حوار العدد بسام مع ّ الق ّوتلي
شعلة «نيروز» تقاوم العتمة
تأ ّمالت في الثورة السورّية ص6
ص11
#ارفع _ علم _ثورتك
س ْي ُل «بيان الحليب» َ
ص12
سياسية ثقافية نصف شهرية
السنة الثانية
/20آذار 2015 /
ص5
حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة، حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم بدوره يف صياغة وعي وط ّ ين سور ّي جامع ،يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة .
العدد - 27 -
سياسة الموت جوعاً ص2
سيادة فوق الخراب
12صفحة
newspaper.allsyrians.org
سورّيون وأطفالهم ..على قارعة الطريق
ص4
المد ّون حسين غرير تأجيل الحكم للمرّة السادسة ص9
لم َ يبق في سورية ما يمكن أن نطلق عليه فعالً صفة «السيادة» ،فلكي تكون سيّداً ال ب ّد لك من أن تملك حيّزاً تكون فيه ق��ادراً على ممارسة هذه السيادة. ما تب ّقى من ه��ذه السيادة السوريّة هو فقط واجهات ه ّ شة ال أه ّميّة لها يقف خلفها متصارعون من ك ّل أصقاع األرض ،والشعب السوريّ يُحشر في مضائق الحياة ويز ّج بكامله في معركة البقاء على قيد الحياة. لم يبق في سورية إلاّ الخراب ،خراب يعصف ببشرها بعد م��ا عصف بحجرها ...خ��راب يرفع راياته السوداء من قصر المهاجرين وح ّتى آخر خيمة لالجئ سوريّ ... وح ّتى آخر زاوية ضيّقة يحشر نفسه فيها شابّ سوريّ في مركب متهالك يعبر البحار ويتوسّل لك ّل اآللهة كي ال يموت. لاّ لم يعد السوريّون يصرخون إ (ال نريد أن نموت) ويذرف العالم كلّه دموع التماسيح على مأساة السوريّين التي لم تعرف البشريّة مثيالً لها وربّما لن تعرف. ّ يصرّ ح «كيري» :أنّ بشار األسد قد يكون شريكا ً بمرحلة التفاوض القادمة ،فيستجيب ب ّ شار األسد بقصف سرمين بالكيماويّ ،يذ ّل مرتزقة حزب هللا السوريّين في مخيماتهم البائسة فوق االرض اللبنانيّة ،وينتصب مخيّم الزعتري كأسوأ مكان لحياة البشر ،ويغلق األتراك معابر حدودهم أمام السوريّين ،وتبحث أوربّا عن الوسائل التي ست ّتخذها إليقاف تد ّفق ّ تبتز اليونان السوريّين الهاربين من الموت، اال ّتحاد األور ّب��يّ بالالجئين السوريّين ،ته ّدد قطر بجبهة النصرة ،وتستبيح إيران بميليشيات «أبو العبّاس» والحرس الثوريّ ومرتزقتها
األفغان ...ويغازل النظام السوريّ «داعش» ...وكأنّ السوريّين عندما حلموا أن يكونوا شعبا ً ال رعايا زلزلت معادلة الكون واختلّت قوانينه ،فسارع الجميع بالوقوف في وجه هذه البدعة الضالّة ،بدعة التحوّ ل إلى شعب. من أجل ألاّ تتحوّ ل هذه البدعة إلى مرض مع ٍد يفتك بشعوب المنطقة ،من أجل أن نبقى نمارس بقائنا على هامش الحياة ،ومن أجل أن نقتتل ألف سنة أخرى على أحقيّة الخالفة ول��ون العمامة ومقامات اآلذان ،استحضر العالم ك ّل األسلحة الممكنة ،من موسى الطفل الهارب بصندوقه الخشبيّ فوق مياه النيل إلى سقيفة بني ساعدة وكربالء الحسين وصوالً إلى األسلحة النوويّة. لم يعد لنا نحن السوريّين إلاّ دمنا وبقايا صرخة حرّ يّة أطلقناها في فضاء هذا العهر الذي يستبيح بالدنا منذ قرون طويلة. فوق هذا الركام من السوريّين وأشالئهم وأشالء أحالمهم يواصل ب ّ شار األسد وزبانيته عرض مسرحيّة سيادتهم الزائفة ،وفوق الركام نفسه تواصل المعارضة عرض المسرحيّة إيّاها ،لكن بإخراج أش ّد تفاهة وأسوأ أداء. لم يبق إلاّ الخراب ...ابسطوا سيادتكم - المداسة بأحذية المرتزقة من ك ّل العالم -عليه، أمّا نحن ...فليس لنا إلاّ سيادتنا فوق خراب أرواحنا ،لم يبق لنا إلاّ سيادتنا على دمنا الذي ندفعه عند ك ّل بوابة عبور ،وعلى األسالك الشائكة لحدودكم ...وعلى ساللم المراكب الهاربة م ّنا وبنا ،ندفعه ونحمله كجواز سفر يجيز لنا العبور من شكل إلى شكل آخر للموت.
ب ّسام يوسف
النوروز ..عيد البدء والحياة
ص11
2
السنة الثانية
العدد 27
/ 20آذار 2015/
السوري مرابي وقت الد ّم ّ
من الطريقين يتو ّقف على اعتبارات عديدة ومختلّفة لك ّل نظام قمعيّ شبيه ،مع التأكيد على أنّ جوهر األمر ينطلق من اإلمساك بالسلطة دون منازع ،ودون شريك حقيقيّ ، وهذا ما ينطبق تماما ً على نظام المافيا في روسيا ،والعصابة في سورية (دون إغفال بقيّة األنظمة القمعيّة المشابهة ،لك ّنه ليس مجالنا اآلن).
يشغلنا حقيقة ال��دور الخطر والقذر للنظام الروسيّ على أكثر من صعيد، وعلى مدى أربع سنوات من ثورة الشعب السوريّ ،لكنّ أخطرها من وجهة نظري، كان -وال ي��زال -هو دوره في شراء الوقت تلو الوقت لنظام الطاغية في دمشق، ودور المماطلة والتسويف في وجه أيّ مخرج لألزمة السوريّة ،يحفظ تضحيات الشعب السوريّ وتطلّعاته نحو الكرامة والحرّ يّة والعدالة.
أشير هنا كخلفيّة للموضوع ،إلى الداللة السياسيّة للطريقة التي وصل بها «بوتين»، رجل الكي بي جي ،إلى السلطة في روسيا هي أقرب لالنقالب ضمن إطار ديماغوجي يرى بإمكانيّة عودة «االتحاد السوفيتيّ » (المقبور بمراسم علنيّة عالميّة) وإع���ادة «أم��ج��اده» الزائفة والدمويّة ،داخل ّيا ً وعلى الصعيد العالميّ ّ ومؤثر في السياسة العالميّة كـ «قطب» فاعل (هذا يؤ ّ شر ليس على عدم فهم متغيّرات الواقع فحسب ،وإ ّنما على عدم تقبّله أيضاً ،وهنا يكمن عقل المؤامرة وخطر المغامرة لهذا الرئيس) .ما يهمّنا هنا هو دوره الخطير ومسؤوليّته المباشرة في إطالة أمد األزمة السوريّة ومعاناة الشعب السوريّ أكثر فأكثر. بالتأكيد إنّ ثالوث اإلجرام واألذى المباشر ّ بحق الشعب السوريّ معروف للجميع ،مع ذلك يبقى إجرام النظام السوريّ وعصابته في ك ّفة وإج��رام النظام اإليرانيّ وعصاباته الطائفيّة (العابرة للحدود والقوميّات) في ك ّفة ثانية ،أمّا إجرام نظام المافيا في موسكو فهو في ك ّفة أخرى مختلفة عن قرينيه القميئين .لنرى المقارنة في ذلك. الحيثيّة األولى :إنّ النظام الروسيّ مساهم فعّال في قتل الشعب السوريّ (وقد مارس هذا القتل بمنتهى الوحشيّة في األمس القريب في الشيشان ،واليوم هو في أوكرانيا إلى جانب سورية) بسالحه الثقيل والف ّتاك ،عبر الدعم العسكريّ المباشر للنظام المجرم والمئات من الخبراء على اختالف تخصّصاتهم ،أتبعها الحقا ً بإرسال قتلة روس وشيشانيّين ليضافوا إلى جانب القتلة الذين يشاركون في قتل الشعب السوريّ ، وقد باتوا ال يُع ّدون وال يُحصون ،جنسا ً وعدداً (يجب االعتراف هنا بأنّ جبهة اإلج��رام أكثر تماسكا ً وصالبة).
كما أنّ الحيثيّة الثانية ّ تتمثل في التشابه البنيويّ العصابويّ بين النظامين الروسيّ والسوريّ (مع ّ بحق التباين المحدود للـ «ماسخ» االحتفاظ عن «الممسوخ») حيث ال تسمح هذه البنية العصبويّة العصابيّة ،بأيّ انتقاد أليّ أداء ،سواء ت ّم ذلك بالقول أم بالفعل تحت طائلة القمع العاري والمعلن ،أو بالقمع « المستتر المفضوح « وهو جانب نراه يؤخذ باالعتبار في نظام المافيا ،حيث لألخ الكبير -لـ «العرّ اب» إن شئتم -دائما ً سلطة معنويّة وماديّة متفوّ قة على العصابات الحليفة، ُترهب بها العصابات الخصمة المنافسة. األم��ر اآلخ��ر في مجال التشابه يظهر في التركيبة البنيويّة لهذين النظامين القمعيّين (من يتوهّم بوجود ديمقراطيّة في نظام حكم بوتين عليه عمل جردة بسيطة لالنتهاكات المتواصلة ما ينوف عن العقد ونصف العقد ،ولتقارير ّ منظمات حقوق اإلنسان الدوليّة ،ث ّم أليس زمن الحكم وطريقته «حكم المداورة» مع ميدفيديف -كائن بال سلطة وبال طعم -ذو داللة في هذا الشأن على تح ّكمه بالسلطة وتفرّ ده بها؟ كذلك طريقته في تصفية الخصوم السياسيّين إلخ) ولألنظمة المشابهة، والذي يتمحور حول أه ّميّة دور الوقت والمراهنة على شرائه في األزمات المصيريّة ،فنحن نجد عند أيّ ّ هزة داخليّة ،أو عند أيّ تغيير سياسيّ ذي شأن في المحيط اإلقليميّ ،أو العالميّ ،تلجأ هكذا أنظمة إمّا للقوّ ة المفرطة -وقد تتخلّلها مغامرات مجنونة سيّئة العواقب ،بل قد تتطوّ ر إلى حالة كارثيّة داخل ّيا ً وإقليم ّيا ً -أو هي تلجأ إلى الكمون واالنكماش خافضة رأسها إلى حين انقضاء العاصفة المه ّددة ،وهي بهذا السلوك المعارض لتطوّ ر سير األحداث تشتري الوقت لبقائها أطول فترة ممكنة ،ح ّتى وإن كانت من نتائجه «إحراق روما» أو «خراب البصرة» يبقى أنّ سلوك أيّ
نعم ،هو وجه الشمع «بوتين» ،مرابي وقت الدم السوريّ ،فليس أنسب من نظام المافيا في موسكو من يشتري الوقت تلو الوقت ،والفرصة تلو الفرصة لقرينه في دمشق (في الواقع ،لقد باشر سلوكه الخبيث هذا منذ األيّام األولى للحراك السلميّ ، ي��داً بي ّد مع نظام الطاغية ،تسويف من خالل المؤتمرات ،ومماطلة في التفسيرات للقرارات والمصطلحات ،وفيتو في المواقف الج ّديّة) فيما هذا األخير يستغ ّل الوقت الممنوح له بمزيد من ّ بحق السوريّين جميعاً، القتل والتدمير والتهجير رغم ذلك ،ولألسف ،نجد من ال يزال يثق بدور هذا المرابي في ح ّل األزمة السوريّة ،رغم مرور أربع سنوات من البرهان الدمويّ اليوميّ ألحد ّ بحق الشعب السوريّ ، أعمدة مثلث اإلج��رام أعتقد أنّ الفرق كبير بين االع��ت��راف بدور للخصم (حقيقة هو عدوّ أصيل ،كنظام) في ح ّل «الخصام» وبين االعتماد عليه (الخصم\العدوّ ) في الح ّل المعنيّ ،فاألوّ ل مسألة واجبة وضروريّة وال يمكن من دونها أن يجد الح ّل طريقه للتنفيذ (نتكلّم عن الحالة السوريّة العيانيّة ،مع ميزان مخت ّل لقوى الثورة ،كما أنّ هذا ما تتطلّبه السياسة في أحد جوانبها) بينما في الحالة الثانية ،سيوصف السلوك بـ»السذاجة القاتلة» للذات وللثورة على ح ّد سواء ،وش ّتان بين من «يدفع» السوريّين إلى جه ّنم ،وإنْ بنيّة طيّبة ليكونوا وقوداً ،وبين من يساهم معهم بأيّ وسيلة عقالنيّة وواقعيّة ،في إطفاء اللهيب الذي يحرق الجميع. فاألمر ال يحتاج لرؤية األشياء كما هي فحسب ،وإ ّنما لتسميتها بأسمائها الحقيقيّة كذلك، تمهيداً للتعامل معها بج ّديّة صادقة وفاعلة، وقضيّة الشعب السوريّ العادلة تستحق ذلك بك ّل ج ّديّة وإخالص لمن ال يزال يحمل اله ّم العا ّم ويؤمن بالمشروع الوطنيّ السوريّ ،من سياسيّين وعسكريّين وجميع ّ منظمات المجتمع المدنيّ على اختالفهم.
مروان حممّد
سياسة الموت جوعاً ..جنوب دمشق ينهار
منذ أكثر من عامين حاولت الكثير من األصوات وتحديداً أصوات من يقع تحت الحصار ،أن ّ تحذر من أنّ استمرار حصار نظام األسد للمدن والبلدات السوريّة المختلفة ستكون خاتمته تآكل تدريجيّ للحاضنة الشعبيّة للثورة من جهة ،وإنهاك لقوى الثورة المسلّحة من جهة ثانية. ورغم ذلك لم يتغيّر شيء على صعيد ردود أفعال ّ الممثلة للشعب السوريّ ،كما المعارضة الرسميّة ّ المنظمات أ ّنه لم نلحظ أيّ ردود أفعال من قبل الدوليّة التي تهتم بالشؤون اإلنسانيّة. يرزح مخيّم اليرموك جنوب العاصمة دمشق وباقي البلدات المحيطة به كـ «يلدا وببيال» وأحياء الحجر األسود والقدم والعسّالي وغيرها ،تحت دام مستمرّ ألكثر من 600يوم ،أجبر حصار ٍ فيه األهالي على أكل لحم الكالب الشاردة وقطط الشوارع ،ومات نتيجة نقص التغذية العشرات من األطفال والنساء وح ّتى من الشبّان اليافعين، منذ عامين على وجه التقريب ،وجنوب العاصمة يقبع في ظالم دامس حيث قطع نظام األسد التيّار الكهربائيّ عن أحياء تع ّد امتداداً ألحياء دمشق الكالسيكيّة كحيّ الميدان الذي ينعم بك ّل متطلّبات الحياة ،ومنذ عامين ال ماء في هذه البقعة من العالم ،والحواجز المنتشرة على جميع المداخل تمنع ح ّتى رغيف الخبز من الدخول إلى المنطقة. صمد األهالي ،وصمد الناشطون ومازالوا
newspaper@allsyrians.org
ك الحصار صامدين ،وسعوا في سبيل ف ّ ّ إلى عقد هدنة مع نظام األسد ،تركز مضمونها على شيء واح��د أساسيّ : السماح بدخول س�ّل�اّ ت اإلغ��اث��ة إلى ال��م��ح��اص��ري��ن ،وفشلت أغ��ل��ب هذه المحاوالت ،واستمرّ ت ق��وّ ات األسد بحصار المنطقة ،م��ع االس��ت��م��رار بإمطارها بالقذائف ليل نهار. موضوع ّياً ،بدأت تتضاءل قدرة األهالي على االستمرار ،وبدأت المؤ ّ شرات تبرز إلى العلن ،حيث قامت مجموعات مختلفة تنتمي إلى مقاتلي المعارضة بتسليم أنفسهم إلى قوّ ات النظام تحت مصطلح «تسوية األوضاع» وهو المرادف اللبق لمصطلح االستسالم ،ولم يكونوا ّ توخي الموضوعيّة، بهذا مخيّرين إذا ما أردنا فالشرط العا ّم الذي يرزح تحته هؤالء المقاتلون كان أقوى من مصطلحات الصمود الفارغة، يقول أحد المقاتلين المرابطين على إحدى جبهات الجنوب :منذ أشهر ال يوجد في بندقيّتي سوى أربع وعشرون طلقة ،وواح��دة أخيرة أتركها في جيب سترتي ،ونأكل وجبة واحدة في اليوم، وننتظر الفرج ،وال فرج يأتي. شهدت بلدات جنوب دمشق خالل األيّام القليلة الماضية اشتباكات عنيفة بين فصائل تابعة للمعارضة سقط على إثرها العديد من الضحايا، وكان الخالف الناشب يدور حول رغبة مقاتلي بلدتي «ببيال ،يلدا ،وبيت سحم» بعقد اتفاقيّة ما مع قوّ ات األسد ،وهو ما اعترضت عليه جبهة النصرة المتواجدة في المنطقة ،فنشبت معارك بين الطرفين اضطرّ ت الجبهة على إثرها إلى سحب مقاتليها من المنطقة ،بيد أنّ ذلك لم يضع ح ّداً لألمر ،حيث فاقم من األجواء المتش ّنجة أصالً «تسليم» مجموعة عسكريّة مؤلّفة من حوالي 60 مقاتالً من المعارضة التابعين لـ «لواء األنفال»
المتواجدين في المنطقة أنفسهم إلى قوّ ات النظام، وهو ما أثار موجة كبيرة من النقاشات الحامية بين الناشطين حول تسمية ما حدث ،خيانة أم خيار كان ال ب ّد منه؟ ولم يتو ّقف األمر عند هذا الح ّد ،حيث وردت أنباء جديدة حول قيام مجموعات أخرى بتسليم أنفسها لقوّ ات النظام ،بينما يسعى الناشطون إلى ك الحصار عقد صفقة ما مع نظام األسد تسمح بف ّ ولو جزئ ّيا ً عن هذه المناطق. ال يش ّكل جنوب العاصمة دمشق حالة استثنائيّة على هذا الصعيد ،فقد سبقته مدينة حمص بذلك، فالمدينة التي شهدت أعنف المعارك في سورية عبر األع��وام الماضية ،تم ّكن نظام األسد من حصار المقاتلين وعائالتهم فيها ،واشت ّد الحصار مع الوقت ،وعانت أحياء حمص ما عانته أحياء جنوب العاصمة دمشق ،وفي نهاية المطاف اضطرّ المقاتلون إلى القبول بصفقة مريرة بطبيعة الحال ،أتاحت لهم االنسحاب بسالحهم من المدينة. هل نجح نظام األسد في قهر المقهورين أصالً؟ وهل نجحت سياسة الحصار التي اعتمدها نظام األسد في كسر شوكة المحاصرين؟ المعطيات على األرض تشير إلى أنّ األهالي ما زالوا صامدين ّ بشق األنفس ،إلاّ أنّ ذلك من الصعب أن ولو يستمرّ ،وتحديداً مع استمرار هذا الحصار الذي يضع فلسفة حقوق اإلنسان وخطابها المنافق حول الديمقراطيّة في سلّة المهمالت. ّ تتحمّل المعارضة الممثلة باالئتالف الوطنيّ لقوى الثورة مسؤوليّة كبيرة حول ما يجري في مدن وأحياء سورية المحاصرة ،كما يتحمّل المجتمع الدوليّ المسؤوليّة األكبر ،حيث سمح ّ بحق لنظام األسد بتنفيذ حكم باإلعدام الجماعيّ اآلالف من المدنيّين على مرأى ومسمع العالم المتم ّدن.
صرب درويش
قراءة سياسية
ثورة يتيمة وحرب إقليمّية أربع سنوات كاملة من الثورة ،التي يعر ّفها التاريخ كلحظات من الغضب الشعبيّ ،لالنقالب على نظام حكم ،لم تكن كذلك في الحالة السوريّة ،بل أضحت وكما يقال اليوم ثورة يتيمة ،فكيف ّ تحط رحالها بعد؟ ومتى يأتي يمكن النظر إلى هذه الثورة التي لم ذلك اليوم الذي تتو ّقف فيه تلك اللحظات الدامية ،لتبدأ مرحلة ما بعد الثورة؟! سواء أنجحت تلك الثورة أم فشلت. بالنظر إلى تلك المتغيّرات التي عصفت بثورات الربيع العربيّ ، الطامحة للخالص من األنظمة الدكتاتوريّة التاريخيّة ،قد يجد المرء بعضا ً من جواب ،لك ّنه وبالنظر لما يجري في العراق وسورية ولبنان واليمن ،قد يجد ما هو أعمق من ذلك الجواب ،فمن النتائج التي ّ تمخضت عن سقوط نظام ص ّدام بعد اجتياحه للكويت ،عبر ّ التدخل المباشر للواليات الم ّتحدة ،كحماية لمصالحها الحيويّة في منطقة الخليج ،الب ّد وأن يكون بروز المكوّ ن الشيعيّ العراقيّ ،كما ّ التدخل اإليرانيّ ، الكرديّ ،شكالً طبيع ّيا ً في الحياة السياسيّة ،لكن وبهدف فرض سيطرة شيعيّة على العراق ،قد أوقع العمليّة السياسيّة الناشئة ،في دائرة جديدة من المظلوميّة ،مساهما ً في انتقالها ،من الجانب الشيعيّ إلى الجانب الس ّنيّ ،وممّا أ ّدى النتشار التطرّ ف الس ّنيّ ،واستقطابه للمجموعات التكفيريّة الس ّنيّة العالميّة ،هذا التطرّ ف الذي وجد في ما فعله ويفعله النظام السوريّ ذو الصبغة ّ بحق المناطق الس ّنيّة ،المناخ المناسب لتعزيز انتشاره العلويّة في ذلك القسم المتاخم للعراق ،معلنا ً عن قيام «داعش» ،وفاتحا ً ّ التدخل اإليرانيّ والميليشيات الشيعيّة بشكل مباشر. الطريق أمام ك بأنّ ما يقوم به التنظيم «الداعشيّ » من عمليّات ذبح الش ّ وتصفية وتهجير للجماعات الدينيّة واألثنيّة المختلفة ،لألكراد واإليزيديّين واألشورّ يين ،وكذلك ألبناء العشائر الس ّنيّة العربيّة الذين لم يبايعوه ،ال ّ يمثل سوى سلوكا ً تكفير ّيا ً واضحاً ،بغضّ النظر عن ك ّل االفتراضات واال ّتهامات المتبادلة بين ك ّل أقطاب التطرّ ف والغلوّ ،في التبعيّة إلسرائيل أو األمريكان أو الغرب ،بالمقابل، فإنّ ممارسات الميليشيات الشيعيّة غير التكفيريّة ،ربّما لم تختلف كثيراً ،سوى في عمليّات التصوير واإلخراج ،كما تدلّل النتائج التي ّ تمخضت عنها حروب حزب هللا في القصير والقلمون ،بإقامة ما يشبه الوالية الخاصّة بالحزب ،على مساحة تعادل نصف مساحة لبنان ،لمناطق أفرغت من س ّكانها بالكامل ،وكما يجري من قبل الميليشيات الشيعيّة المختلفة في معارك درعا والقنيطرة ودمشق وريف حلب. قد يكون لالختالف في المرجعيّات الفقهية ،المعلن عنها في خطابات المجموعات اإلسالميّة المتباينة ،سببا ً في نظرة الكثيرين إلى أولويّة التص ّدي للتنظيمات التكفيريّة الس ّنيّة ،لك ّنه وعلى الرغم من ذلك التمايز ،فإنّ اإلعالن الواضح إلقامة دولة إسالم من نوع خاصّ ،ال تقبل أن تض ّم فوق ترابها سوى مسلمين مح ّددين ،ووفقا ً لقواعد صارمة ،مقابل تبعيّة الميليشيات الشيعيّة المختلفة للوليّ الفقيه بشكل مطلق ،وسعيها إلقامة إمبراطوريّة إيرانيّة ،كما يعبّر العديد من القادة اإليرانيّين بالفعل وبالقول ،قد يتماثل من حيث النتيجة ،في مواجهة الس ّكان المحلّيّين للمناطق التي يدخلها الطرفان، بقطع الرؤوس وحرق المنازل والترويع والتهجير ،أو بطردهم عن بكرة أبيهم ،إذا كانوا مختلفين عنهم في الطائفة والدين. إنّ ما يجري من تلك الحروب المتالحقة في فصولها ،من سورية إلى العراق إلى اليمن ،والتي ته ّدد لبنان بحرب كامنة ،تكشف عن حالة حرب إقليميّة شاملة ،بك ّل ما في الكلمة من معنى ،وإنّ الحديث ّ عن االستعصاء الحاصل في الثورة السوريّة ،كنتيجة للتدخل التركيّ المبعثر لجهود السوريّين في إنجاز والسعوديّ والقطريّ ،بالشكل ِ ثورتهم ،أو كنتيجة لغياب أو ضعف الداعم الحقيقيّ لها ،كثورة يتيمة ،في ظ ّل الدعم الروسيّ واإليرانيّ المطلقين لنظام األسد، لم يعد باأله ّميّة التي كان عليها ،قبل توضّح معالم هذه الحرب، ويبدو أ ّنه من غير المتو ّقع ،ح ّتى بعد ا ّتفاقات باريس والقاهرة، ومهما بلغت ح ّداً عاليا ً من التفاهم والتنسيق ،أن تتم ّكن قوى الثورة من فرض أيّ ح ّل مناسب ،كذلك فإ ّنه وبعد توضّح معالم هذه الحرب ،لم يعد ح ّتى للحديث عن المفاوضات مع نظام األسد تلك األه ّميّة ،مهما كان الح ّل الذي ستخرج به تلك المفاوضات ،فعن أيّ ح ّل يمكن الحديث ،في ظ ّل االحتالالت المتالحقة للتنظيمات الجهاديّة ،بشقيها الس ّنيّ والشيعيّ ،لمناطق أوسع من سورية ،وفي ظ ّل الحرب اإلقليميّة التي تخوضها ،قوّ ات حرس الثوريّ اإليرانيّ والميليشيات التابعة له؟! بهذه المؤ ّ المدركة من الجميع ،قد ال يش ّكل الرضوخ لها شرات َ سوى مزيداً من القهر ،فوق ذلك القهر ،الذي حو ّل ما يقرب من عشرة ماليين سوريّ إلى نازح ومشرّ د قهراً ،قد يكون الطريق للخروج منه طويالً ،والب ّد من متابعة السير فيه ،بدءاً من ضرورة دعم الصامدين على أرض الوطن ،كثوّ ار لتخليص الوطن من ك ّل محتلّيه ،من الطغاة ،ومن التنظيمات المتطرّ فة والميليشيات الطائفيّة ،وكمدنيّين متشبّثين بالبقاء في الحارات والقرى ،غير عابثين بالخوف ،من موت ،أومن انقطاع مسبّبات العيش ،من طعام وماء وكهرباء ،وصوالً إلى االستمرار في الضغط السياسيّ على المجتمع الدوليّ ،إلخراج ك ّل المحتلّين ،وإعادة الوطن ألصحابه الحقيقيّين.
لؤي حاج بكري www.allsyrians.org
قراءات
العدد 27
السنة الثانية
/ 20آذار 2015/
األخالق بين الحرّّية المطلقة والمنع
المرأة نفسها ُتالم تغييب المرأة عن العمل في المشهد السياسيّ والمدنيّ عائد لعوامل كثيرة ،فالمرأة في سورية جزء من مجتمع متخلّف تحكمه سلطة ديكتاتوريّة ،وتتح ّكم بإرادته فئة قليلة منه تربط فعّاليّة ودور أفراده بمصلحتها المحض شخصيّة. يمكننا القول ،إنّ الفرد في مجتمعنا رجالً كان أم امرأة مسلوب اإلرادة ،لكنّ الرجل فيه يمتلك مساحة أكبر للتمرّ د، هذه المساحة منحته إيّاها طبيعته األميل إلى العقالنيّة في التفكير ،وإدراكه األعمق لدوره في المجتمع ،وفارق بين الرجل والمرأة خلقته العادات والتقاليد التي حصرت دور المرأة في التبعيّة له والوقوف خلفه ال بجانبه ،ودور الدين هنا أساسيّ بما أرساه من مفاهيم أجبر فيها المرأة على االكتفاء بأدوار مح ّددة ال يمكنها لعب غيرها ،و قد ولّى الدين الرجل عليها إللزامها بالتقيّد بتلك المفاهيم المعيقة أليّ دور فعّال يم ّكنها من ممارسة حقوقها كإنسان بغضّ النظر عن جنسها. لكن ،لو اكتفينا بهذه األسباب الخارجيّة وألقينا باللوم كلّه ّ عليها ،فسنكون مجحفين بحق نساء لم يرضين ألنفسهنّ التهميش واإلقصاء ،فالمرأة نفسها تالم أيضاً ،إذ نجد الكثيرات مكتفيات -بل ومستمتعات -بالعيش كالفطور تحت ظ ّل الرجل ،متماهيات في شخصيّته ،تاركات له القرارت حسب مزاجه وعقليّته ودرجة وعيه ،متخلّيات عن أدوارهنّ الحقيقيّة ،راضيات بما يلقى إليهنّ من حقوق .فمستوى وعي المرأة لحجمها الحقيقيّ ،وأثرها في المشاركة ببناء المجتمع وإدراكها إلمكانيّاتها المساوية إلمكانيّات الرجل يجعل منها عضواً أساس ّيا ً في أيّ حراك سياسيّ أو مدنيّ يقوم به مجتمعها ،والكثيرات في سورية دفعن أثمانا ً باهظة (شخصيّة ،اجتماعيّة) ليثبتن أحقيّتهنّ بالحضور ،بل والتميّز في العمل ضمن المجالين السياسيّ والمدنيّ ؛ إذاً يقع على المرأة جانب كبير من المسؤوليّة في هذا التغييب.
لورنس
منذ أن يولد الطفل تت ّم تربيته وف��ق قوانين األخ�لاق وقوانين الدين ،وعادة ما تتداخل األخالق مع الدين بحيث يت ّم منع الطفل عن القيام ببعض السلوكيّات من باب الدين واألخالق معاً ،أو يت ّم إلزامه بالقيام بسلوكيّات أخ��رى ،حيث يربّى الطفل ويكبر على كلمتي «عيب» و «ح��رام» ،ولكن في كثير من األحيان ،وفي النواحي ص��ة ،يمكن أن االجتماعيّة خ��ا ّ نرى أنّ قوانين األخالق أقوى من قوانين الدين ،بحيث تتكرّ ر على مسامع الطفل المنع بكلمة العيب أكثر من تكرار كلمة حرام ،وفي أحيان كثيرة يت ّم المنع بكلمة حرام لسلوكيّات ممنوعة «أخالق ّياً» من قبل العائلة ،وذلك كي يكون التخويف أكبر ،فالحرام نتيجته الدخول إلى جه ّنم في نهاية المطاف. ولكن هل بوسعنا طرح س��ؤال ،يتساءل عن أصل األخالق؟ أيّ َمن وضع هذه األخالق وحوّ لها إلى قوانين؟ وكي يكون الحديث أكثر د ّقة يمكننا أن نفصل بين األخالق العامّة واألخالق الخاصّة، فاألخالق العامّة كالسرقة والكذب شبه مرفوضة في كا ّفة المجتمعات مع اختالفات ال ب ّد منها ،ولكنّ األخالق الخاصّة تكون خاصّة بمجتمع معيّن أو بعائلة معيّنة في ح ّد ذاتها. وأو ّد التركيز هنا على األخالق الخاصّة ،فمن وضع تلك األخالق بهذا النحو ،لتتحوّ ل إلى قوانين حازمة وشديدة ومرفوض كسرها أو عدم االلتزام بها؟ يمكن مالحظة أنّ هذه القوانين نابعة من العادات والتقاليد ،فمثالً على األنثى أن تكون خجولة وهادئة ويجب أن تجلس بطريقة معيّنة «أنثويّة» وأن تضحك بصوت خافت وأن تتكلّم بهدوء وألاّ تتل ّفظ بكلمات بذيئة ،فأيّ كسر لهذه القوانين السابقة سينعكس سلبا ً على نظرة اآلخرين لها ،فهي إمّا فاجرة أو مسترجلة أو غيرها من الصفات ،وفي
المقابل ،على الذكر أن يكون قو ّياً ،وال بأس بأن يكون عنيفاً ،ويجب ألاّ يكون خجوالً ،كما يمنع عليه الجلوس بطرق معيّنة ويجب أن تكون طريقة حديثه مختلفة تماما ً عن طريقة حديث الفتاة ،وأيّ كسر للقوانين السابقة يلحقه بتغيّر النظرة تجاهه ،وتلصق به صفات كمخ ّنث أو قليل الرجولة وغيرها ،وهكذا يت ّم تقييد الطفل منذ والدته وفق نموذجات معيّنة تابعة لجنسه ولمكانة عائلته االجتماعيّة والمهنيّة، فيجب أن يتصرّ ف ويسلك سلوكيّات مناسبة للعائلة من كا ّفة النواحي ،وحين يت ّم رفض الطفل لهذه النماذج يت ّم رفضه من العائلة أوّ الً ومن الطبقة التي ينتمي إليها ثانيا ً ومن المجتمع ثالثاً. فما نتيجة هذا التقييد على الطفل؟ ما الذي ينتج عنه نفس ّياً؟ في أحيان كثيرة ت ّم تناول المنع الدينيّ بحيث تنتج عنه ظواهر نفسيّة معيّنة كالكبت أو ر ّد الفعل المعاكس أو غيرها ،وهذا األمر ينتج ليس بسبب أنّ نوع المنع دينيّ وحسب ،بل بسبب المنع بح ّد ذاته وتقييد الحريّة ،واألمر هنا مماثل للمنع الدينيّ ،فالمنع االجتماعيّ الحازم والقاسي باسم األخالق الخاصّة سوف ينتج عنها ظواهر نفسيّة مماثلة ،كالكبت ور ّد الفعل المعاكس ،كما قد ينتج عنه اضطرابات كاملة ،سواء كانت هذه االضطرابات مؤ ّقتة كاالكتئاب واضطرابات المزاج أو اضطرابات
والديمقراطي المرأة والمه ّمشون والدستور العادل ّ
ترافقت نضاالت مجتمعاتنا من أجل الديمقراطيّة مع محاوالت النساء فيها للمشاركة في هذه النضاالت وفي صياغة هذه التحوّ الت التي كانت مرتجاة في أكثر من بلد ،ولكنّ ذلك لم يستمرّ ولم يحصد نتائجه. ففي عام ّ 2005 كثفت الناشطات العراقيّات حركاتها ّ ونظمت ع ّدة نشاطات واعتصامات للضغط من أجل مشاركة النساء في صياغة الدستور الجديد ولم يُج ِد ذلك شيئاً. ومنذ بداية ربيع دمشق حاولت النساء السوريّات المشاركة في الحركة الديموقراطيّة الناشئة، فاصطدمت من جهة بالعرف الذكوريّ السائد ح ّتى في أوساط المعارضة ومن جهة أخرى بقمع النظام. ففي عام 2006مثالً ت ّم منع إحدى عشر امرأة سوريّة من السفر لمجرّ د اصدارهنّ بيانا ً تأسيس ّيا ً لجمعيّة حملت اسم «نساء من أجل الديمقراطيّة» ت ّم قمع هذه الجمعيّة منذ البداية مع أنّ مهمّتها األساسيّة كانت العمل على زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسيّة وفي مراكز صياغة القرار .عندما انطلقت الثورة السوريّة شاركت المرأة فيها على نحو واسع، إلاّ أ ّنها انكفأت في السنتين األخيرتين .وفي مصر ما بعد الثورة استثنيت المرأة من عضويّة لجنة صياغة الدستور.
newspaper@allsyrians.org
3
إنّ عشرات األمثلة المشابهة األخرى في هذه البلدان ،تحكي عن إعاقة مشاركة المرأة في صياغة تحوّ الت تلك المجتمعات؛ ورغم أنّ الوضع الراهن في هذه البلدان الثالثة مازال في حالة صيرورة مفتوحة ،إلاّ أنّ المؤ ّ شرات الحاليّة تفصح عن فشل واضح في بناء مجتمع ديمقراطيّ وعادل فيها. ال أعتقد أ ّننا يمكن أن نعزو فشل بناء الديمقراطيّة في العراق وسورية ومصر لعدم مشاركة المرأة السياسيّة فقط ،وخاصّة في صياغة دساتيرها ،إذ أنّ لهذا الفشل أسبابه الكثيرة والمتشعّبة .ولك ّني أعتقد أ ّنه أحد األسباب األساسيّة لهذا الفشل .سأر ّكز هنا على عالقة الديمقراطيّة بالدستور ولماذا تحتاج صياغته ليس لمشاركة النساء فحسب ،وإ ّنما إلى مشاركة ك ّل الفئات الضعيفة والهامشيّة في أيّ مجتمع. في البدء كانت الغابة ،ولم يكن هناك أيّ قانون سوى قانون القوّ ة .والقويّ يفرض إرادته بقوّ ته وال يحتاج لقانون آخر ،ولكن مع تطوّ ر الجماعات البشريّة وتزايد أنسنتها وصلنا إلى الصيغة الحديثة في تنظيم المجتمعات على أساس الحقوق المتساوية والتي يضمنها العقد االجتماعيّ ،ذلك العقد الذي يتفاوض حوله ويصيغه الفاعلون االجتماعيّون في ك ّل بلد كأسس متوافق عليها ّ تنظم العيش المشترك
فيما بينهم .والمرأة ينبغي أن تكون حاضرة في الصياغة أل ّنها تحتاج إلى هذا العقد االجتماعيّ أي الدستور لضمان حقوقها .ففي الحضارة الذكوريّة السائدة في العالم كلّه تحتاج المرأة إلى قوّ ة القانون إلى جانبها بمواجهة عالقات القوّ ة المصاغة تاريخ ّيا ً لصالح الرجل ،وسوف يحتاج لضمانات الدستور أيضا ً ك� ّل من ال تكون شبكات القوّ ة السائدة في صالحه ،سوف يحتاجه لضمان حقوقه ك ّل من الضعفاء والفقراء واألقلّيّات الدينيّة والطائفيّة واإلثنيّة ،ومشاركة هؤالء المهمّشون/ات في صياغة الدستور هو ما يجعله دستوراً عادالً ،وأيّ صياغة للدستور ال تضمن مشاركة وحماية الضعفاء ،ال يح ّقق الجوهر الذي وجد من أجله ،ويصبح بال مغزى وبال وظيفة وينشأ عن ذلك أمراض اجتماعيّة وسياسيّة مزمنة. تتشارك المرأة مع ك ّل الفئات المهمّشة في المجتمع في أه ّميّة مشاركتها الفعّالة في صياغة الدستور ،ولك ّنها تمتلك سببا ً جوهر ّيا ً آخر وأه ّم من السبب السابق ذكره يؤ ّكد على أه ّميّة مشاركتها، فالمرأة «ليست جنسا ً آخ��راً» حسب سيمون دو بوفوار ،بل هي اإلنسان ذاته .ومفرد اإلنسان ليس رجالً وال امرأة ،بل مفرد اإلنسان هو رجل وامرأة معاً .ولن تكون أي صياغة للدستور عادلة إلاّ إذا تمّت بالتشارك بين مكوّ نيّ اإلنسان بالتعريف. إن التصورات عن الوطن والثقافة والتاريخ هي تصورات مصاغة تاريخيا من قبل المنتصرين والذين يتربعون في المتن ،لذلك يمكن اع��ادة صياغتها بالتشارك الفعليّ مع الفئات المختلفة المهمّشة التي ترى لها المصلحة في ذلك ومنها النساء .وعمليّة التغيير الحاليّة الكبرى التي ينبغي أن تساهم بها النساء وكذلك الهوامش العرقيّة والطبقيّة والجغرافيّة سوف تؤ ّدي إلى كتابة التاريخ على نحو جديد ،وسوف تؤ ّدي كذلك إلى إعادة صياغة ك ّل وطن ودستور وثقافة محلّيّة وتاريخ على نحو عادل وديمقراطيّ .
ناهد بدويّة
مزمنة وقويّة كاضطرابات الشخصيّة المضا ّدة للمجتمع أو القلقة أو التجنبيّة أو االعتماديّة وغيرها. ور ّب��م��ا أنّ المشكلة هنا تنبع من الرفض الكامل أليّ كسر في القوانين األخالقيّة تلك ،وتكرار النقد والتوجيه ،واشتراط االلتزام بهذه القوانين بالقبول للطفل. هل ما يسبق يعني أنّ ترك الحريّة المطلقة للطفل بك ّل التصرّ فات دون مساعدة من األسرة سوف ينتج عنه شخصيّات سويّة نفس ّيا ً خالية من االضطرابات؟ قد يختلف الكثيرون في اإلجابة على هذا السؤال ،فبين مؤيّد لفكرة الحريّة المطلقة وبين معارض لها ،ولكن وفقا ً للرأي الشخصيّ هنا ،المشكلة ال تكمن بالمنع بح ّد ذاته ،بل تكمن بما ينتج من ر ّدات فعل من قبل األسرة خاصّة في حال رفض الطفل االلتزام بهذه القوانين ،فالنقد المتكرّ ر وعدم تقبّل األسرة للطفل والعقاب الشديد والقاسي والعنف سواء كان لفظيّ أو جسديّ هي المشكلة في ح ّد ذاتها ،من الطبيعيّ أن يقوم األهل بتربية الطفل وفقا ً ألخالقيّات معيّنة يرونها صحيحة ج ّداً ،ولكن طريقة هذه التربية هي المهمّة هنا ،وهي الحاسمة ح ّقا ً في مستقبل الطفل النفسيّ ،وإذا أردت أن يكون طفلك سو ّيا ً نفس ّيا ً في حياته عليك أن تدرك أن تقبّلك غير المشروط هو األساس لهذه الصحّ ة ،وهذا ال يعني الدالل الزائد له ،بل إدراك طفلك لفكرة أ ّنك تحبّه سواء أكان ملتزما ً بقوانينك األخالقيّة الخاصّة، أو كانت له قوانين أخالقيّة خاصّة به متميّزة عن تلك التي لديك ،فتقليل النقد الدائم وتحويله إلى نقاش وإلغاء العقاب وتحويله إلى القبول بقيام تجارب وخبرات خاصّة به وتقبّله وحبّه كيفما كان ،هي األمور التي تزيد من احتماليّة الصحّ ة النفسيّة عنده.
ريم احلاج
فاعالت في صياغة العقد ال نستطيع القول إنّ الحركة النسويّة ما صاغت خطابا ً ديمقراط ّياً ،ففي الواقع ك��ان هناك ع��دد من الحركات والمبادرات والتجمّعات النسويّة ،ح ّتى قبل الثورة ،عملت جاهدة على صياغة ووضع أسس نظريّة متكاملة حول كيفيّة جندرة القوانين وطرق مشاركة المرأة في كا ّفة محاور العمل السياسيّ والمدنيّ .العديد من هذه الحركات عملت على وضع برامج عمل لتطبيق رؤيتهنّ وآرائهنّ في المجتمع وعملت جاهدة -وال تزال -على المحافظة على مواقعها ودورها الفاعل؛ أمّا هل استطاعت ،ح ّتى اآلن ،أخذ دورها بشكل كامل ودون معوقات؟ الجواب ،بالطبع ال .وذلك ليس بسبب عدم ج ّديتها أو كفاءتها، بل ألسباب تتعلّق باالستبداد السياسيّ واالجتماعيّ والدينيّ . وإلزالة هذا االستبداد الب ّد من العمل المتواصل والغير ملول جنبا ً إلى جنب بين النساء المؤمنات بطاقاتهنّ وقدراتهنّ وبين الذكور المؤمنين والداعمين لفكرة المشاركة والمقتنعين بأه ّميّة دور المرأة وضرورته إلنجاح أيّ عمل سياسيّ ومدنيّ .وأعتقد أنّ ما وصلت إليه الحال في سورية -ليس بما يخصّ المرأة فقط بل بما يخصّ جميع مكوّ نات المجتمع يجب أن يكون عابراً وأش ّدد على كلمة (يجب) إذ أرى أ ّنهعلينا أن نكون مقتنعين بضرورة العمل والوعي الشديد تجاه ما يحدث ويكون هدفنا جعله عابراً .فما يحدث اليوم وما وصلت سورية إليه ال يشبه وال ينسجم مع المجتمع السوريّ المتنوّ ع الخلفيّات الثقافيّة والدينيّة والقوميّة التي كانت على تعايش مع بعضها خالل عقود من الزمن ،أمّا إمكانيّة تجاوزه فيجب أن تكون من خالل العمل الدؤوب والجا ّد والصادق. وأرى أنّ صـياغة فعل جماعيّ إلقامة «دولــة ديمقراطيّة» يت ّم الوصول عبرها إلى عقد اجتماعيّ وسياسيّ جديد دون أن تكون المرأة العبا ً رئيس ّيا ً فيه أمر غير ممكن؛ فال يمكن صياغة عقد اجتماعيّ وسياسيّ دون أن يكون ناقصا ً إن لم تكن النساء من مكوّ ناته األساسيّة ،ولتكون النساء مكوّ نا ً أساس ّيا ً ال ب ّد من التشاركيّة في ك ّل خطوة با ّتجاه صياغة هذا العقد من البداية وح ّتى إقراره. ّ والمنظمات النسويّة في اإلستمرار هنا ،يكمن دور النساء بالنضال من أجل إيصال أصواتهنّ وآرائهنّ لك ّل محفل أو جهة معنيّة بالتخطيط والعمل لوضع هذا العقد ،والعمل ليكنّ أساسا ً في مكوّ ناته واالستمرار باالحتجاج واالعتراض على أيّة خطوة ال يكنّ فاعالت أو مأخوذة بعين االعتبار آرائهنّ ومطالبهنّ فيها.
كفاح علي ديب www.allsyrians.org
4
السنة الثانية
العدد 27
/ 20آذار 2015/
تحقيقات
طلاّ ب سورّيون فرحون في «قزلتبّه»!
قلّما رأينا طلاّ با ً سوريّين فرحين في المدارس السوريّة في تركيا لكثرة ما يعانونه من نقص في الكتب ،وقلّة في عدد وا ّتساع الصفوف ،وكلفة كبيرة في المواصالت ،أمّا هنا في «قزلتبّه» وهي مدينة تابعة لمحافظة «ماردين» التركيّة ،وتبعد ع ّنها خمسة وعشرين كيلو متراً وتقع مقابل مدينة الدرباسيّة السوريّة ،فقد شاهدنا عكس ذلك تماماً .فعندما وصلنا إلى المدرسة رأينا الطلاّ ب فرحين بمجيء مجموعة من المعلّمين من تركيا وقد أتوا بألبسة شتويّة متنوّ عة للطلاّ ب! آراء اّ الطلب وأوليائهم قبل ك ّل شيء التقينا بوالدة أحد الطلاّ ب وثالثة من الطالبات حيث أفادونا باآلتي: والدة أحد الطلاّ ب وهي السيّدة بيمان محمّد علي من رأس العين (سري كانيه) قالت :ابني في الصفّ الثالث ،وال توجد مشاكل ال في المواصالت وال بالنسبة للكتب. الطالبة جيالن شيخ موس من عامودا قالت كذلك :أنا في الصفّ الرابع ال توجد مشاكل واألمور تسير بشكل جيّد حيث المواصالت مؤمّنة ،وكذلك الكتب وأريد العودة للوطن أل ّني ال أحبّ الغربة. ّ المزة ،أيضا ً قالت: نور الهدى محمّد من دمشق –
أنا في الصفّ السابع ال توجد مشاكل والكتب مؤمّنة ونحن مرتاحون والحمد هلل ال أريد العودة على الوطن حيث ال يوجد عمل وعائلتنا كبيرة. فاطمة طاهر من رأس العين (سري كانيه) لم يختلف رأيها عن زميالتها فقد قالت :أنا في الصفّ السادس وال أعاني من مشاكل في المدرسة ،آتي للمدرسة مشيا ً ألنّ المدرسة قريبة ،ومدرستي جميلة وأحبّها ،لك ّني أريد العودة إلى الوطن وال أحبّ الغربة. ماذا تقول اإلدارة؟ توجّ هنا لإلدارة لنستطلع رأي األستاذ محيي الدين أوغلو ،وهو تركيّ الجنسيّة ،مدير مدرسة البنيان ،وقد ت ّم تعيينه من قبل جمعيّة شفق التركيّة، فأفادنا بما يلي :لقد ت ّم افتتاح المدرسة في 2013/10/1 وعدد الطلاّ ب يتجاوز السبعمائة طالب وعدد المعلّمين
ّ موظفين وهم لدينا تسعة عشر معلّما ً وثالثة المدير ومعاونه وأمين السرّ ،كان هنالك مشكلة تأمين روات��ب المعلّمين ،واآلن قائمقام «قزلتبه» ومديرية التربية تك ّفال بذلك ،أمّا الكتب فهي متو ّفرة وال يوجد مشكلة بخصوص تأمين الكتب وبالنسبة للمراحل الدراسيّة الموجودة في المدرسة فهي من الصفّ األوّ ل إلى الصفّ العاشر بإستثناء الصف الثامن ألنّ المدرسة صغيرة وال تحتمل أعداداً أكبر من الطلاّ ب ،ولكن في الفصل الثاني سوف يكون هناك صفّ ثامن بعد دمج شعبتين من الصفّ السابع مع بعضهما البعض ،أمّا المواصالت فقد تك ّفل القائمقام هنا بتأمينها ،حيث يدفع أجور باصات نقل الطلاّ ب من وإلى المدرسة لبيوتهم بأمان ،و تحتوي المدرسة على دوامين صباحيّ ومسائيّ . ألبسة لدفء الطلاّ ب
بعد ذلك التقينا بأحد المعلّمين األتراك الذين جلبوا األلبسة وأدخلوا الفرحة إلى قلوب الطلاّ ب فح ّدثنا قائالً: اسمي عمر علي أتايسش وأنا معلّم في مدرسة بريف «قزلتبه» تواصلت مع أصحاب الخير في إسطنبول ألجل مساعدة الطلاّ ب السوريّين فوصلني 880قطعة من ألبسة وأحذية وقبّعات ول ّفاحات ،فأتيت مع سبعة معلّمين آخرين وقمنا بتوزيعها على الطلاّ ب؛ السوريّون إخوتنا وحدث لهم ما حدث لسيّدنا محمّد (ص) عندما هاجر وساعده األنصار ،والشيء الذي قمنا به قليل قياسا ً لما يعانيه طلاّ بنا السوريّون ،وك ّل هذا امتحان لنا الختبار إنسانيّتنا وديننا ،وما نقوم به أق ّل شيء يجب تقديمه لهؤالء الصغار الذين يستح ّقون أكثر ،وإن شاء هللا ستكون األيّام القادمة أفضل ونستطيع خدمة إخوتنا السوريّين ومساعدتهم أكثر ونشكر من أدخل الفرحة إلى قلوب هؤالء الطلاّ ب. بقليل من اإلنسان ّية نحصد الفرحة ما قام به هؤالء المعلّمون من جلب األلبسة وإدخال الفرحة لقلوب الطلاّ ب أمر جميل ،فلو قامت الجمعيّات السوريّة التي تش ّكلت في تركيا بما قام به هؤالء ما ك ّنا رأينا طالبا ً واحداً يرتجف في هذا الشتاء الذي أضاف إلى معاناة السوريّين معانا ًة أخرى.
احملامي علي كولو
سورّيون وأطفالهم ...على قارعة الطريق
«هللا ال يو ّفق اللي كان السبب» بهذه الجملة بدأت «فريدة» حديثها ونحن نقترب منها« ،فريدة» قادمة من حيّ الصاخور بحلب ،أ ّم لخمسة أطفال أكبرهم ال يتجاوز 15عاماً ،فقدت زوجها وال يوجد لديها أيّة معلومات عنه ،تقول :خرج لعمله كالعادة ولم يرجع، بحثت عنه كثيراً بدون فائدة ،لقد مضى على اختفائه أكثر من سنة ،لك ّنني لم أفقد األمل وأنتظر عودته. سنوات األلم ُتح ّدثنا فريدة قائلة :بعد القصف المستمرّ لم نجد طريقا ً إلاّ الهروب ،عانينا الكثير من المصاعب ح ّتى وصولنا إلى تركيا ،وبعد أن وصلنا إلى «غ��ازي عنتاب» وجدنا أنفسنا مرميّين على الطريق بدون مأوى وهذا حالنا منذ 20يوماً ،نجلس من الصباح هنا أمام هذا المنزل أنا واألطفال وعند المساء ندخل إلى ذلك المكان الخرب لننام فيه ،وتضيف اضطررت إلرسال األوالد
newspaper@allsyrians.org
األربعة للبحث عن أيّ عمل مهما كان شا ّقاً ،ح ّدثتنا األ ّم عن صعوبة ما تعرّ ضت له مع أطفالها خالل األربع سنوات الماضية ،عن ألم التشرّ د والنزوح من مكان آلخر وعن صعوبة تأمين مكان يقيها وأطفالها برد الشتاء وحرّ الصيف ،وعن األمراض المزمنة التي أصيبت بها من روماتيزم وتسرّ ع في القلب. مرام ،الطفلة الصغرى التي ال يتجاوز عمرها 5 سنوات تختبئ خلف أمّها وتنظر إلينا بنظرات كلّها استغراب ،مرام الطفلة السوريّة التي شوّ ه التشرّ د مالمح طفولتها البريئة الغضّة. وخ ّيم الصمت بعد وصول األطفال األربعة الواحد تلو اآلخر، واجتماع األسرة ،أتيح لنا الحديث معهم واالستماع لرغباتهم وأمانيهم. رامي ذو 15عاماً ،يح ّدثنا قائالً :اليوم استطعت أنا وأخوتي جمع الكثير من العبوّ ات البالستيكيّة الفارغة ،وسنشتري بثمنها خبزاً والقليل من الخضر ،ويضيف إ ّنني حزين ج� ّداً أل ّنني ال أستطيع الحصول على عمل أساعد به والدتي وأشتري لها الدواء ،ما نريده أنا وأخوتي هو أن نجد عمالً ونسكن بيتا ً ح ّتى لو كان «خرابة مهجورة» ،وعند سؤالنا له عمّا كان يعمل في سورية قبل نزوحهم ،وهل ارتاد المدرسة أم ال؟ أجاب :أ ّنه لم يتابع دراسته بسبب ما يتعرّ ض له الحيّ من قصف ،وأنه فضّل العمل على الدراسة لكسب لقمة العيش ،وأضاف :كنت أعمل
أنا وأخي األصغر في ورشة تصليح للسيّارات وك ّنا نتقاضى أجرنا ك ّل أسبوع ،هنا يتجرّ أ بشير األخ األصغر ذو 11عاما ً ليكمل الحديث الذي تو ّقف عنده رامي فيقول« :كان ع ّنا بيت وفرش ننام عليها ..بس القصف ما خالنا نضل ببيتنا ..أنا كنت بحبّ مدرستي كتير» ،وهنا نتوجّ ه له بالسؤال ،ولماذا تركت الدراسة؟ يجيب بشير: «أل ّنو ما خلّو مدرسة وما قصفوها» ،أمّا الطفلة مها التي تبلغ من العمر 13عاما ً فكانت خجولة ولم تتكلّم أيّة كلمة ح ّتى عندما حاولنا سؤالها عمّا إذا كانت ترغب بالعودة إلى مقاعد الدراسة ،فاقتصرت إجابتها بأن أومأت برأسها بنعم ،في هذه اللحظات خيّم صمت في المكان كسرته تنهدات األم فريدة «إيه هللا يفرجها علينا يا بنيّتي» ،هنا توجّ هنا للطفلة منال 9أعوام بسؤالنا فيما إذا كانت ترغب بالدراسة ،فأجابت« :أنا
ما سجّ لت بالمدرسة وما تعلّمت القراءة وما بعرف شو يعني اتعلّم». إلى من يه ّمه األمر ث ّم توجّ هنا لأل ّم بسؤالنا لها عمّا إذا كانت سمعت بالحكومة المؤ ّقتة؟ وهل تحصل على مساعدات من ّ منظمات اإلغاثة؟ كانت إجابتها :أنا ال أعرف عن أيّة حكومة تتح ّدثون فلم أسمع أبداً عنها وإ ّنما هناك مكان ذهبنا إليه وأعطونا سلّة غذائيّة فقط ،ح ّتى أ ّنني أريد أن أذهب إلى الطبيب ولك ّني أستطيع ،آمل الحصول على أيّ عمل نستطيع به أن نأخذ بيتا ً ونرتاح من الجلوس على الرصيف فالحال التي نحن عليها ال يمكن لمخلوق أن يحتملها. فريدة وأطفالها الخمسة ليست الوحيدة التي تعاني، وليست المشرّ دة الوحيدة أيضا ً فمثلها كثر من األمّهات السوريّات اللواتي فقدن ك ّل ما يحتاجه اإلنسان من حاجات أساسيّة من مسكن وملبس ،فريدة تحلم كما جميع األمّهات بإرسال أطفالها إلى المدرسة ،تحلم بعمل تستطيع به تأمين لقمة أطفالها لتحميهم من التشرّ د والتسوّ ل. وهنا نتوجّ ه إلى من يهمّه األمر بأ ّننا نحن السوريّين إذا لم نم ّد يد العون ونتساعد في إيجاد الح ّل وتأمين فرص العمل لهكذا حاالت فلن نستطيع أن نجد الحلول لقضايا كثيرة ،علينا البدء من األساس والعمل على جميع الصعد من أد ّقها إلى أعقدها.
فلك اخلالد
www.allsyrians.org
ملف العدد
حوار العدد مع ب ّسام القوّتلي ،مواطن سور ّي عاش يف كندا إىل حني إندالع الثورة السوريّة يف ،٢٠١١اختصاص ّي قانون هجرة ،درس املاجستري يف حقل حتليل وإدارة النزاعات .مل يرتدّد يف خّ اتاذ موقف صريح وواضح إىل جانب الثورة السوريّة .انض ّم إىل ين السور ّي يف مؤمتره األوّل وانسحب منه الحقاً اجمللس الوط ّ يف .٢٠١٣عمل لفرتة قصرية كمدير ملشاريع السلم األهل ّي والقضاء والشرطة يف وحدة تنسيق الدعم ومن ث ّم آثر العمل مع اجملتمع املدن ّي بعيداً عن مؤ ّسسات املعارضة. في سعيها لفتح فضاءات الحوار السوريّ التقت صحيفة «كلّنا سوريّون» مع األستاذ بسّام القوّ تلي وكان هذا الحوار: األول للمجلس كنتم عضواً في المؤتمر • ّ الوطني السوري نهاية ،2011أين المجلس الوطني ّ ّ ّ ّ اليوم؟ ومن يمثل الثورة بعد مرور أربع سنوات؟ انضممت إلى المجلس الوطنيّ السوريّ في أوّ ل توسعة له قبل المؤتمر األوّ ل .كانت تجربة جديدة للكثيرين من ّ المنظم، جيلي الذين إنخرطوا حديثا ً في العمل السياسيّ لألسف لم يستغرقنا الكثير من الوقت لنكتشف تخندق بعض القوى السياسية وشيوخ المعارضة في مناصبهم الجديدة وكيف أ ّنهم ينظرون إلينا كـ (ديكور) إلضفاء الشرعيّة عليهم. قمنا بالكثير من المحاوالت للتواصل وترسيخ أسس العمل الجماعيّ ،ولألسف كلّها باءت بالفشل. بالنسبة لوضع المجلس الوطنيّ اليوم ،فلك ّل شيء في التاريخ مرحلته ،ومرحلة المجلس الوطنيّ قد إنتهت، أي أنّ التاريخ قد تجاوزه أل ّنه لم يتم ّكن من ترسيخ
العدد 27
/ 20آذار 2015/
السنة الثانية
بسام الق ّوتلي ّ
موقعه والقيام بالدور المطلوب منه .وحتى نكون عادلين ،فهنالك عوامل خارجيّة نضيفها إلى مشاكل المجلس الداخليّة قد تسبّبت بانتهاء دور المجلس. بالنسبة للشعب ال��س��وريّ فهو ال يشكي م��ن قلّة ّ الممثلين وإ ّنما من كثرتهم ،وقلّة منهم تحمل هموم الشعب السوريّ .ما نعاني منه حال ّيا ً هو صراع بين إيديولوجيّات ومصالح مختلفة ت ّدعي كلّها تمثيل الشعب السوريّ .لك ّنني واثق من أنّ هنالك جيالً جديداً يبدو أكثر إستعداداً لتق ّدم الصفوف والعمل بطرق أكثر عصريّة وواقعيّة مع هموم هذا الشعب.
ّ مدني ث ّم تضمحلّ، منظمات مجتمع تنشط • ّ بسام؟ وكيف تنظرون إلى أه ّم ّية دورها؟ لماذا أستاذ ّ المجتمع المدنيّ السوريّ حُرم من أداء دوره وخنق صوته ألكثر من خمسين سنة ،ولذلك فمن الطبيعيّ بعد رفع الكمامة عنه أن يبدأ بصرخة كبيرة وأن تتحوّ ل هذه الصرخة تدريج ّيا ً إلى كلمات مفهومة .هذا ما يحصل حال ّياً ،فقد بدأت الصرخة بتش ّكل مئات ّ منظمات المجتمع المدنيّ ،وتدريج ّيا ً إختفى بعضها أل ّنه لم يش ّكل أكثر من ضجيج وبدأ بعضها اآلخر بالتعاون والعمل المشترك لتشكيل كلمات مفهومة يمكن اإلستفادة منها في حوار جديد. ّ منظمات المجتمع المدنيّ ليست بديالً عن الدولة واألح��زاب والعسكر ولك ّنها جزء مه ّم وضروري لتحقيق التوازن في أيّ مجتمع. ّ منظمات المجتمع المدنيّ مضطرّ ة حال ّيا ً لألسف ،فإنّ ألنّ تعمل في توفير الغذاء والدواء والماء والكهرباء
وكلّها وظائف يجب أن تقوم بها الحكومات، ّ منظمات المجتمع المدنيّ فعل ّيا ً لكنّ دور هو الرقابة على الحكومات وحماية حقوق المواطن والتأثير في السياسات .تدريج ّيا ً نرى أ ّنها قد بدأت بلعب دورها الطبيعيّ رغم ك ّل الصعوبات التي تواجهها. ي��رى البعض أنّ الحكومة • السور ّية المؤ ّقتة لم تقدّ م ،بل ّ أخرت ،ما هو تقييمكم ألدائها؟ ل�لأس��ف ،غلبت ص��راع��ات ال��س��ل��ط��ة ع��ل��ى ن��ش��اط��ات ال��ح��ك��وم��ة ال��س��ور ّي��ة المؤقتة وتدريج ّيا ً ّ تمثل أص��ب��ح��ت ل���ون���ا ً واح�����داً عاجزاً عن تقديم أيّ ش��يء مفيد للشعب السوريّ . إلى اآلن نرى أنّ الحكومة المؤ ّقتة قد استنسخت شكل النظام السوريّ في التوظيف والعمل واألداء .المجتمع الدوليّ أيضا ً لم يلعب دوراً إيجاب ّيا ً في دعم الحكومة للقيام بعملها ،أو في الضغط عليها لتوضيف الكفاءات التي يحتاجها العمل .فشل الحكومة كان مناسبا ً للمجتمع الدوليّ الذي ال يريد مواجهة مسؤوليّاته في سورية، ّ يتدخل بشكل إيجابيّ . ولذلك فهو لم هنالك اقتراحات عديدة لتشكيل «أجسام • انتقال ّية» باالشتراك بين «معارضة ومواالة» وهنالك
5
م��ب��ادرات ول��ق��اءات مختلفة ،هل توجد إمكان ّية إلج��راء ح��وار مع النظام؟ الحوار مع النظام هو كحوار فتاة مغتصبة مع من قام بإغتصابها. أيّ ح��وار حال ّيا ً هو حوار يهدف للحفاظ على النظام وبشكله الحاليّ مع بعض التعديالت ال��ش��ك��ل��يّ��ة. ال�����ن�����ظ�����ام مستع ّد لتسليم ال���ح���ك���وم���ة لجسم انتقاليّ على أن يحافظ على األجهزة األمنيّة والجيش ف��ي ي���ده ،ممّا يعني أ ّنه يستطيع أن يحمي نفسه ويحمي مصالحه السياسيّة واالقتصاديّة بينما تلعب الحكومة االنتقاليّة دور الواجهة للنظام ح ّتى ّ تغطي على سرقاته وفساده. هذا شبيه بما يحصل في بعض األنظمة الملكيّة التي تحافظ على السلطات الرئيسيّة في القصر الملكيّ ، بينما تسمح بتشكيل برلمانات يستطيع الملك حلّها في أيّة لحظة عندما ال تقوم بالمطلوب منها. القوتلي ،شكراً جزيالً. • بسام ّ أستاذ ّ
حاوره ّ بشار فستق
س ْي ُل «بيان الحليب» َ
مع األيّام األولى للثورة السوريّة ،وتحديداً في 28آذار 2011و ّقعت مجموعة من الك ّتاب والصحفيّين بيانا ً أطلق عليه اسم «بيان الحليب» أو تحت سقف الوطن، جاء فيه: ث التي نعي ُ شها في بلدنا سورية «بنا ًء على األح��دا ِ ّ بإيصال صوتِنا إلى أهلنا مؤخراً وانطالقا ً من رغبتنا ِ داخل الوطن وخارجه ،وحرصا ً م ّنا على وحد ِة البال ِد دور منطق الحكم ِة ب وسالم ِة مواطنيها ،وتغلي ِ ِ ِ وتفعيل ِ ب باتجا ِه حال ِة ردو ِد األفعال ،نعلنُ العقل وعدم الذها ِ ِ ِ نحنُ كمجموع ٍة من الفنانين موقفنا مما يجري من أحداث. ً األسر ببالغ العزا ِء ألنفسنا كسوريّين ولك ِّل بداية نتقد ُم ِ ِ التي فقدت أحداً من أبنائها ممّن سقطوا شهداء في هذه ث المؤسفةِ ،وعليه فإ ّننا ندعو إلعالن حدا ٍد األح��دا ِ أرواح أيام في عموم سوريا على وطنيّ لم ّدة ثالث ِة ٍ ِ شهدائنا في محافظة درع��ا وباقي محافظات بلدنا الحبيب ،كما ونطالب بمحاسبة ك ّل من تسبّب في إراق ِة تلك الدماء الغالية وكشف المالبسات التي أ ّدت إلى هذه االضطرابات بشفافيّة تامّة. كما ونعلنُ عن تأييدنا ألي حراكٍ سلميٍّ يح ّق ُق كرام َة وح��رّ ّي��ة ورف��ع مستوى معيشة المواطن السوريّ التحريض أشكال شكل من أي ونعارضُ وبش ّد ٍة َ ِ ٍ ِ َ من والتجييش الذي من شأنه أن يأخذ البالدَ إلى حال ٍة َ الفوضى والخراب والدمار مؤ ّكدين أنّ تقديرنا بالغ لمستوى الوعي الكبير الذي أظهره الشار ُع السوريّ ِ بك ّل فئاته وأطيافه. ت اإلصالح ّي َة التي اُعلن عنها إ ّننا نشي ُد ونثمّنُ الخطوا ِ ّ ِبل القياد ِة السياس ّي ِة ونؤ ّك ُد على ضرور ِة مؤخراً من ق ِ وإتمام ما بُدء من إصالحات سواء اإلسراع في تنفيذها ِ ِ المتعلّقة باإلصالح السياسيّ واالقتصاديّ واالجتماعيّ ، كإيقاف العمل بقانون الطوارئ ورفع مستوى معيشة المواطن ومحاربة الفساد وإط�لاق سراح السجناء ب السياسيّين ومعتقلي الرأي وإصدار قانون األحزا ِ الحوار الوطنيّ الحرِّ وفتح باب ِتفعيل التواصل ل ِ ِ ِ جسور الثق ِة بين المواطن والش ّفاف إلع��اد ِة بنا ِء ِ
newspaper@allsyrians.org
ومؤسساته. ّ ّ بما أنَّ الفنَّ هو المحصلة الحضاريّة لألمّة فإننا كفنانين سوريّين ندر ُ ك أنَّ ك ّل ما ح ّققناه ما هو إلاّ انعكاس صادق لحال ِة مجتمعنا الذي ننتمي إليه ونحن ملتزمون ومعنيّون بك ّل ما يح ّقق آماله وتطلّعاته وأحالمه َ تحت سقفِ الوطن. وطموحاتِه المشروع ِة الموقعون: النوري ،باسم بسام كوسا ،عباس ّ ريما فليحانّ ، عساف، ياخور ،فؤاد حميرة ،نضال سيجري ،رشيد ّ لحام ،رافي وهبي ،عابد فهد، باسل خ ّياط ،دريد ّ حجو ،سيف الدين طاهر ماملي ،جمال سليمان ،الليث ّ سبيعي ،أيمن زيدان ،فادي صبيح ،صفوان داحول، حكمت داوود ،شكران مرتجى ،مح ّمد حداقي ،أمل عرفة ،مح ّمد الشيخ نجيب ،عبد المنعم عمايري، سمير كويفاتي ،ميادة بسيليس ،قيس الشيخ نجيب، حجو ،نجيب نصير ،أحمد عبد الحكيم قطيفان ،عمر ّ اّ معل ،سالفة معمار ،يارا صبري ،منى واصف ،رامي ح ّناّ ، عزة البحرة ،ثائر موسى... وعلى الفور بدأت حملة ض ّد من و ّقعوا ،جعلت بعضهم يُصدر بيانا ً معاكسا ً لبيان الحليب؛ ولكنّ البعض اآلخر آثر أن يكون سور ّيا ً حقيق ّياً ،فكتب المخرج السوريّ ثائر موسى:
بلغ السيل الزبى
«…..القصّة بدأت بعد أن نشرت مقالتي بعنوان (ماذا ستقولون ألوالدك��م يا أيّها األب��واق الصدئة) والتي تح ّدثت فيها عن التضليل اإلعالميّ الذي مارسته بعض الشخصيّات اإلعالميّة السوريّة ،وكذلك قنوات اإلعالم الرسميّ فيما يخصّ حادثة قرية البيضا… منذ ّ عزة البحرة، ذلك الوقت انهالت علي وعلى زوجتي التي نشرت مقالتي أيضا على صفحتها ،مجموعة من الرسائل والتهديدات ..رسائل تحتوي من الكالم البذيء و قلّة األدب ما يندى له الجبين ..وتهديدات «ألطفها» يبدأ برفع دعوى قضائيّة عليّ بتهمة إثارة الفتنة؟؟؟!!! ويصل البعض منها إلى التهديد باألذى والوعيد بالثأر الدموي..
قرّ رت أن ال أر ّد بعد ذلك على أحد ،ولكن ما حدث بعد «بيان الحليب» عن أطفال درعا ،والذي و ّقعت عليه ضمن مجموعة من المث ّقفين السوريّين من كتاب وف ّنانين وصحفيّين وآخرين ..حملة مسعورة ت ّم ش ّنها ليس فقط من بعض وسائل اإلعالم ،وإ ّنما أيضا ً من ف ّنانين وف ّنانات ،وصلت لهجة البعض منهم في كيل اال ّتهامات إلى درجة من االبتذال المخزي ،ودرجة من العدائيّة غير المسبوقة ،ما يجعلك مذهوال لك ّم الشرّ الموجود في قلوبهم ،وأؤ ّكد هنا على الشرّ ،فالموضوع يتع ّدى االختالف بالرأي ،ليصل إلى شرّ متأصّل في نفوس البعض من هذه األصوات ،التي تكاد تقترب من المطالبة بمحاكمة « الخونة»؟؟!!! أصوات تمضي في غيّها ،فال تكتفي بمصادرة الوطن لنفسها ،بل تنتقل للحديث عن العيب ،متجاهلة أنّ ذلك مردود عليهم ،فالعيب هو تخوين اآلخر أل ّنك مختلف معه بالرأي ..والعيب هو استعداء الحكومة والشعب واألرض والسماء على أناس و ّقعوا على بيان أنت غير موافق عليه ..والعيب أن تطلب من اآلخر أن يقول ما تراه أنت صحيحاً ،أو فليخرس؟؟؟!!! ما هذه األلفاظ ،وما هذا المنطق في إقصاء اآلخر؟؟؟!!! هل يصدر مثل ه��ذا الكالم المنكر عن ف ّنان أم جلاّ د؟؟؟!!! هل أنتم الحاكمون بأمر هللا في هذا البلد ح ّتى تكمون األفواه؟؟!!! هل هذه هي القاعدة التي سينطلق منها الحوار في بلد يعيش أزمة تتطلّب الحوار بين أبنائه؟؟؟!!!…. في ك ّل األحوال ،أنا لن أنصّب نفسي متكلّما ً باسم أحد من المو ّقعين ،وسأكتب ّ ممثالً لشخصي فقط ،وذلك كي ال يُخلق انطباع الحرب بين جهتين ،وعليه فإ ّني أقول التالي :نعم ،تعاطفت مع أطفال درعا ،الذين وعلى مدى س ّتة أيّام ،لم يتفضّل أيّ مسؤول في الحكومة ،وال أيّة وسيلة إعالميّة سوريّة ،بإعطائنا أيّ خبر عنهم ،بل كانت ك ّل األخبار تتح ّدث عن «إحكام الجيش لقبضته في تطويق مدينة درعا» وعن مالحقته «لعصابات منتشرة في مختلف أنحاء المدينة» ،وكانت تلك
األخبار تتح ّدث إمّا عن «اعتقاالت لمخربين» ،أو «شهداء للجيش» ..وهكذا في ذلك الجوّ الحربيّ ،الذي لم تتح ّدث عن غيره وسائل إعالمنا السوريّة ،فإ ّني كمواطن سوريّ شعرت بالقلق والتعاطف مع أولئك األطفال من بلدي ،ومن درعا بالتحديد ،تلك المدينة التي -كما أقول دائما ً -ندين لها بك ّل ما وصلنا اليوم إليه من حراك سياسيّ واجتماعيّ ..نعم ،تعاطفت معهم ولست نادما ً على ذلك ..تعاطفت مع أطفال درعا كما تعاطفت من قبلهم مع أهالي شهداء الجيش في نوى، وكما تعاطفت مع أهالي ك ّل سوريّ سالت دماؤه على أرض هذا الوطن الحبيب… فهل في هذا التعاطف مع األطفال ما يعيبني؟؟؟ أال تخجلون من نفوسكم أنتم الذين تخونونني أل ّني وقفت في لحظة منادياً ،مع الذين و ّقعوا ،لالنتباه إلى ذلك الطرف الضعيف في ساحة من الرصاص المتبادل ،واألجواء المليئة بالتو ّتر والمجهول؟؟؟!!! أترك الجواب لكم ،مع نفوسكم ،ومع ضميركم … أمّا عن ضميري ،فإ ّني مرتاح لما فعلت ،ومتأ ّكد أ ّننا بتعاطفنا مع أطفال درعا ،لم نقترف ذنباً ،ولم نرتكب جريمة ،وبالتأكيد فإ ّننا لم نخن وطننا… في الختام أقول لكم ،أرى – ويا لشديد أسفي – أنّ الحوار لغة مفقودة في بلدي ،وأن تخوين اآلخر أسهل عليكم من شربة ماء… أنتم جعلتموني أتي ّقن بأنّ ما كنت أعوّ ل عليه من خطاب حضاريّ بين أهل بلدي ،ما هو إلاّ وهم خدعني… ، ال سامحكم هللا على ما تقترفون من تجييش للسوريّ ض ّد أخيه السوريّ … ملعون ك ّل من يروّ ج للكراهية بين أبناء بلدي.. ومادام الحديث عن األطفال ،فالب ّد لي من القول :إ ّني أرثي لحال أوالدك��م الذين سيربون مع تلك القلوب الكالحة ،وتلك النفوس المنخورة بالكره… وأرثي ألرواحكم التي تتآكل بحقدها ،وتعيش عمرها رفيقة الضغينة ،وتموت وهي ال تعرف للحبّ مطرحاً ،فالحبّ والشيطان ال يلتقيان ،وأنتم قد بعتم روحكم للشيطان.. 5أيّار »2011 هيئة التحرير
www.allsyrians.org
6
السنة الثانية
العدد 27
/ 20آذار 2015/
ملف العدد
تأ ّمالت في الثورة السورّية
في لحظة تأمّل لما وصلت إليه سورية من خراب وقتل وتشريد واعتقال بيد العصابة األسديّة وبأسلحة دفع ثمنها من عرق السوريّين ،وعلى حساب جوعهم ومن قوت أبنائهم بذريعة المقاومة والممانعة الكاذبة للعدوّ الصهيونيّ الذي لم تطلق ولو طلقة واحدة منذ اتفاقيّة فضّ االشتباك عام ،1974رغم أنّ سورية أرضا ً وجوّ اً كانت مستباحة من إسرائيل ولمرّ ات عديدة ،وال ت أبداً ،وإذ بهذه من ر ّد سوى االحتفاظ به لوقت لم يأ ِ األسلحة المك ّدسة مهمّتها الدفاع عن العائلة األسديّة، ووجهتها صدور السوريّين ،ويطول بنا التأمّل لنقف على ما آلت إليه األمور من دخول «حالش» وبقيّة األذرع اإليرانيّة ،و»داعش» والجماعات المتطرّ فة األخ��رى ،وتحوّ ل سورية إلى ساحة صراع يتقاتل داخلها العالم بالوكالة وبالدم السوريّ ،سورية التي كان العالم يتصارع عليها ،مسلسل التأمّل فرض علينا القهقرى والعودة إلى الماضي الذي أوصل الطاغية األبّ إلى السلطة في سورية. إنّ نكسة حزيران عام 1967والتي هُزم فيها الجيش السوريّ ،ويتحمّل المسؤوليّة آنذاك حافظ األسد كونه وزير الدفاع حينها ،فبدالً من أن يستقيل أو يُقال حوفظ عليه بدواعي الرفاقيّة ،رغم المطالبات الكثيرة من داخل الحزب التي كانت تطلب ذلك ،ما ش ّكل حافزاً عند األسد للتفكير بالسلطة والتخلّص من رفاقه وحرق ورقة اإلدانة التي يمتلكونها ض ّده. ودخل البعث بصراعات داخليّة بين الجناح المدنيّ بقيادة(جديد) وبين الجناح العسكريّ بقيادة (األسد) وراح نتيجة الصراع اللواء عبد الكريم الجنديّ ،وقد استغ ّل األسد أخطاء القيادة السابقة الكثيرة ،والتي لم يكن أقلّها نرجسيّتهم وتعاليهم على الشعب والقوى السياسيّة ،والتي م ّنوا عليها بشعار لقاء القوى التقدميّة والذي لم يترجم على أرض الواقع بشيء يُذكر. تم ّكن األسد من التواصل مع األح��زاب السياسيّة ومع رموز البرجوازيّة التقليديّة ورجال الدين وضمن تأييد المجتمع ،كما تواصل مع مجموعة محمّد عمران ومسؤول التنظيم العسكريّ التابع للقيادة اليمنيّة القابعة في العراق ،وتم ّكن من إيداع رفاق األمس في السجن وإعالن سيطرته على السلطة بانقالب عسكريّ أسمّاه «الحركة التصحيحيّة». وبدأ منذ تولّيه السلطة العمل على إرساء قواعد سلطته ،فأصدر دستوراً جديداً ،وش ّكل ما تسمّى الجبهة الوطنيّة التقدميّة إلعطاء بريق ديمقراطيّ ينس العمل على فرط مراكز القوى كاذب لسلطته ،ولم َ داخل الجيش ومركزتها بيده ،لذلك قام باغتيال اللواء محمّد عمران عام 1971لتبقى مجموعته بدون رأس، ويتم ّكن األسد من الهيمنة عليها وفرطها ،وقد تم ّكن من ذلك عن طريق اإلفساد للبعض واإلبعاد للبعض اآلخر كسفراء في الخارج وتسريح اآلخرين ووضعهم مواز في البيوت بما يشبه اإلقامة الجبريّة ،في سياق ٍ عمل على تفكيك األحزاب ،عبر تفخيخها بعمالء له، كما لم يسمح بظهور أيّة نبتة سياسيّة جديدة وانتشارها، وذل��ك عبر المالحقة األمنيّة وز ّج عناصرها في السجون ،ويبدو أ ّنه أخلى الساحة من القوى الوطنيّة والديمقراطيّة واليساريّة ،وضمن ربط البورجوازيّة بسلطته وإلحاق المؤسّسة الدينيّة به ،استجرّ الطليعة المسلّحة ،الذراع العسكريّ لإلخوان المسلمين إلى معركة غير متكافئة تم ّكن من القضاء عليهم ،بعد أن هدم قسما ً كبيراً من حماة التي وصل عدد ضحاياها إلى ما يقارب ال 40000قتيل أغلبهم من المدنيّين والذين ال ناقة لهم وال جمل وكذا فعل في المشارقة بحلب
وجسر الشغور في إدلب ،ليُطبق على سورية برمّتها من خالل ما جرى ويدخل الشعب السوريّ في نفق الخوف المظلم لهول ما رأى ،فلم يعد أحد يجرؤ على الكالم ،واألمن في الشوارع خوفا ً من تهمة االنتماء لإلخوان وبالتالي اإلعدام وإن كان غير مسلم ،ولتأييد سلطته أطلق العنان لقيادات األمن والجيش والحزب ومديري المؤسّسات وشركات قطاع الدولة الستباحة هذا القطاع وسرقته وتجيره لمصالحهم ،وظهرت طبقة جديدة سمّاها البعض البرجوازيّة البيروقراطيّة ،تم ّكنت من فرض شراكات على التقليديّة ولصالح األولى، وأمسكت بالمفاتيح االقتصاديّة الداخليّة والخارجيّة وخاصّة االستيراد والتصدير ،وبذلك أصبحت تملك السلطة والمال والفساد ضرب أطنابه في ك ّل مفاصل الدولة والمجتمع ،وكأنّ النظام يريد من الجميع أن يتلوّ ث في الفساد لكي يصبحوا مدانين تحت الطلب، وال يتم ّكنوا من الحديث في الشأن العا ّم والوقوف في وجه األخطاء واإلفقار الممنهج على قدم وساق بهدف إلهاء الناس بتدبير لقمة العيش ،دون أن يخاف من تمرّ د أو هبة جماهيريّة ألنّ الساحة السياسيّة مصحّ رة والثقافيّة منهارة ممّا نتج عنه تجهيل الناس ،وال ه ّم لجبهة النظام سوى التطبيل والتزمير والتنادي لدراسة واستلهام خطبة األسد وأخذ العبر والدروس منها.
ف��س��وري��ة دول��ة أم��ن � ّي��ة بامتياز، وانهيار اقتصاديّ معبّراً عنه بالبطالة المتفاقمة وبتراجع م��ع�� ّدالت النموّ ، ّ التضخم وزي���ادة وم��ا ي��راف��ق ذلك من غالء األسعار، أيّ ال��ب�لاد دخلت في ركود تا ّم على المستوى السياسيّ والثقافيّ واالقتصاديّ ،لذلك عندما توفي األسد ،لم يتم ّكن أحد من قول ال للوارث الجديد ،و ُع ّدل الدستور ليتناسب مع س ّنه ،وقد كان ب ّ شار األسد أمينا ً على السير على ُخطى والده ،وحريصا ً على عدم خسارة المزرعة التي ورثها ،ولم يغيّر ،إلاّ قليالً في الحرس ك في عدم والئهم له وبقيت البالد تعيش القديم ممّن ش ّ بقبضة أمنيّة شديدة وركود اقتصاديّ لمستوى الركود العا ّم ،الذي أصبح عائقاً ،بل خانقا ً أليّ نقاش جديد ّ يؤ ّدي إلى تحريك عجلة التق ّدم المعطلة ،ممّا يعني أنّ الظروف الموضوعيّة النتفاضة تكسر حائط الجمود وتدير العجلة المتو ّقفة جاهزة إلاّ أّن فقدان العنصر ّ والمتمثل بعدم وجود معارضة سياسيّة ذات ثقل الذاتيّ جماهيريّ هو الذي ّ أخر الثورة. أتى الربيع العربيّ ليش ّكل تعويضا ً عن فقدان العنصر الذاتيّ وليش ّكل تماهي الشعب السوريّ مع هذا الربيع وانتصاره ألطفال درعا «بو عزيزي» سورية المن ّكل بهم لخربشات كتبوها على الجدران ،ولم يتم ّكن النظام من استيعابها لش ّدة غطرسته وقناعته بقوّ ته األمنيّة، وبدأت المظاهرات تنتشر كبقعة الزيت لتع ّم أرجاء سورية ،ولم يكن من خيار أمام النظام الفاشيّ سوى الر ّد بالرصاص الحيّ ،لمعرفته أنّ طبيعته البنيويّة ال تسمح له بتقديم أيّ إصالح ألنّ تلبية رغبات المتظاهرين ستكون على حساب سلطته ،وقد كان الر ّد قاسيا ً بقدر ما كان مفاجئاً ،حيث النظام اليائس وقياداته األمنيّة كانوا يظ ّنون أ ّنه لن يجرؤ أحد للقيام بوجه النظام بعد الذي فعلوه بهذا الشعب من إفقار وفساد وقبضة أمنيّة
فوضى الحرّّية!
أن ي ّتسع به الجميع، وإل���ى ج��ان��ب ذل��ك هناك الرأي الواحد واإلع��ل��ام ال��واح��د والموقف الواحد ،إلى آخر هذه الواحديّة التي يسعى من خاللها ك ّل حاكم مستب ّد ،ليتبوّ أ مكانة إلهيّة ترفعه عن مستوى البشر ،الذي لم يعد يُرضي كبريائه.
فما أن خرج السوريّون إلى الشوارع ،وملؤوا الميادين ،معبّرين عن تمرّ دهم على مالءة األسد ،ح ّتى بدأت الساحات المختلفة تشهد والدة التع ّدديّة السوريّة، كأه ّم معطى من معطيات ثورة مدنيّة تتوق لحياة تعاش بألوان الطيف كلّها. خمسون عاما ً حكمها األسد (األب واالبن) بالحديد والنار ،انهارت لحظة ما قرّ ر السوريّون أن يك ّفوا عن «الطاعة» وأن يتركوا دورهم كأتباع ،معلنين التمرّ د، ومنتقلين إلى دور الفاعل ،الذي يحلم ويطمح ،ويسعى ألن يرى الواقع الذي يريد. خمسون عاما ً عجافا ً حكمها آل األسد وفق منطق شموليّ ،يفرض حزبا ً واحداً ،قائداً للدولة ،وأبا ً للمجتمع، ولونا ً واحداً يتلوّ ن به ك ّل سوريّ ،وقالبا ً أوحداً يجب
newspaper@allsyrians.org
فكانت الساحة الميدانيّة أوّ ل من شهد ذلك التع ّدد ،من خالل ظهور عشرات ،بل مئات التنسيقيّات التي كانت ّ للتوزع الجغرافيّ ،والتي عبرّ ت كذلك عن تتبع بداية ّ تنوّ ع المنسّقين والمنظمين للحراك السلميّ ،إذ لم تشهد حراكات الثورة ّ منظما ً رئيسا ً أو قائداً واحداً ،بل عجّ ت الساحات بألوف النشطاء من الشباب الدؤوبين الذين ق ّدم ك ّل واحد منهم منحىً تنظيم ّياً ،ال ي ّتفق بالضرورة يعن ذلك اختالفا ً معيقا ً لصيرورة الحراك مع غيره ،ولم ِ وتطوّ ره ،بل أفرز حالة تنوّ عيّة عجائبيّة ،دفعت بعض
شديدة.
إلاّ أنّ الشعب الذي خرج إلى الشوارع صمّم على عدم الرجوع إلى أن يت ّم تلبية مطالبه اإلصالحيّة، والنظام يتصاعد بالقمع والمظاهرات تتوسّع وتنتشر بالتوازي ،وحاول النظام جاهداً للضغط على الناس عبر مزيد من القتل ،ألن يحملوا السالح لقتله أمام العالم والذي مارسه منذ الوهلة األولى ،وبعد بروز ظاهرة االنشقاق في الجيش من قبل عناصر لم يقبلوا إطالق النار على شعبهم ،ووصول الناس إلى قناعة من أنّ النظام السوريّ عصيّ على اإلصالح ،كان ال ب ّد من رفع شعار إسقاط النظام وحمل السالح فقط من المنش ّقين دفاعا ً عن المتظاهرين السلميّين ،تزامن ذلك مع إخراج النظام لجماعات دينيّة من السجون ،خبر عقولهم بأ ّنها مسكونة بهوس السالح ،وأ ّنها من حيث ال تدري ستساعده إلى مبتغاه وتسليح الثورة ،وكان له ما أراد ،وانتقلت الثورة إلى طورها المسلّح ،ليزيد النظام من عمليّات القتل والتدمير واالعتقال بحجّ ة أ ّنه يقاتل مجموعات إرهابيّة متطرّ فة ،وخصوصا ً من اعتبر نفسه صديقا ً للشعب السوري وعلى رأسهم أمريكا ال يفعلون شيئا ً يذكر سوى التصريح والتنديد وإعطاء فرصة للطاغية الصغير لمزيد من القتل والتدمير وتخريب ال��ب��ن��ى التحتيّة لسورية وإعادتها ل��ل��وراء عشرات السنين تعويضا ً ع���ن خ��س��ارت��ه��ا النظام الذي حمى ح���دوده���ا ألك��ث��ر من أربعة عقود، ول��ي��س أد ّل على ذل��ك م��ن نقطتين أوّ ل��ه��م��ا زي���ارة السفير األمريكيّ ال��س��اب��ق لسورية إلى حماه في إحدى جمعها ورؤية الشعب الحمويّ وقد استقبله بالزهور وقد خرج عن بكرة أبيه إلى الشوارع وشعاراته تطفح بالوطنيّة والحرّ يّة والكرامة والعدالة االجتماعيّة ووحدة الشعب السوريّ والالءات الثالثة ّ للتدخل األجنبيّ » ،ممّا «ال للطائفيّة ،ال للعنف ،ال يرض السيّد فورد وإدارته ،وتركوا األسد ليعيث لم ِ فساداً في سورية ويعبث بمكوّ ناتها االجتماعيّة ويوسّع الشروخ الطائفيّة ،ويستغ ّل الطائفة العلويّة بإخافتها من المكوّ ن الكبير ،ممّا لم يتم ّكن والده من فعله ويستجلب ّ شذاذ اآلفاق والطائفيّين من ك ّل بقاع األرض ليدافعوا عنه ويزيدوا توسيع الهوّ ة ويخلقوا المناخ لظهور طائفيّين بالجهة المقابلة ،بما يحرف الثورة عن أهدافها وهذا ما حصل ،وثانيهما الطريقة التي تعامل بها األمريكان مع مجزرة الكيماويّ في الغوطتين والتي راح ضحيّتها أكثر من 1500شهيد أكثرهم من األطفال والنساء ،فقد أسبلوا العصا التي رفعوها لمجرّ د تسليم النظام سالحه الكيماويّ مغضّين الطرف عن ضرورة معاقبته ،ما يعني من األولى أنّ األمريكان ال يريدون إسقاط النظام وأن يستلم الشعب السوريّ مق ّدراته بيده، بل يريدون تهديم سورية وحرف الثورة عن مسارها وزرع الطائفيّة بعدها يمكن التفكير في مصير األسد، وفي الثانية يتضح نفس السياق في تخليص سورية من ترسانة يمكن أن تكون قوّ ة بيد الشعب بعد األسد لقد بقي ّ ومتلطين خلف الموقف الروسيّ ، األمريكان متر ّددين ّ التدخل اإليرانيّ من خالل حزب هللا ويصمتون على وغيره تعميقا ً للشرخ الطائفيّ ،واستنزافا ً إليران وحزب هللا وربطا ً محكما ً لألزمة السوريّة بالملفّ اإليرانيّ ، المف ّكرين للتعبير عن مظاهرات الثورة السوريّة بأ ّنها «أجمل ثورة راقصة في التاريخ». ث ّم ما لبثت الساحة اإلعالميّة أن شهدت والدة صفحات متع ّددة على شبكات التواصل االجتماعيّ ، تهت ّم بنقل الخبر ورصد الحدث أوّ الً بأوّ ل ،ك ّل وفق سياسته ومحرّ ريه ،لتتبعها بعد ذلك ظاهرة أه ّم ،وهي انطالق الصحف والمجلاّ ت السوريّة المعارضة لنظام الحكم ،والتي تجاوز عددها المائة مطبوعة، تزخر بش ّتى اآلراء والتوجّ هات ،الدينيّة والسياسيّة واالجتماعيّة والفكريّة ،ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ،محاولة التعبير عن تع ّدد آراء السوريّين واختالف قراءاتهم ،وتحاول إيصال مختلف أصواتهم تجاه ما يجري. ويمكن للمراقب أن يالحظ الفرق بين قراءة الصحف والجرائد السوريّة الرسميّة والتي لن يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة ،وال تض ّم في نهاية المطاف سوى الرأي عينه ،والموقف ذاته ،بصياغات مختلفة، وبين تص ّفح الجرائد والصحف المعارضة ،ليجدها غنيّة باآلراء المختلفة ،حول ش ّتى المواضيع ،والتي يساهم ك ّل منها بإكمال جزء من «الصورة السوريّة» التي باتت اليوم أشبه بلوحة «بزل» ،ال يمكن إكمالها
ممّا يعني أ ّنهم يرغبون بصفقة إقليميّة ير ّتبون فيها وضع اإلقليم بعد االتفاق مع إيران ،بعد إجبار الجميع على التوحّ د في محاربة اإلرهاب وخاصّة بعد ظهور «داعش» والتي تقتضي باعتقادي إلى ضرورة التخلّي عن األسد لصالح توليفة طائفيّة عرقيّة في سورية والعراق ،وتفرّ غ الجميع لمحاربة «داعش» وأخواتها وبغضّ النظر إن كانت «داعش» مخترقة من قبل النظام أم ال ،إلاّ أّنها في السياق العا ّم تعمل لصالح نظام األسد والمالكي وإن كانت تقاتل ،حيث المسألة ال تكمن بقتالها واالنبهار بعمليّاتها الذي يوقع البعض في خطأ التقدير ،ويغضّ النظر إلى مشروعها الهادم لألوطان والمحرّ ف لألديان وإن ك ّنا سنخصّ «داعش» بمقالة إلاّ أّننا ال ب ّد أن نشير إلى مسؤوليّة قيادة المعارضة السوريّة لما وصلت إليه األمور «االئتالف والمجلس ّ ومتوزعين إلى الوطنيّ » من قبله كانوا متشرذمين شلل ،وك ّل شلّة مرتبطة بإحدى الدول اإلقليميّة أو العالميّة لتدعمها ممّا ّ يعزز االنقسام والصمت على ما تقوم به هذه الدول خدمة ألهدافها ،لذلك صمت االئتالف عن التفرّ خ السرطانيّ للمجموعات الدينيّة المسلّحة ،وتأسيس لهيئاتها ومحاكمها الشرعيّة تأسيسا ً لدولة دينيّة لم تكن موجودة بمخيّلة السوريّين عند بدء انتفاضتهم وصمتوا طويالً على «داعش» وأخواتها، ممّا ساهم في حرف الثورة وظهور أمراء حرب وفساد في المجموعات المسلّحة ولم يتم ّكنوا من توحيد الجهد السياسيّ والعسكريّ وفقدوا قرارهم الوطنيّ ممّا قلّل من هيبتهم واحترام العالم لهم ،وجعلهم رهينة الدول تؤثر فيهم دون أن ّ اإلقليميّة والعالميّة ّ يؤثروا بها، ويجبروها على تقديم الدعم الالزم ،ما يتطلّب على المستوى الرسميّ الضغط على االئتالف ،ألنّ تجمّع ك ّل الشلل بيوضها وتضعها في سلّة الثورة السوريّة، ليتم ّكنوا من تحرير قرارهم الوطنيّ والعمل على هيكلة الجيش الحرّ وتحويله إلى جيش وطنيّ حرّ ينضوي تحت لوائه ك ّل المقاتلين بعيداً عن األولى وبعقيدة مثاليّة أساسها إسقاط النظام والمحافظة على وحدة التراب والشعب السوريّ وعدم االلتزام بأيّ سلطة كانت مستقبالً تطلب منه توجيه سالحه إلى الشعب ،ما يتطلّب اآلن إصدار ميثاق شرف يحرّ م الد ّم السوريّ على السوريّ بعد سقوط النظام ،ويُلزم الجميع بقبول الدولة المدنيّة التع ّدديّة الديمقراطيّة، وابتعاد الجيش على السياسة وإقرار الجميع بتسليم السالح لمن ال يريدون البقاء في صفوف الجيش، وقطع الطريق على بقاء ظاهرة أمراء الحرب وشيوع السالح ممّا ينذر بمخاطر نحن بغنى عنها مع ضرورة االنتباه إلى الجانب اإلعالميّ وتقويته بهدف نشر الوعي الديمقراطيّ في صفوف المواطنين السلميّين والمسلّحين لنردم الشروخ الطائفيّة التي حفرها النظام وساعده من هم في ص ّفه ،وقد يحتاج ذلك إصدار منشورات وكراريس وقضائيّة تعمل بهذا االتجاه، بغية رفع سويّة وعي شعبنا الذي مورس عليه سياسة تجهيل استفادت منه بعض الجماعات المتخلّفة داخل الثورة ،ولتم ّكن من تشكيل ضفيرة قزحيّة اجتماعيّة من الشعب السوريّ ومن ك ّل المكوّ نات واألعراق يصعب اختراقها ويعمل فيها المواطنون كتفا ً بكتف لبناء سورية ،ونحمي السلم األهليّ ونترك العدالة االنتقاليّة لتأخذ مجراها في محاسبة ك ّل المسيئين لهذا الشعب ومن ك ّل الجهات مبعدين شبح االنزالق إلى أعمال ثأريّة أو انتقاميّة بعيداً عن القانون .ونحن بدورنا علينا أن ندعو ألوسع تجمّع سوريّ ديمقراطيّ رجاالً ونساء كي نساهم في تحقيق ك ّل ما سبق ،هذه هي التح ّديات، فهل يفعل االئتالف ما عليه؟ وهل نفعل ما علينا؟ .. حسني أمارة هذا هو السؤال.
دون الحرص على وجود جميع األجزاء األخرى. ّ التشظي في الحالة العسكريّة وامتالء الساحة وح ّتى بعشرات األلوية والتشكيالت المقاتلة ،وهو ما يثير نوعا ً من الشكاوى واألحاديث التي باتت متكرّ رة عن ّ وشق الصفّ ،يعبّر في مستوى من مستوياته االنقسام عن تنوّ ع اآلراء والتوجّ هات ،في أساليب القتال وأولويّاته ،طالما بقي هذا االختالف والتنوّ ع في المدى المقبول والذي تسمح به الحالة الميدانيّة. لقد دفنت سياسة اللون الواحد التي انتهجها نظام األسد ،مئات األل��وان السوريّة التي كان يمكن لها أن تظهر ،وأن تتف ّتق عن حياة أكثر تع ّددية وأكثر خصوبة ،ح ّتى اعتاد العقل السوريّ على ذلك ،وبات يعتبر التع ّدديّة ،اإلعالميّة واالجتماعيّة والسياسيّة، نوعا ً من الفوضى ،التي تضرّ بسير العمل وتقلّل من جدواه على أرض الواقع ،ويذكر البعض لذلك أحداثا ً ودالالت تؤيّد نظرته تلك ،لكن ما يجب العمل عليه هنا ،هو دعم روح وثقافة التعاون ،في العمل على الخطوط العريضة التي ت ّتفق حولها معظم التيارات، كح ّل لما ينتج عن التع ّددية في الرؤى والمناهج من مشكالت ،ال أن يكون الح ّل إعادة دفن الحالة التع ّددية إلنجاز المطلوب. طريف العتيق
www.allsyrians.org
ملف العدد
العدد 27
/ 20آذار 2015/
7
السنة الثانية
بياناتهم من أجل عامها الخامس
في الذكرى الرابعة النطالق الثورة ،أصدرت العديد من القوى السياس ّية السور ّية بيانات ح ّللت -من وجهة نظرها -أسباب ما آلت إليه أحوال الثورة، وقرأت ما يجري على الساحة المح ّل ّية واإلقليم ّية والدول ّية ،وطرح البعض رؤيته للحل ّ والخروج من السوري يرزح تحتها، المأساة التي ما زال الشعب ّ وهو يلج عامه الخامس في خض ّمها.
االئتالف الوط ّ ين لقوى الثورة واملعارضة السوريّة أصدر االئتالف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السوريّة بيانا ً صحف ّيا ً أ ّكد فيه على أنّ عزيمة الشعب السوريّ بقيت كما هي بعد انقضاء أربعة أعوام من عمر ثورته لتحقيق حلمه في نيل الحرّ يّة والكرامة ،كما لم تتغيّر لغة النظام بالقتل والتدمير وارتكاب المزيد من الجرائم .وأشار االئتالف في بيانه إلى أنّ الثورة تدخل عامها الخامس بما يزيد عن 220ألف شهيد، ومثلهم من المعتقلين الرازحين في األقبية المظلمة، وماليين المشرّ دين في المخيّمات ودول اللجوء .وقال البيان إنّ تحوّ الت كثيرة حصلت أهمّها أنّ الثورة باتت «معركة تحرير ض ّد محت ّل أجنبيّ بعد سقوط النظام فعل ّياً» وأنّ النظام عجز عن كبح إرادة الشعب بكا ّفة أدوات الترسانة العسكريّة التي دفع ضريبتها الشعب السوريّ بعرق جبينه للدفاع عن وحدة البالد. ورأى االئتالف في بيانه أنّ األجدر بالسوريّين أن يوحدوا جهودهم ويتعاونوا مع قيادتهم ليصوبوا مسيرتهم ويعملوا معها على تأسيس سورية الجديدة، كدولة للعدل والحرّ يّات ،وأن يشاركوا جميع المكوّ نات في بناء نهضتها وتفعيل مؤسّساتها في إطار «مجتمع تع ّددي ال تجاوز لسلطة فيها على أخرى وجيش حياديّ تجاه جميع التيّارات والمكوّ نات يؤمّن حماية البالد واستقرارها». ّ ولخص البيان مطالب وأهداف الثورة إليجاد الح ّل وضمانه بقوله « إنّ إسقاط رأس النظام وجهازه األمنيّ من أيّ ح ّل سياسيّ مستقبليّ هو مطلب رئيسيّ للثورة كما هو هدف أساسيّ في أيّ عمليّة تفاوضيّة ،والعمل من أجل تقوية الجيش الحرّ ومأسسته ليحمي المواطنين ويكون نواة لجيش سورية الحرّ ة هو الضامن لنجاح الح ّل الذي يقود البالد إلى المرحلة االنتقاليّة ».ونبّه أيضا ً إلى أنّ محاوالت تعديل مطلب الثورة عن هدف إسقاط النظام الحاليّ وزجّ ها في مسار الحوار معه أثبتت فشلها برفض الشعب السوريّ لها وإصراره على تحقيق هدفه المعلن في إسقاط النظام ،كما أشار إلى أنّ باب الحوار مفتوح مع ك ّل من يريد أن يض ّم جهوده إلى االئتالف لتحقيق أه��داف الثورة .وفيما يخصّ المبادرات أ ّكد على أنّ «أيّ مبادرة إقليميّة أو ّ الست للمبعوث دوليّة يجب أن تهدف إلى تطبيق النقاط الدوليّ كوفي أنان والقرارات الدوليّة الصادرة في هذا اإلطار».
هيئة التنسيق الوطنيّة لقوى التغيّري الدميقراط ّي
أمّا المكتب اإلعالميّ في هيئة التنسيق الوطنيّة لقوى التغيّير الديمقراطيّ فأصدر بيانا ً بهذه المناسبة ،تميّز عمّا ورد في بيان االئتالف رغم اللقاءات والحوارات بين الطرفين ،فقد عنونت الهيئة بيانها بالجملة التالية: بمناسبة الذكرى الرابعة النطالق «االنتفاضة الكبرى» للشعب السوريّ .ولم تذكر مفردة «ثورة» خالل البيان. وقد توجّ ه البيان إلى «جماهير شعبنا السوريّ وقواه الوطنيّة» ورأت الهيئة أنّ مسعى النظام إلى الر ّد العنيف التقى مع «أطراف من المعارضة تؤمن باستخدام العنف ومستع ّدة له ،معتقدة أ ّنه سيوصلها إلى السلطة بأسرع وقت» وأضاف البيان مساويا ً بين السلطة وقسم من المعارضة ،أنّ إصرار السلطة ،وقسم من المعارضة ،على العنف المسلّح حوّ ل الشوارع واألحياء الشعبيّة إلى ساحات مواجهة واقتتال ودمار رهيب ،ممّا أوقع مئات اآلالف من الضحايا األبرياء، وشرد الماليين من أبناء شعبنا. وذ ّكرت الهيئة بأ ّنها كانت ض ّد العنف وض ّد عسكرة ّ وحذرت من نتائج ذلك .ونادت الهيئة «االنتفاضة»، السوريّين والسوريّات لكي يعملوا على إيقاف «الحرب المجنونة» وأنّ الوضع المأساوي الذي يمرّ فيه شعبنا وبلدنا يتطلّب م ّنا جميعا ً العمل بك ّل الجهد الممكن
newspaper@allsyrians.org
إليقافها ،أل ّنها – أي هذه الحرب -تتف ّكك فيها «الروابط الوطنيّة» واالجتماعيّة ،وأّنه ال يوجد طريق للخروج من هذه األزمة الكارثيّة سوى «حل سياسي» ،وأنّ ٍ ّ «أوهام االنتصار» في الصراع المسلح لن تؤ ّدي مهما طال الصراع إلاّ لمزيد من الضحايا والدمار. ونوّ ه البيان إلى أه ّميّة «المؤتمر الوطنيّ للمعارضة السوريّة الذي يجري االستعداد والتحضير لعقده في نيسان القادم في العاصمة المصريّة القاهرة».
األمانة العامّة إلعالن دمشق للتغيري الوط ّ ين الدميقراط ّي
كما أصدرت األمانة العامّة إلعالن دمشق بيانا ً في هذه الذكرى رأت فيه أنّ الوقوف عند ذكرى الثورة هو « الستخالص الدروس ومراجعة األخطاء والمطبّات، واستشراف سبل النجاح وتحقيق أهداف الثورة في الحرّ يّة والكرامة ».وأنّ «استمرارية الثورة» تد ّل على صحّ ة انطالقتها العفويّة ،وصحّ ة الشعارات التي رفعتها .وكشف البيان ما فعله النظام لتفرقة المجتمع السوريّ وتشتيت قواه بالعنف واإلرهاب والتهجير. وقال البيان :لم يعد هذا النظام قابالً إلعادة التأهيل بعد أن «فقد قراره لصالح داعميه اإليرانيّين» ّ وحذر بيان إعالن دمشق من أنّ « الغرب يتجاهل حقيقة أنّ هذا الصراع الدمويّ الدائر إذا لم يتو ّقف ،فإنّ تداعياته ستطيح باستقرار المنطقة برمتها». وق��ال :إنّ سورية أصبحت محتلّة فعل ّيا ً من قبل إيران وتوابعها ،وأصبح الحرس الثوريّ اإليرانيّ قائداً للمعارك التي تدور على مختلف الجبهات ،في الشمال والجنوب بشكل ّ مكثف ،كما بات يفاوض ويقرّ الهدن المحلّيّة في أكثر من منطقة ،ويفاوض على تبادل األسرى .لقد فقد النظام قراره السياسيّ والعسكري بشكل كامل ،وغابت عن خطابه اإلعالميّ معزوفات السيادة وسلّم قياده لإليرانيّين بعد أن أنهكت قواه ،بعدما زج الجيش السوري في مواجهة دمويّة مع شعبه. وأورد بيان إعالن دمشق أنّ الح ّل السياسيّ «وفقا ً للصيغة التي اعتمدها المجتمع الدولي في جنيف 1 وجنيف ».2وأنّ ّ خطة «دي ميستورا» «ولدت ميتة الفتقارها إلى اآلليّات والشموليّة والمنطقيّة». وفي ختام بيان األمانة العامّة إلعالن دمشق للتغيير الوطنيّ الديمقراطيّ ،طالب قوى الثورة والمعارضة «أن تتجاوز خالفاتها وتش ّتتها وأن توحّ د مواقفها».
اتحّ اد الدميقراطيّني السوريّني
في بيان صدر عن ا ّتحاد الديمقراطيّين السوريّين في الذكرى الرابعة النطالق الثورة السورية ،الحظ البيان «فتوراً واضحا ً في نشاطات الجاليات المؤيّدة للثورة في بلدان االغتراب مقارنة بالسنين الماضية» وأعاد ذلك إلى ع ّدة أسباب ذكر أهمّها برأيه :تخاذل العالم الغربيّ والعربيّ في نصرة الثورة السوريّة ،ممّا خلق نوع من اإلحباط لدى العديد من الشباب الثائر في المهجر وأصبح يرى أن جهده يذهب سدى. وكذلك ساهم فتور وسائل اإلعالم العربيّة والغربيّة من ناحية الثورة ،وعدم إعطاء الحراك الثوريّ في الداخل والخارج ح ّقه على وسائل اإلعالم خفف حجم التضامن الشعبيّ الغربيّ والعربيّ والتعاطف معها. والح��ظ إلغاء مصطلح الثورة من أغلب وسائل اإلع�لام العربيّة والغربيّة ،واستبداله بمصطلح المعارضة المسلّحة والمعارضة الخارجيّة ممّا غير نظرة الكثيرين لما يحدث في سورية. كما ذكر أنّ من هذه األسباب :غياب التمويل الدوليّ للجاليات في المهجر ويقتصر التمويل على الجاليات نفسها بما يجود به أبناؤها ،بينما يتم ّتع مناصرو النظام ّ ويضخون أم��واالً ضخمة من األموال بتمويل كبير المسروقة من الشعب السوري نفسه. وذ ّك��ر أيضا ً ب��أنّ نجاح النظام في زرع الفتنة والخالفات بين أبناء الجاليات في العديد من دول االغتراب ،جعل بعض الجاليات تنقسم على نفسها وت ّتهم بعضها تارة بالعمالة للنظام وتارة بأوصاف أخرى ممّا أ ّدى إلى نفور الكثيرين من مؤيّدي الثورة وتفضيلهم البقاء بعيدين عن تلك الجاليات وخاصّة فئة الشباب أخيراً ،واأله ّم – برأيه -أنّ «النظام على مدى عقود خلق في داخل ك ّل مواطن دكتاتوراً» ،وأيضا ً جعل ك ّل مواطن يعتقد أ ّنه أفضل من اآلخر وهو أجدر
بالقيادة وا ّتخاذ القرارات وهو ذو خبرة أكثر ،لذلك نرى الصراعات المستمرّ ة على قيادة الحراك. وبنى على ذلك نداء قال فيه :كونوا يداً واحدة كما كنتم في بداية الثورة ح ّتى تعيدوا للثورة صوتها وليصل صوتكم إلى ك ّل بقعة على هذا الكوكب وال تفسحوا المجال ألزالم العصابة بأن يفرّ قوا بينكم فتذهب ريحكم وتندموا في يوم لن ينفعكم فيه الندم.
الكتلة الوطنيّة الدميقراطيّة السوريّة وفي بيان صادر عن الهيئة التنفيذيّة للكتلة الوطنيّة الديمقراطيّة السوريّة في ذات المناسبة ،ذكر أسباب حرف «الثورة المغدورة» عن مسارها من خالل: تصحّ ر الحياة السياسيّة طوال أكثر من أربعة عقود مضت ،وتغييب وقتل القيادات الميدانيّة الواعية، وقصر نظر المعارضة التقليديّة التي تص ّدرت المشهد السياسيّ ،ودخول القوى اإلقليميّة المختلفة بمصالحها وأجنداتها. وشبّه البيان قوى أسماها «داع��ش المافياويّة وأخواتها» بحصان «طروادة» ّ ال��ذي أسهم النظام في إطالقه ،وذك��ر أنّ الكتلة الوطنيّة الديمقراطيّة ّ حذرت في وقت مب ّكر من هذا النهج اإلجراميّ الذي اعتمده النظام ،ومن الظواهر الخطيرة التي ته ّدد مصير الثورة والوطن ،وأ ّنها – أي الكتلة -دعت القوى الوطنيّة إلى تجاوز خالفاتها الثانويّة. وأضاف البيان أنّ الكتلة كانت أوّ ل من دعا إلى «مؤتمر وطنيّ شامل جامع يضع استراتيجيّة واضحة المعالم للتعامل مع قضايا الثورة والوطن» .كما رأى البيان أيضا ً أنّ الح ّل السياسيّ الوطنيّ الذي يضمن تحقيق مصالح الشعب وآماله هو رحيل هذا النظام وإقامة النظام الديمقراطيّ البديل الذي يجسّد إرادة الشعب ويحافظ على وحدة سورية دولة ومجتمعا ً وكياناً .وأضاف أنّ هذا الح ّل يتطلّب «بناء إجماع وطنيّ شامل ،ووح��دة القوى الثوريّة على األرض خلف القيادة الوطنيّة التي يفرزها المؤتمر الوطنيّ العا ّم» ومطالبة «مجلس األمن بتنفيذ قرارات جنيف »1وتحمّل مسؤولياته القانونيّة واإلنسانيّة تجاه مطالب الشعب السوريّ المشروعة. وفي ختامه أ ّك��د البيان على أنّ القوى الوطنيّة الديمقراطيّة أحوج ما تكون إلى «مراجعة شاملة وموضوعيّة ألدائها السياسيّ ،واإلصرار على تحقيق هذه الوحدة الوطنيّة العريضة حول األهداف العامّة للثورة».
حزب اجلمهوريّة وجاء في كلمة رئيس حزب الجمهوريّة «محمّد صبرا» في ذك��رى الثورة أ ّن��ه في سياق ثورتنا، «حصلت أخطاء عديدة» ،لكنّ هذه األخطاء ال تهين الثورة أو تقلّل من شأنها ،بل هي إدانة لطغمة الحكم ذاتها أساساً ،وهذا ليس تبريراً لتلك األخطاء ،بل محاولة لرؤية الصورة بجذورها األساسيّة ،وهذا ال يعني ،بالطبع ،السكوت عنها ،فالثورة تق ّدم فرصة للتطهّر من أخطاء وموروثات الماضي البغيض ،وهذا ممكن عبر فضحها ونشرها على المأل ،وصوالً إلى التخلّص منها ،وهذا هو الفعل الثوريّ الحقيقيّ -حسب الكلمة -الذي يقودنا إلى بناء المواطن الجديد والحياة الجديدة ،لذا من المه ّم أن تكون نظرتنا ألنفسنا وتاريخنا وتجاربنا وممارساتنا موضع نق ٍد وتصوي ٍ بشكل دائم. ب ٍ وأوضحت الكلمة أنّ معركتنا لم تعد اليوم معركة من أجل الحقوق والحرّ يّات فحسب ،بل هي معركة إنجاز االستقالل وتحرير الوطن من براثن المحتلّين، لنبني «دولتنا الجديدة وجمهوريتنا الثالثة» التي تقوم أساسا ً على مرتكزا ٍ ت ثالثة هي «الدولة الوطنيّة السوريّة ،دولة جميع السوريّين ،والشعب السوريّ السيّد على نفسه ووطنه وأرضه ،والمواطن السوريّ الحرّ الكريم». ً وطالبت الكلمة بأن «نرفع صوتنا معا ض ّد أيّ محت ٍّل ألرضنا ،أ ّيا ً كانت راي ُته وشعارُه ،إن كان من أصحاب الحقد الطائفيّ القادم من إيران والعراق ولبنان ،أو من جماعات التطرّ ف والظالميّة القادمة من أصقاع األرض كا ّفة» وأشار على أ ّنه ال ب ّد للقوى السياسيّة الوطنيّة أن تتجاوز خالفاتها األيديولوجيّة والسياسيّة،
وأن ت ّتحد تحت سقف هد ٍ ف واحدٍ ،هو «تحرير وطننا من المحت ّل األجنبيّ ،وبناء دولتنا الوطنيّة التي تحمي الجميع ،وتصون كرامات الجميع ،وتحفظ حرّ يّات الجميع».
حزب الشعب الدميقراط ّي السور ّي
كما أص��درت اللجنة المركزيّة لحزب الشعب الديمقراطيّ ال��س��وريّ بيانا ً بعنوان «تأكيد على االستمرار . .واالنتصار» جاء فيه :إنّ الدعم غير المحدود الذي يتل ّقاه النظام من طهران وموسكو في جميع الميادين ،لم يستطع ،ولن يستطيع ،أن ينقذه أو يعيد تأهيله .فتهتكه وتفسخ مؤسّساته السياسيّة وماكينته العسكريّة والقمعيّة وانهيار أوضاعه االقتصاديّة بلغ ح ّداً جعله أسيراً للقرار الخارجيّ وإرادة الغزاة من المليشيات اإليرانيّة والعراقيّة واللبنانيّة ،التي اس ُتقدمت لحمايته» واستذكر البيان مح ّددات العمل الوطنيّ والثوريّ في هذه المرحلة وموجباته حسب رأيه بأ ّنها: تحقيق أعلى درجة من التوافق والتنسيق والوحدةبين قوى الثورة والمعارضة في جميع الحقول السياسيّة والعسكريّة واإلغاثيّة ،فليس للسوريّين غير أنفسهم. تنمية الوجه المدنيّ للثورة وإبرازه إلى واجهةاألحداث باستعادة االحتشاد والمشاركة ،وتحفيز روح ّ منظمات المجتمع التمرّ د والنقد واإلب��داع ،وتعزيز المدنيّ واألهليّ في سياق أهداف الثورة وتحت علمها الوطنيّ . ً إنّ معالجة الشأن السوريّ تجزيئ ّيا وبالقطعة أمرغير مقبول من السوريّين ،وال يصل إلى نتائج .فما ورد في بيان جنيف « 1تشكيل جسم حكم انتقالي كامل الصالحيّات» يبدأ بتنحّ ي رأس النظام ،وهو الح ّد األدنى المقبول كمدخل أليّ ح ّل سياسيّ ،كما رأى البيان. ّ محذراً :أنّ استقرار سورية وخاطب البيان العالم وتحقيق طموحات شعبها شرط الستقرار المنطقة .وما لم يُفتحْ الباب أمام تغيير حقيقيّ فيها «سيبقى األمن والسالم في المنطقة والعالم في خطر» ورهين أوهام إمبراطوريّة وأطماع توسعيّة ،تريد إعادة التاريخ إلى الوراء ،وتفتح المنطقة على بوّ ابة صراعات وحروب ال تنتهي ،وال تقود إلاّ إلى الهالك.
هيئة الشيوعيّني السوريّني بدأ بيان هيئة الشيوعيّين السوريّين في ذكرى الثورة بالسلبيات التي واجهت الثورة السوريّة ،حسب رأيه: عدم توافق القيادات الوطنيّة السياسيّة والعسكريّةعلى رؤية واحدة ،وميثاق وطنيّ وبرنامج عمل. تسليح الثورة ،يعني إطالة المعارك لسنواتطويلة. هيمنة اإلخوان المسلمين على المجلس الوطنيّ ،وبالتالي على االئتالف الوطنيّ . إعطاء ضوء أخضر من قبل المجلس الوطنيّوالجيش الحرّ ،لدخول المجاهدين من مختلف الدول العربيّة والعالم. فقدان قيادة سياسيّة فاعلة للثورة على األرض. عدم توحّ د فصائل الحركة السوريّة الكرديّةالسياسيّة والعسكريّة ،أ ّدى إلى صعوبات كبيرة في عمليات التنسيق السياسيّة والعسكريّة ... وذكر البيان غيرها من األسباب ث ّم أورد البيان النواحي اإليجابيّة من وجهة نظره: ّ يتأخر الشعب السوريّ في مواكبة ثورات لمالربيع العربيّ منذ بداياتها. حافظت الثورة ألشهر عديدة على سلميّتها. استطاعت الثورة كسب التأييد الواسع. استمرار مسيرة الثورة رغم استخدام النظام لكا ّفةاألسلحة ،أجبر العالم للبحث عن ح ّل سياسيّ ،فت ّم عقد جنيف ١بهدف إدارة األزمة السوريّة ،ومن ث ّم جنيف.٢ خاتمة: وقد أصدرت بعض المراكز والمؤسّسات والجهات أبحاثا ً ودراسات تخصّ موضوع الثورة السوريّة في ختام عامها الرابع .ولم تصدر بعض القوى السياسيّة مثل «تيّار الوعد السوريّ » و»الحزب الوطنيّ للعدالة والدستور» وقوى وأحزاب أخرى أيّة بيانات في هذه المناسبة.
www.allsyrians.org
8
السنة الثانية
العدد 27
/ 20آذار 2015/
قبل الثورة السورّية وبعدها
الحالة السياس ّية: كانت التكتالت السياسيّة الموجودة في الشارع السوريّ ال تخرج من عباءة النظام بحربه الكونيّة ض ّد االستعمار واإلمبرياليّة العالميّة ،فأسّس النظام حفرة وضع فيها أغلب التك ّتالت المعاصرة له أو التي سبقته في هذه الحفرة وربطها بميثاق يحرّ م عليها النشاط والتفاعل إلاّ بإرادته (الجبهة ّ المغذي الرئيسيّ لهذه الوطنيّة التق ّدميّة) وكان (الجبهة) هي القضيّة الرئيسيّة فلسطين ومقاومة الصهيونيّة وتحرير الجوالن. تو ّقفت الحياة السياسيّة والثقافيّة والفكريّة باسم القضيّة المركزيّة (فلسطين) وكانت عبارة عن مشجب لفرض القبضة األمنيّة على ك ّل التحرّ كات والتجمّعات باإلضافة إل��ى قانون الطوارئ والمحاكم االستثنائيّة التي ش ّكلها النظام لمن يعتبرهم (خونة). أمّا في عهد االب��ن ،الذي فصّل الدستور على مقاسه ،فقد تفاءلت تلك القوى المتشرذمة وبدأت ّ تخط بيانات وتك ّتالت باسم المجتمع المدنيّ أو إعالن دمشق ،وانطلقت حركة سوريّة أخذت ترسم معالم أخرى لسورية بسبب تداخل السياسة مع الثقافة ،التي لم تر النور منذ عهد الوحدة ،1958 ورفدت المجالس أو المنتديات برجاالت الفكر والثقافة ،وهذا ما جعل النظام يعلن حربه الجديدة بنفس آليّاته القديمة ض ّد الحراك السوريّ بفرض هيمنته األمنيّة واعتقال المشاركين والمحاضرين في هذه المنتديات والصالونات ،وأعاد آليّات األب إلى الواجهة من قضيّة األ ّم إلى قضيّة التواجد األمريكيّ في المنطقة بعد العراق إلى الخوف من التش ّدد والقاعدة إلى ك ّل تلك الترّ هات التي قوننها للقضاء على الحراك أو ما ل ّقب بربيع دمشق. الحالة الدين ّية: كانت الحالة الدينيّة أشبه بطبل له هيكل دون أيّ صوت حيث فُرّ غ من محتواه الرئيسيّ بسبب الحالة السياسيّة والعسكريّة التي فرضتها جماعة اإلخوان أو فصيل انبثق منها وأخذ يدعو لمواجهة السلطة القائمة آنذاك بالسالح ،فجرّ البلد إلى حالة من الفوضى والخراب الساسيّ والعسكريّ (فهم يتحمّلون جزءاً من خراب البلد). على صعيد آخر بدء النظام بترتيب دور لمتديّني البالط لفرض آرائهم على ال��ش��ارع وإن��ش��اء جمعيّات دينيّة ترتبط باألمن والمخابرات (القبيسيّات ،مراكز لحفظ القرآن باسم حافظ األسد). أمّا في عهد االبن فاستمرّ الوضع كما هو عليه، ولكن أخذ منحى آخر جرّ اء دفع بعض رجاالت بالطه الدينيّين لفرض الحالة المتش ّددة أثناء حرب العراق لتجنيد الشباب وإرسالهم إلى الحرب المق ّدسة ض ّد أمريكا ليكونوا ورقة ضغط يلعب بهم أم��ام العالم الغربيّ ،ال��ذي كان لديه عقدة اإلرهاب ولضمان استمراره في السلطة. الحالة األمن ّية والعسكر ّية: بدأت مرحلة الثمانينات ،التي فرضت جوّ اً أمن ّيا ً كئيبا ً خلف الدمار والموت وركيزة حقد ،وال أستطيع أن أقول إنّ هذا الحقد طائفيّ فقط ،ألنّ المشاركين في أحداث الثمانينات كانوا من ك ّل أطياف الشارع السوريّ ومكوّ ناته ولكن لعبت األجندة الساسيّة نتيجة وجود رأس الهرم وتابعه رفعت في صدارة األحداث ،جعل أصحاب العقليّات المنغلقة توجّ ه اال ّتهام إلى طائفة معيّنة ،وساهمت بذلك سياسة النظام الذي حاول أن يوصل للشارع السوريّ أنّ هذه الطائفة هي الداعمة لحكمه ،ولك ّنها لم تظهر إلاّ بعد ثالثين عاما ً من تاريخ سورية. في ظل ّ الثورة تحرّ كت جموع الشباب لرفض واقع الذ ّل الذي فرضته األجهزة األمنيّة وتحرّ ك الشارع السوريّ لدعم ه��ذا التحرّ ك بسبب األزم��ة االقتصاديّة والسياسيّة التي أحالت البالد إلى مزرعة خاصّة باألسد والمقرّ بين منه ،وكسر ال��ش��ارع ك ّل المق ّدسات التي فرضها النظام منذ أربعين عاماً، ولكن لم يستطع النظام أن يوقف امتداد الحراك الشعبيّ ،الذي ابتدأ بتظاهرة أمام وزارة الداخليّة في 2011/3/16ومن بعدها كانت الشعرة التي ّ خطها األطفال قصمت ظهر البعير؛ كتابات على جدار مدرستهم في جنوب سورية (درعا) ومنها انطلقت ال��ش��رارة الكبرى حيث سارع النظام إلى توجيه أصابع اال ّتهام إلى الحراك الشعبيّ بالطائفيّة والتمويل الخارجيّ وفرض أجندات غربيّة صهيونيّة أمريكيّة ،ووجّ ه فوّ هة بنادقه وقطعان أمنه إلى اعتقال وقمع أيّة تظاهرة
newspaper@allsyrians.org
شعبيّة بحجّ ة أجنداتها الخارجيّة ،لم يقتنع الشارع السوريّ أو الحراك الشبابيّ بهذه الترّ هات فأكمل مشواره رغم القمع الممنهج الذي فرضه النظام والذي تطوّ ر إلى استخدام أشخاص من المناطق المستفيدة والموالية له بحجّ ة الهجمة األمريكيّة أو بسبب المصالح والوعود التي قطعها لهم. ازداد القتل وأصبح السالح في الشارع السوريّ من قبل النظام وكأ ّنه احتالل أو انقالب عسكريّ ف��رض نفسه .أصبح ص��وت الرصاص أبسط ما تسمعه في أيّ حيّ أو شارع ،وفي ظ ّل هذا التسارع ال��ذي فرضه النظام ب��دأت عمليّات االنشقاق من صفوف الجيش السوريّ عندما أعلن المق ّدم حسين الهرموش خروجه من صفوفه وااللتحاق بصفوف الشباب الثائر ،وذلك بسبب القتل الجماعيّ الذي كان يُمارس على الشباب الثائر حيث تغيّرت عقيدة الجيش وهي «حماية وتحرير األرض من الصهاينة» علما ً بأ ّنه :لم يتحرّ ك هذا الجيش عندما دخلت طائرات إسرائيل وضربت منطقة عين الصاحب وقصفت دير الزور وبقاء الطيران اإلسرائيليّ ،فوق القصرفي الالذقية لم ّدة ربع ساعة ،غير الهجمات الجديدة، وك ّل ذلك تحت مسمّى ضبط النفس ،إلى دخول القرى والمدن المنتفضة ض ّد حكم األس��د ممّا شجّ ع الجيش -ضبّاطا ً ومج ّندين -لترك صفوفه والنأي عن ك ّل ما يحدث ،أو االشتراك بحماية المتظاهرين ،ممّا دفع النظام إلى الحالة الهمجيّة األكبر واال ّدع��اء بوجود متطرّ فين في صفوف الحراك الشعبيّ ،ف��ازداد القمع وأُدخ��ل السالج الثقيل إلى المدن واألرياف (بابا عمر) ممّا دفع بالمدنيّين لحمل السالح لسببين: االنتقام من األم��ن والشبّيحة (الذين -1 تكاثرت قطعانهم بعد أن أصبح لهم رواتب من
النظام وبعد أن أعطيت لهم صالحيّات واسعة) بعد ما قاموا بهتك األع��راض وقتل المحتجّ ين والمتظاهرين الرغبة في مساعدة العناصر المنش ّقة -2 للدفاع عن التظاهرات. من هنا ،ب��دء التحوّ ل الكبير في قمع النظام واستخدام الطائرات وقصف المناطق السكنيّة، وفي الطرف اآلخر بدأت تك ّتالت الشباب تر ّد على النظام بعمليّات عسكريّة على مفارزه ّ الموزعة بك ّل المدن أو على أو على حواجزه شخصيّات عسكريّة ،وتوسّعت الحالة العنفيّة من قبل النظام وب��دأت تظهر أولى التشكيالت العسكريّة بعد أن ازدادت االنشقاقات في صفوف الجيش وانضمامها للحراك الشعبيّ ث ّم للحراك المسلّح ،وبدأت بعض األجندات تفرض وجودها باسم تسليح المعارضة ،وبدأت المناطق تخرج عن سيطرة النظام والحراك المسلّح يأخذ أشكاالً أخرى تتلّون حسب األجندة الداعمة وخرجت القيادات العسكريّة من اللعبة ،وانبثقت قيادات ثوريّة متط ّفلة أحيانا ً على الحراك أو تدرّ جت من الحراك السلميّ إلى المسلّح إلى القيادة ،وقد ص ّفوا من قبل النظام فيما بعد أو من قبل بعض الكتائب التي تريد فرض أجندة إسالميّة ،أو نتيجة فرضهم من قبل المموّ لين بالمال السياسيّ . الحالة السياس ّية: ً بقي النظام محافظا على آليّاته السياسيّة رغم االنشقاقات المتوالية لرجاالته ورغم العمليّات العسكريّة من قبل المعارضة ض ّدهم ،ولكن بقي محافظا ً بالشكل العام على طروحاته وآليّات تعاطيه مع الخارج وم��ع االنتفاضة الشعبيّة والمسلّحة. نتيجة الضغط الخارجيّ للدول التي تعاطفت، أو أنّ لها مصالح ،أو شاركت في دعم الثورة السوريّة ،تمّت محاولة لتوحيد المعارضة في جسم سياسيّ باسم «المجلس الوطنيّ » ولكن ما أن رفع السوريّون الفتاتهم البسيطة لتأييد هذا التك ّتل ح ّتى أعادوا إعالن موات هذا التك ّتل بالنسبة لهم ،فقد كان يفتقد أبسط اآلليّات السياسيّة للتعاطي مع
حراك الشارع المتسارع ،وأصبح عبارة عن بوق إعالميّ ومحل ّل سياسيّ ،غير التناحرات السياسيّة بين أعضائه واألجندات السياسيّة للدول الداعمة ألعضائه من محظورات سياسيّة وعسكريّة ومنها :عدم تواجد للجيش الحرّ ،عدم رفد المجلس بالشباب الفاعلين على األرض ،الثقة بالدول الصديقة كما عبّر عنها د .برهان غليون ،عدم وجود جسم سياسيّ يتابع األحداث السياسيّة على الساحة السوريّة وتحليلها ،رفضه أليّ حوار أو مفاوضات وكأنّ فيالقه تنتظر إشارة البدء.... بعد األخطاء الجسيمة للمجلس الوطنيّ تحرّ كت الجموع السياسيّة والبعض من القوى الشعبيّة والعسكريّة إلى الدعوة لتشكيل تيّار سياسيّ يتدارك أخطاء الجسم السابق ،ولكن لم يقف الشارع السوريّ المنتفض بشكل كامل مع الجسم الجديد لع ّدة أسباب منها :خوفه من تمييع قضيّته كما فعل سابقه وزيادة في تش ّتت القوى السياسيّة وأيضا ً بسبب عدم ثقته بالرعيل السياسيّ األوّ ل .... ونتيجة لهذه األخطاء والمخاوف السياسيّة بدأت ّ المنظمات الشبابيّة والدوليّة وغيرها ،تعمل بعض على دعم حراك المجتمع المدنيّ الضعيف نتيجة الحالة اإلسالميّة المتزايدة وظهرت جماعات تكفيريّة متع ّددة االنتماءات من القاعدة الجهاديّة شيعيّة وسنيّة ،غير التي فرضها النظام أو ساهم بوجودها من إطالق سراح السجناء المطلوبين دول ّيا ً إلى المحاربين بالعراق مع جماعات جهاديّة إلى األجانب الذين استقدمهم بفكر طائفيّ لخدمة وتكريس أجنداته اإلعالميّة والسياسيّة أمام العالم المتم ّدن .ونتيجة االنقسام الحا ّد دين ّيا ً ومناطق ّيا ً بين مؤيّدين ومعارضين وبين علويّين وس ّنة ممّا زاد الخوف لدى الفئة لدى بعض التجمّعات الشبابيّة من االنقسامات الحا ّدة ومحاولة لوضع آليّات مستقبليّة لترميم هذا الصدع الكبير بين مكوّ نات الشارع السوريّ ورغم ذلك مازالت مبتدئة. الحالة الدين ّية «في المعارك يعلو صوت التطرّ ف» نتيجة القمع المتزايد من قبل النظام واستفاقة بعض التيّارات السياسيّة التي كانت ممنوعة من العمل داخل سورية على مظلوميّة دينيّة ممّا جعل نشاطها يتزايد في الريف السوريّ والمناطق التي اقتحمها جيش النظام وب��دأت التيّارات السلفيّة والجهاديّة ترى مجاالً خصبا ً لفكرها المتطرّ ف فتزايدت الجماعات المتأسلمة وضعف اإلسالم الشعبيّ الذي ك ّفر من قبل هذه التيّارات التي لعبت أيضا ً على المجال االقتصاديّ من إغاثة ومر ّتبات لك ّل المنضوين تحت سقفها ممّا جعل أغلب الشباب الذين ال يملكون عمالً أو بسبب األزمة والحرب التي ش ّنها النظام ينطون تحت راية هذه الفئات المتشددة أو الصمت عن أعمالها الغوغائيّة ،وارتفعت رايات القصاص من األقلّيّات وخرجت العبارات واألفعال الطائفيّة تأخذ الطابع الرئيسيّ من قِبل هذه التجمّعات وسيطرت هذه السمة على األحداث في سورية ،وقمع اإلسالم المعتدل والحالة الوطنيّة وتكفيرهما ،وسيطرت هذه القوى على أموال الدولة السوريّة بحجة أ ّنها تابعة للنظام ،وبدأت الفتاوى واألحكام الشرعيّة تلعب الدور الرئيسيّ في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وانكمشت التك ّتالت الشبابيّة الوطنيّة وخاصّة المنتمية إلى األقلّيّات الدينيّة بسبب خوفها من العناوين الثأريّة والطائفيّة التي ر ّكبت طابع الثورة والتي عرف النظام آليّة توظيفها لصالحه أمام الفئة الصامتة من الشارع السوريّ وأمام العالم المتم ّدن. الحالة العسكر ّية: بعد أن ز ّج النظام بالجيش لقمع المناطق التي خرجت عن سيطرته وتزايد االنشقاقات والعمليّات العسكريّة ض ّده ونجاح أغلبها عمل على ز ّج حزب هللا في العمليّات العسكريّة باسم الممانعة والمؤامرة الكونيّة لتحييد سورية عن الهدف الرئيسيّ وهو تحرير األراضي المغتصبة واستعماله األسلحة الكيماويّة والبراميل الموت وقصف مناطق كاملة بها وبصواريخ السكود ومن ث ّم استقدم اإليرانيّين ليشرفوا على تدريب عناصره الذين ش ّكلهم من المدنيّين تحت مسمّيات عديدة منها كتائب البعث أو كتائب القوميّين السوريّين أو جيش الدفاع الوطنيّ ولعب أيضا ً على وتر المرأة حيث ج ّند العديد من النسوة لتكنّ دافعا ً للشباب لاللتحاق بصفوفه وبعدها استقدم مرتزقة طائفيّين من العراق تحت مسمّى الجهاد األكبر ض ّد القاعدة وحماية المق ّدسات الشيعيّة.
ملف العدد
في اإلعادة إفادة
*احل ّريّة أدي�����ب إس��ح��ق ()1885 – 1856 أدي����ب وش��اع��ر وصحف ّي سور ّي
...م ْ ُدحت بما لم ُتمدح بمثله فضيلة وذمّت بما لم تذ ّم بمثله رذيلة والتي هي عند بعض الناس هناء وعند بعضهم شقاء وفي أعين فريق راحة وفي أعين فريق عناء ولدى قوم حياة ولدى قوم فناء ،وما برحت موضع اختالف بين الباحثين والمعرّ فين... ولم َ يبق إلاّ أن أع ّد النفس وأهيئ الخاطر وأخفض من جناح الخضوع وأرتدي لباس الرهبة والخشوع ألدخل مق ّدس هذا الموضوع ،الحرّ يّة. فالحرّ يّة ثالوث موحّ د الذات متالزم الصفات يكون بمظهر الوجود فيقال له الحرّ يّة الطبيعيّة وبمظهر االجتماع فيُعرف بالحرّ يّة المدنيّة وبمظهر العالئق الجامعة فيعرف بالحرّ يّة السياسيّة. عرّ ف (مونتسكيو) الحرّ يّة المدنيّة بأن ال يُجبر المرء على ما ال تجبه القوانين وعرّ ف السياسة بأن يفعل ك ّل ما ُتجيزه القوانين، ومرج ُع هذين الح ّدين إلى وهم واحد وهو الذهول عن ماهيّة القوانين فإنّ الظاهر من قول هذا الحكيم الفرنسويّ إنّ الحرّ يّة موجودة في واشنطن وجودها في طهران ،وليس األمر كذلك بل الحرّ يّة الحقيقيّة غريبة عن ك ّل مكان لسوء ّ حظ اإلنسان. وقد ا ّتفق كثير من الناقدين على تعريف الحرّ يّة بكونها مقدرة المرء على فعل ما ال يضرّ بغيره من الناس وهو عين الح ّد المنصوص عليه في القانون الرومانيّ وفيه نقص من وجهين، األوّ ل أنّ ح ّد اإلضرار بالغير يخرج عنه اإلضرار بالذات وهو مخالف لمقتضى الناموس الطبيعيّ الحقيق بال ّتباع. أمّا تعاريف المنافقين الحرّ يّة فال مح ّل إليرادها وال موضع النتقادها في مثل هذا المقام فغاية القول فيها أنّ أهل السلطة االستبداديّة حيث كانوا ومن حيث كانوا يفترون على الحرّ يّة كذبا ً في تعريفها بالطاعة العمياء والتسليم المطلق لمقال زيد مرو ّيا ً عن حكاية عمرو مسنداً إلى رواية بكر مؤيّداً بمنام خالد فهي بموجب هذا الح ّد فناء الذهن وموت القوّ ة الحاكمة وخروج اإلنسان عن مقام اإلنسان. إلاّ أنّ اختالف المعرّ فين وخطأ كثير من الناقدين وأباطيل ذوي األغراض الذاتيّة ومفاسد الهيئة االجتماعيّة ،ك ّل ذلك لم يمنع من ظهور نور الحرّ يّة من خالل ألفاف األقوال فهي ترشد البداهة خاصّة طبيعيّة وجدت لينمّي بها اإلنسان قواه البدنيّة والعقليّة متدرّ جا ً في مراتب كماالت الوجود ث ّم كان من سوء بخته أنّ مظاهر السلطة أتت على ض ّدها من ك ّل وجه وفي ك ّل زمان ح ّتى كأ ّنما أوّ ل ما سعت فيه الجمعيّة البشريّة ألاّ يكون اإلنسان إنساناً ،فقد ألمّت هاته الجمعيّة بالحرّ يّة الطبيعيّة في ك ّل الولد على شاكلة مكان ،أو ما ترى ك ّل أناس يرومون أن يكون ِ آبائهم فالصينيّ يخنق ِرجل الطفلة بالنعل الحديد لتشبّ على خلق ج ّدتها واألوروبّيّ يُضعف يسار الطفل لتكون يمينه أقوى والشرقيّ يخنق الطفل بجملته في اللفافة والقماط ،فهذه العادات القاضية على الموجود اإلنسانيّ بأن ال يكون كما وجد ولكن كما يريد الناس أن يكون ذاهبا ً بحرّ يّته الطبيعيّة رأساً ،فلقد رأينا األقوام يربّون الولد كما يضربون الدراهم فهم يرومون أن تكون جميع القطع متماثلة متشاكلة وال يقبلون منها ما كان مختلف النقش عن الجملة وكذلك اإلنسان الذي يخالف سائر قومه في َ والخلق يفقد فيهم نصف قيمته ال أق ّل ومن ذلك ينشأ ال ُخلق فينا خ ّفة اإلعجاب وبله االستغراب وجنون الدهشة من رؤية ك ّل شيء غريب ،ألنّ هيئة االجتماع التي تقتل حرّ يّتنا بإحكام التربية ال تغني بفضائل النفوس عنايتها بالصور الخارجيّة. وأمّا الحرّ يّة المعنويّة فقد كان إلمام الهيئة االجتماعيّة بها أش ّد وأنكى فإ ّنه ال يكاد الطفل يخرج إلى عالم الوجود ح ّتى يُغمس أو يُرسم بما ال يعلم ث ّم يوجّ ه فكره إلى من يجهل من المعبودات التي ال حقيقة لها وال إله إلاّ هللا ،ث ّم تأخذ الوالدة في تعليمه ألفاظا ً ال يفقه لها معنى وتخيّالت ال يدرك لها سرّ اً ث ّم يُلقى بأيدي المربّين ،فيتولّون ذهنه الطاهر البسيط ويعركونه كالشمع ليرسموا عليه طوابع تعليمهم ث ّم يبعثونه عنوة ال على الخير ولكن على ما يظ ّنونه خيراً ويمنعونه ال من الشرّ ولكن ممّا يحسبونه شرّ اً ،ح ّتى ترسخ في ذهنه آراؤهم وتستحكم في نفسه صبغتهم فيعيش من القماط إلى الكفن كما أرادوا... *صفحات ( )137 – 134من كتاب «الدرر» طبع – 1905مكتبة جامعة تورنتو .
نبيه مسرتيح
www.allsyrians.org
اقتصاد و قانون
العدد 27
9
السنة الثانية
/ 20آذار 2015/
فنّانو سورية تحت مقصلة التشبيح
جوعان ،كلمة ُكتبت على جبين طفل من درعا ّ استفزت المحاصرة وفي يده زجاجة حليب فارغة الكاتبة ريما فليحان لصياغة ما ع��رف بـ «بيان الحليب» وو ّق��ع عليه مجموعة من الف ّنانين وكان بمثابة إعالن ساعة الصفر لبداية الحرب على الف ّنانين السوريّين الذين انحازوا للناس ض ّد القمع ،لتبدأ حملة ّ منظمة ض ّد ك ّل من و ّقع على تشهير وشتم وتخوين البيان من الف ّنانين ،لتتطوّ ر بعدها الحملة إلى اعتقال ك ّل ف ّنان تظاهر ض ّد النظام ومحاكمة بعضهم بتهمة اإلرهاب مثل الف ّنانة سمر كوكش وبعضهم قبع في أقبية النظام دون أيّة محاكمة و تعرّ ض بعضهم لبلطجة رجال النظام ،وأخيراً ظهر رئيس (كركون) باب الحارة زهير رمضان في نقابة الف ّنانين ليه ّدد بتطبيق فرمانات قاسية ّ بحق ك ّل ف ّنان أساء للسلطان أو حاشيته. جرم التشهير يعتبر التشهير من األفعال التي تجرّ مها معظم التشريعات ،باإلضافة إلى الذ ّم والقدح وهي جرائم تقع على السمعة والشرف وتمسّ بكرامة الشخص وتزداد آثارها السلبيّة طرداً كلّما كان المجني عليه شخصيّة
عامّة ومعروفة .ونحن ال نبالغ إذا قلنا إنّ الف ّنانين الذين انحازوا لوجع الناس كان لهم النصيب األوفر من الذ ّم والقدح والتشهير ،ودون أيّة محاسبة من قبل الجهات المعنيّة لمن ارتكب هذه الجرائم ،ومنذ اللحظة األولى التي عبّر الف ّنانون فيها عن آرائهم المستنكرة لما يتعرّ ض له الناس من مظالم انهالت عليهم ك ّل ألفاظ التحقير والتشهير والقدح والذ ّم ،وفي ك ّل وسائل اإلعالم المقروءة والمسموعة المحسوبة على النظام؛ هذا إذا استثنينا ما تعرّ ضوا له من مضايقات من مؤيّدي النظام المدفوعين من قبل رجال األمن ،ولكنّ المفاجئة كانت عندما بدأ رفاق الدرب من الزمالء والف ّنانين بحملة مجنونة ض ّد زمالئهم المعارضين ،فقام المخرج هشام شربتجي بتخوين ك ّل من و ّقع على البيان ،بمن فيهم ابنته المخرجة رشا التي كانت من بين المو ّقعين على بيان الحليب. لم يقم أيّ ف ّنان تعرّ ض للذ ّم والقدح برفع دعوى أمام القضاء ،وذلك لقناعة مسبقة بعدم الجدوى ،وألنّ المحاكمات ستكون صوريّة في ظ ّل الحرب اإلعالميّة
المد ّون حسين غرير
ّ المنظمة ض ّدهم والتي تقودها فروع األمن. في االعتقال التعس ّ ّ ال يجوز اعتقال أيّ شخص إلاّ وفق القانون ،هذا ما نصّت عليه المواثيق والمعاهدات الدوليّة والقانون السوريّ أيضاً؛ مع ذلك ،وخالفا ً لك ّل ما سبق يت ّم ّ الممثلة مي سكاف ونضال حسن ويم اعتقال ك ّل من مشهدي وريما فليحان ودانا بقدونس واألخوان محمّد وأحمد ملص وإياد شربجي وغيرهم بعد مشاركتهم في اعتصام معارض ،لتنتقل الحرب ض ّد الف ّنانين المعارضين من مرحلة السبّ والشتم والتشهير إلى مرحلة االعتقال التعسّفيّ ،ومع اعتقال محمّد أوسو (كسمو) ومحمّد آل رشي وغيرهم تستمرّ االنتهاكات الصارخة لنجوم الدراما السوريّة. وفي ظ ّل قانون اإلره��اب الذي صيغ على عجل ليكون سيفا ً مسلّطا ً على رقاب ك ّل من أراد أن يقول ال للسلطان ،يُحكم على سمر كوكش -التي لم تحمل يوما ً سالحا ً -بالسجن لم ّدة خمس سنوات بدون أيّة محاكمة قانونيّة حقيقة ،في استعادة واضحة لحالة األحكام العرفيّة.
فصل من النقابة مع وجود رئيس (كركون) باب الحارة زهير رمضان كنقيب للف ّنانين ،بدأت حملة الوعيد والتهديد بالفصل من النقابة للف ّنانين المعارضين ومنهم الف ّنان جمال سليمان ومكسيم خليل ،باإلضافة للعديد من الف ّنانين تحت ذريعة (اإلسهام في سفك الدم السوريّ ) ويبدو أنّ السيّد زهير رمضان لم يستطع التخلّص من شخصيّة رئيس (الكركون) وبقيت هذه الشخصيّة تالحقه في أز ّقة نقابة الف ّنانين ،متناسيا ً أنّ النقابة تنطلق في عالقتها مع أعضائها على أساس النظام الداخليّ الذي يح ّدد واجبات وحقوق األعضاء ،وأنّ العالقة بين أعضاء النقابة ُتبنى على أرضيّة العمل الجماعيّ للدفاع عن حقوق الف ّنانين ّ التدخل في انتماءاتهم السياسيّة الماديّة والمعنويّة دون أو مواقفهم وبعيداً عن التهديد والوعيد. وبحسب نظام النقابة الداخليّ ،ال يجوز فصل أيّ ف ّنان إلاّ في حاالت محّ ددة ،مثل :امتناع الف ّنان عن دفع التزاماته الماليّة أو اإلخالل بقواعد العمل النقابيّ أو ألسباب خارجيّة كالحكم على الف ّنان من قبل القضاء القترافه جرما ً شائناً .أمّا مجرّ د اال ّتهامات الغوغائيّة التي ال تستند إلى أيّ دليل قانونيّ فهي جرم بح ّد ذاتها يتر ّتب عليها ز ّج زهير رمضان خلف قضبان في (الكركون) بعد محاكمة عادلة. الفنّ ،هو الشكل األرق��ى واألعمق للتعبير عن أوجاعنا وأحالمنا ،فكم هو مستهجن ومرفوض أن تصل سياسة التشبيح لتطبّق على ف ّناني سورية أ ّيا ً كان موقعهم السياسيّ وأ ّيا ً كانت آرائهم ،وأن يت ّم تخوينهم دون أيّ دليل أو احترام للحقيقة؟!
احملامي حممّد محو
المواطن وتحريم كا ّفة وسائل الحياة
تأجيل الحكم للمرّة السادسة
ثالثة أعوام على االعتقال ،حسين غرير متزوّ ج وله طفلين، ورد وزين ،وهو خريج كليّة الهندسة المعلوماتيّة ،شارك في الحمالت التضامنيّة مع الجوالن وفلسطين المحتلّين. حسين المدوّ ن السوريّ البارز ،له نشاط تدوينيّ ملفت في النقاشات الدائرة في فضاء التدوين السوريّ حول قضايا الشأن العا ّم. اعتقل حسين مع مجموعة من زمالئه عقب اقتحام دوريّة بلباس مدنيّ تابعة لجهاز األمن الجويّ مقرّ المركز السوريّ لإلعالم وحرّ يّة التعبير في دمشق بتاريخ ،2012/2/16وبينما أُفرج عن باقي المعتقلين بقي ك ّل من حسين غرير وهاني الزيتاني ورئيس المركز مازن درويش معتقلين. ّ المزة بعد أشهر من االعتقال في فرع المخابرات الجوّ يّة في ت ّم تحويل غرير إلى مقرّ المخابرات الجوّ يّة في ساحة التحرير بدمشق ،ودخل في إضراب عن الطعام احتجاجا ً على اعتقاله، ومنذ فترة ليست بالوجيزة ت ّم تحويل حسين غرير إلى سجن عدرا المركزيّ الواقع على أطراف دمشق وهو ينتظر الحكم عليه بتهم تتعلّق باإلرهاب حسب الما ّدة 8من قانون اإلرهاب لعام .2012 وفي حزيران من عام 2014أصدرت الحكومة السوريّة عفواً عا ّما ً يشمل جميع التهم الموجّ هة إلى غرير وزمالئه ورغم ذلك لم يت ّم اإلفراج عنهم ،حيث أجّ لت هيئة محكمة اإلرهاب في دمشق في 20كانون الثاني محاكمة حسين ودرويش والزيتاني للمرّ ة السادسة على التوالي ،وفي هذه المرّ ة لتاريخ وأسباب لم يت ّم اإلعالن عنها. يُذكر أ ّنه في نهاية الشهر األوّ ل 2015ت ّم تحويل مازن درويش من سجن عدرا إلى سجن حماة المركزيّ وال أخبار عمّا إذا كانت الحكومة تنوي نقل حسين غرير وهاني الزيتاني إلى سجون محافظات أخرى الحقاً ،إنّ اعتقال حسين غرير وظروفه يش ّكالن تهديداً وخطراً على حياته كونه يعاني من انسداد الصمّام التاجيّ في القلب وارتفاع الضغط الشريانيّ ،يُذكر أيضا ً أنّ هذه ليست المرّ ة األولى التي يت ّم فيها اعتقال حسين غرير ،حيث كان قد اعتقل بتاريخ 2011/10/24 الحريّة لحسين غرير ولجميع معتقلي الرأي والضمير.
newspaper@allsyrians.org
يعاني أهالي حلب في سورية من انقطاع للكهرباء منذ أكثر من سنتين في مناطق سيطرة الثوّ ار ،وفي أحياء سيطرة النظام معاً ،حيث تأتي الكهرباء ساعتين أو ثالثة أحيانا ً وتعود لالنقطاع أسابيع ،لتعيش المدينة في ظالم ،وانعدام كا ّفة وسائل الحياة لكي ُتحرّ م عليهم مثلما حرّ مت عليهم بناتهم وأخوتهم ،ومنها خرج ما يسمّى األمبير وبدأ الناس بالتهافت عليه منذ حوالي السنة وكان مثل الح ّل الجيّد ليكون بديالً عن المولّدات الصغيرة والتخلّص من صوت ضجيجها ،عقب فشل نظام ّ المحطات الحراريّة ،مقابل األسد في تأمين حماية سعيه لتأمين السالح الجوّ ي واألرض��يّ لقصف المدن. عقالن ّية أم تالعب ولكن سرعان ما بدأ الجشع والطمع لدى تجّ ار األزمات وباتت األسعار غير مستقرّ ة في حالة ارتفاع متزايد ،األمر الذي جعل محافظ حلب إصدار قانون تسعير األمبير ،فكان القرار رقم /203/تاريخ 2014/10 /30والذي تضمّن تحديد سعر األمبير الواحد ،للمولّدات في مدينة حلب، بمبلغ 75ليرة سورية لك ّل ساعة تشغيل أسبوع ّيا ً دون أيّ زيادة ،وعلى أن يستمرّ عمل المولّدات يوم ّياً ،ح ّتى الساعة الثانية عشرة ليالً كح ّد أقصى، إلى أن جاء القرار ،مثل ترخيص لشبّيحة النظام، فرصة في االستغالل والتح ّكم بالمواطن حيث جاء القرار بصيغته غير مفهوم ،وخالقا ً الكثير من
البلبلة ،حول آليّة تنفيذه وفهمه على أق ّل تقدير، حيث فتح هامش التفسيرات والتالعب ،وهو ما يتميّز به أفراد نظام األسد ،حيث جاء سعر الساعة 10.7ليرة أسبوع ّيا ً سعرها ،75إذاً المولّدة تعمل لم ّدة أسبوع ،ساعة واحدة فقط ك ّل يوم ،تكون تكلفة الساعة الواحدة في اليوم ( 7 * 10.7عدد أيّام األسبوع) = 75ليرة سورية وفي حال المولّدة تعمل 7ساعات باليوم تكون 525ل.س. هذا أحد التفسيرات األقرب للعقالنيّة ،والتي رفضها ملاّ كو ال��م��ولّ��دات قائلين( :ال��م��ازوت 155ل.س ،ونأخذ نصف الكميّة من المحافظة، والنصف الثاني من السوق السوداء بسعر 200 ل.س .إذا كانت المخصّصات 1000ليتر فأوّ ل 500ليتر ثمنها 77500ل.س وثاني 500ثمنها 100أل��ف ل.س فالمجموع يساوي 177500 ل.س) ،وفي محاولة ألخذ نماذج عن معظم أحياء المدينة ،يتبيّن لنا ما يلي حيّ الجميليّة تبدأ ساعات التشغيل في الـ 5مسا ًء وح ّتى الـ 12ليالً مقابل 1200ل.س لألمبير الواحد ،وفي حيّ الحمدانيّة تبدأ ساعات التشغيل من الساعة الـ 5مقابل 1500 ل.س ،وفي حيّ الزهراء يصل األمبير لـ 1700 ل.س مقابل 8ساعات تشغيل. شبكة عنكبوت وش ّبيحة إلاّ أنّ هذه الحالة خلقت استياء لدى الحلبيّين، ألنّ األمر تحوّ ل إلى استغالل «تأتينا الكهرباء عن
طريق مولّدات ،التي تختلف أسعارها بين منطقة وأخرى ،والذين يبيعونها ،هم التجّ ار أو أصحاب رؤوس األموال ،وأغلبهم من المتعاملين مع األفرع األمنيّة أو ذوو خلفيّة تشبيحيّة أو أصحاب نفوذ، أمّا األسعار فتتراوح بين 1000و 1800ليرة أسبوع ّيا ً لألمبير ،وتغذية المولّدات تكون يوم ّيا ً بين الـ 6ساعات و 10ساعات» كما يتح ّدث أحد مواطني محافظة حلب ،والذي أشار أيضا ً إلى أنّ شوارع حلب أصبحت «مثل شبكة العنكبوت من كثرة األسالك المتشابكة بين المولّدات والمنازل» ويسأل« :بماذا تختلف حلب عن مدن الساحل والعاصمة دمشق التي تبذل فيها ك ّل الجهود لتوفير الكهرباء» ،وأيضا ً ظهر في األمس أحد مواطني حلب في برنامج مع إحدى قنوات اإلعالم لدى نظام األس��د قائالً( :أي��ن المحافظ؟؟!! هل لدينا محافظ؟؟!! لدينا ك ّل شيء ،ولكن بسعره الخاصّ ) المواطن الحلبيّ كيف له أن يقاوم في مواجهة احتكار الشبّيحة وعناصر األمن لك ّل موا ّد الحياة؟ ّ موظف أو بائع متجوّ ل أو عاطل فالمواطن مابين عن العمل ،من أين له هذه الطاقة الماديّة لتأمين الكهرباء والماء والغذاء؟ ناهيك عن وسائل الدفء في ظ ّل ارتفاع سعر ما ّدة المازوت واحتكارها من قبل شبّيحة نظام األسد ،هذا العقاب ال يختلف كثيراً عن القصف بالبراميل ،فقد حرّ مت عليهم ك ّل وسائل الحياة من ماء وغذاء ونور ودفء ،مثلّما حرّ مت عليهم بناتهم وأخواتهم وأمّهاتهم.
أمري جنم الدين
www.allsyrians.org
10
السنة الثانية
العدد 27
القصة الوجيزة بارع ّ
خطاب «أمير المؤمنين»
محاولة لوصف أحدهم ك��ان جند ّيا ً في جيوش هوالكو، ودعا زمالءه الجنود إلى إحراق ك ّل كتاب يعثرون عليه قائالً لهم إنّ قتل الرجال والنساء واألطفال هو جزء من مهنة الجنديّ وواجب ال مهرب من تنفيذه ،أمّا قتل الكتب ،فهو هواية تجلب الدفء والمتعة ،وصاح بصوت متهدج :وهل هناك أجمل من التفرّ ج على أفكار ُتشوى وتتلّوى متوجّ عة؟ سحاب طائش
جاء في مسوّ غات منح مؤسّسة «محمود دوري��ش» الفلسطينيّة جائزتها السنويّة إلى القاصّ السوريّ زكريّا تامر: رائ ٌد مزج السرد القصصيّ الحديث العالي والحكي التراثيّ فاتن التخييل ،فق ّدم نماذج عالميّة في قصص رائعة الجماليّات، واالقتصاد األدبيّ ،والهجائيّة الساخرة ...وقصصا ً لألطفال تشفّ عن عذوبة حانية ومنيرة ،ومقاالت وخواطر ال تخفى فيها سمات المصوِّ ر ،كاتب القصّة الوجيزة العربيّ البارع. فكتب زكريّا تامر على صفحته في فيسبوك: لماذا رحّ ُ بت بحماسة بجائزة محمود درويش لإلبداع؟ لقد رحّ بت بفوزي بجائزة محمود درويش لإلبداع لع ّدة أسباب ،أهمّها :أ ّنها مختلفة عن غيرها من الجوائز العربيّة، واختالفها يكمن في انحيازها للحرّ يّة والحداثة ،وأعتقد أ ّنها لم تمنح يوما ً لكاتب تقليديّ معاد للحرّ يّة. لقد رحّ بت بجائزة محمود درويش لكونها جائزة فلسطينيّة آتية من شعب مناضل مضطهد مظلوم مسلوب الوطن ،وتمنح هذه السنة لكاتب ينتمي إلى شعب يقتل طوال أربع سنوات أل ّنه هجر خوفه وتجرّ أ على المطالبة بحرّ يّته واستقالله. ولقد رحّ بت بتلك الجائزة بوصفها تكريما ً للقصّة العربيّة القصيرة واعترافا ً بما ح ّققته من منجزات ف ّنيّة وفكريّة خاصّة ،وأن القصّة القصيرة هي جنس أدبيّ مظلوم مهمل على الرغم من أه ّميّته. ولقد رحّ بت بتلك الجائزة لكونها تحمل اسم مبدع كبير فلسطينيّ شارك في تطوير األدب العربيّ الحديث المشاركة الباهرة. ولقد رحّ بت بتلك الجائزة بوصفها اإلسهام الفلسطينيّ في تنشيط الحركة الثقافيّة العربيّة. ولقد رحّ بت بتلك الجائزة أل ّنها ق ّدمت المزيد من األدلّة التي تثبت أنّ محمود درويش ال يزال ح ّيا ً في قلوب قرائه، وك ّل ما استطاع الموت فعله مع محمود درويش هو أ ّنه منعه من كتابة المزيد من القصائد الجديدة. من نصوص زكريّا تامر ،ما ورد في «المهماز»
/ 20آذار 2015/
ثقافة
عطش الناس ،وعاتبوا السحاب َ ألنّ أمطاره ال تهطل إلاّ فوق قصور المهيمن على األرض وس ّكانها ،فقال السحاب لهم :ماذا أفعل؟ هل تريدون أن أنتهي سجينا ً في زنزانة أو متدلّيا ً من حبل مشنقة؟ فتناسى الناس عطشهم ،وضحكوا طويالً مؤ ّكدين للسحاب أ ّنه ال توجد على سطح األرض قوّ ة قادرة على معاقبته، ورأى السحاب بعد تفكير قصير أنّ الناس ربّما كانوا غير مخطئين ،وانهمرت أمطاره سخيّة فوق الناس أجمعين ،ولم يطوّ قه حبل مشنقة ولم يتم ّكن أحد من اعتقاله. نهايات مختلفة يحترق الحطب ،فال يترك وراءه غير الرماد البارد. يحترق الثائر ،فيوقد ناراً تمحو األسالك الشائكة المزروعة بين مواطن ومواطن وتخلق القبضة المؤهّلة لدحر الوحوش المهيمنة وحفر اللحود المالئمة لها. يحترق الطاغية ،فيستعيد ك ّل مواطن وجهه اإلنسانيّ المفقود منذ عقود ،وينبت الياسمين في دماء الشرايين. العائدون الى وسائدهم اشتاق األطفال الصغار إلى أبيهم الذي طال غيابه ،وسألوا أمّهم عنه ،فأجابت األ ّم :سيعود أبوكم إليكم وسترونه ك ّل ليلة ّ تنشق األرض وتبتلع الرئيس الذي أمر بقتله. في نومكم حين ّ تنشق األرض؟ فتساءل أكبر األطفال س ّناً :وهل فأجابت األ ّم :هناك رجال يشبهون أباكم سيجعلون األرض ّ تنشق. رئيسنا المقبل الشعب السوريّ غاضب يطالب رئيسه بالتنحّ ي والرحيل، والسيّد الرئيس راغب في تقديم استقالته واالختفاء ،لكنّ تأخرّ ه يرجع إلى أسباب إنسانيّة ،فابنه البالغ من العمر تسع سنوات عومل منذ أن كان يحبو على أ ّنه سيصبح رئيساً، وسيع ّدل الدستور ح ّتى يتاح له أن يتسلّم الرئاسة في سنّ العاشرة ،ولو قيل للطفل اليوم إ ّنه لن يصبح رئيسا ً لبكى وصاح :ج ّدي كان رئيسا ً وأبي كان رئيساً .ومن المؤ ّكد أ ّنه سيصاب بعقد نفسيّة ال عالج لها ،وهذا أمر ال يقبله أيّ إنسان شريف.
مصطفى األمحد
ولد الشاعر نزار الق ّباني في 21آذار 1923 في دمشق ،درس الحقوق في الجامعة السور ّية الدبلوماسي وعمل منذ عام 1945في السلك ّ ح ّتى قدّ م استقالته عام 1966؛ أصدر ّأول ديوان له في عام 1944بعنوان «قالت لي السمراء» بلغت أعماله خالل نصف قرن 35ديوانا ً أبرزها «طفولة نهد» و»الرسم بالكلمات» ،أثارت قصيدته «هوامش على دفتر النكسة» عاصفة العربي وصلت إلى حدّ منع أشعاره في الوطن ّ في وسائل اإلع�لام .عاش السنوات األخيرة السياسي ومن من حياته في لندن يكتب الشعر ّ قصائده األخيرة «متى يعلنون وفاة العرب؟»، وقد وافته المن ّية في 30نيسان 1998ودفن في مسقط رأسه ،دمشق. ومن قصيدته «الخطاب» نقتطف: أوقفوني وأنا أضحك كالمجنون وحدي من خطاب كان يلقيه أمير المؤمنين عشر سنينْ كلّفتني ضحكتي َ ْ التحقيق ،عمّن حرّ ضوني سألوني ،وأنا في غرف ِة فضحكت .. وعن المال ،وعمّن موّ لوني فضحكت .. كتبوا ك َّل إجاباتي ..ولم يستجوبوني ق��ال ع ّني الم ّدعي ال��ع��ام ،وق��ال الجند حين اعتقلوني: إ ّنني ض ّد الحكومة لم أكن أع��رف أنّ الضحك يحتاج لترخيص الحكومة ورسوماً ،وطوابع.. لم أكن أعرف شيئا ً ..عن غسيل الم ِّخ .. أو فرم األصابع فاعذروني ،أيّها السّادة ،إن كنت ضحكت كان في و ّدي أن أبكي ..ولك ّني ضحكت كنت بعد الظهر في المقهى ..وكان البهلوان يلبس الطرطور بالرأس ..ويلقي ك ّل ما يطلب ُه المستمعون عن حزيران الذي صار مع األيّام ..ما يطلب ُه المستمعون الفطر واألضحى واحتفاالً مثل عيد ِ أراجيح ،وكعكاً ،وفطائر. وزيارات مقابر كنت أسترجع أفكاري ،وكان المخبرون كالجراثيم ..على ك � ِّل الفناجين ،وف��ي ك ِّل الصحون كنت أصغي ..كألوف البسطاء الطيّبين لكالم البهلوان وهو يحكي ..ث ّم يحكي ..ث ّم يحكي مثل صندوق العجائب وتذ ّكرت ليالي رمضان وأرجوز الذي كان له ألف لسان ولسان وتذ ّكرت فلسطين التي صارت حقيبة
ما لها في األرض صاحب كان في حنجرتي ملح ،وحزني كان في حجم الكواكب ّ فاعذروني ،أيّها السّادة ،إن حطمت صندوق العجائب وتقيّأت على وجه أمير المؤمنين واسترحت .. كان في و ّدي أن أبكي .. ْ ضحكت .. ولك ّني نشروا في صحف اليوم تصاويري ..على أوّ ل صفحة واعترافاتي على أوّ ل صفحة فضحكت .. ً ق ّدموني لإلذاعات طعاما ،وألسنان الصحافة جعلوني دون أن أدري خرافة ربطوني بالسّفارات ..وأحالف األجانب فضحكت .. النحو ..وفي الصرف ..وفي في أنا ال أفهم ِ علم الكالم غير أ ّني لم ْ أعد أفهم من بعد حزيران الكالم لم ْ أعد أهضم حرفا ً ..من أكاذيب أمير المؤمنين ّ صارت األلفاظ مطاطا ً .. ً وصارت لغة الح ّك ِام صمغا وعجين خ ّدروني بماليين الشعارات ..فنمت وأروني القدس في الحلم حين استفقت ولم أجد القدس ،وال أحجارهاَ ، فاعذروني ،أيّها السّادة ،إن كنت ضحكت ي أن أبكي ..ولك ّني ضحكت كان في و ّد َ أيّها السّادة: إ ّني وارث األرض الخراب كلّما جئت إلى باب الخليفة الشيخ وعن حيفا .. شرم سائال عن ِ ِ ورام هللا والجوالن أهداني خطاب كلّما كلّمته ج ّل جالله عن حزيران ال��ذي صار حشيشا ً ..نتعاطاه صباحا ً ومساء ّ وغطى صدره ركب السيّارة المكشوفة السقف .. باألوسمة ورشاني بخطاب كلّما ناديته :يا أمير البر ..والبحر ..ويا عالي الجناب ركب السيّارة المكشوفة السقف ..إلى دار اإلذاعة ورشاني بخطاب ورماني بين أسنان الجواسيس ،وأنياب الكالب فاعذروني ،أيّها السّادة ،إن كنت كفرت وصفوا لي صبر أيّوب دواء ..فشربت أطعموني ورق الن ّ شاف ..ليالً ونهاراً ..فأكلت أدخلوني في دهاليز الجنون فاعذروني أيّها السّادة إن كنت ضحكت كان في و ّدي أن أبكي .. ْ ضحكت ولك ّني
إبراهيم (أبو األصوات) مازالت أذكر ذلك الصوت الجبّار الواسع المساحة في الجواب والقرار المحمّل والمحمول عراقة على أساطير الشمال السوريّ ،قو ّيا ً كما جلجامش ورقيقا ً كلحظة بداية أنسنة أنكيدو وأذك��ر (الملفونو) شيخ المعلّمين باللغة السريانيّة الف ّنان نوري إسكندر وهو يصرخ به بما يشبه الغناء «كيفو مارح يتعلّم نوطة كيفو بدو يبقى يغ ّني على كيفو» وفعالً ،ظ ّل سفير األغنية الجزراويّة أقرب إلى فطرته ،فما يميّز كيفو أ ّنه يستطيع وبسالسة أن يغني ح ّتى الكالم المحكي ،وبراعته تكمن في كونه يستطيع أن يسلطن على جملة موسيقيّة قصيرة فيأخذها بعُربه الصوتيّة يمينا ً ويساراً ويهبط ويصعد بها يغ ّنيها وتغ ّنيه يراقصها وتراقصه وأحيانا ً يبكيان ويضحكان؛ وعن اللغات التي يغ ّني بها الف ّنان إبراهيم يقول :أغ ّني باألرمنيّة والتركيّة لغة أمّي وأخوالي وبالكرديّة لغة شارعي وغ ّنيت األغاني الملحميّة اإليزيديّة عرفانا ً م ّني لمن احتضن ج ّدي المهاجر ،وهذه األغاني تعكس إلى ح ّد كبير حال اإليزيدين اليوم (هنا لم يستطع إبراهيم أن يداري دموعه على ما يحدث لإليزيدين حال ّياً) وأغ ّني بالعربيّة لغة مدرستي المدنيّة منها والبدويّة ،كما أ ّنني تعلّمت أصول الغناء باللغتين السريانيّة واآلشوريّة القديمة والتي يعتبر التغ ّني بها من أصعب أنواع الغناء. أخذ إبراهيم عن أ ّم��ه صاحبة الصوت الجميل الغناء (المارديني) نسبة إلى ماردين على الحدود السوريّة التركيّة أوّ ل ظهور له على المسرح 1979 بمحافظة الحسكة بإشراف المدرّ س «جميل برّ و» غ ّنى المو ّ شحات والقدود في المعهد الموسيقيّ في مدينة حلب وتخرّ ج منه 1987عمل مدرّ سا ً في المعهد الموسيقيّ في الحسكة.
newspaper@allsyrians.org
تل ّح على إبراهيم ،بعد أن سافر إلى ألمانية ،فكرة أن يكمل فصالً آخر من فصول هجرة الج ّد من أرمينيا، وهو ال يريد أن يستسلم لفكرة الهجرة ،ويعبّر عن ذلك قائالً :أخاف كثيراً من عبارة خرج أو هاجر من سورية ،إذا قلتها أشعر أ ّنني لن أعود إليها ثانية ،خاصّة أ ّنني أحمل في ذاكرتي تاريخا ً من الالعودة» ويضيف: عشقت الفنّ وعشقني منذ طفولتي ففي قريتي البعيدة نمت محبّتي للفنّ والموسيقى وغناء وبين جوانح قريتي (دوكر) التابعة لمدينة عامودا من محافظة الحسكة اكتملت شخصيّتي الف ّنية .ويوضح الف ّنان :تربّيت بشكل فطريّ فأخذت من صوت المياه القدرة على تحفيز العطش لدى الجمهور ،ومن مطحنة والدي في القرية قوّ ة األداء ومن رعاة األغنام النفس الطويل ،د ّققت في ك ّل ما حولي من جماليّات بيئتي وطبعته في روحي. أمّا عن أعماله ومشاركته والجوائز التي حصدها فهي أكثر من أن يحيط بها مقال واحد وسنكتفي بالمه ّم منها ،شارك كيفو في الكثير من المحافل والمهرجانات الف ّنية ضمن محافظته وخارجها وفي عدد من البالد العربيّة والعالميّة ،انض ّم إلى جوقة الف ّنان األستاذ نوري إسكندر بعد تخرّ جه من المعهد الموسيقيّ مباشرة ،وق ّدم معه العديد من األعمال المهمّة. أوّ ل جائزة نالها كانت جائزة أحسن عازف على آلة البزق في مهرجان الالذقيّة ،ومن ث ّم جائزة األورنينا ألفضل أداء تراثيّ في المهرجان الثالث عام 1987المقام في حلب وشارك في مهرجان الغناء الدينيّ في مدريد مع ك��ورال الباحث نوري إسكندر. وبمهرجانات تابعة لبيت الثقافة العالميّ في باريس ومدن فرنسيّة أخرى ،ونال جائزة تقدير من إدارة
المهرجان ،له ثالثة أقراص وكاسيت تتضمّن أغانيه الخاصّة ،وأغاني فلكلوريّة ول��ه العديد من األعمال المؤرشفة باإلذاعة والتلفزيون السوريّ وإذاعة «بي بي سي البريطانيّة» القسم العربيّ . اختاره الف ّنان نوري إسكندر لدور البطولة في مسرحيّته الغنائيّة «عابدات باخوس» التي ق ّدمت في عدد من الدول العربيّة واألوربيّة ،وعن هذا االختيار يقول الف ّنان إبراهيم :لهذا العمل أثر كبير في حياتي ،أوّ الً :أل ّنه دور بطولة غنائيّة في عمل أعتبره كبيراً ومه ّماً .ثانياً :أل ّنها كانت فرصة ألعمل مع المؤلّف الموسيقيّ نوري إسكندر. يؤ ّكد إبراهيم أ ّنه قادر على إيصال رسالته الف ّنية إلى الجمهور مهما كانت لغته فيقول :بغضّ النظر عن كون الموسيقى لغة عالميّة ،فإنّ رسالتي تصل إلى الناس كما أشاء تماما ً من خالل أمرين متالزمين ،هويّتي السوريّة القادرة على احتواء التنوّ ع الدينيّ والقوميّ بمرونة عالية ،ودرجة الصدق واإلحساس بما أق ّدمه للناس ،وفي كثير من األحيان أسأل الجمهور األجنبيّ ، هل تفهمون عليّ ؟ فيقولون :نفهم ك ّل شيء من خالل شعورك وإحساسك ،وهذا ال يتو ّقف عليّ وحدي ،بل على ك ّل من يشاركني العزف والغناء. وبدعوة من إدارة مهرجان «مورغن الند» في مدينة أوسنابروك األلمانيّة ،ق ّدم كيفو أربع مشاركات ف ّنية ،األولى مع فرقة «شامبر» بأغنية كرديّة عبر لحن مشترك بينه وبين الموسيقار الكرديّ السوريّ المتألّق غني ميرزو ،والثانية مع مجموعة من المشاركين في
المهرجان ،والثالثة كانت مع فرقة الجاز التابعة لراديو NDRمع المغ ّنية الكرديّة التركيّة أينور دوغان ،أمّا الرابعة ،فشهدتها مدينة ديفنتر الهولنديّة ضمن برنامج المهرجان نفسه ،وق ّدم فيها باقة تنتمي إلى مختلف ألوان الفولكلور السوريّ .في لبنان ،شارك كيفو في مهرجانات بيت الدين برفقة عازف الكالرينيت كنان العظمة والمغ ّنية السوريّة رشا رزق. إبراهيم كيفو الف ّنان المتفائل دائماً ،فهو إن لم يكن يغ ّني فال ب ّد أ ّنه يضحك بعينيه بمالمح وجهه وح ّتى بحركاته في ك ّل ما يغ ّنيه على المسرح يأخذ جمهوره بحضوره المميّز والقويّ ؛ ما فاتني أن أكتبه هو ما قاله إبراهيم عندما سألته عن انتمائه ليجيب :أنا قبليّ إذا كانت القبيلة تخدم الوطن واإلنسان ،وعشائر ّيا ً إذا كانت العشيرة كذلك ،اكتبْ أنا أرمنيّ ،كرديّ ،آشوريّ عربيّ ،سريانيّ مسلم ،مسيحيّ إيزيديّ ،كالشنكوفي بزقي ،ورصاصة نوتاتي وغنائي وألحاني ،وسأظ ّل أغ ّني وأغ ّني فعسى أن يوقظ الغناء قلّة حياء هذا العالم ليشعر بآالم وأوجاع ك ّل السوريّين.
أسعد شالش
www.allsyrians.org
العدد 27
ثقافة
/ 20آذار 2015/
11
السنة الثانية
شعلة «نيروز» تقاوم العتمة
في (نو ..روز) يوم جديد لربيع آخر تعلنه والدة األرض التي تستدعي ك ّل أنواع الفرح والمتربّع منه على القمّة الموسيقى والغناء.
بالرقص والغناء أن تتلوّ ن أيّامه بك ّل أل��وان الفرح وتضاء سماء بلده بالشعلة التي ستنير دروب مستقبل مزركش بأصوات الموسيقى والغناء والفرح الممزوج بقهر عتيق ،فرح يحاول دحض الظلم واستبداله بالعزف والرقص والغناء.
تبدأ احتفاالت «ن��ي��روز» حيث يخرج الكورد وهم يرتدون الزيّ الشعبيّ التقليديّ المشهور بألوانه المختلفة البهيّة والزاهية المتناغمة مع ألوان الطبيعة المو ّ شاة بجمل موسيقيّة تطلقها حناجر الحسناوات يتجمهرن مع الرجال وهي تتغ ّنى بالحرّ يّة والطبيعة، َ بمختلف األعمار معهم آالتهم الموسيقيّة الضاربة في عمق تاريخ المنطقة وحضارتها ،تتكاتف الفاتنات وهنّ يؤدين الرقصات الكورديّة التقليديّة على أنغام الطبل َ والمزمار. هكذا ،تخرج األسر إلى البريّة الساحرة حيث تتمازج ألوان الطبيعة مع ألوان ثياب الحسناوات لتش ّكل مع رقصاتهنّ لوحة فنيّة تبعث الحياة من جديد ،فهنا حلقة للدبكة التقليديّة على أنغام الطبل والمزمار علّها ُتخرج مفاتن الطبيعة بعد أن ُت ّ دق األرض بأرجلهنّ لتوقظها من ثباتها الشتويّ تهيؤاً لدورة موسميّة جديدة ،في الحلقة الثانية والمجاورة رقصة جماعيّة ّ تلخص العناء والفرح التاريخيّ لهذه الشعوب ابتدا ًء من نثر البذار وص��والً لحصاد ما أنجبته األرض منه ليعقد شابّ زفافه على فاتنته تأسيسا ً لبداية حياة جديدة يتوالد منها أنسابهما كما الربيع من هذه األرض. في ركن آخر كه ٌل يغ ّني على بزق لعو ٍ أغان ب ٍ ملحميّة يستعيد من خالل كلماتها أساطير عشق وحبّ وحرب لمن كانوا هنا وأصبحوا هناك ،ألبطال شعبيّين ما زالت الذاكرة تحفظ لهم تضحياتهم في هذه المنطقة.
ثالثون نوعا ً من الدبكات الكورديّة أسهلها وأشهرها «اليساريّة» التي تتمايل هذه الجوقة الراقصة على أنغامها نحو اليسار بإيقاعات سهلة ،ولم يسأل أحدهم ما سرّ هذا التمايل على اليسار فقط ،وهنا دبكة وهناك أخرى تختصّ بالفتيات الباكرات ،أمّا هذا الذي ينفخ في مزماره مرافقا ً هذا الصوت القويّ اآلتي من السهول الفسيحة فيصدح بأغاني الرعاة والتي هي األقدم
واألع��رق من قبل أن يستوطن اإلنسان في القرى ويباشر الزراعة ،وال يخلو األمر من بعض التراتيل ّ ويكثف وجدان من الدينيّة فالغناء هنا اليوم يؤرّ خ عاشوا هنا ومشاعرهم اتجاه الحياة والطبيعة وعطائها قهر الكورديّ العتيد (كاوى الحداد) وعطائهم ،فاليوم َ المستب ّد الظالم (الضحاك) ،فهذا اليوم هو انتصار لحياة جديدة يتأمّل فيها هذا الكورديّ الذي قاوم التعسّف
يتميّز الشعب الكورديّ بتراثه الذي اكتسبه عبر الزمن وعبر حكاياته وأشعاره وأساطيره وأسلوب حياته ،ولع ّل الدبكات الكورديّة والرقص الشعبيّ ما يميّزه عن سواه من شعوب المنطقة فلك ّل قبيلة أو عشيرة ما يخصّها من الرقصات ،وبالرغم من التشابه في بعض الحركات إلاّ أنّ لك ّل رقصة أسلوبها الخاصّ وكذلك اسمها الخاصّ ،والموسيقى بإيقاعاتها الراقصة المتحرّ كة تجعلها أكثر تألّقا ً وإثارة ،لكنّ جميع الرقصات الفلكلوريّة الكورديّة تتطلّب أدواتا ً موسيقيّة شعبيّة تجعلها أكثر أصالة من األدوات الموسيقيّة المعاصرة ،يصطفّ الراقصون والراقصات في صفّ طويل مختلط من الذكور واإلناث وفي كثير من ّ ويهزه مع الحاالت يمسك قائد الجوقة منديالً زاهيا ً بيده نغمات األغنية الراقصة كأ ّنما يو ّدع زمنا ً غابراً حينا ً وملوّ حا ً لمستقبل زا ٍه كألوان منديله ،فالشعب الكورديّ يع ّج باألمل والفرح كألوان الربيع وألوان «نيروز»، ويصرّ على خلق الحياة واالستمرار في إبقاء شعلة النار مضيئة تلوّ ن العتمة وتقاوم الظلم واألوج��اع بالغناء والرقص والموسيقى ،فشعب مكلوم في هويّته من أغلب َمن في المنطقة ويملك هذه الذخيرة الف ّنية ال ب ّد أ ّنه شعب ّ يحق له أن يحيا بحرّ يّة وكرامة.
ف .اخلالد
الكردي القومي للشعب عيد النوروز ..العيد ّ ّ
يحتفل الكرد بعيد نوروز منذ أزمنة غابرة ويعتبرونه عيداً قوم ّيا ً وتقويم جمهورية مهاباد الكرديّة ،واعتبر يوم نوروز عيداً للشعب الكرديّ لكنّ شعوبا ً أخرى أيضا ً مثل الفرس واألفغان والطاجيك والبلوش التي تنحدر أصولها من هضبة إي��ران وح ّتى األوزب��ك والقرغيز الذين ينحدرون من قبائل الهون تحتفل بنوروز؛ وهؤالء جميعا ً ال يختلفون في تسمية وأه ّميّة هذه الذكرى وال يختلفون كذلك في توقيتها المصادف في الحادي والعشرين من شهر آذار من ك ّل عام ،كما ال يختلفون كثيراً في طريقة وطقوس االحتفال وإنْ كان إشعال النيران لدى الكرد بشكل خاصّ يعتبر ركنا ً أساس ّيا ً يسبق االحتفال بالعيد (ليلة العيد) وتروى قصّة نوروز لدى ك ّل قوم بحيث تخدم تاريخها وثقافتها ونهضتها على وجه التحديد ولكن ال أحد يق ّدم وثائق تاريخيّة تبيّن واقعة اسمها نوروز مح ّددة بالزمان والمكان مثل سقوط روما مثالً ،فك ّل ما يروى عن ن��وروز هزيل بعض الشيء وال يرقى إلى مستوى حدث تاريخيّ موثق بالزمان. قصّة كاوا حداد ،البطل الكرديّ : إنّ النسخ َة الكردي َة للنيروز هي أسطورةُ (كاوا) الحداد التي تقُو ُل بأ ّنه في قديم الزمان كان هناك مل ُ ك شر ّي ُر َسمّى (الضحّ اك) .كان هذا الملك ومملكته قد ْ فضت ال ْشروق وكان من لُعِنا بسبب شرِّ ه .الشمس َر ان عِ ْندَ هُ المستحي َل َنمُو أيّ غذاء .الملك (الضحّ اك) َك َ لعن ُة إضاف ّي ُة وهي امتالك أفعيين ربطتا بأكتافِه .عندما عظيم ،والشيء بألم تكون األفاعي جائعة َك َ ِ ان يشعر ِ �وع األفاعي َك ْ انت أدمغ َة الوحيد ال��ذي َيرضي ج� َ أطفال القُرى األطفال .لذا كان ُك ّل يوم يُقتل اثنان من ِ ِ ُ المحلّ ّي ِة وتق ّدم أدمغتهم إلى األفاعي.
الملك مثل 16مِنْ ان الحدادَ المحليَّ قد ُك ِر َه َ (كاوا) َك َ الملك. أطفالِه الـ 17الذين َكانوا َق ْد ضُحّ ي بهم ألفاعي َ ً األخير وهي بنت ،سوف كلمة أنّ طف َله عندما وصلته َ ّ بخطة إلنقاذها .بدالً مِنْ أنْ َيضحّ ي ببنتِه، تقتل جا َء َ ِروف إلى دماغ الخ وأعطى ضحّ ى (كاوا) بخروفِ َ َ َ ْ الملكِ .االختالف َل ْم يُالحظ .عندما سمع اآلخرون عن ُرسلون خدعة (كاوا) َعمِلوا جميعا ً نفس الشيء ،في الليل ي َ أط��ف��ا َل��ه��م الجبال إل��ى ِ َم��ع (ك��اوا) و َس َي ُكو نو َن ب�����أم�����ان. األط����ف����ال ازده������روا الجبال ف��ي ِ و(ك�������اوا) َخلق جيشا ً مِنْ األطفال ِ إل ْن�����ه�����اء عه ِد الملكِ ��ر. ال���ش���ر ّي� ِ ع����ن����دم����ا أصبحت أعدادهم عظيمة بما فيه الكفايةَ ،نزلوا مِنْ اختار الجبال واقتحموا القلع َة( .كاوا) بنفسه كان قد َ ِ الضرب َة القاتل َة إلى الملكِ الشريّر(ِالضحّ اك) .إليصال النهرين َبنى مشعالً كبيراً أناس بالد ما بين األخبار إلى ِ ِ ِ أضا َء السما َء وطه َّر الهوا َء من شرّ عه ِد (الضحاك). ثانية والزرع َبدأَ ً ذلك الصباح َبدأَت الشمسُ بالشروق البداية «ليوم جديد» أَو بال َنمُو مرّ ًة أخرى .هذه هي ِ
نيروز (نه وروز) كما يتهجّ ى في اللغ ِة الكرد ّيةِ. طقوس نوروز عند الكرد : نوروز ..في ثقافة الكرد هي مأثرة قوميّة ومعلم إنسانيّ يجسّد شموخهم في وجه الظلم الذي لم يبرح حياتهم بعد وتحديا ً متج ّدداً في وجه الظالمين ،نوروز هي ّ الحق على الباطل، دعوة لاللتقاء واللقاء ورمز النتصار وبداية لعهد الخير والحرّ يّة واالزدهار في ربوع المنطقة وع������ب������ر ال�����ق�����رون واألج���ي���ال ت������ر ّس������خ ن���وروز في عرف وثقافة ال����ش����ع����ب ال����ك����رديّ وت�����ح�����وّ ل إل��ى كرنفال سنويّ يجسّد عيداً قوم ّيا ً لجميع الكرد في العالم. ي��س��ت��ع�� ّد الكرديّ للقاء نوروز منذ مطلع آذار ،ينشغل األطفال والشباب بتحضير مالبس العيد والكبار يدعون السماء أن تمطر خيراً ك ّل يوم وتنقشع الغيوم يوم نوروز لتشرق الشمس ويطيب العيد .. يوم العشرين من آذار وبعد مغيب الشمس تجري العادة أن يتسلّق الشبّان والشابّات الجبال والوهاد والروابي في القرى واألرياف الكردستانيّة ويشعلون
النيران في األمكنة المرتفعة والمرئيّة للناس الذين يخرجون بدورهم إلى الشرفات والمصاطب والساحات لمشاهدتها إيذانا ً بقدوم نوروز ،ومن أراد لفت االنتباه أكثر ابتعد وتسلّق إلى القمم أو كتب بالنيران كلمة يعشقها الكرد مثل :آزادي = الحرّ يّة ،كردستان نوروز. أمّا في المدن الكبيرة أو تلك التي يقطنها الكرد إلى جوار شعوب أخرى فقد ارتأت المراجع الكرديّة وخالل السنوات األخيرة أن يت ّم إشعال المشاعل أو الشموع في األماكن المرئيّة أو الخروج بها إلى الشارع أو السير بها أرتاالً متناسقة لتبشير الناس بقدوم نوروز وذلك اتقاء لما قد تسبّبه النيران وعبث األطفال من حرائق أو آثار تسيء إلى نوروز و المحتفلين به . ي��وم الحادي والعشرين ،ومنذ الصباح ينطلق القرويّون إلى أماكن التجمّع واالحتفال بجانب األنهار والسواقي وعلى سفوح التالل حاملين زاد النهار وما طاب من أكل وشراب وك�لام ...أمّا في المدن الكبيرة فقد ا ّتخذ الناس أمكنة مح ّددة يجتمعون فيها بعشرات بل بمئات األلوف حيث العروض الممتعة من الرقص واألغاني واألناشيد الكرديّة الشجيّة والدبكة ذات الحركات المتناسقة التي تلتف حول الطبل والزرنة حلقات وحلقات والتي تحكي قصّة نوروز والكرد ،وي��دوم ذلك ح ّتى مغيب شمس العيد يوم الحادي والعشرين من آذار وتكون الناس قد تصافحت وتبادلت التهاني بالعيد وشاهدت العروض الفنيّة ،ث ّم تعود الجموع إلى مآويها لتتح ّدث عن يوم جميل آخر قد مضى حافل بلقاءات األحبّة مفعم باألمل ،ويظ ّل األطفال من بعده أيّاما ً ينشدون أغاني العشق والحرّ يّة التي سمعوها يوم العيد ،ويظ ّل الكرد ينتظرون من جديد كاوا ،نوروز ،وشعلة الحرّ يّة .هيئة التحرير
تحتفل العديد من دول العالم بعيد النوروز وهو أوّ ل أيّام الربيع وتختلف األسباب التاريخيّة في هذا العيد لكن تتوحّ د المعاني وهي البدء والحياة. ويعود تاريخ االحتفال بهذا العيد (عيد النوروز) إلى الحضارة البابليّة والسومريّة حيث ظ ّل س ّكان الرافدين يحتفلون بهذا العيد لحوالي ثالثة آالف عام ح ّتى انتشار المسيحيّة .فقد سمّاه السومريون (زكموك) وفي بابل ونينوى (اجيتو -الحج) أي عيد رأس السنة ،ويبدأ في أوّ ل يوم من السنة حسب التقويم السومريّ الذي يعتبر يوم المنقلب الربيعيّ ويصادف اآلن ( 21آذار) حيث تنبثق الحياة ويظهر الربيع ،وقد انتقلت تقاليد االحتفال بهذا العيد إلى الشام مع انتقال الميراث السومريّ . وتبدأ احتفاالت النوروز في أوّ ل يوم من أيام الربيع الذي يصادف الحادي عشر من آذار ،وهو بداية تقويم السنة الجديدة في إيران وأفغانستان ومناطق كردستان وفي بعض بلدان آسيا الوسطى .وبالرغم من أنّ أصل االحتفال يع ّد لغزاً ،لكن هناك من يقول إ ّنه بدأ قبل آالف السنوات في مناطق فارس القديمة كاحتفال بقدوم الربيع لالحتفال بتج ّدد الطبيعة بعد فصل البرد .وبعد ذلك
تب ّنت القوميّات والديانات المختلفة في المنطقة االحتفال بعيد النوروز .وترافق االحتفاالت بالعيد طقوس معيّنة منها إشعال النار والقفز فوق المشاعل للتخلّص من ّ الحظ حسب بعض االعتقادات ..وفي األمراض وسوء أذربيجان يستع ّد الس ّكان قبل أسابيع لالحتفال بالعيد حيث تنتشر مشاعل النار ويجوب األطفال األحياء من بيت لبيت طلبا للحلوى. النوروز في مصر هو عيد رأس السنة المصريّة وهو أوّ ل يوم في السنة الزراعيّة الجديدة ..وقد أتت لفظة نيروز من الكلمة القبطيّة (ني ـ يارؤو) وهي تعني األنهار ،وذلك ألنّ ذاك الوقت من العام هو ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل ..ولما دخل اليونانيّين مصر أضافوا حرف السي لإلعراب (مثل أنطوني وأنطونيوس) فأصبحت “نيروس” فظ ّنها العرب نيروز الفارسيّة ..والرتباط النوروز بالنيل أبدلوا الراء بالالم ّ أشتق العرب لفظة النيل العربيّة. فصارت نيلوس ومنها يقول األنبا لوكاس المتنيح أسقف منفلوط ..إنّ النوروز اختصار (نيارو أزمو رووؤو) وهو قرار شعريّ ابتهالي للخالق لمباركة األنهار ..وعوضا ً عن
كتابة القرار كامل بنصّه اختصروه إلى كلمة واحدة، وأصبحت نياروس ومعناها الكامل عيد مباركة األنهار .وقد اختيرت بداية السنة المصريّة مع موسم الفيضان ،أل ّنه وجد نجمة الشعري اليمينيّة تبرق في السماء بوضوح في هذا الوقت من العام ..ممّا يعني أنّ السنة القبطيّة سنة نجميّة وليست شمسيّة ..ذلك ألنّ الشمس تكبر األرض بمليون وثلث مليون مرّ ة والشعري اليمينيّة تكبر الشمس بـ 200مرّ ة ممّا يعني أ ّنها أكبر من األرض بـ 260مليون مرّ ة ممّا يجعل السنة النجميّة ّ أدق عند المقارنة بالشمسيّة .ومع عصر دقلديانوس احتفظ المصريّون بمواقيت وشهور السنة التي يعتمد الفالح عليها في الزراعة مع تغيير عداد السنين وتصفيره لجعله السنة األولى لحكم دقلديانوس ـ والتي تقابل سنة 282ميالديّة هي أوّ ل سنة قبطيّة.. وهي تعادل سنة 4525توتية (فرعونيّة) .ومن هنا ارتبط النوروز بعيد الشهداء ..حيث كان المسيحيّون يخرجون في هذا التوقيت إلى األماكن التي دفنوا فيها أجساد الشهداء مخبّئة ليذكروهم ،وقد أحتفظ األقباط بهذه العادة ح ّتى أيامنا فيما يسمّونه بالطلعة.
و يحتفل ا لبها ئيّيو ن ف��ي ال��ع��ال��م ب�����ع�����ي�����د ال����ن����وروز وال��ذي يأتي ب��ع��د صيام شهر العالء ويعتبر النوروز أوّ ل السنة البهائيّة الجديدة .ويعتبر هذا اليوم عند البهائيّين مباركا ً ج ّداً أل ّنه بداية االعتدال الربيعيّ وأوّ ل الربيع في النصف الشمالي من الكرة األرضيّة وتجد جميع الكائنات األرضيّة أشجاراً وحيوانات وإنسانا ً روحا ً جديدة فيه ،وتجد نشاطا ً جديداً من النسيم المحيي لألرواح فتنال روحا ً جديدة وحشراً ونشراً بديعين ألنّ الفصل فصل الربيع ،وتظهر في الكائنات حركة عموميّة بديعة.. وعيد النوروز في رومانيا له في ك ّل عام نكهة خاصّة ،وخصوصيته تأتي من خالل تميّز االحتفال وغناه الثقافي والف ّنيّ .
النوروز ..عيد البدء والحياة
newspaper@allsyrians.org
إعداد :فاضل سعيد
www.allsyrians.org
12
العدد 27
السنة الثانية
مقامات
/ 20آذار 2015/
بدنا حنكي
فيما يستعصي على الشرح
في الـ 27من آذار ،وفي ك ّل عام يُحتفل باليوم العالميّ للمسرح ،وقد أُعطيت كلمة هذا العام 2015للمخرج البولنديّ كريستوف ورليكوفسكي* فكتب: «إنّ العثور على األساتذة الحقيقيّين لفنّ المسرح أمر سهل للغاية بشرط أن نبحث عنهم بعيداً عن خشبته ،فهم غير معنيّين بالمسرح كآلة الستنساخ التقاليد أو إعادة إنتاج القوالب أو الصيغ الجامدة المبتذلة ،بل يبحثون عن منابعه النابضة وتياراته الحيّة التي غالبا ً ما تتجاوز قاعات التمثيل ،وحشود البشر المنكبّين على استنساخ واحدة أو أخرى من صور العالم ،فنحن نستنسخ صوراً للعالم بدالً من إبداع عوالم ترتكز على الجدل مع المتفرّ جين أو ّ والحق أ ّنه ال شيء يضاهى تستند إليه ،كما تركز على االنفعاالت التي تموج تحت السطح، المسرح في قدرته على الكشف عن العواطف الخفيّة.
ّ لكل مقام مقال
ليس في عيدها فقط جبران خليل جبران «وجه أمّي وجه أمّتي» أبو حنيفة النعمـان «المرأة الصالحة تشبه األ ّم واألخت والصديق» ماري هوبكنز «األمومة أعظم هبة خصّ هللا بها
النساء» مثل روسيّ «األ ّم تصنع األمّة» شكسبير «ليس في العالم وسادة أنعم من حضن األ ّم» مارسيل بروست «كنزي الحقيقيّ هو أمّي» سقراط «لم أطمئنّ ّ قط إلاّ وأنا في حجر أمّي» شافر «في العالم شيء واحد خير من الزوجة ..هو :األ ّم» فرجيل «يعرف الطفل أمّه من ابتسامتها» مارتن لوثر «ال يوجد شيء في الدنيا أحلى من قلب أ ّم تقيّة» دوريون «حبّ األ ّم ال يشيخ أبداً» بيتهوفن لاّ ّ أرق األلحان وأعذب األنغام ال يعزفها إ قلب األ ّم» «إنّ فيكتور هوجو «إذا صغر العالم كلّه فاأل ّم تبقى كبيرة» محمود درويش «لن أسمّيكِ امرأة ،سأسمّيك ك ّل شيء» بيتشر «قلب األم مدرسة الطفل» لورد بيرون «عينا األ ّم سرّ إلهام ولدها» مدام دي بوارن «األ ّم تحبّ من ك ّل قلبها واألب يحبّ بك ّل قوته» مثل هنديّ ّ «قلب األ ّم كعود المسك كلما احترق فاح شذاه» عبّاس محمود الع ّقاد «أسعد ساعات المرأة ..هي الساعة التي تتح ّقق فيها أنوثتها الخالدة..وأمومتها المشتهاة ..وتلك ساعة الوالدة» كورناي «مدرستي األولى على صدر أمّي» مسعود سماحة وما صِ ٌّل ُترافقُه المنايا … ويجري الس ُّم ق ّتاالً بفي ِه ُقوق ال يراعي … كرام َة أ ّم ِه ورضى أبي ِه َ بأقبح من ع ٍ أبراهام لنكولن «إ ّني مدين لكِ بك ّل ما وصلت إليه وما أرجو أن أصل إليه من الرفعة ،إلى أمّي المالك» شوبير «األ ّم تظلم نفسها لتنصف أوالدها» أندريه غريتري «من روائع خلق هللا قلب األ ّم» نابليون بونابرت تهز السرير بيمينها ّ «األ ّم التي ّ تهز العالم بيسارها»
المدير العام
رئيس التحرير
توفيــق دنيـــا
بسام يوسف َ
newspaper@allsyrians.org
17مليون جنيهاً خسائر ّ تعطل خوادم “آبّل”
كثيراً ما ألجأ إلى النثر علّه يرشدني إلى الحقيقة ،ففي ك ّل يوم أجدني أف ّكر في هؤالء الك ّتاب الذين تنبّؤوا على استحياء منذ نحو مائة عام باضمحالل اآللهة األورو ّبيّة ،وبذلك األفول الذي غيّب حضارتنا في ظالم لم نب ّدده بعد ،وأنا أعنى ك ّتابا ً مثل فرانز كافكا وتوماس مان ومارسل بروست .ويمكنني اليوم أن أضيف إلى قائمة هؤالء المتنبّئين جون ماكسويل كوتزي. لقد أدركوا جميعا بفطرتهم السليمة أنّ نهاية العالم قادمة ال محالة ،وال أقصد هنا نهاية كوكب األرض ،بل نهاية النموذج السائد في العالقات بين البشر ،ونهاية النظام االجتماعيّ واالنتفاضات الثوريّة ض ّده ،وما أدركوه بحسهم المشترك هو ما نعانيه اآلن بصورة شديدة الح ّدة ،فنحن َمن عاصرنا نهاية العالم ومازلنا على قيد الحياة.
«تسعى األسطورة إلى شرح ما ال يمكن شرحه ،ولما كانت األسطورة قائمة على الحقيقة، فالب ّد أن تنتهي إلى ما يستعصي على التفسير ”.هكذا وصف كافكا تحوّ ل بروميثيوس في األسطورة المعروفة ،ولديّ إحساس قوّ ي بأنّ المسرح يجب أن يوصف بنفس هذه الكلمات، فهذا النوع من المسرح القائم على الحقيقة ،والذي يجد غايته فيما يستعصي على الشرح الحظ مستخدمو أجهزة شركة آبّل المختلفة ،في 11آذار ،والتفسير ،هو ما أصبو إليه وأتم ّناه لك ّل العاملين بالمسرح… سواء أكانوا على خشبته أو تو ّقف خدمات مثل «آب ستور» و»آي تيونز» و»آي كالود» بين جمهوره … أتمّناه من ك ّل قلبي». لساعات طويلة. * كريستوف ورليكوفسكي ّ تعطل بعض خدمات الشركة، وأشارت تقارير صحفيّة إلى أنّ مواليد بولندا عام ،1962أحد أبرز المخرجين األوروب ّيين في جيله ،وهو المدير الف ّني لم ّدة 11ساعة ،بسبب خطأ داخليّ بنظام ،DNSكلّفها خسائر بمقدار 17.6مليون جنيه إسترلينيّ ،أي بواقع 1.6مليون في للمسرح الجديد بمدينة وارسو منذ عام 2008 الساعة.
#ارفع _ علم _ثورتك
أطلق مجلس ثوّ ار مدينة حلب في الذكرى الرابعة النطالق الثورة السوريّة حملة ضخمة بعنوان#ارفع_علم_ثورتك مرفقة بإيفنت وهاشتاغ على مواقع التواصل االجتماعيّ ،دعا المجلس عبرها إلى رفع علم الثورة في جميع أحياء حلب بعد أن غابت عن المشهد بسبب تع ّدد الرايات واألعالم ،وتوجّ هت الحملة من حلب إلى ك ّل مكان داخل سورية وإلى جميع السوريّين في ش ّتى أنحاء العالم ،فرفعوا علم الثورة السوريّة في مختلف المناطق داخل البالد، وفي العديد من المدن والعواصم ومنها لندن وباريس واستوكهولم وإستانبول وبيروت وغيرها. تنبع أه ّميّة علم االستقالل الرمزيّة والتاريخيّة من أ ّنه الراية التي رُفعت أوّ ل مرّ ة في حزيران 1932يوم تنصيب «محمّد علي العابد» أوّ ل رئيس يت ّم انتخابه لسورية وليس تعيينه ،ث ّم اعتمادها علما ً رسم ّيا ً للبالد عند استقاللها عن فرنسا .1946 يذكر أنّ هاشتاغ الحملة وصل إلى التاسع عالم ّيا ً على موقع «تويتر» ،وأنّ التفاعل مع الحملة كان كبيراً على موقع «فيسبوك» إذ أنشئت صفحة رُفع فيها
اختبار أسرع لكشف اإليبوال
ّ منظمة الصحّ ة العالميّة قالت إنّ وباء اإليبوال أودى بحياة أكثر من عشرة آالف شخص في دول غرب أفريقيا التي تعتبر األكثر تضرّ راً من الفيروس. ّ المنظمة أوّ ل اختبار وقد أقرّ ت
للدم يستغرق دقائق للكشف عن ال��م��رض ،ليسمح بالكشف عن المصابين وعزلهم وعالجهم بسرعة ،ويت ّم إجراء االختبار دون الحاجة إلى وجود كهرباء. آالف األط����ف����ال السوريّين عم يموتوا من أربع سنين بكل ما يخطر بالبال من وسائل الموت واإلج������رام ،ك��ي��م��اوي، ب��رام��ي��ل ،ج���وع ،ب��رد، غرق بالبحر ..الفرق إ ّنو هدول األطفال ما وراهن مؤسّسات دولية تفوكس على موتهن بصفته قتل بفعل الكراهية ،أل ّنو قاتلهن غالبا ً لباسه مو أفغاني، والراية اللي حاملها مو سودا ،مشان هيك أصدقائي المث ّقفين مو مهتمّين وال بيشوفوهن ..رشا عمران
هيئة التحرير ّ بشار فستق -غزوان قرنفل ثائر موسى -عزّة البحرة
االخراج الفني منير األيوبي
علم الثورة و ُنشرت صور الشهداء ،وتمّت طباعة صور لُصقت على جدران مدينة حلب ورفع أكثر من 3000علم في حلب المحرّ رة وحدها ،وكان في الحملة باقة غرافيتي ّ توزعت على المناطق المحرّ رة من المدينة. ك وكانت حملة #ارفع_علم_ثورت قد بدأت في 3 - 15 ح ّتى 18 ، 3بمنا سبة ال��ذك��رى ال��راب��ع��ة الن��ط�لاق ال���ث���ورة السوريّة.
بسمة وشهقة ضوء
ص��درت حديثا ً عن مركز التفكير الحرّ مجموعة شعريّة للشاعرة السوريّة بسمة شيخو بعنوان «شهقة ضوء» ،ق ّدم لها الشاعر شوقي بغدادي. تحتوي المجموعة 46قصيدة نثر وتقع في 140صفحة من القطع المتوسّط ،من عناوينها :سنكون بخير، ُ لست واح��دة ،بشر ال يشبهوننا ،تحت وسادتي ،حُلم ّ - فزاعة ،طريق للمقبرة، يوسف من جديد.
شريط(فيديو) يحكي في 7 م���رّ ت أرب���ع س��ن��وات دقائق وبتكامل ف ّنيّ ،كيف على الثورة السوريّة وما أنهضت الثورة السوريّة زلنا نتذ ّكر مجازر الحولة روح الف ّنان ،وكيف قام وغ��وط��ة دم��ش��ق وداريّ���ا النظام بالقتل وال��ح��رق. والقصير ومخيم اليرموك، «ال��ح��رّ ّي��ة» أو سمفونيّة نتذ ّكر ك ّل المدن والقرى القاشوش ،عمل موسيقيّ والبلدات المدمّرة بالبراميل المتفجّ رة ونحزن على للمؤلّف وعازف البيانو السوريّ مالك الجندليّ ، صمت العالم على مأساتها وتجاهله حصارها وموتها ويعتبر هذا العمل من أه ّم األعمال الف ّنيّة التي ق ّدمت واختزاله حكايتها الطويلة والمفجعة من أجل الحرّ يّة عن الثورة السوريّة ،بهذا التصوير واإلخراج من إلى قصّة إرهاب. فوجو استوديو. سعاد رغاي
فريق العمل هلّ العبدال سكرتاريا :نور التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
youtube.com/watch?v=ax5ck0fzyaU
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org