتقيق قفزات نوعية في حتسني‬ ‫الدق������ة اخللوية والزمنية لتدخالتنا مبعزل عن‬ ‫االهتمام اجلاد واملتواصل للمجتمع كما نفعل‬ ‫حيال التقانات املتقدمة األخرى‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬عل������ى علم������اء اجله������از العصبي أن‬ ‫يكونوا مستعدين لتزويد رجل الشارع املهتم‬ ‫بإيضاحات دقيقة عم������ا تعنيه (وما ال تعنيه)‬ ‫التج������ارب الوراثية الضوئي������ة لفهمنا للعقل‬ ‫البشري ومعاجلته‪.‬‬

‫العصبية املشاركة في نظم الوظيفة احلركية‪ ،‬مباشرة وبصورة‬ ‫متزامنة مع اللحظ������ة التي نقوم فيها بعملي������ة التحكم الضوئي‬ ‫بتل������ك الدارات املزودة باألوپس������ينات اجلرثومية‪ .‬وكلما تزايدت‬ ‫املدخ���ل��ات الوراثية الضوئية إلى ال������دارات العصبية وأصبحت‬ ‫مخرجاته������ا الكهربائية أكثر تعقيدا وغ������زارة‪ ،‬أصبح مبقدورنا‬ ‫التحرك باجتاه الهندس������ة العكسية ملجموعة الدارات العصبية؛‬ ‫وسوف نكون قادرين على استخالص الدالئل املتعلقة بالوظائف‬ ‫احلوس������بية واملعلوماتية للدارات العصبي������ة انطالقا من فهمنا‬ ‫للكيفية التي تقوم بها هذه الدارات بتحويل إشاراتنا‪ .‬فالهندسة‬ ‫العكسية للدارات العصبية السليمة سوف متنحنا فرصا ذهبية‬ ‫لتحديد اخلصائص واألنشطة التى تضطرب فى حالة األمراض‬ ‫النفسية والعصبية‪ .‬وسوف تساعدنا هذه املعارف بدورها على‬ ‫تركيز جهودنا في االجتاه املؤدي إلى اكتش������اف تدخالت قادرة‬ ‫على إعادة احلالة الطبيعية لتلك الدارات‪.‬‬ ‫هندسة عكسية للعقل‬

‫( )‬

‫تتزايد أهمية الوراثيات الضوئية بوتيرة س������ريعة باعتبارها‬ ‫وس������يلة من الوس������ائل البحثية‪ ،‬وبوجه خ������اص‪ ،‬لكونها تترابط‬ ‫بالتقانات األخرى‪ .‬وقد حققت العلوم العصبية في الس������نوات‬ ‫( ) ?‪Does Optogenetics Challenge Ethics‬‬ ‫( ) ‪REVERSE-ENGINEERING THE MIND‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪47‬‬


‫القليل������ة املاضية إجنازات مهمة في مجال املس������ح التصويري‬ ‫للدماغ باس������تخدام طريقة تُدعى التصوي���ر الوظيفي بالرنني‬ ‫املغنطيس���ي (‪ .)1()fMRI‬ويت������م تقدمي هذه الطريقة من املس������ح‬ ‫التصويري عادة بصفتها وس������يلة تزودنا بخرائط تفصيلية عن‬ ‫النش������اط العصبي الذي ُيظهِ ر استجابة ملنبهات متعددة مع أنه‬ ‫بتعبير أدق ف������إن التصوير الوظيف������ي ‪ fMRI‬ال ُيطلعنا إ ّال على‬ ‫تقلبات مستوى أكسجني الدم في مناطق الدماغ املختلفة‪ ،‬وهي‬ ‫تقلبات تظهر بالنيابة عن النشاط العصبي الفعلي‪ ،‬ليس إ ّال‪.‬‬ ‫لهذا الس������بب‪ ،‬فإن الس������ؤال املتعلق بإمكانية إطالق هذه‬ ‫اإلشارات املركبة من خالل زيادة النشاط العصبي االستثاري‪،‬‬ ‫م������ازال مدعاة للش������ك املضني‪ .‬ومن جانب آخ������ر فقد أجرى‬ ‫مختبرنا في الش������هر ‪ 2010/5‬اختبارا اس������تُخدمت فيه توليفة‬ ‫من الوراثي������ات الضوئية والتصوير الوظيفي ‪ fMRI‬للتأكد من‬ ‫أن إضرام العصبونات االستثاري احمللي كاف متاما إلطالق‬ ‫اإلشارات املركبة التي يكتشفها املرنان الوظيفي‪ .‬إضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد تب���ي��ن لنا أن مزاوجة الوراثي������ات الضوئية واملرنان‬ ‫الوظيفي قادرة على ترس������يم الدارات العصبية الوظيفية بدقة‬ ‫عالية وبصورة كاملة لم نخبرهما سابقا‪ ،‬ال عن طريق املساري‬ ‫الكهربية‪ ،‬وال من خالل التدخالت الدوائية‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫الوراثيات الضوئية تساعد على توثيق صحة األدبيات العلمية‬ ‫وحتسينها في مجالي العلوم العصبية والطب النفسي‪.‬‬ ‫لقد أخذنا نلمس بالفعل األثر املباشر الذي تركته الوراثيات‬ ‫الضوئية في املسائل املتعلقة باألمراض البشرية‪ ،‬وأبرز مثال‬ ‫على ذلك هو ما توصلنا إليه مؤخرا عبر تطبيقها على نوع معني‬ ‫من العصبونات (خاليا الهيپوكرتني) الواقعة في منطقة عميقة‬ ‫م������ن الدماغ واملعروفة من قب������ل بعالقتها مبرض من أمراض‬ ‫النوم ُيدعى ناركوليپس���ي ‪ .narcolepsy‬كما وجدنا أيضا أن‬ ‫ه������ذه العصبونات تولد مناذج معينة من النش������اط الكهربائي‬ ‫هي املس������ؤولة عن إحداث حالة اليقظ������ة‪ ،‬األمر الذي يعني أن‬ ‫اكتشاف وس������يلة قادرة على إحداث تلك النماذج من النشاط‬ ‫الكهربائ������ي ميكن أن يزودنا يوم������ا ما بطريقة عالجية جديدة‪.‬‬ ‫إ ّال أن األمر األكثر أهمية من ذلك هو االستبصار العلمي بأن‬ ‫أنواعا معينة من النشاط في أنواع معينة من اخلاليا ميكن أن‬ ‫تقود إلى أمناط من السلوك املركب‪.‬‬ ‫وال تقتصر الوراثيات الضوئية في عطاءاتها على ما سبق‬ ‫ذكره‪ ،‬بل هي تساعدنا أيضا على حتديد كيف ميكن أن تؤدي‬ ‫العصبونات املُص ِّنعة للدوپامني إلى انطالق املش������اعر املتعلقة‬ ‫باملكافأة واملتعة‪ .‬وقد قام فريقي – مستخدما تقنية الوراثيات‬ ‫الضوئي������ة ‪ -‬بإحداث نبضات من النش������اط ملدد زمنية مختلفة‬ ‫ف������ي مجموعة محددة بدقة من العصبون������ات الدوپامينية لدى‬ ‫‪48‬‬

‫فئ������ران حرة احلرك������ة‪ ،‬فتمكن من تعرف من������اذج التنبيه التي‬ ‫ميكن أن تكون مس������ؤولة عن إثارة الشعور باملكافأة لدى تلك‬ ‫احليوانات التي أخذت تفضل قضاء معظم وقتها في األمكنة‬ ‫الت������ي تعرضت فيه������ا إلى ذلك التنبيه املؤدي إلى نش������وء تلك‬ ‫النبضات من النش������اط في عصبوناتها الدوپامينية‪ ،‬علما بأن‬ ‫ه������ذه احليوانات لم تتلق أية تلميح������ات أو مكافآت تؤدي إلى‬ ‫اإلحس������اس باملكافأة لديها‪ .‬إن لهذه املعلوم������ات فوائد جمة‪،‬‬ ‫فهي تس������اعدنا على استخالص النشاط اخللوي الكامن وراء‬ ‫عملية املكافأة الطبيعية من جهة‪ ،‬واملسؤول من جهة أخرى عن‬ ‫االختالالت امل َ َرض ّية التي تتعرض لها منظومة املتعة مما يؤدي‬ ‫إلى االكتئاب وإلى اإلدمان‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إلى أن تقنية الوراثيات الضوئية أسهمت‪،‬‬ ‫إلى جانب ما ُذكر س������ابقا‪ ،‬في تعميق فهمنا لداء پاركنس������ون‬ ‫الذي يقوم على أرضي������ة اضطراب في معاجلة املعلومات في‬ ‫بعض دارات الدماغ املس������ ّيرة للوظيفة احلركية‪ .‬فتس������عينات‬ ‫الق������رن املاض������ي جلبت معه������ا ملرضى پاركنس������ون قدرا من‬ ‫العون متث������ل بطريقة عالجية جديدة اس������مها (تنبيه أعماق‬ ‫الدماغ ‪ ،)deep-brain stimulation‬وهي طريقة يقوم فيها جهاز‬ ‫مغروس شبيه بالناظمة ‪ pacemaker‬ببث تنبيهات كهربائية‬ ‫تذبذبي���ة ‪ oscillating electric stimuli‬محددة زمنيا بدقة بالغة‬ ‫يتم إرس������الها إلى مناطق تقع في عمق الدماغ‪ ،‬كالنواة حتت‬ ‫املهاد ‪ subthalamic nucleus‬على سبيل املثال‪.‬‬ ‫غير أن م������ا أطلقته ه������ذه الطريقة من وع������ود للمصابني بداء‬ ‫پاركنس������ون (ومجموع������ة منوعة من احل������االت املرضية‪ ،‬في واقع‬ ‫األمر) بقيت محدودة ألسباب تعود في جزء منها إلى أن املساري‬ ‫الكهربي������ة تق������وم بتنبيه اخلالي������ا الدماغية املج������اورة بطريقة غير‬ ‫انتقائي������ة من جهة‪ ،‬وإل������ى أن معارفنا املتعلق������ة بطبيعة التنبيهات‬ ‫الالزمة ما زالت حتى اآلن ناقصة إلى درجة تثير الشفقة من جهة‬ ‫ثانية‪ .‬ومهما يكن من أمر‪ ،‬فقد جنحنا مؤخرا في دراسة النموذج‬ ‫احليواني لداء پاركنس������ون بتقنية الوراثيات الضوئية‪ ،‬حيث متكنا‬ ‫من اكتس������اب اس������تبصار أساس������ى مبجموعة الدارات العصبية‬ ‫املصابة وطبيعتها املرضية‪ ،‬وبآليات تأثير املداخالت العالجية‪.‬‬ ‫لق������د وجدنا مث���ل��ا أن تنبيه أعماق الدم������اغ ميكن أن يصل‬ ‫إلى فعاليته القصوى إذا لم يس������تهدف اخلاليا بحد ذاتها‪ ،‬بل‬ ‫الوصالت ما بني اخللوية التي تؤثر في جريان النشاط العصبي‬ ‫بني مناطق الدماغ املختلفة‪ .‬كما قمنا مع زميلنا <‪ .A‬كريتزر> [من‬ ‫جامعة كاليفورنيا ‪ -‬سان فرنسيسكو (‪ ])UCSF‬بوضع خرائط‬ ‫وظيفية لس������بيلني من سبل مجموعة دارات الوظيفة احلركية في‬ ‫الدماغ‪ :‬أحدهما مس������ؤول عن إبطاء احلركات واآلخر مسؤول‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪functional magnetic resonance imaging‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫عن تسريعها وقادر على تصحيح احلالة الپاركنسونية‪.‬‬ ‫إضافة إل������ى ذلك‪ ،‬أصبحنا نعرف كي������ف ميكننا حث نوع‬ ‫محدد من اخلاليا‪ ،‬هي عصبونات القش���رة املخية احلديثة‬ ‫من صنف الپارڤألبوم�ي�ن ‪،neocortical parvalbumin neurons‬‬ ‫على تعديل دورات من النش������اط الدماغي املعروف بنظم الـ ‪40‬‬ ‫ذبذب������ة في الثانية أو ذبذبات گام���ا ‪ .gamma oscillations‬ومنذ‬ ‫وقت قصير والعلم ش������اهد على أن مرض������ى الفصام يعانون‬ ‫تبدالت في خاليا الپارڤألبومني‪ ،‬ويعانون – كما يعاني مرضى‬ ‫التوحد أيضا ‪ -‬خلال في ذبذبات گاما‪ .‬غير أن الداللة السببية‬ ‫لهذه االرتباطات ‪ - correlations‬إن كانت موجودة ‪ -‬ما زالت‬ ‫مجهولة حت������ى اآلن‪ .‬لقد ب ّينّ������ا من خالل اس������تخدامنا لتقنية‬ ‫الوراثيات الضوئية أن خاليا الپارڤألبومني تساعد على تعزيز‬ ‫موجات گاما‪ ،‬وأن هذه املوجات تعزز بدورها سريان املعلومات‬ ‫عبر دارات القشرة املخية‪.‬‬ ‫لقد الحظت عن������د مرضى الفصام الذي������ن أقوم برعايتهم‬ ‫م������ا ميكن أن يبدو بوضوح مش������كلة في معاجل������ة املعلومات‪،‬‬ ‫حي������ث يقوم ه������ؤالء املرضى على نحو خاط������ئ بتأويل أحداث‬ ‫عادي������ة تقع مبحض الصدف������ة‪ ،‬فيدركونها كجزء من مواضيع‬ ‫أو مناذج أوس������ع (مش������كلة معلوماتية قد تفضي إلى حدوث‬ ‫الذهان الكبريائي أو أش������كال من اله�ل�اوس ‪ .)delusions‬إن‬ ‫ه������ؤالء املرضى يعانون أيضا بعض اإلخفاق في تس������يير آلية‬ ‫التبلي������غ الداخلي الت������ي تنبئنا متى تكون األف������كار من صنع‬ ‫ذواتنا (مش������كلة معلوماتية قد تكون هي األس������اس الذي تقوم‬ ‫عليه الظاهرة املروِ عة املعروفة باسم «سماع األصوات»)‪ .‬أما‬ ‫مرضاي الذين يعانون أحد أطياف مرض التوحد فقد الحظت‬ ‫أن معاجلة املعلومات لديهم ال تتم إ ّال في حدود ضيقة للغاية‪،‬‬ ‫وذل������ك على عكس حالة فرط ترابط املعلومات غير املالئم التي‬ ‫ذكرتها قبل قليل‪ .‬إنهم يفقدون القدرة على رؤية املشهد الكلي‬ ‫بس������بب تركيزهم املفرط على جزئيات األش������ياء واألشخاص‬ ‫واحملادث������ات وغيرها من املواضيع‪ .‬وقد تكون هذه اإلخفاقات‬ ‫ف������ي معاجلة املعلومات هي ما يقود إل������ى اإلخفاقات املعروفة‬ ‫في عملية التواصل وفي السلوك االجتماعي‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬فإن‬ ‫فهمنا لذبذبات گاما فهما أفضل من شأنه أن يزودنا بأساليب‬ ‫أجنع من االستبصار في هذه األمراض املعقدة‪.‬‬ ‫إن أكثر ما يثير اهتمامي كطبيب في هذا النوع من البحث‬ ‫العلمي هو جلب مبادئ هندس������ية وتقانة كم ّية للتأثير في تلك‬ ‫األمراض النفسية املدمرة التي تبدو غامضة وعصية‪ .‬وهكذا‪،‬‬ ‫فإن الوراثيات الضوئية س������تقدم لنا يد العون في حمل الطب‬ ‫النفس������ي على الرحيل إلى مجال هندسة الشبكات وأساليب‬ ‫فهمها الذي ُيعنى بتفس������ير وظائف الدماغ املعقدة (والسلوك‬

‫الناجت منه) من حيث إنها متثل خصائص النظام العصبي الذي‬ ‫ينبثق عن الديناميكيا الكهربائية الكيميائية للخاليا والدارات‬ ‫املكون������ة للدماغ‪ .‬وهذا ما من ش������أنه أن يغير نظرتنا بصورة‬ ‫كلية إلى الكيفية التي تعمل بها األنس������جة القابلة لالس������تثارة‬ ‫كهربائيا في حالتي الصحة واملرض‪ .‬إنها حقا لرحلة طويلة ‪-‬‬ ‫ال ميك������ن التنبؤ بوجهتها ‪ -‬من االنده������اش بطريقة يقوم فيها‬ ‫ه������ذا البروتني اجلرثومي الغريب ‪ -‬الباكتيريورودوپس���ي��ن ‪-‬‬ ‫باالستجابة للضوء‪.‬‬ ‫سخاء الالمتوقع‬

‫( )‬

‫ف������ي ملتقيات جمعي������ة العلوم العصبي������ة (‪ )SN‬وفي بعض‬ ‫املؤمترات الضخمة األخرى‪ ،‬كنت بني احلني واآلخر أس������ترق‬ ‫الس������مع إلى ما يتبادله زمالئي من مقترحات ينطوي بعضها‬ ‫على فكرة مفادها أنه قد يكون من األجدى أن يركز عش������رات‬ ‫اآلالف من الباحثني في الوقت نفسه على مشروع بحثي واحد‬ ‫ذي ش������أن عظيم وذي ضرورة قصوى‪ ،‬كداء الزهامير مثال‪،‬‬ ‫بدال من متابعة املزيد من اس������تقصاءاتهم املتنوعة‪ .‬ولكن كلما‬ ‫ضاقت دائرة أهداف البحث العلمي وحتددت مساراته‪ ،‬تباطأت‬ ‫حركته اإلجمالية إلى األم������ام على األرجح‪ ،‬وكلما أصبح من‬ ‫املؤكد أن عوالم الطبيعة النائية التي لم ُتس������بر أغوارها بعد‪،‬‬ ‫وهي العوالم التي ميكن أن تب������زغ فيها أفكار ثورية حقيقية‪،‬‬ ‫سيجرى عزلها نهائيا عن مسيرتنا العلمية العامة‪.‬‬ ‫إن الدرس الذي ميكننا استخالصه من الوراثيات الضوئية‬ ‫ه������و أن اخلاليا القدمية والهش������ة والنادرة املأخ������وذة من غثاء‬ ‫املس������تنقعات أو من البحيرات الصحراوي������ة امللحية اجلافة قد‬ ‫ت������ؤدي دورا حاس������ما في إدراكن������ا لذواتنا ولعاملن������ا املعاصر‪.‬‬ ‫وحكاية هذه التقانة تؤكد لنا أهمية احلفاظ على األماكن البيئية‬ ‫النادرة وقيمتها الكبيرة‪ ،‬وأهمية دعم العلوم األساس������ية احلقة‬ ‫أيض������ا‪ .‬ويجب أ ّال يغيب عن أذهاننا أبدا أننا ال نعلم حتى اآلن‬ ‫إلى أين ستأخذنا مسيرة العلم الطويلة‪ ،‬وأننا أيضا ال نعرف ما‬ ‫>‬ ‫الذي سنحتاجه إلنارة طريقنا إلى هناك‪.‬‬ ‫( )‬

‫‪BOUNTY OF THE UNEXPECTED‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, November 2010‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪49‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر ‪2011‬‬

‫‪10/9‬‬

‫داخل مختبر اللحم‬

‫( )‬

‫تسعى مجموعة من العلماء إلى تلبية رغبة العالم املتزايدة في شرائح‬ ‫اللحم دون إحلاق األذى بكوكب األرض‪ .‬وتبدأ اخلطوة األولى بطبق پتري ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫>‪ .J‬بارثوليت<‬

‫ليس من الغريب أن يكون امللهمون ذوي عاطفة جياش������ة‬ ‫أو حتى متعصبني؛ وال يس������تثنى من ذل������ك >‪ .W‬ڤان إيلني<‪،‬‬ ‫ال������ذي ميكنه بعد أن بلغ الس������ابعة والثمان���ي��ن من العمر أن‬ ‫ينظ������ر إلى املاضي متذكرا حياته التي كانت غير عادية‪ .‬فقد‬ ‫ُولد في إندونيس������يا حينما كانت حت������ت االحتالل الهولندي‪،‬‬ ‫وهو ابن لطبيب أدار مس������تعمرة للمجذومني(‪ .)2‬وفي شبابه‬ ‫حارب اليابانيني في احلرب العاملية الثانية وقضى عدة أعوام‬ ‫في معس������كرات أسرى هذا احلرب‪ ،‬حيث استخدم احلراس‬ ‫اليابانيون األسرى للعمل كالعبيد‪ ،‬وكانوا يتركونهم جياعا‪.‬‬ ‫ويتذك������ر >ڤان إيلني< أحداث املاض������ي قائال‪« :‬إذا بلغ الغباء‬ ‫بأح������د الكالب الضال������ة إلى احلد الذي يجعل������ه يتجرأ على‬ ‫جتاوز األس���ل��اك التي حتيط باملعس������كر فسرعان ما ينقض‬ ‫عليه الس������جناء وميزقونه إربا ويأكلون������ه نيئا‪ ،‬ويضيف‪« :‬لو‬ ‫نظ������رت إلى معدتي آنذاك لرأيت من خاللها عمودي الفقري‪.‬‬ ‫لقد كنت ميتا بالفعل‪ ».‬ولقد أثارت جتربته هواجس في نفسه‬ ‫تتعلق بالطعام والتغذية وعلم البقاء اس������تحوذت على تفكيره‬ ‫طوال حياته‪.‬‬ ‫كان الهاج������س عن������ده يقود إل������ى هاجس آخ������ر‪ .‬فبعد أن‬ ‫حرر احللفاء إندونيس������يا درس >ڤان إيلني< الطب في جامعة‬ ‫أمس������تردام‪ .‬وحدث أن شرح أحد األساتذة لطلبته كيف متكن‬

‫من إمناء قطعة من نس������يج عضلي ف������ي املختبر‪ ،‬فألهمت هذه‬ ‫التجرب������ة >ڤان إيلني< التفكير في إمكاني������ة إمناء حلم الطعام‬ ‫دون احلاج������ة إلى تربية احليوان������ات وذبحها‪ .‬وتخيل إمكانية‬ ‫إنتاج غذاء غني بالبروتني كما تنتج احملاصيل الزراعية‪ ،‬ودون‬ ‫التأثر بظروف املناخ والبيئة‪ ،‬أو قتل كائنات حية‪.‬‬ ‫وتبدو ه������ذه الفكرة أكثر أهمية اليوم‪ .‬فق������د كان عدد بني‬ ‫البش������ر يزيد قليال على بليوني نس������مة عام ‪ 1940‬ولم يش������كل‬ ‫االحت���رار العامل���ي ‪ global warming‬آنذاك مش������كلة ذات بال‪.‬‬ ‫أم������ا اليوم فيعيش على كوكبنا ثالث������ة أضعاف هذا العدد من‬ ‫البش������ر‪ .‬وحسب تقرير منظمة الغذاء والزراعة(‪ FAO )3‬الذي‬ ‫نش������ر عام ‪ ،2006‬فإن األعمال املتعلقة باملاشية ‪ live-stock‬من‬ ‫ومواش ودواب‪ ،‬تتسبب في نحو ‪ 18‬في املئة من مجمل‬ ‫دواجن‬ ‫ٍ‬ ‫انبعاثات غاز االحتباس احلراري ‪ greenhouse‬التي يتس������بب‬ ‫بها اإلنس������ان‪ ،‬وهي مساهمة أكبر مما يتسبب به قطاع النقل‪.‬‬ ‫وتتوقع هذه املنظمة أن تتضاعف تقريبا كمية اللحوم املستهلكة‬ ‫في الفترة ما بني عامي ‪ 2002‬إلى ‪.2050‬‬ ‫وميكن للح������م املنتج في املفاعالت احليوي���ة ‪،bioreactors‬‬ ‫( )‬

‫‪INSIDE THE MEAT LAB‬‬

‫(‪ )1‬طبق پتري‪ :‬هو صفيحة من الزجاج على ش������كل طبق يستعمل في جميع مختبرات‬ ‫العالم إلجراء التجارب املتعلقة بإمناء الكائنات احلية الدقيقة (امليكروية)‪.‬‬

‫(‪ )2‬‬ ‫(‪ )3‬‬

‫‪Lepers‬‬ ‫‪Food and Agriculture Organization‬‬

‫باختصار‬ ‫ميكن للحم الذي ُين ّمى في املختبر توفيرمصادراحلصول على‬ ‫طعام غني بالبروتني‪ ،‬دون الوقوع في املشكالت البيئية واألخالقية‬ ‫التي ترافق عادة عمليات تربية املاشية على نطاق واسع‪.‬‬ ‫اصطناعية‪ ،‬ومن ثم‪ ‬توجيهها إلى التحول إلى خاليا عضلية‪.‬‬ ‫ومع ذلك ما يزال التقدم في هذا املضمار بطيئا بس������بب‬ ‫وحتى لو جنح البحث في هذا املجال‪ ،‬فإن البعض يتساءل‬ ‫ما يواجهه العلماء من صعاب في تأمني الدعم املالي الالزم عما إذا كان اجلمهور س������وف يستسيغ يوما ما طعم اللحم‬ ‫إلجراء أبحاثهم‪.‬‬ ‫الذي جرت هندسته في املختبر‪.‬‬

‫وتتضم������ن إحدى االس������تراتيجيات الواع������دة إمناء خاليا‬ ‫جذعية جنينية ‪ embryonic stem cells‬من املاش������ية في مستنبتات‬

‫‪50‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫املؤلف‬ ‫‪Jeffrey Bartholet‬‬

‫>بارثوليت<‪ :‬مراسل خارجي قدير‬ ‫ورئيس سابق ملكتب مجلة نيوزويك‬ ‫في واشنطن‪.‬‬

‫ب������دال من إنتاجه في امل������زارع أن يخفف من معان������اة كوكبنا‪.‬‬ ‫وقد ش������ارك >‪ .H‬تيوميس������تو< وهو طالب دكت������وراه في جامعة‬ ‫أكس������فورد‪ ،‬في دراس������ة أجريت العام املاضي ح������ول التأثير‬ ‫البيئي املنتظر للَّحم املس���تنبت صناعيا ‪ .cultured meat‬وهذه‬ ‫الدراس������ة أوضحت أن مث������ل هذا اإلنتاج إذا أج������راه العلماء‬ ‫بطريقة إمن������اء اخلاليا العضلية في مس������تنبت من البكتيريا‬ ‫الزرق���اء احمللم���أة ‪cyanobacteria hydrolysate‬؛ (وهي بكتيريا‬ ‫تربى في البرك)‪ ،‬فسوف يؤدي ذلك إلى خفض استهالك كمية‬ ‫الطاقة املستخدمة مبقدار ‪ 35‬إلى ‪ 60‬في املئة وخفض انبعاثات‬ ‫غاز االحتباس احلراري بنسب تتراوح بني ‪ 80‬إلى ‪ 90‬في املئة‪،‬‬ ‫إضافة إلى تقليل مساحات األرض املستخدمة مبقدار ‪ 98‬في‬ ‫املئة مقارنة بإنتاج اللحم بالطرق التقليدية في أوروبا‪.‬‬ ‫وحاليا ُيس������تخدم ‪ 30‬في املئة من مساحة الكرة األرضية‬ ‫اخلالي������ة من الثلوج لرعي املواش������ي وإنتاج الغذاء احليواني‪،‬‬ ‫فإذا ما أصبح إنتاج اللحم املس������تنبت صناعيا قابال للتطبيق‬ ‫واالستهالك على مستوى واسع‪ ،‬فإن جزءا كبيرا من مساحة‬ ‫هذه األرض ميكن اس������تخدامها ألغراض أخرى‪ ،‬مبا في ذلك‬ ‫زراعة غابات جديدة ميكنها اإلس������هام في امتصاص الكربون‬ ‫من الهواء اجلوي‪ .‬وحينها ال نحتاج أيضا إلى نقل اللحوم عبر‬ ‫الكرة األرضية‪ ،‬ألن مواقع إنتاجها ميكن أن توجد بالقرب من‬ ‫املستهلكني‪ .‬بعض املتحمسني يتصورون أنه توجد مختبرات‬ ‫حل������م محلية صغيرة تبيع منتجاتها في متاجر الس������وق التي‬ ‫تقدم الطعام لهواة املأكوالت احمللية ‪.locavores‬‬

‫اخليار الوحيد املتبقي‬

‫( )‬

‫حتى >‪ .W‬تشرش������ل< كان يعتقد أن استنبات اللحوم في‬ ‫املختب������ر فكرة جيدة‪ ،‬حيث تنبأ ع������ام ‪ 1932‬في كتابه «أفكار‬ ‫وجتارب» قائال‪« :‬بعد خمسني عاما سوف نتمكن من جتاوز‬ ‫س������خافة تربية دجاجة كاملة من أج������ل أن نأكل صدرها أو‬ ‫جناحها‪ ،‬وس������نقوم بتنمية هذه األج������زاء منفردة في ظروف‬ ‫مناس������بة‪ ».‬ولك������ن مضت معظم س������نوات القرن العش������رين‬ ‫وانقضت دون أن يأخذ أحد هذه الفكرة مأخذ اجلد س������وى‬ ‫عدد قليل من املعنيني‪ .‬أما >ڤان إيلني< فلم يترك األمر ليدخل‬ ‫في غياهب النس������يان‪ .‬فإلى جان������ب قيامه بالعمل في العديد‬ ‫من الوظائف عمل بائعا للصحف وسائقا للتاكسي (سيارة‬ ‫األجرة) وصانعا لبيوت الدمى ثم أس������س جمعية ملس������اعدة‬ ‫معارض فني������ة ومقاهي‪ ،‬فقد قام‬ ‫األطف������ال املعدم���ي��ن وتمَ َّلكَ‬ ‫َ‬ ‫بكتابة الدراس������ات حول إنتاج اللحم ف����ي الزجاج‪،in vitro ‬‬ ‫وأنفق في نهاية املطاف معظم ما كسبه من مال في عمليات‬ ‫التقدم لتسجيل براءات اختراع‪ .‬وقد سجل‪ ،‬باالشتراك مع‬ ‫شريكني له‪ ،‬براءة اختراع هولندية عام ‪ ،1999‬وبعدها سجل‬ ‫براءات اختراع أوروبية أخرى‪ ،‬وأخيرا براءتي اختراع في‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪ .‬وفي عام ‪ 2005‬متكن مع آخرين‬ ‫من إقناع وزارة الش������ؤون االقتصادية الهولندية بتخصيص‬ ‫مبل������غ مليوني يورو لدعم األبح������اث الهادفة إلى إنتاج اللحم‬ ‫في الزجاج بهولندا‪ ،‬والذي يعد أكبر دعم حكومي ملثل هذه‬ ‫( )‬

‫‪THE ONLY CHOICE LEFT‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪51‬‬


‫األبحاث حتى اآلن‪.‬‬ ‫وخالل تلك الفترة جنح عالم أمريكي هو >‪ .M‬بينجامينسون<‬ ‫في إمناء ش������ريحة من حلم الس������مك في املختبر‪ ،‬مستخدما‬ ‫منح������ة صغيرة من ناس������ا ‪ ،NASA‬التي كان������ت مهتمة آنذاك‬ ‫بتطوير مصادر غذاء الستخدامها أثناء رحالت الفضاء بعيدة‬ ‫امل������دى‪ .‬فقد قام ه������ذا العالم بإزالة عضل���ة هيكلي���ة ‪skeletal‬‬ ‫‪ muscle‬من س���مكة ذهبي���ة ‪ goldfish‬عادية‪ ،‬وم������ن ثم تنميتها‬ ‫بعيدا عن جس������م الس������مكة‪ .‬وبعدها قام أحد مس������اعديه بنقع‬ ‫اللح���م املس���تنبت ‪ explants‬في زيت الزيت������ون والثوم املفروم‬ ‫والليمون والفلفل ثم غمس������ها في فتات اخلبز وقالها في زيت‬ ‫س������اخن‪ .‬ويقول >بينجامينس������ون< [وهو حاليا أستاذ متقاعد‬ ‫ف������ي الكلية ‪ Touro‬ف������ي مدينة‬ ‫‪ Bay Shore‬بوالي������ة نيويورك]‪ :‬تستطيع عشر‬ ‫«بعد ذل������ك قامت مجموعة من خاليا في الظروف‬ ‫الزمي���ل��ات باختب������ار منظرها الطبيعية أن‬ ‫ورائحته������ا وق������د وج������دن أن‬ ‫شكلها ورائحتها تشبهان إلى تتكاثر لتصبح‬ ‫ح ٍّد كبير أي نوع من الس������مك نحو ‪ 50 000‬طن‬ ‫تشتريه من الس���وق املركزي متري من اللحم‬ ‫‪ .»supermarket‬ولكن يبدو‬ ‫أن في مدى شهرين‪.‬‬ ‫ناس������ا حينذاك ق������د توصلت‬ ‫إلى قناع������ة بأن هن������اك طرقا ويكون خط اخللية‬ ‫أس������هل لتزويد رواد الفضاء هذا كافيا إلطعام‬ ‫بالبروت���ي��ن خ���ل��ال رحالتهم العالم بأكمله‪.‬‬ ‫الفضائية الطويل������ة‪ ،‬فامتنعت‬ ‫عن االستمرار بدعم أبحاث >بينجامينسون<‪.‬‬ ‫اس������تخدم >ڤان إيلني< و>‪ .P .H‬هاگسمان< [وهو عالم في‬ ‫أوترش������ت ‪ ]Utrecht‬املال الهولندي لدعم جتمع مالي‬ ‫جامعة ِ‬ ‫‪ consortium‬يهدف إلى بي������ان إمكانية أخذ خاليا جذعية من‬ ‫حيوانات املزارع واس������تنباتها وحثها لتصبح خاليا عضلية‬ ‫هيكلي������ة‪ .‬وتضمن الفريق ممثال عن ش������ركة اللحوم ميس����تر‬ ‫س����تيگمان ‪ Meester Stegeman BV‬والتي أصبحت فيما بعد‬ ‫ج������زءا من جتمع س����ارا لي(‪ )1‬في أوروب������ا‪ ،‬إضافة إلى ثالثة‬ ‫م������ن العلماء البارزين من ثالث جامعات هولندية‪ .‬وكل جامعة‬ ‫تولت دراس������ة جوان������ب معينة من عملية اس������تنبات اللحم في‬ ‫املختبر‪ ،‬إذ قام العلماء في جامعة أمس������تردام بالتركيز على‬ ‫إنتاج أوساط ‪ media‬استنبات فعالة‪ ،‬في حني قامت مجموعة‬ ‫أوترشت بالعمل على فصل اخلاليا اجلذعية ودفعها‬ ‫جامعة ِ‬ ‫للتكاث������ر وحتويلها إلى خاليا عضلية‪ ،‬أم������ا مجموعة جامعة‬ ‫آيندهوڤ������ن للتقانة فقد حاول������ت تدريب خاليا العضالت على‬ ‫‪52‬‬

‫النمو بوتيرة أكبر‪.‬‬ ‫وقد حق������ق العلماء بعض التقدم‪ ،‬حي������ث جنحوا في إمناء‬ ‫ش������رائح صغيرة ورفيعة من نسيج عضلي في املختبر‪ .‬وكان‬ ‫هذا النتاج يشبه قِ َطعا من شرائح اللحم الرقيق ‪ scallop‬لها‬ ‫نسيج َلدْن ‪ chewy‬يش������به الكالم���اري ‪ .)2(calamari‬ولكن يبقى‬ ‫عدد من العوائق يحول دون اإلنتاج على املس������توى التجاري‪.‬‬ ‫وهنا يقول >‪ .P‬ڤيرش������تراث<‪« :‬لقد كس������بنا املعرف������ة‪ ،‬وتعلمنا‬ ‫الكثير‪ ،‬لكننا لم نحصل حتى اآلن من طبق پتري على ش������يء‬ ‫يشبه في طعمه ش������ريحة حلم من نوع ‪ ».)3(T-bone steak‬علما‬ ‫بأن >ڤيرش������تراث< كان ممثال لشركة ميس������تر ستيگمان في‬ ‫التجمع املالي ويعمل حاليا مستش������ارا‪ .‬ولكن مع مرور الوقت‬ ‫نفدت األموال الهولندية املرصودة لهذا الغرض‪.‬‬ ‫وحالي������ا يعبر >ڤان إيلني< عن الغض������ب الذي يعتمل في‬ ‫صدره ُم َّدعِ يا بأن أحد العلماء الذين ش������اركوا في املشروع‬ ‫كان «غبي������ا» أما الباقون فقد قاموا باس������تغالله واس������تغالل‬ ‫احلكوم������ة الهولندية للحص������ول على النق������ود‪ ،‬ويضيف‪« :‬ال‬ ‫أعلم ماذا أجنزوا خالل أربع س������نوات سوى الكالم والكالم‬ ‫ثم الكالم‪ ،‬وفي كل عام يس������تنزفون مزي������دا من املال‪ ».‬ومن‬ ‫جانب آخر يدعي العلم������اء بأن >ڤان إيلني< لم يكن يدرك ُّ‬ ‫قط‬ ‫صالب������ة التحديات‪ .‬وفي هذا املج������ال يقول >‪ .B‬رولني< [وهو‬ ‫عالم في مجال بيولوجيا اخللية عمل في املشروع في جامعة‬ ‫وترشت]‪« :‬لقد كانت لديه فكرة ساذجة مؤداها أن باإلمكان‬ ‫ُأ ِ‬ ‫وضع خاليا عضلية في طبق اختبار لتقوم بالنمو‪ ،‬وأنك إذا‬ ‫أنفقت ماال في هذا املش������روع‪ ،‬فس������وف حتصل على اللحم‬ ‫خالل عامني‪».‬‬ ‫ل������م يكن >ڤان إيلني< الوحيد الذي تخيل حدوث ثورة‪ .‬ففي‬ ‫عام ‪َ 2005‬ب ّش َرت مقالة في نيويورك تاميز بأنه من املمكن خالل‬ ‫س������نوات قليلة أن تتوافر اللحوم ‪ -‬املستنبتة في املختبر ‪ -‬في‬ ‫األس������واق على ش������كل نقانق أو فطائر حلم‪ .‬وقبل شهرين من‬ ‫ظهور هذه القصة نش������ر الباحثون أول بحث ُم َح َّكم حول آفاق‬ ‫اإلنت������اج الصناعي للحم املس������تنبت وذلك في مجلة هندس���ة‬ ‫األنسجة ‪ .Tissue Engineering‬وكان من ضمن مؤلفي البحث‬ ‫>‪ .G .J‬ماثني<‪ ،‬املؤس������س املش������ارك ملجموعة الدفاع عن اللحم‬ ‫املنتج ف������ي املختبر ‪ .New Harvest‬علم������ا بأنه من أكثر الناس‬ ‫فهما للتحديات التي يواجهها هذا املجال‪ ،‬إذ يقول‪« :‬إن هندسة‬ ‫األنس������جة صعبة جدا وبالغة التكلفة حاليا‪ »،‬ويضيف‪« :‬ومن‬ ‫أجل أن نصل إلى تقبل السوق لهذا األمر‪ ،‬علينا بشكل أساس‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Sara Lee Corporation‬‬

‫(‪ )2‬الكالم������اري‪ :‬حي������وان بح������ري رخ������وي ينتم������ي إل������ى طائف������ة رأس������يات األرجل‬

‫‪.cephalopoda‬‬

‫(‪ )3‬شريحة حلم حتتوي على عظمة على شكل حرف ‪.T‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬


‫أن نحل املش������كالت التقنية التي تزيد م������ن تكلفة اللحم الذي‬ ‫جتري هندس������ته‪ ».‬ويضيف‪« :‬سوف يتطلب ذلك إنفاق الكثير‬ ‫م������ن املال‪ ،‬علما بأن عددا محدودا من احلكومات أو املنظمات‬ ‫كانت راغبة في االلتزام بتوفير الدعم املالي الالزم‪».‬‬ ‫لقد كان التس������ليم بالفشل بالنسبة إلى العلماء أمرا يتسم‬ ‫بقصر النظر‪ .‬و هنا يقول >‪ .J .M‬پوس������ت< [رئيس قسم وظائف‬ ‫األعضاء في جامعة ماسترش������ت]‪« :‬أنا شديد احلماس لهذا‬ ‫األمر‪ ،‬وال أدري أي س������بيل ميكن اتباعه لالستمرار باالعتماد‬ ‫على مصادر اللحم من املواشي‪ ،‬خالل العقود القادمة‪ ».‬‬

‫توجهات عاملية‬

‫مشكالت تتعلق باللحم‬

‫( )‬

‫يتن���اول الن���اس ف���ي العالم الغن���ي الكثير من اللح���م‪ ،‬كما ت���زداد كميات ما‬ ‫يُس���تهلك منه في الدول النامية‪ .‬ويرجع أحد أس���باب ذلك إلى ازدياد أعداد‬ ‫النازح�ي�ن إل���ى املدن‪ ،‬حي���ث تتوفر بُني���ة حتتية أفضل؛ مما يعن���ي إمكانية‬ ‫احلف���اظ عل���ى اللحم ُمبردا عبر رحلته من املس���لخ إلى املطب���خ‪ ،‬ومع زيادة‬ ‫الطلب على اللحم تزداد كذلك العواقب البيئية‪ .‬وتتسبب األنشطة الزراعية‬ ‫املتعلق���ة «باملخ���زون احلي» حاليا مبا نس���بته (‪ )%17.8‬من مجمل انبعاثات‬ ‫غاز االحتباس احلراري الناجمة عن األنشطة البشرية‪.‬‬

‫استهالك اللحم العاملي‬ ‫‪300‬‬

‫التجمع مطلوب‬

‫( )‬

‫‪200‬‬

‫دول متقدمة‬

‫‪100‬‬

‫مليون طن متري‬

‫من الناحية النظري������ة ميكن ملصنع إنتاج اللحم في مختبر‬ ‫أن يعمل بالترتي������ب التالي‪ :‬نحتاج أوال إلى فنيني لعزل خاليا‬ ‫جذعي������ة جنينية أو ناضجة من خنزي������ر أو بقرة أو دجاجة أو‬ ‫أي حيوان آخ������ر‪ ،‬وأن ُي َن ُّموا هذه اخلاليا في مفاعالت حيوية‬ ‫باستخدام مستنبت مشتق من النباتات‪ .‬وميكن عندها للخاليا‬ ‫اجلذعية أن تنقس������م وتعيد االنقس������ام عدة أشهر وحتى حد‬ ‫معني‪ .‬وبعدها على الفني���ي��ن أن يوجهوا اخلاليا إلى التمايز‬ ‫‪ differentiate‬لتكوين العضالت (بدال من تكوين خاليا عظمية‬ ‫أو خاليا دماغية مثال)‪ .‬وأخيرا يجب جتميع اخلاليا العضلية‬ ‫وجعلها تتراكم بنظام شبيه بالطريقة التي تبني بها احليوانات‬ ‫قوتها من خالل التدريب واحلركة‪.‬‬ ‫و حاليا تواجه كل مرحلة من مراحل هذه العملية حتديات‪.‬‬ ‫وتتمثل إح������دى الصعاب بتطوير خطوط خاليا جذعية ميكنها‬ ‫التكاث������ر لفترات طويلة دون أن تقرر فج������أة أنها تريد التمايز‬ ‫بطريقته������ا اخلاصة‪ .‬ويتمثل حتد آخ������ر بأن تتأكد أن اخلاليا‬ ‫اجلذعية عند دفعها للتمايز س������وف تتحول غالبيتها العظمى‬ ‫إلى عضالت وفق التعليمات التي صدرت إليها‪ ،‬وهنا يوضح‬ ‫<رولني>‪« :‬عند متايز عشر خاليا‪ ،‬فأنت بحاجة إلى أن تتحول‬ ‫ثمان منها على األقل إلى خاليا عضلية وليس ثالث‬ ‫س������بع أو ٍ‬ ‫أو أرب������ ُع خاليا‪ ،‬علما بأنن������ا اآلن ميكن أن نحصل على ‪%50‬‬ ‫من التمايز‪».‬‬ ‫أوترش������ت اس������تخالص وتطوير‬ ‫ح������اول العلماء من جامعة ِ‬ ‫خطوط خالي������ا جذعية جنينية من اخلنازي������ر‪ .‬وميكن ملثل هذه‬ ‫اخلاليا أن تكون قادرة في الظروف العادية على التضاعف كل‬ ‫يوم وملدة طويلة وهذا يعني أنه ميكن لعشر خاليا أن تنمو لتوفر‬ ‫كمية مذهلة من اللحم احملتمل خالل ش������هرين فقط‪ ،‬وهي كمية‬ ‫تقدر بأكثر من خمس���ي��ن ألف طن متري‪ .‬وأش������ار تقرير صدر‬ ‫أوترشت إلى أن تنمية خاليا جذعية‬ ‫عام ‪ 2009‬عن فريق جامعة ِ‬ ‫جنيني������ة ميكنه������ا أن تكون مثالية لهذا الغ������رض‪ ،‬حيث إن هذه‬

‫دول نامية‬

‫‪0‬‬ ‫‪2050‬‬

‫‪2040‬‬

‫‪2030‬‬

‫‪2020‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪1990‬‬

‫‪1980‬‬

‫املساهمة احلالية للمخزون احلي في انبعاثات غاز االحتباس احلراري‬ ‫‪ 8.7%‬ثاني أكسيد الكربون‬ ‫‪ 37.3%‬ميثان‬

‫املجموع‬ ‫نصيب املخزون احلي‬

‫‪40‬‬

‫‪30‬‬

‫‪ 64.7%‬أكسيد النتروز‬ ‫‪ 17.8%‬املجموع‬ ‫‪20‬‬

‫‪10‬‬

‫‪0‬‬

‫كمية ثاني أكسيد الكربون املكافئة مقدرة بباليني األطنان املترية‬

‫اخلالي������ا متتلك قدرة غير محدودة (تقريبا) على جتديد الذات‬

‫‪ ،self- renewal‬ويضي������ف التقرير «ميكن م������ن الناحية النظرية‬ ‫لواحد من خطوط هذه اخلاليا أن يكفي إلطعام كل البشر‪».‬‬ ‫ولك������ن خطوط اخلاليا هذه لم ميكن تطويرها‪ ،‬إال في الفئران‬ ‫واألرانب وق���ردة الرِّيص الهندي���ة الصغي���رة ‪rhesus monkeys‬‬ ‫وبني البشر‪ .‬أما اخلاليا اجلنينية من حيوانات املزارع فتميل إلى‬ ‫التمايز‪ ،‬بسرعة ووفق ما يالئمها إلى خاليا متخصصة‪ .‬وحسب‬ ‫م������ا ورد في تقرير فريق جامعة أوترش������ت فإن خالي���ا اخلنزير‬ ‫‪ porcine‬غالبا ما تغير اجتاهها وتتحول إلى ُذرّية عصبية ‪neural‬‬ ‫‪ - lineage‬خاليا دماغية وليست حلم خنزير مقدد ‪.bacon‬‬ ‫وقد تعاملت مجموعة أوترش������ت أيض������ا مع خاليا جذعية‬ ‫( ) ‪ASSEMBLY REQUIRED‬‬ ‫( ) ‪Meaty Problems‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪53‬‬


‫كيف يتم العمل‬

‫طبق التجارب الزجاجي‬

‫( )‬

‫‪ a2‬خاليا جذعية مأخوذة من جنني‬ ‫يسهل دفعها للتكاثر‪ ،‬ولكن يصعب‬ ‫غلقها للتحول إلى خاليا عضلية‪.‬‬

‫يطور الباحثون طرقا لتنمية اخلاليا اجلذعية املأخوذة من املخزون احلي‬ ‫وحتويلها إلى منتجات حلم قابلة لألكل‪ .‬ويوضح الشكل كيف ميكنها أن تعمل‪.‬‬

‫خاليا جذعية‬ ‫جنينية‬

‫‪ 1‬يفصل الباحثون خاليا جذعية‬ ‫جنينية أو ناضجة من خنزير أو‬ ‫بقرة أو دجاجة‪.‬‬

‫مصل‬ ‫تكاثر‬

‫خاليا جذعية‬ ‫ناضجة‬

‫خزعة بالتخرمي‬ ‫من نسيج عضلي‬

‫ناضجة تتميز بكونها مس������بقة البرمجة إلى حد كبير‪ ،‬وتوجد‬ ‫هذه اخلاليا ف������ي العضالت الهيكلية (كم������ا توجد أيضا في‬ ‫أجزاء أخرى من اجلسم) ولها رسالة محددة‪ :‬تتمثل بأن تقوم‬ ‫بإصالح األنسجة التي تتعرض لإلصابة أو التلف‪ .‬وبناء على‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن كنت تهدف إلى إنتاج اللحم في املختبر وحتتاج إلى‬ ‫خاليا جذعية ميكنها بشكل مؤكد تقريبا أن تتحول إلى نسيج‬ ‫عضل������ي‪ ،‬فإن اخلالي������ا اجلذعية الناضجة املس������تخلصة من‬ ‫نسيج العضالت الهيكلية تشكل اخليار األفضل‪ ،‬وميكنها أن‬ ‫تعمل بش������كل جيد متاما‪ .‬إال أن العلماء حتى اآلن لم يتمكنوا‬ ‫من حث هذه اخلاليا على التكاثر بالقدر نفس������ه الذي جنحوا‬ ‫فيه مع اخلاليا اجلنينية‪.‬‬ ‫ه������ذا وتعد التكلفة عائق������ا آخر؛ ذلك أن املس������تنبت الذي‬ ‫يس������تخدم لتنمية أي نوع من اخلاليا اجلذعية مرتفع التكلفة؛‬ ‫وقد تبلغ التكلفة على أساس األوساط املتاحة حاليا نحو ‪50 000‬‬ ‫دوالر أمريكي إلنتاج رطل واحد من اللحم‪ ،‬باستخدام أفضل‬ ‫حمام تغذوي مستخلص من مصل جنينيّ ‪ fetal serum‬لعجل‬ ‫أو حصان جرى ذبحهما‪ ،‬وذلك وفق ما أفاد به <رولني>‪ .‬وعبر‬ ‫الس������نوات األخيرة طور العلماء وصفاته���م ‪ recipes‬اخلاصة‬ ‫ألوساط كيميائية محددة ال تشتمل على أي منتجات حيوانية‪.‬‬ ‫وباستخدام تقانة‪ :‬الدنا املأشوب ‪ ،recombinant DNA‬متكنوا‬ ‫أيضا من احلصول على خاليا نباتية تنتج بروتينات حيوانية‬ ‫ميكن استخدامها لتنمية اللحم‪ .‬ولكن كال نوعي تلك األوساط‬ ‫يتميز حتى اآلن بتكلفته العالية التي حتول دون اس������تخدامه‪.‬‬ ‫هذا وميكن لوسط يعتمد على الطحالب أن يعمل بشكل أفضل‪،‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪ b2‬وعلى العكس من ذلك‪،‬‬ ‫فإن اخلاليا اجلذعية‬ ‫الناضجة املأخوذة من‬ ‫نسيج عضلي يصعب‬ ‫تنميتها‪ ،‬ولكن يسهل‬ ‫حتويلها إلى شكل عضلة‪.‬‬

‫‪ 3‬يقوم العلماء بحفز‬ ‫اخلاليا اجلذعية على‬ ‫التكاثر ملرات عديدة‪ ،‬من‬ ‫خالل زراعتها في مصل‬ ‫منو بكتيري األساس‪.‬‬ ‫أما اخلاليا اجلنينية‬ ‫فيتم حثها على تكوين‬ ‫خاليا عضلية‪.‬‬

‫ألن الطحال������ب بإمكانها إنتاج البروتينات واألحماض األمينية‬ ‫الالزمة للحفاظ على حياة اخلاليا‪ ،‬ولكن هذا الوس������ط أيضا‬ ‫يعد مكلفا‪ ،‬حتى اآلن على األقل‪.‬‬ ‫وحينما يتمكن الباحث������ون من احلصول على مصدر كبير‬ ‫للخاليا العضلية‪ ،‬فس������يكونوا بحاجة إلى احلفاظ عليها حية‪،‬‬ ‫وركمها ‪ .bulk‬وميكن حاليا هندس������ة شريط رقيق من نسيج‪،‬‬ ‫ولك������ن ما أن تزداد ثخانته عن ع������دة طبقات من اخلاليا حتى‬ ‫تبدأ بعض أجزائه باملوت‪ ،‬إذ إن اخلاليا حتتاج إلى تزود دائم‬ ‫باملغذي������ات لتبقى على قيد احلياة‪ .‬أما خاليا اجلس������د احلي‪،‬‬ ‫فإنها تتغذى من خالل تدفق الدم في الش������رايني والذي ُي ِزيل‬ ‫في طريقه الفضالت أيضا‪ .‬و حاليا يعمل <پوست> على تطوير‬ ‫نظام ثالثي األبعاد ميكنه التزويد مبثل تلك املُغذيات‪.‬‬ ‫إضاف������ة إلى ذلك يستكش������ف <پوس������ت> عملية تضخيم‬ ‫اخلالي������ا العضلي������ة ويق������ول‪« :‬عندما تزيل ضم������اد اجلبس‬ ‫الصلب عن كس������ر أصاب إحدى العظام‪ ،‬فس������وف تصاب‬ ‫بالهل������ع‪ :‬عندما تالحظ ضمور العض���ل��ات التي ما تلبث أن‬ ‫تعود إلى س������ابق عهدها في أس������بوعني م������ن الزمن‪ .‬ونحن‬ ‫بحاج������ة إلى تقلي������د هذه العملية‪ »،‬علما بأن اجلس������م يحقق‬ ‫ذلك بعدد من الطرائق‪ ،‬مبا في ذلك التمارين الرياضية‪ .‬أما‬ ‫ضمن جتهيزات املختبر فيمكن للعلماء أن يحفزوا النس������يج‬ ‫بنبضات كهربائية‪ .‬ولكن هذه العملية مكلفة وغير فعالة‪ ،‬ألنها‬ ‫تؤدي إلى إكثار كمية اخلاليا مبقدار عش������رة في املئة فقط‪.‬‬ ‫أما الطريقة األخرى فتعتمد ببساطة على توفير نقاط ارتكاز‬ ‫( )‬

‫‪The Petri Dish Platter‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫‪ 4‬توضع اخلاليا على سقالة حيث‬ ‫ُتكوِّ ن أليافا عضلية‪ .‬ويؤدي إجهاد‬ ‫اخلاليا إلى تدريبها وتضخيمها‪.‬‬

‫صفائح‬ ‫مت عزلها‬ ‫من ألياف‬ ‫العضالت‬

‫‪ :anchor points‬فحامل������ا تتمكن اخلاليا من اإلمس������اك بنقاط‬ ‫ارتكاز مختلفة فإنها حتدث توترا من تلقاء نفسها‪ .‬وقد وفر‬ ‫<پوس������ت> نقاط ارتكاز بإقامة سقاالت من بوليمرات سكرية‬ ‫تت������آكل مع الزمن‪ .‬وم������ن ثم‪ ،‬يقول‪« :‬نحن ف������ي هذه املرحلة‬ ‫ال نس������عى إلى احلصول على خاليا عضلية كاملوجودة في‬ ‫عضالت شوارزينگر(‪».)1‬‬ ‫وفي ذهن <پوس������ت> طريقة أخ������رى يعتقد أن بإمكانها أن‬ ‫حتقق أفضل النتائج‪ ،‬لكنها أيضا أكثر تعقيدا‪ .‬إذ إن اجلسم‬ ‫بشكل طبيعي ُي َح ّفز منو العضالت من خالل نبضات ميكروية‬ ‫بالغ������ة الصغر باس������تخدام م������واد كيميائية مثل األس���يتايل‬ ‫كول�ي�ن(‪ acetylcholine )2‬وهذه الكيميائيات زهيدة الثمن‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يجعل‪ ،‬ولو بشكل جزئي‪ ،‬مثل هذه املقاربة مغرية‪ .‬ويقول‬ ‫<پوس������ت>‪« :‬ولكن البراعة هنا تكمن في إجرائها على ش������كل‬ ‫نبض������ات متناهية الصغر»‪ .‬علما بأن العقبات أمام إجراء ذلك‬ ‫هي تقانية في طبيعتها وليست علمية‪.‬‬ ‫وبطبيع������ة احلال‪ ،‬ف������إن حتقيق اختراقات ف������ي جميع هذه‬ ‫املجاالت يحتاج إلى التمويل‪ .‬وفي عام ‪ 2008‬عرض املسؤولون‬ ‫في مؤسس������ة املعاملة األخالقية للحيوان������ات(‪ PETA )3‬مليون‬ ‫دوالر أمريك������ي ألول ش������خص أو مجموع������ة من األش������خاص‬ ‫ميكنهم تنمية دجاجة في مختبر جتاريا وبطريقة قابلة للتطبيق‬ ‫بحل������ول عام ‪ ،2012‬ولكن هذا العرض يش������كل نوعا من العمل‬ ‫الدعائي واملثير وال يقدم أي مساعدة للعلماء الذين يحتاجون‬ ‫إلى الدعم املالي إلجراء أبحاثهم اآلن‪ .‬وفي خطوة أكثر جدية‬ ‫قام������ت احلكوم������ة الهولندية برصد نح������و ‪ 800 000‬يورو لدعم‬

‫‪ 5‬يجري حصاد اخلاليا‬ ‫واستهالكها‪ .‬ويكون ظهور‬ ‫شرائط اللحم النحيلة‬ ‫ألول مرة على شكل ُمنتج‬ ‫معالَج مثل النقانق أو‬ ‫اللحم املفروم ‪ -‬وليس‬ ‫على شكل شرائح‪.‬‬

‫مش������روع جديد ميتد إلى أربع سنوات يهدف إلى االستمرار‬ ‫أوترش������ت‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫بأبح������اث اخلاليا اجلذعية في جامعة ِ‬ ‫إعداد دراس������ة تتناول املسائل االجتماعية واألخالقية املتعلقة‬ ‫مبوضوع إنتاج اللحم في املختبر‪.‬‬ ‫عامل الرفض واإلحجام‬

‫( )‬

‫يرى البعض أن القبول االجتماعي يش������كل العائق األكبر‬ ‫على اإلطالق في طريق إنت������اج اللحم في املختبر وعلى نطاق‬ ‫جت������اري‪ .‬ويقول >توميس������تو< [من جامعة أكس������فورد]‪« :‬لقد‬ ‫عرضت على العلماء مصطلح اللحم املس���تنبت (املس���تولد)‬ ‫‪ ،cultured meat‬ورأوا جميع������ا أن ه������ذه فك������رة عظيمة‪ ،‬لكنني‬ ‫حينما أحتدث مع غير العلماء أحس بأنهم أكثر خوفا من هذه‬ ‫الفكرة‪ ،‬إذ إنها تبدو مرعبة‪ ،‬مع أن هذا اللحم يتكون أساس������ا‬ ‫من نفس مواد اللحم الطبيعي‪ ،‬وهي اخلاليا العضلية‪ .‬ويكمن‬ ‫االختالف فقط في طريقة اإلنتاج‪».‬‬ ‫وتش������رف‪ .C> ‬ڤان دي������ر فيلي< [م������ن جامع������ة واگينينگن‬ ‫‪ ]Wageningen‬عل������ى اجلوانب الفلس������فية للدراس������ة الهولندية‬ ‫(فعلى س������بيل املثال تبحث ما إذا كان هن������اك حاجز معنوي‬ ‫يح������ول دون تقبل اللحم املس������تنبت‪ ،‬أم إنه مكروه من الناحية‬ ‫( ) ‪ .THE ICK FACTOR‬إن كلمة ‪ ick‬مشتقة من كلمة ‪sick‬؛ وتستخدم عادة لإلشارة إلى‬ ‫األشياء التي ال نحبها ونعرض عنها‪.‬‬ ‫(‪ )1‬ش������وارزينگر ‪ :Schwarzenegger‬هو بطل كمال أجس������ام أمريكي‪ ،‬أصبح فيما بعد‬ ‫ممثال ثم رجل أعمال وإلى وقت قريب حاكما لوالية كاليفورنيا األمريكية‪.‬‬ ‫(‪ )2‬األس������يتايل كولني ‪ :acetylcholine‬هو موصل عصبي لكل من اجلملتني العصبيتني‬ ‫احمليطية واملركزية‪.‬‬

‫(‪ )3‬‬ ‫التتمة في الصفحة ‪63‬‬

‫‪People for the Ethical Treatment of Animals‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪55‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫سبتمبر‪ /‬أكتوبر‬

‫‪10/9‬‬

‫‪2011‬‬

‫آخر احترار عاملي كبير‬

‫( )‬

‫تشير أدلة جديدة غير متوقعة إلى ّ‬ ‫أن معدل ارتفاع حرارة الكرة‬ ‫األرضية األشد خالل عصور ما قبل التاريخ بدا بطيئا مقارنة مبا نواجهه‬ ‫في الوقت احلاضر‪ .‬وفي هذه احلادثة املهمة دروس من أجل مستقبلنا‪.‬‬ ‫>‪ .R .L‬كامپ<‬

‫جت������ذب الدببة القطبي������ة الزائرين‬ ‫إلى سپيتس������برگني ‪ ،Spitsbergen‬وهي‬ ‫اجلزي������رة الكبرى في أرخبيل س������ڤالبارد بالنروي������ج‪ ،‬ولكن ما‬ ‫جذبني إليها هو صخورها‪ .‬لقد س������افرت في صيف عام ‪2007‬‬ ‫مع زمالئي ‪ -‬وكلن������ا جيولوجيون وعلماء في املناخ ‪ -‬إلى هذه‬ ‫اجلزيرة القطبية الشمالية النائية الكتشاف دليل قاطع على ما‬ ‫كان يع ّد في ذلك احلني أش������د احت������رار عاملي حدث في جميع‬ ‫األزمان‪ .‬وكان يتطلب الوصول إلى التكش������فات الصخرية التي‬ ‫قد حتوي هذه البراهني س������فرا وعرا مدة ساعتني من املسكن‬ ‫الذي كان يستعمله عمال الفحم احلجري في قرية لوجنياربيني‪،‬‬ ‫وهكذا فقد خرجنا في الصب������اح الباكر بعد أن أمضينا ليلتنا‬ ‫هناك لالستراحة‪ .‬وأثناء سيرنا مجهدين فوق جيوب من الثلج‬ ‫الزلق والنباتات املقزّمة‪ ،‬تصورت زمنا سادت فيه على األرجح‬ ‫أشجار النخيل والسراخس والتماسيح في هذه املنطقة‪.‬‬ ‫وإذا ُع������دت إلى ذلك الزمن‪ ،‬أي إلى قرابة ‪ 56‬مليون س������نة‬

‫خلت‪ ،‬لكن������ت تصببت عرقا عوض������ا أن أقاوم البرد‪.‬‬ ‫فقد أش������ارت األبح������اث إلى أنّه ف������ي غضون بضعة‬ ‫آالف من الس������نني‪ ،‬وهي مجرد برهة قصيرة في الزمن‬ ‫اجليولوجي‪ ،‬ارتفعت درجات احلرارة العاملية خمس درجات‬ ‫مئوية‪ ،‬فم ّيزت حدثا هو حمّ ى الكوكب ‪ ،planetary fever‬والذي‬ ‫أطلق عليه العلم������اء مصطلح فترة احلد احل���راري األقصى‬ ‫الپاليوس���يني اإليوس���يني بيت���م )‪ .)1((PETM‬فق������د زحفت‬ ‫املناطق املناخية نحو قطبي األرض على اليابس������ة وفي البحار‬ ‫دافع������ة النباتات واحليوانات إلى الهجرة أو التكيف أو املوت‪.‬‬ ‫ففي بع������ض مناطق أعم������ق أغوار احملي������ط ازدادت حموضة‬ ‫غنى باألكسجني مبيدة بذلك الكثير من‬ ‫مياهها وأصبحت أقل ً‬ ‫املتعضيات (الكائن���ات احلية) ‪ organisms‬التي كانت تعيش‬ ‫فيه������ا‪ .‬فقد اس������تغرقت مواد األرض الطبيعية ‪ 200 000‬س������نة‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪THE LAST GREAT GLOBAL WARMING‬‬ ‫‪Paleocene-Eocene Thermal Maximum‬‬

‫باختصار‬ ‫ارتفعت درجة احل���رارة العاملية خمس‬ ‫درجات مئوية منذ ‪ 56‬مليون س������نة نتيجة حقن‬ ‫كميات كبيرة من غ������ازات االحتباس احلراري‬ ‫في الغالف اجلوي‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫وذلك االنطالق الشديد من الغاز يعادل‬ ‫‪ %10‬فقط من مع������ ّدل انطالق غازات االحتباس‬ ‫احلراري احلابسة للحرارة التي يجري تراكمها‬ ‫في الغالف اجلوي في الوقت احلاضر‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫فالس���رعة احلالية في زي���ادة احلرارة‬ ‫مقلقة أكثر من احلج������م املطلق لهذا التراكم‪،‬‬ ‫وذل������ك للصعوبة البالغ������ة للتك ّيف م������ع تغ ّير‬ ‫مناخي سريع‪.‬‬


57

(2011) 10/9


‫املؤلف‬ ‫‪Lee R. Kump‬‬

‫أستاذ علوم األرض في جامعة والية بنسيلڤانيا وأحد مؤلفي‬ ‫كتاب تنبؤات كارثية ‪ :Dire Predictions‬فهم االحترار العاملي‬ ‫متخصص في ُ‬ ‫احل ّميات الكوكبية‬ ‫(‪ .)DKAdult, 2008‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫‪.planetary fevers‬‬

‫تقريبا لتخفيض هذه احل ّمى‪.‬‬ ‫ولفت������رة بيتم [ارتفاع ح������رارة الكوكب أو احلد احلراري‬ ‫األقصى الپاليوس������يني اإليوس������يني] بعض الش������به املدهش‬ ‫بالتغ ّير املناخي الظاهر للعيان الذي يس ّببه اإلنسان في الوقت‬ ‫احلاضر‪ .‬والش������به األكثر وضوحا هو أنّ املس ّبب لهذا التغ ّير‬ ‫كان احلق������ن الكبير لغازات االحتب������اس احلراري في الغالف‬ ‫اجلوي وفي احمليطات‪ ،‬وهو بكميات تعادل حجم ما ميكن أن‬ ‫يطلقه حرقنا املستمر للوقود األحفوري من غازات في القرون‬ ‫القادم������ة‪ .‬إن معرفة ما جرى بدق������ة خالل فترة بيتم ميكن أن‬ ‫تس������اعدنا على التنبؤ مبا سيكون عليه مستقبلنا‪ .‬فحتى وقت‬ ‫توصلت األس������ئلة الصريحة عن احل������دث إلى تنبؤات‬ ‫قري������ب ّ‬ ‫تقريبية في أحس������ن األحوال‪ .‬فقد وف������رت اإلجابات اجلديدة‬ ‫توضيح������ات معقولة وأش������ارت إلى أنّ عواق������ب آخر احترار‬ ‫عاملي كبير على كوكب األرض بدا بطيئا مقارنة مبا ينتظر في‬ ‫املستقبل‪ ،‬وأضافت املزيد من الدعم إلى التنبؤات بأن البشرية‬ ‫سوف تعاني إذا بقي مسارنا على حاله دون تغيير‪.‬‬ ‫مؤامرة االحتباس احلراري‬

‫( )‬

‫وفي الوقت احلاضر يعتقد الباحثون أنّ فترة بيتم كشفت‬ ‫عن ش������يء ما مشابه‪ :‬بدأت فترة بيتم بشكل ما‪ ،‬متاما كما هو‬ ‫احل������ال في أزمة مناخنا احلالية‪ ،‬م������ع حرق الوقود األحفوري‪.‬‬ ‫ففي ذل������ك الوقت كانت الق������ارة العمالقة پنجي������ا ‪ Pangaea‬في‬ ‫تقس������مها النهائي‪ ،‬وكانت القشرة األرضية تتمزّق إلى‬ ‫مراحل ّ‬ ‫أجزاء متباعدة لتش������كيل اجلزء الش������مالي الشرقي من احمليط‬ ‫األطلس������ي‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬صعدت أحجام ضخمة من الصخور‬ ‫املنصهرة مع حرارة ش������ديدة عبر الكتل القارية التي تش������مل‬ ‫أوروبا وگرينالند مسخنة تلك الرواسب الغنية بالكربون ورمبا‬ ‫حارقة ش������يئا من الفحم احلجري والنفط بالقرب من الس������طح‪.‬‬ ‫وبدورها أطلقت الرواسب املس������خنة كميات كبيرة من الغازين‬ ‫الفعالني من غازات االحتباس احلراري‪ :‬ثاني أكسيد الكربون‬ ‫وامليثان‪ .‬واس������تنادا إلى احلجم الهائل من االنبعاثات البركانية‬ ‫كان������ت البراكني‪ ،‬على األرجح‪ ،‬س������بب التراك������م األولي لغازات‬ ‫االحتباس احلراري التي تُق ّدر ببضع مئات من الپيتاغرامات‬ ‫‪( petagrams‬الپيتاغرام = ‪ )1015g‬من الكربون‪ ،‬أي ما يكفي لرفع‬ ‫‪58‬‬

‫درجة احلرارة العاملية درجتني مئويتني‪ .‬ولكن معظم التحليالت‪،‬‬ ‫مبا في ذلك حتليالتنا‪ ،‬تقترح بأن وصول فترة بيتم إلى درجة‬ ‫حرارتها القصوى‪ ،‬قد تط ّلب ما هو أكثر من ذلك‪.‬‬ ‫بدأت مرحلة احترار ثانية أش������د عندم������ا أطلقت احلرارة‬ ‫الناجمة عن البراكني أمناطا أخرى من الغازات‪ .‬ذلك أنّ حركة‬ ‫مي������اه احمليط������ات الطبيعية التي نقلت ال������دفء إلى قاع البحر‬ ‫البارد أخ ّلت‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬باستقرار اخلزّانات الضخمة من‬ ‫رواس������ب هيدرات امليثان املتجمدة املدفونة هناك‪ .‬وحاملا كانت‬ ‫هي������درات امليثان تذوب‪ ،‬كانت تطلق فقاع������ات غاز امليثان إلى‬ ‫الس������طح‪ ،‬مضيفة املزيد من ثاني أكسيد الكربون إلى الغالف‬ ‫اجل������وي‪ .‬وغاز امليث������ان في الغالف اجل������وي يحبس احلرارة‬ ‫بفعالية أعلى مما يحبسه ثاني أكسيد الكربون‪ ،‬ولكنه يتح ّول‬ ‫بس������رعة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون‪ .‬وطاملا استمر انطالق‬ ‫غاز امليثان كان يس������تمر معه ارتفاع تركيزاته مضخما بذلك‬ ‫شدة مفعول االحتباس احلراري وزيادة احلرارة الناجتة‪.‬‬ ‫ورمبا تزامنت مع ذروة االحترار الناجم عن ذوبان الهيدرات‬ ‫سلسلة من ردود األفعال اإليجابية األخرى‪ ،‬مطلقة بذلك املزيد‬ ‫من ثاني أكس������يد الكربون م������ن مخزوناته على اليابس������ة‪ .‬إنّ‬ ‫جتفيف أو حتميص أو حرق أي مادة سواء أكانت حية اآلن أو‬ ‫فيما مضى‪ ،‬يطلق غ������ازات االحتباس احلراري‪ .‬ومن احملتمل‬ ‫أنّ فت������رات اجلف������اف قد حصلت ف������ي كثير من أنح������اء الكرة‬ ‫األرضية‪ ،‬مبا في ذلك غرب الواليات املتحدة وأوروبا الغربية‪،‬‬ ‫كانت تع ّرض عل������ى األرجح الغابات وأراضي اخل���ث(‪( )1‬نوع‬ ‫من الفحم احلجري) للجفاف؛ وفي بعض احلاالت‪ ،‬الكتس������اح‬ ‫حرائ������ق هائلة مطلقة املزيد من غاز ثاني أكس������يد الكربون في‬ ‫الغالف اجلوي‪ .‬ومن احملتم������ل أن تكون احلرائق التي ينطلق‬ ‫دخانها ببطء من طبقات اخلث والفحم‪ ،‬والتي من املعروف أنها‬ ‫تس������تمر لعدة قرون في العصور احلديث������ة‪ ،‬كانت حتافظ على‬ ‫نشاط إطالق الغاز‪.‬‬ ‫ويحتمل أيض������ا أنّ ذوبان األراض������ي الدائمة التجمد في‬ ‫املناط������ق القطبية قد أدى كذلك إلى تفاق������م الوضع‪ .‬فاألرض‬ ‫الدائمة التج ّم������د التي حتبس النباتات امليتة ملاليني الس������نني‬ ‫تش������به حلم الهمبوركر املتج ّمد ف������ي الثالجة‪ .‬وإن وضع هذا‬ ‫اللح������م على طاولة املطبخ يصيبه بالعفن‪ .‬وكذلك‪ ،‬عندما تذوب‬ ‫األراض������ي الدائمة التج ّمد فإنّ امليكروبات تلتهم ما تخ ّلف عن‬ ‫الذوب������ان مطلقة الكثير من غاز امليث������ان‪ .‬وما يقلق العلماء هو‬ ‫أنّ انطالق امليثان من القطب الش������مالي الذائب ميكن أن يزيد‬ ‫كثيرا من االحترار احلالي الناجم عن حرق الوقود األحفوري‪،‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪GREENHOUSE CONSPIRACY‬‬ ‫‪peat lands‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫اكتشاف مدهش‬

‫من حني إلى آخر‬

‫ترتفع احلرارة العاملية بسرعة أكبر في الوقت احلاضر من ارتفاعها خالل فترة بيتم‬

‫( )‬

‫العصراحلديث‪ :‬إن احلرارة العاملية التي‬ ‫تغ ّذيها معدالت مرتفعة من االنبعاثات (تصل‬ ‫إلى ‪ 25‬پيتاغرام من الكربون في السنة) ترتفع‬ ‫بسرعة‪ ،‬ولن تتوقف إ ّال عندما تتوقف االنبعاثات‪.‬‬

‫فترة بيتم‪ :‬أدت انبعاثات بطيئة‪،‬‬ ‫لكن ثابتة (تصل إلى ‪ 1.7‬پيتاغرام من‬ ‫الكربون في السنة)‪،‬إلى تسخني تدريجي‬ ‫لكوكب األرض منذ نحو ‪ 56‬مليون سنة‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪4‬‬

‫أين نحن اآلن‬

‫ارتفاع درجات احلرارة‬ ‫( درجة مئوية)‬

‫يعتم���د م���دى س���رعة االحت���رار العاملي عل���ى مدى‬ ‫سرعة تراكم غازات االحتباس احلراري في الغالف‬ ‫اجلوي‪ .‬وتتوق���ع التقديرات ارتفاع درجة احلرارة‬ ‫قرابة ثماني درجات مئوية في عام ‪ ،2400‬وذلك إذا‬ ‫استمر حرق الوقود األحفوري وبقي عزل الكربون‬ ‫دون تغيي���ر‪ .‬فحجم انطالق الكرب���ون املقدّر بنحو‬ ‫‪ 5000‬پيتاغ���رام‪ ،‬مياث���ل ف���ي احلجم ما غ��� ّذى فترة‬ ‫احلد احلراري األقصى الپاليوس���يني اإليوسيني‬ ‫بيت���م‪ ،‬لكن املعدل الس���ابق [في فت���رة بيتم]‪ ،‬الذي‬ ‫كان يعتق���د فيم���ا مضى أن���ه س���ريع‪ ،‬كان أبطأ من‬ ‫سرعته في الوقت احلاضر‪.‬‬

‫‪PETM‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪10,000‬‬

‫‪20,000‬‬

‫وكذلك كان اإلسهام احملتمل لذوبان الطبقات الدائمة التج ّمد‬ ‫خالل فترة بيت���م أكبر بكثير‪ .‬فقد كان الكوكب أكثر دفئا في‬ ‫ذلك احلني‪ ،‬لذا فإنه حتى قبل فترة بيتم‪ ،‬كانت القارة القطبية‬ ‫اجلنوبي������ة تفتقر إلى األغطية اجلليدي������ة التي تغطي األراضي‬ ‫املتجم������دة ف������ي الوقت احلاض������ر‪ .‬ولكن تلك الق������ارة كانت ال‬ ‫تزال حتوز على أراض دائم������ة التج ّمد‪ ،‬وجميعها تُرك ليذوب‬ ‫بالضرورة في نهاية املطاف‪.‬‬ ‫وعندم������ا بدأ إطالق الغازات‪ ،‬امتص������ت احمليطات الكثير من‬ ‫ثاني أكس������يد الكربون (وغ������از امليثان ال������ذي كان يتح ّول الحقا‬ ‫إلى ثاني أكس������يد الكربون)‪ .‬فقد ساعد العزل الطبيعي للكربون‬ ‫ف������ي البداية على بدء عملية االحترار‪ .‬و بعد ذلك تس������رب الكثير‬ ‫من الغاز ف������ي النهاية إلى أعماق احمليط������ات وأحدث مزيدا من‬ ‫حمض الكربونيك‪ ،‬وهي عملية تعرف بالتحمض ‪.acidification‬‬ ‫وإضافة إلى ذلك‪ ،‬وبقدر ما كانت مياه البحر العميقة تسخن كان‬ ‫محتواها من األكس������جني يتناقص (إذ ال ميكن للمياه الدافئة أن‬ ‫حتتجز القدر نفس������ه من هذا الغاز الداعم للحياة الذي يحتجزه‬ ‫املاء البارد)‪ .‬وقد سببت هذه التغييرات كارثة لبعض املتعضيات‬ ‫امليكروس���كوبية ‪ microscopic organisms‬املس������ماة املنخرب���ات‬ ‫‪ foraminifera‬التي كانت تعيش على قاع البحر وضمن رواسبه‪.‬‬ ‫فالس������جل األحفوري يكش������ف عن عدم قدرتها على التك ّيف‪ ,‬إذ‬ ‫انقرض من أنواعها ما نسبته ‪ 30‬إلى ‪ 50‬في املئة‪.‬‬ ‫معرفة ُل ّب ّية‬

‫( )‬

‫كان واضحا منذ عام ‪ 1990‬أن االنطالق الواسع النطاق لغازات‬ ‫االحتباس احلراري هو الذي أوقد فترة بيتم‪ ،‬وذلك عندما جرى‬ ‫اكتشاف ذلك ألول مرة من قبل اثنني من الباحثني في كاليفورنيا‬ ‫في س������جل مناخي ميتد إلى ماليني الس������نني استُخلص من ُل ّب‬ ‫(ق���وارة) ‪ core‬رواس������ب اس������تخرجت من قاع البحر بالقرب من‬ ‫القط������ب اجلنوبي‪ .‬ولكن تفصيالت هذا االنطالق لم تكن واضحة‬

‫املدة (بالسنني)‬

‫بدء انطالق غازات االحتباس احلراري‬

‫متاما مبا في ذلك كمية الغاز املنطلقة ونوعيته التي سادت‪ ،‬واملدة‬ ‫التي استغرقها انطالقه‪ ،‬وما الذي س ّرع هذا االنطالق‪.‬‬ ‫وفي الس������نوات التي تلت ذلك االكتشاف‪ ،‬ح ّلل عدد كبير من‬ ‫العلماء مئات من ُل ُبوب (قوارات)(‪ )1‬الرواسب األخرى املستخرجة‬ ‫من الس������بور التي حفرت في أعماق البح������ار للبحث عن األجوبة‪.‬‬ ‫فعندم������ا ّ‬ ‫تتوضع الرواس������ب ببطء‪ ،‬طبقة بع������د طبقة‪ ،‬فإنها حتبس‬ ‫املعادن ‪ -‬مبا في ذلك بقايا هياكل الكائنات احلية البحرية ‪ -‬التي‬ ‫حتتف������ظ ببصمات (أدلة) تدل على تركي������ب احمليطات التي تعيش‬ ‫فيها‪ ،‬أو تركيب الغالف اجلوي‪ ،‬إضافة إلى أشكال من احلياة التي‬ ‫كانت موجودة في زمن الترس������يب‪ .‬فاملزيج من األشكال املختلفة‬ ‫لذرات األكس������جني‪ ،‬وبتعبير آخر لنظائره‪ ،‬في بقايا الهياكل كان‬ ‫يكشف‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬عن درجة حرارة املياه‪.‬‬ ‫ولبوب (قوارات) تلك الرواسب تق ّدم عندما حتفظ حفظا جيدا‬ ‫������ن العديد من تلك اللبوب التي‬ ‫س������جال جميال لتاريخ املناخ‪ .‬ولك ّ‬ ‫تش������مل فترة بيتم لم تكن في حالة جيدة‪ .‬فقد كانت أجزاء منها‬ ‫مفقودة‪ ،‬واألجزاء املتبقية تفتتت مع مرور الزمن‪ .‬وعادة ما تكون‬ ‫رواسب قاع البحر غنية مبعدن كربونات الكالسيوم‪ ،‬وهو املركب‬ ‫الكيميائي نفسه املوجود في األقراص املضادة حلموضة املعدة‪.‬‬ ‫وخ���ل��ال فترة بيت���م كانت الزيادة في حموض������ة مياه احمليطات‬ ‫تف ّكك الكثير من الكربونات في رواس������ب الطبقات نفس������ها التي‬ ‫كانت يجب أن مت ّثل األوضاع القصوى لفترة بيتم‪.‬‬ ‫وهذا هو الس������بب الذي دعان������ي وزمالئي إلى عقد اجتماع‬ ‫في سبيتس������برگني في عام ‪ 2007‬مع مجموعة من الباحثني من‬ ‫بريطاني������ا والنرويج وهولندا برعاية ش������بكة اجلامعات العاملية‪.‬‬ ‫كان لدينا مس������ ّوغ لالعتقاد أن صخ������ور هذا اجلزء من القطب‬ ‫الش������مالي التي كانت مك ّونة‪ ،‬كلي������ا تقريبا‪ ،‬من الطني والغضار‬ ‫ميكن أن توفر سجال مكتمال لذلك احلدث القدمي من االحترار‬ ‫( )‬ ‫( )‬ ‫(‪cores )1‬‬

‫‪Now and Then‬‬

‫‪ ،CORE KNOWLEDGE‬أو‪ :‬معلومات عن قوارات الرواسب‪.‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪59‬‬


‫أذى يحل باحلياة‬

‫‪60‬‬

‫شديد‬

‫أظهرت لبوب القطب الشمالي أنّها خاصة جدا‪ .‬فهي األولى‬ ‫تسجل كامل مدة تسخني فترة بيتم وعودتها إلى حالتها‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫العادية‪ ،‬فقد زودتنا بأكمل صورة عن الفترة التي كانت غازات‬ ‫االحتب������اس احلراري تنطلق خاللها ف������ي الغالف اجلوي‪ .‬وكنا‬ ‫نتوقع أن الدقة غير املس������بوقة لهذه السجالت املناخية ستوفر‬ ‫في نهاية املطاف أدق اإلجابات احلاسمة املتوافرة حتى اآلن عن‬

‫س����خونات (حميات) كوك����ب األرض املفاجئة – كمثل‬ ‫الس����يناريو الذي يج����ري في الوق����ت احلاضر – هي‬ ‫أش����د وطأة عل����ى احلياة من ارتفاعه����ا األبطأ‪ .‬ويبني‬ ‫الس����جل األحف����وري أن التغيّ����ر البط����يء إل����ى دفيئة‬ ‫‪ hothouse‬خ��ل�ال فت����رة م����ا قب����ل ‪ 120‬إل����ى ‪ 90‬ملي����ون‬ ‫س����نة‪ ،‬أثناء الدور الكريتاسي‪ ،‬كان غير مؤذ‪ ،‬مقارنة‬ ‫بالتغي����ر في فت����رة بيتم‪ ،‬الذي كان أس����رع بألف مرة‪.‬‬ ‫وقد خضعت الفترة األخيرة منذ مدة طويلة للدراسة‬ ‫إليج����اد أدلة على املدى الذي س����ينتهي إليه االحترار‬ ‫العامل����ي احلال����ي‪ ،‬ولك����ن التغيّ����ر احل����راري احلال����ي‬ ‫األسرع يشير إلى أن عواقبه على احلياة على األرض‬ ‫ستكون أقسى من أي تغ ّير جرى من قبل‪.‬‬

‫متوسط‬

‫زمن ممتد‬

‫( )‬

‫دروس مستقاة من‬ ‫االحترارات العاملية السابقة‬

‫( )‬

‫ضعيف‬

‫ويحل في النهاية بعض األس������ئلة التي ل������م جتر اإلجابة عنها‬ ‫بع������د‪ .‬لقد أردنا في الواقع أخ������ذ عيناتنا من هضبة تع ّرضت‬ ‫لالنحت������ات‪ ،‬وليس من حتت قاع البحر‪ .‬فالرواس������ب التي كنّا‬ ‫نفتش عنها ترس������بت في حوض قدمي للمحيط‪ ،‬وارتفعت فوق‬ ‫مستوى البحر بفعل حركات القوى التكتونية التي حدثت بعد‬ ‫فت������رة بيتم‪ ،‬حيث ن َ​َح َتتْها فيما بعد جليديات العصر اجلليدي‬ ‫إلى سلس������لة جبال سبيتسبرگني املدهش������ة املؤلفة من جبال‬ ‫شاهقة شديدة االنحدار ووديان واسعة‪.‬‬ ‫بع������د تل������ك الرحل������ة االستكش������افية األولى م������ن لونكيربني‬ ‫‪ ،Longyearbyen‬وح���ي��ن كنا نضع خطط������ا للعمل امليداني وأخذ‬ ‫العينات الصخرية‪ ،‬اكتش������فنا ما خلصن������ا من حمل أثقال‪ .‬فقد‬ ‫أعلمنا أحد اجليولوجيني احملليني املخططني للمستقبل أن شركة‬ ‫التعدين النرويجية التي كان يعمل حلس������ابها اس������تخرجت قبل‬ ‫ـوارات) من طبقات رواسب فترة بيتم‪ .‬وقد أخذ‬ ‫سنوات لبوبا (ق ٍ‬ ‫على عاتقه حفظ كيلومترات من تلك اللبوب على أمل أن تس������نح‬ ‫الفرصة يوما ما للعلماء بأن يستفيدوا منها‪ .‬وقد قادنا إلى كوخ‬ ‫معدني كبير على مش������ارف املدينة حي������ث يوجد اآلن اللب الذي‬ ‫ُق ّطع إلى إس������طوانات بطول ‪ 1.5‬متر مخزنة في مئات الصناديق‬ ‫اخلش������بية املسطحة‪ .‬وقد تر ّكزت جهودنا طوال املدة الباقية من‬ ‫تلك الرحلة‪ ،‬وخالل الزيارة الثانية في عام ‪ ،2008‬على احلصول‬ ‫على عينات من أجزاء مختارة من ذلك اللب الطويل‪.‬‬ ‫وعند عودتنا إلى املختبر اس������تخلصنا م������ن تلك العينات‪،‬‬ ‫وعلى مدى عدة س������نوات‪ ،‬بصم������ات كيميائية نوعية ميكن أن‬ ‫تزودنا مبعلومات عن حالة األرض في فترة بيتم‪ .‬ولفهم املزيد‬ ‫عن محتوى غازات االحتباس احلراري في اجلو‪ ،‬درسنا املزيج‬ ‫املتغ ّير من نظائر الكربون‪ ،‬الذي كنا نكتش������فه على األغلب في‬ ‫امل������واد العضوية احملفوظة في رواس������ب الغَضار‪ .‬ومن خالل‬ ‫عمليات االس������تخراج والتحاليل ألكثر من ‪ 200‬طبقة من اللب‪،‬‬ ‫أمكننا إعادة بناء الكيفية التي تغ ّيرت خاللها هذه العوامل مع‬ ‫الزمن‪ .‬وكما توقعن������ا كانت بصمات نظائر الكربون تتغ ّير في‬ ‫الطبقات تغ ّيرا كبيرا‪ ،‬وعرفنا من خاللها أنّ عمر هذه الطبقات‬ ‫يعود إلى ما قبل ‪ 56‬مليون سنة تقريبا‪.‬‬

‫نتائج‬

‫ما قبل ‪ 146‬مليون سنة‬

‫الــــــــــــــــــــــــــــــكــــــــــــــــــــــــــــــريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ولكن‪ ،‬للحصول على تلك‬ ‫كمية ومصدر ومدة انطالق الغازات‪ّ .‬‬ ‫النتائج‪ ،‬كان علينا أن نذهب إلى ما هو أبعد من مجرد استقراء‬ ‫تركي������ب وتركيز املواد ف������ي اللبوب‪ .‬فقد طلبن������ا إلى >‪ .Y‬كوي<‬ ‫[تلميذي في الدراس������ات العليا بجامعة والية بنسلڤانيا]‪ ،‬عمل‬ ‫منوذج حاسوبي محنك يحاكي االحترار بناء على ما عرفناه من‬ ‫التغيرات التي طرأت على بصمات نظائر الكربون املستخلصة‬ ‫من لبوب القطب املتجمد الشمالي ودرجة انحالل كربونات قاع‬ ‫البحر املستخلصة من لبوب أعماق البحر‪.‬‬ ‫ج ّرب >كوي< س������يناريوهات مختلفة اس������تغرق كل منها‬ ‫عمل على احلاس������وب إلنهاء قصة فترة بيتم الكاملة‪.‬‬ ‫ش������ه َر ٍ‬ ‫وقد افترض البعض إس������هامات أكبر لهيدرات امليثان‪ ،‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬وافترض البعض اآلخر إسهامات أكبر ملصادر‬ ‫غاز ثاني أكس������يد الكربون‪ .‬والسيناريو األمثل الذي يتوافق‬ ‫أفض������ل ما يكون مع األدلـ������ة املــاديــة كـ ـ������ان يتط ّلب إضـاف ــة‬ ‫مـ������ا بـني ‪ 3000‬و ‪ 10 000‬پيتاغرام م������ن الكربون إلى الغالف‬ ‫مما ميكن أن تطلقه البراكني‬ ‫اجل������وي واحمليطات‪ ،‬وهذا أكثر ّ‬ ‫أو هي������درات امليثان؛ لذلك يجب أن تكون قد أس������همت أيضا‬ ‫املناط������ق املتجم������دة‪ ،‬أو اخلث والفحم احلج������ري‪ .‬ويقع هذا‬ ‫التقدي������ر عند احل������دود العليا من قيم التقدي������رات التي كانت‬ ‫( ) ‪STRETCHING TIME‬‬ ‫( ) ‪LESSONS FROM PAST WARMINGS‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫فترة بيتم (سرعة متوسطة باعتدال)‬

‫دفيئة الكريتاسي (سرعة بطيئة)‬

‫معدل التسخني‪ 0.025 :‬درجة مئوية كل ‪ 100‬سنة‬ ‫املدة‪ :‬آالف السنني‬ ‫االحترار الكلي‪ 5 :‬درجات‬ ‫السبب الضمني الرئيسي‪ :‬البراكني؛ فقاعات غاز‬ ‫امليثان الصاعدة من قاع احمليطات؛ احتراق اخلث‬ ‫التجمد‪.‬‬ ‫والفحم احلجري؛ ذوبان الطبقات الدائمة‬ ‫ّ‬ ‫التغيّر البيئي‪ :‬حتوّ ل املياه العميقة في البحار إلى‬ ‫مياه حمضية‪.‬‬ ‫استجابة احلياة‪ :‬انقراض بعض أشكال احلياة‬ ‫على قاع احمليطات‪ ،‬غير أنّ معظم احلياة على‬ ‫اليابسة كانت تتكيّف أو تهاجر‪.‬‬

‫معدل التسخني‪ 0.000025 :‬درجة مئوية‬ ‫كل ‪ 100‬سنة‬ ‫املدة‪ :‬ماليني السنني‬ ‫االحترار الكلي‪ 5 :‬درجات مئوية‬ ‫السبب الضمني الرئيسي‪ :‬ثورانات بركانية‬ ‫التغيّر البيئي‪ :‬امتصت مياه احمليطات ببطء‬ ‫ثاني أكسيد الكربون ولذلك لم تتحوّ ل إلى مياه‬ ‫حمضية‪.‬‬ ‫استجابة احلياة‪ :‬كان لدى جميع املخلوقات زمن‬ ‫كاف للتكيّف أو للهجرة‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫االحترار احلديث (سريع)‬

‫معدل التسخني‪ 1 :‬إلى ‪ 4‬درجات مئوية كل ‪ 100‬سنة‪.‬‬ ‫املدة‪ :‬عشرات إلى مئات السنني‪.‬‬ ‫االحترار الكلي‪ 2 :‬إلى ‪ 10‬درجات مئوية ترتفع على‬ ‫مدى السنوات املئتني او الثالثمئة القادمة‪.‬‬ ‫السبب الضمني الرئيسي‪ :‬احتراق الوقود األحفوري‪.‬‬ ‫التغيّر البيئي‪ :‬زيادة حموضة احمليطات؛ طقس أكثر‬ ‫حدة‪ ،‬ذوبان اجلليديات‪ ،‬ارتفاع مستوى البحار‪.‬‬ ‫استجابة احلياة‪ :‬هجرة الكثير من أنواع الكائنات‬ ‫احلية نحو القطب؛ تراجع البيئات احليوانية‬ ‫والنباتية؛ ابيضاض املرجانيات؛ انقراضات‬ ‫الكائنات احلية‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫‪ 65‬مليون سنة‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتــــــــــــــــــــــــــــــاســـــــــــــــــــــــــــــي‬

‫مليون‬ ‫سنة‬

‫الپاليوسني‬

‫‪ 34‬مليون سنة‬

‫اإليـــــــــــــــوســـــــــــــــني‬

‫تس������تند من قبل إلى بصم������ات النظائر من لبوب وإلى مناذج‬ ‫حاس������وبية أخرى‪ .‬ولكن الذي فاجأنا أكث������ر هو أنّ انطالق‬ ‫الغازات كان يحدث طوال ‪ 20 000‬س������نة تقريبا ‪ -‬وهي فترة‬ ‫زمني������ة أطول من مرتني إلى ‪ 20‬مرة من الفترة التي مت التنبؤ‬ ‫بها من قبل‪ .‬وطول هذه املدة يدل ضمنا على أنّ معدل احلقن‬ ‫خالل فترة بيتم كان أقل من ‪ 2‬پيتاغرام في الس������نة – وهو‬ ‫مج ّرد جزء صغير من معدل ما يطلق حرق الوقود األحفوري‬ ‫من غازات االحتباس احلراري في الغالف اجلوي في الوقت‬ ‫احلاضر‪ .‬وف������ي الواقع يجري على األرجح ارتفاع تركيزات‬ ‫ثاني أكس������يد الكربون اآلن بسرعة أكبر بنحو ‪ 10‬مرات مما‬ ‫كانت عليه خالل فترة بيتم‪.‬‬ ‫وهذا الفهم اجلديد له انعكاسات عميقة بالنسبة إلى املستقبل‪.‬‬ ‫إذ يخبرنا الس������جل األحفوري أن تأثير س������رعة تغير املناخ في‬ ‫الطريقة التي تتكيف بها أشكال احلياة والنظم اإليكولوجية أكبر‬ ‫بكثير من تأثيره في حج������م التغير‪ .‬ومتاما كما تفضلون عناقا‬ ‫من صديق عل������ى لكمة في املعدة‪ ،‬تس������تجيب احلياة للتغ ّيرات‬ ‫البطيئة بإيجابية أكثر من استجابتها للتغيرات السريعة‪ .‬وهذا‬ ‫م������ا كان عليه احلال خالل التغ ّير احل ّدي نحو مناخ مس���تنبت‬ ‫مدفأ(‪ )1‬خالل الزمن الكريتاس������ي (ال������ذي انتهى قبل ‪ 65‬مليون‬ ‫س������نة‪ ،‬عندما قتل صدم كويكب ل���ل��أرض الديـنوصورات)‪ .‬لقد‬ ‫كان احلج������م الكلي الحترار االحتب������اس احلراري خالل الزمن‬

‫الوقت‬

‫احلاضر‪‬‬

‫الكريتاسي مماثال حلجم االحترار الذي حصل في فترة بيتم‪،‬‬ ‫غي������ر أنّ احلدث األول امتد ماليني الس������نني‪ ،‬ب������دال من آالفها‪،‬‬ ‫ولذلك لم يحدث انقراض ملحوظ للكائنات احلية؛ فقد كان لدى‬ ‫الكرة األرضية وسكانها الكثير من الوقت للتكيف‪.‬‬ ‫لس������نوات اعتبر العلماء أنّ فترة بيتم املثال األفضل للح ّد‬ ‫األقصى املقابل‪:‬أي ألس������رع تغ ّي������ر مناخي ُع ِر َف في أي وقت‬ ‫مضى‪ ،‬والذي ينافس أكثر التنبؤات تش������اؤما للمستقبل‪ .‬وفي‬ ‫ض������وء ذلك‪ ،‬فإن نتائ������ج فترة بيتم لم تَب ُد أنها س������يئة للغاية‪.‬‬ ‫ففي ما عدا املنخربات القليل������ة احلظ في أعماق البحار‪ ،‬فإن‬ ‫جمي������ع احليوانات والنبات������ات جنت على ما يب������دو من موجة‬ ‫احلرارة ‪ -‬حت������ى ولو اضطرت إلى القي������ام ببعض التك ّيفات‬ ‫اجلدي������ة للبقاء على قيد احلياة‪ .‬فبع������ض املتعضيات تقزّمت‪،‬‬ ‫فقد كانت ثدييات فترة بيتم على وجه اخلصوص‪ ،‬أصغر من‬ ‫أس���ل��افها وأنسالها على حد س������واء‪ ،‬ورمبا كان تغ ّيرها نحو‬ ‫التقزّم يعود إلى أن األجس������ام األصغ������ر تكون بحالة صحية‬ ‫أفضل عند تبديدها احلرارة‪ ,‬من األجسام األكبر حجما‪ ،‬وقد‬ ‫تقزّمت أيضا احلشرات والديدان التي تعيش في اجلحور‪.‬‬ ‫لقد أنقذت هجرة واس������عة نحو القط������ب مخلوقات أخرى‪،‬‬ ‫حت������ى إنّ بعضها ازدهر في أراضيها املوس������عة‪ .‬ففي البحر‪،‬‬ ‫انتقلت أفراد اجلنس أپيكتودينيوم ‪ Apectodinium‬وهي من‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ hothouse climate‬أو مناخ دفيئة‪.‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪61‬‬


‫الس���وطيات الدوام���ة ‪ ،dinoflagellate‬الت������ي تعيش عادة في‬ ‫املناطق ش������به املدارية‪ ،‬إلى احمليط املتجمد الش������مالي‪ .‬وعلى‬ ‫اليابس������ة‪ ،‬هاجر العديد من احليوانات التي كانت محصورة‬ ‫في املناطق املدارية إلى أمريكا الش������مالية وأوروبا ألول مرة‪،‬‬ ‫مبا في ذلك الس���ل��احف والثدييات احلافري������ة‪ .‬وقد أتاح هذا‬ ‫التوسع الكثير من الفرص أمام الثدييات للتطور وملء مواطن‬ ‫جديدة‪ ،‬وكانت له نتائج عميقة على البش������ر‪ :‬فقد تض ّمن ذلك‬ ‫التنوع الكبير نشوء الرئيسات‪.‬‬ ‫هل حدث ذلك بسرعة عالية؟‬

‫( )‬

‫بعد أن صرنا نعلم اآلن أنّ سرعة فترة بيتم كانت معتدلة‬ ‫في أس������وأ األح������وال‪ ،‬ولم تكن في الواقع س������ريعة جدا‪ ،‬فإنّ‬ ‫أولئك الذي������ن زعموا أنّ نتائجها البيولوجي������ة حميدة‪ ،‬لتبرير‬ ‫التأثير غير امل������ؤذي الحتراق الوقود األحف������وري‪ ،‬يحتاجون‬ ‫إلى التفكي������ر مرة أخرى‪ .‬وللمقارنة‪ ،‬يح������دث التغ ّير املناخي‬ ‫اجلاري حاليا بس������رعة خطي������رة‪ .‬ففي غض������ون عقود‪ ،‬أ ّدى‬ ‫اجتثاث الغابات والسيارات ومحطات توليد الطاقة من الفحم‬ ‫احلج������ري الالزمة للث������ورة الصناعية إلى زيادة نس������بة ثاني‬ ‫أكسيد الكربون بأكثر من ‪ 30‬في املئة‪ ،‬ونحن اآلن نضخ تسعة‬ ‫پيتاغرامات من الكربون في الغالف اجلوي كل عام‪ .‬وتش������ير‬ ‫التقديرات‪ ،‬التي تأخذ باحلس������بان النمو السكاني والتصنيع‬ ‫املتزايد في الدول النامية‪ ،‬إلى أن تلك النسبة ميكن أن تصل‬ ‫إلى ‪ 25‬پيتاغرام كل س������نة قبل أن تُستنفد جميع احتياطيات‬ ‫الوقود األحفوري‪.‬‬ ‫وعادة‪ ،‬ير ّكز العلماء وصناع السياسة املهتمني بالتأثيرات‬ ‫احملتمل������ة للتغ ّي������ر املناخي ف������ي املنتجات النهائي������ة‪ ،‬وتُطرح‬ ‫األس������ئلة التالية‪ :‬ما هي كمية اجلليد التي ستذوب؟ وما هو‬ ‫االرتفاع الذي س������يصل إليه مستوى البحر؟ إ ّال أن الدرس‬ ‫اجلديد املس������تفاد من البحث في فترة بيتم يوجب عليهم أن‬ ‫يسألوا أيضا‪ :‬بأي سرعة سوف حتدث هذه التغ ّيرات؟ وهل‬ ‫س������يكون لس������كان األرض الوقت الكافي للتكيف؟ وإذا كان‬ ‫التغ ّير يحدث بس������رعة أكبر مم������ا ينبغي أو إذا كانت عوائق‬ ‫الهج������رة أو التكيف تبدو كبيرة‪ ،‬فإنّ احلياة تنقرض‪ :‬تنتهي‬ ‫احليوانات والنباتات إل������ى االنقراض‪ ،‬و يتغ ّير املظهر العام‬ ‫للعالم آلالف السنني‪.‬‬ ‫ونظ������را ألنّنا موج������ودون في الفترة املبك������رة من االرتفاع‬ ‫احلال������ي حلرارة األرض‪ ،‬فم������ن الصعب التنبؤ مب������ا ينتظرنا‬ ‫في املس������تقبل‪ .‬ولكننا نعرف بالفعل أشياء قليلة‪ .‬وكما لخُ ّ ص‬ ‫ف������ي آخر تقارير اللجن���ة الدولية ما ب�ي�ن احلكومات لتغير‬ ‫املناخ(‪ ،)1‬فإنّ النظم البيئية كانت تستجيب بحساسية الرتفاع‬ ‫‪62‬‬

‫درجة حرارة األرض‪ .‬وهناك أدلة واضحة على زيادة حموضة‬ ‫الطبقات السطحية من املياه وما ينتج منها من إجهادات على‬ ‫احلياة البحري������ة [انظر‪« :‬تهديد احلي������اة البحرية من الداخل‬ ‫‪ ،‬العددان ‪ ,(2010) 10/9‬ص ‪ .]78‬كما‬ ‫إل������ى اخل������ارج»‪،‬‬ ‫أن انقراض األن������واع آخذ باالزدياد‪ ،‬وتغيي������ر مواقع املناطق‬ ‫املناخية دف������ع بالفعل النباتات واحليوان������ات الباقية على قيد‬ ‫احلي������اة إل������ى تغيير مواقعه������ا‪ ،‬وغالبا ما كان������ت حتمل معها‬ ‫آفات ممرضة وأنواعا أخرى مؤذية تغ ّلبت عليها في مناطقها‬ ‫اجلدي������دة‪ .‬وبخالف النباتات واحليوانات التي عاش������ت خالل‬ ‫فترة بيت���م تواجه النباتات واحليوانات حاليا طرقا وس������ككا‬ ‫حديدية وس������دودا ومدنا وبلدات تعت������رض طرق هجرتها إلى‬ ‫من������اخ أكثر مالئم������ة‪ .‬وفي هذه األيام تنحص������ر بالفعل معظم‬ ‫احليوان������ات الكبيرة في أمكنة صغيرة بفع������ل فقدان املواطن‬ ‫املجاورة؛ وفي كثير من احلاالت‪ ،‬ستنعدم فرصها في االنتقال‬ ‫إلى خطوط عرض جديدة للبقاء على قيد احلياة‪.‬‬ ‫إضافة إل������ى ذلك‪ ،‬يس������تمر ذوبان اجلليدي������ات واألغطية‬ ‫اجلليدي������ة مما يس������بب ارتفاع مس������توى البح������ار؛ وتتعرض‬ ‫الش������عاب املرجانية على نح������و متزايد لألم������راض واإلجهاد‬ ‫احلراري؛ وتش������يع أيضا فترات اجلف������اف والفيضانات أكثر‬ ‫من قب������ل‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬ميك������ن للتغ ّيرات ف������ي أمناط معدالت‬ ‫هطول األمطار وارتفاع خطوط الشواطئ عندما يذوب اجلليد‬ ‫القطبي‪ ،‬أن تسهم في الهجرات اجلماعية البشرية على نطاق‬ ‫لم يس������بق له مثيل‪ ،‬وقد ب������دأ بعضها بالفعل [انظر‪« :‬مصائب‬ ‫‪ ،‬العددان ‪ ,(2011) 6/5‬ص ‪.]38‬‬ ‫التغ ّير املناخي»‪،‬‬ ‫إنّ االحت������رار العامل������ي احلالي هو ف������ي طريقه إلى جتاوز‬ ‫فترة بيتم بأش������واط بعيدة‪ ،‬ولكن رمبا ال يكون الوقت متأخرا‬ ‫جدا لتجن������ب الكارثة التي تنتظرنا‪ .‬وللقي������ام بذلك يجب على‬ ‫جميع ش������عوب العالم اتخاذ إج������راءات فورية إلنقاص تراكم‬ ‫ثاني أكس������يد الكربون اجلوي – وضمان أن تبقى فترة احلد‬ ‫احل���راري األقص���ى الپاليوس���يني اإليوس���يني (بيتم) هي‬ ‫>‬ ‫فترة آخر احترار عاملي كبير‪.‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬

‫?‪TOO FAST‬‬ ‫‪Intergovernmental Panel on Climate Change‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, July 2011‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 55‬داخل مختبر اللحم)‬

‫األخالقي������ة‪ ،‬أم إنه خليط من االثن���ي��ن؟)‪ .‬ولقد أثارت اهتمامها‬ ‫تل������ك االنفعاالت العاطفية الت������ي تكونت لدى البعض نحو هذه‬ ‫الفكرة‪ ،‬وتقول‪« :‬نحن نس������مي ه������ذه ردة فعل س���لبية ‪yuck‬‬ ‫‪ ،response‬إذ يعتق������د الناس في البداية أن هذا اللحم قد يكون‬ ‫ملوثا أو مثيرا لالشمئزاز‪».‬‬ ‫وتالح������ظ >ڤان دير فيلي< أن ذلك اإلدراك احلس������ي ميكن‬ ‫أن يتغير بس������رعة‪ ،‬وتشير إلى أن الناس غالبا ما يربطون بني‬ ‫اللحم املس������تنبت وبني فكرتني أخريني‪ :‬تتعلق األولى باألطعمة‬ ‫املعدل������ة وراثيا‪ ،‬والت������ي غالبا ما ُينظر إليها ف������ي أوروبا على‬ ‫أنه������ا مخطط خطير للش������ركات الكبرى يهدف إلى الس������يطرة‬ ‫أو التحك������م في مصادر الغذاء؛ أم������ا الثانية‪ ،‬فتتعلق باإلدراك‬ ‫احلس������ي السلبي جتاه صناعة اللحوم بشكل عام‪ ،‬وما يرتبط‬ ‫بها من مش������كالت مزارع التصنيع واألمراض وسوء معاملة‬ ‫احليوانات‪ .‬وإذا ما أدرك الناس حقيقة اللحم املس������تنبت وأنه‬ ‫غي������ر معدل وراثيا‪ ،‬وميكن أن يك������ون نظيفا وبديال عن مزارع‬ ‫التصني������ع وصديق������ا للحيوانات‪ ،‬فإنها ترى أن «االس������تجابة‬ ‫املروعة والشديدة السلبية عادة ما تزول سريعا‪».‬‬ ‫وبطبيعة احلال‪ ،‬فإن مثل هذه املالحظات هي مجرد أقاويل‪،‬‬ ‫فالدراس������ة املزمع إجراؤها هي التي س������وف تقدراالستجابة‬ ‫الش������عبية للحم املختبرات بش������كل تفصيلي؛ وتق������ارن ردود‬ ‫األفع������ال في مناط������ق مختلفة وذات ثقاف������ات متنوعة‪ ،‬وبعدها‬ ‫ميك������ن أن نعني الطرائق التي قد تس������اعد عل������ى زيادة إقبال‬ ‫املس������تهلكني‪ .‬ويحلم املناصرون لقضية اللحم املس������تنبت في‬ ‫ي������وم تقوم في������ه احلكومات بفرض ضرائب بيئي������ة على اللحم‬ ‫املنتج من مصادره احليوانية؛ أي من املاشية‪ ،‬أو حينما ُيق ِبل‬ ‫املس������تهلكون على اللحم املنتج ف������ي املختبر وعليه بطاقة ُكتب‬ ‫عليها «خال من القسوة» ‪.cruelty-free‬‬ ‫ويقول <پوس������ت>‪ ،‬الذي قضى س������ت س������نوات في جامعة‬ ‫هارڤارد وكلية دارت ماوث قبل أن يعود إلى موطنه هولندا عام‬ ‫‪« :2002‬ال أعتقد أنك ترغب في أن تعرف ش������يئا عن الظروف‬ ‫الصحية السائدة في معظم مسالخ الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫أو تقانة القتل الرحيم ‪ .»euthanasia‬كما ميكن النتش������ار آخر‬ ‫ألح������د األمراض التي تصيب احليوان������ات مثل جنون البقر أو‬ ‫إنفلون������زا الطي������ور أن يجعل من اللحم املس������تنبت أكثر إثارة‬ ‫للشهية من اللحم التقليدي‪ .‬وهنا يقول <رولني>‪« :‬نحن بعيدون‬ ‫عن مصدر ما ن������أكل‪ ،‬فعندما نتناول ش������طيرة من حلم البقر‬ ‫(همبورجر)‪ ،‬ال نفك������ر فيما نأكل‪ ،‬هل هي من حلم بقرة ميتة‪.‬‬ ‫وعندما يكون الناس بعيدين جدا عن مصدر ما يأكلون‪ ،‬فليس‬ ‫من الصعب أن جتدهم يقبلون على تناول اللحم املستنبت‪».‬‬ ‫يتوفر لدى <پوس������ت> مخطط جريء جلذب متويل جديد‪:‬‬

‫إذ يه������دف إلى تصنيع نقانق في املختبر‪ ،‬ليثبت فقط أن هذا‬ ‫األمر قاب������ل للتحقيق‪ .‬و ُيق������ َّدر أن هذا العمل س������وف يكلف‬ ‫‪ 300 000‬يورو ويس������تغرق س������تة أشهر‪ ،‬وس������يقوم به طالبا‬ ‫دكت������وراه يس������تخدمان خالله ثالث������ة حواض���ن ‪،incubators‬‬ ‫ويقول <پوس������ت>‪« :‬س������وف نأخذ خزعتني ‪ biopsies‬أو ثالثة‬ ‫م������ن خنزير مثال‪ ،‬أي نح������و ‪ 10 000‬خلية‪ .‬وبعد أن تقوم هذه‬ ‫اخلاليا بالتضاعف عشرين مرة‪ ،‬سيتوفر لدينا عشرة باليني‬ ‫خلية»‪ .‬وس������يقوم الطالبان باستخدام ‪ 3000‬طبق پتري إلنتاج‬ ‫عدد كبير من قطع دقيقة من نسيج عضالت اخلنزير‪ ،‬والتي‬ ‫ميكن بعدها أن تجُ َ َّمع في مغ ّلفات مع بعض التوابل وغيرها‬ ‫من اإلضافات غير اللحمية ملنحها طعما و ُب ْن َية‪ .‬وفي النهاية‪،‬‬ ‫سيتمكن العلماء من عرض النقانق إلى جانب اخلنزير احلي‬ ‫الذي جرى استنباتها منه‪.‬‬ ‫ويقول <پوس������ت> إنه‪« :‬من حيث املبدأ فإن جمع مزيد من‬ ‫التموي������ل والدعم عمل يتطلب البراعة‪ .‬ونحن نحاول أن نبرهن‬ ‫للعال������م على أن������ه بإمكاننا أن نصنع منتجا م������ن هذا اللحم»‪.‬‬ ‫ويتس������اءل <رولني>‪« :‬هل سيكون طعم هذا املنتج شبيها بطعم‬ ‫النقانق؟» ويجيب‪« :‬بأنه يعتقد ذلك‪ ».‬ثم يس������تطرد قائال‪« :‬إن‬ ‫غالبي������ة الطعوم الت������ي نتذوقها مثل طعم أجنح������ة الدجاج أو‬ ‫صنْعِ ّية وتعود إلى إضاف������ة امللح والعديد من األمور‬ ‫النقان������ق ُ‬ ‫األخرى الالزمة لتذوق الطعم املطلوب‪».‬‬ ‫وال يب������دي <ڤان إيلني>‪ ،‬الذي يعد نفس������ه «األب الروحي‬ ‫للحم املس������تنبت في املختبر»‪ ،‬حماسا القتراح إنتاج النقانق‪،‬‬ ‫ألنه مثالي عنيد يعتقد بأهمية الترويج لقضية اللحم املستنبت‬ ‫في املختبر الذي يش������به في مظه������ره ورائحته وطعمه أي حلم‬ ‫تشتريه من املزارع‪ .‬وقد يكون <ڤان إيلني> على يقني أيضا من‬ ‫أن الوق������ت قد ميضي قبل أن يتحقق احللم الذي كرس معظم‬ ‫ثت إليه‬ ‫حياته تقريبا من أجله‪ .‬وهنا يقول <رولني>‪« :‬كلما تحَ َ َّد َ‬ ‫جتده يتحدث عن ش������خص عثر عليه وهو الذي سيكون ال َعا ِل َم‬ ‫املتميز الذي سيقوم بحل جميع املشكالت‪ ».‬ويستطرد قائال‪:‬‬ ‫«أس������تطيع أن أتفهم وجهة نظره‪ ،‬لكنني ال أس������تطيع أن أغير‬ ‫>‬ ‫قوانني هذا الكون‪».‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, June 2011‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪63‬‬


‫أخبار علمية‬

‫عيون تراقب اخلنازير‬ ‫هل كان بإمكان مراقبة احليوانات التنبؤ باإلنفلونزا اجلديدة القادمة؟‬ ‫(٭)‬

‫في الشهر ‪ 2009/1‬وفي أقل من ‪ 24‬ساعة‬ ‫عقب التحول املفاجئ في مسار طائرة جتارية‬ ‫إلى نهر هدس������ون‪ ،‬انطلقت كاميرات الڤيديو‬ ‫األمني������ة املختصة باحلدث ملس������ح املنطقة من‬ ‫مواضع مواتية ومتعددة‪ .‬ففي عصر املراقبة‬ ‫املهيمنة على كل ش������يء‪ ،‬يفت������رض الناس أن‬ ‫هناك شخصا بعينه أو نظاما ما دائب املراقبة‬ ‫حتس������با لرصد أي مشكلة فور حدوثها‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬قفزت ساللة جديدة من ڤيروس إنفلونزا‬ ‫اخلنازير )‪ A(H1N1‬عبر األنواع لتداهم البشر‬ ‫من السكان في الشهرين الثالث والرابع من‬ ‫عام ‪ ،2009‬في حني مازال مس������ؤولو الصحة‬ ‫والزراعة حتى أواخر الشهر ‪ 2009/5‬يحاولون‬ ‫التوصل إلى مصدرها‪.‬‬ ‫إن ظهور س���ل��الة جديدة م������ن اإلنفلونزا‬ ‫‪ H1N1‬قد كشف عن مدى فعالية النظم احلالية‬ ‫املعنية مبراقبة تفش������ي اإلنفلونزا في البشر‪،‬‬ ‫كم������ا ُب ْرهن على صحة النظرية املتأصلة منذ‬ ‫أمد بعيد والتي تش������ير إلى أن اخلنازير قد‬ ‫تعمل كأوعية مازجة إلعداد ڤيروسات األوبئة‪.‬‬ ‫غير أنه قد ُس������ ِّلط الضوء على التقدم املخيب‬ ‫لآلمال في الكشف عن موضع وكيفية نشوء‬ ‫وتطور مثل هذه الڤيروسات في احليوانات‪،‬‬ ‫وكذلك التنبؤ بإمكانية انتقالها إلى البش������ر‪.‬‬ ‫وهي ق������درات كان بإمكانها املس������اعدة على‬ ‫جتنب حدوث الوباء أو اإلنذار املبكر بقدومه‬ ‫على أقل تقدير‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الس������نوات التي قضيناها‬ ‫في االهتمام بأبح������اث اإلنفلونزا ومتويلها‪ ،‬لم‬ ‫يكن مسؤولو الصحة هم األقرب ملعرفة طريقة‬ ‫مجدية لتمييز مسببات األمراض (املُ ْم ِرضات)‬ ‫‪ pathogens‬اجلدي������دة في احليوانات والتي لها‬ ‫القدرة على إيذاء البش������ر‪ .‬فعلى سبيل املثال‪،‬‬ ‫‪64‬‬

‫في ع������ام ‪ 2007‬عندم������ا تع������رف >‪ .A .J‬ريخت‬ ‫وزمالؤه [في قس������م الزراع������ة باملركز القومي‬ ‫ألمراض احليوانات في آميس بوالية أيوا في‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية] ساللة جديدة من‬ ‫اإلنفلونزا )‪ A(H2N3‬في اخلنازير‪ ،‬اعتقدوا أن‬ ‫هذه الساللة ذات كمون وبائي‪ ،‬ويذكر >ريخت<‬ ‫أنه «لم يكن هنالك من ُي ْعلِمونه باخلبر»‪ ،‬ولذلك‬ ‫س������ألوا أنفس������هم ماذا يفعلون بتلك املعلومة؟‬ ‫فال يوجد من يهتم باألمر‪ ،‬وليس������ت هناك من‬ ‫قاعدة أو توجيهات في هذا الصدد‪ .‬وقد نشر‬ ‫>ريخت< ومجموعة من املشاركني معه تقييمهم‬ ‫لهذه الس���ل��الة اجلديدة في إح������دى املجالت‬ ‫العلمية مستنتجني‪« :‬إنه من احلكمة مبكان أن‬ ‫<‬

‫(٭) ‪Eyes on the Swine‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬

‫وعاء املزج‪ :‬إن مراقبة احليوانات‬ ‫على غرار ما مت في مزرعة اخلنازير‬ ‫مبتشيگان للكشف عن ڤيروسات جديدة‬ ‫لإلنفلونزا قد تخلفت عن مواكبة‬ ‫االستعدادات ملواجهة األوبئة البشرية‬ ‫الناجمة عن الكائنات املسببة للمرض‪.‬‬


‫نفرض مراقبة مشددة على اخلنازير والعاملني‬ ‫املُ َع َّر ِضني للعدوى بحكم مهنتهم‪».‬‬ ‫وفي سياق املرض‪ ،‬تُعني املراقبة في أدنى‬ ‫درجاته������ا أن يقوم كل من األطباء واملختبرات‬ ‫التش������خيصية برص������د واقعة عن مس������ببات‬ ‫األم������راض التي يجري الكش������ف عنها‪ .‬فعلى‬ ‫س������بيل املث������ال‪ ،‬يتم اإلبالغ ع������ن كافة حاالت‬ ‫اإلنفلون������زا البش������رية ل������دى مراك������ز مكافحة‬ ‫األمراض )‪ (CDC‬والوقاية منها لتتبع حدوث‬ ‫املرض وحتركاته‪ .‬وتقوم املختبرات بتشخيص‬ ‫نس������بة ضئيلة فقط من ح������االت اإلنفلونزا في‬ ‫البش������ر واحليوانات‪ ،‬يجري حتويلها جميعها‬ ‫م������ن األطباء إلج������راء االختب������ارات املختبرية‬ ‫الطوعية‪ ،‬في حني ال يزال جمع العينات بطريقة‬ ‫منهجية واإلبالغ اإلجباري عن حدوث املرض‬ ‫في قطعان اخلنازير أمرا محدودا ومقتصرا‬ ‫عل������ى حفنة ضئيل������ة من األم������راض املقوضة‬ ‫للتج������ارة‪ ،‬والت������ي تتضمن حم������ى اخلنازير‬ ‫النمطية والڤيروس نيپاه ‪.nipah‬‬ ‫ويعتق������د >ريخ������ت< [ال������ذي يعم������ل حاليا‬ ‫في جامع������ة والية كانس������اس] أن املختبرات‬ ‫التش������خيصية البيطرية بإمكانه������ا أن تؤدي‬ ‫دورا مهم������ا ف������ي إج������راء مس������وح حيوانية‬ ‫أكثر نش������اطا‪ ،‬ويتم ذل������ك بإخضاع كل عينة‪،‬‬ ‫يتم تس������ليمها للمختبر ألي س������بب‪ ،‬لفحص‬ ‫ش������امل للكائنات املسببة لألمراض‪ .‬وأضاف‬ ‫>ريخت< قائال‪« :‬إننا نحتاج إلى شبكة أفضل‬ ‫لفحص التجمعات احليوانية باستخدام تقانة‬ ‫الق������رن احلادي والعش������رين بحثا عن عوامل‬ ‫الع������دوى الناش������ئة»‪ .‬وقد أوض������ح >ريخت<‬ ‫قائال‪« :‬إن املختبرات الكبرى في أيوا وشمال‬ ‫كارولينا ‪ -‬وهما موطنا أكبر جتمع للخنازير‬ ‫في الواليات املتح������دة ‪ -‬لديها القدرة التقنية‬ ‫على إجراء مس������ح واس������ع النطاق ألمراض‬ ‫اخلنازير‪ ».‬واس������تطرد >ريخت< مفس������را‪ :‬إن‬ ‫(‪)1‬‬

‫وتوفر صورة حقيقية أكثر شموال في الوقت‬ ‫احلاضر عن البكتيرات املهددة للبش������ر مثل‬ ‫أنواع اإلنفلونزا اجلديدة التي استشرت في‬ ‫الدواب والطيور‪.‬‬ ‫ولكن تعرف سالالت جديدة من إنفلونزا‬ ‫احليوانات شيء وحتديد مدى اخلطورة التي‬ ‫متثلها لإلنس������ان ش������يء آخر‪ .‬وقد صرح ‪.K‬‬ ‫>‪ .J‬تاوبنبرگر< [م������ن املعهد القومي لألرجية‬ ‫واألمراض املعدية] قائال‪« :‬إنني أكثر تشاؤما‬ ‫بشأن قدراتنا على التنبؤ بهذه األمور‪ ».‬وفي‬ ‫الشهر ‪ ،2009/4‬نشر تتبعا لفرعني من شجرة‬ ‫عائلة اخلنازير التي تفش������ت فيها اإلنفلونزا‬ ‫‪ H1N1‬وه������ي أح������د الفرعــني مـن س������ ــاللة‬ ‫(أورو‪-‬آسيوية) التي تصيب اإلنسان حاليا‪.‬‬ ‫وقد وجد أن لكلتا الس���ل��التني سلفا مشتركا‬ ‫م������ن ن������وع ‪ ،H1N1‬ولكن كليهم������ا قد تطور‬ ‫تطورا مستقال في قطيع اخلنازير واختلفت‬ ‫التغيرات الطفيفة ف������ي جينات الڤيروس من‬ ‫س���ل��الة ألخرى‪ ،‬األمر الذي سمح ألحدهما‬ ‫بالتكيف مع عائل جدي������د‪ .‬وقد بحث العديد‬ ‫شيپات الصفيفات(‪ )2‬امليكروية ‪ microarrays‬م������ن العلماء عن إش������ارات متس������قة تنم عن‬ ‫‪ chips‬ميكنها اختبار وجود الكائنات املسببة تغيير الڤيروس لعائله أو توحي زيادة قدرته‬ ‫لألمراض ف������ي اخلنازير واألبق������ار والطيور على االنتش������ار أو تعكس كثرة فوعته(‪ ،)3‬إال‬ ‫على وج������ه التحدي������د‪ ،‬وهذه من ش������أنها أن‬ ‫(‪the Centers for Disease Control )1‬‬ ‫(‪ )2‬مفردها‪ :‬صفيف ‪.array‬‬ ‫متن������ح املختب������رات الصغي������رة ق������درات أكبر‬ ‫(‪virulent )3‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫الڤيروس ‪ ،H1N1‬كما صوّ ره املجهر‬ ‫اإللكتروني‪ ،‬إنه يقوم حاليا بالتكيف‬ ‫مع البشر‪ .‬وال يستطيع العلماء التنبؤ‬ ‫بالكيفية التي سيستمر بها في التطور‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫أنهم أخفقوا ف������ي التوصل إلى أمناط‬ ‫واضحة في هذا الصدد‪.‬‬ ‫ونتيج������ة لذل������ك‪ ،‬ل������م يس������تطع أحد‬ ‫تفسير س������بب إصابة ڤيروس إنفلونزا‬ ‫الطيور )‪ (H5N1‬لنحو ‪ 400‬ش������خص في‬ ‫كاف������ة أرجاء العالم معظمهم من آس������يا‬ ‫وإفريقي������ا‪ ،‬لكنه (الڤيروس) أخفق حتى‬ ‫اآلن في التكيف متاما مع البشر‪ .‬كما‬ ‫أخف������ق العلماء في معرف������ة من أين أتى‬ ‫الڤي������روس األصلي املس������بب لوباء عام‬ ‫‪ 1918‬وإل������ى أين متضي بعي������دا ذريته‬ ‫اجلديدة من س���ل��الة اإلنفلونزا ‪H1N1‬؟‬ ‫لقد انتشرت تلك اإلنفلونزا عبر ‪ 40‬دولة‬ ‫وأصابت ما يقرب من ‪ 10 000‬ش������خص‬ ‫وحص������دت أرواح ‪ 79‬فردا حتى أواخر‬ ‫الشهر ‪.2009/5‬‬

‫وفي ع������ام ‪ ،1996‬ق������ام >تاوبنبرگر‬ ‫ألول م������رة م������ع زمالئ������ه [ف������ي معه������د‬ ‫القوات املس������لحة للپاثولوجي������ا] بعزل‬ ‫س���ل��الة وباء اإلنفلونزا ‪ H1N1‬املنتشرة‬ ‫في ع������ام ‪ 1918‬من عينات من أنس������جة‬ ‫الضحايا احملفوظة‪ .‬وقد أش������ار إلى أن‬ ‫الكثير م������ازال غامضا حول البيولوجيا‬ ‫األساس������ية وعلم البيئة املعني بدراسة‬ ‫ڤيروسات اإلنفلونزا‪ .‬و ُيعتقد أن املراقبة‬ ‫الدقيق������ة للنظ������ام البيئ������ي ال������ذي ُيعنى‬ ‫باخلنازير والطيور والبش������ر فضال عن‬ ‫ال������كالب والقطط واخلي������ول وغيرها من‬ ‫احليوانات املستأنس������ة واملتوحشة في‬ ‫املناط������ق الريفية قد يثمر في النهاية عن‬ ‫منظور أعمق حول أسباب نشوء ڤيروس‬ ‫اإلنفلونزا وكيفية تطوره‪.‬‬

‫<‬

‫ِجين ّيات‬

‫قليل جدا‪ ،‬كثير جدا‬

‫(٭)‬

‫فهم جديد لكيف تس ِّبب أعداد متفاوتة من اجلينات املرض‪.‬‬ ‫منذ ما يقرب من عقد من الزمن‪ ،‬نشر‬ ‫العلماء النسخة املبدئية األولى للجينوم‬ ‫البش������ري ولكن الطري������ق اليزال طويال‬ ‫لتع ُّق������ب اجلينات املس������ ِّببة لألمراض‪.‬‬ ‫وقد ر َّكز معظ������م الباحثني على تبدالت‬ ‫مفردة ف������ي أزواج القواع������د في الدنا‬ ‫‪( DNA‬أدنني‪-‬تيمني‪ ،‬وسيتوزين‪-‬گوانني)‬ ‫والت������ي ت������ؤدي إلى ح������دوث األمراض‬ ‫القاتلة كداء التليف الكيس����ي(‪ ،)1‬إال أن‬ ‫ه������ذه الطفرات التي حت������دث في جينوم‬ ‫يح������وي ثالثة بالي���ي��ن زوج من األزواج‬ ‫القاعدية ال ميكن لها أن تفس������ر مجمل‬ ‫جوانب املوضوع‪ .‬وفي الوقت الراهن‪،‬‬ ‫ُيلقي علماء الوراثة نظرة أكثر قربا على‬ ‫حاالت م������ن الزيغ اجلين������ي كان ُي ْعتَقد‬ ‫س������ابقا أنها نادرة وهي‪ :‬اختالف عدد‬ ‫‪66‬‬

‫النس����خ )‪ .)2((CNV‬إذ ميك������ن للجينات‬ ‫أن تك������ون طبيعية متاما‪ ،‬على الرغم من‬ ‫وج������ود نقص أو زيادة في ت َ​َسلْ ُس���ل��ات‬ ‫الدنا التي قد تؤدي دورا في األمراض‬ ‫التي تش������كل حتديا واضحا وصريحا‬ ‫للنماذج اجلينية مثل‪ :‬الت َو ُّحد وال ُفصام‬ ‫وداء ك����رون(‪ ،)3‬والتي كانت أس������بابها‬ ‫مصدر إرباك للباحثني طوال عقود‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1936‬اكتش������ف عالم الوراثة‬ ‫األمريكي >‪ .C‬بريدجز< االختالف في عدد‬ ‫النس������خ )‪ ،(CNV‬عندما الحظ أن الذباب‬ ‫الذي َي ِرث نس������ختني من اجلني املس������مى‬ ‫‪ Bar‬تك������ون عيون������ه صغيرة ج������دا‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك بعقدين‪ ،‬وأثناء دراس������ته للصبغيات‬ ‫البش������رية حتت املجهر‪ ،‬بينَّ عالم فرنسي‬ ‫أن االخت���ل��اف ‪ CNV‬ه������و س������بب حدوث‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫وحلس������ن احل������ظ‪ ،‬ف������إن األم������وال‬ ‫واألبح������اث الداعم������ة لالس������تعدادات‬ ‫ملواجهة األوبئة عملت على حتسني نظم‬ ‫مراقب������ة اإلنفلونزا ‪ H1N1‬واالس������تجابة‬ ‫لها‪ .‬ويش������يد >ريخت< بالس������رعة التي‬ ‫اكتشفت بها مختبرات الواليات املتحدة‬ ‫احلاالت األولى من اإلنفلونزا اجلديدة‪,‬‬ ‫حيث مت اكتشافها لدى طفلني في جنوب‬ ‫كاليفورني������ا وإبالغ املرك������ز ‪ ،CDC‬مما‬ ‫أتاح ملسؤولي الصحة الفرصة التخاذ‬ ‫اإلجراءات‪ .‬ولكن‪ ،‬لسوء احلظ‪ ،‬فإنه من‬ ‫دون رصد محكم لس���ل��االت اإلنفلونزا‬ ‫اجلديدة الناجم������ة عن احليوانات يجب‬ ‫عل������ى مراقب������ة اإلنس������ان أن تبقى خط‬ ‫>‬ ‫الدفاع األول‪.‬‬

‫>‪ .Ch‬سورس<‬

‫متالزم���ة ال���داون(‪)4‬؛ إذ ي������رث املصابون‬ ‫بهذه املتالزمة نسخة إضافية من الصبغي‬ ‫‪ .21‬وهكذا أصبح األمر الظاهر آنذاك‪ ،‬أن‬ ‫االختالف ‪ CNV‬نادر وأنه دائما الس������بب‬ ‫املباشر في حدوث املرض‪.‬‬ ‫ولكن في عام ‪ ،2004‬ما لبثت األحوال‬ ‫أن تغي������رت‪ ،‬ح���ي��ن نش������ر فريق������ان من‬ ‫الباحث���ي��ن أول خريطة لالختالف ‪CNV‬‬ ‫في مجمل اجلينوم‪ ،‬وأوضحت اخلريطة‬ ‫أن اختالف كمية اجلينات شائع للغاية؛‬ ‫إذ وجد كل فري������ق منهما تفاوتات يبلغ‬ ‫عددها ‪ 12‬نسخة لكل شخص‪« .‬وعندما‬ ‫ظهرت هذه املقاالت‪ ،‬فإنها أدت حقا إلى‬ ‫قلب األمور رأس������ا على عقب‪ »،‬على حد‬ ‫ق������ول >‪ .S‬ش������يرر< [االختصاصي بعلم‬ ‫الوراثة في مستشفى األطفال املرضى‬ ‫مبدينة تورونتو ومؤلف مشارك إلحدى‬ ‫املقاالت]‪ .‬وقد أردف قائال‪« :‬كان الناس‬ ‫( ) ‪Too Little, Too Much‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪cystic fibrosis‬‬ ‫‪copy number variation‬‬ ‫‪Crohn’s disease‬‬ ‫‪Down syndrome‬‬


‫يعتقدون دائما‪ ،‬كما كنا أنفسنا نعتقد‪،‬‬ ‫أن ه������ذه التب������دالت الكبيرة ف������ي الدنا‬ ‫تترافق دائما مع حدوث املرض‪».‬‬ ‫تابع >ش������يرر< وزمالؤه‪ ،‬ومن بينهم‬ ‫االختـصــاصي بعـل ــم وراث ـ ــة الس������ـكان‬ ‫>‪ .M‬هيرل������ز< [من معهد ويلكم ترس������ت‬ ‫س������انگر‪ ،‬ف������ي كامبري������دج بإنگلت������را]‬ ‫دراس������تهم األكثر تفصي���ل��ا لالختالف‬ ‫‪ ،CNV‬وذلك عام ‪ ،2006‬والتي قاموا فيها‬ ‫بتحليل الدنا ‪ DNA‬لدى ‪ 270‬شخصا‪،‬‬ ‫فوجدوا أن معدل االختالف ‪ CNV‬يصل‬ ‫إلى ‪ 47‬اختالفا لكل شخص‪ .‬وفي عام‬ ‫بسلْ َسلَة اجلين ــات‬ ‫‪ 2007‬قام الباحثون َ‬ ‫لرائد عـلم الوراثة >‪ .C .J‬ڤينتر< فوجدوا‬ ‫فيها ‪ 62‬اختالفا من االختالفات ‪.CNVs‬‬ ‫وفي احلقيقة‪ ،‬وكما يقول >هيرلز<‪« :‬إنه‬ ‫ليس من الطبيعي أن تس������ير هنا وهناك‬ ‫ولديك جينوم كامل األوصاف‪».‬‬ ‫واليزال العلم������اء يحاولون الوصول‬ ‫بدقة إلى حل الش������يفرة اخلاصة بكيفية‬ ‫تأثي������ر االختالف������ات ‪ ،CNV‬والتي تكون‬ ‫في معظمها وراثية املنش������أ‪ ،‬في اجلسم‬ ‫البش������ري‪ .‬فإذا احت������وى اجلينوم‪ ،‬كما‬ ‫هو معهود‪ ،‬على ثالث نسخ من اجلني‪،‬‬ ‫بدال من احتوائه على نسختني طبيعيتني‬ ‫(اكتس������بهما من الوال َد ْين)‪ ،‬فإن اخللية‬ ‫س������وف تقوم باصطناع البروتينات من‬ ‫خالل النسخ الثالث معا‪ ،‬ومن ثم تنتِج‬ ‫بروتين������ات فائضة عما ق������د يحتاج إليه‬ ‫اجلس������م‪ .‬ولكن >ش������يرر< يقول إن مثل‬ ‫هذا التعبير اجلين������ي «ال يحدث دائما‪،‬‬ ‫ب������ل إن هن������اك اس������تثناءات‪ ».‬فقد تقوم‬ ‫اخللي������ة‪ ،‬مع ذل������ك أحيان������ا‪ ،‬باصطناع‬ ‫الكمية الصحيحة من البروتينات‪ ،‬وفي‬ ‫أحيان أخرى‪ ،‬تُصيب االختالفات ‪CNV‬‬ ‫مناط������ق من الدن������ا تقوم بتنظي������م تعبير‬ ‫اجلين������ات الصامتة األخرى‪ ،‬مما يؤدي‬ ‫إلى تعقيد املشكلة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فقد اس������تطاع العلماء ربط‬ ‫االختالف ‪ CNV‬بعدد ضئيل من األمراض‬

‫املعقدة‪ .‬فقد أكدت دراس������ة منشورة في‬ ‫مجلة ‪ Nature‬في الش������هر ‪ 2008/9‬النتائج‬ ‫الت������ي مت التوصل إليها س������ابقا‪ ,‬والتي‬ ‫أش������ارت إلى أن ‪ %30‬من البش������ر الذين‬ ‫لديه������م َخ نْب (حذف) طول������ه ثالثة ماليني‬ ‫زوج قاع���دي(‪ )1‬ف������ي منطق������ة الصبغ������ي‬ ‫التوحد‬ ‫‪ 22‬يعانون حاالت نفس������ية مث������ل‬ ‫ُّ‬ ‫وال ُفصام‪ .‬وقد وجدت دراسة ن ُِش َرت في‬ ‫مجلة اجلينات الطبيعية ‪Nature Genetics‬‬ ‫في الش������هر ‪ ،2008/8‬صلة بني داء كرون‬ ‫َ‬ ‫وخ���ْب��نْ ‪ 20 000‬زوج قاع������دي من منطقة‬ ‫علوي������ة من ج���ي��ن يس������مى ‪ ،IRGM‬الذي‬ ‫يس������هم في مكافحة البكتيري���ا الغزوية‬ ‫‪.invasive bacteria‬‬ ‫وف������ي مقالة أخرى ُنش������رت في مجلة‬ ‫اجلين������ات الطبيعية في الش������هر ‪،2009/1‬‬ ‫وجد الباحثون ترابطا بني ارتفاع َم ْن َسب‬ ‫كتلة اجلسم(‪َ )2‬‬ ‫وخ نْب (حذف) ‪ 45 000‬زوج‬ ‫من األزواج القاعدية في اجلني املس������مى‬ ‫‪ ،NEGR1‬والذي يؤثر في منو العصبونات‬ ‫ف������ي املنطقة حتت امله���اد(‪ ،)3‬وهي منطقة‬ ‫م������ن الدماغ ُتن َِّظم اجلوع واالس������تقالب‪.‬‬ ‫وقد ع ّل������ق على ذلك >‪ .E‬ك������وك< [الطبيب‬ ‫النفس������ي في جامعة إلينويس بشيكاغو]‬ ‫قائال‪« :‬لق������د حصلنا على كمية هائلة من‬ ‫البيانات وعلى أن������واع جديدة منها‪ ،‬مما‬ ‫يجعل من الصعب مسايرتها‪».‬‬ ‫وف������ي غ ــالـ������ب األحي ــان‪ ،‬قد يس������اعد‬ ‫االخت���ل��اف ‪ CNV‬عل������ى تفس������ير س������بب‬ ‫االنتقال الوراثي لألمراض املعقــدة‪ ،‬م ــع‬ ‫أنها ال ترتبط دائما باجلينات نفسها‪ ،‬فهي‬ ‫قد تتأثر باألخطار وفق أسلوب احتمالي‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يشرح >‪ .S‬ماك كارول<‬ ‫[االختصاص������ي بعلم وراثة الس������كان في‬ ‫املعهد ‪ ،MIT‬واملؤلف املش������ارك للدراسة‬ ‫التي ُأجريت عل������ى داء كرون] قائال‪« :‬إن‬ ‫حذف اجل���ي��ن املس������مى ‪ IRGM‬ميكن أن‬ ‫يزيد خطورة حدوث داء كرون بنسبة ‪%40‬‬ ‫فقط‪ ،‬وذلك يحدث عند ماليني األشخاص‪».‬‬ ‫وتعتمد إصابة الف������رد باملرض فعليا على‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫لعبة األرقام في الصبغيات‪ :‬لقد َث َبت أن الزيادة‬ ‫والنقصان في قِ َطع الدنا التي كانت ُت ْر َبط بأمراض‬ ‫مختلفة‪ ،‬أكثر شيوعا مما كان ي ُْع َت َقد من قبل‪.‬‬

‫عوامل إضافية إما جينية أو بيئية‪.‬‬ ‫وفي س������ياق متابعة الباحثني لتقفي‬ ‫روابط جدي������دة ب���ي��ن االختالفات ‪CNV‬‬ ‫وبني املرض‪ ،‬يتط َّلع >ش������يرر< و >هيرلز<‬ ‫إلى اختالف������ات جديدة يجب أن تضاف‬ ‫إل������ى مزي������ج االختالفات الس������ابق‪ .‬وقد‬ ‫حدد ه������ذان الباحثان في اخلريطة التي‬ ‫وضعاها ع������ام ‪ 2006‬ع������دد االختالفات‬ ‫‪ CNV‬اجليني������ة بأنه أقل من ‪ 20 000‬زوج‬ ‫من األزواج القاعدية؛ أما اآلن فيستكمل‬ ‫الباحثان وضع خريط������ة ُم َع َّدلة تتضمن‬ ‫االختالف������ات ‪ CNV‬التي تق������ل عن ‪500‬‬ ‫زوج من األزواج القاعدية‪ .‬ويش������ير هذا‬ ‫التحليل إلى وجود ما يقرب من ‪ 1000‬من‬ ‫االختالفات ‪ CNV‬عند كل شخص‪ ،‬متتد‬ ‫إلى نحو ‪ %1‬على األقل من اجلينوم‪.‬‬ ‫ويقول >ش������يرر<‪« :‬لق������د أحرزنا تقدما‬ ‫ملحوظا وسريعا حقا‪ ».‬إال أنه «خالل السنة‬ ‫القادمة‪ ،‬سنمضي في اكتشاف االختالفات‬ ‫‪ ،CNV‬التي تتس������م بأنه������ا أصغر حجما‪،‬‬ ‫وأكثر شيوعا وتترافق مع األمراض‪> ».‬‬ ‫(‪base pair )1‬‬ ‫(‪body mass index )2‬‬ ‫(‪hypothalamus )3‬‬

‫>‪ .M‬وي َّنر<‪ ،‬من سكان مدينة نيويورك‪،‬‬ ‫كتبت في عدد الشهر ‪ 5‬وصفا للكيفية التي‬ ‫ميكن للبكتيريا أن تساعد على القضاء على‬ ‫البكتيريا املقاومة للمضادات احليوية‪.‬‬ ‫‪67‬‬


‫علم الصحة‬ ‫ٍ‬ ‫شاف للزكام‬ ‫البحث عن دواء‬ ‫كن حذرا مما تتمناه‪ .‬فقد تكون األدوية أسوأ‬ ‫كثيرا من املرض نفسه‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫ٍ‬ ‫شاف للزكام؟ دواء‬ ‫من منّا لم يحلم باحلصول على عالج‬ ‫على شكل أقراص مينع حدوث الرشح نتناولها حاملا تبدأ‬ ‫األعراض بالظهور‪ .‬واألفضل من ذلك لقاح يعطى لألطفال قبل‬ ‫التحاقهم بالروضة عندما يأخذون لقاحات احلصبة والنكاف‪.‬‬ ‫لنتخيل عاملا خاليا من الزكام‪ ،‬عاملا ال تتخلله أسابيع من‬ ‫املناديل الرطبة‪ ،‬وسيول مخاط تس ّد اجليوب األنفية‪.‬‬ ‫وفي الواق ــع يعم ــل العلم ــاء عـلى اصطنــاع لقــاح مضـاد‬ ‫للڤيروسات األنفية ‪ ،rhinoviruses‬وهي مجموعة من الڤيروسات‬ ‫التي تسبب ‪ 50-30‬في املئة من حاالت الزكام‪ ،‬إال أن ما يدعو‬ ‫إلى السخرية أنه حتى إذا جنح العلماء في حتقيق ذلك‪ ،‬أو‬ ‫توصلوا إلى اكتشاف عالج يوقف الزكام فإن معظم الناس قد‬ ‫يرون أنهم أفضل حاال من دون استعمال هذه األدوية‪.‬‬ ‫وفي احلقيقة‪ ،‬فإن أحالمنا بالتخلص من الرشح كثيرا ما‬ ‫انهارت من قبل‪ .‬فإذا أخذنا مثاال من أحد األدوية املضادة‬ ‫للزكام املسمى پليكوناريل ‪ pleconaril‬الذي حظي بتغطية‬ ‫إعالمية واسعة عام ‪ 2002‬عندما كان في مرحلة التجارب‬ ‫السريرية‪ ،‬فقد ُدعي في حينه «بالعالج املعجزة» و«الرصاصة‬ ‫السحرية» و «الكأس املقدسة»‪ ،‬نظرا ملا أظهره من فعالية‬ ‫جيدة عند اختباره على املزارع اخللوية‪ ،‬إال أن تأثيره في‬ ‫قصر مدة الزكام يوما واحدا‬ ‫اإلنسان لم يكن باهرا ‪ -‬فقد ّ‬ ‫فقط‪ .‬أما السبب الذي دعا إدارة الغذاء والدواء األمريكية‬ ‫)‪ (FDA‬إلى رفض هذا العالج فهو التأثيرات اجلانبية له‪،‬‬ ‫ب بالنزيف أثناء استعماله ما بني الدورات‬ ‫فبعض النساء ُأ ِص نْ َ‬ ‫الطمثية‪ ،‬كما أنه تداخل في عمل حبوب منع احلمل الهرمونية‪.‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬حصل احلمل عند امرأتني أثناء اس ــتعماله‪ .‬وقد‬ ‫مت رفض العديـ ــد من األدوية األخرى املماثلة بسبب تأثيراتها‬ ‫السيئة‪ ،‬مثل التهاب األنف الذي كان أسوأ من الزكام نفسه‪.‬‬ ‫وهكذا اتضح أن الزكام أقل سوءا من بعض األدوية‪.‬‬ ‫ومن َث ّم بذلت جهود كبيرة أخرى من أجل حتضير‬ ‫لقــاحــات للوقــايــة من الــزكــام وال ســيما اللقـاحـات املضـادة‬ ‫للڤيروسات األنفية (وميكن للڤيروسات الغدية ‪adenoviruses‬‬ ‫والڤيروسات التاجية ‪ coronaviruses‬وغيرها من العائالت‬ ‫الڤيروسية أن تسبب الزكام)‪ .‬وكما هو احلال في ڤيروس العوز‬ ‫‪68‬‬

‫املؤلف‬ ‫‪Veronique Greenwood‬‬

‫كاتب علمي في البيولوجيا والصحة‪.‬‬

‫املناعي املكتسب ‪ ،HIV‬تتألف‬ ‫الڤيروسات األنفية من جينوم‬ ‫‪ genome‬من الرنا ‪ RNA‬مغطى‬ ‫بغ ــالف م ــن الب ــروت ــني يــدعى‬ ‫صة ‪ ،capsid‬وي ـل ـت ـصـ ــق‬ ‫ال ُق َف ْي َ‬ ‫الڤيروس بغشاء اخللية املضيفة‬ ‫ويحقن فيها مادته الوراثية ثم‬ ‫يستولي على آلياتها ويتكاثر بواسطتها‪ .‬وإن رد الفعل‬ ‫االلتهابي املناعي لدى املضيف هو سبب حدوث األعراض‬ ‫وليس استنساخ الڤيروس‪.‬‬ ‫وأثناء بحثهم عن لقاح مضاد للڤيروسات األنفية‬ ‫صة تشترك‬ ‫ر ّكز العلماء على الكشف عن قطعة من ال ُق َف ْي َ‬ ‫جميع أمناط هذه الڤيروسات في وجودها‪ .‬فمن املفترض‬ ‫نظريا أنه إذا ُأعطي اللقاح الذي يحتوي على هذه‬ ‫القطعة من القفيصة إلى أحد األشخاص فإنه سيؤدي‬ ‫إلى حتريض جهازه املناعي على إنتاج أضداد مقابلة‬ ‫لها‪ ،‬بحيث يصبح هذا الشخص مهيئا لصد أي عدوى‬ ‫مقبلة بإحدى السالالت التي حتمل القطعة املشتركة‪.‬‬ ‫وقد كانت الغاية هي احلصول على قطعة مشتركة من‬ ‫القفيصة ال تتغير كثيرا مع مرور الزمن‪ ،‬إذ إن أفضل‬ ‫اللقاحات واألدوية قد تصبح عدمية الفائدة إذا حدث‬ ‫تبدل مهم في الڤيروس املستهدف‪.‬‬ ‫وعلى مدى سنوات عديدة‪ ،‬أخفقت جهود العلماء في‬ ‫الكشف عن عنصر ثابت لدى الڤيروسات األنفية‪ .‬وفي هذا‬ ‫الصدد‪ ،‬يشير >‪ .T‬سميث< [الذي يدرس بنية الڤيروسات‬ ‫في مـركــز «دونالد دانفـورث» ب ـ «سـانت لويـس»] إلى أن‬ ‫فحص أكثر من مئة منط من هذه الڤيروسات لم يكشف‬ ‫عن وجود عنصر مشترك بينها‪ .‬وسبب حدوث هذا التغير‬ ‫هو أن الڤيروس األنفي‪ ،‬وهو من صنف الڤيروسات التي‬ ‫(٭) ‪Curing the Common Cold‬‬

‫‪(2011) 10/9‬‬


‫حتوي الرنا ‪ ،)1(RNA‬م ّيال إلى التطفر ‪ .mutation‬إذ ال متتلك‬ ‫اإلنزميات التي تستنسخ الرنا اآلليات القادرة على تصحيح‬ ‫أخطاء االستنساخ املوجودة لدى اإلنزميات التي تستنسخ‬ ‫الدنا ‪ ،DNA‬وهكذا‪ ،‬يحتوي الڤيروس اجلديد على العديد من‬ ‫التبدالت في كوداته ويصبح مختلفا اختالفا ب ّين ًا في تركيب‬ ‫القفيصة لديه عما لدى الڤيروسات األخرى من العائلة نفسها‪.‬‬ ‫وعلى عكس ذلك‪ ،‬فقد مت تطوير اللقاح ضد الڤيروسات الغدية‬ ‫التي يتألف جينومها من الدنا على الرغم من أن استعماله قد‬ ‫اقتصر على أفراد القوات املسلحة‪.‬‬ ‫قبل نحو عشر سنوات‪ُ ،‬دهِ ش >سميث< عندما رأى أجزا ًء من‬ ‫الڤيروس األنفي الذي اعتقد العلماء أنها مخفية في الداخل ‪-‬‬ ‫بعيدة عن اكتشاف اجلهاز املناعي لها ‪ -‬عادت إلى الظهور‬ ‫على السطح في بعض األحيان على األقل‪ .‬وفي نهاية األمر‬ ‫استنتج >سميث< وزمالؤه أن القفيصة قد تكون أكثر ديناميكية‬ ‫مما كان يعتقد سابقا‪ ،‬وأنها تتغير وتكشف عن بعض النواحي‬ ‫املخف ّية‪ .‬وقد أطلقوا على هذه العملية مصطلح «التنفس»‪.‬‬ ‫وفي النهاية ثبت أن إحدى هذه القطع‪ ،‬وهي بروتني يدعى‬ ‫‪ VP4‬يساعد الڤيروس على االلتصاق باخللية‪ ،‬متماثل جدا في‬ ‫جميع أمناط الڤيروسات األنفية تقريبا‪ .‬وقد غفل عنه العلماء‬ ‫ألنه كان ال يظهر على سطح القفيصة أحيانا‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2009‬بينت األبحاث التي قام بها فريق «سميث»‬ ‫على املزارع اخللوية أن اللقاح من نوع ‪ VP4‬يعطي مناعة‬ ‫ضد ثالث سالالت من الڤيروسات األنفية‪ ،‬مما يقترح بأن‬ ‫هذا النوع من اللقاح قد يكون مفيدا في الوقاية من كثير من‬ ‫حاالت الزكام‪ .‬إ ّال أن هذا االحتمال املأمول لم يتأكد بعد‪.‬‬ ‫ويقول >سميث< أنا ال أنوي الترويج له‪ ،‬فقد ثبت أن البروتني‬ ‫‪ VP4‬ليس قويا في العادة مبا يكفي إلحداث رد فعل ف ّعال‪،‬‬ ‫وإننا إذا استعملنا بروتينا مثل ‪ VP4‬في حتضير اللقاح فإن‬ ‫علينا أن نقنع اجلهاز املناعي بطريقة ما ملهاجمته‪.‬‬ ‫قبل عامني ق ّدم >‪ .G‬توبني< [الباحث في مجال احملاكاة‬ ‫البيولوجية ‪ Biological Mimetics‬في فريدريك‪ ،‬والية ماريالند]‬ ‫فكر ًة قد تفيد في التغلب على هذه العقبة‪ .‬فقد اقترح >توبني<‬ ‫وزمالؤه أن إعطاء كمية كبيرة من بروتني ال يتع ّرفه اجلهاز‬ ‫املناعي عاد ًة قد يثير استجابة مناعية واقية‪ .‬وقد أظهرت هذه‬ ‫االستراتيجية بعض العالمات املشجعة في األبحاث األولية‬ ‫التي تناولت ا ُ‬ ‫حل ّمى القالعية ‪ .foot-and-mouth disease‬واآلن‬ ‫هي قيد الدراسة في ڤيروس العوز املناعي البشري ‪ ،HIV‬إال‬ ‫أن فائدة هذه االستراتيجية لم تتأكد بعد‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق باألدوية التي تعمل حاملا يبدأ الزكام فإن‬ ‫أخطار دواء الپليكوناريل التزال ماثلة في األذهان‪ .‬ويقول‬

‫بيانات مستمدة من أحد املستشفيات الفرنسية توضح التأخير في‬ ‫اإلصابة بعدوى اإلنفلونزا إلى ما بعد العدوى بالڤيروسات األنفية‬ ‫‪160‬‬

‫عدد حاالت العدوى بڤيروس‬ ‫إنفلونزا اخلنازير ‪H1N1‬‬

‫‪120‬‬

‫‪80‬‬

‫عدد حاالت العدوى‬ ‫بالڤيروسات األنفية‬ ‫‪40‬‬

‫‪0‬‬

‫‪11‬‬

‫‪10‬‬

‫‪9‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪8‬‬

‫الشهر‬

‫‪7‬‬

‫تنافس‪ :‬لقد تأخر وباء إنفلونزا اخلنازير ‪ H1N1‬تأخرا غير متوقع في فرنسا‪.‬‬ ‫فاالستجابة املناعية للعدوى بالڤيروسات األنفية قد تطرد العدوى بعامل أكثر‬ ‫خطورة؛ وهذا هو أحد األسباب التي قد جتعل التخلص من الزكام فكرة سيئة‪.‬‬

‫>سميث<‪« :‬طاملا أن العدوى بالزكام لن تقتلك‪ ،‬فيجب أن يكون‬ ‫العالج آمنا كاملاء‪ ».‬ويؤكد >‪ .R‬تورنر< [الباحث في ڤيروسات‬ ‫الزكام في جامعة ڤيرجينيا] هذا الرأي قائال‪« :‬يجب أن يكون‬ ‫العالج فعاال جدا‪ .‬كما يجب أن يكون رخيص الثمن وآمنا‬ ‫متاما»‪ .‬وهكذا‪ ،‬يتبني مدى ارتفاع سقف الشروط املطلوبة‪ ،‬فمع‬ ‫مرور خمسني عاما على الدراسات اخلاصة بالڤيروسات األنفية‬ ‫لم يتوافر في األسواق حتى اآلن دواء واحد ملكافحتها‪.‬‬ ‫ومع أن عددا قليال من شركات األدوية تواصل البحث‬ ‫عن عالج للزكام فإن بعضا منها يستمر بتركيز أبحاثه على‬ ‫الڤيروسات األنفية‪ .‬وخالل العقود املاضية بينت األبحاث وجود‬ ‫عالقة بني الڤيروسات وبعض املضاعفات اخلطيرة للربو‬ ‫‪ asthma‬وانتفاخ الرئة ‪ emphysema‬والتل ّيف الكيـــسي ‪cystic‬‬ ‫‪ .fibrosis‬ويـقـ ــول >‪ .G‬تورنر<‪« :‬من وجهة نظر اكتشاف األدوية‪،‬‬ ‫إذا كان الدواء فعاال في مكافحة مرض خطير‪ ،‬فإن خطر فشله‬ ‫ألسباب تتعلق بس ِّميته أو سالمته أو تكلفته العالية يقل‪».‬‬ ‫إن استهداف مجموعــات الڤيروسات األنفية القريبة جدا‬ ‫مـن بعضها يعــد أحــد س ــبل املعــاجلــة‪ .‬ففي عــام ‪ 2009‬نش ــر‬ ‫>‪ .B .S‬ليگيت< وزمالؤه [من جامعة ميريالند] اجلينومات‬ ‫الكاملة لـ‪ 109‬أنواع من الڤيروسات األنفية‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫الشجرة التطورية لهذه الڤيروسات التي تكشف عن العالقات‬ ‫القائمة بينها‪ .‬يقول >ليگيت< إذا تأملت هذه الشجرة ووضعت‬ ‫دائرة حول الڤيروسات التي تسبب فعال أزمات الربو احلادة‬ ‫(‪ )1‬احلمض النووي الريبي‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬

‫‪69‬‬


‫يصبح بإمكانك أن تستهدف هذه الڤيروسات بشكل مباشر‪.‬‬ ‫قد تستجيب الڤيروسات القريبة من بعضها للعالج بشكل أكثر‬ ‫اتساقا من استجابة املئات من الڤيروسات األنفية املتباعدة‪.‬‬ ‫أخيرا‪ ،‬رُبمّ ا ال يكون اإلفالت الذكي للڤيروسات األنفية من‬ ‫قبضتنا هو أكثر األمور سوءا‪ .‬إذ تشير بعض األبحاث إلى أن‬ ‫مي ّد الشخص مبناعة مؤقتة ضد عدوى أكثر خطورة‪،‬‬ ‫الزكام ُ‬ ‫ومثال ذلك أنه في عام ‪ 2009‬لم تنتشر جائحة إنفلونزا اخلنازير‬ ‫‪ H1N1‬بشكل كبير في فرنسا إال بعد انتهاء موسم الزكام‪.‬‬ ‫ويقول >‪ .S .J‬كازالينو< [من املركز الوطني الفرنسي لإلنفلونزا]‬ ‫في تقرير له‪« :‬يبدو أن إصابة األطفال بالزكام تقلل من احتمال‬ ‫إصابتهم بإنفلونزا اخلنازير ‪ .»H1N1‬ويؤكد أن هذه العالقة‬ ‫التزال افتراضية‪ ،‬ويفترض «أننا إذا جنحنا في القضاء متاما‬ ‫على العدوى بالڤيروسات األنفية فقد نفسح املجال لغيرها من‬ ‫الڤيروسات التنفسية مثل ڤيروس اإلنفلونزا لتأخذ مكانها‪».‬‬ ‫من احملتمل أال تستطيع عالجات ڤيروس الزكام في‬ ‫املستقبل القضاء على العدوى‪ ،‬لكنها قــد تكــون قادرة على‬ ‫تخفيف أعراضه‪ .‬يقول >تورنر<‪« :‬إن ثلث العدوى بالڤيروسات‬ ‫األنفية ال يترافق بأعراض‪ ،‬ومن الواضح أن رد الفعل االلتهابي‬ ‫ليس ضروريا للتخلص من الڤيروس‪ ،‬ألن هؤالء األشخاص‬ ‫يتغلبون على العدوى كغيرهم من الناس‪ ».‬قد تستطيع‬ ‫العالجات املستقبلية أن تكبح رد الفعل املناعي أو أن تخفض‬ ‫أعداد الڤيروس في اجلسم إلى املستوى الذي يكفي لتجنب‬ ‫حدوث األعراض‪ .‬إال أنه كما هو احلال مع ســائر العالجات‬ ‫املتوقع ــة للزك ــام ع ــلي ـن ــا أن نتس ــاءل‪ :‬هل نحن نريـ ــد إع ــاقـ ــة‬ ‫عمل اجلهـ ــاز املناعي؟ إذا فعلنـ ــا ذلــك‪ ،‬فإننا في الواق ــع قد‬ ‫نقـ ــايض توعك ــا خفيـ ــف الوط ــأة بآث ــار جانبية للعالج قـ ــد تكون‬ ‫أشد وطأة‪ .‬وهذه هي‪ ،‬مع األسف‪ ،‬املشكلة املركزية احمل ّيرة في‬ ‫>‬ ‫معاجلة الزكام‪ :‬قد يكون العالج أسوأ من املضايقات‪.‬‬

‫مراكز توزيع‬

‫في األقطار العربية‪:‬‬

‫< اإلمارات‪ :‬شركة اإلمارات للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬أبوظبي‪/‬‬ ‫دار احلكمة ‪ -‬دبي < البحرين‪ :‬الشركة العربية للوكـاالت‬ ‫والتوزيــع ‪ -‬املنامــة < تونس‪ :‬الشــركة التونسـية للصحافة ‪-‬‬ ‫تونس < السعودية‪ :‬تهامـة للتوزيـع ‪ -‬جدة ‪ -‬الرياض ‪ -‬الدمام‬ ‫< سوريا‪ :‬املؤسـسة العربية السورية لتوزيع املطبوعات ‪ -‬دمشق‬ ‫< عُ مان‪ :‬محالت الثالث جنوم ‪ -‬مسقط < فلسطني‪ :‬وكالة الشرق‬ ‫األوسط للتوزيع ‪ -‬القدس < قطر‪ :‬دار الثقافة للطباعة والصحافة‬ ‫والنشر والتوزيع ‪ -‬الدوحة < الكويت‪ :‬الشركة املتحدة لتوزيع‬ ‫الصحف واملطبوعات ‪ -‬الكويت < لبنان‪ :‬الشركة اللبنانية لتوزيع‬ ‫الصحف واملطبوعات ‪ -‬بيروت < مصر‪ :‬األهرام للتوزيع ‪ -‬القاهرة‬ ‫< املغرب‪ :‬الشركة الشريفية للتوزيع والصحافة ‪ -‬الدار البيضاء‬ ‫< اليمن‪ :‬الدار العربية للنشر والتوزيع ‪ -‬صنعاء‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫األستاذ الدكتور‬

‫ب�سام املع�صراين‬ ‫في ذمة الله‬

‫‪2011-1938‬‬

‫بخال������ص العزاء وعظيم املواس������اة تنعي «مجلة العلوم»‬ ‫لقرائها الكرام أ‪ .‬د‪ .‬بس���ام املعصران���ي الذي كان ‪ -‬رحمه‬ ‫الل������ه ‪ -‬في مقدمة مترجمي مق������االت هذه املجلة ومراجعيها‬ ‫منذ صدورها عام ‪.1986‬‬ ‫لقد وافته املنية بدمش������ق ف������ي ‪ 2011/9/27‬بعد صراع مع‬ ‫امل������رض اخلبيث حت ّمله املرحوم بش������جاعة وصبر‪ ،‬ومارس‬ ‫عمل������ه ومطالعاته حتى قبل ش������هرين من وفات������ه‪ ،‬ودفن في‬ ‫مسقط رأسه حمص‪.‬‬ ‫تدرج ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في الس������لك اجلامعي إلى األس������تاذية‬ ‫بقسم الفيزياء بجامعة دمشق‪ 2011-1986 :‬وترأس قسم الفيزياء‬ ‫في هيئة الطاقة الذرية السورية‪ 2002-1989 :‬وكان محررا في‬ ‫«مجلة عالم الذرة» ‪ ،2011-2002‬كما كان الناطق الرسمي باسم‬ ‫البعثة الفضائية املشتركة السوڤييتية السورية‪.‬‬ ‫حصل الفقيد على املاجس������تير ف������ي الفيزياء من جامعة‬ ‫موس����كو احلكومية ع������ام ‪ 1964‬ودكتوراه الدولة في الفيزياء‬ ‫من جامعة باريس ‪ 7‬عام ‪.1975‬‬ ‫وقد متيز الفقيد في حياته العملية والش������خصية بالنزاهة‬ ‫والتفان������ي في الدقة بالعم������ل‪ ،‬وكان يؤمن بأن الثقافة والعلم‬ ‫عمل مس������تمر‪ ،‬وكان ال ُيخفي قلقه من غياب الوعي باألهمية‬ ‫الفعلية للفيزياء والرياضيات في العالم العربي‪.‬‬ ‫وبسام املعصراني منوذج جيل آمن بأن التقدم االجتماعي‬ ‫يؤسس على العلم والثقافة‪ ،‬وأن الفضائل األخالقية ال قيمة‬ ‫ّ‬ ‫لها إذا لم تعكس السلوك اليومي لصاحبها‪.‬‬ ‫للفقي������د إس������هامات مميزة ف������ي تطوير وتعدي������ل مناهج‬ ‫التدريس في قس������م الفيزياء‪ ،‬وقد اهتم بوجه خاص مبشكلة‬ ‫املصطلحات والتعريب‪.‬‬ ‫للمرحوم بس���ام أبحاث علمية منشورة في مجالت عاملية‬ ‫مـرمـوقـة‪ ،‬وألّف‪ ،‬أو شارك‪ ،‬في تأليف عدد من كتب الفيزياء‬ ‫اجلامعية‪ ،‬كان آخرها‪« :‬الفيزياء الكمومية‪».‬‬ ‫وقد شارك في ترجمة عدد من الكتب العلمية الق ِّيمة‪ ،‬كان‬ ‫آخرها‪« :‬ضرورة العلم‪».‬‬ ‫وبسام باق معنا بذكراه الطيبة ومآثره اخلالدة وفيه يعز‬ ‫الع������زاء‪ ،‬وليس لنا إال أن ندعو جلميع أفراد أس������رته الكرام‬ ‫ولزمالئه وتالمذته ومحبيه ال ُكثر‪ ،‬جميل الصبر والعزاء‪.‬‬ ‫إلى رحمة الله يا بس���ام‪ ،‬وإلى املول������ى الكرمي نبتهل أن‬ ‫يسكنك فسيح جنانه‪.‬‬ ‫‪(2011) 10/9‬‬


30

NEUROSCIENCE

The Hidden Organ in Our Eyes By Ignacio Provencio

Our bodies adjust to the cycle of day and night thanks to specialized neurons in our eyes. Study of these cells could lead to new treatments for winter depression and other conditions.

36

ARTIFICIAL INTELLIGENCE

Solving the Cocktail Party Problem

CONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson

Computers have great trouble deciphering the words of people speaking simultaneously. That may soon change.

ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello, Larry Greenemeier news Reporter, ONLINE: John Matson ART DIRECTOR, online: Ryan Reid

By Graham P. Collins

40

NEUROSCIENCE

Controlling the Brain with Light By Karl Deisseroth

Researchers now use light to probe in detail how the nervous system works. Their work could lead to better treatments for psychiatric problems.

50

TECHNOLOGY

Inside the Meat Lab By Jeffrey Bartholet

A handful of scientists aim to satisfy the world’s growing appetite for steak without wrecking the planet. The first step: grab a petri dish.

56

CLIMATE CHANGE

The Last Great Global Warming By Lee R. Kump

Surprising new evidence suggests that the earth’s most abrupt prehistoric warm-up was downright stately compared with the steep rise in temperatures we face today.

64 News Scan < <

Eyes on the Swine Too Little, Too Much

68 The Science of Health Curing the common cold: be careful what you wish for.

ADVISORY BOARD

Adnan Shihab-Eldin Chairman

71

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate Wong

Abdullatif A. Al-Bader Deputy

Adnan Hamoui

Member - Editor In Chief

(2011) 10/9

ART DIRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller Editorial Administrator: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty COPY and PRODUCTION, nature publishing group: Senior COPY editor, npg: Daniel C. Schlenoff COPY editor, npg: Michael Battaglia editorial assistant, npg: Ann Chin managing pRODUCTION EDITOR, npg:  Richard Hunt senior pRODUCTION EDITOR, npg: Michelle Wright PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch pRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, operations and Administration: Frances Newburg Vice president, finance and BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSINESS MANAGER: Marie Maher

Letters to the Editor Scientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or editors@SciAm.com

Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at

www.ScientificAmerican.com/ sciammag


September / October - 2011

4

Volume 27

Number 9/10

GLOBAL WARMING

“I Stick to the Science” By Michael D. Lemonick

House skeptics were counting on physicist Richard A. Muller to help them in the climate debate. It didn’t work out that way.

8

SUSTAINABILITY

Food Fight

By Brendan Borrell

Genetically modified crops, says agro-research czar Roger Beachy, get an unjustified shellacking from environmentalists.

12

MEDICINE

Diseases in a Dish By Stephen S. Hall

Creative use of stem cells derived from adult tissues may lead to faster drug development for debilitating diseases.

18

IMAGING

Neuroscience in the Courtroom By Michael S. Gazzaniga

Studies of the brain could transform judicial views of whether defendants are responsible for their actions.

26

ENERGY

In Search of the Radical Solution By Mark Fischetti

The greatest energy payoffs, says investor Vinod Khosla, will come from fundamentally reinventing mainstream technologies. (2011) 10/9

72


‫صدر حديثا عن‬

‫املنظمة العربية للرتجمة‬ ‫الإمداد املائي يف املقيا�س ال�صغري‪:‬‬ ‫�أمن تقنية املعلومات‪ :‬ن�صائح من خرباء‬ ‫‪Information Technology Security:‬‬ ‫مراجعة يف التقنيات‬ ‫‪Advice from Experts‬‬ ‫تأليف ‪:‬‬

‫( )‬

‫‪Small-Scale Water Supply:‬‬ ‫‪A Review of Technologies‬‬

‫‪Lawrence M. Oliva‬‬

‫تأليف ‪:‬‬

‫د‪ .‬محمد مراياتي‬

‫ترجمة ‪:‬‬

‫ترجمة ‪:‬‬

‫مع تزايد قيمة املعلوماتية تطورت األمن ّية املعلوماتية‬ ‫من مجرد منظور إنتاجي إلى سيرورة إدارة أعمال‪.‬‬ ‫ولم تعد أمن ّية املعلومات اليوم عملية حت ّكم في مدخالت‬ ‫البيانات واألنظمة‪ ،‬وإمنا السيطرة على مجموعة‬ ‫اخلدمات‪ ،‬ومن ضمنها الشبكات الالسلكية‪ ،‬واحلماية‬ ‫من قرصنة املعلومات‪ ،‬إضافة إلى مداومة التخطيط‬ ‫العملياتي في حاالت الكوارث‪.‬‬ ‫متثل سلسلة ‪ IT‬للحلول‪ ،‬ومنها هذا الكتاب‪ ،‬حصيلة لقاءات‬ ‫ومقابالت مع اختصاصيني وممارسني في حقل املعلوماتية‬ ‫حول جناحات وفشل حماية املعلوماتية في املنظمات‪.‬‬

‫البوليمريات العالية الأداء‬

‫‪High Performance Polymers‬‬

‫تأليف ‪:‬‬

‫‪Johannes Karl Fink‬‬

‫ترجمة ‪:‬‬

‫د‪ .‬مين األتاسي‬ ‫يعرض كتاب البوليميرات العالية األداء أه ّم‬ ‫املعطيات احلديثة في هذا امليدان‪ ،‬وقد جرى ترتيب‬ ‫فصوله وفقا للتركيب الكيميائي لكل من هذه‬ ‫البوليميرات‪ ،‬حيث يعتمد املؤلف أسلوبا واضحا‬ ‫في الترتيب والكتابة شارحا بالتفصيل خصائص‬ ‫البوليميرات العالية األداء ومجاالت تطبيقاتها‬ ‫ومدعما استنتاجاته مبراجع وبراءات‬ ‫احلديثة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ابتداء من عام ‪ ،2000‬مما يجعل هذا الكتاب ذا‬ ‫أهمية بالغة للمختصني واملهندسني في مجال‬ ‫الصناعة‪ ،‬كونه يقدم إضافة نوعية إلى املكتبة‬ ‫العلمية العربية‪.‬‬

‫التقانة النانوية‪ :‬مقدمة مب� َّسطة‬ ‫للفكرة العظيمة القادمة‬

‫‪Nanotechnology: A Gentle Introduction‬‬ ‫‪to the Next Big Idea‬‬ ‫تأليف ‪:‬‬

‫‪Brian Skinner‬‬

‫‪Mark Ratner and‬‬ ‫‪Daniel Ratner‬‬

‫د‪ .‬محمد عبدالس ّتار‬ ‫الشيخلي‬

‫ترجمة ‪:‬‬

‫يفصل هذا الكتاب تقنيات اإلمداد املائي في‬ ‫ِّ‬ ‫املناطق الريف ّية والنائية بشمولية واسعة جتمع بني‬ ‫املفاهيم األساسية واآلليات التطبيقية‪ ،‬فيؤدي دورا‬ ‫أساسيا في متكني العاملني في هذا امليدان من تطوير‬ ‫قدراتهم على تصميم واختيار أنظمة التجهيز املائي‪،‬‬ ‫وإعداد برامج اإلمداد‪ .‬والكتاب يخاطب املتلقي‬ ‫بأسلوب علمي مبسط ويعزز في الوقت نفسه التفاعل‬ ‫بني املتخصصني‪.‬‬

‫ادخار املوارد‪ :‬تقانات النفط والغاز‬ ‫من �أجل �أ�سواق الطاقة امل�ستقبلية‬

‫‪Resources to Reserves:‬‬ ‫‪Oil and Gas Technologies‬‬ ‫‪for the Energy‬‬ ‫‪Markets of the Future‬‬

‫د‪ .‬حامت النجدي‬ ‫في هذا الكتاب مت ّكن املؤلفان من سبر غور‬ ‫حقول التقانة النانوية (النانوتكنولوجيا) من حيث‬ ‫التقانة واألعمال مغطيينْ بذلك مواضيع أساسية‬ ‫مثل‪ :‬النانوبوت‪ ،‬اإللكترونيات اجلزيئية‪ ،‬احلوسبة‬ ‫الكمومية‪ ،‬البنى احليوية‪ ،‬األنابيب النانوية‪ ،‬احملركات‬ ‫اجلزيئية‪ ،‬املجسمات النانوية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫ويوفر الكتاب بأسلوب سهل الفهم تقوميا عقالنيا‬ ‫ملجاالت االستثمار في هذه التقانة‪ ،‬وما يتصل بها‬ ‫من مفاهيم أخالقية وقيمية‪.‬‬

‫املنهجيات والتقنيات و�إدارة العمليات‬ ‫احلديثة يف هند�سة الربجميات‬

‫‪Emerging Methods, Technologies, and‬‬ ‫‪Process Management in Soft ware‬‬ ‫‪Engineering‬‬

‫تأليف ‪:‬‬

‫تأليف ‪:‬‬

‫‪IEA‬‬

‫]‪Andrea De Lucia [et al.‬‬

‫ترجمة ‪:‬‬

‫ترجمة ‪:‬‬

‫مظهر بايرلي‬ ‫سيبقى النفط والغاز سائدين في سوق الطاقة حتى‬ ‫عام ‪ ،2030‬على أقل تقدير‪ ،‬في حال بقيت سياسات‬ ‫التعامل مع الطاقة ثابتة‪ .‬ولكن الطلب على النفط‬ ‫سيتزايد بنسبة ‪ 50‬في املئة وسيتضاعف الطلب على‬ ‫الغاز‪ .‬فما هي مصادر النفط والغاز؟ وهل سنشهد ذروة‬ ‫في استخراج النفط وإنتاجه في املستقبل القريب؟‬ ‫إن س ّد حاجات العالم من النفط والغاز سيدعو إلى‬ ‫تطوير هائل في مجالي التقانة واالستثمار‪ .‬فثمة حاجة‬ ‫إلى مزيد من التقانة املتطورة واالستثمار‪.‬‬ ‫والكتاب يع ّرف بخواص التقانات املستخدمة في‬ ‫قطاعات التنقيب واإلنتاج والنقل‪ ،‬ويوفر تقديرات‬ ‫ألسعار النفط املستقبلية‪.‬‬

‫مرفت سلمان‬ ‫إنه املرجع الوحيد الذي يقدم للتقنيات املستحدثة‬ ‫في هندسة البرمج ّيات وهو يتطرق بلغة سلسلة‬ ‫ويسيرة إلى أربعة حقول رئيسة في هذا املضمار‬ ‫هي‪ :‬معمارية البرمجيات‪ ،‬وطرائق تأثير البرمجيات‬ ‫في احلوسبة اخلدماتية وفحص األشياء والـ‪UML‬‬ ‫وتطوير الشبكة احلديثة‪ ،‬وتقنيات التطوير‪ ،‬وأخيرا‬ ‫إدارة العمليات حيث يضع أسسا لطرائق ذكية‬ ‫وسلسلة لعملية اإلدارة‪.‬‬ ‫ويعد هذا الكتاب مثاليا لطلبة الدراسات اجلامعية‬ ‫والعليا على حد سواء‪.‬‬

‫( ) منظمة دولية متخصصة‪ ،‬مستقلة ال ربحية‪ ،‬تأسست في بيروت مبرسوم جمهوري لبناني في الشهر ‪ .2000/4‬وقد جاء تأسيسها حتقيقا ملشروع‬ ‫طاملا ع ّبر املثقفون العرب عن ضرورة إجنازه‪ ،‬باعتبار أن الترجمة سند نهضوي من حيث نقل املعارف والفكر العاملي وتطوير اللغة العربية ذاتها‪.‬‬ ‫تتلقى املنظمة دعما كرميا من بعض املؤسسات العربية والدولية‪ ،‬وقد أصدرت املنظمة حتى اآلن ‪ 164‬كتابا تلبية حلاجات معرفية حقيقية‪.‬‬ ‫العنوان‪ :‬بناية «بيت النهضة»‪ ،‬شارع البصرة ـ احلمرا ـ بيروت ـ ـ البريد اإللكتروني‪ info@aot.org.lb :‬ـ ـ املوقع اإللكتروني‪:‬‬ ‫ص‪.‬ب‪ 113-5996 :‬حمرا بيروت ‪ 1103 2090‬لبنان ـ ـ هاتف‪ 753031 :‬ـ ـ ‪ (+961) 1 753024‬ـ ـ فاكس‪:‬‬

‫‪www.aot.org.lb‬‬

‫‪(+961) 1 753032‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.