شرح نخبة الفكر

Page 1

‫مكتبة المبتدئ في طلب العلم الشرعي‬

‫شرح خنبة الفكر‬

‫كتبه‬ ‫خالد بن عبد هللا باحميد األنصاري‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪3‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫‪‬‬ ‫ﭑ ﭒﭓﭔ‬ ‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه‬ ‫أمجعني‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬

‫فمما ذكرته يف "المدخل إلى دراسة المختصرات" ـ عن علم مصطلح‬ ‫اصطُلِح عليه أي اتفق عليه‪ ،‬وعلم مصطلح‬ ‫احلديث ـ‪ :‬أن المصطلح‪ :‬هو ما ْ‬ ‫الحديث إمجالا‪ :‬هو معرفة القواعد اليت اتفق عليها أئمة احلديث(‪ ،)1‬والغاية من‬ ‫هذه القواعد هي‪ :‬معرفة احلديث املقبول‪ ،‬واحلديث املردود‪.‬‬ ‫وفائدة هذا العلم‪ :‬أنه يساعد على سالمة فهم الكتاب والسنة‪.‬‬

‫ومما ذكرته يف املدخل‪ :‬أن من أشهر املختصرات املؤلفة يف علم مصطلح‬ ‫صطَلَ ِح أ َْه ِل األَثَ ِر" تأليف احلافظ أيب الفضل‬ ‫الحديث كتاب "نُ ْخبَةُ ا ِلف َك ِر‪ ،‬في ُم ْ‬

‫أمحد بن علي بن حممد العسقال‪،‬ي‪ ،‬املعرو بابن جرر‪ ،‬وهو لقب لبعض آبائه‪،‬‬ ‫املولود سنة (‪777‬ه) مبصر القدمية‪ ،‬املتوىف سنة (‪258‬ه)‪.‬‬ ‫(‪ )1‬املراد باعتبار الغالب ألهنم خمتلفون يف بعض القواعد‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪4‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫وقد يسر اهلل عز وجل يل مبنه وكرمه إمتام شرح "نُ ْخبةُ ِ‬ ‫صطَلَ ِح‬ ‫الف َك ِر‪ ،‬في ُم ْ‬ ‫َ‬ ‫أ َْه ِل األَثَ ِر" فأسأله سبحانه أن ينفع به كما نفع بأصله‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على نبينا حممد‪ ،‬وعلى آله‪ ،‬وصحبه‪ ،‬وسلم‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪5‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫قبل الشروع يف شرح الكتاب‬

‫قبل الشروع في شرح الكتاب سيكون الكالم عن أمرين‪:‬‬ ‫األول‪ :‬عنوان الكتاب‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬حمتويات الكتاب‪.‬‬ ‫أما عنوان الكتاب‪ ،‬فهو‪" :‬نُ ْخبةُ ِ‬ ‫الف َك ِر‪ ،‬في ُمصطَلَ ِح أ ِ‬ ‫َهل األَثَر"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫النخبة‪ :‬معناها اخلالصة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والف َكر‪ :‬مجع فكرة‪.‬‬ ‫والمصطلح هو‪ :‬الشيء الذي اصطلحوا عليه‪ ،‬أي اتفقوا على التعامل به‪.‬‬ ‫وأهل األثر هم‪ :‬أهل احلديث‪.‬‬ ‫زيادة إيضاح‪:‬‬ ‫الخبر عند أهل احلديث له ركنان‪ :‬منت‪ ،‬وإسناد‪.‬‬ ‫ومتن الخبر هو‪ :‬لفظ اخلرب‪.‬‬ ‫وإسناد الخبر هو‪ :‬سلسلة الرواة املوصلة إىل املنت‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬قال اإلمام البخاري جدثنا احلميدي عبد اهلل بن الزبري قال جدثنا‬ ‫سفيان قال جدثنا حيىي بن سعيد األنصاري قال أخرب‪،‬ي حممد بن إبراهيم التيمي‬ ‫أنه مسع علقمة بن وقاص الليثي يقول‪ :‬مسعت عمر بن اخلطاب ‪ ‬على املنرب‬ ‫قال‪ :‬مسعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪" :‬إمنا األعمال بالنيات … إخل"‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪6‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫أيضا بقية أصحاب الكتب الستة‪.‬‬ ‫أخرجه البخاري يف أول صحيحه‪ ،‬وأخرجه ا‬ ‫فهذا خرب‪.‬‬ ‫أما منت اخلرب فهو‪ :‬قول النيب ‪" :‬إمنا األعمال بالنيات"‪.‬‬ ‫وأما إسناد اخلرب فهو‪ :‬قول البخاري‪ :‬جدثنا احلميدي…إىل النيب ‪.‬‬ ‫هذا هو اخلرب املعترب عند أهل احلديث القابل للنظر فيه‪.‬‬ ‫مث إن أئمة احلديث اصطلحوا على قواعد للتعامل مع اخلرب‪.‬‬ ‫والغاية من هذا الصطالح هي‪ :‬معرفة اخلرب املقبول‪ ،‬واخلرب املردود‪.‬‬ ‫وهذه القواعد اليت اصطلحوا عليها معروفة فيما بينهم‪ ،‬لذلك مل حيتاجوا أن‬ ‫يؤلفوا كتاباا مستقالا لبيان مرادهم منها‪ ،‬لكن بعض أهل احلديث بعد عصر األئمة‬ ‫شرع يف تأليف كتاب مستقل لبيان اصطالجات أئمة احلديث؛ للحاجة إىل ذلك‪،‬‬ ‫مث بعده توالت التأليفات‪ ،‬جىت جاء عصر احلافظ ابن جرر‪ ،‬فأتى خبالصة أفكار‬ ‫من تقدمه من املؤلفني‪ ،‬يف بيان ما اصطلح عليه أئمة احلديث‪.‬‬ ‫وأما محتويات الكتاب‪ ،‬فهو يحتوي على ستة مباحث‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬أقسام اخلرب باعتبار وصوله إلينا‪.‬‬ ‫املبحث الثا‪،‬ي‪ :‬أقسام اخلرب من جيث القبول والرد‪.‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬أقسام اخلرب باعتبار من يُضا إليه‪.‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬أقسام اخلرب باعتبار عدد الرواة‪.‬‬ ‫املبحث اخلامس‪ :‬أنواع من الصطالجات تتعلق بالرواة‪.‬‬ ‫أيضا بالرواة‪.‬‬ ‫املبحث السادس‪ :‬خامتة تتضمن مسائل مهمة تتعلق ا‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪7‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫[مقدمة املؤلف]‪‬‬

‫ﭑ ﭒﭓﭔ‬ ‫لح ْم ُد هلل الَّ ِذي لَ ْم يَ َز ْل َعلِ ْي ًما قَ ِد ًيرا‪.‬‬ ‫ا َ‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَى َسيِّ ِدنَا ُم َح َّمد الَّ ِذي أَ ْر َسلَهُ إِلى الن ِ‬ ‫َّاس بَ ِش ًيرا َونَ ِذ ًيرا‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫ِ‬ ‫آل مح َّمد و ِ ِ‬ ‫يما َكثِ ًيرا(‪.)1‬‬ ‫َو َعلَى ِ ُ َ َ َ‬ ‫ص ْحبه َو َسلَّ َم تَ ْسل ً‬ ‫(‪)2‬‬ ‫أ ََّما بَ ْع ُد‪:‬‬ ‫يث قَ ْد َكثُر ْ ِ‬ ‫ت وا ْختُ ِ‬ ‫اص ِطالَ ِح أ َْه ِل الح ِد ِ‬ ‫ت(‪.)3‬‬ ‫ص َر ْ‬ ‫َّصانِ َ‬ ‫يف في ْ‬ ‫فَِإ َّن الت َ‬ ‫َ‬ ‫ت؛ َوبُسطَ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )1‬افتتح املؤلف كتابه هذا مبقدمة تضمنت ثالثة أمور‪.‬‬ ‫وهي‪ :‬البسملة‪ ،‬واحلمدلة‪ ،‬والصالة والسالم على النيب‪ ،‬وآله‪ ،‬وصحبه‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذه كلمة يُؤتى هبا للدللة على أمرين‪:‬‬ ‫األول‪ :‬النتهاء من املقدمة‪.‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬البتداء يف املقصود‪.‬‬ ‫(‪ )7‬مراد املؤلف هبذه اجلملة الكالم عن التصانيف السابقة يف املصطلح‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فإن التصانيف) أي الكتب املصنفة‪.‬‬ ‫(في اصطالح أهل الحديث) أي يف بيان ما اصطلحوا عليه‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪8‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫فَسأَلَنِي ب ْعض ا ِإل ْخو ِ‬ ‫ان‪:‬‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫ِّص لَهُ الْ ُم ِه َّم ِم ْن ذَلِ َ‬ ‫أَ ْن أُلَخ َ‬ ‫فَأَج ْبتُهُ إِلى س َؤالِ ِه رجاء االنْ ِدر ِ ِ‬ ‫ْك المسالِ ِ‬ ‫ك(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ​َ َ‬ ‫اج في تل َ َ َ‬ ‫(قد كثرت) أي كثرية‪.‬‬ ‫(وبسطت‪ ،‬واختصرت) أي هأهنا على نوعني‪ :‬تصانيف مبسوطة؛ يعين مطولة‪،‬‬

‫(‪)1‬‬

‫وتصانيف خمتصرة‪.‬‬ ‫لَ َّما تكلم املؤلف عن التصانيف السابقة ناسب أن يذكر السبب يف تصنيفه‬ ‫هو هلذا الكتاب‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فسألني بعض اإلخوان) أي طلب مين‪.‬‬ ‫(أن ألخص له) أي أن استخرج له اخلالصة‪.‬‬ ‫(المهم من ذلك) أي بذكر املهم مما هو موجود يف تلك التصانيف‪.‬‬ ‫(فأجبته إلى سؤاله) أي نفذت طلبه‪.‬‬ ‫(رجاء االندراج) أي الدخول‪.‬‬ ‫(في تلك المسالك) أي مسالك املصنفني السابقني‪.‬‬ ‫يعين رجاء أن يدخل ضمن الذين خدموا هذا العلم فصنفوا فيه‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪9‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫[أقسام اخلرب باعتبار وصوله إلينا]‬

‫لخبَ ُر‪:‬‬ ‫فَأَقُ ُ‬ ‫ول‪ :‬ا َ‬ ‫إِ َّما أَ ْن يَ ُكو َن لَهُ طُ​ُر ٌق بِال َع َدد ُم َعيَّن‪.‬‬ ‫صر بِ َما فَ ْو َق االثْ نَ ْي ِن‪.‬‬ ‫أ َْو َم َع َح ْ‬ ‫أ َْو بِ ِه َما‪.‬‬ ‫أَو بِو ِ‬ ‫احد(‪.)1‬‬ ‫ْ َ‬ ‫(‪ )1‬هذا املبحث األول؛ وهو‪ :‬أقسام اخلرب باعتبار وصوله إلينا‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬إما أن يكون له طرق‪ ،‬بال عدد معين) هذا القسم األول‪.‬‬ ‫(إما أن يكون) أي اخلرب‪.‬‬ ‫(له طرق) أي أسانيد كثرية‪.‬‬ ‫(بال عدد معين) أي من غري تعيني عدد الكثرة‪.‬‬ ‫وعلى هذا فتعريف هذا القسم‪ ،‬هو‪ :‬اخلرب الذي يرويه عدد كثري‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"‪.‬‬ ‫هذا احلديث رواه عدد كثري من الصحابة‪.‬‬ ‫أخرجه أصحاب الكتب الستة عن مثانية من الصحابة‪.‬‬ ‫فأخرجه البخاري‪ )1821( :‬ومسلم (‪ )4‬من جديث املغرية بن شعبة‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪11‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫أيضا من جديث الزبري‪.‬‬ ‫وأخرجه البخاري ا‬ ‫أيضا من جديث علي‪ ،‬وأيب هريرة‪ ،‬وأيب سعيد‪.‬‬ ‫وأخرجه مسلم ا‬ ‫وأخرجه بعض أصحاب الكتب األربعة من جديث أنس‪ ،‬وجابر‪ ،‬وابن مسعود‪.‬‬ ‫(أو مع حصر بما فوق االثنين) هذا القسم الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫(أو مع حصر) أي أو يكون اخلرب له طرق حمصورة‪.‬‬ ‫(بما فوق االثنين) أي بثالثة فأكثر‪.‬‬ ‫وعلى هذا فتعريف هذا القسم‪ ،‬هو‪ :‬اخلرب الذي يرويه ثالثة فأكثر‪.‬‬ ‫بالعشاء"‪.‬‬ ‫العشاء‪ ،‬وأُقيمت الصالة؛ فابدؤوا َ‬ ‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬إذا جضر َ‬ ‫هذا احلديث رواه ثالثة من الصحابة عائشة‪ ،‬وأنس‪ ،‬وابن عمر‪.‬‬ ‫أخرجها البخاري (‪ ،)177 ،178 ،171‬ومسلم (‪.)552 ،552 ،557‬‬ ‫(أو بهما) هذا القسم الثالث‪.‬‬ ‫أي أو يكون اخلرب له طرق حمصورة باثنني‪.‬‬ ‫وعلى هذا فتعريف هذا القسم‪ ،‬هو‪ :‬اخلرب الذي يرويه اثنان‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬ل يؤمن أجدكم‪ ،‬جىت أكون أجب إليه من ولده ووالده"‪.‬‬ ‫هذا احلديث رواه صحابيان أنس‪ ،‬وأبو هريرة‪.‬‬ ‫أخرجه البخاري (‪ )15‬ومسلم (‪ )44‬من جديث أنس‪.‬‬ ‫وانفرد البخاري بإخراجه (‪ )14‬من جديث أيب هريرة‪.‬‬ ‫(أو بواحد) هذا القسم الرابع‪.‬‬ ‫أي أو يكون اخلرب له طرق حمصورة بواجد‪.‬‬ ‫وعلى هذا فتعريف هذا القسم هو‪ :‬اخلرب الذي يرويه واجد‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪11‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫شر ِ‬ ‫فاأل ََّو ُل‪ :‬المتَ واتِر؛ ِ ِ ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫وط ِه‪.‬‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫المفي ُد للْعل ِْم اليَقين ِّي ب ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ور‪.‬‬ ‫الم ْش ُه ُ‬ ‫َوالثَّاني‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫يض َعلَى َرأْي‪.‬‬ ‫الم ْستَف ُ‬ ‫َو ُه َو ُ‬ ‫الع ِز ُيز‪.‬‬ ‫َوالثَّالِ ُ‬ ‫ث‪َ :‬‬ ‫يح؛ ِخالَفًا لِ َم ْن َز َع َمهُ‪.‬‬ ‫س َش ْرطًا لِل َّ‬ ‫ْص ِح ِ‬ ‫َولَْي َ‬ ‫و َّ ِ‬ ‫يب(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫الراب ُع‪ :‬الغَ ِر ُ‬ ‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬إمنا األعمال بالنيات"‪.‬‬ ‫هذا احلديث رواه عمر بن اخلطاب فقط‪ ،‬وقد تقدم خترجيه‪.‬‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر املؤلف أقسام اخلرب باعتبار وصوله إلينا‪ ،‬ذكر بعد ذلك السم‬ ‫اخلاص لكل قسم‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فاألول) أي اخلرب الذي يرويه عدد كثري‪.‬‬ ‫(المتواتر) أي يسمى املتواتر‪.‬‬ ‫والتواتر لغة‪ :‬التتابع‪.‬‬ ‫ومسي هذا اخلرب باملتواتر؛ لكثرة الذين تتابعوا على روايته‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫(المفيد للعلم اليقيني) املراد بالعلم اليقيين‪ :‬العتقاد اجلازم املطابق للواقع‪.‬‬ ‫أي هذا اخلرب يفيد املستمع اجلزم بصحته؛ وذلك لكثرة من رواه‪.‬‬ ‫اترا‪ ،‬ول يفيد العلم اليقيين؛ إل بشروطه‪.‬‬ ‫(بشروطه) أي اخلرب ل يسمى متو ا‬ ‫فإذا قيل‪ :‬ما هي شروطه؟‬ ‫فاجلواب‪ :‬شروطه أربعة‪:‬‬ ‫األول‪ :‬أن يرويه عدد كثري‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪12‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫الثا‪،‬ي‪ :‬أن يكون هذا العدد يستحيل يف العادة أن يتفقوا على الكذب‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن يكون هذا العدد هبذا الوصف من أول اإلسناد إىل آخره‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬أن يكون مستند خربهم احلس‪.‬‬ ‫أي أن يكون مصدر خربهم السماع أو الرؤية‪.‬‬ ‫كأن يقول الصحابة ‪ ‬مسعنا النيب ‪ ‬قال كذا‪ ،‬أو رأيناه فعل كذا‪.‬‬ ‫(والثاني) أي اخلرب الذي يرويه ثالثة فأكثر‪.‬‬ ‫(المشهور) أي يسمى املشهور‪.‬‬ ‫والشتهار لغة‪ :‬الظهور‪.‬‬ ‫ومسِّي هذا اخلرب باملشهور لظهوره وانتشاره؛ ألن الذين رووه ثالثة فأكثر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫(وهو) أي املشهور‪.‬‬ ‫أيضا املستفيض‪ ،‬ولكن هذه التسمية ليست‬ ‫(المستفيض على رأي) أي يسمى ا‬ ‫عند اجلميع‪ ،‬بل على رأي بعضهم‪ ،‬وهؤلء البعض هم مجاعة من أئمة الفقهاء‪.‬‬ ‫ومسِّي بذلك لظهوره وانتشاره‪.‬‬ ‫واملستفيض‪ :‬مشتق من فاض املاء‪ُ ،‬‬ ‫فرق به بني‬ ‫مسألة‪ :‬املشهور هو ما رواه ثالثة فأكثر‪ ،‬فهل هلذه الكثرة جد يُ َّ‬ ‫املشهور واملتواتر؟‬ ‫اجلواب‪ :‬ليس التفريق بينهما باحلد‪ ،‬بل بتحقق الشروط‪ ،‬فإذا روى اخلرب مجع‬ ‫كثري فهو متواتر إن حتققت فيه شروط املتواتر‪ ،‬وإل فهو مشهور‪.‬‬ ‫(والثالث) أي اخلرب الذي يرويه اثنان‪.‬‬ ‫(العزيز) أي يسمى العزيز‪.‬‬ ‫عز أي قوي‪.‬‬ ‫والعزيز لغة من َّ‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪13‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ومسِّي هذا اخلرب بالعزيز؛ لكونه مل يأت من طريق واجد‪ ،‬بل تقوى فأتى من‬ ‫ُ‬ ‫طريقني‪.‬‬ ‫صحيحا أن يرويه‬ ‫(وليس شرطًا للصحيح) أي ل يشرتط يف اخلرب لكي يكون‬ ‫ا‬ ‫صحيحا‪ ،‬ولو رواه واجد‪.‬‬ ‫اثنان‪ ،‬بل قد يكون‬ ‫ا‬ ‫(خالفًا لمن زعمه) أي زعم اشرتاط ذلك‪.‬‬ ‫والذي زعم اشرتاط ذلك هو رجل من املعتزلة‪.‬‬ ‫(والرابع) أي اخلرب الذي يرويه واجد‪.‬‬ ‫(الغريب) أي يسمى الغريب‪.‬‬ ‫والغرابة لغة‪ :‬التفرد‪.‬‬ ‫ومسي هذا اخلرب بالغريب؛ لكون الذي رواه تفرد به‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬يُعر نوع اخلرب من أي األقسام هو؛ بالنظر إىل أقل عدد للرواة يف كل‬ ‫طبقة‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬جديث رواه صحابيان‪ ،‬وعن الصحابيني أربعة‪ ،‬وعن األربعة‬ ‫مثانية‪.‬‬ ‫فأقل عدد مها‪ :‬الثنان‪ ،‬فيكون هذا احلديث عز ايزا‪.‬‬ ‫مثال آخر‪ :‬جديث رواه صحابيان‪ ،‬وعن الصحابيني راو واجد‪ ،‬وعن الواجد أربعة‪.‬‬ ‫فأقل عدد هو‪ :‬الراوي الواجد‪ ،‬فيكون هذا احلديث غريباا‪.‬‬ ‫مثال آخر‪ :‬جديث رواه مثانية من الصحابة‪ ،‬وعنهم عشرة‪ ،‬وعن العشرة ثالثة‪.‬‬ ‫مشهورا‪.‬‬ ‫فأقل عدد هم‪ :‬الثالثة‪ ،‬فيكون هذا احلديث‬ ‫ا‬ ‫والغالب أن أقل العدد يكون يف طبقة الصحابة‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪14‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫آحا ٌد(‪.)1‬‬ ‫َوُكلُّ َها س َوى األ ََّوِل َ‬ ‫الل بِ َها َعلَى الب ْح ِ‬ ‫ود؛ لِتَ وقُّ ِ‬ ‫االستِ ْد ِ‬ ‫َح َو ِال‬ ‫َوفِ َيها الْ َم ْقبُ ُ‬ ‫ث َع ْن أ ْ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬ ‫ول َو َ‬ ‫الم ْر ُد ُ َ‬ ‫ُرَواتِ َها‪ُ ،‬دو َن األ ََّوِل(‪.)2‬‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر املؤلف السم اخلاص لكل قسم‪ ،‬ناسب أن يذكر ما هي اآلجاد من‬ ‫هذه األقسام‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬كلها) أي األقسام األربعة‪.‬‬ ‫(سوى األول) أي املتواتر‪.‬‬ ‫آجادا‪.‬‬ ‫(آحاد) أي تسمى ا‬

‫وعلى هذا فاخلرب قسمان‪ :‬متواتر‪ ،‬وآجاد‪.‬‬ ‫فاملتواتر ما تقدم تعريفه‪.‬‬ ‫واآلجاد‪ :‬ما ليس مبتواتر‪ ،‬وهو ثالثة أقسام‪ :‬مشهور‪ ،‬وعزيز‪ ،‬وغريب‪.‬‬ ‫(‪ )8‬لَ َّما ذكر ما هي اآلجاد من أقسام اخلرب‪ ،‬ناسب أن يذكر ما هي األقسام اليت‬ ‫فيها املقبول واملردود من املتواتر واآلجاد‪.‬‬

‫قوله‪( :‬وفيها) أي يف اآلجاد‪.‬‬

‫(المقبول والمردود) أي خرب مقبول‪ ،‬وخرب مردود‪.‬‬ ‫(لتوقف االستدالل بها على البحث عن أحوال رواتها) الالم يف قوله‪:‬‬ ‫(لتوقف) لم السببية‪ ،‬أي السبب الدال على أن فيها املقبول واملردود هو‪ :‬أنه‬ ‫يُتوقف عن الجتراج هبا جىت يُنظر يف أجوال رواهتا‪.‬‬

‫(دون األول) أي املتواتر‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪15‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫العلْم النَّظَ ِر َّ ِ ِ‬ ‫الم ْختَا ِر(‪.)1‬‬ ‫ي بال َق َرائ ِن َعلَى ُ‬ ‫َوقَ ْد يَ َق ُع ف َيها َما يُفي ُد َ‬

‫(‪)1‬‬

‫يعين أن املتواتر ليس فيه مقبول ومردود‪ ،‬بل كله مقبول‪ ،‬والسبب الدال على‬ ‫أن كله مقبول هو‪ :‬أنه ل يُتوقف عن الجتراج به جىت يُبحث عن أجوال‬ ‫رواته‪ ،‬بل ُحيتج به مباشرة‪.‬‬ ‫لَ َّما ذكر أن اآلجاد فيها املقبول واملردود‪ ،‬ناسب أن يذكر ما هو العلم الذي‬ ‫قد يفيده املقبول من اآلجاد‪.‬‬ ‫(وقد يقع فيها) أي يف اآلجاد‪.‬‬ ‫(ما يفيد العلم النظري) مراده بالعلم النظري‪ :‬غلبة الظن‪.‬‬ ‫يعين أن األصل يف اآلجاد أهنا تفيد الظن‪ ،‬وقد يقع فيها خرب يفيد غلبة الظن‪.‬‬ ‫(بالقرائن) الباء‪ :‬سببية‪ ،‬أي بسبب القرائن‪.‬‬ ‫والقرائن‪ :‬أمور تقرتن باخلرب فتقوي نسبة الظن‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬خرب آجاد أخرجه البخاري يف صحيحه‪.‬‬ ‫فلكون ظاهره الصحة يُظن أنه صحيح‪ ،‬ولكون الذي أخرجه هو البخاري‬ ‫فهذه قرينة تُقوي نسبة الظن على أنه صحيح‪.‬‬ ‫(على المختار) أي يف أن اآلجاد تفيد العلم النظري بالقرائن‪.‬‬ ‫يشري إىل أن منهم من يقول‪ :‬إن اآلجاد تفيد الظن مطل اقا‪ ،‬ول يقع فيها ما‬ ‫يفيد العلم‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬تقدم أن املتواتر يفيد اجلزم‪ ،‬وعلى هذا فالفرق بني املتواتر واآلجاد من‬ ‫جيث إفادة العلم والظن أن املتواتر يفيد اجلزم‪ ،‬واآلجاد يف األصل تفيد الظن‬ ‫وقد يقع فيها خرب يفيد غلبة الظن‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪16‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ثُ َّم الغَ َرابَةُ‪ :‬إِ َّما أَ ْن تَ ُكو َن في أ ِ‬ ‫السنَ ِد‪ ،‬أ َْو الَ(‪.)1‬‬ ‫َصل َّ‬ ‫تنبيه آخر‪ :‬املشهور عند األصولني أن العلم هو اليقني‪ ،‬وهو نوعان‪ :‬العلم‬ ‫الضروري‪ ،‬وهو اليقني احلاصل بذاته‪ ،‬والعلم النظري هو اليقني احلاصل بغريه‪،‬‬ ‫واملتواتر يفيد العلم الضروري‪ ،‬واآلجاد تفيد الظن وبالقرائن تفيد العلم النظري‪،‬‬ ‫لكن مراد املؤلف هنا بالعلم النظري غلبة الظن ل اليقني‪ ،‬والذي يدل على أن‬ ‫هذا مراده كالمه يف كتابه نزهة النظر يف شرجه هلذه العبارة جيث جكى‬ ‫اخلال يف اآلجاد فمنهم من قال تفيد العلم النظري ومنهم من أىب ذلك‬ ‫وقال تفيد الظن‪ ،‬وجعل اخلال بني القولني لفظياا‪ ،‬ولو كان مراده بالعلم‬ ‫النظري هنا اليقني لمتنع أن يكون اخلال لفظياا‪ .‬وكذلك كالمه يف كتابه‬ ‫النكت‪ ،‬ومن ذلك قوله‪" :‬ألن املتواتر يفيد العلم الضروري الذي ل يقبل‬ ‫التشكيك‪ ،‬وما عداه مما ذكر يفيد العلم النظري الذي يقبل التشكيك" ولو‬ ‫كان مراه بالعلم النظري اليقني لمتنع أن يقبل التشكيك‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫قسم املؤلف اخلرب إىل أربعة أقسام‪ ،‬مث ذكر السم اخلاص‬ ‫يف بداية هذا املبحث َّ‬ ‫لكل قسم‪ ،‬وذكر مع كل اسم مسألة‪.‬‬ ‫أيضا أنه يفيد العلم اليقيين بشروطه‪.‬‬ ‫فالقسم األول ذكر أن امسه املتواتر‪ ،‬وذكر ا‬ ‫أيضا أنه يسمى املستفيض على‬ ‫والقسم الثا‪،‬ي ذكر أن امسه املشهور‪ ،‬وذكر ا‬ ‫رأي‪.‬‬ ‫أيضا أنه ليس شرطاا للصحيح‪.‬‬ ‫والقسم الثالث ذكر أن امسه العزيز‪ ،‬وذكر ا‬ ‫والقسم الرابع ذكر أن امسه الغريب‪ ،‬ولكن مل يذكر معه مسألة‪.‬‬ ‫وهلذا ذكر ههنا مسألة عن الغريب‪ ،‬وختم هبذه املسألة الكالم عن هذا املبحث‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪17‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫المطْلَ ُق‪.‬‬ ‫فاأل ََّو ُل‪ :‬ال َف ْر ُد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِّسبِ ُّي؛ َويِ​ِق ُّل إِطْالَ ُق ال َف ْرِد َعلَْي ِه(‪.)1‬‬ ‫والثَّاني‪ :‬ال َف ْر ُد الن ْ‬ ‫وهذه املسألة هي‪ :‬أقسام الغريب‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ثم الغرابة) أي التفرد‪.‬‬ ‫(إما أن تكون في أصل السند) هذا القسم األول‪.‬‬ ‫(إما أن تكون) أي الغرابة‪.‬‬ ‫(في أصل السند) أي يف أوله‪.‬‬ ‫يعين يكون املتفرد هو‪ :‬الصحايب‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬إمنا األعمال بالنيات"‪.‬‬ ‫فهذا احلديث تفرد به عمر بن اخلطاب ‪ ،‬مل يروه عن النيب ‪ ‬غريه‪.‬‬ ‫(أو ال) هذا القسم الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫أي أو ل تكون الغرابة يف أصل السند بل يف أثنائه‪.‬‬ ‫يعين يكون املتفرد هو‪َ :‬من دون الصحايب‪.‬‬ ‫مثاله‪" :‬قصة الكدية اليت عرضت للصحابة يوم اخلندق"‪.‬‬ ‫روى هذه القصة أكثر من واجد من الصحابة منهم جابر ‪ ،‬لكن مل يروه‬ ‫عن جابر إل واجد يسمى أمين‪.‬‬ ‫أخرجها البخاري‪ )4111( :‬من جديث أمين عن جابر‪.‬‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر قسمي الغريب ذكر‪ ،‬بعد ذلك السم اخلاص لكل قسم‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فاألول) أي التفرد يف أصل السند‪.‬‬ ‫(الفرد المطلق) أي يسمى هبذا السم‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪18‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(والثاني) أي التفرد يف أثناء السند‪.‬‬ ‫(الفرد النسبي) أي يسمى هبذا السم‪.‬‬ ‫(ويقل إطالق الفرد عليه) أي على النسيب‪.‬‬ ‫فردا‪ ،‬ويسمى غريباا؛ لكن يف الغالب‬ ‫مراده‪ :‬أن التفرد يف أثناء السند يسمى ا‬ ‫يسمى غريباا‪ ،‬ويقل إطالق الفرد عليه‪ ،‬وعكسه التفرد يف أصل السند؛ يف‬ ‫فردا‪ ،‬ويقل إطالق الغريب عليه‪.‬‬ ‫الغالب يسمى ا‬ ‫خالصة املبحث األول‪:‬‬ ‫أن اخلرب باعتبار وصوله إلينا قسمان‪ :‬متواتر‪ ،‬وآجاد‪.‬‬ ‫واآلجاد ثالثة أقسام‪ :‬مشهور‪ ،‬وعزيز‪ ،‬وغريب‪.‬‬ ‫والغريب قسمان‪ :‬مطلق‪ ،‬ونسيب‪.‬‬ ‫والفرق بني املتواتر واآلجاد من جيث القبول والرد‪ :‬أن املتواتر كله مقبول‪،‬‬ ‫واآلجاد فيها املقبول واملردود‪.‬‬ ‫والفرق بينهما من جيث إفادة العلم والظن‪ :‬أن املتواتر يفيد العلم اليقيين‪،‬‬ ‫واآلجاد تفيد الظن‪ ،‬وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري؛ الذي هو‪ :‬غلبة‬ ‫الظن‪.‬‬


‫‪19‬‬

‫مكتبة المبتدئ‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫[أقسام اخلرب من حيث القبول والرد]‬

‫و َخب ر اآلح ِ‬ ‫اد‪:‬‬ ‫َ َُ َ‬ ‫السنَ ِد‪ ،‬غَي ر معلَّل والَ َشاذ؛ ُهو َّ ِ‬ ‫ام الض َّْب ِط‪ ،‬مت ِ‬ ‫يح‬ ‫بِنَ ْق ِل َع ْدل تَ ِّ‬ ‫َّص َل َّ‬ ‫ُ‬ ‫الصح ُ‬ ‫ْ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫لِ َذاتِ​ِه(‪.)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )1‬هذا املبحث الثا‪،‬ي؛ وهو‪ :‬أقسام اخلرب من جيث القبول والرد‪.‬‬ ‫وقيَّد اخلرب هنا باآلجاد؛ ألنه هو الذي فيه املقبول واملردود‪.‬‬ ‫وأما املتواتر فكله مقبول‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذا القسم األول من أقسام املقبول‪.‬‬ ‫وكالم املؤلف هنا تضمن تعريف هذا القسم‪ ،‬وامسه‪.‬‬ ‫أما تعريفه‪ ،‬فقال‪( :‬بنقل عدل ِ‬ ‫غير معلل وال‬ ‫تام الضبط‪،‬‬ ‫متصل السند‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫شاذ)‬ ‫وهذا التعريف تضمن ثالثة شروط‪:‬‬ ‫الشرط األول يتعلق بالراوي‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون عدلا تام الضبط‪.‬‬ ‫شرعا‪ ،‬وعما يُذم عرفاا‪.‬‬ ‫والعدل هو‪ :‬املستقيم يف دينه ومروءته؛ فيَحرتز عما يُذم ا‬ ‫وتام الضبط هو‪ :‬كامل الضبط؛ فإن كان ممن يعتمد على جفظه؛ فيكون قوي‬ ‫احلافظة‪ ،‬وإن كان ممن يعتمد على كتابه؛ فيكون شديد العتناء بكتابه‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪21‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫أبدا‪ ،‬بل املراد أن الغالب فيه‬ ‫تنبيه‪ :‬اشرتاط َمتام الضبط ليس املراد أنه ل ُ​ُيطئ ا‬ ‫اإلصابة‪.‬‬ ‫الشرط الثا‪،‬ي يتعلق باإلسناد‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون متصالا‪.‬‬ ‫والتصال هو‪ :‬مساع الراوي ممن روى عنه‪.‬‬ ‫الشرط الثالث شرط انتفائي‪ ،‬وهو‪ :‬أن ل يكون معلالا‪ ،‬ول شا اذا‪.‬‬ ‫واملعلل هو‪ :‬احلديث الذي وهم فيه من يُقبل جديثه‪.‬‬ ‫يعين أن ظاهره صحيح‪ ،‬لكن تبني أن الراوي قد أخطأ فيه‪.‬‬ ‫والشاذ هو‪ :‬احلديث الذي فيه زيادة مردودة ممن يُقبل جديثه‪.‬‬ ‫يعين أن األصل الذي يقبل جديثه تقبل زيادته‪ ،‬لكن إذا تبني أنه قد أخطأ يف‬ ‫الزيادة؛ فإهنا ترد‪ ،‬كما أنه لو أخطأ يف احلديث يرد‪ ،‬وإذا ُرد احلديث بسبب‬ ‫الزيادة؛ فإنه يسمى شا اذا‪.‬‬ ‫وسيتكلم املؤلف عن املعلل والشاذ يف موضع آخر‪.‬‬ ‫هذا بالنسبة لتعريف هذا القسم من املقبول‪.‬‬ ‫وأما امسه‪ ،‬فقال‪( :‬الصحيح لذاته)‬

‫صحيحا؛ لتوفر صفات الصحة‪.‬‬ ‫مسي‬ ‫ا‬ ‫ومسي لذاته؛ للتفريق بينه وبني الصحيح لغريه الذي سيأيت‪.‬‬ ‫مثال الصحيح لذاته‪ :‬قال البخاري‪ :‬جدثنا احلميدي عبد اهلل بن الزبري قال‬ ‫جدثنا سفيان قال جدثنا حيىي بن سعيد األنصاري قال أخرب‪،‬ي حممد بن‬ ‫إبراهيم التيمي أنه مسع علقمة بن وقاص الليثي يقول مسعت عمر بن اخلطاب‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪21‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫‪ ‬ـ على املنرب ـ قال مسعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪" :‬إمنا األعمال بالنيات…"‬ ‫احلديث‪.‬‬ ‫فكيفية النظر يف هذا احلديث للحكم عليه كالتايل‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬يُنظر يف مدار احلديث َمن هو؟‬ ‫واملراد مبدار احلديث‪ :‬الراوي الذي اشتهر عنه احلديث‪.‬‬ ‫لوجدت أن‬ ‫رجعت إىل موضع هذا احلديث يف الكتب الستة وغريها‪،‬‬ ‫ولو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مدار احلديث هو حيي بن سعيد‪ ،‬فعنه اشتهر احلديث‪ ،‬وقد رواه عنه العدد‬ ‫الكثري من احملدثني‪.‬‬ ‫ثانياا‪ :‬يُنظر يف جال الرواة هل هم ممن يُقبل جديثهم أو ل؟‬ ‫ويبدأ النظر غالباا يف مدار احلديث فما فوقه‪ ،‬عدا الصحايب؛ ألن الصحابة‬ ‫لوجدت أن رواة هذا‬ ‫رجعت إىل كتب اجلرح والتعديل‪،‬‬ ‫كلهم عدول‪ ،‬ولو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احلديث كلهم ممن يُقبل جديثهم‪.‬‬ ‫ثالثاا‪ :‬يُنظر يف جال السند هل هو متصل أو ل؟‬ ‫لوجدت يف ترمجة َحيي بن سعيد أن أهل‬ ‫رجعت إىل كتب اجلرح والتعديل‪،‬‬ ‫ولو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احلديث أثبتوا َمسَاعه من حممد بن إبراهيم‪ ،‬ويف ترمجة حممد بن إبراهيم أثبتوا‬ ‫مساعه من علقمة‪ ،‬ويف ترمجة علقمة أثبتوا مساعه من عمر ‪.‬‬ ‫ابعا‪ :‬يُنظر هل يف هذا احلديث علة أو شذوذ؟‬ ‫را‬ ‫فإذا مل يُوقف فيه على علة ول شذوذ‪ ،‬يكون بذلك قد انتهى النظر يف احلديث‪.‬‬ ‫وألن هذا احلديث رجاله ممن يقبل جديثهم‪ ،‬وإسناده متصل‪ ،‬وليس فيه علة‬ ‫صحيحا لذاته‪.‬‬ ‫ول شذوذ؛ فيُحكم عليه‪ ،‬ويُسمى‬ ‫ا‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪22‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ت ه ِذهِ األَوص ِ‬ ‫اف(‪.)1‬‬ ‫َوتَ تَ َف َاو ُ‬ ‫ت ُرتَ بُهُ بِتَ َف ُاو ِ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫وِمن ثَ َّم قُدِّم ِ‬ ‫ي‪ ،‬ثُ َّم ُم ْسلِم‪ ،‬ثُ َّم َش ْرطُ ُه َما(‪.)2‬‬ ‫يح البُ َخا ِر ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫صح ُ‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر الصحيح لذاته ناسب أن يذكر مسألتني‪:‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬هل الصحيح تتفاوت رتبه؟‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬إذا كانت تتفاوت فما هو السبب يف ذلك؟‬ ‫قوله‪( :‬وتتفاوت رتبه) أي رتب الصحيح‪.‬‬ ‫يعين َّ‬ ‫أن اسم الصحيح يطلق على مجيع األجاديث اليت حتققت فيها شروط‬ ‫الصحة‪ ،‬لكن هذه األجاديث ليست كلها على رتبة واجدة‪ ،‬بل بعضها أعلى‬ ‫رتبة من بعض‪.‬‬ ‫(بتفاوت هذه األوصاف) الباء‪ :‬سببية‪ ،‬أي السبب هو تفاوت هذه‬ ‫األوصا ‪ ،‬واملراد هبا‪ :‬أوصا الصحيح اليت ذكرها يف التعريف‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬جديث رواه عدل تام الضبط‪ ،‬وجديث آخر رواه عدل تام‬ ‫الضبط‪ ،‬إل أن الراوي األول أمت ضبطاا من اآلخر‪ ،‬فكال احلديثني يسمى‬ ‫صحيحا‪ ،‬لكن احلديث األول أعلى رتبة من الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫ا‬ ‫(‪ )8‬لَ َّما تكلم عن تفاوت رتب الصحيح‪ ،‬ناسب أن يذكر احليثية اليت منها قُدِّم‬ ‫صحيح البخاري‪ُ ،‬مث مسلم‪ُ ،‬مث شرطهما‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ومن ثَ َّم) أي من هذه احليثية‪.‬‬ ‫يعين من جيث إن رتب الصحيح تتفاوت بتفاوت األوصا ‪.‬‬ ‫(قُدم صحيح البخاري) أي على غريه من الكتب املصنفة يف احلديث‪.‬‬ ‫(ثم مسلم) أي مث صحيح مسلم‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪23‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫فَِإ ْن َخ َّ‬ ‫س ُن لِ َذاتِه(‪.)1‬‬ ‫ف الض َّْب ُ‬ ‫ط؛ فَال َ‬ ‫ْح َ‬ ‫مراده‪ :‬أن اسم الصحيح يطلق على مجيع األجاديث الصحيحة املخرجة يف الكتب‬ ‫الستة وغريها‪ ،‬ولكن قدم كتاب البخاري على غريه من الكتب؛ لكون أجاديثه‬ ‫اشتملت على أعلى مراتب الصحة‪ ،‬مث يليه كتاب مسلم؛ ألن أجاديثه وإن‬ ‫اشتملت على الصحة لكنها أدىن رتبة من األجاديث اليت أخرجها البخاري‪.‬‬ ‫(ثم شرطهما) أي مث يلي أجاديث البخاري ومسلم احلديث املوافق لشرطهما‪.‬‬ ‫مراده‪ :‬أن احلديث الصحيح املروي خارج كتايب البخاري ومسلم إذا كان‬ ‫مواف اقا لشرطهما فهو أعلى رتبة من احلديث الذي ليس على شرطهما‪.‬‬ ‫مسألتان‪:‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬هل تَـ ْق ِد ْ​ْيُ أجاديث البخاري على أجاديث مسلم باإلطالق أو‬ ‫يف الغالب؟‬ ‫اجلواب‪ :‬بل يف الغالب؛ ألن بعض أجاديث مسلم أعلى رتبة من بعض‬ ‫أجاديث البخاري‪.‬‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬ما املراد بقوهلم‪" :‬جديث على شرط البخاري ومسلم"؟‬ ‫اجلواب‪ :‬املراد به جديث مروي خارج كتايب البخاري ومسلم بإسناد مماثل‬ ‫إلسناد موجود فيهما‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أخرج البخاري ومسلم أجاديث من طريق مالك عن نافع عن ابن‬ ‫عمر‪ ،‬فإذا ُوِج َد جديث خارج كتابيهما هبذا اإلسناد يقال‪" :‬جديث على‬ ‫شرط البخاري ومسلم"‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هذا القسم الثا‪،‬ي من أقسام املقبول‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪24‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫وكالم املؤلف هنا تضمن تعريف هذا القسم‪ ،‬وامسه‪.‬‬ ‫أما تعريفه‪ ،‬فقال‪( :‬فإن خف الضبط) أي قَ َّل‪.‬‬ ‫واملراد مع بقية الشروط املذكورة يف تعريف الصحيح لذاته‪.‬‬ ‫وعلى هذا يكون تعريف هذا القسم‪ ،‬هو‪ :‬بنقل عدل خف ضبطه‪ ،‬متصل‬ ‫السند‪ ،‬غري معلل ول شاذ‪.‬‬ ‫وهذا التعريف تضمن ثالثة شروط‪:‬‬ ‫الشرط األول‪ :‬أن يكون الراوي عدلا خف ضبطه‪.‬‬ ‫ول يلزم حتقق هذا الشرط يف مجيع رواة اإلسناد؛ بل يكفي حتققه يف راو واجد‪.‬‬ ‫الشرط الثا‪،‬ي‪ :‬أن يكون اإلسناد متصالا‪.‬‬ ‫الشرط الثالث‪ :‬أن ل يكون معلالا‪ ،‬ول شاذاا‪.‬‬ ‫صحيحا؛ لكونه أقل‬ ‫وأما امسه‪ ،‬فقال‪( :‬فالحسن لذاته) ُمسي جسناا‪ ،‬ومل يُسم‬ ‫ا‬ ‫قوة من الصحيح‪ ،‬ومسي لذاته؛ للتفريق بينه وبني احلسن لغريه الذي سيأيت‪.‬‬ ‫مثال احلسن لذاته‪ :‬قال الرتمذي‪ :‬جدثنا حيي بن موسى جدثنا عبد الرزاق عن‬ ‫إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أيب وائل عن عثمان بن عفان‪" :‬أن النيب ‪‬‬ ‫كان ُيلل حليته"‪ .‬أخرجه الرتمذي (‪.)71‬‬ ‫هذا احلديث مشهور من جديث عامر عن أيب وائل عن عثمان‪.‬‬ ‫أما عامر‪ :‬فقد ضعفه بعضهم‪ ،‬وقواه بعضهم‪.‬‬ ‫وأما أبو وائل فهو‪ :‬شقيق بن سلمة ثقة‪.‬‬ ‫وأما عثمان فهو‪ :‬صحايب‪.‬‬ ‫فقال بعضهم‪ :‬إن هذا احلديث جسن؛ بسبب جال عامر بن شقيق‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪25‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ ِ​ِ‬ ‫ص َّح ُح(‪.)1‬‬ ‫َوبِ َكثْ َرة طُ​ُرقه يُ َ‬ ‫فَِإ ْن ُج ِم َعا‪:‬‬ ‫فَلِلتَّرد ِ‬ ‫ث التَّ َف ُّر ُد‪.‬‬ ‫ُّد في النَّاقِ ِل َح ْي ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫اديْ ِن ‪.‬‬ ‫وإَالَّ فَبِا ْعتِبَا ِر إِ ْسنَ َ‬ ‫(‪ )1‬هذا القسم الثالث من أقسام املقبول‪.‬‬ ‫وكالم املؤلف هنا تضمن تعريف هذا القسم‪ ،‬وامسه‪.‬‬ ‫أما تعريفه‪ ،‬فقال‪( :‬وبكثرة طرقه) أي طرق احلسن لذاته‪.‬‬ ‫وعلى هذا يكون تعريف هذا القسم هو‪ :‬احلسن لذاته إذا كثرت طرقه‪.‬‬ ‫صحيحا لغريه‪.‬‬ ‫صحيحا‪ ،‬واملراد‪ :‬يسمى‬ ‫وأما امسه‪ ،‬فقال‪( :‬يصحح) أي يسمى‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫مثال الصحيح لغريه‪ :‬جديث عثمان املتقدم يف ختليل اللحية‪.‬‬ ‫صحيحا‬ ‫فقال بعضهم‪ :‬هذا احلديث هو يف نفسه جسن‪ ،‬ولكنه يرتقي فيكون‬ ‫ا‬ ‫لغريه؛ لكونه ُروي عن غري عثمان‪ُ ،‬روي عن مجع من الصحابة‪.‬‬ ‫أجل‬ ‫تنبيه‪ :‬بقي من أقسام املقبول القسم الرابع؛ الذي هو‪ :‬احلسن لغريه‪ ،‬وقد َّ‬ ‫املؤلف الكالم عنه إىل آخر املبحث‪ ،‬بعد الكالم عن املردود‪.‬‬ ‫(‪ )8‬لَ َّما ذكر املؤلف املراد باحلسن والصحيح مبفرديهما ناسب أن يذكر املراد ِهبما‬ ‫إذا ُِ‬ ‫مجعا يف جديث واجد‪ ،‬فقيل‪" :‬هذا جديث جسن صحيح"‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فإن ُج ِمعا) أي احلسن والصحيح‪.‬‬ ‫(فللتردد) الفاء‪ :‬سببية‪ ،‬أي السبب الرتدد من اجملتهد‪.‬‬ ‫(في الناقل) أي يف الراوي‪.‬‬ ‫يعين أن السبب هو‪ :‬أن اجملتهد الذي جكم على احلديث تردد يف جال الراوي‪،‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪26‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ادةُ َرا ِوي ِه َما َم ْقبُولَةٌ؛ َما لَ ْم تَ َق ْع ُمنَافِيَةً لِ َم ْن ُه َو أ َْوثَ ُق(‪.)1‬‬ ‫َوِزيَ َ‬

‫(‪)1‬‬

‫هل جديثه جسن أو صحيح؟‬ ‫متفردا باحلديث‪.‬‬ ‫(حيث التفرد) أي يُصار إىل هذا التفسري إذا كان هذا الراوي ا‬ ‫متفردا‪.‬‬ ‫(وإال) أي إذا مل يكن ا‬ ‫(فباعتبار إسنادين) أي فالسبب هو‪ :‬أن احلديث له إسنادان‪ ،‬أجدمها جسن‪،‬‬ ‫واآلخر صحيح‪.‬‬ ‫وعلى هذا فإذا قيل‪" :‬هذا جديث جسن صحيح" فاملراد به على التفسري‬ ‫األول‪ :‬جسن أو صحيح‪ ،‬وعلى التفسري الثا‪،‬ي‪ :‬جسن وصحيح‪.‬‬ ‫لَ َّما تكلم املؤلف عن احلسن والصحيح مبفرديهما وباجتماعهما‪ ،‬ناسب أن‬ ‫يتكلم عن جكم زيادة راويهما‪.‬‬ ‫يعين أن الراوي الذي جديثه جسن أو صحيح‪ ،‬إذا روى جديثاا‪ ،‬وزاد فيه زيادة‬ ‫مل يذكرها غريه من أقرانه الذين رووا نفس احلديث‪ ،‬فما جكم هذه الزيادة؟‬ ‫قوله‪( :‬وزيادة راويهما) أي راوي احلسن والصحيح‪.‬‬ ‫(مقبولة) أي كما أن جديثهما مقبول‪.‬‬ ‫(ما لم تقع) أي هذه الزيادة‪.‬‬ ‫(منافية) أي معارضة‪.‬‬ ‫(لمن هو أوثق) أي لرواية راو أوثق منه‪.‬‬ ‫مراده‪ :‬أن األصل يف زيادة راوي احلسن والصحيح هو القبول‪ ،‬وإمنا تُـَرد بشرطني‪:‬‬ ‫األول‪ :‬أن تكون منافية‪.‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬أن يكون الذي مل يزد هذه الزيادة أوثق من الذي زاد‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪27‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫تنبيه‪ :‬قد يكون الراوي أوثق من اآلخر لكونه أضبط منه‪ ،‬وقد يكون أوثق من‬ ‫اآلخر لكونه له متابع‪ ،‬والذي خالفه ليس له متابع‪.‬‬ ‫مثال الزيادة غري املنافية‪:‬‬ ‫قال مسلم‪ :‬جدثين علي بن ُج ْرر السعدي جدثنا علي بن مسهر أخربنا األعمش‬ ‫عن أيب رزين وأيب صاحل عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" :‬إذا ولغ‬ ‫الكلب يف إناء أجدكم فلريقه مث ليغسله سبع مرار"‪ .‬أخرجه مسلم (‪.)872‬‬ ‫فقوله‪" :‬فلريقه" هذه زيادة تفرد هبا علي بن مسهر؛ جيث روى هذا احلديث‬ ‫غري واجد عن األعمش من غري هذه الزيادة‪.‬‬ ‫فقال بعضهم‪ :‬لكون الزيادة غري منافية فهي مقبولة‪.‬‬ ‫مثال الزيادة املنافية‪ :‬قال مسلم‪ :‬جدثنا حممد بن املثىن وحممد بن بشار ـ‬ ‫واللفظ لبن املثىن ـ قال‪ :‬جدثنا حممد بن جعفر جدثنا شعبة عن غيالن بن‬ ‫ِ‬ ‫الزَّما‪،‬ي عن أيب قتادة األنصاري ‪ ‬أن رسول اهلل‬ ‫معبَد ِّ‬ ‫جرير َمسع عبد اهلل بن ْ‬ ‫‪ ‬ـ فذكر احلديث ـ وفيه‪ :‬وسئل عن صوم يوم الثنني‪ ،‬فقال‪" :‬ذاك يوم‬ ‫علي فيه"‪ .‬أخرجه مسلم (‪.)1118‬‬ ‫ِو ُ‬ ‫لدت فيه‪ ،‬ويوم بُ ُ‬ ‫عثت فيه أو أُنزل َ‬ ‫قال مسلم‪ :‬ويف هذا احلديث من رواية شعبة قال‪ :‬وسئل عن صوم يوم الثنني‬ ‫واخلميس‪ ،‬فسكتنا عن ذكر اخلميس ملا نراه ومهاا‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬كلمة "اخلميس" زيادة تفرد هبا شعبة؛ جيث روى هذا احلديث غري‬ ‫واجد عن غيالن من غري هذه الزيادة‪ ،‬وجواب النيب ‪ ‬بقوله‪" :‬ذاك يوم …‬ ‫إخل" يدل على أنه إمنا سئل عن يوم واجد‪ ،‬وعلى هذا تكون كلمة "واخلميس"‬ ‫زيادة منافية فهي مردودة‪ ،‬وهلذا سكت مسلم عن ذكرها‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪28‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ف بِأ َْر َج َح‪:‬‬ ‫فَِإ ْن ُخولِ َ‬ ‫فَ َّ ِ‬ ‫ظ َوُم َقابِلُهُ َّ‬ ‫الشاذُّ‪.‬‬ ‫الم ْح ُفو ُ‬ ‫الراج ُح َ‬ ‫ف فَ َّ ِ‬ ‫ومع الض َّْع ِ‬ ‫وف َوُم َقابِلُهُ ال ُم ْن َك ُر(‪.)1‬‬ ‫الم ْع ُر ُ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫الراج ُح َ‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر مىت تكون الزيادة مردودة‪ ،‬ناسب أن يذكر السم اخلاص للحديث الذي‬ ‫ليس فيه الزيادة املردودة‪ ،‬والسم اخلاص ملقابله؛ أي احلديث الذي فيه هذه الزيادة‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فإن خولف) أي الراوي صاجب الزيادة‪.‬‬ ‫(بأرجح) أي برواية من هو أرجح منه‪.‬‬ ‫(فالراجح) أي احلديث الراجح الذي ليس فيه الزيادة‪.‬‬ ‫(المحفوظ) أي يسمى احملفوظ‪.‬‬ ‫(ومقابله) أي احلديث املرجوح الذي فيه الزيادة‪.‬‬ ‫(الشاذ) أي يسمى الشاذ‪.‬‬ ‫(ومع الضعف) أي وإن وقعت املخالفة مع كون املخالِف ضعي افا‪.‬‬ ‫(فالراجح) أي احلديث الراجح الذي ليس فيه الزيادة‪.‬‬ ‫(المعروف) أي يسمى املعرو ‪.‬‬ ‫(ومقابله) أي احلديث املرجوح الذي فيه الزيادة‪.‬‬ ‫(المنكر) أي يسمى املنكر‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬جديث شعبة املتقدم يف سؤال النيب ‪ ‬عن صوم يوم الثنني واخلميس‪.‬‬ ‫فشعبة ثقة‪ ،‬وزاد زيادة مردودة‪ ،‬فحديثه هبذه الزيادة يسمى شاذاا‪ ،‬وجديث أقرانه‬ ‫الذين مل يذكروا الزيادة يسمى حمفوظاا‪ ،‬ولو كان الذي روى هذه الزيادة راوياا‬ ‫منكرا‪ ،‬وجديث أقرانه الذين مل يذكروا الزيادة يسمى معروفاا‪.‬‬ ‫ضعي افا فحديثه يسمى ا‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪29‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِّسبِ ُّي‪:‬‬ ‫َوال َف ْر ُد الن ْ‬ ‫إِ ْن َوافَ َقهُ غَْي ُرهُ فَ ُه َو الْ ُمتَابِ ُع‪.‬‬ ‫الش ِ‬ ‫َوإِ ْن ُو ِج َد َم ْت ٌن يُ ْشبِ ُههُ فَ ُه َو َّ‬ ‫اه ُد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ار(‪.)1‬‬ ‫َوتَتبُّ ُع الطُُّر ِق لِ َذلِ َ‬ ‫ك ُه َو اال ْعتبَ ُ‬ ‫(‪)1‬‬

‫لَ َّما تكلم املؤلف عن الزيادة‪ ،‬ناسب أن يذكر ثالثة أنواع من الصطالجات‬ ‫تتعلق بالزيادة‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬والفرد النسبي) أي التفرد يف أثناء السند‪.‬‬ ‫ومراده هنا‪ :‬التفرد بالزيادة‪.‬‬

‫(إن وافقه غيره فهو المتابع) هذا النوع األول‪.‬‬ ‫(إن وافقه) أي وافق املتفرد بالزيادة‪.‬‬ ‫(غيره) أي غري املتفرد‪.‬‬ ‫يعين راوياا آخر روى نفس هذه الزيادة‪.‬‬ ‫(فهو) أي املوافِق‪.‬‬

‫(المتابِع) أي يسمى املتابع‪.‬‬ ‫(وإن ُو ِجد متن يشبهه فهو الشاهد) هذا النوع الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫(وإن وجد متن) أي جديث لصحايب آخر‪.‬‬ ‫(يشبهه) أي يشبه هذا احلديث الذي فيه الزيادة‪.‬‬ ‫(فهو) أي احلديث املشابِه‪.‬‬ ‫(الشاهد) أي يسمى الشاهد‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪31‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(وتتبع الطرق لذلك هو االعتبار) هذا النوع الثالث‪.‬‬ ‫(وتتبع الطرق) أي البحث والنظر يف كتب احلديث‪.‬‬ ‫(لذلك) أي لتحصيل الشواهد واملتابعات‪.‬‬ ‫(هو) أي البحث والنظر‪.‬‬ ‫(االعتبار) أي يسمى العتبار‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬روى الشافعي يف كتابه "األم"‪:‬‬ ‫عن مالك عن عبد اهلل بن دينار عن ابن عمر أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬الشهر‬ ‫تسع وعشرون‪ ،‬فال تصوموا جىت تروا اهلالل‪ ،‬ول تفطروا جىت تروا اهلالل‪ ،‬فإن‬ ‫غُ َّم عليكم فأكملوا العدة ثالثني"‪.‬‬ ‫وروى هذا احلديث غري الشافعي عن مالك بلفظ‪" :‬فإن غُ َّم عليكم فاقدروا‬ ‫له"‪ ،‬فظن بعضهم أن الشافعي تفرد بزيادة "فأكملوا العدة ثالثني"‪.‬‬ ‫فبُحث عن متابعات وشواهد حلديث الشافعي‪.‬‬ ‫ُفوِجد أن عبد اهلل بن مسلمة القعنيب روى هذا احلديث عن مالك كما رواه‬ ‫متابعا للشافعي‪.‬‬ ‫الشافعي‪ ،‬فيكون ابن مسلمة ا‬ ‫ِ‬ ‫أيضا أن أبا هريرة ‪ ‬روى هذا احلديث عن النيب ‪ ‬هبذه الزيادة حنو‬ ‫ووجد ا‬ ‫ُ‬ ‫شاهدا حلديث الشافعي‪.‬‬ ‫ما رواه الشافعي‪ ،‬فيكون جديث أيب هريرة ا‬ ‫والبحث عن هذا الشاهد وهذا املتابع يسمى العتبار‪.‬‬ ‫وقد ذكر املؤلف هذا املثال يف كتابه نزهة النظر‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪31‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ول‪:‬‬ ‫لم ْقبُ ُ‬ ‫ثُ َّم ا َ‬ ‫إِ ْن سلِم ِمن الْمعار َ ِ‬ ‫لم ْح َك ُم‪.‬‬ ‫َ َ َ َُ َ‬ ‫ضة فَ ُه َو ا ُ‬ ‫ض بِ ِمثْلِ ِه‪:‬‬ ‫َوإِ ْن عُوِر َ‬ ‫ِ‬ ‫ف الح ِد ِ‬ ‫يث‪.‬‬ ‫لج ْم ُع فَ ُم ْختَل ُ َ‬ ‫فَِإ ْن أ َْم َك َن ا َ‬ ‫ت المتَأَخِّر فَ هو الن ِ‬ ‫وخ‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫َّاس ُخ َو َ‬ ‫اآلخ ُر َ‬ ‫أ َْو الَ؛ َوثَبَ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫الم ْن ُ‬ ‫ِ‬ ‫يح‪.‬‬ ‫َوإِالَّ فَالت َّْرج ُ‬ ‫ف(‪.)1‬‬ ‫َّوقُّ ُ‬ ‫ثُ َّم الت َ‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما تكلم املؤلف عن املقبول من جيث الرتبة‪ ،‬ناسب أن يتكلم عن املقبول من‬ ‫جيث ما يُعمل به‪ ،‬وما ل يُعمل به؛ فذكر‪ :‬ما هو احملكم‪ ،‬وخمتلف احلديث؟‬ ‫ومىت يكون النسخ‪ ،‬والرتجيح‪ ،‬والتوقف؟‬ ‫صحيحا‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ثم المقبول) أي سواء كان جسناا أو‬ ‫ا‬ ‫(إن سلم من المعارضة) أي من املضادة‪.‬‬

‫يعين ل يوجد شيء من القرآن أو من احلديث يدل على ضد ما دل عليه‪.‬‬

‫(فهو) أي املقبول السامل من املعارضة‪.‬‬ ‫(المحكم) أي يسمى احملكم‪.‬‬

‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬إمنا األعمال بالنيات"‪.‬‬ ‫(وإن عورض بمثله) أي مبقبول آخر‪.‬‬

‫يشري بذلك إىل أنه لو عورض مبردود فال عربة هبذه املعارضة‪.‬‬ ‫(فإن أمكن الجمع) أي أمكن التوفيق بني املتعارضني‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪32‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(فمختلِف الحديث) أي يسمى هذا النوع هبذا السم‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث أيب أيوب يف النهي عن استقبال القبلة واستدبارها‪ ،‬عند قضاء‬ ‫احلاجة‪.‬‬ ‫أخرجه البخاري (‪ ،)144‬ومسلم (‪.)814‬‬ ‫وجديث ابن عمر جينما رقى على جدار بيت جفصة‪ ،‬ووجد النيب ‪ ‬يقضي‬ ‫جاجته‪ ،‬وهو مستدبر القبلة‪.‬‬ ‫أخرجه البخاري (‪ ،)1454‬ومسلم (‪.)811‬‬ ‫فهذان احلديثان ظاهرمها التعارض‪ ،‬فاألول‪ :‬ظاهره يدل على التحرْي‪ ،‬والثا‪،‬ي‪:‬‬ ‫ظاهره يدل على اجلواز‪.‬‬ ‫فسلك أهل العلم مسلك اجلمع بينهما‪ ،‬لكن اختلفوا يف كيفية اجلمع‪ ،‬والذي‬ ‫عليه أكثرهم أن النهي متعلق بالصحراء‪ ،‬واجلواز متعلق بالبنيان‪.‬‬ ‫(أو ال) أي أو ل ميكن اجلمع بني املتعارضني‪.‬‬ ‫(وثبت المتأخر) أي عُر احلديث املتأخر منهما‪.‬‬ ‫(فهو) أي احلديث املتأخر‪.‬‬ ‫(الناسخ) أي يسمى الناسخ‪.‬‬ ‫(واآلخر) أي احلديث املتقدم‪.‬‬ ‫(المنسوخ) أي يسمى املنسوخ‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث شداد بن أوس مرفوعا‪" :‬أفطر احلاجم واحملروم"‪.‬‬ ‫أخرجه بو داود رقم (‪ ،)8712‬وابن ماجه (‪.)1121‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪33‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫وجديث ابن عباس‪" :‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم اجترم وهو صائم"‪.‬‬ ‫أخرجه البخاري (‪.)1272‬‬ ‫قال الشافعي يف كتابه اختال احلديث (‪ :)571 / 1‬ومساع ابن أوس عن‬ ‫حمرما‪ ،‬ومل يصحبه حمرم قبل جرة اإلسالم‪،‬‬ ‫رسول اهلل عام الفتح ومل يكن يومئذ ا‬ ‫فذكر ابن عباس جرامة النيب عام جرة اإلسالم سنة عشر‪ ،‬وجديث أفطر‬ ‫احلاجم واحملروم يف الفتح سنة مثان قبل جرة اإلسالم بسنتني‪ ،‬فإن كانا‬ ‫ثابتني فحديث ابن عباس ناسخ‪ ،‬وجديث أفطر احلاجم واحملروم منسوخ‪.‬‬ ‫فائدة‪ :‬النسخ لغة‪ :‬التغيري واإلزالة‪.‬‬ ‫واملراد به هنا‪ :‬تغيري وإزالة جكم متقدم حبكم متأخر عنه‪.‬‬ ‫(وإال) أي إذا مل يُعر املتأخر من املتعارضني‪.‬‬ ‫(فالترجيح) أي يرجح أجدمها على اآلخر‪.‬‬

‫يعين يُقدم أجد احلديثني؛ ويُعمل به‪ ،‬ويُؤخر اآلخر؛ فال يُعمل به‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو تعارض جديثان أجدمها يف الصحيحني‪ ،‬واآلخر خارج الصحيحني‪،‬‬ ‫ومل ميكن اجلمع‪ ،‬ومل يعر املتأخر؛ ُفري َّجح احلديث الذي يف الصحيحني‪.‬‬ ‫(ثم) أي إذا مل ميكن الرتجيح‪.‬‬

‫(التوقف) أي ل يُقدم أجدمها على اآلخر‪.‬‬

‫يعين ل يُعمل بكال احلديثني‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬التوقف إمنا يكون بالنسبة جملتهد بعينه‪ ،‬وأما غريه من اجملتهدين فقد يُوفَّق‬ ‫إىل أجد األوجه السابقة‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪34‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫لم ْر ُد ُ ِ‬ ‫س ْقط أ َْو طَ ْعن(‪.)1‬‬ ‫ثُ َّم ا َ‬ ‫ود‪ :‬إ َّما أَ ْن يَ ُكو َن ل َ‬ ‫ط‪:‬‬ ‫الس ْق ُ‬ ‫و َّ‬ ‫اد ِئ َّ ِ ِ‬ ‫إِ َّما أَ ْن ي ُكو َن ِمن مب ِ‬ ‫صنِّف‪.‬‬ ‫السنَد م ْن ُم َ‬ ‫ْ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عي‪.‬‬ ‫أ َْو م ْن آخ ِرهِ بَ ْع َد التَّابِ ِّ‬ ‫ك(‪.)2‬‬ ‫أ َْو غَْي ِر ذَلِ َ‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما انتهى املؤلف من الكالم عن أقسام املقبول‪ ،‬شرع يف الكالم عن أقسام املردود‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ثم المردود إما أن يكون) أي بالنسبة لسبب الرد‪.‬‬ ‫(لسقط) هذا القسم األول‪.‬‬ ‫يعين بسبب السقط يف السند‪.‬‬ ‫(أو لطعن) هذا القسم الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫يعين بسبب الطعن يف الراوي‪.‬‬ ‫(‪ )8‬لَ َّما ذكر أن السبب األول يف الرد هو السقط يف اإلسناد‪ ،‬ناسب أن يذكر‬ ‫أنواع السقط‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬والسقط) أي يف اإلسناد‪.‬‬ ‫(إما أن يكون من مبادئ السند ِمن مصنف) هذا النوع األول‪.‬‬ ‫(إما أن يكون) أي السقط‪.‬‬ ‫(من مبادئ السند) أي من بدايته‪.‬‬ ‫( ِمن مصنف) أي من تصر مصنف‪.‬‬ ‫يعين أن املصنف مسع احلديث بإسناده‪ ،‬وأثناء روايته للحديث تصر فأسقط‬ ‫فصاعدا‪.‬‬ ‫بداية اإلسناد؛ إما شيخه فقط‪ ،‬أو شيخه‬ ‫ا‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪35‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫لم َعلَّ ُق‪.‬‬ ‫فاأل ََّو ُل‪ :‬ا ُ‬ ‫ِ‬ ‫لم ْر َس ُل‪.‬‬ ‫والثَّاني‪ :‬ا ُ‬ ‫ث‪ :‬إِ ْن َكا َن بِاثْ ن ي ِن فَ ِ‬ ‫اع ًدا مع الت ِ‬ ‫الم ْن َق ِط ُع(‪.)1‬‬ ‫والثَّالِ ُ‬ ‫لم ْع َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ض ُل‪َ ،‬وإِالَّ فَ ُ‬ ‫َّوالي فَ ُه َو ا ُ‬ ‫ص َ​َ َ‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو مسع املصنف جديثاا من علي بن عياش عن شعيب بن أيب محزة‬ ‫عن حممد بن املنكدر عن جابر ‪ ‬عن النيب ‪ُ ،‬مثَّ أثناء روايته للحديث‬ ‫قال‪ :‬قال شعيب بن أيب محزة عن حممد بن املنكدر عن جابر ‪ ‬عن النيب‬ ‫‪ ،‬ومل يذكر علي بن عياش‪ ،‬فيكون بذلك قد أسقط بداية السند‪.‬‬ ‫(أو من آخره بعد التابعي) هذا النوع الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫(أو من آخره) أي أو يكون السقط من آخر السند‪.‬‬ ‫(بعد التابعي) أي ل يُذكر الصحايب‪.‬‬ ‫يعين يكون احلديث من رواية التابعي عن النيب ‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو قال املصنف‪ :‬مسعت علي بن عياش عن شعيب بن أيب محزة‬ ‫عن حممد بن املنكدر أن النيب ‪ ‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬فمحمد بن املنكدر‬ ‫تابعي‪ ،‬فيكون احلديث من رواية التابعي عن النيب ‪.‬‬ ‫(أو غير ذلك) هذا النوع الثالث‪.‬‬ ‫يعين النوع الثالث من السقط هو ما سوى هذين النوعني السابقني‪.‬‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر أنواع السقط‪ ،‬ذكر بعد ذلك السم اخلاص لكل نوع‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فاألول) أي احلديث الذي أسقط املصنف منه من بداية السند‪.‬‬ ‫(المعلق) أي يسمى املعلق‪.‬‬ ‫(والثاني) أي احلديث الذي رواه التابعي عن النيب ‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪36‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ثُ َّم قَ ْد ي ُكو ُن و ِ‬ ‫اض ًحا أ َْو َخ ِفيا‪:‬‬ ‫َ َ‬ ‫فاأل ََّو ُل‪ :‬ي ْدر ُك بِع َدِم التَّالَقِي‪ ،‬وِمن ثَ َّم ْ ِ‬ ‫يخ‪.‬‬ ‫يج إِلى التَّا ِر ِ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫احت َ‬ ‫والثَّانِي‪ :‬الم َدلَّس‪ ،‬وي ِر ُد بِ ِ‬ ‫صيغَة تَ ْحتَ ِم ُل اللُّ َق َّي؛ َك َع ْن‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ُ ُ َ​َ‬ ‫ال‪َ ،‬وَك َذا ُ‬ ‫الم ْر َسلُ‬ ‫(‪) 1‬‬ ‫ْق ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الخ ِف ُّي ِم ْن ُم َعِاصر لَ ْم يَل َ‬ ‫(المرسل) أي يسمى املرسل‪.‬‬ ‫(والثالث) أي الذي ليس معل اقا‪ ،‬ول مرسالا‪.‬‬ ‫(إن كان باثنين فصاع ًدا مع التوالي) أي إذا كان السقط اثنني فأكثر‪ ،‬مع التوايل‪.‬‬ ‫(فهو المعضل) أي يسمى املعضل‪.‬‬ ‫(وإال) أي إذا مل يكن كذلك‪.‬‬ ‫اجدا‪ ،‬أو اثنني فأكثر؛ مع عدم التوايل‪.‬‬ ‫يعين إذا كان السقط و ا‬ ‫(فالمنقطع) أي يسمى املنقطع‪.‬‬ ‫جابرا ‪‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو قال املصنف‪ :‬مسعت علي بن عياش يقول‪ :‬إن ا‬ ‫يقول‪ :‬إن النيب ‪ ‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬فيكون بذلك قد سقط من اإلسناد اثنان‬ ‫على التوايل‪ ،‬ومها شعيب بن أيب محزة‪ ،‬وحممد بن املنكدر‪ ،‬فيسمى معضالا‪.‬‬ ‫ولو قال املصنف‪ :‬مسعت علي بن عياش يقول‪ :‬إن حممد بن املنكدر يقول‪ :‬إن‬ ‫جابرا ‪ ‬يقول‪ :‬إن النيب ‪ ‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬فيكون بذلك قد سقـط من‬ ‫ا‬ ‫منقطعا‪.‬‬ ‫اإلسناد واجد‪ ،‬وهو شعيب بن أيب محزة‪ ،‬فيسمى‬ ‫ا‬ ‫اخلالصة‪ :‬أن احلديث الذي فيه سقط‪ :‬إما أن يكون معل اقا‪ ،‬أو مرسالا‪ ،‬فإن مل‬ ‫يكن كذلك فهو‪ :‬إما معضل‪ ،‬أو منقطع‪.‬‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر أنواع السقط‪ ،‬ذكر بعد ذلك أقسامه من جيث الوضوح واخلفاء‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪37‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫قوله‪( :‬ثم قد يكون) أي السقط‪.‬‬ ‫واضحا) هذا القسم األول‪.‬‬ ‫( ً‬ ‫(أو خفيًا) هذا القسم الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫(فاألول) أي السقط الواضح‪.‬‬ ‫(يدرك بعدم التالقي) أي يُعر بكون الراوي مل يلتق مبن روى عنه‪.‬‬ ‫اضحا‪.‬‬ ‫يعين أن الراوي إذا روى عن رجل مل يلتق به‪ ،‬يُعر بذلك أن بينهما سقطاا و ا‬ ‫(ومن ثم احتيج إلى التاريخ) أي من هذه احليثية اجتاج أهل احلديث إىل‬ ‫معرفة تاريخ الرواة‪ :‬مواليدهم‪ ،‬ووفياهتم‪ ،‬وأوقات طلبهم للحديث‪ ،‬وأوقات‬ ‫ارحتاهلم‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬ ‫يعين أهنم اجتاجوا إىل التاريخ ملعرفة هل جصل بني الراوي ومن روى عنه لقاء‬ ‫أو ل؟‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو روى شعيب بن أيب محزة جديثاا عن جابر‪ ،‬فعند أهل احلديث‬ ‫اضحا‪ ،‬بني شعيب وجابر؛ ملعرفتهم أن شعيباا مل‬ ‫أن يف هذا اإلسناد سقطاا و ا‬ ‫يلتق جبابر‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬يدخل يف هذا القسم ـ أعين السقط الواضح ـ األنواع اليت ذُكِرت ساب اقا‪:‬‬ ‫املعلق‪ ،‬واملرسل‪ ،‬واملنقطع‪ ،‬واملعضل‪.‬‬ ‫(والثاني) أي السقط اخلفي‪.‬‬ ‫(المدلَّس) أي احلديث الذي وقع فيه تدليس‪.‬‬ ‫والتدليس هو‪ :‬أن يروي الراوي عمن مسع منه‪ ،‬ما مل يسمعه منه‪ ،‬مومهاا أنه‬ ‫مسعه منه‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪38‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫مثال ذلك‪ :‬ابن جريج ثقة لكنه مدلس‪ ،‬مسع عدة أجاديث من عطاء بن أيب‬ ‫رباح‪.‬‬ ‫فلو مسع جديثاا من رجل عن عطاء‪ ،‬مث أثناء حتديثه هبذا احلديث مل يذكر‬ ‫الرجل‪ ،‬بل قال‪ :‬عن عطاء‪.‬‬ ‫تدليسا؛ ألنه يف األصل مسع من عطاء‪ ،‬وروى عنه جديثاا‬ ‫فهذا الفعل يسمى ا‬ ‫مل يسمعه منه‪ ،‬مومهاا أنه مسعه منه‪.‬‬ ‫(ويَ ِرد) أي حيصل‪ ،‬واملراد به‪ :‬التدليس‪.‬‬ ‫(بصيغة) أي بكلمة‪.‬‬ ‫(تحتمل اللقي) أي ليست صرحية يف اللقي‪.‬‬ ‫واملراد باللقي هنا‪ :‬السماع‪.‬‬ ‫(كعن وقال) أي الكلمة اليت َحتتمل اللقي هي‪ :‬مثل أن يقول‪ :‬عن فالن‪ ،‬أو‬ ‫قال فالن‪.‬‬ ‫يعين أن املدلس يروي احلديث بإجدى صيغتني‪:‬‬ ‫مسعت عطاء‪،‬‬ ‫الصيغة األوىل‪ :‬الصرحية يف السماع‪ ،‬مثل أن يقول ابن جريج‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أو‪ :‬جدثين عطاء‪.‬‬ ‫الصيغة الثانية‪ :‬اليت حتتمل السماع‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬عن عطاء‪ ،‬أو‪ :‬قال عطاء‪.‬‬ ‫ففي احلالة األوىل ل يقال‪ :‬إنه دلس؛ ألنه قد صرح بالسماع‪ ،‬ويف احلالة الثانية‬ ‫ُحيمل على أنه دلس؛ ألنه مل يصرح بالسماع‪.‬‬ ‫أيضا املرسل اخلفي‪.‬‬ ‫المرسل الخفي) أي وهكذا ا‬ ‫(وكذا َ‬ ‫املرسل اخلفي مثل املدلَّس يدخل يف قسم السقط اخلفي‪.‬‬ ‫يعين أن َ‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪39‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ثُ َّم الطَّ ْع ُن‪:‬‬ ‫إِ َّما أَ ْن يَ ُكو َن لِ َك ِذ ِ‬ ‫الرا ِوي‪.‬‬ ‫ب َّ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫أ َْو تُ ْه َمتِ ِه بِ َذلِ َ‬ ‫أ َْو فُ ْح ِ‬ ‫ش غَلَ ِط ِه‪ ،‬أ َْو غَ ْفلَتِ ِه‪ ،‬أ َْو فِ ْس ِق ِه‪.‬‬ ‫أَو وه ِم ِه‪ ،‬أَو م َخالَ​َفتِ ِه‪ ،‬أَو جهالَتِ ِه‪ ،‬أَو بِ ْدعتِ ِه‪ ،‬أَو س ِ‬ ‫وء ِح ْف ِظ ِه(‪.)1‬‬ ‫ْ َ​َ‬ ‫ْ َ​َ‬ ‫ْ َ ْ ُ‬ ‫ْ ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫(من معاصر لم يلق) أي املرسل اخلفي هو‪ :‬احلديث الذي رواه الراوي عمن‬ ‫عاصره‪ ،‬ومل يلتق به‪.‬‬ ‫وعلى هذا فاملدلِّس و ِ‬ ‫املرسل يشرتكان يف أمرين‪:‬‬ ‫األول‪َّ :‬‬ ‫أن كل واجد منهما قد عاصر من روى عنه‪.‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬أن كل واجد منهما قد روى عمن عاصره أجاديث مل يسمعها منه‪.‬‬ ‫والفرق بينهما‪ :‬أن املدلِّس قد مسع منه أجاديث أخرى‪ ،‬و ِ‬ ‫املرسل مل يسمع منه‬ ‫شيئاا أصالا‪.‬‬ ‫اخلالصة ـ يف السقط ـ‪:‬‬ ‫أن السقط قسمان‪ :‬واضح‪ ،‬وخفي‪.‬‬ ‫والواضح أربعة أنواع‪ :‬معلق‪ ،‬ومرسل‪ ،‬ومنقطع‪ ،‬ومعضل‪.‬‬ ‫واخلفي نوعان‪ :‬مدلَّس‪ ،‬ومر َسل خفي‪.‬‬ ‫لَ َّما انتهى املؤلف من الكالم عن السبب األول يف الرد الذي هو السقط يف‬ ‫اإلسناد‪ ،‬شرع يف الكالم عن السبب الثا‪،‬ي الذي هو الطعن يف الراوي‪ ،‬فذكر‬ ‫أقسام الطعن‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ثم الطعن) أي القدح‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪41‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(إما أن يكون لكذب الراوي) هذا القسم األول‪.‬‬ ‫(إما أن يكون) أي الطعن‪.‬‬ ‫(لكذب الراوي) أي لكونه يكذب‪.‬‬ ‫يعين ي ِ‬ ‫نشئ جديثاا من نفسه بإسناد‪ ،‬مث ينسبه إىل النيب ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫(أو تهمته بذلك) هذا القسم الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫َّهم بالكذب‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه يـُتـ َ‬ ‫والفرق بني هذا والذي قبله‪:‬‬ ‫أن الذي قبله معرو بالكذب‪.‬‬ ‫وأما هذا فليس معروفاا بالكذب‪ ،‬ولكن ُوِجدت عالمات تدل على أنه يكذب‪.‬‬ ‫(أو فحش غلطه) هذا القسم الثالث‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه فاجش الغلط‪.‬‬ ‫يعين الغالب على جديثه اخلطأ‪.‬‬ ‫(أو غفلته) هذا القسم الرابع‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه فاجش الغفلة‪.‬‬ ‫يعين يكثر منه السرجان‪ ،‬وعدم التنبه‪.‬‬ ‫والفرق بني هذا والذي قبله‪:‬‬ ‫أن هذا يف التحمل؛ أي عند استماعه للحديث من الشيخ يكثر منه عدم‬ ‫التنبه‪ ،‬فيحمل احلديث خطأا‪.‬‬ ‫متنبها‪ ،‬لكن‬ ‫وأما الذي قبله ففي األداء؛ فقد يكون عند استماعه للحديث ا‬ ‫عند ما يُلقي احلديث لتالميذه يكثر منه اخلطأ‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪41‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(أو فسقه) هذا القسم اخلامس‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه فاس اقا‪.‬‬ ‫والفسق هو‪ :‬فعل الكبرية غري املكفرة‪.‬‬ ‫(أو وهمه) هذا القسم السادس‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه ِ‬ ‫وهم‪ ،‬يعين أخطأ‪.‬‬ ‫وهذا الطعن خاص بالراوي الذي يف األصل جديثه مقبول‪ ،‬لكن تبني أنه‬ ‫أخطأ يف بعض األجاديث‪.‬‬ ‫(أو مخالفته) هذا القسم السابع‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه روى خال ما رواه الثقات‪.‬‬ ‫(أو جهالته) هذا القسم الثامن‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه جمهولا‪.‬‬ ‫واجملهول هو‪ :‬الذي مل يثبت فيه جرح ول تعديل‪.‬‬ ‫(أو بدعته) هذا القسم التاسع‪.‬‬ ‫مبتدعا‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه ا‬ ‫واملبتدع هو‪ :‬الذي ُْحي ِدث يف الدين ما ليس منه‪.‬‬ ‫(أو سوء حفظه) هذا القسم العاشر‪.‬‬ ‫أي وإما أن يكون الطعن يف الراوي لكونه سيء احلفظ‪.‬‬ ‫كثريا‪.‬‬ ‫يعين ُيطئ ا‬ ‫والفرق بني هذا وفاجش الغلط‪ :‬أن هذا خطؤه أقل من إصابته‪ ،‬وأما فاجش‬ ‫الغلط فخطؤه أكثر من إصابته‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪42‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ضوعُ‪.‬‬ ‫لم ْو ُ‬ ‫فاألَ َّو ُل‪ :‬ا َ‬ ‫ِ‬ ‫وك‪.‬‬ ‫لم ْت ُر ُ‬ ‫والثَّاني‪ :‬ا َ‬ ‫ث‪ :‬الم ْن َكر علَى رأْي‪ ،‬وَك َذا ا َّلرابِع و َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س(‪.)1‬‬ ‫َُ‬ ‫والثَّال ُ ُ ُ َ َ َ‬ ‫الخام ُ‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر أقسام الطعن يف الراوي ذكر بعد ذلك السم اخلاص للحديث الذي‬ ‫يرويه أصحاب األقسام اخلمسة األ َُول‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فاألول) أي الكذاب‪.‬‬ ‫موضوعا‪.‬‬ ‫(الموضوع) أي جديثه يسمى‬ ‫ا‬ ‫(والثاني) أي املتهم بالكذب‪.‬‬ ‫(المتروك) أي جديثه يسمى مرتواكا‪.‬‬ ‫(والثالث) أي فاجش الغلط‪.‬‬ ‫منكرا‪.‬‬ ‫(المنكر) أي جديثه يسمى ا‬ ‫منكرا‪ ،‬بل بعضهم‪.‬‬ ‫(على رأي) أي ليس مجيع أهل احلديث يسميه ا‬ ‫(وكذا الرابع‪ ،‬والخامس) الرابع هو‪ :‬فاجش الغفلة‪ ،‬واخلامس هو‪ :‬الفاسق‪،‬‬ ‫منكرا على رأي‪.‬‬ ‫أي جديثهما يسمى ا‬ ‫أيضا ا‬ ‫مراده‪ :‬أن املنكر يطلق على معنيني‪:‬‬ ‫األول‪ :‬على احلديث الذي فيه زيادةٌ خمالِفةٌ ِمن ضعيف‪ ،‬كما تقدم ذلك يف‬ ‫قوله‪( :‬ومع الضعف فالراجح المعروف‪ ،‬ومقابله المنكر)‪.‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬على احلديث الذي تفرد به فاجش الغلط‪ ،‬أو فاجش الغفلة‪ ،‬أو‬ ‫الفاسق‪ ،‬ولو مل ُيالفوا‪ ،‬وهو الذي ذكره هنا‪.‬‬ ‫فاملنكر باملعىن األول يُطلق عند مجيع أهل احلديث‪ ،‬وباملعىن الثا‪،‬ي يطلق عند بعضهم‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪43‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫الو َه ُم‪ :‬إِن اطُّلِ َع َعلَْي ِه بِال َق َرائِ ِن َو َج ْم ِع الطُُّر ِق‪ :‬فَال ُْم َعلَّ ُل(‪.)1‬‬ ‫ثُ َّم َ‬ ‫اق‪ :‬فَم ْدرج ا ِإلسنَ ِ‬ ‫اد‪ ،‬أ َْو بِ َد ْم ِج َم ْوقُوف‬ ‫ت بِتَ ْغيِي ِر ِّ‬ ‫لم َخالَ​َفةُ‪ :‬إِ ْن َكانَ ْ‬ ‫السيَ ِ ُ َ ُ ْ‬ ‫ثُ َّم ا ُ‬ ‫ِ‬ ‫الم ْت ِن‪.‬‬ ‫ب َم ْرفُوع‪ :‬فَ ُم ْد َر ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب‪.‬‬ ‫أ َْو بِتَ ْقديم أ َْو تَأْخير‪ :‬فَال َم ْقلُ ُ‬ ‫َّصل األَسانِ ِ‬ ‫ادةِ راو‪ :‬فَالْمزي ُد في مت ِ‬ ‫ِ‬ ‫يد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أ َْو ب ِزيَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َع ْم ًدا ْامتِ َحانًا‪.‬‬ ‫ب‪َ ،‬وقَ ْد يَ َق ُع ا ِإلبْ َد ُ‬ ‫أ َْو بِ​ِإبْ َدالِ ِه َوالَ ُم َر ِّج َح‪ :‬فَال ُْم ْ‬ ‫ضطَ ِر ُ‬ ‫أَو بِتَ غْيِير مع ب َق ِاء ِّ ِ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫الم َح َّر ُ‬ ‫ص َّح ُ‬ ‫الم َ‬ ‫ْ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ف َو ُ‬ ‫السيَاق‪ :‬فَ ُ‬ ‫صو ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َعانِي‪.‬‬ ‫َوالَ يَ ُج ُ‬ ‫يل َ‬ ‫الم ْت ِن بالنَّ ْق ِ َ ُ‬ ‫وز تَ َع ُّم ُد تَ ْغيِي ِر َ‬ ‫الم َرادف إالَّ ل َعالم ب َما يُح ُ‬ ‫ِ‬ ‫فَِإ ْن َخ ِفي الم ْعنَى ْ ِ‬ ‫يج إِلى َش ْر ِح الغَ ِر ِ‬ ‫الم ْش ِك ِل(‪.)2‬‬ ‫احت َ‬ ‫يب َوبَيَان ُ‬ ‫َ َ‬ ‫(‪( )1‬ثم الوهم) أي الذي هو القسم السادس‪.‬‬ ‫(إن اطلع عليه) أي على الوهم‪.‬‬ ‫(بالقرائن) أي بسبب القرائن‪.‬‬ ‫والقرائن‪ :‬أمور جتتمع يف ذهن اجملتهد‪ ،‬فيتوصل هبا إىل جصول وهم‪.‬‬ ‫(وجمع الطرق) أي وبسبب مجع الطرق‪ ،‬يعين أسانيد احلديث‪.‬‬ ‫(فالمعلل) أي فاحلديث الذي يتبني أن فيه ومهاا يسمى معلالا‪.‬‬ ‫اخلالصة‪ :‬أن الوهم هو اخلطأ من الثقة أو من دونه‪.‬‬ ‫وكيفية الطالع عليه بأمرين‪ :‬القرائن‪ ،‬ومجع الطرق‪.‬‬ ‫واحلديث الذي فيه وهم يسمى معلالا‪.‬‬ ‫(‪( )8‬ثم المخالفة) أي الذي هو القسم السابع‪.‬‬ ‫وهذا القسم يتضمن مخسة أنواع‪:‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪44‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(إن كانت بتغيير السياق‪ :‬فمدرج اإلسناد‪ ،‬أو بدمج موقوف بمرفوع‪:‬‬ ‫فمدرج المتن) هذا النوع األول من أنواع املخالفة‪ ،‬وهو‪ :‬املدرج‪.‬‬ ‫واملدرج نفسه نوعان‪:‬‬ ‫(إن كانت بتغيير السياق) هذا النوع األول‪.‬‬ ‫غري سياق اإلسناد‪.‬‬ ‫أي إذا كانت املخالفة بكون الراوي قد َّ‬ ‫(فمدرج اإلسناد) أي فيسمى هبذا السم‪.‬‬

‫(أو بدمج موقوف بمرفوع) هذا النوع الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫أي أو كانت املخالفة بكون الراوي قد أدخل كالم بعض الرواة مع كالم النيب ‪.‬‬ ‫(فمدرج المتن) أي فيسمى هبذا السم‪.‬‬ ‫تتمة‪ :‬مدرج اإلسناد له صور‪ ،‬منها‪ :‬أن يكون احملدِّث روى جديثاا بإسنادين‬ ‫أجد الرواة عنه بني اإلسنادين‪ ،‬فيظهر اإلسناد بغري جقيقته‪.‬‬ ‫خمتلفني‪ ،‬فيَمزِج ُ‬ ‫مثال ذلك‪ :‬جديث‪" :‬املرأة اليت عرضت نفسها على النيب ‪ ‬ليتزوجها"‪.‬‬ ‫روى أبو إسحاق هذا احلديث بإسنادين‪:‬‬ ‫أجدمها‪ :‬عن عبد اهلل بن جالم عن ابن مسعود ‪.‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬عن أيب عبد الرمحن السلمي ِمن غري ذكر ابن مسعود‪.‬‬ ‫فأجد الرواة روى هذا احلديث عن أيب إسحاق عن السلمي وابن جالم عن‬ ‫ابن مسعود‪ ،‬فمزج بني اإلسنادين‪ ،‬فصار ظاهر اإلسناد أن السلمي وابن جالم‬ ‫كليهما مسعا احلديث من ابن مسعود‪.‬‬ ‫وقد ذكر املؤلف هذا املثال يف كتابه النكت‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪45‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ومدرج املنت كذلك له صور‪ ،‬منها‪ :‬أن يكون اإلدراج يف آخر احلديث‪ ،‬وهو‬ ‫األكثر‪.‬‬ ‫مرفوعا‪" :‬للعبد اململوك أجران"‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬جديث أيب هريرة ا‬ ‫أخرجه البخاري (‪ ،)8542‬ومسلم (‪.)1115‬‬ ‫روى أبو هريرة ‪ ‬هذا احلديث عن النيب ‪ ،‬مث قال‪" :‬والذي نفسي بيده‬ ‫لول اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬واحلج‪ ،‬وبر أمي؛ ألجببت أن أموت‪ ،‬وأنا مملوك"‪.‬‬ ‫فأجد الرواة روى هذا احلديث وأدخل كالم أيب هريرة ‪ ‬مع كالم النيب ‪،‬‬ ‫ومل يفصل بينهما‪.‬‬ ‫(أو بتقديم أو تأخير فالمقلوب)‬

‫هذا النوع الثا‪،‬ي من أنواع املخالفة‪.‬‬

‫أخر يف‬ ‫(أو بتقديم أو تأخير) أي أو تكون املخالفة بكون الراوي قدَّم أو َّ‬

‫اإلسناد‪ ،‬أو يف املنت‪.‬‬

‫(فالمقلوب) أي فيسمى هذا النوع املقلوب‪.‬‬

‫مثاله ـ يف اإلسناد ـ‪ :‬أن يكون اسم أجد الرواة كعب بن مرة‪ ،‬فيقلبه الراوي‬ ‫فيقول‪ :‬مرة بن كعب‪.‬‬ ‫مثاله ـ يف املنت ـ‪ :‬جديث أيب هريرة يف السبعة الذين يظلهم اهلل يف ظله‪ ،‬يوم ل‬ ‫ظل إل ظله‪ ،‬وفيه‪" :‬ورجل تصدق بصدقة أخفاها‪ ،‬جىت ل تعلم مشاله ما تنفق‬ ‫ميينه"‪.‬‬ ‫أخرجه البخاري (‪ ،)111‬ومسلم (‪.)1171‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪46‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫فقلبه أجد الرواة فقال‪" :‬جىت ل تعلم ميينه ما تنفق مشاله"‪.‬‬ ‫(أو بزيادة راو‪ :‬فالمزيد في متصل األسانيد)‬ ‫هذا النوع الثالث من أنواع املخالفة‪.‬‬

‫(أو بزيادة راو) أي أو تكون املخالفة بكون الراوي زاد راوياا يف اإلسناد‪،‬‬ ‫واإلسناد متصل بغري هذه الزيادة‪.‬‬ ‫(فالمزيد في متصل األسانيد) أي فيسمى هذا النوع هبذا السم‪.‬‬

‫مرفوعا‪" :‬ل تصلوا إىل القبور‪ ،‬ول جتلسوا عليها"‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث أيب مرثد ا‬ ‫أخرجه مسلم (‪.)278‬‬ ‫رواه غري واجد عن عبد الرمحن بن يزيد عن بسر بن عبيد اهلل عن واثلة بن‬ ‫األسقع عن أيب مرثد‪.‬‬ ‫ورواه ابن املبارك عن عبد الرمحن بن يزيد عن بسر بن عبيد اهلل عن أيب إدريس‬ ‫اخلول‪،‬ي عن واثلة بن األسقع عن أيب مرثد‪ ،‬فزاد يف اإلسناد أبا إدريس اخلول‪،‬ي‪.‬‬ ‫(أو بإبداله وال مرجح فالمضطرب)‬ ‫هذا النوع الرابع من أنواع املخالفة‪.‬‬

‫(أو بإبداله) أي بإبدال الراوي‪.‬‬

‫يعين أو تكون املخالفة بكونه ذكر راوياا بدل راو آخر‪.‬‬

‫(وال مرجح) أي مع عدم معرفة الراجح‪.‬‬

‫(فالمضطرب) أي فيسمى هذا النوع املضطرب‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬شيبتين هود وأخواهتا"‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪47‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫روى هذا احلديث أبو إسحاق السبيعي واختُلِف عليه‪ ،‬فمنهم من قال‪ :‬عن‬ ‫أيب إسحاق عن عكرمة عن أيب بكر ‪ ،‬ومنهم من ذكر راوياا آخر غري‬ ‫عكرمة عن أيب بكر‪ ،‬ومنهم من ذكر عكرمة عن صحايب آخر غري أيب بكر‪،‬‬ ‫ومنهم ذكر غري عكرمة وغري أيب بكر‪.‬‬ ‫وقد ذكر املؤلف هذا املثال يف كتابه النكت‪.‬‬ ‫(وقد يقع اإلبدال عم ًدا امتحانًا)‬

‫عمدا‪.‬‬ ‫لَ َّما ذكر اإلبدال الذي يقع خطأا‪ ،‬ناسب أن يذكر اإلبدال الذي يقع ا‬ ‫وقوله‪( :‬امتحانًا) أي لقصد المتحان‪.‬‬

‫يعين يتعمد إبدال الراوي براو آخر؛ لكي َُيترب احملدِّث ملعرفة قوة جفظه‪.‬‬

‫(أو بتغيير مع بقاء السياق‪ :‬فالمصحف‪ ،‬والمحرف)‬ ‫هذا النوع اخلامس من أنواع املخالفة‪.‬‬

‫غري يف‬ ‫(أو بتغيير) أي يف الكلمة‪ ،‬يعين أو تكون املخالفة بكون الراوي َّ‬ ‫الكلمة‪.‬‬ ‫(مع بقاء السياق) أي مع عدم تغيري بقية الكالم‪.‬‬

‫(فالمصحف والمحرف) أي فيسمى هذا النوع هبذا السم‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬جديث‪" :‬أن النيب ‪ ‬اجترر يف املسرد"‪.‬‬ ‫صحفه ابن َهلِيعة فقال‪" :‬اجترم يف املسرد"‪.‬‬

‫(وال يجوز تعمد تغيير المتن بالنقص والمرادف إال لعالم بما يحيل‬

‫المعاني)‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪48‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫عمدا‪.‬‬ ‫لَ َّما ذكر التغيري الذي يقع خطأا‪ ،‬ناسب أن يذكر التغيري الذي يقع ا‬ ‫(وال يجوز) أي حيرم‪.‬‬

‫(تعمد تغيير المتن) أي منت احلديث‪.‬‬ ‫خمتصرا‪.‬‬ ‫(بالنقص) أي حبذ بعض الكالم حبيث يُروى احلديث‬ ‫ا‬

‫(والمرادف) أي بإبدال بعض الكلمات بكلمات أخرى‪ ،‬حبيث يُروى‬ ‫احلديث مبعناه‪ ،‬ل بلفظه‪.‬‬ ‫(إال لعالم بما يحيل المعاني) أي جيوز تعمد تغيري املنت للعامل باملعا‪،‬ي فقط‪.‬‬ ‫(فإن خفي المعنى احتيج إلى شرح الغريب وبيان المشكل)‬ ‫لَ َّما ذكر أن التعمد يف التغيري ل جيوز إل للعامل باملعا‪،‬ي‪ ،‬ناسب أن يذكر كيفية‬ ‫معرفة املعىن لِمن مل يَعلمه‪ ،‬بل خفي عليه‪.‬‬ ‫(فإن خفي المعنى) أي مل يتضح املراد‪.‬‬

‫(احتيج إلى شرح الغريب) أي إىل الكتب اليت يف شرح الغريب‪.‬‬ ‫والغريب هو‪ :‬الكلمة اليت يقل استعماهلا‪.‬‬

‫(وبيان المشكل) أي وإىل الكتب اليت يف بيان املشكل‪.‬‬ ‫واملشكل هو‪ :‬احلديث الذي يف ظاهره إشكال‪.‬‬ ‫خالصة ـ القسم السابع من أقسام الطعن ـ الذي هو املخالفة‪:‬‬ ‫أن املخالفة هي‪ :‬أن يروي الراوي خال ما رواه الثقات‪.‬‬ ‫وهي تتضمن مخسة أنواع‪:‬‬ ‫املدرج‪ ،‬واملقلوب‪ ،‬واملزيد يف متصل األسانيد‪ ،‬واملضطرب‪ ،‬واملصحف واحملر ‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪49‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫لج َهالَةُ‪:‬‬ ‫ثُ َّم ا َ‬ ‫َو َسبَبُ َها‪:‬أ َّ‬ ‫ي قَ ْد تَ ْكثُ ُر نُعُوتُهُ فَ يُ ْذ َك ُر بِغَْي ِر َما ا ْشتَ َه َر بِ ِه لِغَ َرض‪،‬‬ ‫َن َّ‬ ‫الرا ِو َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫لم ْو ِّ‬ ‫ض َح‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫صنَّ ُفوا فيه ا ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫الو ْح َدا َن‪.‬‬ ‫َوقَ ْد يَ ُكو ُن ُمقالً فَالَ يَ ْكثُ ُر األَ ْخ ُذ َع ْنهُ‪َ ،‬و َ‬ ‫صنَّ ُفوا فيه ُ‬ ‫أَو الَ يس َّمى ا ْختِص ِ ِ‬ ‫ات‪.‬‬ ‫الم ْب َه َم ُ‬ ‫ًَ‬ ‫ارا َوفيه ُ‬ ‫ْ َُ‬ ‫ِ‬ ‫َّع ِد ِ‬ ‫َص ِّح‪.‬‬ ‫الم ْب َه ُم َولَ ْو أُبْ ِه َم بِلَ ْفظ الت ْ‬ ‫يل َعلَى األ َ‬ ‫َوالَ يُ ْقبَل ُ‬ ‫فَِإ ْن ُس ِّم َي‪:‬‬ ‫وانْ َفرد و ِ‬ ‫الع ْي ِن‪.‬‬ ‫اح ٌد َع ْنهُ فَ َم ْج ُه ُ‬ ‫ول َ‬ ‫َ َ​َ َ‬ ‫ان فَص ِ‬ ‫أَو اثْ نَ ِ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫ور(‪.)1‬‬ ‫اع ًدا َولَ ْم يُ َوثَّ ْق‪ ،‬فَ َم ْج ُه ُ‬ ‫َ‬ ‫لم ْستُ ُ‬ ‫الحال‪َ ،‬و ُه َو ا َ‬ ‫(‪( )1‬ثم الجهالة) أي الذي هو القسم الثامن من أقسام الطعن‪.‬‬ ‫(وسببها) أي سبب اجلهالة‪.‬‬ ‫يعين السبب الذي به صار الراوي جمهولا عند أهل احلديث‪.‬‬

‫(أن الراوي قد تكثر نعوته فيُذكر بغير ما اشتهر به لغرض) هذا السبب‬ ‫األول‪.‬‬ ‫(أن الراوي قد تكثر نعوته) أي صفاته‪.‬‬

‫يعين قد يكون له أكثر من اسم أو كنية أو لقب‪.‬‬

‫(فيُذكر بغير ما اشتهر به) أي يُذكر بالنعت الذي مل يَشتهر به عند أهل‬ ‫احلديث‪.‬‬ ‫(لغرض) أي لسبب‪ ،‬كأن يكون ضعي افا ُفرياد تعمية أمره‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪51‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫مشهورا بامسه ل بكنيته‪ ،‬فيذكره الراوي عنه‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن يكون الراوي‬ ‫ا‬ ‫بكنيته‪ ،‬فيظن السامع أن هذا راو آخر‪ ،‬فيحصل اجلهل به‪.‬‬ ‫(وصنفوا فيه الموضح) أي صنفوا يف هذا النوع كتاب املوضح‪.‬‬ ‫وموضوعه‪ :‬ذكر َمن له أكثر ِمن نعت‪ ،‬وبيان أهنا نعوت لشخص واجد‪.‬‬ ‫(وقد يكون مقالً فال يكثر األخذ عنه) هذا السبب الثا‪،‬ي من أسباب اجلهالة‬ ‫بالراوي‪.‬‬ ‫(وقد يكون) أي الراوي اجملهول‪.‬‬ ‫(مقالً) أي يف التحديث‪.‬‬

‫يعين ل حيدث إل قليالا‪ ،‬وذلك ألنه ليس عنده إل أجاديث قليلة‪.‬‬

‫(فال يكثر األخذ عنه) أي فال يكثر الطلبةُ الذين يأخذون ما عنده من‬ ‫احلديث‪ ،‬بل الغالب ل يروي عنه إل واجد‪.‬‬ ‫(وصنفوا فيه الوحدان) أي صنفوا يف هذا النوع كتاب الوجدان‪.‬‬ ‫وموضوعه‪ :‬ذكر أمساء الرواة الذين مل يرو عنهم إل واجد‪.‬‬

‫تصارا) هذا السبب الثالث‪.‬‬ ‫(أو ال يسمى اخ ً‬ ‫(أو ال يسمى) أي ل يُذكر امسه‪.‬‬ ‫اختصارا) أي ألجل الختصار‪.‬‬ ‫(‬ ‫ً‬

‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول الراوي‪ :‬جدثين رجل‪.‬‬

‫(وفيه المبهمات) أي صنفوا يف هذا النوع كتاب املبهمات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صرح بأمسائهم‪ ،‬وبيان ما هي أمساؤهم‪.‬‬ ‫كر الذين مل يُ َّ‬ ‫وموضوعه‪ :‬ذ ُ‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪51‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(وال يُقبل المبهم ولو أُبهم بلفظ التعديل على األصح)‬

‫لَ َّما ذكر أن السبب الثالث من أسباب اجلهالة بالراوي هو إهبام امسه‪ ،‬ناسب‬ ‫أن يذكر جكم جديثه‪.‬‬

‫(وال يُقبل) أي يُرد‪.‬‬

‫(المبهم) أي الذي مل يُذكر امسه‪ ،‬يعين ل يُقبل جديثه‪.‬‬

‫(ولو أُبهم بلفظ التعديل) أي بلفظ دال على التعديل‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن يقول الراوي‪ :‬جدثين الثقة‪.‬‬ ‫(على األصح) أي يف عدم قبول جديثه‪.‬‬

‫يشري إىل أن منهم َمن يقبل جديث املبهم إذا أُهبم بلفظ التعديل‪.‬‬

‫(فإن سمي‪ ،‬وانفرد واحد عنه؛ فمجهول العين‪ ،‬أو اثنان فصاع ًدا‪ ،‬ولم‬ ‫يُوثق؛ فمجهول الحال) لَ َّما انتهى من الكالم عن أسباب اجلهالة‪ ،‬ذكر بعد‬

‫ذلك أنواع اجملهول‪.‬‬

‫(فإن سمي) أي ذُكِر امسه‪.‬‬

‫سم هو يف الواقع جمهول‪ ،‬لكنه يف الصطالح ل يسمى‬ ‫يشري إىل أن الذي مل يُ َّ‬ ‫مبهما فقط‪ ،‬فاجملهول ل يُطلق إل على َمن ذُكِر امسه‪.‬‬ ‫جمهولا‪ ،‬بل يسمى ا‬ ‫(وانفرد واحد عنه) هذا النوع األول‪.‬‬ ‫أي مل يرو عنه إل واجد‪.‬‬

‫(فمجهول العين) أي فيسمى جمهول العني‪.‬‬ ‫(أو اثنان فصاع ًدا) هذا النوع الثا‪،‬ي‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪52‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫سق‪.‬‬ ‫ثُ َّم البِ ْد َعةُ‪ :‬إِ َّما بِ ُم َك ِّفر‪ ،‬أ َْو بِ ُم َف ِّ‬ ‫فاأل ََّو ُل‪ :‬الَ ي ْقبل ِ‬ ‫ور‪.‬‬ ‫َ َُ َ‬ ‫صاحبَ َها َ‬ ‫الج ْم ُه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫َص ِّح‪ ،‬إِالَّ إِ ْن َرَوى َما‬ ‫والثَّاني‪ :‬يُ ْقبَ ُل َم ْن لَ ْم يَ ُك ْن َداعيَةً إلى بِ ْد َعته في األ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّسائِ ِّي(‪.)1‬‬ ‫الم ْختَا ِر‪َ ،‬وبِه َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َّر َ‬ ‫يُ َق ِّوي ب ْد َعتَهُ فَ يُ َر ُّد َعلَى ُ‬ ‫لج ْوَز َجان ُّي َش ْي ُخ الن َ‬ ‫أي روى عنه أكثر من واجد‪.‬‬ ‫(ولم يُوثق) أي مل يوثقه أجد من أهل احلديث‪.‬‬ ‫(فمجهول الحال) أي فيسمى جمهول احلال‪.‬‬ ‫(وهو) أي جمهول احلال‪.‬‬ ‫أيضا املستور‪.‬‬ ‫(المستور) أي يسمى ا‬

‫اخلالصة‪ :‬أن اجملهول هو‪ :‬الذي مل يُعر من جيث العدالة واجلرح‪.‬‬ ‫وأسباب اجلهالة ثالثة‪ :‬أن يُذكر بغري ما اشتهر به‪ ،‬أو يكون مقالا‪ ،‬أو ل‬ ‫يسمى‪.‬‬ ‫وأنواع اجملهول اثنان‪ :‬جمهول العني‪ ،‬وجمهول احلال‪.‬‬ ‫تنبيه‪ :‬مل يذكر املؤلف ماذا يسمى جديث اجملهول‪ ،‬والسبب أنه ليس حلديثه‬ ‫اسم خاص‪ ،‬فيدخل ضمن السم العام ألي مردود‪ ،‬وهو‪ :‬الضعيف‪.‬‬

‫(‪( )1‬ثم البدعة) أي الذي هو القسم التاسع من أقسام الطعن‪.‬‬ ‫(إما بِ ِّ‬ ‫مفسق) أي إما أن تكون بأمر مكفِّر‪ ،‬أو تكون بأمر‬ ‫مكفر‪ ،‬أو بِ ِّ‬ ‫كافرا أو فاس اقا‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫مفسق‪ ،‬أي هذا األمر الْ ُمْب َ‬ ‫تدع جعل صاجبه ا‬ ‫مثال األول‪ :‬إنكار أن يكون اهلل تعاىل علم باألشياء قبل جدوثها‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪53‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ومثال الثا‪،‬ي‪ :‬إنكار أن يكون اهلل تعاىل شاء وجود األشياء قبل جدوثها‪.‬‬ ‫فاألوىل بدعة غالة القدرية‪ ،‬وهؤلء كفَّرهم األئمة‪.‬‬ ‫والثانية بدعة عامة القدرية‪ ،‬وهؤلء مل يكفرهم األئمة‪.‬‬ ‫(فاألول) أي الذي ُكفِّر ببدعته‪.‬‬

‫(ال يَقبل صاحبها) أي صاجب هذه البدعة‪ ،‬يعين ل يَقبل جديثه‪.‬‬ ‫(الجمهور) أي األكثرون‪.‬‬

‫يعين منهم من يقبل جديثه‪ ،‬لكن أكثرهم على عدم قبوله‪.‬‬

‫(والثاني) أي الذي فُ ِّسق ببدعته‪.‬‬

‫(يُقبل َمن لم يكن داعية إلى بدعته) أي يقبل جديثه بشرط أن ل يكون‬ ‫داعية إىل بدعته‪.‬‬ ‫(في األصح) أي يف عدم قبول جديثه إذا كان داعية‪.‬‬

‫يشري إىل أن منهم من يَقبل جديثه‪ ،‬ولو كان داعية إىل بدعته‪.‬‬

‫(إال) هذا استثناء من قبول جديث الذي ليس بداعية‪.‬‬

‫(إن روى ما يقوي بدعته) أي إن روى جديثاا يقوي بدعته‪.‬‬ ‫(فيُرد) أي ل يُقبل‪.‬‬

‫(على المختار) أي يف رد جديثه‪.‬‬ ‫يشري إىل أن منهم من يقبل جديث غري الداعية‪ ،‬ولو روى ما يقوي بدعته‪.‬‬

‫(وبه صرح الجوزجاني شيخ النسائي) أي برد جديث غري الداعية إذا روى‬ ‫ما يقوي بدعته‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪54‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ثُ َّم سوء ِ‬ ‫الح ْف ِظ‪:‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫إِ ْن َكا َن الَ ِزًما فَ ُه َو ا َّ‬ ‫لشاذُّ َعلَى َرأْي‪.‬‬ ‫ط(‪.)1‬‬ ‫الم ْختَلِ ُ‬ ‫أ َْو طَا ِرئًا فَ ُ‬ ‫اخلالصة‪ :‬أن املبتدع هو‪ :‬الذي ُْحي ِدث يف الدين ما ليس منه‪.‬‬ ‫وهو نوعان‪:‬‬ ‫األول‪َ :‬من بدعته مكفِّرة‪ ،‬فحديثه مردود‪.‬‬ ‫مفسقة‪ ،‬فحديثه مقبول بشرطني‪:‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪َ :‬من بدعته ِّ‬ ‫الشرط األول‪ :‬أن ل يكون داعية إىل بدعته‪.‬‬ ‫الشرط الثا‪،‬ي‪ :‬أن ل يروي ما يقوي بدعته‪.‬‬ ‫(‪( )1‬ثم سوء الحفظ) أي الذي هو القسم العاشر من أقسام الطعن‪.‬‬ ‫وهذا القسم يتضمن نوعني‪:‬‬ ‫الزما فهو الشاذ على رأي) هذا النوع األول‪.‬‬ ‫(إن كان ً‬ ‫(إن كان) أي سوء احلفظ‪.‬‬ ‫مالزما للراوي‪.‬‬ ‫( ً‬ ‫الزما) أي ا‬ ‫يعين أن أصله سيء احلفظ‪ ،‬ومستمر معه سوء احلفظ‪.‬‬ ‫(فهو الشاذ) أي جديثه الذي تفرد به يسمى شاذاا‪.‬‬ ‫(على رأي) أي ليس اجلميع يسميه شا اذا‪ ،‬بل بعضهم‪.‬‬ ‫مراده أن الشاذ يطلق على معنيني‪:‬‬ ‫األول‪ :‬على احلديث الذي فيه زيادة خمالفةٌ ِمن ثقة ملن هو أوثق منه؛ كما تقدم‬ ‫ف بأرجح‪ :‬فالراجح المحفوظ ومقابله الشاذ)‪.‬‬ ‫ذلك يف قوله‪( :‬فإن ُخولِ َ‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪55‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ومتَى تُوبِع الس ِّيء ِ‬ ‫الح ْف ِظ بِم ْعتَبَر‪ ،‬وَك َذا الم ْستُور‪ ،‬والم ْر َسل‪ ،‬و َّ‬ ‫س؛‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ُ ُ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫الم َدل ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ ِ​ِ ِ‬ ‫وع(‪.)1‬‬ ‫الم ْج ُم ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫سنًا الَ ل َذاته؛ بَ ْل ب َ‬ ‫ار َحديثُ ُه ْم َح َ‬ ‫لزما‪.‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬على احلديث الذي تفرد به َمن هو سيء احلفظ سوءاا ا‬ ‫فالشاذ باملعىن األول يُطلق عند مجيع أهل احلديث‪ ،‬وباملعىن الثا‪،‬ي يُطلق عند‬ ‫بعضهم‪.‬‬ ‫(أو طارئًا فالمختلط) هذا النوع الثا‪،‬ي‪.‬‬

‫(أو طارئًا) أي أو كان سوء احلفظ طارئاا يف الراوي‪.‬‬ ‫يعين أن أصله جافظ‪ ،‬ولكن طرأ عليه سوء احلفظ‪.‬‬ ‫(فالمختلط) أي فهذا الراوي يسمى املختلط‪.‬‬ ‫تتمة‪ :‬مل يَذكر املؤلف جكم جديث املختلط‪ ،‬وذكره يف الشرح‪ ،‬وهو‪ :‬إن كان‬ ‫جدَّث به قبل اختالطه فمقبول‪ ،‬وإن جدَّث به بعد اختالطه فمردود‪ ،‬وإن مل‬ ‫يُعر هل جدَّث به قبل اختالطه أو بعده فيُتوقف فيه‪.‬‬ ‫كثريا‪ ،‬إل أن خطأه أقل من إصابته‪.‬‬ ‫اخلالصة‪ :‬أن سيء احلفظ هو‪ :‬الذي ُيطئ ا‬ ‫وهو نوعان‪:‬‬ ‫لزما‪ ،‬فحديثه ضعيف‪ ،‬وعلى رأي يسمى‬ ‫النوع األول‪َ :‬من كان سوء جفظه ا‬ ‫شا اذا‪.‬‬ ‫النوع الثا‪،‬ي‪َ :‬من كان سوء جفظه طارئاا‪ ،‬فحديثه فيه تفصيل‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هذا القسم الرابع من أقسام املقبول‪.‬‬ ‫أخَره املؤلف بعد الكالم عن املردود؛ ألن أصله مردود‪.‬‬ ‫و َّ‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪56‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(ومتى تُوبِع) أي ُوِجد له متابع‪.‬‬

‫(السيء الحفظ) أي الراوي الذي جفظه سيء‪.‬‬ ‫(بمعتَبَر) أي براو يُعترب مبتابعته‪ ،‬يعين يُؤخذ هبا‪.‬‬ ‫(وكذا المستور) أي جمهول احلال‪.‬‬

‫والمرسل) أي احلديث الذي رواه التابعي عن النيب ‪.‬‬ ‫(‬ ‫َ‬ ‫(والمدلَّس) أي احلديث الذي رواه مدلِّس بصيغة ليست صرحية يف السماع‪.‬‬ ‫(صار حديثهم) أي جديث هؤلء األربعة‪.‬‬ ‫(حسنًا) أي مقبولا من درجة احلسن‪.‬‬

‫(ال لذاته) أي ل لنفسه مبفرده‪ ،‬ألنه مبفرده ضعيف‪.‬‬ ‫(بل بالمجموع) أي باجتماع املتابِع معه‪.‬‬

‫وعلى هذا فتعريف احلسن لغريه‪ ،‬هو‪ :‬الضعيف خفيف الضعف إذا تُوبِع‬ ‫ِ‬ ‫عترب‪.‬‬ ‫مب َ‬ ‫وخفيف الضعف الذي ُحي َّسن جديثه إذا تُوبِع ِمبعترب أربعة أنواع‪:‬‬ ‫سيء احلفظ‪ ،‬واملستور‪ ،‬و ِ‬ ‫املرسل‪ ،‬واملدلِّس‪.‬‬ ‫واملراد باملعترب‪ :‬ما كان مثله أي مثل خفيف الضعف‪ ،‬أو أعلى منه‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬إذا روى سيء احلفظ جديثاا‪ ،‬وتابعه مستور‪ ،‬فيكون جديثه‬ ‫جسناا؛ ألن الذي تابعه مثله خفيف الضعف‪ ،‬وإذا كان الذي تابعه ثقة‪،‬‬ ‫أيضا جسناا؛ ألن الذي تابعه أعلى منه‪ ،‬وإذا كان الذي تابعه‬ ‫فيكون جديثه ا‬ ‫كذاباا‪ ،‬فال يكون جديثه جسناا؛ ألن الذي تابعه ليس أعلى منه‪ ،‬ول مثله‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪57‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫خالصة املبحث الثا‪،‬ي‪:‬‬ ‫أن خرب اآلجاد من جيث القبول والرد قسمان‪ :‬مقبول‪ ،‬ومردود‪.‬‬ ‫واملقبول أربعة أنواع‪:‬‬ ‫صحيح لذاته‪ ،‬وصحيح لغريه‪ ،‬وجسن لذاته‪ ،‬وجسن لغريه‪.‬‬ ‫واملردود قسمان‪:‬‬ ‫مردود بسبب السقط يف اإلسناد‪ ،‬ومردود بسبب الطعن يف الراوي‪.‬‬ ‫واملردود بسبب السقط يف اإلسناد قسمان‪:‬‬ ‫اضحا‪ ،‬وهو أربعة أنواع‪ :‬املعلق‪ ،‬واملرسل‪ ،‬واملنقطع‪ ،‬واملعضل‪.‬‬ ‫ما كان سقطه و ا‬ ‫املرسل اخلفي‪.‬‬ ‫وما كان سقطه خفياا‪ ،‬وهو نوعان‪ :‬املدلَّس‪ ،‬و َ‬ ‫واملردود بسبب الطعن يف الرواي‪ ،‬الذي له اسم خاص عشرة أنواع‪ :‬املوضوع‪،‬‬ ‫واملرتوك‪ ،‬واملنكر‪ ،‬والشاذ‪ ،‬واملعلل‪ ،‬واملدرج‪ ،‬واملقلوب‪ ،‬واملزيد يف متصل‬ ‫األسانيد‪ ،‬واملضطرب‪ ،‬واملصحف واحملر ‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪58‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫[أقسام اخلرب باعتبار من يضاف إليه]‬

‫اد‪:‬‬ ‫ثُ َّم ا ِإل ْسنَ ُ‬ ‫يحا أ َْو ُح ْك ًما؛ ِم ْن‬ ‫صلَّى اهللُ تَ َعالَى َعلَْي ِه َو َسلَّ َم تَ ْ‬ ‫إِ َّما أَ ْن يَ ْنتَ ِه َي إِلى النَّبِي َ‬ ‫ص ِر ً‬ ‫قَ ْولِ ِه‪ ،‬أ َْو فِ ْعلِ ِه‪ ،‬أ َْو تَ ْق ِري ِرهِ‪.‬‬ ‫ك‪.‬‬ ‫أ َْو إِلى َّ‬ ‫الص َحابِ ِّي َك َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ات‬ ‫صلَّى اهللُ تَ َعالَى َعلَْي ِه َو َعلَى آلِ​ِه َو َسلَّ َم ُم ْؤِمنًا بِ ِه َوَم َ‬ ‫َو ُه َو َم ْن لَق َي النَّبِي َ‬ ‫َص ِّح‪.‬‬ ‫َعلَى ا ِإل ْسالَِم؛ َولَ ْو تَ َخلَّلَ ْ‬ ‫ت ِر َّدةٌ في األ َ‬ ‫أ َْو إِلى التَّابِ ِع ِّي‪.‬‬ ‫ك(‪.)1‬‬ ‫َو ُه َو َم ْن لَِق َي َّ‬ ‫الص َحابِ َّي َك ِذلَ َ‬ ‫(‪ )1‬هذا املبحث الثالث؛ وهو‪ :‬أقسام اخلرب باعتبار َمن يُضا إليه‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ثم اإلسناد) أي إسناد اخلرب‪.‬‬ ‫حكما‪،‬‬ ‫(إما أن ينتهي إلى النبي صلى اهلل تعالى عليه وسلم؛‬ ‫ً‬ ‫تصريحا أو ً‬ ‫من قوله أو فعله أو تقريره) هذا القسم األول‪.‬‬ ‫(إما أن ينتهي) أي اإلسناد‪.‬‬ ‫(إلى النبي صلى اهلل تعالى عليه وسلم) أي يُضا اخلرب إليه‪.‬‬ ‫حكما) أي إضافة اخلرب إىل النيب ‪ ‬نوعان‪:‬‬ ‫(تصر ً‬ ‫يحا أو ً‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪59‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫النوع األول‪ :‬إضافة تصرحيية‪ ،‬يعين يُصرح فيها بالنيب ‪.‬‬ ‫النوع الثا‪،‬ي‪ :‬إضافة جكمية‪ ،‬يعين ل يُصرح فيها بالنيب ‪ ،‬ولكن يف جكم‬ ‫املصرح فيها‪.‬‬ ‫(من قوله أو فعله أو تقريره)‬ ‫جكما ـ ثالثة أنواع‪:‬‬ ‫أي اخلرب املضا إىل النيب ‪ ‬ـ تصرحياا أو ا‬ ‫النوع األول‪ :‬اخلرب القويل‪.‬‬ ‫مثال اخلرب القويل املضا إليه إضافة تصرحيية‪ :‬أن يقول الراوي‪ :‬قال النيب‬ ‫‪ :‬كذا وكذا‪.‬‬ ‫وأما اخلرب القويل املضا إليه إضافة جكمية‪ ،‬فهو‪ :‬أن يقول الصحايب قولا ل‬ ‫جمال لالجتهاد فيه‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن ُيرب عن أمور ماضية‪ ،‬أو أمور مستقبلة‪ ،‬أو ثواب خمصوص‪،‬‬ ‫أو عقاب خمصوص‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬ ‫النوع الثا‪،‬ي‪ :‬اخلرب الفعلي‪.‬‬ ‫مثال اخلرب الفعلي املضا إليه إضافة تصرحيية‪ :‬أن يقول الراوي‪ :‬فعل النيب‬ ‫‪ ‬كذا وكذا‪.‬‬ ‫وأما اخلرب الفعلي املضا إليه إضافة جكمية‪ ،‬فهو‪ :‬أن يفعل الصحايب فعالا‬ ‫ل جمال لالجتهاد فيه‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬ما ُروي عن علي ‪ ‬أنه صلى صالة الكسو ‪ ،‬يف كل ركعة أكثر من‬ ‫ركوعني‪ ،‬فقال الشافعي‪ :‬لبد أن علياا أخذه عن النيب ‪.‬‬ ‫النوع الثالث‪ :‬اخلرب التقريري‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪61‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫والتقرير هو‪ :‬أن يسكت عن قول أو فعل جصل يف جضوره‪ ،‬ول ينكره‪.‬‬ ‫مثال اخلرب التقريري املضا إليه إضافة تصرحيية‪ :‬أن يقول الراوي‪ :‬قِيل أو فُعِل‬ ‫يف جضرة النيب ‪ ‬كذا وكذا‪.‬‬ ‫وأما التقريري املضا إليه إضافة جكمية‪ ،‬فهو‪ :‬أن يقول الصحايب قولا أو‬ ‫يفعل فعالا يف زمن النيب ‪ ‬من غري نكري‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬ما استدل به جابر وأبو سعيد رضي اهلل عنهما على جواز العزل بأهنم‬ ‫كانوا يفعلونه يف زمن النيب ‪.‬‬ ‫(أو إلى الصحابي كذلك) هذا القسم الثا‪،‬ي‪.‬‬

‫(أو إلى الصحابي) أي وإما أن ينتهي اإلسناد إىل الصحايب‪.‬‬ ‫(كذلك) أي كما ينتهي إىل النيب ‪ ‬من قوله أو فعله أو تقريره‪.‬‬ ‫(وهو‪ :‬من لقي النبي صلى اهلل تعالى عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬مؤمنًا به‪،‬‬ ‫ومات على اإلسالم‪ ،‬ولو تخللت ردة في األصح)‬ ‫عر َمن هو الصحايب‪.‬‬ ‫لَ َّما ذكر أن اإلسناد قد ينتهي إىل الصحايب‪ ،‬ناسب أن يُ ِّ‬ ‫(وهو) أي الصحايب‪.‬‬ ‫(من لقي النبي صلى اهلل تعالى عليه وعلى آله وسلم) أي التقى به‪.‬‬ ‫(مؤمنًا به) أي يف جال لقائه‪.‬‬

‫تدا‪.‬‬ ‫(ومات على اإلسالم) أي مل ميت مر ا‬

‫مسلما‪.‬‬ ‫(ولو تخللت ردة) أي ولو ارتد بعد لقائه بالنيب ‪ ‬وقبل أن ميوت ا‬ ‫(في األصح) أي يف مسألة ختلل الردة‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪61‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫لم ْرفُوعُ‪.‬‬ ‫فاأل ََّو ُل‪ :‬ا َ‬ ‫ِ‬ ‫وف‪.‬‬ ‫لم ْوقُ ُ‬ ‫والثَّاني‪ :‬ا َ‬ ‫لم ْقطُوعُ‪َ ،‬وَم ْن ُدو َن التَّابِ ِع ِّي فِ ِيه ِمثْ لُهُ‪.‬‬ ‫والثَّالِ ُ‬ ‫ث‪ :‬ا َ‬ ‫ال لِلَ ِخ َيريْ ِن‪ :‬األَثَ ُر(‪.)1‬‬ ‫َويُ َق ُ‬

‫(‪)1‬‬

‫يشري إىل أن منهم من قال‪ :‬من التقى بالنيب ‪ ‬مؤمناا به‪ ،‬مث ارتد‪ ،‬مث عاد إىل‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ومل يلتق بالنيب ‪ ‬بعد عودته جىت مات؛ فال يسمى صحابياا‪.‬‬ ‫(أو إلى التابعي) هذا القسم الثالث‪.‬‬ ‫أي وإما أن ينتهي اإلسناد إىل التابعي‪.‬‬ ‫(وهو‪ :‬من لقي الصحابي كذلك) لَ َّما ذكر أن اإلسناد قد ينتهي إىل التابعي‪،‬‬ ‫عر َمن هو التابعي‪.‬‬ ‫ناسب أن يُ ِّ‬ ‫(وهو) أي التابعي‪.‬‬ ‫(من لقي الصحابي) أي التقى به‪.‬‬ ‫(كذلك) أي يُشرتط فيه كذلك بعض ما يُشرتط يف الصحايب‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون‬ ‫مؤمنا بالنيب ‪ ،‬ومات على اإلسالم‪.‬‬ ‫لَ َّما ذكر أقسام اخلرب باعتبار َمن يُضا إليه‪ ،‬ذكر بعد ذلك السم اخلاص‬ ‫لكل قسم‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فاألول) أي اخلرب املضا إىل النيب ‪.‬‬ ‫(المرفوع) أي يسمى املرفوع‪.‬‬ ‫(والثاني) أي اخلرب املضا إىل الصحايب‪.‬‬ ‫(الموقوف) أي يسمى املوقو ‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪62‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫والم ْسنَ ُد‪َ :‬م ْرفُوعُ َ ِ ِ‬ ‫ال(‪.)1‬‬ ‫صُ‬ ‫سنَد ظَاه ُرهُ االتِّ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ص َحابي ب َ‬ ‫(والثالث) أي اخلرب املضا إىل التابعي‪.‬‬ ‫(المقطوع) أي يسمى املقطوع‪.‬‬ ‫فمن بعده‪.‬‬ ‫(َ‬ ‫ومن دون التابعي) أي تابع التابعي َ‬ ‫(فيه) أي يف املقطوع‪.‬‬ ‫(مثله) أي مثل التابعي‪.‬‬ ‫فمن بعده‪.‬‬ ‫يعين كما أن خرب التابعي يسمى‬ ‫ا‬ ‫مقطوعا‪ ،‬فكذلك خرب تابع التابعي َ‬ ‫(ويُقال للخيرين) أي املوقو واملقطوع‪.‬‬ ‫(األثر) أي كالمها يسمى األثر‪.‬‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر املؤلف األقسام العامة اليت هي املرفوع واملوقو واملقطوع‪ ،‬ناسب أن‬ ‫خاصا يدخل يف قسم من هذه األقسام العامة‪.‬‬ ‫قسما ا‬ ‫يذكر ا‬ ‫(والمسند) أي اخلرب الذي يسمى املسند‪.‬‬ ‫(مرفوع صحابي) أي هو الذي رفعه الصحايب إىل النيب ‪.‬‬ ‫مرفوعا لكن الذي رفعه غري‬ ‫وعلى هذا لو كان اخلرب غري مرفوع‪ ،‬أو كان‬ ‫ا‬ ‫مسندا‪.‬‬ ‫الصحايب؛ فال يسمى ا‬ ‫(بسند ظاهره االتصال) أي ل ظاهره النقطاع‪.‬‬ ‫مسندا‪.‬‬ ‫وعلى هذا لو كان ظاهره النقطاع؛ فال يسمى ا‬ ‫خالصة املبحث الثالث‪:‬‬ ‫أن اخلرب باعتبار َمن يُضا إليه ثالثة أقسام‪ :‬مرفوع‪ ،‬وموقو ‪ ،‬ومقطوع‪.‬‬


‫‪63‬‬

‫مكتبة المبتدئ‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫[أقسام اخلرب باعتبار عدد الرواة]‬

‫فَِإ ْن قَ َّل َع َد ُدهُ‪:‬‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َعلَى آلِ ِه َو َسلَّ َم‪.‬‬ ‫فَِإ َّما أَ ْن يَ ْنتَ ِه َي إِلى النَّبِ ِّي َ‬ ‫أَو إِلى إِمام ِذي ِ‬ ‫ش ْعبَةَ‪.‬‬ ‫ص َفة َعلِيَّة َك ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫المطْلَ ُق‪.‬‬ ‫فاأل ََّو ُل‪ :‬العُلُ​ُّو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِّسبِ ُّي‪.‬‬ ‫والثَّاني‪ :‬الن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ول إِلى َشي ِخ أَح ِد الم ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين ِم ْن غَْي ِر طَ ِر ِيق ِه‪.‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ْ َ ُ َ‬ ‫الو ُ‬ ‫صنِّف َ‬ ‫َوفيه ا ُ‬ ‫لم َوافَ َقةُ‪َ ،‬وه َي‪ُ :‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ول إِلى َش ْي ِخ َش ْي ِخ ِه َك َذلِ َ‬ ‫الو ُ‬ ‫َوفيه البَ َد ُل‪َ ،‬و ُه َو‪ُ :‬‬ ‫الرا ِوي إِلى ِ‬ ‫آخ ِرهِ مع إِسنَ ِ‬ ‫وفِ ِيه المساواةُ‪ ،‬و ِهي‪ :‬استِواء َع َد ِد ا ِإلسنَ ِ‬ ‫اد‬ ‫اد ِم َن َّ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ​َ َ َ َُْ‬ ‫أَح ِد الم ِ‬ ‫ين‪.‬‬ ‫َ ُ َ‬ ‫صنِّف َ‬ ‫وفِ ِيه المصافَحةُ‪ ،‬و ِهي‪ :‬االستِواء مع تِل ِْم ِ‬ ‫صن ِ‬ ‫ِّف‪.‬‬ ‫يذ ذَلِ َ‬ ‫الم َ‬ ‫ْ َ ُ َ​َ‬ ‫ك ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ َ‬ ‫(‪) 1‬‬ ‫وي َقابِل العلَُّو بِأَق ِ ِ‬ ‫ول ‪.‬‬ ‫ُّز ُ‬ ‫ْسامه‪ :‬الن ُ‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )1‬هذا املبحث الرابع؛ وهو‪ :‬أقسام اخلرب باعتبار عدد الرواة‪.‬‬ ‫قل عدده) هذا القسم األول‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬فإن َّ‬ ‫(قل عدده) أي عدد اإلسناد‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪64‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫يعين إن قل عدد الرواة يف اإلسناد الواجد‪ ،‬وهذا إمنا يكون بالنسبة إىل إسناد‬ ‫آخر لنفس اخلرب‪ ،‬وعدد رواته أكثر‪.‬‬ ‫(فإما أن ينتهي إلى النبي صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬أو إلى إمام ذي‬

‫صفة علية كشعبة) أي هذا القسم يتضمن نوعني‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬أن ينتهي اإلسناد إىل النيب ‪.‬‬ ‫النوع الثا‪،‬ي‪ :‬أن ينتهي اإلسناد إىل إمام‪.‬‬

‫(فاألول) أي اإلسناد الذي ينتهي إىل النيب ‪.‬‬ ‫(العلو المطلق) أي يسمى العلو املطلق‪.‬‬ ‫(والثاني) أي اإلسناد الذي ينتهي إىل إمام‪.‬‬ ‫(النسبي) أي يسمى العلو النسيب‪.‬‬

‫مثال ذلك‪ :‬لو روى البخاري جديثاا عن النيب ‪ ‬بإسنادين‪:‬‬ ‫اإلسناد األول عدد رواته أربعة‪ ،‬واإلسناد الثا‪،‬ي عدد رواته مخسة‪.‬‬ ‫علوا مطل اقا‪.‬‬ ‫فاإلسناد األول يسمى ا‬ ‫إسنادا عالياا ا‬ ‫مثال آخر‪ :‬لو روى البخاري جديثاا بإسنادين‪ ،‬كالمها عن شعبة عن قتادة عن‬ ‫أنس عن النيب ‪.‬‬ ‫اإلسناد األول بينه وبني شعبة راويان‪.‬‬ ‫واإلسناد الثا‪،‬ي بينه وبني شعبة ثالثة رواة‪.‬‬ ‫علوا نسبياا‪.‬‬ ‫فاإلسناد األول يسمى ا‬ ‫إسنادا عالياا ا‬ ‫(وفيه) أي يف العلو النسيب‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪65‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫يعين أن العلو النسيب يتضمن أصنافاا‪.‬‬

‫(الموافقة وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه)‬ ‫هذا الصنف األول‪.‬‬

‫(الموافقة) أي علو يسمى املوافقة‪.‬‬ ‫(وهي) أي املوافقة‪.‬‬ ‫(الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه) أي من غري طريق‬

‫املصنف‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو روى البخاري جديثاا عن قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس‪.‬‬ ‫مث أجد املتأخرين عنه روى نفس احلديث بإسناد إىل قتيبة عن مالك‪.‬‬ ‫علو موافقة؛ ألن هذا املتأخر وافق البخاري‬ ‫فهذا اإلسناد يسمى ا‬ ‫إسنادا عالياا َ‬ ‫يف شيخه‪ ،‬أي وصل بإسناده إىل شيخ البخاري‪.‬‬ ‫(وفيه) أي يف العلو النسيب‪.‬‬ ‫(البدل وهو الوصول إلى شيخ شيخه كذلك) هذا الصنف الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫(البدل) أي علو يسمى البدل‪.‬‬ ‫(وهو) أي البدل‪.‬‬ ‫(الوصول إلى شيخ شيخه) أي شيخ شيخ املصنف‪.‬‬ ‫(كذلك) أي من غري طريق املصنف‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو روى البخاري جديثاا عن قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس‪.‬‬ ‫مث أجد املتأخرين عنه روى نفس احلديث بإسناد إىل مالك‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪66‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫علو بدل؛ ألن هذا املتأخر أبدل شيخ‬ ‫فهذا اإلسناد يسمى‬ ‫ا‬ ‫إسنادا عالياا َ‬ ‫املصنف بشيخ آخر‪ ،‬أي وصل بإسناده إىل شيخ شيخ املصنف‪.‬‬ ‫(وفيه) أي يف العلو النسيب‪.‬‬

‫(المساواة وهي استواء عدد اإلسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد‬ ‫المصنفين)‬ ‫هذا الصنف الثالث‪.‬‬

‫(المساواة) أي علو يسمى املساواة‪.‬‬ ‫(وهي) أي املساواة‪.‬‬

‫(استواء عدد اإلسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد المصنفين)‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو روى البخاري جديثاا عن النيب ‪ ،‬بينه وبني النيب ‪ ‬تسعة‬ ‫رجال‪.‬‬ ‫مث أجد املتأخرين روى نفس احلديث بإسناد آخر بينه وبني النيب ‪ ‬تسعة‬ ‫رجال‪.‬‬ ‫علو مساواة؛ ألن هذا املتأخر ساوى إسناده‬ ‫فهذا اإلسناد يسمى ا‬ ‫إسنادا عالياا َ‬ ‫إسناد أجد املصنفني يف عدد الرجال‪.‬‬ ‫(وفيه) أي يف العلو النسيب‪.‬‬

‫(المصافحة وهي االستواء مع تلميذ ذلك المصنف)‬ ‫هذا الصنف الرابع‪.‬‬ ‫(المصافحة) أي علو يسمى املصافحة‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪67‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(وهي) أي املصافحة‪.‬‬ ‫(االستواء مع تلميذ ذلك المصنف)‬ ‫مثال ذلك‪ :‬لو روى البخاري جديثاا عن النيب ‪ ،‬بينه وبني النيب ‪ ‬تسعة‬ ‫رجال‪.‬‬ ‫مث أجد املتأخرين روى نفس احلديث بإسناد آخر‪ ،‬بينه وبني النيب ‪ ‬عشرة‬ ‫رجال‪.‬‬ ‫علو مصافحة‪ ،‬كأن هذا املتأخر التقى بنفسه‬ ‫فهذا اإلسناد يسمى ا‬ ‫إسنادا عالياا َ‬ ‫مع املصنف فصافحه وأخذ عنه هذا احلديث‪.‬‬ ‫ُّزول) هذا القسم الثا‪،‬ي من أقسام اإلسناد باعتبار‬ ‫(ويقابل العلو بأقسامه الن ُ‬ ‫عدد الرواة؛ وهو‪ :‬النـ ُزول‪.‬‬ ‫ومعىن كالم املؤلف أن النـ ُزول ضد العلو‪ ،‬وأن كل قسم من أقسام العلو يقابله‬ ‫قسم من أقسام النـ ُزول‪.‬‬ ‫خالصة هذا املبحث‪:‬‬ ‫أن اإلسناد باعتبار عدد الرواة قسمان‪ :‬عال‪ ،‬ونازل‪.‬‬ ‫واإلسناد العايل نوعان‪ :‬مطلق‪ ،‬ونسيب‪.‬‬ ‫أيضا أربعة أصنا ‪ :‬املوافقة‪ ،‬والبدل‪ ،‬واملساواة‪ ،‬واملصافحة‪.‬‬ ‫والنسيب يدخل فيه ا‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪68‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫[أنواع من االصطالحات تتعلق بالرواة]‬

‫الس ِّن واللُّ ِق ِّي فَ ُه َو‪ :‬األَق َْرا ُن(‪.)1‬‬ ‫ار َك َّ‬ ‫الرا ِوي َوَم ْن َرَوى َع ْنهُ في ِّ‬ ‫فَِإ ْن تَ َ‬ ‫شَ‬ ‫الم َدبَّ ُج(‪.)2‬‬ ‫َوإِ ْن َرَوى ُكلٌّ ِم ْن ُه َما َع ِن َ‬ ‫اآلخ ِر‪ :‬فَ ُ‬ ‫(‪ )1‬املبحث اخلامس هو‪ :‬أنواع من الصطالجات تتعلق بالرواة‪.‬‬ ‫وبدأ املؤلف هبذا النوع‪.‬‬ ‫(فإن تشارك الراوي ومن روى عنه في ِ‬ ‫السن)‬ ‫أي متاثال يف السن‪.‬‬ ‫واملراد بالتماثل هنا‪ :‬التقارب‪.‬‬ ‫(واللقي) أي ومتاثال يف اللقي‪.‬‬ ‫واملراد‪ :‬أن كليهما تلميذ عند شيخ واجد‪.‬‬ ‫(فهو) أي هذا النوع من الرواية‪.‬‬ ‫(األقران) أي يسمى األقران‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬أن يروي صحايب عن صحايب آخر‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذا النوع الثا‪،‬ي‪.‬‬ ‫(وإن روى كل منهما) أي كل من القرينني‪.‬‬ ‫(عن اآلخر) أي عن القرين اآلخر‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪69‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫وإِ ْن روى ع َّمن دونَه‪ :‬فاألَ َكابِر ع ِن األَص ِ‬ ‫اغ ِر‪َ ،‬وِم ْنهُ اآلبَاءُ َع ِن األَبْ نَ ِاء(‪.)1‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ​َ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوفي َع ْك ِس ِه َكثْ َرةٌ‪َ ،‬وِم ْنهُ َم ْن َرَوى َع ْن أَبِ ِيه َع ْن َجدِّهِ(‪.)2‬‬ ‫فالم َدبَّج) أي فيسمى هذا النوع من الرواية املدبج‪.‬‬ ‫( ُ‬ ‫واملدبج‪ :‬مأخوذ من ديباجيت الوجه؛ ومها‪ :‬اخلدان‪ ،‬فكأهنما كاخلدين تساويا‬ ‫بالرواية‪ ،‬فروى كل منهما عن اآلخر‪.‬‬ ‫والفرق بني هذا النوع والذي قبله‪ :‬أن الذي قبله روى أجد القرينني عن اآلخر‪،‬‬ ‫واآلخر مل يرو عنه‪ ،‬وأما هذا النوع فروى كل منهما عن اآلخر‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪ :‬أن يروي صحابيان‪ ،‬كل واجد منهما عن اآلخر‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هذا النوع الثالث‪.‬‬ ‫(وإن روى) أي الراوي‪.‬‬ ‫(عمن دونه) أي يف السن‪ ،‬أو يف العلم‪ ،‬أو غري ذلك‪.‬‬ ‫(فاألكابر عن األصاغر) أي فيسمى هذا النوع هبذا السم‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬أن يروي الشيخ عن تلميذه‪.‬‬ ‫(ومنه) أي من هذا النوع‪ ،‬يعين من رواية األكابر عن األصاغر‪.‬‬ ‫(اآلباء عن األبناء) أي أن يروي األب عن ابنه‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذا النوع الرابع‪.‬‬ ‫(وفي عكسه) أي عكس النوع املتقدم‪.‬‬ ‫(كثرة) أي كثرية‪.‬‬ ‫يعين أن رواية األصاغر عن األكابر أكثر من رواية األكابر عن األصاغر‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬أن يروي التلميذ عن شيخه‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪71‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫وإِ ِن ا ْشتَ ر َك اثْ نَ ِ‬ ‫لسابِ ُق َوالالَّ ِح ُق(‪.)1‬‬ ‫َح ِد ِه َما فَ ُه َو‪ :‬ا َّ‬ ‫ان َع ْن َش ْيخ َوتَ َق َّد َم َم ْو ُ‬ ‫تأَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وإِ ْن روى َعن اثْ نَ ي ِن متَّ ِفقي االس ِم ولَم ي تَميَّ زا فَبِا ْختِ ِ ِ‬ ‫َح ِد ِه َما يَتَبَ يَّ ُن‬ ‫ْ َ َْ​َ​َ‬ ‫َ‬ ‫صاصه بِأ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ​َ‬

‫لم ْه َم ُل(‪.)2‬‬ ‫اُ‬

‫(ومنه) أي من هذا النوع‪ ،‬يعين من رواية األصاغر عن األكابر‪.‬‬ ‫(من روى عن أبيه عن جده) أي أن يروي الراوي عن أبيه‪ ،‬واألب عن جده‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هذا النوع اخلامس‪.‬‬ ‫(وإن اشترك) أي متاثل‪.‬‬ ‫(اثنان) أي راويان‪.‬‬ ‫(عن شيخ) أي كالمها رويا عن شيخ واجد‪.‬‬ ‫(وتقدم موت أحدهما) أي أجد الراويني‪.‬‬ ‫(فهو) أي هذا النوع من الرواية‪.‬‬ ‫(السابق والالحق) أي يسمى هبذا السم‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذا النوع السادس‪.‬‬ ‫(وإن روى عن اثنين) أي شيخني‪.‬‬ ‫(متفقي االسم) أي كالمها يُسميان باسم واجد‪.‬‬ ‫(ولم يتميزا) أي مل يُوجد ما مييز أجدمها عن اآلخر‪.‬‬ ‫(فباختصاصه) أي مبالزمته‪.‬‬ ‫(بأحدهما) أي أجد الشيخني‪.‬‬ ‫(يتبين) أي يتضح‪.‬‬ ‫(المهمل) أي الراوي الذي مل ي ِ‬ ‫كمل امسه‪.‬‬ ‫ُ‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪71‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫وإِ ْن جح َد مر ِويَّهُ ج ْزما ر َّد‪ ،‬أَو ْ ِ‬ ‫ث‬ ‫َص ِّح‪َ ،‬وفِ ِيه‪َ :‬م ْن َح َّد َ‬ ‫احت َماالً قُبِ َل في األ َ‬ ‫َ َ َ َْ َ ً ُ‬ ‫َونَ ِس َي(‪.)1‬‬ ‫هذا النوع يتعلق بكيفية معرفة املهمل‪.‬‬ ‫وصورة هذا النوع‪ :‬أن يقول الراوي مثالا‪ :‬جدثنا حممد‪ ،‬وله أكثر من شيخ‬ ‫حممدا‪ ،‬ومل يتميز َمن هو املقصود يف هذه الرواية‪ ،‬فيُنظر َمن هو الشيخ‬ ‫يسمى ا‬ ‫الذي لزمه الراوي أكثر من غريه‪ ،‬فيكون هو املقصود‪ ،‬وذلك ألنه يف الغالب‬ ‫ِ‬ ‫مالزما له‪.‬‬ ‫مل يُكمل امسه؛ ألنه كان ا‬ ‫(‪ )1‬هذا النوع السابع‪.‬‬ ‫(وإن جحد) أي نفى‪.‬‬ ‫ي عنه‪.‬‬ ‫(مرويَّه) أي اخلرب الذي ُرِو َ‬ ‫جزما) أي جزم يف نفيه‪.‬‬ ‫( ً‬ ‫( ُرد) أي اخلرب‪.‬‬ ‫(أو احتماالً) أي أو نفى اخلرب اجتمالا‪.‬‬ ‫يعين مل جيزم يف نفيه‪.‬‬ ‫(قُبِل) أي اخلرب‪.‬‬ ‫(في األصح) أي يف قبول اخلرب إذا نُِف َي اجتمالا‪.‬‬ ‫يشري إىل أن منهم َمن قال‪ :‬إن اخلرب إذا نُِف َي ُرد‪ ،‬ولو نُِف َي اجتمالا‪.‬‬ ‫هذا النوع يتعلق حبكم اخلرب إذا نفاه َمن ُرِوي عنه‪.‬‬ ‫وصورة هذا النوع‪ :‬أن يروي الراوي عن شيخه جديثاا‪ُ ،‬مثَّ يُسأل هذا الشيخ عن‬ ‫احلديث‪ ،‬فيقول الشيخ‪ :‬مل أُجدِّث به‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪72‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْس ُل(‪.)1‬‬ ‫َوإِن اتَّ َف َق ُّ‬ ‫الرَواةُ في صيَ ِغ األ َ​َداء أ َْو غَْي ِرَها م َن َ‬ ‫الحاالَت‪ ،‬فَ ُه َو‪ :‬ا ُ‬ ‫سل َ‬ ‫لم َ‬ ‫فحكم هذا احلديث‪:‬‬ ‫جزما؛ كأن يقول‪ :‬كذب علَ َّي؛ فاخلرب جينئذ يُرد‪.‬‬ ‫أن الشيخ إذا نفاه ا‬ ‫وأما إذا نفاه اجتمالا؛ كأن يقول‪ :‬ل أذكر أ‪،‬ي جدثت به؛ فحينئذ يُقبل‪.‬‬ ‫(وفيه) أي يف هذا النوع‪.‬‬ ‫( َمن َّ‬ ‫حدث ونسي) أي كتاب هبذا العنوان‪.‬‬ ‫يعين صنفوا يف هذا النوع كتاباا هبذا السم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي عنهم أجاديث‪ ،‬ون َفوا روايتها‪.‬‬ ‫كر َمن ُرِو َ‬ ‫وموضوعه‪ :‬ذ ُ‬ ‫(‪ )1‬هذا النوع الثامن‪.‬‬ ‫(وإن اتفق الرواة في ِ‬ ‫صيَغ األداء) أي كلهم أدوا احلديث بصيغة واجدة‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬أن يقول الراوي‪ :‬مسعت شيخي فالن قال‪ :‬كذا‪ ،‬مث هذا الشيخ يقول‪:‬‬ ‫مسعت شيخي فالن قال‪ :‬كذا‪ ،‬وهكذا إىل آخر اإلسناد‪ ،‬كل واجد منهم‬ ‫يقول‪ :‬مسعت‪.‬‬ ‫(أو غيرها) أي أو اتفقوا يف غري صيغ األداء‪.‬‬ ‫(من الحاالت) أي يف جالة من احلالت‪.‬‬ ‫وذلك كأن ُحيدِّث الراوي وهو قابض بلحيته‪ ،‬ويقول‪ :‬مسعت شيخي فالن‬ ‫ُحيدِّث هبذا احلديث‪ ،‬وهو قابض بلحيته‪ ،‬وهكذا إىل آخر اإلسناد‪ ،‬كل واجد‬ ‫منهم حيدث باحلديث‪ ،‬وهو قابض بلحيته‪.‬‬ ‫(فهو) أي فهذا النوع من الرواية‪.‬‬ ‫(المسلسل) أي يسمى املسلسل‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪73‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫وِ‬ ‫ت‪َ ،‬و َح َّدثَنِي‪.‬‬ ‫صيَ ُغ األ َ​َداء‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫َ‬ ‫ت َعلَْي ِه‪.‬‬ ‫ثُ َّم أَ ْخبَ َرنِي‪َ ،‬وقَ َرأْ ُ‬ ‫ثُ َّم قُ ِر َ ِ‬ ‫َس َم ُع‪.‬‬ ‫ئ َعلَْيه َوأَنَا أ ْ‬ ‫ثُ َّم أَنْ بَأَنِي‪.‬‬ ‫ثُ َّم نَ َاولَنِي‪.‬‬ ‫ثُ َّم َشافَ َهنِي‪.‬‬ ‫لي‪.‬‬ ‫ب إِ َّ‬ ‫ثُ َّم َكتَ َ‬ ‫ثُ َّم َع ْن َونَ ْح ُو َها(‪.)1‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫لَ َّما ذكر أن املسلسل هو‪ :‬أن يتفق الرواة يف صيغ األداء أو غريها من‬ ‫احلالت‪ ،‬ناسب أن يذكر مراتب صيغ األداء‪.‬‬ ‫(وصيغ األداء) صيغ‪ :‬مجع صيغة‪ ،‬وهي‪ :‬الكلمة اليت يَتلفظ هبا احملدث عند‬ ‫أدائه للحديث‪.‬‬ ‫(سمعت‪ ،‬وحدثني) هذه املرتبة األوىل‪ ،‬وهي تتضمن لفظني‪.‬‬ ‫أيضا تتضمن لفظني‪.‬‬ ‫(ثم أخبرني‪ ،‬وقرأت عليه) هذه املرتبة الثانية‪ ،‬وهي ا‬ ‫(ثم قُرئ عليه وأنا أسمع) هذه املرتبة الثالثة‪.‬‬ ‫(ثم أنبأني) هذه املرتبة الرابعة‪.‬‬ ‫(ثم ناولني) هذه املرتبة اخلامسة‪.‬‬ ‫(ثم شافهني) هذه املرتبة السادسة‪.‬‬ ‫(ثم كتب إلي) هذه املرتبة السابعة‪.‬‬ ‫(ثم عن ونحوها) هذه املرتبة الثامنة‪ ،‬وقوله‪( :‬ونحوها) أي حنو عن‪ ،‬مثل‪َّ :‬‬ ‫أن وقال‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪74‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫فَاأل ََّوالَ ِن لِ َم ْن َس ِم َع َو ْح َدهُ ِم ْن لَْف ِظ َّ‬ ‫الش ْي ِخ‪ ،‬فَِإ ْن َج َم َع فَ َم َع غَْي ِرهِ‪.‬‬ ‫وأ ََّولُها‪ :‬أَصرحها وأَرفَ عها في ا ِإلم ِ‬ ‫الء‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َ ْ َُ‬ ‫الخ ِام ِ‬ ‫س‪.‬‬ ‫ث‪َ ،‬و َّ‬ ‫َوالثَّالِ ُ‬ ‫الرابِ ُع‪ :‬لِ َم ْن قَ َرأَ بِنَ ْف ِس ِه‪ ،‬فَِإ ْن َج َم َع‪ :‬فَ َك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المتَأ ِّ‬ ‫ازةِ َك َع ْن‪.‬‬ ‫إلج َ‬ ‫ين فَ ُه َو ل َ‬ ‫َخ ِر َ‬ ‫َوا ِإلنْ بَاءُ ب َم ْعنَى ا ِإل ْخبَا ِر إِال في عُ ْرف ُ‬ ‫اص ِر محمولَةٌ علَى َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ط‬ ‫يل‪ :‬يُ ْشتَ َر ُ‬ ‫الم َع ِ َ ْ ُ َ‬ ‫َو َع ْن َعنَةُ ُ‬ ‫الس َم ِاع إالَّ م َن ُم َدلس‪َ ،‬وق َ‬ ‫ثُب ُ ِ ِ‬ ‫ار‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الم ْختَ ُ‬ ‫وت ل َقائ ِه َما َولَ ْو َم َّرةً‪َ ،‬و ُه َو ُ‬ ‫ازةِ المت لَ َّف ِظ بها‪ ،‬والمكاَتَ بةَ فيا ِإلج َِ‬ ‫الم ْكتُ ِ‬ ‫وب بها‪.‬‬ ‫َوأَطْلَ ُقوا ال ُم َ‬ ‫شافَ َهةَ في ا ِإل َج َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ازة َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ازةِ‪.‬‬ ‫المنَ َاولَ ِة اقترانَها بِا ِإل ْذ ِن بِ ِّ‬ ‫الرَوايَِة‪َ ،‬و ِه َي أ َْرفَ ُع أَنْ َو ِاع ا ِإل َج َ‬ ‫َوا ْشتَ َرطُوا في ص َّحة ُ‬ ‫صيَّ ِة بِ ِ‬ ‫ادةِ‪ ،‬والو ِ‬ ‫اب‪َ ،‬وفي ا ِإل ْع ِ‬ ‫الكتَ ِ‬ ‫الم‪.‬‬ ‫َوَك َذا ا ْشتَ َرطُوا ا ِإل ْذ َن في ال ِو َج َ َ َ‬ ‫ك‪َ ،‬كا ِإلج َِ‬ ‫الع َّام ِة‪ ،‬ولِلْم ْج ُه ِ‬ ‫ول‪َ ،‬ولِل َْم ْع ُد ِوم‪.‬‬ ‫َوإِالَّ فَال ِع ْب َرَة بِ َذلِ َ‬ ‫َ‬ ‫ازة َ َ َ‬ ‫ك(‪.)1‬‬ ‫َص ِّح في َج ِمي ِع َذلِ َ‬ ‫َعلَى األ َ‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر املؤلف مراتب صيغ األداء ناسب أن يذكر طرق التحمل؛ ألن صيغ‬ ‫األداء تتعني حبسب طريقة التحمل‪ ،‬واملراد بالتحمل‪ :‬تلقي احلديث‪.‬‬

‫(فاألوالن) أي مسعت‪ ،‬وجدثين‪.‬‬ ‫(لِمن َس ِمع وحده من لفظ الشيخ) يعين من كانت طريقة حتمله للحديث‬ ‫كونه جضر وجده عند الشيخ‪ ،‬والشيخ تلفظ له باحلديث‪ ،‬فصيغة أدائه‬ ‫للحديث أن يقول‪ :‬مسعت‪ ،‬أو جدثين‪.‬‬ ‫(فإن جمع) أي إن قال‪ :‬مسعنا‪ ،‬أو جدثنا‪.‬‬ ‫(فمع غيره) أي مسع احلديث مع غريه من لفظ الشيخ‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪75‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(وأولها) أي أول صيغ األداء‪ ،‬يعين مسعت‪.‬‬ ‫(أصرحها) أي أوضحها‪.‬‬ ‫قدرا‪.‬‬ ‫(وأرفعها) أي أعالها ا‬

‫(في اإلمالء) أي يف الدللة على أنه تلقى احلديث من إمالء الشيخ‪.‬‬ ‫يعين َّ‬ ‫أن مسعت وجدثين مها أعلى صيغ األداء‪ ،‬لكن مسعت أعلى من جدثين‪.‬‬

‫والسبب يف ذلك أن لفظ "جدثين" منهم من استعمله يف غري السماع‪ ،‬وأما‬ ‫لفظ "مسعت" فلم يُستعمل إل يف السماع‪.‬‬ ‫(والثالث والرابع) أي أخرب‪،‬ي‪ ،‬وقرأت عليه‪.‬‬

‫الشيخ أعطاه‬ ‫(لمن قرأ بنفسه) يعين من كانت طريقة حتمله للحديث كون‬ ‫ُ‬ ‫كتابَه‪ ،‬وهو بنفسه يقرأ كتاب الشيخ‪ ،‬والشيخ يستمع إليه‪ ،‬فصيغة أدائه‬ ‫للحديث أن يقول‪ :‬أخرب‪،‬ي‪ ،‬أو قرأت عليه‪.‬‬ ‫(فإن جمع) أي إن قال‪ :‬أخربنا‪ ،‬أو قرأنا عليه‪.‬‬ ‫(فكالخامس) أي كقوله‪ :‬قُرئ عليه وأنا أمسع‪.‬‬

‫(واإلنباء) أي لفظ أنبأ‪،‬ي‪.‬‬ ‫(بِمعنى اإلخبار إال في عرف المتأخرين) أي من جيث اللغة واصطالح‬ ‫املتقدمني معناه‪ :‬أخرب‪،‬ي‪ ،‬لكن تغري معناه يف اصطالح املتأخرين‪.‬‬ ‫(فهو) أي اإلنباء يف اصطالح املتأخرين‪.‬‬ ‫(لإلجازة) أي لإلذن بالرواية‪.‬‬ ‫يعين من كانت طريقة حتمله للحديث كون الشيخ أجازه؛ أي أذن له أن يروي‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪76‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫عنه‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬هذه أوراق فيها أجاديث يل اروها عين‪ ،‬فصيغة أدائه هلذه‬ ‫األجاديث أن يقول‪ :‬أنبأ‪،‬ي‪.‬‬ ‫(كعن) أي لفظ عن مثل لفظ اإلنباء‪ ،‬استعمله املتأخرون كذلك لإلجازة‪.‬‬ ‫(وعنعنة المعاصر محمولة على السماع إال من مدلس‪ ،‬وقيل‪ :‬يشترط‬ ‫ثبوت لقائهما ولو مرة‪ ،‬وهو المختار)‬ ‫لَ َّما ذكر لفظ "عن" من صيغ األداء ناسب أن يذكر مسألة عنعنة املعاصر‪.‬‬ ‫واملراد بالعنعنة‪ :‬الرواية بصيغة عن‪.‬‬ ‫وصورة هذه املسألة‪ :‬راويان معاصران أي كالمها عاش يف زمن واجد‪ ،‬ومل يثبت‬ ‫لقاؤمها‪ ،‬وكذلك مل يثبت عدم لقائهما‪ ،‬فروى أجدمها عن اآلخر بصيغة عن‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬عن فالن‪ ،‬فهل هذه العنعنة حتمل على أنه مسع منه أو ل؟ قيل‪ :‬حتمل‬ ‫مدلسا‪ ،‬وقيل‪ :‬ل ُحت َمل على السماع‪ ،‬ولو مل‬ ‫على السماع بشرط أن ل يكون ا‬ ‫مدلسا‪ ،‬جىت يثبت لقاؤمها‪ ،‬ولو مرة‪ ،‬وهذا القول هو املختار عند املؤلف‪.‬‬ ‫يكن ا‬ ‫(وأطلقوا المشافهة في اإلجازة المتلفظ بها‪ ،‬والمكاتبة في اإلجازة المكتوب بها)‬ ‫يعين اإلجازة ِمن قِبَل الشيخ للتلميذ هلا كيفيتان‪:‬‬ ‫الكيفية األوىل‪ :‬أن يشافهه‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬أجزتك‪ ،‬فله عند األداء أن يقول‪ :‬شافهين‪.‬‬ ‫الكيفية الثانية‪ :‬أن يكتب له أنه أجازه‪ ،‬فله عند األداء أن يقول‪ :‬كاتبين‪.‬‬ ‫(واشترطوا في صحة المناولة) أي يف صحة الرواية باملناولة‪.‬‬ ‫واملناولة هي‪ :‬أن يدفع الشيخ كتابه للطالب‪.‬‬ ‫(اقترانها باإلذن بالرواية) أي إذن الشيخ‪.‬‬ ‫يعين إذا دفع الشيخ كتابه للطالب‪ ،‬وقال له‪ :‬هذا كتايب اروه عين‪ ،‬أو كتب له‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪77‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫بذلك‪ ،‬فحينئذ تصح الرواية باملناولة‪ ،‬وأما إذا دفع له الكتاب دون أن يأذن له‬ ‫بالرواية‪ ،‬ل باملشافهة‪ ،‬ول بالكتابة‪ ،‬فال يصح أن يروي عنه الكتاب مبررد املناولة‪.‬‬ ‫(وهي) أي املناولة بشرط اقرتاهنا باإلذن‪.‬‬ ‫(أرفع أنواع اإلجازة) أي أعلى أنواعها‪.‬‬ ‫للمراز له الذي هو الطالب‪ ،‬وبالنسبة للشيء‬ ‫والسبب أن فيها تعييناا بالنسبة ُ‬ ‫الذي أجازه له‪ ،‬وهذا خبال األنواع اليت ستأيت‪.‬‬

‫(وكذا اشترطوا اإلذن في الوجادة‪ ،‬والوصية بالكتاب‪ ،‬وفي اإلعالم)‬

‫أي هذه األنواع الثالثة كاملناولة‪ ،‬تصح الرواية هبا‪ ،‬بشرط اقرتاهنا باإلذن بالرواية‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬الوجادة‪ ،‬وهي‪ :‬أن جيد أجاديث خبط شيخه‪.‬‬ ‫فال تصح الرواية بالوجادة إل إذا كان له إذن مسبق من الشيخ‪ ،‬مثل أن يكون‬ ‫قد قال له من قبل‪ :‬أجزت لك أن تروي عين مجيع مرويايت‪.‬‬ ‫يوصي الشيخ عند موته أو سفره‬ ‫النوع الثا‪،‬ي‪ :‬الوصية بالكتاب‪ ،‬وهي‪ :‬أن‬ ‫َ‬ ‫معني‪.‬‬ ‫بكتابه لشخص َّ‬ ‫أجدا بإسناده لكتاب ما؛ مثل‬ ‫النوع الثالث‪ :‬اإلعالم‪ ،‬وهو‪ :‬أن يُعلِم‬ ‫الشيخ ا‬ ‫ُ‬ ‫أن يقول‪ :‬أنا أروي صحيح البخاري عن فالن عن فالن إىل البخاري نفسه‪.‬‬ ‫(وإال) أي إذا مل تقرتن هذه األنواع باإلذن بالرواية‪.‬‬

‫(فال عبرة بذلك) أي ل يصح أن يروي هبا‪ ،‬وإن روى ل تُقبل منه‪.‬‬

‫(كاإلجازة العامة‪ ،‬وللمجهول‪ ،‬وللمعدوم) أي األنواع املتقدمة إن مل تقرتن‬ ‫باإلذن بالرواية‪ ،‬فحكمها جكم هذه األنواع الثالثة من جيث عدم العتبار هبا‪:‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪78‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫النوع األول‪ :‬اإلجازة العامة‪.‬‬ ‫عني اجملاز له بل يعمم‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬أجزت جلميع املسلمني‪.‬‬ ‫وهي‪ :‬أن ل يُ ِّ‬ ‫النوع الثا‪،‬ي‪ :‬اإلجازة للمرهول‪.‬‬ ‫وهي‪ :‬أن ُجييز ملبهم‪ ،‬أو مهمل‪ ،‬أو حنومها‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬أجزت ألجد أقاريب‪.‬‬ ‫النوع الثالث‪ :‬اإلجازة للمعدوم‪.‬‬ ‫وهي‪ :‬أن ُجييز ملن مل يُوجد بعد‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬أجزت لبن فالن الذي سيولد‪.‬‬ ‫فهذه األنواع وإن كانت إجازات لكن ل عربة هبا‪.‬‬ ‫(على األصح في جميع ذلك)‬ ‫أي مجيع األنواع املتقدمة من جيث صحة الرواية هبا أو عدم صحة الرواية هبا‬ ‫فيها خال ‪ ،‬والتفصيل الذي ذكره املؤلف هو األصح عنده‪.‬‬ ‫اخلالصة‪ :‬أن طرق التحمل ثالث‪:‬‬ ‫األوىل‪ :‬السماع من الشيخ‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬القراءة على الشيخ‪.‬‬ ‫الثالثة‪ :‬اإلجازة من الشيخ‪.‬‬ ‫واإلجازة هلا كيفيتان‪ :‬املشافهة‪ ،‬واملكاتبة‪.‬‬ ‫أيضا قسمان‪:‬‬ ‫واإلجازة ا‬ ‫القسم األول‪ :‬أنواع معتربة بشرط اقرتاهنا باإلذن‪.‬‬ ‫وهي أربعة‪ :‬املناولة‪ ،‬والوجادة‪ ،‬والوصية بالكتاب‪ ،‬واإلعالم‪.‬‬ ‫القسم الثا‪،‬ي‪ :‬أنواع غري معتربة باإلطالق‪.‬‬ ‫وهي ثالثة‪ :‬اإلجازة العامة‪ ،‬وللمرهول‪ ،‬وللمعدوم‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪79‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ثُ َّم ُّ‬ ‫صا ِع ًدا َوا ْختَ لَ َف ْ‬ ‫الرَواةُ إِن اتَّ َف َق ْ‬ ‫َس َما ُؤ ُه ْم َوأ ْ‬ ‫ت أْ‬ ‫َس َماءُ آبَائ ِه ْم فَ َ‬ ‫أَ ْش َخاصهم فَ هو ا ِ‬ ‫لم ْفتَ ِر ُق(‪.)1‬‬ ‫لمتَّف ُق َوا ُ‬ ‫ُ​ُ ْ َُ ُ‬ ‫وإِن اتَّ َف َق ِ‬ ‫ف(‪.)2‬‬ ‫لم ْختَلِ ُ‬ ‫لم ْؤتَلِ ُ‬ ‫َس َماءُ َخطا َوا ْختَ لَ َف ْ‬ ‫ت األ ْ‬ ‫ف َوا ُ‬ ‫ت نُطْ ًقا فَ ُه َو‪ :‬ا ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )1‬هذا النوع التاسع من الصطالجات اليت تتعلق بالرواة‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ثم الرواة) أي رواة احلديث‪.‬‬ ‫(إن اتفقت) أي تساوت‪.‬‬ ‫(أسماؤهم) أي أمساء نفس الرواة‪.‬‬ ‫(وأسماء آبائهم) أي مع أمساء آبائهم‪.‬‬ ‫(فصاع ًدا) أي أمساء أجدادهم‪.‬‬ ‫(واختلفت) أي تغايرت‪.‬‬ ‫(أشخاصهم) أي أنفسهم‪.‬‬ ‫(فهو) أي هذا النوع‪.‬‬ ‫( ِ‬ ‫المتفق والمفت ِرق) أي يسمى هبذا السم‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪" :‬عمر بن اخلطاب" هذا اسم لعدد من الرواة‪:‬‬ ‫منهم‪ :‬الصحايب ‪ ،‬ومنهم‪ :‬شيخ من شيوخ أيب داود‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذا النوع العاشر‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬وإن اتفقت األسماء) أي تساوت‪.‬‬ ‫(خطا) أي كتابة‪.‬‬ ‫(واختلفت) أي تغايرت‪.‬‬ ‫(نط ًقا) أي تلفظاا‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪81‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫َسماء وا ْختَ لَ َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ْك ِ‬ ‫شابِهُ‪.‬‬ ‫لمتَ َ‬ ‫ت اآلبَاءُ‪ ،‬أ َْو بِ َ‬ ‫س‪ :‬فَ ُه َو ا ُ‬ ‫َوإِن اتَّ َف َقت األ ْ َ ُ َ‬ ‫اس ِم األ ِ‬ ‫ِّسبَ ِة (‪.)1‬‬ ‫َب ِواال ْختِالَ ُ‬ ‫االس ِم َو ْ‬ ‫َوَك َذا إِ ْن َوقَ َع االتِّ َفا ُق في ْ‬ ‫ف في الن ْ‬ ‫(فهو) أي فهذا النوع‪.‬‬ ‫(المؤتلف والمختلف) أي يسمى هبذا السم‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪" :‬سالَم" بتخفيف الالم‪ ،‬و"سالَّم" بتشديد الالم‪ ،‬فهما امسان‬ ‫متفقان يف اخلط‪ ،‬وخمتلفان يف النطق‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هذا النوع احلادي عشر‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬وإن اتفقت األسماء) أي خطا ونط اقا‪.‬‬

‫(واختلفت اآلباء) أي نط اقا مع اتفاقها خطا‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪" :‬حممد بن َع ِقيل" بفتح العني‪ ،‬وكسر القا ‪ ،‬و"حممد بن عُ َقيل"‬ ‫بضم العني‪ ،‬وفتح القا ‪.‬‬ ‫(أو بالعكس) أي اختلفت األمساء نط اقا‪ ،‬واتفقت اآلباء خطاا ونط اقا‪.‬‬ ‫(فهو) أي فهذا النوع‪.‬‬

‫(المتشابه) أي يسمى املتشابه‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪" :‬شريح بن النعمان" بالشني واحلاء‪ ،‬و"سريج بن النعمان" بالسني‬ ‫واجليم‪.‬‬ ‫(وكذا) أي وهكذا يسمى املتشابه‪.‬‬

‫(إن وقع االتفاق في االسم واسم األب) أي خطا‪.‬‬ ‫(واالختالف في النسبة) أي نط اقا‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪81‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫وي ت رَّك ِ ِ‬ ‫ص َل االتِّ َفا ُق أَو اال ْشتِبَاهُ إِالَّ‬ ‫ب م ْنهُ َوم َّما قَ ْبلهُ أَنْ َواعٌ؛ م ْن َها‪ :‬أَ ْن يَ ْح ُ‬ ‫َ َ​َ َ ُ‬ ‫ك(‪.)1‬‬ ‫في َح ْرف أ َْو َح ْرفَ ْي ِن‪ ،‬أ َْو بِالتَّ ْق ِد ِيم َوالتَّأ ِْخي ِر‪ ،‬أ َْو نَ ْح ِو ذَلِ َ‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر املتشابه ناسب أن يذكر ما يرتكب منه ومما قبله‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ويتركب) أي يتكون‪.‬‬ ‫(منه) أي من املتشابه‪.‬‬ ‫(ومما قبله) أي ومن املتفق واملفرتق‪ ،‬واملؤتلف واملختلف‪.‬‬ ‫(أنواع) أي أنواع أخرى‪.‬‬ ‫(منها) أي من هذه األنواع‪.‬‬ ‫(أن يحصل االتفاق أو االشتباه) أي بني المسني‪.‬‬

‫(إال في حرف أو حرفين) هذا نوعٌ‪.‬‬ ‫مثاله‪" :‬معر بن واصل" و"مطر بن واصل"‪ ،‬فالمسان بينهما اتفاق وتشابه‬ ‫إل يف جر واجد‪.‬‬ ‫(أو بالتقديم والتأخير) هذا نوعٌ آخر‪.‬‬

‫مثاله‪" :‬أيوب بن سيار" و"أيوب بن يسار"‪ ،‬فالمسان بينهما اتفاق وتشابه إل‬ ‫يف التقدْي والتأخري‪.‬‬ ‫(أو نحو ذلك) أي من األنواع اليت ترتكب من املتشابه ومن الذي قبله‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪82‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(‪)1‬‬

‫خاتمة ‪‬‬

‫َوِم َن الْ ُم ِه ِّم‪:‬‬ ‫الرواةِ‪ ،‬وموالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يد ِه ْم‪َ ،‬وَوفَ يَاتِ ِه ْم‪َ ،‬وبُ ْل َدانِ ِه ْم(‪.)2‬‬ ‫َم ْع ِرفَةُ طَبَ َقات ُّ َ َ َ َ‬ ‫(‪ )1‬هذا املبحث السادس؛ وهو‪ :‬خامتة تتضمن مسائل مهمة‪ ،‬تتعلق بالرواة‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذه مسائل مهمة‪.‬‬ ‫فائدهتا‪ :‬التوصل إىل معرفة ثبوت السماع وعدمه بني الرواة‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ومن المهم) أي عند احملدثني‪.‬‬ ‫(معرفة طبقات الرواة)‬ ‫طبقات‪ :‬مجع طبقة‪.‬‬ ‫وهي يف الصطالح‪ :‬عبارة عن مجاعة اشرتكوا يف شيء معني‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪:‬‬ ‫"طبقة الصحابة" هم‪ :‬الذين اشرتكوا يف لقاء النيب ‪.‬‬ ‫و"طبقة التابعني" هم‪ :‬الذين اشرتكوا يف لقاء الصحابة ‪.‬‬ ‫و"طبقة تابعي التابعني" هم‪ :‬الذين اشرتكوا يف لقاء التابعني‪.‬‬ ‫وهذا التقسيم نوع من تقسيم الطبقات‪.‬‬ ‫وُيتلف التقسيم حبسب اصطالح كل مؤلف‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪83‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يحا َو َج َهالَةً‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫َح َوال ِه ْم‪ :‬تَ ْعديالً َوتَ ْج ِر َ‬ ‫َوَم َراتِ ِ‬ ‫لج ْر ِح‪:‬‬ ‫با َ‬ ‫ف بِأَفْ َعل َكأَ ْك َذ ِ‬ ‫ب الن ِ‬ ‫َّاس‪ ،‬ثُ َّم َد َّجال‪ ،‬أ َْو َوضَّاع‪ ،‬أ َْو َك َّذاب‪.‬‬ ‫ص ُ‬ ‫الو ْ‬ ‫َوأ ْ‬ ‫َس َوأ َُها‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫وأَسهلُها‪ :‬لَيِّن‪ ،‬أَو س ِّيء ِ‬ ‫الح ْف ِظ‪ ،‬أ َْو فِ ِيه َم َق ٌ‬ ‫ال‪.‬‬ ‫َ َْ َ ٌ ْ َ ُ‬ ‫َوَم َراتِ ِ‬ ‫َّع ِد ِ‬ ‫يل‪:‬‬ ‫ب الت ْ‬ ‫ص َفة أَو ِ‬ ‫َك َد بِ ِ‬ ‫َّاس‪ ،‬ثُ َّم َما تَأ َّ‬ ‫ف بِأَفْ َع َل َكأ َْوثَ ِق الن ِ‬ ‫ص َفتَ ْي ِن كثِ َقة‬ ‫ص ُ‬ ‫الو ْ‬ ‫ْ‬ ‫َوأ َْرفَ عُ َها‪َ :‬‬ ‫ثَِقة؛ أ َْو ثَِقة َحافِظ‪.‬‬ ‫وأَ ْدنَاها‪ :‬ما أَ ْشعر بِال ُقر ِ ِ‬ ‫ش ْيخ(‪.)1‬‬ ‫َّج ِر ِ‬ ‫يح َك َ‬ ‫َس َه ِل الت ْ‬ ‫ب م ْن أ ْ‬ ‫َ َ َ َ​َ ْ‬ ‫(ومواليدهم‪ ،‬ووفَ يَاتِهم)‬

‫أي ومن املهم‪ :‬معرفة تاريخ ولدة كل راو‪ ،‬وتاريخ وفاته‪.‬‬

‫(وبلدانهم) أي مقرهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬هذه مسائل مهمة‪.‬‬ ‫فائدهتا‪ :‬التوصل إىل معرفة من ُحيتج حبديثه‪ ،‬ومن ل ُحيتج حبديثه‪ ،‬وكذلك من‬ ‫يصلح للشواهد واملتابعات‪ ،‬ومن ل يصلح لذلك‪.‬‬

‫يحا‪ ،‬وجهالة) أي ومن املهم‪ :‬معرفة جال‬ ‫قوله‪( :‬وأحوالهم‪ :‬تعديالً‪ ،‬وتجر ً‬ ‫جمرح؟ أو جمهول؛ مل يثبت فيه جرح ول تعديل؟‬ ‫الراوي‪ ،‬هل هو معدَّل؟ أو َّ‬ ‫(ومراتب الجرح) أي ومن املهم‪ :‬معرفة مراتب اجلرح‪.‬‬

‫واجلرح هو‪ :‬القدح يف الراوي‪.‬‬ ‫(وأسوأها) أي أسوأ مراتب اجلرح‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪84‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(الوصف بأفعل كأكذب الناس‪ ،‬ثم دجال‪ ،‬أو وضاع‪ ،‬أو كذاب)‬ ‫أي أسوأها وصفان‪ :‬وصف على وزن أفعل‪ ،‬مث على وزن فعَّال‪.‬‬

‫(وأسهلها) أي أسهل مراتب اجلرح‪.‬‬

‫(ليِّن‪ ،‬أو سيء الحفظ‪ ،‬أو فيه مقال) أي ألفاظ تقتضي اجلرح من غري شدة‪.‬‬

‫والفرق بني أسوأ مراتب اجلرح وأسهلها‪:‬‬ ‫أن أصحاب أسوأ املراتب ل حيتج حبديثهم‪ ،‬ول يصلح جديثهم للشواهد واملتابعات‪.‬‬ ‫وأما أصحاب أسهل املراتب فال حيتج حبديثهم‪ ،‬ولكن يصلح للشواهد واملتابعات‪.‬‬ ‫(ومراتب التعديل) أي ومن املهم‪ :‬معرفة مراتب التعديل‪.‬‬ ‫(وأرفعها) أي أرفع مراتب التعديل‪.‬‬ ‫(الوصف بأفعل كأوثق الناس‪ ،‬ثم ما تأكد بصفة أو صفتين كثقة ثقة‪ ،‬أو‬ ‫ثقة حافظ)‬

‫أي أرفعها وصفان‪ :‬وصف على وزن أفعل‪ ،‬مث الوصف املؤَّكد‪.‬‬ ‫والوصف املؤَّكد ل ُيلو من جالتني‪:‬‬ ‫احلالة األوىل‪ :‬أن يُكرر نفس الوصف كـ (ثقة ثقة)‪.‬‬ ‫احلالة الثانية‪ :‬أن يُؤتى بوصف آخر كـ (ثقة جافظ)‪.‬‬ ‫(وأدناها) أي أدىن مراتب التعديل‪.‬‬

‫(ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح كشيخ)‬ ‫أي ألفاظ ظاهرها تعديل‪ ،‬لكن َمْن ِزلَتها قريبة من َمْن ِزلَة ألفاظ أسهل الترريح‪.‬‬ ‫مثاله‪ :‬كلمة "شيخ" ظاهرها تعديل‪ ،‬لكن َمْن ِزلَتها قريب من َمْن ِزلَة "لني" يف الترريح‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪85‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َص ِّح(‪.)1‬‬ ‫َوتُ ْقبَ ُل الت َّْزكيَةُ م ْن َعا ِرف بِأ ْ‬ ‫َسبَابِ َها‪َ ،‬ولَ ْو م ْن َواحد َعلَى األ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّع ِد ِ‬ ‫َسبَابِ ِه‪ ،‬فَِإ ْن َخالَ‬ ‫ح ُم َق َّد ٌم َعلَى الت ْ‬ ‫ص َد َر ُمبَ يَّ نًا م ْن َعا ِرف بِأ ْ‬ ‫يل إِ ْن َ‬ ‫َوالْ َج ْر ُ‬ ‫َّع ِد ِ ِ‬ ‫الم ْختَا ِر(‪.)2‬‬ ‫َع ِن الت ْ‬ ‫يل قُب َل ُم ْج َمالً َعلَى ُ‬ ‫وهلذا فالفرق بني أرفع مراتب التعديل وأدناها‪:‬‬ ‫أن أصحاب أرفع املراتب حيتج حبديثهم‪.‬‬ ‫وأما أصحاب أدىن املراتب فال حيتج حبديثهم‪ ،‬ولكن يصلح للشواهد واملتابعات‪.‬‬ ‫(‪ )1‬لَ َّما ذكر مراتب التعديل ناسب أن يذكر ممن تُقبل التزكية‪.‬‬ ‫واملراد بالتزكية‪ :‬تعديل الرواة‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬وتُقبل التزكية) أي التعديل‪.‬‬

‫(من عارف بأسبابها) أي أسباب التزكية‪.‬‬ ‫يعين أنه أهل لذلك‪ ،‬يَعر األسباب املقتضية للتعديل‪.‬‬ ‫اجدا فقط‪.‬‬ ‫(ولو من واحد) أي تُقبل التزكية‪ ،‬ولو كان الذي زكى و ا‬ ‫(على األصح) أي يف الكتفاء بواجد‪.‬‬

‫يشري إىل أن منهم من اشرتط لقبول التزكية أن يكون الذي زكى أكثر من واجد‪.‬‬ ‫(‪ )8‬لَ َّما ذكر َمن يُقبل تعديله‪ ،‬ناسب أن يذكر إذا تعارض اجلرح والتعديل فأيهما‬ ‫جرجه‪ ،‬ومنهم من عدَّله‪.‬‬ ‫يُقدَّم؟ يعين إذا اختلفوا يف الراوي؛ فمنهم من َّ‬ ‫قوله‪( :‬والجرح) أي القدح يف الراوي‪.‬‬ ‫(مقدم على التعديل) أي إذا تعارضا‪.‬‬ ‫(إن صدر) أي اجلرح‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪86‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫مفسارا‪.‬‬ ‫(مبيَّ نًا) أي َّ‬

‫(من عارف بأسبابه) أي أسباب اجلرح‪.‬‬ ‫(فإن خال) أي اجملروح‪.‬‬ ‫جرجه‪ ،‬ومل يوجد َمن عدَّله‪.‬‬ ‫(عن التعديل) أي ُوِجد َمن َّ‬ ‫(قُبِل) أي اجلرح‪.‬‬ ‫مفسر‪.‬‬ ‫(مجمالً) أي غري َّ‬

‫(على المختار) أي يف قبول اجلرح جممالا‪.‬‬ ‫مفسرا‪ ،‬ولو خال عن التعديل‪.‬‬ ‫يشري إىل أن منهم َمن ل يقبل اجلرح إل ا‬ ‫اخلالصة‪ :‬أن اجلرح إذا عارضه تعديل‪ ،‬فاجلرح مقدم بشرطني‪:‬‬ ‫اجملرح أهالا لذلك‪.‬‬ ‫األول‪ :‬أن يكون ِّ‬ ‫مفسارا‪ ،‬ل جممالا‪.‬‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬أن يكون اجلرح َّ‬ ‫مثال اجلرح املفسر‪َّ " :‬‬ ‫كذاب"‪ ،‬فهذا اجلرح واضح أن سببه الكذب‪.‬‬ ‫مثال اجلرح اجململ‪" :‬ضعيف"‪ ،‬فهذا اجلرح غري واضح منه سبب الضعف‪.‬‬


‫‪87‬‬

‫مكتبة المبتدئ‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ْ‬ ‫فصل ‪‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ِ‬ ‫الم ِه ِّم‪:‬‬ ‫َوم َن ُ‬ ‫مع ِرفَةُ ُكنى المس َّمين‪ ،‬وأ ِ‬ ‫الم َكنَّ ْي َن‪.‬‬ ‫َْ َ ُ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َس َماء ُ‬ ‫اس ُمهُ ُك ْن يَتُهُ‪.‬‬ ‫َوَمن ْ‬ ‫ف فِي ُك ْن يَتِ ِه‪.‬‬ ‫ومن ا ْختُلِ َ‬ ‫َ‬ ‫ت ُكنَاهُ أ َْو نُعُوتُهُ‪.‬‬ ‫َوَم ْن َكثُ َر ْ‬ ‫ِ‬ ‫الع ْك ِ‬ ‫س‪ ،‬أ َْو ُك ْن يَتُهُ ُك ْن يَةَ َزْو َجتِ ِه‪.‬‬ ‫َوَم ْن َوافَ َق ْ‬ ‫ت ُك ْن يَتُهُ ْ‬ ‫اس َم أَبِيه أ َْو بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ب إِلى غَْي ِر أَبِ ِيه‪ ،‬أ َْو إِلى أ ُِّم ِه‪ ،‬أ َْو إِلى غَْي ِر َما يَ ْسبِ ُق إِلى ال َف ْه ِم‪.‬‬ ‫َوَم ْن نُس َ‬ ‫وم ِن اتَّ َف َق اسمه واسم أَبِ ِيه وجدِّهِ‪ ،‬أَ ِو اس ِم َشي ِخ ِه و َشي ِخ َشي ِخ ِه فَص ِ‬ ‫اع ًدا‪،‬‬ ‫ْ ْ َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ْ ُ​ُ َ ْ ُ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫الرا ِوي َع ْنهُ ‪.‬‬ ‫اس ُم َش ْي ِخ ِه َو َّ‬ ‫َوَمن اتَّ َف َق ْ‬ ‫(‪ )1‬هذا الفصل مندرج يف اخلامتة‪.‬‬

‫ولعل املؤلف ذكر كلمة (فصل) إشارة إىل أن بني املسائل يف هذا الفصل‬

‫نوعا من املغايرة‪.‬‬ ‫واملسائل اليت قبلها ا‬ ‫(‪ )8‬هذه مسائل مهمة‪.‬‬ ‫فائدهتا‪ :‬األمن من اخللط بني الرواة‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪88‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫سمى‪.‬‬ ‫قوله‪( :‬ومن المهم معرفة كنى‬ ‫َّ‬ ‫املسمني‪ :‬مجع‪ ،‬مفرده ُم َّ‬ ‫المسمين) لفظ َّ‬ ‫واملراد به‪َ :‬من اشتهر بامسه‪.‬‬ ‫يعين ِمن املهم‪ :‬معرفة كنية من اشتهر بامسه‪.‬‬

‫كىن‪.‬‬ ‫(وأسماء المكنَّين) املكنَّون‪ :‬مجع‪ ،‬مفرده ُم َّ‬

‫واملراد به‪َ :‬من اشتهر بكنيته‪.‬‬ ‫يعين ِمن املهم‪ :‬معرفة اسم من اشتهر بكنيته‪.‬‬

‫(ومن اسمه كنيته) أي َمن امسه هو نفس كنيته‪.‬‬

‫(ومن اختلف في كنيته) أي َمن له كنية‪ ،‬واختلفوا ما هي كنيته‪.‬‬

‫(ومن كثرت كناه أو نعوته) أي َمن له أكثر من كنية‪ ،‬أو له أكثر َمن لقب‪.‬‬

‫(ومن وافقت كنيته اسم أبيه) املراد‪ :‬أن السم الذي يف الكنية موافق لسم‬ ‫األب‪ ،‬مثل أن تكون كنيته "أبا إسحاق" واسم أبيه "إسحاق"‪.‬‬

‫(أو بالعكس) مثل أن يكون امسه "إسحاق" وكنية أبيه "أبا إسحاق"‪.‬‬ ‫(أو كنيته كنية زوجته) مثل الصحايب خالد بن زيد ‪‬؛ كنيته "أبو أيوب"‪،‬‬ ‫وكنية زوجته "أم أيوب"‪.‬‬

‫(ومن نسب إلى غير أبيه‪ ،‬أو إلى أمه‪ ،‬أو إلى غير ما يسبق إلى الفهم)‬ ‫مثال األول‪" :‬أمحد بن جنبل" اسم أبيه حممد‪ ،‬وهو نسب إىل جده‪.‬‬ ‫مثال الثا‪،‬ي‪" :‬إمساعيل ابن علية" اسم أبيه إبراهيم‪ ،‬وهو نسب إىل أمه‪.‬‬ ‫مثال الثالث‪" :‬خالد َّ‬ ‫احلذاء" ظاهره منسوب إىل صناعة األجذية أو بيعها‪،‬‬ ‫وليس كذلك‪ ،‬إمنا كان جيالس َّ‬ ‫احلذائني فنُسب إليهم‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪89‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ومع ِرفَةُ األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب‪َ ،‬واألَنْس ِ‬ ‫الم ْفر َدةِ‪َ ،‬وال ُكنَى‪َ ،‬واألَلْ َق ِ‬ ‫اب‪.‬‬ ‫َ​َْ‬ ‫ْ‬ ‫َس َماء ُ‬ ‫َ‬ ‫الم َج َّر َدة‪َ ،‬و ُ َ‬ ‫وتَ َقع إِلى ال َقبائِ ِل واألَوطَ ِ‬ ‫ان‪ :‬بِالَ ًدا أَو ِ‬ ‫اعا أ َْو ِس َك ًكا أ َْو ُم َج َاوَرًة‪َ ،‬وإِلى‬ ‫ضيَ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫الحر ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫الصنَائ ِع َو َ‬ ‫ِ‬ ‫َس َم ِاء‪.‬‬ ‫َويَ َق ُع ف َيها االتِّ َفا ُق َواال ْشتِبَاهُ َكاأل ْ‬ ‫َسبَ ِ‬ ‫ك(‪.)1‬‬ ‫اب ذَلِ َ‬ ‫َوقَ ْد تَ َق ُع أَلْ َقابًا‪َ ،‬وَم ْع ِرفَةُ أ ْ‬ ‫(ومن اتفق اسمه واسم أبيه وجده‪ ،‬أو اسم شيخه وشيخ شيخه فصاع ًدا)‬

‫مثال األول‪ :‬احلسن بن احلسن بن احلسن بن علي بن أيب طالب‪.‬‬ ‫مثال الثا‪،‬ي‪ :‬عمران عن عمران عن عمران‪.‬‬

‫(ومن اتفق اسم شيخه والراوي عنه) مثل أن البخاري له شيخ امسه "مسلم"‪،‬‬

‫وتلميذ امسه "مسلم"‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هذه مسائل مهمة‪.‬‬ ‫فائدهتا‪ :‬معرفة الرواة من جيث السم والكنية واللقب والنسبة‪.‬‬

‫َس َماء المجردة) أي معرفة أَمساء الرواة مطل اقا‪ ،‬ليست مقيدة‬ ‫قوله‪( :‬ومعرفة األ ْ‬ ‫بنوع من األنواع كاملتشابه‪.‬‬

‫َمسَاء اليت َملْ يُسم ِهبا إل واجد‪.‬‬ ‫(والمفردة) أي معرفة األ ْ‬

‫مثل "أمحد بن عُريان" اسم ألجد الصحابة‪ ،‬مل يُسم به غريه‪.‬‬ ‫(والكنى) أي معرفة كىن الرواة مطل اقا‪.‬‬

‫صدِّر بأب أو أم‪ ،‬مثل "أيب بكر"‪.‬‬ ‫والكىن‪ :‬مجع كنية‪ ،‬وهي ما ُ‬ ‫(واأللقاب) أي معرفة ألقاب الرواة مطل اقا‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪91‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫واأللقاب‪ :‬مجع لقب‪ ،‬وهو‪ :‬الوصف الدال على مدح أو ذم‪ ،‬مثل " ِ‬ ‫الصدِّيق"‪.‬‬ ‫(واألنساب) أي معرفة أنساب الرواة مطل اقا‪.‬‬

‫ياعا‪ ،‬أو سك ًكا‪ ،‬أو مجاورة‪،‬‬ ‫بالدا‪ ،‬أو ض ً‬ ‫(وتقع إلى القبائل واألوطان‪ً :‬‬ ‫وإلى الصنائع والحرف) أي األنساب ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫القسم األول‪ :‬تقع إىل القبائل‪ ،‬مثل "القرشي" نسبة إىل قبيلة قريش‪.‬‬ ‫القسم الثا‪،‬ي‪ :‬تقع إىل األوطان‪ ،‬مثل "املكي" نسبة إىل مكة‪.‬‬ ‫ويدخل يف هذا القسم أربعة أنواع‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬النسبة إىل البالد‪.‬‬ ‫النوع الثا‪،‬ي‪ :‬النسبة إىل الضياع‪.‬‬ ‫النوع الثالث‪ :‬النسبة إىل السكك‪.‬‬ ‫النوع الرابع‪ :‬النسبة إىل اجملاورة‪ ،‬أي نُسب إىل مكان ليس هو مكانه بل جماور‬ ‫ملكانه‪.‬‬ ‫فهذه األنواع األربعة كلها تدخل يف النسبة إىل األوطان‪.‬‬ ‫القسم الثالث‪ :‬تقع إىل الصنائع واحلر ‪.‬‬ ‫والصنائع‪ :‬مجع صناعة‪ ،‬وهي‪ :‬اليت تُزاول باليد‪ ،‬مثل "اخليَّاط"‪.‬‬ ‫البزاز" يُطلق على بائع الثياب‪.‬‬ ‫واحلِر ‪ :‬مجع جرفة‪ ،‬وهي‪ :‬مهنة البيع‪ ،‬مثل " َّ‬ ‫(ويقع فيها االتفاق واالشتباه كاألسماء) أي يقع يف األنساب‪.‬‬

‫(وقد تقع ألقابًا) أي األنساب قد تطلق ويراد هبا مدح أو ذم‪.‬‬ ‫(ومعرفة أسباب ذلك) أي ِ‬ ‫ومن املهم‪ :‬معرفة أسباب األلقاب واألنساب اليت‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪91‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ِّق أَو بِال ِ‬ ‫ْحل ِ‬ ‫ْف(‪.)1‬‬ ‫الم َوالي م ْن أَ ْعلَى َوم ْن أ ْ‬ ‫َس َف َل؛ بِ ِّ ْ‬ ‫َوَم ْع ِرفَةُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َخو ِ‬ ‫ات(‪.)2‬‬ ‫َوَم ْع ِرفَةُ ا ِإل ْخ َوة َواأل َ َ‬ ‫باطنها خال ظاهرها‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هذه مسألة مهمة‪.‬‬ ‫فائدهتا‪ :‬معرفة املراد حبقيقة الولية ملن قِيل عنه موىل‪.‬‬ ‫(ومعرفة الموالي) أي ِ‬ ‫ومن املهم‪ :‬معرفة املوايل‪ ،‬واملوايل‪ :‬مجع موىل‪.‬‬

‫(من أعلى ومن أسفل) أي "املوىل" يطلق على األعلى كـ "املعتِق" بكسر‬

‫التاء‪ ،‬ويطلق على األسفل كـ "املعتَق" بفتح التاء‪.‬‬ ‫مثال ذلك‪" :‬نافع" الراوي عن "ابن عمر"‪.‬‬ ‫فنافع موىل ابن عمر؛ ألنه معتَق منه‪ ،‬وابن عمر موىل نافع؛ ألنه معتِ ُقه‪.‬‬ ‫(بالرق أو بالحلف) أي الولية هلا أسباب‪ ،‬منها هذان السببان‪:‬‬

‫نافعا كان رقي اقا لبن عمر‪ ،‬مث أعتقه فصار موىل له‪.‬‬ ‫األول‪ :‬الرق‪ ،‬مثل أن ا‬ ‫الثا‪،‬ي‪ :‬احلِْلف‪ ،‬وذلك كالذي يأيت إىل قبيلة ما؛ فيطلب منها أن حتميه‪ ،‬فتتعهد‬

‫له بذلك‪ ،‬فيكون موىل هلا من هذا الباب‪.‬‬ ‫(‪ )8‬هذه مسألة مهمة‪.‬‬ ‫أخا‪ ،‬عند الشرتاك يف اسم األب‪.‬‬ ‫فائدهتا‪ :‬جىت ل يُظن من ليس بأخ ا‬ ‫مثال ذلك‪" :‬عبد اهلل بن دينار" و"عمرو بن دينار"‪.‬‬ ‫أخا هلذا؛ أنه ليس من إخوانه‬ ‫فمن الوسائل اليت يُعر هبا أن هذا الراوي ليس ا‬ ‫من يسمى هبذا السم‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪92‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫آد ِ‬ ‫الش ْي ِخ َوالطَّالِ ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫َوَم ْع ِرفَةُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّح ُّم ِل َواأل َ​َد ِاء‪.‬‬ ‫َوس ِّن الت َ‬ ‫اع ِه‪ ،‬وإِسم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫وِ‬ ‫ص َف ِة كِتَاب ِة ِ ِ‬ ‫الر ْحلَ ِة فِ ِيه‪.‬‬ ‫اع ِه‪َ ،‬و ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫الحديث َو َع ْرضه‪َ ،‬و َس َم َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫العلَ ِل‪ ،‬أَ ِو األَطْر ِ‬ ‫صنِ ِيف ِه‪ :‬إِ َّما َعلَى المسانِ ِ‬ ‫اب‪ ،‬أَ ِو ِ‬ ‫يد‪ ،‬أَ ِو األَبْ َو ِ‬ ‫اف‪.‬‬ ‫َوتَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ب الح ِد ِ‬ ‫يث‪.‬‬ ‫َوَم ْع ِرفَةُ َسبَ ِ َ‬ ‫وقَ ْد صن َ ِ ِ‬ ‫وخ ال َق ِ‬ ‫اضي أَبِي يَ ْعلَى بْ ِن ال َف َّر ِاء‪.‬‬ ‫ض ُشيُ ِ‬ ‫َّف فيه بَ ْع ُ‬ ‫َ َ‬ ‫صنَّ ُفوا في غَالِ ِ‬ ‫ب َه ِذهِ األَنْ َو ِاع‪.‬‬ ‫َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّع ِر ِ‬ ‫يف‪ُ ،‬م ْستَ ْغنِيَةٌ َع ِن الت َّْمثِ ِ‬ ‫يل‪.‬‬ ‫َوه ِي نَ ْق ٌل َم ْح ٌ‬ ‫ض‪ ،‬ظَاه َرةُ الت ْ‬ ‫سوطَاتُ َها‪.‬‬ ‫ص ُرَها ُمتَ َع ِّ‬ ‫َو َح ْ‬ ‫س ٌر‪ ،‬فَ لْتُ َر َ‬ ‫اج ْع لَ َها َم ْب ُ‬ ‫واهلل الموفِّ ُق واله ِ‬ ‫ادي‪ ،‬الَ إِلَهَ إِالَّ ُه َو(‪.)1‬‬ ‫َ ُ َُ َ َ‬ ‫(‪ )1‬هذه مسائل مهمة‪.‬‬ ‫موضوعها‪ :‬معرفة اآلداب قبل الطلب‪ ،‬وأثناء الطلب‪ ،‬وبعد الطلب‪.‬‬ ‫(ومعرفة آداب الشيخ والطالب) أي ِ‬ ‫ومن املهم‪ :‬معرفة اآلداب اليت يتحلى‬ ‫هبا الشيخ‪ ،‬واآلداب اليت يتحلى هبا الطالب‪.‬‬

‫(وسن التحمل واألداء) املراد بسن التحمل‪ :‬السن الذي به يكون عنده‬ ‫القدرة على تلقي احلديث جفظاا أو كتابة‪ ،‬واملراد بسن األداء‪ :‬السن الذي به‬ ‫يكون عنده القدرة على تبليغ احلديث‪.‬‬ ‫ورجح املؤلف يف الشرح بأنه ليس لذلك سن معني‪ ،‬بل العربة يف التحمل‪:‬‬ ‫التمييز‪ ،‬والعربة يف األداء‪ :‬التأهل‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪93‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫(وصفة كتابة الحديث‪ ،‬وعرضه‪ ،‬وسماعه‪ ،‬وإسماعه‪ ،‬والرحلة فيه‪،‬‬ ‫وتصنيفه‪ :‬إما على المسانيد‪ ،‬أو األبواب‪ ،‬أو العلل‪ ،‬أو األطراف)‬ ‫أما صفة كتابة احلديث؛ أي كيفية كتابته‪ ،‬فمثل أن يكتبه خبط واضح‪ ،‬وينقط‪،‬‬ ‫ويشكل ما حيتاج إىل تشكيل‪ ،‬وإذا أراد اإلضافة أضا يف احلاشية اليمىن أو‬ ‫اليسرى‪ ،‬ول يضيف ما بني األسطر‪.‬‬ ‫وأما صفة عرضه؛ أي كيفية مراجعته‪ ،‬فمثل أن يراجع ما كتبه‪ ،‬سواء مع‬ ‫الشيخ‪ ،‬أو مع قرينه‪ ،‬أو مع نفسه؛ شيئاا فشيئاا بتأن‪.‬‬ ‫متنبها‪ ،‬متيقظاا‪ ،‬ل يفوته‬ ‫وأما صفة مساعه؛ أي كيفية استماعه‪ ،‬فمثل أن يكون ا‬ ‫شيء من جديث شيخه‪.‬‬ ‫وأما صفة إمساعه؛ أي كيفية تسميعه‪ ،‬فمثل أن يعتمد على كتابه الذي عُين‬ ‫به‪ ،‬ول يعتمد على كتاب غريه‪.‬‬ ‫وأما صفة الرجلة؛ فيه أي كيفية الرجلة يف طلب احلديث‪ ،‬فذلك يتضمن أمرين‪:‬‬ ‫أجدمها‪ :‬أنه إذا تلقى احلديث الذي يف بلده يرجل ليتلقى ما ليس يف بلده‪.‬‬ ‫يصا على حتصيل احلديث ل تكثري الشيوخ؛ أعين أن ل‬ ‫والثا‪،‬ي‪ :‬أن يكون جر ا‬ ‫يأيت إىل الشيخ فيتلقى منه جديثاا أو جديثني‪ ،‬مث يرتكه ويذهب إىل شيخ آخر‪،‬‬ ‫بل يتلقى كل ما عند الشيخ قبل أن يذهب إىل غريه‪.‬‬ ‫وأما صفة تصنيفه؛ أي كيفية تأليف احلديث وترتيبه‪ ،‬فالتصنيف حبسب ما‬ ‫ذكر املؤلف على أربعة أنواع‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬التصنيف على املسانيد‪ ،‬وذلك جبمع أجاديث كل صحايب على‬ ‫جدة‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪94‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫النوع الثا‪،‬ي‪ :‬التصنيف على األبواب؛ أي على املسائل‪ ،‬كمسائل األجكام‬ ‫الفقهية‪.‬‬ ‫النوع الثالث‪ :‬التصنيف على العلل؛ أي لغرض بيان ما يف احلديث من علة‪.‬‬ ‫النوع الرابع‪ :‬التصنيف على األطرا ‪ ،‬وذلك يكون مبثابة الفهارس‪.‬‬ ‫وصورته‪ :‬أن يذكر طر احلديث‪ ،‬مث يذكر مصادره من كتب احلديث‪.‬‬ ‫(ومعرفة سبب الحديث) أي ِ‬ ‫ومن املهم‪ :‬معرفة سبب ورود احلديث‪ ،‬وهو‬ ‫كمعرفة سبب النـ ُزْول يف اآليات‪.‬‬

‫(وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى بن الفراء) أي صنفوا يف‬ ‫سبب ورود احلديث‪.‬‬ ‫(وصنفوا في غالب هذه األنواع) أي األنواع املذكورة يف اخلامتة‪.‬‬ ‫(وهي) أي هذه األنواع‪.‬‬

‫(نقل محض) أي نقل خالص‪.‬‬ ‫(ظاهرة التعريف) أي واضحة التعريف‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كرها يُغين عن التمثيل هلا‪.‬‬ ‫(مستغنية عن التمثيل) أي ذ ُ‬ ‫(وحصرها متعسر) أي اإلجاطة هبا كلها متعسر‪.‬‬ ‫(فلتراجع لَها مبسوطاتُها) أي فلرتاجع الكتب اليت بسطت الكالم عنها؛‬ ‫ليحصل فهمها واستيعاهبا أكثر‪.‬‬ ‫واهلل أعلم‪ ،‬وصلى اهلل على نبينا حممد‪ ،‬وعلى آله‪ ،‬وصحبه‪ ،‬وسلم‪.‬‬


‫مكتبة المبتدئ‬

‫‪95‬‬

‫شرح نخبة الفكر‬

‫احملتويات‬

‫مقدمة ‪7.................................................................‬‬ ‫قبل الشروع يف شرح الكتاب‪5..............................................‬‬ ‫[مقدمة املؤلف] ‪7.........................................................‬‬ ‫[أقسام اخلرب باعتبار وصوله إلينا] ‪2.........................................‬‬ ‫[أقسام اخلرب من جيث القبول والرد]‪12 .....................................‬‬ ‫[أقسام اخلرب باعتبار من يضا إليه] ‪52 ....................................‬‬ ‫[أقسام اخلرب باعتبار عدد الرواة] ‪17 ........................................‬‬ ‫[أنواع من الصطالجات تتعلق بالرواة] ‪12 ..................................‬‬ ‫َخ ِامتَةٌ ‪28 ................................................................‬‬ ‫ص ٌل ‪27 ................................................................‬‬ ‫فَ ْ‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.