سلسلة دارس ()7
اختالف املفتني
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
2
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
تصدير يقول اإلمام ابن قتيبة:
الناس ال يتساوون مجيعا يف املعرفة والفضل ،وليس صنف من الناس إال وله حشو وشوب... عىل أن املنفرد بفن من الفنون:
ال يعاب بالزلل يف غريه ،وليس عىل املحدث عيب أن يزل يف اإلعهراب ،وال عىل الفقي أن يزل يف الشعر ،وإنام جيب عىل لل ي عمهأ أن يهتقن فنه إيا احتها الناس إلي في ،وانعقدت ل الرئاسة ب ،وقد جيتمع لمواحد عموم لثرية ،واهلل يؤيت الفضل من يشاء.... وال أعلم أحدا من أهل العلم واألدب:
إال وقد أسقط يف عممه ،لاألصهمع ،وأيب زيهد ،وأيب عبيهدة ،وسهيبوي ، واألخفش ،والكسائ ،والفراء ،وأيب عمرو الشيباين ،ولاألئمة من قراء القهرنن، واألئمة من املفرسين ،وقد أخذ الناس عىل الشعراء يف اجلاهمية واإلسهمم اطأه يف املعاين ويف اإلعراب ،وهأ أهل المغة ،وهبهأ يقهع االحتجها ؛ فههل أصهحاب
احلديث يف سقأهأ إال لصنف من الناس؟ . ( )1
( )1تأويل خمتلف احلديث ص .78- 87
3
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
قصارى القصة ما يأخذه املؤلف عىل املتكلمني يف احلديث نأخذه عليه يف الفقه واألصول
4
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
إشارات عىل الطريق آخذ عىل قراءيت ما ييل:
التكرار: يتّربم الناظر بذلك ،فام من لمم يكرر في إال وهو مشتمل فائدة زائدة أو فوائد" . "فم َ ( )1
االستطراد: وأعتذر بمحاولة املشارلة مع املؤلف يف مهو م معاجلت لممس لة الت تصدى هلا ،والبناء عميها.
االستغراق يف الرد: ال أستبعد أن يكون قد وقع يف ثنايا لمم :مبالغة يف االستغراق يف الهر عهىل املؤلهف ،وقهد ونقمت لمم بنص تارة ،ووثقت يلهك حاولت طاقت أن يكون الر يف حدو لمم املؤلف، ُ ُ غنى لقارئ ههذا يف اإلحاالت تارة ،ولكن طول الر مظنة لتحميل لمم ألثر مما حيتمل ،فم ً الر من الرجوع إىل نص لمم املؤلف ،غفر اهلل يل ول ولمقارئ وجلميع املسممني واملسمامت.
( )1املحقق من عمأ األصول ص .87
5
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
اهليكل العظمي للرد .1بني يدي الوقفات. .2املالحظات الرئيسة عىل الكتاب. .3الوقفات التفصيلية عىل مباحث الكتاب (سبع وعرشون وقفة). .4النتائج (ثالث وأربعون نتيجة). الوقفات التفصيلية عىل مباحث الكتاب ،وهي تنتظم يف مخسة مباحث:
الطليعة.
من ال يستحق اإلفتاء.
مسائل اخلالف.
رشوط تسويغ اخلالف.
املنهج املقرتح.
طليعة الوقفات: الوقفة األوىل :املواقع املنهجية لمت صيل من أ لة الوحيني. الوقفة الثانية :ترليبة الكتاب وحجأ املشكمة. الوقفة الثالثة :ترشيع اختمف العمامء ،وحتريأ اطمف غري السائغ. الوقفة الرابعة :فق مقالة الشافع . الوقفة اخلامسة :عدم التزام البناء األصويل. الوقفات املتعلقة بمن ال يستحق اإلفتاء: الوقفة السادسة :صفات َم ْن ال يستحق اإلفتاء. الوقفة السابعة :تفاصيل املنهج الكيل البدع . الوقفة الثامنةة :إ را خمف الظاهرية يف اإلمجاع السكويت ،وأقهوال الصهحايب نهمن اطمف املنهج . الوقفة التاسعة :نابط اجلاهل الذ ال يستحق اإلفتاء. 6
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة العارشة :خمف املبتدعة. الوقفة احلادية عرشة :التحذير من أهل األهواء إيا تشبهوا ب هل العمأ. الوقفات املتعلقة بمسائل اخلالف. الوقفة الثانية عرشة :أسباب خمف أهل العمأ. الوقفة الثالثة عرشة :تفنن املؤلف وم زق التخصص. الوقفة الرابعة عرشة :قمة اطمف حمم وسبب . الوقفة اخلامسة عرشة :نف اطمف يف مصا ر التمق أو االستدالل. الوقفات املتعلقة برشوط تسويغ اخلالف: الوقفة السادسة عرشة :رشوط تسويغ اطمف. الوقفة السابعة عرشة :وزن مس لة إحداث قول ثالث. الوقفة الثامنة عرشةة :أثهر "عمهوم البمهوى" عهىل إحهداث األقهوال السهيام أقهوال الصحابة. الوقفة التاسعة عرشة :توسيع ائرة اإلمجاع القأع . الوقفة العرشون :غمبة األثر احلديث عىل األثر األصويل يف وزن الرشوط. الوقفة احلادية والعرشون :رشوط املنازعة يف ثبوت الدليل. الوقفة الثانية والعرشون :غزوة املتكممني. الوقفة الثالثة والعرشون :إعا ة ترليبة رشط "األصل غري املعتّرب". الوقفة الرابعة والعرشون :مراجعات املؤلف لرتليبة رشوط . الوقفات املتعلقة باملنهج املقرتح: ومسوغات . الوقفة اخلامسة والعرشون :عرض املنهج املقرتح ِ مسوغات املنهج املقرتح. الوقفة السادسة والعرشون :نقد ِ الوقفة السابعة والعرشون :نقد ترليبة املنهج املقرتح.
7
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
بني يدي هذه الورقات أمحده سبحان محدا طيبا لثري مبارلا في ،وأثن عميه بهام ههو أهمه ،وأصهيل وأسمأ عىل النب حممد وعىل نل وصحب أمجعني. أما بعد ،فإن من لامل صفات املناظِر أن حيهب ألخيه أن يو َفهق ،وأن يسهد ، ِ أبهني اهلل وأن يعان ،وأن يكون عمي رعاي ٌة من اهلل وحفظ ،وغايتها النبيمة أال يبهايل َ احلق عىل لسان ،أو عىل لسان مناظره ،فرحأ اهلل الشهافع صهاحب ههذه املقالهة، وغفر لنا. انأمق ًا من هذا املبدأ ،فإين أقدِ م هذا البحث املتع ِمق بمعاجلة بعه
جوانهب
القصور الت أزعأ أهنا ظهرت يل يف ههذا الكتهاب :لتهاب "اخهتمف املفتهني" لمرشيف .حاتأ بن عارف العوين.
وقد فعن إىل معاجلة ههذا املونهوع عهدة أسهباب أمجمهها يف الرغبهة عهىل املحافظة عىل قيمة الكتاب العممية ،والتشوف إىل زيا ة إحكام وجتويده.
أمهر عىل أن قد انتابتن حرسة يف لون ممشا يف تناول هذا الكتاب لان عهىل ِ االختيارين؛ وياك أن الكتاب احتوى عىل أمرين اثنني: -نفاسة وحسن ومجال..
-بع
جوانب القصور..
وجعمت أعتذر لنفيس وملَ ْن لهان عهىل مثهل اخرتت الثاين، ولعا ة الباحثني ُ ُ 8
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
خأو بالقول: إن حجب الثغرات الواقعهة يف الكتهاب مهن شه ن أن جيهيل مهواطن احلسهن واجلامل ،وأن يزيده هباء وصفاء؛ فإن إبانة الصفاء بم لدر ،هو أحسن يف املظهر، وهو أنفع يف املخّرب.
حرر صاحب مج ً م من العمأ يف هذا الكتاب ويف غريه ،بمغت ولئن ُ قمت ،فمقد َ في أحرف مبمغ ًا يف احلسن والبهاء أن ل َمت عني البصري عن ملء حماجره ب ،وما ع ّ املت ِهمني عن اإلحاطة بجوانب حسن بمغنية عن اللة سعة يلك؛ فكيف بالقارصين! فكيف باملعدَ مني! لكن حسب أن أشري هنا إىل بع
أوج اجلامل الت بهدت يف ههذا الكتهاب،
ف قول وباهلل التوفيق:
-1استمدَ الكتاب حسن ِم ْن عدة مصا ر[ :اجلامل الصها ر مهن املؤلهف ،اجلهامل الصا ر من املونوع ،اجلامل الصا ر من املا ة ،اجلامل الصا ر من النتائج].
-2فكرة الكتاب تدل عىل تو ّقد قمب الشيخ حاتأ العوين ،وحيوية أفكاره، وحرص عىل إفا ة أمت بام ينفعهأ ،وبام يدفع عنهأ ما يرضهأ ،فاختار مس لة ابتيل هبا الناس اليوم؛ فمقد لان االبتمء هبا شديد ًا ،فانتدب هلا املؤلف مو َفقا. -3جدية الشيخ ظاهرة يف الكتاب. -4استعمل الشيخ يف لتاب المغة السهمة ،وه املناسبة ملونوع الكتاب ،سهوى أحرف يسرية ،ومع يلك مل تغمظ ُع َقدُ ها. - 5متيز الكتاب بنقوالت نفيسة ،وقد ويلر اإلمام ابن حزم مرارا ،السيام ما لهان 9
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
يف رسالت "مراتهب اخهتمف العمهوم" ،لهام اشهتمل بحثه عهىل مجمهة مهن النقوالت عن اإلمام العهز بهن عبهد السهمم ،واإلمهام ابهن تيميهة ،واإلمهام الشاطب . -6متيز الكتاب بكثرة النقل عن اإلمام الشافع ،وظهر في استفا ت من أطهراف لمم ،وهذا حيسب لمشيخ حاتأ ،فكتب الشافع ؛ فض ً م عن غنائها فه يف املدون ملن أرا أن يبني عهىل وجهه ؛ ويصهعد أوائل رجات الرتالأ العمم َ أس ،ناهيك عن منزلة اإلمام الشافع ،وسعة لممه ،ثهأ غفمهة غالهب من ِ املت خرين عن يلك! وإىل الساعة مل أعقل السبب يف يلك ،ولو بمغنا أن أحد األئمة األربعة لان ل احلسا ،أو أتمف الكفار ،لبكينا عىل يلهك، مؤ َلف يف عدة جم َمدات ،غري أن أحرق َ وأسفنا إىل ما هنالك ،وقمنا :لو أهنأ – لفى اهلل رشورههأ -أبقهوا منه ورقه ًة أو وريقات حتى ننعأ النظر يف تراليب مجم ،ونرم البرص إىل نظأ أحرف !. حمررة. -7تضمن ُ الكتاب نتائج َ تعظيأ ظاهر ألهل العمأ ،وحر ٌ بمن ع َظأ اهلل أن يع َظأ ،وجهدير -8يف الكتاب ٌ بمن َ ويكرم. أجل أولئك الكرام أن يقدَ ر َ -9نغبط املؤلف عىل ما أو ع اهلل في من اهلمة العالية ،فكام أثنينا عمي يف استفا ت من لتاب األم لمشافع يف حني غفمة الناس عن منذ هر الدهارير ،فإنا نجده اليوم وهو يف عام املعاصري :يف صدارة من حييهل إىل لتهاب "هنايهة املأمهب" 01
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
أليب املعهايل اجلههوين ،والهذ رأى النههور قريبه ًا ،بهل وحييههل إليه يف أعههامق وقمهت يف نفيسه :ههل قهرأ صفحات ،ويف جممدات األخرية ،فغمبتنه الغَهرية، ُ املؤلف الكتاب بكامل ومتام ؟! يف حني لنت أعدّ أين أفضهل أتهرايب باقتنهائ الكتاب؛ حتى لتبت يف فائدت مونوع ًا برأس ،ثأ عرفت أن من النهاس مهن فرص يف جمموع لتب ،ومنهأ من اقتناه فخزَن يف يالرة ماغه ، اقتنى الكتاب َ أو صنَف يف أ را براعت ،وبني الصنفني من الفرق ما بني العمأ والورق!. ويف ختام هذه اإلطاللة أن ِبه:
أن ثراء الكتاب النقيل ،وجهد الباحث املضن ،ونتائج املتعد ة ،وابهتمء إىل َ الناس هبذه النازلة بصورهتا اآلنية :لل يلك عاين يف خضأ هذا الهر إىل حماولهة البناء عىل ما يلره املؤلف ،أو إعا ة البناء عمي بحسب املوا املرتالمهة يف صهمب الكتاب ،أو املتناثرة عىل أطراف ،فمأ يمنعن ما أنا في من الهر عميه أن أسهتثمر رت لذلك ساعد اجلد ،وإنام املؤمنون إخوة ،لكن قهد يكهون فشم ُ جهده ،وموا هَ ، البناء ب وات ربام تكون خمتمفة بع
اليشء عن األ وات الت يستعممها املؤلف.
00
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املالحظات الرئيسة عىل الكتاب: زعمت أنه قبل الرشوع يف املقصو حيسن أن أشري إىل أصول ما أرم إلي مما ُ يعالج أوج القصور يف الكتاب ،بام ظهر يل أثناء قراءة هذا الكتاب املهأ يف بابه ، أو عرنت أثناء لتابة هذه املمحظات من خمل فهرز حمهول الشهيخ يف معاجلهة املس لة. وذلك يتلخص يف أمور :
)1ترليبة بع
مباحث الكتاب من جهة الصنعة.
)2حتميل مجمة من القضايا. )3جماوزة املدرسة األصولية والفقهية نظر ًا أو تأبيق ًا. )4املنهج الذ اختأ املؤلف يف معاجلة اختمف املفتني. التصور. )5إغفال التجريد عند ّ )6أثر الثراء املعريف لممؤلف يف احليد عن معاجلة صمب مونوع الكتاب. )7توسيع ائرة اطمف من زوايا لثرية ،مما يناق
أحد مقاصد الكتاب ،وهو
السع إىل تقميص هوة اطمف بقدر املستأاع. )8
إ ارة تسويغ اطمف عىل مجمة من قائق املسائل مما ترجح لممؤلف.
02
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وال يكونَن لك يف حمل استغراب:
رجعت من حيهث أتيهت ،فبالغهت يف بالغت يف مدح وأطنبت ،ثأ بعدُ ، أين ُ ُ التع ّقب عمي ؛ فإن حمل الثناء غري حمل االستدراك ،فام أثنيت إال عىل ٍ حمل أعتقدُ ما قمت في ،وما استدرلت إال عىل ٍ قمت في . حمل أعتقد ما ُ ُ وأخريا :
فقد ال ألون مصيبا يف بع
يلرت؛ لكن يكفينه يف ههذه الورقهات أين ما ُ
اجتهدت–مستعينا باهلل -يف حتصيل مها سهمحت له حهدو معرفته ،فرشهفت بمزامحة الشيخ املحدث الرشيف حاتأ العوين يف معاجلهة ههذه املسه لة املعتاصهة، وعكسهت له قهراءة رت ل بع اإلشكاالت، ُ ولر ُ وأثر ُت ل بع السؤاالتَ ، يكون يلك ِمنْ عىل بال، بع الناس ملا لتب ،حتى الرشحية القارصة منهأ ،حتى َ واهلل يوفقن والشيخ حامت ًا ملا حيب ويرىض ،وباهلل نستعني ،وعميه نتولهل ،وإليه ننيب.
وكتب فؤاد بن حييى بن عبد اهلل اهلاشمي
03
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
طليعة الوقفات: الوقفة األوىل :املواقع املنهجية لمت صيل من أ لة الوحيني. الوقفة الثانية :ترليبة الكتاب وحجأ املشكمة. الوقفة الثالثة :ترشيع اختمف العمامء ،وحتريأ اطمف غري السائغ. الوقفة الرابعة :فق مقالة الشافع . الوقفة اخلامسة :عدم التزام البناء األصويل.
04
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة األوىل :املواقع املنهجية للتأصيل من أدلة الوحيني: مؤصم من أ لة الوحيني" ،وهذا تكرر يف ي َيل املؤلف عنوان لتاب به عبارة " َ لتب ،وهذا يف احلقيقة غري ظاهر ،وإنام الذ يغمب عىل لتب نقهل تقريهرات أههل العمأ ،ثأ حماولة تفسريها ،وتقع ل حماوالت يف تفسهري النصهوص لكهن بحسهب تقريرات أهل العمأ ،وهذه مرحمة تشب من وج مرحمة جمتهد املهذهب ،إال أن الشيخ حامت ًا مل يمتزم مذهبا بعين ،وال أثر يذلر يف جريان يف مدارس الفقهاء ،وإنام غمب عمي النقل من بعه
األئمهة الكبهار ،السهيام الشهافع ،ومهن بعهده ابهن
الصمح ،والعز بن عبهد السهمم ،وابهن تيميهة ،والشهاطب ،ولهذا فمه أن يقهول مؤص ً م بتقريرات األئمة" ،وهذه مرتبهة عاليهة ،أجهد الرشهيف حهاتأ العهوين " َ ومّربزا فيها ،إن لان يف سعة اطمع ،وإن لان يف براعة تفسريه. َ مؤهم هلاَ ، إنام يدَ ع الت صيل من أ لة الوحيني َمن التزم هذه الأريقة ،لهام هه طريقهة أفرا من األئمة الكبار ،السيام املتقدمني منهأ؛ فإنه يقهع مهنهأ ت صهيل املسهائل انتزاعا من األ لة ،ثأ يسوقون ما يسوقون من نقوالت أهل العمأ تقريهرا لد لهة، أو بيان انتظامها يف اعتبار معناها ،أو اجلواب عام ظههر خمالفته هلها ،فهه صهنعة ٍ رجال ِمن الناس ،بل قد قال ابن رجب يف أمثاهلأ :وال يكا يوجد! . وتصح هذه الدعوى أيضا من أهل الظاهر لام هو صميأ مذهبهأ ،ومن غهري جر حتصيل األحكام من األ لة ،سواء لان مائم إىل ظاهر النص أهل الظاهر ممن َ لام ه طريقة األلباين مثم ،أو إىل معناه لام ه طريقة القرناو وغهريه ،وهه 05
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
عموم ًا طريقة شائعة بني املعارصين وو َلدت خبأه ًا عريضه ًا نتيجهة عهدم الت ههل املناسب يف الغالب األعأ. ومما حيسب لمشيخ الرشيف العوين حفظ اهلل أن متن ِب لوجوب إعامل املسائل عىل النصوص ،وبنائها عمي ،وأن االستدالل بمواقف أهل العمأ إنام هو لمتقرير، ويف يلك يقول حفظ اهلل: "...أول ما نبدأ ب هو أن نتذلر ب ننا استدلمنا لمموقف الرشع ب لة الرشع؛ ألهنا املرجع عنهد التنهازع :ﭽﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﭼ [النساء .]59 : وأما ما نذلره من مواقف أهل العمأ فإنام نستدل هبا عىل أن العمامء قبمنها قهد فهموا من النصوص الرشعية ما فهمناه منها .فعىل املعرتض أوال أن يستدل لقول ب لة الرشع ،ثأ حيق ل بعدها أن يور من أقوال العمامء ما يؤيد ب فهم "(.)1 وإن لنا نتفق مع عىل رق ّ هذا املنهج إال أن مل يكن منهجا عاما يف الكتهاب؛ ولذا ملا أرا املؤلف أن يؤلد عىل التزام هبذه الأريقة أحال إىل مونهع واحهد (،)2 لكن يا ترى لو أنه أرا أن يثبهت نقوالته يف تقريهرات األئمهة لممسهائل ،فكهأ ستمتمئ احلاشية باإلحاالت؟!.
( )1اختالف املفتني ص.191 ( )2اختالف املفتني ص ،191واإلحالة إىل ص .189
06
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثانية :تركيبة الكتاب وحجم املشكلة: الكتاب معقود يف ستة فصول:
أربعة منها :يف اختمف املفتني ،وه يف احلقيقة اختمف العمهامء والفقههاء، سواء أفتوا أو مل يفتوا ،وال تشهمل طوائهف مهن املق ِمهدة ولهو أفتهوا عهىل طرائهق عمامئهأ ،فالدائرة اتسعت من جهة لتشمل غري املفتني ،وناقت من جههة أخهرى عن استيعاب مجاعة من املفتني. وفصل أخري ويتيم :يف منهج تعامهل املسهممني مهع اخهتمف العمهامء ،وههو املقصو من الكتاب باألصالة. وفصل َق ْبلةهَ :ع َقدَ ه يف صفات َم ْن ال يستحق اإلفتاء ،وهو ما يمكن أن يكون شفيع ًا لمفصل األخري. إن إشكالية املس لة الت تصدَ ى املؤلف ملعاجلتها تعهرض اليهوم عهىل مجههور املسممني ،ولان من املفرتض أن تعالج ههذه اإلشهكالية يف ههذا القالهب املعهني، فيكون الكمم منصبا عىل أمرين اثنني ،مها مجمة أحرف عنوان لتاب ابن الصمح، وبع -0
َم ْن لتب يف هذا الباب: املفت .
-2املستفت .
وثمة أمر ثالث :وهو الفتوى نفسها.
07
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
لكن الذ حصل هو أن املؤلف التفت إىل اختمف العمهامء والفقههاء ،ال إىل فصوب ألولئك نظره ،وجعل هلأ النصيب األوفر مهن خصوص املفتني أنفسهأَ ، الكتاب ،وراح يرسأ هلأ بع
الزوايا املحد ة لتكون مرت َبعا هلأ ،حتهى اسهتغرق
جهده هذا غالب ما لتب. ٍ خاف أن لن يرنخ عمهامء املسهممني لمتقوقهع يف الزوايها الته اجتههد وغري املؤلف يف رسمها ،حتى يف املدرسة الت ينتم إليهها ،أوالً لدصهول الته نمنهوا باعتبارها ،وثاني ًا ألن االنأراب الواقع اليوم هو انهأراب سهمول ألثهر مهن لون انأراب عمم حيو إىل مراجعة معايري اطمف. وقد أ َثر ههذا اطمهل يف حتييهد املسهار الصهحيح حلهل اإلشهكالية األساسهية لمكتاب ،وهو بيان املوقف املأموب من عموم املسممني جتاه اختمف املفتني ،فقد اتسعت ائرة املشكمة لتستوعب مناهج العمامء أنفسهأ ،وما حصل من األسهباب املوجبة الختمفهأ ،وأقسام االختمف وأحكام ،مع أن هذه أمور حتمية قد ُف ِر َغ منها ،ال جمال بحال ملجاوزهتا ،فاطمف أمهره قهديأ ،ومل يهزل ،وال جمهال لرفعه ، وغاية الأاقة حسن استعامل ،و فع شواب ،وإصمح مساره ،وفرز املعتّرب من مهن اطأ املح
.
إن املتغري الذ حصل يف اطمف اليوم هو ظهوره وييوع ألثر من ي قبل، مع فوات انضباط الناس الذ لان واقعه ًا فهيام سهبق بسهبب انتسهاب النهاس إىل مذاهب بمداهنأ. وبالتههايل يتضههح أن غالههب فصههول الكتههاب ال اههدم أصههال ًة مونههوع يف 08
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
"اخههتمف املفتههني" ،ويف "املوقههف املأمههوب مههن عمههوم املسههممني جتههاه هههذا االختمف" ،وأن ترليبت ال تتناسب مع حجأ املشكمة وأسباهبا ،فاجلزء األلهّرب من الكتاب قد ُ ِ ف إىل أمور حتمية ،بل أزيد وأقول :إن الشيخ قد وقعهت منه رص َ بع
املحدِ ات َو ْفق تصورات معينة حتد من حتميهات ههذه املسهائل ،وجتعمهها
ترتاجع إىل مسائل حيوجها اصأمح متعذر بني املفتني ،لام سي يت يف طريقة تناوله ملس لة اإلمجاع ،وهبذا يكون تناول الختمف العمامء بام يلر من قيو :قد أ َثر سهمبا يف مقصو ه من احلتمية الت اجتهد أن يفرغ منها لتكون حمهد ات لعهم مشهكمة اختمف املفتني بالنسبة لممستفتني. فيمههد بفصهل يسهوق فيه التقريهرات ليت الشيخ التزم الأريقة املعههو ةِ ، تصوراهتأ املتفق عميهها ،ال بحسهب خصهوص املس َممة عند أهل العمأ ،بحسب ّ تصوره ،ثأ خيوض بعد يلك يف بقية الكتاب ،ويف صمب املشكمة. ّ ول أن يصنع مؤ َلف ًا نخر بعنوان مناسب ،حياول في أن يقنع العمامء املجتهدين ببع
املحدِ ات ،فإيا س َمموا ل ،أو حتى مجمتهأ ساغ ل حينئذ أن ينأمق من هذا
االتفاق اجلميل إىل ما لتب من املحد ات يف هذا الكتاب؛ وإال فكيف يصنع لتاب ًا يقصد من خمل أن حيل في مشكمة اختمف املفتني ،فيعقد صمحا بينهأ ،ثهأ ههو يف صمب هذا الصمح خيتمف عميهأ ب ؟!. واألوىل بنظري يف طريقة صنع الكتاب هو النظر إىل ما ييل:
-0
حمد ات يف :صفة املفت ،صفة املستفت ،صفة الفتوى.
-2
بيان موقف املفت املفرتض بإزاء هذا االختمف. 09
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
بيان موقف املستفت املفرتض بإزاء هذا االختمف.
-3
بينام الذي حصل هو:
معاجلة صعبة ألسباب اطمف بني العمامء وامتدا ات األوىل ،وبيان أصناف ، سابق لعممية الفتوى؛ بل إن من أصناف املفتني َم ْن يكون مق ِمدا ،لام هو وهو مقا ٌم ٌ حال لثري من املتصدرين اليوم ،وإنام ش هنأ يف الغالب حفظ نتائج العمأ وخمصات ،هذا يف املحسن منهأ. ومن تتبع لمم املؤلف يعمأ متاما أن يريد الكتابهة يف اخهتمف العمهامء ،وأنه يروم أن يصل إىل نتائج حمد ة يف بيان اطمف املعتّرب الذ ال يسوغ اإلنكهار عهىل صاحب ،وبيان اطمف غري املعتّرب الذ يسوغ اإلنكار عىل صاحب ،فمههذا األمهر توسع يف تناول هذه املسائل ،ولان يلك عىل حساب مس لة الكتاب ،ال التصهاهلا الوثيق باختمف املفتني. وإال فإن مشكمة اختمف الفتوى واخهتمف املفتهني ال تهزال قائمهة حتهى يف أمر من الونوح بمكان ،وب نعرف أن جهد املؤلهف يف متييهز اطمف املعتّرب؛ هذا ٌ اطمف املعتّرب من غريه ،لن حيل ال ُع َقد الشائكة يف املس لة ،وإن لان اطهمف غهري السائغ أحد أسباب اتساع املشكمة ،فه مشكمة عرنية يف حجهأ املشهكمة ،ال يف أصمها. ويؤلد هذا أن املؤلف ملا اختط يف فصم األخري املنهج الرشع الذ اقرتحه 21
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
يدر في ما يفيد متييز اطمف املعتّرب من غريه ،وإنهام يف معاجلة اختمف املفتني :مل ِ سار في باعتبارات خمتصة بنظر املستفت ؛ أليس لهذلك؟ إين فهام قيمهة األبهواب األربعة األوىل يف فرز اطمف املعتّرب بالنسبة لنازلة املستفت يف اختمف املفتني؟. وقد شاع يف األبحاث املعارصة عدم االنضباط يف قانون صناعة الت ليف نتيجة استغراق الباحثني يف حل بع
املشالل الت تعرتنهأ.
وقد ظهر بتتبع مسائل الكتاب أن الشهيخ حفظه اهلل أقحهأ لتابه مجمهة مهن جره إليها اعتبارات معينة ،ليس بالرضورة أن تكون مرتبأة بصهمب املسائل الت َ مونوع الكتاب.
20
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثالثة :ترشيع اختالف العلامء ،وحتريم اخلالف غري السائغ: وفي مبحثان: املبحث األول :ترشيع خالف العلامء:
َ ُ الفصل األول يف بيان مرشوعية اختمف العمامء. املؤلف عقد وهذا التعبري من يف مونع اإلشكال ،السيام وهو يف ٍ حمل ظاهر ،يف صهدر عنهوان اطمف املحرم! وهو من اطمف املرشوع: الفصل ،والسؤال املتبا ر :ليف ينتظأ َ ُ مجمة أنواع اطمف عند املؤلف ،لام سي يت يف الفقرة الثانية. يمهد هلذا الفصل بام يرم إليه وقد شعر الشيخ بإشكالية هذا العبارة ،فراح ِ وبني يف احلاشية معنى املرشوع ،وأن هو املأمق فعم يف الرشع ،وأن من املرشوعيةَ ، أقل رجات الندب ،أو اإلباحة ،وأحال إىل لتاب القواطع أليب املظفر السهمعاين، ولتاب التعريفات لمجرجاين. وأقةول :إن بشق األنفس يكا يقتنهع خهواص طمبهة العمهأ بصهحة إطهمق املرشوعية عىل ما هو من املباح ،ويف بع
الصور ،وليس يف لمها.
فكيف بإطمق عىل رأس عنوان يف مرشوعية اختمف العمامء! أال حيهدث هذا ومها ،وإشكاالً؟! أليست النصهوص متضهافرة عهىل يم االخهتمف؛ فكيهف يصهح منها أن نضهيف إليههها املرشهوعية؟ ثهأ نههذهب فنتك َمهف ببيهان مقصههو نا باملرشوعية ،ومقصو نا باختمف العمامء ،السيام أن قس ًام من عند املؤلف ههو مهن 22
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املحرم!. النوع َ ما الداع الذ حيوجنا إىل استعامل هذا االصأمح البعيد يف إطمقه بهني خواص أهل العمأ ،والذ ال يستعمل يف العا ة. التعبري بم شك حيدث ربكة وانحة ،ويوهأ أن املقصو من أن الشارع حيث عىل اختمف العمامء ،فيكهون مظنهة لمصهأيا يف املهاء العكهر؛ فهإن مجاعهة مهن املعارصين ينزعون إىل تّربير بع
ٌ قائهل بمجهر أن فمنه ًا ما أحدثوه من األقوال َ
هبذا القول ،أو أن يف املسه لة اختمفها؛ وقهديام قهد نبه عهىل يلهك ابهن عبهد الهّرب ِ هن والشاطب وغريهأ؛ فكأ ه سعا ة هؤالء إيا طهرق أسهامعهأ أن اطهمف م ْ ستترشب منها فتتض ّمع! أصم مرشوع؟ َأما إن حجتُهأ َ وال ُي ْع ِ ب أحد ًا أن بذهب بع ُ النهاس فيتكهئ يف متييهع الفتهوى إىل ههذه ج ُ العبارة املومهة ،فمونوع الكتاب هو َ احل َل؛ فم يصح أن تكون بع
موا ه سهببا
لتفاقأ املشكمة. غنى عن هذه العبارة أال تشعر أهيا الشيخ الكريأ أنَا – بسعة المغة -لنا يف ً و الالهتا ،أال يمكن أن تكون هذه اجلممة طارحة الزيت يف النار جتاه املشكمة الت تك َمفت هبذا الكتاب معاجلتها؟. أال اشهى أن يقههول النههاس -وهههاهأ قههائمون :-إن الشههيخ حامته ًا قائه ٌ هل بمرشوعية اختمف العمامء ،ثأ ت يت حينها لتفرس هلأ مقصو ك ومرا ك ،وتكشف
23
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
هلأ قمبك وصدرك. يبدو أن سبب هذا الوهأ أن الشيخ – حفظ اهلل -يرمه إىل معاجلهة مسه لة أخرى ،وه استحامض بع
الناس ألصناف من االختمف ،وعهدم اعتبهارهأ
ٍ حتجر بع لكثري من مسائم ،فوقعت من املبالغة يف إطمق هذا التعبري ،نعأ ،يقع َ االجتاهات يف نراء معينة ،ثأ حمالمة الناس عىل َو ْفقها ،وههذا وإن لهان صهحيحا أن التعرض ملعاجلت نعيف االرتباط هاهنا ،وال يّربر مبالغت يف تقريهر وواقعا إال َ َ احلهث اطمف حتى استعمل يف التعبري ل لفظ املرشوعية ،الذ يفيهد يف الغالهب والأمب. وسبقت اإلشارة إىل أن من مميهزات ههذا الكتهاب أنه مو َطه المفهظ ،سههل العبارة ،وأن هذا هو املناسب ملونوع الكتاب ،خصوصا أن عوام املسهممني ههأ إحدى الرشحيتني املستهدفتني من الكتاب. ولذا فقد شعر الشيخ مرة أخرى بربكة هذا اإلطمق ،فبهني أن إطمقه لهه "مرشو عية وقوع اختمف بني العمامء ،ال يعارض استحباب حماولة تقميص قهدر املستأاع باألوج الصحيحة لذلك"(. )1 قلت :أما ما يقع ِم ْن إطمق لفظة املرشوعية عهىل بعه
مها ال جيهب ومها ال
يستحب من العبا ات؛ فإن باب ما تقرر أن األصل يف العبا ات أن تكون واجبة أو
( )1اختالف املفتني ص.24
24
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
مستحبة ،لكن قد تقع بع العبا ات أن جييز الشارع فعمها ،وإن مل يقع من احلث ٍ حينئذ سبب فع البدعية عنها ،ال طمهب الشهارع عميها ،فإطمق املرشوعية عميها هلا ،وهذا مثل قراءة سورة اإلخمص يف لل رلعهة ،ومثهل الوصهال يف الصهيام، ومثل النذر ابتداء ،وغري يلك. ومعموم أن "اختمف العمامء" ليس من هذا الباب ،ولهو مل يكهن يف ههذا إال خمالفة تعبري النصوص لكان سببا لافيا يف اإلحجام عن ،وإنام جاءت النصوص يف إعذار املخأئ بعد اجتها ه ،وأن حممو م جور عىل اجتها ه ،ال عىل خمف ؛ فتن َب ، أو أن أمر قدر فم تبتئس من . " قال الشافع ومن قال بقول :يؤجر ولكن ال يهؤجر عهىل اطأه ؛ ألن اطأه يف الدين مل يؤمر ب أحد ،وإنام يؤجر إلرا ت احلق الذ أخأ ه. قال املزين :فقد أثبت الشافع يف قول هذا أن املجتهد املخأئ أحدث يف الدين مها مل يؤمر ب ،ومل يكمف ،وإنام أجر يف نيت ال يف خأئ " . ( )1
( )1جامع بيان العلم وفضله (.)147/2
25
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املبحث الثاين :حتريم اخلالف غري السائغ: اعتّرب املؤلف رعاه اهلل أن اطمف غري السائغ حكم يف الرشيعة هو التحريأ: ويلر أن هذا هو معنى وصف بعدم السواغ ،فإن املباح سائغ طيب ،واملحهرم نكهد خبيث. وقال يف مونع نخر" :أما املوقف من صاحب اطهمف غهري السهائغ :فههو املوقف من املسمأ إيا ارتكب أمرا حمرما يغمب عهىل الظهن ت وله فيه .فنصهيحت واجبة ،ما أمكن يلك"(.)1 فرس سبب جتنب ألثر العمامء الترصيح بمفظ التحريأ ،ومل يذلر أحد ًا مهن ثأ ِ أهل العمأ وافق إىل ما يلر ،وإنام َن َق َل نصني :أحدمها عن الشافع ،واآلخهر عهن ابن مفمح ،أبني اآلن بمقتىض لممهأ أن مقصو هأ غري ما نحن فيه مهن الكهمم عن اطمف السائغ وغري السائغ. أما الشافع فإن قال" :االختمف من وجهني :أحدمها حمرم ،وال أقول يلك يف اآلخر"... وهذا تقسيم بنظر آخةر :وهو باعتبار احلكهأ الرشهع لممختمفهني يف حهال بهني اإلمهام الشهافع رمحه اهلل أن اطهمف املحهرم يكهون إيا عمهأ خاصة ،فقد ّ املخالف احلجة فخالفها ،ومقتىض هذا أن احلجة لو مل يعممها فإن خمف ال يكهون حمرما ،وإنام هو خمف م جور عمي . ( )1اختالف املفتني ص.187
26
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املحرم ؟ وقد سئل الشافع رمح اهلل :ما االختمف ّ فقال "لل ما أقام اهلل ب احلجة يف لتاب ،أو عىل لسان نب ِيه منصوصه ًا ب ّينه ًا مل َ حيل االختمف في ملن عمم ") (. 1
فهذا يدل رصاحة عىل أن العهّربة يف وصهف اطهمف املحهرم أن جيتمهع فيه أمران:
-1
املبني. وقوع النص َ
-2
أن يعمم املجتهد ،ثأ خيالف . ويؤ ِلد هذا :استدالل الشافع بنصوص النه عهن االخهتمف ،ويلهك يف
تتمة النقل عن . أما تقسيأ العمامء لمخمف إىل سائغ وغري سائغ :فهإنام ههو باعتبهار اطهمف نفس ،أما املخالف ،فقد يكون جمتهدا م جورا ،وقد يكون خمأئ ًا م زورا. أما النقل الثاين الذي نقله املؤلف عن ابن مفلح احلنبيل :ومونع الشاهد من قول " :مسائل اطمف ال يمحق فيها الوعيد"(.)2 وبمراجعة كالم ابن مفلح يف الفروع تبني:
اجلواب عن القايض أيب يعىل احلنبيل حني محهل لهمم اإلمهام أمحهد أن يقصد َ فيمن فعل ِ العينْة أن " :ال يعجب أن يكتب عنه احلهديث" :أن اإلمهام قاله عهىل
( )1الرسالة (ص.)168 ( )2الفروع (.)316 /6
27
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
سبيل الورع؛ ألن مما يسوغ في االجتها . فاستشكل ابن مفمح عىل القايض هذا اجلواب ،وسبب يلك أن املنقهول عهن اإلمام أمحد إنام هو يف يلر الوعيد يف العينة ،فعن عائشة ريض اهلل عنهها( :إن زيهد بن أرقأ أبأل جها ه) ( ،)1ف وعدت عمي ،و لو لانت من مسائل اطمف ملا يلرت الوعيد ،فمس لة العينة ليست ه من املسائل االجتها ية الت يسوغ فيها اطمف، لورو الوعيد اطاص هبا ،وهذا من أشد ما يكون ،أما عا ة املسائل اطمفيهة فإنه ال يقع فيها الوعيد ،وإيا لان األمر لذلك فإن ما ُن ِقل عن اإلمام أمحد أن ال يعجب أن يكتب عمن يفعل العينة :هو عىل وجه ؛ ألن مس لة العينة وإن لان قد اختمف فيها إال أن ورو الوعيد فيها جيعل هلا حك ًام خمتص ًا بني مسائل اطمف. والذي هيمنةا :أن ليس يف لمم ابن مفمح أن اطمف غري السائغ ههو خهمف حمرم؛ ألن إنام يتكمأ عن صورة حمد ة ،وه مسه لة خمفيهة قهد ور فيهها وعيهد خاص ،ومعموم أن ال يستدل باطاص عىل العام. نخلص من هذا املبحث:
أن ال يصمح إطمق التحريأ عىل اطمف غري السائغ ،ويلهك الشهتامل عهىل بع
()1
صور االجتها امل جور عميها ،وإنام يكف أن يقال :إن خمف غهري سهائغ،
ن أهل العلم إلى مسند اإلمام أحمدد سسداه ه سنسدناده سلدي ادم بالم ،د خب سأ جد عزاه جماع ٌة ِم ْ ع د ال زاق الصنعانم ( 181 /8رهم )11811سالداره،نم ادم سدنن ( )21/3سال يهقدم ادم السدنن ن َدعَح ا تنقدي ال قيد ن ع دد الهدادإ إسدنا َد اإلمدام أحمدد س َر َد علدى مَد ْ ج َد اس ُ الك ى ( )333/2س َ ()96/1ا
28
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وليسعنا يف اإلطمق ما وسع أهل العمأ ،وإن إنافة وصف التحهريأ ال يبعهد أن يكون من املبالغة يف احلكأ. وما نقم املؤلف عن الشافع فإنام هو تقسيأ اعتبار نخر ،وهو النظر إىل فعهل املختمفني إيا عمموا احلق فخالفوه ،وما نقم عن ابن مفمح فإنام هو باعتبار صهورة خاصة من صور اطمف وهو ما ور فيها وعيد خاص. وهلذا – واهلل أعمأ – فإن التفسري الصحيح إلغفال ألثر أههل العمهأ إطهمق التحريأ عىل اطمف غري السائغ :هو اشتامل اطمف غري السائغ عىل ما ال يكهون حمرم ًا ،بل يكون االجتها في م جور ًا ،وهو الغالب يف أهل العمأ. خير سبب جتنب ألثهر العمهامء إطهمق التحهريأ عهىل أقر املؤلف وهو ِ وقد َ وقوع مجمهة مهن املفاسهد الته قهد تنشه مهن إطهمق ههذا اطمف غري السائغ: َ الوصف ،ونقول ل :فمِ َأ ال تمزم غرزهأ فتحرتز لام احرتزوا؟. ويبدو أن املؤلف – وفق اهلل -قد هال ُجرأة لثري من املته خرين يف اسهتباحة حرم الرشيعة ،فغمب عمي النظر إىل عظيأ جرمهأ ،وقد جتد نخر قد غمهب عميه النظر إىل خمف العمامء فيأمق احلكأ باالجتها امل جور عهىل املخهالف ،ويأمهق يلك مرس ً املصهوبة الهذين يعتهّربون لهل م ولو مل يسمك مسالك ،لام ه طريقهة ِ اجتها فهو صواب. وأقههول :ال حاجههة إىل هههذا وال إىل ياك ،ويكفه يف اطههمف إطههمق حكههأ السواغ أو عدم ،أما احلكأ عهىل املخهالف فهم يستحسهن إطمقه هكهذا ،وإنهام يتوقف في عىل لل مس لة بعينها أو أن يفصل يف يلر أنواع ،وصدق اإلمام أمحهد
29
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
حينام قال :إن ألثر خأ الناس هو من اإلمجال والت ويل. وأتعجب :ليف حتمس املؤلف يف بداية الكتاب العتبار اطمف حتى جعم مرشوع ًا ،ثأ حتمس هاهنا يف فع ،حتى جعهل غهري السهائغ منه حمرمه ًا ،فصهار نوع حمرم! اطمف مرشوعا ،ومن ٌ
ٍ طرف ،واحلق بينهام. ونقول :لل إطمق منهام يف
31
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الرابعة :فقه مقالة الشافعي يتعرض املؤلف يف قضية تسويغ اطهمف إىل مسه لة رشب ما لنت أحب أن َ النبيذ؛ فإن حرص عىل ت ليد وقوع اطمف فيها. ولذا يف مس لة نكاح املتعة! فإن بعد أن نقل عهن بعه
أههل العمهأ حكايهة
اإلمجاع عىل حتريمها رجع لينقل عن العز بن عبد السهمم أنه رصح ب هنها مسهالة تتقارب فيها األ لة ،وأن ال يبعد أن يكون احلق فيها مع املبيح! (.)1 ويف معرض تفريق بني القائل واملقالة :ساق بع
النصوص عن السهمف يف
إباحة سامع املمه ،وما لان عمي بعضهأ من الثقة والدين ،وأن أحدهأ لان من املغنّني املوسيقيني املشاهري! وقال :ههب أن عاملها أ َ اه اجتهها ه إىل القهول بإباحهة الغناء.)2(... ثأ يلر ثمث مسائل عن الشافع يف عدم اإلنكار عىل القائل ،وه : -1إتيان النساء يف أ بارهن. -2ربا الفضل. -3نكاح املتعة.
( )1اختالف املفتني .129 ( )2ص.192
30
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ونص ما نقم عن الشافع يف األم: "واملستحل لنكاح املتعة واملفت هبا والعامل هبا ممن ال تر شها ت ،ولهذلك لو لا ن مورسا فنكح أمة مستحم لنكاحها مسممة أو مرشلة؛ ألنا نجد من مفته الناس وأعممهأ من يستحل هذا ،وهكذا املستحل الدينار بالهدينارين والهدرهأ بالدرمهني يدا بيد والعامل ب ؛ ألنا نجد من أعمم الناس من يفت به ويعمهل به ويروي ،ولذلك املستحل إلتيان النساء يف أ بارهن ،فهذا لم عندنا مكروه حمهرم وإن خالفنا الناس في ،فرغبنا عن قوهلأ ،ومل يدعنا هذا إىل أن نجهرحهأ ،ونقهول هلأ :إنكأ حممتأ ما حرم اهلل وأخأ تأ؛ ألهنأ يدعون عمينا اطأ لام ندعي عميهأ وينسبون من قال قولنا إىل أن حرم ما أحل اهلل عز وجل"(.)1 فعلَق املؤلف:
"عىل لل خائ
يف مسائل االختمف من أهل عرصنا (عمامء وطمبة عمهأ)
أن يتنبهوا لدمثمة الت يلرها اإلمام الشافع ،خاصة يف لمم األول :من إباحهة ربا الفضل ،ونكاح املتعة ،وإتيان النسهاء يف أ بهارهن؛ فمهو أن فقههاء معهارصين معروفني بالعمأ والفضل أوصمهأ اجتهها هأ إىل ءء مهن يلهك ،ههل سهيقول املعارنون هلأ لام قال اإلمام الشافع " :مل يدعنا ههذا إىل أن نجهرحهأ ،ونقهول هلأ :إنكأ أحممتأ ما حرم اهلل ،وأخأ تأ؛ ألهنأ يهدّ عون عمينها اطأه لهام ندَ عيه عميهأ ،وينسبون َم ْن قال قولنا إىل أن حرم ما أحل اهلل ".أم من املحتمل أن يكون
( )1األم (.)223 ،222/ 6
32
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
أحدنا يف زماننا أغري عىل الدين من أئمة السمف (لالشافع ) ؟!! أم أن أعرف من أولئك األئمة". قلةت :يف املوقع العمم "املمتقهى الفقهه " يف قسهأ ن اب اجلهدل وقهوانني النظر :تأ التعميق عىل مقالة الشافع اآلنفة بام ييل: "من أوج فق هذه املقالة النفيسهة :أن الشهافع رمحه اهلل إنهام بب ههذه األمثمة الثمثة :املتعة ،وربا الفضل ،وإتيان النساء يف أ بارهن؛ ألهنا مهن أشهد مها قيل ،فالشافع هو أعرف الناس باطمف ،ولكن إنام اري هذه املسائل الثمثة من بني نالف املسائل لظهور الهنص فيهها ،واسهتقباح النهاس هلها ،وإنكهارهأ عهىل منتحمها ،لام أن ال يقول هبا سوى أفرا قمئل من بني الناس. فمام اجتمع هبا لل يلك ساقها الشافع جمتمعة ،وأن حتى هذه املسائل وقهد بمغ من ش هنا ما مر إال أهنا مع يلك ال تر شها ة مستحمها؛ ألن وجد من أعهمم الناس ومفتيهأ من يستحمها. فالشافع رمح اهلل وإن حرمها ،ولرهها ،ورغب عنها ،ش ن ش ن غالب أهل العمأ إال أن مع يلك ال يستجيز جرح من استحمها ،وأفتى هبا ،وأنه ال جيهوز أن يقال هلأ :إنكأ أحممتأ ما حرم اهلل؛ ألن لو قال يلك مل يعهدم خمهالفهأ أن يقولهوا نظري يلك :وأنتأ أيضا حترمون أيضا ما أحم اهلل!. إال أن مع لل ما سبق فإن ينبغ أن تفهأ هذه الفائدة نمن سياقها اطهاص هبا ،فاملقصو هو :فق األئمة لمخمف ،وعذرهأ لممخالف املجتهد ،بغ
33
النظر
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
عن أعيان هذه املسائل وصورها ،فيجوز مثم أن ينتحل بع
الدخمء أحرفا من
هذه املسائل وأشباهها ،وال يقبم من ُ أهل العمأ :إما لعدم أهميته ،وإمها لضهعف برصه بالعمأ ،وإما طأئ يف استعامل الّربهان ،أو استخرا احلكأ ،وإما الستقرار اإلمجاع عىل حكأ هذه املسائل بعد أن لانت حمل خمف وتر ،فيكون مها أمجهع عمي مت خروهأ قاني ًا عىل ما تنازع في متقدموهأ ،فيسكن الكمم بعهد أن لهان متحرلا ،والذ لان سبب عدم تبني املس لة واتضاحها جلممة أمور معروفة. وقد شاع بني املعارصين خاصة إحياء اطمف القديأ ،ولو لان ما أحيوه حق ًا ملا أمجعت األمة أو عامتهأ عىل خمف قرون ًا متوالية؛ فإن ال جيوز عىل ههذه األمهة أال يظهر فيها احلق ،فم تزال طائفة منهأ عىل احلق ظاهرين ،ومن مجمة ظههورهأ ُ احلافظ ابن رجب يف موانع من لتب . ظهور حججهأ وبيناهتأ ،قرر هذا فاملقصو من هذا النقل أن اإلمام الشافع رمح اهلل يرضب أروع األمثمهة يف فق اطمف ،وأن النظر إىل هذه الفائدة قارص عىل هذه اجلهة من غهري التفهات إىل تفاصيل هذه املسائل وإشكاالهتا ،وهبذا يكهون لهمم اإلمهام الشهافع يف حممه ، وجيوز أن تنكر هذه املسائل اليوم الختمف ِ موجب اطمف ،وبهذلك نكهون قهد استفدنا من منهج الشافع يف تناول اطمف ال يف التمسك ب عيهان ههذه الصهور الت يلرها. وهبذا يكون متثيل املؤلف هبذه املسهائل ب هنها لوقهع القهول بجوازهها يف ههذا العرص فإن املفهرتض أن نقهف منهها موقهف الشهافع غهري صهحيح الخهتمف ِ املوجب. 34
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ولكن الغريب هنا :أن املؤلف يرضب بعيد ًا يف تسويغ اطمف ،وأن يمكن يف مثل هذه املسائل الت أ ى إليها اجتها جمتههد أن يكهون قوله سهائغا ولهو لهان خالف اجلامعة وقد شاع يم قول وياع. مع أنه يف رشوطه لتسويغ اخلالف :قد شدَ الغاية يف أوصاف اطمف املعتّرب، ولثري من هذه املسائل يمكن إ راجها فيام يلره من اطمف غري السائغ ب لثر مهن طريق ،إما عن طريق اإلمجاع الذ حتقق واستقر ،وإما عن طريهق الهنص الثابهت الوانح الداللة. فاملؤلف نظريا حريص عىل التمسك بمحهد ات اإلمجهاع الدقيقهة بيهنام ههو عممي ًا يرضب بعيد ًا يف تسويغ اجتها ات املجتهدين ما اموا أهل عمأ وفضل. وهنا يظهر املةأقق :م زق االستغراق يف تفاصيل احلدو الدقيقة الت رسهمها املؤلف ،وأن مهام اجتهد يف تفاصيمها فإن إيا نزل إىل الواقع العميل واجه الكثهري من اإلشكاالت ،ومنها إشكاالت تصأدم مع أصهول املؤلهف اطاصهة؛ فكيهف بغريه؟ ال مناص من راسة لل مس لة عىل حدة ،نعأ هناك مسائل ال ينبغ أن يكون فيها خمف ،ولو اختمف فيها مل يمتفت إليها فهه مسهائل يف حكهأ القأعه ،أو قريب من ،فهذه ه الت يمكن أن حتد نظري ًا أما سوى يلك من املسهائل ،فكهل مس لة لوحدها ه مرشوع متكامل يف تصنيفها من جهة االعتبار وعدم . أرضب مثاال قريبا مما نحن فيةه :ثمة طائفة من املسائل املعارصة يدَ عى فيها
35
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
اإلمجاع القديأ ،ويرتَب عىل يلك اإلنكار وعدم االعتدا باملخالفة ،بينام املخهالف ِ املوجب قد تغري ،أو أن الواقعة استجدَ فيها مها يهؤ ِثر يف صهحة انأبهاق يدَ ع أن احلكأ القديأ ،واآلخر ينف . هاهنا من نصدِ ق ؟ مدَ ع اإلمجاع ،أم منكر اإلمجاع يف هذه املس لة!. اجلةواب :لل مس لة تدرس عىل حدة ،والواقع التأبيق لدراسة هذه املسهائل احلا ثة يفيد أمرين: األول :أن ثمة مسائل وقع فيها فع ً م خرق اإلمجاع املحقق فيها. الثاين :أن ثمة مسائل ا ع فيها اإلمجاع ،وهو متقاعد عنها. وما ام أن الواقع يفيد غمو ًا يف الأرفني فإن عهىل املتصهدِ هلهذه املسهائل أن يكون متنبها من خرق اإلمجاع ،ومتنبها أيض ًا من توسيع ائرة اإلمجاع. هذا عممي ًا ،أما نظري ًا :فإن عىل َم ْن رام الت صيل هلا أن يكون حمرتز ًا الغايهة أن تتسع اللهة ألفاظه يف حتجهري األ وات االجتها يهة ،وأن يكهون لهذلك منتبهها لمعمميات االخرتاقية املحسوبة عىل املجتهدين والت تقأع وائر اإلمجاع املبتوتة، إما عىل عمأ وبصرية ،وإما عىل جهل وعامية. وقد لان املؤلف عىل قدر من التوازن حينام عا إىل فهتح بهاب االجتهها مهع حرص الشديد عىل التمسهك بمعاقهد اإلمجهاع ،والتخهوف مهن جمهاوزة حهدو اتفاقاهتأ ،وهذا يف احلقيقة حسن جد ًا ،وسبب حسهن ههو مها اشهتمل عميه مهن الدعوة إىل االجتها من املت همني ل مع احلرص عىل نبط هذا الباب من الهتام 36
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
يف االجتها إىل رجة خرق اإلمجاعات املحققهة ،فهه بهذلك عهوة إىل اجتهها منضبط ،وسبب إشارتنا إىل توازن الشيخ حاتأ من ههذا اجلانهب ههو أن الواقهع حيك لثرة الصدام بني هاتني الدعوتني لام سبق ،فمن قام باالجتها و عا إىل فتح باب :تراه ينب إىل نعف لثري من اإلمجاعات املحكية وأهنا ليسهت لهذلك ،ثهأ ال يمق هلا باال ،ويف املقابل فإنك جتد لثريا ممن يدعون إىل التمسك بمعاقد اإلمجاع: ٍ عهال قهد شديد احلذر والتوجس من إطمق الدعوة إىل االجتها ،وأهنا يف مقام يرتقي َم ْن ال يأول ،فيكون هذا عائق ًا أمام مسار االجتها الواجب. و املقصو هنا اإلشا ة بالتوازن احلسن الذ بدا يف لتابهة املؤلهف ،وإن لهان تفصيل هذا التوازن ال يزال بحاجة إىل مزيد بيان؛ فإن املؤلهف وإن بهدا منه ههذا التوازن النظر إال أن عا ف خفق حني رشع يف تفصيم ،حتى نل هذا التهوازن إىل ءء من التناق
،بني املبالغة يف التقرير النظهر حلهدو اطهمف املعتهّرب ،وبهني
املبالغة يف تسويغ اجتها ات املجتهدين.
37
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة اخلامسة :عدم التزام البناء األصويل: منش الغمط عند الشيخ حاتأ العوين يف مجمة عريضة من مسائل الكتاب أن مل يمتزم البناء األصويل يف ترتيب املسائل ،فض ً م عهن عمقهة "الفهرع الفقهه " بهه "جذره األصويل" ،وإنام تبدأ املس لة عنده من الشافع ،ومتهر به يب املظفهر وابهن تيمية ،وتنته بقأب سانو ،وتنته القصة!. ومع قة املسائل الت تناوهلا فإنك ال جتده اعتهّرب الهرتالأ األصهويل ،السهيام املرحمة الثانية ،والثالثة يف التدوين األصويل ،ولعل موقف من املتكممهني فعه إىل جتاوزها مجم ًة واحدة! فمأ يعب هبا ،وهلذا فمنا أن نقول :إن الهرتالأ األصهويل ههو حشو يف التكوين العممه لممسهائل األصهولية الته تعهرض هلها الشهيخ حهاتأ الرشيف ،وهذا منهج خأري ال يقل خأورة بحال عن ر بعه
أخبهار اآلحها ،
فهذا يف الثبوت ،وياك يف الداللة ،وست يت عدة إشارات إىل اهتامم املؤلهف بقضهية الثبوت (وه قضية تتعمهق بعمهأ احلهديث بامتيهاز) ،واسهتغراق يف التفاصهيل، واعتبار الثبوت لافي ًا يف فع اطمف في ،بينام ال جتد عنده هذا الهنفس املأهول يف الدالالت واألقيسة (ومها أبرز سبب لمخمف الفرع ) ،ومل يتعهرض لمهدالالت الباطمة باإلمجاع أو عند عامة األصوليني ،أو حماولة فرز الصحيح منها من الغمط، ل نواع قياس الشب مثم ،ولك أن تتصور املساحات الشاسعة ملسهائل القيهاس يف لتب األصوليني والفقهاء بام مل ينعكس يف لتابات املؤلف إال ملاما ،وقهارن يلهك بمساحة "خّرب الواحد" يف الكتاب؛ فإممءات املؤلف هلهذه املسهائل مل تكتسهب 38
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
حّربها املوزون من الواقع الفقه واألصويل. ناهيك عن إخراج مجمة من املسائل األصولية عن سياقها األصويل إىل النزاع املنهج مع أهل األهواء ،لبع
أنهواع اإلمجهاع ،وقهول الصهاحب ،والقيهاس
مفص ً م إن شاء اهلل تعاىل. الصحيح ،وسي يت لل يلك َ حق ًا ،لقد لان ملوقف املؤلف من صنَاع أصول الفق الكبار من املتكممني أثهر سمب يف بعده عن لثري من قائق هذا العمأ ،بام ظههرت نثهاره يف تعثهر مجمهة مهن مسائل الكتاب ،وإنام غاية مباحث عمأ األصول عنده :اإلمجاع والقياس ونحومها من املسائل الكبار ،ويف احلقيقة إنام هذه بع
العنهاوين الكهّربى ألصهول الفقه ،
وليست ه أصول الفق " ،ومن تع َمأ عمام فميدقق في ")(1؛ فكيهف بمهن تصهدى لفرز اطمف الفقه واألصويل مع ًا!. توسع الشيخ حاتأ يف تفصيل رشط اإلمجاع برس بعه لام قد َ
األوصهاف
الدقيقة الت يؤمن هبا ،وش َكل أقسام بحسب اآلراء الته توصهل هلها ،وربهام ال يس ِمأ هبا مجاعات من أهل العمأ ،إما زيها ة ،وإمها نقصهان ًا ،وههذا ال يتناسهب يف لتاب يريد صاحب أن حيل مشكمة عويصة يف اختمف األئمة ،ولبار املجتههدين، ومجاعات املفتني!. فهل سيس ِمأ لل هؤالء يف خضأ اصصاهتأ الدقيقة السيام األصوليني منهأ لممحدث فيام استبدَ ب وهنأ ،ويف عقر ارهأ؟!.مع ما و َلد عمهيهأ املسهائل ،ثهأ
( )1رواه عن الشافع :البيهق بإسنا ه يف لتاب "مناقب الشافع " (.)142/2
39
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ينكر عميهأ تقحمهأ يف الكمم عىل مسائل احلديث وعموم !. الذي يمكن اجلزم بةه :أن املؤلف يف جمموع ما انتهى إليه غهري مسهبوق يف حتديد ما يسوغ في اطمف ،وهذا خيالف العمو الفقر الذ أقهام عميه لتابه ، وهو اإلمجاع بتفاصيم . وعىل كل :فإن لمم املؤلف يف لثري من مسائل الكتاب ه يف رجات يمكن حمهررا، احتامهلا ،وال يبعد أن يكون أصاب فيها احلق ،ومنها ما لهان لممه فيهها َ أمر جمل ،وهو السهبب الهرئيس واألول يف لكن لوهنا حد ًا لتسويغ اطمف فهذا ٌ تكمف لتابة هذه األوراق.
41
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفات املتعلقة بمن ال يستحق اإلفتاء: الوقفة السادسة :صفات َم ْن ال يستحق اإلفتاء. الوقفة السابعة :تفاصيل املنهج الكيل البدع . الوقفة الثامنةة :إ را خهمف الظاهريهة يف اإلمجهاع السهكويت وأقهوال الصحايب نمن اطمف املنهج . الوقفة التاسعة :نابط اجلاهل الذ ال يستحق اإلفتاء. الوقفة العارشة :خمف املبتدعة. الوقفة احلادية عرشة :التحذير من أهل األهواء إيا تشبهوا ب هل العمأ.
40
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة السادسة :صفات َم ْن ال يستحق اإلفتاء يلر الشيخ حاتأ – حفظ اهلل -أن ال يستحق اإلفتاء َم ْن توفرت في إحهدى الصفات التالية: -0
أن يكون غري عامل.
-2
أن يكون غري عدل ،نعيف التدين ،وهو الذ ل ِقب يف الرشع بالفاسق.
-3
أن يكون ل منهج ليل يف االستدالل أو االستنباط خيالف مهنهج السهمف (وهو اطمف البدع ) ،برشط أن يكون منهج الكيل هذا حييد ب حكامه غالب ًا عن الصواب ،فيجعل خأ ه فيهها ألثهر مهن صهواب ؛ ألنه سهاوى اجلاهل يف لون احتامل اطأ من ألهّرب مهن احهتامل الصهواب ،فاسهتحق التحذير من لذلك). (1
قلت :يشرتط يف اطمف املعتّرب – يف نظر -رشطان اثنان فقط ،ومها: -0
أن يكون صا ر ًا عن أهم .
-2
أن يكون مستنده الرشع اطاص مما حيتمم الدليل. يقول الشافع رمح اهلل" :ما لان من يلك حيتمل الت ويهل ،ويهدرك قياسها،
فذهب املت ِول أو القايس إىل معنى حيتمم اطّرب أو القياس وإن خالف في غهريه :مل ( )1اختالف املفتني :ص.218 ،212 ،287
42
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
أقل أن يضيق اطمف يف املنصوص"). (1 وباشرتاط األهليةة :نستغن عن يلر الرشطني األولني يف صفة َم ْن ال يستحق يؤهم الفتوى؛ ألن األهمية يشرتط يف صاحبها أن يكون عاملا ورع ًا ،فيكون ل عمأ ِ إلصابة احلق ،ويكون عنده ين يمنع من قول الباطل ،أو التمكؤ يف بيان . وحينئذ يكون هذان الوصفان فيمن ال يسهتحق الفتهوى ،مهها بيهان وتفسهري لمرشط األول لمخمف املعتّرب ،فيقال هكذا: يشرتط يف اطمف املعتّرب أن يكون صا ر ًا عن أهمية ،واألهمية تتحقق بهالعمأ والدين. بني ليس استدرال ًا ،وإنام هو ترتيب وتنظيأ لصورة املسه لة مهن وهذا لام هو ِ ٌ معقدها الرئيس يف اطمف املعتّرب. أما الوصف الثالث املانع من استحقاق الفتوى عند املؤلف: فهو يتكون من أمرين: .1أن يكون لممفت منهج ليل يف االستدالل خيالف منهج السمف. .2أن يكون هذا املنهج حييد ب حكام غالبا عن الصواب. قلت :نعأ ،املنهج الكيل البدع يشكل خأر ًا عىل عممية الفتوى ،لكنه لوصهف هو ألصق بصفات اطمف غري السائغ ،من إىل صهفات املفته الهذ ال يسهتحق
( )1الرسالة ص.168
43
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
اإلفتاء ،فإن لان ال بد من بيان فمعل األفضل إ راجه نهمن األوصهاف املنافيهة لمعمأ؛ ألن املقصو بالعمأ هو العمأ الرشع املعتّرب. ثم إنه ال بد من التنبه – وهو املهم يف احلقيقة: -
إىل أن هناك تفاوت ًا وانح ًا يف بع
األصول املنهجية بني املدارس الفقهيهة،
ولل يدَ ع سممة منهج ،وخأ املنهج اآلخر ،فمذهب أهل الرأ خيتمف لثريا عن مهذهب أههل احلهديث ،ومهذهب فقههاء احلهديث أ ق مهن عمهوم مهذهب املحدثني ،والظاهريهة يقولهون :إهنهأ اهريوا مهذاهبهأ مهن مجمهة مهذاهب أههل احلديث ،ثأ إن مذهب أهل املدينة (املالكية) خيتمف يف بناء لثري من األصول عهن منهج الشافعية واحلنابمة ،أما املعهارصون فالتفهاوت بيهنهأ لبهري يف االسهتدالل، فهناك طرق تقميدية متيش عىل قواعد املدارس القديمة ،وهناك طريقة يغمب عميها النزعة الظاهرية ،وهناك طريقة يغمب عميها االعتبار املقاصد ،وهناك اجتاههات أخرى يف وائر معينة ،لاالجتاه الذ يمثهل خأهوط ابهن تيميهة اخهل املدرسهة احلنبمية ،أو يمثل مدرسة القول الراجح بحسب مدَ عي . واملقصود:
أن قد يقع بني مجمة هذه االجتاههات عهاوى إسهقاط إحهدى االجتاههات األصهول الكبهار ،أو أن خأ هها
األخرى ،ووصفها ب هنا خمالفة لمسمف يف بع ِ صوبنا النظر تمقاء أقهدم مدرسهتني ،ومهها :مدرسهة أههل ألثر م ْن صواهبا ،فإيا َ احلديث ،ومدرسة أهل الرأ ،فإن يتضح لنا أن بينهام مها يفيهد رصاحه ًة إسهقاط اآلخر نمن أحد األصول الت تدَ عى أهنا لمية .وبم شك فهه منهاهج متباينهة، 44
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وما أبعد مدرسة أهل الرأ ببحبوحتها ،عن مدرسة أهل احلديث برصامتها ،عن مدرسة أهل الظاهر بمضائقها. وإىل اليوم ال تزال جتد من يسقط اآلخر بجممة اعتبارات أبرزها استعامل هذه القاعدة بمخالفة اآلخر لممنهج الكيل لمسمف يف االستدالل! راجع إىل تصحيح املنهج املنتخب ،وإسقاط غريه ،فميتنب أن وهذا يف حقيقت ٌ يستأيل مستأيل من خمل هذه القاعدة املرنة إىل إسقاط بع
املذاهب املعتهّربة،
لام هو حاصل قديام وحديث ًا. لام أن هناك عموما حا ثة استتبعت مناهج خمتمفة يف التعامل معهها ،وقهد يدرجها بع
النهاس يف اطمفهات املنهجيهة ،مثهل النظهر املقاصهد يف اهريج
األحكام الرشعية ،وجدَ أيض ًا من املسائل الكبار مها تفاوتهت فيه طرائهق األئمهة املعارصين ومناهجهأ يف التعامل مع . وقد كان يمكن :أن يكون هذا الرشط يف نمن رشوط اطمف املُستساغ، وهو الرشط الذ ينص عىل أن يكون اطمف يف حيهز االعتبهار ،وحينئهذ ُيهذلر هناك أن املستند الرشع يشرتط في أن يكون صا را عن أ لهة الهوحيني بحسهب أحد املناهج املعتّربة عند أئمة اإلسمم ،وهبذا القيد يمكن حتصيل إمجا ٍع مفها ه أن أ منهج يتجاوز هذه املناهج املسمولة املعتّربة فهو منهج باطل بإمجاع املسممني. وهبذا تكون هذه الصفات الثمثة الت ساقها املؤلف يف مبحث َم ْن ال يستحق الفتوى (عدم العمأ -عدم الدين – منهج ليل بدع يف االستدالل) لمها مندرجة يف رشوط اطمف السائغ.
45
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ومن جهة أخرى فإن هذه الرشهوط الثمثهة نيمهة إىل رشطهني اثنهني بحسهب َ ُ الرشط الثالث (أن يكون ل منهج لهيل بهدع ) ملؤلف طريقة املؤلف ،فقد أرجع ا إىل الرشط األول (أن يكون غري عامل). ثأ ق َيد هذين الرشطني بقيد واحد وهو أن يكهون خأهؤه ألثهر مهن صهواب ؛ فصار يلر هذين الرشطني حشوا بإزاء هذا الوصف. ولذا فحسب هذه الأريقة يمكن أن يقال: إن صفة من ال يستحق اإلفتاء تقترص عىل معنيني: األول :أن يكون خأؤه ألثر من صواب . ومن أمثمة يلك: أ -أن يكون غري عامل.
ب -أن يكون ل منهج ليل بدع .
الثاين :أال يكون ِين ًا. وهذا بحسب مقتىض لمم املؤلف. وقد رأيت املؤلف يف بع
هن يوصهف ب نه ال يسهتحق حواشي يهذلر َ أن َم ْ
االستفتاء هو: .1إما لنقص العمأ. .2أو لضعف التدين.
46
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وأعرض عن يلر الوصف الثالث وهو املنهج الكيل (.)1 ويف ظن :أن هذا هو املناسب ،وه طريقة غالب أههل العمهأ ،فهنحن إنهام نتحدث عن تكوين املفت وت هم لمفتوى ،أما منهج فتمك مس لة أخرى ،عىل أن املؤلف نفس قد أرجع اشرتاط (أال يكون ل منهج ليل بدع ) إىل معنهى الرشهط األول ،وأن نبط يلك حيصل بكون اطأ ألثر من الصواب ،ونقول :فميدرجهام إين معا!. وهذا من ليس تتبعا لتناقضات املؤلف ،ومعاي اهلل أن أتتبع أخأاء مهن بهذل نفس لمعمأ ،وإنام هو ءء من الرصامة يف البحث ،بام يهدل عهىل أن ههذا الرشهط جر النظر ،ولكنه يغمهب عميه الزائد ال يتوافق حتى مع طريقة املؤلف نفس إيا َ أحيان ًا استحضار بع األصول الت أوالها جهده وزمان حتى أرست تفكهريه، ومنها ما نحن في ؛ فإن ل – حفظ اهلل – عناية بالر عىل من يسهميهأ املتكممهني، وسيتضح يلك جميا يف حجأ معاجلت هلذه املشكمة يف هذا الكتاب مع اختصهاص مونوع الكتاب باختمف املفتني. و نلخص ما سبق بام ييل: -0
الرشوط املهذلورة يف صهفة مهن ال يسهتحق اإلفتهاء مهذلورة يف رشوط اطمف السائغ سواء لان يلك عىل طريقة املؤلف ،أو عىل طريقة متع ِقب .
-2
يكتفى يف يلر صفات َم ْن ال يستحق اإلفتهاء عهد ُم تهوافر أمهرين اثنهني،
( )1اختالف املفتني :ص213
47
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ومها: .1العمأ. معنى زائد ًا بمعنى ،وإن لان الورع قد يفيد .2الدين أو الورع :ولممها ً ً ال يشرتط حصول فيم ْن ت َهل إىل اإلفتاء ،وإن لان يستحب حتقيق . بقي سؤال ُ يطل برأسه ،ومفةاده :ما املعيار يف معرفة أن صواب الرجهل ألثر من خأئ ،حتى يسقط من ائرة الفتوى ،مع أن املناهج املعتّربة متباينهة ،وإىل مسافات بعيدة؟ وسؤال أخر :ما ه هذه األصول غري املعتّربة؟ وب
ميزان توزن؟ هل هو
بميزان أهل احلديث؟ أو بميهزان أههل الهرأ ؟ أو بميهزان النصهوص؟ فهرتجح املس لة إىل التفاوت واالختمف يف املكاييل نفسها ،ويف املوازين نفسها ،وبناء عهىل هذه الأريقة ،فإن الفقهاء اليوم ،بل والفقهاء باألمس قد تساقأوا بجممتهأ! نظر ًا إىل معيار اآلخرين. ومن خمل الت مل يف عنوان الكتاب ،ومن خمل الت مل فيام يلهره فيبهدو أن مقصو املؤلف ههو باعتبهار النصهوص ،أو باعتبهار تقريهرات أههل احلهديث وفقهائ هأ ،وعمي فإن املؤلف نمن بصدق ههذه املدرسهة ولوهنها أمثهل املهدارس بحسب نظره ،فساق منها تقريراهتأ املناسبة ،ومل يكتف هبذا حتى جعمهها معيهار ًا لتسويغ اطمف ،ووقع ل يف مونع أن جعمها معيار ًا لمعامل املعتّرب من غري املعتّرب. تنبيه :أحلظ عىل املؤلف استعامل حرف "االستدالل" و"االستنباط" معه ًا، 48
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ول هنام متغايران ،وأحيان ًا يفر احلديث عن "االستنباط" ،وقد رأيتن تبعته يف يلك ،ومن خمل راسة أعد هتا تبني يل أن االستنباط ما هو إال االستدالل اطف ،وهبذا يكون الكمم عن االستدالل لايف ،وال يغنه عنه الكهمم عهن االستنباط ،واهلل أعمأ.
49
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة السابعة :تفاصيل املنهج الكيل البدعي يف غمرة تفصيل املؤلف لمرشط الثالث يف استحقاق اإلفتاء :أن ال يكهون لممفت منهج ًا لمي ًا بدعي ًا خيالف منهج السمف ،يلر أن اطمف املنهج ال خير عن أحد هذين القسمني: األول :اختمف مصا ر التمق ،والثاين :اختمف منهج االستنباط. ِ اختمف مصا ر تمقي عن مصها ر املخالف فاألول :أن يكون م خذ اختمف َ السمف :إما بالزيا ة ،أو بالنقص(.)1 ويلر أن النقص: -0لر السنة ر ا لميا. -2أو شب ليل (لر خّرب اآلحا مأمقا). -3أو ر ها ر ا جزئيا (عىل غري منهج املحدثني الذ ارتضاه الفقهاء). -4أو لر اإلمجاع املتحقق. -5أو إنكار القياس برشط الصحيح. ونمحظ هنا: أن الوصف املانع من اإلفتاء هو أن يكون لممفت منهجها لميها بهدعيا ،بيهنام
( )1اختالف املفتني ص.221
51
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
نجده يف تفصيل هذا الوصف يكتف يف حتصيل هذا املنهج الكيل البدع يف بع صوره ب ن يقع لممفت الر اجلزئ طّرب اآلحا بام خيالف منهج املحدثني ،ومعموم أن الفقهاء السيام أهل الرأ واملالكيهة هلهأ تفصهيل يف ههذه املسه لة ،مرجعه إىل التمسك باألصول ،فهو من باب تقديأ بعه املتضافرة عىل بع
األصهول املقهررة مهن النصهوص
النصوص املشكمة من ناحية الداللة أو الثبوت ،فهو من باب
مر بعدة أطهوار تقديأ النص األقوى عىل النص األنعف ،وهذا الباب من العمأ َ ُ املؤلف قد أنزل املسه ل َة يف منهازل املهنهج بالنظر إىل التحقق من الثبوت ،بينام نجد الكيل البدع املخالف ملنهج السهمف ،وال أ ر مهن ههأ السهمف إن مل يكونهوا أولئك؛ فإن مدرست املدينهة والكوفهة مهها أقهدم مدرسهتني يف التقعيهد الفقهه واألصويل ،فميت الشيخ التفت إىل التقعيدات اطاصهة لممهدارس األربعهة ،فههو يتكمأ عام يسوغ في اطمف وما ال يسهوغ ،فكيهف يتجهاوز التقريهرات اطاصهة ملدارس الفقهاء فض ً م عن إخرا مدرستني عريقتني من جمموع أربع مدارس من مجمة اطمف املعتّرب!! السيام أن املؤلف يتحدث عن رشوط استحقاق اإلفتاء.
50
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثامنة :إدراج خالف الظاهرية يف اإلمجاع السكويت ويف أقوال الصحايب ضمن اخلالف املنهجي: تفريع ًا عىل ما سبق من اشرتاط املؤلف يف املفت أال يكون ل ٌ ليل بدع ٌ منهج ٌ يف االستدالل خيالف منهج السمف :فقد اعتّرب بناء عىل يلك أن خمف الظاهريهة يف عدم إقامتهأ وزن ًا لإلمجاع السكويت وال ألقوال الصحابة :هو خمف منهج . ولذلك فإن ال يعتد ب قواهلأ الت لان م خذ خمفهأ فيها شيئا من هذه القواعد الباطمة. وألد هذا بنقم عن الشاطب ما يفيد عدم اعتبار أقوال الفهرق اطارجهة عهن السنة فيام نمت في ؛ ألهنا مل جتمع بني أطراف األ لة فتشاهبت عميها املآخذ (.)1 وال أجد أن املقام يتسع ملناقشة صدق هذه الدعوى العريضهة ،فمهيس هنهاك ت صيل من األ لة ،وال تقرير من لمم األئمة ،وال يعدو أن يكون ما يلهره تقريهر ًا من شخص الكريأ ،ولكن أشري إىل أمور: األول :أن القول بعدم االعتدا بخهمف الظاهريهة يف مسهائل اإلمجهاع القيهاس: معروف عند أهل العمأ؛ لكن أين قوهلأ :بعدم اعتبارهأ يف أقوال الصحابة الثاين :لمم أهل العمأ غايت عهدم االعتهدا ،وال أ ر ؛ ليهف جهاز لممؤلهف
( )1اختالف املفتني ص.217
52
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
إخرا هذه املسائل من السياق األصويل املح
،ثأ حرشها يف مجمة أصهول
أهل األهواء ،وإحالتها إىل خمفات بدعية ،مما يسهأ يف توسيع اهلوة بني أهل العمأ ،وهذا ما يناق
أحد مقاصد الكتاب.
ثالثاََ :أن اطمف يف اإلمجاع وقول الصحايب ليس بقارص عىل الظاهرية حتهى يه يت املس لة ِم ْن هذا السبيل ،ويأرقها من هذا الباب؛ فإن اطمف فيهام قائأ أيضه ًا مع مجاعة من أئمة الفقهاء ،وجهابذة األصهوليني ،وهه طريقهة لكثهري مهن املّربزين من املعارصين ،ولمهأ ال يمت إىل الظاهرية بصمة. َ أما لمم مجاعة من أهل العمأ يف عدم االعتدا بخمف الظاهرية فيام انفهر وا ب وأحدثوه من األقوال ،فهذا معروف ،ووجه أن يف أعيان املسائل الته خهالف فيها ُ أهل الظاهر ما أمجعت عمي األمة من قبمهأ ،وههذا ال اختصهاص فيه ب ههل ٍ أحد أحدث قوالً خالف اإلمجهاع املنعقهد قبمه ،ال الظاهر ،فإن ال عّربة بقول أ الظاهرية وال غريهأ ،ومثم ما لان ما يقأع ببأمن ؛ لإنكار القياس اجلهيل؛ فهإن االجتها الواقع عىل خمف الدليل القاطع ال يعتد ب ،لاجتها من ليس من أهل االجتها ،طروج عن مرسح النظر ومراح . أما ما سوى يلك من خمف أهل الظاهر مما حيتمم الدليل؛ فإن يعتد ب لتوفر صفة االجتها لدهيأ ،وهذا ما يهب إليه القهايض عبهد الوههاب البغهدا
مهن
املالكية ،واألستاي أبو منصور ،وقرره ابهن الصهمح ،وحكهى أنه الصهحيح مهن مذهب الشافعية ،واستقر عمي األمر نخرا فيام هو األغمهب األعهرف مهن صهفوة األئمة ،ل يب حامد ،واملاور ،والقهايض أبهى الأيهب وشهبههأ ،واختهاره مهن 53
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املت ه خرين :النههوو ،وابههن قيههق العيههد ،والههذهب ،و ابههن القههيأ ،والسههبك ، والشولاين ،وحكاه األمني الشنقيأ عن املحققني من عمامء األصول). (1 لان عىل املؤلف وهو يرسأ خأوط "تسويغ اطهمف" أال يربأهها بمهؤرش يمح الرتجيح لدي صعو ًا وهبوط ًا ،وأن ِ
النظر إىل "السواغ" من عدم .
أهل العمأ َ خص ُ أهل الظاهر بالذلر لكثرة شذويهأ فهيام أحهدثوه مهن وإنام َ يفرسهه اقتصهارهأ يف االعتهدا األقوال ،وملوقفهأ مهن عهدم املبهاالة باملخالفهةِ ، باإلمجاع عىل املستيقن من ،واقتصارهأ عىل اإلمجاع هو من جهة االعتبار أيضه ًا ال قارص عىل النص ،واإلمجهاع املسهتيقن ال من جهة االستدالل ،فإن الدليل عندهأ ٌ خير عن . ُ املؤلف في عدم االعتدا بمخالفة أهل أما اإلمجاع السكويت والذ أطمق الظاهر يف مجمة خمالفاهتأ الت مل يقأ أهل العمأ هلا وزنا ،فهذا ال يتناغأ مع الواقهع الفعيل لممس لة ،سواء لان يلك يف املدرسة األصهولية نفسهها ،أو لهان واقعه ًا يف طرائق األئمة يف التعامل مع استدالال أو خمالفة. فإن هذه املسه لة هه مهن ُع َقهد األصهول ،ولهمم الشهافع فيهها معهروف ٍ سالت قول"ُ ،ن ِق َمت عن يف عني ومفصل ،ومن عبارات الرشيقة" :أال ينسب إىل هذه املس لة ،ويبدو أن عدم التفات املؤلف إىل أطهراف املسه لة األصهولية ،وال إىل ( ) 1فتاوى ابن الصالالح املسالألة ص ،93 ،92رشح اإلملالا ( ،)38/3نثالر الالوروع عالىل مراقالس السالعوع ، 429 ،427\2االعتداع بخالف الظاهرية لعبد السال الشويعر جملة البحوث اإلسالمية العالدع68ص .323-293
54
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
تعمقاهتا الفقهية سمحت ل إطمق مثل هذه العبارة . وأجد أن لدصوليني احلق الكامل أن يثريوا هاهنا :ما أثاره عميهأ املؤلهف يف ٍ حهق بصهوت جههور أنه مس لة قبول ما هو من خّرب اآلحا ؛ فإن هناك أسمعهأ ٌ حم ألهل احلديث املختصني ،وأن ليس من ش ن غريهأ. حابس يفوقان قمت :ما أحد املونعني ب وىل من اآلخر" ،فام لان ِح ْص ٌن وال ٌ ِم ْر اس يف جممع". وأسوق هنا بع
النقوالت القريبة ،والت ه يف متناول اليد ،املفيدة اعتبهار
ُ النزاع في ،ورسم يف وائر أهل السنة بإزاء أصول املؤلف النزاع يف أوسع مما منع َ أهل األهواء: قال ابن حبان البستي :
(اإلمجاع عنهدنا إمجهاع الصهحابة الهذين شههدوا هبهوط الهوح والتنزيهل، وأعيذوا من التحريف والتبديل ،حتى حفظ اهلل هبأ الدين عىل املسممني ،وصهان عن ثمأ القا حني ،ومل يرو عن أحد من الصحابة خمف هلؤالء)(. )1 قمت :من املعموم أن من أهل العمأ :من يقرص اإلمجاع املنضبط املعمهوم عهىل إمجاع الصحابة لام ه رواية عن أمحد ،قررها ابن تيمية ،ويلر أن اإلمجهاع الهذ ينضبط هو ما لان عمي السمف الصالح ،أما بعدهأ فقد لثر اطهمف ،وانترشه يف األمة.
( )1صحيح ابن حبان ترتيب ابن بلبان (. )482 /1
55
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ويف مونع نخر اعتّرب ابن تيمية :أن اإلمجاع متفق عمي بني عامة املسهممني يف اجلممة ،ومل ينكره إال بع
أهل البدع مهن املعتزلهة ،والشهيعة ،إال أنه سه َمأ أن
املعموم من هو ما لان عمي الصحابة ،وأما بعد يلك فتعذر العمأ ب غالب ًا (.)1 وعىل هذه الأريقة أهل الظاهر :او وأصحاب ( )2إال ابن حهزم ،فهإن اعتبهاره إلمجاع الصحابة أنيق من اعتبار أصحاب الظاهريني ،وهو من مجمة ما اسهتدرل عميهأ ،وال يكا يثبت من إال ما شاع بينهأ ،مما أثبت النص ،ولان عمم بوري ًا، يعرف لل واحد منهأ يف زمن النب صىل اهلل عمي وسمأ ،لقسمة غنائأ خيّرب. فمقتىض قول هؤالء :أن إمجاع غري الصحابة ليس بحجة ،فتحصل لنا خمف يف وائر واسعة من اإلمجاع الظنه الهذ مل يكتهف املؤلهف بحجيته حتهى منهع اطمف يف فر ٍ ِم ْن أفرا ه ،وهو اإلمجاع السكويت. وقال أبو حامد الغزايل:
املحصمون أن السكوت مرت ، "مل يزل العمامء خمتمفني يف هذه املس لة ،ويعمأ ِ وأن قول بع
األمة ال حجة في "(.)3
وقال الصنعاين:
"التحقيق أن مل يقأ الدليل إال عىل حجية اإلمجاع القهويل ،وأمها ههذا الهذ أشار إلي ،وهو اإلمجاع السكويت ،فميس بحجة لام يف عمأ األصول .فإيا حققهت ( )1جمموع الفتاوى (.)341/11 ( )2البحر املحيط ()482/4 ( )3املستصفى (عار الكتب العلمية ص .)112
56
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
احلق أن عوى اإلمجاع طريقة القارصين ،إيا أعيتهأ األ لة ا عوه عىل منهازعهأ، وال يميق يلك ب ئمة التحقيق"(.)1 وهذا الرأ قد مال إلي مجاعة من املحققني املعارصين ،يقول الشيخ أبو َزهرة (ت )1974رمح اهلل: " وعند أن احلجيهة لمهها لانهت يف إمجهاع الصهحابة ريض اهلل عهنهأ ،ومل يكونوا قد تفرقوا يف األقاليأ ،فإن اإلمجاع لان ممكنا ،أمها يف عرصه التهابعني وقهد تفرقوا يف األقاليأ فإن اإلمجاع حينئذ مل يكن ميسورا ،إن مل يكن متعذرا؛ ولذلك ال يكا الفقهاء يتفقون عىل مس لة من املسهائل ،قهد أمجهع عميهها بعه
الصهحابة.
فيبد بعضهأ اإلمجاع فيها ،وينكره عمي غريه". ويقول األصويل الن َظار .يعقوب الباحسني يف لتاب "اإلمجاع": "يظهر مما يلرناه من مذاهب العمامء واسهتدالالهتأ ومها قيهل فيهها ،إنه ال يوجد ليل قاطع وحاسأ عىل أ منها"(. )2 ويقول:
"اإلمجاع السكويت مما اختمف في العمامء ،ورف عدم األخذ ب مما شدَ العمامء في ،ولفروا جاحده"(.)3
( )1العدة حاشية الصنعاين عىل إحكا األحكا (.)187/1 ( )2اإلمجاع للدكتور يعقوب الباحسني ص.178 ( )3املصدر السابق.
57
األخذ ب لثهريون ،ولهيس
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وبناء عىل لل ما سبق ،وبناء عىل قاعدة املؤلف يف الرجوع إىل املختصني: فإن يبدو بام يلره أهل العمأ وقهرروه أن مسه لة اإلمجهاع السهكويت هه ممها اختمف فيها العمامء ،وأهنا لهيس ممها يشهد فيهها ،وقهد رفه
األخهذ بحجيتهها
لثريون ،ومال لثري من املحققني إىل عدم اعتبارها يف اجلممة. وهذه املسائل ،فيها قة وخفاء ،واستعامهلا متعارض إىل حهد لبهري ،وسهي يت يلرها لدى املؤلف يف رشوط اطمف املعتّرب بقيو ال تهدفع مها يلرنهاه هنها؛ ألن اطمف الواقع بينهأ يف اعتباره ويف استعامل ويف تقييده يبقى حتى مع اعتبار ههذه الرشوط وال يكا يذهب أحد إىل إمهاهلها ،ألهنها هه بنيهة أرلانه ،ثهأ إهنهأ قهد خيتمفون يف حتقق هذه القيو . وسبقت اإلشارة إىل يلر قيد يتأ ب حتصهيل اإلمجاعهات الصهحيحة بجهنس أعأ ،وهو أن يكون مستند املخالف اطاص يف حيز االعتبار ،فإنه إيا حهرر عهىل وج يفيد أن قول املخالف فارق إمجاع العمامء املستيقن فإن مستند املخالف يكون حينئذ خار حيز االعتبار؛ ألن اإلمجاع ليل متفق عمي بني العمهامء يف اجلممهة - وهذا ليس استدالال وإنام بيان ًا لمواقع -وإنهام يقهع النهزاع يف حتققه ويف وقوعه ، فالكل يسمأ حصول اإلمجاع يف مس لتني: -0اإلمجاع القأع . -2مجمة لبرية من املسائل الظنية الت مل يقع فيها نزاع بهني أههل العمهأ ،فهه يف حكأ اإلمجاع املستيقن الذ ال يتحرك في نزاع بني أهل العمهأ ،فهابن حهزم الظاهر الذ هو أشهر من فع االحتجها باإلمجهاع الظنه صهنع مؤلفها 58
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
لام ً م يف سياق املسائل الت مل يتنهازع فيهها أههل العمهأ ،ووسهم بمراتهب اإلمجاع ،وأرا في أن حيرر املسائل الت مل يقع فيها اطمف من أحد من أههل العمأ البتة. واخلالصة :أن اإلمجاع حجة إيا حتقق ،وهذا عند غالب أههل العمهأ ،ويقهع اطمف لثري ًا يف حتقق ،وإيا لان األمر مناطا بتحقق ؛ فإن القدر املتفهق عميه مهن يلك ال يقع في خمف ،وإنام يدفع ب بع
الدخمء من غري أههل العمهأ ،أو مها
وقع عىل هيئة الفمتة. وال توجد إمجاعات متحققة ال ُينازع فيها إال والنص ظاهر فيها ،فهإن خفه النص لان يلك سبب ًا يبعث الريبة والقمق من صحة اإلمجاع املدَ عى ،وتز ا الريبة إيا ظهر من النص ما يعارض هذا اإلمجاع املدعى. وإيا وقع بني أهل العمأ نزاع يف حصول اإلمجاع ،فهنا يضهعف االسهتنا إىل اإلمجاع ،ويز ا نعف لمام قويت بينة عوى اطرق. إين القدر الذ ينازع يف حتقق اإلمجهاع فيه – أعنه اإلمجهاع السهكويت -ال يصمح أن يكون معيار ًا لتسويغ اطمف ،فبات هذا اإلمجاع غري مفيهد يف تسهويغ اطمف ،السيام أن هناك من ينازع يف أصل حجيت ،ويبقى أنه يسهتفيد مهن ههذا اإلمجاع َم ْن حيتج ب يف أعيان املسائل ،وما لل ما صمح االحتجها به يف الفهروع جاز اعتباره يف تسويغ اطمف يف األصول. ولذا فم أجتارس عىل إسقاط القول باعتبار اإلمجاع السكويت ،اعتبار ًا لمخمف
59
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الواقع يف املس لة ،وإ رال ًا إلشكاليتها نظرا وتأبيق ًا ،حتى ُن ِقهل عهن الشهافع يف هذه املس لة ،وفيام هو أعهأ منهها ،وههو اإلمجهاع الظنه عهدة أقهوال مهن نفهس نصوص ،حتى استشكمها أصحاب ،بل جعل فخهر الهدين الهراز أن له قهولني حاولهت متناقضني (،)1ال يكف لدفعها إحدى إشارات املؤلف يف احلاشية ( ،)2وقد ُ حل بع
عقد املس لة يف اجلواب عن إلزامات ابن حزم لمشافع يف باب اإلمجهاع
يف بحث يف إلزامات ابن حزم لمفقهاء. وإيا لان األمهر لهذلك مل جيهز أن نسهقط أحهد القهولني يف اعتبهار اإلمجهاع السكويت بناء عىل ترجيح القول اآلخر ،فض ً م أن يكهون يف مجمهة املنهاهج الكميهة البدعية الت االف منهج السمف. ثأ إن إطمق القول ب ن أهل الظاهر ينكرون اإلمجاع السهكويت فيه مناقشهة، وإن لان هذا هو املوجهو يف لتهب األصهول ،إنهافة إىل ترصهيح أههل الظهاهر أنفسهأ عىل عدم حجيت . وسبب هذا هو أن أظهر ما يقع في اإلمجاع السكويت حتهى ا عه انحصهاره في :ما لان يف عرص الصحابة ،وأهل الظاهر يف اجلممة يثبتهون إمجهاع الصهحابة، وإن لان يبقهى أهنهأ ال يكتفهون بتصهحيح عهىل الوصهف املهذلور يف اإلمجهاع بعضهأ ولو لان واحدا فتوى أو حك ًام ،ثأ ينترشه قوله بهم السكويت ،ب ن ُي ْص ِدر ُ نكري ،بل يشرتطون يف إمجاع الصحابة أن جيمعوا لمهأ عىل يلك ،وال خيفى تعهذر ( )1البحر املحيط (.)496 ،491/4 ( )2اختالف املفتني ص.11 ،18
61
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
هذه الصورة حتى يف زمن الصحابة ،ومن هنا ناقشهأ ابهن حهزم املؤسهس الثهاين ملذهب أهل الظاهر ،وأثبت تعذر هذه الصورة. واملقصو أن إمجاع الصحابة الذ يثبته أههل الظهاهر ٌ نيهل إىل االلتقهاء مهع اإلمجاع السكويت؛ إي يتعذر العمأ بنأق مجيعهأ ،وقد شهد هبذا عمهيهأ ابهن حهزم الظاهر ؛ فيمكن القول :إهنأ يثبتون نوع ًا خاص ًا من أنواع اإلمجاع السكويت؛ بهل إن لل اإلمجاعات املدَ عاة حتى القأع منها ،يصدق عميها يلهك؛ فهالعمأ بنأهق مجيعهأ حمال ،وإن لانت ههذه الصهور لمهها ال تسهمى باإلمجهاع السهكويت؛ ألن "اإلمجاع السكويت" عند أهل العمأ خاص بصورة حمد ة. واحلقيقة أن املؤلف حفظ اهلل مل حيقق مس لة اإلمجهاع لهام ينبغه ،ومل حيسهن طريقة حتصيم ل : نص يف مون ٍع من لمم عىل أن ال جيوز ألحد أن خيالف إمجاعا سكوتيا فقد َ صحيحا؛ ألن ليل متفق عمي (.)1 وإيا جتاوزنا ما يف عهوى االتفهاق؛ فإنه يبقهى اسهتدالالً غريبه ًا أن يسهتدل باإلمجاع عىل صحة نفس اإلمجاع ،لام مل يكشف لنا املؤلف عن طريقة حتصيم هلذا اإلمجاع املستدل ب حتى نعمأ أهو من أنواع اإلمجاع املتفق عميها أو املختمف فيها، أو أن بإمجا ٍع سكو ٍيت نخر ،فتنحط رتبة االستدالل ب عن رجات الّرباهني. وال ندر أهيام ننق
:أطريقت يف االحتجا بالدليل عهىل نفسه ،أم نهنق
( )1اختالف املفتني ص.91 ،79
60
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
اإلمجاع املدَ عى ،وإيا لان املؤلف عىل سعة اطمع أخفق يف حتصيل ليل اإلمجهاع باالستدالل عمي بنفس هذا الدليل ،وأخفق مرة أخرى يف حتصيل عوى االتفهاق عمي ؛ فكيف يصمح بعد يلك أن يكون مها يلهره معيهار ًا لممختمفهني يف تسهويغ اطمف؟(.)1 وقد ق َيد املؤلف اإلمجاع الذ يسوغ في اطمف :ببع
القيو الدقيقة الته
ترجحت لدي ،فمتى ما لان اإلمجاع حجة عنده مل جيز فيه اطهمف ،ومتهى مها مل يكن حجة جاز اطمف في وساغ؛ ولذا فإن عىل املجتههدين أن يكونهوا متهابعني لرتجيحات املؤلف ،وما قد يضيف من األوصاف يف الأبعات القا مة لمكتاب؛ إي معها يدور سواغ اطمف بني املجتهدين. لام أخفق املؤلف لكثري من املعارصين يف متييز مصأمح اإلمجهاع الظنه مهن السكويت: فهو يذلر اإلمجاع السكويت ،ويعرف بحده املعروف عند أهل العمأ :وههو أن َ يقول بع ُ جمتهد األمة بحكأ يف واقعة ،وينترش يلك احلكأ بني املجتههدين يف يلك العرص ،فم يعارن أحد منهأ (.)2 وه مس لة خاصة من مسائل اإلمجاع ،تذلر يف مجمة صور اإلمجاع املختمهف فيها ،وسبق اإلشارة إىل يلك ،لكهن املؤلهف – وبونهوح تهام -يريهد به عمهوم اإلمجاع الظن ،بدليل أن أ ر في صور ًا ِمن اإلمجاع الظنه ،لاإلمجاعهات الته
( )1اختالف املفتني ص.91 ( )2اختالف املفتني ص.11
62
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
يأمقها الفقهاء يف تفاريع املسهائل الفقهيهة ،املسهمى اإلمجهاع التحصهييل ،وألثهر املحصمة الت حيكيها الفقههاء إنهام هه مهن ههذه الأريهق ،وإن لهان اإلمجاعات َ حيصل هذا اإلمجهاع غالبه ًا عهن طريهق اإلمجاع السكويت قد يقع يف أفرا ها ،وإنام َ مجاعة من األئمة الكبار املأمعني ،فيبحث عن املخالف يف املس لة فم جيد ،فيحك بناء عىل يلك إمجاعا يف املس لة بحسب ظن أن لهيس يف املسه لة خهمف أو أنه ال يعمأ نزاعا بني أهل العمأ يف هذه املس لة. وه طريقة تشب عممية حترير حمل النزاع ،فيجمع أقوال أهل العمأ يف املس لة وقيو هأ ،ثأ ينظر يف املحل الذ مل يقع في خمف بني أحهد مهنهأ فيحكه فيه اإلمجاع بناء عىل هاتني املقدمتني الظنيتني: -1حترير حمل النزاع. -2عدم االطمع عىل املخالف. فهذا إمجاع استقرائ أو حتصييل ،حيصم العهامل املأمهع عهن طريهق النظهر يف أقوال أهل العمأ ،وقد يستغرق نظره عدة طبقات من أهل العمأ ،يف عهدة قهرون، وال يكون غالب ًا عن طريق صورة اإلمجاع السكويت املعروفة لدى أهل العمأ. ويؤلد هذا :أهنأ قد يلروا يف مجمة قيهو اإلمجهاع السهكويت :أن يكهون قبهل استقرار املذاهب ،ف ما بعد استقرارها فم أثر لمسكوت قأعا ،وبناء عىل هذا القيد فإن حتصيل مجاعات من أهل العمأ لإلمجاع ممهن جهاءوا بعهد اسهتقرار املهذاهب، لالأّرب ،واملنذر ،والأحاو ،وابن عبد الّرب ،وابن حزم ،وغريهأ :ه خار ائرة اإلمجاع السكويت ،إي أعمموا مجمهة عريضهة مهن األقهوال الته ياعهت بعهد 63
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
استقرار املذاهب ،ويقع القدح فيام حكوه من اإلمجاع لو مل يمتفتوا إليها ،بيهنام هه ال تعتّرب يف حتصيل اإلمجاع السكويت(.)1 ثأ إن اإلمجاع الظن متسع الدائرة ،ومن حيتج باإلمجاع السهكويت فهم بهد أن وواقع أيض ًا أن يقول بع يكون قد فرغ من اعتبار اإلمجاع الظن ،وجائ ٌز ٌ
الناس
بحجية اإلمجاع الظن وال يس ِمأ بصحة اإلمجاع السكويت ،عىل أن احلنفية ومجاعهة من الشافع ،ل يب إسحاق الشرياز ،وأيب املظفر السهمعاين يهذهبون إىل قأعيهة اإلمجاع السكويت ،وم خذ احلنفية أن لل إمجاع فم بد أن يكون قأعي ًا. أما مسألة قول الصحايب:
والت جعمها املؤلف يف مجمة املسائل الباطمة الت قال هبا أهل الظاهر ،وأن ال يعتد بخمفهأ فيها ،فسبق أن القول بعدم االحتجا بقول الصحايب لهيس خمتصه ًا ب هل الظاهر ،ومن الأريف يف سياق أقوال هذه املس لة :أن قول مجهور الفقهاء يف االحتجا هبذا الدليل خيالف قول مجهور األصوليني يف عدم االحتجا ب . وليس الغرض هنا الكشف والتدقيق عن نسبة هذه األقوال أو إقامة الهدالئل عميها ،وإنام الغرض اجلواب عن لمم املؤلف – رعاه اهلل – يف إخرا هذه املس لة من حيز االعتبار الفقه واألصويل إىل أن تكون جنب ًا إىل جنب مهع أصهول أههل األهواء الت ال يستساغ فيها اطمف ،وأقول: إيا لان املؤلف مأر ا يف عهدم اعتهدا ه باإلمجهاع السهكويت يف مجمهة أصهول ( )1البحر املحيط (.)181/4
64
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الظاهرية مع اشرتاط يف اطمف السائغ أن ال خيالف إمجاع ًا سكوتيا متحققا. فإن هنا ال يبدو لهذلك؛ فإنه مهع ترصهحي يف ههذا املونهع بعهدم اعتهدا ه باطمف يف حجية الصحابة فإنا مل نجده حيرتز يف رشوط ما يسوغ في اطهمف أال يكون القول خمالف ًا ملقتىض هذا الدليل (.)1 وال يكف املؤلهف أن يثبهت أن قوله ههو الهراجح ،وأن القهول اآلخهر ههو املرجوح؛ بل عمي أن يّربهن زيا ة عىل يلك أن قهول املخهالف خهار عهن حيهز االعتبار؛ ألن اطمف هنا قارص عىل االعتبار وعدم االعتبار ال عىل الهراجح مهن األقوال. وأشري إىل خمصة عن عاملني اثنني ،مها من أمتن عمهامء األصهول والفهروع، ومن أخص الناس إرشاف ًا عىل أقوال عمامء األمصار ،ومها الشافع ،وابهن حهزم، أن القول بحجية الصحابة ٌ قول مل يمتهزم االحتجها به فقد ألَدا يف موانع عىلَ : أحدٌ من أهل العمأ البتة ،حسب أنيق الرشوط الت اعتّربها أهل العمأ ،بل لهان أهل العمأ وال يزالون ي خذون ب قواهلأ مرة ،ويرتلوهنها أخهرى ،وسهت يت إشهارة أخرى لممس لة إن شاء اهلل تعاىل.
( )1اختالف املفتني ص.226
65
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة التاسعة :ضابط اجلاهل الذي ال يستحق اإلفتاء َبني املؤلف يف الفصل اطهامس يف صهفة مهن ال يسهتحق اإلفتهاء :أن نهابط اجلاهل الذ ال يستفتى هو َم ْن لان خأؤه يف مسهائل العمهأ الرشهع ألثهر مهن صواب . وعلل ذلك :أن مفسدة إفتائ أعظأ من مصمحت .بخمف ما لو لان الغالب عمي يف إفتائ بالصواب ،حيث ستكون مصمحة إفتائ ألّرب ِم ْن مفسدت (.)1 وأقول :األ ق واهلل أعمأ يف نابط َم ْن ال يستفتى باعتبار اطأ والصهواب: هو َم ْن لان خأؤه لثري ًا. والسبب يف ما ذكرت: أن اطأ الكثري هو الذ يدفعنا إىل التحذير ممن صدر من هذا اطأ ،ولهو مل يكن هو الغالب ،فمسنا ننتظر أن تصل نسبة أخأهاء املفتهى إىل %51حتهى نجيهز اإلنكار عمي . بل يكف أن أجد من خأ لثري ًا فمو لان خأؤه %30لرأيهت أن ههذا لثهريا جد ًا ،فهو يضل واحدا مهن لهل ثمثهة أشهخاص يسهتفتون ،وأجهد أن مصهمحة التحذير من لمحفاظ عىل هذه النسبة الكبرية الذين نعتقد أنه يفتهيهأ خأه ،ههو أحسن من السكوت عىل يلك ،ف نا أقدر بهني مصهمحة إفتهاء ههذا الرجهل وبهني
( )1اختالف املفتني ص.286
66
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
مفسدة إفتائ . وال خمف يف أن فع املفسدة واجب رشع ،وهنا يمكننا صهنع ههذا ،ولهن تفوتنا بذلك املصمحة ألننا لن نسقط هذا من مقام الفتوى إال وقد لمنا الناس عىل أهمها املتصدرين هلا ،واملفسدة إيا تع َينت فإهنا تدرأ. لكن املؤلف نظر من زاوية أخرى وهو مقدار صهواب مهن خأئه ،وههذا فه نظر إىل أن مصمحت ألثر من مفسدت ،وهذا إنام يكون عند التعهارض، ءء؛ ألن ٌ أما إيا استأعنا حتصيل املصالح فإنا نعممها مأمقا ولو لانت قميمة ،وإيا اسهتأعنا رء املفاسد فإنا ندفعها مأمق ًا ولو لانت قميمة. ويمكن التوسع يف قبول أخأاء املفت بحسب املصمحة ل ن يكون هذا املفت يف بمد يقل في العمامء ،فرتك هذا املفت ليفيدهأ ب حكام ينهأ هو خري من ترلهأ عىل عامية ،ولو لان خأؤه لثريا ،ما مل يكن بره ألثر من نفع ،فهنا يصح إعامل لمم املؤلف يف املوازنة بني بره ونفع . لام ينبغ أن يكون متييز الصواب من اطأ ليس هو بحسب رأ هذا الشيخ أو ياك فإن هذا مؤين بإسقاط املدارس الفقهية لبعضها ،فضم عن املفتهني الهذين سيتتابعون بحسب هذه الأريقة تساقأا. وإنام يكون بحسب اطمف غري السائغ فمثم من أفتى بجهواز لشهف املهرأة لوجهها فإن هذا ال يعد خأ فضم أن يكون موجب ًا إلسهقاط لصهاحب ،لكهن إن وقع من مغاالة يف تقرير قول ،أو يف إسقاط القول اآلخر ،فإن حينئذ يكون غمأه
67
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
حمسوب ًا عمي من هذا الوج . قمت ،عىل أين ال أميل إىل يلر هذه الرسوم واحلدو ألنه يف األخهري قمت ما ُ ُ لن يعممها إال العمهامء الراسهخون ،وههؤالء إنهام يقهع يف قمهب أحهدهأ مبهارشة مصمحة إفتاء هؤالء أو فسا يلك من غري تعميق نظر؛ ملها نل إليه حهال أولئهك العمامء من رسوخ عمأ وجتذر ممكة ،حتى إن الصواب يسهبق إىل لسهاهنأ وله نام يمهمون إهلاما. وأشيد باملؤلف فيام أشار إلي مرارا من تبعة إسقاط أهل العمأ بمجهر تتبهع بع
أعيان أهل العمأ والفتوى ،ويكون هذا
أخأائهأ ،فتجد من حيذر من بع
التحذير من مرفقا بقائمة طويمة من أخأائ ،فيفزعك وحيزنك مها نل إليه حهال هؤالء من اطأ ،لكنك إيا تتبعهت بعه
ههؤالء يف لتهبهأ ،ويف بهراجمهأ ،ويف
حماباهتأ ،ال تكا جتد ما تنكره عميهأ إال ما يكون من تفاوت وجهات النظر أو اطمف الدائر املعتّرب ،ونحهو يلهك ،فههؤالء إين أههل صهمح وههأ – ثبهت اهلل ِ أقدامهأ – أتباع َم ْن ُأمر بقول :ﭽﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﭼ [يوسف.]٨٠١ : وما وقع من األخأاء والعثرات مل يكن ليعرف إال بالتكمف الشديد والتتبهع املضن ،وهو مرت بني أن يكون قميم أو أقل القميل. وهذا هو ما قال العز بن عبد السمم« :فإن لان خأؤه بعيهدا نها را جهاز له الفتوى واحلكأ ،وإال ...فم» (.)1 وقد استفا من املؤلف يف أصل صناعة هذا الضابط حيث قال العز: ( )1الفتاوى للعز بن عبد السال ( ،)91،98اختالف املفتني .218
68
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
مع أين ال أعتقد أن أحد ًا منهأ انفر بالصواب يف لهل مها خولهف فيه ،بهل أسعدهأ وأقرهبأ إىل احلق من لان صواب فيام خولف في ألثر من خأئ ،بالنسبة إىل لل من خالف ... ثأ قال :فالغالب عىل جمتهد أههل اإلسهمم الصهواب ،وههأ متقهاربون يف مقدار اطأ :فخريهأ أقمهأ خأ ،ويمي املتوسط يف اطأ ،ويمي ألثهرهأ خأه ، واهلل خيتص برمحت من يشاء"). (1 قمت :ليس فيام يلره العز بن عبد السمم ما يفيد حدو الضابط الهذ يلهره املؤلف وإن لانت صورة عبارت توهأ هذا ،وإليك السبب: إن العز بن عبد السمم ال يتحدث ما حا عمن لان صواب ألثهر مهن خأئه بإطمق ،وإنام قيده باملسائل الت خولف فيها ،فهو –رمحه اهلل – يريهد أن ههؤالء العمامء الذين وقعت هلأ بع
اآلراء الت خولفوا فيها ،فإن ينظر إىل ههذه اآلراء
املع َينة املخالفة ،فإن لانت هذه اآلراء :الصواب فيها ألثر من اطأه فهإن ههؤالء أسعد العمامء وأقرهبأ إىل احلق ،حيث وفقوا إىل أن يكون صواهبأ يف املسائل الته خولفوا فيها ألثر من خأئهأ. ويؤلد أن هذا مرا ه قول بعد يلك :إن الغالب عىل جمتههد أههل اإلسهمم الصواب.
( )1اختالف املفتني .218
69
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة العارشة :خالف املبتدعة الشيخ ل عناية بقضية البدعة ،ظهر هذا من جهتني: -0
املحافظة عىل حقوقهأ لام ه فكرة لتاب التعامل مع املبتدع.
-2
نصب اطمف معهأ لام يف مس لة خّرب اآلحا . فتجده تارة إيا يلر أهل األهواء أالن يف لمم حمافظ ًة هلأ عىل حقوقهأ الته
لفمها اإلسمم هلأ ،وجتده تارة إيا تعمقت املس لة باملنهج احلديث املخهتص أغمهظ العبارة ،لام هو احلال يف مباحث الت أفر ها يف هذه الرسهالة الصهغرية لمهر عهىل املتكممني ،ومل يكتف بذلك حتى تتبع نثارهأ ،ف فر لذلك ممحق ًا خاص ًا يف هنايهة رسالت " :اختمف املفتني"! وهلذه العناية البالغة بتقرير مس لة البدعة وأهمها نجده يقحأ هذه املس لة فهيام ال حاجة في إىل استدعائها ،يدرك هذا لل من قرأ لتاب اطاص باختمف املفتني، ولك أن تبحث عن عد إحاالت إىل لتاب "معاممة املبتدع" ،وعد مها أشهار إىل هذه املس لة (.)1 فمثم نجده يأرح خمف املبتدعة ،وهو يقصد بذلك الفقهاء املنتسبني مهنهأ إىل احلنفية ،أو املالكية ،أو الشهافعية ،أو احلنابمهة ،وينهاقش مسه لة اعتبهار قهوهلأ الفقه ! ( )1انظر مثال :ص .224 -218
71
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
فتمحظ أن يزن أقواهلأ الفقهية الت تؤول إىل أحد املذاهب املتبوعة ب صوهلأ البدعية ،وهل يقبل قوهلأ أو ال؟ لام لان هذا األثر با ي ًا يف طريقة صياغت لرشوط اطمف السهائغ ،وصهفات من ال يستحق الفتوى. لقد أقحأ الشيخ فكرة لتاب يف التعامل مع املبتدع يف صمب مس لة "اختمف فهرغ فكهرة املفتني" ،ف ثرت يف خصوصية هذا البحث ،بل لو ُ قمت :إن الشيخ قد َ لتاب "املعاممة مع املبتدع" بتاممها يف لتاب "اختمف املفتني" مل ألن مبالغ ًا ،بهل قد وقع ل هذا يف صفحة لاممة يف إحدى حواشي . ومرة أخرى فقد أقحأ املؤلف خمف أهل الظاهر مع خمف أهل األههواء، فقال: " ال فرق بني نفاة القياس اجليل وأمثال من األصول وأهل البدع واألهواء يف هذا الباب ألهنأ اجتمعوا يف أصم :وهو أهنأ خالفوا يف مصا ر التمقه أو مهنهج االستنباط(.")1 فم فرق لدي يف هذا الباب بني أهل الظاهر وبني أهل البدع ،مهع أن خهمف األولني يف أبواب الفق وأصول وخمف أهل األهواء يف املعتقد ومسهائل أصهول الدين. ولو قمنا تنزالً :إن أهل الظاهر إنام خالفوا السمف يف مهن مصها ر التمقه أو ( )1األعق التعبري بال باالستداللب كام سبق.
70
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
االستدالل ملنازعتهأ يف بع
األ لة ،ف ين خمف الفقههاء املبتهدعني يف مصها ر
التمق أو االستدالل؟ مل يبني هذا املؤلف ،ألن إنام يقصد األصوليني الذين يسهميهأ املتكممهني ،أو الفقهاء الذين انتسبوا إىل بع
املدارس الكممية ،ومعموم أن ههؤالء إنهام لهانوا
ينتمون إىل إحدى املدارس الفقهية املتبوعة ،فهأ إما حنفيهة ،وإمها شهافعية ،وإمها مالكية ،وإما حنابمة. ثأ ما قول يف مجاعة من أئمة اإلسمم الذين اندرجوا تقميد ًا يف بع
مدارس
ُ املؤلهف لثهري ًا مهن املتكممني ،وعىل رأسهأ العز ابن عبهد السهمم الهذ اسهتفا تقريرات . هل خمفهأ معتّرب أو غري معتّرب؟! وهل التممت فيهأ األوصاف املأموبة؟! وحيتمل لمم إ را طريقة احلنفية واملالكية يف بع
ما اشرتطوه يف أخبهار
اآلحا فإن اعتّرب أن خمف هؤالء مندر ٌ يف مجمة اطهمف الكهيل البهدع الهذ يسقط اعتبار صاحب مفتيا إال إيا لان صواب ألثر من خأئ ،يدل عىل يلك قول : فإن بمغت خمالفتهأ يف األصول إىل أن يكون خأ التفريع عميها ألثر من صهواب ، فهأ أهل لإلسقاط"...
( )1
لان من املمكن أن يكون تناول املس لة قارصا عىل املناهج الكمية البدعيهة ،ال إىل لون الرجل مبتدع ًا أو ال ،وإال فقد يكون الرجل موصوف ًا باالبتهداع لكنه يف
( )1اختالف املفتني ص.219
72
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الفتوى والتفريع عىل أصول الشافع مصهدرا واسهتدالال ،فهم حيهذر منه إال يف معتقده ،وهذا هو الذ تمتق عنده لممة أهل العمأ. وقد طص املؤلف لمم :ب ن ال يكون اطمف يف أصل غري معتّرب وههذا مها سبقت اإلشارة إىل االلتفاء ب مع يلر بع
القيو ،وأن ب يقهع نهبط املسه لة،
وجتاوز املسائل الشائكة ،لكن الشيخ خهل يف معمعهة االختمفهات ،وحهد هلها رسوما معينة ،وجعمها نابأا فيام يسوغ في اطمف وما ال يسوغ ،ونابأا فيمن يستحق اإلفتاء ومن ال يستحق اإلفتاء ،لكن هنا ملا أنعأ النظر يف املس لة وجهد أن تمخيصها يرجع إىل قضية األصل املعتّرب من غري املعتّرب. لذا فنتمنى من فضيمة الشيخ الكريأ إعا ة النظر يف نبط ههذه املسهائل ،وأن يقترص فيها عىل م خذ االعتبار من عدم ،ال عهىل مها تهرجح لديه مهن أوصهاف وقيو ؛ فإن هذه الأريقة لن تنت ؛ ألن الكمم هنا يف حتصيل نابط لمخمف املعتّرب بني أهل العمأ ولو يهب لل أحد يسوق ما ترجح لدي مل نستفد شيئا ،وإنام عمينها أن نبحث عن اطأوط العريضة لمخمف املعتّرب من غري أ خهوض يف تفاصهيل املسائل الشائكة.
73
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة احلادية عرشة :التحذير من أهل األهواء إذا تشبهوا بأهل العلم نقل املؤلف عن احلافظ ابن رجب رمح اهلل قول يف النصيحة والتعبري: "أهل البدع والضملة ،ومن تشب بالعمامء وليس منهأ فيجوز بيان جهمههأ، وإظهار عيوهبأ ،حتذيرا من االقتداء هبأ .وليس لممنها اآلن يف ههذا القبيهل واهلل أعمأ"(.)1 علق املؤلف عىل قول ابن رجب السابق:
مع أن قال (جيوز) ومل يقل (جيب) وهذا بحهد ياته خهمف مها يظنه بعه الناس .فإن لقائل أن يقول :وقد ال جيوز أيضا؛ ألن حرمة املسمأ تقتيض أن عقوبت خمف األصل في .فإن متت مصمحة الر عىل املقالهة ،ون احتيها لمتشههري به ، وإن تأ ت يب عىل خأئ ب نى عقوبة حققت الت يب مل يكن من اجلائز تعد هذا احلد إىل ما هو فوق ،مراعاة حلق اإلسمم الواجب ،الذ مل يزل حمهم لوجهوب إيفائ ل وإعأائ إياه ،بثبات حكهأ اإلسهمم له و خوله يف األخهوة اإلسهممية العامة .وقد قال العز بن عبهد السهمم يف القواعهد الكهّربى (" :)157/2ومههام حصل الت يب باألخف من األفعال واألقهوال واحلهبس واالعتقهال مل يعهدل إىل األغمظ؛ إي هو مفسدة ال فائدة في ،حلصول الغرض بدون ").(2 قلت :تعميق املؤلف جيد من حيث اجلممة ،لكن يبدو أن ال حاجة ماسة ل ، ( )1رسائل ابن رجب ،488 ،486/2اختالف املفتني ص176 ( )2اختالف املفتني ص .178 ،176
74
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
فتعبري ابن رجب باجلواز يكف يف فع الوهأ الذ خياف ،أما قوله :إنه ال جيهوز ألن حرمة املسمأ تقتيض أن عقوبت خمف األصل في . فهذا نوع من املبالغة يف تقرير املعنى الذ قصده يف رسالت األخرى يف حقوق املبتدع ،وإال فإن املبتدع الضال املتشب بالعمامء ،فينبغ حتذير الناس من ،وإظههار عيب ،والتحذير من االقتداء ب ،لام هو نص لمم ابن رجب ،وال يكف جمر بيان خأ املقالة ون احتيا لمتشهري ب ؛ فإن هذا ال يقول من عهايش النهاس اليهوم أو قرأ تارخيهأ باألمس ،إنام ه حال لأيفة بالغة يف الرقة ،فرنتها املبالغهة يف تقريهر ما ة لتاب اآلنف الذلر.
75
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفات املتعلقة بمسائل اخلالف: الوقفة الثانية عرشة :أسباب خمف أهل العمأ. الوقفة الثالثة عرشة :تفنن املؤلف وم زق التخصص. الوقفة الرابعة عرشة :قمة اطمف حمم وسبب . الوقفة اخلامسة عشةرة :نف اطمف يف مصا ر التمق أو االستدالل.
76
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثانية عرشة :أسباب خالف أهل العلم أرجع املؤلف أسباب وقوع االختالف بني أهل العلم :إىل ثالثة أسةباب فقةط، وهي:
-0
عمق عموم الرشيعة ولثرة اصصاهتا ،وترابط ما بني ههذه التخصصهات وشدة تعمقها ببع
-2
). (1
التفههاوت الأبيعهه بههني النههاس يف العقههول واملههدارك والتخصصههات واالهتاممات والشخصيات ،مما ل أثر لبري يف اختمفهأ). (2
-3
االختمف الناشئ عن اختمف تصهور الفقههاء عهن الوقهائع واألعيهان، فينش عن اختمفهأ يف احلكأ ،فاالختمف حينها لهيس يف حكهأ املسه لة النظر ،ولكن يف طريقة تأبيق وتنزيم عىل الوقائع). (3
قلت :أسباب اختمف أهل العمأ لثرية ،ويعرس عدَ ها ،ويبدو أن حرصها نمن أجناس حارصة هو أنبط هلا وأونح يف الرؤية ،ولذا ف قول لوجهة نظر أخرى: إن الرتتيب املنطقي ألسباب اخلالف هو كام ييل:
-0أسباب تعو إىل حكأ الشارع. -2أسباب تعو إىل الواقعة املختمف فيها. ( )1اختالف املفتني ص.26 ( )2اختالف املفتني ص.32 ( )3اختالف املفتني ص.31
77
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
-3أسباب تعو إىل املختمفني. أما األسباب التي تعود إىل حكم الشارع نفسه ،فمنها: .0
شمول أحكام الرشيعة جلميع شؤون الناس الدينية والدنيويهة تفصهيم أو إمجاال ،مما جيعل وقوع اطمف أمر ًا وار ًا ال مناص عن .
.2 .3
مرونة أحكام الرشيعة ،وعدم احلسأ يف لثري من املسائل. ٍ معهان وصهفات حمهد ة تعميق أحكام الرشيعة يف مجمة من املسائل عهىل حيدث هبا الوجو والعدم ،وحيدث هبا التفاوت واالنأراب ،أبرزهها معنى املصمحة.
.4
النصوص من جهة الثبوت أو الداللة.
ظنية بع
أما األسباب التي تعود إىل الواقعة املختلف فيها ،فمنها: -0سعة األحداث بسعة الناس وسعة أفعاهلأ. -2جتد الوقائع. -3تعقد بع -4ترلّب بع
احلوا ث من جهة التصور. احلوا ث من مجمة من املعاين املتضا ة يف االعتبار الرشع .
-5غموض الواقعة واستغمقها ،أو تر ها وانأراهبا. أما األسباب التي تعود إىل املختلفني أنفسهم ،فمنها: -0التباين يف طرائق حتصيمهأ لمحكهأ الرشهع سهواء لانهت ههذه البينيهة مستمدة من جهة األصول النظرية ،أو من جهة الفروع العينية. 78
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
-2التباين يف سعة اطمعهأ ،ويف رجات إ رالهأ ،ويف قوة عزائمهأ. -3التفاوت يف مقدار التجر املح
لمحق وأهم .
وأرجو أال أكون وامها إن قلت :إن التخصص ليس سبب ًا بنفسه يف اطهمف، فأائفة من العموم فيها من التخصص الدقيق إىل الدرجة الت ال يمكهن ألحهد أن يتعدى التخصص الذ هو في ،لام هو احلال اليوم يف العموم التجريبية ،ومع هذا فإن اطمف قد يكون متضائم جد ًا؛ بسبب تممس النتائج ،ثأ احلكأ عىل نهوئها بالنجاح أو الفشل. واألمر كذلك أيضا يف عمق علوم الرشيعة :فمثم هناك عمق وانح يف ِ احل َكأ واألمثال والعّرب ،وليست ه من مثارات اطمف املشهورة. فكل هذه املعاين :ليست أسبابا افعة لمخمف ،وإنهام ينشه اطهمف هاهنها بسبب التكوين العممه لممفته ،ومهدى إ راله ألغهوار الرشهيعة وأرسارهها، و قائقها ،ولذا فمعل التسمسل املنأق يقتيض أن يقال ما ييل: إن من أسباب اطمف بني أهل العمهأ ههو اطهمف يف التكوينهات العمميهة لدهيأ ،تفاوت ًا متسع ًا خيتمف بسبب مقدار اإلحاطهة بعمهوم الرشهيعة ومهدى إ راك أعامقها.
79
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثالثة عرشة :تفنن املؤلف ومأقق التخصص التخصهص يف السهبب األول مهن لفت انتباه أن املؤلف حفظ اهلل يلر ّ أسباب اطمف ،وأعا يلره يف السبب الثهاين ،نهمن أسهباب اتسهاع اطهمف، األول لتعمق بعموم الرشيعة ،والثاين لتعمق بتفاوت الناس ،ومهوطن االسهتدراك هنا من جنس االستدراك السابق فم اع لتكرير الكمم ،فالتخصص ليس بذات من أسباب اطمف ،وهذا معموم. لكن أشري إىل أن التخصص حيتل مرتبة متميزة يف قمب الشيخ حاتأ ،وهو لثري التكرار ل ،شغوف بالتعريج عمي ،وقد َقرره يف بع
لتب ،وأبم النار به
عىل املتكممني لتناوهلأ مسائل من عمأ "املصأمح" ،ومع هذا فهو يواجه مه زق حقيق حيث إن مع موقف الصههريح جتهاه التخصهص إال أنه واىل لتابهة ثمثهة مصنفات يف غري اصص ،يف لتابة غري م لوفهة لهدى املتخصصهني أنفسههأ ،ويف أ ق املسائل ،منها هذا الكتاب ،والقارئ يتممس أن الشيخ حيهس هبهذا االز وا ، فحاول أن يفرسه ،فقال مرة وهو يذلر رشوط اطمف السائع: أن يكون قول املخالف صها را عهن عهامل بتفاصهيل املسه لة بنهاء عهىل جتهزؤ االجتها . ثأ مد احلاشية بالكثري من املراجع( ،)1مع أن املقهام يسهتغن عهن يلهر ههذه
( )1اختالف املفتني ص.48
81
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
اجلممة فضم عن تكمف يلر مراجعها ،بل إن الشيخ نفس بعد عدة أسأر ألد أن هذا الرشط أمره ظاهر ،وال حيتا إىل استدالل! (.)1 وإنام مقصو ه واهلل أعمأ :أن ال تناق
بهني عهائ املتكهرر إىل التخصهص،
وإنكار عهىل الهدخمء مهن غهري املتخصصهني ،وبهني لتابهايت املتواليهة يف غهري اصيص ،والسبب يف يلك أن جيوز جتزؤ االجتها ،وأنا مل أ خل هذه املسهائل إال عن عمأ ومعرفة وإحاطة ،فتنب . ويف احلقيقة :إن الشيخ هو الذ فتح النار عىل نفس ،وأ خل عميها ما أ خل؛ فهو يدعو بإحلاح إىل أمهية قضية التخصص ،يدعم يف يلك اصصه ،و روسه ، ومؤلفات املختصة بفن "عمأ احلديث" ،ويبالغ يف اعتبهار التخصهص؛ فيشهرتط ملزاولة التصحيح والتضعيف أقىص رجات التمرس واالحهرتاف ،وأزاح بكمتها يدي املتكممني ملا خانوا يف ويرت ،وبمغ من اعتباره لمتخصص أن وسأ منهجه بمنهج املتقدمني؛ فم يتعدى أحدٌ أئمة هذا الفن يف احلكأ عىل احلديث؛ فهأ أههل االختصاص ،وهأ أهل الفن ،وأهل البيت أ رى بهام فيه ،ثهأ بعهد يلهك نجهده َ اسهتهل سائح ًا يف تناول أعقد املسائل يف غري فن ،فف هذا الكتاب – لمثال -قد مصنفات الفقهية :ب ن تر َقى مبارشة إىل أسهتايية الفقه يف أعهىل رجاهتها ،فتنهاول مس لة فرز اطمف املعتّرب من اطمف غري املعتّرب ،بام يعن حسأ لثري من املسهائل الت اصأدم فيها لبار الفقهاء املتقدمني منهأ واملعارصين ،مع تناول جلممة مهن
( )1اختالف املفتني ص.47
80
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
عقد املسائل األصولية ،لقضهية اإلمجهاع مهث ً م ،ورسهأ بعه وإرسال أللثر من قضية أصولية إىل ائرة اطأ املح
القيهو الدقيقهة،
،وإ راجها نهمن أفهرا
املنهج الكيل البدع املخالف ملنهج السمف. ليت الشيخ متهل ،فاندر راشد ًا يف فصهول الفقههاء تدريسه ًا وتصهنيفا ،ثهأ انأمق إىل حل بع
القضايا الفقهية املعقدة ،لبع
النهاس املسائل الته تنهازع ُ
اإلمجاع ،أو تكييف طائفة من املسائل املستجدة؛ فربام أثبهت بهذلك حذقه يف فيها َ هذه الصنعة ،أما ونع الضوابط والقيو العامهة واطاصهة هبهذه الأريقهة فإنه ال يساو حل عقدة واحدة من عقد املسائل الفقهية. ثأ السؤال الذ يور نفس :هل الشيخ متخصص أو متفنن؟ لان من املس َمأ ب يف السابق أن متخصص يف عمأ احلديث ،لكهن مشهارلات املتتالية يف غري فن أورثت شك ًا يف انتقال إىل حمبة التفنن. أي ًا لان ،سواء ألان متخصصا يف احلديث ،وشارك يف العموم الباقيهة ،أم أنه أصبح متفننا؛ فإن السؤال الذ يور نفسه :ههل جيهوز ملهن لهان ههذا حاله أن يتجاوز أهل التخصص يف إممء رشوط االعتبار املختصة يف هذا الفن؟!. وهل جييز الشيخ لهبع
الفقههاء أو األصهوليني أن يمهيل له يف فنه "عمهأ
احلديث" رشوط التصحيح ،أو التضعيف ،أو معايري التجريح أو التعديل؟! .مع معايريه التخصصية البالغة يف الدقة!. لأ لنت أمتنى أن تكون نقوالت املأولهة عهن أيب املظفهر السهمعاين يف إفها ة اختصاص عمأ أهل احلديث عىل أهل احلديث أنفسهأ مفيدة هذا املعنهى ياته يف 82
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
بقية العموم ،وعىل رأسها عمأ الفق وأصول ،لام وقع يف بع
أحرف أيب املظفهر
نفس . فمام نقله عنه قوله" :وقد اتفق أهل احلديث :أن نقد األحا يث مقصور عىل قوم خمصوصني فام قبموه ..فهو املقبول ،وما ر وه ..فهو املر و .)1("... وقولةه" :فهؤالء وأشباههأ :أهل نقد األحا يث ،وصيارفة الرجال ،وههأ املرجوع إليهأ يف هذا الفن ،وإليهأ انتهت رئاسة العمأ يف ههذا النهوع .فهرحأ اهلل امرأ عرف قدر نفس ،وقدر بضاعت من العمأ فيأمب الربح عىل قدره"(.)2 وقولةه" :هذا الذ قمناه ال ينال أحهد إال أن يكهون معظهأ أوقاته وأيامه مشتغم بعمأ احلديث والبحث عن سرية النقمة والرواة ليقهف عهىل رسهوخهأ يف هذا العمأ ولن معرفتهأ ب .....فكام يرجهع يف معرفهة مهذاهب الفقههاء (الهذين صاروا قدوة يف هذه األمة) إىل أهل الفق ،ويرجع يف معرفة المغة إىل أههل المغهة، ويرجع يف معرفة النحو إىل النحو فكذلك جيب أن يرجع يف معرفة مها لهان عميه رسول اهلل صىل اهلل عمي وسمأ وأصحاب إىل أهل النقل والرواية.)3(".... ومن هذا الباب ما نقله عن أيب قيد الدبويس" :فكان األوىل ب (عفا اهلل عن ) أن يرتك اطوض يف هذا الفن ،وحييم إىل أهم ؛ فإن من خاض فيام لهيس مهن ش ن ،ف قل ما يصيب افتضاح عند أهم .وليست العّربة بقبول اجلهمة ،فهإن لكهل ( )1اختالف املفتني ص.112 ( )2اختالف املفتني ص.113 ( )3اختالف املفتني ص.111 ،114
83
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ساقأة القأة ،ولكل نالة ناشدا ،ولكن العّربة يف لل عمأ ب هم األ نني .ولكهل عمل رجال ،فينبغ أن يس َمأ ،هلأ يلك"(.)1 والسةؤال :أما شعر املؤلف وهو ينقل لمم أيب املظفر السمعاين ،ثأ الدبويس أن يمكن أن يكون هو يات أحد املستهدفني بكمم !. عجبا: ٌ املهّربزين فيه !! وقهف عهىل أعمأ احلديث حرم مقدس، ِ املتخصصهني َ وعمأ األصول يف مدارس الفقهاء حمل مستباح لممتفنني!!. أحرا ٌم عىل بمبمهأ الدوح ون بمبم !!. ِ مل َ باؤنا ال جتر ،وباؤه جتر ؟!.
( )1اختالف املفتني ص.113
84
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الرابعة عرشة :قلة اخلالف حمله وسببه نقل املؤلف عن الشافعي قوله:
"فإن ور أمر مشتب حيتمهل حكمهني خمتمفهني ،فاجتههد فخهالف اجتهها ه اجتها غريه ،وسع أن يقول بيشء وغريه بخمف ،وهذا قميل...إيا نظر في ". علق املؤلف يف احلاشية(:)1
نعأ هو قميل إيا استحرضنا تفاصيل األصول املتفق عميها ،والته غالبها مها تغيب عن األيهان بسبب زمحة االختمف ،حتى تكا تنسى...فم تذلر ،وع َفاهها اإللف يف لثري من األيهان...حتى أصبح تقرير لثرهتا وغمبتها أمر ًا منكرا!" قلت:
ما يلره من قمة اطمف صحيح لكن باعتبار معني ،وقد أشار إليه املؤلهف، فالرشيعة جاءت وانحة بينة فاحلمل بني ،واحلرام بني وبينهام أمور مشهتبهات ال يعممهن لثري من الناس. فالغالب يف أحكام الرشيعة هو الونوح والبيان ،إال أن ينب إىل أمر وهو: أن عدم الونوح وإن لان قميم بالنسبة إىل الوانحات فإن يبقى أن اطمف يف نفس يعدّ لثريا جد ًا ،خاصة إيا نظرنا إىل جتد احلوا ث وتعقدها ،وإىل تفاوت ( )1اختالف املفتني ص.41
85
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ٍ بسهبب مهن الشهارع ،وإنهام املفتني اطمعا وإ رالا ،فيكون وقوع اطمف هنها ال بسبب خار وهو الواقعة نفسها ،أو تفهاوت النهاس يف حتصهيل أحكامهها ،فمهو فرننا أن اطمف حاصل يف %20لكانت ههذه النسهبة لبهرية جهدا ،وإن لانهت بالنسبة إىل الوانحات قميمة ،فالغالب هو الونوح والبيان ،والقميل هو املشكل، لكن هذا املشكل إيا نظرت إىل حجم وإىل تعد ه تبني أن لثري جهد ًا ،وإنهام لهان قميم بالنظر إىل الوانح البني ،وهذه املس لة من األمهية مكان ،نّربزها ألهنا حتل ما أشكل عىل بع
الناس من لثرة هذا اطمف مع ونوح الرشيعة وبياهنا.
وخالصة القول :إن اطمف يف الفروع الفقهية لثري ،وظهاهر جهدا ،حتهى أصبح هذا اطمف ههو أوسهع عمهوم اإلسهمم اليهوم ،متمهثم بكتهب املهذاهب وتفريعاهتا ،ولتب اطمف ،وقواعدها ،وأصوهلا ،مضافا إىل هذا وياك ما جد من املسائل ،وال يزال الناظرون يف الفق يتعجبون من قائق مسائم فيام ال يكا خيأر عىل بال ٍ إنس أو جان. وهذا اطمف الكثري إنام هو بالنظر إىل نالف املسائل املختمف فيهها ،لكهن إيا نظرنا إليها باعتبار املسائل الوانحات فإهنا تكون هبذا االعتبار قميمة .قال الغزايل :ليس لل لثري غالب؛ فإن املرض لثري وليس بنها ر وال غالهب ،بهل الغالهب الصهحة ،واجلهذام نها ر ال لثهري وال غالب(.)1
( )1الوسيط يف املذهب (.)216/6
86
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة اخلامسة عرشة :نفي اخلالف يف مصادر التلقي أو االستدالل نفى املؤلف يف تقدمة الفصل الذ عقده يف أسباب وقوع االختمف بني أهل العمأ أن يكون من مجمة أسباب اطمف :اطهمف يف األصهول املتعمقهة بمصها ر التمق أو منهج االستدالل. وهذا غريب يف لتاب أحد مونوعات الرئيسة :اعتبار خهمف العمهامء ،بهل بالغ يف اعتباره حتى وصف باملرشوعية. إن أبرز سبب يف خمف العمامء هو اطمف اآليت من تباين أصوهلأ سواء لان يلك يف مصا ر التمق أم يف منها االستدالل. يف مصادر التلقي :هل هو النص فقط أو أن يستمد أيض ًا من إمجاع العمهامء بمستند أو بدون مستند ،أو أن يستمد لذلك فيام وقع عمي عامتهأ وإن مل جيمعهوا عمي ؛ ألن ال جيوز الغمط والسهو عىل مثمهأ؟ ولذا يقال خمفههأ يف االحتجها بقول الصاحب؟ ويف خّرب اآلحا هل يقبل مأمقا أو أن يشرتط في أال يكهون خمالفه ًا ملها عميه عمل أهل املدينة ،أو أال يكون مما يعأ ب البموى ،ونحو يلك. ويف القياس خمف عري
قديأ من جهة اعتباره ومن جههة حمهل اسهتعامل ،
ومن جهة مدى إعامل . أما منهج االسةتدالل :فاطمف في أظهر من أن يستشهد له ،وحممه لتهب األصول. ال بد من استيعاب قضية جوهرية ،وهه أننها اآلن يف معهرض الكهمم عهىل 87
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املسائل الفقهية ال مسائل أصول الدين ،فهم يصهح أن نتجهاوز أههأ سهبب مهن أسباب خمف العمامء والذ من تفاوت متايزت املدارس املعمورة يف أمصار املدينة ومكة والكوفة وغريها. وبسبب تفاوهتا يف اعتبار هذا السبب اتسعت املدارس الفقهية ،وتشققت منها االجتاهات املذهبية والنزعات الفقهية ،وال تزال إىل اليوم تتسع وتتباين. يبدو من خمل نف املؤلف الرصيح أن ل موقفا من بع العتبارها بع
املهدارس الفقهيهة
األصول:
أوال :مدرسة احلنفية ،ومدرسة املالكية: ويلك الشرتاطهأ بع
الرشوط يف قبول خّرب اآلحا ،وهو عند الشيخ من مجمهة
اطمف الكيل املنهج البدع املخالف ملنهج السمف. ثانيا :مدرسة أهل الظةاهر :وه مدرسة مهن حيهث النزعهة قديمهة إىل زمهن أصحاب النب صىل اهلل عمي وسمأ وهو بعد يف احلياة مل ارتم منيت . وقد أرشلهأ املؤلف مع أهل األهواء يف اطمف املنهجه ،مستشههد ًا بإنكهارهأ القياس اجليل ،وعدم النظر إىل عمل األحكام ومقاصدها ،وعهدم اعتبهار اإلمجهاع السكويت ،وأقوال الصحابة ،غري أن نص عىل أن اإلنصاف اعتبار خمفهأ الفقه فيام مل خيالفوا في األ لة املعتّربة (.)1
( )1اختالف املفتني ص.217
88
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وهبذا نعمأ :أن الشيخ لان مأهر ًا يف تقريهره أنه لهيس ثمهة خهمف يتعمهق بمصا ر التمق واالستدالل ،فهو قد عمل ألجهل يلهك عهىل إخهرا اطمفهات وسمِ َأ ل بذلك إطمقه ُ ،ويبقهى النقهام معه يف الواقعة فيهام من ائرة االعتبارَ ، صحة هذا اإلخرا .
89
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفات املتعلقة برشوط تسويغ اخلالف: الوقفة السادسة عرشة :رشوط تسويغ اطمف. الوقفة السابعة عرشة :وزن مس لة إحداث قول ثالث. الوقفة الثامنة عرشة :أثر "عموم البموى" عىل إحداث األقوال السيام أقوال الصحابة. الوقفة التاسعة عرشة :توسيع ائرة اإلمجاع القأع . الوقفة العرشون :غمبة األثر احلديث عىل األثر األصويل يف وزن الرشوط. الوقفة احلادية والعرشون :رشوط املنازعة يف ثبوت الدليل. الوقفة الثانية والعرشون :غزوة املتكممني. الوقفة الثالثة والعرشون :إعا ة ترليبة رشط "األصل غري املعتّرب". الوقفة الرابعة والعرشون :مراجعات املؤلف لرتليبة رشوط .
91
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة السادسة عرشة :رشوط تسويغ اخلالف أقر املؤلف أن َم ْن كَ َت َب يف رشوط تسويغ اخلالف فإنام يكتفي بذكر رشطني اثنني: َ
)0عدم خمالفة اإلمجاع. )2عدم خمالفة ليل قأع . ثأ يلر أسباب تكمف إنافة بقية الرشوط (.)1 والرشوط اخلمسة التي ذكرها املؤلف لتسويغ االختالف هي كام ييل:
ُ القول املخالِ ُ ف صا را ِمن عامل. .1أن يكون .2أن ال يكون القول خمالفا لإلمجاع القأع الصحيح. .3أن ال خير هذا القول عن جمموع أقوال السمف وأئمة الدين املتبوعني. ُ القول املخالِ ُ ف صا ر ًا عن أصل غري معتهّرب؛ ألن األصهل إيا .4أن ال يكون لان غري معتّرب ف وىل بالفرع املبن عمي أن يكون غري معتّرب أيض ًا. .5أن ال يكههون القههول خمالفهها لههدليل ثابههت وانههح القأعيههة يف اللتهه ، لالنصوص الثابتة يات الداللة القأعية الوانحة يف قأعيتها ،ولاإلمجهاع السكويت الظن غري املتحقق غري املنقوض باطمف املعتّرب(.)2 بالتأمل يف هذه الرشوط :نجد أهنا حتتو عىل رشط وجو
( )1اختالف املفتني ص.122 ( )2اختالف املفتني ص.48
90
وهو األول ،والبقيهة
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
لمها رشوط عدمية بمعنى أن يشرتط عدمها ال وجو ها. وأطرح رأيا آخر يف صياغة هذه الرشوط ،فأقول وباهلل التوفيق: يشرتط يف تسويغ اخلالف أمران ،ومها:
-0
أن يكون ُ قول املخالِ ُ ف صا ر ًا ِع ْن أهم .
-2
أن يكون مستندُ ه اطاص يف حيز االعتبار.
وهذان الشهرطان لافيان بنظر ،ويفسهَر الشهرط الثاين بجممة أمهور ،عهىل رأسها أال خيالف ليم قأعيا نصا لهان ،أو إمجاعها ،فيقهال :يشهرتط يف اطهمف السائغ أن يكون مستند املخالف اطاص يف حيز االعتبار ،ومهن يلهك أال خيهالف ليم قأعيا نصا لان أو إمجاعا.
92
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة السابعة عرشة :وقن مسألة إحداث قول ثالث ُ قهول الرشط الثالث الذ يلره املؤلهف يف تسهويغ اطهمف ههو :أال خيهر املخالِف عن جمموع أقوال السمف وأئمة الدين املتبعني. وقد ضبطه املؤلف بعدة قيود:
القيد األول :ليس من اطرو املمنوع من جمموع أقاويل السمف :اإلتيهان بقهول ٌ وإبأال ملجمهوع رفع جيمع بني أقواهلأ؛ برشط أال يكون يف هذا القول ٌ أقواهلأ). (1 القيد الثةاين :ليس من اطرو عن جمموع أقاويل السمف :إيا لانت املس لة الت وقع فيها االختمف بني املت خر والسمف من املسائل الته ال تعهأ هبها البموى ،وال تكثر حاجة الناس إليها ،فهم تتهوافر واعه النقمهة عهىل حفظها ونقمها؛ ولذلك فيتصور أن ال حتفظ لنا مجيهع أقاويهل السهمف فيها (.)2 القيد الثالةث :ليس من اطرو عن جمموع أقاويل السمف :املسهائل الته لهيس لمسابقني فيها لم ٌم أصم؛ لكوهنا من النوازل واملسائل املستحدثة الت تكن موجو ة يف السابق (.)3
( )1اختالف املفتني ص.16 ( )2اختالف املفتني ص.18 ( )3اختالف املفتني ص.19
93
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
قلةت :هذا الرشط مما متيز املؤلف يف عرن ،لكهن يبقهى أن عميه مجمهة مهن املمحظات ،وه لام ييل: املالحظة األوىل :تكراره. املالحظة الثانية :طريقة التدليل عمي . املالحظة الثالثة :طريقة نسبة هذا القول إىل األئمة. املالحظة الرابعة :مناقشة لون رشط ًا يف تسويغ اطمف. واآلن إليك تفصيل هذه املالحظات: املالحظة األوىل :تكراره لرشط اإلمجاع:
لرر املؤلف قضية اإلمجاع يف أربعة رشوط من مجمهة سسهة رشوط ،وههذا ال َ يستساغ أبد ًا يف صناعة الرشط ،فالرشوط اطمسة يف تسويغ اطهمف أربعهة منهها يتعمق باإلمجاع: فاألول :أال يكون القول خمالفا لإلمجاع القأع . والثاين :أال خير هذا القول عن جمموع أقوال السمف. والثالث :أال يكون القول خمالفها لهدليل ثابهت وانهح القأعيهة يف الالته لالنصوص ...ولاإلمجاع السكويت... والرابةع :أال خيالف أصم معتّربا ،وعهىل رأس ههذه األصهول ههو اإلمجهاع
94
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
بنوعي ! . وانح ،ال يميق بصناعة الرشط ،بل تبهني بعهد يلهك أن الرشهط وهذا حشو ٌ الوحيد الذ خم من اإلمجاع ،وهو األهمية ،فإن املؤلف قد بهني يف مهوطن نخهر، ٍ فصل خاص أن رشط هذه األهمية أال يكون ل منهج لهيل خمهالف لإلمجهاع، ويف وهبذا يكون املؤلف قد بب رقام قياسيا يف اشرتاط اإلمجاع يف تسهويغ اطهمف، فقد مدَ ه ليستوعب الرشوط اطمسة لمها. كرر ذكرها: والفرق بني صور اإلمجاع التي َ
هي من جهة الدرجة :قأع أو ظن . أو من جهة الصورة :لإحداث قول ثالث فإن حمدث خمالف لإلمجهاع قبمه يف قرص الرت بني قولني فقط (.)1 املالحظة الثانية :طريقة التدليل عليه :االستدالل باإلمجاع عىل اإلمجاع:
ُ قهول املخهالِف عهن جممهوع أقهوال حيتج املؤلف عهىل اشهرتاط "أال خيهر السمف" باإلمجاع! وفرق بني طريقة املؤلف وبني الأريقة الدارجة ،ف هل العمأ إنهام يكفهيهأ أن يدرجوا صورة هذه املس لة نمن صور اإلمجاع ،وهلأ يف اإلمجهاع أ لهتهأ املعينهة، بينام املؤلف رتَب لمم لام ييل: -0
جعم رشطا مستقم عن اإلمجاع.
( )1ذكر القولني مثال ،فالثالثة وأكثر كذلك .البحر املحيط . 143/4
95
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
-2
اعتّربه إمجاع ًا.
-3
استدل عمي ب لة اإلمجاع( :ال جتتمع أمت عىل نملة).
-4
استدل عمي باتفاق العمامء عمي .
-5
اعتّرب أن اطمف يف هذه املس لة هو خمف شاي .
املالحظة الثالثة:
ُ قول املخالِف عن جمموع أوالً :مل يكن املؤلف قيقا حينام نسب اشرتاط "أال خير أقوال السمف" إىل اإلمام أيب حنيفة بحسب إحالت إىل تاريخ ابن معني برواية الدراور . فبالرجوع إىل املصدر تبني أن يقصد الرواية املشههور عهن أيب حنيفهة :أنه ي خذ بكتاب اهلل ،فإن مل جيد فبسنة رسول اهلل صىل اهلل عمي وسمأ ،فإن مل جيد اهري من أقوال أصحاب رسول اهلل صىل اهلل وعمي وسمأ ،ومل خير عنهأ ،فهإن انتههى األمر إىل التابعني اجتهد لاجتها هأ. وهذا ليس في إال بقاؤه يف حيز أقهوال أصهحاب رسهول اهلل صهىل اهلل عميه وسمأ ،وهذه املس لة يعرتنها ألثر من موجب ،السيام أهنا أقوال الصحابة ،وه يف نفسها حجة عنده وعند مجهور الفقهاء برشوط معينة. وهلذا يقول ابن عبد الرب" :جعل لمصحابة يف يلك ما مل جيعل لغريهأ ...وإىل نحو هذا لان أمحد بن حنبل يذهب" (.)1 ( ) 1جامع بيان العلم وفضله (مؤسسة الريان .)161 / 2
96
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
بل قد استدل بع ُ أهل العمأ هبذه القصة عىل أن اإلمام أبا حنيفة يذهب إىل جواز إحداث قول ثالث إيا انتهى األمر إىل غري الصحابة. ونوزعوا ب ن هؤالء هأ التابعون ،وهو واحد منهأ حيث قيل :إن رأى أنسها وهو صغري. وال خيفى ما يف هذه املنازَعة؛ فإنا لو فرننا أن أبا حنيفهة مهن طبقهة التهابعني تنزال بحسب االصأمح الرشع ،فإن يبقى يف طبقة مسبوقة بعهدة طبقهات مهن فقهاء التابعني ،فمو لان يمتنع من إحداث األقوال مأمقا ،فكهان عميه أن يمتهزم ب قواهلأ وال خير عنها ،ف بو حنيفة ار من مدرسة محا بن أيب سهميامن ،ومحها نفس قد اهر مهن مدرسهة إبهراهيأ النخعه ،فههام طبقتهان مهن التهابعني بعهد الصحابة ،وأبو حنيفة يقع بعدهأ. وبام سبق:
ُ قهول املخهالِف عهن جممهوع أقهوال فإن يظهر خأ نسبة اشرتاط "أال خير السمف" إىل اإلمام أيب حنيفة بحسب هذا النقل املعني ،بل إن هذا النقل يدل عىل عدم اعتبار أيب حنيفة لمخمف السابق حاشا الصحابة ألثهر مهن لونه اال عهىل اعتباره. وهذه الرواية الت نقمناها عن اإلمام أيب حنيفة من لتهاب تهاريخ ابهن معهني تتفق مضمونا مع الرواية األخرى الت ساقها اإلمام ابن حزم يف لتابه اإلعهراب، وأحال عميها املؤلف. لكن اإلمام ابن عبد الّرب يف االنتقاء -وه اإلحالة الثالثهة لممؤلهف -يلهر 97
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
عدة روايات ،وه تنقسأ يف مضموهنا إىل روايتني اثنتني: -0رواية تتفق مع الرواية السابقة الت حكيناها عن أيب حنيفة ،ونقمها عن ابن معههني وابههن حههزم ،ومفا ههها أن األمههر إيا صههار إىل التههابعني اجتهههد لاجتها هأ. -2رواية اتمف قميم عن هذه الرواية ،وحمل االختمف هو قهول أيب حنيفهة: "وإن جاء عن التابعني زامحناهأ ،ومل نخر عن أقواهلأ". وال بد من ترجيح إحهدى الهروايتني؛ ألن القصهة واحهدة ،ومهدلول ههاتني الروايتني متعد ،والذ يبدو يل والعمأ عند اهلل هو قة الرواية األوىل؛ ويلهك ملها ييل: -0أهنا ه الرواية املشهورة ،وقد جزم اب ُن حزم بصحتها يف لتاب "اإلعراب". -2أهنا ه الرواية الت اتفق عىل سياقها ابن معني وابن حزم وابن عبد الّرب ،بينام الرواية األوىل اقترص عىل يلرها ابن عبد الّرب ملا عدَ يلر ألفاظ القصهة ،لهل هذا بحسب اإلحاالت الثمثة الت اقترص عميها املؤلف. -3أن لو لان املقصو أن اإلمام أبا حنيفة يتخري من أقوال التابعني وال خير عن أقواهلأ مل يكن هناك فرق بني اعتباره ألقوال الصحابة وبهني اعتبهاره ألقهوال التابعني ،مع أن الروايات لمها تنص عىل تفريق أيب حنيفة بني اعتباره ألقوال الصحابة وبني اعتباره ألقوال التابعني. -4أن اإلمام أبا حنيفة هو أول من شقق الفروع لام يقول الشافع ،وله يف ههذه املقامات منازل مش َيدة ،ومقامات مشهورة ،قد لان ِم ْن أظهر ما أخهذه ُ أههل احلديث عىل أيب حنيفة :إحداث األقوال ،بسبب استقمل يف البناء عىل أصول 98
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
أهل الكوفة ،وقد لان من أجوبة ابن حزم الظاهر عهىل منتقديه مهن أههل الرأ حينام أخذوا عمي شذويه عن أقوال اجلمهور :أن ما يقال فيه يقهال يف إمامهأ أيب حنيفة حرف ًا بحرف ،ثأ ال جتد ابن حزم إال وهو يستغرق يف تعدا ٍ ألحد ِم ْن خمق اهلل قبم . ما انفر ب أبو حنيفة مما ال يعرف ثاني ًا :نفس الوهأ الذ وقع في الشيخ حاتأ العوين يف فهأ لمم أيب حنيفهة وقهع ل أيضا يف فهأ لمم الشافع ،فقد أحال إىل لمم الشهافع يف تقريهره عهدم خروج من أقوال الصحابة ليجعل من هذه الأريقة لهي ً م عهىل عهدم جهواز إحداث قول ثالث ،وبني املس لتني فرق لام سبق ،فكل من منع مهن إحهداث قول ثالث فإن يمنهع مهن بهاب أوىل مهن إحهداث قهول ثالهث عهىل أقهوال الصحابة ،لكن ليس لل من منع من إحداث قول ثالث عىل أقوال الصهحابة يقف املوقف نفس يف أقوال غريهأ ،ويلك ألن أقوال الصحابة عند طوائهف لثرية من الفقهاء ه حجة و ليل بنفسها. وهبذين االستدرالني يظهر عدم قة إطمق املؤلف أن هذا الرشهط ههو مهن أصح مها نسهب إىل األئمهة األربعهة أنفسههأ مهن القواعهد األصهولية ،بحسهب التوثيقات الت يلرها (.)1 املالحظة الرابعة :مناقشة كون هذا الدليل املختلف فيه رشطا يف تسويغ اخلالف:
لو عرض الشهيخ حهاتأ ههذا القهول عهىل مهن يشهد ون يف قضهايا اإلمجهاع الستحسنوه جد ًا ،ورأوا أن هذا الرشط من حماسن الكتاب ،وال أستبعد أن يبهدوا ( )1اختالف املفتني ص.16
99
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
بع
املمحظات عىل بع
ما يلره من القيو .
بينام لو عرن عىل مجاعة أخرى من الفقهاء السيام املعارصين ،سهواء لهانوا من املدرسة احلديثية النصية أو من املدرسهة املقاصهدية املعنويهة لهرأوا أن يف ههذا الرشط إخراجهأ برصاحة من حيهز االعتبهار ليسهت أقهواهلأ فحسهب بهل ههأ أنفسهأ ،فقد اعتّرب املؤلف أن العامل املعتهّرب إنهام ههو الهذ ال خيهر عهن أقاويهل السمف ،وألد أن هذا األصهل لهان متحققها يف عمهامء األمهة السهابقني ،بيهنام ال يستأيع أن يأمق عىل لثري من املعارصين ألهنأ ال يمتزمون ،فههذا يهدل رصاحهة عىل أن اطار عن جمموع أقاويل السمف هو عند املؤلف عامل غهري معتهّرب ،وههأ لثري من املعارصين. فاملعارصون عند املؤلف عىل قسمني: -0عامل معتّرب باالتفاق ،فهذا ال بدَ أن يكون حمققا هلذا الرشط. -2عامل غري معتّرب ،أو عامل معتّرب من غهري اتفهاق ،فههؤالء قهد حيققهون ههذا الرشط وقد ال حيققون . وأجد أن املجامع العممية بمجموعها عاجزة عن اطرو بإحصهاءات قيقهة ومن هذا العامل الذ اتفهق عهىل اعتبهاره؟ وليهف يكهون ههذا ملثل هذه النتائجَ ، الرشط املتنازع في معيار ًا لتمييز العامل املعتّرب؟ السيام أن املؤلف قد قأع حلمة مهن لتاب يف بيان التفريق بني القول والقائل!. أال يعمأ أن هناك منهجا نخر يقرص حتصيل األحكام الرشهعية عهىل الهنص،
011
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
والنص فقط ،وهذا املنهج ل مدرست الظاهرية بامتدا اهتا القديمة ،ول رجال من املتقدمني ومن املحدَ ثني ،وقد يلروا أن ما من أحد إال ول مفر ات عمن قبم مهع عمم بتفر ه ،ويلروا أن لل الأوائف تعتّرب من املسائل ما هو من هذا الباب. وهذه االجتاهات ليست قارصة عىل أعيان املدرسة الظاهرية ،بل من أصحاب هذا االجتاه من هأ من رجاالت املعاين واملقاصد. ثأ إن هذه املس لة وه إحداث قول ثالث يف املس لة ليست ه حمل إمجاع لام صوره املؤلف بل فيها خمف قديأ سواء لان يلك من جهة األصهوليني ،أو مهن جهة الفقهاء. ف ما األصوليون فههو مسهأر يف مهدوناهتأ العتيقهة ،وهلهأ يف يلهك مسهالك متعد ة. أما الفقهاء فإن املذاهب األربعة القائمة ،إنافة إىل املذهب الظهاهر ،لمهها قد اختأت هلا من األقوال ما هو حمدث خمتص هبا ،إما من جهة أصل القول ،وإما من جهة التفصيل. واملس لة فيها وعورة السيام من لان معاجلا ملسائل الفق ،والنظر يف الرتجهيح فإن يستشكمها جد ًا ،وجيد من نفس صعوبة االطرا عىل أحد املسهالك املحهد ة، فام من مس لة شائكة يعاجلها املجتهد إال وتراه قهد أحهدث فيهها قيهدا أو وصهفا، ومنهأ املؤلف نفس يف لثري من أقوال يف هذا الكتاب وغريه. وفرق: 010
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ين اإلمجاع عىل اطأ والضملة ،فهذا ال يقع من األمة البتة ،وال جيوز عمهيهأ فوات الصواب. وبني حترير األقوال ،فقد ال يكون القول حمرر ًا ،فيه يت املته خر وحيهرره ،وقهد ا عى هذا فعمي ًا ألثر األئمة واملجتهدون ،ومع يلك فقهد يضهاف ههذا القهول إىل الشذوي. عىل أن ما يلره املؤلف من قيو جيعل املس لة ترا قمي ً م ،وقد نقل الزرليش عن الصرييف أن صور هذه املس لة يف حمل حمد وهو اطمف املسهتفي حك من فتوى واحد ومل يستف
،ف مها مها
قول ،فيجوز اطرو عن إىل ما أيده ليل (.)1
ونخمص إىل أن هذا الرشط الذ يلره املؤلف وإن لان ل قوت واعتباره مهن حيث الرتجيح السيام مع القيو الت يلرها إال أن يلره يف نمن رشوط تسهويغ اطمف في ءء ،فهو حي ِيد مجاعات لبرية من املتقدمني واملت خرين ،وحيسأ مجمهة لبرية من املسائل الت مل يزل النزاع فيها متحرل ًا ،و لان أحد الفريقني قهد احهتج عىل اآلخر بحدوث قول . لام ينب إىل أن اطمف يف هذه املس لة أنعف من اطمف يف مس لة االحتجا باإلمجاع الظن ؛ فإن هذه الصورة مبنية عىل حجية اإلمجاع الظن ،فإيا سقط ليل اإلمجاع الظن سقط اعتبار هذه املس لة ،لكن قد يصح اإلمجاع الظن عنهد بعه الناس ،وينازع يف صحة اعتبار هذه املس لة ،وهه إحهداث قهول ثالهث ،ويلهك
( )1البحر املحيط (.)143/4
012
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
العتبار خار عن مس لة االعتبار الظن ،ويتمخص يلك يف أمرين: -0أن تسويغ اطمف يف املس لة بني عدة أقوال يدل عىل تسويغ االجتها يف ههذه املس لة. -2أن مل يزل الناس حيدثون األقوال يف املسائل االجتها ية ،ويأمقون مقيدها ،أو يقيدون مأمقها ،ويذلرون التفاصيل والرشوط. وبام سبق؛ فإن يبدو– والعمأ عند اهلل – أن املؤلف قد شد يف مس لة إحهداث قول ثالث إىل ما ال يوافق عمي ؛ إال أن يسهتيقن خهرق اإلمجهاع؛ فتخهر املسه لة حينئذ من حيز اطمف السائغ. ويف هناية هذه الوقفة أخلِص موقفي يف النقاط التالية: معنهى متكهرر يف صهياغة -0أن غاية هذا الرشهط حتصهيل إمجهاع معهني ،وههو ً رشوط . -2مل حيسن املؤلف االستدالل هلذا الرشط باأل لة املناسبة. -3مل يكن املؤلف قيق ًا يف نسبة هذا القول إىل األئمة. -4لان املؤلف موفقا حينام نبط املس لة برشوط حمد ة ،مما يق صمص إىل حهد لبهري الرسعان من أهل الفتوى. النزاع الواقع يف اعتباره ،وهو يفيد يف لبح مجاح َ َ -5القيو الت اعتّربها املؤلف يف هذا الرشط وإن لانت وجيههة إال أن النهزاع ال ينفك من الدوران يف اعتبارها. -6ثمة فريق من املتقدمني ومن املت خرين ال حيصمون األحكام الرشهعية إال مهن
013
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الرصف ،سواء لان يلك من أعيان املدرسة الظاهرية ،أو لان يلك من النص ِ جهة طوائف لثرية من املنتسهبني إىل احلهديث ،وقهد تبنهاه مجاعهة مهن لبهار الفقهاء املعارصين. -7اعتبار هذا الرشط املحد يف هذه الصورة املعينة من اإلمجهاع ،وجعمهها أحهد املعايري الدقيقة يف تسويغ اطمف :يكتنف الكثري من اإلشكال لمزوم إسقاط هؤالء اجلمة من الفقهاء ،وعدم اعتبار خمفهأ؛ السيام مهع انتشهار أوصهاف هذه املس لة ،وقد حكى املؤلف اتفاق أهل العمأ عمي ،وأن ال يبهايل بخهمف املعارصين هلذا الرشط لو وقع منهأ يلك ،وهذه مصا رة غري مقبولهة ،وهه تستمزم أيض ًا مصا رة مجمة عريضة من أقوال املؤلهف نفسه ،وههو معهروف باإلغراب والتفهر ،وجمهاوزة املهدارس الفقهيهة بكاممهها ال األقهوال فقهط، وشاهدنا القريب :ما وقع يف منهج الذ اقرتح يف الفصل األخري من ههذا الكتاب (.)1 -8يستعمل هذا الرشط ونحوه أصناف من املق ِمدة يف إعاقة احلرلة االجتها يهة فيام جدَ من احلوا ث ،وال ينفع معهأ القيو املهذلورة السهتغمق نياهنهأ يف ترصفها يف غميظ أيهاهنأ. الغالب عن سامع أعذار املجتهدين فضم عن ّ ولرتدد هذا الرشط بني مصالح االعتبار ومفاسد اإلمهال أقرتح ما ييل:
-0أن يعا أوالً هذا الرشط إىل حمم يف رشط اإلمجاع ،وأن يهذلر ل حهد صهوره املختمف فيها.
( )1اختالف املفتني ص.61
014
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
-2أن تكون صياغة هذا الشههرط لهام يهيل :يكهون القهول خهار االعتبهار إيا استيقنت خمالفت لإلمجاع. وهبذا االستيقان :نستأيع نبط الباب ،وأال يدر فيه مها اختمهف يف حتقهق اإلمجاع في . ولعل الصياغة هبذه الأريقة تقع يف مونع مقبول عند عامهة الفقههاء حتهى الذين هلأ موقف معني من اإلمجاع الظن ،فالغالب عىل من يعهرتض عميه لهيس العرتان عىل حجيت ،فاملخالف يف أصل حجيت نها ٌر ،وإنهام مهن جههة وقوعه وحتقق ،وصياغة الرشط هبذه الأريقة تبد خماوف من أن يكون هذا الرشط سهبيم لتحجر احلوا ث املتجد ة نمن القوالب املتقا مة. وال أحسب أن أحد ًا من أهل الفق والنظر يس ِمأ بحصول اإلمجاع عىل مس لة ما ثأ ينازع من جهة حجية اإلمجاع إال أن يكون الن َظام وليس من أهل هذا الش ن. ولذا فعىل من تصدى لقول ا ع عمي خمالفت لإلمجاع أن يبهد عهذره فيه ، وبيان وج عدم خمالفت لإلمجاع ،ل ن يبني افرتاق حمل اإلمجاع القديأ عن الصورة احلا ثة ،أو أن الصورة احلا ثة قد استجد فيها من الوصف ما أخرجها عهن ائهرة اإلمجاع القديأ ،وأن يستوجب استئناف عممية اجتها جديدة.
015
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثامنة عرشة :أثر "عموم البلوى" عىل إحداث األقوال ن َب املؤلف حفظ اهلل عىل صورتني يلر أهنام ليستا من اطهرو املمنهوع عهن أقاويل السمف: الصورة األوىل :أال يكون يف هذا القول املحدث رفع وإبأال ملجموع أقواهلأ(.)1 الصورة الثانية :إيا لانت املس لة الت وقع فيها االختمف بني املت خر والسمف من املسائل الت ال تعأ هبا البموى ،وال تكثر هبا حاجة الناس إليهها؛ ألن ههذا ال تتوافر واع النقمة عىل حفظها ونقمها فيتصور حينئذ أن ال حتفهظ لنها مجيع أقاويل السمف فيها. قمت :هذا لمم حمرر ،وحمل التنبي هو يف الصورة الثانية يف بع
ما ع َمق عىل
حواشي : التنبيه األول:
بني املؤلف أن عموم البموى فيها طرفان وانحان من جهة حتقق الوصهف أو عدم ،وبينهام طرف مرت ،وهذا وإن لان صحيحا إال أن يؤلد صهعوبة نهبط تسويغ اطمف ب النتشاره ،وعدم نبأ ،وإنام يصمح أن يدقق فيها عنهد بحهث أفرا املسائل ،أما أن تكون نابأ ًا لتسويغ اطمف؛ فإن النقام فيها سيؤول بهني
( )1اختالف املفتني ص.16
016
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املتنازعني إىل بحث عني املس لة ،وهذا تسميأ بتسويغ اطمف فيها. التنبيه الثاين:
اعتّرب املؤلف أن فق قيد "عموم البموى" يبني سبب خمالفة األئمة األربعة يف األحيان أقواال لمصحابة ال يعمأ فيها خمالف.
بع
ويقول :إن بذلك يتحرر هذا الباب ٍ بقيد جيعم ألثر انضباطا ،وأبعد عن عهوى التناق
يف عمل الفقهاء مع ،ويقوى اجلواب به عهىل منتقهدهأ يف يلهك
لاإلمام أيب حممد ابن حزم يف املحىل (.)1 قلت:
يقصد املؤلف أن أقوال الصحابة الت ال يعهأ هبها البمهوى ال تكهون حجهة، وهبذه الأريقة ُا َر لثري من املسائل الت خالف فيها األئمة األربعهة جمتمعهني أو منفر ين أقواالً لمصحابة رنوان اهلل عميهأ ،فيقال :إن هذه األقوال ه مما ال تعأ هبا البموى. وهذا قيدٌ حسن ،وهو مستشف ِمن ت مل املؤلف لآلثار الواقعة عن الصهحابة رنوان اهلل عميهأ ،ومل ي خذ هبا األئمة ،فوجد أن لثري ًا منها مسهائل سه لوا عنهها ف فتوا بمقتىض عممهأ ،وحيتمل احتامال قويا أن بقية الصحابة مل يأمعوا عهىل ههذه الفتوى ،وربام لو اطمعوا عميها طالفوا فتواه.
( )1اختالف املفتني ص.17
017
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
لكن بقي أن يقال :إن هذا القيد يعوقه أمور:
أوال :أن هذا من املؤلف بناء عىل أن االحتجا بقول الصحابة إنام يكون إيا انترشه ومل خيالف. ونقةول :إن ِمن الفقهاء من يأمق االحتجا بقول الصحابة ولو مل تتحقق في هذه الصورة ،وحينئذ ال فرق عند هؤالء يف اعتبار قول الصحابة بني أن يكون مما يعهأ ب البموى أو مما ال يعأ؛ ألن اشرتاط االحتجا ب قوال الصحابة ب ن يكون مما يعأ هبا البموى إنام هو حتى يغمب عهىل الظهن أن قهول الصهحايب قهد بمهغ غهريه مهن الصحابة ومل ينكر عمي ،وإيا مل نشرتط االنتشار وبموغ غريه؛ وإنام يكف أنه قهول صاحب ،وهو حجة بنفس ،فم اع حينئذ لتقييد االحتجا بقول الصهحايب أن يكون مما يعأ هبا البموى ،وحينئذ يصهح إلهزام أيب حممهد الظهاهر عهىل ههؤالء الفقهاء. وإنام تصح مدافعة املؤلف عن أولئك فقهط الهذين يشهرتطون يف االحتجها بقول الصاحب أن ينترشه وال خيهالف ،فمممؤلهف حينئهذ أن يقيهد احتجاجهاهتأ ب قوال الصحابة أن يكون مما يعأ هبا البموى حتى حيصل ولو بع
الظهن ببمهوغ
قوهلأ غريهأ من الصحابة. ومن املفيةد هنةا القةول :إن إطهمق االحتجها به قوال الصهحابة ههو قهول اجلمهور ،وعمي فإن انتقا ابن حزم ٌ نازل عىل قول اجلمههور ،وتقييهد االحتجها بقول الصحايب إيا لان القول مما يعأ هبا البموى هو خمف قهول اجلمههور ،ههذا بحسب التقرير األصويل النظر . 018
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ثانيا :أن هذا القيد إنام يصمح أن يكون تفسريا لسهبب عهدم أخهذ األئمهة بالبع أقو ال الصحابة ،وإال فإن ترك األئمة ألقوال الصحابة لان أوسع بكثهري مهن حدو هذه الصورة ،املحد ة. وقد استقرى اإلمام الشافع األ لة يف االحتجا بقول الصحايب إيا مل حيفهظ لغريه منهأ موافقة أو خمالفة ،فمأ جيد فيها حجة من الكتاب أو السنة أو اإلمجهاع، ثأ استقرى طرائق أهل العمأ باالحتجا بقول الصحابة فوجدهأ ي خذون بقول واحدهأ تارة ويرتلون أخرى ويتفرقون يف بع
ما أخذوا ب منهأ (.)1
أورد املؤلف سؤاال عىل هذا الرشط مفاده:
ما هو احلد الزمن الذ ال بد أن يكون العامل مسبوقا في إىل قول ؟ واستغرق يف جواب ،وطص ب ن يلك بتأ بالنظر إىل املس لة نفسها فإن لانت املس لة مما تتوافر الدعاو فيها عىل نقهل مجيهع أقهوال املختمفهني فهم يقبهل فيهها إحداث قول جديد ،وإن لانت عىل خمف يلك جاز فيها إحداث قول جديد. قلةت :هذا جيد يف اجلممة لكن معاجلة املسهائل الفقهيهة تظههر أن الفقيه قهد يضأر إىل إحداث قو ٍل ثالث فيام ههو خهار ههذه الصهورة ،ومهن يلهك مسه لة التمفيق بني القولني ،فه يف احلقيقة ٌ قول ثالث غري مسبوق يف نفس ،لام قد يمجه ٍ وصف يف حكأ املس لة مما جيعل قوله متميهزا عهام قبمه ،وثمهة الفقي إىل إحداث أقوال حمدثة من جهة الرتتيب الفقه لممس لة ،ويدعى حمد ُثها فوات اإلفصاح هبا
( )1الرسالة ص.198
019
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ال االعتبار ،ويدندن عىل هذا لثري مهن املجتههدين ملها يصهك يف وجهوههأ أهنهأ أحدثوا بع
األقوال.
إن النظر واالجتها ال ينقأع ،وإنام املمنوع هو اطرو عن اإلمجاع املسهتيقن السابق ،السيام أن لممنا يف االعتبار وعدم ال جمر استخرا الرأ الراجح. وبنظر أن األ ق أن يقال :إن املدار عىل االستقرار؛ فإيا استقرت املس لة وأخذت حظها ،وحصهر اطمف فيها ،فيمنهع حينئهذ اطهرو عهن أطرافهها ،برشهط أال يستجد وصف جديد يستدع استئناف عمميهة االجتهها ،وهبهذا االعتبهار يهتأ النظر إىل املس لة نفسها ويتأ النظر أيض ًا إىل طريقة تناوهلا.
001
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة التاسعة عرشة :توسيع دائرة اإلمجاع القطعي سبقت اإلشارة إىل أن املؤلهف يشهرتط يف تسهويغ اطهمف :أن يكهون قهول املخالف ال خيالف إمجاعا قأعيا ،وهذا معنى يس ِمأ ب سائر أهل العمأ ،حتى أهل الظاهر منهأ ،وليست هنا املشكمة ،وإنام تكمن يف توسيع املؤلهف ائهرة اإلمجهاع القأع الذ ال جيوز خمف ،حتى أ ر في نوع ًا نخر من اإلمجاع ،وهو اإلمجهاع السكويت( )1إيا احتفت ب قرائن تدل عىل قأعيت . وبناء عىل هذا فقد اعتّرب أن اإلمجاع السكويت نوعان: األول :قأع ،وهو ما احتفت ب قرائن تدل عىل قأعيت . وظن :وهو ما مل حتتف ب قرائن القني ،فذلر أن هذا اإلمجاع لخّرب اآلحا . ثم قال:
ولو قيل :إن اإلمجهاع السهكويت القأعه الهذ ال يسهوغ خمفه ههو البهني القأعية ،لظهور قرائن الدالة عىل القأهع :لكهان أوىل يف اجتهها ؛ ألن القأعيهة املستفا ة من قرائن خفية لالقأعية اطفية املسهتفا ة مهن اللهة الهنص ،ال يمكهن مؤاخذة العامل عىل عدم بموغها عنده (.)2 وألَد املؤلف هذه الأريقة ،فقال يف سياق تفصيم لمرشهط اطهامس لتسهويغ
( )1يقصد املؤلف به اإلمجاع الظنس كام سبق. ( )2اختالف املفتني ص.11
000
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
اطمف: الرشط اطامس :أن ال يكون القول خمالفا لهدليل ثابهت وانهح القأعيهة يف اللت ،لالنصوص الثابتة يات الداللة القأعية الوانحة يف قأعيتها ،ولاإلمجهاع السكويت الظن املتحقق غري املنقوض باالختمف املعتّرب. ثأ فرس قيد ونوح القأعية الذ وقع يف لمم ب ن املقصو من : أال يكون قد وصل في إىل القأعيهة بعهد طهول بحهث وعميهق نظهر ...ألن الوصول إىل القأع ب لة فيها خفاء ،وظهورها ألحد املجتهدين عىل سبيل القأهع ال خيرجها عن لوهنا مس لة خفية األ لة؛ ألن القأعيهة إنهام حتصهمت عهن طريهق البحث والنظر ،فتبق املس لة يف ائرة املسائل الت يسوغ فيها اطمف (.)1 قلت :هاهنا أمور:
-0
أن حصول القأع :إنام لان بهالقرائن ال بمجهر اإلمجهاع ،فيبقهى اإلمجاع لام هو ظن ،وإنام حيصل القأع بجممة أمور مهن مجمتهها اإلمجاع.
-2
هذه الأريقة أحوجت املؤلف إىل عممية تصعيد وعممية تنزيل:
عممية تصعيد :ب ن ص َعد هذا اإلمجاع إىل رجة اإلمجاع القأع ،وسبق أن مل يصل إلي بمفر ه وإنام بقرائن .
( )1اختالف املفتني ص .77 ،78
002
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وعممية تنزيل :ب ن أنزل هذا اإلمجاع الذ يقول إن قأع من ائرة املنع مهن تسويغ اطمف في ،ف جاز أن يقع في اطمف السائغ؛ ألن وإن لان قأعيا إال أنه ليس وانح القأعية. ثأ إن ثمة اختمالً يف رجة تسويغ اطمف؛ إي جعل هذا اإلمجاع القأعه ال يمنع من تسويغ اطمف ،بينام جعل اإلمجاع السكويت الظن املتحقهق مانعها ً مهن تسويغ اطمف! . وال ظاهر أن اشتغال الشيخ بالر عىل املتكممني يف أخبار اآلحا ،وأن منه مها يصل إىل اليقني :ل أثر يف هذه املس لة ،وإال فام ما الذ أوصم إىل اليقني؟ القرائن املحتفة ه الت أوصمت إىل اليقني ،وبذلك يكون اإلمجاع السهكويت ال يزال إمجاعا ظنيا لام ههو ،وإنهام صهعد إىل اليقهني بغهريه ،ال بأريقه اطهاص، فالقأع هو لمحكأ لدخري ،ال هلذا الأريق اطاص. وهلذا فإن القول بقأعية هذه الصورة املحتفة بهالقرائن ال ينهايف القهول بظنيهة اإلمجاع السكويت ،لام أن القول بظنية خّرب اآلحا ال يمنع القول بإفا ت لمعمهأ إيا قام ِ موجب من القرائن املحتفة باطّرب ،ولأ قد تعدَ ت األقوال يف املسائل بحسهب بع
التفاصيل ،وه يف حقيقتها مندرجة يف أحضان األقوال الرئيسة يف املس لة. وال يقههال :إنه اصههأمح ،ألنه ال جيههوز أن يههدخل عههىل العمههوم الفانههمة،
بالتشويش عىل اصأمحاهتا الصحيحة ،وما تعارفوا عمي ،فيقع الوهأ ،ويتشهت
003
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ب اجلهد ،وتتبد الأاقات ،ثأ ملا ينف
النزاع يقال :اصأمح! . 1 ) (
إيا تقرر ما سبق فإن يظهر أن ال حاجة إىل رفع بع األ لة الظنية إىل رجهة اليقني بسبب ما حيصل لبع املجتهدين من بموغ رجة اليقني فيها بوج ٍ ما ،ممها يستدع -بحسب املؤلف -استثناءها من القأع الذ ال جيوز خمفه ،فهه عند املؤلف من القأع لكن جيوز خمف . مالحظة:
مل يكن املؤلف قيقا حينام اعتّرب أن منهج الظاهرية قائأ عىل عدم االحتجها إال بالقأع ()2؛ فإن نصوصهأ وإن لانت متضافرة عىل اعتبار اليقني إال أن أوسع ائرة عندهأ من القأعه ؛ إي يشهمل التمسهك بهالّرباءة األصهمية واستصهحاب األصل ،وعدم اطرو من ليل إال بدليل ،وإال فيجوز عندهأ أن يكذب الشاهد لكن هذا ال ينايف اليقني ،ومثم التصحيح والتضعيف والرجوع من قول إىل قول، وقد بحثت هذه املس لة بيشء من التوسع يف الرتمجة العممية البن حهزم الظهاهر من بحث يف إلزامات ابن حزم.
( )1اختالف املفتني ص 133 ،132 ( )2اختالف املفتني ص.98
004
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة العرشون :غلبة األثر احلديثي عىل األثر األصويل يف وقن الرشوط يقول املؤلف حفظه اهلل:
"الرشط اطامس :أال يكون القول خمالفها لهدليل ثابهت وانهح القأعيهة يف اللت ،لالنصوص الثابتة يات الداللة القأعية الوانحة يف قأعيتها ،ولاإلمجهاع السكويت الظن املتحقق غري املنقوض باالختمف املعتّرب". سبق مرارا التنبي عىل إشكالية التكرار يف الرشوط الت ساقها املؤلف ،لكن يف هذا الرشط أمر نخر غري التكرار ،فإليك ما في : ِ يشرتط املؤلف يف اطمف السائغ :أن ال يكون ُ املخهالف خمالفها لهدليل قهول ثابت وانح القأعية يف اللت . ومثل لذلك ب مرين: )1أن يكههون خمالفهها لمنصههوص الثابتههة يات الداللههة القأعيههة الوانههحة يف قأعيتها. )1أن يكون خمالف ًا لإلمجاع السكويت الظن املتحقق غهري املنقهوض بهاطمف املعتّرب. فهو يف صياغت األوىل لمرشط يشرتط لعهدم تسهويغ اطهمف أمهرين اثنهني، ومها: الثبوت ولو لان ظني ًا سواء لان نصا أو إمجاع ًا[ .لقولاله :بلالدليل ثابال ب 005
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ورش رح هذا بأنه يكتفس فيه بمجرع الثبوتب]. ر ر أن يكون وانح القأعية يف اللت . فهو إين يشرتط القأعية يف الداللة ال يف املستند ،وجييز بناء عىل ههذا تسهويغ اطمف فيام لان ظن الداللة ،وال يسوغ اطمف فيام لان ظن الثبوت. فمهأ صهح إنكهار وهذا تفريق حيتا إىل وقفة ،فعندنا ،سهند ،وعنهدنا مهتنَ ، اطمف فيام لان ظن الثبهوت ون مها لهان ظنه الداللهة؟ وقهل مثهل يلهك يف اإلمجاع :يف اشرتاط القأعية يف اللت ون ثبوت ،فتجهد أن الثبهوت املتعمهق بفنه "مصأمح احلديث" ل أثر وحضور وحجهأ خيهالف "الداللهة" املتعمقهة بعمهأ "أصهول الفقه " ،فنتهائج عمهأ املصهأمح تكفه فيهها "الظنيهة" ملنهع تسهويغ اطمف" ،أما نتائج أصول الفق فم تكون مانعة من تسويغ اطمف إال أن ترتفع إىل رجة القأعية! فعناية املؤلف بتفاصيل عمأ املصأمح ظهر أثرها يف قائق البحث ،بيهنام جتهد " الالت األلفاظ واملعاين" املتعمقة به "عمأ أصول الفقه " يف غيهاب ممحهوظ عن ترليبة الكتاب ،ومعموم أن ألثر اطمل الواقع اليوم ليس هو بالدرجهة األوىل من قبل إشكاالت تصحيح احلديث وتضعيف ،وإنام مهن جههة فقهه ،والنظهر يف مسمك اعتباره. أرشت خاض املؤلف يف تفاصيل ما يمكن االستغناء عن ،وقد ال وبسبب ما ُ يكون شديد الصمة بمونوع ،معرن ًا عام هو أشد لصوق ًا وارتباطا.
006
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
فالصور عند املؤلف – يف مس لتنا احلابة -أربعة: )0ما لان قأع الثبوت قأع الداللة :ال يقبل اطمف. )2ما لان قأع الثبوت ظن الداللة :يقبل اطمف. )3ما لان ظن الثبوت قأع الداللة :ال يقبل اطمف. )4ما لان ظن الثبوت ظن الداللة :يقبل اطمف. فمجرد الثبوت الظني :لايف يف فع اطمف. لكن الداللة :تفتقر إىل أن تكون قأعية حتى نمنع وقوع اطمف فيها. وهبذا يتضح جليا :أن اإلشكال يقع فيام لان ظن الثبوت ،فنقولَ :ملِ مل ْ تكن ظنيته مسوغة لمخمف ،لام لانت ظنية الداللة مسوغة لمخمف؟ والذي يبدو والعلم عنةد اهلل :أن لون النص ظن الثبهوت أو ظنه الداللهة ال يمنع من تسويغ اطمف. وأ رك متام ًا أن مستند املؤلف هو اإلمجاع عىل قبول خّرب اآلحا وههو ظنه ، وأن املحدِ ث قد يصل إىل رجة القأع بهذلك ،ونقهول :واألصهويل والفقيه قهد يصل بالداللة إىل يلك!. أمل يقرر املؤلف أن املرء قد يدرك القأع ببحث واجتهها ه ،لكنه مهع يلهك ال جيوز ل أن ينكر عىل غريه؛ ألن وصول إىل القأع إنام لان ب لهة فيهها خفهاء؛ فهم خيرجها ظهورها ألحد املجتهدين إىل حد القأع عن لوهنا مس لة خفية األ لة (.)1
( )1اختالف املفتني ص.77
007
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
يضاف إىل يلك :أن حتصيل القأع عن طريق االجتها والنظر هو حمهل نهزاع بني أهل النظر. ثأ إن اجلميع يس ِمأ :أن حصول القأع خيتمف ،فقد خيأهئ املهرء يف ظنه حصهول القأع ،لام هو مشاهد ومعموم. يقال هذا يف القأع ،فكيف بالظن ؟!. ثأ إن املؤلف قد قرر يف لتاب : أن االختمف غري السائغ :ههو اطهمف املقأهوع ببأمنه ب لهة ثابتهة وانهحة القأعية يف اللتها (.)1 والسؤال :ليف يقأع املؤلف ببأمن ،وقد أ ر يف اطمف غري السائغ مجمة مهن املسههائل الظنيههة ،لاإلمجههاع الظنهه ،واطههّرب الثابههت! .أجيههوز أن يقأههع بالظن؟!.السيام أن حكأ عمي هنا باملقأوع املتضح بأمن ،ثمة انأراب!. وهذا من الشواهد الت نسوقها عىل املؤلف ،وأن ما صهاغ مهن الرشهوط ال ينتظأ واألحكام املذلورة يف الكتاب نفس . حصمها املؤلف من خمل أبحاث املتكررة ويبدو – واهلل أعمأ -أن هذه فائدة َ عىل إبأال أ منهج سوى منهج املحدثني ،وأن خّرب اآلحا وإن لان ظنيا إال أنه قد يصل إىل العمأ اليقين ،فه فائدة متجهذرة عنهد املؤلهف مل يسهتأع فعهها يف صياغة هذا الرشط.
( )1اختالف املفتني ص.131
008
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وقد لان هذا سبب ًا رئيس ًا يف تعثر بع مباحث الكتاب وهو ٌ مثقل ببع
مباحهث الكتهاب ،فهاملؤلف أتهى إىل
املسائل الت أوالها الكثري من البحث والنظهر،
فحصل أن َفرغها تفريغ ًا تام ًا يف صناعة هذا الكتاب. ثأ إن ما سبق يلره ال خيدم يف طريقة املحدثني يف تصهحيح األخبهار؛ ألنها نعتّرب طريقة املحدثني يف إعهامل ههذه الظنيهة صهحة ونهعفا ،فبإمجهاع املحهدثني وغريهأ أن من األحا يث الظنيهة مها ههو خمتمهف الثبهوت ،وأن منهها الصهحيح والضعيف ،فثبوت احلديث عند املحدث الفمين ال يرفع النزاع يف صحة احلديث، وال يكون تصحيح ل مانعا من تسويغ اطمف يف املس لة. يقول اإلمام الشهافع رمحه اهلل " :ونحكهأ بالسهنة قهد رويهت مهن طريهق االنفرا ال جيتمع الناس عميها فنقول حكمنا باحلق يف الظاهر ألن قد يمكن الغمط فيمن روى احلديث"(.)1 وهذا أمر وانح جدا وال ينازع في الرشيف حاتأ ،وال غريه مهن العمهامء جر الشيخ حاتأ إىل ما يلر ليس هو غفمت عن هذا املعنهى، املعتّربين ،ولكن الذ َ فإن فن وخصيصت ،ولكن رام أن ير عىل مجاعة ممن ر وا أخبهار اآلحها بجممهة مهد لذلك ب ن يكفه يف عهدم تسهويغ من الأرق ،فاستغرق يف الر عميهأ حتى َ اطمف معهأ حصول مأمق الظنية يف الثبوت ،و َي َه َل متاما عن أمر نخر ،وههو أن حيصم . حصول هذا الظن ليس بامنع من رفع اطمف عند َم ْن مل ِ
( )1الرسالة ص.199
009
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ثم إن حاصل هذا الرشط املؤلف يفيد:
oصورتني قأعيتني :يسوغ يف إحدامها االختالف ،وال يسوغ يف األخرى. oصورة ظنية :ال يستساغ فيها اخلالف. تفصيل ذلك كام ييل:
عليل ثاب واضح القطعية يف عاللته [ال يستساغ فيه اخلالف] .
عليل ثاب غري واضح القطعية يف عاللته [يستساغ فيه اخلالف] .
اإلمجاع السكويت الظنس املتحقق غري املنقوض باالختالف املعتالر [ال يستساغ فيه اخلالف] .
ونتساءل؛ ليف لانت إحدى صور القأع ال متنع من استساغة اطمف ،بينام يعتّرب ما هو من صور الظن مانع ًا من استساغة اطمف؟!. وال نريد هبذا إال أن نقول :إن تسويغ اطمف يف الظنه املهتمح
أوىل مهن
تسويغ من الظن الذ يصل إىل رجة القأع؛ فكيهف سهاغ لممؤلهف أن جيعهل األقوى ون األنعف يف تسويغ اطمف؟
021
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة احلادية و العرشون :رشوط املناقعة يف ثبوت الدليل بعد تقرير املؤلف أن ال يستثن من هذا الرشط ءء ،تنب يف غضون ر ه: إىل أن يمكن أن حيصل اطمف فيام لان ظن الثبوت – وهو حمل استدرالنا عمي -فقال" :إال إيا لان خمف املخالف مبنيا عىل نزاع يف ثبوت الدليل"... فقيده بثالثة رشوط من الوقن الثقيل:
-0
أن يكون املخالف يف الثبوت عاملا من عمامء احلديث متخصصا يف عمأ نقد السنة؛ ألن هذا رشط اطوض يف العمهوم لمهها ،وخاصهة يف قهائق العموم وعويص مسائمها.
-2
أن يكون الدليل مما جيوز االختمف يف ثبوت أصم (لالسنة غري قأعية الثبوت).
-3
أن يكون خمف يف الثبوت مبنيا عىل منهج أئمة السنة يف النقد والتمييز ون منهج من ال عمأ ل بالسهنة (مهن غهري أههل االختصهاص بالسهنة وعمومها) ويلك ألن منهج أئمهة السهنة يف نقهدها ههو املهنهج العممه الوحيد لمنقد والتمييز وألن هو املنهج الذ أمجعت األمة صحت .
( )1اختالف املفتني ص.96 ،91
020
)(1
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وهاهنا تنبيهات: التنبيه األول:
ٌ وانح يف صهياغة الرشهط األول والثالهث ،فالرشهط األول أن تداخل هناك ٌ يكون املخالف عاملا من عمامء احلديث متخصصا ...ويف الرشط الثالث :أن يكون اطمف مبنيا عىل منهج أئمة السنة يف النقد ،ولممها يدور يف فمك واحد ،فإن لان املخالف عاملا من عمامء احلديث متخصصا متعمقا في فإن ال مناص أن يسهتعمل منهج أئمة احلديث؛ ألن حسب املؤلف ال يوجد سواه مهنهج مقهرتح بهديل عنه أصم حتى يمكن التخيري. ولئن استعمل املخالف يف النقد منهج أئمة السنة فاميا يريد بعهد يلهك؟ فهإن هذا ال يكون إال من العارف املتخصص ،السيام أن املنهج الوحيد الهذ أمجعهت األمة عمي ،حسب املؤلف. التنبيه الثاين:
جيهوز أن يبهارش لممؤلف مبالغة يف تقرير منهج املنهج املحدثني حتهى إنه ال ِ التصحيح والتضعيف إال العامل املتخصص من عمامء احلديث ،ليس هذا فقط ،بل ال يكف يلك حتى يكون متخصصا يف نقد السنة. ويكف يف إبأال هذه الأريقة وقوع اإلمجهاع عهىل ممارسهة أههل العمهأ مهن التصحيح والتضعيف ،ممن هأ ون هذا الوصهف بمراحهل ،ومل الفقهاء وغريهأ َ نسمع بمثل هذا النكري ،وإنام الذ حيصل هو اإلنكار عىل من تصدى له ،ولهان 022
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
غري عارف ب ،أو أن خالف طريقة أهل الفهن يف احلكهأ عهىل احلهديث ،ال أنه ال يتكمأ في إال املتخصص. وعموما فاحلديث عىل ثالث درجات:
ما يدرل عامة أهل العمأ صح ًة أو نعف ًا. املرت ،فهذا يقع النزاع في بني أهل العمأ :أهل احلديث وغريهأ. غريهأ. اطف :وهذا ما خيتص بإ رال أهل احلديث ،ويفوت َ ويف مونع نخر لان املؤلف ألثر هدوءا فهالتفى باشهرتاط أن يكهون النقهد صا را من املت هل لمكمم يف عمأ احلديث من العمامء ب ون غري املت ههل فيه وإن لان إماما من األئمة يف عمأ نخر (.)1 وهذا تقرير حسن ومتوازن. التنبيه الثالث:
أشار املؤلف إىل أن ثمة عمقة تكاممية بني الفقهاء واملحدثني ،وقرر أن أههل احلديث هأ َم ْن جيب التسميأ هلأ يف احلكأ عهىل األحا يهث ،ههذا مها ألهد عميه وأبدى في وأعا ،غري أن ال أثر يف لمم عىل تسهميأ املحهدثني لفقه األحا يهث لمفقهاء ،ف ين العمقة التكاممية؟ املعروف بداه ًة أن الفقهاء أ رى بنقد املهتن مهن املحهدثني ،لهام أن املحهدثني أ رى بنقد السند من الفقهاء ،وإنام جيتمع األمران لدى ٍ نفر قميل ،وال تعويل عهىل ( )1اختالف املفتني ص.111
023
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
فق املحدثني من حيث هأ لذلك ،لام أن ال تعويل عىل حديث الفقهاء من حيث هأ لذلك ،حسب تعبري نجأ الدين الأويف ،أحد فحول األصول الكبار. التنبيه الرابع:
أن هذا االستثناء يفسد عىل املؤلف صياغت لمرشهط؛ ألنه هنهاك أطمهق أنه يكف يف عدم تسويغ اطمف أن يثبهت الهدليل بمأمهق الثبهوت إيا لهان قأعه الداللةَ ،يل ََر هذا الرشط يف صدر الفصل حال سياق ملجمل الرشوط( ،)1ثأ أعها ه ملا تصدَ ى لرشح واالستدالل ل ،ومل يستثن شهيئا( ،)2ومل يتنبه له إال بعهد حهني، فذهب يعد ثمثة رشوط ملن خالف يف مأمق الثبوت. ونقول :أيهن ههذا االسهتثناء يف صهياغة الرشهط يف مهرتني متفهرقتني؟ أم أن االستثناء جيوز أن يكون منفص ً م ولو طال!. ومع أن هذا يعتّرب تعقبا من املؤلف عىل نفس ،فإن يدل لذلك عهىل جتهر ه يف االستدراك والتحرير ،وقد وقع ل هذا يف ألثهر مهن مونهع ،لكهن أمل يكهن مهن املفرتض أن يقوم بإعا ة ترليبة الرشط؟ ربام أعاق عن يلك لمفة يلك ،وما يسبب من تشويش البحث بعهد متامه ،أو أهنا إنافات مت خرة عىل البحث ،أو أن مل يتضح ل وج التعارض.
( )1اختالف املفتني ص .48 ( )2اختالف املفتني ص.76
024
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثانية والعرشون :غزوة املتكلمني! انتقل املؤلف بعد يلك بعدت وعتا ه يف غارة قد بيتت بميل ،وبذل من أجمهها صياغة هذا الرشط عبار ًة ومضمون ًا :إىل ٍ حمل ب مجاعة مهن الفقههاء واألصهوليني واملتكممني ،الذين وقع منهأ ر بع
أخبار اآلحا ،فاسهتغرق املؤلهف يف الهر
عىل هؤالء حتى مال ب يلك إىل يلر رشط لان يمكن االستغناء عن ،ثأ صياغت بأريقة تسمح ل إبأال أصول هؤالء ،ثأ تقرأ ل يف نحو ثمثني صفحة بام يساو ٌ هأ إال عرش الكتاب بكامم ،وهو منشغل متام ًا بإبأال مذهب هؤالء ،وأن لهيس َث َ منهج املحدثني ،ويأمق لذلك التحد ،وال شك أن هذا البحهث مقحهأ ،ولهان ينبغ عىل َم ْن أرا أن يتصدَ ى لمر عىل الدخمء يف فن املختص ب أال يقحهأ ر ه هذا يف فن نخر ،ليس هو فن ،وليس هو فن أولئك!. لئن لان املؤلف حمقا فيام يهب إلي ،ولئن لان مصيبا مسد ا فيام انتههى إليه ، إال أن مل يكن موفقا حني أقحأ موقف هنا يف إبأال مذهب هؤالء ،واسهتغراق يف الر عىل املخالفني إىل أن فقد السيأرة عن إحكام قمم يف صياغة أصل رشط مهن رشوط تسويغ اطمف. ِ مأ بعيد إىل حد ما هذا ،واحلال أن املؤلف متخصص يف عمأ احلديث ،وهو ع ٌ عن الرصاع مع املتكممني؛ أجل ،ليف لو صنع هذا الكتاب أحد املتخصصهني يف العقيدة! ثأ التزم طريقة املؤلف يف تصفية احلسابات مع َم ْن افرتنههأ متباعهدين عن أئمة السنة واحلديث؟!. 025
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
لقد لان هلذا أثر ًا يف جميه ًا يف صهياغة البحهث ،وبهدهي ًا :لهن نسهتغرق يف تفاصيل ر ه عىل الأائفة الت أطال يف الر عميها؛ ألهنا خار مونهوع البحهث، لام هو عنوان الكتاب " اختمف املفتهني واملوقهف املأمهوب جتاهه مهن عمهوم املسممني".
026
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الثالثة و العرشون :إعادة تركيبة رشط "األصل غري املعترب" يقول املؤلف نفع اهلل به:
ُ املخالف صها را عهن أصهل غهري معتهّرب "الرشط الرابع :أن ال يكون القول ُ سمف هذه األمة قبل إحداث تمك األصول ،أو بالدليل باإلمجاع الذ مىض عمي القاطع عىل عدم اعتباره؛ ألن األصل إيا لان غري معتّرب ف وىل بالفرع املبنه عميه أن ال يكون غري معتّرب أيض ًا". حتليل هذا الرشط:
يشرتط املؤلف لتسويغ اطمف :أن ال يكون القول املخالف صا را عن أصل غري معتّرب. وضبط عدم اعتبار هذا األصل بأمرين اثنني:
-0أن يكون هذا األصل مسبوقا باإلمجاع عىل خمف . -2أن خيالف هذا األصل ليم ثابت ًا قأع الداللة. التعليق:
يبدو والعمأ عند اهلل صحة هذا الرشط يف تسويغ اطمف من حيث األصهل، وأقرتح إعا ة صياغت من اطمف ،ليكون رشطه ًا وجو يه ًا ال عهدمي ًا ،وخاصه ًا ال عام ًا ،ويكون لالتايل: 027
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
يشرتط يف تسويغ اخلالف :أن يكون مستند املخالف اطاص يف حيز االعتبار. سبب اختيار هذه الصيغة أمران: oكون الرشةط فيهةا وجوديةا :وههو أليهق بالصهناعة الرشهطية ،وههو يفيهد يف التحديد ،بينام الذ يلره املؤلف هو رشط عدم ،عىل أن األمر في يرس. oالعموم :فالصيغة التس ذكرتا ال تقترص يف املنع من تسويغ اخلالف :أن يكهون صا ر ًا عن أصل غري معتّرب ،بل يقع هبا املنع من تسويغ اطمف حتى لو لهان ُ القول صا ر ًا عن أصل معتّرب ،لكن ُأ ْ ِر يف الدليل غمأا أو ومها ،ل ن يستدل بدليل من الكتاب عىل ما ال يقتضي معناه البتة ،فهذا استند إىل أصل معتّرب ،و مع يلك فإن استدالل غري معتّرب ،ومعموم أن االستدالل أخص مهن الهدليل، فمههو التفينهها باشههرتاط الههدليل املعتههّرب لكههان في ه قصههور؛ إي لههن يسههتوعب االستدالالت غري املعتّربة ،فكيف بنا لهو نهيقنا ائهرة االعتبهار يف األصهول فقط ،لكان يلك مؤين ًا بتسويغ الدليل غري املعتهّرب لكونه صها ر ًا عهن أصهل مسوغ ًا لمستدالالت غري املعتّربة. معتّرب ،ولكان يلك من باب أوىل ِ فالصيغة املقرتحة:
ت سمح بإخراج: .1االستدالالت غري املعتّربة. .2واأل لة غري املعتّربة. .3واألصول غري املعتّربة. وصياغة املؤلف :تقترص عىل اشرتاط االعتبار يف األصول فقط ،وهذا بدوره يسمح ب تمرير لثري من األقهوال الباطمهة الته أنهيفت بأريقهة أو أخهرى إىل األصهول 028
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
واقع بام يعز عىل احلرص. املعتّربة ،لام هو ٌ وقد شعر املؤلف :أن وقع من ءء من التقصري يف اشرتاط لتسويغ اطهمف تفرع من هذه األصهول ممها ال أن يكون صا را عن أصل معتّرب ،ون التفات إىل ما َ يعتّرب :فاعتذر ب ن األقوال والفروع ال تنحرص (.)1 ونقةول :سبب هذا ه طريقة املؤلف يف صناعة الرشط ببنائهها عهىل األمهور حصل الرشط بالأريقة الوجو ية لكان يكفي أن يشرتط االعتبهار العدمية ،أما لو َ اطاص ،عىل أن يمكن حتى يف الأريقة العدمية اشرتاط أال يكون قهول املخهالف صا را عن مستند غري معتّرب أو يقال :عن أصل أو ليل أو استدالل غهري معتهّرب، إال أن طويل ،والأول معيب عند أهل ا حلدو ما ام يمكن االستغناء عن ب قرص من . إضافة:
يبدو وجاهة ما نقم املؤلف عن الشاطب يف معيهار اعتبهار اطهمف السهائغ: وهو أن يكون اطمف صا ر ًا عن أ لة معتّربة يف الرشهع لانهت ممها يقهوى أو ممها يضعف. وأن اطمف غري السائغ هو :ما مل يصدر يف احلقيقة عن اجتهها وال هه مهن مسائل االجتها ،وإن حصل من صهاحبها اجتهها ،فههو مل يصها ف فيهها حمهم،
( )1اختالف املفتني ص.63
029
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
فصارت يف نسبتها إىل الرشع ،ل قوال غري املجتهد (.)1 املالحظة الثانية عىل هذا الرشط:
لرر في رشط اإلمجاع ،فقد يلر هنا أن األصل غري املعتهّرب يميهز به مرين: أن َ أحدمها :أن ال يكون يلك األصل مسبوقا باإلمجاع عىل خمف (.)2 أقر املؤلف وهو يف معرض استدالل عىل هذا األمر أن ههذا املعنهى ههو وقد َ أوىل من الرشط الثالث يف أال يكهون قهول املخهالف خارجه ًا عهن جممهوع أقهوال السمف ،وقال :إن اطمف الكيل ملنهج السمف أوىل بالر من االختمف اجلزئ . أما لان األوىل أن خيتار جنس ًا بعيدا ،ثهأ يهدرجهام يف رشط واحهد؟ أمها مها صنع هنا فم يصمح بحال؛ ألن يلر رشطا لميا ،ثأ يلر رشطا جزئيا ،ثأ استدل عىل الكيل ب ن أوىل من اجلزئ ! . ليت املؤلف التفى باشرتاط الكيل ،ثأ نب يف تفسريه عىل هذا اجلزئ املعني. إضافة أخرى:
يلر املؤلف نامي من األصول غري املعتّربة ،ويلر أن بعضها ال يصهح نسهبت إىل األئمة: oر القياس اجليل.
( )1اختالف املفتني ص.131 ( )2اختالف املفتني ص.62
031
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
oصورة االستحسان الباطمة. oاحليل. oر خّرب اآلحا إيا خالف القياس مأمقا. oر خّرب اآلحا إيا لان راوي غري فقي وخالف األصول مأمقا. oر السنة املخصصة لظاهر القرنن مأمقا. وحكى عن بع
املعارصين:
توسعوا يف األخذ باألصول غري املعتّربة :لاالحتجا لتسهويغ اطهمف أهنأ َ مسوغا األخذ ب بالقول الشاي املحجو بالنص القأع ،أو عدّ جمر وجو القول ِ ٍ استدالل معتّرب ل (.)1 ون قمت :قد لان املؤلف حفظ اهلل مو َفقا حينام تن َفس يف يلر بع
هذه السهبل،
وأنيف إليها: oتوسع بع
املعارصين يف استعامل املصمحة إىل رجة إسقاط النص.
oقرص األ لة الرشعية عىل أمور العبا ات ،وبنهاء غريهها عهىل مها يناسهب الناس ويمئمهأ. oإفراغ حمتوى النص الرشهع عهن طريهق ترشهحي بالسهياقات التارخييهة، والظروف االجتامعية ،واملمبسات الواقعية. oاعتبار األصول املتناقضة ،ولمثال عهىل ههذا :التوسهع يف اعتبهار معنهى
( )1اختالف املفتني ص.88
030
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
احلديث ومقصده ما ام أن يهدفع إىل السهعة ،فهإن لهان معنهاه يهدفع إىل العزيمة نزعوا إىل التمسك بظواهر النصوص ،فهأ ينتسهبون إىل مهذاهب أهل املعاين واملقاصد لانتساب ،لكن الدائرة األوسهع الته ينضهبأون يف فمكها ه
ائرة السعة.
oالتوسع يف اعتبهار الرضهوريات واحلاجيهات يف إباحهة املحظهورات ون التفات إىل قيو ها ،والنظر إىل ما حتقق من أوصافها. oاعتبار العرف ليم بنفس عىل حتصيل احلكأ الرشع . مهدونات الكتهب ون النظهر يف تفاصهيل الوقهائع ،ومها oاإلفتاء بمقتىض َ استجد يف احلوا ث. يلرت ما ال يصح وصف باألصول غري املعتّربة ،ملا سبقت اإلشارة إليه وفيام ُ من الصياغة املقرتحة ،لام أن يف يلر هذه التفاصيل تنبيهها لملتفهات إىل القضهايا احلا ثة الت تو َلدت منها الكثري من الأرق العوجاء ،ومتت إنافتها إىل األصهول املعتّربة.
032
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الرابعة والعرشون :مراجعات املؤلف لرتكيبة رشوطه قرر املؤلف أن َم ْن لتب يف رشوط تسويغ اطمف فإنام يكتف بذلر رشطهني اثنني: )0عدم خمالفة اإلمجاع. )2عدم خمالفة ليل قأع . ثأ يلر أسباب إنافت لبقية الرشوط (.)1 وقرر أيض ًا أن هذه الرشالوط اخلمسالة عنالد إعالاعة النظالر يف التالدقيق فيهالا: مرجعها إىل أمور ثالثة: )0أن يكون القول صا را ممن ل حق االجتها . )2أن يكون صا را عن أصل معتّرب. )3أن ال يكون قول خمالفا لدليل ثابت وانح القأعية يف اللت .
( )2
لكن يبةدو :أن تدقيق املؤلف جاء مت خر ًا فاستصعب أن يفكك اجلهد املبذول يف الرشوط السابقة ،فرأى أن يبقيها لام ه ،ثأ يشري هنا إىل تداخل ثمثهة رشوط منها ،وهذا سبق املرور بمثم ،وأن يف الكتاب تعقبات من املؤلف عىل لتاب ،وهذا تهأ تسهجيل املراجعهات عهىل تعهرض ملراجعهة جها ة ،لكهن َ يفيد أن الكتاب قد َ الرتليب القديأ لمكتاب. ( )1اختالف املفتني ص.122 ( )2اختالف املفتني ص.123
033
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
مالحظة أخرى:
قرر املؤلف أن تقدير وجو هذه الرشوط أو عدمها ليس يف قدرة لهل أحهد، وأن يعجز عن لثهري مهن طمبهة العمهأ ،وقهد خيأهئ فيه العمهامء لعمقه الكبهري والحتياج إىل قدر من اإلنصاف عزيز الوجو ،ويلر أن معرفة الهدليل القأعه من غري القأع قميل من حيسن من املتوسمني بهالعمأ يف ههذه األزمهان؛ فكيهف بأمبة العمأ ،لام ألد أن أهل العمهأ قهد خيتمفهون يف تسهويغ االخهتمف أو عهدم تسويغ (.)1 وأرشد املؤلف إىل ترك احلكأ عىل القول ب ن من االخهتمف السهائغ أو غهري السائغ إىل أهل العمأ الراسخني ألن تقدير وجو رشوط االخهتمف السهائغ مهن عدم وجو ها ال يستأيع إال هؤالء العمامء وحدهأ (.)2 والسؤال:
إيا لان ال يستأيع أن يقدر هذه الرشوط إال العمهامء الراسهخون فهام الفائهدة منها أصم ،فمريجع األمر يف تقدير اطمف السائغ مهن غهري السهائغ إىل العمهامء، ولتنت القضية ،فكيف وقد حدث اطمل يف صياغتها ،بعدما رسمت بريشة رسهام ماهر حسب أ ق األوصاف املختصة برتجيحات املؤلف ،فامل يمزم هؤالء العمامء الراسخني بدقائقها؟!. ( )1اختالف املفتني ص.138-127 ( )2اختالف املفتني ص .121 ،124
034
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
أما اعتباره أن أهل العمأ أنفسهأ قد خيتمفون يف تسهويغ االخهتمف أو عهدم تسويغ (.)1 فاألمر لذلك إيا أخذنا باالعتبار الرشوط الدقيقة الت ساقها املؤلهف؛ فإهنها أ عى إىل االختمف يف أصمها وأوصافها و قائقها. ولل ما َقررناه عن يف هذا املونع مضاف ًا إلي املمحظات الت يلرناها يف هذا األوراق جتعل رشوط املؤلف يف حمل مت خر بع
الهدرجات مهن جههة تسهويغ
اطمف؛ فإن األمور الدقيقة واطفية واملختمف فيها الت أثارها املؤلف يف الكتاب ال يناسب أن يكون مونعها :املحل الذ يتأمع أن يكون منأمقا لتحديد اطمف السائغ من غري السائغ؛ ألن هذا جير إىل اطمف يف اعتبارها ،لهام ههو حاصهل يف هذه الورقات ،فعا ت هذه الرشوط نكدا عىل مقصو ها. وما ا ِ ب ألن يكون رأي يف هذه املس لة بهالقيو الته اجتههد يف ونهعها ملوج ُ مسار ًا لمعمامء األصوليني ،ومنهجا لمجهابذة الفقهاء ،واملؤلف نفس قد تكهررت من بع
اإلخفاقات يف الصياغة ،ويف االستدالل.
إن تعمق املؤلف يف التفصيل وونع الضوابط وتعدا احلاالت أفقد البحهث أب بأمبة العمأ اليوم ما رسأ هلأ من احلهدو ومها ونهع لثري ًا من توازن ،ولأ َ هلأ من التفاصيل املتعمقة ،والت غدت هلأ بعد حني قوانني حيالمون هبا الناس. مع أن املؤلف حفظ اهلل يف حمل مت هل يف استيعاب هذه األمهور ،لكهن يبقهى ( )1اختالف املفتني ص.138-127
035
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
النقام مع يف التفاصيل ،وقد يلر لتمميذه الشيخ يارس املأريف أنه حهرص عهىل تقييد هذه املسائل باحلقائق ال بالظواهر ،وأن يضبأها باأل لة ،ال بمجر القهرائن طأورهتا؛ ألهنا مس لة تتيح مصا رة الرأ اآلخر قبل مناقشهت أو العكهس :به ن تفسح ل مكانا يف أن يزاحأ األقوال املعتّربة. ولذلك فميست هذه املس لة لغريها فميست مما حيتكأ إليهها ملهر تهرجيح قول عىل قول .وهذا ما جعمهها مسه لة تسهتمزم التشهديد بهام يوجبه ح ّقهها...ال التسهيل والتضييق بام يستحق واج ُبها...ال التوسيع (.)1 قلت:
هذا مع ما في مهن لأهف مناقشهة األسهتاي لتمميهذه؛ فإنه غايهة يف التقريهر، ويستحق أن يكتب بامء الذهب ،بل ه من إرشاقات ،وليت جيعمها يف طرة لتاب . لكن ليت التزم ؛ فإن الواقع أن املؤلف قد أغرق يف التفاصيل حتى هتك سرت رشوط ،بل قد عدَ ى هذه الرشوط لتكون رشطه ًا لمجتهها ،ورشطه ًا لمعتبهار، ولقد ارتقى مرتقى صعب ًا أن نلت رشوط هذه عىل مها فيهها مهن الهدقائق :صهك ًا منشور ًا عىل الفقهاء واألصوليني يف مترير اجتها اهتأ السائغة.
( )1اختالف املفتني ص.127
036
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفات املتعلقة باملنهج املقرتح: ومسوغات . الوقفة اخلامسة والعرشون :عرض املنهج املقرتح ِ مسوغات املنهج املقرتح. الوقفة السادسة والعرشون :نقد ِ الوقفة السابعة والعرشون :نقد ترليبة املنهج املقرتح.
037
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
ومسوغاته الوقفة اخلامسة والعرشون :عرض املنهج املقرتح ِ ختأ الشيخ حاتأ العوين حفظ اهلل لتابه بالفصهل األخهري الهذ عقهده يف منهج تعامل عوام املسممني مع اختمف العمامء. وبني في وجوب ونع منهج رشع لمتعامهل مهع االخهتمف ،وأن يكهون َ ونع هذا املنهج ونرشه وتعميم عموم املسممني من املهامت الته جيهب احلهرص عميها احلرص املحقق مقصو ه). (1 وبني أن سبب الوجوب أمور ثمثة استخمص ُتها ِم ْن جمموع لمم : َ -1ظهور اخهتمف املفتهني :فهاالختمف وإن لهان قهديام إال أن ظههوره زا وتضاعف (.)2 -2أن التخري من أقوال املفتني ون نوابط منهج خأري ،ول مفاسد عظهيأ، ويلر وجوه ًا سديدة يف خأورة هذا املنهج (.)3 -3أن ال يوجهد اآلن مهنهج قهائأ يف اختيهار مها جيهده املسهتفت مهن أقهوال املختمفني ،وأن هذا يشب رفع التكميف ،وأن يعو لهل إنسهان إىل ههواه، ( )1اختالف املفتني ص.211 ( )2اختالف املفتني ص.233 ( )3اختالف املفتني ص.241
038
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وهو يؤ
إىل الشك يف الرشيعة (.)1
فخر املؤلف من هذه املقدمات الثمثة :بوجوب ونع منهج رشع لمتعامهل مع اختمف املفتني. ثأ يلر الشيخ :أن بعد استعران وت مم لكثري مما لتب عمامء األصول يف هذا املجال ،وما أور ه العمامء يف لتب اإلفتاء ون اب خر باملنهج اآليت ،وقد رتب عىل سس منازل ال حيق لممستفت أن ينتقل من منزلة منها إىل الت تميها إال إن مل يمكن الوقوف عند املنزلة األسبق. ومناقل هذا املنهج هي:
املنزلة األوىل :إن ظهر ل رجحان قول عىل قول من أقوال العمامء املعتهّربين بنهاء عىل ليل لل قول فإن ي خذ بام رجح الدليل. املنزلة الثانية :األخذ بقول األلثرين من أهل العمأ وترجيح ما عمي مجهورهأ. املنزلة الثالثة :األخذ بقول من يظن األعمأ واألتقى من العمامء املختمفني. املنزلة الرابعة :األخذ باألحوط من األقوال إن متيز ل األحوط منها. املنزلة اخلامسة :األخذ باأليرس واألسهل عمي من أقوال أهل العمأ.
( )1اختالف املفتني ص.218 ،243
039
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
مسوغات املنهج املقرتح: الوقفة السادسة والعرشون :نقد ِ يبدو والعمأ عند اهلل أن الشيخ حفظ اهلل مل يو َفق يف حتصيل هذه النتيجهة مهن خمل هذه املقدمات الثمثة السابقة؛ إما طمل يف املقدمة نفسها ،وإما لعدم استمزام املقدمة هلذه النتيجة ،وإن لانت املقدمة يف نفسها صحيحة. َ تفصيل يلك: وإليك أما السبب األول :وهو ظهور اختمف املفتني ،فإن الظهور احلاصهل اآلن نسب ،ويف بع
املسائل ،ولان بعد سكون األقوال واقتصار لهل بهم عهىل مها
اشتهر عند عمامئها ،وقد وقع يف احلواب القديمة ما هو أظهر من هذه الصورة من االختمف ،فف البم الت يشيع فيها ألثر من مهذهب لهان يعهرف لهل فريهق ب قوال ،فيعرف هؤالء مهث ً م بتغميسههأ يف صهمة الفجهر ،وأولئهك بإسهفارهأ، وأحدهأ يقنت ،واآلخر ال يقنهت ،وبعضههأ إيا خهل املسهجد يف وقهت النهه جمس ومل يصل ،واآلخرون يصمون ،ومثل يلك لثري ،وفي قصص يف لتب أههل العمأ ،فاالختمف لان يف تمك البم ظهاهر ًا ومنترشه ًا بسهبب تعهد املهذاهب يف أثهر يا بهال عهىل سهموك النهاس البمد الواحد ،ويف احل الواحد ،لكن مل يكهن له ٌ اللتزامهأ بمذاهب متبوعة ،وأقوال مرسومة. ٍ بمهذهب بينام الذ حصل اليوم هو ظهور االختمف مع عدم التهزام النهاس معني يف الغالب الكثري ،وبناء عىل يلك فاجلديد اليوم ليس هو ظههور االخهتمف
041
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
وحده؛ فإن هذا قد حصل قديام ،وإنام هو مع يلك :عهدم التهزام النهاس بمهذهب معني ،ولذا فإن فقهاء املذاهب ال بد أهنأ يرون أن احلل هو العهو ة إىل األصهل، ٍ مذهب من املهذاهب املتبوعهة ،وأن يلهك أنهبط حلهال وهو التزام الناس برسوم الناس ،وأن هذا هو حال املسممني يف زمن أصحاب النب صىل اهلل عميه وسهمأ، فكان الناس يف األمصار عىل مذهب عمامئهأ حتى تو َلدت بعد يلك من رحأ هذه األمصار هذه املذاهب املتبوعة ،ومل يزالوا لذلك. قلت :هذا ٌ حل ،وما يعاني املسممون اليوم من التف ّمت من األحكهام الرشهعية بتمقف الفتاوى هلو أحد ثمرات إعرانههأ عهن ههذه املنهجيهة الصهحيحة الته استأاعت خمل ألف سنة أن تفتِت الرضر الناشئ عن اختمف املفتني. متاح اآلن بالشكل املناسب؟ لكن هل هذا احلل ٌ اجلواب يف نظري :أن أحد احلمول ،ولكن ليس بكايف؛ ويلك لرتاجهع عمهل هذه املدارس الفقهية وعدم لفايتها ،فهم تكها جتهد يف بهم لثهرية مهن يكفيهك بفتواك عىل قوانني هذه املذاهب إال فمن وفمن ،وإيا وجهد يف مدينهة مل يوجهد يف أخرى ،ناهيك عن ت خرها االسهتقميل يف تكييهف النهوازل املعهارصة ،فالفقههاء املعارصون اشتغموا لثريا بتكييف املسائل املعارصة ،ولكنك ال جتد أصحاب هذه املذاهب يقومون بنفس هذا الدور يف اخل مدارسههأ الفقهيهة ،ويف مظاهنها مهن لتبهأ ،فه ال تزال تكرر القديأ ،وربام حتتا إىل جمد فحل إلجراء هذه العممية، ال التكييف ،فقد فرغ من ألثره ،بل إقحامها فقط يف صمب هذه الكتب ،وترتيبهها يف مظاهنا الفقهية. 040
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
واملقصود :أن اختمف املفتني مل يكن ظهوره يف هذا العرص بدعة من األمر بل قد حدث هذا فيام سبق من األزمنة ،ولكن اندفع بره بهالتزام النهاس باملهذاهب املتبوعة ،مع حتذيرهأ من تتبع األقوال تشههيا ،ويمكهن اليهوم إرجهاع النهاس إىل املذاهب املتبوعة ل حد احلمول لظاهرة اختمف املفتني لام ههو احلهال يف السهابق، ولكن يبقى حم ليس لافي ًا ملا سبق بيان . و بام سبق يتبني :أن هذا األمر الذ يلره املؤلف وهو ظهور اختمف املفتني صحيح وإن لنا قد ال نتفق مع يف حدوث ،وإنام الذ وقهع ههو تراجهع االلتهزام املذهب لمناس مما جعل من ظهور اختمف الفتوى سببا وانح ًا لمربكة. ومن كل ما سبق :نجد أن لمشيخ أن جيتهد يف إثارة احلكأ هلذه النازلهة وهه اختمف الفتوى مع عدم التزام الناس بمذهب معني ،أما احلهل القهديأ يف التهزام املذاهب الفقهية فمأ يعد فاع ً م اآلن بالشكل املفرتض أن يكون. ولكن أثري هنا استفهاما:
ِمل َ مل ْ يمتف املؤلف أ نى التفاتة إىل "حل املذاهب الفقهية املتبوعهة" يف نهبط
الناس فيها؟! السيام أن األمة قد جرت عميها يف قرون عديدةُ ، ونهبِ َأت لتبهها، وال يزال أهمها متوافرون ،وقد حك اإلمجاع عىل بورة انضهباط النهاس فيهها، وحكوا اطمف فيها عن املعتزلة وعن ابن حزم (.)1 ( )1يقول إمام احلرمني يف الربهان ( :)744/ 2أمجع املحققهون عهىل أن العهوام لهيس هلهأ أن يتعمقهوا بمذاهب أعيان الصحابة ريض اهلل تعاىل عنهأ بل عميهأ أن يتبعوا مذاهب األئمة الهذين سهّربوا ونظهروا وبوبوا األبواب ويلروا أوناع املسائل وتعرنوا لمكمم عىل مهذاهب األولهني والسهبب فيه أن الهذين
042
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
واملؤلف شديد امليل إىل االنضباط فيام ون يلك من تفاصيل مسائل اإلمجاع، شديد النفور من خمفات أهل الظاهر وأهل األهواء ،وخمفهام من مجمة اطمف غري السائغ لدي . وإن لان الصحيح أن ال إمجاع يف املس لة عىل وجوب اتباع املذاهب الفقهيهة، لكن القول باإلمجاع عىل اجلواز من أقوى ما يمكن أن حيكى في اإلمجاع ،فيعضده رجوا وإن لانوا قدوة يف الدين وأسوة لممسممني فإهنأ مل يفتنهوا بتههذيب مسهالك االجتهها وإيضهاح طرق النظر واجلدال ونبط املقال ومن خمفهأ من أئمة الفق لفوا من بعدهأ النظر يف مذاهب الصهحابة فكان العام م مورا باتباع مذاهب السابرين. وقال املاقري يف مسألة ختري األقوال :إن هذا باب إن فتح حدث من خروق من الديانات وإين رأيت من الد ين اجلازم ،واألمر احلاتأ أن أهنى عن اطرو عن مذهب مالك وأصحاب محايهة لمذريعهة ،ولهو سهاغ هلههذا لقههال رجههل أن أبيههع ينههارا بدينارين...وهههذا عظههيأ املوقههع يف الرضههر وهههب أين أبحههت هههذا لمسائل...وقضاة بمده وفقهاؤهأ ال ي خذون بذلك ...وال تسمح أنفسهأ برتك مذهب مالك والشهافع وأيب حنيفة التفاق األمصار عىل تقميدهأ. وذك َر عنه :أن بمغ رتبة االجتها وما أفتى بغري املشهور. وقال القرايف :رأيت لمشيخ تق الدين ابن الصمح ما معناه أن التقميد يتعني هلذه األئمة األربعة ون غريهأ ألن مذاهبهأ انترشت وانبسأت حتى ظهر فيها تقييد مأمقها واصيص عامهها ورشوط فروعهها ،فهإيا أطمقوا حكام يف مونع وجد مكمم يف مونع نخر ،وأما غهريهأ فتنقهل عنه الفتهاوى جمهر ة فمعهل هلها مكمم أو مقيدا أو خمصصا لو انضبط لمم قائم لظهر فيصهري يف تقميهده عهىل غهري ثقهة بخهمف ههؤالء األربعة . ويقول ويل اهلل الدهلوي :إن هذه املذاهب املدونة املحررة قد اجتمعت األمة أو من يعتد ب منها عىل جهواز تقميدها إىل يومنا هذا ،ويف يلك من املصالح ما ال خيفى السيام يف هذه األيام الت قرصت فيها اهلمأ جدا، وأرشبت النفوس اهلوى وأعجب لل ي رأ برأي . مواهب اجلميل ( ،)31/1حجة اهلل البالغة ص ،325التمذهب له عبد الفتاح بن صهالح الشهافع ص -94 .99
043
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
العمل املستمر من املسممني ،وقد ظهر مصهمحة انضهباط النهاس فيهها ،وخهمف بع
الناس يف بع
املتعاقبة ،ون
بع
األعرص ال يؤثر يف يلك؛ ألن قدح يف بع
صور اإلمجهاع
املتقدمني عن يلك ال يؤثر أيض ًا ألن قبل استقرار املذاهب ،
وإنام ظهر النزاع بني أهل العمأ يف لزوم التمذهب أو عدم لزوم بعد يلك (.)1 و التمذهب ال يعن التقميد وترك اتباع الهدليل ،وإنهام ههو لضهبط النهاس يف ٍ أصول واحدة ،وحتى ال يمعبن هبأ الشيأان بالرخص أو احلرية ،لام أن في مراعاة لمرتالأ العمم املدون ،فيبدأ اآلخر من حيهث انتههى األول فيبنه عميه وخيهر ويناقش ويستشكل ،ولام هو ٌ فاعل يف نبط العمأ حتى يسهل عىل طالبه راسهة الفق من أول إىل نخره ،وهلذا نجد أن ابن حزم نفس وهو أشد مهن قهاوم التقميهد يصنف متن ًا خيترص في أقوال الراجحة ليستعني ب من ال ربة له عهىل االحتكهاك ب قوال الرجال ،ولو أن اإلنسان لمام أرا أن يرجح يف مسالة مرت عمي مهدّ عينه لمنظر يف مرتبتها ،واستثار مهت لمطمع عىل أطرافها ،وهو ال يزال يف ن نه ة أيامه ألوشك أن ينقأع؛ فكيف بالعام ؟ وهذا ال يعن املبالغة يف التمذهب إىل حد التقميد األعمى ،والتعصب املقيت، والكّرب عن احلق ،ومنافرة خمالف املذهب ،أو منهع االسهتفتاء املأمهق لغهري أههل املذهب ولو مع استدعاء احلاجة. وإنام هو التفات إىل حمل "التمهذهب" يف تهاريخ "الفقه اإلسهمم " ،وأن األمة إن مل جتتمع عىل بورهتا لمضهبط ،فقهد لها ت ،والضهبط ههو مها ينشهده
( )1ينظر :التقرير والتحبري (.)461/ 3
044
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املؤلف ،وصنع ألجم لتاب . وال يزال "التمذهب" نابأ ًا لكثري من رشائح املجتمهع ،وال يهزال لهذلك مؤه ً م لقيا ة طبقات عديدة ،فإغفال لام صهنع املؤلهف لهيس بسهديد السهيام أن لثري ًا ممن عالج املس لة من املعارصين نب إىل بورة العو ة إىل االنضباط فيها حلل مشكمة التفمت والتحري ،الت لان سببها االنحراف عن هذه املنهجية. وظاهر أن املؤلف ليس من املشتغمني بتفاريع املذاهب الفقهية ،وهلذا السهبب ٌ مل تشكل حم ً م يا بال لدي ،وقد أ اه يلك إىل إغفال رسوم مدارسها العتيقة. لام أن طريقة املؤلف يف اتباع الراجح لام يف طميعة منهجه املقهرتح أشهب مها تكون بأريقة أهل الظاهر ،الذين ال َيعتدّ املؤلف نفس بجوهر خمفهأ!. أما األمر الثاين: يف سبب وجوب ونع منهج رشع لمتعامل مع اختمف املفتني بحسب املؤلف: هو خأورة اري أقوال املفتني. صحيح يف نفس ،ويبقى النقام مع يف صحة أمر ٌ وخأورة اري أقوال املفتني ٌ استمزام لممنهج املقرتح. أما األمر الثالث: وهو أن ال يوجد اآلن منهج قائأ يف اختيار ما جيده املستفت من أقوال املختمفني. أمر نختمف في مع الشيخ جذري ًا ،فهو حفظ اهلل يريد أن يصهل مهن عدميهة فهذا ٌ
045
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
هأ إال األمهر الثهاين وههو هذا املنهج إىل وجوب ونع منهج رشع وإال فمهيس َث َ التخري وهو ما يشب رفع التكميف ،و َن َق َل في املؤلف لمم الشاطب وغريه يف بيهان خأورة هذا املنهج. فكأن الشيخ يقول :فإما هذا املنهج وإال فالتشه والتخري. واجلواب :أن بناء الشيخ مل يكهن سهميام؛ بهل يل أن أقهول :إنه بحسهب األصهول والتفاصيل الت
رستُها يف هذا الكتاب من رشوط تسويغ اطمف وأمهية عنرصه
اإلمجاع في ،أجد أن الشيخ قد وقع يف خمالفة ما اجتهد يف طول لتاب أن يقرره وأن يفرغ من ،وهو اإلمجاع وحمد ات الدقيقة. فقد ا عى الشيخ حفظ اهلل أن ال يوجد اآلن منهج قائأ يف اختمف املفتني. بينام أدعةي :أن هناك منهج ًا يف التعامل مع هذا االختمف ،وأ ع لذلك أن هذا بإمجاع الفقهاء املعارصين بل وامليتني! وألنع يد يف يد الشيخ ولنسه ل أههل العمأ :أال يوجد يف أحكام الرشيعة منهج ًا إيا اختمف املفتون؟ ولنقمب صفحات لتبهأ املختصة بالفتوى. بل أقول إن هذه املس لة من املسائل النانجة قهديام ،فهإن ههذه النازلهة وهه ظهور اختمف املفتني ،ليست ه هذه النازلة املتغهرية ،وإنهام هه نازلهة قديمهة زا ت رجتها فقط يف الظهور ،وإال فاختمف الفتوى ظاهر بني أصحاب رسهول اهلل صىل اهلل عمي وسمأ ،ولان يشتد ظهوره يف موسأ احلج. لام أن يف ا عاء عدمية هذا املنهج جتاوز لمشخصهية الفقهيهة املعهارصة ،فإهنها
046
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
عىل قصورها ب النسبة لدولني إال أهنا أظهرت متانة عمميهة مل حيه
هبها أ عمهأ
رشع نخر يف هذا العرص. بل أقول :وفي أيض ًا جتاوز لمشخصية الفقهية بعمومها ألن هذا األمر لام ههو بتسميأ الشيخ واقع من قديأ ،وإنام الذ حدث هو الظهور؛ فكيف يغفمون عهن مثم ،وش هنأ املبالغة يف التفتيش عىل ما مل يقع ،وفرض ما ال يتصور!. ثأ إن لتاب الشيخ نفس مشحون بالنقوالت عن أهل العمأ واملفيدة لتعامهل أهل العمأ مع هذه النازلة. وقد حدث هذا االختمف يف الفتوى يف زمن أصحاب النبه صهىل اهلل عميه وسمأ ،فهذا أبو موسى األشعر ريض اهلل عن لان يفت باملتعة يف احلج ،ثأ قيهل ل ( :إنك ال تدر ما أحدث أمري املؤمنني يف ش ن النسك ،فقمت :أهيا الناس مهن لنا أفتيناه بيشء فميتئد ،فهذا أمري املؤمنني قائأ عميكأ ،فب فائتموا ،)...واحلديث يف الصحيح. وقصة ابن مسعو مع عثامن ريض اهلل عنه يف قرصه الصهمة بمنهى معروفهة، وصمت خمف ثأ قول ( :اطمف رش). ومما وقع من اطمف املت زم ما وقع بني ابن عباس وابن الزبري ،ريض اهلل عهن اجلميع يف قصة اإلفتاء باملتعة. ومع هذا فمأ يكن هذا االختمف مؤثر ًا يف سموك الناس؛ ألن اطمف يهدور بني صفوة الناس ،وهأ أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عمي وسمأ. لكن منذ زمن التابعني وظههور اخهتمف املفتهني ،وظههور التسهاهل ،فقهد اجتمعت نصيحة أهل العمأ عىل تقييد الناس ب ههل العمهأ الهذين اجتمهع فهيهأ 047
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
هذان الوصفان ،ومها :العمأ والدين. وما زال أهل العمأ يكررون يلك إىل اليوم. ولل ما زا اطمل لمام زا أهل العمأ يف تفصيل هذين الوصهفني ،فيهذلرون يف العمأ ما جيهب أن جيتمهع يف املفته منه ،وحيهذرون مهن القصهاص والوعهاظ وأصحاب العامئأ ،ويذلرون يف الدين ما جيب أن جيتمع يف املفته مهن الصهفات السيام الورع ،وقد َي ِق ّل عامل الورع فيحذرون من املتساهل. إين هناك إمجاع نظر وعميل قديأ مل ينق
،وهو اتباع العامل املتدين.
وهو يتفق متاما مع النصوص املفيدة بسؤال أهل الذلر ملن مل يكن عامل ًا ،يقول اهلل عز وجل يف نيتني من لتابهة يف سهورة النحهل [ ،]43وسهورة األنبيهاء [: ]7 ﭽﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﭼ. ويف لتب الفروع تفاصيل لثرية :يف اتبهاع القهول األغمهظ ،أو اتبهاع القهول األخف ،أو سؤال ثالث ،أو يتخري بني القولني ،أو جيتهد يف األرجح منهام. وقد يلروا :أن هذا ليس لمعام ،وأن العام إما أن جيتهد يف معرفة املفتني أو يس ل ثالث (.)1 وهو ال يبعد عام سبق اإلشارة إلي . لام قد يقع يف لممهأ :احله
معنهى عهىل االحتيهاط جلانهب الهدين ،وههو ً
( )1أعب املفتس واملستفتس ص.299-293
048
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
صحيح وال يتعار ض مع الت صيل هلذه املنزلة ،فهنهاك احلكهأ ،وقهد يقهارن ههذا احلكأ فضيمة ،وه هاهنا االحتياط. ونخلص مما سبق:
وقوع إمجاعهأ عىل تسويغ انضباط الناس يف املذاهب الفقهية املتبوعهة ،فهه مذاهب مقننة ومفصمة ،وتسد حاجة الناس ،وال زال عممههأ هبها إىل اليهوم ،وأن مجاعة من أهل العمأ يهبوا إىل أبعد من يلك وهو وجوب التقيهد هبهذه املهذاهب، وحكوا اإلمجاع عىل يلك. ويبقى النقاش :يف لفاية هذا احلل بعد تراجع ،وفيام يتصل مع مهن مراتهب الفضيمة الت تندر في . وأقول :إن َحل هذه النازلة اليوم وهو ظهور اختمف املفتني وعهدم انضهباط الناس بمذهب معني :يكمن يف أمرين اثنني: األمةر األول :الت ليد عىل وجوب سؤال الناس ألههل العمهأ ب وصهافهأ العمميهة والدينية ،وحضهأ عىل لزوم اتباع من يرون أعمأ برشع اهلل وأتقى ل . األمر الثاين :بورة نبط الناس يف حدو معروفة ،والشارع ل تشهوف وانهح إىل نبط الناس ،وهذا يكون هنا: أ -إما بإحياء املدارس الفقهية القديمة إيا تهوافرت أسهباهبا ،لت ههل املنتسهبني إليها ،واز هار تناوهلا املعارص. املّربزين يف العمأ والتقوى ،وههذا أقهرب إىل ب-وإما بإرجاع الناس إىل عمامئهأ َ 049
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الواقع ،وقد يكونهون أيضه ًا منتسهبني إىل إحهدى املهذاهب املتبوعهة ،فههو ال يتناق
مع .
وهذا الضبط بصورتي هو الذ جرى عمي عمل املسممني خمف ًا عن سهمف، وحيقق هلأ غاية االطمئنان ،والتعبد هلل ب صول واحدة ،ألن إيا عمل بفتهوى ههذا يف الصمة ،وبفتوى هذا يف احلج وقع أن تعبد أحدهأ ببع
األصهول املختمفهة،
وجرت أمة حممد صىل اهلل عمي وسمأ من عهده بسؤال إىل عهد أصهحاب بسهؤال وم ْن تصدر لمفتوى مهنهأ ،واسهتمر ههذا إىل اطمفاء الراشدين ،ولبار الصحابةَ ، عهد مدارس األمصار :مدرسة الكوفة ،مدرسهة املدينهة ،مدرسهة مكهة ،مدرسهة الشام ،مدرسة مرص ،إىل عهد املدارس الفقهية األربعة باجتاهاهتها الداخميهة ،لهل مرص ،ولل مذهب عىل فتوى عمامئ . فإن قيل :لكن أقوال هؤالء قد االف القول الراجح؟ فةاجلواب :نعأ وال بد ،ولو اريت هلأ أنت األقوال الراجحة عندك ،لكان من بني اوفت من واقع وال بد. أقوالك الراجحة ما هو مرجوح ،فام َ ويبقى النظر :يف أحظ أهل العمأ إصابة لمحق ،وهنا اتمف األنظار. فإن قيل :احلل األول واحلل الثاين :لمها حمن قديامن غري جمديني اليوم. فاجلواب :أما القدم فنعأ وال يرض ،وأما أن لون احلل بأرفيه مل يعهد نافعه ًا فهم، ويلك أن سبب عدم فاعميت ليس هو عدم لفاءت ،ولكهن عهدم تفعيمه بالشهكل املأموب.
051
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
فاملشكمة احلاصمة اليوم ليست ه بسبب قصور يف تناول هذه النازلة ،ولكن بسبب قصور املشتغمني بالرشيعة يف القيام بهواجبهأ ،وبسهبب قصهور النهاس يف االحتياط لدينهأ.
050
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة السابعة والعرشون:نقد تركيبة املنهج املقرتح هذه الوقفة تعالج طريقة املؤلف يف خط هذا املنهج املكون من سسهة منهازل، والذ يراه واجب ًا يف سد الفراغ الواقع اآلن. يقول الشيخ حفظه اهلل:
إن بعد استعران وت مم لكثري مما لتب عمامء األصول يف ههذا املجهال ،ومها أور ه العمامء يف لتب اإلفتاء ون اب خر باملنهج اآليت ،وقد رتب عىل سس منازل ال حيق لممستفت أن ينتقل من منزلة منها إىل الت تميهها إال إن مل يمكنه الوقهوف عند املنزلة األسبق. ومناقل هذا املنهج هي:
املنزلة األوىل :إن ظهر ل رجحان قول عىل قول من أقوال العمامء املعتّربين بناء عىل ليل لل قول فإن ي خذ بام رجح الدليل. املنزلة الثانية :األخذ بقول األلثرين من أهل العمأ وترجيح ما عمي مجهورهأ. املنزلة الثالثة :األخذ بقول من يظن األعمأ واألتقى من العمامء املختمفني. املنزلة الرابعة :األخذ باألحوط من األقوال إن متيز ل األحوط منها. املنزلة اخلامسة :األخذ باأليرس واألسهل عمي من أقوال أهل العمأ.
052
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
قلةت :تبني بام سبق أن ا عاء عدمية منهج قائأ يف اتباع الفتوى غري صهحيح، وب يتبني عدم االنأرار إىل منهج جديد لتميف منهج التشه املوصل إىل الشهك يف الرشيعة؛ ويلك ألن هناك منهج ًا قائام صحيحا لها النهاس أن جيمعهوا عميه ، وهناك تفاصيل أخرى ال االف يف اجلممة. وب يتبني عدم االنأرار إىل منهج جديد مقهرتح يكهون واجبه ًا عهىل النهاس التزام . وأبدي هنا بعض املالحظات عىل هذه املناقل اخلمسة التةي يةرى الشةيخ أهنةا حتقق املنهج الرشعي الذي جيب وضعه للتعامل مع اختالف املفتني:
املالحظةة األول :املنزلة األوىل ب ن إن ظهر ل رجحان قول عىل قول من أقوال العمامء املعتّربين بناء عىل ليل لل قول فإن ي خذ بام رجح الدليل. قلت :هذه املنزلة ال اع هلا؛ ألهنا خار مونع النزاع؛ فمن تهرجح لديه أحهد ٍ بنهاظر إىل اخهتمف املفتهني ،وهه بحمهد اهلل القولني فهو مل يقع يف لبس وال ههو تشكل ألثر املسائل. وإن أرا الشيخ – ولمم حيتمم – أن املستفت أول ما يبدأ يف معاجلة نازلته الت اختمف فيها املفتون أن جيتهد يف الرتجهيح بهني القهولني ،فهه طريقهة غهري مستساغة أن يؤمر العوام أن يرجحوا بني القولني ،هذه نصيحة أجدها عرسة عهىل استفتاءات طمبة العمأ ،ناهيك عن العوام. ثأ إن املذاهب الفقهية اجتمعت حتهى أههل الظهاهر مهنهأ عهىل أن اجلاههل 053
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
باحلكأ فرن السؤال ،فإ خال عممية االجتها بالنسبة لممستفت فيها غرابة ،فم نلة لدي تسمح ل بذلك (.)1 وهذا من مجمة املوانع الت جتاوز فيها املؤلف البناء الفقهه لممسه لة ،وههو
( )1يقول ابن عبد الرب يف جامع بيان العلم وفضله ( :)230/ 2مل اتمف العمامء أن العامة عميها تقميد عمامئها. وأبطل الغزايل يف املستصفى ( :)466/2التقميد ،ومع يلك فقد قرر أن العام جيب عمي االستفتاء واتباع العمامء إلمجاع الصحابة عىل فتوى العوام وعدم أمرهأ بنيل رجة االجتها ،وهذا معموم عهىل الرضهورة والتواتر من عمامئهأ وعوامهأ ،ولإلمجاع عىل أن العام مكمف باألحكام وتكميف طمهب رتبهة االجتهها حمال؛ ألن يؤ
إىل ينقأع احلرث والنسل ،وتتعأل احلهرف والصهنائع ،ويهؤ
إىل خهراب الهدنيا لهو
اشتغل الناس بجممتهأ بأمب العمأ ،ويلك ير العمامء إىل طمب املعايش واندراس العمأ وهمك العمهامء وخراب العامل.أما التقميد فهو قبول القول بم حجة ،وهؤالء وجهب عمهيهأ مها أفتهى به املفته بهدليل اإلمجاع. وذكر الزركيش يف البحر املحيط ( :)566/ 4أن اجلمهور عىل أن العام الرصهف جيهوز له االسهتفتاء وجيب عمي التقميد يف فروع الرشيعة مجيعها وال ينفع ما عنده من العموم [ألهنا] ال تؤ
إىل اجتها .
و يقول ابن أمري حاج يف التقرير والتحبري ( :)459 / 3غري املجتهد املأمق يمزم عند اجلمهور التقميد. ...مل يزل املستفتون يتبعون املفتني بم إبداء مستند هلأ يف يلك وشاع وياع وال نكري فكان إمجاعا سهكوتيا عىل جواز اتباع العامل املجتهد. ويقول احلطاب يف مواهب اجلليل ( :)30/1الذ عمي اجلمهور أن جيب عىل من ليس في أهمية االجتها أن يقمد أحد األئمة املحتهدين وقال الشيخ عليش يف فتح العيل املالةك ( :)90/1أمجع أهل السنة عىل وجوب التقميد عىل من لهيس فيه أهمية االجتها حسبام يف الديبا لإلمام ابن فرحون وعمدة املريد لمشيخ القاين وغريمها وشاع يلك حتى صار معموما من الدين بالرضورة. وينظر :التمذهب له عبد الفتاح بن صالح الشافع ص .99 -94
054
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
خيالف اطأوط العريضة الت رسمها لمخمف السائغ. واملؤلف قد استشهد عىل ما يلره بمقولة الشاطب أن املجتههدين بالنسهبة إىل العام لالدليمني بالنسبة إىل املجتهد. ونقول :نعأ ،هذا هو املأموب فيام تقرر عن أههل العمهأ مهن اعتبهار العمهأ والدين ،فالعام هبذا االعتبار يف اختياره املجتهد العامل الورع هو جمتهد مهن ههذا الوج ،ال أن جيتهد يف اتباع القهول األرجهح باعتبهار النظهر إىل الهدليل الرشهع املفصل. وهبذا يتبني أن االستشها بمقالة الشاطب ليست يف صالح هذه املنزلة إنام ه يف صالح املنزلة الثالثة وهو اتباع األعمأ واألورع ،وأن االجتها إن لان املقصهو ب التفتيش عن توافر هاتني الصفتني ،فنعأ؛ ولذا قال الشاطب يف مونع نخر :إن إيا تعارض عند املقمد قوال مفتيني فإن اتباع أحدمها بهاهلوى اتبهاع لمههوى فكهل واحد منهام متبع لدليل عنده يقتيض ند ما يقتضي ليل صاحب ،ثم قال :فلالي إال الرتجيح باألعلمية (.)1 واخلالصة أن الرتجيح:
ترجح لدي أحد األقوال يف املس لة ب -1إن لان املقصو ب من َ
وج لهان:
فهذا خار مونع البحث. -2وإن لان املقصو ب الرتجيح يف معرفة األوفر عمهام وورعه ًا لهدى املفتهني
( )1اختالف املفتني ص.244
055
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املختمفني فنعأ ،ولكن هذا يتعمق باملنزلة الثالثة لدى املؤلف ،وههو اتبهاع األعمأ واألورع ال املنزلة األوىل. -3وإن لان املقصو البحث عن القول األرجح من ناحية الهدليل ،لهام ههو ظاهر لمم الشيخ ،فهذا ما ال يممك العام . املالحظة الثانية :املنزلة الثانية هي اعتبار قول األكثر أو اجلمهور.
فالعام بناء عىل هذه املنزلة إيا مل يرتجح ل أحد األقوال يف املس لة فإن ينظر إىل قول األلثر ،فإيا وقعت ب نازلة ورنهأ خمتمفني أجرى عممية حسابية يف األلثر. وبالنظر إىل واقع الناس اليوم؛ فإن عىل املسهتفت أن حيسهب فتهاوى الشهيوخ الههذين يظهههرون يف الرائ ه ( التمفههاز) ،أو الههذين يفتههون يف الصههحف أو الههذين اجتمعت أرقام هواتفهأ عنده. وال أ ر بكأ نحسب قرارات اهليئات واملنظامت الرشعية من ناحية العهد ، حتى نونح هلأ طريقة عدِ اجلمهور أو األلثر. والغريب فع ً م أن الشيخ قد عمل تقديم هلذه املنزلة وه اعتبار األلثهر عهىل اعتبار األعمأ واألورع :أن حسبة العهد أسههل مهن البحهث عهن حتقهق ههاتني الصفتني :العمأ والدين!. والغريب أيض ًا أن الشيخ نفس مل يستأع نبط مصأمح اجلمهور! وال حتهى ب قوال القدماء الت حرصت ووزنت يف مدونات أهل العمأ ،قال يلك حينام أشار عمي الشيخ يارس املأريف يف نبط اطمف املعتّرب ب قوال اجلمهور ،فكان من مجمهة 056
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
اعتذاره صعوبة نبأ ،يقول يلك وههو العهامل املأمهع ،فهم أ ر مها ههو حهال العام !. وأقرتح هنا يف تسهيل هذه العممية املعقدة :أن يتصل العام بمن يثق يف عمم و ين ليستخّربه عن قول األلثر ،فإن هذا أ ق وأسهل ،فهإن مل يعهرف اتبعه ؛ ألن اتباع األعمأ واألورع ه املنزلة الثالثة الت تميها!. و حينام انتهت النوبة يف املتأخرين ،فساروا عكس السري القويم ،بتكلف معرفة اتفاق الناس ،قا ل ابن القيم وقتها:
"والذ
ل عمي الكتاب والسنة أسهل عمي بكثري من عمم باتفاق الناس يف
رشق األرض وغرهبا عىل احلكهأ ،وههذا إن مل يكهن متعهذرا فههو أصهعب ءء وأشق إال فيام هو من لوازم اإلسمم ،فكيف حييمنا اهلل ورسول عىل مهاال وصهول لنا إلي ،ويرتك احلوالة عىل لتاب وسنة رسول المهذين ههدانا هبهام ،ويرسهمها لنها، وجعل لنا إىل معرفتهام طريقة سهمة التناول من قرب".
( )1
وأحب أن أنبه هنا :أن قول األلثر وهو القول الذ يكهون قريبه ًا مهن احلهق غالبا إنام يكون إيا حتقق هذا الوصف وههو قهول غالهب املفتهني ،وأجهد أن ههذا املقدار يعجز عن العام يف العا ة ،والذ يمكهن أن ينصهح به ههو حتهذيره مهن األقوال الغريبة والشاية فإن هذه األقوال ه الت يغمب عىل الظن غمأها.
( )1إعال املوقعني (.)246 / 2
057
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املالحظة الثالثة:املنزلة الثالثة :إن مل يعرف املستفتي قول األكثر:
فإن ينتقل إىل املنزلة الثالثة حسب منهج املؤلف ،وهو سؤال َمن يظن األعمهأ أو األورع ،وهذا ما سهبق تقريهره عهن أههل العمهأ ،أنه ههو الأريهق الصهحيح واملخترص ،وعمي تدل النصوص ،وب جرى عمل السمف ،ولمم الفقهاء يهدور عمي ،وقد سبق يلر بع
النقوالت يف يلك.
املالحظة الرابعة :االحتياط:
يلر املؤلف يف املنزلة الرابعة االحتياط ،واالحتياط يف احلقيقة معنهى رشعه مأموب برشط ،ويتحقق ويت لد إيا مل جيهد املسهتفت مهن يسهتفتي ،ولهذا فمعهل طريقة املؤلف يف جعم منزل ًة عقب سؤال األعمأ واألورع هو أمهر مناسهب هبهذا االعتبار ،لكن مع يلك فإن منزلت تبقى مت خرة – بحسب ترتيهب املؤلهف -ألن إعامل االحتياط متى ما توفر موجب مستحب حتى ولو ترجح ل أحد القولني ،أو أن اتبع قول األلثر ،أو أن اتبع األعمأ واألورع ،فاالحتياط أمر ينبغه أن يكهون َ مستحرض ًا عىل بال املسمأ احلريص عىل ين ،واطائف عىل نفس ،وأن يكون ش ُن لدي ،ومن املقتضيات الت تدفع باملسمأ إىل إعامل االحتيهاط ههو مها إيا اختمهف املفتون يف مس لة ما ،ومل يقنع بقبول الرخصة أو مل يأمئن قمب هلا ولو لان أفتاه هبها العامل الورع. وهبذا يمكن أن نقول إن هذه املنزلة ينبغ أن تكون منزلة تبعية يف منازل ههذا املنهج ال منزلة مستقمةُ ،تقدَ م متى ما قام موجبها ،وليس بالرضهورة أن تهؤخر إىل
058
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املنزلة الرابعة. املالحظة اخلامسة:يلر املؤلف أن املنزلة األخرية ه األخذ باأليرس من أقهوال أهل العمأ ،ويف احلقيقة ليست هذه منزلة وإنام ه تفيد :خذ بام شهئت فمهن أخذ باأليرس ي خذ بام فوق ،ولذا فم أن يقول :املنازل أربعة ،ثأ يقول :فهإن مل يستأع معرفة احلق منها فمي خذ بام شاء. املالحظة السادسةة :يلر الشيخ أن منزلهة االحتيهاط هه منزلهة اسهتحباب ال إجياب ،وبام أن تأ االستدراك عهىل الشهيخ يف املنزلهة األخهرية وهه اعتبهار األسهل من حيث لوهنا منزلة إي ه بمثابة افعل ما شئت مهن األقهوال ولهو لان يلك القول هو األيرس لك. إيا تبني هذا وياك فيمكن لنا أن نعتّرب أن املنازل الت يلرها املؤلف تهؤول إىل ثمث منازل ،وه : -1اتباع ما ترجح لدي . -2اتباع قول األلثر. -3اتباع قول األعمأ واألورع. فإن مل يستأع إعامل هذه املنازل الثمثة فإن يستحب ل األخذ باالحتياط وله أن خيتار ما يشاء ،ولو لان أيرسها. ثأ وجدت املؤلف اخترصها بأريقة أخرى: املنزلة األوىل :الرتجيح بالدليل. املنزلة الثانية :الرتجيح ب
مرجح نخر. 059
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املنزلة الثالثة :التخري بني األقوال ،فإن أخذ باألحوط فهو أفضل. املالحظة السابعة :لان املؤلهف حريصه ًا يف التهدليل عهىل ههذه املنهازل باأل لهة الرشعية املناسبة لكن مل يكن معتني ًا برتليبهة ههذه األمهور اطمسهة الدالليهة، وهلذا أجد أن تدليل الشيخ عىل هذه املنازل اطمسة في قصور ،عىل أن الشيخ قد وقع ت من حماوالت يف تفسري تقديأ بع
هذه املنهازل عهىل بعه
،وال
أجدها لافية. املالحظة الثامنة :بونع هذا املنهج يكون املؤلف قد أمهل متام ًا اعتبار املهدارس الفقهية الت فرغت بمجموعها من تقييد أصحاهبا يف حدو أقواهلها برسهوم خمف في َم ْن مل يمتزم مذهب ًا بعينة ،هل يسوغ ل يلهك؟ قيقة ،وقد وقع بينهأ ٌ وقد جزم ابن الصمح بمزوم التزام العام ّ مذهب ًا معين ًا يتقيد به ،ورجهح له مذهب الشافع ،وأن ما سوى يلك يفهتح بهاب االختيهار والتشهه ،وجيهر خبأ ًا يف األعصار املت خرة ،وقد قال هذه اجلممة األخرية يف معرض الر عهىل القول بعدم جواز تقميد امليت (.)1 وسبقت اإلشارة إىل املس لة. املالحظة التاسةعة :هذه املنازل اطمسة فيها صعوبة؛ من جههة النظهر إىل عمهوم الناس؛ فض ً م عن صعوبة تأبيقها العميل املفرتض ،أما قهول الشهيخ :إنه ال مانع من أن حتفظ هذه املنازل لحفظ أرلان اإلسمم ،فه مبالغة غري مناسبة
( )1انظر مثالً :أعب املفتس واملستفتس ص.293-276
061
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
فع إليها حتمس لفكرت ،فإنا نريد شيئا سهم حيفظ بم مشقة ،فهنحن نمقهن العوام ،ولسنا نكررها عميهأ صباح مساء ،وعىل ٍ لل فميسهت املشهكمة هنها، واملؤلف إنام انأمق من اعتبار بورهتا. املالحظة العارشة :عىل التسميأ بصهحة ههذه املنهازل مهن ناحيهة البنهاء األويل فالسؤال :هل ه قا رة عىل إزالة المهبس احلاصهل يف اخهتمف املفتهني؟ بهام حيقق مقصد املؤلف من ونعها؟ يبدو يل من خمل ما ا َ عيت عمي يف هذه املمحظات مهن صهعوبة يلهك عهىل املستفتني سواء لان يلك يف حتقيق الهراجح أو األلثريهة :فإهنها سهتزيد مهن ههذا المبس ،وستخر الناس من وامة اختمف املفتهني وتمقهيهأ يف وامهة أخهرى يف تناول هذا االختمف بحسب املنازل اطمسة السيام الرتجيح واأللثرية. لام يبدو أن هذه املنازل مناسبة يف اجلممة لأائفة معينة من طمبة العمأ الذين مل تكتمل هلأ األ وات االجتها ية ومل يمتزموا بمهذهب معهني فهإن عهىل ههؤالء أن يتبعوا الدليل أوالً فإن مل يتبني هلأ ،فقول اجلمهور ،وإال فقهول األعمهأ واألورع، وإال فاالحتياط هلأ أسمأ. و احلل يف نظري يف معاجلة اختالف املفتني هو يف مجلة من النقاط:
-1االسهههتجابة ألمهههره سهههبحان يف قولههه :ﭽﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮪﭼ ( )1فيؤمر الناس باستفتاء أهل الذلر فيام أشهكل عمهيهأ مهن مسائل الدين ( )1هذا من خمل االستفا ة من العموم المفظ لآلية ،وإال فإن اآلية هلا سبب خاص يف النزول.
060
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
يقول احلافظ ابن عبد الرب رمحه اهلل:
" العامة ال بد هلا من تقميد عمامئها عند النازلة تنزل هبا ألهنها ال تتبهني موقهع احلجة وال تصل بعدم الفهأ إىل عمأ يلك ألن العمهأ رجهات ال سهبيل منهها إىل أعمها إال بنيل أسفمها وهذا هو احلائل بني العامة وبني طمب احلجة واهلل أعمهأ، ومل اتمف العمامء أن العامة عميها تقميد عمامئهها ،وأهنهأ املهرا ون بقهول اهلل ،عهز وجل :ﭽﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﭼ [النحل.)1(" ]43 : -2بيان أن أهل الفتيا الذين تّربأ هبأ يمأ املستفتني أمام اهلل عهز وجهل ههأ أههل الذلر ،لام يف اآلية الكريمة ،وهؤالء هأ أهل العمأ وأهل الدين ،ولمهام لهان املفت ألثر عمام وألثر ينا لان ألثر توفيق ًا إلصابة احلق. وحصول التقصري يف الناس اليوم ،وتصدر غري املت همني ،يدفع إىل االستيثاق يف حصول هذه األوصاف مع أن ابن الوزير اليامين حاول أن يكتف بهّرباءة الذمهة ٍ لاف يف لون من أهل العدل واالجتهها إلمجهاع بسؤال من انتصب لمفتوى وأن الناس عىل استفتاء من لان هذا حال ،وهأ يف العا ة ال جيتمعون إال إىل أولئك (.)2 ولكن اليوم تغري احلال وانتصب لمفتوى من ليس ل ب هل ،فم بد من االسهتيثاق يف الفتوى لغمبة اهلوى وقمة العمهأ والهدين ،واهلل املسهتعان ،لهذا فهيمكن أن تعكس القضية اليوم ،فيقال :إن ال جيهوز أخهذ الفتهوى مهن املفته بمجهر
( )1جامع بيان العمأ وفضم (.)230 / 2 ( )2العواصأ ( ،)316/1الروض الباسأ (.) 48/1
062
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
انتصاب يف مقامها ،بسبب ما وقع هلا من االبتذال. -3حتذير الناس ممن ال يستحق اإلفتاء ،وقد عقد الشهيخ يف ههذا املعنهى الفصهل اطامس يف صفة من ال يستحق اإلفتاء ،وأقرتح أن تقام بع
الهدعاوى عهن
طريق املحالأ الرشعية يف لل بمد بحسب ظرف بإزاء متأفيل اإلفتهاء الهذين اغتصبوا مواقع املفتني ،فإن هذا مفيد ولو إعممي ًا ،ولو اويف ًا . -4حماولة نبط الناس بمذاهبهأ الفقهية ،وبام يفت ب عمامء بمداهنأ الثقات. -5القيام بواجب الدعوة إىل اهلل عز وجل بنرش وإشاعة وإياعة مها يلهر يف ههذه النقاط ،فإن ما سبق هو جانب نظر ،وههذا ههو اجلانهب التفعهييل له ،وإال يبقى ما لتب أورا ٌق مسو ة باألحبار ،وسهبق أن اإلشهكالية اليهوم تعهو إىل القصور يف العمل ألثر من يف القصور يف العمأ ،ويتحمل القصور يف العمل: املفت واملستفت ،وعىل الدعاة إيضاح السبل القويمة لمعوام يف حتصيل احلق.
063
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
النتائج -0
فكرة الكتاب تدل عىل تو ّقد قمب املصنف ،وحيوية أفكاره ،وحرص عىل إفا ة أمت بام ينفعهأ ،وبام يدفع عنهأ ما يرضهأ ،فاختار مس لة ابهتيل هبها الناس اليوم.
-2
جدية الشيخ ظاهرة يف الكتاب.
-3
استعمل املصنف يف لتاب المغة السهمة ،وه املناسبة ملونوع الكتاب.
-4
متيز الكتاب بنقوالت نفيسة عن لبار األئمة واملحققني.
-5
حمررة. تضمن ُ الكتاب نتائج َ
-6
تعظيأ ظاهر ألهل العمهأ ،وحهر ٌ بمهن ع َظهأ اهلل أن يع َظهأ، يف الكتاب ٌ وجدير بمن َ ويكرم. أجل أولئك الكرام أن يقدَ ر َ
-7بيان املواقع املنهجية لمت صيل من أ لة الوحيني ،أو من تقريرات األئمة. -8التنبي عىل اطمل احلاصل يف الكتاب من جهة البناء والتكوين. -9
عى املؤلف إىل التخصص ،وبرز هذا من خمل تشديده يف رشوط ممارسهة فن املختص "املصأمح" إال أن مل يمتفت إلي حينام لتب يف أ ق املسهائل يف عمم :الفق وأصول ،ومسائل أصول الدين.
-01جتاوز املؤلف لمرتالأ األصويل والفقه يف مجمة لثهرية مهن املسهائل ،منهها 064
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
مس لة الكتاب الرئيسة ،سواء لان التجاوز من ناحية املعمومة ،أومهن ناحيهة األ اة. جرهها إليه اعتبهارات معينهة ،لهيس -00الكتاب مقحأ بجممهة مهن املسهائلَ ، بالرضورة أن تكون مرتبأة بصمب مونوع الكتاب. -02املؤلف ِ مؤم ٌن بتفاصيل مدرسة فقهاء احلديث ،وبنى لتاب وفق ما يهراه مهن تقريراهتأ ،وأ ار عميها مناطات التسويغ ،وأ ر طائفة من خمفات احلنفيهة واملالكية والظاهرية يف مجمة اطمف الكيل البدع . وسع املؤلهف ائهرة مشهكمة اخهتمف املفتهني لتسهتوعب منهاهج العمهامء َ -03 أنفسهأ ،وما حصل من األسباب املوجبة الختمفهأ. -04انرصف غالب الكتاب يف متييز اطمف املعتّرب من غري املعتّرب ،وهذا لن حيهل إشكالية اختمف املفتني؛ ألن اإلشكالية تبقى حتى يف حدو اطمف املعتّرب. -05إشكالية تعبري املؤلف بهه "مرشهوعية اطهمف" ،السهيام أن منه اطهمف املحرم ،لام هو تقريره ،وهو من مجمة مفر ات يف الكتهاب ،فثمهة از وا بهني التوسع املبالغ يف اعتباره ،وبني التشديد املبالغ يف رفض . -06ألثر تقريرات املؤلف ه يف حمل احهتامل ،وإنهام أوجهب االسهتدراك عميه اعتبارها حدا يف اطمف السائغ من اطمف املحرم. -07نفى املؤلف أن يكون من مجمة أسباب اطمف :اطمف يف األصول املتعمقهة بمصا ر التمق أو منهج االستدالل ،مما فع إىل مصا رة مجمة من اطمفهات 065
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
املعتّربة. -08اشرتط املؤلهف لممفته أال خيهالف منهجه ًا لميه ًا لمسهمف يف االسهتدالل، والنقام مع يف صحة إنافت هذا املعنهى إىل رشوط املفته ،ويف صهحة مها أ ر في من مسائل. -09مل حيقق املؤلف اعتبار أقوال املبتدعة يف اطمف الفقهه ،وههو إنهام يقصهد األصوليني الذين يسميهأ املتكممهني ،أو الفقههاء الهذين انتسهبوا إىل بعه املدارس الكممية ،ومعموم أن هؤالء إنام لانوا ينتمهون إىل إحهدى املهدارس الفقهية املتبوعة ،فهأ إما حنفية ،وإما شافعية ،وإما مالكية ،وإما حنابمة. َ -21برر املؤلف إجراء اطمف مع أههل األههواء ب وصهاف معينهة ،بيهنام أبعهد خمف أهل الظاهر يف طائفة من أصوهلأ إىل اطمف املنهج الكيل البهدع ، وهذا في ما في . -20الرشوط الت ساقها املؤلف يف اعتبار اطمف اعرتاها :تداخمها ،بناؤها عىل مسائل خمتمف فيها ،بناؤها بحسب اختيارات املؤلف وإن أناف مجمتهها إىل إمجاع عمامء األمة. -22مل يكن املؤلف قيق ًا يف نسبة بع
ٍ قهول األقوال إىل األئمة ،لنسبت إحداث
ثالث إىل اإلمامني أيب حنيفة والشافع . وسع املؤلف ائرة اإلمجاع القأع الذ ال جيهوز خمفه ،حتهى أ ر فيه َ -23 نوع ًا نخر من اإلمجاع ،وهو اإلمجاع السكويت إيا احتفت ب قرائن تهدل عهىل 066
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
قأعيت . -24عدم اعتدا ه باطمف يف اإلمجاع السكويت ويف االحتجا أقوال الصهحابة، مما رتَب إ راجهام بجوار أقوال أهل األهواء. -25شد املؤلف يف تفاصيل مسائل اإلمجاع إىل ما ال يوافق عميه ،السهيام وههو يور ه عىل سبيل فرز اطمف املعتّرب من اطأ املح
.
-26مل يدرس املؤلف مسائل اإلمجاع الظن لام ينبغ ،ال من ناحية التدليل ،وال لل هذا فقد وقعت ل في ٌ ناحية االستعامل ،وال من ناحية التصوير ،ومع ِ مجل حمررة. -27ال يمنع املؤلف اطمف يف بع بع
ما يقول إن من صور القأع ،بينام يمنع يف
صور الظن.
-28اقترص املؤلف عىل إخرا األصل غري املعتّرب مهن اطهمف املعتهّرب ،واألوىل تعديت إىل الدليل غري املعتّرب ،وإىل االستدالل غري املعتّرب. -29التزم املؤلف يف غالب صناعت لرشوط اطهمف السهائغ بهذلر األوصهاف العدمية ،وهذا ال يتناسب مع أولويات صناعة الرشط ون اب . -31يرتجح لد :إ ارة اطمف السائغ عىل أمرين: -1أن يكون صا ر ًا عن أهمية. -2أن يكون مستنده اطاص يف حيز االعتبار.
067
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
-30شد املؤلف يف اطمف املعتّرب إيا تعمق ب خبار اآلحا ولهو مل تفهد إال جمهر الثبوت. -32استغرق املؤلف يف الر عىل بع
من ر وا أخبار اآلحها ،فهاقتأع ألجهل
يلك جزءا لبريا من مونوع الكتهاب ،ثهأ زا يف هنايهة الكتهاب ممحقه ًا يف تفصيل الر عميهأ. -33لمشيخ مبالغة يف تقرير منهج املحدثني ،ولان أثر يلهك وانهح ًا يف صهناعة رشوط اطمف املعتّرب ،بينام ثمة إغفال ِبني لمدالالت األصولية الصحيح منها والضعيف. -34من املفارقات مبالغة املؤلف يف حتديد األوصاف الدقيقة يف رشوط اطهمف السائغ ،مع أن يف اجلانب التأبيق يرضب بعيد ًا يف تسويغ مجمة مهن املسهائل الكتاب بهبع الت شاع إنكار العمأ هلا ،وبعضها مما يمد الفأ ،وإن إقحام َ املسائل املشكمة ،يف لتاب ينزع إىل تقميص نزاع املفتني هلو مثار استغراب. -35من املفارقات التشديد يف اعتبار اإلمجاع إىل رجات عالية ،مع ابتكار بع األقوال والشهروط مما ال يتناسهب مهع ههذه املدرسهة املتشهد ة يف التمسهك بتفاصيل و قائق اإلمجاع. -36ستبقى بع ُ فصول الكتاب عائقا أمام حل مشكمة اختمف املفتني ،ألهنها نيقت حمقات اطمف املعتّرب يف أوصاف حمد ة ،ووسمت غريها بهاطمف املحرم.
068
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
-37املؤلف مولع بذلر التفاصيل ،وحتديد الرسوم ،ومن أمثمة يلك بحث يف متى يعني املر و عمي يف الر ،ومتى ال يذلر. -38مل يرش الشيخ إىل التمذهب مع أن األمر الذ حصل ب االنضباط يف عصور اإلسمم بدءا من مدرست املدينة والكوفة ،ومرورا بمهذاهب األئمهة ،وعهىل يلك مجهور األمة قرون ًا عديدة ،وهذا جتاوز صارخ لممدرسة الفقهية شهك ً م ومضمون ًا . -39بنى املؤلف طريقت يف وجوب ونع منهج رشع لمتعامل مع املفتهني عهىل أساس أن ال يوجد منهج قائأ ملعاجلة املشكمة ،فإما هذا املنهج وإال التشه ، وتأ بيان عدم صحة هذه املمزمة. -41ليس اجلديد اليوم ظهور اختمف املفتني ،وإنام اجلديد هو الظهور مهع عهدم انضباط الناس بمذهب معني. -40املؤلف لان حريص ًا يف التدليل عىل املنازل اطمسة باأل لة الرشعية املناسبة، لكن مل يكن معتني ًا برتليبة هذه املنازل لدرجات. -42احلل يف نظر يكمن يف أمور أربعة: -1نبط النهاس بمهذاهب بمهداهنأ الفقهيهة ،واالنضهباط بفتهاوى عمامئههأ املت همني لمفتوى. -2إرشا هأ إىل سؤال أهل الذلر من أهل العمأ والدين ،والت ليد عىل حتقق هذين الوصفني. -3حتذير الناس ممن ال يستحق اإلفتاء.
069
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
-4القيام بواجب الدعوة إىل اهلل عز وجل بنرش وإشاعة وإياعة ما يلر يف هذه النقاط. -43ال يكف يف راسة لثري من املسائل الفقهية واألصولية وغريمهها :االقتصهار عىل تناول املس لة بحدو ها ،والتعويل عىل يلك بتجزؤ االجتها ،ويلكهأ أن تناول املس لة ينبغ أن يكون يف سياقها العام ،منضبأ ًا مع أشهكال ونظهائره، منأمق ًا من أصول وقواعده ،وقد جرى يف هذه األوراق الرتليهز عهىل قضهية بت أحكام من غري ٍ نظر إىل ما تقدم. اإلمجاع ،وبيان سعة مسائم ،وصعوبة ِ واهلل أعمأ وصىل اهلل وسمأ عىل نبينا حممد وعىل نل وصحب أمجعني.
071
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الفهرس املوضوع
الصفحة
بني يدي الوقفات.
7
املالحظات الرئيسة عىل الكتاب.
12
طليعة الوقفات:
14
الوقفة األوىل :املواقع املنهجية لمت صيل من أ لة الوحيني.
11
الوقفة الثانية :ترليبة الكتاب وحجأ املشكمة.
28
الوقفة الثالثة :ترشيع اختمف العمامء ،وحتريأ اطمف غري السائغ.
22
الوقفة الرابعة :فق مقالة الشافع .
31
الوقفة اخلامسة :عدم التزام البناء األصويل.
37
الوقفات املتعلقة بمن ال يستحق اإلفتاء:
41
الوقفة السادسة :صفات َم ْن ال يستحق اإلفتاء.
42
الوقفة السابعة :تفاصيل املنهج الكيل البدع .
18
الوقفة الثامنة :إ را خمف الظاهرية يف اإلمجاع السكويت وأقوال الصحايب نمن اطمف املنهج .
12
الوقفة التاسعة :نابط اجلاهل الذ ال يستحق اإلفتاء.
66
الوقفة العارشة :خمف املبتدعة.
88
الوقفة احلادية عرشة :التحذير من أهل األهواء إيا تشبهوا ب هل العمأ.
84 86
الوقفات املتعلقة بمسائل اخلالف. الوقفة الثانية عرشة :أسباب خمف أهل العمأ.
88
الوقفة الثالثة عرشة :تفنن املؤلف وم زق التخصص.
78
070
قراءة متأنية يف كتاب الرشيف حاتم العوين اختالف املفتني
الوقفة الرابعة عرشة :قمة اطمف حمم وسبب .
71
الوقفة اخلامسة عرشة :نف اطمف يف مصا ر التمق أو االستدالل.
78
الوقفات املتعلقة برشوط تسويغ اخلالف:
98
الوقفة السادسة عرشة :رشوط تسويغ اطمف.
91
الوقفة السابعة عرشة :وزن مس لة إحداث قول ثالث.
93
الوقفة الثامنة عرشة :أثر "عموم البموى" عىل إحداث األقوال السيام أقوال الصحابة.
186
الوقفة التاسعة عرشة :توسيع ائرة اإلمجاع القأع .
111
الوقفة العرشون :غلبة األثر احلديث عىل األثر األصويل يف وزن الرشوط.
111
الوقفة احلادية والعرشون :رشوط املنازعة يف ثبوت الدليل.
121
الوقفة الثانية والعرشون :غزوة املتكممني.
121
الوقفة الثالثة والعرشون :إعا ة ترليبة رشط "األصل غري املعتّرب".
128
الوقفة الرابعة والعرشون :مراجعات املؤلف لرتليبة رشوط .
133 138
الوقفات املتعلقة باملنهج املقرتح:
137
ومسوغات . الوقفة اخلامسة والعرشون :عرض املنهج املقرتح ِ مسوغات املنهج املقرتح. الوقفة السادسة والعرشون :نقد ِ
148
الوقفة السابعة والعرشون:نقد ترليبة املنهج املقرتح.
112 164
النتائج:
072