December Ya 7elween

Page 1

‫يا حلوين‬

‫‪A Lifestyle Magazine‬‬

‫ال يستويف الرشوط ولكن‬ ‫حنني إىل‬

‫أن َْت أن َْت َم ِصريي‬

‫نظرة جديدة للعامل‬ ‫رصاخ اىل املساواة‬


‫يا حلوين‬ ‫”‪“We are the beautiful people‬‬

‫وينكم يا حلوين ‪ ،‬يستمر اإلبداع يف عامل اإلبداع من أجل الحلوين ‪ -‬أعصابكم يا حلوين‬ ‫‪Dr. H. Farhat‬‬



4


‫يا حلوين‬ Magazine

Ya 7 e l w e e n

A Li fes t y l e M a g a z i n e

Editor-in-chief: Content Curator: Chief Designer:

Dr. Hassan Farhat April Khan Saood Mukhtar Ali

Canada/Europa: USA:

Media Contact: HSF Media Inc. 300 Cadman Plaza West Floor 12 Brooklyn, New York 11201

All editors and subeditors can be contacted via editorial office.

Managing editor: Advertising Sales manager:

April Khan HSF Media Inc.

Copyright © 2016 by HSF Media Inc. All rights reserved. No part of this publication may be reproduced, distributed, or transmitted in any form or by any means, including photocopying, recording, or other electronic or mechanical methods, without the prior written permission of the publisher, except in the case of brief quotations embodied in critical reviews and certain other noncommercial uses permitted by copyright law. For permission requests, write to the publisher.

MAGAZ INE TEMPL ATE / O C TO B ER 2013 / w w w.your magaz i ne.co m

5


‫حنني إىل العودة‬ ‫عمر شبيل‬

‫تعل َّـ َق قلبي بذاك الرتاب‬

‫ففيه اقرتبت من الله أك ْرث‬ ‫أجي ُء ِ‬ ‫إليك ويف مقلتي ُس ُح ٌب‬

‫الدرب رجليْك‬ ‫‪،‬من دموع وميتحن‬ ‫ُ‬

‫إن السف ْر ليس فيه سوى أن تعود‬ ‫وقد كان يف مقلتي ُس ُح ٌب ليس يدركها أو يراها‬

‫سوى من أضاع عىل دربه وطناً‬

‫يهطل اآل َن يف داخيل‬ ‫وحبيب ْة وها صوت ُها ُ‬ ‫وميلؤين باملكان وميلؤين بالزمان‬ ‫تنضح مني‬ ‫روائح ط ِني الصوير ِة ُ‬ ‫ُ‬ ‫تسح من القلب قبل السامء‬ ‫وكنت أش ُّم الغيو َم‪ ،‬وكانت ُّ‬ ‫دعيني أحبَّ ِك يف لحظ ٍة صاحي ْة‬ ‫جرح جميل إذا م َّر يف الضاحي ْة‬ ‫ففي الغيم ٌ‬

‫ويجربين الغي ُم أن أتعرى َ‬ ‫ألعرف هل م ّر فوق بالدي‬

‫ويهطل مل َء دمي فأسافر فيه إىل حيث ِ‬ ‫أنت تكونني‬ ‫َ‬ ‫كل قطر ْة ‪-‬وما ُ‬ ‫الفرق بني الدموع وبني املط ْر‬ ‫أحس ِك يف ِّ‬ ‫ّإن ُّ‬

‫كنت ِ‬ ‫إذا ِ‬ ‫أنت بعيد ْة سال ٌم عىل مط ٍر يف البقاع‬ ‫القلوب السام‬ ‫تالمس فيه‬ ‫إذا ما همى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سال ٌم عىل الطرق املستب ّد ِة بالذكريات‬ ‫الربق «وادي ِ‬ ‫أشعل ُ‬ ‫الحمى‬ ‫وقد َ‬

‫‪6‬‬


‫ال يستويف الرشوط ولكن‬ ‫ميكنك أن تح ّبها أو تح ّبيه ولكن‪ ...‬فليكن من نفس الدين! وليكن من‬ ‫نفس العرق‪ ،‬فبالطبع لن ترغبي يف الزواج بشاب من غري طينتك! لن‬ ‫ترغبي بالزواج بشخص من غري محيطك‪ .‬فالعادات تختلف ومنط الحياة‬ ‫يختلف وطريقة التفكري تختلف‬ ‫سلسلة ال تنتهي من القيود‪ ،‬لك ّنك بالطبع ح ّرة باختيار الشخص الذي‬ ‫تريدين ‪ ...‬ما هذه السخرية! هراء ما بعده هراء ! كأمنا الشخص‬ ‫الذي تجد فيه نصفك اآلخر عليه أن يستويف الرشوط! رشوطا يفرضها‬ ‫املجتمع‪ ،‬متاما كام فُرض عليك اسمك ودينك وشكلك‪ .‬كأمنا هذا‬ ‫الشخص عليه أن ينال رىض الجميع قبل أن تفكّري حتى باالرتباط به‬ ‫كم تظلمني نفسك عندما تكرتثني لرىض فالن وموافقة علتان‪ ،‬وأنت‬ ‫تعلمني متاما أن الناس‪ ،‬وإن أفنيتي عمرك يف سبيل نيل رضاهم‪ ،‬لن‬ ‫تفعيل‪ .‬ليس ألنك ال ترتقني للمستوى املطلوب‪ ،‬ولكن ألن الناس هم‬ ‫كذلك‪ .‬فهم بطبيعتهم يتسلّون بالرثثرة والنميمة‪ ،‬ويتذ ّرعون بالعادات‬ ‫والتقاليد ملهاجمة اآلخر‪ .‬هذا اآلخر الذي بلغ مراكز لطاملا حلموا‬ ‫‪.‬بالوصول اليها‪ .‬هذا اآلخر الذي يتف ّوق عليهم بشتّى املجاالت‬ ‫الشخيص لألمور‪،‬‬ ‫رصيف بحسب قناعاتك وتقييمك‬ ‫إذا يا عزيزيت‪ ،‬ت ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكوين وف ّية أوال ملشاعرك وقلبك‪ .‬فإن اتخذيت الخيار الخطأ‪ ،‬ستتح ّملني‬ ‫العواقب مبفردك‪ .‬وإن اخرتيت صح‪ ،‬ستسعدي ملدى الحياة‪ .‬تج ّريئ!‬ ‫مت ّردي ! قويل ال يستويف رشوطكم لك ّنني أح ّبه‬ ‫زينه زغيب‬

‫‪7‬‬


Magazine

‫الوطن‬

8

MAGAZ I N E T E M PLATE / OC TOBE R 2013 / w w w.yo ur m agaz i ne.com


‫الوطن هو أرض جذورها اإلنسان وأغصانها الحب والحنني ومثارها الحرية و الكرامة‪ ،‬هو اختالج مشاعر األرض يف قلب اإلنسان ووعيه‪ ،‬وهو تلك‬ ‫البقعة التي تجذبنا إليها آمال و أحالم‪ ،‬أفراحها وعي املواطن‪ ،‬وآالمها انفصال بني تطلعاتها وقلبه‪ ،‬تزدهر برحيق أرواح الشهداء‪ ،‬و تهزل بانحسار‬ ‫التضحية عن الجباه الواقفة عىل حدود مصريه‪ ،‬الوطن هو بعد اإلنسان يف األشياء ينجذب إليها بحنني طفل ووعي حميم‪ .‬هو امتداد رشايني الجسد‬ ‫البرشي يف أنسجة الرتاب‪ ،‬وبهذا يغدو الوطن قطعة حميمة من اإلنسان‪ ،‬ويغدو الجسد وطناً مصغرا ً للرغبات ولحاول أشواق الرتاب وصبوته‪ .‬وبني‬ ‫أشواق الوطن األصغر والوطن األكرب تضع اإلنسانية أعزما متلك لتحافظ عىل ذلك التجاذب‪ ،‬الوطن هو حنني الذات للحلول يف وعاء أشمل وأرحب‬ ‫وتظل كلمة الوطن دافئة لسكناها خلف شغاف القلب‪ ،‬ويحنو عليها الكبد فإذا األشجار خرضة يف النفس واملاء دمع األرض الحاملة بغد أفضل‪ ،‬لقد‬ ‫هفت األرض اىل الوعي فكانت إنساناً يحب ويفكر وكانت جدوال يسافر إىل رحم األزل لريوي جذور الكينونة األبدية وكانت حقوال متوج بالحياة‪ ،‬ومن‬ ‫‪.‬شوق األمل لالكتامل ولد مفهوم الوطن مضمخاً بالحب مقمطاً بالوفاء‬ ‫‪.‬مل نحب أوطاننا؟ سؤال يقرع بوابة الحياة‬ ‫لعله حب الذات املنسفحة يف أوردة الرتاب‪ ،‬إن هيوىل الروح منسوجة من تراب‪ ،‬وحنني الروح إىل الوطن إمنا يعني الحنني إىل أمنا األرض التي أرضعتنا‬ ‫من ثديها لنب البقاء والمست ظلامت أنفسنا بأنامل حنوها‪ ،‬فإذا املرء كتلة من الشوق إىل بدايته و أصوله‪ .‬ومنا الحب فإذا كل منحنى مرتع لصبوة‬ ‫ومأوى لذكرى‪ ،‬وما أصفى الحنني اىل الذكريات الحبيبة املاثلة يف األشياء‪ ،‬إنها لحمة تصل جسد املرء بجسد وطنه‪ ،‬وتوقظ وعيه بانجذاب صويف إىل‬ ‫الذوبان يف الرتاب‪ ،‬وما أروع ابن الرومي حني قال‬ ‫وحبب أوطان الرجال إليه ُم‬

‫مآرب قضَّ اها الشباب هنالكا‬

‫إذا ذكروا أوطانهم ذكَّ َرتْ ُه ُم‬

‫عهو َد ِ‬ ‫الصبا فيها فح ُّنوا لذلكا‬

‫إن صحراء تلتهب ظأم ومتتنع عىل املنتعل ألندى رفيقاً يف نفوس ساكنيها من خامئل وارفة الظالل‪،‬ذلك أن الحب وحده ربيع‪ ،‬يربغم الهشيم ويخصل‬ ‫األنداء مطارف فوق قوافل الهجري‪.‬فإذا البيد مخضوضلة وأمداء معشوشبة‪ .‬وإذا الرساب أمل يتفجر باملاء‪ ،‬وحلم يجسد شوق اإلنسان إىل األفضل‬ ‫األسنى‪ .‬إن الحب وحده ينبت يف أضالعنا براعم الشوق إىل األرض‪ ،‬ويغسل عن أكبادنا وعورتها فإذا هي الطئة بالقلوب أدفأ من ذكرى وأنعم من حلم‬ ‫وتجف موارد العيش‪ ،‬وتدلهم آفاق الوطن فتنتزع الغربة املرء من أرضه‪ ،‬فتعصف يف ذاته دواعي الشوق‪ ،‬وتورق يف حناياه أغصان الحنني‪ ،‬وتغدو‬ ‫روحه طيفاً يخرتق املسافات ويرفرف فوق ربوع بالده‪ ،‬مسلمة عىل مراتع الصبا ومعانقة أروقة األمس‪ ،‬ويشعر املرء أنه نبتة اقتلعت من تربتها وبدأ‬ ‫الجفاف يغزوها ويكسوها بالذبول‪ ،‬فيلتفت إىل املايض محاوالً إعادة عقارب الزمن لعله يضاجع ذكرى أو يخارص حلام‪ ،‬وتغدو أيامه رضباً من محاولة‬ ‫غزو املستقبل‪ ،‬وإذا رشاع األوبة يهدهد أحالمه‪ ،‬ويطل عىل وطنه وكأنه صويف يف حرضة الذات الكربى‪ ،‬يحس براحة عميقة وهو يخلع أسامل الغربة‬ ‫ويستحم بعطر بالده من صدأ الليايل وغبار الزمن‪ .‬اللقاء ميالد والحياة حلم يتجدد ‪ ،‬فال عليه إن رفل يف ثوب الصبا وصار طفال يهرع بشوق عنيف‬ ‫إىل ثدي أمه األرض‪ .‬إن طفولة اللقاء تسكب يف الهيكل الهرم عصري الشباب وألق الفتوة‪ ،‬ومتسح الطأمنينة عن جفنيه دموع األمل وتوقظ فيه الرضا ‪.‬‬ ‫وهكذا يكون لقاء الوطن والدة جديدة واعية‬ ‫ال قيمة للحب األحمق‪ .‬ومن هنا يجب أن يكون حبنا ألوطاننا حبا واعيا مبقدار كونه فطرياً‪ ،‬ويعي الحب أبعاد وجوده مبدى ارتباطه بقضايا الوطن ‪،‬‬ ‫فقد تفض عذرية األرض عىل وقع أقدام غاصب دخيل‪ ،‬وتنتعل كرامة الرثى بنعل أجنبي رشه‪ ،‬وقتئذ يجب أن تتمرد األغصان سيوفاً يف وجه الغزاة‬ ‫وأن يتحول الحنني إىل عواصف ثأر ورفض‪ .‬ال معنى للحب إذا انهزم يف مقابلة االمتحان العسري‪ ،‬إن خفقات القلوب املدلهة بحب الوطن يجب أن‬ ‫تصبح متفجرات تحت رسر الغاصبني‪ ،‬فمن حنني النور يتكون حقد الطبيعة عىل األشياء الدخيلة‪ ،‬وما أشعة الشمس التي تداعب ثغور الرباعم وتفتق‬ ‫همساتها إال تلك التي تقتل جراثيم املستنقعات اآلسنة‪ ،‬وتجفف ما أننت منها وما فسد‪ ،‬إن الحقد وجه رشعي آخر للحب‪ .‬وليس حب الوطن إال حقدا ً‬ ‫ملتهباً عىل غاصبيه ‪ ،‬وبذور هذا الحقد تتكون من شعور اإلنسان بانعدام انتامئه ما دام وطنه مغموساً بظالم االستعامر وجربوته ‪ .‬كيف ندوس عىل‬ ‫الرثى وأنياب الصالل املستعمرة مغروزة فيه؟ وكيف تنبجس أحالم الحقول باالكتناز وسموم الغادرين تنفث يف حناياها‪ .‬كل معطيات البقاء تدعونا‬ ‫لغسل الرثى من أقذار الدخالء‪ ،‬ومهام طال مكوثهم يف أرض ليست لهم فسيبقون آلة مدمرة تعادي الحياة وتجذ أسبابها فاملوت يف سبيل األرض حق‬ ‫فطري لقوة االستمرار ‪ .‬إن « البلبل ال ينسل يف قفص» كام يقول الجاحظ‪« ،‬والشجرة التي تنبت يف الظل ال تعطي مثرا ً» كام يقول جربان‪ ،‬وأخوف ما‬ ‫تخاف الحياة أن تغدو األوطان سجوناً موصدة عىل أصحابها‪ ،‬ومراتع لذئاب تتقنع بثوب الحضارة‬ ‫املوت يف سبيل الوطن هوية وانتامء‪ ،‬وشهادة حب‪ ،‬إن دم الشهيد هو بداية السيل الذي سيجرف املستعمرين وتذبل زهرة الحب إذا مل تع ّمد بقرابني‬ ‫التضحية عىل صخور الفداء‪ .‬وليس بناء الوطن اجتامعياً وثقافياً وانسانياً واقتصادياً أقل صعوبة من صنع فجر استقالله‪ .‬وهكذا يأىب الحب الواعي‬ ‫أن يكون طوباوياً‪ ،‬بل يتغلغل يف األشياء باحثاً عن مآربها‪ .‬وما الفرد إال يد يف جسد الوطن تتحرك للتنقيب عن مستقبله األوعى واألنقى‪ ،‬وعني تحدق‬ ‫يف أوسمة الحضارة وترسل اليد لتؤوب بها وتضعها يف منجزاته وآالئه‪ .‬الفرد قطعة من الوطن‪ ،‬ومبقدار سالمة هذه القطعة واندفاعها يف سبيل عزته‬ ‫يستطيع أن ميحو حوافر الظالم ويدحر فلول االنحطاط‪ ،‬ويحفر مجده يف سفر الخلود‬ ‫وطني يا قمقم عطر سكبته يد الحضارة عىل شواطئ املتوسط‪ ،‬ألنت ألصق بقلبي من ذكرياته‪ ،‬وأنقى يف خلدي من وردة صوفية‪ .‬أحبك مسافرا ً إىل‬ ‫املطلق‪ ،‬شامخاً كأرزة يف جبهة إعصار ‪ ،‬صامدا ً كالهياكل يف وجه جحافل الزمن‪ ..‬أحبك شيخاً يرتبع عىل أريكة املساء ويروي قصة الرشاع‪ ،‬وهو‬ ‫ينرث زبد الحضارة يف كل أفق‪ .‬ويكور الحروف عىل صدى أغنيات الشاطئ القديم‪ .‬أحبك فتى يحملق يف املستحيل وميتطي حصان الزمن‪ ،‬فإذا اآلفاق‬ ‫القصية مثار لحوافر طموحه وعنفوانه‪ .‬أحبك مغرتباً يلقح الكون بلبنان ‪ .‬أحبك جبالً نزقاً يغري بالسفر إىل السامء‪ ،‬وسهال أفيح يغرورق جفناه‪،‬‬ ‫فإذا املدى جداول رقراقة يف خامئل الربيع وصفرة ترشين وطني أحبك مبقدار ما تطمح‪ ،‬وأكرهك ساسة وتجار طائفية جعلوا من سموك مطية‬ ‫النحطاطهم‪...‬وبني قدسية الحب ورشعية الكراهية يكمن فتى املستقبل الذي سينقي تربتك من هذه الرباثن الخبيثة‬ ‫عمر شبيل‬

‫‪9‬‬


Magazine

10

MAGAZ I N E T E M PLATE / OC TOBE R 2013 / w w w.yo ur m agaz i ne.com


‫التّصنيف متع ّدد وخطورة اإلصابة تتصاعد‬ ‫السكري مرض مزمن فإحذروا منه‬ ‫السكري الذي نرش خيوطه بني مجتمعاتنا وبيوتنا وها هو يه ّدد ص ّحة أبناؤنا‪ .‬يك نع ّرف عن هذا املرض‬ ‫من أكرث املواضيع التي تجذب ال ّناس يف أيامنا هي مرض داء ّ‬ ‫يكفي القول أنّه يخرتق جسد اإلنسان‪ ،‬وخطورته تكمن يف عدم مراقبته وعالجه‪ ...‬لقد حصد هذا املرض الكثري من أرواح الناس يف أنحاء العامل و جعلهم عىل‬ ‫السكر يف الجسم‬ ‫صفحات الوفيّات ‪ ،‬إذ إنهم مل يستطيعوا تأمني األدوية الكافية وحقن األنسولني الالّزمة من أجل إعتدال نسبة ّ‬ ‫السكَّري هو متالزمة تتّصف بارتفاع أو إنخفاض شاذ يف تركيز سكّر ال ّدم‪ .‬ولدى ظهور هذا املرض حاول األطبّاء أن يجدوا له دواء‪ ،‬لكن دون جدوى‪ .‬ذلك مل‬ ‫ُّ‬ ‫أقل خطورة‬ ‫يخف من ح ّدة املرض وجعل املصاب يف حال ّ‬ ‫توصلوا إىل ما ّ‬ ‫‪.‬مينع هؤالء من مواصلة التّجارب واملحاوالت‪ ،‬فبعد سنني ع ّدة من البحث ّ‬ ‫السكري‪ ،‬كم بلغت خطورته وما هي الحلول للتخلّص منه ومن هي الجمعيّة التي تعنى بإحتضان املرىض املحتاجني إىل التّوعية وتأمني األدوية‬ ‫إذا ما هو ّ‬ ‫واملضخّات الالّزمة من أحل العالج؟‬ ‫السكّري‪ ...‬ما هو؟‬ ‫السكَّري هو متالزمة تتّصف بارتفاع شا ّذ يف تركيز سكّر ال ّدم ال ّناجم عن عوز األنسولني‪ ،‬أو إنخفاض حساسيّة األنسجة لألنسولني‪ ،‬أو كال األمرين‪ .‬يؤدي‬ ‫ُّ‬ ‫للسيطرة عىل املرض وخفض مستوى املضاعفات‬ ‫السكري إىل مضاعفات خطرية أو حتى الوفاة املبكّرة‪ّ ،‬إال أنّ املريض ميكنه إت ّباع خطوات معيّنة ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالسكري من مشاكل تحويل الغذاء إىل طاقة ‪ ،‬فبعد تناول وجبة الطّعام‪ ،‬يت ّم تفكيكه إىل سكّر يدعى الغلوكوز ينقله الدم إىل خاليا الجسم‬ ‫يعاين املصابون ّ‬ ‫كلّها‪ .‬وتحتاج أغلب خاليا الجسم إىل األنسولني لدخول الغلوكوز بني الخاليا إىل داخلها‬ ‫السنني‪ ،‬تتط ّور‬ ‫املصاب باملرض‪ ،‬ال يح ّول الغلوكوز إىل طاقة مام يؤدي إىل توفّر كميات زائدة منه يف الدم بينام تبقى الخاليا متعطّشة للطاّقة‪ .‬ومع مرور ّ‬ ‫األمر الذي يسبب أرضارا ً بالغة لألعصاب واألوعية الدموية‪ ،‬وبالتايل إىل مضاعفات مثل أمراض القلب والكىل ‪ ( hyperglycaemia)،‬حالة من فرط سكر الدم‬ ‫والعمى وإلتهابات اللثّة‪ ،‬والقدم السكّرية وميكن أن يصل األمر إىل برت األعضاء‬ ‫التّصنيف‪ ،‬األسباب والعالج‬ ‫يقسم داء السكّري إىل ثالثة أمناط رئيسيّة‪ :‬سكري ال ّنمط األول‪ ،‬ال ّنمط الثاين وسكري الحوامل‪ .‬وكل منط له أسباب وأماكن إنتشار يف العامل‪ .‬تتشابه هذه‬ ‫يف البنكرياس ‪» ((Betta‬األمناط يف نقطة واحدة أال وهي عدم إنتاج كميّة كافية من األنسولني من قبل خاليا «بيتا‬ ‫سكري ال ّنمط األول‬ ‫الرئييس لهذه الخسارة هو مناعة ذاتيّة تتميّز بهجوم‬ ‫والسبب‬ ‫السكري بخسارة الخاليا «بيتا» املنتجة لألنسولني ّ‬ ‫مم يؤ ّدي إىل نقصه‪ّ .‬‬ ‫يتميّز ال ّنمط األ ّول من ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخاليا «تاء» املناعيّة عىل خاليا «بيتا» املنتجة لألنسولني‬ ‫السكري الذي ميثل ‪ %10‬من حاالت مرىض السكّري يف أمريكا الشامليّة وأوروبا‪ ،‬مع اختالف التوزّع‬ ‫ال توجد وسيلة للوقاية من اإلصابة بال ّنمط األ ّول من ّ‬

‫الجغرايف‪ ،‬ومعظم املصابون باملرض كانوا إما بصحة جيّدة أو ذي أوزان مثاليّة عندما بدأت أعراض املرض بالظّهور‪ .‬وتكون إستجابتهم ملفعول‬

‫‪11‬‬

‫األنسولني‬


‫عرب املشيمة وضعف األوعية الدمويّة‬ ‫إحصاءات‬ ‫للمؤسسة الدوليّة ملرض السكري‪ ،‬يف اإلمارات‬ ‫تبي ال ّدراسات الحديثة أنّ أكرث من ‪ 3‬ماليني شخص يف مختلف أنحاء منطقة الخليج مصابون مبرض السكري‪ .‬ووفقا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية املتّحدة مث ّة أربعة أشخاص من أصل خمسة يعانون من هذا املرض‪ .‬ولدى منطقة الخليج أيضا أعىل مع ّدالت إنتشار املرض حيث هناك ‪ %27‬من السكان‬ ‫الشق األوسط ككل‪ ،‬مث ّة ‪ 26‬مليون شخص مصاب أي ما يعادل تقريبا ستّة من البلدان العرشة ذات أعىل نسبة إلنتشار السكّري يف العامل‪.‬‬ ‫يعانون منه‪ .‬أما منطقة ّ‬ ‫‪.‬ويتوقّع أن يتضاعف عدد املصابني يف تلك الدول يف العام ‪2025‬‬ ‫لقد ق ّدر مجموع عدد الوفيات بسبب السكري عامليّا ب‪ 3.96‬مليون شخص بني العرشين والتّاسعة والسبعني سنة أي ما يساوي ‪ %6.8‬من نسبة الوفيّات عامليا‪ .‬يف‬ ‫السكري نسبة أعىل عند ال ّنساء مقارنة بّالرجال‬ ‫‪.‬فئة األشخاص الذين يبلغون ‪ 49‬عاما وما فوق‪ ،‬س ّجلت الوفيّات بسبب ّ‬ ‫سانويف‬ ‫متخصصة يف مجال ال ّرعاية الصحيّة عىل أنواعها‪ ،‬هي تطّلع بإكتشاف وتطوير وتوزيع الحلول العالجيّة التي ترتكز عىل حاجات املريض‪ .‬تتمتع‬ ‫سانويف‪ ،‬رشكة عاملية‬ ‫ّ‬ ‫رشكة سانويف بنقاط قوة أساسية يف مجال ال ّرعاية الصحيّة كونها أعلنت سبعة برامج متط ّورة‪ :‬حلول لداء السكري‪ ،‬لقاحات برشية‪ ،‬عقاقري مبتكرة‪ ،‬درس األمراض‬ ‫الناّدرة‪ ،‬رعاية املستهلكني‪ ،‬أسواق ناشئة وغريها‪.‬‬

‫تسعى رشكة سانويف إىل مساعدة مرىض السكّري يف التح ّديات املعقّدة ال ّناجمة عن‬

‫بكل حالة‬ ‫وخاصة ّ‬ ‫‪.‬داء السكّري عرب تقديم حلول مبتكرة ومتعد ّدة‬ ‫ّ‬ ‫الشكة رشاكات لتقديم التّشخيصات والعالجات والخدمات واألجهزة الالّزمة نتيجة إصغائها إىل املصابني بالسكري‪ .‬تس ّوق سانويف أدوية قابلة للحقن‬ ‫عقدت ّ‬ ‫‪.‬تستخدم عرب الفم ملعالجة املصابني بال ّنوع األول أو الثّاين من املرض‬ ‫أخريا داء السكري هو مرض منترش يف العامل كلّه وهو يف تزايد مستم ّر‪ .‬ولكن اإلصابة مبثل هذا املرض ال يجب أن تؤث ّر عىل حياة صاحبها ومتنعه من تحقيق‬ ‫أحالمه‪ .‬العالج الكامل غري موجود ولكن الطب مل يفقد األمل لذلك يبقى عىل املريض أن يراقب دمه بإستمرار آخذا بعني اإلعتبار كمية الغلوكوز التي يستهلكها‪.‬‬ ‫‪».‬وكام املثل يقول ‪ »:‬الوقاية خري ألف عالج‬ ‫كارال الح ّداد‬

‫‪12‬‬


‫‪.‬عاديّة خصوصاً يف املراحل األوىل‬ ‫يُعالج ال ّنمط األول بصورة أساسيّة ‪ ،‬حتى أثناء املراحل األوىل ‪ ،‬بحقن األنسولني مع املراقبة املستم ّرة ملستويات غلوكوز الدم‪ .‬يجب التأكّد من أنّ املريض يضبط‬ ‫أسلوب حياته خصوصاً فيام يتعلق بالتّامرين الرياضية عىل ال ّرغم من أن كل ذلك ال ميكنه أن يع ّوض خسارة الخاليا «بيتا»‪ .‬ميكن توصيل األنسولني للدم عن طريق‬ ‫رسب األنسولني عىل مدار اليوم ومبستويات معيّنة ‪ ،‬كام ميكن التحكّم يف الجرعات (مثل إعطاء جرعة كبرية)‪ ،‬حسب الحاجة ‪ ،‬يف أوقات الوجبات‪ .‬كام‬ ‫مضخّة ت ّ‬ ‫‪ (FDA).‬يوجد نوع من األنسولني ميكن إستنشاقه يسمى «اكسوبريا» الذي اعتمدته وكالة العقار األمريكية‬ ‫السكري مدى الحياة‪ ،‬وال يؤث ّر بصورة كبرية عىل نشاطات املريض اليوميّة إذا كان هناك وعي ورعاية وإنتظام يف أخذ الجرعات وقياس‬ ‫يستم ّر عالج ال ّنمط األول من ّ‬ ‫مستوى غلوكوز الدم‬ ‫سكّري ال ّنمط الثاين‬ ‫السكري باختالفه عن ال ّنمط األول من حيث وجود مقاومة مضا ّدة ملفعول األنسولني باإلضافة إىل قلّة إفرازه وال تستقبل األغلفة الخلوية يف‬ ‫يتميّز ال ّنمط الثّاين من ّ‬ ‫الجسم األنسولني بصورة صحيحة‬ ‫يف املراحل األوىل تكون مقاومة األنسولني طاغية يف استجابة األنسجة له ومصحوبة بارتفاع مستوياته يف الدم‪ .‬ويف هذه املرحلة ميكن تقليل مستوى غلوكوز الدم‬ ‫تقل كفاءة إفراز األنسولني من البنكرياس وتصبح هناك‬ ‫عن طريق وسائل وأدوية تزيد من فاعلية األنسولني وتقلّل إنتاج الغلوكوز من الكبد‪ .‬وكلّام تط ّور املرض ّ‬ ‫حاجة لحقنه‬ ‫مم يؤ ّدي إىل مقاومة األنسولني‪ ،‬كام تنشّ ط ال ّدهون مجموعة من الهرمونات التي تقلل من فاعلية‬ ‫من املعروف أنّ ال ّدهون ترتكّز يف القسم األوسط يف البطن ّ‬ ‫السابق بسبب إنتشار‬ ‫السكري‪ ،‬وقد بدأ ال ّنمط الثّاين بإصابة األطفال واملراهقني يف العقد ّ‬ ‫السمنة ‪ %55‬من املرىض املصابني بال ّنمط الثاين من ّ‬ ‫األنسولني‪ .‬يعاين من ّ‬ ‫‪.‬سمنة األطفال يف بعض األماكن يف العامل‬ ‫ميكن أن يستم ّر ال ّنمط الثاين بدون مالحظة املريض لفرتة طويلة بسبب ضعف ظهور األعراض أو لعدم وضوحها أو إعتبارها مجرد حاالت فرديّة عابرة ال توحي‬ ‫ين وتقليل تناول النشويّات وتقليل الوزن‪ ،‬وميكن لهذه اإلجراءات أن تستعيد فاعلية‬ ‫بوجود مرض‪ .‬ويبدأ عالج ال ّنمط الثاين عادة عن طريق زيادة ال ّنشاط البد ّ‬ ‫األنسولني والتحكم يف مستوى غلوكوز الدم لفرتة طويلة‪ .‬إالّ أنّ ميل الجسم ملقاومة األنسولني ال ينتهي‪ ،‬لذلك يجب الحفاظ عىل ال ّنشاط البدين وفقدان الوزن‬ ‫‪.‬والحفاظ عىل نظام غذايئ مناسب‪ .‬وتكون الخطوة التّالية من العالج تناول األقراص املخفّضة للسكّر‬ ‫سكّري الحوامل‬ ‫مياثل سكّري الحوامل الّنمط الثّاين يف العديد من األوجه مثال‪ :‬قلّة األنسولني النسبيّة وضعف إستجابة أنسجة الجسم ملفعول األنسولني‪ .‬ويعاين ما بني ‪ 2‬و ‪ %5‬من‬ ‫‪.‬الحوامل من هذا املرض ولكنه يختفي بعد الوالدة‬ ‫ميكن الشّ فاء من سكري الحوامل بصورة نهائيّة لكنه يتطلّب مراقبة طبيّة دقيقة أثناء فرتة الحمل‪ :‬ما بني ‪ 20‬و ‪ %50‬من األ ّمهات الّلوايت عانني من سكّري الحوامل ميكن‬ ‫حياتهن‬ ‫‪.‬أن يصنب بال ّنمط الثاين يف مراحل الحقة من‬ ‫ّ‬ ‫عىل ال ّرغم من أنّ اإلصابة موقّتة‪ ،‬إالّ أنّ سكّري الحوامل ميكن أن يد ّمر ص ّحة األم الحامل أو ص ّحة الجنني‪ .‬من املخاطر التي يتعرض لها الجنني‪ :‬تضخّم جسده‪،‬‬ ‫يل‪ .‬يف الحاالت الخطرية ميكن أن ميوت الجنني قبل الوالدة‬ ‫أي زيادة وزنه عند الوالدة‪ ،‬تش ّوهات يف القلب أو الجهاز العصبي‬ ‫ّ‬ ‫املركزي وتش ّوهات يف الجهاز الهيك ّ‬

‫بسبب قلّة ‪13‬‬


‫قراءة أدبية يف ديوان ( عىل حافة القلب ) للشاعرة‬ ‫والصحفية سليمة ملّيزي‬ ‫عىل حافة القلب‬ ‫بوح أنثوي صاخب‬

‫‪14‬‬


‫اخلعوا اﻷقنعة‬ ‫بعد شجار كبري‪ ،‬ينظر الرجل و املرأة إىل بعضهام البعض و يفكران ‪ :‬ماذا فعلنا بالرشارة التي كانت موجودة يف ما بيننا ؟ بالتأكيد مل يكن‬ ‫ما يربطنا هو الحب ﻷنه لو أحبني‪ ،‬ملا خانني‬ ‫كانت تنتظر الفرصة لﻹنتقام منه لكنها تذكرت بأن املجتمع العريب هو مجتمع ذكوري‪ ،‬لكنها ال تستطيع أن تخونه كام فعل بها‪،‬‬ ‫ويجب أن تبقى مخلصة و خاضعة له‪ .‬لذا‪ ،‬يجدر التنويه بوجوب حامية حقوق املرأة‪ .‬تبدأ حقوق املرأة عند اﻹدراك بأنها كائن برشي أي‬ ‫مساوية للرجل‬ ‫العامل العريب يسخر من املرأة‪ .‬لﻷسف‪ ،‬فالرجل العريب يعترب نفسه تاج رأسها وبالتايل فهي أدىن منه‪ .‬ويترصف معها ‪،‬بعد الزواج‪،‬‬ ‫باحتقار ﻷنه يعتربها من ممتلكاته أي داخلة ضمن ذمته املالية ويتعامل معها عىل هذا األساس‪ ..‬يا للبؤس ! يف حني أن املجتمع الغريب‬ ‫و خصوصاً اﻷورويب‪ ،‬ينظر إليها عىل أنها جوهرة مثينة وفريدة من نوعها‪ .‬يف حني أن مجتمعنا ال يقدر النعمة التي أعطيت لنا ‪ :‬فاملرأة‬ ‫هي أساس الحياة فهي األم التي تنجب وتريب اﻷوالد ‪ ..‬يف أحشائها حضنت الجنني ملدة طويلة‪ .‬وهي أيضا الزوجة العشيقة مبعنى أن‬ ‫قلبها ميلء بالحب حتى أقىص الحدود ‪ .‬وهي األخت واالبنة والصديقة واملربية‪..‬و‪..‬و‬ ‫فلنطالب إذا بحقوق املرأة‪ .‬فللمرأة مكانة سامية عند الله‪ ,‬فقد كونها من ضلع الرجل لتكون رفيقته وعليه حاميتها واحرتامها‪ .‬ولكن‪ ،‬ما‬ ‫زالت املرأة حتى اليوم غري قادرة عىل إعطاء جنسيتها ﻷوالدها يف بعض الدول العربية‪ .‬وإذا تعرضت لعالقة خارج الزواج‪ ،‬فيلحق العار‬ ‫بولدها الذي يبقى دون أوراق رشعية ‪...‬إذ مل يعرتف به الوالد‪ .‬و عندها تتعطل حياة الولد من جراء هذا التفصيل‬ ‫يبقى السؤال‪ :‬ملاذا ال تعترب الشعوب بأن املرأة باستطاعتها مواكبة الرجل يف كل املجاالت؟‬ ‫أخريا‪ ،‬أصيل من أجل أن يعطينا الرب القدرة للتخلص من التمييز والعنرصية‪ ،‬فهذا ينرش الفساد‪ .‬أقول كفى للتفرقة‪ .‬فاملرأة تشابه‬ ‫الرجل بالحقوق بغض النظر عن الجنس‪ ،‬العرق‪ ،‬العمر‪ ،‬الدين و الجنسية‪ .‬املرأة هي إنسان خلقها الرب عىل اﻷرض ملشاركة الرجل ال‬ ‫للخضوع إليه‬ ‫فادي الهاشم‬ ‫مل تد ِر لها جواب‬ ‫َت مراكبُ ُه وغيّبها يف دياجيه اإلياب‬ ‫تاه ْ‬ ‫رستْ إليه حقائق الكون تصارع األمواج‬ ‫و َ‬ ‫فضا َع ْت يف بح ٍر من األرسا ِر‬ ‫وأخفاها العباب‬ ‫ومن يومها ال ّروح يف مرتاسها ما زالت‬ ‫تعرج بصمتها الكئيب‬ ‫تص ُّد ليل ِ‬ ‫ُرهب الظالم‬ ‫األمس وت ُ‬ ‫السحيق‬ ‫تنادي يف بريّة مقفر ٍة بصوتها ّ‬ ‫ريثام يعود من ُسباتِ ِه القمر‬ ‫وت ُ‬ ‫ُرشق من نو ِر ِه‬ ‫الصباح‬ ‫طالئع‬ ‫ْ‬ ‫أال أيّها التائ ُه يف مساحات السكون‬ ‫واصطخب‬ ‫ع ْد‬ ‫ْ‬ ‫أال أيّها ال ّنائم عىل عتبات الفراغ‬ ‫واستفق‬ ‫ق ْم‬ ‫ْ‬ ‫كالسهم‬ ‫ال معنى للحيا ِة إن مل تنطلق ّ‬

‫‪15‬‬


‫أن َْت أن َْت َم ِصريي‬ ‫بلقيس إكرام الجنايب‬

‫أرش ُعطوري‬ ‫كل يوم ٍ أنا ُّ‬ ‫َّ‬ ‫و ُحضوري َ‬ ‫لديك أحىل ُحضور‬ ‫َلك م ّني مباهجي ح َني تدنو‬ ‫وأغاريــ ُد فرحتي وطيوري‬ ‫ِ‬ ‫يت للغرامِ فهالّ‬ ‫أمس غ ّن ُ‬ ‫أعل َن الحـِ ُّب بالغنا ِء رسوري‬ ‫وحبوري َ‬ ‫لديك يشدو بياناً‬ ‫ليس يشدو إالّ َ‬ ‫لديك حبوري‬ ‫ولوجدي َ‬ ‫شهي‬ ‫لديك طع ٌم ٌّ‬ ‫مثـل خبز ٍ أتَــى من التن ُّـور‬ ‫ُ‬ ‫يا شه ّياً ‪َ ،‬‬ ‫أراك يف أمسيايت‬ ‫وصباحـي كروض ِ ف ُـ ّل ٍ نضري‬ ‫فابتس ْم يل أ َر ابتسا َم َك نجامً‬ ‫مثل بدر ٍ منري‬ ‫يف الدياجي أو َ‬ ‫فإن‬ ‫غ ِّن يل الشع َر يا حبيبي ّ‬ ‫أشع ُر اللح َن معرباً عن شعوري‬ ‫الكاس من رحيقِ األماين‬ ‫أرشب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويسرتيـح ضمريي‬ ‫حني تدنو‬ ‫ُ‬ ‫وأرى الغي َم يف املنام ِ رسيرا ً‬ ‫ِمثل رسيري؟‬ ‫!من رأى يف املنام َ‬ ‫يا أمريا ً ‪َ ،‬‬ ‫وإن‬ ‫أراك ُحلـْام ً ّ‬ ‫لست أرىض َ‬ ‫أراك غ َري أمريي‬ ‫ُ‬ ‫للحب للغنا ِء بشعر‬ ‫ُد ْم َت‬ ‫ّ‬ ‫ليس أحلـى وناعم ٍ كالحرير‬ ‫الحبيب مصريا ً‬ ‫إن يك ْن يرس ُم‬ ‫ُ‬ ‫أنت مصريي‬ ‫لحبيـبٍ‬ ‫فأنت َ‬ ‫َ‬

‫‪16‬‬


‫عرفت الكاتبة الصحفية والشاعرة سليمة مليزي دؤوبة الكلمة سباقة املعني‪,‬ملاحة اإلشارة ملا يدور حولها‪.‬تسجل اللحظة بإحساس"‬ ‫غامر ولهفة عارمة بصدق القلب وسمو الروح إيل ما هو اجمل يف حياته‪"...‬الشاعر مندوب العبيدي عضو االتحاد العام لألدباء والكتاب‬ ‫العراقيني‬ ‫هكذا استفتح األستاذ الشاعر "مندوب العبيدي"عضو االتحاد العام لألدباء والكتاب العراقيني قراءته لديوان الشاعرة "سليمة مليزي" "عيل‬ ‫حافة القلب" و كيف ال؟ وهي املرأة‪,‬أالم ‪,‬الشاعرة واإلعالمية التي تحمل بني ضلوعها مباهج الحياة‪ ,‬هموم الوطن واإلنسان وقيم املحبة‬ ‫والجامل‪.‬وبعد غياب دام ثالثة وعرشون سنة تعود يف‪2012‬بديوان "رماد الروح " تاله يف سنة ‪"2014‬نبض عيل وتر الذاكرة " ويف سنة ‪2016‬‬ ‫تسجل حضورها يف الصالون الدويل للكتاب بديوان "عيل حافة القلب " سطرت فيه روائعا من قصيدة النرث بنفس جديد‪,‬وروح متوقدة‬ ‫وفكر نري‪ .‬تضع نصب عينيها إثباتذاتها وكينونتها يف مجتمع تحكمه الذكورة ويتجاهل كل تفوق وإبداع أنثوي‬ ‫نحتت الشاعرة بدفق روحها تفاصيل الحب وعذاباته من حنني‪,‬فقد وشغف وهجر إليعتاب وتعلق يف قصائد منها "اشهد عكس‬ ‫الجنون""غفوة االصيل" "كان األمس مل يغب " "اشتهي رؤياه"وكيف يعدو الحب بردا وسالما عيل العشاق يف نص "مطر الصيف""اعتنقت‬ ‫رس وجودك ""سيمفونية عشق" "لهواك روحي تطرب " "يا سيدي" وأحيانا منطقة محرمة ال قرارا‪,‬خاصا نابعا من حريتها كمرآة مستقلة‬ ‫"إيل أيناملفر؟‪"".‬مر عام وعام "وردة الصباح وعطر وأغنية يتبخر الندي عيل مدي الصبح وتاه عطر الفصول بني األنا‪ ....‬وأنا‪ .......‬وأنت‬ ‫صفحة ‪35‬‬ ‫تفتخر وتعتز مبنبتها الطيب األصيل يف نص "بني عزيز وصباحها العنود" وقريةبنيعزيز الواقعة يف أعايل سطيف ويبقي هذا املكان الخالب‬ ‫بطبيعته العذراء وجامله األرس األقرب إليها من حبل الوريد والعشق الخالد الذي مل تنل منه كربيات املدن و العواصم‬ ‫بني عزيز والحب إليها يذوب ‪ ،‬تعانق السامء بسحرها اللدود ‪،‬تحضن الجبال بصباها العنود ‪ ،‬يف جاملها عشق كل شاعر‬ ‫وتدافع عن جزائريتها ونبلها ‪,‬عن حريتها وكرامتها وتحارب بكل ما أوتيت من قوة خفافيش الجهل والظالم وسطوة الذكورة التي تسعي‬ ‫لقتل روح األنثى وتقزميها وهذا يف قصائد "جزائرية الشموخ " "انثي بعمر الضياء""ام النضال" ‪ :‬ستبقي يا فكري شامخا يف العيل تبني‬ ‫معاقل العلم مدي الدهر وقاري وشموخي هيبتي وحبوري ورثتها من أجدادي غرستها مثرة يف أوالدي ص ‪37‬‬ ‫والجرح الفلسطيني الغائر يشغل حيزا معتربا من الديوان يف قصائد "عدنا يا سيدة املقام" ‪",‬صلبوا دمي"‪",‬صمت اخر مير عيل جثث غزة"‬ ‫يتامهي هذا النزف بكتلة من الحزن واآليس من الرفض واالعرتاض عيل طوق الصمت والتعتيم الدويل والخذالن والتواطئ العريب إزاء‬ ‫الحرب عيل غزة وأيضا حجم املعاناة والقهر الذي يعايشهالغزاويون ورغم هذا صامدون واقفون متمسكون باألرض إيل الرمق األخري نامت‬ ‫أحالمنا مل يعد لنا أفق وال ضياء مينح لنا نور نعيد به دروبنا ألعطيش ومنسح جرح نساء غزة الثكايل ونلملم حزن امتنا واي جرح؟ فاق‬ ‫وجع الوطن واي وطن يسبح يف دماء طاهرة خجل منها وجه العرب ص ‪57/56‬‬ ‫تكرم يف قصائدها النساء الجزائريات املكافحات و تحتفي مبآثرهن سواء من حملن السالح أو القلم من اجل النضال واسرتجاع الحرية‬ ‫والكرامة كاملجاهدة"جميلة بوحريد"وخالتها املجاهدة "جميلة شيبوط" و األديبة "أسيا جبار" يف قصائد "قطر الندي " "ايقونة الحرف‬ ‫واالنتامء"ودعتك وكنت انتظر أن يأيت الربيع عيل شفاه الوطن ويرتك قبلة جميلة من ذاك القلم ومواسم الضياع تبحث عن مرفأ ص‬ ‫‪100‬‬ ‫وخالصة القول كام أورد األديب واسيني األعرج يف تقدميه لديوان "عيل حافة القلب "‪ ":‬أن أجمل ما يف قصائد الشاعرة سليمة مليزي‬ ‫هي روحها املتفائلة دامئا ‪,‬فهي دعوة للحلم يف عامل ينطفئ ويختفي بهدوء وسكينة يف غياب للجهد اإلنساين باتجاه الحب والسالم "وفعال‬ ‫صدق الدكتور واسيني فالديوان حالة شعرية شيدت عيل القيم اإلنسانية والحب كام ايت محتفيا بدفق الحياة والحب والجامل ‪,‬انه بوح‬ ‫الروح الشفاف والصادق‪,‬الذي اقتنصت فيه الشاعرة "سليمة مليزي "جاملية اللحظة ووهجها إيل الغوص يف تفاصيل األمل واملآيس والرفض‬ ‫لكل أشكال الظلم والقهر املسلط عيل اإلنسان واألوطان ‪,‬فهنيئا لشعر ولعشاقه بهذا الديوان اآلرس الذي يحبس األنفاس ويبيك األرواح ثم‬ ‫‪.‬يبهجها ويجعلها تحلق يف االفاق العلياء‬ ‫‪ 26‬نوفمرب ‪2016‬‬‫بقلم االديبة الناقدة اسامء جزار‬

‫‪17‬‬


‫إن التفسري الشامل للوجود والحاجة اىل إثبات الذات وتعزيز الكرامة اإلنسانية‪ ،‬تجعل من اإلنسان ينظر اىل العامل بشكل واقعي وعميق وفضفاض‬ ‫ورصيح‪ .‬إذ يرى البعض أن هذا العامل يتوق اىل هدف‪ ،‬يقف خلفه قوة ذات عقل وشعور‪ ،‬وقد جاء هذا العامل عىل أساس طرح نظام وبرنامج دقيق‪،‬‬ ‫ينظرهؤالءاىل الحياة نظرة مستقيمة وسليمة للعامل‬ ‫ويع ّد البعض اآلخر أن عامل الوجود مل يسبق بتخطيط‪ ،‬وليس هناك هدف‪ ،‬وال حساب‪ ،‬وال أحالم‪ ،‬وليس للشعور فيه مكان‪ .‬فينظر اإلنسان اىل ا لعامل‬ ‫نظرة مادية تعتمد عىل قشور الحياة املعنوية للعامل‪ ،‬والتص ّور والتحليل والتنقيب عام ميلكه اإلنسان من عامل الوجود والكائن البرشي‪ .‬وبينام يكون‬ ‫عامل الوجود هو الهدف األسمى‪ ،‬فال بد ان يكون اإلنسان كأحد أجزاء هذا الوجود متآلفا ً مع إرادة املجتمع ومتطابقا ً مع مبادئه وقيمه التي بعثها‬ ‫لإلنسان عن طريق الوحي واألنبياء‬ ‫أما إذا كان هذا الوجود بال هدف‪ ،‬وال تخطيط‪ ،‬وال حساب‪ ،‬فسوف لن يكون لهذا اإلنسان دليل مقنع لالنتظام ضمن مجموعة أحكام وقيود‬ ‫والتزامات‪ .‬فاإلنسان املسؤول سوف يقف أمام التساؤل‪ ،‬ويلتزم بالهدف والحساب يف هذا الوجود يف ضوء الرؤية االجتامعية واإلنسانية ‪.‬أما إذا‬ ‫اهتم باملاديات وجاء متام الوجود بال تخطيط وهدف‪ ،‬فاإلنسانية متيض نحو الفناء مبجرد موتها‪،‬وأن هدف االنسان يف هذه الحياة ينحرص يف اللذة‬ ‫والرفاه‪ ،‬واملصري اىل العدم‪ .‬هنا أطرح السؤال‪ :‬ملَ يك ّد اإلنسان ويتعب ويشقى يف سبيل قوت عياله وبعد سنني التعب والعذاب سوف ينتهي اىل العدم‬ ‫والفناءواملوت؟ فرغبة الفرد يف البقاء والنضال يف سبيل الحياة تحت لواء النظرة الكونية هو الهدف األسمى‪ ،‬وتفرض عىل الفرد العطاء والتضحية‬ ‫والوفاء من أجل إعالء شأنه داخل املنظومة االجتامعية‬ ‫وهذا الفرد يعيش يف عامل متشعب‪ ،‬يدور يف فلكه الخري والرش‪ ،‬الصدق والكذب‪ ،‬االلتزام والتفلت‪ .‬فالتمكن من القيم واملبادىء واألسس األخالقية‬ ‫توضح الرؤية وتبلور املعرفة لتشخيص الوظائف‪ .‬وعىل هذا األساس إن طريقة التفكري وأسس املعرفة والنظرة الفردية للعامل لها أثرها عىل جميع‬ ‫ترصفاته واختياراته العملية والفكرية والثقافية واألخالقية واالجتامعية‪ .‬ويقع االنسان أمام الواقع املادي ومغرياته الدنيوية ‪،‬وخياراته وقناعاته‬ ‫فيحصنها باالستدالل العقيل منسجام ً مع فطرة الفرد وأسس تنشئته‪ .‬وقيمة هذه النظرة للعامل تتحدد عىل أساس انها تدفع اإلنسان نحو‬ ‫ومبادئه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفعالية واإلنتاج مكللة باألمل واملسؤولية‪.‬ألنها تجعل الفرد مرتبطا ً مع ذاته ومجتمعه مبحبة ووفاء من خالل عبادة خالق الكون‪ .‬لكن يتخيل‬ ‫البعض احيانا ً أن الدعوة اىل االلتزام باألديان الساموية تتناقض مع حرية االنسان‪ ،‬ولكن ال ب ّد من التأكيد أن االنسان مل يبدع ومل ينتج دون الحب‬ ‫العبادة واألمل‬ ‫وكام ان اإلحساس بالعالقة مع الخالق أنزلت يف ذاته السكينة والهدوء‪ ،‬ولوال طريق الهداية مل ينج االنسان من الوقوع يف رشك الوثنية وعبادة‬ ‫األصنام أو اتخاذ بعض البرش آلهة‪ ،‬والوقوع يف متاهات الدنيا وغرائزها‪ .‬عىل هذا األساس فعبادة الله عبارة عن اشباع صادق كفوء‪ ،‬ينقذ مسرية‬ ‫الحب والعبادة والصفاء الذهني والروحي واالنكفاء نحو التقية والسامح‪ .‬كام أن اإلميان بالله والنظرة اإللهية للعامل لها جذور فطرية‪ ،‬ألن االحساس‬ ‫باالرتباط يف هذا العامل مزروعة يف نفوس البرش ألنها حقيقة موجودة‪ ،‬كذلك عامل الوجود مرتبط بقدرة مطلقة ذات شعور هو النظرة اإللهية للعامل‬ ‫تنسجم مع فطرة اإلنسان الذي يشعر هو نفسه باالرتباط‪....‬وكل فرد مع ّرض للخطأ‪ ،‬كلنا خطاؤون قد تجرف ملذات الحياة االنسان نحو املساوىء‬ ‫واألخطار‪ ،‬وتجعله فريسة اللهو والفساد‪ ،‬فيفقد إميانه بالله‪ ،‬وتتبدل اشكال اإلميان والعقائد عنده‪ ،‬فتصبح موسمية ومؤقتة كام نقرأ يف القرآن" فإذا‬ ‫)ركبوا يف الفلك دعوا الله مخلصني له الدين فام نجاهم اىل الرب اذا هم يرشكون" (القرآن الكريم‪ ،‬سورة العنكبوت‪ ،‬آية ‪٦٥‬‬ ‫وقد يحمل عقيدة تقليدا ً آلبائه وأجداده دون اي دليل أو برهان منطقي‪ .‬اذن إن اإلميان الحقيقي هو اإلحساس بالحب والشوق للجنة والرضوان‪.‬‬ ‫وهذا التزاوج املعنوي بني الله والفرد تنتج مجتمعا ً كرميا ً تحفزه للوصول اىل العدالة االجتامعية وبناء حضارة سليمة من كل سوء‪ .‬واالسالم دين‬ ‫العدل واالعتدال والسبيل املقيم‪ ،‬وتتضح هذه املفاهيم يف احكام اإلسالم وتعاليمه‪ ،‬لذا دعا االسالم للعطف واملحبة‪ ،‬والستخدام القوة يف وجه‬ ‫الطغيان والظلم‪ ،‬و اىل تربية الجسم البدين والنفيس‪ ،‬و التفت اىل الرشد املعنوي الروحي‪ ،‬و اىل العلم مكلالً بالعمل‪ ،‬و دعا للصفح والتسامح والحرتام‬ ‫‪.‬القوانني اإللهية بحزم وعدل‪ .‬إذن ال بد من ا تّحاد العقل والفكر واإلميان يف شخصية اإلنسان املسلم‬ ‫ولكن يف الوسط االجتامعي مجموعة من الشعارات التي تتبجح بها‪ ،‬ولكن ال تلمس أثرا ً لهذه الشعارات عىل املستوى العلمي‪ .‬والسبب يف ذلك أن‬ ‫هذا الشعار ال ينبثق من أساس وخلفية‪ .‬فتنبثق العدالة واملساواة يف الدين من عامل الوجود بكامل تفاصيله تحت هداية الله تعاىل‪ ،‬وليس هناك‬ ‫مجال للفوىض والعبث يف هذا الوجود تدفع اإلنسان بوصفه جزء من أجزاء العامل‪ ،‬ليعمل وفق أهوائه ورغباته‪ ،‬وال بد ان نقف جميعا ً أمام محكمة‬ ‫العدل اإللهية‬ ‫هذا التصور لعامل الوجود ميثل أفضل ارضية مساعدة لتطبيق العدالة االجتامعية وقبولها وإلغاء املحسوبية واملنسوبية واألهواء‪ .‬فاقتحام الفكر‬ ‫للعاطفة االنسانية والشعور االنساين تك ِّون انسانا ً متزن الكيان‪ ،‬متميز االحساس فاتصال العقل بالعاطفة تؤسس لبناء الكيان البرشي واالنفتاح‬ ‫الفكري‪ .‬فالعربة إذا انطلقت بجفافها العقيل دون أن تتصل بأوارص االحساس تكون جامدة مبتذلة تعادل أي مسألة حسابية جامدة ‪ .‬واذا اطلق‬ ‫الفكرة بالشكل العاطفي‪ ،‬ال يجعل االنسان يفكر بشكل عميق‪ ،‬فتصبح الهوة شاسعة بني الفكر والعاطفة‪ .‬إذ ان اندماج العقل االنساين بالعاطفة‬ ‫تؤسس لبناء الكيان البرشي والفكري والشعوري واالخالقي‪ ،‬ويؤدي اىل التزاوج املعنوي بني االنسان وبيئته ‪،‬و إلثراء مجتمع كريم رشيف يحفزه‬ ‫‪.#‬الوصول اىل العدالة االجتامعية والبيئة األرسية وبناء حضارة منفتحة عىل اآلخر ‪،‬واالبتعاد عن التقوقع الفردي وإغراقه يف التخلف واالنحطاط‬

‫‪18‬‬


‫نظرة جديدة للعامل‬ ‫مريان ابو حمدان‬

‫‪19‬‬


Magazine

20

MAGAZ I N E T E M PLATE / OC TOBE R 2013 / w w w.yo ur m agaz i ne.com


‫رصاخ اىل املساواة‬

‫بعد شجار كبري‪ ,‬ينظر الرجل و املرأة إىل بعضهام البعض و يفكران‪ :‬ماذا فعلنا بالعشق؟ بالتأكيد‪ ,‬مل يكن الذي يربطنا هو الحب ألنه لو أحبني‪ ,‬ملا خانني‪.‬‬ ‫فتتسنى الفرصة لإلنتقام منه لكن تتذكر بأن املجتمع العريب هو مجتمع ذكوري‪ .‬فهي ال تستطيع أن تخونه نتيجة ألفعاله‪ ,‬بل يجب أن تظل مخلصة و خاصعة‬ ‫له‪ .‬لذا يجدر التنويه بوجوب حامية حقوق املرأة ‪ .‬تبدأ حقوق املرأة عند اإلدراك بأنها كائن برشي أي تساوي الرجل‬ ‫إن العامل العريب يسخر املرأة عىل جميع األصعدة‪ .‬لألسف‪ ,‬فالرجل يدهس عىل رأسها باإلعتبار أنها أدىن منه‪ .‬بعد الزواج‪ ,‬يترصف معها بإحتقار ألنه يعتربها ملكه‬ ‫أي داخلة ضمن ذمته املالية فينظر إليها عىل أساس يشء مادي‪ .‬يا لللبؤس‪ ,‬ألن املجتمع الغريب و خصوصاً األورويب يجعل منها جوهرة مثينة و فريدة من نوعها‪.‬‬ ‫أ ّما نحن‪ ,‬فال نقّدر النعمة التي أعطيت إلينا‪ .‬فاملرأة هي أم‪ ,‬تنجب األوالد و بالتيل ترزق الحياة ملن يردها‪ .‬إن داخل أحشائها يتكون الجنني‪ .‬و هي أيضاً عشيقة‬ ‫مبعنى أن قلبها ميلء بالحب حتى أقىص الحدود و قليل ما يعرف البغض‪ .‬يجب التذكر بأن وراء كل رجل‪ ,‬هناك امرأة عظيمة قد أنجبته و اعتنت به‬ ‫فلنطالب بحقوق املرأة التي تبعرثت بنظر الكثري من الناس ألنها ذا قيمة عالية و غالية لدى الله‪ .‬فقد صنعها من ضلع الرجل ليتحتم عليه حاميتها و احرتامها‪.‬‬ ‫ما زالت هي غري قادرة عىل نقل جنسيتها ألوالدها يف معظم الدول العربية‪ .‬فإذا قام أحد مبضاجعتها‪ ,‬يصبح العار عىل ولدها الذي يبقى دون جنسية أو هوية‬ ‫أو رشعية إذا مل يعرتف به الجاين‪ .‬و عندها تتعطل حياة الولد من جراء هذا التفصيل الصغري‪ .‬يبقى السؤال‪ :‬ملاذا ال تعترب الشعوب بأن املرأة بإستطاعتها تقليد‬ ‫الرجل يف كل املجاالت؟ فنجد املرأة العربية غري قادرة عىل العمل يف بعض الدول العربية ألن الفكر البسيط يظن أن عليها مواكبة أوالدها يف الرتبية و األعامل‬ ‫املنزلية‬ ‫أصل من أجل نسيان العنرصية ألنها تنرش الفساد‪ .‬أقول كفى للتمييز‪ .‬فاملرأة تشبه الرجل بغض النظر عن اختالف الجنس‪ ,‬العرق‪ ,‬الدين و الجنسية‪ .‬فهي‬ ‫أخريا ً‪ّ ,‬‬ ‫‪.‬إنسان كسواها‪ .‬و قد وضعها الرب عىل اآلرض لتكمبل الرجل ال الخضوع اليه‬ ‫فادي الهاشم‬

‫‪21‬‬


22


‫أبو مجد"‪ ...‬شعلة ثائرة إنطفأت باكرا"‬

‫ذهب "املوسيقار"‪ ،‬ذلك الذي إشتهر ب"املزاج" يف قراءة الحياة وفهمها‪ ،‬ذلك الذي كان يؤيّد ويرفض وفق األحوال‪ ،‬ذلك الذي كان يثور دامئا ويشتم ولكن قلبه طفال‬ ‫خرس لبنان والعامل العريب واحدا من مبدعيه‪ ،‬يف ‪ 28‬ترشين‬ ‫خاصة تجاه املقربني منه‪.‬‬ ‫صغريا مليئا بالعطف والطيبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسبعني عاما‪ ،‬يف مستشفى أوتيل ديو"‪ ،‬بعد رصاع ومعاناة‬ ‫الواحد‬ ‫يناهز‬ ‫عمر‬ ‫عن‬ ‫بركات‬ ‫توف‬ ‫مجد"‪.‬‬ ‫ب"أبو‬ ‫املعروف‬ ‫بركات‪،‬‬ ‫ملحم‬ ‫األ ّول ‪ ،2016‬املوسيقار الكبري‬ ‫ّ‬ ‫السطان الذي أهلك قلبه وجسده‬ ‫طويلة مع مرض ّ‬ ‫من هو هذا "املوسيقار" الكبري؟‬ ‫الصغر‪ ،‬يف ف ّن املوسيقار مح ّمد عبد الو ّهاب وأم كلثوم‪ .‬عرف بالثّائر واملشاغب‪ ،‬إذ إ ّن‬ ‫هو ملحم بركات‪ ...‬من أشهر املطربني واملل ّحنني الّلبنانيني والعرب‪ .‬تأث ّر‪ ،‬منذ ّ‬ ‫إبداعي وأداء جمع الطّرب األصيل والغناء‬ ‫لحني‬ ‫بأسلوب‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ّلبنان‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫األغنية‬ ‫طبع‬ ‫ة‪.‬‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ات‬ ‫الصحف واملجالّت وآراؤه الجريئة ه ّزت ال ّرأي العام م ّر‬ ‫ّ‬ ‫اسمه تص ّدر العديد من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والصوت العظيم الفريد من نوعه‬ ‫‪.‬املتج ّدد‪ .‬هو صاحب املوسيقى املتج ّددة واملبدعة يف الطّرب ّ‬ ‫قي ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫نشأته‬ ‫متوسطة الحال‪ ،‬عائلة "بركات" التي تتألّف من والده‬ ‫ولد "املوسيقار" ملحم بركات يف ‪ 15‬ترشين األ ّول ‪ ،1945‬يف بلدة كفرشيام‪ ،‬وسط كنف عائلة أرثوذكسيّة صغرية ّ‬ ‫أنطوان وأ ّمه وشقيقتاه‪ .‬كان والده ن ّجارا‪ ،‬ميارس الف ّن كهواية‪ ،‬يدندن عىل العود ويرندح أغاين مح ّمد عبد الو ّهاب‪ .‬أ ّما ملحم فكان يجلس بقربه ويصغي إليه باهتامم‪،‬‬ ‫يستغل الفرصة إللتقاط العود من عىل ظهر الخزانة وال ّدندنة عليه‪ .‬ولدى عزفه‪ ،‬كان يجتمع‬ ‫ّ‬ ‫مراقبا أصابع يديه عىل آلة العود ويتعلّم‪ .‬عند غياب والده‪ ،‬كان بركات‬ ‫‪".‬أهايل الضّ يعة من حوله لإلستامع إليه وعندها نال لقب "مطرب الضّ يعة‬ ‫موهبة ال مثيل لها‬ ‫ظهرت موهبة بركات املوسيق ّية منذ كان تلميذا يف مدرسة بلدته كفرشيام‪ ،‬حيث كان يل ّحن العديد من الكلامت من الجريدة اليوم ّية ويغ ّنيها يف املناسبات والحفالت يف‬ ‫املوسيقي حليم ال ّرومي‪ ،‬والد السيّدة‬ ‫خاصا مبدرسته‪ .‬إنبهر‬ ‫الصغر‪ ،‬إستمتع بالغناء للمطرب واملوسيقار عبد الو ّهاب وأم كلثوم وأ ّول لحن وضعه كان نشيدا ّ‬ ‫املدرسة‪ .‬يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫يل مرسح ّية "جنفياف" التي كانت تعرض يف البلدة‪ ،‬فأثنى عىل موهبته وش ّجعه‬ ‫فص‬ ‫بني‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ويغ‬ ‫يعزف‬ ‫سمعه‬ ‫عندما‬ ‫ملحم‬ ‫مبوهبة‬ ‫ومي‪،‬‬ ‫‪.‬ماجدة ال ّر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ ّول ثورة‬ ‫السامح له بدراسة املوسيقى ألنّها شغفه األ ّول والوحيد‬ ‫يف مطلع شبابه‪ ،‬طلب بركات من والده ّ‬ ‫فكيف كانت ر ّدة فعل أنطوان؟‬ ‫الساحة وتريد أن تصبح ف ّنانا؟‬ ‫"!قال له‪" :‬هناك عبد الو ّهاب يف ّ‬ ‫الوطني للموسيقى وانتسب إليه بالخفاء عن أبيه‪ .‬كان يخ ّبئ‬ ‫السادسة عرشة من عمره‪ ،‬لإللتحاق باملعهد‬ ‫مل يقتنع ملحم بجواب والده فق ّرر عندها ترك املدرسة‪ ،‬يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫غض‬ ‫ورقي تحت صخرة كبرية أمام باب منزله‪ .‬عندما إكتشف والده األمر غضب كثريا ولك ّنه قبل‪ ،‬يف نهاية املطاف‪ ،‬بعد إرصار إبنه ومل يستطع ّ‬ ‫الكتب املوسيقيّة يف كيس ّ‬ ‫الطّرف عن موهبته الكبرية والواعدة‬ ‫أبجديّات الف ّن ومرسح ال ّرحابنة‬ ‫الوطني للموسيقى (الكونرسفاتوار) حيث تعلّم ال ّنظريّات املوسيق ّية‪،‬‬ ‫تتلمذ بركات عىل يد أساتذة كبار أمثال "سليم الحلو"‪" ،‬زيك ناصيف"‪ ،‬و"توفيق الباشا" يف املعهد‬ ‫ّ‬ ‫الرشقي والعزف عىل آلة العود‬ ‫‪.‬الصولفاج‪ ،‬الغناء‬ ‫ّ‬ ‫ترك ملحم املعهد قبل إكامل دراسته‪ ،‬فنصحه "فيلمون وهبي" بالتو ّجه إىل مرسح ال ّرحابنة حيث تع ّرف عىل الف ّنان "عصام ر ّجي" الذي ساعده يف اإلنضامم إىل الفرقة‬ ‫السابع" و"مشيت بطريقي"‪ .‬كام أنّه خاض تجربة التّمثيل السينام ّيئ من خالل‬ ‫ال ّرحبان ّية‪ .‬شارك يف الغناء يف العديد من املرسح ّيات الغنائ ّية منها‪" :‬األمرية زم ّرد"‪" ،‬الربيع ّ‬ ‫"دور البطولة يف فيلم "حبّي ال ميوت" مع ال ّنجمة "هال عون‬ ‫من ال ّرحابنة إىل الشهرة العامليّة‬ ‫خاصة به‪ ،‬نظرا ملوهبته‬ ‫بعد أربعة أعوام من العمل مع ال ّرحابنة‪ ،‬ترك بركات املرسح الشهري ليك ّ‬ ‫يشق طريقه الفنيّة وبناء شخصيّة موسيقيّة طربيّة وتلحينيّة متميّزة ّ‬ ‫الصيد‪ ،‬وحياتهام مليئة‬ ‫يعشقان‬ ‫كالهام‬ ‫كان‬ ‫املمتنع"‪.‬‬ ‫هل‬ ‫"الس‬ ‫خانة‬ ‫ضمن‬ ‫فت‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫التي‬ ‫الكبرية يف هذين املجالني‪ .‬أث ّر فيليمون وهبي عليه بألحانه الطّرب ّية الشّ عب ّية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫"بالبسمة والطّرافة و"خفّة الد ّم‬ ‫أشار بركات يف إحدى املقابالت إىل أ ّن ال ّرحابنة "كادوا أن يربطوين بعقد‪ ،‬لك ّنني مل أقبل‪ ،‬أكملت مرسحيّة "الشّ خص" ورحلت‪ ،‬إتّصلوا يب م ّرات ع ّدة فقلت لهم أ ّن‬ ‫"مستقبيل ليس عندكم‪ ،‬إنطلقت‪ ،‬ولو مل أفعل هذا ملا كان هناك ملحم بركات‬ ‫فني طويل تعليام‪ ،‬لحنا وغناء‪ ،‬فهو د ّرس العزف عىل آلة العود ول ّحن‬ ‫يف الثّانية والعرشين من عمره‪ ،‬وباإلضافة إىل أعامله مع ال ّرحابنة‪ّ ،‬‬ ‫شق ملحم طريقه يف مشوار ّ‬ ‫الصايف‪ ،‬صباح‪ ،‬سمرية توفيق‪ ،‬ماجدة ال ّرومي‪ ،‬وليد توفيق‪ ،‬بسكال صقر‪ ،‬ربيع الخويل‪ ،‬أحمد دوغان‪ ،‬مشلني خليفة وغريهم‬ ‫لعدد كبري من املطربني نذكر منهم‪ :‬وديع ّ‬

‫‪23‬‬


Magazine

24

MAGAZ I N E T E M PLATE / OC TOBE R 2013 / w w w.yo ur m agaz i ne.com


‫كل مواعيدي" (ثنا ّيئ بينه وبني جورجيت صايغ)‪ ،‬ث ّم ألحان مرسح ّية "حلوة كتري" للمطربة ال ّراحلة صباح من بينها‪" :‬املج ّوز الله يزيدو"‪" ،‬صادفني‬ ‫أ ّول لحن له "بلغي ّ‬ ‫كحيل العني" و"ليش لهلّق سهرانني"‪ .‬كام أحيا بركات حفالت عديدة عىل املسارح العربيّة والعامليّة يف فرنسا‪ ،‬أمريكا‪ ،‬أسرتاليا‪ ،‬كندا وقرطاج يف تونس وجرش يف األردن‬ ‫وغريها من البلدان‬ ‫املوسيقار الثّائر‬ ‫املوسيقي‪ ،‬حمل بركات راية األغنية الّلبنان ّية‪ ،‬إذ إنّه يعترب من مج ّددي األغنية العرب ّية والّلبنان ّية وقيل عنه بأنّه "سابق عرصه"‪ .‬هو مل يغ ّن إ ّال‬ ‫منذ بداياته يف املجال‬ ‫ّ‬ ‫يف اللّهجة الّلبنانيّة‪ ،‬ليس لعدم إكرتاثه باللّهجة املرصيّة أو غريها من اللّهجات العربيّة‪ ،‬بل لوفائه وحبّه لألغنية الّلبنانيّة وصانعيها الّذين أوصلوها إىل األقطار العربيّة‬ ‫املني وغريهم‪ .‬كام أنّه ال يتواىن عن توجيه ال ّنقد للف ّنان الّلبنا ّين غري امللتزم باألغنية‬ ‫واألجنب ّية كلّها‪ ،‬أمثال ال ّرحابنة‪ ،‬فيليمون وهبي‪ ،‬زيك ناصيف‪ ،‬وديع ّ‬ ‫الصايف ونقوال ّ‬ ‫الّلبنانيّة‬ ‫يحب‬ ‫إىل جانب ذلك‪ ،‬كان يحرص ملحم عىل ّ‬ ‫السعي إىل الكامل يف أعامله‪ ،‬إذ عديدة هي األغاين التي س ّجلها يف األستوديو ومل يرض عنها ومل يطلقها يف ألبوماته فهو ال ّ‬ ‫األستوديو وال يرتاح فيه‪ ،‬لذلك معظم أغنياته مأخوذة من حفالته الح ّية وليس من التّسجيالت‬ ‫الخاصة‬ ‫حياته‬ ‫ّ‬ ‫مي حريري التي أنجبت له مجد جونيور والتي عاد وطلّقها‬ ‫‪.‬تز ّوج "املوسيقار" أ ّوال من الس ّيدة رندا عازار وهي أم أوالده مجد ووعد وغنوة‪ ،‬ومن ث ّم من ّ‬ ‫خاصة يف مواسم‬ ‫للصيد‪ .‬كان يؤلّف مع املل ّحنني املعروفني أمثال ال ّراحل فيليمون وهبي وإييل شويري وشكّل معهام الثّال ّيث ّ‬ ‫اللمتفارق ّ‬ ‫املعروف عن بركات‪ ،‬ح ّبه الكبري ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصيد‬ ‫‪.‬صيد طيور "التزغل" و"السمن"‪ ،‬إذ كان يحلو لهم إنتقاد بعضهم بعضا ورواية الطرائف وال ّنكت‬ ‫الخاصة بالصيّادين خالل موسم ّ‬ ‫ّ‬ ‫كام يروي املق ّربني منه‪ ،‬تلذّذه يف تناول األطباق العريقة اللّبنانيّة مثل الكبّة‪ ،‬املج ّدرة والتّبولة‪ ،‬غري أ ّن طبق الفول بالحامض والثّوم يبقى األفضل‪ ،‬خصوصا عندما‬ ‫‪.‬يشكّل ختام املسك لرحلة صيد ناجحة‪ ،‬عىل ح ّد إعتباره‬ ‫‪:‬بصمة خالدة‬ ‫من أجمل ما كتب "املوسيقار" ملحم بركات كانت أغنية ق ّدمها للس ّيدة ماجدة ال ّرومي بعنوان "إعتزلت الغرام" وأخرى لكارول صقر بعنوان "يا حبيبي تص ّبح ف ّيي"‪.‬‬ ‫إالّ أ ّن معظم أغانيه التي سبقت بقيت عالقة يف ذاكرة اللّبنانيني والعرب حتّى اليوم من بينها نذكر‪" :‬عىل بايب واقف قمرين"‪" ،‬العذاب يا حبّي"‪" ،‬أحىل ظهور"‪،‬‬ ‫"حاممة بيضا" وغريها‬ ‫الصباح الباكر أو عندما يقود س ّيارته أو عىل منت الطّائرة‪ .‬ومن األغاين‬ ‫الصحاف ّية والتليفزيون ّية أ ّن ّ‬ ‫يحب التّلحني يف ّ‬ ‫لكل أغنية ولحن ّ‬ ‫يشري بركات يف املقابالت ّ‬ ‫قصة وأنّه ّ‬ ‫لغسان صليبا‬ ‫‪.‬التي إستوحاها من تلك الظّروف‪" :‬أبوك مني يا صبيّة" لوليد توفيق و"يا حلوة شعرك داريه" ّ‬ ‫ومؤسسات وجمعيّات‬ ‫أطلق عليه األستاذ جورج إبراهيم الخوري‪ ،‬رئيس تحرير مجلّة الشّ بكة سابقا لقب "املوسيقار" ونال جوائز وأوسمة عديدة من دول ّ‬ ‫السلسة‬ ‫رحل "املوسيقار" الكبري‪ ،‬رحل عاشق "الكيف"‪ ،‬سيّد الحفالت‪ ،‬متقن اإليقعات ومبهج الجمهور‪ .‬رحل "الحالة" تاركا وراءه إرثا كبريا من األغاين واأللحان ّ‬ ‫والوطن ّية منوذجا لألغنية اللّبنان ّية‬ ‫الصاعد‪ ...‬لك نقول وداعا‬ ‫ّ‬ ‫فلن ننساك "أبو مجد" ولن ننىس ما ق ّدمته لنا من إبداعات موسيق ّية خالدة وأغان تبقى محفورة يف القلب واألذن‬ ‫وستظل ملهام للجيل ّ‬ ‫كارال الحدّاد‬

‫‪25‬‬


‫‪ADVERTORIAL‬‬

‫عمر شبيل‬

‫قراءة يف كالم د‪.‬عيل زيتون‬

‫حني تقرأ ما يكتبه أديبنا الكبري د عيل زيتون تشعر [انك مطالب بحضور غري عادي الستيعابه‪ ،‬وهذا مرتبط بأصالته التكوينية‬ ‫وبعمق تجربته الحياتية وبإخالصه للكلمة الحرة امللتزمة إميانه بوجوده‪ .‬كل هذا كان حارضا ً يف وجداين وأنا أقرأ مقاله العميق‬ ‫‪:‬حول "اسم الوردة" إليكو‪ .‬من خالل قراءيت األوىل أريد أن أسجل النقاط التالية‬ ‫‪ 1‬ــ إن ما نقرؤه حول ما كتب من نظريات غربية يف األدب نجد أصولها يف تراثنا العريب‪ ،‬ونرى وميضها متألقاً يف نتاجنا‪ ،‬وهذا‬ ‫‪.‬ليس افرتاء‪ ،‬وإمنا تجربتنا الرتاثية عالية ولكنها تفتقر إىل الباحثني اإلخصائيني كالدكتور علىي زيتون‬ ‫‪ 2‬ــ عجز العقل عن نقل الحقائق الكونية الكربى‪ ،‬هذا ما تشري إليه دراسة د عيل عام توصل إليه النقد الغريب‪ .‬ولعل تراثنا‬ ‫الروحي أوضح األدلة عىل ما أذهب إليه‪ .‬تراثنا خاطب العقل ولكن غاص أكرث يف مخاطبة الروح "وما أوتيتم من العلم إال‬ ‫‪.‬قليال"‪ .‬هذا اإلقرار بعجز العقل عن اإلحاطة الكلية هو أبعد ما وصلت إليه الحداثة وما بعد الحداثة يف اآلداب الغربية‬ ‫‪ 3‬ــ إن الفصل بني النص ومؤلفه قد قاد إىل التأويل كام يؤكد دارسوا الغرب‪ .‬هذا متأصل يف تراثنا العريب‪ .‬لقد سأل اإلمام عيل‬ ‫عبد الله بن عباس حني أرسله لحجاج الخوارج‪ :‬ب َم تجادلهم؟ فأجاب ابن عباس‪ :‬بالقرآن‪ ،‬فرد اإلمام عيل‪ :‬ال تجادلهم بالقرآن‬ ‫حمل وجوه‪،‬ولعل القراءات التأويلية للنص القرآين يف تراثنا ذات غوص داليل مل يرق إىل مستواه النقد الحديث‪ .‬النص‬ ‫فالقرآن ّ‬ ‫القرآين يف تراثنا الفكري والروحي قابل ألكرث من قراءة‪ ،‬وكذلك الشعر‪ .‬والتأويل ليس حرفاً للنص‪ ،‬وإمنا غوص فيه حتى تدبره‬ ‫‪.‬ورؤية مالمح كثرية فيه‬ ‫‪ 4‬ــ محاولة لتفسري الكون عرب الرؤيا والصورة‪ .‬وهذا ما غاص فيه أدبنا الصويف بعمق مذهل‪ ،‬يقول موالنا جالل الدين الرومي‬ ‫يف ديونه‪":‬شمس تربيزي"‪" :‬ال تعبدوا حتى تروا" وكان أستاذه يف الرؤيا النبي العريب حني قال‪ " :‬أعبد الله كأنك تراه فإن مل تكن‬ ‫تراه فإنه يراك"‪ .‬يف أدبنا الصويف شطحات مذهلة مل يرق إليها النقد الغريب حتى اآلن‪ ،‬ولعل الشيخ محي الدين بن عريب يف‬ ‫"فتوحاته املكية قد بلغ شأوا ً بعيدا ً‪ .‬ومثله غزليات حافظ الشريازي التي أذهلت الشاعر األماين الكبري "غوته" وقادته إىل كتابة‬ ‫ديوانه الرشقي‪ .‬وإىل اآلن مل يستط النقاد أن يصلوا إىل نهاية يف تأويل شعر حافظ الشريازي‪ ،‬وهل هو عرفاين أم مادي‪ .‬ولعل‬ ‫السوريالية الغربية الثائرة عىل هيمنة العقل والداعية إىل الثورة عىل الحواس هي محاول بطيئة للحاق باألدب الصويف يف تراثنا‬ ‫‪.‬العريب واإلسالمي‬ ‫‪ 5‬ــ الوصول عرب الصورة إىل املعنى‪ ،‬وهذا كثيف الحضور يف تراثنا العريب‪ُ .‬سئل أعرايب‪ :‬كيف تؤمن بالله وأنت مل تره؟ فأجاب‬ ‫بفطرته السليمة‪" :‬األثر يدل عىل املسري‪ ،‬والبعرة تدل عىل البعري‪ ،‬فسامء ذات أبراج‪ ،‬وأرض ذات فجاج أال تدالن عىل اللطيف‬ ‫الخبري!!"‪ .‬وقد عرف أبو سفيان مرابطة املسلمني له يف بدر حني أرسل رائدا يسترشف الطريق‪ ،‬وعاد إليه ببعر بعري‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫فلْ ُنتْ ِه ْم هذه عالئف يرثب" وكان يقصد املسلمني‪ .‬وآمن كثري من العرب حني رأوا صورة الرسول الروحية طافحة عىل مالمحه‬ ‫وتعبريه الدال عىل الروح‪ .‬بدوي آخر يف الصحراء ليالً حاول االقرتاب من حبيته فنفرت وابتعدت فقال لها‪ :‬التخايف ‪ ،‬فال يرانا‬ ‫سوى الكواكب‪ ،‬فقالت له‪" :‬و ُم َك ْوك ُبها"‪ .‬وهذه هي العالمات التي يركز عليها د عيل يف عالماته السيامئية‪ ،‬إن تراثنا غني‬ ‫وخصب‪ .‬يف الذي كتبه د عيل عىل لسان "غولياملو" حني سأل الراهب برينغاريو‪":‬كيف رأيت وجهه الشاحب إذا كان الليل‬ ‫‪.‬حالكاً" دليل عىل ما نذهب إليه‬ ‫‪ 6‬ــ عجز اللغة عن نقل الحقيقة‪ ،‬وأدبنا العريب مثقل بهذا‪ ،‬ويف قول اإلمام عيل البن عباس "هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة‬ ‫‪".‬هدرت ثم ق ّرتْ "‪ .‬والصويف النفري يقول‪" :‬كلام اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة‬ ‫‪26‬‬


‫أمل‬

‫ ‬

‫أمل وما أجملها من معنى ‪ ،‬متيض ِب َنا األيام واألمل يالزمنا‪ ،‬وعند أول مفرتق طريق نضيعه ‪...‬وبعد ذالك نبحث‬ ‫عنه فال نجده ‪ ،‬وتدور ِب َنا األيام والوقت يرسقنا‪ ،‬وتكرب ِب َنا السن ونبقى نبحث ونبحث عنه فنجده أم ًال عاجزاً ككرب‬ ‫سنيننا‬ ‫فلامذا أيها االنسان ال تحفظ هذا األمل منذ أن الزمك ؟! وملاذا تفقده بسهولة؟! وملاذا ال تحافظ عىل صالبتك‬ ‫وقوتك عند أول مشكلة أو مصيبة تحل بك؟! انه أمل ال معنى له ان مل تشعر به وتتلذذ به وتغذيه وتتحنن عليه‬ ‫ومن ثم تنقله برأفة وحن ّية إىل من مل َ‬ ‫يحظ به من الناس عىل اإلطالق ‪ ،‬والدتنا أمل ودخول الجنة أمل وما بينهام‬ ‫أمل بحياة واحدة كرمية ال تتجزأ وال تنكرس إرادتها أبداً مهام حورصت وضغط عليها‪ .‬فاألمل داخلنا ال ينفصل‬ ‫عنا بل نحن ننفصل عن أنفسنا ‪ ،‬وننفصل عن واقعنا الحتمي ‪ ،‬ومن قال إن األمل هو من يصنع سعادك ويشعرك‬ ‫بحياة هادئة وممتعة‪ ،‬ومن قال إننا ال مينكنا أن نعيش بدون أمل وأي أمل يا صاحبي وكيف ِب َنا اذا كان األمل‬ ‫بعيد املنى‬ ‫أمل قريب كبعدنا عن السامء وبعيد كقربنا من األرض ‪ ،‬يا حرسة عىل ما فاتني من أمل حيث كان ال ينفصل‬ ‫عني ابدا عندما كنت بجانب من أحب ومن يحبني بال تص ّنع وبال مجأملة ودون مساءلة ودون عتاب ودون‬ ‫انتظار يك أرد هذا الجميل إىل الذي زرع األمل يف نفيس‪ .‬فامذا عساين أن أقول وأفعل‪ ،‬وهل انا من خلق هذا القدر‬ ‫‪ ،‬وهل باستطاعة كائن مثيل من أن يعاتب هذا القدر الذي قادين إىل حيث أتواجد اليوم بأمل أو بدون أمل‬ ‫وما الفرق إذاً بني هذا وذاك ‪ ،‬إذا كان القدر هو من يتحكم يف أملنا جميعاً‪ .‬عجباً لك أيها القدر الذي يرسم لنا‬ ‫هذا الطريق الشاق واملتعب‪ ،‬الذي يثقل جراحنا ونحن ننتظر وننتظر لعله يلتقي مع تتطلعاتنا التي ولدت قبل‬ ‫أن نخلق وحيث بقيت عالقة يف السامء وال تحبذ أن تهبط عىل االرض ملالقاتك ألنها تطلعات غري منطقية وبعيدة‬ ‫كل البعد عن الواقع‪،‬حيث أنها ال تثق بقدر هذه الغربة الخالية من الروحانية والبعد اإلمياين العميق‪ ،‬والفلسفة‬ ‫الربانية التي ال يقدر عىل فهمها إال من هم عىل عالقة متينة مع السامء‬ ‫اذا فقد األمل هل تفقد الحياة معناها ؟!هل نبقى أرسى لهذا األمل الذي الزمنا منذ والدتنا وفرتة الصبا والكرب‬ ‫ورافقنا يف غربتنا ‪ ,‬وفجأة فقدناه يف أزقة وشوارع مدننا الجديدة املضاءة يف الليل والنهار ‪،‬حيث أن األمل الذي‬ ‫كنا نحلم به‬ ‫لن يتحقق أبدا ألن أملنا ال يشبه أملهم ألن أملنا ينمو ويكرب وليس بحاجة ألي ضوء او كهرباء حتى نلحظه بل‬ ‫عىل ألعكس أمل بلدي ‪ ،‬وأمل أمتي هو من يبعث الضوء وهو من ييضء لنا الدرب يف ظلامت ألليل الحالكة يف‬ ‫غربتنا‬ ‫رئيس التحرير د‪ .‬حسن فرحات‬

‫‪27‬‬


‫بأبجدية نفخ الروح يف الط ِني ‪ ...‬كتبت قصة ميالدي وتأبيني‬ ‫ولنالحظ ذلك يف "األبجدية" هنا التي هي تعني الكثري من املفردات الخاصة التي مل تقل‪ ،‬والتي يضمرها النص بوصفه يعكس تجربة وجودية متفجرة األعامق‪ .‬وكأن "أبجدية نفخ‬ ‫الروح يف الطني" تعني مرور الشاعر بكثري من مراحل التشكل‪ .‬وكأن الحياة والحياة املعارصة بالذات هي مراحل من التشكل الدائم تعيد صياغة اإلنسان واإلنسانية يف طريق ال منت ٍه‬ ‫‪-4‬‬ ‫وإذا خصصنا التجربة يبدو الشاعر وكأنه يحيا وميوت عرب هذه األبجدية من التأمل اليومي بني وجودين متضادين‪ :‬الروح والطني‬ ‫ولذا رسعان ما يعود إىل نقطة البدء‬ ‫من "نقطة الصفر" كان البدء فاتسعت‪ ...‬قصيدة الخرق يف طيات تكويني‬ ‫إنها العودة إىل نقطة التشكل الوجودي يف كل تجربة منر بها‬ ‫من املهم هنا أن نالحظ هذا الرتكيب "قصيدة الخرق"‪ ،‬حيث تبدو رحلة تشكل القصيدة جز ًء ا من تجربة سفر التكوين‪ ،‬ورمبا كانت هي املركز‪ .‬واالندماج وارد بل حتمي‪ ،‬لننظر أين‬ ‫كان البدء وقصيدة الخرق ‪" :‬يف طيات تكويني"‪ .‬يبدو أن سفر التكوين يف الداخل‪ ،‬وأنه يف القصيدة أيضً ا‪ ..‬وأن نو ًعا من التحول سوف يحدث‬ ‫‪:‬ومن هنا يعود الشاعر إىل مراحل التكوين‬ ‫رس ُح ِل‬ ‫ُمذ ك ُ‬ ‫ُنت أَب َح ُث َعن ما ٍء ُيَ ِ‬ ‫"ها ب َِيل ‪ -‬شَ ِّكَ" أَو "قا ب َِيل ‪ -‬تَخميني"‬ ‫َو َعن رِوا يَ ِة ِذ بحٍ ما‪ ,‬أُ َقدِّ ُمهُ‬ ‫ؤياي قُربا نًا يُفا ِد يني‬ ‫لِ َنصلِ ُر َ‬ ‫هنا ما يشبه االرتدادة إىل املايض‬ ‫منذ كنت أبحث" أي رحلة بحث يا ترى يقوم بها الشاعر؟ بحث عن الذات؟ عن القصيدة؟ عن الوطن؟ عن الوجود املثايل؟"‬ ‫ُنت أَب َح ُث َعن ما ٍء ) دون‬ ‫إنه يبحث عن عرش عىل املاء قبل البدء‪ ،‬وكأنه يبحث عن يشء غري برشي فيه‪ ،‬يريد أن يتواصل مع املطلق والحقائق العليا‪ ،‬فال نفهم هذا التعبري ( ُمذ ك ُ‬ ‫فجوات ما‪ ،‬عىل الناقد أن ميألها بنوع من التأويل وفق معطيات النص‬ ‫تلك هي رحلة البحث‬ ‫عن ماء ميرسح يل قابيل شيك أو قابيل تخميني) إنه تعبري يحيلنا إىل مراحل التكوين والتشكل داخل الذات‪ .‬هل ميكن القول إن الشاعر يبحث عن إعادة تشكل البرشية من خالل(‬ ‫‪،‬إعادة تشكل ذاته؟ هنا نحن أمام نوع من التداخل بني األطراف الكونية داخل الذات املفردة‪ .‬لنالحظ هنا لفظ املرسح الذي يعني الكثري يف هذا التأويل‬ ‫‪-5‬‬ ‫كام رأينا يف تأويل مفردة املاء‪ .‬هنا يجتمع ما هو ساموي وما هو أريض يف بيت واحد‪ ،‬يسبقه الحديث عن سفر التكوين‪ .‬أضف إىل ذلك مفردة مهمة ميكن أن توضع جوار كل ذلك‬ ‫يف هذه املنظومة أال وهي "كتبت" يف قوله‪" :‬كتبت قصة ميالدي وتأبيني"‪ .‬وكأن القصيدة هنا هي اللوح املحفوظ الفني الخاص بالشاعر وهو يكتب عليه قصة حياته وتأبينه‪،‬‬ ‫حني يعلو فنه إىل الخلود والبقاء أو يهبط نحو السقوط والفناء‪ .‬وإال فكيف يكتب قصة حياته وموته‪ ،‬ومل يزل عىل قيد الحياة‪ .‬نحن أمام مصطلحات شعرية مأخوذة من عوامل‬ ‫ومصطلحات دينية‪ ،‬وتعبرياتنا هنا مجازية فنية بالرضورة‪ ،‬ال عالقة لها بالعقيدة والدين‪ ،‬بل بالفن‪ ،‬يف ضوء استلهام عوامل دينية توظف فن ًيا من أجل طرح فني ما‪ ،‬تعجز عنه اللغة‬ ‫العادية‬ ‫ويستمر البحث‬ ‫َو َعن رِوا يَ ِة ِذ بحٍ ما‪ ,‬أُ َقدِّ ُمهُ‬ ‫ؤياي قُربا نًا يُفا ِد يني‬ ‫لِ َنصلِ ُر َ‬ ‫رواية الذبح والرؤيا والقربان تقربنا من الجو األسطوري والديني م ًعا‪ ،‬وتعيدنا إىل بدء الخليقة‪ ،‬وكأن الشاعر يحايك تشكله الوجودي وتشكل قصيدته باستدعاء هذا الجو‬ ‫إال َم وصل الشاعر يف رحلة بحثه‬ ‫لت إِ ىل يَ ِ‬ ‫قطي َن ٍة بَ َسطَ ْت‬ ‫َح َّتى َو َص ُ‬ ‫ِظ َّل ال َح ِقي َق ِة ف َ‬ ‫َوق الظَّا ِء َوال ُّنونِ‬ ‫إن (الوصول) و(اليقطينة) يوحيان باستدعاء قصة سيدنا يونس‪ " :‬فَا لْ َت َق َمهُ ا لْ ُح ُ‬ ‫ني (‪� )143‬لَلَب َِث ِف بَطْ ِن ِه إِ َل يَ ْو ِم يُ ْب َعثُونَ (‪َ )144‬ف َن َب ْذ نَا ُه‬ ‫يم (‪َ )142‬فلَ ْوال أَنَّهُ كَانَ ِمنْ ا لْ ُم َس ِّب ِح َ‬ ‫وت َو ُه َو ُملِ ٌ‬ ‫يم (‪َ )145‬وأَن َب ْت َنا َعلَ ْي ِه شَ َج َر ًة ِّمن يَق ِْط ٍني (‪( ")146‬الصافات‪ ،)146-142 :‬وكأن الشاعر هنا يعود من عراء الوجود األول إىل ظل وجوده الثاين يف رحلة التشكل‪ .‬غري أن‬ ‫بِا لْ َع َراء َو ُه َو َس ِق ٌ‬ ‫شجرة اليقطني كانت مال ًذ ا ومأ ًوى وطعا ًما لسيدنا يونس بكل ما لها من فوائد علمية معروفة كانت أنسب ما يكون يف هذه الحالة‪ ...‬أما لدى الشاعر فإنه ال يجد عا مل ًا مامثالً‪ ،‬وهنا‬ ‫تأيت املفارقة فاليقطينة هنا‪( :‬بسطت ظل الحقيقة بني الظاء والنون) إنه مرحلة من مراحل الشك واليقني يف مراحل التشكل‪ ..‬هل الشاعر يتشكك يف الثوابت‪ ،‬أم يعرب عن مراحل‬ ‫التحول؟ إن كانت األوىل فقد عرب عنها مبنتهى التهذب‪ ،‬وعرب عن ذاته كإنسان‪ .‬ومن منطلق ديني ال يعاب الشك يف ذاته بل للضالل املرتتب عليه‪ ،‬وإال فهناك الشك الذي يؤدي إىل‬ ‫اليقني العظيم واألكرب‪ .‬وإن كانت الثانية (التعبري عن مراحل التشكل) فقد عرب عن ذلك عرب مفارقة فنية بديعة تحققت عىل مستوين‪ ،‬األول لوذه إىل اليقطينة‪ ،‬دون أن يجد ما‬ ‫وجده سيدنا يونس‬ ‫‪-6‬‬ ‫الثاين املفارقة الحرفية‪ ،‬لقد اعتدنا أشياء من قبيل ‪ :‬الكاف والنون‪ ،‬الحاء والباء‪ ،‬ولكن الشاعر يصنع مفارقة‬ ‫حرفية هنا تحيلنا إىل جوه الخاص‬ ‫ولكن ماذا وجد الشاعر قرب يقطينته‬ ‫يدات تَقُو ُم َوكا‬ ‫كا ن َْت هُناكَ ق َِص ٌ‬ ‫و‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫ن َْت تَن َحني أُخ َر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫يات ِالدَّ ينِ‬ ‫ٍ‬ ‫َراشات َف َيخطفُها‬ ‫ِف ِم َثل ف‬ ‫تَر ُّ‬ ‫نُو ُر الشُّ عاعِ َف َتهوي كال َعراجِ ِني‬ ‫الشاعر يجد القصائد بكل أنواعها‪ ،‬ما بني قامئة ومنحنية يف الدواوين‪ ،‬لعله التعبري عن حالة من الزخم الشعري‪ ،‬كام يؤكد البيت الثاين‪ ...‬حيث ترف القصائد كالفراشات‪ ،‬ونور‬ ‫الشعاع يخطفها فتهوي كالعراجني‪ ،‬والعراجني جمع عرجون وهو العذق اليابس املنحني من النخلة‪ ،‬أو أصل العذق وهو أصفر عريض يشبه الهالل إذا انحنى‬ ‫إ ًذ ا مالذ الشاعر هنا هو مالذ شعري‬ ‫ثم يأيت السؤال‬ ‫سبين‬ ‫َوك َ‬ ‫َيف ِل أَن أَ ُم َّر ؟ الضَّ و ُء يَ ِ ُ‬ ‫َح َّتى أُ َع ِّر َي نَفيس أَو تُ َع ِّر يني‬ ‫إنه سؤال املرور‪ ..‬كيف يل أن أمر؟ كيف مير من بني القصائد؟ إن السؤال هنا يجعلنا نعيد القراءة لنكتشف أن القصائد هنا مطلق القصائد وليست قصائد الشاعر‪ ،‬ومن هنا يبدو‬

‫‪28‬‬


‫أفضل قصيدة يف صالون أمري الشعراء (شهر نوفمرب) مع دراسة نقدية حولها‬ ‫)‪(1-‬بقلم‪ :‬د‪ .‬‏السيد العيسوي عبد العزيز‪ ,‬مدير صالون أمري الشعراء‬ ‫"قصيدة عربية وإضاءة نقدية يف قرص أمري الشعراء‪ :‬وحشية اإلنسان األوىل سبيال إىل الرتقي يف "سفر التكوين‬ ‫قراءة يف قصيدة سفر التكوين للشاعر‪ :‬عمر هزاع‬ ‫أوال‪ -‬القصيدة‪ِ :‬سف ُر ال َّتكوين‬ ‫ِبأَب َج ِد يَّ ِة ‪ :‬نَفخِ ال ُّروحِ يف الطِّ ِني‬ ‫بت ِق َّص َة ِميالدي َوتَأبِيني‬ ‫كَ َت ُ‬ ‫*‬ ‫الصفرِ" كانَ ال َبد ُء فا ت َ​َّس َع ْت‬ ‫ِمن " نُقطَ ِة ِّ‬ ‫ق َِصيدَ ُة الخَرقِ يف ِط َّي ِ‬ ‫ات تَكويني‬ ‫*‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫رس ُح ِل‬ ‫ُمذ ك ُ‬ ‫ُنت أب َحث َعن ما ء ُيَ ِ‬ ‫"ها ب َِيل ‪ -‬شَ ِّكَ" أَو "قا ب َِيل ‪ -‬تَخميني"‬ ‫*‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َو َعن رِوا يَة ذ بحٍ ما‪ ,‬أقدِّ ُمهُ‬ ‫ؤياي قُربا نًا يُفا ِد يني‬ ‫لِ َنصلِ ُر َ‬ ‫*‬ ‫لت إِ ىل َي ِ‬ ‫قطي َن ٍة َب َسطَ ْت‬ ‫َح َّتى َو َص ُ‬ ‫ِظ َّل ال َح ِقي َق ِة ف َ‬ ‫َوق الظَّا ِء َوال ُّنونِ‬ ‫‪*-2‬‬ ‫ِ‬ ‫يدات تَقُو ُم َوكا‬ ‫كا ن َْت هُناكَ قَص ٌ‬ ‫ن َْت تَن َحني أُخ َر ٌ‬ ‫يات بِالدَّ وا ِو ينِ‬ ‫*‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِف م َثل فَراشات ف َيخطفَها‬ ‫تَر ُّ‬ ‫نُو ُر الشُّ عاعِ َف َتهوي كال َعراجِ ِني‬ ‫*‬ ‫سبين‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫َيف ِل أَن أَ ُم َّر ؟ الضَّ و ُء َي ُِ‬ ‫َ َ‬ ‫َح َّتى أُ َع ِّر َي نَفيس أَو تُ َع ِّر يني‬ ‫*‬ ‫َيت َويف كَف ََّّي ُمعجِ َز ٌة‬ ‫لَقَد أَت ُ‬ ‫ثواب تَك ِفيني‬ ‫ِمنَ ال َحيا ِة إِ ىل أَ ِ‬ ‫*‬ ‫ئت َوكانَ ال َو ُ‬ ‫حش يَسكُ ُنني‬ ‫َوقَد ظَ ِم ُ‬ ‫َوتَأ ك ُ​ُل ال َحريَ ُة ال َجو َعى بَسا تِيني‬ ‫*‬ ‫عت بَراري ال ِّتي ِه ُمل َت ِم ًسا‬ ‫َوقَد َقطَ ُ‬ ‫ِيوائ َوتَدجِ يني‬ ‫ِب ِه ا مل َال َذ ِل ِ‬ ‫*‬ ‫َحت أَم تَ ِع َب ْت‬ ‫واي ارت ُ‬ ‫َفل َ‬ ‫َيس يَع ِني ِس َ‬ ‫َيس َيع ِنيني‬ ‫ُطاي ‪َ ,‬و ْه َو ‪َ -‬سوا ٌء ‪ -‬ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫‪3‬‬ ‫قصيدة اليوم للشاعر السوري عمر هزاع‪ ،‬وهو شاعر سوري يقيم يف قطر له أعامله الشعرية املتنوعة‪ .‬وقد بعث إلينا بقصيدته ووقع عليها االختيار من عدة قصائد أرسلت يف‬ ‫فقرة شاعر عريب‬ ‫تعنون القصيدة بسفر التكوين‪ ،‬ومن ثم هي تحيل إىل الكتب املقدسة وتستلهم معنى ما‪ ،‬أما املرجعية فيمكن معرفتها بقدر من البحث‪ ،‬حيث نجد أن سفر التكوين "هو أول‬ ‫‪.‬أسفار التوراة (أسفار موىس الخمسة) وأول أسفار التناخ‪ ،‬وهو جزء من التوراة العربية‪ ،‬كام أنه أول أسفار العهد القديم لدى املسيحيني‬ ‫مكتوب فيه أحداث تبدأ مع بدء الخليقة وسرية حياة بعض األنبياء‪ ،‬ومذكور فيه كيف خلق الله الكون واإلنسان وكيف اختار الله النبي نوح ليك ينذر البرشية من الطوفان‬ ‫الذي كان قادما إليها‪ ،‬ثم دعوة الله إلبراهيم وإسحاق ويعقوب أيب األسباط ثم كيف بيع يوسف من قبل إخوته إىل تجار العبيد ووصوله إىل مرص ومتلكه عىل كل أرض مرص‪،‬‬ ‫"فسفر التكوين يرسد األحداث منذ بدء الخليقة إىل فرتة نهاية حياة يوسف‬ ‫أما املعنى املستلهم بحسب قراءة القصيدة‪ ،‬فقد يكون إعادة تخلق الشاعر وإعادة تشكيله يف ضوء تشكل القصيدة وأحداث الواقع‪ ،‬مام يطرح سؤاال‪ :‬كيف رأى الشاعر ذاته يف‬ ‫سفر تكوينه الذي يقرأه ويدعونا إىل إعادة قراءته بعد إعادة كتابته حسب معجم القصيدة التي تحيلنا إىل هذه اإلشارات التاريخية التوراتية؟‬ ‫هذا ما تجيب عنه الدراسة‬ ‫تتميز القصيدة بقدرتها عىل تقليب تربة املعجم الشعري إلعادة تشكيله وفق رؤية شعرية ما‪ ،‬وطبيعة إبداعية خاصة‪ ،‬يُعاد فيها تخليق اللغة الخام يف أرض القصيدة‪ .‬وهي‬ ‫منحى فلسف ًيا يجذر من تجربة الشاعر يف الوجود عىل نحو خاص‪ ،‬ولذا يبدو الشاعر وكأنه يتخلق داخل النص‪ ،‬كام أنه معجم إشاري رمزي يف بعض مناطقه‪ ،‬رغم مبارشته‬ ‫تنحو‬ ‫ً‬ ‫يف بعض مناطقه‪ ،‬ما يعني أنه يصنع قراءته الداخلية عرب نقاط ضوئية معجمية مشعة‪ ،‬ويبلغ النص الشعري أعىل درجات الشعرية حني يكون ملعجمه إحالة داخلية ميكن‬ ‫قراءته من خاللها‪ ،‬بل ميكن قراءة معجم الشاعر ككل من خالل التفسري الداخيل ملصابيح معجمه الخاص كام ذهبنا يف دراستنا للامجستري عن املعجم الشعري وأرساره الشعرية‬

‫‪29‬‬


Magazine

30

MAGAZ I N E T E M PLATE / OC TOBE R 2013 / w w w.yo ur m agaz i ne.com


‫خاصا؟ كيف مير ويقال إن هذا الدرب دربه الخاص‪ ،‬وهذه القصيدة قصيدته الخاصة يف سفر التكوين‪ ،‬سفر تكوين القصائد؟‬ ‫السؤال ذا قيمة‪ ،‬كيف مير ويع ِّبد له طريقًا ً‬ ‫يؤكد هذه القراء عملية االختبار‪ ،‬وممن؟ من الضوء‪ ..‬فالضوء (مطلق الشعر‪ ،‬والوجود) يسرب الشاعر وهو مير‪ ،‬يخترب مدى الوضاءة أو اإلعتام فيه حتى مير من الطريق الذي يليق‬ ‫‪Magazine‬‬ ‫)به‪ .‬وهنا البد من مواجهة الذات‪( :‬حتى أعري نفيس أو تعريني‬ ‫ولنالحظ أن السؤال عن الكيفية‪ ،‬وسؤال الفن هو دامئا سؤال كيفية فنية خاصة‪ ،‬تستغرق حياة اإلنسان‪ /‬الفنان‬ ‫‪-7‬‬ ‫‪:‬ولعل الشاعر يف ما تبقى من القصيدة يخاطب النور ويكشف له عن هويته وحقيقته‪ ،‬هويته الفنية‪ ،‬وحقيقته اإلنسانية‪ ،‬وإال فمن يخاطب هنا‬ ‫َيت َويف كَف ََّّي ُمعجِ َز ٌة‬ ‫لَقَد أَت ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثواب تَكفيني‬ ‫ِمنَ ال َحيا ة إ ىل أ ِ‬ ‫يف كف الشاعر معجزته الخاصة وهي القصيدة‪ ،‬ولكن اختصار الطريق بهذه الرسعة بني الحياة واملوت‪ ،‬يعني أن الخلق الفني عىل يدي الشاعر يعاين الكثري من املصاعب‬ ‫ثم يقول‬ ‫ئت َوكانَ ال َو ُ‬ ‫حش َيسكُ ُنني‬ ‫َوقَد ظَ ِم ُ‬ ‫َوتَأ ك ُ​ُل ال َحريَ ُة ال َجو َعى بَسا تِيني‬ ‫هنا يعود الشاعر إىل وحشيته األوىل‪ ،‬ويبلغ قمة الوحشية‪ ،‬ولعله يأتنس بها يف مقابل جهامة الحياة املعارصة بكل جفافها الروحي وخوائها النفيس‪ .‬إنه توحش رائع إن صح‬ ‫التعبري‪ ،‬هو التوحش الذي يهذب اإلنسان‪ ،‬أو حتى اإلنسانية املعارصة‪ ،‬فهذا الوحش الذي يسكن الشاعر يهذبه وال يجعله يلتهم أو يبطش أو ينتقم رغم أنه يتضور جوعا وعطشً ا‪:‬‬ ‫)(وقد ظمئت‪ )...‬يف حني تفعل اإلنسانية املعارصة العكس‪ :‬قمة الهمجية‪( :‬وتأكل الحرية الجوعى بساتيني‬ ‫هنا يقطع الشاعر املسافة الحقة بني إنسانيته املعارصة الهمجية ووحشيته األوىل املهذبة‬ ‫عت بَراري ال ِّتي ِه ُمل َت ِم ًسا‬ ‫َوقَد َقطَ ُ‬ ‫ِيوائ َوتَدجِ يني‬ ‫ِب ِه ا مل َال َذ ِل ِ‬ ‫حيث يجد املالذ يف ظل تشكله األول‪:‬القصيدة‪ ،‬والفن‪ ...‬هناك جوار أبجديات معجمه الشعري الخاص‪ .‬وجوار اللوح املحفوظ للفن الذي كتبه الشاعر األول فينا‪ ،‬أو يف كل شاعر‬ ‫‪.‬فينا من قبل‪ ،‬هو يتشكل يف عامل الذر وفق تأوييل الخاص للنص وما وراءه مام ميكن أن يُس َتشف‬ ‫ويف مقابل هذا تغدو اإلنسانية املعارصة نو ًعا من (براري التيه) التي ال تنتهي‪ ...‬ويف هذا التعبري يختزل الشاعر كل مظاهر الحرب والعنف والدمار والسوداوية التي تجتاح العامل‬ ‫(ملتمسا به‬ ‫دون مبارشة أو خطابية‪ .‬وتغدو وحشيته الخاصة عىل النحو الذي قرأناه هي املالذ‪ ،‬تغدو الوحشية األوىل لإلنسان هي املالذ من الوحشية املعارصة‬ ‫ً‬ ‫‪-8‬‬ ‫املالذ) أي بالوحش‪ .‬لتنقلب اآلية‪ ،‬وتصبح الوحشية األوىل هي اإلنسانية الحقة‪ ،‬واإلنسانية املعارصة هي الوحشية الحقة‬ ‫والتدجني هو عملية خاصة بالحيوانات يقصد بها ( تَلْيِني طَ َبا ئِ ِع َها َوتطْ ِو يع َها‪ ،‬و إِخْضَ اع َها)‪ ،‬والنفس بطبيعتها حيوانية‪ ،‬ولكن الوحش األول هو الذي يقوم بتدجينها عىل هذا النحو‪،‬‬ ‫الوحش الطيب يف كل ذات شاعرة وذات فنية همجية وبربرية يف الظاهر‪ ،‬تنطوي عىل ثراء إنساين وحيش يف الباطن‬ ‫إ ًذ ا الشاعر اختار طريق الوحشية األوىل الطيبة الفطرية طريقًا لتهذيب الطباع والدخول يف عامل اإلنسانية املعارصة وكأنه بذلك يعيد سفر التكوين عرب رشعية وشعرية خاصة عىل‬ ‫نحو ما قدمنا يف قراءتنا‪ ،‬ولذا يهتف يف نوع من امللل والرضا معا يف ختام النص‬ ‫َحت أَم تَ ِع َب ْت‬ ‫واي ارت ُ‬ ‫َفل َ‬ ‫َيس يَع ِني ِس َ‬ ‫َيس َيع ِنيني‬ ‫ل‬ ‫‬‫ء‬ ‫وا‬ ‫س‬ ‫‬‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ُطاي‬ ‫َ‬ ‫خ َ َ َْ َ ٌ‬ ‫إنه عامل الرضا الداخيل وإميان الشاعر بوحشه األول الطيب املهذب الساكن وسط األدغال والصحراوات والجبال والغابات والحدائق واملزارع‪ ،‬الذي يهبه أروع القصائد وأخصبها‬ ‫إنسانية يف مقابل عامل اإلنسان املنمق يف مالبسه ومظهره حتى الكامل‪ ،‬الخاوي عىل عرشه النفيس حد الخواء والنقص كوحش رشير معارص خلف قناع إنسان كام تقدم اإلنسانية‬ ‫املعارصة إنسانها مقابل إنساننا األول‪ .‬وبهذا يعيد الشاعر وصلنا بإنساننا األول عرب نوع من الصدق والرباعة والجامل الفاتن يف هذا النص علنا نعيد قراءة سفر تكويينا عرب سفر‬ ‫التكوين املاثل يف هذا النص بطريقة جاملية فريدة‬ ‫وهكذا متيزت القصيدة مبتنها الخاص الذي حمله معجمها الشعري‪ ،‬وهذه سمة فرادة يف أية قصيدة ال سيام يف اإلبداع املعارص‪ .‬حيث متيزت بقدرتها عىل تقليب تربة املعجم‬ ‫الشعري إلعادة تشكيله وهي تطرح بعض التساؤالت الوجودية الكربى التي قد تدل عىل تشكل اإلنسان والقصيدة م ًعا‪ .‬لذلك نلحظ مراوحة بني الذات الشاعرة والقصيدة‬ ‫الذات والقصيدة كلتاهام تتصارع فيهام أصوات إنسانية كقابيل وهابيل الذي قد ميثل أحدهام الشعر واآلخر النرث يف مستوى‪ ،‬والخري والرش يف مستوى ثانٍ ‪ ،‬والشك واليقني يف‬ ‫مستوى ثالث‪ .‬وهكذا‪ ،‬ما يعني قابلية النص ألكرث من قراءة‬ ‫من خالل النص يشق الشاع ُر طريقَه نحو ذاته‪ ،‬والقصيد ُة طريقَها نحو ذاتها‪ .‬ويبقى العثور عىل جوهر الذات وجوهر الشعر تساؤالً مستم ًرا‪ ،‬لذا ال تنتهي القصيدة نهاية مريحة‪،‬‬ ‫بل تنتهي نهاية قلقة معربة عن لب التجربة‬ ‫‪-9‬‬ ‫وتبقى بعض امللحوظات الجزئية العابرة التي ال تغض من جامل القصيدة‪ ،‬من ذلك قوله‪" :‬من نقطة الصفر كان البدء" ومل أستسغ شاعرية الرتكيب "من نقطة الصفر" رغم أن‬ ‫الشاعر وضعه بني عالمتي تنصيص ما يعني أنه يريد داللة ما ‪ ،‬ولكني أتكلم عن التشكيل ال الداللة هنا‬ ‫وكقوله مشبها‬ ‫يدات تَقُو ُم َوكا‬ ‫كا ن َْت هُناكَ ق َِص ٌ‬ ‫ن َْت تَن َحني أُخ َر ٌ‬ ‫يات بِالدَّ وا ِو ينِ‬ ‫فلم أستسغ التعبري عن القصائد بهذا الشكل‪ ،‬وكأنا أمام صورة إبل تقوم وتقعد مثالً‪ .‬كذلك مل أستسغ سقوط القصائد التي يشبهها بالفراشات التي يشبهها بدورها بأنها تهوي‬ ‫كالعراجني حينام تتعرض للضوء‪ ،‬فصورة العراجني مبا فيها من جفاف ال تتامىش مع صورة القصائد والفراشات مبا فيهام من ليونة وخصب وانسيابية‪ ،‬أو مل أجدها هكذا‬ ‫إحساسا ملحم ًيا‪ ،‬وأوحى بيشء من البانوراما‪ ،‬والتكوينات الدرامية الشاسعة‪ ،‬والجزر الداللية املتشابكة‪ ،‬وهو‬ ‫ومع ذلك قد تروق الشاعر أو تروق غريي‪ ،‬كام أن العنوان أعطانا‬ ‫ً‬ ‫أمر قد تحقق ولكن بنسبة دون املتوقع‪ ،‬وإن كانت ناجحة‪ .‬ومن هنا نقول ختا ًما‪ :‬تحية للشاعر عمر هزاع ولقصيدته الرائعة إحدى الفرائد العربية املختارة لإللقاء والدراسة يف‬ ‫صالون أمري الشعراء أحمد شوقي بقرصه وكرمته يف مرص باحثني عن نهضة شعرية ونقدية حقيقية تنطلق من هذا املكان يف قدر من املوضوعية‬ ‫السيد العيسوي‬ ‫مدير صالون أمري الشعراء‪ -‬متحف أحمد شوقي‪ -‬وزارة الثقافة‪ -‬مرص‬

‫‪31‬‬


Magazine

32


Faces of Ya 7elween 2016 Writer's Meetup

33


‫يتغي‬ ‫لبنان‪ ...‬لن ّ‬

‫لبنان وطن الرسالة‪ .‬هو أيضاً وطن األزمات السياسيّة واإلقتصاديّة واإلجتامعيّة‪ ...‬لبنان وطن ما عاد يحتمل املجازمة أو التفريق به بأي شكل كان‪ .‬لبنان‬ ‫سيايس واحد‬ ‫وطن طائفي وال جدل يف ذلك‪ .‬سياسته‪ ،‬أمنه‪ ،‬استقراره‪ ،‬اقتصاده‪ ،‬وأوضاع أبناءه اإلجتامعيّة كلّها مرتابطة ومتأثرة الواحدة باألخرى فاهتزاز‬ ‫ّ‬ ‫كفيل بإثارة املخاوف األمن ّية ورضب عجلة اإلقتصاد وبالتايل انعكاس عىل لقمة عيش املواطن‬ ‫ما يعيشه لبنان اليوم وعىل األصعدة كافة هو نتيجة ما يقارب الخمسة آالف سنة من الرتاكامت منذ أن كان لبنان وكان شعبه وبدأ اقتصاده وتجارته‬ ‫ومنذ أن راح املواطن يبحث عن استمراريّته وعن سبل عيش الئقة‪ ،‬منذ أن بدأت الهجرة والفتوحات تعطي الطابع الدميغرايف والتوزع السكاين والطائفي‪،‬‬ ‫كل شاردة وواردة وكان‬ ‫ومنذ أن كانت السياس ّية والسياسيون ومل يكن لبنان سيد نفسه إالّ لفرتات معدودة عىل م ّر التاريخ فكانت التدخالت األجنب ّية يف ّ‬ ‫الطموح العريب بأن تكون هذه الرقعة الجغرافيّة امتدادا ً عربيّاً عىل البحر املتوسط‬ ‫والحل راوح مكانك‪ .‬كرثت وتك ّدست فام عدنا نعلم أي من املشكالت هي أولويّة‪ ،‬وأيّها أحكل للمعالجة‪ :‬مجلس نيايب مم ّدد لنفسه وملرتني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كرثت األزمات‬ ‫نواب ووزراء يتقادون رواتب ومستحقات دون أي فعاليّة‪ ،‬إنخرا ّط لبنان يف الحرب السوريّة‪ ،‬ارتهانات للخارج‪ ،‬اهتزازات أمنيّة‪ ،‬تكبيل لعمل املؤسسات‬ ‫العا ّمة‪ ،‬خصخصة أو حصحصة‪ ،‬فساد ورشاوى ومحسوبيات‪ ،‬ديون وعجز مايل يف خزينة الدولة وست سنوات بال موازنة‪ ،‬عنرتيات وتزليم‪ ،‬سالح متفلت‪،‬‬ ‫إرضابات وإعتصامات وظاهرة قطع الطرقات وعجقة السري مستم ّرة‪ ،‬أزمة ترصيف التفاح وغريها من املنتوجات اللبنان ّية‪ ،‬سلسلة رتب ورواتب‪ ،‬زيادة‬ ‫الرسوم والرضائب عىل املواطنني‪ ،‬مشكلة امليكانيك وأصحاب املركبات واآلليات‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬املياه‪ ،‬أزمة النفايات‪ ،‬فضائح أوجريو‪ ،‬أجارات‪ ،‬غالء معيشة‪،‬‬ ‫أزمة النازحني السوريني‪ ،‬هجرة‪ ،‬بطالة‪ ،‬أحزاب وتجييش طائفي‪ ،‬ترسيم حدود‪ ،‬وخالف عىل النفط‪...‬وقد ال ننتهي من التعداد‪ .‬يف ظل كل هذه الضبابيّة‬ ‫واملشهد السوداوي فإ ّن اللرية اللبنان ّية مستقرة ولبنان يشهد نهضة سياح ّية شملت كل مناطقه صيفاً وشتا ًء‪ ،‬وإ ّن اسمه الذي رفع عىل املنصات العامل ّية‬ ‫وتصدرعناوين النرشات كان وال يزال يشهد ابتكارات إنجازات عىل الصعيد العلمي واألكادميي والطبي والفني‪ ...‬روادها لبنانيون مغرتبون وشباب لبنا ّين‬ ‫قرروا أن يناضلوا من لبنان ويصنعوا الفرق‬ ‫عم ّمير به لبنان وما يعايشه املواطن يوم ّياً‪ .‬من يريد أ ّن يقرأ حدث اليوم عليه أن يقرأه عىل ضوء تاريخه‪ .‬إنّ ا ال تاريخ م ّوحد يد ّرس‪،‬‬ ‫هذه ملحة رسيعة ّ‬ ‫سيايس البل كل طائفة ترغب أن تسطّر األحداث عىل طريقتها الخاصة‪ .‬كام أ ّن الثقافة التاريخيّة شبه معدومة وقّلة من اللبنانيني قرأوا‬ ‫فكّل طرف‬ ‫ّ‬ ‫تاريخهم وتجنبوا الدخول يف السجال القائم‪ .‬مؤسف أ ّن نسمع التاريخ من منظار كل حزب ونقنت به فنسري يف صفوف مؤيّدة لهذا الحزب أو ذاك‬ ‫قد يغّض النظر عن من عايش الحرب وما بعدها ورغم أّنه عاىن ما عاناه من ويالت الحرب ال زال كلّام دعا الزعيم‪ ،‬يلبي النداء‪ .‬قد يغّض النظر عنهم أل ّن‬ ‫القسم األكرب ترك مقاعد الدراسة واستقتل عىل متاريس وجبهات القتال‪ .‬لك ّن هذا الشاب املتعلّم‪ ،‬الذي مل يعايش فرتات الحرب‪ ،‬ملاذا يتح ّمس ويته ّور‬ ‫مم يسمعه من الحزب واملتحزبني‪ .‬من أي منطلق يحاور وعىل أيّة أدلة يستند وتاريخه‬ ‫يف أكرث األحيان دفاعاً عن زعيمه‪ ،‬وعن قض ّية ال يعرف عنها أكرث ّ‬ ‫املسيين‬ ‫يجهله‪ .‬أعداد شباب كبريهم مل يتجاوز العرشين عاماً تزداد عىل أعداد ّ‬ ‫بانتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنان ّية كرث املتفائلون وعلّقت آمال بالتغيري واإلصالح‪ .‬من أين له أن يبدأ هذا العهد؟ أبإصالح النفوس‪ ،‬أم بتنقية اإلذهان؟‬ ‫أي املشاكل واملصائب هي أحكل؟ وكيف السبيل وأبناء البيت غري آبهني وقد تع ّودوا واستسهلوا الفوىض واملقطاعج ّية والفساد وغلّبوا املصلحة الخاصة‬ ‫عىل املصلحة العا ّمة؟‬ ‫يتغي‪ .‬واإلستحقاق الرئايس أفضل مثال‪ :‬وصل العامد ميشال عون‬ ‫إن كنت قد قرأت تاريخ لبنان ألدركت أ ّن القديم ال زال عىل قدمه ولبنان لبنان لن ّ‬ ‫كل من أراد التمديد أكرث للفراغ‪ ،‬وكلّفت ثانيّاً رئيس تيار املستقبل سعد الحريري تشكيل الحكومة‪.‬‬ ‫إىل س ّدة الرئاسة بتسوية قطعت أ ّوالً الطريق عىل ّ‬ ‫واملضحك املبيك أ ّن لكّل زعيم دور بطو ّيل يف قصة دراميّة ختامها مسك‪ ،‬وأدوارا ً ثانويّة وأقل أهميّة للمساهمني يف إنقاذ الجمهوريّة‪ .‬ومن املنقذ‪ ،‬أتدخل‬ ‫الله‪ ،‬أم شطارة حكيم أم رضبة سعد؟‬ ‫لبننة اإلستحقاق" مصطلح درجت العادة يف استخدامه مبوازات انتخاب الرئيس إلظهاره وكأنّه طبخة لبنانيّة مئة يف املئة‪ .‬إالّ أ ّن الجهود اللبنانيّة ما كانت"‬ ‫لتثمر لوال املباركة الخارج ّية‪ .‬الوضع إقليم ّياً مرتجرج‪ ،‬فالحرب السوريّة مستم ّرة والرصاع السعودي اإليراين يف تصاعد‪ .‬دول ّياً اإلنتخابات األمرييك ّية كانت‬ ‫عىل األبواب قبل موعد الجلسة رقم ‪ 46‬املح ّددة بتاريخ ‪ 31‬ترشين األ ّول وال أحد يعلم أو يدرك فعالً نتائج اإلنتخابات األمرييك ّية وتداعياتها عىل الرشق‬ ‫قسم‪...‬تستفيد‬ ‫"األوسط وبالتايل عىل لبنان‪ .‬يف الخطوط العريضة السياسة األمريكيّة يف الرشق األوسط واضحة املعامل‪ ،‬تخترص بثالث كلامت‪":‬ف ّرق ّ‬ ‫تقسيم الرشق عىل قدم وساق فهل إقتدى اللبنانيون مبقولة "عند تغيري األمم احفظ رأسك"‪ .‬إقتدوا باملقولة أو مل يفعلوا‪ ،‬فال فرق أل ّن الطائف ّية من صلب‬ ‫‪.‬حياتنا‪ ،‬تكبلنا وتسلب إرادتنا وترتك لبنان صغريا ً يف لعبة أسيادها كبار‬ ‫يتغي‬ ‫بتفاؤل ضئيل وثقة كاملة وقناعة كامنة‪ ،‬لبنان‪...‬لن ّ‬ ‫مريم حرب‬

‫‪34‬‬


35


‫العطاء‪ ...‬فرحة العيد‬

‫بدأت فرتة األعياد يف أنحاء العام وبدأنا نرى شجرة عيد امليالد واملغارة تزيّنان املج ّمعات السياحيّة‪ ،‬الطّرقات واملنازل‪ .‬إقرتب العيد وتح ّركت معه مبادرات العطاء‬ ‫وأفعال املحبّة‪ ،‬من مساعدة اآلخرين خصوصا الفقراء إىل توزيع الهدايا‬ ‫والسالم ال ّداخليني‪ ،‬هو أن تحب بال حدود‪ ،‬بال رشوط وال‬ ‫السنة؟ العطاء هو شعو ٌر داخيل ناب ٌع من عمق التّفكري الكامل بالفرح ّ‬ ‫فلامذ العطاء يف هذه الفرتة من ّ‬ ‫َ‬ ‫أوامر‪ ،‬هو أن تقّدم للّذين من حولك ما هو موجود َ‬ ‫(بطريقتك الخاصة)‪ ...‬فالعطاء ليس بقيمته بل مبعناه والفرح به‪ ...‬ويف فرتة األعياد املجيدة يتح ّرك‬ ‫عندك لكن‬ ‫هذا الشّ عور بني ال ّناس إذ يسود األجواء ال ّدفء واملح ّبة‬ ‫عندما نفكر مالياً بكيفية العطاء نتوه إذ نعتقد أنّه موضوع معقّد ولكن بسيط يف آن واحد‪ .‬املعقد باملوضوع كيف أعطي بعض األشياء وأنا ال املُكُها أصالً وأيضاً‬ ‫منغمس يف األنانية ‪ .‬أما البساطة يف املوضوع تكمن يف السيطرة عىل مشاعر الفرح الداخيل‪ .‬يف لحظتها يظهرعطائُنا وهو مزيّ ٌن بأبهى‬ ‫كيف أعطي من أعامقي وأنا‬ ‫ٌ‬ ‫التخل عن كنزة أو معطف لتقدميهام لولد فقري ال ميلك أهله املال لرشاء الثياب‬ ‫والسعادة‪ .‬لذالك‪ ،‬عندما نكون يف فرتة عيد امليالد‪ ،‬نجد صعوبة يف ّ‬ ‫معاين التّواضعِ ّ‬ ‫نتخل عن هذه األنان ّية التي بداخلنا‪ ،‬نشعر بفرح ال يوصف‪ ...‬وهذا هو املعنى الحقيقي للعيد‪ ...‬املح ّبة وفرح العطاء‬ ‫الشتويّة‪ .‬ولكن عندما ّ‬ ‫كل شخص أن يفعل هو البحث عن شخصيّته ودعوته ِمن َمن هم حوله والتّع ّرف عىل مواهبه وطرق إستخدامها وتطويرها لتلبية ندا َء‬ ‫كيف أنا أعطي؟ كل ما عىل ّ‬ ‫العطاء عنده‪ .‬عىل سبيل املثال‪ ،‬يف عيد امليالد كثرية هي املبادرات التي تسمح لنا بالعطاء‪ :‬إن كان شخصا موهوبا بالغناء ميكنه تقديم ريستال لألطفال املحتاجني‬ ‫م ّجانا وتوزيع الهدايا عليهم يف آخره‪ .‬إن كان شخصا غنيّا‪ ،‬ميكنه مساعدة الفقراء عرب الت ّربع مببلغ من املال أو رشاء األكل والثياب‪ ،‬وغريها من األمور‬ ‫كل م ّنا أن‬ ‫وحب املظاهر‪ .‬لذلك عىل ّ‬ ‫باإلضافة إىل ذالك‪ ،‬يجب اإلبتعاد عن األمور التي تشتّت األفكار ككالم ال ّناس وتحفّظات مجتمعنا الحايل الطاغي عليه األنان ّية ّ‬ ‫يكون واضحا مع نفسه وصادقا مع قدراته ليك يعطي ب َح َسبِها‪ ...‬فال يهم كمية العطاء وكربه بقدر ما يه ّم معناه وما ينبع منه‪ ،‬فعندما يصل الشّ خص للسعاد ِة العارم ِة‬ ‫الصحيح‬ ‫بالعطاء فيجب أن يعلم أ ّن عطاءه يف مكانه ّ‬ ‫السعادة الحقيقيّة كلّمل تس ّنت لنا الفرصة؟‬ ‫ولكن‪ ،‬هل العطاء هو فقط خالل فرتة األعياد؟ أال يجب علينا أن ّ‬ ‫نتخل عن أنانيّتنا لبلوغ ّ‬ ‫كارال الح ّداد‬

‫‪36‬‬


‫أتحبني؟‬ ‫ال نريدك يا طفل املغارة‬ ‫ال تزرنا أيها الطفل يسوع أل ّن قلوبنا ليست حتى مزودا ً لتولد وتضجع فيه‪ .‬ألنّنا نسيناك وطوينا صفحة ميالدك‪ .‬نحن أسياد األرض وهريودس القرن الواحد‬ ‫والعرشين لن نقبل أن تقاسمنا اململكة والسلطة والقرار‪ .‬قادرون عىل كل يشء فام حاجتنا إليك؟ انظر إلينا نحن الذين خلقتهم عىل صورتك ومثالك ونفحت‬ ‫فيهم من روحك‪ ،‬انظر إلينا نحن الجبابرة األقوياء وأمعن النظر فال ننكرس وال نلني‪ .‬نعتاش عىل أشالء إخواننا‪ ،‬نتاجر بدمائهم‪ ،‬نفتخر ونعت ّز براحيل تبيك عىل‬ ‫أوالدها ألنّها ال تريد أن تتعزى‪ .‬ندمر الكنائس واملساجد واألثارات ومنحي التاريخ ونستيبح بيوتا وحرمة نساء‪ .‬نستمع إىل سينفونية أصوات القنابل والرشاشات‬ ‫الرخمة يتخللها عزف منفرد للنحيب واألنني والبكاء والتحرس والشهيق‪ .‬والدمار فن معروض يف متاحفنا بانتظار املزادات واملتذوقني له‪ .‬هكذا نحن دبلوماسييون‬ ‫يف املجالس العلنية‪ ،‬فاعلوا خري للعرض التلفزيو ّين‪ ،‬زعامء عصابات وتجار أسلحة يف الكواليس‪ ،‬طواغيت دعاة سالم‪ ،‬ثعالب يف السياسية وثعابني نلدغ بعضنا‬ ‫بصورة الحمالن‪ .‬مجرمون سفاحون‪ ،‬خريجوا سجون‪ ،‬وداعشيو الهوى‬ ‫رص أن تأيت األرض كعادتك فأنت حر يف عامل حر‪ .‬لكن لن نسهر الليايل معك مصلني ومضيئني الشموع‪ .‬ومبا أ ّن العامل منشغل باستمرار ال تجلس بال‬ ‫وإن كنت م ٌ‬ ‫حراك إذهب وأحيص أعداد املغاور عىل عدد بيوتنا ونفوسنا وبعد أن تنتهي أحيص أعداد القتىل والفقراء واملعوزين‪ ،‬أحيص العجزة واملرىض ومنكرسي القلوب‬ ‫‪ ...‬ويوم تنتهي أعرنا لوائحك لنضيفهم إىل األرشيف‪ ،‬فقد داهمنا الوقت ونحن نجمع ثرواتنا‪ .‬لن نقدم لك الذهب فهو من عرق جبيننا‪ ،‬والبخور تزعجنا رائحته‬ ‫وقد تعودنا عىل رائحة املوت‪ ،‬واملر خذ منه قدر ما تشاء فقد ال تجد أم ّر‬ ‫املجد الله يف األعايل وليس عىل األرض سالم وأمان‪ .‬الحق الحق نحن يف الظل والظلمة‪ ،‬وال نريد الحق‪ .‬ابن الله اإلنسان من هنا تجىل وهكذا هو اإلنسان لوال‬ ‫ابن الله‪ .‬حبك يا يسوع الذي بلغت به خاصتك الذين يف العامل إىل أقىص الحدود‪ ،‬ال نريده ألنّه يظهرنا ضعفاء ونحن نكره الضعف‪ .‬ال نبغي بهجة لقلوبنا الحائرة‬ ‫ولنفوسنا املضطربة‪ ،‬ونورك الذي يسبغ معناً عىل جهادنا اليومي وفّره للرعاة الحقيقيني ولحاميل اسمك ونارشي تعاليمك‪ ،‬وفره ملن يفتح باب قلبه لكلمتك‬ ‫ويعمل بها‪ .‬أنت الذي ارتضيت أن تولد فقريا عظيامً بني يدي اإلنسان اذهب وال تعد ألننا نزعنا عنا براءة األطفال وهم وحدهم القادرون عىل التعرف إليك‬ ‫واكتشاف حبك الآلمحدود‬ ‫طفل املغارة إله يحب بقلب انسان ويعطي من دون مقابل وصبور عىل ابنه اإلنسان‪ .‬فكفاك صربا علينا وقد تعصبنا ملسيحيتنا وأقمنا حروباً باسمك‪ .‬نحن‬ ‫ساهرون‪ ،‬بانتظار أن نرى الحقيقة وأن نتلمس رحمتك اإللهية وأن نحب مثلام تحب أن نسامح ونغفر‪ ...‬مصابيحنا منطفئة بانتظار أن يعبأ الرساج رحمة‬ ‫وإنسانية‬ ‫مريم حرب‬

‫‪37‬‬


38


‫لو عدت للاميض‬

‫من م ّنا مل يشعر يو ًما برغبة يف الرجوع اىل املايض وتغيري أمور مع ّينة؟ لقاءات اعترب‬ ‫انها غري مجدية‪ ،‬أو أحداث طبعت حياته بشكل سلبي؟‬

‫من م ّنا مل يندم عىل إعطاء شخص ما أكرث مام يستحق؟ من م ّنا مل يندم عىل عالقة‬ ‫عاطفية مع أحدهم؟ أو عدم انتهاز فرصة ما عىل الصعيد املهني؟‬ ‫أمور اعتقد أنها مل تضف شيئا عىل حياته‪ ،‬لكنها يف الحقيقة زادته خربة‪ .‬وأحيانا‬ ‫كثرية‪ ،‬منحته حتى أكرث من مجرد خربة‪ .‬لقد أعطته القدرة عىل تقدير أمور مع ّينة‬ ‫وأشخاص مح ّد دين‪ ،‬كان التقاهم أو سيلتقيهم‬ ‫معي ؟ لكنه اصطدم بالواقع امل ّر ‪ " :‬ما كل ما‬ ‫من م ّنا مل يتم ّنى بش ّد ة تحقيق أمر ّ‬ ‫"يتم ّنى املرء يدركه تجري الرياح مبا ال تشتهي السفن‬ ‫كثريون يندمون عىل حصول أمور وعدم املحاولة إلنجاح أخرى‪ ...‬لكن األكيد واحد‪.‬‬ ‫هناك أحداث مضت‪ ،‬وعلّمتنا‪ ...‬وجعلتنا نختار بعد أن اختربنا األسوء‪ .‬عىل األقل‪،‬‬ ‫بعد تجارب س ّيئة‪ ،‬يختار الفرد عن قناعة تامة‪ .‬واألكيد أن الندم والشعور بالذنب ال‬ ‫‪.‬يفيدان‪ .‬فهام عىل العكس ي ّد مران اإلنسان ويجعالنه عرضة للموت البطيء‬ ‫يحسنه‪ ،‬هو معرفة أخطائنا وعدم‬ ‫يغيه‪ ،‬أو باألحرى ّ‬ ‫الندم لن ي ّغري املستقبل! ما ّ‬ ‫‪.‬الوقوع فيها من جديد‬ ‫زينه زغيب‬

‫‪39‬‬


40


‫وتسألني األيام‬ ‫فاطمة البزال‬

‫‪-1‬‬ ‫العبق‬ ‫رس هذا‬ ‫ْ‬ ‫وتسألني األيام ما ُّ‬ ‫األلق‬ ‫من أ ّي مساح ٍة أفلت وانتىض روح ْ‬ ‫من العود اليابس فاح شذا ُه‬ ‫أم بعد هجوده استفاق الور ُد‬ ‫األفق‬ ‫وانتحى درب ْ‬ ‫حيث طيور ال ّروح عادت من بواب ٍة خلف ال ّزمن‬ ‫من خزائن املايض تفلّتت‬ ‫يجذبها عطر الريا ِع إذا أُجري عىل صفحة املاء‬ ‫وأضاء بدرا ً‬ ‫وانبسق‬ ‫ْ‬ ‫ُلح أسئل ٌة بعنا ٍد ال ينتهي‬ ‫وت ُّ‬ ‫ومنها تتفتّ ُق أُخرى ملعانقة الجواب‬ ‫ٍ‬ ‫نظرات تاهت يف عباب األنس‬ ‫جواب يريح‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫القلق‬ ‫مم يعرتيها من‬ ‫ْ‬ ‫تحتمي فيه ّ‬ ‫من قام من رؤياه ومل ّا ْ‬ ‫يزل‬ ‫يعانق صدى األرواح‬ ‫املنزلق ؟‬ ‫ويخىش‬ ‫ْ‬ ‫من خارص نهر الخيال‬ ‫ٍ‬ ‫حكايات ملرسى الزمان‬ ‫وأجرى من دفقه‬ ‫إذ تخرتقْ ؟‬ ‫ِ‬ ‫لبست معانٍ‬ ‫من خ ّط بأنامل الوجد أبجديّات حروفها‬ ‫ْ‬ ‫داخت بها األشواق حتّى مثلت نظراتها‬ ‫ْ‬ ‫وما كانت برؤاها تسرتقْ‬ ‫كان يف األفق البعيد قم ٌر‬ ‫ميأل األحزان أُنساً‬ ‫ٍ‬ ‫عطف‬ ‫لبس األيام سحابة‬ ‫و يُ ُ‬ ‫ما عكّر صفوها موسم اآلالم‬ ‫كان هنا وكان يف األفق هناك‬ ‫‪-2‬‬ ‫ِ‬ ‫مساحات الزمان كان يصهل خيله‬ ‫ملء‬ ‫ويرت ُع يف دهاليز املكان‬ ‫ويف هزيع الليل‬ ‫ترصد سح َر ُه‬ ‫شبح ّ‬ ‫ٌ‬ ‫لجم املسا َر بقبض ٍة‬ ‫فتع ّدلت األقدار فجأ ًة‬ ‫وتغي لهولها املدار‬ ‫ّ‬ ‫هت‬ ‫صفع ٌة للقم ِر قد و ِّج ْ‬ ‫فأطلق لنفسه العنان ‪ ،‬صار بعيدا ً يتناءى‬ ‫ٍ‬ ‫أحجيات حارتْ لسحرها األفالك‬ ‫خلف‬

‫‪41‬‬

‫مل تد ِر لها جواب‬ ‫تا َه ْت مراك ُب ُه وغ ّيبها يف دياجيه اإلياب‬ ‫رستْ إليه حقائق الكون تصارع األمواج‬ ‫و َ‬ ‫فضا َع ْت يف بح ٍر من األرسا ِر‬ ‫وأخفاها العباب‬ ‫ومن يومها ال ّروح يف مرتاسها ما زالت‬ ‫تعرج بصمتها الكئيب‬ ‫ِ‬ ‫ُرهب الظالم‬ ‫تص ُّد ليل‬ ‫األمس وت ُ‬ ‫السحيق‬ ‫تنادي يف بريّة مقفر ٍة بصوتها ّ‬ ‫ريثام يعود من ُسباتِ ِه القمر‬ ‫وتُرشقُ من نو ِر ِه‬ ‫الصباح‬ ‫طالئع‬ ‫ْ‬ ‫أال أيّها التائ ُه يف مساحات السكون‬ ‫واصطخب‬ ‫ع ْد‬ ‫ْ‬ ‫أال أيّها ال ّنائم عىل عتبات الفراغ‬ ‫واستفق‬ ‫ق ْم‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫كالسهم‬ ‫ال معنى للحياة إن مل تنطلق ّ‬ ‫الت ّدد تخرتقْ‬ ‫وألحزمة ّ‬


‫صهيل أنوثتي‬ ‫د‪.‬مليس حيدر‬ ‫أنت ضوع الورد‬ ‫وشهد جنات العشق‬ ‫وهارصة األنني‬ ‫مرآ ُة أحالمي ال َي ِقظَ ِة ِ‬ ‫أنت‬ ‫ِ‬ ‫وأنت يا حبيتي‬ ‫العطر العفوي للسنني‬ ‫تظلَّل ُْت بروعة انتظارك‬ ‫فعانقي أنَايت‪ ،‬ودواين‬ ‫فأنا دونك العليل‬ ‫وأنا يا أمي دونك‬ ‫أتعس املخلوقات‬ ‫وأيأس املساكني‬ ‫تحايلني ابتسامات منربك‬ ‫ويغتالني صون خطواتك‬ ‫فآه من اختيال اإلبداع‬ ‫وآه من رصانة موج الفساتني‬ ‫يا ريب‪ ،‬إنّها روحي‬ ‫فابعد عنها رش الحاسدين‬ ‫عيناك مدائني‬ ‫و ناموس أرشعتي‬ ‫ولحن السامء النقي‬ ‫وامللجأ األمني‬ ‫أنت موئل الرخاء‬ ‫ومرتع األمنيات‬ ‫وصمتك يا ابنتي‬ ‫بوح التكوين‬ ‫يا قصائدي املخملية‬ ‫و يا زينب الدمشقية الحنني‬ ‫والدتك مضجع السكرة‬ ‫وموطن النبوءة‬ ‫وتنهيدات امليامني‬ ‫يا صهوة أوتاري‬ ‫وصهيل أنوثتي‬ ‫وبوح الياسمني‬ ‫يا سامر الحقول‬ ‫ويا يراعي الجنني‬

‫‪42‬‬


MAGAZ INE TEMPL ATE / O C TO B ER 2013 / w w w.your magaz i ne.co m

43


‫رف ًقا بهذا النبض‬ ‫سليمة مليزي‬ ‫عذ ًرا سيدي‬ ‫ِ‬ ‫النبض‬ ‫رفقًا بهذا‬ ‫أخجلت روحي‬ ‫َ‬ ‫الحب الذي يرسي يف دمي‬ ‫من هذا‬ ‫ِّ‬ ‫عذ ًرا ملا أحمله من وهجٍ يقتلني‬ ‫ارتشفت من ينابي ِع رشايينك‬ ‫ُ‬ ‫إذا‬ ‫عط ًرا أتوجه ملكًا عىل عرش روحي‬ ‫عذ ًرا سيدي‬ ‫ِ‬ ‫ملتاهات الروح بني أفئدة الجنون‬ ‫فأنت ‪ ،‬كطفل يلهو بلعب ٍة االنتظار‬ ‫َ‬ ‫يرمتي يف ِحضن النا ِر‬ ‫بني الف ِ‬ ‫َرض واالختيار‬ ‫َ‬ ‫وأنا أُ ُ‬ ‫الشوق مبط ِر إبريل‬ ‫نعش‬ ‫رمم قوايفَّ التي انترشت‬ ‫أُ ُ‬ ‫عىل الروايب‬ ‫املنسي ِة من جفاء السنني‬ ‫عذ ًرا سيدي‬ ‫فإين قد تعبت من بقايا حروفك‬ ‫أمللم بها جروحي‬ ‫ِ‬ ‫حرقت انتظاري‬ ‫من بقايا سجائرك التي‬ ‫من بقايا ثور ِة الياسمني‬ ‫ِ‬ ‫ضفاف النهر يف (ترشين‬ ‫)والعابرين عىل‬ ‫عذ ًرا سيدي‬ ‫الريح والسحاب‬ ‫أنا مطر‪ ...‬يهرب مني‬ ‫ُ‬ ‫والرعدُ إذا وقف أمامي ينحني للعتاب‬ ‫ومجرات الروح‬ ‫ُ‬ ‫أنا الكونُ‬ ‫تلجأ إ َّيل حني يغدو الزمانُ غباراً ورماد‬ ‫فكن يا سيدي‬ ‫والحب الذي غاب‬ ‫أنت النها ُر‬ ‫ُّ‬

‫‪44‬‬


‫"يا "أنا‬

‫رح نلتقي يب ضو نجمة مارقة‬ ‫والحلم باقي بليل عتمة مفارقة‬ ‫ِقالّ تِجي يا نجم عا مفرق طريق‬ ‫حتى بْلُقاها فيق من حلمي الربيء‬ ‫ض الشجر‬ ‫ْو ِقال الغيم نْز ْ‬ ‫اح وإ ْخ َ ْ‬ ‫بيكفي َهجِر ضمئان ِواحل ْو ال َوت َ ْر‬ ‫حتى نعيش الواقع بْأحال ُص َو ْر‬ ‫ْو ِقال أنا ِ‬ ‫ناط ْر‪ِ ...‬من ِحلام تفيق‬ ‫ورح نلتقي‪ِ ،‬ق َّل‬ ‫‪//‬صباح شاهني‪//‬‬

‫‪45‬‬


46


‫جال جال‬

‫)قصيدة بالعامية املرصية (‬ ‫وسقفيل سقف للنبي‬ ‫شاطر وبلعب بالجال‬ ‫حريف مدقدق امزجي‬ ‫وبيتي من خيش يف الخال‬ ‫وعيل ايه تلوم التبتيل‬ ‫عيشنا يف لعب الدنجله‬ ‫قرب وشاهد ياجدع‬ ‫معانا صندوق الخدع‬ ‫مايف زيه شئ لسه اتصنع‬ ‫وحروفنا فيه متغربله‬ ‫نصنع حيل ونشيل شيل‬ ‫قصة بهيه والوال‬ ‫بهيه كات مغندره‬ ‫ىف البوق كانت سكره‬ ‫والواد بحبها ابتال‬ ‫كانت ظروفه مقندله‬ ‫والحاله كات منيله‬ ‫وقلبه كان برسيم غيطان‬ ‫متشنكل يف حبها شنكله‬ ‫وكل شبان البلد‬ ‫عىل حبها متشكله‬ ‫وبهيه كانت عودها اخرض‬ ‫القمر لعيونها يسهر‬ ‫من خمرها يرشب ويسكر‬ ‫ويعمل لنفسه مشكله‬ ‫بهيه ما مالت لحد‬ ‫بنت أصل متني بجد‬ ‫ولكل ناسها تبدي ود‬ ‫وهي ديه املسأله‬ ‫خطابها كانو كتري كتري‬ ‫اليل ابن باشا أو وزير‬ ‫الكل م الغلبان يغري‬ ‫ويغور شعار املرحله‬ ‫خوفوه قالو ياشاطر‬ ‫بهيه عاوزه ولد معافر‬ ‫وجاهته حارضه وجيبه عامر‬ ‫وجيبك انته مالن هوا‬

‫‪47‬‬


‫قال الولد ان قلبي داب‬ ‫والغياب اه م الغياب‬ ‫خايف عليها مييل دماغها‬ ‫وله شيطانها يف يوم‬ ‫ويتفتح لها الف باب‬ ‫عقله اتعرص وليه أمر‬ ‫عىل السفر‬ ‫وعىل الذهاب‬ ‫واليعرف ان الدنيا مليانه ابتال‬ ‫اه ياطريح الغرام موتك‬ ‫وله اسباب‬ ‫غريب يف ارض الفراق‬ ‫عيشتك عزاب يف عزاب‬ ‫فارس وراجع للفرس‬ ‫والخيال اه م الخيال‬ ‫بيدق يف دماغه جرس‬ ‫يف دماغه راح يلقا الفرس‬ ‫فاضيه بدون خيال‬ ‫وجد اليل مال مال‬ ‫واليل ماطليش ماطال‬ ‫رسج الفرس مال‬ ‫وكحيلته ركبها عيال‬ ‫العقل منه ذهب‬ ‫ينده يأ أهل البلد‬ ‫مش كنت املوعود‬ ‫مش كنت املوجود‬ ‫ماحد يرد سؤال‬ ‫م الخدعه عقله ذهب‬ ‫وللخيام انتسب‬ ‫والخيش يف عينه حال‬ ‫وصنعته يابلد‬ ‫حاوي بحبه ابتال‬ ‫وع اللسان فيه كلمتني‬ ‫قرب وشوف ياوال‬ ‫احنا بتوع جال جال‬ ‫جالل عبدالله‬

‫‪48‬‬


49


‫قلب أمي‬

‫عال بدر الدين‬ ‫قلب أمي واحتي األخري ْة‬ ‫يف ِ‬ ‫إ ْن أقف َر العم ُر من الواحاتْ‬ ‫حبُّ ِك يف قراريت‬ ‫صال ْة‬ ‫ِ‬ ‫الحب يف حيايت‬ ‫صوتُك لح ُن‬ ‫ِّ‬ ‫قلبُك يف بح ِر األىس‬ ‫مرافئ النجا ْة‬ ‫ُ‬ ‫فآ ِه لو عادتْ بنا األيا ْم‬ ‫ِ‬ ‫القرميد يف الجنوب‬ ‫لبيتنا‬ ‫وتضفرين يل‬ ‫عقو َد ياسم ْني‬ ‫وتغسلني العم َر بالحنان‬ ‫ومتسحني عن فمي‬ ‫مرار َة السن ْني‬ ‫ِ‬ ‫يف بيتنا القرميد ‪ ،‬يف موقدنا‬ ‫أيُّ ُهام كان يبثُّ الدف ْء‬ ‫قلبُ ِك أم موق ُد نا القديم؟‬ ‫موق ُد نا القديم يا غاليتي‬ ‫ما َ‬ ‫زال يف قراريت‬ ‫مشتعالً‬ ‫****‬ ‫ِ‬ ‫أُ ِح ُّسك اآل َن معي‬ ‫تُب ِّد دين غربتي‬ ‫وتطفئني لوعتي‬ ‫‪،‬بقلبك الحنون‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫قد كان يل ُمتَّ َكأ يف قلبِك الثمني‬ ‫ألنه جوهريت‪ ،‬كان هو الثمني‬ ‫موق ُد نا اململو ُء بالحكايا‬ ‫ما زال يف قراريت مشتعالً‬ ‫ألنك التي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضعت يف حطَبه الحكايا‬ ‫مل ّا ْ‬ ‫يزل مشتعالً‬ ‫*****‬ ‫ِ‬ ‫عيناك تلمعان يف قراريت‬ ‫بالدف ِء والسعاد ْة‬ ‫كنت ِ‬ ‫قد ِ‬ ‫أنت املوق َد األدفأَ يف الشتاء‬ ‫أجمل الشتا َء يف بالدنا‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫ودف َء حضن األ ْم‬ ‫إذ حولَ ُه نلـْتَ ْم‬ ‫كالزغ ِْب حني يهجم الصقي ُع‬ ‫والرياح‬ ‫ْ‬ ‫وسوف يبقى حبُّك الكبري‬ ‫يف داخيل ُم َخلَّد ا ً‬ ‫*****‬ ‫قد كان يف قرميدنا بيتنا القديم‬ ‫لكل طائ ٍر تز ُج ُره الرياح‬ ‫مأوى ِّ‬ ‫ً‬ ‫فأي َن يا قرمي ُد أمي‬ ‫أين بيتُنا القديم؟‬ ‫وتحت قدميْها جنتي‬ ‫أمي‬ ‫َ‬

‫لقلب الله‬ ‫أمي التي من قلبها خ ٌّط‬ ‫ِ‬ ‫رش قد يجتمع القلبان‬ ‫لذا بيوم الح ِ‬ ‫للحساب وعندما أ ْمث ُ​ُل للحساب‬ ‫الباب‬ ‫قلب األ ّم عند‬ ‫ْ‬ ‫يكون ُ‬ ‫ويطلب العف َو من الرحمن يل‬ ‫العقاب‬ ‫فينس ُخ‬ ‫ْ‬ ‫****‬ ‫أجمل من حدائقِ السلطا ْن‬ ‫ُ‬ ‫بيتُنا‬ ‫الحب من الزمان‬ ‫يح ُر ُسه‬ ‫ُّ‬ ‫والبيت يغلو كلام زاد به الحنان‬ ‫ُ‬ ‫كان جدا ُر بي ِتنا‬ ‫وياسم ْني وكانت الورود‬ ‫فُالًّ َ‬ ‫رش ير والحسود‬ ‫ُ‬ ‫تحرسنا من أع ِني ال ِّ‬ ‫وعرش التوت‬ ‫ُ‬ ‫وشج ُر اآليك‬ ‫كانت لنا تخوتْ‬ ‫وترسقُ الطيو ُر أحياناً إذا ر ْحنا‬ ‫إىل الحقول‬ ‫تُخوتَنا‪ ،‬وترسقُ القرم‬ ‫****‬ ‫أجمل السنونو‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫وهي تذ َر ُع السام َء يف بال ِد نا‬ ‫مع الربيع عندما تعود‬ ‫ومتأل اآلفاقَ من جديد‬ ‫وتحمل الربي ْد‬ ‫ُ‬ ‫للعاشق الناط ِر يف غربت ِه‬ ‫رسال ًة من الحبيب‬ ‫أجمل الربيد‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫يُكتَ ُب بالدمعِ وبالورود‬ ‫*****‬ ‫وها أنا أعود‬ ‫س َو قامتي‬ ‫أمي‪ ،‬أال تر يْ َن َ ْ‬ ‫وهذه الضفائ َر القدمي ْة‬ ‫تلك التي رسقتُها من شج ِر الجنوب‬ ‫يل وط ٌن أح ُّب ُه يف غربتي كان هو البعيد والقريب‬ ‫كان هو الحبيب‬ ‫أح ُّب ُه ‪ ،‬ألنه أنا‬ ‫أحبُّ ُه ‪ ،‬ألنه أنا‬ ‫ألنه أمي التي كانت ُ‬ ‫تقول دامئاً‬ ‫يكمل اإلميا ْن‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫األرض‬ ‫بحب‬ ‫ْ‬ ‫إالّ ِّ‬ ‫إين أحب وطني‬ ‫وحب أمي الشاه ُد الشهي ْد‬ ‫ُّ‬ ‫‪50‬‬


51


‫نغامت القدر‬

‫نغامت يعزف‬ ‫عىل أوتارها القدر‬ ‫حني تشدو لصوتها‬ ‫الذكريات يف الظالم‬ ‫تخرتق األحالم وتنصهر‬ ‫أقف يف ذهول‬ ‫لهذا الدمع املنهمر‬ ‫فأنا إمرأة‬ ‫من رحم األحزان جاءت‬ ‫وأنا خارطة الجرح املستحيل‬ ‫حني تخرتق أورديت‬ ‫سهام اليأس‬ ‫كوردة تهزم قسوة الفصول‬ ‫لرتفع رأسها يف دالل وكرب‬ ‫اعتكف يف صمت غربتي‬ ‫وحيدة دون البرش‬ ‫سحب يف عمق الحياة‬ ‫تخىش الزوال‬ ‫حني هطول املطر‬ ‫**‬ ‫تحطمت الروح وتوالت االحزان‬ ‫لكرثتها تحسبها‬ ‫حرب سجال‬ ‫فأنا قتيلة هذا الزمان‬ ‫وانا لوحة غابت عنها‬ ‫ألوان الفرح‬ ‫أجر قلمي حتى قربي‬ ‫كام تجر األمواج عىل الرمال‬ ‫استنشق حربي‬ ‫وقلمي سالحي ال يزال‬ ‫رصخة قلبي تردد الصدى‬ ‫كرصختي بني الجبال‬ ‫فأنا لييل حالك‬ ‫دون نجم او هالل‬ ‫صدر قرار إدانتي‬ ‫فكبلت حيايت باألغالل‬ ‫طلبوا مني وثيقة النسيان‬ ‫أال يكفي الجرح ليقطع األمال‬ ‫فلن انىس مادام‬ ‫للقلب نبض‬ ‫ومل يصل بعداألجال‬ ‫‪ -‬لجني عزالدين‬

‫‪52‬‬



Keep it 7elwee! www.ya7elweenmagazine.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.