Ya7elween July Issue Out NOW!

Page 1

‫يا حلوين‬ ‫الحنني إىل الكلمة‬ ‫عمر شبيل‬ ‫املكياج الصيفي‬ ‫مريم باجي‬

‫التلوث والبيئة‪ -‬مقاربات‬ ‫فاطمة سوبرة‬

‫خاص‪:‬‬

‫مرض الثعلبة( الصلع الجزيئ) وطرق عالجه‬ ‫د‪.‬انتظار القييس‬

‫الحب والقدر‬

‫د‪.‬حسن فرحات‬ ‫املسؤول ّية والشّ باب‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬


77 67 47

‫حكاية شجرة مع ّمرة‬ ‫ مرياي أبو حمدان‬.‫د‬

79 ‫سيمياء الفضاء‬ ‫القصيص يف الخيانة‬ * ‫العظمى‬ ‫اسامعيل ابراهيم عب‬

..... ‫ليىل‬ ‫القصاب‬ ّ ‫عبد السالم‬ 69 ‫؟‬.......‫مل ال‬ ‫مجدي الشاعر‬

71 ‫أنت الحكاية‬ ‫دعد غانم‬

All rights reserved. Copyright held by HSF Media Inc. 2018. No reproduction, copying or pasting without expressed consent from HSF Media Inc. For permission or writing oppurtunities please contact: submissions@ ya7elweenmagazine.com Magazine Founder: Dr. Hassan A Farhat MD Co-Founder: April Khan Chief Content Manager: Dinah Rashid Senior Arts Director: Saood Mukhtar North African Corespondent: Meriem Badji Photographer: Hamouda Ben Jerad Editorial: Reyad Al Dellamy

75 ‫مصري الثقافة والف ّن يف‬ ‫ظل الرأسامل ّية‬ ّ ‫ هويدا رشيف‬.‫د‬

‫التلوث والبيئة – مقاربات‬ ‫فاطمة سوبرة‬ 53 ‫حوار مع سليمة مليزي‬ ‫ خالدة بورجي‬:‫سألتها‬

57 ‫مزاج صيفي‬ ‫ليىل السيد‬

36 ‫عمرو بن معد يكرب فارس‬ ‫العرب ىف الجاهلية والفتوحات‬ ‫العربية‬ ‫كتاب مروج الذهب للمسعودي‬


‫ا ملحتو يا ت‬

‫ماذا لو غلقت األبواب‬ ‫نبيلة حامين‬ ‫أنت الحكاية‬ ‫دعد غانم‬

‫‪35 23 5‬‬ ‫‪39‬‬

‫مل ال‪.......‬؟‬ ‫الحب والقدر‬ ‫مجدي الشاعر‬ ‫د‪ .‬حسن فرحات‬

‫هال‬ ‫فاتن عباس‬

‫‪9‬‬ ‫املسؤول ّية والشّ باب‬ ‫مزاج صيفي‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬

‫ليىل السيد‬

‫التلوث والبيئة – مقاربات‬ ‫فاطمة سوبرة‬

‫‪13‬‬

‫أشعب والدينار‬ ‫نوادر العرب‬

‫املكياج الصيفي‬ ‫الحنني إىل الكلمة‬ ‫عمر شبيل مريم باجي‬ ‫مرض الثعلبة (الصلع الجزيئ )‬ ‫وطرق عالجه ‪17‬‬ ‫د‪ .‬انتظار القييس‬ ‫سامك‬ ‫سأحرق‬ ‫َ‬

‫د ‪ .‬عبدالله ربيع ابو رافع‬

‫حكاية شجرة مع ّمرة‬ ‫د‪ .‬مرياي أبو حمدان‬

‫مرض الثعلبة (الصلع الجزيئ )‬ ‫وطرق عالجه‬ ‫د‪ .‬انتظار القييس‬ ‫‪27‬‬ ‫أُعلنت خطاي إليك‪..‬‬ ‫فوزية عبد الوي‬

‫‪29‬‬

‫ماذا لو غلقت األبواب‬ ‫نبيلة حامين‬

‫‪33‬‬ ‫والدينار‬ ‫عمرو بن معد يكرب فارس العرب ىف الجاهلية أشعب‬ ‫والفتوحات العربية‬ ‫كتاب مروج الذهب للمسعودي‬ ‫نوادر العرب‬

‫املقامة الدينارية‬ ‫بديع الزمان الهمذاين‬

‫حوار مع املفكر منح الصلح‬ ‫حاوره يف منزله األستاذ عمر‬ ‫شبيل والدكتور عيل زيتون‬ ‫والدكتورة راغدة املرصي‬ ‫والسيدة حياة عواد‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫هال‬ ‫فاتن عباس‬ ‫‪43‬‬



‫الحب والقدر‬ ‫د‪ .‬حسن فرحات‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫كثيرا عندما تركتُ لنفسي االبتعاد عن نفسي ‪ ،‬و حين تركتُ‬ ‫أنا ابتعدتُ عن نفسي ً‬ ‫البشر‪،‬‬ ‫أسرار‬ ‫يرسم لي طريقَ خالصي في هذه الحيا ِة المظلم ِة والكاتم ِة‬ ‫للقدر أن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اإلنسان ال يُ ُ‬ ‫مكن‬ ‫قلب‬ ‫على امتدا ِد ٍ‬ ‫عالم الخيا ِل والواقعِ ‪ ،‬إن اإلشكاليةَ التي تواجهُ َ‬ ‫ِ‬ ‫هم كيفي ِة تعاطي‬ ‫اآلخر الذي قد يشب ُه َك في ك ِّل َ‬ ‫حصرها في خان ِة مالقاةِ‬ ‫ُ‬ ‫ش ْيءٍ ّإل في فَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقدان االتصا ِل‬ ‫ت البشري ِة في لحظ ِة‬ ‫القلب مع الظاهر ِة الغريب ِة التي تطرأ على الذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلخر الذي ال يدركُ هذ ِه الظاهرة َ الطارئةَ التي‬ ‫ي واإلحساسي م َع‬ ‫ِ‬ ‫ي والشعور ّ‬ ‫الروح ّ‬ ‫هز كيانَ ال ُم ّ‬ ‫ت زلزاال َّ‬ ‫أحدث َ ْ‬ ‫يفكر اآلخر‪.‬‬ ‫تعط ِش لمعرف ِة بماذا‬ ‫ُ‬ ‫ق الذي يبدو ُمظلما ً‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫المرسوم منَ األعلى ألنَّهُ األعل ُم بهذا الطري ِ‬ ‫إنّها بدايةُ الطري ِ‬ ‫ُ‬ ‫يكون مشرقا ً الحقا ً بعد عناءٍ ومشق ٍة عندَ ك ّل‬ ‫نظر بشرية وقد‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الشيء من وجه ِة ِ‬ ‫ب‬ ‫الكثير‬ ‫األمر ألننا نجه ُل‬ ‫مشكل ٍة أو ُمعضل ٍة قد تواج ُهنا في بادئ‬ ‫علم الغي ِ‬ ‫الكثير في ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت متفاوتةَ‬ ‫الذي يحض ُّر لنا مفاجآ ٍ‬ ‫ث ارتجاجٍ أو صدم ٍة دماغي ٍة‬ ‫العيار من أج ِل إحدا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يسيطر‬ ‫عالم الخيا ِل الذي‬ ‫يسكن‬ ‫الغوص الالعقالني الذي‬ ‫عالم الواقعِ دونَ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫تُعيدنا إلى ِ‬ ‫َ‬ ‫الجنس البشري الذي يُؤْ ِم ُن أن الخيا َل أحدَ المراح ِل المتقدم ِة‬ ‫األكبر من‬ ‫القسم‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليس‬ ‫َ‬ ‫على الواقع ‪ ،‬إذ َ‬ ‫هناك عال ٌم واقع ٌّ‬ ‫ي دون أن يسبقهُ خيا ٌل متجردٌ من الواقعِ‬ ‫العقالني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ــك‬ ‫ق النجــا ِة عنــد‬ ‫االصطــدام بمعضلــة ٍحياتيــ ٍة قــد تُــودي بعبقريتِ َ‬ ‫ِ‬ ‫إن مراحــ َل طــر ِ‬ ‫ـت خشــبةَ‬ ‫ـك الكثيــر ‪ ،‬لكــي تكــونَ أنـ َ‬ ‫ـر منـ َ‬ ‫وطموحـ َ‬ ‫ِ‬ ‫ـك فــي هــذا العالـ ِـم الــذي كانَ ينتظـ ُ‬ ‫ـداء الــذي استشــرى في هــذه البشــري ِة الفاقدةِ إلــى ك ّل القيـ ِـم والمعاني‬ ‫ـاص لـهُ مــنَ الـ ِ‬ ‫الخـ ِ‬ ‫الســماوي ِة التــي انزلَـ ْ‬ ‫ق إلــى عالـ ٍـم‬ ‫ـت علينــا مــن أجـ ِل أن نثبـ َ‬ ‫ـت عليهــا مــن أجـ ِل االنطــا ِ‬ ‫ـر والبرك ـةَ‬ ‫أوس ـ َع ُمتعطـ ٍ‬ ‫ـاتير الســماوي ِة لكــي يع ـ ّم العالــم كلُّ ـهُ الخيـ َ‬ ‫ـش إلــى هــذه الدسـ ِ‬ ‫ي فــي دنيــا الحيــاةِ دونَ‬ ‫واإلخــاص واإليمــانَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫والحــب ‪ ..‬إذ ال يســتقي ُم العــد ُل اإللهــ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وإصــرار‬ ‫بحــزم‬ ‫األمــام‬ ‫إنطلــق إلــى‬ ‫عنــك ‪،‬‬ ‫يبحــث‬ ‫إبحــث ع ْنــهُ قبــ َل أن‬ ‫الحــب ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ـوراء َّ‬ ‫ـب يكـ ُ‬ ‫دونَ تــردُّ ٍد والتفــا ٍ‬ ‫ـس العكــس‬ ‫ألن الحـ َّ‬ ‫ت إلــى الـ ِ‬ ‫ـون دائ ًمــا متقد ًمــا علينــا وليـ َ‬ ‫ـوس الحيــا ِة المفـ‬ ‫ـك مــن قبـ ِل اآلخريــنَ‬ ‫‪،‬الحـ ُّ‬ ‫ـروض عليـ َ‬ ‫ـب هــو خال ُ‬ ‫ِ‬ ‫صنــا الوحيـدُ مــن كابـ ِ‬ ‫ب المــادي‬ ‫ـب وك ِّل َ‬ ‫الذيــن يفتقــدون معنــى الحـ ّ ِ‬ ‫شـ ْيءٍ جميـ ٍل ألنهــم يبحثــون عــن الجانـ ِ‬


‫ـتمرار‬ ‫ـاس فــي اسـ‬ ‫البحـ ِ‬ ‫ت والملمـ ِ‬ ‫ـوس وليــس الجانــب المعنــوي الــذي يبقــى هــو األسـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ باآلخــر ‪ّ ،‬‬ ‫ـخص عندهــا‬ ‫ألن الحـ َّ‬ ‫ي إذا تملـ َ‬ ‫االرتبـ ِ‬ ‫ـك الشـ َ‬ ‫ـب المعنــو َّ‬ ‫ي ِ والذهنـ ّ‬ ‫ـاط الروحـ ّ‬ ‫ت تتســاق ُ‬ ‫ـار الدومينــو ‪..‬‬ ‫كل المســائ ِل والصعوبــا ِ‬ ‫ط كأحجـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫قدرنــا الــذي ال بـدَّ منـهُ إذا أر ْدنــا أن نكــونَ ضمــنَ دائــرةِ الوجــو ِد لكــي‬ ‫إن الحـ َّ‬ ‫ـب هــو ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ـب المتجــر ِد مــن التبعيـ ِة العميـ ِ‬ ‫ـتمر بالعطـ ِ‬ ‫نسـ َّ‬ ‫ـاء الالمحــدو ِد فــي هــذا العالـ ِـم الفاقـ ِد للحـ ّ ِ‬ ‫ـس الداخلــي‬ ‫ق والحـ ِ ّ‬ ‫والمقيَّــد ِة بقيــو ٍد جاهليـ ٍة وغيــر منطقيــة‪ ،‬بعيــدة عــن العقـ ِل والمنطـ ِ‬ ‫‪َّ ،‬‬ ‫إن الحـ َّ‬ ‫ـدم عندهــا تصب ـ ُح الحيــاة ُ مجــردَ‬ ‫ـب أسـ ُ‬ ‫ـاس ك ِّل شــيءٍ فــي الوجــود ‪ ،‬وإذا انعـ َ‬ ‫ـب لنــا ولــك ِّل‬ ‫ـم لنــا دونَ ِ‬ ‫ق المحـ ّ ِ‬ ‫تكمل ـ ٍة لهــذا القـ ِ‬ ‫علمنــا بــل بعلـ ِـم الخال ـ ِ‬ ‫ـدر الــذي ُرسـ َ‬ ‫ـب‬ ‫ـب للحيــاةِ بجميــعِ تعقيداتِهــا وتشــعباتِها‪ ،‬ومراح ِلهــا المتفاوت ـ ِة بيــن حـ ّ ٍ‬ ‫جمي ـ ٍل ومحـ ّ ٍ‬ ‫ي ٍ طبيعــي‪ .‬ال يدخـ ُل الشـ ُّ‬ ‫ـب‬ ‫ي ٍ ُمصطنــعٍ وحـ ّ ٍ‬ ‫ـك فــي النفـ ِ‬ ‫ـوس ال ُمتعطشـ ِة للحـ ّ ِ‬ ‫بشــر ّ‬ ‫ـب إلهـ ّ‬ ‫ـس حتــى‬ ‫ـض الوقــت ‪ ،‬ألنّنــا مــا زلنــا تحـ َ‬ ‫ـار السـ ِ‬ ‫ـماء منــذ والد ِة النفـ ِ‬ ‫ـر بعـ َ‬ ‫إذا تأخـ َ‬ ‫ـت اختبـ ِ‬ ‫موع ـ ِد الرحيــل ‪ ،‬قــد يتجاذبُنــا الشـ ُّ‬ ‫ق وفــي‬ ‫ـب فــي منتصـ ِ‬ ‫ـك عنــد مالقــاةِ الحـ ّ ِ‬ ‫ـف الطري ـ ِ‬ ‫نهايتِ ـ ِه نفتق ـدُهُ ‪ ،‬وبعــد ذلــك نبحـ ُ‬ ‫ـدار فــا نج ـدُه‬ ‫ـث عن ـهُ فــا نج ـدُه ‪ ،‬وتنتهــي بِنَــا األقـ ُ‬ ‫ـار َك فاتحـا ً لــك ذراعيــه ‪،‬‬ ‫وال يجدُنــا ‪ ،‬ولكــن فــي لحظـ ٍة عابــر ٍة ومفاجئـ ٍة تجـدُهُ بانتظـ ِ‬ ‫ومتجســدا ً فــي حوريـ ٍة دنيويـ ٍة تفـ ُ‬ ‫ـار األبــدي‪ ،‬وهنــا تدخـ ُل‬ ‫ـوق بجما ِلهــا حوريــا ِ‬ ‫ت االنتظـ ِ‬ ‫ـر‬ ‫ـب المتجــد ِد فــي مواجهـ ِة الحـ ّ ِ‬ ‫ـس فــي صــراعٍ مــع هــذا الحـ ّ ِ‬ ‫النفـ ُ‬ ‫ي ِ الــذي اختيـ َ‬ ‫ـب القــدر ّ‬ ‫ـب‬ ‫لـ َ‬ ‫ـب المتجــد ِد العابـ ِـر مقارن ـةً بالحـ ّ ِ‬ ‫ـدار والعالـ ِـم بهــذا الحـ ّ ِ‬ ‫ـك مــن قبــل منشــئ األقـ ِ‬ ‫القــدري ‪.‬‬ ‫ـاء مجتمــعٍ منفص ـ ٍل عــن الواقــع ‪،‬‬ ‫صــرا ٌ‬ ‫ـاعر مــن أج ـ ِل إرضـ ِ‬ ‫ع مــازم ٌ وكبــتُ مشـ ٍ‬ ‫ـاعر واألحاســيس ‪ ،‬مقيّ ـ ٍد بسالس ـ َل حديدي ـ ٍة ال‬ ‫منغل ـ ٍ‬ ‫ق علــى نفســه‪ ،‬ال يقي ـ ُم وزن ـا ً للمشـ ِ‬ ‫ي للحيــا ِة‬ ‫تملــكُ أنــت مفاتي َحهــا بــل اآلخــرون الذيــن لــم يختبــروا أبــدا ً الجانـ َ‬ ‫ـب المعنــو َّ‬ ‫ت البطــيء وإن‬ ‫ت للحيــا ِة المتمث ـ ِل بالمــو ِ‬ ‫ب المــادي البح ـ ِ‬ ‫المتمث ـ ِل بالحـ ّ‬ ‫ـب ‪ ،‬بــل الجان ـ ِ‬ ‫ـر بهــا‬ ‫ـاس بطــو ِل العمـ ِـر بــل باألوقــا ِ‬ ‫عشـ َ‬ ‫ت العذبـ ِة التــي تمـ ُّ‬ ‫ـت دهــرا ً ‪ ،‬إن الســعادة َ ال تُقـ ُ‬ ‫‪.‬خالصــة ُكالمــي ‪ ،‬إبحــث عنــه قبــل أن يبحـ َ‬ ‫ـث عنــك ‪ ،‬تحـ َّل بالجــرأةِ واسـ َع مــن أجلـ ِه‬ ‫َّ‬ ‫وحطــ ْم قيــودَ الخيــا ِل الموضوعــ ِة مــن اآلخريــن ‪ّ ،‬‬ ‫الحــب هــو‬ ‫ألن‬ ‫وليــس العكــس ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ـور البشـ ِـر إال بالحــب ‪ ..‬كل شــيءٍ يفنــى فــي‬ ‫الواقـ ُع والواقـ ُع هــو الحـ ّ‬ ‫ـتقيم أمـ ُ‬ ‫ـب ‪ ،‬لــن تسـ َ‬ ‫دنيــا الوجــو ِد إال هللا والحــب‪..‬‬




‫المسؤوليّة والشّباب‬ ‫د‪.‬هويدا شريف‬

‫شــباب العربــي ّ‪ ،‬عــن ال ّ‬ ‫كثــر الحديــث فــي االونــة األخيــرة بيــن أوســاط ال ّ‬ ‫شــباب فــي أوروبــا وال ـدّول الغربيّــة الذيــن تــم‬ ‫تعيينهــم فــي حكومــات ومناصــب قياديــة رفيعــة المســتوى تعمــل علــى خدمــة المجتمــع وتطــوره كالشــاب سباســتيان كورش‬ ‫والشــابة عايــدة هازدبالــك وكذلــك سوســن شــبلي وليــس انتهاءاً‪.‬هــذه الشــخصيات وغيرهــا فتحــت عيــون وأفــكار الكثيريــن‬ ‫حــول دور ال ّ‬ ‫شــباب وأهميتهــم وتواجدهــم فــي مواقــع المســؤولية والقيــادة ‪ ،‬وهــذا مــا زاد مــن األســئلة عــن أســباب وصــول‬ ‫هــؤالء وأمثالهــم إلــى سـدّة القــرار فــي مؤسســات الدولــة ؟ ومــا الــذي يحتاجــه الشــاب العربــي لكــي يصــل الــى مــا وصــل‬ ‫الرضــى ويمثّــل مصــدر ثقــة؟ وهــل مــن أســباب حــدت‬ ‫الرئيســي الــذي يجــب أن يؤديــه لينــال ّ‬ ‫إليــه أقرانــه ؟ومــا هــو الـدّور ّ‬ ‫ومنعــت ووقفــت حجــر عثــرة أمامهــم للوصــول الــى هــذه المناصــب؟‬ ‫إن الحديــث عــن هــذه االســئلة ومحاولــة اإلجابــة عليهــا ليــس مــن ســبيل المقارنــة مــع الشــباب فــي الــدول المختلفــة ولــن‬ ‫تفيــد مجــرد المقارن��ة ف��ي ش��يء ‪ ،‬ولــن يجل�بـ كث��رة الحدي��ث والتهكــم عل��ى حـ�ال بالدنــا إال مزيــدا ً مــن اليــأس واإلحبــاط‬ ‫لفئــة ال ّ‬ ‫شــباب ‪ ،‬ولــن تجــدي نفعـا ً منشــورات وتعليقــات مواقــع التّواصــل اإلجتماعــي إذا ر ّكــزت فقــط علــى عمــر هــؤالء‬ ‫ال ّ‬ ‫شــباب حينمــا تولّــوا مناصبهــم دون التّركيــز علــى أهــم مــا ميّزهــم قبــل تولّيهــم هــذه المناصــب‪.‬‬ ‫بقليــل مــن البحــث فــي ســيرة حيــاة ال ّ‬ ‫الرغــم مــن أن النتيجــة معروفــة وعلــى ثقــة مــن نتيجتهــا ‪،‬‬ ‫شــباب الــوزراء ‪،‬علــى ّ‬ ‫ولكــن علّنــا نجــد ح ّجــة مقنعــة تقنــع العقــل لتخمــد النــار المتأججــة والخامــدة فــي أرواحنــا مــن جــراء تهميــش وغيــاب دور‬ ‫ســند‪.‬‬ ‫الرغــم مــن أن الجميــع علــى قناعــة تا ّمــة بأنهــم الحاضــر والمســتقبل وعليهــم ال ّ‬ ‫شــبابنا علــى ّ‬ ‫سياســي قبــل توليهــم‬ ‫نعــود للقــول ‪ ،‬أن الســمة المشــتركة فيمــا بينهــم هــي نشــاطهم الثقافــي واإلجتماعــي والتّربــوي وربمــا ال ّ‬ ‫تلــك المناصــب ‪ ،‬ممــا يعنــي أن هــؤالء الشــباب قــد حققــوا فــي حياتهــم مــا يجعلهــم محـ ّ‬ ‫ـط اهتمــام وتقديــر وثقــة صانعــي‬ ‫القريــر (كبــار الســن)في تلــك الـدّول‪.‬‬ ‫فمــا ســبق نســتطيع القــول أننــا حينمــا نريــد أن نعالــج مشــكلة واقــع ال ّ‬ ‫شــباب فــي الوطــن العربــي ‪ ،‬علينــا أن نضــع نصــب‬ ‫أعيننــا تفريعــات المشــكلة وأجزائهــا ‪،‬فليــس مــن المنطــق أن نضــع اللــوم فــي أســباب المشــكلة علــى المســؤولين والمجتمــع‬ ‫العربــي وليــس مــن الحكمــة أن نعفــي الشــباب أنفســهم عــن تحمــل مســؤولية دورهــم ‪.‬‬ ‫ولــن ننســى أن المشــكالت التــي يتعــرض لهــا الشــاب العربــي عديــدة ‪،‬وهــذه العوائــق ال بــد مــن اعتمادهــا كنــوع مــن‬ ‫تشــخيص ال ـدّاء قبــل الحديــث عــن مــا هــو المطلــوب مــن المجتمعــات العربيــة لتمكيــن دورهــم واألخــذ بيــده إلــى تحمــل‬ ‫ـض الطــرف عــن الوضــع اإلقتصــادي الــذي يعيشــه فمــن ال يســتطيع توفير‬ ‫المســؤولية ومنهــا البطالــة والفقــر ‪،‬فــا يمكــن غـ ّ‬ ‫لقمــة عيشــه لــن يســتطيع بــأي حــال مــن األحــوال تقديــم دور مهــم فــي تحمــل مســؤوليات المجتمــع ومــن ال يســتطيع أن‬ ‫يكــون امن ـا ً علــى مصــدر رزقــه لــن يســتطيع أن يتقــدم ليصبــح أمين ـا ً علــى مســتقبل أقرانــه وفــي حــال تأميــن الحاجــات‬ ‫االساســية يمكنــه مــن تجــاوز التفكيــر فــي هــذه األمــور واإلنطــاق إلــى التفكيــر فــي دوره اتجــاه لمجتمــع‪.‬‬ ‫واإلســتقطاب الحزبــي أو األديولوجــي أو العرقــي مــن معــاول هــدم طاقــات الشــباب فــي الوطــن العربــي وهــذا اإلســتقطاب‬ ‫الرحــب وصياغــة األفــكار والــرؤى والمشــاريع التــي تســاهم فــي‬ ‫يقــف حاجــزا ً أمــام انطــاق تفكيــر الشــباب إلــى الفضــاء ّ‬


‫مكوناتهــا ‪،‬فيتحجــم تفكيــر الشــباب ليصبــح فــي قالــب األيديولوجيــا والحــزب دون النظــر‬ ‫نهضــة المجتمعــات علــى اختــاف ّ‬ ‫إلــى صالــح العــام للمجتمــع وهــذا الــكالم ال يعنــي بالضــرورة اإلســتغناء عــن األحــزاب أو األيديولوجيــا ولكــن الحديــث هنــا‬ ‫عــن اإلســتقطاب الــذي يجعــل مــن الشــباب أداة فقــط لتحقيــق أدوار معيّنــة دون النظــر إلــى حاجــة المجتمــع ذاتــه ‪.‬وإن أكثــر‬ ‫مــا يدمرقــدرات وطاقــات الشــباب هــو وصولهــم إلــى حالــة اليــأس واإلحبــاط التــي تنتــج عنهــا حالــة العجــز والتراخــي عــن‬ ‫عمــل أي شــيء جديــد أو ذو قيمــة مجتمعيّــة أو إنســانيّة أو حتــى تطوعيّــة ‪،‬وهــذه الحالــة التــي وصــل اليهــا الشــاب العربــي‬ ‫نتيجــة متوقعــة لواقــع المجتمعــات العربيــة المفــكك والملــيء بالنزاعــات والتفرقــة ‪.‬‬ ‫والمصيبــة الكبــرى تكمــن فــي غيــاب العدالــة وضيــاع الهويــة الهــدف ‪،‬وهــذا مــا يدفعــه لعــدم اإلهتمــام بواقعــه وال‬ ‫بالمخاطــر التــي تحيــط بــه وبمجتمعــه وأهدافــه ‪،‬وينتــج عــن ذلــك ضيــاع الهــدف العــام الــذي يجــب علــى الشــباب أن يتبنــوه‪.‬‬ ‫فالعدالــة فــي توزيــع األدوار والعدالــة المجتمعيــة فــي الوظائــف والمناصــب فــي شــأنه أن يجعــل الشــباب علــى معرفــة قويــة‬ ‫بهويتهــم ويجعــل فــي نفوســهم الرغبــة فــي خدمــة مجتمعهــم الــذي ينتمــون إليــه فــي إشــارة قويــة علــى وضــوح الهــدف‬ ‫العــام الــذي يتخذونــه مســارا ً فــي خدمــة بالدهم‪.‬هــذه العراقيــل وغيرهــا ‪،‬تتطلــب مــن المجتمــع والمســؤولين توفيــر األجــواء‬ ‫الالزمــة ‪،‬ليثبــت الشــاب العربــي دوره الفعــال المؤثــر ولــن يحصــل قبــل أن يؤمــن ابتــداءا ً بــأن للشــباب طاقــة يجــب أن‬ ‫تكــون فــي مكانهــا الصحيــح‪.‬‬ ‫فــا بــد مــن اإلحتضــان الشــبابي وإعطــاء فرصــة لهــم إلثبــات جدارتهم وتطويرهــم علميّـا ً وتدريبهــم على إدارة المؤسســات‬ ‫والمعاهــد والشــركات وحتــى الــوزارات والمجالــس المحليــة وأن تكــون عمليّــة التدريــب عبــارة عــن محــاكاة صغيــرة‬ ‫لواقـ�ع كبيـ�ر وأشـ�مل ‪.‬‬ ‫بعــدأن وضعنــا اإلصبــع علــى مكامــن الضعــف والقــوة والســبب والنتيجــة ‪ ،‬ال بــد مــن اعتمــاد الوعــي واليقظــة والتطويــر‬ ‫المســتمر واإلنفتــاح الدائــم ليتخــذ الشــاب العربــي دوره المفــروض ألننــا شــئنا أم أبينــا هــو ســر األمــة وأمــل مســتقبله وعليــه‬ ‫تعـ ّـول القــدرات ‪،‬وإننــا فــي أشــد الحاجــة إلــى غربلــة هــذا الغــذاء الثقافــي الــذي يقــدم إلــى الجيــل الجديــد فــي صــورة كتــب‬ ‫أو روايــات أو صحــف أو مجــات ‪،‬فمصيــر كل أمــة متوقفــة علــى شــبابها‪.‬‬




‫المكياج الصيفي‬ ‫مريم باجي‪-‬‬ ‫فــي فصــل الصيــف يكــون الجــو حــارا ً ; فنجــد اإلنســان يميــل لــكل شــيء خفيــف و‬ ‫مريــح يجعـ�ل نفســيته ال تحــس باالختنــاق أو الثقــل ‪.‬فــي فصــل الصيــف أيضــا نجــد‬ ‫المــرأة تحتــار فــي طريقــة زينتهــا خاصــة فــي طريقــة وضــع الميــك اب و األلــوان‬ ‫الت��ي تس�تـعملها ; لي��س ألن نفس��يتها تريدــ اإلحسـ�اس بالراحــة فقــط ; بــل هنــاك‬ ‫أســباب أخــرى تجعلهــا تركــز علــى هــذا الموضــوع كثيراأهمهــا ‪:‬‬ ‫‪ _1‬تأثــر مســتحضرات التجميــل بحــرارة الجــو ‪:‬كمــا نعلــم كل مســتحضرات التجميــل‬ ‫يجــب أن تكــون محفوظــة فــي مــكان معتــدل فــي درجةحرارتــه ; لكــي ال تفســد و حتــى‬ ‫ال تحــدث تفاعــات بيــن مكونــات المســتحضر بفعــل الحــرارة ; قــد يتســاءل البعــض‬ ‫ماــ الفائ��دة مــن ه�ذـا الحدي�ثـ خاص��ة و أن الثالج��ة موجــودة ! لكــن الموضــوع هنــا ال‬ ‫يخ��ص م��كان حف��ظ مس��تحضرات التجميــل فق��ط بـ�ل يخـ�ص مشــكلة وضعهــا علــى‬ ‫بش��رتنا و تع��رض البش��رة ألش��عة الش�مـس بعده�اـ أو الح�رـارة الزائدــة ; لهــذا يستحســن‬ ‫ف��ي فص��ل الصي��ف عــدم اســتعمال كل أنــواع كريمــات التجميــل المغيــرة للــون البشــرة‬ ‫أو التـ�ي تخفـ�ي العيـ�وب‪.‬‬ ‫كمــا يستحســن غســل الوجــه بالمــاء البــارد كل ســاعتين إلنعاشــه بعــد الجفــاف ;‬ ‫ويجــب أن ال ننســى اســتعمال « الكريــم المضــاد ألشــعة الشــمس « حســب نــوع‬ ‫البشــرة طبعــا لحمايتهــا مــن حــروق أشــعة الشــمس‬ ‫_‪2‬‬ ‫الميــل لظهــور بســيط و ميــك اب ســهل الوضــع ‪:‬فــي فصــل الصيــف نحــاول نحــن‬ ‫البش��ر ق��در المس��تطاع التحــرك بسرــعة و عــدم بــدل مجهــود كبيــر حتــى ال نحــس‬ ‫بتعــب يكســبنا حــرارة جديــدة ; كمــا نحــاول اســتعمال و اتبــاع فعــل ســهل حتــى يســهل‬ ‫علينــا فعلــه أو تغييــره ; لهــذا يتوجــب علــى المــرأة أن تتبــع هــي األخــرى طريقــة‬ ‫ســهلة و بســيطة فــي وضــع الميــك اب خاصــة فــي يومياتهــا العمليةخــارج البيــت‬ ‫; ألنهــا فــي فصــل الصيــف يجــب مراعــاة شــعورها بالتعــب و أنهــا ستضطرلغســل‬ ‫وجههــا عــدة مــرات أو ستمســحه لتغيــره كل ســاعتين ألنهــا فــي فصــل الصيــف و‬ ‫اليجــب أن تطــول مــدة مســتحضر التجميــل فــوق البشــرة ‪.‬‬


‫‪_3‬‬ ‫للصيــف ألـ�وان محـ�ددة ‪ :‬بعيـ�دا عـ�ن ميـ�ك اب الحفـلات أو السـ�هرات الـ�ذي يكـ�ون فـ�ي‬ ‫أغلـ�ب األحيـ�ان صاخبـ�ا ً فـ�ي كل الفصـ�ول إال عنـ�د اللواتـ�ي يحببـ�ن البسـ�اطة ; يجـ�ب‬ ‫علــى المــرأة وضــع ألــوان خفيفــة فــي الميــك اب أو جعلــه بســيطا فــي فصــل الصيــف‬ ‫; كمــا يستحســن عــدم اســتعمال ظــال العيــون فــي يومياتهــا العمليــة واالكتفــاء بتحديــد‬ ‫عيونه��ا باالي��زر‪..‬‬ ‫ظــال العيــون المناســبة لفصــل الصيــف هــي األبيــض و الرمــادي الفاتــح والدراقــي‬ ‫واألصفـ�ر الفاتـ�ح و يستحسـ�ن االبتعـ�اد عـ�ن األلـ�وان الصاخبـ�ة أمـ�ا الماسـ�كارا يجـ�ب‬ ‫اســتعمال الماســكارا ذات اللــون الشــفاف فقــط ‪.‬بالنســبة للشــفاه يستحســن اســتعمال‬ ‫ألــوان خفيف�ةـ أو ش��فافة لماي��ك اب أحمــر الشــفاه مثــل الــوردي الخفيــف أو الدراقــي أو‬ ‫األبيــض الشــفاف ‪.‬‬ ‫فــي فصــل الصيــف أفضــل ظهــور للمــرأة هــو أن تكــون علــى طبيعتهــا لكــي تتجنــب‬ ‫الضررلبشــرتها ; و ألنهــا قــد تقــوم بأمــور تضطــر فيهــا لمســح الميــك اب فــا تقــع‬ ‫بعدهافــي مشــكلة أخــذ وقــت طويــل فــي إعادتــه وال تقــع فــي موقــف محــرج إن رأى‬ ‫أحده��م عيب�اـ ً كان��ت تخفي��ه طبق��ات المي��ك اب ‪.‬الميــك اب أداة لتزيــن أو إلخفــاء عيوب‬ ‫الوجهــ و علىــ الم��رأة مراع��اة س�لامة بشــرتها قبــل كل شــيء ; و عليهــا أيضــا أن‬ ‫ال تنسـ�ى أن الجمـ�ال الطبيعـ�ي و جمـ�ال الـ�روح أفضـ�ل مـ�ن كل جمـ�ال مصطنـ�ع‪.‬‬




‫َ‬ ‫سماك‬ ‫سأحرق‬ ‫د ‪ .‬عبدهللا ربيع ابو رافع‬ ‫قامت تهددني‬ ‫سأحرق سماك وأرضك‬ ‫معلنة الحرب‬ ‫قلت تريثي‬ ‫ما أنا برجل حرب‬ ‫إنما رجل درب‬ ‫أحب األرض واعشقها‬ ‫وأكتب فيها ما هب ودب‬ ‫لكن معشوقتي‬ ‫تغار منها كأنها ضرة‬ ‫أو هي تهوى القرب‬ ‫آه من سماها تناطح سماي‬ ‫كأنها ظل مظلول في سحب‬ ‫اهواها وارضي‬ ‫كأن هواها أنفاسي غصب‬ ‫أتالشاها أبعد عنها‬ ‫تقف أمامي في كل سرب‬ ‫أتخيلها كأنها عيناي‬ ‫أغمض عيناي تخرج من القلب‬ ‫كم ألتقط أنفاسها‬ ‫أحصيها لها أجمعها في زرب‬ ‫ويحها أعلنت الحرب‬ ‫كيف لسمائي أن تضيء‬ ‫وأرضي أن تحضر‬ ‫وهي الماء والهواء‬


‫نستقي الماء منها ونسنشق الهواء‬ ‫أبية ترفض الهزيمة‬ ‫تعاند حتى االنتحار‬ ‫أخاف على نفسي منها‬ ‫وكيف أرضى لها االقهار‬ ‫أنا بدونها ذابل‬ ‫هزيل كأني في فرار‬ ‫أهرب من هذا وذاك‬ ‫ألملم أشيائي بانحدار‬ ‫ما أقوى نفسي بها‬ ‫دم في عروقي يخرج بانفجار‬ ‫معللتي هي دوائي هي‬ ‫كيف أهرب من الجنة للنار‬ ‫أغار عليها مع اشتياقي‬ ‫أغار عليها في وضح النهار‬ ‫ما كانت أمي وال أرضي‬ ‫أهواها بقلبي وهذا قرار‪.‬‬






‫مرض الثعلبة (الصلع الجزئي )‬ ‫وطرق عالجه‬ ‫د‪ .‬انتظار القيسي‬ ‫لغــرض عــاج مــرض الثعلبــة والصدفيــة نضــع بيــن ايديكم اهــم الطرق‬ ‫العالجيــة للتخلــص مــن هذيــن المرضيــن والتخفيــف مــن اثارهمــا علــى‬ ‫صحــة االنســان ‪:‬‬ ‫‪ .1‬ملعقة زيت ثوم‬ ‫‪ .2‬ملعقة زيت صبار‬ ‫‪ .3‬ملعقة عسل نحل‬ ‫‪ .4‬صفار بيضتين ‪2‬‬ ‫‪ .5‬مالعق ‪ 3‬لمسحوق بابونج‬

‫وصفة الثوم لعالج الثعلبة نهائيا‬ ‫أ‪ .‬ضــع زيــت الثــوم علــى عســل النحــل وقــم بالتقليــب حتى يتم تجانســهم‬


‫ثــم ضعهــم فــى الثالجة‬ ‫ب‪.‬قــم بعمــل شــاى البابونــج وذلــك بغلــى مســحوق البابونــج لمــدة ‪5‬‬ ‫دقائــق واتركــه ليبــرد‬ ‫اخــرج خليــط الثــوم والعســل مــن الثالجــة وضــع عليهــم صفــار بيضــة‬ ‫واحــدة وملعقــة الصبــار وقلبهــم جيــدا‬ ‫ج‪ .‬قــم بوضــع الخليــط المكــون مــن العســل والثــوم والصبــار وصفــار‬ ‫البيضــة علــى مــكان الثعلبــة فــى الشــعر لمــدة ‪ 20‬دقيقــة مــع التدليــك‬ ‫المســتمر‪ .‬ويفضــل وضعــه علــى االماكــن المصابــة والغيــر مصابــة‬ ‫بالثعلبــة‪.‬‬ ‫ح‪ ..‬اغسل شعرك او ذقنك بكمية قليلة من شامبو جونسون لالطفال‬ ‫د‪ .‬ضــع صفــار البيضــة المتبقــى علــى الشــعر وتدليكــه جيــدا واتركــه‬ ‫لمــدة ‪ 10‬دقائــق‬ ‫اشــطف شــعرك بمغلــى البابونــج الــذى قمنــا باعداده ســابقا وضع منشــفة‬ ‫علــى شــعرك واتركــه حتــى يجــف شــعرك تماما‬ ‫خ‪ .‬اغسل شعرك بشامبو جونسون لالطفال مرة اخرى‬ ‫عالج صدفية الراس‬ ‫‪ .1‬تنــاول أســماك التونــة ‪ 3‬مــرات أســبوعيا ً بمعــدل كيلــو غــرام فــي‬ ‫األســبوع يعتبــر عــاج للصدفيــه النــه يحتــوي علــى اوميــكا ‪ 3‬التــي‬ ‫تنشــط جهــاز المناعــة والخاليــا الجلديــة‬ ‫‪ .2‬ضــع كريــم مصنــوع مــن طحيــن بــذر الكتــان المطحــون بشــكل‬ ‫مبالــغ فيــه والعســل وزيــت الزيتــون بنســب تعطــي قــوام الكريــم ويدهــن‬ ‫منــه يوميــا‬ ‫‪ .3‬الحجامة وسوف نذكر مواقع إجراء الخاصة بالصدفية‬




‫أُعلنت خطاي إليك‪..‬‬ ‫فوزية عبد الوي‬ ‫عذرا سيدي‪..‬‬ ‫يا ذا الجالل الباذخ‬ ‫يا دفقا من أغاريد‬ ‫وهبة نسيم من أيك ‪..‬‬ ‫يفوح ياسمينا‬ ‫ورجة رعشة في جسد المحال‬ ‫انفتح ودعني أمضي فيك رجع صدى‬ ‫ألناشيد الفتح وزئير زلزال‪...‬‬ ‫في جوف الصبوات‪..‬‬ ‫ليتني أبت ٌل بعطورك الضمخى‪...‬‬ ‫بشذى الجريد‬ ‫أفنى وأنشر على أعتابك‬ ‫فما الحشر إن لم يكن في لهب حضورك؟‬ ‫سأغرد في ايوانك الشامخ في أضلعي‬ ‫عندليبا تخلًف عن سرب هاجر الفصول‬ ‫وتيبست أجنحته على صفحات دربي‪..‬‬ ‫هيت لك يا يوسف المنيع‪...‬‬ ‫ست في رحالي‪..‬‬ ‫مكاييل الخطايا ُد ً‬ ‫وجرمي لديك أني‪...‬‬ ‫عن أعتابك ما صبئت‬ ‫وال انفتح في ملكوت البغايا خدري‪..‬‬ ‫وما تحقًقتُ نبوءة في صحائف العشق‬ ‫عجافا أُعلنت خطاي إليك‪..‬‬ ‫وسمانا عثراتي وتبتلي‬ ‫لي الهارب وجزأ جزئي‬ ‫يا ُك ً‬ ‫حنانيك إن ض ًل بعضي عن بعضي‪..‬‬ ‫القصي يلقى العابر‪..‬‬ ‫وهل في ملكوتك‬ ‫َ‬ ‫جرحه النازف أو غمد خنجره‬ ‫دون أن يسقًط نزفا‪...‬‬ ‫أو يصعًد في طباق األعالي‬ ‫روحا ضلت برزخها‪..‬‬ ‫وأمام عرشك نيزكا تنجلي‪.‬‬



‫ماذا لو غلقت األبواب‬ ‫نبيلة حماني‬ ‫ماذا لو منحتني من راحك رشفة‬ ‫تعيدني بعد التيه إلي‬ ‫ماذا لو أصغيت للصوت اآلتي‬ ‫نبيذا ورجفة‪..‬‬ ‫ماذا لو أعدت للروح سكينتها‬ ‫كيوم لقيتك صدفة ‪..‬‬ ‫وزغردت لك دون إذن مني‬ ‫الجوارح الخابية‪..‬‬ ‫ماذا لو اقتلعت ذاكرة السقم‬ ‫ومنحتها قربانا لليم‬ ‫متاعا لتاريخ مجهول ‪..‬‬ ‫ماذا لو جعلتها وليمة للنسيان‬ ‫كنت ستنجو من جرح وقيد ‪..‬‬ ‫ماذا لو اعترفت األنفاس بميلها‬ ‫والعين بشوقها‬ ‫واليد برعشة التالقي‬ ‫على بحر ليس كالبحر ‪..‬‬ ‫ماذا لو مزقت صكا‬ ‫ينهي عناء القبيلة‬ ‫ومنحت الطائر المهاجر‬ ‫أمال بالموت بعيدا بعيدا‬ ‫حيت ال يدميه عطش‬ ‫وال جوع على مائدة فقيرة ‪..‬‬


‫ماذا لو غ ٍلقت األبواب‬ ‫وبحت لقلبي بالوجيعة ‪..‬‬ ‫فقد علمتها عرافتي‬ ‫قرأتها على كأس بيدي ‪..‬‬ ‫على جدران واهية عليلة‬ ‫لن يسرقها نسيان‬ ‫لن ينال منها نواح على خد الزمان‬ ‫لن يغيب اللهفة احتراق بدمي‬ ‫وال موت شهدته حروف على كراسة قديمة ‪..‬‬ ‫فنم قريرا ‪ ..‬ال تحزن لحزن الليل في مملكتي‬ ‫ال تفزع إللحاح السؤال‬ ‫ستعرف نشوة اللقاء على مرآي‬ ‫وستنعم بالفرح اآلتي‬ ‫ستجد النور بعد طول انتظار ‪..‬‬ ‫وسأكون بعضا مما اقتاته النسيان‬ ‫بعيدا عن مملكتك الجديدة‬ ‫الياسمين ذبول بيدي‬ ‫فقه معنى حزن األعماق‬ ‫معنى الوقوف على أرض من سراب ‪..‬‬




‫أشعب والدينار‬ ‫نوادر العرب‬

‫قــال أشــعب لزوجتــه ‪ ،‬وكان معهــا دينــار ‪ :‬أعطنــي هــذا الدينــار حتــى يلــد لــك فــي كل أســبوع‬ ‫درهم��ا ‪.‬‬ ‫فأعطته إياه ‪ ،‬وصار يدفع لها في كل أسبوع درهما ‪.‬‬ ‫فلمــا كان األســبوع الرابــع ‪ ،‬تلــكّأ أشــعب عــن الدفــع ‪ ،‬فجــاءت زوجتــه وطلبــت الدينــار منــه ‪،‬‬ ‫فق��ال له��ا ‪ :‬لق��د م��ات بالنف��اس !‬ ‫فصاحت مندهشة ‪ :‬كيف ؟ وهل يموت الدينار بالنفاس ؟!‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬تصدقين بالوالدة ‪ ،‬وال تصدقين بالنفاس !‬

‫كان رجل…ومات !‬

‫كان أشعب يقص على أحد األمراء قصة ‪ ،‬بدأها بقوله ‪ :‬كان رجل…‬ ‫ُ‬ ‫وفجــأة أحضــرت المائــدة ‪ ،‬فعلــم أن القصــة ســتلهيه عــن الطعــام ‪ ،‬فســكت ‪ .‬فقــال لــه األميــر ‪:‬‬ ‫كن��ت ق��د قل��ت ‪ :‬كان رجل…وس��ك ّ‬ ‫ت ‪ ،‬فتاب��ع وأخبرن��ا م��ا كان م��ن أم��ر ذل��ك الرج��ل ‪.‬‬ ‫فقال أشعب وعيناه مسمرتان في المائدة ‪ :‬آه صحيح ‪ .‬كان رجل…ومات !‬

‫حساب دقيق‬

‫سئل أشعب مرة ‪ :‬كم يساوي اثنين في اثنين ؟‬ ‫فأجاب ‪ :‬أربعة أرغفة ‪.‬‬ ‫خرجت إلى أمي‪ ‬‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫لقــي أشــعبَ‬ ‫صديقــا ألبيــه فقــال لــه ‪ :‬ويحــك يــا أشــعب ‪ ،‬كان أبــوك ألحــى ‪ ،‬وأنــت خفيــف شــعر‬ ‫اللحيــة ‪ ،‬فإلــى مــن خرجــت ؟‬ ‫قال ‪ :‬إلى أمي ‪.‬‬

‫أتريد أن أصلي ركعتين‬

‫سأل أشعب صديقا له ‪ :‬لماذا ال تدعوني أبدا إلى طعامك ؟‬ ‫أجاب الصديق ‪ :‬ألنك شديد المضغ ‪ ،‬سريع البلع ‪ .‬إذا أكلت لقمة ‪ ،‬هيأت أخرى بسرعة ‪.‬‬ ‫فصاح أشعب ‪ :‬جعلت فداك ‪ ،‬أتريد أن أصلي ركعتين بين لقمة وأخرى ؟!‪ ‬‬

‫حياء أشعب‬

‫صحب أشعب أحد التجار ‪ ،‬فقال له التاجر ‪ :‬قم فاطبخ ‪.‬‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬ال أحسن ذلك ‪.‬‬ ‫فطبخ الرجل ‪ ،‬ثم قال ألشعب ‪ :‬قم فأثرد ‪.‬‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬وهللا أنا كسالن ‪ .‬‬ ‫فثرد الرجل ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬قم فاغرف ‪.‬‬ ‫ي‪.‬‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬أخشى أن ينقلب عل ّ‬ ‫فغرف الرجل ‪ ،‬ثم قال ألشعب ‪ :‬قم اآلن وكل ‪.‬‬ ‫فنهض أشعب مسرعا قائال ‪ :‬وهللا قد استحييت من كثرة خالفي عليك ‪.‬‬

‫فقام وأكل‬



‫المقامة الدينارية‬ ‫بديع الزمان الهمذاني‬ ‫ص ـد ُ‬ ‫ســى ْبـ ُ‬ ‫علــى أ َ ْش ـ َح ِذ َر ُج ـ ٍل بِبَ ْغ ـ َدا َد‪،‬‬ ‫ـن ِهشـ ٍ‬ ‫َّق بِ ـ ِه َ‬ ‫َح َّدثَنَــا ِعي َ‬ ‫ـام قَــا َل‪ :‬اتَّفَــقَ لــي نَ ـ ْذ ٌر نَ َذ ْرت ُـهُ فــي دِينَـ ٍ‬ ‫ـار أَت َ َ‬ ‫علَ ْيـ ِه‪ ،‬فَ َو َج ْدت ُـهُ ِفــي ُر ْفقَـةٍ‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬فَم َ‬ ‫ع ْنـهُ‪ ،‬فَ ُد ِل ْلــتُ َ‬ ‫ســأ َ ْلتُ َ‬ ‫صـ َّدقَ ِبـ ِه َ‬ ‫َو َ‬ ‫ض ْيــتُ ِإلَ ْيـ ِه ألَت َ َ‬ ‫اإل ْسـ َك ْن َد ِر ِّ‬ ‫علــى أ َ ِبــي الفَتْـ َح ِ‬ ‫اجت َ َمعَـ ْ‬ ‫ْطيـهُ‬ ‫قَـ ْد ْ‬ ‫ص ْنعَتِـهَ‪ ،‬فَأُع ِ‬ ‫ـر ُ‬ ‫ـت َ‬ ‫سا َ‬ ‫علَ ْيـ ِه فــي َحلَقَـةٍ‪ ،‬فَقُ ْلــتُ ‪ :‬يَــا بَنــي َ‬ ‫ف بِ ِسـ ْـلعَتِه‪َ ،‬وأ َ ْشـ َحذُ فــي َ‬ ‫ســانَ ‪ ،‬أَيُّ ُكـ ْم أ َ ْعـ َ‬ ‫ع ـ ِة‪ :‬الَ‪ ،‬بَـ ْ‬ ‫شــا ّحتَّــى‬ ‫ار َ‬ ‫ـل أَنَــا‪ .‬ث ُـ َّم تَنَاقَ َ‬ ‫ي‪ :‬أَنَــا‪َ ،‬وقَــا َل آ َخـ ُ‬ ‫ـر ِمــنَ ال َج َما َ‬ ‫شــا َوت َ َه َ‬ ‫ه ـ َذا ال ِدّينَـ َ‬ ‫اإل ْس ـ َك ْن َد ِر ُّ‬ ‫ـار؟ فَقَــا َل ِ‬ ‫ـز بَـ َّ‬ ‫عـ َّ‬ ‫ب‪َ ،‬و َمـ ْ‬ ‫احبَـهُ‪ ،‬فَ َمـ ْ‬ ‫ـن َ‬ ‫ـوز‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ي‪ :‬يَــا بَـ ْ‬ ‫ـن َ‬ ‫سـلَ َ‬ ‫غلَـ َ‬ ‫ـب َ‬ ‫قُ ْلــتُ ‪ِ :‬ليَ ْشـت ُ ْم ُك ٌّل ِم ْن ُك َمــا َ‬ ‫ـر َد العَ ُجـ ِ‬ ‫اإل ْسـ َك ْن َد ِر ُّ‬ ‫ـز‪ ،‬فَقَــا َل ِ‬ ‫ـوز‪ ،‬يَــا د ِْرهَمـا ً ال يَ ُجـ ُ‬ ‫ـوز‪ ،‬يَــا َحدِيـ َ‬ ‫ـب‬ ‫سـنَةَ ْالبُـ ِ‬ ‫ـوس‪ ،‬يَــا َك ْو َكـ َ‬ ‫يَــا ُك ْربَـةَ ت َ ُّمــوزَ ‪ ،‬يَــا َو َ‬ ‫ـث ْال َم ِغّنيــنَ ‪ ،‬يَــا َ‬ ‫سـ َخ ال ُكـ ِ‬ ‫ـوس‪ ،‬يَــا َو َ‬ ‫ـن‪ ،‬يَــا َ‬ ‫ـراقَ‬ ‫ـوس‪ ،‬يَــا ت ُ ْخ َمـةَ الـ َّ‬ ‫ـرؤ ِ‬ ‫طــأ َ الكابُـ ِ‬ ‫النَّ ُحـ ِ‬ ‫ـن‪ ،‬يَــا فِـ َ‬ ‫غـ َداة َ ْالبَ ْيـ ِ‬ ‫ـن‪ ،‬يَــا َر َمـ َد العَ ْيـ ِ‬ ‫ُس‪ ،‬يَــا أ ُ َّم ُحبَ ْيـ ِ‬ ‫ـوم يَــا َ‬ ‫شـي ِْن يَــا بَريـ َد ال ُّ‬ ‫ـن يَــا ِسـ َمةَ ال َّ‬ ‫ـوم‬ ‫ط ِريـ َد اللُّـ ِ‬ ‫شـ ِ‬ ‫ـن يَــا َم ْقت َـ َل ال ُح َ‬ ‫ال ُم ِحبَّ ْيــن‪ ،‬يَــا َ‬ ‫سـي ِْن يَــا ِثقَـ َل ال َّد ْيـ ِ‬ ‫ســاعةَ ال َح ْيـ ِ‬ ‫سـنَةَ َّ‬ ‫ـوم يَــا بَادِيـةَ َّ‬ ‫الو ِعيـدِ‪ ،‬يَــا‬ ‫الطا ُ‬ ‫ـوم يَــا َم ْنـ َع ال َما ُ‬ ‫الزقُّـ ِ‬ ‫يَــا ث َ ِريـ َد الثُّـ ِ‬ ‫ـون يَــا َ‬ ‫عـ ِ‬ ‫عـ ِ‬ ‫ـي العَبِيـدِ‪ ،‬يَــا آيَـةَ َ‬ ‫ـون يــا بَ ْغـ َ‬ ‫الم ال ُم ِعيـدِ‪ ،‬يَــا أ َ ْقبَـ َح ِمـ ْ‬ ‫ـف‪ ،‬يَــا تَن َْحنُـ َح‬ ‫اضـ َع َ‬ ‫صيـ ِ‬ ‫شـتَّى‪ ،‬يَــا دُو َدة َ ال َك ِنيـ ِ‬ ‫ـف‪ ،‬يَــا فَـ ْ‬ ‫ـر َوة ً ِفــي ال َم ِ‬ ‫ـن َحتَّــى‪ ،‬فــي َم َو ِ‬ ‫َك َ‬ ‫ُور‪،‬‬ ‫ـف‪ ،‬يَــا ُج َ‬ ‫ضيـ ِ‬ ‫ـور‪ ،‬يَــا نَ ْك َهـةَ ال ُّ‬ ‫ـر َّ‬ ‫الر ِغيـ ُ‬ ‫ال ُم ِ‬ ‫ـف ِإ َذا ُك ِسـ َ‬ ‫ُّور‪ ،‬يَــا ُخ ْذ ُروفَـةَ القُـد ِ‬ ‫ـور‪ ،‬يَــا َوتِـ َد الـد ِ‬ ‫صقُـ ِ‬ ‫شــا َء ال َم ْخ ُمـ ِ‬ ‫ُور‪ ،‬يَــا َ‬ ‫ـان‪ ،‬يَــا‬ ‫ـان‪ ،‬يَــا بَـ ْـو َل ِ‬ ‫الخ ْ‬ ‫يَــا أ َ ْربُعَــا َء الَ ت َـد ُ‬ ‫ـور‪ ،‬يَــا َ‬ ‫ـر ال ِلّ َ‬ ‫ض َجـ َ‬ ‫ط َم ـ َع ال َم ْق ُمـ ِ‬ ‫ـان‪ ،‬يَــا ُم َؤا َكلَـةَ العُ ْميَـ ِ‬ ‫صيَـ ِ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ـازي‪ ،‬يَــا بُ ْخ ـ َل األ َ ْهـ َـو ِازي‪ ،‬يَــا‬ ‫َ‬ ‫س ـب َ‬ ‫ْت ِ ّ‬ ‫ش ـفَا َ‬ ‫ـان‪ ،‬يَــا ِكتَـ َ‬ ‫عةَ العُ ْريَــان‪ ،‬يَــا َ‬ ‫ـر َ‬ ‫ـازي‪ ،‬يَــا قَـ َ‬ ‫ارة َ ال َمخـ ِ‬ ‫ـاب التَّعَـ ِ‬ ‫الص ْبيَـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـر ِازي‪ ،‬و ِ‬ ‫ِك‬ ‫ت ِبيَـد َ‬ ‫باو ْنـ َد‪َ ،‬وأ َ َخـ ْذ َ‬ ‫ـت ِإ ْحـ َدى ِر ْجلَ ْيـ َ‬ ‫ض ْعـ َ‬ ‫فُ ُ‬ ‫ضــو َل الـ َّ‬ ‫هللا لَـ ْـو َو َ‬ ‫ـرى َ‬ ‫ـك َ‬ ‫علــى أ َ ْر َو ْنـ َد‪َ ،‬واأل ْخـ َ‬ ‫علَــى ُد ْن َ‬ ‫�ت ِإالَ َحالَّجـ�اً‪.‬‬ ‫ب ال َمالئِ َكـ�ةَ‪َ ،‬مـ�ا ُك ْنـ َ‬ ‫س قُـ�زَ َح‪َ ،‬ونَ َد ْفـ َ‬ ‫�م فِـ�ي ِجبَـ�ا ِ‬ ‫قَـ ْ�و َ‬ ‫�ت الغَ ْيـ َ‬ ‫ع َدم ـا ً فِــي ُو ُجــودٍ‪ ،‬يَــا َك ْلبَ ـا ً فِــي‬ ‫ـرودِ‪ ،‬يَــا لَبُــو َد اليَ ُهــودِ‪ :‬يَــا نَ ْك َه ـةَ األ ُ ُ‬ ‫ـر‪ :‬يَــا قَـ َّ‬ ‫ـرا َد القُـ ُ‬ ‫َوقَــا َل اآل َخـ ُ‬ ‫ســو ِد ‪ ،‬يَــا َ‬ ‫ــاش‪ ،‬يَــا أَقَــ َّل ِم ْ‬ ‫صنَــانَ‬ ‫الش‪ ،‬يَــا ُدخَــانَ النِّ ْف ِ‬ ‫اش‪ ،‬يَــا قِ ْ‬ ‫ــن ٍ‬ ‫اش‪ ،‬يَــا قَرعيَّــةً ِب َم ٍ‬ ‫ــط‪ ،‬يَــا ُ‬ ‫ــر ِ‬ ‫ــر ِ‬ ‫ــردا ً فِــي ال ِف َ‬ ‫ال ِه َ‬ ‫ـن بَــا َء بِ ـذُ ِّل َّ‬ ‫ـث ِم َّمـ ْ‬ ‫ـك‪ ،‬يَــا أ َ ْخبَـ َ‬ ‫ق‪ ،‬يَــا َو ْح ـ َل‬ ‫ـك‪ ،‬يَــا ِه ـاَ َل ل ُهلـ ِ‬ ‫ـط‪ ،‬يَــا زَ َوا َل ال ُم ْلـ ِ‬ ‫اإل ْبـ ِ‬ ‫ق‪َ ،‬و َم ْنــعِ ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ص ـ َدا ِ‬ ‫الط ـاَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ان‪،‬‬ ‫ق يَا ُم َح ِ ّ‬ ‫علــى ِ ّ‬ ‫ق‪ ،‬يَــا َمــا ًء َ‬ ‫ــم يَا ُمعَ ِ ّجــ َل ال َهض ِ‬ ‫ــر َك العَظ ِ‬ ‫َان‪ ،‬يَــا َو َ‬ ‫ســ َخ اآل َذ ِ‬ ‫ْــم يــا قَلَــ َح األسْــن ِ‬ ‫الريــ ِ‬ ‫الط ِريــ ِ‬ ‫ـرةٍ‪ ،‬يَــا أ َ ْبغَــى ِمـ ْ‬ ‫ض ـ َح ِمـ ْ‬ ‫ـس‪ ،‬يَــا أَقَ ـ َّل ِمـ ْ‬ ‫ـر ِمـ ْ‬ ‫ـف‪،‬‬ ‫ب ال ُخـ ّ ِ‬ ‫ـن فَ ْلـ ٍ‬ ‫ـن قَ ْلـ ٍ‬ ‫يَــا أ َ َجـ َّ‬ ‫ـرةٍ‪ ،‬يَــا َم َه ـ ّ ِ‬ ‫ـس‪ ،‬يَــا أ َ ْف َ‬ ‫ـن َ‬ ‫ـن إِ ْبـ َ‬ ‫ع ْبـ َ‬ ‫ـت‪ ،‬و ِ‬ ‫علَــى‬ ‫ض ْعـ َ‬ ‫ـت َو َك ْيـ َ‬ ‫ـف الب ْي ـتِ‪ ،‬يَــا َك ْيـ َ‬ ‫ـف‪ ،‬يَــا ك ِل َم ـةَ لَ ْيـ َ‬ ‫يــا َم ْد َر َج ـةَ األ َ ُكـ ّ ِ‬ ‫هللا لـ ْـو َو َ‬ ‫ـت أ ْس ـت َ َك َ‬ ‫ـت‪ ،‬يــا َو ْكـ َ‬ ‫ت ال ِ ّ‬ ‫ســما َء ِم ْنـ َـواالً‪،‬‬ ‫ش ـ ْع َرى ُخفّــاً‪َ ،‬والث ُ َريَّــا َرفَّــاً‪َ ،‬و َجعَ ْل َ‬ ‫ـوم‪َ ،‬واتَّخَــ ْذ َ‬ ‫ْــت ِر ْجلَـ َ‬ ‫ـوم‪َ ،‬و َدلَّي َ‬ ‫ــت ال َّ‬ ‫ـك فــي الت ُّ ُخـ ِ‬ ‫النُّ ُجـ ِ‬ ‫ْـ�ر َّ‬ ‫ـ�ت ِإالَّ َحائِـ�كا ً‪.‬‬ ‫ـ�ر‪ ،‬مـ�ا ُك ْن َ‬ ‫َو ِح ْك َ‬ ‫ـ�ر‪َ ،‬وأ َ ْل َح ْمتَـ�هُ بالفَلَ ِ‬ ‫ـ�وا َء ِس ْ‬ ‫ـ�رباالً‪ ،‬فَ َ‬ ‫ـ�ك الدَّائِ ِ‬ ‫الطائِ ِ‬ ‫سـ� َّد ْيتَهُ ِب ْالنَّس ِ‬ ‫ـ�ت ال َه َ‬ ‫ســى ْبـ ُ‬ ‫ـام‪ :‬فَـ َـو ِ‬ ‫ـب‬ ‫ع ِجيـ ُ‬ ‫ي َّ‬ ‫ـن ِهشـ ٍ‬ ‫هللا َمــا َ‬ ‫الر ُجلَيــن أُوثِـ ُـر؟! َو َمــا ِم ْن ُهمــا إِالَّ بَدِيــع ْال ـ َكالَ ِم‪َ ،‬‬ ‫قَــا َل ِعي َ‬ ‫ع ِل ْمــتُ أ َ َّ‬

‫صنَ ـ َع‬ ‫ـار ُمشــا ٌ‬ ‫ـام‪ ،‬أَلَ ـ ُّد ِ‬ ‫ـام‪ ،‬فَت َ َر ْكتُهمــا‪َ ،‬وال ِدّينَـ ُ‬ ‫صـ ِ‬ ‫ال َمقَـ ِ‬ ‫ص َر ْفــتُ َو َمــا أ َ ْد ِري َمــا َ‬ ‫ع بَ ْينَ ُه َمــا‪ ،‬وا ْن َ‬ ‫الخ َ‬ ‫�ر بِ ِه َمـ�ا‪.‬‬ ‫ال َّد ْهـ ُ‬


‫متهل‪...‬‬ ‫يتوضأ ثغري ‪..‬بإسمك‪...‬‬ ‫تحييني نسامت فجرك‪...‬‬ ‫إىل اين ال ّرحيل‪...‬؟؟‬ ‫وهل من عود‪...‬؟؟‬ ‫نبت الطيب يف روحي‬ ‫جنبي شذاك‪...‬‬ ‫ومأل َّ‬ ‫يا شهر الرحمة‪...‬‬ ‫متهل‪...‬فالدمع مأل مقلتي‬ ‫وهتاف الروح عال يف اآلفاق‪...‬‬ ‫بطرفة عني ترحل‪..‬‬ ‫وترتكني تائهة‪...‬‬ ‫أبحث عن السكينة‪...‬‬ ‫إىل يوم ألقاك‪......‬‬ ‫عسانا لرحمة املوىل عز وجل نوفق‪...‬‬


‫هال‬

‫فاتن عباس‬

‫ما أرسعك‪...‬‬ ‫ما أرسع خطاك‪...‬‬ ‫مهال يا شهر الرحمة‪...‬‬ ‫أوشكت عىل الرحيل‪...‬‬ ‫باألمس كنا نشتاقك‪...‬‬ ‫واليوم زاد حده اإلشتياق‪...‬‬ ‫تأيت عىل مهل‪...‬‬ ‫وترحل عىل عجل‪...‬‬ ‫يا شهر الخري تر ّفق بنا‪...‬‬ ‫كيف تودعنا‪ ‬‬ ‫والحنايا بحبك مثقالت‬ ‫يا س ّيد أيامي‪...‬‬ ‫ووحي أقرأك يف كل اللغات‪..‬‬ ‫توقف‪...‬‬


‫ورغــم إعجابــه الالمتناهــي باملتنبــي وعبقريتــه اعــرض‪ ،‬ليقــول‪ :‬ال أعتقــد أن مرحلــة معينــة مــن‬ ‫مراحــل عمــر اإلنســان هــي الوحيــدة يف إبداعاتهــا وعطاءاتهــا وقدراتهــا‪ ،‬كل مرحلــة لهــا قوتهــا ونواحــي‬ ‫ضعفهــا‪ ،‬وهــي متكاملــة يف متاســكها وانتقالهــا مــن حالــة إىل أخــرى‪ ،‬إنهــا أشــبه بالفصــول‪ ،‬فأنــت ال تســتطيع‬ ‫يختــص بــه‪ ،‬ويضيــف معنــى واســتمراًرا ً ومتاســكاً مــع‬ ‫أن تعتــر الخريــف فصــاً شــاحباًمثالً‪ ،‬للخريــف معنــى‬ ‫ّ‬ ‫الفصــول األخــرى ‪ .‬مــن غــر الجائــز أن نعتــر أن مرحلــة مــن مراحــل العمــر اإلنســاين هــي املشــكلة‪ ،‬وأن‬ ‫مرحلــة أخــرى هــي الحــل‪ .‬الحيــاة واألعــار نســيج تتواصــل خيوطــه‪ ،‬هــذه هــي الحيــاة‪.‬‬ ‫وشــجعنا هــذا التمســك القــوي بقــدرة الشــيخوخة عــى الصمــود أن ندخــل يف ثقافــة األســتاذ منــح‬ ‫الصلــح التــي ال ضفــاف لهــا‪ ،‬فقــال عمــر شــبيل‪ :‬أســتاذ منــح أنــت عنــوان ثقــايف بــارز يف السياســةواالجتامع والفكــر‪،‬‬ ‫وقــد كانــت لــك تجربــة عميقــة وفكــر حــر يف كل هــذه املناحــي‪ ،‬فكيــف تنظــر إىل تلــك اإلشــكالية التاريخيــة التــي‬ ‫افتعلتهــا السياســة بــن العروبــة واإلســام؟ ــــ العروبــة واإلســام كيانــان‪ ،‬كل كيــان منهــا يخــر خصائصــه‬ ‫إذا اصطــدم باآلخــر‪ ،‬فالعروبــة يجــب أن تبقــى عروبــة‪ ،‬وأن تعم ِّـــق مفاهيمهــا مــن مــن خــال كينونتهــا‬ ‫هــي‪ ،‬وكذلــك اإلســام يجــب أن يتعمــق مــن خــال خصائصــه الروحيــة والفكريــة‪ ،‬وأن ينظــر إىل مســتقبله‬ ‫مــن خــال خصائصــه نفســها‪ ،‬وهــذا يعنــي أن العروبــة واإلســام كيانــان‪ ،‬ولــكل خصائصــه‪ ،‬وال يجــب‬ ‫أن يــذوب أحدهــا يف اآلخــر‪ ،‬ويجــب عــى الكيانــن العمــل عــى الوفــاق يف كثــر مــن املجــاالت‪ ،‬عــى أن‬ ‫تبقــى العروبــة عروبــة واإلســام إســاماً‪ ،‬وهــذا يجــب أالّ يــؤدي إىل التنافــر والشــقاق ألن مــد يــد التعــاون‬ ‫بينهامإخصــاب لكليهــا‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ويــرى األســتاذ منــح الصلــح ‪ :‬أن العروبــة هــي الحركــة العمليــة للعربيــة عــى اعتبــار أن العربيــة‬ ‫هــي املنطلــق واالنتــاء‪ ،‬وتبقــى العروبــة هــي الرتجمــة واملامرســة للفكــرة العربيــة مكونــ ِة العروبــة‪ .‬ويــرى‬ ‫األســتاذ منــح الصلــح أن العــرب هــم أدوات الثــورة اإلســامية‪ ،‬وأن العربيــة هــي الغطــاء لــكل هــذا وهــي‬ ‫املنطلــق أيضــاً‪.‬‬ ‫وأشــار الدكتــور عــي زيتــون إىل تقصــر املثقــف العــريب يف ترميــم الفجــوة التــي تتســع باســتمرار بــن‬ ‫الطائفتــن اإلســاميتني الســنة والشــيعة‪ ،‬ثــم إن مجتمعنايواجــه أزمــات سياســية وثقافيــة واجتامعيــة‪ ،‬ونجــد أن‬ ‫املثقــف ال يقــف موقف ـاً جــا ّدا ً مــن هــذه األزمــات ال ســلباً وال إيجاب ـاً‪ .‬فهــل هنــاك أزمــة يف الثقافــة واملثقــف؟‬ ‫وأجــاب األســتاذ منــح الصلــح‪ :‬أمــا بشــأن األزمــة بــن الطائفتــن املســلمتني‪ ،‬الســنة والشــيعة‬ ‫فــإن األمــر حســاس‪ ،‬ألن هــذه األزمــات وهــذه املواضيــع تطــرح نفســها بقــوة‪ ،‬وتظهــر نفســهاأنها جــزء‬ ‫ٍ‬ ‫وعندئــذ يكــون املثقــف حذرا ًومتخوفــاً مــن طرحهــا ومناقشــتها‪ ،‬وهــذا املوضــوع الــذي طرحتــه‬ ‫مــن الديــن‪،‬‬ ‫هــو ســؤال تاريخــي بــدأ مــن أيــام الرســول محمــد‪ ،‬وال يــزال يتــادى ويتســع إىل اآلن‪ ،‬ومــن الطبيعــي أن‬ ‫يكــون لهــذه املواضيــع حرمــة‪ ،‬ولــذا تــرى النــاس يتجنبــون الخــوض فيهــا بســبب حساســيتها املفرطــة‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك فهــي قضايــا تســتحق الــدرس بحــذر واعٍ‪.‬‬ ‫ومــن الصعــب أن نقــول‪ :‬ليــس هنــاك أزمةثقافيــة وسياســية واجتامعيــة‪ ،‬ولكــن كل أزمــة رمبــا‬ ‫تســتطيع أن تكــون احتقانــاً مؤقتــاً‪ ،‬وميكــن أن تنطلــق بعنــف‪ ،‬وهــي وإن كانــت خطــوة إىل الــوراء‪ ،‬إال أنهــا‬ ‫تدفــع أيضــاً إىل األمــام‪ ،‬إن أيــة أزمــة حــن يتناولهــا العقــل تضمــر جانبــاً ثقافيــاً منتجــاً ‪ ،‬وهــذا إضافــة‪،‬‬ ‫وتراكــم اإلضافــات هــو ســر الثقافــة إىل األمــام رغــم كل مظاهــر التدهــور التــي تطفــو باســتمرار عــى‬ ‫ســطح األشــياء‪.‬‬ ‫وســأل عمــر شــبيل األســتاذ منــح الصلــح‪ :‬أنــت دامئــاً تقــول‪ :‬ال يجــب أن يجلــد املثقــف نفســه‪،‬‬ ‫أوليــس عــدم نقــده نفســه أزمــة ثقافيــة تســتحق اإلشــارة إليهــا؟‪.‬‬ ‫ــــ املثقــف العــريب مســؤول‪ ،‬وميكــن أن يكــون مقــرا ً يف بعــض مســؤولياته‪ ،‬ولكــن ال يجــوز أن‬


‫حوار مع املفكر منح الصلح‬ ‫حاوره يف منزله األستاذ عمر شبيل والدكتور عيل زيتون والدكتورة راغدة املرصي والسيدة حياة‬ ‫عواد‪.‬‬

‫يف منزلــه تــرى بــروت القدميــة التــي مل تتســلقهاالبنايات الشــاهقة‪ ،‬ومل يرتجمهااإلســمنت والحديــد‬ ‫ـس بصوفيــة البيــت البــرويت القديــم األنيــق ذي الحديقــة التــي تعبــق بهــا روائــح املــايض‬ ‫إىل مدينــة أخــرى‪ ،‬تحـ ُّ‬ ‫البــرويت مــع الــورود األنيقــة وشــجرات الشمشــر والكبــاد‪ ،‬والذكريــات الصلحيــة املاثلــة يف الكــريس القديــم‬ ‫واألثــاث الجميــل الــذي أكســبه قدمــه حضــورا ً ال يتــاىش‪ .‬إنــك يف بــروت الحقيقيةالتــي هاجمهــا الزمــن بــكل‬ ‫قســاوته ورضاوتــه‪ ،‬ومياثــل هــذا القــدم حضــورا ً وعراقــة ًوجــو ُد األســتاذ منــح الصلــح املفكــر الوطنــي العــرويب‬ ‫الحــارض يف اللحظــة كحضــوره الــداليل يف التاريــخ‪ّ.‬‬ ‫األســتاذ منــح الصلــح قامــة فكريــة باســقة وضاربــة الجــذور يف حقــول املعرفــة الوطنيــة والقوميــة‬ ‫واإلنســانية‪ .‬إن مثانــن حــوالً مل تســتطع أن تحنــي هــذه القامــة‪ ،‬ومل تُ ُـــس ِئ ْمها‪»،‬ومن يعــش مثانــن حــوالً ال أبــا‬ ‫يســأم» ثقافتــه مل يخذلهــا العمــر املديــد‪ ،‬يختــر الفكــرة بداللــة نافــذة تغريــك مبكنونهــا وإشــعاعها‪،‬‬ ‫لــك‬ ‫ِ‬ ‫يســتطيع باســتمرار عقلــه الثاقــب التغلــب عــى الجســد الواهــي الــذي ظهــرت فيــه أخاديــد الســنني‪ ،‬وأفاجئــه‬ ‫بقــول املتنبــي‪:‬‬ ‫وإذا الشيخ قال ٍّأف فام ّ‬ ‫مل حيــا ًة وإمنا الضعف مالّ‬ ‫وشباب فإذا ولـّيا عن املرء ولـّى‬ ‫آلة العيش صح ٌة‬ ‫ٌ‬


‫مخطئــة‪ ،‬األمــة متباطئــة‪ ،‬األمــة بحاجــة إىل الجلــد‪ ،‬إىل مــن يقســو عليهــا حتــى تتقــدم‪.‬‬ ‫د‪ .‬عــي زيتــون‪ :‬طاملاتحرضنــايف هــذه األيــام ذكــرى املرحــوم الشــيخ عبــد اللــه العاليــي‪ ،‬فــا رأيــك‬ ‫مبوقعــه الثقــايف‪ ،‬وهــل كانــت توجهاتــه متثــل اتجاهــاً توحيديــاً عربيــاً وإســامياً؟‪.‬‬ ‫ــــ الشــيخ عبــد اللــه العاليــي شــخصية بــارزة يف االتجــاه الــذي تتحــدث عنــه‪ .‬إنــه شــخصية‬ ‫ثقافيــة أكــر مــا هــو شــخصية دينيــة‪ ،‬إنــه شــخصية مســتقبلية تحم ّـــل نفســها العــبء‪ ،‬عــبء االنتقــال إىل‬ ‫املســتقبل‪ ،‬فهــل كانــت هــذه الشــخصية مســاوية لهــذا الطمــوح؟ هــذا يشء آخــر‪ .‬هنــاك مــن يشــك يف أن‬ ‫هــذه الشــخصية متلــك حقيقــة القــدرة عــى أن تكــون متســاوية مــع كلامتهــا‪.‬‬ ‫بــدأت العاملــة تنبــه األســتاذ منــح إىل اق ـراب موعــده للذهــاب إىل املستشــفى‪ ،‬حيــث كان عــى موعــد‬ ‫مــع فحــص جديــد لجســد قديــم يحمــل عــبء الشــيخوخة‪ ،‬ولكــن يف الوقــت ذاتــه ال ي ـزال يحمــل أعبــاء أمتــه‬ ‫حيــث نــذر فكــره وقلبــه وقلمــه مــن أجــل تقدمهــا والدخــول يف ســباق مــع األمــم لصناعــة مســتقبل أفضــل‬ ‫وعامل ـاً أنقــى‪ .‬و ّدعنــا هــذه الشــجرة الرشقيــة الباســقة املباركــة التــي تفيــأ ظاللهــا جيــل عــريب بأكملــه‪.‬‬


‫يجلــد نفســه‪ ،‬ألن املثقــف حــن يجلــد نفســه يكــون مقــرا ً بتقصــره‪ ،‬فكأنــه يعتــذر‪ ،‬وكأنــه يهيــئ نفســه‬ ‫لالنســحاب مــن الســاحة وهــذا ال يليــق مبثقــف يحمــل قضيــة‪ ،‬إن مهمــة املثقــف أن ينظــر باســتمرار إىل‬ ‫األمــام ألن النكــوص يعنــي االنحــدار والعــودة إىل بدايــة الجلجلــة‪.‬‬ ‫ّوإذا وقف املثقف عىل باب السلطان؟‬ ‫ــــ إذا وقــف املثقــف عــى بــاب الســلطان فوقفتــه غــر مرشفــة‪ ،‬وهــي وقفــة ال تغنيــه كــا يتصــور‪،‬‬ ‫وإمنــا تفقــره‪ ،‬وال تدعــه يتقــدم‪ ،‬بــل تدفــع بــه إىل الــوراء ألن مصداقيتــه تتــاىش‪ ،‬ويفقــد حضــوره يف‬ ‫الوجــدان الجمعــي‪ ،‬ثــم إن املثقــف العالــة هــو أســوأ أنــواع املثقفــن‪.‬‬ ‫د‪ .‬عــي زيتــون‪ :‬عندمــا يقولــون أنتــم تلقــون كل يشء عــى الغــرب واالســتعامر‪ ،‬وهنــاك دوائــر‬ ‫إعالميــة‪ ،‬ودوائــر مخابراتيــة تعمــل لهــذه الفتنــة‪ ،‬ونجــد إزاءهــا املثقــف مكتفيــاً بالتفــرج‪ ،‬ورمبــا قابــاً ملــا‬ ‫يحــدث‪.‬‬ ‫ــــ نعــم املثقــف الــذي ال يعتــر نفســه مته ـاً باســتمرار ليــس مثقف ـاً‪ ،‬فالثقافــة إدراك ومســؤولية‪ ،‬فــا‬ ‫يكفــي أن تكــون عارف ـاً‪ ،‬وإمنــا عليــك أن تكــون منخرط ـاً يف الفعــل الثقــايف التصويبــي والتنويــري‪ .‬عــى املثقــف أن‬ ‫يعتــر نفســه مق ـرا ً باســتمرار‪ ،‬واملثقــف الــذ يكــون راضي ـاً عـ ّـا يجــري حولــه ليــس مثقف ـاً‪ .‬والثقافــة باســتمرار‬ ‫تجعــل املثقــف متطلعــاً إىل األمــام‪ ،‬وتجعلــه دائــم التفكــر يف كيفيــة الخــروج مــن األزمــات ومــن مراحــل‬ ‫االنحطــاط إىل فضــاء املعرفــة التــي تنــر ســبلنا للخــروج مــا نحــن فيــه مــن أزمــات‪ .‬وهنــا يجــب أن ننظــر بإكبــار‬ ‫إىل أمتنــا العربيــة التــي تحــاول باســتمرار الخــاص مــن أزماتهــا‪ ،‬ولــوال هــذا املحــاوالت الضمحلــت وتالشــت‬ ‫وحذفــت مــن الوجــود‪ .‬أمتنــا عــر تاريخــا كلــه مل تقــف متحجــرة عنــد مرحلــة‪ .‬إنهــا باســتمرار تنظــر إىل األمــام‪.‬‬ ‫د‪ .‬راغــدة املــري‪ :‬خــال مســرتك وخربتــك الطويلــة مفك ـرا ً كيــف تق ـ ّوم حركــة املثقــف العــريب علــوا ً‬ ‫وانحــدارا ً‪ ،‬ومــا هــي املراحــل التــي مــر بهــا املفكــر العــريب؟‬ ‫ــــ املثقــف العــريب نتــاج أمتــه أوالً‪ ،‬ومراحلــه هــي مراحــل أمتــه نفســها‪ ،‬وال يعنــي هــذا أنــه‬ ‫ملحــق‪ ،‬إنــه رائــد باســتمرار‪ ،‬ومتأثــر بثقافــات عــره الوافــدة إىل ثقافــة أمتــه‪ ،‬ففــي عــر املأمــون‬ ‫مثــاً تطــور العقــل العــريب كثــرا ً بســبب غــزارة الرتجــات الوافــدة إىل ثقافتــه‪ ،‬لقــد تأثــر املثقــف العــريب‬ ‫بالفلســفة اليونانيــة والهنديــة والفارســية‪ ،‬وكانــت عمليــة التثاقــف غزيــرة وواســعة ومتشــعبة يف كافــة‬ ‫صنــوف املعــارف اإلنســانية‪ ،‬كالفلســفة والطــب وعلــم االجتــاع وعلــم الفلــك والرياضيــات‪ ،‬لقــد تثاقــف‬ ‫املثقــف العــريب مــع الثقافــات األخــرى دون أن يقتلـَــع مــن جــذور ثقافتــه العربية‪،‬لقــد اغتنــى وأغنــى‪،‬‬ ‫والثقافــة العربيــة جذورهاإنســانية‪ ،‬وقــد حملهــا املثقــف العــريب امللتــزم بقضايــا أمتــه حمــاً واعيــا يربــط‬ ‫بــن خصوصيــة الهويــة وعامليتها‪.‬والثقافــة ليســت مراحــل متقطعــة‪ ،‬حتــى ولــو بــدت كذلــك أحيانــاً بفعــل‬ ‫الركــود الحضــاري وطــول مدتــه‪.‬‬ ‫عمــر شــبيل‪ :‬رغــم التقــارب الــذي أبدتــه الفــرة الشــهابية مــع العروبــة وتحديــدا ً مــع الفــرة النارصيــة‪،‬‬ ‫رغــم هــذا التقــارب فقــد اختلفــت أنــت مــع الفــرة الشــهابية فــا الســبب؟‬ ‫ــــ أنــا مل أكــن ضــد الشــهابية‪ ،‬أنــا كنــت صاحــب أمــل فيهــا‪ ،‬وهــذا األمــل مل أجــده دامئــاً‬ ‫متحقق ـاً فيهــا ويف مامرســاتها‪ ،‬والتجربــة الشــهابية كانــت أقــل مــن فــؤاد شــهاب نفســه‪ ،‬هــي نــوع مــن النــزول‬ ‫مــن هــذه الرشفــة‪ ،‬أو هــذا التحــدي الــذي اســمه فــؤاد شــهاب‪ ،‬وقــد وضــع نفســه يف أيــدي الســكريرتية‬ ‫والعاملــن لشــهاب واألجهــزة املســتغلة اســم فــؤاد شــهاب‪ ،‬فالشــهابية هــي نــداء إىل األمــام‪ ،‬وهــي‬ ‫شــعور بقيمــة الــذات‪ ،‬وهــي اندفــاع ســابق غــره‪ .‬ولكــن أيــن الشــهابية الفكــرة الطمــوح مــن الشــهابية‬ ‫األجهــزة‪.‬‬ ‫نعــم هــذا ســبب خــايف مــع الشــهابية شــهابية املخابــرات وشــهابية الشــعور الدائــم أن األمــة‬


‫اإلنســان‪ ،‬فالرســول العربــي اعتبــرأن «الكلمــة الطيبــة صقــة»‪ .‬هــذا يجعــل الكلمــة تغــوص عمقـا ً فــي الــذات وتنقلهــا مــن‬ ‫حــال إلــى إلــى‪ ،‬وقــد ســمعت فــي محنتــي كلمــات أكثــر تأيــرا ً مــن العطــاء‪ ،‬وســمعت كلمــة‪ ،‬كانــت تطفئنــي أحيانـا ً كثيــرة‪،‬‬ ‫ـر كيــف ضــرب هللا مثـاً كلمــة‬ ‫وهــذا يفســر اهتمــام التكويــن اإلنســاني بالكلمــة فــي حالتيهــا‪ ،‬وفــي القــرآن الكريــم‪« :‬ألــم تـ َ‬ ‫طيبــة كشــجرة طيبــة‪ ،‬أصلهــا ثابــت وفرعهــا فــي الســماء»‪ .‬واضــح بشــكل إشــراقي فــي اآليــة انتقــال الكلمــة الطيبــة مــن‬ ‫األدنــى إلــى األعلــى‪ ،‬إنهــا ترابيــة األصــل والتكويــن وســامية النمــاء والعطــاء‪ ،‬حيــث تؤتــي أُكـُلـَــها فــي النفــوس التواقــة‬ ‫إلــى الخيــر بشــكل إشــراقي وضــيء‪.‬‬ ‫ــ ‪ 3‬ــ‬ ‫عنــد العــرب القدمــاء كانــت الكلمــة والفعــل غالبــا فــي مســتوى واحــد‪ ،‬وذلــك بســبب التصاقهــا التكوينــي بإنســانها فــي بيئــة‬ ‫صعبــة جعلــت كل عناصــر التكويــن فــي إنســائها صعبــة أيض ـاً‪ ،‬فالكلمــة صعبــة كالفعــل‪ ،‬والتراجــع عنهــا يقتــرب مــن‬ ‫التراجــع عــن الحيــاة نفســها‪ .‬وســوا ٌء أصدقــت الروايــة حــول مقتــل المتنبــي بســيف شــعره أم بولـ َغ فيهــا‪ ،‬فإنهــا ذات داللـ ٍة‬ ‫علــى مــدى تأثيــر الكلمــة فــي صاحبهــا‪ ،‬ففاتــك األســدي‪ ،‬وهــذا ثابــت تاريخيـاً‪ ،‬ك َمــنَ للمتنبــي ليقتلــه بســبب الكلمة‪،‬فقــد هجــا‬ ‫ـر بالهــرب أمــام هــول المــوت‪ ،‬فقــال لــه غالمــه‪ :‬أولســت القائــل‪:‬‬ ‫المتنبــي خالــه‪ ،‬ثــم إن المتنبــي فكـّـ َ‬ ‫والقرطاس والقل ُم‬ ‫والسيف والرمح‬ ‫الخي ُل واللي ُل والبيدا ُء تعرفني‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فالتفــت إليــه المتنبــي‪ ،‬وقــال لــه‪ :‬لقــد قتلتنــي يــا غــام‪ ،‬وعــاد فقاتــل حتــى قـ ُـ ِتل‪ ،‬وال نــزال نذكــر قصــة عمــرو بــن كلثــوم‬ ‫ه�بـ اســتجابة لكلمةــ أم��ه الت��ي صرخ��ت‪« :‬واتغلبــاه»‪ ،‬وكانــت أمــه مــن أكــرم نســاء العــرب نســباً‪،‬‬ ‫ش��اعر تغل��ب حينــ‬ ‫َ‬ ‫وأرادت أم ملــك المنــاذرة عمــر بــن هنــد أن تتعالــى عليهــا حيــن طلبــت منهــا أن تجلــب لهــا مــاء لتشــرب‪ ،‬فقالــت لهــا أم‬ ‫الشــاعر‪ :‬فلتقـ ْم صاحبــة الحاجــة إلــى حاجتهــا‪ .‬فصرخــت بهــا أم الملــك باســتهانة فصرخــت أم الشــاعر‪« :‬واتغلبــاه»‪ ،‬فســمع‬ ‫عمــرو بــن كلثــوم اســتغاثة أمــه‪ ،‬وكانــت فــي الخيمــة المجــاورة‪ ،‬فاســتل ســيف وضــرب الملــك فقتلــه‪ ،‬رغــم كل األهــوال‬ ‫التــي أحاطــت بالحــادث‪ ،‬وراح بنــو تغلــب بعــده يفاخــرون العــرب بقــول شــاعرهم‪:‬‬ ‫ــرك اليقـينا‬ ‫أبا هن ٍد فال تعج ْل عليـنــا‬ ‫وأنظرنا نخبـ ِّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫متى كنا ألمــ ِّك مقتويــنا‬ ‫تهددنا وتوعدنا رويـــــدا‬ ‫فإن قناتنا يا عمرو أعيتْ‬ ‫على األعداء قبلك أن تلينا‬ ‫واســتطرادا ً مــن منــا لــم يقــرأ قصــة المعتصــم الخليفــة العباســي حيــن بلغــه أن امــرأة هاشــمية اســتنجدت بــه‪ ،‬وصرخــت‪:‬‬ ‫«وامعتصماه»‪،‬وكانــت قــد أهينــت وهــي فــي بــاد الــروم‪ ،‬وحيــن ســمع المعتصــم قصتهــا صــرخ «لبيــك» لبيــك» وكانــت‬ ‫وقعــة عموريــة فــي أهــم مواقــع الــروم‪ .‬ويومهــا قــال أبــو تمــام حبيــب بــن أوس الطائــي‪:‬‬ ‫في ح ّدِه الح ُّد بين االجد واللعب‬ ‫ب‬ ‫السيف أصد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق أنبا ًء من الكت ِ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ب‬ ‫ور‬ ‫لبـّيْتَ صوتا زبطريـّا هرقت له‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضاب الخـ ُ َّر ِد العُ ُر ِ‬ ‫كأس الكرى ُ‬ ‫بالسيف منصلــتــا ً‬ ‫أجبته معلنا ً‬ ‫ب‬ ‫ولو أجبتَ بغير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السيف لم تج ِ‬ ‫واليوم تغير المنادي والمنادى‪ ،‬كما يقول شوقي‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫أذان في منارتها إذا تعالى وال اآلذانُ آذانُ‬ ‫فال األذانُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفــي معركــة «ذي قــار» وقــف هانــئ بــن مســعود الشــيباني خطيب ـا فــي المقاتليــن ليعطــي عهــدا فــي كلمــة‪ « :‬وهللا لــن‬ ‫أهــرب حتــى تهــرب هــذه الخيمــة»‪ ،‬كان النكــوص فــي المعركــة أصعــب مــن المــوت‪ ،‬فكانــت الكلمــة فع ـاً‪.‬‬ ‫ــ ‪ 4‬ــ‬ ‫وألن الكلمــة كان تــوازي الفعــل فقــد اتســمت بالصــدق‪ ،‬واعتـ ُـبِر الكــذب مــن الســقطات الكبــرى التــي ال تغفرهــا مجالــس‬ ‫العــرب ومحافلهــم وحديــث الرواحــل‪ ،‬نقــرأ لشــاعر جاهلــي‪ ،‬اســمه عبــاس بــن مــرداس حيــن وصــف قــوة أعدائــه فــي‬ ‫المعركــة‪:‬‬ ‫سقونا بمثلها ولكنهم كانوا على الموت أصبرا‬ ‫سقيناه ُم كأسا ً ْ‬ ‫إنــه يمتــدح صبــر أعدائــه علــى المــوت فــي المعركــة‪ ،‬وهــذه أعلــى صفــات المــروءة والصــدق والخلــق واإلبــاء المــر الــذي‬ ‫يعتبــر الكــذب إهانــة ال تغتفــر لقائلــه‪ .‬وال نــزال نحفــظ شــعر عنتــرة بــن شــداد‪ ،‬وهــو يصــف خصمــه فــي المعركــة‪:‬‬ ‫ممعن هربا ً وال مستسلم‬ ‫ومدجـَّجٍ كر َه الكُماةُ نزاله ال‬ ‫ٍ‬ ‫بمحر ِم‬ ‫فشككتُ بالرمحِ األص ِ ّم ثيابه ليس الكري ُم على القنا‬ ‫َّ‬ ‫خصمــه شــاكي الســاح يخافــه الفرســان‪ ،‬لــم يُهــزم مــرة فــي حياتــه‪ ،‬ولــم يستســلم‪ ،‬هــذه صفــة خصمــه‪ ،‬إنــه الصــدق‪ ،‬وإن‬ ‫كان ذلــك مدعــاة النتصــاره عليــه‪ ،‬وتبيــان بطولتــه هــو‪ ،‬لقــد انتصــر علــى الشــجاع القــوي‪.‬‬ ‫إن صــدق الكلمــة هــو الــذي رفــع قدرهــا وقــدر قائلهــا عنــد العــرب‪ ،‬فكانــت الكلمــة مــرآة النفــس‪ ،‬وخالقــة الصــورى المثلــى‬ ‫الجوانــي مــن اإلنســان‪ .‬ومــن أجمــل اإليحــاءات وحركــة النفــس العربيــة وانفعاالتهــا أمــام‬ ‫للحقائــق الكامنــة فــي العالــم ّ‬ ‫اســتماعها لــكالم العــرب فــي محافلهــم قــول امــرئ القيــس حيــن نـُهـِـ ْ‬ ‫ـبت إبلــه فــي غــزوة‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫حديث ما حديث الرواح ِل‬ ‫ولكن‬ ‫ود ْع عنك نهبا ً صي َح في جنباته‬ ‫تع��ط بــاالً لخســارة اإلبـ�ل‪ ،‬ولك��ن م��ا أصع��ب حديثــ الرواح��ل حيــن يتحدث��ون عـ�ن عجزن��ا فـ�ي حمايــة‬ ‫يقوــل لصاحبـ�ه ال‬ ‫ِ‬


‫الحنين إلى الكلمة‬ ‫عمر شبلي‬

‫ــ ‪ 1‬ــ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫“فــي البــدء كانــت الكلمــة”‪ ،‬ولــذا يحمــل الحنيــن إلــى الكلمــة حنينـا إبديـ ّـا إلــى أن نكــون‪ ،‬والكينونــة هــي أعلــى مــا يتمنــاه‬ ‫المخلــوق‪ ،‬وهكــذا كان الوجــود المســتمر فــي مــا بعــد المــوت هــو غائيــة كل مــا جــاءت بــه كل الديانــات إلنقــاذ اإلنســان‬ ‫مــن عدميتــه‪ ،‬فلــو كنــا متيقنيــن مــن عدميتنــا لفقدنــا مبــرر اســتمرار كينونتنــا‪ ،‬إذن البــد مــن وجــو ٍد آخــر‪ ،‬بدايتــه ســرمدية‬ ‫الكلمــة بألوهيتهــا وإنســانيتها‪ ،‬كونهــا أداة الفكــر والفعــل فــي آن‪ .‬ومــن هنــا تتجلــى قدســية الكلمــة فــي جعــل الفعــل اســتمرارا ً‬ ‫لهــا‪ .‬وألنهــا بدايــة كينونــة كل شــيء صــارت قداســتها منطوقــة تــوازي كينونتهــا فعـاً‪.‬‬ ‫ــ ‪ 2‬ــ‬ ‫انطالق ـا ً مــن قدســية الكلمــة صــارت اإلنســانَ نفســه‪ ،‬فاحترمهــا صــا حــب الوجــود الفعلــي‪ ،‬وأهانهــا صاحــب الوجــود‬ ‫الوهمي‪،‬وهكــذا تصبــح الكلمــة حيــن تخلــع ثــوب الفعــل عــورة‪ ،‬ويصبــح صاحبهــا متهمـا ً بكشــف ســوءته أمــام النــاس‪ ،‬ألنــه‬ ‫تحــول إلــى كائــن وهمــي‪ ،‬وجــوده ليــس أكثــر مــن «صــورة اللحــم والــدم»‪ ،‬وتحولــت الكلمــة عنــد الكائــن الوهمــي إلــى‬ ‫مائــدة بــا طعــام‪ .‬وكثيــر مــن األســماء تمــر أمامنــا عاريــة‪ ،‬وأصحابهــا جوعــى إلــى خبــز الحقيقــة‪ ،‬ألن الكلمــة كانــت‬ ‫عـ ْـورة مكشــوفة وجائعــة إلــى فعــل يوازيهــا‪ .‬وال بــد مــن التأكيــد علــى أن المبالغــة فــي الــكالم كالصمــت تمام ـاً‪ ،‬وربمــا‬ ‫عــا الصمــت علــى جعج ـ ٍة ال تعطــي طحن ـاً‪ ،‬وحيــن تصــاب الكلمــة بالــورم تكــون تمام ـا ً كاميــرا تصــور دخيلــة نفــس‬ ‫قائهــا‪ ،‬وكمــا تخفــي دمويــة الطغــاة عبــر التاريــخ ضعفهــم‪ ،‬فــإن مــا يحــدث لهــم وفيهــم يكشــف عوراتهــم‪ ،‬ألنهــم يغلفــون‬ ‫الكلمــة بمــا يشــبه الفعــل عبــر دمويــة نظنهــا فعـاً ‪ ،‬ولكنهــا فــي حقيقتهــا نكــوص وارتــداد‪ .‬وربمــا ســمت كلمــة إنســان أمــام‬ ‫المــوت ألن الكلمــة الملتزمــة بالفعــل كانــت ســمته‪ ،‬وكانــت أســاس تكوينــه فلــم يســتطع المــوت أن يفصلــه عنهــا‪ .‬وربمــا‬ ‫ـس أن قــوة تغادرنــي مــع خــروج الكلمــة الكاذبــة مــن فمــي‪ .‬كنــت أنكشــف‬ ‫أمــام تجــارب قاســية كذبــتُ ‪ ،‬ولكننــي كنــت أحـ ُّ‬ ‫أمــام اآلخــر ألن للكلمــة عالقــة بتكويــن اإلنســان‪ ،‬ألن الوجــه يتكلــم والدمعــة تتكلــم والكلمــة نفســها قــد تتكلــم كالمـا ً آخــر‬ ‫بزيـّـ�ه‪ .‬ومــن الرائــع قــول الرســول العربــي فــي أميــة‬ ‫ف��ي اإلنس��ان الحقيقـ�ي‪ .‬وافتعـ�ال الش��يء ال‬ ‫يس��ويه فع�لاً‪ ،‬وإن تزيـّ�ىـ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بــن الصلــت‪ ،‬فــي هــذا االتجــاه‪ ،‬حيــث الكلمــة تتكلــم الحقيقــة‪ ،‬وإن أعلنتهــا‪“ :‬إنــه رجـ ٌل آمــن لســانه‪ ،‬وكفــر قلبهُ”‪.‬وبالمقابــل‬ ‫كان للكلمــة فعلهــا المؤثــر عمقــا ً بمــا يرفــع النفــس اإلنســانية علــى اعتبارهــا ثمــرة الفكــر والفعــل اإلنســاني منــذ كان‬


‫هكــذا كان العربــي فــي الجاهليــة واإلســام يعــرف اآلخــر مــن كالمــه‪ ،‬وكأنــه كان يقــول لــه‪“ :‬تكل ـ ْم حتــى أراك”‪ .‬وقــد‬ ‫ِب أهلـَــه”‪ ،‬إن الرائــد الــذي يــدل القافلــة‬ ‫لخــص الرســول العربــي دعوتــه لقومــه بهــذه الكلمــة الصادقــة‪“ :‬إن الرائــد ال يَكـْـذ ُ‬ ‫علــى الطــرق الصحيحــة إلــى الواحــات يدلهــا علــى الحيــاة‪ ،‬والــذي يكذبهــا يوردهــا مــوارد التهلكــة‪.‬‬ ‫وبــدأت الكلمــة تصبــح رخيصــة وغيــر ذات معنــى حيــن كبــرت الهــوة بينهــا وبيــن الفعــل‪ ،‬لقــد كذبنــا فــي ديننــا وعقائدنــا‬ ‫عراهــا التاريــخ مــن شــدة التناقــض‬ ‫وحبنــا‪ ،‬حتــى أن كل دهونــات ومكياجــات النفــاق لــم تســتطع أن تســتر ســوءاتنا التــي ّ‬ ‫بي��ن مــا نق��ول وم��ا نفع��ل‪ ،‬وبدأن��ا نغتـ�ال اللغ��ة نفسـ�ها ونظهرهــا للعــام كذّابــة مثلنــا‪ ،‬فــراح المغرضــون يبشــرون بمــوت‬ ‫اللغــة العربيــة‪ ،‬دون أن يتحــروا الســبب‪ ،‬ورحنــا نعيــب لغتنــا والعيــب فينــا‪ .‬ومــن أمثلــة انتحــار اللغــة العربيــة علــى يــد‬ ‫أبنائهــا رحنــا نس ـ ِ ّمي الصلــح مــع العــدو الصهيونــي وتنازلنــا عــن معظــم فلســطين‪»:‬الحل العــادل والشــامل» ونس ـ ِ ّمي‬ ‫الهزيمــة النكــراء ســنة ألــف وتســع مئــة وســبع وستين‪»:‬نكســة»‪ ،‬ونســمي مطالبتنــا بــاألرض ونحــن نتنــازل‪« :‬إزالــة آثــار‬ ‫الع��دوان»‪ ،‬ونس�� ّمي التقلب�اـت السياس�يـة‪« :‬تدويـ�ر زوايــا»‪ ،‬ونسمــي االستســام «الح��ل الســلمي» إل��ى ماــ ال نهايـ�ة‪ .‬إننــا‬ ‫ق الكلمــة والفع��ل ولـ�و عل��ى حب��ل المش��نقة‪ .‬إن أفعالنــا قصيرة‬ ‫بحاج��ة للع��ودة إل��ى تجرب�ةـ الكلمـ�ة الفعـ�ل‪ ،‬إنن��ا بحاجـ�ة لتعانـُ�� ِ‬ ‫القامــة وأقوالنــا «تعانــق ال ُ‬ ‫ش ـ ُهبا»‪ .‬لقــد كتــب كليــب وائــل وصيتــه ألخيــه «مهلهــل» علــى صخــرة ‪ ،‬وحبــره دمــه‪»:‬ال‬ ‫تصالــحْ » لــم يعــد أحــد مــن العالــم يحترمنــا ألننــا نحكــي يســارا ً ونمشــي يمينـاً‪ ،‬وألننــا نغنــي فــي مهرجاناتنــا «بــاد العــرب‬ ‫ـرخ دولــة مــن دولــة‪ .‬وتعلــو شــعاراتنا بمقــدار‬ ‫أوطانــي مــن الشــام لبغــدان»‪ ،‬وعلــى أرض الواقــع كل يــوم نــزداد تفســخا ً ونفـ ّ‬ ‫م��ا تنخفـ�ض أعمالن��ا‪ .‬أال يحــق لنــا بعــد هــذا كلــه أن نصــاب بــداء الحنيــن إلــى الكلمــة الكلمــة!!‬


‫إبلنــا‪ .‬إن حديــث الرواحــل أشـ ُّد إيالمـا ً مــن فقــدان اإلبــل والشــاء والخيــل نفســها وهــي «حبــال الحيــاة وكيــد العــداة وم ْيـ ُ‬ ‫ط‬ ‫األذى” كمــا يقــول المتنبــي‪ .‬إن اقتــران الصــدق بالرجولــة مســألة تدعــو إلــى التأمــل‪ ،‬وبخاصــة حيــن نســمع إعالمنــا‬ ‫العرب��ي الي��وم‪ ،‬وه�وـ يك��ذب أكث�رـ مم��ا يتنفـ�س قائل��وه‪ .‬لقــد كان أبوســفيان مــن أش ـ ّد النــاس عــداوة للرســول ‪ ،‬وكان ال‬ ‫يــزال علــى ديــن الجاهليــة‪ ،‬وربمــا‪ ،‬وهــو فــي إســامه لــم يكــن متحمسـا ً كثيــرا ً للرســالة النبويــة‪ ،‬ومــع ذلــك لنســتمع إلــى‬ ‫ش�هـادته بالنب�يـ محم��د‪ ،‬وكان ال يـ�زال يؤمــن باللـات والعز ّ‬ ‫ــى‪ .‬لقــد ســمع هرقــل أن نبيـا ً ظهــر فــي بــاد العــرب‪ ،‬فطلــب‬ ‫مــن مرافقيــه جلــب إنســان قريــب مــن الرســول ليســتوضح‪ ،‬وكان هرقــل يومهــا فــي بيــت المقــدس‪ ،‬وكان أبــو ســفيان‬ ‫عائ��دا ً ف��ي تجارت�هـ م��ن الش��ام م��رورا ً ببيـ�ت المقــدس‪ ،‬وجــيء بــه إلــى هرقــل‪ ،‬وجعــل هرقــل أصحــاب أبــي ســفيان خلــف‬ ‫ـأر مــن بــدر‪ .‬وابتــدأ المترجــم ينقــل لهرقــل‬ ‫ظهــره ليكذِّبــوه إذا فعــل‪ ،‬وكا أبــو ســفيان يكــره الرســول كراهيــة جاهلي ـ ٍة وثـ ٍ‬ ‫كالم أبــي ســفيان‪ ،‬ســأله هرقــل‪ :‬كيــف نسـبُه فيكــم؟ فأجــاب أبــو ســفيان‪ :‬هــو فينــا ذو نســب‪ .‬قــال هرقــل‪ :‬فهــل قــال هــذا‬ ‫ـوة‪ .‬قــال هرقــل‪ :‬هــل كان مــن آبائــه‬ ‫القــول منكــم أحــد قبلــه؟ أجــاب أبــو ســفيان‪ :‬ال لــم يـدَّعِ أحـ ٌد فــي تاريــخ العــرب النبـ ّ‬ ‫مــن ملــك؟ فقــال أبــو ســفيان‪:‬ال ‪ .‬قــال هرقــل أفأشــراف النــاس اتبعــوه أم ضعفاؤهــم؟ قــال أبــو ســفيلن‪ :‬بــل ضعفاؤهــم‪.‬‬ ‫ق�اـل هرق�لـ‪ :‬أيزيدــون أم ينقص�وـن؟ قاــل أبوــ سفــيان‪ :‬ب�لـ يزيدــون‪ .‬قــال هرقــل‪ :‬فهــل يرتــد أحــد منهــم ســخطة لدينــه بعــد‬ ‫أن يدخــل فيــه؟ قــال أبــو ســفيان‪ :‬ال‪ ،‬ال يرتــد منهــم أحــد‪ .‬قــال هرقــل‪ :‬فهــل كنتــم تتهمونــه بالكــذب قبــل أن يقــول مــا قــال؟‬ ‫قــال أبــو ســفيان‪ :‬ال‪ .‬قــال هرقــل‪ :‬فهــل يغــدر؟ قــال أبــو ســفيان‪ :‬ال ‪.‬‬ ‫وفيما بعد علق أبو سفيان‪ :‬فوهللا‪ ،‬لوال الحياء من صحبي أن يقولوا كذب لكذبته حين سألني عنه‪،‬‬ ‫ــ ‪ 5‬ــ‬ ‫لقــد كان للكلمــة عنــد العربــي تأثيــر قــوي علــى ســامعها‪ ،‬وال يبعــد عــن ذهننــا قــول األخطــل التغلبــي‪« :‬والقــو ُل ينفـذُ مــا‬ ‫ـر»‪ ،‬وكان األخطــل التغلبــي قــد هجــا األنصــار»األوس والخــزرج» هجــاء جارحـاً‪ ،‬ومفضـاً عليهــم قريشـاً‪:‬‬ ‫تنفـذُ اإلبـ ُ‬ ‫النجار‬ ‫فدعوا المكار َم لست ُم من أهلها وخذوا مساحيَك ْم بني‬ ‫ِ‬ ‫قريش بالمكارم والعال واللؤم تحت عمائم األنصار‬ ‫ذهبت‬ ‫ٌ‬ ‫وحيــن ســمع األنصــار هــذا الهجــاء ذهــب وفــد منهــم إلــى دمشــق‪ ،‬ووضعــوا عمائمهــم أمــام معاويــة بــن أبــي ســفيان‪،‬‬ ‫وقالــوا لــه‪ :‬أنظــر هــل تــرى لؤمـا ً تحــت عمائمنــا؟ فأجــاب معاويــة‪ :‬ال وهللا‪ ،‬ال أرى إال الفضــل والكرامــة‪ ،‬فقالــوا لــه مــا‬ ‫قــال األخطــل‪ ،‬وكاد يقطــع لســان األخطــل لــوال بعــض التدخــات‪ .‬وقــد ســجن عمــر بــن الخطــاب الشــاعر الحطيئــة‪ ،‬ألن‬ ‫الحطيئــة هجــا الزبرقــان بــن بــدر زعيــم تميــم بقصيــدة يقــول فيهــا‪:‬‬ ‫دع المكار َم ال ترح ْل لبغيتها واقع ْد فإنك أنت الطاعم الكاسي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجــاء الزبرقــان يشــكو الحطيئــة إلــى عمــر‪ ،‬ولمــا كانــت الكلمــات تثيــر فتنـا وحروبـا فلــم يكــن أمــام عمــر إال أن يســجن‬ ‫الحطيئــة‪ ،‬وكان الحطيئــة ذا عيــال وأطفــال وكان مولعـا ً بهــم‪ ،‬فأرســل لعمــر شــعرا ً شــجيا ً مؤثــراً‪ ،‬يقــول فيــه‪:‬‬ ‫شجر‬ ‫ب الحواصل ال ماءق وال‬ ‫ماذا تقول ألفـراخٍ بذي َ‬ ‫مرخٍ زغ ِ‬ ‫ُ‬ ‫عمــــر‬ ‫فاغفر عليك سال ُم هللا يا‬ ‫ألقيتَ كاسبه ْم في قعر مظلم ٍة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫لقــد بكــى عمــر حيــن ســمع هــذا الشــعر المؤثــر‪ ،‬وأخــرج الحطيئــة مــن الســجن واشــترى منــه أعــراض المســلمين بأربعيــن‬ ‫ألــف درهــم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ـرهم شــاعرهم باســتبدال دم قتالهــم بديــات مــن خصومهــم‪ ،‬فقــال قولـة ذهبــت ذمـا لهــم‬ ‫وقــد ثــارت ثائــرة قبيلــة عندمــا عيـّـ َ‬ ‫بيــن العــرب‪:‬‬ ‫غير أن اللون ليس بأحمرا‬ ‫أال إن ما أصبحت ُم تشربونه‬ ‫د ٌم َ‬ ‫ــ ‪ 6‬ــ‬ ‫وإذا كانــت الكلمــة تثيــر حرب ـا ً عنــد العــرب فقــد كانــت مدفــأة لهــم يتدفــأون بقــوة تأثيرهــا الروحــي فــي الليالــي الشــديدة‬ ‫البــرد‪ ،‬وكانــت بالغــة الكلمــة آســرو عنــد العربــي‪ ،‬بــل كانــت تعيــد صنــع اإلنســان صنــاة أوعــى وأنقــى‪ ،‬فقــد أســلم عمــر‬ ‫بــن الخطــاب حيــن ســمع ســورة «طــه» «طــه‪ .‬مــا أنزلنــا عليــك القــرآن لتشــقى»‪ ،‬لقــد كان عمــر بطاشـا ً فــي الجاهليــة‪،‬‬ ‫وحيــن غيـّــره اإلســام أصبــح إنســانا ً آخــر‪ ،‬لقــد بكــى لشــعر الحطيئــة الــذي شـبّه أبنــاءه بـــ «زغــب الحواصــل ال مــاء وال‬ ‫ش��جر»‪ ،‬ونق��رأ ف��ي خطب��ة أب��ي حم��زة الخارج��ي وه��و يص��ف تأثي��ر اآلي��ات ف��ي «ال ُ‬ ‫ـر أحدهــم بآيــة فيهــا‬ ‫ٌ‬ ‫ش��راة»‪“ :‬إذا مـ َّ‬ ‫ً‬ ‫ـر بآيــة فيهــا ذكــر النــار شــهق شــهقة كأن زفيــر جهنــم فــي أذنيــه» إن الكلمــة التــي‬ ‫ذكــر الجنــة بكــى شــوقا ً إليهــا‪ ،‬وإذا مـ ّ‬ ‫تجلبــك للحــال هــي بــا شــك ســاح أتقنــت النفســية العربيــة اســتخدامه لإلثــارة ببعديْهــا الســلبي واإليجابــي‪ ،‬واعتبــر العــرب‬ ‫أن كمــال النفــس البشــرية عندهــم مقتــرن باألصغر ْيــن‪ ،‬يقــول زهيــر بــن أبــي ســلمى فــي معلقتــه‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ب زيادته أو نقصه في التكلم‬ ‫وكائن ترى من صام ٍ‬ ‫معج ٍ‬ ‫ت لك ِ‬ ‫والدم‬ ‫فلم يبقَ إال صورةُ اللحم‬ ‫نصف ونصف لسانه‬ ‫لسان الفتى‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫فاإلنســان العربــي فــي نظــر اآلخريــن بأصغر ْيــه‪ ،‬قل ِبـ ِه ولســان ِه‪ .‬وكانــت الكلمــة عنــد العربــي تمرضــه أو تشــفيه لكثافتهــا‬ ‫ـدم»‬ ‫حضورهــا فــي داخلــه‪ ،‬لقــد كان عنتــرة بــن شــداد يــزداد قــوة ً كلمــا قــال لــه الفــوارس «أقـ ِ‬ ‫أقدم‬ ‫ويك‬ ‫ولقد شفى نفسي وأبرأ سق َمها قي ُل الفوارس‪َ :‬‬ ‫عنتر ِ‬ ‫َ‬


‫أي “العلــم الــذي يــدرس عالقــة الكائنــات الحيــة بالوســط الــذي تعيــش فيــه”(‪.)2‬‬ ‫إالّ أن كلمــة “اإليكولوجيــا” تشــرك مــع السياســة‪ ،‬بأنّهــا يتّصفــان بالعلميــة‪ ،‬فــإذا كانــت السياســة هــي علــم أو فــ ّن إدارة وتنظيــم‬ ‫املجتمــع‪ ،‬أي تنظيــم عالقــة اإلنســان باإلنســان‪ ،‬وعالقــة اإلنســان بالطبيعــة‪ ،‬فــإن “اإليكولوجيــا” تعنــي “علــم إدارة شــؤون البيئــة”‪ ،‬أي العلــم‬ ‫الــذي يــدرس القوانــن الطبيعيــة التــي تنظــم الوجــود‪ ،‬والتــي تحــ ِّدد العالقــات بــن الكائنــات الحيــة واملحيــط الطبيعــي املناســب لعيشــها‬ ‫بأفضــل الــروط”(‪.)3‬‬ ‫لقــد أطلــق العلــاء العديــد مــن التعريفــات لعلــم البيئــة‪ ،‬وأجمعــت هــذه التعريفــات أ ّن “علــم البيئــة يعتــر مــن أحــدث العلــوم‬ ‫التــي تتنــاول العالقــة بــن اإلنســان ومحيطــه الطبيعــي”‪ .‬ومــن خــال هــذا العلــم الحديــث ت ـ َّم دراســة التــوازن بــن األنــواع الحيــة يف الطبيعــة‪،‬‬ ‫التوصــل إىل توافقــات‬ ‫وتلــك النباتيــة وأحيانًــا املعدنيــة‪ ،‬والتع ّمــق يف التناقضــات التــي شــهدها هــذا العلــم عــى مــ ّر الزمــن‪ ،‬وإمكانيــات ّ‬ ‫عــر اســتمرارية علــم البيئــة وتطويــره عــى الــدوام‪ ،‬والرتكيــز عــى أهميتــه يو ًمــا بعــد آخــر‪ ،‬ليشــكّل الجــذر العلمــي الــذي مــن خاللــه نضــع‬ ‫السياســات البيئيــة‪ ،‬وتتمكــن الجهــات الرســميّة وغــر الرســميّة مــن وضــع تصــورات وتقديــم اقرتاحــات عمليــة للتصــدي لحــاالت التل ـ ّوث التــي‬ ‫تتعــرض لهــا البيئــة‪ ،‬وإيجــاد حلــول ملعالجــة التلــوث ومكافحــة كل أشــكال النفايــات املســببة لــه‪.‬‬ ‫وإذا كان علــم البيئــة “قــد اهتــم بدراســة الكائنــات الحيــة وطــرق تغذيتهــا ومعيشــتها‪ ،‬وبالتــايل تنميتهــا‪ ،‬وتحديــد أماكــن تواجدهــا يف‬ ‫مجتمعــات أو تجمعــات ســكنية‪ ،‬فــإن هــذا العلــم يضمــن أيضً ــا دراســة العوامــل غــر الحيــة مثــل‪ :‬املنــاخ بــكل خصائصــه (الح ـرارة ‪ -‬الرطوبــة‬ ‫– الضــوء – اإلشــعاعات املختلفــة – غــازات امليــاه والهــواء)‪ .‬وكذلــك الخصائــص الفيزيائيــة والكيميائيــة لــأرض واملــاء (مســألة الحموضــة‬ ‫– املقاومــة النوعيــة – نســبة األيونــات – املــواد الصمغيــة – الرتكيــب الفيزيــايئ للرتبــة والرتســبات)‪ ،‬باإلضافــة إىل مجموعــة عوامــل فيزيائيــة‬ ‫وميكانيكيــة مرتبطــة بوضعيــة كوكــب األرض‪ ،‬وخاصــة الجاذبيــة)(‪.)4‬‬ ‫أمــا العوامــل الحيات ّيــة‪ ،‬فتتألّــف مــن مجموعــة مــن الكائنــات الحيــة املوجــودة يف الوســط‪ ،‬إذ لــكل فــرد عالقــة مــا بأف ـراد نوعــه الذيــن‬ ‫يعيــش معهــم ويختلــط بهــم ويتأثــر بــكل مــا يتعرضــون لــه مــن ســلبيات وإيجابيــات الطبيعــة‪ ،‬كــا يتواصــل مــع أنــواع مختلفــة مــن الكائنــات‬ ‫قســا منهــا أثنــاء بحثــه عــن‬ ‫الحيــة التــي تعيــش يف محيطــه الجغــرايف‪ ،‬قــد يألــف البعــض وقــد يفــرس البعــض اآلخــر‪ ،‬ويزاحــم ويصــارع‬ ‫ً‬ ‫الطعــام والــراب والســكن‪.‬‬ ‫مــن خــال ذلــك‪ ،‬يتّضــح لنــا أ ّن علــم البيئــة يتّســع ويتشــ ّعب باســتعامل التقنيــات الحديثــة‪ ،‬وتع ّمقــت الدراســات لتطويــر تلــك‬ ‫التقنيــات والتغلّــب عــى العوائــق املختلفــة أمامهــا‪ ،‬مــا جعــل علــم البيئــة متج ـ ّذ ًرا يف علــم العــادات والفيزيولوجيــا وعلــم التغ ـرات والظواهــر‬ ‫الجويــة‪ ،‬وعلــم املنــاخ‪ ،‬واملحيطــات والبحــار‪ ،‬وعلــم الحيــاة والدميغرافيــا‪ ،‬وعلــوم الكيميــاء الحياتيــة والكيميــاء العضويــة‪ ،‬والعلــوم كافــة‬ ‫التــي تالمــس الطبيعــة والحيــاة بشــكل عــام(‪.)5‬‬ ‫ومــن خــال هــذا التشــابك بــن علــم البيئــة ومختلــف العلــوم األخــرى‪ ،‬ولكــون الطبيعــةـ‪ ،‬وثرواتهــا الهائلــة‪ ،‬ليســت مل ـكًا لفئــة مح ـ َّددة‬ ‫مــن الكائنــات الحيــة‪ ،‬وأنهــا تُــورث مــن جيــل إىل آخــر‪ ،‬فــإن املطلــوب املحافظــة عليهــا وجعلهــا نظيفــة خاليــة مــن كل تلــوث‪ ،‬ومــن الــرورة‬ ‫التصــ ّدي لــأرضار التــي تســبب هالكهــا‪ ،‬واســتنفادها‪ ،‬مــا يســاهم بالتــايل يف هــاك الكائنــات الحيــة‪ ،‬ويتطلّــب عــدم اإلرساف يف اســتخدام‬ ‫مواردهــا األوليــة‪ ،‬أو هــدم تلــك املــوارد‪ ،‬والحفــاظ عــى اســتمراريتها وتنميتهــا عــى الــدوام‪.‬‬ ‫ـكل جوانبهــا‪ ،‬مــا يســاهم يف تنظيــم عالقــة‬ ‫مــن هنــا‪ ،‬فــإن أي سياســة بيئيــة‪ ،‬يجــب أن تأخــذ بعــن االعتبــار قضايــا وشــؤون البيئــة بـ ّ‬ ‫اإلنســان بالطبيعــة‪ ،‬وأن تتشــ ّدد تلــك السياســات يف عمليــات املراقبــة واملتابعــة لحركــة اإلنســان اليوميــة وكيفيــة تعاطيــه مــع الطبيعــة‪ ،‬وقــد‬ ‫وضعــت القوانــن واآلليــات لتنظيــم هــذه األمــور يف مختلــف دول العــامل‪ ،‬كــا أعــدت البحــوث وال ّدراســات لتصحيــح السياســات التــي أخفقــت‬ ‫يف تنظيــم العالقــة بــن اإلنســان والطبيعــة‪ ،‬وإدارة هــذه العالقــة مبــا يحقّــق الهدفــن‪ :‬الحفــاظ عــى الطبيعــة وعــدم تلوثهــا أو العبــث‬ ‫كل وســائل الراحــة والنمــو لــه‪.‬‬ ‫مبواردهــا‪ ،‬وخدمــة اإلنســان وتوفــر ّ‬ ‫“السياســة البيئيــة إذًا‪ ،‬هــي يشء جديــد‪ ،‬مختلــف عــن السياســات التقليديــة كافــة التــي أ ّدت إىل اختــاالت خطــرة يف التــوازن الطبيعــي‪،‬‬ ‫وأصبحــت تهــدد نوعيــة الحيــاة ودميومتهــا”(‪ .)6‬وكل ذلــك جــاء نتيجــة تدخــل اإلنســان بالطبيعــة‪ ،‬مــن خــال نشــاطه وعلمــه ونظامــه الســيايس‬ ‫واالقتصــادي واإلنتاجــي واالســتهاليك واالجتامعــي والثقــايف‪ .‬وعــى هــذا األســاس‪ ،‬فــإن “السياســات البيئيــة” تُدخــل علــم البيئــة بالسياســة‪،‬‬ ‫وتتدخــل يف االقتصــاد والترشيــع والرتبيــة والثقافــة‪ ،‬ويف كل األمنــاط الحضاريــة التــي نعيشــها‪.‬‬ ‫التخلّف والتنمية وعلم البيئة‪:‬‬ ‫يشــكل التخلّــف أكــر وأوســع عائــق أمــام التقــدم والتّنميــة والتطــور ومعالجــة األزمــات والكــوارث وكل مــا يهــ ِّدد حيــاة اإلنســان يف‬ ‫رصاعاتــه الدامئــة‪.‬‬ ‫ ‪2‬‬ ‫‪ 3‬‬ ‫‪ 4‬‬ ‫‪ 5‬‬ ‫‪ 6‬‬

‫() أسد غندور‪ ،‬البيئة واملجتمع‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫() حبيب معلوف – مجلة منرب البيئة‪ ،‬عدد ‪ ،12‬كانون األول ‪.1998‬‬ ‫() دائرة املعارف – يونيفرسال‪.‬‬ ‫() د‪.‬أحمد رشيد‪ ،‬كتاب علم البيئة – الصادر عن معهد اإلمناء العريب‪.‬‬ ‫() حبيب معلوف – مصدر سابق‪.‬‬


‫التلوث والبيئة – مقاربات‬ ‫فاطمة سوبرة‬

‫ ‬

‫رئيســا مــن أبعــاد‬ ‫تع ـ ّد قضيــة حاميــة البيئــة واملحافظــة عليهــا مــن مختلــف أنــواع التلــوث واحــدة مــن أهــم قضايــا العــر‪ ،‬وبع ـ ًدا ً‬ ‫التح ّديــات التــي تواجههــا الــدول الناميــة‪ ،‬خاصــة يف مجــاالت التخطيــط للتنميــة الشــاملة املســتدامة‪ ،‬ووفقًــا للتجــارب التــي خاضتهــا الــدول‬ ‫املتقدمــة‪ ،‬واإلنجــازات التــي حقّقتهــا‪ ،‬وال تــزال‪ ،‬قبــل أن تقــي تراكــات التلــوث‪ ،‬مبختلــف أنواعــه وأشــكاله‪ ،‬الناتجــة عــن املشــكالت البيئيــة‬ ‫املعقــ َّدة‪ ،‬عــى إمكانيــة العــاج الناجــح‪.‬‬ ‫مــن املتعــارف عليــه علم ًّيــا‪ ،‬أن األرض ومــن عليهــا‪ ،‬ومــا يف باطنهــا‪ ،‬والســاء التــي تغطّيهــا‪ ،‬تك ّونــت يف تــوازن دقيــق وكامــل‪ ،‬تحكمــه‬ ‫نظــم بيئيــة‪ ،‬طبيع ّيــة مــن جهــة‪ ،‬وإراديّــة مــن جهــة أخــرى‪ ،‬ت ُســر الحيــاة يف هــذا الكوكــب‪ .‬إالّ أن اإلنســان‪ ،‬بطبيعــة تكوينــه‪ ،‬وحاجاتــه املتج ـ ّددة‪،‬‬ ‫وتراكــم مشــاكله وتطلّعاتــه وميولــه‪ ،‬ويف بحثــه الدائــم عــن وســائل آليــات تســاعده عــى الحيــاة‪ ،‬أســاء‪ ،‬بوعــي ودون وعــي‪ ،‬لهــذه املنظومــة‪،‬‬ ‫باســتخدامه الجائــر للمــوارد املتاحــة‪ ،‬مــن دون النظــر إىل الحــدود املتوفــرة لهــذه املــوارد وكيفيــة تطويــر اســتخدامها‪ ،‬وال لآلثــار الســلبيّة التــي‬ ‫ســوف ترتت ّــب عــن تراكــم مخلّفــات اســتخدامه لتلــك املــوارد وتأثريهــا يف هــذا االتــزان البيئــي‪ ،‬وقــد أشــار القــرآن الكريــم إىل مشــكلة التلــوث‬ ‫ــض ٱل ِ‬ ‫ْــر َوٱلْ َب ْحــ ِر بِ َــا ك َ​َســ َب ْت أَيْ ِ‬ ‫ــدي ٱل َّن ِ‬ ‫َّــذي َع ِملُــوا‬ ‫ــاس لِ ُي ِذي َق ُهــم بَ ْع َ‬ ‫بأنهـ�ا نتيجـ�ة ملـ�ا تصنعـ�ه يـ�د اإلنسـ�ان‪ ،‬فقـ�ال تعـ�اىل‪﴿ :‬ظ َهــ َر ٱلْف َ​َســا ُد ِف ٱل َ ِّ‬ ‫لَ َعلَّ ُهــ ْم يَ ْر ِج ُعــونَ﴾(‪.)1‬‬ ‫وإذا كانــت البلــدان املتق ّدمــة‪ ،‬يف معظــم أنحــاء املعمــورة‪ ،‬اســتطاعت‪ ،‬بنســب متفاوتــة‪ ،‬مواجهــة بعــض آثــار التلــوث البيئــي‪،‬‬ ‫ووضعــت الحلــول املناســبة لهــا‪ ،‬إالّ أنّهــا يف العديــد مــن املياديــن‪ ،‬ال ت ـزال عاجــزة عــن إيجــاد الحلــول العلميّــة ملكافحــة بعــض أنــواع التلــوث‪.‬‬ ‫أمــا البلــدان الناميــة‪ ،‬املتخلّفــة‪ ،‬فــا ت ـزال تعــاين الكثــر مــن ويــات التلــوث وآثــاره الســلبية‪ ،‬وعاجــزة‪ ،‬حتــى اليــوم‪ ،‬عــن التعاطــي بشــكل إيجــايب‬ ‫مــع هــذه املعضلــة الكارثيــة‪.‬‬ ‫السياسة البيئية‪:‬‬ ‫قبــل التطــ ّرق إىل موضــوع السياســات البيئيــة‪ ،‬يف شــؤونها وشــجونها‪ ،‬يف وجودهــا وعــدم وجودهــا‪ ،‬ال بــد مــن البحــث يف معنــى‬ ‫«السياســة البيئيــة»‪ ،‬أي البحــث يف تحديــد املفاهيــم ومتييزهــا‪.‬‬ ‫خالفًــا لالعتقــاد الســائد الــذي يفهــم «السياســة البيئيــة» باعتبارهــا مجــرد «إدارة الشــؤون البيئيــة»‪ ،‬أو مجــرد تدخــل السياســة يف‬ ‫شــؤون البيئــة‪ ،‬فــإن «السياســة البيئيــة» هــي يف تدخــل البيئــة (بقضاياهــا ومعطياتهــا العلميــة) بشــؤون السياســة‪.‬‬ ‫عــامل الحيــاة األملــاين‪ ،‬آرنســت هيــكل‪ ،‬الــذي يعتــر أحــد أكــر املدافعــن عــن مذهــب التحــ َّول‪ ،‬ويعتــر األنــواع الحيــة غــر ثابتــة‬ ‫وهــي يف حالــة تطــور مســتمر‪ ،‬ح ـ َّدد أن كلمــة ”‪ “Ecologie‬مشــتقة مــن كلمتــن يونانيتــن‪ “Oikos” :‬وتعنــي الســكان‪ ،‬و”‪ “Logos‬وتعنــي العلــم‪،‬‬ ‫‪ 1‬‬

‫() الروم‪41 :‬‬


‫وبــكل أشــكال التضامــن الرخــوة‪ ،‬واالنطــاق إىل‬ ‫ّ‬ ‫القــرارات واملواقــف الجريئــة التــي تشــكّك بالســلوكيات القدميــة والســلبيّة والجمــود القديــم‬ ‫(‪)8‬‬ ‫رســم سياســات تحديثيــة‪ ،‬واعيــة‪ ،‬متّزنــة‪ ،‬متقدمــة‪ ،‬واندمــاج مجتمعــي متــن‪ ،‬وبالتــايل تالحــم وطنــي وقومــي ‪.‬‬ ‫وال ميكن تصور إحداث تنمية حقيقية إالّ يف إطار تجمعات برشية كبرية‪ ،‬متعلّمة‪ ،‬راقية‪ ،‬ترفعت عن ذاتياتها‪ ،‬عقالنية وعرصيّة‪.‬‬ ‫هــذا مــا أدركتــه شــعوب البلــدان املتق ّدمــة‪ ،‬منــذ عــر التنويــر يف أواخــر القــرن الثامــن عــر وبدايــة القــرن التاســع عــر‪ ،‬وانطــاق‬ ‫كل‬ ‫التصنيــع‪ ،‬وإيجــاد حلــول لــكل املشــكالت والباليــا التــي كانــت تتخبــط بهــا‪ ،‬وعــى رأســها كيفيــة التامهــي مــع الطبيعــة ومواردهــا‪ ،‬وتجــاوز ّ‬ ‫وســائل هــدر املــوارد الطبيعيّــة والعبثيــة يف أســاليب اســتخدامها‪ ،‬وتخريبهــا‪ ،‬وكل مــا يســاهم بتلــوث الطبيعــة ويعمــل عــى إفنــاء مــا تختزنــه‬ ‫مــن ثــروات عظيمــة ورضوريــة‪ ،‬وهــذا مــا يجــب أن تدركــه شــعوب وبلــدان العــامل الثالــث‪.‬‬ ‫قليــا‪ ،‬مل يكــن اســتعامل األنهــار لترصيــف الفضــات ذات أهميــة‬ ‫وعــى ســبيل املثــال‪ ،‬ميكننــا القــول إنــه عندمــا كان عــدد الســكان ً‬ ‫كبــرة‪ ،‬ومــع الزمــن‪ ،‬ومــن خــال حلــول الصناعــة‪ ،‬راح اإلنســان يســتخدم بالصناعــة القــوة الجاذبيــة واالنحــدار الطبيعــي لترصيــف الفضــات‬ ‫الصناعيــة يف مجــاري األنهــار‪ ،‬وكانــت نتيجــة ذلــك ســيئة ج ـ ًّدا‪ ،‬وألحقــت الــرر باألنهــار وبالبيئــة‪ ،‬وباملــوارد الطبيعيــة عــى حــد ســواء‪ .‬كــا أن‬ ‫تخريــب األرايض عــر الجــرف املتزايــد للرتبــة بهــدف تحويــل الصخــور املكتنــزة يف الجبــال إىل حــى ومــواد بنــاء وغــر ذلــك‪ ،‬وتحويــل الجبــال‬ ‫إىل أوديــة ســحيقة‪ ،‬شــكل كارثــة بالنســبة للنظــم البيئيــة وللمــوارد الطبيعيــة‪.‬‬ ‫مــن هنــا ميكننــا القــول‪ ،‬إ ّن اإلنســان غــر املمنهــج‪ ،‬الــذي افتقــد الكثــر مــن العالقــات العقالن ّيــة بتعاطيــه مــع املــوارد الطبيعيــة‪،‬‬ ‫الســلبي مــع البيئــة وزيــادة مكونــات التلــوث‬ ‫يتوصــل إىل امتــاك وســائل حديثــة وعلم ّيــة تحــول دون نــدرة املــوارد الطبيعيــة‪ ،‬وبتعاطيــه‬ ‫ومل ّ‬ ‫ّ‬ ‫بشــتى أوجههــا‪ ،‬هــذا اإلنســان هــو املســؤول بالدرجــة األوىل عــن التلــوث والعمــل عــى الحــد مــن آثــاره الســلبيّة عــر سياســات بيئيــة متناميــة‬ ‫ومتطــورة‪.‬‬ ‫مصادر التلوث‪ ،‬اقرتاح حلول‪:‬‬ ‫لســنا مبعــرض إج ـراء دراســة تاريخ ّيــة تلقــي الضــوء عــى كيفيــة تخريــب الطبيعــة بفعــل “الحضــارات املزيفــة”‪ ،‬إالّ أننــا ميكننــا القــول‬ ‫إن قضيــة حاميــة البيئــة واملحافظــة عــى مواردهــا‪ ،‬ومواجهــة التلــوث مبختلــف أنواعــه هــي مــن أهــم القضايــا التــي تواجــه العــر‪ .‬وميكننــا‬ ‫أن نح ـ ِّدد أهــم أنــواع ومصــادر التلــوث التــي يفــرض العمــل إليجــاد حلــول لهــا والتخلــص مــن آفاتهــا‪ ،‬هــي عــى ســبيل املثــال وليــس الحــر‪:‬‬ ‫ ‪-‬تلوث الهواء‪.‬‬ ‫ ‪-‬تلوث املياه‪.‬‬ ‫ ‪-‬التلوث باملخلفات الصلبة‪.‬‬ ‫ ‪-‬التلوث باملعادن الثقيلة‪.‬‬ ‫ ‪-‬التلوث اإلشعاعي‪.‬‬ ‫ ‪-‬التلوث الحراري‪.‬‬ ‫ ‪-‬التلوث الكيميايئ‪.‬‬ ‫ ‪-‬التلوث الضوضايئ‪.‬‬ ‫ ‪-‬األمطار الحمضية والضباب الحميض‪.‬‬ ‫ولــكل نــوع مــن هــذه األنــواع أســبابه ومصــادره‪ ،‬وقــد متكنــت العديــد مــن الــدول الحــد مــن آثارهــا الســلبية‪ ،‬وغرقــت دول أخــرى يف كوارثهــا‪،‬‬ ‫وعجــزت حتــى اآلن عــن التوصــل إىل حلــول علميــة للحــد مــن آثارهــا‪ .‬وأكــر الــدول معانــاة مــن التلــوث وآثــاره الســلبية هــي دول العــامل الثالــث‬ ‫أو مــا يطلــق عليهــا “الــدول املتخلّفــة”‪.‬‬ ‫ويف لبنــان‪ ،‬تــزداد مــن يــوم إىل آخــر مشــاكل التلــوث‪ ،‬بعوامــل ذاتيــة إراديــة وغــر إراديــة‪ ،‬ونتيجــة عوامــل خارجيــة جــراء الحــروب‬ ‫والتقنيــات اإلشــعاع ّية التــي اســتخدمت يف هــذه الحــروب‪ .‬إالّ أ ّن أه ـ ّم مصــادر التل ـ ّوث‪ ،‬والتــي تظهــر للعيــان وعــى شــكل مكشــوف هــو النفايــات‬ ‫ومخلّفــات املــواد الصلبــة‪ ،‬مــا لــ ّوث الهــواء وامليــاه والطبيعــة والشــوارع والرتبــة‪ ،‬والحدائــق والغابــات وكل جميــل يف الطبيعــة‪.‬‬ ‫إ ّن معالجــة التلــ ّوث يتطلّــب العديــد مــن الدراســات والخطــط والربامــج والسياســات البيئيــة والقوانــن الالزمــة لحاميــة الطبيعــة‬ ‫ومحاســبة املســؤول عــن هــذا التل ـ ّوث‪ .‬وعــى الرغــم مــن الجهــود التــي بذلــت وال ت ـزال‪ ،‬عــى املســتويني الرســمي واألهــي‪ ،‬إالّ أن مشــكلة التلــوث‬ ‫وتراكــم النفايــات يو ًمــا بعــد آخــر‪ ،‬يزيــد مــن صعوبــة إيجــاد حلــول علم ّيــة لهــا‪ ،‬ويتطلّــب أحيانًــا قــرارات حاســمة وجريئــة وقاســية‪ ،‬وثقافــة‬ ‫وصــول إىل اإلدارات واملؤسســات واملصانــع واملحــات التجاريّــة واملستشــفيات والدوائــر‬ ‫ً‬ ‫بيئ ّيــة واعيــة تبــدأ مــن البيــت واملدرســة واملجتمــع‬ ‫الصحيّــة وكل مــا ميــت بصلــة إىل حيــاة اإلنســان‪.‬‬ ‫وقــد عقــدت عــرات اللقــاءات والنــدوات وألقيــت مئــات املحــارضات حــول هــذه اإلشــكاليّة املتفاقمــة‪ ،‬كــا نظ ّمــت املؤمتــرات‬ ‫عــى مــدى أيــام لعــرض املشــاكل البيئيــة ومصادرهــا وكيفيــة معالجتهــا‪ ،‬وكان مؤمتــر “البيئــة واملجتمــع” الــذي عقدتــه “هيئــة تكريــم العطــاء‬ ‫املميــز” يف محافظــة النبطيــة يف كانــون الثــاين مــن العــام الفائــت‪ ،‬عــى مــدى يومــن‪ ،‬وشــارك فيــه نخبــة مــن الباحثــن والعلــاء واألســاتذة‪ ،‬مــن‬ ‫أهــم املؤمتــرات وأحدثهــا‪ ،‬ونــرت الدراســات يف كتــاب ضخــم‪ ،‬ميكــن اعتبــاره مــن أهــم املصــادر التــي ميكــن االســتعانة بهــا للوقــوف عــى‬ ‫حالــة التلــوث ومصادرهــا وطــرق وأســاليب الحــد منهــا‪“ .‬كتــاب البيئــة واملجتمــع” – مقاربــات علميــة‪.‬‬ ‫‪ 8‬‬

‫() الالعقالنية يف السياسة‪ ،‬من كتابات الراحل ياسني الحافظ‪ ،‬كاتب ومفكر سوري‪.‬‬


‫إن التخلّــف مشــكلة سياســية وثقافيــة باألســاس‪ ،‬وال ميكــن مواجهتهــا والتغلّــب عليهــا إالّ عــر متغــرات عميقــة وجذريّــة يف البنــى‬ ‫االجتامعيــة والعقليــة واالقتصاديــة‪ ،‬واألطــر الفكريــة والثقافيــة املتعــددة الجوانــب‪ .‬إنّــه مــن أكــر مشــاكل العــر أهميــة وخطــورة يف آن واحــد‪.‬‬ ‫والتوصــل إىل سياســات‬ ‫ولــي تتم ّكــن الشــعوب مــن مواجهــة حالــة التخلّــف والتغلّــب عليهــا‪ ،‬يتطلّــب املزيــد مــن الوعــي والتامســك والوحــدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حديثــة وعلميــة عــى الصعــد املجتمع ّيــة واالقتصاديّــة والثقاف ّيــة والصح ّيــة والعمران ّيــة والبيئ ّيــة‪ .‬فإمــا أن تتمكــن الشــعوب “املتأخــرة” قهــر‬ ‫حالــة البــؤس التــي تــرزخ تحــت وطأتهــا‪ ،‬وإمــا أن تغــرق أكــر فأكــر يف الفــوىض والتخبــط والتســيب والضيــاع واالنهــزام أمــام قــوى جبابــرة‬ ‫اســتطاعت‪ ،‬بقدراتهــا وسياســاتها العدوانيّــة‪ ،‬أن تفــرض ســيطرتها عــى الــدول املتخلّفــة والتحكّــم بهــا‪ ،‬وأن تنهــب ثرواتهــا وخرياتهــا‪ ،‬وتعطــل أو‬ ‫تقــي عــى مبدعيهــا‪ ،‬وتغ ّيــب دورهــم يف عمليــة التنميــة والتقــ ّدم‪ ،‬واإلرصار عــى إغــراق الشــعوب الضعيفــة املقهــورة يف حالــة مــن التخلّــف‬ ‫والتأ ّخــر والتناحــر‪ ،‬وإبقاءهــا رهينــة لهــم إىل أطــول مــدة زمنيــة‪.‬‬ ‫إن التنميــة‪ ،‬مبفهومهــا الواســع والشــامل‪ ،‬تتطلّــب مبــادرات خالّقــة مــن قبــل املفكريــن املتنوريــن وقــوى ورجــاالت الحكــم املتعاقبــة‪،‬‬ ‫والتوصــل إىل صياغــة مرشوعــات علميــة وجذريّــة‪ ،‬مرتكــزة عــى وحــدة املجتمــع والدولــة‪ ،‬ومتاســك ووعــي وثقــة بالنفــس وامتــاك القــوة‪ ،‬مــا‬ ‫أول‪ ،‬وبالتــايل االنطــاق لتوجهــات ومامرســات وبرامــج تحــد مــن آثــاره التدمرييــة‪ ،‬وتتيــح إنشــاء‬ ‫يســاهم يف كــر إطــارات التخلــف‪ ،‬وتجميــده ً‬ ‫(‪)7‬‬ ‫شــبكات تنمويــة حديثــة متجــددة ومتطــورة عــى الــدوام ‪.‬‬ ‫ونحــن يف عاملنــا العــريب‪ ،‬ويف نضالنــا ضــد التأخــر والتخلّــف والســعي نحــو التنميــة ومواكبــة العــر‪ ،‬نواجــه عــدة عقبــات‪ ،‬يقــع يف‬ ‫أولويتهــا‪ :‬التجزئــة واالنقســامات العاموديــة‪ ،‬والتقوقــع يف بنــى اجتامعيــة ضيقــة األفــق‪ ،‬متصارعــة عــى الــدوام‪ ،‬وغيــاب االنتــاء الوطنــي وكســب‬ ‫صفــة املواطنيــة‪.‬‬

‫فلــي تكــون هنــاك تنميــة‪ ،‬ال بــد مــن شــعب‪ .‬ولــي يكــون هــذا الشــعب فاعـ ًـا‪ ،‬ينبغــي أن يتوفــر لــه اندمــاج قومــي‪ ،‬وتالحــم قومــي‪،‬‬ ‫ال أن يغــرق يف قوقعــات محصــورة مخصيــة‪ ،‬ضعيفــة القــدرات‪ ،‬متناحــرة فيــا بينهــا‪ ،‬ثــم يدافــع عنهــا‪ .‬فــا تنميــة حقيقيــة بــدون تالحــم‬ ‫قومــي‪ ،‬والتالحــم القومــي يتطلّــب قيــادات مرتبطــة بشــعوبها‪ ،‬متتلــك فكــ ًرا عقالن ًيــا متنــو ًرا ومتجــاوزة كل األطــر التقليديــة الرثــة‪ ،‬قيــادات‬ ‫سياس ـيّة وفكريّــة وعلميّــة قــادرة عــى كســب ثقــة شــعوبها بهــا‪ ،‬ودفــع هــذه الشــعوب إىل االرتقــاء‪ ،‬باســم املصلحــة القوميّــة العليــا‪ ،‬إىل ات ّخــاذ‬ ‫‪ 7‬‬

‫() ج‪.‬م‪ .‬الربيت‪ ،‬كتاب التخلف والتنمية يف العامل الثالث‪ ،‬دار الحقيقة للطباعة والنرش‪ ،‬بريوت‪.1969 ،‬‬


‫ومن خالل الدراسات واألبحاث‪ ،‬أمكننا التوصل إىل الجدول التايل‪:‬‬ ‫نسبتها العامة‬ ‫‪42%‬‬ ‫‪27%‬‬ ‫‪9%‬‬ ‫‪5%‬‬ ‫‪2%‬‬ ‫‪3%‬‬ ‫‪2%‬‬ ‫‪10%‬‬

‫مصادرها‬

‫‪1‬‬‫‪2‬‬‫‪3‬‬‫‪4‬‬‫‪5‬‬‫‪6-‬‬

‫أنواع املخلفات الصلبة‬

‫‪1‬مخلفات املنازل‪.‬‬ ‫‪2‬مخلفات تجارية وشوارع‪.‬‬ ‫‪3‬مخلفات املباين‪.‬‬ ‫‪4‬مخلفات صناعية‪.‬‬ ‫‪5‬مخلفات مستشفيات ومؤسسات صحية‬ ‫‪6‬مخلفات زراعية‪.‬‬

‫القاممة املنزلية‪.‬‬ ‫األسواق والعمليات التجارية املختلفة‪.‬‬ ‫أعامل اإلنشاء والتعمري‪.‬‬ ‫األعامل واألنشطة الصناعية والورش‪.‬‬ ‫مجال الخدمات الطبية‪.‬‬ ‫األعامل الزراعية وطرق الري وجمع اإلنتاج‪.‬‬ ‫مواد متبقية يف محطات الرصف الصحي‪.‬‬ ‫ســيارات خــردة – حيوانــات تالفــة – مخلفــات مجــازر‬ ‫‪7 7‬مخلفات الرصف الصحي‪.‬‬‫وخالفــه‪.‬‬ ‫‪8 8-‬مختلف‪.‬‬

‫ومــن خــال هــذا الجــدول التقريبــي‪ ،‬ميكــن اإلشــارة إىل أن املخلفــات املنزليــة هــي مــن أضخــم املخلفــات‪ ،‬ومبــا أن مصادرهــا املنــازل‪ ،‬فــإن‬ ‫كل مــن األرسة‪ ،‬واملدرســة‪ ،‬واإلدارات املحل ّيــة‬ ‫معالجتهــا تبــدأ مــن املنــازل‪ ،‬أي مــن املصــدر نفســه‪ ،‬وهــذا العمــل يتطلــب جهــد وتضافــر ّ‬ ‫الرســمية أي البلديــات‪ ،‬والجمعيــات واألنديــة بشــتى تالوينهــا وأنواعهــا‪ ،‬وزارة البيئــة ووزارة الداخليــة والبلديــات ووزارة الزراعــة‪ ،‬والقوانــن البيئيــة‬ ‫وكيفيــة تطبيقهــا بشــكل موضوعــي بعي ـ ًدا عــن التدخــات مــن هنــا وهنــاك‪.‬‬ ‫املراجع‬ ‫القرآن الكريم‪1- .‬‬ ‫الربيت‪ ،‬ج‪.‬م‪ ،.‬التخلف والتنمية يف العامل الثالث‪ ،‬دار الحقيقة للطباعة والنرش‪ ،‬بريوت‪2- .9691 ،‬‬ ‫الحافظ‪ ،‬ياسني‪ ،‬الالعقالنية يف السياسة‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار الحصاد‪3- .‬‬ ‫رشيد‪ ،‬أحمد‪ ،‬علم البيئة‪ ،‬معهد اإلمناء العريب‪4- .‬‬ ‫دائرة املعارف – يونيفرسال‪5- .‬‬ ‫غندور‪ ،‬أسد‪ ،‬البيئة واملجتمع «مقاربات بيئيّة وعلميّة»‪ ،‬بريوت‪ ،‬منشورات رشاد برس‪ ،‬الطبعة األوىل‪6- .7102 ،‬‬ ‫معلوف‪ ،‬حبيب‪ ،‬مجلة منرب البيئة‪ ،‬عدد ‪ ،21‬كانون األول ‪7- .8991‬‬




‫حوار مع سليمة مليزي‬

‫سألتها‪ :‬خالدة بورجي‬

‫‪“ +‬وقت الجزائر”‪ :‬مبادرة جميلة قمت بها‪ ،‬كأديبة‪ ،‬بزيارة األطفال المرضى بمستشفى بني مسوس‪ ..‬حدثينا عن ذلك‪..‬‬ ‫‪ + +‬سليمة مليزي‪ :‬هذه المبادرة الجميلة دعتني إليها صفية زمام‪ ،‬رئيسة المنظمة الجزائرية لرعاية الطفل واألسرة‪ ،‬التي‬ ‫أحييها لجهودها في زرع البسمة على شفاه هؤالء األطفال‪ ،‬المحتاجين ألينا‪ ..‬لقد ذهبت لزيارة األطفال المرضى‪ ،‬وشعرت‬ ‫باألسف على حال مستشفى جامعي كمستشفى بني مسوس‪ ..‬حال يرثى لها على الرغم من رعاية الطاقم الطبي وسهره‬ ‫عليهم‪ ..‬كأنه مشفى من العهد االستعماري‪ ،‬من حيث نقص اإلمكانات‪ ..‬ال يمكن تصور فرح األطفال بتلك الهدايا التي‬ ‫قدمناها لهم‪.‬‬ ‫‪ +‬وزعت قصصا وكتبا على هؤالء األطفال‪ ،‬كيف كانت ردة فعلهم؟‬ ‫‪ + +‬اتصلت بي رئيسة الجمعية يوما واحدا قبل المبادرة‪ ،‬وقالت انه يسعدها ان تضم إلى مرافقيها كاتبة وصحفية‪ ،‬وأديبة‬ ‫تكتب كثيرا عن األسرة والطفل‪ ..‬كنت اشعر بالخجل ألنه لم يكن لدي ما أقدمه لهم غير قصصي التي ألفتها‪ ،‬وقصصا من‬ ‫دار «القرن الواحد والعشرين»‪ ،‬قلت لمرافقتي إنه من األفضل لو أخبرتني قبال بمدة كافية كي احضر لهم هدايا‪ ..‬ولكم أن‬ ‫تتصوروا ان غبطة هؤالء األطفال بالكتاب فاقت فرحتهم بباقي الهدايا األخرى‪ ،‬لقد تلقفوها بلهف‪ ،‬ورأيت في عيونهم شغفا‬ ‫بالقراءة وتوقا إلى المدرسة والتعلم‪ ..‬الطفل المريض ليس محتاجا إلى الغذاء والرعاية فحسب‪ ،‬انه متلهف أيضا إلى الغذاء‬ ‫الفكري‪ ،‬ينسى خاللها آالمه وقدره الصعب‪ ..‬تلقفوا الكتب وتصفحوها بلهفة وراحوا يقرأونها‪ ،‬حتى ان احد األطفال تبعني‬ ‫ي هذا الموقف‪..‬‬ ‫إلى موقف السيارات كي يحصل على قصة هو اآلخر‪ ..‬لكم أثر ف ّ‬ ‫‪ +‬هل هي زيارتك األولى؟ وهل ستعملين على تحقيق المزيد منها مستقبال؟‬ ‫‪ + +‬ليست المبادرة األولى‪ ..‬سبق لي ان وجهت لي نبيلة بوعشة من جمعية رعاية الطفولة والشباب بالتعاون مع الوكالة‬ ‫الوطنية للنشر واإلشهار «آناب»‪ ،‬دعوة مماثلة‪ ..‬حيث تم تنظيم زيارة إلى األطفال مرضى السرطان ‪ ،‬خالل الشهور‬ ‫الماضية‪ ،‬في مشفى مصطفى باشا الجامعي ‪ ،‬كانت معنا سيدة تقرأ القصص التراثية‪ {،‬طاطا حنيفة } قدمنا لهم مخزوننا‬ ‫الحكائي‪ ،‬وكانت فرحتهم ال توصف بتلك القصص والكتب‪ ..‬انه تصرف بسيط لكنه ذو اثر كبير في أنفسهم‪ ،‬على األقل‬ ‫يشعرون ان هناك من يفكر في أمرهم ويهتم بشعورهم ويمنحهم األمل في الحياة‪ ،‬وبدورنا نكتشف ان همومنا ال تساوي‬ ‫شيئا أمام معاناة هؤالء األطفال مع مرض خطير كالسرطان‪ ..‬لقد سعدت جدا بمثل هذه المبادرات‪ ،‬حققت من خاللها حبي‬ ‫لالطفال‪.‬‬ ‫‪ +‬كنت من بين الرعيل األول الذي كتب للطفل في الثمانينيات‪ ،‬التي شهدت وفرة قصصية كبيرة موجهة للطفل رغم قلة‬ ‫الكتاب‪ ..‬فيما تتصف العشرية الحالية بوفرة في عدد األدباء وشح قصصي كبير في حق الطفل‪ ..‬في رأيك لماذا؟‬ ‫‪ + +‬لدينا كتاب جيدون‪ ،‬مثل عائشة بنور‪ ،‬وزوجها رابح خدوسي‪ ،‬وجميلة زنير وغيرهم‪ ،‬لكن التشجيع غائب‪ ..‬ليس هناك‬ ‫هيأة حكومية تشجع أدب الطفل في الجزائر‪ ،‬االهتمام األكبر موجه للرواية‪ ..‬في باقي الدول هناك هيآت حكومية تشجع‬ ‫أدب الطفل وتجمع األدباء وتكرمهم وتعنى بإنتاجهم‪ ،‬وتبحث في كيفية تطويره‪ ،‬ألن بناء الطفل يعني بناء رجل المستقبل‪،‬‬ ‫كما ان التراث الجزائري غني جدا بالحكايات واألساطير‪ ،‬لماذا ال يتجسد في رسوم متحركة مثال؟ هناك قنوات فضائية‬ ‫كثيرة‪ ،‬تهتم بكل شيء سوى الجانب التربوي للطفل‪ .‬لماذا ال يوجد لدينا قناة خاصة بالطفل؟‬ ‫‪ +‬كنت من مؤسسي «الرياض»‪ ..‬تلك المجلة التي صنعت جيال بأكمله‪ ..‬كيف كانت قصتك معها؟‬ ‫‪ + +‬نعم‪ ،‬كنت من مؤسسيها‪ ..‬كانت فكرتي‪ ..‬كنت اشتغل في مجلة «ألوان»‪ ،‬في ‪ 1982‬طبعت مجموعة من القصص‪،‬‬ ‫من بينها «العصفور والضفدعة» لدى الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬وكانت تطبع قصص األطفال المنشورة حديثا‪.‬‬ ‫يوما جاء سليمان جوادي ونبهني إلى افتتاح منشورات ادب الطفل طبع قصص األطفال‪ ،‬جمعت ما لدي‪ ،‬وكنت في الـ‪20‬‬ ‫من عمري‪ ،‬فأعجب المدير بها وعبر عن فرحه بوجود شابة يافعة تكتب لالطفال‪ ،‬وقال ان هناك نقصا كبيرا في كتاب‬ ‫أدب الطفل‪ ،‬وكنت األولى في محيطي التي كتبت قصصا وطبعتها‪ ،‬ثم شاركت في برنامج إذاعي تحت اشراف مدير‬ ‫االذاعة والتلفزيون انذاك االستاذ عبد القادر نور‪ ،‬البرنامج الذي كانت تنشطه ماما نجوى ‪-‬بعنوان «الحديقة الساحرة»‪-‬‬ ‫بمجموعة من قصصي‪ ،‬وقبل ان انتقل إلى مجلة «الوحدة» خامرتني فكرة تأسيس مجلة لالطفال‪ ،‬وكنت أتابع كثيرا مجلة‬ ‫«العربي» التي انبثقت منها «العربي الصغير»‪ ..‬اتجهت إلى مدير «الوحدة» االستاذ قارة محمد الصغير ‪ ،‬وعرضت عليه‬ ‫الفكرة‪ ،‬خصوصا وأنها مجلة تمتلك إمكانيات كبيرة وتابعة لوزارة الشباب والرياضة ‪ ،‬فوافق على الفكرة ورحب بها‪ ..‬قمنا‬


‫بإصدار ملحقا من خمس حلقات‪ ،‬ثم أعجبتهم الفكرة أكثر فتم تطوير الملحق إلى مجلة‪ ،‬وكنت المحررة الوحيدة فيها مع‬ ‫ثالثة رسامين‪ ،‬وكان معنا عمي حكار‪ ،‬الرسام والخطاط الشهير بعمله في كل المجالت‪ ،‬ففي ذلك الوقت لم تكن التكنولوجيا‬ ‫متوفرة وكان أكثر العمل يتم يدويا‪ ،‬وكان يشتغل معنا عراقي‪ ،‬يراجع المحتوى اللغوي للمجلة‪ ،‬التي كانت توزع في الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬وغنية جدا بالمعلومات والمعارف والقصص والمسابقات‪ ،‬كل ذلك وأنا أحررها وحدي‪ ،‬قبل ان يلتحق بنا كتاب‬ ‫آخرون‪ ..‬لقد كانت تجربة ناجحة‪ ،‬ولكن لألسف زالت تلك المجلة بزوال األشخاص الذين أسسوها‪ ..‬لألسف تم استقدام‬ ‫شخص آخر سبب لنا الكثير من المشاكل‪ ،‬ما أدى بي إلى االستقالة وانتقالي إلى «المجاهد» األسبوعي‪ ..‬كانت فكرتي‪ ،‬وقد‬ ‫ساهمت في تأسيسها‪ ،‬وكانت إلى جانب «مقيدش»‪ ،‬المجلة األولى الموجهة للطفل في الجزائر‪.‬‬ ‫‪ + +‬وفرة قصصية ثم شح‪ ..‬كيف تقارنين بين طفل الثمانينيات وطفل العشرية الحالية؟‬ ‫‪ + +‬في تلك الفترة كانت قيمة الكتاب كبيرة جدا‪ ،‬وكان هناك تجانس بين األسرة والمدرسة‪ ،‬قصص ذلك الوقت كانت‬ ‫قيمة المحتوى‪ ،‬وكانت هناك لجان قراءة مكونة من أساتذة في اللغة واألدب وعلم النفس وعلوم التربية‪..‬الخ‪ ،‬أي ان‬ ‫القصة تساهم في تربية الطفل‪ ،‬وكانت المدرسة تساهم في تنمية حس القراءة‪ ،‬حيث تخصص حصة أسبوعية للمطالعة‪،‬‬ ‫يتم خاللها قراءة قصة على األطفال‪ ،‬ومناقشتها‪ ،‬وتدريب األطفال على تذوقها وتلخيصها‪ ،‬وكانت األمهات ينشغلن كثيرا‬ ‫بهذا الجانب‪ ،‬ولكن اآلن‪ ،‬مع تزايد عدد دور النشر‪ ،‬وارتفاع عدد الكتاب‪ ،‬واالنفتاح على حرية التعبير‪ ،‬تراجع أدب الطفل‬ ‫وغابت قيمة القصة وطغت عليها المادة‪ ،‬وصار نشر الكتاب أمرا تجاريا‪ ،‬وكل دور النشر تقريبا تطبع أي شيء على‬ ‫حساب الجانب التربوي للطفل‪ ..‬حتى الجرائد أصبحت حافلة باللغة الدارجة واألخطاء‪ ..‬أما المدرسة فتراجع دورها‪ ،‬ولم‬ ‫تعد هناك حصص للمطالعة‪ ،‬بدعوى ازدحام البرنامج الدراسي‪ ..‬اللغة هي أساس تعلم العلوم األخرى‪ ،‬واللغة يكتسبها من‬ ‫المطالعة‪ ..‬فضال عن آثار العشرية السوداء واإلرهاب‪..‬‬ ‫‪ +‬كم من قصة في رصيدك الموجه للطفل؟‬ ‫‪ + +‬فضال عن قصص كثيرة منشورة في الجرائد وغير مطبوعة ورقيا‪ ،‬لدي العديد من القصص المطبوعة‪ ،‬تقارب‬ ‫‪ 12‬قصة‪ ،‬منها قصتان طبعتا في ‪ ،1982‬لقد غبت عن الساحة األدبية مدة ‪ 23‬سنة‪ ،‬واآلن أعود‪ ،‬وانا أحمل في جعبتي‬ ‫وفكري الكثير من الطموح من اجل اثراء الساحة االدبية بأعمال وافكار تخدم الطفل ‪ ،‬طبعت اثنتين ولدي ‪ 4‬تحت‬ ‫الطبع‪ ،‬ستصدر مع المعرض الدولي للكتاب ‪.‬‬




‫مزاج صيفي‬ ‫ليلى السيد‬ ‫أضيع مفاتيح السنة‬ ‫أمام عرق صيفي‬ ‫أحاصر المدن الليلية‬ ‫بنصف آلهة‬ ‫تقذف الذكريات‬ ‫غزالنا‬ ‫‪ ‬تحول لزوجة الصيف‬ ‫ندف ثلج‬ ‫تبحثعن اسمها‬ ‫*****‬ ‫لن أكون ( ناطورة المفاتيح)‬ ‫سأهديك كل مفاتيح اللهفة‬ ‫وانتقل بعيدا‬ ‫******‪ ‬‬ ‫حارسة الليل‬ ‫ربما‬ ‫حارسة األمواج المخملية‬ ‫ربما‬ ‫لكني لست حارسة األلم‬ ‫إنه خلف ظهري‬ ‫وخطوتي البحر‬ ‫*******‪ ‬‬ ‫صباح صيفي‬ ‫يقتضي ثورة عشق‬


‫******‪ ‬‬ ‫الحب يهمس في صبار نافذتي‬ ‫فيورقه‬ ‫يا الهي لم ال نورق؟‬ ‫******‬ ‫عناد الصيف كبير‬ ‫على ترك مرثية الظلمة‬ ‫من أجل أغنية قلب‬ ‫******* ‪ ‬‬ ‫في صباح صيفي‬ ‫صوت فيروز‪ ‬‬ ‫وأنا‬ ‫( أهواك بال أمل )‬ ‫******‬ ‫مطوال أفكر‬ ‫جحيم الصيف‬ ‫أم جحيم البشر‬ ‫***************‪ ‬‬ ‫ال تخف‬ ‫فقط اصخ لجسارة‬ ‫جسدي على الحب‬ ‫******‬ ‫بسالم أتقلب في المحبة‬ ‫والصيف آيته‬ ‫*******‬ ‫تقبلني بزهرة االختالف‬


‫بتقاسيم شرقية‬ ‫********‪ ‬‬ ‫نحن المرتابون في الفرح‬ ‫في الشوق‬ ‫في الجنون‬ ‫سمم نبضنا الحزن‬ ‫*******‪ ‬‬ ‫في الجنون‬ ‫عناد وكبرياء‬ ‫يدلك علي‬ ‫**********‬ ‫سأغسل ظالمك‬ ‫بالورد‬ ‫ورائحة شعري‬ ‫سأغسلك بضوئي‬ ‫******‪ ‬‬ ‫صباح بلبل‬ ‫سهل عليه الغناء أمامي‬ ‫سابقي نافذتي مفتوحة‬ ‫**********‪ ‬‬ ‫لما تزل تقاسيمك‬ ‫تذيب ناري‬ ‫*****‪ ‬‬ ‫الشجر في أول الصيف‬ ‫توشوش قصيدتي‬ ‫وبحري لما يزل‬


‫فمي يكره السالسل‬ ‫***** ‪ ‬‬ ‫فزعي من الحزن‬ ‫يخلقني آلهة ‪/‬ال تأبه بكائنات بشرية‬ ‫********‪ ‬‬ ‫صباح صيفي‪ /‬يحمل جحيمك‬ ‫حول قدمي‪/‬فتضيء المشاعل‬




‫‪ ‬‬

‫عمرو بن معد يكرب فارس العرب فى الجاهلية والفتوحات العربية‬ ‫كتاب مروج الذهب للمسعودي‬

‫ـهورا بالشــجاعة‪ ، ،‬وأنــه أســلم ثــم ارتــد ‪ ،‬ثــم عــاد الــى االســام ‪ ،‬وشــارك‬ ‫قالــوا إنــه كان فــارس العــرب مشـ ً‬ ‫فــى الفتوحــات العربيــة فــى المشــرق ‪ ،‬واشــتهرت بطولتــه فيهــا ‪ .‬وقالــوا أن عمــر كتــب إلــى النعمــان بــن‬ ‫مقــرن القائــد فــى حــرب فــارس ‪ ( :‬استشــر واســتعن فــي حربــك بطليحــة وعمــرو بــن معــد يكــرب‪ ،‬وال‬ ‫تولهمــا مــن األمــر شــيئًا‪ . )،‬طليحــة هــو الــذى زعــم النبــوة فــى حــرب الــردة ‪ ،‬ثــم بعــد هزيمتــه عــاد الــى‬ ‫االســام ‪ ،‬وشــارك فــى الفتوحــات وكان بطــا فيهــا ‪ ،‬مثلــه مثــل صاحبنــا عمــرو بــن معــد يكــرب ‪ .‬وقــد‬ ‫كان عمــر بــن الخطــاب معجبــا بعمــرو بــن معــد يكــرب ؛ يســتمع الــى نــوادره وبطوالتــه ‪ .‬نقتطــف منهــا‬ ‫هــذه الروايــة التــى تكــررت بصيــغ مختلفــة عــن إحــدى مغامراتــه فــى الغــزو والســلب والنهــب وســبى‬ ‫النســاء ( العربيــات ) مــن القبائــل األخــرى قبــل دخولــه فى ( االســام )‪ . :‬‬

‫عـ ْ‬ ‫ب ‪َ ،‬ولَقَ ـ ْد‬ ‫ـن نَ ْف ِسـ َ‬ ‫‪ 1‬ـ فــى روايــة تقــول أن عمــر ســأله ‪ (:‬يَــا أَبَــا ثَـ ْـو ٍر ‪ ،‬لَقَ ـ ْد َحدَّثْـ َ‬ ‫ـر ٍ‬ ‫ـت َ‬ ‫ـك بِ َمــأ ْ َك ٍل َو َم ْشـ َ‬ ‫ـار ٍس قَـ ُّ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ـام ‪ ،‬فَأ َ ْخ ِب ْرنِــي ‪َ :‬هـ ْ‬ ‫ـط « ؟ قَــا َل‬ ‫ص َد ْفـ َ‬ ‫لَ ِقيـ َ‬ ‫ـت ( أى إنصرفــت ) َ‬ ‫ال ْسـ ِ‬ ‫ـل َ‬ ‫ـن فَـ ِ‬ ‫ـاس فِــي ْال َجا ِه ِليَّـ ِة َو ْ ِ‬ ‫ـت النَّـ َ‬ ‫ـام ؟‬ ‫ـف ِإ ْذ َه َدانِــي َّ‬ ‫ـرهُ ْال َكـذ َ‬ ‫ل ْسـ ِ‬ ‫ـر ْال ُمؤْ ِمنِيــنَ ‪ ،‬قَـ ْد ُك ْنــتُ أ َ ْكـ َ‬ ‫‪ :‬يَــا أ َ ِميـ َ‬ ‫للاُ ِل ْ ِ‬ ‫ِب فِــي ْال َجا ِه ِليَّـ ِة َوأَنَــا ُم ْشـ ِـر ٌك ‪ ،‬فَ َك ْيـ َ‬ ‫علَــى َمـ ْ‬ ‫ات يَـ ْـو ٍم ِل َخ ْي ـ ٍل ِمـ ْ‬ ‫س ـ ٍد ‪َ :‬هـ ْ‬ ‫علَــى بَنِــي‬ ‫َولَقَـ ْد قُ ْلــتُ َذ َ‬ ‫ـن ؟ قُ ْلــتُ ‪َ :‬‬ ‫ـار ِة ؟ قَالُــوا ‪َ :‬‬ ‫ـن بَنِــي أ َ َ‬ ‫ـل لَ ُك ـ ْم فِــي ْالغَـ َ‬ ‫ب ‪ .‬قُ ْلــتُ ‪ :‬فَعَلَــى َمـ ْ‬ ‫ْالبَـ َّك ِ‬ ‫سـلَ ٍ‬ ‫علَــى ِشـ َّد ِة َكلَـ ٍ‬ ‫اء ‪ .‬قَالُــوا ‪َ :‬مغَـ ٌ‬ ‫ـن ؟ قَالُــوا ‪َ :‬‬ ‫ـار بَ ِعيـ ٌد ‪َ ،‬‬ ‫ب َو ِقلَّـ ِة َ‬ ‫علَــى َهـ َذا ْال َحـ ّ‬ ‫يِ‬ ‫ـوف ‪ .‬فَخ َ​َر ْجــتُ ِفــي َخ ْي ـ ٍل َحتَّــى ا ْنت َ َه ْيــتُ ِإلَــى َوا ٍد ِمـ ْ‬ ‫ِمـ ْ‬ ‫ـن أ َ ْو ِديَ ِت ِه ـ ْم ‪،‬‬ ‫ـن ِكنَانَ ـةَ ‪ ،‬فَإِنَّ ـهُ بَلَغَنَــا أ َ َّن ِر َجالَ ُه ـ ْم ُخلُـ ٌ‬ ‫ع ِظي َم ـ ٍة‬ ‫ـر ‪َ « :‬و َمــا أ َ ْد َر َ‬ ‫ـراةٍ ‪ .‬فَقَــا َل ُ‬ ‫اك أَنَّ ُه ـ ْم ُ‬ ‫فَ ُدفِ ْعــتُ إِلَــى قَـ ْـو ٍم ُ‬ ‫ـراة ٌ « ؟ قَــا َل ‪ :‬ا ْنت َ َه ْيــتُ إِلَــى قُبَــا ٍ‬ ‫ع َمـ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫سـ َ‬ ‫سـ َ‬ ‫ِمـ ْ‬ ‫ُور ُمثْفَــأَةٍ ‪َ ،‬وإِبِ ـ ٍل َو َ‬ ‫ـرو ‪:‬‬ ‫غنَـ ٍـم ‪ .‬فَقَــا َل ُ‬ ‫ع ْمـ ٌ‬ ‫ع َمـ ُ‬ ‫عال َم ـةُ ْاليُ ْسـ ِـر « ‪َ .‬وقَــا َل َ‬ ‫ـر ‪َ « :‬ه ـ َذا لَعَ ْمـ ِـري َ‬ ‫ـن أ َ َد ٍم ‪َ ،‬وقُ ـد ٍ‬ ‫فَا ْنت َ َه ْيــتُ إِلَــى أ َ ْع َ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ض َربَـ ْ‬ ‫ص ْد ِر َهــا‬ ‫اريَـ ٍة مثــل ْال َم َهــاةِ ‪ ،‬فَلَ َّمــا َرأَتْنِــي َ‬ ‫ـت يَ َد َهــا َ‬ ‫ظ ِم َهــا قُبَّـةً ‪ .‬فَأ َ ْك ِشـفُ َها َ‬ ‫علَــى َ‬ ‫ـن َج ِ‬ ‫ـام ت َ ْب ِكيــنَ ؟ قَالَـ ْ‬ ‫ـك ؟ قَالَـ ْ‬ ‫‪َ ،‬وبَ َكـ ْ‬ ‫ـت‬ ‫ـت ‪ .‬فَقُ ْلــتُ ‪َ :‬مــا يُ ْب ِكيـ ِ‬ ‫علَــى ْال َمــا ِل ‪ .‬فَقُ ْلــتُ ‪َ :‬‬ ‫ـت ‪َ :‬مــا أ َ ْب ِكــي ِلنَ ْف ِســي َوال َ‬ ‫عـ َ‬ ‫ـن فِــي َه ـ َذا ْالـ َـوادِي ‪ .‬قَــا َل ‪ :‬فَ َهبَ ْ‬ ‫ـن ‪َ ،‬و ُهـ َّ‬ ‫ب ِلــي ‪ ،‬قَـ ْد أ َ ِل ْفت ُ ُهـ َّ‬ ‫علَــى فَ َر ِســي ‪،‬‬ ‫ـرا ٍ‬ ‫ِي َ‬ ‫‪َ :‬‬ ‫علَــى َجـ ٍ‬ ‫ـوار أَتْـ َ‬ ‫طــتُ ْالـ َـواد َ‬ ‫اريَـةَ‬ ‫ضــو ٌ‬ ‫ْف َم ْو ُ‬ ‫سـي ٌ‬ ‫صـ ُ‬ ‫ع ‪ ،‬فَلَ َّمــا َرأ َ ْيت ُـهُ َ‬ ‫فَـإِ َذا أَنَــا ِب َر ُجـ ٍل قَا ِعـ ٍد يَ ْخ ِ‬ ‫ـف نَ ْعــا لَـهُ ‪َ ،‬و ِإلَــى َجانِ ِبـ ِه َ‬ ‫ع ِل ْمــتُ أ َ َّن ْال َج ِ‬ ‫عــا َرا ِبيَـةً ‪ ،‬فَلَ َّمــا نَ َ‬ ‫ـر ُم ْكتَـ ِـر ٍ‬ ‫ـام َ‬ ‫ب‬ ‫عتْنِــي ‪َ ،‬و َما َك َرتْنِــي ‪ .‬فَلَ َّمــا َرآنِــي َّ‬ ‫ـر ِإلَــى قُبَــا ِ‬ ‫ث ‪ ،‬ثُـ َّم َ‬ ‫قَـ ْد َخ َد َ‬ ‫ظـ َ‬ ‫غ ْيـ َ‬ ‫الر ُجـ ُل قَـ َ‬ ‫قَ ْو ِمـ ِه ُم َّ‬ ‫علَ ْيـ ِه ‪.... ‬فَ ْ‬ ‫ق‪،‬‬ ‫اختَلَ ْفنَــا َ‬ ‫ي ‪ ..‬ث ُـ َّم َح َم ْلــتُ َ‬ ‫ط ِر َحـةً ‪َ ،‬ح َمـ َل َ‬ ‫ض ْربَت َ ْيـ ِ‬ ‫ـن ‪ ،‬فَأَض ِْربُـهُ أ َ ْحـ َذ َر ِمــنَ ْالعَ ْقعَـ ِ‬ ‫علَـ َّ‬ ‫ـر ِجي فَقَ َ‬ ‫ـر ِس ‪،‬‬ ‫عـ َّ‬ ‫ـوس ِسـ ْ‬ ‫ـف ِمــنَ ْال ِهـ ِ ّ‬ ‫سـ ْيفُهُ ِفــي قَ َربُـ ِ‬ ‫ـوس ‪َ ،‬و َ‬ ‫ـر ‪ ،‬فَ َوقَـ َع َ‬ ‫ـض ِب َكا ِثبَـ ِة ْالفَـ َ‬ ‫َويَض ِْربُ ِنــي أَثْقَـ َ‬ ‫طـ َع ْالقَ َربُـ َ‬ ‫ـن َ‬ ‫ـار ُ‬ ‫ث ْبـ ُ‬ ‫ظا ِلـ ٍـم‬ ‫ـر ِ‬ ‫فَ َوث َ ْبــتُ َ‬ ‫ي قَا ِئ ًمــا ‪َ ،‬وقُ ْلــتُ ‪ :‬يَــا َهـ َذا ‪َ ،‬مــا َكانَ ِليَ ْلقَا ِنــي ِمــنَ ْالعَـ َ‬ ‫ب ِإال ثَالثَــةٌ ‪ْ :‬ال َحـ ِ‬ ‫علَــى ِر ْج ِلـ َّ‬ ‫ـن ُّ‬ ‫الطفَ ْيـ ِل ِلل َّ‬ ‫ِل ْل ِسـ ِّ‬ ‫ف َوالنَّ ْجـ َدةِ ‪َ ،‬و َربِيعَـةُ ْبـ ُ‬ ‫ـر ْبـ ُ‬ ‫ـت‬ ‫ـاء َو ْالبَــأ ْ ِس ‪ ،‬فَ َمــنَ أ َ ْنـ َ‬ ‫ـن مكـ ّد ٍِم ِل ْل َحيَـ ِ‬ ‫ـر ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫امـ ُ‬ ‫ـن َوالت َّ ْج ِربَـ ِة ‪َ ،‬و َ‬ ‫شـ َ‬ ‫ب ‪ ،‬قَــا َل ‪َ :‬وأَنَــا َربِيعَـةُ‬ ‫ـل َمـ ْ‬ ‫ـك ؟ قَــا َل ‪ :‬بَـ ْ‬ ‫ـرو ْبـ ُ‬ ‫ـك أ ُ ُّمـ َ‬ ‫ـت ‪ ،‬ث َ ِكلَتْـ َ‬ ‫ـن أ َ ْنـ َ‬ ‫ـك أ ُ ُّمـ َ‬ ‫‪ ،‬ث َ ِكلَتْـ َ‬ ‫ع ْمـ ُ‬ ‫ـك ؟ قُ ْلــتُ ‪ :‬أَنَــا َ‬ ‫ـن َم ْعدِي َكـ ِـر َ‬ ‫ض َ‬ ‫ـن ُم َك ـد َِّم ‪ .‬قُ ْلــتُ ‪ :‬فَ ْ‬ ‫ْبـ ُ‬ ‫ـوت األ َ ْع َج ـ ُل‬ ‫صــا ٍل ‪ :‬إِ َّمــا أ َ ْن نَ ْ‬ ‫ـر َم ِنّــي إِ ْح ـ َدى ثَــا ِ‬ ‫س ـ ْيفَ ْينَا َحتَّــى يَ ُمـ َ‬ ‫اختَـ ْ‬ ‫طـ ِـر َ‬ ‫ب بَ َ‬ ‫ث ِخ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ـك ‪ .‬فَ ْ‬ ‫ـر ‪ .‬قُ ْلــتُ‬ ‫اك ِإلَ ْيـ َ‬ ‫ســالَ َمةُ ‪ .‬قَــا َل ‪َ :‬ذ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِمنَّــا ‪َ ،‬و ِإ َّمــا أ َ ْن نَ ْ‬ ‫اختَـ ْ‬ ‫ـر َ‬ ‫طـ ِـر َ‬ ‫احبَـهُ قَتَلَـهُ ‪َ ،‬و ِإ َّمــا ْال ُم َ‬ ‫ع َ‬ ‫ع ‪ ،‬فَأَيُّنَــا َ‬ ‫صـ َ‬ ‫ـك ‪ .‬ث ُـ َّم أ َ َخـ ْذتُ بِيَـ ِد ِه فَأَت َ ْيــتُ بِ ـ ِه‬ ‫ـر ِلــي َولَـ َ‬ ‫ـك ِإلَ ْيـ َ‬ ‫‪ِ :‬إ َّن بِقَ ْو ِمـ َ‬ ‫ســالَ َمةُ َخ ْيـ ٌ‬ ‫ي َحا َج ـةً ‪َ ،‬و ْال ُم َ‬ ‫ـك َحا َج ـةً ‪َ ،‬وبِقَ ْو ِمــي ِإلَـ َّ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ـن فَ َر ِســي َمــا‬ ‫أَ ْ‬ ‫سـلُونِي َ‬ ‫ص َحا ِبــي ‪َ ،‬وقُ ْلــتُ لَ ُهـ ْم ‪ :‬خَلُّــوا َمــا ِبأ َ ْيدِي ُكـ ْم ‪ ،‬فَلَــوا َرأ َ ْيتُـ ْم َمــا َرأ َ ْيــتُ لَخَلَّ ْيتُـ ْم َو ِز ْدتُـ ْم ‪َ .‬‬ ‫اج ِعيــنَ «‪. ‬هــذه الروايــة جعلوهــا حديثــا ( موقوفــا ) ‪.‬‬ ‫ص َر ْفنَــا َر ِ‬ ‫فَعَـ َل ‪ .‬قَــا َل ‪ :‬فَت َ َر ْكنَــا َمــا ِبأ َ ْيدِينَــا َوا ْن َ‬


‫‪ ،‬ثــم قــال ‪ :‬خذهــا إليــك يــا عمــرو ‪ ،‬ولــوال أنــي أكــره قتــل مثلــك لقتلتــك ‪.‬فقــال عمــرو ‪ :‬لــن ينصــرف إال‬ ‫أحدنــا ‪ ،‬فقــف لــي ‪ .‬فحمــل عليــه حتــى اذا ظــن أنــه قــد خالطــه الســنان اذا هــو حــزام لفرســه ‪ ،‬ومــر الســنان‬ ‫علــى ظهــر الفــرس ‪.‬ثــم حمــل عليــه ربيعــة فقــرع بالرمــح رأســه أيضـا ً ‪ ،‬وقــال ‪ :‬أخذهــا إليــك يــا عمــرو‬ ‫ثانيــة ‪ ،‬وانمــا العفــو مرتــان ‪.‬وصاحــت بــه إمرأتــه ‪ :‬الســنان هلل درك ‪.‬فأخــرج ســنانا مــن ســنخ ازاره كأنــه‬

‫شــعلة نــار ‪ ،‬فركبــه علــى رمحــه ‪ ،‬فلمــا نظــر إليــه عمــرو ‪ ،‬وذكــر طعنتــه بــا ســنان قــال لــه‬ ‫عمــرو ‪ :‬يــا ربيعــة ‪ ،‬خــذ الغنيمــة ‪ .‬قــال ‪ :‬دعهــا وانــج ‪ .‬فقالــت بنــو زبيــد ‪ :‬أتــرك غنيمتنــا‬ ‫لهــذا الغــام ؟ فقــال لهــم عمــرو ‪ :‬يــا بنــي زبيــد ‪ ،‬وهللا لقــد رأيــت المــوت األحمــر فــي ســنانه ‪ ،‬‬ ‫وســمعت صريــره فــي تركيبــه ‪ .‬فقالــت بنــو زبيــد ‪ :‬ال يتحــدث العــرب أن قومــا مــن بنــي زبيــد‬ ‫فيهــم عمــرو بــن معــد يكــرب تركــوا غنيمتهــم لمثــل هــذا الغــام ‪ .‬قــال عمــرو ‪ :‬أنــه ال طاقــة‬ ‫لكــم بــه ‪ ،‬ومــا رأيــت مثلــه قــط ‪ ،‬فانصرفــوا عنــه ‪ ،‬وأخــذ ربيعــة امرأتــه والغنيمــة وعــاد إلــى‬ ‫قومــه‪).‬‬


‫‪ 2‬ـ جــاء المســعودى فــى تاريخــه ( مــروج الذهــب ) ( ‪ ) 541 : 538 / 1‬بنفــس الروايــة مــع اختــاف قليــل‬ ‫تحــت عنــوان ‪ ( :‬عمــرو يحــدث عمــر عــن فــراره )‪ .‬قــال المســعودى ‪ ( :‬وقــد كان عمــر آنــس عمــرا بعــد‬ ‫ذلــك‪ ،‬وأقبــل يســأله ويذاكــره الحــروب وأخبارهــا فــي الجاهليــة فقــال لــه عمــر‪ :‬يــا عمــرو‪ ،‬هــل انصرفــت‬ ‫عــن فــارس قــط فــي الجاهليــة هيبــة لــه ؟قــال‪ :‬نعــم‪ ،‬وهللا مــا كنــت أســتحل الكــذب فــي الجاهليــة فكيــف‬ ‫اســتحله فــي اإلســام ؟ ألحدثنــك حديث ـا ً لــم أحــدث بــه أحــدا ً قبلــك‪ :‬خرجــت فــي جريــدة خيــل لبنــي زبيــد‬ ‫أريــد الغــارة ‪ ،‬فأتينــا قومــا ســراة ‪.‬فقــال عمــر‪ :‬كيــف عرفــت أنهــم ســراة ؟ قــال‪ :‬رأيــت مــزاود وقــدروا‬ ‫مكفــأة وقبــاب آدم حمــرا ونعم ـا ً كثيــرا وشــاء ‪.‬قــال عمــرو‪ :‬فأهويــت إلــى أعظمهــا قبــة بعــد مــا حوينــا‬ ‫الســبي ‪ ،‬وكان متبــددا مــن البيــوت ‪ ،‬واذا إمــرأة باديــة الجمــال علــى فــرش لهــا ‪ .‬فلمــا نظــرت إلــى والــي‬ ‫الخيــل اســتعبرت ‪ ،‬فقلــت ‪ :‬مــا يبكيــك ؟ فقالــت ‪ :‬وهللا مــا يبكــي علــى نفســي ‪ ،‬ولكــن أبكــي حســدا لبنــات‬ ‫عمــي يســلمن وأبتلــي أنــا مــن بينهــن ‪.‬فظننــت وهللا أنهــا صادقــة ‪ ،‬فقلــت لهــا ‪ :‬وأيــن هــن ؟ قالــت ‪ :‬فــي هــذا‬ ‫الــوادي ‪.‬فقلــت ألصحابــي ‪ :‬ال تحدثــوا شــيئا ً حتــى آتيكــم ‪ ،‬ثــم همــزت فرســي حتــى علــوت كثيــرا ً ‪ ،‬فــإذا‬ ‫أنــا بغــام أصهــب الشــعر ‪ ،‬أهــذب ‪ ،‬أقنــى أقــب ‪ ،‬يخطــف نعالــه وســيفه بيــن يديــه وفرســه عنــده ‪ .‬فلمــا‬ ‫نظــر إلــي رمــى النعــل مــن يــده ثــم أحضــر غيــر مكتــرث ‪ ،‬فأخــذ ســاحه وأشــرف علــى ثنيــة ‪ .‬فلمــا نظــر‬ ‫إلــى الخيــل محيطــة ببيتــه ركــب ثــم أقبــل نحــوي‪ ..‬فحملــت عليــه‪ .. ‬ثــم حملــت عليــه بالفــرس ‪ ،‬فــإذا هــو‬ ‫ـر (قـ ّ‬ ‫ـط ) ‪ ،‬فــراغ عنــي ‪ ،‬ثــم حمــل علــى فضربنــي بســيفه ضربــة جرحتنــي ‪ .‬فلمــا أفقــت مــن‬ ‫أروغ مــن هـ ّ‬ ‫ضربتــه حملــت عليــه ‪ ،‬فــراغ وهللا ‪ ،‬ثــم حمــل علــي ‪ ،‬ثــم صرعنــي ‪ ،‬ثــم اســتاق مــا فــي أيدينــا ‪ .‬ثــم اســتويت‬ ‫علــى فرســي ‪ ،‬فلمــا رآنــي أقبــل ‪ ..‬فــراغ وهللا عنــي ‪ ،‬ثــم حمــل علــى فضربنــي ضربــة أخــرى ‪ .‬ثــم صــرخ‬ ‫صرخــة ‪ ،‬ورأيــت المــوت وهللا يــا أميــر المؤمنيــن ليــس دونــه شــئ وخفتــه خوفــا لــم أخــف قــط أحــدا ً مثلــه ‪،‬‬ ‫وقلــت لــه ‪ :‬مــن أنــت ثكلتــك أمــك ؟ فــوهللا مــا أجتــرأ علــى أحــد قــط إال عامــر بــن الطفيــل إلعجابــه بنفســه‬ ‫‪ ،‬وعمــرو بــن كلثــوم لســنه وتجربتــه ‪ ،‬فمــن أنــت ؟ قــال ‪ :‬بــل مــن أنــت ؟ خبرنــي وإال قتلتــك ‪ .‬قلــت ‪ :‬أنــا‬ ‫عمــر بــن معــد يكــرب ‪ .‬قــال ‪ :‬وأنــا ربيعــة بــن مكــدم‪ .‬قلــت ‪ :‬اختــر منــي إحــدى ثــاث خصــال ‪ :‬إن شــئت‬ ‫اجتلدنــا بســيفنا حتــى يمــوت األعجــز منــا ‪ ،‬وإن شــئت اصطرعنــا ‪ ،‬وإن شــئت الســلم ‪ ،‬وأنــت يــا ابــن أخــي‬ ‫حــدث ‪ ،‬وبقومــك إليــك حاجــة ‪.‬قــال ‪ :‬بــل هــي إليــك ‪ ،‬فاختــر لنفســك ‪ .‬فاختــرت الســلم ‪.‬ثــم قــال ‪ :‬انــزل عــن‬ ‫فرســك ‪.‬قلــت ‪ :‬ياابــن أخــي قــد جرحتنــي جراحتيــن ‪ ،‬وال نــزول لــي ‪.‬فــوهللا مــا كــف عنــي حتــى نزلــت عــن‬ ‫فرســي ‪ ،‬فأخــذ بعنانــه ‪ ،‬ثــم أخــذ بيــده وانصرفنــا إلــى الحــي وأنــا أجــر رجلــي حتــى طلعــت علينــا الخيــل ‪.‬‬ ‫فلمــا رأونــي همــزوا خيولهــم إلــي فناديتهــم ‪ :‬إليكــم ‪ .‬وارادوا ربيعــة ‪ ،‬فمضــى وهللا كأنــه ليــث حتــى شــقهم ‪،‬‬ ‫ثــم أقبــل علــي فقــال ‪ :‬يــا عمــرو لعــل أصحابــك يريــدون غيــر الــذي تريــد ‪.‬فصمــت وهللا القــوم مــا فيهــم أحــد‬ ‫ينطــق وأعظمــوا مــا رأوا منــه ‪.‬فقلــت ‪ :‬يــا ربيعــة بــن مكــدم ‪ ،‬ال يريــدون إال خيــرا ً ‪ .‬وإنمــا ســميته ليعرفــه‬ ‫القــوم ‪ ،‬فقــال لهــم ‪ :‬مــا تريــدون ؟ فقالــوا ‪ :‬ومــا تريــد ؟ قــد جرحــت فــارس العــرب وأخــذت ســيفه وفرســه‬ ‫‪ .‬ومضــى ومضينــا معــه ‪ ،‬حتــى نــزل ‪ ،‬فقامــت إليــه صاحبتــه وهــي ضاحكــة تمســح وجهه‪....‬الــخ )‪ .‬‬ ‫‪ 3‬ـ وذكــر المســعودى نفــس الحــادث بروايــة أخــرى تقــول ‪ (:‬عمــرو بــن معــد يكــرب يغيــر علــى بنــي‬ ‫كنانــة ) ‪ ( ‬وقــد كان عمــرو بــن معــد يكــرب بعــد ذلــك بزمــان أغــار علــى كنانــة فــي صناديــد قومــه ‪ ،‬فأخــذ‬ ‫غنائمهــم ‪ ،‬وأخــذ امــرأة ربيعــة بــن مكــدم ‪ .‬فبلــغ ذلــك ربيعــة –وكان غيــر بعيــد‪ -‬فركــب فــي الطلــب علــى‬ ‫فــرس عــرى ومعــه رمــح بــا ســنان حتــى لحقــه ‪ .‬فلمــا نظــر إليــه ‪ :‬يــا عمــرو ‪ ،‬خــل عــن الظعينــة ومــا‬ ‫معــك ‪.‬فلــم يلتفــت إليــه ‪ ،‬ثــم أعــاد عليــه ‪ ،‬فلــم يلتفــت إليــه ‪ .‬فقــال ‪ :‬يــا عمــرو ‪ ،‬أمــا أن تقــف لــي ‪ ،‬وامــا‬ ‫أن أقــف لــك ‪ .‬فوقــف لــه ربيعــة ‪ ،‬فحمــل عليــه عمــرو ‪ ‬حتــى إذا ظــن أنــه قــد خالطــه الســنان اذا هــو لبــب‬ ‫لفرســه ‪ ،‬ومــر الســنان علــى ظهــر الفــرس ‪ .‬ثــم وقــف لــه عمــر ‪ ،‬فحمــل عليــه ربيعــة‪ ‬فقــرع بالرمــح رأســه‬



‫ليلى ‪.....‬‬ ‫صاب‬ ‫عبد السالم الق ّ‬

‫المجنون ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫للجنون ‪،‬‬ ‫ليل‬ ‫س‬ ‫ه َم َ‬ ‫قا َل ‪ُ :‬خذني ّ‬ ‫ليالي بعيدةْ ‪.‬‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فنون ‪،‬‬ ‫سا ‪ -:‬يا أخي يكفي‬ ‫س هم ً‬ ‫فأعا َد ال َم ُّ‬ ‫قا َل َدعها إنّها تبدو سعيدةْ ‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫ْ‬ ‫بالتالل ‪،‬‬ ‫عا‬ ‫قد ملَ ْلتُ يا جنوني ضقتُ ذر ً‬ ‫عا نحو تال ٍل من أ َ َد ْم ‪.‬‬ ‫فلتقُ ْدني مسر ً‬ ‫ْ‬ ‫هالل ‪.‬‬ ‫شهر قد قضى ‪ ،‬و َدنا منّي‬ ‫ذاك‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫حولَ ْ‬ ‫عنك القَ َد ْم ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫قا َل لي ‪ -:‬ال تتو ّه ْم ‪ّ ،‬‬ ‫‪............‬‬ ‫سا و َخبَاال ‪،‬‬ ‫قا َل ‪ -:‬فُتْها إنّها‬ ‫َ‬ ‫تألوك َم ًّ‬ ‫ع يقتاتُهُ البَ ُّق الد ْ‬ ‫ّقيق ‪.‬‬ ‫صار فيها ضفد ٌ‬ ‫َ‬ ‫ين و جباال ‪،‬‬ ‫قلتُ ‪ :‬لم أبتغِ ّإل خندقَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫حريق ‪.‬‬ ‫كجحيم في‬ ‫إستحا َل البر ُد فيهم‬ ‫ٍ‬ ‫‪.............‬‬ ‫عال الصب َح مسا ْء ‪،‬‬ ‫قلتُ ‪ :‬ال أقب ُل هذا ‪ ،‬إذ َ‬ ‫األندلس‬ ‫ت‬ ‫فأ ِع ْدها و أ ِع ْد لي ذكريا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫صوب سما ْء ‪،‬‬ ‫هربت‬ ‫سرا ‪،‬‬ ‫قا َل ‪ -:‬ال‬ ‫َ‬ ‫أخفيك ًّ‬ ‫َ‬ ‫عر َج ْ‬ ‫ت بينَ ي َديها أمنياتُ‬ ‫األندلس ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪..............‬‬ ‫ْ‬ ‫قا َل ‪ْ -:‬‬ ‫تلك و ِ‬ ‫مصيبة ‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫كنت ستدري َ‬ ‫إن َ‬ ‫ّ‬ ‫ماح ‪.‬‬ ‫س ْ‬ ‫إن فيها شبهَ قل ٍ‬ ‫ب قد خال منهُ َ‬ ‫ْ‬ ‫مصيبة ‪،‬‬ ‫ذاك أدهى من‬ ‫قلتُ ‪ :‬إنّي لستُ أدري َ‬ ‫استراح ‪.‬‬ ‫عقلي منّي ‪ ،‬فأرا َح و‬ ‫قد ذوى‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪........‬‬ ‫س و ولّى ‪ ،‬يبتغي ِبيدًا جديدةْ ‪.‬‬ ‫س ال َم ُّ‬ ‫يَ ِئ َ‬ ‫المجنون ّإل ْ‬ ‫ُ‬ ‫أن يُعي َد ْه ‪.‬‬ ‫و أبى‬ ‫‪........‬‬



‫لم ال‪.......‬؟‬

‫مجدي الشاعر‬ ‫لم ال نردد أننا‬ ‫يوما ً تمر ّدنا على‬ ‫قيد الحياة‪.‬‬ ‫ومضينا ننشد حبّنا‬ ‫أنشودة ً مكتوبةً‬ ‫فوق الجباه‪.‬‬ ‫و ضممنا أوراقَ الخريف‬ ‫لصدرنا‬ ‫سمت فوق الشفاة‪.‬‬ ‫فتب ّ‬ ‫وبنينا فى أوطاننا‬ ‫وطنا ً‬ ‫للحب ال ندرى مداه‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫و زرعنا فيه شوقنا‬ ‫أسطورة ً‬ ‫يشدو بها الطير غناه‬ ‫و زهدنا‬ ‫عالم من الزيف‬ ‫كم أشقى قلوبا ً‬ ‫فى هواه‪.‬‬ ‫لم ال‪......‬؟‬



‫أنت الحكاية‬

‫دعد غانم‬ ‫زدني عشقا فيضا وشغفا‬ ‫واطل على مقلتي الدامعة ‪..‬‬ ‫شوقا‬ ‫حقيقة كنت او طيفا‬ ‫وعلى قارعة الجنون‬ ‫اتركني‬ ‫امارس طقوس امواج عشقي‬ ‫وانانية طفولتي وحمقي‬ ‫انا اليوم عاشقة غجرية‬ ‫اطرق باب الدجالين‬ ‫مسرعة الخطى كالمجانين‬ ‫احاكي الجان‬ ‫اسقيك ماء مسحورا‬ ‫مخدر ‪...‬انت‬ ‫بدفئي وعشقي‬ ‫وعطري الساكن فيك‬ ‫همسة رمشي‬ ‫فجرت صمت نبض اكتوى‬ ‫لوعة ‪...‬حنينا ‪..‬واشتياقا‬ ‫استحضر قصص الهوى‬ ‫واساطير‬ ‫اله الحب ‪..‬اله الجنون‬ ‫فينا اجتمعا‬ ‫ال شريعة ال قانون يحكمنا‬ ‫احيطك باسوار الهيام‬


‫كرحم ام ‪...‬ال وسيلة للعيش‬ ‫سوى انفاسي‬ ‫مقيد انت في انا‬ ‫قبل التكوين بأعوام‬ ‫ممتد الى المدى البعيد‬ ‫خلف حدود الالمعقول‬ ‫جنون ال يعرف المستحيل‬ ‫اغضب ‪..‬اصرخ ‪..‬ابكي ‪ ..‬ارقص طربا‬ ‫على صوت خلخالي المتمرد وال تتردد‬ ‫كن انت ‪..‬‬ ‫لغزا ال يفسر‬ ‫متن القصيدة‬ ‫وانت الحكاية كل الحكاية‬ ‫أحبك وأكثر ‪.‬‬




‫ّ‬ ‫والفن في ظ ّل الرأسماليّة‬ ‫مصير الثقافة‬ ‫د‪ .‬هويدا شريف‬

‫ـاص بــه‪ ،‬والثّقافــة مــن الخصائــص الحضاريّــة والفكريّــة التــي تتميّــز بهــا‬ ‫لــك ّل شــعب مــن شــعوب العالــم تــراث فكــري خـ ّ‬ ‫ي تراكمــي علــى المــدى ّ‬ ‫الطويــل ‪،‬كمــا أنهــا صقــل للنفــس والفطنــة والمنطــق وروح األ ّمــة والعنــوان‬ ‫ك ّل أ ّمــة ‪ ،‬ونمـ ّـو معرفـ ّ‬ ‫صعــب تمييــز واحــد مــن االخــر‬ ‫الرئيــس لهويتهــا ‪،‬وهــي شــكل مــن أشــكال التّعبيــر تســير جنبـا ً الــى جنــب الفــن‪ ّ،‬إذ مــن ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬هــذه الجدليّــة القائمــة ذاهبــة نحــو اإلندحــار والـ ّ‬ ‫ـزوال كيــف ذلــك والرأســمالية تســعى جاهــدة للقضــاء علــى الفــن وبالتالــي‬ ‫الثقافــة أي يعنــي المجتمــع؟؟‬ ‫ســلع المصنّعــة تخضــع الليــات وبنــى اقتصاديّــة واجتماعيّــة اســتهالكيّة والتــي كان لهــا بالــغ‬ ‫الثقافــة أضحــت مثلهــا مثــل ال ّ‬ ‫األث��ر علــى الجماليـ�ات والفــن ‪ ،‬إذ أخضع��ت “الحداث��ة” الفـ�ن لقواعـ�د ومعاييـ�ر المجتمـ�ع الرأسـ�مالي ‪.‬‬ ‫صحي ـ ٌح أن التقنيــات والتكنولوجيــا الحديثــة ‪،‬أدت الــى تثويــر التو ّجهــات الفنيّــة وظهــرت مــدارس وحقــول جديــدة تعتمــد‬ ‫بالكامــل علــى تلــك التقنيــات الحديثــة ‪،‬إال أن هــذا التنويــر لــم يخــدم الفــن مــن ناحيــة إال وقــد ألحــق بــه الضــرر مــن الناحيــة‬ ‫األخــرى ‪.‬‬ ‫قوتــه كأداة نقديّــة هدفهــا كشــف الحقائــق ‪ ،‬وأصبــح نقيضـا ً لهــذا التعريــف ‪،‬فصــار أداة لســلب الحقيقــة وتغييــب‬ ‫فالفــن فقــد ّ‬ ‫الوعــي ‪ .‬فالمجــات والتلفــاز وصفحــات الموضــة وغيرهــا مــن الفنــون الترفيهيــة قضــت علــى المعانــي الكليــة حــول صدق‬ ‫ي الثقافــي‬ ‫وأصالــة وثوريّــة العمــل الفنّــي الــذي ال بــد مــن أن يتــرك بصماتــه البيضــاء فــي عقــول نيّــرة تســعى إلــى ّ‬ ‫الرقـ ّ‬ ‫المزمــع تحقيقــه‪.‬‬ ‫ســامية الرفيعــة ‪ .‬فالعمــل الفنــي بطبيعتــه نقــدي والفــن دائم ـا ً فــي‬ ‫لذلــك ش ـ ّكلت الثقافــة المصنّعــة خطــرا ً علــى الفنــون ال ّ‬ ‫نقــاش مــع الواقــع ومــع ك ّل عمــل يقـدّم علــى أنــه فـ ّ‬ ‫ـن‪ ،‬نقــاش ثــوري نقــدي هدفــه الوصــول إلــى عالــم جمالــي حقيقــي يتمتــع‬ ‫بقـ ّـوة رفــض الواقــع المفــروض ‪ ،‬بــل ويتمتــع بامكانيّــة تثويــر هــذا الواقــع أيضـاً‪.‬‬ ‫بالتالــي فـ ّ‬ ‫ـإن للفــن مطلــق الحــق فــي تقييــم كل مــادة مفاهيميــة تس ـ ّمي نفســها فنّ ـاً‪ ،.‬وهــذه الجديّــة فــي تنــاول األعمــال ال‬ ‫تعتبــر تضييق ـا ً عليــه بــل تلــك هــي المعاملــة التــي يســتحق بهــا أن يعامــل بهــا أي فــن ‪ ،‬ألن الغايــة مــن أي عمــل ليســت‬ ‫المشــاهد الجماليــة فــي حـ ّد ذاتهــا ‪ ،‬بــل الحقيقــة فــي المجتمــع الرأســمالي اإلســتهالكي الحديــث الــذي يعمــل علــى تقويــض‬ ‫أي تيــارات معارضــة وتدجينهــا وتحويلهــا إلــى قــوى اســتهالكيّة ال تخــرج عــن المجتمع‪.‬كيــف ذلــك ؟وهــو وعــاء للحقيقــة‬ ‫يعكــس تاريــخ اإلنســان وأكثــر صدقـا ً مــن الحقائــق نفســها‪.‬ويمثل عالقــة العمــل مــع الحاضــر أو التاريــخ والرابــط بيــن هــذا‬ ‫العمــل وغيــره مــن األعمــال الفنيّــة ‪.‬لذلــك هــو وعــاء للحقيقــة ونتــاج حتميــات وظــروف تاريخيّــة وقوالــب اجتماعيّــة معيّنــة‬ ‫وفــي حيــن يخــرج العمــل مــن صلــب تلــك الحتميــات والقوالــب فإنــه ال يهــدف هنــا لخلــق عالــم اخــر تختبــىء فيــه أرواح‬ ‫ه ّ‬ ‫شــة ومكســورة بــل أداة لتغييــب الوعــي ‪،‬بــل يصبــح وعــاء لحقيقــة هــذا العالــم الــذي تكونــت منــه كل أجــزاء العمل‪.‬وكأننــا‬ ‫نســتطيع تعقــب الحقيقــة تعقبـا ً تاريخيّـا ً بتحليــل العمــل وفقـا ً لمعاييــر منهجيّــة ‪.‬‬ ‫هــذا التحليــل المنطقــي للــدور الســلبي الــذي تلعبــه الرأســمالية ‪ ،‬والمنطــق نفســه يقــول أن بفضلهــا لــن يبقــى فــن وال ثقافــة‬ ‫‪،‬ولكــن هــل مــن منطــق يقــول ســنبقى بــا تاريــخ وال هويــة فــي ظــل هــذه الرأســمالية ؟؟‬



‫حكاية شجرة مع ّمرة‬ ‫د‪ .‬ميراي أبو حمدان‬ ‫وقفَــت مترنّح ـةً تنعــي زمن ـا ً طوتــه ســحقات الدّهر‪،‬وناحــت فــوق ابتســامات األيام‪،‬فذرفــت الدّمــع ّ‬ ‫اللهــب‬ ‫ّ‬ ‫ســاعات مــع‬ ‫‪،‬وجفّفــت اللؤلــؤ الحائر‪،‬ولمــزت الجفــن‬ ‫البائس‪،‬فمزقــت أوردة القلــب الهجيــن ونثــرت غبــار ال ّ‬ ‫الرياح‪.‬وقــد جرحــت آهاتهــا بيــاض القلــب ‪،‬فضمدتــه بفيــض مــن حنــان ‪،‬وباركتــه بشــذى األمــان‪.‬‬ ‫مهــبّ ّ‬ ‫ســجدت خائــرة تلــوي جراحهــا ‪،‬وقــد ترامــت على أثقالهــا شــذرات الدهر‪،‬وتكاثــرت على أحمالها انكســارات‬ ‫مــر ّ‬ ‫الزمان‪.‬هــوذا النّــور يقــف تجاهها‪،‬وقــد أغــدق حبّــا ً وأبــرق‬ ‫ال ّ‬ ‫صخــر ‪،‬فأينعــت صبراًوأعلنــت َجلَــدا ً ّ‬ ‫والرحيق‪،.‬فأطفــأ‬ ‫بحنــان نبيــل‬ ‫بلمــس لطيــف وحضنهــا‬ ‫و ّداً‪،‬وحــدّق ثقالً‪،‬فغافلهــا‬ ‫ٍ‬ ‫‪،‬فطــوق بتالتهــا بالقــوة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ســاعات‪،‬عندها الحــت بمنديلهــا ّ‬ ‫الطاهــر إلــى‬ ‫جــأش ضعفهــا حتّــى أمســكت معــول الثّبات‪،‬ومضغــت علقــم ال ّ‬ ‫الزمــن الجميــل الــذي ســافرإلى عالــم الســكون ‪،‬وطافــت بذكرياتهــا وناحــت بأمنياتها‪،‬فضحكــت متجلّــدة‬ ‫وتن ّه��دت مس��حوقة وش�رـدت أي��ام ط��وال غاب��ت عنهـ�ا أحـلام ثقــال‪ ،‬ودامــت حزينــة مكلومــة تع ـ ّد خفقــات‬ ‫الرحــاب وتجلجــل ال ّ‬ ‫الرقــاب فشــعرت بتوقّــف‬ ‫شــوق أمــام أعيــن ّ‬ ‫العمر‪.‬عندهااشــت ّد الحمــل فــوق أكتــاف ّ‬ ‫األركان‪.‬أال ليـ�ت برــكان الهــوى يعوــد فيغـ�سل شــقائق النّعمــان‪.‬أال ليــت أغصــان النّــدى تزحــف إلــى‬ ‫أحضــان الحنــان وتغــدق حبّ ـا ً ولهفــة فــي وهــاد المــكان‬ ‫ـت عـ ّ‬ ‫ـذت الفرســان مــن فــم المــآن وعبــق‬ ‫ـرت شــوق اللئام‪،‬فأخـ َ‬ ‫ـزا ً يــا زمن‪.‬زلزلــت َوصــال الوئــام ‪،‬وقهـ َ‬ ‫دمـ َ‬ ‫العبيــر يبكــي الفرقان‪،‬فدسســت ّ‬ ‫الطعنــات فــي جســد األســد الجريــح وتغالبــت عليــه فــي ذبــح أمانيــه‪،‬‬ ‫وضللــت ّ‬ ‫ســرت وتر ّهلــت مــن وطــى‬ ‫الطريــق إلــى جــوف المحيــط تفتّــش عــن أغصــان شــجرة ثكلــى تك ّ‬ ‫ـن ســوى حنقــات ّ‬ ‫الزمــان ودغدغــات‬ ‫اآلهــات‪.‬أرادت طريقـا ً عامــرا ً بمحاســن األنواروظـ ّل الهجير‪،‬فلــم تجـ ِ‬ ‫األنصاب‪.‬هــي اشــتاقت ذرف الدّمــوع فــي حضــن األحبــاب ‪،‬واشــتاقت إلــى صمــت األحــزان الــذي ينبــع‬ ‫وجــدا ً ويطــوف حباً‪.‬ومــن أعلــى ناصيــة األشــجان كبُــر ال ّ‬ ‫شــوق إلــى أن المــس ســاقية الـدّم ‪،‬وأصبــح شــفا ًء‬ ‫للقهروســهادا ً للوجــد فــي ليالــي البــرد القــارس‪.‬‬ ‫أتــراك تعبريــن الســبيل وهــو مظلــم أيتهــا الشــجرة الكلمى؟وتنكبّيــن فــوق ذكريــات آلمتهــا زفــرات‬ ‫ِ‬ ‫المهاجع؟وهلــ تعيشيــن ضوض�اـء النف��س فيــ يومه�اـ الحاض��ر أم تعوديـ�ن إلـ�ى جم�رـ ّ‬ ‫الزم�نـ الغابــر؟ وهــل‬ ‫تأوهــات عرجــاء‬ ‫يتراكــم الحلــم فــوق الحلــم ويصبــح هبــا ًء منثــوراً؟ال لــن تعــودي إلــى مـ ٍ‬ ‫ـاض س ـ ِقم مــن ّ‬ ‫ت‬ ‫ت جمــر قلبــك فــي ســاقية عابــرة إلــى ســرداب الخالص‪،‬واغتســل ِ‬ ‫‪،‬فبالــت عليــه لعنــة األشــقياء؟وأفرغ ِ‬ ‫طهــارة وتن ّ‬ ‫شــقت نقــاوة ‪،‬فخرجــت إلــى الحيــاة صافيــة مــن شــوائب الجراح‪،‬والنّــور يلثــم منبتــك ويغــدق فــي‬ ‫حبّـ�ك حتـ�ى اشـ�ت ّد عـ�ودك وثقُلـ�ت موازينـ�ك‪.‬‬ ‫أحســنت صنعـا ً انــك حيــن تلوذيــن اآلالم وتقهريــن اآلثــام تغديــن كمثــل الفــارس الرابــح فــي معركــة األبطــال‬ ‫والقابــض علــى مشــعل العبــور إلــى ســكك النجــاة ‪،‬النجــاة مــن أهــوال الســاعات وفاجعــات الليالــي‪.‬‬ ‫ولكــن ‪...‬حيــن حــزنَ النــور اآلتــي مــن بعيــد جـ ّدا ً جاءهــا مودّعـا ً نبــض مائهــا وحــاوة رخائهــا ‪،‬فلـ ّـوح لهــا‬ ‫ـرت عــودة‬ ‫مفارقـا ً أســود كبريائهــا وعظيــم عطائهــا وغـ َ‬ ‫ـاب إلــى حيــث ال رجعــة وال ســام وال لقاء‪...‬وانتظـ َ‬ ‫النّورالمــودّع‪ ،‬وانتظ��رت رج��وع الوع��د المحت��وم ‪،‬فعتبتــ عل��ى غياب��ه وكلّم��ت وريقاتهــا الحزينة‪:‬قــد فــارق‬ ‫تنتظرنــي فــي مــكان آخــر مــن هــذا العالــم حيــث ال‬ ‫�اك ؟ هــل‬ ‫ه ّم��ي وحزن��ي ورح��ل‪ ،‬كيــف الس��بيل إلــى لقيـ َ‬ ‫ُ‬ ‫وجـ�وم وال غيـ�وم وال جـ�روح؟‪.‬‬ ‫ي ‪،‬ورح�لـ إل��ى أج�� ٍل قريــب‪ ،‬فاســتقامت تلــك‬ ‫عندهاغ�اـب عنه��ا األم�لـ الضعيـ�ف‬ ‫وجفــ النّــدى ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫سخــ ّ‬ ‫الش��جرة وأفرغ��ت ج�� ّل مخزونه��ا إل��ى ترب��ة األرض البهيّ��ة ‪،‬فأثرتهــا خمــرة ً وريحان ـا ً وذرفــت دمــوع‬ ‫الرحي��ل ‪،‬وترام��ت بي��ن أحضــان األق��دار ومضــت إلــى ســراب يمـ ّ‬ ‫ـزق األحــام إربـا ً إربـاً‪ ،‬ويشـتّت األدران‬ ‫ّ‬ ‫كرمــاد مبعثـ ٍـر خفيــف‪ ،‬وهــي قــد تالقــت مــع مالئكــة الخــاص وحيــدة صاغي ـةً ‪،‬وفــي جيدهــا أمطارمــن‬ ‫األعتـ�اب علـ�ى سـ�نين األمجـ�اد وسـ�قطات األحقـ�اد‪.‬‬



‫سيمياء الفضاء‬ ‫القصصي في الخيانة العظمى‬ ‫اسماعيل ابراهيم عبد‬ ‫القص الموجز( ج‪) 1‬‬ ‫القصة القصيرة جدا ً‬ ‫القصة الومضة تلك‬ ‫متشابهاتمتشابكات‪..‬‬

‫القصة‬ ‫القصة‬ ‫متشابهات‬

‫فــي ظــرف مجموعــة قصصيــة مثــل ’’ الخيانــة العظمــى‪ ,,‬لحنــون مجيــد ‪ ,‬نخلــص‬ ‫منهــا الــى نتائــج مم ِيــزة لــكل نمــط مــن تلــك المنجــزات الســردية اإليجازيــة ‪ ..‬القــص‬ ‫الموجــز يضــع فــي قائمــة تصانيفــه ‪ ,‬القصــة القصيــرة ‪ ,‬والروايــة القصيــرة ‪ ,‬والقصــة‬ ‫القصيــرة جــدا ً ‪ ,‬والقصــة الومضــة ‪ ,‬والومضــة الشــعرية الســردية ‪ .‬لكــن تعـ ُّد القصــة‬ ‫القصيــرة جــدا ً قصــة الحالــة الواحــدة لـــكل مــن (اللحظــة والفكــرة والحادثــة والمفارقــة‬ ‫الســاخنة والمجــاز اللغــوي ‪ ,‬والحادثــة) ‪ .‬ماعــدا هــذا فليــس ســوى أنمــاط جديــدة يُــراد‬ ‫لهــا أن تحتــل مكانتهــا العصريــة بيــن الفنــون الراكــزة تأريخيـا ً ‪..‬‬ ‫ربمــا ســيصير الخليــط الفنــي الجديــد للعالــم اإلفتراضــي مســاحة عريضــة ‪ ,‬ليــس‬ ‫لخلــط الفنــون فقــط ‪ ,‬إنمــا لخلــط الفنــون والمعــارف ‪ ,‬وإختــاف الواحــدة باألخــرى‬ ‫‪,‬مثــل اللــوح وظاللــه الفضائيــة ‪.‬‬ ‫المبــرز عالمــا ً (القصــة القصيــرة جــداً) ؟ إنــه‬ ‫تــرى كيــف نفهــم اليــوم هــذا اللــون‬ ‫ّ‬ ‫جديــد وجـدّي ولــه ســطوة إعالميــة علــى المســتوى التداولــي ‪ .‬إذا ً مــاذا فــي ’’ الخيانــة‬ ‫العظمــى‪ ,,‬المجموعــة القصصيــة للقــص القصيــر الموجــز ‪ ,‬مــن مؤشــرات تســهم فــي‬ ‫تبئيــر القصــة القصيــرة جــدا ً ‪ ,‬وتأصيلهــا محلي ـا ً وقليمي ـا ً لننظر[الطفلــة فــي العيــد‬ ‫لــم تعــرف الطفلــة ذات األربــع ســنوات مــا الــذي مـ ّ‬ ‫ـزق أطــراف ثوبهــا ‪,‬وال حتــى‬ ‫صاحــب األراجيــح الــذي نتــأ مســمار فــي آلتــه القديمــة ‪..‬التــي عرفــت ذلــك ولــم‬ ‫تســتطع إطفــاء بكائهــا ‪ ,‬عمتهــا التــي ال تعــرف الخياطــة ‪.‬‬ ‫قصص الخيانة‬ ‫العظمى ‪ ,‬ص ‪] 20‬‬


‫«‬

‫« والدة اآلالم مصدرها الطمع‪ ،‬وصناعة‬ ‫الفرح مصدرها القناعة»‬ ‫د‪ .‬حسن فرحات‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.