Ya7elween Magazine September Issue!

Page 1

‫ياحلوين‬

‫تجددين شبابك‬ ‫كيف ّ‬ ‫وحيويتك عند بلوغ س ِّن‬ ‫األمل ؟‬ ‫د‪ .‬انتظار القييس‬

‫‪September 2018 Vol.2‬‬

‫ملاذا األحمر يعني الحب؟‬

‫هل ميكن لرباعم األذن أن‬ ‫تس ّبب فقدان السمع؟‬

‫كيف تضعني املكياج عىل برشة‬ ‫ِ‬ ‫وجهك بطريقة صحيحة؟‬ ‫مريم باجي‬

‫األرض مسطحة حقاً؟‬ ‫هل ُ‬

‫يف هذا العدد يحدثنا الدكتور حسن فرحات‪:‬‬ ‫عن عوارض الخفقان وأسبابه وكيف ّية التعامل معه‬

‫ماهي الثقافة؟ وأين الشباب‬ ‫منها؟ وهل هي رضوريّة لنهضة‬ ‫الشعوب؟‬ ‫د‪ .‬هويدا رشيف‬


70 ‫هي الحياة‬ ‫نهاد حبيب‬ 72 ‫قلب الضوء‬ ِ ‫يف‬ ‫عمر شبيل‬ 74 ‫انبعاث‬ ‫أميمة الشعراين‬ 76 ‫لطيور هاجرت عن شجر العمر‬ ‫عمر شبيل‬ 79 !‫من أنا؟‬ ‫هويدا رشيف‬.‫د‬

‫عادات وتقاليد‬

82 ‫ سحمر‬/‫قريتي‬ ‫نجوى الخشن‬ 84 ‫بلدة ما بني النهرين‬ ‫ هبة الحشيمي‬.‫د‬ 86 ‫أعراس القرية‬ ‫عمرشبيل‬

All rights reserved. Copyright held by HSF Media Inc. 2018. No reproduction, copying or pasting without expressed consent from HSF Media Inc. For permission or writing oppurtunities please contact: submissions@ ya7elweenmagazine.com Magazine Founder: Dr. Hassan A Farhat MD Co-Founder: April Khan Chief Content Manager: Dinah Rashid Senior Arts Director: Saood Mukhtar North African Corespondent: Meriem Badji

‫ الدكتور حسن فرحات‬: ‫رئيس التحرير‬

‫مريم باجي‬: ‫مراسلة وسفرية املجلة يف املغرب العر ِّيب‬


‫املحتويات‬ ‫افتتاح ّية العدد‬ ‫‪5‬‬ ‫عىل الثقافة السالم‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬

‫خاص‬

‫‪9‬‬ ‫عظامي!‬ ‫أعصامي أم‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫د‪.‬هويدا رشيف‬

‫جامل‬

‫‪12‬‬ ‫الجامل حالة‬ ‫حكمت حسن‬ ‫‪14‬‬ ‫االستعامل الصحيح للمكياج‬ ‫مريم باجي‬ ‫‪16‬‬ ‫املرايا و الوجوه املستعارة‬ ‫عمر سعيد‬

‫صحة‬

‫‪22‬‬ ‫سن األمل‬ ‫د‪ .‬انتظار القييس‬ ‫‪25‬‬ ‫خفقان القلب‬ ‫رئيس التحرير د‪.‬حسن فرحات‪//‬‬

‫علوم‬

‫‪30‬‬ ‫هل األرض مسطحه حقا ؟‬ ‫يا حلوين‬

‫‪33‬‬ ‫هل ميكن لرباعم األذن أن تس ّبب‬ ‫فقدان السمع؟‬ ‫يا حلوين‬

‫سياحة‬

‫‪39‬‬ ‫الغونا بيتش‬ ‫يا حلوين‬

‫املطبخ والطعام‬

‫‪46‬‬ ‫عادات ومصطلحات األكل عن العرب‬ ‫د‪ .‬جواد عيل‬

‫أدب وشعر‬

‫‪53‬‬ ‫تجلِّيات أخالق العرب يف الشعر‬ ‫الجاهيل‬ ‫عمر شبيل‬ ‫‪58‬‬ ‫ملاذا األحمر يعني الحب؟‬ ‫يا حلوين‬ ‫‪62‬‬ ‫ضائعة انت‬ ‫مليس قويدر‬ ‫‪64‬‬ ‫قساوة الخراب‏‬ ‫ليىل السيد‬ ‫‪66‬‬ ‫مسرية‬ ‫حكمت حسن‬ ‫‪69‬‬ ‫البحر الهائج‬ ‫عبد الله ربيع أبو رافع‬



‫افتتاح ّية العدد‬

‫على الثقافة السالم‬ ‫د‪.‬هويدا ش�يف‬

‫الثقافــة هــي تلــك الــكل المكوكــب الــذي يجمــع جميــع االشــياء التــي نفكــر فيهــا ونقــوم بإنجازهــا ‪ ،‬وهــي المهــارات الموروثة‬ ‫واالســاليب والعمليــات الفنيــة ‪،‬وباختصــار هــي كل مــا لدينــا مــن تــراث علمــي وأدبــي وفنــي ويضــاف اليــه مــا نبتكــره‬ ‫ونخلقــه فــي هــذه المجــاالت لمــا فيــه تقــدم البشــرية مــن مــا هــو أفضــل وأســعد ‪.‬‬ ‫واإلنســان المثقــف هوالــكل المكتمــل ألن المثقــف إال ويجــب أن يكــون متعلمـا َ وهــو مــن يكتســب معرفــة ومعلومــات فــي‬ ‫مختلــف المياديــن ويســاهم علــى تطورهــا والرقــي بهــا والمســاعدة فــي خلــق أشــياء جديــدة واالبــداع فيهــا‪.‬‬ ‫فأيــن نحــن منهــا ؟ نحــن الشــباب ‪،‬عمــاد أي أمــة وســر النهضــة فيهــا ‪،‬وبنــاة حضارتهــا وخــط الدفــاع االول واالخيــر عنهــا‬ ‫‪،‬ايــن نحــن مــن الثقافــة تلــك المــراة التــي يــرى فيهــا االنســان نفســه بالمعنــى الحضاري؟وكيــف نشــجع الممارســات الثقافيــة‬ ‫بيــن الشــباب وخاصــة فــي ضــوء غيــاب العالقــات الفاعلــة بيــن التعليــم والثقافــة ؟ ومــا هــو مصيــر الثقافــة والشــباب معـا ً ؟‬ ‫أســئلة جمــة تخطــر علــى البــال ‪ ،‬بعضهــا نجــد لهــا أجوبــة ومبــررات واقعيّــة وأخــرى تغــوص فــي حيــرة فــك ألغازهــا‬ ‫‪،‬مــن ناحيــة القــاء المســؤولية وتحديدهــا ‪،‬ففــي ظــل التســارع المعرفــي والتغيــر فــي العالــم ‪،‬فــإن المطلــوب مــن المجتمعــات‬ ‫والبشــر وخصوصــا الفئــة الشــابة اكتســاب قــدرات التحــرك والتكيــف لضمــان البقــاء والتقــدم وإذ ذاك ال بــد لهــا مــن‬ ‫مغــادرة نطــاق التقليــد والطمــوح نحــو االبــداع والتحــرر الذاتــي وإحقــاق الديمقراطيــة‪،‬ألن الثقافــة وخصوصــا الثقافــة‬ ‫العربيــة تعانــي مــن ثنائيــة التقليــد والحداثــة وال يحتــاج االنســان الــى جهــد كبيــر لكــي يــرى الفجــوة التــي تفصــل بيــن‬ ‫الثقافتيــن ‪،‬فاالنغــاق واالنكفــاء علــى الــذات واالغتــراب يجعــل الشــباب يواجهــون التحديــات بعقــول ســلبية هروبيــة ‪،‬لذلــك‬ ‫ال بــد مــن االنخــراط فــي الحضــارة االنســانية دون تــردد ودون حــدود النهــا حضــارة انســانية ال يمكننــا الوقــوف ضدهــا‬ ‫وال تحقيــق التقــدم خارجهــا‪ ،‬ولألســف إن مــا يكبــل العقــل والعمــل المشــترك فــي المجتمــع فــي مجــال التنميــة الثقافيــة هــو‬ ‫غيــاب دور المثقفيــن وتشــريعاتهم للمســتقبل باالضافــة الــى دور العوامــل الخارجيــة المتمثلــة فــي االســتعمار التــي تهــدف‬ ‫الــى إبقــاء حالــة التخلــف والتبعيــة فــي المجتمــع ‪.‬‬ ‫فالعالــم يمــر بأزمــات وهمــوم ‪،‬وإن المســيرة الثقافيــة تتطلــب ثــورة منهجيــة تمكــن مــن القيــام بمجموعــة مــن االدوار دفعــة‬ ‫واحــدة فــي اطــار عمليــة تنميــة شــاملة بعيــدة عــن التخديــر االيديولوجــي واالفتــراء علــى حقائــق التاريــخ ‪ ،‬الن تحويــل‬ ‫العالقــة مــن عالقــة قوامهــا التنميــة والتحــرر الــى عالقــة تتخــذ حديــة الصــراع المطلــق ‪،‬أدى الــى تنامــي الحديــث عــن‬ ‫الغــزو الفكــري بــدال مــن االعتــراف ومواجهــة عوامــل التخلــف والضعــف الذاتي‪.‬هــذا التخلــف وهــذا الضعــف الذاتــي الذي‬ ‫خلقــه الفئــة الشــابة يعــود الــى البيــت الــذي يعتبــر عامــا أساســيا أكثــر مــن المدرســة فــي ضعــف الثقافــة العامــة ‪،‬فالبيــت‬ ‫–البيــت العربــي مــع االســف‪ -‬أمــي ال يقــرأ حتــى ولــو كان أهلــه متعلميــن ‪،‬فعــادات القــراءة والتعــود عليهــا ‪ ،‬وجعلهــا‬ ‫جــزءا مــن حيــاة االنســان يحتــاج اليــه كمــا يحتــاج الــى الطعــام والشــراب أمــر مطلــوب فــي عصرنــا ‪،‬ومــع ان بعضهــم‬ ‫يملكــون مكتبــات ضخمــة فــي بيوتهــم إال أنهــا ال تعــدو أن تكــون جــزءا مــن «ديكــور» ومظهــرا تفاخريــا ليــس اكثــر ‪ ،‬بــل‬ ‫إن المــرء يحــز فــي نفســه أن يتنــاول كتابــا مــن مكتبــة عامــة ويكــون اول مــن يفتتــح اوراقــه للقــراءة ‪ ،‬مــع بقائــه ســنوات‬ ‫عديــدة فــي المكتبــة نفســها ‪،‬بــل ان االمــر يصــل الــى الجامعييــن وحملــة الشــهادات فــوق الجامعيــة تحــس بضعــف ثقافتهــم‬ ‫العامــة ومحدوديتهــا واقتصارهــم فــي العلــم علــى مــا ينشــر فــي الصحــف والمجــات‪.‬‬ ‫والمعــروف أن اإلســانية لــم تجــد بديــا عــن الكتــاب وســيلة للثقافــة الجــادة والمعرفــة ‪ ،‬مــع مــا اســتحدث االنســان مــن‬ ‫وســائل ثقافيــة عجــزت كلهــا ان تقــدم عشــر مــا يمكــن للكتــاب ان يقدمــه‪.‬ألن العمــل الثقافــي عنــد االغلبيــة هــو وســيلة‬


‫لقضــاء وقــت الفــراغ وهــذا الخطــأ بعينــه ‪ ،‬متناســين بأنــه التعبيــر عــن قــدرات الشــخص والوعــاء المناســب لتفريــغ طاقــات‬ ‫الخلــق واالبــداع والــدرع الواقــي مــن االفــات االجتماعيــة ولهــا تأثيــر فــي التربيــة واالنســان والمجتمــع ‪،‬النهــا مجمــل‬ ‫التعبيــرات الســلوكية للمجتمــع ‪ ،‬وعليهــا يقــدر تحضــره وفاعليتــه بيــن االمــم‪.‬‬ ‫وبعدمــا وضعنــا االصبــع علــى الجــرح‪ ،‬وعرفنــا وتعرفنــا علــى علــة العلــل التــي يعانــي منهــا العنصــر الشــاب الفعــال ‪-‬كمــا‬ ‫ذكرنــا انفـا ً –ال بــد مــن ذكــر العناصــر المثبتــة الرئيســية التــي تــؤدي الــى عمــل ثقافــي ايجابــي يســتفاد منــه ويكــون مفتاحــا‬ ‫لبــث روح الثقافــة التــي ســنقرأ علــى روحهــا الفاتحــة علــى الرغــم مــن التطــور الــذي نعيشــة ونعايشــه ونخلقــه بعيــدا عنهــا‪.‬‬ ‫لذلــك ال بــد مــن خلــق منــاخ مناســب يســاعد المجموعــة المنشــطة علــى إبــراز خبــرة كل فــرد انطالقــا مــن مبــدأ عــام ‪،‬‬ ‫العمــل الثقافــي هوعمليــة اخــذ وعطــاء أو افــادة واســتفادة وبهــذا ينتقــي الــرأي الســائد القائــل بــأن الطريقــة المثلــى فــي‬ ‫العمــل الثقافــي تكمــن فــي االتفــاق الجماعــي علــى رأي أو وســيلة ويصبــح مــن االيجابــي أن ينشــط كال حســب طريقتــه‬ ‫انطالقــا مــن المعرفــي الذاتــي وهكــذا يتعــود الفــرد (الشــاب) علــى ضــرورة االبتــكار الغنــي والخلــق الجمالــي وان‬ ‫ننســى العمــل علــى تحســين قــدرات كل فــرد والمجموعــة وخلــق عالقــات إتصاليــة إنســانية بيــن الفــرد والمجموعــة هــذه‬ ‫العناصــر الثالثــة المجتمعــة تســاعد فــي اعتقــادي علــى توســيع حلقــة اإلتصــال الجماعــي مــن أجــل منــاخ مناســب تظهــر‬ ‫فيــه التجــارب المختلفــة وتتفتــق عبــره المواهــب الكامنــة لتتحســس الطريــق نحــو اإلنتشــار األوســع مجــاال ‪ ،‬كمــا تســاعد‬ ‫علــى خلــق روابــط إنســانية تجعــل الفــرد يــدور فــي فلــك جماعــي بعيــدا عــن اإلحســاس بــأي قيــد أو حاجــز يقــف دونــه‬ ‫واالخريــن مــن مياديــن الثقافــة وأنشــطتها كالميــدان الفنــي ‪،‬العلمــي‪ ،‬الترفيهــي والميــدان العلمــي التثقيفــي‪.‬‬ ‫ختامــا ‪،‬ففــي الســبعينات مــن القــرن التاســع عشــر قــدم علمــاء األنتربولوجيــا أكثــر مــن تعريــف لمفهــوم الثقافــة وأجمعــوا‬ ‫فــي المحصلــة علــى أنهــا تتضمــن المعرفــة والمعتقــدات واألخــاق والقانــون والعــادات واإلمكانيــات اإلجتماعيــة وأي‬ ‫طبائــع اكتســبها الفــرد فــي المجتمــع فهــو فــي المختصــر دماثــة ال ُخلُــق‪.‬‬ ‫ســع يومــا بعــد يــوم بيــن الفئــة الشــابة والثقافــة بــدال مــن أن يتكاتفــا مــن‬ ‫وفــي المقابــل الحظنــا أن هنــاك فجــوة طالمــا ستتو ّ‬ ‫أجــل بنــاء مجتمــع فاعــل متميــز فإنهمــا يواجهــان تســونامي العولمة‪.‬وهــذا فــي المقابــل يترتــب عليــه نظريــة كيفيــة رؤيــة‬ ‫مجتمــع الغــد ‪،‬ورســم مالمــح تقدمــه وازدهــاره فــي ظــل غيــاب الثقافــة فــي دهاليــز الحيــاة والمســيطرين علــى العالــم ‪.‬‬ ‫ولكــن متــى ســيعي الشــباب مــا ســنقدم عليــه؟ وان متعــة الحيــاة فــي فــن الرســم بممحــاة ‪...‬محــو خطــوط واســتبدالها بأخــرى‬ ‫‪،‬محــو الخطــأ لتصحيحــه ‪،‬وإدراك الخطــر لنصــل الــى حالــة مــن المازوجيــة ؟هــذه التســاؤالت جوابهــا واحــد ‪،‬علــى الثقافــة‬ ‫الســام اذا لــم نــع كيــف ننقــذ أنفســنا ‪.‬‬


‫افتتاح ّية العدد‬



‫خاص‬

‫ي!‬ ‫ي أم عظام ٌّ‬ ‫أعصام ٌّ‬ ‫د‪.‬هويدا شريف‬

‫جميعنا يعرف بيت ابن الوردي في قصيدته المشهورة ‪:‬‬ ‫ال تقل أهلي وفصلي أبدا ً‬

‫إنما أصل الفتى ما قد حصل‬

‫ففــي كل محف ـ ٍل ومجلــس يتفاخــر ذوو الفخــر وأولــو المجــد ‪،‬فنــرى المــرء يتب ّجــح بأعلــى صوتــه ويقــول‪ :‬كان أبــي ‪...‬‬ ‫عمــل جــدي‪.‬‬ ‫صحيـ ٌح أنهمــا كانــا وكانــا ‪ ،‬أنجــزا وعمــا ‪ ،‬ولكــن مــن أنــت؟ هــل تســير علــى ذات الــدرب الــذي ســار عليــه أبــوك وجدك؟‬ ‫ـمو وأدب فأنــت نعــم الخلــف لخيــر‬ ‫ي وسـ ّ‬ ‫إذا كنــت كذلــك وكان الــدرب الــذي ســارا عليــه قبلــك درب أخــاق وعلــم ورق ـ ّ‬ ‫ســلف ‪ ،‬ولكــن المشــكلة تكمــن فــي مــن يفتخــر فــي كل مجلــس بأبيــه وجــده‪ ،‬وهــو يبعــد كل البعــد عــن نهــج أبيــه ودرب‬ ‫جــده!‬ ‫ونحــن ال ننكــر أبــدا ً صــاح االبــاء فيــه صــاح لألبنــاء ‪ ،‬إن أفضــل مــا يرثــه الولــد عــن أبيــه هــو الصــاح والذكــر الحســن‬ ‫وعلــى الولــد أن يحيــي فعــال والــده ويكــون ذلــك بــأن يتــم بنــاء صــرح األخــاق الحميــدة الــذي بــدأ بــه أبــوه ونذكــر قــول‬ ‫الشــاعر ‪:‬‬ ‫صد‬ ‫إنما المد ما بنى والد ال ّ‬

‫ق وأحيا فعاله المولود‬

‫وفي حال هدمت هذا الصرح الذي تعب به وشقى حياته في تزيينه وتلميعه يقول الشاعر‪:‬‬ ‫شرف‬ ‫لئن فخرت بأباء ذوي‬ ‫ٍ‬

‫لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا‬

‫فاالنســان هــو الــذي يختــار لنفســه ‪،‬فامــا أن يكــون األول فيتابــع بنــاء مجــد أبيــه ‪،‬وإمــا أن يكــون الثانــي فــا يبنــي لنفســه‬ ‫وتصرفاتــه مجــد ســنوا ٍ‬ ‫ت وســنوات‪.‬‬ ‫مجــدا ً بــل لعلــه يهــدم بســوء فعالــه‬ ‫ّ‬ ‫وهنا يطرح السؤال التالي‪ :‬أيهما أهم ‪:‬أدب الرجل أم حسبه؟‬ ‫وهل االدب يغني عن رفعة النسب والحسب ؟‬ ‫فالبعــض يقــول أن االدب كالحســب ‪،‬قيــل ‪:‬مــن نقــص بــه أدبــه ‪ ،‬لــم يقعــد بــه حســبه ‪ ،‬وشــرف الحســب يحتــاج الــى شــرف‬ ‫األدب وشــرف األدب مســتغن عــن شــرف الحســب ‪.‬‬


‫فاإلنســان العاقــل اللبيــب ‪،‬حتــى وإن كــرم حســبه طابــت أرومتــه ‪،‬فإنــه ال يتــكل علــى أحســابه وال يعتمــد علــى أنســابه بــل‬ ‫يصنــع ذاتــه بذاتــه ‪،‬فيكــون لنفســه شــخصية فاعلــة مؤثــرة فــي المجتمــع ‪،‬ليكــن عصاميّـا ً ال عظاميـا ً ‪.‬‬ ‫فالســؤدد والمجــد ال يكونــان بالوراثــة ‪،‬إنمــا بالفعــال الحميــدة ‪ ،‬واألخــاق النبيلــة ‪،‬حتــى أن بعــض أصحــاب النفــوس‬ ‫ســموهم إرثــا ً يرثــوه عــن أجدادهــم ‪،‬فنتذكــر‬ ‫العظيمــة يأبــون أن يرســموا مســتقبلهم علــى أمجــاد أجدادهــم وأن يكــون‬ ‫ّ‬ ‫شــخصية المتنبــي المشــهور بتفاخــره ونزعتــه الــى الســيادة ‪ ،‬فهــو يأنــف مــن أخيــه إذا كان غيــر كريــم وماجــد وال يرضــى‬ ‫بــأن ينســب الفضــل إليــه إكرام ـا ً لجــده فيقــول‪:‬‬ ‫وانف من أخي ألبي وأمي‬

‫إذا ما لم أجده من الكرام‬

‫فاإلنســان بنفســه وأخالقــه وماثــره ‪ ،‬يصنــع مســتقبله وحاضــره ‪،‬يجمــع إرث ـا ً لذاتــه ‪،‬وينســج تاريخ ـا ً يضــرب فيــه المثــل‬ ‫فــا يعيــش مترنمـا ً بأناشــيد الماضــي ‪،‬حالمـا ً علــى أطــال أمجــاد ابائــه الغابــرة ‪ ،‬فيمــوت ولكــن ذكــره يبقــى حيّـا ً مرفوعـا ً‬ ‫يحاكــي ســماء الفضيلــة والســمو‪.‬‬


‫خاص‬


‫‪ ‬الجمال حالة‬ ‫حكمت حسن‬

‫ُينســب إلــى الجمــال حــالات مــن الادهــاش والغرابــة‪ ،‬يعجــز‬ ‫الــكلام عــن توصيفــه ‪ .‬والوصــف حيــن تتناولــه مشــاعر‬ ‫تهيمــن علينــا وتســتند الــى حواســنا ‪ ،‬مســلكنا إلــى العالــم‬ ‫الخارجــي ‪ ،‬فنبــدأ بتفصيــل جمــال وجــه أنثــوي مــا ‪ .‬وحســب‬ ‫مقاييــس النظــر ‪ ،‬ونمعــن في اعطاء الوصف قيمة جمالية‬ ‫‪ ،‬فــي محاولــة منــا لنقــل الحالــة م ّنــا وإلــى الآخريــن ‪ ،‬عبــر‬ ‫عبــارات رنانــة ‪ ،‬وتعابيــر تحمــل معانــي جماليــة كقافلــة ‪ ،‬مــا‬ ‫عليهــا ســوى المســير وتأديــة المهمــة بأفضــل مــا يكــون ‪ .‬‬ ‫وفــي كل ذلــك يبقــى الجمــال كامــلا لا نقصــان فيــه‪ ،‬وكل‬ ‫كلمــة ُتكتــب حولــه‪ ،‬يرمقهــا صاحبهــا بحيــاء ويعــرف فــي‬ ‫قــرارة نفســه أ ّنهــا لــم تــدن منــه قــط ‪ ،‬فمــا هــو جوهــري لا‬ ‫بحـ�واس مجتمعـ�ة ‪ ،‬وجمـ�ال‪.‬‬ ‫يمكـ�ن احتسـ�ابه سـ�وى‬ ‫ّ‬

‫‪ ‬‬


‫ج‬ ‫ام‬ ‫ل‬


‫با�‬ ‫مريم ج ي‬ ‫كلّنــا يعلــم ّ‬ ‫أن لــك ِّل فــن مــن الفنــون طريقــة خاصــة لتعلمــه وأخــرى فــي وضــع أ ُ‬ ‫س ِس ـ ِه ‪ .‬وهنــاك خطــوات‬ ‫ضروريــة يجــب أالّ يُســتغنى عنهــا إلبــراز جمالياتــه ومميزاتــه‪ ،‬وخطــوات ْ‬ ‫أخــرى تبــرز وضــع جماليــات‬ ‫ـس وخطــوات متبعــة‬ ‫ومميــزات مــا نريــد إبــرازه لهــذا الفن‪.‬فالمكيــاج هــو فــن مــن هــذه الفنــون ولديــه أسـ ٌ‬ ‫وطــرق خاصــة لوضعــه واســتعماله‪.‬‬ ‫ت ترينــه‬ ‫كمــا أقــول دائمــا المكيــاج مجــرد مســتحضر تجــاري إلخفــاء العيــوب أو إلبــراز الجمــال‪ .‬إذا كنـ ِ‬ ‫ـرار علــى البشــرة ونقصــان بجمالــك الطبيعــي‪.‬‬ ‫كذلــك عليـ ِ‬ ‫ـك أن ال تســتعمليه ‪ ،‬ألنــك ســتعانين مــن أضـ ٍ‬ ‫أول شــيء تجــب مراعاتــه قبــل أن تضعــي منتوجـا ً أو حتــى قبــل شــرائه هــو تفقــد المكونــات التــي يحتويهــا‬ ‫المســتحضر وتاريــخ صالحيتــه ‪ ،‬وهــل هــو مرخــص بعالمــة تجاريــة أم أنّــه منتــوج مجهــول المصــدر‪.‬‬ ‫فكمــا نعلــم أحيانـا ً ّ‬ ‫أن البشــرة تصــاب بحساســية بســبب بعــض المــواد‪ .‬لهــذا مــن الواجــب أن تتفقــدي المنتــوج‬ ‫ـرة‬ ‫ـر كبيــر أن تقتنيهــا ألنّهــا مضـ ّ‬ ‫جيــدا ً‪ .‬أمــا المنتوجــات المنتهيّــة الصالحيّــة‪ ،‬أو المجهولــة المصــدر ‪ ،‬فخطـ ُ‬ ‫بصحتــك‪.‬‬ ‫ي ِ لبشــرة الوجــه‪ .‬هــذا‬ ‫قبــل وضــع المكيــاج علــى الوجــه يجــب غســله جيــدا ً وال بــأس بعمــل حمــام بخــار ّ‬ ‫العمــل يــؤدي لنتظيــف مســامات البشــرة مــن البقايــا العضويــة التــي قــد تكــون متراكمــة داخلهــا‪ .‬هــذه البقايــا‬ ‫هــي المســبب األول للبثــور ( البقــع) والحساسـيّة وقــد تتفاعــل عنــد وضــع المكيــاج لتســمح للخاليــا البكتيريّــة‬ ‫بالتكاثــر وعندهــا تســبب أضــرارا ً للبشــرة‪.‬‬ ‫ـك اختيــار‬ ‫عنــد وضــع المكيــاج يجــب مراعــاة ك ِّل خطواتــه وأسســه بطريقــة دقيقــة وتراتبيــة‪ .‬كمــا يجــب عليـ ِ‬ ‫ـبك‪ ،‬ومــا يناســب تفاصيــل وجهـ ِ‬ ‫مــا يناسـ ِ‬ ‫ـك أن تختــاري منهــا مــا يناســبك‬ ‫ـك‪ .‬الموضــة للجميــع لكــن عليـ ِ‬ ‫ـك‪ ،‬يجــب أن تختــاري مــا يســعادك علــى‬ ‫وليــس األخــذ بكلهــا ‪ ،‬ومــا يختــاره غيــرك قــد ال يكــون مناســبا ً لـ ِ‬ ‫إبــراز جمالــك وليــس مــا يتهافــت عليــه اآلخــرون‪.‬‬ ‫عليــك وضعــه حســب تسلســله حتــى تتجنبيــن الخلــط أو إضافــة طبقــات‬ ‫عندمــا تبدئيــن بوضــع المكيــاج‬ ‫ِ‬ ‫أخــرى مــن المكيــاج قــد تضــر ببشــرتك ولــن تضفــي علــى جمالــك شــيئا ً‪.‬‬ ‫كمــا تعلميــن فــي البدايــة نضــع مثبــت المكيــاج إذا كان» كريــم» أمــا إذا كان مــن نــوعِ « البخــار» فيســتعمل‬ ‫يِ‪،‬والحقا ً نضــع الهاياليتــر إذا كان « كريــم» أمــا إذا كان‬ ‫فــي النهايــة‪ .‬ثـ ّم نضــع الكونتــور والكريــم األساسـ ّ‬ ‫«بــودرة» فنضعــه بعــد االنتهــاء مــن وضــع ك ِّل األساســيات علــى الوجــه‪.‬‬ ‫بعــد هــذا نســتطيع تحديــد الحاجبيــن ووضــع أحمــر الخــدود ووضــع أحمــر الخــدود وظــال العيــون واحمــر‬ ‫الشــفتين ‪ .‬بالنســبة للعينيــن فـ ّ‬ ‫ـأن ظــال العيــون طبعـا ً توضــع قبــل اآليالينــر والماســكرا‪.‬‬ ‫التنظيــف والدقــة أمــران يجعــان األشــياء أكثــر جمــاالً وتميّــزاً‪ ،‬وفــي عالــم المكيــاج يجــب عليــك التمســك‬ ‫بهمــا للحصــول علــى نتائــج إيجابيّــة وفاتنــة‪.‬‬ ‫عزيزتــي جمــال بشــرتك هــو كيــف ترينهــا أنـ ِ‬ ‫ت قبــل وضــع المكيــاج ‪ .‬فجمــال الــروح ال يــراه إال ك ّل عاشــق‬ ‫أنــار هللا بصيرتــه قبــل بصــره‪.‬‬


‫االستعمال الصحيح للمكياج‬


‫المرايا و الوجوه المستعارة‪ ‬‬

‫عمر سعيد‬

‫لسنا نستطيع ان نحدد بالضبط متى ظهرت مرحلة الأقنعة ولكننا نعرف أن المايا من اقدم‬ ‫الشعوب التي استخدمتها بأبعاد الزينة والعبادة والتخفي والهروب من الشر‪ .. ‬‬ ‫وكذلك نعلم ان الفراعنة هم اول من استخدم الكحل والرسم حول العينين والشفاه عند‬ ‫الذكور والاناث لجعل الوجه مستلطفا عند الآلهة‪ . ‬‬ ‫لكن ومع أعتماد الرسم وجه المرأة كلوحة يوظف فيها كل الامكانيات لإبراز جماليات الظل‬ ‫والضوء وتدرجات اللون فوقها‪ ،‬بتنا نرى كيف تنبت فوق وجوه النساء كل صباح وجوه‬ ‫بمقاييس ومعايير وألوان تتجدد كل يوم ‪ ،‬ثم تعود لتختفي مساء ‪ ،‬عندما تستلقي رؤوس‬ ‫على الوسائد ‪ ،‬فتخلع بخلع وجوه مستعارة تعب نهار وشقاء إقامة لساعات ‪ ،‬ليست بقليلة‪ ‬‬ ‫خلف أعين ‪ ،‬تطل من ورائها أعين متفاوتة في نوعية النظرات المرسلة‪ ،‬فتصمت شفاه‬ ‫اكتست شفاه بألوان لا تحصى ‪ ،‬وتتنفس وجنات قد ازاحت عنها‪ ‬أردية تناسبت‪ ‬ولون‬ ‫بشرتها البدائي ‪ ..‬‬ ‫ليظل تساؤلنا المحير نحن الرجال عن سر تمسك المراة بقناع الجمال هذا على الرغم من‬ ‫حدة شفافيته التي لا زالت تخفي خلفها كثيرا من ملامح الحزن والوهن والقبح والبرود ‪ .‬‬ ‫خد َع الأرواح ‪ ..‬‬ ‫خد ُع المرايا ‪ ،‬فلن ُت َ‬ ‫فإن كانت ُت َ‬ ‫تلك التي هي أبعد من فرشاة وخطوط وألوان امهر الرسامين ‪ ..‬‬ ‫فالروح لا تلونها إلا روح تعي كيف تخترق شفافيتها ‪ ،‬فتشعل لمعانها ابتسامات ‪ ،‬وتعصر‬ ‫بحة صوت ‪ ،‬تحمل اعذب النايات على الانكماش أمام‬ ‫آه‬ ‫ُ‬ ‫دمعها وجدانا فتاكا ‪ ،‬و تستلها ً‬ ‫انبعاثها ‪ .‬‬ ‫فلو أجلنا التأمل في حواجب النساء لقرأنا في تشكيلها أبعادا من منحنيات جغرافيا عالم‬ ‫جواني لامرأة تنتظر رحالة تجوب تضاريسه ‪ ،‬ولعلمنا على أي مسافات تقف من روحها ‪ ..‬‬ ‫ولو حللنا درجة اللون فوق شفاهها لأدركنا مقدار حاجة تلك الشفاه لما هو اعظم من‬ ‫اللون ‪ ..‬‬ ‫فتلك شفة تبحث عن أذنين تصغي لما تود ان تقول ‪ ..‬‬ ‫وتلك شفة تخفي تحت طلائها بقايا أمس كان بحمرة ذاك الدم المتخثر فوقها ‪ ..‬‬ ‫وتلك شفة تنتقم لحرمانها باقتحام العيون العمياء ‪ ..‬‬ ‫وتلك شفاه ضرجت نضارتها بحمرة لم تشتعل في جسد ملت السير به على غير هدى ‪ ..‬‬ ‫ولو توغلنا بقراءتنا عميقا تحت كريمات الأساس فوق الوجنات ‪ ،‬لذهلنا لقسوة مرأى‬ ‫مسالك الدمع وقد حفرتها عزلة أرواح فشلت في الاتحاد بوجنات الجنس الآخر ‪ ..‬‬ ‫فهناك وجنات تكاد تصرخ بحثا عن لمسة أكف كانت هنا ‪..‬‬ ‫وهناك وجنات تخفي خلف وجناتها الف أثر لشفاه مرت من هناك ‪..‬‬ ‫وهناك وجنات لا زالت ترتعش لسخونة أنفاس عفرتها بالشوق ‪ ..‬‬ ‫حقا إنها أقنعة مكياج‪ ‬تحكي مع ارتدائها قصص أمل‪ ‬‬ ‫مرتجى ‪ ..‬وتخفي خلفها أسرار حياة لا تتعدى صمت المرايا ‪ ..‬‬ ‫فأجمل المكياج ابتسامة أطلت من بين شفتين التمعت ببقايا ندى الانفاس ‪ ..‬‬ ‫وأجمل المكياج بريق عيون اشعله الحب الطريق لغدى أجمل ‪ ..‬‬ ‫وأجمل المكياج ملامح تدرك انوثة من تحملها بالفطرة‪ ‬كيف تعيد الربيع إلى دم تشريني‬ ‫المواسم فتشعل فيه نيران العصب ‪ ،‬ليعتزم الحب طريقا للحياة ‪..‬‬






‫صحة‬


‫سن األمل‬ ‫د‪ .‬انتظار القيسي‬

‫صديقاتــي الغاليــات ال تســمي مرحلــة انقطــاع الــدورة الشــهرية ســن اليــأس بــل ســميها ســن االمــل الن بهــذه‬ ‫المرحلــه ان كان غذائــك جيــدا ً وتمارســين رياضــه المشــي كل يــوم ثقــي بأنّــك ســتعيدين شــبابك وحيويتــك‬ ‫وعليــك بالغــذاء الصحــي ومنهــا‪:‬‬ ‫‪ .1‬تناول المزيد من الفواكه مثل األناناس و التينو الكيوي والخوخ والتفاح‬ ‫‪ .2‬تنويع الخضار الغنية باأللياف كالطماطه والفجل والسبانخ والقرنبيط والجرجير والشوندر والبصل‬ ‫‪ .3‬تفضيل البروتينات النباتية مثل الفاصوليا المجففة والعدس والحمص‬ ‫‪ .4‬تنويع البروتينات الحيوانية مثل السردين والسلمون البري وتلدجاج والطيور‬ ‫‪ .5‬تناول منتجات األلبان كالحليب و جوز الهند وحليب األغنام والجوز والسمسم‬ ‫‪ .6‬االبتعاد عن المأكوالت المالحة أو الحارة بشكل زائد‬ ‫‪ .7‬تعويض السكر بعصير الفاكه الطازج‬ ‫‪ .8‬عليك ممارسة رياضة المشي كل يوم ومراقبة الوزن باستمرار‬ ‫‪ .9‬حاولي ادارة التوتر واالجهاد بالترفيه على النفس‬ ‫‪ .10‬يجــب عليــك التقليــل مــن اســتهالك الكافييــن مثــل الشــاي والقهــوة واعتمــدي علــى شــرب الشــاي‬ ‫االخضــر‬ ‫‪ .11‬احرصي على انتظام فترة النوم واالستيقاظ وحاولي النوم في غرفة مظلمة ومهواة‬ ‫‪ .12‬واعلمــي ان فــي بعــض األطعمــة مــن األثــار التــي ال تبعــث علــى االرتيــاح فــي ســن اليــأس لذلــك‬ ‫فمــن أجــل التقليــل مــن األعــراض المزعجــة لهــذه الفتــرة يمكــن ازالــة هــذه األطعمــة مــن نظامــك الغذائــي‬ ‫أو علـ�ى األقـ�ل التقليـ�ل منهـ�ا ومـ�ن بيـ�ن هـ�ذه األطعمـ�ة نذكـ�ر‪:‬‬ ‫األطبــاق الحــارة والقهــوه واالكالت الدســمه واللحــوم الحمــراء والملــح الزائــد فــي‬ ‫الغــذاء والــرز والمعكرونــه البيضــاء والخبــز االبيــض ومنتجــات االلبــان المصنعــه‬




‫خفقان القلب‬

‫رئيس التحرير د‪.‬حسن فرحات‪//‬‬

‫الخفقان هو الشعور ّ‬ ‫بان قلبك ينبض بقوة أو بسرعة بشك ٍل‬ ‫منتظم أو غير منتظم‪ .‬بعض الناس‬ ‫ٍ‬ ‫يصفونه بأنه «طرق” أو “فقدان دقات”‪ .‬ويشعرون به على شكل ترفرف سريع في الصدر‪،‬‬ ‫لثوان أو دقائق أو ساعات وحتى أياما‪ .‬قد يحدث الخفقان‬ ‫أو الرقبة أو الحلق ‪ .‬أما مدته فتستمر‬ ‫ٍ‬ ‫في األشخاص المصابين بأمراض القلب ‪ ،‬ولكن يمكن ان يحدث أيضا ً في األشخاص الذين‬ ‫يتمتعون بصحة جيدة‪.‬‬ ‫األسباب المتعلقة بالقلب‪:‬‬ ‫اضطراب القلب (تغي ٌّر في اإليقاع الطبيعي للقلب)‬‫مرض صمامات القلب‬‫ُ‬ ‫األسباب غير المتصلة بالقلب‪:‬‬ ‫بعض األدوية ( مثل أدوية الربو ال ُمستنشقة ‪ ،‬مضدات الهيستامين ‪ ،‬وأدوية الغدة الدّرقية‬‫ومضدات االكتئاب ‪ ،‬وبعض أدوية السعال ونزالت البرد )‬ ‫بعض المكمالت العشبية والغذائية‪ ،‬والمشروبات الطاقة وحبوب الدواء ‪ ،‬وحبوب منع الحمل‬‫وفقدان الوزن‪.‬‬ ‫العقاقير ال ُمنشطة غير المشروعة (مثل الكوكايين ‪ ،‬واألمفيتامينات ‪ ،‬وفينسيكليدين)‬‫الكافيين والكحول والتبغ‬‫الحاالت الطبية مثل مرض الغدة الدرقية وفقر الدم والقلق ونوبة الهلع‪.‬‬‫اعتالل الكلية‬‫ الربو وداء االنسداد الرئوي المزمن‪.‬‬‫اختالل األمالح مثل الكالسيوم‪ ،‬والبوتاسيوم‪ ،‬والماغنسيوم الى آخره‪.‬‬ ‫أحيانا أسباب الخفقان غير معلومة‪.‬‬ ‫الرعاية المنزلية‪:‬‬ ‫تجنب اإلفراط في الكافيين والكحول والتبغ وأي عقاقير منشطه‪.‬‬ ‫ب طبية أو أية أدوية خارج استشارة الطبيب‪.‬‬ ‫ي ِ وصفة طبية أوأيّة أعشا ٍ‬ ‫أخبر طبيبك عن أ ّ‬


‫عليك اإلتصال بطبيبك على النحو الذي يرشدك إليه العاملين في العيادة الطبية‪.‬‬ ‫عليك اللجوء للرعاية الطبية الفورية إذا رافق الخفقان بعض العوارض ‪:‬‬ ‫كالضعف ‪ ،‬والصداع والدوخة ‪ ،‬ودوار الرأس واالغماء‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ضيق في التنفس‪.‬‬ ‫وألم في الصدر أو‬ ‫او عند معدل نبضات قلب سريعة (أكثر من ‪ 120‬نبضة في الدقيقة ‪ ،‬في حالة استرخاء)‬ ‫أو الخفقان الذي يدوم أكثر من ‪ 20‬دقيقه‪.‬‬ ‫ضعف الذراع أو الساق أو جانب واحد من الوجه‪.‬‬ ‫صعوبة في الكالم أو الرؤيا‪.‬‬ ‫عادة خفقان القلب غير مض ِّر ولكن قد يسبب قلقا َ اذا كان ناتجا ً عن عدم انتظام في ضربات‬ ‫القلب‪.‬‬




‫ع‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬


‫هل األرض مسطحه حقا ؟‬ ‫يا حلوين‬ ‫مــن الواضــح ّ‬ ‫أن العالــم ليــس مســطحا ‪ .‬نــرى عندمــا تغــادر الســفن المينــاء يمكنــك ان‬ ‫تراهــا تختفــي تدريجيــا تحــت األفــق‪ .‬يمكنــك ان تــرى إذا كنــت صاعــدا ً فــوق بــرج طويــل‬ ‫أو تلــة يمكنــك أن تشــاهد أبعــد مــن األفــق‪.‬‬ ‫كل مــا لدينــا هــو علــوم الفيزيــاء التــي شــيدت اآلن ‪ ،‬وفزيــاء مــدارات األشــياء التــي تــدور‬ ‫حــول األرض كلهــا شــيدت مــع عالــم ثالثــي األبعــاد ‪ .‬والصــور التــي تأتينــا مــن الفضــاء‬ ‫تظهــر عالمنــا هــذا ككــرة أرضيّــة والــى حــد اآلن هنــاك بعــض النــاس الذيــن ال يزالــون‬ ‫يعتقــدون ّ‬ ‫ان األرض مســطحة‪.‬‬ ‫وهكــذا فــان البشــر تحــب القصــص ألنّهــا تجعــل مــن حياتنــا ومــن عالمنــا إحساســا ً‬ ‫منطقيــا وجوديـاً‪ ،‬وإنّهــا تضفــي عليهــا معنــى وقابليّــة للفهــم‪ .‬العلــم هــو وســيلة لمــا نامــل‬ ‫أن تكــون قصــة حقيقيــة بعــض الشــيء يمكــن إثباتهــا صحتهــا مــن خــال التجربــة‪.‬‬ ‫ولكــن كمــا نــرى علــى مــر العصــور وحتــى يومنــا هــذا ‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ـإن حياتنــا اليوميّــة يمكــن ان‬ ‫تنقلــب إذا وصلنــا لفهــم أدق للكــون مــن حولنــا‪.‬‬ ‫هنــاك ميــل للنــاس لرفــض هــذا الواقــع ‪ ،‬مــن ّ‬ ‫إن العلــم اليــوم علــى أســاطير مريحــة‪.‬‬ ‫األشــياء الـ ت يـ� تجعــل النــاس يشــعرون فــي المنــزل ‪ ،‬أشــياء تجعلهــم أكثــر ســعادة النّهــم‬ ‫يعرفــون مــا يجــري‬ ‫ربمــا هــذا الهــوس بــاألرض المســطحة هــو واحــد منهــم‪ ،‬أو ربمــا مجــرد تناقــض‪ ،‬ال‬ ‫اعــرف ‪ ،‬إنّهــا واحــدة مــن تلــك األشــياء التــي أجدهــا صعبــة للغايــة لفهــم وابعــاد الغمــوض‬ ‫عــن رأســي‪ .‬أنــا حق ـا ً كذلــك!‬ ‫نظريتي المفضلة هي أنّهم يفعلون ذلك للتاثير الكوميدي‪.‬‬ ‫تخيــل للحظــة ّ‬ ‫ان األرض كانــت مســطحة‪ .‬حســنا ‪ ،‬كــم هــو ســمكها ؟ هــذه نوعيــة االســئلة‬ ‫التــي ينبغــي أن تســالها‪.‬‬ ‫حســنا ً لديــك حافــة ‪ ،‬هــل ستســقط األشــياء مــن الحافــة ؟ كيــف تولــد الجاذبيــة لجعــل‬ ‫األشــياء تســقط ؟ مــا هــو الــذي تســبب فــي الجاذبيــة لجعــل األشــياء تســقط فــي النهايــة ؟‬ ‫ســطح مســطح هــو غيــر مســتقر إلــى حــد مــا‪ ،‬والقــوى األخــرى ســتكون مرنــة ومتحركــة‪.‬‬ ‫مــن الصعــب أن تبــدأ ‪ ،‬وكيــف ســتكون األرض المســطحة فــي الواقــع ‪ ،‬ألنــه فقــط مــن‬ ‫المســتحيل‪.‬‬




‫هــل يمكــن لبراعــم األذن أن تســبّب فقــدان‬ ‫الســمع؟‬ ‫يا حلوين‬

‫براعم األذن‪ ،‬هواتف األذن ‪ ،‬وسمعات األذن‪،‬وأجهزة بلوتوث‪.‬‬ ‫كلّهــا اليــوم متوفــرة اليــوم بكثــرة فــي األســواق التجاريــة‪ .‬موصــول‬ ‫بــود و ُمشــغّل الموســيقى ‪ ،‬والحواســيب‬ ‫ي ُ‬ ‫الهواتــف النقالــة‪ ،‬الــآ ّ‬ ‫واللوحــات وأكثــر مــن ذلــك‪.‬‬ ‫كلّهــا تســتخدم مــن قبــل األطفــال والمراهقيــن والبالغيــن مــن جميــع‬ ‫األعمــار‪ ،‬وتوفــر االســتماع الخــاص‬ ‫فــي المــدارس وفــي الصــاالت الرياضيّــة وفــي المنــازل وفــي أماكــن‬ ‫العمــل‪ .‬تقريب ـا ً فــي ك ِّل مــكان النــاس يقضــون بعــض الوقــت‪.‬‬ ‫براعــم األذن إلــى حــ ِ ّد اآلن هــي الخياراألكثــر شــعبيّة لالســتماع‪-‬‬ ‫ألنهــا صغيــرة األحجــام‪ .‬وتناســب وضعهــا بالجيــب وتكلفتهــا زهيــدة‪.‬‬ ‫أن هــذه الســمعات المحمولــة الصغيــرة تسـبّب تلفـا ً‬ ‫المشــكلة تكمــن فــي ّ‬ ‫فــي الســمع بمعــدل مقللــق للغايــة‪ .‬حقيقــة‪ ،‬لقــد أظهــرت الدراســات ّ‬ ‫أن‬ ‫واحــدا ً مــن ك ِّل خمســة امريكييــن يعانــي مــن فقــدان الســمع‪.‬‬ ‫مــا يجعــل األمــر بغايــة الخطــورة ويدعــو للقلــق الشــديد هــو ّ‬ ‫أن فقــدان‬ ‫الســمع غيــر قابــل لإلصــاح‪.‬‬ ‫التعــرف علــى الضــرر ولــم‬ ‫وكلّمــا طــال أمــد االســتعمال ولــم يتــ ّم‬ ‫ّ‬ ‫يــودي الــى ســرعة فــي فقــدان الســمع‪.‬‬ ‫يعالــج مبكــراً‪ ،‬ك ُّل هــذا ْ‬ ‫السبب الرئيسي يكمن في حجم الصوت‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫ين‬ ‫نوع� من الضجيج‪:‬‬ ‫الضوضاء‪-‬فقدان السمع ناتج عن‬


‫_ المفـ ج ئ‬ ‫ـا�‪ ،‬انفجــارات األذن‪ ،‬مثــل إطــاق النــار واأللعــاب الناريّــة‪،‬‬ ‫ـتمر ‪ ،‬مثــل ضجيــع المصانــع‪ ،‬والموســيقى الصاخبــة‬ ‫أو التعــرض المسـ ِ ّ‬ ‫المســتعملة لوقــت طويــل‪.‬‬ ‫براعــم األذن تســتخدم فــي المقــام األول لالســتماع الــى الموســيقى‪،‬‬ ‫وهنــاك قليــل مــن التفكيــر فــي وقــت ارتــداء الجهــاز‪ ،‬ومــا هــو مســتوى‬ ‫حجــم الصوت‪.‬علــى غيــر عــادة النــاس االســتماع للموســيقى أو الراديــو‬ ‫لســاعات طويلــة مــع ارتفــاع بالصــوت‪.‬‬ ‫كيف يمكن لبراعم األذن أن تحدث ضررا ً بالسمع؟‬ ‫ي بـ ُـود و ُمش ـغّل الموســيقى وتوضــع فــي داخــل‬ ‫إنهــا تســتخدم مــع الــآ ّ‬ ‫قنــاة األذن الخارجيّــة‪ .‬هــذا يجعــل إشــارة الصــوت قريبــة مــن األذن‬ ‫الداخليّــة مــا يعــادل تعزيــز ذلــك بمقــدار تســعة ديسيبل‪.‬تســعة ديســبيل‬ ‫كبيــرة‪ ،‬إذا نظرنــا ّ‬ ‫ان مــا هــو فــوق خمســة وثمانيــن ديســبيل يمكــن أن‬ ‫يســبب تلفـا َ بالســمع‪.‬هذا مثــل الذهــاب مــن صــوت جــرس العشــاء إلــى‬ ‫صــوت آلــة جــز العشــب‪.‬‬ ‫ـرب الضوضاء‬ ‫إذا كانــت براعــم األذن ال تجعــل ختما ً ضيقاً‪ ،‬عندها تتسـ ّ‬ ‫الخلفيــة وتجعــل حاملها يرفع مســتوى الصوت‪.‬‬ ‫عــاوة علــى ذلــك ‪ّ ،‬‬ ‫ي بـ ُـود الحديثــة وأجهــزة الموســيقى‬ ‫إن أجهــزة اال ّ‬ ‫الحديثــة‪ ،‬لديهــا مزيـ ُد مــن الذاكــرة وتتمتــع ببطاريــة أفضــل‪ ،‬م ّمــا يســمح‬ ‫للنــاس االســتماع لفتــرة طويلــة دون انقطــاع‪.‬‬ ‫حتــى ّ‬ ‫أن الصــوت المرتفــع المســتعمل بشــكل معتــدل ممكــن أن يسـبّب‬ ‫فقــدان الســمع إذا اســتعمل لمــدة طويلــة‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬االســتماع‬ ‫الــى صــوت فــي تســعين ديســبيل لمــدة ثــاث ســاعات يمكــن ان يكــون‬ ‫مدمــرا ً وموازيــا ً كســماع شــيء فــي مئــة وخمســين ديســبيل( مثــل‬ ‫إقــاع طائرة)لمــدة ثالثيــن ثانيــة‪.‬‬




‫سياحة‬

NEW YORK CITY



‫الغونا بيتش‪//‬‬ ‫يا حلوين‬ ‫خالل تواجد فريق يا حلوين من شهر مارس لسنة ‪ 2018‬على ساحل‬ ‫«الغونا بيتش» وقت غروب الشمس ‪ .‬ت ّم أخذ بعض الصور الجميلة لكي يطلع‬ ‫قراء المجلة والتمتع بهذه المناظر الخالبة‪.‬‬ ‫عليها ّ‬ ‫الغونا بيتش تقع على بعد بضع ساعات خارج مدينة لوس انجليس كاليفورنيا‪.‬‬‫يحضى بشعبيه كبيرة لوجود بحيرات ومناظر التالل المطلة‪ .‬كما أنّه يعتبروجهة‬ ‫ت هنا‬ ‫شعبية لهواة التزلج على األلواح ‪ .‬تستطيع أن ترى أشخاصا ً من ك ّل الجنسيا ِ‬ ‫في الغونا بيتش ‪.‬‬ ‫لقد كان مكانا ً لتصوير سلسلة من عم ٍل تلفزيوني ذات شعبية عالية تُسمى ‪ :‬الغونا‬ ‫بيتش‪.‬‬






‫والطعام‬


‫املطبخ و‬


‫أ‬ ‫عادات ومصطلحات الكل عن العرب‬

‫عل‬ ‫د‪ .‬جواد ي‬

‫يختلــف أكل العــرب عــن أكل أ‬ ‫العـراب‪ ،‬كمــا يختلــف أكل أهــل مــكان عــن أكل أهــل مــكان آخــر مــن جزيــرة العــرب‪ .‬وأكل‬ ‫الحـ ضـر متنــوع نوعـاً مــا بالنســبة إىل مأكــول أهــل الوبــر لفقرهــم ولشــح باديتهــم‪ ،‬ولذلــك صــار طعــام أ‬ ‫العـراب عــى‬ ‫العمــوم بســيطاً‪ .‬وقــد أثــر اختــاف نــوع الطعــام ف� هيئــة النســان ووزن جســمه‪ ،‬فصــار جســم أ‬ ‫الع ـر ب يا� نحيف ـاً ف ي�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫الغالـ�ب‪ ،‬لبسـ�اطة أكلـ�ه‪ ،‬وقلـ�ة المـ�واد النشـ�وية والدهنيـ�ة فيـ�ه‪.‬‬ ‫البطنة تذهب الفطنة‬ ‫ومــن عــادات العــرب أنهــم يقلــون مــن أ‬ ‫الكل‪ ،‬ويقولــون‪ :‬البطنــة تذهــب الفطنــة‪ ،‬و»البطنـ َـه تأفــن الفطنــة»‪ .‬وكانــوا‬ ‫الكل أفضــل دواء لصحــة أ‬ ‫«الزم»‪ ،‬أي قلــة أ‬ ‫الكــول الجشــع‪ ،‬ويــرون أن أ‬ ‫يعيبــون الرجــل أ‬ ‫البــدان‪ .‬قيــل للحــارث بــن‬ ‫الزم‪ .‬ولهــم ف� ذلــك أمثلــة كثــرة ف� أ‬ ‫كلــدة‪ ،‬طبيــب العــرب ف� الجاهليــة‪ :‬مــا أفضــل الــدواء? قــال‪ :‬أ‬ ‫الزم‪ ،‬ض‬ ‫و�ر البطنــة‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫رووا بعضـاً منهــا عــى لســان لقمــان‪ ،‬ورووا بعضـاً آخــر عــى ألســنة الحكمــاء العــرب‪ .‬وهــم يعالجــون البطنــة بالحميــة‬ ‫ألن المعــدة بيــت الــداء والحميــة رأس كل دواء‪ .‬وهــم يــرون أن الشــبع واالمتــاء يضعــف الفطنــة أي الشــبعان ال يكــون‬ ‫فطنـاً لبيبـاً‪ .‬فلـ أ‬ ‫ـ�كل عالقــة كبـ يـرة بالفطنــة والعقــل والــذكاء‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫القبــال عليــه إىل‬ ‫وللعــرب مصطلحــات عديــدة ي� درجــات الكل‪ .‬أي مــن حيــث كيفيــة تنــاول الطعــام‪ ،‬ومــن حيــث إ‬ ‫الكل معيبـاً عندهــم وضعــوا ألفاظـاً ف� هــؤالء الذيــن كانــوا يرسفــون ف� أ‬ ‫حــد التخمــة‪ .‬ولمــا كان الكثــار مــن أ‬ ‫الكل‪ ،‬فــإذا‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫دعــوا إىل وليمــة أرسفــوا ف� أ‬ ‫الكل‪ ،‬وأقدمــوا عليــه‪ ،‬وكأنهــم جــاؤوا مــن سـن قحــط‪ .‬وعابوهــم‪ ،‬ومدحــوا مــن اعتــدل �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أكلــه وتوســط فيــه‪ ،‬وأظهــر نظافــة وأدبـاً ي� تعاطيــه‪ .‬ومــن عــادات العــرب‪ ،‬أنهــم كانــوا يبكــرون ي� الغــداء‪ ،‬ويــرون أن‬ ‫ذلـ�ك أقـ�رب إىل راحـ�ة البـ�دن وصحتـ�ه‪ ،‬ويؤخـ�رون العشـ�اء‪.‬‬ ‫أكل أ‬ ‫العراب‬ ‫ومــآكل أ‬ ‫الع ـراب قليلــة شــحيحة مثــل شــح الباديــة‪ ،‬خاصــة إذا انحبــس المطــر وهلــك الــزرع‪ .‬فــإن رزقــه يقــل وقــد‬ ‫يذهــب مــا معــه مــن زاد فيهلــك خلــق مــن أ‬ ‫الع ـراب مــن شــدة الجــوع‪ .‬قيــل ألع ـر ب يا� مــا طعامكــم؟ قــال‪ :‬الهبيــد‪،‬‬ ‫وال�ابيــع‪ ،‬والقنافــذ والحيــات‪ ،‬وربمــا وهللا أكَلنــا القــد‪ ،‬واشـ تـرينا الجلــد‪ ،‬فــا نعلــم وهللا أحــداً أخصــب‬ ‫والضبــاب ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫منــا عيشـاً‪ .‬والهبيــد‪ :‬حــب الحنظــل‪ ،‬تنقعــه العـراب ي� المــاء أيامـاً‪ ،‬ثــم يطبــخ ويــؤكل‪ .‬وأمــا القــد‪ ،‬فجلــد الســخلة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫و� حديــث عمــر‪ ،‬كانــوا يأكلــون القــد‪ .‬يريــد جلــد الســخلة‪ .‬وكانــوا يفصــدون عــرق الناقــة ليخــرج الــدم منــه فيـ شـرب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫يفعلونــه أيــام الجــوع‪ .‬كمــا كانــوا يأخــذون ذلــك الــدم ويســخنونه إىل أن يجمــد ويقــوى فيطعــم بــه الضيــف ف ي� شــدة‬ ‫الزمــان‪ ،‬إذا نــزل بهــم ضيــف فــا يكــون عندهــم مــا يقويــه‪ ،‬ويشــح أن ينحــر المضيــف راحلتــه ف ي� فصدهــا‪ .‬والفصيــد‬ ‫دم كان يوضــع ف ي� الجاهليــة ف ي� معـ ِّـي مــن فصــد عــرق البعـ يـر ويشــوى وكان أهــل الجاهليــة يأكلونــه وتطعمــه الضيــف‬ ‫ف� أ‬ ‫الزمــة‪ .‬وأمــا الفصيــدة فتمــر يعجــن ويشــاب بــدم‪ ،‬وهــو دواء يــداوى بــه الصبيــان‪ .‬ويقــال للفصيــد البجــة كذلــك‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫والبجــة دم الفصيــد‪ ،‬يأكلونهــا ي� الزمــة‪ .‬والبــج الطعــن غـ يـر النافــذ‪ ،‬فقــد كانــوا يفصــدون عــرق البعـ يـر‬



‫أي َح ّبــه‪ ،‬لطبخــه‪ ،‬أو تحميصــه ألكلــه‪ .‬وقــد تفاخــر حســان بــن ثابــت بالغساســنة‪ ،‬ألنهــم كانــوا ف ي� بحبوحــة مــن‬ ‫العيـ�ش‪ ،‬وليسـ�وا بصعاليـ�ك يرسـ�لون والئدهـ�م لنقـ�ف الحنظـ�ل‪ .‬واىل ذلـ�ك أشـ�ار امـ�رؤ القيـ�س بقولـ�ه‪:‬‬ ‫ن‬ ‫الب� ي ن‬ ‫كأ� غداة ي ن‬ ‫ح� تحملوا‪ ‬لدى سمرات الحي ناقف حنظل‬ ‫ي‬ ‫وقــد كانــوا يقاســون شــدة الجــوع والفقــر ف� بعــض السـ ي ن‬ ‫ـن� حـ تـى يمــوت مــن يمــوت منهــم مــن الجــوع‪ .‬قيــل‪ :‬كانــوا إذا‬ ‫ي‬ ‫اشــتد بهــم الجــوع وخافــوا أن يموتــوا أغلقــوا عليهــم بابـاً وجعلــوا حظـ يـرة مــن شــجرة يدخلــون فيهــا ليموتــوا جوعـاً‪.‬‬ ‫ـ� فقــال لهــا‪ :‬مــا لــك? فقالــت نريــد أن نعتفــد‪ ،‬واالعتفــاد أن يغلــق الرجــل بابــه عــى نفســه‪،‬‬ ‫ولقــي رجــل جاريــة تبـ ي‬ ‫فـلا يسـ�أل أحـ�داً حـ تتى يمـ�وت جوعـ�اً‪ .‬فاالعتفـ�اد انتحـ�ار للتخلـ�ص مـ�ن ألـ�م الجـ�وع‪.‬‬ ‫أ‬ ‫قــال بعــض المدنيـ ي ن‬ ‫ش‬ ‫�ء إال‬ ‫ـ� لبعــض العـراب‪ :‬أتأكلــون ّ‬ ‫الحيــات والعقــارب والجعــان والخنافــس؟ فقــال‪ :‬نــأكل كل ي‬ ‫ن‬ ‫الح َبـ ي ن‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ .‬والعــرب‬ ‫ـ� العافيــة‪ .‬فالفقــر كافــر‪ ،‬والجــوع يدفــع إ‬ ‫ـد�‪ :‬لت َهـ ِـن أم ُ‬ ‫أم ُحبـ يـ�‪ .‬فقــال المـ ي‬ ‫النســان إىل أكل كل ي‬ ‫�نن‬ ‫«أ� مال��ك»‪ .‬وتس��مي ب ز‬ ‫«أ� عم��رة”‪.‬‬ ‫الخ�ب جاب��راً وعاصم��اً وعام��راً‪ .‬وق��د ك ّن��ت عن��ه وع��ن إ‬ ‫الف�لاس بـ�ـ ب ي‬ ‫تك ي ع��ن الج��وع بـ�ـ ب ي‬ ‫الح� ال يناسب أ‬ ‫أكل ض‬ ‫العراب‪:‬‬ ‫وهــو عــى فقــر أكلــه وبســاطته وجوعــه يهـزأ بــأكل الحـ ضـر ويســخر منــه‪ ،‬ويــرى فيــه طعامـاً صعبـاً ال يهضــم‪ ،‬وأكال ً ال‬ ‫يناســب مـزاج العــرب‪ ،‬إذا أكلــه آكل اْصيــب بمــرض‪ .‬وهــو محـ ّـق ف ي� ذلــك‪ ،‬فرجــل ذو معــدة فارغــة‪ ،‬ال يــذوق إال القليــل‬ ‫الكل والمــاء‪ ،‬ال تتمكــن معدتــه مــن هضــم طعــام مهمــا كان بســيطاً‪ ،‬فإنــه ثقيــل بالنســبة إىل معــدة أ‬ ‫مــن أ‬ ‫العـر ب يا�‪ ،‬فإذا‬ ‫أقبــل عــى أكل طعــام أهــل الحـ ضـر‪ ،‬وهــو طعــام غـ يـر مألــوف عنــده أصيــب ببطنة تجعلــه يكــره أكل الحـ ضـر‪ ،‬وطعام‬ ‫أهـ�ل القـ�رى والمـ�دن‪ ،‬ويعجـ�ب كيـ�ف يأكلـ�ه أولئـ�ك ثـ�م ال يصابـ�ون بمكـ�روه‪ .‬قـ�ال أعـ�ر ب يا� قـ�دم الحـ ضضر فشـ�بع فاتخـ�م‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ساء� شبعي‪ ‬أال سبيل إىل أرض بها الجوع‬ ‫أقول للقوم لما ي‬ ‫أال أحيل إىل أرض يكون بها‪ ‬جوع يصدع منه الرأس ديقوع‬ ‫وقــد كان الجاهليــون يأكلــون كل مــا وقــع تحــت أيديهــم مــن حيــوان مقتــول أو ميــت‪ ،‬ف�نز لــت الحرمــة عــن ذلــك‬ ‫ف آ‬ ‫ـر ال َّلـ ِـه ِبـ ِـه َوا ْل ُم ْن َخ ِن َقــةُ َوا ْل َم ْو ُقــو َذ ُة َوا ْل ُم ت َ َ� ِّديَــةُ‬ ‫(ح ِّر َمـ ْ‬ ‫ي� اليــة‪ُ :‬‬ ‫ـت َع َل ْي ُكـ ُـم ا ْل َم ْي َتــةُ َوالـ َّـدم َُو َل ْحـ ُـم ا ْل ِخ�نزِ يـ ِـر َو َمــا أُ ِهـ َـل ّ ِلغَ ـ ي ْ‬ ‫ِ‬ ‫والنطيحــةُ ومــا أَك َ​َل الســبع إ َّل مــا َذكَّيتــم ومــا ذُبــح عـ َـى النصــب وأَن تستقْســموا بـ ْ أ‬ ‫ـال َ ْز َل ِم ذَا ِل ُكـ ْـم ِف ْسـ ٌـق)‪ .‬وذكــر أن‬ ‫ُْ ْ َ​َ ِ َ َ‬ ‫َّ ُ ُ ِ َ‬ ‫َ َّ ِ َ َ َ‬ ‫ُّ ُ ِ َ َ ْ َ ِ ُ ِ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫وغ�هــا‪ ،‬فــإذا ماتــت أكلوهــا‪ .‬وأنهــم كانــوا ي�بــون النعــام بالخشــب للهتهــم‬ ‫أهــل الجاهليــة كانــوا يخنقــون الشــاة ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـى ترمــى أو تـ ضـرب بحجــر أو عصــا حـ تـى تمــوت مــن غـ يـر تذكيــة‪.‬‬ ‫حــى يشــلوها فيأكلوهــا‪ .‬وذكــر أن الموقــوذة‪ :‬هــي الـ ي‬ ‫والوقـ�ذة شـ�دة الـ ضضرب‪.‬‬


‫ويأخــذون الــدم يتبلغــون بــه ف ي� الســنة المجدبــة‪ .‬جــاء ف ي� الحديــث‪« :‬إن ال ّلــه قــد أراحكــم مــن الشــجة والبجــة»‪،‬‬ ‫وورد «أراحكــم هللا مــن الجبــة والســجة»‪ ،‬أي قــد أنعــم عليكــم بالتخلــص مــن مذلــة الجاهليــة وضيقتهــا ووســع‬ ‫لكم الرزق وأفاء عليكم أ‬ ‫الموال‪.‬‬ ‫وكان أحدهــم إذا نــال ش�بــة مــن ب ن‬ ‫تمــرات صغــار‪ ،‬ظــن نفســه ملــكاً‪ ،‬ودب إليــه‬ ‫اللــ� الممــذوق بالمــاء‪ ،‬وخمــس ي‬ ‫نشـ�اطه‪ .‬قـ�ال الشـ�اعر‪:‬‬ ‫تم�ات صغار كنائز‬ ‫إذا ما أصبنا كل يوم ُمذيقة‪ ‬وخمس ي‬ ‫فنحن ملوك أ‬ ‫الرض خصباً ونعمة‪ ‬ونحن أسود الغاب ضد الهزاهز‬ ‫متمن عيشنا ال يناله‪ ‬ولو ناله أضحى به حق فائز‬ ‫وكم ٍّ‬ ‫وأكل الجــراد معــروف مشــهور عنــد أ‬ ‫العــراب‪ .‬يأكلونــه نيئــاً‪ ،‬وقــد يطبخونــه أو يحمصونــه‬ ‫وبغــره‪ ،‬وهــو عندهــم طعــام لذيــذ‪.‬‬ ‫ويلقــون عليــه شــيئاً مــن الملــح‪ .‬وقــد يأكلونــه بالتمــر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫بالـشري مـ�ن أكلـ�ه‪ ،‬وقـ�د يشـ�كو مـ�ن بطنـ�ة قـ�د تصيبـ�ه‪.‬‬ ‫النسـ�ان قـ�د يصـ�اب‬ ‫ويذكـ�ر بعضهـ�م أن إ‬ ‫أ‬ ‫وغالــب أكل أ‬ ‫الع ـراب لحــوم الصيــد والســويق واللبــان‪ .‬وكانــوا ال يعافــون شــيئاً مــن المــآكل لقلتهــا عندهــم‪ .‬حـ تـى‬ ‫أنهــم كانــوا يأكلــون كل ش�ء تقــع أيديهــم عليــه‪ .‬وال نجــد مــن كتــب أهــل أ‬ ‫الخبــار مــا يفيــد تحريــم العــرب ألكل بعــض‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الحيــوان‪ ،‬بــل نجــد أن أغلبهــم قــد اســتباحوا أكلهــا جميعـا‪ ،‬مهمــا كان ذلــك الحيــوان صغـ يـرا أو كبـ يـرا حســن المنظــر‬ ‫أو قبيحــه‪ ،‬مــن ذات أ‬ ‫الظــاف أو مــن يغ�هــا‪ ،‬حيـاً كان أم ميتـاً‪ .‬وذلــك لفقرهــم ولشــدة الجــوع عندهــم‪ .‬فلمــا جــاء‬ ‫الســام حــرم أكل الميتــة والــدم ولحــم الخ�نز يــر والمختنقــة وحــدد الذبــح ومــا يمكــن أكلــه مــن الحيــوان‪ ،‬بســبب مــا‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫الســام‬ ‫كان يصيــب النــاس مــن أكل لحومهــا مــن أ�ار‪ .‬وقــد أكلــوا لحــوم الحمــر الوحشــية والحمــر الهليــة‪ ،‬فنهــى إ‬ ‫عــن أكلهــا لمــا ف� ذلــك مــن ض�ر‪ .‬وتمـ ن‬ ‫ضب ـاً أو ســحبال ســميناً‪ ،‬ليفــوز بلحمــه مــن شــدة‬ ‫ـى أحــد ّ‬ ‫الرجــاز لــو اصطــاد ّ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الفاقـ�ة والحاجـ�ة إىل اللحـ�م‪.‬‬ ‫نعــم لقــد ورد أن بعــض القبائــل عافــت أكل لحــوم بعــض الحيوانــات‪ ،‬أو عابــت أكل بعــض أجزائهــا‪ ،‬إال أن هــذا ال‬ ‫يعتـ بـر عام ـاً‪ ،‬كمــا أنــه مــن قبيــل العــرف والعــادة أو ممــا لــه عالقــة بالعقائــد عندهــم‪ .‬فقــد ذكــر أن قبيلــة جعفــى‬ ‫كانــت تحــرم أكل القلــب‪ ،‬إال أن هــذا التحريــم هــو تحريــم خــاص بهــذه القبيلــة‪ .‬أمــا القبائــل أ‬ ‫الخــرى فقــد كانــت‬ ‫ـال‪ ،‬ألنّــه غـ يـر ح ـرام عندهــا‪.‬‬ ‫تأكلــه وال تبـ ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫و� أيــام الشــدة ف أ‬ ‫ف‬ ‫ـف‪ ،‬إلخ ـراج‬ ‫و� اليــام الخــرى أيض ـاً يرســل الع ـراب أوالدهــم لجمــع الحنظــل‪ ،‬فــإذا جمــع نُقـ ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫هبيــده‪،‬‬



‫أدب وشعر‬



‫تج ِلّيات أخالق العرب في الشعر الجاهلي‬ ‫عمر شبلي‬ ‫الشــعر ديــوان العــرب‪ ،‬وتاريخهــم وملحمــة اســتمرارهم فــي وجــدان التاريــخ العربــي على امتــداد عصوره‪،‬‬ ‫فهــو إلــى اآلن يحت ـ ُّل مســاحات شاســعة فــي النفســية العربيــة رغــم ضمــور معالــم كثيــرة كانــت متجــذرة‬ ‫فيهــا‪ ،‬ولشــدة حضــور الشــعر كاد يلغــي مــا عــداه‪ ،‬واتخــذت البطولــة معناهــا مــن ســطوعها فــي الشــعر‪،‬‬ ‫ألنــه لــم يكــن صحافــة العــرب ومالــئ دواوينهــم فحســب‪ ،‬بــل كانــت لــه قداســة تصعــد بــه إلــى درجــة يقينيــة‬ ‫التنزيــل واإللهــام‪ ،‬ولهــذا نســبت الموهبــة لقــوى غيبيــة‪ ،‬فلــك ِّل شــاعر شــيطان يوحــي لــه بالشــعر‪ ،‬وقــد أدرك‬ ‫القــرآن أثــر الشــعر وإقامتــه فــي الــروح العربيــة‪ ،‬حيــن نســبت قريــش إعجــاز القــرآن إلــى الشــاعر‪ ،‬ومــا‬ ‫ـي القــرآن صفـةَ الشــاعر عــن الرســول العربــي إال إثبــات لحضــور الشــعر فــي وجــدان اإلنســان العربــي‪،‬‬ ‫نَ ْفـ ُ‬ ‫ـعر ومــا ينبغــي لــه إن هــو‬ ‫فقــد جــاء فــي القــرآن الكريــم ‪/‬اآليــة ‪ 69‬مــن ســورة ياســين‪« :‬ومــا علّمنــاه الشـ َ‬ ‫ـر وقــرآن مبيــن»‪ .‬كان تأثـ يـر الشــعر ف� النفــس العربيــة يصــل إىل مرتبــة اليقـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬ومزاحمــة المقــدس فــي‬ ‫إال ذكـ ٌ‬ ‫ي‬ ‫حضوره‪.‬‬ ‫ـور أخالقــي‪ ،‬حتــى رفعــه العــرب إلــى مســتوى القداســة واليقيــن؟‪ .‬نعــم ألن‬ ‫ولكــن هــل كان للشــعر حضـ ٌ‬ ‫األخــاق الحميــدة والســامية كانــت موجــودة فــي تركيبــة اإلنســان العربــي‪ ،‬حتــى وهــو جائــع فــي الصحــراء‬ ‫قبــل البعثــة النبويــة رغــم قســاوة الصحــراء وصعوبــة العيــش فيهــا‪ ،‬ورغــم الــدم الــذي كان يســيل فيهــا‬ ‫ـم مــكارم األخــاق» نقــف بدقــة عنــد‬ ‫الســتمرار الحيــاة‪ .‬وحيــن نقــرأ الحديــث الشــريف‪« :‬إنمــا بُعثــتُ ألتمـ َ‬ ‫كلمــة «ألتمــم”‪ ،‬الكلمــة هــنا تقــول بوضــوح ال تأويــل فيــه‪ :‬إن الرســول بُ ِعــث ليتمــم مــكارم األخــاق التــي‬ ‫كانــت موجــودة قبلــه‪ .‬إن وضــوح معنــى الحديــث ال يتــرك مجــاالً للشــك فــي وجــود مــكارم األخــاق فــي‬ ‫اإلنســان العربــي حتــى قبــل مجــيء الرســل والمصلحيــن‪.‬‬ ‫هــذا الحضــور جعــل الشــعر دســتوراً‪ ،‬وكانــت قــوة هــذا الدســتور تنبــع مــن قــوة الشــعر نفســه‪ ،‬ولهــذا كانــت‬ ‫ع ِلّقــت فــي الوجــدان‬ ‫المعلقــات تحمــل صفــة القداســة إلــى درجــة تعليقهــا علــى أســتار الكعبــة‪ ،‬أو ألنهــا ُ‬ ‫ور ّدِدت فــي دواويــن العــرب كالمقــدس نفســه‪ .‬وفــي كلتــا الحالتيــن كانــت المعلقــات‬ ‫العربــي‪ ،‬و ُح ِفظــت‪ُ ،‬‬ ‫صــورة عــن قــوة تأثيــر الشــعر وقداســته التــي لــم يســتطع اإلســام نفســه نســخها‪ .‬فمــا هــو ســبب خلــود‬ ‫الشــعر وصمــوده ف ي� وجــه تحــوالت الزمــن الكـ بـرى؟‪.‬‬ ‫فــي رأيــي هنــاك أســباب عــدة لخلــود الشــعر‪ ،‬وتأتــي وجدانيتــه فــي الدرجــة األولــى‪ ،‬وفيــض النبــع الوجداني‬ ‫ـر عناصــر تكوينها‪.‬إنــه يخاطــب الوجــدان خــارج صالبــة العقــل‪ ،‬وهــو لغــة‬ ‫فــي الــذات العربيــة علــى مـ ِ ّ‬ ‫الــروح التــي هــي أبعــد مــن الكلمــات بمعناهــا القاموســي الرتيــب‪ .‬وهــو بــرق اإلحســاس ودهشــته وقدرتــه‬ ‫علــى اختــراق الحجــب واإلشــارات الحمــراء التــي يضعهــا العقــل علــى مداخــل النفــس المشــحونة بالــرؤى‬ ‫واألحاســيس الحــادة‪ .‬وتأتــي روعتــه مــن كونــه المعبّــر عــن بــداوة الحضــارة والــروح والمعتقــد‪ .‬إن للــروح‬ ‫بــداوة ً كمــا للحضــارة‪ ،‬وبــداوة الــروح هــي انســجام عميــق بيــن الرائــي والمرئــي بيــن عــري الــذات وعــري‬ ‫الطبيعــة نفســها‪ ،‬وخــار َج األصبــاغ والتبــرج‪ ،‬وهجــوم المــادة علــى ممتلــكات الــروح‪ .‬وكل لبــوس هــو‬ ‫فــي النهايــة غطــاء وحجــاب‪ ،‬لقــد كان عــري الحضــارة يقابلــه اختــراق روحــي مقــدس‪ ،‬وهيــاكل يبنيهــا‬ ‫الــراؤون الكبــار‪ ،‬والشــعر أبــرز معابدهــا كان‪ .‬لقــد آمــن العــرب فــي جاهليتهــم بالشــعر إلــى درجــة العبــادة‪،‬‬ ‫ومــا آيــات هــذه العبــادة إالّ أخــاق العــرب نفســها‪.‬‬ ‫التولُّـ ِه‪ ،‬وخافــوه حتــى قدّمــوا‬ ‫خلــد الشــعر إذن ألنــه كتــاب أخــاق العــرب المقــدس‪ ،‬لقــد أحبــوا الشـ َ‬ ‫ـعر حتــى َ‬ ‫ـر»‪.‬‬ ‫لــه القرابيــن‪ .‬لقــد اشــترى الفــاروق ســكوت الحطيئــة خوف ـا ً مــن شــعره الــذي «ينفــذ مــا ال تنفــذ اإلبَـ ُ‬ ‫فمــا هــي األخــاق العربيــة فــي مرحلــة مــا قبــل اإلســام‪ ،‬أو مــا يســمونه الجاهليّــة‪ ،‬وكيــف تجلّــت فــي‬ ‫ف‬ ‫الشــعر الجاهلــي الــذي لــم يكــن جاهليـا ً بقيمــه‪ .‬وســوف أحــاول ذكــر بعــض أخالقيــات العــرب الـ ت يـ� حفظهــا ي�‬


‫لقــد ارتبــط الكــرم باإليثــار عنــد العــرب‪ ،‬أن تطعــم غيــرك‪ ،‬وأنــت جائــع مأثــرة عليــا أقرهــا القــرآن فــي‬ ‫اإلنســان العربــي‪« :‬ويؤثــرون علــى أنفســهم ولــو كان بهــم خصاصــة»‪ .‬وكانــت الحميــة فــي الجاهلــي‬ ‫ترفعــه عــن الســؤال‪ ،‬ألنهــا مــن كــرم حمايــة النفــس مــن الســقوط‪ ،‬ومــن جميــل الشــعر فــي هــذا المجــال‬ ‫قــول الشــنفرى الجائــع المتصعلــك‪:‬‬ ‫أُدي ُم ِمطا َل الجوعِ حتى أميتَهُ‬

‫وأضرب عنه الذ ْك َر صفحا ً فأذه ُل‬ ‫ُ‬

‫ي من ال َ‬ ‫متطو ُل‬ ‫ط ْو ِل امر ٌؤ‬ ‫وأ ْست َ ُّ‬ ‫ف ت ُ ْر َ‬ ‫ِّ‬ ‫ب األرض كي ال يرى له عل َّ‬

‫ـتف التــراب لكــي اليــرى ألح ـ ٍد فض ـاً عليــه‪ ،‬فمــن‬ ‫إنــه يماطــل الجــوع ليصــرف عنــه ذ َّل ســؤاله‪ ،‬ويسـ ُّ‬ ‫ـب لهــا خبــزا ً مــن نــوع آخــر‪ ،‬ال يوجــد إال حيــث يوجــد‬ ‫ـس نبيلــة يهـ ُ‬ ‫الكــرم التســامي‪ ،‬والجــوع المقيــم فــي نفـ ٍ‬ ‫كــرم األخــاق‪.‬‬ ‫وكان العــرب يحملــون غريــزة اإليمــان‪ ،‬حتــى وهــم يتقربــون إلــى هللا بأصنامهــم والتمســح بــأركان الكعبــة‪،‬‬ ‫“ ولئــن ســألتهم مــن خلــق الســماوت واألرض ليقولُـ َّ‬ ‫ـن هللا» ولعــل نضــج أرواحهــم كان طريق ـا ً لظهــور‬ ‫اإلســام فيهــم «هللا أعل ـ ُم حيــث يجع ـ ُل رســالته»‪ .‬لقــد وصــل اإليمــان بهــم إلــى مســتوى قناعــة وإيمــان‬ ‫زهيــر بــن أبــي ســلمى فــي معلقتــه‪:‬‬ ‫يعلم‬ ‫هللا ما في نفوسك ْم ليخفى ومهما يُكت َ ِم هللاُ ِ‬ ‫فال ت ْكت ُ ُم َّن َ‬ ‫َّخر ليوم الحساب أو يُعَ َّج ْل فيُنقَ ِم‬ ‫يؤخ َْر‬ ‫ب فيد ْ‬ ‫فيوضع في كتا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وكان شــعر أميــة بــن أبــي الصلــت يتنبــأ ببعثــة نبــي عربــي يربــط اإلنســان بالســماء‪ ،‬وكان يؤمــن بالحنفيــة‪،‬‬ ‫ولكنــه لــم يؤمــن ببعثــة الرســول محمــد‪ .‬كان يقــول‪:‬‬ ‫فيخبرنا‬ ‫ي لنا منا‬ ‫َ‬ ‫أال نب ٌّ‬

‫ما بُع َد غايتنا من رأس مجرانا!‬

‫كان العربــي فــي تلــك العصــور يؤمــن بالدفــاع عــن أرضــه وعرضــه‪ ،‬وكان يعتبــر صــون المحــارم‬ ‫والدفــاع عنهــا أغلــى مــن الحيــاة نفســها‪ ،‬لقــد كان زهيــر بــن أبــي ســلمى يدعــو للــذود عــن الوطــن بالقــوة‪،‬‬ ‫وكان يســمي الوطــن حوضـاً‪ ،‬وذلــك لــورود أنعــام القــوم علــى مائــه ضمانـا ً الســتمرار الحيــاة‪ ،‬وبهــذا كان‬ ‫الوطــن بهــذا المعنــى عنــد العربــي فــي العصــر الجاهلــي هــو اإلنســان نفســه‪ ،‬فــإذا تهـد َ​َّم حوضــه تهـدَّم هــو‪،‬‬ ‫يقــول زهيــر‪:‬‬ ‫ومن لم يذُ ْد عن حوض ِه بسالح ِه‬

‫الناس يُظلَ ِم‬ ‫يظلم‬ ‫يُه َّد ْم ومن ال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬

‫الظلــم هنــا هــو الدفــاع عــن الوطــن بمعنــى تأويلــي‪ ،‬ألنــه مرتبــط عنــد زهيــر بالدفــاع عــن الوطــن‪ ،.‬وقــد‬ ‫تُســتخدم اللفظــة اســتخداما ً تأويليّـاً‪ ،‬كمــا فــي قولــه تعالــى فــي ســورة األنفال”‪...‬ويمكــرون ويمكــر هللا وهللا‬ ‫خيــر الماكريــن» ‪.‬‬ ‫ـرف الــذي ال يمكــن التخلــي عنــه‪ ،‬ألن التخلــي عــن حمايــة النســاء‬ ‫كانــت حمايــة النســاء والــذود عنهــن الشـ َ‬ ‫عنــد العربــي تعنــي التخلــي عــن الشــرف والحيــاة نفســها‪ ،‬يقــول عمــرو بــن كلثــوم فــي معلقتــه‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫س َم أو تهونا‬ ‫حسان‬ ‫بيض‬ ‫على آثارنا‬ ‫نحاذر أن تُقَ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يَقُتْنَ جيا َدنا ويقلنَ لست ْم‬

‫بعولتَنا إذا لم تمنعونا‬

‫وقصتــه مــع ملــك المنــاذرة معروفــة‪ ،‬عندمــا أرادت أ ُّم الملــك عمــرو بــن هنــد إهانــة أمــه ليلــى بنــت‬ ‫المنهــال‪ .‬ومــا زلنــا نذكــر معركــة ذي قــار ودور المــرأة فيهــا‪ .‬وكان عنتــرة مملــوءا ً باألســى حيــن ســبيت‬ ‫عبلــة بنــت مالــك‪ ،‬وهــو بعيــد عنهــا‪:‬‬


‫ـ� ال تضيــع‪.‬‬ ‫أشــعارهم لـ ي‬

‫الشــجاعة كانــت ُخلُق ـا ً فطري ـا ً فــي الــذات العربيــة‪ ،‬وســبب ذلــك أن صعوبــة الحيــاة كانــت تتطلــب قــوة‬ ‫لحمايتهــا‪ ،‬وكانــت حقيقــة المــوت وحتميتــه واســتحالة تجنبــه تدعــو عنتــرة ليقــول‪:‬‬ ‫بكر ْ‬ ‫الحتوف كأنني أصبحتُ عن غرض الحتوف بمعزل‬ ‫خوفني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت تُ ّ ِ‬ ‫فأجبتها إن المنية منه ٌل‬

‫ال ب َّد أن أسقى بكأس المنهل‬

‫حياءك ال أبا لك واعلمي‬ ‫فاقني‬ ‫ِ‬

‫أني امر ٌؤ سأموت إن لم أُقت َ ِل‬

‫وكان مــن العيــب أن يمــوت اإلنســان حتــف أنفــه فــي تلــك الصحــراء ‪ ،‬كان مــن الفخــر أن يمــوت اإلنســان‬ ‫قتـاً‪ ،‬ألن قتلــه كان دفاعـا ً عــن مكرمــة كمــا يــرون‪ .‬يقــول الســموءل‪:‬‬ ‫حتف أنف ِه‬ ‫وما مات منّا سيّ ٌد‬ ‫َ‬

‫وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫حيث كان قتي ُل‬ ‫ط َّل منّا‬

‫تسي ُل على ح ِ ّد ال ُ‬ ‫سنا‬ ‫ظبا ِ‬ ‫ت نفو ُ‬

‫غير ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت تسي ُل‬ ‫ظبا ِ‬ ‫وليست على ِ‬

‫سبّةً‬ ‫ونحن‬ ‫أناس ال نرى القت َل ُ‬ ‫ٌ‬

‫عامر وسلو ُل‬ ‫إذا ما رأتْه‬ ‫ٌ‬

‫والكــرم كان مــن محاســن األخــاق‪ ،‬باعتــراف الرســول نفســه حيــن أطلــق ســراح بنــت حاتــم الطائــي‬ ‫الجاهلــي‪ .‬حمــل الشــعر العربــي فضيلــة الكــرم التــي كانــت مــن ألصــق الصفــات بنفســية اإلنســان العربــي‪،‬‬ ‫وروعــة الكــرم كانــت تتجلــى فــي صحــراء قاحلــة‪ ،‬يقــل فيهــا الطعــام والمــاء‪ ،‬وفــي حيــاة قاســية كهــذه نمــا‬ ‫الكــرم وترعــرع فــي نفــوس ال تــزال درجــة كرمهــا تذهــل قــارئ معنــى كرمهــا‪ .‬إن حاتــم الطائــي كان يعــد‬ ‫عبــده بالحريــة إذا جلــب لــه ضيفـا ً فــي ليلــة عاصفــة‪ ،‬ال زاد فيهــا وال مــأوى‪ .‬وكان يــرى أن المــال يصبــح‬ ‫مــاالً حقيقيـا ً حيــن يتحــول إلــى مآثــر‪:‬‬ ‫ي إن الما َل غا ٍد ورائ ٌح‬ ‫أماو َّ‬

‫ُ‬ ‫والذكر‬ ‫األحاديث‬ ‫ويبقى من الما ِل‬ ‫ُ‬

‫إن روعــة الكريــم تتجلــى حيــن يكــون «كثيــر الرمــاد إذا مــا شــتا»‪ ،‬وكانــت ســعادة عــروة بــن الــورد‬ ‫المعــروف بعــروة الصعاليــك تبلــغ أقصاهــا وهــو يحــادث ضيوفــه علــى مأدبــة طعامــه‪:‬‬ ‫وأكثر ما يلذُ به فؤادي‬

‫الطعام‬ ‫منادمة الضيوف على‬ ‫ِ‬

‫وقصيــدة الحطيئــة المشــهورة يعرفهــا النــاس جميعــاً‪ ،‬وهــي تحكــي قصــة بــدوي جائــعٍ هــو وزوجتــه‬ ‫ـف‪ ،‬وال‬ ‫وأطفالـهُ فــي صحــراء قاحلــة‪ .‬لقــد أمضــى هــذا البــدوي ثــاث ليــا ٍل بــا طعــام‪ ،‬وحيــن جــاءه ضيـ ٌ‬ ‫طعــام عنــده‪ ،‬ف َّكــر أن يذبــح ابنــه ليــدرأ عنــه صفــة البخــل‪:‬‬ ‫وطاوي ثال ٍ‬ ‫رم ٍل‬ ‫ث عاصب‬ ‫البطن ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب عجوزا ً إزاءها‬ ‫وأفر َد في ِش ْع ٍ‬

‫ٌ‬ ‫ساكن رسْما‬ ‫يعرف بها‬ ‫ببيدا َء لم‬ ‫ْ‬ ‫ثالثةُ أشباحٍ تخالُه ُم بَهما‬

‫عراة ٌ ما اغت َذوا خبزَ ُملّ ٍة‬ ‫ُحفاة ٌ ُ‬

‫وال عرفوا للبُ ِ ّر مذ ُخ ِلقوا طعما‬

‫رأى شبحا ً وس َ‬ ‫عهُ‬ ‫ط‬ ‫الظالم فرا َ‬ ‫ِ‬

‫فلما بدا ضيفا ً تش َّم َر واهت ّما‬

‫ضيف وال ِقرى‬ ‫ٌ‬ ‫فقال‪ :‬هيا ربّاهُ‬

‫تحرمهُ تالليلةَ اللحما‬ ‫بح ِقّ َك ال‬ ‫ْ‬

‫وقال ابنه لما رآهُ بحير ٍة‬

‫س ْر له طعما‬ ‫أيا أبتي اذبحني وي ِ ّ‬

‫فروى قليالً ثم أحجم برهةً‬ ‫ّ‬

‫ْ‬ ‫يذبح فتاهُ فقد ه ّما‬ ‫وإن هو لم‬ ‫ْ‬


‫ت سبيّةً‬ ‫لهفي‬ ‫عليك إذا بقي ِ‬ ‫ِ‬

‫عنك بعي ُد‬ ‫عنتر وهو‬ ‫تدعين‬ ‫ِ‬ ‫َ‬

‫وكانــت إغاثــة الملهــوف والدفــاع عــن المســتجير مــن األســباب التــي ربــط طرفــة بــن العبــد حرصــه علــى‬ ‫الحيــاة بهــا‪:‬‬ ‫وكري إذا نادى المضاف ُمحنَّبا ً‬ ‫ّ‬

‫المتور ِد‬ ‫س ْورةِ‬ ‫ِّ‬ ‫ك ِسي ِد الغضا ذي ال َ‬

‫ـذف لمعنــى‬ ‫وكان العربــي يأبــى أن ينــام علــى الضيـ ِـم‪ ،‬ويــرى أن ســكوته عــن الثــأر والدفــاع عــن وجــوده حـ ٌ‬ ‫ـر قومــه حيــن قبلــوا نياقــا ديــا ٍ‬ ‫ت لقتالهــم‪ ،‬فكأنهــم يشــربون دم قتالهــم األحمــر‬ ‫أن يكــون‪ ،‬أحــد الشــعراء عيَّـ َ‬ ‫حيــن يشــربون حليــب النــوق األبيــض‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وإن الذي أصبحت ُم تشربونه‬

‫غير أن اللون ليس بأحمرا‬ ‫د ٌم َ‬

‫لقــد تأثــرت أخــاق العــرب بقســاوة الصحــراء‪ ،‬إالّ أن أخالقهــم ظلــت متعلقــة باألســمى تنشــده فــي ظــروف‬ ‫حياتيــة صعبــة‪ .‬وحيــن يحافــظ اإلنســان علــى خلــق قويــم فــي ظــروف صعبــة يصبــح هــذا الخلــق تراث ـا ً‬ ‫وجــزءا ً مــن بنيتــه الروحيــة‪ .‬يقــول لبيــد مبينـا ً حــرص أهلــه علــى األمانــة بــكل تجلياتهــا العاليــة‪:‬‬ ‫معشر أوفى بأوفر ّ‬ ‫س ْ‬ ‫سا ُمها‬ ‫مت في‬ ‫حظنا ق ّ‬ ‫وإذا األمانةُ قُ ِ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫إن أمــة تختــزن فــي عناصــر تكوينهــا هــذه القيــم العليــا لهــي أمــة جديــرة بالبقــاء‪ ،‬لقــد حملــت فــي وجدانهــا‬ ‫وســلوكها هــذه القيــم فــي صحــراء قاحلــة ال ينبــت فيهــا غيــر الجــوع والظمــأ‪.‬‬ ‫إننــا نســتطيع أن نــرث هــذه القيــم لــو نبذنــا وأبَ ْدنــا مــزارع الطائفيــة والمذهبيــة واالعتمــاد علــى غيرنــا‪،‬‬ ‫ئ مــن يظـ ُّ‬ ‫ـن أن غيــره يصنــع مصيــره‪ ،‬األمــم تجــدد شــبابها بقيمهــا وأصالتهــا وانفتاحهــا علــى ثقافــة‬ ‫ممخطـ ٌ‬ ‫إنســانية تغربلهــا الحيــاة‪ ،‬وتســقط منهــا مــا يناقــض إنســانية اإلنســان‪.‬‬



‫لماذا األحمر يعني الحب؟‬

‫يا حلوين‬

‫نحن جميعا ً نربط األحمر بالحب_ ولكن كيف بدأ هذا؟‬ ‫ـير لظاهــرة ّ‬ ‫أن‬ ‫متــى انتقــل األحمــر مــن الســلبية إلــى اإليجابيــة؟ هــل هنــاك فــي علــم النفــس تفسـ ُ‬ ‫األحمــر عندمــا يظهــر يبــدأ القلــب باألخفقــان فــي عيــد الحــب‪ .‬حظـا ً ســعيدا لكــم جميعـا ً والحــذر‬ ‫الشديد‪.‬‬ ‫األحمر عادة‪:‬‬ ‫*مرتبــط بالطاقــة ‪ ،‬والحــرب‪ ،‬والخطــر‪ ،‬والقــوة‪ ،‬والســلطة‪ ،‬والعــزم‪ ،‬والشــغف‪ ،‬والغريــزة‬ ‫والحــب‪.‬‬ ‫* يقوي االستقالب البشري‪ ،‬ويزيد من معدّل التنفس وزيادة الظغط‪.‬‬ ‫ي لون آخر ‪ ،‬وأحيانا ً يد ّل على خطر‪.‬‬ ‫* يجذب الانتباه أكثر من أ ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ســيكالوجية األلــوان وجــدت أننــا نتصورهــا مختلفــة‪ ،‬وك ُّل واحـ ِد لــه خصوصيتــه وداللتــه‪.‬‬ ‫ي يلفــت انتباهنــا علــى الفــور‪.‬‬ ‫اللــون األحمــر هــو واحــد أساسـ ّ‬ ‫_دالالت وخصائص األحمر‬ ‫الطاقــة والعــدوان‪ :‬اللــون األحمــر مرتبــط بالطاقــة والعــدوان‪ .‬ولــه تأثيــر كبيــر علــى الحالــة‬ ‫الفســيولوجية‪ ،‬ألنّــه يزيــد مــن نبــض القلــب ويجعــل تنفســنا ســريعاً‪ .‬فاألحمــر هوملحــو ُ‬ ‫ظ جــدا ً‬ ‫واإلفــراط بــه يســبب إزعاج ـا ً وإســتفزازا ً عدائي ـاً‪.‬‬ ‫الهيمنــة‪ :‬لقــد وجــد ّ‬ ‫أن الرياضييــن الذيــن يرتــدون الطاقــم األحمــر فــي الرياضــات القتاليــة‬ ‫لديهــم فرصــة أكبــر بالفــوز مــن أوليئــك الذيــن يرتــدون الطاقــم األزرق‪.‬‬ ‫الشــغف‪ :‬األحمــر هــو لــون مرتبــط بالجنــس والرغبــة‪ .‬األشــخاص الذيــن يرتــدون األحمــر‬ ‫يصنفــون بإســتمرار علــى أنّهــم جذبــون أكثــر مــن اآلخريــن‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ :‬النــادالت‬ ‫اللواتــي يلبســن الــزي األحمــر يحصلــن علــى بقشــيش أعلــى مــن اللواتــي يلبســن زيـا ً مختلــف‬ ‫اللــون‪.‬‬ ‫الخطــر‪ :‬باعتبــار أنّــه يجــذب االنتبــاه‪ ،‬فلهــذا يســتعمل فــي عالمــات التحذيــر‪ .‬ولــه عالقــة بالحالــة‬ ‫القتاليــة أواالســتجابة الســريعة وقــت الطيــران‪ ،‬لذلــك كثيــر مــن األحمــر يزيــد مــن الحالــة‬ ‫التأهــب والــى شــد عصبــي‪.‬‬



‫الحب والحياة‪ :‬رمزيا ً ‪ ،‬األحمر له عالقة بالحياة والعاطفة‪ ،‬والروابط الرومانسيّة والعالقات‬ ‫الحميمة‪ .‬عادة يستعمل في الهدايا الرومانسية‪ ،‬كالعيد العشاق‪ ،‬أو للتعبيرعن الحب تجاه‬ ‫اآلخر عن طريق إعطاء الورود الحمراء‪.‬‬ ‫درجات اللون األحمر‪ :‬بعض منها كالقرمزي والكستنائي‪ ،‬والعنابي الى آخره‪ .‬ك ُّل واح ِد‬ ‫منهم له داللته‪ .‬فاللون الداكن كالكستنائي أو و أوالعنابي يدل على عمل أكثرتقييدأ ً وتطورا ً‪ .‬أما‬ ‫ن‬ ‫يع� طاقة وأقل هيمنة‪.‬‬ ‫األقل حدة كالقرمزي ي‬ ‫النواحي االيجابيّة والسلبيّة لألحمر‪ :‬بشكل عام األحمر له دالالت ايجابيّة وسلبيّة‪.‬‬ ‫النواحي االيجابيّة تمثل الحب‪ ،‬والنشاط‪ ،‬الطاقة‪ ،‬واالنتباه‪ ،‬والقوة‪ .‬أما النواحي السلبيّة فهي‪،‬‬ ‫العدوان‪ ،‬والهيمنة التي تغرس الخوف‪ ،‬والخطر‪ ،‬واالجهاد‪ .‬في نهاية األمر أنّه ٌ‬ ‫ي‬ ‫لون أساس ُّ‬ ‫ومه ُم جدا ً ويجب استعماله باعتدال‪.‬‬



‫ضائعة انت‬

‫لميس قويدر‬ ‫ضائعة أنت في متاهات الأيام‪ ‬‬ ‫أم شريدة في حانات‪ ‬اليأس والأحلام‪ ‬‬ ‫أم بحارة تنتشلين الهموم والآلام‪ ‬‬ ‫أم طفلة كبرت ونسيت لعبتها‪ ‬‬ ‫تنهشهابراثن ذاك الذئب الجوعان‪ ‬‬ ‫***********‬ ‫لا ياعزيزتي تمهلي‪ ‬‬ ‫وفي نفسك حدقي وتاملي‪ ‬‬ ‫بقلبك ‪ ...‬بروحك ‪ ...‬بعقلك‪ ‬‬ ‫ستجدين آلاف الآلهة والملكات‪ ‬‬ ‫انت عشتار الخصب والجمال‪ ‬‬ ‫أنت زنوبيا عزة واباء‬ ‫منك شجرة الدر ومنك بلقيس‪ ‬‬ ‫ومثلك ملايين الخنساء‪ ‬‬ ‫‪ ‬أنت الخير ‪ ...‬أنت الجمال‪ ‬‬ ‫أنت المقاتلة ‪...‬انت المحاربة ‪...‬انت الكاسرة‪ ‬‬ ‫أنت البقاء وانت الفناء‪ ‬‬ ‫أنت الطبيعة وانت الحياة‪ ‬‬ ‫منك اخذ الكون براعته‪ ‬‬ ‫فلاحياة بدونك‪ ‬‬ ‫ولابدونك تكون الحياة‪ ‬‬ ‫********‬ ‫هيا‪ ‬هيا امتطي صهوة العمر‬ ‫وقولي للزمان‪ ‬‬ ‫انا الخير وانا العطاء‪ ‬‬ ‫انا النور وانا السلام‪ ‬‬ ‫وكوني ‪ ....‬انت‪ ‬‬



‫وأسكن قصور وحدته‬ ‫أحدق في أنهاره كما أشاء‬ ‫في الشاعر أعماق الغريب‬ ‫والمنبوذ‬ ‫في الشاعر ‪ ‬تزهر الوردة‬ ‫ويقطفها آخرون منه‬ ‫ما يتبقى قساوة الخراب‬ ‫لن تعرف الصالبة إال بالشعر‬ ‫أشجار الشاعر فوالذية‬ ‫متفرعة البياض والسواد‬ ‫إقطع تصل‬ ‫تقبض على جمرة حب وغضب‬ ‫خارج منه وداخل في سالسله‬ ‫أنت الوحيد‬ ‫وإن تسربلت وردا‬ ‫ص َّو َّ‬ ‫ت ذئبا‬ ‫و َ‬ ‫طعامك الجوع أنـّى رزقت‬ ‫وشوقك التيه‬ ‫أنت الوحيد‬ ‫تعامل كالقطط الضالة‬ ‫يبهرهم أزرقك و كرزك‬ ‫وتدفق ضحكتك‬ ‫سيسرقونها منك‬ ‫وتفيض عيونهم امتنانا‬ ‫وعيونك غربة‬ ‫وترقبا‬ ‫نصيبك من صاحبك‬


‫قســاوة الخــراب‬

‫ليلــى الســيد‬

‫‏‬

‫كثير ما أتمنى أني التقيتك‬ ‫أوالتقيتني منذ حنيت الى رفيق أول‬ ‫اشفق على وحدتي به‬


‫نصف ضحكة‬ ‫وبحر دمع‬ ‫وستقترب بجانب الطريق‬ ‫لن تقاوم‪ ‬‬ ‫أنت الوحيد‪ ‬‬ ‫مقاومتك في الغرق أكثر‬ ‫لن ترفض الخديعة‬ ‫وال ارتعاشة القمر‬ ‫تقلب أطراف حلمك‪ ‬‬ ‫في لحظتك‬ ‫وتركب مركبك وحيدا ً‬ ‫وبين مسافة وأخرى‬ ‫تجلو عن العابرين الغبار‬ ‫وتدلهم على نبضك‬ ‫فيبحرون في اتجاهك‬ ‫ووتتيه أنت‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬


‫مسيرة‬ ‫حكمت حسن‬

‫قيل لي‬

‫إن الشّرق نفض تاريخه‬ ‫ّ‬

‫انكفأ صوب غرائزه حين رآني‬

‫دون اسمه‬ ‫وأ ّنه يبحث عمن ٌ‬ ‫في الجهة الخاطئة‬

‫من الحياة‬ ‫وإنه يرصف الأجساد‬ ‫ٌ‬ ‫ل‬ ‫ليستد ّ‬

‫على خارطة الجمال‬

‫في متحف‬ ‫تتبدل ملامحه‬ ‫ّ‬

‫حب من القافلة‬ ‫ك ّلما وقع‬ ‫ّ‬ ‫وقيل‪:‬‬

‫إ ّنه علينا تقديم القرابين‬ ‫ليسعد الماضي الحزين‬

‫وإن العطور المكتفية بنفسها‬ ‫ّ‬ ‫وضعت في قلوب نساء‪ ‬‬

‫إحداهن‬ ‫من يجد‬ ‫ّ‬

‫ندا لها‬ ‫يصبح ّ‬

‫وقيل ‪:‬‬

‫إن مفاهيم كثيرة إلى زوال‬ ‫ّ‬

‫وإن أحرفا ستلغى في كوكب آخر‬ ‫ّ‬ ‫إبان الانتقال‬

‫ستحذف‬ ‫فلا مصطلحات‬ ‫كزواج‬ ‫وخلود‬ ‫حرة‬ ‫ستبقى الحروف ّ‬ ‫تفني أسر الكلمات‬ ‫تزحزح قلبا مختارا‬ ‫إذا أرادت‪.‬‬


‫أو أرعى الغنم‬ ‫وأتسابق مع الخالن‬ ‫قف أمام انظريني‬ ‫ألست فارسا حيران‬ ‫أمشي طريقي‪ ‬‬ ‫اخطوها ولهان‬ ‫أما أنت تخيلي‬ ‫كل شيء فيك ميزان‬ ‫وجه وثغر وشعر غزالن‬ ‫أحبك دوما‬ ‫أالعبك صبية‪ ‬‬ ‫وأنت عجوز فان‬ ‫ألم تعلم بعد ؟‬ ‫أنت كاألسودان‬ ‫دعيني أقبلك تارة‬ ‫وأخرى فإني حليان‬ ‫كل الطقوس تخلدت‬ ‫وأنا أنضح ماء النسيان‬


‫البحر الهائج‬

‫عبد هللا ربيع أبو رافع‬ ‫أي بحر هائج‬ ‫أنت‪...‬‬ ‫والنسيان‪...‬‬ ‫تدفق كالبركان‬ ‫يهمس في اآلذان‬ ‫يسأل حبيبتي‬ ‫أين أنت مني ؟‬ ‫أراك صولجان‬ ‫مذ والدتي‬ ‫أنت أنا إنسان‬ ‫ال أخافك‬ ‫عصي عليك‬ ‫ال تنعتيني‪ ‬‬ ‫ابن الجيران‬ ‫أنا ابنك‬ ‫أنسيتي‬ ‫ام ما كان كان‬ ‫كأني اليوم ولدت‬ ‫أنت ترضعيني باألسنان‬ ‫عفوك صغيرتي‬ ‫ما عدت طفال‬ ‫أركض في الوديان‬


‫هي الحياة‬ ‫نهاد حبيب‬

‫وحين تُثقلُني الحياة يَ ِه ُم يراعي إلنقاذي‬ ‫وتتهدل اللغة متعففة الخطى‬ ‫ليجف حبري كدم ذبيحة الفصح على أوداجي‬ ‫بِتُ أخاف أن أنام حتى ال أفقد أحالمي القديمة‬ ‫وباتت مراهم التخدير ال تجدي نفعا ً‬ ‫وحبوب النسيان ال تُعدل في سمت النص‬ ‫فصرختُ لك من قلب أدماه الوجع‬ ‫يا حامل آالم الناس هل أرهقك صوت النبر‬ ‫حين تتزاوج صرخاتي مع شكاوى البشر‬ ‫بيني وبينك أسرار ال يكتنفها الضجر‬ ‫أخشى إن تكلمت ينفطر قلب الحجر‬ ‫ب على وتر‬ ‫فلتكن مشيئتنا‬ ‫كلحن عذ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ال فرق بيننا إال حسرات القدر‬ ‫قد أشعلت لك مواقد بخور الصعتر‬ ‫من ضيق صبري لأليام العتر‬ ‫ظننتُ المحن قرابيني فكان لها وقع السجر‬ ‫وجاء الصباح متهاديا ً فضاع الحلم واندثر‬



‫ب الضوء‬ ‫في قل ِ‬ ‫عمر شبلي‬

‫ولماذا الضوء األسودُ‪،‬‬ ‫يا أبتي!!‬ ‫يا ولدي‪:‬‬ ‫يبص ُر‪،‬‬ ‫في الضوء األسود ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫عينان‪.‬‬ ‫إال من كان له‬ ‫يا أبتي‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫عينان‬ ‫لكن جمي َع الناس لهم‬ ‫يا ولدي‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫عينان‪.‬‬ ‫ألوجهُ القات ُم ليس ب ِه‬ ‫ْ‬ ‫عينان‬ ‫والقلب القاتم ليس له‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫يا ولدي‪ ،‬ال‬ ‫تبحث عن ضوءٍ‬ ‫ال يو َج ُد فيك‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫كاإليمان‬ ‫عميق‬ ‫فالضو ُء‬



‫انبعاث‬

‫أميمة الشعراني‬ ‫طائر في األفق يشدوه‬ ‫ٌ‬ ‫كلما الصبح ال َح‬ ‫على كفي ّ‬‫حط يوما‬ ‫يصدح الشكوى نواح‬ ‫شكا من ظلم الحياة‬‫أثخنت فيه الجراح‬ ‫ّ‬ ‫ظن كفي ملجأ له احتمى به استراح‬‫بكى من وهن الجناح‬‫بشج ٍو في الصوت باح‬ ‫متعةٌ للقنص نحن‬‫صي ٌد لكل جارحه‬ ‫هل هللا شاء أن‪ ‬‬‫نموت قتال ‪،‬نستباح‬ ‫سمعتُ النجوى تفيض‬‫فما اسطعت بعد نُصح‬ ‫ّ‬ ‫بث شكواه غنا ًء‬‫ثم أفرد الجناح‬ ‫على صهوات الرياح‬‫فارسا في األفق ساح‬ ‫يرسل السرور لحنا‬‫ظنونا عنه أزاح‬



‫يا بالدي ‪ ،‬لغة الدمع التي نحيك بها‬ ‫مل يك ْن فيها انحناء‬


‫لطيور هاجرت عن شجر العمر‬ ‫عمر شبيل‬

‫كان يف مملكة الج ْوعى أمري‬ ‫الناس الحياة‪.‬‬ ‫يُط ِع ُم َ‬ ‫آويت إليه‬ ‫حني ُ‬ ‫لبس النا َر ومات‬ ‫مر ًة أخرى ْ‬ ‫أمامك‬ ‫سوف أخبو وأيضء‪،‬‬ ‫جاهدا ً أبحثُ يف هذا السواد‬ ‫عن طيور هاجرتْ عن شجر العمرِ‪،‬‬ ‫وكان العم ُر فيها‪.‬‬ ‫أين ح َـط َّـ ْت؟‬ ‫أيها العم ُر الذي يخبو ملاذا ال تيضء!!!‬ ‫ما العالقة‬ ‫بني روح الله فينا والرماد؟‬ ‫القلب الرماد‪:‬‬ ‫أيها‬ ‫ُ‬ ‫مل تعد ليالك ليىل‪،‬‬ ‫بأيام الشقاء‬ ‫حاج ُة الحزنِ إىل الدمع ِ‬ ‫ِ‬ ‫حاج ُة القنديلِ‬ ‫للزيت‬ ‫حل املساء‬ ‫إذا َّ‬ ‫إغسليني بالدوع‬ ‫يا بالدا ً‬ ‫غسلت أبناءها باالغرتاب‬ ‫ْ‬ ‫صاحب الق ِرب «‬ ‫ألهذا مل أكن يا‬ ‫َ‬ ‫ره َني املحبسني»‬ ‫أنا من طني وماء‬



‫من أنا؟!‬

‫د‪.‬هويدا شريف‬

‫أنا منارة الشرائع‬ ‫طفلة جميلة محروقة االصابع‬ ‫حزينة عيناي‬ ‫كالواحة ظليلة‬ ‫فحزنت حجارة الشوارع‬ ‫واعتكفت ماذن الجوامع‬ ‫أرى شمسي يراودها الكسوف‬ ‫ويلفح وجه أزاهيري الخريف‬ ‫وفي عيني تزدحم الماسي‬ ‫وقلبي من الشكوى رجيف‬ ‫مشردة بين الدياجي‬ ‫تراني أهيم‬ ‫ّ‬ ‫وفي دربي المصائب والحتوف‬ ‫فقد شلت يداي وبح صوتي‬ ‫وما في ا ّمتي خ ّل عطوف ‪.‬‬ ‫أصارع الموت‬ ‫وانا اسيرة الحزن‬ ‫أقاوم النار في الهشيم‬ ‫وحدي في هذا العالم الواسع‬ ‫مسلحة بالسؤدد والمجد‬ ‫وطيب أرومتي‬ ‫أصنع مجدي‬ ‫وإرثي بسموي الساطع‬ ‫رغم أنني محاطة بمصابين‬ ‫بشيزوفرينيا الحروف‬


‫عادات وتقاليد‬



‫قريتي‪ /‬سحمر‬ ‫نجوى الخشن‬

‫كم يطيب لي ان اسميها دنيا هللا‪ ‬‬ ‫حيث توغل الشمس لاول مرة في حناياها‪ ‬‬ ‫ولاتعرف نهاية‪ ‬‬ ‫اكثر من خيط عند اطراف سماوات نجومها نائية‪ ‬‬ ‫في مهب حقولها يتجلى صخب المعاول‪ ‬‬ ‫من زنود الفلاحين السمر‪ ‬‬ ‫وأهازيج مفروشة فوق دوالي العنب‪ ‬‬ ‫عند تصالح الفصول‪ ‬تنمو المواسم‪ ‬‬ ‫دنيا هللا ‪..‬‬ ‫ذات اسيجة من اشجار وبساتين‪ ‬‬ ‫حيث الاماكن تكتظ بالذكريات‪ ‬‬ ‫وحيث بيوتها القرميدية‪ ‬احياء‪ ‬‬ ‫وملعب الطفولة‪ ‬اراجيح لاجئة الى مجهول ينطق بلغة قلب‪ ‬‬ ‫النهر على عهد طفولتي‪ ‬كنت اجوبه بلا عناء‪ ‬‬ ‫ارمق السابقين بدهشة‪ ‬شاملة‪ ‬‬ ‫تعيدني الى ميادينه العابقة برائحة الطيون‪ ‬‬ ‫خليط عجيب ‪..‬‬ ‫لست ادري من يحتفي بالآخر‪ ‬‬ ‫النهر ذاك اللغز‪ ‬الذي خلت اني اعرفه‪ ‬‬ ‫فأرسم خطواتي‪ ‬عند حوا ّفه‪ ‬‬ ‫فتهرع الاقدام مرهفة الاسماع‪ ‬‬ ‫أم‪ ‬‬ ‫دنيا هللا‪ ‬‬ ‫كانها‪ ‬اوتار ريشة تعابث نغماً يخاطبني‪ ‬‬ ‫وقصيدة الحنها كل ليلة لتكتمل صنعت‪ ‬الوجود‪ ‬‬ ‫أبتعد رويدا رويدا‪ ‬‬ ‫في أزقتها امر‪ ‬امام مقعد خشبي قديم‪ ‬‬ ‫تداعب اذني ضحكة رقيقة‪ ‬‬ ‫تستوقفني كصورة للطبيعة‪ ‬‬ ‫صوت عصفورة السواقي‬ ‫وناي البراري‪ ‬‬ ‫كل هذا المزيج‪ ‬والصمت الريفي يسبح‪ ‬‬ ‫كم اود من اعماقي‪ ‬ان لايكون له نهاية ‪........‬‬




‫بلدة ما بين النهرين‬

‫د‪ .‬هبة الحشيمي‬

‫تتسلل من ثقوب النوافذ من شقوق األبواب‪ ،‬لتنفذ إلى سريري وتعانق عنقي‪ ،‬ال حبًا بي بل لتنشر السموم‬ ‫في جسمي ‪ .‬تتسامر في مجالسنا اليومية‪ ،‬لتتحدث معنا عن المواد التي تحملها في طيّاتها ‪ .‬أخبئ وجهي‬ ‫ي‪ ،‬في منزلي‪ ،‬في‬ ‫تحت الوسادة كي اتفادى مقابلتها في كل ٍ‬ ‫فجر‪ ،‬تثير اشمئزازي‪ ،‬تفرض نفسها عل ّ‬ ‫غرفتي‪ ،‬على فراشي ‪ .‬أغلق األبواب الخارجية للبيت‪ ،‬والداخلية للغرف‪ ،‬والنوافذ أغلقها بالقفل الحديدي‪،‬‬ ‫ي وتدخل البيت دون استئذان ‪ .‬تشرب من فنجاني فتطبع شفتيها على حافته‪ ،‬فما علي إال‬ ‫ولكنها تتغلب عل ّ‬ ‫أن أرتشفها معه‪ ،‬ترافقني إلى السيارة تتحدت معي وتودعني مبتسمة على أمل اللقاء بعد العودة من عملي‬ ‫‪.‬‬ ‫حبال هي التي تتسلل‪ ،‬فهي خفيفة الوزن كثيفة بالمواد‪ ،‬تضيّق طوق الهواء النقي علينا لتخبرنا حكايات‬ ‫تمتص‬ ‫عن منازل عايشتهم وعن مرضى عاشرتهم يعانون من أمراض‪ .‬سحابة ثقيلة تقف على صدري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫صدر‪ ،‬ألنك‬ ‫منّي األوكسجين وتصدر لي ثاني أوكسيد الكربون والديوكسين‪ ،‬وعليك استنشاقها برحابة‬ ‫ٍ‬ ‫ال تملك اختيار هواء آخر في عمليتك التنفسية‪ ،‬فالموجود هوا ٌء واحد ‪ .‬هذه السحابة تحب السباحة في‬ ‫أنهر بلدتي‪ ،‬مما تؤثر على مياه الشرب للبلدة وعلى مزروعاتها التي تصدر إلى كل لبنان‪ ،‬فتدخل مادة‬ ‫الديوكسيد بمياه الشرب وبالخضار التي نعتبرها األكلة الصحيّة الوحيدة ‪.‬‬ ‫من هي بلدة ما بين النهرين؟ ماهي مادة الديوكسين؟؟؟‬ ‫بلدة المرج في البقاع الغربي تقع بين نهر الليطاني الذي ينبع من البردوني ونهر الغزيل الذي تتفجر‬ ‫ينابيعه من عنجر‪ ،‬لكن هذين النهرين سرعان ما يتحوالن إلى «مجرورين»‪ ،‬يحمالن أوساخ المناطق‬ ‫التي يمران بها‪ .‬فلذلك سميت من قبل أهل البلدة «بلدة ما بين المجرورين» ‪ .‬وتقع هذه البلدة في وسط‬ ‫سهل البقاع مما يجعل ارتفاعها عن مستوى البحر أدنى من غيرها من البلدات المجاورة لها ‪ .‬فمدينة قب‬ ‫الياس من المدن المحاذية لها‪ ،‬تملك هذه األخيرة جبالً من النفايات‪ ،‬يحتوي على فضالت المستشفيات‬ ‫من أكياس بالستيكية وإبر ومغلفات األدوية وغيرها‪ ..‬وتحتوي على فضالت المعامل التي تقطن فيها‪،‬‬ ‫وفضالً عن فضالت المنازل‪ .‬عند المساء يقوم المشرفون بإحراق المكب ليخفف عنهم الحجم‪ ،‬وليزودونا‬ ‫باألمراض السرطانية التي تحملها المواد الناتجة عن إحتراق المواد البالستيكية ‪ .‬تحمل السحابة عددًا‬ ‫من المواد السامة وخاصةً الديوكسين ويع ّد الديوكسينات من أكثر السموم الكيماوية التي عرفها اإلنسان‬ ‫إذ تؤثر على الصحة العامة كثيرا ً ألنها تسبب السرطان وتؤثر على الجهاز التناسلي لدى الجنسين‬ ‫وتتلف جهاز المناعة وتتدخل مع الهورمونات عندما يتعرض لها الجسم‪ .‬وكلمة ديوكسينات معناها مئات‬ ‫الكيماويات الطليقة بالبيئة وأخطرها مادة تيتراكلوروديبينزوديوكسين‏(‪)en‬‏ ‪ .‬سيتأثرالسكان وسيعانون‬ ‫ت‬ ‫اللوا� سيتعرضن لإلجهاض ‪ .‬ظهرت حاالت أورام‬ ‫المشاكل الصحية منها والسيما السيدات الحوامل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫بالمخ ورسطان الرئة والثدي والفشل الكلوي وزيادة تشوهات األجنة والسيما ي� العمود الفقري ‪ .‬وخزنت‬ ‫مواده ونفاياته ف� ت‬ ‫الديوكس� لمياه ش‬ ‫ين‬ ‫ال�ب واالستحمام ‪ .‬وقد أدى ظهور‬ ‫ال�بة وترسبت منها مادة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تقال الذي كان يستعمله األمريكيون ي� حرب فيتنام‪ ،‬وقد ظهر نفس‬ ‫مصنع كيماوي كان يصنع الغاز ال�ب‬ ‫ي‬ ‫العوارض في تلك المنطقة ‪.‬‬ ‫اوقفــوا ز ّخ المــوت الــذي يحصــل فــي منطقنتــا‪ ،‬أمطــروا نظــرات الرحمــة علــى بلدتنــا‪ ،‬لتنبــت التربــة‬ ‫النبتــة الصالحــة لمجتمعنــا ‪ .‬صرخــة مــن معاناتنــا اليوميــة إلــى كل المعنييــن‪ ،‬فالجانــي معــروف والقضيــة‬ ‫واضحــة التنتظــر إال النظــر فيهــا ‪.‬‬



‫أعراس القرية‬

‫عمرشبلي‬

‫أعــراس الصويــري فــي الخمســينيات كانــت مهرجانــات جميلــة الســتعراض األنوثــة‬ ‫والرجولــة فــي آن ‪ ،‬إنهــا اللعبــة التــي نمارســها جي ـاً بعــد جيــل مــذ كانــت الحيــاة‬ ‫‪ ،‬كان الصبايــا يرتديــن الثيــاب المزركشــة كأرض الصويــري فــي الربيــع ‪ ،‬كــن‬ ‫يتكحلــن ‪ ،‬وبعضهــن كان بهــن َك َح ـ ٌل طبيعــي تحســبهن قــد تكحلــن ‪ ،‬ولكنــك تــدرك‬ ‫فيمــا بعــد أنهــن اشــتركن مــع الغــزالن فــي ال َحـ َـور والغَيَــد ‪ ،‬ورغــم الفقــر فقــد كـ ّ‬ ‫ـن‬ ‫ـن يزيّـ ّ‬ ‫هـ ّ‬ ‫ـن الثيــاب وليــس العكــس ‪ ،‬كــن يلبســن المناديــل البيضــاء كأزهــار اللــوز ‪،‬‬ ‫وفــوق المنديــل ” عصبــة ” أو ” شاشـيّة ” والميســورات منهـ ّ‬ ‫ـن كــن يضعــن ” الشــكة ”‬ ‫فــي العصبــة ‪ ،‬والشــكة مجموعــة مــن ليــرات الذهــب أو الغــوازي ‪ ،‬وكــن ال يعرفــن‬ ‫الكولونيــا ‪ ،‬ولكــن روائحهــن تشــبه روائــح الحقــول المملــوءة بالــورود المتنوعــة ‪،‬‬ ‫كــن يتحضــرن ليــوم العــرس ألنــه معــرض يــرى فيــه الشــاب ســرب الصبايــا ويختــار‬ ‫عروســه علــى الغالــب فــي ذلــك اليــوم ‪ ،‬وكانــت الدبكــة الجماعيــة المختلطــة إحــدى‬ ‫وســائل األنثــى الســتعراض جمالهــا ورشــاقتها ‪ ،‬وكانــت اآلالت الموســيقية تنحصــر‬ ‫فــي المنجــارة والمجــوز ‪ ،‬وكان المرحــوم درويــش أمهــر عازفــي المنجــارة فــي القرية‬ ‫‪ ،‬وكان المرحــوم يوســف عامــر المعــروف بيوســف نايفــة أمهــر عازفــي المجــوز فــي‬ ‫المنطقــة كلهــا ‪ .‬وعلــى صــدى الشــبابة أو المجــوز كانــت أغانــي “علــى دلعونــا ” و ”‬ ‫وعمــو علــا ال والال ” و ” وعلهــوارة ” تفعــل فعلهــا فــي الشــباب والصبايــا ‪ ،‬فتهتــز‬ ‫األرض تحــت األقــدام التــي ال تتعــب أبــدا ً ‪ ،‬والويــل لمــن يحــاول خربطــة الدبكــة‬ ‫ب مــا ‪ .‬وكانــت لأليــدي المتشــابكة فــي الدبكــة أحيان ـا ً لغــة ال تســمعها إال قلــوب‬ ‫لســب ٍ‬ ‫الشــباب والصبايــا ‪ ،‬وفــي التشــابك مأمــن مــن مالحظــات اآلخريــن ‪ ،‬ولكــن الشــاب‬ ‫يشــتعل غضب ـا ً إذا رأى فتــاة أحالمــه تشــبك يدهــا بيــد آخــر فــي الدبكــة ‪ ،‬ألنــه يفهــم‬ ‫جيــدا ً لغــة األيــدي المتشــابكة فــي الدبكــة ‪ ،‬وكانــت البيــادر المــكان األصلــح للدبكــة ‪،‬‬ ‫ش بالمــاء و العُــور لكــي ال تثيــر الغبــار وال تصبــح موحلــة ‪ .‬أمــا الشــباب‬ ‫ـر ّ‬ ‫وكانــت تُـ َ‬ ‫فكانــوا يلبســون الثيــاب الجديــدة فــي العــرس وهــي مؤلفــة مــن “الشــنتيان ” الســتان ‪،‬‬ ‫أي الشــروال والجاكيــت األســود ‪ ،‬وعلــى الخصــر يحزمــون الشــنتيان بالزنــار حيــث‬ ‫يــدق الخصــر ويضمــر ممــا يزيــد الجســم جمــاالً وفتــوة ‪ .‬وكان الشــاب الــذي يتقــن‬ ‫الدبكــة أكثــر ” يلقــط عــا ألول ” وعليــه يتوقــف نجــاح عمليــة الدبكــة كلهــا إنــه أشــبه‬ ‫بالقائــد ‪ ،‬وكانــت األجســاد تتصبــب عرق ـا ً دون أن تنبعــث منهــا أيــة رائحــة ‪ ،‬الدبكــة‬ ‫فــي العــرس امتحــان صعــب والويــل لمــن يفشــل فيــه ألنــه ســيكون أضحوكــة فــي‬ ‫أفــواه الصبايــا ذوات األحــكام القطعيــة ‪ ،‬ويكــون حديــث القريــة حتــى العــرس القــادم‬




‫‪ ،‬ولهــذا كان الشــباب يتدربــون علــى الدبكــة فــي الســهرات ‪ ،‬وينصتــون لتعليمــات‬ ‫” المايســترو ” المشــرف علــى التدريــب ‪ ،‬والــذي يتخــرج مــن الــدورة بنجــاح ينــزل‬ ‫إلــى الدبكــة فــي العــرس مختــاال كالطــاووس ‪ ،‬وأظــن أن الصبايــا كــن يفعلــن نفــس‬ ‫الشــيء حيــن يكـ ّ‬ ‫ـن وحدهــن فــي األماســي ‪ ،‬وكان دبيــك األول محــط احتــرام القريــة‬ ‫كلهــا ‪ ،‬وفــي ذلــك أكثــر مــن نقطــة لصالحــه فــي امتحــان الصبايــا الســري ‪ .‬وكان‬ ‫صاحــب الصــوت الجميــل يملــك رصيــدا متقدمــا عنــد أهــل القريــة ‪ ،‬وخاص ـةً فــي‬ ‫قلــوب الصبايــا ولذلــك كان يتدلــل كثيــرا حيــن يطلــب منــه الغنــاء ‪ ،‬ومنــه أ ُ ِخــذ المثــل‬ ‫” بحياتــك ال تقــول للمغنــي غـ ِّ‬ ‫ـن ” ‪ ،‬ولــن ننســى األمهــات اللواتــي أتيــن إلــى العــرس‬ ‫ال للدبكــة ‪ ،‬وإنمــا للفــت األنظــار لبناتهــن إذا اقتضــى األمــر ‪ ،‬وإذا ســألت األم لمــاذا ال‬ ‫تدبكيــن ؟ صرفــت الســؤال لتوحــي إليــك النظــر البنتهــا الـــ ” هللا يحميهــا ويــرد عنهــا‬ ‫العيــن ” ‪.‬‬ ‫ولألعــراس فــي قريتنــا مــذاق خــاص فــي تلــك األيــام الخوالــي ‪ ،‬فالعــرس مناســبة‬ ‫لالنتقــال إلــى مرحلــة الخطبــة ومناســبة للتعــارف ومناســبة للعشــق ومناســبة للتنافــس‬ ‫ي ِ أحاديثهــا الحميمــة عــن الصبــا والجمــال والفتــوة ‪،‬‬ ‫‪ ،‬و “ق ْيــم المحدلــة ” ‪ ،‬ولألماس ـ ّ‬ ‫ـرد لــه ‪ ،‬ولــن‬ ‫والزغاريــد فــي األعــراس كالتمائــم والرقــى ‪ ،‬حيــث تحمــي مــن يزغـ َ‬ ‫أنســى العجينــة التــي تلصــق فــوق البــاب ليلــة الدخلــة ‪ ،‬وانتظــار النســاء خلــف البــاب‬ ‫بانتظــار تصاعــد الدخــان األحمــر ‪ ،‬حيــث تطــوف “ال َحمــى ” بالمنديــل المخضــب‬ ‫األرجوانــي لتــري المنتظــرات الفضوليــات ناقــات الحديــث ‪ ،‬حيث ” ال يســلم الشــرف‬ ‫الرفيــع مــن األذى حتــي يــراق علــى جوانــه الــدم ” ‪ .‬وكان العريــس يُســرق أحيانــا فــي‬ ‫ب قــروي حميــم ‪ ،‬وكان يرتــدي الثيــاب الجميلــة ‪ ،‬والحــذاء الجديــد ‪ ،‬وأحيانــا‬ ‫صخ ـ ٍ‬ ‫ـس ميســور الحــال ســبقه إلــى الحيــاة الزوجيــة ‪ ،‬ثــم‬ ‫تُســتعار لــه ثيــاب جديــدة لعريـ ٍ‬ ‫يركبونــه فرسـا ً ويطــاف بــه فــي أزقــة القريــة ‪ ،‬وكان أهلــه مســاء تحــت جنــح الدجــى‬ ‫يــردون الثيــاب لصاحبهــا ‪ ،‬بــكل تواضــع ‪.‬‬ ‫لــم يكــن هنــاك شــهر عســل فــي القريــة ‪ ،‬فبعــد يــوم أو يوميــن تــرى العريــس ذاهب ـا ً‬ ‫إلــى حقلــه ‪ ،‬وأحيانــا برفقــة زوجتــه ‪ ،‬ويبــدآن معــا التنقيــب عــن الكنــز الــذي يُــرى‬ ‫وال يُــرى ‪.‬‬



‫زمن ‪،‬ونح ُن يف ضَ يا ِع‬ ‫" ن َُصا ِر ُع ال َه َوى ُم ْن ُذ ٍ‬ ‫نسبح ُم ْن ُذ أ َبد"‬ ‫ال َه َوى‪ُ ،‬‬ ‫د‪.‬حسن فرحات‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.