المحجة البيضاء 4

Page 1

‫العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫كما تقرأ فى هذا العدد‬ ‫• قراءة في األحداث‪:‬‬ ‫السلف‬ ‫ية ‪ ..‬والسلفيون ‪ ..‬وانتخابات ال‬ ‫رئاسة ‪...................‬صفحة‪4‬‬ ‫ ‬ ‫• هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬الـــن‬ ‫ـــ‬ ‫ص‬ ‫ـــ‬ ‫يــ‬ ‫ـري‬ ‫ـــ‬ ‫ون‬ ‫‪..‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫‪...‬ص‬ ‫فح‬ ‫ة‪10‬‬ ‫ ‬ ‫• البدائل الصحيحة‪:‬‬ ‫ ‬ ‫من األحاديث النبوية التي تغني‬ ‫ ‬ ‫عن األحاديث املوضوعة‬ ‫وال‬ ‫ض‬ ‫عي‬ ‫فة‬ ‫امل‬ ‫شت‬ ‫هرة‬ ‫‪..‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫‪...‬صفحة‪17‬‬ ‫ ‬ ‫• البحث العلمي‪ :‬داللة‬ ‫اإل‬ ‫شا‬ ‫رة‪،‬‬ ‫وآ‬ ‫ثار‬ ‫ها‬ ‫ا‬ ‫لف‬ ‫قه‬ ‫ية‬ ‫(ا‬ ‫جلزء الثاني) ‪.........‬‬

‫‪..........‬صفحة‪20‬‬


‫فهرس العدد‬ ‫• إفتتاحية العدد‬ ‫• قراءة في األحداث‪:‬‬ ‫السلفية ‪ ..‬والسلفيون ‪ ..‬وانتخابات الرئاسة‬ ‫• منهجية طلب العلم‪:‬‬ ‫الـــوقـــــت‬ ‫• هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪:‬‬ ‫الـــنـــصـــيـــريـــون‬ ‫• قرأت لك‪:‬‬ ‫اجلذور التاريخية للعقيدة النصيرية العلوية‬ ‫• البدائل الصحيحة‪:‬‬ ‫من األحاديث النبوية التي تغني عن األحاديث‬ ‫املوضوعة والضعيفة املشتهرة‬ ‫• البحث العلمي‪:‬‬ ‫داللة اإلشارة‪ ،‬وآثارها الفقهية (اجلزء الثاني)‬

‫صفحة‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪10‬‬

‫العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫‪14‬‬

‫تصدر عن الهيئة العلمية للدراسات‬ ‫الشرعية و اإلستراتيجية‬

‫‪17‬‬ ‫‪20‬‬

‫• قصة رحلة التمكني‬

‫‪26‬‬

‫• سير و تراجم نبالء العصر‪:‬‬ ‫الشيخ‪ /‬أحمد شاكر رحمه اهلل‬

‫‪30‬‬

‫• من ذخائر اخملطوطات‪ :‬نفائس دار طابه‬

‫‪32‬‬

‫• صحتك‪ :‬نزالت البرد و األنفلونزا‬

‫‪34‬‬

‫• واحـــة الـمـحـجـة‬

‫‪36‬‬

‫• بـاب الــفـتـاوى‬

‫‪38‬‬

‫املشرف العام على اجمللة‬ ‫فضيلة الدكتور‬

‫أحـمـد الـنـقـيـب‬ ‫رئـيـس الـتـحـريـر‬ ‫مـحـمـود الـصـاوي‬ ‫املـديـر الـفـنـي‬ ‫تـامـر األنـصـاري‬

‫للتواصل معنا‬ ‫بريد القراء‪malmhgh@yahoo.com :‬‬ ‫بريد األسئلة والفتاوى‪falmhgh@yahoo.com :‬‬ ‫• نهيب بالقراء الكرام إلى أهمية التواصل معنا عبر‬ ‫بريد القراء للنصح و النقد البناء و اإلقتراحات النافعة‪،‬‬ ‫وكذلك أيضا ً نحيطهم علما ً أن مجلتنا الغراء تفتح‬ ‫ذراعيها للبحوث العلمية املعتبرة فى كافة امليادين‬ ‫الشرعية لنشرها عبر صفحاتها املباركة ‪-‬بإذن اهلل‪-‬‬ ‫على أننا سنقوم بتحكيم هذه البحوث وإعتمادها ثم‬ ‫نشرها عبر فريق من أهل العلم والباحثني النابهني ثم‬ ‫التواصل مع أصحابها لإلفادة و اإلستفاده‪.‬‬ ‫• كما نرحب مبن أراد شيئا ً من اخملطوطات املنشوره عبر‬ ‫مجلتنا‪ ،‬فليتواصل معنا عبر بريد القراء إلمداده بها‪.‬‬ ‫• من أراد نشر اجملله أو طبعها ‪-‬كما هـي بـدون حـذف‬ ‫أو إضافة أو تعديل‪ -‬أو توزيعها بأي صوره فالباب مفتوح‬ ‫لنشر اخلير‪ ،‬وليتواصل معنا عبر بريد القراء أيضا ً‬ ‫لإلستفسار أو الدعم الفنى‪.‬‬


‫إفتتاحية العدد‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫إن احلمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل‬ ‫من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال‬ ‫مض��ل له‪ ،‬ومن يضل��ل فال هادي له‪ ،‬وأش��هد أن ال إله إال‬ ‫اهلل وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫اَ َ ُ اَّ‬ ‫َُ‬ ‫ِين َء َام ُنوا ْ َّٱت ُقوا ْ هَّ َ‬ ‫(يأ ُّي َه��ا ذَّٱل َ‬ ‫ٰٓ‬ ‫ٱلل َح َّق تقاتِهِۦ َول ت ُموت َّن إِل‬ ‫َ َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫ٓ‬ ‫وأنتم مسل ِمون ‪ )١٠٢‬ا ِل ع ِۡم َران‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ذَّ‬ ‫َّ ُ َّ ُ ْ‬ ‫َّ ۡ‬ ‫َ َ​َ ُ‬ ‫ٰٓ‬ ‫اس ٱتق��وا َر َّبك ُم ٱلِي خلقك��م ّمِن نف ٖس‬ ‫(يأ ُّي َه��ا ٱنل‬ ‫َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ ۡ ُ َ َ اٗ َ ٗ َ َ ٓ ٗ‬ ‫وٰحِدة ٖ وخلق مِنها زوجها وبث مِنهما رِجال كثِريا ون ِس��اء ۚ‬ ‫َ َّ ُ ْ هَّ َ ذَّ‬ ‫َ أۡ َ ۡ َ َ َّ هَّ َ اَ َ‬ ‫َ ٓ ُ َ‬ ‫ٱلل كن‬ ‫ٱلل ٱلِي ت َس��ا َءلون بِ��هِۦ وٱلرح��ام ۚ إِن‬ ‫وٱتق��وا‬ ‫َ َۡ ُ ۡ َ ٗ‬ ‫ّ‬ ‫عليكم رقِيبا ‪ )١‬الن َِساء‬ ‫َ َ ُّ َ ذَّ َ َ َ ُ ْ َّ ُ ْ هَّ َ ُ ُ ْ َ اٗ‬ ‫ٗ‬ ‫ٰٓ‬ ‫ٱلل َوقولوا ق ۡول َس��دِيدا ‪٧٠‬‬ ‫(يأيه��ا ٱلِي��ن ءامنوا ٱتق��وا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ ۡ َٰ ُ ۡ َ َ ۡ ۡ ُ ۡ ُ​ُ َ ُ‬ ‫يُ ۡصل ِۡح لكم أعملك��م ويغفِر لكم ذن‬ ‫وبك ۡمۗ َو َمن يُطِعِ‬ ‫َ‬ ‫ولۥ َف َق ۡد فَ َ‬ ‫هَّ َ‬ ‫از فَ ۡو ًزا َع ِ ً‬ ‫ٱلل َو َر ُس هَ ُ‬ ‫ظيما ‪ )٧١‬األ ۡح َزاب‬ ‫أم��ا بعد‪ ...‬فإن أصدق احلديث كتاب اهلل‪ ،‬وأحس��ن الهدي‬ ‫ه��دي محم��د ‪ -‬صل��ى اهلل عليه وس��لم ‪ ،-‬وش��ر األمور‬ ‫محدثاته��ا‪ ،‬وكل محدث ٍة بدع�� ٍة‪ ،‬وكل بدع ٍة ضالل ٍة‪ ،‬وكل‬ ‫ضالل ٍة في النار‪ ،‬وبعد‪.‬‬ ‫فهذا هو االص��دار الرابع من مجلة (احملجة البيضاء) وهى‬ ‫منب��ر صحيح معبر عن مكنون وذوق وتطلع أرباب املنهج‬ ‫الس��لفي فى وقت عصفت فيه األحداث بكثير من أرباب‬ ‫االطروحات فلم يستو على عوده إال من ث ّبته اهلل بالعلم‬ ‫النافع والعمل الصالح واالستمساك مبا كان عليه أرباب‬ ‫العصور الفاضلة‪.‬‬ ‫أحبتى فى اهلل أقدم لكم على اس��تحياء هذا العدد بعد‬

‫تأخر يس��ير بس��بب زحمة األحداث فلقد هاجت أحداث‬ ‫كثي��رة وفنت مضطربة فى هذه األيام ولقد ارتأينا الكتابة‬ ‫ف��ى بعض ه��ذه املوضوعات ثم – وله��ذه الزحمة ايضا –‬ ‫عس��ر علينا ما كن��ا ننويه لكن ما ال ي��درك كله ال يترك‬ ‫كله!‪ .‬إن ه��ذه العدد ميت��از بتنوع موضوعات��ه وجذابتها‬ ‫ما بني ترجمة رضية ألس��تاذ اجليل الش��يخ احمد شاكر‬ ‫عليه رحمة اهلل إلى اخملطوطات العقائدية مرورا بالقصة‬ ‫التربوي��ة الدعوي��ة اإلميانية إلى املق��ال التحليلى للواقع‬ ‫امل��ر الذى نعيش��ه ثم هذا املق��ال اللطيف ع��ن البدائل‬ ‫الصحيحة ملا اشتهر على األلسنة من األخبار الضعيفة‬ ‫واملوضوع��ة‪ ،‬وملا كان الوقت هو العمر وكان أحرص الناس‬ ‫عليه هم أهل االمي��ان وطليعتهم العلماء وطلبتهم فإن‬ ‫مقال الوق��ت ومنهجية طالب العلم يب��دو من املقاالت‬ ‫الضروري��ة‪ ،‬ونح��ن فى غمرة أح��داث س��وريا حيث يقوم‬ ‫األفاكون من الرافضة مبس��اعدة إخوانهم من النصيرية‬ ‫ب��ردع وقتل إخوانن��ا أهل الس��نة فى الش��ام كان هناك‬ ‫مقالت��ان فى فضح ه��ذه الطائفة الكاف��رة (النصيرية)‬ ‫وبيان عقائدهم وضالالتهم‪ ،‬وعندما يكل املرء فإنه يخلد‬ ‫للراحة وإجمام النفس ومن هنا كانت أهمية مقال واحة‬ ‫احملج��ة بقطوفها الداني��ة ولذيذ أخبارها ويس��ر موردها‬ ‫وعذوبت��ه وكذلك لم تنس��ي اجمللة ونح��ن الزلنا فى زمن‬ ‫الب��رد أن تخصص مقالة عن الطب أفردته عن نزالت البرد‬ ‫وعالجها ‪.‬‬ ‫أحبتى في اهلل‪ /‬لعلى أطلت‪ ،‬إذ أقدم هذا العدد أدعو اهلل‬ ‫س��بحانه أن يتقبله قبوال حس��نا وأن يب��ارك فى كل من‬ ‫شارك ودعم هذا العمل كما أوجه الدعوة لكل إخوانى أن‬ ‫ال يبخلوا علينا باملالحظات واملش��اركات الفاعلة جزاكم‬ ‫اهلل خيرا وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا محمد صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم‪.‬‬


‫فيون ‪ ..‬وانتخابات الرئاسة‬

‫ألحداث‪ :‬السلفية ‪ ..‬والسل‬ ‫قراءة في ا‬ ‫بقلم د‪ .‬أحمد النقيب‬

‫الس��لفية‪ :‬منهج رص�ين ثابت في أصول��ه ومقدماته‪ ،‬وهو‬ ‫موص��ول بالوح��ي‪ ،‬ض��ارب في ج��ذر التاريخ؛ ول��ذا يجب أن‬ ‫نفرق بني‪ :‬الس��لفية والس��لفيني‪ ،‬تفريقن��ا‪ :‬للدين والتدين‪،‬‬ ‫فالدين‪ :‬منزعه معروف‪ ،‬وأصوله كذلك ‪ ..‬ون َ َقلَ ُت ُه إلى البشر‬ ‫معلومون كذلك‪ ،‬أما التدين‪ :‬فإنه ميثل س��لوك البش��ر في‬ ‫تطبيق الدين تأسيسا على تصوراتهم وأفهامهم‪ ،‬إن اخللط‬ ‫بني «الدين» و‪« ‬التدين» خلط بني «احلق» و‪« ‬الظن»؛ والش��ئ‬ ‫نفس��ه‪ :‬اخللط بني «الس��لفية» و‪« ‬الس��لفيني»‪ :‬خلط بني‬ ‫«املنهج» و‪« ‬املمارسة» إنه ميكن احلكم بخطأ أو صواب فعل‬ ‫أو فهم ما لش��خص ما‪ ،‬لكن ال ميكن احلكم بخطأ املنهج؛‬ ‫إن «املنهج» معيار وميزان وحكم لألقوال واألفعال واألفهام؛‬ ‫لذل��ك فإن أح��دا يزعم أن «الس��لفية» ث َ ْوب يلب��س أو ينزع‬ ‫بحكم ش��خص أو زمان أو مكان‪ :‬لهو الوهم الزاعق؛ كمثل‬ ‫ص‬ ‫من لعبت اخلمر برأس��ه؛ ليظن أنه َح َك ٌم على الناس ُم ْح ٍ‬ ‫أفعالهم وحركاتهم وفق إرادته التي هي‪( :‬إراد ُة اهلل)!!‬ ‫وم�� ْن ث َ َّم‪ :‬فإن ما يحدث اآلن من إنش��اء حزب س��لفي يؤمن‬ ‫بالدميقراطية من خالل ممارس��اته وتصريحاته وتقريراته في‬ ‫مجال اللعب السياسي‪ ،‬ثم هذه «املهاترات» و‪« ‬الضبابيات»‪،‬‬ ‫ث��م هذا اخلبط العش��وائي املؤس��س على قاع��دة «الثوب‪/‬‬ ‫البيت» الس��لفي الذي ميلك ناصيته (فال ٌن أو ِعال ٌن) في البلد‬ ‫كذا؟! أو هذه االحتفاليات والظنون التي هي من باب الطنني‬ ‫الف��ارغ‪ُ :‬مخاِلف�� ٌة أص��و َل املنه��ج‪ُ ،‬مخاِلف ٌة اعتبار َ الس�نن‬ ‫الكوني��ة وحقيقة الصراع بني أولي��اء اهلل أهل احلق‪ ،‬وأولياء‬ ‫الطاغ��وت أهل الباطل‪ ،‬إن التغاف��ل عن أصول املنهج ومترير‬ ‫السقطات القاتلة وإيهام الناس بأن هذه سياسة شرعية!!‬ ‫إن هذا من باب «االنكس��ار والتدحرج والسقوط» املنهجي!!‬ ‫أخبرون��ي يا أصح��اب الثياب الس��لفية عن الف��ارق بينكم‬ ‫وبني «اإلخوان»؟ مل��اذا ال تنضمون إليهم وتوفرون هذا اخلالف‬ ‫القات��ل؟!! ملاذا تصرون عل��ى أنكم تفهمون في كل ش��يء‬

‫‪4‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬قراءة في األحداث‪ :‬السلفية ‪ ..‬والسلفيون ‪ ..‬وانتخابات الرئاسة‬

‫كم��ا يفه��م غيركم كل ش��يء؟!! أم هذه املس��ألة ال جتوز؛‬

‫غير مس��بوقة م��ن فتاوى الفض�لاء بجواز ه��ذا األمر‪ ،‬وعال‬

‫ألنكم أسس��تم جيال من الشباب امتأل قلبه حقدا وبغضا‬

‫الطن�ين بهاكم اخليول التي ال نعرف َمن اش��تراها وال رباها‬

‫وتهميشا على من ليس معهم؟!!‬

‫ُصح��وا إن املزاحمة لن تكون بني‬ ‫وال علمه��ا‪ ،‬املهم‪ :‬عندما ن ِ‬

‫إن ما أس��ميتموه «ضبابية» في مش��هد «انتخابات رئاسة‬

‫إس�لاميني و‪ ‬علمانيني خبثاء‪ ،‬قالوا‪ :‬سيكون‪ ،‬وسننسق مع‬

‫اجلمهوري��ة» إذا طبقت��م منهجكم ال��ذي كنتم عليه قبل‬

‫األخ��وان!! ثم ح��دث املزاحمة بني الدميقراطي�ين اإلخوانيني‬

‫إميانك��م بالدميقراطي��ة ولعبته��ا لتجعلوه��ا دميقراطي��ة‬

‫وإخوانه��م الدميقراطيني الس��لفيني‪ ،‬وهنا قال الس��لفيون‬

‫إس�لامية! هذه الضبابية أنت��م جز ٌء منها‪ ،‬ال س��ببا فيها‪،‬‬

‫الدميقراطي��ون‪ :‬إن املزاحم��ة مقصودة مع اإلخ��وان؛ ألننا ال‬

‫واخل��وف أن يصيبكم «الوهم املنتف��خ» فتظنوا أنكم صرمت‬

‫نطمئ��ن على الش��ريعة منه��م ونحذره��م!! وكان ما كان‬

‫أرب��اب توجي��ه مؤش��ر السياس��ة املصرية!! أنت��م جز ٌء من‬

‫م��ن انتخاب��ات البرملان‪ ،‬ثم ‪ ..‬تق��دم األخ الش��يخ‪ /‬حازم أبو‬

‫َس��ق عقائدي‬ ‫ه��ذه الضبابي��ة؛ بتخبطكم‪ ،‬بع��دم وضع ن َ‬

‫إس��ماعيل بالترش��ح للرئاس��ة‪ ،‬وهنا‪ :‬ألنه ليس من احلزب‬

‫واضح يتم من خالله ضبط إيقاع حركة العمل السياس��ي‬ ‫املظن��ون!! بعدم وضع آلية علمي��ة منهجية من خالل جلان‬

‫‪/‬حبل)‬ ‫الدميقراطي الس��لفي‪ ،‬ومن ث َ َّم ال ميكن قياده َ‬ ‫(بسلَب ِة ِ‬

‫مشايخ احلزب‪ ،‬كان القرار أن الدميقراطيني السلفيني (الذين‬

‫متخصص��ة تعمل وفق دَ َف ٍق هائل من الرؤى والتصورات ذات‬

‫س�� َم ْوا أنفس��هم – ادِّع��ا ًء – بأنهم‪« :‬دعوة س��لفية»)‪ ،‬كان‬ ‫َ‬

‫الصل��ة باملوضوع؛ ليت��م تقنينها – وفق املنه��ج العقائدي‬

‫القرار‪ :‬عدم دعم الرجل املتس�نن الذي يدعوا إلى شرع اهلل‪،‬‬

‫الس��لفي – فهي علمية عملي��ة منهجية قواعدية!! إنكم‬

‫لكن لم يجرؤ على اإلعالن! ملاذا؟ ما هذا اجلنب واحلذر؟! ألهذه‬

‫ل��م تفكروا يوما ما «أنكم مخطئون»‪ ،‬أو «أنكم مقصرون»‪،‬‬

‫الدرجة نقدم األغراض الش��خصية على نصرة دين اهلل!! إن‬

‫ب��ل – دوما – أصابكم ما أص��اب غيركم من‪« :‬انتفاخ الذات»‬

‫مش��ايخ مجلس ش��ـورى العلماء وغيرهم أعلنوا تأييدهم‬

‫و‪« ‬تهميش اآلخر» و»تربية األجيال على الوالء ‪-‬فقط‪ -‬لكم»‬

‫– جزاه��م اهلل خيرا –‪ ‬للش��يخ ص�لاح‪ ،‬أما مش��ايخ احلزب‬

‫بدون بصيرة‪ ،‬لكن أوال‪ :‬بدافع العاطفة العلمية الش��رعية‪،‬‬

‫السلفي الدميقراطي‪ :‬فالذوا بالصمت املطبق!! وقالوا‪ :‬ندرس‬

‫ثم انقلب األمر إلى عصبي��ة فكرية‪ ،‬ثم انحدر إلى عصبية‬

‫‪ ..‬ونبحث ‪ ..‬ونتفاوض ‪ ..‬ونتشاور ‪ ..‬هذه العبارات السياسية‬

‫ش��خصية ثم انحدر إلى عصبية حزبية شخصية فكرية!!‬

‫التي تدربوا عليها من أجل «الشغل اجلديد»‪ ،‬ويعدون الدورات‬

‫من هؤالء؟ من أين أتوا؟ وكيف صاروا» أال من منبه لهم؟ أين‬

‫ألجيال املس��تقبل من الش��باب الطاهر املبارك في كيفية‬

‫إخواني املشايخ الفضالء من هذه املهازل؟‬

‫التعامل بخبث (يس��مونها حكمة أو سياس��ة ش��رعية!!)‬

‫ث��م نأتي إل��ى مس��ألة‪« :‬الرئاس��ة»‪ ،‬إن احل��زب الدميقراطي‬

‫مع اخملالفني؛ وبذلك تتخرج أجي��ال الدعوة (زعموا!!) وكوادر‬

‫الس��لفي أعل��ن بوضوح أنه يري��د تطبيق الش��ريعة‪ ،‬وألنه‬

‫احلزب!! على دراية بالسياسة الش��رعية املناسبة لطريقة‬

‫يخ��اف عل��ى مصي��ر الش��ريعة واس��تقرار البل��د م��ن أن‬

‫العصر!!‬

‫يُس��لًّط عليها العلمانيون‪ :‬رأوا ضرورة إنشاء احلزب وخوض‬

‫بهذه السياس��ة الش��رعية َق َّننُوا بالفتاوى الشرعية‪ :‬جواز َ‬

‫االنتخاب��ات!! وكانت املأس��اة‪ :‬أن متّ جتنيد األب��واق والطبول‬

‫إنشاء األحزاب الدميقراطية – التحالف مع العلمانيني – تصور‬

‫ورُ ِف َعت الرايات والبيارق‪ ،‬وجتهز احلشد‪ ،‬وعال الصوت بطائفة‬

‫جواز تولية النصارى الواليات العامة – غلق ملفات املسلمات‬ ‫‪5‬‬


‫تابع‪ :‬قراءة في األحداث‪ :‬السلفية ‪ ..‬والسلفيون ‪ ..‬وانتخابات الرئاسة‬

‫املغيب��ات في س��جون النصارى – عدم املطالبة بالش��ريعة‬

‫باملضم��ون؛ ألن��ه ليس مم��ن تدرب عل��ى الدورات الش��رعية‬

‫– ع��دم دعم م��ن ينادي بها – الكذب السياس��ي – اجملامالت‬ ‫السياسية اخلبيثة – مجاملة العلمانيني في أفراحهم ‪... -‬‬

‫السياس��ية والدورات الفكرية وكان من جملة من ُح ِجز في‬ ‫السجن مع املشايخ!!‬

‫ثم كانت الطامة بعدم دعم الشيخ حازم‪ ‬أبو‪ ‬اسماعيل‪!!... ‬‬

‫ثالث��ا‪ :‬إيج��اد مرش��ح مس��تقل يس��ميه الس��لفيون‬

‫فم��ا موقفه��م اآلن؟! أعن��ي «الس��لفيني الدميقراطي�ين»‪:‬‬

‫الدميقراطيون «يكون توافقيا» ترضى عنه أمريكا وإسرائيل‬

‫إنهــم اآلن في مفتــرق طــرق‪ ،‬وليس أمامهم إال‪:‬‬

‫والعلماني��ون والنص��ارى ومتش��ددوا الصوفي��ة‪ ،‬وعنـدها‬

‫‪ -1‬السالمة‪ ،‬بترك األمر برمته‪ ،‬والتوبة إلى اهلل ‪-‬سبحانه‪،-‬‬

‫–‪ ‬مع التقارب الش��ديد الذي ميكن أن يحصل آنذاك بني قوى‬

‫وغس��ل أيديهم مما ولغ��وا فيه من اإلث��م ومجانفة املنهج‬

‫التحالف��ات الدميقراطي��ة – ومنها احلزب الس��لفي – تكون‬

‫والس��ير عل��ى طري��ق أع��داء الدي��ن ومخالفة س�نن اهلل‬

‫الطام��ة‪ ،‬وعندها س��يفقد احل��زب كثيرا ً من ك��وادره؛ أهل‬

‫الش��رعية والكونية ‪ ...‬واخلروج مما هم فيه اآلن‪ ،‬والعودة إلى‬

‫اإلمي��ان واالعتقاد احلس��ن‪ ،‬الذي��ن – يتأملون ملا يح��دث‪ ،‬لكن‬

‫املش��اركة اإليجابية البناءة من خ�لال‪ :‬بناء اإلميان في قلوب‬

‫يجدون التبريرات والتأويالت ويحسنون الظن مبشايخ احلزب‬

‫األمة‪ ،‬ومس��اعدة األم��ة في حتمل أعباء احلياة‪ ،‬واالنش��غال‬

‫الدميقراطي السلفي!! – إن هؤالء – وألول مرة – سيتكلمون‬

‫بهذين اجلانبني فقط‪.‬‬

‫ويرفع��ون أصواتهم باإلعراض عن منه��ج احلزب واالعتراض‬

‫‪ -2‬االنغماس في اإلثم والع��دوان‪ ،‬وهنا تكون الطامة‪ :‬أن أي‬

‫على مش��ايخه‪ ،‬وعنده��ا – رمبا – يضطر مش��ايخ احلزب أن‬

‫طرح س��يكون س��لبيا‪ ،‬وله آثار ض��ارة‪ ،‬إن أي اختيار في هذا‬

‫يترك��وا قرارهم رغما عنه��م ونزوال ً على رأي ه��ذه القاعدة‬

‫االجت��اه لن يصب ف��ي مصلح��ة الدميقراطيني الس��لفيني‪،‬‬

‫املؤمنة‪ ،‬وعندها – أيضا – ستكون اخلسارات املعنوية الهائلة‬

‫ولنوضح الصورة‪:‬‬

‫للحزب!!‬

‫أوال‪ :‬ضب��ط بوصل��ة الق��رار الدميقراط��ي الس��لفي مبوقف‬

‫رابع��ا‪ :‬اتب��اع سياس��ة االحتم��اء وه��ي سياس��ة الهزيل‬

‫اإلخوان‪ ،‬فالذي يرش��حه اإلخوان يرش��حونه! وهذا وإن كان‬

‫الضعي��ف‪ ،‬الذي ال يعرف موضع قدمه‪ ،‬إن��ه ال يريد في هذا‬

‫في الظاهر في��ه التوافق‪ ،‬لكن فيه اضط��راب داخلي داخل‬

‫الظرف أن يأخ��ذ قراره‪ ،‬وإمنا يتترس وراء إخوانه من اجلماعات‬

‫الصف احلزبي الس��لفي الذي تربى عل��ى عدم اإلنصاف في‬

‫واجلمعي��ات الدعوية األخرى – الذين دوما ال ينظر إليهم‪ ،‬بل‬

‫التعامل مع اخملالف‪ ،‬مع وجود الدورات النظرية في مس��ألة‪:‬‬

‫ي ُ َه َّمش��ون‪ ،‬وفي اجملال��س اخلاصة يُلْمز به��م ويهمز – ولعل‬

‫أسست‬ ‫«فقه اخلالف» ونحوها من «الدورات الفكرية» التي َّ‬

‫هذه السياس��ة هي األق��رب‪ ،‬وعندها يكون القرار واس��عا‪،‬‬

‫للمذهبية الشخصية ومن ث َ َّم املذهبية احلزبية‪.‬‬

‫ويتبنى احلزب الدميقراطي الس��لفي ومشايخه قرار التوسع‬

‫ثانيا‪ :‬إيجاد مرشح إس�لامي مستقل «يسميه السلفيون‬

‫ف��ي االختي��ار‪ ،‬وأن َم ْن فعل كذا فال حرج‪ ،‬وعندها س��تخرج‬

‫الدميقراطي��ون»‪ ،‬وبه��ذا الط��رح ميكن أن يفاوض��وا غيرهم‬

‫التأويالت واالجتهادات‪ ،‬ويتم تش��بيه هذا املقام مبقام النبي‬

‫م��ن اإلخ��وان والق��وى املوج��ودة‪ ،‬لك��ن املش��كلة‪َ :‬من هو‬

‫(صلى اهلل عليه وس��لم) في حجة ال��وداع – دفعا للحرج –‬

‫رئي��س اجلمهورية الذين ميكن أن يُس��اس ويقاد بحبل احلزب‬

‫افعل وال حرج!!‬

‫و‪« ‬رميوت��ه»!! لم يوجد إلى اآلن ‪ -‬رمب��ا‪ !!-‬وإن ُوجد‪ :‬فهو ليس‬ ‫‪6‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬قراءة في األحداث‪ :‬السلفية ‪ ..‬والسلفيون ‪ ..‬وانتخابات الرئاسة‬

‫إن كل الس��بل‪ ،‬وكل الق��رارت ل��ن تكون ف��ي صالح «احلزب‬ ‫الدميقراطي الس��لفي» ألن ظاهره خال��ف باطنه‪ ،‬وخالفت‬ ‫س َّدت عليه‪ ،‬وهذا شأن من‬ ‫أعماله أقواله‪ ،‬إن كل الطرق قد ُ‬ ‫خال��ف منهج اهلل في التص��ور والفهم والعمل والتطبيق‪،‬‬ ‫إننا مطالبون أن ننصح وننصح؛ ألن رس��ول اهلل (صلى اهلل‬ ‫عليه وس��لم) قال‪ :‬الدين النصيح��ة – قالها ثالثا – قلنا‪ :‬ملن‬ ‫يا رس��ول اهلل! قال‪ :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني‬ ‫وعامتهم [متفق عليه]‪ ،‬وعليه‪ :‬فإنه يجب علينا النصيحة‪،‬‬ ‫الس��يما إلخواننا الذين هم أقرب الن��اس إلينا‪ ،‬والذين كانوا‬ ‫حتى األمس القريب يحملون لواء (الوالء والبراء)‪ ،‬ويدرس��ون‬ ‫للتالميذ‪ :‬العلم‪ ،‬ومن جملة ما كانوا يدرس��ون‪ :‬يدرسون ذم‬ ‫التقلي��د وذم مواالة اجملرمني وذم التش��به به��م في األقوال‬ ‫واألعم��ال واملناه��ج‪ ،‬وكان��وا من أش��د الناس ن��كارة على‬ ‫اإلخوان؛ بس��بب ما يسمونه «ش��ماعة املصالح واملفاسد»‬ ‫و‪« ‬شماعة مصلحة الدعوة» التي ال أظن أن شيئا من احلرام‬ ‫محضوه!! ث��م ها هم أوالء ‪ -‬أعني‬ ‫مم��ا قد يصيب الناس قد َّ‬ ‫الدميقراطيني السلفيني‪ :-‬يقعون فيما وقع فيه أسالفهم!!‬ ‫في النهاية‪ :‬أدعو كل أخ محب ملنهج الس��لف أن يتقي اهلل‬ ‫رب��ه‪ ،‬وأن يُعظ��م أمر اهلل حتى ي َ ْع ُظم أم��ر اهلل في اجملتمع‪،‬‬ ‫واعلم��وا عباد اهلل أن اخلير في أن تنش��غلوا فيما ينفعكم‪،‬‬ ‫وهو اتباع ما كان علي��ه األولون املتقدون في العلم والعمل‬ ‫والعبادة والفهم والدعوة‪ ،‬واهلل أدعوا أن ميسكنا بالهدى وأن‬ ‫يتوفنا على اإلسالم‪ ،‬وأن يرضى عنا‪ ،‬وصلى اهلل وسلم وبارك‬ ‫على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫ُمحبكم في اهلل‪ /‬د‪ .‬أحمد النقيب‬

‫مدرس الدراسات اإلسالمية – بكلية التربية‬ ‫جامعة املنصورة‬

‫‪7‬‬


‫منهجية طلب العلم‬

‫الـوقـت‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫احلم��د اهلل والصالة والس�لام على نبين��ا محمد صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم وبعد‪...‬‬ ‫قال اب��ن اجلوزى رحم��ه اهلل تعال��ى «ينبغى على االنس��ان‬ ‫أن يعــرف ش��ـرف زمانــه وقـدر وقتـ��ه فـال يضيـع منـه‬ ‫حلظــة فــى غيـر قربـة»‬ ‫وكم��ا أن املال ه��و رأس مال التاجر فإن الوق��ت هو رأس مال‬ ‫الطالب‪ ،‬تُرى لو أن تاجرا بعثر ماله مينة ويس��رة فال شك أنه‬ ‫تاج��ر أحمق مغبون فكذا الطال��ب الذى ينفق وقته فى غير‬ ‫إفادة إذ الواجب علي��ه احملافظة على الوقت باجلد واالجتهاد‬ ‫ومالزمة الطلب ومثاقفة األش��ياخ واالشتغال بالعلم قراءة‬ ‫وإق��راءا ومطالع��ة وتدبرا وحفظا وبحثا الس��يما فى أوقات‬ ‫الشباب ومقتبل العمر ومعدن العافية‪.‬‬ ‫أخى طالب العلم إقطع عنك العالئق وأرح عنك الش��واغل‬ ‫فإنها احلواجز عن حفظ العلم والقواطع عن سبيل احلق فإن‬ ‫فى هذه أليام قد رأينا وس��معنا أبناء هذا املنهج انش��غلوا‬ ‫بل وأوغلو فى هذه العالئق كالث��ورات واألحزاب واالنتخابات‬ ‫واملظاه��رات وهجرو مجال��س العلم والعلم��اء فصرت ترى‬ ‫من هؤالء السياس��ي البارع احملتال وأحداث األسنان من كل‬ ‫رويبض��ة الذين جلس��وا مجال��س العلماء ي ُ ِّ‬ ‫نظرون باس��م‬ ‫املنهج قتلوا أوقاتهم واستنزفوا طاقاتهم وإذا رحت تنصح‬ ‫أحدهم أن انشغل مبا ينفعك من أمر العلم والدعوة سلقك‬ ‫بلس��ان حاد ورمقك بلح��ظ املغضب األس��يف‪ ،‬كأمنا تأمره‬ ‫مبنكر أو تصده عن طريق الفالح ثم تكال االتهامات وال حول‬ ‫وال قوة إال باهلل لكن ملثله أقول‪:‬‬ ‫ستعلـم حيـن ينكشـف االغبــار‬ ‫ ‬ ‫أتـحـتـــك فـــــرس أم حـمـــار‬ ‫ ‬ ‫ولعل بعضهم بدأ يفيق من غفلته أس��أل اهلل أن يتم عليه‬ ‫تلك اإلفاقة وأن يبصرة باحلق وأن ميسكه به‪.‬‬ ‫فالعبرة إخوانى بالعواقب لكنى هنا أقدم نصيحتى للطالب‬ ‫احلق الذي يريد أن يغتنم س��اعات عمره ليصل الى مطلوبة‪،‬‬ ‫فله أوج��ه النصح للمحافظة على الوقت وإنفاقه فى خير‬ ‫مرام وهو طلب العلم وهذه النصائح أجملها فى اآلتى‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬ينبغى على طالب العلم أن يحرص على االستفادة من‬ ‫الوقت بشتى الطرق‪:‬‬ ‫فقد كان الس��لف رحمهم اهلل أحرص الناس على أوقاتهم‬ ‫حتى قال احلس��ن رحمه اهلل «أدركت أقوام��ا على أوقاتهم‬

‫‪8‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬منهجية طلب العلم‬

‫أش��د منكم حرصا عل��ى دراهمك��م ودنانيرك��م» فياأيها‬ ‫الطال��ب اح��رص على الوق��ت أن تضيع من حلظ��ة فى غير‬ ‫مس��ألة تس��تفيدها أو علم تزداد منه وليك��ن حالك حال‬ ‫القائل‪:‬‬ ‫فـإن مـر يـوم ولـم استفــد هــدى‬ ‫ ‬ ‫ولم أكتسب علما فما ذاك من عمرى‬ ‫ ‬ ‫ثانيا‪ :‬االعراض عن البطالة وإهدار الوقت فى اللغو واللهو‪:‬‬ ‫فحقيق مبن رزقه اهلل علما وفهم أال يضيع أوقاته سدى وأن‬ ‫يسعى دوما إلى حتقيق الفاضل دون املفضول وأن تستشرف‬ ‫نفس��ه املعالى ويب��ذل لها كل غالى «ف��إن من يضيع وقته‬ ‫بالله��و والبطال��ة فحال��ه ح��ال ال يرضاه لنفس��ه اللبيب‬ ‫ومنزلة اليرضاها لنفسه األريب»‬ ‫ثالثا‪ :‬احلذر من التسويف والتأجيل‪:‬‬ ‫ف��إن التس��ويف داء أى داء‪ ،‬فإي��اك وتأمي��ر التس��ويف على‬ ‫نفس��ك فال تس��وف لنفسك فإنها من أش��د اآلفات خطرا‬ ‫على انتفاع اإلنس��ان بوقته لذا قال بعضهم «سوف» جند‬ ‫من جند إبليس‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬اغتنام أيام الشباب‪:‬‬ ‫يقول اخلطيب رحمه اهلل تعالى «التفقه في زمن الش��بيبة‬ ‫إقب��ال العمر والتمك��ن منه بقلة األش��غال وإعمال الذهن‬ ‫وراحة القريحة يرسخ في القلب ويثبت ويتمكن ويستحكم‬ ‫فيحص��ل االنتف��اع به والبرك��ة إذاصحبه من اهلل حس��ن‬ ‫التوفيق»‪.‬‬ ‫فياطال��ب العلم اقتنص الفرصة واظفر بش��بابك وإياك ان‬ ‫تغنب فى صفقتك‬ ‫فمـن رام العـال ليال يقوم‬ ‫بقدر الكد تعطى ما تروم‬ ‫أال إن احلـداثـــة ال تــدوم‬ ‫وأيـام احلداثـة فاغتنمهـا‬ ‫الس��يما وأنت ال محالة مس��ئول عن كل حلظ��ه فماذا انت‬ ‫قائ��ل وقد قال النب��ى ‪« :j‬ال تزول قدما عب��دا يوم القيامة‬ ‫حتى يس��ئل ع��ن أربع خصال‪ :‬ع��ن عمره فيم��ا أفناه وعن‬ ‫ش��بابه فيما أباله وعن ماله من أين اكتس��به وفيما أنفقه‬ ‫وعن علمه ماذا عمل فيه»‪.‬‬ ‫فهى مرحلة العمل واإلنتاج على الرغم أنها مرحلة سريعة‬ ‫حضنا النب��ى صلى اهلل عليه وس��لم على‬ ‫الرحي��ل لذلك ّ‬ ‫اغتنامه��ا فقال ‪« :j‬اغتنم خمس��ا قبل خمس‪ :‬ش��بابك‬ ‫قبل هرمك‪ ...‬احلديث» فمن أنفق عصر الشباب فى العلم فإنه‬

‫فى زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس ويلتذ بتصنيف ما‬ ‫جمع وال يري ما يفقد من لذات البدن شيئا باإلضافة إلى ما‬ ‫يناله من لذات العلم‪.‬‬ ‫ولو رحنا نكتب فى فضل التفقه والعمل فى زمن الشبيبة‬ ‫ال نكاد ننتهى أما إذا أخذ اإلنس��ان فى التس��ويف والكسل‬ ‫فاتته بركة شبابه ورُد إلى أرذل عمره والت حني مندم‪.‬‬ ‫يقول األمير أسامة بن منقذ‪:‬‬ ‫مع الثمانني عاث الضعف في جسدي‬ ‫وسـاءنـي ضـعـفـى رجـل واضطـراب‬ ‫ ‬ ‫إذا كتبت فخـطـى خـط مـضـطـرب‬ ‫كـخـط مـرتـعـش الـكـفني مـرتعـد‬ ‫ ‬ ‫فاعجب لضعف يدي عن حملهـا قلما‬ ‫من بعد حمـل القنــا في لبـة األسـد‬ ‫ ‬ ‫فقــل لـمــن يتمنــى طــول مدتــه‬ ‫هـذى عـواقـب طـول العـمـر والـمـدد‬ ‫ ‬ ‫ف��إن كان األمر كذلك فبادر ياطالب العلم فإن الش��باب إذا‬ ‫ذهــب ال يعــود أبــدا‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬اغتنام الصحة والفراغ‪:‬‬ ‫روى البخارى رحمه اهلل تعالى عن بن عباس ان النبى ‪ j‬قال‪:‬‬ ‫«نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»‪.‬‬ ‫والصحة هى‪ :‬فتوة االنسان وعافيته من األمراض واألسقام‬ ‫وأما الفراغ‪ :‬فهو اخللو من املشاغل واملعوقات الدنيوية التى‬ ‫متنع االنسان من االشتغال بأمور اآلخرة‪.‬‬ ‫وجملة القول أن اللبيب ال ينبغى أن يضيع شيئا من ساعات‬ ‫عمره الس��يما حال صحته وقلة شغله بل ال بد أن يستغل‬ ‫هذه األوقات بالعلم والعمل‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬ادامة النظر فى حرص السلف على أوقاتهم‪:‬‬ ‫فهذا دأب الس��لف رحمهم اهلل تعال��ى احلرص على الوقت‬ ‫بل كانوا يجتهدون أن ال متر عليهم حلظة دون أن يس��تفيدوا‬ ‫منه��ا علما حتى أنهم كانوا يتأس��فون عل��ى الوقت الذى‬ ‫يفوتهم أثناء األكل قال اخلليل رحمه اهلل «أثقل الس��اعات‬ ‫على س��اعة أكل فيها» وذكروا أن سليم بن أيوب الرازى كان‬ ‫يحاس��ب نفسه على األنفاس ال يدع وقت ميضى عليه بغير‬ ‫فائدة إما ينسخ أو يدرس أو يقراء أو‪...‬‬ ‫فهذا ش��أن غالب علماء الس��لف رحمهم اهلل وال شك ان‬ ‫الطالب حني يدمن النظر فى أحوال هؤالء ال ش��ك أنه يتأثر‬ ‫بهم ويأتى باملراد ان شاء اهلل‪.‬‬ ‫‪9‬‬


‫اؤك فاعرفهم‪ :‬النصيريون‬ ‫هؤالء أعد‬

‫بقلم أ‪ .‬محمود الصاوي‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫إن احلمد اهلل تعالى نحمده ونس��تعينه ونس��تغفره ونعوذ‬ ‫باهلل من شرور أنفس��نا ومن سيئات اعمالنا من يهده اهلل‬ ‫ف�لا مضل له وم��ن يضلل فال هادى له وأش��هد أن ال‪ ‬اله اال‬ ‫اهلل وحده ال ش��ريك له وأشهد ان محمد عبده ورسوله أما‬ ‫بعد‪...‬‬ ‫فه��ذا ب��اب «ه��ؤالء أع��داؤك فاعرفهم» نس��تعرض من‬ ‫خالله مالمح عدو من أعداء االس�لام قياما باحلق الواجب‬ ‫علين��ا من تبصير املس��لمني بأعدائه��م ليأخذوا حذرهم‬ ‫ويجاهدوا أعداءهم وكالمنا ف��ى هذا العدد ينحصر حول‬ ‫عدو من أعداء االسالم طغى حكامه حتى سفكوا الدماء‬ ‫واس��تحلوا احلرمات وقد اتضحت لكل ذى عينني من خالل‬ ‫ما ميارس��ه النظام السورى من قهر وتدمير وقتل إلخواننا‬ ‫أهل الس��نة فى س��وريا؛ إنهم النصيريون تل��ك الطائفة‬ ‫الت��ى يش��هد عليه��ا التاري��خ أنهم م��ا مكن��وا يوما إال‬ ‫وأعملوا حقدهم فى أهل الس��نة فقتلوا وسفكوا الدماء‬ ‫وانتهكوا األعراض واحلرمات فل��ذا رأينا من الواجب علينا‬ ‫نصح��ا ألمتن��ا وبيان��ا إلخوانن��ا جتلية مالمح ه��ذا العدو‬ ‫املندس وذلك من خالل العرض األتى‪:‬‬ ‫‪10‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫من هم النصيريون‬ ‫هم ش��رذمة من غالة الش��يعة ظهرت فى القرن السادس‬ ‫الهج��رى زعم��وا أن اإلل��ه قد حل ف��ى على‪ ‬بن‪ ‬أب��ى طالب‬ ‫وقالوا بالتناس��خ والتأوي��ل الباطنى للش��رائع وغيرها من‬ ‫العقائد الفاسدة أطلق عليهم األستعمار الفرنسى اسم‬ ‫العلويني تغطي��ة للحقيقة الرافضي��ة والباطنية اخلبيثة‬ ‫وأما تس��ميتهم بالنصيرية فنس��بة إلى محمد‪ ‬بن‪ ‬نصير‬ ‫النميرى مؤسس املذهب‪.‬‬ ‫هذاوقد تبنى النصيريون جملة من أردى العقائد التى مبناها‬ ‫على الكفر احملض كما سبق بيانه من تأليه على ونحوه‪.‬‬ ‫واخلالصة أن مذهبهم مزيج من الوثنية األسيوية واجملوسية‬ ‫واليهودي��ة والنصرانية فباجلملة هم ش��رذمة من املالحدة‬ ‫الزنادقة شأنهم شأن إخوانهم من القرامطة واإلسماعيلية‬ ‫وغالة الروافض‪.‬‬ ‫كيف نشأ النصيريون‬ ‫ملا توفى احلس��ن العسكرى الذى تدعى الرافضة أنه إمامها‬ ‫احلادى عشر اجتمع الغالة من املنتمني إليه وادعوا أن له ولد‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬النصيريون‬

‫اختفى فى س��رداب مبنزله فى س��امراء ه��ذا الغالم الغائب‬ ‫هوإمامه��م الثانى عش��ر‪ -‬وقد خرج على إث��ر تلك اخلرافة‬‫مجموعة من الغالة كلٌ يدعى أنه الواسطة بني هذا األمام‬ ‫الغائب وبني ش��يعته وكان من هؤالء محمد‪ ‬بن‪ ‬نصير الذى‬ ‫سمي أتباعه بعد ذلك بالنصيرية على الرغم من أن التاريخ‬ ‫يثبت أن احلسن العس��كرى مات عقيما وعلى الرغم من أن‬ ‫محمد‪ ‬بن‪ ‬نصي��ر قد زعم أن��ه الباب الى امله��دى إال أنه قد‬ ‫ادعى النبوة والرسالة وتأليه األئمة‪.‬‬ ‫أهم رجاالت املذهب وأبرز مؤسسيه‬ ‫حم��ل هذااملذهب وس��عى لترويجه جملة من االش��خاص‬ ‫كان علـى رأس��هــم‪ :‬محمد‪ ‬بن‪ ‬جنــدب الــذى خــلــف‬ ‫محمد‪ ‬بن‪ ‬نصير فى رئاس��ة الطائف��ة ومحمد‪ ‬بن‪ ‬عبداهلل‬ ‫اجلنبالت��ى وحس�ين‪ ‬بن‪ ‬على اخلصيبى‪ ،‬وأبو س��عد امليمون‬ ‫سرور‪ ‬بن‪ ‬قاس��م الطبرانى‪ ،‬وعصم��ة الدولة حامت الطوبانى‬ ‫كاتب الرسالة القبرصية‪ ،‬ثم ظهر فيهم حسن عجرد بعد‬ ‫ذلك سنة ‪ 836‬هجرية‪ ،‬ثم سليمان أفندى اإلذنى الذي تنصر‬ ‫بعد ذلك وأصدر كتاب «الباكورة الس��ليمانية» فى كشف‬ ‫أس��رار هذه الطائفة ثم اس��تدرجه ه��ؤالء وقتلوه‪ ،‬ومحمد‬ ‫أمني غالب الطويل أح��د قادة النصيريني فى عصر اإلحتالل‬ ‫وصاحب كتاب «تاريخ‪ ‬العلويني» وسليمان املرشد الذى ادعى‬ ‫الربوبية وغيرهم من الش��خصيات الت��ى كان لها أبرز األثر‬ ‫فى ترويج املذهب النصيري فى الش��ام والعراق وتركس��تان‬ ‫وغيرها من بلدان العالم االسالمي‪.‬‬ ‫النصيرية عقائد وطقوس‬ ‫إن الباح��ث فى عقائد النصيرين يوق��ن وألول وهلة أن هؤالء‬ ‫القوم زنادقة مالحدة ليس لهم صلة بدين اإلسالم عقائدهم‬ ‫منحرف��ة وطقوس��هم وعباداتهم غريبة واف��دة على أهل‬ ‫اإلس�لام فالق��وم ال ميتون لإلس�لام بأى صلة ف��ى مظاهره‬ ‫وعقائده وش��عائره وإليك أخى القارئ الكرمي جملة من هذه‬ ‫اإلعتقادات الزائفة لتقف على حقيقة هذه الديانة‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬تأليه على‪ ‬بن‪ ‬ابى طالب وأن ظهوره الروحانى باجلس��د‬ ‫اجلسمانى كان كظهور جبريل فى صورة بعض األشخاص وأن‬ ‫عليا لم يظهر فى صورة الناسوت إال من باب اإليناس خللقه‬ ‫وعبيده ومن العجب أنهم يعظمون عبدالرحمن‪ ‬بن‪ ‬ملجم‬ ‫قات��ل على لزعمه��م بأنة قد خلص الالهوت من الناس��وت‬ ‫ويزعم��ون أن على هو الذى خلق محمد‪ ‬بن‪ ‬عبداهلل ومحمد‬ ‫هو الذى خلق س��لمان الفارس��ي وس��لمان ه��و الذى خلق‬ ‫األيت��ام اخلمس��ة‪« :‬املقداد‪ ‬بن‪ ‬األس��ود (امل��وكل بالرع��ود)‬

‫وأبو‪ ‬ذر‪ ‬الغفارى (املوكل بدوران الكواكب) وعبداهلل‪ ‬بن‪ ‬رواحه‬ ‫(امل��وكل بالرياح وأرواح البش��ر) وعثمان‪ ‬بن‪ ‬مظعون (املوكل‬ ‫باملعده وحرارة اجلس��م وأم��راض اإلنس��ان) وقنبر‪ ‬بن‪ ‬كادان‬ ‫(املوكل بنفخ األرواح)»‪.‬‬ ‫ثاني��ا‪ :‬عقي��دة التناس��خ‪ :‬وتعن��ى انتقال املي��ت بعد موته‬ ‫من حالة إلى حالة ومن جس��د الى جس��د بحسب متسك‬ ‫النصيري بعقيدته وهى أربعة أنواع‪:‬‬ ‫‪ -1‬النسخ‪ :‬وهو انتقال الروح من آدمى إلى آدمى آخر‪.‬‬ ‫‪ -2‬املسخ‪ :‬انتقال الروح من جسم آدمى جلسم حيوان‪.‬‬ ‫‪ -3‬الفسخ‪ :‬انتقال الروح من جسم آدمى إلى حشرة‪.‬‬ ‫‪ -4‬الرس��خ‪ :‬انتق��ال ال��روح من جس��م آدمى إلى الش��جر‬ ‫والنباتات و اجلمادات‪.‬‬ ‫ومن عقائدهم التابعة للتناس��خ أن الذى ال يعبد عليا يولد‬ ‫من جديد على ش��كل إب��ل أو حمير‪ ،‬أما املؤم��ن الذى يعبد‬ ‫عليا يتحول س��بع مرات ثم يأخذ مكان��ه بني النجوم‪ ،‬ومن‬ ‫ينحرف يولد من جديد حتى يتطهر أو يكفر عن سيئاته‪.‬‬ ‫ثالث��ا‪ :‬ومن عقيدتهم إن��كار البعث والنش��ور واجلنة والنار‬ ‫والق��ول بق��دم العال��م كم��ا يعتق��ده كثير م��ن الدهرية‬ ‫والزنادق��ة لذلك جتد بينهم وبني البعثيني فى س��وريا توافق‬ ‫كبير فال ضير إن الكفر ملة واحدة‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬كذلك يعتقدون أن للش��ريعة ظاه��را وباطنا‪ ،‬وأنهم‬ ‫وحدهم العاملون بباطن األسرار فالشهادة عندهم تشير إلى‬ ‫صيغة (ع‪ .‬م‪ .‬س) وهى رمز لعلى ومحمد وسلمان وهى أشبه‬ ‫بعقيدت��ة التثليث عند النصارى والصالة عندهم خمس��ة‬ ‫أسماء هى (على وحس��ن وحسني ومحسن وفاطمة) وتبدأ‬ ‫بالظهر‪ ،‬وذكر هذه األسماء يغنيهم عن الغسل من اجلنابة‬ ‫والوضوء وبقية ش��روط الصالة وواجباتها‪ ،‬والزكاة يرمز لها‬ ‫بشخصية سلمان وتؤدى الزكاة كضريبة فى صورة اخلمس‬ ‫عند الش��يعة‪ ،‬والصوم هو حفظ السر املتعلق بثالثني رجال‬ ‫من رجالهم وثالثني امرأة متثل ليالى رمضان‪ ،‬ويؤدى باإلمتناع‬ ‫عن النس��اء والش��هوة‪ ،‬وأما اجلهاد فهو صب اللعنات على‬ ‫األعداء وبالطبع فإن أعداءهم هم أهل السنة وعلى رأسهم‬ ‫الصحاب��ة بل إن أع��دى أعدائهم ه��و عمر‪ ‬بن‪ ‬اخلطاب رضى‬ ‫اهلل عنه إذ يدعونه إبليس األبالسة‪ ،‬ويليه فى رتبة األبالسة‬ ‫عندهم أبو بكر الصديق ثم عثمان رضى اهلل عنهم أجمعني‬ ‫وشرفهم وأعلى رتبتهم عن أقوال هؤالء امللحدين‪.‬‬ ‫خامس��ا‪ :‬والنصيريون ال يعترفون باحلج بل يقولون أن احلج‬ ‫إلى مكه هو كفر وعبادة لألصنام‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬النصيريون‬

‫سادس��ا‪ :‬إن هؤالء األوباش ميعنون فى اتباع س�نن النصارى‬ ‫كما هو احلال فى إقامة القداس��ات التى تش��به قداس��ات‬ ‫النصارى مثل قداس (الطيب لك أخ حبيب)‪( ،‬وقداس البخور‬ ‫ف��ى روح ما يدور فى مح��ل الفرح والس��رور)‪( ،‬وقداس األذان‬ ‫وباهلل املستعان) وغيرها من الطقوس والشعائر املستوردة‬ ‫من ملل أهل الكفر من اليهود والنصارى واجملوس بل والوثنيني‬ ‫ومن ال يدينون بدين‪ ،‬هذا مع تقديسهم للمحرمات (كاخلمر‬ ‫وس��ب الصحابة ولعن األكاب��ر وعدم التمس��ك بالطهارة‬ ‫واليش��هدون اجلماعات واجلمعات بل إن صالتهم مصحوبة‬ ‫بتالوت هى محض اخلرافات‪.‬‬ ‫يقول شيخ االسالم‪ ‬بن‪ ‬تيمية‪« :‬إنهم ليس لهم حد محدود‬ ‫فيما يدعونه من اإلحلاد فى أس��ماء اهلل وآياته وحتريف كالم‬ ‫اهلل ورسوله عن مواضعه إذ مقصودهم إنكار االميان وشرائع‬ ‫االسالم بكل طريق مع التظاهر أن لهذه األمور حقائق‪ »...‬أ‪ .‬هـ‬ ‫وبالتالى تتبني الطبيعة اإلحلادي��ة لهذه الطائفة إذ أن هذه‬ ‫اإلعتقادات والطقوس ال صلة لها باإلس�لام وتسمية هؤالء‬ ‫باملسلمني محض اإلفتراء الذى جلأوا إليه لتغطية زندقتهم‬ ‫أعياد خاصة من طراز جديد‬ ‫إن هؤالء الش��راذم ل��م يدعوا مظهرا من مظاه��ر الدين إال‬ ‫نقضوه واس��تبدلوه بطقوس هى محض اخلرافات ومن ذلك‬ ‫األعياد‪ ،‬ومن أشهر أعيادهم‪:‬‬ ‫‪ -1‬عيد الغدير يحتفلون به ‪ 8‬من ذى احلجة‪.‬‬ ‫‪ -2‬الفطر ويكون بعد الصوم على الطريقة النصيرية‪.‬‬ ‫‪ -3‬عاشوراء كإحتفال اإلمامية مع اعتقاد أن احلسني لم ميت‬ ‫بل اختفى كعيسى‪ ‬بن‪ ‬مرمي‪.‬‬ ‫‪ -4‬عيد النيروز ويكون أول أيام الربيع وهو عيد فارسي األصل‪.‬‬ ‫‪ -5‬عيد الصليب ويجعلونه عيدا لقطف الثمار وبدء الزراعة‪.‬‬ ‫وإل��ى جانب ه��ذه األعي��اد هناك أعي��اد أخرى منه��ا ما هو‬ ‫نصرانيا خالصا كعيد الغطاس وعيد القديس��ة باربارا وهو‬ ‫عي��د حتتفل به الكنيس��ة االرثوزكس��ية والكاثوليكية مما‬ ‫يؤكد تأثر القوم بعقيدة النصارى تأثرا واضحا‬ ‫الكتمان عند النصيريني‬ ‫إن قب��ح ه��ذه العقائد وعدم س��وغانها عق�لا أجلأهم إلى‬ ‫اإلغراق فى الكتمان واإلسرار بهذه العقائد ومن يفشى سرا‬ ‫من هذه األسرار فإن جزاءه القتل نصيريا كان أو غير نصيرى‬ ‫ولذلك حني أفشى سليمان األذنى بعض أسرار هذه الديانة‬ ‫ وهو من أبناء مشايخ النصيرية‪ -‬حني ما أفشى عقائدهم‬‫بعد أن دخل فى النصرانية من خالل كتابة اخلطير الباكورة‬ ‫‪12‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫الس��ليمانية والذى طبعه املبش��رون األمريكيون فى بيروت‬ ‫‪1863‬م استدرجه النصيريون ثم قتلوه شر قتله‪.‬‬ ‫أماكن انتشار النصيرية‬ ‫تكثر هذه الطائفة فى اجلبال والس��هول احملازية للس��احل‬ ‫الس��ورى ش��رق املتوس��ط وفى جبال الالذقية ف��ى اإلقليم‬ ‫السورى إال أن مقرهم الرئيسي فيما يعرف بجبال النصيرية‪،‬‬ ‫وقد توس��عوا مؤخ��را فى كثير من املدن الس��ورية كمدينة‬ ‫حم��ص وحل��ب واجل��والن وغيره��ا الس��يما بع��د اغتصاب‬ ‫النصيرين للسلطة فى سوريا‪.‬‬ ‫وفى لبنان يتواجد النصيريون فى سهل عكار وبعض نواحى‬ ‫طرابلس واملعروف والؤهم للنظام السوري ويقدرون بحوالى‬ ‫‪ 40‬ألف نصيري‪.‬‬ ‫كم��ا يوجد ع��دد كبير م��ن الش��يعة النصيري��ة فى غرب‬ ‫األناضول فى لواء أسكندرون وشرق األناضول ويعرفون باسم‬ ‫الق��زل باش��يه‪ ،‬ويقدر عددهم ف��ى تركيا ‪ 2‬ملي��ون‪ ،‬كذلك‬ ‫تنتش��ر النصيرية فى بعض البالد االس�لامية كتركستان‬ ‫وكردستان وفلسطني السيما منطقة اجلليل‪.‬‬ ‫خيانات النصيريني ومجازرهم فى حق أهل السنة‬ ‫لق��د تأججت الع��داوة من لدن النصيريني عل��ى مر التاريخ‬ ‫جتاه أهل السنة وفق ما متليه عليهم عقائدهم اخلبيثة فلم‬ ‫يت��رك هؤالء فرص��ة قدميا أو حديثا إال اغتنموها فى س��بيل‬ ‫إبادة أهل الس��نة وتدميرهم؛ سيرا على سنن إخوانهم من‬ ‫الروافض ولعل الشواهد الدموية التى اوقعها نظام األسد‬ ‫خير شاهد على ما نقول‪.‬‬ ‫أما في القدمي‪:‬‬ ‫فكان��وا من أعظ��م الناس خيان��ة للمس��لمني كما يقول‬ ‫شيخ اإلسالم ابن تيمية‪« :‬هؤالء القوم املسمون بالنصيرية‬ ‫هم وس��ائر أصناف القرامط��ة الباطنية أكف��ر من اليهود‬ ‫والنص��ارى بل وأكفر من كثير من املش��ركني وضررهم على‬ ‫أمة محمد صلى اهلل عليه وسلم أعظم من الكفار احملاربني‬ ‫كفار الفرجن والترك وغيرهم‪ »...‬إلى أن قال رحمه اهلل‪« :‬ومن‬ ‫املعلوم أن السواحل الشمالية إمنا استولى عليها النصارى‬ ‫م��ن جهاتهم وهم دائما مع كل عدو للمس��لمني فهم مع‬ ‫النصارى على املسلمني ومن أعظم املصائب عندهم انتصار‬ ‫املس��لمني على التتار بل ومن أعظم أعيادهم إذا اس��تولى‬ ‫النصارى على املسلمني»‪.‬‬ ‫• كذلك من جرائمهم البشعة ما قام به النصيري تيمورلنك‬ ‫حني اس��تولى على بغداد وحلب والش��ام ‪ 822‬هجرية حيث‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬النصيريون‬

‫أمعن فى القتل و النهب و التعذيب وأنزل بأهل السنة أفدح‬ ‫املصائب التى لم يس��مع مبثلها فى أهل الشام ولم يستثن‬ ‫من القتل أحد إال أبناء جلدته من النصيريني‪.‬‬ ‫• وأما الصليبيني فلم يدخلوا بالد االس�لام إال عن طريقهم‬ ‫ومن أشهر حوادثهم س��قوط إنطاكيه فى أيدي الصليبني‬ ‫ع��ن طريق اإلتفاق ب�ين النصيري الفيروز وقائ��د الصليبيني‬ ‫بهمند‪.‬‬ ‫وفى العصور املتأخرة‪:‬‬ ‫فق��د ارتك��ب النصيريون فى هذه العص��ور جملة من اجملازر‬ ‫والفظائع فى حق أهل الس��نة ال ينساها لهم التاريخ ومن‬ ‫هذه اجملازر‪:‬‬ ‫• مج��زرة مدين��ة طرابلس بلبن��ان بتدبي��ر النصيري حافظ‬ ‫األس��د عن طريق التحالف م��ع عمالئه من اإلس��تخبارات‬ ‫اليهودي��ة وح��زب اهلل الرافض��ى واحلزب الش��يوعى وحزب‬ ‫البع��ث وغيرهم حيث مت قصف املدين��ة باملدفعية الثقيلة‬ ‫قراب��ة ‪ 20‬يوما مما أدى إلى تدمير نصف مبانيها وش��وارعها‬ ‫وراح ضحيتها الكثير من أرواح أهل السنة األبرياء‪.‬‬ ‫• مجزرة مخيم تل الزعتر ‪1976‬م عن طريق اجليش النصيرى‬ ‫السورى بالتعاون مع املليشيات املارونية الصليبية والبحرية‬ ‫االس��رائيلية مما جنم عن��ه ‪ 6000‬اآلف قتيل وع��دة اآلف من‬ ‫اجلرحى‪.‬‬ ‫• مج��زرة تدم��ر ‪1980‬م حينما تعرض حافظ األس��د حملاولة‬ ‫اغتيال من حرس��ه اخلاص فصب سوط نقمته على األبرياء‬ ‫من أهل الس��نه فى س��جن تدمر فلم ينجو من نزالئه أحد‬ ‫حيث قذفه بالطائرات واألسلحة الرشاشة‪.‬‬ ‫• مجزرة حماه الس��ورية تلك اجملزرة الرهيبة التى هزت كيان‬ ‫كل مس��لم عام ‪1982‬م حيث حوصرت مدينة حماه بقوات‬ ‫جيش السرايا بقيادة اجملرم رفعت األسد حيث مت عزل املدينة‬ ‫عن العالم اخلارجى ثم قذفت املدينة بالطائرات والصواريخ‬ ‫ومت تدمي��ر املدينة عن بكرة أبيها حيث أس��فرت هذه اجملزرة‬ ‫عن مقتل أكثر من ‪ 40‬ألف مس��لم من أهل الس��نة غير ما‬ ‫دم��ر من املس��اجد واملقابر واملبانى فى مج��زرة لم ير مثلها‬ ‫ف��ى العصر احلديث بل يس��تحى اليهود أن يقومو مبثل هذه‬ ‫الشنع‪.‬‬ ‫• ثم ما نراه اليوم فى أرض س��وريا مما يقوم به املدعو بش��ار‬ ‫سليل عائلة األسد‪ ،‬ال يخفى على أحد مما يدل داللة واضحة‬ ‫عل��ى عمق الع��داوة وتأجج احلق��د على كل ما هو س��نى‪،‬‬ ‫فبمقتضى عقيدته الدنية وما ورث من حقد ووحشية يدمر‬ ‫شعبه مبنتهى الغطرس��ة يقضى على األخضر واليابس ال‬ ‫يرقب فى مؤمن إال وال ذمة بل بلغ من طغيانه وشركه إجبار‬

‫العزل من املس��لمني أن يركع��وا لصورته كما صنع أبوه مع‬ ‫أهل حماه‪.‬‬ ‫النصيرية فى العصر احلديث‬ ‫حقيقة األمر تنجلي واضحة حيث تؤكد أن كل من انتسب‬ ‫إل��ى فكر الش��يعة حتما الب��د أن يكون أداة فى ي��د «إيران»‬ ‫راعية اإلرهاب الش��يعى فى املنطقة ه��ذا ما يؤكده الواقع‬ ‫الدامى فى سوريا من تسلط حاكمهم النصيري على أبناء‬ ‫أهل الس��نة وقد‪ .‬كماس��اعد على إطالق ي��د الروافض فى‬ ‫س��وريا فى العصر احلديث تلك القوى اإلس��تعمارية؛ فكما‬ ‫مكن بلفور لليهود فى فلسطني جعلت فرنسا للنصيريني‬ ‫موطنا بل مكنتهم من سدة احلكم‪ ،‬هذاوقد استطاع ذلك‬ ‫القطي��ع من النصيرية الس��يطرة على زم��ام احلكم لعدة‬ ‫عقود من خالل عدة عوامل‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التس��لق إلى العديد من املناصب الس��يادية السيما فى‬ ‫اجليش منذ انقالب حسنى الزعيم ‪1949‬م ثم تسريح ضباط‬ ‫أهل السنةأونقلهم إلى وظائف إدارية‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تسلل األقليات إلى األحزاب السياسية السيما األحزاب‬ ‫القومية العلمانية كحزب البعث ونحوه‪.‬‬ ‫ج‪ -‬تسلل الكثير من العلويني إلى قوات جيش الشرق (جيش‬ ‫اإلحتالل) السيما سالح املشاة‪.‬‬ ‫خالصة القول‬ ‫من خالل ما س��بق عرضه يتبني أن هذه الطائفة قد خلعت‬ ‫ربقة االس�لام وأوغلت فى س��راديب الكفر ولم حتتفظ من‬ ‫اإلس�لام إال باإلس��م لذلك حك��م عليهم العلم��اء بأنهم‬ ‫كفار خارجون عن اإلس�لام ال يصح أن يعاملوا معاملة أهل‬ ‫اإلس�لام و ما قدمنا من أفكار وأصول تشهد على صحة ما‬ ‫ذهبن��ا إليه فوجب على املس��لم حينئذ أن يعرف هذا العدو‬ ‫ويح��ذره ويجاه��ده مبا اس��تطاع من قوة ؛فأمث��ال هؤالء ال‬ ‫يريدون إال هدم اإلسالم وإبادة أهله‪.‬‬ ‫مراجع البحث‬ ‫‪1 .1‬اجلذور التاريخية للنصيرية العلوية (احلسينى عبداهلل)‪.‬‬ ‫‪2 .2‬الفتاوى لشيخ اإلسالم اجمللد ‪.35‬‬ ‫‪3 .3‬امللل والنحل للشهرستانى‪.‬‬ ‫‪4 .4‬كتاب اإلخوان املسلمون فى سوريا‪.‬‬ ‫‪5 .5‬املوج��ز ف��ى املذاه��ب واألدي��ان املعاص��رة (د‪ .‬ناصر‪ ‬العقل‪،‬‬ ‫د‪ .‬ناصر‪ ‬القفارى)‪.‬‬ ‫‪6 .6‬املوس��وعة امليس��رة ف��ى األدي��ان واملذاه��ب املعاص��رة‬ ‫(إشراف‪ /‬د‪ .‬مانع‪ ‬اجلهنى)‪.‬‬ ‫‪7 .7‬إسالم بال مذاهب (د‪ .‬مصطفى الشكعة)‪.‬‬ ‫وغيرها من املراجع‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫للعقيدة النصيرية العلوية‬ ‫ية‬

‫قرأت لك‪ :‬الجذور التاريخ‬

‫الجذور التاريخية‬

‫للعقيدة النصيرية‬ ‫لألستاذ الحسينى عبداهلل‬

‫بقلم أ‪ .‬محمود الصاوي‬

‫إن احلمد هلل تعالى نحمده ونس��تعينه ونس��تغفره ونعوذ‬ ‫باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ومن يضلل فال‬ ‫هادى له وأش��هد أن ال اله اال اهلل وحده ال شريك له وأشهد‬ ‫ان محمدا عبده ورسوله أما بعد‪.‬‬ ‫فهذا كتاب جديد نعرض له من خالل هذا الباب «قرأت‪ ‬لك»‬ ‫وق��د اعتدنا م��ن خالله أن نع��رض كتاب يخ��دم هدفنا من‬ ‫الباب الس��ابق هؤالء أعداؤك حتى نع��د موضوعا متكامال‬ ‫ليصل فيه الق��ارئ الكرمي الى الهدف املنش��ود فى التعرف‬ ‫على العدو ومكامنه ومصادره التي يصدر عنها لذلك كانت‬ ‫عنايتنا بعرض كتاب أصل فى بابه ننش��د منه س��د الثغرة‬ ‫والوص��ول إلى املطلوب من ناحية ونفع القارئ الكرمي بتقدمي‬ ‫التراث االس�لامى فى صورة ميس��رة بني يديه تغنيه بعض‬ ‫الش��يئ عن قراءة الكتاب كله فنختصر له عمره من ناحية‬ ‫اخرى‪،‬‬ ‫وكتابنا اليوم كتاب «اجل��ذور التاريخية للعقيدة النصيرية‬ ‫‪14‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫العلوية» لألس��تاذ احلس��ينى عبداهلل والكت��اب كما يبدو‬ ‫واضحا من مسماه يعرض إلصول تاريخية كخلفيات ملذهب‬ ‫النصيرين مس��تعرضا ظروف النشأة وتطور املذهب الى أن‬ ‫ص��ار الى صورته احلالية والكتاب عل��ى صغر حجمه إال أنه‬ ‫من أهم الكت��ب في بابه حيث يبلغ ‪ 170‬صفحة تقريبا من‬ ‫القطع الصغير وترجع أهمية هذا الكتاب إلى عدة أمور‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬أن املؤل��ف عم��د الى أهم الكتب الت��ى تناولت املذهب‬ ‫النصي��ري على اختالف اجتهادات املؤلفني فى الباب فانتقى‬ ‫منه��ا بع��ض الفق��رات والصفح��ات الت��ى يص��ل القارئ‬ ‫مبجموعها إلى إجالء حقيقة املذهب‪.‬‬ ‫ثاني��ا‪ :‬الكتاب عل��ى اختصاره أطل عل��ى مناحى الغلو فى‬ ‫املذه��ب النصي��ري مما يجع��ل الق��ارئ من أول وهل��ة يدرك‬ ‫الفوارق بني منهج اإلسالم وبني دين النصيرية‪.‬‬ ‫ثالث��ا‪ :‬أمل��ح املؤلف إلى تط��ور املذهب النصي��ري عن أصول‬ ‫الرافضة ليؤكد اجلذور العقائدية ألرباب هذا املذهب وكذلك‬ ‫أملح إلى بع��ض األصول التى اتكأ عليه��ا املذهب النصيري‬


‫تابع‪ :‬الجذور التاريخية للعقيدة النصيرية العلوية‬

‫س��واء كانت أصول أس��يوية أو وثنية أو يهودي��ة مغلفة‬ ‫بظاهرها ببعض مظاهر اإلس�لام‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬أكد الش��يخ من خ�لال عرضه له��ذه الكتب على‬ ‫جملة م��ن اإلنحرافات العقائدية والس��لوكية والتى أدت‬ ‫على س��بيل اللزوم إل��ى انحرافات فى التطبي��ق والواقع‬ ‫احملي��ط وهو م��ا نش��هده اليوم م��ن ممارس��ات احلكومات‬ ‫النصيرية فى س��وريا‪.‬‬ ‫خامس��ا‪ :‬عل��ى الرغ��م م��ن ظهور ه��ذا الفس��اد إلى أن‬ ‫املؤل��ف كان منصف فى العرض فلم يعمم هذا الفس��اد‬ ‫االعتق��ادى على عم��وم النصيريني فأش��ار ف��ى أكثر من‬ ‫موط��ن إلى أن بعض أبناء املذهب مازال يحتفظ بش��عائر‬ ‫االس�لام الظاهرة التى تتصف باالعتدال‪.‬‬ ‫تن��اول الكتاب مقتطفات من عدة كتب متيزت بالتنوع فى‬ ‫األس��لوب والعرض واالجتاه��ات الفكري��ة للمؤلفني فأخذ‬ ‫مث�لا عن «الباك��ورة الس��لمانية» وصاحب��ه كان نصيريا‬ ‫فتح��ول ع��ن املذه��ب ال��ى النصراني��ة وأخذ ع��ن بعض‬ ‫مؤسس��ي املذه��ب ورجاله مثل «محم��د غالب الطويل»‬ ‫ف��ى كتابه «تاري��خ العلويني» وأخذ عن األس��تاذ «محمد‬ ‫ك��رد على» من كتاب «خطط الش��ام» واألس��تاذ معروف‬ ‫بكتابات��ه السياس��ية وقد ع��اش فى أوس��اط النصيرين‬ ‫وه��و على دراي��ة تام��ة بأحوالهم ودقائقه��م كذلك أخذ‬ ‫عن «دائرة املعارف اإلس�لامية» وهى م��ن أوثق املراجع فى‬ ‫حتديد املفاهي��م احلادثة فى اجمل��االت اخملتلفة وكذلك أخذ‬ ‫عن االس��تاذ مصطفى الشكعة واالس��تاذ قد عرف عنه‬ ‫ف��ي كتاباته الدعوه الى توحد املس��ـلمني ونبـذ الفـوارق‬ ‫وعل��ى الرغم م��ن ذلك فقد وج��ه نقدة ال��ى أصول هذه‬ ‫الطائف��ة ومواردها وكذل��ك من خالل كتابه «إس�لام بال‬ ‫مذاه��ب»‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬الكتاب فى مجمله ميثل خالصة للفكر النصيري‬ ‫م��ن خ�لال مجموعة من النق��ول تناولت ه��ذا الفكر من‬ ‫عدة زوايا س��واء م��ن الناحية التاريخية أو السياس��ية أو‬ ‫العقائدية أو حتى أصل املادة واالش��تقاق‪.‬‬ ‫وبالتال��ى يتبني للقائ الهدف م��ن اختيارنا لكتاب «اجلذور‬ ‫التاريخي��ة» دون غيره من الكتب الت��ى تناول��ت املذه��ب‪.‬‬

‫عرض موجز ألهم أبواب وفصول الكتاب‬ ‫عرض الش��يخ لكتابه من خ�لال ثمانية أب��واب جاءت على‬ ‫النحو األتى‪:‬‬ ‫• ف��ى الب��اب األول‪ :‬نقل الش��يخ ع��ن كتاب املل��ل والنحل‬ ‫للشهرستانى مادة مختصرة تناول فيها تعريف النصيرية‬ ‫وأصل نش��أتهم وجملة ال بأس بها م��ن عقائدهم الغالية‬ ‫التى خالفوا بها جماهير املسلمني‪.‬‬ ‫• فى الباب الثانى‪ :‬تعرض لذكر الغالة من الشيعة من خالل‬ ‫كتاب نهج البالغه «البن أبى احلديد» وعرض لكالمه فى نبذ‬ ‫الغلو فى «على بن اب��ى طالب» مدعما ذلك بآثار عنه رضى‬ ‫اهلل عن��ه ونقدها ثم توضيح ملراح��ل الغلو فى على بن ابى‬ ‫طالب حتى انتهو الى تأليهه‪.‬‬ ‫• وف��ى الب��اب الثالث‪ :‬عرض لرس��الة بن تيمي��ة رحمه اهلل‬ ‫تعال��ى فى ال��رد على النصيرية وهى عب��ارة عن جواب ألحد‬ ‫فتاويه حينما س��ئل عن النصيرية وبعض اعتقاداتهم فبني‬ ‫كفر النصيرية وفضح عقائدهم وضاللهم وذلك فى مجلد‬ ‫‪ 35‬من الفتاوى‪.‬‬ ‫• فى الب��اب الرابع‪ :‬عرض لبعض الفقرات املنتقاة من كتاب‬ ‫الباكورة الس��ليمانية فى أس��رار الديان��ة النصيريه يتناول‬ ‫فيه بعض مراس��م وطق��وس الدخول فى الدي��ن النصيري‬ ‫على لس��ان أحد ابنائه الذي فضح أس��رارهم ثم استدرجه‬ ‫أهله فقتلوه وحرقوه بالنار‪.‬‬ ‫• وف��ى الب��اب اخلامس‪ :‬عرض الش��يخ لعدة ص��ور من حياة‬ ‫النصيرين فى أواخ��ر القرن املاضى من كتاب تاريخ العلويني‬ ‫حملمد غالب الطويل‪.‬‬ ‫• وفى الباب الس��ادس‪ :‬عرض لبع��ض الفقرات التى مفادها‬ ‫بيان العالقة ب�ين مصطلح النصيرية والعلوية ثم تناول ما‬ ‫ينبغى أن يكون إلصالح بالد النصيرية وعرض أسباب خرابها‬ ‫من كتاب خطط الشام لألستاذ محمد كرد على‪.‬‬ ‫• أما الباب السابع‪ :‬فقد تعرض لتوضيح مادة (نصيري) وبيان‬ ‫مدلوالتها من خالل نقوله عن دائرة املعارف اإلس�لامية وقد‬ ‫دعم هذه النقول بوثائق من لدن عدة من املستشرقني الذين‬ ‫عنو بالنصيرية وكذلك عرض لبعض أصنافهم وعشائرهم‬ ‫وأماكن تواجدهم فى العالم االسالمى‪.‬‬ ‫‪15‬‬


‫تابع‪ :‬الجذور التاريخية للعقيدة النصيرية العلوية‬

‫• فى الباب الثامن‪ :‬عرض لنشأة النصيرية وبعض عقائدهم‬ ‫وطقوس��هم وأعيادهم التى انفردوا بها عن س��ائر طوائف‬ ‫املس��لمني من خ�لال كتاب االس��تاذ مصطفى الش��كعة‬ ‫إسالم بال مذاهب‪.‬‬ ‫• وفى الباب التاسع‪ :‬عرض جلملة من الوثائق اخلطيرة حتتوى‬ ‫على س��بع عش��رة صورة تترك��ز فيها معظ��م االعتقادات‬ ‫النصيري��ة وق��د جمع��ت فى كتاب س��ري لديهم يس��مى‬ ‫(اجملم��وع) وه��ذا كت��اب نش��ره بنص��ه العربى املستش��رق‬ ‫دينيه‪ ‬روسو فى كتاب تاريخ العقيدة النصيرية‪.‬‬ ‫اقتراحات وتوصيات‬ ‫م��ن خ�لال قراءات��ى لبع��ض الكتب الت��ى تناول��ت مذهب‬ ‫النصيري��ة فإنك ال ت��كاد جتد كتب فى ال��رد على النصيرين‬ ‫اس��تعرض جميع أو أغلب جوانب هذا الدين لعل ذلك يرجع‬ ‫ال��ى قلة أعداد النصيرين فى بعض البالد االس�لامية وعدم‬ ‫انتش��اره كمذهب الروافض مثال لكننا اصبحنا بحاجة إلى‬ ‫مثل هذه الدراس��ات تقدم للمثقفني السيما بعد ما رأيناه‬ ‫وس��معناه من ممارسات النظام السورى الذي يتبنى املذهب‬ ‫النصي��رى ولذلك نرى عدة مقترح��ات نقدمها للقارئ علنا‬ ‫نصل إلى مقصودنا من االستفادة واالفادة من خالل االتى‪:‬‬ ‫• معظ��م الكت��ب التى عرض��ت مذهب النصيري��ة إنتابها‬ ‫قص��ور بال��غ ف��ى جوان��ب ع��دة منها إيض��اح الت�لازم بني‬ ‫مذاهب الرافضة العدو األصل��ى وما انبثق عنه من مذاهب‬ ‫كالنصيري��ة فيكون تفس��ير املذهب النصي��ري على ضوء‬ ‫العقائد الرافضية أمر فى غاية األهمية‪.‬‬ ‫• تط��ور املذه��ب النصي��ري فى خ�لال العق��ود األخيرة فى‬ ‫اجلوانب السياس��ية الس��يما بعد أن ارتقى بعضهم لسدة‬ ‫احلكم فى سوريا أمر مهم يسترعى االنتباه ويجب أن يخص‬ ‫مبزيد من الدراسات‪.‬‬ ‫• دراس��ة تاريخ اجلرائ��م النصيرية فى أرض االس�لام مبعزل‬ ‫ع��ن جرائم الرافضة وبيان إس��هامات النصيرين فى احتالل‬ ‫الصهاينة ألراضى املسلمني السيما أرض اجلوالن السورية‪.‬‬ ‫• حتلي��ل البعد السياس��ي ال��ذى ينتجهة ق��ادة النصيرين‬ ‫كعائلة األسد على ضوء اخللفيات العقائدية ثم بيان تبعية‬ ‫‪16‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫قادة النصيرين للمذهب األصل فى ايران‪.‬‬ ‫• جتلية أصل الشعوبية لدى أبناء الشيعة ككل وتعصبهم‬ ‫للجنس الفارسي تؤدى الى نتيجة حتمية من خاللها ميكن‬ ‫حتلي��ل العالقات املس��تقبلية ب�ين إيران وعمالئها الس��يما‬ ‫النصيرين وال��دروز وبني هدفهم األصلى م��ن تصدير الثورة‬ ‫وهو بسط السيطرة على بالد العرب إلعادة مجد فارس‪.‬‬

‫«هـــــ��ؤالء الــــقـــــوم‬ ‫��مون بالنصيري��ة‬ ‫الم َس َّ‬ ‫ُ‬ ‫هـ��م و س��ـائر أصنـ��اف‬ ‫القرامطـــــ��ة الباطنية‬ ‫أكــفـــ��ر مـــ��ن اليهود‬ ‫والنص��ارى ب��ل و أكف��ر‬ ‫من كثير من المشركين‬ ‫وضررهــ��م علـ��ى أم��ة‬ ‫محمـد صلـى اهلل عليـه‬ ‫وسلم أعظم من الكفار‬ ‫المحاربين‪»...‬‬ ‫من أقوال‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‬


‫البدائل الصحيحة‪:‬‬

‫من األحاديث النبوية التي تغ‬

‫ني عن األحاديث الموض‬ ‫وعة والضعيفة المشتهرة‬

‫ا‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ئ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫حةمن األحاديث النبوية‬

‫التي تغني عن‬

‫األحاديث الموض‬ ‫وعة والضعيفة المشتهرة‬

‫بقلم أ‪ .‬تامر األنصاري‬

‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والس�لام على س��يد األولني‬ ‫واآلخري��ن محمد بن عب��داهلل وعلى آله وصحب��ه ومن اتبع‬ ‫سنته إلى يوم الدين‪ ...‬أما بعد‪...‬‬ ‫َ َ َ لنۡ َ ٓ يَ ۡ َ ّ‬ ‫��ر لتِ ُبَ ّ َ‬ ‫ٱذل ِۡك َ‬ ‫ي‬ ‫إن اهلل ع��ز وج��ل قال لنبي��ه ‪ ...( :j‬وأنز ا إِلك‬ ‫نِ‬ ‫له ۡ‬ ‫ل َِّلن ِ َ ُ ّ َ يَ ۡ‬ ‫��م‪) ٤٤ ... ‬النحل‪ .‬فصارت الس��نة بهذه اآلية‬ ‫اس م��ا نزِل إ ِ ِ‬

‫– وبغيره��ا – هي املبينة ف��ي القرآن مما يلتب��س على أفهام‬ ‫الناس‪ .‬ويعلم كل عارف بالتاريخ كم أدخل الوضاعون – على‬ ‫اختالف مذاهبهم – في الس��نة م��ن األباطيل واملناكير‪ ،‬بل‬ ‫وش��ارك في ذل��ك كثير من الصاحلني الذي��ن لم يكن ضبط‬ ‫احلديث من همتهم‪ ،‬فصار الدخن كثيراً‪ .‬غير إن كثرة األئمة‬ ‫العارفني بهذا الش��أن كان يه��ون من اخلطب حتى قيل البن‬ ‫املبارك ‪-‬رحمه اهلل‪« :-‬األحاديث املوضوعة؟! قال‪ :‬تعيش لها‬ ‫اجلهاب��ذة»‪ .‬وقال الدار قطني يوماً‪« :‬ي��ا أهل بغداد! ال يظنن‬ ‫أحدك��م أنه يق��در أن يكذب على رس��ول اهلل ‪ j‬وأنا حي»‬ ‫وذلك لسعة دائرة حفظة وإدراكه‪.‬‬ ‫ودَوَّ َن الن��اس الكتب فمنهم من كان يتحرى الصحيح وحده‬

‫كالش��يخني‪ ،‬ومنهم من كان يجم��ع الصحيح والضعيف‬ ‫دون املوضوع؛ كأصحاب السنن األربعة وغيرهم‪ ،‬ومنهم من‬ ‫جم��ع كل ما وقع بإس��ناد ف َدوَّن َها ِحفاظ��ا ً لها من الضياع‪،‬‬ ‫فخلف��وا لنا ث��روة هائلة‪ ،‬فجزاه��م اهلل خيراً‪ ،‬ف��دار الزمان‪،‬‬ ‫و ُقبض العل��م بقبض العلماء كما ف��ي احلديث الصحيح‪:‬‬ ‫«إن اهلل ال يقب��ض العل��م انتزاع ًا ينتزعه م��ن الناس‪ ،‬ولكن‬ ‫يقبض العلم بقبض العلماء‪ ،‬فإذا لم يبق عاملا اتخذ الناس‬ ‫رؤوس�� ًا جها ًال‪ ،‬فس��ئلوا‪ ،‬فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا»‪.‬‬ ‫أخرجه الش��يخان وغيرهما‪ ،‬فلما قل العارفون بهذا الشأن‪،‬‬ ‫تضاعفت املصيب��ة بعد أن صار الناس – ومنهم من يتصدر‬ ‫للتدري��س والوعظ – يلوكون هذه األحادي��ث الباطلة‪ ،‬والتي‬ ‫ال أص��ل لها صحيح إطالقاً‪ ،‬فيعلمونها للناس‪ ،‬ويأخذونهم‬ ‫بالزمه��ا‪ ،‬بل ويعرضون عن احلدي��ث الصحيح – أحيانا ً – ألنه‬ ‫يناقض أحد هذه األحاديث الضعيفة أو املوضوعة‪ .‬وذلك عن‬ ‫جهل بعدم ثبوتها‪.‬‬ ‫أخي املس��لم‪ ...‬من أجل ذلك فه��ذه مجموعة من األحاديث‬ ‫الضعيف��ة واملوضوع��ة التي اش��تهرت على ألس��نة كثير‬ ‫‪17‬‬


‫تابع‪ :‬البدائل الصحيحة‪ :‬من األحاديث النبوية التي تغني عن األحاديث الموضوعة والضعيفة المشتهرة‬

‫من املس��لمني جمعنا املتيس��ر منها للتنبيه عليها واحلذر‬ ‫منها م��ع بيان كالم علماء احلديث عليه��ا ثم نأتي بالبديل‬ ‫الصحيح الذي يغني عنها‪.‬‬ ‫و جن��د م��ن املناس��ب أن نبني بع��ض املفاهي��م والتعريفات‬ ‫األساسية التي ترتبط مبوضوعنا وهي‪:‬‬ ‫احلديث الصحيح‪ :‬فهو احلديث املسند الذي يتصل إسناده‬ ‫بنقل الع��دل الضابط عن العدل الضاب��ط إلى منتهاه‪ ،‬وال‬ ‫يكون شاذا ً وال معلالً‪.‬‬ ‫احلديث احلسن‪:‬عرفه ابن حجر العسقالني –رحمه اهلل‪ -‬مبا‬ ‫يلي‪« :‬هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خَ َّف ضبطه عن‬ ‫مثله إلى منتهاه من غير شذوذ وال علة»‪ .‬وهو في االحتجاج‬ ‫به كالصحيح عند اجلمهور‪.‬‬ ‫احلديث الضعيف‪ :‬وهو ما لم يجتمع فيه صفات الصحيح‪.‬‬ ‫احلديث املوضوع‪ :‬هو الكذب املخُ ْ َتلَق املصنوع املنس��وب إلى‬ ‫رسول اهلل ‪.j‬‬ ‫بقي سؤال يطرح نفسه‪ :‬ما األس��باب والدواعي التي دعت‬ ‫الكذابني والوضاعني إلى االفتراء ووضع احلديث؟‬ ‫يُ ِجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ أحمد شاكر –رحمه‬ ‫اهلل‪ -‬في كتابه الباعث احلثيث ش��رح اختصار علوم احلديث‬ ‫للحافظ ابن كثير –رحمه اهلل‪:-‬‬ ‫‪1 .1‬الزنادق��ة‪ ،‬الذين أرادوا أن يفس��دوا عل��ى الناس دينهم‪،‬‬ ‫مل��ا و َقر في نفوس��هم م��ن احلقد على اإلس�لام وأهله‪،‬‬ ‫يظه��رون بني الناس مبظهر املس��لمني وه��م املنافقون‬ ‫حق��اً‪ .‬قال حم��اد بن زيد‪« :‬وضعت الزنادقة على رس��ول‬ ‫اهلل ‪ j‬أربعة عشر ألف حديث»‪ ،‬ومن هؤالء محمد بن‬ ‫سعيد بن حسان الشامي املصلوب‪ ،‬وعبدالكرمي بن أبي‬ ‫العوجاء قتل على الزندقة‪ ،‬وكيان بن س��معان النهدي‬ ‫وه��و الذي ادع��ى ‪ -‬عليه من اهلل مايس��تحق ‪ -‬ألوهية‬ ‫علي رضي اهلل عنه فقتل‪.‬‬ ‫‪2 .2‬أصح��اب األه��واء واآلراء الت��ي ال دليل لها م��ن الكتاب‬ ‫والس��نة‪ ،‬وضعوا األحاديث لنصرة مذاهبهم وأهوائهم‬ ‫كاخلطابي��ة والرافضة‪ ،‬وغيرهم‪ .‬قال عب��داهلل بن يزيد‬ ‫املقريء‪« :‬إن رج ًال من أهل البدع رجع عن بدعته‪ ،‬فجعل‬ ‫يقول‪ :‬انظ��روا هذا احلديث عمن تأخذون��ه! فإنا كنا إذا‬ ‫رأينا رأي ًا جعلنا له حديث ًا!»‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫‪3 .3‬ومنه��م ال ُقصَّ��اص‪ :‬يضعون األحادي��ث في قصصهم‪،‬‬ ‫قص��دا ً للتكس��ب واالرت��زاق‪ ،‬وتقرب��ا ً للعام��ة بغرائب‬ ‫الروايات‪ .‬ولهـم فـي هـذا غرائـب وعجائـب‪ ،‬وصفاقـة‬ ‫صاصـيـن ُج َّهـال تشبهـوا‬ ‫ال توصف و أكثـر هـؤالء ال ُق َّ‬ ‫بــأهــل الـعـلـم‪ ،‬وانـدسـوا بـيـنـهـم فـأفـسـدوا‬ ‫كـثـيـرا ً مـن عـقـول الـعـامـة‪.‬‬ ‫‪4 .4‬علماء الس��وء واملتزلفني للحكام الذين اش��تروا الدنيا‬ ‫باآلخ��رة‪ ،‬وتقربوا إلى امللوك واألم��راء و اخللفاء بالفتاوى‬ ‫الكاذبة‪ ،‬واألقوال اخملترعة التي نس��بوها إلى الش��ريعة‬ ‫وه��ي منه��ا بَ��رَاء‪ ،‬واجترؤوا عل��ى الكذب على رس��ول‬ ‫اهلل ‪ ،j‬إرض��اء لألهواء الش��خصية‪ ،‬ونص��را ً لألغراض‬ ‫السياسية‪ ،‬فاستحبوا العمى على الهدى‪.‬‬ ‫‪5 .5‬وش��ر أنواع الوضاع�ين وأعظمهم ضررا ً قوم ينس��بون‬ ‫أنفس��هم إلى الزهد والتصوف‪ ،‬ل��م يتحرجوا من وضع‬ ‫األحادي��ث في الترغي��ب والترهي��ب‪ ...‬احتس��ابا ً لألجر‬ ‫عند اهلل‪ ،‬ورغب��ة في حض الناس عل��ى عمــل اخليــر‬ ‫واجتنـ��اب املعاصـ��ي –فيمـ��ا زعمـوا‪ -‬وهـ��م بهــذا‬ ‫العمــل يفســدون وال يصلحــون‪.‬‬ ‫وتكمن اخلطورة في هؤالء خلفاء حالهم على كثير من الناس‪.‬‬ ‫ول��وال رجال صدق��وا في اإلخ�لاص هلل‪ ،‬ونصبوا أنفس��هم‬ ‫للدفاع عن دينهم‪ ،‬وتفرغوا للذود عن س��نة رسول اهلل ‪،j‬‬ ‫وأفن��وا أعمارهم في التمييز بني احلديث الثابت وبني احلديث‬ ‫املكذوب‪ ،‬وهم أئمة السنة وأعالم الهدى‪ .‬لوال أن قيض اهلل‬ ‫لنا هؤالء الختلط األمر على العلماء والدهماء‪ ،‬ولس��قطت‬ ‫الثقة باألحاديث‪ .‬لقد رس��موا قواعد النقد‪ ،‬ووضعوا قواعد‬ ‫اجلرح والتعديل‪ ،‬فكان م��ن عملهم علم مصطلح احلديث‪،‬‬ ‫وهو أدق الط��رق التي ظهرت في العلم للتحقيق التاريخي‪،‬‬ ‫ومعرفة النقل الصحيح من الباطل‪.‬‬ ‫فجزاهم اهلل عن األمة والدين أحس��ن اجلزاء‪ ،‬ورفع درجاتهم‬ ‫في الدنيا واآلخرة وجعل لهم لسان صدق في اآلخرين‪.‬‬ ‫األمثله‪:‬‬ ‫(‪« )1‬أحب األسماء إلى اهلل ما عبد و ما حمد»‪.‬‬ ‫قال األلباني في سلس��لة األحادي��ث الضعيفة ‪:‬ال أصل له‬ ‫(حديث رقم‪.)411/‬‬ ‫وقال الس��يوطي في كش��ف اخلفاء‪ :‬قال السخاوي وأما ما‬


‫تابع‪ :‬البدائل الصحيحة‪ :‬من األحاديث النبوية التي تغني عن األحاديث الموضوعة والضعيفة المشتهرة‬

‫يذكر على األلس��نة م��ن قولهم خير األس��ماء ما عبد وما‬ ‫حمد فما علمته‪ ،‬وقال النجم‪ :‬وأما ما يذكر على األلس��نة‬ ‫خير األسماء ما حمد أو عبد فباطل‪.‬أ‪.‬هـ‪.‬‬ ‫البدي��ل الصحي��ح‪( :‬عن اب��ن عمر رض��ي اهلل عنهما قال‪:‬‬ ‫ق��ال رس��ول اهلل ‪« :j‬أح��ب األس��ماء إل��ى اهلل عب��داهلل‬ ‫وعبدالرحمن» ) رواه مسلم‪.‬‬ ‫فائ��دة ذكره��ا األلبان��ي ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬ق��ال‪« :‬نق��ل ابن حزم‬ ‫االتف��اق على حترمي كل اس��م معبد لغي��ر اهلل كعبدالعزى‬ ‫وعبدالكعب��ة‪ ،‬وأقره العالمة ابن القيم ف��ي «حتفة املودود»‬ ‫وعليه فال حتل التس��مية بـ‪ :‬عبدعلي وعبداحلسني كما هو‬ ‫مش��هور عند الشيعة‪ ،‬وال بـ‪ :‬عبدالنبي أوعبدالرسول كما‬ ‫يفعله بعض اجلهلة من أهل السنة»‪.‬أ‪.‬هـ‪.‬‬ ‫لذلك يستحس��ن أن تضع مصلحة األح��وال املدنية الئحة‬ ‫بقائم��ة األس��ماء الغير مس��موح التس��مية به��ا مواليد‬ ‫املسلمني ويكون منها كل األسماء التي حتمل معاني سيئة‬ ‫أو فيها محذور شرعي‪.‬‬ ‫(‪« )2‬اطلبوا العلم ولو بالصني»‪.‬‬ ‫ق��ال األلباني في سلس��لة األحادي��ث الضعيفـ��ة‪ :‬باطـل‬ ‫(حديث رقم‪.)416/‬‬ ‫و ال يحف��ظ «ول��و بالصني» إال عن أبي عاتك��ة‪ ،‬و هو متروك‬ ‫احلدي��ث فآف��ة احلدي��ث أب��و عاتكة ه��ذا وهو متف��ق على‬ ‫تضعيف��ه‪ ،‬بل ضعفه جدا العقيل��ي‪ ،‬و البخاري يقول عنه‪:‬‬ ‫منكر احلديث‪ ،‬والنس��ائي‪ :‬ليس بثق��ة‪ ،‬و قال أبو حامت‪ :‬ذاهب‬ ‫احلديث‪.‬‬ ‫البديل الصحي��ح‪ :‬عن أنس بن مالك رض��ي اهلل عنه قال‪:‬‬ ‫قال رسول اهلل ‪« :j‬طلب العلم فريضة على كل مسلم»‬ ‫رواه‪ ‬ابن‪ ‬ماجه‪ ‬وغيره‪ ،‬وصححه األلباني برقم ‪.224‬‬

‫في وفي أمتي إلى يوم القيامة»‪.‬‬ ‫(‪« )3‬اخلير َّ‬ ‫قال األلباني في سلس��لة األحادي��ث الضعيفة‪ :‬ال أصل له‪.‬‬ ‫(حديث رقم‪.)30/‬‬ ‫قال الس��خاوي في «املقاصد احلس��نة»‪ :‬قال شيخنا يعني‬ ‫اب��ن حجر العس��قالني‪ :‬ال أعرفه‪ .‬و قال اب��ن حجر الهيثمي‬

‫الفقيه في «الفتاوى احلديثية» (‪ :)134‬لم يرد هذا اللفظ‪.‬‬ ‫البدي��ل الصحيح‪« :‬ال تزال طائفة م��ن أمتي ظاهرين على‬ ‫احلق ال يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر اهلل و هم كذلك»‬ ‫يق��ول األلبان��ي ف��ي السلس��لة الصحيحة (حت��ت حديث‬ ‫رقم‪ :)270:‬احلديث صحيح ثابت مس��تفيض عن جماعة من‬ ‫الصحابة‪:‬هم‪:‬‬ ‫‪ -1‬معاوية بن أبي سفيان‪ .‬عند الشيخني و أحمد‪.‬‬ ‫‪ -2‬املغيرة بن شعبة‪ .‬عندهما‪.‬‬ ‫‪ -3‬ثوب��ان مول��ى رس��ول اهلل ‪ .j‬عن��د مس��لم و الترمذي‬ ‫و‪ ‬ابن‪ ‬ماج��ه و أحم��د (‪ )278،279/5‬و أب��ي داود ف��ي «الفنت»‬ ‫و‪ ‬احلاكم (‪.)449/4‬‬ ‫‪ -4‬عقبة بن عامر‪ .‬عند مسلم‪.‬‬ ‫‪ -5‬قرة املزني‪ .‬في «املس��ند» (‪ 436/3‬و ‪ )34/5‬بس��ند صحيح‬ ‫و‪ ‬صححه الترمذي‪.‬‬ ‫‪ -6‬أبو أمامة‪ .‬في « املسند « (‪.)269/5‬‬ ‫‪ -7‬عمران بن حصني‪ .‬عند أحمد أيضا (‪ )429،437/5‬من طرق‬ ‫أخرى عن حماد بن س��لمة به دون الزيادة‪ .‬و كذا رواه أبو داود‬ ‫في أول «اجلهاد» واحلاكم (‪ )450/4‬و صححه و وافقه الذهبي‪.‬‬ ‫‪ -8‬عم��ر ب��ن اخلطاب‪ .‬ف��ي «املس��تدرك» (‪ )449/4‬و صححه‬ ‫و‪ ‬وافقه‪ ‬الذهبي‪.‬‬ ‫املصادر‪:‬‬ ‫• أبوإس��حاق احلوين��ي‪ ،‬النافلة في األحاديث الضعيف��ة والباطلة‪ ،‬دار‬ ‫الصحابة للتراث‪1405 ،‬هـ‪.‬‬ ‫• أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪،‬اعتنى بسنن ابن ماجة الذي‬ ‫حكم عل��ى أحاديثه وآثاره وعل��ق عليه العالمة احمل��دث محمد ناصر‬ ‫الدين األلباني‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1417‬هـ‪.‬‬ ‫• أحمد محمد ش��اكر‪ ،‬الباعث احلثيث شرح علوم احلديث‪ ،‬دار الكتب‬ ‫ومكتبة السنة‪1415 ،‬هـ = ‪1994‬م‪.‬‬ ‫• محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬سلس��لة األحاديث الصحيحة وش��يء‬ ‫من فقهها وفوائدها‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪1415 ،‬هـ = ‪1995‬م‪.‬‬ ‫• محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬السلس��لة الضعيفة واملوضوعة وأثرها‬ ‫السيئ في األمة‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪1412 ،‬هـ = ‪1992‬م‪.‬‬ ‫• محمود الطحان‪ ،‬تيس��ير مصطلح احلديث‪،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪،‬‬ ‫‪1404‬هـ = ‪1984‬م‬

‫‪19‬‬


‫بحث العلمي‪ :‬داللة اإلشارة‪،‬‬ ‫ال‬

‫ولية تطبيقية) الجزء الثاني‬

‫وآثارها الفقهية (نظرة أص‬

‫الجزء الثاني‬ ‫(املبحث السادس‪ :‬أثر داللة اإلشارة في الفقه اإلسالمي)‪.‬‬

‫كتبه‪ /‬أبو مالك ال َّ‬ ‫سوي‬ ‫سعيد العي َ‬

‫إ َّن احلمد هلل تعالى‪ ،‬نحمده ونستعني به ونستغفره‪ ،‬ونعوذ‬ ‫باهلل تعالى من ش��رور أنفسنا‪ ،‬وس��يئات أعمالنا‪ ،‬من يهد‬ ‫اهلل تعال��ى فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأش��هد‬ ‫أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده‬ ‫ورسوله‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ اَ َ ُ ُ‬ ‫وت َّن إ اَّل َوأَ ُ‬ ‫ِين َء َام ُنوا ْ َّٱت ُقوا ْ هَّ َ‬ ‫(يأ ُّي َه��ا ذَّٱل َ‬ ‫ٰٓ‬ ‫نتم‬ ‫ٱلل َح َّق تقات ِ��هِۦ ول تم‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ۡ ُ َ‬ ‫ٓ‬ ‫مسل ِمون ‪ )١٠٢‬ال ع ِۡم َران‬ ‫ِ‬

‫َ َ‬ ‫َّ ُ َّ ُ ْ َ َّ ُ ُ ذَّ‬ ‫َّ ۡ‬ ‫َ َ​َ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ٰٓ‬ ‫(يأ ُّي َه��ا ٱنلاس ٱتقوا ربك‬ ‫��م ٱلِي خلقكم مِ��ن نف ٖس َوٰحِدة ٖ‬ ‫اٗ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َّ‬ ‫��ث م ِۡن ُه َما ر َجال كث ِ ٗ‬ ‫ريا َون َِس��ا ٗء َو َّٱت ُقوا هَّ َ‬ ‫ٱلل‬ ‫وخل��ق مِنها زوجها وب‬ ‫ۚ‬ ‫ِ‬ ‫ذَّ‬ ‫َ​َ َُٓ َ‬ ‫َ أۡ َ ۡ َ َ َّ هَّ َ اَ َ َ َ ۡ ُ‬ ‫ٗ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٱلِي تساءلون بِهِۦ وٱلرحام ۚ إِن ٱلل كن عليكم رقِيبا ‪ )١‬الن ِساء‬ ‫َ َ ُّ َ ذَّ َ َ َ ُ ْ َّ ُ ْ هَّ َ ُ ُ ْ َ اٗ‬ ‫ٗ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٰٓ‬ ‫ٱلل َوقولوا ق ۡول َسدِيدا ‪ ٧٠‬يُ ۡصل ِۡح لك ۡم‬ ‫(يأيها ٱلِين ءامنوا ٱتقوا‬ ‫َ ۡ َ َ ُ َۡ َ ُ ُ​ُ َ ُ‬ ‫ولۥ َف َق ۡد فَ َ‬ ‫ك ۡم َو َمن يُطِعِ هَّ َ‬ ‫ٱلل َو َر ُس هَ ُ‬ ‫از‬ ‫أعمٰلك ۡم َويغفِ ۡر لك ۡم ذنوب ۗ‬ ‫َ‬ ‫فَ ۡو ًزا َع ِ ً‬ ‫ظيما ‪ )٧١‬األ ۡح َزاب‬

‫أم��ا بعد‪ ...‬ف��إن أصدق احلدي��ث كتاب اهلل تعالى‪ ،‬وأحس��ن‬ ‫‪20‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫الهدي هدي محمد صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وشر األمور‬ ‫محدثاته��ا‪ ،‬وكل محدث��ة بدع��ة‪ ،‬وكل بدع��ة ضاللة‪ ،‬وكل‬ ‫ضاللة في النار‪.‬‬ ‫نتن��اول ب��إذن اهلل تعالى ف��ي هذا الع��دد‪ ،‬اجل��زء ال َّثاني من‬ ‫مبحث داللة اإلشارة وآثارها في الفقه اإلسالمي‪ ،‬وقد سبق‬ ‫أن ذكرنا حقيقتها وأنواعها‪ ،‬وحجيتها‪ ،‬ومس��ألة التعارض‬ ‫بينها وبني العبارة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫وس��وف نتن��اول هنا ب��إذن اهلل تعالى‪ ،‬دور الداللة اإلش��ارية‬ ‫في التفقه واس��تخراج املسائل والفروع‪ ،‬واهلل تعالى أسأل‬ ‫السداد والقبول‪...‬‬ ‫املبحث السادس‪ :‬أثر داللة اإلشارة في الفقه اإلسالمي‬ ‫لقد أثَّ��رت ه��ذه الداللة اإللتزامي��ة في الفقه اإلس�لامي‪،‬‬ ‫وعمل��ت على إثراء الفق��ه وذلك من خ�لال املعاني الكثيرة‬


‫تابع‪ :‬البحث العلمي‪ :‬داللة اإلشارة‪ ،‬وآثارها الفقهية (نظرة أصولية تطبيقية) الجزء الثاني‬

‫واألح��كام املولدة منها‪ ،‬كم��ا يتضح أيضا ً جلي��ا ً من خالل‬ ‫اخلالف الفقهي والنقاشات بني الفقهاء مما كان له أثر كبير‬ ‫في إثراء املسائل واتساع دائرة األحكام الشرعية‪.‬‬ ‫تبعي ‪-‬ومحاولة‬ ‫وننبه على أ َّن ذكر مس��ائل الفروع هنا ذكر‬ ‫ٌّ‬ ‫للجمع بني طريقة اجلمه��ور وطريقة األحناف‪ ،-‬إما إلعطاء‬ ‫كمال التص��ور‪ ،‬وجودته‪ ،‬وإم��ا إلخراج مباح��ث األصول عن‬ ‫مجرد الوصف والتنظير إلي التفريع وإبراز آثارها العملية‪.‬‬ ‫‪ -1‬عن ابن عمر أن رسول اهلل ‪ j‬قال‪« :‬أغنوهم عن َّ‬ ‫الطواف‬ ‫في هذا اليوم» (‪.)1‬‬ ‫فالثابت بالعبارة وجوب أداء صدقة الفطر في يوم العيد إلى‬ ‫الفقير والسياق لذلك‪.‬‬ ‫أما الثابت باإلشارة فأحكام منها‪ :‬أنها ال جتب إال على الغني؛‬ ‫ألن اإلغناء إمنا يتحقق من الغني‪.‬‬ ‫ومنه��ا أن الواج��ب الصرف إل��ى احملتاج؛ ألن إغن��اء الغني ال‬ ‫يتحق��ق وإمن��ا يتحقق إغن��اء احملت��اج ومنها أن��ه ينبغي أن‬ ‫يعجل أداءها قبل اخلروج إلى املصلى ليستغني عن املسألة‬ ‫ويحض��ر املصلي فارغ القلب من قوت العيال فال يحتاج إلى‬ ‫السؤال‪ .‬ولهذا قال أبو يوسف‪ :‬ال يجوز صرفها إال إلى فقراء‬ ‫املس��لمني ففي قوله‪« :‬في مثل هذا اليوم» إش��ارة إلى ذلك‬ ‫يعن��ي أنه يوم عيد للفقراء واألغني��اء جميعا وإمنا يتم ذلك‬ ‫للفقراء إذا استغنوا عن السؤال فيه‪.‬‬ ‫ومنها‪ :‬أن وجوب األداء يتعلق بطلوع الفجر ألن اليوم اس��م‬ ‫للوقت من طلوع الفجر إلى غروب الش��مس وإمنا يغنيه عن‬ ‫املسألة في ذلك اليوم أداء فيه‪.‬‬ ‫ومنه��ا‪ :‬أنه يت��أدى الواجب مبطل��ق املال ألنه اعتب��ر اإلغناء‬ ‫وذلك يحصل باملال املطلق ورمبا يكون حصوله بالنقد أمت من‬ ‫حصوله باحلنطة والشعير والتمر‪.‬‬ ‫مس��كني واح ٍد؛ أل َّن‬ ‫ومنه��ا‪ :‬أن األَولى أن يصرف صدقته إلى‬ ‫ٍ‬ ‫اإلغناء بذلك يحصل وإذا فرقها على املساكني كان هذا في‬ ‫اإلغن��اء دون األول وم��ا كان أكمل فيما ه��و املنصوص عليه‬

‫فهو أفضل‪.‬‬ ‫السرخس��ي‪ :‬فهذه أحكام عرفناها بإش��ارة النص وهو‬ ‫قال َّ‬ ‫معن��ى جوام��ع الكل��م الذي ق��ال رس��ول اهلل ‪« :j‬أوتيت‬ ‫جوامع الكلم واختص��ر لي اختصاراً» هذا مثال بيان الثابت‬ ‫بعبارة النص وإشارته من الكتاب والسنة (‪.)2‬‬ ‫‪ -2‬عن ابن عمر رضي اهلل عنهما عن رسول اهلل ‪ j‬أنه قال‪:‬‬ ‫«إمن��ا أجلكم في أجل من خال من األمم م��ا بني صالة العصر‬ ‫إلى مغرب الش��مس‪ ،‬وإمنا مثلكم ومث��ل اليهود والنصارى‬ ‫كرجل اس��تعمل عماالً‪ ،‬فق��ال‪« :‬من يعمل ل��ي إلى نصف‬ ‫النهار على قيراط قيراط» فعملت اليهود إلى نصف النهار‬ ‫عل��ى قيراط قيراط‪ ،‬ثم قال‪« :‬من يعمل لي من نصف النهار‬ ‫إل��ى صالة العصر على قيراط قيراط»‪ ،‬فعملت النصارى من‬ ‫نصف النهار إلى صالة العص��ر على قيراط قيراط‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫«م��ن يعمل لي من صالة العصر إلى مغرب الش��مس على‬ ‫قيراطني قيراطني» ‪-‬أال فأنتم الذين يعملون من صالة العصر‬ ‫إلى مغرب الش��مس على قيراط�ين قيراطني‪ ،‬أال لكم األجر‬ ‫مرتني ‪ -‬فغضبت اليهود والنصارى‪ ،‬فقالوا‪« :‬نحن أكثر عمالً‬ ‫وأقل عط��ا ًء‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪« :‬ه��ل ظلمتكم من حقكم‬ ‫شيئاً»‪ ،‬قالوا‪« :‬ال»‪« ،‬قال فإنه فضلي أعطيه من شئت»‪.‬‬ ‫هذا احلدي��ث رواه البخاري في ثماني��ة مواضع(‪ ،)3‬وفي بعض‬ ‫ألفاظها خالف يسير‪ ،‬فاستدل به البخاري على أ َّن من أدرك‬ ‫ركع��ة من العصر قبل الغروب ق��د أدرك العصر كما واضح‬ ‫في ترجمته‪ ،‬مع أ َّن احلديث غير مسوق لهذا أصالً‪ ،‬وليس هذا‬ ‫ه��و املعنى املتبادر منه‪ .‬ولكن من فقه اإلمام البخاري رحمه‬ ‫اهلل أن استنبط منه هذا االستنباط وهذه اإلشارة الدقيقة‪،‬‬ ‫مما يدل على علو كعبه وملكته الفقهيه (‪.)4‬‬ ‫يقول ابن املنير رحمه اهلل تعالى‪ :‬يس��تنبط من هذا احلديث‬ ‫أن وق��ت العم��ل ممتد إلى غروب الش��مس‪ ،‬وأق��رب األعمال‬ ‫املش��هورة بهذا الوقت ص�لاة العصر‪ ،‬قال‪ :‬فه��و من قبيل‬ ‫اإلش��ارة ال من صريح العبارة‪ ،‬فإ َّن احلديث مثال‪ ،‬وليس املراد‬ ‫العمل اخلاص بهذا الوقت (‪.)5‬‬

‫يحتج بحديثه» تنقيح‬ ‫(‪ )1‬الدارقطني (‪ )225‬واحلاكم في «معرفة علوم احلديث» (‪ )131‬والبيهقي (‪ )175/4‬وكذا ابن زجنويه في «األموال» (‪ )1/49/14‬عن اإلرواء (‪ ,)333/3‬قال ابن عبد الهادي‪« :‬راوي هذا احلديث أبو معشر‪ ،‬وال‬ ‫ُّ‬ ‫(‪ )2‬أصول السرخسي (‪.)241-240/1‬‬ ‫التحقيق (‪ )102/3‬مسألة (‪ .)1592‬قال احلافظ في «الفتح» (‪ :)375/3‬أبو معشر ضعيف‪.‬وضعفه األلباني في اإلرواء (‪.)333/3‬‬ ‫(‪ )3‬رواه البخ��اري ف��ي ع��دة مواض��ع من صحيحه‪ :‬عن عدد من الصحابة؟ في املواضع ‪(:‬كت��اب اإلجارة‪ :‬باب اإلجارة إلى نصف النهار) رقم (‪( / .)2268‬كتاب اإلجارة‪ :‬باب اإلجارة إل��ى صالة العصر) رقم (‪( / .)2269‬كتاب اإلجارة‬ ‫باب اإلجارة من العصر إلى الليل)‪ ,‬رقم (‪ )2271‬عن أبي موسى رضي اهلل عنه‪( / .‬كتاب أحاديث األنبياء‪:‬باب ما ذكر عن بني إسرائيل)‪ ,‬رقم (‪( / .)3459‬كتاب فضائل القرآن‪ :‬باب فضل القرآن على سائر الكالم)‪ ,‬رقم (‪.)5020‬‬ ‫‪( /‬كتاب مواقيت الصالة‪ :‬باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب) رقم (‪( / .)557‬كتاب التوحيد‪ :‬باب في املشيئة واإلرادة) رقم (‪( / .)7467‬كتاب التوحيد ‪:‬باب قول اهلل تعالى‪( :‬قل فأتوا بالتوراة فاتلوها) آل عمران‪.)93(:‬‬ ‫(‪ )4‬ومن تأمل صنيع اإلمام البخاري في الصحيح يجده كثيرا ً ما يس��تخدم ذلك في ترجمته‪ ,‬بل ومن حذقه رحمه اهلل أنه يس��تخدم اللوازم ودالالت اإلش��ارة واإلمياء مما يحير عقول الش��ارحني‪ ,‬كيف تس��نى له ذلك؟ وقد‬ ‫يترجم رحمه اهلل بحديث ليس على شرطه‪ ,‬ثم يذكر هو ما وافق الترجمة من شرطه الذي سار عليه‪ .‬ولعله أعظم برهان على فساد مقولة بعضهم أن أهل احلديث ليسوا بفقهاء‪ ,‬وقد رد األئمة على ذلك‪ ,‬وفي مناظرة‬ ‫(‪ )5‬انظر‪ /‬فتح الباري (‪.)50/3‬‬ ‫الشافعي حملمد بن احلسن إشارة إلى ذلك‪ ,‬وذكر ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪ ,‬أن أصح الناس قياسا ً هم أهل احلديث‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫تابع‪ :‬البحث العلمي‪ :‬داللة اإلشارة‪ ،‬وآثارها الفقهية (نظرة أصولية تطبيقية) الجزء الثاني‬

‫وأيضا يرد بهذا احلديث على إشكال وهو كيف يكون من لم‬ ‫يدرك إال ركعة واحدة من العصر مدركا ً للعصر؟ فيجاب‪ :‬مبا‬ ‫أجيب ب��ه أهل الكتاب من قبلنا‪« :‬ذلك فضل اهلل يؤتيه من‬ ‫يشاء»‪.‬‬ ‫استدل األحناف بهذا احلديث على أن الوقت من العصر إلى‬ ‫املغرب ال بد أن يكون أقل من الوقت من الظهر إلى العصر(‪،)6‬‬ ‫وعليه فال بد أن يكون من مصير ظل كل ش��يء مثليه‪ ،‬ألنه‬ ‫لو كان من مصير ظل كل ش��يء مثله لكان مساويا ً لوقت‬ ‫الظهر‪ ،‬وقد قالوا‪« :‬كن��ا أكثر عمالً» فدل على أنه دون وقت‬ ‫الظهر‪.‬‬ ‫فاس��تنباط األحناف هنا من باب اإلشارة وليس هو املقصود‬ ‫من النص قصدا ً فهل هذه االستنباط صحيح يؤخذ به؟‬ ‫فاجلواب‪ :‬بالنس��بة الستنباط األحناف هنا قد خالفه أصرح‬ ‫من��ه في الدالل��ة‪ ،‬يقول ابن حج��ر‪ :‬اخلب��ر إذا أورد في معنى‬ ‫مقص��ود ال تؤخذ منه املعارضة ملا ورد في ذلك املعنى بعينه‬ ‫مقص��ودا ف��ي أمر آخ��ر‪ ،‬وبأنه لي��س في اخلبر ن��ص على أن‬ ‫كال م��ن الطائفتني أكثر عمال لص��دق أن كلهم مجتمعني‬ ‫أكث��ر عمال من املس��لمني وباحتم��ال أن يك��ون أطلق ذلك‬ ‫تغليب��ا وباحتمال أن يكون ذلك ق��ول اليهود خاصة فيندفع‬ ‫االعتراض م��ن أصله‪ ،‬كما جزم به بعضهم‪ ،‬وتكون نس��بة‬ ‫ذل��ك للجميع في الظاه��ر غير مرادة بل ه��و عموم أريد به‬ ‫اخلص��وص أطلق ذلك تغليباً‪ ،‬وبأن��ه ال يلزم من كونهم أكثر‬ ‫عم�لاً أن يكونوا أكثر زمانا ً الحتمال كون العمل في زمنهم‬ ‫َ َّ َ َ اَ حَ ۡ ۡ َ َ ۡ َ ٓ رۡ ٗ َ‬ ‫صا ك َما‬ ‫كان أشق‪ ،‬ويؤيده قوله تعالى‪ ...( :‬ربنا ول ت ِمل علينا إ ِ‬ ‫مَ َ ۡ َ ُ لَىَ‬ ‫َ‬ ‫ع ذَّٱل َ‬ ‫حلتهۥ‬ ‫ِين مِن ق ۡبل َِنا ۚ‪)٢٨٦ ... ‬البقرة‪.‬‬ ‫ومما يؤيد كون املراد كثرة العمل وقلته ال بالنس��بة إلى طول‬ ‫الزم��ان وقصره كون أهل األخب��ار متفقني على أ َّن املدة التي‬ ‫ب�ين عيس��ى ونبينا ‪ j‬دون امل��دة التي بني نبين��ا ‪ j‬وقيام‬ ‫الس��اعة؛ ألن جمه��ور أهل املعرف��ة باألخبار قال��وا أن مدة‬ ‫الفترة بني عيس��ى ونبينا ‪ j‬س��تمائة سنة وثبت ذلك في‬ ‫صحيح البخاري عن س��لمان رضي اهلل عنه وقيل‪ :‬إنها دون‬ ‫ذلك حتى جاء عن بعضهم أنها مائة وخمس وعشرون سنة‬ ‫وهذه مدة املسلمني باملش��اهدة أكثر من ذلك فلو متسكنا‬ ‫بأن امل��راد التمثيل بطول الزمانني وقصرهم��ا للزم أن يكون‬

‫وق��ت العصر أطول من وقت الظهر وال قائل به فدل على أن‬ ‫املراد كثرة العمل وقلته‪ ،‬واهلل سبحانه وتعالى أعلم(‪.)7‬‬ ‫قال اب��ن قدامة‪ :‬وقال أبو حنيفة وق��ت الظهر إلى أن يصير‬ ‫ظ��ل كل ش��يء مثله أل َّن النب��ي ‪ j‬قال «أكث��ر عمال وأقل‬ ‫عط��اء» وهذا ي��دل على أن من الظهر إل��ى العصر أكثر من‬ ‫العصر إلى املغرب(‪.)8‬‬ ‫وأج��اب ابن القيم ع��ن اس��تدالل األحناف هن��ا بأنهم ردوا‬ ‫الس��نة الصريحة احملكم��ة الثابتة في وق��ت العصر أنه إذا‬ ‫صار ظل كل شيء مثله وأنهم كانوا يصلونها مع النبي ‪j‬‬ ‫ث��م يذهب أحدهم إلى العوالي قدر أربعة أميال والش��مس‬ ‫مرتفع��ة(‪ ،)9‬قال‪ :‬وال معارض لهذه الس�نن ال في الصحة وال‬ ‫في الصراحة والبيان فردت هذه السنن باجململ من قوله ‪j‬‬ ‫«مثلكم ومثل أهل الكتاب‪ »...‬قال‪ :‬وياهلل العجب! أي داللة‬ ‫ف��ي هذا على أن��ه ال يدخل وقت العصر حت��ى يصير الظل‬ ‫مثل�ين بنوع من أنواع الداللة؟ وإمنا يدل على أن صالة العصر‬ ‫إلى غروب الشمس أقصر من نصف النهار إلى وقت العصر‪،‬‬ ‫وهذا ال ريب(‪.)10‬‬ ‫‪ -3‬ف��ي صحي��ح مس��لم م��ن حدي��ث عي��اض ب��ن حم��ار‬ ‫رضي‪ ‬اهلل‪ ‬عن��ه عن النبي ‪ j‬أنه قال في حديث طويل‪« :‬وإن‬ ‫اهلل قال لي أنفق أُنفق عليك»‪.‬‬ ‫ق��ال ابن القيم‪ :‬وه��ذا يتناول نفقة العل��م إما بلفظه وإما‬ ‫بتنبيهه وإشارته وفحواه(‪.)11‬‬ ‫‪ -4‬روى البخاري في صحيحه أن سعيد بن زيد رضي ‪ ‬اهلل‪ ‬عنه‬ ‫قال‪ :‬س��معت رس��ول اهلل ‪ j‬يقول‪« :‬من ظل��م من األرض‬ ‫شيئا طوقه من سبع أرضني»(‪.)12‬‬ ‫ق��ال ابن حجر‪ :‬وفي احلديث حترمي الظل��م والغصب وتغليظ‬ ‫عقوبت��ه وإم��كان غص��ب األرض وأن��ه م��ن الكبائ��ر‪ ،‬قاله‬ ‫القرطب��ي‪ ،‬وكأنه فرَّعه عل��ى أ َّن الكبيرة م��ا ورد فيه وعيد‬ ‫ش��ديد وأن من ملك أرضا ملك أس��فلها إلى منتهى األرض‬ ‫ول��ه أن مين��ع من حفر حتتها س��ربا ً أو بئرا ً بغي��ر رضاه‪ ،‬وفيه‬ ‫أن م��ن ملك ظاهر األرض مل��ك باطنها مبا فيه حجارة ثابتة‬ ‫وأبني��ة ومع��ادن وغير ذلك وأن له أن ينزل باحلفر ما ش��اء ما‬ ‫ل��م يضر مبن يجاوره(‪ .)13‬ونحوه الب��در‬ ‫العيني في العمدة(‪.)14‬‬ ‫ّ‬ ‫ونحوه األب ِّ ُّي في شرحه اإلكمال(‪ )15‬ا‪ .‬هـ‪.‬‬

‫(‪ )9‬رواه البخاري (املواقيت‪ :‬باب وقت العصر‪ ,‬رقم (‪ ,)550‬ومسلم (كتاب املساجد‪ :‬باب استحباب‬ ‫(‪ )8‬املغني (‪.)415/1‬‬ ‫(‪ )7‬فتح الباري (‪.)332/2‬‬ ‫(‪ )6‬أحكام القرآن للجصاص (‪ ,)337/2‬وانظر‪ /‬فتح الباري (‪.)50/3‬‬ ‫(‪ )13‬فتح الباري (‪.)132/6‬‬ ‫(‪ )12‬في املظالم والغصب (‪ ، )2452‬ومسلم املساقاة (‪.)1610‬‬ ‫(‪ )11‬مفتاح دار السعادة (‪.)128/1‬‬ ‫(‪ )10‬إعالم املوقعني (‪.)297-296/4‬‬ ‫التبكير بالعصر‪ ,‬رقم (‪.)621‬‬ ‫(‪ )15‬إكمال املعلم ( ‪ ,)314 ، 313/4‬عن مجلة البحوث اإلسالمية (‪.)183/1‬‬ ‫(‪ )14‬عمدة القاري (‪.)420/12‬‬

‫‪22‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬البحث العلمي‪ :‬داللة اإلشارة‪ ،‬وآثارها الفقهية (نظرة أصولية تطبيقية) الجزء الثاني‬

‫فيس��تدل من هذا احلديث جواز السعي في الطابق العلوي‬ ‫في الس��عي ب�ين الصفا وامل��روة‪ ،‬وهو ما اس��تدلت به جلنة‬ ‫هيئة كبار العلماء مع أدلة أخرى(‪.)16‬‬ ‫َ ۡ هَ‬ ‫َ‬ ‫‪ -5‬واستُدل بقول اهلل تعالى‪َ :‬‬ ‫(من اَك َن يُر ُ‬ ‫يد َح ۡرث ٱٓأۡلخ َِرة ِ ن ِزد ُلۥ‬ ‫ِ‬

‫هَ‬ ‫َ َ اَ َ ُ ُ َ ۡ َ ُّ ۡ ُ ۡ‬ ‫ٱدلن َيا نؤتِهِۦ م ِۡن َها َو َما ُلۥ يِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ مِن‬ ‫يِف َح ۡرث ِ��هِۖۦ ومن كن ي ِريد حرث‬ ‫َّ‬ ‫يب ‪)٢٠‬الش��ورى‪ .‬استدل بها ابن العربي على بطالن مذهب‬ ‫ن ِص ٍ‬

‫أب��ي حنيف��ة في قوله‪« :‬إنه م��ن توضأ تبردا ً أن��ه يجزيه عن‬ ‫فريضة الوضوء املوظف عليه» قال‪ :‬فإن فريضة الوضوء من‬ ‫ح��رث اآلخرة والتبرد من حرث الدنيا‪ ،‬فال يدخل أحدهما على‬ ‫اآلخر وال جتزي نيته عنه بظاهر هذه اآلية(‪.)17‬‬ ‫واستدل بها اجلصاص على أن ما سبيله أن ال يفعل إال على‬ ‫وج��ه القربة ال يج��وز أخذ األجرة عليه‪ .‬ق��ال‪ :‬ألن األجرة من‬ ‫حظ��وظ الدني��ا‪ ،‬فمتى أخ��ذ عليه األجرة فق��د خرج من أن‬ ‫يكون قربة مبقتضى الكتاب والسنة(‪.)18‬‬ ‫واس��تدل بها أيضا ً على بطالن االس��تئجار على ما سبيله‬ ‫أن ال يفعل إال على وج��ه القربة؛ إلخباره تعالى بأن من يريد‬ ‫ح��رث الدنيا فال حظ له في اآلخرة‪ ،‬فيخرج ذلك من أن يكون‬ ‫قربة فال يقع موقع اجلواز(‪.)19‬‬

‫املبحث السابع‪ :‬مسائل متممة‬ ‫‪ -1‬قد ُيتَعقب هذا الكالم بأن داللة اإلشارة قد تؤدي إلى فتح‬ ‫باب التفس��ير اإلش��اري‪ ،‬وتأويالت الباطنية‪ :‬ف ُيسلك فيها‬ ‫مسلك االحتماء لدفع الداء‪ ،‬فنغلق هذا الباب‪:‬‬ ‫ذلك أن من أهل البدع جعل هذه الداللة سبيالً للتكلف في‬ ‫الفهم وربط التفريعات البعيدة التي ال تطيقها العبارة وال‬ ‫يتحملها النص‪.‬‬ ‫نصوا على أن االس��تدالل بطريقة‬ ‫فيق��ال‪ :‬بأن أهل العل��م ّ‬ ‫«اإلشارة» يقصر على ما يكون الزما ً ملعنى من معاني النص‬ ‫ويك��ون النص داال ً عليه‪ ،‬فأما حتميله ملعاني البعيدة التي ال‬ ‫تالزم بينها وبني معنى فيه يزعم أن َّها إش��ارية فهذا شطط‬ ‫في فهم النصوص‪ ،‬وليس هو املراد بداللة إشارة النَّص(‪.)20‬‬

‫والنَّاظ��ر املتأم��ل فيم��ا يفعل��ه الباطنيون ف��ي تأويالتهم‬ ‫جتن واضح‪ ،‬وانتهاك فاضح‬ ‫املنحرف��ة يجزم أن ما هم علي��ه ٍ‬ ‫جت��ن على لغة‬ ‫لقان��ون العل��م وأحكام الش��ريعة‪ ،‬كما هو‬ ‫ٍ‬ ‫السلف‬ ‫القرآن الكرمي‪ ،‬بخالف َ‬ ‫س�َن�نَ األئمة الراسخني‪ ،‬وهم َّ‬ ‫الصالح فإن تأويالتهم واستنباطاتهم لن تعدم لها شاهدا ً‬ ‫َّ‬ ‫صحيحا ً صريحا ً من القرآن والسنة‪ ،‬ومن صريح كالم العرب‪،‬‬ ‫ومما يشهد له العقل الصحيح‪ ،‬فيكون مصححا ً لفهمهم‪.‬‬ ‫كم��ا أنهم ال يقتطعون الكالم عن الس��ياق الذي أحيط به‬ ‫بدون مس ِّوغ ودليل‪ ،‬إذ أن اقتطاع الكالم وانتزاعه من سياقه‬ ‫فاضح‬ ‫وس��باقه وحلاق��ه جرمية كبيرة في حق املعن��ى وخَ رْ ٌم‬ ‫ٌ‬ ‫التساق املبنى‪.‬‬ ‫يقول العالمة الشاطبي رحمه اهلل تعالى‪:‬‬ ‫وكون الباطن هو املراد من اخلطاب‪ ...‬يش��ترط فيه ش��رطان‪:‬‬ ‫أحدهم��ا‪ :‬أن يص��ح على مقتضى الظاهر املقرر في لس��ان‬ ‫الع��رب‪ ،‬ويجري على املقاصد العربي��ة‪ .‬والثاني‪ :‬أن يكون له‬ ‫ش��اهد نصا ً أو ظاهرا ً في محل آخر يشهد لصحته من غير‬ ‫معارض‪ .‬فأما األول فظاهر من قاعدة كون القرآن عربياً‪ ،‬فإنه‬ ‫ل��و كان له فهم ال يقتضي��ه كالم العرب لم يوصف بكونه‬ ‫عربي��ا ً بإطالق وألنه مفهوم يلصق بالقرآن ليس في ألفاظه‬ ‫وال ف��ي معانيه ما ي��دل عليه وما كان كذل��ك فال يصح أن‬ ‫ينس��ب إليه أصالً؛ إذ ليس��ت نس��بته إليه على أن مدلوله‬ ‫أولى من نس��بة ض��ده إلي��ه وال مرجح يدل عل��ى أحدهما‬ ‫فإثب��ات أحدهما حتكم وتقول عل��ى القرآن ظاهر وعند ذلك‬ ‫يدخل قائله حتت إثم من قال في كتاب اهلل بغير علم واألدلة‬ ‫املذك��ورة في أ َّن القرآن عربي جارية هنا‪ .‬وأما الثاني فألنه إن‬ ‫لم يكن له ش��اهد في مح��ل آخر‪ ،‬أو كان ل��ه معارض صار‬ ‫م��ن جملة الدعاوي التي تدعى عل��ى القرآن والدعوى اجملردة‬ ‫غير مقبولة باتفاق العلماء وبهذين الش��رطني يتبني صحة‬ ‫ما تقدم أنه الباطن ألنهما موفران فيه بخالف ما فس��ر به‬ ‫الباطني��ة فإنه ليس من علم الباطن كما أنه ليس من علم‬ ‫الظاهر(‪.)21‬‬

‫(‪ )17‬نقل��ه القرطب��ي في جامع أحكام القرآن (‪ ,)19/16‬ط‪ .‬دار الكتاب العربي‪ .‬مس��ألة‪« :‬عدم إجزاء نية التبرد في الوضوء»‪ ,‬هذه ينظ��ر فيها ‪-‬واملقام اآلن ليس محل حتقيق‬ ‫(‪ )16‬مجل��ة البح��وث اإلس�لامية (‪.)183/1‬‬ ‫ومناقش��ة وإمنا عرض الس��تنباطات األئمة‪-‬إال أنه حني ننظر في هذه املس��ألة ومثيالتها ال بد من النظر إلى مقاصد الشريعة وأن الشارع اعتبر مصالح العباد‪ .‬وهذا ما قرره الشاطبي في املوافقات وغيره‪ ,‬فكيف يجوز أن‬ ‫مننع العبد من أن يتطلع إلى املصالح التي قصدها الش��ارع من أعمال املكلفني‪ ...‬انظر املوافقات (‪ )366-364/2‬مع احلاش��ية عليه‪ .‬ثم يقال ما هو املانع من قصد التبرد والتنظف خاصة مع ارتفاع احلرارة‪ .‬وقد قال ‪« : j‬يا‬ ‫معش��ر الش��باب من اس��تطاع منكم الباءة فليتزوج ومن ال فعليه بالصوم فإنه له وجاء»‪ .‬فجعل الصوم لتخفيف الشهوة مع اعتبار أصل القربة فيه‪(.‬وهذا تعقب أيضاً)‪ / .‬ويقول ابن العربي‪ -‬في الفرار من األنكاد باحلج‬ ‫أو الهجرة‪»:-‬إنه من دأب املرسلني‪ ,‬فقد قال اخلليل عليه السالم‪{ :‬إني ذاهب إلى ربي سيهدين}‪ ,‬وقال الكليم عليه السالم‪{ :‬ففررت منكم ملا خفتكم}‪ .‬وقد كان رسول اهلل ‪ُ j‬جعلت قرة عينه في الصالة‪ ,‬فكان يستريح‬ ‫إليها من تعب الدنيا‪ ,‬وكان فيها نعيمه ولذته‪ ,‬أفيقال إنه دخول فيها على هذا الوجه قادح فيها؟! كال بل هو كمال فيها وباعث على اإلخالص فيها‪ »...‬ذكره الشاطبي عنه وتابعه عليه وذكر له عدة أمثلة انظر‪ :‬املوافقات‬ ‫(‪ )21‬املوافقات (‪.)232-231/4‬‬ ‫(‪ )20‬علم أصول الفقه‪ ,‬د‪ .‬عبد الوهاب خالف صـ‪.148‬‬ ‫(‪ )19‬أحكام القرآن (‪.)510/3‬‬ ‫(‪ )18‬أحكام القرآن (‪.)211/3‬‬ ‫‪ .372-367/2‬ويراجع‪ :‬الفتاوى ‪ ,372/26‬الدين اخلالص ‪.283/2‬‬

‫‪23‬‬


‫تابع‪ :‬البحث العلمي‪ :‬داللة اإلشارة‪ ،‬وآثارها الفقهية (نظرة أصولية تطبيقية) الجزء الثاني‬

‫‪ -2‬أن التعل��ق بال��دالالت الفرعي��ة ق��د يفض��ي إل��ى إتباع‬ ‫املتشابهات وترك احملكمات الواضحات‪:‬‬ ‫وهذا متصورٌ إال أنه ال مينع من االس��تفادة من هذه اإلش��ارة‬ ‫َّ‬ ‫وللش��اطبي في‬ ‫أو الداللة اإللتزامية ما لم تعارض بأصرح‪.‬‬ ‫كتابه القيم «االعتصام» كالم رائع عن صنيع أهل البدع في‬ ‫استدالالتهم فيقول‪:‬‬ ‫ومن نظر إلى طريق أهل البدع في استدالالتهم عرف أنها ال‬ ‫تنضبط ألنها س َّيالة ال تقف عند حد‪ ،‬وعلى كل وجه يصح‬ ‫لكل زائغ وكافر أن يس��تدل على زيغه وكفره حتى ينس��ب‬ ‫النِّحلة التي التزمها إلى الشريعة‪.‬‬ ‫فق��د رأينا وس��معنا ع��ن بعض الكف��ار أنه اس��تدل على‬ ‫كف��ره بآي��ات الق��رآن كما اس��تدل بع��ض النص��ارى على‬ ‫تش��ريك عيسى بقوله تعالى (‪َ ...‬و لَك َِم ُت ُه ٓۥ َأ ۡل َقى ٰ َها ٓ إ ىَ ٰل َم ۡر َي َم َو ُر ‪ٞ‬‬ ‫وح‬ ‫ِ‬ ‫ّم ِۡن ُهۖ‪ )171 ...‬النساء واستدل على أن الكفار من أهل اجلنة بإطالق‬ ‫َّ ذَّ َ َ َ ُ ْ َ ذَّ َ َ ُ ْ َ َّ ٰ ُ َ‬ ‫ون َوٱنلَّ َص ٰ َر ٰ‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪(« :‬إِن ٱلِي��ن ءامنوا وٱلِين هادوا وٱلص ِ ‍ٔ‬ ‫ب‬

‫احملك��م يردونه به اس��تخرجوا من احملكم وصفا ً متش��ابها‬ ‫وردوه به‪.‬‬ ‫قال ابن القيم‪ :‬فلهم طريقان في رد الس�نن‪ :‬أحدهما‪ :‬ردها‬ ‫باملتش��ابه من القرآن أو من الس�نن‪ .‬الثاني‪ :‬جعلهم احملكم‬ ‫متش��ابهاً‪ ،‬ليعطلوا داللته‪ .‬ثم ق��ال‪ :‬وأما طريقة الصحابة‬ ‫والتابعني وأئمة احلديث كالش��افعي واإلم��ام أحمد ومالك‬ ‫وأبي حنيفة وأبي يوس��ف والبخاري وإس��حاق فعكس هذه‬ ‫الطريقة‪ ،‬وهي أنهم يردون املتش��ابه إل��ى احملكم‪ ،‬ويأخذون‬ ‫يفس��ر لهم املتش��ابه ويبينه له��م‪ ،‬فتتفق‬ ‫م��ن احملكم ما ِّ‬ ‫النصوص بعضها بعضاً‪ ،‬فإنها كلها من عند اهلل‪ ،‬وما كان‬ ‫م��ن عند اهلل فال اختالف فيه وال تناقض؛ وإمنا يقع التناقض‬ ‫فيما كان من عند غيره(‪.)23‬‬ ‫فذك��ر ابن القيم رحم��ه اهلل هنا أن احلق أن نأخذ من احملكم‬ ‫ما يفس��ر به املتش��ابه ويوضحه؛ وهذا بخالف من يأخذ من‬ ‫املتشابه ما ي َ ُردُّ به الداللة الواضحة واحملكمة‪.‬‬

‫وكذل��ك كل من اتبع املتش��ابهات أو حرَّف املناطات أو حمل‬ ‫اآليات ماال حتمله عند الس��لف الصالح أو متسك باألحاديث‬ ‫الواهية أو أخذ األدلة ببادئ الرأي له أن يستدل على كل فعل‬ ‫أو ق��ول أو اعتق��اد وافق غرضه بآية أو حدي��ث ال يفوز بذلك‬ ‫أصالً والدليل عليه استدالل كل فرقة شهرت بالبدعة على‬ ‫بدعته��ا بآي��ة أو حديث من غير توق��ف‪ ...‬فمن طلب خالص‬ ‫نفسه ت َ َث َّب َت حتى يتضح له الطريق ومن تساهل رمته أيدي‬ ‫الهوى في‬ ‫معاطب ال مخلص له منها إال ما شاء اهلل(‪.)22‬‬ ‫َ‬ ‫ونقل ابن القيم رحمه اهلل عن اإلمام احمد رحمه اهلل ‪-‬في‬ ‫كتابه طاعة الرسول ‪ - j‬احتجاجه على من عارض السنن‬ ‫بظاهر القرآن وردها بذلك وقال‪ :‬هذا فعل الذين يتمس��كون‬ ‫باملتش��ابه في رد احملكم‪ ،‬فإن لم يجدوا لفظا ً متشابها ً غير‬

‫‪ -3‬قد يقال‪ :‬ملاذا ال نعمل مبا أريد من النص أصالة وما سيق‬ ‫ألجله ونبتعد عن مثل هذه الدالالت البعيدة وغير الواضحة؟‬ ‫يجاب هنا من وجوه‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يق��ال بأن اهلل عز وجل خاطبنا بالقرآن الكرمي وهو نص‬ ‫عربي‪ ،‬واضح‪ ،‬وهذا النص خاضع جلنس ما يخضع له س��ائر‬ ‫اللفظ العربي‪ ،‬فالنَّص ق��د يدل على معان متعددة‪ ،‬وبطرق‬ ‫مختلف��ة م��ن طرق الداللة‪ ،‬وليس��ت هذه املعان��ي‪ ،‬أو هذه‬ ‫الطرق مقص��ورة على حالة واحدة‪ ،‬وفه��م واحد‪ .‬ولو عمل‬ ‫مبدلول النص من بعض ط��رق داللته وأهمل العمل مبدلوله‬ ‫م��ن طريق آخر فقد ّ‬ ‫عط��ل النص من بعض الوج��وه(‪ )24‬فإن‬ ‫املكلف مخاطب بأن يعم��ل بكل ما دل عليه النص العربي‬ ‫ب��أي طريق من طرق الداللة املقررة ف��ي اللغة‪ ،‬وعليه فال بد‬ ‫من أن نحاكي صنيع العربي إذا تكلم أو خوطب بنص‪.‬‬ ‫َ َ َ ۡ ُ ّ ۢ َ ۡ َ َ ٓ َ ۡ ُ​ُ‬ ‫روي أن قارئ��ا ً قرأ قول��ه تعالى‪( :‬فإِن زللتم ِمن بع�� ِد ما جاءتكم‬ ‫بۡ َ ّ َ ٰ ُ َ ۡ‬ ‫��وا ْ أَ َّن هَّ َ‬ ‫ي��ز َحك ٌ‬ ‫ٱلل َعز ٌ‬ ‫ٱعلَ ُم ٓ‬ ‫ِي��م ‪)٢٠٩‬البق��رة‪ .‬فقال‪( :‬غفور‬ ‫ٱليِن��ت ف‬ ‫ِ‬ ‫رحيم)‪ ،‬فسمعه أعرابي فأنكره ولم يقرأ القرآن وقال‪ :‬إن كان‬ ‫ه��ذا كالم اهلل فال يقول كذا‪ ،‬احلكي��م ال يذكر الغفران عند‬ ‫الزلل ألنه إغراء عليه(‪.)25‬‬

‫هَّ يۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ٰ ٗ َ اَ َ ۡ ٌ‬ ‫اَ ُ‬ ‫��وف َعل ۡي ِه ۡم َول ه ۡم‬ ‫َم ۡن َء َام َن بِ��ٱللِ َوٱلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِ​ِر وع ِمل صل ِحا فل خ‬ ‫حَ ۡ َ ُ َ‬ ‫ون‪ )٦٩ ‬املائدة‪ - .‬واس��تدل بع��ض اليهود على تفضيلهم‬ ‫يزن‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ت َأ ۡن َع ۡمتُ‬ ‫َ‬ ‫ت ٱل يِ ٓ‬ ‫ن إِس َرٰٓءِيل ٱذك ُروا ن ِعم يِ َ‬ ‫علينا بقوله س��بحانه‪( :‬يٰب يِ ٓ‬ ‫َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ّ َ َّ ۡ ُ ُ ۡ لَىَ‬ ‫ع ۡٱل َعٰلَم َ‬ ‫عليكم وأ يِن فضلتكم‬ ‫ني ‪)١٢٢‬البقرة‪ - .‬وبعض احللولية‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ َّ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫اس��تدل على قوله بقوله تعالى‪( :‬فإِذا سويتهۥ ونفخت فِيهِ مِن‬ ‫ُّ يِ َ َ ُ ْ هَ ُ َ‬ ‫سجد َ‬ ‫ر‬ ‫ِين ‪)٢٩‬احلجر‪ - .‬والتناسخي استدل بقوله‪:‬‬ ‫وح فقعوا لۥ ٰ ِ‬ ‫ٓ َ ّ ُ َ َّ َ ٓ َ َ َّ َ َ‬ ‫(ف أ ِي صورة ٖ ما شاء ركبك ‪)٨‬اإلنفطار‪.‬‬ ‫يِ‬

‫(‪ )24‬انظر علم أصول الفقه‪ ,‬د‪.‬عبد الوهاب خالف صـ‪.143‬‬ ‫(‪ )23‬إعالم املوقعني (‪.)58-57/4‬‬ ‫(‪ )22‬االعتصام صـ‪.233-232‬‬ ‫(‪ )26‬ذكرها ابن اجلوزي في زاد املسير عند هذه اآلية‬ ‫(‪ )25‬تفسير الكشاف صـ‪ .« 124‬دار املعرفة بيروت‪ .‬وانظر التحرير والتنوير في هذه اآلية‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬البحث العلمي‪ :‬داللة اإلشارة‪ ،‬وآثارها الفقهية (نظرة أصولية تطبيقية) الجزء الثاني‬

‫ُ َ َّ َ ُ َ ۡ َ ُ ٓ ْ‬ ‫(و َّ‬ ‫وق��ال األصمعي قرأت ه��ذه اآلية َ‬ ‫ٱلس��ارِق وٱلس��ارِقة فٱقطعوا‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َ َ ٓ َ ۢ َ َ َ َ َ َ ٰ اٗ ّ َ هَّ‬ ‫ٱللِ َو هَّ ُ‬ ‫يز َحك ‪ٞ‬‬ ‫ٱلل َعز ٌ‬ ‫ِيم ‪)٣٨‬املائدة‬ ‫أيدِيهم��ا جزاء بِما كس��با نكل مِ��ن‬ ‫ۗ‬ ‫ِ‬

‫وإل��ى جنبي أعرابي فقلت‪{ :‬واهلل غفور رحيم} س��هوا فقال‬ ‫األعراب��ي كالم من هذا قلت كالم اهلل قال أعد فأعدت واهلل‬ ‫غف��ور رحيم فقال ليس هذا كالم اهلل فتنبهت فقلت واهلل‬ ‫عزي��ز حكي��م فقال‪ :‬أصبت ه��ذا كالم اهلل فقل��ت له أتقرأ‬ ‫القرآن قال‪ :‬ال قلت فمن أين علمت أني أخطأت فقال‪ :‬يا هذا‬ ‫عزَّ فحكم فقطع ولو غفر ورحم ملا قطع(‪.)26‬‬ ‫‪ -2‬أن الناظر في صنيع السلف الصالح وفقههم يجد هذا‬ ‫كثيرا ً في كالمهم وقد سبق من األمثلة ما د َّل عليه‪.‬‬

‫الــخــاتــمـــة‬ ‫مــن خــالل هـــذه الدراس��ــة البس��يطــة فــي هــذا‬ ‫املوضـــوع يتبــني مــا يلــي‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن هذه املسائل املتعلقة بالدالالت واالجتهاد واالستنباط‬ ‫جدي��رة ببعثه��ا بالبحث‪ .‬ويج��ب أن تكون هذه الدراس��ات‬ ‫أعم��ق نوع��ا ً ما‪ ،‬ويراع��ى فيها إب��راز األثر الفقه��ي‪ ،‬ليصح‬ ‫ابتناء الفروع على األصول‪ ،‬ويس��لم لنا اإلحلاق‪ ،‬ويس��دد لنا‬ ‫التنزيل على أعيان املسائل‪ .‬وهذه دعوة قدمية أشار إليها من‬ ‫عدة قرون عالمة املقاصد أبو اس��حاق الش��اطبي من خالل‬ ‫موافقات��ه وفتاويه وكان مذهبه‪ :‬أن كل مس��ألة في أصول‬ ‫الفق��ه ال ينبني عليها فروع أو آث��ار فقهية‪ ،‬أو ال تكون عونا ً‬ ‫في ذلك‪ ،‬فوضعها في أص��ول الفقه عارية‪ .‬وقد صرَّح بهذا‬ ‫في مقدمة املوافقات‪ ،‬ودندن حوله في الكتاب‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن مسألة داللة اإلشارة وآثارها الفقهية حتتاج إلى جولة‬ ‫في حلبة ه��ي أرحب من هذا املضمار الضيق‪ ،‬حتى يتس��ع‬ ‫املقام لفرش بساط النقاش‪ ،‬واستخراج درر فوائده باملنقاش‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن��ه ال بد من النظ��رة املتأنية اجلامعة ب�ين داللة العبارة‬ ‫وداللة اإلش��ارة‪ ،‬وذلك حس��ب قواعد الترجيح املتبعة عند‬ ‫العلماء واملسطرة في علم األصول‪.‬‬ ‫العيسوي‬ ‫السعيد‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫كتبه‪ /‬أبو مالك َّ‬

‫املصادر واملراجع‬

‫‪1 .1‬القرآن الكرمي‪.‬‬ ‫‪2 .2‬كتب احلديث املشهورة‪.‬‬ ‫‪3 .3‬تهذيب اللغة و منصور محمد بن أحمد األزهري‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬ ‫بيروت ‪2001-‬م‪.‬‬ ‫‪4 .4‬الكلي��ات ألبي البقاء الكفومي‪ ،‬مؤسس��ة الرس��الة‪ ،‬بيروت ‪1419 -‬هـ‬ ‫ ‪1998‬م‪.‬‬‫‪5 .5‬املعجم الوسيط‪.‬‬ ‫‪6 .6‬الكافي ش��رح البزدوي حلسام الدين حس�ين بن علي السغناقي‪ ،‬حتقيق‬ ‫فخر الدين سيد قانت‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض «رسالة دكتوراه»‪.‬‬ ‫‪7 .7‬التعريفات‪ ،‬علي بن محمد بن علي اجلرجاني‪ ،‬دار الكتاب العربي – بيروت‪،‬‬ ‫الطبعة األولى‪1405 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪8 .8‬دالل��ة االقتضاء وأثره��ا في األح��كام الفقهية‪ ،‬د‪/‬نادية محمد ش��ريف‬ ‫العمري‪ ،‬ط‪ .‬دار هجر‪ ،‬ط ‪1409 ،1‬هـ‪1988-‬م‪.‬‬ ‫‪9 .9‬أصول السرخسي‪ ،‬محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي‪.‬‬ ‫‪1010‬التقري��ر والتحبي��ر‪ ،‬محمد بن محمد اب��ن أمير احلاج احلنبل��ي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫عب��د اهلل محم��ود محم��د عم��ر دار الكت��ب العلمي��ة – بي��روت‪ ،‬ط‪.1‬‬ ‫‪1419‬هـ‪1999/‬م‬ ‫‪1111‬املس��تصفى في علم األصول‪ ،‬ألبي حامد محمد بن محمد الغزالي‪ .‬دار‬ ‫الكتب العلمية – بيروت ط‪1413 ، 1‬هـ‪.‬‬ ‫‪1212‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬س��يف الدين اآلمدي‪ ،‬حتقيق الش��يخ عبد‬ ‫الرزاق عفيفي‪.‬‬ ‫‪1313‬ش��رح الكوكب املني��ر‪ ،‬لتقي الدين أبي البقاء محم��د بن أحمد بن عبد‬ ‫العزيز ب��ن علي الفتوحي املعروف بابن النج��ار ت‪ /‬محمد الزحيلي ونزيه‬ ‫حماد‪ ،‬مكتبة العبيكان ط‪1418 ،2‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬ ‫‪1414‬طرق داللة األلفاظ‪ ،‬حس�ين علي جفتجي‪ ،‬رسالة ماجستير (‪1401‬هـ‪-‬‬ ‫‪1981‬م) جامع��ة امللك عب��د العزيز‪ -‬مكة املكرمة‪ ،‬نس��خة مصورة ط‪.‬‬ ‫«آلة كاتبة»‪.‬‬ ‫‪ -151515‬إرش��اد الفحول إلى حتقيق احلق من علم األصول‪ ،‬محمد بن علي‬ ‫الشوكاني‪ ،‬حتقيق الشيخ أبي حفص سامي العربي‪ .‬ط دار الفضيلة‪.‬‬ ‫‪ -161616‬نثر الورود شرح مراقي السعود‪ ،‬الشيخ محمد األمني الشنقيطي‪،‬‬ ‫ط‪.‬اجملمع الفقهي‪.‬‬ ‫‪1717‬إجابة الس��ائل شرح بغية اآلمل‪ ،‬ط‪ ،1‬الرس��الة ‪-‬بيروت‪ ،1986 :‬حتقيق‪:‬‬ ‫السياغي واألهدل‪.‬‬ ‫‪1818‬تلخيص األصول للزاهدي‪.‬‬ ‫‪1919‬كشف األسرار ‪ ،‬البزدوي‪.‬‬ ‫‪2020‬البحر احمليط ‪ ،‬الزركشي‪.‬‬ ‫‪2121‬الكافي شرح البزدوي‪ ،‬ط‪ .‬مكتبة ابن رشد‪.‬‬ ‫‪2222‬الوجيز في أصول الفقه‪ ،‬د‪ /‬وهبة الزحيلي‪.‬‬ ‫‪2323‬املوافقات‪ ،‬ألبي اسحاق الشاطبي‪ ،‬حتقيق مشهور حسن‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار ابن‬ ‫عفان‪1417 ،‬هـ‪1997 /‬م‪.‬‬ ‫‪2424‬الب��در املنير البدر املنير ف��ي تخريج األحاديث واألثار الواقعة في الش��رح‬ ‫الكبي��ر‪ ،‬اب��ن امللقن س��راج الدي��ن أبو حفص عم��ر بن علي ب��ن أحمد‬ ‫الشافعي املصري ‪ ،‬دار الهجرة‪ ،‬الرياض ط‪1425 .1‬هـ‪2004-‬م‪.‬‬ ‫‪2525‬تلخيص احلبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ‪ ،‬ابن حجر العسقالني‪،‬‬ ‫دار الكتب العلمية‪.‬‬ ‫‪2626‬اجلد احلثيث في بيان ما ليس بحديث‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن عبد الكرمي الغزي‬ ‫العامري‪ ،‬ت‪ /‬فواز أحمد زمرلي‪ ،‬دار ابن حزم‪.‬‬ ‫‪2727‬الطبعة ‪ :‬السلسلة الضعيفة‪ ،‬الشيخ األلباني‪.‬‬ ‫‪2828‬الوجيز لعبد الكرمي زيدان‪.‬‬ ‫‪2929‬اإلرواء ‪ ،‬الشيخ األلباني‪.‬‬ ‫‪3030‬تنقيح التحقيق ‪ ،‬ابن عبد الهادي‪.‬‬ ‫‪3131‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر العسقالني‪.‬‬ ‫‪3232‬أصول السرخسي‪.‬‬ ‫‪3333‬أحكام القرآن للجصاص‪.‬‬ ‫‪3434‬املغني ‪ ،‬ابن قدامة‪.‬‬ ‫‪3535‬إعالم املوقعني‪ ،‬طبعة ابن اجلوزي ‪ ،‬حتقيق مشهور حسن‪.‬‬ ‫‪3636‬مفتاح دار السعادة ‪ ،‬ابن القيم‪.‬‬ ‫‪3737‬عم��دة القاري ش��رح صحي��ح البخاري‪ ،‬ب��در الدين العين��ي‪ ،‬دار الكتب‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫‪3838‬مجلة البحوث اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪3939‬جامع أحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬ط‪ .‬دار الكتاب العربي‪.‬‬ ‫‪4040‬مجموع الفتاوى‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪4141‬الدين اخلالص ‪ ،‬صديق حسن خان‪.‬‬ ‫‪4242‬أحكام القرآن‪ ،‬أبو بكر بن العربي‪.‬‬ ‫‪4343‬علم أصول الفقه‪ ،‬د‪ .‬عبد الوهاب خالف‪.‬‬ ‫‪4444‬االعتصام ‪ ،‬ألبي اسحاق الشاطبي‪.‬‬ ‫‪4545‬تفسير الكشاف‪ ،‬دار املعرفة بيروت‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫قصة رحلة إلى التمكين‬

‫محمد أمني ش��عراوى‪ ...‬نش��أ فى أحضان والده فى إحدى قرى‬ ‫محافظة الغربية ذلك الوالد الصوفى الغارق فى التصوف كان‬ ‫هذا الوالد ش��ديد التعل��ق بغالمه الصغير (محمد) الس��يما‬ ‫وه��و ولده الوحي��د الذي أجنبه بعد أن دب الش��يب في رأس��ه‬ ‫كان يخش��ي علية م��ن حوادث الزمن وم��ن تقلب احملن فحرص‬ ‫من��ذ نعومة أظفار الفت��ى أن يربيه على عين��ه وأن يالزمه فى‬ ‫الكبي��ر والصغير وهك��ذا اس��تمرت طفولة الفت��ى الصغير‬ ‫باإلضاف��ة إل��ى ذلك حرص الش��يخ أم�ين على اش��باع الفتى‬ ‫مبنه��ج املتصوفة فهو الطريق الرش��يد ال��ذي يقربه الى اهلل‬ ‫لذلك كان يصطحب الفتى إلى احلضرات واملوالد بل كان دائما‬ ‫ما يصطحبه إلى حلقات املس��جد األحم��دى بطنطا للتبرك‬ ‫والزيارة لقبر الس��يد‪ ‬احمد‪ ‬البدوى وهكذا نشأ الفتى الصغير‬ ‫كما اراده والده متعلقا باألولياء يحفظ كثير من األوراد واألذكار‬ ‫والقصائد واألناش��يد الصوفي��ة التى دائما م��ا كان يرددها له‬ ‫وال��ده من احلني إل��ى األخر وهكذا نش��أالطفل الصغير الى أن‬ ‫أمت املرحلة االعدادية فى مدرس��ته بالقرية الصغيرة التى نشأ‬ ‫فيها وبعد انتهاء هذه املرحلة وفى أثناء األجازة الصيفية تأهب‬ ‫الفت��ى لإلنتقال ال��ى املرحلة الثانوية كما ه��و الطبيعى لدى‬ ‫أبناء هذه القرية السيما النابهني منهم وفى هذه األيام سيطر‬ ‫على الوالد حالة من الصراع النفس��ي الشديد إنه ال يطيق أن‬ ‫يفارق ابنه الوحيد الذي س��ينتقل الى املدرسة الثانوية باملركز‬ ‫الذي يبعد عن القرية مسافة ليست بالقريبة إنه شديد اخلوف‬ ‫واحل��رص على الفتى الصغير كما إنه يخش��ي أن تتناوله أيادي‬ ‫الوهابيني تلك الطائفة اجلديدة التى بدأت فى الظهور منذ عدة‬ ‫س��نوات فى هذا املركز كذلك ال يريد أن يحرم ابنه من التعليم‬ ‫الس��يما وهو الطفل النبيه الذكى الذى فاق أقرانه لذلك كان‬ ‫يعانى الش��يخ أمني حالة من الش��رود والص��راع الذي الحظه‬ ‫عليه املقربون السيما احلاجة أم محمد زوجة الشيخ أمني‪.‬‬ ‫أصبحنا على مشارف الدراسة وفى ذات يوم جلس الشيخ أمني‬ ‫فى شرفته كالعادة طويل الصمت قد أغلق علية بابه ينظر فى‬ ‫تأمل إلى غالمه الصغير يفكر فى مستقبلها املرتقب‪ ،‬وبينما‬ ‫ه��و غارق ف��ى تأمله وتفكيره وفجأة يط��رق الباب طارق يقطع‬ ‫عليه هذه اللحظات إنها «ام محمد» التى تالحظ حالة زوجها‬ ‫‪26‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬قصة رحلة إلى التمكين‬

‫من��ذ أيام يفتح له��ا الباب ثم يعود ال��ى إغراقه فى التأمل‬ ‫والتفكير تقاطعه أم محمد مالك ياأبو محمد؟ أراك متغير‬ ‫من��ذ أيام عل��ى غير حالتك ما اخلطب؟ يأخذ نفس��ا عميقا‬ ‫احلقيقة يا أمحمد‪ :‬أنا بني نارين متحير ولدنا الوحيد محمد‬ ‫أصبحنا على مشارف الدراسة وأنا أخشي عليه ان يفارقنى‬ ‫ال اطيق ذلك السيما وانا قد تعلقت به كثيرا فى هذه االيام‬ ‫وفى ذات الوقت ال أريد ان أحرمه من التعليم ال أريد ان تركه‬ ‫وح��ده يواجه مش��اكل احلياة ثم عاد الوال��د إلى حالته مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬فقاطعته الزوجة قائلة إياك ياش��يخ أمني حترمه من‬ ‫تعليمه اتركه يشق طريقه حتى يصبح طبيبا أو مهندسا‬ ‫فه��ذا أحمد بن احلاج جميل اخلياط أصبح مهندس��ا كبيرا‬ ‫وعبدالرحم��ن بن احلاج محمد أبو س��عد أصب��ح دكتور فى‬ ‫اجلامع��ة كل الناس بتحكى عليه والولد ما ش��اء اهلل ذكى‬ ‫ونبيه وإن شاء اهلل يرفع رأسنا‪.‬‬ ‫س��كت الوال��د فلم يبدى جواب��ا قائال فى نفس��ه‪ ...‬لكنى‬ ‫أخش��ي شيئا آخر لن تس��توعبه أم محمد‪ :‬انها الوهابية!!‬ ‫ال أريده طبيبا وال مهندسا أريده سيدا من سادات الصوفية‬ ‫بل اريده قطبا من اقطابهم‪...‬‬ ‫وفجأة تناديه األم تقطع عليه س��كونه ال تخف ياأبا محمد‬ ‫سيكون األمركما تريد إن شاء اهلل كأنها سمعت حواره مع‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫وفى الصباح بدا الش��يخ مطمئن الب��ال هادئ القريحة إنه‬ ‫أخذ قراره بعد طول تفكير‪ ...‬حس��نا س��ابعثه إلى املدرسة‬ ‫وسأفوض األمر هلل وربنا يقدم اخلير‪.‬‬ ‫وف��ى الي��وم التال��ى اصطح��ب الوال��د فت��اه الصغير إلى‬ ‫مدرس��ةاملركز لتق��دمي أوراق الدراس��ة و اتخذ له مس��كنا‬ ‫يس��يرا بعيدا ع��ن أولئك الوهابي�ين وفى أثن��اء الطريق بدأ‬ ‫الوالد يكرر على أسماع الفتى بعض الوصايا لكنه ركز فى‬ ‫ه��ذه الرحلة القصيرة على ش��يئ جدي��د ومهم وهو حتذير‬ ‫الغ�لام الصغير م��ن الوهابيني‪ :‬إنهم ض�لال إنهم يحاربون‬ ‫األولياء‪ ،‬ابتعد عنهم ال تقترب منهم‪ ،‬يسأله الولد‪ :‬من‪ ‬هم‬ ‫الوهابي��ون ياأبى؟ فيجي��ب الوالد إنهم طائف��ة من الناس‬ ‫يطلق��ون حلاهم ويقصرون ثيابهم ويدعون ان الصوفية أهل‬

‫بدع وخرافات‪...‬‬ ‫وبعد أن وصلوا إلى املدرسة قام بتسجيل ولده فى املدرسة‬ ‫الثانوية وقلبه يعتصر أملا‪.‬‬ ‫ومضت األيام بس��رعة وقد انتهت الس��نة األول��ى والثانية‬ ‫من الثانوية والفتى الصغير يواصل تفوقه وتقدمه حتى بز‬ ‫على أقرانه وفى املقابل اس��تراح ضمير الوالد واطمأن على‬ ‫ابنه الذي ثبت قى نفسه معانى التصوف حتى أتت السنة‬ ‫الثالثة‪.‬‬ ‫وذات ليل��ة بينما الفتى (محمد) مش��غول مبذاكرته إذ طرق‬ ‫الباب الطالب «أحمد عبد اهلل إس��ماعيل» إنه رفيق جديد‬ ‫بالغرف��ه كان هذا الفتي يتمت��ع بأخالق طيبه هادئ الطباع‬ ‫سمح األخالق حس��ن املعامله‪ ،‬ويبدواعلي محياه إبتسامة‬ ‫هادئة‪ ،‬هذا الطالب اجلديد يبدوا من مالمحه أنني أعرفه‪...‬‬ ‫كما أنه يختلف في شكله عن بعض الزمالء ورفاق السكن‬ ‫تنب��ت ل��ه حلية صغي��رة وثي��اب قصي��ره‪ ...‬وفج��أة تذكرت‬ ‫م��اكان يحذرني وال��دي‪ ،‬إنه م��ن الوهابية الض�لال أولئك‬ ‫املتش��ددون املتعصبون إنه من أعداء التصوف تلك العقيدة‬ ‫الت��ي تربيت عليه��ا‪ ،‬فاجتنبته ولم أظهر ل��ه ودا لعدة أيام‬ ‫ب��ل كان أحيانا يه��ش في وجهي ويبش ولم أك��ن أقابله إال‬ ‫بالعب��وس إلي أن ج��اءت الليلة الفاصل��ه وكنت وحدي في‬ ‫مسكني منش��غل مبذاكرتي‪ ،‬وفجأة طرق الباب؟ إنه أحمد‬ ‫الطالب الوهابي وكانت املواجه��ة بيني وبينه ألقيت عليه‬ ‫عقي��دة املتصوفة من الن��ذر والتبرك باألولياء واإلس��تغاثة‬ ‫بهم وإحياء املوالد فردها باألدله من القران والس��نة‪ ،‬وكلما‬ ‫قس��وت عليه رد علي به��دوء وانتهي هذا اللق��اء بقرار في‬ ‫نفس��ي وه��و مراجعة ما كن��ت عليه وظللت ط��وال اللية‬ ‫أفكر في كالم «أحم��د» وأنظر إلي تلك الكتب التي أودعها‬ ‫بجواره يطالعها في وقت فراغه هذا تفسير السعدي وهذا‬ ‫كتاب س��يرة الرس��ول صلي اهلل عليه وس��لم البن هشام‬ ‫وغيرها من الكتب ثم وقع نظري علي هذا الكتيب الصغير‬ ‫إن��ه كت��اب التوحي��د «حملمد‪ ‬بن‪ ‬عبد‪ ‬الوه��اب» فاختلجني‬ ‫الرع��ب إنه ش��يخ الوهابني تل��ك الفرقه الضال��ه وظللت‬ ‫أصارع نفس��ي طيلت هذه الليله إلي أن قررت في نفسي أن‬ ‫‪27‬‬


‫تابع‪ :‬قصة رحلة إلى التمكين‬

‫أس��تأذن صاحبه في اس��تعارته قلت «لو سمحت يا أحمد‬ ‫هل تعيرني هذا‪ ‬الكتاب» أبتس��م أحمد لي كعادته وقال بل‬ ‫ه��و لك هدية‪ ،‬ولم ينش��ق ضوء الفجر حت��ي قرأت الكتاب‬ ‫كل��ه فوجدت في��ه عجبا إن��ه جملة من اآلي��ات واألحاديث‬ ‫فحس��ب‪ ،‬إنها عقيدة جدي��دة من الكتاب والس��نة فهدم‬ ‫ما كنت عليه‪ ،‬فما هو إال أن هدأت نفس��ي وانش��رح صدري‬ ‫وكان ه��ذا الكتاب فاحتة اخلير علي وم��ن هذا اليوم تبني لي‬ ‫منهج التصوف واملتصوفه وماهم عليه من خرافات ما أنزل‬ ‫اهلل بها من س��لطان فحمدت اهلل أن بصرني باحلق والهدي‬ ‫وأنقذن��ي من طريق أهل التصوف والضالل وس��لكت طريق‬ ‫الكتاب والس��نة وفرغ��ت من وقتي ملطالعة كتب الس��نه‬ ‫كالبخاري ومس��لم وتفسير ابن كثير وشرح كتاب التوحيد‬ ‫وفت��ح اجمليد وقررت إطالق حليتي والتحلي بهدي النبي صلي‬ ‫اهلل عليه وس��لم وألقيت التصوف خل��ف ظهري وواصلت‬ ‫طلب العلم علي مش��ايخ الس��نه الفضالء في هذا املركز‬ ‫ومرت األيام س��ريعا وانتهت الدراس��ة وبفض��ل اهلل تعالي‬ ‫حصلت عل��ي مركز متق��دم يؤهلني لدخ��ول كلية الطب‬ ‫كم��ا أراد وال��دي‪ ،‬قابلني والداي باألحضان احلاره واألش��واق‬ ‫ومن ش��دة الفرحه عن��د والدي لم ينتبه له��ذه اللحية وال‬ ‫لهذا املظهر اجلديد بل رمبا ظن ذلك إنشغاال مني مبذا كرتي‬ ‫فل��م أحلقها وبعد بضعة أيام ب��دأ والدي يالحلقني بالكالم‬ ‫ل��م ال حتلق حليتك يا‪ ‬بني؟‪ ،‬كنت أتهرب من اإلجابة خوفا من‬ ‫املواجهة وكنت أعلم أن خطبا ما ينتظرني‪.‬‬ ‫وف��ي يوم من هذه األيام اس��توقفني والدي ثم إش��تد علي‬ ‫ف��ي الكالم علي غير عادته فاس��تعنت ب��اهلل تعالي وقررت‬ ‫املواجه��ة ولم أكن يوما ممن يرد أمرا ألبي‪ ،‬فانتهرني وعنفني‬ ‫فقلت له عفوا يا أبي لن أحلق حليتي لقد هداني ربي لسنة‬ ‫نبيه صلي اهلل عليه وس��لم ولن أهجرها ما حييت فوقعت‬ ‫الكلمات كالصاعق��ة عليه رأيتها في وجهه إحمرت عيناه‬ ‫ثم قال بصوت مرتفع‪ ،‬الوهابيون أخذوك‪ ،‬قلت بل هداني ربي‬ ‫وسلكت طريق اهل السنة وكانت املفاجأة‪ ،‬الول مرة سبني‪،‬‬ ‫شتمني‪ ،‬ثم اتخذ قرارا مفاجئا لي وألمي املسكينة التي ال‬ ‫متلك من أمرها شيئا وال تستطيع في ذات الوقت أن ترد أمرا‬ ‫‪28‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫ألب��ي‪ ،‬قال ‪ :‬إما أن تفارقني فال يجمعني وإياك س��قف واحد‬ ‫وإما أن تعود إلى رشدك وحتلق هذه الشعيرات‪...‬‬ ‫فقلت حسنا يا أبي لن أوثرك على طاعة ربي لكن ستجدني‬ ‫حتم��ا عن��د قدمك طوع إرادت��ك مالم يك��ن معصية لربي‬ ‫وأسأل املولى أن يهديك إلى السنة وإلى الطريق املستقيم‬ ‫لكن اس��مح لي باملبيت إل��ى الصباح قال‪ :‬بل اآلن ولن تأخذ‬ ‫ش��يئا من متاعك‪ ،‬كانت عبارات قاسية وكلمات نابية فما‬ ‫كن��ت أتوق��ع ذلك أبدا خرج��ت منتصف اللي��ل هائما على‬ ‫وجهي ال أكاد أرى أمامي من هول ماس��معت‪ ،‬انطلقت إلى‬ ‫من��زل بع��ض إخواني في القري��ة الذين كن��ت أدعوهم إلى‬ ‫اهلل حت��ى أتى علي الصباح قررت إلق��اء املاضي وراء ظهري‬ ‫وإكمال مس��يرة الدعوة إلى التوحي��د وكان لي بفضل اهلل‬ ‫تعال��ى قب��وال بني بع��ض الش��باب الذين هداه��م اهلل إلى‬ ‫التوحيد وقد اس��تطعنا جميعا تأس��يس ن��واة للدعوة في‬ ‫قريتنا وكنت بني احلني واآلخر أتردد على البيت في عدم وجود‬ ‫أب��ي للطمئن��ان على أمي‪ ،‬ومرت الس��نون وأنا في الس��نة‬ ‫الرابعة في كلية الطب وقد ش��ن جه��از أمن الدولة حملة‬ ‫اعتقاالت واسعة على دعاة السنة في مصر وبينا أنا متجه‬ ‫إلى مسكني اجلديد في القرية بعد إلقاء درسي األسبوعي‬ ‫إذ داهمتن��ي قوات أم��ن الدولة واقتادوني ب�لا محاكمة إلى‬ ‫سجن استقبال طره ألحفل بزمرة مباركة من دعاة التوحيد‬ ‫ومشايخ الدعوة الذين تعلمت منهم كثيرا لكني أيقنت أن‬ ‫هذا االبتالء حتما سيأتي بعده التمكني‪.‬‬ ‫ف��ي املقابل الش��يخ أمني ش��عراوي بعد أن عل��م باعتقال‬ ‫ولده الوحيد الدكتور محمد أمني أخذ يعاني احلزن واألس��ى‬ ‫واحلس��رة فقد كان بني احلني واآلخر يرمق غرفة محمد التي‬ ‫قض��ى فيها أيام الطفول��ة قائال‪ :‬س��امحك اهلل يا محمد‬ ‫لم أنعم بك ش��ابا وقد كنت ثمرة ف��ؤادي ومضت عدة أيام‬ ‫ليس��تيقظ الوالد األس��يف في ذات صباح وكالعادة يرمق‬ ‫باب الغرفة لكنه هذه املرة ينطلق بشكل ال إرادي إلى غرفة‬ ‫محم��د التي لم تفتح منذ س��نني وبدأ يس��ترجع ش��ريط‬ ‫الذكري��ات إنها طفولته لعبه لهوه ث��م فتح دوالب املالبس‬ ‫وأخذ يتش��مم تلك املالبس إنها ثياب الغالم الصغير أدواته‬ ‫كتبه التي كان يقتنيها بل أخذ يقلبها مينة ويس��رة وعيناه‬


‫تابع‪ :‬قصة رحلة إلى التمكين‬

‫ال يرقأ لها دمع وبينما هو كذلك إذ بكتيب صغير يس��ترعي‬ ‫انتباه الش��يخ أمني إنه كتاب التوحيد حملمد بن عبدالوهاب‬ ‫هذا الش��يخ الذي فنت به محمد وأضله عن طريق التصوف‬ ‫فأخ��ذه الفض��ول إل��ى تقلي��ب صفحات��ه وأخ��ذ يطالعه‬ ‫الصفحة تلو األخرى دون أن يش��عر ثم بدأ يس��أل نفس��ه‪،‬‬ ‫يا‪ ‬ش��يخ أمني أن��ت رجل عاقل أي��ن هذا الض�لال الذي كان‬ ‫يلقيه عليك ش��يوخ التصوف بحق ه��ذا الرجل‪ ،‬ما الكتاب‬ ‫إال جملة من اآليات واألحاديث فحس��ب وبالفعل كانت هي‬ ‫النقطة الفاصلة‪.‬‬ ‫ب��دأ الوالد الش��يخ أمني رحل��ة البحث‪ ،‬أخ��ذ يراجع بعض‬ ‫شباب القرية من الس��لفيني إلى أن هداه اهلل إلى الصراط‬ ‫املس��تقيم طريق السنة وبدأت تنجلي ش��بهات التصوف‬ ‫عن قلبه ش��يئا فشيئا حتى هداه اهلل إلى التوحيد فأعفى‬ ‫حليته البيضاء التي مألت ص��دره وقصر ثوبه وظهرت عليه‬ ‫سيما السنة وأخذ يطالع كتب السنة وكانت املفاجأة لدى‬ ‫هذا الوالد أن هذا الشباب السلفي التي كانت هدايته على‬ ‫أيديهم إنهم بعض تالمذة الش��يخ محمد أمني ش��عراوي‪،‬‬ ‫فازداد الهم عند الشيخ التائب وتأسف كثيرا لتلك القسوة‬ ‫التي عامل بها ثمرة فؤاده فطرده وحاربه وهو االبن البار الذي‬ ‫ل��م يألو جهدا في دعوة والده والدع��اء له بالهداية والتوبة‬ ‫وهن��ا قرر الوالد زيارة ولده الش��يخ محمد في س��جن طره‬ ‫وجع��ل طيلة هذه األيام يترقب هو وزوجته احلاجه أم محمد‬ ‫موعد الزيارة ذلك اليوم الذي يلتقي ولده الوحيد بعد سنني‬ ‫من الغياب وجاء اليوم املرتق��ب إنه يوم الزيارة فخرج الوالد‬ ‫وزوجه أم محمد من الفجر إلى الس��جن وحرارة الشوق متأل‬ ‫صدورهم فرحا للقاء هذا املس��افر العزي��ز وما إن نزل الوالد‬ ‫أرض الس��جن حتى تس��ارعت اخلطوات يكاد يلحق بعضه‬ ‫بعضا أما الشيخ محمد فهو متكيء على أريكة في حوش‬ ‫الس��جن غارق في همه وصمته كعادته فهو النزيل الوحيد‬ ‫الذي ال يزوره أحد وبالفعل لم يكن ينتظر أحدا‪ ،‬فجأة أحس‬ ‫بخطوات متسارعة تتجه نحوه انتابه إحساس غريب يقطع‬ ‫علي��ه صمته ب��ل أحس بريح غريب تهفو إليه رفع الش��يخ‬ ‫محمد بصره فإذا هو بشيخ كبير السن أبيض اللحية نهض‬

‫قائما لكنه لم يستطع الكالم وكذا الوالد‪ ،‬نظرات متبادلة‪،‬‬ ‫صمت طوي��ل كانت الدموع هي لغة التواصل ولم يش��عر‬ ‫الشيخ محمد إال وهو في أحضان والده‪ ،‬الذي التزمه لفترة‬ ‫طويلة ث��م قطع الوالد هذه األحضان وه��ذا الصمت وقال‪:‬‬ ‫«س��امحني يا بني» فبرقت عني الولد ليواصل دموعه التي‬ ‫خاجلها الفرح بقدوم والده الشيخ التائب في زيارة استمرت‬ ‫ملدة س��اعة مليئة باألحداث لكنها قليلة الكالم اس��تفاق‬ ‫اجلميع على نداء أمني الش��رطة انتهت الزيارة تفضل يا عم‬ ‫احلاج‪ ،‬قام الوالد معانقا الش��يخ محم��د مودعا إياه ويعده‬ ‫بالزيارة املقبلة‪.‬‬ ‫مضى أس��بوعني وصدر قرار اإلفراج بشأن بعض النزالء كان‬ ‫منهم الش��يخ محمد أمني ش��عراوي خرج من س��جنه قد‬ ‫أحس بالتمكني إنها فرحة غامرة إنه س��يعود مرة أخرى إلى‬ ‫أحض��ان والده‪ ،‬اس��تقل القطار ولم يش��عر بطول الطريق‬ ‫فهو ش��غف بلقاء الوالد الك��رمي‪ ،‬وما إن نزل إلى قريته حتى‬ ‫توج��ه تلقاء بيته وما إن دخ��ل البيت حتى وجد أمه العجوز‬ ‫قد جلس��ت في أحد أركان البيت ترتدي ذلك الثوب األس��ود‬ ‫وانك��ب عليه��ا يعانقها عناقا حارا ثم س��ألها متلهفا أين‬ ‫أب��ي‪ ،‬س��كتت األم‪ ،‬أجاب نفس��ه قائال لعله في املس��جد‪،‬‬ ‫تساقطت دموع األم ثم قالت‪ :‬لقد مات الشيخ أمني‪.‬‬ ‫نزلت الكلم��ة على ف��ؤاد محمد كالصاعقة ث��م انحدرت‬ ‫دموع��ه بح��رارة وقد وضع رأس��ه بني ركبتيه ث��م بعد فترة‬ ‫قصيرة س��كن عليه احلزن‪ ،‬رفع رأس��ه قائال إنا هلل وإنا إليه‬ ‫راجع��ون الله��م أجرنا في مصيبتن��ا واخلفنا خي��را منها‪،‬‬ ‫ثم‪ ‬انطلق بعدها إلى املسجد ذلك املسجد الذي أسس فيه‬ ‫دعوته وانطلق من جديد ملواصلة الطريق إلى اهلل‪.‬‬ ‫كتبها‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫أبوفهر النشوى السلفى‬ ‫ ‬

‫‪29‬‬


‫خ‪ /‬أحمد شاكر ‪ -‬رحمه اهلل ‪-‬‬

‫م نبالء العصر‪ :‬ترجمة الشي‬

‫سير و تراج‬

‫شيخ‪ /‬أحمد شاكر رحمه اهلل‬

‫ال‬

‫هـــ��و الـعـالمــ��ة محـ��دث الديـ��ار املصريـ��ة وأحــ��د‬ ‫أعــ�لام احلـديـ��ث النبــ��وى فــ��ى الـعـصـ��ر احلـدي��ث‬ ‫أبو‪ ‬األشبال‪ ‬أحمد‪ ‬بن‪ ‬محمد‪ ‬شاكر‪ ‬بن‪ ‬أحمد‪ ‬بن‪ ‬عبدالقادر‬ ‫م��ن أل ابى علياء ولد س��نة ‪1309‬هجرية – ‪1892‬م بالقاهرة‬ ‫فى أس��رة علمية فأبوه هو العالمة الش��يخ محمد شاكر‬ ‫وكي��ل اجلامع األزهر وأمني الفتوى وقاضى قضاة الس��ودان‪،‬‬ ‫س��افر به والده إلى الس��ودان وعمره حينها ثمانى سنوات‬ ‫فأحلق��ه والده بكلية غوردن حيث اس��تمر فيه��ا إلى أن عاد‬ ‫وال��ده ال��ى مص��ر ‪ 26‬ابري��ل ‪1904‬م حي��ث التح��ق مبعهد‬ ‫االسكندرية العلمي حيث كان والده إذ ذاك شيخا للمعهد‬ ‫ثم التح��ق باألزهر وكان التحاقه باألزه��ر بداية عهد جديد‬ ‫فى حيات��ه حيث اتصل بكثي��ر من العلم��اء وطلبة العلم‬ ‫املوجودين فى القاهرة والوافدين من شتى بقاع العالم كما‬ ‫أتاحت له دراس��ته فى القاهرة فرص��ة التنقل بني مكتبات‬ ‫القاهرة ينهل من معارفها ويس��تفيد م��ن علمائها إلى أن‬ ‫حاز الشيخ رحمه اهلل على شهادة العاملية من األزهر سنة‬ ‫‪1917‬م ث��م عمل ف��ى التدريس ملدة أربعة أش��هر فقط ثم‬ ‫عمل فى سلك القضاء حتى أحيل للتقاعد سنة ‪1951‬م‪.‬‬

‫أشهر شيوخه‬ ‫تربى الش��يخ ش��اكر فى بيئة علمية محافظة فوالده هو‬ ‫العالمة محمد ش��اكر وجده ألمه هو العالمة اجلليل هارون‬ ‫عبدالرزاق جد العالمة عبدالسالم محمد هارون رحمه اهلل‬ ‫وال يخفى كذلك أن أخوه هو العالمة محمود ش��اكر فارس‬ ‫العربية وكذلك أخوه العالمةعلى شاكر األديب الكبير‪،‬‬ ‫باإلضافة ال��ى أن األزهر آنذاك كان يس��تقطب العلماء من‬ ‫ش��تى بلدان العالم االس�لامى فس��نحت ل��ه الفرصة أن‬ ‫يتتلمذ عليهم ويستفيد منهم وكان من أشهرهم‪:‬‬ ‫‪1 .1‬الوال��د العالمة محمد ش��اكر وكان أعظ��م الناس أثرا‬ ‫فى حياته حيث قرأ عليه جملة من كتب الشرع واألدب‬ ‫كتفس��ير البغ��وى وصحيح مس��لم وس�نن الترمذى‬ ‫وشمائل الرسول وبعض صحيح البخارى وجمع اجلوامع‬ ‫وشرح االس��نوى على املنهاج وش��رح اخلبيصى وشرح‬ ‫القطب على الشمس��ية فى املنطق وفقه الهداية فى‬ ‫الفقه احلنفى وغيرها‪.‬‬ ‫‪2 .2‬الش��يخ عبدالس�لام الفقى وقـ��د أخـذ عنـ��ه األدب‬ ‫واللغة والشعر‪.‬‬ ‫‪3 .3‬الش��يـخ محمــ��ود أبــ��و دقيـقـــ��ة أخــ��ذ عنــه‬ ‫الفقــ��ه وأصول��ه باإلضافـ��ة الـى أنـ��ه تعلـم منـه‬ ‫الفروسـيـة والـرمـايـة والسباحة‪.‬‬ ‫‪30‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬

‫‪4‬عالمة الشام الشيخ جمال الدين القاسمى‪.‬‬ ‫‪5‬عالم��ة املغ��رب ومحدثها الش��يخ عبداهلل ب��ن إدريس‬ ‫السنوس��ى وقد أج��ازة برواية صحيح البخ��ارى وبقية‬ ‫الكتب الستة‪.‬‬ ‫‪6‬الشيخ طاهر اجلزائرى من كبار علماء الشام‪.‬‬ ‫‪7‬العالمة الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة املنار‪.‬‬ ‫‪8‬كم��ا أخذ ع��ن كثير من جهاب��ذة أهل العل��م فى هذا‬ ‫الوقت كالش��يخ س��ليم البش��ري وأحمد بن ش��مس‬ ‫الشنقيطى وشاكر العراقى‪.‬‬

‫ما يؤخذ على الشيخ رحمه اهلل‬ ‫يؤخ��ذ عل��ى الش��يخ رحم��ه اهلل‬ ‫أوال‪ :‬أن كثي��را م��ن كتب��ه الت��ى ق��ام بتحقيقه��ا أو‬ ‫ش��رحها ل��م يكد يتمه��ا وكأن��ه يش��تغل بأكثر من‬ ‫مش��روع علم��ى فى وق��ت واح��د فالترمذى واملس��ند‬ ‫وصحي��ح بن حب��ان والطب��رى وغيرها ل��م تكتمل ولو‬ ‫أكملها لكان لها ش��أن آخر إذ أن الش��يخ رحمه اهلل‬ ‫كان ميت��از مبنه��ج مختلف فى التحقي��ق والتأليف عن‬ ‫غي��ره م��ن العلم��اء‪.‬‬ ‫ثاني��ا‪ :‬يؤخ��ذ عل��ى الش��يخ أش��ياء ف��ى منهجه فى‬ ‫تصحيح األس��انيد كاعتماده عل��ى توثيق بن حبان فى‬ ‫كت��اب الثقات وتس��اهله مثال ف��ى توثي��ق ابن‪ ‬لهيعة‬ ‫مطلق��ا وتوثيقه أحيان��ا لبعض اجملاهيل م��ن التابعني‬ ‫حي��ث كان يذه��ب الى أن األص��ل فى التابعني الس��تر‬ ‫والع��دل حت��ى يتب�ين اجل��رح‪.‬‬ ‫نتاج الشيخ العلمى‬ ‫يتس��م نتاج الش��يخ ش��اكر العلمى بالغزارة س��واء أكان‬ ‫حتقيقا أو تعليقا أو تأليفا أو إخراجا فمن مؤلفاته‪:‬‬ ‫‪1 .1‬كتاب نظام الطالق فى اإلسالم وقد اجتهد فيه اجتهادا‬ ‫ح��را لم يتعصب ملذهب وق��د رد عليه الكوثري املعروف‬ ‫بعصبيته للمذهب احلنفى‪.‬‬ ‫‪2 .2‬كتاب كلمة احلق فى ش��ئون املس��لمني وحرب الوثنية‬ ‫واملذاه��ب الهدام��ة وهى عبارة ع��ن مجموعة مقاالت‬ ‫كتبها فى مجلة الهدى النبوى وقد جمعت بعد وفاته‪.‬‬ ‫‪3 .3‬كتاب الشرع واللغة وهو رسالة فى الرد على عبدالعزيز‬ ‫فهمى باشا الذى اقترح كتابة اللغة باحلروف الالتينية‪.‬‬ ‫‪4 .4‬عمدة التفسير فى اختصار تفسير بن كثير رحمة اهلل‬ ‫وهو اختصار نافع متني‪.‬‬ ‫‪5 .5‬كتـ��اب الباعــ��ث احلثيــث ش��ـرح اختصـ��ار علـوم‬ ‫احلديث البن‪ ‬كثير‪.‬‬ ‫‪6 .6‬شرح ألفية السيوطى فى مجلدين‪.‬‬ ‫‪7 .7‬كتاب كلمة الفصل فى قتل مدمن اخلمر‪.‬‬ ‫‪8 .8‬كت��اب (الكتاب والس��نة) فيه دعوة ألخ��ذ القوانني من‬


‫تابع‪ :‬سير و تراجم نبالء العصر‪ :‬ترجمة الشيخ‪ /‬أحمد شاكر ‪ -‬رحمه اهلل ‪-‬‬

‫الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫ه��ذا وقد قام الش��يخ بتحقي��ق كثير من كت��ب التراث فى‬ ‫مجاالت شتى فى احلديث واألصول واألدب وغيرها‪.‬‬ ‫ومن أشهر ما حقق الشيخ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬كتاب الرس��الة لإلمام الش��افعى هو أول كتاب حققه‬ ‫ع��ن أصل خط الربيع بن س��ليمان وقدكتب��ه فى حياة‬ ‫الشافعى‪.‬‬ ‫‪2 .2‬مس��ند اإلم��ام أحم��د وأجنز منه خمس��ة عش��ر جزءا‬ ‫ش��رحا وتعليق��ا وحتقيقا وق��دم الكتاب بنق��ل كتابني‬ ‫جعلهما كاملقدمة للمسند هما ‪« :‬خصائص املسند»‬ ‫ألبى‪ ‬موس��ي املدين��ى‪ ،‬و «املصعد األحم��د» البن اجلزرى‬ ‫وتوفى رحمة اهلل قبل إمتامه‪.‬‬ ‫‪3 .3‬كتاب «اإلحكام فى اصول األحكام» البن حزم فى أصول‬ ‫الفقه وجزئني من كتاب «احمللى»‪.‬‬ ‫‪4 .4‬كتاب «جماع العلم» للشافعى‪.‬‬ ‫‪5 .5‬حتقيق «العقيدة الطحاوية»‪.‬‬ ‫‪6 .6‬حتقيق «اجلامع للترم��ذى» وصل فيه الى نهاية الفصل‬ ‫الثالث‪.‬‬ ‫هذ وقد ش��ارك بع��ض علماء عص��ره فى بعض املش��اريع‬ ‫العلمية‪ -:‬مثل‬ ‫• حتقيق «تفسير الطبرى» مع أخيه العالمة محمود شاكر‪.‬‬ ‫• إخ��راج كت��اب «املفضلي��ات» للضب��ى و «األصمعي��ات»‬ ‫لألصمعى مع العالمة عبدالسالم هارون‪.‬‬ ‫• حتقيق «مختصر س�نن أبى داود»‪،‬و «معالم سنن اخلطابى»‬ ‫مشاركة مع العالمة محمد حامد الفقى إضافة إلى كثير‬ ‫من األعمال العلمية التى أثري بها املكتبة االسالمية‪.‬‬ ‫منهج الشيخ العلمى والدعوى‬ ‫درس الش��يخ ش��اكر باألزهر الفق��ه على املذه��ب احلنفى‬ ‫ولكن��ه كان بعي��دا عن التعصب ملذهبه مؤث��را الرجوع الى‬ ‫األدل��ة من القرآن والس��نة وأقوال الس��لف م��ن الصحابة‬ ‫والتابعني نابذا التقليد بش��تى ص��وره ذلك أنه قد تقرر لدى‬ ‫الش��يخ كغيره م��ن العلماء الربانني األثر الس��يئ للتقليد‬ ‫الس��يما فى مس��ائل االعتقاد واملنهج وقد بدا واضحا هذا‬ ‫األثر لدى كثيرمن أبناء الصف الس��لفى حيث قاد كثيرا من‬ ‫الشباب وأحداث األسنان الى الفنت والعصبية التى حتيد عن‬ ‫منهج السلف فى املنهج واألخالق والسلوك‪.‬‬ ‫يقول الشيخ رحمه اهلل فى معرض حتقيقه لكتاب الرساله‬ ‫«وق��د يفهم البعض من كالمى عن الش��افعى أنى أقول ما‬ ‫أق��ول عن عصبي��ة وتقليد ملا نش��أ عليه أكث��ر أهل العلم‬ ‫من ق��رون كثيرة م��ن تفرقه��م أحزابا وش��يعا مبنية على‬ ‫العصبية املذهبية مبا أضر باملسلمني وأخرهم عن سائر األمم‬ ‫وكان السبب فى زوال حكم االسالم عن بالد املسلمني حتى‬

‫صارو يحكمون بقوانني تخالف االسالم‪ »...‬ثم يقول الشيخ‬ ‫بعد ذلك «وقد بدأت دراسة السنة النبوية اثناء طلب العلم‬ ‫من نحو ثالثني س��نة فس��معت كثيرا وقرأت كثيرا ودرست‬ ‫أخب��ار العلم��اء واألئمة ونظ��رت فى أقواله��م وأدلتهم لم‬ ‫أتعص��ب لواحد منهم ولم أحد عن س�نن احلق فيما بدا لى‬ ‫ف��إن أخطأت فكما يخطئ الرج��ل وإن أصبت فكما يصيب‬ ‫الرج��ل‪ ،‬أحترم رأيي ورأي غيرى وأحت��رم ما أعتقده حقا قبل‬ ‫كل شئ وفوق كل شئ»‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬هذا تأصيل عميق من الشيخ رحمة اهلل عليه يترجم‬ ‫خالص��ة خبرة حياتية انته��ى فيها إلى أن التقليد س��بيل‬ ‫العصبية واحلزبية تلك احلزبية التى ينش��أ عنها زوال حكم‬ ‫االسالم وتفريق االمة أش��تاتا‪ ،‬وينشأ عنهااستئصال بركة‬ ‫الدعوة ال كما يظن البعض من إخواننا أنها مفسدة جتر الى‬ ‫حتكيم الشريعة‪.‬‬ ‫أما منهج الشيخ فى مواجهةاألحداث والفنت وما فيها من‬ ‫أزمات سياسية فنقول‪:‬‬ ‫إن الش��يخ ش��اكر رحمه اهلل عاش فى فت��رة تضج بكثرة‬ ‫األح��داث وتواليها والدول االس�لامية حينئ��ذ تئن حتت نير‬ ‫اإلستعمار االنكليزى والفرنسى وخور املسلمني وعجز كثير‬ ‫من العلماء عن القيام بواجبهم الش��رعى فى صد هجمات‬ ‫األعداء من املستشرقني وأدرابهم كما احيطت األمة حينئذ‬ ‫بش��تى فنون احلصارات اليهودي��ة والصليبية وهنا ال يقوى‬ ‫عل��ى الصم��ود واملواجهة إال أرب��اب املنهج املس��تقيم من‬ ‫عظم��اء الرجال وفى س��ط هذا اخلضم املتالط��م هيأ اهلل‬ ‫الشيخ ليذود عن حياضها ملسيرة سلفه من العلماء الذين‬ ‫حملوا املنه��ج وقاتلوا دونه ال يغيرون وال يبدلون حيث انبرى‬ ‫متمسكا بالكتاب والسنة وعقيدة السلف ومنهج األنبياء‬ ‫للتص��دى لكل األف��كار الهدامة التى تعص��ف بأفئدة أهل‬ ‫الذيغ واله��وى فأخذ على كاهله يق��ارع األعداء من تالمذة‬ ‫الغرب من املستش��رقني وأذنابهم من أبناء الشرق فى كتبه‬ ‫الفكري��ة التى أخ��ذ يجاهد به��ا احلداثيني واملستش��رقني‬ ‫ونحوه��م‪ ،‬وفى ذات الوقت كان حارس��ا من حراس الس��نة‬ ‫ينفون عنها انتحال املبطلني وتأويل اجلاهلني‪.‬‬ ‫فرحم اهلل العالمة الشيخ شاكر أبا األشبال وأسد السنة‬ ‫ف��ى الدي��ار املصري��ة فقد كان مث��اال يحتذى ف��ى العقيدة‬ ‫واملنه��ج العلمى الرصني والس��لوك دون تغيير أو تبديل فى‬ ‫ظ��ل ندرة العلماء وق��وة العدو وشراس��ة الهجمات وكثرة‬ ‫الف�تن ق��د ظل متمس��كا بعقيدته الس��لفية ال يألوا فى‬ ‫ذل��ك جه��دا إلي أن وافته املنيه فى يوم الس��بت الس��ادس‬ ‫والعشرين من ذي القعدة ‪1377‬هجرية ‪ 14‬يونيو ‪1958‬م‪.‬‬ ‫هذا وصلى اهلل على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم‪.‬‬ ‫‪31‬‬


‫ذخائر المخطوطات‬

‫ننتق��ي لكم فى هذا الباب من كل عدد من اجمللة‬ ‫بيانات عن النفائس املوجودة فى‪:‬‬

‫وحدة اخملطوطات‬ ‫فى دار طابه للدراسات والنشر‪.‬‬

‫للتواصل معنا ملن أراد نسخة من أحد اخملطوطات املعروضه‪،‬‬ ‫عبر بريد القراء‪malmhgh@yahoo.com :‬‬ ‫تقدمي‪ /‬م‪ .‬محمد عبد العظيم‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫‪ 12‬نــوع الـفــن‬ ‫محمد بن الوردي‬ ‫حتذير ونهاية عن اتباع البدع‬ ‫‪ 1273 – ...... – ... – ......‬هـ‬ ‫‪9‬‬ ‫مغربي ‪ ،‬صعب القراءة أحيانا‬

‫العقيدة‬

‫مصدر اخملطوط‬

‫إسـم الناسخ‬ ‫عــدد األسطر‬ ‫حـال اخملطوط‬

‫املكتبة األزهرية‬

‫رقـم النسـخ بالـدار ‪12/1-15‬‬

‫لم يُذكر‬ ‫‪24 - 18‬‬ ‫جيد ‪ ،‬لغته ركيكة أحيانا‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫بس��م اهلل الرحم��ن الرحي��م ‪ ،‬وصلى اهلل على نبينا محمد وآل��ه وصحبه‪ ،‬احلمد هلل وحده ال رب غيره وال معبود س��واه ‪ ،‬نحمده حمدا‬ ‫كثيرا ونشكره شكرا بالغا‪ ... ،‬وبعد ‪ :‬فإن بعض إخواننا احملبني من أهل الفضل والصالح والعدل ‪ ...‬وراغب فينا إلى أن أكتب لهم جملة‬ ‫مختصرة ونصيحة بالغة ‪ ،‬وحتذيرا ونهاية عن اتباع البدع ‪...‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬وتراه��م يقومون في تراويح رمضان يركعون س��ريعا في القراءة‪ ...‬وكذلك كما أحدثوا الن��اس في العيدين كقولهم‪ :‬تأهبوا للصالة‪...‬‬ ‫وهذا ما تيسر لي جمعه‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫مصدر اخملطوط مركز اخملطوطات والتراث رقـم النسـخ بالـدار ‪11/1-14‬‬ ‫العقيدة‬ ‫‪ 11‬نــوع الـفــن‬ ‫شيخ اإلسالم تقي الدين أحمد بن عبد احلليم بن تيمية‬ ‫معارج الوصول‬ ‫إسـم الناسخ لم يُذكر‬ ‫األحد – ‪ – 21‬احملرم – ‪ 1209‬هـ‬ ‫عــدد األسطر ‪25‬‬ ‫‪14‬‬ ‫حـال اخملطوط جيدة ‪ ،‬مع وجود طمس في بعض املواضع‬ ‫نسخ‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫قدس اهلل روحه‬ ‫بس��م اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬رب يس��ر وأعن‪ ،‬قال الش��يخ اإلمام العالم تقي الدين واحد اجملتهدين ابن أحمد بن تيمية – ّ‬ ‫ون ّور ضريحه –‪ ،‬وهو مما كتبه بقلعة دمشق متأخرا ‪ :‬فصل ‪ :‬في أن رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – بينّ جميع الدين ‪ ،‬أصوله وفروعه‬ ‫باطنه وظاهره علمه وعمله ‪ ،‬فإن هذا األصل هو أصل أصول العلم واإلميان ‪...‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬فالطالب قد ال يجد مطلوبه في السنة مع أنه فيها ‪ ،‬وكذلك في القرآن ‪ ،‬فيجوز له إذا لم يجده في القرآن أن يطلبه في السنة ‪ ،‬وإذا‬ ‫كان في الس��نة لم يكن ما في الس��نة ُمعارضا ملا في القرآن ‪ ،‬وكذلك اإلجماع الصحيح ال يُعارض كتابا وال سنة ‪ ،‬مت بحمد اهلل وعونه‪،‬‬ ‫وصلواته على خير بريته محمد وآله‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬ذخائر المخطوطات‬

‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫العقيدة‬ ‫‪ 10‬نــوع الـفــن‬ ‫أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي‬ ‫نقض اإلمام أبي سعيد عثمان بن سعيد ‪ ،‬على املريسي اجلهمي العنيد‪ ،‬فيما افترى على اهلل ‪ -‬عزوجل – من التوحيد‬ ‫إسـم الناسخ لم يُذكر‬ ‫السبت – سلخ – جمادى اآلخر – ‪ 735‬هـ‬ ‫عــدد األسطر ‪25‬‬ ‫‪70‬‬ ‫حـال اخملطوط منخفض اجلودة‬ ‫نسخ‬ ‫مكتبة كوبريلي –‬ ‫مصدر اخملطوط‬ ‫استانبول ‪ ،‬رقم ‪850 :‬‬

‫رقـم النسـخ بالـدار ‪10/1-13‬‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫بس��م اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬رب يس��ر وأعن برحمتك‪ .‬أخبرنا أبو س��عيد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن األحنف قال ‪ :‬ثنا إس��حاق‬ ‫بن‪ ‬أبي إسحاق العراب احلافظ قال ‪ :‬ثنا أبو بكر محمد بن أبي الفضل بن محمد بن احلسني املزكى قال ‪ :‬ثنا أبو عبداهلل محمد بن إبراهيم‬ ‫الصرام قال ‪ :‬ثنا عثمان بن سعيد الدارمي – رحمه اهلل – قال ‪ :‬احلمد هلل قبل كل كالم ‪ ،‬وله احلمد في كل مقام ‪ ،‬وعلى محمد صلوات‬ ‫ربنا وعليه السالم ‪ ،‬أما بعد ‪ :‬فقد عارض مذاهبنا في اإلنكار على اجلهمية ‪...‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫واتخذوا قوله ‪ « :‬ليس كمثله شيء» دلسة على اجلهال ‪ ،‬ليروجوا عليهم بها الضالل ‪ ،‬كلمة حق يبتغى بها باطل ‪ ،‬ولئن كان السفهاء في خلط من‬ ‫مذاهبهم ‪ ،‬إن الفقهاء معهم على يقني ‪ ،‬آخر الكتاب واحلمد هلل امللك الوهاب الكرمي التواب ‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني ‪ ،‬وصلواته وسالمه على سيدنا‬ ‫محمدوآلهوصحبه‪،‬وسلمتسليماكثيرا‪.‬‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫نــوع الـفــن‬ ‫‪9‬‬ ‫محمد بن مصطفى معروف‬ ‫نظم الفرائد في علم العقائد‬ ‫‪ – 6 – ......‬ربيع األول – ‪ 1334‬هـ‬ ‫‪27‬‬ ‫نسخ‬

‫العقيدة‬

‫جامعة السليمانية –‬ ‫مصدر اخملطوط‬ ‫جامعة صالح الدين‬ ‫إسـم الناسخ‬ ‫عــدد األسطر‬ ‫حـال اخملطوط‬

‫رقـم النسـخ بالـدار ‪9/1-12‬‬

‫‪ :‬لم يُذكر‬ ‫‪12 - 11‬‬ ‫جيد‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫هذا كتاب نظم الفرائد في علم العقائد ‪ ،‬وهو أول منظوماتي ‪ ،‬وبعده نظم الفرائض ‪ ،‬وقد بعثتهما إلى شيخنا العالمة احملقق املدقق‪،‬‬ ‫صاحب التصانيف املفيدة واملؤلفات العديدة ‪ ،‬الشيخ محمد امللقب بابن احلاج – رحمه اهلل ‪... -‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫ُمصليا على النبي األفضل‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫واآلل والصحب السراة ُ‬ ‫الك ّمل‪.‬‬

‫العقيدة‬ ‫نــوع الـفــن‬ ‫‪8‬‬ ‫مرعي بن يوسف احلنبلي املقدسي‬ ‫نزهة نفوس األخيار ومطلع شوارق األنوار‬ ‫‪ ...... – ...... – ... – ......‬هـ‬ ‫‪24‬‬ ‫نسخ جميل‬

‫مصدر اخملطوط‬

‫إسـم الناسخ‬ ‫عــدد األسطر‬ ‫حـال اخملطوط‬

‫املكتبة األزهرية‬

‫رقـم النسـخ بالـدار ‪8/1-11‬‬

‫لم يُذكر‬ ‫‪21‬‬ ‫جيد‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫وصلى اهلل على س��يدنا محمد وعلى آله وس��لم ‪ ،‬قال العبد الفقير إلى اهلل – تعالى – مرعي بن يوس��ف احلنبلي ‪ :‬احلمد هلل الذي تف ّرد‬ ‫وتقدس باأللوهية ‪ ،‬وتنزه عن الكيفية ‪ ،‬فال حتيط به العقول وال تدركه الظنون‪...‬‬ ‫بالوحدانية‬ ‫ّ‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬قال مؤلفه الفقير احلقير مرعي بن يوس��ف املقدس��ي اجملاور باألزهر ‪ :‬قد فرغت من جمع هذه الرس��الة اللطيفة باجلامع األزهر ‪ ،‬نهار‬ ‫اخلميس بعد العصر ‪ ،‬أواخر ربيع األول سنة ثالثة وعشرين بعد األلف ‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وسلم‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫ك‪ :‬نزالت البرد و األنفلونزا‬ ‫حت‬

‫ص‬

‫بقلم‪ /‬د‪ .‬شكري محسن‬

‫احلمد هلل الذى بيده ملكوت كل شىء ‪,‬والصالة والسالم على نبينا محمد‬ ‫ونحن اليوم مع ضيف ال يكاد يترك بيتا إال دخله‪ ،‬وال يجهله أحد ألنه كثير الزيارة‪ ،‬دائم اإلطاللة‬ ‫ففي الواليات املتحدة وحدها‪ ،‬يذهب بسببه ‪ 100-75‬مليون شخص سنويا إلى األطباء بتكلفة تقدر ب ‪ 7.7‬بليون دوالر‬ ‫س��نويا‪ ،‬يتغيب بس��ببه ‪ 189–22‬مليون يوم من الذهاب إلى املدارس‪ ،‬في اجنلترا أثناء احلرب العاملية الثانية كانت تعلق‬ ‫البوسترات للحد منه بسبب تكلفته االقتصادية‪.‬‬ ‫فهل عرفت هذا الضيف؟‪ ...‬إنه نزالت البرد و االنفلونزا‪.‬‬ ‫وهى مرض فيروسى معدى من أمراض اجلزء العلوي من‬ ‫اجلهاز التنفسي لالنسان‪ ،‬يسببه أكثر من ‪ 200‬نوع من الفيروسات‪.‬‬

‫صورة لبوستر علق أثناء احلرب العاملية الثانية في اجنلترا‬

‫أعراض نزالت البرد و األنفلونزا‬ ‫تتش��ابه نزالت الب��رد واألنفلونزا في أغل��ب األعراض‪ ...‬مث��ل احتقان الزور‬ ‫مثل احتقان احللق (الزور)‪ ،‬والس��عال‪ ،‬وسيالن األنف وأوجاع اجلسم عامة‪...‬‬ ‫لكن األنفلونزا أش��د قس��وة من نزالت البرد وقد متتد العدوى بها للشعب‬ ‫الهوائية فتحدث سعاال ً شديداً‪ ،‬وقد يحدث في احلالتني‬ ‫ارتفاع بدرجة احلرارة فإذا وصل إلى أكثر من ‪ °38‬درجة‬ ‫مئوية أو اس��تمرت «الس��خونة» ألكث��ر من ثالثة‬ ‫أيام وجبت استش��ارة الطبيب‪ .‬واإلصابة بنزالت‬ ‫البرد أو األنفلونزا ناجتة عن عدوى فيروسية‪ ،‬ولذا‬ ‫تـجدي املض��ادات احليوية في عالجها! واألعراض‬ ‫ُ‬ ‫املزعجة التي تصاحب احلالتني ما هي إال ردود فعل‬ ‫من اجلسم حملاولة طرد الفيروس املعدي‪ ،‬والتخلص‬ ‫من االحتقانات الناجتة عنه‪.‬‬

‫شكل يوضح التركيب اجلزئي اخلارجى‬ ‫الشهر الفيروسات املسببة للبرد‬

‫بعض النصائح للوقاية من البرد بإذن اهلل‬ ‫علي��ك أوال أن تش��كر اهلل عل��ى َ حفظه لك م��ن األمراض‬ ‫واألوج��اع (‪ ...‬فَ هَّ ُ َ ۡي�رۡ َ‬ ‫حٰف ٗظاۖ َو ُه َو أ ۡر َح ُم َّ‬ ‫ٱلر ٰ مِح َ‬ ‫ِني ‪)٦٤‬يوس��ف‪ ،‬فإن‬ ‫ٱلل خ� ٌ ِ‬ ‫أصابك املرض صبرت‪ ،‬وشكرت اهلل على العافية‪.‬‬ ‫‪ -1‬غس��ل اليدين‪ :‬معظم الفيروسات التي تؤدي إلى ظهور‬ ‫اإلنفلونزا وأمراض الرشح تنتشر عن طريق االتصال املباشر‪.‬‬ ‫املري��ض املص��اب باإلنفلون��زا يعط��س في يدي��ه وبعد ذلك‬ ‫يلم��س الهاتف ولوحة املفاتيح وكأس الش��رب‪ .‬وقد تعيش‬ ‫الفيروس��ات التي نقله��ا املريض ملدة س��اعات‪ ،‬وفي بعض‬ ‫احلاالت تعيش ملدة أس��ابيع إلى أن يأتي شخص آخر ويصاب‬ ‫بها عند ملس نفس الغرض الذي ملسه املريض‪.‬‬ ‫يجب غس��ل اليدين بش��كل متكرر‪ .‬أو على األقل فرك اليد‬ ‫بقوة ملدة دقيقة‪.‬‬ ‫‪ -2‬ع��دم تغطي��ة الوجه باليد عند العطس أو الس��عال‪:‬‬ ‫نظرا ألن الفيروس��ات ومس��ببات األم��راض األخرى تلتصق‬ ‫باليدين املكش��وفتني ف��إن تغطية الف��م باليدين يؤدي إلى‬ ‫انتقال مسببات املرض لآلخرين‪ .‬فإذا شعرت برغبة بالعطس‬ ‫أو السعال‪ ،‬يجب استعمال منديل ورقي ورميـه على الفـور‬ ‫‪34‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫وإذا لم يكن معك مناديل فعليك أن توجه الرأس إلى اجلانب‬ ‫والعطس في الهواء‪.‬‬ ‫‪ -3‬اإلكثار من الش��رب‪ :‬املاء يغس��ل أجهزة اجلس��م ويطرد‬ ‫الس��موم منه‪ .‬يحتاج الش��خص البالغ املعافى إلى ش��رب‬ ‫‪ 8‬كؤوس من الس��وائل (بس��عة ربع لتر يوميا‪ .‬وكيف لنا أن‬ ‫نعرف إذا ما اس��تهلكنا كمية كافية من السوائل؟ إذا كان‬ ‫لون البول ش��فافا‪ ،‬فهذه إشارة إلى أننا شربنا ما يكفي من‬ ‫السوائل‪ ،‬أما إذا كان أصفرا قامتا فهذه إشارة إلى أننا نحتاج‬ ‫إلى املزيد من السوائل‪.‬‬ ‫‪ -4‬استنش��اق اله��واء النق��ي‪ :‬استنش��اق اله��واء النقي‬ ‫بش��كل منتظم هو أمر مهم خصوص��ا في الطقس البارد‬ ‫حي��ث أن التدفئ��ة ت��ؤدي إلى جف��اف اجلس��م وجتعله أكثر‬ ‫عرضة ملس��ببات أم��راض اإلنفلونزا والرش��ح‪ .‬عندما يكون‬ ‫الطق��س باردا ف��ي اخلارج مييل الناس إل��ى البقاء في أماكن‬ ‫مغلق��ة وبالتال��ي يزيدون من كمية مس��ببات األمراض في‬ ‫فضاء الغرف اجلافة واملزدحمة هذه‪.‬‬ ‫‪ -5‬ممارس��ة التماري��ن بش��كل منتظم‪ :‬تش��جع التمارين‬


‫تابع‪ :‬صحتك‪ :‬نزالت البرد و األنفلونزا‬

‫القل��ب عل��ى ضخ كم ّي��ات كبيرة م��ن ال��دم‪ ،‬وتعمل على‬ ‫تسارع عملية التنفس من أجل نقل األكسجني من الرئتني‬ ‫إلى الدم وتتس��بب كذلك بالتع ّرق عندما ترتفع درجة حرارة‬ ‫اجلسم‪ .‬تساعد هذه التمارين على زيادة كم ّية اخلاليا القاتلة‬ ‫للفيروسات في اجلسم‪.‬‬ ‫‪ -6‬ع��دم التدخ�ين (مع حرمت��ه التى قررها أه��ل العلم)‪:‬‬ ‫تش��ير األبحاث أ ّن األشخاص الذين يدخنون بشراهة يعانون‬ ‫من أمراض رش��ح خطيرة تكون مدتها أطول‪ .‬إضافة إلى أن‬ ‫التواجد قرب الدخان يثبط عمل جهاز املناعة‪ .‬يؤدي التدخني‬ ‫إل��ى جفاف مس��الك الهواء في األنف ويش��ل الش��عيرات‬ ‫الدقيق��ة املوجودة فيها ووظيفتها الدفاع عن اجلس��م ضد‬ ‫اقتحام مس��ببات التلوث‪ .‬هذه الش��عيرات تغطي الغشاء‬ ‫اخملاطي املوجود في األنف والرئتني وحركتها التم ّوجية تطرد‬ ‫فيروسات اإلنفلونزا والرشح خارج مجاري الهواء في األنف‪.‬‬ ‫ويدعي اخملتصون بأن س��يجارة واحدة تشل هذه الشعيرات‬ ‫مدة تتراوح ما بني ‪ 30‬إلى ‪ 40‬دقيقة‪.‬‬ ‫‪ -7‬الغذاء اجليد‪ :‬يعتقد كثير م��ن الناس بأن الغذاء اجليد هو‬ ‫الرك��ن األساس��ي للوقاية من ن��زالت البرد واألنفلون��زا‪ .‬وهذا‬ ‫صحي��ح فالغذاء اجليد املتوازن احملتوى على العناصر الغذائية‬ ‫األساس��ية خاصة الكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات‬ ‫واملعادن ثم ش��يء من الدهون يعتبر الدرع الواقي بإذن اهلل‪ ،‬إن‬ ‫الغذاء اجليد يعني املتوازن والذي يؤكل في وقته بكميات كافية‬ ‫غير منقوصة‪ ،‬فمثال ال بد أن ال يهمل اإلنسان أكل اإلفطار مع‬ ‫احلرص على أن يحتوي على مصدر بروتيني كالبيض واحلليب أو‬ ‫اجلنب بجانب اخلبز وشئ من العصائر الطبيعية‪.‬‬ ‫‪ -8‬الفاكه��ة‪ :‬ميكن التأكيد بأن الفاكهة أوال ثم اخلضراوات‬ ‫ثانيا؛ فالفاكهة غالبا ما تؤكل طازجة وبها كمية جيدة من‬ ‫الفيتامينات املش��جعة لنش��اط جهاز املناعة في اجلسم‪.‬‬ ‫ويعتبر عصي��ر الفاكهة الطازجة س��يدا للموقف في هذا‬ ‫الصدد‪ .‬وتش��ير أصابع الن��اس دائما إل��ى دور فيتامني ج (‪)c‬‬ ‫للوقاية من نزالت البرد واألنفلونزا‪ .‬وما يقوله الناس لم يأت‬ ‫من فراغ بل إن لهذا الفيتامني دورا معلوما بدراسات علمية‬ ‫قدمية‪ ،‬إال أن بعض الدراس��ات احلديثة تف��رق أحاديث الناس‬ ‫وتوزعها إلى إجابة على سؤالني هما‪:‬‬ ‫األول‪ :‬هل لفيتامني (ج) دور في الوقاية من األنفلونزا؟‬ ‫وهنا تقول األبحاث إن ما يقوله الناس مبالغ فيه إذ قد يكون‬ ‫له دور بس��يط في ه��ذا اجلانب وليس بالص��ورة التي كانت‬ ‫تقال قدميا‪.‬‬ ‫والثان��ي‪ :‬هل لفيتامني (ج) دور ف��ي تقصير دورة نزلة البرد أو‬ ‫األنفلونزا إذا أصابت اإلنسان؟‬ ‫وهن��ا يؤك��د أن لفيتامني (ج) دورا احتمالي��ا أكبر وتقترح أن‬ ‫يؤخذ هذا الفيتامني لتقصير الدورة واإلسراع بالشفاء بإذن‬ ‫اهلل‪ .‬وفيتامني (ج) يباع اليوم على صورة حبوب وكبسوالت‪،‬‬

‫وال ينص��ح باللجوء إل��ى املبالغة في أخذه به��ذه الطريقة‬ ‫ل��كل أحد في كل وقت وال ينصح بزيادة جرعاته عن ‪ 1‬جرام‬ ‫في الي��وم ( ‪ 1000‬ميللج��رام ) ألن ذلك يس��بب اضطرابات‬ ‫ف��ي اجلهاز الهضمي‪ ،‬واألفضل دائما ه��و أخذه من مصادره‬ ‫األساس��ية من الفواكه وعصائرها الطبيعية مثل‪ :‬اجلوافة‬ ‫والليم��ون والبرتق��ال والطماطم ه��ذا بجانب وج��ود مواد‬ ‫وفيتامينات ومعادن أخرى تشجع نشاط مناعة اجلسم في‬ ‫الفواك��ه وحتميه من أمراض أخرى ومث��ل هذه الفيتامينات‬ ‫وامل��واد مث��ل الكاروتين��ات والفالفينويدات كم��ا أن هنالك‬ ‫بعض الفواك��ه األخرى كالتم��ر والتني واملش��مش وغيرها‬ ‫الغنية باملعادن (كالزنك واحلديد والكالس��يوم وغيرها) التي‬ ‫لها دور واعد لتقوية جهاز املناعة في اجلسم‪.‬‬ ‫‪ -9‬القرفة‪ :‬توضع القرفة ضمن أهم املش��روبات التي ينصح‬ ‫به��ا للوقاي��ة أو تقصير دورات ن��زالت الب��رد واألنفلونزا‪ ،‬فقد‬ ‫عرف��ت ومنذ القدم في عالج أع��راض األنفلونزا أو التخفيف‬ ‫منها كما اس��تخدمت اللتهاب احللق إذ تغلي في املاء وحتلى‬ ‫بالعس��ل وينصح الطب الصيني باستخدامها طوال فصل‬ ‫الش��تاء على صورة مش��روب أو إضافتها لألكل أو احللويات‪.‬‬ ‫ويشار هنا إلى أنه ال يقتصر دور القرفة في الوقاية من نزالت‬ ‫البرد واألنفلونزا بل إنها تس��تخدم ف��ي الطب البديل لعالج‬ ‫اضطرابات اجلهاز الهضمي واملساعدة في عالج حصر البول‬ ‫وهي تس��تخدم لط��رد الغازات وتنظي��م الهضم كما أنهم‬ ‫ينصحون بشربها كمادة منعشة وفي مقاومة الغثيان ومنع‬ ‫االستفراغ واإلسهال حيث حتلى بالعسل أو تؤخذ مع ملعقة‬ ‫من العسل على صورة مس��حوق‪ .‬كما أنها تستخدم إلزالة‬ ‫رائحة الفم الكريهة سواء مبضغها أو الغرغرة مبستخلصها‬ ‫بامل��اء وم��ا زال الصيني��ون يس��تخدمونها لع�لاج الصداع‬ ‫وتخفيف نوبات الربو وتقليل غزارة الدورة الشهرية والسيالن‪.‬‬ ‫الـــــعــــــالج‬ ‫يترك��ز على عــ�لاج األعــ��راض وميكــ��ن إجمالــه فــي‬ ‫اخلــطــوات الــتــالــيــة‪:‬‬ ‫‪1 .1‬مس��كــن وخافــض للحــرارة مثــل (الباراسيتامول‬ ‫وااليـبـوبـروفـني)‪.‬‬ ‫‪2 .2‬الرشح واحتقان األنف مثل الـ (كومتركس وكوجنستال‬ ‫وفلورست)أسماء جتارية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫‪3 .3‬ف��ى حالة احتقان األنف بش��دة‪ ،‬ميكن أخذ نقط لالنف‬ ‫مثل (أوتريفني أو أفرين أوبالكيز)أسماء جتارية‪.‬‬ ‫‪4 .4‬فى حال��ة احتقان ال��زور‪ ،‬ميكن أخذ مض��اد حيوى مثل‬ ‫(فلوموكس أو أمبسلني)‪.‬‬ ‫‪5 .5‬بعض األطباء يكتب فيتامني ج‪ ،‬وقد سبق الكالم عنه‪.‬‬ ‫نسأل اهلل الشفاء للجميع‬ ‫‪35‬‬


‫واحــة الــمــحــجــة‬

‫إعداد‪ /‬أ‪ .‬محمود الصاوي‬

‫بسم اهلل واحلمد اهلل والصالة والسالم على رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم وبعد‪...‬‬ ‫فهذه مواقف جديدة نقدمه��ا إلخواننا القراء من‬ ‫خ�لال مجلتنا الغراء نتج��ول من خاللها فى رياض‬ ‫األدب والتاري��خ واللغة الغ��رض منها إجمام القراء‬ ‫وترويح نفوسهم وإفادتهم مبلح العلم واألدب وفى‬ ‫نف��س الوقت تنمي��ة الرصيد األدب��ى والعلمى من‬ ‫خالل املواقف الهادف��ة واملفيدة التى نطرحها فى‬ ‫هذا املقال‬

‫انطالقا من منهج الدعوة السلفية القائم على معرفة‬ ‫احلق ورحمة اخللق‪ ،‬ومن وأصوله نفع املسلمني‪ ،‬وبالتنسيق‬ ‫مع مؤسسة االصالح اخليرية بجمهورية مصر العربية‪...‬‬ ‫تسعى أس��رة حترير مجلة احملجة البيضاء لعرض بعض‬ ‫احلاالت التي حتتاج إلى بر أهل البر وإحسانهم‪.‬‬ ‫حــالــةالــعــدد‬ ‫احل��اج م‪.‬م‪.‬ع‪ .‬يعاني من التهاب الكب��د الوبائي وال دخل له‬ ‫غير أنه يعمل مزارع ويحتاج إلى املساعدة املادية من أهل‬ ‫اخلير واإلحس��ان‪ ،‬ومن يرغب في التبرع ولو بالقليل يتصل‬ ‫على الرقم التال��ي (‪ )01147243452‬ه��ذا ونحن إذ نهيب‬ ‫بإخواننا القراء بالتبرع ندعوا اهلل عز و جل أن يبارك فيهم‬ ‫وأن يخلفهم بخير في أموالهم وأهليهم إنه بكل جميل‬ ‫كفيل وهو نعم املوالى ونعم النصير وجزاكم اهلل خيرا‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬

‫حسن املناظرة‬ ‫ق��ال رجل إلياس بن معاوية‪ :‬ل��و أكلت التمر تضربنى؟‪،‬‬ ‫قال ال‪ ،‬قال‪ :‬لو ش��ربت قدرا من امل��اء تضربنى؟‪ ،‬قال ال‪،‬‬ ‫قال‪ :‬ش��راب النبيذ أخالط منها فكيف يكون حراما؟‪،‬‬ ‫ق��ال له إياس‪ :‬لـ��و رميتـك بالتـ��راب أيوجـع؟‪ ،‬قال ال‪،‬‬ ‫قال‪ :‬ل��و صبب��ت عليك قدرا م��ن املاء أينكس��ر منك‬ ‫عض��و؟‪ ،‬قال ال‪ ،‬قال‪ :‬لو صنعت م��ن املاء والتراب حجرا‬ ‫فجف فى الش��مس فضربت به رأس��ك كيف يكون؟‪،‬‬ ‫قال‪ :‬ينكسر الرأس‪ ،‬قال‪ :‬ذاك مثل هذا‪.‬‬

‫من طرائف مدعى النبوة‬ ‫ادعى رجل من األعراب النبوة فى زمن املهدى فاعتقله‬ ‫اجلند فس��اقوه إلى اخلليفة امله��دى فقال له أنت نبي‬ ‫؟ ق��ال نعم إلى م��ن بعثت قال األعراب��ى أو تركتمونى‬ ‫أبعث إلى أحد‪ ،‬بعثت فى الصباح واعتقلت فى املساء‪.‬‬

‫من ملح الشعر والشعراء‬ ‫اجتم��ع جــريـر و الـفـ��رزدق و األخـطـل فى مجلس‬ ‫عبد‪ ‬امللك‪ ‬بن‪ ‬مروان فأحضر عبد‪ ‬امللك بني يديه كيس‬ ‫فيه خمس��مائة دينار وقال لهم ليقل كل منكم بيت‬ ‫ميدح نفسه فأيكم غلب فله الكيس‪،‬‬ ‫فقال الفرزدق‪:‬‬ ‫أنا القطران والشعراء جربى‬ ‫وفى القطران للجربى شفاء‬ ‫ ‬ ‫فقال األخطل‪:‬‬ ‫فـإن تـك زق زامـلــة فـإنـى‬ ‫أنا الطاعون ليس له شفـاء‬ ‫ ‬ ‫فقال جرير‪:‬‬ ‫أنا املوت الـذى آت عليكــم‬ ‫فليس لهـارب منـى نـجـاء‬ ‫ ‬


‫تابع‪ :‬واحــة الــمــحــجــة‬

‫حسن التخلص‬ ‫دخ��ل اب��ن اجل��وزى املس��جد ذات ي��وم فوج��د الناس‬ ‫مختلف�ين فى املفاضلة بني أب��ى بكر وعلى رضى اهلل‬ ‫عنهم��ا فوجهوا له الس��ؤال أيهما أفضل أبى بكر أم‬ ‫عل��ى؟ فصعد املنبر فحمد اهلل وأثنى عليه ثم قال أما‬ ‫بعد فمن كانت ابنته حتته فهو األفضل وأنهى اخلطبة‬ ‫فقال��وا الذين يفضلون أبا بكر أص��اب احلق‪ ،‬فبنت أبى‬ ‫بك��ر حت��ت رس��ول اهلل صل��ى اهلل عليه وس��لم فهو‬ ‫األفض��ل‪ ،‬وقال الذين يفضل��ون على أصاب احلق فبنت‬ ‫النب��ى صلى اهلل عليه وس��لم حتت على فهو األفضل‬ ‫فخرج الش��يخ من املوقف وقضي على فتنة كادت أن‬ ‫تقع بني الطرفني‪.‬‬ ‫بني أبى حنيفة والسجان‬ ‫سأل سجان لدى اخلليفة العباسى أبى جعفر املنصور‬ ‫أب��ا حنيفة وكان هذا املوقف بحضور اخلليفة فقال له‬ ‫يريد إح��راج أبى حنيفة – يا أبا حنيف��ة‪ :‬أمير املؤمنني‬ ‫يأمرنا بقت��ل الرجل فهل علينا ب��أس؟ فقال له‪ :‬ياهذا‬ ‫هل أمير املؤمنني يأمر بحق أم بباطل فارتبك الس��جان‬ ‫وق��ال بل بحق قال ليس عليك ب��أس فخرج أبا حنيفة‬ ‫وقال أراد أن يوقعني فأوقعت به‪.‬‬ ‫فطنة امام فى الصالة‬ ‫كان أحد األمراء يصلى خلف إمام يطيل الصالة فقال‬ ‫له ال تقرأ فى الركعة إال بآيه واحدة فصلى بهم املغرب‬ ‫َ َ ُ ْ َ َّ َ ٓ َّ ٓ‬ ‫َوبعد أن ق��رأ الفاحتة قرأ َقوله تعالى‪( :‬وقال��وا ربنا إِنا‬ ‫اَ ۠‬ ‫َ َۡ َ َ‬ ‫با ٓ َءنَا فَأ َض ُّلونَا َّ‬ ‫��اد َت َنا َو ُك رَ َ‬ ‫أطعنا س‬ ‫ٱلس��بِيل ‪)٦٧‬األحزاب‪،‬‬ ‫وبعد أن قرأ الفاحتة فى الركعة الثانية قرأ قوله تعالى‪:‬‬ ‫َ َُۡۡ ۡ َ‬ ‫َ َّ َ ٓ‬ ‫َ َۡ َ‬ ‫ۡ ۡ َ ۡي�نۡ‬ ‫��م ل ۡع ٗنا‬ ‫اب وٱلعنه‬ ‫(ر بن��ا َء ا ت ِ ِه��م ِ‬ ‫ضعف� ِ مِن ٱلع��ذ ِ‬ ‫َكب ٗ‬ ‫�ير ا ‪ )٦٨‬األحزاب‪ ،‬فقال له األمير طول ما ش��ئت واقرأ‬ ‫ِ‬ ‫ما شئت غير هذين اآليتني‪.‬‬ ‫• س��أل مس��كني أعرابى أن يعطيه حاج��ة‪ ،‬قال ليس‬ ‫عن��دى ما أعطية للغير فالذى عندى أنا أحق به‪ ،‬فقال‬ ‫السائل أين الذين يؤثرون على أنفسهم‪ ،‬فقال األعرابى‬ ‫ذهبوا مع الذين ال يسألون الناس احلافا‪.‬‬

‫• خرج احلجاج يوما فرأى اعرابى فس��ألة يا أعرابى من‬ ‫خير العرب فقال قريش فقال وملا ؟ قال ألن النبي صلى‬ ‫اهلل عليه وس��لم منهم فقال احلجاج من شر العرب؟‬ ‫قال ثقيف فقال ملا قال ألن احلجاج منهم فقال احلجاج‬ ‫أتدرى من أنا؟ قال ال قال أنا احلجاج؟ قال األعربى جعلت‬ ‫فداك أنا مولى بنى عامر أجن فى كل س��نة ثالثة أيام‬ ‫وهذه أشدها فضحك منه ووصله‪.‬‬ ‫عظة وعبرة‬ ‫رأى إبراهيم بن أدهم رج�لا مهموما فقال‪ :‬أيها الرجل‬ ‫أيج��رى فى هذا الكون ش��يئ ال يريده اهلل؟ قال ال‪ ،‬قال‬ ‫أينقص من رزقك ش��يء قدرة اهلل ق��ال ال قال أينقص‬ ‫م��ن أجلك حلظ��ة كتبه��ا اهلل فى عنقك ق��ال ال قال‬ ‫إبراهيم فعالم الهم إذن‪.‬‬ ‫من تشدق اللغويني‬ ‫دخ��ل أبو علقمة النحوى عل��ى طبيب فقال له‪( :‬أمتع‬ ‫اهلل ب��ك‪ ،‬إنى أكلت م��ن حلوم هذه اجلوازل فطس��ئت‬ ‫طس��أة فأصابنى وج��ع ما بني الوابلة ال��ى دأية العنق‬ ‫فل��م يزل يرب��و وينمو حتى خالط اخللب الشراس��يف‬ ‫فهل عندك دواء لى؟)‪ ،‬فقال الطبيب‪( :‬نعم‪ ،‬خذ خريقا‬ ‫وش��ـريقـا فـزهـزقـ��ه وزقـزقـه واغس��له واش��ربه)‪،‬‬ ‫فقال‪( :‬ما فهمت ما قلت)‪...‬‬ ‫فقال الطبيب‪( :‬وأنا ما فهمت ما قلت)‪.‬‬ ‫من أخبار احلمقى واملغفلني‬ ‫كان لرجل من األعراب ولد اسمه حمزة (فيه غفلة) فبني‬ ‫هو ميش��ي مع أبيه إذ برجل يصيح بش��اب يا‪ ‬عبد‪ ‬اهلل‬ ‫فل��م يجبه ذلك الش��اب فقال أال تس��مع فقال ياعم‬ ‫كلنا عبي��د هلل فأى عبداهلل تعنى فالتفت أبو حمزة‪،‬‬ ‫(وقال ياحمزة‪ :‬أال ترى بالغة هذا الشاب)‪ ،‬فلما كان من‬ ‫الغد إذ برجل ينادى برجل اس��مه حمزة فقال حمزة بن‬ ‫األعرابى كلنا حمايز اهلل فأى حمزة تعنى فقال له أبوه‬ ‫ليس يعنيك يامن أخمد به ذكر أبيه‪.‬‬ ‫‪37‬‬


‫باب الفتاوى‬

‫فى هذا الباب جتيب جلنة الفتوى بالهيئة العلمية‬ ‫للبحوث الش��رعية و اإلستراتيجية عن أسئلة‬ ‫قرائنا الكرام الواردة إلينا عبر البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫للتواص��ل معنا و إرس��ال س��ؤالك‪ ،‬عب��ر بريد األس��ئلة‬ ‫والفتاوى‪falmhgh@yahoo.com :‬‬ ‫عنوان الرسالة‪ :‬طلب فتوى‬ ‫الرسالة‪ :‬الس�لام عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ...‬انا متزوج واحلمد هلل‪ ،‬رزقني اهلل بنات كنت ادعوا اهلل في س��جودي ان‬ ‫يرزقني ولد اسميه عبد اهلل واحلمد هلل رزقني ولد‪ .‬ولكن املشكلة ان األهل يريدون ان يسمونه جابر فماذا افعل‬ ‫هل اسميه عبد اهلل كما نذرت هلل رب العاملني ام يجوزلي ان اسميه جابر مع كفارة وماهي الكفارة؟‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫فليس فى صورة الس��ؤال ما يفهم منه النذر وبات األمر محصورا فى املفاضلة بني ما تريد وما ارادو وميكن ان يحل‬ ‫االشكال بان تسميه فى األوراق الرسمية مبا أرادوا وتسميه بني الناس مبا اردت أو العكس واهلل املوفق‪.‬‬ ‫عنوان الرسالة‪ :‬أبي كان يعمل في بنك‬ ‫الرسالة‪ :‬الس�لام عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ...‬ش��يخنا الفاضل جزاكم اهلل خيرا أن تفتونا‪ ،‬إن أبي كان يعمل في بنك‬ ‫م��ع العلم أن بلدنا ال توجد فيها بنوك إس�لامية وهو ال زال يتلق��ى تقاعده من البنك فهل يجوز لي أن آكل مما‬ ‫يشتري مع العلم أني الزلت أسكن معه ولكني أعمل وهل يجوز أن أسكن معه و أيضا له محل جتاري إشتراه‬ ‫بق��رض م��ن البنك فهل يج��وز لي أن أعمل معه فيه‪ .‬أو ه��ل يحل لي أن أعمل معه بني��ة أن أكتريه من عنده‬ ‫فأعمل فيه وجزاكم اهلل عنا خيرا‪.‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫فإن كنت مضطرا ان تس��كن مع ابيك وتأكل وتش��رب معه فخذ حاجتك دون زيادة أما اذا لم تكن مضطرا أى‬ ‫ميكن االس��تغناء عنه فتنفصل ف��ى حياتك وفى كل األحوال عليك مبناصحته ودعوت��ه والترفق معه أما كراء‬ ‫محله أو العمل مقابل راتب فأرى انه ال بأس به واهلل أعلم‪.‬‬ ‫عنوان الرسالة‪ :‬سؤال‬ ‫الرسالة‪ :‬رزقت بولد فوجدته مختنا في بطن امه ماذا افعل اريد تفصيال جزاكم اهلل ونفع بكم امني‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫ه��ذا من النوازل املرج��و ان يعرض على طبيب مختص فإن كان حاله جيدا فه��و مختون بأمر اهلل واال فال بأس‬ ‫بختنه واهلل املوفق‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬باب الفتوى‬

‫عنوان الرسالة‪ :‬حفظ القرءان‬ ‫الرسالة‪ :‬الس�لام عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ...‬اوال‪ :‬لدينا مشروع موقع الكترونى ويشتمل على قسم للقرءان فنرجوا‬ ‫من س��يادتكم معرفة افضل كتب التفس��ير منذ بداية تدوين علم التفس��ير الى اآلن وتوضيح ايها أش��مل‬ ‫واوضح للمعنى‪ ...‬ثانيا‪ :‬اريد ان احفظ القرءان ولم اجد محفظ قريب فهل ميكن ان اتلقى القرءان من املسجل‬ ‫وأى القراء الذين تنصحنى ان اس��تمع اليهم واتلقى احكام التالوة من س��ماعهم‪ ...‬ثالثا‪ :‬اريد ان اتعلم العلم‬ ‫الشرعى فبماذا تنصحونى ان ابدأ مع توضيح منهج ميسر وبسيط فى البداية‪ ...‬جزاكم اهلل خيرا‪.‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫يلزم طالب العلم أن يصلح باطنه وأن يخلص عمله ويصحح نيته‪...‬‬ ‫أوال‪ :‬فإنى انصحك ان تقرأ‪:‬‬ ‫• مقدمة فى التفسير البن تيمية‪.‬‬ ‫• مقدمة فى التفسير البن عثيمني‪.‬‬ ‫• التفسير واملفسرون (بأجزائة الثالثة) للدكتور محمد حسني الذهبى‪.‬‬ ‫يتسنى لك االطالع على مطلوبك بعلمية أدق دون تقليد واذا ما أردت بعد ذلك ان تستوضح مغلقا‪ ،‬فأهال بك‪.‬‬ ‫ثاني��ا‪ :‬أما مس��الة احلفظ عن طريق املس��جل فال بأس‪ ،‬الس��يما ان كان املصحف معلم��ا ولعل املصحف‬ ‫املعلم للش��يخ احلصري من أفضل ما أعرف واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬يلزم طالب العلم أن يصلح باطنه أوال ثم يبدأ باجملمالت اخملتصرات فيما يجب عليه علمه‪.‬‬ ‫ولو تابعت املوقع لعلك تس��تفيد خيرا‪ .‬ونرجوا إرس��ال هاتفك والعنوان‪ ،‬ولعل املواصلة تكون فاحتة خير واهلل‬ ‫يوفقك ويرعاك‪.‬‬ ‫عنوان الرسالة‪ :‬عالج تاخر الزواج‬ ‫الرسالة‪ :‬الس�لام عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ...‬الرجاء من الدكتور احمد ان يدلني على عمل ش��يء من أجل االسراع في‬ ‫الزواج فانا ال يوجد لدي احد وال يوجد لدي اقارب اال امي اهلل يخليها لي ولهذا الرجاء مساعدتي من اجل عالجي‬ ‫فانا ال اعلم ماذا حصل لي وملاذا يحصل لي هذا فانا اتعرض للضغط الشديد من امي ومن الناس ملاذا لم تتزوجي‬ ‫حتى االن وانا اقول لهم بان هذا كله بيد اهلل عز وجل و هم يقولون لي اسعى يا عبد وانا بسعى معك‪.‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫فإن من أعظم أس��باب حصول املقصود‪ :‬الدعاء ثم االس��تغفار فعليك بهم��ا وال تقنطى من روح اهلل وعليك‬ ‫باليقني ان اهلل يؤخر لك ما هو خير لك واهلل يوفقك وييسر لك األمر‪.‬‬ ‫ووجب التنبيه على أن العبارة املذكورة في نهاية السؤال غير صحيحه عقديا‪.‬‬ ‫عنوان الرسالة‪ :‬زكاة احملتكر‬ ‫الرسالة‪ :‬س��معنا بعض طالب العلم يذكر تفري��ق املالكيه بني احملتكر واملدير في زكاة ع��روض التجاره وانها تزكى عند‬ ‫البيع للمحتكر وقال بأن هذا رأي سعيد بن املسيب ومحمد بن القاسم وزيد بن خارجه وغيرهم وقد بحثت في‬ ‫بعض كتب الفقه للمالكيه وغيرهم لعلي أجد اش��اره الي من ينس��ب هذا القول الي احد الفقهاء السبعه‬ ‫فلم اجد فهل لديكم اي مرجع ميكن الرجوع اليه يؤكد نسبة هذا القول للفقهاء املذكورين اعاله وشكرا‪.‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫املرجو أن تراجع كتاب التمهيد واالستذكار البن عبدالبر واهلل يوفقك‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫تابع‪ :‬باب الفتوى‬

‫عنوان الرسالة‪ :‬حكم اظهار املراة عينيها من النقاب؟‬ ‫الرسالة‪ :‬السالم عليكم ورحمة اهلل فضيلة الشيخ أنا متزوج و زوجتي بحمد اهلل متنقبة لكن في االونة االخيرة عادت‬ ‫تش��تكي من الغطاء التي يخفي عينيها على حس��ب قولها ونحن عندنا في املغرب املرأة التي تغطي وجهها‬ ‫وتظه��ر عينيه��ا تثير االنتباه أكثر ممن تظهر وجهها بالكامل ورمبا تصب��ح تفنت املارة بهدا النقاب خصوصا إن‬ ‫كانت واضعة الكحل في عينيها ولقد أصبح عندي مش��كل كبي��ر معها للمزيد هدا النقاب هو البرقع الدي‬ ‫يأتي من اململكة الس��عودية ماذا أفعل و املوضوع أصبح في علم أهلي و أهلها و الكل يلومنني بأني متش��دد‬ ‫معه��ا ولق��د بحثت في بعض الفتوى أن الش��يخ إب��ن العثيمني أفتى مبن��ع هدا النوع من النق��اب فأريدك أن‬ ‫تنصحني ياشيخ ماذا أفعل وأخيرا إني أحبك ياشيخ أحمد‪.‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫نعم هذا البرقع الذي يجلب مثله ملا يحوي من كشف اجلزء من الوجه مع العينني مع مابه من زخارف ونقوش رمبا‬ ‫تلفت نظر من كان في قلبه شئ ولعل هذا ما افتى بعدم جوازه الشيخ ابن عثيمني‪ ،‬أماغطاء الوجه(كاملصري‬ ‫مث�لا) الذي الش��ئ من ذلك فيه فالبأس‪ ،‬وإن كن��ت تؤمن بفرضية النقاب أو علي األقل بس��نيته فالتبال بقول‬ ‫زوجتك أو بقول الناس‪ ،‬واس��توص بها خيرا أخبرها أن هذا ش��رع اهلل سبحانه وأنها بذلك متشبهة بأسالفها‬ ‫من أمهات املؤمنني والفضليات من املسلمات واملؤمنات‪ ،‬واهلل يوفقكم ويرعاكم‪.‬‬ ‫فإذا كان النقاب يسبب ضررا بشهادة طبيب مسلم فإن الضرر يزال واألمور تقدر بقدرها واهلل أعلم‪.‬‬ ‫عنوان الرسالة‪ :‬حكم العمل في مكتب للتقسيط‬ ‫الرسالة‪ :‬أنا أعمل في مكتب تقس��يط في الس��عودية وهذا التقس��يط عبارة عن تقس��يط بضائع وأخ��ذ فائدة على‬ ‫قيمتها األصلية ومهمتي في هذا املكتب هي كتابة العقود والش��يكات ويوجد في داخلي حيرة ش��ديدة حول‬ ‫ما إذا كان عملي في هذا املكتب حالل أم حرام‪.‬أرجو الرد‪.‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫فعقد البيع بالتقس��يط راجح جوازه من حيث األصل وال حرج فى العمل الذي تقدمه لكن إذا طرأ عليه ش��ئ‬ ‫من التغييرات كغرامة التأخير أو غيرها من احملظورات فل ُيسأل عنها واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ف��إن كان ص��ورة العمل أن هناك بضائع يقوم الناس بش��رائها لكن بثمن مؤجل مقابل زيادة فى الس��عر فهذا‬ ‫يس��مى ببي��ع األجل وكثير من أه��ل العلم على جوازه‪ ،‬أم��ا اذا كان املكتب يقوم بالسمس��رة كأن يدلك على‬ ‫السلع مقابل عمولة فأرى انه ال بأس وان كان فى صدرك من شيئ فالورع ترك ما حاك فى صدرك واهلل أعلم‪.‬‬ ‫عنوان الرسالة‪ :‬قتل القطط‬ ‫الرسالة‪ :‬الس�لام عليكم ورحمه اهلل وبركاته‪ ...‬اعمل مدير بقس��م الس�لامه والصحة املهنيه بأحدى املصانع و هناك‬ ‫مش��كله توجهنا ف��ى احليونات مثل الفأر و القط و ال��كالب لذا تعاقدنا مع احدى الش��ركات للقضاء عليها‬ ‫للحفاظ على املعدات ملا قد يتس��بب وجدهم فى أضرار جس��يمه و لكن املش��كله االن فى القطط هل يجوز‬ ‫قتله��ا ووضع الس��م لها نرجوا الرد مع العلم ان اعرقل املوض��وع ولو حدث اى ضرر من هذه القطط هل تخلى‬ ‫الشركه مسئوليتها عن هذا االمر النها تقول نضع السم و انا ارفض هذا فماذا افعل !!! وجزاكم اهلل خيرا‪.‬‬ ‫اإلجابة‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫فإن الوس��ائل لها أحكام املقاصد‪ ،‬فإذا ثبت أن هذه احليوانات تضر باآلالت واألجهزة فال بأس بقتلها‪ .‬السيما إذا‬ ‫كانت من احملبوب قتلها كالفأرة والكلب األسود واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد الرابع ‪ -‬جمادى األولى ‪ 1433‬هـ‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.