Ya7elween March

Page 1

‫‪NO. 3‬‬ ‫‪ •MARCH2018‬‬

‫يا حلوين‬

‫‪U.S BASED ARABIC LIFESTYLE MAGAZINE‬‬

‫من روائع الكالم‬ ‫عمر شبيل‬

‫منارة بريوت التاريخية‬

‫د‪.‬حسن فرحات‬

‫كوين أنيقة‬ ‫مريم باجي‬


‫ي‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫يو‬

‫ن‬

All rights reserved. Copyright held by HSF Media Inc. 2018. No reproduction, copying or pasting without expressed consent from HSF Media Inc. For permission or writing oppurtunities please contact: submissions@ya7elweenmagazine.com Magazine Founder: Dr. Hassan A Farhat MD Co-Founder: April Khan Chief Content Manager: Dinah Rashid Senior Arts Director: Saood Mukhtar North African Corespondent: Meriem Badji Editorial Member: Reyad Al-dellamy




‫المقامة اإلبليسية‬

‫شخصيات‪ ,‬أدبيات وإنتاج أدبي‪ ,‬مقامات بديع الزمان الهمذاني‬

‫المقامة اإلبليسية‬ ‫ضلَ ْلــتُ ِإ ِب ـاً ِلــي‪ ،‬فَخ َ​َر ْجــتُ ِفــي َ‬ ‫ســى ْبـ ُ‬ ‫َضــر‪،‬‬ ‫ـن ِه َ‬ ‫ـام قَــا َل‪ :‬أ َ ْ‬ ‫شـ ٍ‬ ‫طلَ ِب َهــا‪ ،‬فَ َحلَ ْلــتُ ِبــوا ٍد خ ِ‬ ‫َحدَّث َ ْنــا ِعي َ‬ ‫ـار ُمنَـ ّ ِو َرةٌ‪َ ،‬وأ َ ْن َمـ ٌ‬ ‫ســو َ‬ ‫طةٌ‪َ ،‬و ِإذَا‬ ‫ـاط َم ْب ُ‬ ‫صـ َّ‬ ‫ـار يَانِعَــةٌ‪َ ،‬وأ َ ْز َهـ ٌ‬ ‫ار بَا ِسـقَةٌ‪َ ،‬وأَثْ َمـ ٌ‬ ‫ـردَةٌ‪َ ،‬وأ َ ْشـ َج ٌ‬ ‫فَـإِذَا أ َ ْن َهـ ٌ‬ ‫ـار ُم َ‬ ‫الو ِحيـدَ ِمـ ْ‬ ‫علَ ْيـ ِه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ـرو ُ‬ ‫علَ ْيـ َ‬ ‫عنِــي ِم ْنـهُ َمــا يَـ ُ‬ ‫شـ ْي ٌخ َجا ِلـ ٌ‬ ‫ســلَّ ْمتُ َ‬ ‫س َ‬ ‫ـس‪ ،‬فَ َرا َ‬ ‫ـك‪ ،‬فَ َ‬ ‫ـن ِمثْ ِلـ ِه‪ ،‬فَقَــا َل‪ :‬الَ بَــأ ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ت‬ ‫ـك َو َو َجـ ْد َ‬ ‫ـت دَالَّتَـ َ‬ ‫ص ْبـ َ‬ ‫ـن َحا ِلــي فَأ َ ْخبَـ ْ‬ ‫ـوس فَ ْ‬ ‫َوأ َ َم َرنِــي بال ُجلُـ ِ‬ ‫ســأَلَنِي َ‬ ‫امتَث َ ْلــتُ ‪َ ،‬و َ‬ ‫ـرتُ ‪ ،‬فَقَــا َل ِلــي‪ :‬أ َ َ‬ ‫ـر ِوي ِمـ ْ‬ ‫ـك‪ ،‬فَ َهـ ْ‬ ‫عبي ـ ٍد‬ ‫ش ـيْئاً؟ قُ ْلــتُ ‪ :‬نَعَ ـ ْم‪ ،‬فَأ َ ْن َ‬ ‫ب َ‬ ‫ضالَّتِـ َ‬ ‫ـل تَـ ْ‬ ‫ئ القَ ْيـ ِ‬ ‫ـر ِ‬ ‫َ‬ ‫ـس‪َ ،‬و َ‬ ‫ار العَـ َ‬ ‫ش ـدْتُ ِال ْمـ ِـر ِ‬ ‫ـن أ َ ْش ـعَ ِ‬ ‫ط َرفَـ�ةَ فَلَـ� ْم يَ ْ‬ ‫َولَ ِبي�ـ ٍد َو َ‬ ‫�ك‪َ ،‬وقـ�ا َل‪ :‬أ ُ ْن ِشـ�د َُك م ِشـ ْ‬ ‫ْئ ِمـ ْ‬ ‫شـ�دَ‪:‬‬ ‫�ن ِش�ـ ْعري؟ فَقُلـ�تُ لَـ�هُ‪ِ :‬إي ِه‪ ،‬فَأ َ ْن َ‬ ‫ب ِل َ‬ ‫�ن ذ ِلـ َ‬ ‫�ر ُ‬ ‫طـ َ‬ ‫شـ�ي ٍ‬ ‫ْــت مــا بَانَــا *** َوقَ َّ‬ ‫بَــانَ ال َخ ِليــ ُ‬ ‫ــو َ‬ ‫طعُــوا ِم ْ‬ ‫صــ ِل أ َ ْق َرانــا‬ ‫ط َّوع َ‬ ‫الو ْ‬ ‫ط َولَ ْ‬ ‫ــن ِحبَــا ِل َ‬ ‫يــر قَــ ْد‬ ‫َحتَّــى أَتَــى َ‬ ‫لــى القَ ِ‬ ‫صيــدَةِ ُك ِلّهــا‪ ،‬فَقُلُــتُ ‪ :‬يَــا شَــ ْي ُخ هَــ ِذ ِه القَ ِ‬ ‫صيــدَة ُ ِل َج ِر ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫َح ِف َ‬ ‫ت األ َ ْخ ِبي��ةَ‪َ .‬و َو َرد ْ‬ ‫ع َرفَه��ا النِّ ْس ُ‬ ‫الص ْبيَ ُ‬ ‫ظتْ َه��ا‬ ‫ِت األ َ ْن ِديَ��ة‪ ،‬فق��ا َل‪:‬‬ ‫��وان‪َ ،‬و َولَج�� ِ‬ ‫ِّ‬ ‫��ان‪َ ،‬و َ‬ ‫دَعْنـ�ي ِم ْ‬ ‫اس ِشـ� ْعرا ً فَأ َ ْنشِـ� ْد ِني ِه‪ ،‬فَأ َ ْنشَـ� ْدتُهُ‪:‬‬ ‫ـ�ن هـ�ذَا‪َ ،‬و ِإ ْن ُك ْن َ‬ ‫ـ�ت ت َ ْ‬ ‫ـ�و ٍ‬ ‫ـ�ر ِوي ألَبـ�ي نُ َ‬ ‫ــر َربْعــا ً َ‬ ‫ـــيس‬ ‫ال أ َ ْنــد ُ‬ ‫ــوس *** َولَ ْســتُ أ َ ْ‬ ‫صبُــو ِإلَــى ال َحادِيــنَ ِب ْالـ ِع ِ‬ ‫ْــر َمأْنُ ِ‬ ‫غي َ‬ ‫ُب الدَّ ْه َ‬ ‫أ َ َح ُّ‬ ‫علَ ْي َهــا َ‬ ‫ــوس‬ ‫ــر َم ْن ِزلَــةٌ *** َو ْ‬ ‫غي ُ‬ ‫ْــر َم ْلبُ ِ‬ ‫صـــ ُل ال َح ِبيــ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ــق َم ْن ِزلَــ ٍة ِبال َه ْج ِ‬ ‫ت َمــا َكانَ أ َ ْ‬ ‫ــوس ت َ ْع َمــ ُل فِــي إِ ْخ َوانِنَـــا الـ ُّ‬ ‫ــر ْ‬ ‫يَــا لَ ْيلَــةً َ‬ ‫ـــوس‬ ‫ش ِ‬ ‫طيَبَ َهــا *** َو ْال ُك ُ‬ ‫غب َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َوشَــاد ٍِن نَ َ‬ ‫طقَ ْ‬ ‫ِيس‬ ‫ــر‬ ‫س ْ‬ ‫ــت ِب ْال ِ ّ‬ ‫ف ت َ ْســ ِبيحِ َوتَقــــــد ِ‬ ‫ــح ِر ُم ْقلَتُــهُ *** ُمزَ نَّ ٍ‬ ‫حــــل َ‬ ‫ــك ال َّ‬ ‫ـــيس‬ ‫ــاض َونُ ْس ِ‬ ‫ي قَ ٍ‬ ‫الريــقَ ِوال َّ‬ ‫نَازَ ْعتُــهُ ِ ّ‬ ‫شــيْخِ ِإ ْب ِل ِ‬ ‫ص ْهبَــا َء َ‬ ‫صا ِفيَــةًَ *** ِفــي ز ِّ‬ ‫لــوا *** َو ِخ ْفــتُ‬ ‫ـــــوس‬ ‫عتَــهُ ِإيَّــاي ِبال ُك‬ ‫ِ‬ ‫لَ َّمــا ث َ ِم ْلنَــا َوك ُّل الن ِ‬ ‫ص ْر َ‬ ‫َــاس قَــ ْد ث َ ِم ُ‬ ‫َ‬ ‫ط ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ســهُ *** فَا ْست َ ْشــعَ َر ْ‬ ‫َ‬ ‫ــو َم ِمــن ِكيسِــــي‬ ‫ت ُم ْقلتَــاهُ النَّ ْ‬ ‫طــتُ ُم ْست َ ْن ِعســا ً ْنومــا ً أل ُ ْن ِع َ‬ ‫علـــى تشَــعُّثِ ِه ِم ْ‬ ‫ــــيس‬ ‫ع ْ‬ ‫ــر ِش بَ ْل ِق ِ‬ ‫ــن َ‬ ‫ير َكانَ أ َ ْرفَــقَ بِــي *** َ‬ ‫َو ْامتَــدَّ فَ ْ‬ ‫ــوقَ َ‬ ‫ــر ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫صبَــاحِ َوقَــ ْد *** دَلَّ ْ‬ ‫يــس‬ ‫َو ُز ْرتُ َم ْ‬ ‫صبْــحِ أ َ ْ‬ ‫علــى ال ُّ‬ ‫ض َجعَــهُ قَبْــ َل ال َّ‬ ‫ــواتُ النَّ َواقِ ِ‬ ‫ــت َ‬ ‫ص َ‬ ‫ْــر َك ِم ْ‬ ‫فَقَــا َل‪َ :‬م ْ‬ ‫ـــيس‬ ‫ــن ت َ ْش ِ‬ ‫ــن ذَا؟ فَقُ ْلــتُ ‪ :‬القَ ُّ‬ ‫يس ِق ْس ِ‬ ‫ــم ِ‬ ‫ــس زَ َ‬ ‫ار‪َ *** ،‬والَبُــدُّ ِلدَي ِ‬ ‫ــت ِم ْ‬ ‫ْـلـــيس‬ ‫ــن َر ُجــل *** ٍفَقُ ْلــتُ َكالَّ فَإِنِّــي لَ ْســتُ ِبـإِب‬ ‫ــري أ َ ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫ــس لَعَ ْم ِ‬ ‫فَقَــا َل‪ِ :‬بئْ َ‬ ‫قَــا َل‪ :‬فَ َ‬ ‫ــرب ال َّ‬ ‫ــك هللاُ ِم ْ‬ ‫ــك‪ِ ،‬شــ ْع َر‬ ‫ــن شَــيْخٍ الَ أ َ ْدري أ َ ِبا ْنتِ َحا ِل َ‬ ‫عــقَ ‪ ،‬فَقُ ْلــتُ ‪ :‬قَبَّ َح َ‬ ‫شــ ْي ُخ َوشَــ َهقَ َوزَ َ‬ ‫ط َ‬ ‫َف أ َ ْم بِ َ‬ ‫َّ�اـر؟؟‪ .‬فَقَــا َل‪ :‬دَ ْعنِــي ِمـ ْ‬ ‫ـك ِم ْ‬ ‫اس َو ْه َ��و فُ َو ْيس ٌ‬ ‫ـن‬ ‫ط َربِـ َ‬ ‫ي��ر أ َ ْنـ َ‬ ‫��ن ِش�� ْع ِر أَبيــ نُ َ��و ٍ‬ ‫عي ٌ‬ ‫�ت أ َ ْس��خ ُ‬ ‫ِ��ق َ‬ ‫َج ِر ٍ‬ ‫ـت فِــي َ‬ ‫ُّور‪،‬‬ ‫ط ِري ِقـ َ‬ ‫ـك‪ ،‬فَـإِذَا لَ ِقيـ َ‬ ‫علــى َو ْج ِهـ َ‬ ‫ص ِغيـ ٌ‬ ‫ـر يَـد ُ‬ ‫َهــذا َ َو ْامـ ِ‬ ‫ـض َ‬ ‫ي َ‬ ‫ُور فِــي الـد ِ‬ ‫ـك َر ُجـاً َمعَـهُ نِحـ ٌ‬ ‫ُور‪ ،‬يُ ْز ِه��ى ِب ِح ْليَ ِتـ� ِه‪َ ،‬ويُبَا ِه��ي ِب ِل ْحيَ ِت�� ِه‪ ،‬فَقُ ْ‬ ‫علَــى ُحــو ٍ‬ ‫ور‪ِ ،‬فــي‬ ‫ت َم ْ‬ ‫صـ ُ‬ ‫َح ْ‬ ‫��ل لَ ـهُ‪ :‬دُلَّ ِنــي َ‬ ‫ـر ٍ‬ ‫��و َل القُ��د ِ‬ ‫ـور‪ ،‬يَ ْلـدَ ُ‬ ‫ـور‪ُ ،‬م ْخ َ‬ ‫غ ُّ‬ ‫ـر‪،‬‬ ‫طـ ِ‬ ‫ـر‪َ ،‬وأ ُ ُّمـهُ ذَ َكـ ٌ‬ ‫ـور‪ ،‬أَبُــوهُ َح َجـ ٌ‬ ‫بَ ْعـ ِ‬ ‫ـور‪َ ،‬ويَ ْعت َـ ُّم ِبالنُّـ ِ‬ ‫كالز ْنبُـ ِ‬ ‫ـف ال ُخصـ ِ‬ ‫ـض البُحـ ِ‬ ‫ـوس‪َ ،‬و ُهـ َـو فــي البَ ْيـتِ‪،‬‬ ‫ـب‪َ ،‬وباقِيـ ِه ذَنَـ ٌ‬ ‫ـب‪َ ،‬وا ْسـ ُمهُ لَ َهـ ٌ‬ ‫سـهُ ذَ َهـ ٌ‬ ‫ع َمـ ُل ال ُّ‬ ‫َو َرأْ ُ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ـب‪ ،‬لـهُ فِــي ال َم ْلبُـ ِ‬ ‫ـوس‪َ ،‬‬ ‫آفَـةُ َّ‬ ‫ـص‬ ‫ـر ٌ‬ ‫يب ال يَ ْنقَـ ُع‪ ،‬أ َ ُكــو ٌل ال يَ ْشـبَ ُع‪ ،‬بَـذُو ٌل ال يَ ْمنَـ ُع‪ ،‬يُ ْنمــى إِلــى ال ُّ‬ ‫الز ْيـتِ‪ِ ،‬شـ ِ ّ‬ ‫صعُــودِ‪َ ،‬والَ يَ ْنقَـ ُ‬ ‫َمالُـهُ ِمـ ْ‬ ‫ـك‬ ‫ـش َمعَـ َ‬ ‫ـرهُ‪َ ،‬و ُك ْنــتُ أ َ ْكت ُ ُمـ َ‬ ‫ـرهُ‪َ ،‬ويَ ْنفَعُـ َ‬ ‫ـك َمــا يَ ُ‬ ‫ســو ُء َك َمــا يَ ُ‬ ‫ـن ُجــودٍ‪ ،‬يَ ُ‬ ‫ضـ ُّ‬ ‫سـ ُّ‬ ‫ـك َحدِيثــي‪َ ،‬وأ َ ِعيـ ُ‬ ‫ـت فَ ُخـذَ اآلنَ ‪ ،‬فَ َمــا أ َ َحـدٌ ِمــنَ‬ ‫ـك أَبَ ْيـ َ‬ ‫فــي َر َخــاءٍ ‪ ،‬لَ ِ ّكنَـ َ‬


‫صيـدَة َ‪َ ،‬وأَنَــا ال َّ‬ ‫ال ُّ‬ ‫ـن ِمنَّــا‪َ ،‬وأَنَــا أ َ ْملَ ْيـ ْ‬ ‫اء ِإالَّ َو َم ْعـهُ ُم ِعيـ ٌ‬ ‫ـرة َ‪.‬‬ ‫شـعَ َر ِ‬ ‫شـ ْي ُخ أَبُــو ُمـ َّ‬ ‫ـت َ‬ ‫علَــى َج ِريـ ٍـر هـ ِذ ِه القَ ِ‬ ‫ســى ْبـ ُ‬ ‫ـام‪ :‬ث ُ ـ َّم َ‬ ‫ض ْيــتُ ِل َو ْج ِهــي‪ ،‬فَلَ ِقيــتُ َر ُج ـاً فِــي يَ ـ ِد ِه َمذَبَّ ـةُ‪،‬‬ ‫ـن ِه َ‬ ‫شـ ٍ‬ ‫ـاب َولَ ـ ْم أ َ َرهُ َو َم َ‬ ‫غـ َ‬ ‫قَــا َل ِعي َ‬ ‫َــار‬ ‫س ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫احبــي‪َ ،‬وقُ ْلــتُ لَــهُ َمــا َ‬ ‫ــر َجةً‪َ ،‬وأ َ ْو َمــأ َ إِلَــى غ ٍ‬ ‫فَقُ ْلــتُ ‪ :‬هَــذَا َوهللاِ َ‬ ‫ــم ْعتُ ِم ْنــهُ فَن َ​َاولنِــي ِم ْس َ‬ ‫فِ��ي ال َجبَ�� ِل ُم ْ‬ ‫ـك النَّــار‪ ،‬قَــا َل‪ :‬فَدَخ َْلت ُـهُ فَ ـإِذَا أَنَــا بإِ ِبلــي قَ ـ ْد أ َ َخ ـذَ ْ‬ ‫ت‬ ‫ـار‪َ ،‬و َمعـ َ‬ ‫ظ ِلـ ٍ�م‪ ،‬فَقَ��ا َل‪ :‬دُونَـ َ‬ ‫ـك الغَـ َ‬ ‫ـر‪ِ ،‬إ ْذ‬ ‫ـاض أَد ُّ‬ ‫سـ ْـمت َ َها‪ ،‬فَلَ َو ْيــتُ َو ُجو َه َهــا َو َردَ ْدت ُ َهــا‪َ ،‬وبَ ْينَــا أَنَــا فــي ِت ْلـ َ‬ ‫ـك ال َحال ـ ِة فــي ال ِغيَـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُب ال َخ َمـ َ‬ ‫ـام؟ قَــا َل‪:‬‬ ‫اك َو ْي َحـ َ‬ ‫س�لاَمش‪ ،‬فَقُ ْل��تُ ‪َ :‬مــا َح ـدَ َ‬ ‫ي تَلَقَّانِيــ بِال َّ‬ ‫ـك ِإلَــى َه ـذَا ال َمقـ ِ‬ ‫اإل ْس�� َك ْندَ ِر ِّ‬ ‫بِأَبِيــ الفَتْـ�حِ ِ‬ ‫ــك يــا أَبَــا الفَتْــحِ‪،‬‬ ‫َــام‪ ،‬قُلــتُ ‪ :‬فَ ْ‬ ‫اح ُكــ ْم ُح ْك َم َ‬ ‫َّــام‪ ،‬فِــي األ َ ْحــ َك ِام‪َ ،‬و َ‬ ‫َج ْ‬ ‫ــر ِام‪ِ ،‬مــنَ األَن ِ‬ ‫ــو ُر األَي ِ‬ ‫عــدَ ُم ال ِك َ‬ ‫ـ�ك‪ ،‬فَأ َ ْنشَـ�أ َ يَقُـ�و ُل‪:‬‬ ‫فَقَـ�ا َل‪ْ :‬‬ ‫ـ�ك ذَ ِل َ‬ ‫عـ�ودٍ‪ ،‬فَ ْقلـ�تُ ‪ :‬لَ َ‬ ‫علَـ�ى قَعُـ�ودٍ‪َ ،‬وأ َ ِر ْق لـ�ي َمـ�ا ًء فِـ�ي ُ‬ ‫اح ِملنِـ�ي َ‬ ‫طا ً‬ ‫ط َ‬ ‫شَــ َ‬ ‫َكلَّ ْفتُــهُ‬ ‫فِـــدَا ُء‬ ‫نَ ْفسِــي‬ ‫ـــح‬ ‫***‬ ‫ـــم‬ ‫فَأ َ ْسـ َج ْ‬ ‫ُمـ َحـ ِ ّك ٍ‬ ‫ال ُمخَــا َ‬ ‫َوالَ‬ ‫َوالَ‬ ‫َح َّ‬ ‫تَن َْحنَــ َح‬ ‫ط‪،‬‬ ‫ســ َح‬ ‫***‬ ‫ـحـيَتَـــهُ‪،‬‬ ‫ــك‬ ‫َمــا‬ ‫ِل ْ‬ ‫َم َ‬ ‫ث ُ ـ َّم أ َ ْخبَ ْرت ُ ـهُ بِخَبـ ِـر ال َّ‬ ‫ـرة ُ بِـ ِ ّ‬ ‫ش ـيْخِ‪ ،‬فَأ َ ْومــأ َ ِإلــى ِع َما َمتِ ـ ِه‪َ ،‬وقَــا َل‪َ :‬ه ـ ِذ ِه ث َ َمـ َ‬ ‫ـر ِه‪ ،‬فَقُلــتُ ‪ :‬يَــا أَبَــا الفَتْــحِ‬ ‫ـ�ك لَشَـ� َّحاذٌ!‬ ‫يـ�س؟ ِإنَّ َ‬ ‫شَـ� َح ْذ َ‬ ‫ت َ‬ ‫علـ�ى ِإ ْب ِل َ‬




‫يا زهر البيلسان‬ ‫د‪.‬هويدا شريف‬ ‫‪ ‬أمشي في دنيا الحزن‬ ‫أقطف الفرحه‬ ‫من نجمه الليل‬ ‫صباح‬ ‫وإشراقه ال ّ‬ ‫والنّهار الطويل‬ ‫أغرس الحبور‬ ‫في أطفالي‬ ‫في جيراني‬ ‫في ك ّل عابر سبيل‬ ‫و البرتقال الحزين‬ ‫يا زهر البيلسان‬ ‫من روح نيسان‬ ‫ّ‬ ‫تعن على بالي‬ ‫لياليك الغابره‬ ‫المشوقه‬ ‫وأحاديثك‬ ‫ّ‬ ‫سعاده أنت‬ ‫فال ّ‬ ‫واألغاني أنت‬ ‫طفلي المدلل أنت‬ ‫فأنت القلم الجوال‬ ‫في األفق السامي‬ ‫وبعض من‬ ‫تشيزوفرينيا الحروف‬



‫كوني أنيقة‬

‫مريم باجي‬

‫آنستي أو سيدتي ‪ ،‬األناقة هي نصف الجمال ‪ ،‬و من بين أكثر األمور التي تدل أن صاحبها‬ ‫مميز ‪ .‬لذلك يجب عليك أن تهتمي بأناقتك جيدا ‪ ،‬و األناقة بمفهومها الحقيقي هي أن تكوني‬ ‫دائما بمظهر خارجي مميز و جذاب يستحسنه كل من يراك به ‪ ،‬و ال ترتبط األناقة بكل ما‬ ‫تصدره دور الموضة ‪ ،‬ألننا في حاالت كثيرة نجد أشخاصا يتمتعون بأناقة تجذب االنتباه مع أن‬ ‫مظهرهم بسيط و مالبسهم بسيطة و ال تندرج في قائمة الموضة لتلك الفترة ‪ ،‬و سبب ذلك يعود‬ ‫للطريقة و األسلوب الذي تتبعه هذه السيدة في اختيارها مالبسها و تنسيقها ‪.‬‬ ‫أجل شخصية اإلنسان و إبداعه الداخلي لهما دور كبير في اختياراته الخارجية و من بينها‬ ‫مظهره و أناقته ‪ ،‬فنجده يبدع في تجميل نفسه و يحاول جاهدا أن يجعلها رائعة و جذابة ‪.‬‬ ‫األناقة عموما تعتمد على ما يختاره الشخص لمظهره الخارجي و أسلوبه في تنسيق ذلك عليه‬ ‫‪ ،‬و كما قلت سابقا هناك من يستطيع أن يكون أنيقا مع أنه ال يواكب الموضة بسبب شخصيته‬ ‫و إبداعه الداخلي ‪ ،‬لكن ماذا إن كان الشخص ال يتمتع بذوق داخلي أو شخصية فنية مبدعة‬ ‫هل يستطيع تنسيق مالبسه أو تجميل نفسه ليصبح أنيقا !؟ و ماذا عن الموضة هل تفيدنا عندما‬ ‫نكون من األشخاص الذين ال يتمتعون بذوق عال أو رفيع أو عندما ال نتمتع بشخصية مميزة‬ ‫تعرف كيفية اختيار األفضل لها !؟‬ ‫للذين يجدون أنفسهم غير موفقين في اختيارهم لما يلبسونه أو يظهرون به ‪،‬من األحسن أن‬ ‫يستعينوا بخبير في تنسيق المالبس ‪ ،‬ألنه سيساعدهم في اختيار ما يناسبهم كما أنه في كثير من‬ ‫األحيان يعرفهم بمميزاتهم التي كانوا يجهلونها و هي نفسها التي تجعلهم يفهمون ماذا يحتاجه‬ ‫مظهرهم لكي يكون أنيقا ‪ ،‬و ال نستطيع االعتماد على الموضة دائما للخروج من مأزق المظهر‬ ‫غير األنيقا ‪ ،‬ألن الموضة تصنع الجديد و ليس بالضرورة أن يكون مميزا دائما و من المستحيل‬ ‫أن تكون ما تصنعه الموضة سيناسب الجميع ‪ ،‬فإن اعتمد الشخص على الموضة كمعيار‬ ‫رئيسي في اختياراته لمظهره قد يختار أمورا أو مالبسا أو مظهرا ال يناسبه مما يجعله بعدها‬ ‫غير أنيق أو محط سخرية من غيره ‪.‬‬ ‫األناقة ال ترتبط بالماركات العالمية دائما وال بالفساتين الفاخرة وال باألمور التي تكلف ثمنا‬ ‫باهظا بل هي مرتبطة بالفن و إبداع الشخص في تزيين مظهره ‪ ،‬كما أنها ستكون أناقة غير‬ ‫عادية تجلب لصاحبها االنتباه إذا استطاع الشخص فيها االعتماد على ما يميزه دون أن يقلد‬ ‫غيره أو يجعل من نفسه شخصية أخرى ال تمثله ‪.‬‬



‫ال تقتلوا زرقةَ البحر فتُقتَلوا‬ ‫فاطمة حجازي‬ ‫ّ‬ ‫ي» ‪ ،‬والجمال مبتغى النّفوس‬ ‫الطبيعة كنز الوجود ‪ ،‬والمياه ّ‬ ‫سر الموجود « وجعلنا من الماء ك َّل شيء ح ّ‬ ‫بتنوع مظاهره الجغرافيّة ‪ .‬إنّه أيقونة ال ّ‬ ‫شرق ‪ .‬إنّه ألشبه بمنظوم ٍة موسيقيّ ٍة متكاملة‬ ‫‪ ،‬ولبنان بلد الخلود ‪ّ ،‬‬ ‫فلم أيتها األيدي ّ‬ ‫الظالمة تغتالين روح الوجود ؟!‬ ‫العناصر ‪َ ...‬‬ ‫سط ‪ .‬غطا ٌء أزرق يمت ّد على م ّد النّظر ‪،‬‬ ‫مع إشراقة القرص الذّهبي ‪ ،‬اقتادنا الحلم إلى شاطئ البحر المتو ّ‬ ‫براقة ‪ ،‬تغازل ضياء ال ّ‬ ‫شمس ‪ ،‬وتحوك معها‬ ‫ابتدا ًء من حبّات الجوهر األصفر ‪ ،‬النّائمة على كتف المياه ‪ّ ،‬‬ ‫الرمال نحيبًا ‪،‬‬ ‫ق ّ‬ ‫صة الكرة الملتهبة التي سيبتلعها البحر عند المغيب ‪ ...‬ولكن في ذلك اليوم ‪ ،‬كان غزل ّ‬ ‫وضياء ال ّ‬ ‫ستر معلنًا عن الجريمة ‪ ،‬باحثًا عن الفاعلين ‪ .‬كأنّه يسأل من اعتدى على‬ ‫عارا ‪ ،‬يكشف ال ّ‬ ‫شمس ً‬ ‫الرمل ‪ ،‬وأبكت عين ال ّ‬ ‫حرمة حبيب ال ّ‬ ‫شمس ‪ ،‬وأثارت غضب البحر‬ ‫آثارا قبيحة ‪ ،‬ألهبت نار ّ‬ ‫شمس ‪ ،‬مخلّفًا ً‬ ‫أقذار وأوراق ‪ ،‬معلّبات ‪ ،‬كراتين ‪ ،‬معادن وأخشاب ‪...‬هنا وهناك أكوا ٌم أكوام تناثرت‬ ‫أكياس وأكياس ‪،‬‬ ‫!‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وانتشرت ‪ ،‬وبعنفٍ اقتحمت عباب األزرق متغلغلةً في األعماق ‪ ،‬لتصل إلى األسماك ‪ ،‬إلى النباتات ‪ ،‬إلى‬ ‫قعر المياه ‪ .‬ولكن هدر الجبّار ‪ ،‬غضب وثار ‪ ،‬ونفض من بطنه زائرا ً فتّاكا ً ‪ ،‬هاج البحر ‪ ،‬وقذف الموج‬ ‫الملوثات ‪ .‬وكانت الكارثة ‪ ،‬فقد طرد من دخل باألمس ‪ ،‬ولكنّه اصطحب مع ثورته ذلك‬ ‫عاليًا ليطرد تلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫الجبل‬ ‫سط ‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫المكوم من مخلفات اآلدميّة اآلثمة‪ .‬فانت�ت الروائح الكريهة ‪ ،‬وعم الت ّ ّلوث شاطئ المتو ّ‬ ‫سموم بحرفة ومهارة ‪ .‬وهذا ّ‬ ‫الزرع ينمو ويكبر‬ ‫شريرة ‪ ،‬غرست بذار ال ّ‬ ‫الت ّ ّلوث مرض العصر ‪ ،‬سبّبته ي ٌد ّ‬ ‫غرس الت ّ ّلوث‪ ،‬وبدأ يحمل عنوان‬ ‫‪ ،‬واليوم هو دا ٌء خطير ‪ ،‬يزحف بجنوده نحو الغارسين ‪ ،‬قات ٌل جبّار ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الربو ‪ ،‬الحساسيّة‬ ‫مرض ق ّهار ‪ ،‬اسمه على المسامع إعصار ‪ ،‬من أمثاله ‪ :‬ال ّ‬ ‫ٍ‬ ‫والرئوي ) ‪ّ ،‬‬ ‫سرطان (الجلدي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬الطفح الجلدي ‪ ...‬فالمخاطر كثيرة ‪ ،‬وص ّحة اإلنسان هي الثمن ‪ ،‬فاألمراض تنتشر ‪ ،‬والجراثيم‬ ‫والميكروبات ستغتال العالم ‪ .‬أ ّما المخلوقات البحريّة ‪ ،‬التي هي غذاء مفيد لإلنسان ‪ ،‬ستكون سبب داء لمن‬ ‫يأكلها ‪...‬‬ ‫الرياح ‪ .‬فالهواء النقي بات ً‬ ‫غازا سا ًّما ‪ ،‬ونسيم البحر‬ ‫أ ّما البيئة ‪ ،‬فواحسرتاه على جنّ ٍة تصبح هشي ًما تذروه ّ‬ ‫اشمئزازا وكر ًها ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ً‬ ‫أكوام‬ ‫شاطئ الذي كان يحفل بالنّاس أصبح يشكو الوحدة ‪ ،‬ويطلب النّجدة من‬ ‫صار‬ ‫ٍ‬ ‫ق إلى منبوذ ‪.‬فجمال البيئة صار لوحةً ّ‬ ‫ٌ‬ ‫زيوت قذرة ‪،‬‬ ‫خطتها‬ ‫فاسدة ‪ ،‬طغت على بهائه ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحولته من معشو ٍ‬ ‫وأقال ٌم طاغية ّ‬ ‫خطت لوحا ٍ‬ ‫أفاعي تتلوى بقلب إسفلت داكن ‪ ،‬لتخفي محتواها‬ ‫ست في طيّاتها‬ ‫ت عمرانيّة ‪ ،‬د ّ‬ ‫َ‬ ‫قذرا ‪...‬‬ ‫ملوثًا ً‬ ‫‪ ،‬وأرسلته إلى البحر ليكب السموم في المياه الزرقاء الصافية ‪ ،‬ليصبح لون المياه عكرا ّ‬ ‫ف‬ ‫ف�‬ ‫إن للنظافة أهميّة كبرى في الحياة االجتماعيّة ‪ ،‬فتتمركز في طليعة األولويّات لرق ّ‬ ‫ي أي مجتكع ‪ .‬ي‬ ‫ّ‬ ‫بحق ك ّل فر ٍد يعتدي على البيئة ‪ ،‬مهما كانت اإلساءة التي يسبّبها‬ ‫الدول الغربيّة وضعت قوانين صارمة‬ ‫ٌ‬ ‫عنوان حضاري ‪ ،‬ودليل وعي وثقافة عند الشعوب ‪ .‬عدا عن أمن المحافظة على البيئة تش ّكل‬ ‫‪ .‬فالنظافة‬ ‫ً‬ ‫ب سياحي ‪ .‬فحبّذا مجتم ٌع‬ ‫عامل مه ًما في تنشيط القطاع الخدماتي في أي بلد ‪ .‬وأي ً‬ ‫ضا إنها تش ّكل عامل جذ ٍ‬ ‫وتطوره ملحوظ ‪...‬‬ ‫عنوانه النّظافة ‪ ،‬فرقيّه أكيد ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأخيرا ‪ ،‬فالحياة نعمةٌ إلهيّة ‪ ،‬فتم ّهل أيّها الباغي ‪ ،‬واحرص على حياتك ‪ .‬هل ّم إلزالة الغرس المميت قبل‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫والت ساعة مندم ‪...‬‬ ‫أن ينشر سمومه عليك ‪،‬‬ ‫َ‬



‫ف‬ ‫أرسة مجلة يا حلوين تبارك للشاعرة السورية ي� المهجر خلود حسن منذر صدور‬ ‫ديوانها األول بعنوان ‪ « :‬غربتان «‬ ‫ف‬ ‫الذي صدر عن مؤسسة سوريانا للطباعة واإلعالم ي� تاريخ ‪٢٠١٨/١٧/٢‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫إن َّ‬ ‫عمل ال ينفصل عن وجدانيات المرء وعن واقع الوطن األم ي� ًرفاهيته‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ضال دمر أمة ‪ ،‬وكم من‬ ‫قلم ٍ‬ ‫ومحنته ِّيستحق منا كل ّ االح�ام و التقدير ‪ ،‬فكم من ٍ‬ ‫كلمة حق أحيتها‪..‬‬ ‫ق‬ ‫ين‬ ‫المخلص� واألوفياء إىل ضمائرهم ‪ ،‬وأوطانهم ‪ ،‬واإلنسانية‪،‬‬ ‫ه وسيلة‬ ‫الكلمة‬ ‫تب�‬ ‫ي‬ ‫‪ :‬ف‬ ‫«� البدء كانت الكلمة»‬ ‫بالكلمة ينترص المرء ‪ ،‬كما قال السيد المسيح (ع) ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫م�وك لك أيتها الشاعرة ت‬ ‫ه‬ ‫وخلودا‬ ‫وجدانا‬ ‫فيها‬ ‫الوطن‬ ‫سكن‬ ‫ال�‬ ‫ألف ب‬ ‫ي‬ ‫وسكنت ي‬ ‫ً‬ ‫الياسم� ترافق األوفياء دوما ت‬ ‫ين‬ ‫ح� ولو‬ ‫بعد ليس ببعيد‪ ..‬فرائحة عبق‬ ‫الوطن عند ٍ‬ ‫سكنوا المهجر وأصبحوا تحت ت‬ ‫ال�اب ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لن تموت أمة أرتوى ترابها بدماء شهدائها األبرار وبأقالم شعرائها وكتابها األحرار‬ ‫ين‬ ‫المخلص� لها‪.‬‬ ‫د‪.‬حسن فرحات‬

‫كلمة اإلهداء للشاعرة خلود حسن منذر مبناسبة إصدار ديوانها ‪ :‬غُربتان‬ ‫وحده اإلنسان يدهشني يومياً!!!‬ ‫وحده يقودين اىل إنسانيتي كلام فاض منه الإلنسانية ومع متاديه باتجاه الحقد و الكراهية يزيد جذور وصايل‬ ‫باإللهية‪،‬‬ ‫وحده عندما يغضب جهارا اصمت أدبا و عندما يظرب سهامه حقدا يفوح عطري بلسم‬ ‫وحده االنسان من ُيلبسني رداء الفضيلة يف زمن قلت فيه الفضائل‬ ‫وحده االنسان ألبسني ثوب الشتاء فأزهرت أوراقي عىل شجرة الحياة‬ ‫أهدي ديوان غُربتـان الذي رأى النور بعد مسرية طويلة تجاوزت الخمسة سنوات‪ ...‬إىل كل من المست أنامله‬ ‫أوراقي و ملحت عيونه حرويف مع تحيايت‬



‫ُ‬ ‫ديوان غـربتان للشاعرة خلود منذر‬ ‫عل هالل‬ ‫تقديم الكاتب الناقد أحمد ي‬ ‫غربتان ‪ :‬صهيل عىل ش�فات الشعر ‪....‬‬

‫ب�ء يقلقه النبيل ‪ ،‬ث‬ ‫وأجمل الشعر ما يبوح بصمته ‪ ،‬ما ش‬ ‫وأك� من ذلك‬ ‫يف‬ ‫و� المدى المجدى لغربتان‬ ‫يحمل قارئه عىل كتابة شف ال‬ ‫ي‬ ‫ينته ي‬ ‫‪ ،‬تصبح الكتابة ترجيع للبعيد ‪ /‬القريب ‪ ،‬ولتواتر رؤى ‪ ،‬ال تحفل‬ ‫تتط� منه لشعرية االلهام ‪ ،‬تقول الشاعرة خلود‬ ‫بالمكان فحسب ‪ ،‬بل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ٌ‬ ‫‪:‬‬ ‫آالم ‪ ،‬هكذا تقدمها‬ ‫نسغ‬ ‫من‬ ‫نقش‬ ‫قصد�‬ ‫غربتان‬ ‫ديوانها‬ ‫�‬ ‫منذر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫لتحت� بالحضور االخر رغم الغياب بل ‪ ،‬رغم ثيمات‬ ‫القصيدة ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫سوف تتبدى للقارىء ف� تواتر ت‬ ‫العال‬ ‫الظل‬ ‫صوت‬ ‫يدفع‬ ‫الذي‬ ‫اب‬ ‫االغ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ص�ورته ي�‬ ‫الكالم ‪،‬وتقول أيضا ‪ :‬أنا‬ ‫وصو� أشجار ‪ ...‬ليتم الشعر ي‬ ‫ي‬ ‫مقاربة الغياب ‪ /‬الحضور ‪ ،‬وانزياحات األنا الشاعرة اىل الممكن من‬ ‫الرؤيا ‪ ،‬ومن التقاط جمر الحكاية ‪ /‬الحكاية المؤسسة عىل المحلوم به‬ ‫‪ ،‬والمفارق ‪ ،‬أو الجميل المختلف ‪ ،‬ليست محض < عزلتان > سوف‬ ‫تاخذنا اىل نسيج لغة تمور ف� ضم� الكتابة ‪ /‬ضم� الشعر ‪ ،‬بقدر ت‬ ‫مأ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ومايواس ذلك‬ ‫محمولة عىل التمرد واالنتباه ‪،‬وانكسار دفء األحالم ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫القلق النبيل ‪ ،‬هو تاثيث اللغة بما وسعها من متخيل ‪،‬يجعل من >‬ ‫ف‬ ‫الحلم بقصيدة معلقة > ش‬ ‫م�وع رؤيا تذهب اليه الشاعرة ي� وضوح‬ ‫ف‬ ‫و� الرهان عىل تفجر لغة صافية ‪،‬نشهد فيها تطواف‬ ‫قولها الشعري ‪ ،‬ي‬ ‫روح جميلة ‪ ،،‬تحمل عىل تأويل ذلك القلق الفاعل ‪،‬واألنفتاح عىل‬ ‫ش‬ ‫فيمات� به قصائد مثقفة ‪ ،‬ايلة للذاكرة‬ ‫حموالته الداللية ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫المع� والسياق وداللة االفعال المضارعة ‪ ،‬نشيد كثيف‬ ‫غربتان ي�‬ ‫ن‬ ‫المع� ‪ ،‬لسنابل بوح ‪ ،‬تتخفف من < وقتها ال�ض ير > لتنجو بالجمال‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� ذلك رس ماهية الشعر ومحكياته ي� األزمنة المختلفة‬ ‫‪ ،‬الممكن ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫االغ�اب‬ ‫األث� ‪ ،‬بحث عن جدوى الشعر ي� تعليل‬ ‫‪،‬ولعل ي� المختلف ي‬ ‫سيكولوجيا وانطولوجيا ومنه ندلف اىل‬


‫حقيقته الشعرية المتجددة ‪،‬أي ف� ثيمة التمرد ث‬ ‫أك� من محض غرض شعري بعينه ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫اىل مايحملنا اليه تدوين المخيلة ‪ ،‬ولحظات استبصارها ‪ ،‬اذ الشعر هنا ي� التقاط ماهو‬ ‫ت‬ ‫االغ�اب > بحاسة الشعر‪.‬‬ ‫جوهري ‪ ،‬وما يجعل منه مرايا صافية لصحو الكالم ن وتعليل <‬ ‫تعب� صور مفكرة تحيل للتثاقف مع المكان ومع اللغة ‪ ،‬اذ اللغة ‪ ،‬ض‬ ‫حا�ة‬ ‫غربتان اذن ‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫ي� فعاليات أدائها وتخييلها ال وري ‪ ،‬وضبط نسبتها مع الواقع ‪ ،‬أي هو وقوف عند مجاز‬ ‫ت‬ ‫ال� يؤسسها ‪ ،‬بأدواته الراقية وبرؤيته ‪ ،‬النافذة لجوهر االشياء ‪ ،‬األشد تطلبا‬ ‫الحكاية ف ي‬ ‫لتجلياتها ي� الروح الشعري ‪،‬نحن اذن ومرة أخرى ‪ ،‬مع تجليات روح سامية ‪ ،‬بها نقاء‬ ‫ف‬ ‫ليحت� بثقافة الحياة‬ ‫الصوت الشعري ‪،‬الذي يكابد الغربة والفقد ويكابد كل النقائض ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫وه لحظة الشعر المتجددة ف ي� نهر اللغة الخالد‪.‬‬ ‫مختلفة‬ ‫لحظة‬ ‫�‬ ‫‪،‬وب ورة الشعر ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫بالحن�‬ ‫قصائد تاخذنا للتامل الطليق ‪،‬والنكشاف المرئيات ‪ ،‬امام عدسة ‪ ،‬اللغة ‪ ،‬المشبعة‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫المعا� بحساسية الجمال والخيال المؤتلفان والمتشاكالن حينا‬ ‫الصا� ‪،‬واستنطاق دوال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ ،‬ولهذا الصوت حينما يتصادى ف� فضاءات ‪،‬الراهن والمستقبل ث‬ ‫‪،‬أك� من ذروة جمالية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫سيقرع النقد اجراسها ‪ ،‬ف ي� تاليفه للحظات الشعر‪.‬‬ ‫بص� واحتمال وبمقدرة عىل‬ ‫وكيف‬ ‫وع شعري ينجز عالماته ‪ ،‬ب‬ ‫يدونها حدس قادر وبكفاءة ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫أنسنة االغ�اب ليصبح سفرا مفتوحا عىل ماتج�حه الشاعرة ‪ ،‬وما يصطفيه وجدها‬




‫يا أبتي‬ ‫عمر شبلي‬ ‫خضر ب ِه‪.‬‬ ‫يا أبتي‪ ،‬مجم ُع بحريْنا ال‬ ‫َ‬ ‫اليوم سفينتنا؟‬ ‫أخبرني من خرقَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قل لي‪ :‬من أغرق َمن فيها‪1‬ا؟‬ ‫يا أبتي‪َّ :‬‬ ‫الزيتون‪،‬‬ ‫ع على جب ِل‬ ‫إن يسو َ‬ ‫ِ‬ ‫يباي ُع قاتلَه من شدّدةِ أوجاعِ المسمار‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫قل‪ :‬ماذا نفع ُل يا أبتي؟‬ ‫والناس هنالك ينتظرونَ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قيامتَهُ؟‪.‬‬ ‫ماذا نفع ُل كي نُقنعَهُ؟‬ ‫ْ‬ ‫اإلذالل‬ ‫أخف من‬ ‫فالصلب‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫هل نصلبُهُ لو جاء إلينا ثانيةً‪،‬‬ ‫أو نتر ُكهُ في ُج ْل ُجل ٍة‬ ‫ْ‬ ‫اإلنسان‬ ‫عم ِر‬ ‫أطو َل من ْ‬ ‫حتى يتألّ َم يا أبتي!!‬ ‫ْ‬ ‫إنسان‪.‬‬ ‫ويعودَ إلينا في‬ ‫*****‬ ‫يا أبتي‪،‬‬ ‫ألبحر «يُخوت»‬ ‫ُ‬ ‫ونعيش على الرمضا ْء‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫بيوت‬ ‫غير‬ ‫من ِ‬ ‫وقنادي ُل الميال ِد َخبَ ْ‬ ‫زيت بها‪.‬‬ ‫ت ال‬ ‫َ‬ ‫قل‪ :‬يا أبتي‪،‬‬ ‫هل نخر ُج من «أَلَموت»‪ 2‬؟‬ ‫أرش ْدنا يا أبتي‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫نفعل؟‪.‬‬ ‫ماذا‬ ‫وضمير العالم صار مكانا ً مهجورا‬ ‫ُ‬


‫التمل ُكه‪ ،‬إالّ أن تفقدَهُ‪،‬‬ ‫وتصير من الشهداء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫السجن تموت‪،‬‬ ‫أحياناً‪ ،‬يا ولدي في‬ ‫ِ‬ ‫خلف جنازتِ َك الس ّج ْ‬ ‫ان‪،‬‬ ‫ويمشي‬ ‫َ‬ ‫السجن الس ّجان‪.‬‬ ‫ويعودُ إلى‬ ‫ِ‬ ‫وقد يغدو الس ّج ُ‬ ‫ان سجينا ً يا ولدي‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫الشمس‬ ‫لضوء‬ ‫الخير‬ ‫إن قا َل‪ :‬صبا َح‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫باسم هللاِ‪ ،‬وباسم الشعبْ ‪.‬‬ ‫قد خان‬ ‫الحاكم ِ‬ ‫َ‬ ‫باسم هللاِ‪،‬‬ ‫فالحاك ُم يحك ُم ِ‬ ‫وباسم الشعبْ‬ ‫ِ‬ ‫أرأيت لماذا يا ولدي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المسجون‬ ‫الوطن‬ ‫يتساوى في هذا‬ ‫ِ‬ ‫مع الس ّج ْ‬ ‫ان!!‬ ‫ْ‬ ‫سجين‪،‬‬ ‫فكال االثنين‬ ‫وكال االثنين َم ْ‬ ‫دين‪.‬‬ ‫يحاصرنا ‪.‬‬ ‫والخوف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الناس‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫والخوف غذا ُء جميعِ‬ ‫الناس‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫والصمتُ ردا ُء حلو ِ‬ ‫الصمت منازلٌنا‬ ‫تتناو ُل هذا‬ ‫َ‬ ‫ت غذا ْء‬ ‫وجبا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت دعا ْء‪.‬‬ ‫وجبا ِ‬ ‫ومساجدُنا ْ‬ ‫فاصمت‪ ،‬إن الحيطانَ لها ْ‬ ‫ْ‬ ‫آذان‬ ‫ْ‬ ‫لكن‪ ،‬شكرا ً لألنترنيت‪،‬‬ ‫شكرا ً‬ ‫ْ‬ ‫للغوغل‪،‬‬ ‫يا أبتي‪.‬‬ ‫*****‬


‫عواصمنا تورا بورا‪.‬‬ ‫وجميع‬ ‫ِ‬ ‫يا ولدي‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫األوطان‬ ‫جدران‬ ‫هدّ َمها الساسةُ باإلذعان‪ ،‬وبالطغيان‬ ‫يا ولدي‪ّ ،‬‬ ‫إن الطغيانَ ُ‬ ‫ابن اإلذعان‬ ‫من كثرةِ ما متنا‬ ‫ْ‬ ‫أكفان‬ ‫ما عاد لنا‬ ‫ٌ‬ ‫وطن!!!‬ ‫ماذا يجدي‬ ‫خبر والس ّج ْ‬ ‫ان‪.‬‬ ‫يحك ُمه ال ُم ُ‬ ‫ض يا ولدي‪،‬‬ ‫نفر ْ‬ ‫ْفل ِ‬ ‫مات الس ّج ْ‬ ‫ان‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫السجن‪.‬‬ ‫لكن يا ولدي سوف يظ ُّل‬ ‫السجن لنا؟‬ ‫باب‬ ‫من يفت ُح َ‬ ‫ِ‬ ‫ألحاك ُم؟‬ ‫ال‪.‬‬ ‫خبر؟‬ ‫أل ُم ُ‬ ‫ال‪.‬‬ ‫تبصر في‬ ‫يا ولدي‪ :‬ال‪ ،‬لن‬ ‫َ‬ ‫هذا الوطن العرب ّ‬ ‫ي ِ الواسعِ‬ ‫إالّ‬ ‫المخبر والس ّج ْ‬ ‫ان‬ ‫َ‬ ‫نشتاق إلى الس ّج ْ‬ ‫ُ‬ ‫ان‪،‬‬ ‫صرنا‬ ‫السجن لنا‪.‬‬ ‫باب‬ ‫كي يفت َح َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫نفعل!!!‬ ‫ماذا‬ ‫سو ُل أنت الحري ّْة‬ ‫تت َ َّ‬ ‫ِم ّمن؟‬ ‫ِمن فاقدِها؟!‬ ‫ي المهدور‪،‬‬ ‫حتى د ُم َك العرب ُّ‬



‫مدينة الفراغ‬

‫مرينا بريطع‬

‫وظل عىل مسافة منها‪ ،‬قبل أن يتق ّدم قلبه ليصافح قلبها كعادته‪..‬‬ ‫قلّب صفحات وجهها بحذ ٍر ّ‬ ‫السنوات تعادل ففي العمر‬ ‫كم طال عمر فراقهام؟؟! ذلك ليس مهامً فعالً‪ ،‬فالعمر ال معيار له‪..‬بعض ّ‬ ‫كل ما يه ّم اآلن أنّه‬ ‫ً‪...‬ربا مل يرها منذ ده ٍر أو بعض دهر‪.‬ال فرق‪ّ ،‬‬ ‫لحظ ًة‪ ،‬وبعض الّلحظات تنقيض دهرا ّ‬ ‫يقف عينيها املهجورتني كمدينة خاوية فارغ ٍة حتّى من األصداء‪...‬‬ ‫لوهل ٍة‪ ،‬انتابته رهبة من تطأ قدماه أرضاً غريب ًة أل ّول م ّرة‪ ،‬لك ّن شيئاً ما بداخله دفعه للتّق ّدم دومنا‬ ‫وجل‪..‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫‪...‬كل‬ ‫حرف ّ‬ ‫كل كلم ٍة فيها وأشعل ّ‬ ‫وكل أمني ٍة‪..‬لقد أضاء ّ‬ ‫كل حلم ّ‬ ‫هذه املدينة ‪..‬يألفها‪،‬يعرف فيها ّ‬ ‫وتحسس نبضها أل ّول م ّرة‪..‬‬ ‫‪،‬كل لهف ٍة ولفتة فيها‪..‬هو من اكتشف معاملها‪،‬‬ ‫وكل ابتسامة ّ‬ ‫تنهيدة ّ‬ ‫ّ‬

‫لطاملا جلس عند أقدام أهوائها‪ ،‬يستمع لرقرقة األمل تنساب بخ ّف ٍة دون أن يص ّدها قد ٌر‪ .‬لطاملا خ َّط‬ ‫شيئاً من نفسه عىل جذوع قصائدها‪ .‬لطاملا جلس عىل مقاعد أحاديثها املكتظّة بالخياالت‪ ،‬وارتشف معها‬ ‫السحر‪..‬‬ ‫قليالً من ال ّروايات املمزوجة بحالمة ّ‬ ‫هذه املدينة ليست غريب ًة‪...‬لقد متاهى مع صباحاتها حتّى بات يرشق ويغيب فيها‪ ،‬لكنه يعود ‪..‬كالفجر‬ ‫دوماً يعود‪.‬‬ ‫كل يشء فيها‪..‬اعتاد أن يجلس‬ ‫هذه املدينه‪ ،‬فيها بعض من أنفاسه وإحساسه وخوفه وجرأته‪..‬اعتاد ّ‬ ‫بعيدا ً‪ ،‬عند منعطف ال ّزمن ‪..‬يتأمل قطارات الحياة املزدحمة باالوقات الفارغة و األوقات املسافرة وتلك‬ ‫العائدة‪ ،‬واألخرى التّائهة‪..‬‬ ‫فكيف غدت تلك املدينة د ّوامة فراغٍ؟؟الصور تزيّن جدران ذاكرتها‪..‬ال أخيلة ‪ ،‬ال أحالم الأماين ال قصائد‪،‬‬ ‫ال قطارات زمنٍ ‪...‬ال اآلن‪ ،‬ال غدا ً‪..‬ال البارحة‪..‬ال هي ‪ ..‬ال هو‪..‬‬ ‫السكون أحكم قبضته عىل املكان‪..‬‬ ‫حاول أن ميسك بزمام صوته‪ ،‬أن يناديها‪ ،‬لك ّن ّ‬ ‫الخواء‪،‬يتحسس معامله للم ّرة األخرية‪.‬‬ ‫حاول أن يالمسها‪ ،‬لك ّنه كان يقرتب من‬ ‫ّ‬



‫ت‬ ‫ال�جمة وحوار الثقافات‬ ‫ت‬ ‫المهمش‬ ‫إس�تيجية تفعيل‬ ‫َّ‬ ‫د‪ .‬إبراهيم أحمد ملحم‬ ‫‪ 1‬ـ المقدمة‬

‫آ‬ ‫ث ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� نعقدهــا عــى مســتوى عالمــي‪ ،‬وعــى الرغــم‬ ‫مــا زالــت خطواتنــا متعــرة ي� خطــاب الخــر؛ فعــى الرغــم مــن المؤتمـرات الـ ي‬ ‫مــن اعتقادنــا‪ ،‬بعــد كل قائمــة كبـ يـرة مــن التوصيــات الـ ت‬ ‫ـ� نخــرج بهــا‪ ،‬وعــى الرغــم مــن دعواتنــا المتواصلــة إىل التســامح‬ ‫ي‬ ‫انطال ًقــا مــن تعاليــم الديــن‪ ،‬والعيــش الحضــاري المشـ تـرك‪ ..‬نجــد أنفســنا غالبــا مــا تحــاور مــن طــرف واحــد‪ ،‬وأن هــذا آ‬ ‫الخــر‬ ‫ً‬ ‫بــارد الحماســة ف ي� تغيـ يـر توجهاتــه‪ ،‬فهــل مفاتيــح حــل المشــكلة لدينــا نحــن العــرب؟ أعتقــد ذلــك‪ .‬إن هــذا البحــث يســعى‬ ‫ـ�‪ ،‬أ‬ ‫ال�جمــة إىل العربيــة‪ ،‬والثانيــة‪ :‬ت‬ ‫الوىل‪ :‬ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫ـ مــن خــال مقولتـ ي ن‬ ‫نجل�يــة ـ إىل ترســيخ جوانــب معينــة ف ي�‬ ‫ال�جمــة إىل اللغــة إ‬ ‫حوارنــا مــع الثقافــات‪ ،‬قبــل البــدء ف� تأســيس خطابنــا آ‬ ‫للخــر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪2‬ـ ت‬ ‫ال�جمة إىل العربية‬ ‫ال شــك ف� أن ت‬ ‫ال�جمــة‪ ،‬بصــورة عامــة‪ ،‬تشــكِّل العصــب الحيــوي القــادر عــى إحــداث التواصــل الفعــال ي ن‬ ‫بــ� الشــعوب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫وإحــداث «التعــارف» بـ يـ� المــم‪ .‬وإذا أحســنا توظيفهــا ي� حياتنــا‪ ،‬فإننــا نُحســن فهــم الخــر‪ ،‬ونحســن تأســيس خطابنــا لــه‪.‬‬ ‫ف‬ ‫كان النســان العـ ف‬ ‫ـرا‪ ،‬وأن معارفنــا حولــه غـ يـر كافيــة‬ ‫إ‬ ‫بي‬ ‫ـاس يـفـدرك أننــا تقدمنــا ي� الجانــب الروحــي كثـ ي ً‬ ‫ـر� ي� بدايــات العــر العبـ ي‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫وغ�همــا‪ .‬كنــا نــدرك أن‬ ‫إلقنــاع الخــر بمــا نمتلــك‪ ،‬فتوجهنــا إىل ال�جمــة � حقــل الفلســفة عنــد «أفالطــون» و»أرســطو»‪ ،‬ي‬ ‫للشــعر قيمــة مــا ف� الحيــاة‪ ،‬وهــي أنــه الــروح الثاني يــة الـ تـ� تبقــى بعــد رحيــل الشــاعر عــن الدنيــا‪ ،‬وهــو مــا أكــده أفالطــون �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الغريقيــة تحــل لنــا مشــكلة وجوديــة متأصلــة ي� الحيــاة‪ ،‬وكانــت كتــب‬ ‫«المأدبــة» بإحــدى محاوراتــه ‪ .‬لقــد كانــت الفلســفة إ‬ ‫ف‬ ‫ـف‬ ‫الطــب والصيدلــة والزراعــة‪ ..‬تحــل لنــا‪ً ،‬‬ ‫أيضــا‪ ،‬مشــكالت ي� الحيــاة الماديــة‪ ،‬ولهــذا ترجمنــا هــذه الكتــب‪ .‬ولكننــا لــم نكتـ ِ‬ ‫بامتــاك مــا لــدى آ‬ ‫الخــر‪ ،‬بــل أضفنــا إىل مــا ترجــم إلينــا إضافــات نوعيــة‪ ،‬أكــدت أننــا لســنا عب ًئــا عــى الحيــاة بــل إننــا جــز ٌء‬ ‫مــن حركتهــا‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا يجعلنــا جديريــن بهــا‪ ،‬ومــا يجعــل آ‬ ‫الخــر أكـ ثـر حاجــة إىل إنتاجنــا ومعرفتنــا‪ .‬هــذا مــا فعلــه علمــاء كثـ يـرون‪ ،‬منهــم‪ :‬جابــر‬ ‫بــن حيــان‪ ،‬وابــن ســينا‪ ،‬وهــذا مــا فعلــه آ‬ ‫الخــر حـ ي ن‬ ‫ـ� ترجــم بعــض مــا أنتجــوا‪.‬‬ ‫القــارئ ف ي� كل زمــن‪ ،‬يــدرك أن مــا يُ ت�جــم إىل لغتــه يعــد بـش ي ء يضيــف إىل الســائد أو الراهــن‪ ،‬وقــد نجحــت دور النـ شـر العربيــة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال�مجــة العصبيــة‪،‬‬ ‫كتبــا تم�جمــة تخاطــب إ‬ ‫النســان بأفــكار معــارصة تتغلغــل ي� صميــم حياتــه اليوميــة(‪ ،)2‬مثــل‪ :‬ب‬ ‫ـ� نـ شـرت ً‬ ‫الـ ي‬ ‫وإيقــاظ الحــواس الداخليــة‪ ،‬وفــن التعامــل مــع النــاس‪ ،‬والمذاكــرة الفعالــة‪ ..‬فحققــت مبيعــات كبـ يـرة‪ ،‬اكتســحت يغ�هــا مــن‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫النســان‪ ،‬أرادت أن تكــون كاســدة‪.‬‬ ‫بتقصدهــا غـ يـر مــا يخاطــب إ‬ ‫ـ� بقيــت كاســدة؛ لنهــا ُّ‬ ‫الكتــب الـ ي‬ ‫ف‬ ‫ـ�‬ ‫الثقافــة‬ ‫ي‬ ‫الجماه�يـ فـة ليســت ســاذجة‪ ،‬كمــا يعتقــد البعـ أـض‪ ،‬وقــد يكــون هــؤالء مــن النخبــة المؤثــرة ي� حياتنــا الثقافيــة‪ ،‬ولـ ي‬ ‫أكــون أكـ ثـر إقنا ًعــا � حديـ ث‬ ‫ـ�‪ ،‬ســأتحدث قليـا ً عــن «الدب‬ ‫ـع�»‪ ،‬ثــم أعــود إىل المحــور الرئيــس؛ فقــد كان اللجــوء إليــه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الشـ ب ي‬ ‫ف‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ت‬ ‫ـا� «الــراث والشــعر» ‪ ،‬فســقوط بغــداد ســنة ‪ 252‬هـــ‬ ‫ـكل جــارف ر َّد فعــل عــى تحــول الثقافــة‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫أكدتــه ي� كتـ ب ي‬ ‫بشـ ٍ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� الوقــت نفســه‪ ،‬كانــت هنــاك تحــوالت ي� الثقافــة تُشــعر المتلقــي‬ ‫جعــل العقــل العـ ب ي‬ ‫ـر� يُصــدم ب أــأن عــر القــوة يتهــاوى‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫أن هنــاك فجــوة بـ ي ن‬ ‫ـورا لبطوالتهــا‪،‬‬ ‫ـ� تلقــي الدب بالفصحــى‪ ،‬مــن جهــة أوىل‪ ،‬والثقافــة‬ ‫ي‬ ‫ـ� كان الشــعر مصـ ً‬ ‫الجماه�يــة الـ ي‬ ‫وربمــا بــدأت مظاهرهــا باديــة ف ي� قــول الشــاعر ب يأ� تمــام للمتلقــي الجماهـ يـري «لـ َـم ال تفهــم مــا يُقــال»‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة‪.‬‬


‫ال يُســتهان بطولهــا‪ .‬وقــد اتجهــت مقاصدهــم ف ي� اتجاهــات مختلفــة‪ ،‬منهــا‪ :‬تحقيــق المخطوطــات‪ ،‬وترجمــة معظــم مــا تــم‬ ‫تحقيقــه‪ ،‬وهــو مــا حقــق فائــدة مزدوجــة للــذات آ‬ ‫والخــر‪ .‬ولكــن عــدم الفصــل مــا بـ ي ن‬ ‫ـ� الواقعــي والمتخيــل أورثنــا مشــكالت‬ ‫ليــس مــن الســهل اســتئصالها مــن ثقافــة آ‬ ‫الخــر؛ تف�جمــة «ألــف ليلــة وليلــة» عــى ســبيل المثــال‪ ،‬جعــل المركــوز ف ي� التصــور‬ ‫ـالبا لحريتهــا‪ ..‬ال هــم لــه ســوى إشــباع نزواتــه‪ ،‬واســتغالل الســلطة الموكولــة‬ ‫ـر� أمهيم ًنــا عــى المـرأة‪ ،‬سـ ً‬ ‫ـر� للرجــل العـ ب ي‬ ‫الغـ ب ي‬ ‫ـ� بـ ي ن‬ ‫إليــه لســفك الدمــاء‪ .‬والمــر نفســه‪ ،‬يقــال عنــد الحديــث عــن جعــل دواويــن شــعراء ماجنـ ي ن‬ ‫ـر� بوصفها‬ ‫ـ� يــدي القــارئ الغـ ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫و�‬ ‫نموذجــا للنتــاج إ‬ ‫ً‬ ‫ـر�‪ ،‬كمــا هــو الحــال ي� شــعر ب يأ� نــواس الــذي حققــه المســت�ش ق اللمـ ي‬ ‫البداعــي العـ ب ف ي‬ ‫ـا� أإيفالــد فاغــر‪ ،‬ي‬ ‫ـي�‪.‬ن‬ ‫وأ� تمــام‪ ،‬وتغييــب كامــل للشــعراء الندلسـ ي‬ ‫ـ� ب ي‬ ‫المقابــل‪ ،‬عــدم االهتمــام الـ ي‬ ‫ـكا� بدواويــن شــعراء آخريــن كالمتنـ ب ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـر� روافــده متعــددة‪ ،‬منهــا‪ :‬الرســائل الجامعيــة الـ ت‬ ‫بال ي ز‬ ‫ال�يطانيــة‬ ‫مــا يُكتــب إ‬ ‫ـ� تُناقــش ي� الجامعــات ب‬ ‫نجل�يــة عــن الدب العـ ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـن تــزوج هنــاك‪ ،‬وأســس حيــاة تجعــل العــودة إىل الوطــن الم‬ ‫ـ� كتبهــا َمـ ْ‬ ‫ـ� فكُتبــت بهــا‪ .‬والعمــال الـ ي‬ ‫حيــث تُنــر باللغــة الـ ي‬ ‫ـن‬ ‫ـذرا‪ ،‬كمــا هــو الحــال ي� عــدد مــن أعمــال الطيــب صالــح الروائيــة‪ ،‬وعــدد مــن أعمــال كمــال أبــو ديــب النقديــة‪ ،‬أو َمـ ْ‬ ‫متعـ ً‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫حصــل عــى جائــزة عالميــة‪ ،‬ويريــد الخــر أن يعــرف كتاباتــه بلغتــه‪ ،‬كمــا هــو الحــال ي� أعمــال نجيــب محفــوظ الــذي حصــل‬ ‫ـ� عــرب يعملــون ف� الجامعــات هنــاك‪ .‬ف� أ‬ ‫عــى جائــزة نوبــل لـ آ‬ ‫ـ�داب ف� ‪ .1988‬إضافــة إىل دراســات أكاديميـ ي ن‬ ‫الحــوال كلهــا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫في‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ـال‪ ،‬وليــس إىل مــا‬ ‫البداعيــة غـ يـر قــادرة عــى التأثـ يـر ف ي� الثقافــة‬ ‫تبــدو العمــال إ‬ ‫ي‬ ‫الجماه�يــة؛ لنهــا ترتـ أـد ي� هــذه الحالــة إىل الخيـ ف ي‬ ‫يمكــن إدراجــه ف� الواقعــي‪ ،‬كمــا هــو الحــال ف� «ألــف ليلــة وليلــة»‪ ،‬أمــا كتابــات الكاديميـ ي ن‬ ‫تأث�هــا ي� إحــداث تغيـ يـر‬ ‫ـ�‪ ،‬فيبقــى ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مــا ف� الثقافــة الغربيــة عــن الصــورة النمطيــة للعــرب غـ يـر فعالــة؛ ألنهــا صيغــت للدارسـ ي ن‬ ‫ـ� أو النخبــة‪ ،‬وعــادة مــا تكــون معنيــة‬ ‫ي‬ ‫بالموضــوع المحــدد الــذي تتناولــه‪ ،‬وليــس بتصويــب أفــكار متداولــة خطــأ‪.‬‬ ‫ـر� بوصفــه إنســانًا‪ ،‬ينبغــي أن يحظــى بالحيــاة‬ ‫ـر� الجماهـ يـري قضايــا العـ ب ي‬ ‫إنهــا تغــدو مؤثــرة حينمــا ننقــل إىل القــارئ الغـ ب ي‬ ‫ن‬ ‫ـط� مــن خــال شــعر محمــود درويــش أو ســميح‬ ‫الكريمــة كغـ يـره مــن البـ شـر‪ ،‬فنســلط الضــوء عــى مأســاة شــعب فلسـ ي‬ ‫القاســم‪ ،‬وعــى الفقــر الــذي يــرزح عــى صـ ف‬ ‫ـر� مــن خــال الروايــة‪ ..‬ينبغــي أن نمتلــك‬ ‫ـدره ي� أماكــن مختلفــة مــن الوطــن العـ ب ي‬ ‫ف‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�يــة ف ي� كافــة مواقعنــا؛ فالكلمــة‪ ،‬هنــا‪ ،‬مســؤولية ليســت شــخصية بــل تتخطــى ذلــك‪.‬‬ ‫ـكا� عنــد الكتابــة باللغــة إ‬ ‫الوعــي الـ ي‬ ‫الخــر‪ ،‬وال تقــدم آ‬ ‫ال�جمــة تقــدم للــذات عــن آ‬ ‫ال�جمــة إىل العربيــة ليســت الطريــق الوحيــدة إىل حــوار الثقافــات؛ فهــذه ت‬ ‫ت‬ ‫للخــر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫الســاءة‬ ‫عــن الــذات‪ .‬مــن المؤكــد أنهــا تقــوي ي� داخلنــا الحاجــة للتكامــل مــع الغــرب لســد احتياجاتنــا‪ ،‬وغــض الطــرف عــن إ‬ ‫المــر نفســه ف� داخــل آ‬ ‫عــر التاريــخ الطويــل‪ ،‬ولكننــا بحاجــة إىل إحــداث أ‬ ‫الخــر‪ ،‬وال يكــون هــذا إال بتحقيــق نــوع مــن التــوازن‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫بـ ي ن‬ ‫جانبــا؛ لن مــا‬ ‫ـ� مــا يُ�جــم إىل العربيــة‪ ،‬ومــا ي�جــم إىل إ‬ ‫نجل�يــة‪ .‬وهــذا يوجــب طــرح فكــرة الربــح المــادي لمــا يُنـ شـر ً‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� تحركهــا مناســبة تجــري عــى‬ ‫يُ�جــم إىل الخــر ليســت لــه ســوق رائجــة إال مــا كان يحفــل بالمنفعــة‪ ،‬أو إحــداث الدهشــة الـ ي‬ ‫الســاحة‪.‬‬ ‫إضافــة إىل ت‬ ‫ال�جمــة‪ ،‬نحــن بحاجــة إىل تغيـ يـر حقيقــي ف ي� أســاليب تدريســنا العــام والجامعــي بحيــث نُس ـ ِّلط الضــوء عــى‬ ‫التعلــم التعـ ن‬ ‫ـاو� ‪ Cooperation Learning‬الــذي يحقــق فوائــد عــى مســتوى المجموعــة الواحــدة‪ ،‬فيســتفيد الضعيــف مــن‬ ‫ي‬ ‫القــوي‪ ،‬ويعــزز تبـن قـرارات غــر مترسعــة‪ ،‬ويؤكــد حــق آ‬ ‫ت‬ ‫ـ� عـ شـرة ســنة‬ ‫الخــر ف ي� االختــاف(‪ .)5‬إن‬ ‫ي‬ ‫تأســيس حيــاة الطالــب اثنـ ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـرا ي� الجامعــة‪ ،‬ســتؤدي إىل تأســيس رؤيــة‬ ‫عــى أســاليب التعليــم التقليديــة‪ ،‬ثــم نواصــل مــا بدأنــا بــه بصــورة ال تختلــف كثـ ي ً‬ ‫أحاديــة غـ يـر قــادرة عــى الحــوار‪ ،‬وغـ يـر قــادرة عــى اســتيعاب أن االختــاف‪ ،‬والتنــوع والتعــدد‪ ..‬مــن أبســط مبــادئ ث ـراء‬ ‫ز ت‬ ‫ـ� تســتثمر االختــاف ف ي� تشــكيل رؤيــة قويــة موحــدة(‪.)6‬‬ ‫الحيــاة‪ ،‬مــا دمنــا نمتلــك مقومــات الشــخصية القويــة المتمـ يـرة الـ ي‬ ‫ن‬ ‫ئيســا مــن حياتنــا التعليميــة‪ ،‬ســيكون جــز ًءا مــن حياتنــا اليوميــة‪.‬‬ ‫ـاو� جــز ًءا ر ً‬ ‫عندمــا يغــدو التعلــم التعـ ي‬ ‫‪ 4‬ـ الخاتمة‬ ‫إن إسـ تـراتيجية الحــوار مــع الغــرب باالعتمــاد عــى ت‬ ‫ال�جمــة ال يمكــن أن تكــون عــى قــدر كبـ يـر مــن الفعاليــة‪ ،‬إال إذا تضافــرت‬ ‫مــع أمــور أخــرى‪ ،‬لعــل أهمهــا‪ :‬تطويــر أســاليب التدريــس لدينــا‪ .‬والعمــل عــى وضــع قواعــد بيانــات ببليوغرفيــة عمــا ألــف‬ ‫باللغــة العربيــة أو ترجــم إليهــا حـ تـى يشــعر الباحــث أنــه ف� حــواره مــع آ‬ ‫الخــر ينطلــق مــن أرض صلبــة‪ ،‬ويشــعر أنــه قــوي‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ـا�‪ .‬والســعي إىل تحريــك كفــة المـ يـران لتتســاوى أو تقــرب مــن التســاوي مــع ترجمــة‬ ‫تب�اثــه وبحــا�ض ه الــذي لــم يكتـ ِ‬ ‫ـف بالمـ ي‬


‫البــداع إىل‬ ‫وأن مــا يُســمى «أدب العصــور المتتابعــة» أو «العصــور المظلمــة» كمــا يحلــو للبعــض تســميتها‪ ،‬قــد أحالــت إ‬ ‫أشــكال مصـ َّـورة‪ ،‬فظهــر المشـ َّـجر‪ ،‬وإىل مهــارات عقليــة‪ ،‬فظهــر التأريــخ بالشــعر‪ ،‬ومــا ال يســتحيل باالنعــكاس‪ ..‬وهــذا مــا‬ ‫الدب بالفصحــى إىل أ‬ ‫جعــل الثقافــة الجماه�يــة تنقــل رايــة البطولــة مــن أ‬ ‫الدب الشـ‬ ‫ـع�‪ ،‬ومــا جعــل مأســاة الشــاعر بعدئــذ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تعظــم؛ إذ إنــه فقــد الجمهــور الــذي يلتــف حولــه‪ ،‬ويؤكــد لــه أنــه ســيحظى بحيــاة أخــرى عـ بـر الشــعر‪ .‬ولعــل هــذا المــر‬ ‫أ‬ ‫اليغــال ف ي� تطويــر تجربتــه إىل درجــة الغمــوض الموصلــة إىل حــر التلقــي‬ ‫د�؛ أي إ‬ ‫فجعــل الشــاعر يركــز عــى بطولــة العمــل ال ب ي‬ ‫ي� دائــرة النخبــة‪.‬‬ ‫العالميــة الـ تـ� ترصــد انطباعــات المثقفـ ي ن‬ ‫ـ� العــرب‪ ،‬بعــد انعقــاد كل معــرض مــن معــارض الكتــب‬ ‫وإذا نظرنــا إىل التقاريــر إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـر�‪ ،‬فنجــد شــكوى ش‬ ‫و� المقابــل‪ ،‬نجــد نســبة مبيعــات‬ ‫النا�يــن مــن تـ ي‬ ‫الدوليــة ي� الوطــن أالعـ ب ي‬ ‫ـد� ش�اء أالكتــب الكاديميــة‪ ،‬ي‬ ‫الشــارة إىل أن الكتــاب يعيــش أزمــة تــدل‬ ‫مرتفعــة لقصــص الطفــال المقــروءة والمحوســبة‪ ،‬وكتــب الطبــخ‪ ،‬والبـراج‪ ..‬ونجــد إ‬ ‫ق‬ ‫عــى جهــل القــارئ المعــارص‪ ،‬وأن الكتــاب إ ت ن‬ ‫ـور�‪ .‬والحقيقيــة أنــه‪ ،‬مــن زاويــة أخــرى‪ ،‬يــدل‬ ‫و� بــات‬ ‫ً‬ ‫اللكــر ي‬ ‫منافســا للكتــاب الـ ي‬ ‫أيضــا‪،‬‬ ‫عــى وعــي القــارئ؛ فالتحــول عــن الشــعر ف ي� القديــم كان بســبب تحــول الثقافــة‪ ،‬والتحــول عــن الكتــاب الراهــن هــو‪ً ،‬‬ ‫بســبب تحــول الثقافــة؛ فالشــعر المقـ تـرن بالبطولــة حينمــا انهــار أمــام ذلــك التحــول‪ ،‬نقلــت الجماهــر الرايــةَ إليهــا‪ ،‬آ‬ ‫والن‪،‬‬ ‫يُ‬ ‫أصبحــت معظــم الكتــب أ‬ ‫الكاديميــة غـ يـر قــادرة عــى ممارســة جاذبيتهــا لــه؛ ألن دخــول «العولمــة» إىل حياتنــا واختالطهــا‬ ‫الجماه�يــة‪ ،‬فأصبــح الكتــاب الــذي يجتــذب القــارئ‬ ‫بالمــاء الــذي ن�ش بــه‪ ،‬وبالهــواء الــذي نتنفســه‪ ..‬أعــاد تشــكيل ثقافتنــا‬ ‫ي‬ ‫ـكالت إلنســان معــارص تواجهــه تحديــات متســارعة‪:‬‬ ‫ل�ش ائــه ينبغــي أن يحظــى بمواصفــات‪ ،‬أهمهــا‪ :‬القــدرة عــى حــل مشـ ٍ‬ ‫آ‬ ‫ســواء أكانــت صغـ يـرة أم كبـ يـرة‪ ،‬والقــدرة عــى عبــور الجــر المشـ تـرك بـ ي ن‬ ‫النســان أينمــا ُوجــد‪ .‬لمــاذا‬ ‫ـ� الــذات والخــر‪ :‬قضايــا إ‬ ‫تحقــق دواويــن الشــاعر نـزار قبـ ن‬ ‫ـا�‪ ،‬ف ي� كل معــرض مــن معــارض الكتــب‪ ،‬مبيعــات كبـ يـرة؟ ألنهــا كانــت‪ ،‬بــكل بســاطة‪ ،‬تخاطــب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫العاطفــة الـ تـ� قســمها هللا بـ ي ن‬ ‫النســان مــن التغلــب‬ ‫ـ� جميــع البـ شـر (الحــب)‪ ،‬ولنهــا تزيِّــن بالشــعر عالــ ًـما أكـ ثـر شإ�ا ًقــا‪ ،‬يمكــن إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫عــى أزماتــه المختلفــة‪ .‬ولمــاذا تحقــق كتابــات الناقــد إدوارد ســعيد الم�جمــة المــر نفســه؟ لنهــا كانــت‪ ،‬بــكل بســاطة‪،‬‬ ‫النســان وحاجاتــه الصغـ يـرة‪ :‬مــن‬ ‫ـر� خاصــة مــن العيــش بحريــة وكرامــة‪ .‬إن كل مــا يخاطــب إ‬ ‫تخاطــب مــا يمكــن إ‬ ‫النســان العـ ب ي‬ ‫أ‬ ‫الجماه�يــة‪.‬‬ ‫رواجــا وقــدرة عــى النفــاد إىل الثقافــة‬ ‫ي‬ ‫الطبــخ‪ ،‬والبـراج‪ ..‬وحاجاتــه الكبـ يـرة‪ :‬الحــب‪ ،‬والحريــة‪ ..‬يحقــق ً‬ ‫ال�جمــة؛ فمــا نريــده مــن الكتــب ت‬ ‫كان ال بــد مــن الحديــث عــن هــذه النقــاط حـ تـى أعــود إىل ت‬ ‫الم�جمــة أن تكــون قــادرة عــى‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ـر� يريــد التواصــل مــع‬ ‫مخاطبــة إ‬ ‫النســان أكــر ممــا هــي قــادرة عــى تقديــم معرفــة ج فزئيــة تخصصيــة؛ لن القــارئ العـ ب ي‬ ‫آ‬ ‫الخــر‪ ،‬ف‬ ‫قائمــا ليــس‬ ‫و� الوقــت نفســه‪ ،‬ال يريــد مزيـ ًـدا مــن إ‬ ‫الربــاك والتعقيــد ي� هــذا التواصــل‪ .‬وهنــا‪ ،‬يبــدو قطــب الرحــى ً‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـ� تت�جمهــا‪ ،‬بــل بمــدى حاجــة العقــل‬ ‫عــى أســاس تفاخــر دور النــر أو الجهــات المعنيــة بال�جمــة بضخامــة العــداد الـ ي‬ ‫الم�جمــة‪ ،‬واكتظــاظ دورياتنــا بالمقــاالت ت‬ ‫ـر� لمــا يُ ت�جــم‪ .‬إن إغ ـراق أســواقنا بالكتــب ت‬ ‫ـال‬ ‫الم�جمــة‪ ،‬ودعواتنــا بصــوت عـ ٍ‬ ‫فالعـ ب ي‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫� المؤتمـرات للتواصــل مــع الخــر عـ بـر ت‬ ‫ـتؤ� أكلهــا بصــورة ســلبية‪ ،‬وذلــك لســباب أخــرى غـ يـر مــا شأ�ت إليهــا‪،‬‬ ‫ال�جمــة‪ ..‬سـ‬ ‫ي‬ ‫يأ‬ ‫ال�جمــة الـ ت‬ ‫ـ� ت‬ ‫الول‪ :‬أن تعزيــز الحــوار مــن طــرف واحــد ســيبقى ُعرضــة للتغـ يـر؛ ألن مســتوى المقارنــة بـ ي ن‬ ‫ـ� تصــل إلينــا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـا�‪ :‬أن تعــرف آ‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الخــر كلمــا ازدادت نســبته‪ ،‬كانــت منبئــة بظهــور‬ ‫ـ� تصــل إىل الخــر مــا زالــت هزيلــة جـ ًّـدا‪ .‬الثـ ي‬ ‫وال�جمــة الـ ي‬ ‫اتجاهــات تنحــاز إىل صــف الـ تـراث وحــده‪ ،‬بوصــف هــذا االنحيــاز رد فعــل عــى مــا يجــري‪ .‬الثالــث‪ :‬أن غيــاب التنســيق بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ت‬ ‫الم�جمـ ي ن‬ ‫ال تن�نــت‪ ،‬ســيؤدي إىل جهــود‬ ‫ـ� العــرب‪ ،‬بســبب غيــاب قاعــدة ببليوغرافيــة تتوالهــا جهــة رســمية فتكــون متاحــة عــى إ‬ ‫تكــرر نفســها‪ ،‬بمعـىن ‪ :‬وجــود كتــب تم�جمــة متعــددة لكتــاب واحــد‪ ،‬وفـ ض‬ ‫ـو� ف ي� المصطلحــات(‪ ..)4‬مــا يجعــل المشــكلة تولــد‬ ‫مشــكالت يصــل حلهــا إىل درجــة التعقيــد‪.‬‬ ‫ليــس إيـراد أ‬ ‫الســباب الســابقة دافعــه الوصــول إىل حــث الخطــى عــى التباطــؤ ف� ت‬ ‫ال�جمــة‪ ،‬أو كبــح جماحهــا‪ ،‬ولكــن الوصــول‬ ‫ي‬ ‫إىل فكــرة‪ :‬أن وضــع الثقــل جميعــه ف� كفــة مـ ي ز‬ ‫ـران واحــدة ليــس مــن المنطــق ف ي� �ش ي ء‪ .‬وهــو مــا ســأتحدث عنــه ف ي� المحــور‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـا� مــن البحــث‪.‬‬ ‫الثـ ي‬ ‫‪3‬ـ ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ية‬ ‫ال�جمة إىل إ‬ ‫نشــطت حركــة ت‬ ‫نجل�يــة بعــد الثــورة العربيــة الكـ بـرى ســنة ‪ 1916‬الـ تـ� انحــرت بالمســت�ش ي ن‬ ‫ال ي ز‬ ‫ق�‪ ،‬وكان‬ ‫ال�جمــة مــن العربيــة إىل إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� جعلــت الســلطة العثمانيــة تتهــاوى بعــد حقبــة زمنيــة‬ ‫دافعهــا التعــرف عــى ثقافــة المــة الـ ي‬



‫الدراســات العربيــة الـ تـ� نعتقــد أنهــا تضيــف إىل الفكــر العالمــي‪ ،‬أو تصحــح النظــرة إىل العــرب والســام إىل اللغــات أ‬ ‫الخــرى؛‬ ‫إ‬ ‫آي‬ ‫آ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫حـ تـى نكـ بـر ف ي� عيــون الخــر‪ ،‬كمــا هــو الخــر كبـ يـر الن ي� عيوننــا‬

‫ين‬ ‫المارات العربية المتحدة‬ ‫الع� ـ جامعة إ‬ ‫‪ae.ac.uaeu@Mlhem.I‬‬

‫الهوامش‬

‫النا ف� الخطاب الشعري‪ ،‬دار الكندي‪ ،‬أ‬ ‫((‪(1‬انظر كتا�‪ :‬جماليات أ‬ ‫الردن ‪ ،2004‬ص‪.18‬‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫�ش‬ ‫ال� ن تها «دار جرير» مثالً‪ ،‬يؤكد لنا ذلك‪.‬‬ ‫((‪(2‬إن تصفُّح عناوين الكتب الم�جمة ي‬ ‫«ال�اث والشعر»‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬أ‬ ‫((‪(3‬للتفاصيل‪ ،‬راجع الباب أ‬ ‫الول من ت‬ ‫الردن ‪.2008‬‬ ‫الد� واللغويات‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الردن ‪ ،2004‬ص‪.11 _ 10‬‬ ‫((‪(4‬تناولت هذه القضية ي� كتاب‪ :‬الم�جمون العرب ي� النقد ب ي‬ ‫ث‬ ‫تع�ا‪ ،‬حولية اقرأ‪ ،‬ع‪ ،15‬الشارقة ‪ ،2012‬ص‪.83‬‬ ‫مقال‪ :‬نحو بحث علمي أقل ً‬ ‫((‪(5‬انظر ي‬ ‫((‪(6‬المرجع السابق نفسه‪.‬‬



‫قصائد في زمن العسرة‬ ‫عمر شبلي‬

‫جلستُ على ضفَّ ِة النهر‪ ،‬ألبس أهلي‪،‬‬ ‫غمام دمشقَ ‪،‬‬ ‫وأطوي‬ ‫َ‬ ‫سهُ في الطريق الطريق‪،‬‬ ‫أللب َ‬ ‫ُ‬ ‫دمشق معي‬ ‫وتبقى‬ ‫ْ‬ ‫قرطبة‪.‬‬ ‫إلى‬ ‫فرات لها‬ ‫وأبكي على نخل ٍة ال‬ ‫َ‬ ‫*****‬ ‫ال تمروا على جسدي انتبهوا‬ ‫فاليباب‬ ‫تسكن فيه األفاعي‬ ‫ويسكن فيه الخراب‬ ‫دمي ليس للعابرين شراب‬ ‫سأبقى السراب‬ ‫فسيروا فلن تصلوا لدمائي‬ ‫*****‬ ‫يا جسدي تعال‬ ‫فكيف تبقى ساكنا ً عند مصب الليل في النهار!!‬ ‫سيخجل الضياء من جنازتي‬


‫يا جسدي تعال‬ ‫*****‬ ‫أنت الرغيف‪ ،‬وأنت الجوع يا وطني‬ ‫*****‬ ‫من أين تنبع يا سراب؟‬ ‫من أدمع الموتى تجيء‪.‬‬ ‫ودموعهم تحت التراب؟‬ ‫تجف‪ ،‬وليس يخذلك اليباب‬ ‫أدري بأنك ال‬ ‫ُّ‬ ‫هل أنت تبع من دموع األمهات‪،‬‬ ‫جف في فمه اإلياب؟‬ ‫ومن‬ ‫أسير ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ال ب َّد من قتل الرمال لكي ت ُ َجفَّ َ‬ ‫يا سراب‬ ‫****‬ ‫ْ‬ ‫حمحمت لهفةٌ في ذلك الجس ِد‬ ‫لو‬ ‫ماذا سأطعمها؟‬ ‫*****‬ ‫يا أيها الغريب‬ ‫سر دائما ً‬ ‫ْ‬ ‫ال ب َّد من مناز ٍل تظهر في الطريق‪.‬‬ ‫مقابر تموت في الطريق‪.‬‬ ‫ال ب ّد من‬ ‫ٍ‬ ‫*****‬




‫جنوبية‪:‬‬ ‫ ‬

‫بقلم جمانة كرم عياد‬

‫جنوبيــة‪ ،‬نعــم جنوبيــة مــن العــر الجيولوجــي أ‬ ‫الول حـ تـى آخــر شــهيد عــى ثــرى الجنــوب الطاهــر‪،‬‬ ‫جنوبيــة مــن شــتلة التبــغ حـ تـى مح ـراث والــدي المصنــوع مــن ســنديان جبــل عامــل‪ .‬جنوبيــةٌ مــن‬ ‫القاســمية حـ تـى مصبــه ف ي� البحــر‪ ،‬ومــن قلعــة شــقيف حـ تـى تفاصيــل أرض الجنــوب الشــهيد الحــي‪.‬‬ ‫من المالكية ت‬ ‫ح� القرى الممتلئة بالزيتون والزيزفون‪.‬‬ ‫ض‬ ‫ـو�‬ ‫ـ�‪ ،‬فلــن تــرى حفنــة تـراب جنوبيــة لــم تُع َّطـ ْـر بدمــاء جنـ ب ٍّي‬ ‫أر� أ المصنوعــة مــن أجســاد أهـ ي‬ ‫إنهــا ي‬ ‫بطــل‪ .‬والرض تُعـ َـرف ملكيتهــا مــن أمواتهــا وتشــابه الشــجر والبـ شـر‪.‬‬ ‫ت‬ ‫تعــر بهــا فتــاة إال ّ ووهبتهــا جمالهــا وقامتهــا‬ ‫جنوبيــة‬ ‫الــ� لــم ب‬ ‫ي‬ ‫بجمــال الموهــوب مــن الحقــول ي‬ ‫ــل عيونهــا الحــوراء‪.‬‬ ‫الهيفــاء َ‬ ‫وكح ِ‬ ‫ن‬ ‫ـ� جنوبيـ ت‬ ‫ـو� حـ ي ن‬ ‫العالقــة بـ ي ن‬ ‫ـ� أراد‬ ‫ـ� وثــرى الجنــوب المعصــوم عــن الزلــل أدركهــا‬ ‫الغاصــب الصهيـ ي‬ ‫ي‬ ‫ـ� أراد أن يجعــل قرانــا تشــبه ســحنته أ‬ ‫الع�يــة‪ ,‬وحـ ي ن‬ ‫الجنبية‪ .‬ولكــن أرض الجنوب‬ ‫ترجمــة القاســمية إىل ب‬ ‫قالــت‪ :‬ال بأصــوات رصــاص أبنائهــا الغيــارى الذيــن أقســموا عــى الــوالء للجنــوب‪ ،‬وعقــدوا العــزم أن‬ ‫تبقــى قلعــة شــقيف شــامخة وعاليــة وعصيــة عــى الغاصبـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫البــاء أ‬ ‫ـا� للمالكيــة مهــد آ‬ ‫جنوبيــة بانتمـ ئ‬ ‫والجــداد الخالديــن بأعمالهــم العظيمــة الـ ت‬ ‫ـ� وهبهــا الجنــوب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بانتمــا� لذلــك أ‬ ‫ئ‬ ‫الب الــذي تجمعــت ف ي� شــخصيته كل صفــات الجنــوب‬ ‫لهــم‪ .‬وســأبقى فخــورة‬ ‫أي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـدت مــن‬ ‫ـأ� ولـ ُ‬ ‫ـ� ورثهــا كابـر ًا عــن كابــر‪ ,‬وســأبقى فخــورة بـ ي‬ ‫الخالــدة‪ ،‬تجمعــت فيــه مــكارم الخــاق الـ ي‬ ‫ـول مقدســة‪ ،‬قلبهــا يســع الدنيــا بعطائــه ووفائــه ونقائــه‪.‬‬ ‫ام ـرأة بتـ ٍ‬ ‫جنوبيــة أنــا حـ تـى النخــاع الشــوك‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫ـ� أمــوت ســيعيد الجنــوب صنعــي ألعــود ذرة مــن ترابــه‪ .‬أحب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـو�‪ .‬أنــا ال أرى جهــة أخــرى ي� هــذه الدنيــا‬ ‫الجنــوب حــى االمتــاء وأفخــر بأن ـ ي جنوبيــة بنــت جنـ ب ي‬ ‫ـت وجهــي فثمــة جنــوب‪ ،‬وثمــة أرض جنوبيــة تحفــظ بنيهــا كمــا يحفظونهــا‬ ‫إال الجنــوب‪ .‬أينمــا يممـ ُ‬ ‫بالمــوت ف ي� ســبيل صــون عزتهــا وكرامتهــا‪ .‬أنــا لــن أخلــع الجنــوب مهمــا حــاول الغاصــب‪ .‬وســأبقى‬ ‫جنوبيــة ف ي� الحيــاة والممــات‪.‬‬



‫مرثيّاتي‬ ‫د‪ .‬هويدا شريف‬ ‫في دروب الحب‬ ‫تاهت ّ‬ ‫الطريق من‬ ‫أقدامي‬ ‫خسرت شجاعتي‬ ‫وإقدامي‬ ‫وعدت ككل العاشقات‬ ‫خائبة‬ ‫أحمل فوق أكتافي‬ ‫جراحاتي‬ ‫وأالالمي‬ ‫وعكفت على ورقة‬ ‫بيضاء‬ ‫كقلبه‬ ‫أكتب مرثياتي‬ ‫بدمع أقالمي‬ ‫يا فارس أحالمي‬ ‫وأوهامي‬ ‫من أنت‬ ‫وأين أنت‬ ‫يا صاحب القلب‬ ‫االبيض‬ ‫والرداء‬ ‫األبيض‬ ‫أال تعلم كم أتألم‬ ‫غبت‬


‫دون سؤال‬ ‫وكأني‬ ‫ال أخطر لك ببال‬ ‫أرسل لك المرسال تلو المرسال‬ ‫وأنت تسوق لي‬ ‫الدّالل‬ ‫واللؤم‬ ‫كأيامي‬ ‫واآلن‬ ‫لعله حان األوان‬ ‫ان أكسر كفة الميزان‬ ‫وأستفيق‬ ‫من دنيا الوهم‬ ‫يا رفيق‬ ‫أضناني‬ ‫هدّني ال ّ‬ ‫شوق العتيق‬ ‫سأبحث‬ ‫عن الطريق‬ ‫يا هيامي‬ ‫ولكنني لن أعود‬ ‫لن ألقي المزيد من العهود‬ ‫سأحطم في روحي‬ ‫الناي والعود‬ ‫ولن أغني لعينيك‬ ‫تشيزوفرينيا الحروف‬




‫منارة يب�وت التاريخية‬ ‫د‪.‬حسن فرحات‬

‫ال�ق ‪،‬و الوجوه ّ‬ ‫ه منارة عاصمة ش‬ ‫العاشق� ‪ ،‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫ب� صخور شاطئها يلجأ إليها‬ ‫الن�ة ومرآة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫ف‬ ‫العشاق كلما أحسوا بحرارة الطقس و الجسد‪ ،‬حيث ينساب بينهم شعور جميل ودا�ء ‪،‬‬ ‫الجسد وأتعب النفس‬ ‫فسحة أمل‬ ‫ينتظرونها بشغف ولهفة بعد عناء ٍ‬ ‫يوم طويل ٍ‪ ،‬ضأنهك َّ​َ‬ ‫ف‬ ‫من ث‬ ‫التفك� ي� المستقبل الغامض األفق وصعوبة الحا� المكبل بهموم الدهر‬ ‫ك�ة‬ ‫ي‬ ‫وصعوبات الحياة وتعقيداتها‪ّ .‬إنها ّ‬ ‫تع� عن ض‬ ‫ض‬ ‫وحا� ومستقبل عاصمة الرؤية والحب‬ ‫ما�‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫والعشق ‪ّ ،‬إنها دون ن‬ ‫أد� شك منارة الوجود‪ ،‬وهوية طائر الفنيق الذي ترك بصماته عىل‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يتحمل آالم وآهات ش‬ ‫الب� ‪ ،‬ولكن روحه بقيت‬ ‫أعمدتها ورحل بعيدا بجسده ألنه لم‬ ‫ُ ّ‬ ‫ف‬ ‫تحلق ي� سمائها باعثة بنافذة أمل للعشاق‪ .‬ولكن يا لألسف رائحة كريهة تتصاعد منها‬ ‫عندما يبدأ زوار الليل بالوفود إليها ‪ ،‬تقلق ّ‬ ‫كل ذي عاشق يملك حاسة شم رهيفة ‪.‬‬ ‫كث�ة مطروحة عىل الرأي العام ‪ ،‬أولها لماذا يحدث هذا ؟ وثانيا ‪،‬لماذا تنعدم‬ ‫أسئلة ي‬ ‫خ‬ ‫التاري� والحضاري الذي هو وجه البلد والمدينة‬ ‫تجاه هذا المعلم‬ ‫ي‬ ‫مسؤولية الفرد ً‬ ‫والمواطن ‪ .‬وثالثا من هو المسؤول عن هذا اإلهمال ؟‪ .‬وأنا بدوري أسأل هذا اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الر ق ّ‬ ‫الوط� مفقود‬ ‫الحس‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫؟‪،‬‬ ‫مدينتك‬ ‫منارة‬ ‫نظافة‬ ‫عىل‬ ‫تحافظ‬ ‫ال‬ ‫لماذا‬ ‫والمثقف‬ ‫ا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫واألخالق بعيدة عن هذا المواطن ‪ ،‬أليس من واجب ش�طة البلدية أن تتفقد المنارة ليال‬ ‫ونها ًرا للوقوف عىل التجاوزات ت‬ ‫غ�‬ ‫ال� تحدث بحق هذا المعلم الحضاري عن‬ ‫قصد أو ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫قصد ‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫عذر ألي كائن يملك مواصفات اإلنسان المتح�ض ‪ ،‬الذي يحب مدينته ومنارته‬ ‫ليس هناك‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫ال� الحقا تنبعث منها الروائح الكريهة الم�ض ّ ة بالصحة البدنية‬ ‫أن يجعلها مكبا لالوساغ ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تتتج عن هكذا‬ ‫وبالحالة النفسية المالزمة للبدن‪ ،‬باإلضافة إىل الصورة ي‬ ‫غ� الحضارية ي‬ ‫ترصف غ� مسؤول ومتهور وغ� مبال ٍ للنتائج ت‬ ‫الم�تبة عليه ‪ ..‬الحقيقة الساطعة والجلية‬ ‫ي‬ ‫َّ ّ ي‬ ‫ه أن ليس باستطاعة الدولة أن تضع ش�ط ِّ‬ ‫لكل نفس ش‬ ‫ب�ية ‪ ،‬وأن تراقب ترصفات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫الب� عىل مدار الساعة ‪ .‬إنه العيب كل العيب لما آلت إليه أحوال وترصفات الب� بالرغم‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫مجاالت‬ ‫و� عالم التكنولوجيا ‪ ،‬ولكن‬ ‫الحياة‬ ‫جميع‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫من التقدم الهائل الذي حدث ي‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫لألسف هذه الترصفات لم تواكب هذا التطور الذي حصل وترجمته ي� سلوك حسن‬ ‫ُيحتذى به‪..‬‬


‫يا للخجل ! أال نخجل من أنفسنا ونحن نضع األوساخ وفضائل الطعام ي ن‬ ‫ب� الصخور‬ ‫ّ‬ ‫‪،‬ونتذاك فيما بيننا ي ن‬ ‫ح� نقضفها خلسة وال احد يرانا‪ ،‬معتقدين أنها شطارة ما بعدها شطارة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫يٌ‬ ‫ضم� يتألم عىل هذا السلوك ‪ ،‬أوليس هناك َم ْن ي� السماء يرانا ويرى افعالنا‬ ‫أوليس هناك‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬ولكن اعتقد أنها عقدة نفسية تالزم كل نفس ال تعرف ن‬ ‫النظافة‪ ،‬لقد حثت الديانات‬ ‫مع�‬ ‫ف‬ ‫ً ف‬ ‫والمجتمع ‪ ،‬والبيئة ‪ ،‬وكان هذا واضحا ي� القرأن الكريم ي� هذه‬ ‫عىل أهمية نظافة الفرد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ :‬‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫اآلية الكريمة » (قد أفلح من زكاها)نجد أن اإلسالم أمرنا من جهة ب�كية وتنظيف‬ ‫النفس‪ ،‬وتخليها عن كل الصفات الخبيثة والرذيلة‪ ،‬وإمتالك صفات حميدة وحسنة‬ ‫ف‬ ‫والتمسك بها وجعلها ثابتة ي� نمط حياتنا اليومية ‪ .‬فإذا كانت النظافة من اإليمان ‪ ،‬فأين هو‬ ‫ّ‬ ‫غ�نا ‪.‬‬ ‫هذا اإليمان‬ ‫الفعل‪ ،‬أم أنه كالم فارغ نضحك به عىل أنفسنا وعىل ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫شو� حيث أنشد أبياتا‬ ‫أحمد‬ ‫الشاعر‬ ‫مقدمتهم‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫وقد تطرق الشعراء إىل أهمية النظافة ِ ي‬ ‫تن� كل بيت وشارع وحارة‪ ،‬فلتكن النظافة مكانها‬ ‫فيها ‪ »:‬ما اجمل النظافة جمالها منارة‪ ،‬ي‬ ‫ق‬ ‫الصدارة‪ ،‬فنحن بالنظافة نر� اىل الحضارة‪ ،‬البيئة النظيفة من نعم االله‪ ،‬بها الشعوب‬ ‫زميل ننظف كل الحارة»منارة يلعب الصغار عىل رصيفها ‪ ،‬وهم‬ ‫تباه‪ ،‬فهيا يا‬ ‫تسمو بتاجها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ض‬ ‫أجدربنا أن نظهر لهم الوجه الحا�ي ألنفسنا‬ ‫فرحون بها برفقة األهل ورفاقهم ‪ ،‬أليس‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫أحد بل‬ ‫عىل‬ ‫أتج�‬ ‫ال‬ ‫أنا‬ ‫لهم‬ ‫قدوة‬ ‫هم‬ ‫أن‬ ‫عتبار‬ ‫با‬ ‫أباءهم‬ ‫ون‬ ‫يقلد‬ ‫ولمنارتنا ‪ ،‬أوليس أطفالنا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫هذا ما شاهدته الصيف الفائت من مشاهد حية ‪ ،‬ومؤلمة لكل نفس نظيفة‪ ،‬وحساسة ‪،‬‬ ‫الخال من التلوث‪.‬‬ ‫ومحبة للحياة وللبحر وللفضاء‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫إن لم نكن نحرص عىل نظافة منارتنا‪ ،‬وشواطئنا‪ .‬الضيف الزائر ال يعنيه هذا االمر ال من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫تظاه ما نملك ‪ ،‬أو أنه‬ ‫طبيعية‬ ‫منارة‬ ‫يملك‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫الممكن‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫‪،‬ألن‬ ‫قريب أو من بعيد‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫مجرد سائح عابر ال ندري ما ه نفسيته ‪ .‬نحن � نهاية المطاف نحكم عىل ش‬ ‫الب� من‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ه مؤمنة‬ ‫خالل ترصفاتهم وليس عىل حساب‬ ‫عرقهم ودينهم ف ولغتهم ‪.‬إن كل نفس نظيفة ي‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫بالخالق ‪ ،‬ألن النظافة من اإليمان ‪ ،‬وما اك� اإليمان ي� بلد األرز ‪..‬‬




‫مرايا الحنين‬ ‫بتول سليمان‬

‫ُ‬ ‫صديقان‬ ‫ولكنّا‬ ‫ان‬ ‫أنا‬ ‫ِ‬ ‫والحزن ض ّد ِ‬ ‫كعنوان‬ ‫معا ً ننساب في جس ٍد يو ِ ّحدُنا‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫فان‬ ‫ولكن دمعُنا ِ‬ ‫وكم ننه ُّل في دمعٍ‬ ‫ابتسامان‬ ‫يعريها‬ ‫وخلف الدمعِ آال ٌم‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أنا في الدمع ِة األولى وأنت َمسيلُها الثاني‬ ‫فوا َحزَ ني‬ ‫اإلخالص في قربي‬ ‫لم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ألست تم ُّل وجداني‬ ‫َ‬ ‫حين يسي ُل تحناني‬

‫الحب‬ ‫أال تخشى بروق‬ ‫ِّ‬ ‫ومنك يخطفني أال تأسى لهجراني‬ ‫يجيء‬ ‫َ‬ ‫أال يؤذيك وه ُج الشوق‬

‫تهب نيراني‬ ‫حين ُّ‬

‫ويصبح قبلتي األولى‬

‫فأذكر فيه أوطاني‬ ‫ُ‬

‫نيسان‬ ‫وأذكر‪ :‬أنت لي وحدي وأنت كثلج‬ ‫ِ‬ ‫ولست شبيهَ ألواني‬ ‫سر التصاقك بي‬ ‫َ‬ ‫فما ُّ‬ ‫محياي‬ ‫وال موتي وال‬ ‫َ‬ ‫فيا حزنا ً يعريني‬ ‫أال اتركني هنيها ٍ‬ ‫ت‬ ‫رجائي أن تفارقَني‬

‫وال حلمي وألحاني‬ ‫فأسكب فيه أشجاني‬ ‫ُ‬ ‫وخسران‬ ‫ِ‬ ‫بال لوعٍ‬ ‫وأن تنأى وتنساني‬



‫وجدت ذاتي بذاتي‬ ‫عال بدر الدين‬ ‫أنا اآلن وحدي أفتش في لغتي عن كالم‬ ‫تسافر فيه عيوني إلى اآلخرين‬ ‫ُعجز الكلمات‬ ‫ففي لغة العين ما ي ِ‬ ‫أفتش عن زمن ليس يأتي‬ ‫ب قديم‬ ‫وأبحث في جسدي عن ترا ٍ‬ ‫تراب بالدي‪ ،‬وأعني رفات جدودي‬ ‫ساكنان‪ ،‬الحنوب وقلبي‬ ‫به‬ ‫ِ‬ ‫وبعض اإلقامة في جسدي تشبه األمسيات القديمة‬ ‫يوم كانت منازلنا من تراب‬ ‫وأعمارنا من سحاب الجنوب‬ ‫ُ‬ ‫ونلم ُع كالغيم فوق الهضاب‬ ‫وليس لنا غير برق األماني ثياب‬ ‫سالم على هضبات الجنوب‬ ‫ْ‬ ‫النبطية‬ ‫سال ٌم على‬ ‫ب الغي ُم هاماتِها‬ ‫وقد ع ّ‬ ‫ص َ‬ ‫سال ٌم على السهل واألودية‬ ‫سال ٌم على القاسمية‬ ‫ْ‬ ‫األدوية‬ ‫سمات التي تشبه‬ ‫على الن َ‬ ‫لقد سافرت في ثيابي معي‬ ‫ويا غيرة َ القلب حين ُّ‬ ‫تحن الثياب‬ ‫وتعبق فيها روائ ُح ذاك التراب‬ ‫*****‬ ‫وها أنا أبحث قي غربتي عن بالدي‪،‬‬ ‫المرافئ‬ ‫بالدي التي نقلتها الرياح لكل‬ ‫ِ‬ ‫تسافر دونَ حقائبِنا‬ ‫األرض حين‬ ‫أظلم‬ ‫ما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الثياب القديمة فيها روائ ُح‬ ‫ب القديمة‪ ،‬إن‬ ‫والثيا ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أحبابنا‬ ‫والوطن‪.‬‬


‫وكيف المطاراتُ‬ ‫تطلب مني جواز العبور‬ ‫ُ‬ ‫إلى قلب لبنانَ ‪ ،‬كيف!!‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ولبنان في القلب‪ ،‬في الوجه يبدو‪،‬‬ ‫تصر‬ ‫ب‪ ،‬وهي‬ ‫ُّ‬ ‫صرخات الحقائ ِ‬ ‫وفي َ‬ ‫على أن لبنانَنا ليس يحتاج إذنَ مرور‪.‬‬ ‫فإذن المرور لما هو خار َجنا‬ ‫ُ‬ ‫ولبنان داخلـَنا ليس يبر ُح‪ ،‬كاهلل فينا‬ ‫كجرحِ الحسين‪ ،‬وكالقاسمية وهو ّ‬ ‫ع‬ ‫يوز ُ‬ ‫خبز قرانا على كل روح تحبُّ الحسين‬ ‫ْ‬ ‫النبطية‬ ‫وتحبّ ثرى‬ ‫ي لقمة رأسي‪،‬‬ ‫أنا العربية من قدم َّ‬ ‫أقيس المسافات بالنبطية والقاسميةوالضوء‬ ‫في يوم جرح الحسين وجرح فلسطين‬ ‫وهي تنادي‪ :‬أال من نصير‬ ‫*****‬ ‫أنا حين آتيك يا وطني ألبس الذكريات‪،‬‬ ‫وألبس ك ّل الذي كان في أرضنا من ورود‬ ‫وأفرح حين أعود‬ ‫ويصبح جرح الحسين‬ ‫عبورا ً إلى اللحظة الواعدة‬ ‫عبورا ً إلى األمة الواحدة‬ ‫الثياب القديمة تخلع أحزانها‬ ‫وحتى‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الوطن‬ ‫حين يبدو‬ ‫ليسأ َل كيف تصادرني غربتي‪،‬‬ ‫وأنا أنتمي للجنوب‬ ‫ألرض‪ ،‬ثراها الجدود‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وأنهارها من دم الشهداء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ذهب الفقراء‬ ‫وقمح بيادرها‬ ‫ُ‬ ‫****‬


‫جر َح الشوكُ أقدا َمنا‪،‬‬ ‫لقد َّ‬ ‫يجر ُحه الشوكُ في غربتي‬ ‫ك ُّل حبّ ٍ ِ ّ‬ ‫سوف ينمو على جسد «النبطي ِة» ورداً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫زينب‪ ،‬وهي تنو ُح‬ ‫يعانق‬ ‫صدرها ال يزا ُل‬ ‫وها‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يثرب اقتربي‬ ‫وتزجي الظعينةَ‪ ،‬يا‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫سأحط الرحا َل ‪ ،‬وسوف ّ‬ ‫أبث دموعي‬ ‫على قبر جدّي‬ ‫وأخبرهُ كم كربال َء نَ َم ْ‬ ‫ت في ضلوعي‪،‬‬ ‫وأحصي ضلوع بالدي التي ّ‬ ‫ْ‬ ‫مزقتْها‬ ‫الفتن‪.‬‬ ‫سال ٌم على ك ِّل ما ظ َّل من وطني‬ ‫ْ‬ ‫الوطن‬ ‫في‬ ‫*****‬ ‫ْ‬ ‫وطن‬ ‫أصعب‬ ‫آ ِه ما‬ ‫الموت دونَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وحين يؤوب المسا ُء بال وطني كنتُ‬ ‫أشعر أن الجفاف بصدري يقيم سرادقـَهُ‬ ‫فأموت إلى أن تجيء بالدي‬ ‫أراها تقيم معي بين دمعي وبين الوسادةْ‪.‬‬ ‫ي قالدةْ‬ ‫وقتها يصبح الدم ُع في مقلت َّ‬ ‫ت كي يعرفوني‬ ‫سألبسها في المطارا ِ‬ ‫وأعبر ك َّل الحواجز من غير تفتيش قلبي‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫برحت ٌ‬ ‫ْ‬ ‫السفن‬ ‫مدن سرقتها‬ ‫ففي الصدر ما‬ ‫ْ‬ ‫وما أوج َع البينَ حين ُّ‬ ‫السفن‬ ‫تئن‬ ‫*****‬ ‫أال أيها السارقون‪ ،‬القراصنةُ‬ ‫الحمر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ردُّوا بالدي‬ ‫ْ‬ ‫سكينة‬ ‫ع‬ ‫وردّوا مواوي َل‬ ‫زينب‪ ،‬ردُّوا دمو َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ففي «النبطي ِة»‬ ‫حزن وحبٌّ‬ ‫قلب‬ ‫وفي النبطي ِة ُ‬ ‫األعاصير والذكريات التي ال تموت‬ ‫سكنته‬ ‫ُ‬ ‫هما ومضة ِ‬ ‫هللا فينا وطين البيوت‬



‫مثل الخادم والرجل‬

‫قصص وحكايات‪ ,‬كليلة ودمنة‬ ‫مثل الخادم والرجل‬

‫زعمــوا أن رجـاً تواطــأ مــع خــادم فــي بيــت ألحــد األغنيــاء علــى أن يأتــي البيــت فــي‬ ‫كل ليل��ة يغي��ب صاحبـ�ه فيعطي��ه ش��يئا ً م�نـ مت��اع سيــده فيبيع��ه ويتشــاطرا ثمنـ�ه‪ .‬فاتفــق‬ ‫ذات يــوم أن غــاب أهــل البيــت وبقــي الخــادم وحــده فأنفــذ فأخبــره الرجــل فأقبــل‪ .‬وفيمــا‬ ‫همــا يجمعــان المــال إذ قــرع البــاب وعــاد رب البيــت علــى بغتــة‪ .‬وكان للبيــت بــاب‬ ‫ـب مــاء‪ .‬فقــال الخــادم للرجــل‪ :‬أســرع واخــرج‬ ‫آخــر لــم يكــن يعلمــه الرجــل وبقربــه جـ ّ‬ ‫م��ن الب��اب ال��ذي عن��د الج��ب‪.‬‬ ‫فانطلــق الرجـ�ل ووجـ�د البــاب لكن��ه ل��م يجـ�د الجـ�ب فرج��ع إلـ�ى الخــادم وق��ال لـ�ه‪ :‬أمــا‬ ‫البــاب فوجدتــه‪ ،‬وأمــا الجــب فلــم أجــده‪ .‬فقــال الخــادم‪ :‬ويحــك انـ ُج بنفســك وال تكتــرث‬ ‫ي فذكــرت الجــب وليــس هنــاك‪ .‬قــال‬ ‫للجـ ّ‬ ‫ـب‪ .‬قــال الرجــل‪ :‬كيــف أذهــب وقــد خلطــت علـ ّ‬ ‫ـر عاج ـاً‪ .‬فلــم يــزل ينازعــه حتــى دخــل رب‬ ‫الخــادم‪ :‬دع عنــك الحمــق والتــردد وفـ ّ‬ ‫البيـ�ت فأخـ�ذه وأوجعـ�ه ضربـ�ا ً ثـ�م دفعـ�ه إلـ�ى السـ�لطان‪.‬‬ ‫فلمــا خفــت مــن التــردد والتجــوال رأيــت أن ال أتعــرض لمــا خفــت مــن ذلــك وأن‬ ‫أقتصــر علــى كل عمــل تشــهد األنفــس علــى أنــه صحيــح وتوافــق عليــه األديــان‪ .‬فكففت‬ ‫صنــت نفســي مــن الفجــور‬ ‫يــدي عــن الضــرب والقتــل والغضــب والســرفة والخيانــة وح ّ‬ ‫وحفظــت لســاني مــن الكــذب ومــن كل كالم فيــه ضــرر علــى أحــد‪ ،‬وكففــت لســاني عــن‬ ‫الشـ�تم والعضيهـ�ة والخنـ�ا والبهتـ�ان والغيبـ�ة والسـ�خري‪.‬‬ ‫والتمســت مــن قلبــي بــأن ال أتمنــى ألحــد ســوءا ً وال أكــذب بالبعــث والقيامــة الثــواب‬ ‫والعقــاب‪ .‬وزايلــت األشــرار بقلبــي ولزمــت الصلحــاء واألخيــار جهــدي‪ .‬ورأيــت‬ ‫الصــاح ليــس كمثلــه صاحــب وال قريــن ورأيــت مكســبه إذا وفّــق لــه وأعــان عليــه‬ ‫يســيرا ً ووجدتــه أحـ ّ‬ ‫ـر مــن اآلبــاء واألمهــات‪ .‬ووجدتــه يــدل علــى‬ ‫ـن علــى صاحبــه وأبـ ّ‬ ‫الخيــر ويشــير بالنصــح فعــل الصديــق بالصديــق‪ ،‬ووجدتــه ال ينقــص إذا أنفــق منــه‬ ‫صاحبــه بــل يــزداد علــى االســتعمال واالبتــذال جــدة حســنة‪ .‬ووجدتــه ال خــوف عليــه‬ ‫يغرقــه وال مــن‬ ‫مــن الســلطان أن يســلبه وال مــن شــيء مــن اآلفــات‪ ،‬ال مــن المــاء أن ّ‬ ‫النــار أن تحرقــه وال مــن اللصــوص أن تســرقه وال مــن شــيء مــن الســباع وجــوارح‬ ‫الطي��ر أن تمزقـ�ه‪ .‬ووجــدت الرجــل الــذي يزهــد فــي الصــاح وعاقبتــه ويلهيــه عــن‬ ‫بذلــك قليــل مــا هــون فيــه مــن حــاوة العاجــل‪ ،‬إنمــا مثلــه فيمــا أنفــذ فيــه أيامــه ويلهيــه‬ ‫علــى مــا ينفعــه كمثــل التاجــر والضــارب بالصنــج‬



‫قصائد‬

‫حكمت حسن‬ ‫زائر‬ ‫ابتلعت األغصان صرير البرد‬ ‫نكست األطيار أجنحة الغيم‬ ‫تماثلت وعتم الهدوء‬ ‫أتيت‬ ‫ممرا ً‬ ‫لم تجد األي ّ‬ ‫وكنت قد أحرقت المسار‬ ‫كي ال أبدأ‬ ‫وحدهما عيناك‬ ‫دمرتا المخبوء‬ ‫واقتربتا‬ ‫*****‬ ‫ساعات صخرية‬ ‫أجرجر الوقت‬ ‫وقد اختفى األمس‬ ‫بين جفنين‬ ‫فاضا‬ ‫تجنبا البريق‬ ‫قنعا الحلم‬ ‫هناك‬ ‫كنّا كراقصين‬ ‫على مالعب حجرية‬ ‫جناحا فراشة‬ ‫وتألّق‬


‫*****‬ ‫قارئة‬ ‫أدخل الظل‬ ‫أفتش عن أضواء‬ ‫في خباياه‬ ‫تلوح لي سماوات مرقّمة‬ ‫وأقمارا ً مرصوفة‬ ‫تنتظر الهداية‬ ‫أحتمي بالنّور منه‬ ‫يرسم خطوطا ً‬ ‫يؤ ّكد أنّها متّصلة‬ ‫إلى ما ال نهاية‬ ‫ّ‬ ‫والظ ّل ال شكل له‬ ‫ما حوله يرسم حدودا ً‬ ‫يتودّد إليه‬ ‫قبل أن يبتلعه‬ ‫*****‬ ‫شموخ‬ ‫كان هناك‬ ‫سجن‬ ‫شجرة في ال ّ‬ ‫أرخت لحنان‬ ‫ّ‬ ‫يحرسه س ّجان‬ ‫سجن‬ ‫ومن ثقوب ال ّ‬ ‫تناوبت أغصانها حراسة ال ّ‬ ‫شمس‬ ‫ّ‬ ‫يتخطى المترين‬ ‫حائط ال‬ ‫وشجرة بطول عشرين سنة‬ ‫مواسمها‬ ‫قصائد‬ ‫بألف نواة‬


‫عزف ارتقى‬ ‫في األودية غنى‬ ‫في تجوال أسطوري‬ ‫قالت‬ ‫ذات حقيقة‬ ‫كنا هنا‬ ‫*****‬ ‫ذنب‬ ‫يتحول قلبي إلى مهرب‬ ‫يدعي أن إلهه الفكر‬ ‫ألصق به تهمة‬ ‫أبعد عن الحب بمسافة شعاع‬ ‫وأقرب من التصاق الضوء‬ ‫بالصوت‬ ‫سرقك مني‬ ‫ونجا بفعلته‬ ‫*****‬ ‫رمح‬ ‫ضبابي المنير‬ ‫حدود للحزن‬ ‫وغموضي‬ ‫ثمة رمح مر‬ ‫لم يلتئم الهواء بعده‬ ‫تجرح صوت‬ ‫مرر جبهته بتأن‬ ‫نديا ً أصبح‬ ‫أحمرا‬ ‫من خالله أنظر‬ ‫وأنتظر وصوله‬



‫ونسغ بقاعي‬ ‫عاد القلب‬ ‫حين عاد‬ ‫*****‬ ‫صدى‬ ‫أكتب إليك بالجمر‬ ‫أخلق من النار‬ ‫يتبعني الظالم وأتألق‬ ‫خلفي األثر‬ ‫وأنا المصدر‬ ‫أشتم رائحة التصاق‬ ‫تقترب من عطري‬ ‫تصادره‬ ‫تدمي الزمن‬ ‫فيزف لي خبر رحيله‬ ‫منكسا تردداته‬ ‫ويتلقى الخيبات بدال مني‬ ‫فأدرك أن الزمن‬ ‫لم يحب يوما‬ ‫*****‬ ‫صراخ‬ ‫أحزاني ال صوت لها‬ ‫ثائرة‬ ‫صوت قي الغسق‬ ‫باستكانة ال ّ‬ ‫بتو ّحد األلوان‬ ‫ما بين العتم والعتم‬ ‫نتبادل األنفاس‬ ‫كتوأمين‬ ‫بديلين عن الروح‬ ‫وجسد‬



‫هل من كلمة فصيحة ؟!‬ ‫رياض ابراهيم‬ ‫تفر من تحته األرض وتخونه الكلمات ‪،‬‬ ‫أنا االنسان الذي ّ‬ ‫الكلمة محتضرة بالفم ‪ ..‬ذاويه سقيمة ‪ ..‬ال تغادر الثغر تتأرجح وتتقلب بين الشفاه‬ ‫وطرف اللسان ‪،‬‬ ‫حتى أغرقها الرضاب‪.‬‬ ‫سي يتخذ قراره ويطلقها حرة ‪ ..‬كما خلقني هللا حرا هكذا فهمت !‬ ‫ليس من عصب ح ّ‬ ‫ولدتُ عاريا ورئتي امتألت بسوائل العدم والجنون ‪..‬‬ ‫هل من أحد يطبطب على رئتي وظهري ‪ ..‬ليفتح مسالك التنفس ‪ ،‬وأطلق صرختي ‪..‬‬ ‫بكائي ‪ ..‬كلماتي ‪ ..‬أسئلتي ؟‬ ‫من يخفف عني بريق النهار ؟ في عيني ‪..‬‬ ‫أنا وليد الظلمة والجنون ابن جنوح آدم وحواء ‪ ،‬والذكورة التي قالت كلمتها في‬ ‫جوف العتمة ‪ ،‬فجئت وليدا للخنوع وفصاحة اللسان في الظلمة ‪،‬‬ ‫من يطلق كلمتي في النهار ؟‬ ‫في ضجيج الحركة ال سكون الليل ‪ ،‬كم من لهفة ألطلق ما احتبس واحتضر في فمي‬ ‫من كلمات في لحظة اليقظة وفي حضرة سلطان ‪ ،‬كم لي رغبة أن أترك كلماتي عند‬ ‫باب عاهر أو في درس عالم أو ثري جائر ‪.‬‬ ‫كم من رغبة أن أعبّر بلسان فصيح ألمقت قذارة نشوة خائفة الذت الى امرأة هدّها‬ ‫الوقت ‪ ،‬وجبلت على دساتير العشيرة وكبّلت من يأس قادم ‪ ،‬فكانت أسيرة يأسها خوفا‬ ‫من خذالن الخصوبة والتكاثر ‪ ،‬حتى تكاثرنا كالفئران ال نجيد سوى القرض وطحن‬ ‫الكلمات برحى األفواه ‪ ،‬نلوكها ونذيبها منذ األزل حتى نبلعها ولم نطلقها للعنان‬ ‫ولألذان الصماء ‪.‬‬ ‫جئنا بال كلمات نحن أوالد الظلمة ومزاعم الذكورة بال عزم ومكارم ‪ ،‬نخاف السياط‬ ‫‪ ..‬نخاف جبروت الخجل والمصير ‪،‬‬ ‫عفتنا أن ال نتكلم بما نؤمن ونفكر ونحلم ‪.‬‬ ‫ولدنا بال أحالم ‪.‬‬ ‫ولدنا خوفا أن تأكل الطير سنابل رؤوسنا ‪.‬‬


‫العجاف تنتظرنا ‪.‬‬ ‫نترجى الفصول أن التح ّل غضبها علينا ‪ ،‬فقدمنا طاعتنا الى المعابد ‪ ،‬وبذلنا لها‬ ‫موائد الخصب قرابين كي ترضى عنا ‪.‬‬ ‫‪...............................‬‬ ‫‪ 20‬شباط ‪2018‬‬




‫مقاطع من دراسة عن العربية‬ ‫بقلم د سلمى عطا هللا‬

‫اللّغــة العربيّــة هــي واحــدة مــن أعــرق لغــات العالــم الحيّــة تراثًــا‪ ،‬إن لــم تكــن أعرقهــا وأكثرهــا‬ ‫ـرا‪ .‬وهي‪،‬عالميًّــا‪ ،‬خامــس لغــة مــن حيــث عــدد النّاطقيــن بهــا‪ .‬وقــد اعتبرتهــا هيئــة األمــم‬ ‫أصالة‪،‬وأطولهــا عمـ ً‬ ‫سـ ّ‬ ‫ـت المعتمــدة والمعمــول‬ ‫الرســميّة للعــام ‪ ،1948‬ومــن ثـ ّم واحــدة مــن أهـ ّم اللّغــات ال ّ‬ ‫المتّحــدة لغــة المؤتمــر ّ‬ ‫بهــا فــي ّ‬ ‫منظمــات هــذه الهيئة‪.‬وهي‪،‬كغيرهــا مــن اللّغــات‪ ،‬ثــروة حقيقيّــة‪ ،‬تغافــل عنهــا العــرب ومــا منحوهــا‬ ‫قيمتهــا أو أفســحوا لهــا المجــال لتــؤدّي دورهــا علــى أكمــل وجــه‪ .‬وقــد آن لهــم‪ ،‬وبعــد ك ّل هــذه األخطــار‬ ‫سســة أخــرى‪ ،‬وبالتّالــي‪ ،‬العمــل علــى اســتثمارهاوطلب‬ ‫المحدقــة بهــم‪ ،‬أن ينظــروا إليهــا نظرتهــم إلــى أيّــة مؤ ّ‬ ‫تنميتهــا وزيادتها‪،‬واإلفــادة مــن العوائــد الج ّمــة الّتــي يمكــن كســبها‪ ،‬فيمــا لــو أخرجــوا أنفســهم ولغتهــم مــن‬ ‫ي‬ ‫ي‪،‬ووجودهــم الحضــار ّ‬ ‫حالــة الجمــود والتّقوقــع إلــى آفــاق تواصليّــة يثبتــون مــن خاللهــا نضوجهــم الفكر ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ي ووجــود ّ‬ ‫صحيح‪.‬فالجمــود‪،‬إذا ح ـ ّل مح ـ ّل الحركــة انتفــى ك ّل معنــى حضــار ّ‬ ‫والقوم ـ ّ‬ ‫وعالــم اللّغــة عالــم واســع وســع عالــم اإلنســان تما ًمــا‪ ،‬لــذا‪ ،‬فمجــاالت االســتثمار فيهعديــدة‪ّ .‬إل أنّنــا‬ ‫ســنتوقّف فــي هــذا البحــث عنــد اســتثمار اللّغــة العربيّــة فيتعليمهاللناّطقيــن بغيرها‪.‬فمــا هــي األســباب‬ ‫ســبل الّتــي يمكــن اعتمادهــا لمقاربتــه مقاربــة‬ ‫الّتــي تجعــل هــذا االســتثمار اسـ‬ ‫ـتثمارا ضروريًّــا‪ ،‬ومــا هــي ال ّ‬ ‫ً‬ ‫ناجحــة صحيحــة؟‬ ‫ّ‬ ‫إن الســتثمار اللّغــة العربيّــة فــي تعليمهــا لألجانــب وللعــرب غيــر النّاطقيــن بهــا أســبابًا كثيــرة‬ ‫تحفّزنــا كمســتثمرين عــرب علــى خــوض غمــار هــذا العالــم‪ .‬فهــو‪ ،‬بمــا يتّســم بــه مــن خصوصيّــة وتميّــز‪،‬‬ ‫ي مجــال‬ ‫ي فــي أ ّ‬ ‫ي اســتثمار لغــو ّ‬ ‫يعــود علينــا‪ ،‬باإلضافــة إلــى األربــاح المادّيّــة‪ ،‬بفوائــد معنويّــة قــد تفــوق أ ّ‬ ‫آخــر‪ .‬ومــن أبــرز فوائــده‪ ،‬أنّــه‪:‬‬ ‫ـي‪ ،‬علــى العــودة إلى الوطن واالســتقرار‬ ‫‪1 )1‬يحفّــز العــرب غيــر النّاطقيــن بالعربيّةأيبلغــة وطنهــم األصلـ ّ‬ ‫فيــه وتوظيــف أموالهــم وقدراتهــم وإنتاجهــم فيــه‪ .‬فاكتســاب لغــة مجتمــع مــا تش ـ ّجع مكتســبها علــى العيــش‬ ‫ي شــعور فيــه بالغربــة أو باالســتالب‪ ،‬وتع ّمــق انتمــاءه إليــه‪ .‬ولنــا بيــن‬ ‫فــي هــذا المجتمــع‪ ،‬وتبعــده عــن أ ّ‬ ‫هــؤالء العــرب ثــروات إنســانيّة وعلميّــة وإبداعيّــة ومادّيّــة حقّــة‪ ،‬مــن األجــدر أن نســتفيد منهــا نحــن بـ ً‬ ‫ـدل‬ ‫مــن تركهــا لآلخــر‪.‬‬ ‫ســياحة العربيّــة وينشّــط اإلقبــال علــى المنتجــات العربيّــة المختلفــة‪ ،‬وعلــى الوســائل‬ ‫‪2 )2‬يفعّــل ال ّ‬ ‫سياسـيّة‬ ‫اإلعالميّــة واألعمــال الفنّيّــة والنّشــاطات االجتماعيّــة والثّقافيّــة والتّربويّــة والدّينيّــة واالقتصاديّــة وال ّ‬ ‫ســائح ويقــوده إلــى‬ ‫ســياحة يريــح ال ّ‬ ‫ي وخارجــه‪ .‬فإتقــان لغــة البلــد المقصــود لل ّ‬ ‫العربيّــة فــي الوطــن العرب ـ ّ‬ ‫ســياحة‪.‬‬ ‫تحقيــق هدفــه المنشــود‪ ،‬وجنــي الفائــدة المرجـ ّـوة مــن هــذه ال ّ‬ ‫ي ومــن‬ ‫‪3 )3‬يحقّــق عمليّــة تواصــل صحيحةتعيــد للعــرب أمجادهــم‪ ،‬وتنقلهــم مــن هامــش الحضــور العالمـ ّ‬ ‫ي والتّبعيّــة الثّقافيّــة اللّغويّــة إلــى المبــادرة الذّاتيّــة واإلنتــاج والمســاهمة فــي صنــع‬ ‫االســتهالك الحضــار ّ‬ ‫الحضــارة‪ ،‬وذلــك ضمــن حــوار يســفر عــن مفهــوم جديــد للتّبــادل‪ ،‬يتجلّــى بالتّأثّــر والتّأثيــر بعيــدًا عــن‬ ‫ســلبيّة أو التّقوقــع‪ .‬بــك ّل مــا يتركــه هــذا األمــر مــن شــعور باالكتفــاء وبراحــة الضّميــر‪،‬‬ ‫االتّكاليّــة والمحــاكاة ال ّ‬ ‫ألنّهــم كانــوا أمنــاء علــى وديعــة قيّمــة‬



‫‪)4‬‬

‫‪4‬وضعها هللا‪ّ ،‬‬ ‫عز وج ّل‪ ،‬بين أيديهم‪ ،‬وهي لغتهم‪ ،‬وهم أبوا أن تكون بال نفع أو ثمر‪.‬‬

‫ي‪ ،‬ويضــيء علــى الحضــارة العربيّــة وعلــى تراثهــا ومميّزاتهــا‬ ‫ـي الفكــر ّ‬ ‫ي والعلم ـ ّ‬ ‫ي واألدب ـ ّ‬ ‫‪5 )5‬ينشــر اإلنتــاج العربـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وعاداتهــا وتقاليدهــا وأنمــاط عيشــها وحياتهــا الثقافيّــة واالقتصاديّــة‪ّ ،‬‬ ‫ألن اللغــة‪ ،‬بحســب «دي سوســير»‪” ،‬تشــبه القامــوس‬ ‫‪7‬‬ ‫الّــذي يمثّــل فــي األصــل الذّاكــرة الجماعيّــة‪ ،‬واكتشــافها يعنــي اكتشــاف عالــم جديد“ ‪.‬كمــا يزيــد رقعــة انتشــار اللّغــة‬ ‫ي وإلــى‬ ‫ـي‪ ،‬ويـ ّ‬ ‫ـروج لهاويُخرجهــا مــن نطــاق مجتمعاتهــا إلــى مــدى عالمـ ّ‬ ‫ـي والعالمـ ّ‬ ‫العربيّــة‪ ،‬ويعيــد إليهــا حضورهــا القومـ ّ‬ ‫ي وأخيــه اإلنســان فــي‬ ‫حيــاة واســعة وآفــاق ال نهائيّة‪،‬ويكســر الحواجــز‪ ،‬وإن كانــت وهميّــة أحيانًــا‪ ،‬بيــن اإلنســان العرب ـ ّ‬ ‫العالــم‪...‬‬ ‫‪6 )6‬يقـدّم الحلــول للكثيــر مــن المشــكالت اآلنيّــة العالقــة فــي العالــم بيــن المجتمعــات العربيّــة والمجتمعــات األجنبيّــة‪،‬‬ ‫صراعــات اإلقليميّــة والدّوليّــة م ّمــا قــد تســهم اللّغــة فــي حلّــه أو التّخفيــف‬ ‫ي وال ّ‬ ‫ال سـيّما تلــك الّتــي تتّصــل بالتّبايــن الحضــار ّ‬ ‫مــن حدّتــه‪ .‬فالتّحالــف بيــن الحضــارات‪ ،‬مــن وجهــة النّظــر العمليّــة‪ ،‬هــو مــن أقــوى الوســائل المتاحــة إلصــاح شــؤون‬ ‫سياســة الدّوليّة‪،‬‬ ‫العالــم ولإلســهام فــي إنقــاذ األســرة اإلنســانيّةم ّما تتخبّــط فيــه مــن مشــكالت تتراكــم وأزمــات تتفاقــم‪ ،‬فشــلت ال ّ‬ ‫حتّــى اآلن‪ ،‬فــي إيجــاد تســوية عادلــة وحلــول حاســمة لهــا‪ .‬كمــا يزيــل الحجــب الكثيــرة الّتــي تمنــع األجانــب مــن النّفــاذ إلــى‬ ‫ي‪ ،‬ومــن فهــم تراثــه وحضارتــه‪،‬ال سـيّما مــا ارتـدّ منــه إلــى الماضــي‪ ،‬ومــن إدراك روح األ ّمــة العربيّــة‬ ‫حقيقــة العالــم العربـ ّ‬ ‫ـرب بيــن األطــراف المختلفــة‪ ،‬علــى نحــو مــا‬ ‫ي‪.‬ويُســهم فــي بنــاء عالقــات حميمــة وتفاعــات حضاريّــة تقـ ّ‬ ‫فــي واقعهــا الحال ّ‬ ‫ي‪ ،‬والعالقــات العربيّــة األوروبّيّــة فــي‬ ‫شــهدته العالقــات العربيّــة والفارس ـيّة والهنديّــة فــي المشــرق إبّــان العصــر العبّاس ـ ّ‬ ‫ي‪ .‬فقــد قيــل‪َ ” :‬مــن تعلّــم لغــة قــوم أمــن مكرهــم“‪.‬‬ ‫العصــر األندلسـ ّ‬ ‫صالحــة لــه‪ .‬وبالتّالــي‪ ،‬ال‬ ‫أي اســتثمار قبــل الحديــث عــن توفيــر األرضيّــة ال ّ‬ ‫لكــن‪ ،‬ال يمكــن الحديــث عــن ّ‬ ‫يمكــن الحديــث عــن اســتثمار فــي تعليــم اللّغــة العربيّــة للنّاطقيــن بغيرهــا‪ ،‬قبــل الحديــث عــن توفيــر ال ّ‬ ‫شــروط التّــي تجعــل‬ ‫ّ‬ ‫عمليّــة التّعليــم هــذه صحيحــة‪ .‬ومــن أبــرز هــذه ال ّ‬ ‫تتخطــى المبــادرات‬ ‫شــروط‪ ،‬وضــع سياســة اســتثماريّة وطنيّــة شــاملة‬ ‫الفرديّة‪،‬ويكــون للـدّول ولحكوماتهــا وللجامعــة العربيّــة دور فيهــا‪ ،‬وتتضافــر فيهــا القــوى والخبــرات‪ ،‬وترســم مــن خاللهــا‬ ‫الخطــوات ّ‬ ‫ـرورا باللّغــة وتعليمهــا وصـ ً‬ ‫ـول إلــى طــرق‬ ‫اللزمــة الّتــي تحقّــق اسـ‬ ‫ي مـ ً‬ ‫ً‬ ‫ـتثمارا ناج ًحــا‪ ،‬بــد ًءا باالنســان العرب ـ ّ‬ ‫سياســة ضمــن األطــر الثّالثــة التّاليــة‪:‬‬ ‫ترويجهــا واســتثمارها‪.‬ويمكن توضيــح هــذه ال ّ‬

‫األول‪:‬‬ ‫اإلطار ّ‬

‫وحضــاري يؤ ّهلنــا‪ ،‬كمجتمعــات عربيّــة‪ ،‬لالنطــاق فــي مشــاريع اســتثماريّة كهــذه‪ّ ،‬‬ ‫ثقافــي‬ ‫تحقيــق وعــي‬ ‫ألن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الــروح العميقــة لمجتمعنا“‪.‬وذلــك مــن خــال‪:‬‬ ‫الحضــارة ”هــي مــا نحــن‪ ،‬هــي ّ‬ ‫ـرا علــى عــرق أو حضــارة‪ّ ،‬‬ ‫‪1 )1‬اقتناعنــا بـ ّ‬ ‫وأن بإمكانهــا أن تكــون لــك ّل راغــب فيهــا‪ ،‬أن‬ ‫ـأن لغتنــا العربيّــة ليســت حكـ ً‬ ‫ّ‬ ‫مفرقيــن بيــن لغــة وعــرق وحضــارة وغيــر خالطيــن بينهــا‪ .‬فــا دليــل علــى ّ‬ ‫أن هنــاك مــن‬ ‫تكــون ملــك مــن يتعلمهــا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫هــو مهيّــأ أكثــر مــن غيــره لتعلــم العربيّــة‪ ،‬ال الـدّم يفيــد فــي ذلــك وال الجنــس وال العــرق وال التّناســل وال الوراثة‪”.‬ولــو‬ ‫صــا‪ ،‬لمــا وجدنــا ّ‬ ‫عا ألعــراق‬ ‫أن اللّغــة الواحــدة قــد تكــون مشــا ً‬ ‫كان للّغــة خصائــص عرقيّــة معيّنــة ال تالئــم ّإل عرقًــا خا ًّ‬ ‫ســابع‪ ،‬كانــت تضــ ّم‬ ‫عديــدة وأداة لحضــارات مختلفة“‪.8‬فالجيــوش العربيّــة الّتــي افتتحــت أوروبــا فــي بــدء القــرن ال ّ‬ ‫بضــع مئــات مــن العــرب فقــط مقابــل اآلالف مــن األقبــاط والبربــر‪ .‬ومــع ذلــك اعتمــدت اللّغــة العربيّــة كلغــة ثانيــة فــي‬ ‫ضــا زنــوج أميــركا‪ ،‬فهــم يتكلّمــون اإلنكليزيّــة‬ ‫البــاد المحتلّــة‪ ،‬ولــم تعتمد‪،‬بالتّالــي‪ ،‬اللّغتــان القبطيّــة والبربريّة‪.‬كذلــك أي ً‬ ‫وال يعرفــون لغــة غيرهــا‪ ،‬والهنــود الحمــر الّذيــن هجــروا مواطنهــم وانخرطــوا فــي الحيــاة األميركيّــة ال يعرفــون لغــة‬ ‫غيــر اإلنكليزيّــة‪.‬‬ ‫‪2 )2‬إصرارنــا علــى ضــرورة الفصــل بيــن اللّغــة والدّيــن‪ّ ،‬‬ ‫ي فــي‬ ‫ألن”اللّغــة هــي عــادة بديهيّــة فــي اللّســان وتركيــز أفق ـ ّ‬ ‫ســماء ودعــوة عموديّــة‬ ‫ي نحــو ال ّ‬ ‫الذّاكــرة والـذّكاء‪ .‬أ ّمــا الدّين‪،‬فهــو نظــرة إلــى الوجــود بوســاطة القلــب‪ ،‬هــو شــبق عاطفـ ّ‬ ‫عدويــن‪ ،‬إنّمــا حياديّــان ال دخــل لهــذا فــي تلــك‪ ،‬وال لتلــك فــي هــذا‪ّ .‬‬ ‫إن منطقــة‬ ‫فــي اإلرادة البشــريّة‪ .‬وهمــا طبعًــا ليســا ّ‬ ‫اللّغــة غيــر منطقــة الدّيــن‪ ،‬والعكــس بالعكس‪.‬ونحن‪،‬عندمــا نخلــط بعضهمــا ببعض‪،‬نكــون كمــن يُقحــم القلــب فــي اللّســان‬ ‫يــدور المكعّــب أو يكعّــب الدّائرة“‪.9‬وبالتّالــي‪ ،‬فعلينــا أن نزيــل مــا وســمنا بــه لغتنــا‬ ‫أو اللّســان فــي القلــب‪ ،‬أو كمــن ّ‬ ‫صــواب والخطــأ والكمــال والنّقــص‬ ‫العربيّــة مــن قداســة‪ ،‬إذ كانــت‪ ،‬فــي نظــر علمائهــا قدي ًمــا وحديثًــا‪ ،‬لغــة قابلــة لل ّ‬ ‫والتّحديــث والتّطويــر‪ .‬وأن نحـ ّ‬ ‫ـث ك ّل مــن ال ينطــق بهاعلــى أن يتعلّمهــا‪ ،‬ســواء أكان مــن أبنائهــا أم مــن غيرهــم‪ ،‬مــن‬ ‫ســياق‪ ،‬يقــول‪” :‬ليســت‬ ‫ي بالــغ الدّاللــة فــي هــذا ال ّ‬ ‫المســلمين أو مــن غيــر المســلمين‪ .‬وذلــك انطالقًــا مــن حديــث نبــو ّ‬


‫ي“‪.10‬‬ ‫العربيّــة مــن أحدكــم بأبيــه وال بأ ّمــه وإنّمــا العربيّــة لســان‪ ،‬فمــن يتكلّــم العربيّــة فهــو عرب ـ ّ‬ ‫ـي‪ ،‬فــي زمــن العولمــة والحداثــة وفقــدان الهويّــة والفــرادة واغتيــال اللّغــة العربيّــة الّتــي تش ـ ّكل‬ ‫‪3 )3‬تفعيــل االنتمــاء العربـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرغبــة فــي تعلــم هــذه اللغــة محليًّــا وعالميًّــا‪ ،‬وبالتالــي‪ ،‬إنجــاح عمليّــة اســتثمارها‬ ‫مــوروث أ ّمتنــا‪ ،‬بهــدف تفعيــل ّ‬ ‫ّ‬ ‫صــا لغيــر النّاطقيــن بهــا‪ .‬وذلــك‪ ،‬بالتّخفيــف مــن وطــأة الذوبــان فــي اآلخــر‪ ،‬والخــروج مــن حالــة االستســام‬ ‫خصو ً‬ ‫بمقومــات ال ّ‬ ‫ي‬ ‫واالتّكاليّةوتجديــد الثّقــة ّ‬ ‫شــخصيّة العربيّــة الفريدة‪،‬وترســيخ اإليديولوجيّــات المتعلّقــة بالتّــراث القومــ ّ‬ ‫والهويّــة العربيّــة‪ .‬كمــا باالفتخــار باللّغــة العربيّــة وترويجهــا وتعزيــز ال ّ‬ ‫شــعور بقيمتهــا وتقديرهــا‪ ،‬والعمــل علــى إبــراز‬ ‫مميّزاتها‪.‬فاأل ّمــة الّتــي تحــرص علــى نقــاء شــعورها تدافــع عــن لغتهــا وال ترضــى بديـ ً‬ ‫ـر‬ ‫ـا عنهــا فــي عقــر بيتها‪،‬وتصـ ّ‬ ‫علــى أن تشــمل ك ّل مياديــن حياتهــا‪ ،‬ألنّهــا إن أضاعتهــا فــي ل ّجــة االســتالب وأودعتهــا فــي المتحــف‪ ،‬فاآلخــرون‬ ‫يصنعــون مســتقبلها‪ .‬وقــد اعتــرف جميــع األبحــاث العلميّــة بهــذا المعطــى‪ ،‬واعتبــر ّ‬ ‫أن الحيــدان عنــه يــؤدّي إلــى نتائــج‬ ‫ســالبة فــي أطــر النّفــس واالجتمــاع والتّربيــة‪ ،‬ويبتــر اإلنســان عــن منبــع الوجــود الخـ ّ‬ ‫ـاق‪ ،‬ويُفقــده معنــاه األكبــر وزخمه‬ ‫عــا‪ .‬مــن هنــا‪ ،‬يعمــل عــدد كبيــر مــن ال ـدّول‬ ‫حريتــه‪ ،‬فيصبــح‪ ،‬علــى صعيــد القوميّــة‪ ،‬تابعًــا ال متبو ً‬ ‫المبــدع وصفــاء ّ‬ ‫علــى صــون اللّغــة األ ّم‪ ،‬والحــؤول دون ســيطرة اللّغــة اإلنكليزيّــة‪ ،‬تحديـدًا‪ ،‬عليها‪.‬وفــي هــذا المجــال‪ ،‬نذكــر علــى ســبيل‬ ‫المثــال ال الحصــر‪ّ ،‬‬ ‫غرمــت شــركة فرنسـيّة (هــي فــرع لشــركة أميركيّة)‪،‬بمبلــغ‬ ‫أن الدّولــة الفرنسـيّةفي العــام ‪ّ ،2006‬‬ ‫ّ‬ ‫خمســمئة ألــف يــورو‪ ،‬باإلضافــة إلــى غرامــة يوميّــة دائمــة قدرهــا عشــرون ألــف يــورو بســبب تزويدهــا موظفيهــا‬ ‫ببرامــج ووثائــق تقنيّــة باللّغــة اإلنكليزيّــة فقــط‪ ،‬وذلــك انطالقًــا مــن قانــون واضــح ومح ـدّد‪ ،‬هوقانــون «توبــون»‪.11‬‬ ‫كمــا نذكــر ّ‬ ‫أن وزيــر المواصــات فــي ألمانيــا «بيتــر رامســوير»‪ ،‬منــع فــي العــام ‪ ،2010‬وتحــت طائلــة المســؤوليّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫موظفــي وزارتــه مــن اســتخدام سلســلة مــن المصطلحــات اللّغويّــة اإلنكليزيّــة‪.12“Tickets””Laptops”“Flip-charts“ :‬‬ ‫‪4 )4‬اإليمــان بضــرورة انفتــاح اللّغــة العربيّــة علــى اللّغــات والثّقافــات المختلفــة‪ ،‬كمــا اإليمــان بقدرتهــا علــى إثبــات نفســها‬ ‫فــي معتــرك اللّغــات العالميّــة‪ ،‬وعلــى قدرتهــا علــى حمــل علــوم العصــر وفكــره وقضايــاه تما ًمــا كمــا كانــت قــادرة فــي‬ ‫ي فــي تعريــب الدّواويــن‪ ،‬ونظــم اإلدارة للمجتمعــات‬ ‫زمــن مضى‪.‬فالعربيّــة اســتطاعت أن تفــي بحاجــة الحكــم األمــو ّ‬ ‫ي ومجــاراة مختلــف مظاهــر‬ ‫المختلفــة واألقاليــم والجيــوش والحيــاة العا ّمة‪.‬كمــا اســتطاعت حمــل علــوم العصرالعبّاسـ ّ‬ ‫التّطـ ّـور الّتــي عرفهــا‪ .‬لــم تكــن دون ســائر اللّغــات المنافســة لهــا‪ ،‬وال امتــدادًا عضويًّــا لهــا‪ ،‬كمــا أنّهــا لــم تــذب فــي‬ ‫مجراهــا‪ ،‬ولــم تســمح لهــا بإلغائهــا أو تهميشــها‪ ...‬وفــي حركــة النّقــل والتّرجمــة الّتــي نشــطت فــي ذاك العصــر‪،‬‬ ‫كانــت العربيّــة‪ ،‬فــي التأســيس والتّرجمــة صالحــة لعلــوم عصرهــا وقــادرة علــى مدّهــا بالمناســب مــن التّســميّات‬ ‫والمصطلحــات‪.‬‬ ‫فمــن المه ـ ّم لنــا كعــرب أن نعــي ّ‬ ‫أن ”اللّغــة ظاهــرة إنســانيّة نشــأت مــن أســفل‪ ،‬وتطـ ّـورت بتطـ ّـور اإلنســان‬ ‫ونحــوا‪ ،‬ظاهــرة اجتماعيّــة فكريّــة‬ ‫بنمــو حضارتــه‪ .‬وأنّها‪،‬قبــل أن تكــون كلمــات وأصواتًــا وصرفًــا‬ ‫ذاتــه‪ ،‬ونمــت‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪13‬‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ونفسـيّة‪ ،‬ال كيــان لهــا ّإل فــي ذهــن األفــراد“ ‪ .‬وال وجــود لهــا‪ ،‬وال تشـ ّكل لكيانهــا بمعــزل عــن المجتمــع اإلنســان ّ‬ ‫ي بمعــزل عنهــا‪ .‬فبهــا فقــط صــار اإلنســان إنســانًا‪ ،‬وبهــا فقــط تطـ ّـورت الحضــارة وبلــغ‬ ‫وال تش ـ ّكل للكيــان اإلنســان ّ‬ ‫ي ذروتــه‪” .‬فالبابليّــة مثـ ً‬ ‫ـا‪ ،‬كانــت لغــة راقيــة يتكلّــم بهــا قســم كبيــر مــن س ـ ّكان ال ّ‬ ‫شــرق األدنــى‪ ،‬لكنّهــا‬ ‫العقــل اإلنســان ّ‬ ‫‪14‬‬ ‫ماتــت ّ‬ ‫ألن الّذيــن يتكلّمــون بهــا انقرضــوا أو اندمجــوا فــي حضــارات أخرى“ ‪.‬علينــا أن نعــي أن ال مفاضلــة بيــن لغــة‬ ‫ي ّ‬ ‫‪.‬وأن القضيّــة ليســت قضيّــة لغــة‬ ‫وأخــرى ّإل علــى أســاس الوســائل المتّبعــة لتنميــة اللّغــات وإغنــاء تراثهــا التّعبيــر ّ‬ ‫أفضــل مــن لغــة بــل قضيّــة حضــارة أرقــى مــن حضــارة‪ ،‬وحيــاة أغنــى مــن حيــاة‪ .‬وبالتّالــي‪ ،‬مــا عشناهونعيشــه مــن‬ ‫وتذر ِعنــا بعــدم محاكاتهالتطلّعــات عصرنــا‪ ،‬وتع ّمدِنــا إبعادهــا عــن‬ ‫واقــع قــد انعكــس علــى لغتنــا‪ ،‬فدفعــت ثمــن تقاعســنا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حياتنــا وحيــاة اآلخريــن‪ ،‬وســماحنا للكلمــات األعجميّــة ّ‬ ‫حولَنــا إلــى نــاس التينيّــي اللّغــة شــرقيّي‬ ‫اللتينيّــة بغزوهــا‪ ،‬مــا ّ‬ ‫ي وحملــه علــى مجــاراة علــوم هــذا العصــر المتســارعة وأفــكاره‬ ‫ال ّ‬ ‫ســحنة‪.‬لذا‪ ،‬علينــا العمــل علــى تطويــر إنســاننا العربـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سياسـيّة‬ ‫المستنبطة‪،‬والســعي إلخــراج دولنــا مــن بوتقــة التراجــع أو النمــو إلى رحابــة التطور‪،‬ومن مســتنقع الصراعات ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ســام والوحــدة‪ ،‬كعامــل أســاس يوفّــر البيئــة الحاضنــة والمناسبةالســتثمارات‬ ‫والدّينيّــة‬ ‫والطائفيّــة إلــى صفــاء الهــدوء وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫لغويّــة ناجحــة‪ ،‬وإلطــاق اللغــة العربيّــة نحــو مياديــن أخــرى تســهم فــي تعليمهــا لألجانــب‪.‬‬




‫·‬

‫من روائع الكالم‬ ‫بقلم عمر شبلي‬ ‫حوار رائع‬ ‫حوار بين ‪ :‬الذكر و األنثى‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫أال تالحظين أن الكـون ذكـر ؟‬ ‫‪ ... ... ...‬فقالت له ‪:‬‬ ‫بلى الحظت أن الكينونة أنثى !‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫ألم تدركي بأن النـور ذكـر ؟‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫بل أدركت أن الشمس أنثـى !‬ ‫قـال لهـا ‪:‬‬ ‫أوليـس الكـرم ذكــر؟‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫نعم ولكـن الكرامـة أنثـى !‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫أال يعجبـك أن الشِعـر ذكـر؟‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫وأعجبني أكثر أن المشاعر أنثى !‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫هل تعلميـن أن العلـم ذكـر؟‬



‫فقالت له ‪:‬‬ ‫إنني أعرف أن المعرفة أنثـى !‬ ‫فأخذ نفسـا ً عميقـا ً ~ وهو مغمض عينيه ~‬ ‫ثم عاد ونظر إليها بصمت لـلــحــظــات ثم ‪ ..‬قال لها ‪:‬‬ ‫سمعت أحدهم يقول أن الخيانة أنثى‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫ورأيت أحدهم يكتب أن الغدر ذكر‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫ولكنهم يقولون أن الخديعـة أنثـى‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫نعم وقالوا أن الكـذب ذكـر‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫هناك من أ ّكد لـي أن الحماقـة أنثـى‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫وهناك من أثبت لي أن الغباء ذكـر‬ ‫قـال لهـا ‪:‬‬ ‫أنـا أظـن أن الجريمـة أنـثـى‬ ‫فقالـت لـه ‪:‬‬ ‫وأنـا أجـزم أن اإلثـم ذكـر‬ ‫قـال لهـا ‪:‬‬ ‫أنـا تعلمـت أن البشاعـة أنثـى‬ ‫فقالـت لـه ‪:‬‬ ‫وأنـا أدركـت أن القبـح ذكر‬ ‫سكت ونظر إلى األعلى متأمالً‬ ‫أما هي ابتسمت ألنها اعتقدت أنها ربحت الحوار ‪...‬‬ ‫وعندما رآها تبتسم قال لها ‪:‬‬ ‫يبدو أنك محقة ‪..‬‬


‫فالروعة أنثـى‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫وأنت قد أصبت فالجمال ذكـر‬ ‫قـال لهـا ‪:‬‬ ‫ال بـل السـعـادة أنـثـى‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫ربمـا ولـكن الحـب ذكـر‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫وأنا أعترف بأن التضحية أنثـى‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫وأنا أقر بأن الصفـح ذكـر‬ ‫قال لها ‪:‬‬ ‫ولكنني على ثقة بأن الوردة أنثى‬ ‫فقالت له ‪:‬‬ ‫وأنا على يقين بأن العطر ذكر‬




‫الرؤيا‬ ‫ّ‬

‫د‪.‬هويدا شريف‬ ‫أنظر الى األفق‬ ‫فتتطاير أفكاري‬ ‫على أجنحه النّسيم‬ ‫سماء‬ ‫لتالمس حدود ال ّ‬ ‫وأطراف الغيم‬ ‫الرؤيا من النّعيم‬ ‫لتسترق ّ‬ ‫وتتأرجح‬ ‫ضائعه‬ ‫تائهه‬ ‫مستغربه‬ ‫من هذا ّ‬ ‫الزمن العقيم‬ ‫تعطي‬ ‫فتسلب‬ ‫تض ّحي‬ ‫فتقتل‬ ‫تشيد‬ ‫فتخذل‬ ‫ولكن‬ ‫سأظ ّل رغم جفاف ّ‬ ‫الزمان‬ ‫أقاوم النّار في الهشيم‬ ‫ألنّك حبيبي وإلى جانبي‬ ‫ومعي بعضا ً‬ ‫من تشيزوفرينيا حروفك‬



‫دال الماء في ديوان جديد للشاعر باسم عباس‬ ‫“عندما يعطش الماء”‪،‬بماذا يُ َر ّوى؟‬

‫محمد قاســـــــــــــم فقيه‬ ‫طالما استخدم الشعرا ُء العرب الما َء عنصرا ً ّ‬ ‫دالً في شعرهم‪ ،‬بحيث تكاد ال تخلو قصيدة ٌ منه‪ ،‬وقد منحوه دالال ٍ‬ ‫ت شتّى‪،‬‬ ‫وح ّملوه إشارا ٍ‬ ‫ت متعددة‪ ،‬فهو دا ٌل على الحياة والخلق‪ ،‬والتط ّهر والتجدّد‪ ،‬والخصب والنماء والعطاء‪..‬‬ ‫ولكن هذا الدال يرتقي إلى مستوى الرمز في ديوان باسم عبّاس الجديد «عندما يع َ‬ ‫ش الماء»‪ *،‬يبدو كأنّه يجري عكس‬ ‫ط ُ‬ ‫ت أخرى معاكسة‪ ،‬وأكسبه أبعادا ً جديدةً‪ ،‬وجوديةً‬ ‫التيار‪ ،‬فقد أضفى عليه الشاعر باإلضافة إلى الدالالت المعروفة دالال ٍ‬ ‫تحول في بعض القصائد عن مجراه‪ ،‬مفتتحا ً لنفسه مسارب وأقنية جديدة‪ ،‬تنمو على ضفافها أشواكُ القلق‪،‬‬ ‫ونفسية‪ ،‬حتى ّ‬ ‫ُ‬ ‫التحول واالنتقال بالمياه من الدالالت المعروفة‬ ‫وأعشاب المرارة‪ ،‬وألوان الظمأ والمعاناة والحزن‪ .‬ويبدو أن ظاهرة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫إلى نقيضها ظاهرة فنية مميزة عند شاعرنا العربي اللبناني باسم عباس‪ .‬فهو شاعر بارع في رصد التناقضات ومعاين ِة‬ ‫التقّلبات والتغيّرات التي تحفل بها الحياة‪.‬‬ ‫داللة العنوان‪:‬‬ ‫يشكل العنوان بأنواره الكاشفة مركز الثقل في الديوان‪ ،‬تتحلّق حوله القصائد‪ ،‬ويتك ّ‬ ‫ضدّية تتمثّل في‬ ‫شف عن ثنائية ِ‬ ‫العطش‪ /‬الماء‪ ،‬حيث تتع ّمق الحالة الصراعية بين الخصب والعقم‪ ،‬الحياة والموت‪ ،‬وهو بإشاراته وإيحاءاته يفتح على‬ ‫دالالت التناقض وإشارات المخالفة وأيقونات المعاكسة التي تدفعنا إلى التع ّمق في ِشعاب القصائد المشتعلة بالماء‪،‬‬ ‫والسفر في مراكب الكلمات السابحة في بحار الملح وأنهار البكاء‪ ،‬ويقدّم لنا ِمفتاحا ً سحريّا ً للعبور إلى مجاهل النصوص‬ ‫المسكونة باأللم واألمل والرجاء‪ ،‬واستكشاف معانيها الظاهرة والمتخفية في سالل الماء‪.‬‬ ‫تشع من ثنايا العنوان أضواء ثالث‪ ،‬تش ّكل معا ً داالً على عصر التص ّحر‪ ،‬وتفتح على زمن من الخيبات والفقد والموت‪.‬‬ ‫تشير «عندما» إلى زمن الغيمومة والريح التي تصفع وجه األرض‪ ،‬وتكشف عن عصر غاب فيه الكبار‪ ،‬ممن ذكرهم‬ ‫ي الكتمان‪،‬‬ ‫الشاعر في الديوان (جوزف حرب‪ ،‬سعيد عقل‪ ،‬سميح القاسم‪ ،‬زهير غانم) وغيرهم ممن بقيت أسماؤهم ط ّ‬ ‫وهم طالما سقوا بأشعارهم شجرة الشعر‪ ،‬ورووا عطش الفكر واإلبداع‪ .‬كما تشير «عندما» إلى زمن اشتعلت فيه‬ ‫ّ‬ ‫وتوزعت فيه الحروب على جهات األرض‪ ،‬وانتشرفيه الفقر‪ ،‬وازدحمت المرارات والخيبات‪...‬‬ ‫الحرائق‪،‬‬ ‫ويحيل فعل العطش إلى الموت و الجدب والعقم ‪.‬‬ ‫ويحول هذا الفعل الماء من رمز للحياة والخصب والتط ّهر إلى رمز للموت والظمأ والدنس‪ ،‬ويغيّر مجراه من دال على‬ ‫ّ‬ ‫الحركة والجريان إلى دال على الركود والجمود‪ ،‬وينتقل به من دال على إنسانية اإلنسان إلى دليل على ظاهرة التشيّوء‪،‬‬ ‫وينقله من البداية والحلم إلى النهايات والفجيعة‪..‬‬ ‫ال قصيدة تحمل عنوان الديوان‪ ،‬بل يحمل العنوان قصائده‪ ،‬بعد أن يحبِسها داخل ثنائيتة الضديّة‪ :‬العطش‪ /‬الماء‪ ،‬فيتقدّم‬ ‫حامالً وظيفةً معرفيةً عامة تقوم على أساس أننا النعرف قيمة الشيء وأهميت َه إال من خالل معرفة نقيضه‪ ،‬مؤدّيا ً دورا ً‬ ‫والتمزق‪ ،‬كاشفا حالة القحط واليباس التي نعيشها‪ ،‬محيالً‬ ‫ّ‬ ‫فعّاال في الكشف عن نفسية الشاعر الذي يعاني األلم والحزن‬ ‫على معنى مأساوي ينطوي على واقع عربي بائس‪ ،‬مثلما يومىء إلى بعض المحطات المأساويّة في حياة الشاعر‪.‬‬ ‫دالالت الماء في الديوان‪:‬‬ ‫يش ّع الديوان بدالالت الماء‪ ،‬منها المألوف ومنها المغاير‪ .‬يحمل الماء مدلوالته في مركب تتقاذفه أمواج الشك واليقين‪،‬‬ ‫ث الجسدي والروحي والحضاري‪ ،‬الفرحِ والحزن‬ ‫ب والعقم‪ ،‬التط ّه ِر والدنس والتلو ِ‬ ‫الحياةِ واالنبعاث والموت‪ ،‬اإلخصا ِ‬ ‫ُ‬ ‫حسبان هذا الديوان دليالً وعينا ً على التجربة‬ ‫والقلق والضياع‪.‬هذا المركب يأبى أن يركن إلى شاطىء اليقين‪ ،‬ويمكن‬ ‫الشعريّة الفنيّة الطويلة للشاعر عبّاس‪ ،‬كما يمكن حسبان قصائده الموحية تأكيدا على امتالك الشاعر طاقةً تخييلية ـ‬ ‫إبداعية خصبة‪ ،‬وإحساسا ً شعريّا ً مرهفا‪ ،‬وذاكرة ً زاخرة بالثنائيات والمتناقضات البعيدة عن المجانيّة والتصنّع‪ .‬وسوف‬ ‫نر ّكز على دالالت الماء في قصائد الديوان وما ولّدته من إشارات وما ابرزته من تأويالت‪.‬‬


‫البئر؟‬ ‫ت‬ ‫هل جفّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫واالشجار هل يبستْ ؟‬ ‫ُ‬ ‫ب الور ُد‬ ‫أيغر ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن عينيكَ والما ُء؟!(‪)4‬‬ ‫هكذا تم ّهد األفعال «جفّت»‪« ،‬يبست»‪« ،‬يغرب» إلى موت محقّق‪ ،‬موت مفتوح على أسئلة الوجود والعدم‪.‬‬ ‫في مقابل الموت‪ ،‬يح ّمل الشاعر الماء دالالت العشق واالرتباط‪ ،‬إنه مركز الجذب للعناصر الطبيعية األخرى‪،‬‬ ‫تعشقه‪ ،‬وال تستطيع االستغناء عنه‪ ،‬فيقابلها بدوره حبّا ً بحب‪:‬‬ ‫النهر‬ ‫ُ‬ ‫صديق األشجار‬ ‫عشيقان هما‬ ‫فإذا ما غاب انتحرت‬ ‫وإذا ما رحلت‬ ‫مات بضربة شمس‬ ‫فانتبهي!‪)5(..‬‬ ‫الماء أيضا ً في إبداع الشاعر فيض فكر وينبوع شعر‪ ،‬يرتعش الجمال من طلّته‪ ،‬ويتبادل مع الشعر التأثّر‬ ‫والتأثير‪ ،‬فإذا أفاض الشاعر من بوحه الجميل‪ ،‬فاض النهر وأخصب األرض‪ ،‬وشبّت الدهشة في الربوع‪ ،‬واندلق‬ ‫عبير الياسمين‪:‬‬ ‫شعرك‬ ‫يُنبوع ِ‬ ‫كم قالت مطالعُهُ‬ ‫يا ياسمينُ‬ ‫انتعش‬ ‫ْ‬ ‫فِض أيها الن َه ُر(‪)6‬‬ ‫يتابع الشاعر شحن الماء بدالالت الرفعة والسمو‪ ،‬مح ّمالً إياه إشارات الفرح والنشوة المتولّدة من قامات العظماء‬ ‫الذين اختارتهم السماء لزيارتها‪ ،‬فسمت بهم‪ ،‬وفرحت لقدومهم‪ ،‬فتساقطت دموع الفرح على خ ّد األرض‪:‬‬ ‫كأنّك اخترت تسمو‬ ‫س َمتْ‬ ‫سماء ف َ‬ ‫بال ّ‬ ‫بكَ السما ُ‬ ‫المطر(‪)7‬‬ ‫ساق َط‬ ‫انتشتْ فا ّ‬ ‫ُ‬ ‫يلوح لنا بدالالت الخوف‬ ‫كما يح ّمل الشاعر الماء محموالت الحياة والموت والخصوبة والعشق‬ ‫والتحول‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتحول الماء من مالذ مطمئن إلى مصدر للخوف‪،‬‬ ‫والظمأ‪ ،‬فتضيق الحياة إلى ح ِ ّد ال تتسع فيه لشهقة الموت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويغيّر اتجاهه من مصدر للنور والشفاء واإلرواء إلى علّة للعطش والجفاف والشقاء‪:‬‬


‫إرتبط الماء بدالالت التجدّد والخلق‪ ،‬إنه شرط الحياة‪»،‬وجعلنا من الماء ك ّل شيء حي”‬ ‫(األنبياء‪ ،)30/‬وش ّكل رمزا ً لقوة الخالق”وكان عرشه عىل الماء”(هود‪ .)7/‬وها هو الشاعر باسم عبّاس يشحنه بطاقة‬ ‫التغيير والتجديد‪ ،‬واالنتقال من حال إلى حال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫النسيان‬ ‫شواطىء‬ ‫مرافىء العبور‬ ‫ْ‬ ‫باإلنسان‬ ‫من وحشة ووحد ٍة‬ ‫إلى حيا ٍة‬ ‫ْ‬ ‫زارها آذار‬ ‫ونيسان(‪)1‬‬

‫ّ‬ ‫ف‬ ‫وه تشكل عند الشاعر محطا ٍ‬ ‫للتحول‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫تقترن كلمات «شواطىء” و”مرا�ء” و”العبور” بدال الماء‪ ،‬ي‬ ‫واالنعطاف من عالم الوحشة والوحدة والقلق واليأس إلى حياة التجدّد والتفاؤل واألمل والرجاء‪ ،‬كما تومىء إلى‬ ‫كل ما يحمله الربيع (آذار ونيسان) من معاني الخصب والخلق والجمال‪.‬‬ ‫التحول والتجدد في حياة الشاعر‪ ،‬أعطى إشارات الخلق والبعث بعد الموت‪:‬‬ ‫وكما ش ّكل الماء حقال خصيبا ً لمعاني‬ ‫ّ‬ ‫بكى الزمانُ‬ ‫بكى التاري ُخ والعُ ُم ُر‬ ‫أزيّنُ اآلن موتا ً‬ ‫كنتَ عاشقَهُ‬ ‫لكنه صار خلقا ً‬ ‫بتكر(‪)2‬‬ ‫فيكَ يُ ُ‬ ‫يحيل الفعل «بكى» الذي تكرر مرتين إلى الحزن واأللم على فقد من نُحبّ ‪ ،‬ويستحيل دمعا ً يسيل على فراق‬ ‫يتفرقون من حولنا ويغادرون قبل األوان‪ ،‬ث ّمة موت يتربّص بنا‪ ،‬فما جدوى الحياة إذا كانت مزنرة‬ ‫الكبار‪ ،‬وهم ّ‬ ‫بكل هذا الموت والخراب؟‪.‬‬ ‫الشاعر‪،‬يتحول الدمع والبكاء فيه إلى النقيض‪ ،‬إلى العشق واالبداع ‪ ،‬مع ما يثيره الفعل» يُبتكر»‬ ‫ثمة جواب عند‬ ‫ّ‬ ‫من معاني الخَلق والبعث الجميل‪.‬‬ ‫يتحول‬ ‫وكما يحمل الماء معاني الحياة والخلق‪ ،‬ينزاح مع الشاعر إلى دالالت الموت حين‬ ‫ّ‬ ‫إلى برد وموج يتطلّب تد ّخال من الشاعر كي يحمي حبيبته من عتو الماء‪:‬‬ ‫أحميك من بر ٍد‬ ‫ِ‬ ‫غدر‬ ‫ومن ٍ ّ‬ ‫حر ومن ٍ‬ ‫ومن موجٍ الدهور العاتي(‪)3‬‬ ‫«أحميك» إلى خطر ما يهدّد‪ ،‬ويُنذر بعاقبة الموت الذي يتأتّى من «موج الدهور العاتي»‪.‬‬ ‫ويحيل الفعل‬ ‫ِ‬ ‫وكما أشار الشاعر إلى الموج داال على الغرق والموت‪ ،‬يح ّمل نقص الماء عدّة الغياب والذبول‪:‬‬


‫ولما كان المطر ذكرا واألرض أنثى‪ ،‬يخصب الماء رحم االرض‪ ،‬فتُخرج بدورها النبات والشجر الذي يسكن‬ ‫وتتحول يدا الحبيبة مطرا ً يعشقه الشاعر‪:‬‬ ‫ويتحول كل ما فيه إلى شجر‪،‬‬ ‫كيان الشاعر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شجر‬ ‫صوتي‬ ‫ٌ‬ ‫شجر‬ ‫صمتي‬ ‫ٌ‬ ‫شجر‬ ‫جسدي‬ ‫ٌ‬ ‫المطر!(‪)13‬‬ ‫ويداك أعشق فيهما هذا‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫وفي ما يشبه الالزمة يكرر الشاعر نداءه‪:‬‬ ‫لك أن تكوني‬ ‫ِ‬ ‫في حياتي‬ ‫زهرةً وفراشةً‬ ‫عصفورة‬ ‫نهرا ً وساقية‪)14(.‬‬ ‫يُسقط الشاعر على الماء معاني إنسانية مختلفة‪ ،‬فتارة يحاوره‪:‬‬ ‫أحاور الور َد‬ ‫م َّد الماء لي يدَه‬ ‫أحاور الما َء‬ ‫يبدو خربشات ظما(‪)15‬‬ ‫ومرة أخرى يرسم من خالله وجوها ً إنسانية تشع بدالالت الجمال واإلبداع اإللهي في مزاوجة ومطابقة بين جمال الخَلق‬ ‫في الطبيعة وحسن الخَلق في االنسان‪ ،‬حيث يبدع الشاعر في تصوير الشفاه والعيون ومقاربتها من خالل خريطة‬ ‫الشطآن الحالمة‪:‬‬ ‫حب‬ ‫مرت هناك ذات ّ‬ ‫ّ‬ ‫سفينةٌ مملوءةٌ باآله‬ ‫ق‬ ‫فاندلعت حرائ ٌ‬ ‫جنّت بها الرما ْل‬ ‫ْ‬ ‫والزمان‬ ‫تأوه المكان‬ ‫ّ‬ ‫وكان ما ْ‬ ‫كان‬ ‫أن أبدع اإلله‬ ‫شواطىء الشفاهْ(‪)16‬‬ ‫ويتابع في قصيدة أخرى‪:‬‬


‫ل ْم يبقَ‬ ‫في كب ِد المصباح متس ٌع‬ ‫لشهق ٍة‬ ‫وغفت في الضوء ضوضا ُء‬ ‫أينبغي‬ ‫يكون النخ ُل مرتجفا ً‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫أم ينبغي عندنا‬ ‫أن يظمأ َ الما ُء(‪)8‬‬ ‫يصوره الشاعر عاجزا ً عن‬ ‫ملوثات الحياة المادية والروحيّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ول ّما كان المطر سبب التط ّهر ووسيلته للخالص من ّ‬ ‫التلوث قد بلغ مدى لم يعد بمقدور المطر أن يغسله أو يخفف من ُ‬ ‫ّ‬ ‫شره‪ ،‬فيتساءل‬ ‫فعل التطهير‪،‬‬ ‫غلواء ّ‬ ‫لكأن هذا ّ‬ ‫الشاعر‪:‬‬ ‫مطر‬ ‫هل من ٍ‬ ‫بعض خطايانا؟!(‪)9‬‬ ‫يقدر أن يغس َل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وإذا كان الماء عاجزا ً عن غسل خطايانا نحن البشر‪ ،‬إال أن أمالً ضئيالً ما زال يلوح في االفق‪ ،‬من شأنه أن‬ ‫يعطي الكائنات األخرى طعم الفرح الناشىء من مزاوجة البئر والحكايات‪ ،‬إنه أي البئر يخزن الخير في حضنه‪،‬‬ ‫ويحفظ أسرارا ً وحكايا كثيرة‪ ،‬يبعث األمل والرجاء إلى البالبل واألشجار‪ ،‬مع ما تثيره البالبل من إيحاءات‬ ‫ي الساحر‪:‬‬ ‫تؤشر إلى الكالم الجميل الموحي‪ ،‬والبوح الشعر ّ‬ ‫البئر مألى حكايا‬ ‫فاستح ّم إذن‬ ‫الحور‬ ‫يا بلب َل‬ ‫ِ‬ ‫الشجر(‪)10‬‬ ‫وليفرحْ بك‬ ‫ُ‬ ‫يح ّمل الشاعر الماء دالالت الحب الوثّاب‪ ،‬والعشق الجامح‪ ،‬مشبّها ً الحب بالبحار في مدّها وجذرها‪ ،‬طالبا ً من حبيبته‬ ‫والمحرض والمغرق في آن‪:‬‬ ‫لعب دور المهدىء والمنقذ‬ ‫ّ‬ ‫الحب‬ ‫لتكوني في بحار‬ ‫ّ‬ ‫أشرعتي وأمواجي ومدّي(‪)11‬‬ ‫كما يطلب منها أن تكون السيل الجارف‪ ،‬في إشارة إلى جموح الحب‪ ،‬واإليغال في مغامرة العشق‪ ،‬وأن تتحدى‬ ‫الخطر المنبعث من أصوات الرعد والبرق مع ما يحمله من داللة واضحة على دنو المطر من األرض‪:‬‬ ‫كوني كسي ٍل‬ ‫في شراييني‬ ‫وال تخشَي صلي َل البرق‬ ‫في الغيمات(‪)12‬‬


‫ويسافر منه العظماء‪:‬‬ ‫عمر‬ ‫وث ّم ميناء ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫سفن فيه!‬ ‫كم رست‬ ‫وكم أبحر‬ ‫العشّاق والعظما!(‪)23‬‬ ‫فيتحول الربيع من دا ٍل على فرح اإلرض‪ ،‬إلى دا ٍل على الحزن‬ ‫وتتسع دالالت الماء لتشارك الشاعر حزنه وآالمه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتحول الشتاء من دال على المطر الغزير إلى شتاء جاف‪ ،‬ال يشبه «الشتاءات» األخرى‪:‬‬ ‫والوجع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كم ربيع سيبكي؟!‬ ‫غاب بُلبُلُهُ‬ ‫وكم شتاء سييذوي‬ ‫مطر(‪)24‬‬ ‫ما به‬ ‫ُ‬ ‫ويصور الفعل «بكى» ربيعا ً حزيناً‪ ،‬ويرسم الفعل «يذوي» شتا ًء متألّما‪ ،‬ويزنّر القلق الشاعر‪ ،‬فيسكب روحه فوق الورق‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لتش ّع قلقا مؤلما ومشرقا في آن‪:‬‬ ‫نقطةُ حبر‬ ‫سقطت فوق الورق‬ ‫سكب الشاعر فيها‬ ‫بعضا ً من روحه‬ ‫صارت بقعة ضوء قلقه(‪)25‬‬ ‫يحمل الماء أيضا ً مدلول العطاء المحب الالمحدود‪ ،‬فيعانق العشق الغيم‪ ،‬ويعزفا معا سمفونية كونيّة على نشيد المطر الذي‬ ‫يروي عطش األرض‪:‬‬ ‫الغيم‬ ‫ق عشقي فوق حبا ِل‬ ‫سأُعلّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أرض عطشى(‪)26‬‬ ‫مطر في‬ ‫ٍ‬ ‫ليُ َ‬ ‫ي الحبيبة إلى أنهار تجري رقراقة‪ ،‬ونهارات مشرقة‪ ،‬تحفظ العشق في خوابي معتّقة أليام‬ ‫ّ‬ ‫ويحول الشاعر ظالم الليل في عين ّ‬ ‫الجفاف والفقد والحنين‪:‬‬ ‫ق من عينيك الليلَ!!‬ ‫أسر ُ‬ ‫ت‬ ‫أحوله أنهارا ً ونهارا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫فدعي عشقي زادا ً‬ ‫في جعبة ذاكر ٍة مفقودهْ!‪)27(..‬‬ ‫سع‬ ‫لقد اكتشف باسم عباس في ديوانه»عندما يعطش الماء» لغات الماء‪ ،‬وكشف لنا عن أسراره التي طالما تمنّع عن البوح بها‪ ،‬فو ّ‬ ‫حقله الداللي‪ ،‬وارتقى به إلى مستوى الرمز‪ ،‬بعد أن شحنه بأحاسيسه‪ ،‬وح ّمله همومه‪ ،‬واسقط عليه معاني القلق والخوف‪ ....‬واتخذ‬ ‫حوله مالذا للفرح واستنطقه رؤى فلسفية واستولده‬ ‫منه وسيلة لموقف نقدي من واقع عربي يسبح في بحر من دموع ودماء‪ .‬كما ّ‬ ‫سالالت من رموز وإشارات اجتمعت في ثنائية ضديّة تشبه إلى ح ّد ما ثنائية باسم‪ /‬عباس التي حلّت في ماء شعره فجعلته يموج‬ ‫بتاقضات الحياة‪ ،‬ويتأرجح بين حدّي الخصب والعقم‪ ،‬الحزن والفرح‪ ،‬لترسم لنا صورة معبّرة عن عصرنا وحياتنا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لقد قالها السيد المسيح(ع) مخاطبا أصحابه منذ ألفي عام‪ :‬أنتم ملح األرض‪ ،‬فإذا فسد الملح فبماذا يملح؟ وها هو باسم عباس يصرخ في‬ ‫ير ّوى؟‪،‬فتجيبنا قصائده‪ :‬ث ّمة شعراء يعصرون فاكهة الغيم‪ ،‬ليسقوا أزهار‬ ‫بريّة هذا العالم‪ ،‬في هذا العصر بالذات‪ :‬إذا عطش الماء فبماذا َ‬ ‫الروح‪ ،‬ويرووا مشاتل الضوء‪ ،‬فتننهمر القصائد‪.‬‬


‫شواطىء العيون‬ ‫آبار أسرار الحياهْ(‪)17‬‬ ‫التمرد والثورة‪ ،‬فيأبى على االنسان االنقياد‪ ،‬ويرفض له كل ما يح ّد من‬ ‫ال يتعب الشاعر من تحميل الماء دالالت‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫طموحه‪ ،‬أو يج ّمد من مواهبه‪ ،‬أو يقف حاجزا بينه وبين تطلعاته‪ ،‬وهو الذي يدرك أن اليقين المطلق قاتل االبداع‪،‬‬ ‫وأن اإلجابات السطحية والقناعات المزيّفة سرعان ما تنهار ‪:‬‬ ‫أنا أرفض الشطآن والميناء‬ ‫ال أرسو(‪)18‬‬ ‫وفي موضع آخر يقول‪:‬‬ ‫لي قامة الكلمات‬ ‫تستعصي على ما قد يجو ُل‬ ‫مطر‪)19(..‬‬ ‫غيم أو‬ ‫ْ‬ ‫ببا ِل ٍ‬ ‫ويعلن في قصيدة أخرى‪:‬‬ ‫هي قامةٌ‬ ‫وأرخت الجبال‬ ‫قامت ّ‬ ‫ت‬ ‫وفككتْ صمتَ المسافا ِ‬ ‫ع السنين‬ ‫انتشى من نُسغها جذ ُ‬ ‫ج بلّل وجهها‬ ‫ال المو ُ‬ ‫خض كيانها(‪)20‬‬ ‫ال الموتُ‬ ‫ّ‬ ‫يصارع الشاعر بهمته العالية وشموخه السامي أشباح الظلمة‪ ،‬ويُشهر اليراع سالحاً‪ ،‬ال يبالي أن يوصم بالجنون‪،‬‬ ‫صم العظماء بهذه الصفة‪ ،‬فما هانوا وال استكانوا رغم المرارات التي عصرت الغيم دمعا ساخناً‪،‬‬ ‫إذ طالما ُو ِ‬ ‫يشعل نيران الحنين‪:‬‬ ‫ع تش ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ظى‬ ‫أجنون إذا اليرا ُ‬ ‫وإذا الغي ُم‬ ‫صار دمع حنيني(‪)21‬‬ ‫هذا الحزن المنهمر يكسوه الشاعر رداء السلوى‪ ،‬ويُنبت منه أزهار الفرح‪ ،‬ويُعالج به أسباب الضجر‪ ،‬ويستوحي‬ ‫منه صور المحبة‪ ،‬يرسمها على جدران القلب‪:‬‬ ‫بشتاء‬ ‫أتسلّى‬ ‫ٍ‬ ‫ع في الغيم وردا ً‬ ‫أزر ُ‬ ‫ت‬ ‫بحر في رسم الكلما ِ‬ ‫أُ ُ‬ ‫على جدران القلب‪)22(...‬‬ ‫فيتحول العمر إلى ميناء‪ ،‬ترسو فيه السفن‪ ،‬ويغادر الع ّ‬ ‫شاق‬ ‫يأخذ الماء عندالشاعر دالالت السفر والرحيل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويسافر منه العظماء‪:‬‬ ‫عمر‬ ‫وث ّم ميناء ٍ‬




Keep it 7elwee!


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.