Ya7elweenmay issu

Page 1

‫يا حلوين‬ ‫وجع الرحيل‬ ‫ُ‬ ‫د‪.‬حسن فرحات‬ ‫الشوكوال‬ ‫مريم باجي‬

‫السامء‬ ‫املالئكة ُّ‬ ‫تزف الشاعرة كزال ابراهيم إىل َّ‬ ‫د‪.‬رياض الدليمي‬

‫حدث يف ذات ريح‬ ‫قاسم الساحيل‬ ‫‪May 2018 Vol.2 Issue 5‬‬

‫اختلط الكذب بالحقيقة‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬

‫الشك بركان حارق‬ ‫هيام الرشع‬


‫ا لمحتو يا ت‬ ‫‪ ١‬وج ُع الرحيل‬ ‫د‪.‬حسن فرحات‬

‫‪ -١٣‬حدث يف ذات ريح‬ ‫قاسم الساحيل‬

‫‪ -٢٤‬لسالم ‪ ...‬يا سالااام‬ ‫مريم خرضاوي‬

‫‪ ٢‬املقامة الحاحظية‬ ‫بديع الزمان الهمذاين‬

‫‪ -١٤‬بانتظار الصباح‬ ‫باسلة زعيرت‬

‫‪-٢٥‬الشك بركان حارق‬ ‫هيام الرشع‬

‫‪ -٣‬كتاب النوادر‬ ‫يا حلوين‬

‫‪ -١٥‬مناجاة‬ ‫نهاد حبيب‬

‫‪-٤‬من أجمل النوادر والطرائف‬ ‫نقالً من منتدى الحديقة‬

‫‪ -١٦‬قلعة بو عاممة وقرص مغرار‪ ..‬ذاكرة‬ ‫الثورة‪//‬‬ ‫تقرير موقع‪ /‬يومية السالم اليوم‪ /‬الطاهر‬ ‫‪.‬م‬ ‫تصوير واعادة النرش ‪ /‬حمودة بن جراد‬

‫‪ -٢٦‬عصام االمري ‪ /‬يرسم بروح طفل وبعقل‬ ‫مفكر‬ ‫د‪.‬رياض ابراهيم‬

‫العبدي‬ ‫‪-٥‬االنسان العريب بني ناقة املثقَب‬ ‫ِّ‬ ‫وحصان عنرتة‬ ‫د‪.‬محمود سليم عبد الغ ِن ّي‬ ‫‪-٦‬قراءة يف كتاب‬ ‫عمر شبيل‬ ‫‪-٧‬مزاج صيفي‬ ‫ليىل السيد‬

‫‪-١٧‬اختلط الكذب بالحقيقة‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬ ‫‪ -١٨‬ضع يدك بيدي‬ ‫شعر كه زال ابراهيم خدر ‪ -‬ترجمة روناك‬ ‫الزندي‬

‫‪-٨‬اللفياثان‪ :‬التأويل الدموي للتاريخ‬ ‫ستار الدليمي‬

‫‪ -١٩‬الشوكوال‬ ‫مريم حاجي‬

‫‪ -٩‬الشعر والشعراء يف البقاع الغريب‬ ‫عمر شبيل‬

‫‪ -٢٠‬صندوقي أسود‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬

‫‪ -١٠‬حكاية بوضع مائل‪ /‬عىل باب فرج‬ ‫ياسني‬ ‫د‪.‬ماجدة غضبان املشلب‬

‫‪ -٢١‬لست بها ملت‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬

‫‪-١١‬أمل‬ ‫زينب رايض‬ ‫‪ -١٢‬ابن آوى واألسد والحامر‬ ‫كتاب ليلة ودمنة‬

‫‪ -٢٢‬املعايري البالغية يف مجموعة تسلقي‬ ‫عروش الياسمني للشاعر رياض الدليمي‬ ‫د‪.‬جاسم خلف الياس‬ ‫‪ -٢٣‬أنا فكرة‬ ‫فوزية بندادا‬

‫‪ -٢٧‬الحكومة سيئة ونحن طيبون‬ ‫‪ -٢٨‬املالئكة تزف الشاعرة كزال ابراهيم إىل‬ ‫السامء‬ ‫د‪.‬رياض الدليمي‬ ‫‪ -٢٩‬يف نظرات عينيك‬ ‫شعر ‪ :‬كه زال ابراهيم خدر ‪ /‬ترجمة عبد‬ ‫الكريم شيخاين‬ ‫‪_30‬حوار قليل بيننا‬ ‫شعر‪ :‬كه زال ابراهيم ‪ /‬ترجمة‪ :‬حميد عبد الله‬ ‫بانه يى‬


‫يا حلوين‬ All rights reserved. Copyright held by HSF Media Inc. 2018. No reproduction, copying or pasting without expressed consent from HSF Media Inc. For permission or writing oppurtunities please contact: submissions@ ya7elweenmagazine.com Magazine Founder: Dr. Hassan A Farhat MD Co-Founder: April Khan Chief Content Manager: Dinah Rashid Senior Arts Director: Saood Mukhtar North African Corespondent: Meriem Badji Photographer: Hamouda Ben Jerad Editorial: Reyad Al Dellamy



‫حكاية بوضع مائل‪/‬على باب فرج ياسين‬ ‫د‪.‬ماجدة غضبان المشلب‬ ‫النافذة مشرعة و مائلة نحو جهة اليسار‪ ..‬ال نسمة تهب‪..‬خلعت صوتي ‪ ،‬و وضعته في درج‬ ‫قريب و انتظرت‪..‬‬ ‫_أتعني صوتي؟‪..‬‬ ‫_ انه كالطين‪ ..‬ناعم الملمس ‪ ،‬و طوع بناني‪..‬‬ ‫_ماذا عن صمتك المختبيء بين طيات التمني؟‬ ‫اكفهرت أغصان السكوت من حولي‪..‬‬ ‫_ اين عساه قد اختفى؟؟‬ ‫ذاب نجم في قدح الماء على طاولتي‪..‬و تبعه القمر ‪..‬‬ ‫_الليل حالك يا رفيق‪..‬‬ ‫نجمة اخرى تهبط من عليائها‪..‬تبدو السماء عوراء حوالء‪..‬و انا ارتدي درع االنتظار ‪..‬‬ ‫علقت الغربة انشوطتها في سقف غرفتي‪..‬‬ ‫_هيا اجبني يا رجل‪ ..‬اخرج يديك من بين فتات الحبال‪..‬‬ ‫_ انتظرك فحسب ‪ ،‬بل اشعر بخيالك يقترب‪..‬‬ ‫انه هناك اسفل الباب‪..‬هيا‪...‬هيا‬ ‫هناك نجمة تتشح بعواء غريب‪..‬نجمة اخرى ترتدي نباحها‪..‬‬ ‫نجمة تقترب من النافذة ‪..‬تفتح عينيها واسعتين‪..‬‬ ‫نجمة تقف كعصفور على قضبان نافذتي‪/..‬نجمة أخيرة تهوي‪...‬‬ ‫تصفيق جمهور منحني تحت وطأة الوضع المائل نحو اليمين‪..‬‬


‫أكاد ال اراه‪..‬‬ ‫حكاية بوضع افقي‬ ‫ضعني في الماء‪..‬‬ ‫ال تخف الموج الهادر‪..‬‬ ‫انني اطفو على سطح افقي‪..‬‬ ‫اني ارى النجوم تصطف في خطوط منتظمة!!‬ ‫األرض ذاتها تبطل مفعول كرويتها!!‬ ‫و تضطجع على ظهرها المحدودب‪..‬‬ ‫ال تخف!!‪/‬لم أفقدها بعد‬ ‫قدرة السباحة في رحم امي‪/..‬إني أطفو‬ ‫رغم ثورة البحر‪/..‬إني أعلو‬ ‫ال سماء فوقي‪/..‬ال تحتي البحر‬ ‫حكاية بوضع شاقولي‬ ‫لملمت اشتاتها‪ /..‬و نضحت بعرق عزيز‬ ‫السماء تقترب من األرض‪ /..‬تهمس في أذنها شيئا‪..‬‬ ‫رجل يلوح في العراء!!‪ /‬امرأة تتبع ظله!! ‪ /‬الغيمة تزفر غضبا‪..‬‬ ‫برق يستجير برعده‪ /..‬االرض تقترب من السماء‪ /.‬تقول شيئا تأواه‪/ !..‬‬

‫ال شيء مما اراه‪.‬‬

‫ال شيء‪ ..‬يحمل بقعة من الزمن ‪ /‬ال مكان على ثياب االشياء‬ ‫ادلف باب الهاوية!!‬ ‫يتلقفني الضباب‪..‬الظالم!!‬ ‫اشتاتها تهطل مطرا‪..‬‬ ‫و االرض خالية مني‪.‬‬




‫الحكومة سيئة ونحن طيبون‬ ‫طالب عبد العزيز‬ ‫ال أعــرف مــا الــذي يجعــل النــاس تعســاء‪ ،‬مــع يقينــي باســتطاعتهم ان يكونــوا أفضــل‪،‬‬ ‫وهنــا نســأل‪ :‬هــل الســعادة ممكنــة؟ الجــواب‪ :‬نعــم‪ ،‬بــكل تأكيــد‪ .‬أنــا‪ ،‬أجــزم بأنني ســعيد‬ ‫مثـاً‪ ،‬وال أريــد أن أخــوض مخاضــة الفالســفة فــي تعريــف الســعادة‪ ،‬ومــا إذا كانــت‬ ‫كاملــة أو نســبية أو غيــر ذلــك‪ ،‬فهــذا ممــا يعقّــد موضوعنــا ويجعلنــا نخــرج مــن الورقة‬ ‫هــذه‪ .‬انــا ســعيد الــى حـ ٍ ّد مــا‪ ،‬نعــم‪ ،‬هنــاك جملــة منغصــات مثــل اعتــال الصحــة وقلــة‬ ‫المــال واخفــاق أحــد األبنــاء فــي االمتحــان ونــداء بائــع قنانــي الغــاز الكريــه وعطــل‬ ‫مكيــف الهــواء وو‪ ،‬لكننــي ســعيد بمــا لــدي ومــا حولــي ومــا قدمــت ومــا آمــل تقديمــه‪.‬‬ ‫وهنــا‪ ،‬نريــد أن ننظــر للموضــوع مــن جانبــه اآلخــر‪ ،‬تــرى كيــف تصنــف المراكــز‬ ‫البحثيــة شــعبا مــا بانــه األكثــر ســعادة؟ ولمــاذا يقولــون عــن بغــداد بانهــا المدينــة‬ ‫األســوأ للعيــش فــي العالــم؟ مــا الــذي يجعلنــا هكــذا‪ ،‬أال يبــدو االمــر غيــر ذلــك؟ مــن‬ ‫وجهــة نظــر شــخصية أجــد أننــا قــادرون علــى تغييــر حياتنــا نحــو األفضــل‪ ،‬نحــن‬ ‫بحســب توصيــف بعــض المراكــز (الشــعب االكــرم فــي العالــم) أال يبــدو االمــر جالبــا‬ ‫للســعادة‪ ،‬وهــو أمــر واقــع بالفعــل‪ ،‬العراقيــون كرمــاء‪ ،‬إذ‪ ،‬بإمــكان أي شــخص دخــول‬ ‫أي بيــت عراقــي ويســأل حاجتــه‪ ،‬مــن االكل والملبــس والمــال وســيجد أهــل البيــت مــن‬ ‫أكــرم النــاس‪ .‬ومــا يفعلــه العراقيــون للمالييــن فــي زيــارة األربعيــن خيــر دليــل علــى‬ ‫ذلــك‪ .‬أقــول‪ :‬لــم‪ ،‬ال نســتثمر الصفــة هــذه ونكــون ســعداء؟‬ ‫لنهمــل حكامنــا‪ ،‬فهــم األســوأ فــي العالــم باعترافنــا نحــن‪ .‬ونتنبــه الــى أنفســنا مــن‬ ‫الداخــل‪ ،‬وســأذهب حالمــا أبعــد مــن ذلــك‪ ،‬مــاذا لــو تــرك كل عراقــي بندقيتــه‪ ،‬ونســي‬ ‫احقــاده وتبــرأ مــن تاريخــه وماضيــه فــي الديــن والمذهــب والطائفــة والعــرق‪ ،‬وغــادر‬ ‫الســيء مــن عاداتــه القبليــة واالجتماعيــة وفتــح صفحــة جديــدة لحياتــه‪ ،‬ليــس فيهــا مــن‬ ‫العــداوة والبغضــاء والثــأر والتطفــل واالنانيــة شــيئاً‪ .‬أال يجــد العراقيــون ذلــك جميـاً‪،‬‬ ‫أن يتخلــى المــرء عــن ســلوكه الشــائن لهــو أمــر حســن‪ ،‬أن يحــب النــاس‪ ،‬كل النــاس‪،‬‬ ‫ينظــف واجهــة منزلــه‪ ،‬ويغــرس شــجرة فــي الفســحة مــن الرصيــف امامــه‪ ،‬وينحنــي‬ ‫ملتقطـا ً مــا يلقيــه األطفــال مــن علــب فارغــة واغلفــة الــكاكا ومــا يتطايــر مــن أكيــاس‬ ‫وأوراق‪ ،‬ومــا الــى ذلــك مــن أفعــال الصبــر والمطاولــة‪ ،‬مــا الــذي ســينقصه‪ ،‬لمــاذا ال‬ ‫نراجــع مفاهيــم مثــل الكرامــة والبطولــة والشــجاعة؟ أال تــرون أننــا أخفقنــا دهــورا فــي‬ ‫تعريــف مصطلحــات مثــل هــذه؟‬


‫لنتصــور أن أبنــاء الحــي الواحــد تطوعــوا جميعــا وليــوم واحــد فقــط‪ ،‬لتنظيــف أزقتهــم‪،‬‬ ‫ومثــل ذلــك يفعــل أبنــاء القريــة الواحــدة‪ ،‬وأبنــاء الضاحيــة الواحــدة وأبنــاء المدينــة‬ ‫الواحــدة‪ ،‬أيبقــى فــي المدينــة شــارع وســخ؟ أال يبــدو أمــر مثــل هــذا جالبــا للســعادة؟‬ ‫مثــل الســلوك هــذا بحاجــة الــى شــجاعة نــادرة‪ ،‬بــكل تأكيــد‪ .‬أنــا شــخصيا ً أمســك‬ ‫بمكنســة البيــت صبــاح كل يــوم واكنــس أمــام بيتنــا‪ ،‬أجمــع مــا تطايــر مــن نفايــات‬ ‫وأرزمهــا فــي كيســها األســود وارميهــا فــي حاويــة البلديــة‪ ،‬ثــم أمســك خرطــوم المــاء‬ ‫وأرش مــا اســتطعت مــن الفســحة تلــك‪ ،‬نعــم‪ ،‬يغضبنــي صاحــب الــدكان‪ ،‬فهــو مصــدر‬ ‫لكثيــر مــن النفايــات التــي تتجمــع امــام بيتنــا‪ ،‬لكننــي‪ ،‬أطلــب منــه باســتمرار أن يكــون‬ ‫حريصــا علــى جمعهــا فــي الحاويــة‪ ،‬هــو غالبــا مــا يســتجيب لندائــي‪ ،‬وهــو رجــل‬ ‫طيــب‪ .‬أخيــراً‪ ،‬أقــول‪ :‬لنــدع الحكومــة جانبــا فهــي ســيئة جــداً‪ ،‬ولنعمــل معــا مــن أجلنــا‪،‬‬ ‫نحــن‪ ،‬مــن أجــل حياتنــا ومســتقبل أطفالنــا‪.‬‬




‫صباح‬ ‫بانتظار ال ّ‬ ‫باسلة زعيتر‬ ‫أحضــرت حقيبــة حزنها‪،‬بعثــرت دفاتــر العتمــة المســتبيحة حرمــةَ‬ ‫ـر هــذا‬ ‫روحها‪،‬قلّبــت صفحاتهــا‪ ،‬وشــرعت تبحــث بيــن كلماتهــا عــن سـ ّ‬ ‫الغمــوض الّــذي يعتريها‪...‬فتــاه فكرهــا مــا بيــن صمــت وصمــت‪...‬‬ ‫قــرأت ســيرة ليلهــا ّ‬ ‫الطويــل وتســاءلت‪:‬متى أســتفيق مــن إغمــاءة‬ ‫ّ‬ ‫صبــح شــروق وللنّــور ابتهال؟تــراءى لهــا العمــر خارطــة‬ ‫الظلمة؟أمــا لل ّ‬ ‫ضجــر القاتــل‪...‬‬ ‫ضيــاع مرصــود والــ ّدروب مقفــرة ّإل مــن عــواء ال ّ‬ ‫ي ٍ يعبــر مخيّلتهــا‬ ‫إسترســل القلــق بيــن جوانبها‪،‬فــإذا بوجــه طفولــ ّ‬ ‫ً‬ ‫صغيــرا‬ ‫طفــا‬ ‫المتعبة‪،‬أســرعت تتلقّــف األثــر‪،‬رأت الكــون‬ ‫ً‬ ‫ينوح‪،‬يموء‪،‬ويمضــغ الجــرح قوتًــا‪،‬‬ ‫نحوه‪،‬كورتــه فــي حضنها‪،‬وجلســت تهدهــد أحالمــه‬ ‫ركضــت‬ ‫ّ‬ ‫البريئة‪،‬تداعــب شــعره األملس‪،‬وتطبــع علــى ك ّل وجنــة قبلـةً محترقـةً‪...‬‬ ‫فجــأة أصابهــا الذّعر‪،‬تل ّمســت يديها‪،‬تلفّتــت حولهــا فلــم تجــد ّ‬ ‫الطفــل‪...‬‬ ‫صفحــات وتقــرأ منتظــرة‬ ‫أدركــت أنّهــا تضـ ّم الفــراغ‪ ...‬وعــادت تقلّــب ال ّ‬ ‫صبــاح‪...‬‬ ‫حلــول ال ّ‬



‫اختلط الكذب بالحقيقة‬ ‫د‪ .‬هويدا شريف‬ ‫وتضرعت مستغيثة حتّى بدّد صراخي‬ ‫سماء صالة وابتهاال‪,‬‬ ‫وصلت متو ّجعة الى قلب ممتلئ رأفة وحنانا ‪,‬حتّى مألت ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫سماء دعائي وبثّت في أحشائي نغمة‪ ‬مختمرة حالوة وعذوبة‬ ‫الغيوم ‪,‬فسمعت ال ّ‬ ‫سلت أن يبعث بحبيبي‪ ‬ليجفّف بأصابعه الورديّة دموعي التي كوت قروحي ويزيل بنور عينيه خيال‬ ‫وفي سكينة الليل تو ّ‬ ‫الموت من قلبي‪.‬‬ ‫ي‪ ,‬فانتفضت وصرخت أتقتل‬ ‫ي ليطعن األلم طعنة الموت األبد ّ‬ ‫لكن أين حبيبي ‪ ,‬فانكيدو أشفق لحالي ساحبا َ خنجره الخشب ّ‬ ‫نصيبي ‪ ,‬ال طاب العيش دونه ‪ ,‬مرارة عشقه ستالزمني مدى الدّهور‪.‬‬ ‫صبر ‪,‬وتح ّملي‬ ‫أناستازيا تناديني من بعيد ‪,‬من وراء ال ّ‬ ‫قوتك ‪,‬جبروتك يا شبيهي‪ ,‬انفخي في صدرك ال ّ‬ ‫سفح الخليد ‪ ,‬أين ّ‬ ‫صبح بقريب‪.‬‬ ‫أليس ال ّ‬ ‫‪,‬أحنّي عليها ‪,‬رأفةً في عشقها‪,‬المعشوق تائه يعيش صراع الحبّ والبعد ‪,‬وما أصعبهما‪.‬‬ ‫تقاطعها جولييت ِ‬ ‫صامدة أنا‪,‬وحبيبي لي أنا‪.‬‬ ‫الروح ‪,‬من أجيب ‪,‬فاإلثنان أنا ‪،‬والمعشوقة أنا‪,‬وال ّ‬ ‫تبعثرت أفكاري واضطربت فرائصي‪,‬وتاهت ّ‬ ‫هنيهة ‪،‬أطرقت رأسي محتارة ‪،‬فأقبل نحو اإلسثغاثة ناداني يا طفلتي الجميلة محروقة األصابع‪ ،‬لم حزينة عيناك أيّتها‬ ‫البتول ‪ ،‬وكذلك حجارة ال ّ‬ ‫شوارع‪ ،‬وماذن الجوامع ‪...‬‬ ‫أرى شمســك يراودهــا الكســوف ويلفــح وجــه أزاهيرخــدودك الخريــف ‪ ،‬وفــي عينيــك تزدحــم الماســي وقلبــك مــن ال ّ‬ ‫شــكوى‬ ‫ـردة بيــن الدّياجــي وفــي درب المصائــب والحتــوف‪ ،‬وقــد شــلّت يــداك وبـ ّح صوتــك ومــا فــي ا ّمتــك‬ ‫رجيــف ‪ ،‬تهيميــن مشـ ّ‬ ‫خـ ّل عطــوف ‪.‬‬ ‫أيّتهــا الفتــاة ال ّ‬ ‫شــقراء ‪،‬أـــنا بجانبــك مــذ أن اســتيقظت ‪،‬مــن بواكيــر طفولتــك أدافــع بســيفي وأبعــد األلــم الــذي يقمــع أنفاســك‬ ‫المحاطــة بمســتوطنات الحــزن ‪.‬‬ ‫صمت‪...‬أنت الميالد والموت ‪...‬‬ ‫يا حبيبتي أنت الكلمات وال ّ‬ ‫ت ولــم تزلــي ‪.‬فأحالمــك أيتهــا ال ّ‬ ‫ي ‪ ،‬لــن أدع البــرم يقتــرب منــك ‪،‬فالحمــد لــرب‬ ‫كنــ ِ‬ ‫شــقراء ال ّ‬ ‫صغيــرة كعمــرك الــورد ّ‬ ‫أعطانــي شــقرائي وشــئت مــا شــاء وشــاء مــا أشــا‪.‬‬



‫ابن آوى واألسد والحمار‬ ‫زعموا أنه كان أسد في‪ ‬أجمة*‪ , ‬و كان معه‪ ‬ابن آوى*‪ ‬يأكل من‬ ‫فضالت طعامه ‪ .‬فأصاب األسد جرب و ضعف شديد‪ ,‬و‪ ‬جهد*‪ ‬فلم‬ ‫صيد‪.‬فقال له ابن آوى‪ :‬ما بالك يا سيد األسباع قد‬ ‫يستطع ال َ‬ ‫تغيرت‪ ‬أحوالك ؟ قال‪ :‬هذا الجرب الذي قد جهدني و ليس له‬ ‫دواء إال قلب حمار و‪ ‬أذناه ‪ .‬قال له ابن آوى ما أيسر هذا‪ ,‬و قد‬ ‫عرفت بمكان جمار مع قصار* يحمل‪ ‬عليه ثيابه‪ ,‬وأنا آتيك به‪.‬‬ ‫ثم‪ ‬دلف*‪ ‬إلى‪ ‬الحمار‪ , ‬فأتاه و سلم عليه و قال له ‪ :‬ما لي أراك مهزوال‬ ‫؟ قال ‪ :‬لسوء تدبير صاحبي‪ , ‬فإنه ال يزال يجيع بطني و يثقل ظهري‬ ‫‪ ,‬و ما تجتمع هاتان الحالتان على جسم‪ ‬إال‪ ‬أنحلتاه*‪ ‬و‪ ‬أسقمتاه*‪ . ‬فقال‬ ‫له‪ :‬كيف ترضى المقام معه على هذا ؟ قال‪ :‬مالي حيلة للهرب منه ‪,‬‬ ‫فلست أتوجه إلى جهة إال أضر بي إنسان ‪ ,‬فك َدني وأجاعني‪.‬‬ ‫قال ابن آوى‪ :‬فأنا أدلَك على مكان معزول‪ ‬عن الناس ال يمر به إنسان‪,‬‬ ‫خصيب المرعى‪ ,‬فيع قطيع من الحمر ترعى آمنة مطمئنة‪.‬‬ ‫قال الحمار ‪ :‬و ما يحبسنا عنها فانطلق بنا إليها ‪ .‬فانطلق به نحو‬ ‫األسد‪ ,‬وتقدم ابن آوى‪ ,‬و دخل الغابة على األسد‪ ,‬فأخبره بمكان‬ ‫الحمار‪ .‬فخرج إليه و‪ ‬أراد أن يثب عليه‪ ,‬فلم يستطع لضعفه‪ ,‬و تخلص‬ ‫الحمار منه فأفلت‪ ‬هلعا*‪.‬فلما‪ ‬رأى ابن آوى أن األسد لم يقدر على‬ ‫الحمار قال له‪ :‬يا سيد األسباع أعجزت‪ ‬إلى هذه الغاية ؟ فقال له‪ :‬إن‬ ‫جئتني به مرة أخرى فلن ينجو مني أبدا ً‪ .‬فمضى‪ ‬ابن آوى إلى الحمار‬ ‫فقال له‪ :‬ما الذي جرى عليك ؟ إن أحد‪ ‬ال ُحمر*‪ ‬رآك غريبا فخرج‬ ‫ثبت آلنسك و مضى بك إلى أصحابه‪. ‬‬ ‫يتلقاك مر َحبا ً بك ‪ ,‬و لو َ‬ ‫ذلك‪ ,‬ص َدق ما قاله ابن آوى و أخذ طريقه‪ ‬إلى األسد‪.‬‬ ‫فلما سمع الحمار َ‬


‫فسبقه ابن آوى إلى األسد و أعلمه بمكانه و قال له‪ :‬استع َد له‪ ‬فقد‬ ‫خدعته لك‪ ,‬فال يدركـنـَك الضعف في هذه النوبة‪ ,‬فإن أفلت فلن يعود‬ ‫معي‪ ‬أبدا ً‪ ,‬و الفرص ال تصاب في كل وقت‪.‬‬ ‫فجاش جأش األسد*‪ ‬لتحريض ابن آوى له‪ ,‬و خرج إلى‪ ‬موضع الحمار‬ ‫‪ ,‬فلما بصر به عاجله بوثبة افترسه بها ‪ ,‬ثم قال‪ :‬لقد ذكرت‪ ‬األطباء‬ ‫أنه ال يؤكل إال بعد االغتسال و الطهور ‪ ,‬فاحتفظ به حتى أعود‪ , ‬فآكل‬ ‫قلبه و أذنيه ‪ ,‬و أترك لك ما سوى ذلك قوتــًا لك‪.‬‬ ‫‪ ‬فلما ذهب األسد ليغتسل عمد ابن آوى إلى الحمار‪ ,‬فأكل قلبه و أذنيه‬ ‫رجاء أن‪ ‬يتطير األسد منه فال يأكل منه شيئا‪ .‬ثم إن األسد رجع إلى‬ ‫مكانه فقال البن‪ ‬آوى‪ :‬أين قلب الحمار و أذناه ؟ قال ابن آوى‪ :‬ألم تعلم‬ ‫أنه لو كان له قلب‪ ‬يعقل به‪ ,‬و أذنان يسمع بهما لم يرجع إليك بعدما‬ ‫أفلت و نجا من التهلكة ؟‬ ‫*أجمة‪ : ‬الشجر الكثيف الملتف‪.‬‬ ‫*ابن آوى‪ :‬حيوان يشبه الثعلب‪ ,‬و الجمع بنات آوى‪.‬‬ ‫*‪ ‬جهد‪ :‬تعب‪.‬‬ ‫صار‪ :‬الذي يغسل الثياب‪.‬‬ ‫*‪ ‬ق َ‬ ‫*‪ ‬دلف‪ :‬توجه \ سار‪.‬‬ ‫*‪ ‬أنحل‪ : ‬أضعف‪. ‬‬ ‫*‪ ‬أسقم‪ : ‬أمرض‪. ‬‬ ‫*‪ ‬الهلع‪ :‬ش َدة الخوف‪.‬‬ ‫*‪ ‬ال ُحمر‪ :‬جمع حمار‪.‬‬ ‫األسد‪ : ‬تحمس‪.‬‬ ‫*‪ ‬جاش جأش‬ ‫َ‬ ‫قصة من كتاب « كليلة ودمنة»‬




‫مناجاة‬ ‫نهاد حبيب‬

‫هنا يتحد قلبي وقلبك‬ ‫ليس من أسرار بيننا‬ ‫كل ما هو لك هو لي أيضا ً‬ ‫وكل ما هو لي هو لك‬ ‫ال تستطيع كل ألسنة البشر‬ ‫أن تسبر في سر حبنا‬ ‫إن نفسي تلقى بحرا ً من النعم‬ ‫ولما أتأمل نفسي‬ ‫ينخطف قلبي من جديد‬ ‫وصامتة ال أحتاج معك الى الكالم‬ ‫هناك أسرار في قلبي ال يعرفها سواك‬ ‫قلي ٌل من هذه األسرار ال أستطيع الكف عنها‬ ‫فما بيننا هو لنا وحدنا مدى الحياة‬ ‫يا سيدي أريد أن أتحد معك‬ ‫دعني أسكب قلبي في الحب الذي أغدقته علي‬ ‫ال تمر دقيقة واحدة دون أن أختبر عظيم محبتك‬ ‫ومرا ٍ‬ ‫ت ال تحصى ألهمتني كيف أتصرف‬ ‫ليس كل ما قلته إال ظالً شاحبا ً عما يدور بداخلي‬ ‫رغم مساعيي المتكررة أنت تجتاحني‬ ‫يا من يعرف كل نبضة من نبضات قلبي‬ ‫اقترب أكثر حتى تستقي نفسي‬ ‫من مياه الحب السرمدي‬



‫قراءة في كتاب « القطب الكبيرسيدي ابراهيم القرشي الدسوقي”‪ :‬لألستاذ صالح الدسوقي‬

‫بقلم‪ :‬عمر شبلي‬

‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫‪”/‬لوكش َ‬ ‫ُ‬ ‫“ال تعبدوا ت‬ ‫الغطاء ما ازددت يقينا”‬ ‫ف‬ ‫ح� تروْا» ‪/‬‬ ‫ِ‬ ‫موالنا جالل الدين الرومي‪ / /‬السهروردي‬ ‫باختــراق الرؤيــا محدوديـةَ الرؤيــة وصــل الصوفيــون الكبــار إلــى أن الحقائــق لشــدة ســطوعها التقبــل أي‬ ‫ف‬ ‫ت ق‬ ‫ن‬ ‫ـو� الـرائي إلــى مرحلــة‬ ‫ا� يصــل الصـ ي‬ ‫تأويــل النتقالهــا إلــى حــال المشــاهدة اليقينيــة‪ .‬وبهــذا المعــى االخــر ي‬ ‫الكشــف وهتــك الحجــب‪ ،‬وتكــون مرحلــة المكاشــفة هــي حــال االتحــاد والجــذب وذوبــان الســاعي ودخولــه‬ ‫ـتدع اجتيــاز البــر إلــى البصيــرة‪ ،‬وعلــى اعتبــار أن‬ ‫فــي مشــاهدات متجــددة للــروح المبــدع‪ .‬وهــذا يسـ ي‬ ‫ـدرك‪ ،‬بينمــا البصيــرة تــدرك فــي حــال اإلخــاص المتوجــة بالعرفــان الكلــي حيــث يغــدو الــدا ُّل‬ ‫األبصــار ال تـ ِ‬ ‫والمدلــول عليــه شــيئا ً واحــدا ً كمــا يــرى ابــن عربــي‪ ،‬ووحــدة الوجــود بهــذا المعنــى التجعــل اإلنســان إلهـا ً‬ ‫بــل تغمــره بفيــض يشــترط العشــق‪ ،‬وقــد عبــر جبــران خليــل جبــران عــن هــذا المعنــى بداللــة عميقــة حيــن‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫قــال فــي نبيّــه‪“ :‬إذا أحـ َّ‬ ‫ـب أحدكــم فــا يقـ ْـل إن هللا ي� قلـ ب يـ�‪ ،‬ولكــن فليقــل أنــا ي� قلــب هللا”‪ ،‬هنــا المشــمول‬ ‫هــو الرائــي‪ ،‬والشــامل هــو المرئــي‪ ،‬ووحــدة الوجــود بهــذا المعنــى تعنــي الصيــرورة المتحولــة للرائــي فــي‬ ‫المرئــي‪ ،‬مشــترطة إجهــاد الــروح فــي طلــب الحــق‪ .‬وهــذا بالضبــط مــا عنــاه ابــن عربــي بقولــه‪“ :‬ال يصــح‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الـ تـرادف ي� العالــم‪ ،‬ألن الـ تـرادف تكـرار‪ ،‬وليــس ي� الوجــود تكـرار”‪.‬‬ ‫كنــت مولع ـا ً بقــراءة النتــاج الصوفــي شــعرا ً ونثــراً‪ ،‬وحيــن ق ـدّم لــي الصديــق الشــاعر صالــح الدســوقي‬ ‫ق‬ ‫ش‬ ‫ـو�” فرحــت بالعــودة إلــى التأمــل اآلســر الموجــود فــي‬ ‫ـر� الدسـ ي‬ ‫كتابه”القطــب الكبـ يـر ســيدي إبراهيــم القـ ي‬ ‫الجوانــي الــذي هــو مصــدر‬ ‫الكتــاب‪ ،‬وألن صاحبــه شــاعر‪ ،‬وبيــن الشــعرية والصوفيــة رحــم متصلــة بالعالــم ّ‬ ‫اإللهــام الكامــن فينــا والمنتظــر ومضــة اإلشــراق بالتحريــض والســعي واإلخــاص وفرحــت ألنــي تعرفــت‬ ‫إلــى أحــد أقطــاب الصوفيــة الكبــار‪ ،‬والــذي لــم تتــح لــي الظــروف معرفتــه ومعرفــة أســلوبه العرفانــي فــي‬ ‫التعامــل مــع الــذات المجذوبــة إلــى ســنا بارئهــا‪ .‬وكان الجــاذب منبثقـا ً مــن االنحيــاز إلــى الحــال اإلشــراقية‬ ‫الجوانــي عــن كثيــر‬ ‫التــي يتناولهــا الباحــث بالرصــد واإلحاطــة والتفســير‪ ،‬وكان منبثقـا ً أيضـا ً مــن انزياحــي ّ‬ ‫مــن النتــاج الميكانيكــي الــذي بــدأ يهيمــن علــى مداركنــا ُمطفئ ـا ً فينــا جــذوة الوجــد المســتعرة وأصبحــت‬ ‫أرواحنــا مقفــرة مــن تلــك الــورود التــي تتكلــم‪ .‬منحــازة إلــى مناطــق موغلــة فــي تحجبهــا وضمــور ضوئهــا‬ ‫الضــروري الســتمرار معنــى لهــذه الحيــاة التــي فقــدت غائيتهــا بماديتهــا المغلفــة حتــى أرواحنــا‪ .‬وألن‬ ‫الصوفيــة نهــوض القلــب فــي طلــب الحــق‪ ،‬فالعمــل لهــا هــو محاولــة ممتعــة للخــاص والعــودة إلــى تلــك‬ ‫الينابيــع التــي جففتهــا صحــارى أعمارنــا القاحلــة‬ ‫الكتــاب فــي مجملــه يتبــع منهجـا ً واضــح المعالــم‪ ،‬مــع بعــض اإلضافــات المرتبطــة بموضوعــه بشــكل مــا‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ولكــن كاتبنــا كان يســتطيع أن يســتغني عنهــا حفاظ ـا ً علــى جماليــة الموضــوع الــذي يعالجــه‪ .‬ي� المقدمــة‬ ‫ف‬ ‫يشـ يـر إىل صعوبــة الغــوص ي� موضــوع التصــوف بســبب تنــوع المفاهيــم واآلراء واالختــاف حــول الصوفيــة‬ ‫نفســها ‪ .‬ويــحاول الكاتــب بعلميــة أن يذكــر مراجــع الــرأي الــذي يذكــره وهــذا جيــد فــي البحــث العلمي‪.‬ومــن‬


‫التــي ال يســتطيع أحــد دحضهــا‪ .‬ويــروي جانبـا ً مــن هــذه الكرامــات حدثــت مــع الخلفــاء أبــي بكــر وعمــر‬ ‫وعثمــان وعلــي‪ ،‬كمائــدة ضيــوف أبــي بكــر‪ ،‬ورؤيــة عمــر ل»ســارية» مــن الحجــاز للعراق‪،‬ودعــاء عثمــان‬ ‫علــى ظالــم‪ ،‬وحديــث اإلمــام علــي أهــل القبــور وجوابهــم علــى كالمــه‪ .‬ثــم يتحــدث عــن كرامــات حصلــت‬ ‫مــع أوليــاء أتقيــاء‪ ،‬ثــم يعــدد الكاتــب كثيــرا ً مــن أقــوال القطــب إيراهيــم الدســوقي كاألوراد واألدعيــة‬ ‫فــي الصــاة‪ .‬ويــورد نمــاذج مــن شــعر القطــب الدســوقي التــي ال تختلــف كثيــرا ً عــن شــعر الفقهــاء فــي‬ ‫اســتخدام الشــعر لتمجيــد الخالــق وتثبيــت مــكارم األخــاق‪ ،‬إنــه شــعر تربــوي يهــدف إلــى تغذيــة النفــس‬ ‫باإليمــان شــأن الشــعراء الفقهــاء‪.‬‬ ‫وكــم كنــت أود لــو ذهــب صديقنــا األســتاذ صالــح الدســوقي إلــى روح الحــال الصوفيــة وآثارهــا الفلســفية فــي‬ ‫جوانــي فــي النفــس البشــرية ألنهــا‬ ‫آداب الشــرق والغــرب‪ ،‬ألنهــا‪ ،‬أي حكمــة الــروح الصوفــي ‪ ،‬ذات تأثيــر ّ‬ ‫تنقلنــا باســتمرار إلــى منطقــة الضــوء اإللهــي فينــا‪ .‬إنهــا محاولــة الخــاص مــن تجربــة الطـ ي ن‬ ‫ـ� المعتــم‪ ،‬والــذي‬ ‫ً‬ ‫ق‬ ‫نســميه جســدا‪ ،‬لـ نـر� إىل إنســانية التهيمــن عليهــا قســاوة المــادة وجشــعها فــي زمــن عولمــة تنظــر لإلنســان‬ ‫علــى أنــه ســلعة معروضــة لتنميــة رأس المــال علــى حســاب فقــر الــروح‪ ،‬كان طاغــور يقــول‪« :‬أنــا أفقــر‬ ‫إنســان بينكم‪ ،‬وهذا ســر قوتي»‪ .‬إن الخالص من أســر المادة يهب الروح قوة ذات أشــعة تؤشــر باســتمرار‬ ‫ـموه أن يلغــي جشــع المــادة‪ ،‬ولــم يطفــئ جــوع النفــس للحــروب‬ ‫باتجــاه األعلــى‪ .‬لــم يســتطع العلــم رغــم سـ ّ ِ‬ ‫المدمــرة‪ ،‬أمــا الصوفيــة فتختلــف باختــاف منابعهــا عــن منابــع العلــم‪ ،‬إنهــا تســتلزم لوعــة القلــب‪ ،‬بينمــا العلم‬ ‫يســتعيض عنهــا بــإدراك العقــل‪ .‬وكــم هــو رائــع قــول موالنــا جــال الديــن الرومــي‪ »:‬اللقمــة الحــال يتولــد‬ ‫منهــا الميــل للعبــادة”‪ .‬اللقمــة هنــا انصــراف عــن الجشــع‪ ،‬إنهــا الخبــز الــذي تشــارك الــروح اليــد بحصــاد قم‬ ‫‪.‬‬ ‫حــه‬ ‫ومــع ذلــك تبقــى لكتــاب صديقنــا الشــاعر صالــح الدســوقي قيمــة روحيــة نحــن أحــوج مــا نكــون إليهــا‬ ‫فــي زمــن طغيــان المــادة علــى كل شــيء‪ ،‬إن هــذا الكتــاب أشــبه بواحــة ظليلــة تفــد إليهــا األرواح الظمــأى‬ ‫إلــى النــور األعلــى‪.‬‬

‫‪ 1‬‬

‫ــ القطب الكبير ص ‪21‬‬

‫‪ 2‬‬

‫ــ القطب الكبير ص ‪23‬‬


‫الطبيعــي أن األســتاذ صالــح الدســوقي يظهــر الفــرق بجــاء بيــن الصوفيــة الحقــة وأدعيــاء التصــوف الذيــن‬ ‫أســاؤوا للتصــوف أكثــر مــن أعدائــه‪.‬‬ ‫ثــم يتنــاول األســتاذ صالــح نشــأة الصوفيــة‪ ،‬ويحــاول إثبــات فرادتهــا إســامياً‪ ،‬أي أنهــا إســامية المنشــأ‬ ‫والغايــة التــي هــي غســل النفــس مــن هــوى الدنيــا والعشــق اإللهــي الغامــر الــذي يصــرف القلــب ع ّمــا‬ ‫عــداه‪ .‬إنــه ينفــي تأثرهــا والتقاءهــا مــع الثقافــة الروحيــة الهنديــة أو اليونانيــة‪ ،‬وفــي هــذا المنحــى أكثــر مــن‬ ‫رأي حــول تح ـدُّر الصوفيــة وبعــض تجلياتهــا مــن ديانــات أخــرى‪ ،‬والتــي ال تنفــي الفيــض الغامــر الــذي‬ ‫أســبغه اإلســام علــى التجربــة الصوفيــة بمجملهــا‪ ،‬ويكفــي أن نذكــر تجربــة الشــيخ محــي الديــن بــن عربــي‬ ‫فــي «فصــوص الحكــم» و»الفتوحــات المكيــة» لنــرى العمــق التأويلــي الــذي أبــاح للصوفييــن اإليغــال فــي‬ ‫النــص القرآنــي إلــى أمــداء فســيحة واســعة‪ .‬ثــم يناقــش المؤلــف بإســهاب ســبب تســميتها بالصوفيــة‪ .‬ويــرى‬ ‫األســتاذ صالــح أن الصوفيــة لــم تكــن معروفــة فــي فجــر اإلســام‪ ،‬وإنمــا نمــت وترعرعــت فــي القرنيــن‬ ‫الثانــي والثالــث الهجرييــن باعتبارهــا ردة فعــل مخلصــة للدفــاع غــن الديــن ونفــي مــا علــق بــه مــن شــوائب‪،‬‬ ‫وبخاصــة بعــد امتــزاج العــرب المســلمين باألمــم األخــرى‪ .‬ويــرى المؤلــف أن لإلمــام الغزالــي فضــاً‬ ‫كبيــرا ً فــي» تأســيس العلــوم الشــرعية بصياغــة تربويــة‪ ،‬وتبعــه كثيــر مــن العلمــاء ومنهــم عبــد القــادر‬ ‫الجيالنــي وابــن تيميــة»‪ . 1‬ومــن النقــاط الهامــة التــي يشــير إليهــا األســتاذ صالــح الدســوقي فــي مؤلفــه دور‬ ‫المتصوفيــن الجهــادي ضــد الصليبييــن ودعمهــم لصــاح الديــن األيوبــي وضــد االســتعمار الفرنســي”عبد‬ ‫القــادر الجزائــري”‪ ،‬وضــد االســتعمار اإليطالــي فــي ليبيــة ‪ ،‬ورمزهــم كان عمــر المختــار‪ .‬وهــذا يعنــي أن‬ ‫التصــوف فــي جوهــره ليــس هروب ـا ً مــن الدنيــا‪ ،‬وإنمــا هــو نهــوض القلــب فــي طلــب الحــق ونصرتــه‬ ‫خالص ـا ً لوجــه هللا‪ .‬والصوفيــة الحقيقيــة هــي حق ـا ً نهــوض القلــب فــي طلــب الحــق‪ .‬ولــذا يمتــاز الوعــي‬ ‫الصوفــي بخاصتيــن متكاملتيــن ال تســتطيع إحداهمــا النمــو بمعــزل عــن األخــرى‪ ،‬وهمــا اعتبــار القلــب‬ ‫مركــز الكشــف المتحــول‪ ،‬والخاصيــة الثانيــة هــي نهــوض هــذا القلــب فــي طلــب الحــق‪ ،‬والحــق الصوفــي‬ ‫فــي النهايــة هــو المطلــق‪ ،‬ووعــاؤه الوحــي المتمثــل باإلســام‪ ،‬وصفاتــه متجمعــة فــي الرســول الــذي شــرح‬ ‫هللا صــدره حيــث نظافــة القلــب وســيلة لالندمــاج الكامــل بالمطلــق‪.‬‬ ‫وويــرى المؤلــف أن مــدارس الصوفيــة متمثلــة فــي «القطــب العــارف الســيد عبــد القــادر الجيالنــي‪ ،‬القطــب‬ ‫العــارف الســيد إبراهيــم الدســوقي‪ ،‬القطــب العــارف الســيد أحمــد البــدوي‪ ،‬القطــب العــارف الســيد أحمــد‬ ‫الرفاعــي الكبيــر‪ ،‬إضافــة إلــى اإلمــام أبــي الحســن الشــاذلي» ‪.2‬‬ ‫وفــي الكتــاب تلخيــص موجــز لحيــاة شــيوخ الصوفية‪/‬الرفاعي‪/‬البــدوي‪ /‬الجيالنــي‪ /‬الشــاذلي‪/‬ويترك المجــال‬ ‫األوســع للدســوقي ألنــه مجــال بحــث الكتــاب‪ .‬ويفــرد الكاتــب مجــاالً للطريقــة المولويــة التــي أسســها موالنــا‬ ‫جــال الديــن الرومــي‪ ،‬والتــي تقــوم علــى اإلنشــاد والرقــص الدائــري‬ ‫ثــم ينتقــل المؤلــف للــكالم عــن القطــب إبراهيــم الدســوقي الــذي ينمــى إلــى النســب الحســيني‪ ،‬ويشــير القطــب‬ ‫الســيد إبراهيــم الدســوقي إلــى نســبه فــي شــعره‪:‬‬ ‫شريف ونسبتي‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫وإني دسوق ٌّ‬

‫شرف سادت على كل نسب ِة‬ ‫لها‬ ‫ٌ‬

‫وجدي أبو السبطين كـ ُ ِ ّر َم وج ُهه عليه من الرحمن أزكى تحيتي‬ ‫ويتحــدث الكاتــب عــن ســمو قــدر القطــب إبراهيــم الدســوقي ومولــده فــي مصــر‪ ،‬وفــي دســوق تحديــداً‪،‬‬ ‫ويحــدد أن مولــده كان علــى األرجــح ســنة ‪ 653‬هـــ ‪ ،‬ويســهب فــي الحديــث عــن ثقافتــه الموســوعية ونباهتــه‬ ‫وخلــوص توجهــه الصوفــي‪ ،‬وكانــت وفاتــه فــي دســوق‪.‬‬ ‫ثــم ينتقــل المؤلــف للحديــث عــن كرامــة األوليــاء والتفريــق بيــن المعجــزة والكرامــة‪ ،‬ويحــاول الكاتــب‬ ‫البرهــان علــى صحــة نســبة الكرامــات لألوليــاء باالعتمادعلــى النــص القرآنــي والحديــث الشــريف والمعاينة‬



‫من كتاب النوادر‪//‬‬ ‫السقف الذى يسبِّح‬ ‫اشترى جحا منزال جديدا ً ‪ ,‬وبعد عدة ايام الحظ أن سقف المنزل يطقطق ويحدث‬ ‫أصواتا ً ‪ ,‬فذهب جحا بسرعه الى صاحب المنزل واشتكى اليه أمر هذا السقف‪.‬‬ ‫فقال الرجل ‪ :‬ال تخف ان سقف بيتى دائم التسبيح هلل تعالى ‪ ,‬فال تخف انا سمعته‬ ‫يحدث اصواتا ً ‪ ,‬قال جحا ‪ :‬أخشى أن يزداد تسبيحه وخشوعه فيسجد علينا‪.‬‬ ‫أريد ان أزرعه كتانا ً‬ ‫ذهب جحا الى الحالق ليحلق شعره ‪ ,‬فكان الحالق كلما حلق موضعا ً جرحه‬ ‫بمقصه ‪ ,‬ثم يعتذر لجحا ببرود شديد ‪ ,‬ويضع فوق الجرح قطعه قطن كبير ‪,‬‬ ‫فلما حلق نصف رأسه ‪ ,‬قال له جحا فى غيظ‪ :‬لقد أديت مهمتك ببراعه فائقه ‪,‬‬ ‫وزرعت نصف رأسى قطناً‪ ,‬فدع لى النصف االخر دون حالقه ‪ ,‬النى أريد أن‬ ‫أزرعه كتانا ً‪.‬‬ ‫أنا اعلم من الهدهد‬ ‫دخل أبو العينين على اسماعيل القاضى ‪ ,‬فسلم عليه ‪ ,‬وحضر مجلسه وكان‬ ‫القاضى اذا غلط فى اسم رجل او كنية شخص رد عليه ‪ ,‬وصحح له خطأه ‪,‬‬ ‫فضاق الحاضرون بابى العينين وقال له ‪:‬‬ ‫أال تستحى يا رجل ترد على القاضى أعزه هللا‬ ‫فقال ابو العينين‪ :‬ولم ال أرد على القاضى ‪ ,‬وقد رد الهدهد على سليمان وقال ‪( :‬‬ ‫أحطتُ بما لم ت ُ ِحط به )‬ ‫وانا اعلم من الهدهد وسليمان اعلم من القاضى‪.‬‬ ‫اربطنى معهم‬


‫كان مزبد احد ظرفاء العرب يسير يوما ً فى شوارع بغداد ‪ ,‬فرأى طابورا ً من‬ ‫الناس مقيدين بحبل قوى ‪ ,‬وهم فى شدة الضيق وااللم ‪ ,‬وكانوا فى طريقهم الى‬ ‫السجن‪.‬‬ ‫تقدم مزبد من احد الحراس ‪ ,‬وقال له ‪ :‬ما قصه هؤالء القوم ؟‬ ‫فقال الحارس خير يا سيدى‪.‬‬ ‫فقال له مزبد أن كان ذلك خيرا ً فاربطنى معهم ‪.‬‬ ‫الحمار الضائع‬ ‫كان جحا يسير فى السوق ‪ ,‬وهو ممسك بلجام حماره ‪ ,‬وبينما هو يشترى لنفسه‬ ‫طعاما ً ‪ ,‬انشغل بالشراء وترك لجام الحمار يسقط من يده ‪ ,‬ولما انتهى من عمليه‬ ‫الشراء تلفت فلم يجد الحمار ‪ ,‬وبدال من ان يبحث عن الحمار الضائع ويعلن عنه‬ ‫لعل احد يرشده اليه ‪ ,‬أخذ يقفز فى فرح وسرور ويصيح الحمد هلل ضاع حمارى‬ ‫‪....‬الحمد هلل ضاع حمارى‪.‬‬ ‫فتعجب الناس من قوله وسألوه لماذا تقول هذا ‪ ,‬فقال ‪ :‬يا حمقى ‪..‬اننى احمد هللا‬ ‫على اننى لم اكن فوق الحمار واال لضعت انا كذلك معه‬




‫الشعر والشعراء في البقاع الغربي‪:‬‬ ‫كلمة عمر شبلي في ندوة جب جنين حول كتاب الشعراء في البقاع للصديق مروان درويش‬ ‫جميــل جــدا مــا قــام بــه األخ الغالــي علــى قلوبنــا جميعــا ً األســتاذ مــروان درويــش فــي أرشــفة الشــعر‬ ‫أقــام بقاعيــة «البقــاع الغربــي» تحــب الشــعر وتكتبــه‪ ،‬فــي كتابــه الجديد»شــعراء مــن‬ ‫البقاعــي عبــر‬ ‫ٍ‬ ‫البقــاع الغربــي»‪ ،‬وكان قــد ســبق عملَــه هــذا عم ـ ٌل ال يقــل قيمــة عــن هــذا الكتــاب الــذي نحتفــي بوالدتــه‬ ‫المتوفيــن‪ .‬إن االهتمــام بالشــعر واالحتفــاء بــه فــي البقــاع الغربــي‪ ،‬ومــن‬ ‫اليــوم‪ ،‬كتــاب عــن شــعراء البقــاع‬ ‫َ‬ ‫بعلــول تحديــدا ً تلــك القريــة الجميلــة التــي تشــبه الشــعر نفســه يــدل علــى وعــي حضــاري متقــدم لــدور‬ ‫الشــعر والفنــون كافــة فــي نهضــة األمــم وبنــاء صروحهــا الحضاريــة‪ .‬فاألمــم التــي تخذلهــا فنونهــا هــي أمــم‬ ‫منقرضــة حتمـاً‪ ،‬ألن الفنــون فــي حقيقتهــا هــي تأريــخ داخلــي لحركــة توثــب األمــم ونزوعهــا إلــى األعلــى‬ ‫باســتمرار‪ ،‬وهــي الباعــث والمحــرض علــى تجــاوز المألــوف‪ ،‬وهــي المتمــردة علــى ســكونية الكــون حتــى‬ ‫لــكأن الفنــون خلــق آخــر للوجــود‪ ،‬ومــا ملحمة»جلجامــش» التــي يتجــاوز عمرهــا عشــرة آالف ســنة إال‬ ‫تنــاوؤ علــى قدريــة الفنــاء البشــري والدخــول فــي مرحلــة اإلنســان الــذي يريــد مــوت المــوت والحصــول‬ ‫علــى نبتــة الخلــود مــن أعمــاق البحــار المظلمــة‪ ،‬تلــك الملحمــة التــي أنجــز فيهــا «جلجامــش» بنــاء مدينــة‬ ‫«أوروك» التــي كانــت تعبيــرا ً فنيـا ً عــن محاولــة الخلــود‪ ،‬والتــي هــي هاجــس اإلنســان منــذ جعلــت اآللهــة‬ ‫الخلــود لنفســها والمــوت للبشــر كمــا تقــص علينــا هــذه الملحمــة الطينيــة الخالــدة‪ ،‬وهكــذا كان الفــن طريقـا ً‬ ‫للخلــود بعــد يأســه مــن االنضمــام إلــى محفــل اآللهــة ‪ ،‬وبعــد ســرقة األفعــى نبتــة الحيــاة منــه‪ .‬والشــعر‬ ‫تحديــدا ً هــو المحــرض الوجدانــي األعمــق لفيوضــات األمــة والدفــاع عــن قيمهــا الخالــدة‪ .‬ونحــن ال نــزال‬ ‫نذكــر تأثيــر الشــعر فــي شــخصية أمتنــا العربيــة ووجدانهــا‪ ،‬ال نــزال نذكــر ونقــرأ المعلقــات التــي علقهــا‬ ‫العــرب علــى أســتار الكعبــة وعلــى نيــاط قلوبهــم‪ ،‬ومزجــوا فــي مقــام ابراهيــم الــذي أقــام قواعــد هــذا البيــت‬ ‫للعبــادة بيــن الفــن والمقــدس الدينــي ‪ ،‬وموقــف بنــي تغلــب مــن قصيــدة شــاعرهم عمــرو بــن كلثــوم‪ ،‬وال‬ ‫ـر قومــه لقبولهــم الديــات بــدالً مــن‬ ‫نــزال نذكــر القــوة التأثيريــة مــن قــول ذلــك الشــاعر البــدوي وهــو يع ِيّـ ُ‬ ‫الثــأر الــذي يســترجع وجــدان القبيلــة وأنفتهــا وتمردهــا علــى الــذل‪ ،‬يقــول هــذا الشــاعر البــدوي مخاطب ـا ً‬ ‫قومــه الذيــن أخــذوا النيــاق ثمن ـا ً لدمــاء قتالهــم‪:‬‬ ‫أال إن ما أصبحت ُم تشربونه‬

‫د ٌم ‪،‬غير أن اللون ليس بأحمرا‬

‫ين‬ ‫معجب� أمام قول امرئ القيس‪:‬‬ ‫ويقصد حليب النوق‪.‬وال نزال نقف‬ ‫ْ‬ ‫ولكن حديث ما حديث الرواحل‬ ‫ودع عنك نهبا ً صيح في جنباته‬ ‫إنه ال يهتم باإلبل المسروقة‪ ،‬ولكن ماذا ستحكي الرواحل عن تقاعسنا!!‪.‬‬ ‫إننــا نحتفــي بأثــر بقاعــي جميــل ونهنــئ أديبنــا الطامــح مــروان درويــش علــى تفــرده بهــذا اإلنجــاز الجميــل‬ ‫البكــر‪ ،‬والحقيقــة أنــي فرحــت كثيــرا ً لبــزوغ كثيــر مــن المواهــب الواعــدة فــي هــذا ال ِسفـْــر الجميل فــي بقاعنا‬ ‫العروبــي الملتــزم بقضايــا الوطــن واألمــة عبــر شــهداء خالديــن قدمتهــم قرانــا األبيــة دفاعـا ً عــن طهــر هــذا‬ ‫التــراب وقداســته ودحــر العــدوان الصهيونــي الــذي ظــن ترابنــا لقمــة ســائغة لــه‪ ،‬غيــر أنــي أود أن أبــدي‬ ‫بعــض المالحظــات علــى العمــل الشــعري بمجملــه فــي تجربــة الــروح الحضاريــة لألمــم ‪ ،‬وبخاصــة ألمتنــا‬ ‫العربيــة التــي هــي بحاجــة اليــوم إلــى الكلمــة المحرضــة والتــي لهــا قــوة الفعــل فــي الحضــور التغييــري‬ ‫المبــدع‪ .‬تلــك المالحظــات التــي تعنــي هــذا الكتــاب أيضـاً‪:‬‬


‫ثياب الموت حمـــرا ً فما دجا‬ ‫تردّى‬ ‫َ‬

‫خضر‬ ‫سندس‬ ‫لها اللي ُل إال وهي من‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬

‫فتى كلما فاضت عيونُ قبيلــــــــــ ٍة‬

‫والذكر‬ ‫دما ً ضحكتْ عنه األحاديــــث‬ ‫ُ‬

‫النصر‬ ‫النصر إن فاته‬ ‫ب ميتةً تقو ُم مقــــــا َم‬ ‫فتى مات بين الطعن والضر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫كبر‬ ‫عذب الروحِ ال عن غضاض ٍة‬ ‫فتى كان‬ ‫َ‬ ‫ولكن كبرا ً أن يقا َل بـــــــــــه ُ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫دافنت�”‪“ :‬أحلك األماكن ي�‬ ‫شعر‪ ،‬موقفا ً وكلمة‪ .‬يقول “دان براون” مؤلف رواية “شيفرة‬ ‫هذا‬ ‫ٌ‬ ‫في‬ ‫ه ألولئك الذين يحافظون عىل حيادهم ي� األزمات األخالقية”‪.‬‬ ‫الجحيم ي‬ ‫المالحظــة الثانيــة‪ :‬النريــد شــعرا ً يخاطــب األكــف‪ ،‬نريــد شــعرا ً يخاطــب الوجــدان‪ ،‬ال نريــد صراخـا ً فــي‬ ‫الشــعر‪ ،‬نريــد كالمـا ً عاليــا‪ ،‬والفــرق كبيــر بيــن الصــراخ والصــوت العالــي‪ ،‬والــذوق الجمعــي وحــده يحــدد‬ ‫المســافة بيــن الحاليــن‪ .‬إن الحركــة غيــر الضجيــج‪ ،‬الحركــة الشــعرية هــي نبــض‪ ،‬والضجيــج هــو جعجعــة‬ ‫وخــداع‪ .‬ولنســتمع لشــعر عالــي الصــوت خــال مــن الجعجعــة مفعــم بــروح الكــون الكليــة خصبـا ً ممرعـاً‪،‬‬ ‫وكأنــه َمــراعٍ فســيحة ألرواحنــا الظمــاء إلــى الينابيــع التــي جففتهــا صحــارى القحــط والنفــط‪ ،‬يقــول بــدوي‬ ‫الجبــل فــي إحــدى روائعــه‪:‬‬ ‫ويارب من أجل الطفول ِة وحدهـــا‬ ‫ِّ‬

‫السلم شرقا ً ومغربــــا‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫أفض بركا ِ‬ ‫ِ‬

‫رب إنهـا‬ ‫وصن ضحكة األطفال يا ّ‬

‫غردت في موحش الرمل أعشبا‬ ‫إذا ّ‬

‫رب ٌّ‬ ‫نور وهـ َّ َج الشرق ال خبـــا‬ ‫ويـا ّ‬ ‫رب ٌ‬ ‫عز من أميـّةَ ال انطـــوى ويا ّ ِ‬ ‫الشام إن كان ممطرا ً حنونـا ً بسقيــاهُ وإن كــــــان ُخـلـَّبا‬ ‫وأعشق برقَ‬ ‫ِ‬

‫المالحظــة الثالثــة‪ :‬ال نريــد شــعرا ً بكـّــا ًء منهزم ـا ً عاجــزا ً عــن المواجهــة يبكــي علــى الماضــي ويشــتم‬ ‫الحاضــر‪ ،‬ال نريــد جـَــلدا ً لمشــاعرنا‪ ،‬إننــا أمــة مســتعصية علــى المــوت عبــر تجربــة التاريخ‪،‬لقــد صبـّـ ْ‬ ‫ـت‬ ‫علينــا حم ـ ُم آالت الدمــار واإلزالــة صب ـاً‪ ،‬ومــع ذلــك لــم نــزل نقــاوم‪ ،‬صحيــح أن الجــرح واســع ولكــن‬ ‫هــذا ال يعنــي اســتحالة وجــود الضمــاد‪ ،‬إن ضمــاد جــراح أمتنــا يتجلــى فــي عنادهــا ومقاومتهــا لمحــاوالت‬ ‫النيــل منهــا بمــا تملــك مــن أبعــاد إنســانية فــي فكرهــا وممارســاتها‪ ،‬واألمــم التــي تتالقــى أهدافهــا الخاصــة‬ ‫بإنســانية بــا حــدود هــي أمــم مســتعصية علــى الفنــاء‪ .‬إن أمتنــا تنتمــي إلنســانية عظيمــة تؤمــن بالســام‬ ‫منطلق ـا ً وغايــة حتــى وهــي تحارب‪»،‬أدخلــوا فــي الســلم كافــة»‪ ،‬إننــا ننتمــي لتجربــة حضاريــة تتناقــض‬ ‫مــع العنصريــة الصهيونيــة التــي يقــول أحــد شــعرائها مخاطبـا ً صهيونيـا ً آخــر‪“ :‬أينمــا رسنــا فنحــن ثالثــة‪،‬‬ ‫أنــا وأنــت والحــرب القادمــة”‪ .‬إن العنصريــة فــي أيــة أمــة هــي أول أســلحة دمارهــا‪ ،‬إننــا نريــد أدبـا ً يؤمــن‬ ‫بقــدرة أمتنــا علــى االنتمــاء للوجــود الفاعــل والمؤثــر‪ ،‬ومــا النكبــات التــي نواجههــا ســوى دروس تأمرنــا‬ ‫برؤيــة النهــج القويــم فــي تجربتنــا ًالحضاريــة القائمــة علــى تنميــة إنســانية اإلنســان أوالً‪ ”:‬مـ تـى اســتعبدتم‬ ‫النــاس وقــد ولدتهــم أمهاتهــم أحـرارا”‪ ،‬إن اإلنســان الحــر هــو الــذي يصنــع الحضــارة‪“ ،‬والعبــد ال يحســن‬ ‫الكــر‪ ،‬وإنمــا يحســن الحلــب والــر” كمــا يقــول عنتــرة بــن شــداد‪ .‬إننــا ال نريــد شــعرا ً يتفــاءل اليــوم ويبكــي‬ ‫غــدا ً كمــا فعــل بعــض شــعرائنا الكبــار‪ .‬يجــب أن نغنــي حتــى فــي مآتمنــا‪.‬‬ ‫المالحظــة الرابعــة‪ :‬نريــد شــعرا ً ال تدجنــه الســلطات‪ ،‬والشــاعر المدجــن مــن الســلطة يتحــول قطـا ً ســميناً‪،‬‬ ‫ويخــرج شــعره مــن ملعقــة موضوعــة فــي فمــه‪ ،‬رائع أن يتمرد الشــعر على الســلطة‪ ،‬ألن تمــرده هو تحريك‬ ‫للجامــد وإلغــاء لــه‪ ،‬والشــاعر المدجــن محــذوف مــن قائمــة الشــعر‪ ،‬وربمــا انتمــى للنظــم فقــط‪ ،‬هكــذا تقــول‬ ‫الحيــاة بتعاقــب فنونهــا الخالــدة‪ ،‬الســلطة بطبيعتهــا تريــد ســكونية الواقــع ليســهل عليهــا البقــاء‪ ،‬أمــا الشــعر‬ ‫فهــو نبــض ال يتوقــف‪ ،‬يقتحــم الممنــوع ويطــرق أبــواب المســتقبل باســتمرار‪ .‬والشــاعر المدجــن أو َل مــا‬ ‫يخــون وعيــه ‪ ،‬وهــذا يكفيــه ســقوطاً‪ .‬النريــد شــعرا ً كقــول أحمــد شــوقي فــي الســلطان الجائــر عبــد الحميــد‪:‬‬


‫أولــى هــذه المالحظــات أن الموقــف الملتــزم للشــاعر هــو الــذي ينقــذ الكلمــة مــن ســرديتها وعاديتهــا‬ ‫وعبثيتهــا وارتمائهــا خــارج القلــب‪ ،‬إننــا نريــد مناضليــن أكثــر عبــر الكلمــة وكالب حراســة أقــل‪ ،‬فالقلعــة‬ ‫الثقافيــة العربيــة هــي وحدهــا ال تــزال صامــدة بعــد ســقوط قالعنــا السياســية والعســكرية واالقتصاديــة‬ ‫واالجتماعيــة‪ ،‬وااللتــزام هــو موقــف أخالقــي أعمــق مــن السياســة‪ ،‬إنــه موقــف مــن قضايــا اإلنســان‬ ‫األساســية‪ ،‬الحريــة والحلــم والخبــز والخــروج علــى الظلــم وعلــى الســاقط مــن كل شــيء‪ ،‬نريــد شــعرا ً‬ ‫يحمــل هــم األمــة وأحالمهــا‪ ،‬نريــد شــعرا ً خــارج المناســبة والمنبــر‪ ،‬النريــد شــعرا ً بمناســبة زواج فــان‪،‬‬ ‫ومجــيء الزعيــم الفالنــي لزيارتنــا «متواضعـاً»‪ .‬نريــد شــعرا ً ملتزمـا ً يهجــم علــى القبــح ليرديــه‪ ،‬القبــح فــي‬ ‫السياســة والموقــف واالنتمــاء‪ ،‬نريــد شــعرا ً شرسـا ً يشــتبك مــع الجامــد فــي كل شــيء‪ ،‬نريــد شــعرا ً مؤمنـا ً‬ ‫بتجــاوز كهنــوت الجمــود القاتــل‪ .‬وهــذا يعنــي الصــدق فــي االنتمــاء والموقــف‪ ،‬ويعنــي صــدور الشــعر عــن‬ ‫قلــب ممتلــئ باالنفعــال الصــادق الصاعــد إلــى األعلــى باســتمرار‪ ،‬ولــن يصعــد الشــعر إلــى األعلــى إال إذا‬ ‫كان نابع ـا ً مــن أعمــاق ملتهبــة‪ .‬ســئل أعرابــي‪ :‬ل ـ َم مراثكــم أجم ـ ُل شــعركم؟ فقــال‪ :‬ألننــا نقولهــا وقلوبنــا‬ ‫محترقــة‪ .‬الصــدق هنــا موقــف‪ ،‬ونق ـرأ لدريــد بــن الصمــة وهــو يـ ث‬ ‫ـر� أخــاه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫تنادوا فقالوا أردت الخيـل فارسا ً فقلـــــــت‪ :‬أعبــد هللا ذلكـــــ ُم الردي‬ ‫فجئت إليه والرمـــــــــاح تنوشهُ‬

‫المسر ِد‬ ‫كوقع الصياصي في النسيج‬ ‫َّ‬

‫البو ريعت فأقبلـــــتْ‬ ‫وكنت كذات ّ ِ‬

‫ب من ذات جلـــــــــــــ ٍد مق َّد ِد‬ ‫إلى سق ٍ‬

‫وطاعنت عنه الخي َل حتى تنفستْ‬

‫أشقر اللـــــــون مزب ِد‬ ‫وحتى عالني‬ ‫ُ‬

‫ـعر ال يحتــاج إجــازة للدخــول إلــى القلــب مؤثــرا ً ومحرضـا ً وحامـاً كبريــاء جريحـةً‪ ،‬قــرأت ألحدهــم‬ ‫إنــه شـ ٌ‬ ‫ناقــدا ً المتنبــي‪ :‬ال أريــد أن أكــون كالمتنبــي يرجعنــي خادمــي إلــى المعركــة‪ .‬وفــي رأيــي أن هــذا الــكالم‬ ‫مجانــب لــروح الحقائــق الكونيــة الكبــرى‪ ،‬فالحادثــة إن صحــت تاريخيـا ً فهــي شــهادة علــى عظمــة المتنبــي‬ ‫شــاعرا ً وإنســانا ً وموقفـاً‪ ،‬وتقــول الروايــة إن المتنبــي فكـّــر بالهــرب أثنــاء تعــرض فاتــك األســدي وجماعتــه‬ ‫لــه وهــو عائــد مــن عنــد عضــد الدولــة البويهــي‪ ،‬فقــال لــه خادمــه‪ :‬أولســت القائــل‪:‬‬ ‫والقرطاس والقل ُم‬ ‫الخي ُل واللي ُل والبيدا ُء تعرفني والسيف والرمح‬ ‫ُ‬ ‫فخجــل المتنبــي وعــاد وقاتــل حتــى قتــل فــي ديــر العاقــول‪ .‬هــذه الروايــة إن صحــت فهــي دليــل علــى‬ ‫إخــاص المتنبــي لكلمتــه‪ ،‬لقــد فكــر بالهــرب‪ ،‬نعــم‪ ،‬وهــذا شــيء طبيعــي فــي اإلنســان فــي مواقــف الهــول‪،‬‬ ‫والــذي خــاض مواجهــة يــدرك هــذا‪ ،‬أمــا أن تتغلــب الكلمــة علــى الخــوف فهــذا قمــة االلتــزام‪ ،‬وقمــة‬ ‫اإلخــاص للكلمــة الملتزمــة‪ ،‬نعــم إخــاص المتنبــي لكلمتــه كان بمســتوى الحيــاة نفســها‪ ،‬وهــو القائــل فــي‬ ‫آخــر قصيــدة كتبهــا‪:‬‬ ‫ت يا طرقي فكوني نجاةً أو أذاةً أو هالكا‬ ‫وأنـّى شئ ِ‬ ‫نريــد شــعرا ً ملتزم ـا ً بموقــف إنســاني يعبــر عــن حقائــق مطلقــة يؤمــن بهــا العقــل اإلنســاني وتؤمــن بهــا‬ ‫الــروح اإلنســانية التواقــة للخلــود‪ ،‬يجــب الخــاص مــن الشــعر األميــري والشــعر المحنــط فــي مناســبات ال‬ ‫ترقــى إلــى متاخمــة قضيــة إنســانية كبــرى‪ ،‬وهــذا ال يتحقــق إال بصــدق فــي الموقــف ينعكــس ضــوءا ً نافــذا‬ ‫فــي الكلمة‪/‬الموقــف‪ .‬نريــد شــعرا ً يحمــل وعي ـا ً حضاري ـا ً وروح ـا ً حضاريــة كقــول أبــي تمــام فــي رثــاء‬ ‫محمــد بــن حميــد الطوســي الــذي استشــهد دون قناعتــه‪ ،‬تلــك القناعــة التــي رأت الهزيمــة عــاراً‪ ،‬فمحــا العــار‬ ‫بموتــه الجميــل رغــم وفــرة قــوة العــدو ضــده‪:‬‬ ‫ت سهـــالً فر َّدهُ إليه الحفـــا ُ‬ ‫الوعــــر‬ ‫ق‬ ‫وقد كان فوتُ المو ِ‬ ‫المر والخلـ ُ ُ‬ ‫ظ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ت رجلــــه‬ ‫وأثبتَ في‬ ‫مستنقع المو ِ‬ ‫ِ‬

‫الحشر‬ ‫أخمصك‬ ‫وقال لها من تحــت‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫عمر أنت بي َد أنك ظ ٌّل‬ ‫ٌ‬

‫للبرايا وعصمةٌ وسال ُم‬

‫ما تتوجت بالخالفة حتى تـ ُ ِو َج البائسون واأليتام‬ ‫وكقوله في الخديوي‪:‬‬ ‫وقيل ابن رب النيل فافترت القرى وناجى الثرى نعليك يستلهم الخصبا‬ ‫أو كقوله في اإلنجليز مستعمري الشعوب‪:‬‬ ‫حلفاؤنا األحرار إالّ أنهم‬

‫أرقى الشعوب عواطفا ً وميوال‬

‫أو كقوله في هجاء الثائر أحمد عرابي بعد معركة التل الكبير‪:‬‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫غار في الذهاب وفي اإليا ِ‬

‫أهذا كل شأنك يا عرابي‬

‫نريد شعرا ً مقاتالً كقول محمود درويش بعد هزيمة حزيران‪:‬‬ ‫لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام‪ /‬ولذا لم يتفتت حبنا بين السالسلْ‪/‬‬ ‫ولذا لم يتفتت حبنا بين السالسلْ‪ /‬نحن يا أختاه من عشرين عا ْم‬ ‫نحن يا أختاه من عشرين عا ْم‪ /‬نحن ال نكتب أشعارا ً ولكنـّا نقات ْل‬ ‫و ال بــد أخيــرا ً مــن تهنئــة أديبنــا مــروان درويــش آمليــن أن يســتمر فــي عطائــه الواعــد‪ .‬والســام عليكــم‬ ‫ورحمــة هللا‪.‬‬

‫عمر شبلي‬




‫لسالم ‪ ....‬يا سالااام‬ ‫******************‬ ‫مريم خضراوي‪ ...‬كاتبة تونسية‬ ‫عتقي الهزيمة واضفريها‬ ‫وخبري التاريخ مغبات لياليها‬ ‫جدلي ويالتنا‬ ‫في كل موطن وقبيلة‬ ‫كم موؤودة لم تسأل‬ ‫وكم طفولة ذليلة‬ ‫**********‬ ‫( يطير الحمام ‪ ...‬يحط الحمام )‬ ‫لعل الروح تدرك السالم‬ ‫في جزائر الرمل‬ ‫او في حضارة الخيام‬


‫كي يرق مدفوق حواء‬ ‫علها تلقى فراعينها‬ ‫وتخصب فيافيها‬ ‫***********************‬ ‫( يطير الحمام ‪ ...‬يحط الحمام )‬ ‫يصلي من أجلنا‬ ‫ويموت فينا‬ ‫والجنائز من خلف الذل ترثينا‬ ‫من عهد أندلس‬ ‫تسترنا قوافلنا‬ ‫نحتمي في ظل التاريخ‬ ‫ونرتضي الهزيمة‬ ‫************************‬


‫ما أقسى الغربة‬ ‫في حضن الوطن‬ ‫وما أتعب االنسان‪..‬‬ ‫صافحيني اآلن طفلتي الموؤودة‬ ‫وهدهدي عرش الرجولة‬ ‫ففي بالد األلف عام‬ ‫ال يحط الحمام‪......‬‬ ‫**************‬ ‫( يطير الحمام ‪ ...‬و يحط الحمام )‬ ‫أعدوا االرض لغربانها‬ ‫كي تواري في المدى سوءاتكم‬ ‫أرحام هذا الغيب تبكي‬ ‫والبطن خجولة‬ ‫أعدوا لعشتار نيسانها‬


‫عند السراب طيوفنا تمضي‬ ‫والريح تقرؤنا السالم‪.......‬‬ ‫******************‬ ‫مريم خضراوي‪ ...‬كاتبة تونسية‬


‫غرد الحمام وانتحب الحمام‬ ‫على اخر سواحلنا‬ ‫جديلة الضاد تفض بكارتها‬ ‫نبذل الشرف‬ ‫وثورة تلو ثورة‬ ‫تصلبنا‬ ‫وتشدو قصائد السالم‬ ‫****************‬ ‫فهل يا سالم‬ ‫سيحط على أرضنا الحمام ؟!‬ ‫اسكبي يا شام‬ ‫دمع حمائمنا‬ ‫فال شطآن سوف تلقى نوارسنا‬ ‫وال حماما سيعود‬



‫مزاج صيفي‬ ‫الشاعرة ليلى السيد‬ ‫أضيع مفاتيح السنة‬ ‫أمام عرق صيفي‬ ‫أحاصر المدن الليلية‬ ‫بنصف آلهة‬ ‫تقذف الذكريات‬ ‫غزالنا‬ ‫تحول لزوجة الصيف‬ ‫ندف ثلج‬ ‫تبحثعن اسمها‬ ‫*****‬ ‫لن أكون ( ناطورة المفاتيح)‬ ‫سأهديك كل مفاتيح اللهفة‬ ‫وانتقل بعيدا‬ ‫******‬ ‫حارسة الليل‬ ‫ربما‬ ‫حارسة األمواج المخملية‬ ‫ربما‬ ‫لكني لست حارسة األلم‬ ‫إنه خلف ظهري‬ ‫وخطوتي البحر‬ ‫*******‬


‫توشوش قصيدتي‬ ‫وبحري لما يزل‬ ‫******‬ ‫الحب يهمس في صبار نافذتي‬ ‫فيورقه‬ ‫يا الهي لم ال نورق؟‬ ‫******‬ ‫عناد الصيف كبير‬ ‫على ترك مرثية الظلمة‬ ‫من أجل أغنية قلب‬ ‫*******‬ ‫في صباح صيفي‬ ‫صوت فيروز‬ ‫وأنا‬ ‫( أهواك بال أمل )‬ ‫******‬ ‫مطوال أفكر‬ ‫جحيم الصيف‬ ‫أم جحيم البشر‬ ‫***************‬ ‫ال تخف‬ ‫فقط اصخ لجسارة‬ ‫جسدي على الحب‬ ‫******‬ ‫بسالم أتقلب في المحبة‬ ‫والصيف آيته‬


‫صباح صيفي‬ ‫يقتضي ثورة عشق‬ ‫بتقاسيم شرقية‬ ‫********‬ ‫نحن المرتابون في الفرح‬ ‫في الشوق‬ ‫في الجنون‬ ‫سمم نبضنا الحزن‬ ‫*******‬ ‫في الجنون‬ ‫عناد وكبرياء‬ ‫يدلك علي‬ ‫**********‬ ‫سأغسل ظالمك‬ ‫بالورد‬ ‫ورائحة شعري‬ ‫سأغسلك بضوئي‬ ‫******‬ ‫صباح بلبل‬ ‫سهل عليه الغناء أمامي‬ ‫سابقي نافذتي مفتوحة‬ ‫**********‬ ‫لما تزل تقاسيمك‬ ‫تذيب ناري‬ ‫*****‬ ‫الشجر في أول الصيف‬


‫*******‬ ‫تقبلني بزهرة االختالف‬ ‫فمي يكره السالسل‬ ‫*****‬ ‫فزعي من الحزن‬ ‫يخلقني آلهة ‪/‬ال تأبه بكائنات بشرية‬ ‫********‬ ‫صباح صيفي‪ /‬يحمل جحيمك‬ ‫حول قدمي‪/‬فتضيء المشاعل‬




‫المقامة الجاحظية‪//‬‬ ‫مقامات بديع الزمان الهمذاني‬ ‫ســى ْبـ ُ‬ ‫ث‬ ‫ـن ِه َ‬ ‫ارتْنِــي َو ُر ْفقَ ـةً َو ِليَمــةٌ فَأ َ َج ْبــتُ ِإلَ ْي َهــا‪ِ ،‬ل ْل َحدِي ـ ِ‬ ‫شـ ِ‬ ‫َحدَّثَنَــا ِعي َ‬ ‫ـام قَــا َل‪ :‬أث َ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ــن َر ُ‬ ‫ســلَّ َم‪ ” :‬لَ ْ‬ ‫صلَّــى هللاُ َ‬ ‫ال َمأْثُــور َ‬ ‫علَيْــ ِه َو َ‬ ‫ســو ِل هللاِ َ‬ ‫ــو دُ ِعيــتُ ِإلَــى ُك َ‬ ‫ــراعٍ‬ ‫ي ذ َِرا ٌ‬ ‫سـ�ي ُْر ِإلـ�ى دَ ٍار‪.‬‬ ‫ضـ�ى ِبنَـ�ا ال َّ‬ ‫ع لَقَ ِب ْلـ�تُ ” فأ َ ْف َ‬ ‫أل َ َج ْبـ�تُ َولَ ْ‬ ‫ِي ِإلَـ� َّ‬ ‫ـ�و أ ُ ْهـ�د َ‬ ‫ت ُ ِر َك ْ‬ ‫ـب‬ ‫ـح ُ‬ ‫ت َوال ُحسْنَ تـأ ْ ُخـذُهُ *** ت َ ْنت َ ِقي ِم ْنهُ َوت َ ْنـت َ ِ‬ ‫ت ِم ْنـهُ َ‬ ‫ـرائِفَـهُ *** َوا ْستَزَ ادَ ْ‬ ‫فَا ْنتَقَ ْ‬ ‫ب‬ ‫ض َما ت َ َه ُ‬ ‫ت بَ ْع َ‬ ‫ط َ‬ ‫ط َهــا‪َ ،‬و ُمـدَّ ِســما ُ‬ ‫ت أ َ ْن َما ُ‬ ‫ســا ُ‬ ‫ط َها‪َ ،‬وبُ ِسـ َ‬ ‫ط ْ‬ ‫ـت بَ ْيــنَ‬ ‫الو ْقـ َ‬ ‫بِ َ‬ ‫ط َها‪َ ،‬وقَـ ْـو ٍم قَـ ْد أ َ َخـذُوا َ‬ ‫ص ْرنَــا ِإلَ ْي ِهـ ْم‬ ‫ضــودٍ‪َ ،‬و َو ْر ٍد َم ْن ُ‬ ‫آس َم ْخ ُ‬ ‫صــودٍ‪َ ،‬ونَــاي ٍ َو ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ضــودٍ‪َ ،‬ودَ ٍّن َم ْف ُ‬ ‫عــودٍ‪ ،‬فَ ِ‬ ‫ضهُ‪َ ،‬ونَـ َّـو َر ْ‬ ‫ـوان قَ ْد ُم ِلئَـ ْ‬ ‫ضهُ‪،‬‬ ‫ت ريا ُ‬ ‫ـت ِحيَا ُ‬ ‫صـ ُ‬ ‫ع َك ْفنَــا َ‬ ‫ـاروا ِإلَ ْينَــا‪ ،‬ثُـ َّم َ‬ ‫َو َ‬ ‫علَى ِخـ ٍ‬ ‫ص َ‬ ‫ـت ِجفانُـهُ‪َ ،‬و ْ‬ ‫َاصـ ٌع‪َ ،‬و ِمـ ْ‬ ‫ـت أ َ ْل َوانُـهُ فَ ِمـ ْ‬ ‫اختَلَفَـ ْ‬ ‫طفَّـ ْ‬ ‫ـان‬ ‫َوا ْ‬ ‫ـن َحا ِلــكٍ ِبإِزَ ا ِئـ ِه ن ِ‬ ‫ـن قَـ ٍ‬ ‫علــى َّ‬ ‫ان‪َ ،‬وت َ ْسـ ِف ُر‬ ‫علَــى ِ‬ ‫ســافِ ُر يَـدُهُ َ‬ ‫تِ ْلقَــا َءهُ فَاقِـ ٌع‪َ ،‬و َمعَنــا َ‬ ‫الطعَـ ِ‬ ‫ـام َر ُجـ ٌل ت ُ َ‬ ‫الخـ َـو ِ‬ ‫ض‬ ‫ـان‪َ ،‬وت َ ْفقأ ُ ُ‬ ‫ان‪َ ،‬وتَأ ْ ُخـذُ ُو ُجــوهَ ُّ‬ ‫ـان‪َ ،‬وت َ ْر َ‬ ‫عى أ َ ْر َ‬ ‫عيُــونَ ِ‬ ‫الجفـ ِ‬ ‫الرغفَـ ِ‬ ‫بَ ْيــنَ األ َ ْلـ َـو ِ‬ ‫الر ْقعَـ ِة‪ ،‬يَ ْز َحـ ُم باِللُّ ْق َمـ ِة اللُّ ْق َمةَ‪،‬‬ ‫ـران‪َ ،‬وت َ ُجــو ُل فــي القَ ْ‬ ‫ـر ّخِ في ُّ‬ ‫صعَـ ِة‪َ ،‬كالـ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الجيـ ِ‬ ‫ـك ســا ِك ٌ‬ ‫س ِب ًحــرفٍ ‪َ ،‬ون َْح ُن‬ ‫َويَ ْهـ ِـز ُم ِبال َم ْ‬ ‫المضغَــة‪َ ،‬و ْهـ َـو َمـ َع ذَ ِلـ َ‬ ‫ضغَـ ِة ْ‬ ‫ت الَ يَ ْن ِب ُ‬ ‫ـظ َوخَطابَ ِتـ ِه‪،‬‬ ‫علَــى ِذ ْكـ ِـر‬ ‫ِفــي ال َحدِيـ ِ‬ ‫الجاحـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـف ِبنَــا َ‬ ‫ث ن َْجــري َم ْعـهُ‪َ ،‬حتَّــى َوقَـ َ‬ ‫ـن ال ُمقَفّــعِ َوذَ َرابتِـ ِه‪َ ،‬و َوافَــقَ أ َ َّو ُل ال َحدِيـ َ‬ ‫ان‪َ ،‬و ُز ْلنَــا‬ ‫ـر ِ‬ ‫ـث ِ‬ ‫صـ ِ‬ ‫َو َو ْ‬ ‫آخـ َ‬ ‫الخـ َـو ِ‬ ‫ـف ا ْبـ ِ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ث الَّـذِي ُك ْنت ُـ ْم فيِـ ِه؟‬ ‫الر ُجـ ُل‪ :‬أ َ ْيــنَ أ َ ْنت ُـ ْم ِمــنَ ال َحدِيـ ِ‬ ‫ـن ذَ ِلـ َ‬ ‫ـكان‪ ،‬فَقَــا َل َّ‬ ‫َ‬ ‫ـك ال َمـ ِ‬ ‫سـنَنِ ِه‪،‬‬ ‫احـ ِ‬ ‫ـف ال َج ِ‬ ‫صـ ِ‬ ‫فَأ َ َخ ْذنَــا فِــي َو ْ‬ ‫سـنَنِ ِه فِــي الفَصا َحـ ِة َو ُ‬ ‫ـن َ‬ ‫ـظ ولَ َ‬ ‫سـنِ ِه‪َ ،‬و ُح ْسـ ِ‬ ‫ـام َمقَــا ُل‪َ ،‬و ِلـ ُك ِّل‬ ‫ع َمـ ٍل ِر َجــا ٌل‪َ ،‬و ِلـ ُك ِّل َمقَـ ٍ‬ ‫ع َر ْفنَــاهُ‪ ،‬فَقَــا َل‪ :‬يَــا قَـ ْـو ِم ِلـ ُك ِّل َ‬ ‫فِيمــا َ‬ ‫اح ـ ٌ‬ ‫ظ‪َ ،‬ولَ ـ ِو ا ْنتَقَ ْدت ُـ ْم‪ ،‬لَبَ َ‬ ‫س ـ َّك ٌ‬ ‫ط ـ َل َمــا ا ْعتَقَ ْدت ُـ ْم‪ ،‬فَ ـ ُك ٌّل‬ ‫ـان َج ِ‬ ‫دَ ٍار ُ‬ ‫ان‪ ،‬و ِل ـ ُك ِّل زَ َمـ ٍ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ـب‬ ‫ار‪َ ،‬وأ َ َ‬ ‫َك َ‬ ‫ـن نــا ِ‬ ‫ـار‪َ ،‬و َ‬ ‫ـر لَـهُ َ‬ ‫ض ِح ْكــتُ لَـهُ ألَجلُـ َ‬ ‫شـ َ‬ ‫اإل ْكبَـ ِ‬ ‫اإل ْنـ َك ِ‬ ‫شـ َّم ِبأَنــف ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫احـ َ‬ ‫مـ�ا ِع ْن��دَهُ‪َ ،‬وقُ ْلـ�تُ ‪ :‬أَفِ ْدنــا َو ِز ْدنــا‪ ،‬فقَــا َل‪َّ :‬‬ ‫ظ فــي أ َ َحـ ِد ِشـقَّي ِ البَالَ َ‬ ‫غـ ِة‬ ‫إن ال َج ِ‬ ‫ـر ن ْ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ـف‪ ،‬والبَليـ ُغ َمـ ْ‬ ‫ـن نَثْـ ِـر ِه‪ ،‬ولَـ ْم‬ ‫صـ ْ‬ ‫ـن لَـ ْم يُقَ ِ ّ‬ ‫ـف‪ ،‬وفِــي اآل َخـ ِـر يقَـ ُ‬ ‫يَ ْق ِطـ ُ‬ ‫َظ ُمـهُ َ‬


‫يُـ ْ‬ ‫ـظ ِشـ ْعرا ً را ِئعـاً؟ قُ ْلنَــا‪ :‬الَ‪ ،‬قَــا َل‪:‬‬ ‫جاحـ ِ‬ ‫ـر ُوونَ ْلل ِ‬ ‫ـز ِر َكال َمـهُ ب ِشـ ْع ِر ِه‪ ،‬فَ َهــل تَـ ْ‬ ‫يــب‬ ‫شــاراتِ‪ ،‬قَ ِليــ ُل اال ْســتِعَاراتِ‪ ،‬قَ ِر ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫ــو بَ ِعيــدُ ِ‬ ‫فَ َهلُ ُّمــوا ِإلَــى َكالَ ِمــ ِه‪ ،‬فَ ْه َ‬ ‫ـور ِمـ ْ‬ ‫اص ـ ِه يُ ْه ِملُ ـهُ‪،‬‬ ‫ـان ال ـ َكالَ ِم ي ْس ـت َ ْع ِملُهُ‪ ،‬نَفُـ ٌ‬ ‫ـن ُم ْعت َ ِ‬ ‫ال ِعبَـ َ‬ ‫ـارات‪ُ ،‬م ْنقــادٌ لعُ ْريَـ ِ‬ ‫ــم ْعت ُ ْم لَــهُ لَ ْف َ‬ ‫فَ َه ْ‬ ‫عــةً‪ ،‬أ َ ْو َك ِل َمــةً َ‬ ‫عةٍ؟ فَقُ ْلنَــا‪ :‬الَ ‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫ظــةً َم ْ‬ ‫ْــر َم ْســ ُمو َ‬ ‫صنُو َ‬ ‫ــل َ‬ ‫غي َ‬ ‫عـ ْ‬ ‫فَقَــا َل‪َ :‬هـ ْ‬ ‫ـك‪َ ،‬ويَنِـ ُّم علَــى‬ ‫ـل ت ُ ِحـ ُّ‬ ‫ـن َم ْن ِكبَ ْيـ َ‬ ‫ـب أ َ ْن َت ْسـ َم َع ِمــنَ الـ َكالَ ِم َمــا يُ َخ ِفّـ ُ‬ ‫ـف َ‬ ‫ـك؟ فَقُ ْلــتُ ‪ِ :‬إي َوهللاِ‪ ،‬قَــا َل‪ :‬فأ َ ْ‬ ‫ط ِلـ ْ‬ ‫عـ ْ‬ ‫صـ ِـر َك‪ِ ،‬ب َمــا يُ ِعيـ ُ‬ ‫ـن‬ ‫َمــا فــي يَدَ ْيـ َ‬ ‫ـق ِلــي َ‬ ‫ـن ِخ ْن ِ‬ ‫علـ�ى ُ‬ ‫شـ� ْك ِر َك‪ ،‬فَنُ ْلتُـ�هُ ِردَائِـ�ي‪ ،‬فَقـ�ا َل‪:‬‬ ‫ي ثِيَابَهُ *** لَقَ ْد ُح ِشيَ ْ‬ ‫ثياب ِب ِه َم ْجدَا‬ ‫ت ْتل َك ا ِلّ ُ‬ ‫لَعَ ْم ُر الَّذي أَلقَى َ‬ ‫علَ َّ‬ ‫صب َ ْ‬ ‫ض َربَ ْ‬ ‫ت ن َْردَا‬ ‫تى قَ َم َرتْهُ ال َم ْك ُر َماتُ ِردَا َءهُ *** َو َما َ‬ ‫ت قِ ْدحا ً والَ نَ َ‬ ‫فَ ً‬ ‫أ َ ِع ْد نَ َ‬ ‫َّام ت َ ْه ِد ُم ِني َهدَّا‬ ‫ظرا ً يا َم ْن َحبَا ِني ِثيابَهُ *** َوالَ تَدَعِ األَي َ‬ ‫حــى *** و ِإ ْن َ‬ ‫طلَعُــوا فــي ُ‬ ‫َوقُ ْ‬ ‫غ َّمــ ٍة طلَعُــوا‬ ‫ــل لألُلَــى ِإ ْن أ َ ْســفَ ُروا أ َ ْســفَ ُروا ُ‬ ‫ض ً‬ ‫س ـ ْعدا‬ ‫َ‬ ‫س َّح َواِبلُهُ نَ ْقدَا‬ ‫ِ‬ ‫صلُوا َر ِح َم العَ ْليا‪َ ،‬وبُلُّوا لَ َهات َ َها *** فَ َخي ُْر النَّدَى ما َ‬ ‫ســى ْبـ ُ‬ ‫علَي ـ ِه‪،‬‬ ‫ـن ِه َ‬ ‫ع ـةُ إِلَ ْي ـ ِه‪َ ،‬وا ْنثَالَ ـ ِ‬ ‫ارتا َح ـ ِ‬ ‫ـام‪ :‬فَ ْ‬ ‫ت ِّ‬ ‫شـ ٍ‬ ‫الص ـاَتُ َ‬ ‫ت ال َج َما َ‬ ‫قَــا َل ِعي َ‬ ‫�ن أ َ ْيـ�نَ َم ْ‬ ‫َوقُ ْلـ�تُ لَ َّمـ�ا تآنَ ْسـ�نَا‪ِ :‬مـ ْ‬ ‫طلُـ�ع َهـ�ذا َ البَـ� ْد ِر? فَقـ�ا َل‪:‬‬ ‫ِإ ْس َكـ ْنـدَ ِريَّةُ دَ ِاري *** لَ ْو قَ َّر فِيها قَ َر ِاري‬ ‫َهاري‪.‬‬ ‫ل ِك َّن لَ ْي ِلى بِن ْ‬ ‫َـجـ ٍد *** َوبِ ِ‬ ‫از ن ِ‬ ‫الح َج ِ‬


Â



‫اللفياثان ‪ :‬التأويل الدموي للتاريخ‬ ‫ستار الدليمي‪//‬‬ ‫‪1-2‬‬ ‫« المعرفــة البشــرية والقــدرة البشــرية صنــوان ‪ ،‬ألن الجهــل بالعلــة يمنــع المعلول‪.‬ذلــك ان‬ ‫الطبيعــة اليمكــن قهرهــا اال بإطاعتهــا»‬ ‫بيكون « االرغانون الجديد»‬ ‫فــي كتــاب اللفياثــان الصــادر ســنة ‪ 1651‬كانــت الســايكلوجيا وفهــم الدوافــع الفجــة التــي تحــرك‬ ‫اإلنســان نقطــة البــدء التــي انطلــق منهــا تومــاس هوبــز لتشــييد العلــم السياســي الــذي يأخــذ علــى‬ ‫عاتقــه وضــع حــد للميــول التدميريــة التــي تمــور بهــا الطبيعــة البشــرية مــا يمهــد لألســتقرار‬ ‫وإرســاء الســلم االهلــي ويفتــح الطريــق لالنتقــال باإلنســان إلــى الطــور الــذي يتيــح لــه الحفــاظ‬ ‫علــى الحيــاة علــى االرض ودخــول إلــى المرحلــة المدنيــة وتشــييد الحضــارة‪ .‬وفــي تحليلــه‬ ‫ألهــواء اإلنســان فــأن هوبــز يتبنــى مقولــة ســقراط «اعــرف نفســك» بعــد ان يجعلهــا «اعــرف‬ ‫ذاتــك» مســتهدفا التأكيــد علــى التشــابه الــذي يصطبــغ بــه ســلوك وافــكار اإلنســان مــع االهــواء‬ ‫واالندفاعــات التــي تحــرك اي إنســان آخــر‪ « .‬ان مــن ينظــر إلــى داخــل نفســه ويتأمــل مــا يفعلــه‬ ‫حيــن يفكــر وحيــن ي ًكــون رأيــا ً ويســتدل عقليــا ويأمــل ويخــاف ســوف يقــرأ ويعــرف مــا قــد‬ ‫تكــون عليــه افــكار اآلخريــن واهوائهــم فــي مناســبات متشــابهة « ص‪ ،22‬فهــو يتكلــم عــن تشــابه‬ ‫رغبــات وأمــال ومخــأوف البشــر اال انــه يحــذر بــأن اكتشــاف افعــال البشــر وخططهــم ال بــد ان‬ ‫يتــم عبــر مقارنتهــا مــع خططنــا وكذلــك عبــر تمييــز كل الظــروف التــي تجعلهــا مختلفــة ألن ايــة‬ ‫محأولــة آخــرى ســتكون كمــن يريــد «حــل الرمــوز بــا مفاتيــح « وهــذا مــا ســيقود إلــى خطــأ‬ ‫فــي الفهــم ناجــم عــن «الثقــة المفرطــة أو االرتيــاب المطلــق»‪.‬‬ ‫وفــي التصــور الهوبــزي ان اهــواء اإلنســان وميولــه التدميريــة ورغباتــه الضاريــة فــي تحصيــل‬ ‫القــوة هــي التــي تفســر لغــز اإلنســان ‪،‬وثنائيــات الحــب والكراهيــة ‪ ،‬الرغبــة األلــم هــي العناصــر‬ ‫األوليــة التــي تحكمــه وفهمهــا هــو المدخــل ألحتــواء ميولــه التدميريــة‬ ‫«فالبشــر يحبــون مــا يرغبــون بــه ويكرهــون االشــياء التــي يتجنبونها‪.‬فالرغبــة والحــب همــا‬ ‫شــيء واحــد ‪ .‬وفــي الرغبــة نــدل علــى غيــاب الموضــوع وبالحــب نــدل علــى وجــوده ‪ .‬وبالتجنب‬ ‫نعنــي غيــاب الموضــوع وبالكراهيــة نعنــي حضــوره « اللفياثــان ص ‪61‬‬ ‫وطبقــا للماديــة الميكانيكيــة التــي يتبناهــا هوبــز فــإن حركــة االجســام تنتقــل عبــر الحــواس إلــى‬


‫وتأسيســا علــى ذلــك تكــون الحــرب هــي الخيــار الوحيــد الــذي يبقــى أمــام اإلنســان فــي مجتمــع‬ ‫تغيـِّــب فيــه الســلطة حــرب محركهــا تحقيــق المكاســب وتفــادي المــوت العنيــف‪ ،‬ويخوضهــا‬ ‫الجميــع ضــد الجميــع ‪.‬وإذا كان اإلنســان كائنـا ً سياســيا ً طبقــا لفرضيــة أرســطو فهــو عنــد هوبــز‬ ‫كائــن أنانــي غيــر عــادل يجعــل مــن نفســه مركــزا لــكل شــيء‪ ،‬وهــو عــدو لآلخريــن ويرغــب‬ ‫فــي اســتعبادهم ولمــا كانــت الطبيعــة جعلــت مــن البشــر متســاوين فــي ملــكات الفكــر والجســد مــا‬ ‫يســتدعي بالضــرورة مســاواة فــي األمــل بتحقيــق الغايــات لــذا فــإن انعــدام الثقــة يشــكل الملمــح‬ ‫األبــرز لحيــاة النــاس فــي مرحلــة ماقبــل المجتمــع فــإذا ( رغــب شــخصان فــي شــيء واحــد ال‬ ‫عدويــن يحــاول كل منهمــا تدميــر اآلخــر‬ ‫يقــدر علــى االســتمتاع بــه كالهمــا فإنهمــا يصبحــان َ‬ ‫أوإخضاعــه ص‪ ، )132‬ذلــك ان الطبيعــة وفــرت كل أســباب الصــراع ( المنافســة ‪ ،‬انعــدام‬ ‫الثقــة ‪ ،‬المجــد ) األول يدفــع البشــر لخــوض الحــرب مــن أجــل تحقيــق المكاســب والثانــي لضمــان‬ ‫األمــن أمــا المجــد فهــو العنصــر المتعلــق بالحضــور االجتماعــي وهــو محفــز هــام للحــرب لمــا‬ ‫يترتــب عليــه مــن رأســمال رمــزي يوســع مــن إمكانــات الهيمنــة التــي يتــوق لهــا اإلنســان ‪ .‬وفــي‬ ‫الســبب األول أي المنافســة( يســتخدم النــاس العنــف ليجعلــوا مــن أنفســهم ســادة علــى اآلخريــن‬ ‫وانعــدام الثقــة ليدافعــوا عــن أنفســهم وفــي الثالــث مــن أجــل أمــور تافهــة مثــل كلمــة أو ابتســامة‬ ‫أو اختــاف فــي الــرأي أو أي عالمــة أخــرى علــى الحــط مــن قيمتهــم ص ‪ . ) 134‬وهــذه‬ ‫العوامــل هــي المحــرك لإلنســان تحفــزه إلــى فــرض هيمنتــه علــى اآلخريــن للقضــاء علــى كل‬ ‫قــوة تشــكل تهديــدا لــه األمــر الــذي يدفــع اآلخريــن للســعي إلــى زيــادة قوتهــم عــن طريــق الغــزو‬ ‫المضــاد فــإذا ( زرع أحدهــم أو حصــد أو بنــى أو اقتنــى مكانــا مالئمــا فإنــه مــن المتوقــع أن يأتــي‬ ‫آخــرون‪ ،‬وهــم مصممــون وموحــدون قواهــم ألخــذ ممتلكاتــه وحرمانــه ليــس ثمــار عملــه فقــط‬ ‫بــل أيض ـا ً حياتــه أوحريتــه‪ .‬ويكــون الغــازي أيض ـا ً مهــددا بالطريقــة نفســها مــن قبــل آخــر ص‬ ‫‪ )133‬وهنــا يجــب التنبيــه إلــى أن هوبــز ال يقصــد بالحــرب المعركــة فقــط بــل هــي تســتغرق كل‬ ‫الزمــن الــذي تكــون إرادة التنــازع معلومــة ألطرافهــا ومايترتــب علــى ذلــك مــن بقــاء الجميــع‬ ‫منهمكيــن فــي التحضيــر للحــرب التــي قــد تندلــع فــي أي لحظــة ( فطبيعــة الحــرب ال تقــوم علــى‬ ‫القتــال الفعلــي ‪ ،‬بــل علــى االســتعداد المعلــوم لهــذا القتــال ‪ ،‬طالمــا ال يوجــد مــا يؤكــد العكــس‬ ‫ص ‪ ) 134‬وبالتالــي فــإن كل مايترتــب علــى الحــرب ينتــج أيضـا ً عــن الزمــن الــذي يعيــش فيــه‬ ‫النــاس دون أمــان ففــي الحاليــن تبقــى حالــة العــداء قائمــة فيمــا بينهــم ‪.‬‬ ‫حالــة الحــرب المعممــة التــي يصفهــا هوبــس فــي اللفياثــان وإن كانــت افتراضـا ً نظريـا ً ال وجــود‬ ‫تاريخــي لــه أراد منــه التأســيس للدولــة التــي تفــرض الســام فإننــا يمكــن لنــا أن نلحــظ صورهــا‬ ‫القويــة فــي البلــدان التــي ينهــار فيهــا حكــم القانــون مثلمــا نشــهده فــي العــراق وســوريا اليــوم‬ ‫حيــث يتفــكك المجتمــع وتنهــار فــرص بنــاء الحيــاة ومــا يصاحــب ذلــك مــن البــؤس والخــراب‬ ‫الروحــي الــذي يعانــي منــه اإلنســان بســبب الخــوف الدائــم مــن المــوت فالســلطة هــي الضامــن‬ ‫لألمــن وقــوة القانــون هــي الشــرط الضــروري للحيلولــة دون الفوضــى وعــودة النــاس للحيــاة‬ ‫صــل فــي الحلقــة الثانيــة مــن هــذا المقــال االســس‬ ‫وفــق اشــتراطات حالــة الطبيعــة وســوف نف َ‬ ‫النظريــة واالخالقيــة التــي يحددهــا هوبــز لبنــاء الــدول والشــروط التــي تعمــل بموجبهــا الســلطة‬ ‫لتكــون ممثلــة للجميــع بمــا يمنــع التعســف الــذي قــد يتعــرض لــه المواطــن‬


‫النظــام العصبــي وتظهــر كإحساســات تزيــد مــن حيويــة اإلنســان أو تعرقلهــا والمظهــر األشــد‬ ‫بدائيــة لهــذه األحاســيس هــو الرغبــة أو النفــور ‪ ،‬األول ســعي وراء مــا يالئــم العمليــات الحيويــة‬ ‫والثانــي ارتــداد عمــا يمكــن ان يســفر عــن األثــر المضــاد ‪ .‬فالحــركات المتأتيــة مــن الطبيعــة هــي‬ ‫التــي تولــد األســاس الــذي يتســبب باللــذة واأللــم ‪ .‬فعندمــا ينتقــل فعــل الموضــوع علــى االجــزاء‬ ‫المختلفــة ألعضــاء الحــس اإلنســاني تكــون االســتجابة علــى هيئــة حركــة ترغــب بالموضــوع‬ ‫أو تتجنبــه ومظهــر هــذه الحركــة أو اإلحســاس بهــا هــو اللــذة أو األلــم قياســا علــى مــا يترتــب‬ ‫عليهــا مــن ســرور أو تنغيــص ناجــم عــن تســارع حركــة الــدم أو عرقلتــه وينتهــي هوبــز إلــى‬ ‫اعتبارذلــك مظهــرا للخيــر أو اإلحســاس بــه ‪،‬واأللــم أو االنزعــاج هــو مظهــر للشــر‪ ،‬وكل ذلــك‬ ‫قياســا علــى مــا تتركــه هــذه االنفعــاالت مــن تعزيــز للحركــة الحيويــة أو تعطيــا لهــا ‪ .،‬اإلنســان‬ ‫إذن محكــوم بثنائيــة التنبيــه واالســتجابة ‪ ،‬األولــى تسســبب فــي الحــب والرغبــة والرضــى وإرادة‬ ‫البقــاء والثانيــة يترتــب عليهــا األلــم والنفــور والخــوف ‪ ،‬االندفــاع نحــو االشــياء أواإلحجــام‬ ‫موقــوف علــى مــا تتركــه مــن أثــر فــي النفــس ‪،‬وانطالقــا مــن هــذه المقاربــة قــدم هوبــز وصفــا‬ ‫شــامال النفعــاالت اإلنســان المختلفــة‬ ‫فالشــهية مــع االعتقــاد ببلوغهــا تســمى أمــا وهــي مــع تعــذر ذلــك تســمى يأســا‪ ،‬والتجنــب‬ ‫المصحــوب بقناعــة االذى الــذي يمكــن ان يُلحــق بنــا يســمى خوفــا لكنــه ( التجنــب ) مــع إمكانيــة‬ ‫تفــادي االذى يســمى شــجاعة ‪ ،‬األمــل المتواصــل هــو الثقــة بالنفــس فــي حيــن أن اليــأس يؤشــر‬ ‫إلــى فقــدان هــذه الثقــة ‪ ،‬الرغبــة بالثــروة تســمى جشــعا ونقيضهــا هــو الطمــوح الــذي يمثــل‬ ‫رغبــة فــي التمييــز ونيــل األســبقية ‪...‬إلــى آخــره مــن االنفعــاالت التــي يفصلهــا هوبــز فــي‬ ‫الفصــل الســادس ص‪ 59‬وكذلــك الفصــل ‪ 11‬ص ‪ 104‬مــن اللفياثــان‬ ‫ثنائيــة اللــذة واأللــم هــذه قــادت هوبــز إلــى االســتنتاج أن إرادة البقــاء وتحقيــق الســعادة هــي المبدأ‬ ‫المفســر للســلوك البشــري ‪،‬والمحافظــة علــى البقــاء تســدعي بالضــرورة الرغبــة الالنهائيــة فــي‬ ‫الحصــول علــى القــوة هــذه القــوة هــي وحدهــا الكفيلــة بتهدئــة قلــق اإلنســان ومنحــه الطمأنينــة‬ ‫فــي ســعية للحصــول علــى الســعادة غيــر أن هوبــز يحــذر مــن أن الســعادة التعنــي راحــة البــال‬ ‫كمــا تصورهــا الفالســفة االغريــق فهــو ينفــي وجــود مثــل هــذه الغايــة ويفهــم الســعادة علــى‬ ‫أنهــا استســام دائــم لمتحــول الرغبــة حيــث يكــون تحقيــق رغبــة مــا هــو طريقــا مســتمرا لرغبــة‬ ‫أخــرى فهــدف اإلنســان اليقتصــر علــى تحقيــق الحيــاة الســعيدة بــل يســتهدف ضمانهــا أيضـا ً كتب‬ ‫يقــول ( فإنــي أضــع فــي المرتبــة األولــى ‪ ،‬كميــل عــام لــدى الجنــس البشــري ‪ ،‬الرغبــة الدائمــة‬ ‫التــي ال تهــدأ باقتنــاء الســلطة بعــد الســلطة وهــي ال تنتهــي إال بالمــوت ص ‪ .)106‬وهــذا الميــل‬ ‫يفهــم بوصفــه رغبــة باألمــن تســتبطن حاجــة النهائيــة إلــى القــوة بمعناهــا المــادي والرمــزي‬ ‫معــا فاإلنســان اليكتفــي بالثــروة والســلطة وميولــه نحــو تحصيــل الشــرف والمجــد والحظــوة‬ ‫التقــل ضــراوة عــن رغبتــه بالســلطة الماديــة ‪ ،‬وهــذا الفهــم للســكلوجية البشــرية يجعــل مــن‬ ‫اإلنســان كائنــا أنانيــا ميــاال للتنافــس والحــرب والعــدوان ‪ ،‬والتزاحــم الــذي يســود الحيــاة يجعــل‬ ‫كل إنســان عــدوا مفترضــا لآلخــر «فاإلنســان ذئــب اإلنســان» وال مــكان للســام والطمأنينــة فــي‬ ‫عالــم تســوده المنافســة الضاريــة ( ألن ســبيل المنافــس إلــى تحقيــق رغبتــه هــو قتــل اآلخــر أو‬ ‫إخضاعــه أو هزيمتــه وطــرده ص ‪)106‬‬



‫أنا فكرة‬ ‫شعر ‪ /‬فوزية بندادا ‪ /‬المغرب‬ ‫فكرة السؤال لم تعد تستهويني‬ ‫لم أعد أسأل‬ ‫وكفى بالخبر المتسلل كأصابع لص تتحرش بجيب مغفل‬ ‫لم يجعل من جيبه الداخلي وكيال‬ ‫نسيت فكرة المعارك‬ ‫ال سبب يجعلني أسقط أناي في طبق الوجود الضيق‬ ‫أناي المحلقة دوما فوق سحب ينفثها جوف العدم‬ ‫ال أخشى أن يسبق ليلي نهاري‬ ‫ففرحي وحزني في أسبابهم يسبحون‬ ‫وآية لي أن ال أركب الموج المحمل بالوعود المتكسرة‬ ‫أما فكرة الغناء فهي ما يبقيني مشتعلة‬ ‫ألبس جلدي وأشعل قلبي‬ ‫حتى ينز الدمع من فرح واستغناء‬ ‫أنا فكرة متعددة التأويل‬ ‫مهما سقط عني من مجاز‬ ‫أظل راسخة في عطري‬



‫لست بها ملت‬ ‫د‪.‬هويدا شريف‬ ‫وأقف أمام عينيه‬ ‫فأصمت‬ ‫من جديد‬ ‫أخرس عن ذاك البوح‬ ‫ُ‬ ‫العنيد‬ ‫فأبتكر حديثا ضعيفا‬ ‫وهرطقات‬ ‫وأرحل بأفكار مبعثرة‬ ‫سارحة بخيال بعيد‬ ‫ال أدري‬ ‫هل هو الغباء‬ ‫حب شديد‬ ‫أم ّ‬ ‫لذاك سيّد الكبرياء‬ ‫الذي يختبئ خلف‬ ‫سوداء‬ ‫النّظارة ال ّ‬ ‫محتاره‬ ‫أعيش في دوامه‬ ‫أأبوح‬ ‫أو ال أبوح‬ ‫لما‬ ‫المزيد من الجروح‬


‫أكون أو ال أكون‬ ‫لست بهاملت‬ ‫ما أنا إال صبيّة‬ ‫بمشاعر طفوليّة‬ ‫في طريق الكره‬ ‫والعبوديّة‬ ‫تذوقت معه‬ ‫ّ‬ ‫طعم الحريّة‬ ‫وهو ال يعرف الو ّد‬ ‫وال طريق القصيدة ال ّ‬ ‫شعرية‬ ‫يتركها بصمت أكبر‬ ‫سر‬ ‫وخاطر مك ّ‬ ‫تخيط الحرف‬ ‫في األمسية‬ ‫بدمعة وذكرى ليلة صيفية‬ ‫كتبت‬ ‫منه وله‬ ‫تشيزوفرينيا الحروف‬



‫أمل‬ ‫زينب راضي‬ ‫في المستهل‪،‬‬ ‫اعترضني التيه‪،‬‬ ‫وأعماني العتهُ والالضياء‬ ‫واضمحلت الفكرة في أن أسود القوم‬ ‫وأضيء منطفئات المصابيح‬ ‫وأصلح منكسرات المجاذيف‬ ‫وأبدأ العوم‬ ‫وراح يقصدني البين‬ ‫وينعاني القضاء‬ ‫وانكسار‪ ،‬وانحسار‬ ‫وفي الردهة‬ ‫لفـّتـْني زرقة المساء‬ ‫وتكور الغيم‬ ‫ّ‬ ‫وتفشيه في كبد السماء‬ ‫وها قد استحال ماء‬ ‫ملء عيني صار المعنى‬ ‫أخذ وعطاء‬ ‫وفي الخالصة‪,‬‬ ‫أنا أعي والأدّعي‬ ‫انّي عدت من جبهتي‬ ‫أملك نفسا ً‬ ‫وبعض دعاء‬




‫من اجمل النوادر والطرائف ‪ //‬نقالً من منتدى الحديقة‬ ‫من اجمل النوادر والطرائف‬ ‫جمال النساء‬ ‫قال رجل المرأة ‪ :‬لماذا خلقت النساء في غاية الجمال وفي غاية الغباء ؟‬ ‫فقالت المرأة ‪ :‬في غاية الجمال من أجل أن تحبوهن ‪ ,‬وفي غاية الغباء من أجل‬ ‫أن يحببنكم!‬ ‫شهية ضعيفة‬

‫قال المريض ‪ :‬شهيتي لألكل ضعيفة يا دكتور‬ ‫فسأله الطبيب ‪ :‬متى تشعر بذلك؟‬ ‫قال المريض ‪ :‬بعد األكل مباشرة ً‬

‫تنس رأسك‬ ‫ال َ‬

‫توجه احدهم لزيارة صديق له ‪ ,‬وقبل دنوه من البيت لمحه مطالً من النافذة ‪ ,‬فلما‬ ‫طرق الباب أخبره الخادم ‪ :‬بأنه خرج من الصباح ولم يعد بعد ‪ ,‬فقال الزائر ‪:‬‬ ‫اخبره بالنيابة عني إذا خرج مره أخرى فال ينس رأسه في النافذة‪.‬‬


‫الصدقة‬ ‫سمع أحد األغنياء البخالء ‪ ,‬الخطيب في يوم الجمعة يمدح الصدقة واإلحسان‬ ‫في خطبته ‪ ,‬ويحض المصلين عليها ‪ ,‬فقال في نفسه ‪ :‬وهللا أن هذه الخطبة قد‬ ‫شوقتني إلى مد يدي للسؤال‪.‬‬

‫وصية‬ ‫ساق أحد الشرطة يوما ً لصا ً إلى المحكمة ‪ ,‬ولما اعترف أنه افتتح باب المحل‬ ‫التجاري ‪ ,‬الذي قبض عليه بمفتاح غريب ‪ ,‬مدعيا ً انه إنما فتحه عمالً بوصية‬ ‫والده ‪ ,‬فسأله القاضي وما هي وصية والدك ؟ قال ‪ :‬وصيته لي ‪ :‬أن ‪ :‬افتح محالً‬ ‫‪.‬‬ ‫تجارياً‪.‬‬ ‫النسيان‬ ‫المريض ‪ :‬مشكلتي يا دكتور أني سريع النسيان !‬ ‫الدكتور ‪ :‬ومتى بدأت هذه المشكلة‬ ‫المريض ‪ :‬أي مشكلة‬

‫الحمار‬ ‫سرق من أحمق حمار ‪ ,‬فقيل له ‪ :‬أسرق حمارك ؟ قال ‪ :‬نعم ( والحمد هلل ) ‪,‬‬ ‫فقيل ‪ :‬وعلى ماذا تحمده ! قال ‪ :‬ألني لم أكن عليه ‪.‬‬


‫حالل طيب‬

‫قالت عجوز لزوجها ‪ :‬أما تستحي أن تنظر إلى النساء وعندك حالل طيب ‪ ,‬قال ‪:‬‬ ‫أما حالل فنعم وأما طيب فال‪.‬‬

‫إعالن‬ ‫نشر أحد التجار إعالنا ً في الصحف يطلب فيه كاتبا ً أمينا ً يمسك دفاتره بالدقة‬ ‫والضبط ويستطيع العمل ثالثة عشر ساعة في كل يوم ‪ ,‬فحضر إليه شخص‬ ‫يلتمس قبوله لهذه المهنة ‪ ,‬فسأله التاجر وهل تستطيع أن تبقى محبوسا ً في‬ ‫المخزن كل هذا الوقت ‪ ,‬فأجابه الكاتب ‪ :‬كيف ال وقد سجنت بتهمة االختالس‬ ‫سبع سنوات متتاليات‪.‬‬

‫األعمى‬ ‫قالت فتاة ألخرى ‪ ,‬لقد رأيت شحاذا ً أعمى فقال أعطني درهما ً أيتها الحسناء ‪,‬‬ ‫فكيف رآني ليقول ذلك ؟ فأجابتها إنه لم يقل ذلك إال ليبرهن على أنه أعمى ‪.‬‬

‫القطب الشمالي‬

‫حدث دائن مدينا ً عن القطب الشمالي ‪ ,‬فقال إن مدة الليل هناك تطول إلى ‪141‬‬ ‫يوما ً ‪ ,‬فتنهد المدين وقال‪ :‬حبذا لو كنا في تلك البالد ‪ ,‬فإذا طالبتني بمالك قلت لك‬ ‫‪ :‬ارجع غدا ً صباحا ً ‪.‬‬


‫اعتبر نفسك في بيتك‬ ‫الضيف ‪ :‬أنا في بيتي ما آكل شيئا ً إال نادرا ً ‪ ,‬أما عند األصدقاء آكل ما يوازي أكل‬ ‫أربعة أشخاص‬ ‫صاحب الدار ‪ :‬خذ راحتك واعتبر نفسك في بيتك‪.‬‬

‫اللص‬ ‫القاضي ‪ :‬لماذا سرقت السيارة‬ ‫اللص ‪ :‬وجدتها في المقبرة فظننت أن صاحبها قد مات‬

‫عندنا من زمان‬

‫سأل المدرس طفل الحضانة ‪ :‬كم عمر والدك ؟‬ ‫أجاب الطفل ‪ :‬ال أعرف فهو عندنا من زمان‬

‫الفضولي‬ ‫قال بعضهم خرجت في الليل لحاجة فإذا أعمى على عاتقه جرة وفي يده سراج‬ ‫فلم يزل يمشي حتى أتى النهر ومأل جرته وانصرف راجعا ً ‪ ,‬فقلت ‪ :‬يا هذا أنت‬


‫طفيلي‬ ‫دخل طفيلي على قوم يأكلون ‪ ,‬فقال ما تأكلون ‪ ,‬فقالوا من بغضه ‪ :‬نأكل سما ً ‪,‬‬ ‫فقعد ليأكل معهم ‪ ,‬وقال ‪ :‬الحياة من بعدكم حرام ‪.‬‬ ‫وضرب لنا مثالً‬

‫وقفت امرأة قبيحة على عطار ماجن ‪ ,‬فلما نظر إليها قال ‪ ( :‬وإذا الوحوش‬ ‫حشرت ) ‪ ,‬فقالت ‪ ( :‬وضرب لنا مثالً ونسي خلقه ) ‪.‬‬ ‫الضيف‬ ‫ضاف رجل قوما ً فكرهوه ‪ ,‬فقال الرجل المرأته ‪ :‬كيف لنا أن نعلم مقدار مقامه ‪,‬‬ ‫فقالت ‪ :‬ألف بيننا شرا ً نتحاكم إليه ‪ ,‬فقالت ‪ :‬بالذي يبارك لك في غدوك غدا ً أينا‬ ‫أظلم ‪ ,‬فقال الضيف ‪ :‬والذي يبارك لي في مقامي أبدا ً ال أعلم ‪.‬‬ ‫السائل‬ ‫سأل سائل أعرابي فقال له ‪ :‬أعطني حاجة لوجه هللا تعالى ‪ ,‬فقال األعرابي ‪ :‬ما‬ ‫عندي أنا أولى به منك ‪ ,‬قال السائل ‪ :‬أين الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان‬ ‫بهم خصاصة ‪ ,‬قال األعرابي ‪ :‬ذهبوا مع الذين ال يسألون الناس إلحافا ً ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الغاوي‬ ‫كان هناك مجموعة من الناس يرتدون ثيابا ً حسنة ‪ ,‬فوجدهم رجل فظن أنهم‬ ‫مدعوون إلى وليمة ‪ ,‬فارتدى أحسن الثياب ولحق بهم ‪ ,‬وهم كانوا مدعوين‬ ‫ليلقي كالً منهم شعرا ً للخليفة الذي وضع جائزة لمن يضحكه ‪ ,‬فقالوا شعرهم فلم‬ ‫يضحك الخليفة ‪ ,‬ووصل الدور إلى الرجل فلم يدري ما يقول ‪ ,‬فقال ‪ :‬أنا غاوي‬ ‫‪ ,‬والشعراء يتبعهم الغاوون ‪ ,‬فضحك الخليفة حتى استلقى على ظهره ‪ ,‬وأعطاه‬ ‫الجائزة ‪.‬‬


‫المدرس ‪ :‬ما هو الفصل الذي تسقط فيه األمطار‬ ‫الطالب ‪ :‬الفصل الذي ليس له سقف‬

‫الحذاء‬ ‫األول ‪ :‬لماذا تلبس حذاء اليمين بيضاء واليسرى سوداء‬ ‫الثاني ‪ :‬وماذا أفعل إذا كان في البيت نفس الشيء‬

‫امتحان الممرضات‬

‫ذهبت فتاة المتحان الممرضات ‪ ,‬وفي امتحان الذكاء سألها رئيس اللجنة ‪ :‬ماذا‬ ‫تفعلين إذا بلعت أختك الصغيرة مفتاح المنزل ؟ فقالت ‪ :‬أدخل من النافذة ‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬منتدى الحديقة‬


‫أعمى والليل والنهار عندك سواء فلماذا حملت السراج ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا فضولي‬ ‫حملته معي ألعمى القلب مثلك يستضيء به فال يعثر بي في الظلمة فيقع علي‬ ‫فيكسر جرتي‪.‬‬

‫الجدي‬ ‫حضر أعرابي على مائدة أحد الخلفاء فقدم إليه جديا ً مشويا ً فأخذ يأكل منه بنهم‬ ‫‪ ,‬فقال له الخليفة ‪ :‬أراك تأكل بنهم كأن أمه نطحتك ‪ ,‬فقال له األعرابي ‪ :‬أراك‬ ‫تشفق عليه كأن أمه أرضعتك‪.‬‬

‫حماقة‬ ‫اصطحب أحمقان في طريق فقال أحدهما ‪ :‬تعال لنتمنى فإن الطريق يقطع‬ ‫بالحديث ‪ ,‬فقال أحدهما ‪ :‬أنا أتمنى قطيع غنم أنتفع بلبنها ولحمها وصوفها ‪,‬‬ ‫وقال اآلخر ‪ :‬أنا أتمنى قطيع ذئاب يأكل غنمك ‪ ,‬فقال ويحك أهذا من حق الصحبة‬ ‫‪ ,‬وتالحما واشتدت الملحمة ينهما ‪ ,‬فرضيا بأول من يطلع عليهما حكما ً ‪ ,‬فطلع‬ ‫عليهما شيخ على حمار بين زقين من عسل فحدثاه ‪ ,‬فنزل من الحمار وفتح‬ ‫الزقين حتى سال العسل في التراب ‪ ,‬ثم قال صب هللا دمي مثل هذا العسل إن لم‬ ‫تكونا أحمقين ‪.‬‬ ‫من أقارب الضحية‬ ‫ذات يوم وقع حادث تصادم وتجمهر الناس في مكان الحادث ووصل شخص‬ ‫متأخر وكان معروف بفضوله فلم يستطع اختراق جموع الواقفين من شدة‬ ‫الزحام ‪ ,‬فصاح بهم وهو يتظاهر بالبكاء ‪ :‬أيها الناس افسحوا لي المكان فأنا‬ ‫من أقارب الضحية ‪ ,‬فأفسح الناس له المكان وعندما وصل عند الضحية وجدها‬ ‫حماراً‪.‬‬ ‫الفصول األربعة‬



‫ِْ‬ ‫النْسانُ الْ َع َر ِ ُّب َب ْ َي نا َق ِة الْ ُم َثق ِ​ِّب الْ َع ْب ِد ِّي َو ِحصانِ َع ْن َ َت َة‬ ‫ياس ِة)‬ ‫الس َ‬ ‫(قَلِ ٌيل ِم َن ْالَ َد ِب‪ ،‬كَ ِث ٌري ِم َن ِّ‬

‫د‪َ .‬م ْح ُمود َسلِيم َع ْبد الْ َغ ِن ّي‬ ‫ـض ال َّنظَـ ِر َعــنِ الشَّ ـكْلِ الَّـ ِـذي ٱت َّ َخـ َذ ُه ٰهــذا الْحاكِـ ُم‬ ‫ ‬ ‫ـر كَ ِثـ ًرا ِمـ ْن َز َمــنِ الْجا ِهلِيَّـ ِة إِىل ْالنَ‪َ .‬و ِب َغـ ِّ‬ ‫الْ َعالقَـ ُة بَـ ْ َ‬ ‫ـن الْحاكِــمِ الْ َعـ َر ِ ِّب َوشَ ـ ْع ِب ِه لَـ ْم تَتَ َغـ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ـت َعلَيْـ ِه؛ فَالشَّ ـ ْع ُب ُهـ َو ُهـ َو‪ ،‬لَـ ْم يَتَ َغـ َّـر كَ ِثـ ًرا‪ ،‬إِنَّـ ُه حا ِمـ ُـل الْحاكِــمِ الْ ُم ِجـ ُّد َوصانِـ ُع انْ ِتصاراتِـه‪ِ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـب َعلَيْهــا الشَّ ـ ْع ُب أ ْو ت َ َقلَّبَـ ْ‬ ‫ِف خــال الْ ُع ُصــو ِر الَّتــي تَ َقلَّـ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـول بِهــا َويَ ُجـ ُ‬ ‫َو َركُوبَتُـ ُه الْ َ ِمي َنـ ُة الَّ ِتــي يَ ِصـ ُـل بِهــا إىل حيْــثُ يُرِيـ ُد‪َ ،‬ويَ ُصـ ُ‬ ‫ـر‬ ‫ـول أ َّن شــا َء َوكَيْـ َـف شــا َء ِجـ ًّدا َو َهـ ْز ًل َوسـل ًْم َو َح ْربًــا؛ َوالْحاكـ ُم ُهـ َو ُهـ َو‪ ،‬لَـ ْم يَتَ َغـ َّ ْ‬ ‫ـي إِنَّ ــا ُسـ ِّخ َرتْ لَـ ُه‪َ ،‬وال يَ َسـ ُعها إِلَّ أَ ْن تُـ َؤ ِّد َي َو ِظي َفتَهــا طَيِّبَـ ًة ِب ٰذلِـ َـك نَف ُْســها‪.‬‬ ‫كَ ِثـ ًرا أَيْضً ــا‪ ،‬إِنَّـ ُه ال َّراكِـ ُ‬ ‫ـب ْالَز ِ ُّ‬ ‫َل‪َ ،‬وفــار ُِس ٰهـ ِـذ ِه ال َّركُوبَـ ِة َوقائِ ُدهــا الْ ُم َفـ َّدى‪ ،‬فَ ِهـ َ‬ ‫َوثَ َّـ َة ِف ْالَ َد ِب الْ َعـ َر ِ ِّب شُ ـ َعرا ُء فُ ْرســا ٌن كا َن لَ ُهـ ْم أَ ْحـ ٌ‬ ‫ـر‬ ‫ ‬ ‫ـر ُة بْـ ُن شَ ـ َّدا ٍد‪َ ،‬وقَـ ْد َعـ َّ َ‬ ‫ـوال إِنْســانِ َّي ٌة َمـ َع َركائِ ِب ِهـ ْم‪َ ،‬و ِمـ ْن هـ ُؤال ِء الْ ُمثَ ِّقـ ُ‬ ‫ـب الْ َع ْبـ ِـد ُّي َو َع ْنـ َ َ‬ ‫كِال ُهــا َعـ ْن ٰذلِـ َـك ِشـ ْع ًرا؛ فَــكا َن كَال ًمــا ِفيـ ِه ِمـ َن الْوا ِق ِع َّيـ ِة ال ِ‬ ‫ْقاسـ َي ِة ِب َقـ ْد ِر مــا ِفيـ ِه ِمـ َن ْ ِ‬ ‫ـن ُعـ ْذ ًرا إِ ْن‬ ‫يح ال َّر ُجلَـ ْ ِ‬ ‫النْســانِ َّي ِة الْعا ِبـ َر ِة‪ ،‬أَ ِو الْام ِرقَـ ِة ُر َّبــا‪َ .‬وأَ ْسـتَ ِم ُ‬ ‫ـص‪َ ،‬و ٰهـ ِـذ ِه ُسـلْطَ ٌة تُ ْغـرِي ِ‬ ‫صاحبهــا بِالتَّ َف ُّنــنِ َوأَ ْحيانًــا‬ ‫قُلْـ ُ‬ ‫ـس ِفيـ ِه ظا ِهـ ًرا‪ ،‬إِلَّ أَ َّن الْقــارِى َء ُهـ َو الَّـ ِـذي يَ ْج َعـ ُـل الْ َحيــا َة ت َـ ُد ُّب ِف أَ ِّي نَـ ٍّ‬ ‫ـت ِف ِشـ ْع ِر ِهام مــا لَ ْيـ َ‬ ‫بِالتَّ َفـ ُّـنِ‪.‬‬ ‫فاطـ ُم قَبْـ َـل بَيْ ِنـ ِ‬ ‫ـب الْ َعبْـ ِـد ُّي‪ِ ،‬ف َمشُ ــوبَ ِت ِه الَّ ِتــي أَ َّولُهــا «أَ ِ‬ ‫يَ ُقـ ُ‬ ‫ـب‬ ‫ ‬ ‫(ش ُح ِديــوانِ الْ ُمثَ ِّقـ ِ‬ ‫ـي‪ ،‬الْ ُمثَ ِّقـ ُ‬ ‫ـك َمتِّ ِعي ِنــي» ُمتَ َح ِّدثًــا َعـ ْن ناقَ ِتـ ِه َ ْ‬ ‫ـول الشَّ ــا ِع ُر الْجا ِهـ ِ ُّ‬ ‫الْ َعبْ ِ‬ ‫ــد ِّي ط دار صــا ِدر)‪:‬‬ ‫تَأَ َّو ُه آ َه َة ال َّر ُجلِ الْ َحزِينِ‬

‫إِذا ما قُ ْم ُت أَ ْر َحلُها‪ِ 1‬بلَ ْيلٍ‬ ‫تَق ُ‬ ‫ُول إِذا َد َرأْتُ ‪ 2‬لَها َو ِضي ِني‬

‫‪3‬‬

‫أَك ُُّل ال َّد ْه ِر َح ٌّل َوٱ ْرتِ ٌ‬ ‫حال‬ ‫فَأَبقى ِ‬ ‫باط ِل‪َ 4‬والْ ِج ُّد ِم ْنها‬

‫أَ ٰهذا ِدي ُن ُه أَبَ ًدا َو ِدي ِني‬ ‫ل َوما يَ ِقي ِني‬ ‫أَما يُ ْب ِقي َع ّ َّ‬ ‫كُ ُدكَّانِ ال َّدرا ِب َن ِة‪ 5‬الْ َم ِط ِني‬

‫‪6‬‬

‫ـات الْ َ َد ِب الْ َعـ َر ِ ِّب َح ِديثًــا ِبـــ ِ‬ ‫ـي بِالْ َكـ ْونِ َوالْكائِنـ ِ‬ ‫«حــوا ُر الْكائِنـ ِ‬ ‫ُعـر َِف ٰهــذا ال ِْحــوا ُر ِف واحـ ِ‬ ‫ـات‬ ‫ـات» الَّـ ِـذي كَشَ ـ َـف َعـ ْن َعالقَـ ِة الشَّ ــا ِع ِر الْجا ِهـ ِ ِّ‬ ‫ـت ِمـ ْن َعوالِــمِ الطَّبِي َعـ ِة َوالْ َح َيــوانِ َمرايــا لِ ْ ِلنْســانِ َو ُر ُمــوزًا‬ ‫الَّ ِتــي ِفيـ ِه ِمـ ْن ِخــا ِل « ٰهـ ِـذ ِه الْ َعـ ْ ِ‬ ‫ـي‪ ...‬الَّ ِتــي َج َعلَـ ْ‬ ‫ـن الطِّ ْفلِ َّيـ ِة الَّ ِتــي تَ َ َّيـ َز بِهــا الشَّ ــا ِع ُر الْجا ِهـ ِ ُّ‬ ‫ـول التَّعاطُـ ِ‬ ‫ـف الَّ ِتــي ت ُْسـ ِق ُط ِفيهــا الْ َنــا َمشــا ِع َرها َعــى الْ َشْ ــيا ِء َوالْكائِنـ ِ‬ ‫لَـ ُه‪َ ...‬و ٰهــذا ال ِْحــوا ُر يَبْـ َدأُ ِمـ ْن ِم ْنطَ َقـ ِة التَّعاطُـ ِ‬ ‫ـات‪(ِ ...‬ف) حــا ٍل يَ ْغـ ُدو ِفيـ ِه َم ْف ُعـ ُ‬ ‫ـف‬ ‫ِمـ ْرآ ًة لِفا ِعلِـ ِه‪َ ( ».‬م َجلَّـ ُة «الْ َعـ َر ِ ُّب» الْ َعـ َد ُد ‪ 430‬د‪ .‬جابــر ُع ْصفــور)‬ ‫الس ِ‬ ‫ـوب طَـ َ‬ ‫التفُّـ ُه ِف أَ ْرجــا ِء ُملْ ِك ـ ِه‪ ،‬أَ ْو ِع ْن ـ َد ُحلَفائِ ـ ِه‬ ‫ ‬ ‫ـوال َحياتِ ـ ِه‪َ ،‬و ِّ‬ ‫َوبِالْ ُمقا َربَـ ِة ِّ‬ ‫ياس ـ َّي ِة ِالف ِْت ِاض َّي ـ ِة فَـ ِإ َّن ِدي ـ َن الْحا ِكــمِ َو َديْ َدنَـ ُه ال ُّركُـ ُ‬ ‫الســيا َح ُة َو َّ َ‬ ‫ـات َركُوبَ ِت ـ ِه ِبـ ْـل يَ ْقـ ِـي َعلَ ْيهــا حا َجتَ ـ ُه‪َ .‬و ُه ـ َو يَ ْح ـر ُِص ِ‬ ‫ـت لِقَضــا ِء حاجـ ِ‬ ‫دائًــا َعــى أَ ْن ال‬ ‫أَ ْولِيــا ِء نِ ْع َم ِت ـ ِه‪ ،‬ال يَ ْن ـز ُِل إِ َّل إِذا أُنْـز َِل ِب َق ـ َد ٍر أَ ْو َع ْس ـ َكرٍ‪َ ،‬وال يَلْتَ ِفـ ُ‬ ‫يَشْ ـ ُغ َر َمكانُـ ُه َولَـ ْو لِســا َع ٍة ِ‬ ‫واحـ َد ٍة‪َ ،‬حتَّــى ال ت َ ْعـر َِف ال َّركُوبَـ ُة شُ ـ ُعو َر التَّ َخ ُّفـ ِ‬ ‫ـال لِ َركُوبَـ ٍة‬ ‫ـف ِمـ ْن هــذا الثِّ ْقــلِ ف َ َْتكَـ َن إِلَ ْيــه (إِىل الشُّ ـ ُعورِ)! َوت َـرا ُه ال يُلْ ِقــي بـ ً‬ ‫صهــا َحتَّــى ِ‬ ‫تَــكا ُد ت َْسـ ُق ُط ِمـ َن ْ ِ‬ ‫ـر ِمـ ْن راكِبِهــا‪ ،‬فَـ ِإ َّن َو َرثَتَـ ُه ُح ًّبــا أَ ْو‬ ‫آخـ ِر قَطْـ َر ِة َد ٍم َو َعـ َرقٍ َوأَ َمــلٍ َو ُحلُــمٍ ‪َ .‬وإِ ْن قُـ ِّد َر لِل َّركُوبَـ ِة أَ ْن تَ ِعيـ َ‬ ‫ـش أَكْـ َ َ‬ ‫ال ْعيــا ِء‪ ،‬فَ ُهـ َو يَ ْع ِ ُ‬ ‫كُ ْر ًهــا ُهـ ْم َمـ ْن يُ ِتـ ُّم ٰذلِـ َـك‪َ ،‬وقَـ ْد يَ ِصـ ُـل ْالَ ْمـ ُر ِب َب ْع ِض ِهـ ْم أَ ْن يَ ْركَ َبهــا َم ْيتَـةً‪َ ...‬وال بَـأْ َس ِب ٰذلِـ َـك مــا دا َمـ ِ‬ ‫ـوب‬ ‫ـب أَ ِو ال ُّركُـ ُ‬ ‫ـي ال َّراكِـ ُ‬ ‫ـت الْ ِق َّصـ ُة ِف الْ ُح ْكــمِ الْ َعـ َر ِ ِّب ِهـ َ‬ ‫َولَ ْي َسـ ِ‬ ‫ـت ال َّركُوبَـةَ!‬ ‫لسـ َف ِر لَيْـ ًـا‪َ ،‬وت ِ‬ ‫ـي َعلَيْهــا َك ت َْسـتَ ِطي َع الْ ِقيــا َم بِوا ِجبِهــا نَ ْحـ َو ُه‬ ‫ ‬ ‫ـر ُم ِم ْنـ ُه ِمـ ْن كَـ ْ َ‬ ‫ـر ِة ْالَ ْســفارِ‪ ،‬إِذا مــا قــا َم لِيُ َج ِّه َزهــا لِ َّ‬ ‫فَناقَـ ُة الشَّ ــا ِع ِر تَتَـ َ َّ‬ ‫ُناشـ ُد ُه أَ ْن يُبْ ِقـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب َح ْملـه‪َ ،‬ولٰك َّنـ ُه َعــى عا َدتـه َوب َِصا َحتـه الْ َم ْع ُهــو َدة يُقـ ُّر ِبـأ َّن «الْ َج َمـ َـل ِب ِنيَّـة َوالْ َجـ َّـا َل ِب ِنيَّـة» حـ َن يَ ُقـ ُ‬ ‫ـت»‬ ‫ـول ُمفاخـ ًرا‪« :‬فَأبْقــى باطـ ِـي َوالْ ِجـ ُّد م ْنها‪...‬الْبَيْـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السـ ْ ِ‬ ‫ـر ِ ِليصال ـ ِه إِىل غايَ ِت ـ ِه‪ .‬إِ َّن‬ ‫فَهــا ُه ـ َو ذا يَ ْه ُزلُهــا ِب َكـ ْ َ‬ ‫ـي ِذي ت ُســا ِع ُد ُه ِف ٰذلِـ َـك َعــى نَف ِْســها ِم ـ ْن خــا ِل ِج ِّدهــا ِف َّ‬ ‫ـر ِة َس ـ َف ِر ِه ِف لَ ْه ـ ِو ِه َو َه ْزلِـ ِه‪َ ،‬وهــا ِهـ َ‬ ‫‪ 1‬‬ ‫ ‪2‬‬ ‫ ‪3‬‬ ‫‪ 4‬‬ ‫ ‪5‬‬ ‫ ‪6‬‬ ‫يَ ْه ُزلَهــا‪.‬‬

‫ أَ ْر َحلُها‪ :‬أَضَ ُع َعلَ ْيها ال َّر ْح َل‪.‬‬‫ َد َرأْتُ ‪ :‬بَ َسط ُْت‪.‬‬‫ الْ َو ِض ُني‪ :‬ما بَ َسطَّ ُه َعىل الْ َ ْر ِض‪ ،‬ث ُ َّم أَبْ َرك َْت َعلَيْ ِه الْبَ ِع َري لِتَشُ َّد ُه ِبه‪ِ.‬‬‫ ِ‬‫باطيل‪َ :‬ه ْز ِل‬ ‫ ال َّدرا ِب َنةُ‪ :‬الْبَ َّوابُونَ‪.‬‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫السـ َف َر لَـ ْم يُ ْبــقِ ِمـ َن ال َّناقَـ ِة إِ َّل َه ْيـك ًَل كَحانُـ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ـوت الْ َب َّوا ِبـ َن ِف ِعظَ ِمـ ِه َوٱ ْرتِفا ِعـ ِه‪َ ،‬و ِف هــذا دَاللَـ ٌة َعــى ِعظَــمِ ج ِْسـ ِمها أَ ْصـ ًـا قَ ْبـ َـل أَ ْن‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ط‬ ‫ِال‬ ‫ب‬ ‫ـي‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫‪ -‬الْ َم ِطـ ُن‪ :‬الْ َمطْـ ِ ُّ‬


‫(باطـ ِـي ‪َ /‬والْ ِجـ ُّد ِم ْنهــا)؛ ِ‬ ‫ـي الَّ ِتــي ت ُ َج ِّسـ ُد الْ ُحلْـ َم الْ َعـ َر ِ َّب‪َ ...‬ع ْفـ ًوا الْ ُح ْكـ َم الْ َعـ َر ِ َّب‪ِ :‬‬ ‫َعالقَـ ِة التَّضــا ِّد ِف ٰهــذا الشَّ ـطْ ِر ِمـ َن الْبَيْـ ِ‬ ‫باطـ ُـل الْحا ِكــمِ ِف َه ْزلِـ ِه‪،‬‬ ‫ـت ِهـ َ‬ ‫ـوم ِف ِخ ْد َم ِت ـ ِه‪.‬‬ ‫َو ِج ـ ُّد الْ َم ْح ُكـ ِ‬ ‫ُول َع ْن َ َت َة ِف ُم َعلَّ َق ِت ِه ُمتَ َح ِّدث ًا َع ْن ِحصانِ ِه ( َج ْم َه َر ُة أَشْ عا ِر الْ َع َر ِب ِف الْجا ِهلِ َّي ِة َو ْ ِ‬ ‫َويَق ُ‬ ‫ص)‪:‬‬ ‫ال ْس ِ‬ ‫الم ط نَ ْهضَ ُة ِم ْ َ‬

‫ ‬

‫‪7‬‬ ‫َسبَ َل بِال َّد ِم‬ ‫ما ِزل ُْت أَ ْر ِمي ِه ْم ِب ُغ َّر ِة َو ْج ِه ِه َولَبانِ ِه َحتَّى ت َ ْ‬

‫فٱ ْز َو َّر ِم ْن َوقْعِ الْقَنا فَ َز َج ْرت ُ ُه‬ ‫لَ ْو كا َن يَ ْدرِي ما الْ ُمحا َو َر ُة ٱشْ تَىك‬ ‫ولقد شفى نفيس وأبرأ سقمها‬

‫وشَ كا إِ َ َّل ِب َع ْ َب ٍة َوت َ َح ْم ُحمِ‬

‫‪8‬‬

‫َولَكا َن لَ ْو َعلِ َم الْكَال َم ُم َكلِّ ِمي‬ ‫قيل الفوارس ويك عن َرت ِ‬ ‫أقد ِم‬ ‫ُ‬

‫ـب َم ْوت َـ ُه‬ ‫ـر ُة ِحصانَ ـ ُه َحتَّــى ال ِّنهايَ ـ ِة‪َ ،‬ويْ ْن ُقلُ ـ ُه ِم ـ َن ٱ ْخ ِتبــا ٍر َص ْعـ ٍ‬ ‫ـب‪َ ،‬ويَ ْز ُج ـ ُر ُه ِع ْن َدمــا يُحــاو ُِل أَ ْن يَتَـ َ َّ‬ ‫ـر َم أَ ْو يَتَ َج َّنـ َ‬ ‫ـب إِىل ٱخ ِتبــا ٍر أَ ْص َعـ َ‬ ‫يُ ْج ِه ـ ُد َع ْنـ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ـر‬ ‫ـن ْالَ ِسـ َّن ِة َوالْقُضُ ـ ِ‬ ‫الْ ُم َحتَّـ َم بَـ ْ َ‬ ‫ـس ِبألَــمِ هــذا الْحصــانِ َو ِبإنْســانيَّته ع ْن َدمــا يَ ْسـتَ ْع ِ ُب هــذا الْ خـ ُر َويَ ْص َهـ ُـل ب َِصـ ْوت خافــت يُشْ ـ ِب ُه ال َحنــن‪َ ،‬غـ ْ َ‬ ‫ـب‪ ،‬ولٰك َّنـ ُه يُحـ ُّ‬ ‫أَ َّن ٰذلِـ َـك ال يَ ْك ِفــي‪ ،‬فَال ِْحصــا ُن بِحا َجـ ٍة إِىل لُ َغـ ِة ِ‬ ‫ـس ِف الْ ُمتَنــا َو ِل‪َ .‬وتَبْلُـ ُغ الْ ُحبْ َكـ ُة أَ ْو َجهــا ِحـ َن يُـ ِ‬ ‫ـر ُة ِحصانَـ ُه‬ ‫صاح ِبـ ِه لِيَتَ َ‬ ‫واصـ َـل َم َعـ ُه‪َ ،‬وهــذا مــا لَيْـ َ‬ ‫ـواس َع ْنـ َ َ‬ ‫ـب تُ ْلِيـ ِه أَ ْخـ ُ‬ ‫ـاق الْ ُف ْرســانِ ‪ ،‬ل ِكـ َّن الْ َم ْع َركَـ َة‬ ‫شكُـ ُه َم َعـ ُه ِف قَ ْولِـ ِه «نابَنــا» ِف َجام َعـ ِة الْ ُمتَ َكلِّ ِمـ َن «نــا»‪ُ ،‬م َؤ ِّديًــا بِذلِـ َـك مــا َعلَيْـ ِه ت ُجــا َه ِحصانِـ ِه ِمـ ْن وا ِجـ ٍ‬ ‫َويُ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـر ِمـ ْن ُو ْسـ ِعها‪ ،‬فَ ِه َّمـ ُة الْفــار ِ​ِس بَ ِعيـ َدةٌ‪َ ،‬وت َ ْف ِكـ ُر ُه ِب ِإرا َحـ ِة ِحصانِـهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـر َعــى الْ ْرض َع َمليًّــا‪َ ،‬ويَ ُعــو ُد الْحصــا ُن َركُوبَـ ًة يُ َكلِّفُهــا صاحبُهــا أكْـ َ َ‬ ‫ش َء يَتَ َغـ َّ ُ‬ ‫ت َْسـتَم ُّر‪َ ،‬وال َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمـ ْن ثِ ْقــلِ ٰهـ ِـذه الْ َم ْع َركَـة أبْ َعـ ُد!‬ ‫الس ِ‬ ‫ياسـ َّي ِة ِالف ِْت ِاض َّيـ ِة ُهنــا أَيْضً ــا‪َ ،‬وبَ ِعيـ ًدا َعــنِ ِ‬ ‫ـن الطِّ ْفلِ َّيـ ِة»‪ ،‬فَـ ِإ َّن ال ِْحصــا َن ُ َيثِّـ ُـل الشَّ ـ ْع َب الَّـ ِـذي‬ ‫«الت ِّحــا ِد‪َ ،‬والْ َنــا‪َ ،‬وبَ ْع ِضهــا‪َ ،‬والْ َعـ ْ ِ‬ ‫َوبِالْ ُمقا َربَـ ِة َّ‬ ‫ـوالت ِج ـ ًّدا َو َه ـ ْزال‪ ،‬فَــا يَ ْخ ـ ُر ُج ِفي ـ ِه ِم ـ ْن َم ْع َركَ ـ ٍة إِ َّل لِ ُي ْد ِخلَ ـ ُه ِف أُ ْخــرى‪ُ ،‬دو َن ٱلْ ِتفـ ٍ‬ ‫وب َوالْ ُبطُـ ِ‬ ‫ـات إِىل َمــدى قُـ ْد َر ِة هــذا الشَّ ـ ْع ِب‬ ‫يُ ْر ِه ُق ـ ُه حاكِ ُم ـ ُه بِالْ ُح ـ ُر ِ‬ ‫َعــى ِال ْسـ ِت ْمرا ِر أَ ِو التَّ َح ُّمــلِ ‪ ،‬فَ َيظَـ ُّـل بِذلِـ َـك ُمثْ َخ ًنــا بِالْ ِجـرا ِح‪َ ،‬ويَ ْبقــى الْ ُجـ ْر ُح َم ْفتُو ًحــا فا ِغـ ًرا فــا ُه‪ ،‬كَــا حاكِ ُمـ ُه‪ ،‬إِلَّ أَ َّن الْ َفـ ْر َق أَ َّن الْحاكِـ َم يَ ْف َغـ ُر ُه لِشَ ـ ْه َو ِة‬ ‫َالم ِم ْنـ ُه‪ ،‬فَالْحاكِـ ُم لَـ ْم يَ ْف َهـ ْم يَ ْو ًمــا لُ َغـ َة الشَّ ـ ْع ِب «لَـ ْو كا َن يَـ ْدرِي‪...‬‬ ‫ـي‪َ ،‬و َع ِّيـ ِه َعــنِ الْـك ِ‬ ‫الْ َحـ ْر ِب َوالْ ُبطُولَـ ِة‪َ ،‬وال ِْحصــا ُن لِ َيتَ َكلَّـ َم ِم ْنـ ُه‪ ،‬بَ ْعـ َد لَ ْجــمِ فَ ِمـ ِه الطَّبِي ِعـ ِّ‬ ‫ـر َة َع َبثًــا يُحــاو ُِل َمـ َع ِ‬ ‫وب َمـ َع ُحكَّا ِمهــا‪.‬‬ ‫الْ َب ْيـ ُ‬ ‫صاح ِبـ ِه‪ ،‬كَــا الشُّ ـ ُع ُ‬ ‫ـت» ‪َ ،‬و ِحصــا ُن َع ْنـ َ َ‬ ‫ش ٌء ِم ـ ْن ٰذلِـ َـك ِف َخلَـ ِـد أَ ٍّي ِم ـ َن الشَّ ــا ِع َريْنِ ‪َ ،‬و ُر َّبــا كا َن ِش ـ ْع ُر ُهام ِف ْعـ ًـا ِحــوا ًرا ِم ـ َع الْكائِنـ ِ‬ ‫ـات‪ ،‬أَ ْو ِحــوا َر الْ َنــا َم ـ َع بَ ْع ِضهــا‪ ،‬أَ ِو‬ ‫ ‬ ‫ُر َّبــا لَ ـ ْم يَ ـ ُد ْر َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـب بِال َّركُوبَ ـ ِة‪ ،‬و ٰهـ ِـذ ِه ِق َّم ـ ُة الْ ُمســاوا ِة َوغايَ ـ ُة ْ ِ‬ ‫سعــا َن مــا تَتَكَشَّ ـ ُـف َع ـ ْن أ ْم َريْــنِ ‪َ :‬ع ـ ْن‬ ‫ات ِّحــا ًدا لِلْحا ِمــلِ بِالْ َم ْح ُمــو ِل َوال َّراكِـ ِ‬ ‫النْســانِيَّ ِة‪ ،‬إِلَّ أنَّهــا إِنْســانِيَّ ٌة ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـب َوناقَتُـ ُه)‪ ،‬أ ْو ْٱسـ ِتغْال ٍل َوضَ حـ ٍ‬ ‫ـر ٍف‬ ‫ـر ُة َوحصانُـ ُه)‪َ ،‬و َعـ ْن نَ ْو َعـ ْ ِ‬ ‫ق َْسـ َو ٍة َو ْٱسـ ِتغْال ٍل لِلطِّيبَـ ِة َو َّ‬ ‫الســذا َج ِة (الْ ُمثَ ِّقـ ُ‬ ‫ـن ِمـ َن الْ ُحـك َِّام؛ حاكِــمٍ ُمـ ْ َ‬ ‫ـك َعــى ال ُّذقُــونِ ( َع ْنـ َ َ‬ ‫َ‬ ‫يَ ْسـتَ ْنز ُِف شَ ـ ْع َب ُه ِ ِل ْرضــا ِء نَ َزواتِـ ِه‪َ ،‬وحاكِــمٍ ُمولَـعٍ بِال ُبطُـ ِ‬ ‫ـي الْ ُم َسـ َّخ َر ُة لَـ ُه‪،‬‬ ‫ـب (الْحاكـ ُم) ُهـ َو الْ سـ ُ‬ ‫ـوالت‪ .‬فَال َّراكِـ ُ‬ ‫ـاس‪َ ،‬و ُهـ َو الْ ِق َّصـةُ‪َ ،‬وال َّركُوبَـ ُة (الشَّ ـ ْع ُب) ِهـ َ‬ ‫ـت ال تَــرى ِف نَف ِْســها إِلَّ ٰذلِـ َـك!‬ ‫مــا دا َمـ ْ‬

‫ ‪7‬‬ ‫‪ 8‬‬

‫ لبا ُن الْ َف َر ِس‪َ :‬ص ْد ُر ُه‪.‬‬‫يف ِفي ِه َح ِن ٌني يَ ْستَ ْع ِط ُف ِب ِه ال ِْحصا ُن ِ‬ ‫صاح َبهُ‪.‬‬ ‫‪ -‬التَّ َح ْم ُح ُم‪َ :‬ص ْوتٌ َخ ِف ٌ‬




‫«الشك بركان حارق»‬ ‫هيام الشرع‬ ‫يقول آرنست همنغواي ‪ :‬إن افضل طريقة لمعرفة ما اذا كان بامكانك الثقة‬ ‫بشخص ما‪ ،‬هي ان تثق به!‬ ‫فهل يعني هذا أن نخضع ثقتنا في االخرين للمغامرة؟ ام نتبع حدسنا بمن نريد‬ ‫ان نثق بهم؟!‬ ‫قد تلتقي أحيانا شخص تجده حذرا في تعامله وكالمه معك‪ ،‬وحين تواجهه بما‬ ‫ينفرك من غموضه‪ ،‬يجيب إنه لم يعد يثق باحد ‪.‬‬ ‫يخبرنا رد فعله هذا‪ ،‬أنه قد تعرض لخيانة من قبل شخص كان موضع ثقته‬ ‫التامة‪ ،‬ونتيجة لذلك قرر ان ال يمنح ثقته ألي كان مرة اخرى ‪.‬‬ ‫لكن السؤال هنا‪ :‬هل تلك التجربة التي خرج منها‪ ،‬بهذا الكم من الخوف‬ ‫والتردد في منح ثقته آلخرين‪ ،‬تكمن فقط في سوء إختياره‪ ،‬أم أن هناك‬ ‫اسباب اخرى؟‬ ‫إن قناعة االنسان بإمكانياته وقراراته‪ ،‬وبما يمتلكه من قدرات ومواهب‬ ‫وملكات وتجارب‪ ،‬تجعل منه إنسان واثق من نفسه‪ ،‬والثقة بالنفس‪ ،‬من أهم‬ ‫عوامل النجاح في كل امور الحياة‪.‬‬ ‫التعرض لنكسات وخذالن من قبل أشخاص وضعنا ثقتنا بهم ال يعني أنه ال‬ ‫يوجد من هم أهل للثقة‪ ،‬فقط مهمة البحث عنهم هي األصعب‪ ،‬ألنها تحتاج‬ ‫الى دقة وصبر وإختبار قبل االطمئنان لهم ‪.‬‬ ‫أغلب الناس في هذا الزمان المليئ بالمتناقضات‪ ،‬وأنعكاسات ظروف‬ ‫المجتمع القاسية عليهم‪ ،‬يتعاملون مع بعض بحذر شديد وعدم ثقة‪ ،‬فمنهم‬ ‫من يظن أن اآلخرين يحاولون التقرب منهم ألغراض ومصالح شخصية‪،‬‬ ‫وقد يكون ظنهم في محله! لكن البعض منهم يعاني من عدم الثقة بالنفس‬ ‫مما يشعرهم بالنقص أو الدونية ‪ ،‬فنجدهم يغطون على إحساسهم هذا إما‬ ‫بالمبالغة في اقتناء ما غال ثمنه للفت االنظار بعيدا عن ذاتهم المشوشة‪ ،‬أو‬


‫بإظهار القسوة في تعاملهم مع من حولهم‪ ،‬أو اإلنغماس في البحث عن أخطاء‬ ‫اآلخرين وكشف عيوبهم بغرض إظهار قوتهم وفرض سطوتهم‪ ،‬كما فعل‬ ‫الراهب االسباني «توماس داي» عندما أطلق بمسدسه رصاصة فارغة على‬ ‫رأس خطيبته فقط ليفرض ساديته بحجة أنه كان يختبرها‪ ،‬فلما اغمضت‬ ‫عينيها خوفا قام بفسخ خطوبته منها‪ ،‬وتبريره أنها لم تكن تثق به !‬ ‫االنسان بطبعه يحتاج لمن يؤنسه ويبثه شكواه ويشاركه اسراره ليخفف عن‬ ‫كاهله ما يؤرقه ويتعبه‪ ،‬لذا حتى لو كانت ثقته مشوبة بالشك‪ ،‬فإنه يحاول أن‬ ‫يبقيها قائمة في عالقته مع المقربين ‪...‬فالثقة مطلوبة لكن بحدود‪ ،‬يعني ال‬ ‫افراط وال تفريط ‪...‬‬ ‫يقول «فرانك كرين» ‪( :‬قد تتعرض للخداع إذا وثقت أكثر من الالزم لكنك‬ ‫ستعيش بعذاب إذا لم تثق بقدر كاف) ‪.‬‬ ‫أغلب العالقات العاطفية التي تربط‪ ،‬بين االزواج أو العشاق أو األصدقاء‪ ،‬أو‬ ‫األقارب‪ ،‬تنتهي سريعا بالفراق او التكتم والحذر الشديد‪ ،‬عندما يغزو وحش‬ ‫الشك القلوب‪ ،‬وتنعدم الثقة وتذهب ريحها‪ ،‬إذ تتحول الحياة بين الطرفين الى‬ ‫جحيم وبركان يستمر بالغليان حتى ينفجر‪.‬‬ ‫لذا أفضل حل حين يخالجنا الشك أن نلجأ للعقل ونحتكم له فهو األقدر على‬ ‫أطفاء نار الشك الحارقة‪.‬‬ ‫يقولون ‪ :‬ثقة العاطفة شهر وثقة العقل دهر ‪.‬‬ ‫ويبقى سؤاال مطروحا يفرض نفسه يا ترى هل يمكن بناء الثقة مرة اخرى‬ ‫بعد الخيانة ؟؟!‬




‫صندوقي أسود‬ ‫د‪ .‬هويدا شريف‬ ‫‪ ‬وأقف في الشارع المظلم‪:‬‬ ‫تحت الفانوس‬ ‫العتيق‬ ‫أبحث في مستودع الذّكريات‬ ‫عن قلب تاه‬ ‫منّي في الطريق‬ ‫صندوقي أسود‬ ‫وذكريّاتي عقيمة‬ ‫ال تزهر‬ ‫أختلق لي األعذار‬ ‫أحاول التشبث‬ ‫بالحلم كي ال أنهار‬ ‫أدّعي أنني سليمة‬ ‫وأرتدي قفازاتي ومعطفي‬ ‫ال أبتسم‬ ‫أبدو للعابر لئيمة‬ ‫صندوقي أسود‬ ‫وذاكرتي ال تزهر‬ ‫هي التّرنيمة‬ ‫القديمة‬ ‫تالحق الذاكرة‬ ‫كمشردة تائهة عابرة‬ ‫كامرأة ترمى بالحصى‬ ‫فقط ألنّها سافرة‬


‫والصندوق ال أدري‬ ‫ورائي أم أمامي‬ ‫ليتني‬ ‫أحرقه‬ ‫أدوسه بأقدامي‬ ‫فأنسى أسوأ االمي‬ ‫وجهك ولحيتك الطاهرة‬ ‫لتغيب‬ ‫لترحل‬ ‫وال تعود ولو بظروف قاهرة‬ ‫وأنا في الشارع العريض‬ ‫مع ّ‬ ‫قط عجوز مريض‬ ‫نجلس تحت المصباح‬ ‫من المساء حتّى الصباح‬ ‫ساهرة‬ ‫نرثي كلماتنا ال ّ‬ ‫بشيزوفرينيا الحروف‬




‫حدث في ذات ريح‬ ‫قاسم الساحلي‬ ‫أشــعلت الريــح صــدى صوتهــا فــي كل مــكان‪ ،‬وتبـدّت نــدوب الصــراخ فــي وجــه األرض‪ ،‬شــجرا ً مبتــوراً‪،‬‬ ‫وحقــوالً منكوبــة‪ ،‬وبقايــا مــن ســقوف وأعمــدة وحجــار‪...‬‬ ‫وإذا أنــت رفعــت ببصــرك مــن خلــف متــراس زجاجــك المهــدد صــوب الســماء لرأيتها مشــحونة الصــدر تارة‬ ‫ومشــروحة تــارة أخــرى‪ ،‬ومــا بيــن الشــحن والشــرح ثــوان يشــق فيهــا جــواد الريــح صفــوف الغيــم المتعســكر‬ ‫فــوق التخــوم‪ ،‬فتبــدأ رحلــة الشــتات‪ ،‬وتصبــح الســماء مســرحا ً ألبطــال مــن مســرح الدمــى اوحديقــة الحيــوان‬ ‫أو قصــص األطفــال او ‪...‬‬ ‫وال تلبــث أن تصفــو الزرقــة حتــى لتتمنــى فــي قــرارة نفســك أن ترشــف ســافها بحــدق العيــن‪ ،‬ليعــود الشــتات‬ ‫المبعثــر فــي أطرافها للتجمــع والتعســكرمن جديد ‪...‬‬ ‫فــي هــذي اللعبــة التــي تلعــب فيهــا األدوار ســريعة وخاطفــة حتىلتخــال أنــك أمــام مشــهد مركــب مســبق‬ ‫اإلعــداد‪..‬‬ ‫تبقــى الزمــة وحيــدة فرضــت نفســها علــى كل شــيء وتســربت إلــى كل شــيء وحلّــت فــي كل شــيء حتــى‬ ‫اختصــرت كل األشــياء ‪...‬هــي الزمــة الريــح‪ ،‬تنبــع مــن كل جهــات األرض ومــن كل األفــواه ‪ :‬مــن الشــجرمن‬ ‫الحجــر مــن الســحب مــن الزرقــة مــن زجــاج النافــذة مــن المــاء مــن الســقوف وجــدران الحقــول مــن عيــون‬ ‫النــاس واألرصفــة والطريــق ‪...‬‬ ‫وأنــت المتربــص تحــت ســقفك وخلــف متراســك وركنــك يعــروك هلــع واكتئــاب ‪،‬تشــعر بــأن إرادة مــا فــي‬ ‫مــكان مــا أوعــزت إلــى ذلــك الثــور الهائــج بــأن يــدوس بحوافــره الطائشــة كل األشــياء وأن يثيــر خلفــه كل‬ ‫غبــاراألرض‪ ،‬ليشــوش علــى صــوت مــا أو يمحــو صــورة مــا أو ليغطــي لمار مــا في عينيــه أكداس مــن الريبة‬ ‫والقلــق والخــوف والوحشــة والضيــاع ‪.‬‬ ‫أو تشــعر بــأن تنيــن األرض الصفــراء أفــاق مــن ســباته الدهــري وراح يجــرب قدرتــه فــي النفــخ وإعــادة‬ ‫التشــكيل ‪...‬‬ ‫تراقــب الشــمس المشــهد بعيــن الملــك المغلــوب علــى أمــره‪ ،‬التســتطيع شــيئا ً وقــد عراهــا ضمــور وذبــول‪،‬‬ ‫وتغيــب غيــر راضيــة عنــك لمــا يجــري مــن تخريــب وســطوة وتنكيــل ‪.‬‬ ‫فيزيــد الليــل المشــهد افتراسـا ً ووحشــية‪ ،‬ويغــدو المتربــص مجلــودا ً مرتيــن ‪ :‬مــرة بالســياط التــي يتلقاهــا الذعة‬ ‫جارحــة فــوق ظهــره العــاري دون حجــاب ‪ ،‬ومــرة اخــرى بحجــب عينيــه عــن معرفــة جــاده ونــوع الســوط‬ ‫الــذي يقتلــه صراخـا ً مد ّمــى ‪...‬‬ ‫فــي هــذا الليــل الطاحــون‪ ،‬تطحــن المشــاعر واألحــام واألمنيــات‪ ،‬تطحــن النظــرات وإيقاعات القلــب وخطوط‬ ‫الجباه وتكورالشــفاه وكل أشكال الحياة ‪...‬‬ ‫وتضطــر بســاعة الزمــن‪ ،‬تــارة توجــه ســاريته يمين ـا ً فتجبههــا أصــوات النفيــر‪ ،‬فتتجــه عكــس التياريســارا ً‬ ‫فتنهرهــا صاعقــة القــدر‪ ،‬فتحتارفــي أمرهــا وفــي عنوانهــا واســمها وفــي اي اتجــاه تريــد ‪.‬‬



‫فــي هــذا الليــل العجيــب يغــدو الســرير غصنــا تتقاذفــه قوائــم الجيــاد المحمومــة والغبار‪،‬ويغــدو الدثــار لعنــة‬ ‫أخــرى تزيــد ناراالضطــراب واالضطــرام ‪ .‬فيســتحيل النــوم معجــزة التتحقــق إال إذا تعــب الثــور الهائــج‬ ‫وأرخــى قرنيــه وأعطــى لحوافــره إجــازة مفتوحــة عن نبــش ماكدســته الدهور‪ ،‬وإال ســتطول لعبــة المصارعة‬ ‫الحمقــاء وســيطول معهــا تاريــخ العــذاب ‪.‬‬ ‫فــي ذاك الليــل الهائــج أضاعتنــا وكان لنــا قبلهمــا كان وكان ‪ :‬الفــراش المنتحــي زاويــة البيــت‪ ،‬والجــدران‬ ‫المطليــة بالصبــر‪ ،‬والســقف الطينــي المتربــع علــى جســرين مــن ولــه ومــن وجــع‪ ،‬المفتــرش قصبــات البــوح‬ ‫حصيــرا ً مــن أحــام طائــرة تتيــه فــي عدّهــا عيــون األطفــال المتأهبــة للرقــاد‪ ،‬والقنديــل رفيــق الــزاد والكتــاب‬ ‫واألســرار وحكايــات الليــل الشــتوي الطويــل‪ ،‬وزاروبنــا المتخفــي المتلــوي العتيــق‪ ،‬والجــذوع المحنيــة مــع‬ ‫اضالعنــا‪ ،‬والوجــوه ســفيرة الشــمس والغبــار‪ ،‬جــدي المحنــي كمــا صــاج أمــي وكمــا دربنــا ومنجلنــا المعلــق‬ ‫أعلــى الجــدار‪ ،‬الحقيبــة المغ ّمســة بروائــح الخبــز والصعتــر والبيــت والقبــات‪ ،‬وعيونهــا تلــك التــي أضعتهــا‬ ‫وقــد الحقتنــي تدثــر أنفاســي وتحــدو لخطواتــي وايامــي وتتأمــل عميق ـا ً عينيــن معروكتيــن يفركهمــا طفــل‬ ‫علــى اســتدارة عينيهــا كمــا شــمس الحــي وخبزنــا الفــواح وكرتــي العنيــدة ودمعهــا ‪.‬‬ ‫ـك يقتلنــا‪ ،‬أم هوســنا بالذكريــات‪ ،‬أم الزمــن يحتّنــا مــن جلمــوده األزلــي رمـاً تلهــو‬ ‫مــن يقتلنــا ياأمــاه؟ صمتـ ِ‬ ‫بــه الريــح وتــذروه غبــارا؟ مــن أضــاع مــن وجــده؟ ومــن وجــد مــن أضاعــه؟ مــن يقتلــه وجــده؟ ومــن يقتلــه‬ ‫صبــره وتأملــه؟ ومــن أضــرم نارالوجــد المقدســة فــي كل أوان؟ إجمعــي شــتاتي وأعــدي العــدّة لبواكيــر‬ ‫الصبــاح فشمســنا المنيــرة الزالــت معلقــة هنــاك فــي خشــب النافــذة مابيــن درفتيــن‪ ،‬درفــة خلعهــا النســيان‬ ‫فــي ذات ريــح ودرفــة الزالــت ممســكة بجــدار الــدار ترفــض أن تخلــع وإن توحشــت العاصفــة واقتلعــت‬ ‫األشــجار ‪...‬‬



‫قلعة بوعمامة وقرص مغرار‪ ..‬ذاكرة الثورة‪///‬‬

‫ف‬ ‫جنو�‬ ‫يمثل قرص مغرار وقلعة الشيخ بوعمامة المنتصبان ي� والية النعامة (‪ 600‬كلم‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫غرب العاصمة)‪ ،‬ذاكرة المقاومة الشعبية ي� بلد واجه أبناؤه آلة المسخ الفرنسية عىل‬ ‫مدار ث‬ ‫أك� من قرن ونيف‪ّ ،‬‬ ‫ين‬ ‫الموقع� المتجاورين إىل متحف أثري وفضاء‬ ‫وتم تحويل هذين‬ ‫مفتوح لالس�ت احة واالستكشاف بجانب دار للضيافة ح�ت يتس�ن استقطاب السياح وإتاحة‬ ‫ف‬ ‫الفرصة للزوار من أجل الغوص ي� تاريخ المنطقة‪ ،‬والتعريف بالهندسة المعمارية القديمة‬ ‫يز‬ ‫المم�ة لنمط حياة السكان القداىم بقصور جبال األطلس الصحراوي‬ ‫والحرف التقليدية‬ ‫الغر�‪.‬‬ ‫بي‬ ‫أك� أبطال‬ ‫تتسم القلعة ال�ت ي تحمل اسم “الشيخ بوعمامة” (‪ )1908 - 1838‬وهو أحد ب‬ ‫ف‬ ‫الدفاع وأبراجها الحربية المصممة للرصد‬ ‫بنظامها‬ ‫ائر‪،‬‬ ‫ز‬ ‫الج‬ ‫�‬ ‫المقاومة‬ ‫الشعبية ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫الهندس‬ ‫وتتم� القلعة أيضا بطابعها‬ ‫وتغ�ات الطبيعة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫والشامخة ي� وجه قساوة المناخ ي‬ ‫ي‬ ‫المحل‪ ،‬ما يجعلها تجذب إليها أنظار آالف الزوار‬ ‫الهرم المستوىح من الطراز المعماري‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كب� وثالثة مداخل رئيسة‬ ‫كل عام‪ ،‬وتتوفر القلعة عىل نحو ‪ 34‬برجا للمراقبة وأطالل سور ي‬ ‫ومنارة لمسجد عتيق شيد بالمنطقة قبل ستة قرون خلت‪ ،‬إضافة إىل بقايا ورشة لصناعة‬ ‫وذخ�ة ومطمورات لتخزين المؤونة‪.‬‬ ‫أدوات حربية‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫زك شتوح‪ ،‬أنه جرى االعتماد ي� بناء قلعة بوعمامة عىل مادة الجبس‬ ‫ويقول‬ ‫ي‬ ‫الخب� ي‬ ‫ف‬ ‫التقليدية نظرا لتوفرها ي� المنطقة‪ ،‬مع العلم أن قبة القلعة المبنية من الجبس وسط‬ ‫ف‬ ‫وه أيضا تحفة معمارية ي� غاية الدقة والجمال‪،‬‬ ‫المدخل الرئيس للمتحف‬ ‫ي‬ ‫الحال‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫ويلحظ الزائر للمكان قوة تماسك جزئيات القلعة خاصة ي� جدرانها الخارجية ال�ت ي يبلغ‬ ‫خ‬ ‫والتاري�‬ ‫عرض القطعة بها حواىل الم�ت ين‪ .‬وعىل الرغم من أهمية اإلرث الحضاري‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫كث�ا من أسوارها ظلت معرضة للتلف ولم تستفد سوى من عمليات شكلية‬ ‫للقلعة‪ ،‬إال أن ي‬ ‫لم تتجاوز طالء واجهاتها‪ ،‬تستوجب أشغال صيانة وتأهيل بعد أن أصبحت معرضة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫لالنهيار ي� أي لحظة‪ ،‬ي� وقت يقول مسؤول مكتب اآلثار وحفظ ال�ت اث بمديرية الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫أن قلعة الشيخ بوعمامة المصنفة ث‬ ‫ك�ات وط�ن‬ ‫محم تتشكل من آثار‬ ‫التابعة للمنطقة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫�ت‬ ‫�ت‬ ‫�ت‬ ‫ثمينة تم‬ ‫صيانة البعض منها واس جاع بعض مالمحها بعد أشغال التهيئة وال ميم ال ي‬ ‫�ت‬ ‫ش‬ ‫جنو� �ق‬ ‫الحال‪.‬وعىل بعد ‪ 137‬كلم‬ ‫مرت بعدة ف ات منذ سنة ‪ 1998‬إىل بداية العام‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫التحتا� الذي يحتوي عىل مادة توثيقية هامة تخص وصايا‬ ‫والية النعامة‪ ،‬يقع قرص مغرار‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الشيخ بوعمامة ومخطوطاته ال�ت ي تمثل مختلف مخلفاته ي� مجال علوم الدين ومعارف‬ ‫والتفس�‪ ،‬كما تؤرخ لمختلف المراحل التاريخية ال�ت ي شهدتها المنطقة لتعطيل توغل‬ ‫الفقه‬ ‫ي‬ ‫الك�ى‪.‬‬ ‫ونفوذ المستعمر‬ ‫الفرنس نحو الصحراء ب‬ ‫ي‬


‫اإلسالم‬ ‫ويحتوي قرص مغرار عىل جدران منقوشة بزخارف وفسيفساء من الفن المعماري‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫البسات� بالمنخفضات الوديانية‬ ‫أوان فخارية وعتاد بسيط استعمل ي� زراعة‬ ‫القديم وبقايا ٍ‬ ‫دفاع شيده قائد المقاومة‬ ‫وتنتم جميع تلك الكنوز األثرية إىل محيط حصن‬ ‫للمنطقة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مسؤول قطاع الثقافة بوالية‬ ‫الغر� للجزائر‪ .‬واستنادا إىل إفادات‬ ‫الشعبية بالجنوب‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫فإنه ُيرتقب ش‬ ‫ال�وع ي� أشغال جرد ومسح ضمن مخطط إلحصاء كنوز الذاكرة‪،‬‬ ‫النعامة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫بعدما ع� عىل دالئل جغرافية وطبيعية لبقايا متحجرة ونقوش صخرية وردت ي� كتابات‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫البدا�‬ ‫اإلنسان‬ ‫خاللها‬ ‫من‬ ‫ع�‬ ‫قديمة‬ ‫قصور‬ ‫خمسة‬ ‫تتوسطها‬ ‫بيئة‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫العالمة ابن خلدون ي‬ ‫عن كينونته منذ ش‬ ‫ين‬ ‫مؤرخ�‪.‬‬ ‫ع�ة آالف سنة قبل الميالد حسب‬

‫تقرير موقع ‪ /‬يومية السالم اليوم ‪/‬الطاهر‪.‬م‬ ‫تصوير واعادة ش‬ ‫الن� ‪ /‬حمودة بن جراد‬




‫وج ُع الرحيلِ ! ‪//‬‬ ‫د ‪.‬حسن فرحات‬ ‫��وب املرافقـ ُة ألروا ٍح هجـ�رتْ أجس��ا َد الــرى ولكنهــا‬ ‫تس��اف ُر إلي��ك الطي��و ُر ل�كي تستنش َ��ق من��ك رائحـ َة بخ�وـ ِر الجن ِ‬ ‫ـرح‬ ‫ظلـ ْ‬ ‫ـوب ال يـ ُ‬ ‫ـوب وهــو يســر ُّد أروا َحنــا إليــه مهــا بعــدتْ املســافاتُ ألن الجنـ َ‬ ‫ـت يف الوطــن‪ .‬فــا أرو َع الجنـ َ‬ ‫ِ‬ ‫وتاريخــه العظيـ ِـم‬ ‫ـروح التــي هــي منــه‪ ،‬ومــن ترا ِبــه وهوائِــه‬ ‫الـ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرميــد تســك ُن ذكرياتُنــا‬ ‫القديــم وقرميــ َده‪ ،‬هنــاك يف‬ ‫البيــت‬ ‫طيــو ُر الســنونو التــي كانــت تغمــ ُر بســتا َن‬ ‫ِ‬ ‫الحميمــ ُة مــع هديِــل الســنونو‪.‬‬ ‫قــد حــان موعـ ُد رحيلِهــا ألنّهــا كانــت دامئـاً حــارض ًة فرحـ ًة مزغــرد ًة مرفرفـ ًة يف ســائِه أل ّن حضــو َرك يــا عـ ّـا ُه‬ ‫كان يُش ـ ِع ُرها بطأمنين ـ ِة النفـ ِ‬ ‫ـس وراح ـ ِة البــا ِل والفك ـ ِر‬ ‫يربح أروا َحنا‪.‬‬ ‫مفاجى‪ ،‬ترك فينا لوع ًة‪ ،‬ألنك‬ ‫رحيل ُمب ّك ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫رض الذي ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫الغائب الحا ُ‬ ‫ٌ‬ ‫أرض تحــي حكايـ ِ‬ ‫ـب ُمعلّقـ ٌة باآلفــاقِ وأجســا ٌد مدف ُنهــا تربـ ُة ٍ‬ ‫ـات كبــا ِر ضيعـ ٍة حــارض ٍة يف الوجــدانِ‬ ‫أرواح الرتائـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬آه‬ ‫ماأق�رـب أصوــاتَ قُرانَ��ا وهــي تنادينــا مضمخـ ًة بــرى الجنـ ِ‬ ‫ـوب وأحال ِمــه التــي ال متــوتُ‬ ‫َ‬ ‫تندب ما فقدتْه من أع َّز ٍة‪ ،‬وكانت تنتظ ُر مستقبالً‪ ،‬ولكن آ ِه من قسو ِة األقدارِ‪.‬‬ ‫وأحيا ٌء‬ ‫وأرواح ال ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تربح حيا ًة ُ‬ ‫أرواح‬ ‫وأمــواتٌ مفارقــو أحيــا ٍء بالجســد‪ ،‬ولكــن الــروح تظـ ُّـل يف جنوبِهــا الحـ ِ‬ ‫ـان عــى قبــو ٍر تســك ُن ُ‬ ‫أصحابِهـ�ا يف صدورِنـ�ا‪ .‬ولكـ�ن آ ِه مـ�ن مـ ٍ‬ ‫�اض خـ�ا ٍل مـ�ن مسـ�تقبلٍ ‪.‬‬


‫رحيل َُك أوجع قلوباً قسا عليها ده ٌر خاد ُع اإلنسانِ واف ُراألوجا ِع‬ ‫عدال ُة السام ِء دامئ ًة حارض ًة رائد ًة س ّباق ًة يف اِختيا ِر تواري ِخ أ ِج ّن ِة ٍ‬ ‫مولد غريِ بادي ٍة لألبصار‪.‬‬ ‫عمـاه ! العظ�ما ُء يُخل��دون دامئـاً يف ذاكــر ِة األوفيــا ِء‪ ،‬أل ّن الوفــا َء صفـ ُة العظــا ِء وامتــدا ٌد لألوفيــاء‪ ،‬وأنــت كنــت‬ ‫واحــدا ً منهــم‬ ‫ـب الوجدانيـ ِ‬ ‫ـض الحيــاة‪ ،‬أل ّن املــوتَ حـ ٌّـق‬ ‫ـات يف الصميــم ‪ ،‬ولكنــه مل يفقـ ْد نبـ َ‬ ‫عــاه! غيابُــك عــن الديــا ٍر أصـ َ‬ ‫ـاب قلـ َ‬ ‫األرواح‪.‬‬ ‫متارسـ�ه األجسـ�ا ُد ال‬ ‫وال َحـ ُّ�ق أوىل بـ�أن َ‬ ‫ُ‬


‫هام�� ٌة عظيمةـ ٌـ ش��امخ ٌة كالجب��ا ِل ال تنحن�يـ إال للم ِ‬ ‫ـت‬ ‫��وت ألنّ��ه حق ٌّــ ‪ ،‬والح ُّ��ق عظيـ ٌم ش��ام ٌخ كالجبــا ِل‪ .‬قام��ةُ رحلـ ْ‬ ‫ولكـ َّن جبـ َـل عامــلٍ يقــول إنّهــا مل ترحـ ْـل أبــدا ً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املوعد ‪ ،‬ألنّك مل ِ‬ ‫َ‬ ‫كأس ال ّذ ِل والهوانِ يف زمنِ ارتهانِ‬ ‫النفس‬ ‫قبل‬ ‫سقاك املوتُ كأساً عذباً َ‬ ‫تحتس َ‬

‫يضطرب عاشقو أري ِج الزهو ِر‬ ‫وتفرح عند بزو ِغ ربيعِ الدف ِء يك ال‬ ‫تبكي َِك الصخو ُر يف الشتا ِء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األرض بأمثـاِ َك ألنّــك امتــدا ٌد ألحمـ َد جليــلِ فلســط َني الــذي ال زالــت ِذكْـ َراه تغطــي مسـ ٍ‬ ‫ـاحات واســع ًة‬ ‫لــن تجــو َد ُ‬ ‫شاســع ًة‪ِ ،‬ع َم ُدهــا الكرامـ ُة والذكـ ُر الحكيــم‬ ‫اشتياق دائ ُم الخلو ِد عىل رحيلٍ‬ ‫خارج الحسبانِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بالذكريات‬ ‫مؤقت عن ديا ٍر ستبقى باقي ًة مأهول ًة‬ ‫وغياب‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ـب والوفــا ِء‪ ،‬وعنوانُهــا املــوتُ الــذي هــو امتــدا ٌد ألحيــا ِء ال ي ْخلِفــون وصايــا‬ ‫رشعـ ُة األبـ ِ‬ ‫ـواب ألهــلِ ال ّحـ ِّ‬ ‫ديــا ٌر م ّ‬ ‫الراحلــن ‪.‬‬ ‫رحيل محز ٌن سيبقى مخيامً بظالل ِه إىل ح ِني ِ‬ ‫مولد ٍ‬ ‫شلل النسيانِ‬ ‫‪،‬بعث يُحيي ضامئ َر أصابَها ُ‬ ‫ٌ‬ ‫األب‬ ‫ويتامى ِ‬ ‫أرسار س�ن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬

‫لكتم‬ ‫والج ِّد يدعون الل َه يف الخفا ِء ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الحضور‬ ‫توثيق‬ ‫دون‬ ‫ت‬ ‫عز ٍلة مر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬



‫المالئكة تزف الشاعرة كزال ابراهيم الى السماء‬ ‫كتب ‪ /‬رياض الدليمي‬ ‫الشــاعرة الكرديــة كــزال ابراهيــم تنعيهــا الــورود وكــرات الثلــج وشــقائق النعمــان انهــا‬ ‫بنــت اعشــاش العصافيــر ودمــى الحــروف ورهافــة نســائم الربيــع تــودع روحها انيســة‬ ‫لطبيعــة كردســتان مكانــا ابديــا بجــوار نيــران كاوه الحــداد والشــيخ محمــود الحفيــد‬ ‫وعبــدهللا كــوران ‪ ..‬انهــا شــهيدة الكلمــة والعفــة والصمــت علــى البلــوى والمصائــب‬ ‫وضيــق الحــال ‪ ..‬كانــت تصنــع الصبــر خبــزا ألوالدهــا ولــم يشــكوا ‪ ..‬بــل كانــوا‬ ‫يشــربون عســل اناملهــا فصامــوا دهــورا وهــم يشــدون بطونهــم لكــي ال يســمعون امهــم‬ ‫كــزال ضجرهــم وســقمهم مــن هــذا الحــال ‪..‬‬ ‫اقول لك ياكزال‬ ‫((أَأ َ‬ ‫األرض‬ ‫ضرب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫أم أَركضها ؟‬

‫ضفائرك‬ ‫ت تقصين‬ ‫وأن ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحملينَ الزعفرانَ‬ ‫ْ‬ ‫والتوبة‬ ‫أُ‬ ‫ب ووج ِه‬ ‫طرطش الما َء على جن ِ‬ ‫ُ‬ ‫الرمان‬ ‫بسياط‬ ‫ع‬ ‫ألذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تلك اللحظ ِة‬ ‫أصبر‬ ‫ُ‬ ‫وأقهقهُ‬ ‫واألنيس‬ ‫الوقت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واألحالم لئال تهربْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫أن ِ‬ ‫تمنحينَ حياة ً لمن ال يرغب‬ ‫القصور‬ ‫تتخفين بين‬ ‫ِ‬ ‫باكيةً صبري‬


‫كانوا يقولون‪:‬‬ ‫حين تبكي المرأة‬ ‫تنتهي البسمات‪،‬‬ ‫وتيبس األرجاء‪،‬‬ ‫وللحظات تصمت الجبال‪...‬‬ ‫للشــاعرة الراحلــة الكثيــر مــن اإلصــدارات األدبيــة بلغــت ‪ 24‬ديوانــا شــعريا باللغــة‬ ‫الكرديــة‪ ،‬منهــا (شــذرات مــن العشــق) و (يــدي مــآى بالمطــر) اضافــة الــى االعمــال‬ ‫الكاملــة‪.‬‬ ‫تُرجمــت دواوينهــا الشــعريّة إلــى اللغــات الفارســية‪ ،‬والالتينيــة‪ ،‬والعربيــة‪ ،‬وبعــض‬ ‫والروســية‪ ،‬واالســبانية‪.‬‬ ‫قصائدهــا الــى اللغــة االنكليزيــة‪ ،‬واأللمانيــة‪ّ ،‬‬ ‫لها ديوان شعري مترجم إلى العربية بعنوان “عين للعشق حضن للمحبة”‬ ‫ولها ديوان شعري مترجم الي اللغة الفارسية‪.‬‬ ‫حصلــت علــى العديــد مــن الجوائــز واالوســمة وشــهادات الشــكر والتقديــر وقدمــت‬ ‫العشــرات مــن رســاالت الماجســتير والدكتــوراه النقديــة فــي جامعات اقليم كوردســتان‪.‬‬ ‫وحصلــت علــى المركــز األول فــي الشــعر عــن ديــوان «قصبــة قلعــةدزة» وتســلّمت‬ ‫الجائــزة عــن هــذا المركــز مــن وزيــر الثقافــة العراقــي‪.‬‬ ‫حصلت على المركز السادس في الشعر في دولة مصر‪.‬‬ ‫حلصت‪ ‬على ‪ 110‬جائزة و ّ‬ ‫شهادات تقديريّة في الكثير من الدّول العربيّة‪.‬‬ ‫ـرة علــى المركــز‬ ‫فــي مجمــل المســابقات األدبيّــة الّتــي شــاركت فيهــا‪ ،‬حصلــت ‪ 20‬مـ ّ‬ ‫ـرة‬ ‫ـرة علــى المركــز الثالــث و‪ 12‬مـ ّ‬ ‫ـرة علــى المركــز الثانــي و ‪ 18‬مـ ّ‬ ‫األول و‪ 35‬مـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫علــى المركــز الرابــع‪.‬‬ ‫مختارات من قصائد كزال ابراهيم خدر‬


‫وبلواي‬ ‫ّ‬ ‫تجودينَ بالروحِ عني‬

‫ت‬ ‫فتخج ُل ك ّل الفضاءا ِ‬ ‫خلقك اللحظة‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫جدائلك‬ ‫فتمطر على‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫صحف األنبياء‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫وعروش الطواغي ِ‬ ‫َ‬ ‫صبري‬ ‫تتوددينَ َ‬ ‫عمرك‬ ‫تد َّخرينَ‬ ‫ِ‬ ‫ضفائر‬ ‫َ‬ ‫وقمحا ً‬ ‫لمرحِ الينابيع‬

‫انسجي‬ ‫حروف الرواةِ‬ ‫َ‬ ‫أسرابا ً من بع ِد‬ ‫صبرك‬ ‫أطعميني جرعات‬ ‫ِ‬ ‫شهدا ً‬ ‫وجنات ُخل ٍد ))‬ ‫كــزال ابراهيــم ابنــة ‪ 1‬مــارس ‪ 1968‬تكتــب للحــب والــورد والفــرح القــادم نســجت‬ ‫ألوالدهــا ومحبيهــا بيــوت احــام وامــان بغــد اجمــل ‪..‬‬ ‫رســمت الــوان الجلنــار علــى فــم الصبــاح فــكان شــهيا للقبــل ولذيــذ النشــوى لــكل مــن‬ ‫يبحــث عــن الجمــال واالمــل ‪ ..‬لقــد طــرزت ايامهــا محبــة لآلخــر فكانــت الهــة جمــال‬ ‫وحــب وطمأنينــة ‪ .‬فتوســدوا دواوينهــا وركبــوا بســاط احالمهــا فتجــوا وعبــروا كل‬ ‫دروب الكــره والفتنــة ومســالك القتــل التــي حالــت دون تمزيــق وطنهــا ‪ ..‬انهــا حمامــة‬ ‫ســام وجســر تواصــل بيــن ثقافــات بلدهــا العــراق لقــد احبهــا العــرب والتركمــان‬ ‫وااليزيــد بقــدر حــب الكــرد لهــا فماتــت ولــم تمــت اجنحتهــا وهــي ترفــرف فــي ســماء‬ ‫العــراق ‪ ..‬تفخــر بنفســها ألنهــا امــرأة فتقــول ‪:‬‬


‫والسنته ملئية باألكاذيب‬ ‫وانا أسمي هذا الوطن‬ ‫‪4‬‬ ‫في طفولتي‬ ‫كنت شديدة الكره للعاصفة‬ ‫في احد االيام‬ ‫جاءت عاصفة‬ ‫سرقت مني دميتي‬ ‫ولكني اآلن‬ ‫كلما هبت العواصف‬ ‫أشتهي فرحا ُ‬ ‫اقول ربما هبت من لدنك‬ ‫يترشح منها أريجك‬ ‫‪5‬‬ ‫يقال ان القمر ال يتقن الغناء‬ ‫هذه الليلة أنا والقمر‬ ‫غنينا حتى الصباح‬ ‫هو غنى للنجوم‬ ‫وانا غنيت لعينيك‬ ‫‪6‬‬


‫ترجمة «لطيف هلمت‬ ‫شعر»كه زال ابراهيم خدر‬ ‫‪1‬‬ ‫حين وجدتك‬ ‫كنت تلة تحولت الى جبل‬ ‫كنت نبعا ً فأصبحت بحرا ُ‬ ‫كنت ليلة قاتمة‬ ‫فأصبحت صبحا منيرا ُ‬ ‫كنت طيرا ُ في قفص‬ ‫عدت الى أعالي أغصان األشجار‬ ‫ألنثر النغمات الحلوة واألغاني‬ ‫‪2‬‬ ‫كالنا‬ ‫أنا وأنت‬ ‫سجينان‬ ‫انت سجين التقاليد‬ ‫وانا سجينة الخوف‬ ‫‪3‬‬ ‫وطني‬ ‫شوارعه مفعمة برائحة الهلع‬ ‫وأياديه مثقلة برائحة الخيانة‬


‫انت المتهم‬ ‫ألنك لم تتمكن من تعلم لغة االنهار‬ ‫كي تنقذك من االمواج‬ ‫وتوصلك الى جنبي‬ ‫انا المتهمة‬ ‫ألني من اجل تناول حفنة من السنابل‬ ‫ابعدت الطيور‬ ‫‪8‬‬ ‫ما بأيدينا‬ ‫فأحالمنا الماضية‬ ‫لن تسطيع الطيران‬ ‫والوصول الى أي بستان‬ ‫ودموع الطفولة‬ ‫تجهل العودة الى خاليا الضحك‬ ‫ماذا أفعل بأناملي الذابلة‬ ‫لم تستطع ان تكتب «»كن حبيبي‬ ‫وماذا افعل بشفاهي ولساني‬ ‫لم تجرأ احداهما ان تقول لك «‬ ‫كن عشيقي‬ ‫‪9‬‬ ‫عبر أرواح ليلة بيضاء‬


‫هيا استمع الى لوني‬ ‫أنا اتكلم معك بلوني‬ ‫تصفح اوراق الهوى‬ ‫ان سمعي ال يفقه االّ الحب‬ ‫انت تريد أن تغمرني بالسعادة‬ ‫بنظراتك األخيرة أمنياتي‬ ‫اذهب‬ ‫فأنا لن أحلم بك ابدا ُ‬ ‫لن احلم‬ ‫بمن يجهل جلّنار الحب‬ ‫‪7‬‬ ‫كالنا واقفان امام محكمة‬ ‫ألحاكم فيها‬ ‫أي منّا متهم‬ ‫في هذه المواجهة‬ ‫أنت كنت عابر سبيل‬ ‫تجهل الطرقات الجانبية‬ ‫تلك التي توصلك‬ ‫الى مركز القلب‬ ‫وانا كنت راعية‬ ‫لم استطع ان ابلل حنجرتك‬ ‫بقطرات من الحليب‬


‫وألملم‬ ‫ضفائر سيدة األنوار‬ ‫‪12‬‬ ‫أنا دمعة‬ ‫وأنت مئات الدموع المتناثرة‬ ‫هاتين العينين اريدهما للحب‬ ‫وليس لرؤية الكوابيس‬ ‫في الليالي المزعجة‬ ‫‪13‬‬ ‫في الحب ولدت‬ ‫ولكني أجهل تعريف الحب‬ ‫نعيش في واقع‬ ‫تساوت فيه الحياة والموت‬ ‫‪14‬‬ ‫ماذا نفعل يا عزيزي‬ ‫حين تذبل الورود‬ ‫لن تتالصق مرة ثانية‬ ‫مع األغصان‬ ‫وحين نكتب اآلالم‬ ‫لن تمحيها‬ ‫لذائذ مئات القبالت‬


‫وعبر قلوب نارية‬ ‫وعبر تثاؤب ليلة هادئة‬ ‫خطوت‬ ‫فوصلت بستان قلبك‬ ‫وحلمت بحمامة براعم وردة شفاهك‬ ‫وتحولت الى مساء من مساءات المدينة‬ ‫فجذب انتباهي فنان‬ ‫فتحولت الى ظالل اشجار الطرقات‬ ‫‪10‬‬ ‫تشبه ظالم قمر قلبي القاتم‬ ‫وحين أرى‬ ‫شفتيك المغمورة بالخمر‬ ‫تمتلئ بالضحك والبسمات‬ ‫تتحول احاسيسي الى فراشة‬ ‫وحياتي تتحول الى يراعات تحوم‬ ‫حول اضواء تلك االقواس القزحية المشردة‬ ‫‪11‬‬ ‫بأناملي‬ ‫اكتب ضباب غمزات جراحاتي‬ ‫احول النجوم الى اشعاعات خالدة‬ ‫وامنح الخضرة األبدية لغاية‬



‫ضع يدك بيدي‬ ‫ترجمة»روناك الزندي‬ ‫شعر» كه زال ابراهيم خدر‬ ‫‪1‬‬ ‫َ‬ ‫إياك أن تنساين‬ ‫قانون العشق هكذا يا روحي‬ ‫ترحل بهدوء لحظة‬ ‫وتعود لحظة أخرى‬ ‫‪2‬‬ ‫يف هذا الرب ِد‬ ‫وموسم تساق ُط الثلوج‬ ‫ضع َ‬ ‫يدك بيدي‬ ‫ليك تتدفأ يدك للحظ ٍة‬ ‫أنت تعلم‬ ‫لو ال وجودك ما استطاع أي َحر‬ ‫مسح برودة جسدي‬ ‫َ‬ ‫‪3‬‬ ‫هل تعرف ؟‬ ‫اشتاق َلك كثريا ً‬ ‫ُ‬ ‫إين‬ ‫ومل انسك للحظ ٍة واحدة‬


‫أكون كشجرة فاكهة‬ ‫( ال َبهية) غري الناضجة‬ ‫‪8‬‬ ‫أنا يف كلِ حيايت‬ ‫شممت عط َر زهر ٍة واحدة‬ ‫ُ‬ ‫أما أنت‬ ‫فمن أجل قطف آالف األزهار‬ ‫كم من املرات وخزت األشواك َ‬ ‫يدك‬ ‫‪9‬‬ ‫لون أحمر شفاهي‬ ‫مازال أثره باقياً‬ ‫عىل شفتيك‬ ‫برسام‬ ‫أنا لست ٍ‬ ‫رسمت ُلك منظرا ً‬ ‫ولكني قد‬ ‫ُ‬ ‫‪10‬‬ ‫زلت َ‬ ‫أحبك لحد اآلن‬ ‫ما ُ‬ ‫فقانون العشقِ عندي هكذا‬ ‫يرحل الشتاء‬ ‫ويأيت الربيع‬ ‫وزهر ُة الرنجس‬ ‫مازالت ت َحتف ُظ بعطره‬


‫وإن كان قلبي ُعشاً‬ ‫العشق‬ ‫لك فكيف لك أن تنىس‬ ‫ُ‬ ‫‪4‬‬ ‫ال تكن تائهاً من أجيل‬ ‫كنت معي عديم الوفا ِء‬ ‫كم َ‬ ‫أنا ال أُريدك أن تراين أمامك كإنسان‬ ‫بينام أنا اآلن مجرد متثا ٍل‬ ‫‪5‬‬ ‫ال تبحث أبدا ً عن مكان قلبي‬ ‫أنا ال َ‬ ‫اريدك أن تكون شمسأً عندما‬ ‫صبح العشق قانوناً‬ ‫يُ ُ‬ ‫رافقني أنت اىل الق ِرب‬ ‫‪6‬‬ ‫عشقي َلك بَ ُه َت لون ُه‬ ‫تفعل يب‬ ‫ماذا تريد ان َ‬ ‫تصبح مصدرا ً آلالمي‬ ‫عندما ُ‬ ‫كُ ْن متاكدا ً سيأيت يوم‬ ‫أعود َ‬ ‫إليك وعيناي مليئتان بالدموع‬ ‫‪7‬‬ ‫ال تقل بسبب ِ‬ ‫بعدك عني‬ ‫أصبح لوين أصف َر كالربتقال‬ ‫بل أنت الذي جعلتني‬



‫يف نظرات عينيك‬

‫ترجمة‪ :‬عبدالكريم شيخاين‬ ‫” شعر»كه زال ابراهيم خدر‬

‫‪1‬‬ ‫حني احدق يف عينيك‬ ‫اشعر كأنني أالعب ابنتي‬ ‫يف اللحظات التي تقول ‪..‬أماه‬ ‫للنظر اىل عيوننا‬ ‫ترى اي منا‬ ‫يغمض عينيه‬ ‫ويخرس اللعبة‬ ‫‪2‬‬ ‫عندما انظر ايل عينيك‬ ‫انظر ايل البحر‬ ‫تعديني اىل زمن الطفولة‬ ‫ترضبني والديت من مؤخريت‬ ‫ابنتي المتيش انها بحر تغرقك‬ ‫‪3‬‬


‫افقد نفيس بني عينيك‬ ‫الاعرف كنت تذوبني‬ ‫اما انا اذوب يف عينيك‬ ‫‪7‬‬ ‫القابلة وضعت الكحل يف عينيك‬ ‫عندما كنت طفال‬ ‫ما من ٍ‬ ‫شخص أخطأ إالّ أنا‬ ‫اال انا‬ ‫غسلتها لك مبطر عيني‬ ‫‪8‬‬ ‫السامء متط ُر برغبتها‬ ‫لذا اجربت ان استنجد‬ ‫بسامء عينيك‬ ‫لتنبع االرض اليابسة‬ ‫‪9‬‬ ‫عندما تقررين‬ ‫ان تنام عيناك‬ ‫يف هذا الوقت اخرس الحلم‬ ‫‪10‬‬ ‫ألجمل التعاريف لحبك‬ ‫عندي هي عيناك‬


‫يف نظرات عينيك‬ ‫خيااليت تنقلني اىل دنيا اخرى‬ ‫بعيدا عن نظرات عينيك‬ ‫لكن هناك‬ ‫انني اكون مكفوفاَ وال ارى‬ ‫عينا اخرى‬ ‫‪4‬‬ ‫عينياك معلامن‬ ‫يلقنان درس العشق‬ ‫انني تلميذ كسول‬ ‫امامك مندهشا‬ ‫ليس مرة‬ ‫بل نقولها مئات املرات‬ ‫‪5‬‬ ‫عيناك عاشقتان‬ ‫تعشقان اكرث من اعضاء الجسد كلها‬ ‫لكن الشفاه‬ ‫تبتسم‬ ‫واالصابع ترقص‬ ‫‪6‬‬ ‫عندما اشبع من النظر اليك‬


‫تساقطت أوراق الخريف الشاحبة‬ ‫وحولت فتاة قميصها اىل أصفر‬ ‫ولكن حني اصفر محياك‬ ‫أصبحت كل أشجار هذه املدينة‬ ‫حاجزا أمام السامء‬ ‫وأسدلت الستائر أمام الشمس‬ ‫‪4‬‬ ‫انت قطعة من روحي‬ ‫وانا قطعة من فؤادك‬ ‫ولكن واىل يوم الهالك‬ ‫حتى ان وصلت اىل ظيل‬ ‫لن اصل اليك‬ ‫‪5‬‬ ‫ضم رأسك اىل صدري‬ ‫فال توجد واحدة مثيل‬ ‫تفهم آالم قلبك املضطرب‬ ‫والتوجد أخرى‬ ‫تعلمت دروس العشق معك‬ ‫ومن التى تفهم‬ ‫شهقات نفسك‬ ‫‪6‬‬


‫حوار قليل بيننا‬ ‫ترجمة ‪:‬حميد عبدالله بانه يى‬ ‫شعر»كه زال ابراهيم خدر‬

‫‪1‬‬ ‫تستطيع أن متسك يدي‬ ‫وتسدل شعري عىل كتفيك‬ ‫ولكنك لن تستطيع‬ ‫قط ان تكون حاجزا‬ ‫امام من يغتالني‬ ‫‪2‬‬ ‫تجعل من عينيك طريا‬ ‫وتهديه اىل عيش‬ ‫تجعل من شفتيك برعام‬ ‫وتعلقه عىل عروة صدري‬ ‫ولكن واىل اآلن التستطيع‬ ‫ان تصنع من يديك سكينا‬ ‫تقطع بها السنة‬ ‫من يتسببون يف آالمي‬ ‫‪3‬‬


‫يف الليل لن تصبح ضيفا عىل القلب‬ ‫والتزورين يف النهار‬ ‫كنجمة يف وضح النهار‬ ‫وشمس لن ترشق يف الليل‬ ‫‪7‬‬ ‫هناك عاشق‬ ‫يشبهك وال يشبهك‬ ‫هناك وسيم‬ ‫يشبهك وال يشبهك‬ ‫كم أحاول‬ ‫ان أطرق باب قلب آخر‬ ‫اليوجد باب‪ ،‬يشبة قلبك‬ ‫‪8‬‬ ‫قلب‪،‬قلبان ‪،‬ثالثة قلوب‬ ‫اجعلها منزال‬ ‫إلسرتاحة روحك‬ ‫عني ‪،‬عينان ‪،‬ثالث أعني‬ ‫ألرى فراشة رغباتك‬ ‫شفة ‪،‬شفتان ‪،‬عرشات الشفاة‬ ‫ألنطق بها أسمك‬ ‫وان مل يبق كل هذا‬ ‫سأجعل روحي فدا ًءك‬




‫المعايير البالغية في مجموعة‬ ‫(( تسلقي عروش الياسمين )) للشاعر رياض الدليمي‬ ‫في أي جزء ستكونين ؟ نموذجا‬ ‫د‪ .‬جاسم خلف الياس‬ ‫يظــل الشــعر كغيــره مــن األنــواع األدبيــة والفنيــة معطــى دالليــا لمجريــات االحــداث‬ ‫فــي الراهــن المعيــش ‪ ،‬إذ تتحــدد مســاراته واتجاهاتــه فــي التشــظي أمــام اآلمــال‬ ‫والطموحــات والخيبــات والنــزوات وغيرهــا ‪ .‬الشــاعر حيــن يجــد كل شــيء غيــر‬ ‫مؤتلــف ‪ ،‬وغيــر متوائــم ‪ ،‬ومتعالــق ببنيــة الوجــود القلقــة ‪ ،‬نجــده يصــل الــى نــوع مــن‬ ‫ـرض‬ ‫االغتــراب ‪ ،‬ويشــعر بعصــف نفســي حــاد ‪ ،‬يهــز مشــاعره وأحاسيســه ‪ ،‬ويحـ ّ‬ ‫ذهنــه مــن أجــل الخــروج مــن هــذه األزمــة ‪ ،‬حينهــا ال يســتطيع أن يعــزل نفســه عمــا‬ ‫يجــري فــي عالمــه ‪ ،‬فهــو يتفاعــل مــع هــذا العالــم ‪ ،‬ويتأثــر بــه ‪ ،‬فــي الوقــت الــذي‬ ‫مــن الممكــن أن يؤثــر فيــه ‪ ،‬مــن هــذا المنطلــق اِنبنــت قراءتنــا لنــص الشــاعر ريــاض‬ ‫الدليمــي ( فــي أي جــزء ســتكونين)‪.‬‬ ‫إنمــازت لغــة النــص الشــعري بسالســتها وتعبيرهــا عــن اليومــي (المســتوى الواقعي) ‪،‬‬ ‫وقــد أفــاد الشــاعر مــن المعاييــر البالغيــة التــي منحــت النــص هيمنــة أســلوبية واضحــة‬ ‫( األمــر والنهــي) وهــذه اإلفــادة التقانيــة ومــا رافقهــا مــن وعــي لرســم صــورة القلــق ‪،‬‬ ‫والبحــث عــن الخــاص مــن خــال الرفــض ‪ ،‬كل ذلــك جعــل الشــاعر ريــاض الدليمــي‬ ‫يحاكــي الواقــع بفنيــة اِســتطاعت أن تتعمــق فــي الوجــدان لترســم بمهــارة شــديدة فضــاء‬ ‫يــرى القــارئ فيــه تفاصيــل كل شــيء ‪ .‬ومــا العنــوان ( فــي أي جــزء ســتكونين) إال‬ ‫اعترافــا بــان هــذا النــص الشــعري مؤثــث بالتفاصيــل التعبيريــة والتصويريــة التــي‬ ‫تشــكل مالمــح عالمــه ‪.‬‬ ‫ســمي) موجهــا خطابــه إلــى أنثــى‪ /‬نفهــم‬ ‫يســتهل الشــاعر نصــه بصيغــة فعــل األمــر (ق ّ‬ ‫منــه بعــد أن نتوغــل فــي قــراءة النــص أنهــا (فاطمــة) ‪:‬‬ ‫سمي االضالع ‪ /‬بين األقاليم ‪ /‬وقسمي األنفاس ‪ /‬بين التضاريس)) ‪.‬‬ ‫((ق ّ‬ ‫هــل األقاليــم هــي أقاليــم الــروح ؟ ‪ ،‬وهــل التضاريــس هــي تضاريــس الجســد ؟ هــل‬ ‫أراد منــا الشــاعر منــذ االســتهالل النصــي أن يزجنــا فــي صيــرورة وأســرار جدليــة‬ ‫معقــدة هــي الجســد ‪ /‬الــروح ؟ ومــن هنــا نــرى أن اإلشــتغال الــذي يبــدو علــى قــدر مــن‬ ‫الســهولة ‪ ،‬فــي القصيــدة ‪ ،‬هــو شــديد التعقيــد فــي االن نفســه ‪ ،‬ومــا هــذه االســئلة التــي‬ ‫طرحناهــا هنــا ‪ ،‬إال نتــاج تفاعــات داخليــة فــي نفــس كل منــا بوصفنــا قــراء مــع القيــم‬ ‫والمعطيــات الفكريــة التــي تشــكل المعيــار األساســي لرغبتنــا فــي الوصــول الــى مــا‬ ‫أراد الشــاعر تقديمــه فــي تشــكيل شــعري لبــى حاجاتــه النفســية ‪ ،‬وأرضــى مشــاعره ‪،‬‬


‫كمــا أننــا نجــده يمنــع المخاطبــة مــن فعــل أشــياء يحددهــا لهــا ‪ ،‬فهــو الــذي يســتقرئ‬ ‫الواقــع ‪ ،‬وهــو الــذي بإمكانــه ان يتنبــأ بمــا ســيحدث ‪ ،‬وألنــه يخشــى عليهــا مــن أحــد‬ ‫طرفــي الصــراع (الشــر) نجــده يوصيهــا بصيغــة النهــي مــرة ( ال الناهيــة ‪ +‬فعــل‬ ‫مضــارع) وصيغــة اآلمــر ( فعــل األمــر) لفعــل بعــض األشــياء التــي مــن خاللهــا‬ ‫يمكننهــا ان تتجنــب مــا ال يحمــد عقبــاه‪:‬‬ ‫((ال تتمتــي وال تحكــي ألصدقائــك الجــدد ‪ /‬عــن حكاياتنــا ‪ /‬وعــن دراســة الجامعــة‬ ‫‪ /‬وعــن أول لقــاء ‪ /‬اِحــذري عبــور القناطــر ‪ /‬أو ســماع األغنيــات ‪ /‬تحــت جســر‬ ‫العطيفيــة ‪ /‬وال تتأملــي علــى ضفــاف الفــرات ‪ /‬وال تشــتاقي أليــام الطفولــة ‪ /‬فطريــق‬ ‫الذكريــات ‪ /‬ملغــوم بالجمــر ‪ /‬والهــاك))‬ ‫هــذه التفاصيــل الجميلــة فــي تعبيرهــا ‪ ،‬والكبيــرة فــي واقعيتهــا ‪ ،‬تمثــل الطــرف‬ ‫االيجابــي فــي الصــراع (الخيــر) ‪ ،‬فبعــد هــذه الـــ (الءات) يخبرهــا الشــاعر بــأن‬ ‫ِ‬ ‫طريــق الذكريــات ملغــوم بالجمــر والهــاك‪ .‬فهــل أراد الشــاعر مــن هــذا التحذيــر عــدم‬ ‫الرجــوع الــى الماضــي بــكل مــا فيــه مــن جمــال وحــب ؟‬ ‫االرهاصــات تمثــل‬ ‫االســترجاع وجعــا حقيقيــا لحبيبتــه ؟ وهــل هــذه ِ‬ ‫هــل سيشــكل ِ‬ ‫مالمســة شــديدة للواقــع ونفــورا منــه ؟‬ ‫هل هو ضجر متواتر ينتظر بشارة ما تزيح عن كاهله ثقل األسئلة ؟ ‪:‬‬ ‫ـب ‪ /‬عنــد أول قنــاة ‪ /‬أو عنــد مطلــع الــزاب ‪ /‬انتظــري ‪ /‬واتركــي‬ ‫((اِن اختــرت الجـ َّ‬ ‫لــك أثــرا فــي واجهــة الكنيســة ‪ /‬ليراقــب المشــهد الطويــل)) ‪.‬‬ ‫لكــن الشــاعر ال ينتظرنــا لتكملــة االســئلة التــي تــدور فــي أذهاننــا ‪ ،‬فنــراه يجــزم بــكل‬ ‫ـب عنــد أول قنــاة ‪ ،‬أو عنــد مطلــع الــزاب ‪ ،‬ويســتمر فــي‬ ‫تأكيــد أن اختيــاره كان الجـ ّ‬ ‫أســلوب النهــي واألمــر‪:‬‬ ‫(( ال تقولــي كــرادة ‪ /‬وال حــي البنــوك ‪ /‬وال ســاحة التحريــر ‪ /‬كل شــيء قابــل للمعصية‬ ‫‪ /‬ال تــرددي آيــات العشــير ‪ /‬وال تفخــري بنســب أضالعــك ‪ /‬تذكــري يــا فاطمــة ‪/‬‬ ‫ـف عنــد‬ ‫فــان التقــوى مــا عــادت ‪ /‬حمــى األنفــاس ‪ /‬وال لهفــة األوصــال ‪ /‬ورفــع األكـ ّ‬ ‫حضــور القســمة ‪ /‬ال توقــدي الشــموع ‪ /‬بجــوار اليــاس ‪ /‬وأخبريــه أن ال يســير حافــي‬ ‫القادميــن ‪ /‬فــوق ســورات دجلــة))‪.‬‬ ‫في أي جزء ستكونين؟‬ ‫شعر ‪ /‬رياض الدليمي‬


‫وأثــرى وجدانــه ‪ ،‬لكــي نتوصــل الــى تدليلــه بكشــف المعاييــر الجماليــة التــي جســدت‬ ‫ذلــك التشــكيل ‪.‬‬ ‫ال يكتفــي الشــاعر بصيغــة االمــر تلــك ‪ ،‬وانمــا يكررهــا فــي المقطــع النصــي الــذي‬ ‫يلــي االســتهالل ‪ ،‬ولكــن هــذه المــرة يخــادع الشــاعر القــارئ فيؤخــر صياغــة فعــل‬ ‫األمــر الــى نهايــة المقطــع ‪ ،‬مــع أداة الشــرط (إن) وفعــل الشــرط وجوابــه ‪ ،‬وهــذه‬ ‫اللعبــة المهاريــة التــي وظفهــا الشــاعر مــن أجــل اِثــراء وتنويــع االســلوب الواحــد ‪،‬‬ ‫وااللتــذاذ فــي توريطــه لنــا بدخــول مســاربه ‪:‬‬ ‫قــد أضافــت باعثــا فعّــاال لمتابعــة النــص ِ‬ ‫(( إن اختــرت أن يكــون لــك موضعــا ‪ /‬فــي الشــمال أو الجنــوب ‪ /‬أو في قلــب العاصمة‬ ‫‪ /‬دعــي ليالينــا المدججــة بمتاريــس ‪ /‬األحــام المرعبــة ‪ /‬تتولــى تهشــيم السالســل ‪/‬‬ ‫وتطــرق أســافين البغــض ‪ /‬بجســد العنــاق))‬ ‫االختيــار المقــرون كمــا قلنــا بـــ ( أداة وفعــل وجــواب الشــرط) يتحــول الــى فعل‬ ‫وهــذا ِ‬ ‫قســري مــن خــال فعــل األمــر (دعــي) وهنــا يبــدأ التســاؤل مــن جديــد‪ :‬مــن هــي التــي‬ ‫يخاطبهــا الشــاعر ؟ أهــي فاطمــة الحبيبــة ؟ أم فاطمــة الرمــز ؟ ولمــاذا شــمال وجنــوب‬ ‫ـم لغــة العنــف ( مدججــة ‪ ،‬متاريــس ‪ ،‬مرعبــة ‪ ،‬تهشــيم ‪ ،‬سالســل ‪،‬‬ ‫وعاصمــة ؟ و ِلـ َ‬ ‫تطــرق ) ؟ وبيــن الواقــع والمتخيــل تنضــج عمليــة الخلــق الشــعري ‪ ،‬وتتصــارع قــوى‬ ‫الخيــر والشــر فــي معطيــات نصيّــة يمكننــا ربطهــا بظــروف سياســية واجتماعيــة‪،‬‬ ‫قربتنــا مــن هــذا الصــراع ‪ ،‬وشــدتنا إلــى مــا وراء المقطــع الراهــن ‪ ،‬كــي يســتمر توقنــا‬ ‫ّ‬ ‫فــي معرفــة وكشــف مــا هــو مخفــي ومســتور ‪.‬‬ ‫يكرر الشاعر (أداة وفعل وجواب الشرط) ثانية ‪ ،‬لمسوغين ‪:‬‬ ‫االيقاع بعدا جماليا فعّاال‪.‬‬ ‫األول‪ :‬تأكيد الالزمة االسلوبية التي تعمل على منح ِ‬ ‫الثاني‪ :‬تأكيد شدة الصراع بين حالين متناقضين بكل المعايير ‪.‬‬ ‫وهــذا مــا سنكتشــفه مــن خــال التواصــل القرائــي ‪ ،‬فبعــد أن ي ّخيــر الشــاعر تلــك‬ ‫التــي يخاطبهــا بأســلوب الشــرط ‪ ،‬وبــكالم يقينــي ‪ ،‬ينفــي فعــل نجاتهــا إن فعلــت أحــد‬ ‫الخياريــن‪ ،‬ألن (الريــح هوجــاء) وهــذا الرمــز الــذي ينــم عــن بشــاعة وبربريــة مــا‬ ‫يجــري ‪ ،‬لــن يســعفها فــي لملمــة أشــيائها ‪ ،‬ولــن يســمح لهــا بتوديــع مقاماتهــا التــي‬ ‫تقدســها بالتأكيــد ‪ ،‬حتــى انهــا ال تجــد طريقــا ســالكا لزيــارة األضرحــة ‪:‬‬ ‫((إن اختــرت فراتــا أو دجلــة ‪ /‬لــن تنجــي ‪ /‬فالريــح هوجــاء ‪ /‬لــن يســعفك الوقــت ‪/‬‬ ‫بلملمــة أشــيائك ‪ /‬ولــن يكتــب لــك وداع المقامــات ‪ /‬ولــن أجــد طريقــا ســالكا ‪ /‬لزيــارة‬ ‫األضرحــة))‬


‫عن حكاياتنا‬ ‫ْ‬ ‫الجامعة‬ ‫وعن دراس ِة‬ ‫وعن أو ِل لقاءٍ ‪.‬‬ ‫القناطر‬ ‫عبور‬ ‫اِحذري‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ع األغنيات‬ ‫أو سما َ‬ ‫جسر العطيفي ِة ‪،‬‬ ‫تحت‬ ‫ِ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫ال تتأملي على‬ ‫ضفاف الفرا ِ‬ ‫ِ‬ ‫أليام الطفول ِة‬ ‫ال تشتاقي ِ‬ ‫فطريق الذكريات‬ ‫بالجمر‬ ‫ملغو ٌم‬ ‫ِ‬ ‫والهالك ‪...‬‬ ‫ب‬ ‫ان اِخترت ال ُج َّ‬ ‫عند أو ِل قناة ‪،‬‬ ‫أو عند مطلعِ الزاب‪،‬‬

‫اِنتظري‬

‫اِتركي لك أثرا ً في واجه ِة الكنيس ِة‬ ‫ليراقب المشه ِد الطويل‬ ‫َ‬ ‫ال تقولي كرادة‬ ‫وال حي البنوك‬ ‫وال ساحة التحرير‬ ‫ْ‬ ‫للمعصية‬ ‫كل شيء قاب ٌل‬ ‫آيات العشير‬ ‫ال ترددي‬ ‫َ‬ ‫أضالعك‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ال تفخري بنس ِ‬


‫‪...........................‬‬ ‫سمي األضال ْع‬ ‫قَ ّ‬ ‫بين األقالي ْم‬ ‫األنفاس‬ ‫سمي‬ ‫وقَ ّ‬ ‫ْ‬ ‫التضاريس‬ ‫بين‬ ‫ِ‬ ‫لك موضعا ً‬ ‫إن اِختر ِ‬ ‫ت أن يكون ِ‬ ‫ب‬ ‫في الشمال أو الجنو ِ‬ ‫ب العاصم ِة ‪...‬‬ ‫أو في قل ِ‬ ‫بمتاريس‬ ‫دعي ليالينا المدجج ِة‬ ‫ِ‬ ‫األحالم المرعب ِة‬ ‫ِ‬ ‫تهشيم السالس َل‬ ‫تتولى‬ ‫َ‬ ‫وتطرق أسافين البغض‬ ‫بجسد العناق ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫دجلة‬ ‫إن اِخترت فراتا ً أو‬ ‫لن تنجي‬ ‫فالري ُح هوجا ْء‬ ‫الوقت‬ ‫يسعفك‬ ‫لن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بلملمةَ‬ ‫أشياءك‬ ‫ِ‬ ‫لك‬ ‫ولن‬ ‫يكتب ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫المقامات ‪..‬‬ ‫ع‬ ‫ودا َ‬ ‫سوف لن تج َدينَ طريقا ً سالكة‬ ‫لزيار ِة األضرح ِة ‪.‬‬ ‫ألصدقائك الجدد‬ ‫ال تبوحي‬ ‫ِ‬


‫حساب الطف يدمي القلب‬ ‫فان‬ ‫َ‬ ‫وقسمة األضالع تبكي الرب !‬


‫تذكري يا فاطمة‬ ‫إن التقوى ما عادت‬ ‫لألنفاس‬ ‫حمى‬ ‫ِ‬ ‫وال لهفة لألوصا ِل ‪،‬‬ ‫حضور القسم ِة ‪.‬‬ ‫ورف ُع األكف عند‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ال توقدي الشمو َ‬ ‫بجوار خضر الياس‬ ‫ِ‬ ‫القدمين‬ ‫يسير حافي‬ ‫أَخبري ِه أن ال‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫دجلة ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫فوق‬ ‫سورا ِ‬ ‫ّ‬

‫الضفاف زينتها قصور الرجا ِل الملثمينَ في ِ ّ‬ ‫هار ‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫عز النّ ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ت بجنو ِد قابيل‬ ‫وغ ّ‬ ‫لن تقب َل منه القرابينَ ‪.‬‬ ‫يا فاطمةُ‬ ‫ّ‬ ‫جهش الجسور‬ ‫أتسمعين‬ ‫َ‬ ‫ونياح النخيل‬ ‫وهذيان الفتيان ؟‬ ‫فر َ‬ ‫ط األقراط؟‬ ‫أترين ّ‬ ‫وبقايا صور العشاق‬ ‫نثار شارع المتنبي ؟‬ ‫أترين َ‬ ‫وأَنينَ عمال السراي‬ ‫يا فاطمة‬ ‫تضرعي للشام‬ ‫ّ‬ ‫وللجهات‬


‫حضــاري وثقافــي مرمــز ومشــفر بابتســامة طفــل أو علــى هيئــة بالونــات طائــرة بيــد طفــل تتأرجــح فــي‬ ‫الهــواء الــذي لــم يعــرف مصــدره ووقتــه وكأن يقــول ‪ :‬أحالمــي قــد تتحــول الــى ثــورة فــي لحظــة مــا تنتظــر‬ ‫نســمة وكتلــة هــواء و ربيعــا حاضنــا لأللــم الجمعــي تســتدعي جمهــورا وقعــت عليــه ذات القســوة ‪ ،‬فتلتقــي‬ ‫أحــام طفولتهــم بأحالمــه ليعلنــوا ثورتهــم الجمعيــة بألوانهــا الزهريــة‬ ‫‪.‬‬

‫لوحــات ( عاصــم ) ِاحيــاء لعدميــة الحيــاة التــي عاشــها هــو كشــخص والتــي عاشــها العراقيــون كأفــراد‬ ‫ومجتمــع مــن فعــل الحــروب ومطــاردة الســلطات المتعاقبــة لهــم وللفكــرة المغايــرة ‪ ،‬فكرتــه كفنــان هــي بنت‬ ‫اللحظــة العالقــة فــي ذهنــه منــذ الطفولــة واســئلة لــم يجــد لهــا أجوبــة ‪ ،‬حتــى الطبيعــة والبيئــة واالشــخاص‬ ‫الذيــن احتضنــوا هــذا الفنــان غيــر قادريــن علــى االجابــة ‪ ،‬لهــذا تــرك فكرتــه ولونــة المبتســم وقماشــة‬ ‫اللوحــة تعبــر عــن مظاهــر التســاؤل ‪ ،‬الزهــرة والورقــة والنخلــة مقطوعــة الــراس والقــاع الســومرية‬ ‫وفــأس كلكامــش هــي ادوات تعبيريــة وان طغــى عليهــا االســلوب التجريــدي فــي اغلــب لوحاتــه ‪ ،‬رمــوزه‬ ‫غيــر بريئــة كمــا نجدهــا فــي بــراءة االطفــال الذيــن مرحــوا كثيــرا علــى ســطح لوحاتــه وطيلــة ثالثــة عقــود‬ ‫مضــت ونســوا العــودة لبيوتهــم ‪ ،‬ربمــا لــم يجــدوا فســحة مغريــة وجاذبــة ليعبــروا عــن مكبوتاتهــم واحالمهــم‬ ‫وافكارهــم ســوى ســطح لوحتــه النقــي كمــا ونقــاء روحــه ‪ ،‬انــه يرســم بألــوان النقــاء التــي تجلــب الفــرح‬ ‫والطمأنينــة واالســتكانة النفســية فــي ذات المتلقــي مقابــل هــم ووجــع وألــم يعتصــر فكــر وروح وفرشــاة‬ ‫التشــكيلي ( عاصــم االميــر )‪.‬‬ ‫لوحاتــه التــي رســمها خــال عامــي ‪ 2015‬و‪ 2016‬جــاءت واقعيــة مشــفرة برمزيــة عاليــة أحيانــا وفــي‬ ‫أحاييــن أخــرى تفصــح عــن نفســها دون عنــاء المتلقــي ‪ ،‬انــه يوثــق االلــم والحــزن العراقــي الماكــث فــي‬ ‫ذاكــرة أبنــاء مــا بيــن النهريــن منــذ الخليقــة لــان فــي لوحــات تســجيلية توثيقــة بمثابــة شــريط بانورامــي‬ ‫طولــه متريــن ونصــف وبعــرض ‪ 50‬ســم والتــي عرضــت فــي االمــارات وقطــر مؤخــرا والتــي اســتدعتني‬ ‫للوقــوف عليهــا وقفــة طويلــة متأملــة فاحصــة لتجربــة كبيــرة ‪.‬‬ ‫أعتقــد انــه تأثــر بمــا جــرى مــن أحــداث سياســية وقعــت فــي بغــداد وفــي بعــض العواصــم العربيــة أال وهــو‬ ‫الربيــع العربــي والتظاهــرات والثــورات التــي حدثــت وهنــا اســتحضر ( االميــر عاصــم ) الحضــارة البابلية‬ ‫والســومرية بمســاتها وحروفهــا وابداعهــا لتعلــن تضامنهــا مــع المحتجيــن وقــد غلفهــا كخلفيــات ذاكراتيــة‬ ‫داللــة للحضــارة المغيبــة لحجــم الدمــار والفقــر والقهــر الــذي يعانــي منــه العراقيــون طيلــة تاريــخ وجودهــم‬ ‫‪ ،‬لقــد كان اللــون االبيــض فــي لوحتــه طاغيــا وكانــه يشــير الــى لحظــة اقتــراب تحقيــق الحلــم ولكنــه محــاط‬ ‫بأحبــار رماديــة وســوداء وهــي تعبــر عــن قلقــه ومخاوفــه علــى هــذا الحــراك الشــعبي المجتمعــي الرافــض‬


‫عاصم االمير‬ ‫يرسم بروح طفل وبعقل مفكر‬ ‫د ‪ .‬رياض ابراهيم‬

‫‪........................‬‬ ‫للغــوص فــي متاهــة المنجــز المختلــف البــد مــن االحاطــة بــكل اثارتــه للوعــي ‪ ،‬واإلحاطــة بتفاصيــل االبداع‬ ‫ومنجــزه تعــد مغامــرة غيــر محســوبة المتاهــات والتشــظي وخاصــة لــو اِمتلكــت زمــام المبــادرة الشــخصية‬ ‫وأنــت تبحــث وتــدرس وتتأمــل تجربــة فنيــة تشــكيلية لهــا بصماتهــا فــي المشــهد التشــكيلي العراقــي والعربــي‬ ‫ولهــا حضورهــا ‪ ،‬واســتفزت عنصــر الدهشــة عنــد المختــص أو المتــذوق لجماليــات هــذا الفــن ‪ ،‬الفنــان‬ ‫عاصــم االميــر يرســم بــروح الطفولــة وبعقليــة مفكــر يجتهــد ليحــول العــدم الــى وجــود علــى ســطح اللوحــة‬ ‫التصويــري ‪..‬‬ ‫انــه ال يتهيــأ للوحتــه بــل يجعــل اللوحــة تزيّــن نفســها الــى تلقائيتــه وعفويتــه وأحالمــه البريئــة التــي رافقتــه‬ ‫منــذ الصغــر ‪ ،‬فتجدهــا تعبــر وتفصــح عنهــا بالــوان الزهــر والبنفســج واالبيــض ‪.‬‬ ‫لوحاتــه هــي بمثابــة احــام وأثــر يالحقانــه وعصيــة علــى فكــر ِه ويقظتـ ِه يجــد نفســه عاجــزا مــن التخلــص‬ ‫منهــا ‪ ،‬فأنهــا تتمثــل فــي مشــهده الفنــي منــذ بداياتــه ومازالــت تتربــع علــى متــون القمــاش وزواياهــا ‪ ،‬هــي‬ ‫بمثابــة ( طفولــة وبيئــة واشــياء وأحــام ) تتجســد بخطــوط ومالمــح واشــكال وكائنــات مشــوه ‪ ،‬فتراهــا عنــد‬ ‫النظــر اليهــا كأنهــا عبــث فرشــاة أو تكوينــات غيــر مبــررة ‪ ،‬وكتــل لونيــة زاحفــة مــن الفــراغ الــى ســطح‬ ‫اللوحــة دون قصدانيــة منــه كمــا يتــراءى لنــا أول وهلــة ‪ ،‬ولكــن مــا أن تتأملهــا تشــي كل كتلــة لونيــة وضــوء‬ ‫و خــط و تكــورات ومســافات فيهــا تعبــر عــن حالــة مشاكســة فطنــة تفصــح عــن قضيــة وتمــرد وثــورة‬ ‫واحتجــاج ‪ ،‬وقــد تكــون هــذه الثــورة التمرديــة حالــة شــخصية كأن تكــون أحــام صادرهــا الزمــن واقتلعتهــا‬ ‫الفاقــة والتاريــخ والوجــود ‪ ،‬وفــي أحاييــن كثيــرة تجــد موضوعــات ( عاصــم االميــر ) قضايــا شــعب و َهــم‬


‫فــي لوحــة أخــرى يمكــن تســميتها اللوحــة الزرقــاء اللوحــة الحالمــة المبتهجــة بالمــرح الطفولــي الــذي‬ ‫حاصرهــم بخانــات وكانــه يريــد أن يســجنهم مــع أدوات مرحهــم الصبيانــي مــن طبــول ودفــوف والعــاب‬ ‫وزخــارف وأشــكال مزججــة ‪ ،‬ويالحــظ وجــود النوافــذ والقضبــان ظاهــرة فــي كل مربــع تواجــد فيــه طفــل‬ ‫أو أيقونــة ترمــز الــى الفعــل الطفولــي داللــة علــى تجســيد الحلــم الطفولــي المغيــب والمصــادر والمتخفــي‬ ‫وراء ســلطة غاشــمة اِمتــدت يدهــا لتغتــال االحــام الصغيــرة وهــو افصــاح علــى أن الحلــم بــات مقهــورا‬ ‫ومجبــوال فــي زمــن الظــام والخفــاش ‪.‬‬ ‫لــو نظرنــا الــى احــدى لوحاتــه الــذي جســد فيهــا شــكلين علــى هيئــة صخرتيــن بحجــم كبيــر وقــد اصطبغتــا‬ ‫باللــون االزرق ويجــاوره اللــون االصفــر فــي أحداهمــا ‪ ،‬أمــا االخــرى بلونهــا االزرق الفاتــح أخــذ‬ ‫اللــون الذهبــي يتجســد بخطــوط وبلغــة مســمارية وصوريــة توحــي الــى اللغــة الســومرية او األكاديــة وهــي‬ ‫االقــرب للغــة العربيــة ‪ ،‬فــي حيــن تجــد الصخــرة االخــرى قــد نقشــت عليهــا حفــر فيهــا كمــا يبــدو للمتلقــي‬ ‫سالســل بشــكل عرضــي وكأنهــا سلســة مــن أيــادي اطفــال ممتــدة تمســك ببعضهــا البعــض لتشــكل ســياجا‬ ‫منيــع االختــراق ‪ ،‬أو تمثــل دبكــة أطفــال يلعبــون لعبــة صبيانيــة وتحاذيهــم سلســلة مفتولــة لألعلــى علــى هيئة‬ ‫نقــش ترمــز الــى ربطــة للعنــق أي أن للمــرح ثمــن أال وهــو شراســة رباطــة العنــق ‪ .‬ومــا يثيــر المتلقــي‬ ‫أن الصخرتيــن المثبتتيــن علــى ســطح اللوحــة شــكلها الفنــان توريــة الــى نصــب الشــهيد أحدهمــا قبالــة‬ ‫االخــرى وأزاحهمــا عــن بعضهمــا ليتجــاورا ويتوازيــا وبنقــس اللــون االزرق وهــذه الداللــة اللونيــة تتماهــى‬ ‫مــع اللــون االزرق لنصــب الشــهيد فــي بغــداد ‪ ،‬واللــون االزرق الحالــم الموشــح بلــون بالذهــب واالصفــر‬ ‫وبعبــارات وحــروف ونقــوش انمــا تمثــل هواجــس فنــان وأمــان وثقافــة هامــدة علــى هيئــة حجــر أي جردهــا‬ ‫الفنــان مــن حيويتهــا وديناميكيتهــا وازاحتهــا لأللــوان الشــفيفة والمفعمــة بالحيــاة الــى فعــل المــوت ‪.‬‬ ‫ق‬ ‫ا� هــو فنــان متجــدد ومبتكــر ألســاليب عــدة‬ ‫ـكيل الع ـر ي‬ ‫ويكفــي القــول أن ( عاصــم االميــر) الفنــان التشـ ي‬ ‫مــن التجريــد الــى التعبيــر الــى الفنتازيــا اتخــذ مــن بــراءة االطفــال مشاكســة لواقــع مريــر ومؤلــم بمعنــى‬ ‫الكوميديــا الســوداء ‪ ،‬اذ أراد القــول مــن خــال عشــرات اللوحــات التــي جســدها منــذ منتصــف الثمانينــات‬ ‫مــن القــرن الماضــي ولحــد االن ‪:‬‬

‫أن اقتــاع الطفولــة وبراءتهــا يكفــي لقتــل حضــارة بأكملهــا‪.‬‬


‫الــى الظالميــة ومصــادرة الحريــات ‪ ،‬ووضــع حمورابــي وااللهــة خلــف وجــوار الثــوار وشــعاراتهم ايمــاءة‬ ‫منــه وايمانــا راســخا فــي وجدانــه الــى أن لــكل حركــة احتجــاج البــد أن يكــون لهــا ظهيــر معرفــي وثقافــي‬ ‫وتاريخــي تكفــي لكــي تكــون أســلحة قــادرة علــى خــوض معركــة الوجــود وآليــات يمكــن االتــكاء عليهــا‬ ‫دون خــوف وريبــة ‪.‬‬



‫الشوكوال‬ ‫مريم باجي‬ ‫مــن منــا ال يحــب الشــوكوال !؟ الجميــع يعشــقها و يشــعر بالســعادة بعــد تناولهــا ‪ ،‬لهــذا منــذ‬ ‫عصــر صناعتهــا و حتــى اآلن كان اإلنســان يعتبرهــا أجمــل هديــة يعبــر بهــا عــن حبــه لغيــره‬ ‫فنجــد األغلبيــة عندمــا يريــدون شــراء هديــة لشــخص غــال عليهــم يفكــرون فــي شــراء الشــوكوال‬ ‫إلهدائهــا لهــم ‪.‬‬ ‫كثيــرة هــي مصانــع الشــوكوال عبــر العالــم و أيضــا أنواعهــا كثيــرة ‪ ،‬تختلــف األذواق باختــاف‬ ‫المكونــات التــي تضــاف للمزيــج األصلــي الــذي يتكــون مــن مكونــات أساســية وهــي مشــتقات‬ ‫الــكاكاو التــي يضــاف إليــه غالبــا أنــواع مــن المحلّيــات مثــل السـ ّكر و الحليــب‪.‬‬ ‫الشــوكوال نوعــان النــوع األول يكــون قابــا لالســتهالك و يــؤكل مباشــرة بعــد شــرائه ‪ ،‬أمــا النوع‬ ‫الثانــي يضــاف لــأكل لصنــع مشــروب أو مرطبــات أو حلــوى حســب الغــرض الــذي تســتعمل‬ ‫لــه ‪ ،‬بالنســبة للحلويــات ســيكون تحضيرهــا ألفــراد العائلــة أمــرا ً رائعـا ً و جميـاً ‪ ،‬و مــن المؤكــد‬ ‫أنهــم سيســعدون بهــا كلمــا حضرناهــا لهــم ألن مــذاق الشــوكوال مميــز و ألن الشــوكوال تحمــل‬ ‫الكثيــر مــن الدالئــل فهــي تعبــر عــن الحــب و مكانــة الشــخص فــي قلــب غيــره ‪.‬‬ ‫مــن مميــزات الشــوكوال أيضــا أنهــا مفيــدة للقلــب و تناولهــا يســاهم فــي تقليــل خطــر اإلصابــة‬ ‫بأمــراض القلــب والســكتات الدماغيــة بحســب دراســة حديثــة ‪ ،‬و لقــد بيّــن باحثــون بريطانيــون‬ ‫أن تنــاول قطعــة مــن الشــوكوال يوميــا ألشــخاص فــي منتصــف العمــر أو أكبــر ســيعود بالنفــع‬ ‫علــى صحــة القلــب حســب تجربــة و أبحــاث قامــوا بهــا ‪.‬‬ ‫كمــا الحــظ الباحثــون أن معظــم األشــخاص الذيــن شــملتهم الدراســة كانــوا يتناولــون الشــوكوال‬ ‫بالحليــب ‪ ،‬و عليــه يكــون مــن األحســن أن نختــار الشــوكوال التــي تحتــوي علــى نســبة عاليــة‬ ‫مــن مكــون الحليــب فــي صنعهــا أو شــرب الحليــب مــع الشــوكوال الداكنــة ‪ ،‬و هــذا يســاعدنا فــي‬ ‫الحصــول علــى النتيجــة الصحيــة التــي نريدهــا ‪.‬‬ ‫الشــوكوال كمــا حدثتكــم رائعــة جــدا و مفيــدة كمــا أنهــا تعبــر عن أســمى معاني الحــب واإلخالص‬ ‫‪ ،‬عزيــزي القــارئ و عزيزتــي القارئــة ال تحرمــوا أنفســكم منهــا ‪ ،‬فهــي مصــدر لســعادة و مفيــدة‬ ‫للصحــة كمــا أنهــا ترســل لغيرنــا رســائل المحبــة الخفية ‪.‬‬ ‫و بمــا أننــي مــن عشــاق الشــوكوال أقــدم للقــراء وصفــة لتحضيــر قالب حلــوى بالشــوكوال بطريقة‬ ‫سهلة ‪:‬‬ ‫المقادير‬ ‫ الزبدة ‪ :‬ثالث أرباع الكوب‬‫ البيض ‪ :‬ثالث حبات‬‫صغ�ة‬ ‫ الفانيليا ‪ :‬ملعقة‬‫ي‬


‫ بن‬‫ل� زبادي ‪ :‬نصف كوب‬ ‫ بودرة الكاكاو ‪ :‬ثالث أرباع الكوب‬‫ين‬ ‫طح� ‪ :‬ثالثة أرباع الكوب‬ ‫‬‫الخم�ة‬ ‫‬‫ي‬ ‫صغ�ة‬ ‫ ملح ‪ :‬ربع ملعقة‬‫ي‬ ‫ كريما سائلة ‪ :‬كوب‬‫ الشوكوال ‪ :‬كوب‬‫ سكر البودرة ‪ :‬نصف كوب‬‫طريقة التحضير ‪:‬‬ ‫ضعــي ( ضــع ) المكونــات الجافــة الطحيــن و الخميــرة والــكاكاو ( بــودرة ) في وعــاء واخلطيهم‬ ‫معا ً ‪.‬‬ ‫إخفقي ( إخفق ) السكر والزبدة معا ً ثم أضيفي البيض والفانيال مع استمرار الخفق ‪.‬‬ ‫أضيفــي ( أضــف ) نصــف كميــة خليــط المكونــات الجافــة إلــى خليــط الســكر والبيــض وحركــي‬ ‫المزيج‪.‬‬ ‫أضيفــي ( أضــف ) اللبــن الزبــادي واخفقــي المزيــج حتــى يتجانــس ثــم أضيفــي باقــي كميــة‬ ‫الخليــط الجــاف وحركــي‪.‬‬ ‫جهــزي ( جهــز ) صينيــة مدهونــة بالزيــت و رشــة مــن الطحيــن ثــم إســكبي خليــط الكيــك فيهــا‬ ‫و أدخليهــا‬ ‫للفرن ‪.‬‬ ‫* المدة المستغرقة للنضج ثالثون دقيقة ‪.‬‬ ‫لتحضير تغليفة قالب الحلوى ‪:‬‬ ‫ســخني ( ســخن ) الكريمــا الســائلة ثــم أضيفــي الشــوكوالتة المفرومــة لهــا و علــى نــار هادئــة‬ ‫قومــي بتحريــك المزيــج حتــى تــذوب الشــوكوال و تمتــزج مــع الكريمــا ‪.‬‬ ‫أضيفــي ( أضــف ) الســكر الناعــم والــكاكاو البــودرة وحركــي جيــدا ً حتــى يصبــح المزيــج‬ ‫متجانســا‬ ‫ضعــي ( ضــع )الخليــط فــي الثالجــة لمــدة ســاعة علــى األقــل ثــم إدهنــي وجــه قالــب الحلــوى‬ ‫بعــد أن تبــرد ثــم ضعــي القالــب فــي الثالجــة و بعــد أن يبــرد تســتطيعين تناولــه أو تقديمــه لمــن‬ ‫تحبيــن ‪.‬‬



‫"ال تخض ْع ألهواء البرش ‪ ،‬بل د ْع القدر يغربلهم حتى يخضعوا‬ ‫إلرادة الحياة"‬ ‫د‪.‬حسن فرحات‪//‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.