Ya 7elween Magazine September

Page 1

‫يا حلوين‬

Sep 2016

‫المجد المؤجل‬

Sep 2016 - Issue 06 www.ya7elweenmagazine.com FALL 2016

www.website.com |magazine template| 1


‫ف‬ ‫يومكَ الموعو ْد‬ ‫ي� ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫بالسنابل‬ ‫الحقول‬ ‫ل‬ ‫تمت ئُ‬ ‫ْ‬ ‫والمقاتل‬ ‫العامل‬ ‫تجي ُء ي ف�‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫تجي ُء َ‬ ‫ساحل‬ ‫الموج دون‬ ‫مثل‬ ‫ِ‬ ‫ُ أ‬ ‫هم‬ ‫وينهض ال ُ‬ ‫قبور ْ‬ ‫موات من ِ‬ ‫أعمارهم‬ ‫القبور للناس الذين دفنوا‬ ‫ليحفروا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قبل أن يموتوا‬ ‫من ِ‬ ‫ف‬ ‫وجوههم‬ ‫الزمان ي�‬ ‫وأغلقوا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫النهار‬ ‫وأغلقوا نوافذ‬ ‫ْ‬ ‫****‬ ‫ض‬ ‫ومس أهلنا‬ ‫ال�‪َّ ،‬‬ ‫يا س ِّيدي قد َّ‬ ‫مسنا ُّ‬ ‫يا س ِّيدي‪ :‬إنّا ُ‬ ‫َم� أه َلنا‬ ‫نخاف أن ن ي َ‬ ‫خوفاً من الذئاب‬ ‫نطمر فيه أنبياء‬ ‫الج ِّب الذي‬ ‫خوفاً من ُ‬ ‫ُ‬ ‫ينقصنا الحضور‬ ‫يا س ِّيدي ُ‬ ‫يملؤُنا الغياب‬ ‫يا س ِّيدي‪ :‬قم يك ترى‬ ‫سالحنا يقت ُلنا‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫حيان‬ ‫ي� معظم ال ْ‬ ‫لأننا ُ‬ ‫أسئلة ال أ ِرض‪ ،‬ومن‬ ‫نخاف من ِ‬ ‫مات‬ ‫أسئلة‬ ‫الطفل الذي قد ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ن‬ ‫والده‬ ‫يدي ِ‬ ‫ب� ْ‬ ‫ق�ه‬ ‫ُ‬ ‫صدر أبيه ب ُ‬ ‫الصدور إ ْذ‬ ‫أوجع‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تغدو هي القبور‬ ‫ف‬ ‫نسان ي ف� ال أ ِرض‬ ‫ال ُ‬ ‫ق� إ‬ ‫ي� أرضنا ال يُ ب ُ‬ ‫يسمح الناطور‬ ‫إذا لم‬ ‫ِ‬ ‫وحد ُه‬ ‫كان أبوه َ‬ ‫والرصاص باليدين‬ ‫النار‬ ‫َ‬ ‫ير ُّد عنه َ‬ ‫ف‬ ‫أوسع من جه َّن ٍم‬ ‫وطن‬ ‫َ‬ ‫ي� ٍ‬ ‫سالحنا يقت ُلنا‬ ‫ُ‬ ‫لأننا ُ‬ ‫تطرحها‬ ‫أسئلة ُ‬ ‫نخاف من ٍ‬ ‫َس ْينا ُء والضف ُّة والجوالن‬ ‫*****‬

‫شبل‬ ‫عمر ي‬

‫‪INTEREST‬‬


‫‪OPENING‬‬

‫قطرة من ض‬ ‫الما�‬ ‫ي‬

‫صغ�ة حب ي ن‬ ‫وحن�‬ ‫ذكريات جميلة تفاصيل ي‬ ‫للحظات لم ولن تتكرر قط‪ .‬ذكريات‬ ‫ض‬ ‫الما� جمال االيام وضحكة االمل‪...‬‬ ‫ي‬ ‫صغ�ة تفتح ابواب االمس‪.‬هو جميل‬ ‫قطرة ي‬ ‫و لحظاتها بالقرب منه قاسية اال انها بغاية‬ ‫الجمال كجمال الخالق‬ ‫تفاصيل تتذكرها وتبتسم ‪ ،‬هي كانت‬ ‫سعيدة تلعب وتمرح ي ف� احضان طبيعته‪،‬‬ ‫صغ�ة‬ ‫قد أُعجبت بكل ما يحيط به‪ ,‬أغنية ي‬ ‫كانت كفيلة بإنعاش نبضات قلبها لطالما‬ ‫رددناها معاً كانت تنعش القلب فرحاً و‬ ‫سعادة‬ ‫تتألم تحزن تفتقد تشتاق تخرس تفرح‬ ‫وتروي ضحكاتنا ذكريات نحملها معنا‬ ‫نبتسم لذكر احدهاونحزن عىل سواها‪..‬‬ ‫هي ذكريات تنعش القلب ال الذاكرة تغذي‬ ‫المشاعر ث‬ ‫وتك� الجراح‪ ...‬فاالماكن والذاكرة‬ ‫ث‬ ‫يك�ان من روح التعب‬ ‫ايتها االماكن‪ ,‬هل لك ان ت�ش حي قليال‬ ‫رس تعلقنا بك؟ هل لك ان توضحي سبب‬ ‫ن‬ ‫ي ن‬ ‫عل�‬ ‫الحن� اليك؟ دعينا نتواصل قليال ي‬ ‫افهم سبب عودتنا اليك‪ ...‬صحيح اننا‬ ‫نعود ولكن نجد انفسنا خالية‪ ,‬خالية اي‬ ‫ش‬ ‫�‪ ,‬فمن كان يتشارك معنا لحظاتنا اصبح‬ ‫ي‬ ‫اليوم من ض‬ ‫الما�! هو ذهب فبقينا وحدنا‬ ‫ي‬ ‫تستمتع بغيابه ف� ض‬ ‫ح�ة المكان وبقينا نحن‬ ‫ض ي‬ ‫ض‬ ‫الما�‬ ‫الما� نعم ارسى‬ ‫ارسى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بقلم ماري ميشال اسحق‬

‫َآع ِّج ْل عىل ظهورك‬

‫ل ّبد أن يعود‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أعمارنا‬ ‫غيبته‬ ‫لنه يحمل ي� ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وال� َ‬ ‫وق والرعود‬ ‫ويحمل‬ ‫َ‬ ‫الغمام ب‬ ‫ات من أبيه‬ ‫يعرفه الفر ُ‬ ‫ن‬ ‫الحا� عىل اللحود‬ ‫والشجر ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ونحن ي� غ ْي ِبتنا‬ ‫حضوره ُ‬ ‫يهطل كالغيث عىل‬ ‫أعمارنا اليباب‬ ‫سوف يجيء حامال ً آي َتهُ‬ ‫رس َج بالضياء‬ ‫ُم ْم َت ِطياَ حصانَهُ ُ‬ ‫الم َ‬ ‫يستقبل ال أ ُ ف‬ ‫ُ‬ ‫هم صهي َلهُ‬ ‫مهود ْ‬ ‫طفال ي� ِ‬ ‫ف‬ ‫الس� إىل‬ ‫ونقتفي خطا ُه ي� ي‬ ‫أعمارنا الجديد ْة‬ ‫ِ‬ ‫والزمن الجديد‬ ‫ِ‬ ‫*****‬ ‫يا س ّيدي‬ ‫أ‬ ‫رض‬ ‫نريد أن نراك فوق ال ْ‬ ‫وليس ي ف� السما ْء‬ ‫يقوم من جفافه الفرات‬ ‫ال َّبد أن َ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وات‬ ‫الم ْ‬ ‫صالب ي� تاريخنا َ‬ ‫وت ُِمر َع ال ُ‬ ‫مرتدياً‪ ،‬ت‬ ‫َ‬ ‫حكمة الوجود‬ ‫تأ� إلينا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫الرجفة يب� الركن والحطيم‬ ‫وتبدأ‬ ‫ونبرص ض‬ ‫الساحل‬ ‫الخ� عىل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫معهْ‬ ‫ال موىس َ‬ ‫ْ‬ ‫أربعة‬ ‫منتظرين‬ ‫مف ِّتشاً عنكَ ‪ ،‬وعن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والجوعان‬ ‫والمظلوم‬ ‫والخائف‬ ‫ألطفل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الجوع عىل الظلم‬ ‫الخوف مع‬ ‫ويهجم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫للرقيم‬ ‫الظلم‬ ‫فيأوي‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫الهجوم‬ ‫وينتهي وجو ُد ُه ي� لحظة‬ ‫ْ‬ ‫وي�ش ُق الفقر عىل الوجوه ن‬ ‫بالغ�‬ ‫ُ‬ ‫والظلم ُ‬ ‫كان‬ ‫منذ ْ‬ ‫ُ‬ ‫يقيم‬ ‫مع الدجى ْ‬ ‫*****‬


‫حضارته ثم يصفيه من الأوحال ويضيف إليها ما سما من معطيات‬ ‫إعصارا ًيفجر هدوء الشاطئ بأمواج مجنونة الحقد ‪ ,‬ونحن أزاءها‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫خ� وأعشق‬ ‫عل أن أعتنق كل ي‬ ‫المم الخرى ‪ .‬إنسان أنا وليس غريبا ً ي‬ ‫أنضاء شوق إىل الجزر المغمورة بأزهار السعادة ‪ .‬كيف نمتطي‬ ‫كل فضيلة تصدر عن إنسان آخرمهما كانت جنسيته ومهما كانت‬ ‫ن‬ ‫الموج ؟ وكيف ي ن‬ ‫ح� نقتل‬ ‫يل� إ‬ ‫العصار ؟ وكيف ينحرس الظالم ؟ ربما ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫معتقده ‪ ,‬إن الصالة ي� القومية ليس ي� التقوقع والتحجر ورفض‬ ‫الشيطان من أعماقنا ‪ ,‬ي ن‬ ‫وح� نغتال أخطبوط الجشع من مستنقعات‬ ‫كل معطيات العصور ‪ ,‬وإنما الأصالة هي اللقاح الواعي بنتاج الأمم‬ ‫ال� تذوب �ف‬ ‫أنفسنا الآسنة ونعرضها للشمس ‪ .‬إن قطرة الضوء ت‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الخرى مع‬ ‫إن� أهفو لذلك اليوم الذي‬ ‫الحفاظ عىل لمعاننا ولوننا ‪ ,‬ي‬ ‫الليلة الظلماء ال تندب حظها أبدا ً لأنها استطاعت ولو للحظة أن‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫أم� ي� عرصها ‪ ,‬ثم تبدأ مرحلة العطاء ‪ ,‬لقد أخذنا من‬ ‫تنصهر فيه ي‬ ‫تتحدى الظالم ‪ ,‬وما احتضارها يغ� سعادتها باستمرار التضحية ‪,‬‬ ‫كث� من‬ ‫كث�ا ً وآن لنا أن نعطيه شيئا ًمن بريقنا ‪ .‬لقد علق ي‬ ‫العالم ي‬ ‫وإن القنديل الشاحب ي ف� كهوف القرون المعتمة كان عاشقا ً وما‬ ‫ف‬ ‫غبار الجهل والتأخر عىل معالم حضارتنا ‪ ,‬ودوري يكتمل ي� نفض‬ ‫ض‬ ‫الحا� ‪ ,‬إن شحوبه ليس‬ ‫حبيبته إال الكهرباء الساطعة ي ف� أروقة‬ ‫الغبار وتعريض جوهر حضارتنا لمجهر العرص الحديث ولشمس‬ ‫حزنا ً وإنما هو الشوق إىل اللقاء ‪ ,‬وكان اللقاء وكانت الكهرباء ‪ ,‬وما‬ ‫المعرفة الحديثة ‪ ,‬وإال كان هذا الجوهر باطال ً ي ف� مصارف القرن‬ ‫عىل المنجل الصدئ بعد نهاية موسم الحصاد إذا أهمل ي ف� الزوايا‬ ‫�ش‬ ‫الع ين‬ ‫ي ن‬ ‫الجائع� ‪,‬‬ ‫وقد استمر ي ف� إجهاش النوارج وفرح السنابل إىل لقيا فم‬ ‫ت‬ ‫ض‬ ‫النسانية أرسة واحدة طيبة ال موئل فيها لمعتد‬ ‫غاي� أن تصبح إ‬ ‫وماعىل العنقود وقد ت�جت وجنتاه بالحالوة أن يهان ‪ ,‬إنه سيغدو هـ ــ ي‬ ‫النسان أال تقلد أمك أثيم ‪ ,‬ويتم هذا ي ن‬ ‫المص� ‪,‬‬ ‫ح� تي�ك للشعوب الضعيفة حق تقرير‬ ‫ي‬ ‫شعرا ً يضفي عىل الب�ش ية السالم ‪ ..‬وأنت أيها إ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الك�ى عىل درب االح�ام والنية الصافية‬ ‫وح� تتعاون معها المم ب‬ ‫ي‬ ‫الطبيعة وتغدو منديال يمسح دمعة ألم تكورت ي ف� محجر إنسان‬ ‫النسانية بعض إن الحقول ال تموج بالخصب وتدفق بالمواسم الكريمة إال إذا‬ ‫حزين ‪ ,‬وماعلينا لو رفعنا أيدينا معا ً وأزحنا عن كاهل إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ز‬ ‫نسا� أمم هدفها أن‬ ‫و� مجتمعنا إ‬ ‫القيود والسالسل ‪ .‬قد نتقصف أمام عتو ال ي‬ ‫ال ي‬ ‫عاص� ‪ ,‬ولكن أمال بي�غ اقتلعت منها العشاب الضارة ‪ .‬أ ي‬ ‫أ‬ ‫أعاص�ه تمتص دم بقائها من أجساد المم الخرى ‪ ,‬وأن تقطف ثمر أتعاب‬ ‫النسانية ال تستطيع كل سحب الشتاء القاتمة وال‬ ‫من صدر إ‬ ‫ي‬ ‫الآخرين ‪ ,‬ولكم كان العر� ف� صحرائه والهندي ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫والكو� ي ف�‬ ‫غاباته‬ ‫�‬ ‫الغاضبة أن تخنقه ‪ .‬إن المل خطوة ي� الممكن ‪ ,‬وهل حياتنا إال‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫بي ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫غاي� أن يضمر الألم وينقشع مينائه يتضورون جوعا ً والب�ول والقمح والسكر يسكب عند قدمي‬ ‫س� الممكن نحو الصعب‬ ‫ي‬ ‫المحجب ‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫النسان ‪ ,‬ولن نسمو‬ ‫بريطانيا ‪ .‬إن هذا االحتكار شهيد عىل انحطاط إ‬ ‫تخجل‬ ‫ضباب الفناء عن إنسانية تائهة ي� الفراغ ‪ .‬يا أمنا الحياة ال‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ح� نح�م الضعيف ونقف‬ ‫وننجذب إىل مائدة إنسانية واحدة إال ي‬ ‫تسمع� لهاث‬ ‫من ضعفنا لقد ابتكرنا الأسطورة لنصبح أقوياء ‪ ,‬أال‬ ‫ي‬ ‫« يز‬ ‫للنسانية بعض ثيابها بعد أن تمزقت‬ ‫ي ف� وجه القوي الغاضب ونعيد إ‬ ‫س�يف « وهو ينقل الصخرة إىل القمة ‪ ,‬هاهي تتدحرج ثانية إىل‬ ‫بب�اثن االستعمار وجشع المحتكرين‬ ‫السفح ‪ ,‬وها هو يعود ثانية لنقلها ‪ ,‬لقد زودناه بالعناد ‪ ,‬ترى أينترص‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ال� أهداها للب�ش درب نجاة وخالص؟ و ــ ت‬ ‫غاي� أن يصبح رغيف ب ز‬ ‫ويجلس عىل القمة ‪ ,‬وتكون النار ي‬ ‫الخ� حقيقة ي� يد الجياع ‪ ,‬وأن يتخىل‬ ‫ي‬ ‫ال�د وتنضج الطعام ‪ ,‬لقد‬ ‫إذن فليغضب « زوس « فقد صارت النار تقتل ب‬ ‫ن‬ ‫الغ� عن بعض بطنته ليمنع طوى الجائع ‪ .‬وهناك ي ف� الريف مواكب‬ ‫نزلت إىل الأرض لينترص النور عىل الظالم ‪ ,‬وتلك خطوة لمحو ال أ‬ ‫ي‬ ‫‪.‬‬ ‫لم‬ ‫ب�ش ية ترقب بنشوة جهامة السماء لتضحك الحقول ‪ ،‬فإذا لم‬ ‫لقد كان « ي ز‬ ‫س�يف « بعذابه وتضحيته كأسا ً أفرغت فيه إالنسانية شيئا ً من تتجهم السماء وينفجر دمعها هي تجهمت وجوههم وانفجرت مآ�ق‬ ‫ي‬ ‫ألمها‬ ‫الأطفال الجياع ‪ ,‬ولكم كنت هناك ي ف� تلك القرية المكسوة بالفقر‬ ‫ج ــ ت‬ ‫غاي� ي ف� الحياة أن أرى أغصان السالم تكسو شجرة الحياة ‪ ,‬وأن‬ ‫أرقب مع أمي اتجاه السحب ‪ ,‬ي ن‬ ‫ي‬ ‫وب� دمع أمي ودمع السماء لمحت‬ ‫ت‬ ‫ينقشع ضباب الفناء والجوع والقهر عن الأمم‬ ‫ال� تصنع‬ ‫المغلوبة ي‬ ‫فجرها إنسانية معذبة وذقت ألم الجوع وعرفت أن العالم ب ئ‬ ‫يخت� بأرساره‬ ‫بيدها ‪ .‬ت‬ ‫غاي� أن ينحرس موج االستعمار عن صدر الأرض المجبولة ي ن‬ ‫بحن� وطموحه ف‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫خ�‬ ‫كرسة‬ ‫النسان‬ ‫من‬ ‫يقتلع‬ ‫الجوع‬ ‫أن‬ ‫أدركت‬ ‫هناك‬ ‫‪.‬‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫أبنائها إىل الحياة الكريمة ‪ ,‬ويكفي أن يكون مدار ت‬ ‫ي‬ ‫قدر� كرفة الشعاع‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫التفك� بأغرب الشياء من أجل الحصول‬ ‫أسمى الفضائل ويقوده إىل‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫المحت� عىل جوانب الليل البهيم ‪ ,‬فإن هذه الر ّفة الوامضة تستطيع‬ ‫النسانية أنانية إذا أعرضت عن الجياع ‪,‬‬ ‫أن تكون شيئا ً مجديا ً إذ ذابت أشعة أخرى تتعانق بدورها مع ث‬ ‫عىل رغيف ‪ .‬لقد أدركت أن إ‬ ‫أك� من‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫الخ� ال‬ ‫ا� ليال ً رغيفا ً من ب‬ ‫ولطالما كنت أحلم بالقمر يتد� إىل فر ي‬ ‫وميض ‪ ..‬إن عالمنا ينهار تحت أنياب الرعب ‪ ,‬ويتلوى ألما ً من قروح «‬ ‫النابالم « وشظايا قنابل طائرات « الفانتوم « ‪ ,‬وهل أسمى من أن تكون أجوع بعده أبدا ً ‪ .‬لقد كانت السماء نحاسية وبخيلة بغيثها ‪ ,‬وكم‬ ‫ن‬ ‫النسان ي ف� بخلها ‪ ,‬وأن يتوق إىل ماوراء السماء إىل‬ ‫أتم� أن ال يقلدها إ‬ ‫دماؤنا بحرا ً إلطفاء لهب النابالم وإغراق أرساب الفانتوم ‪ ,‬إن الضوء هو‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫خ� ي� يد طفل جائع لحب إىل هللا من كل‬ ‫أخ�ا ًمهما تلبدت غيوم الدمار ‪ ,‬وهذا اليتحقق إال إذا انسكبنا ي ف� الكريم الوهاب ‪ .‬إن كرسة ب‬ ‫المنترص ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫كو� جنديا ًيعي أوسمة الحضارة وهياكل التاريخ‬ ‫أحضان الموت من أجل انتصار الحياة ‪ ,‬دوري ينحرص ي� ي‬

‫ش‬ ‫التتال� إال ي ف� كبد الظالم ولكن بعد أن‬ ‫أبعاد إنسانيته ‪ ,‬ويكون قذيفة‬ ‫تت�ك فيه فجوة من النور‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫أم� وتخلع أسمال عصور االنحطاط ‪ ,‬وترتدي ثوبا ً‬ ‫دــ ي‬ ‫غاي� أن تنهض ي‬ ‫عس�ا ً لحضارتنا وقوميتنا‬ ‫من تفصيل القرن الع�ش ين إننا نواجه امتحانا ً ي‬ ‫ومثلنا وأهدافنا ‪ ,‬إننا معرضون إلعصار المدنية المعقدة ولموج التنكر‬ ‫الملحد لقيم النور والجمال ‪ ,‬ودوري يكمن ف� ن‬ ‫كو� امرءا ً ينهل من نبع‬ ‫ي ي‬


‫الغاية أجنحة حلم لذيذة ترفرف ي ف� عالم الرؤى‬ ‫والأطياف ‪ .‬هي صدى الروح عىل أوتار الحياة‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫غاي� ي� الحياة‬ ‫ي‬

‫كث�ة ‪ ,‬لهيبها يأكل أصابع الزمن ‪ ,‬ويمتطي‬ ‫يل غايات ي‬ ‫أ‬ ‫قطار الحياة إىل محطة المل ‪ ,‬وأستطيع أن أكثف‬ ‫ن‬ ‫إن� أريد أن أحقق‬ ‫هذه الغايات بكلمة واحدة ‪ :‬ي‬ ‫ت‬ ‫إنساني� ‪ ,‬أن أكون جديرا ً ببنوة الحياة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫كيف أحقق‬ ‫إنساني� ؟‬ ‫ي‬ ‫ا ــ أود أن التصق بالأشياء وأمهرها ت‬ ‫عل‬ ‫ي‬ ‫بذا� ‪ ,‬ولذا ي‬ ‫ز‬ ‫تج� يل أن‬ ‫أن أتعلم‬ ‫جهل بمعرفة ي‬ ‫وأن أخصف ي‬ ‫أ‬ ‫أتعلم مع الشياء ‪ .‬إن ضبابا قاسيا ً يغلف جوهر‬ ‫الكون ‪ ,‬والعلم هو الشمس ت‬ ‫ال� تذيب الضباب‬ ‫ال�ى الجديب ‪ ,‬ي وخطوت العقل �ف‬ ‫وتقره غيثا ً عىل ث‬ ‫ي‬ ‫حقول المعرفة هي انعطاف صوب الذات العليمة‬ ‫ومحاولة لجعل أقباسها ي ف� مواقد الب�ش ‪ ,‬لقد‬ ‫ًفلعل ي تآ� منها‬ ‫آنسنت عىل طورك أيتها الحياة نارا‬ ‫ي‬ ‫بقبس يساعد عىل طرد الظالم من ملكوت هللا‬ ‫ت‬ ‫غاي� أن أساعد عىل محو الألم عن قلوب‬ ‫ب ــ ي‬ ‫ي ن‬ ‫و� لهفة‬ ‫البائس� المطرودين عن باب السعادة ‪ ,‬ب ي‬ ‫ف‬ ‫لو غدوت كرسة ب ز‬ ‫خ� ي� يد طفل جائع وذابت‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫مقل� ض�ير يهفو إىل رؤية‬ ‫محاجري نورا ً ي� ي ْ‬ ‫الأشياء وال يستطيع ‪ ,‬ن‬ ‫أتم� لو غدوت شجرة ظليلة‬ ‫ي ف� بيداء مقفرة محرقة يتقيل تحت ظاللها حيوان‬ ‫يلهث تعبا ً ‪ ,‬ن‬ ‫أتم� لو كنت قطرة ماء ي ف� رغامة‬ ‫طائر مهيض الجناح ‪ ,‬أو كساء ت‬ ‫يس� جسد فتاة‬ ‫يتيمة عارية إال من الخوف والخجل والعذاب ‪,‬‬ ‫ن‬ ‫حماال ينسكب عىل محيا فتاة قبيحة‬ ‫أتم� لو كنت ّ‬ ‫تحلم بفارس أحالمها الذي ت‬ ‫يأ� وال ت‬ ‫يأ� ‪ .‬ن‬ ‫أتم�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫فق�ة ترنو إىل طفلها‬ ‫لو كنت جرعة دواء ي� يد أم ي‬ ‫وهو يذوي ي ف� قبضة الموت القاسية ‪ ,‬أو نجمة‬ ‫ي ن‬ ‫تبتسم‬ ‫وتخ�ه أن الشمس‬ ‫صغ�ة ب‬ ‫لسج� من كوة ي‬ ‫آ‬ ‫�ش‬ ‫ما زالت ت ق والمال ما زالت تزهو إىل جانب‬ ‫ت‬ ‫زنزانته المعتمة ‪ .‬أود لو غدت‬ ‫أورد� نبض حياة‬ ‫ي‬ ‫ي ف� جسد طفل ّ‬ ‫أشل ‪ ,‬وما أروع ذلك اليوم الذي‬ ‫النسانية أجفانها فإذا الوجود مكسو‬ ‫تفتح فيه إ‬ ‫بالألق ومغمورة بالسعادة ‪ .‬تلك أمنية الضوء ‪,‬‬ ‫وهل الظالم إال حقد الحياة عىل الأمنيات وطمس‬ ‫معالم السعادة ؟‪ .‬إنه الثوب المصنوع من‬ ‫الحرمان والجوع والعبودية‪ .‬ترى أيمحى الألم من‬ ‫أ‬ ‫!غ� أن‬ ‫يح� فعال ً ي‬ ‫العالم مجبول باللم ؟ سؤال ي‬ ‫إمكانية الحدوث تظل هاجسا ً نحن المسافرين إىل‬ ‫الضوء عىل سجن مفجوعة ي ن‬ ‫الحن� ‪� ,‬ش اعها الأمل‬ ‫ومجاذيفها التضحية ي ف� سبيل إنتصار الشمس ‪ .‬إن‬ ‫وحوشا ً ت‬ ‫تف�س حمل السعادة من حقول الحياة ‪,‬‬ ‫إعصارا ًيفجر هدوء الشاطئ بأمواج مجنونة الحقد‬


‫‪INTEREST‬‬

‫انا ال اريد امرأة ن‬ ‫تقتل�‪..‬‬ ‫ي‬

‫انا ال اريد امرأة ن‬ ‫تقتل�‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫وتقتل ما‬ ‫الوقت‬ ‫أم�‬ ‫ِ‬ ‫يجعل� ي َ‬ ‫ي‬ ‫تبحث‬ ‫الحداء لقافلة‬ ‫وسامر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مجهولة‬ ‫ينابيع‬ ‫عن‬ ‫َ‬ ‫انا ال اريد امرأة ق‬ ‫كبا� النساء‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫تجعل�‬ ‫أسافر وحدي إىل الأرس ِار القص ّي ْة‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫تخلع ي�‬ ‫البال‬ ‫انا ال اريد امرأة ُ‬ ‫كالثوب ي‬ ‫ِ‬ ‫اريد امرأ ًة تر ي نا� ح ّياًّ عندما سأموت‬ ‫انا ال ُ‬ ‫قالحيا ُة �ف‬ ‫الموت صعبةْ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫كالموت ي ف� الحياة‬ ‫ِ‬ ‫اريد اال امرأ ًة ذات أجنحة‬ ‫انا ال ُ‬ ‫تتقن الهبو َ‬ ‫ط‬ ‫ُ‬ ‫ي ن‬ ‫ينتظرها‬ ‫العمر‬ ‫شجر‬ ‫ترى‬ ‫ح�‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تتقن الحيا َة‬ ‫انا ال ُ‬ ‫اريد امرأ ًة ُ‬ ‫عىل السفوح‬ ‫الوضوح‬ ‫تتقن‬ ‫انا ال ُ‬ ‫َ‬ ‫اريد امرأ ًة ال ُ‬ ‫ف‬ ‫رسها‬ ‫ي� ِّ‬ ‫قلبها‬ ‫ُ‬ ‫فمها مرآ ُة ِ‬ ‫جنو�‬ ‫وشفتاها من ٍ‬ ‫كرز ب ي ٍّ‬ ‫داكن الحمر ْة‬ ‫ِ‬ ‫حديقة‬ ‫وأفكارها من نبات‬ ‫ِ‬ ‫بيتنا القديم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مكشوفة الرسير ْة‬ ‫اريد امرأ َة‬ ‫انا ال ُ‬ ‫مكس َّو ًة بأرس ِار ح ِّبنا الذي ال يموت‬ ‫ُ‬ ‫أريدها ُ‬ ‫ً‬ ‫الصمت المتكل ِّْم‬ ‫تتقن‬ ‫ة‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ام‬ ‫اال‬ ‫اريد‬ ‫ال‬ ‫انا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الصمت ٌ‬ ‫لغة ال يتق ُنها‬ ‫ففي‬ ‫ِ‬ ‫يبلغُ‬ ‫وال ها الكالم‬ ‫اريد اال امرأ ًة تحتل ن يُّ�‬ ‫انا ال ُ‬ ‫ف‬ ‫احتاللها ي� صدري‬ ‫ثكنات‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وتقيم ِ‬ ‫ً‬ ‫عذرية‬ ‫اريد إال ّ امرأ ًة‬ ‫انا ال ُ‬ ‫ن‬ ‫ب� عامر‬ ‫جاءت ل َت ِّوها من ِ‬ ‫خيام ي‬ ‫قصائده‬ ‫آخر‬ ‫ِ‬ ‫قيس ُ‬ ‫حيث ٌ‬ ‫يكتب َ‬ ‫انا ال اريد امرأة تنتمي لفئة الحجر‬ ‫انا ال اريد اال امراة تجعل نُ� ت ز‬ ‫مم�جاً‬ ‫ي‬ ‫بالكون الذي النهايات له‬ ‫أبحث عن ينابيع �ف‬ ‫ومعها‬ ‫ُ‬ ‫َ ي‬

‫ْ‬ ‫قاحلة‬ ‫صحرا َء‬ ‫ُ‬ ‫اب ما ًء‬ ‫رس‬ ‫ال‬ ‫تجعل‬ ‫أة‬ ‫ر‬ ‫ام‬ ‫أريد‬ ‫َ‬ ‫مع يسوع‬ ‫أريد امرأة كأنها كانت َ‬ ‫ُحو ُل الما َء خمراً‬ ‫ت ّ‬ ‫ي ف� قانا الجليل‬ ‫أ‬ ‫وجع المنية‬ ‫ٍ‬ ‫فآه من ِ‬ ‫وآه من وجع الأسئلة‬ ‫أث�‬ ‫أريد امرأ ًة من ي‬ ‫ُ‬ ‫جسدها‬ ‫من‬ ‫تصنع‬ ‫تعرف كيف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫مرآ ًة لرى السماء‬ ‫القميص‬ ‫قد َامها‬ ‫ألبس ّ‬ ‫َ‬ ‫انا ال أريد امرأة ُ‬ ‫الذي ش ّق ْته زليخا‬ ‫تقيم ب ي�‬ ‫انا أريد امرأة ُ‬ ‫أث�‬ ‫من‬ ‫أريد امرأة صوتُها‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫أستحم َّكل مساء‬ ‫وبه‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫يك�‬ ‫أنا ذلك‬ ‫الطفل الذي لم ب ُ‬ ‫وال يزال يعبث بأشيائه الأوىل‬ ‫ف‬ ‫الج� ِان فيظ ُّنها السماء‬ ‫ِّ‬ ‫بنت ي‬ ‫ويحد ُق ي� ِ‬ ‫ْ‬ ‫تختلف عن الوردة‬ ‫أريد امرأ َة ال‬ ‫العب�‬ ‫لغ ُتها ي‬ ‫وثيابُها الزهور‬ ‫جهنم‬ ‫من‬ ‫أريد امرأ َة‬ ‫انا ُ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الجنة ي� نارها‬ ‫تحمل‬ ‫ويا نار ن‬ ‫كو� سالماً وبرداً‬ ‫ُ ي‬ ‫عىل من أ ُ ِح ُّب‬ ‫أريد أمرأ ًة تتنف َُّس ن ي�‬ ‫روحها‬ ‫وأكون‬ ‫ُ‬ ‫ي نَ‬ ‫أوكسيج� ِ‬ ‫تحبس‬ ‫انا ال اريد امرأة ُ‬ ‫الفجر‬ ‫أنفاس عند‬ ‫تنهدات‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫صالة‬ ‫فالفجر‬ ‫ُ‬ ‫ميقات ِ‬ ‫أ‬ ‫رواح الظمأى للنور‬ ‫ال ِ‬ ‫خ�‬ ‫اريد امرأ ًة من ب زْ‬ ‫انا ال ُ‬ ‫ز‬ ‫النسان‬ ‫وحد ُه يحيا إ‬ ‫بالخ� َ‬ ‫إ ْذ «ليس ب ِ‬ ‫مص�‬ ‫تدركُ‬ ‫ال‬ ‫أة‬ ‫أنا ال اريد امر‬ ‫يَ‬ ‫وفرحها‬ ‫حزنها ِ‬ ‫تس�‬ ‫أريد امرأ ًة كانت ي ُ‬ ‫ي ف� الحدائق المعلَّقة ي ف� ْ‬ ‫بابل‬ ‫ً‬ ‫والخمرة‬ ‫كالحب‬ ‫قديمة‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫والزمان‬ ‫ْ‬ ‫الدكتور حسن فرحات‬


‫ن‬ ‫ت‬ ‫تخول� الدخول إىل مملكة هللا بل إىل رحاب‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫تلك بعض الخطرات ي‬ ‫النسانية الطيبة ‪ .‬أنا إنسان فإذن أنا جدير ببنوة الحياة ‪ ,‬ولست أهفو‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫إنساني� ‪ ,‬وقتئذ سأغمر الجرح بضماد الرجاء ‪ ,‬وأحنو عىل‬ ‫إال لتحقيق‬ ‫في‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫العصار وأهمس يب� وريقاته الغضة أن‬ ‫ال�عم المرتجف ي� ح�ة إ‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫الشمس ست�ق من جديد فيكتسب بعض القوة عىل االنتظار ‪ ,‬وقتئذ‬ ‫ستبتسم الطفلة اليتيمة ت‬ ‫وتق�ب من أمها الحياة بحنو ودالل ورجاء‬ ‫أ‬ ‫فه� لنا ي ن‬ ‫ل� النسمة‬ ‫أيتها الحياة إننا نملك منك البصيص والمل ‪ ,‬ب ي‬ ‫العصار لنحطم سنديان الجهل ‪ ,‬وقوة‬ ‫ال�اعم ‪ ,‬وعنف إ‬ ‫لنحنو عىل ب‬ ‫السيل لنجرف عن وجهك وحول الذل ‪ ,‬أنت أيتها الحياة جميلة بما‬ ‫نسكب ف� حناياك من ي ن‬ ‫حن� ولهب وصفاء‬ ‫ي‬

‫شبل‬ ‫عمر ي‬

‫‪www.website.com |magazine template| 7‬‬


‫‪INTEREST‬‬

‫ن‬ ‫خذ� كل يو ِ‬ ‫م‬ ‫ي‬


‫خذ� كل يوم إىل ت‬ ‫ن‬ ‫ذا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫رويا�‬ ‫وان� من أريجك سحر ي‬

‫مح�ة أقالمي‬ ‫فأين ب‬ ‫لأكتب منك ومن الهامسة دوما عنك‬ ‫فأذوب‪... .‬واسمو‪... .‬واطفو‬ ‫ليل‬ ‫منك يا طارق ي‬ ‫ومضجعي الذي يضج من ألوف اللمسات‬ ‫نتعانق‪.. .‬نلتف‪... .‬نتوحد‬ ‫وكأننا حمم من سيول جارفة‬ ‫ت‬ ‫نخ�ق القمم وننجرف بحرارة قانية‬ ‫وال نعي من منا عىل المساواة‬ ‫مقدام أو معتقل‬ ‫يا زائر الخيال المجنون‬ ‫أنا بصهوة الوقت‬ ‫ن‬ ‫تسلب� الذاكرة‬ ‫ي‬ ‫أرجوك عد‪.. .‬واعد ما قد فقدت‬ ‫الما� إىل ض‬ ‫يا نسيم عابر ض‬ ‫حا�ي‬ ‫ي‬ ‫هل آ بلسمت‬

‫من ي ن‬ ‫بسات� اللوز‪.. .‬وضفائر القمح‬ ‫من إكليل الجبل وغزل نوليمن ذاكرة بتأ� نسيان الوقت‬ ‫عد ب ي�‬ ‫ن‬ ‫وذكر� بقبلة الصبا‬ ‫ي‬ ‫بتلك القبلة‬

‫إىل العذراء الفاجرة‬

‫إىل أوىل سكرت من الأوىل‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫نافذ� عىل ي ن‬ ‫يوم قطفت من‬ ‫بستا� زهرة ورميتها من‬ ‫ح� غرة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ومن خلف الستائر وقفت أنتظر‬ ‫التقطها وقبلتها وشممتها‬ ‫ن‬ ‫وإ� أذكر عندما كنت ادنيها منك‬ ‫ي‬ ‫كم ترسل نظراتك ألوف السهام‬

‫ت‬ ‫نافذ� كل المجرات‬ ‫وتحوم حول‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫وترمي� سهام النظرات‬ ‫ي‬ ‫ت ن‬ ‫ق� سهمك الثاقب ت‬ ‫فاح�ق‬ ‫فيخ� ي‬ ‫وأرغب بأن تقطف عندها كل زهرات‬ ‫ن‬ ‫خذ� إليك لآخر مرة وإىل بعض النسمات‬ ‫ي‬ ‫الشاعرة ن‬ ‫لب� الحاج‬

‫ ‬


‫بعض ن‬ ‫م�‬ ‫ي‬ ‫وبعض منك‬

‫وتولد قالئد فوق جيد ي ن‬ ‫الحن�‬

‫البداع‪.. .‬ويا منبت الزهر‬ ‫يا فرادة إ‬ ‫ن‬ ‫أرجوك تعقل‬ ‫وعقل� معكً‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫ودع� أقيم حفل الختام يل وبك‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫عانق� الآن جىل ما احتاجه منك‬ ‫ي‬ ‫فأنا أحببت جموحي بك‬ ‫وبر ي ن‬ ‫ون�ان‬ ‫اك� ي‬

‫والحمم من قطرات جبينك ماطرة‬ ‫قلت يل يوماً ‪»:‬احتاجك بشدة « ؛‬

‫م� كل ن‬ ‫ن‬ ‫مد� وعواصمي‬ ‫ي‬ ‫فأتيتك مرسعة نازعة ي‬ ‫ت‬ ‫خطوا� هنالك عند شاطئ الوقت‬ ‫وتركت‬ ‫ي‬

‫اثوا� منك‬ ‫ب‬ ‫وع�ت عارية كم خلقت التردي ب ي‬ ‫فلأجلك نزعت سوار معصمي‬

‫ولكنك تراجعت عن النبض‬ ‫أوصال‬ ‫وتركت الجفاف يقطع‬ ‫يً‬ ‫وما ي ن‬ ‫ب� الموت والحياة قطرة واحدة‬ ‫ن‬ ‫لكنك‬ ‫منعت� من وردها‬ ‫ي‬ ‫وظمأت وبت كالموميا ًء‬ ‫صلبة بال حياء‬ ‫وحياة بال رجاء‬ ‫ت‬ ‫وتأ� اليوم غاضب‬ ‫ي‬ ‫أيها البضع من بضعي‬ ‫أزل‬ ‫أيها الراحل منذ ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫أم� ودع يل ما كان ي� السابق‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫اورق�‬ ‫إرحل‪... .‬أيها الفار من‬ ‫ي‬ ‫وما أشبهك بمجنون عابد‬ ‫أيها الجبان يوم ظننتك ثائر‬ ‫إرحل‬ ‫ت‬ ‫أعوام‬ ‫فقبل� اختتمتها من لماك منذ‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫المعان‬ ‫يهم� وهي اخترصت كل عذب‬ ‫ً‬ ‫وما آ ي‬ ‫وإىل الن بها اعربد‬ ‫اضج‬ ‫ن‬ ‫تسكر� من شقاوة‬ ‫ي‬ ‫من جمة الحكايا‬ ‫أ‬ ‫وفيها اخترصت كل الكوان‬ ‫‪........‬‬ ‫ن‬ ‫الشاعرة لب� الحاج‬

‫وهددت حصون ت‬ ‫ازمن�‬ ‫ي‬ ‫وولت الأيام‪.. .‬وليت ليت للفؤاد لسان‬ ‫وكان ما كان‬ ‫ت‬ ‫وتأ� اليوم غاضب‬ ‫نز ي‬ ‫ت�‬ ‫غض�‬ ‫عن‬ ‫الستار‬ ‫ع‬ ‫بي‬ ‫وجد جد‬ ‫لغض� آالم‬ ‫بي‬ ‫وتقول بحسبان‬ ‫وأنا من قد قيدي عن ن‬ ‫مد� وعواصمي‬ ‫ي‬ ‫وإىل المفر‬ ‫وهنالك تزعت ن‬ ‫ع�‬ ‫اثوا�‬ ‫ي بيً‬ ‫وجئتك عارية كما خلقت‬ ‫الرتدي اثوابك‬ ‫بالحس بك�ياؤكً‬ ‫وزادك التوسل‬ ‫ي‬ ‫فلأجلك نفيت عن الجسد رعشة الحب‬ ‫وعند محرابك بت اتعبد‬ ‫أصل‪.. .‬أتعهد‬ ‫ي‬

‫أن يل مالذ آمن‬

‫‪10 | Magazine Template www.website.com‬‬


www.website.com |magazine template| 11


‫‪INTEREST‬‬

‫حك‬ ‫‪...‬‬ ‫الحك‬ ‫كل‬ ‫مش‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬

‫الستخفاف بعقل المشاهد‪ .‬برامجنا التلفزيون ّية تخطت «الحمر«‬ ‫إ‬

‫لهون وبس»‬ ‫بالخط العريض»‪ .‬الصورة تغطت عىل المضمون‪ ،‬والهدف حصد أعىل نسب‬ ‫مشاهدة‪ .‬برامج تستفيد من «حدث الساعة» لتصبح هي ومقديميها «حديث‬ ‫البلد»‪ .‬برامج «عىل التماس» بإنتظار الخطأ للتصويب عليه باستخدام أسلوب‬ ‫والنحطاط‪« ،‬حك بالمكشوف» ال يأخذ ي ن‬ ‫لل ت ز‬ ‫بع�‬ ‫ولغة وطريقة أقرب إ‬ ‫خ�ال إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫اليحاءات‬ ‫العتبار ال القيم وال الخالق وال عمر المشاهد وقابلي ّته إلمتصاص إ‬ ‫إ‬ ‫ال�نامج سيقوله والهدف‬ ‫«بالعر�‬ ‫الكالم ّية‪.‬‬ ‫المش�ح» ما يريد أن يقوله مقدم ب‬ ‫ب‬ ‫بي‬ ‫من كل ذلك إضحاك المشاهد‪ .‬مشاهد أمىس «بال حصانة» يتقىل ويتلقى ح�ت‬ ‫ف‬ ‫ال�امج من أساس «أحىل جلسة»‪ .‬يصل‬ ‫أصبحت بعض‬ ‫التعاب� المستخدمة ي� ب‬ ‫ي‬ ‫نز‬ ‫المشاهد إىل م�له يغ� آبه بما يتابعه بقدر ما يهتم بكوميديا وبرامج تسل ّية تزيح‬ ‫تغ� مفهومها‬ ‫عنه دراما النهار‪ .‬فقط الكوميديا عىل شاشات التلفزة «ع ّنا بلبنان» ي ّ‬ ‫ن‬ ‫وأصبحت نقداً للنقد والتسل ّية أمست مضيعة للوقت‪ .‬والحجة ي ن‬ ‫قوس�»‬ ‫«ب� ي‬ ‫الجمهور هيك بدو‬ ‫الأكيد ليس كل الجمهور يبغي أن يتابع هكذا برامج‪ ،‬وإنّنا ال ن ّتبع منطق‬ ‫ف‬ ‫فتكرر نفسها‪.‬‬ ‫البداع إ‬ ‫الشمول ّية ي� كالمنا‪ .‬لكّن برامجنا تفتقد إىل إ‬ ‫والبتكار ّ‬ ‫المواضيع الثقافية‪ ،‬ت‬ ‫والجتماع ّية‪ ...‬الهادفة ذات رسالة لبنيان‬ ‫وال�بويّة إ‬ ‫ّ‬ ‫المجتمع وأفراده شبه غائبة ل أ ّن نسبة إقبال المشاهدين ضئيلة‪ .‬ال ننكر هذا‬ ‫ف‬ ‫الثقا�‪ ،‬التاريخي‪،‬‬ ‫ال�امج ذات الطابع‬ ‫الكالم ف»م ّنا وجر» قد ال تستهوينا ب‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫وبالتال إلبعاد هذه الفرض ّية نحن بأمس الحاجة إىل سلسلة‬ ‫ال�بوي‪ ،‬العلمي‪...‬‬ ‫ي‬ ‫برامج تمذج التثقيف والتسل ّية عىل حد سواء‬ ‫ليتغ� بالحريّة الكالم ّية‬ ‫الجتماع ّية والمحرمات‬ ‫نّ‬ ‫ّ‬ ‫أن يتفلت شخص من المق ّيدات إ‬ ‫يظ� البعض أ�ن‬ ‫فهو «عاطل عن الحريّة»‪.‬ل أ ّن «كالم الناس» ال يرحم ت‬ ‫وح� ال نّ ن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� سبق وذكرت أسماؤها ّأود أن أستطرد لأقول‪ :‬أسماء هذه‬ ‫أهاجم ب‬ ‫ال�امج ي‬ ‫ال�امج تناسبت وأسلوب الكالم والهدف من كتابة هذا المقال‬ ‫ب‬ ‫حك»؟‬ ‫أعطينا «علم ب‬ ‫وخ�»‪ ...‬و»هيدا ي‬ ‫بقلم مريم حرب‬

‫بقلم مريم حرب‬


‫‪TECHNOLOGY‬‬

‫يا مالك َ ْأمــــري‬

‫منكَ يا مالــــكَ أم ْــري‬ ‫بعمــــري‬ ‫تج ّر ْع ُت ُ‬ ‫ما َ‬

‫ما أصـاب َ ن‬ ‫م�‬ ‫َ‬ ‫الروح ّ ي‬ ‫ـــر‬ ‫بح‬ ‫القلب‬ ‫كـــوى‬ ‫أو‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫فإليـــكَ اليوم أشكـــو‬ ‫تُ ْب ُ‬ ‫بيرس‬ ‫ــــدل ُ‬ ‫الع َ‬ ‫ســـر ِ‬ ‫وبنجوى منــكَ أسمو‬ ‫ت‬ ‫وب�تيلــي ِوذكْـــري‬ ‫ن‬ ‫دعـــا�‬ ‫جي� إن‬ ‫ي‬ ‫يا ُم ب ي‬ ‫سي‬ ‫ُ‬ ‫بوح َج ْهري بعد ِ ّ‬ ‫قد تعط َّـ ْر ُت بصـــومي‬ ‫وتكحل ْـ ُت بصبـــــري‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫صــــــال�‬ ‫وتوش ّـ ْح ُت‬ ‫ي‬ ‫زان ق َـ ْدري‬ ‫بخشـــوع َ‬ ‫ٍ‬ ‫عـقــــــــ ْـ ٍد‬ ‫وتـزيّ ّـن ْـ ُت ِبـ ِ‬ ‫مستمر‬ ‫رجــــــــاء‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ــــر ثوبـــــاً‬ ‫ولبس ُت ِ‬ ‫ْ‬ ‫البـ َّ‬ ‫ت‬ ‫الثوب ِس�ي‬ ‫نكَ‬ ‫لد‬ ‫من ُ‬ ‫ُ‬ ‫يا إلهـــي ك ُْن ُمعينــــي‬

‫الجنا�‬ ‫الشاعرة بلقيس ب ي‬

‫� بغداد‬ ‫ِل َع ْي ن ي َِّ‬

‫نا َديْ ُت ف� ي ن‬ ‫الب� ِ يا ت َـغ ْـريْ َب ت ي� ِبـ ْي ن ي�‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫الجفاْ ِح نِّ� لها ‪ ..‬لي�ن‬ ‫وب َّ‬ ‫ويا � ُ‬ ‫ي‬ ‫ْ ي‬ ‫ويا معـلـ ت ف‬ ‫تعدي‬ ‫هجرها ابْ َ‬ ‫م� ي� ْ‬ ‫ُ َ ّ يْ‬ ‫ق� ف� ُحبـــــــــــها حي�ن‬ ‫ت‬ ‫ويا ُم َعل ِّـ ي ْ ي‬ ‫ِّ ف ْ ي‬ ‫وغاب النخل ِ ي� ُمق َـ يل‬ ‫ُ‬ ‫السواد ِ ُ‬ ‫أرض َّ‬ ‫ف‬ ‫و� س َويْدا َء قل� ف� شــرايي�ن‬ ‫ي ُ‬ ‫ب يْ ي َ يْ‬ ‫ُ‬ ‫الرؤى ُحطِّي عىل هُ ُ بد ي ْ�‬ ‫فيا‬ ‫طيوف ُّ‬ ‫ف‬ ‫و� جـ ن‬ ‫فو� فهذا الك ُْح ُـل يَكفي�ن‬ ‫ي ُ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ْ يْ‬ ‫ً أو ْاح ِم ن‬ ‫لي� ْعىل الأشواق ِ طائرة‬ ‫ي‬ ‫سال كُحل ف‬ ‫ن‬ ‫ي�‬ ‫إن َ ْ ي ْ ي‬ ‫و� بغدا َد ُحطِّ ي‬ ‫ع� العراق ِ عىل ِّكل العيون ِ َعل َـ ْت‬ ‫ي نُ‬ ‫ِ ف َـ َبل ِّـغ ْي ن� بها ْأحىل ال أ ي ن‬ ‫فان�‬ ‫يْ‬ ‫ث ن‬ ‫ي�‬ ‫بسامرا َء أط ْـ ِيـ َبة‬ ‫َّ‬ ‫ً أو ان ْـ� ي ْ‬ ‫ِ‬ ‫بنت ِع�ش ْ ين‬ ‫تحن إليها َ‬ ‫روحي ُّ‬ ‫ْ‬ ‫بغدا ُد ‪..‬بغدا ُد يا َّأما ُه يا وط�ن‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫أشتاق َض ُّمك ِ ي ْل ‪ ..‬باهلل ُض ِّم ْي ن ي�‬ ‫ُ‬ ‫للس َمك ال ْـ‬ ‫أشتاق للكَ ْرخ ِ للمنصور ِ َّ‬ ‫غرب� دو�ن‬ ‫‪.‬ناديت‪..‬حالـ ْت ت‬ ‫َم ْسكوف ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يْ ي‬ ‫ز‬ ‫خ� الكَ َرى لليل ِ أرغفة‬ ‫ً‬ ‫أطعم ُت ب َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫سامر� والهجـــــر يكوي�ن‬ ‫ح� يُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ي‬ ‫يْ‬ ‫ق‬ ‫شو� إىل بغدا َد أغنية‬ ‫ً نظ َـ ْم ُت ي ْ‬ ‫هد تلـحي�ن‬ ‫ِل َع ي ْ ن‬ ‫� ِ بغدا َد غ نَّ​َ� ُّ‬ ‫الس ُ ْ ي‬ ‫بعيدة ً‪..‬بَ ْي َد مرآها يُعاو ُد ي ن ْ�‬ ‫ضلوعي بالت َّـالوين‬ ‫ِ نقوشَ ها ي ف�‬ ‫ف ْ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫� و ُم ْرت َـ َح ي ْ‬ ‫بغدا ُد ‪..‬بغدا ُد ي� نظ َـ ْع ي ْ‬ ‫ن‬ ‫زادي‬ ‫وي�‬ ‫بغدا ُد ْ‬ ‫وماعو� وت َـ ْم ي‬ ‫يْ‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫حاج� يا نــ َـ َـوى للزاد ِ أطل ُـ ُبهُ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫دام بغدا ُد تغـ ن‬ ‫ذو� وتسقي�ن‬ ‫ما َ‬ ‫ْ يْ ْ ي‬ ‫ض‬ ‫كنت حا�ة‬ ‫ً مـــــا َ‬ ‫دام بغدا ُد نَّأ� ُ‬ ‫ن‬ ‫وصارت َّكل تـكْوي�ن‬ ‫�‬ ‫ْ‬ ‫َ ي‬ ‫تل َّب َست ْـ ي ْ‬ ‫ت‬ ‫ــــــي‬ ‫� أطياف ُـها ظُ َل َل‬ ‫ما َ‬ ‫ْ‬ ‫دامها َجن َّـ ي ْ‬ ‫وب ِس ِّج ي ن‬ ‫�‬ ‫ِ ُّكل ِ‬ ‫الجـنان ِ َع َداها شَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫عي‬ ‫بغدا ُد ‪..‬بغدا ُد يا َم ْه ْ‬ ‫دي و ُم ْرت َـ َب ْ‬ ‫نو ن� وتـنـويْ�ن‬ ‫يا ُح ْض َن ِّأم ْي ويا ْ ي ْ َ ْ ي‬ ‫در زمان ٍ بالشَّ ت َـات ِ َر َمى‬ ‫در‪َّ ..‬‬ ‫ال َّ‬ ‫دي ثـــــــــرى تـربَة ٍ فيها يُواريْ�ن‬ ‫أف ْـ ْ‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫ي‬ ‫الجنا�‬ ‫الشاعرة بلقيس ب ي‬

‫‪www.website.com |magazine template| 13‬‬

‫َل ْو َلك‬

‫ف� خَ ِاف ِقي ا ْل ُمطْ َم ئِّن‬ ‫�‬ ‫ِي‬ ‫َع َل ا ْلب َعاد أ َ ّع�ن‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫اذ يل ِإن ت َ​َج نَّ�‬ ‫َو َع ِ ِ‬ ‫َر َف ْضت أَي ت َُج نِّ ي�‬ ‫َس ِك ْرت ِبِإ ْس ِمك ُسكْ َرا‬ ‫َفأَنْت خَ ْم ِري ْو ِد ي نّ�‬ ‫َل ْو َلك َما كَان ِح ْل ِمي‬ ‫َو َل َج َمال ا ْل َّت َم نِّ ي�‬ ‫َل ْو َلك َما َعاد ُرشْ ِدي‬ ‫ِإ يَل ‪َ ،‬ل ْو َل ا ْل َّت َح نِّ ي�‬ ‫كَم انْ َتظَ ْرتُك ُع ْم َرا‬ ‫َح تَّ� َو ِل ْجت ِب َع ْي نَ ي�‬ ‫أسي وق ْيدي‬ ‫َف َككَت ْ ِ‬ ‫بَ ْعد ان ِْحب ِاس َو ِس ْج�ن‬ ‫ِي‬ ‫َ ي‬ ‫طَ َر ْقت بَ ِ ب يا� ‪َ ،‬ح ِب ْيِ ب ي�‬ ‫َف َت ْح َته ‪ ،‬بَ ْعد ِإ ِْذ ي ن�‬ ‫َح تَّ� ْاس َتكَ ْنت ِب ُرك ٍْن‬ ‫ِف َراشَ ه َلك َجف ِ ن يْ�‬ ‫أ َ َع ْدت ِ يل هُ ْزج َق ْلِ ب ي�‬ ‫َف َصار يَ ْض َحك ِس نِّ ي�‬ ‫إن يَسأ َ ُل ْوا َعن ئ‬ ‫غنا�‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِي‬ ‫ُ‬ ‫أ َ ُقل ِإ َل ْيك أغ نِّ يَ�‬ ‫ِف َداك ُر ْو ِحي َو َع ْم ِري‬ ‫َوا ْل َّله يَ ْع َلم ظَ نّ ي�‬ ‫نا�‬ ‫ا ْلشَّ ِاعرة ب ْل ِقيس َ‬ ‫الج ِ ب ي‬



‫المجد المؤجل‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫يقرب اال َ‬ ‫التمر ُد عليهم‪ .‬ي ف� االمس البعيد‬ ‫أهل‬ ‫يجد من هو‬ ‫الح المجد ي� ُ‬ ‫العىل ولم ْ‬ ‫ِ‬ ‫جدير به لن المجد ال ُ‬ ‫المجد لن أهل المجد هم أسياد المجد‪ ،‬فكيف له ّ‬ ‫ٌ‬ ‫يف�قا إىل أجل مؤجل ت‬ ‫ح� شاءت الأقدار أن ت‬ ‫نف�ق أبداً ت‬ ‫ك ّنا نحن والمجد ال ت‬ ‫بحاجة إىل من‬ ‫ح� تعاد الحسابات من جديد علّنا أخطأنا بحق المجد لأن المجد‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� ت�ش َّ ف المجد بها وت�ش َ فت هي بالمجد‪ ،‬لنهما توأمان ال ينفصالن أبداً كاستحالة انفصال الروح عن النفس‪.‬كيف لنا نحن‬ ‫َّ‬ ‫يقدر عظمته ومكانته يب� االمم ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أمة العرب ان ننفصل عن واقعنا الليم من أجل الهروب إىل االمام دون رؤية ثاقبة ‪ ،‬مدروسة وواقعية تُنقذ هذا المجد من االلتحاق بالمم االخرى وترك أمة‬ ‫المجد لأنهم كانوا جديرين به لأنهم يتكلمون لغة المجد والمجد يتكلم لغتهم‪ ،‬لغة‬ ‫المقدس المبارك من رب المجد الذي خلق المجد من أجل أهل‬ ‫المجد‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الضاد‪ .‬وما أروع قول الشاعر عمر أبو ريشة‬ ‫دمعة ي ن‬ ‫ً‬ ‫ح� يَلقى‬ ‫للمجد‬ ‫إن‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬

‫ً‬ ‫للكالب‬ ‫عرضة‬ ‫ُجث َ​َّة الليث‬ ‫ِ‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫جان�و ‪ ،‬أبناء آباء المجد‬ ‫ال�ازيل ‪ ،‬ي ف� ريو دي‬ ‫ي‬ ‫ما بال هذا المجد يتألم ويعرصه اللم والحزن كلما كانت هناك مناسبة عالمية كمناسبة االولمبياد المقام ي� ب‬ ‫من المنافسة عىل المراكز االوىل ‪ ،‬هذا المجد يتحرس عىل ميدالية ذهبية مكتسبة من قبل‬ ‫رياض� المجد المؤجل ذوي العروق العربية الأصلية ‪ ،‬ال المستعربة‬ ‫ي ي ِّ‬ ‫ت‬ ‫ال� اكتسبت ميدالية الذهب كأنها تقول‬ ‫زيفاً و مستوردة بع� المحيطات والبحار من أجل الفوز الباهت من أجل ميدالية ذهبية ومن أجل سماع نشيد الدولة ي‬ ‫وبالرياضي� ال أ ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫من عىل المنصة التتويج نحن هنا ‪ ،‬ما هذا الهراء والسخرية واالستخفاف بعقول الب�ش‬ ‫صلي� الذين يبذلون ما باستطاعتهم من أجل رفع رأس‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫الريا� الذي‬ ‫الريا� ان ينافس وعقله ي� بلده الذي يعصف به التخلف والجهل والمسؤول‬ ‫بالدهم العربية عالياً كلما اكتسبوا ميدالية ذهبية ‪ ،‬كيف لهذا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫�ء تقريباً إال ي ف� الرياضة‬ ‫يفقه ي� كل ي‬ ‫ف� الع�ش ينات استطاع البطل المرصي محمد نص� أن يكون الأول ف� العالم ف� رفع الأثقال‪ ،‬وقال فيه أم� الشعراء أحمد ق‬ ‫شو�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الكليال‬ ‫�ش فاً ن َُص ي ْ ُ� ْ‬ ‫ارفع جبي َنك عالياً وتل ََّق من أوطانك إ‬ ‫إن الذي خلق‬ ‫وبأسهُ‬ ‫َ‬ ‫الحديد َ‬ ‫فتخاذلت أجال ُد ُه‬ ‫ورفعته‬ ‫ْ‬ ‫لشدة‬ ‫ق َّل ْب َت فيه يداً تكاد‬ ‫ٍ‬

‫الحديد لساعديك ذليال‬ ‫جعل‬ ‫َ‬ ‫وطرح َته أرضاً َّ‬ ‫فصل صليال‬ ‫ف‬ ‫ترفع ي ف� الفضاء الفيال‬ ‫البأس ُ‬ ‫ي� ِ‬

‫باهلل عليكم كيف يحدث هذا ؟! أيّعقل ض‬ ‫ريا� ينافس ي ف� االولمبياد والمسؤول ال يقرب الرياضة ال من قريب وال بعيد وال يملك روحاً رياضية بل يفرض نفسه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي ن‬ ‫الرياضي� من خارج الحدود وتجنيسهم واالفتخار بهم ي� االولمبياد ‪ ،‬هل يعلم هذا المسؤول أن‬ ‫لأنه ابن فالن أو لأنه يملك ثروة باسطاعته تجنيد عدد من‬ ‫ض‬ ‫وتسخ� بعض دعم الدولة‬ ‫الريا� المولود ي ف� موطنه ‪ ،‬يتمتع بكفاءات جيدة تؤهله للمنافسة إن أحسن معاملته إنسانيا ومن ثم السهر عىل راحته النفسية ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫ح� يظهر هذا ت‬ ‫ح� ينافس ويرفع رأس الدولة والأمة ورأس الذي ال زال مطأطأ ً ت‬ ‫له ت‬ ‫ن‬ ‫الريا�‬ ‫الف�‬ ‫الذه� الذي‬ ‫الريا� الذي يعشق ويحب‬ ‫يشبه� ويشبه قلمي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫مصاف الدول المتطورة‬ ‫الرياضة وعنده م�ش وع وخطة فوالذية من أجل االرتقاء بالرياضة العربية إىل‬ ‫لأ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال�ازيل ال‬ ‫يا‬ ‫وال� تقام حاليا ي� ب‬ ‫حرس� عىل ما آلت اليه حال المة من أمة عظيمة كانت تجيد رياضة ركوب الخيل وحمل السيوف ‪ ،‬ول سف ي� البطوالت ب‬ ‫ي‬ ‫الك�ى ق ي‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫والسيوف‬ ‫الخيل‬ ‫رياضة‬ ‫ح�‬ ‫رياضة‬ ‫أي‬ ‫تجيد‬ ‫وإنسا� ‪ ،‬بل قد يتعدى‬ ‫وأخال�‬ ‫معنوي‬ ‫فشل‬ ‫‪،‬‬ ‫فشل‬ ‫أي‬ ‫يشبهه‬ ‫ال‬ ‫ذريع‬ ‫فشل‬ ‫إنه‬ ‫‪،‬‬ ‫جداد‬ ‫وال‬ ‫باء‬ ‫ال‬ ‫بها‬ ‫أشتهر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ال� صار عندي شكٌ من ن‬ ‫ابعد من هذا إىل فشل ف� الهوية العربية ت‬ ‫الريا� وليس سيف قطع أعناق أبناء ت‬ ‫أ�‬ ‫والسيف‬ ‫الخيل‬ ‫أمة‬ ‫إىل‬ ‫انتمي‬ ‫و‬ ‫عر�‬ ‫ام� من قبل‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ٍ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يٌ‬ ‫ت‬ ‫النسان وال الحجر و ال‬ ‫تقدس ال إ‬ ‫ال� ال ّ‬ ‫الذين يتحكمون بهم ‪ ،‬بل قد زادت المشكلة تعقيدا بعد ما دخلت عىل مجتمعاتنا عنارص المجموعات يغ� الرياضية ي‬ ‫الرياضة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫أي إنجاز يذكر ي�ش ف الب�ش واالمة‬ ‫وهللا انه لمحزن أن ترى هذه التظاهرة الرياضية المقامة حالياً ي� الريو دي ي‬ ‫وال� تقام كل أربع سنوات‪ ،‬وال نحقق ّ‬ ‫جان�و ي‬ ‫�ش ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تسألنا لماذا يحدث هذا؟ من المسؤول عن كل هذا؟‬ ‫ف� أنا ‪ ،‬اال نُصاب إ‬ ‫وي ي‬ ‫بالحباط وتكرس عزيمتنا وتقتل الهمم الجياشة ي‬ ‫ال� تعصف بداخل أنفسنا ‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫المن� هو من يختار أمة التتويج بالميداليات ؟ كل هذه الأسئلة ّتوجه إىل مسؤول الرياضة ف� بلدي وأم�ت‬ ‫أنا‬ ‫المن� أو أن ب‬ ‫يعتل ب‬ ‫ي‬ ‫المسؤول ؟ هل المة تحدد من ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الرياضي�ن‬ ‫�ش‬ ‫�ش‬ ‫نفس تحب المنافسة ال يفة وال سة ي� ميادين البطوالت الرياضية ‪ ،‬وليس مجرد تسجيل اسمي ي� قائمة‬ ‫ي‬ ‫إل ل ي� أنا ال اعرف الفشل ‪ ،‬بل إن ي‬ ‫وليس ي ِّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫وقت ممتع عىل شواطىء الدولة المضيفة ‪ ،‬ي� بعض‬ ‫العر�‬ ‫المع� ولقضاء ٍ‬ ‫الذين يمثلون البلد ب ي‬ ‫ي‬



‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫جد فوجد ‪ ،‬والميدان كافأ هذا‬ ‫الحيان ال تكسب ‪ ،‬ولكن تكون المنافسة قوية وم�ش فة ‪ ،‬عندها ال ض�ر من ان الفضل دائما يفوز لنه يستحق اللقب‪ ،‬ولنه َّ‬ ‫الريا� الأولم� ‪ .‬عىل حد قول أم� الشعراء احمد ق‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫الخالص ي ف� التمارين قبل التوجه إىل المشاركة ي ف� هذا الحدث‬ ‫شو�‬ ‫الريا� عىل جهوده الجبارة والمثابرة ي� إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫بالتم� ولكن تؤخذ الدنيا غالبا‬ ‫وما نيل المطالَب‬ ‫قوم ٌ‬ ‫القدام كان لهم ركابا‬ ‫منال إذا إ‬ ‫وما استعىص عىل ٍ‬ ‫ف أ‬ ‫ف‬ ‫ال� غادرت جسدي فجأة لك تكون ض‬ ‫جان�و ّ ن‬ ‫ت‬ ‫ثت� ‪،‬‬ ‫أنا ال اطلب المستحيل من أمة الفشل ‪ ،‬ل أ ي ن� اعلم شوق‬ ‫حا�ة بقوة ي� اللعاب المقامة ي� ريو دي ي‬ ‫ي‬ ‫حد ي‬ ‫ي‬ ‫نفس ي‬ ‫ي ن‬ ‫الرياضي�‪ ،‬والرياضيون ال‬ ‫كث�اً وال تتعب نفسك لأن الفشل ال ّيولد اال الفشل والنرص ال يصنع اال النرص ‪ ،‬والرياضة ال ّتولد اال‬ ‫وقالت « يا حسن « ‪ ،‬ال تفكّر ي‬ ‫يحصدون الميداليات إال لأنهم مقتنعون بالفوز وال ش�ء سواه ‪ .‬ان الرياضة باالضافة إىل كونها هواية‪ ،‬ولكنها ف‬ ‫ض‬ ‫الريا� لأنه‬ ‫منها‬ ‫يعتاش‬ ‫مهنة‬ ‫الوقت‬ ‫نفس‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يكرس وقتاً طويال ً من أجل بلوغ الهدف إىل الصعود إىل منصة التتويج ورفع رأس بلده وامته عالياً ي ن‬ ‫ب� الأمم ‪ ،‬لأنه ي ف� لحظة التتويج تستعر المشاعر الجياشة ي ف�‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫الريا� الذي ٌتوج بإحدى الميداليات ‪.‬ال احد يعرف ن‬ ‫مع� الفوز اال من يفوز ومن يقّدر‬ ‫مجرد‬ ‫داخل العرق الب�ش ي ال شعورياً لن هذا النرص يمثّل المة وليس ّ‬ ‫ي‬ ‫الفوز‪ ،‬وان الفشل ال يعرفه اال أهله دون النظر إىل عرق ولون هذا الفشل ‪ ،‬لأن الفشل ال عرق وال لون له ‪ ،‬وانه يحط من عزيمة أهل النرص لأنهم لم يعهدوا‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ال�ازيل‬ ‫الخفاق‬ ‫كمثل هذا إ‬ ‫الريا� الذي حدث ي� ب‬ ‫ي‬ ‫وسياس كدولة مثل كوريا الشمالية‬ ‫أمة فاشلة منفرة كانت أو مجتمعة ‪ ،‬اثنان وع�ش ون دولة تحصد ميدالية ذهبية واحدة ‪ ،‬ودولة تحت حصار اقتصادي‬ ‫ي‬ ‫ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫الصغ�ة ي ف� جزر‬ ‫الكاري� تحصد ستة ميداليات ذهبية ‪.‬باهلل عليكم يا أمة الرياضة ‪ ،‬أيّعقل هذا؟! أيّن‬ ‫ذهبيت� ‪ ،‬وجامايكا تلك الجزيرة‬ ‫ميداليت�‬ ‫تحصد‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ث‬ ‫الريا� القاتل ؟ أيّن هم ؟ لماذا ال يظهرون علنا ويعلنون االستقالة من‬ ‫تذهب الموال ‪ ،‬وأيّن تبع� ثروات المة ؟ أيّن هم الذين قادوا هذا الفشل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫�ش‬ ‫نفس وترغب به أيّة نفس عربية رياضية تتطَلع إىل المجد‪ ..‬كفى استهزا ًء بعقول الب‬ ‫ام� ‪ ،‬اننا نملك‬ ‫ي‬ ‫مناصبهم‪ ،‬لعله اهم إنجاز ترغب به ي‬ ‫وبالرياضي� من ي‬ ‫وك�ة االموال ث‬ ‫خ�ة الشباب ونملك الموارد الطبيعية ث‬ ‫ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫الرياضي�‪ ،‬الذين ال يفقه معظمهم الرياضة ‪ ،‬بل يتبؤون المناصب من أجل المناصب‬ ‫المسؤول�‬ ‫وك�ة‬ ‫ي‬ ‫والتقاط الصور وإجادة السياحة الرياضية ال يغ�‬ ‫الشه� « العقل السليم ي ف� الجسم السليم « لو ك ّنا نملك جسماً سليماً لما اضطرب عقلنا‬ ‫العالن برصاحة هل نحن أمة سليمة ام ال ؟! عىل حد القول‬ ‫علينا إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫ال� نخرت هذا العقل السليم الذي وهبنا أيّاه هللا عز وجل من أجل أن يتحكّم‬ ‫وأصابه الشلل وتسللت اليه الفكار الهدامة وال�عات الدنيوية ُ‬ ‫والعقد النفسية ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫بجميع ترصفاتنا ‪ ،‬أكانت من النفس ذاتها ‪ ،‬أم مع الآخرين ‪ ،‬ت‬ ‫وح� يرسم لنا معالم الواقع ‪ ،‬والدفع ِبنا إىل المنافسة ي� جميع المجاالت وعىل ش� االصعدة ‪،‬‬ ‫أي صفة أخرى ‪ ،‬لأن الروح‬ ‫ثقافية كانت أم فكرية ‪ ،‬أدبية اجتماعية ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬دينية او رياضية ‪ .‬أنا ال زلت أشدد من ان تم ّتع النفس بالروح الرياضية تفوق ّ‬ ‫الرياضية ‪ ،‬مرحة ‪ ،‬منفتحة‪ ،‬وليست منغلقة عىل نفسها ‪ ..‬للأسف إننا إىل الآن ال ندرك أن النفس تعشق الرياضة ‪ ،‬ألم يقل‪ .‬الرسول الكريم (ص) ‪ :‬علموا‬ ‫ابناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل‬ ‫ح� إن أمة الضاد ال تجيد هذا النوع من الرياضات ت‬ ‫ت‬ ‫ال� حث عليها رسول الرحمة والرياضة ‪ .‬إننا نعلم جميعاً أن بعض العروق من الب�ش تتمتع ببنية جسدية‬ ‫ي‬ ‫القص�ة ‪ .‬اما أن تقولوا يل إننا ال نستطيع المنافسة ي ف� االلعاب الجماعية ( كرة قدم ‪،‬‬ ‫تفوق العروق االخرى ي ف� بعض أنواع الرياضة كرياضة االجري للمنافسات‬ ‫ي‬ ‫الكرة الطائرة ‪ ،‬إىل آخره من الألعاب الجماعية) ‪ ،‬ال أوافقكم الرأي أبداً ‪ .‬إننا لسنا بحاجة إىل تأويل حديث الرسول(ص) الذي حث عىل مزاولة الرياضة وخاصة‬ ‫ت ف‬ ‫ت‬ ‫ال� أشار اليها رسول الرياضة‪ ..‬أعتقد أن ث‬ ‫الك�ين من أمة الفشل ال يقرأون جيدا ًوال‬ ‫السباحة والرماية وركوب الخيل ‪ .‬لماذا إذاً الفشل فح� ي� هذه الرياضات ي‬ ‫يأخذون الحديث عىل محمل الجد‪ ،‬إنهم جاهلون � كل ش�ء ت‬ ‫ح� يثبتوا العكس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ويك� ‪ ،‬وبالرجال كأنهم كُتب عليهم التعايش مع أشباه‬ ‫كائن لن ينمو ب‬ ‫أمة منشغلة بأمور سخيفة كسخافة عقولهم ‪ ،‬منشغلة بالمرأة كجسد ‪ ،‬وبالطفل كأنه ٌ‬ ‫ف‬ ‫تدم� الأمة والعبث بالأمن واالستقرار ي ف� هذه البقعة او تلك ‪ ،‬وبالتآمر‪ ،‬بعضهم عىل البعض الآخر ‪ ،‬وكان عليهم قذف‬ ‫الرجال‪ ،‬واالنشغال المستميت ي� ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫جان�و ‪ ،‬قلت لك ي نإ� من أمة العرب وعندي‬ ‫نفس‬ ‫فشل ي� حصد ميداليات الذهب ي� ريو دي ي‬ ‫تعاتبين� عىل ي‬ ‫بعضهم البعض بالورود وليس بالبارود ‪ .‬عجباً يا أ ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫قرسية‬ ‫ع�‬ ‫رأس‬ ‫وأ� ب ي‬ ‫تمنع� من تحقيق حلمك و حلم المة ‪ ..‬ألم أقل لك إن أمي عربية ب ي‬ ‫ظروف ّ‬ ‫ي‬ ‫عر� مع أن البعض يريد أن ي�ع ي‬ ‫ي‬ ‫ال� هي تاج ي‬ ‫هوي� العربية ي‬ ‫ً‬ ‫نلوم‬ ‫«عند‬ ‫‪»:‬‬ ‫المقال‬ ‫هذا‬ ‫كاتب‬ ‫قول‬ ‫حد‬ ‫عىل‬ ‫‪.‬‬ ‫الفشل‬ ‫رقصة‬ ‫أجيد‬ ‫بل‬ ‫السامبا‪،‬‬ ‫رقصة‬ ‫اجيد‬ ‫ال‬ ‫أنا‬ ‫نفس‬ ‫يا‬ ‫لقريب‪.‬‬ ‫لناظره‬ ‫ا‬ ‫غد‬ ‫فإن‬ ‫‪،‬‬ ‫اليوم‬ ‫افز‬ ‫وإن لم‬ ‫الفشل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ُمجد المالئكة‪ ،‬ي ن‬ ‫وب� هذا وذاك أنىس نفس نأ� ِم ْن الب�ش‬ ‫الظروف ‪ ،‬وعند‬ ‫النجاح ن ّ‬ ‫ي ي‬ ‫ِ‬

‫الدكتور حسن فرحات‬


‫ش�ازية‬ ‫رشفات صوفية من كأس ي‬

‫الش�ازي بالعربية شعراً « هديّة ‪ ..‬ن‬ ‫فتأملت رموز المشهد المرسوم فوجدت المرأة ي ف� محوريّة‬ ‫تلقّيت كتاب « حافظ ي‬ ‫لفت� رونق غالفه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الصورة ‪ ،‬ي ف� نقطة دائرة النس والصفاء والحب والشعر عىل أريكة ملك ّية ّ‬ ‫تحف بها العيون والفئدة وأشياء الدنيا المفرحة من زهر وشجر‬ ‫ن‬ ‫الم�وعة الأنس والصفاء ت‬ ‫وقابلت� مخ ّي تل� بصور مجالس ملوك الدنيا نز‬ ‫وفاكهة وكتاب ‪..‬‬ ‫وي�اتب ب�ش ها هرم ّية طبق ّية قهريّة عىل رأسها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫واحد ليس وراءه وال أمامه أحد ‪ ..‬وشتات ي� اجتماع الناس والمم ما يب� الدائرة والهرم‬ ‫للبحار ف� ف‬ ‫وبعد ت‬ ‫شبل‬ ‫وقف� مع رمزيّة الغالف وجمال ّيته أصبحت جاهزة إ‬ ‫قوا� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الش�ازي مع شاعرنا عمر ي‬ ‫ي‬ ‫عددت منها أربع وارتفع كوكب إىل السماء الدنيا يَ ُنور ويلمع‬ ‫فتحت الكتاب وبدأت أقرأ فسقطت من حروفه ي ف� كفّي نجيمات‬ ‫ُ‬ ‫أما النجيمات الأربع فهي عالمات أربع ّ‬ ‫تدل عىل الكتاب ‪ ،‬تُبديه وال تستنفذه‪ ،‬وقد قدمتها عىل سواها نظراً لأبعادها الصوف ّية ‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫أ‬ ‫أجل كل نجيمة منها برسعة وإيجاز‬ ‫خلوة الرس‪ ،‬العشق والجمال‪ ،‬رمز الخمرة ‪ ،‬عرفان هللا ‪ .‬وسوف ّ ي‬ ‫‪ 1‬ــ خلوة الأرس‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫السجان رجال ً‬ ‫عجبت ل ي‬ ‫شبل ـــ يهدي كتابه الذي نناقشه اليوم إىل ّ‬ ‫سجان ْيه ‪ ،‬آمر السجن ومساعده‪ ..‬وليس العجب ي� كون ّ‬ ‫س� ــ هو فعمر ي‬ ‫ت‬ ‫ي ن‬ ‫ش‬ ‫واالع�اف بإنسان ّيته ‪ ..‬وهذا إن ّ‬ ‫�ء فإنّما ّ‬ ‫السجان‬ ‫ط ّيباً ولكن العجب ي� التماح نظر‬ ‫يدل عىل أن وجدان‬ ‫السج� لطيبة إنسان ّ‬ ‫دل عىل ي‬ ‫ف‬ ‫شاعرنا مطبوع عىل جمالية رصفة أصيلة غامرة ّ‬ ‫عالقات ُمح ّبة منسجمة مع الكون المحيط مهما تفاوتت ظروفه‬ ‫تتجل ي�‬ ‫ٍ‬ ‫السجان حولت الأرس إىل شبه خلوة ّ‬ ‫تتجل فيها الذات لذاتها ي ف� مرآة ‪ ..‬والمرآة كانت شعر حافظ‬ ‫هذا االنسجام وهذه المصالحة مع ّ‬ ‫الش�ازي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫عر� ي ن‬ ‫مب�‬ ‫و� الرس ترجم قصائده الوىل وخاطب بها ّ‬ ‫قراء العربية بلسان ب ي‬ ‫ي� الرس قرأ شاعرنا ديوان حافظ ‪ ،‬وتف ّتح فهمه لشعره ‪ ..‬ي‬ ‫‪2‬ــ العشق والجمال‬ ‫ف‬ ‫ف ت‬ ‫ي ن‬ ‫المجدين ي ف� ميدان الرياضة والمجاهدة ‪ ،‬وقافلة‬ ‫قافلت� ‪ :‬قافلة المجتهدين‬ ‫الروحي عىل‬ ‫منذ فجر الوجود‬ ‫ّ‬ ‫الصو� اف�ق أهله ي� سفرهم ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الش�ازي‬ ‫الملتاع�‬ ‫العشاق‬ ‫المتساقط� كفراشات غذا ًء لنار ّ‬ ‫و� ركب القافلة الثانية سار حافظ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مقدسة ي‬ ‫ف‬ ‫شبل‬ ‫يقول حافظ ي� الديوان ( ص ‪ )101‬والنص الشعري لعمر ي‬ ‫ُ ن‬ ‫أت كان‬ ‫مـر ًة‬ ‫دي� ومعبودي‬ ‫ّ‬ ‫توض ُ‬ ‫أنا ‪ ،‬عندما من نبعة العشق ّ‬ ‫العشق ي‬ ‫النفس عن ّكل موجــود‬ ‫أصد‬ ‫ورح ُت ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫جـــنازة‬ ‫أقمت عىل الدنيا صالة‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫موحداً ال ي�ش ك‬ ‫فها هو يتوضأ بماء العشق والنص مفتوح عىل العشق إ‬ ‫اللهي ‪ ..‬فيصبح العشق دينه ومعبوده ‪ ،‬ويصبح العاشق ّ‬ ‫ويصل عليها صالة الجنازة‬ ‫الدنيا ــ مدخل ال�ش ك ــ‬ ‫بمعشوقه ‪ ،‬تموت ّ‬ ‫ي‬ ‫)والعاشق مطيع ال إرادة له مع معشوقه ‪ ،‬يديم لزوم الباب ‪ ،‬عىس ت ز‬ ‫ت�حزح الأستار ويحظى بنظرة من المحبوب ‪ ..‬يقول ( ص ‪19‬‬ ‫ٌ‬ ‫ونبتعد ؟‬ ‫فكيف عن بابكم ننأى‬ ‫كــحل لأعيننا‬ ‫كم‬ ‫ُ‬ ‫أعتاب ْ‬ ‫تــر ُ‬ ‫اب ِ‬ ‫ســواكم ً‬ ‫نجد؟‬ ‫أين‬ ‫قر ْر ما تريد لنا‬ ‫غاية ُ‬ ‫ْ‬ ‫وأين ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أمركَ ‪ِّ ،‬‬ ‫فهات َ‬ ‫ع� العشق فمن ي ن‬ ‫والعاشق وإن كان ال إرادة له مع محبوبه ‪ ،‬إال أنّه ملحاح دائم الطلب للوصال إن لم يكن من ي ن‬ ‫يقدم ‪..‬‬ ‫ع� الجزاء لما ّ‬ ‫)يقول ( ص‪39‬‬

‫حق خدمتنا عىل أعتابكم‬ ‫من ِّ‬ ‫مــر ًة‬ ‫تنظر ّ‬ ‫يا سيدي لو أنت ُ‬

‫نبغيه‬ ‫أن تمنحونا َ‬ ‫بعض ما ِ‬ ‫ُــشقيه‬ ‫للعبد الذي ت‬ ‫ِ‬ ‫بالعطف ِ‬

‫)ويذكر حقوق ثنايا المعشوق وشفاهه عىل العاشق ‪ ،‬يقول(ص‪63‬‬ ‫ٌ‬ ‫حــــقوق‬ ‫لــثناياكَ والشـــــفاه‬

‫واجب عىل الأرواح‬ ‫حفظُها‬ ‫ٌ‬

‫صدر‬ ‫حفظُها‬ ‫ٌ‬ ‫واجب عىل ِّكل ٍ‬ ‫)ويربط ي ن‬ ‫والح�ة ي ف� المعشوق يقول (ص ‪94‬‬ ‫ب� العشق‬ ‫ي‬

‫فيه ٌ‬ ‫حرق من جــمرها اللفاح‬



‫ف‬ ‫ن‬ ‫محج ِب أســـر ِار‬ ‫أال‬ ‫خـ� ًة‬ ‫فاعط� خمراً فأعطيكَ ب‬ ‫بما ي� الوجود من َّ‬ ‫ي‬ ‫رصت عاشقاً‬ ‫ومن ِم ْن شذا ُه كان سكري و تَهذاري‬ ‫عم ْن وج َههُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وأنبيكَ َّ‬ ‫ف‬ ‫ويرجح ن‬ ‫الثا�‪ ،‬فيقول (ص ‪109‬‬ ‫)ويضع خط الزهد ي� مقابل خط السكر ّ‬ ‫ي‬ ‫زاهد‬ ‫كـــأسه‬ ‫إن الذي يحسو ثـــمالة‬ ‫تنتقد ُه لما ترى يا ُ‬ ‫ال ْ‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫لم ن ُْع َ‬ ‫ناقد‬ ‫السبيئة‪2‬‬ ‫ّإل‬ ‫ط مذ نادى «ألست بربكم»‬ ‫تـــحفة يا ُ‬ ‫أخذ ربُّكَ ْ ن‬ ‫يش� حافظ هنا إىل آية الميثاق ‪ ،‬يقول تعاىل (وإ ْذ َ‬ ‫ألس ُت ِب ِربك ُْم ) ‪ .‬والخمرة‬ ‫ب� َ‬ ‫ي‬ ‫ور ِه ْم ُذ ِريَّ َت ُه ْم وأشْ َه َدهُ ْم عىل أنف ُِس ِه ْم ْ‬ ‫آدم من ظُ ُه ف ِ‬ ‫من ي‬ ‫اللهي لذراري ن‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ب�‬ ‫الخطاب‬ ‫إىل‬ ‫رمزية‬ ‫إشارة‬ ‫عنده‬ ‫هللا‬ ‫أشهد‬ ‫عندما‬ ‫‪:‬‬ ‫الروح‬ ‫ذاكرة‬ ‫يخ�‬ ‫والذي‬ ‫آدم‪،‬‬ ‫ب� آدم عىل أنفسهم وخاطبهم‬ ‫�‬ ‫واحد‬ ‫كل‬ ‫نه‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يحتج به حافظ أمام الزاهد‬ ‫«ألست بربكم» الكل سمع الخطاب ‪،‬‬ ‫وهذاالسماع للخطاب أسكر العشاق ‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقدس ال مدنّس ‪ ،‬قوله (ص‪4 : )47‬‬ ‫ومما يؤكد لدينا ّ‬ ‫أن سكرحافظ ّ‬ ‫ْ‬ ‫واثمل بــالذي‬ ‫من مريدي هللا‪،‬‬ ‫كن ْ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫السفينة ٌ‬ ‫طينة‬ ‫مع «نوح» كانت ي� ّ‬ ‫‪):‬وتظهر عالقة السكر يالتحرر من الملصقات والقيود ‪ ،‬يقول (ص‪87‬‬ ‫ف‬ ‫ُّ‬ ‫وال َ‬ ‫طبعه دجــــل‬ ‫خمر‪،‬ال ريــا َء بـه‬ ‫يظل‬ ‫نفاق و ال ي� ِ‬ ‫ُ‬ ‫شارب ٍ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ممن ال خَ َ‬ ‫طبعه خ َت ُل‬ ‫من بائع ال ّزهد‪ ،‬إذ ي�‬ ‫الق له‬ ‫أسمى‬ ‫وأفضل ّ‬ ‫ِ‬ ‫الـحان‬ ‫نفاق نحن ي ف�‬ ‫رياء ي ف� ترصُّ فنا‬ ‫لسنا سكارى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وال سكارى ٍ‬ ‫وإعــالن‬ ‫ســـر‬ ‫عىل ال ّتـماثل ي ف�‬ ‫الغيب والأرس ِار شاهدنا‬ ‫وعالم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬

‫فح والـغفر ِان‬ ‫هو َ‬ ‫وحد ُه ذو ّ‬ ‫الص ِ‬ ‫الـــطوفان‬ ‫تهاب خطورة‬ ‫ليست ُ‬ ‫ِ‬

‫‪4‬ـ العرفان‪..‬عرفان هللا‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الدراويش ‪،‬‬ ‫النسانية ي� العبودية ‪ ..‬ويظهر ارتواء حافظ من ماء الحياة ي� دعوته إىل دولة ّ‬ ‫يقود السكر إىل هتك الستار والكشف عن حقيقة الذات إ‬ ‫)وتشديده عىل إقامة الحق وعدم االستكبار‪(.‬ص‪190‬ـ‪192‬‬ ‫ت‬ ‫عن‬ ‫أال أسمى دون تـكليف‬ ‫ال� تبقى‬ ‫ِ‬ ‫الدول ي‬ ‫ُ ت‬ ‫هي‬ ‫الدراويش بها الـحقّا‬ ‫رس‬ ‫ُ‬ ‫ال� يُ ي‬ ‫الدول ي‬

‫****‬

‫ْ‬ ‫فــيا مـــق َت ِدراً‬ ‫أقــلل‬

‫ّْ‬ ‫تــــعتد‬ ‫مــكابر ًة وال‬

‫الدراويش‬ ‫ففي كنف‬ ‫ِ‬ ‫****‬

‫والعسجد‬ ‫يكون الجا ُه‬ ‫ْ‬

‫ومــأمور‬ ‫عبد‬ ‫أنا ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫درويش‬ ‫س� ُة‬ ‫له ي‬ ‫ٍ‬

‫الـعرص‬ ‫لنظرة «آصف»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القصــــــر‬ ‫وصور ُة س ّي ِد‬ ‫ِ‬

‫الحياة» أر ْد َت‬ ‫إذا «ما َء‬ ‫ِ‬

‫يـــا «حاف ُ‬ ‫ظ» أن تـــجر ْع‬

‫خــــلوات‬ ‫أعتاب‬ ‫ِ‬ ‫فمن ِ‬

‫الـــمنبع‬ ‫الـــدراويش هو‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬

‫‪):‬لقد تجلت صوف ّية حافظ من وراء زجاج الكأس وحمرة الخمر ‪ ،‬يقول (ص‪88‬‬

‫وقد أقمنا فروض هللاِ ً‬ ‫كاملة‬

‫بفعل السوء إنسانا‬ ‫وما أص ْبنا ِ‬

‫هذا ٌ‬ ‫ولم ْ‬ ‫حالل‪ ،‬ولم نسلكْهُ مــيدانا‬ ‫حرمو ُه لـنا‬ ‫نقل لحر ٍام ّ‬ ‫إن هذه الدعوة إىل دولة الدراويش تبطن نقداً للقيم السائدة ف� الحقل ن‬ ‫الدي� ي ن‬ ‫ب� الناس ‪ ،‬تحاول استعادة منظومة قيم دينية أصيلة تقرن الجوهر‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫يّ‬ ‫وتعل بنيانها ي ف� مملكة الروح‬ ‫بالمظهر‪ ،‬تحفر ي ف� أرض الجسد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫شبل ‪ ..‬لقد افتتح‬ ‫وبعد هذه النجميات الربع نقول ختاماً ‪ :‬إن الكوكب الذي ارتفع إىل السماء الدنيا ينور ويلمع هو حافظ ي‬ ‫الش�ازي ي� شعر عمر ي‬ ‫ي ن‬ ‫شبل ميداناً جديداً‬ ‫تفس�ية وتأويلية تضيف‬ ‫للباحث� مفتوحاً عىل عدة قطاعات شعرية وصوفية ‪ ،‬عربية وفارسية ‪ ..‬كما فتح مجاال ً لقراءات ي‬ ‫عمر ي‬ ‫ف‬ ‫الصو� خاصةً‬ ‫ً‬ ‫العر� عامة والشعر‬ ‫جديداً إىل مسار الشعر ب ي‬ ‫يّ‬ ‫الدكتورة سعاد الحكيم‬


‫مستوطن فيه‬ ‫ما كنت أعرف َمن‬ ‫ٌ‬

‫أنا الذي ‪ ،‬قل ُبهُ مس َتهل َـكٌ ِتع ٌب!!!‬ ‫ف‬ ‫يخ�نا حافظ عن فوران فيض دمعه الذي فاق طوفان نوح ومع ذلك فهو عاجز عن غسل صورة المحبوب‬ ‫وعىل عادة العشاق ي� المبالغة ب‬ ‫المحفورة ي ف� لوح الصدر‪ .‬يقول (ص ‪114‬‬ ‫تـهاله‬ ‫نــــوح فــاق ي ف�‬ ‫طــوفان‬ ‫دمعي الذي يهمي ويسكب َ‬ ‫فـيضهُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هو عاج ٌز عن غسل صـورة و ِّدكم‬

‫الواله‬ ‫لوح صدري‬ ‫َ‬ ‫المستهام ِ‬ ‫عن ِ‬

‫والعشق ليس علماً يستفاد من الكتب بل ذوق دونه تفتت العاشق وتحلله وفناءه‪ ،‬دونه هتك الوقار وتحمل المالمة بجالل‪ ،‬يقول (ص‬ ‫)‪186‬‬ ‫من ت‬ ‫الوقور الأجــل َـ ِل‬ ‫العقل‬ ‫دف�‬ ‫الجـل‬ ‫يريد تع ُّل َم العشق‬ ‫يا من ُ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن فهم ن‬ ‫دون تح ُّل ِل‬ ‫ي نّإ� أخاف عليك ‪ ،‬إنكَ عاجـ ُز‬ ‫مع� العشق َ‬ ‫وجدا� يحرر العاشق من كافة القيود ويضعه ف� ض‬ ‫ن‬ ‫ح�ة المعشوق يقول (ص ‪240‬‬ ‫)وتكمن الأهم ّية العظمى للعشق ي ف� أنّه حال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫حان‬ ‫درويش‬ ‫تك ّي ُة‬ ‫عشقهم‬ ‫تساوى لدى العشّ اق ِ ي ف� حال‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ومقصف ِ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫مكان‬ ‫نوار‬ ‫وجــه الـــحبيب إذا بـــــــدا ‪،‬‬ ‫ل أ ّن سنا‬ ‫ُ‬ ‫يُ‬ ‫ِ‬ ‫كــــل ِ‬ ‫شعشع بال ِ‬ ‫أن المعشوق ليس ت‬ ‫ش‬ ‫ذا� الجمال بل ينبع جماله من نظرة عاشقه‪ ..‬ي ف� النظرة يكمن‬ ‫�ء وحيد ‪ :‬الجمال‪ ..‬والنكتة‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫ّأما سبب العشق فهو ي‬ ‫الحب ‪ ،‬يقول(ص‪98‬‬ ‫)الجمال الذي هو سبب ّكل ّ‬ ‫ً‬ ‫ومحظور ‪3‬‬ ‫العشق ممنو ٌع‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫معرفة‬ ‫برغم من ّيدعي ي ف� العلم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الـــجمال لأهل العشق بت� ُير‬ ‫إن‬ ‫ــــج ُتنا‬ ‫ّ‬ ‫جمال وجهكَ تبقى فيه ُح َّ‬ ‫ف‬ ‫بقصة زليخا ويوسف ‪ ،‬يقول (ص‪23‬‬ ‫)ويؤك ُّد عىل دور الجمال ي� العشق واالفتتان ّ‬ ‫َ‬ ‫الــعليا‬ ‫بطلعة‬ ‫يوسف ُ‬ ‫خرجت زليخا من‬ ‫لقد‬ ‫ْ‬ ‫‪ 3‬ــ رمز الخمرة‬

‫جماله الوض ّـ ْاح‬ ‫وفرط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العصمة الكَ َّباح‬ ‫حجاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫وغ� ذلك ‪ .‬كما استخدموا‬ ‫وساق و�ش ب وسكر ومجون وخُ لع غدار ي‬ ‫استخدم الصوف ّية معجم الخمر ‪ ،‬من كأس وقدح وحانة ودنان وسقي ٍ‬ ‫وغ� ذلك‬ ‫أسماء الخمرة‪ :‬صهباء‪ ،‬سالفة‪ ،‬مدامة‪ ،‬ابنة الكرم‪ ...‬ي‬ ‫ف‬ ‫وهذه الخمريات ت‬ ‫وتحولت إىل قصيدة طويلة ي ف� القرن السادس ــ‬ ‫قص�ة ونادرة ‪ ،‬توالت‬ ‫ال� بدأت ي� وقت مبكر عىل شكل مقطوعات ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الصو� مع ابن الفارض‬ ‫السابع الهجري‪ ،‬وأصبحت موضوعاً من موضوعات الشعر‬ ‫ي‬ ‫لكل ما يتعطف به عىل معشوقه ‪ّ ..‬‬ ‫فالخمر رمز لمنح المعشوق وعطاياه ‪ّ ،‬‬ ‫فكل ما يصدر عن المعشوق يسكر العاشق ‪ :‬حديثه ‪ ،‬نظرته ‪،‬‬ ‫صده‬ ‫لفتته‪ ،‬إقباله‪ّ ،‬‬ ‫التحرر من العالقات السائدة والزائفة والكشف عن الذات الحقيقية العريّة عن الملصقات‪.‬‬ ‫وال�ش ب رمز الذوق ‪ ،‬والسكر والمجون رمز‬ ‫ّ‬ ‫)يقول ي ف� انحيازه لمعجم الخمر( ص ‪80‬‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫الج ّل ِس‬ ‫الكرِم ال أ يث�ة إنــــنا‬ ‫ٌ‬ ‫خدم لها ي� محفل ُ‬ ‫قل البنة ْ‬ ‫الــكأس‬ ‫فتقدمي ي ف�‬ ‫حر َرت ِْك من القيود جميعها‬ ‫أنفاسنا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قد َّ‬ ‫)ويؤكّد سلوكه سبيل السكر ويمهره باالغتسال بالخمر ‪ ،‬يقول (ص‪95‬‬

‫صومعة من طول ما نز َفا‬ ‫تلويث‬ ‫ـــه‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫دم ِ‬ ‫قل� الـــــحزين اعتاد من ِ‬ ‫كذاكَ ب ي‬ ‫أ‬ ‫شئت ــ ل ن‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫بد�‬ ‫بالخمر‬ ‫الـس َفا‪1‬‬ ‫مر ُ‬ ‫فال ُ‬ ‫إغسل ــ إذا ما َ ي ي‬ ‫أمركَ يإ� أعشق َ َ‬ ‫)ويربط ي ن‬ ‫ب� الخمرة والكشف عن الأرسار ‪ .‬يقول (ص‪101‬‬


INTEREST

22 | Magazine Template www.website.com


‫ف‬ ‫العر� المعارص‬ ‫الحداثة ي� ّ‬ ‫الشعر ب ي ّ‬

‫العر� الحديث الذي ظهر بعد الحرب العالم ّية الأوىل‪ ،‬ما جعل أدبنا يقف وج ًها لوجه أمام الآداب والثّقافات الأجنب ّية الوافدة‬ ‫يتناول بحثنا حركة الشّ عر ب ي‬ ‫أمام الشّ عراء الشّ باب الذين تخطوا الجيل السابق متأثرين بالأدب ال أ‬ ‫تع� عن‬ ‫ورو�‪ ،‬الذي أتاح لحركتهم‬ ‫مفسحا المجال‬ ‫إىل بالدنا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ب‬ ‫الشّ عريّة الجديدة أن ب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي ن‬ ‫حامل� لواء الخروج من أرس الأنماط الشعريّة القديمة وابتكار صيغة شعريّة حديثة تكتسب فيها الألفاظ دالالت جديدة ذات قدرة عىل‬ ‫طموحاتهم وتطلّعاتهم‪،‬‬ ‫اليحاء وال ّتصور‬ ‫إ‬ ‫تعريف الحداثة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫جن�‪...‬فكل جديد اليوم سيكون قديم الغد وهكذا‪ ...‬وكتبت الدكتورة ليىل محمد سعد حول تعريفها‬ ‫الحداثة كمفهوم ب ي‬ ‫أد� بمرحلة مع ّينة من تاريخ الدب ال ب ي ّ‬ ‫أ‬ ‫والبداع الحديث عىل الصل القديم الذي عرفه‪ ،)1(».‬وهو االنتقال‬ ‫للحداثة بقولها‪..« :‬والحداثة هي الحركة‬ ‫المتجددة‪ ،‬فال ّتحديث ببساطة هو إضافة االبتكار إ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وال� ي ز‬ ‫ال� ال حد لها‬ ‫من ّكل ما هو متواصل تّ‬ ‫الرغبات إ‬ ‫ك� عىل القضايا السلوب ّية والشكل ّية للنفاذ إىل أعماق الوجود ب‬ ‫وس� غوره وتحقيق ّ‬ ‫النسان ّية ي‬ ‫ال� شاعت ف� الأدب العر� منذ ث‬ ‫ت‬ ‫أك� من مئة سنة‪ ،‬أي منذ أوائل القرن التاسع ع�ش تاريخ ظهور الحداثة ي ف� فرنسا‪ ،‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ويعد مصطلح الحداثة من المصطلحات ي‬ ‫بيّ‬ ‫المتعددة المصادر‬ ‫نظرا الرتباطها بالمكان الذي تستقي منه مضامينها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعددت مفاهيم هذا المصطلح بحيث اختلف مفهومها من بلد إىل آخر‪ً ،‬‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫واضحا ي� الداب والفنون‪ ،‬ومن‬ ‫أثرا‬ ‫تطورا علميا بارزًا عىل مستوى االخ�اعات‬ ‫و� عرص شهد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والتكنولوجيا بمختلف مجاالتها وأنواعها‪ ،‬كان ال ّبد نمن أن ي�ك ً‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫والمثقف� وأصدروا مجلة «شعر»‪ ،‬وكانت رئاسة التحرير‬ ‫و� هذه المرحلة اجتمع عدد من الشّ عراء‬ ‫العر� المعارص بمختلف تياراته وأشكاله‪،‬‬ ‫ضمنها الشّ عر‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫تغي�ا جذريًّا ي ف� شكل القصيدة وأوزانها‬ ‫دورا ً‬ ‫ليوسف الخال وأدونيس المدير المسؤول‪ ،‬وقد لعبت تلك المجلة ً‬ ‫العر� المعارص‪ ،‬وأحدثوا ي ً‬ ‫مهما ي� بروز الشعر ب ي‬ ‫ت‬ ‫إن هذه‬ ‫ال� انطلقت منها‪ ،‬فهذا الناقد‬ ‫«س‪.‬س‪.‬لو�» يقول‪ّ :‬‬ ‫ومن خالل تت ّبعنا لمواقف أالنقاد الكبار من الحداثة وجدنا نظرة ّ‬ ‫بي‬ ‫موحدة تجاه أرفض المبادىء ي‬ ‫ف‬ ‫أن الحداثة ال تعيد‬ ‫الهزة المعارصة شملت المور السياس ّية والدين ّية والقيم االجتماع ّية وكذلك الدب والفن‪..‬ويرى «فرانك يك�مود» ي� كتابه «مقاالت حديثة»‪ّ :‬‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫الفن إىل‬ ‫ال� تدعو إىل التخلّص من قيود الوزن والقافية والدعوة إىل الشّ عر‬ ‫صياغة الشّ كل‪ ،‬بل تأخذ ّ‬ ‫ظلمات الفو� واليأس‪ ...‬وقد تب ّنت الحداثة اتجاه الرمزية ي‬ ‫الحر‪ ،‬واالهتمام بال ّزخرفة والتأنّق ي ف� الصورة‪ ،‬وبدأت بتحويل اللّغة إىل نشاط‬ ‫تجري� وال ّتخلّص من جزئيات اللّغة كالحروف وأدوات العطف‪ ،‬وأعلنت أن الشّ عر‬ ‫ب ّي‬ ‫ال�ابط‬ ‫يقوم عىل التفكّك وليس عىل تّ‬ ‫أ‬ ‫ف أ‬ ‫ورو�‬ ‫حركة الحداثة ي� الدب ال ب ي‬ ‫ف� أوائل القرن التاسع ع�ش ظهرت الحركة التعب�ية ف� فرنسا وألمانيا ف‬ ‫تدم� المجتمع القائم لأنّه السبب ي ف�‬ ‫و� يغ�هما من الدول الأوروب ّية‪،‬‬ ‫فقامت ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالدعوة إىل ي‬ ‫ي‬ ‫ي ّ ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫عب� ّي‬ ‫تلويث الطّبيعة الب�ش يّة عن طريق توظيف العقل والطّاقات الذات ّية لصالح المادة‪ ،‬مع إهمال المشاعر والحاسيس الروح ّية‬ ‫والخيال ّية‪ ،‬ذلك ّ‬ ‫أن الفنان ال ّت ي‬ ‫ف‬ ‫ش� مفاهيمها‬ ‫الحر عن المكبوتات داخل ال ّنفوس‪ ،‬وهذا ما سعت إليه الحداثة ي ف� تّ‬ ‫حالما يتيه ي� عالم إ‬ ‫ّ‬ ‫البداع والتنبؤ‪ ،‬وال ّت ي‬ ‫يعد نفسه إنسانًا ً‬ ‫عب� ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫حرة‬ ‫الصادرة عن الالوعي والبعيدة عن رقابة ‪ ،‬بدعوى ّ‬ ‫تعتمد فالحداثة عىلآ الكتابة ّ‬ ‫أن الكلمات ي� الالوعي ال تمارس دور ال�ش طي ي� رقابته عىل الفكار فتنطلق ّ‬ ‫الرامي إىل التخلّص من قيود الوزن‬ ‫مزي‬ ‫الر‬ ‫المذهب‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫تب‬ ‫الحداثة‬ ‫بأن‬ ‫يقول‬ ‫الذي‬ ‫أي‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫يقارب‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫والمالحقة‪،‬‬ ‫الرصد‬ ‫عن‬ ‫لترسح � عالمها المن البعيد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والقافي ية والدعوة إىل الشعر الحر‪ ،‬واالهتمام بالتأنّق الزائد ف‬ ‫ض‬ ‫بالما�‪ ،‬دون ت ز‬ ‫ّق‬ ‫ل‬ ‫يتع‬ ‫ما‬ ‫كل‬ ‫ونبذ‬ ‫الحدس‪،‬‬ ‫من‬ ‫نابع‬ ‫شعر‬ ‫كتابة‬ ‫وإىل‬ ‫ورة‪،‬‬ ‫الص‬ ‫�‬ ‫االل�ام بأية قاعدة‬ ‫ّ‬ ‫ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ ّ‬ ‫ي‬ ‫المستقبل‪ ،‬فقد عامل «ياكوبسون»‬ ‫الشكل بالحداثة المؤسسة عىل الفكر‬ ‫الصفات والظّروف‪ ،‬وارتبطت نظرية النقد‬ ‫واالكتفاء‬ ‫بالمصادر دون الفعال‪ ،‬وإلغاء ّ‬ ‫ي‬ ‫يّ‬ ‫ث‬ ‫لغة الشّ عر‬ ‫النص‬ ‫منكرا أي وجود للمضمون إال أن يكون باعثًا عىل أشكال لغوية جديدة‪ :‬صوت ّية‪ ،‬أو إيقاع ّية‪ ،‬أو نحويّة‪،‬‬ ‫ومجر ًدا ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحدا� بوصفها لغة سامية ً‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫د� من المؤثّرات الخارج ّية‪ :‬ذات ّية‪ ،‬أو نفسية‪ ،‬أو سياس ّية‪ ،‬أو اجتماع ّية‬ ‫ال ب ي‬ ‫بأن اللغة لم تعد قادرة عىل إثارة الفكر والعاطفة‪ ،‬بسبب توظيفها ي ف� خدمة أغراض نفع ّية وعمل ّية‪ ،‬ولهذا صارت قارصة‬ ‫عب�ية رأيها ّ‬ ‫كذلك أخذت الحداثة من ال ّت ي‬ ‫عب�‪ ،‬وإظهار مستودعات الكلمات المشحونة بالطّاقة ت‬ ‫ال�‬ ‫أن الحداثة الأوروب ّية لم تنتج تراثًا‬ ‫مما ال شكّ فيه‬ ‫تتفجر من خالل الشّ اعر الحالم‪ .‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫عن ال ّت ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خاصا بها‪ ،‬بسبب اختالط تياراتها ومذاهبها ت‬ ‫ال� تدعو يإىل الهدم ومجافاة المنطق والبعد عن ت‬ ‫الطبيعي أن تواجه معارضة ي ف� معظم‬ ‫وأسلوبًا‬ ‫من‬ ‫فكان‬ ‫اث‪،‬‬ ‫ال�‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫البلدان الأوروبية ت‬ ‫ي ن‬ ‫ح� ي ف� باريس مصدر نشأتها‪ ،‬ومن‬ ‫وال�اث والمحافظة عىل الموروثات الفكريّة والثقاف ّية‬ ‫المدافع� عن اللّغة تّ‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ي ن‬ ‫أن الغموض كان هد ًفا ثاب ًتا‬ ‫الفو� الأدبية‪ ،‬لذا شهدت نهاية القرن التاسع‬ ‫ال� بدأت قبل قرن من ال ّزمن ي ف� باريس تمثل‬ ‫وال شكّ ّ‬ ‫للحداثي�‪ ،‬فكانت حركتهم ي‬ ‫أ‬ ‫ع�ش ف� أوروبا اضمحالل العالقات ي ن‬ ‫ب�‬ ‫واالجتماعي فانعكست آثارها عىل النصوص الدبية واللوحات‬ ‫السياس‬ ‫اع‬ ‫رص‬ ‫ال‬ ‫وألوان‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫الفكر‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫للمؤث‬ ‫نتيجة‬ ‫الطبقات‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ض ّ‬ ‫يّ‬ ‫فو� حضاريّة ي ف� أعقاب الحرب العالم ّية الأوىل‪ ،‬بحيث أنّهم‬ ‫الف ّنية‪ ،‬وبلغت التفاعالت السياس ّية واالجتماع ّية واالقتصاديّة ي ف� اوروبا ذروتها ي ف� انعكاساتها بإيجاد‬ ‫شكّكوا ف� ّكل قصيدة واضحة أو زاخرة بالمشاعر الذاتية الواضحة‪ ،‬ما يوضح أن حركة الحداثة ت‬ ‫ال� بدأت قبل قرن من الزمن ي ف� باريس بظهور الحركة البوهيمية*‬ ‫ّ‬ ‫ني‬ ‫ي‬ ‫الحق�ة‪ ،‬ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫الفنان� ي ف� الأحياء‬ ‫المرفوض�)‪ ،‬وكان الفنان البوهيمي يشكو فقره‬ ‫سمي فنهم(فن‬ ‫ح� أخذ أنصارها ينتجون أعماال فنية يغ� مقبولة لذلك‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫فيها ي‬ ‫ّ‬ ‫للحا� بل للمستقبل ‪ .‬ف‬ ‫ض‬ ‫و� العام ‪ 1909‬أصدر الباحث ال أ ن‬ ‫المدقع وعدم ت‬ ‫لبلنسك» كتابا بعنوان (رحيل‬ ‫لما� «صموئيل‬ ‫مدع ًيا أنه ليس‬ ‫اع�اف الناس بف ّنه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ ن‬ ‫لما� بالغثيان تجاه هذا المصطلح الذي أصبح يوحي بالأمور المستهلكة والمنحطة‬ ‫الحداثة) ب ّ‬ ‫ع� فيه عن شعور الشّ عب ال ي ّ‬


‫‪INTEREST‬‬ ‫‪STRAP HERE‬‬ ‫ث‬ ‫ن�ا ووزنًا‪ ،‬تخضع للمشاعر الخاصة‬ ‫عب� الشّ عري كامل الحرية ي ف� نظم القصيدة الحديثة دون قيود‪ ،‬وال يكون‬ ‫يتيس لل ّت ي‬ ‫مج�ا عىل اتّباع قاعدة موضوعة سلفًا ً‬ ‫الشاعر ب ً‬ ‫وهكذا ّ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫المعا� والكلمات‪ ،‬وما تحمله من خصائص موسيق ّية وإبداع ّية ل�سم الشكل الشعري‬ ‫بالذات المتأثرة والمتفاعلة مع الموضوع الذي يشكّل مضمون القصيدة الحديثة من خالل‬ ‫ي‬ ‫المج�ة عىل اتّباع نظم الشعر التقليدي بد ًءا من القريض الذي يفرض ً‬ ‫شكل محد ًدا سلفًا‪ ،‬وإيقاعها الموسيقي الذي يستجيب للواقع‬ ‫الجديد‪ ،‬بعكس القصيدة الخليلية‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫وتجارب الشاعر الذاتية ف� حياته ّ ت‬ ‫تقدم المفاجآت من‬ ‫والر‬ ‫المتجددة‬ ‫ال� تواكب الأحداث‬ ‫التنوع ومحاكاة الحياة المتبدلة والمستمرة‪ ،‬بحيث ّ‬ ‫ّ‬ ‫افضة لي إيقاع خارجي ال يتيح له ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بعيدا عن كل متداول أو معروف‬ ‫خالل المستجدات المتشع ّبة ي ف� جميع االتجاهات للوصول إىل الهدف ي ف� تجسيد‬ ‫المكونات الفعل ّية للإنسانية وتحقيق سعادته الكونية ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫محاول بناء واقع الئق يتناسب وأحاسيسه السابحة ي ف� واحات‬ ‫اليقاع الموسيقي‪،‬‬ ‫هذا االندفاع المتفاعل ي ف� ذات الشاعر يدفعه للعيش خارج الواقع‪،‬‬ ‫متسلحا بالمفردات ذات إ‬ ‫ً‬ ‫التغي� ي ف� تشكيل الصور الشعرية وما تحمله من دالالت تساعد عىل استكناه جوهر الشاعر مستعي ًنا بالخيال ّ‬ ‫الخلق‬ ‫السحر إ‬ ‫والبداع وصوال فلتوحيد النظرة والواقع من خالل أ ي‬ ‫غ� والأروع وال أ ق‬ ‫ين� أمامه السبل � عالمه الالمحدود‪ ،‬هذا العالم ال ن‬ ‫ر� والأنقى‪ ،‬محتض ًنا التجدد الثابت لبناء وجود متكامل فوق بر� السحر والجمال‬ ‫الذي ي‬ ‫ي‬ ‫المتغ�ات الوجوديّة‪،‬‬ ‫وهكذا يجد الشاعر نفسه ي ف� الفضاء الرحب يتماوج مع السحب المتشكّلة بفعل المؤثرات الذاتية فتصبح القصيدة تب�اكيبها اللّغوية صورة متآلفة مع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ي ن‬ ‫تتجدد‬ ‫وكما الغيوم تت�اسل مع صفحة السماء وترسم لوحات إبداع ّية‬ ‫متجددة‪،‬ب� اللحظة واللحظة‪ ،‬فكذلك القصيدة ي� الشعر الحديث تتشاكل بتنوعاتها الفن ّية ي� قالب ثابت ّ‬ ‫ن‬ ‫معا‪ ،‬يهدف لالستقرار‬ ‫وال‬ ‫يهدأ‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫متكر‬ ‫لهاث‬ ‫�‬ ‫ّها‬ ‫ن‬ ‫لكأ‬ ‫ار‪،‬‬ ‫ر‬ ‫استق‬ ‫وال‬ ‫لها‬ ‫حدود‬ ‫ال‬ ‫معان‬ ‫متحررة منفتحة عىل‬ ‫فيه‬ ‫يستك�‪ ،‬يريد السكينة والنفور ً‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الفكرة والموضوع بصيغ متعددة ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫القاس‪ ،‬والزمن الذي يرى فيه الشاعر مكمن الظلم والقيد‬ ‫الوجود‬ ‫مع‬ ‫المتقابلة‬ ‫بوجوهه‬ ‫الواقع‬ ‫ويرفض‬ ‫الحيا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن ت‬ ‫ال� تصدر بفعل المفردات الشعريّة لقصيدة ث‬ ‫وقد نرى ي ف� معظم‬ ‫واضحا ي ف� رحلة استكشاف الأعماق واستبطان غاية الشعراء‬ ‫مصدرا‬ ‫الن� الحر أو شعر «التفعيلة»‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫المعا� ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫تث�ه من إيحاءات متجددة يغ� ثابتة‪ ،‬تحمل ي� مضامينها توق‬ ‫فيتحول من قارئ إىل ناظم يجول يب� مقاطع‬ ‫لتث� ي ف� القارئ الرغبة والحماس‬ ‫القصيدة ويدور مع كلماتها وما ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أن لها أبعا ًدا وجهات متعددة تنمو جميعها مع نمو حركة‬ ‫النسان إىل الشعور بالسعادة ف ي� أعماق النفس ما يجعلها هد ًفا أساس ًيا لهيام الروح ي� ذات حقيقية واحدة‪ ،‬إال ّ‬ ‫إ‬ ‫ال ن‬ ‫النسانية وأرقاها‬ ‫نسا� وهو أسمى المراتب إ‬ ‫الحياة‪ ،‬وتدرك وتفكر وتعقل ي� بعدها الوجودي إ ي‬ ‫وبذلك تنقسم القصيدة ث‬ ‫ي ن‬ ‫يتكون القسم الأول من المفردات الشعريّة المنقادة إىل الأمر الواقع واالستسالم لضغوطات المرحلة وهذا يقود ال ّنفس إىل‬ ‫الن�ية إىل‬ ‫قسم�‪ّ :‬‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫�ش‬ ‫الثا�‬ ‫الضياع ي ف� متاهات الحياة وي ّ ع أمامها أبواب العدم‬ ‫الخ� للخر ما‬ ‫ّ‬ ‫وحب ي‬ ‫ّ‬ ‫ال� تنشد الخالص والحرية والكمال ّ‬ ‫واالضمحالل‪ .‬أما القسم ي‬ ‫فيتكون من خالل المقاطع ي‬ ‫ن‬ ‫المتجردة من الزيف والخداع والتبع ّية‬ ‫نسا� وروحه‬ ‫يؤهلها للوصول إىل مرتبة راقية يجد فيها الشاعر بعده إ‬ ‫ّ‬ ‫ال ي‬ ‫ن‬ ‫السودا� ي ف� الحرب العالمية الثانية‪ ،‬فيقول ي ف� قصيدته»الجندي المجهول‬ ‫وقد كتب الشاعر صالح أحمد ابراهيم عن الجندي‬ ‫ي‬ ‫وأخي عثمان‬ ‫ح� النآ‬ ‫ما زال هناك ت‬ ‫ي ف� «كفرة» ي ف� الصحراء الغربية‬ ‫ي ف� بقعة أرض منس ّية‬ ‫كانت ميدان‬

‫انقض عليه ي ف� الصحراء الغربية‬ ‫اليق ّ‬ ‫كالعظم الممصوص ّ‬

‫كلبان‬ ‫أ‬ ‫الجيش الثامن واللمان‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تطوعنا ورضينا ّ‬ ‫ذل الجندية‬ ‫ي� تلك اليام ّ‬ ‫الشدة سوف ينال الحرية‬ ‫من أخلص للحلفاء أوان ّ‬ ‫ومضينا نحلم بالحرية للسودان‬ ‫ف‬ ‫)� «كفرة» ي ف� الصحراء الغربية‪3(»..‬‬ ‫ي‬

‫وقد حاول الشاعر ف� تلك القصيدة أن ي ّ ن‬ ‫الكب� ي ن‬ ‫والحساس بالفخر‪ ،‬فالهوة شاسعة ي ن‬ ‫ب� ادعاء بذل الدم‬ ‫الحساس بذل الجندية لمن يخدم يغ� قضيته إ‬ ‫ب� إ‬ ‫يب� للقارئ الفرق ف ي‬ ‫ف� سبيل السودان ‪ ،‬ي ي ن‬ ‫فإن أي تحليل يتناول قصيدة‬ ‫القرار بالحقيقة وهي بذل الدم ي� سبيل عظمة ممصوصة يتقاتل عليها كلبان‪ ،‬ولكن عىل أمل نيل حرية السودان‪ .‬لذلك ّ‬ ‫وب� إ‬ ‫ي‬ ‫الشارة إىل أهمية‬ ‫عرضا دقيقًا لتعميق الفكر‬ ‫من شعر الحداثة يلجأ إىل عرض الشطور ً‬ ‫التحليل‪ ،‬وللخروج بنتائج جديدة تكون مدركة من الشاعر وتصبح واضحة لدى القارئ مع إ‬ ‫يّ‬ ‫ف‬ ‫الحاطة بدقة وشمولية لفهم الغرض أو المفهوم‬ ‫استقصاء حركة القصيدة ورصد مضمونها‪ ،‬والتجوال ي� مفرداتها ولمحاتها وإيحاءاتها‪ ،‬بحيث يصعب عىل القارئ أو المتلقي إ‬ ‫اللمام بالصورة الواضحة النهائ ّية للقصيدة بسبب‬ ‫عس�ا ولكن القراءات المتعددة للقصيدة نفسها تفتح آفا ًقا‬ ‫جديدة ومتنوعة دون إ‬ ‫أمرا ي ً‬ ‫الذي يو ّد تالشاعر إيصاله الينا‪ ،‬فيبدو ً‬ ‫ف‬ ‫يث� تساؤالت عديدة حول حصول ش‬ ‫إن الجديد ي ف�‬ ‫�‬ ‫جديد‪،‬‬ ‫ء‬ ‫تشعب ّ‬ ‫وبالتال أين يكمن هذا الجديد ي� هذه القصيدة أو يغ�ها؟‪ ...‬والذي نستطيع قوله‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�اكيب اللغويّة‪ ،‬ما ي‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫والمقارنة ومناقشة ي ن‬ ‫النها� ي ف� مكان‬ ‫معا�‬ ‫والتحليل‬ ‫العرض‬ ‫هو‬ ‫به‬ ‫الخروج‬ ‫يمكننا‬ ‫الذي‬ ‫الحديث‬ ‫الشعر‬ ‫الحكم‬ ‫وضع‬ ‫ثم‬ ‫الشاعر‬ ‫وأحاسيس‬ ‫المفردات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف أ‬ ‫العر�‬ ‫الحداثة ي� الدب ب ي‬ ‫أ‬ ‫ف ت‬ ‫العر�‪ ،‬فكانت الحداثة الأدب ّية العربية صورة عن الحداثة الغرب ّية ي ف� كل‬ ‫العر� الحديث ي ف�‬ ‫محاولة للخروج عىل العروض ب ي‬ ‫ي� ف�ة الخمسينات غزت مفاهيم الحداثة الدب ب أي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مروجوها ي� بالدنا‪ ،‬وقد تسلّل‬ ‫جوانبها وأصولها وفروعها‪ ،‬ذلك أنها أزالت الحدود الدب ّية‬ ‫التقليدية يب� البلدان‪ ،‬وقد دخلت إىل بالدنا العرب ّية رافعة هذا الشّ عار الذي يؤمن به ّ‬ ‫هذا المصطلح إىل الحياة الأدبية العربية بكل ذكاء كما حدث ي ف� أوروبا‬


‫والبداع‬ ‫الحداثة إ‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫حد بعيد‬ ‫البداع ي ف� رأي أصحاب الحداثة هو الالمحدود‬ ‫والالنها�‪ ،‬لذا كان من الطبيعي أن يسقط عندهم الغرض أو الموضوع ي� القصيدة‪ ،‬وذلك فيسهم إىل ّ‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ئ‬ ‫الدالالت المبهمة‪ .‬يقول أدونيس � ذلك‪ « :‬ن‬ ‫ول� كان‬ ‫تتحول الكلمات إىل رموز والعبارات إىل مجموعة من‬ ‫مع اتجاه الكتابة التلقائ ّية ي ف� زيادة الغموض‪ ،‬بحيث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫عب� عن فكرة محدودة‪ ،‬أو وضع محدد‪ ،‬فإن هذا الهدف ال مكان له ي ف�‬ ‫الوضوح طبيع ًّيا ي ف� الشعر الوصفي أو‬ ‫القصص أو العاطفي الخالص‪ ،‬لنّه يهدف إىل ال ّت ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ث ف‬ ‫ت‬ ‫محددة بل من حالة ال يعرفها هو نفسه‪...‬هذا يقذف به ي� جميع االتجاهات ح� الطراف‬ ‫الشّ عر الحق‬ ‫(الحدا� ي� رأيه) فالشّ اعر ال ينطلق من فكرة واضحة ّ‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫عالقته باللغة‪ ،‬ال تعود اللغة وسيلة إلقامة العالقات اليومية‪ ،‬بينه ي ن‬ ‫وب� الخرين‪ ...‬هكذا يحيا بعيدا ‪ ..‬أليفا غريبا ي� آن‬ ‫ويغ�‬ ‫القصوى‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫العر�‪ ،‬فهم يرفضون مهمة اللغة ال ّتواصلية كقول كمال أبو ديب‪ « :‬الحداثة ال ترى موت اللّغة‬ ‫وشهدت أوطاننا العرب ّية موجة ي‬ ‫كب�ة لمروجي الحداثة ي� أدبنا ب‬ ‫قوىي الفكر المتخلّف ت‬ ‫اكمي السلطوي»‪ .‬بهذه النظرة العدائية رأى الحداثيون ي ف� أوطاننا العرب ّية‬ ‫ال�‬ ‫من‬ ‫ضخمة‬ ‫قوة‬ ‫بالسلطة‪،‬‬ ‫محشوة‬ ‫فقط‪ ،‬بل تراها لغة مكدسة‬ ‫ّ‬ ‫الدالة بما هي نسق واضح من القواعد المنفذة‪ ،‬وتحويل الجملة إىل‬ ‫ّ‬ ‫تدم� بنية الجملة ّ‬ ‫تدم� للقواعديّة فيها‪ ،‬ومحاولة إلعادة الالمتشكلة‪ ،‬عن طريق ي‬ ‫أن الحداثة ي‬ ‫المكانات والتداخالت‬ ‫سلسلة من إ‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫المتعددة‬ ‫والحا�‪ ،‬يب�ش دعاتها بلغة المستقبل‪ ،‬بعد القضاء عىل اللّغة‬ ‫الما�‬ ‫ومثلما تبحث الحداثة عن المستقبل‬ ‫الحا�ة‪ ،‬والمحاوالت أ ّ‬ ‫الوهمي بعد ي‬ ‫ّ‬ ‫تدم� ف ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫تق� عىل العالقة التقليدية يب� الكلمات والشياء‪،‬‬ ‫دعاتها‬ ‫يقول‬ ‫كما‬ ‫لغاز‪...‬فالحداثة‬ ‫وال‬ ‫ار‬ ‫رس‬ ‫ال‬ ‫أغوار‬ ‫�‬ ‫ماضية‬ ‫الغموض‪،‬‬ ‫يكتنفها‬ ‫بحثًا عن لغة جديدة‪ ،‬مبهمة‪،‬‬ ‫أ ي‬ ‫ي‬ ‫اللغة ال يقترص عىل رمزية ال أ‬ ‫ث‬ ‫�ش‬ ‫وتغي�‬ ‫لفاظ‬ ‫من‬ ‫الثابت‬ ‫الحدا�‬ ‫الموقف‬ ‫وهذا‬ ‫السياق‪.‬‬ ‫من‬ ‫مختلفة‬ ‫نواع‬ ‫ل‬ ‫استثارة‬ ‫تصبح‬ ‫بل‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فال تعود الكلمة إشارة إىل ال ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫تدم� ال�اكيب اللغويّة وإهمال عنارص الربط ي� الجملة‪ ،‬وإساءة البنية اللغوية والنحوية‪ ،‬وتشتت الفكار وتقطّعها‪ ،‬بحيث يقف‬ ‫مدلوالتها‪ ،‬بل يتعدى ذلك إىل ي‬ ‫القارئ منها موقف الب ّناء الذي يتوجب عليه إعادة تشكيلها‪ ،‬وهو أمر صعب أشبه ما يكون بإعادة الميت إىل الحياة‬ ‫الداللة ي ف� ّ‬ ‫ظل إسقاط الغرض أو الموضوع‪ ،‬وتتواىل الصور الغريبة البعيدة عن الوعي والمنطق‪ ،‬كالجرح ي ف� ركبة الشمس بعرض الريح‪...‬أو زهرة‬ ‫كذلك تت� فاكم ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫لأ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫فهما ل مور‪ ،‬ولهذا‬ ‫ال� ال تنتج وع ًيا وال ً‬ ‫الكيمياء ي� الشفاه اليتيمة‪...‬أو ي� غابة الشياء تقرأ صخرة‪ّ ...‬كل ذلك يوقع القارئ ي� كهف من اللغاز والفكار المشوشة ي‬ ‫كان طبيع ًّيا أن ترفض الحداثة العربية تحليل إبداعاتها ي ف� ضوء المذاهب النقدية السائدة‪ ،‬ولجأت إىل اتجاهات نقدية حداثية تتالءم مع فكرها‬ ‫ف‬ ‫وذهب دعاة الحداثة إىل أن النقد ت‬ ‫يتورعوا عن‬ ‫النص من الداخل‪ ،‬بحيث يمتنع أن يشكّل ي ف�‬ ‫حدود كلية صارمة تفصل الداخل من الخارج ي� رأيهم‪ .‬ولم ّ‬ ‫يخ�ق ّ‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتذوقا‪،‬‬ ‫الحس‪ ،‬وتطغى‬ ‫و� خضم التجارب النقدية ضاع وصل القارئ بالنص انفعال ّ‬ ‫إيجاد عالقة شبقية بالنص‪ ،‬بحيث يصبح النص لغة ّ‬ ‫صورة الحس عليه‪ .‬ي‬ ‫ث‬ ‫الحدا� الغارق ي ف� الضبابية والغموض‪ ،‬وأصبح المتلقي وهو ي ف� حالة وعي مطال ًبا بقراءة ما ال‬ ‫فلم يعد النقد الحديث يستطيع أن يأخذ بيده ي ف� متاهات النص‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ونقدا‪ ،‬الغارقة ي ف� الالوعي والحلم والأسطورة‬ ‫ونقدا‪ ،‬بل مطال ًبا بأن يكون ي� حالة ال وعي مستمرة‪ ،‬ليمكنه أن يتواءم مع مصطلحات الحداثة إبدا ًعا ً‬ ‫يفهم إبدا ًعا ً‬ ‫النسان من واقعه وعقله ووجدانه الحي وتراثه وتقاليده وشخصيته‬ ‫والخيال‪ ،‬وكل ما من شأنه أن يخرج إ‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يستطيع أحد أن ّ‬ ‫فيضا من ال�ش وح‬ ‫يكذب وجودها‪ ،‬فالنص‬ ‫حدا� مبهم إال ادعى ً‬ ‫والتفس� فات ّ‬ ‫ي‬ ‫وليس ثهناك ناقد يحاول فتح مغاليق نص ي‬ ‫والدالالت ي‬ ‫الحدا� الغامض البعيد عن المنطق والعقل والوعي يحتمل تأويل كل قارئ وناقد وغموضه ي� رأي مبدعه ذروة فخره وداللة عىل عبقريته‪ ،‬وبعده عن واقعه‬ ‫يّ‬ ‫مصطلحا‬ ‫يسمى بالحداثة العربية ‪ ،‬هي حداثة غربية‬ ‫الدراك‬ ‫العقل‪ ،‬وتمرده عىل كل قواعد اللّغة ونتاجها إ‬ ‫وعن إ‬ ‫البداعي‪ ،‬إنما هي قمة الحداثة‪.‬ف وبعد فإن أما ّ‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫الفو� والالوعي والالعقل‪ ،‬وتغرق ي� كوابيس الحالم وال ّتخيالت‪ ،‬وهي إذ تقوم عىل التكلّف والتجريد‬ ‫ووسائل وأهدا ًفا‪ ،‬تقوم عىل‬ ‫فكرا وأبعا ًدا‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ومفهوم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ي ن‬ ‫والغموض والتفكّك‪ ،‬وانحالل الشخصية الفرديّة والبعد عن الواقع‪ ،‬وأدبها خال من‬ ‫النسانية‬ ‫المضام� إ‬ ‫ف‬ ‫ظاهري‪،‬‬ ‫العر� أن يجتذبوا بعض الشباب إىل تلك الحركة بقوة استثارة روحها االستفزازيّة‪ ،‬ولم يكن الأدب يغ� غطاء‬ ‫وقد استطاع‬ ‫ّ‬ ‫مروجو الحداثة ي� عالمنا أ ب ي‬ ‫ومما يبعث عىل ال أ‬ ‫كث�ون‬ ‫بهم‪،‬‬ ‫ر‬ ‫المغر‬ ‫الشباب‬ ‫من‬ ‫فيه‬ ‫فشارك‬ ‫الجديدة‪،‬‬ ‫الحساسية‬ ‫أو‬ ‫الحداثة‬ ‫تيار‬ ‫فيها‬ ‫ليعيث‬ ‫خالية‬ ‫تركت‬ ‫قد‬ ‫الحديثة‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫الساحة‬ ‫أن‬ ‫سف‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي ن‬ ‫مغفل�‬ ‫مروجيه الذين ادعوا أن هذا التيار هو أعىل ما ي ف� الحضارة الغرب ّية من اتجاهات أدبية ‪،‬‬ ‫لم يطلعوا عىل خوافيه وأصوله وبواعثه‪ ،‬واستهوتهم نظريات‬ ‫ّ‬ ‫عارضا ظهر منذ ث‬ ‫أك� من قرن وازدراه معظم ال ّنقاد والمفكرين ال أ ي ن‬ ‫وروبي�‪ .‬وقد كان من نتائج وجود هذا ال ّتيار ي ف� أدبنا الحديث ما‬ ‫غامضا ً‬ ‫حقيقة بوصفه تيارا ً‬ ‫ف‬ ‫نعانيه ف� الشعر ًمن الضعف المزري ف‬ ‫الحساس‪ ،‬وانعزالهم عن‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الفن‬ ‫صوره‬ ‫�‬ ‫و� خيال شعرائه‪ ،‬وتفاهة لغتهم‪ ،‬وافتقار قصائدهم إىل حرارة الواقع‪ ،‬وصدق إ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الالعقال�‪ ،‬وانقطاعها‬ ‫التجريدي‬ ‫تتكرر فيه تفاهات الحداثة بطغيانها‬ ‫قضايا أمتهم‪ ،‬وغياب الرؤيا‬ ‫ّ‬ ‫المتفردة لكل منهم‪ ،‬بحيث صارت قصائدهم نموذجا حداث ًّيا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫التواصل ّمع القارئ بما فيها من غموض ورموز مستعارة من حضارات غرب ّية بدعوى عالمية الثقافة‬ ‫ي‬ ‫الأبعاد الفن ّية للقصيدة الحديثة‬ ‫ال حدود للإبداع ي ف� الشعر بنوعيه القديم والحديث‪ ،‬وال يعرف التو ّقف عند محطات مع ّينة مرسومة ‪ ،‬إنّما يحاول الشاعر الحديث العبور إىل الالمحدود وهو‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫ش‬ ‫�ء جديد يسبغه عىل أفكاره من خالل ما يراه ي ف� العالم‬ ‫الالنها� والفضاءات المتمادية‬ ‫ينظم أشعاره‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ويصور أحاسيسه ي� قصيدته‪ ،‬تسيطر عليه الرغبة ي� خلق ي‬ ‫آ‬ ‫يعت�ه مغلقًا‬ ‫بعيدا عن الواقع المق ّيد الذي يرفض قوانينه المتسلطة وحدوده الرسة‪،‬‬ ‫ي ف� الرحيل البعيد‪ ،‬يحلّق معها بأحالمه ورؤاه‪ ،‬ويعيش‬ ‫ً‬ ‫متمر ًدا عىل كل ما ف ب‬ ‫ّ‬ ‫ي ن‬ ‫تستك� ي� عالمها‬ ‫ي ف� الحياة والوجود‪ ،‬فيخلق مسافات طويلة تسبح معها ال ّنفس ي ف� بحر ال شاطىء له‪ ،‬ما تي�ك لمشاعره أن تعيش ي ف� حركة مستمرة ال تهدأ وال‬ ‫الجديد‬ ‫ف‬ ‫حدا يوقف حركتها إال ضمن خلق مستمر لشكل القصيدة‬ ‫هذه الحركة المستمرة ي� تخلقاتها وإبداعاتها تشكّل فوالدة جديدة للقصيدة الحديثة‪ ،‬فال تعرف ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أن‬ ‫وأوزانها وإيقاعاتها‪،‬‬ ‫مع� سلفًا‪ ،‬ذلك ّ‬ ‫مع� ي ّ‬ ‫بحيث تجعل القارئ أو السامع ت ي� انتظار دائم لمعرفة حدودها وفهم موضوعاتها‪ ،‬فال يتاح له االستقرار عىل ن َ‬ ‫القصيدة الحديثة تتفجر ف‬ ‫يع�‬ ‫وهذا‬ ‫غامضة‪،‬‬ ‫بلغة‬ ‫ًا‬ ‫ن‬ ‫ومضمو‬ ‫ا‬ ‫حضور‬ ‫فتستمر‬ ‫ا‪،‬‬ ‫د‬ ‫موح‬ ‫ًا‬ ‫ن‬ ‫مضمو‬ ‫لها‬ ‫درك‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ح�‬ ‫قضاياها‬ ‫ع‬ ‫وتتنو‬ ‫ذاتها‬ ‫بتعب� آخر أن استخدام‬ ‫�‬ ‫ف ّ ً‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ي‬ ‫ي‬ ‫متذرعة‬ ‫المفردات اللغويّة ي ف� الشعر الحديث يختلف بشكل‬ ‫أساس عن استخدامها ي� الشعر القديم أو العمودي النحرافها عن الطريقة ف ي‬ ‫التعب�ية والدالل ّية‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫تث� من جديد � تراثنا العر� ن‬ ‫مع� الشعر‬ ‫إ‬ ‫بالثارة والمفاجآت والدهشة منطلقة من ظاهرة « إخضاع اللغة وقواعدها وأساليبها لمتطلّبات جديدة بحيث أنها ي‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫)بالذات‪2(».‬‬


‫‪INTEREST‬‬

‫ت‬ ‫ال� قامت عليها‪ ،‬وهكذا كان أمر شعراء‬ ‫من ثقافتها ما يتناسب مع ف أذواقهم وطموحاتهم وأهدافهم‪ ،‬فتثور هذه الطبقة عىل التقاليد الموروثة والقوالب الفنية ي‬ ‫‪.‬حركة الحداثة الشعرية ي� لبنان‬

‫يغ� نظام العالقات القديم ويؤسس‬ ‫معا‪،‬‬ ‫بدأت الثورة الحداث ّية عىل الشكل والمضمون ً‬ ‫ناشدين من خالل كتاباتهم إىل «هدم القديم وبناء الجديد الذي ي‬ ‫ف‬ ‫جديدا»‪ )5(.‬ي ن‬ ‫عب� الموروثة لأنّها ـــــ حسب رأيهم ــــ قد‬ ‫نظاما‬ ‫يتب� لنا من خالل ما تقدم ّ‬ ‫ً‬ ‫العر� الحديث تنطلق من االنفصال عن أشكال ال ّت ي‬ ‫ً‬ ‫أن الثّورة ي� تالشعر ب ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العر� جملة وتفصيل‪ ،‬من حيث رفض كل ماهو قديم وما يحتويه من تراث‪ ،‬والتطلّع إىل نشدان‬ ‫ال�اث‬ ‫استهلكت‪ ،‬وما عىل الشّ اعر‬ ‫المجدد الثائر إال االنسالخ عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫متحرر‪ ،‬ينضح لغة جديدة ومواضيع ال تقف ي ف� وجهها قيود الرقابة والحدود‬ ‫تحرر من قيود الواقع الحا� والتطلّع إىل مستقبل ّ‬ ‫الحرية الكاملة بكل ما تعنيه من ّ‬ ‫‪.‬الجامدة‬ ‫ن‬ ‫يع� بهذا‪ :‬القضاء عىل ثنائية الكتابة الفنية(الشعر ث‬ ‫وقد دعا أدونيس إىل كتابة جديدة‪ ،‬وليس إىل تأسيس كتابة‬ ‫والن�)‪،‬و»تجاوز‬ ‫ّ‬ ‫قصيدة جديدة فقط‪ ،‬وهو ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الأنواع الأدبية ث‬ ‫ال� تتمثّل‬ ‫(الن�‪،‬‬ ‫الشعر‪ ،‬القصة‪ ،‬المرسحية‪ . ،‬وصهرها كلها ي� نوع واحد هو الكتابة»‪ )6(.‬وخلق كتابة فن ّية واحدة تكون مقابلة للكتابة يغ� الفن ّية‪ ،‬ي‬ ‫ف أ‬ ‫ف‬ ‫والذاعات والتقارير‬ ‫ي� السلوب المستخدم ي� الصحف إ‬ ‫أ‬ ‫صنعي لشكال وأفكار جامدة ومستنفذة‪،‬‬ ‫العر�‪ ،‬فالبعض نظر إليها عىل أنّها تقليد وسلف ّية‪ ،‬وتكرار‬ ‫تنوعت ال ّنظرة من قبل‬ ‫وقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫شعراء الحداثة‪ ،‬إىل الشّ عر ب ي ّ‬ ‫أجواء أسالفهم وصيغهم»‪ )7(.‬وهكذا ت‬ ‫ليتم إلصاقها‬ ‫يستع�ون‬ ‫بحيث « ينساق الشعراء هنا ي ف� طريق مفتوحة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫تأ� القصيدة نسخة منقولة من هنا وهناك ّ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫الحا�‬ ‫بالواقع‬ ‫ض‬ ‫وتفصيل‪« ،‬ورفض ض‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الحا� والنظر‬ ‫الما� بكل ما يحويه من تراث ونشدان الحرية المطلقة بدعوى العيش ي ف�‬ ‫جملة‬ ‫العر�‬ ‫ودعا البعض إىل االنسالخ عن تّ‬ ‫ال�اث ب ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫سلفي»‪ )8(.‬وهكذا انطلقت الدعوة ي� العرص الحديث للمطالبة بحرية‬ ‫وتعاب� جديدة‪ ،‬ومواضيع جديدة‪ ،‬بدون أي عائق‬ ‫إىل المستقبل‪ ،‬من خالل لغة جديدة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫تفج� الثورة الشعريّة ت‬ ‫ال� انبعثت منها حركة الشعر الحر‪ ،‬ت‬ ‫عاب� والموسيقى بحرية مطلقة‪،‬‬ ‫الفنان ما أ ّدى إىل ي‬ ‫ال� تعتمد عىل ذات الشاعر ي� إبداع الصور وال ّت ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫دون المحافظة عىل النماذج الشعريّة الموروثة والسائدة‪ ،‬ت‬ ‫ال� تعزف أوتاره كلما توترت أعصابه وهاجت‬ ‫ح� يكون الشّ عر ً‬ ‫نابعا من ذات الشاعر ومن أحاسيسه ي‬ ‫انفعاالته‬ ‫فالقصيدة ث‬ ‫النسان‬ ‫والتعب� وتساعده عىل كشف المجهول والعبور إىل‬ ‫والتغي�‬ ‫الن�ية الجديدة تحمل دائما «طموحات الفنان ي ف� التجديد‬ ‫المستقبل‪ ،‬وتجعل إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫�ش‬ ‫ي ف� مواجهة مبا ة مع التجربة واللغة وتضعه ي� موضوع حرج‪ّ ،‬إما أن يكون شاعرا أو ال يكون»‪ )9(.‬وإن تسمية القصيدة الن�يّة وردت لول مرة من خالل دراسة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫«إن تحديد‬ ‫كتبها أدونيس بمجلة»شعر» (صيف ‪ )1959‬بعنوان «محاولة ي� تعريف الشعر الحديث»‪ ،‬ومن ثم أثبتها ي� كتابه»زمن الشعر» حيث يقول ي� خاللها‪ّ :‬‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫بال�ورة‪،‬‬ ‫بال�ورة‪ ،‬وليس ّكل ثن� خال ًيا‪ّ ،‬‬ ‫شعرا ّ‬ ‫خارجي سطحي‪ ،‬وقد يناقض الشّ عر ‪ ،‬إنه تحديد للنظم ال للشعر‪ ،‬فليس كل كالم موزون ً‬ ‫الشعر بالوزن تحديد ث ّ‬ ‫شعرا‬ ‫من الشعر ّ‬ ‫إن قصيدة ن�ية يمكن بالمقابل أن ال تكون ً‬

‫ت‬ ‫وابتدأت بعد ذلك تشيع لفظة «القصيدة ث‬ ‫الن�ية» ‪ ،‬وبخاصة بعد أن صدر العديد من الدواوين‬ ‫ال� حوت قصائد ثن�ية‪ ،‬ي ف� لبنان والبالد العربية مثل‬ ‫والمجالت ي‬ ‫أ‬ ‫العراق ومرص‪ ،‬وبرز ف� الدول ال أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الكث� من الشعراء الذين سلكوا هذا االتجاه الجديد‪ ،‬الذي بدأ ي� الخمسينات وكان متأثرا بثورة الدب ي� الغرب‪ ،‬هذه‬ ‫وروبية ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫والقوا� وتركت للشاعر حرية التنقل واالختيار‪ ،‬ولكن انفتاح لبنان عىل أوروبا م ّهد له سبل الريادة ي� االتجاهات الجديدة‬ ‫ال� خرجت عىل الأوزان‬ ‫ي‬ ‫الثورة ي‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫تطو ًرا علميا بارزًا عىل مستوى ت‬ ‫واضحا ي ف� الآداب والفنون‪ ،‬ومن‬ ‫أثرا‬ ‫االخ�اعات‬ ‫ً‬ ‫و� عرص شهد ّ‬ ‫ًّ‬ ‫والتكنولوجيا بمختلف مجاالتها وأنواعها‪ ،‬كان ال ّبد نمن أن ي�ك ً‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� هذه المرحلة اجتمع عدد من الشعراء‬ ‫والمثقف� وأصدروا مجلة «شعر»‪ ،‬وكانت رئاسة ال ّتحرير‬ ‫العر� المعارص بمختلف تياراته وأشكاله‪،‬‬ ‫ضمنها الشعر‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تغي�ا جذريًّا ي ف� شكل القصيدة وأوزانها‬ ‫العر� المعارص‪ ،‬وأحدثوا ي ً‬ ‫ليوسف الخال وأدونيس المدير المسؤول‪ .‬وقد لعبت تلك المجلة دورا هاما ي� بروز الشعر ب ي‬ ‫ويمكننا استنتاج أهم خصائص ي ز‬ ‫قصيدة»الكول�ا» للشاعرة العراقية نازك‬ ‫ومم�ات هذا االتجاه الجديد من خالل بعض ال ّنماذج من «الشّ عر الحر»‪ ،‬ومنها‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫تعت� رائدة الشعر الحديث فتقول‬ ‫ال� ب‬ ‫المالئكة ي‬ ‫طـــلـــع الــفــجــــر‬ ‫ي ن‬ ‫الماش�‬ ‫أصغ إىل وقع خطى‬ ‫ف� صمت الفجر‪ ،‬أصغ‪ ،‬أنظر ركب ي ن‬ ‫الباك�‬ ‫ي‬ ‫ع�ش ة أموات‪ ،‬ع�ش ونًا‬ ‫ي ن‬ ‫المسك�‬ ‫اسمع صوت الطفل‬ ‫مو�‪ ،‬ت‬ ‫ت‬ ‫مو�‪ ،‬ضاع العدد‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫)مو�‪ ،‬مو�‪ ،‬لم يبق غد(‪10‬‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫المو� الذين قضوا بفعل الوباء الذي انت�ش ي ف� الأرياف المرصيّة ي ف� ذلك‬ ‫ال� تجر عربات‬ ‫ي� هذا المقطع من القصيدة ب ّ‬ ‫تع� الشاعرة عن صوت وقع أقدام الخيل ي‬ ‫التغي� الذي أصاب التفعيالت بحيث ارتكز المقطع الذي أوردناه عىل تفعيلة المتدارك (فعلن)‪ ،‬مع عدم التقيد بعدد تفعيالت الشطر الواحد‬ ‫الوقت‪ ،‬ونالحظ‬ ‫ي‬ ‫ف أ‬ ‫ف‬ ‫التنوع خدمة الفكرة الرئيسية أو الموضوع‪ ،‬وبذلك‬ ‫التقليدي(الخليل‬ ‫)‪..‬وتنوعت التفعيالت ي� الشطر ولم تعد كما كانت من قبل‪ ،‬وقد قصدت الشّ اعرة ي� هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫تكون قد رسمت للقارئ صورة ماديّة تنساب إىل مخيلته‬ ‫ن‬ ‫الكول�ا ذلك الوباء الذي يفتك‬ ‫تتحدث عن مرض‬ ‫المع�‬ ‫ومن ناحية‬ ‫السطحية ّ‬ ‫تفس�ات ّ‬ ‫ي‬ ‫فالقصيدة تحمل ي‬ ‫متعددة الوجوه‪ ،‬أولها أن القصيدة من الناحية ّ‬ ‫آ‬ ‫الكول�ا أيضا وكالهما يحصدان الموت‬ ‫السياس القديم الذي أصابه مرض‬ ‫وبتفس� آخر فقد أرادت الشاعرة إبراز مرض النظام‬ ‫بالب�ش ويسبب الخراب والالم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫خصوصا ‪ ،‬لأنّه صار صنعة من ال موهبة له ف ي ف� الأدب المجرد من أية وسيلة فنية‪ .‬وارتبط مفهوم الحداثة ي ف�‬ ‫فكانت الصدمة ي ف� ظواهره الشّ عرية‬ ‫ً‬ ‫ي ن‬ ‫أن الحداثة مفهوم مرتبط بالحداثة بما عرف بقصيدة‬ ‫أذهان بعض‬ ‫المثقف� فالذين آمنوا بالشعر الحر‪ ،‬أو شعر التفعيلة‪ ،‬بحيث ثبت ي� تصوراتهم ّ‬ ‫ث ت‬ ‫ال� يغلو دعاتها ي� مخاصمة العروض‬ ‫الن� ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الكب� ي ف� التمهيد لظهور فالحداثة‪،‬‬ ‫الغر� ظهر ي� بالدنا ي� بداية الخمسينات‪ ،‬أفكان لمجلة»شعر» ي� هذه المرحلة الثر ي‬ ‫واصطالح الحداثة بمفهومه ب ي‬ ‫الفاعل‪ ،‬وقد ّأرخت هذه المجلة لمرحلة جديدة ي� الشعر‬ ‫وسلطانها‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫مساحتها‬ ‫لها‬ ‫فكرية‬ ‫حركة‬ ‫بصفتها‬ ‫بل‬ ‫مصطلحا فحسب‪،‬‬ ‫ليس بوصفها‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ف أ‬ ‫ف‬ ‫العر� أدخلته ي ّ ز‬ ‫وغ�ت مفهوم الشعر الذي كان ينظر‬ ‫ح� الحداثة‪ ،‬ما أدى إىل قيامها بدور فاعل ي� قلب المفاهيم المتوارثة ي� السلوب الشعري‪ ،‬ي ّ‬ ‫بي‬ ‫نتيجة حاصلة لصياغة المضمون‪،‬‬ ‫الشكل‬ ‫أن‬ ‫المجلة‬ ‫هذه‬ ‫مع‬ ‫عر‬ ‫مفهوم‬ ‫كان‬ ‫ولذلك‬ ‫تجريبية‪،‬‬ ‫خلق‬ ‫عملية‬ ‫أنه‬ ‫عىل‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫عروض‬ ‫ظاهرة‬ ‫مجرد‬ ‫أنه‬ ‫إليه‬ ‫الشّ‬ ‫ّ‬ ‫وكل تحديث ف� المضمون يتطلب تحديثا ف� الشكل‪ ،‬من هنا كان هدف مجلة «شعر» أن ق‬ ‫يتال� الشعراء مع الشعر الآخر ف� ث‬ ‫الحي الذي ال‬ ‫الشعر‬ ‫الن�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫تفتحا‬ ‫يص� تخطّيا ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫يعيد خلق العالم حيث يعيش‪ ،‬عىل صورته ومثاله فحسب‪ ،‬بل ي‬ ‫ويص� ً‬ ‫ي ن‬ ‫الفاعل� ي ف� إدارة هذه المجلة إنّما كان هدفهم لأجل خدمة ال ّتغريب ورصف العرب عن تراثهم ولغتهم الفصحى‪ ،‬لغة القرآن‬ ‫أن‬ ‫وقد اتّضح ّ‬ ‫ث‬ ‫كب�ة للكتابة فيها‪ ،‬كما لم يكن غري ًبا أن تمهد لتيار‬ ‫تروج المجلة لدعوى الشّ عر الحر وقصيدة ال ّن� وترصد جوائز مال ّية ي‬ ‫الكريم‪ ،‬ولم يكن غري ًبا أن ّ‬ ‫«بودل�‬ ‫الحداثة عن طريق ما كانت تن�ش ه لرواد هذا ال ّتيار أمثال «اندريه بريتون» ورينيه شار»و‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي ن‬ ‫تب� مواقفها وأهدافها‪ ،‬فكتب ي ف� العدد الرابع من مجلة «شعر»‬ ‫المؤيدين لسياسة هذه‬ ‫«ج�ا ابراهيم ب‬ ‫ويعت� ب‬ ‫ب‬ ‫الداع� إىل ي‬ ‫أ‬ ‫المجلة‪ ،‬ومن ف‬ ‫ج�ا» من ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫االنكل�ية‪ ،‬وأنه رصف عن‬ ‫البداعية كانت‬ ‫يدعو إىل الشعر الحر‪ ،‬ثم يصدر ي� عام ‪1959‬م مجموعته الوىل (تموز ي� المدينة)‪ ،‬وهو يع�ف ّ‬ ‫أن لغته إ‬ ‫ي‬ ‫ي ن‬ ‫فلسط�‪ ،‬ويقول‪ « :‬فلما أقدمت آإىل بغداد حاولت إلباس الطاقة الشعريّة نفسها ثوبًا عرب ًّيا ويا للصعوبة‪ ،‬ولكن لن أكتب الشعر‬ ‫الكتابة بها بعد نكبة‬ ‫خر‪ ،‬امتداد الثورة فنفسها‪ ،‬تعميقها وإبرازها واستخراج ما فيها من مأساة أو سخرية‪ .‬أما اللغة‬ ‫بال‬ ‫ول‬ ‫ال‬ ‫اتصال‬ ‫أنا‪:‬‬ ‫أفهمه‬ ‫الذي‬ ‫النحو‬ ‫العر� إال عىل‬ ‫بي‬ ‫ح� أن ث‬ ‫فيجب ّأل تكون إال المادة الخام ت‬ ‫ال� نسخرها لمشيئتنا ف� هذه العملية (� ي ن‬ ‫أك� الشعراء العرب يسخرون مشيئتهم للغة)‪ ،‬وبهذا نستطيع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جديدة للتعب� عن دقائق يحياتنا»‪ .‬ف‬ ‫ث‬ ‫الحدا� يظهر من خالل مفهومه للشعر وإن لم‬ ‫التفك�‬ ‫و� هذا الكالم لمحات من‬ ‫خلق أشكال جديدة‪ ،‬ووسائل‬ ‫ي‬ ‫ّ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يوضح هدفه‪ ،‬بل عمد إىل ال ّتلميح دون ال ّتوضيح‬

‫وعند أدونيس يأخذ مفهوم الحداثة طابعا شموليا يتناول كل مقومات الحياة الراهنة والماضية سواء أكانت علمية أم اجتماعية أم فنية‪ « :‬ت‬ ‫وتش�ك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مستويات الحداثة هنا مبدئيا بأنواعها الثالثة‪ًّ ،‬ن‬ ‫الب� السائدة ي ف� المجتمع وما تتطلبه حركته من آلة ي ف� حقيقة أساسية هي أن الحداثة رؤيا جديدة‬ ‫ب� ن‬ ‫وهي رؤيا تساؤل واحتجاج‪ ًّ :‬تساؤل حول الممكن‪ ،‬واحتجاج عىل السائد‪ ،‬فلحظة الحداثة هي لحظة ال ّتوتر أي ال ّتناقض وال ّتصادم ي ن‬ ‫الب� السائدة‬ ‫ف‬ ‫ن ت‬ ‫ال� تستجيب لها وتتالءم معها‬ ‫ي� المجتمع وما تتط ّلبه حركته من الب� ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫تعب�يّة‬ ‫يفجر آفاق ال ّلغة الشعرية ويفتح دروبًا وآفا ًقا تجريب ّية جديدة ي� فضاء الممارسة إ‬ ‫البداعية واستكشاف طرق ي‬ ‫تع� عنده تساؤال حا ًدا ّ‬ ‫كما ي‬ ‫تتالءم مع حجم ال ّتساؤل‬ ‫ف‬ ‫ال�اث فقد اتّسم ب ن‬ ‫تماما‬ ‫أما موقف‬ ‫أدونيس من تّ‬ ‫بالج� وال ّتذبذب‪ ،‬وإن اتّفق ي� أصله مع دعوة الحداثة الغرب ّية باالنقطاع ال ّتام عنه‪ ،‬فهو يبتعد ً‬ ‫اث العر� ف‬ ‫وب�وت وانتها ًء بأنطاكية‪ ،‬بعد أن يكون قد اشتمل عىل سومر وبابل‪ ،‬هذا‬ ‫ا‬ ‫مرور‬ ‫قرطاجة‬ ‫من‬ ‫ء‬ ‫ابتدا‬ ‫المتوسط‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫�‬ ‫ال�‬ ‫عن تّ‬ ‫باالسكندرية ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ب‬ ‫ي ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫الطار الحقيقي الذي ن�ي فيه مصادرنا الثقاف ّية‪ ،‬ومن هذه الصول العريقة تنبع ال�اثات‬ ‫هو إ‬ ‫ث‬ ‫وأمام حماسته الالفتة ي ف� الدعوة إىل سيطرة التيار‬ ‫الحدا� عىل أساس ما ا ّدعاه من الثبات والتحول قال‪« :‬ال يمكن أن تنهض الحياة العربية ويبدع‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫المب� ّ ن‬ ‫تتهدم البنية التقليدية السائدة للفكر العر�‪ ،‬إال إذا تخلص من ن‬ ‫ي�‬ ‫الموقف المعادي‬ ‫التقليدي االتباعي»‪ .‬أهذا‬ ‫العر� إذا لم‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫النسان ب ي‬ ‫الد ي‬ ‫ف‬ ‫لخطى ّأستاذه الم�ش ف عىل بحثه «الأب بولس ب ينويا»‪ ،‬ف‬ ‫المنحى‬ ‫تغلب‬ ‫�‬ ‫صل‬ ‫ال‬ ‫السبب‬ ‫هي‬ ‫ينية‬ ‫الد‬ ‫الرؤيا‬ ‫يقول‪»:‬‬ ‫الذي‬ ‫رأيه‬ ‫�‬ ‫ّباع‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫هو‬ ‫للعقيدة‬ ‫ّ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫العر� ي ف�‬ ‫المنحى‬ ‫الثبو� عىل‬ ‫التحو يل ي� الشعر أو بعبارة أخرى ‪ّ :‬‬ ‫إن النظام الشامل الذي خلقه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ساس الذي جعل المجتمع ب ي‬ ‫ي‬ ‫الدين كان العامل ال ي‬ ‫أ‬ ‫القرون الثالثة الوىل يفضل القديم عىل الحديث‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫تروج له الحداثة الغربية ي ن‬ ‫ح�‬ ‫محا�ة‬ ‫وألقى يوسف الخال رئيس تحرير مجلة «شعر»‬ ‫العر� ي� لبنان)‪ ،‬فكشف عن بعض ما ّ‬ ‫عن (مستقبل الشعر لأ ب ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫المضام� الجديدة‪ ،‬فليس ل وزان التقليديّة أية قداسة‪ ،‬و دعا إىل االعتماد ي� بناء القصيدة عىل‬ ‫اليقاع الشعري‪ ،‬وصقله عىل ضوء‬ ‫دعا إىل تطوير إ‬ ‫ي‬ ‫وحدة التجربة والجو العاطفي العام‪ ،‬ال عىل ال ّتتابع وال ّتسلسل المنطقي‬ ‫ب� أدونيس ويوسف الخال ف� الوسائل ال الأهداف‪ ،‬ي ن‬ ‫لقد ظهر خالف ي ن‬ ‫سعيد عقل «‬ ‫ح� شهد عام ‪ 1961‬أظهور ديوان (يارا) الذي استخدم ففيه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫العر� المعارص الذي انعقد ي� روما ي� العام نفسه‪،‬‬ ‫تأكيدا لمبادىء الحداثة الغربية‪ .‬ثم كان مؤتمر الدب‬ ‫العامية اللبنان ّية مكتوبة بحروف التينية ً‬ ‫«يوسف الخال» دعوته إلسقاط اللغة الفصحى‪ ،‬واستخدام اللغة المحلية والحرف ب ي ن‬ ‫فأعلن فيه‬ ‫الالتي�‪ ،‬ولم ير أدونيس استخدام هذه الوسيلة وإن‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫اتفق معهما ي ف� الأهداف‬ ‫وقد كان محور‬ ‫فع�وا عنها بوجدان ّية عميقة ناتجة عن تجاربهم الشخص ّية‪،‬‬ ‫اهتمام هذه الحركة الشّ‬ ‫الجديدة كل ما يحقّق سعادة الفرد ب ّ‬ ‫عرية ف‬ ‫يعدلوا ف‬ ‫ي ن‬ ‫القوالب العرب ّية القديمة ومواضيعها ال ّتقليدية‪ ،‬للوصول بالشّ عر إىل الحرية‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫حر‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫القافية‪،‬‬ ‫و�‬ ‫العر�‬ ‫عر‬ ‫عمودية‬ ‫�‬ ‫محاول� أن‬ ‫الشّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ن ي ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الراهن ي� الشعر من جانب هؤالء المجددين‪ ،‬وبناء واقع جديد تابع للثّقافة‬ ‫يع� وجود تيار رفض للواقع ّ‬ ‫البعيدة عن الثوابت المرسومة‪ ،‬وهذا ي‬ ‫والحرية ت‬ ‫ال� تنبع من داخل ت‬ ‫العر� ال من خارجه‪ ،‬فالحركة» نهضة هدفها‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫الثور‬ ‫بإسباغ‬ ‫الهدف‬ ‫هذا‬ ‫الغربية وإن حاول رواد الحداثة تسويغ‬ ‫ال�اث‬ ‫ّ‬ ‫يب‬ ‫ن ي‬ ‫الجديد والقديم‪ ،‬أو ي ن‬ ‫فس العرب ّية إىل مستوى الحداثة‪ ،‬وال صلة لها بالرصاع المألوف يب�‬ ‫رفع ال ّن‬ ‫ب� الشّ باب والشّ يوخ‪ ،‬فهي قديم يتجدد مع الحياة‬ ‫)‪ ،‬شأنها ي ف� ذلك شأن الوالدة الجديدة»(‪4‬‬ ‫ومن الطّبيعي أن ينشأ الرصاع ي ن‬ ‫السياس ّية واالجتماع ّية واالقتصاديّة والعقل ّية‪ ،‬ذلك أن‬ ‫المجاالت‬ ‫للمتغ�ات الحيات ّية أ ي ف�‬ ‫نظرا‬ ‫ب� الجديد‬ ‫ي‬ ‫والقديم ً‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الحياة ف� تطور مستمر أ ف‬ ‫�ش‬ ‫و� ظل هذه الوقائع تنشأ طبقة من الشعراء المتأثرين‬ ‫والفراد ي� المجتمعات الب ية ينظرون دائما نحو الحسن والفضل‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ي ن‬ ‫مستوح�‬ ‫بالروح الجديدة‬


DEVELOPMENT

28 | Magazine Template www.website.com


‫ي ن‬ ‫الماش� ـ ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫المسك� ‪ ،‬وقد اختارت الشاعرة هذه العبارات لما‬ ‫الباك� ـ‬ ‫بروي واحد ‪:‬‬ ‫والخراب‪ .‬أما القافية فقد جاءت ّ‬ ‫متنوعة يغ� مقيدة ّ‬ ‫مع� عن العذاب والألم والحرسة‬ ‫فيها من أثر ب ّ‬ ‫تأثر الشاعر أنس الحاج بالأدب الغر� مبكرا ث‬ ‫العر�‪ ،‬فبعد أن تخىل الشاعر‬ ‫مهما ي ف� عالم‬ ‫دورا ًّ‬ ‫أك� من يغ�ه‪ ،‬ولعب ديوان «لن» ً‬ ‫ً‬ ‫الشّ عر ب ي‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫توجه إىل ال ّلغة‬ ‫أنس عن القيود الخليلية التقليدية‬ ‫للتعب� عن تجربته الفن ّية‪ ،‬ورفض ً‬ ‫ي‬ ‫أيض فا ال ّتفعيلة كوحدة إيقاع ّية ي� الشّ عر الحر‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يقول فيها‬ ‫مبا�ش ة ليستخرج مواده الشعريّة‬ ‫الخاصة وإيقاعاته الموسيقية‪ ،‬كما نرى ي� قصيدته ي‬ ‫جديدة ستبقى‪ ،‬وصلت أمواج الدمن الأسود إىل‬ ‫الحواجب‪ ،‬أنت تفرزين ‪ ،‬ونحن نسبح‪ ،‬نغرق‬ ‫ويحتل الأطفال دوائرنا‪ ،‬بعدك ال جدوى من الخضوع‬ ‫فلنقطع الركبة ونصب العنق عموديا‪ ،‬ال خضوع‬ ‫! آدم ! يا موت ‪ ،‬بعث ‪ .‬يا كفاح‬ ‫ش‬ ‫�ء ! «‪11(.‬‬ ‫ال ي‬ ‫ي ّتضح لنا بعد هذا النموذج من القصيدة ث‬ ‫الن�يّة‪ ،‬أنّها تخ ّلت عن شكل ّية وبنية القصيدة السابقة‪ ،‬تل�سم من الداخل هيكليتها الجديدة‬ ‫ف‬ ‫مهما ي� بناء‬ ‫متوجهة إىل العالم وإىل إ‬ ‫دورا ًّ‬ ‫المغايرة‪ّ ،‬‬ ‫النسانية جمعاء بلغة الفن البعيد عن التخاطب الرسمي‪ .‬أ وتلعب سيمياء اللغة ً‬ ‫لتب� أحوال المشاعر والحاسيس ت‬ ‫القصيدة ث‬ ‫الن�يّة فتغور الموسيقى الشعريّة من الخارج إىل الداخل ي ّ ن‬ ‫ال� تختلج ي ف� ذات الشاعر‪ ،‬ويقول‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أدونيس‪ »:‬تنطلق قصيدة ث‬ ‫والداللة‪ ،‬ونضيف‬ ‫عب� ّ‬ ‫الن� ي� الحركة الشعريّة العربية الجديدة من أن نحيد باللغة عن طريقتها العادية ي� ال ّت ي‬ ‫ف‬ ‫تث� من جديد ي� تراثنا‬ ‫إىل طاقتها خصائص إ‬ ‫الثارة والمفاجأة ّ‬ ‫والدهشة‪ ،‬وإخضاع ال ّلغة وقواعدها وأساليبها لمتطلبات جديدة بحيث أنّها ف ي‬ ‫)العر� ن‬ ‫لليقاعات القديمة بل لتجاربنا الجديدة ي� حياتنا»‪12(.‬‬ ‫مع� الشعر بالذات‪ ،‬وتكون موسيقاها ليست موسيقى االستجابة إ‬ ‫بي‬

‫ف‬ ‫ث‬ ‫بالغر�‬ ‫والحضاري ‪ ،‬وانبهارها‬ ‫الثقا�‬ ‫العر� المعارص وصدامها مع الموروث‬ ‫الحدا� الوافد‪ ،‬أوقعت‬ ‫إن مشكلة الحداثة ي ف� الشّ عر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫بيّ‬ ‫يّ‬ ‫الشاعر العر� ف‬ ‫خصوصا ي ف� هذا ال ّزمن حيث نجد االرتداد إىل القديم‪،‬‬ ‫بقديمه‬ ‫ك‬ ‫متمس‬ ‫عالم‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫فر‬ ‫كونه‬ ‫وبخاصة‬ ‫‪،‬‬ ‫أمره‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫ح�‬ ‫�‬ ‫ً‬ ‫بي ي ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الب�نطي أن ت‬ ‫رواد الحداثة هو يوسف الخال يقول‪ »:‬والآن حان لنا بعد ألف سنة من الجدل ي ز‬ ‫نع�ف بما حققته الحياة‬ ‫وجعلت ً‬ ‫واحدا من ّ‬ ‫ي ف� لغتنا ‪ ،‬ونبادر إىل تبنيه دون أي عائق خارجي ال يستند إىل الحقيقة العلم ّية‪ ،‬وأقل ما هو مطلوب اليوم أن نسمح للغة العربية الحديثة‬ ‫بالتعايش‬

‫إن‪ّ ،‬كل شعر ينفصل عن ت‬ ‫نابعا من صميم‬ ‫شعرا هجي ًنا ‪ ،‬وال تكتب له الحياة‪ّ ،‬‬ ‫يعمر ما لم يكن ً‬ ‫ال�اث أو عن طبيعته ّ‬ ‫وإن كل تجديد ال ّ‬ ‫يعد ً‬ ‫ث‬ ‫العر�‬ ‫تّ‬ ‫الحدا� آ ‪« :‬حركة الشعر ب ي‬ ‫ال�اث‪ ،‬وأن الحداثة العرب ّية لن تكون عرب ّية ما لم تكن وليدة الروح العرب ّية‪ .‬وغاية ما تيقال عن الشّ نعر ن ي ّ‬ ‫الحديث ال تزال حركة تحاول أن تحقق ذات الحداثة‬ ‫الح� والخر عن أصحاب هذه الحركة‬ ‫العرب ّية‪ ،‬وإن البيانات الشعريّة ال� تصدر يب� ي‬ ‫الحا� ويدها ف� ض‬ ‫ض‬ ‫الما�‪ ،‬فتحيا التأزم الفكري يوالقلق والخوف فتفقد ت‬ ‫تت�جح ي ن‬ ‫ال�اث وتخرس المعارصة‪،‬‬ ‫ال�اث والمعارصة‪ ،‬عينها ي ف�‬ ‫ب� تّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وتضيع معهما الحداثة المنشودة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫ومهما اختلفت مفاهيم الحداثة‪ ،‬تبعا الختالف مصادرها من ال آفكار وال ّنظريات والمذاهب ي‬ ‫ال� ولدت متعاقبة‪ ،‬واختالف أماكنها ي‬ ‫استقت مفهوم حداثتها من بعض تلك المصادر دون بعضها الخر‪ ،‬نجد اتفا ًقاعىل مبادئها‪ :‬وهي االقتحام وال ّنفور من كل ما هو‬ ‫متواصل‪ ،‬وأنّها ف� امتدادها ن‬ ‫المضام�ن‬ ‫الزم� أو الجغر ي فا� ال تزال تمتلك القدرة عىل االستفزاز وإثارة الجدل‪ ،‬وأدبها يغ� واقعي ‪ ،‬وخال من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫النسانية‪ ،‬يركّز عىل القضايا الأسلوبية والشكلية بدعوى النفاذ إىل أعماق الحياة‪ ،‬وأنّها فن تحطيم الأطر التقليدية والشخصية الفردية‪،‬‬ ‫إ‬ ‫النسان الفوضوية ت‬ ‫ن‬ ‫رغبات‬ ‫وتب�‬ ‫حد‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ال� ال يحدها ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫ال� ترخي بثقلها ي ف� ميادين الآراء المتباينة حول حركة الشعر‬ ‫الحدا� بضاعة من ال يملك‬ ‫الحدا�‪ ،‬تدفعنا للقول‪ :‬هل إن الشعر‬ ‫ف إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والشكالية ي‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫وال�‬ ‫غة‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫عىل‬ ‫خارج‬ ‫هو‬ ‫ومن‬ ‫موهبة؟‬ ‫الشعر‬ ‫وبالتال يجري وراء رساب تجديد وما هو ببالغه؟‬ ‫اث؟‬ ‫ي�‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫البداع يغ� إيمان بقدرة أدبنا‬ ‫الشعري بوجهيه‪ :‬التقليدي‬ ‫الجواب تحمله القدرات الأدبية وبخاصة الفن‬ ‫والحدا�‪ ،‬وما اجتماعهما ي� واحة إ‬ ‫فّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫والحضاري‬ ‫الثقا�‬ ‫عىل تجاوز هذا الغموض والتنافر وما هو بمستحيل ي� تاريخ أمتنا‬ ‫ّ‬ ‫يّ‬ ‫ن‬ ‫البوهيمي‪ :‬أساسا هو أحد‬ ‫مواط� منطقة بوهيميا التشيكية لوصف أولئك المهاجرين الغجر الذين جاؤوا من رومانيا مارين بمنطقة*‬ ‫بمع� آخر ف� فرنسا‪ ،‬حيث أصبح يدل عىل أي كاتب أو فنان يميل اىل اتخاذ سلوك العيش بنمط حيا�ت‬ ‫بوهيميا‪ّ ،‬إل أن المصطلح انت�ش ي ن‬ ‫ي‬ ‫يّ‬ ‫يغ� مألوف سواء كان هذا سلوكًا واع ًيا أو يغ� واع ًيا منه‪ ،‬ومن ثم فنمط الحياة الغجريّة آنذاك كان بمثابة ال�ش ّ ارة الأوىل لبداية ما يعرف‬ ‫‪.»a.m.wikipidia.org.wiki‬بالبوهيم ّية ي ف� الأدب والفن ي ف� فرنسا وأوروبا‬ ‫بقلم الدكتور خليل سعد‬


‫أ‬ ‫ن‬ ‫نحك حكايات‬ ‫تركتا عالنية البيات ‪ ..‬ل�جع ي‬

‫‪30 | Magazine Template www.website.com‬‬


‫عن ض‬ ‫الخت�ية‬ ‫ما� من العمر فات‪ ..‬وما بننىس ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الب�‬ ‫المي من ي‬ ‫بك�‪ ..‬تنشل ّ ْ‬ ‫س� كانت عا ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الحم�‬ ‫اركض ح� ساعدها‪ ..‬ح� ي�ش بو‬ ‫ي‬ ‫خ� تمنيت‬ ‫ي‬ ‫للج�ان الجنب البيت‪ ..‬وياما مع ي ي‬ ‫نط�‬ ‫يع�ونا اياهم ساعة‪ ..‬وعالحصحاصة كنا ي‬ ‫ي‬ ‫ولما عالطريق نشوف‪ ..‬كيف بدنا بالكرم نطوف‬ ‫نتخبا من الناطور‪ ..‬ووال واحد منا يشوف‬ ‫الس ِّدي‬ ‫وكانت دكانة جدي‪ ..‬والبضاعة عىل ِ‬ ‫صابون وعلكة شامي‪ ..‬ما ي ف� ِم َّنا بإيَّامي‬ ‫نش�ي � ِلوقية‪ ..‬وع� ت‬ ‫ت‬ ‫أك� ما ِف ي ي�‬ ‫بي‬ ‫بي‬ ‫ب�‬ ‫عل�‪ ..‬ويروح ب ِّ‬ ‫ينتبه جدي ي ّ ي‬ ‫يخ� ي ي‬ ‫اهرب لعند الجارة‪ ..‬لبيتا بنص الحارة‬ ‫ن‬ ‫تخبي�‬ ‫ورا�‪..‬‬ ‫لحكا�‬ ‫من‬ ‫يي‬ ‫ِتجي امي ي ي‬ ‫ي‬ ‫التدب�‬ ‫لمال�‪ ..‬وتقول عليها‬ ‫ي‬ ‫عل� ي ي‬ ‫ِتلف ي ّ ي‬ ‫ي ن‬ ‫ع‪.‬شاه�‪//‬‬ ‫‪//‬صباح‬


‫ض‬ ‫الما�‬ ‫بصمات‬ ‫ي‬

‫أيام الحزن تت�ك طابعها الخاص‪.‬فهي تضع بصماتها ي ف� قلوبنا دون أن ترحل عنا‬ ‫علها تبعث ف� داخلنا رائحة الأمل من جديد بعد الهزيمة ت‬ ‫ال� تعرضنا إليها أو‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الألم الذي ينتابنا‬ ‫فالحزن يخلق نوعا من القوة ت‬ ‫ال� تجعل من المرء شخص قوي لينطلق من جديد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫بوجه التحديات والصعاب‪ ..‬فالسهم مثال لينطلق بقوة اىل المام هو بحاجة‬ ‫للعودة اىل الوراء‪ .‬فالحزن كذلك يولد فينا روح التنافس ويعطينا دافعا ال بل‬ ‫رادعا للخروج و تخطي هذه الأحزان‬ ‫نحن فقدناهم‪ ..‬أجل‬ ‫هم رحلوا‪ ..‬غادروا الحياة وسافروا رحلة السماء‪ ..‬أحببناهم‪ ..‬أجل تحدثنا‬ ‫معهم وعرفناهم‪ ..‬رحلوا بعيدا بعيدا جدا‪ ...‬هم يشاهدوننا من مكانهم ونحن‬ ‫نتألم عىل فراقهم‪ ..‬هم إرتاحوا من أوجاعهم ونحن نبحث عن الدواء لنطيب‬ ‫جراحنا‪..‬هم مالئكتنا ي ف� السماء يسكنون ي ف� أعماقينا و يظهرون ي ف� كل لحظة‬ ‫نناديهم ف‬ ‫و� كل لحظة ال نناديهم‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫عل� أرى‬ ‫إشتقت لهم أجل إشتقت لهم ي‬ ‫كث�ا إشتقت ‪ ..‬أحيانا أنظر اىل ال ي‬ ‫عال ي‬ ‫أحدهم ‪ ..‬لكن ال جدوى من نظر ي تا�‪ ..‬فإنها تذهب سدى‬ ‫ن‬ ‫أن� و أننا جميعا سنذهب و نرحل برحلة السماء لكن ألم الفراق‬ ‫ما هو معلوم ي‬ ‫يكاد ن‬ ‫يقتل�‪ ..‬أجل ن‬ ‫يقتل�‪ ..‬ن‬ ‫يقتل�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بقلم ماري ميشال اسحق‬


www.website.com |magazine template| 33


‫‪HUMANITY‬‬

‫البطالة تتفاقم ‪ ...‬والدولة ساكنة‬

‫خ�ة وال واسطة بدلت الحال‪ .‬بقيت عاطل‪ .‬عاطل ت‬ ‫ح� عن فهم واستيعاب إىل أي مدى ستصل بنا أزمة‬ ‫ال شهادة وال ب‬ ‫ف‬ ‫القتصاديّة ي� لبنان‪ ،‬والدولة‬ ‫البطالة وقد نفّدت إىل أزمة أخرى أال وهي الهجرة‪ .‬أزمة مال ّية عالم ّية تراكمت عىل المشاكل إ‬ ‫مغ ّيبة عن أداء واجبها‪ .‬تغطى مفهوم الربح عىل معظم الجامعات والمعاهد من دون وجود دراسة شاملة لسوق‬ ‫العاطل� عن العمل وتحديداً الشباب البالغ أعمارهم ما ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫ب� الخامسة ع�ش والرابعة‬ ‫العمل‪ .‬كل ذلك رفع من نسبة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫تبدد كل عائق ي� إيجاد وظيفة‬ ‫إن الواسطة والدعمة السياس ّية يوم‬ ‫والع�ش ين‪ .‬المضحك‬ ‫المبك‪ ،‬وحرصيّاً ي� لبنان‪ّ ،‬‬ ‫تتوفر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أن ت‬ ‫ال�ضيات وتدخل السياس ّية بالتوظيف ي ف� مالك‬ ‫المتخرج أو العاطل عن العمل‪ .‬هذا المضحك‪ّ ،‬أما‬ ‫أمام‬ ‫المبك فهو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تتناسب وكفائته العلم ّية‪« .‬عندك‬ ‫الدولة أو ح� ي� القطاع الخاص تقلل نسبة أن يكون الموظف الجديد ي� الوظيفة ي‬ ‫واسطة ‪ ...‬بم�وكة عليك الوظيفة‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫أن ال نسبة دقيقة وشاملة صادرة عن‬ ‫ك�ت أرقام نسبة البطالة ي� لبنان وذلك إلختالف معطيات كل دراسة وكل إحصاء إال ّ ّ‬ ‫ت‬ ‫ب� ‪ %30‬و‪ %40‬تبدو ث‬ ‫ال� تراوح ما ي ن‬ ‫أك� واقع ّية‬ ‫تتبدل سنويّاً‪ ،‬لذلك نجد ّ‬ ‫مرجع رسمي مختص ّ‬ ‫أن نسبة البطالة ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ي ن‬ ‫العامل�‬ ‫خ�ة إىل الواجهة آفة البطالة خصوصاً بعد رصف عدد ال يستهان به من‬ ‫أعادت الزمة المال ّية العالم ّية ال ي‬ ‫أ‬ ‫ن ف‬ ‫القتصادي ت‬ ‫الم�دي ض�ب قطاع‬ ‫اللبناني� ي� دول الخليج والدول الوروب ّية ودول شمال أفريقيا‪ .‬كذلك ّ‬ ‫فإن الوضع إ‬ ‫ي‬ ‫لأ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫للبناني� بعد رفع الحد الد� ل جورعام ‪2012‬‬ ‫تلوح‬ ‫ي‬ ‫الخدمات وبدأت أشاير البطالة ّ‬ ‫البطالة معضلة مزمنة نتجت عن غياب سياسة حكوم ّية واضحة لسوق العمل‪ .‬فالحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تخلق‬ ‫ن‬ ‫فرص عمل ولم تعمد عىل ي ز‬ ‫القتصادي‬ ‫القتصاد ودعم قروض القطاع الخاص‬ ‫تحف� النمو إ‬ ‫الوط� بع� إعادة هيكلة إ‬ ‫ي‬ ‫وتخقيض ض‬ ‫ال�ائب لل�ش كات الناشئة‪ ...‬هذا «كوم» ومضاربة اليد العاملة السوريّة لليد العاملة ال ّلبنان ّية «كوم» آخر‬ ‫ي ن‬ ‫السوري�‬ ‫إجمال عدد السكان‪ ،‬غالبيتهم من‬ ‫أمىس اللبنانيون ي ف� بلدهم أقل ّية بعدما تعدى عدد الغرباء ‪ %55‬من‬ ‫ي‬ ‫والفلسطني�‪ ....‬تش� الحصاءات إىل أن ما يقارب ‪ %50‬من هذه ال‪ %55‬هي يد عاملة ق‬ ‫تال� رواجاً بالسوق ال ّل ن‬ ‫ي ن‬ ‫بنا� نظراً‬ ‫ّ‬ ‫ي إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لأجرتها المنخفضة وإستعدادها للعمل ف� ت‬ ‫ش� الميادين ما يخفف عىل رب العمل عبء تغطيتهم الصح ّية‪ .‬ألحق‬ ‫ي‬ ‫والخمس� نازح سوري عامل الأذى بالسوق ال ّل ن‬ ‫ي ن‬ ‫بنا� وبشكل خاص عند فئة الشباب إذ تضاعفت نسبة‬ ‫المليون والمئة‬ ‫ي‬ ‫ي ن‬ ‫العاطل� بينهم عن العمل خالل السنوات الست الماض ّية لتصل إىل ‪%34‬‬ ‫في�ز الخلل القائم ي ن‬ ‫ب� العرض والطلب‬ ‫ّ‬ ‫تخرج يد عاملة تبعاً لحاجة السوق‪ ،‬ب‬ ‫إن المناهج الجامع ّية المهن ّية والتقن ّية ال ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫أن‬ ‫كسبب آخر للبطالة‪.‬‬ ‫ح� ّ‬ ‫وبالتال ّ‬ ‫فإن إختصاصات تشهد تخمة م�ايدة كالمحاماة والصيدلة والهندسة‪ ...‬ي� ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫والختصاصات الدبية‪ ...‬ن‬ ‫تعا� من قلة إقبال التالميذ نظراً لغياب التوجيه‬ ‫اختصاصات أخرى كالتمريض والمحاسبة إ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫الصادر عن المؤسسات المعن ّية والمرتبط أساساً بمتطلبات سوق العمل‬ ‫أ‬ ‫معالجة أزمة البطالة ض‬ ‫أهمها‪ -‬ت‬ ‫وال� تشكل الحلول إن من خالل إعادة تفعيل دور‬ ‫تق� بدراسة السباب ‪ -‬سبق وذكرنا ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫القتصادي وس ّنها ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫قوان� أو إصدارها مراسيم تحدد عدد‬ ‫العامل� الأجانب والأعمال‬ ‫الدولة اللبنان ّية عىل الصعيد إ‬ ‫المسموح لهم ممارستها وتضع رب العمل واليد العاملة ال ّلبنان ّية أمام واجباتها وتصون حقوقها‪ ،‬آخذة ي ن‬ ‫العتبار‬ ‫بع� إ‬ ‫ن‬ ‫المستوى المعي�ش ي الآئق للعامل‬ ‫اللبنا�‪ .‬كما عىل الجامعات تحليل معطيات سوق العمل سنويّاً وعىل أساس الأرقام‬ ‫يّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تقل فيها اليد العاملة‬ ‫الصادرة تشّ جع الطالب نحو إ‬ ‫الختصاصات ي‬ ‫بقلم مريم حرب‬


www.website.com |magazine template| 35


‫الفلسفة ‪ ،‬كما يراها برغسون‪ ،‬بحث عن حقيقة ال يمكن للعلوم أن تسعى اليها‪ .‬ومطاولة الفالسفة ي ف� سعيهم‬ ‫ت‬ ‫ال� تستند اىل تضافر المباديء العقلية مع‬ ‫نحوها تتجاوز العقل واساليبه ب‬ ‫ال�هانية‪ ،‬وتتعدى حدود المعرفة أي‬ ‫الخ�ة الحسية‪ .‬واذا كانت فلسفته توصف بالحدسية‪ ،‬فان تجديده ال ث‬ ‫ك� أهمية‪ ،‬والذي يعطي الفلسفة أبعاداً‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫تفك�ه النظري‬ ‫االنسا� هو الحدس‬ ‫جديدة عىل مستوى االنفتاح‬ ‫الميتاف�يقي الذي يشكل محوراً اساسياً ي� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والعمل‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقي عند برغسون؟ وكيف تأسست نظرته االنسانية عليه ؟‬ ‫فما هو الحدس‬ ‫بدأ برغسون صياغة أفكاره الفلسفية ف� «المعطيات المبا�ش ة للشعور» بتحليالته للزمان والمكان بم�زاً ن‬ ‫مع�‬ ‫ي‬ ‫الوحدة والتعددية المرتبطة بفكرة الديمومة باعتبارها ليست فقط يغ� قابلة لالنقسام والقياس‪ ،‬ولكن فوق ذلك‬ ‫تغ� طبيعتها‬ ‫) (هي ال تنقسم إال عندما ي‬ ‫وبعد هذا الكتاب وضع مؤلفه ن‬ ‫ذاكرة‪،‬‬ ‫«جوهريا‬ ‫باعتبارها‬ ‫الديمومة‬ ‫تناول‬ ‫الثا� «مادة وذاكره» حيث‬ ‫وعي‪Lorem‬‬ ‫‪ipsum‬‬ ‫‪dolor‬‬ ‫‪sit amet,‬‬ ‫‪an primis‬‬ ‫‪quodsi‬‬ ‫‪nam.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫‪Oratio‬‬ ‫‪appellantur‬‬ ‫‪ea‬‬ ‫‪per,‬‬ ‫‪vim‬‬ ‫‪ex‬‬ ‫‪ponderum‬‬ ‫‪insolens,‬‬ ‫وحرية»( )‪ ،‬وانطلق من مفهوم الديمومة بوضعها ديمومة وجدان «تبدو وكأنها ي� معزل عن الحياة المادية‬ ‫‪an duo natum placerat senserit. Illum decore vim ex,‬‬ ‫المادي� ت‬ ‫ي ن‬ ‫وعن العمل»( ) إىل الرد عىل دعوى‬ ‫وجدانية‬ ‫‪nusquam.‬حياة‬ ‫إمكان وجود‬ ‫وتنكر‬ ‫الوجدان‪،‬‬ ‫تعت� الدماغ منبع‬ ‫ال� ب‬ ‫‪vel‬‬ ‫‪te purto‬‬ ‫‪Erant‬‬ ‫‪assentior‬‬ ‫‪persequeris‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫‪et‬‬ ‫مشكلة ‪mel,‬‬ ‫‪id pri commodo‬‬ ‫‪tincidunt,‬‬ ‫‪eos novum‬‬ ‫واعية بمعزل عن الحياة العضوية‪ .‬وقد عاد برغسون ي� ‪oratio‬‬ ‫التطور‬ ‫المبدع» لمعالجة‬ ‫«التطور‬ ‫مؤلفه الثالث‬ ‫ف‬ ‫‪detraxit ex. Omnis dictas imperdiet ex vis.‬‬ ‫ت‬ ‫تفك�ه الفلسفي‪ ،‬وقد بات هنا يرى «أنه ينبغي التسليم نهائياً بفكره التطور»( ) بيد أنه‬ ‫ال� اهتم بها ي� بداية ي‬ ‫ي‬ ‫تطور خالق بعيد عن الغائية والآلية‪ .‬وقد جعلته فكرته عن التطور المبدع أو الخالق يستأنف «بحث فكرة الزمان‬ ‫والمكان الواردة ف� كتاب المعطيات لك يعالجها معالجة ث‬ ‫أك� دينامية‪ ،‬وكذلك‪ ،‬فإن ما يقوله هنا عن العنارص‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫الكتاب� المذكورين حا�ان‬ ‫العصبية ودور الجسد بوجه عام من شأنه أن يذكر بكتاب «المادة والذاكرة» و»كأن‬ ‫ي‬ ‫معاً ي ف� كتاب التطور الخالق»( ) حيث أصبح بإمكاننا أن نلمس حقيقة الحدس عند برغسون ومعناه الفلسفي‬ ‫أ‬ ‫ساس‬ ‫ال ي‬ ‫ي ن‬ ‫المتابع� لفلسفته‪ ،‬كما يقول يوسف كرم( )‪ ،‬أن هذه النظرية ال تسمح بإقامة‬ ‫وبعد التطور الخالق‪ ،‬كان اعتقاد‬ ‫فلسفة أخالقية‪ ،‬ولكن برغسون أخرج بعد ربع قرن «ينبوعا الأخالق والدين» فأتم بهذا الكتاب مذهبه دون أن‬ ‫ن‬ ‫المعا� ت‬ ‫ال� سبق له عرضها‪ .‬ويؤكد الدكتور عبد الرحمن بدوي الأمر نفسه‪ ،‬مالحظاً هذه ت‬ ‫يغ� شيئاً من‬ ‫الف�ة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫مش�اً إىل‬ ‫ال� اكتملت فيها عنارص فلسفته النظرية وكتابه هذا ي� الخالق‪ ،‬ي‬ ‫الطويلة ي‬ ‫ال� فصلت يب� المؤلفات أ ي‬ ‫أ‬ ‫أن تكتمل بمذهب �ف‬ ‫أن الناس كانوا «ينتظرون أراءه الخالقية منذ زمان طويل‪ ،‬لنهم رأوا أن فلسفته ال بد‬ ‫ي‬ ‫) (»الأخالق‬ ‫يحول الفيلسوف انتباهه‬ ‫ولك تكون الفلسفة حدسية ينبغي أن ِّ‬ ‫إن الفلسفة‪ ،‬إما أن تكون حدسية أو ال تكون‪ .‬ي‬ ‫عن الجانب الفعل المهتم بالعالم‪ .‬وعىل الرغم من أن ث‬ ‫اك� من فيلسوف قد قال بهذا‪ ،‬كما يؤكد برغسون‪ ،‬إال‬ ‫ي‬ ‫أن أحداً منهم لم يصل إىل حيث كان ينبغي الوصول‬ ‫ع� ‪ (Il fallait se détacher pour philosopher)( ).‬ينبغي التفلت واالنعتاق من أجل التفلسف‬ ‫هذه الحقيقة ب َّ‬ ‫ف‬ ‫ي ن‬ ‫أفلوط� عندما قال‪« :‬كل فعل هو إضعاف للتأمل»( )‪ .‬وقد كان ي� ذلك وفياً‬ ‫تعب�‪ ،‬بنظر برغسون‪،‬‬ ‫عنها أفضل ي‬ ‫أ‬ ‫تحول‬ ‫لستاذه أفالطون عندما فكَّر بأن اكتشاف الحقيقة يتطلب َّ‬


‫‪INTEREST‬‬

‫ق‬ ‫يز‬ ‫ن‬ ‫ي� والتصوف يب� كنط بو�غسون‬ ‫امليتاف�‬ ‫احلدس‬ ‫ي‬


‫ت‬ ‫الديكار� ليس سوى مقدمة للتحليل واالستنتاج بهدف‬ ‫الذي يرتكز إليه كل ما ي ف� هذا العالم‪ .‬وذلك لأن الحدس‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المعر� لحقيقة وجودنا أوالً‪ ،‬ووجود هللا ثانياً‪ ،‬ووجود العالم استطراداً‬ ‫‪.‬الثبات‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الج� عىل الهندسة‪ ،‬وبه أعطى الحدس معناه الحقيقي»( ) «‪ .‬ولعل‬ ‫أن اكتشاف ديكارت العظم هو «تطبيق ب‬ ‫عقل هو أساس النظام الحقيقي‬ ‫أهم ما تأ� به يتمثل ي ف� «إبراز ما للرياضيات من فضل ي ف� الوصول إىل نظام‬ ‫ي‬ ‫للطبيعة»( ) ‪ .‬ف‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقية ي ف� كتاب «الأخالق» عىل طريقة‬ ‫و� هذا االتجاه سار اسبينوزا الذي عرض فلسفته‬ ‫ي‬ ‫هندسة اقليدس‪ ،‬إذ يبدأ بتعريفات ومجموعة من المسلمات‪ ،‬ومنها يستمد المجموعة الكاملة من القضايا الالزمة‬ ‫عنها مؤسساً بذلك مذهباً متماسكاً يقوم عىل المنهج االستنباطي‪ ،‬ومؤكداً واحدية الجوهر ي ف� إطار مذهب يوحد‬ ‫) ي ن‬ ‫(ب� هللا والطبيعة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫النبوة ليجد‬ ‫وقد سعى اسبينواز ي� كتابه «رسالة ي� الالهوت والسياسة» إىل المعرفة اليقينية ي� سياق بحثه ي� َّ‬ ‫«النبوة تتطابق تماماً مع المعرفة الفطرية لأن ما نعرفه بالنور الفطري يعتمد عىل معرفة هللا وحدها وعىل‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫اللهية‪ .‬والمعرفة الفطرية ال تقل‬ ‫أوامره الزلية»( )‪ ،‬فالمعرفة الفطرية والنور الفطري «أثر من آثار الطبيعة إ‬ ‫ت‬ ‫ال� ي َّ ز‬ ‫تتم� به‬ ‫) (»مطلقاً عن المعرفة النبوية من حيث يقينها ي‬ ‫‪Lorem‬‬ ‫‪dolor‬‬ ‫‪sit amet,‬‬ ‫‪an primis‬‬ ‫‪ipsum‬معرفة‬ ‫الفطرية‬ ‫المعرفة‬ ‫اعتباره‬ ‫‪quodsi‬ذلك ي ف�‬ ‫‪nam.‬أبعد من‬ ‫عرف اسبينوزا ال ُن ُب َّوة عىل أنها معرفة يقينية( )‪ ،‬ويذهب إىل‬ ‫يُ ِّ‬ ‫‪Oratio appellantur ea per, vim ex ponderum insolens,‬‬ ‫ن‬ ‫�ش‬ ‫المعرفة‬ ‫تعاليم‬ ‫‪senserit.‬يدرك‬ ‫‪ Illum‬فرد أن‬ ‫يستطيع كل‬ ‫أنبياء‪«vim‬إذ‬ ‫‪an duo‬‬ ‫‪natum‬‬ ‫‪placerat‬‬ ‫‪decore‬‬ ‫إلهية بمع� الكلمة‪ ،‬وإن الذين يقومون بن ها ليسوا ‪ex,‬‬ ‫الفطرية ويفهمها بنفس ي ن‬ ‫من‪vel‬‬ ‫‪purto‬اً ‪te‬‬ ‫‪nusquam.‬‬ ‫‪Erant‬‬ ‫‪assentior‬‬ ‫‪persequeris‬‬ ‫يعرفه تمام‬ ‫الفطرية‬ ‫والمعرفة‬ ‫الفطري‬ ‫اليق�»( )‪ .‬ويوضح أن ما يقصده بالنور‬ ‫‪et mel, id pri commodo tincidunt, eos novum oratio‬‬ ‫«ذاق ي ن‬ ‫ع� عن النور الفطري الذي‬ ‫العقل المؤدي إىل المعرفة‬ ‫العقل»( )‪ .‬هذا الذوق‬ ‫اليق�‬ ‫اليقينية‪ُ ،‬‬ ‫والم ب ِّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪detraxit ex. Omnis dictas imperdiet‬‬ ‫‪ex vis.‬‬ ‫نجده لدى كل فرد هو ما يشكِّل أساساً للمعرفة الحدسية عند اسبينوزا‪ .‬وعىل الرغم من أن كالمه المتعلق بهذا‬ ‫ت‬ ‫يأ� ف� سياق بحثه ف� النبوة والوحي إال أنه ي ز‬ ‫يتم� تماماً عنهما من حيث ربطه كل ما نعرفه‬ ‫ي‬ ‫النور وهذه المعرفة ي ي‬ ‫بوضوح ي ُّ ز‬ ‫وتم� بطبيعة ذهننا القادر عىل المعرفة الفطرية ‪ ،‬والذي «ينطوي موضوعياً عىل طبيعة هللا ويشارك‬ ‫يتلق أي شخص وحياً من هللا دون االلتجاء إىل الكالم… وينتج عن‬ ‫فيها»( ) ‪ .‬ومن حيث أنه «باسثناء المسيح لم َّ‬ ‫يز‬ ‫ومتم�ة باالستناد‬ ‫ذلك أن النبوة ال تتطلب ذهناً كامال ً بل خياال ً خصباً»( )‪ .‬إن الذهن الكامل يُ ْن ِتج أفكاراً واضحة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫�ش‬ ‫و� سياق‬ ‫تع� عن الفكر الكمل ُ‬ ‫إىل طبيعته وعنها تنشأ المعرفة اليقينية‪ ،‬وهي معرفة حدسية ب ِّ‬ ‫الم ْعطى للب ‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫تفريقه ي ن‬ ‫يتفوقون ي� الذهن ويحرصون عىل تنميته تكون‬ ‫ب� الخيال والذهن الخالص ب‬ ‫يعت� سبينوزا «أن َم ْن َّ‬ ‫قدرتهم عىل التخيل ث‬ ‫يتضمن بطبيعته ي ن‬ ‫تتضمنه‬ ‫اليق� عىل نحو ما‬ ‫أك� اعتداال ً وأقل انطالقاً‪ .‬وإن مجرد الخيال ال‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ومتم�ةز‬ ‫) (»كل فكرة واضحة‬ ‫ي‬ ‫الطار الذي يندرج فيه بحث سبينوزا ي ف� موضوع الحدس معرفياً‪ ،‬وهو ي ف� ذلك ال يختلف عن ديكارت‪.‬‬ ‫لقد بقي إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫العمل لفكرة الحدس ي� مجال الدين‪ ،‬بحيث جاءت محاولته‬ ‫ولعل إ‬ ‫ال� جاء بها هي تطبيقه أ ي‬ ‫الضافة الساسية ف ي‬ ‫يز‬ ‫لتفس� الوحي والنبوة‪ ،‬ي� جانب منها‪ ،‬مرتكزة إىل الفكار الواضحة‬ ‫والمتم�ة المنسجمة مع النور الطبيعي‪ ،‬نور‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫‪.‬العقل‪ .‬وليس هذا النور ي� الحقيقة سوى اسم آخر للحدس‬ ‫إن محاولة اسبينوزا عقلنة المعتقدات الدينية ترتكز إىل الحدس باعتباره ت‬ ‫ال�جمة الفورية والمبا�ش ة للأساس‬ ‫‪.‬العقل‪ ،‬أو ما يسميه اسبينوزا النور الفطري أو النور الطبيعي‬ ‫ي‬ ‫العقل‪ ،‬الذي‬ ‫ولذلك فإن الحدس عند اسبينوزا لم يتجاوز حدود العقل‪ ،‬أي أنه لم يقتحم «ذلك الميدان فوق‬ ‫ي‬ ‫ال تكون له من نتيجة إال التصوف»( )‪ .‬فالمعرفة الحدسية تختلف عن المعارف العقلية الأخرى‪ ،‬كالمعرفة الناشئة‬ ‫ت‬ ‫ال� يتشارك فيها‬ ‫عن الحواس وتلك المرتكزة إىل الكليات ي‬


‫‪INTEREST‬‬

‫الفكر وتف ُّلته من مظاهر العالم ال أ ض‬ ‫ر� من أجل التعلق بحقائق العالم العلوي‪ .‬إن برغسون يقبل‬ ‫ي‬ ‫للتفك� الفلسفي‪ ،‬الذي يبقى عليه بعد ذلك أن يختار وسائله المناسبة من أجل الوصول ‪ .‬هذه الأداة‬ ‫هذه البداية‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫افتقدها الفالسفة من قبله‪ ،‬كما يزعم‪ ،‬لذلك كانت مشكلة الفلسفة تكمن‪ ،‬ح� عند هؤالء‪ ،‬باعتقادهم أنه ينبغي‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا‪ .‬لم تكن‬ ‫للدراك مختلفة عن الحواس والوعي من أجل قيام‬ ‫الهروب من هذا العالم‪ ،‬وإثارة ملكات إ‬ ‫يز‬ ‫ويحسه الناس‪ ،‬كل الناس‪ ،‬بل كان ينبغي دائماً‬ ‫أي من هؤالء الفالسفة ممكنة انطالقاً مما يعيه‬ ‫الميتاف�يقيا عند ٍّ‬ ‫ُّ‬ ‫ش‬ ‫«م َلكات رؤية‬ ‫�ء آخر‪ .‬لذلك كانوا دائماً يستدعون َ‬ ‫مختلفة عما ) ف(»)‪ (Faculté de vision‬بنظرهم التحول نحو ي‬ ‫يمارسه الناس ي� إدراكهم للعالم الخارجي ولذواتهم‬ ‫ي ن‬ ‫الميتاف� ي ن‬ ‫يز‬ ‫اليوناني� المتأثرين بأفالطون‪ ،‬حسب برغسون‪ ،‬هو َم َلكَة رؤية تختلف عن االنتباه‬ ‫يقي�‬ ‫إن الحدس عند‬ ‫أ‬ ‫والدراك والحس باعتبارها عمليات نفسية تنتمي إىل الوعي‪ .‬ولن كنط أنكر وجود ملكات رؤية متعالية عند‬ ‫إ‬ ‫يز‬ ‫الرادة‪ ،‬والنفس ووجود هللا‪،‬‬ ‫النسان‪ ،‬فإنه اعتقد باستحالة‬ ‫الميتاف�يقيا أي المعرفة اليقينية بموضوعات حرية إ‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫لأن الحدس عنرص أساس � معرفتنا وهو هنا يغ� ممكن ‪ .‬ولعل ذلك يشكل‪ ،‬كما يرى برغسون‪ ،‬الفكرة ال ث‬ ‫ك� عمقاً‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫الميتاف�يقيا ممكنة‪ ،‬فإن ذلك يكون‬ ‫يل‪« :‬إذا كانت‬ ‫ي‬ ‫ال� يلخصها لنا برغسون كما ي‬ ‫ي�أ نقد العقل المحض‪ ،‬وهي ي‬ ‫لن الجدل يؤدي بنا إىل فلسفات متعارضة تثبت القضية ‪ (Dialectique)( )،‬وليس بجدل )‪ (Par une vision‬برؤية‬ ‫ن‬ ‫العقال�» الذي يقود ‪ (L’intuition superieure)،‬وحده الحدس الأعىل ‪ (Antinomies)،‬ونقيضها‬ ‫أي «الحدس‬ ‫ي‬ ‫للميتاف�يقيا أن تكون‪ .‬إن النتيجة ال أ ث‬ ‫يز‬ ‫يز‬ ‫ك� وضوحاً للنقد الكنطي‪ ،‬إذاً‪ ،‬هي‬ ‫الميتاف�يقية يتيح‬ ‫إىل إدراك الحقائق‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫أك� خدمة )‪ (L’au délà‬أن بي�هن بأننا لن نستطيع اخ�اق العالم الخر‬ ‫إال بواسطة رؤية ما‪ .‬وهذه النتيجة تشكل ب‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫نها� أنه «إذا كانت‬ ‫أداها كنط‪ ،‬كما يرى برغسون‪ ،‬للفلسفة التأملية ؛ ذلك أنه من خاللها ي َّ‬ ‫ع� بوضوح وبشكل ي‬ ‫يز‬ ‫حدس»( )‪ .‬وبعد إثباته أن الحدس هو وحده الذي يمكن أن‬ ‫الميتاف�يقيا ممكنة‪ ،‬فإن ذلك ال يكون إال بجهد‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا‪ ،‬أضاف أن هذا الحدس مستحيل‬ ‫يُدخلنا ي ف� عالم‬ ‫ألح برغسون عىل القول إن الحدس ن‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيون عندما‬ ‫يع� شيئاً آخر يختلف عما ذهب إليه الفالسفة‬ ‫لقد َّ‬ ‫ي‬ ‫لك ندرك حقيقة الحدس ينبغي أل آَّ نبحث عن أرض أخرى يغ� أرض الوعي ذاته‪،‬‬ ‫ب‬ ‫اعت�وه َم َلكَة رؤية‪ ،‬وأشار إىل أنه ي‬ ‫‪.‬وعن قوة أخرى يغ� قوة االنتباه ذاته‬

‫الحدس ‪ :‬من ديكارت اىل هيوم ‪-‬‬ ‫يز‬ ‫ميتاف�يقية) يؤسس رينيه ديكارت ‪،‬أبو الفلسفة الحديثة‪ ،‬لنوع من الحدس يرتكز إىل الطبيعة‬ ‫ي ف� كتابه (تأمالت‬ ‫وحدها‪ ،‬بعيداً عن التحليل واالستنتاج‬ ‫ف‬ ‫إن البحث الأصل‪ ،‬وهو البحث عن وجودي‪ ،‬عن ن‬ ‫ت‬ ‫كيا� يجد ُمس َتقره ف� ي ن‬ ‫ال�‬ ‫اليق�‬ ‫ي‬ ‫َّ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحدس المتمثل ي� «الخواطر ي‬ ‫ن‬ ‫و َّلدها ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وال�‬ ‫ذه�‪،‬‬ ‫أستمدها من‬ ‫كيا�‪ .‬بحث ديكارت هذا قاده‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫طبيع� وحدها»( ) عند العكوف عىل البحث عن ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كما يقول جان فال( )‪ ،‬إىل حقيقة وجود كائن مفكر يدرك الوجود ي ف� فكره بطريق الحدس أي إدراكاً فورياً‬ ‫إن إدراك حقيقة الشك هو إدراك‬ ‫حدس لحقيقة الفكر‪ ،‬حقيقة الكائن الموجود‪ ،‬بنظر ديكارت‪ « ،‬هذا ال�ش ي ء‬ ‫ي‬ ‫الذي يفكر أي الذي يشك‪ ،‬ويدرك ويتذهَّ ن ‪ ،‬ويث ِّبتت‪ ،‬وينفي‪ ،‬ويريد‪ ،‬ويرفض‪ ،‬ويتخ َّيل‪ ،‬أيضاً ويحس‬ ‫ف‬ ‫المعر�‪ .‬فالوجود سابق للمعرفة به أياً‬ ‫ولكن حدود الحدس تَقف هنا عند ديكارت‪ ،‬أي ال تتعدى إطار التأسيس‬ ‫ي‬ ‫كان نوعها‪ ،‬ولذلك يمكن القول إن ديكارت لم يتوصل إىل فكرة الحدس المؤسس للوجود‪ ،‬أو الوجود المتأسس‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫يز‬ ‫المعر� دون أن يهتم أو يلتفت إىل الأبعاد‬ ‫الميتاف�يقية‬ ‫الطار‬ ‫عىل الحدس‪ ،‬لذلك بقيت فكرته منحرصة ي� إ‬ ‫ي‬ ‫للحدس‪ .‬إن الفلسفة الديكارتية تؤكد لنا وجودنا ك�ش ي ء ي ف� هذا العالم‪ ،‬حقيقته تشكل باباً إلثبات وجود هللا‬


‫أ‬ ‫ف‬ ‫حس لأن الحقيقة عنده تنحرص ي ف�‬ ‫المعر� الذي تستند إليه فلسفة هيوم هو‬ ‫إن الحدس‬ ‫ي‬ ‫بالدرجة الوىل حدس ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫لك يكون مقبوال ً ينبغي له أن يستند إىل أساس ثابت‬ ‫االنطباعات الحسية والفكار المتولدة عنها؛ وكل بناء‬ ‫معر� ي‬ ‫ي‬ ‫ي ن‬ ‫الحدس المبا�ش الذي ت َّتسم به االنطباعات‬ ‫الدراك‬ ‫ومت� يستمد حقيقته من إ‬ ‫ي‬ ‫ال بد من تجزئة كل التصورات‪ ،‬كما يرى هيوم‪ ،‬من أجل الوصول إىل الأحاسيس البسيطة لمعرفة ما إذا كانت‬ ‫تتطابق مع الواقع‪ .‬وهنا يكمن دور الحدس‪ ،‬ففي هذه المطابقة ال مرجع لنا سواه‬ ‫التأث� الذي يمكن أن‬ ‫ربما كان هيوم «اذىك الشكاك جميعاً‪ ،‬ومن يغ� شك هو أبرزهم جميعاً من حيث مدى ي‬ ‫يكون لمنهج الشك فيما يتصل بإثارة الفحص ال أ‬ ‫ساس عن العقل»( ) ولكن أخطاء هيوم الشكيه من وجهة نظر‬ ‫ي‬ ‫الدجماتيقي�‪ ،‬وهو أنه لم يتأمل ف� كل ت‬ ‫كنط «تنجم عن عيب ت‬ ‫ي ن‬ ‫ال�اكيب القبلية للذهن‬ ‫يش�ك فيه كل‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� أثارها هيوم عن مصدر فكرة العلية‪ ،‬واستطاع أن يجعل من هذه المشكلة‬ ‫لقد استفاد كنط من المشكلة ي‬ ‫الخاصة مشكلة عامة»( )‪ .‬ينبغي‪ ،‬إذاً‪ ،‬تصور مسألة السببية بعموميتها‪ ،‬أي ضمن إطار السعي إىل إيجاد ٍّ‬ ‫حل‬ ‫ئ‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا‬ ‫نها� يتعلق بكل‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫يز‬ ‫ميتاف�يقي‬ ‫ميتاف�يقيا كنط؟ وهل هناك حدس‬ ‫فأين هو موقع الحدس من هذه المحاولة‪ ،‬وما هي أهميته ي ف�‬ ‫‪Lorem ipsum dolor sit amet, an primis quodsi nam.‬‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقا؟‬ ‫عنده يمكن له أن يُدخلنا إىل عالم‬ ‫‪Oratio appellantur ea per, vim ex ponderum insolens,‬‬ ‫‪an duo natum placerat senserit. Illum decore vim ex,‬‬ ‫‪vel te purto nusquam. Erant assentior persequeris‬‬ ‫‪et mel, id pri commodo tincidunt, eos novum oratio‬‬ ‫‪detraxit ex. Omnis dictas imperdiet ex vis.‬‬

‫الحدس ‪ :‬ي ف� فلسفـة كنـط‪-‬‬ ‫انطلق كنط ف� موقفه من نظرية المعرفة من نقد تياري نز‬ ‫ال�عة العقلية ورائده ديكارت الذي أسس معرفة الحقائق‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫ال� كان هيوم أبرز ممثليها‪ ،‬وهي تقوم عىل اعتبار «ان التجربة الحسية‬ ‫عىل العقل وحده‪ ،‬وال�عة التجريبية ي‬ ‫ن‬ ‫يع� انها تنشأ عن‬ ‫هي ينبوع كل الحقائق والتصورات»( )‪ .‬إن فكل معرفة عند كنط «تبدأ بالتجربة ولكن هذا ال ي‬ ‫م� ي ن‬ ‫التجربة»( )‪ ،‬والحدس يلعب دوراً أساسياً � نظرية المعرفة عنده‪ ،‬فهو ي ز‬ ‫ب� الحساسية والفاهمة باعتبارهما‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫اعت�ت من هذه‬ ‫التم� أف� إىل القول بأن «جميع معارفنا إذا ما ب‬ ‫ال� تنشأ عنهما المعارف‪ ،‬وهذا ي‬ ‫الملكتان ي‬ ‫الجهة تكون أما حدوساً أو أفاهيم»( )‪ ،‬وإذا كانت المعرفة ض‬ ‫التم� ي ن‬ ‫تقت� ي ز‬ ‫ب� المادة والصورة‪ ،‬فإن الحساسية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تترصف بها الفاهمة وتخضعها‬ ‫باعتبارها ملكة الحدوس‪ ،‬تصدر المعارف الوىل أي هي تقدم المادة ي‬ ‫لقواعدها وافاهيمها‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا علماً‪ ،‬شأنها ي ف� ذلك شأن الرياضيات‪ .‬ومساحة الحدس ي ف� ذلك بقيت‬ ‫لقد سعى كنط إىل جعل‬ ‫ف‬ ‫المعر� فقط؛ وهذا ما يُظهره‪ ،‬بوضوح‪ ،‬مؤ َّلفَه الرئيس «نقد العقل‬ ‫محدودة ي ف� إطار البداية‪ ،‬أي إطار التأسيس‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫الخالص»‪ ،‬وملخصه الذي شاء كنط أن يعطي له اسماً ذا داللة هو‪« :‬مقدمة لكل‬ ‫ميتاف�يقيا مقبلة يمكن أن‬ ‫يز‬ ‫تص� علماً»؛‬ ‫القناع بالحجة والدليل‪ ،‬وليس مجموعة من الأحكام‬ ‫فالميتاف�يقيا ينبغي أن تكون علماً قادراً عىل إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ال� لن ينشأ عنها‪ ،‬ي� أحسن الحوال‪ ،‬سوى اعتقادات‬ ‫ميتاف�يقية لم تسهم قيد‬ ‫ي‬ ‫الدوغماتيكية ‪ ،‬هذه الحكام ي‬ ‫يز‬ ‫أنملة ي ف� تقدم‬ ‫الميتاف�يقيا منذ أيام أرسطو‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا ي ف� البداية دوغمائياً‪ ،‬أي أنها ي ف� سعيها لحل مشكالت العقل المحض‪ ،‬وهي «هللا‬ ‫لقد كان منهج‬ ‫والحرية والخلود»( )‪ ،‬حاولت بثقة تحقيق الهدف دون أن تتفحص مسبقاً «قدرة العقل أو عجزه أمام م�ش وع‬ ‫ضخم كهذا‬


‫‪INTEREST‬‬

‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تتكشَّ ف لنا ي ف� أعىل مراحل‬ ‫كل الناس‪ ،‬ولكنها تبقى مع ذلك «معرفة أ عن طريق العقل لتلك الحقائق الزلية ي‬ ‫تأملنا الفلسفي‪ ،‬وأهم هذه الحقائق الزلية هي الوحدة الشاملة للطبيعة وخضوعها كلها لنظام ي ن‬ ‫قوان� واحدة‬ ‫أ‬ ‫خ� من المعرفة‬ ‫لقد بقي الحدس عند سبينوزا مجرد معرفة مختلفة عن المعرفة االستداللية‪ ،‬ولكن هذا النوع ال ي‬ ‫ي ف� وسعه «أن يوصل بطريقته الخاصة إىل النتيجة ذاتها»( )‪ ،‬أي معرفة الماهية الكلية للأشياء بوصفها حقيقة‬ ‫أزلية‪ .‬وبذلك فإن المعرفة الحدسية عنده ما هي إال «طريقة أخرى من طرق استخدام العقل تختلف عن الطريقة‬ ‫وتبص يصل إليه العقل ي ن‬ ‫ح� يعلم أنه يعكس ي ف� داخله‬ ‫االستداللية‪ ،‬وربما كانت هي‬ ‫ي‬ ‫التعب� عن أبهى إدراك ُّ‬ ‫ي ن‬ ‫قوان� الطبيعة ي ف� مجموعها‬ ‫لقد كان من الصعب عىل أية فلسفة عقالنية أن تتجاوز حدود العقل‪ ،‬وكان ض�ورياً لها‪ ،‬ي ف� الآن نفسه‪ ،‬أن ترتكز‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫عقل أن يستند‬ ‫ال� ال بُ َّد لي استدالل ف ي‬ ‫إىل الحدس باعتباره طريقاً إلثبات النور الفطري والبديهيات الساسية ي‬ ‫ت‬ ‫ال� ال تنطلق من وجود العقل كأساس ُم َس َّل ٍم به للمعرفة جرت ي� موقفها من‬ ‫إليها؛ ولكن الفلسفة الحدسية ي‬ ‫الحدس مجرى آخر ولعل هيوم أبرز َم ْن يمثله‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الحساسات‪،‬‬ ‫الدراك عند هيوم هي االنطباعات وعنها تنشأ الفكار؛ وتضم االنطباعات إ‬ ‫إن الساس ي� عملية إ‬ ‫والعواطف‪ ،‬واالنفعاالت عند ظهورها ف� النفس ت‬ ‫لت�ك فيها صور خافتة ت َُس َّمى بالأفكار‪ .‬وبذلك تكون الأفكار‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫واالنطباعات من طبيعة واحدة ‪ ،‬واالختالف الوحيد بينهما يكمن ي� القوة والحيوية‪ .‬ولن االنطباعات سابقة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫للأفكار‪ ،‬فإنها تشكل ع َّل ًة لها‪ ،‬والذات ُّ‬ ‫ال� ترتبط بطريقة خاصة‪،‬‬ ‫تنحل إىل مجموعة من االنطباعات والفكار ي‬ ‫ي ن‬ ‫ويستدعي بعضها بعضاً وفقاً‬ ‫لقوان� مع َّي َنة‬

‫الم َو َّح َدة عن إقامة عالقة سببية‬ ‫لقد عجز هيوم‪ ،‬الذي اتَّخذت فلسفته هذا المنحى القائم عىل نفي فكرة النفس ُ‬ ‫ي ن‬ ‫الحس‪،‬‬ ‫ب� الموجودات‪ ،‬ذلك أن فلسفته لم يعد بإمكانها أن تت�ك مكاناً إال لنوع واحد من الحدس هو الحدس‬ ‫ي‬ ‫وإطاره االنطباعات المبا�ش ة وما يتو َّلد عنها من أفكار‬ ‫ب� أي ي ن‬ ‫ليست العالقة السببية ي ن‬ ‫كال�ودة وتجمد الماء مثالً‪ ،‬عالقة ض�ورية؛ فمن أين تستمد ض�ورتها طالما‬ ‫طرف�‪ ،‬ب‬ ‫ي ن‬ ‫الطرف� إذا‬ ‫هي مرهونة بالمالحظة الحسية وحدها‪ .‬وهذه المالحظة ال تقود إال إىل التوقع‪ ،‬توقع حدوث أحد‬ ‫آ‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫خ�ناها فيما م�‪ ،‬ونتو َّقع‬ ‫ال� ب‬ ‫حدث الخر‪ .‬وبذلك‪ ،‬فإن ما يُ َّ‬ ‫سمى بالعالقة فالسببية ال ي‬ ‫يع� سوى «المصاحبة ي‬ ‫لها الحدوث ف� المستقبل عىل نحو ما حدثت � ض‬ ‫الما�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫عقل يثبت وجود مبدأ أو مقولة كالسببية‪ ،‬فالحدس الذي يشكل المبدأ أو‬ ‫ال مكان ي� ف فلسفة هيوم لحدس ي‬ ‫تعدى ذلك فإنه ال يتعداه‬ ‫المنطلق ي� عملية المعرفة هو ما يتعلق إ‬ ‫بالدراك المبا�ش لالنطباعات الحسية؛ وإذا ما َّ‬ ‫ف‬ ‫إال إىل العالقة ي ن‬ ‫معر� خالص باعتباره إدراكاً لهذه العالقة وما ينجم عنها من بناءات عقلية‬ ‫ب� فكرة وأخرى ي ف� إطار‬ ‫ي‬ ‫بغض النظر عن طبيعة صلتها بالواقع‪ .‬ويتبدى ذلك بشكل خاص ي ف� ميدان الرياضيات‬ ‫ِّ‬ ‫يز‬ ‫والحقيقة أن فلسفة هيوم ال يمكن لها أن تت�ك أي مكان للحدس‬ ‫الميتاف�يقي‪ ،‬وتدعو اىل حذف الأقوال‬ ‫أ‬ ‫يز‬ ‫تمت إىل العالم الخارجي بسبب [كما هي ي ف� الرياضيات مثال ً]‬ ‫الميتاف�يقية ‪ ،‬لنها «ليست مجرد تحليالت فكرية ال ُّ‬ ‫خ�اتنا الحسية‬ ‫وال هي معتمدة عىل ب‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫وبذلك‪ ،‬فإنه ال مجال إلرساء أي أساس‬ ‫ال�‬ ‫ميتاف�يقي للحدس يجعله قدرة عىل اكتناه‬ ‫حقيقة الشياء وجواهرها ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫نوعي المعرفة‪ ،‬أي االنطباعات والفكار‬ ‫تند عن المالحظة الحسية‪ ،‬وال تخضع ي‬ ‫بالتال ل ٍي من ْ‬


‫يْ ن‬ ‫حال معرفة تامة سوى نمط حدسنا أي حساسيتنا الخاضعة أبداً ل�ش‬ ‫المالزم� أصال ً للذات‪.‬‬ ‫طي المكان والزمان‬ ‫ْ‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقية بوصفها معرفة مطلقة خارج‬ ‫وما قد تكون عليه الأشياء ي ف� ذاتها لن نعرفه أبداً»( )‪ .‬إن المعرفة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مب�ي‪ ،‬ولسوف تبقى الأشياء‬ ‫إطاري الزمان والمكان ال يمكن أن تخضع لي صورة من صور الحدس المحض أو ال ي‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫العص عىل العقل‪ ،‬عالم الشياء ي� ذاتها‬ ‫المقفَل‬ ‫ي� ذاتها عص َّي ًة عىل قدرتنا المعرفية‪ ،‬ومقيمة ي� ذلك العالم ُ‬ ‫ي‬ ‫الحدس ي ن‬ ‫ب� كنط وبرغسون ‪-‬‬

‫كب� بالتحليل الذي قدمه كنط لموضوعي الزمان والمكان وارتباط الحدس بهما‪ .‬وقد بلغ‬ ‫انشغل برغسون إىل حد ي‬ ‫اهتمام برغسون بفلسفة كنط حداً يجعل قاريء نصوصه يعتقد أن الفلسفة انتهت عند كنط لتبدأ من جديد‬ ‫مع برغسون‪ ،‬يظهر ذلك بشكل خاص من خالل تحديده ن‬ ‫لمع� الحدس‪ ،‬وربطه بمفهوم جديد للزمان‪ ،‬والفصل‬ ‫التام ي ن‬ ‫مفهومي الزمان والمكان‬ ‫ب�‬ ‫ْ‬ ‫مفهومي الزمان والمكان بالأساس الجوهري‬ ‫فمنذ رسالته الأوىل‪ ،‬وهي المعطيات المبا�ش ة للشعور‪ ،‬ارتبط تحليل‬ ‫ْ‬ ‫لفلسفته وهو فكرة الديمومة‪ ،‬واتَّخذ ي ف� ذلك مرتكزاً أساسياً له ي ف� فلسفة كنط‪ .‬فما هو مفهوم الحدس عند‬ ‫‪Lorem ipsum dolor sit amet, an primis quodsi nam.‬‬ ‫برغسون؟ وما هي طبيعة عالقته بالمكان والزمان والديمومة؟‬ ‫‪Oratio appellantur ea per, vim ex ponderum insolens,‬‬ ‫اع�اض برغسون ال أ‬ ‫إن ت‬ ‫‪an duo‬‬ ‫‪Illum decore‬‬ ‫‪ex,‬‬ ‫‪natum‬كنط‪،‬‬ ‫‪placerat‬انه‪ ،‬أي‬ ‫‪senserit.‬ناجم عن‬ ‫فلسفة كنط‪،‬‬ ‫‪ vim‬وردا ي ف�‬ ‫والمكان كما‬ ‫مفهومي الزمان‬ ‫ساس عىل‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫‪vel te purto nusquam. Erant assentior persequeris‬‬ ‫يْ ن‬ ‫يْ ن‬ ‫بالحدس‪.‬‬ ‫الحساسية‬ ‫‪eos‬صورتا‬ ‫باعتبارهما‬ ‫المفهوم�‬ ‫اعت� هذين‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫كتان‪et mel, id‬‬ ‫المدر ‪pri‬‬ ‫‪commodo‬‬ ‫‪tincidunt,‬‬ ‫والدور‪novum،‬‬ ‫متجانس�‪ ،‬من حيث الطبيعة ‪oratio‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫‪detraxit‬‬ ‫‪ex.‬‬ ‫‪Omnis‬‬ ‫‪dictas‬‬ ‫‪imperdiet‬‬ ‫‪ex‬‬ ‫‪vis.‬‬ ‫ظهر االختالف الجوهري يب� الزمان والمكان من خالل صلتهما‬ ‫اهتم بشكل‬ ‫ولكن برغسون َّ‬ ‫أساس ي� فلسفته بأن يُ ِ‬ ‫ي‬ ‫بالديمومة والحدس‬ ‫ففي معالجته لحدس المكان نراه يتعرض لمسألة معرفة ما إذا كان يتم احتساب لحظات الديمومة ‪،‬من خالل‬ ‫نقاط ف� المكان‪ ،‬ليؤكد أنه من الممكن ف� الزمان‪ ،‬ف‬ ‫و� الزمان وحده‪ ،‬مالحظة التتابع الخالص والبسيط‪ ،‬وليس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والضافة اللذان يفضيان إىل مجموع ميدانهما المكان؛ يغ� أنه من الممكن‪ ،‬كما‬ ‫الضافة؛ فالجمع إ‬ ‫الجمع أو إ‬ ‫يقول( )‪ ،‬أن نتصور اللحظات المتتابعة للزمان بشكل مستقل عن المكان‬ ‫والخلط ي ن‬ ‫ب� الزمان والمكان من حيث طبيعتهما الجوهرية‪ ،‬وهذا ما وقع به كنط‪ ،‬يجعلنا «عندما نتحدث عن‬ ‫الزمان نفكر غالباً بمحيط متجانس حيث وقائع وعينا تنتظم ي ف� الصف وتتجاوز‪ ،‬كما ي ف� المكان‪ ،‬وت َّتحد لتكون‬ ‫تعددية متمايزة»( )‪ .‬لذلك ال بد من ف‬ ‫تال� هذا الخلط والبحث عن الطبيعة الحقيقية للزمان المختلفة جوهرياً عن‬ ‫ي‬ ‫المكان‪ .‬ف‬ ‫ويص� ذاته بجهد‬ ‫و� سبيل ذلك يعمد برغسون إىل دعوة الوعي إىل أن يعزل نفسه عن العالم الخارجي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� يتساءل عما إذا كان لها «أية‬ ‫تجريدي دقيق‪ ،‬وذلك ي� سبيل الوصول إىل الديمومة الحقيقية‪ ،‬هذه الديمومة ي‬ ‫صغ�ة بالمكان‬ ‫عالقة ولو ي‬ ‫لقد أقام كنط والمتأثرون به‪ ،‬بنظر برغسون‪ ،‬ي ز‬ ‫تمي�اً جذرياً ي ن‬ ‫ب� مادة التصور وشكله‪ .‬وذلك لأن كنط فصل المكان‬ ‫أساس ي ف�‬ ‫واعت�‪ ،‬ي ف� ما يسمى بالشكل ال َق ْب يل للحساسية‪ ،‬أن الحدس هو الفعل الذي يقوم بشكل‬ ‫عن مضمونه‪ ،‬ب‬ ‫ي‬ ‫»«تصور مكان فارغ ومتجانس‬ ‫وغ� محدد‬ ‫وسط أو محيط متجانس ي‬ ‫إن المكان‪ ،‬كما تصوره كنط‪ ،‬يُحدد بوصفه متجانساً وهذا معناه أن «كل َ‬ ‫يصبح مكاناً»( )‪ .‬ولأن التجانسية ترتكز هنا إىل فقدان كل صفة فمن يغ� الممكن رؤية كيف أن ي ن‬ ‫شكل� من‬ ‫التجانس يتمايزان أحدهما من الآخر‬


‫‪INTEREST‬‬

‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا تمثلت ي ف� البحث ي ف�‬ ‫إن نقطة البداية ي ف� فلسفة كنط الساعية إىل تفحص العقل وقدراته أمام مشاكل‬ ‫الأحكام التأليفية ال َقبلية‪ .‬وإذا كانت الأحكام الرياضية من هذا النوع‪ ،‬فذلك لأنها تتمتع ض‬ ‫بال�ورة من جهة‪ ،‬ولأنه‬ ‫ْ‬ ‫من الممكن فيها «االستعانة بالحدس الذي وحده يجعل التأليف ممكناً»( )‪.‬ولكن ما هو الحدس برأيه ؟‬ ‫إنه‪ ،‬كما يحدده ف� الأستطيقا ت‬ ‫سمى‬ ‫ال�انسندالية‪ ،‬ذلك الذي يكون «عىل صلة بالموضوع بواسطة إ‬ ‫الحساس ]و[ يُ ّ‬ ‫ي‬ ‫أمب�ياً‬ ‫ي‬

‫ستمد بالتجربة من‬ ‫الحس صورتان محضتان‪ ،‬وهما‪ :‬المكان والزمان ؛‬ ‫ولهذا الحدس‬ ‫فتصور المكان «ال يمكن أن يُ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫عالقات الظاهرات الخارجية‪ ،‬بل إن التجربة الخارجية عينها ليست ممكنة إال بواسطة ذلك التصور»( )‪ .‬وبذلك فإن‬ ‫ستم َّداً من التجربة الخارجية‪ ،‬تجربة الوعي أو الذات ت‬ ‫ال� تقابل الأشياء ي ف� العالم الخارجي‪،‬‬ ‫المكان ليس مفهوماً ُم َ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫بل هو «تصور ض�وري َق ْب يل يشكل أساساً لجميع الحدود الخارجية»( )‪ .‬فإذا كنا ندرك الشياء الخارجية إدراكاً‬ ‫مبا�ش اً بوصفها ظاهرات متجسدة أمام الوعي بكل مواصفاتها كاللون والشكل والطعم‪ ،‬وما إىل ذلك‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يمكن أن يُط َلق عليه الحدس الحس‪ ،‬فإن المكان ليس ُملحقاً بأي ش‬ ‫�ء من الأشياء‪ .‬وإذا كنا نستطيع أن نتصور‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المكان بدون أية ظاهرة محددة موجودة فيه‪ ،‬فإننا ال نستطيع أن نتصور ي� إدراكنا لظاهرات العالم الخارجية‬ ‫ت‬ ‫وجود أي ش‬ ‫صور� الحدس المحض باعتباره «قدرة الحساسية عىل‬ ‫�ء دون المكان( )‪ .‬وما الزمان والمكان سوى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫امب�ية ‪ … ‬والحدس‬ ‫تلقي االنطباعات الحسية عن الشياء ي� ذاتها‪ ،‬فإذا حصلت االنطباعات سميت حدوساً ي‬ ‫�ش‬ ‫حس دائماً‬ ‫الب ي هو حدس ي‬ ‫هذا ما نستنتجه من تحليل المعرفة الحسية‪ ،‬وما نتأكد منه أيضاً من خالل المعرفة العقلية المتمثلة بالرياضيات‪،‬‬ ‫ذلك أن جميع المبادئ الهندسية «ليست ُم ْس َت ْن َت َجة البتة من أفاهيم عامة للخط والمثلث بل من الحدس‪ ،‬وذلك‬ ‫َق ْبلياً ي ن‬ ‫وبيق� ض�وري‬ ‫أ‬ ‫ن أ‬ ‫وهكذا ي َّ ن‬ ‫الحس وهو مصدر‬ ‫مب�ي أو‬ ‫شكل�‪ :‬الول هو الحدس ال ي‬ ‫يتب� لنا أن مفهوم الحدس‪ ،‬عند كنط‪ ،‬يأخذ ي‬ ‫ي‬ ‫كل معرفة بالعالم الخارجي‪ ،‬وهو يختص بإدراكنا المبا�ش لموجودات العالم الخارجي وبه تبتدئ كل معرفة‪ .‬أما‬ ‫ن‬ ‫أمب� ي ن‬ ‫ي�‪ ،‬أي أنهما ليسا من‬ ‫الثا�‪ ،‬فهو الحدس المحض المرتبط‬ ‫بتصوري المكان والزمان؛ فهذان التصوران ليسا ي‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫المفاهيم المجردة‪ ،‬بل هما صورتان َق ْبليتان للحساسية تمثالن الحدس الذي يقيم فينا َق ْبلياً‪ ،‬أي قبل أي إدراك‬ ‫إسمي الزمان والمكان‪ ،‬وعندما يتصل بالموضوعات‬ ‫لموضوع»( )‪ .‬إن الحدس المحض يقيم ي ف� الذات ويحمل‬ ‫ْ‬ ‫أمب�ياً‪ .‬فما المكان سوى صورة محضة لجميع الحدوس‬ ‫لك يتم من خالله إ‬ ‫الدراك‪ ،‬يصبح حدساً ي‬ ‫الخارجية ‪ ،‬ي‬ ‫دراك‬ ‫الخارجية‪ ،‬وما الزمان سوى صورة محضة لحدسنا الباطن‪ .‬فالزمان والمكان‪ ،‬بنظر كنط‪ ،‬هما صورتا نمطنا إ‬ ‫ال ي‬ ‫الدراك‪،‬‬ ‫ولننا يمكن أن نعرف المكان والزمان ق ْبلياً‪ ،‬أي قبل تحقق إ‬ ‫والحساس بشكل عام هو مادته‪ .‬إ‬ ‫المحض ‪ ،‬إ‬ ‫أ‬ ‫مب�ي‪ ،‬وبه تصبح معرفتنا بعدية‬ ‫فهما يحمالن إسم الحدس المحض؛ أما إ‬ ‫الحساس فهو يرتكز عىل الحدس ال ي‬ ‫يل‬ ‫نستنتج مما سبق ما ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أوالً‪ :‬إن الحدس ال ينفصل عن‬ ‫داع لوجودهما أو تناولهما ‪-‬‬ ‫صور� الزمان والمكان‪ ،‬وهاتان ال ي‬ ‫خ�تان ال مع� وال ٍ‬ ‫يْ‬ ‫ت‬ ‫ال� تربط الكائن بالعالم الخارجي معرفياً‬ ‫ي‬ ‫بالتفك� إال باعتبارهما الصلة ي‬ ‫يز‬ ‫يز‬ ‫ثانياً‪ :‬عدم وجود حدس‬ ‫ميتاف�يقي يستطيع الوصول بنا إىل قلب عالم‬ ‫الميتاف�يقيا‪ ،‬وتقديم معرفة ‪-‬‬ ‫مبا�ش ة ويقينية بحقائقه؛ ذلك‪ ،‬إنه بنظر كنط مهما رفعنا من درجة حدسنا‪ ،‬ومهما أصبح هذا الحدس واضحاً‬ ‫نق�ب ث‬ ‫«فلن ت‬ ‫أك� من قوام الأشياء ي ف� ذاتها‪ .‬ذلك أننا ال نعرف عىل أي‬


‫ت‬ ‫خارج إطار الديمومة الحقَّة ويفسح المجال واسعاً أمام حجج‬ ‫ال� تمنع أخيل من تجاوز السلحفاة‪.‬‬ ‫(زينون) ي‬ ‫ف‬ ‫ولكن ارتباط الديمومة بالحدس المبا�ش هو ما ي ِّ ن‬ ‫يب� لنا أن الحركة ي� الديمومة‪ ،‬والديمومة خارج المكان»( )‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� ذلك وحده يمكن تفنيد تلك الحجج‬ ‫ي‬ ‫�ش‬ ‫تخل المكان لتصور رمزي‬ ‫بالحدس وحده بت�ز الديمومة للوعي مبا ة‪« ،‬وتحافظ عىل هذا الشكل طالما هي ال ي‬ ‫مستخ َلص من االمتداد»( )‪ .‬فالتصورات الرمزية‪ ،‬وما يرتبط بحياتنا االجتماعية من أهمية عملية‪ ،‬تجعلنا نميل إىل‬ ‫ت‬ ‫ال� ال‬ ‫الص�ورة الدائمة‪ ،‬ي‬ ‫نع� عنها باللغة»( )‪ ،‬ذلك ما يبتعد بنا عن ي‬ ‫لك ب ِّ‬ ‫«تصليب انطباعاتنا ي‬ ‫ص�ورة الشعور ي‬ ‫يمكن إدراك حقيقتها إال حدسياً‬ ‫أن حباً عنيفاً‪ ،‬أو لحناً عميقاً يجتاحان ذاتنا يحمالن معهما ألفاً من العنارص المختلفة‪ ،‬ولكنها «تتمازج‪ ،‬وتتداخل‪،‬‬ ‫أد� ميل إىل التخارج إحداها بالنسبة للأخرى‪ .‬ف‬ ‫دون إطار محدد‪ ،‬ودون ن‬ ‫و� ذلك تكمن أصالتها»( )‪ .‬وذلك ما‬ ‫ي‬ ‫ٍَْ‬ ‫ص�ورة‬ ‫يجعل الشعور ذاته كائناً يعيش وينمو‬ ‫ويتغ� استطراداً بدون توقف‪ ،‬تلك هي حقيقة الديمومة باعتبارها ي‬ ‫ي َّ‬ ‫أ‬ ‫أ ف‬ ‫ت‬ ‫ال� يتم فيها هذا الفصل يفقد‬ ‫تتداخل لحظاتها دون أية إمكانية لفصل إحداها عن الخرى‪ ،‬لنه ي� اللحظة ي‬ ‫الشعور حيويته ويتحول الزمان‪ ،‬بوصفه نوعية ي ز‬ ‫ُرصف فيه الحاالت‬ ‫تتم� بالتلوين وال تقبل التجانس‪ ،‬إىل مكان ت َ‬ ‫الخالدة جنباً إىل جنب‪ ،‬فتفقد روحها وأصالتها ولكنها تصبح «قابلة ت‬ ‫واستطراداً‬ ‫‪.)Lorem‬‬ ‫شخصية»(‬ ‫‪ dolor‬ال‬ ‫بالكلمات‬ ‫لل�جمة‬ ‫‪ipsum‬‬ ‫‪sit amet,‬‬ ‫‪an primis‬‬ ‫‪quodsi nam.‬‬ ‫‪Oratio appellantur ea per, vim ex ponderum‬‬ ‫‪insolens,‬‬ ‫المجتمع بكل َّيته‬ ‫أي تصبح انطباعات يتم الشعور بها باعتبارها معطاة من‬ ‫‪an duo natum placerat senserit. Illum decore vim ex,‬‬ ‫‪nusquam.‬يكمن ف‬ ‫� ‪vel te‬‬ ‫‪purto‬‬ ‫‪assentior‬‬ ‫‪persequeris‬‬ ‫اعتباره‬ ‫‪Erant‬وإن خطأه‬ ‫ديمومة؛‬ ‫بوصفها‬ ‫وهكذا ‪ ،‬فإن كنط لم يستطع‪ ،‬برأي برغسون‪ ،‬أن يفهم حقيقة الأنا‬ ‫ي‬ ‫‪et mel, id pri commodo tincidunt, eos novum oratio‬‬ ‫الزمان مكاناً متجانسا‪ ،‬وذلك منعه من مالحظة أن الديمومة الحقيقية تتكون من لحظات متداخلة الواحدة‬ ‫‪detraxit ex. Omnis dictas imperdiet ex vis.‬‬ ‫أ‬ ‫يز‬ ‫التمي� ذاته‬ ‫تع� عن نفسها بالمكان‪ .‬وهكذا فإن‬ ‫بالخرى‪ ،‬وعندما تأخذ شكل التجانس فإن ذلك يعود إىل أنها ب ِّ‬ ‫الذي أقامه ي ن‬ ‫ب� الزمان والمكان‪ ،‬يعود ي ف� العمق‪ ،‬إىل مطابقة الزمان مع المكان‪ ،‬والتمثيل الرمزي للأنا مع الأنا‬ ‫ذاته‪ .‬لقد حكم بأن الوعي يغ� جدير بإدراك الوقائع السيكولوجية بطريقة أخرى يغ� وضعها جنباً إىل جنب‪،‬‬ ‫متناسياً أن المكان حيث تت�اصف هذه الوقائع وتتمايز إحداها عن الأخرى هو ض‬ ‫بال�ورة مكان وليس ديمومة‬ ‫ف‬ ‫ف� المكان يمكن للظواهر ي ز‬ ‫الطالق إلعادة‬ ‫الف�يائية أن تنتج من جديد‪ ،‬ولكن ي� الديمومة ال إمكانية هناك عىل إ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫إنتاج الحاالت نفسها؛ فالديمومة ال يمكن الرمز إليها إذاً بوصفها مكاناً تجري فيه الحاالت النفسية م�اصفة‬ ‫كما الأشياء ف� المكان‪ .‬ف‬ ‫و� هذا الخلط ي ن‬ ‫ب� الديمومة الحقيقية ورمزها تكمن‪ ،‬حسب برغسون( )‪ ،‬قوة المذهب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الكنطي وضعفه ي� الوقت ذاته‪ .‬فلقد تخيل كنط الشياء ي� ذاتها من جهة ‪،‬وتخيل من الجهة الخرى زمانا ومكانا‬ ‫ي ن‬ ‫متجانس� تنعكس من خاللهما الأشياء ي ف� ذاتها‪ ،‬فأ َّدى ذلك إىل والدة الأنا الظاهرة من جهة ‪ ،‬ومن الجهة الأخرى‬ ‫التم� ذاته ي ن‬ ‫الأشياء الخارجية‪ .‬إن الزمان والمكان ليسا فينا وال خارجنا‪ ،‬ولكن ي ز‬ ‫ب� الخارج والداخل هو أثر لهما‪.‬‬ ‫لقد كان للمذهب الكنطي الأسبقية ف� إعطاء التفك� الأمب�ي أساساً صلباً‪ ،‬ف‬ ‫و� أن يجعلنا نتأكد من أن الظواهر‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بوصفها ظواهر قابلة لأن تُعرف بالشكل المناسب‪ .‬ولكن المذهب الكنطي ألغى كل إمكانية للمعرفة المط َلقَة �ف‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫فصله ي ن‬ ‫بالمكان االستغناء عن اللجوء إىل الشياء ي� ذاتها لو أن العقل‬ ‫ب� الظواهر والشياء ي� ذاتها‪ .‬لقد كان إ‬ ‫أ‬ ‫يخ�نا بأن ال�ش ي ء ي ف� ذاته‪ ،‬يغ� القابل‬ ‫لك ب‬ ‫العمل الكاشف عن الواجب لم يتدخل عىل طريقة التذكر الفالطونية ي‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫للرؤية‪ ،‬هو حا� وموجود‬ ‫هذا ما انتهى إليه برغسون ي ف� «المعطيات المبا�ش ة للشعور» ‪ ،‬وما عاد إليه مرة أخرى ي ف� «الفكر المتحرك»‬ ‫‪ ،‬مؤكداً بذلك أهمية النقد الكنطي ف� ي ز‬ ‫تحف�ه لبناء مذهبه الخاص ‪ ،‬وذلك من خالل السعي إلعادة االعتبار‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫للميتاف�يقيا انطالقاً من هذا النقد‪ .‬فهو إذ يع�ف لكنط بأهمية‬


‫‪INTEREST‬‬

‫وإذا كانت التجانسية ي ز‬ ‫تم� المكان فما هي حالها ي ف� الزمان؟‬ ‫إن التجانس ي ف� الزمان‪ ،‬بوصفه وسطاً يغ� محدد ومختلف عن المكان‪ ،‬يكتسب شكال ً مزدوجاً‪ ،‬بنظر برغسون‪،‬‬ ‫ذلك تبعاً للتعايش أو للتتابع الذي يملؤه‪ .‬إننا عندما نجعل من الزمان محيطاً متجانساً تجري فيه حاالت الوعي‬ ‫الواع ي ف� تصور للمكان‪ ،‬حيث الأشياء المادية المتخارجة والمحددة كل منها بالنسبة للآخر‪ ،‬والخارجية‬ ‫نقع بشكل‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� ثبتت الحدود فيما بينها‪ .‬ولكن وقائع الوعي‪ ،‬ت‬ ‫ح� المتتالية‬ ‫بالنسبة لنا ت َّتخذ ي� تجانسية المكان الفواصل ي َّ‬ ‫تع� عن النفس بكليتها ت‬ ‫ح� ي ف� الأبسط بينها‪ .‬من هنا يبدو متاحاً التساؤل عما «إذا كان‬ ‫َّ‬ ‫منها‪ ،‬تتداخل ويمكن أن ب ِّ‬ ‫الزمان الذي يتم تصوره عىل شكل المكان المتجانس ال يصبح مفهوماً هجيناً يعود إىل التدخل المتطفل لفكرة‬ ‫المكان ي ف� ميدان الوعي الخالص‬ ‫ليست فكرة المكان من نفس طبيعة فكرة الزمان إذاً‪ ،‬بل إن الخلط ي ن‬ ‫ب� هذين التصوريْن هو ما يقود إىل الوقوع‬ ‫ف� الأوهام بدال ً من التوصل إىل الحقيقة؛ هذه الحقيقة ت‬ ‫مستقرها ي ف� فكرة الديمومة باعتباره الفكرة‬ ‫ال� تجد‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫الشارة هنا إىل أن الوصول إىل هذه الفكرة يغ� متيرس لقارئ‬ ‫تم� فلسفة برغسون‪ .‬وال بد من إ‬ ‫ال� ي ِّ‬ ‫الساسية ي‬ ‫لتصور ْي الزمان والمكان‬ ‫نصوصه إال من خالل نقده‬ ‫َ‬ ‫فالديمومة ترتبط بالزمان ارتباطاً فريداً‪ ،‬وتتمايز عن المكان تمايزاً ال يجوز الخلط فيه‪ .‬انطالقاً من ت‬ ‫ال�ابط والتمايز‪،‬‬ ‫هذين ‪ ،‬يتأسس ف� فلسفة برغسون تصوران للديمومة‪ :‬الأول خالص من كل خلط أو مزج‪ ،‬ولو بشكل خفي ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫تصور ْي الديمومة والمكان‪ ،‬وعنه تنشأ فكرة «الديمومة الخالصة تماماً وهي الشكل الذي ي َّتخذه تتابع حاالت وعينا‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫نفسها تعيش»( )‪ ،‬أي عندما تكف عن إقامة أي فصل يب� الحالة الحا�ة والحاالت )‪ (Notre moi‬عندما ت�ك أنانا‬ ‫السابقة ت‬ ‫ال� تعيشها‪ .‬ففي الديمومة الخالصة تتابع الحاالت دون تمايز‪ ،‬وتتداخل وتتماسك بحيث تبدو كل‬ ‫ي‬ ‫واحدة منها قابلة لأن تمثل الكل‪ .‬إن وجود الديمومة ي ف� هذه الحال يكون وجوداً متشابهاً‬ ‫ومتغ�اً ي ف� الوقت ذاته‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ولكنه ال يحتمل ف� الوقت عينه ن‬ ‫أد� فكرة عن المكان‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أما التصور ن‬ ‫الثا� فإنه ينشأ عن إدخال فكرة المكان‪ ،‬عىل غفلة منا‪ ،‬ي� تصورنا للتتابع الخالص الذي تمثله‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫الديمومة‪ ،‬وذلك عندما نتصورها من خالل رصف حاالت وعينا إحداها إىل جانب الخرى ف�اها متآنية ‪ ،‬وال نرى‬ ‫ف أ‬ ‫ف‬ ‫ونع� عن الديمومة باالمتداد ‪ ،‬ويأخذ التتابع بالنسبة‬ ‫إحداها ي� الخرى‪ .‬وباختصار فإننا «نُسقط الزمان ي� المكان ب ِّ‬ ‫لنا شكل خط م َّتصل حيث تتالمس الأشياء دون أن تتداخل‬ ‫ال� هي ف� أساس فكرة المكان ال ينبغي أن تُنسب إىل الديمومة بأي حال من الأحوال‪ ،‬لأنه ف‬ ‫إن التجانسية ت‬ ‫«�‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اللحظة ت‬ ‫ال� ندخل فيها القدر الأقل من التجانسية إىل الديمومة فإننا ندخل فكرة المكان»( )‪ ،‬وبإدخالنا فكرة‬ ‫ي‬ ‫المكان ي ف� الديمومة فإنها تفقد جوهرها باعتبارها ي ف� داخلنا «سياق من التنظيم أو التداخل المتبا َدل والمتواصل‬ ‫لحاالت الوعي‬ ‫تلك هي الديمومة الحقيقية‪ ،‬ديمومة الأنا يغ� المتجانسة والبعيدة تماماً عن تصور المكان‪ .‬وهكذا فإن كنط قد‬ ‫الم ْد َركان حدسياً‪ ،‬وعىل نفس النحو من‬ ‫اعت�‬ ‫جانب الصواب تماماً‪ ،‬بنظر برغسون‪ ،‬عندما ب‬ ‫تصور ْي الزمان والمكان‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِق َبل الحساسية كفيالن ي ن‬ ‫لك ال يبقى‪،‬‬ ‫بتأم� كل المادة المطلوبة للمعرفة من خالل التماس مع العالم الخارجي‪ ،‬ي‬ ‫ئ‬ ‫النها� ي ف� إطار قوالب الفاهمة ومقوالتها‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬إال أن تأخذ المعرفة شكلها‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الطار الرمزي فإن‬ ‫فكر� الزمان والمكان هو تشابه رمزي فقط منشؤه فكرة التجانسية‪ ،‬وخارج هذا إ‬ ‫إن التشابه يب� ي َ ْ‬ ‫تصور الزمان ال ي َّتخذ بالنسبة إىل وعينا مظهر المكان المتجانس حيث الحدود ت‬ ‫تتال أو تتابع ما تجعل‬ ‫ال� تفصل ٍ‬ ‫ي‬ ‫لأ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تعب�ا عن االنتقال من‬ ‫الشياء المرصوفة بالمكان «تتخارج إحداها بالنسبة ل خرى»( )‪ .‬وإذا كانت الحركة ي� المكان ي‬ ‫وضع إىل وضع آخر يليه ي ف� مكان متجانس قابل للقسمة رياضياً‪ ،‬فإن ذلك يتم‬


‫الميتاف�يقيا ت‬ ‫يز‬ ‫الميدان سوى ميدان‬ ‫ال� أعاد إليها برغسون االعتبار من خالل مقاربته لها‪ ،‬من حيث لم يحتسب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫كنط والفالسفة الكبار ‪ .‬فهو لم يتخذ العقل ومقوالته وصوره أساساً ي� ذلك ‪ ،‬بل لجأ إىل الداة الصالحة لهذه‬ ‫اللغاء أو االستبدال أو التعسف‪.‬‬ ‫المقاربة وهي الحدس ؛ ولكنه يبقى عىل الدوام حريصاً عىل االبتعاد عن فكر إ‬ ‫أ‬ ‫إن للعقل ميدانه‪ ،‬وللعلم أهميته ‪ ،‬ولكن الحدس أيضاً جدير باالهتمام ‪ ،‬بل لعله الجدر بالنسبة للوجود‬ ‫ال ن‬ ‫تكامل اىل حد بعيد‬ ‫نسا�‪ ،‬وذلك ي ف� إطار فكر‬ ‫إ ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫التفك� الفلسفي‪ ،‬يعقد برغسون‬ ‫و� سبيل التوسع ي ف� عرض فكرته عن هذا الحدس الذي يؤسس لنوع جديد من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ف� كتابه (الفكر والمتحرك) فصال ً بعنوان الحدس الفلسفي يبدأه بالقول بأن كل فلسفة ال بد أن تمتلك وعياً‬ ‫بوظيفتها ودورها ‪ ،‬وبأن الفلسفة ث‬ ‫أك� الممارسات الفكرية دقة وتنظيماً‪ ،‬لذلك ال يليق بمن َّيدعي التفلسف أن ال‬ ‫يراعي الدقة ي ف� أهدافه وأهمية دوره ‪ .‬وذلك لن يكون بتكرار ما سبق أن قيل من قبل بعبارات مختلفة‪ .‬إن أهمية‬ ‫أ‬ ‫صل‬ ‫فلسفة ما‪ ،‬وما ينبغي أن يبحث عنه عند الفيلسوف هو «بساطة حدسه ال ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫يب� عليه‪ ،‬وما يُ نب� عىل البسيط يكون نجاحه‬ ‫هذه البساطة هي ُّ‬ ‫لب الفلسفة وجوهرها‪ ،‬هي الساس الذي ف ي‬ ‫مكتمال ً إن بقي ي ف� إطار البساطة‪ .‬وما التعقيد الذي نصادفه ي� مذهب الفيلسوف إال حالة يمكن فهمها من خالل‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ال�‬ ‫فلسفة‬ ‫المع� فإن‬ ‫للتعب�‪an‬عنه‪.‬‬ ‫يستعملها‬ ‫ي‬ ‫كل‪Lorem‬‬ ‫‪ipsum‬‬ ‫بهذا‪dolor sit‬‬ ‫‪amet,‬‬ ‫‪primis‬‬ ‫‪quodsi nam.‬‬ ‫إرجاعها أ إىل عدم التناسب يب� حدسه البسيط والوسائل ي‬ ‫سوى‪ea‬الطريقة ت‬ ‫‪Oratio‬‬ ‫الفلسفي‪per,‬‬ ‫‪vim ex ponderum‬‬ ‫ال�‬ ‫‪insolens,‬وما المذهب‬ ‫المو ِّلد‪.‬‬ ‫بها‬ ‫يع�‬ ‫‪ appellantur‬ب‬ ‫هي بالصل حدسية لو نظرنا إليها من زاوية الحدس ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫‪an duo natum placerat senserit. Illum decore vim ex,‬‬ ‫الفيلسوف عن هذا الحدس‬ ‫‪vel te purto nusquam. Erant assentior persequeris‬‬ ‫‪ pri commodo tincidunt, eos novum oratio‬ت‪et mel, id‬‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن الحدس ي ز‬ ‫‪ dictas‬السالبة‬ ‫قوته‬ ‫بالضافة إىل ما سبق ذكره‪ ،‬بفر‬ ‫ال� يش ِّبهها‬ ‫يتم� إ‬ ‫ادة َّ‬ ‫‪ Omnis‬ي‬ ‫‪detraxit‬‬ ‫‪ex.‬‬ ‫‪imperdiet ex vis.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫برغسون‬ ‫المعت�ة‬ ‫ال� تبدو بديهية‪ ،‬والتأكيدات‬ ‫ب‬ ‫بشيطان سقراط‪ ،‬لنها تواجه الفكار الشائعة والمقبولة والقضايا ي‬ ‫ف‬ ‫لك تهتف ي� أذن الفيلسوف قائلة‪ :‬مستحيل‬ ‫علمياً ي‬ ‫الم َو ِّلد للمذهب الفلسفي‬ ‫‪ (L’intuition generatrice)( )،‬ال بد من العودة‪ ،‬إذاً‪ ،‬إىل الحدس البسيط‪ ،‬الحدس ُ‬ ‫أ‬ ‫لن مصدر القوة ي ف� أي مذهب فلسفي إنما تكمن ي ف� مركزه أي الحدس ذاته؛ وعنه ينشأ التيار أو االندفاعة ُمش ِّكال ً‬ ‫والمجردات ت‬ ‫لتفك� الفيلسوف شكال ً محسوساً‪ .‬والعالقة ي ن‬ ‫ب� فلسفة ما والفلسفات السابقة‬ ‫ال� تعطي ي‬ ‫المفاهيم ُ َّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫والمعارصة ال ت‬ ‫تف�ض تصوراً لتاريخ المذاهب‪ ،‬فالفلسفة ال تصهر الفكار القديمة ي ف� بوتقة مذهب أعىل‪ ،‬وال‬ ‫ف‬ ‫أصل ُم َو ِّلد للأفكار‬ ‫تأخذ أفكاراً موجودة مسبقاً ي‬ ‫«لك تدمجها ي� فكرة جديدة»( )‪ ،‬بل إن لكل فلسفة جديدة حدس ي‬ ‫والمفاهيم والتصورات‪ ،‬أي للمذهب الفلسفي الجديد‬ ‫ال�غسونية مع الهيغلية‪ ،‬ت‬ ‫وح� مع كل طريقة ديالكتيكية»( )‪ ،‬فليس السلب‬ ‫‪ (La‬يالحظ «جيل دولوز» «تنافر ب‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� نبحث عنها عبثاً للقيام بمصالحة )‪ (l’antithèse‬والنقيضة )‪ (la thése‬وليست الطروحة ‪négation)،‬‬ ‫ي‬ ‫منطقية‪ ،‬هو ما يقودنا إىل الحقيقة ‪ ،‬ذلك لأنه لن يمكن يوماً صنع ش‬ ‫�ء بواسطة مفاهيم أو وجهات نظر‪ .‬ان‬ ‫ي‬ ‫«التفك� ي ف� االختالفات ي ف� الطبيعة بعيداً‬ ‫هو‬ ‫الديالكتيك عاجز‪ ،‬من وجهة نظر برغسون‪ ،‬لأن الجوهري بالنسبة له‬ ‫ي‬ ‫) (»عن كل شكل من أشكال السلب‬ ‫ان االختالف ي ف� الطبيعة‪ ،‬وانبثاق الجديد يغ� المتوقع يجعل الفلسفة تتطور باالستناد إىل روح البساطة‬ ‫ت‬ ‫الذي يمثله الحدس المرتبط بالديمومة ‪ ،‬والذي يبعد الفلسفة عن البناء‬ ‫ال� تجري‬ ‫ي‬ ‫العقل المجرد للمفاهيم ي‬ ‫المصالحة بينها منطقياً ي ف� عالم بعيد عن عالم الحياة الحقيقي عالم حدس الديمومة‬

‫إن روح البساطة هي ما يشكل جوهر الفلسفة برأي برغسون؛ وكل تعقيد فيها هو سطحي‪ ،‬وكل بناء هو ثانوي‪،‬‬ ‫‪ (Philosopher est un‬وكل ترتيب هو مظهر‪ .‬وبكلمة تخترص كل ذلك يمكن القول إن التفلسف هو فعل بسيط‬ ‫) ()‪acte simple‬‬


‫‪INTEREST‬‬

‫يز‬ ‫وتغ� آخر‪ ،‬يغ� اللذيْن تصورهما كنط ومن‬ ‫تكون‬ ‫الميتاف�يقيا مستحيلة إذا لم يكن هناك أزمنة أخرى‪ ،‬ي‬ ‫ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫والتغ� «إىل‬ ‫وحول الوعي‪ ،‬مع هؤالء‪ ،‬الزمن‬ ‫عقالني� أم‬ ‫سبقه من الفالسفة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫حولت الحواس‪َّ ،‬‬ ‫تجريبي�‪ .‬لقد َّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫غبار لتسهيل فعلنا ي� الشياء»( )‪ .‬وما يدعو إليه برغسون هو تفكيك فعل الوعي والحواس هذا من أجل إرجاع‬ ‫لك تكون لدينا معرفة من جنس جديد ‪ ،‬وذلك دون الحاجة إىل استدعاء َم َلكات جديدة ‪ ،‬هي‬ ‫إدراكنا إىل أمصادره ي‬ ‫ي ف� حقيقة المر يغ� موجودة‬ ‫ميتاف�يقيا تتمتع بما يكفي من ي ن‬ ‫يز‬ ‫تغ� ليس طبيعة معرفتنا‬ ‫فالوعي والحواس كافيان لتأسيس‬ ‫اليق�‪ ،‬من شأنها أن ي ِّ‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫فالميتاف�يقيا ليست ترفاً عقلياً‬ ‫بالعالم فحسب‪ ،‬بل معرفتنا بأنفسنا أيضاً ‪ ،‬وبأهمية وجودنا ي� هذا العالم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫واالستغناء عنها ال يخدم الفلسفة وال النسان‪ .‬ف‬ ‫و� إعادة االعتبار إليها‪ ،‬كما يبدو من محاولة برغسون‪ ،‬خدمة‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫نسا� من جهة أخرى‬ ‫أساسية لجوهر الحياة باعتباره جوهر وجود العالم من جهة ‪ ،‬والوجود إ‬ ‫ال ي‬ ‫ولعل االختالف ي ن‬ ‫ب� برغسون وكنط يكمن ي ف� هذه النقطة ‪ ،‬ذلك أن برغسون يؤسس معرفة الديمومة ‪ ،‬بصفتها‬ ‫يز‬ ‫يز‬ ‫ميتاف�يقية عىل الحدس‪ ،‬بحيث بات حدس الديمومة عنواناً أساسياً‬ ‫للميتاف�يقا عنده‪ ،‬وعليها تتأسس‬ ‫معرفة‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫الميتاف�يقي انكر قدرة العقل عىل الخوض‬ ‫ح� أن كنط الذي استبعد تماماً وجود الحدس‬ ‫ي‬ ‫النتائج العملية ‪ ،‬ي� ي‬ ‫ف‬ ‫البقاء عىل بعض المعا�ن‬ ‫ن‬ ‫يز‬ ‫ي ف� مسائل‬ ‫الحن� إىل إ‬ ‫الميتاف�يقا دون الوقوع ي� النقائض ‪ ،‬ولكنه «كان يشعر بنوع من ي‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫البقاء عليها إال عن طريق الأخالق‬ ‫الأساسية ي ف�‬ ‫الميتاف�يقا ‪ ،‬وسعى لذلك جهده ‪ ،‬لكنه لم يستطع إ‬ ‫نفسه ؛ وهو‪ ،‬برأي برغسون(‬ ‫إن العالم الذي يُدخلنا إليه وعينا وحواسنا عادة لم يعد سوى ظل للعالم‬ ‫)‪ ،‬بارد كالموت‪ ،‬كل ش�ء فيه منظم لمالءمتنا ف� ض‬ ‫حا� يبدو بأنه يكرر نفسه باستمرار ‪ .‬ونحن فيه نعيش اللحظة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫التفس�‪ .‬فلنتوقف عن‬ ‫وامحى؛ ونرى ي� الذكرى واقعة غريبة تستدعي‬ ‫الآنية ‪ ،‬ونتحدث عن‬ ‫ي‬ ‫الما� وكأنه زال َّ‬ ‫ي‬ ‫حا� كثيف ومرن‪ ،‬ض‬ ‫ذلك‪ ،‬ولنتماسك كما نحن ف� حقيقتنا‪ ،‬ف� ض‬ ‫حا� يمكن أن نمده بشكل المحدود نحو الوراء‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أك� ث‬ ‫مبعدين ث‬ ‫فأك� الحجاب الذي يق ِّنعنا أمام ذاتنا‪ .‬فل ُن ِعد إمساك العالم الخارجي‪ ،‬ليس فقط ي� سطحيته‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫بالما� المبا�ش الذي يضغط عليه ويطبعه بتياره ؛ بذلك نتجاوز‬ ‫الحا�ة‪ ،‬ولكن ي ف� عمقه واتصاله‬ ‫و� اللحظة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫العلم الذي ال تهدف تطبيقاته إال إىل مالءمة وجودنا وإعطاءنا الوعد بالراحة واللذة‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ولكن‬ ‫الحا� المرن المتفاعل مع‬ ‫ال� نعيش فيها‬ ‫وال� ي ِّ‬ ‫الفلسفة المستندة إىل الحدس‪ ،‬ي‬ ‫تغ� نظرتنا إىل الطريقة ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫الحية ‪ ،‬هذه الفلسفة يمكن لها أن تعطي وجودنا معناه‬ ‫الما� ي� حركة عضوية متصلة من خالل الذاكرة‬ ‫ي‬ ‫)‪ (La joie‬وهدفه الأسمى‪ ،‬وأن تعطينا حينذاك ليس اللذة أو المنفعة وإنما الفرح‬ ‫أمب�ية كانت أم عقالنية‪.‬‬ ‫ان دعوة برغسون ال يمكن حرصها ي ف� إطار المراجعة والنقد للفلسفات‬ ‫السابقة ‪ ،‬ي‬ ‫ي ن‬ ‫وإذا كان موقفه من فلسفة كنط ‪ ،‬باعتبارها أ َّلفت ي ن‬ ‫الكث� من صفحات مؤلفاته ‪،‬‬ ‫ب�‬ ‫االتجاه� ‪ ،‬قد استغرق ي‬ ‫واحتوته نصوص الفتة ف‬ ‫الشارة إىل أن محاولة كنط ت‬ ‫من‬ ‫بد‬ ‫فال‬ ‫عمقها‪،‬‬ ‫ال� كانت تنحو بالفلسفة علمياً‪ ،‬وهو‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الذي عاش عرص التنوير وعبادة العقل‪ ،‬هذه المحاولة قد أخذت مداها واس ُت ْنفدت عندما لم يعد تطور العلوم‬ ‫تي�ك مكاناً الئقاً للفلسفة ‪ ،‬وال سيما بعد أن سادت نز‬ ‫ال�عات العلموية ي ف� القرن التاسع ع�ش ‪ ،‬بحيث بات الناس‬ ‫ال ن‬ ‫ينتظرون أن تأتيهم اكتشافات العلوم كل يوم بجديد عن الأسئلة ت‬ ‫نسا� وأقلقته‪.‬‬ ‫ال� طالما شغلت العقل إ ي‬ ‫ي‬ ‫لم يرض برغسون للفلسفة هذا الموقف التابع والملحق والهام�ش ي حيث ال يتيرس لها سوى الجلوس ي ف� زاوية‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الضافة‪ .‬لقد‬ ‫لك تمارس دورها ي� النقد أو إ‬ ‫مظلمة م�قبة إنجازات العلوم ‪ ،‬وتأسيس المناهج العلمية الجديدة ي‬ ‫للنسان عن ميدان العلم‬ ‫وجد برغسون ميداناً أصلياً للفلسفة‪ ،‬هي فيه يغ� ُمنا َز َعة‪ ،‬وهو ال يقل أهمية بالنسبة إ‬ ‫وإنجازاته‪ ،‬وما هذا‬


‫لقد لجأ أرسطو‪ ،‬كما يرى برغسون( )‪ ،‬إىل تذويب كل المفاهيم بمفهوم واحد؛ وجعله مبدأ شمولياً‬ ‫للتفس�‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقي للوجود‪ ،‬ذلك هو مفهوم هللا باعتباره فكر الفكر‪ .‬ولقد سارت الفلسفة الحديثة ي ف� هذا االتجاه‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫فاعت�ت هللا مبدأ ً ليس له من ش�ء ت‬ ‫ويش�‬ ‫مش�ك مع ما هو‬ ‫المكمل لما بدأه أرسطو ي� هذه الفكرة ‪ ،‬ب‬ ‫إنسا�‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫برغسون إىل أن هذا النوع من الفلسفة يحصل له أحياناً أن يسمي هللا كائناً‪ ،‬ولكنه‪ ،‬ي ف� الواقع‪ ،‬ال يرى آالمنا‬ ‫ويصم آذانه عن صلواتنا‬ ‫ُّ‬ ‫يز‬ ‫يز‬ ‫بميتاف�يقيا أرسطو ت ُِرجع الأشياء إىل مفاهيمها‪ ،‬وتُع ِّلب‬ ‫كب�‪،‬‬ ‫إن‬ ‫الميتاف�يقيا الحديثة المتأثرة‪ ،‬إىل حد ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ .‬وهنا‪،‬‬ ‫ال�‪ ،‬من خاللها‪ ،‬يُ َّ‬ ‫المفاهيم الواحدة ضمن الخرى‪ ،‬أ ي‬ ‫لك تصل ي� النهاية إىل فكرة الفكار ي‬ ‫فس كل ي‬ ‫برأي برغسون( )‪ ،‬تكمن الخطيئة الصلية للمذاهب الفلسفية‪ ،‬إذ أنها تعتقد بأنها تعلمنا ما هو المطلق عندما‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫�ء ما‪ ،‬وتفقده عندما يتم تطبيقه عىل كل‬ ‫تعطيه إسم أاً‪ .‬ولكن الكلمة يكون لها مع� محدد عندما تدل عىل ي‬ ‫)‪ (Vision‬الشياء‪ .‬فالحقيقة هي‪ ،‬أن الوجود ال يمكن أن يعطى إال َّ من خالل التجربة‪ ،‬وهذه التجربة تسمى رؤية‬ ‫أو إدراك خارجي بشكل عام عندما يتعلق الأمر بموضوع مادي‪ ،‬ولكنها تأخذ إسم الحدس )‪ (Contact‬أو تماس‬ ‫عندما تطلق عىل الفكر‬ ‫إىل أين يقود هذا الحدس؟‬ ‫‪Lorem ipsum dolor sit amet, an primis quodsi nam.‬‬ ‫‪Oratio appellantur ea per, vim ex ponderum insolens,‬‬ ‫الحدس وحده يستطيع أن يجيب عىل ذلك‪ .‬إنه‪ ،‬كما يرى برغسون‪ ،‬يمسك خيطاً وله وحده أن يرى إذا كان هذا‬ ‫‪an duo natum placerat senserit. Illum decore vim ex,‬‬ ‫أ‬ ‫‪ persequeris‬ف‬ ‫الخيط يصعد إىل السماء أو يقف عىل ش‬ ‫السماء‪،‬‬ ‫الصعود إىل‬ ‫‪Erant‬أي‬ ‫‪assentior‬الأوىل‪،‬‬ ‫و� الحالة‬ ‫‪vel‬‬ ‫‪te purto‬‬ ‫‪nusquam.‬‬ ‫�ء من المسافة من الرض‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫وبرغسون‪et mel,‬‬ ‫‪id pri commodo‬‬ ‫‪novum‬‬ ‫ال� يؤسسها ‪oratio‬‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫يعتقد‬ ‫‪ tincidunt,‬المطلق‪،‬‬ ‫‪eos‬سعيهم إىل‬ ‫فإن التجربة‬ ‫الكبار ي ف�‬ ‫المتصوفون‬ ‫الميتاف�يقية تتصل بتلك ي‬ ‫‪detraxit ex. Omnis dictas imperdiet ex vis.‬‬

‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا المتأسسة عىل المفاهيم العقلية المجردة‬ ‫من جهته «أن الحقيقة هي هنا»( )‪ ،‬وليست عند‬ ‫ف‬ ‫يز‬ ‫النسانية‪.‬‬ ‫إن التجربة‬ ‫صو� ترفعنا فوق الوضعية إ‬ ‫الميتاف�يقية من شأنها أن تؤسس لفلسفة حدسية ذات طابع ي‬ ‫فما هي ركائز هذه التجربة‪ ،‬واتجاهاتها؟‬ ‫يز‬ ‫ميتاف�يقية فردية ال تتجه إىل عقل الفرد ومفاهيمه لتأسيس المعرفة المطلقة‪ ،‬بل هي تسعى إىل إلغاء‬ ‫إنها تجربة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫النسان‪ .‬فالقيمة‬ ‫المسافة يب� ما هو إلهي وما هو‬ ‫إنسا�‪ ،‬وذلك بإطالق االنفعاالت الخالقة والمبدعة لدى إ‬ ‫ي‬ ‫النسان ليست للعقل النقدي‪ ،‬أي ذلك الذي يفهم ويناقش ويقبل أو يرفض فحسب‪ ،‬بل للعقل‬ ‫الك�ى عند إ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫«والبداع يع� انفعاال ً قبل كل ش‬ ‫فالبداع أو االبتكار‪ ،‬وإن كان عقلياً‪ ،‬فإن االنفعال هو الجوهر‬ ‫المبدع إ‬ ‫�ء»( )‪ .‬إ‬ ‫ي‬ ‫الكامن ف� أعماقه لأنه يهو ما يحدث ذلك الزلزال الذي يعصف ف� الأعماق فيكون سبباً لكل ما يبدع من أفكار �ف‬ ‫ُِْ‬ ‫ي‬ ‫أ ي‬ ‫أ ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الدب والفن‪ ،‬ومن اكتشافات ي� العلوم‪ ،‬ومن انفتاح ي� الخالق والدين‬ ‫ال ن‬ ‫نسا� ي ف� مختلف المجاالت‪.‬‬ ‫إن التجربة الصوفية عند برغسون واضحة االتجاه‪ ،‬فهي تسعى إىل إطالق إ‬ ‫البداع إ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تشكِّل ي� جوهرها‬ ‫فإنسانية إ‬ ‫النسان مرتبطة بقدرته عىل كرس الطر ي‬ ‫ال� تمنع حريته وتحد من انطالق حركيته ي‬ ‫النسان‪ ،‬وكل ركون أو ركود‬ ‫يع� عن حقيقة إ‬ ‫جزءاً ال يتجزأ من حركة الوجود بأكمله‪ .‬فكل ثبات إنما هو مظهر ال ب ِّ‬ ‫أو ت ز‬ ‫ال�ام بالأطر الثابتة ال ينسجم مع جوهر الحياة‪ .‬إن االستقرار والثبات‪ ،‬عندما يهيمنان عىل الحياة ‪ ،‬يجعالن‬ ‫بالنسان الذي يبحث لوجوده عن ن‬ ‫صمت القبور يسود فيها‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫مع�‪ .‬ولن‬ ‫والبداع هما ما يليق إ‬ ‫ح� أن الحركة إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫والبداع إال َّ االنفعال ‪ ،‬وهو ال يبلغ منتهى عمقه إال َّ ي� التجربة الصوفية‬ ‫يؤجج هذه الحركة إ‬ ‫ت‬ ‫بالنسان‬ ‫ال� ترتقي إ‬ ‫هذه التجربة الصوفية تجعل النفس تنفتح وت َّتسع وترتقي إىل عالم روحي محض‪ :‬إنها الوثبة ي‬ ‫ن‬ ‫السكو� إىل الحرك‪ .‬بالتجربة الصوفية ترسي الحماسة ي ن‬ ‫من الوضع‬ ‫ب� النفوس رسيان الحريق‪ ،‬وتتحرك فيها قوى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الدفع والجذب‪ ،‬وذلك ما ال تستطيع أن تفرسه أية فلسفة‬


‫‪INTEREST‬‬

‫هذا الفهم لجوهر الفلسفة‪ ،‬ولطبيعة فعل التفلسف‪ ،‬كما ينبغي أن يكون‪ ،‬يقود إذا ما تعمقنا فيه إىل‬ ‫ن‬ ‫تغت� الحياة ويدخل‬ ‫إخراج الفلسفة من المدرسة ‪ ،‬وتقريبها من الحياة‪ .‬بهذا يعود للفلسفة اعتبارها ‪ ،‬وبه ي‬ ‫النسان دائرة الفرح‬ ‫إ‬ ‫ُدخل الفلسفة ي ف� الحياة‪ ،‬وكيف ن ُِبعد التفلسف عن مجرد معرفة علمية أو عملية؟ تجيب فلسفة برغسون‬ ‫كيف ن ِ‬ ‫ب� الفلسفة والحدس‪ ،‬بحيث تغدو الفلسفة ض‬ ‫عىل هذا السؤال ‪ ،‬من خالل الربط المبا�ش ي ن‬ ‫بال�ورة حدسية‬ ‫ولكن هدفهما ‪ (Usuelle).‬هناك نوعان من المعرفة ‪ ،‬كمه يرى برغسون ‪ ،‬المعرفة العلمية‪ ،‬والمعرفة المألوفة‬ ‫ف أ‬ ‫كرهَ ة عىل أن تأخذ‬ ‫واحد ‪ ،‬هو‬ ‫ي‬ ‫«تحض� فعلنا ي� الشياء»( )‪ .‬والمعرفة عندما تكون مرتبطة بالعمل‪ ،‬تكون ُم َ‬ ‫أ‬ ‫الأشياء ي ف� زمن جامد‪ ،‬ميت مسحوق‪ ،‬حيث تتبع لحظة من اللحظات الخرى دون ديمومة ‪ ،‬وحيث تغدو الحركة‬ ‫والص�ورة بشكل عام سلسلة من الحاالت( )‪ .‬إن معرفة‬ ‫والتغ� سلسلة من الصفات‪،‬‬ ‫«سلسلة من المواضع ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تعتمد عىل زمن موهوم ال بد لها أن تنطلق من الثبات لتعيد تأليف تقليد للحركة لتستبدله بالحركة ذاتها‪ .‬وإذا‬ ‫أردنا أن نذهب مبا�ش ة إىل الحركة ذاتها متس ِّل ي ن‬ ‫ح� ي ف� ذلك بفكر يتم َّتع بكل ما ينبغي أن يكون عليه من التوهج‬ ‫الحدس‪،‬‬ ‫والحدة‪ ،‬فإن علينا أن نلجأ إىل الحدس‪ ،‬باعتباره وحده يقودنا إىل الديمومة الفعلية‪ .‬إن الفكر‬ ‫والتوتر‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الذي ينهل من ي ن‬ ‫يقدم لنا المعرفة الفلسفية الحقيقية بالشياء‪ ،‬لنه قادر عىل أن يجدها‬ ‫مع� هذه الديمومة ِّ‬ ‫وغ� قابل لالنقسام‪ .‬إن االرتباط ال ينفصم ي ن‬ ‫ب� الحقيقة‬ ‫(أي الأشياء) ي ف� زمنها‬ ‫الفعل الذي يسيل بشكل م َّتصل ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫وغ� قابلة للقسمة‪ ،‬لتدلنا عىل‬ ‫�ء من الشياء عندما تظهر بوصفها متصلة ي‬ ‫والحدس‪ ،‬ولكن أية حقيقة؟ إنها أي ي‬ ‫) ( الطريق نفسه الذي يقود إىل الحدس الفلسفي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫وال� ال ترتبط بزمنها ارتباطاً جوهرياً ‪ ،‬ولكن حيث‬ ‫للعلم أن يهتم بالشياء الثابتة الخامدة الميتة ي‬ ‫ال� ال تدوم ي‬ ‫الص�ورة ‪ ،‬وحيث توجد الحياة ‪ ،‬فإن الحقيقة ال تكون إال حدسية‬ ‫توجد ي‬ ‫التجربة الحدسية والتصوف ‪-‬‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقية‬ ‫النسان عىل إدراك الحقائق‬ ‫أكد برغسون إمكانية التجربة الصوفية العتقاده بوجود قدرة لدى إ‬ ‫أ‬ ‫المطلقة‪ .‬فهو يعتقد «أن ملكة الحدس موجودة حقاً عند كل واحد منا‪ ،‬ولكنها مغطاة بالوظائف ال ث‬ ‫ك� منفعة‬ ‫للحياة»( )‪ .‬وال شك بأن المقصود هنا هو ما هو ث‬ ‫النسان ي ف� حياته اليومية‬ ‫أك� منفعة للحياة العملية‪ ،‬أي ما ينفع إ‬ ‫من أمور عملية تجعله يغ� قادر عىل التفلت من أرس الحياة اليومية‪ ،‬بما فيها من متطلبات تمنع تحليقه ي ف� سماء‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا‬ ‫واالق�اب من عالم‬ ‫التأمل‬ ‫ولأن االرتباط ي ن‬ ‫أساس ي ف� فلسفة برغسون‪ ،‬فإنه كان حريصاً عىل انتقاد‬ ‫ب� وجود هللا والمعرفة الحدسية‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫ال� أهملت الحدس واعتمدت عىل المفاهيم العقلية ي ف� محاولتها لمعرفة هللا‬ ‫الميتاف�يقيا الحديثة ي‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقيا الحديثة‪ ،‬المتأسسة عىل العقل وحده‪ ،‬تمتلك أمانا وثقة ي ف� الحكم يشبه ذلك الذي يمتلكه‬ ‫إن‬ ‫ف‬ ‫يز‬ ‫الالهوتيون ي� استنادهم إىل الوحي‪ .‬ولم يكن لهذه‬ ‫الميتاف�يقيا‪ ،‬برأي برغسون( )‪ ،‬أن تنطلق من أساس آخر يغ�‬ ‫ي ن‬ ‫يز‬ ‫العقل يجنبها الوقوع ي ف� دوغمائية عقلية تشبه دوغمائية‬ ‫الالهوتي�؛ ذلك أنها‪ ،‬أي‬ ‫الميتاف�يقيا الحديثة عملت‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫خارج إطار التجربة عىل مفاهيم مجردة‪ ،‬وذلك ما ألزمها أن تتعلق بمفهوم يتضمن كل فالمفاهيم الخرى‪ ،‬ي‬ ‫يمكن استنتاجها منه‪ ،‬وتلك كانت‪ ،‬بالضبط‪ ،‬الفكرة ت‬ ‫يز‬ ‫كونتها عن هللا‪ ،‬بحيث بات هللا‪ ،‬ي� هذه‬ ‫الميتاف�يقيا‪ ،‬فكر‬ ‫ال� َّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المعر� لهذا العالم عىل العقل‬ ‫الفكر أو علة العلل؛ ولكنها علة تدير ظهرها للعالم وال يقتضيها سوى التأسيس‬ ‫ي‬ ‫ومفاهيمه‬


‫ت‬ ‫ال� تنت�ش من حولهم عىل شكل إشعاعات تفيض حماسة‪،‬‬ ‫إن رجال ي‬ ‫الخ� العظماء ‪ ،‬ذوي االنفعاالت المبدعة ي‬ ‫ض‬ ‫قاوم‬ ‫يعيشون معنا‪ ،‬نستح�هم بالفكر ونتواصل مع تو ُّقدهم‪ ،‬فننساق مع حركتهم‬ ‫بانجذاب ال يُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫إن قوة هؤالء الرجال‪ ،‬ورس انجذاب الآخرين إليهم إنما تكمن ف� التصوف بأبسط ن‬ ‫معا� هذه الكلمة‪ ،‬أي باعتبارها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫طريقة يتم من خاللها اكتساب الأخالق عن طريق المحاكاة بشخص المتصوف واالتحاد الروحي معه‪ ،‬وهو‬ ‫ن‬ ‫اللزام الخلقي ‪ ،‬عندما‬ ‫اتحاد يصهره االنفعال ‪ ،‬وفيه من‬ ‫المعا� ما يفوق كل المستويات العقلية‪ .‬وال شك أن إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تعب�اً‬ ‫ع� فيه ي‬ ‫يع� عن خيار الفرد المتجسد ي� عمل يُ ب ِّ‬ ‫يكون عن طريق االقتداء والمحاكاة‪ ،‬يأخذ طابعاً فردياً لنه ب ِّ‬ ‫الكراه‬ ‫حراً‪ ،‬بعيداً عن الضغط الخارجي أو إ‬ ‫أ‬ ‫لللزام أن ينشأ‪ ،‬كما يقول برغسون( )‪ ،‬عن الفكرة المحضة‬ ‫لنها ال تؤثر عىل إرادة الفرد إال َّ ‪ (Idée pure)،‬ال يمكن إ‬ ‫بقدر ما يروق له أو يعجبه أن يقبلها ويضعها موضع التنفيذ‪ .‬فال بد‪ ،‬إذاً ‪ ،‬من قوة تقيم وراء الفكرة يصدر عنها‬ ‫فعل إرادي‬ ‫القبول‪ ،‬ليتحول إ‬ ‫اللزام إىل ٍ‬ ‫اللزام الخلقي عىل ركائز‬ ‫إن التجربة الصوفية ‪ ،‬بما فيها من مبا�ش ة تجعلها خارج إطار التأويل‪ ،‬هي ما يؤسس إ‬ ‫الحقيقيون ‪ ،‬كما يقول برغسون‪ ،‬ينفتحون ببساطة إىل‬ ‫العقل عن تأسيسها‪ .‬فالمتصوفون‬ ‫يعجز التصور‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫‪Lorem‬‬ ‫‪amet,‬‬ ‫‪an primis‬‬ ‫الدفق الذي يجتاحهم‪ ،‬فيشعرون أن � داخلهم شيئاً ‪nam.‬‬ ‫عىل‬ ‫‪ipsum‬خرين‬ ‫‪ dolor‬إىل ال‬ ‫‪ sit‬منهم‬ ‫ينساب‬ ‫الدفق‬ ‫‪ quodsi‬وهذا‬ ‫أفضل منهم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪Oratio appellantur ea per, vim ex ponderum insolens,‬‬ ‫‪senserit.‬منهم‬ ‫‪Illum‬كل واحد‬ ‫داخل‬ ‫‪vim‬الحب‬ ‫‪ex,‬هذا‬ ‫جديد كل َّياً‪ (Emotion)، ،‬شكل قوة دافعة من الحب‪ .‬وما‬ ‫عنيف‪an‬‬ ‫انفعال‪duo‬‬ ‫سوى‪natum‬‬ ‫‪placerat‬‬ ‫‪decore‬‬ ‫ف‬ ‫محبوباً‪vel‬‬ ‫‪te purto‬‬ ‫‪nusquam.‬‬ ‫منهم‬ ‫‪Erant‬كل واحد‬ ‫‪assentior‬يجعل‬ ‫الصو� الذي‬ ‫النسانية إىل مقام جديد‪ .‬إنه الحب‬ ‫وقادر عىل أن يحمل الحياة إ‬ ‫‪ persequeris‬ي‬ ‫آ‬ ‫‪et mel, id pri commodo tincidunt, eos novum oratio‬‬ ‫النسانية‪ .‬وكذلك فإن هذا الحب يمكن‪،‬‬ ‫لذاته‪ ،‬وبواسطته‪ ،‬ومن أجله تي�ك الخرون أنفسهم تنفتح عىل حب إ‬ ‫‪detraxit ex. Omnis dictas imperdiet ex vis.‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬أن ينتقل بواسطة شخص ما متعلق بهم‪ ،‬أو بذكراهم الباقية ح َّي ًة من خالل مطابقته لحياته مع المثال‬ ‫كب�‪ ،‬أو واحد ممن يقتدون به‪ ،‬يجد صداه عند هذا أو ذاك من بيننا‪،‬‬ ‫الذي يجسدونه‪ .‬وإذا كان كالم متصوف ي‬ ‫أ‬ ‫لك يستيقظ؟‬ ‫أَفليس ذلك‪ ،‬يتساءل برغسون( )‪ ،‬لن من الممكن أن يكون فينا متصوف نائم ينتظر المناسبة فقط ي‬ ‫االل�ام بالفعل ال أ ق‬ ‫فما استيقاظه‪ ،‬إذاً ‪ ،‬أي فما انرصافه بوعي وحرية ي ْ ن‬ ‫قريب� من التلقائية إىل ت ز‬ ‫خال� ‪ ،‬إال َّ استجابة‬ ‫ي‬ ‫لنداء شخصية صوفية ذات رؤية كاشفة لحقيقة الحياة الأخالقية‪ ،‬أو لأحد المقتدين بها‪ ،‬أو ربما ي ف� بعض‬ ‫الظروف تكون شخصيته هو‪ ،‬هي مصدر االندفاع إىل الفعل لأن هذه الظروف عملت بشكل أو بآخر عىل إيقاظ‬ ‫المتصوف الكامن فيه‬ ‫وتأث�اتها ي ف� الحياة االنسانية ‪ ،‬هي ما يجعلنا نتجاوز ي ف� فهمنا مسألة كيف يلزم المجتمع‬ ‫إن التجربة الصوفية‪ ،‬ي‬ ‫ق‬ ‫يع� عن تطور الحياة الذي‬ ‫الأفراد إىل كيف يستطيع الفرد أن يحكم المجتمع‪ ،‬ويحصل منه عىل تحول‬ ‫أخال� ‪ ،‬ب ِّ‬ ‫ي‬ ‫يُشيع اندفاعة جديدة تساعد المجتمع ي ف� تقدمه إىل الأمام‬

‫شحيتل‬ ‫الدكتور عبده‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫النسانية‬ ‫الجامعة اللبنانية – كلية الداب والعلوم إ‬


‫‪INTEREST‬‬

‫ت‬ ‫ال� ي ز‬ ‫النسان‪ .‬ولكن «كل ما يستطيعه‬ ‫يتم� بها إ‬ ‫عقالنية‪ .‬ال شكَّ بأن العقل هو السمة‪ ،‬ذات القيمة السامية ‪ ،‬ي‬ ‫العقل هو أن يورد حججاً‪ ،‬وهذه الحجج من المباح دوماً أن يُر َّد عليها بحجج أخرى‪ ،‬فيجب أال َّ نكتفي بالقول إن‬ ‫العقل الموجود ف� كل منا يفرض علينا ت‬ ‫اح�امه‪ ،‬وينال خضوعنا ِلق َيمه السامية‪ ،‬بل يجب أن نضيف إىل ذلك أن‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫النسانية ح َّلة اللوهية ‪ ،‬فطبعوا العقل ‪ ،‬بطابع إلهي‪ .‬وهؤالء‬ ‫هنالك‪ ،‬وراء العقل‪ ،‬الرجال الذين أسبغوا عىل إ‬ ‫المثال‪ ،‬ي ف� نفس الوقت الذي نخضع فيه لضغط المجتمع الواقعي»( )‪ .‬بهذا‬ ‫هم الذين يجذبوننا إىل المجتمع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي ن‬ ‫بقوان� الجماعة المغلقة وقواعدها‪ .‬إنهم‬ ‫للنسانية عامة‪ ،‬وال يبالون‬ ‫المع�‪ ،‬هؤالء الرجال يس ِّنون القواعد إ‬ ‫ف‬ ‫المبدعون الحقيقيون لفكرة ال أ َّ ت‬ ‫النسان المعارصة المتأسسة‬ ‫ال� أخذت مداها ي� المسيحية‪ ،‬وفكرة حقوق إ‬ ‫خوة ي‬ ‫كب� ي ن‬ ‫«مث ٍَل أعىل يقدمه للناس حكماء‪ ،‬وإن كانوا‬ ‫تجسدها التجربة الصوفية‪ .‬والفارق ي‬ ‫ب� َ‬ ‫عىل ُمث ٍُل إنسانية عليا ِّ‬ ‫بالعجاب‪ ،‬ي ن‬ ‫وب� مثل أعىل يقذف إىل العالم رسالة ُم تْ َ� ً‬ ‫عة حباً تب�ش بالحب‬ ‫حقاً جديرين إ‬ ‫ن‬ ‫فمع� ذلك أن الدفعة الحيوية حققت ف� فرد ي َّ ن‬ ‫مع� مرحلة من تطور الحياة‪ .‬وما‬ ‫عندما تنبثق النفوس الممتازة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫المع�ة عن الجوهر المبدع للحب ‪ ،‬وهي تنت�ش فيما‬ ‫يث� النفوس‪ ،‬كما يرى برغسون( )‪ ،‬هو تلك العاطفة المبدعة‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫واللزام‪ ،‬بل تقوم عىل جذب‬ ‫حولها فتبث الحماسة وتجر المجتمع ي� حركتها‪ .‬وتلك حركة ال تعرف شيئاً من القهر إ‬ ‫قاوم‬ ‫يكاد ال يُ َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫النسانية‬ ‫مب� عىل الحماسة إ‬ ‫ال� تتجه نحو الغوار إ‬ ‫والفرق شاسع يب� إلزام قائم عىل القهر‪ ،‬وانجذاب ي‬ ‫النفعالية ي‬ ‫الحميمة‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫�ش‬ ‫اللزام‬ ‫لك تحقق إ‬ ‫�ء مبا »( )‪ ،‬ال تحتاج إىل المفاهيم واستخدام الفكار ي‬ ‫إن «التجربة الصوفية‪ ،‬من حيث هي ف ي‬ ‫‪ .‬وإذا كانت الفكرة المحضة ال تفعل � إرادتنا إال َّ بنسبة ما ض‬ ‫نر� أن نقبلها ‪ ،‬ونضعها موضع التنفيذ‪ ،‬فإن‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ي ن‬ ‫ي ن‬ ‫الحقيقي�‪ ،‬كما يرى برغسون‪ ،‬يفتحون أنفسهم للموجة‬ ‫ال� تجتاحهم فيستشعرون ي� داخلهم بذلك‬ ‫المتصوف�‬ ‫ي‬ ‫يع� بهم ليكتسح الآخرين؛ وما هذا التيار سوى اندفاعة حب‬ ‫تعطي )‪ (Elan d’amour‬التيار الهابط الذي يريد أن ب‬ ‫أ‬ ‫النسانية ن‬ ‫يز‬ ‫الميتاف�يقي تتم من خالل ذلك التيار الهابط من العىل‪،‬‬ ‫مع� جديداً‪ .‬فعالقة الفرد المتصوف بالعالم‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫يز‬ ‫المتم� � داخله‪ ،‬فتتأجج لديه مشاعر الحب‪ ،‬ت ز‬ ‫ويه� وجدانه‬ ‫من عالم السمو واالرتقاء‪ ،‬الذي يستشعره الفرد‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫اه�ازاً عنيفاً لأن المحبة المتأججة فيه تبحث عن االنطالق منه لتنت�ش � الخرين‪ .‬إنه فيض المحبة‪ ،‬إذاً‪ ،‬ما ي ز‬ ‫تز‬ ‫يم�‬ ‫ي‬ ‫ال ن‬ ‫نسا� الممت ئ‬ ‫ل حباً هو ما يدل عىل بلوغ التجربة الصوفية مداها‬ ‫المتصوف‪ .‬والسلوك إ ي‬ ‫كيف يحدث ذلك؟ لماذا يتأثَّر المتصوف بتيار المحبة الذي يسود الوجود؟ ولماذا يؤثِّر ي ف� الآخرين؟‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫النسان ‪ ،‬كل إنسان‪ ،‬وهي تنتظر َم ْن يوقظها ‪ .‬وعندما يناديها تيار‬ ‫ذلك لن شخصية صوفية تغفو ي� أعماق إ‬ ‫المحبة ‪ ،‬تستجيب للنداء لتتفاعل مع ما يخلفه هذا‬ ‫النسان مع إيقاع‬ ‫الحياة ‪ ،‬الذي ينسجم عىل مستوى إ‬ ‫‪.‬التيار من سمو وخلق جديد وإبداع‬ ‫إن التجربة الصوفية‪ ،‬ت‬ ‫النسان من مجرد العيش‬ ‫لك يرتقي إ‬ ‫ال� تعيشها النفوس المتمايزة‪َّ ،‬‬ ‫وسعت حدود العقل ي‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫ع� عن مصلحة الجميع‪ ،‬إىل كائن ترفعه وثبة‬ ‫ي� جماعة يتبادل فيها المنافع مع الخرين ‪ ،‬ويسودها إ‬ ‫اللزام ُ‬ ‫الم ب ِّ‬ ‫النسانية كافة‬ ‫الحب إىل إ‬ ‫تخلق التجربة الحدسية‪ ،‬كما يرى برغسون( )‪ ،‬عندما تبلغ أقىص مداها ي ف� التصوف‪ ،‬أفراداَ يكون ظهورهم بمثابة‬ ‫ف‬ ‫خلق إلنسان فريد يصل معه الدفق الحيوي‬ ‫ي� أوقات متباعدة ‪ ،‬إىل نتيجة ما كان لها أن ‪ٍ (La poussée vitale)،‬‬ ‫النسانية‪ .‬إن إنساناً محدداً ‪ ،‬فرداً منفرداً بتجربته الحدسية الخاصة‪ ،‬يمثل واحداً‬ ‫تتحقق دفعة واحدة لمجموع إ‬ ‫ويع� بشكل أصيل ‪ (Les âmes privilegiés)،‬من النفوس ي َّ ز‬ ‫المم�ة‬ ‫يجسد ما َّتم الوصول إليه بفعل تطور الحياة‪ ،‬ب ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫النسانية عامة‬ ‫‪.‬عن اندفاعة من الحب تحمل نفسها إىل إ‬


‫‪INTEREST‬‬

‫أكتب‬ ‫لبغدا َد‬ ‫ِ‬ ‫الجريحة ُ‬


‫الذبيحة أك ُتب‬ ‫ادة‬ ‫ِ‬ ‫للكر ِ‬ ‫ّ‬

‫َ‬ ‫السالم‬ ‫مدينة‬ ‫قتلوك يا‬ ‫للوريد‬ ‫من الوريد‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫العظام‬ ‫مدينة ال أ َّئم ِة‬ ‫يا‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫الكراد ْة‬ ‫هناك ي� ّ‬ ‫سمعت شيخاً بائساً يقول‬ ‫الصبح‪ُ ،‬ص ْب َح العيد‬ ‫عند‬ ‫ذهبت َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لأ ت‬ ‫ش�ي ثوباً من السوق هناكْ‬ ‫الوحيد‬ ‫لو َلدي‬ ‫ْ‬ ‫ذاهب‬ ‫لك ّن ن ي� كما َتر ْو َن الآن‪ ،‬ي نإ�‬ ‫ٌ‬ ‫لأ ت‬ ‫الكفن‬ ‫ش�ي له‬ ‫ْ‬ ‫يلم ِقطَعاً‬ ‫وجارنا لل آ َن َ‬ ‫مازال ُّ‬ ‫ُ‬ ‫إبنه الفقيد‬ ‫من ِ‬

‫الشهيد‬ ‫إبن ِه‬ ‫ْ‬ ‫من ِ‬ ‫وجدت من إبنها سوى‬ ‫جارتُنا ما‬ ‫ْ‬

‫الحليب‬ ‫ينة‬ ‫ق ِّن ِ‬ ‫ْ‬ ‫ودم ِه‬ ‫ِوقطعاً من ثغره ِ‬ ‫ف‬ ‫ّلما ْ‬ ‫قربها‬ ‫تزل موجود ًة ي� ِ‬ ‫كأنه يبحث عن حليبه‬ ‫ن‬ ‫إب� جائعاً‬ ‫قد مات ي‬ ‫موته؟‬ ‫فهل أنا أشبع َ‬ ‫بعد ِ‬ ‫الحيط كانت ٌ‬ ‫جثة‬ ‫وقرب ذاكَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬

‫الدم‬ ‫ينبض فيها ْ‬ ‫لكن كما ترى‬ ‫تقوم من‬ ‫تريد أن َ‬ ‫ْ‬ ‫كأنها ُ‬ ‫جديد ْ‬

‫تأت‬ ‫س ّيارة إ‬ ‫سعاف لم ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫ولن ت‬ ‫تأ� إىل هنا!!‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫العيد‬ ‫وصول‬ ‫رت قبل‬ ‫ْ‬ ‫تفج ْ‬ ‫لنها َّ‬ ‫ِ‬ ‫أنظر إىل الضحايا‬ ‫ْ‬

‫يا سيدي‬

‫عمر الورو ْد‬ ‫ُ‬ ‫أعمارها ُ‬ ‫أزرارها!!‬ ‫لك ّنها بالموت ما تُف َّت ْ‬ ‫حت ُ‬

‫ْ‬ ‫الطفل‬ ‫أنظر لذاك‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫كتابُه ّلما ْ‬ ‫يده‬ ‫يزل ي� ِ‬

‫أزرارها!!‬ ‫لك ّنها بالموت ما تُف َّت ْ‬ ‫حت ُ‬ ‫ْ‬ ‫الطفل‬ ‫أنظر لذاك‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫كتابُه ّلما ْ‬ ‫يده‬ ‫يزل ي� ِ‬ ‫ورأسهُ مقطو ْع‬ ‫ُ‬ ‫عمره‬ ‫كتابُهُ ينبئنا عن ِ‬ ‫للخامس ابتدا�ئ‬ ‫كتابُهُ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أنظر فتلك ْ‬ ‫طفلة‬ ‫ْ‬ ‫رأسها‬ ‫وردتُها البيضا ُء فوق ِ‬ ‫قد أصبحت حمراء‬ ‫يا سيدي‬ ‫جميعها حمرا ْء‬ ‫ألواننا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫نخيل‬ ‫كان العر ُاق ك ُّلهُ‬ ‫فيه ال ترى‬ ‫َ‬ ‫واليوم ِ‬ ‫دم المذبوح والقتيل‬ ‫إال ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫المرتزقة‬ ‫نؤمن أن شع َبنا سيطر ُد‬ ‫لكننا ُ‬ ‫ي ن‬ ‫القدير‬ ‫باسم الخالق‬ ‫ألقادم� ِ‬ ‫ْ‬ ‫الناس‬ ‫لين�ش وا‬ ‫لك َ‬ ‫َ‬ ‫يعيش ُ‬ ‫الموت‪ ،‬ي‬ ‫ي ف� القبور‬ ‫يا سيدي‬ ‫ٌ‬ ‫جميلة وشع ُبنا جميل‬ ‫بال ُدنا‬ ‫وجرحنا جميل‬ ‫ريب‬ ‫نؤمن َ‬ ‫يا سيدي ُ‬ ‫دون ْ‬ ‫المظلوم‬ ‫ظالمه‬ ‫ال ّبد ْ‬ ‫ْ‬ ‫يقتص من ِ‬ ‫أن َّ‬ ‫يا سيدي‬ ‫المخلص العظيم‬ ‫سيظهر‬ ‫ي ف� ديننا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مسجد فيه أبوه‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫سامرا ْء‬ ‫ي ف�‬ ‫حضن ّ‬ ‫فِ‬ ‫ونحن ي� صالتنا ندعوه يك يقوم‬ ‫عج ْل عىل ظهوركْ «‬ ‫ّ‬ ‫عج ْل عىل ظهوركْ‬ ‫يا ابن‬ ‫الحسن ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الدجال‬ ‫لتقتل ّ‬ ‫وتن�ش َ العدل عىل ترابنا‬ ‫يقي ُننا سوف يقوم‬ ‫َ‬ ‫والدج ْال‬ ‫الظالم‬ ‫ليقتل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وينرص المظلوم‬ ‫َ‬ ‫الدكتور حسن فرحات‬ ‫ ‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.