جريدة شرارة آذار العدد 97

Page 1

‫العدد ‪97‬‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫امل�شحم‪ ..‬الفيلم الوثائقي‬ ‫الأول ل�شرارة �آذار‬

‫كارثة �إن�سانية �أم كارثة وطنية‬ ‫حلب حتت رحمة الرباميل املتفجرة‬ ‫فل�سطينيو �سوريا‬ ‫خطف الثورة‬ ‫الإعالم ال�سوري البديل‬ ‫ال�سوريون يعي�شون بني تطرفني‬ ‫الأ�سد لي�س �أ�سد ًا حل�سابه‬

‫امل�شحم‪ ..‬عامل من التفا�صيل واملنمنمات‪ ،‬هنا حيث ا�ستطاع �سكان‬ ‫املكان اقتطاع زمن خا�ص بهم‪ ،‬خارج �إطار الزمن العام‪ .‬هنا حيث ما زال‬ ‫للبداهة من مت�سع‪ ،‬و"للحياة الطبيعية الب�سيطة" من امكانية‪.‬‬ ‫يف "اخلارج"‪ ،‬خارج امل�شحم‪ ،‬كل �شيء خمتلف‪ ،‬عالقات معقدة‬ ‫بني الثوار‪ ،‬وا�صطفافات �سيا�سية واجتماعية فر�ضتها اللحظة الراهنة‪،‬‬ ‫يف امل�شحم‪ ،‬عالقات ب�سيطة بني جمموعة من الأفراد املختلفني والذين‬ ‫اختاروا مبلأ �إرادتهم التواجد يف هذا املكان؛ يف "اخلارج" يختلف الأفراد‬ ‫واملجموعات على ال�سلطة كما على "الغنائم" وترفع البنادق يف وجه‬ ‫�أ�صدقاء الأم�س‪ ،‬يف امل�شحم ال غايات فردية خارج �إطار املعطى الذي تفر�ضه‬ ‫متطلبات الثورة‪ ،‬ال خالفات هنا على الغنائم‪� ،‬إذ ال وجود لها يف امل�شحم‪.‬‬ ‫يف "اخلارج" موت معمم‪ ،‬ودمار‪ ،‬وجع ي�سري يف كل خلية من املدينة‪،‬‬ ‫يف امل�شحم‪ ،‬ي�صل املوت �إىل نهاية املطاف‪ ..‬يكفن‪ ،‬ويزين‪ ،‬ويذهب �إىل‬ ‫مثواه الأخري‪ ،‬املوت يبد�أ يف "اخلارج"‪ ،‬وينتهي يف امل�شحم‪.‬‬ ‫يقطن امل�شحم عائلتني �أ�سا�سيتني‪ ،‬عائلة �أم مازن وعائلة �أم ل�ؤي‪ ،‬يرك�ض‬ ‫�أطفال العائلتني يف كل حيز متاح‪ ،‬بينما تن�شغل العائلتني مبهمتهم املقد�سة‪:‬‬ ‫تكفني ال�شهداء‪ ،‬وتوثيق �أ�سمائهم وظروف موتهم‪ ،‬وما كان معهم من‬ ‫ممتلكات‪ .‬تعمل الن�ساء يد بيد مع رجالهن‪ ،‬ويك�سرن قاعدة التق�سيم الفج‬ ‫للأدوار‪ ،‬هنا املر�أة بجانب رجلها‪ ،‬معه يد بيد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫"الزكور" جزء من طاقم العمل ومقاتل �سابق يف �صفوف الثوار‪ ،‬يقود‬ ‫�سيارة اال�سعاف‪ ،‬وينقل اجلرحى وامل�صابني‪ ،‬مع الوقت �صار جز ًء من �سكان‬ ‫امل�شحم‪ ،‬وفرد ًا من العائلة التي ما فت�أت تتو�سع تدريجي ًا‪" ،‬الزكور" �صديق‬ ‫�أطفال امل�شحم‪ ،‬وم�صدر �سعادة اجلميع؛ "�أبو علي" امل�س�ؤول عن حفر القبور‬ ‫ودفن ال�شهداء‪� ،‬أي�ض ًا ان�ضم للأ�سرة الكبرية و�صار جز ًء منها‪ ،‬رغم ما يبدو‬ ‫عليه من غرابة الأطوار‪� ،‬إال �أن حكايته اخلا�صة قد ت�شفع له غرابة �سلوكه؛‬ ‫"حممد" �شاب و�سيم يف مقتبل العمر‪ ،‬يعمل كم�ساعد يف عمليات التكفني‪،‬‬ ‫ان�ضم بدوره لأ�سرة امل�شحم و�صار جز ًء منها‪.‬‬ ‫امل�شحم اقتطاع للزمن خارج �سياقه‪ ،‬هو �شيء �أ�شبه بفنتازيا من نوع ما؛‬ ‫ال �شيء هنا عجائبي او يدعو للده�شة‪ ،‬كل �شيء هنا ب�سيط حتى التداعي‪،‬‬ ‫ال �شيء �سوى عالقات ان�سانية تربط الأف��راد �إىل بع�ضهم وت�شدهم �إىل‬ ‫رغبة يف اال�ستمرار يف احلياة‪ .‬ي�سلط الفلم –�أو هو ي�سعى �إىل ذلك‪ -‬على‬ ‫العالقات التي ت�شد الأفراد �إىل بع�ضهم‪ ،‬على تفا�صيل حياتهم اليومية‪،‬‬ ‫وي�سعى �إىل ر�صد �سلوكهم الذي يحاولون �أن يكون طبيعي ًا يف ظروف ال‬ ‫�شيء فيها طبيعي‪.‬‬ ‫�أبطالنا �أ�شخا�ص عاديني‪ ،‬فقدو كل �شيء‪ :‬فقدوا �أحبتهم وممتلكاتهم‪،‬‬ ‫فقدوا �أعمالهم وما ادخروه عرب �سنوات عمرهم‪ ،‬بيد �أنهم حافظوا على‬ ‫�شيء واحد ووحيد‪ :‬رغبتهم يف احلياة‪.‬‬


‫العدد ‪97‬‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫�صرب دروي�ش‬

‫كارثة �إن�سانية �أم كارثة وطنية؟‬

‫منذ الأ�شهر الأوىل الحتدام ال�صراع على الأر�ض ال�سورية‬ ‫ومل يكف النا�شطون ال�سوريون ومن خلفهم املنظمات الدولية‪،‬‬ ‫عن قرع نواقي�س اخلطر حيال كارثة �إن�سانية حمدقة بال�شعب‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وخ�صو�ص ًا �أولئك القابعني يف املدن والبلدات التي �ضربت‬ ‫عليها قوات الأ�سد ح�صار ًا هو الأ�شد من نوعه على الإطالق؛ وهو‬ ‫ما جعل من االرق��ام االح�صائية ح��ول امل�أ�ساة ال�سورية تبث‬ ‫الرعب يف القلوب‪ .‬حق ًا كانت قد �سجلت الأرق��ام الإح�صائية‬ ‫اخلا�صة بامل�أ�ساة ال�سورية �أعلى الن�سب على �صعيد التاريخ‬ ‫احلديث للنزاعات الأهلية‪� :‬أعلى عدد من النازحني والالجئني‪،‬‬ ‫و�أعلى ن�سبة �ضحايا ومفقودين‪ ،‬و�أعلى دمار ي�صيب املدن قد تقع‬ ‫عليه العني منذ احلرب العاملية الثانية‪� ..‬إلخ‪ .‬وهو ما ي�شري �إىل‬ ‫�أن الكارثة باملعنى الإن�ساين كانت قد حلت على ال�سوريني ومل‬ ‫تنفع معها كل �أجرا�س الإنذار التي قرعت على م َر الأ�شهر‪ .‬اليوم‬ ‫علينا احلديث عن كارثة من نوع �آخر‪ ،‬حتدق باملجتمع ال�سوري‪،‬‬ ‫�سندعوها هنا بالكارثة الوطنية املرتقبة‪ ،‬وهي كارثة �إذا ما‬ ‫جتذرت فلن تهدد م�ستقبل املجتمع ال�سوري فقط و�إمن��ا �أي�ض ًا‬ ‫املجتمعات املحيطة به‪ .‬لقد جنحت �سيا�سة الأ�سد يف تفجري‬ ‫طاقة العنف املختزنة داخل املجتمع ال�سوري‪ ،‬و�أنع�شت معها كل‬ ‫امل�شاعر والأفكار ال�سلبية يف �أعماق كل فرد‪ ،‬وهو ال�شيء الذي‬

‫دمية ونو�س‬ ‫يف ال�صورة ال�شهرية التي تتناقلها و�سائل‬ ‫الإعالم لرزان زيتونة‪ ،‬منذ بداية الثورة وحتى‬ ‫حلظة اختطافها قبل يومني‪ّ ،‬‬ ‫يطل وجه رزان‬ ‫ب�شعرها الأ�شقر الق�صري‪ ،‬تنظر �إىل عني الكامريا‬ ‫بينما مت�سك بيدها الهاتف وت�ضعه على �أذنها‬ ‫وتبت�سم ابت�سامة جترب من ينظر �إىل ال�صورة‬ ‫التب�سم‪ .‬ت�سحب االبت�سامة من ثغره من‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫في�ض ال�سعادة املنهمر من عينيها‪ .‬وبقيت تلك‬ ‫ال�صورة هي الوحيدة رمبا املرافقة للظهور ّ‬ ‫املقل‬ ‫لرزان يف و�سائل الإعالم �إن يف حديث هاتفي �أو‬ ‫يف مقال تكتبه �أو على �صفحة "فاي�سبوك"‪.‬‬ ‫لي�ست تلك جم ّرد �صورة‪ .‬بعد �سنتني ونيف‬ ‫من عمر الثورة ال�سورية‪ ،‬حت ّولت ال�صورة �إىل‬ ‫رم��ز‪ ،‬على ال��رغ��م م��ن النزعة الطاغية لدى‬ ‫الكثريين لنبذ الرموز وتهمي�شها‪ .‬وت�أتي تلك‬ ‫الرمزية من فكرة �أن رزان مبت�سمة دائم ًا يف‬ ‫�صورتها على الرغم مما عا�شته وما عا�شه معظم‬ ‫ال�سوريني‪� .‬إنها ال تزال مبت�سمة لإميانها بالثورة‬ ‫و�إيجاد خمرج قريب و�سلمية القوى الفاعلة‬

‫بات يهدد بانفراط عقد املجتمع ال�سوري وحتوله �إىل كانتونات‬ ‫مغلقة‪ ،‬ال تنفتح �إال يف �سياق احلرب مع الآخر‪ ،‬هذا �أن ال�سوري‬ ‫ذاته بات �آخر ًا بالن�سبة �إىل ال�سوري يف ظل هذه املعادلة‪ .‬وهو‬ ‫ماي�شكل القاعدة ال�صلبة لن�شوء احلرب الأهلية ال�سورية‪ ،‬وهي‬ ‫حرب يقول املخت�صون يف العلوم ال�سيا�سية ب�أنها �ستمتد ل�سنوات‬ ‫طويلة �إذا ما كتب لها �أن حتل على ال�سوريني‪ .‬كل �شيء ي�شري‬ ‫اليوم �إىل انتعا�ش مناخات احل��رب الأهلية يف �سوريا‪ ،‬ويهدد‬ ‫بتمزيق ما تبقى �صامد ًا من قوى املجتمع حتى اللحظة‪ ،‬ويغلق‬ ‫الأف��ق بقدوم م�ستقبل كان يطمح �إليه من �أ�شعل فتيل الثورة‬ ‫ال�سورية منت�صف �آذار من عام ‪� .2011‬إن ما يجري اليوم ميكن‬ ‫و�صفه بالتحول اخلطري نحو الأ�سوء‪ ،‬هذا �أن التحول اجلاري‬ ‫احلديث عنه ينال من البنية الداخلية للفرد ال�سوري‪ ،‬وللن�سيج‬ ‫االجتماعي باملجمل‪ ،‬وي��ه��دد ب��ال�تراب��ط ال��داخ��ل��ي للمجتمع‬ ‫ال�سوري‪ .‬ال تتوقف امل�س�ألة التي نحاول �أن ن�شري �إليها هنا على‬ ‫مو�ضوع االقتتال والعنف املرافق له بني �سكان البلد الواحد‪،‬‬ ‫بل �إن امل�س�ألة �أبعد من ذلك بكثري‪ ،‬امل�س�ألة هنا ترتبط ب�شروط‬ ‫تاريخية حم��ددة تفعل فعلها يف بنية املجتمع وتعيد انتاجه‬ ‫�إذا مل نقل حتويره‪ .‬منذ عام من اليوم كان ي�ستطيع املتجول يف‬ ‫املدن املحررة من ر�ؤية ممتلكات ال�سكان الذين نزحوا وخلفوها‬

‫خطف الثورة‬

‫ومدنية ال�شارع‪� .‬أمر �آخر جعل من ال�صورة رمز ًا‪،‬‬ ‫اكتفاء رزان بتلك ال�صورة طوال �سنتني ون�صف‪.‬‬ ‫ورمبا نعرث على �صورة �أخرى ت�شبه تلك اللقطة‪.‬‬ ‫لكنها اكتفت‪ .‬مل ت�ستخدم �صورتها لتقول �إنني‬ ‫هنا‪ ،‬يف الداخل‪� ،‬أعمل ب�صمت‪ ،‬ال تن�سوين‪ .‬مل‬ ‫تلتقط �صور ًا مع الأطفال يف دوما وال يف الغوطة‬ ‫ال�شرقية وال يف �أي مكان �آخر تواجدت فيه‪.‬‬ ‫رمبا لأنها معنية مبا يجري مثلها مثل الأطفال‪.‬‬ ‫لي�ست زائ���رة ملخيم هنا وق��ري��ة ه��ن��اك‪ .‬هنا‬ ‫تعي�ش و�إىل هنا تنتمي وهذا مكانها الطبيعي‪.‬‬ ‫البعد الرمزي الآخ��ر هو فكرة البقاء‪ .‬معظم‬ ‫امل��ع��ار���ض�ين التقليديني والنا�شطني املدنيني‬ ‫تركوا �سوريا �أو اعتقلوا �أو قتلوا �أو جل�أوا �إىل‬ ‫املناطق املح ّررة يف ال�شمال ال�سوري‪ .‬رزان من‬ ‫القلة التي بقيت يف ريف دم�شق‪ .‬وكانت الأمل‬ ‫الأخ�ير للبقاء‪ .‬وع��ب��ارة‪" :‬لكن رزان ال تزال‬ ‫هناك"‪ ،‬كانت ترافق كل حديث حمبط يدور‬ ‫بني ال�سوريني خارج احلدود‪.‬‬ ‫�سمرية اخلليل‪ ،‬رمب��ا ال يعرفها كثريون‪.‬‬

‫ورائهم كما تركتها �أيديهم‪ ،‬كان كل �شيء مبكانه‪ ،‬ولكن وبعد‬ ‫�أ�شهر طويلة على احل�صار واجل��وع �أ�ضطر من بقي من ال�سكان‬ ‫�أن يتنازلوا عن جزء من كرامتهم ويتحولوا �إىل ل�صو�ص بدفع‬ ‫من ظروف غري حمتملة‪ ،‬نهبة البيوت وحتول �إن�ساننا الطيب‬ ‫�إىل ل�ص؛ وحني مل يكفي هذا راحت تنت�شر ظواهر غريبة عن‬ ‫جمتمعنا كزواج الق�صر وحتى انت�شار الدعارة‪ ،‬بينما يف خميمات‬ ‫اللجوء املقيتة فقد �أ�شارت ع�شرات التقارير �إىل انت�شار ظواهر‬ ‫تقرتب من االجتار بالب�شر وبال�شرف‪ ،‬وهي �شروط اجتماعية‬ ‫راحت تفعل فعلها يف بنية الفرد وتعيد �صياغة معايريه وثقافته‬ ‫وهو اخطر ما ّ‬ ‫حل على ال�سوريني‪ .‬بينما يف اجلهة الأخرى من‬ ‫ال�ضفة ال�سورية فقد حتول مع الوقت من حمل ال�سالح مقتنعاً‬ ‫بالدفاع عن نظام الأ�سد �إىل ل�ص وقاطع طريق‪ .‬من منا اليوم مل‬ ‫ي�صبح احلديث امامه عن اخلطف وطلب الفدية �أمر ًا عادي ًا؟ من‬ ‫من ال�سوريون اليوم مل يقدم على تقدمي تنازل بغ�ض النظر عن‬ ‫حجمه؟ �إن التفكيك اجلاري العمل عليه على مر�أى ومب�ساهمة‬ ‫كل القوى املحلية والإقليمية ي�شري �إىل تفكك جمتمع يحتاج‬ ‫�إعادة بنائه �إىل عقود طويلة‪ ،‬وت�ضحية باهظة ب�أجيال �سيكون‬ ‫من ال�صعب �إن مل نقل من امل�ستحيل �إ�صالح حالها‪ ،‬وه��و اكرب‬ ‫خ�سارة مني بها ال�سوريني حتى اللحظة‪ ،‬ف�إذا كان �إعادة �إعمار‬ ‫املدن املدمرة يحتاج �إىل حوايل الع�شرين عام ًا ح�سب املخت�صني‪،‬‬ ‫ف�إن بناء الإن�سان ال�سوري املهدم قد يحتاج �ضعف هذا الزمن‪.‬‬ ‫وبقدر ما تبدو لوحة القوى االجتماعية يف الداخل ال�سوري‬ ‫�سيئة‪� ،‬سيكون الو�ضع بالن�سبة �إىل الذين جل�أوا �إىل دول اجلوار‬ ‫�سوء مبا ال يقا�س‪ .‬ففي ظل ال�شروط الغري �إن�سانية التي‬ ‫�أكرث ً‬ ‫ً‬ ‫يخ�ضع لها ه��ؤالء ال�ضحايا‪ ،‬بات على الفرد جمربا �أن يتنازل‬ ‫عن جزء من كرامته‪ ،‬وهو تنازل ال �شيء �سيعو�ضه يف يوم من‬ ‫الأي��ام‪� .‬إن التقارير التي ت�شري �إىل انت�شار تعاطي املمنوعات‬ ‫من حبوب وح�شي�ش وغريها داخل خاليا املجتمع ال�سوري ويف‬ ‫�أو�ساط ال�شبان حتديد ًا‪ ،‬ت�صيب الر�أ�س بالدوار‪ ،‬هذا عداك عن‬ ‫انت�شار الدعارة وال�سرقة وقطع الطرقات‪ ،‬وهي الظواهر التي‬ ‫راحت تقرع نواقي�س اخلطر حيال حتلل للمجتمع ال�سوري يكاد‬ ‫ي�صبح �أمر ًا واقع ًا‪ .‬ويبقى يف هذا ال�سياق القول �أن �أخطر ما مير‬ ‫به ال�سوريون اليوم هو التطرف الناجت عن �شروط اجتماعية‬ ‫فر�ضتها �آلة احلرب ذاتها‪ .‬وامل�س�ألة هنا مل تعد مقت�صرة على‬ ‫�شكل حمدد من التطرف كالقول بالتطرف الديني او الطائفي‬ ‫مث ًال‪ ،‬بل �إن ما ن�شهده اليوم يف �سوريا هو تطرف يف كل االجتاهات‬ ‫وبكل الأ�شكال‪ .‬مما يجعل من العلماين متطرف ًا ومن اال�سالمي‬

‫تعمل ب�صمت منذ بداية الثورة‪� .‬صمت ي�شبهها‪.‬‬ ‫ه��ي ال��ت��ي اعتقلت ل�سنوات �أرب���ع ب�ين ‪1987‬‬ ‫و‪ 1991‬يف �سجن دوم��ا للن�ساء النتمائها �إىل‬ ‫رابطة العمل ال�شيوعي‪ .‬يف ‪� 18‬أي��ار املا�ضي‪،‬‬ ‫ان�ضمت �إىل �شريكها يا�سني احل��اج ال�صالح يف‬ ‫الغوطة حيث حو�صرت الحق ًا مع املحا�صرين‬ ‫هناك‪ .‬اليوم‪ ،‬تختطف �سمرية من املنطقة نف�سها‬ ‫التي اعتقلت فيها �سابق ًا يف ري��ف دم�شق هي‬ ‫ورزان زيتونة والنا�شطني وائل حمادة وناظم‬ ‫احلمادي‪ .‬يختطفهم "جمهولون"‪ .‬هكذا جاء‬ ‫اخلرب‪ .‬و"جمهولون" مل تعد كلمة تثري �ضجة‬ ‫وغ�ضب ًا‪ .‬مل تعد هوية اخلاطفني مهمة كما يف‬ ‫ال�سابق‪ ،‬خ�صو�ص ًا مع غزارة الأخبار الواردة عن‬ ‫اعتقال "داع�ش" لنا�شطني مدنيني �أو ت�صفيتهم‪.‬‬ ‫ال�سوري ب��ات يعرف جيد ًا �أن بني �إع�لان خرب‬ ‫االعتقال‪ ،‬وب�ين �إع�لان هوية اخل��اط��ف‪ ،‬زمن ًا‬ ‫ميوت فيه املئات ويعذب �آخرون �أو يرحلون �أو‬ ‫ميوتون ب��رد ًا وج��وع� ًا‪ .‬الزمن مل يعد فراغ ًا‪.‬‬ ‫تكفي �سنوات طويلة من ال��ف��راغ‪ .‬ب��ات للزمن‬

‫نعالن يدع�س بهما ف��وق ق��درة ال�سوريني على‬ ‫التحمل‪ .‬واخلاطف �إن كان من "جي�ش الإ�سالم"‬ ‫�أو من قوات ال�شبيحة‪ ،‬فال يخفى على �أحد �أنه‬ ‫ينفذ خطة النظام منذ اليوم الأول‪ ،‬يف حتويل‬ ‫الثورة �إىل معركة بني قوى متطرفة و�أخ��رى‬ ‫علمانية مدنية‪ .‬ورزان زيتونة املطلوبة رمبا‬ ‫ل��دى "جي�ش الإ�سالم" �أو �أي تنظيم متط ّرف‬ ‫�آخر‪ ،‬مطلوبة �أي�ض ًا لدى النظام العلماين الذي‬ ‫يحارب "اجلماعات الإ�سالمية املتط ّرفة"‪.‬‬ ‫ي�شكل اعتقال رزان و�سمرية ووائل وناظم‪،‬‬ ‫نقلة موجعة يف م�سار ال��ث��ورة‪ .‬كتلك النقلة‬ ‫التي �أحدثها اعتقال نا�شطني �آخرين مثل مازن‬ ‫دروي�ش وخليل معتوق وعبد العزيز اخليرّ والأب‬ ‫باولو وزكي كورديللو و�آخرين كرث‪ .‬واالعتقال‬ ‫هنا ي�أخذ بعد ًا رمزي ًا �إن �شئنا �أم �أبينا‪� ،‬إذ هو‬ ‫�شكل من �أ�شكال �سجن الثورة ال�سلمية والعمل‬ ‫امل��دين العلماين ال��ذي ك��ان من �ش�أنه �أن يهيئ‬ ‫البلد �إىل تغيري ت�ستحقه وي�ستحقه ال�سوريون‬ ‫ال�شجعان �أينما كانوا‪.‬‬


‫العدد ‪97‬‬

‫جميد حممد‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫�أ�سبوعان على ح�صار داع�ش لكوباين وعفرين‬

‫معظم الأرا�ضي باتت حتت �سيطرة املقاتلني الأك��راد على جبهة‬ ‫اجلزيرة (�أ ف ب)‬ ‫فر�ض تنظيم "الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام" (داع�ش)‬ ‫ح�صار ًا على مدينتي كوباين‪/‬عني العرب يف ريف حلب ال�شرقي‪ ،‬وعفرين‬ ‫يف ريف حلب ال�شمايل‪ ،‬منذ الثاين من ال�شهر احلايل‪ ،‬بذريعة م�ساندة‬ ‫هاتني املدينتني مقاتلي وحدات حماية ال�شعب الكردي الـ "‪،"YPG‬‬ ‫التي تخو�ض حرب ًا �ضرو�س ًا مع التنظيم على �أكرث من جبهة‪.‬‬ ‫ي�أتي احل�صار من جانب التنظيم بعد �إعالن الناطق الر�سمي لوحدات‬ ‫حماية ال�شعب‪ ،‬ريدور خليل‪ ،‬يف بيان ر�سمي عن "بدء مرحلة جديدة من‬ ‫ال�صراع مع تنظيم "دولة العراق وال�شام" والكتائب الإ�سالمية املتحالفة‬ ‫معه‪� ،‬إثر متكن املقاتلني الأكراد من ال�سيطرة على �أغلب املدن الرئي�سية‬ ‫يف �إقليم اجلزيرة يف ال�شمال ال�شرقي ل�سوريا‪ ،‬و�إعالن حزب االحتاد‬ ‫الدميوقراطي الـ "‪ "PYD‬عن م�شروع الإدارة الذاتية املرحلية التي‬ ‫ق�سمت املناطق الكردية يف �سوريا �إىل ‪� 3‬إدارات ت�ضم حمافظة احل�سكة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وكوباين وعفرين‪ ،‬فيما يدفع املدنيون دائما الثمن على غرار ما حدث يف‬ ‫قرية "�إحر�ص" قبل �أيام‪.‬‬ ‫�شيار من �سكان قرية "�إحر�ص"‪ ،‬يروي لـ"املدن" تفا�صيل عملية‬ ‫اقتحام "داع�ش" للقرية الواقعة على بعد (‪ )20‬كيلومرت ًا‪ ،‬من مدينة‬ ‫�إعزاز قائ ًال‪" :‬يف �ساعات فجر الأحد‪ ،‬اقتحمت �أعداد كبرية من املقاتلني‬ ‫امللثمني بالآليات واملدرعات والعربات املحلمة مبدافع الدو�شكا القرية‪،‬‬ ‫وبد�أوا باعتقال املدنيني من الرجال والن�ساء والأطفال‪ ،‬ثم مت �سوقهم‬ ‫الحق ًا �إىل جهة جمهولة‪ ،‬و�صادر املقاتلون كل الأ�سلحة الفردية التي‬ ‫بحوزة ال�سكان"‪.‬‬ ‫يردف �شيار ب�أن "علميات التهجري منذ �سريان احل�صار على املنطقة‬ ‫بات �شيئ ًا م�ألوف ًا ومتوقع ًا‪ ،‬لكنه مل يدفع الأكراد لرتك منازلهم قراهم‬ ‫وبلداتهم‪ ،‬رغم اخلطر الكبري على حياتهم‪ ،‬فهذه امل�س�ألة هي ق�ضية‬ ‫حياة �أو موت"‪ .‬وهو ما يف�سر ا�صرار املقاتلني الأكراد على خو�ض املعارك‬ ‫ال�شر�سة للحفاظ على مناطق �سيطرتهم‪.‬‬ ‫على جبهة "اجلزيرة" معظم الأرا�ضي باتت حتت �سيطرة املقاتلني‬ ‫الأك��راد‪ ،‬بعد معارك عنيفة �شهدتها �أكرث من منطقة �أهمها؛ معركة‬ ‫ال�سيطرة على معرب اليعربية احلدودي مع العراق‪ ،‬ثم معركة ر�أ�س العني‬ ‫والتي كانت مت ّثل مبوقعها اال�سرتاتيجي ومال�صقتها للحدود الرتكية‪،‬‬ ‫نقطة ارتكاز رئي�سية بالن�سبة للكتائب الإ�سالمية الطاحمة لل�سيطرة‬ ‫على موارد الإقليم النفطية والزراعية‪ ،‬ناهيك عن �سعيها لال�ستفادة‬ ‫من املعابر الرئي�سية الثالثة يف املنطقة مع تركيا‪ ،‬التي �ش ّكلت طريق ًا‬ ‫للإمداد �سواء باملقاتلني �أو بال�سالح‪.‬‬ ‫خ�سر تنظيم "داع�ش" بعد ا�ضطراره لالن�سحاب من �آخر معقل له‬ ‫يف مدينة "تل متر" يف الريف الغربي ملدينة احل�سكة معظم م�ستودعات‬ ‫الذخرية وال�سالح التي كان قد جه ّزها ملعركة ال�سيطرة على حقول‬ ‫النفط يف مدينة الرميالن �شرقي القام�شلي‪ ،‬ما دفع قيادة التنظيم‬

‫للتفكري با�سرتاتيجة خمتلفة ه��ذه امل��رة‪ ،‬وال �سيما بعد ال�ضربات‬ ‫القا�سية التي تلقتها من املقاتلني الأك��راد‪ ،‬الذين �أظ�ه��روا ق��در ًا من‬ ‫التنظيم والعقائدية القتالية يفوق بكثري ما ل��دى تنظيم الدولة‬ ‫ومقاتليه‪.‬‬ ‫ان�سحاب "داع�ش" من منطقة اجلزيرة كان يعني عملي ًا التوغل‬ ‫�أكرث يف عمق الأرا�ضي ال�سورية باجتاه حمافظة الرقة والتي متثل‬ ‫املعقل الأك�بر للتنظيم‪ ،‬و�أي�ض ًا على طول الأوت�سرتاد الرئي�سي بني‬ ‫احل�سكة وحلب‪ ،‬الذي مير بالقرب من مدينة كوباين‪ ،‬و�صو ًال لعفرين‪،‬‬ ‫حيث ميثل �صلة الو�صل الرئي�سية بني مناطق �سيطرة التنظيم يف الرقة‬ ‫وري��ف حلب (�إع��زاز والأت��ارب ومنبج) التي ت�سيطر عليها "داع�ش"‬ ‫وبع�ض الكتائب املتحالفة معها‪.‬‬ ‫هذا االن�سحاب ي�أتي عقب �إغالق تركيا معظم املعابر يف املنطقة يف‬ ‫وجه املقاتلني الإ�سالمني‪ ،‬بعد التغيري امللحوظ الذي طر�أ على �سيا�ساتها‪،‬‬ ‫ال��ذي ج��اء نتيجة التقارير التي حتدثت عن ت��ورط تركيا يف دعم‬ ‫التنظيمات املتطرفة‪ ،‬وكذلك نتيجة التغريات التي حدثت يف ال�سيا�سية‬ ‫الأمريكية والغربية عموم ًا يف ما يتعلق مبنهج االحتواء الذي مار�سته‬ ‫تركيا مع مقاتلي التنظيمات املت�شددة‪.‬‬ ‫يبقى �أن الت�ضارب بني م�شروعي "داع�ش" ووحدات حماية ال�شعب‬ ‫الكردي يجعل الطرفني يف �صراع �شديد لل�سيطرة على الطريق الرئي�سي‬ ‫بني احل�سكة وحلب‪ ،‬فهو مي ّثل للمقاتلني الأكراد �صلة الو�صل الطبيعية‬ ‫والوحيدة بني الأقاليم الكردية التي �شملها م�شروع الإدارة الذاتية‬ ‫املرحلية‪ ،‬وكذلك مي ّثل حتدي ًا ع�سكري ًا لت�أمني احلماية للمناطق التي‬ ‫يتواجد فيها الأك��راد بعيد ًا عن اجلزيرة امل�ؤمنة ب�شكل �أف�ضل‪ ،‬والتي‬ ‫تتعر�ض لـ"حرب �إبادة جماعية"‪ ،‬على حد و�صفهم‪ ،‬ت�ش ّنها التنظيمات‬

‫املتطرفة �ضدهم‪.‬‬ ‫من جهة ثانية ميثل الطريق بني احل�سكة وحلب بالن�سبة لـ"داع�ش"‬ ‫ورقة ال�ضغط الوحيدة التي متلكها �ضد املقاتلني الأكراد بعد الهزمية يف‬ ‫اجلزيرة‪ ،‬فال�سيطرة على مدينتي كوباين وعفرين م ّثلت �ضربة قا�ضية‬ ‫مل�شروع الإدارة الذاتية الذي يهدد امل�شروع ال�سيا�سي لـ"داع�ش" برمته‪.‬‬ ‫كما ت�شكل ال�سيطرة على املدينتني للتنظيم �إغرا ًء جغرافي ًا مهم ًا‪ ،‬بهدف‬ ‫تو�سيع الرقعة اجلغرافية للم�شروع ال��ذي ج��اءت به "داع�ش" �إىل‬ ‫املنطقة‪� ،‬إىل جانب �سيطرتها على م�ساحة وا�سعة ومفتوحة من احلدود‬ ‫الطويلة مع تركيا‪ ،‬والتي ميكن �أن ت�شكل منفذ ًا لتمرير املقاتلني‪ ،‬وكذلك‬ ‫ال�سالح‪.‬‬ ‫يقول جومرد‪� ،‬أحد املقاتلني الأكراد على جبهة كوباين لـ"املدن"‪،‬‬ ‫�إن "ح�صار داع�ش ملدينتي كوباين وعفرين‪ ،‬ي�أتي �ضمن خمطط �أكرب‪،‬‬ ‫(فالدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام) بعد تعر�ضها لهزائم عديدة يف‬ ‫اجلزيرة‪ ،‬حتاول الآن رفع الروح املعنوية ملقاتليها عرب معاقبة ال�سكان‬ ‫واختطافهم وقتلهم واعتقالهم وتهجريهم‪ ،‬لل�سيطرة على مدينتني‬ ‫تبعدان جغرافي ًا عن مركز ثقل القوات الكردية‪ ،‬املتمركزة �أ�سا�س ًا يف‬ ‫منطقة اجلزيرة"‪.‬‬ ‫وبعيد ًا عن اال�سرتاجتيات الع�سكرية‪ ،‬ف�إن ا�ستمرار احل�صار منذ‬ ‫�أ�سبوعني يُنذر بكارثة �إن�سانية ترخي بظاللها على �سكان املدينتني‬ ‫والقرى التابعة لها‪ .‬ال�سكان يتحدثون عن تراجع يف خمزون املحروقات‬ ‫واملواد الأ�سا�سية‪ ،‬واملحاوالت التي يقوم بها النا�شطون املدنيون خلرق‬ ‫احل�صار‪ ،‬جتابه ب�إعدامات ميدانية من جانب "داع�ش"‪.‬‬ ‫كل ذلك يحدث يف ظل �صمت مطبق من املعار�ضة ال�سيا�سية‪ ،‬وتخوف‬ ‫من ا�شتداد وترية املعارك يف ظل ح�شد املقاتلني الأكراد لقواتهم‪ ،‬لفك‬

‫حلب حتت رحمة الرباميل املتفجرة‬ ‫ق�صف على حلب خلف ‪ 83‬قتي ًال و�أكرث من ‪ 50‬جريح ًا‬ ‫مل يكد �أهايل �أحياء حلب ينتهون من مللمة �أ�شالء �ضحايا الق�صف على �أحياء الأر�ض احلمرا‬ ‫واحليدرية وك��رم البيك وال�صاحلني ودوار ج�سر احلج وال�شيخ �سعيد وال�صاخور‪ ،‬الأح��د‪ ،‬حتى‬ ‫ً‬ ‫خملفة املزيد من القتلى‪.‬‬ ‫ا�ستفاقت مناطق جديدة الإثنني على غارات �شنها طريان النظام‪،‬‬ ‫�صور �صادمة بثها النا�شطون على �شبكات التوا�صل االجتماعي ل�ضحايا الق�صف‪� .‬أم للتو جنت‬ ‫بطفلني‪ ،‬ت�س ُري متعبة بعيد ًا عن �أ�صوات اال�ستغاثة و�سحابات الغبار التي ت�شكلت ب�سبب ت�ساقط‬ ‫القذائف على الأبنية‪ ،‬حت�ضن طف ًال من حتت �إبطه بيدها اليمنى‪ ،‬وت�سند ظهر طفلها الثاين‬ ‫لت�ساعده على امل�شي بيدها الي�سرى‪ ،‬دون ان تتمكن من م�سح الدماء التي �سالت على وجهها‪.‬‬ ‫�صورة ثانية لرجل يبكي‪ ،‬حام ًال طف ًال مل حتمه �سماكة الثياب التي احتمى بها من الربد من‬ ‫ال�شظايا‪ ،‬وطفلة �أخرى داخل �سيارة يبدو �أنها انطلقت تبحث عمن يداوي وجهها الذي �أ�ضاعت‬ ‫الدماء والغبار مالحمه‪.‬‬ ‫الق�صف كان بوا�سطة الرباميل املتفجرة‪ ،‬وهي �أ�سطوانات حديدية ت�شبه �أ�سطوانات الغاز‪،‬‬ ‫تعب�أ باملتفجرات وترمى من الطائرات‪ .‬ذلك الق�صف خلف يف جولة جديدة االثنني �ضحايا جدد‪.‬‬ ‫الهدف كان مدر�سة "طيبة" يف حي الإنذارات‪ ،‬وتزامن الق�صف مع خروج الطالب من املدر�سة‪ ،‬ما �أدى‬ ‫مبان حميطة حول املدر�سة انهار‬ ‫�إىل �سقوط ‪ 13‬على الأقل من بينهم مدر�سون‪� ،‬إ�ضافة ال�ستهدافه ٍ‬ ‫طابقان من �إحداها‪.‬‬ ‫�أما ح�صيلة ق�صف الأحد ب�سحب ما وثقت جلان التن�سيق‪ ،‬فبلغت ‪ 83‬قتي ًال‪ ،‬بينهم "‪� 53‬شهيداً‬

‫و�أكرث من ‪ 50‬جريح" �سقطوا با�ستهداف منطقة "دوار احليدرية الذي يعد مركز ًا لتجمع و�سائل‬ ‫النقل املتجهة �إىل ريف حلب ال�شمايل و يكتظ باملركبات القادمة من الريف و الأحياء املحررة‬ ‫باملدينة"‪ ،‬يف حني �أ�شار املر�صد ال�سوري حلقوق الإن�سان �إىل �أن ح�صيلة القتلى بلغت ‪� 76‬شخ�ص ًا هم‬ ‫"‪� 28‬شخ�ص ًا دون �سن الـ‪ 18‬واربع �سيدات و‪ 44‬من الذكور"‪.‬التتمة يف ال�صفحة ____‪4‬‬


‫العدد ‪97‬‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫الإعالم ال�سوري البديل‪ :‬املخاطر والفر�ص‬

‫ظل الإعالم ال�سوري مثا ًال �شديد الو�ضوح على‬‫الأحادية واالنغالق والتوجه الدعائي واالنقطاع عن‬ ‫القيم املهنية لأكرث من �أربعة عقود‪ ،‬رغم انطوائه على‬ ‫الكثري من الإعالميني الأكفاء والنابهني‪.‬‬ ‫مل تعط ال��دول��ة التي �أقامها الرئي�س الراحل‬ ‫حافظ الأ�سد �أي فر�صة ل�صدور و�سائل �إعالم خا�صة‪،‬‬ ‫وبالتايل فقد ق�ضت على التعددية مت��ام� ًا‪ ،‬وب�سبب‬ ‫ت�سخري الآلة الإعالمية الر�سمية كلها للدعاية للقائد‬ ‫واحلزب وخو�ض حروب النظام الداخلية واخلارجية‪،‬‬ ‫فقد مت تقلي�ص م�ساحة التنوع �إىل �أق�صى درج��ة‬ ‫ممكنة‪.‬‬ ‫مل يكن و�ضع الإعالم ال�سوري طوال تلك العقود‬ ‫حت��ت حكم الأ��س��د الأب‪ ،‬ث��م الأ��س��د االب��ن‪ ،‬مر�ضي ًا‬ ‫بالطبع‪ ،‬كما مل يحقق احل��د الأدن��ى املطلوب من �أي‬ ‫منظومة �إعالمية وطنية يف الن�صف الثاين من القرن‬ ‫الع�شرين‪� ،‬أو مع مطلع الألفية الثالثة‪.‬‬ ‫فماذا عن و�ضع منظومة الإعالم ال�سوري اليوم؟‬ ‫ال جدال يف �أن �صناعة الإع�لام ال�سوري �شهدت‬ ‫يف ال�سنوات الثالث الأخ�يرة ات�ساع ًا غري م�سبوق يف‬ ‫تاريخها‪ ،‬فقد �صدر عدد كبري من ال�صحف واملجالت‬ ‫واملواقع الإلكرتونية والقنوات الف�ضائية ب�شكل مل‬ ‫يكن �أكرث املتفائلني يتوقعه‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فقد �أطلق �إعالميون وباحثون وخرباء على‬ ‫الو�سائل الإعالمية اجلديدة التي ظهرت بعد اندالع‬ ‫احلراك الثوري يف عام ‪ ،2011‬ا�سم منظومة "الإعالم‬ ‫البديل"‪.‬‬ ‫يريد ه�ؤالء الإعالميون واخلرباء �أن يقولوا �إن ما‬ ‫ظهر من و�سائل �إعالم جديدة تعنى بال�ش�أن ال�سوري‪،‬‬ ‫داخل البالد‪� ،‬أو خارجها‪ ،‬بات ي�شكل ن�سق ًا جامع ًا له‬ ‫�سمات م�شرتكة‪ ،‬و�أنه‪� ،‬إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬يطرح بدي ًال‬

‫لإعالم الدولة ال�سورية الأحادي املنغلق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يحظى هذا الطرح بتوافق‪ ،‬و�سي�صعب جدا دح�ضه‬ ‫�أو جتاهله؛ لذلك علينا �أن ن�سعى �إىل فح�صه وحتليله‪،‬‬ ‫وحماولة التعرف �إىل نقاط متيزه و�ضعفه‪ ،‬و�إىل �أي‬ ‫حد ميكن �أن يخدم الإعالم ال�سوري وامل�صلحة العامة‬ ‫يف هذا البلد‪ ،‬و�أي فر�ص يقدمها ل�سورية‪ ،‬و�أي خماطر‬ ‫يطرحها عليها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫�أكتب هذه ال�سطور ا�ستنادا �إىل حتليل م�ضمون‬ ‫الكثري م��ن و�سائل الإع�ل�ام ال�سوري "البديل"‪ ،‬ويف‬ ‫�أعقاب قيامي بتدريب ع�شرات الإعالميني والنا�شطني‬ ‫ال�سوريني الذين يعملون يف تلك الو�سائل‪ ،‬يف كل من‬ ‫"غازي عنتاب"‪ ،‬و"مري�سني"‪ ،‬و"�إ�سطنبول" برتكيا‪،‬‬ ‫وعمان بالأردن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وق��د وج��دت مثال �أن �أف�ضل عنا�صر التميز يف‬ ‫املنظومة البديلة ما تنطوي عليه من ات�ساع يف حجمها‪،‬‬ ‫فهناك ع�شرات الأ�سماء التي برزت �أخري ًا؛ مثل‪" :‬عنب‬ ‫بلدي"‪ ،‬و"�أوك�سجني"‪ ،‬و"حريتنا"‪ ،‬و"�سورية بدا‬ ‫حرية"‪ ،‬و"يا�سمني �سورية"‪ ،‬و"�سوريتنا"‪ ،‬و"تغاريد‬ ‫ثورية"‪ ،‬و"بنات البلد"‪ ،‬و"متدن"‪ ،‬و"طالب احلرية"‪،‬‬ ‫و"طلعنا ع احلرية"‪ ،‬و"امل�سار احلر"‪ ،‬و"�شرارة �آذار"‪.‬‬ ‫ومل يقت�صر الأم��ر على ال�صحف وامل�ج�لات واملواقع‬ ‫الإلكرتونية فقط‪ ،‬لكنه امتد �أي�ض ًا لي�شمل �إذاع��ات‬ ‫وقنوات ف�ضائية؛ مثل‪�" :‬سورية ال�شعب"‪ ،‬و"�سورية‬ ‫الكرامة"‪ ،‬و"�سورية ‪� 18‬آذار"‪ ،‬و"ال�شهباء"‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫لدينا �إذن ميزة كبرية جلبها هذا الإعالم ال�سوري‬ ‫"البديل"‪ ،‬فقد حول هذا النظام الإعالمي الفقري‬ ‫امل�ح��دود �إىل �صناعة وا�سعة �ضخمة‪ ،‬ت�شهد �صدور‬ ‫�أ�سماء جديدة باطراد‪.‬‬ ‫زاد حجم اال�ستثمار يف ال�صناعة‪ ،‬ومعه الطلب‬ ‫على دخول كوادر جديدة‪ ،‬وبات املواطن ال�سوري‪� ،‬أو‬

‫العربي الذي يريد �أن يعرف �أخبار �سورية‪� ،‬أمام طيف‬ ‫�ضخم من الو�سائل‪.‬‬ ‫طرح "الإعالم البديل" وجهة نظر �أخ��رى عما‬ ‫ي�ج��ري يف ��س��وري��ة‪ ،‬بعد �أك�ث�ر م��ن �أرب �ع��ة ع�ق��ود من‬ ‫اال�ست�سالم لوجهة نظر واح��دة تقريب ًا‪ ،‬وتلك ميزة‬ ‫مهمة �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬م��اذا عن نقاط ال�ضعف يف تلك املنظومة‬ ‫الإعالمية اجلديدة؟‬ ‫لعلك الحظت �أن معظم �أ�سماء و�سائل الإعالم‬ ‫"البديل" تتخذ �سمت ًا ثوري ًا‪ ،‬و�أغلبها ي�صف نف�سه بـ‬ ‫"الثورة"‪� ،‬أو "الكرامة"‪ ،‬وبع�ضها ينطلق من التزام �أو‬ ‫�إميان ظاهرين بـ"احلرية"‪.‬‬ ‫تتمثل نقطة ال�ضعف الأوىل بتلك املنظومة يف‬ ‫انتمائها ال�سيا�سي‪ ،‬ف�أغلبية تلك الو�سائل تنتمي �إىل‬ ‫قوى معار�ضة �سورية‪� ،‬أو تعرب عن تيارات معار�ضة‬ ‫بعينها‪ .‬ميثل هذا االنتماء ال�سيا�سي‪ ،‬وما ي�صحبه من‬ ‫�أمناط �أداء دعائية غالب ًا املعادل املو�ضوعي للخط�أ‬ ‫اجل��وه��ري ال��ذي وق��ع فيه الإع�ل�ام ال�سوري التابع‬ ‫للنظام‪.‬‬ ‫ال ت�ستهدف تلك الو�سائل معظمها حتقيق الربح‪،‬‬ ‫لكنها بالطبع ت�سعى �إىل �إح��داث �أثر �سيا�سي‪ ،‬يتعلق‬ ‫بر�ؤيتها ملا يجب �أن تكون عليه الأو�ضاع يف �سورية‪،‬‬ ‫وب��ال�ت��ايل فهي ال تقيم وزن�� ًا الع�ت�ب��ارات ال�صناعة‬ ‫و�ضمان اجل ��دوى اال�ستثمارية‪ ،‬طاملا �أن �أهدافها‬ ‫ال�سيا�سية تتحقق‪ ،‬وهنا يتعمق الأداء الدعائي لها‪،‬‬ ‫وتفقد �صلتها �شيئ ًا ف�شيئ ًا بقيم العمل الإعالمي‪.‬‬ ‫كثري من العاملني يف تلك ال�صناعة اجلديدة يف‬ ‫�سورية وخارجها لي�سوا من الإعالميني‪ .‬الكثري من‬ ‫ه�ؤالء نا�شطون �أو �سيا�سيون �أو مقاتلون‪ ،‬وهم دخلوا‬ ‫الإعالم من باب "الثورة"‪� ،‬أو "اجلهاد"‪� ،‬أو القتال‪ ،‬وهم‬ ‫يريدون �أن ي�ستخدموا تلك الو�سائل املمولة متوي ًال‬ ‫جيد ًا يف حتقيق �أهدافهم ال�سيا�سية‪ ،‬ولي�س يف �إعالم‬ ‫النا�س �أو تنويرهم‪.‬‬ ‫�أغ�ل�ب�ي��ة الأم�� ��وال ال �ت��ي ي�ت��م �ضخها يف تلك‬ ‫ال�صناعة غري معلومة امل�صدر‪ ،‬وهناك دول �إقليمية‬ ‫و�أجنبية كثرية ت�ستثمر يف هذا املجال‪ .‬اال�ستثمار‬ ‫هنا ال ي�ستهدف حتقيق اجل��دوى‪ ،‬وبالتايل ال ي�ضمن‬ ‫كفاءة املنتج‪ ،‬وال يُخ�ضع الأداء للتقييم املهني‪ ،‬لكنه‬ ‫يريد الناجت ال�سيا�سي‪ ،‬وهو �أمر يعمق م�شكالت تلك‬ ‫املنظومة‪ ،‬ويحرفها �أكرث و�أكرث‪.‬‬ ‫لقد ات�سعت ال�صناعة من دون �شك‪ ،‬ب�سبب املال‬ ‫ال�سيا�سي الوفري الذي دخلها‪ ،‬لكنها رغم ذلك تفتقر‬ ‫�إىل التنوع؛ لأن معظم املحتوى يتعلق بال�سيا�سة‬ ‫و"الثورة"‪ ،‬كما �أنها �أي�ض ًا تفتقر �إىل "التعدد"؛ فرغم‬ ‫كل هذه الأ�سماء اجلديدة؛ ف�إن �أغلبها يعرب عن موقف‬ ‫�سيا�سي حمدد واحد يف معظم الأحيان‪.‬‬

‫ال تقيم ه��ذه ال�صناعة ور���ش ت��دري��ب كافية‪،‬‬ ‫وال تر�سي قيما و�آليات‪ ،‬وال تن�شئ �أك��واد ًا ومواثيق‪،‬‬ ‫وال تعرف م�ؤ�س�سات للدقة العامة وحماية حقوق‬ ‫اجل�م�ه��ور‪ ،‬وال ينه�ض مب��وازات�ه��ا بحث علمي يوثق‬ ‫مراحلها ويتق�صى ق�ضاياها‪.‬‬ ‫فما الذي تطرحه تلك ال�صناعة من فر�ص؟‬ ‫تطرح �صناعة "الإعالم البديل" يف �سورية فر�صاً‬ ‫حمدودة للغاية �إذا ما متت مقارنتها مبا تطرحه من‬ ‫خماطر‪� .‬أه��م فر�صة يف ه��ذا ال�صدد تتعلق بقدرة‬ ‫الكادر الذي تربى يف �أح�ضان "الإعالم البديل" على‬ ‫التجمع يف تنظيم مهني يُبنى على �أ�س�س دميقراطية‪،‬‬ ‫بغر�ض تنظيم املهنة‪ ،‬وحتديد من هو ال�صحايف �أو‬ ‫الإعالمي‪ ،‬وا�ستيفاء بع�ض ال�شروط التي يجب �أن‬ ‫تتوافر عند �أدائه املهنة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تطرح تلك ال�صناعة �أي�ضا فر�صة اال�ستفادة‬ ‫م��ن ه��ذا ال �ع��دد ال�ضخم م��ن ال��واف��دي��ن اجل��دد �إىل‬ ‫املهنة‪ ،‬والإمكانات التقنية التي ب��ات يوفرها املال‬ ‫ال�سيا�سي �أحيان ًا يف تعزيز �إط��ار اخلدمة ال��ذي ال‬ ‫تزدهر �أي �صناعة من دونه‪ .‬فر�صة �أخرى تطرحها‬ ‫�صناعة الإع�لام "البديل" يف �سورية تتعلق بقدرة‬ ‫هذه ال�صناعة على تعزيز التنوع والتعدد يف املنابر‬ ‫واملحتوى الذي تقدمه‪.‬‬ ‫لكن يف املقابل هناك خماطر كبرية يطرحها‬ ‫الإعالم "البديل" يف �سورية؛ �أهمها �أن يتكر�س احل�س‬ ‫الدعائي‪ ،‬والنف�س "الثوري"‪ ،‬واملنحى "اجلهادي"‪،‬‬ ‫واملقاربة "الن�ضالية" يف جممل الأداء‪ ،‬وبالتايل‬ ‫تتحول املنظومة بكاملها �إىل �آل��ة دعاية جمنونة‬ ‫�ضخمة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثمة خطورة �أي�ضا يف �أن تبد�أ تلك التعبريات‬ ‫الإعالمية اجلديدة باتخاذ نقاط ارتكاز طائفية يف‬ ‫املناطق التي ال ي�سيطر عليها النظام‪� ،‬أو �أن تتحول‬ ‫ال�صناعة كلها �إىل منابر طائفية يف حال �سقط النظام‬ ‫متام ًا‪.‬‬ ‫املال ال�سيا�سي الوفري الذي يتم �ضخه يف ال�صناعة‬ ‫يطرح �إ��ش�ك��االت ك�ب�يرة‪ ،‬خ�صو�ص ًا ذل��ك امل��ال ال��ذي‬ ‫ت�ضخه دول �إقليمية لديها ر�ؤية حمددة للأو�ضاع يف‬ ‫�سورية واملنطقة‪.‬‬ ‫�سيكون امل��ال ال�سيا�سي عام ًال م�شجع ًا لأمن��اط‬ ‫رديئة من الإعالم‪ ،‬ال تقيم وزن ًا لر�ضا اجلمهور‪ ،‬بقدر‬ ‫ما يهمها �إر�ضاء املالك‪ ،‬الذي ال ي�ستهدف الربح‪ ،‬بقدر‬ ‫ما ي�ستهدف حتقيق الأثر ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫تت�سع �صناعة "الإعالم البديل" يف �سورية يوم ًا‬ ‫بعد يوم‪ ،‬وتظهر �أ�سماء جديدة‪ ،‬و ُتنفق �أموال �ضخمة‪،‬‬ ‫ويزيد حجم الكادر‪ ،‬لكن ما تطرحه تلك ال�صناعة‬ ‫من فر�ص يظل �أق��ل كثري ًا مما تطرحه من خماطر‬ ‫وحتديات‪.‬‬

‫تتمة‪ :‬حلب حتت رحمة الرباميل املتفجرة‬

‫وبعد الق�صف اجلوي للنظام و�سقوط الع�شرات من املدنيني‪� ،‬أ�صدر جتمع "فا�ستقم كما �أمرت" و‬ ‫الفرقة التا�سعة ع�شر وكتائب نور الدين الزنكي بيان ًا م�شرتك ًا �أعلنوا فيه ت�صعيد عمليات الق�صف على‬ ‫مراكز النظام يف املناطق التي ما تزال حتت �سيطرته و�أمهلوا املدنيني مدة ‪� 24‬ساعة لالبتعاد عنها‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪� ،‬أعلن ل��واء �أح��رار �سوريا ت�صعيد ًا �أك�بر من الت�شكيالت ال�سابقة‪� ،‬إذ �أك��د �أنه‬ ‫�سي�ستهدف املدنيني يف بلدتي نبل والزهراء‪ ،‬املوالينت للنظام واملحا�صرتني منذ مدة‪ ،‬يف حال ا�ستمر‬ ‫ق�صف املدنيني باملراميل املتفجرة يف الأحياء اخلا�ضعة ل�سيطرة الف�صائل امل�سلحة‪ ،‬م�شري ًا �إىل �أنه‬ ‫م�ستعد لوقف كافة عملياته الع�سكرية "والتفرغ لق�صف البلدتني فقط"‪.‬‬ ‫ي�شار �إىل �أنه وبالرغم من �سيطرة الف�صائل املعار�ضة على �أحياء عديدة يف حلب �إال �أنها وحتى‬ ‫اليوم ظ ّلت عاجزة عن مواجهة ا�ستهداف النظام لها من خالل الق�صف بالطريان �إىل جانب �صواريخ‬ ‫ال�سكود‪ ،‬وتعد ن�سبة ال�ضحايا من املدنيني يف �أي ا�ستهداف يف حلب هي الأكرب من �أي منطقة �أخرى‪،‬‬ ‫نظر ًا ال�ستهداف قوات النظام للأحياء ال�سكنية املكتظة‪.‬‬

‫يا�سر عبد العزيز‬

‫ي�أتي ذلك فيما تت�صاعد الأزمة االن�سانية لل�سوريني �سواء ممن هم يف الداخل او ممن ا�ضطرتهم‬ ‫الأو�ضاع للجوء �إىل دول اجلوار‪.‬‬ ‫وحذرت االمم املتحدة من ان عدد ال�سوريني الالجئني خارج بالدهم قد ي�صل اىل حواىل ‪4,10‬‬ ‫ماليني الجئ بحلول نهاية ‪ 2014‬مقابل ‪ 2,4‬مليون م�سجلني حالي ًا‪ ،‬منا�شد ًة الدول على م�ساعدتها‬ ‫جلمع الأموال لت�أمني امل�ساعدات الالزمة لل�سوريني‪.‬‬ ‫و�أو�ضحت من�سقة الأمم املتحدة للإغاثة يف حاالت الطوارئ‪ ،‬فالريي �آمو�س‪ ،‬خالل اجتماع للدول‬ ‫املانحة يف جنيف �أن "عدد النازحني والالجئني املتزايد يولد حاجات �أكرب يف كل القطاعات وي�ضغط‬ ‫على طاقات الدول املجاورة ب�شكل يرتك عواقب �إقليمية عميقة‪".‬‬ ‫بدوره‪ ،‬اعترب من�سق عملية الطوارئ االقليمية لربنامج الأغذية العاملي يف �سوريا‪ ،‬مهند هادي‪� ،‬أن‬ ‫الأزمة ال�سورية هي �أ�سو�أ �أزمة �إن�سانية يف العامل منذ عقود حيث ي�صبح املزيد من املحتاجني ال�سوريني‬ ‫جوعى كل يوم‪.‬‬


‫العدد ‪97‬‬

‫فل�سطينيو �سوريا‪� :‬إحياء النكبة الثانية‬ ‫فلرتكن للظالم‪ ،‬تلك احلقبة املكللة بالعار‬ ‫التي تغا�ضى فيها النظام ال�سوري عن دخول‬ ‫القوات الإ�سرائيلية �إىل لبنان لإخ��راج قوات‬ ‫الثورة الفل�سطينية‪ ،‬مقابل التغا�ضي الغربي‬ ‫وال�سماح له بتدمري مدينة حماة‪.‬‬ ‫لروح ال�شهيد ح�سان ح�سان‬ ‫يف الأيام القليلة املا�ضية‪� ،‬أحيا الفل�سطينيون‬ ‫ال�سوريون الذكرى ال�سنوية الأوىل لنزوحهم عن‬ ‫�أكرب املخ ّيمات الفل�سطينية على الإطالق‪ ،‬خميم‬ ‫الريموك يف جنوب العا�صمة دم�شق‪ .‬تذكروا‬ ‫مل عظيم‪،‬‬ ‫مع ًا‪ ،‬ك�شعب الجئ‪ ،‬نكبتهم املعا�صرة ب�أ ٍ‬ ‫يحدوه �أمل “العودة”‪ ،‬لكن �إىل خميم اللجوء‬ ‫هذه املرة‪ ،‬ولي�س �إىل فل�سطني‪.‬‬ ‫ابتد�أت النكبة الثانية بحادثة “امليغ”‪.‬‬ ‫احل���ادث���ة ال�����ش��ه�يرة ال��ت��ي ان��ط��ب��ع��ت ق�سوتها‬ ‫وهمجيتها يف �أذه���ان الفل�سطينيني‪ .‬ففي ‪16‬‬ ‫كانون الأول‪ /‬دي�سمرب من العام املا�ضي ‪،2012‬‬ ‫ق�صفت طائرة امليغ التابعة جلي�ش “املمانعة‬ ‫واملقاومة” جامع عبد القادر احل�سيني الذي‬ ‫يغ�ص بالنازحني من خمتلف املناطق الثائرة‬ ‫كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫املحيطة باملخيم‪ .‬وخ �ل��ف الق�صف ع�شرات‬ ‫ال�شهداء و�أ�ضعافهم من اجلرحى‪.‬‬ ‫كانت تلك بداية درب الآالم لفل�سطينيي‬ ‫�سوريا‪ ،‬ونقطة البداية لذاكرة �سوداء‪ ،‬تفي�ض‬ ‫�أوجاع ًا و�أح��زان� ًا ودموع ًا‪ .‬هي ذاك��رة احل�صار‬ ‫اخل��ان��ق ال��ذي فر�ضته ق��وات الأ���س��د واجلبهة‬ ‫ال�شعبية‪ -‬القيادة العامة (�أحمد جربيل) على‬ ‫ما تبقى من مدنيني عجزوا عن الرحيل �أو �أبوا‬ ‫ذلك‪ .‬وهي ذاكرة الأحباب الذين ق�ضوا نتيجة‬ ‫الق�صف على املخيم ال���ذي مل يتوقف يوم ًا‬ ‫واح���د ًا طيلة ع��ام‪ .‬وه��ي ذاك��رة �صناع احلياة‬ ‫ا�ص غادر �شغوف بالقتل املجاين‪،‬‬ ‫ممن �أرداهم ق ّن ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ممن انت�صروا عليه وبقوا �أحياء رغم ًا عن‬ ‫�أو ّ‬ ‫�شغفه الو�ضيع‪ .‬وهي ذاك��رة ع�شرات العظماء‬ ‫ممن ق�ضوا حتت التعذيب يف �سجون النظام بعد‬ ‫اعتقالهم‪ ،‬و�آخرهم الفنان الفل�سطيني ال�سوري‬ ‫ح�سان ح�سان‪ ،‬وال�شهيد �أحمد ولويل‪ ،‬وال�شهيد‬ ‫�أحمد �أبو ريا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان من الع�سري جدا‪� ،‬إبقاء خميم الريموك‬ ‫لالجئني الفل�سطينيني خ���ارج دائ���رة ال��ث��ورة‬ ‫ال�����س��وري��ة‪� ،‬إذ ب��دا حم��ا���ص��ر ًا مبناطق ال��ث��ورة‬ ‫(القدم‪ ،‬احلجر‪ ،‬يلدا‪ ،‬الت�ضامن)‪ ،‬حيث ٌتف ّرغ‬ ‫الطائرات احلربية حموالت املوت والدمار فوق‬ ‫ر�ؤو���س ال�سكان‪ ،‬وحيث متطر ال�سماء قذائف‬ ‫تفتك باحلجر والب�شر‪ .‬رمب��ا يكون مم��ا � ّأخ��ر‬

‫�أن�س نادر‬

‫الدخول املبا�شر للمخيم يف الثورة‪ ،‬وجود عدد‬ ‫لي�س بقليل من �سكانه ممن تخوفوا دوم ًا من فكرة‬ ‫التغيري‪ ،‬وما قد حتمله من �آث��ار على حقوقهم‬ ‫و�أو���ض��اع��ه��م‪ .‬غ�ير �أن ال�ضفة الأخ���رى فا�ضت‬ ‫بجي�ش جرار من ال�شباب الفل�سطيني الذي مل‬ ‫يكن لينتظر �أي��ة “�ضمانة” من ث��ورة �شعبية‬ ‫عفوية لكي ينحاز �إليها‪ ،‬خ�صو�ص ًا �أنه ُفطر على‬ ‫العداء لكافة الأنظمة العربية من دون ا�ستثناء‪،‬‬ ‫ومل تنطل عليه يوم ًا خدعة “املمانعة”‪.‬‬ ‫ه��ك��ذا وم��ع جمهور ال ي�ت�ردد يف االنحياز‬ ‫لقيم احلرية وحق ال�شعوب يف تقرير م�صريها‪،‬‬ ‫وتنظيمات فل�سطينية م��ط��واع��ة‪ ،‬ترعرعت‬ ‫يف كنف النظام ال�سوري ومل ت�تردد يوم ًا عن‬ ‫م�ساندته ظامل ًا �أو مظلوم ًا‪ ،‬كان حم ّتم ًا لإحدى‬ ‫�أه��م و�أك�ب�ر ب��واب��ات جنوب دم�شق �أن تتحول‬ ‫م��ن ال��رق��ع��ة ال��وادع��ة واحل��ا���ض��ن��ة للنازحني‪،‬‬ ‫�إىل اجلبهة الأك�ثر ا�شتعا ًال يف خطوط دم�شق‬ ‫اجلنوبية‪ .‬وع��ا���ش الفل�سطينيون م��ن جديد‬ ‫“حالة ح�صار”‪� ،‬أع���ادت احل��ي��اة �إىل كلمات‬ ‫حم��م��ود دروي�������ش ال�����ش��ه�يرة‪ ،‬ال��ت��ي خ���� ّ�ص بها‬ ‫االحتالل الإ�سرائيلي‪� .‬أحكم احل�صار قب�ضته‬ ‫على املخيم وعلى �أهله الذين تقدر �أعدادهم‬ ‫احلالية بنحو ‪� 100‬ألف‪ ،‬من �أ�صل �أكرث من ن�صف‬ ‫مليون فل�سطيني و�سوري كان املخيم يختنق بهم‬ ‫يوم ًا ما‪ .‬لكنهم جزء ال يتجز�أ من ذاكرة املخيم‪،‬‬ ‫حيث الن�شاط الب�شري والكثافة ال�سكانية ال‬ ‫ً‬ ‫منطقة �أخرى‪.‬‬ ‫ت�شبه‬

‫كان ع�شرات �آالف املدنيني يف املخيم‪� ،‬إما من‬ ‫العائالت املعدمة التي عجزت عن �إيجاد مالذ‬ ‫�آمن‪� ،‬أو من العائالت والأ�شخا�ص الذين متتعوا‬ ‫بالقوة واجلر�أة الالزمتني لكي يبقوا يف خميمهم‬ ‫املحا�صر‪ ،‬يحا�صرون احل�صار‪ ،‬وينذرون �أنف�سهم‬ ‫يف خدمة من تبقى من ال�سكان‪ .‬وقد �شكل ه�ؤالء‬ ‫ع��ددا من الهيئات واجلمعيات الإغاثية التي‬ ‫�سجلت ن�شاط ًا عظيم ًا‪.‬‬ ‫يُ�شاع منذ ما قبل الثورة ال�سورية‪ ،‬وعلى‬ ‫نطاق وا�سع‪� ،‬أن الالجئني الفل�سطينيني يف �سوريا‬ ‫يتلقون املعاملة الأف�ضل على الإطالق يف �سوريا‬ ‫مقارنة بدول اجلوار‪ .‬ويراد لهذه “احلقيقة” �أن‬ ‫تغ ّيب حقائق �أخرى‪ .‬منها �أن “املعاملة باملثل”‬ ‫مع ال�سوريني‪ ،‬حتتم على الفل�سطينيني �أن يكونوا‬ ‫�أوفياء لطموحات �أبناء �سوريا احلقيقيني‪ ،‬بل �أن‬ ‫جزء منها‪ .‬هي معاملة واحدة لل�شعبني‪،‬‬ ‫يكونوا ً‬ ‫�إنها معاناة م�شرتكة‪� ،‬ضد �سلطة نهبت البالد‬ ‫و�أفقرت و�سحقت العباد‪.‬‬ ‫كما ي���راد لتلك “احلقيقة”‪� ،‬أن حتجب‬ ‫ال�ضوء عن الت�آمر التاريخي للنظام ال�سوري‬ ‫على الق�ضية الفل�سطينية وعلى قيادة منظمة‬ ‫التحرير‪ .‬فلرتكن للظالم‪ ،‬تلك احلقبة املكللة‬ ‫بالعار‪ ،‬والتي تغا�ضى فيها النظام ال�سوري عن‬ ‫دخول القوات الإ�سرائيلية �إىل لبنان لإخراج‬ ‫ق��وات ال��ث��ورة الفل�سطينية‪ ،‬مقابل التغا�ضي‬ ‫ال��غ��رب��ي وال�����س��م��اح ل��ه ب��ت��دم�ير م��دي��ن��ة حماة‬ ‫والتنكيل ب�أهلها على نحو م�شابه مل��ا يفعله‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫�سالم ال�سعدي‬

‫اليوم يف كل املدن والبلدات ال�سورية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ال�سماح له باحتالل لبنان‪.‬‬ ‫ي�����ض��اف ال��ي��وم‪ ،‬احلقيقة الأك��ث�ر ث��ب��ات� ًا‪،‬‬ ‫واملوثقة عرب عام كامل‪ ،‬وهي التنكيل املمنهج‬ ‫ب�سكان امل��خ��ي��م‪ ،‬ورف�����ض ف��ك احل�����ص��ار عنهم‪.‬‬ ‫واملثابرة على اغتيال خرية ال�شباب الفل�سطيني‬ ‫الواعد واحلامل مب�ستقبل �أف�ضل‪.‬‬ ‫�إذ تزامنت ال��ذك��رى الأوىل للخروج من‬ ‫خميم الريموك‪ ،‬مع ا�ست�شهاد الفنان الفل�سطيني‬ ‫م�ضي‬ ‫ال�سوري ح�سان ح�سان حتت التعذيب بعد ّ‬ ‫�شهرين على اعتقاله يف �سجون النظام ال�سوري‪.‬‬ ‫وح�سان ٌ‬ ‫فنان �شاب‪ ،‬قاده �إح�سا�سه املرهف للعمل‬ ‫يف امل�سرح ويف خمتلف �ألوان الفن كممثل وخمرج‬ ‫م��وه��وب‪ .‬وك��ان “�أبو ال�سكن” كما يطلق عليه‬ ‫�أ�صدقا�ؤه‪ ،‬من ذلك ال�صنف الفريد من ال�شباب‪،‬‬ ‫ممن مت�سكوا مبخيم الريموك متحدين احل�صار‬ ‫وال�براب��رة الذين يحا�صرونهم‪ .‬انهمك ح�سان‬ ‫مع ما تبقى من �أ�صدقائه‪ ،‬ب�إنتاج الفن من داخل‬ ‫احل�صار‪ ،‬و�أنتج بروحه املرحة‪ ،‬وبلم�سات ابن‬ ‫�اء ووعي ًا و�أمل � ًا‪� ،‬أعما ًال فنية‬ ‫املخيم‪ ،‬املتقد ذك� ً‬ ‫ّ‬ ‫ر�سمت الب�سمة على ال��وج��وه املتعبة‪ .‬وثقت‬ ‫�أع��م��ال ال�شهيد ح�سان للنكبة الفل�سطينية‬ ‫اجل��دي��دة‪ ،‬ول��ف��ر���س��ان وزه����رات تلك النكبة‪،‬‬ ‫ل�شهداء يف مقتبل العمر خطفتهم طغمة فا�شية‪،‬‬ ‫كانت دوم ًا على عداء م�ستحكم مع احلياة والفن‬ ‫وفل�سطني واملقاومة‪.‬‬

‫الطابع الديني يف الثورة ال�سورية‬

‫مما ال �شك فيه �أن الدافع الديني من املحر�ضات الأ�سا�سية التي �أوق��دت جذوة الثورة يف الإ�سالمية واملعاناة من القمع والإ�ضطهاد لق�صة الن�شوء يف الثقافة الإ�سالمية‪ ,‬ما �ش ّكل طابع ديني‬ ‫�سوريا‪ ,‬وال�سبب يف ذلك �أن البعد الروحي والعقائدي ي�شكل قوة جمعية �أكرث ر�سوخا من البعد �إرتدادي من الثقافة الإجتماعية للتاريخ الديني و�أ�صبح �سمة وا�ضحة من �سمات الثورة وحمرك‬ ‫الثقايف لتلبية نداء املد الثوري القادم من معاناة تاريخ املنطقة‪ ,‬ولي�س لأن الثورة قامت على �أ�سا�س‬ ‫طائفي وديني كما �أدعى النظام وبع�ض املثقفني �آنذاك‪ ,‬ف�صحيح �أن اجلموع الثائرة كانت تخرج كبري للقوة والتجمعات الب�شرية‪ ,‬مبعنى �أن الدافع الديني �أخذ �شكال ثقافيا ودينيا يف مظهر‬ ‫من اجلوامع‪ ,‬ولكن ب�شعارات مدنية وحقوقية غري دينية �أو طائفية‪ ,‬فلو خرجت املظاهرات من احلراك الثوري يف معظم ت�أثرياته‪ ,‬ولكن الثورة حافظت على ال�سمة الأخالقية والوطنية لها‬ ‫اجلامعات كما كان يريد �أدوني�س و�سواح وغريهم من املثقفني وكانت مبطالب دينية وطائفية فهل‬ ‫ب�شكل عام‪ .‬و�إن الواقع الإجتماعي وال�سيا�سي يعك�س طموح الثورة يف الدولة املدنية جلميع �أبناء‬ ‫كانوا �سيقبلون بذلك؟ وهل كانت �ستلقى الثورة هذا املد ال�شعبي والت�صعيد وامل�شاركة الوطنية‬ ‫من كافة فئات ال�شعب؟ بالطبع ال �أحد ي�ستطيع �أن يتجاهل متادي العاطفة الدينية يف القوة ومكونات ال�شعب ال�سوري‪ ,‬مبا يعني �أن النخب الثقافية مثلت اجلانب ال�سيا�سي والفكري للثورة‬ ‫الثورية كت�سمية الكتائب امل�سلحة ب�أ�سماء رموز دينية و�إرتداد بع�ض القوى �إىل �سلوكيات خرجت والقوة الب�شرية للتجمعات ال�شعبية مثلت احلراك الثوري يف جانبه التظاهري وامل�سلح الحقا‬ ‫عن ثقافة الثورة‪ ,‬لكن هذا كان نتيجة العنف الطائفي الذي مار�سه النظام وثقافة الكراهية التي‬ ‫وج�سدها يف واقع قمعي فاق الت�صور على �أرواح و�أج�ساد وحتى جثامني �أبناء بفعل عنف وقمع النظام‪ .‬ومهما بعدت امل�سافة بني ال�سوريني ب�سبب واقع العنف �ستعود �إىل ما‬ ‫غر�سها يف روح نظامه ّ‬ ‫ال�شعب ال�سوري‪ ,‬ما قاد �إىل �شعور جمعي ب�إ�ضطهاد روحي عاد بالذاكرة �إىل بدايات ن�شوء احل�ضارة كانت عليه بواقع ثقافة الثورة والإنتماء الوطني والإن�ساين ملعاناتها‪.‬‬


‫العدد ‪97‬‬

‫العدد ‪83‬‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫الثورة ُتكرث انتماءاتها فت�سهل خيانتها‬

‫"وداع ًا يا ثورتي" �أ�صعب الكلمات التي كتبها عبداهلل‬ ‫رح��ال ال�شاب ال��ذي �أكمل درا�سته يف جامعة بريطانية‬ ‫ورف�ض اق�تراح �أ�صدقائه بتقدمي طلب اللجوء فيها بعد‬ ‫تخرجه يف حزيران ‪ ،2011‬مف�ض ًال العودة �إىل بالده ليودع‬ ‫الربيطانيني ب�أنه �سي�ستقبلهم يف �سوريا اجلديدة بعد �أن‬ ‫ت�صبح "�سوي�سرا ال�شرق"‪.‬‬ ‫وبحما�س ال�شاب الثائر خرج عبداهلل يف �أوىل �أيام‬ ‫و�صوله �إىل �سوريا يف املظاهرات ال�سلمية حينها واملطالبة‬ ‫برحيل الأ�سـد‪ ،‬وفج�أة وجد نف�سه يف تركيا التي هاجر‬ ‫�إليها ق�سر ًا‪ ،‬كونه ال ي�ؤمن بحمل ال�سالح‪ ،‬وكان من الأ�صوات‬ ‫املنادية بالدولة املدنية‪.‬‬ ‫"بعد �أكرث من ‪ 1000‬يوم‪ ،‬نعم ف�شلت الثورة"‪ ،‬وللف�شل‬ ‫�أ�سبابه يقول عبداهلل‪ :‬فلم تعاي�ش الثورة حلظة ت��أزم‬ ‫منذ انطالقتها وتقدم ميدانها الع�سكري كالتي تعاي�شها‬ ‫الآن‪ ،‬حيث قطع الطريق على الت�سليح والت�ضييق على‬ ‫ال��واق��ع اللوج�ستي ل��ل��ث��وار‪ ،‬ت��زام��ن ذل��ك م��ع ح��رك��ة دفع‬ ‫مادي وب�شري لقوى �أُخرى �إىل امليدان‪� ،‬إ�ضافة �إىل الدعم‬ ‫الإي��راين الرو�سي الالحمدود‪� ،‬سيا�سي ًا وع�سكري ًا ومالي ًا‪،‬‬ ‫وع��دم رغبة �أمريكا بالتخل�ص م��ن الأ�سـد �إىل فانو�س‬ ‫"عفريت الإ�سالميني"‪ ،‬فعمدوا �إىل تطويل �أمــد ال�صراع‪.‬‬

‫ريزان حدو‬

‫بعد �ألف يوم بلغ عدد ال�شهداء �أكرث من مائة �ألف و�أكرث‬ ‫من خم�سة ماليني م�شرد ومهجر يف داخ��ل وخ��ارج �سوريا‪،‬‬ ‫�أخذت الثورة طابع ًا �آخر ف�أ�صبحت �صراعا دولي ًا وعرقيا‬ ‫فهل من �سبيل للعودة �إىل م�سار الثورة ال�شعبية‪.‬‬ ‫ويقول عبد ال�سالم ال�شبلي (�صحفي �سوري مقيم يف‬ ‫م�صر ومن �أوائل ال�شباب املنخرطني يف املظاهرات) لـ(؟؟؟)‪:‬‬ ‫�شعور النا�س ب��اخل��وف وال��ي��أ���س نتيجة طبيعية للوقت‪،‬‬ ‫فاالرهاق �أ�صاب اجلميع‪ ،‬بعد ثالث �سنوات"‪ ،‬م�ؤكد ًا على �إن‬ ‫القلة فقط تعرف ما يجري على �ساحة املعركة‪ ،‬والكثري ال‬ ‫يرى �إال الق�صف والدمار والت�شرد‪.‬‬ ‫وي�ضيف �شبلي �إن "�إعالم الثورة ف�شل يف �إعطاء النا�س‬ ‫الزخم املعنوي املنا�سب لال�ستمرار على ال�سوية نف�سها‬ ‫من الإمي��ان بالن�صر‪ ،‬فقام بالرتكيز على جرائم النظام‬ ‫وامل�شكالت التي خلقتها ال��ث��ورة‪ ،‬م��ن دون �إع��ط��اء جانب‬ ‫�إيجابي منها �إال ما ندر"‪ ،‬معترب ًا �إن كلمة "ف�شل" جمه�ضة‬ ‫بحق الثوار‪ ،‬متفائ ًال مب�ؤ�شرات ا�ستمرار الثورة لتحقيق‬ ‫جزء ي�سري من �أهدافها ورمبا كلها‪ ،‬الفت ًا �إىل �إن �أ�سباب ت�أخر‬ ‫االنت�صار هي عوامل داخلية بحتة‪.‬‬ ‫وي�شري �شبلي �إىل �أنه من املبكر جد ًا احلديث عن خ�سارة‬ ‫حرب‪ ،‬كون املعركة طويلة وما يخ�سره الثوار بالأم�س يف‬

‫خواطر �سورية‬

‫بني املوت جوع ًا و املوت برد ًا‬ ‫�أجرب �أطفال �سورية طيور اجلنة على الرحيل عن مكان ي�شبه الوطن‬ ‫وهم يحلمون بتفاحة ‪ ,‬مبوزة ‪ ,‬بك�أ�س حليب ‪ ,‬بدمية يح�ضنوها و حت�ضنهم‬ ‫ففي وطن ال�شعارات‬ ‫وطن الأندال الذين ركبوا املوجة و �صاروا �أبطال‬ ‫ال ح�ضن فيه للأطفال‬ ‫طيور اجلنة يف �سوق اخل�ضرة‬ ‫�أو ما تبقى من طيور اجلنة يف �سوق اخل�ضرة‬ ‫بقلم ‪ :‬ريزان حدو‬ ‫ي�صرخ �شريكو (ابني ‪�3‬سنوات) موز بابا موز ولكن كيلو املوز ب‪400‬لرية فحاولت ب�شتى الو�سائل �أن �أن�سيه‬ ‫مو�ضوع املوز لكن عبثا ازداد �صراخه الذي جذب انتباه النا�س‬ ‫فخطر يل فكرة الت�شوي�ش على �صوته ف�صرت �أغني ب�أعلى �صوتي‪:‬‬ ‫�أنا املوزة الأمورة �صفرا وحلوى و�شقورة‬ ‫�أنا طعمي مايف منها بكل �أرجاء املعمورة‬ ‫وجنحت اخلطة جناحا باهرا فبالإ�ضافة �إىل الت�شوي�ش على �صوت ابني‬ ‫ن�سي ابني مو�ضوع املوز وبد�أ يغني معي‬ ‫�إىل �أن خرجنا من �سوق اخل�ضرة ب�سالم وعندها اح�س�ست بن�شوة االنت�صار وعبقرية االبتكار‬ ‫لكن ما قطع علي فرحتي �صوت رجل يغني لطفلته‪:‬‬ ‫عنب عنب يا عنب �شو زاكي �شو طيب‬ ‫و�آخر يغني لزوجته‪:‬‬ ‫�أنا البندورة احلمرا مزروعة بني اخل�ضرا‬

‫‪2013-9-15‬‬

‫عامر عبد ال�سالم‬

‫حلب يتم تعوي�ضه اليوم ثوار الغوطة‪.‬‬ ‫من جهته ي�شري النا�شط با�سل عبد اهلل‪� ،‬إىل �أنه كان من الأ�شخا�ص‬ ‫الذين حلموا بحدوث الثورة‪ ،‬برغم قناعته ب�أن الثورة حالة خا�صة يقوم‬ ‫بها فئة نتيجة فكر ما و�آلية للعمل تر�سخت لديهم من قبل برتاكمات فكرية‬ ‫ومعرفية‪ ،‬ولكن ما حدث يف �آذار ‪ 2011‬مل يكن ثورة بتلك املقايي�س‪ ،‬وكانت‬ ‫حراك ًا �شعبي ًا �أو انتفا�ضة على الظلم وت�سلط الأمن‪.‬‬ ‫وي�ؤكد عبداهلل على �ضرورة دعم الثورة بحالة ثقافية وخلفية مدنية‪،‬‬ ‫ويعــد �أنها ف�شلت �إعالمي ًا ب�سبب �إظهار الثورة مبظهر خمالف‪ ،‬وحتريف‬ ‫الأخبار ب�شكل كامل‪ ،‬لكنه ال ي�ؤمن بف�شل الثورة كونها كانت نتاج ًا طبيعي ًا‬ ‫ملجتمع يقبع يف ال�ضغط والظلم‪.‬‬ ‫ولفت عبد اهلل �إىل �إن املعار�ضة ال�سورية عملت بكل طاقتها لتظهر على‬ ‫الأر�ض ولكنها ال متلك �أية �آلية للتعامل مع الواقع ال�سوري‪ ،‬وكانت جمرد‬ ‫ناقلة للحدث‪ ،‬وتتبنى خطاب ال�شارع من دون تقدمي ر�ؤي��ة‪ ،‬م�ضيف ًا "كنا‬ ‫جند املعار�ضني الذين ق�ضوا حياتهم يف �سجون حافظ الأب هائمني على كل‬ ‫قنوات الإعالم من دون �أن يكون لهم �أفق �سيا�سي يحاكي احلدث"‪ ،‬م�شري ًا �إىل‬ ‫�أن مثل هذا النظام يخلق بق�صد �أو غري ق�صد‪ ،‬معار�ضة ت�شبهه‪ ،‬و�إن من بقي‬ ‫ع�شرات ال�سنني يف �أقبية مظلمة لن يخرج ذا حالة عقلية نا�ضجة‪ ،‬ويبدو‬ ‫كاملجنون يف احلقـد والث�أر من النظام‪.‬‬ ‫وال يجد عبداهلل �أية م�شكلة يف غياب "القائد" كون القائد احلقيقي‬ ‫يجب �أن يكون �سوريا‪ ،‬ولكن امل��ال ال�سيا�سي �أنتج ع��ددا كبريا من القادة‪،‬‬ ‫وبد�أ املال هو القائد العام لفئة من ال�شعب لتخرج الكثري من لهفات ال�شارع‬ ‫ال�سوري والتي تقول �إحداها "ارخ ِ ذقنك‪ ،‬يُرفع �ش�أنك‪ -‬حف �شواربك‪ ،‬بتملي‬ ‫جيوبك"‪.‬‬ ‫وتقول رئي�سة رابطة املر�أة الوطنية ال�سورية "ن�سوة" فرح الأتا�سي‬ ‫�إن �أكرب منتفع من حالة عدم التوازن التي �أ�صابت الثورة م�ؤخر ًا‪ ،‬هي تلك‬ ‫الأي��دي اخلفية التي تعمل ل�صالح النظام‪ ،‬م�شري ًة �إىل �إن هذا النظام ال‬ ‫يحارب ولن ي�سقط �إال بذات الأ�سلحة التي ي�ستعملها �ضد الثورة‪.‬‬ ‫ب��دوره يعلق املهند�س �صالح م�سلم الرئي�س امل�شرتك حلزب الإحت��اد‬ ‫الدميقراطي "�أكرب الأحزاب الكردية وامل�سيطر على مناطق الأكراد" �أن‬ ‫ال�شعور بالف�شل يبدو وا�ضح ًا على مالمح ال�شعب‪ ،‬مف�ض ًال كلمة الإحباط‬ ‫�أكرث‪ ،‬قائ ًال "الإحباط من الوعود الكاذبة لقوى املعار�ضة اخلارجية التي‬ ‫كان املفرت�ض متثيل ال�شعب وتطلعاته منذ بداية الثورة"‪.‬‬ ‫و�أ���ش��ار م�سلم �إىل تهديدات ال�سفري الأم��ري��ك��ي روب���رت ف��ورد لقادة‬ ‫االئتالف‪ ،‬وقوله "�إننا �أن�ش�أنا «املجل�س الوطني» ثم قمنا بتهمي�شه‪ ،‬وقد‬ ‫«�أن�ش�أت االئتالف» و�أنا قادر على فرطه"‪ ،‬معترب ًا كالم فورد دليال على �أن‬ ‫املعار�ضة اخلارجية كحجار الدومينو بيــد كل مَن مي ّولها‪.‬‬


‫العدد ‪97‬‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫ال�سوريون يعي�شون بني تطرفني و’اليك�سا’ جلبت لهم �شدة جديدة‬

‫�إبراهيم دروي�ش‬ ‫يعي�ش ال�سوريون ال��ي��وم ب�ين تطرف من‬ ‫ثالثة وجوه‪ ،‬الديكتاتورية‪ ،‬واجلهادية واجلو‬ ‫القار�ص‪ .‬ف�صحيفة التاميز ركزت على الأول‬ ‫وال��ث��اين ـ ام��ا �صحيفة ‘غارديان’ فاختارت‬ ‫عنوانا ‘ع�صر ال�شدة’ يف �إ�شارة للحالة التي‬ ‫يواجهها ال�سوريون يف ‘خميمات’ اللجوء يف‬ ‫لبنان والأردن‪ ،‬حيث يعي�ش الالجئون يف ظل‬ ‫�أج���واء جوية قا�سية ب��دون بطانيات وي�سري‬ ‫االطفال بدون �أحذية تقيهم ال�صقيع والثلج‪.‬‬ ‫وخ�ص�صت �صحيفة ‘تاميز‪ ′‬افتتاحيتها‬ ‫لنقد ال�سيا�سة الغربية جت��اه م��ا ي��ج��ري يف‬ ‫�سوريا‪ ،‬يف الوقت الذي انتقدت منظمة ‘�أمن�ستي‬ ‫انرتنا�شونال’ �سيا�سة بريطانيا مع الالجئني‬ ‫ال�سوريني حيث قالت �أن على بريطانيا �أن‬ ‫تط�أطئ ر�أ�سها خجال من ع��دم فتح حدودها‬ ‫لالجئني ال�سوريني الذين هم بحاجة ما�سة‬ ‫للم�ساعدة‪.‬‬ ‫وج��اء يف مقال ‘تاميز‪� ′‬أن الهجوم الذي‬ ‫�شنه الرئي�س ال�سوري ب�شار الأ�سد على �شعبه‬ ‫قبل ثالث �سنوات �أدى خللق كارثة �إن�سانية ال‬ ‫ميكن لأحد تخيلها‪.‬‬ ‫وق��ال��ت �إن ف�شل ال��غ��رب يف م��ن��ع الأ���س��د‬ ‫ووقف نزعاته الإجرامية ت�شري �إىل �أن امريكا‬ ‫ق��د ت��ن��ازل��ت ع��ن ق��ي��ادت��ه��ا‪ .‬وك��ان��ت النتيجة‬

‫فواز طرابل�سي‬

‫متوقعة و�أك���دت �أن �أق��وى املعار�ضني لنظامه‬ ‫الذين ب��رزوا كانوا الإ�سالميني‪ .‬فقد �ضيعت‬ ‫الإدارة الأمريكية وحلفا�ؤها الغربيون فر�صة‬ ‫العمل وتقوية اجلماعات العلمانية املعتدلة‬ ‫املعار�ضة لنظام الأ���س��د‪ ،‬وتال�شت اليوم هذه‬ ‫الفر�صة و�أ�صبحت بعيدة امل��ن��ال‪ .‬و�أ�ضافت‬ ‫�أن ‘على الدبلوما�سية الغربية الرتكيز على‬ ‫ما ميكن حتقيقه‪ ،‬فاخليار الأق��ل والأ���س��و�أ هو‬ ‫متزيق مع�سكر الأ���س��د البعثي من �أج��ل عزله‬ ‫وخلق م�ساحة �سيا�سية بني �ضعفه واجلماعات‬ ‫اجلهادية املتمرت�سة يف �سورية’‪ .‬و�أ�شارت �إىل‬ ‫التحالف اجلديد وهو اجلبهة الإ�سالمية التي‬ ‫يقاتل حتت رايتها �أكرث من ‪� 5‬آالف مقاتل و�أعلن‬ ‫عنها ال�شهر املا�ضي‪.‬‬ ‫و’رحب اجلميع بها ومن بينهم كان اللواء‬ ‫�سليم �إدري�س‪ ،‬رئي�س قيادة �أركان اجلي�ش احلر’‪.‬‬ ‫وق��ال��ت ال�صحيفة �إن �إدري�����س �شخ�صية‬ ‫معتدلة‪ ،‬ان�شق عن النظام العام املا�ضي ولكن‬ ‫موقعه �ضعيف مقارنة مع التحالفات املعار�ضة‬ ‫الأخرى التي حتمل ر�ؤية خمتلفة حول �سورية‬ ‫ما بعد الأ�سد‪.‬‬ ‫وتقول ‘تاميز‪� ′‬إن ‘اجلبهة الإ�سالمية‬ ‫تدعو �إىل دولة �إ�سالمية‪ ،‬وهي ال متثل القاعدة‬ ‫ولي�ست مرتبطة بها‪ ،‬وم��ع ذل��ك تظل ر�ؤيتها‬

‫غري متوافقة فكرة التعددية وف�صل الدين عن‬ ‫الدولة‪ .‬وخلف هذه املجموعة التي تظل معتدلة‬ ‫هناك تقارير تتحدث ع��ن انتهاكات ومذابح‬ ‫متار�سها جماعات �أخرى’‪.‬‬ ‫ويف املقابل تقول �إن الأ�سد �أظهر ا�ستعدادا‬ ‫ال�ستخدام �أي �شيء للحفاظ على نظامه القمعي‪،‬‬ ‫وح��اف��ظ على متا�سك ن��ظ��ام��ه‪ ،‬فقد ك��ان �آخ��ر‬ ‫ان�شقاق مهم من �صفوفه قبل عام تقريبا‪.‬‬ ‫�شق النظام‬ ‫وب��دال من مواجهة النظام و�ضربه قامت‬ ‫�إدارة ب���اراك �أوب��ام��ا التي زاوج���ت ب�ين �ضعف‬ ‫القيادة و�سوء التقدير باملوافقة على تفكيك‬ ‫تر�سانة النظام الكيميائية بدال من معاقبته‪.‬‬ ‫واعتربت �أن نظام الأ�سد ميثل تهديدا مبا�شرا‬ ‫على ال�شعب ال�سوري واملنطقة جمعاء‪ .‬فالأ�سد‬ ‫لي�س بحاجة ل�سالح كيميائي ملمار�سة الإرهاب‬ ‫فهو يقوم به بطرق �أخ��رى وقتل �أكرث من ‪120‬‬ ‫�ألف �سوري‪.‬‬ ‫وتخل�ص ال�صحيفة �إىل ف�شل �صناع القرار‬ ‫يف العوا�صم الغربية يف تخفيف معاناة ال�شعب‬ ‫ال�����س��وري‪ .‬و ‘عليهم واحل��ال��ة ه���ذه مراجعة‬ ‫ا�سرتاتيجيتهم والعمل على ق�سم النظام و�شق‬ ‫�صفوفه وحرمانه من رعاته’‪‘ .‬فلن يكون هناك‬ ‫�أي تفاو�ض مع الأ�سد‪ ،‬جمرم احلرب‪ ،‬وقد يظهر‬ ‫�أع�ضاء احللقة املقربة منه ميال نحو قبول‬ ‫احلوافز خا�صة �أنهم �سي�صبحون منبوذين حالة‬ ‫ظلوا متم�سكني بالأ�سد’‪.‬‬ ‫وتدعو �إىل تقدمي عرو�ض لأع�ضاء النخبة‬ ‫املقربة ت�شمل حماية من العقوبات �إن قدموا‬ ‫معلومات عن النظام ومن املحاكمة �إن ان�شقوا‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫وقد ‘ي�ؤدي هذا �إىل دق �إ�سفني بني النظام‬ ‫وداعميه من الداخل’‪ .‬وتعرتف ال�صحيفة �أن‬ ‫ه��ذه ال�سيا�سة ق��د ال تنجح‪ ،‬خا�صة �أن دعم‬ ‫وت�سليح املعار�ضة كان اخليار الأف�ضل‪ .‬وبعيدا‬ ‫عن هذا فما يحتاجه ال�سوريون �أكرث هو التعجيل‬ ‫برحيل الأ�سد وال�سماح بن�شوء ‘مركز‪ ′‬يعرب عن‬ ‫نف�سه‪.‬‬ ‫والبديل عن هذا هو ا�ستمرار نظام منبوذ‬ ‫يف احلكم حتى ينهار ويرتك وراءه دولة فا�شلة‬ ‫وف��راغ��ا يف ال�سلطة‪ ،‬وه���ذا �سيناريو خميف‬ ‫للمنطقة ويبدو �أنه يقرتب كما تقول‪.‬‬ ‫وجاء تعليق ال�صحيفة يف ظل تراجع التيار‬

‫املعتدل امل�سلح و�سيطرة اجلبهة الإ�سالمية على‬ ‫مقار تابعة للجي�ش احل��ر وجمل�سه الع�سكري‬ ‫يف �شمال �سورية‪ ،‬وهو ما دعا كل من الواليات‬ ‫املتحدة وبريطانيا اىل وق��ف دع��م املعار�ضة‬ ‫باملعدات غري الفتاكة‪ ،‬ذلك �أن بع�ض املخازن التي‬ ‫نهبت و�سيطر عليها املقاتلون من اجلبهة حتتوي‬ ‫على معدات �أر�سلتها وا�شنطن ولندن‪.‬‬ ‫فقد الت�أثري‬ ‫ويف الوقت الذي نفى فيه اجلي�ش الأخبار‬ ‫التي ت���واردت ع��ن ‘هرب’ �إدري�����س م��ؤك��دة �أن��ه‬ ‫موجود يف تركيا ويتفاو�ض مع اجلبهة‪ ،‬كما نفت‬ ‫�أن تكون الأخرية طردتها من مقارها ومن معرب‬ ‫باب الهوى‪ ،‬بل جاءت لنجدتها‪ ،‬و�أيا كان احلال‬ ‫تقول �صحيفة ‘تاميز‪ ′‬يف تقرير لها �إن احلرب‬ ‫يف �سورية �إنحدرت نحو قتال رباعي الأطراف‪.‬‬ ‫م�شرية �إىل تراجع ت�أثري الغرب على ال�ساحة‬ ‫القتالية ال�سورية‪ ،‬ذلك �أن امل�شهد الع�سكري يف‬ ‫�سورية �أ�صبح متداخال ويحتوي على والءات‬ ‫متعددة ومل يعد فقط حربا بني نظام ومعار�ضة‬ ‫تريد الإط��اح��ة ب��ه‪ .‬فمن جهة تقاتل الدولة‬ ‫الإ�سالمية يف العراق وال�شام وجبهة الن�صرة‬ ‫النظام يف حم��اول��ة لتعزيز وج��وده��م��ا ور�سم‬ ‫حدود مناطق �سيطرة‪ .‬وتقاتل يف الوقت نف�سه‬ ‫اجلي�ش احلر‪.‬‬ ‫ويف طرف �آخر تختلف ‘اجلبهة الإ�سالمية’‬ ‫مع كل من القاعدة واجلي�ش احلر‪ .‬ويقول حمللون‬ ‫�أن التطورات و�صعود كل من الدولة واجلبهة‬ ‫الإ���س�لام��ي��ة ه��ي ‘اخبار �سيئة للجي�ش احلر’‬ ‫ح�سب مايكل �ستفينز من املعهد امللكي للخدمات‬ ‫املتحدة يف قطر والذي �أ�ضاف ‘هذا الو�ضع يدعم‬ ‫فكرة ظهور اجلبهة الإ�سالمية كجي�ش املعار�ضة‬ ‫القادرة على حماية خطوط الإم��دادات والذي‬ ‫�سيقوم مبواجهة الدولة الإ�سالمية’‪.‬‬ ‫ويقول �إن �إدري�س و�إن ظل على ر�أ�س القيادة‬ ‫لكنه يعرتف بعدم �سيطرته على مناطق رئي�سية‪،‬‬ ‫مما يظهر احلقائق على الأر�ض’‪ .‬وي�شري �إىل �أن‬ ‫الطريق �إىل جنيف‪ 2‬لي�س وا�ضحا حيث يحاول‬ ‫كل طرف ‘حتقيق �إجنازات على الأر�ض للح�صول‬ ‫على تنازالت �سيا�سية من الطرف الآخر’‪ ،‬و’يف‬ ‫الوقت احلايل هناك حلقة مفرغة بدون نهاية’‪.‬‬

‫عجبي !‬

‫طرب او حتى ان يتذ ّوق �أغاين فريوز لأنه على ر�أ�س‬ ‫�صرح زي��اد الرحباين ن�صر اهلل لي�س ي�ستطيع ان ُي َ‬ ‫ان تكون ف�يروز «حت� ّ�ب ال�س ّيد» ح�سن ن�صراهلل ح�سبما ّ‬ ‫كانوا‬ ‫والرحبانيان‬ ‫جلريدة «العهد»‪ ،‬فهذا �ش�أنها‪ .‬وهو امر ال يفاجيء كثريا‪ .‬ففريوز‬ ‫حزب مينع اال�ستماع من املو�سيقى واالغاين اال على االنا�شيد الدينية او احلما�سية‬ ‫دوما على �صلة وثيقة بحكم بيت اال�سد وبالنظام البعثي ال�سوري‪ .‬فال عجب ان‬ ‫تن�سحب تلك ال�صلة القدمية «ح ّب ًا» لأمني عام احلزب الذي يقاتل الآن يف �سورية وهو مينع اال�ستماع خ�صو�صا لالغاين التي تغنيها الن�ساء بعامة‪ .‬ولعل �أحد ًا ي�شرح‬ ‫للحفاظ على نظام اال�سرة واحلزب‪.‬‬ ‫يل الفارق بني القاعدة التي يعتمد عليها هذا املنع وبني القاعدة التكفريية التي‬ ‫ي�سرب زياد هذا «احلب» وما فيه من ا�ستغالل رخي�ص ل�شعبية‬ ‫وال يفاجيء ان ّ‬ ‫�أ ّمه الغرا�ض �سيا�سية ‪ .‬فالولد املت�شيوع (من �شيوعي) معبوده �ستالني فال عجب ان تقول ب�أن «�صوت الن�ساء عورة»‪.‬‬ ‫تن�سحب هذه العبادة على الن�سخ العربية من انظمة اال�ستبداد الدموية‪.‬‬ ‫ي�سر ال�سيدة فريوز‪ ،‬الفنانة الكبرية وال�صوت العظيم‪ ،‬انها «حتب» رجال‬ ‫فهل ّ‬ ‫ولكن فيما يتعدّ ى ال�شجب او اال�ستح�سان ال�سيا�سيني لقولة زياد‪ ،‬نقطة تتع ّلق‬ ‫مينع �أغانيها على االذاعة وحمطة التلفزة التابعتني حلزبه وعلى اجلمهور الذي‬ ‫بالفن والغناء واحلرية‪.‬‬ ‫طرب ال�سيدة فريوز ل�سماع خطابات �أمني عام حزب اهلل‪ .‬امل�شكلة ان ال�سيد يرت�ضي التق ّيد بالتكاليف ال�شرعية ال�صادرة عنه؟‬ ‫قد ُت َ‬


‫العدد ‪97‬‬

‫�أ�سعد حيدر‬

‫‪2013-12-22‬‬

‫الأ�سد لي�س "� ً‬ ‫أ�سدا" حل�سابه‬

‫"حزب اهلل" لي�س وح��ده ال��ذي يخو�ض يف �سوريا حرب‬ ‫وج��ود‪ .‬كل القوى ال�سورية والدولية والعربية �شريكة فيها‪.‬‬ ‫االع�تراف بهذا الواقع ي�ؤكد �أن احلرب يف �سوريا‪ ،‬لن تنتهي يف‬ ‫جنيف‪ 2-‬وال مب�ؤمترات عدة‪.‬‬ ‫"حزب اهلل" عليه ت�أمني خال�صه و�أن يح�صل ما يتنا�سب مع‬ ‫التكلفة ال�ضخمة‪ ،‬التي دفعها و�سيدفعها حتى نهايتها‪ .‬من دخل‬ ‫احلرب يف �سوريا‪ ،‬لي�س بيده اخلروج منها بقرار �أحادي‪ ،‬عليه �أن‬ ‫ي�أخذ يف ح�ساباته ماذا يريد حليفه خ�صو�ص ًا �إذا كان احلليف هو‬ ‫الأكرب والأقوى‪ ،‬مثل �إيران واحلزب‪.‬‬ ‫الآن‪ ،‬وع��ام ‪ 2013‬ي�شارف نهايته‪ ،‬من املهم ق��راءة مواقع‬ ‫�أطراف احلرب يف "امللعب" ال�سوري‪ ،‬حتى ميكن ر�سم �صورة واقعية‪،‬‬ ‫وللعام ‪ 2014‬الذي �سبقه الرعد املب�شر بعوا�صف بع�ضها قاتل‪.‬‬ ‫[ الأ�سد هو "الغريق فما خوفه من البلل" وم��ن �إغ��راق‬ ‫العامل معه‪ .‬الأ�سد يخو�ض معركة حياة �أو موت‪ .‬امل�ضحك املبكي‬ ‫يف ّ‬ ‫كل ذلك �أنه خا�سر مهما ربح‪ .‬م�ستقبل �سوريا لن يكون "�أ�سدي ًا"‪.‬‬ ‫حني يق�صف رئي�س �شعبه بالكيماوي والرباميل املتفجرة فال‬ ‫م�ستقبل له‪ .‬قد يبقى باحلديد والنار �أ�شهر ًا وربمّ ا �سنوات با�سم‬ ‫احلرب �ضد االرهاب‪ ،‬لكنه �سيبقى "و�سيلة" و"�سالحا" للآخرين‪،‬‬ ‫ولي�س "�أ�سد ًا" حل�سابه‪.‬‬ ‫[ "القي�صر" بوتني‪ ،‬ق ّرر منذ البداية �أن �سوريا هي "امللعب"‬ ‫�سي�سجل فيه �أكرب عدد من "الأهداف" التي �ستعيد لـ"الدب"‬ ‫الذي‬ ‫ّ‬ ‫الرو�سي بع�ض �أجم��اده الغابرة‪" .‬القي�صر" ال تعنيه "�شي�شنة"‬ ‫�سوريا‪ .‬كل قتيل ي�سقط فيها‪" ،‬درجة" على �س ّلم �صعوده‪ .‬لذلك‬ ‫حتى الأ�سد ميكن �أن ي�صبح "درجة" له‪.‬‬ ‫�إي��ران‪ .‬املر�شد �آية اهلل خامنئي يخو�ض يف �سوريا معركة‬ ‫"املربع الأخري"‪ .‬لذلك و�ضع كل القدرات االيرانية يف خدمة‬ ‫�أهدافه‪ .‬الأ�سد بالن�سبة له "ج�سر" يعربه لتحقيق م�شروعه يف‬ ‫حتويل ايران اىل قوة �إقليمية كربى �شريكة مع الواليات املتحدة‬ ‫الأمريكية‪ .‬ال �شيء حم ّرم ًا يف حروب الوجود‪ .‬متى قرع "اجلر�س"‬ ‫�سيغيرّ املر�شد "�أ�سده"‪ .‬م�صلحة �إيران فوق اجلميع‪.‬‬ ‫حزب اهلل‪ ،‬غرق يف امل�ستنقع ال�سوري ولن يخرج منه �ساملاً‬ ‫مهما ك��اب��ر‪ .‬لأن احل�سم واالنت�صار ممنوعان‪ ،‬ف ��إن �أق�صى ما‬ ‫�سيح�صل عليه‪ ،‬هو ما �ست�ؤ ّمنه �إيران له ال �أكرث وال �أقل‪ .‬امل�شكلة‬

‫�أن اللبنانيني يخ�سرون �إذا ربح الأ�سد‪ .‬واخل�سارة �أكرب �إذا �صمد‬ ‫التكفرييون وث ّبتوا لبنان "�أر�ض جهاد"‪ ،‬لذلك من م�صلحتهم‬ ‫الوطنية والوجودية �أن يُهزم الأ�سد والتكفرييون‪ ،‬ليبقى لبنان‬ ‫�أر�ض ًا جتمع وال تف ّرق‪.‬‬ ‫الرئي�س باراك �أوباما‪ .‬هو الالعب الوحيد من اخل��ارج‪ .‬ال‬ ‫�أحد ي�سجل الأهداف يف "مرماه"‪ ،‬بينما ي�ستثمر �أرباح وخ�سائر‬ ‫كل الالعبني مل�صلحته‪ .‬لذلك وه��و "يلعب" بال تكلفة‪ ،‬م�ستعد‬ ‫ل�ضرب �أو بيع �أو التخلي عن �أي "العب"‪ ،‬وهو قادر دوم ًا على تغيري‬ ‫حتالفاته يف اللحظة التي يجدها منا�سبة له‪.‬‬ ‫العرب‪ .‬هم اخلا�سرون الكبار واحلقيقيون‪ .‬مل يعرفوا كيف‬ ‫يدعمون الثورة ومل ي ّت ِحدوا بل تناف�سوا وتزاحموا وتقاتلوا‬ ‫مبا�شرة �أو بالوا�سطة‪ .‬كيفما كانت نتيجة احلرب يف �سوريا ف�إن‬

‫العرب خرجوا من كل معادالت ال�شرق الأو�سط لعقدين من الزمن‪.‬‬ ‫امل�أ�ساة �أنه خالل هذين العقدين �سيتقدم اجلميع وهم �سيرتاجعون‬ ‫لي�صبح الفارق عقود ًا ولي�س عقدين‪.‬‬ ‫"الن�صرة" وما ّ‬ ‫لف ل ّفها‪ ،‬لن تنت�صر‪" .‬احلرب الدولية �ضد‬ ‫االرهاب" ب��د�أت‪ .‬وال �شيء حم ّرما فيها‪ ،‬لأنها هي حرب الوجود‬ ‫احلقيقية‪.‬‬ ‫الدول ميكنها حتمل خ�سارة حرب‪ ،‬لأنها ت�ستطيع االنطالق‬ ‫نحو �آفاق �أخرى‪" .‬حزب اهلل"‪� ،‬سيبقى حزب ًا مهما كابر‪ ،‬ال ميكنه‬ ‫اال�ستيالء على ال�سلطة‪ ،‬لأن تركيبة لبنان ال ت�سمح بذلك‪ .‬حان‬ ‫الوقت ليت�ص ّرف "حزب اهلل" ب�أنه ق ّوة رديفة لإيران‪ ،‬و�أنه �سيبقى‬ ‫يف لبنان �شريك ًا ولي�س قوة �أح��ادي��ة‪ ،‬تر�سم وتق ّرر والآخ��رون‬ ‫ين ّفذون‪.‬‬

‫تتمة ال�سوريون يعي�شون بني تطرفني و’اليك�سا’ جلبت لهم �شدة جديدة‬ ‫‪:‬‬

‫ابراهيم دروي�ش‬

‫يذكر �أن �إدري�س �أكد يف ت�صريحات ل�شبكة ‘�سي �أن �أن’ �أنه عاد لرتكيا وهو بني جنوده‪ ،‬فيما‬ ‫جددت اخلارجية معلوماتها وقالت �إن �إدري�س ذهب لقطر ثم عاد لرتكيا حيث ميلك منزال ال‬ ‫يبعد كثريا عن احلدود مع بالده‪.‬‬ ‫وتقول �صحيفة ‘وول �سرتيت جورنال’ �إن حقيقة ما جرى يف �أطمة بد�أت تت�ضح ولكنها‬ ‫تظهر يف الوقت نف�سه الطريقة التي تكافح فيها �إدارة �أوباما التعامل مع و�ضع متغري على اجلبهة‬ ‫ال�سورية حيث تواجه قيادة �إدري�س نف�سها حتد من جماعات �أخرى‪.‬‬ ‫ق�صة �أمرية‬ ‫مظهر ال�شدة الثالث الذي يعاين منه ال�سوريون هي تداعيات الربد وما جلبه �إع�صار ‘�أليك�سا’‬ ‫على من يقيمون يف لبنان حتديدا‪ ،‬وكتب يف هذا ال�سياق مايكل �شني املمثل الربيطاين يف �صحيفة‬ ‫‘�إندبندنت’مقاال عن املو�ضوع وجاء فيه ‘يف هذا البلد ال�صغري‪ ،‬طفلة �صغرية تكافح‪ ،‬فقبل �أربعة‬ ‫�أ�شهر ولدت �أمرية يف ‘خميم’ لالجئني يف منطقة البقاع‪،‬على م�ساحة من القفر الآخذة بالتو�سع‬ ‫واملحفوفة باملخاطر‪ ،‬واملليئة بالأكواخ امل�صنوعة باليد والتي يعي�ش فيها ال�سوريون الذي هم يف‬ ‫�أم�س احلاجة‪ ،‬و�أمها هي واحدة من بني �أكرث من ‪� 800‬ألف �سوري يعي�شون يف داخل حدود جارة‬ ‫�سورية ال�صغرية‪ ،‬وهربت من القتال الكريه امل�شتعل هناك‪ ،‬حاملة معها ما ت�ستطيع‪ ،‬حقيبة‪،‬‬ ‫كتاب’‪ ،‬والآن ‘يقرتب الربد القار�س‪ ،‬وبد�أت العا�صفة تهب على اخليمة اله�شة التي تنام فيها‬ ‫�أمرية‪ ،‬واملر�ض يحوم حولها‪ .‬فقد عانت �أمرية ولأ�سابيع من �إ�سهال حاد‪ ،‬وقال الطبيب �إنها تعاين‬ ‫من �سوء تغذية‪ .‬وعندما زرت لبنان قبل �أ�سابيع‪ ،‬كانت مياه املجاري ت�سري بني اخليم الفقرية‬ ‫املبللة مباء املطر والتي تفتقر للتدفئة‪ ،‬وبدا وزن �أمرية ن�صف حجمها الطبيعي’‪ .‬وي�ضيف �شني‬ ‫‘هناك العديد من ال�سوريني الذين يعي�شون مثل �أمرية يف الربد‪ ،‬وعددهم ي�صل �إىل ‪ 6‬ماليني يف‬ ‫�سورية واملنطقة هم بحاجة ما�سة للم�ساعدة‪ .‬وتبدو ال�صورة داخل �سورية �أكرث ك�آبة‪ ،‬فقد علق‬ ‫مئات الآالف من االطفال يف املناطق التي ت�شهد قتاال‪ ،‬مقطوعة عنهم امل�ساعدات‪.‬‬ ‫ويف بلدان مثل الأردن والعراق ولبنان يعي�ش �أكرث من مليون طفل يف �أو�ضاع ‘ا�شهد �أنهم‬ ‫يعي�شون يف �أو�ضاع حتطم القلب‪ ،‬فقد و�صل الكثريون منهم يف ال�صيف‪ ،‬هربوا مبالب�سهم التي‬

‫كانت عليهم‪ ،‬ويف ال�شتاء املا�ضي‪ ،‬جتمدت ال�صحراء وهبطت احلرارة فيها ل�ست درجات حتت‬ ‫ال�صفر’‪.‬‬ ‫ال�صدمة‬ ‫وبعيدا عن الظروف التي يعي�شونها‪ ،‬فال�صدمة التي �سترتكها احلرب عليهم طويلة الأمد‪،‬‬ ‫فقد �شاهدوا العنف الرهيب‪ ،‬وحتدثت لبنات و�أوالد �شاهدوا عائالتهم وا�صدقاءهم يقتلون‬ ‫�أمامهم‪ .‬فيما مل يذهب الأطفال للمدار�س منذ ثالثة �سنوات وم�ستقبلهم �أ�صبح يف مهب الريح‪،‬‬ ‫والأطفال الذين خ�سروا كل �شيء يبدو �أنهم �سيخ�سرون �أكرث’‪.‬‬ ‫ويف الوقت ال��ذي حت��اول فيه املنظمات الإن�سانية مبن فيها منظمة الطفولة العاملية‬ ‫‘يوني�سيف’ امل�ساعدة وتوفري الأغطية واملالب�س ال�شتوية والأحذية وتوفري التعليم والدعم‬ ‫النف�سي �إال ان العدد املتزايد من الالجئني يفاقم من �أعباء هذه امل�ؤ�س�سات ‘وعندما كنت يف‬ ‫لبنان تدفق �أكرث من ‪� 20‬ألف الجئ يف مدى �أيام‪ ،‬وهناك ‪� 20‬ألفا �آخرين بحاجة ما�سة للم�أوى‬ ‫والطعام واملالب�س والأدوية’‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي يدعو فيه اجلميع حلل للأزمة والت�أكيد على �أهمية جمع كل الأطراف‬ ‫املتنازعة والتو�صل حلل �سيا�سي لكن ما يحتاجه ال�سوريون الآن ‘هو حماية الأطفال و�إخراجهم‬ ‫من الربد‪ ..‬ف�أطفال مثل �أمرية بحاجة للم�ساعدات وتوفري الدفء لهم و�إنقاذهم من الأمرا�ض‪،‬‬ ‫�إنه ال ميكنهم الإنتظار’‪.‬‬ ‫وعن حالة الالجئني يف البقاع نقلت �صحيفة ‘غارديان’ عن عامل ميداين مع منظمة ‘انقذوا‬ ‫الأطفال’ ان الريح قد مزقت خيام الالجئني‪ ،‬و�أ�صبحت تنز ماء على من يحتمون داخلها‪ .‬وقال‬ ‫�إن ‘الكثري من الأطفال ال يلب�سون الأحذية املنا�سبة‪ ،‬ويلب�سون ال�شبا�شب‪ ،‬ومعظمهم يف مالب�س‬ ‫ال�صيف‪ ،‬وبع�ض العائالت لديها مواقد لكنها ال ت�ستطيع احل�صول على اخل�شب ولهذا حترق‬ ‫الأكيا�س البال�ستيكية‪ ،‬وهذا خطري‪ ،‬ولكنهم قالوا يل �أمامنا خياران‪ :‬التجمد حتى املوت او‬ ‫الإختناق بالدخان’‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.