العدد 97
2013-12-22
امل�شحم ..الفيلم الوثائقي الأول ل�شرارة �آذار
كارثة �إن�سانية �أم كارثة وطنية حلب حتت رحمة الرباميل املتفجرة فل�سطينيو �سوريا خطف الثورة الإعالم ال�سوري البديل ال�سوريون يعي�شون بني تطرفني الأ�سد لي�س �أ�سد ًا حل�سابه
امل�شحم ..عامل من التفا�صيل واملنمنمات ،هنا حيث ا�ستطاع �سكان املكان اقتطاع زمن خا�ص بهم ،خارج �إطار الزمن العام .هنا حيث ما زال للبداهة من مت�سع ،و"للحياة الطبيعية الب�سيطة" من امكانية. يف "اخلارج" ،خارج امل�شحم ،كل �شيء خمتلف ،عالقات معقدة بني الثوار ،وا�صطفافات �سيا�سية واجتماعية فر�ضتها اللحظة الراهنة، يف امل�شحم ،عالقات ب�سيطة بني جمموعة من الأفراد املختلفني والذين اختاروا مبلأ �إرادتهم التواجد يف هذا املكان؛ يف "اخلارج" يختلف الأفراد واملجموعات على ال�سلطة كما على "الغنائم" وترفع البنادق يف وجه �أ�صدقاء الأم�س ،يف امل�شحم ال غايات فردية خارج �إطار املعطى الذي تفر�ضه متطلبات الثورة ،ال خالفات هنا على الغنائم� ،إذ ال وجود لها يف امل�شحم. يف "اخلارج" موت معمم ،ودمار ،وجع ي�سري يف كل خلية من املدينة، يف امل�شحم ،ي�صل املوت �إىل نهاية املطاف ..يكفن ،ويزين ،ويذهب �إىل مثواه الأخري ،املوت يبد�أ يف "اخلارج" ،وينتهي يف امل�شحم. يقطن امل�شحم عائلتني �أ�سا�سيتني ،عائلة �أم مازن وعائلة �أم ل�ؤي ،يرك�ض �أطفال العائلتني يف كل حيز متاح ،بينما تن�شغل العائلتني مبهمتهم املقد�سة: تكفني ال�شهداء ،وتوثيق �أ�سمائهم وظروف موتهم ،وما كان معهم من ممتلكات .تعمل الن�ساء يد بيد مع رجالهن ،ويك�سرن قاعدة التق�سيم الفج للأدوار ،هنا املر�أة بجانب رجلها ،معه يد بيد. َ "الزكور" جزء من طاقم العمل ومقاتل �سابق يف �صفوف الثوار ،يقود �سيارة اال�سعاف ،وينقل اجلرحى وامل�صابني ،مع الوقت �صار جز ًء من �سكان امل�شحم ،وفرد ًا من العائلة التي ما فت�أت تتو�سع تدريجي ًا" ،الزكور" �صديق �أطفال امل�شحم ،وم�صدر �سعادة اجلميع؛ "�أبو علي" امل�س�ؤول عن حفر القبور ودفن ال�شهداء� ،أي�ض ًا ان�ضم للأ�سرة الكبرية و�صار جز ًء منها ،رغم ما يبدو عليه من غرابة الأطوار� ،إال �أن حكايته اخلا�صة قد ت�شفع له غرابة �سلوكه؛ "حممد" �شاب و�سيم يف مقتبل العمر ،يعمل كم�ساعد يف عمليات التكفني، ان�ضم بدوره لأ�سرة امل�شحم و�صار جز ًء منها. امل�شحم اقتطاع للزمن خارج �سياقه ،هو �شيء �أ�شبه بفنتازيا من نوع ما؛ ال �شيء هنا عجائبي او يدعو للده�شة ،كل �شيء هنا ب�سيط حتى التداعي، ال �شيء �سوى عالقات ان�سانية تربط الأف��راد �إىل بع�ضهم وت�شدهم �إىل رغبة يف اال�ستمرار يف احلياة .ي�سلط الفلم –�أو هو ي�سعى �إىل ذلك -على العالقات التي ت�شد الأفراد �إىل بع�ضهم ،على تفا�صيل حياتهم اليومية، وي�سعى �إىل ر�صد �سلوكهم الذي يحاولون �أن يكون طبيعي ًا يف ظروف ال �شيء فيها طبيعي. �أبطالنا �أ�شخا�ص عاديني ،فقدو كل �شيء :فقدوا �أحبتهم وممتلكاتهم، فقدوا �أعمالهم وما ادخروه عرب �سنوات عمرهم ،بيد �أنهم حافظوا على �شيء واحد ووحيد :رغبتهم يف احلياة.