NO. 3 •MARCH2018
يا حلوين
U.S BASED ARABIC LIFESTYLE MAGAZINE
من روائع الكالم عمر شبيل
منارة بريوت التاريخية
د.حسن فرحات
كوين أنيقة مريم باجي
ي ا ح ل يو
ن
All rights reserved. Copyright held by HSF Media Inc. 2018. No reproduction, copying or pasting without expressed consent from HSF Media Inc. For permission or writing oppurtunities please contact: submissions@ya7elweenmagazine.com Magazine Founder: Dr. Hassan A Farhat MD Co-Founder: April Khan Chief Content Manager: Dinah Rashid Senior Arts Director: Saood Mukhtar North African Corespondent: Meriem Badji Editorial Member: Reyad Al-dellamy
المقامة اإلبليسية
شخصيات ,أدبيات وإنتاج أدبي ,مقامات بديع الزمان الهمذاني
المقامة اإلبليسية ضلَ ْلــتُ ِإ ِب ـاً ِلــي ،فَخ ََر ْجــتُ ِفــي َ ســى ْبـ ُ َضــر، ـن ِه َ ـام قَــا َل :أ َ ْ شـ ٍ طلَ ِب َهــا ،فَ َحلَ ْلــتُ ِبــوا ٍد خ ِ َحدَّث َ ْنــا ِعي َ ـار ُمنَـ ّ ِو َرةٌَ ،وأ َ ْن َمـ ٌ ســو َ طةٌَ ،و ِإذَا ـاط َم ْب ُ صـ َّ ـار يَانِعَــةٌَ ،وأ َ ْز َهـ ٌ ار بَا ِسـقَةٌَ ،وأَثْ َمـ ٌ ـردَةٌَ ،وأ َ ْشـ َج ٌ فَـإِذَا أ َ ْن َهـ ٌ ـار ُم َ الو ِحيـدَ ِمـ ْ علَ ْيـ ِه، َ ـرو ُ علَ ْيـ َ عنِــي ِم ْنـهُ َمــا يَـ ُ شـ ْي ٌخ َجا ِلـ ٌ ســلَّ ْمتُ َ س َ ـس ،فَ َرا َ ـك ،فَ َ ـن ِمثْ ِلـ ِه ،فَقَــا َل :الَ بَــأ ْ َ ع َ عـ ْ ت ـك َو َو َجـ ْد َ ـت دَالَّتَـ َ ص ْبـ َ ـن َحا ِلــي فَأ َ ْخبَـ ْ ـوس فَ ْ َوأ َ َم َرنِــي بال ُجلُـ ِ ســأَلَنِي َ امتَث َ ْلــتُ َ ،و َ ـرتُ ،فَقَــا َل ِلــي :أ َ َ ـر ِوي ِمـ ْ ـك ،فَ َهـ ْ عبي ـ ٍد ش ـيْئاً؟ قُ ْلــتُ :نَعَ ـ ْم ،فَأ َ ْن َ ب َ ضالَّتِـ َ ـل تَـ ْ ئ القَ ْيـ ِ ـر ِ َ ـسَ ،و َ ار العَـ َ ش ـدْتُ ِال ْمـ ِـر ِ ـن أ َ ْش ـعَ ِ ط َرفَـ�ةَ فَلَـ� ْم يَ ْ َولَ ِبي�ـ ٍد َو َ �كَ ،وقـ�ا َل :أ ُ ْن ِشـ�د َُك م ِشـ ْ ْئ ِمـ ْ شـ�دَ: �ن ِش�ـ ْعري؟ فَقُلـ�تُ لَـ�هُِ :إي ِه ،فَأ َ ْن َ ب ِل َ �ن ذ ِلـ َ �ر ُ طـ َ شـ�ي ٍ ْــت مــا بَانَــا *** َوقَ َّ بَــانَ ال َخ ِليــ ُ ــو َ طعُــوا ِم ْ صــ ِل أ َ ْق َرانــا ط َّوع َ الو ْ ط َولَ ْ ــن ِحبَــا ِل َ يــر قَــ ْد َحتَّــى أَتَــى َ لــى القَ ِ صيــدَةِ ُك ِلّهــا ،فَقُلُــتُ :يَــا شَــ ْي ُخ هَــ ِذ ِه القَ ِ صيــدَة ُ ِل َج ِر ٍ ع َ َح ِف َ ت األ َ ْخ ِبي��ةََ .و َو َرد ْ ع َرفَه��ا النِّ ْس ُ الص ْبيَ ُ ظتْ َه��ا ِت األ َ ْن ِديَ��ة ،فق��ا َل: ��وانَ ،و َولَج�� ِ ِّ ��انَ ،و َ دَعْنـ�ي ِم ْ اس ِشـ� ْعرا ً فَأ َ ْنشِـ� ْد ِني ِه ،فَأ َ ْنشَـ� ْدتُهُ: ـ�ن هـ�ذَاَ ،و ِإ ْن ُك ْن َ ـ�ت ت َ ْ ـ�و ٍ ـ�ر ِوي ألَبـ�ي نُ َ ــر َربْعــا ً َ ـــيس ال أ َ ْنــد ُ ــوس *** َولَ ْســتُ أ َ ْ صبُــو ِإلَــى ال َحادِيــنَ ِب ْالـ ِع ِ ْــر َمأْنُ ِ غي َ ُب الدَّ ْه َ أ َ َح ُّ علَ ْي َهــا َ ــوس ــر َم ْن ِزلَــةٌ *** َو ْ غي ُ ْــر َم ْلبُ ِ صـــ ُل ال َح ِبيــ ِ ب َ ــق َم ْن ِزلَــ ٍة ِبال َه ْج ِ ت َمــا َكانَ أ َ ْ ــوس ت َ ْع َمــ ُل فِــي إِ ْخ َوانِنَـــا الـ ُّ ــر ْ يَــا لَ ْيلَــةً َ ـــوس ش ِ طيَبَ َهــا *** َو ْال ُك ُ غب َ َ ْ َوشَــاد ٍِن نَ َ طقَ ْ ِيس ــر س ْ ــت ِب ْال ِ ّ ف ت َ ْســ ِبيحِ َوتَقــــــد ِ ــح ِر ُم ْقلَتُــهُ *** ُمزَ نَّ ٍ حــــل َ ــك ال َّ ـــيس ــاض َونُ ْس ِ ي قَ ٍ الريــقَ ِوال َّ نَازَ ْعتُــهُ ِ ّ شــيْخِ ِإ ْب ِل ِ ص ْهبَــا َء َ صا ِفيَــةًَ *** ِفــي ز ِّ لــوا *** َو ِخ ْفــتُ ـــــوس عتَــهُ ِإيَّــاي ِبال ُك ِ لَ َّمــا ث َ ِم ْلنَــا َوك ُّل الن ِ ص ْر َ َــاس قَــ ْد ث َ ِم ُ َ ط ْ غ َ ســهُ *** فَا ْست َ ْشــعَ َر ْ َ ــو َم ِمــن ِكيسِــــي ت ُم ْقلتَــاهُ النَّ ْ طــتُ ُم ْست َ ْن ِعســا ً ْنومــا ً أل ُ ْن ِع َ علـــى تشَــعُّثِ ِه ِم ْ ــــيس ع ْ ــر ِش بَ ْل ِق ِ ــن َ ير َكانَ أ َ ْرفَــقَ بِــي *** َ َو ْامتَــدَّ فَ ْ ــوقَ َ ــر ٍ س ِ صبَــاحِ َوقَــ ْد *** دَلَّ ْ يــس َو ُز ْرتُ َم ْ صبْــحِ أ َ ْ علــى ال ُّ ض َجعَــهُ قَبْــ َل ال َّ ــواتُ النَّ َواقِ ِ ــت َ ص َ ْــر َك ِم ْ فَقَــا َلَ :م ْ ـــيس ــن ت َ ْش ِ ــن ذَا؟ فَقُ ْلــتُ :القَ ُّ يس ِق ْس ِ ــم ِ ــس زَ َ ارَ *** ،والَبُــدُّ ِلدَي ِ ــت ِم ْ ْـلـــيس ــن َر ُجــل *** ٍفَقُ ْلــتُ َكالَّ فَإِنِّــي لَ ْســتُ ِبـإِب ــري أ َ ْن َ ِ ــس لَعَ ْم ِ فَقَــا َلِ :بئْ َ قَــا َل :فَ َ ــرب ال َّ ــك هللاُ ِم ْ ــكِ ،شــ ْع َر ــن شَــيْخٍ الَ أ َ ْدري أ َ ِبا ْنتِ َحا ِل َ عــقَ ،فَقُ ْلــتُ :قَبَّ َح َ شــ ْي ُخ َوشَــ َهقَ َوزَ َ ط َ َف أ َ ْم بِ َ َّ�اـر؟؟ .فَقَــا َل :دَ ْعنِــي ِمـ ْ ـك ِم ْ اس َو ْه َ��و فُ َو ْيس ٌ ـن ط َربِـ َ ي��ر أ َ ْنـ َ ��ن ِش�� ْع ِر أَبيــ نُ َ��و ٍ عي ٌ �ت أ َ ْس��خ ُ ِ��ق َ َج ِر ٍ ـت فِــي َ ُّور، ط ِري ِقـ َ ـك ،فَـإِذَا لَ ِقيـ َ علــى َو ْج ِهـ َ ص ِغيـ ٌ ـر يَـد ُ َهــذا َ َو ْامـ ِ ـض َ ي َ ُور فِــي الـد ِ ـك َر ُجـاً َمعَـهُ نِحـ ٌ ُور ،يُ ْز ِه��ى ِب ِح ْليَ ِتـ� ِهَ ،ويُبَا ِه��ي ِب ِل ْحيَ ِت�� ِه ،فَقُ ْ علَــى ُحــو ٍ ورِ ،فــي ت َم ْ صـ ُ َح ْ ��ل لَ ـهُ :دُلَّ ِنــي َ ـر ٍ ��و َل القُ��د ِ ـور ،يَ ْلـدَ ُ ـورُ ،م ْخ َ غ ُّ ـر، طـ ِ ـرَ ،وأ ُ ُّمـهُ ذَ َكـ ٌ ـور ،أَبُــوهُ َح َجـ ٌ بَ ْعـ ِ ـورَ ،ويَ ْعت َـ ُّم ِبالنُّـ ِ كالز ْنبُـ ِ ـف ال ُخصـ ِ ـض البُحـ ِ ـوسَ ،و ُهـ َـو فــي البَ ْيـتِ، ـبَ ،وباقِيـ ِه ذَنَـ ٌ ـبَ ،وا ْسـ ُمهُ لَ َهـ ٌ سـهُ ذَ َهـ ٌ ع َمـ ُل ال ُّ َو َرأْ ُ سـ ِ ـب ،لـهُ فِــي ال َم ْلبُـ ِ ـوسَ ، آفَـةُ َّ ـص ـر ٌ يب ال يَ ْنقَـ ُع ،أ َ ُكــو ٌل ال يَ ْشـبَ ُع ،بَـذُو ٌل ال يَ ْمنَـ ُع ،يُ ْنمــى إِلــى ال ُّ الز ْيـتِِ ،شـ ِ ّ صعُــودَِ ،والَ يَ ْنقَـ ُ َمالُـهُ ِمـ ْ ـك ـش َمعَـ َ ـرهَُ ،و ُك ْنــتُ أ َ ْكت ُ ُمـ َ ـرهَُ ،ويَ ْنفَعُـ َ ـك َمــا يَ ُ ســو ُء َك َمــا يَ ُ ـن ُجــودٍ ،يَ ُ ضـ ُّ سـ ُّ ـك َحدِيثــيَ ،وأ َ ِعيـ ُ ـت فَ ُخـذَ اآلنَ ،فَ َمــا أ َ َحـدٌ ِمــنَ ـك أَبَ ْيـ َ فــي َر َخــاءٍ ،لَ ِ ّكنَـ َ
صيـدَة ََ ،وأَنَــا ال َّ ال ُّ ـن ِمنَّــاَ ،وأَنَــا أ َ ْملَ ْيـ ْ اء ِإالَّ َو َم ْعـهُ ُم ِعيـ ٌ ـرة َ. شـعَ َر ِ شـ ْي ُخ أَبُــو ُمـ َّ ـت َ علَــى َج ِريـ ٍـر هـ ِذ ِه القَ ِ ســى ْبـ ُ ـام :ث ُ ـ َّم َ ض ْيــتُ ِل َو ْج ِهــي ،فَلَ ِقيــتُ َر ُج ـاً فِــي يَ ـ ِد ِه َمذَبَّ ـةُ، ـن ِه َ شـ ٍ ـاب َولَ ـ ْم أ َ َرهُ َو َم َ غـ َ قَــا َل ِعي َ َــار س ِ ص ِ احبــيَ ،وقُ ْلــتُ لَــهُ َمــا َ ــر َجةًَ ،وأ َ ْو َمــأ َ إِلَــى غ ٍ فَقُ ْلــتُ :هَــذَا َوهللاِ َ ــم ْعتُ ِم ْنــهُ فَن ََاولنِــي ِم ْس َ فِ��ي ال َجبَ�� ِل ُم ْ ـك النَّــار ،قَــا َل :فَدَخ َْلت ُـهُ فَ ـإِذَا أَنَــا بإِ ِبلــي قَ ـ ْد أ َ َخ ـذَ ْ ت ـارَ ،و َمعـ َ ظ ِلـ ٍ�م ،فَقَ��ا َل :دُونَـ َ ـك الغَـ َ ـرِ ،إ ْذ ـاض أَد ُّ سـ ْـمت َ َها ،فَلَ َو ْيــتُ َو ُجو َه َهــا َو َردَ ْدت ُ َهــاَ ،وبَ ْينَــا أَنَــا فــي ِت ْلـ َ ـك ال َحال ـ ِة فــي ال ِغيَـ ِ َ ُب ال َخ َمـ َ ـام؟ قَــا َل: اك َو ْي َحـ َ س�لاَمش ،فَقُ ْل��تُ َ :مــا َح ـدَ َ ي تَلَقَّانِيــ بِال َّ ـك ِإلَــى َه ـذَا ال َمقـ ِ اإل ْس�� َك ْندَ ِر ِّ بِأَبِيــ الفَتْـ�حِ ِ ــك يــا أَبَــا الفَتْــحِ، َــام ،قُلــتُ :فَ ْ اح ُكــ ْم ُح ْك َم َ َّــام ،فِــي األ َ ْحــ َك ِامَ ،و َ َج ْ ــر ِامِ ،مــنَ األَن ِ ــو ُر األَي ِ عــدَ ُم ال ِك َ ـ�ك ،فَأ َ ْنشَـ�أ َ يَقُـ�و ُل: فَقَـ�ا َلْ : ـ�ك ذَ ِل َ عـ�ودٍ ،فَ ْقلـ�تُ :لَ َ علَـ�ى قَعُـ�ودٍَ ،وأ َ ِر ْق لـ�ي َمـ�ا ًء فِـ�ي ُ اح ِملنِـ�ي َ طا ً ط َ شَــ َ َكلَّ ْفتُــهُ فِـــدَا ُء نَ ْفسِــي ـــح *** ـــم فَأ َ ْسـ َج ْ ُمـ َحـ ِ ّك ٍ ال ُمخَــا َ َوالَ َوالَ َح َّ تَن َْحنَــ َح ط، ســ َح *** ـحـيَتَـــهُ، ــك َمــا ِل ْ َم َ ث ُ ـ َّم أ َ ْخبَ ْرت ُ ـهُ بِخَبـ ِـر ال َّ ـرة ُ بِـ ِ ّ ش ـيْخِ ،فَأ َ ْومــأ َ ِإلــى ِع َما َمتِ ـ ِهَ ،وقَــا َلَ :ه ـ ِذ ِه ث َ َمـ َ ـر ِه ،فَقُلــتُ :يَــا أَبَــا الفَتْــحِ ـ�ك لَشَـ� َّحاذٌ! يـ�س؟ ِإنَّ َ شَـ� َح ْذ َ ت َ علـ�ى ِإ ْب ِل َ
يا زهر البيلسان د.هويدا شريف أمشي في دنيا الحزن أقطف الفرحه من نجمه الليل صباح وإشراقه ال ّ والنّهار الطويل أغرس الحبور في أطفالي في جيراني في ك ّل عابر سبيل و البرتقال الحزين يا زهر البيلسان من روح نيسان ّ تعن على بالي لياليك الغابره المشوقه وأحاديثك ّ سعاده أنت فال ّ واألغاني أنت طفلي المدلل أنت فأنت القلم الجوال في األفق السامي وبعض من تشيزوفرينيا الحروف
كوني أنيقة
مريم باجي
آنستي أو سيدتي ،األناقة هي نصف الجمال ،و من بين أكثر األمور التي تدل أن صاحبها مميز .لذلك يجب عليك أن تهتمي بأناقتك جيدا ،و األناقة بمفهومها الحقيقي هي أن تكوني دائما بمظهر خارجي مميز و جذاب يستحسنه كل من يراك به ،و ال ترتبط األناقة بكل ما تصدره دور الموضة ،ألننا في حاالت كثيرة نجد أشخاصا يتمتعون بأناقة تجذب االنتباه مع أن مظهرهم بسيط و مالبسهم بسيطة و ال تندرج في قائمة الموضة لتلك الفترة ،و سبب ذلك يعود للطريقة و األسلوب الذي تتبعه هذه السيدة في اختيارها مالبسها و تنسيقها . أجل شخصية اإلنسان و إبداعه الداخلي لهما دور كبير في اختياراته الخارجية و من بينها مظهره و أناقته ،فنجده يبدع في تجميل نفسه و يحاول جاهدا أن يجعلها رائعة و جذابة . األناقة عموما تعتمد على ما يختاره الشخص لمظهره الخارجي و أسلوبه في تنسيق ذلك عليه ،و كما قلت سابقا هناك من يستطيع أن يكون أنيقا مع أنه ال يواكب الموضة بسبب شخصيته و إبداعه الداخلي ،لكن ماذا إن كان الشخص ال يتمتع بذوق داخلي أو شخصية فنية مبدعة هل يستطيع تنسيق مالبسه أو تجميل نفسه ليصبح أنيقا !؟ و ماذا عن الموضة هل تفيدنا عندما نكون من األشخاص الذين ال يتمتعون بذوق عال أو رفيع أو عندما ال نتمتع بشخصية مميزة تعرف كيفية اختيار األفضل لها !؟ للذين يجدون أنفسهم غير موفقين في اختيارهم لما يلبسونه أو يظهرون به ،من األحسن أن يستعينوا بخبير في تنسيق المالبس ،ألنه سيساعدهم في اختيار ما يناسبهم كما أنه في كثير من األحيان يعرفهم بمميزاتهم التي كانوا يجهلونها و هي نفسها التي تجعلهم يفهمون ماذا يحتاجه مظهرهم لكي يكون أنيقا ،و ال نستطيع االعتماد على الموضة دائما للخروج من مأزق المظهر غير األنيقا ،ألن الموضة تصنع الجديد و ليس بالضرورة أن يكون مميزا دائما و من المستحيل أن تكون ما تصنعه الموضة سيناسب الجميع ،فإن اعتمد الشخص على الموضة كمعيار رئيسي في اختياراته لمظهره قد يختار أمورا أو مالبسا أو مظهرا ال يناسبه مما يجعله بعدها غير أنيق أو محط سخرية من غيره . األناقة ال ترتبط بالماركات العالمية دائما وال بالفساتين الفاخرة وال باألمور التي تكلف ثمنا باهظا بل هي مرتبطة بالفن و إبداع الشخص في تزيين مظهره ،كما أنها ستكون أناقة غير عادية تجلب لصاحبها االنتباه إذا استطاع الشخص فيها االعتماد على ما يميزه دون أن يقلد غيره أو يجعل من نفسه شخصية أخرى ال تمثله .
ال تقتلوا زرقةَ البحر فتُقتَلوا فاطمة حجازي ّ ي» ،والجمال مبتغى النّفوس الطبيعة كنز الوجود ،والمياه ّ سر الموجود « وجعلنا من الماء ك َّل شيء ح ّ بتنوع مظاهره الجغرافيّة .إنّه أيقونة ال ّ شرق .إنّه ألشبه بمنظوم ٍة موسيقيّ ٍة متكاملة ،ولبنان بلد الخلود ّ ، فلم أيتها األيدي ّ الظالمة تغتالين روح الوجود ؟! العناصر َ ... سط .غطا ٌء أزرق يمت ّد على م ّد النّظر ، مع إشراقة القرص الذّهبي ،اقتادنا الحلم إلى شاطئ البحر المتو ّ براقة ،تغازل ضياء ال ّ شمس ،وتحوك معها ابتدا ًء من حبّات الجوهر األصفر ،النّائمة على كتف المياه ّ ، الرمال نحيبًا ، ق ّ صة الكرة الملتهبة التي سيبتلعها البحر عند المغيب ...ولكن في ذلك اليوم ،كان غزل ّ وضياء ال ّ ستر معلنًا عن الجريمة ،باحثًا عن الفاعلين .كأنّه يسأل من اعتدى على عارا ،يكشف ال ّ شمس ً الرمل ،وأبكت عين ال ّ حرمة حبيب ال ّ شمس ،وأثارت غضب البحر آثارا قبيحة ،ألهبت نار ّ شمس ،مخلّفًا ً أقذار وأوراق ،معلّبات ،كراتين ،معادن وأخشاب ...هنا وهناك أكوا ٌم أكوام تناثرت أكياس وأكياس ، ! ٌ ٌ وانتشرت ،وبعنفٍ اقتحمت عباب األزرق متغلغلةً في األعماق ،لتصل إلى األسماك ،إلى النباتات ،إلى قعر المياه .ولكن هدر الجبّار ،غضب وثار ،ونفض من بطنه زائرا ً فتّاكا ً ،هاج البحر ،وقذف الموج الملوثات .وكانت الكارثة ،فقد طرد من دخل باألمس ،ولكنّه اصطحب مع ثورته ذلك عاليًا ليطرد تلك ّ ّ ّ ش ّ الجبل سط ... ّ المكوم من مخلفات اآلدميّة اآلثمة .فانت�ت الروائح الكريهة ،وعم الت ّ ّلوث شاطئ المتو ّ سموم بحرفة ومهارة .وهذا ّ الزرع ينمو ويكبر شريرة ،غرست بذار ال ّ الت ّ ّلوث مرض العصر ،سبّبته ي ٌد ّ غرس الت ّ ّلوث ،وبدأ يحمل عنوان ،واليوم هو دا ٌء خطير ،يزحف بجنوده نحو الغارسين ،قات ٌل جبّار ، َ الربو ،الحساسيّة مرض ق ّهار ،اسمه على المسامع إعصار ،من أمثاله :ال ّ ٍ والرئوي ) ّ ، سرطان (الجلدي ّ ّ ّ ،الطفح الجلدي ...فالمخاطر كثيرة ،وص ّحة اإلنسان هي الثمن ،فاألمراض تنتشر ،والجراثيم والميكروبات ستغتال العالم .أ ّما المخلوقات البحريّة ،التي هي غذاء مفيد لإلنسان ،ستكون سبب داء لمن يأكلها ... الرياح .فالهواء النقي بات ً غازا سا ًّما ،ونسيم البحر أ ّما البيئة ،فواحسرتاه على جنّ ٍة تصبح هشي ًما تذروه ّ اشمئزازا وكر ًها ،وال ّ ً أكوام شاطئ الذي كان يحفل بالنّاس أصبح يشكو الوحدة ،ويطلب النّجدة من صار ٍ ق إلى منبوذ .فجمال البيئة صار لوحةً ّ ٌ زيوت قذرة ، خطتها فاسدة ،طغت على بهائه ، ّ وحولته من معشو ٍ وأقال ٌم طاغية ّ خطت لوحا ٍ أفاعي تتلوى بقلب إسفلت داكن ،لتخفي محتواها ست في طيّاتها ت عمرانيّة ،د ّ َ قذرا ... ملوثًا ً ،وأرسلته إلى البحر ليكب السموم في المياه الزرقاء الصافية ،ليصبح لون المياه عكرا ّ ف ف� إن للنظافة أهميّة كبرى في الحياة االجتماعيّة ،فتتمركز في طليعة األولويّات لرق ّ ي أي مجتكع .ي ّ بحق ك ّل فر ٍد يعتدي على البيئة ،مهما كانت اإلساءة التي يسبّبها الدول الغربيّة وضعت قوانين صارمة ٌ عنوان حضاري ،ودليل وعي وثقافة عند الشعوب .عدا عن أمن المحافظة على البيئة تش ّكل .فالنظافة ً ب سياحي .فحبّذا مجتم ٌع عامل مه ًما في تنشيط القطاع الخدماتي في أي بلد .وأي ً ضا إنها تش ّكل عامل جذ ٍ وتطوره ملحوظ ... عنوانه النّظافة ،فرقيّه أكيد ، ّ وأخيرا ،فالحياة نعمةٌ إلهيّة ،فتم ّهل أيّها الباغي ،واحرص على حياتك .هل ّم إلزالة الغرس المميت قبل ً َ والت ساعة مندم ... أن ينشر سمومه عليك ، َ
ف أرسة مجلة يا حلوين تبارك للشاعرة السورية ي� المهجر خلود حسن منذر صدور ديوانها األول بعنوان « :غربتان « ف الذي صدر عن مؤسسة سوريانا للطباعة واإلعالم ي� تاريخ ٢٠١٨/١٧/٢ ّ ف إن َّ عمل ال ينفصل عن وجدانيات المرء وعن واقع الوطن األم ي� ًرفاهيته كل ٍ َّ ت ّ ضال دمر أمة ،وكم من قلم ٍ ومحنته ِّيستحق منا كل ّ االح�ام و التقدير ،فكم من ٍ كلمة حق أحيتها.. ق ين المخلص� واألوفياء إىل ضمائرهم ،وأوطانهم ،واإلنسانية، ه وسيلة الكلمة تب� ي :ف «� البدء كانت الكلمة» بالكلمة ينترص المرء ،كما قال السيد المسيح (ع) ي ً ً م�وك لك أيتها الشاعرة ت ه وخلودا وجدانا فيها الوطن سكن ال� ألف ب ي وسكنت ي ً الياسم� ترافق األوفياء دوما ت ين ح� ولو بعد ليس ببعيد ..فرائحة عبق الوطن عند ٍ سكنوا المهجر وأصبحوا تحت ت ال�اب . ّ لن تموت أمة أرتوى ترابها بدماء شهدائها األبرار وبأقالم شعرائها وكتابها األحرار ين المخلص� لها. د.حسن فرحات
كلمة اإلهداء للشاعرة خلود حسن منذر مبناسبة إصدار ديوانها :غُربتان وحده اإلنسان يدهشني يومياً!!! وحده يقودين اىل إنسانيتي كلام فاض منه الإلنسانية ومع متاديه باتجاه الحقد و الكراهية يزيد جذور وصايل باإللهية، وحده عندما يغضب جهارا اصمت أدبا و عندما يظرب سهامه حقدا يفوح عطري بلسم وحده االنسان من ُيلبسني رداء الفضيلة يف زمن قلت فيه الفضائل وحده االنسان ألبسني ثوب الشتاء فأزهرت أوراقي عىل شجرة الحياة أهدي ديوان غُربتـان الذي رأى النور بعد مسرية طويلة تجاوزت الخمسة سنوات ...إىل كل من المست أنامله أوراقي و ملحت عيونه حرويف مع تحيايت
ُ ديوان غـربتان للشاعرة خلود منذر عل هالل تقديم الكاتب الناقد أحمد ي غربتان :صهيل عىل ش�فات الشعر ....
ب�ء يقلقه النبيل ،ث وأجمل الشعر ما يبوح بصمته ،ما ش وأك� من ذلك يف و� المدى المجدى لغربتان يحمل قارئه عىل كتابة شف ال ي ينته ي ،تصبح الكتابة ترجيع للبعيد /القريب ،ولتواتر رؤى ،ال تحفل تتط� منه لشعرية االلهام ،تقول الشاعرة خلود بالمكان فحسب ،بل ي ف ت ٌ : آالم ،هكذا تقدمها نسغ من نقش قصد� غربتان ديوانها � منذر ي ي ي ف لتحت� بالحضور االخر رغم الغياب بل ،رغم ثيمات القصيدة ، ي سوف تتبدى للقارىء ف� تواتر ت العال الظل صوت يدفع الذي اب االغ� ي ي ف ت ص�ورته ي� الكالم ،وتقول أيضا :أنا وصو� أشجار ...ليتم الشعر ي ي مقاربة الغياب /الحضور ،وانزياحات األنا الشاعرة اىل الممكن من الرؤيا ،ومن التقاط جمر الحكاية /الحكاية المؤسسة عىل المحلوم به ،والمفارق ،أو الجميل المختلف ،ليست محض < عزلتان > سوف تاخذنا اىل نسيج لغة تمور ف� ضم� الكتابة /ضم� الشعر ،بقدر ت مأ� ي ي ي ي ومايواس ذلك محمولة عىل التمرد واالنتباه ،وانكسار دفء األحالم ، ي القلق النبيل ،هو تاثيث اللغة بما وسعها من متخيل ،يجعل من > ف الحلم بقصيدة معلقة > ش م�وع رؤيا تذهب اليه الشاعرة ي� وضوح ف و� الرهان عىل تفجر لغة صافية ،نشهد فيها تطواف قولها الشعري ،ي روح جميلة ،،تحمل عىل تأويل ذلك القلق الفاعل ،واألنفتاح عىل ش فيمات� به قصائد مثقفة ،ايلة للذاكرة حموالته الداللية ، ي ف ن المع� والسياق وداللة االفعال المضارعة ،نشيد كثيف غربتان ي� ن المع� ،لسنابل بوح ،تتخفف من < وقتها ال�ض ير > لتنجو بالجمال ف ف و� ذلك رس ماهية الشعر ومحكياته ي� األزمنة المختلفة ،الممكن ، ي ف ف ت االغ�اب األث� ،بحث عن جدوى الشعر ي� تعليل ،ولعل ي� المختلف ي سيكولوجيا وانطولوجيا ومنه ندلف اىل
حقيقته الشعرية المتجددة ،أي ف� ثيمة التمرد ث أك� من محض غرض شعري بعينه ، ي ف اىل مايحملنا اليه تدوين المخيلة ،ولحظات استبصارها ،اذ الشعر هنا ي� التقاط ماهو ت االغ�اب > بحاسة الشعر. جوهري ،وما يجعل منه مرايا صافية لصحو الكالم ن وتعليل < تعب� صور مفكرة تحيل للتثاقف مع المكان ومع اللغة ،اذ اللغة ،ض حا�ة غربتان اذن ،ي ف �ض ي� فعاليات أدائها وتخييلها ال وري ،وضبط نسبتها مع الواقع ،أي هو وقوف عند مجاز ت ال� يؤسسها ،بأدواته الراقية وبرؤيته ،النافذة لجوهر االشياء ،األشد تطلبا الحكاية ف ي لتجلياتها ي� الروح الشعري ،نحن اذن ومرة أخرى ،مع تجليات روح سامية ،بها نقاء ف ليحت� بثقافة الحياة الصوت الشعري ،الذي يكابد الغربة والفقد ويكابد كل النقائض ، ي ف �ض وه لحظة الشعر المتجددة ف ي� نهر اللغة الخالد. مختلفة لحظة � ،وب ورة الشعر ي ي ين بالحن� قصائد تاخذنا للتامل الطليق ،والنكشاف المرئيات ،امام عدسة ،اللغة ،المشبعة ف ن المعا� بحساسية الجمال والخيال المؤتلفان والمتشاكالن حينا الصا� ،واستنطاق دوال ي ي ،ولهذا الصوت حينما يتصادى ف� فضاءات ،الراهن والمستقبل ث ،أك� من ذروة جمالية ي ي سيقرع النقد اجراسها ،ف ي� تاليفه للحظات الشعر. بص� واحتمال وبمقدرة عىل وكيف وع شعري ينجز عالماته ،ب يدونها حدس قادر وبكفاءة ي ت ت أنسنة االغ�اب ليصبح سفرا مفتوحا عىل ماتج�حه الشاعرة ،وما يصطفيه وجدها
يا أبتي عمر شبلي خضر ب ِه. يا أبتي ،مجم ُع بحريْنا ال َ اليوم سفينتنا؟ أخبرني من خرقَ ْ َ ْ قل لي :من أغرق َمن فيها1ا؟ يا أبتيَّ : الزيتون، ع على جب ِل إن يسو َ ِ يباي ُع قاتلَه من شدّدةِ أوجاعِ المسمار، ْ قل :ماذا نفع ُل يا أبتي؟ والناس هنالك ينتظرونَ ، ُ قيامتَهُ؟. ماذا نفع ُل كي نُقنعَهُ؟ ْ اإلذالل أخف من فالصلب ُ ُّ هل نصلبُهُ لو جاء إلينا ثانيةً، أو نتر ُكهُ في ُج ْل ُجل ٍة ْ اإلنسان عم ِر أطو َل من ْ حتى يتألّ َم يا أبتي!! ْ إنسان. ويعودَ إلينا في ***** يا أبتي، ألبحر «يُخوت» ُ ونعيش على الرمضا ْء ُ ْ بيوت غير من ِ وقنادي ُل الميال ِد َخبَ ْ زيت بها. ت ال َ قل :يا أبتي، هل نخر ُج من «أَلَموت» 2؟ أرش ْدنا يا أبتي، ْ نفعل؟. ماذا وضمير العالم صار مكانا ً مهجورا ُ
التمل ُكه ،إالّ أن تفقدَهُ، وتصير من الشهداء. َ السجن تموت، أحياناً ،يا ولدي في ِ خلف جنازتِ َك الس ّج ْ ان، ويمشي َ السجن الس ّجان. ويعودُ إلى ِ وقد يغدو الس ّج ُ ان سجينا ً يا ولدي. ْ الشمس لضوء الخير إن قا َل :صبا َح ِ ْ ِ باسم هللاِ ،وباسم الشعبْ . قد خان الحاكم ِ َ باسم هللاِ، فالحاك ُم يحك ُم ِ وباسم الشعبْ ِ أرأيت لماذا يا ولدي، َ ُ المسجون الوطن يتساوى في هذا ِ مع الس ّج ْ ان!! ْ سجين، فكال االثنين وكال االثنين َم ْ دين. يحاصرنا . والخوف ُ ُ الناس ْ ُ والخوف غذا ُء جميعِ الناس ق ْ والصمتُ ردا ُء حلو ِ الصمت منازلٌنا تتناو ُل هذا َ ت غذا ْء وجبا ِ ْ ت دعا ْء. وجبا ِ ومساجدُنا ْ فاصمت ،إن الحيطانَ لها ْ ْ آذان ْ لكن ،شكرا ً لألنترنيت، شكرا ً ْ للغوغل، يا أبتي. *****
عواصمنا تورا بورا. وجميع ِ يا ولدي، ْ األوطان جدران هدّ َمها الساسةُ باإلذعان ،وبالطغيان يا ولديّ ، إن الطغيانَ ُ ابن اإلذعان من كثرةِ ما متنا ْ أكفان ما عاد لنا ٌ وطن!!! ماذا يجدي خبر والس ّج ْ ان. يحك ُمه ال ُم ُ ض يا ولدي، نفر ْ ْفل ِ مات الس ّج ْ ان، ْ ْ السجن. لكن يا ولدي سوف يظ ُّل السجن لنا؟ باب من يفت ُح َ ِ ألحاك ُم؟ ال. خبر؟ أل ُم ُ ال. تبصر في يا ولدي :ال ،لن َ هذا الوطن العرب ّ ي ِ الواسعِ إالّ المخبر والس ّج ْ ان َ نشتاق إلى الس ّج ْ ُ ان، صرنا السجن لنا. باب كي يفت َح َ ِ ْ نفعل!!! ماذا سو ُل أنت الحري ّْة تت َ َّ ِم ّمن؟ ِمن فاقدِها؟! ي المهدور، حتى د ُم َك العرب ُّ
مدينة الفراغ
مرينا بريطع
وظل عىل مسافة منها ،قبل أن يتق ّدم قلبه ليصافح قلبها كعادته.. قلّب صفحات وجهها بحذ ٍر ّ السنوات تعادل ففي العمر كم طال عمر فراقهام؟؟! ذلك ليس مهامً فعالً ،فالعمر ال معيار له..بعض ّ كل ما يه ّم اآلن أنّه ً...ربا مل يرها منذ ده ٍر أو بعض دهر.ال فرقّ ، لحظ ًة ،وبعض الّلحظات تنقيض دهرا ّ يقف عينيها املهجورتني كمدينة خاوية فارغ ٍة حتّى من األصداء... لوهل ٍة ،انتابته رهبة من تطأ قدماه أرضاً غريب ًة أل ّول م ّرة ،لك ّن شيئاً ما بداخله دفعه للتّق ّدم دومنا وجل.. كل ٍ ...كل حرف ّ كل كلم ٍة فيها وأشعل ّ وكل أمني ٍة..لقد أضاء ّ كل حلم ّ هذه املدينة ..يألفها،يعرف فيها ّ وتحسس نبضها أل ّول م ّرة.. ،كل لهف ٍة ولفتة فيها..هو من اكتشف معاملها، وكل ابتسامة ّ تنهيدة ّ ّ
لطاملا جلس عند أقدام أهوائها ،يستمع لرقرقة األمل تنساب بخ ّف ٍة دون أن يص ّدها قد ٌر .لطاملا خ َّط شيئاً من نفسه عىل جذوع قصائدها .لطاملا جلس عىل مقاعد أحاديثها املكتظّة بالخياالت ،وارتشف معها السحر.. قليالً من ال ّروايات املمزوجة بحالمة ّ هذه املدينة ليست غريب ًة...لقد متاهى مع صباحاتها حتّى بات يرشق ويغيب فيها ،لكنه يعود ..كالفجر دوماً يعود. كل يشء فيها..اعتاد أن يجلس هذه املدينه ،فيها بعض من أنفاسه وإحساسه وخوفه وجرأته..اعتاد ّ بعيدا ً ،عند منعطف ال ّزمن ..يتأمل قطارات الحياة املزدحمة باالوقات الفارغة و األوقات املسافرة وتلك العائدة ،واألخرى التّائهة.. فكيف غدت تلك املدينة د ّوامة فراغٍ؟؟الصور تزيّن جدران ذاكرتها..ال أخيلة ،ال أحالم الأماين ال قصائد، ال قطارات زمنٍ ...ال اآلن ،ال غدا ً..ال البارحة..ال هي ..ال هو.. السكون أحكم قبضته عىل املكان.. حاول أن ميسك بزمام صوته ،أن يناديها ،لك ّن ّ الخواء،يتحسس معامله للم ّرة األخرية. حاول أن يالمسها ،لك ّنه كان يقرتب من ّ
ت ال�جمة وحوار الثقافات ت المهمش إس�تيجية تفعيل َّ د .إبراهيم أحمد ملحم 1ـ المقدمة
آ ث ف ت ـ� نعقدهــا عــى مســتوى عالمــي ،وعــى الرغــم مــا زالــت خطواتنــا متعــرة ي� خطــاب الخــر؛ فعــى الرغــم مــن المؤتمـرات الـ ي مــن اعتقادنــا ،بعــد كل قائمــة كبـ يـرة مــن التوصيــات الـ ت ـ� نخــرج بهــا ،وعــى الرغــم مــن دعواتنــا المتواصلــة إىل التســامح ي انطال ًقــا مــن تعاليــم الديــن ،والعيــش الحضــاري المشـ تـرك ..نجــد أنفســنا غالبــا مــا تحــاور مــن طــرف واحــد ،وأن هــذا آ الخــر ً بــارد الحماســة ف ي� تغيـ يـر توجهاتــه ،فهــل مفاتيــح حــل المشــكلة لدينــا نحــن العــرب؟ أعتقــد ذلــك .إن هــذا البحــث يســعى ـ� ،أ ال�جمــة إىل العربيــة ،والثانيــة :ت الوىل :ت ال ي ز ـ مــن خــال مقولتـ ي ن نجل�يــة ـ إىل ترســيخ جوانــب معينــة ف ي� ال�جمــة إىل اللغــة إ حوارنــا مــع الثقافــات ،قبــل البــدء ف� تأســيس خطابنــا آ للخــر. ي 2ـ ت ال�جمة إىل العربية ال شــك ف� أن ت ال�جمــة ،بصــورة عامــة ،تشــكِّل العصــب الحيــوي القــادر عــى إحــداث التواصــل الفعــال ي ن بــ� الشــعوب، ي آ أ ف ن وإحــداث «التعــارف» بـ يـ� المــم .وإذا أحســنا توظيفهــا ي� حياتنــا ،فإننــا نُحســن فهــم الخــر ،ونحســن تأســيس خطابنــا لــه. ف كان النســان العـ ف ـرا ،وأن معارفنــا حولــه غـ يـر كافيــة إ بي ـاس يـفـدرك أننــا تقدمنــا ي� الجانــب الروحــي كثـ ي ً ـر� ي� بدايــات العــر العبـ ي آ ت وغ�همــا .كنــا نــدرك أن إلقنــاع الخــر بمــا نمتلــك ،فتوجهنــا إىل ال�جمــة � حقــل الفلســفة عنــد «أفالطــون» و»أرســطو» ،ي للشــعر قيمــة مــا ف� الحيــاة ،وهــي أنــه الــروح الثاني يــة الـ تـ� تبقــى بعــد رحيــل الشــاعر عــن الدنيــا ،وهــو مــا أكــده أفالطــون �ف ي ي ي ف ()1 الغريقيــة تحــل لنــا مشــكلة وجوديــة متأصلــة ي� الحيــاة ،وكانــت كتــب «المأدبــة» بإحــدى محاوراتــه .لقــد كانــت الفلســفة إ ف ـف الطــب والصيدلــة والزراعــة ..تحــل لنــاً ، أيضــا ،مشــكالت ي� الحيــاة الماديــة ،ولهــذا ترجمنــا هــذه الكتــب .ولكننــا لــم نكتـ ِ بامتــاك مــا لــدى آ الخــر ،بــل أضفنــا إىل مــا ترجــم إلينــا إضافــات نوعيــة ،أكــدت أننــا لســنا عب ًئــا عــى الحيــاة بــل إننــا جــز ٌء مــن حركتهــا ،وهــو مــا يجعلنــا جديريــن بهــا ،ومــا يجعــل آ الخــر أكـ ثـر حاجــة إىل إنتاجنــا ومعرفتنــا .هــذا مــا فعلــه علمــاء كثـ يـرون ،منهــم :جابــر بــن حيــان ،وابــن ســينا ،وهــذا مــا فعلــه آ الخــر حـ ي ن ـ� ترجــم بعــض مــا أنتجــوا. القــارئ ف ي� كل زمــن ،يــدرك أن مــا يُ ت�جــم إىل لغتــه يعــد بـش ي ء يضيــف إىل الســائد أو الراهــن ،وقــد نجحــت دور النـ شـر العربيــة ف ت ال�مجــة العصبيــة، كتبــا تم�جمــة تخاطــب إ النســان بأفــكار معــارصة تتغلغــل ي� صميــم حياتــه اليوميــة( ،)2مثــل :ب ـ� نـ شـرت ً الـ ي وإيقــاظ الحــواس الداخليــة ،وفــن التعامــل مــع النــاس ،والمذاكــرة الفعالــة ..فحققــت مبيعــات كبـ يـرة ،اكتســحت يغ�هــا مــن أ ت النســان ،أرادت أن تكــون كاســدة. بتقصدهــا غـ يـر مــا يخاطــب إ ـ� بقيــت كاســدة؛ لنهــا ُّ الكتــب الـ ي ف ـ� الثقافــة ي الجماه�يـ فـة ليســت ســاذجة ،كمــا يعتقــد البعـ أـض ،وقــد يكــون هــؤالء مــن النخبــة المؤثــرة ي� حياتنــا الثقافيــة ،ولـ ي أكــون أكـ ثـر إقنا ًعــا � حديـ ث ـ� ،ســأتحدث قليـا ً عــن «الدب ـع�» ،ثــم أعــود إىل المحــور الرئيــس؛ فقــد كان اللجــوء إليــه ي ي الشـ ب ي ف ()3 ت ـا� «الــراث والشــعر» ،فســقوط بغــداد ســنة 252هـــ ـكل جــارف ر َّد فعــل عــى تحــول الثقافــة ،وهــو مــا أكدتــه ي� كتـ ب ي بشـ ٍ ف ف و� الوقــت نفســه ،كانــت هنــاك تحــوالت ي� الثقافــة تُشــعر المتلقــي جعــل العقــل العـ ب ي ـر� يُصــدم ب أــأن عــر القــوة يتهــاوى ،ي ت أن هنــاك فجــوة بـ ي ن ـورا لبطوالتهــا، ـ� تلقــي الدب بالفصحــى ،مــن جهــة أوىل ،والثقافــة ي ـ� كان الشــعر مصـ ً الجماه�يــة الـ ي وربمــا بــدأت مظاهرهــا باديــة ف ي� قــول الشــاعر ب يأ� تمــام للمتلقــي الجماهـ يـري «لـ َـم ال تفهــم مــا يُقــال» ،مــن جهــة ثانيــة.
ال يُســتهان بطولهــا .وقــد اتجهــت مقاصدهــم ف ي� اتجاهــات مختلفــة ،منهــا :تحقيــق المخطوطــات ،وترجمــة معظــم مــا تــم تحقيقــه ،وهــو مــا حقــق فائــدة مزدوجــة للــذات آ والخــر .ولكــن عــدم الفصــل مــا بـ ي ن ـ� الواقعــي والمتخيــل أورثنــا مشــكالت ليــس مــن الســهل اســتئصالها مــن ثقافــة آ الخــر؛ تف�جمــة «ألــف ليلــة وليلــة» عــى ســبيل المثــال ،جعــل المركــوز ف ي� التصــور ـالبا لحريتهــا ..ال هــم لــه ســوى إشــباع نزواتــه ،واســتغالل الســلطة الموكولــة ـر� أمهيم ًنــا عــى المـرأة ،سـ ً ـر� للرجــل العـ ب ي الغـ ب ي ـ� بـ ي ن إليــه لســفك الدمــاء .والمــر نفســه ،يقــال عنــد الحديــث عــن جعــل دواويــن شــعراء ماجنـ ي ن ـر� بوصفها ـ� يــدي القــارئ الغـ ب ي أ ن ف ف ن و� نموذجــا للنتــاج إ ً ـر� ،كمــا هــو الحــال ي� شــعر ب يأ� نــواس الــذي حققــه المســت�ش ق اللمـ ي البداعــي العـ ب ف ي ـا� أإيفالــد فاغــر ،ي ـي�.ن وأ� تمــام ،وتغييــب كامــل للشــعراء الندلسـ ي ـ� ب ي المقابــل ،عــدم االهتمــام الـ ي ـكا� بدواويــن شــعراء آخريــن كالمتنـ ب ي أ ف ـر� روافــده متعــددة ،منهــا :الرســائل الجامعيــة الـ ت بال ي ز ال�يطانيــة مــا يُكتــب إ ـ� تُناقــش ي� الجامعــات ب نجل�يــة عــن الدب العـ ب ي ي أ أ ت ت ش ـن تــزوج هنــاك ،وأســس حيــاة تجعــل العــودة إىل الوطــن الم ـ� كتبهــا َمـ ْ ـ� فكُتبــت بهــا .والعمــال الـ ي حيــث تُنــر باللغــة الـ ي ـن ـذرا ،كمــا هــو الحــال ي� عــدد مــن أعمــال الطيــب صالــح الروائيــة ،وعــدد مــن أعمــال كمــال أبــو ديــب النقديــة ،أو َمـ ْ متعـ ً آ ف حصــل عــى جائــزة عالميــة ،ويريــد الخــر أن يعــرف كتاباتــه بلغتــه ،كمــا هــو الحــال ي� أعمــال نجيــب محفــوظ الــذي حصــل ـ� عــرب يعملــون ف� الجامعــات هنــاك .ف� أ عــى جائــزة نوبــل لـ آ ـ�داب ف� .1988إضافــة إىل دراســات أكاديميـ ي ن الحــوال كلهــا، ي في ي أ أ ـال ،وليــس إىل مــا البداعيــة غـ يـر قــادرة عــى التأثـ يـر ف ي� الثقافــة تبــدو العمــال إ ي الجماه�يــة؛ لنهــا ترتـ أـد ي� هــذه الحالــة إىل الخيـ ف ي يمكــن إدراجــه ف� الواقعــي ،كمــا هــو الحــال ف� «ألــف ليلــة وليلــة» ،أمــا كتابــات الكاديميـ ي ن تأث�هــا ي� إحــداث تغيـ يـر ـ� ،فيبقــى ي ي ي مــا ف� الثقافــة الغربيــة عــن الصــورة النمطيــة للعــرب غـ يـر فعالــة؛ ألنهــا صيغــت للدارسـ ي ن ـ� أو النخبــة ،وعــادة مــا تكــون معنيــة ي بالموضــوع المحــدد الــذي تتناولــه ،وليــس بتصويــب أفــكار متداولــة خطــأ. ـر� بوصفــه إنســانًا ،ينبغــي أن يحظــى بالحيــاة ـر� الجماهـ يـري قضايــا العـ ب ي إنهــا تغــدو مؤثــرة حينمــا ننقــل إىل القــارئ الغـ ب ي ن ـط� مــن خــال شــعر محمــود درويــش أو ســميح الكريمــة كغـ يـره مــن البـ شـر ،فنســلط الضــوء عــى مأســاة شــعب فلسـ ي القاســم ،وعــى الفقــر الــذي يــرزح عــى صـ ف ـر� مــن خــال الروايــة ..ينبغــي أن نمتلــك ـدره ي� أماكــن مختلفــة مــن الوطــن العـ ب ي ف ال ي ز نجل�يــة ف ي� كافــة مواقعنــا؛ فالكلمــة ،هنــا ،مســؤولية ليســت شــخصية بــل تتخطــى ذلــك. ـكا� عنــد الكتابــة باللغــة إ الوعــي الـ ي الخــر ،وال تقــدم آ ال�جمــة تقــدم للــذات عــن آ ال�جمــة إىل العربيــة ليســت الطريــق الوحيــدة إىل حــوار الثقافــات؛ فهــذه ت ت للخــر ُ ُ ف الســاءة عــن الــذات .مــن المؤكــد أنهــا تقــوي ي� داخلنــا الحاجــة للتكامــل مــع الغــرب لســد احتياجاتنــا ،وغــض الطــرف عــن إ المــر نفســه ف� داخــل آ عــر التاريــخ الطويــل ،ولكننــا بحاجــة إىل إحــداث أ الخــر ،وال يكــون هــذا إال بتحقيــق نــوع مــن التــوازن ب ي أ ت ت ال ي ز بـ ي ن جانبــا؛ لن مــا ـ� مــا يُ�جــم إىل العربيــة ،ومــا ي�جــم إىل إ نجل�يــة .وهــذا يوجــب طــرح فكــرة الربــح المــادي لمــا يُنـ شـر ً آ ت ت ـ� تحركهــا مناســبة تجــري عــى يُ�جــم إىل الخــر ليســت لــه ســوق رائجــة إال مــا كان يحفــل بالمنفعــة ،أو إحــداث الدهشــة الـ ي الســاحة. إضافــة إىل ت ال�جمــة ،نحــن بحاجــة إىل تغيـ يـر حقيقــي ف ي� أســاليب تدريســنا العــام والجامعــي بحيــث نُس ـ ِّلط الضــوء عــى التعلــم التعـ ن ـاو� Cooperation Learningالــذي يحقــق فوائــد عــى مســتوى المجموعــة الواحــدة ،فيســتفيد الضعيــف مــن ي القــوي ،ويعــزز تبـن قـرارات غــر مترسعــة ،ويؤكــد حــق آ ت ـ� عـ شـرة ســنة الخــر ف ي� االختــاف( .)5إن ي تأســيس حيــاة الطالــب اثنـ ي ي ف ـرا ي� الجامعــة ،ســتؤدي إىل تأســيس رؤيــة عــى أســاليب التعليــم التقليديــة ،ثــم نواصــل مــا بدأنــا بــه بصــورة ال تختلــف كثـ ي ً أحاديــة غـ يـر قــادرة عــى الحــوار ،وغـ يـر قــادرة عــى اســتيعاب أن االختــاف ،والتنــوع والتعــدد ..مــن أبســط مبــادئ ث ـراء ز ت ـ� تســتثمر االختــاف ف ي� تشــكيل رؤيــة قويــة موحــدة(.)6 الحيــاة ،مــا دمنــا نمتلــك مقومــات الشــخصية القويــة المتمـ يـرة الـ ي ن ئيســا مــن حياتنــا التعليميــة ،ســيكون جــز ًءا مــن حياتنــا اليوميــة. ـاو� جــز ًءا ر ً عندمــا يغــدو التعلــم التعـ ي 4ـ الخاتمة إن إسـ تـراتيجية الحــوار مــع الغــرب باالعتمــاد عــى ت ال�جمــة ال يمكــن أن تكــون عــى قــدر كبـ يـر مــن الفعاليــة ،إال إذا تضافــرت مــع أمــور أخــرى ،لعــل أهمهــا :تطويــر أســاليب التدريــس لدينــا .والعمــل عــى وضــع قواعــد بيانــات ببليوغرفيــة عمــا ألــف باللغــة العربيــة أو ترجــم إليهــا حـ تـى يشــعر الباحــث أنــه ف� حــواره مــع آ الخــر ينطلــق مــن أرض صلبــة ،ويشــعر أنــه قــوي ي ض ت ز ـا� .والســعي إىل تحريــك كفــة المـ يـران لتتســاوى أو تقــرب مــن التســاوي مــع ترجمــة تب�اثــه وبحــا�ض ه الــذي لــم يكتـ ِ ـف بالمـ ي
البــداع إىل وأن مــا يُســمى «أدب العصــور المتتابعــة» أو «العصــور المظلمــة» كمــا يحلــو للبعــض تســميتها ،قــد أحالــت إ أشــكال مصـ َّـورة ،فظهــر المشـ َّـجر ،وإىل مهــارات عقليــة ،فظهــر التأريــخ بالشــعر ،ومــا ال يســتحيل باالنعــكاس ..وهــذا مــا الدب بالفصحــى إىل أ جعــل الثقافــة الجماه�يــة تنقــل رايــة البطولــة مــن أ الدب الشـ ـع� ،ومــا جعــل مأســاة الشــاعر بعدئــذ ي ب ي أ تعظــم؛ إذ إنــه فقــد الجمهــور الــذي يلتــف حولــه ،ويؤكــد لــه أنــه ســيحظى بحيــاة أخــرى عـ بـر الشــعر .ولعــل هــذا المــر أ اليغــال ف ي� تطويــر تجربتــه إىل درجــة الغمــوض الموصلــة إىل حــر التلقــي د�؛ أي إ فجعــل الشــاعر يركــز عــى بطولــة العمــل ال ب ي ي� دائــرة النخبــة. العالميــة الـ تـ� ترصــد انطباعــات المثقفـ ي ن ـ� العــرب ،بعــد انعقــاد كل معــرض مــن معــارض الكتــب وإذا نظرنــا إىل التقاريــر إ ي أ ف ف ن ـر� ،فنجــد شــكوى ش و� المقابــل ،نجــد نســبة مبيعــات النا�يــن مــن تـ ي الدوليــة ي� الوطــن أالعـ ب ي ـد� ش�اء أالكتــب الكاديميــة ،ي الشــارة إىل أن الكتــاب يعيــش أزمــة تــدل مرتفعــة لقصــص الطفــال المقــروءة والمحوســبة ،وكتــب الطبــخ ،والبـراج ..ونجــد إ ق عــى جهــل القــارئ المعــارص ،وأن الكتــاب إ ت ن ـور� .والحقيقيــة أنــه ،مــن زاويــة أخــرى ،يــدل و� بــات ً اللكــر ي منافســا للكتــاب الـ ي أيضــا، عــى وعــي القــارئ؛ فالتحــول عــن الشــعر ف ي� القديــم كان بســبب تحــول الثقافــة ،والتحــول عــن الكتــاب الراهــن هــوً ، بســبب تحــول الثقافــة؛ فالشــعر المقـ تـرن بالبطولــة حينمــا انهــار أمــام ذلــك التحــول ،نقلــت الجماهــر الرايــةَ إليهــا ،آ والن، يُ أصبحــت معظــم الكتــب أ الكاديميــة غـ يـر قــادرة عــى ممارســة جاذبيتهــا لــه؛ ألن دخــول «العولمــة» إىل حياتنــا واختالطهــا الجماه�يــة ،فأصبــح الكتــاب الــذي يجتــذب القــارئ بالمــاء الــذي ن�ش بــه ،وبالهــواء الــذي نتنفســه ..أعــاد تشــكيل ثقافتنــا ي ـكالت إلنســان معــارص تواجهــه تحديــات متســارعة: ل�ش ائــه ينبغــي أن يحظــى بمواصفــات ،أهمهــا :القــدرة عــى حــل مشـ ٍ آ ســواء أكانــت صغـ يـرة أم كبـ يـرة ،والقــدرة عــى عبــور الجــر المشـ تـرك بـ ي ن النســان أينمــا ُوجــد .لمــاذا ـ� الــذات والخــر :قضايــا إ تحقــق دواويــن الشــاعر نـزار قبـ ن ـا� ،ف ي� كل معــرض مــن معــارض الكتــب ،مبيعــات كبـ يـرة؟ ألنهــا كانــت ،بــكل بســاطة ،تخاطــب ي أ العاطفــة الـ تـ� قســمها هللا بـ ي ن النســان مــن التغلــب ـ� جميــع البـ شـر (الحــب) ،ولنهــا تزيِّــن بالشــعر عالــ ًـما أكـ ثـر شإ�ا ًقــا ،يمكــن إ ي أ أ ت عــى أزماتــه المختلفــة .ولمــاذا تحقــق كتابــات الناقــد إدوارد ســعيد الم�جمــة المــر نفســه؟ لنهــا كانــت ،بــكل بســاطة، النســان وحاجاتــه الصغـ يـرة :مــن ـر� خاصــة مــن العيــش بحريــة وكرامــة .إن كل مــا يخاطــب إ تخاطــب مــا يمكــن إ النســان العـ ب ي أ الجماه�يــة. رواجــا وقــدرة عــى النفــاد إىل الثقافــة ي الطبــخ ،والبـراج ..وحاجاتــه الكبـ يـرة :الحــب ،والحريــة ..يحقــق ً ال�جمــة؛ فمــا نريــده مــن الكتــب ت كان ال بــد مــن الحديــث عــن هــذه النقــاط حـ تـى أعــود إىل ت الم�جمــة أن تكــون قــادرة عــى أ ث ـر� يريــد التواصــل مــع مخاطبــة إ النســان أكــر ممــا هــي قــادرة عــى تقديــم معرفــة ج فزئيــة تخصصيــة؛ لن القــارئ العـ ب ي آ الخــر ،ف قائمــا ليــس و� الوقــت نفســه ،ال يريــد مزيـ ًـدا مــن إ الربــاك والتعقيــد ي� هــذا التواصــل .وهنــا ،يبــدو قطــب الرحــى ً ي أ ت ت ش ـ� تت�جمهــا ،بــل بمــدى حاجــة العقــل عــى أســاس تفاخــر دور النــر أو الجهــات المعنيــة بال�جمــة بضخامــة العــداد الـ ي الم�جمــة ،واكتظــاظ دورياتنــا بالمقــاالت ت ـر� لمــا يُ ت�جــم .إن إغ ـراق أســواقنا بالكتــب ت ـال الم�جمــة ،ودعواتنــا بصــوت عـ ٍ فالعـ ب ي أ آ ت � المؤتمـرات للتواصــل مــع الخــر عـ بـر ت ـتؤ� أكلهــا بصــورة ســلبية ،وذلــك لســباب أخــرى غـ يـر مــا شأ�ت إليهــا، ال�جمــة ..سـ ي يأ ال�جمــة الـ ت ـ� ت الول :أن تعزيــز الحــوار مــن طــرف واحــد ســيبقى ُعرضــة للتغـ يـر؛ ألن مســتوى المقارنــة بـ ي ن ـ� تصــل إلينــا، ي ـا� :أن تعــرف آ آ ن ت ت الخــر كلمــا ازدادت نســبته ،كانــت منبئــة بظهــور ـ� تصــل إىل الخــر مــا زالــت هزيلــة جـ ًّـدا .الثـ ي وال�جمــة الـ ي اتجاهــات تنحــاز إىل صــف الـ تـراث وحــده ،بوصــف هــذا االنحيــاز رد فعــل عــى مــا يجــري .الثالــث :أن غيــاب التنســيق بـ ي ن ـ� ت الم�جمـ ي ن ال تن�نــت ،ســيؤدي إىل جهــود ـ� العــرب ،بســبب غيــاب قاعــدة ببليوغرافيــة تتوالهــا جهــة رســمية فتكــون متاحــة عــى إ تكــرر نفســها ،بمعـىن :وجــود كتــب تم�جمــة متعــددة لكتــاب واحــد ،وفـ ض ـو� ف ي� المصطلحــات( ..)4مــا يجعــل المشــكلة تولــد مشــكالت يصــل حلهــا إىل درجــة التعقيــد. ليــس إيـراد أ الســباب الســابقة دافعــه الوصــول إىل حــث الخطــى عــى التباطــؤ ف� ت ال�جمــة ،أو كبــح جماحهــا ،ولكــن الوصــول ي إىل فكــرة :أن وضــع الثقــل جميعــه ف� كفــة مـ ي ز ـران واحــدة ليــس مــن المنطــق ف ي� �ش ي ء .وهــو مــا ســأتحدث عنــه ف ي� المحــور ي ن ـا� مــن البحــث. الثـ ي 3ـ ت ال ي ز نجل�ية ال�جمة إىل إ نشــطت حركــة ت نجل�يــة بعــد الثــورة العربيــة الكـ بـرى ســنة 1916الـ تـ� انحــرت بالمســت�ش ي ن ال ي ز ق� ،وكان ال�جمــة مــن العربيــة إىل إ ي أ ت ـ� جعلــت الســلطة العثمانيــة تتهــاوى بعــد حقبــة زمنيــة دافعهــا التعــرف عــى ثقافــة المــة الـ ي
الدراســات العربيــة الـ تـ� نعتقــد أنهــا تضيــف إىل الفكــر العالمــي ،أو تصحــح النظــرة إىل العــرب والســام إىل اللغــات أ الخــرى؛ إ آي آ آ ف حـ تـى نكـ بـر ف ي� عيــون الخــر ،كمــا هــو الخــر كبـ يـر الن ي� عيوننــا
ين المارات العربية المتحدة الع� ـ جامعة إ ae.ac.uaeu@Mlhem.I
الهوامش
النا ف� الخطاب الشعري ،دار الكندي ،أ (((1انظر كتا� :جماليات أ الردن ،2004ص.18 بي ي ت ت �ش ال� ن تها «دار جرير» مثالً ،يؤكد لنا ذلك. (((2إن تصفُّح عناوين الكتب الم�جمة ي «ال�اث والشعر» ،عالم الكتب الحديث ،أ (((3للتفاصيل ،راجع الباب أ الول من ت الردن .2008 الد� واللغويات ،عالم الكتب الحديث ،أ أ ف ف ت الردن ،2004ص.11 _ 10 (((4تناولت هذه القضية ي� كتاب :الم�جمون العرب ي� النقد ب ي ث تع�ا ،حولية اقرأ ،ع ،15الشارقة ،2012ص.83 مقال :نحو بحث علمي أقل ً (((5انظر ي (((6المرجع السابق نفسه.
قصائد في زمن العسرة عمر شبلي
جلستُ على ضفَّ ِة النهر ،ألبس أهلي، غمام دمشقَ ، وأطوي َ سهُ في الطريق الطريق، أللب َ ُ دمشق معي وتبقى ْ قرطبة. إلى فرات لها وأبكي على نخل ٍة ال َ ***** ال تمروا على جسدي انتبهوا فاليباب تسكن فيه األفاعي ويسكن فيه الخراب دمي ليس للعابرين شراب سأبقى السراب فسيروا فلن تصلوا لدمائي ***** يا جسدي تعال فكيف تبقى ساكنا ً عند مصب الليل في النهار!! سيخجل الضياء من جنازتي
يا جسدي تعال ***** أنت الرغيف ،وأنت الجوع يا وطني ***** من أين تنبع يا سراب؟ من أدمع الموتى تجيء. ودموعهم تحت التراب؟ تجف ،وليس يخذلك اليباب أدري بأنك ال ُّ هل أنت تبع من دموع األمهات، جف في فمه اإلياب؟ ومن أسير ّ ٍ ف ال ب َّد من قتل الرمال لكي ت ُ َجفَّ َ يا سراب **** ْ حمحمت لهفةٌ في ذلك الجس ِد لو ماذا سأطعمها؟ ***** يا أيها الغريب سر دائما ً ْ ال ب َّد من مناز ٍل تظهر في الطريق. مقابر تموت في الطريق. ال ب ّد من ٍ *****
جنوبية:
بقلم جمانة كرم عياد
جنوبيــة ،نعــم جنوبيــة مــن العــر الجيولوجــي أ الول حـ تـى آخــر شــهيد عــى ثــرى الجنــوب الطاهــر، جنوبيــة مــن شــتلة التبــغ حـ تـى مح ـراث والــدي المصنــوع مــن ســنديان جبــل عامــل .جنوبيــةٌ مــن القاســمية حـ تـى مصبــه ف ي� البحــر ،ومــن قلعــة شــقيف حـ تـى تفاصيــل أرض الجنــوب الشــهيد الحــي. من المالكية ت ح� القرى الممتلئة بالزيتون والزيزفون. ض ـو� ـ� ،فلــن تــرى حفنــة تـراب جنوبيــة لــم تُع َّطـ ْـر بدمــاء جنـ ب ٍّي أر� أ المصنوعــة مــن أجســاد أهـ ي إنهــا ي بطــل .والرض تُعـ َـرف ملكيتهــا مــن أمواتهــا وتشــابه الشــجر والبـ شـر. ت تعــر بهــا فتــاة إال ّ ووهبتهــا جمالهــا وقامتهــا جنوبيــة الــ� لــم ب ي بجمــال الموهــوب مــن الحقــول ي ــل عيونهــا الحــوراء. الهيفــاء َ وكح ِ ن ـ� جنوبيـ ت ـو� حـ ي ن العالقــة بـ ي ن ـ� أراد ـ� وثــرى الجنــوب المعصــوم عــن الزلــل أدركهــا الغاصــب الصهيـ ي ي ـ� أراد أن يجعــل قرانــا تشــبه ســحنته أ الع�يــة ,وحـ ي ن الجنبية .ولكــن أرض الجنوب ترجمــة القاســمية إىل ب قالــت :ال بأصــوات رصــاص أبنائهــا الغيــارى الذيــن أقســموا عــى الــوالء للجنــوب ،وعقــدوا العــزم أن تبقــى قلعــة شــقيف شــامخة وعاليــة وعصيــة عــى الغاصبـ ي ن ـ�. البــاء أ ـا� للمالكيــة مهــد آ جنوبيــة بانتمـ ئ والجــداد الخالديــن بأعمالهــم العظيمــة الـ ت ـ� وهبهــا الجنــوب ي ي بانتمــا� لذلــك أ ئ الب الــذي تجمعــت ف ي� شــخصيته كل صفــات الجنــوب لهــم .وســأبقى فخــورة أي ن ت ـدت مــن ـأ� ولـ ُ ـ� ورثهــا كابـر ًا عــن كابــر ,وســأبقى فخــورة بـ ي الخالــدة ،تجمعــت فيــه مــكارم الخــاق الـ ي ـول مقدســة ،قلبهــا يســع الدنيــا بعطائــه ووفائــه ونقائــه. ام ـرأة بتـ ٍ جنوبيــة أنــا حـ تـى النخــاع الشــوك ،وحـ ي ن ـ� أمــوت ســيعيد الجنــوب صنعــي ألعــود ذرة مــن ترابــه .أحب ي ف ن ت ـو� .أنــا ال أرى جهــة أخــرى ي� هــذه الدنيــا الجنــوب حــى االمتــاء وأفخــر بأن ـ ي جنوبيــة بنــت جنـ ب ي ـت وجهــي فثمــة جنــوب ،وثمــة أرض جنوبيــة تحفــظ بنيهــا كمــا يحفظونهــا إال الجنــوب .أينمــا يممـ ُ بالمــوت ف ي� ســبيل صــون عزتهــا وكرامتهــا .أنــا لــن أخلــع الجنــوب مهمــا حــاول الغاصــب .وســأبقى جنوبيــة ف ي� الحيــاة والممــات.
مرثيّاتي د .هويدا شريف في دروب الحب تاهت ّ الطريق من أقدامي خسرت شجاعتي وإقدامي وعدت ككل العاشقات خائبة أحمل فوق أكتافي جراحاتي وأالالمي وعكفت على ورقة بيضاء كقلبه أكتب مرثياتي بدمع أقالمي يا فارس أحالمي وأوهامي من أنت وأين أنت يا صاحب القلب االبيض والرداء األبيض أال تعلم كم أتألم غبت
دون سؤال وكأني ال أخطر لك ببال أرسل لك المرسال تلو المرسال وأنت تسوق لي الدّالل واللؤم كأيامي واآلن لعله حان األوان ان أكسر كفة الميزان وأستفيق من دنيا الوهم يا رفيق أضناني هدّني ال ّ شوق العتيق سأبحث عن الطريق يا هيامي ولكنني لن أعود لن ألقي المزيد من العهود سأحطم في روحي الناي والعود ولن أغني لعينيك تشيزوفرينيا الحروف
منارة يب�وت التاريخية د.حسن فرحات
ال�ق ،و الوجوه ّ ه منارة عاصمة ش العاشق� ،ي ن ين ب� صخور شاطئها يلجأ إليها الن�ة ومرآة ي ي ُّ ف العشاق كلما أحسوا بحرارة الطقس و الجسد ،حيث ينساب بينهم شعور جميل ودا�ء ، الجسد وأتعب النفس فسحة أمل ينتظرونها بشغف ولهفة بعد عناء ٍ يوم طويل ٍ ،ضأنهك ََّ ف من ث التفك� ي� المستقبل الغامض األفق وصعوبة الحا� المكبل بهموم الدهر ك�ة ي وصعوبات الحياة وتعقيداتهاّ .إنها ّ تع� عن ض ض وحا� ومستقبل عاصمة الرؤية والحب ما� ب ي والعشق ّ ،إنها دون ن أد� شك منارة الوجود ،وهوية طائر الفنيق الذي ترك بصماته عىل َّ ً ّ يتحمل آالم وآهات ش الب� ،ولكن روحه بقيت أعمدتها ورحل بعيدا بجسده ألنه لم ُ ّ ف تحلق ي� سمائها باعثة بنافذة أمل للعشاق .ولكن يا لألسف رائحة كريهة تتصاعد منها عندما يبدأ زوار الليل بالوفود إليها ،تقلق ّ كل ذي عاشق يملك حاسة شم رهيفة . كث�ة مطروحة عىل الرأي العام ،أولها لماذا يحدث هذا ؟ وثانيا ،لماذا تنعدم أسئلة ي خ التاري� والحضاري الذي هو وجه البلد والمدينة تجاه هذا المعلم ي مسؤولية الفرد ً والمواطن .وثالثا من هو المسؤول عن هذا اإلهمال ؟ .وأنا بدوري أسأل هذا اإلنسان ّ ن الر ق ّ الوط� مفقود الحس كان إذا ؟، مدينتك منارة نظافة عىل تحافظ ال لماذا والمثقف ا� ي ي ً ّ واألخالق بعيدة عن هذا المواطن ،أليس من واجب ش�طة البلدية أن تتفقد المنارة ليال ونها ًرا للوقوف عىل التجاوزات ت غ� ال� تحدث بحق هذا المعلم الحضاري عن قصد أو ي ٍ ي قصد .. ٍ عذر ألي كائن يملك مواصفات اإلنسان المتح�ض ،الذي يحب مدينته ومنارته ليس هناك ً ت ال� الحقا تنبعث منها الروائح الكريهة الم�ض ّ ة بالصحة البدنية أن يجعلها مكبا لالوساغ ي ت ال� تتتج عن هكذا وبالحالة النفسية المالزمة للبدن ،باإلضافة إىل الصورة ي غ� الحضارية ي ترصف غ� مسؤول ومتهور وغ� مبال ٍ للنتائج ت الم�تبة عليه ..الحقيقة الساطعة والجلية ي َّ ّ ي ه أن ليس باستطاعة الدولة أن تضع ش�ط ِّ لكل نفس ش ب�ية ،وأن تراقب ترصفات ي ي ّ ّ ش ش الب� عىل مدار الساعة .إنه العيب كل العيب لما آلت إليه أحوال وترصفات الب� بالرغم ف ف مجاالت و� عالم التكنولوجيا ،ولكن الحياة جميع � ِ ي من التقدم الهائل الذي حدث ي ف ْ لألسف هذه الترصفات لم تواكب هذا التطور الذي حصل وترجمته ي� سلوك حسن ُيحتذى به..
يا للخجل ! أال نخجل من أنفسنا ونحن نضع األوساخ وفضائل الطعام ي ن ب� الصخور ّ ،ونتذاك فيما بيننا ي ن ح� نقضفها خلسة وال احد يرانا ،معتقدين أنها شطارة ما بعدها شطارة. ف يٌ ضم� يتألم عىل هذا السلوك ،أوليس هناك َم ْن ي� السماء يرانا ويرى افعالنا أوليس هناك ّ .ولكن اعتقد أنها عقدة نفسية تالزم كل نفس ال تعرف ن النظافة ،لقد حثت الديانات مع� ف ً ف والمجتمع ،والبيئة ،وكان هذا واضحا ي� القرأن الكريم ي� هذه عىل أهمية نظافة الفرد، ّ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ : ت ز اآلية الكريمة » (قد أفلح من زكاها)نجد أن اإلسالم أمرنا من جهة ب�كية وتنظيف النفس ،وتخليها عن كل الصفات الخبيثة والرذيلة ،وإمتالك صفات حميدة وحسنة ف والتمسك بها وجعلها ثابتة ي� نمط حياتنا اليومية .فإذا كانت النظافة من اإليمان ،فأين هو ّ غ�نا . هذا اإليمان الفعل ،أم أنه كالم فارغ نضحك به عىل أنفسنا وعىل ي ي ً ق ف ّ شو� حيث أنشد أبياتا أحمد الشاعر مقدمتهم و� ي وقد تطرق الشعراء إىل أهمية النظافة ِ ي تن� كل بيت وشارع وحارة ،فلتكن النظافة مكانها فيها »:ما اجمل النظافة جمالها منارة ،ي ق الصدارة ،فنحن بالنظافة نر� اىل الحضارة ،البيئة النظيفة من نعم االله ،بها الشعوب زميل ننظف كل الحارة»منارة يلعب الصغار عىل رصيفها ،وهم تباه ،فهيا يا تسمو بتاجها ي ي َ ْ ُ ِّ ض أجدربنا أن نظهر لهم الوجه الحا�ي ألنفسنا فرحون بها برفقة األهل ورفاقهم ،أليس ِ ّ ّ ن . أحد بل عىل أتج� ال أنا لهم قدوة هم أن عتبار با أباءهم ون يقلد ولمنارتنا ،أوليس أطفالنا ٍ ِ هذا ما شاهدته الصيف الفائت من مشاهد حية ،ومؤلمة لكل نفس نظيفة ،وحساسة ، الخال من التلوث. ومحبة للحياة وللبحر وللفضاء ي ْ إن لم نكن نحرص عىل نظافة منارتنا ،وشواطئنا .الضيف الزائر ال يعنيه هذا االمر ال من ّ ّ َّ تظاه ما نملك ،أو أنه طبيعية منارة يملك ال ه أن الممكن من ه ،ألن قريب أو من بعيد ي ف مجرد سائح عابر ال ندري ما ه نفسيته .نحن � نهاية المطاف نحكم عىل ش الب� من ي ي ّ ه مؤمنة خالل ترصفاتهم وليس عىل حساب عرقهم ودينهم ف ولغتهم .إن كل نفس نظيفة ي ّ ث بالخالق ،ألن النظافة من اإليمان ،وما اك� اإليمان ي� بلد األرز ..
مرايا الحنين بتول سليمان
ُ صديقان ولكنّا ان أنا ِ والحزن ض ّد ِ كعنوان معا ً ننساب في جس ٍد يو ِ ّحدُنا ِ ْ فان ولكن دمعُنا ِ وكم ننه ُّل في دمعٍ ابتسامان يعريها وخلف الدمعِ آال ٌم ّ َ ِ أنا في الدمع ِة األولى وأنت َمسيلُها الثاني فوا َحزَ ني اإلخالص في قربي لم ُ َ
ألست تم ُّل وجداني َ حين يسي ُل تحناني
الحب أال تخشى بروق ِّ ومنك يخطفني أال تأسى لهجراني يجيء َ أال يؤذيك وه ُج الشوق
تهب نيراني حين ُّ
ويصبح قبلتي األولى
فأذكر فيه أوطاني ُ
نيسان وأذكر :أنت لي وحدي وأنت كثلج ِ ولست شبيهَ ألواني سر التصاقك بي َ فما ُّ محياي وال موتي وال َ فيا حزنا ً يعريني أال اتركني هنيها ٍ ت رجائي أن تفارقَني
وال حلمي وألحاني فأسكب فيه أشجاني ُ وخسران ِ بال لوعٍ وأن تنأى وتنساني
وجدت ذاتي بذاتي عال بدر الدين أنا اآلن وحدي أفتش في لغتي عن كالم تسافر فيه عيوني إلى اآلخرين ُعجز الكلمات ففي لغة العين ما ي ِ أفتش عن زمن ليس يأتي ب قديم وأبحث في جسدي عن ترا ٍ تراب بالدي ،وأعني رفات جدودي ساكنان ،الحنوب وقلبي به ِ وبعض اإلقامة في جسدي تشبه األمسيات القديمة يوم كانت منازلنا من تراب وأعمارنا من سحاب الجنوب ُ ونلم ُع كالغيم فوق الهضاب وليس لنا غير برق األماني ثياب سالم على هضبات الجنوب ْ النبطية سال ٌم على ب الغي ُم هاماتِها وقد ع ّ ص َ سال ٌم على السهل واألودية سال ٌم على القاسمية ْ األدوية سمات التي تشبه على الن َ لقد سافرت في ثيابي معي ويا غيرة َ القلب حين ُّ تحن الثياب وتعبق فيها روائ ُح ذاك التراب ***** وها أنا أبحث قي غربتي عن بالدي، المرافئ بالدي التي نقلتها الرياح لكل ِ تسافر دونَ حقائبِنا األرض حين أظلم ما ُ َ َ الثياب القديمة فيها روائ ُح ب القديمة ،إن والثيا ِ َ ْ أحبابنا والوطن.
وكيف المطاراتُ تطلب مني جواز العبور ُ إلى قلب لبنانَ ،كيف!!، ُ ولبنان في القلب ،في الوجه يبدو، تصر ب ،وهي ُّ صرخات الحقائ ِ وفي َ على أن لبنانَنا ليس يحتاج إذنَ مرور. فإذن المرور لما هو خار َجنا ُ ولبنان داخلـَنا ليس يبر ُح ،كاهلل فينا كجرحِ الحسين ،وكالقاسمية وهو ّ ع يوز ُ خبز قرانا على كل روح تحبُّ الحسين ْ النبطية وتحبّ ثرى ي لقمة رأسي، أنا العربية من قدم َّ أقيس المسافات بالنبطية والقاسميةوالضوء في يوم جرح الحسين وجرح فلسطين وهي تنادي :أال من نصير ***** أنا حين آتيك يا وطني ألبس الذكريات، وألبس ك ّل الذي كان في أرضنا من ورود وأفرح حين أعود ويصبح جرح الحسين عبورا ً إلى اللحظة الواعدة عبورا ً إلى األمة الواحدة الثياب القديمة تخلع أحزانها وحتى ُ ْ الوطن حين يبدو ليسأ َل كيف تصادرني غربتي، وأنا أنتمي للجنوب ألرض ،ثراها الجدود، ٍ وأنهارها من دم الشهداء. ُ ذهب الفقراء وقمح بيادرها ُ ****
جر َح الشوكُ أقدا َمنا، لقد َّ يجر ُحه الشوكُ في غربتي ك ُّل حبّ ٍ ِ ّ سوف ينمو على جسد «النبطي ِة» ورداً، ُ زينب ،وهي تنو ُح يعانق صدرها ال يزا ُل وها ُ َ يثرب اقتربي وتزجي الظعينةَ ،يا ُ ُّ سأحط الرحا َل ،وسوف ّ أبث دموعي على قبر جدّي وأخبرهُ كم كربال َء نَ َم ْ ت في ضلوعي، وأحصي ضلوع بالدي التي ّ ْ مزقتْها الفتن. سال ٌم على ك ِّل ما ظ َّل من وطني ْ الوطن في ***** ْ وطن أصعب آ ِه ما الموت دونَ َ َ وحين يؤوب المسا ُء بال وطني كنتُ أشعر أن الجفاف بصدري يقيم سرادقـَهُ فأموت إلى أن تجيء بالدي أراها تقيم معي بين دمعي وبين الوسادةْ. ي قالدةْ وقتها يصبح الدم ُع في مقلت َّ ت كي يعرفوني سألبسها في المطارا ِ وأعبر ك َّل الحواجز من غير تفتيش قلبي ُ ْ برحت ٌ ْ السفن مدن سرقتها ففي الصدر ما ْ وما أوج َع البينَ حين ُّ السفن تئن ***** أال أيها السارقون ،القراصنةُ الحمر، ُ ردُّوا بالدي ْ سكينة ع وردّوا مواوي َل زينب ،ردُّوا دمو َ َ ٌ ففي «النبطي ِة» حزن وحبٌّ قلب وفي النبطي ِة ُ األعاصير والذكريات التي ال تموت سكنته ُ هما ومضة ِ هللا فينا وطين البيوت
مثل الخادم والرجل
قصص وحكايات ,كليلة ودمنة مثل الخادم والرجل
زعمــوا أن رجـاً تواطــأ مــع خــادم فــي بيــت ألحــد األغنيــاء علــى أن يأتــي البيــت فــي كل ليل��ة يغي��ب صاحبـ�ه فيعطي��ه ش��يئا ً م�نـ مت��اع سيــده فيبيع��ه ويتشــاطرا ثمنـ�ه .فاتفــق ذات يــوم أن غــاب أهــل البيــت وبقــي الخــادم وحــده فأنفــذ فأخبــره الرجــل فأقبــل .وفيمــا همــا يجمعــان المــال إذ قــرع البــاب وعــاد رب البيــت علــى بغتــة .وكان للبيــت بــاب ـب مــاء .فقــال الخــادم للرجــل :أســرع واخــرج آخــر لــم يكــن يعلمــه الرجــل وبقربــه جـ ّ م��ن الب��اب ال��ذي عن��د الج��ب. فانطلــق الرجـ�ل ووجـ�د البــاب لكن��ه ل��م يجـ�د الجـ�ب فرج��ع إلـ�ى الخــادم وق��ال لـ�ه :أمــا البــاب فوجدتــه ،وأمــا الجــب فلــم أجــده .فقــال الخــادم :ويحــك انـ ُج بنفســك وال تكتــرث ي فذكــرت الجــب وليــس هنــاك .قــال للجـ ّ ـب .قــال الرجــل :كيــف أذهــب وقــد خلطــت علـ ّ ـر عاج ـاً .فلــم يــزل ينازعــه حتــى دخــل رب الخــادم :دع عنــك الحمــق والتــردد وفـ ّ البيـ�ت فأخـ�ذه وأوجعـ�ه ضربـ�ا ً ثـ�م دفعـ�ه إلـ�ى السـ�لطان. فلمــا خفــت مــن التــردد والتجــوال رأيــت أن ال أتعــرض لمــا خفــت مــن ذلــك وأن أقتصــر علــى كل عمــل تشــهد األنفــس علــى أنــه صحيــح وتوافــق عليــه األديــان .فكففت صنــت نفســي مــن الفجــور يــدي عــن الضــرب والقتــل والغضــب والســرفة والخيانــة وح ّ وحفظــت لســاني مــن الكــذب ومــن كل كالم فيــه ضــرر علــى أحــد ،وكففــت لســاني عــن الشـ�تم والعضيهـ�ة والخنـ�ا والبهتـ�ان والغيبـ�ة والسـ�خري. والتمســت مــن قلبــي بــأن ال أتمنــى ألحــد ســوءا ً وال أكــذب بالبعــث والقيامــة الثــواب والعقــاب .وزايلــت األشــرار بقلبــي ولزمــت الصلحــاء واألخيــار جهــدي .ورأيــت الصــاح ليــس كمثلــه صاحــب وال قريــن ورأيــت مكســبه إذا وفّــق لــه وأعــان عليــه يســيرا ً ووجدتــه أحـ ّ ـر مــن اآلبــاء واألمهــات .ووجدتــه يــدل علــى ـن علــى صاحبــه وأبـ ّ الخيــر ويشــير بالنصــح فعــل الصديــق بالصديــق ،ووجدتــه ال ينقــص إذا أنفــق منــه صاحبــه بــل يــزداد علــى االســتعمال واالبتــذال جــدة حســنة .ووجدتــه ال خــوف عليــه يغرقــه وال مــن مــن الســلطان أن يســلبه وال مــن شــيء مــن اآلفــات ،ال مــن المــاء أن ّ النــار أن تحرقــه وال مــن اللصــوص أن تســرقه وال مــن شــيء مــن الســباع وجــوارح الطي��ر أن تمزقـ�ه .ووجــدت الرجــل الــذي يزهــد فــي الصــاح وعاقبتــه ويلهيــه عــن بذلــك قليــل مــا هــون فيــه مــن حــاوة العاجــل ،إنمــا مثلــه فيمــا أنفــذ فيــه أيامــه ويلهيــه علــى مــا ينفعــه كمثــل التاجــر والضــارب بالصنــج
قصائد
حكمت حسن زائر ابتلعت األغصان صرير البرد نكست األطيار أجنحة الغيم تماثلت وعتم الهدوء أتيت ممرا ً لم تجد األي ّ وكنت قد أحرقت المسار كي ال أبدأ وحدهما عيناك دمرتا المخبوء واقتربتا ***** ساعات صخرية أجرجر الوقت وقد اختفى األمس بين جفنين فاضا تجنبا البريق قنعا الحلم هناك كنّا كراقصين على مالعب حجرية جناحا فراشة وتألّق
***** قارئة أدخل الظل أفتش عن أضواء في خباياه تلوح لي سماوات مرقّمة وأقمارا ً مرصوفة تنتظر الهداية أحتمي بالنّور منه يرسم خطوطا ً يؤ ّكد أنّها متّصلة إلى ما ال نهاية ّ والظ ّل ال شكل له ما حوله يرسم حدودا ً يتودّد إليه قبل أن يبتلعه ***** شموخ كان هناك سجن شجرة في ال ّ أرخت لحنان ّ يحرسه س ّجان سجن ومن ثقوب ال ّ تناوبت أغصانها حراسة ال ّ شمس ّ يتخطى المترين حائط ال وشجرة بطول عشرين سنة مواسمها قصائد بألف نواة
عزف ارتقى في األودية غنى في تجوال أسطوري قالت ذات حقيقة كنا هنا ***** ذنب يتحول قلبي إلى مهرب يدعي أن إلهه الفكر ألصق به تهمة أبعد عن الحب بمسافة شعاع وأقرب من التصاق الضوء بالصوت سرقك مني ونجا بفعلته ***** رمح ضبابي المنير حدود للحزن وغموضي ثمة رمح مر لم يلتئم الهواء بعده تجرح صوت مرر جبهته بتأن نديا ً أصبح أحمرا من خالله أنظر وأنتظر وصوله
ونسغ بقاعي عاد القلب حين عاد ***** صدى أكتب إليك بالجمر أخلق من النار يتبعني الظالم وأتألق خلفي األثر وأنا المصدر أشتم رائحة التصاق تقترب من عطري تصادره تدمي الزمن فيزف لي خبر رحيله منكسا تردداته ويتلقى الخيبات بدال مني فأدرك أن الزمن لم يحب يوما ***** صراخ أحزاني ال صوت لها ثائرة صوت قي الغسق باستكانة ال ّ بتو ّحد األلوان ما بين العتم والعتم نتبادل األنفاس كتوأمين بديلين عن الروح وجسد
هل من كلمة فصيحة ؟! رياض ابراهيم تفر من تحته األرض وتخونه الكلمات ، أنا االنسان الذي ّ الكلمة محتضرة بالفم ..ذاويه سقيمة ..ال تغادر الثغر تتأرجح وتتقلب بين الشفاه وطرف اللسان ، حتى أغرقها الرضاب. سي يتخذ قراره ويطلقها حرة ..كما خلقني هللا حرا هكذا فهمت ! ليس من عصب ح ّ ولدتُ عاريا ورئتي امتألت بسوائل العدم والجنون .. هل من أحد يطبطب على رئتي وظهري ..ليفتح مسالك التنفس ،وأطلق صرختي .. بكائي ..كلماتي ..أسئلتي ؟ من يخفف عني بريق النهار ؟ في عيني .. أنا وليد الظلمة والجنون ابن جنوح آدم وحواء ،والذكورة التي قالت كلمتها في جوف العتمة ،فجئت وليدا للخنوع وفصاحة اللسان في الظلمة ، من يطلق كلمتي في النهار ؟ في ضجيج الحركة ال سكون الليل ،كم من لهفة ألطلق ما احتبس واحتضر في فمي من كلمات في لحظة اليقظة وفي حضرة سلطان ،كم لي رغبة أن أترك كلماتي عند باب عاهر أو في درس عالم أو ثري جائر . كم من رغبة أن أعبّر بلسان فصيح ألمقت قذارة نشوة خائفة الذت الى امرأة هدّها الوقت ،وجبلت على دساتير العشيرة وكبّلت من يأس قادم ،فكانت أسيرة يأسها خوفا من خذالن الخصوبة والتكاثر ،حتى تكاثرنا كالفئران ال نجيد سوى القرض وطحن الكلمات برحى األفواه ،نلوكها ونذيبها منذ األزل حتى نبلعها ولم نطلقها للعنان ولألذان الصماء . جئنا بال كلمات نحن أوالد الظلمة ومزاعم الذكورة بال عزم ومكارم ،نخاف السياط ..نخاف جبروت الخجل والمصير ، عفتنا أن ال نتكلم بما نؤمن ونفكر ونحلم . ولدنا بال أحالم . ولدنا خوفا أن تأكل الطير سنابل رؤوسنا .
العجاف تنتظرنا . نترجى الفصول أن التح ّل غضبها علينا ،فقدمنا طاعتنا الى المعابد ،وبذلنا لها موائد الخصب قرابين كي ترضى عنا . ............................... 20شباط 2018
مقاطع من دراسة عن العربية بقلم د سلمى عطا هللا
اللّغــة العربيّــة هــي واحــدة مــن أعــرق لغــات العالــم الحيّــة تراثًــا ،إن لــم تكــن أعرقهــا وأكثرهــا ـرا .وهي،عالميًّــا ،خامــس لغــة مــن حيــث عــدد النّاطقيــن بهــا .وقــد اعتبرتهــا هيئــة األمــم أصالة،وأطولهــا عمـ ً سـ ّ ـت المعتمــدة والمعمــول الرســميّة للعــام ،1948ومــن ثـ ّم واحــدة مــن أهـ ّم اللّغــات ال ّ المتّحــدة لغــة المؤتمــر ّ بهــا فــي ّ منظمــات هــذه الهيئة.وهي،كغيرهــا مــن اللّغــات ،ثــروة حقيقيّــة ،تغافــل عنهــا العــرب ومــا منحوهــا قيمتهــا أو أفســحوا لهــا المجــال لتــؤدّي دورهــا علــى أكمــل وجــه .وقــد آن لهــم ،وبعــد ك ّل هــذه األخطــار سســة أخــرى ،وبالتّالــي ،العمــل علــى اســتثمارهاوطلب المحدقــة بهــم ،أن ينظــروا إليهــا نظرتهــم إلــى أيّــة مؤ ّ تنميتهــا وزيادتها،واإلفــادة مــن العوائــد الج ّمــة الّتــي يمكــن كســبها ،فيمــا لــو أخرجــوا أنفســهم ولغتهــم مــن ي ي،ووجودهــم الحضــار ّ حالــة الجمــود والتّقوقــع إلــى آفــاق تواصليّــة يثبتــون مــن خاللهــا نضوجهــم الفكر ّ ي. ي ال ّ ي ووجــود ّ صحيح.فالجمــود،إذا ح ـ ّل مح ـ ّل الحركــة انتفــى ك ّل معنــى حضــار ّ والقوم ـ ّ وعالــم اللّغــة عالــم واســع وســع عالــم اإلنســان تما ًمــا ،لــذا ،فمجــاالت االســتثمار فيهعديــدةّ .إل أنّنــا ســنتوقّف فــي هــذا البحــث عنــد اســتثمار اللّغــة العربيّــة فيتعليمهاللناّطقيــن بغيرها.فمــا هــي األســباب ســبل الّتــي يمكــن اعتمادهــا لمقاربتــه مقاربــة الّتــي تجعــل هــذا االســتثمار اسـ ـتثمارا ضروريًّــا ،ومــا هــي ال ّ ً ناجحــة صحيحــة؟ ّ إن الســتثمار اللّغــة العربيّــة فــي تعليمهــا لألجانــب وللعــرب غيــر النّاطقيــن بهــا أســبابًا كثيــرة تحفّزنــا كمســتثمرين عــرب علــى خــوض غمــار هــذا العالــم .فهــو ،بمــا يتّســم بــه مــن خصوصيّــة وتميّــز، ي مجــال ي فــي أ ّ ي اســتثمار لغــو ّ يعــود علينــا ،باإلضافــة إلــى األربــاح المادّيّــة ،بفوائــد معنويّــة قــد تفــوق أ ّ آخــر .ومــن أبــرز فوائــده ،أنّــه: ـي ،علــى العــودة إلى الوطن واالســتقرار 1 )1يحفّــز العــرب غيــر النّاطقيــن بالعربيّةأيبلغــة وطنهــم األصلـ ّ فيــه وتوظيــف أموالهــم وقدراتهــم وإنتاجهــم فيــه .فاكتســاب لغــة مجتمــع مــا تش ـ ّجع مكتســبها علــى العيــش ي شــعور فيــه بالغربــة أو باالســتالب ،وتع ّمــق انتمــاءه إليــه .ولنــا بيــن فــي هــذا المجتمــع ،وتبعــده عــن أ ّ هــؤالء العــرب ثــروات إنســانيّة وعلميّــة وإبداعيّــة ومادّيّــة حقّــة ،مــن األجــدر أن نســتفيد منهــا نحــن بـ ً ـدل مــن تركهــا لآلخــر. ســياحة العربيّــة وينشّــط اإلقبــال علــى المنتجــات العربيّــة المختلفــة ،وعلــى الوســائل 2 )2يفعّــل ال ّ سياسـيّة اإلعالميّــة واألعمــال الفنّيّــة والنّشــاطات االجتماعيّــة والثّقافيّــة والتّربويّــة والدّينيّــة واالقتصاديّــة وال ّ ســائح ويقــوده إلــى ســياحة يريــح ال ّ ي وخارجــه .فإتقــان لغــة البلــد المقصــود لل ّ العربيّــة فــي الوطــن العرب ـ ّ ســياحة. تحقيــق هدفــه المنشــود ،وجنــي الفائــدة المرجـ ّـوة مــن هــذه ال ّ ي ومــن 3 )3يحقّــق عمليّــة تواصــل صحيحةتعيــد للعــرب أمجادهــم ،وتنقلهــم مــن هامــش الحضــور العالمـ ّ ي والتّبعيّــة الثّقافيّــة اللّغويّــة إلــى المبــادرة الذّاتيّــة واإلنتــاج والمســاهمة فــي صنــع االســتهالك الحضــار ّ الحضــارة ،وذلــك ضمــن حــوار يســفر عــن مفهــوم جديــد للتّبــادل ،يتجلّــى بالتّأثّــر والتّأثيــر بعيــدًا عــن ســلبيّة أو التّقوقــع .بــك ّل مــا يتركــه هــذا األمــر مــن شــعور باالكتفــاء وبراحــة الضّميــر، االتّكاليّــة والمحــاكاة ال ّ ألنّهــم كانــوا أمنــاء علــى وديعــة قيّمــة
)4
4وضعها هللاّ ، عز وج ّل ،بين أيديهم ،وهي لغتهم ،وهم أبوا أن تكون بال نفع أو ثمر.
ي ،ويضــيء علــى الحضــارة العربيّــة وعلــى تراثهــا ومميّزاتهــا ـي الفكــر ّ ي والعلم ـ ّ ي واألدب ـ ّ 5 )5ينشــر اإلنتــاج العربـ ّ ّ ّ وعاداتهــا وتقاليدهــا وأنمــاط عيشــها وحياتهــا الثقافيّــة واالقتصاديّــةّ ، ألن اللغــة ،بحســب «دي سوســير»” ،تشــبه القامــوس 7 الّــذي يمثّــل فــي األصــل الذّاكــرة الجماعيّــة ،واكتشــافها يعنــي اكتشــاف عالــم جديد“ .كمــا يزيــد رقعــة انتشــار اللّغــة ي وإلــى ـي ،ويـ ّ ـروج لهاويُخرجهــا مــن نطــاق مجتمعاتهــا إلــى مــدى عالمـ ّ ـي والعالمـ ّ العربيّــة ،ويعيــد إليهــا حضورهــا القومـ ّ ي وأخيــه اإلنســان فــي حيــاة واســعة وآفــاق ال نهائيّة،ويكســر الحواجــز ،وإن كانــت وهميّــة أحيانًــا ،بيــن اإلنســان العرب ـ ّ العالــم... 6 )6يقـدّم الحلــول للكثيــر مــن المشــكالت اآلنيّــة العالقــة فــي العالــم بيــن المجتمعــات العربيّــة والمجتمعــات األجنبيّــة، صراعــات اإلقليميّــة والدّوليّــة م ّمــا قــد تســهم اللّغــة فــي حلّــه أو التّخفيــف ي وال ّ ال سـيّما تلــك الّتــي تتّصــل بالتّبايــن الحضــار ّ مــن حدّتــه .فالتّحالــف بيــن الحضــارات ،مــن وجهــة النّظــر العمليّــة ،هــو مــن أقــوى الوســائل المتاحــة إلصــاح شــؤون سياســة الدّوليّة، العالــم ولإلســهام فــي إنقــاذ األســرة اإلنســانيّةم ّما تتخبّــط فيــه مــن مشــكالت تتراكــم وأزمــات تتفاقــم ،فشــلت ال ّ حتّــى اآلن ،فــي إيجــاد تســوية عادلــة وحلــول حاســمة لهــا .كمــا يزيــل الحجــب الكثيــرة الّتــي تمنــع األجانــب مــن النّفــاذ إلــى ي ،ومــن فهــم تراثــه وحضارتــه،ال سـيّما مــا ارتـدّ منــه إلــى الماضــي ،ومــن إدراك روح األ ّمــة العربيّــة حقيقــة العالــم العربـ ّ ـرب بيــن األطــراف المختلفــة ،علــى نحــو مــا ي.ويُســهم فــي بنــاء عالقــات حميمــة وتفاعــات حضاريّــة تقـ ّ فــي واقعهــا الحال ّ ي ،والعالقــات العربيّــة األوروبّيّــة فــي شــهدته العالقــات العربيّــة والفارس ـيّة والهنديّــة فــي المشــرق إبّــان العصــر العبّاس ـ ّ ي .فقــد قيــلَ ” :مــن تعلّــم لغــة قــوم أمــن مكرهــم“. العصــر األندلسـ ّ صالحــة لــه .وبالتّالــي ،ال أي اســتثمار قبــل الحديــث عــن توفيــر األرضيّــة ال ّ لكــن ،ال يمكــن الحديــث عــن ّ يمكــن الحديــث عــن اســتثمار فــي تعليــم اللّغــة العربيّــة للنّاطقيــن بغيرهــا ،قبــل الحديــث عــن توفيــر ال ّ شــروط التّــي تجعــل ّ عمليّــة التّعليــم هــذه صحيحــة .ومــن أبــرز هــذه ال ّ تتخطــى المبــادرات شــروط ،وضــع سياســة اســتثماريّة وطنيّــة شــاملة الفرديّة،ويكــون للـدّول ولحكوماتهــا وللجامعــة العربيّــة دور فيهــا ،وتتضافــر فيهــا القــوى والخبــرات ،وترســم مــن خاللهــا الخطــوات ّ ـرورا باللّغــة وتعليمهــا وصـ ً ـول إلــى طــرق اللزمــة الّتــي تحقّــق اسـ ي مـ ً ً ـتثمارا ناج ًحــا ،بــد ًءا باالنســان العرب ـ ّ سياســة ضمــن األطــر الثّالثــة التّاليــة: ترويجهــا واســتثمارها.ويمكن توضيــح هــذه ال ّ
األول: اإلطار ّ
وحضــاري يؤ ّهلنــا ،كمجتمعــات عربيّــة ،لالنطــاق فــي مشــاريع اســتثماريّة كهــذهّ ، ثقافــي تحقيــق وعــي ألن ّ ّ الــروح العميقــة لمجتمعنا“.وذلــك مــن خــال: الحضــارة ”هــي مــا نحــن ،هــي ّ ـرا علــى عــرق أو حضــارةّ ، 1 )1اقتناعنــا بـ ّ وأن بإمكانهــا أن تكــون لــك ّل راغــب فيهــا ،أن ـأن لغتنــا العربيّــة ليســت حكـ ً ّ مفرقيــن بيــن لغــة وعــرق وحضــارة وغيــر خالطيــن بينهــا .فــا دليــل علــى ّ أن هنــاك مــن تكــون ملــك مــن يتعلمهــاّ ، ّ هــو مهيّــأ أكثــر مــن غيــره لتعلــم العربيّــة ،ال الـدّم يفيــد فــي ذلــك وال الجنــس وال العــرق وال التّناســل وال الوراثة”.ولــو صــا ،لمــا وجدنــا ّ عا ألعــراق أن اللّغــة الواحــدة قــد تكــون مشــا ً كان للّغــة خصائــص عرقيّــة معيّنــة ال تالئــم ّإل عرقًــا خا ًّ ســابع ،كانــت تضــ ّم عديــدة وأداة لحضــارات مختلفة“.8فالجيــوش العربيّــة الّتــي افتتحــت أوروبــا فــي بــدء القــرن ال ّ بضــع مئــات مــن العــرب فقــط مقابــل اآلالف مــن األقبــاط والبربــر .ومــع ذلــك اعتمــدت اللّغــة العربيّــة كلغــة ثانيــة فــي ضــا زنــوج أميــركا ،فهــم يتكلّمــون اإلنكليزيّــة البــاد المحتلّــة ،ولــم تعتمد،بالتّالــي ،اللّغتــان القبطيّــة والبربريّة.كذلــك أي ً وال يعرفــون لغــة غيرهــا ،والهنــود الحمــر الّذيــن هجــروا مواطنهــم وانخرطــوا فــي الحيــاة األميركيّــة ال يعرفــون لغــة غيــر اإلنكليزيّــة. 2 )2إصرارنــا علــى ضــرورة الفصــل بيــن اللّغــة والدّيــنّ ، ي فــي ألن”اللّغــة هــي عــادة بديهيّــة فــي اللّســان وتركيــز أفق ـ ّ ســماء ودعــوة عموديّــة ي نحــو ال ّ الذّاكــرة والـذّكاء .أ ّمــا الدّين،فهــو نظــرة إلــى الوجــود بوســاطة القلــب ،هــو شــبق عاطفـ ّ عدويــن ،إنّمــا حياديّــان ال دخــل لهــذا فــي تلــك ،وال لتلــك فــي هــذاّ . إن منطقــة فــي اإلرادة البشــريّة .وهمــا طبعًــا ليســا ّ اللّغــة غيــر منطقــة الدّيــن ،والعكــس بالعكس.ونحن،عندمــا نخلــط بعضهمــا ببعض،نكــون كمــن يُقحــم القلــب فــي اللّســان يــدور المكعّــب أو يكعّــب الدّائرة“.9وبالتّالــي ،فعلينــا أن نزيــل مــا وســمنا بــه لغتنــا أو اللّســان فــي القلــب ،أو كمــن ّ صــواب والخطــأ والكمــال والنّقــص العربيّــة مــن قداســة ،إذ كانــت ،فــي نظــر علمائهــا قدي ًمــا وحديثًــا ،لغــة قابلــة لل ّ والتّحديــث والتّطويــر .وأن نحـ ّ ـث ك ّل مــن ال ينطــق بهاعلــى أن يتعلّمهــا ،ســواء أكان مــن أبنائهــا أم مــن غيرهــم ،مــن ســياق ،يقــول” :ليســت ي بالــغ الدّاللــة فــي هــذا ال ّ المســلمين أو مــن غيــر المســلمين .وذلــك انطالقًــا مــن حديــث نبــو ّ
ي“.10 العربيّــة مــن أحدكــم بأبيــه وال بأ ّمــه وإنّمــا العربيّــة لســان ،فمــن يتكلّــم العربيّــة فهــو عرب ـ ّ ـي ،فــي زمــن العولمــة والحداثــة وفقــدان الهويّــة والفــرادة واغتيــال اللّغــة العربيّــة الّتــي تش ـ ّكل 3 )3تفعيــل االنتمــاء العربـ ّ ّ ّ ّ ّ الرغبــة فــي تعلــم هــذه اللغــة محليًّــا وعالميًّــا ،وبالتالــي ،إنجــاح عمليّــة اســتثمارها مــوروث أ ّمتنــا ،بهــدف تفعيــل ّ ّ صــا لغيــر النّاطقيــن بهــا .وذلــك ،بالتّخفيــف مــن وطــأة الذوبــان فــي اآلخــر ،والخــروج مــن حالــة االستســام خصو ً بمقومــات ال ّ ي واالتّكاليّةوتجديــد الثّقــة ّ شــخصيّة العربيّــة الفريدة،وترســيخ اإليديولوجيّــات المتعلّقــة بالتّــراث القومــ ّ والهويّــة العربيّــة .كمــا باالفتخــار باللّغــة العربيّــة وترويجهــا وتعزيــز ال ّ شــعور بقيمتهــا وتقديرهــا ،والعمــل علــى إبــراز مميّزاتها.فاأل ّمــة الّتــي تحــرص علــى نقــاء شــعورها تدافــع عــن لغتهــا وال ترضــى بديـ ً ـر ـا عنهــا فــي عقــر بيتها،وتصـ ّ علــى أن تشــمل ك ّل مياديــن حياتهــا ،ألنّهــا إن أضاعتهــا فــي ل ّجــة االســتالب وأودعتهــا فــي المتحــف ،فاآلخــرون يصنعــون مســتقبلها .وقــد اعتــرف جميــع األبحــاث العلميّــة بهــذا المعطــى ،واعتبــر ّ أن الحيــدان عنــه يــؤدّي إلــى نتائــج ســالبة فــي أطــر النّفــس واالجتمــاع والتّربيــة ،ويبتــر اإلنســان عــن منبــع الوجــود الخـ ّ ـاق ،ويُفقــده معنــاه األكبــر وزخمه عــا .مــن هنــا ،يعمــل عــدد كبيــر مــن ال ـدّول حريتــه ،فيصبــح ،علــى صعيــد القوميّــة ،تابعًــا ال متبو ً المبــدع وصفــاء ّ علــى صــون اللّغــة األ ّم ،والحــؤول دون ســيطرة اللّغــة اإلنكليزيّــة ،تحديـدًا ،عليها.وفــي هــذا المجــال ،نذكــر علــى ســبيل المثــال ال الحصــرّ ، غرمــت شــركة فرنسـيّة (هــي فــرع لشــركة أميركيّة)،بمبلــغ أن الدّولــة الفرنسـيّةفي العــام ّ ،2006 ّ خمســمئة ألــف يــورو ،باإلضافــة إلــى غرامــة يوميّــة دائمــة قدرهــا عشــرون ألــف يــورو بســبب تزويدهــا موظفيهــا ببرامــج ووثائــق تقنيّــة باللّغــة اإلنكليزيّــة فقــط ،وذلــك انطالقًــا مــن قانــون واضــح ومح ـدّد ،هوقانــون «توبــون».11 كمــا نذكــر ّ أن وزيــر المواصــات فــي ألمانيــا «بيتــر رامســوير» ،منــع فــي العــام ،2010وتحــت طائلــة المســؤوليّة، ّ موظفــي وزارتــه مــن اســتخدام سلســلة مــن المصطلحــات اللّغويّــة اإلنكليزيّــة.12“Tickets””Laptops”“Flip-charts“ : 4 )4اإليمــان بضــرورة انفتــاح اللّغــة العربيّــة علــى اللّغــات والثّقافــات المختلفــة ،كمــا اإليمــان بقدرتهــا علــى إثبــات نفســها فــي معتــرك اللّغــات العالميّــة ،وعلــى قدرتهــا علــى حمــل علــوم العصــر وفكــره وقضايــاه تما ًمــا كمــا كانــت قــادرة فــي ي فــي تعريــب الدّواويــن ،ونظــم اإلدارة للمجتمعــات زمــن مضى.فالعربيّــة اســتطاعت أن تفــي بحاجــة الحكــم األمــو ّ ي ومجــاراة مختلــف مظاهــر المختلفــة واألقاليــم والجيــوش والحيــاة العا ّمة.كمــا اســتطاعت حمــل علــوم العصرالعبّاسـ ّ التّطـ ّـور الّتــي عرفهــا .لــم تكــن دون ســائر اللّغــات المنافســة لهــا ،وال امتــدادًا عضويًّــا لهــا ،كمــا أنّهــا لــم تــذب فــي مجراهــا ،ولــم تســمح لهــا بإلغائهــا أو تهميشــها ...وفــي حركــة النّقــل والتّرجمــة الّتــي نشــطت فــي ذاك العصــر، كانــت العربيّــة ،فــي التأســيس والتّرجمــة صالحــة لعلــوم عصرهــا وقــادرة علــى مدّهــا بالمناســب مــن التّســميّات والمصطلحــات. فمــن المه ـ ّم لنــا كعــرب أن نعــي ّ أن ”اللّغــة ظاهــرة إنســانيّة نشــأت مــن أســفل ،وتطـ ّـورت بتطـ ّـور اإلنســان ونحــوا ،ظاهــرة اجتماعيّــة فكريّــة بنمــو حضارتــه .وأنّها،قبــل أن تكــون كلمــات وأصواتًــا وصرفًــا ذاتــه ،ونمــت ّ ً 13 ي، ونفسـيّة ،ال كيــان لهــا ّإل فــي ذهــن األفــراد“ .وال وجــود لهــا ،وال تشـ ّكل لكيانهــا بمعــزل عــن المجتمــع اإلنســان ّ ي بمعــزل عنهــا .فبهــا فقــط صــار اإلنســان إنســانًا ،وبهــا فقــط تطـ ّـورت الحضــارة وبلــغ وال تش ـ ّكل للكيــان اإلنســان ّ ي ذروتــه” .فالبابليّــة مثـ ً ـا ،كانــت لغــة راقيــة يتكلّــم بهــا قســم كبيــر مــن س ـ ّكان ال ّ شــرق األدنــى ،لكنّهــا العقــل اإلنســان ّ 14 ماتــت ّ ألن الّذيــن يتكلّمــون بهــا انقرضــوا أو اندمجــوا فــي حضــارات أخرى“ .علينــا أن نعــي أن ال مفاضلــة بيــن لغــة ي ّ .وأن القضيّــة ليســت قضيّــة لغــة وأخــرى ّإل علــى أســاس الوســائل المتّبعــة لتنميــة اللّغــات وإغنــاء تراثهــا التّعبيــر ّ أفضــل مــن لغــة بــل قضيّــة حضــارة أرقــى مــن حضــارة ،وحيــاة أغنــى مــن حيــاة .وبالتّالــي ،مــا عشناهونعيشــه مــن وتذر ِعنــا بعــدم محاكاتهالتطلّعــات عصرنــا ،وتع ّمدِنــا إبعادهــا عــن واقــع قــد انعكــس علــى لغتنــا ،فدفعــت ثمــن تقاعســنا، ّ حياتنــا وحيــاة اآلخريــن ،وســماحنا للكلمــات األعجميّــة ّ حولَنــا إلــى نــاس التينيّــي اللّغــة شــرقيّي اللتينيّــة بغزوهــا ،مــا ّ ي وحملــه علــى مجــاراة علــوم هــذا العصــر المتســارعة وأفــكاره ال ّ ســحنة.لذا ،علينــا العمــل علــى تطويــر إنســاننا العربـ ّ ّ ّ ّ سياسـيّة المستنبطة،والســعي إلخــراج دولنــا مــن بوتقــة التراجــع أو النمــو إلى رحابــة التطور،ومن مســتنقع الصراعات ال ّ ّ ســام والوحــدة ،كعامــل أســاس يوفّــر البيئــة الحاضنــة والمناسبةالســتثمارات والدّينيّــة والطائفيّــة إلــى صفــاء الهــدوء وال ّ ّ لغويّــة ناجحــة ،وإلطــاق اللغــة العربيّــة نحــو مياديــن أخــرى تســهم فــي تعليمهــا لألجانــب.
·
من روائع الكالم بقلم عمر شبلي حوار رائع حوار بين :الذكر و األنثى قال لها : أال تالحظين أن الكـون ذكـر ؟ ... ... ...فقالت له : بلى الحظت أن الكينونة أنثى ! قال لها : ألم تدركي بأن النـور ذكـر ؟ فقالت له : بل أدركت أن الشمس أنثـى ! قـال لهـا : أوليـس الكـرم ذكــر؟ فقالت له : نعم ولكـن الكرامـة أنثـى ! قال لها : أال يعجبـك أن الشِعـر ذكـر؟ فقالت له : وأعجبني أكثر أن المشاعر أنثى ! قال لها : هل تعلميـن أن العلـم ذكـر؟
فقالت له : إنني أعرف أن المعرفة أنثـى ! فأخذ نفسـا ً عميقـا ً ~ وهو مغمض عينيه ~ ثم عاد ونظر إليها بصمت لـلــحــظــات ثم ..قال لها : سمعت أحدهم يقول أن الخيانة أنثى فقالت له : ورأيت أحدهم يكتب أن الغدر ذكر قال لها : ولكنهم يقولون أن الخديعـة أنثـى فقالت له : نعم وقالوا أن الكـذب ذكـر قال لها : هناك من أ ّكد لـي أن الحماقـة أنثـى فقالت له : وهناك من أثبت لي أن الغباء ذكـر قـال لهـا : أنـا أظـن أن الجريمـة أنـثـى فقالـت لـه : وأنـا أجـزم أن اإلثـم ذكـر قـال لهـا : أنـا تعلمـت أن البشاعـة أنثـى فقالـت لـه : وأنـا أدركـت أن القبـح ذكر سكت ونظر إلى األعلى متأمالً أما هي ابتسمت ألنها اعتقدت أنها ربحت الحوار ... وعندما رآها تبتسم قال لها : يبدو أنك محقة ..
فالروعة أنثـى فقالت له : وأنت قد أصبت فالجمال ذكـر قـال لهـا : ال بـل السـعـادة أنـثـى فقالت له : ربمـا ولـكن الحـب ذكـر قال لها : وأنا أعترف بأن التضحية أنثـى فقالت له : وأنا أقر بأن الصفـح ذكـر قال لها : ولكنني على ثقة بأن الوردة أنثى فقالت له : وأنا على يقين بأن العطر ذكر
الرؤيا ّ
د.هويدا شريف أنظر الى األفق فتتطاير أفكاري على أجنحه النّسيم سماء لتالمس حدود ال ّ وأطراف الغيم الرؤيا من النّعيم لتسترق ّ وتتأرجح ضائعه تائهه مستغربه من هذا ّ الزمن العقيم تعطي فتسلب تض ّحي فتقتل تشيد فتخذل ولكن سأظ ّل رغم جفاف ّ الزمان أقاوم النّار في الهشيم ألنّك حبيبي وإلى جانبي ومعي بعضا ً من تشيزوفرينيا حروفك
دال الماء في ديوان جديد للشاعر باسم عباس “عندما يعطش الماء”،بماذا يُ َر ّوى؟
محمد قاســـــــــــــم فقيه طالما استخدم الشعرا ُء العرب الما َء عنصرا ً ّ دالً في شعرهم ،بحيث تكاد ال تخلو قصيدة ٌ منه ،وقد منحوه دالال ٍ ت شتّى، وح ّملوه إشارا ٍ ت متعددة ،فهو دا ٌل على الحياة والخلق ،والتط ّهر والتجدّد ،والخصب والنماء والعطاء.. ولكن هذا الدال يرتقي إلى مستوى الرمز في ديوان باسم عبّاس الجديد «عندما يع َ ش الماء» *،يبدو كأنّه يجري عكس ط ُ ت أخرى معاكسة ،وأكسبه أبعادا ً جديدةً ،وجوديةً التيار ،فقد أضفى عليه الشاعر باإلضافة إلى الدالالت المعروفة دالال ٍ تحول في بعض القصائد عن مجراه ،مفتتحا ً لنفسه مسارب وأقنية جديدة ،تنمو على ضفافها أشواكُ القلق، ونفسية ،حتى ّ ُ التحول واالنتقال بالمياه من الدالالت المعروفة وأعشاب المرارة ،وألوان الظمأ والمعاناة والحزن .ويبدو أن ظاهرة ُ ّ ٌ ٌ ٌ َ إلى نقيضها ظاهرة فنية مميزة عند شاعرنا العربي اللبناني باسم عباس .فهو شاعر بارع في رصد التناقضات ومعاين ِة التقّلبات والتغيّرات التي تحفل بها الحياة. داللة العنوان: يشكل العنوان بأنواره الكاشفة مركز الثقل في الديوان ،تتحلّق حوله القصائد ،ويتك ّ ضدّية تتمثّل في شف عن ثنائية ِ العطش /الماء ،حيث تتع ّمق الحالة الصراعية بين الخصب والعقم ،الحياة والموت ،وهو بإشاراته وإيحاءاته يفتح على دالالت التناقض وإشارات المخالفة وأيقونات المعاكسة التي تدفعنا إلى التع ّمق في ِشعاب القصائد المشتعلة بالماء، والسفر في مراكب الكلمات السابحة في بحار الملح وأنهار البكاء ،ويقدّم لنا ِمفتاحا ً سحريّا ً للعبور إلى مجاهل النصوص المسكونة باأللم واألمل والرجاء ،واستكشاف معانيها الظاهرة والمتخفية في سالل الماء. تشع من ثنايا العنوان أضواء ثالث ،تش ّكل معا ً داالً على عصر التص ّحر ،وتفتح على زمن من الخيبات والفقد والموت. تشير «عندما» إلى زمن الغيمومة والريح التي تصفع وجه األرض ،وتكشف عن عصر غاب فيه الكبار ،ممن ذكرهم ي الكتمان، الشاعر في الديوان (جوزف حرب ،سعيد عقل ،سميح القاسم ،زهير غانم) وغيرهم ممن بقيت أسماؤهم ط ّ وهم طالما سقوا بأشعارهم شجرة الشعر ،ورووا عطش الفكر واإلبداع .كما تشير «عندما» إلى زمن اشتعلت فيه ّ وتوزعت فيه الحروب على جهات األرض ،وانتشرفيه الفقر ،وازدحمت المرارات والخيبات... الحرائق، ويحيل فعل العطش إلى الموت و الجدب والعقم . ويحول هذا الفعل الماء من رمز للحياة والخصب والتط ّهر إلى رمز للموت والظمأ والدنس ،ويغيّر مجراه من دال على ّ الحركة والجريان إلى دال على الركود والجمود ،وينتقل به من دال على إنسانية اإلنسان إلى دليل على ظاهرة التشيّوء، وينقله من البداية والحلم إلى النهايات والفجيعة.. ال قصيدة تحمل عنوان الديوان ،بل يحمل العنوان قصائده ،بعد أن يحبِسها داخل ثنائيتة الضديّة :العطش /الماء ،فيتقدّم حامالً وظيفةً معرفيةً عامة تقوم على أساس أننا النعرف قيمة الشيء وأهميت َه إال من خالل معرفة نقيضه ،مؤدّيا ً دورا ً والتمزق ،كاشفا حالة القحط واليباس التي نعيشها ،محيالً ّ فعّاال في الكشف عن نفسية الشاعر الذي يعاني األلم والحزن على معنى مأساوي ينطوي على واقع عربي بائس ،مثلما يومىء إلى بعض المحطات المأساويّة في حياة الشاعر. دالالت الماء في الديوان: يش ّع الديوان بدالالت الماء ،منها المألوف ومنها المغاير .يحمل الماء مدلوالته في مركب تتقاذفه أمواج الشك واليقين، ث الجسدي والروحي والحضاري ،الفرحِ والحزن ب والعقم ،التط ّه ِر والدنس والتلو ِ الحياةِ واالنبعاث والموت ،اإلخصا ِ ُ حسبان هذا الديوان دليالً وعينا ً على التجربة والقلق والضياع.هذا المركب يأبى أن يركن إلى شاطىء اليقين ،ويمكن الشعريّة الفنيّة الطويلة للشاعر عبّاس ،كما يمكن حسبان قصائده الموحية تأكيدا على امتالك الشاعر طاقةً تخييلية ـ إبداعية خصبة ،وإحساسا ً شعريّا ً مرهفا ،وذاكرة ً زاخرة بالثنائيات والمتناقضات البعيدة عن المجانيّة والتصنّع .وسوف نر ّكز على دالالت الماء في قصائد الديوان وما ولّدته من إشارات وما ابرزته من تأويالت.
البئر؟ ت هل جفّ ِ ُ واالشجار هل يبستْ ؟ ُ ب الور ُد أيغر ُ ُ عن عينيكَ والما ُء؟!()4 هكذا تم ّهد األفعال «جفّت»« ،يبست»« ،يغرب» إلى موت محقّق ،موت مفتوح على أسئلة الوجود والعدم. في مقابل الموت ،يح ّمل الشاعر الماء دالالت العشق واالرتباط ،إنه مركز الجذب للعناصر الطبيعية األخرى، تعشقه ،وال تستطيع االستغناء عنه ،فيقابلها بدوره حبّا ً بحب: النهر ُ صديق األشجار عشيقان هما فإذا ما غاب انتحرت وإذا ما رحلت مات بضربة شمس فانتبهي!)5(.. الماء أيضا ً في إبداع الشاعر فيض فكر وينبوع شعر ،يرتعش الجمال من طلّته ،ويتبادل مع الشعر التأثّر والتأثير ،فإذا أفاض الشاعر من بوحه الجميل ،فاض النهر وأخصب األرض ،وشبّت الدهشة في الربوع ،واندلق عبير الياسمين: شعرك يُنبوع ِ كم قالت مطالعُهُ يا ياسمينُ انتعش ْ فِض أيها الن َه ُر()6 يتابع الشاعر شحن الماء بدالالت الرفعة والسمو ،مح ّمالً إياه إشارات الفرح والنشوة المتولّدة من قامات العظماء الذين اختارتهم السماء لزيارتها ،فسمت بهم ،وفرحت لقدومهم ،فتساقطت دموع الفرح على خ ّد األرض: كأنّك اخترت تسمو س َمتْ سماء ف َ بال ّ بكَ السما ُ المطر()7 ساق َط انتشتْ فا ّ ُ يلوح لنا بدالالت الخوف كما يح ّمل الشاعر الماء محموالت الحياة والموت والخصوبة والعشق والتحولّ ، ّ ويتحول الماء من مالذ مطمئن إلى مصدر للخوف، والظمأ ،فتضيق الحياة إلى ح ِ ّد ال تتسع فيه لشهقة الموت، ّ ويغيّر اتجاهه من مصدر للنور والشفاء واإلرواء إلى علّة للعطش والجفاف والشقاء:
إرتبط الماء بدالالت التجدّد والخلق ،إنه شرط الحياة»،وجعلنا من الماء ك ّل شيء حي” (األنبياء ،)30/وش ّكل رمزا ً لقوة الخالق”وكان عرشه عىل الماء”(هود .)7/وها هو الشاعر باسم عبّاس يشحنه بطاقة التغيير والتجديد ،واالنتقال من حال إلى حال: ْ النسيان شواطىء مرافىء العبور ْ باإلنسان من وحشة ووحد ٍة إلى حيا ٍة ْ زارها آذار ونيسان()1
ّ ف وه تشكل عند الشاعر محطا ٍ للتحول ت ّ تقترن كلمات «شواطىء” و”مرا�ء” و”العبور” بدال الماء ،ي واالنعطاف من عالم الوحشة والوحدة والقلق واليأس إلى حياة التجدّد والتفاؤل واألمل والرجاء ،كما تومىء إلى كل ما يحمله الربيع (آذار ونيسان) من معاني الخصب والخلق والجمال. التحول والتجدد في حياة الشاعر ،أعطى إشارات الخلق والبعث بعد الموت: وكما ش ّكل الماء حقال خصيبا ً لمعاني ّ بكى الزمانُ بكى التاري ُخ والعُ ُم ُر أزيّنُ اآلن موتا ً كنتَ عاشقَهُ لكنه صار خلقا ً بتكر()2 فيكَ يُ ُ يحيل الفعل «بكى» الذي تكرر مرتين إلى الحزن واأللم على فقد من نُحبّ ،ويستحيل دمعا ً يسيل على فراق يتفرقون من حولنا ويغادرون قبل األوان ،ث ّمة موت يتربّص بنا ،فما جدوى الحياة إذا كانت مزنرة الكبار ،وهم ّ بكل هذا الموت والخراب؟. الشاعر،يتحول الدمع والبكاء فيه إلى النقيض ،إلى العشق واالبداع ،مع ما يثيره الفعل» يُبتكر» ثمة جواب عند ّ من معاني الخَلق والبعث الجميل. يتحول وكما يحمل الماء معاني الحياة والخلق ،ينزاح مع الشاعر إلى دالالت الموت حين ّ إلى برد وموج يتطلّب تد ّخال من الشاعر كي يحمي حبيبته من عتو الماء: أحميك من بر ٍد ِ غدر ومن ٍ ّ حر ومن ٍ ومن موجٍ الدهور العاتي()3 «أحميك» إلى خطر ما يهدّد ،ويُنذر بعاقبة الموت الذي يتأتّى من «موج الدهور العاتي». ويحيل الفعل ِ وكما أشار الشاعر إلى الموج داال على الغرق والموت ،يح ّمل نقص الماء عدّة الغياب والذبول:
ولما كان المطر ذكرا واألرض أنثى ،يخصب الماء رحم االرض ،فتُخرج بدورها النبات والشجر الذي يسكن وتتحول يدا الحبيبة مطرا ً يعشقه الشاعر: ويتحول كل ما فيه إلى شجر، كيان الشاعر، ّ ّ شجر صوتي ٌ شجر صمتي ٌ شجر جسدي ٌ المطر!()13 ويداك أعشق فيهما هذا ِ ْ وفي ما يشبه الالزمة يكرر الشاعر نداءه: لك أن تكوني ِ في حياتي زهرةً وفراشةً عصفورة نهرا ً وساقية)14(. يُسقط الشاعر على الماء معاني إنسانية مختلفة ،فتارة يحاوره: أحاور الور َد م َّد الماء لي يدَه أحاور الما َء يبدو خربشات ظما()15 ومرة أخرى يرسم من خالله وجوها ً إنسانية تشع بدالالت الجمال واإلبداع اإللهي في مزاوجة ومطابقة بين جمال الخَلق في الطبيعة وحسن الخَلق في االنسان ،حيث يبدع الشاعر في تصوير الشفاه والعيون ومقاربتها من خالل خريطة الشطآن الحالمة: حب مرت هناك ذات ّ ّ سفينةٌ مملوءةٌ باآله ق فاندلعت حرائ ٌ جنّت بها الرما ْل ْ والزمان تأوه المكان ّ وكان ما ْ كان أن أبدع اإلله شواطىء الشفاهْ()16 ويتابع في قصيدة أخرى:
ل ْم يبقَ في كب ِد المصباح متس ٌع لشهق ٍة وغفت في الضوء ضوضا ُء أينبغي يكون النخ ُل مرتجفا ً َ أن أم ينبغي عندنا أن يظمأ َ الما ُء()8 يصوره الشاعر عاجزا ً عن ملوثات الحياة المادية والروحيّة، ّ ول ّما كان المطر سبب التط ّهر ووسيلته للخالص من ّ التلوث قد بلغ مدى لم يعد بمقدور المطر أن يغسله أو يخفف من ُ ّ شره ،فيتساءل فعل التطهير، غلواء ّ لكأن هذا ّ الشاعر: مطر هل من ٍ بعض خطايانا؟!()9 يقدر أن يغس َل َ ُ وإذا كان الماء عاجزا ً عن غسل خطايانا نحن البشر ،إال أن أمالً ضئيالً ما زال يلوح في االفق ،من شأنه أن يعطي الكائنات األخرى طعم الفرح الناشىء من مزاوجة البئر والحكايات ،إنه أي البئر يخزن الخير في حضنه، ويحفظ أسرارا ً وحكايا كثيرة ،يبعث األمل والرجاء إلى البالبل واألشجار ،مع ما تثيره البالبل من إيحاءات ي الساحر: تؤشر إلى الكالم الجميل الموحي ،والبوح الشعر ّ البئر مألى حكايا فاستح ّم إذن الحور يا بلب َل ِ الشجر()10 وليفرحْ بك ُ يح ّمل الشاعر الماء دالالت الحب الوثّاب ،والعشق الجامح ،مشبّها ً الحب بالبحار في مدّها وجذرها ،طالبا ً من حبيبته والمحرض والمغرق في آن: لعب دور المهدىء والمنقذ ّ الحب لتكوني في بحار ّ أشرعتي وأمواجي ومدّي()11 كما يطلب منها أن تكون السيل الجارف ،في إشارة إلى جموح الحب ،واإليغال في مغامرة العشق ،وأن تتحدى الخطر المنبعث من أصوات الرعد والبرق مع ما يحمله من داللة واضحة على دنو المطر من األرض: كوني كسي ٍل في شراييني وال تخشَي صلي َل البرق في الغيمات()12
ويسافر منه العظماء: عمر وث ّم ميناء ٍ ٌ سفن فيه! كم رست وكم أبحر العشّاق والعظما!()23 فيتحول الربيع من دا ٍل على فرح اإلرض ،إلى دا ٍل على الحزن وتتسع دالالت الماء لتشارك الشاعر حزنه وآالمه، ّ ويتحول الشتاء من دال على المطر الغزير إلى شتاء جاف ،ال يشبه «الشتاءات» األخرى: والوجع، ّ كم ربيع سيبكي؟! غاب بُلبُلُهُ وكم شتاء سييذوي مطر()24 ما به ُ ويصور الفعل «بكى» ربيعا ً حزيناً ،ويرسم الفعل «يذوي» شتا ًء متألّما ،ويزنّر القلق الشاعر ،فيسكب روحه فوق الورق ّ ً لتش ّع قلقا مؤلما ومشرقا في آن: نقطةُ حبر سقطت فوق الورق سكب الشاعر فيها بعضا ً من روحه صارت بقعة ضوء قلقه()25 يحمل الماء أيضا ً مدلول العطاء المحب الالمحدود ،فيعانق العشق الغيم ،ويعزفا معا سمفونية كونيّة على نشيد المطر الذي يروي عطش األرض: الغيم ق عشقي فوق حبا ِل سأُعلّ ُ ِ أرض عطشى()26 مطر في ٍ ليُ َ ي الحبيبة إلى أنهار تجري رقراقة ،ونهارات مشرقة ،تحفظ العشق في خوابي معتّقة أليام ّ ويحول الشاعر ظالم الليل في عين ّ الجفاف والفقد والحنين: ق من عينيك الليلَ!! أسر ُ ت أحوله أنهارا ً ونهارا ٍ ّ فدعي عشقي زادا ً في جعبة ذاكر ٍة مفقودهْ!)27(.. سع لقد اكتشف باسم عباس في ديوانه»عندما يعطش الماء» لغات الماء ،وكشف لنا عن أسراره التي طالما تمنّع عن البوح بها ،فو ّ حقله الداللي ،وارتقى به إلى مستوى الرمز ،بعد أن شحنه بأحاسيسه ،وح ّمله همومه ،واسقط عليه معاني القلق والخوف ....واتخذ حوله مالذا للفرح واستنطقه رؤى فلسفية واستولده منه وسيلة لموقف نقدي من واقع عربي يسبح في بحر من دموع ودماء .كما ّ سالالت من رموز وإشارات اجتمعت في ثنائية ضديّة تشبه إلى ح ّد ما ثنائية باسم /عباس التي حلّت في ماء شعره فجعلته يموج بتاقضات الحياة ،ويتأرجح بين حدّي الخصب والعقم ،الحزن والفرح ،لترسم لنا صورة معبّرة عن عصرنا وحياتنا. ّ لقد قالها السيد المسيح(ع) مخاطبا أصحابه منذ ألفي عام :أنتم ملح األرض ،فإذا فسد الملح فبماذا يملح؟ وها هو باسم عباس يصرخ في ير ّوى؟،فتجيبنا قصائده :ث ّمة شعراء يعصرون فاكهة الغيم ،ليسقوا أزهار بريّة هذا العالم ،في هذا العصر بالذات :إذا عطش الماء فبماذا َ الروح ،ويرووا مشاتل الضوء ،فتننهمر القصائد.
شواطىء العيون آبار أسرار الحياهْ()17 التمرد والثورة ،فيأبى على االنسان االنقياد ،ويرفض له كل ما يح ّد من ال يتعب الشاعر من تحميل الماء دالالت ّ ً طموحه ،أو يج ّمد من مواهبه ،أو يقف حاجزا بينه وبين تطلعاته ،وهو الذي يدرك أن اليقين المطلق قاتل االبداع، وأن اإلجابات السطحية والقناعات المزيّفة سرعان ما تنهار : أنا أرفض الشطآن والميناء ال أرسو()18 وفي موضع آخر يقول: لي قامة الكلمات تستعصي على ما قد يجو ُل مطر)19(.. غيم أو ْ ببا ِل ٍ ويعلن في قصيدة أخرى: هي قامةٌ وأرخت الجبال قامت ّ ت وفككتْ صمتَ المسافا ِ ع السنين انتشى من نُسغها جذ ُ ج بلّل وجهها ال المو ُ خض كيانها()20 ال الموتُ ّ يصارع الشاعر بهمته العالية وشموخه السامي أشباح الظلمة ،ويُشهر اليراع سالحاً ،ال يبالي أن يوصم بالجنون، صم العظماء بهذه الصفة ،فما هانوا وال استكانوا رغم المرارات التي عصرت الغيم دمعا ساخناً، إذ طالما ُو ِ يشعل نيران الحنين: ع تش ّ ٌ ظى أجنون إذا اليرا ُ وإذا الغي ُم صار دمع حنيني()21 هذا الحزن المنهمر يكسوه الشاعر رداء السلوى ،ويُنبت منه أزهار الفرح ،ويُعالج به أسباب الضجر ،ويستوحي منه صور المحبة ،يرسمها على جدران القلب: بشتاء أتسلّى ٍ ع في الغيم وردا ً أزر ُ ت بحر في رسم الكلما ِ أُ ُ على جدران القلب)22(... فيتحول العمر إلى ميناء ،ترسو فيه السفن ،ويغادر الع ّ شاق يأخذ الماء عندالشاعر دالالت السفر والرحيل، ّ ويسافر منه العظماء: عمر وث ّم ميناء ٍ
Keep it 7elwee!