كلنا سوريون العدد 36

Page 1

‫انترنت‬

‫ص‪3‬‬

‫ص‪5‬‬

‫ظاهرة الشبّيحة والغطاء‬ ‫سؤال المصير يعصف بالمواالة‬

‫ص‪7‬‬

‫آليّات قمع بمس ّميات مختلفة‬ ‫الهيئات والمحاكم الشرعيّة – حلب نموذجا ً‬

‫خارطة عسكريّة ترسمها أقدام الثوار‬ ‫النظام في مرحلة الالتوازن واإلنهاك‬

‫االفتتاحية‬

‫المشروع الوطني وراهن‬ ‫الثورة السورية‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬

‫منذ أن انطلقت الثورة السورية‪ ،‬كانت هناك حاجة ملحة إلى بلورة مشروع وطني‬ ‫جامع ‪ ،‬تتبناه قواها الفاعلة‪ ،‬وتسيرعلى ضوئه فعالياتها ‪ ،‬لكن أغلب السوريين الذين‬ ‫انخرطوا في الثورة السورية اعتقدوا أن مسار الثورة يتطلب فقط العمل على هدف‬ ‫وحيد هو (إسقاط النظام)‪ ،‬وبعد تحققه سيكون هناك مراجعة كاملة وصياغة جديدة لكل‬ ‫متطلبات قيام الدولة الجديدة‪.‬‬ ‫كان من الممكن الركون إلى هذه الفكرة لو أن هدف اسقاط النظام كان مؤكدا ً وسريعا‪ً،‬‬ ‫لكن استمرار الصراع لزمن طويل جعل من غياب هذا المشروع نقطة ضعف في وجه‬ ‫الثورة ومصدر قوة للنظام‪.‬‬ ‫ال يمكن لنا أن نغيّب أو نتجاهل عدّة محاوالت جرت في هذا المنحى ‪ ،‬فقد قدّمت‬ ‫المعارضة السورية (على عج ٍل) وثائق أولية في عدّة مؤتمرات‪ ،‬واعتبرت في حينها‬ ‫كافية ‪ّ ،‬‬ ‫لكن هذه الوثائق اكتفت بخطوط عريضة مؤقّتة في طابعها العام ‪ ،‬وخاطبت فقط‬ ‫القشرة السياسية وربما كان دافعها األول هو إقناع أطراف دوليّة لها تأثيرها بأنه لدى‬ ‫المعارضة ماتقوله ‪ ،‬أي أن هذه المشاريع لم تنضج في جوهرها وعمقها لتصل إلى صيغة‬ ‫مشروع وطني قادر على استقطاب السوريين الباحثين عن حلمهم بدولة عصرية‪ ،‬مهما‬ ‫اختلفت توجهاتهم ومواقعهم وانتماءاتهم‪.‬‬ ‫غياب المشروع الوطني أعاق إلى حد كبير انتصار الثورة السورية ‪ ،‬وأدى أيضا وفي‬ ‫ضوء العنف المفرط للنظام ‪ ،‬إلى نكوص في المفاهيم الوطنية التي كان من الممكن البناء‬ ‫عليها وتقويتها وتحديد تخوم الصراع على أساسها ‪ ،‬لكنه وبغياب المشروع الوطني تم‬ ‫استبدال هذه التخوم لتصبح عامل إجهاض للثورة بدالً من أن تكون عامل استنهاض لها‪.‬‬ ‫ساهم غياب المشروع الوطني أيضا في تدهور حضور الثورة في أذهان السوريين‪،‬‬ ‫وحتى في أذهان مؤيديها من غير السوريين ‪ ،‬إن وضوح الهدف األول حين انطالق‬ ‫الثورة‪ ،‬والذي يمكن تلخيصه بتغيير النظام ‪ ،‬شكل عامل استناد للثورة في اندفاعتها‬ ‫األولى ‪ ،‬لكنه‪ ،‬وفي غياب البديل عن النظام‪ ،‬وامتداد زمن الصراع ‪ ،‬جعل من األمر‬ ‫أزمة فتحت الباب أمام المشاريع الالوطنية لكي تتمدد وتنمو فتصبح عقبات جديدة في‬ ‫وجه المشروع الوطني القادم‪.‬‬ ‫إن هدف إسقاط النظام ‪ -‬على أهميته ‪ -‬ال يكفي إلنجاز ثورة وطنية تؤسس لدولة ذات‬ ‫سيادة وقابلة للحياة والتطور‪ ،‬يجب أن يترافق هذا الهدف مع وضوح أهداف أخرى كشكل‬ ‫الدولة ومؤسساتها ومرجعياتها وقانونها ودستورها‪ ،‬سيما أن سوريا لم تعرف حتى اليوم‬ ‫صيغة الدولة بمفهومها الحديث ‪.‬‬ ‫ال يمكن أن يصاغ برنامج وطني انطالقا ً من الرغبات والكتب والنظريات‪ ،‬إن أي مشروع‬ ‫وطني البد أن يرتكز أساسا ً على الحد الحضاري الذي وصله المجتمع‪ ،‬وأن يستند بعد‬ ‫هذه السنوات من مجريات الثورة وأحداثها‪ ،‬إلى مفاهيم جديدة تأخذ بعين االعتبار المشهد‬ ‫الثقافي والسياسي والديني واالقتصادي للمجتمع السوري في ضوء التمزق الحاد الذي‬ ‫أصاب بنية هذا المجتمع ‪،‬أفقيا وعموديا وفي كل االتجاهات‪.‬‬ ‫قد يكون من الجنون أن يرى البعض في الدولة الدينية صيغة قادمة لسوريا‪ ،‬ماتحتاجه‬ ‫سوريا اآلن وأكثر من أي وقت مضى ‪ ،‬هو صيغة الدولة العلمانية الديمقراطية ‪ ،‬صيغة‬ ‫يمكنها الحفاظ على شكل الدولة جغرافيا ً وبشريا ً وتبعدها عن هاوية الصيغ التي ستزجها‬ ‫في دوامة حرب ستفتق بنيتها االجتماعية أكثر مما تفتقت‪.‬‬ ‫قديكون الحفاظ على سوريا هو الهدف االهم ألي مشروع وطني‪ ،‬أي بقاء سوريا على‬ ‫قيد الحياة‪ ،‬هل سيبادر السوريون إلى اعتبار بقاء سوريا المصلحة األولى واألهم والتي‬ ‫تتراجع أمامها كل المصالح؟‪.‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬

‫السوري‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح‬ ‫نحاول أن تكون فضا ًء إعالم ّياً مفتوحاً عىل الشأن‬ ‫ّ‬ ‫سوري‬ ‫ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬محاولة جا ّدة للمساهمة يف صناعة إعالم‬ ‫ّ‬ ‫يؤسس لصياغة الهويّة الوطن ّية الجامعة‬ ‫وطني‬ ‫جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم بدوره يف صياغة وعي‬ ‫ّ‬ ‫سوري جامع‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪36‬‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫حركة “أحرار الشام” تمنع أربعة صحف‬

‫رابطة الصحفيّين السورّيين تر ّد‬

‫ي للحريّات الصحفيّة‬ ‫أصدر المركز السور ّ‬ ‫في رابطة الصحفيّين السوريّين بيـاناً‪ ،‬حول‬ ‫الحريّات اإلعالميّة في المناطق‬ ‫التضييق على‬ ‫ّ‬ ‫الشماليّة من سورية‪ ،‬قال فيه‪:‬‬ ‫للحريّات الصحفيّة في‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫يتابع المركز السور ّ‬ ‫رابطة الصحفيّين بأسف شديد أخبار تصاعد‬ ‫االنتهاكات ّ‬ ‫المحررة‪،‬‬ ‫بحق اإلعالم في المناطق‬ ‫ّ‬ ‫أو الخارجة عن سيطرة النظام أو تلك التي له‬ ‫وجود ضعيف فيها‪ ،‬تلك االنتهاكات التي يستند‬ ‫مرتكبوها إلى أسباب واهية يقف على رأسها‬ ‫ي تارة ً والسياسي تارة ً أُخرى‪،‬‬ ‫ال ُم ّ‬ ‫حرم الدين ّ‬ ‫لتتفرع عن ذلك كلّه اتّهامات ّ‬ ‫بحق اإلعالميّين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تذ ّكر السوريّين بالقمع الذي مارسه النظام‬ ‫ي‪ ،‬الــذي كــان‪ ،‬وال يــزال خالل ذلك‬ ‫الــســور ّ‬ ‫يطرح نفسه كحام لألديان ومصدر لتوزيع‬ ‫شهادات الوطنيّة‪.‬‬ ‫الحريّات قرارا ً أسود ذاك الذي‬ ‫يعتبر مركز‬ ‫ّ‬ ‫اتّخذه ممثّل حركة «أحرار الشام» في معبر‬ ‫ي بين سورية وتركيا‪،‬‬ ‫باب الهوى الحدود ّ‬ ‫والذي منع بموجبه دخول أربعة من صحف‬

‫الشبكة السوريّة لإلعالم المطبوع‪ ،‬وهي‪ :‬كلّنا‬ ‫الحريّة‪ ،‬عنب بلدي‬ ‫سوريّون‪ ،‬طلعنا على‬ ‫ّ‬ ‫وصدى الشام إلى مناطق سيطرة المعارضة‬ ‫السوريّة لتوزيعها هناك‪.‬‬ ‫ويرى أيضا ً في القرار الذي اتّخذته مديريّة‬ ‫اإلعالم في اإلدارة الذاتيّة الديمقراطيّة‪ ،‬التابعة‬ ‫ي في القامشلي‬ ‫لحزب االتّــحــاد الديمقراط ّ‬ ‫بمنع قناتي األورينت وروداو من التغطية‬ ‫الميدانيّة في مناطقها‪ ،‬وكذلك منع إدخال‬ ‫بعض تلك الصحف في وقت سابق قــرارا ً‬ ‫ّ‬ ‫صة ّ‬ ‫مسوغات‬ ‫يستحق التوصيف ذاته‪ ،‬خا ّ‬ ‫وأن ّ‬ ‫الجهتين تتشابهان‪ ،‬من جهة القول باإلساءة‬ ‫إلى شخصيّات محدّدة‪ ،‬والقول بعدم االلتزام‬ ‫بمقاييس وضعتها تلك الجهات لنفسها‪ ،‬وعدم‬ ‫استنادهما في ذلك إلى أحكام قضائيّة عادلة‪،‬‬ ‫تتوفّر فيها ضمانات الدفاع‪.‬‬ ‫الحريّات ّ‬ ‫ي قد‬ ‫يذ ّكر مركز‬ ‫ّ‬ ‫بأن الشعب السور ّ‬ ‫خرج في ثورته عام ‪ 2011‬للحصول على‬ ‫حريّته واستعادة كرامته‪ ،‬وللتخلّص من حصيلة‬ ‫ّ‬ ‫عقود من الظلم واالستبداد وك ّم األفواه‪ ،‬وليس‬ ‫الستبدال مستب ّد بمستبد آخر‪ ،‬أو لخلق سلطات‬

‫إضافيّة‪ ،‬موازية تستكمل المه ّمة التي يعجز‬ ‫النظام عن القيام بها بسبب غيابه عن المكان‪،‬‬ ‫الحريّات التي دفع السوريّون‬ ‫فتعاونه على قمع‬ ‫ّ‬ ‫ثمنا ً غاليا ً للحصول على بعضها‪ ،‬وهم ليسوا‬ ‫مستعدّين للعودة إلى عهد ما قبل الثورة‪.‬‬ ‫للحريّات الصحفيّة في‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫يدعو المركز السور ّ‬ ‫رابطة الصحفيّين السوريّين جميع األطراف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خط معاد‬ ‫صة تلك التي ترى نفسها في‬ ‫وخا ّ‬ ‫ّ‬ ‫للنظام‪ ،‬وتطرح نفسها كممثل للثورة التي قامت‬ ‫صة‬ ‫عليه إلى االلتزام بالقوانين الدوليّة الخا ّ‬ ‫الكف عن ممارسة‬ ‫بحماية اإلعالميّين‪ ،‬وإلى‬ ‫ّ‬ ‫للحريّات‬ ‫ض‬ ‫والتعر‬ ‫الرقابة على اإلعــام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحريّة‪ ،‬كما‬ ‫وحق نقل المعلومات‬ ‫اإلعالميّة‬ ‫ّ‬ ‫تدعوها إلى عدم ممارسة سياسة انتقاميّة‬ ‫وإقصائيّة ّ‬ ‫بحق الفكر المختلف والتغطية المهنيّة‬ ‫بحريّة‬ ‫لألخبار‪ ،‬وإلى ترك اإلعالميّين يعملون ّ‬ ‫مع الحفاظ على سالمتهم وحمايتهم خالل ذلك‪.‬‬

‫للحريّات الصحفيّة‬ ‫السوري‬ ‫المركز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 2015/8/18‬‬

‫انترنت‬

‫ص ‪12‬‬

‫في البدء كان الجسد‬

‫سام يوسف‬ ‫ب ّ‬

‫انترنت‬

‫ص‪6‬‬

‫الالجئون السوريّون في أوربّا‬ ‫أوجاع الحاضر وخوف من المستقبل‬

‫انترنت‬

‫ص ‪10‬‬

‫بين اإلبداع والسياسة واألخالق‬

‫ص‪3‬‬

‫نظام األسد وجريمة بيع الوطن‬

‫انترنت‬

‫ص‪8‬‬

‫إلغاء المناهج وإدراج المشايخ‬


‫‪2‬‬

‫قراءة سياسية‬

‫السنة الثانية‬

‫يا نار‪ .....‬كوني برداً وسالماً على سورية!‬

‫كيف ومن يردع إيران؟‬

‫ارتداد السحر على الساحر‬

‫النظام عمل عىل إنشاء زنزانات وسجون قمعيّة تحت األرض تفوق عدد الجامعات واملدارس‪ ،‬وبدل أن ينرش الوعي الثقا ّيف ويواكب‬ ‫والديني‬ ‫القومي‬ ‫التعصب‬ ‫العرص‪ ،‬نرش مفهوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العصابات التي حكمت‪ ،‬وتحكم سورية‬ ‫تتاجر بك ّل غا ٍل وثمين‪ ،‬لنهب البلد‪ ،‬تاريخه‪،‬‬ ‫ثقافته‪ ،‬ثــرواتــه‪ ،‬اقتصاده‪ ،‬نفطه‪ ،‬وجميع‬ ‫ممتلكاته؛ ويقتلون كــ ّل مــن يعارضهم‪،‬‬ ‫ويفرغون البلد من ك ـ ّل القيم االجتماعيّة‬ ‫ّ‬ ‫والثقافيّة والحضاريّة لخدمة حفنة من المرتزقة‬ ‫ّ‬ ‫وقطاع الطرق الذين ال يه ّمهم ّإل مصالحهم‬ ‫الفئوية‪ ،‬وما أرخص اغتيال ك ّل من يقف في‬ ‫ّ‬ ‫طريقهم! قانون عصابات المافيا هو قانون‬ ‫الغاب‪ ،‬القوي يأكل الضعيف‪.‬‬ ‫ي الحاكم في رسم‬ ‫مضى النظام االستبداد ّ‬ ‫سياسة التمييز والعنصريّة‪ ،‬وذلك بتهديد ما‬ ‫تبقّى من األواصر والخيوط التي تربط مصائر‬ ‫المكونات في سورية‬ ‫العرب والكورد‪ ،‬وك ّل‬ ‫ّ‬ ‫دوامة‬ ‫بعضها ببعض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجر البالد والعباد إلى ّ‬ ‫حول‬ ‫الصراعات العنصريّة والطائفيّة‪ ،‬بعد أن ّ‬ ‫بالحريّة والكرامة إلى‬ ‫الثورة السلميّة التي نادت‬ ‫ّ‬ ‫السنّيّة – العلويّة‪ ،‬وجعل من الطائفة العلويّة‬ ‫دروعا ً بشريّة وحاضنة متقوقعة على نفسها‪،‬‬ ‫وذلك من خالل اقناعهم ّ‬ ‫أن النظام هو المنقذ‬ ‫لهم من الكوارث التي قد تلحق بهم من‬ ‫الطائفة السنّيّة‪ ،‬وأدخلهم في نفق مظلم‬ ‫وجعل منهم فئة معزولة عن المجتمع‪،‬‬ ‫على الرغم من ّ‬ ‫أن غالبيّة العلويّين‬ ‫شهدوا المآسي والويالت من‬ ‫النظام مثل غيرهم‪ ،‬سجون‬ ‫النّظام وأقبية األجهزة‬ ‫األمنيّة تشهد بذلك‪.‬‬ ‫في اآلونة االخيرة‬ ‫ومن خالل متابعتي‬ ‫لصفحات التواصل‬ ‫ي‪،‬‬ ‫االجـــتـــمـــاعـــ ّ‬ ‫وشــبــكــات اإلعـــام‬ ‫ي والــمــقــروء‪،‬‬ ‫الــمــرئ ـ ّ‬ ‫لغالبيّة مــن يــسـ ّمــون أنفسهم‬ ‫صة‬ ‫ثوريّين ومن معارضي النظام‪ ،‬وبخا ّ‬ ‫الذين يعيشون في الخارج‪ ،‬هذا الك ّم الهائل‬ ‫من االتّهامات المتبادلة والشتائم‪ ،‬واستخدام‬ ‫أسلوب النظام في التعامل بين بعضهم‪ّ ،‬‬ ‫وأن‬ ‫ك ّل من يعارض أفكارهم وآرائهم هو عميل إ ّما‬ ‫للنظام أو لدول أجنبيّة أو مجاورة‪ ،‬وظهور لغة‬ ‫المكونات‬ ‫عنصريّة من بعض األشخاص من‬ ‫ّ‬ ‫السوريّة‪ ،‬والتكلّم بلغة الطائفيّة والمذهبية؛ ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫بمخططات النظام التي عمل‬ ‫هذا يذ ّكرني‬ ‫عليها لعقود‪ ،‬وهؤالء ينفّذونها بحذافيرها‪.‬‬ ‫أ ّما في الداخل ورغم المآسي والويالت من‬ ‫المكونات‬ ‫القتل والقمع والجوع والحصار‪ ،‬فك ّل‬ ‫ّ‬ ‫تتضامن مع بعضها‪ ،‬وما نزوح أهل الحسكة‬ ‫المكونات باتّجاه مناطق الشمال‬ ‫ومن مختلف‬ ‫ّ‬ ‫واستقبالهم من قبل األهالي‪ ،‬غير دليل على ّ‬ ‫أن‬ ‫الداخل أوعى من غالبيّة هؤالء العنصريّين؛‬ ‫وكان من المفترض أن تكون العمليّة عكسيّة‪،‬‬ ‫وأن يكون الذين يعيشون في الخارج‪ ،‬وهربوا‬ ‫ي‪،‬‬ ‫من بطش النظام‪ ،‬أن يلعبوا الدور التوافق ّ‬ ‫وأن يعملوا على العدالة االنتقاليّة والسلم‬

‫ي‪ ،‬ولكنهم ‪ -‬على ما يبدو ‪ -‬لم يتعلّموا من‬ ‫األهل ّ‬ ‫ك ّل الدورات التي خضعوا لها هذه السنوات‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الدوليّة‪ ،‬ولم يغيّروا من‬ ‫من قبل‬ ‫العقليّة األسديّة التي ُزرعت في عقولهم؛ لذلك‬ ‫نحتاج إلى الثورات على الذات ما دام ب ّ‬ ‫شار‬ ‫يعيش في عقل وممارسة غالبيّة الذين يس ّمون‬ ‫أنفسهم مسؤولين ومعارضين!!‬ ‫ّ‬ ‫إن ممارسات هؤالء تذ ّكرني بممارسات النظام‬ ‫ض ّد معارضيه من خالل التهم الجاهزة على‬ ‫الطاولة في محكمة أمن الدولة العليا‪ ،‬فك ّل‬ ‫بالحريّة والكرامة‬ ‫ي كان ينادي‬ ‫ّ‬ ‫معتقل عرب ّ‬ ‫والديمقراطيّة وتوفير لقمة العيش كان يتّهم‬ ‫بارتباطه بإسرائيل والصهيونيّة العالميّة‬ ‫ي‬ ‫وبمؤامرة كونيّة على سورية‪ ،‬وك ّل كورد ّ‬ ‫معتقل سياسيّا ً كان يتّهم باالنفصاليّة واالرتباط‬ ‫بدول تحيك مؤامرات على البالد!!‬ ‫لذلك ّ‬ ‫فإن النظام عمل على إنشاء زنزانات‬ ‫وسجون قمعيّة تحت األرض‬ ‫تفوق عــدد الجامعات‬ ‫والــمــدارس‪،‬‬ ‫وبــدل‬ ‫أ ن‬ ‫يــنــشــر‬

‫ي‬ ‫الوعي الثقاف ّ‬ ‫ي‬ ‫ويواكب العصر‪ ،‬نشر مفهوم التع ّ‬ ‫صب القوم ّ‬ ‫ي‪ ،‬ومــارس مفهوم القمع واإلرهــاب‬ ‫والدين ّ‬ ‫المنظم‪ ،‬وأبدع في نشر ثقافة اإلرهاب المنظمّ‬ ‫ّ‬ ‫ي من خــال الكتب المدرسيّة‪،‬‬ ‫والــفــوضــو ّ‬ ‫وخرب عقول األطفال والشباب في المدارس‬ ‫ّ‬ ‫والجامعات‪ ،‬وجعل من المادّة الثامنة من‬ ‫الدستور قبضة حديديّة على رقاب الشعب‬ ‫ليمنع أيّة حركة سياسيّة حقيقيّة من الظهور‪،‬‬ ‫وحتّى أفــراد «حــزب البعث» لن يستفيد‬ ‫أحدهم من النّظام إن لم يكن عميالً للمخابرات‬ ‫واألجهزة األمنيّة‪.‬‬ ‫المادّة الثامنة من الدستور والتي تعتبر حزب‬ ‫البعث قائدا ً للدولة والمجتمع‪ ،‬جعلت زمرة‬ ‫وتحول سورية‬ ‫ضيّقة تتح ّكم بزمام األمور‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى دولة مخابراتيّة عصابويّة‪ ،‬لنهب ثروات‬ ‫البلد واقتصاده‪ ،‬واالستيالء على العقول من‬ ‫خالل نشر ثقافة الفساد واإلفساد‪ ،‬وك ّل ذلك‬ ‫تحت يافطة األحكام العرفيّة وقانون الطوارئ‬ ‫ي كبير‬ ‫التي ّ‬ ‫حولت سورية إلى سجن انفراد ّ‬ ‫ي ليس‬ ‫ألبنائها‪ .‬هدف هذا النظام األساس ّ‬

‫سورية كبلد ودولة وإنّما للحفاظ على مملكتهم‬ ‫القمعيّة واالستبداديّة‪.‬‬ ‫ال خالف على ّ‬ ‫أن العالم بأجمعه استفاد ويستفيد‬ ‫من الثورة التكنولوجيّة‪ ،‬التي جعلت من الكرة‬ ‫ّ‬ ‫لكن وسائل هذه‬ ‫األرضـيّــة قرية صغيرة‪،‬‬ ‫ي‪،‬‬ ‫الثورة‪ ،‬وفي قلبها مواقع التواصل االجتماع ّ‬ ‫لم تسلم كك ّل جديد أتيح للبشر‪ ،‬من حمق‬ ‫االستخدام الذي يُحيل ك ّل نعمة إلى نقمة؛ هذه‬ ‫الوسائل التي سقطت في يد الجميع بداعي‬ ‫التطور أصبحت في متناول الكبير والصغير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العاقل واألهوج‪ ،‬المتعلم والجاهل‪ ،‬حسن النيّة‬ ‫والمغرض‪ ،‬فاختلط الحابل بالنابل‪ ،‬وهناك من‬ ‫حول هذه الوسائل إلى وقود للفتنة يرمونه يمنة‬ ‫ّ‬ ‫ويسرة ويسكبون الزيت على النار‪.‬‬ ‫نشاهد جميعا ً ما تع ّج به مواقع التواصل‬ ‫ي من هجوم على المذاهب واألديان‬ ‫االجتماع ّ‬ ‫والمكونات ض ّد بعضهم‪،‬‬ ‫ّات‬ ‫ي‬ ‫والقوم‬ ‫والطوائف‬ ‫ّ‬ ‫ولم يتوقّف هؤالء للحظة ليف ّكروا ّ‬ ‫أن ما أصاب‬ ‫سورية قد أصاب أبناء الوطن كلّه‪.‬‬ ‫(توتير)‪( ،‬فيسبوك) وغيرهما من طرق‬ ‫ي والمسموع‬ ‫الــتــواصــل‪ ،‬واإلعـــام المرئ ّ‬ ‫والــمــقــروء تــضـ ّم عــشــرات مــن المقاالت‬ ‫والتغريدات العنفيّة والعنصريّة والتكفيريّة‪،‬‬ ‫ومكونات المجتمع بعضهم‬ ‫وتحريض أفراد‬ ‫ّ‬ ‫المكونات من المذاهب‬ ‫ض ّد البعض‪ ،‬أليست ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫والطوائف و القوميّات ‪ -‬منذ زمن طويل‬ ‫ موجودة و متعايشة!؟ فلماذا‬‫يحاولون إقصاء بعضهم‬ ‫وإظــهــار الحقد علناً؟‬ ‫ـس الحاجة‬ ‫ونحن بــأمـ ّ‬ ‫إلــى ل ـ ّم الشمل والوحدة‬ ‫الــوطــنـيّــة‪ ،‬الــتــي خرجت‬ ‫الجماهير إلى الشوارع منذ‬ ‫بداية الــثــورة ونــادت (واحــد‬ ‫واحد واحد‪ ،‬الشعب السوري واحد)‪ ،‬وكانت‬ ‫ّ‬ ‫الحق‬ ‫الحريّة والكرامة وإحقاق‬ ‫ثورتنا من أجل‬ ‫ّ‬ ‫المكونات واألطياف من‬ ‫مختلف‬ ‫للجميع من‬ ‫ّ‬ ‫ي تعدّدي‪ ،‬أال يدرك‬ ‫خالل دستور ديمقراط ّ‬ ‫هؤالء خطورة ما يقومون به من زرع الفتن‬ ‫بين الناس‪ ،‬وأنّهم يخدمون النظام ورموزه‬ ‫ّ‬ ‫ومخططاته بشكل مباشر أو غير مباشر؟ ّأل‬ ‫يعلم هؤالء ّ‬ ‫يتجرع هذا الس ّم هم‬ ‫أن ّأول من‬ ‫ّ‬ ‫أنفسهم وسيشربون من الكأس نفسها؟ وال ب ّد‬ ‫أن يرت ّد السحر على الساحر ولو بعد حين‪.‬‬ ‫هناك من يؤيّد هذا اإلرهاب أو ذاك بصورة‬ ‫ّ‬ ‫بتطرف‬ ‫مبطنة أو خفيّة‪ ،‬وهناك من يتحدّث‬ ‫ّ‬ ‫واضح وصريح‪ ،‬وهناك من التزم الصمت‬ ‫وأخفى حرمة القتل وخطورة التأليب وسكت‬ ‫عن زرع الفتن‪.‬‬ ‫هل يعني هذا ّ‬ ‫أن قلوب هؤالء الصامتين عن‬ ‫ّ‬ ‫الحق تفيض بما هو أسوأ من ذلك‪ ،‬بل‬ ‫إظهار‬ ‫يؤيّدون ذلك؟ أم هم يدعون أن تكون النّار بردا ً‬ ‫وسالما ً على سورية؟‬

‫د‪ .‬مح ّمد محمود‬

‫سورّيو التيه ‪..‬‬ ‫بتاريخ ‪ 2015 \ 8 \ 7‬صرح فاروق جليك‬ ‫ي أنّه « ال توجد خطط لدى‬ ‫وزير العمل الترك ّ‬ ‫وزارته لمنح تصاريح عمل لالجئين السوريّين‬ ‫ّ‬ ‫«ألن مثل هذا اإلجــراء» سيكون‬ ‫في تركيا‬ ‫ظالما ً لألتراك الذين يبحثون عن وظيفة»‪.‬‬ ‫ويأتي هذا التصريح مناقضا ً لتصريحات‬ ‫سابقة أطلقها الوزير نفسه ونشرت في العديد‬ ‫من المواقع اإللكترونيّة‬ ‫عن ّ‬ ‫أن السماح بتشغيل‬ ‫السوريّين لن يؤثّر‬ ‫على فــرص العمل‬ ‫المتاحة لألتراك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأن ث ّمة أكثر من‬ ‫خمسين ألف فرصة‬ ‫عمل متاحة وال يجدون من‬ ‫األتراك من يشغلها!‬ ‫ّ‬ ‫الشك – ومن المسلّم‬ ‫بداية‬ ‫ّ‬ ‫به ‪ّ -‬‬ ‫الحق‬ ‫ي ك ّل‬ ‫أن للمواطن الترك ّ‬ ‫في الحصول على فرصة عمل في بلده‪،‬‬ ‫باعتبار ذلك أق ّل واجبات الدولة التركية تجاه‬ ‫مواطنيها‪ّ ،‬‬ ‫لكن ذلك ال يعفي السلطات التركيّة‬ ‫من مسؤوليّاتها األخالقيّة والقانونيّة تجاه‬ ‫الالجئين السوريّين على أراضيها وفق القوانين‬ ‫الدوليّة‪ ،‬حتّى لو لم تُدرج السوريّين ضمن فئة‬ ‫ي‪.‬‬ ‫الالجئين حسب قانون الحماية الدول ّ‬ ‫لع ّل عمليّة بسيطة للرصد والمتابعة لمسألة‬ ‫هجرة السوريّين الثانية وركوب البحر‪ ،‬رغم‬ ‫ك ّل المخاطر والنتائج الكارثيّة أحيانا ً على‬ ‫المهاجرين غير الشرعيّين المنطلقة من‬ ‫األراضــي التركيّة باتجاه الجزر اليونانيّة‪،‬‬ ‫تشي بـ ّ‬ ‫ـأن النسبة تضاعفت خــال النصف‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫األول من العام الجاري بما ال يق ّل عن خمسة‬ ‫ّ‬ ‫أضعاف ما كانت عليه خالل السنوات الثالث‬ ‫الماضية‪ ،‬وهي نسب مرعبة تعكس مدى اليأس‬ ‫واالحباط الذي حاصر السوريّين من مآالت‬ ‫ي‬ ‫األوضاع في بلدهم أوالً‪ ،‬ما يحجب عنهم أ ّ‬ ‫أمل بالعودة القريبة إليه‪ ،‬ومن إمكانيّة البقاء‬ ‫في تركيا حيث تغلّق أمامهم األبواب وتضيق‬ ‫عليهم سبل العيش واالستمرار ‪.‬‬ ‫ولـــأمـــانـــة‬ ‫واإلنـــصـــاف‬ ‫حــاول الكثير‬ ‫مــن السوريّين‬ ‫التأقلم والعيش‬ ‫فــي تــركــيــا التي‬ ‫تشبهنا في نمط العيش‬ ‫والطبائع المشرقيّة‪ ،‬وتعلّم الكثير منهم اللغة‬ ‫التركيّة أمالً في التكيّف وتحسين سبل التواصل‬ ‫مع اآلخر‪ ،‬وحاول الكثيرون خلق فرص عمل‬ ‫صة بهم‪ .‬نجح العض منهم وفشل أكثرهم‪،‬‬ ‫خا ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكان الروتين واإلجراءات الرسميّة المعقدة‬ ‫وتضارب القرارات وغموضها سببا ً مه ّما ً في‬ ‫هذا الفشل‪.‬‬ ‫ففي هذا البلد ال يمكن لمن ال يملك رأسمال‬ ‫كبير نسبيّا ً أن يخلق لنفسه فرصة للعمل‬ ‫والعيش الكريم بحدوده الدنيا‪ ،‬أ ّمــا أولئك‬ ‫البسطاء ممن يعملون مياومة فهم ليسوا فقط‬ ‫ضحايا االستغالل باألجور وإنّما هم أيضا ً‬ ‫ضحايا االستنزاف آلدميّتهم في ساعات العمل‬ ‫الطويل والمرهق ألكثر من ‪ 12‬ساعة مقابل‬ ‫أجر زهيد ال يقي من عوز وال يغني من جوع‬ ‫!!‪.‬‬

‫العدد ‪36‬‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫وعلى الوجه اآلخر‪ّ ،‬‬ ‫فإن معظم الجمعيّات‬ ‫والتج ّمعات والمدارس والمؤسّسات السوريّة‪،‬‬ ‫التي يفترض أنّها وجدت أو ر ّخصت لخدمة‬ ‫السوريّين‪ ،‬وتوفير فرص عمل لهم ‪ ،‬أثبتت‬ ‫فشلها المريع واستغاللها القميء لحاجات‬ ‫الناس‪ ،‬وكانت تلك الكيانات أقرب لمجموعات‬ ‫اختص فيها األقارب‬ ‫عمل أو شركات عائليّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والمحاسيب بفرص العمل دون النظر إلى‬ ‫صص‪ ،‬وهذا ما آل‬ ‫القدرة أو الكفاءة أو التخ ّ‬ ‫بها إلى الفشل‪ ،‬فضالً ع ّما شاب أعمالها من‬ ‫ي‪ ،‬فصارت‬ ‫ي واإلدار ّ‬ ‫شبهات الفساد المال ّ‬ ‫مرتعا ً للجهلة وأنصاف المتعلّمين وبعض‬ ‫ّ‬ ‫المتلطين بالدين بوصفه الوسيلة األكثر نجاعة‬ ‫الستجالب الدعم لها‪ ،‬وبالتالي لم تقدّم هذه‬ ‫الكيانات فرص عمل حقيقيّة للسوريّين‪ ،‬وكانت‬ ‫مجرد أداة من أدوات القهر وإعادة االخضاع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتساءل بعض الخبثاء أو الشامتين ‪ -‬فيما‬ ‫تكسو وجوههم عالمات الت ّ‬ ‫شفي رغم محاولة‬ ‫االيحاء بشعور الغيرة والخوف على السوريّين‬ ‫واليد تعبث بالكرش المتر ّهل تخمة – كيف‬ ‫يرمي هؤالء الـ (أغبياء) أنفسهم أو أوالدهم‬ ‫في فم البحر؟!‬ ‫ولكن هل عاد يملك السوريّون ّإل بعض‬ ‫أمل في بحر هو أقّل شراهة اللتهام لحمهم‬ ‫ي وابتالع أرواحهم من بني جنسهم علّهم‬ ‫الح ّ‬ ‫يصلون الضفة األخرى‪ ،‬حيث ربّما فرصة أو‬ ‫ح ّد أدنى من أمل صارت آفاقه في هذا المشرق‬ ‫مسدودة؟‪.‬‬

‫المحامي غزوان قرنفل‬

‫«أوباما» أمام اعتراض‬ ‫الكونغرس على االّتفاق‬ ‫يل مبامرسة‬ ‫ماذا لو نجح الحزب‬ ‫ّ‬ ‫الجمهوري واللويب اإلرسائي ّ‬ ‫الضغط ومنع الكونغرس من املصادقة عىل االت ّفاق؟!‬ ‫يستمع الكونغرس في الواليات المتّحدة من خالل‬ ‫النواب والشيوخ في الجلسات‬ ‫لجان منبثقة عن مجلسي ّ‬ ‫التي تعقدها خصيصا ً من أجل مناقشة تفاصيل بنود‬ ‫ي مع إيران‪ .‬وبوجود الغالبيّة الجمهوريّة‬ ‫االتّفاق النوو ّ‬ ‫يسود في األجواء كالم يرفض بل ويندّد باالتفاقيّة‪،‬‬ ‫وكرره‬ ‫ويساير موقف إسرائيل أحياناً‪ ،‬الذي أعلنه‬ ‫ّ‬ ‫رئيس وزرائها «نتنياهو»‪.‬‬ ‫ي أن تقوم اإلدارة األميركيّة عبر‬ ‫وكان من الطبيع ّ‬ ‫وزراء الدفاع والخارجيّة والخزانة‪ ،‬وكذلك على‬ ‫مستوى رئاسة هيئة األركــان األمريكيّة العا ّمة‪،‬‬ ‫بمحاوالت استرضاء إسرائيل واللّوبي* الداعم لها‬ ‫في األوســاط السياسيّة واالقتصاديّة األميركيّة مثل‬ ‫«إيــبــاك»**‪ ،‬لتهدئة الحملة التي يقوم بها ضا ّخا ً‬ ‫تعودت عليه في مثل هذه‬ ‫الماليين من الدوالرات لمحاربة االتفاق‪ّ .‬‬ ‫تكرر اإلدارة ما ّ‬ ‫ي لها في المنطقة والتزام اإلدارة‬ ‫المواقف وتؤ ّكد ضمان أمن إسرائيل‬ ‫ّ‬ ‫والتفوق النوع ّ‬ ‫بذلك‪ .‬وكذلك التذكير ّ‬ ‫بأن إسرائيل الصديقة ستكون الدولة األولى والوحيدة التي ستصلها‬ ‫خالل أشهر أحدث طائرات أميركيّة من طراز «الشبح ‪ »35‬باإلضافة إلى شبكتين‬ ‫جديدتين مضادّتين للصواريخ‪ ،‬وأخيرا ً تتع ّهد اإلدارة بـأن تستخدم مختلف أنواع القدرات‬ ‫العسكريّة األمريكيّة لضرب إيران فيما إذا خرقت األخيرة ذلك االتّفاق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأ ّكد خبراء من مركز الدراسات الدوليّة واإلستراتيجيّة في واشنطن ّ‬ ‫أن اللوبي الداعم‬ ‫إلسرائيل سيضغط في الشهرين القادمين ألن يتّخذ الكونغرس قرارا ً فيما يجب اتّخاذه من‬ ‫تدابير بالنسبة لمناهضة االتفاق‪ ،‬ولن يكتفي بحشد الجمهوريّين في الكونغرس كمعارضة‬ ‫تتحول المساندة إلى معارضة شرسة في االتّجاه الذي يقوده‬ ‫لالتفاق‪ ،‬بل ليضمن أن‬ ‫ّ‬ ‫«نتنياهو»‪.‬‬ ‫ولن يكتفي اللوبي الداعم إلسرائيل بهذا بل سيعمل من جهة أخرى على استخدام‬ ‫مختلف أدوات وأساليب الضغط التي بحوزته‪ ،‬ليكسب أكبر عدد ممكن من األعضاء‬ ‫ي اإليراني‪ ،‬ليصل اللوبي‬ ‫الديمقراط ِيّين ليقفوا في موقف الرفض لذلك االتفاق األميرك ّ‬ ‫ي من‬ ‫إلى تشكيل ما يشبه ائتالفا ً مناهضا ً قويّا ً من كال الحزبين الجمهور ّ‬ ‫ي والديمقراط ّ‬ ‫ستّين صوتا ً في مجلس الشيوخ‪ ،‬ليتم ّكن من تحقيق معارضة في الكونغرس لالتفاق‪ ،‬أي‬ ‫ي استخدام لـ «فيتو»‬ ‫إمكانيّة تأمين نسبة للمعارضة بأكثر من ‪ % 67‬من األعضاء لمنع أ ّ‬ ‫ي «أوباما» في وجه قرار الكونغرس بعدم المصادقة‪.‬‬ ‫يمكن أن يشهره الرئيس األميرك ّ‬ ‫وبالطبع سيكون الشهران القادمان مليئان بالمحاوالت من كال الحزبين لكسب المزيد‬ ‫من األصوات‪ .‬إضافة إلى اقتراب موعد االنتخابات التشريعيّة والرئاسيّة التي ستجري‬ ‫صة‬ ‫في عام ‪ ،2016‬ومن البديهي أن يقوم أعضاء الحزبين في الكونغرس ‪ -‬خا ّ‬ ‫الجمهوريّون منهم – بالسعي منذ اآلن لكسب تلك األصوات من الناخبين المساندين‬ ‫لموقف «نتانياهو» المناهض لالتّفاق‪.‬‬ ‫ومن الواضح ّ‬ ‫أن هنالك صعوبات تقف دون استمرار الجمهوريّين في إكمال طريق‬ ‫المناهضة إلى آخره؛ فهنالك حاجز صعب هو تجاوز نسبة ‪67‬‬ ‫‪ %‬من أعضاء الكونغرس وهي العتبة الضروريّة للتغلّب على‬ ‫صوت الكونغرس – كما هو‬ ‫«فيتو» الرئيس المتوقّع‪ ،‬فيما‬ ‫ّ‬ ‫متوقّع أيضا ً ‪ -‬بعدم الموافقة على االتّفاق‪.‬‬ ‫استمرت معارضة الجمهوريّين لالتفاق ولم يستطيعوا هنالك حاجز صعب‬ ‫كذلك‪ ،‬لو‬ ‫ّ‬ ‫التغلّب على «فيتو» الرئيس‪ ،‬فلن يصبح باستطاعتهم توقّع هــو تــجــاوز نسبة‬ ‫إعادة انتخابهم ّإل عبر تشريع جديد تكفل عمليّة االلـتزام ‪ % 67‬مــن أعضاء‬ ‫باالتفاق من قِبل إيران‪.‬‬ ‫االحتمال المعاكس‪ ،‬أي‪ :‬ماذا لو نجح الحزب الجمهور ّي الكونغرس‪ ،‬وهي‬ ‫واللوبي اإلسرائيل ّي بممارسة الضغط ومنع الكونغرس من العتبة الــروريّــة‬ ‫المصادقة على االتّفاق؟!‬ ‫للتغلّب عىل «فيتو»‬ ‫أن ذلك سيعني ّأوالً‪ّ :‬‬ ‫الب ّد ّ‬ ‫أن قدرة «أوباما» كرئيس أمريك ّ‬ ‫الدولي الــرئــيــس املتوقّع‬ ‫ستكون مح ّل ّ‬ ‫ي بين‬ ‫شك‪ ،‬في أنّه يستطيع أداء دور قياد ّ‬ ‫ي‬ ‫الديمقراطيّة‪ ،‬وبالتالي إضعاف – على األق ّل – الدور األميرك ّ‬ ‫في الساحة السياسيّة الدوليّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تفوت دول كثيرة على رأسها روسيا والصين هذه الفرصة لتستغل هذا االنقسام‬ ‫ولن ّ‬ ‫ي‪ ،‬كذلك األمر من جهة‬ ‫الدول‬ ‫المجتمع‬ ‫أوساط‬ ‫في‬ ‫أعلى‬ ‫درجة‬ ‫أ‬ ‫لتتبو‬ ‫ي‬ ‫األمريك‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحزب ّ‬ ‫الدول األوروبّيّة التي سترى في هذه األوضاع المنقسمة بين اإلدارة والكونغرس ضعفا ً‬ ‫لموقع الواليات المتّحدة م ّما يحول دون قدرتها على القيام بالدور المنوط بها عالميّاً‪.‬‬ ‫واألوضح في المواقف من بين الدول الصديقة للواليات المتّحدة‪ ،‬واألكثر تأثّراً‪ ،‬ستكون‬ ‫ي‬ ‫ي وعلى رأسها السعوديّة‪ ،‬ألنّها ستقف في مواجهة النفوذ اإليران ّ‬ ‫دول الخليج العرب ّ‬ ‫النووية اإليرانيّة‬ ‫للقوة ّ‬ ‫ي المتنامي ّ‬ ‫مباشرة‪ ،‬فهذه الدول تقع في المحيط الحيو ّ‬ ‫ي القوم ّ‬ ‫وأطماعها المعلنة سلفاً‪.‬‬ ‫ي عبر الكونغرس إلى فرض تشريعات جديدة على‬ ‫لك ّل ذلك‪ ،‬سيبذل‬ ‫ّ‬ ‫المشرع األميرك ّ‬ ‫تتحول إلى انتهاك لالتّفاقيّة‪.‬‬ ‫تحركات إيرانيّة قبل أن‬ ‫ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارة األميركيّة بطريقة تلجم أ ّ‬ ‫ويمكن تلخيص االحتماالت الممكنة عند الكونغرس للجم إيران وإحباط انتهاكاتها‪ ،‬مع‬ ‫اإلبقاء على االتفاق بمجموعة من التدابير التي تتعلّق بتأمين اإلمكانات الضروريّة لتفتيش‬ ‫المواقع اإليرانيّة كافّة‪ ،‬وإدخال وتطوير تقنيّات حديثة إضافة إلى أجهزة المخابرات‬ ‫للحصول على المعلومات وإيصالها إلى الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة كمسؤولة عن فرق‬ ‫التفتيش‪ .‬وال ب ّد من متابعة ّ‬ ‫منظمة ومنتظمة للتأ ّكد من خضوع إيران‪ ،‬عبر آليّة تملك تنفيذ‬ ‫عقوبات في حال ت ّمت تجاوزات إيرانيّة‪ .‬كما ّ‬ ‫أن دعم دول المنطقة المحيطة بإيران وفي‬ ‫ي لالستقرار‬ ‫ي‪ ،‬بوسائل تضمن الردع واألمن‪ ،‬عنصر ضرور ّ‬ ‫مقدّمها دول الخليج العرب ّ‬ ‫المطلوب ولجعل السياسة اإليرانيّة تتّجه نحو تبديل ممارساتها في المناحي كافّة‪.‬‬ ‫وقد استبق «أوباما» بعض التدابير التي يمكن أن يتّخذها الكونغرس بتصريحات تؤيّدها‬ ‫حين قال‪ّ :‬‬ ‫إن االتفاق مع إيران ليس مبنيّا ً على الثقة‪ ،‬ولكن على التحقّق‪ ،‬ولو أيقنت إيران‬ ‫ّ‬ ‫ي أيّة محاولة من طرفها للتالعب أو‬ ‫أن هنالك آليّات جادّة‬ ‫ّ‬ ‫ومستمرة تكشف للمجتمع الدول ّ‬ ‫المناورة‪ ،‬فسوف ترتدع‪ ،‬سيّما بوجود إمكانيّة لتنفيذ العقوبات الدوليّة من جديد‪.‬‬

‫عبد هللا منديل‬ ‫ّ‬ ‫المنظم‪ ،‬غالبا ً من قبل اليهود األشكناز الذين‬ ‫ي‬ ‫ي هو مصطلح يستخدم لوصف النفوذ اليهود ّ‬ ‫*اللوبي اليهود ّ‬ ‫يعيشون في الشتات‪ ،‬على عدد من القطاعات والدول‪ ،‬ويتض ّمن ذلك السياسات واألكاديميّين والحكومات‬ ‫ي واإلعالم واألوساط‬ ‫والسياسة العا ّمة والعالقات الدوليّة‪ ،‬باإلضافة إلى األعمال واالقتصاد العالم ّ‬ ‫األكاديميّة والثقافة الشعبيّة‪.‬‬ ‫** لجنة الشؤون العا ّمة األمريكيّة اإلسرائيليّة تس ّمى اختصارا ً «إيباك» باإلنجليزيّة‪American :‬‬ ‫‪ Israel Public Affairs Committee‬وهي أقوى جمعيّات الضغط على أعضاء الكونغرس‬ ‫ي إلسرائيل‪ .‬ال تقتصر اإليباك على اليهود بل يوجد بها أعضاء‬ ‫ي‪ .‬هدفها تحقيق الدعم األمريك ّ‬ ‫األمريك ّ‬ ‫ديموقراطيّون وجمهوريّون‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪36‬‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫قراءة سياسية‬

‫السنة الثانية‬

‫‪3‬‬

‫سؤال المصير يعصف بالمواالة‬

‫ظاهرة الشبّيحة والغطاء‬ ‫لم تكن الطلقات التي أفرغها «سليمان هالل‬ ‫مجرد‬ ‫األسد» في جسد العقيد «حسان الشيخ»‬ ‫ّ‬ ‫طلقات أطلقها عابث مخمور بهوس السلطة‬ ‫مجرد جريمة جنائيّة‬ ‫والقوة‪ ،‬ولم تكن الجريمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي قبل تحويلها إلى‬ ‫يمكن تسليمها لمخبر جنائ ّ‬ ‫القضاء لقول كلمته فيها‪ ،‬ولم تكن ردود الفعل‬ ‫مجرد ردّة فعل على جريمة‬ ‫التي أعقبتها‬ ‫ّ‬ ‫موصوفة ومرتكبة في وضح النهار وبك ّل‬ ‫صفاقة وتح ّد واستهتار‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال أبالغ إن قلت‪ّ :‬‬ ‫إن هذه الطلقات تكثف إلى‬ ‫ح ّد كبير عالقة السلطة السوريّة بالمجتمع‬ ‫ي وتكثّف أيضا ً حقيقة العالقة بين‬ ‫السور ّ‬ ‫السلطة والمواالة‪.‬‬ ‫وال أبالغ أيضا ً إن قلت‪ّ :‬‬ ‫إن هذه الطلقات لم‬ ‫ً‬ ‫تقتل الضحيّة فقط‪ ،‬بل قتلت معه أيضا وهم‬ ‫الطمأنينة الزائف‪ ،‬وفتحت السؤال المؤ ّجل‬ ‫على آخره‪ :‬ماذا بعد؟ إلى أين سنمضي؟؟‪.‬‬ ‫عندما نشأت ظاهرة الشبّيحة في سبعينيّات‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬كان حافظ األســد ورفعت‬ ‫األســد‪ ،‬هما من أبدع هذه الظاهرة‪ ،‬وكانت‬ ‫نتائجها فائقة األه ّميّة لحافظ األسد أكثر من‬ ‫أه ّميتها للشبّيحة أنفسهم‪ ،‬فقد أتاحت له أن‬ ‫يُرهب مجتمعا ً دون أن يكون في الواجهة‪،‬‬ ‫ال بل أنّها أعطته فرصة نادرة لكي يتط ّهر‬ ‫ويسوق نفسه وأبناءه‬ ‫ويلبس ثوب المخلّص‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫انترنت‬ ‫الشر المطلق‪،‬‬ ‫النقيض الخيّر لهذا‬ ‫على أنّهم‬ ‫ّ‬ ‫سر انتشار هذه الفكرة‬ ‫ومن هنا يمكننا أن نفهم ّ‬

‫في مناطق المواالة ومل ّخصها ّ‬ ‫أن أسرة حافظ‬ ‫األسد (هو وأوالده) هم المخلّصون والمنقذون‬ ‫من فساد وطغيان عصابات الشبّيحة‪.‬‬ ‫ي لهذه‬ ‫لم‬ ‫ّ‬ ‫يتجرأ أحــد على التصدّي الفعل ّ‬ ‫ّ‬ ‫الظاهرة‪ ،‬رغم أن غالبيّة جرائمها كانت جرائم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبحق حقوقهم وكرامتهم‬ ‫بحق أشخاص‪،‬‬ ‫وأموالهم‪ ،‬لم يكن السكوت مــردّه إلى جبن‬ ‫يتعرضون لظلم الشبّيحة؛‬ ‫األشخاص الذين‬ ‫ّ‬ ‫كرسها حافظ‬ ‫ي يعود إلى قناعة ّ‬ ‫السبب الرئيس ّ‬ ‫األسد ورفعت األسد في أذهان المواطنين أنّ‬ ‫يمس العائلة‪،‬‬ ‫من يتصدّى لهؤالء الشبّيحة فهو‬ ‫ّ‬ ‫وبالتالي فإنّه لن يدفع الثمن وحده بل ستدفع ك ّل‬ ‫عائلته الثمن معه‪.‬‬ ‫إذا ً ظاهرة التشبيح هي جزء من عائلة األسد‪،‬‬ ‫والمجتمع يدرك ذلك‪ ،‬وباقي مؤسّسات السلطة‬ ‫األخــرى أيضا ً تــدرك ذلــك؛ ولهذا فما من‬ ‫أحد وقف في وجه هذه الظاهرة سواء على‬ ‫ي أو على مستوى األجهزة‬ ‫المستوى الشعب ّ‬ ‫ي تماس مع هذه الظاهرة‬ ‫المخت ّ‬ ‫صة‪ ،‬وكان أ ّ‬ ‫يحتاج إلى أمر واضــح وصريح من حافظ‬ ‫األسد شخصيّاً‪ ،‬ولهذا استكان المجتمع وصمت‬ ‫عن الشبّيحة رغم كونه وبمختلف شرائحه‬ ‫ومكوناته ضدّهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عندما كانت تتفاقم جرائم الشبّيحة وتقترب قدرة‬ ‫الناس على التح ّمل من نهايتها‪ ،‬وتلوح بوادر‬ ‫االنفجار كان حافظ األسد يلجأ إلى النقطة األه ّم‬ ‫بالنسبة له وهي لعب دور المخلّص‪ ،‬فيرسل‬

‫ابنه «باسل» لردعهم‪.‬‬ ‫والسؤال المغيّب هنا‪ :‬لماذا لم يصدر حافظ‬ ‫األســد أوامـــره إلــى المؤسّسات األمنيّة أو‬ ‫ي للشبّيحة وإحالتهم للقضاء‪،‬‬ ‫القانونيّة بالتصد ّ‬ ‫وهي قــادرة على ذلك بسهولة فيما لو رفع‬ ‫حافظ األسد الغطاء عنها؟؟‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لم يسمح حافظ األسد ‪ -‬أبدا ً ‪ -‬بتد ّخل أيّا كان في‬ ‫قضيّة الشبّيحة‪ ،‬فهم فوق القانون وفوق الدولة‬ ‫ّ‬ ‫يحق له أن يردعهم أو يحاسبهم‬ ‫والوحيد الذي‬ ‫هو فقط‪.‬‬ ‫من هذا الفهم وبهذا االعتبار وبك ّل تلك السطوة‬ ‫ّ‬ ‫المخزنان في ال وعيه‪ ،‬أطلق‬ ‫واالستهتار‬ ‫سليمان األسد رصاصاته على حسّان الشيخ‪.‬‬ ‫في الالذقيّة أصبحت دولة الشبّيحة فوق الدولة‬ ‫ليتجرأ على تحدّي‬ ‫والمجتمع‪ ،‬لم يكن أحد‬ ‫ّ‬ ‫سائق سرفيس مهما استهان به‪ ،‬لم يكن أحد‬ ‫ليتجرأ على أن يحت ّج على فاتورة الكهرباء‬ ‫ّ‬ ‫الباهظة‪ ،‬وال على عامل الكهرباء الذي يقطع‬ ‫الكهرباء عن المنازل فقط من أجل أن يقبض‬ ‫صة الشبّيح األعلى الذى عيّنه‬ ‫صته وح ّ‬ ‫منهم ح ّ‬ ‫في هذا الموقع‪ ،‬وقس على ذلك‪ ،‬عامل صيانة‬ ‫خطوط الهاتف و‪..‬و‪...‬‬ ‫ببساطة تربّع أفراد عائلة األسد في رأس هرم‬ ‫مؤسّسة التشبيح وأطلقوا مرتزقتهم ليستبيحوا‬ ‫الناس‪ ،‬وهكذا أصبحت أعداد كبيرة تضرب‬ ‫بسيف عصابة عائلة األسد‪ ،‬ولم يعد الناس‬ ‫يعرفون أين تبدأ مملكة التشبيح‪ ،‬وأين تنتهي؟؟‪.‬‬

‫الدولي‬ ‫ديون كريهة في القانون‬ ‫ّ‬

‫نظام األسد وجريمة بيع الوطن‬ ‫االستبدادي وقمع السكّان فإ ّن هذا الدين يعترب كريهاً‬ ‫دكتاتوري عىل قرض الهدف منه تقوية هذا النظام‬ ‫إذا حصل نظام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الدمار في سوريا‬ ‫(انترنت)‬

‫صوان‬ ‫المحامي أحمد ّ‬ ‫لم يكتف ب ّ‬ ‫شار األســد بتحويل الوطن إلى‬ ‫حطام‬ ‫وأنقاض‪ ،‬ولم يشبع نهمه بما اقترفته ساللته‬ ‫األسديّة المجرمة من نهب سورية عبر العقود‬ ‫الماضية‪ ،‬وها هو اليوم يسعى لبيع مستقبل‬ ‫سورية وتكبيل األجيال المقبلة بالديون لعشرات‬ ‫السنين القادمة‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2012‬عرض النظام على الصين‬ ‫صصة‬ ‫ وهي المتخ ّ‬‫في شراء السندات ‪-‬‬ ‫بيعها سندات خزانة‬ ‫واجــب املنظّامت بقيمة عشرة مليارات‬ ‫الحقوقية يتمثّل دوالر‪ ،‬فت ّم لها ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقامت بتوريد أسلحة‬ ‫بتسليط األضــواء لقاء جــزء مــن هذه‬ ‫عـــــى مــخــاطــر المبالغ‪ .‬كما باع ّ‬ ‫كلً‬ ‫املــديــون ـيــة التي من إيــران وروسيا‬ ‫ّ‬ ‫سندات بقيمة عشرة‬ ‫تــــهــــ ّدد بـــدمـــار مــلــيــارات أخـــرى‪.‬‬ ‫اقــتــصــاد ســوريــة كــذلــك بــاع حكومة‬ ‫«المالكي» سندات‬ ‫خــزانــة لــم تكشف‬ ‫قيمتها الحقيقيّة‪.‬‬ ‫يقول الكاتب «مح ّمد كركوتي» عندما تشتري‬ ‫روسيا سندات خزانة سورية‪ ،‬فهي تقتل الشعب‬ ‫مرات‪ ،‬سياسيّا ً من خالل وقوفها‬ ‫ي ثالث ّ‬ ‫السور ّ‬ ‫س ـ ّدا ً‬ ‫ي قــرار يصدر عن مجلس‬ ‫أ‬ ‫وجه‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫ي ض ّد األسد وأعوانه‪ ،‬وعسكريّا ً‬ ‫األمن الدول ّ‬ ‫عن طريق اإلمدادات الحربيّة المتواصلة له‪،‬‬ ‫واقتصاديّا ً بسندات الخزانة المسروقة من‬ ‫أموال السوريّين الذين يعانون العوز‪ ،‬ويعيش‬ ‫الكثير منهم على أموال اإلغاثة‪.‬‬ ‫ماذا تعني سندات الخزانة؟‬ ‫هي سندات تطرحها الدولة لالكتتاب العا ّم‪،‬‬ ‫وتعتبر بمثابة قروض تحصل عليها الحكومة‬ ‫من األفــراد أو الشركات أو البنوك‪ ،‬وتبغي‬ ‫ي‪،‬‬ ‫الدولة من ذلــك تمويل المجهود الحرب ّ‬ ‫وتس ّمى «قروض الحرب»‪ ،‬وأحيانا ً تهدف‬ ‫لتمويل عمليّات التنمية االقتصاديّة وتسمى‬ ‫«قروض اإلنتاج»؛ والسند هو قرض مديد‬ ‫األجل يتيح لمن اشتراه الحصول على فائدة‬ ‫سنويّة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫مسوغات الـــدول إلصـــدار سندات‬ ‫مــا هــي‬ ‫ّ‬ ‫الخزينة؟‬ ‫في حال عجز الدولة عن تغطية نفقاتها من‬ ‫مواردها‪ ،‬تلجأ إلى الحلول اإلسعافيّة لمعالجة‬ ‫مشاكلها الماليّة‪ ،‬ولكنّه عبارة عن عمليّة تأجيل‬ ‫ي‬ ‫وترحيل لألزمة وتحميل العبء االقتصاد ّ‬ ‫لألجيال القادمة‪ ،‬التي ستدفع هذه القروض مع‬ ‫شك ّ‬ ‫الفوائد في المستقبل‪ .‬وال ّ‬ ‫أن نظام األسد‬ ‫يقترض اليوم ال بهدف االستثمار وال بغية بناء‬ ‫ي‪ ،‬بل لتزويد آلة القتل والدمار‬ ‫االقتصاد السور ّ‬ ‫بمزيد من السالح والعتاد لقهر الشعب‪.‬‬ ‫ودون شك‪ّ ،‬‬ ‫فإن تبعات بيع سندات الخزانة‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬بمليارات‬ ‫ستتمثّل بتكبيل الشعب السور ّ‬ ‫إضافيّة من الديون‪ ،‬بعد أن استكمل هذا النظام‬ ‫ي‬ ‫وقبله نظام والده‪ ،‬خراب االقتصاد الوطن ّ‬ ‫ي على مدى أكثر من أربعة عقود‪.‬‬ ‫السور ّ‬ ‫هذا جانب واحد م ّما يقوم به النظام المجرم من‬ ‫رهن مقدّرات البلد‪ ،‬وربما كانت العقود الخفيّة‬ ‫واالمتيازات المستورة التي يمنحها إليران‬ ‫وروسيا لقاء استمرارهما بدعمه‪ ،‬ما سيكشفه‬ ‫المستقبل‪ ،‬وما يمثّل بيعا ً حقيقيّا ً للوطن‪.‬‬ ‫لم يكن نظام األسد ّأول األنظمة المستبدّة التي‬ ‫رهنت األوطان وباعت المقدّرات لألغراب‪،‬‬ ‫فتاريخ الطغاة واحد‬ ‫فــي أنــحــاء الــعــالــم؛‬ ‫ولقد حظي موضوع‬ ‫الـــديـــون الــظــالــمــة‬ ‫ومـــــدى مــســؤول ـيّــة عــرض النظام عىل‬ ‫الــدول المدينة تجاه الصني بيعها سندات‬ ‫الدائنين باهتمام فقهاء خزانة بقيمة عرشة‬ ‫القانون الدولي‪ ،‬الذين‬ ‫حاولوا وضع ّ قواعد‪ :‬مليارات دوالر‪ ،‬فت ّم‬ ‫(التوارث الدول ّي في لها ذلــك‪ ،‬وقامت‬ ‫الديون والمعاهدات) بتوريد أسلحة لقاء‬ ‫وتحديد مفاهيم الديون‬ ‫الــســيــاديّــة والــديــون جزء من هذه املبالغ‬ ‫الكريهة والديون غير‬ ‫الشرعيّة‪ .‬وهناك في العصر الحديث حاالت‬ ‫مشابهة وسوابق موثّقة بين الــدول‪ ،‬ت ّم فيها‬ ‫إسقاط الديون عن الحكومات الجديدة التي‬ ‫صل من هذه الديون الالشرعيّة‪.‬‬ ‫تم ّكنت من التن ّ‬ ‫ي لمصطلح الديون الالشرعيّة‪:‬‬ ‫المفهوم الدول ّ‬ ‫للمرة األولى‬ ‫يعود استخدام هذا المصطلح‬ ‫ّ‬ ‫إلى المحكمة الفيدراليّة األرجنتينيّة‪ ،‬حين‬

‫أطلقته وصفا ً للديون المقترضة من قبل النظام‬ ‫ي بين عامي ‪ ،1983 -1976‬ث ّم‬ ‫الدكتاتور ّ‬ ‫استخدمته النروج في التسعينيّات‪ ،‬حين أوردته‬ ‫صل من بعض‬ ‫بررت فيها التن ّ‬ ‫بدفوعها التي ّ‬ ‫الديون التي اعتبرتها غير شرعيّة‪.‬‬ ‫ي «جوزيف هان‬ ‫وقد حاول الباحث البريطان ّ‬ ‫لون» تحديد وصف منضبط لهذا المفهوم حين‬ ‫ميّز بين الغرض من الدين وشروط هذا الدين‪،‬‬ ‫صل بالنتيجة إلى توصيف أربع حاالت‬ ‫وتو ّ‬ ‫نموذجيّة للقروض غير الشرعيّة‪:‬‬ ‫ي‪.‬‬ ‫‪ – 1‬ك ّل قرض ت ّم منحه لدعم نظام استبداد ّ‬ ‫‪ - 2‬ك ّل قرض ت ّم منحه بمعدّالت ربويّة فاحشة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ك ّل قرض ت ّم منحه لدولة (هزيلة اقتصاديّاً)‬ ‫معروفة سلفا ً بعجزها عن السداد‪.‬‬ ‫‪ - 4‬ك ّل قرض ت ّم منحه من صندوق النقد‬ ‫ي من الممكن أن تتسبّب شروطه القاسية‬ ‫الدول ّ‬ ‫والصارمة إلى عجز الدولة المدينة عن السداد‪.‬‬ ‫أضاف بعض الفقهاء الحالتين التاليتين للديون‬ ‫الالشرعيّة‪:‬‬ ‫‪ – 1‬إذا كان المقترض الذي يوقّع على عقد‬ ‫ّ‬ ‫يحق‬ ‫مفوض من السلطة العليا التي‬ ‫الدين غير ّ‬ ‫لها إبرام عقد الدين‪.‬‬ ‫ينص‬ ‫‪ – 2‬إذا لم تُتّبع القواعد الدستوريّة التي‬ ‫ّ‬ ‫عليها دستور البلد عند إبرام عقد الدين‪.‬‬ ‫مفهوم الديون الكريهة‪:‬‬ ‫تلجأ األنظمة المستبدّة للحصول على األموال‬ ‫الطائلة التي تحتاجها لقمع شعوبها إلى‬ ‫ي مصدر وتحت أيّة شروط‬ ‫االقتراض من أ ّ‬ ‫ظالمة‪ ،‬غير عابئة بمآل هذه الديون والكوارث‬ ‫التي تنتظر األجيال القادمة‪.‬‬ ‫ي على قرض‬ ‫وعليه‪ ،‬فإذا حصل نظام دكتاتور ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولم يكن الهدف منه تلبية مصالح الدولة وإنما‬ ‫ي وقمع الس ّكان الذين‬ ‫تقوية هذا النظام االستبداد ّ‬ ‫يحاربون هذا االستبداد ّ‬ ‫فإن هذا الدين يعتبر‬ ‫كريهاً؛ ومبدئيّا ً يكون غير ملزم للدولة‪ ،‬إنّما‬ ‫هو محسوب على النظام المستب ّد باعتباره دينا ً‬ ‫شخصيّاً‪ ،‬وبالتالي فهو يسقط بسقوطه‪ .‬ويمكن‬ ‫للحكومة أن تتخلّى على التزامات سابقتها ّ‬ ‫ألن‬ ‫هذه الديون ال تستوفي واحــدة من الشروط‬ ‫التي تحدد شرعيّة الديون‪ ،‬كون ّ‬ ‫أن «المبالغ‬ ‫المقترضة باسم الدولة يجب أن تُستخدم في‬ ‫تلبية حاجات ومصالح الدولة»‪.‬‬ ‫انتشر هذا المفهوم في عام ‪ ،1927‬بعد أن‬ ‫ي بجامعة باريس‬ ‫استخدمه أستاذ القانون الدول ّ‬ ‫ي‬ ‫روس‬ ‫وزير‬ ‫وهو‬ ‫«نعّوم ألكساندر ساك»‬ ‫ّ‬ ‫تكرس هذا المفهوم على يد‬ ‫سابق‪ .‬فيما بعد ّ‬ ‫الفقهاء القانونيّين‪ :‬باتريسا آدامز‪ ،‬وجوزيف‬ ‫هان لــون‪ ،‬وجيف كينغ‪ ،‬وبيريان توماس‪.‬‬ ‫وأجمعوا على تحقّق الشروط التالية مجتمعة‬ ‫لكي يعتبر الدين كريها‪:‬‬ ‫‪-1‬انعدام موافقة الشعب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-2‬عدم تحقّق المصلحة العا ّمة للسكان‪.‬‬ ‫‪ -3‬معرفة الــدول المقرضة سلفا ً بسوء نيّة‬ ‫المقترضة‪.‬‬ ‫السلطة‬ ‫ِ‬ ‫األثر المترتّب على الدين الكريه‪:‬‬ ‫ً‬ ‫يترتّب على اعتبار الدين كريها‪ :‬سقوط هذا‬ ‫الدين عن السلطة الجديدة‪.‬‬

‫تتمة‪ .......‬صفحة ‪10‬‬

‫بعد انفجار الثورة أُسند للشبّيحة وظيفة جديدة‪،‬‬ ‫وهي قمع المعارضين و «تعفيش بيوتهم»‪.‬‬ ‫وهكذا خرجت شريحة الموالين من دائرة‬ ‫عسفهم‪ ،‬ال بل – ربّما ‪ -‬خفّفت وظيفتهم‬ ‫الجديدة من االحتقار والكره السابق تجاههم‪،‬‬ ‫إلى أن بدؤوا من جديد بالتشبيح عليهم‪ ،‬فكثرت‬ ‫عمليّات االختطاف‪ ،‬وطلب الفدية وكثرت‬ ‫حاالت النهب والسرقة‪ ،‬عندها أدرك المؤيّدون‬ ‫ّ‬ ‫أن هذه العصابة لن تكون في يوم ّإل كما كانت‪.‬‬

‫أضيف إلــى قناعة الناس بــقــذارة الشبّيحة‬ ‫ودورهـــم‪ ،‬قناعة أخــرى وهــي ّ‬ ‫أن السلطة‬ ‫التي ترعاهم تشبههم إلى ح ّد كبير‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ّ‬ ‫فإن اآلمال التي علّقها الموالون عليهم وعلى‬ ‫السلطة في حمايتهم راحــت تتالشى‪ ،‬وبدأ‬ ‫السؤال الذي أغلق الموالون عقولهم عنه طوال‬ ‫سنوات يزداد إلحاحاً‪ ،‬إلى أين نحن ذاهبون؟؟‪.‬‬

‫سوسن مح ّمد‬

‫أولي األمر في الغوطة‪ ،‬حين يختصمون!‬

‫األطفال يأكلون الدود والمواد‬ ‫الغذائّية في المستودعات‬ ‫التكفريي ممثّالً بالنرصة سيكون له اليد األعىل يف أيّة قضايا خالف ّية نزاع ّية‪،‬‬ ‫الجهادي‬ ‫التفكري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحتّى قضائيّة‬

‫علي ملحم‬

‫تدخل الغوطة الشرقيّة لدمشق منتصف‬ ‫عامها الثالث على بدء الحصار بعد إغالق‬ ‫حاجز مخيّم الوافدين‪ .‬اآلن تبدو األوضاع‬ ‫االجتماعيّة واالقتصاديّة للس ّكان بحالة‬ ‫مزرية جــ ّداً‪ ،‬فالجوع والعطش وانعدام‬ ‫وسائل الحياة المختلفة من كهرباء وصرف‬ ‫ي وطبابة وتعليم تجعل المحاصرين في‬ ‫ص ّح ّ‬ ‫وضع ال يطاق‪ ،‬وتدفع نحو بدء النزاعات‬ ‫بين أفراد األسرة الواحدة‪ .‬فكيف وإن كان‬ ‫الحال هكذا‪ ،‬هو حال العسكريّين والمقاتلين‬ ‫و «المجاهدين» الذين هم على جبهات‬ ‫القتال يوميّاً‪.‬‬ ‫لقد بدأ الخالف بين أه ّم فصيلين في الغوطة‬ ‫ي ألجناد‬ ‫الشرقيّة متمثّلين باالتّحاد اإلسالم ّ‬ ‫الشام بقيادة أبو مح ّمد الفاتح وجيش اإلسالم‬ ‫بقيادة زهران علّوش‪ ،‬على خلفيّة قيام جيش‬ ‫اإلسالم باعتقال عدّة عناصر من األجناد‬ ‫وإيـــداعـــهـــم في‬ ‫سجن التوبة سيء‬ ‫الخاص‬ ‫الصيت‬ ‫ّ‬ ‫يل‪ ،‬به‪ ،‬دون إصدار‬ ‫يف ‪ 7‬أب الــحــا ّ‬ ‫وبـــعـــد انــتــهــاء أيّــــــة مـــذ ّكـــرة‬ ‫قضائيّة من هيئة‬ ‫خــطــبــة الجمعة‬ ‫القضاء المو ّحد‬ ‫خرجت مظاهرات والذي يع ّد جيش‬ ‫يف مدينة سقبا‪ ،‬اإلسالم واالتحاد‬ ‫جزءا ً منها‪.‬‬ ‫تــنــ ّدد مبــارســات‬ ‫تلتها بأيّام قليلة‬ ‫جــيــش اإلســـــام‪ ،‬عمليّات خطف‬ ‫وتــدعــو إلســقــاط مـــتـــبـــادلـــة مــن‬ ‫الطرفين لعناصر‬ ‫زهـــــران عــلّــوش‬ ‫من كال الفصيلين‬ ‫وكان من أه ّمهم‬ ‫ي في‬ ‫خطف أبو جعفر المسؤول السياس ّ‬ ‫األجناد من قبل حاجز «طيّار « لجيش‬ ‫اإلسالم‪ .‬على الرغم من ّ‬ ‫أن االتحاد ادّعى‬ ‫التزامه باستصدار مذ ّكرات من القضاء‪،‬‬ ‫باعتبار ّ‬ ‫أن أبو سليمان طفّور (القاضي‬ ‫ي األعلى في الغوطة) تابع للهيئة‬ ‫الشرع ّ‬ ‫الشرعيّة لألجناد‪.‬‬ ‫ي‪ ،‬وبعد انتهاء خطبة الجمعة‬ ‫في ‪ 7‬أب الحال ّ‬ ‫خرجت مظاهرات عارمة في الغوطة وفي‬ ‫مدينة سقبا تحديداً‪ ،‬تندّد بممارسات جيش‬ ‫اإلســام‪ ،‬وتدعو إلسقاط زهران علّوش‪،‬‬ ‫مذ ّكرة بتلك المظاهرات التي شهدتها المدن‬ ‫السوريّة وغوطة دمشق في عديد من‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫المرات قبل سنوات ض ّد النظام السور ّ‬ ‫وب ّ‬ ‫شار األسد‪.‬‬ ‫لم تتوقّف المسألة عند هذا الح ّد ففي اليوم‬ ‫التالي للمظاهرات‪ ،‬أعلن زهران علّوش‬ ‫في اجتماع مع بعض وجهاء الغوطة‪،‬‬ ‫عن اعــتــراف خطير حصل عليه جيش‬ ‫ي لألجناد «أبو‬ ‫اإلسالم من المسؤول السياس ّ‬

‫طفل في سوريا‬ ‫(انترنت)‬

‫ي بتخزين‬ ‫جعفر»‪ ،‬يفيد بقيام االتّحاد اإلسالم ّ‬ ‫ما يربو على ألف ّ‬ ‫طن من المواد الغذائيّة‬ ‫صة به‪ ،‬في الوقت‬ ‫في المستودعات الخا ّ‬ ‫الذي يأكل فيه أطفال الغوطة «الدود» من‬ ‫حاويات القمامة‪ ،‬حسب تعبير زهران‪.‬‬ ‫حاليّا ً يبدو ّ‬ ‫أن الخالف بين الفصيلين‪ ،‬في‬ ‫طريقه لالنفراج والــح ـ ّل‪ ،‬بعد أن وافق‬ ‫الجانبان على االحتكام لهيئة قضائيّة واحدة‬ ‫تح ّل النزاع‪ ،‬وبواسطة من جبهة النصرة‬ ‫وفيلق الرحمن‪ ،‬ليت ّم وقف المظاهر المسلّحة‬ ‫كافّة‪ ،‬والعودة إلى الحالة التي كانت قبل بدء‬ ‫المشكلة‪ ،‬وإطالق سراح ك ّل المعتقلين من‬ ‫الطرفين فوراً‪.‬‬ ‫ما يه ّم هنا ليس الحيثيّات التي أدّت إلى هذا‬ ‫االنفالش في سيل االتهامات‪ ،‬وعمليّات‬ ‫الخطف واالعتقال المتبادل‪ ،‬بقدر ما يه ّم‬ ‫تحليل األبعاد الكامنة في عمق الخالف القائم‬ ‫ي لكال‬ ‫من الناحية الفكريّة والتو ّجه السياس ّ‬ ‫الفصيلين‪ ،‬وكيف ت ّم الح ّل بواسطة «جبهة‬ ‫ي‬ ‫النصرة» ذات التو ّجه الفكر ّ‬ ‫ي والسياس ّ‬ ‫المختلف؟‬ ‫لدينا هنا ثالثة أطراف‪:‬‬ ‫ي ذو التو ّجه‬ ‫الطرف ّ‬ ‫األول‪ :‬االتّحاد اإلسالم ّ‬ ‫ي المعروف بارتباطاته وعالقاته‬ ‫اإلخوان ّ‬ ‫الوثيقة مع حركة اإلخــوان المسلمين‪ ،‬إذ‬ ‫يش ّكل لواء «درع الغوطة» جــزءا ً ها ّما ً‬ ‫من األجناد‪ ،‬وألوية الــدروع هي الفصيل‬ ‫ي التابع لإلخوان بشكل مباشر‪.‬‬ ‫العسكر ّ‬ ‫الطرف الثاني‪ :‬جيش اإلسالم ذو التو ّجه‬ ‫ي والمعروف بعالقاته مع‬ ‫ي الدعو ّ‬ ‫السلف ّ‬ ‫مشايخ ورجال الدين السعوديّين المعادين‬ ‫بشكل واضح لحركة اإلخوان المسلمين‪ .‬أ ّما‬ ‫الطرف الثالث‪ :‬الذي ت ّم عن طريقه الح ّل‪،‬‬ ‫وهنا تكمن الخطورة فهو جبهة النصرة‪،‬‬ ‫المعروفة بأنّها فرع القاعدة في بالد الشام‪،‬‬ ‫وهي الحركة الجهادّية التكفيريّة التي تحظى‬ ‫بدعم كبير وواســع من الحركة الجهاديّة‬ ‫العالميّة‪.‬‬

‫تتمة‪ .......‬صفحة ‪10‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫من الصحف‬

‫السنة الثانية‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫العدد ‪36‬‬

‫راتب شعبو ‪ -‬مركز دراسات الجمهورّية الديمقراطّية‬

‫بعد جريمة سليمان األسد األخيرة‬

‫ّ‬ ‫يتخطون الممنوع‪ ،‬والنظام خاسر‬ ‫الموالون‬ ‫على ّ‬ ‫كل حال‬

‫احتجاج الموالين في الالذقية‬ ‫(انترنت)‬

‫ـرة يُظهر أهل الساحل غضبهم‬ ‫ألول مـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بصورة جماعيّة‪ ،‬ويتضامنون بصورة منظمة‬ ‫نسبيّا ً مع أهل الضحيّة التي سقطت على يد‬ ‫أحد الشبّيحة الجدد من عائلة األسد‪ .‬في هذا‬ ‫ما يؤ ّ‬ ‫تحول في وعي الموالين وفي‬ ‫شر على ّ‬ ‫نوعيّة العالقة بين السلطة وجمهورها‪ .‬في‬ ‫ّ‬ ‫الست زينب يعتصم جمهور من الشيعة‬ ‫يتساءلون ع ّما يجري في قريتي كفريا‬ ‫والفوعة بعد تقدّم جيش الفتح في المنطقة‪،‬‬ ‫وفي طرطوس يعتصم أهالي العساكر الذين‬ ‫تحاصرهم «داعش» في مطار كويرس في‬ ‫حلب‪ ،‬وفي الالذقية أيضا ً يحت ّج الناس على‬ ‫جريمة رهيبة ألحد شبّيحة النظام في قتل‬ ‫العقيد حسّان الشيخ أمام أسرته‪ .‬بدأ يتش ّكل‬ ‫في سورية الحكوميّة حراك موال معارض‪،‬‬ ‫أو معارض تحت سقف الــمــواالة‪ .‬تتر ّكز‬ ‫مادتنا على الحادثة األخيرة التي ترتبط‪ ،‬دون‬ ‫ّ‬ ‫شك‪ ،‬مع بقيّة حراك الجمهور الموالي‪.‬‬ ‫جريمة قتل العقيد الشيخ وتداعياتها‬ ‫باتت معالم جريمة سليمان األسد التي ارتكبها‬ ‫في الالذقيّة يوم الخميس في ‪2015/8/5‬‬ ‫واضحة‪ ،‬بعد أن وصفها شقيق الضحيّة‬ ‫الــذي كان موجودا ً في السيّارة مع أخيه‬ ‫يمر‬ ‫المغدور‪ .‬على دوار األزهــري‪ ،‬حيث ُّ‬ ‫أتستراد الشاطئ األزرق الذي يرتاده بكثرة‬ ‫«األسديّون» في تردّدهم المتواصل على‬ ‫منتجع روتانا؛ يُقدّم الجاني على قتل الضحيّة‬ ‫بواسطة ر ّ‬ ‫ي‪ ،‬بعد‬ ‫شــاش إثر خالف مــرور ّ‬ ‫أن كان الضحيّة قد‬ ‫عرف عن نفسه بأنّه‬ ‫ّ‬ ‫عقيد في الجيش‪.‬‬ ‫ال تختلف جريمة قتل ملــاذا ال يجرؤ أحد‬ ‫العقيد حسّان الشيخ من أجهزة األمــن‪،‬‬ ‫عــلــى يــد الــمــجــرم‬ ‫بكل‬ ‫المذكور بشيء عن التي تتحكّم ّ‬ ‫الجرائم التشبيحيّة تــفــاصــيــل حــيــاة‬ ‫السابقة لها‪ ،‬سواء‬ ‫السوري‪ ،‬أن يقبض‬ ‫ّ‬ ‫على يد المجرم نفسه‬ ‫أو على يد الشبّيحة عــى هــذا املجرم‬ ‫السابقين من عائلة أو حتّى منعه من‬ ‫األســـد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مـــرت تلك قــطــع الــطــريــق؟‬ ‫ب‬ ‫الجرائم دون عقا ٍ‬ ‫ألنّها كانت مسبوقة‬ ‫بجريمة عا ّمة واسعة ارتكبها النظام‪ ،‬يمكن‬ ‫أن نس ّميها‪ ،‬درجا ً على قول جبران خليل‬ ‫جبران‪ ،‬جريمة «قتل النفس» التي ال يدري‬ ‫بها البشر‪ .‬والنفس المقتولة ال يمكنها أن‬ ‫تنهض لكرامتها‪ .‬يبقى السؤال اليوم‪ ،‬لماذا‬ ‫أثــارت هذه الجريمة ردّة فعل عا ّمة أكبر‬ ‫اضطر النظام أن يم ّد‬ ‫من سابقاتها؟ ولماذا‬ ‫ّ‬ ‫الحبل إلعالمه كي يُدين ويته ّجم على أحد‬ ‫«األسديّين»؟ هل قامت «النفس الموالية»‬ ‫من موتها؟ وهل يمكن أن يحاسب الجاني؟‬ ‫في البداية يجب أن نرى في جرائم آل األسد‪،‬‬ ‫السابقة منها والحاليّة‪ ،‬جريمة النظام قبل أن‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تكون جريمة الشبّيح القاتل أو المغتصب؛ ذلك‬ ‫ّ‬ ‫ألن السؤال البسيط الذي يتبادر إلى الذهن‪ :‬ما‬ ‫القوة التي يحوزها هذا المجرم كي يضع‬ ‫هي ّ‬ ‫كرسيّه مثالً في وسط طريق عا ّم ويقطع‬ ‫السير؟ لماذا ال يجرؤ أحد من األهالي على‬ ‫ردعه عن التعدّي على أمالكهم وكراماتهم؟‬ ‫لماذا ال يجرؤ أحد من أجهزة األمن‪ ،‬التي‬ ‫ي‪ ،‬على‬ ‫تتح ّكم بك ِّل تفاصيل حياة السور ّ‬ ‫القبض على هذا المجرم أو حتى على منعه‬ ‫من قطع الطريق؟ لماذا ال يملك الناس سوى‬ ‫الهرب من طريق هذا المجرم الذي يعتدي‬ ‫جهارا ً على أعــراض الناس؟ أيــن مكمن‬ ‫ي‪ ،‬الذي يهرب‬ ‫الخوف منه؟ الجواب البديه ّ‬ ‫يتجرأ‬ ‫الموالون من التفكير فيه‪ ،‬هو أن من‬ ‫ّ‬ ‫على ردع هذا المجرم‪ ،‬حتّى لو كان رئيس‬ ‫فرع أمن أو مسؤو َل شرطة أو محافظاً‪ ،‬ال‬ ‫يأمن انتقام السلطة العليا (األسديّة)‪.‬‬ ‫قوة هذا الشبّيح من شخصه وال من‬ ‫ال تأتي ّ‬ ‫وجود أقاربه على رأس السلطة في سورية‪،‬‬ ‫بل من ثقته في ّ‬ ‫أن هؤالء األقــارب سوف‬ ‫يؤ ّمنون له الحماية دائماً‪ ،‬وأنّهم يعتبرون‬ ‫السماح بمعاقبة أمثاله إنّما (يوهن نفسيّة)‬ ‫العائلة التي يجب ّأل تكسر شوكتها عن‬ ‫خاصرة الناس‪.‬‬ ‫هذه هي الحقيقة التي تجعل هؤالء الشبّيحة‬ ‫مجرد أيد عارية لنظام القتل العا ِ ّم‪ .‬هذه هي‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقة التي ال يريد أن يراها ك ّل من يحاول‬ ‫ّ‬ ‫فك االرتباط بين هذا المجرم والنظام‪ ،‬بالقول‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫إن هذا المجرم يسيء لسمعة النظام السور ّ‬ ‫ما الذي جعل جريمة سليمان األسد هذه تثير‬ ‫حراكا ً شعبيّاً؟‬ ‫تحرك‬ ‫ثالثة عناصر جعلت هذه الجريمة‬ ‫ّ‬ ‫الرأي العا ّم الموالي هي‪:‬‬ ‫ّأوالً ‪ -‬الضحيّة أحد ضبّاط الجيش الذي‬ ‫القوة‬ ‫ارتفعت مكانته في نظر الموالين بصفته ّ‬ ‫تحول‬ ‫التي تقف في وجه «الجهاديّين»‪ ،‬حتّى ّ‬ ‫ي إلى أيقونة‪ ،‬بعد أن جرى‬ ‫البوط العسكر ّ‬ ‫ي‬ ‫السور‬ ‫للحراك‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫الفعل‬ ‫األسباب‬ ‫تشويه‬ ‫ّ‬ ‫واختزاله في وعي الموالين‪ ،‬إلى كونه مؤامرة‬ ‫وحركة جهاديّة طائفيّة ومسعى واعيا ً لتدمير‬ ‫ي‬ ‫الدولة التي يقوم الجيش السور ّ‬ ‫ي النظام ّ‬ ‫بحمايتها‪ .‬كان لهذا العنصر دور فاعل في‬ ‫إثــارة مشاعر الناس‪ ،‬وقــد حــاول محافظ‬ ‫الالذقيّة أن يحذف هذا العنصر في مقابلته‬ ‫مع إذاعة (شام إف إم) حين احت ّج على إدخال‬ ‫صفة ورتبة الضحيّة في الحادثة معتبرا ً ّ‬ ‫أن‬ ‫القاتل أقدم على فعلته دون معرفة بهويّة‬ ‫المقتول‪ ،‬غير ّ‬ ‫أن شقيق الضحيّة أوضح في‬ ‫ّ‬ ‫كالمه على المحطة نفسها ّ‬ ‫عرف‬ ‫أن المغدور ّ‬ ‫وصرح للقاتل عن هويّته دون أن يعني‬ ‫بنفسه‬ ‫ّ‬ ‫األمر شيئا ً لهذا األخير‪ .‬نفترض أنّه لو كان‬ ‫الضحيّة شخصا ً مدنيّا ً لكانت ردّة الفعل أق ّل‬ ‫حدّة‪.‬‬ ‫ثانيا ً ‪ -‬في وعي الموالين‪ ،‬لم تعد سلطة‬ ‫األسد اليوم كما كانت سلطة األسد قبل آذار‬

‫‪ .2011‬قبل هذا التاريخ كان األسد األب هو‬ ‫ي الذي قطف السلطة بيديه وبحنكته‬ ‫العصام ّ‬ ‫وجلب اعترافا ً عا ّما ً للعلويّين الذين طالما‬ ‫ي (يذ ّكر‬ ‫ي ِ والدنيو ّ‬ ‫عانوا من التهميش الدين ّ‬ ‫الجاني سليمان األسد بذلك على صفحته في‬ ‫الفيسبوك حيث يتوعّد الذين تظاهروا ضدّه‬ ‫وطالبوا بإعدامه ويته ّجم عليهم بالقول «آل‬ ‫األسد اللي عملوكن عالم» أي رفعوكم إلى‬ ‫مرتبة البشر‪ .‬كان هذا «الدين» بمنزلة‬ ‫ي في ذ ّمة العلويّين راحت عائلة‬ ‫رأسما ٍل ضمن ّ‬ ‫األسد تستثمره بأبشع ضروب االستثمار‪،‬‬ ‫القوة العارية للسلطة (سلطتهم)‪.‬‬ ‫مستفيدة من ّ‬ ‫وكانت فترة حكم االبن حتّى ‪ ،2011‬في‬ ‫مجرد امتدا ٍد لحكم األب‪،‬‬ ‫الوعي الموالي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫باآلليّات نفسها وعلى مصادر الطاقة نفسها‪.‬‬ ‫اليوم بات الموالون يشعرون ّ‬ ‫أن سلطة األسد‬ ‫تستمر بفضلهم‪ ،‬وبفضل تضحياتهم؛ وباتوا‬ ‫ّ‬ ‫يشعرون أنّهم شركاء في السلطة‪ ،‬فقد دفعوا‬ ‫ثمن استمرارها الكثير من الدم والحرمان‪.‬‬ ‫وأكثر من ذلك‪ ،‬يأخذ الكثير من الموالين على‬ ‫النظام أنّه قادهم في مواجه ٍة عديمة البصيرة‬ ‫كلّفتهم الكثير‪ ،‬وكثيرا ً ما بدا النظام لهم كما‬ ‫لو أنّه غير آبه بجنوده‪ ،‬وكما لو أنّه يتركهم‬ ‫أحيانا ً لموت فظيع على يد «الجهاديّين»‬ ‫عن قصد أو عن سوء تخطيط‪ ،‬فضالً عن‬ ‫اإلهمال الشديد الذي يعانونه من حيث الطعام‬ ‫جراء الفساد الذي‬ ‫ومن حيث المعاملة ‪..‬إلخ‪ّ ،‬‬ ‫ينخر مؤسّسة الجيش‪.‬‬ ‫ثالثا ً ‪ -‬يزيد من المرارة في الوعي الموالي‬ ‫ّ‬ ‫أن النظام بعد كـ ّل هــذا يخسر عسكريّاً‪،‬‬ ‫حتّى بات جيش الفتح على تخوم الالذقيّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأن غالبيّة الناس في معقل سيطرة النظام‬ ‫ّ‬ ‫خط الفقر‪،‬‬ ‫(الساحل)‪ ،‬باتوا يعيشون تحت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتبق‬ ‫وأن الشعور باألمان شبه معدوم‪ .‬لم‬ ‫ّ‬ ‫لدى النظام ما يشد من عصب جمهوره بعد‬ ‫خسائره العسكريّة وتدنّي مستوى المعيشة‬ ‫حول سورية إلى البلد‬ ‫ي الذي ّ‬ ‫والدمار العبث ّ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫التحول (إدراك الموالين‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫األتعس‪ .‬في ظ ِ‬ ‫أنّهم شركاء في السلطة التي دفعوا عشرات‬ ‫آالف الضحايا في‬ ‫سبيل استمرارها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫والتراجع العسكر ّ‬ ‫السيناريو املتوقّع‪ :‬للنظام مع الدمار‬ ‫وسجن الــواســع والــتــدنّــي‬ ‫محاكمة‬ ‫الكبير في مستوى‬ ‫يعقبه هــروب من‬ ‫الــمــعــيــشــة)‪ ،‬بــدا‬ ‫السجن بعد حني ســلــيــمــان األســـد‬ ‫والــســفــر خـــارج فــي جريمته كمن‬ ‫يصرف شيكا ً كبيرا ً‬ ‫ســـوريـــة‪ ،‬ليلحق‬ ‫مــن دون رصيد‪،‬‬ ‫بقريبه رفعت األسد األمــر الــذي أحرج‬ ‫الــبــنــك (السلطة)‬ ‫يموله‪،‬‬ ‫الــذي كــان ّ‬ ‫مضطرا ً لمعاقبته‪.‬‬ ‫والذي قد يجد نفسه‬ ‫ّ‬ ‫تفاعل النظام مع الجريمة‬ ‫من الواضح ّ‬ ‫أن السلطة تعاملت مع الحدث‬ ‫على أنّه من صنعها‪ ،‬وتعاملت مع الجاني‬ ‫على أنّه ابنها‪ّ ،‬‬ ‫وإل فال معنى لتوافد كبار‬ ‫رجال الدولة في الالذقيّة للتعزية‪ ،‬وال معنى‬ ‫لترقية الضحيّة إلى رتبة عميد‪ ،‬وإعطائه‬ ‫مكانة الشهيد‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫لو كان الجاني من غير عائلة األســد لما‬ ‫وجدت السلطة نفسها في هذا الموقع‪ ،‬األمر‬ ‫يكرس القناعة بأنّنا في سورية أمام حكم‬ ‫الذي ّ‬ ‫ي‪ .‬السلطة قتلت والسلطة تحاول‬ ‫فعل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫عائل ّ‬ ‫لملمة مفاعيل جريمتها‪ .‬هذه هي الصورة‬ ‫الحقيقية للمشهد في الالذقية اليوم‪ .‬وحين‬ ‫تقول أ ّم الضحيّة ّ‬ ‫إن ابنها فداء للرئيس‪ ،‬إنّما‬ ‫ّ‬ ‫تقول في الوقت عينه إن سلطة الرئيس هي‬ ‫سبب القتل‪.‬‬ ‫يبدو أنّه جرى اإلســراع في دفن الضحيّة‬ ‫قبل أن يمت ّد الخبر‪ ،‬فكانت الجنازة فقيرة‬ ‫أن الخبر انتشر الحقا ً‬ ‫ومــحــدودة‪ .‬غير ّ‬ ‫وعبّر بعض أهالي الساحل عن غضبهم في‬ ‫اعتصام نفّذوه على دوار الزراعة‪ ،‬ظهرت‬ ‫فيه إرادة مستقلّة نسبيّا ً عن السلطة‪ ،‬لكنّها‬ ‫استقالليّة ال تكسر دائرة الــوالء‪ .‬الهتافات‬ ‫وتخص الجريمة فقط‪.‬‬ ‫كانت مطلبيّة محض‬ ‫ّ‬ ‫يتحرك ضمن‬ ‫الصراع في البيئة الموالية‬ ‫ّ‬ ‫حدود عدم إسقاط النظام‪ ،‬وهذه الحدود سوف‬ ‫ي غالبا ً على ضفّة‬ ‫تبقى ما بقي اللون اإلسالم ّ‬ ‫المعارضة‪ ،‬وإن لم يكن بالتنويعة الجهاديّة‬ ‫السائدة اليوم‪ .‬فالعداء للمعارضة اإلسالميّة‬ ‫يش ّكل أرضيّة مشتركة وصلبة تجمع جمهور‬ ‫وتتفوق على الصراعات الداخليّة في‬ ‫المواالة‬ ‫ّ‬ ‫صفوفهم‪.‬‬

‫تتمة‪ .......‬صفحة ‪10‬‬

‫داعش واالرهاب‬ ‫(انترنت)‬

‫مح ّمد شحرور ‪ -‬ض ّد اإلرهاب‬

‫رب ضارة نافعة‬ ‫ظهور داعش…‪ّ .‬‬

‫آن األوان لرفع الغطاء عن‬ ‫اإلسالم الموروث‬ ‫تفاجأ معظم المسلمين المؤمنين بشريعة‬ ‫مح ّمد‪ ،‬بما تقوم به «داعــش» وأشباهها من‬ ‫أعمال وحشيّة‪ ،‬سواء قتالً أو سبيا ً أو حرقا ً‬ ‫ألحياء‪ ،‬وتتعدّد المواقف والمشاعر‪ ،‬ما بين‬ ‫مستهجن لهذه األعمال‪ ،‬أو مر ّحب بتطبيق‬ ‫الشريعة وفق أصولها‪ ،‬والكثير منّا وجد نفسه‬ ‫متّهما ً بشكل أو بآخر‪ ،‬فإ ّما حاول نفي الشبهة‬ ‫عن اإلسالم‪ ،‬أو وقف ضعيفا ً وقد ُو ّرط بما ال‬ ‫يرضى به‪.‬‬ ‫ورغــم فجاعة المشهد‪ّ ،‬إل ّ‬ ‫أن ربّ ضارة‬ ‫نافعة‪ ،‬فلّعله قد آن األوان لكشف الغطاء عن‬ ‫اإلسالم الموروث‪ ،‬الذي يقدّم معتنقيه إلى العالم‬ ‫بصفتهم األكثر إرهابا ً على وجه األرض‪،‬‬ ‫ولع ّل ما يحصل يفسح المجال أمام المسلمين‬ ‫للبحث عن دينهم‪ ،‬عبر تحطيم هذا القالب الذي‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫ي أم للبخار ّ‬ ‫يمس‪ ،‬سواء أكان قالبا ً للشافع ّ‬ ‫ي أم لرجل الدين األقرب‪.‬‬ ‫أم للسيوط ّ‬ ‫األول «الكتاب‬ ‫وكنت قد أصــدرت كتابي‬ ‫ّ‬ ‫والقرآن» في عام ‪ ،1990‬والقى هجوما ً شديدا ً‬ ‫من المؤسّسات الدينيّة‪ ،‬حتّى ّ‬ ‫أن بعضهم نهى‬ ‫مريديه عن قراءة الكتاب‪ ،‬وكيلت االتّهامات‬ ‫وألّفت الكتب للر ّد عليه‪ ،‬ومعظم هذه الردود‬ ‫اعتمدت المرجعيّة التراثية مسلّمة ال يمكن‬ ‫المس بها‪ ،‬وبالتالي أصبحنا على طرفي‬ ‫ّ‬ ‫نقيض‪ ،‬فالبحث القائم على النقل سيوصل إلى‬ ‫نتائج مختلفة تماما ً عن البحث القائم على العقل‪،‬‬ ‫واستمر هذا العداء حتّى يومنا هذا‪ ،‬وليس لي‬ ‫ّ‬ ‫وحدي وإنّما لك ّل من يعتمد على الفكر في‬ ‫ي‬ ‫دراسة اإلسالم‪ ،‬فمن‬ ‫ّ‬ ‫يتجرأ على نقد البخار ّ‬ ‫أو ابن كثير أو مناقشة ص ّحة ما كتباه هو كافر‬ ‫ال يسمع منه‪ ،‬ورغم وجود عدد ال بأس به من‬ ‫ي بحثوا في اإلسالم‬ ‫المف ّكرين في العالم العرب ّ‬ ‫المعاصر ونادوا بالتغيير‪ ،‬ومنهم من دفع حياته‬ ‫ثمنا ً ألفكاره‪ّ ،‬إل ّ‬ ‫أن صوتنا بقي ضعيفا ً أمام‬ ‫صوت الموروث القائم على اآلبائيّة‪.‬‬ ‫واليوم إذ يبحث المدافعون عن اإلسالم عن‬ ‫مخرج لما هم فيه‪ ،‬بدأ كثير من المسلمين‬ ‫التساؤل عن ص ّحة ما بين أيديهم من موروث‪،‬‬ ‫فـ «داعش» تستند في ك ّل أعمالها إلى أ ّمهات‬ ‫ي‪ ،‬وتستقي مراجعها من‬ ‫كتب الفقه اإلسالم ّ‬ ‫المنهل ذاته الذي يستقي منه األزهر وقم وما‬ ‫ي مراجعهم‪ ،‬فهل العلّة‬ ‫يس ّمى باإلسالم الوسط ّ‬ ‫في اإلسالم؟ أم في المسلمين؟ فإذا كان اإلسالم‬ ‫ي‬ ‫مختلفا ً عن المسلمين فهذا يعني أنّه دين نظر ّ‬ ‫يعيش في فراغ‪ ،‬ويتجسّد فقط على صفحات‬ ‫الكتب‪ ،‬وإذا كان واقع المسلمين يمثّل اإلسالم‬ ‫فمعنى ذلك أنّنا أمام مشكلة كبيرة لن تنتهي‬ ‫بالقضاء على «داعــش» ومثيالتها‪ ،‬وكيف‬ ‫نفهم بالتالي قوله تعالى {كنتم خير أ ّمة أخرجت‬ ‫للنّاس} (آل عمران ‪)110‬؟‬ ‫وكثيرا ً ما نسمع اليوم ّ‬ ‫أن اإلسالم في بالد الشام‬ ‫ي معتدل ال غبار عليه‪ ،‬ليس فيه‬ ‫إسالم وسط ّ‬ ‫قتل وذبح وإرهاب‪ ،‬ومن هنا ولدت المفاجأة‬ ‫بما يرتكب باسم اإلسالم‪ ،‬وأقول نعم‪ ،‬هو إسالم‬ ‫معتدل‪ّ ،‬‬ ‫ألن رجل الدين كان يأخذ ما يناسب‬ ‫هواه وهوى السلطة ويترك الباقي‪ ،‬وإسالمه‬ ‫معتدل طالما ال يملك السلطة‪ّ ،‬‬ ‫فإن ملكها أصبح‬ ‫«داعشيّاً»‪.‬‬ ‫وهنا ال ب ّد من ذكر أنّه في نهاية القرن التاسع‬ ‫عشر وبداية القرن العشرين ظهرت دعوات‬ ‫لتجديد اإلسالم‪ ،‬على أيدي مصلحين كبار مثل‬ ‫«جمال الدين األفغاني» و «مح ّمد عبده»‪،‬‬ ‫ّإل ّ‬ ‫أن هذه الحركات بقيت أسيرة للقواعد‬ ‫ذاتها التي انطلق منها الفقهاء في القرن‬ ‫ي‪ ،‬والقائمة على إضفاء قدسيّة‬ ‫التاسع الميالد ّ‬ ‫يخص الصحابة من‬ ‫ال أساس لها على ك ّل ما‬ ‫ّ‬ ‫أقوال وأفعال‪ ،‬فتوقّف االجتهاد عندهم‪ ،‬كذلك‬ ‫ي التي‬ ‫اعتُمدت أصول الفقه والتشريع اإلسالم ّ‬ ‫ي‬ ‫ت ّم وضعها في القرنين الثاني والثالث الهجر ّ‬ ‫دون أيّة مراجعة‪ ،‬ودون النظر لألطر المعرفيّة‬ ‫التي وضعت من خاللها‪ ،‬إضافة لربط اإلسالم‬ ‫ي للدولة اإلسالميّة‬ ‫من خالل السياق التاريخ ّ‬ ‫بأشخاص‪ ،‬بدالً من تحويله إلى مؤسّسات‪،‬‬ ‫فالقضاء العادل هو مادّة للمسلسالت ليس ّإل‪،‬‬ ‫والخليفة الذي ّ‬ ‫ينظف بيت المال ويفرغه على‬ ‫المسلمين قبل أن ينام هو مدعاة للتندّر والفخر‬

‫وليس لالقتداء به وتحويله إلى مؤسّسة خيريّة‪،‬‬ ‫ي‪.‬‬ ‫أو إلى مؤسّسة ضمان اجتماع ّ‬ ‫ك ّل ذلك نتج عنه ما نعانيه اليوم‪ ،‬من افتقار‬ ‫ّ‬ ‫ينظم بنية‬ ‫ي‬ ‫لمعارضة سياسيّة ولفقه دستور ّ‬ ‫الــدولــة وشرعيّتها‪ ،‬فال وجــود لمؤسّسات‬ ‫تشريعيّة وال مؤسّسات قضائيّة مستقلّة عن‬ ‫السلطة التنفيذيّة‪ ،‬وحين استفاقت الشعوب‬ ‫ي وال‬ ‫وجدت نفسها تحت ظ ّل االستبداد السياس ّ‬ ‫األمرين فإ ّما‬ ‫أحد غيره‪ ،‬وها هي اليوم تعاني‬ ‫ّ‬ ‫سلطة االستبداد وإ ّما حركات تريد إعادة الزمن‬ ‫ي‪.‬‬ ‫إلى القرن السابع الميالد ّ‬ ‫ي ليست حديثة العهد‬ ‫ومؤسّسة االستبداد السياس ّ‬ ‫وتطورت‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وإنّما نعيشها منذ العهد األمــو ّ‬ ‫وترسّخت إلى يومنا هذا‪ ،‬ابتدا ًء من مفهوم‬ ‫القضاء والقدر الذي جعل الفرد يرضخ للحاكم‬ ‫باعتباره قضا ًء من هللا‪ ،‬إلى انشغال المواطن‬ ‫بفقه العبادات من صــاة وزكــاة ووضــوء‪،‬‬ ‫الحريّة‬ ‫الحريّة‪ ،‬ســواء‬ ‫وغياب ك ّل مفاهيم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حريّة الرأي‪ ،‬فأصبح راسخا ً في‬ ‫الشخصيّة أو ّ‬ ‫ذهن المسلم ّ‬ ‫أن اإلخالل بأحد بنود الوضوء‬ ‫يكفي ألن يرمي هللا بك ّل أعماله الصالحة في‬ ‫وجهه‪ ،‬وأصبحت صورة هللا تعالى في األذهان‬ ‫وكأنّه حاكم مستب ّد يع ّد على المؤمنين عثراتهم‬ ‫ويرسل مالئكته ليعذّبوهم في القبر‪ ،‬فجرى‬ ‫تحريف معنى الرسالة لتأخذ منحى مختلفا ً تماما ً‬ ‫ع ّما جاءت به‪.‬‬ ‫علما ً ّ‬ ‫أن مفهوم القضاء والقدر في التنزيل‬ ‫الحكيم مختلف تماما ً ع ّما وصل إلينا‪ ،‬وال‬ ‫يذكر هللا النار ّإل ويذكر معها الجنّة‪ ،‬وال يذكر‬ ‫العذاب ّإل ذكر معه الرحمة‪ ،‬والرحمة واسعة‬ ‫والعذاب ضيّق {عذابي أصيب به من أشاء‬ ‫ورحمتي وسعت ك ّل شيء} (األعراف ‪)156‬‬ ‫ونحن اليوم نقرأ قوله تعالى {وما أرسلناك‬ ‫ّإل رحمة للعالمين} (األنبياء ‪ )107‬ونتساءل‬ ‫أين الرحمة والعالميّة في الرسالة المح ّمديّة؟‬ ‫هل في رجم الزانية؟ أم في قتل المرتدّ؟ أم في‬ ‫حرق األحياء وسبي النساء؟‬ ‫لألسف ك ّل هذه األعمال تستند إلى نصوص‬ ‫ُكتبت بعد وفاة الرسول األعظم بقرنين من‬ ‫الزمن‪ ،‬رغم أنّه نهى عن تدوين أقواله‪ ،‬لعدّة‬ ‫أسباب أل ّخصها بما يلي‪:‬‬ ‫‪ .‬التنزيل الحكيم هو أساس اإلسالم وعموده‬ ‫ي‪.‬‬ ‫الفقر ّ‬ ‫‪ .‬طاعة الرسول تعني طاعة الرسالة‪ ،‬والرسالة‬ ‫موجودة في التنزيل‪.‬‬ ‫‪ .‬األمور التي أمر هللا الناس بطاعة الرسول‬ ‫فيها‪ ،‬هي الشعائر‪ ،‬كالصالة والزكاة‪ ،‬وقد علمها‬ ‫الرسول للناس ومارسها أمامهم ووصلتنا عنه‬ ‫بالتواتر الفعلي‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فقد أصبح علم صناعة الحديث‬ ‫علما ً قائما ً بذاته‪ ،‬فنسبت إلى مح ّمد (ص)‬ ‫أقوال وأفعال ال أساس لها من الص ّحة‪ ،‬أساءت‬ ‫ي وكرسول‪ ،‬وت ّم اعتماد هذه‬ ‫إليه كرجل وكنب ّ‬ ‫األحاديث لتنظم حياة المؤمنين وكأنّها المرجع‬ ‫المعتمد لحياتهم‪ ،‬ناسين أنّه حتّى لو ص ّحت‪،‬‬ ‫فهناك ثالثة مقامات يجب التمييز بينها‪،‬‬ ‫فمح ّمد الرجل هو إنسان بشر يأكل ويشرب‬ ‫وينام ولسنا ملزمين بحبّ ما يحبّ من مأكل‬ ‫ومشرب‪ ،‬وكره ما يكره‪ ،‬ولبس ما يلبس‪ ،‬أ ّما‬ ‫النبوة‬ ‫ي فقد مارس الحكم من مقام‬ ‫ّ‬ ‫مح ّمد النب ّ‬ ‫ي أحكامه تنطبق على زمانه‬ ‫أ‬ ‫كرسول‪،‬‬ ‫وليس‬ ‫ّ‬ ‫ي الذي‬ ‫فقط ولعصره ووفق السياق التاريخ ّ‬ ‫وقعت به‪ ،‬وليست لزماننا‪ ،‬وما نحن معنيّون‬ ‫به هو االلتزام بطاعة مح ّمد الرسول من خالل‬ ‫طاعة الرسالة‪.‬‬ ‫فإذا كنّا نؤمن بالتنزيل الحكيم ككتاب مقدّس من‬ ‫عند هللا‪ ،‬صالح لك ّل زمان ومكان‪ ،‬علينا أن نتبع‬ ‫ما جاء به‪ ،‬ونقرأه بعين اليوم‪ ،‬ووفق األرضيّة‬ ‫المعرفيّة التي نحن عليها‪ ،‬ال وفق األرضيّة‬ ‫ي‪ ،‬ونضع نصب‬ ‫المعرفيّة للقرن السابع الميالد ّ‬ ‫أعيننا ّ‬ ‫أن هللا تعالى أعلن فيه إكمال الدين وإتمام‬ ‫النعمة‪ ،‬ومن خالل هذا الكتاب فقط‪ ،‬فال نخاف‬ ‫منه وال نخاف عليه‪ ،‬لنستخلص منه الرحمة‪،‬‬ ‫بحيث يجدها ك ّل أهل األرض من طوكيو إلى‬ ‫لوس انجلوس‪ ،‬ونفهم اإلسالم كما أرسله هللا ال‬ ‫كما قرأه الفقهاء وطبّقته «داعش»‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫العدد ‪36‬‬

‫قانون‬

‫السنة الثانية‬

‫حوار العدد‬

‫فؤاد إيلّيا‬ ‫الحلو الذي استشهد زمن الوحدة‪ ،‬وعبد القادر‬ ‫أخوان في عهد البعث‪ ،‬وعبد هللا أقرع في عهد‬ ‫ما س ّمي بالحركة التصحيحيّة‪.‬‬ ‫تأثّر الحزب بأفكار المدرسة السوفياتيّة منذ‬ ‫تأسيسه‪ ،‬وأعلى الروح األمميّة على حساب‬ ‫الروح الوطنيّة‪.‬‬ ‫على أثر هزمة حزيران ‪ 1967‬برزت في‬ ‫الحرب إرهاصات واضحة‪ ،‬منتقدة السياسة‬ ‫السوفياتيّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة‪ ،‬والوحدة‬ ‫ي‬ ‫العربيّة‪ ،‬في محاولة لتبيئة الفكر الماركس ّ‬ ‫بدأها المف ّكران‪« :‬إلياس مرقص» و «ياسين‬ ‫الحافظ»‪ ،‬م ّما أدّى إلى انقسام الحزب عام‬ ‫ي بقيادة «خالد‬ ‫‪ 1972‬إلى الحزب الشيوع ّ‬ ‫بكداش» الــذي بقي على والئــه للسوفييت‪،‬‬ ‫ودخل بذلك «الجبهة الوطنيّة» التي أسّسها‬ ‫ي‬ ‫األســد األبّ ‪ ،‬بينما اتّخذ الحزب الشيوع ّ‬ ‫ي» بقيادة رياض الترك موقفا ً‬ ‫«المكتب السياس ّ‬ ‫معارضا ً من نظام األسد‪ ،‬مخالفا ً بذلك رغبة‬ ‫االتّحاد السوفيتّي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شن النظام حملة واسعة على الحزب عام‬ ‫‪ ،1980‬واعتقل معظم كوادره وقياداته لفترات‬ ‫طويلة وصلت إلى ‪ 18‬عاماً‪ ،‬م ّما أثّر على‬ ‫حضوره في الشارع‪ .‬وذلك على خلفيّة مساهمته‬ ‫ي مع‬ ‫ي الديمقراط ّ‬ ‫في تأسيس التج ّمع الوطن ّ‬ ‫مجموعة من أحــزاب المعارضة‪ ،‬طارحا ً‬ ‫الديمقراطية كحل لألزمة التي عاشتها سورية‬ ‫في حينها‪.‬‬ ‫عـــام ‪ 2005‬وفــي‬ ‫مــؤتــمــرة الــســادس‪،‬‬ ‫انــحــاز الــحــزب إلى تج ّمع العديد من‬ ‫الديمقراطيّة‪ ،‬وأعلن الكوادر يف الداخل‬ ‫تحوله من حزب‬ ‫عن ّ‬ ‫حزب والـــخـــارج حــول‬ ‫ي إلى‬ ‫إيديولوج ّ‬ ‫تنظيمي‬ ‫مطلب‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬وســاهــم‬ ‫ســـيـــاســـ ّ‬ ‫إعــان‬ ‫ـس‬ ‫فــي تــأســيـ‬ ‫هــو‪« :‬الــدعــوة إىل‬ ‫دمشق الــذي كـ‬ ‫ـان فيله عقد مؤمتر سابع»‬ ‫حــضــور واســــع‬ ‫الــشــارع الــســور ّي‪ .‬يق ّيم أداء القيادة‬ ‫دعم الحزب‪ ،‬وإعالن‬ ‫دمشق الثورة السوريّة منذ انطالقتها‪ ،‬وانخرط‬ ‫معظم أعضائه فيها إفراديّاً‪.‬‬ ‫طرحت الثورة العديد من القضايا أمام الحزب‪،‬‬ ‫صة قضيّة التحالفات التي نشأت عند تشكيل‬ ‫خا ّ‬ ‫ي‪ ،‬ومن بعده االئتالف‪ .‬لكنّ‬ ‫المجلس الوطن ّ‬ ‫ي الذي اتّبعه النظام‬ ‫والعسكر‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الح ّل األمن ّ‬ ‫الحريّة والكرامة‬ ‫بهدف القضاء على ثورة‬ ‫ّ‬ ‫ساهم في تقطيع أوصــال سورية جغرافيّا ً‬ ‫ولوجستيّا ً م ّم أدى إلى صعوبة التواصل بين‬ ‫الرفاق في المحافظات مع المركز‪ ،‬كما ساهم‬ ‫ذلك في تعقّد ظروف الثورة‪ ،‬وإدخالها في‬ ‫منعطفات خطيرة‪ ،‬وس ّهل دخول العديد من‬ ‫التطرف‬ ‫األطراف الدوليّة‪ ،‬واإلقليميّة‪ ،‬وقوى‬ ‫ّ‬ ‫في الصراع الدائر في سورية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تباينت اآلراء بين الرفاق‪ ،‬ولم يتمكن المركز‬

‫مواليد ‪1943‬المالكيّة – الحسكة‪ ،‬وفيها‬ ‫درس االبتدائيّة‪ ،‬ث ّم تابع اإلعداديّة في‬ ‫حمص والقامشلي‪ ،‬والثانويّة في حلب‬ ‫والالذقيّة‪ .‬انتقل إلى التعليم في مرحلة‬ ‫مبكّرة عام ‪ 1962‬في مدينة الحسكة‬ ‫صة بحلب‪.‬‬ ‫وبعدها في المدارس الخا ّ‬ ‫ي عام‬ ‫انتسب إلــى الــحــزب الشيوع ّ‬ ‫ي بشكل‬ ‫‪ ،1958‬ومارس نشاطه التنظيم ّ‬ ‫فعّال عام ‪ 1962‬في الحسكة وحلب‪.‬‬ ‫والتحق بكليّة التاريخ – جامعة دمشق‪،‬‬ ‫وتخرج منها عام ‪ ،1970‬وكان كادرا ً‬ ‫ّ‬ ‫التنفيذي‬ ‫حول المنطقيّة‪ ،‬وعضو المكتب‬ ‫ّ‬ ‫ي بين عامي‬ ‫التّحاد الشباب الديمقراط ّ‬ ‫ي مع‬ ‫‪ ،72 – 68‬تابع نشاطه السياس ّ‬ ‫ي)‬ ‫ي (المكتب السياس ّ‬ ‫الحزب الشيوع ّ‬ ‫بعد االنقسام‪ ،‬وكان من الناشطين فيه‪.‬‬ ‫اعـــتـــقـــل عــــــام ‪ ،1980‬إثـــر‬ ‫األحــــداث الــتــي جـــرت فــي ســوريــة‪.‬‬ ‫سافر إلى الجزائر للتدريس بين عامي‬ ‫‪ ،87 - 82‬ليعود إلى سورية ويمنع‬ ‫من التدريس فيها ألسباب «أمنيّة»‪.‬‬ ‫نشط فــي عــام ‪ 2000‬مــع من ّ‬ ‫ظمات‬ ‫ي فــي حــلــب‪ ،‬وكــان‬ ‫المجتمع الــمــدنـ ّ‬ ‫التنفيذي للجان‬ ‫عضوا ً في المكتب‬ ‫ّ‬ ‫الحريّات وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫الدفاع عن‬ ‫ّ‬ ‫حـــضـــر الـــمـــؤتـــمـــر الــــســــادس‬ ‫لـــــحـــــزب الــــشــــعــــب ‪2005‬‬ ‫الــتــحــق بـــالـــثـــورة ‪2011‬فـــكـــريّـــا ً‬ ‫وعــمــل ـيّ ـاً‪ ،‬غـــادر حلب ‪ 2013‬وال‬ ‫يـــزال خـــارج ســوريــة ح ـتّــى الــيــوم‪.‬‬ ‫حـــول مــا يــجــري داخـــل حـــزب الشعب‬ ‫والتطورات على الساحة السوريّة‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الديمقراط ّ‬ ‫من سيناريوهات التقسيم‪ ،‬وهجرة الشباب‪،‬‬ ‫وغيرها من األسئلة‪ ،‬تو ّجهت بها صحيفة‬ ‫«كلّنا سوريّون» إلى األستاذ فؤاد إيليّا‪ ،‬وكان‬ ‫الحوار التالي‪:‬‬ ‫ي لحزب‬ ‫األستاذ فؤاد إيليّا؛ التاريخ النضال ّ‬ ‫ـوري واألســمــاء‬ ‫الشعب الديمقراط ّ‬ ‫ي الــسـ ّ‬ ‫الكبيرة فيه‪ ،‬إلــى أيــن يتجه اليوم؟ يصف‬ ‫البعض ما حصل داخل الحزب بـ «شرذمة»‬ ‫أو «انقسام» أو ‪ ،..‬ماذا جرى؟‬ ‫فــؤاد إيليّا‪ :‬يفتخر حــزب الشعب بتاريخه‬ ‫النضالي الطويل الذي يمت ّد إلى عشرينيّات‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬عندما تأسّس بهذا االسم‪،‬‬ ‫ليتحول في ثالثينيّات القرن إلــى الحزب‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬لينفصال بعدها في‬ ‫اللبنان‬ ‫ي‬ ‫السور‬ ‫ي‬ ‫الشيوع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ستّينيّات القرن‪.‬‬ ‫ي زمن‬ ‫ي والطبق ّ‬ ‫تميّز الحزب بنضاله الوطن ّ‬ ‫ي‪ ،‬وقــارع الدكتاتوريّات‬ ‫االنــتــداب الفرنس ّ‬ ‫العسكريّة بعد االستقالل‪ ،‬وقد برز فيه كوادر‬ ‫وطنيّة المعة‪ ،‬لع ّل أبرزها الشهيد فرج هللا‬

‫من ضبط إيقاع العمل وبــرزت لدى بعض‬ ‫أعضاء اللجنة المركزيّة نزعة العودة إلى‬ ‫مبدأ المركزيّة الديمقراطيّة‪ .‬فلجؤوا إلى فرض‬ ‫عقوبات على بعض الكوادر الفاعلة‪ ،‬تراوحت‬ ‫بين التجميد والفصل‪ ،‬ودخل الحزب في خالف‬ ‫ي حول ص ّحة هذه العقوبات وصالحيّة‬ ‫تنظيم ّ‬ ‫اللجنة المركزيّة بفرضها؛ لمخالفتها نصوص‬ ‫ي وتغيبها عقد المؤتمر‬ ‫وروح النظام الداخل ّ‬ ‫السابع م ّما أفقدها شرعيّتها؛ لذلك تج ّمع العديد‬ ‫من الكوادر في الداخل والخارج حول مطلب‬ ‫ي هو (الدعوة إلى عقد مؤتمر سابع)‬ ‫تنظيم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي في‬ ‫يقيّم أداء القيادة‪ ،‬ويوضّح الخط السياس ّ‬ ‫ظروف الثورة‪.‬‬ ‫يتصورون أنّنا‬ ‫ما جعل الكثير من األصدقاء‬ ‫ّ‬ ‫ذاهبون إلى االنقسام‪ّ ،‬إل ّ‬ ‫أن الكوادر الحريصة‬ ‫على تاريخ الحزب‪ ،‬تسعى جاهدة للوصول‬ ‫إلى المؤتمر بهدف الحفاظ على وحدته‪ ،‬وليس‬ ‫لدى الهيئة القياديّة التي تش ّكلت أيّة رغبة في‬ ‫االنقسام فهي تدعو جميع الرفاق ليعملوا على‬ ‫ّ‬ ‫خطة‬ ‫هيكلة الحزب وأن يساهموا في رسم‬ ‫ي بما يتناسب والواقع الجديد الذي‬ ‫السياس ّ‬ ‫تعيشه سورية‪.‬‬ ‫إذا كانت هزيمة حزيران ‪ 1967‬قد أدّت إلى‬ ‫تف ّكك البنى السياسيّة على مساحة ك ّل الدول‬ ‫العربيّة‪ ،‬وافــرزت حاالت فكريّة وتنظيميّة‬ ‫جديدة‪ .‬فكيف الحال بالنسبة لثورات الربيع‬ ‫ي ومنها الثورة السوريّة التي زلزلت‬ ‫العرب ّ‬ ‫المجتمع وف ّككت بناه االجتماعيّة واالقتصاديّة‬ ‫ودفعت شريحة الشباب ليتقدّم جريئا ً طارح‬ ‫كقوة اجتماعيّة في الساحة السياسيّة‪ ،‬من‬ ‫نفسه ّ‬ ‫ي‪ ،‬واالنعتاق‬ ‫الديمقراط‬ ‫ي‬ ‫الوطن‬ ‫التغيير‬ ‫أجل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحريّة والكرامة‪.‬‬ ‫من االستبداد إلى فضاءات‬ ‫ّ‬ ‫سيناريوهات التقسيم أصبحت متداولة بين‬ ‫الــســوري‪ ،‬ويمكن‬ ‫معظم أطـــراف الــوضــع‬ ‫ّ‬ ‫القول‪ :‬إنّ على األرض واقعا ً جغرافيّا ً منقسما ً‬ ‫لم يُعترف به بعد رسميّاً‪ ،‬مــاذا تــرون في‬ ‫التطورات العسكريّة األخيرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فؤاد إيليّا‪ :‬ساهم تعقّد األزمة السوريّة على‬ ‫طرح الكثير من السيناريوهات‪ ،‬والتقسيم واحد‬ ‫منها‪ ،‬إذ تعتمد أصحابه على جملة من األمور‬

‫منها‪:‬‬ ‫‪1‬ـ لم تعد (سايكس – بيكو) التي أفرزت‬ ‫جغرافيّة سورية في القرن الماضي تناسب‬ ‫صة بعد أن كسر «داعش»‬ ‫ي‪ ،‬خا ّ‬ ‫الواقع الحال ّ‬ ‫حدودها الحاليّة اله ّ‬ ‫شة‪ ،‬وتوسّع في الجغرافية‬ ‫ّ‬ ‫األردن‪.‬‬ ‫السوريّة والعراقيّة‪ ،‬وتوجه إلى‬ ‫‪2‬ـ فكرة الشرق األوسط الجديد التي طرحت‬ ‫من قبل بعض ساسة‬ ‫اإلدارة األمريكيّة بعد‬ ‫احتالل العراق‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ سيطرت بعض املــنــظّــات التي‬ ‫القوى العسكريّة على‬ ‫مناطق مــحــدّدة من تشكّلت وتقوقعت‬ ‫الجغرافية السوريّة عىل نفسها‪ ،‬عليها‬ ‫(الغوطة‪ ،‬إدلب‪ ،‬ريف أن تـــبـــادر إىل‬ ‫ي‪ ،‬الرقّة‪،‬‬ ‫حلب الشمال ّ‬ ‫االنفتاح وتوسيع‬ ‫دير الزور)‪.‬‬ ‫قــوات نــطــاق عملها ّمبا‬ ‫سيطرت‬ ‫‪4‬ـ‬ ‫ّ‬ ‫الــحــمــايــة الشعبيّة يــكــفــل للشباب‬ ‫على مناطق وجــود‬ ‫األكراد في‪ :‬الجزيرة‪ ،‬فــرصــة التشبّث‬ ‫عفرين‪ ،‬عين العرب‬ ‫(كوباني)‪ .‬وفرض نفوذها‪ ،‬وأسلوب إدارتها‬ ‫بقوة السالح‪ ،‬وسلوكها القائم على التهجير من‬ ‫ّ‬ ‫هذه المناطق‪5 .‬ـ تمترس النظام في مناطق‬ ‫ي) واعتماده على أثارة‬ ‫معيّنة (الساحل السور ّ‬ ‫النزاعات الطائفيّة‪.‬‬ ‫‪ .6‬هشاشة الدول التي تش ّكلت في الكيانات‬ ‫الجغرافيّة خالل القرن الماضي‪ ،‬عل خلفيّة‬ ‫انهيار اإلمبراطوريّة العثمانيّة‪ ،‬وعدم تش ّكل‬ ‫ي بسبب االستبداد الذي‬ ‫دول بالمعنى الحقيق ّ‬ ‫صة إلرادة الحاكم الفرد‪.‬‬ ‫حولها على كيانات خا ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪7‬ـ حاالت التقسيم التي حدثت في بعض الدول‬ ‫أواخــر القرن الماضي بعد االضطرابات‬ ‫العنيفة فيها والتي أفرزت واقعا ً جديدا ً (جنوب‬ ‫السودان‪ ،‬يوغسالفيا)‪.‬‬ ‫ك ّل هذه المالمح أفسحت في المجال لمن يحلو‬ ‫له القول‪ :‬إن سورية ال ب ّد وأن تقسّم مستقبالً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأن األمر الواقع على األرض ال ب ّد أن يحدّد‬ ‫مالمح هذا التقسيم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن التقسيم ليس باألمر السهل‪ ،‬وقد يكون‬

‫‪5‬‬

‫غير قابل للتحقيق ألسباب عدّة منها على سبيل‬ ‫المثال ال الحصر‪:‬‬ ‫ي في الظروف‬ ‫‪1‬ـ عدم قدرة المجتمع الدول ّ‬ ‫الراهنة على إعادة رسم الخرائط للمنطقة‪ّ .‬إل‬ ‫ي وأفسح للنزاعات أن‬ ‫إذا تغيّير القانون الدول ّ‬ ‫التطور‬ ‫يعيق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫دين‬ ‫تفرض دوالً إثنيّة‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذي يسير نحو دولة المواطنة‪.‬‬ ‫ي لسورية‬ ‫‪ 2‬‬ ‫ـ أه ّميّة الموقع الجيوسياس ّ‬ ‫التي إن انهارت فقد يــؤدّي ذلك إلى انهيار‬ ‫المنطقة بر ّمتها‪ .‬أي ّ‬ ‫أن التقسيم لن يقف عند‬ ‫حدود سورية وحدها‪ ،‬إنّما سيطال ك ّل الدول‬ ‫اإلقليميّة المحيط بها (تركيا‪ ،‬إيران‪ ،‬السعوديّة‪،‬‬ ‫العراق‪ ،‬اليمن‪ ،‬مصر)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫القوة‬ ‫من‬ ‫تزال‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫إقليم‬ ‫وهذه الدول المؤثّرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بمكان‪ ،‬وغير قابلة أن يطالها التقسيم‪ .‬وهي‬ ‫بالرغم من اختالفها حول بعض المواقف لكنّها‬ ‫مقتنعة على رفض التقسيم الذي ال يتناسب مع‬ ‫مشاريعنا‪.‬‬ ‫‪3‬ـ قد يؤدّي التقسم إلى غياب بعض الدول‬ ‫ي‬ ‫الصغيرة‪ ،‬م ّما يلحق الضرر باالقتصاد العالم ّ‬ ‫(اإلمارات العربيّة‪ ،‬الكويت‪ ،‬قطر)‪.‬‬ ‫ي بغالبيّته رافضا ً‬ ‫‪ 4‬ـ ال يزال الشعب السور ّ‬ ‫فكرة التقسيم بالرغم من ك ّل اآلالم التي أفرزها‬ ‫النظام في حربه ض ّد شعبه‪ ،‬وفكرة تقسيم‬ ‫سورية إلى دول خمس زمن االنتداب ورفض‬ ‫السوريّين لها وإسقاطها‪ ،‬ال تزال ماثلة في‬ ‫األذهان حتّى اآلن‪.‬‬ ‫‪5‬ـ ُح ّملت فكرة الشرق األوسط الجديد أفكارا ً‬ ‫ورسم لها خرائط من قبل البعض‪،‬‬ ‫جغرافيّة‪ُ ،‬‬ ‫في الوقت الذي قد ال تعني تقسيما ً جغرافيّا‪ً،‬‬ ‫تحوالً سياسيّا ً من نظم شموليّة‬ ‫إنّما قد تكون ّ‬ ‫إلى نظم ديمقراطيّة‪ .‬ويمكن القول‪ّ :‬‬ ‫إن منطقة‬ ‫ي‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬وبعد ثورات الربيع العرب ّ‬ ‫منذ ‪ ،2011‬قد حان دورها اآلن بعد عمليّة‬ ‫التغيير التي حدثت في أوروبا الشرقيّة وتف ّكك‬ ‫منظومة الدول االشتراكيّة‪ ،‬واالتّحاد السوفياتّي‬ ‫لتنتقل نحو الديمقراطيّة أيضاً‪.‬‬ ‫تعولون على أن ينتج‬ ‫كاستمرار للثورة‬ ‫ّ‬ ‫الشباب قياداتهم السياسيّة والعسكريّة‪ ،‬وفي‬ ‫ك ّل يوم يشهد العالم هجرتهم‪ ،‬كيف يمكن‬ ‫وقف هذا النزيف؟ من المسؤول؟‬ ‫الحريّة‬ ‫فؤاد إيليّا‪ :‬الشباب الذي ف ّجر ثورة‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬هو‬ ‫العرب‬ ‫والكرامة وأطلق ثورات الربيع‬ ‫ّ‬ ‫الوحيد صاحب المصلحة بإنجاز األفكار التي‬ ‫طرحها‪ ،‬بالخالص من االستبداد واالنطالق‬ ‫الحريّة‪ ...‬وبناء دولة المواطنة‬ ‫إلى فضاءات‬ ‫ّ‬ ‫التي يتساوى فيها الجميع تحت ظ ّل القانون‪.‬‬ ‫وعليه أن يتقدّم اآلن بعد هذه السنوات كي‬ ‫ينتج قياداته السياسيّة ّأوالً‪ ،‬ويعمل على توحيد‬ ‫القوى العسكريّة وتحويل دورها لتكون رافدا ً‬ ‫ي من أجل تحقيق مشروعه‬ ‫للعمل السياس ّ‬ ‫الوطني الجامع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن قعقعة السالح وارتفاع أصوات الرصاص‬ ‫والقتل الذي يمارسه النظام‪ ،‬يدفع بالشباب إلى‬ ‫الهجرة بحثا ً عن األمن واألمــان‪ ،‬وأرى ّ‬ ‫أن‬ ‫صة في صفوف الشباب‬ ‫النزيف المتزايد‪ ،‬خا ّ‬ ‫سيش ّكل خطرا ً على واقع سورية‪ْ ،‬‬ ‫إن اآلن أو‬ ‫في المستقبل‪.‬‬

‫تتمة‪ .......‬صفحة ‪10‬‬

‫آلّيات قمع بمس ّميات مختلفة‬

‫الهيئات والمحاكم الشرعّية – حلب نموذجاً‬

‫الهيئة الشرعية في حلب‬ ‫(انترنت)‬

‫السوري للدراسات واألبحاث القانونّية*)‬ ‫(من دراسة للمركز‬ ‫ّ‬

‫ش ّكلت «الهيئات الشرعيّة» منذ تأسيسها أداة‬ ‫تسلّط على رقاب الناس‪ ،‬بدءا ً من «القاضي»‬ ‫ي الــذي يمارس القضاء دون علم‬ ‫الشرع ّ‬ ‫بالقانون‪ ،‬وصوالً إلى انعدام دور المحامي في‬ ‫تلك الهيئات‪ ،‬وبذلك لم يكن للقضاة والمحامين‬ ‫ي دور في تلك الهيئات‪ ،‬فقد تم إبعادهم‬ ‫أ ّ‬ ‫وتهميشهم من قبل (الشرعيّين) ومحاربتهم‬ ‫بتهمة «أزالم النظام» أو بح ّجة أنّهم يعملون‬ ‫وفقا ً للقوانين الوضعيّة المخالفة للشريعة‪،‬‬ ‫ي‪.‬‬ ‫وبأنّهم علمانيّون ومعادون‬ ‫ّ‬ ‫للمشرع اإلسالم ّ‬ ‫على هذه األرضيّة عملت «الهيئة الشرعيّة»‬ ‫في حلب على إصدار قرارات بمنع الترافع أمام‬ ‫القضاة‪ ،‬وأردفته بمنع دخول المحامين الغير‬ ‫ملتحين وعدم قبول دعاويهم أو مرافعاتهم‪.‬‬ ‫وخلت تلك المحاكم من القضاة والحقوقيّين‪،‬‬ ‫وفــقــدت أدنــى معايير المهنيّة فــي عملها‬ ‫ي‪ ،‬فأصبح جسد «الهيئة الشرعيّة»‬ ‫القضائ ّ‬ ‫مؤلّفا ً من أشخاص ملتحين ‪ -‬المشايخ أو‬ ‫ي‬ ‫الشرعيّين ‪ -‬ينتمي ك ّل منهم لفصيل عسكر ّ‬ ‫معيّن أو محسوبا ً على فصيل‪ ،‬ويت ّم تعيينهم‬ ‫وفقا ً لنظام المحاصصة بين الفصائل ويُصدر‬ ‫«القاضي» في الدعاوي أحكامه بناء على‬ ‫فتوى الشيخ حسب علمه بالشريعة أو بالعرف‪،‬‬ ‫وغالبا ً ما يكونون أشخاصا ً غير متعلّمين‪ ،‬ولو‬ ‫كانوا متعلّمين‪ ،‬فال عالقة لهم بالقانون‪.‬‬ ‫أُعلن عن تشكيل «الهيئة الشرعيّة الرباعيّة»‬ ‫في ‪ ،2012/12/15‬وانضمام غالبيّة األلوية‬ ‫والفصائل‪ ،‬كتنظيم «داعــش» إليها‪ ،‬لتكون‬ ‫الجهة القضائيّة األولــى في مدينة حلب‪.‬‬ ‫وأخذت تلك الهيئات تصدر فتاوى غريبة عن‬ ‫ي مثل‪« :‬تحريم الكرواسان»‬ ‫الشارع السور ّ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫وفتوى «تحريم المكياج» وفتوى «اللباس»‪،‬‬ ‫بررت لفصيل ما‬ ‫والعديد من الفتاوى التي ّ‬ ‫أن يستهدف فصيالً آخر‪ ،‬أو للسيطرة على‬ ‫مصالح الناس بتوجيه تهم معلّبة لهم «شبّيح أو‬ ‫عميل للغرب»‪.‬‬ ‫ث ّم أعلنت عدّة فصائل انشقاقها عن تلك الهيئة‬ ‫وبدأت تتنافس فيما بينها على تطبيق الحدود‬ ‫والقوانين التي ترتئيها‪ ،‬والتنافس أصبح على‬ ‫أوجــه بين تنظيم «داعــش» وجبهة النصرة‬ ‫ِ‬ ‫وجيش اإلســام وأحـــرار الشام وغيرهم‪،‬‬ ‫والتسابق لتطبيق الحدود كح ّد الرجم والجلد‬ ‫والقتل وغيرها‪ ،‬م ّما جعل الكثير من المتابعين‬ ‫يعتبرون الهيئات الشرعيّة مطيّة للفصائل‪،‬‬ ‫لتحقيق غاياتها ومحاربة مخالفيها‪.‬‬ ‫المحاكم والهيئات الشرعيّة‪:‬‬ ‫ظهر هذا المصطلح في المناطق التي تُنتزع‬ ‫تتطور وأن‬ ‫من السلطة وكان يمكن لها أن‬ ‫ّ‬ ‫تثبت نفسها كبديل عن المحاكم التي اعتادها‬ ‫الناس في مؤسّسات الدولة في ظ ّل نظام األسد‪.‬‬ ‫لوال ّ‬ ‫أن هناك بعض العوائق واألخطاء التي‬ ‫أدّت إلى ضعف الدور المأمول لهذه المحاكم‪،‬‬ ‫وتراجع األداء ويمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬ ‫أوالً ‪ -‬اختالف وتباين في المرجعيّات القانونيّة‬ ‫ّ‬ ‫الجزائيّة التي اعتمدتها هذه المحاكم‪:‬‬ ‫ففي البدايات كــان االعتماد على القانون‬ ‫تنوع المحاكم وتبعيّتها‬ ‫ي‪ ،‬وبعد ّ‬ ‫ي السور ّ‬ ‫الجزائ ّ‬ ‫للجهات المسلّحة ضاعت المراجع القانونيّة‬ ‫واعتمدت محاكم ك ّل مجموعة على مبادئ‬ ‫مختلفة تدّعي جميعها االعتماد على المراجع‬ ‫ي‪ ،‬رغم عدم وجود‬ ‫الجزائيّة للشرع اإلسالم ّ‬

‫ّ‬ ‫ومنظم ومو ّحد‪،‬‬ ‫مدون‬ ‫ي ّ‬ ‫ي إسالم ّ‬ ‫قانون جزائ ّ‬ ‫ي وال ألصول المحاكمات‪،‬‬ ‫الجزائ‬ ‫ال للقانون‬ ‫ّ‬ ‫فكان تطبيق قواعد الشرع كيفيّا ً ودون أيّة‬ ‫ضوابط وال رقابة‪ ،‬ويخضع لمزاجيّة وفهم‬ ‫مطبّقه‪ ،‬وغالبا ً ما يكون من يطبّقه رجال دين‬ ‫أو ّ‬ ‫طلب شريعة أو مقاتلين‪ ،‬وبعضهم غير‬ ‫ّ‬ ‫متعلّم أساسا ً وال يوجد للمتعلمين منهم أيّة خلفيّة‬ ‫قانونيّة‪ ،‬فأصبحت «المحاكم» أشبه بمجالس‬ ‫ي‪ ،‬تحكم بما يتراءى لها‬ ‫ي أو اجتماع ّ‬ ‫حكم قبل ّ‬ ‫من أحكام‪.‬‬ ‫ثانيا ً ‪ -‬تبعيّة كثير من المحاكم للفصائل‬ ‫العسكريّة‪:‬‬ ‫م ّما أفقدها االستقالليّة المطلوبة في القضاء‪،‬‬ ‫ي الذي نشأت فيه المحاكم هو أن‬ ‫فالنمط التقليد ّ‬ ‫يقوم بإنشائها قادة الفصائل باختيار من يرونه‬ ‫قوة الزمة لتكون في‬ ‫أهالً للقضاء‪ ،‬وتسخير ّ‬ ‫خدمة تنفيذ القرارات بديالً ع ّما يس ّمى بالشرطة‬ ‫القضائيّة أو الضابطة العدليّة‪.‬‬ ‫القوة التنفيذيّة للمحاكم‪:‬‬ ‫ثالثا ً ‪ -‬ضعف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن المحاكم نشأت في ظروف غير مثاليّة من‬ ‫انتظام شؤون الدولة وبسط سيطرة الدولة على‬ ‫القوة لتنفيذ‬ ‫مناطقها كافّة‪ ،‬فإنّها بقيت تفتقر إلى ّ‬ ‫تمس بعض‬ ‫صة التي‬ ‫كثير من القرارات‪ ،‬خا ّ‬ ‫ّ‬ ‫العناصر المسلّحة أو بعض قادة الكتائب‪ ،‬م ّما‬ ‫جعل كثيرا ً من أحكامها تنصبّ على الضعفاء‬ ‫أو األفراد دون الجماعات‪.‬‬ ‫رابعا ً ‪ -‬قلّة الخبرة وافتقاد الكفاءات للعاملين‬ ‫في القضاء‪:‬‬ ‫كان من نتيجة الثورة السورية أن انحاز عدد‬ ‫ّ‬ ‫وانشق عدد‬ ‫من القضاة إلى جانب النظام‪،‬‬ ‫آخر عنه‪ ،‬غير أن أكثرهم غادر إلى خارج‬

‫البالد ولم يعمل في المحاكم القائمة‪ ،‬إ ّما لخوف‬ ‫الخطر من الهالك‪ ،‬أو لعدم القناعة بنجاح هذه‬ ‫المحاكم‪ ،‬أو للشعور باإلقصاء من قبل القائمين‬ ‫عليها‪ ،‬واعتماد تلك المحاكم على ّ‬ ‫طلب «العلم‬ ‫ي» ومعظمهم لم يمارسوا القضاء من‬ ‫الشرع ّ‬ ‫قبل‪ ،‬وبعضهم لم يكن قد نال الشهادة الشرعيّة‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫خامسا ً ‪ -‬كثرة المحاكم وتعدّدها دون ضرورة‪:‬‬ ‫بعض المحاكم نشأت قريبة من أخواتها‪ ،‬بغية‬ ‫المنافسة ودون ضرورة إلنشائها‪ ،‬وكان تعدّدها‬ ‫حالة غير صحيّة وعملت دون تنسيق فيما‬ ‫ي لك ّل‬ ‫بينها‪ ،‬ودون تقيد باالختصاص المكان ّ‬ ‫منها‪ ،‬بل تضاربت بعض األحكام والقضايا من‬ ‫خالل رفعها في محكمتين في آن واحد‪ .‬وقد‬ ‫صة‪ ،‬فمجموعات‬ ‫أنشأ ك ّل فصيل محاكمه الخا ّ‬ ‫صة بها اعتمدت‬ ‫الجيش‬ ‫الحر أنشأت محاكم خا ّ‬ ‫ّ‬ ‫على قضاة ومحامين وحقوقيّين‪ ،‬بينما قامت‬ ‫المجموعات اإلسالميّة األخرى بإنشاء المحاكم‬ ‫الشرعيّة التي اعتمدت على حقوقيّين بشكل‬ ‫بسيط وعلى رجال دين‪ ،‬بينما قامت جبهة‬ ‫النصرة وتنظيم «داعش» ك ّل منهما بإنشاء‬ ‫هيئاتهم الشرعيّة معتمدين على قيادات مقاتلة‬ ‫قوات ‪ ))PYD‬الكرديّة‬ ‫ورجال دين‪ ،‬وقامت ّ‬ ‫صة معتمدة على قيادات‬ ‫بإنشاء محاكمها الخا ّ‬ ‫مقاتلة وحقوقيّين كذلك‪.‬‬ ‫في مدينة حلب‪ ،‬كانت «الهيئة الشرعيّة»‬ ‫مشرفة على سجنين اثنين؛ لكن سرعان ما‬ ‫انشقّت عنها ك ّل من جبهة النصرة وتنظيم‬ ‫صة بهما‪.‬‬ ‫«داعش» ليش ّكال هيئات شرعيّة خا ّ‬ ‫المحررة في حلب‪ ،‬تحت‬ ‫ليغدو س ّكان األحياء‬ ‫ّ‬ ‫رحمة فوضى الفتاوى المتضاربة الصادرة‬

‫صة بعد ازدياد‬ ‫عن المرجعيّات المختلفة‪ ،‬وخا ّ‬ ‫ي للجماعات اإلسالميّة المتشدّدة‬ ‫الدور القياد ّ‬ ‫التي تعتمد على أجهزة شرطة ومجالس إداريّة‬ ‫صة بها‪.‬‬ ‫خا ّ‬ ‫الحر‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ـإن غاية‬ ‫وباستثناء محاكم الجيش‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل تلك المحاكم‪ ،‬هي غاية النظام‪ ،‬أي قمع‬ ‫المعارضين للجهة صاحبة المحكمة وفرض‬ ‫أفكارها على المجتمع‪.‬‬ ‫وقــد اعتقلت هــذه «المحاكم» و «الهيئات‬ ‫الشرعيّة» منذ إنشائها نحو ‪ 5000‬شخص‬ ‫ونفّذت أحكاما ً باإلعدام في أكثر من مائتي‬ ‫وتنوعت مراكز االعتقال بحسب‬ ‫معتقل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المناطق واختالف الهيئات والجهات‪ ،‬وبشكل‬ ‫عام كانت ظروف وحاالت االعتقال ال تحترم‬ ‫الحدود الدنيا لحقوق المعتقلين األساسيّة‪.‬‬ ‫الخالصة‪:‬‬ ‫ما ت ّم تداوله من آليّات قضائيّة من قبل ك ّل‬ ‫من النظام بمحاكمه االستثنائيّة‪ ،‬والهيئات‬ ‫الشرعيّة‪ ،‬ليس أداة لتحقيق العدالة‪ ،‬وإنّما‬ ‫ي صوت معارض‪،‬‬ ‫إلرهاب المجتمع وقمع أ ّ‬ ‫ولفرض وتدعيم سيطرتهم‪ ،‬واستخدام عنوان‬ ‫مشوه لفرض أفكارهم‪.‬‬ ‫العدالة بشكل ّ‬ ‫ي للدراسات واألبحاث القانونيّة‪:‬‬ ‫*المركز السور ّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة أهليّة تهت ّم بقضايا حقوق اإلنسان‪ ،‬تأسّست‬ ‫أوائل عام ‪ ،2004‬مركزها دمشق‪.‬‬

‫إعداد هيئة التحرير‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫تحقيقات‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪36‬‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫الالجئون السورّيون في أوربّا‬

‫أوجاع الحاضر وخوف من المستقبل‬ ‫مقر‬ ‫عقب نشر أخبار جريمة الهجوم على ّ‬ ‫صحيفة « شارلي إيبدو» في باريس مطلع‬ ‫يناير الماضي‪ ،‬كتبت سورية الجئة في باريس‬ ‫على صفحتها وعلى سبيل الدُعابة‪« :‬يا ويلي‬ ‫ال يوجد خبز في البيت ومن سيجرؤ اآلن على‬ ‫الذهاب إلى الماركت لشراء خبز «‪ ،‬وفي‬ ‫خبر عن مقتل مواطنين سويديّين في مدينة‬ ‫ستوكهولم خالل األيّام الماضية أثناء وجودهم‬ ‫في مكان عملهم كتب أحد السوريّين‪« :‬جريمة‬ ‫والمتورطون مالمحهم شرق‬ ‫في ستوكهولم‬ ‫ّ‬ ‫أوسطيّة‪ ،‬يا رب ما يكون إلنا عالقة يا رب‬ ‫نحن مو ناقصين»‪ ،‬عقب هذا الكالم انهالت‬ ‫التعليقات من المقيمين في السويد ليجمد بالنهاية‬ ‫الجميع‪ ،‬إذ تبيّن ّ‬ ‫أن المجرمين أريتيريّان!‬ ‫عدم التوازن والشعور بالذنب‬ ‫وهــذا مــا تشهده صفحات «الفيس بــوك»‬ ‫وتغريدات «توتير» عقب ك ّل جريمة تحصل‬ ‫في مدينة أوربّـيّــة وفي الغرب عموماً‪ ،‬إذ‬ ‫تبرز مخاوف السوريّين إلى المقدّمة من بين‬ ‫ك ّل همومهم‪ ،‬وردّة الفعل هذه تعكس مخاوف‬ ‫لمجرد‬ ‫كبيرة وقلقا ً دائما ً من االتّهام‪ ،‬فأنت ُمدان‬ ‫ّ‬ ‫انتمائك لمكان ما‪ .‬هذا كلّه تعبير عن الشعور‬ ‫بالذنب تجاه قضايا‬ ‫ال ناقة لهم فيها وال‬ ‫جمل‪ ،‬وهــذا الشعور‬ ‫بالذنب ينعكس أحيانا ً‬ ‫بطريقة تبريريّة مبالغ السلوك املبالغ فيه‬ ‫فيها بهدف‬ ‫ّ‬ ‫التبرؤ من للت ّربؤ من هويّة‬ ‫ّ‬ ‫بيئة المجرم وكل ما مــع ـ ّيــنــة بسبب‬ ‫ينتمي إليه‪ ،‬فبعد حادثة‬ ‫«شـــارلـــي إيــبــدو» مجرم ما‪ ،‬ما هو ّإل‬ ‫وبالرغم من إعالن انعكاس لحالة من‬ ‫النفيس‬ ‫المسؤولين الفرنسيّين ً عدم التوازن‬ ‫ّ‬ ‫تطرفا‬ ‫وحتّى األكثر‬ ‫ّ‬ ‫بينهم‪ّ ،‬أن المجرم ال وشــعــور بالذنب‬ ‫ّ‬ ‫يمثّل المسلمين‬ ‫وأن تــح ـ ّول إىل عقدة‬ ‫قيم اإلســـام تتنافى‬ ‫مــع ســلــوك مرتكب‬ ‫الجريمة هذه‪ّ ،‬إل ّ‬ ‫أن‬ ‫غالبية الالجئين السوريّين في فرنسا وعموم‬ ‫أوربّـــا كتبوا سيالً من الموضوعات التي‬ ‫وصلت ح ّد شتم اإلسالم و المسلمين ووصفهم‬ ‫بأبشع األوصاف‪ ،‬وظهروا بمظهر مبالغ فيه‬ ‫فكانوا ملكيّين أكثر من الملك‪ .‬هذه المبالغة‬ ‫لم تظهر في هذه القضيّة فقط وإنّما تتمظهر‬ ‫في عدد من المظاهر كتلك التي حصلت أيضا ً‬

‫يقر بزواج‬ ‫عندما أصــدرت أمريكا قانونا ً ّ‬ ‫تحولت هذه القضيّة‬ ‫المثليّين‪ ،‬وبقدرة قادر‬ ‫ّ‬ ‫إلى قضيّة مركزيّة بين السوريّين – رغم‬ ‫هول قضاياهم وتعقيدها ‪ -‬وبادر غالبيّة من‬ ‫هم في الخارج إلى تغيير واجهة صفحاتهم‬ ‫وصور «بروفايالتهم» إلى األلوان المعبّرة‬ ‫عن اإلقرار بحقوق المثليّين‪ ،‬وأصبحت هذه‬ ‫القضيّة مثار جدل واسع بينهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن السلوك المبالغ فيه إلظهار االندماج والتف ّهم‪،‬‬ ‫للتبرؤ من هويّة معيّنة بسبب مجرم ما‪ ،‬ما‬ ‫أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫النفس‬ ‫التوازن‬ ‫عدم‬ ‫من‬ ‫لحالة‬ ‫انعكاس‬ ‫إل‬ ‫هو‬ ‫ّ‬ ‫تحول إلى «عقدة»‪،‬‬ ‫وشعور كبير بالذنب الذي ّ‬ ‫فتغيب المحاكمة العقليّة ليدرك الالجئ أنّه في‬ ‫ي وفق هذا القانون‪،‬‬ ‫بلد فيها قانون وهو محم ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأن تلك البالد تحاسب المجرم فقط وال تعمم‬ ‫على أبناء قوميّته أو دينه‪.‬‬

‫الكبير يكمن في إجــراءات اللجوء الطويلة‬ ‫المدى‪ ،‬إذ يمكن أن تستغرق عمليّة البحث‬ ‫والتحقيقات فترة قد تصل إلى سنة ونصف‪،‬‬ ‫هذا باإلضافة إلى تمديد إذن اإلقامة لمدّة‬ ‫قصيرة فقط‪ .‬وهو ما يزيد من مخاوف طالبي‬ ‫ي‬ ‫اللجوء»‪ .‬تقول المتخ ّ‬ ‫صصة في العالج النفس ّ‬ ‫«إيليز بيتنبيندر» في الجمعيّة الوطنيّة لمراكز‬ ‫ي لالجئين وضحايا التعذيب‪:‬‬ ‫العالج النفس ّ‬ ‫ّ‬ ‫«إن فترة االنتظار وعدم اليقين تزيد من حدّة‬ ‫تعرض‬ ‫االضطرابات والصدمات النفسيّة‪ ،‬التي ّ‬ ‫لها طالبو اللجوء خالل رحلة هربهم»‪ ،‬وتشير‬ ‫«بيتنبيندر» إلى تزايد نسبة حاالت طالبي‬ ‫اللجوء‪ ،‬الذين يتوافدون على المراكز من أجل‬ ‫الحصول على العالج في مراكز الجمعيّة التي‬ ‫صصة في عالج‬ ‫تض ّم ‪ /25/‬من المراكز المتخ ّ‬ ‫الالجئين المصابين بصدمات نفسيّة‪.‬‬

‫صدمات نفسيّة‬ ‫ي إلى أروبّا‬ ‫وال يقتصر شعور الالجئ السور ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالذنب بسبب هذه القضيّة فقط‪ ،‬وإنما يُعاني‬ ‫كثيرون بحسب ما يكتبونه من صراعات نفسيّة‬ ‫كبيرة تعكس هذا الشعور بسبب كونهم أصبحوا‬ ‫يعيشون في أمان واطمئنان بينما عدد من أفراد‬ ‫عائالتهم وأصدقاءهم‬ ‫معرضين‬ ‫مــا زالـــوا‬ ‫ّ‬ ‫للخطر داخل سورية‪،‬‬ ‫وينتابهم شعور وكأنّهم‬ ‫خذلوهم وغــادروهــم مــئــات األطــفــال‬ ‫بحثا ً عــن سالمتهم والــــقــــارصيــــن‬ ‫تاركينهم‬ ‫لمصيرهم‪ ،‬يــصــلــون بــلــدان‬ ‫ويــزداد هــذا الشعور‬ ‫ومــعــه القلق الكبير اللجوء مبفردهم‪،‬‬ ‫عندما تتأ ّخر إجراءات ويــقــي بعضهم‬ ‫لــ ّم شمل‬ ‫العائالت‪ ،‬شـــهـــورا ً طــويــلــة‪،‬‬ ‫فيعيش الــمــرء في‬ ‫دوامــــة الــقــلــق على يتع ّرضون لإلهانة‬ ‫سالمة أفــراد عائلته والرضب والتح ّرش‬ ‫ومصيرهم من جهة‬ ‫ـي أحــيــانـاً‬ ‫وقــلــق االنــتــظــار من الــجــنـ ّ‬ ‫صة‬ ‫جهة أخــرى‪ ،‬خا ّ‬ ‫عندما تأخذ تلك اإلجراءات وقتا ً طويالً يمت ّد‬ ‫أحيانا ً ألكثر من سنة بعد الحصول على‬ ‫اإلقامة‪ ،‬وكثيرا ً ما فقد بعض الالجئين عدد من‬ ‫أفراد أسرهم األقرب لهم خالل مدّة االنتظار‬ ‫ّ‬ ‫منظمة «‪»ProAsyl‬‬ ‫تلك‪ ،‬و في تقرير عن‬ ‫األلمانيّة للدفاع عن الالجئين يقول عضو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪»:‬إن العبء‬ ‫المنظمة «بيرند ميوفيتش»‬

‫آالم األطفال واألسرة‬ ‫ويبرز الشعور بالذنب أيضا ً لدى بعض الالجئين‬ ‫الذين فقدوا أحد أفراد عائالتهم أو أصدقاءهم‬ ‫خالل رحلة العبور إلى أوربّا عبر البحر أو‬ ‫البر مشيا ً على األقدام لمسافات طويلة‪ ،‬حصل‬ ‫ّ‬ ‫تكرر عشرات المرات‪ ،‬فالشخص الذي‬ ‫و‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫فقد بعضا ً من أطفاله أو زوجته‪ ،‬واأل ّم التي‬ ‫فقدت طفلها‪ ،‬ك ّل هؤالء يعيشون آالما ً كبيرة‬ ‫يصعب احتمالها بسبب شعورهم بالتقصير‬ ‫أو تحميل أنفسهم مسؤوليّة ما جرى‪ ،‬وتترك‬ ‫رحلة العبور تلك آالمـا ً نفسيّة ال يبرأ منها‬ ‫ّ‬ ‫صصين‪،‬‬ ‫البعض ّإل بمساعدة‬ ‫األطباء والمتخ ّ‬ ‫فإضافة للضغوط النفسيّة واالجتماعيّة التي‬ ‫القاها الالجئ في بالده والتي دفعته للهجرة‬ ‫يمر خــال رحلة اللجوء‬ ‫غير الشرعيّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بظروف قاسية تترك رضوضا ً نفسيّة كبيرة‬ ‫صة لدى فئات األطفال واليافعين فقد‬ ‫لديه‪ ،‬خا ّ‬ ‫تعرض عدد كبير منهم لمجموعة من الصدمات‬ ‫ّ‬ ‫تعرضوا للعنف بشكل مباشر‬ ‫النفسيّة‪ ،‬فهم إ ّما ّ‬ ‫تعرضت حياتهم للخطر‪ ،‬أو فقدوا أفرادا ً‬ ‫أو ّ‬ ‫من أسرهم ومنازلهم أحياناً‪ ،‬ليضاف إلى ذلك‬ ‫الظروف القاسية التي عاشوها حتّى وصلوا‬ ‫بر األمان؛ لذلك تنتشر بين األطفال من‬ ‫إلى ّ‬ ‫ي كر ّد‬ ‫الالإراد‬ ‫ل‬ ‫التبو‬ ‫حاالت‬ ‫األعمار‬ ‫مختلف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فعل للقلق ومشاعر الخوف الشديد‪ ،‬وحاالت‬ ‫ي واالنطواء والعزلة‪،‬‬ ‫من السلوك العدوان ّ‬ ‫وتحتاج هذه الحاالت إلى جلسات عالجيّة‬ ‫قد تشمل األسرة كلّها لتساعدهم على إعادة‬ ‫تأسيس بيئة نفسيّة متوازنة وزيادة مهارات‬ ‫التكيّف لديهم‪ .‬هذا وتكبر المأساة أكثر إذا ما‬

‫انترنت‬ ‫صة مئات األطفال والقاصرين الذين‬ ‫أضفنا ق ّ‬ ‫يصلون بلدان اللجوء بمفردهم‪ ،‬ويقضي‬ ‫بعضهم شهورا ً طويلة في اليونان وهنغاريا‬ ‫ويتعرضون لإلهانة والضرب‬ ‫وغيرها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ي أحيانا‪ ،‬وتُبيّن ألعاب األطفال‬ ‫ّ‬ ‫والتحرش الجنس ّ‬ ‫وانشغاالتهم تلك الظروف القاسية وأثرها على‬ ‫شخصيّتهم بشكل واضح‪ ،‬إذ أشارت تقارير‬ ‫«الهيئة الطبّيّة الدوليّة» التي تقدّم مساعدات‬ ‫لالجئين إلى ّ‬ ‫أن اهتمامات األطفال الالجئين‬ ‫وطريقة تفاعلهم ولعبهم تغيّرت‪ ،‬فيلعب‬ ‫األطفال لعبة تسمى «نقاط التفتيش والبحث»‪،‬‬ ‫يمرون من نقطة تفتيش‬ ‫يمثّلون فيها أنّهم‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أمنيّة‪ ،‬ويقوم ك ّل منهم بإجراء تفتيش جسد ّ‬ ‫لآلخر‪ ،‬ومن هواياتهم المفضّلة األخرى لعبة‬ ‫«الشهيد»‪ ،‬حيث يمثّل أحد األطفال أنّه ميت‪،‬‬ ‫في حين يحمله أو يحملها الباقون في موكب‬ ‫جنازة وهميّة‪.‬‬ ‫اغتراب وحواجز وفروق‬ ‫يُضاف إلى ما سبق تلك المخاوف الشديدة التي‬ ‫يبديها البعض من المستقبل المجهول‪ ،‬وذلك‬ ‫يظهر بتكرار األسئلة وبإلحاح كبير عن قضايا‬ ‫تحولها إلى جنسيّة‪،‬‬ ‫اإلقامة الدائمة وكيفيّة‬ ‫ّ‬ ‫وإمكانيّة الترحيل‪ ،‬ومدى القدرة على االندماج‬ ‫وتأمين فرص عمل جيدة‪ ،‬وغيرها من قضايا‬ ‫تتعلّق بالمستقبل‪.‬‬ ‫ك ـ ّل تلك الــحــاالت الــمــذكــورة تبيّن حاجة‬ ‫الالجئين المل ّحة إلى المساعدة النفسيّة بغية‬ ‫زيادة القدرة لديهم على المواجهة واستعادة‬ ‫الشعور بالسيطرة على سالمتهم النفسيّة‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشــارة أيضا ً إلى الغربة النفسيّة‬ ‫التي يعانيها الالجئ‪ ،‬وتبرز من خالل تعبيره‬ ‫المبالغ فيه عن الحنين لألماكن وأصناف‬ ‫الطعام وتج ّمعات األهل واألصدقاء في بلده‪،‬‬ ‫ويزيد هذا الشعور باالغتراب من صعوبات‬ ‫االندماج في المجتمع الجديد إضافة لصعوبات‬ ‫ّ‬ ‫تخطي الحواجز والفروق‬ ‫اللغة وإمكانيّة‬ ‫صة بالنسبة‬ ‫االجتماعيّة والثقافيّة الكبيرة‪ ،‬خا ّ‬ ‫ّ‬ ‫السن الذين عليهم بدء حياتهم من جديد‬ ‫لكبار‬

‫بعد أن وصلوا إلى مراحل عمريّة يُفترض أن‬ ‫يجنوا خاللها ثمار جهدهم الماضي كلّه‪ .‬ال‬ ‫شك ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن اللجوء يمنح الالجئ فرصة حياة آمنة‬ ‫ويعيش األطفال في بيئة سليمة تحقّق حاجاتهم‬ ‫األساسيّة في النمو والتي باتت غير متوفّرة في‬ ‫وطنهم‪ ،‬وتساعد الشباب على استئناف حياتهم‬ ‫ومواصلة تعليمهم والحصول على فرص عمل‬ ‫جيّدة‪ ،‬كما ّ‬ ‫أن اللجوء مع العائلة أو ل ّم شمل‬ ‫العائلة الحقا ً يساعد على االندماج في البيئة‬ ‫والمجتمع والثقافة الجديدة‪ ،‬ويقلّل من آثار‬ ‫ي‪.‬‬ ‫االغتراب النفس ّ‬ ‫عدم الكالم‬ ‫لم يخبر السوريّون اللجوء قبل الثورة السوريّة‬ ‫ّإل كمستضيفين لالجئين‪ ،‬لذلك ش ّكلت حالة‬ ‫اللجوء صدمة كبيرة لغالبيّتهم‪ ،‬ولكن هذا كلّه‬ ‫يقتضي تجاوز األوضاع الصعبة والظروف‬ ‫يترددوا في طلب المساعدة‬ ‫الطارئة‪ ،‬وعليهم ّأل ّ‬ ‫من أجل ذلك‪ ،‬إذ تشير بعض التقارير أنّه من‬ ‫المشكالت التي يواجهها األطـبّــاء ألسباب‬ ‫ّ‬ ‫«أن كثيرين من المرضى يفضلون‬ ‫ثقافيّة‬ ‫عدم الكالم عن الجراح النفسيّة‪ ،‬رغم أنّه من‬ ‫الشائع أن ينهار آخــرون ويــروون تجاربهم‬ ‫خالل العالج»‪ ،‬وعلى السوريّين التعامل مع‬ ‫تجربة اللجوء في أوربّا كفرصة طيّبة إلعادة‬ ‫بناء حياتهم من جديد واكتساب الخبرات‬ ‫واالستفادة من فرص التعليم المتاحة‪ .‬هذا كلّه‬ ‫يساهم مستقبالً في جعلهم عنصرا ً فاعالً في‬ ‫إعادة بناء بلدهم المد ّمر‪ ،‬أو تأسيس جاليات‬ ‫قويّة في بلدان إقامتهم تلعب دورا ً مه ّما ً في‬ ‫نصرة قضايا بالدهم‪.‬‬

‫د‪ .‬خولة حسن الحديد‬ ‫المصادر‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمة أطبّاء بال حدود‬‫تقارير إعالميّة في ك ّل من‪:‬‬‫‪ ARA News‬النرويج و ‪2015 - DW‬‬ ‫‪-‬العربيّة للدراسات‬

‫بحثاً عن المستقبل واإلنسانّية‬

‫السوري إلى أوروبّا ينعش السوق اللبنانّية‬ ‫اللجوء‬ ‫ّ‬

‫تق ّدم وتحرير إلقامة “منطقة آمنة”‬

‫الحرب على «داعش»‬

‫تخوض فصائل المعارضة السوريّة المسلّحة‬ ‫معارك عنيفة في محيط قرية «الخربة»‪ ،‬وقرية‬ ‫«مزرعة» ض ّد مقاتلي تنظيم «داعش»‪.‬‬ ‫يستعمل مقاتلو المعارضة مختلف صنوف‬ ‫األسلحة الثقيلة والمتوسّطة التي بحوزتهم‪ ،‬ال‬ ‫سيّما بعد استقدام تعزيزات عسكريّة ضخمة‬ ‫قامت بها حركة «أحــرار الشام» انسجاما ً‬ ‫مع بيانها األخير الذي أصدرته ور ّحبت فيه‬ ‫باقامة «منطقة آمنة» في شمال سورية من‬ ‫قبل األتراك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أسفرت المعارك عن تحرير محطة الغاز‬ ‫والمزارع المحيطة بها والتقدّم باتجاه قرية‬ ‫ّ‬ ‫كمحطة في طريقهم غلى قرية‬ ‫«الخلفتلي»‬ ‫«الراعي» التي تعتبر نقطة تمركز لتنظيم‬ ‫«داعش»‪.‬‬ ‫ي «أبــو المجد الحلبي»‬ ‫أ ّكــد الناشط الميدان ّ‬ ‫لصحيفة «كلّنا ســوريّــون» ّ‬ ‫أن المعارك‬ ‫استمرت أكثر من عشر ساعات‪ّ ،‬‬ ‫وأن مقاتلي‬ ‫ّ‬ ‫مصرون على تهيئة الظروف‬ ‫المعارضة‬ ‫ّ‬ ‫األمنيّة المناسبة القامة «منطقة آمنة» وذلك‬ ‫بطرد تنظيم «داعش» منها‪.‬‬ ‫يذكر هنا‪ّ ،‬‬ ‫أن «المنطقة اآلمنة» هي منطقة‬ ‫اقترحها األتراك‪ ،‬وفسّروا ذلك بأنّها ستكون‬ ‫لحماية المدنيّين الذين نزحوا من براميل النظام‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫المحررة‪.‬‬ ‫المستمر في مختلف المناطق‬ ‫وقصفه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عــلــى جبهة «أم حـــوش» حـــاول مقاتلو‬ ‫المعارضة التقدّم أيضاً‪ ،‬وذلك للضغط على‬ ‫تنظيم «داعش» من أكثر من جهة‪ ،‬واستهدفوا‬ ‫في محاولة تقدّمهم هذه مواقع التنظيم في‬ ‫محيط القرية كما تم ّكنوا من تحرير عدّة نقاط‬ ‫متقدّمة‪ ،‬وال يزال التنظيم يسيطر على المداجن‬ ‫المحيطة بالقرية‪ ،‬حتّى كتابة هذا التقرير‪ ،‬إذ‬ ‫تش ّكل هذه المداجن ثكنات عسكريّة للتنظيم‪.‬‬ ‫على جبهة «تاللين» قام تنظيم «داعــش»‬ ‫بعدّة محاوالت للتقدّم والسيطرة على القرية‬ ‫بعد استقدامه لتعزيزات عسكريّة من مدينة‬ ‫ي‪،‬‬ ‫«الباب» و «منبج « بريف حلب الشرق ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن مقاتلي المعارضة تم ّكنوا من ص ّد الهجوم‬ ‫وإيقاع خسائر فادحة في صفوف التنظيم بين‬ ‫عتاد وأرواح‪.‬‬ ‫ويذكر أنّه في ظ ّل ك ّل هذه المعارك الطاحنة‬ ‫بريف حلب الشمالي ض ّد تنظيم «داعش»‬ ‫ي‪ ،‬بينما تقوم‬ ‫يغيب طيران التحالف الــدولـ ّ‬ ‫القوات التركيّة بالمراقبة عن بعد‪.‬‬ ‫ّ‬

‫مراسل كلّنا سوريّون‬ ‫ي‬ ‫ريف حلب الشمال ّ‬

‫قبل خمسة أيّام من سفرهم إلى تركيا في‬ ‫الطريق إلى أوروبــا‪ ،‬يستع ّد عماد (‪،22‬‬ ‫ي من دمشق) مع رفاقه السبعة‪ .‬جمعوا‬ ‫جامع ّ‬ ‫المبالغ المطلوبة‪ ،‬صفّوا أعمالهم في لبنان‪،‬‬ ‫ج ّهزوا األوراق المطلوبة وباإلضافة إلى‬ ‫المعلومات كافّة عن رحلتهم الطويلة‪ ،‬وبدؤوا‬ ‫بشراء حاجيّاتهم من األسواق‪.‬‬ ‫فمنذ بداية الشهر الخامس بــدأت حركة‬ ‫األسواق اللبنانيّة تنتعش‪ ،‬آالف السوريّين لم‬ ‫يعودوا يرون في لبنان مكانا ً لالستقرار‪ ،‬وال‬ ‫وقرروا أن السفر هو‬ ‫ي شكل من األشكال‪ّ ،‬‬ ‫بأ ّ‬ ‫أكثر الخيارات المطروحة‪ ،‬فيما بقي من ال‬ ‫بديل له في مكانه ينتظر الفرصة‪.‬‬ ‫أسعار التذاكر‬ ‫حــجــوزات طيران‪،‬‬ ‫أو بـــواخـــر إلــى الــســوريّــن تعبوا‬ ‫تركيا‪ ،‬شراء مالبس‬ ‫وبعض الحاجيّات من االت ّهام اللبنا ّين‬ ‫الـــضـــروريـــة في لهم بأنّهم سبب‬ ‫طـــريـــق الــســفــر‪ ،‬يف انهيار اقتصاده‬ ‫والكثير من األمور‬ ‫يحتاجها من يرغب و مل يـــعـــودوا‬ ‫في السفر‪.‬‬ ‫يــــرون يف لبنان‬ ‫أم‬ ‫رامــــــي (‪ 42‬مكاناً لالستقرار‬ ‫ً‬ ‫عـــامـــا) مـــن حلب‬ ‫تقول «حجزت لي‬ ‫وألبنائي الثالثة تذاكر سفر إلى تركيا‪ ،‬لكنّي‬ ‫فوجئت بأعداد السوريّين الذين يرغبون‬ ‫بالسفر من لبنان‪ ،‬وعلى الغالب وجهتهم‬ ‫تركيا‪ ،‬كما هــي وجهتي لكنّي قــد أفكر‬ ‫باالستقرار في تركيا طالما ّ‬ ‫أن العدد األكبر‬ ‫من أقاربي ومعارفي هناك»‪.‬‬ ‫اشترت أم رامي تذاكر سفرها بأسعار مقبولة‬ ‫باعتبارها لم تكن مستعجلة على سفرها‪،‬‬ ‫هي قضيّة بات يعرفها معظم السوريّين في‬ ‫لبنان « كلّما قربت المسافة بين موعد السفر‬

‫وموعد الحجر ازداد سعر التذكرة والعكس‬ ‫صحيح»‪.‬‬ ‫ترتفع تذكرة السفر في مواسم السياحة‪،‬‬ ‫فالصيف مثالً وفي األعياد‪ ،‬وقد تصل أحيانا ً‬ ‫إلــى ضعفي سعر األيّــام العاديّة‪ ،‬محمود‬ ‫(‪25‬عاماً) من ريف دمشق يتحدّث « قبل‬ ‫عيد الفطر كانت التذكرة إلى أيّة منطقة في‬ ‫تركيا أخفض بنسبة ‪ 35‬بالمائة عنها بعد‬ ‫العيد‪ ،‬فأنا اشتريت التذكرة إلى أضنة بقيمة‬ ‫‪ 160‬دوالراً‪ ،‬بينما خالي اشترى التذكرة من‬ ‫المكتب نفسه بـ ‪270‬دوالراً»‪.‬‬ ‫السعر يبقى ثابتا ً بدرجة معيّنة طوال الصيف‬ ‫طالما أنّه موسم سياحة إلى تركيا باعتبارها‬ ‫بلدا ً معتدل الحرارة مقارنة بلهيب لبنان‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك يحافظ الكثير من السوريّين على مواعيد‬ ‫سفرهم طالما ّ‬ ‫أن عيونهم على أوروبا‪ ،‬وموج‬ ‫بمجرد مرور شهر آخر من‬ ‫البحر سيرتفع‬ ‫ّ‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫وتبدو أسعار الحجوزات أقـ ّل بالسفر عن‬ ‫طريق الباخرة‪ ،‬ومع ذلك يوضّح أصحاب‬ ‫مكاتب سفر كثر ّ‬ ‫بأن السوريّين باتوا يسافرون‬ ‫بحرا ً‬ ‫وجوا ً دون أن يف ّكروا سوى في الحلم‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫األوروبّ ّ‬ ‫تصريف العمالت‬ ‫ً‬ ‫على الجانب اآلخــر‪ ،‬تنشط أيضا سوق‬ ‫العمالت وتصريفها‪ ،‬مكاتب الــحــواالت‬ ‫الماليّة‪ ،‬فالكثير من السوريّين استقبلوا قبل‬ ‫أن يف ّكروا بالسفر مبالغ من أصدقائهم أو‬ ‫ذويهم لمساعدتهم في تكاليف الرحلة‪ ،‬وقاموا‬ ‫بالتحويل بين العمالت (الــدوالر – الليرة‬ ‫التركيّة – اليورو)‪.‬‬ ‫عصام (‪ 29‬عاماً) من درعا يشير في هذا‬ ‫السياق « استقبلت من أحد أقربائي ما يقارب‬ ‫األلفي دوالر‪ ،‬إلى جانب مبلغ قمت بتجميعه‪،‬‬ ‫لسفري مع زوجتي‪ ،‬قمت بتصريف ‪500‬‬ ‫بالتحرك‬ ‫دوالر إلى الليرة التركيّة حتّى أقوم‬ ‫ّ‬

‫في تركيا‪ ،‬شراء طعامنا وشرابنا‪ ،‬وحجز‬ ‫صرفت المبلغ المتبقّي‬ ‫غرفة في فندق‪ ،‬فيما ّ‬ ‫إلى اليورو‪ ،‬باعتبارهم في اليونان ال يتعاملون‬ ‫بالدوالر‪ ،‬وأبقيت معي مبلغا ً صغير بالدوالر‬ ‫كزيادة لي في تركيا»‪.‬‬ ‫ال أرقام دقيقة عن حجم الحواالت الواصلة‬ ‫ي إلى اللجوء‬ ‫إلى لبنان جراء التحضير السور ّ‬ ‫الجديد‪ ،‬لكن ال تبدو األرقام صغيرة إذا ما‬ ‫ت ّم األخذ بالنظر ّ‬ ‫أن معظم الذين يسافرون‬ ‫أو يرغبون في السفر يستقبلون أمواالً من‬ ‫ي‪.‬‬ ‫الخارج اللبنان ّ‬ ‫النقل واأللبسة‬ ‫أســواق أخــرى‪ ،‬كسوق النقليّات الداخليّة‪،‬‬ ‫بين المناطق اللبنانية العديدة ومطار رفيق‬ ‫الحريري في بيروت أو مرفأ طرابلس‪،‬‬ ‫باتت تشهد حركة غير مسبوقة تغذّي السوق‬ ‫اللبنانيّة عبر سوريّين تعبوا من االتّهام‬ ‫ي لهم بأنّهم سبب في انهيار اقتصاده‪.‬‬ ‫اللبنان ّ‬ ‫سوق األلبسة أيضا ً والحقائب شهد أرباحا ً‬ ‫جيّدة‪ ،‬أمجد (‪ 24‬عاماً) من حماه يقول «حتّى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محلت األلبسة باتوا‬ ‫أن الكثير من أصحاب‬ ‫يسألوننا ع ّما إذا كان ما نريده من ألبسة‬ ‫للسفر‪ ،‬وبالتالي هم يعرفون تلقائيّا ً ما نحتاجه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومحلت الحقائب يعرفون تماما ً أيّة حقائب‬ ‫هي األفضل لنا»‪.‬‬ ‫وكما هي األرقام غير واضحة عن عائدات‬ ‫ي الجديد‪ ،‬األرقام أيضا ً‬ ‫سوق اللجوء السور ّ‬ ‫غير واضحة عن السوريّين الذين سافروا أو‬ ‫في طريقهم إلى السفر نحو تركيا وأوروبا‪،‬‬ ‫أن إحصائيّة ما ستثبت ّ‬ ‫ّإل أّن األكيد ّ‬ ‫أن‬ ‫عــشــرات آالف السوريّين تــركــوا لبنان‬ ‫وهمومه نحو مكان يبحثون فيه عن إنسانيّتهم‬ ‫فيه ومستقبلهم‪.‬‬

‫سون – كلّنا سوريّون‬ ‫حازم ح ّ‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫العدد ‪36‬‬

‫تحقيقات‬

‫السنة الثانية‬

‫‪7‬‬

‫طبخة بحص‬

‫المرأة والمشاركة في‬ ‫السياسي‬ ‫العمل‬ ‫ّ‬ ‫شاركت المرأة السوريّة منذ انطالقة الثورة‬ ‫بفاعليّة الفته بهرت العالم‪ ،‬إن دلّــت على‬ ‫شيء إنّما تد ّل على مستوى عا ٍل من النضج‬ ‫ي‪ ،‬م ّما يعطي انطباعا ً بأنّه‬ ‫الفكر ّ‬ ‫ي والسياس ّ‬ ‫سيكون للمرأة في سورية الحديثة مكانة مميّزة‬ ‫وستكون شريكة بصناعة القرار على الصعيد‬ ‫ي وشريكة بصياغة‬ ‫ي واالقتصاد ّ‬ ‫السياس ّ‬ ‫مستقبل سورية‪.‬‬

‫خارطة عسكرّية ترسمها أقدام الثوار‬

‫النظام في مرحلة الالتوازن واإلنهاك‬ ‫مع انهماك أعضاء االئتالف بمحاصصاتهم‬ ‫وصراعاتهم على مناصب وكراسي ال تخدم‬ ‫الثورة السوريّة‪ ،‬كانت هناك مطاحنات جديدة‬ ‫وصراعات وصلت لمعارك ج ّد قاسية بين‬ ‫جبهات الثورة وميليشيات النظام التي استعانت‬ ‫بمرتزقة من ك ّل حدب وصوب لتمنحهم جنسيّة‬ ‫سوريّة‪ ،‬ب ّ‬ ‫شر بها رأس النظام في محاولة من‬ ‫التضليل والخداع كانت عبر آخر خطاب تخلّلته‬ ‫أكاذيب وإبر مخدّرة‪ ،‬أكثر م ّما احتوى الخطاب‬ ‫من تردّد وانكسار كان يشرح ما بداخله من‬ ‫حقائق ال يستطيع البوح بها لمن ساقهم لحافة‬ ‫الدمار‪.‬‬ ‫الزبداني‬ ‫جبهات القتال التي ازدادت اشتعاالً على‬ ‫صة في بلدة‬ ‫مجمل الساحات العسكريّة وخا ّ‬ ‫تتعرض لحرب إبــادة‬ ‫«الــزبــدانــي» التي‬ ‫ّ‬ ‫تــخــوضــهــا أربــعــة‬ ‫فصائل رئيسيّة هي‪:‬‬ ‫الفرقة الرابعة‪ ،‬حزب‬ ‫قـــوات الجبهة‬ ‫أكــر مــن ‪ /1200/‬هللا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشعبيّة الفلسطينيّة‬ ‫طلعة جويّة خالل‬ ‫ألحمد جبريل‪ ،‬لواء‬ ‫ي‪.‬‬ ‫أربــعــة أيّـــام عىل ذو الفقار العراق ّ‬ ‫سهل الــغــاب مع ولكنّها جميعا ً خذلت‬ ‫دولة «والية الفقيه»‪،‬‬ ‫أكـــر مــن ‪/600/‬‬ ‫ـره لفتح‬ ‫مـ ّمــا اضــطـ ّ‬ ‫صاروخ فيل وزلزال غرفة عمليّات (قيادة)‬ ‫وزيــنــب‪ ،‬أحرقت في بلدة «بريتال»‬ ‫اللبنانيّة لقيادة العمليّة‬ ‫ود ّمـــرت كـ ّـل يشء‬ ‫بواسطة ما بين (‪50‬‬ ‫يف سهل الــغــاب‪ )70 - ،‬ضابطا ً من‬ ‫ومثلها من الرباميل فيلق القدس والحرس‬ ‫ي‪ ،‬بعد‬ ‫واأللــغــام البحرية الثور ّ‬ ‫ي اإليران ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن فشل حــزب هللا‬ ‫ي اختراق‬ ‫ع ــر الــحــ ّوامــات بإحداث أ ّ‬ ‫خالل أكثر من أربعة‬ ‫أسابيع‪ ،‬ونال توبيخا ً‬ ‫إيرانيّا ً على ذلك‪ ،‬خصوصا ً إذا ما علمنا ّ‬ ‫أن‬ ‫«حسن نصر هللا» خــرج مع بداية الحملة‬ ‫ليب ّ‬ ‫شر بالسيطرة على الزبداني خالل ستّة أيّام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫موقّتا النصر مع خطابه باحتفاالت يوم القدس‪،‬‬ ‫ومضت خمسة أسابيع والزبداني صامدة وك ّل‬ ‫ما حصده حزب هللا هو مزيد من قوافل القتلى‬ ‫والجرحى العائدة للضاحية الجنوبيّة‪.‬‬ ‫الفوعة وكفريا‬ ‫مع بدء جيش الفتح في إدلب معركة (كفريا‬ ‫والفوعة) زاد الضغط على الضاحية وطهران‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«الست زينب» وقطعهم‬ ‫ي‬ ‫ومع خروج أهالي ح ّ‬ ‫ي‪ ،‬وبرسالتهم التي‬ ‫لطريق مطار دمشق الدول ّ‬ ‫حملت من الشتائم لنصر هللا واألسد أكثر م ّما‬ ‫حملت من مناشدة لطهران للتد ّخل‪ ،‬تنزاح ورقة‬ ‫التوت عن خسائرهم‪ ،‬وتزول تلك األسطورة‬ ‫ثوار الزبداني‬ ‫قوات «النخبة» التي ّ‬ ‫مرغ ّ‬ ‫عن ّ‬ ‫اضطر إيران على إثرها‬ ‫أنوفها بالتراب؛ م ّما‬ ‫ّ‬ ‫للتفاوض مع حركة أحــرار الشام‪ّ ،‬إل أنّ‬ ‫المفاوضات فشلت إلصرار إيران على إحداث‬ ‫حركة نــزوح وتغيير ديموغرافيّة تتض ّمن‬ ‫إخالء الزبداني من أهلها لتوطين س ّكان كفريا‬ ‫والفوعة‪.‬‬ ‫سهل الغاب‬ ‫لم يكن ما ناله األسد في سهل الغاب بأق ّل م ّما‬ ‫ناله رفيق إجرامه نصر هللا من ذ ّل ومهانة‬ ‫في الزبداني‪ ،‬فمن جملة األكاذيب التي أطلقها‬ ‫األسد حين قال مطمئنا ً أهل الساحل وس ّكان‬ ‫وبوابة الغاب‬ ‫ي ّ‬ ‫الالذقية بالذات‪ :‬الساحل محم ّ‬ ‫هي أمان واطمئنان أهل الالذقيّة‪ .‬بعدها بيومين‬ ‫كان الهجوم الكاسح الذي شنّه «جيش الفتح»‬ ‫في إدلب بمساندة من الميمنة عبر جبهة الساحل‬ ‫ومن الميسرة عبر «جبل الزاوية» و «جبل‬ ‫ثوار ريف‬ ‫شحشبو» ومن القلب عبر دعم من ّ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الثوار‬ ‫حماه «جيش النصر» وليقتلع هؤالء ّ‬ ‫البوابة التي ب ّ‬ ‫شر بها األسد‪ ،‬ولتكسر على رأس‬ ‫بإنجاز‬ ‫النظام بعد اختراق غير مسبوق تمثّل‬ ‫ٍ‬ ‫ي استطاع وخالل أق ّل من ‪ /24/‬ساعة‬ ‫عسكر ّ‬ ‫من تحرير ‪ /23/‬حاجزا ً في ‪ /16/‬موقعا ً من‬ ‫ي والبوابة الغربيّة (ت ّل‬ ‫سهل الغاب الشرق ّ‬ ‫ّ‬ ‫حمكي وفريكة والمشيرفة وتلة خطاب وت ّل‬ ‫ّ‬ ‫ومحطة زيزون) كانت تشغلهم‬ ‫أعور وجنقرة‬ ‫ّ‬ ‫وتسيطر عليهم عصابات النظام ومخلفاتهم من‬ ‫ي‪.‬‬ ‫حزب هللا وشبّيحة الدفاع الوطن ّ‬ ‫ومع وصول المعارك إلى سهل الغاب األوسط‬ ‫(قرقور والــزيــارة وت ـ ّل واســط والمنصورة‬ ‫صة‬ ‫وخربة الناقوس)‬ ‫أحس النظام بالعطب وخا ّ‬ ‫ّ‬ ‫مع ترافق المعارك بنزوح شديد من قرى‬ ‫(شطحة وجورين ومــرداش والجيد وعنّاب‬ ‫والحيدريّة وفورو والبحصة) حاملين معهم‬ ‫قتلى وجرحى‪ ،‬أكثر م ّما يحملون من أمتعة‪،‬‬ ‫بــعــد نـــداء استغاثة‬ ‫أطلقه النظام بالطلب‬ ‫من أهل القرى حمل‬ ‫السالح والــدفــاع عن تحرير ‪ /23/‬حاجزا ً‬ ‫أنفسهم والتي اعتبرها يف ‪ /16/‬موقعاً من‬ ‫س ّكان المنطقة مقدّمة‬ ‫الرشقي‬ ‫الغاب‬ ‫سهل‬ ‫ّ‬ ‫لتكتيك (إعادة التجميع‬ ‫أو إعـــادة االنتشار) والبوابة الغرب ّية يف‬ ‫أقل من ‪ /24/‬ساعة‬ ‫التي تسبق هروبه من ّ‬ ‫أيّــة منطقة‪ ،‬وترافق‬ ‫ذلــك أيضا ً مع حملة‬ ‫انتقادات شديدة من موالي النظام الذي فشل‪،‬‬ ‫ليس فقط بالحفاظ على مواقعه‪ ،‬بل بالقدرة على‬ ‫حماية قرى من سانده وقدّم فلذات أكباده خدمة‬ ‫ي السلطة‪.‬‬ ‫لبقائه على كرس ّ‬ ‫ي من سهل‬ ‫الغرب‬ ‫الشطر‬ ‫إلى‬ ‫وليمت ّد القتال‬ ‫ّ‬ ‫الغاب (نقطة مقتل النظام) عبر السيطرة على‬ ‫قرية البحصة واالقتراب وحصار معسكر‬ ‫جورين (قلعة النظام العسكريّة والبشريّة في‬ ‫سهل الغاب)‪.‬‬ ‫أمام هذا اإلحراج الشديد الذي وقع به النظام‬ ‫وأمــام خوفه من تمدّد المعارك ووصولها‬ ‫للطريق الواصل من عين الشرقيّة عند نهر‬ ‫البارد‪ ،‬وبالتالي قطع إمــدادات الساحل ومن‬ ‫بعدها الوصول إلى مطار حماة ووقف إمدادات‬ ‫دمشق‪ ،‬األمر الذي يشكل ضربة قاصمة قد‬ ‫تكسر ظهر النظام‪.‬‬ ‫أ ّما ما يمكن أن يش ّكل انهيارا ً للنظام فهو في‬ ‫تطور المعارك بعدها‬ ‫ّ‬ ‫بالوصول عبر محور‬ ‫مصياف – صافيتا‬ ‫ي‬ ‫إلــى الطريق الدول ّ‬ ‫الساحل الــتــوافــق الـــريكّ‬ ‫الــذي يربط‬ ‫ي عرب‬ ‫بالمنطقة الوسطى ‪ -‬األمـــريـــ ّ‬ ‫ودمشق‪ ،‬وبالتالي يقع مناطق آمنة خالية‬ ‫النظام ضمن خارطة‬ ‫جديدة ِسمتها األساسيّة من ثالث تنظيامت‪:‬‬ ‫تقطيع أوصاله عبر جبهة الــنــرة و‬ ‫جغرافيّة تضيّق على «داعش» والفصائل‬ ‫رقبته لح ّد الخناق‪.‬‬

‫االنفصاليّة الكرديّة‬

‫الساحل‬ ‫جبهة الساحل كانت السبّاقة لفرض توازن‬ ‫رعب مع أهداف النظام الحيويّة والعسكريّة‬ ‫في منطقة الساحل كر ٍد على توظيف النظام‬ ‫لجهود ثالثة مطارات وعبر أكثر من ‪/1200/‬‬ ‫طلعة جويّة خالل أربعة أيّام على سهل الغاب‬ ‫مع أكثر من ‪ /600/‬صــاروخ فيل وزلزال‬ ‫وزينب‪ ،‬أحرقت ود ّمرت ك ّل شيء في سهل‬ ‫الغاب‪ ،‬ومثلها من البراميل واأللغام البحريّة‬ ‫عبر الــحـ ّـوامــات‪ ،‬وباتّباع سياسة األرض‬ ‫المحروقة التي يتغنّى بها سهيل حسن (النمر‬ ‫سمعت صرخاته اليائسة على‬ ‫ي) الذي ُ‬ ‫الورد ّ‬ ‫القبضات في جبهة الساحل التي د ّكت مواقع‬ ‫النظام وثكناته في (زغرين ومشقيتا والبهلوليّة‬ ‫ي بالزقزقانيّة) تلك‬ ‫والقرداحة والمربّع األمن ّ‬

‫المعركة سبقتها جبهة إدلب بفتح معركة (كفريا‬ ‫تتعرض لها‬ ‫والفوعة) لوقف حرب اإلبادة التي ّ‬ ‫الزبداني‪.‬‬ ‫حلب‬ ‫جبهات حلب الجنوبيّة والغربيّة والشماليّة‪،‬‬ ‫كانت مسرحا ً ألحداث مه ّمة تمثّلت بمحاوالت‬ ‫النظام استعادة مركز البحوث العلميّة في جبهة‬ ‫الثوار بصدّها‬ ‫جمعيّة الزهراء‪ ،‬حين نجح‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫في‬ ‫بجبهته‬ ‫وإحـــداث بعض الثغرات‬ ‫ّ‬ ‫ي الخالديّة؛ أ ّما الضربة‬ ‫الشهباء الجديدة وح ّ‬ ‫المؤلمة فكانت بالجبهة الجنوبيّة لحلب بعد‬ ‫تفجير (أو قصف) مجهول أطاح بمستودعات‬ ‫المعمل ‪ /690/‬من معامل الدفاع‪ ،‬والذي تسبّب‬ ‫بدمار معظم احتياطاته من الذخائر هناك‪،‬‬ ‫وزادت الضغوط عليه بعد انحسار ّ‬ ‫خط إمداده‬ ‫عبر السفيرة وخناصر القادم من حماة مرورا ً‬ ‫بسلميّة؛ على الجبهة الشماليّة كانت المعارك‬ ‫على أشدّها بين غرفة عمليّات «فتح حلب»‬ ‫وتنظيم «داعش» الذي تراجع عن أكثر من‬ ‫صة الخسائر الكبيرة التي تلقّاها في‬ ‫موقع‪ ،‬وخا ّ‬ ‫حررتها غرفة عمليّات‬ ‫بلدة‬ ‫«صرين» التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫«بركان الفرات» وهو تحالف عدّة فصائل‬ ‫حر وتركمان‪.‬‬ ‫كرديّة وجيش ّ‬ ‫درعا‬ ‫ي‪ ،‬تحضّر قيادة الجبهة‬ ‫في الجنوب السور ّ‬ ‫الجنوبيّة إلطالق المرحلة الثانية من معركة‬ ‫(عاصفة الجنوب) لتحرير مدينة درعا‪ ،‬عبر‬ ‫ي وجود‬ ‫الدخول في مرحلة االقتحام وإنهاء أ ّ‬ ‫لميليشيات النظام في جنوب سورية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما استدعى النظام لز ّج ك ّل إمكانيّاته البشريّة‬ ‫والجويّة وطلب المؤازرة من حلفائه في حزب‬ ‫ّ‬ ‫هللا وإيران؛ ألنّه يدرك ّ‬ ‫أن خسارته لدرعا تعني‬ ‫خسارته لكامل الجنوب‪ ،‬وتعني أيضا ً انتقال‬ ‫المعارك ألبواب العاصمة دمشق‪.‬‬ ‫المنطقة اآلمنة‬ ‫ي‪ ،‬تت ّم تحضيرات المنطقة‬ ‫في الشمال السور ّ‬ ‫ي‬ ‫األمريك‬ ‫‬‫ي‬ ‫الترك‬ ‫التوافق‬ ‫لتطبيق مفرزات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عبر مناطق آمنة خالية من ثالث تنظيمات‪:‬‬ ‫(جبهة النصرة و «داعـــش» والفصائل‬ ‫االنفصاليّة الكرديّة) ومعها كانت الضربة‬ ‫التي وجهتها جبهة النصرة لمشروع التدريب‬ ‫ي عبر اعتقال بعض قيادة وعناصر‬ ‫األمريك ّ‬ ‫الفرقة (‪ ،)30‬م ّما استدعى قــرارا ً أميركيّا ً‬ ‫الجويّة األمريكيّة بتوجيه‬ ‫بالسماح للقوى‬ ‫ّ‬ ‫ـرت على‬ ‫ضربات لحماية حلفائها‪ ،‬اضــطـ ّ‬ ‫إثرها جبهة النصرة ‪ -‬تحت ضغوط خارجية‬ ‫مقراتها على الحدود التركيّة‬ ‫وداخلية ‪ -‬لتسليم ّ‬ ‫وداخل المناطق المزمع إقامتها لفصائل ثوريّة‬ ‫في شمال حلب‪ّ ،‬‬ ‫لكن ذلك حصل بعد ضمانات‬ ‫المتدربة‬ ‫القوات‬ ‫ّ‬ ‫أمريكيّة وتعهد بعدم استهداف ّ‬ ‫لتنظيم جبهة النصرة‪.‬‬ ‫خالصة‬ ‫ّ‬ ‫بالمجمل نستطيع الــقــول‪ :‬إن النظام دخل‬ ‫مرحلة الالتوازن ومرحلة اإلنهاك عبر تف ّكك‬ ‫منظومته العسكريّة وحتى األمنية‪ ،‬ومعها‬ ‫تدخل ميليشياته في مرحلة األفول والتراجع‬ ‫لترسم خارطة عسكريّة تم ّهد ‪ -‬على أق ّل تقدير‬ ‫ي يجبر نظام األسد على‬ ‫ لفرض واقع ميدان ّ‬‫التفاوض وفق مطالب وشروط ترضي جمهور‬ ‫الثورة؛ ولكن تبقى المعضلة باقتناع من يساند‬ ‫األسد‪ّ ،‬‬ ‫أن هذا النظام قد أصبح خارج الزمن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأن البحث يجب أن يكون ع ّما ستؤول إليه‬ ‫المرحلة الالحقة وحيثياتها لمن يريد شراكة‬ ‫الحر بعيدا ً عن ك ّل‬ ‫مستقبليّة مع شعب سورية‬ ‫ّ‬ ‫مفردات ومضامين نظام األسد‪.‬‬

‫العميد الركن أحمد ر ّحال‬ ‫ي‬ ‫محلّل‬ ‫عسكري واستراتيج ّ‬ ‫ّ‬

‫على المحكّ‬ ‫اليوم وبعد أكثر من أربــع سنوات يالحظ‬ ‫ي في‬ ‫غياب المرأة تماما ً عن المشهد السياس ّ‬ ‫ي‪ ،‬وتراجع كبير في حضورها‬ ‫الداخل السور ّ‬ ‫ي خارج سورية‪ .‬فتمثيلها في الهيئات‬ ‫السياس ّ‬ ‫السياسيّة ال يطال مركز صنع الــقــرار‪،‬‬ ‫ووجودها ال يتعدّى ضرورات الديكور‪ .‬وهذا‬ ‫يعكس الثقافة المجتمعيّة الذكوريّة التي ّ‬ ‫توزع‬ ‫فتكرم المرأة في بيتها ومطبخها‪،‬‬ ‫األدوار‬ ‫ّ‬ ‫وتترك للرجل طبخ السياسات التي تحدّد‬ ‫مصير البلد‪ ،‬لتبقى السياسة عمالً ذكوريّا ً‬ ‫بامتياز‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من خالل المحك التي فرضته الثورة السوريّة‬ ‫وما تم ّخض عنها‪ ،‬نجد ّ‬ ‫أن «السياسيّين»‬ ‫السوريّون‪ ،‬أفرادا ً وتشكيالت سياسيّة وليدة؛‬ ‫تُظهر حالة من الضعف البيّن‪ ،‬فاألحزاب‬ ‫الوليدة في غالبها متخبّط ويفتقر إلى الرؤية‬ ‫واالستراتيجيّة‪ ،‬أو يغلب على خطابه النبرة‬ ‫الممولة‪.‬‬ ‫الشعبويّة‪ ،‬أو أنّــه مرتهن للجهة‬ ‫ّ‬ ‫والهيئات التي يفترض أنّها ممثّلة للشعب‬ ‫صــة «االئــتــاف» لم ينجح‬ ‫ي وخــا ّ‬ ‫الــســور ّ‬ ‫بصياغة خطاب يُقنع العالم بأنّه يمكن أن‬ ‫يكون البديل في المرحلة االنتقاليّة‪ ،‬ال بل‪ ،‬قدّم‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ي واإلدار ّ‬ ‫بُنية تقوم على الفساد المال ّ‬ ‫كما أوضحت سيرورة األحداث‪ّ ،‬‬ ‫فإن الضعف‬ ‫ي ونقص الخبرة‪ ،‬حالة عا ّمة ال تطال‬ ‫السياس ّ‬ ‫يبرر إقصاء المرأة بح ّجة‬ ‫النساء فقط‪ ،‬وال ّ‬ ‫ستتكون الخبرة‬ ‫نقص الخبرة والكفاءة‪ ،‬كيف‬ ‫ّ‬ ‫ي ودون‬ ‫السياس‬ ‫للعمل‬ ‫دون الممارسة العمليّة‬ ‫ّ‬ ‫دخول التجربة‪ ،‬لنكن واقعين ونعترف ّ‬ ‫بأن‬ ‫ي سمة‬ ‫العقليّة الشموليّة والتفكير اإلقصائ ّ‬ ‫السوريّين رجاالً ونسا ًء‪ّ ،‬‬ ‫«إل من رحم ربي»‪.‬‬ ‫مسؤوليّة المرأة‬ ‫ي‬ ‫الشعب‬ ‫االلتفاف‬ ‫كان‬ ‫للثورة‬ ‫في السنة األولى‬ ‫ّ‬ ‫حولها مــردّه أنّها ثورة ض ّد بُنى االستبداد‬ ‫والشموليّة بك ّل تجلّياتها السياسيّة واالجتماعيّة‬ ‫والثقافيّة والقيميّة‪ّ ،‬إل أّن هذه البنى ال تزال‬ ‫تحكمنا‪ ،‬وللتغيير والــخــروج من عباءتها‬ ‫نحتاج إلى نضال طويل وخلق بنى جديدة‬ ‫تستطيع أن تقدّم رؤيــة وممارسة مغايرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي بشكل عام‬ ‫ولمنظمات المجتمع المدن ّ‬ ‫ّ‬ ‫صة الدور األه ّم في‬ ‫والمنظمات النسوية خا ّ‬ ‫ذلك‪ ،‬من خالل التشبيك والتنسيق لخلق لوبي‬ ‫ضاغط‪ ،‬يجعل من موضوع مشاركة المرأة‬ ‫بصياغة مستقبل سورية ديمقراطيّة حديثة من‬ ‫أولويات اهتماماتها‪ ،‬مع التشجيع على انضمام‬ ‫صة تلك التي‬ ‫النساء لألحزاب السياسيّة وخا ّ‬ ‫لديها برنامج واضح يتعلّق بالمرأة‪.‬‬ ‫حــول مسؤوليّة الــمــرأة عــن هــذا الفشل‪،‬‬ ‫والخطوات الالزمة للوصول إلى مشاركة‬ ‫ي‪ ،‬والمعايير التي‬ ‫فعّالة في الحقل السياس ّ‬ ‫تحكم وصولها إلى مواقع سياسيّة ها ّمة‪ .‬تقول‬ ‫السيّدة «انتصار الخطيب» العضو في حزب‬ ‫تطور‬ ‫الجمهوريّة‪« :‬برأيي يوجد سببان لعدم ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ي وسياس ّ‬ ‫ي للمرأة‪ ،‬اجتماع ّ‬ ‫العمل السياس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي يتعلق باألحزاب السياسيّة‬ ‫العامل االجتماع ّ‬ ‫ي في سورية‬ ‫السياس‬ ‫المشهد‬ ‫التي تصدّرت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خالل فترة الستينيّات‪ ،‬كانت أحــزاب الم ّد‬ ‫ي وهي بطبيعتها أحزاب محافظة تحتكم‬ ‫القوم ّ‬ ‫بأدبيّاتها إلى العادات والتقاليد االجتماعيّة‬ ‫ي‬ ‫السائدة‪ ،‬ولــم تكن قضايا الدعم السياس ّ‬ ‫للمرأة من اهتماماتها‪ .‬في الثمانينيّات‪ ،‬باتت‬ ‫ي‬ ‫الحياة السياسيّة معدومة‪ ،‬إثر البطش األمن ّ‬ ‫والتنكيل الذي طال معظم أعضاء األحزاب‬ ‫المعارضة من رجال ونساء‪ ،‬وهذا أدّى إلى‬ ‫ي‪ ،‬بل وابتعاد‬ ‫ابتعاد النساء عن العمل السياس ّ‬ ‫الرجال أيضاً»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تضيف السيدة «صباح حلق» عضو الرابطة‬ ‫ّ‬ ‫«إن حصول المرأة‬ ‫السوريّة للمواطنة قائلة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حق التصويت عام ‪1949‬‬ ‫السوريّة على‬ ‫ّ‬ ‫وحق الترشح واالنتخاب ‪ 1951‬وهي من‬ ‫الحقوق السياسيّة الها ّمة التي من المفترض‬ ‫أن تكتمل بحصولها على حقوقها االجتماعيّة‬ ‫الخاص والعا ّم‪ .‬ولكن لم تستطع‬ ‫في الفضاءين‬ ‫ّ‬ ‫النساء السوريّات الحصول على «كوتا نسائيّة‬ ‫واستمر هذا األمر قبل‬ ‫« بحدّها األدنى ‪%30‬‬ ‫ّ‬ ‫الثورة ليومنا هذا»‪.‬‬ ‫ضعف تمثيل المرأة‬ ‫ي‬ ‫السيّدة «هالة ع» عضو الحزب الشيوع ّ‬ ‫ـرت سورية بفترة‬ ‫سابقا ً تقول‪« :‬عندما مـ ّ‬ ‫ي‪ ،‬كان هناك الكثير من‬ ‫انفراج ديمقراط ّ‬ ‫السيّدات الالتي كان ّ‬ ‫لهن دور على المستوى‬

‫ي «نــازك‬ ‫ي والسياس ّ‬ ‫ي واالجتماع ّ‬ ‫الثقاف ّ‬ ‫العابد»‪ .‬ولما جــاء نظام االستبداد أدخل‬ ‫شوه األسرة وحرم المرأة من‬ ‫مفاهيم غريبة‪ّ ،‬‬ ‫ي واالرتقاء بدورها في الحياة‬ ‫ّ‬ ‫التطور الطبيع ّ‬ ‫االجتماعيّة والسياسيّة‪ ،‬ودورها دخل ضمن‬ ‫لعبة االستبداد‪ ،‬الممارسة عليها وعلى الرجل‬ ‫على ح ّد سواء‪.‬‬ ‫وحول مسؤوليّة المرأة عن هذا الواقع‪ ،‬تقول‬ ‫«الخطيب» موضّحة‪« :‬كي نحاكم كفاءة‬ ‫ّ‬ ‫لديهن الفرصة في‬ ‫السياسيّات يجب أن تكون‬ ‫ي‪ ،‬وهذه مسؤوليّة جميع‬ ‫ممارسة العمل السياس ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫األطراف المعنيّة بنهوض المجتمع السور ّ‬ ‫ي ليس رغبة فقط‪ ،‬هو مهنة‬ ‫العمل السياس ّ‬ ‫ي للوصول إلى نتائج‬ ‫يجب احترافها بشكل علم ّ‬ ‫صحيحة‪ ،‬وبالتالي على السيّدات المهت ّمات‬ ‫ي أن يمتلكن ثقافة سياسيّة‪،‬‬ ‫بالشأن السياس ّ‬ ‫ي‪ .‬إضافة إلى‬ ‫المتالك مفاتيح العمل السياس ّ‬ ‫مسؤوليّة األحــزاب‬ ‫السياسيّة التي تتبنّى‬ ‫مفهوم تمكين المرأة‬ ‫املــرأة السوريّة ال سياسيّاً‪ ،‬من خالل‬ ‫تنقصها الكفاءة‪ .‬وضــع خـ ّ‬ ‫ـطــة عمل‬ ‫واضــحــة فــي هــذا‬ ‫تنقصها أحـــزاب‬ ‫ّ‬ ‫منهن‪،‬‬ ‫االتجاه تصنع‬ ‫سياسيّة‬ ‫وطنيّة رائدات في المحافل‬ ‫منفتحة‪ ،‬وبرامج الدوليّة»‪.‬‬ ‫وحول سبب ضعف‬ ‫واضــحــة تتعلّق‬ ‫تمثيل الــمــرأة في‬ ‫بـــــاملـــــرأة‪ ،‬أ ّمــــا مواقع صنع القرار‬ ‫الــخــرة فتكتسب اآلن‪ ،‬تــرى السيّدة‬ ‫ّ‬ ‫«حـــــــــاق» ّ‬ ‫أن‬ ‫مــــن املـــارســـة‬ ‫«األحزاب والهيئات‬ ‫والتكتّالت السياسيّة‬ ‫تنص في‬ ‫المعارضة والمش ّكلة بعد الثورة‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫وثائقها على المساواة بين النساء والرجال‪،‬‬ ‫ومازال تمثيل النساء في مواقع صنع القرار‬ ‫ضئيالً ج ّداً‪ ،‬على الرغم من مشاركة النساء‬ ‫في العديد من لجان التنسيق واللجان اإلعالميّة‬ ‫وبنسب تتجاوز في بعضها ال‪ّ ،%60‬إل أّن‬ ‫ّ‬ ‫منظمات‬ ‫هذا لم ينعكس فيما بعد بتمثيلها في‬ ‫ي واألحزاب السياسيّة؛ وك ّل‬ ‫المجتمع المدن ّ‬ ‫هــذا يعود ألسباب قديمة وحديثة‪ ،‬ومنها‬ ‫العقليّة الــذكــوريّــة المجتمعيّة‪ ،‬وعــزوف‬ ‫النساء عن العمل في السياسة ألنّها لعبة‬ ‫تفتقد لألخالقيّات‪ ،‬وألسباب ضعف تمكينها‬ ‫ي وغيرها من األسباب»‪.‬‬ ‫ي واالقتصاد ّ‬ ‫السياس ّ‬ ‫أ ّمــا السيّدة «هالة» فبرأيها «التشكيالت‬ ‫السياسيّة المحدثة هي استمرار لألحزاب‬ ‫القديمة بأشخاصها وعقليّتها‪ ،‬فهي تقليديّة‬ ‫وأيديولوجيّة وال تعبر عن ثورة تريد التغيّر‬ ‫ي بحاجة لرؤية‬ ‫الشامل‪ .‬فالمجتمع السور ّ‬ ‫التطور الذي‬ ‫جديدة وبرامج عمل تواكب هذا‬ ‫ّ‬ ‫حصل‪ ،‬والــذي بــرزت فيه المرأة وعبّرت‬ ‫تطور‬ ‫من خــال مشاركتها بالثورة عن‬ ‫ّ‬ ‫يفوق العقليّة الحزبيّة الموجودة في األحزاب‬ ‫السوريّة» وتضيف «المرأة السوريّة ال‬ ‫تنقصها الكفاءة‪ .‬تنقصها أحــزاب سياسيّة‬ ‫وطنيّة منفتحة‪ ،‬وبــرامــج واضحة تتعلّق‬ ‫بالمرأة‪ ،‬أ ّما الخبرة فتكتسب من الممارسة‪.‬‬ ‫وبالنسبة للهيئات التمثيليّة تقول «هالة»‬ ‫ي واالئتالف لم ينجحا بتقديم‬ ‫«المجلس الوطن ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ي يكون بديال واضحا عن النظام‬ ‫مشروع وطن ّ‬ ‫وهذا هو األساس‪ ،‬فهل ننتظر أن يكون لديهم‬ ‫يخص المرأة؟!»‪.‬‬ ‫برنامج‬ ‫ّ‬ ‫تغطية اإلهمال‬ ‫ي‬ ‫ولتحقيق مشاركة فعالة في العمل السياس ّ‬ ‫من وجهة نظر السيّدة «الخطيب»‪ ،‬يتطلّب‪:‬‬ ‫«بداية االنخراط في العمل مع األحــزاب‬ ‫ّ‬ ‫هاتهن‪ .‬ومحاولة‬ ‫السياسيّة التي تناسب تو ّج‬ ‫العمل الجا ّد من داخل الحزب المتالك الخبرات‬ ‫ي‪ ،‬وامتالك زمام‬ ‫في الحوار والنقاش المنطق ّ‬ ‫ّ‬ ‫عليهن أن ت َعين مفهوم‬ ‫المبادرة‪ .‬وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫قضيتهن‪ .‬فالثورة‬ ‫المشاركة والتعاون لدعم‬ ‫ي‬ ‫والمدن‬ ‫ي‬ ‫السياس‬ ‫بمختلف وسائل تعبيرها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمرة األولى‬ ‫ي يحدث‬ ‫ّ‬ ‫هي فعل ديموقراط ّ‬ ‫في تاريخ سورية‪ ،‬فمسؤوليّة الجميع رعاية‬ ‫هذه الثورة والعمل الجا ّد للوصول إلى مجتمع‬ ‫ي تسوده العدالة والمساواة»‪.‬‬ ‫ديموقراط ّ‬ ‫البوابات الها ّمة لتحقيق هذا الغرض هو‬ ‫إحدى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات النسائيّة‪ ،‬فبرأي السيّدة «حلق»‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمات وتج ّمعات تعمل على‬ ‫«إن نشوء‬ ‫قضايا المرأة يعد عمالً إيجابيّاً‪ ،‬بل هو‬ ‫ي للعديد‬ ‫مطلوب نظرا ً لحاجة المجتمع السور ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات لتغطية اإلهمال الكبير الذي‬ ‫من‬ ‫عانت منه نساؤنا»‪.‬‬ ‫وتختم السيّدة «الخطيب» قائلة‪« :‬يجب‬ ‫ّ‬ ‫ولديهن َملكة العمل‬ ‫االعتراف بوجود سياسيّات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محاوالتهن‬ ‫استبعادهن رغم‬ ‫ي‪ ،‬ت ّم‬ ‫السياس ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحريّة‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫المتواصل‬ ‫ونضالهن‬ ‫الجادّة‬ ‫ّ‬ ‫والعدالة‪».‬‬

‫كفاح زعتري‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫المجتمع‬

‫السنة الثانية‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫العدد ‪36‬‬

‫بقلم طفل سوري‬

‫القصة الحقيقّية‬ ‫عالمة ّ‬

‫أقرأ ُ كتبي المدرسيّة عندما ال يكون ذلك‬ ‫مطلوبا ً منّي‪ ،‬أكرهها عندما يكون عندي‬ ‫مذاكرات‪ .‬أحبّ أن ألعب وأركض وأقفز‪،‬‬ ‫ولكنّي أهرب من درس الرياضة‪ .‬ال أحد‬ ‫يفهمني ّإل األســتــاذ كمال‪ ،‬أستاذ اللغة‬ ‫العربيّة‪ ،‬صحيح أنّه منحني عالمة الصفر‬ ‫في التعبير‪ ،‬ولكنّني كنت سعيدا ً ج ّدا ً بذلك‪،‬‬ ‫فقد كتبت ك ّل ما أردت‪ ،‬ك ّل ما تخيّلت‪ ،‬ك ّل‬ ‫الصف‪،‬‬ ‫ما شعرت به‪ ،‬وقرأت الموضوع في‬ ‫ّ‬ ‫صفّق لي جميع التالميذ واألستاذ كمال‪ ،‬ث ّم‬ ‫قال لي‪ :‬جيّد‪ ،‬لكنّك خرجت عن الموضوع‬ ‫يا مح ّمد نور! نسيت َه تماماً! أنت لم تذكر شيئا ً‬ ‫عن العيد‪ ،‬ك ّل ما كتبت َه هو عن ليلة كانت‬ ‫األ ّم فيها تشعل النار بصعوبة‪ ،‬تضع صفيحة‬ ‫مملوءة بالماء عليها‪ ،‬الدخان يمأل مكانا ً يشبه‬ ‫الغرفة‪ ،‬تتردّد األم‪ ،‬هل يجب أن تزيح جزءا ً‬ ‫من قماش الخيمة الذي يش ّكل السقف لتخيف‬ ‫الدخان أم ال؟ حتّى عندما بــدأتَ تصف‬ ‫األ ّم وهي تغسل بالماء والصابون أجساد‬ ‫أطفالها الخمسة لم نعرف ّ‬ ‫أن هنالك عيداً!‬ ‫عبس األستاذ كمال ث ّم تابع‪ :‬الحكاية التي‬ ‫حكتها األ ّم لتنسي أطفالها الجوع بعد‬ ‫الح ّمام كانت عن الغول قاتل األقزام‪ ،‬كانت‬ ‫مرعبة‪ ،‬كيف نثر الغول س ّمه عليهم؟!‬

‫ّ‬ ‫صنصيص رأسه لينجو ث ّم‬ ‫وكيف‬ ‫غطى ن ّ‬ ‫ي‬ ‫يستدعي العالم للنجدة!؟‪ .‬هنا التفت إل ّ‬ ‫األستاذ كمال‪ ،‬قائالً‪ :‬لم أجد يا مح ّمد نور‬ ‫ي تفصيل أو كلمة ولو تلميحا ً إلى‬ ‫في أ ّ‬ ‫العيد! ألم أقل لكم أريد أن تصفوا لي العيد؟!‬ ‫الثياب الجديدة‪ ،‬األلعاب‪ ،‬الطعام‪ ،‬الفرح؟!‬ ‫ّ‬ ‫اهتز كتفاه قليالً‪،‬‬ ‫أدار األستاذ ظهره لنا‪،‬‬ ‫ول ّما التفت ثانية كانت عيناه حمراوين‪،‬‬ ‫أكمل بصوت مخنوق‪ :‬كتبتَ ّ‬ ‫أن األ ّم كانت‬ ‫تغسل الثياب بعد أن نــام أطفالها‪ ،‬ليتكَ‬ ‫فاجأتنا بدخول األب يحمل أكياسا ً فيها ثياب‬ ‫وأحذية ولو كانت من (البالة) ولحم وفواكه‪،‬‬ ‫وأضفتَ ّ‬ ‫أن هذه األشياء من أجل العيد!‬ ‫بينما كان األستاذ كمال ينظر صامتا ً إلى‬ ‫دون بعض التالميذ الفكرة األخيرة عن‬ ‫حذائه‪ّ ،‬‬ ‫ظهور أب ومعه أغراض عيد على دفاترهم‪.‬‬ ‫أحسستُ ّ‬ ‫أن األستاذ لم يعد يستطيع الكالم‬ ‫عندما وصــل إلــى الــحــديــث عــن نهاية‬ ‫موضوعي‪ ،‬بلع ريقه‪ ،‬نظر عبر نافذة‬ ‫الصف إلى السماء‪ ،‬سعل‪ ،‬وخرج صوته‬ ‫ّ‬ ‫غريبا ً حين قال‪ :‬اختنقوا‪ ،‬اختنقوا بما تبقّى‬ ‫من دخان وهم نائمون‪ ،‬أين العيد يا مح ّمد‬ ‫نــور؟! ال يكفي أن تقول لنا في النهاية‬ ‫تلك كانت ليلة الوقفة‪ ،‬لقد خرجت عن‬ ‫الموضوع‪ ،‬ولذلك سأضع لك عالمة الصفر‪.‬‬ ‫خارج الدروس قال لي‪ :‬ال تنزعج من عالمة‬ ‫الصفر‪ ،‬فهي تعني أنّك بدأت تكتب حقيقة‬ ‫وليس من أجل مواضيع التعبير‪ ،‬لكن يجب‬ ‫أن تخاف من أن أضع لك العالمة التا ّمة‪.‬‬ ‫مــــــاذا تــعــنــي الـــعـــامـــة الـــتـــا ّمـــة؟‬

‫مح ّمد نور دبّاغ – ‪ 16‬سنة‬

‫انترنت‬

‫من أجل الطفولة‬

‫اّتفاقّية حقوق الطفل (التبنّي‪ ،‬الحماية‪ ،‬اللجوء)‬

‫المادّة ‪21‬‬ ‫تضمن الدول التي تقر و‪/‬أو تجيز نظام التبنّي‬ ‫األول‬ ‫إيالء مصالح الطفل الفضلى االعتبار ّ‬ ‫والقيام بما يلي‪:‬‬ ‫تصرح بتبنّي الطفل ّإل السلطات‬ ‫(أ) تضمن ّأل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫صة التي تحدّد‪ ،‬وفقا للقوانين واإلجراءات‬ ‫المخت ّ‬ ‫المعمول بها وعلى أساس المعلومات ذات‬ ‫أن التبنّي جائز نظرا ً‬ ‫الصلة الموثوق بها‪ّ ،‬‬ ‫لحالة الطفل فيما يتعلّق بالوالدين واألقارب‬ ‫واألوصياء القانونيّين ّ‬ ‫وأن األشخاص المعنيّين‪،‬‬ ‫عند االقتضاء‪ ،‬قد أعطوا عن علم موافقتهم‬ ‫على التبنّي على أساس حصولهم على ما قد‬ ‫يلزم من المشورة‪،‬‬ ‫(ب) تعترف ّ‬ ‫بأن التبنّي في بلد آخر يمكن‬ ‫ّ‬ ‫اعتباره وسيلة بديلة لرعاية الطفل‪ ،‬إذا تعذرت‬ ‫إقامة الطفل لدى أسرة حاضنة أو متبنّية‪ ،‬أو إذا‬ ‫تعذّرت العناية به بأيّة طريقة مالئمة في وطنه‪.‬‬ ‫(ج) تضمن‪ ،‬بالنسبة للتبنّي في بلد آخر‪ ،‬أن‬ ‫يستفيد الطفل من ضمانات ومعايير تعادل تلك‬

‫ي‪.‬‬ ‫القائمة فيما يتعلّق بالتبنّي الوطن ّ‬ ‫(د) تتّخذ جميع التدابير المناسبة‪ ،‬كي تضمن‪،‬‬ ‫بالنسبة للتبنّي في بلد آخر‪ّ ،‬‬ ‫أن عمليّة التبنّي ال‬ ‫تعود على أولئك المشاركين فيها بكسب مالي‬ ‫غير مشروع‪.‬‬ ‫(ه) ّ‬ ‫تعزز‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬أهداف هذه المادّة‬ ‫بعقد ترتيبات أو اتّفاقات ثنائيّة أو متعدّدة‬ ‫األطـــراف‪ ،‬وتسعى‪ ،‬في هــذا اإلطـــار‪ ،‬إلى‬ ‫ضمان أن يكون تبنّى الطفل في بلد آخر من‬ ‫صة‪.‬‬ ‫خالل السلطات أو الهيئات المخت ّ‬ ‫المادّة ‪22‬‬ ‫‪ .1‬تتّخذ الــدول األطــراف في هذه االتفاقيّة‬ ‫التدابير المالئمة لتكفل للطفل الــذي يسعى‬ ‫للحصول على مركز الجئ‪ ،‬أو الذي يعتبر‬ ‫الجئا ً وفقا للقوانين واإلجــراءات الدوليّة أو‬ ‫المحلّيّة المعمول بها‪ ،‬ســواء صحبه أو لم‬ ‫ي شخص آخر‪ ،‬تلقى الحماية‬ ‫يصحبه والداه أو أ ّ‬ ‫والمساعدة اإلنسانيّة المناسبتين في التمتّع‬

‫بالحقوق المنطبقة الموضّحة في هذه االتّفاقية‬ ‫وفي غيرها من الصكوك الدوليّة اإلنسانيّة‬ ‫أو المتعلّقة بحقوق اإلنسان التي تكون الدول‬ ‫المذكورة أطرافا ً فيها‪.‬‬ ‫‪ .2‬ولهذا الغرض‪ ،‬توفّر الــدول األطــراف‪،‬‬ ‫حسب ما تراه مناسباً‪ ،‬التعاون في أيّة جهود‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫تبذلها األمم المتّحدة وغيرها من‬ ‫ّ‬ ‫صة أو المنظمات غير‬ ‫الحكوميّة الدوليّة المخت ّ‬ ‫الحكوميّة المتعاونة مع األمم المتّحدة‪ ،‬لحماية‬ ‫ي طفل‬ ‫طفل كهذا ومساعدته‪ ،‬وللبحث عن والد ّ‬ ‫ي أفراد آخرين‬ ‫الجئ ال يصحبه أحد أو عن أ ّ‬ ‫من أسرته‪ ،‬من أجل الحصول على المعلومات‬ ‫الالزمة لجمع شمل أسرته‪ ،‬وفى الحاالت التي‬ ‫يتعذّر فيها العثور على الوالدين أو األفراد‬ ‫اآلخرين ألسرته‪ ،‬يمنح الطفل ذات الحماية‬ ‫ي طفل آخر محروم بصفة دائمة‬ ‫الممنوحة أل ّ‬ ‫ي سبب‪ ،‬كما هو‬ ‫أل‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫العائل‬ ‫بيئته‬ ‫أو مؤقّته من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫موضّح في هذه االتفاقيّة‪.‬‬

‫أطفال في ّ‬ ‫ظل التش ّدد‬

‫إلغاء المناهج وإدراج المشايخ‬ ‫لم تعد هناك ضحكات لألطفال ولم تعد هناك‬ ‫مدارس أو حتّى صوت موسيقى للرقص أو‬ ‫لوحات للرسم أو درس رياضة‪ ،‬لم يبق هناك‬ ‫سوداوية هدفها أن توصل األطفال‬ ‫ّإل تدريبات‬ ‫ّ‬ ‫إلى شفير الموت في ظ ّل حكم ت ّجار الدين‪.‬‬ ‫وتحولت إلى مركز‬ ‫قُتلت الحياة في سورية‬ ‫ّ‬ ‫رئيسي لتخريج واستقطاب اإلرهابيّين على‬ ‫ي بين‬ ‫ي دمو ّ‬ ‫ي‪ ،‬دول ّ‬ ‫ي وإقليم ّ‬ ‫وقع صراع مناطق ّ‬ ‫ي الحكم واعتباره‬ ‫نظام أبى أن يتخلّى عن كرس ّ‬ ‫سورية حظيرة له واستجالبه ميليشيات طائفيّة‬ ‫ومحاولة بيعها لحلفائه اإليرانيّين أو الروس من‬ ‫طرف‪ ،‬وبين أصحاب األجندات الذين ركبوا‬ ‫الحريّة واستجلبوا آالف المقاتلين‬ ‫الثورة باسم‬ ‫ّ‬ ‫ي من طرف آخر‪ ،‬وبين‬ ‫باسم الحلم اإلسالم ّ‬ ‫الواليات المتّحدة وحلفائها من جهة‪ ،‬وتنظيم‬ ‫«داعش»‪ ،‬وأخواته من جهة أخرى‪.‬‬ ‫بعد أن خرجت مناطق عدّة من تحت عباءة‬ ‫الثوار‬ ‫النظام وبعد أن كان حلم الكثير من ّ‬ ‫المحررة ورشة عمل أو خليّة‬ ‫جعل المناطق‬ ‫ّ‬ ‫نحل ليكون الجميع متكاتفا ً يعمل من أجل‬ ‫مصلحة الوطن‪ ،‬كان حلم شباب الثورة أن‬ ‫تكون المناطق تلك مثاالً يحتذى به في ك ّل‬ ‫المدن السوريّة‪ .‬ورغم محاوالت الشباب‪ ،‬لكن‬ ‫لم يستطيعوا الوصول إلى هدفهم‪ ،‬لعدّة أمور‬ ‫أه ّمها‪:‬‬ ‫قصف النظام ومحاولة ميليشياته‬ ‫ ‬‫أو عمالئه تشويه ك ّل من يحاول العمل على‬ ‫تحسين الوضع‪ .‬وقتل واعتقال معظم النشطاء‬ ‫السلميّين‪.‬‬ ‫قاطعو الطرق الذين نشطوا بعد‬ ‫ ‬‫سقوط النظام في غالب المناطق وانشغال‬ ‫الحر في إكمال تحرير‬ ‫شباب الثورة والجيش‬ ‫ّ‬ ‫المناطق حيث استغلّوا األمر وبدؤوا يجوبون‬ ‫الشوارع بأسلحتهم ويرهبون ويقتلون ك ّل‬ ‫من يقف في وجههم فقط من أجل المال فكان‬ ‫الخطف أحد أبرز أعمالهم‪.‬‬ ‫ازديـــاد المتشدّدين الــذيــن تركوا‬ ‫ ‬‫مواقع القتال وبدؤوا يسيطرون على المناطق‬ ‫الحر والقضاء على‬ ‫الم ّحررة ومحاربة الجيش‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ي أو ثور ّ‬ ‫أ ّ‬ ‫ي أو خدم ّ‬ ‫ي حراك شباب ّ‬ ‫هــذه العوامل جعلت من القوى اإلسالميّة‬ ‫صاحبة الكلمة في تلك المناطق بعد أن قضت‬ ‫على الكثير من ّ‬ ‫قطاع الطرق في مناطق نفوذها‬ ‫وأيضا ً على الناشطين وعلى من كان له اجماع‬ ‫ي في تلك المناطق وعملت تلك التنظيمات‬ ‫شعب ّ‬ ‫على إضفاء رعونتها عبر سيطرتها على‬ ‫موارد الطاقة وموارد الغذاء وحتّى محاولة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫فرض األمور الخدميّة على الس ّكان وعملت‬ ‫على تثبيت أرجلها عبر نشر ما يس ّمى هيئات‬ ‫شرعيّة ومجموعات ملثّمة إلرهاب الس ّكان‬ ‫وكان من أه ّم ما قامت به تلك الجماعات هي‬ ‫السيطرة على المدارس ومنع الطلبة من إكمال‬ ‫مقرات لهم أو‬ ‫تعليمهم وجعل تلك المدارس ّ‬ ‫جعلها سجونا ً لتعذيب س ّكان تلك المناطق‪.‬‬ ‫فعملت على وضع التعليم في دائرة االهتمام‬ ‫األولــى واعتمدت التنظيمات على األفــراد‬ ‫المقربين والحاملين لفكرها إليصاله إلى‬ ‫ّ‬ ‫المراهقين واألطفال في ظ ّل غياب كامل أليّة‬ ‫مناهج تربويّة أو تعليميّة‪.‬‬ ‫ي بشكل عام يعمل على وضع‬ ‫فاإلسالم السياس ّ‬ ‫التعليم في أولويّات عمله وهذا ما سعت إليه‬ ‫حركة اإلخوان المسلمين في الحكومة المؤقّتة‬ ‫على وضــع وزارة التعليم تحت وصايتهم‬ ‫ي المتز ّمت‬ ‫فساهمت في نشر التعليم الدين ّ‬ ‫من خالل إعادة انتاج وتسويق إسالم العزلة‬ ‫ي المقدّم إلى‬ ‫والحصار في الفكر اإلسالم ّ‬ ‫الطلبة في ك ـ ّل من المخيّمات والــمــدارس‬ ‫الموجودة في تركيا‪ ،‬مع عدم إلغاء موا ّد علميّة‪.‬‬ ‫أ ّمــا التنظيمات األكثر تــشـدّدا ً فعملت على‬ ‫إخضاع األطفال والمراهقين إلى غسيل دماغ‬ ‫وفرض أجنداتها على الس ّكان من تعاليم دينيّة‬ ‫تهت ّم بإعدادهم جهاديّا ً فتجد أطفاالً‪ ،‬بعضهم‬ ‫ال يتجاوز العاشرة‪ ،‬يحضرون التدريب في‬ ‫المراكز التي تديرها التنظيمات المتشدّدة‬ ‫لتدريبهم على العمليّات االنتحاريّة أو ترى‬ ‫صورا ً تنشرها تلك التنظيمات عن أطفال قاموا‬ ‫بعمليّات قتل أو ذبح لمن تدّعي تلك التنظيمات‬ ‫أنّهم كفّار‪.‬‬ ‫فتبدء عمليّة غسل الدماغ بإخضاع األطفال‬ ‫والمراهقين في ظ ّل أزمة اقتصاديّة وحصار‬ ‫خانق لعوائل األطفال فتعمل على استغالل‬ ‫يأسهم من تحقيق آمالهم في حياة كريمة‬ ‫باإلضافة لعدم تلقّيهم التعليم فهذه األمور‬ ‫تجعلهم فريسة التشدّد باسم الدين‪.‬‬ ‫وتعمل أيضا ً على تزويد األطفال في أماكن‬ ‫تعليمهم بالطعام م ّما يجعل األطفال والعوائل‬ ‫عرضة لالستقطاب من أجل الحصول على‬ ‫طعام أطفالهم‪ ،‬ولكن يبقى الطفل مستلبا ً من‬ ‫قبل تلك الجماعات فهم يتلقّون تعليما ً ومفهوما ً‬ ‫ي‪ ،‬فمثالً يعلّم األطفال‬ ‫ّ‬ ‫مشوها ً للدين اإلسالم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن «قتال غير المسلمين واجب وفرض من‬ ‫هللا وكذلك قتال المسلمين المخالفين لهم أو‬ ‫حتّى المهادنين‪ ،‬فالمهادن إن راح ضحيّة فهو‬ ‫موعود بالجنّة تماما ً مثل الذي يقوم بعملية‬

‫مدارس داعش‬ ‫(انترنت)‬

‫انتحاريّة‪ .‬ويحصل أيضا ً على أنهار الحليب‬ ‫والعسل والحور العين‪ .‬أو يدخل النار ألنّه‬ ‫وقف بوجه أصحاب الدعوة أو ألنّه لم يسع‬ ‫لنشر كلمة هللا» حسب تعبير «م‪ .‬ش» وهو‬ ‫أحد األطفال الذين غادروا التنظيم في مدينة‬ ‫منبج‪.‬‬ ‫عدو‬ ‫ي يحتاج دائما ً إلــى‬ ‫ّ‬ ‫فاإلسالم السياس ّ‬ ‫تحول‬ ‫يتو ّجه إليه‪ ،‬ويزداد الخطر أكثر عندما ّ‬ ‫المدارس إلى معسكرات تدريب على العنف‪.‬‬ ‫وتـــزداد الشعارات الجهاديّة التي جعلت‬ ‫ي‬ ‫سورية مــأوى لجماعات العنف األصول ّ‬ ‫التي استقدمها النظام أو التي استجابت للنداء‬ ‫ي في تحرير وتطهير أرض الشام م ّما‬ ‫اإلسالم ّ‬ ‫ي لكال‬ ‫جعل سورية عبارة عن معسكر تدريب ّ‬ ‫التطرف إلى‬ ‫الطرفين ومج ّمعا ً لتصدير هذا‬ ‫ّ‬ ‫المحيط وحجب المواطنين عن التواصل مع‬ ‫العالم ّإل عبر منظار هذه الجماعة أو تلك‪.‬‬ ‫ويقول الطفل (م‪ .‬ش‪ ).‬الخارج من مراكز تعليم‬ ‫«داعش» عن المناهج التعليميّة المتّبعة من‬ ‫قبل المتشدّدين‪« :‬يبدأ برنامجنا بقراءة بعض‬ ‫آيات القرآن الكريم ث ّم يبدأ الشيخ حامل العصا‬ ‫بتفسير تلك اآليات وبعدها بطرح األسئلة على‬ ‫يعض األطفال م ّما شرحه ث ّم يعطي أمثلة‬ ‫عمليّة ع ّما تقوم به «الدولة اإلسالميّة» بتطبيق‬ ‫لهذه اآليّة وقد يشرح بعض المدارس األخرى‬ ‫للمخالفين الذين يقفون بوجه تنظيم (الدولة)‬ ‫الحر أو‬ ‫ويعطي أمثلة عليها‪ .‬كتكفير الجيش‬ ‫ّ‬ ‫مر بها‬ ‫الجو عبر حادثة ّ‬ ‫غيره‪ .‬ث ّم يبدأ بتلطيف ّ‬ ‫الرسول الكريم أو أحد الصحابة وبعدها يأتي‬ ‫ي مع السالح وتركيبه‪ ،‬ولكن دائما ً‬ ‫الدرس العمل ّ‬ ‫يردّد علينا الشيخ أبو العصا من ال يتّبع تعاليمه‬ ‫أقر بها‬ ‫أو من يخالفها فهو ناقض للبيعة التي ّ‬ ‫وعليه الكثير من العقوبات إن لم تصل للصلب‬ ‫أو القتل»‪ .‬الشيخ أبو عصا لقب يطلقه أطفال‬ ‫المركز على الشيخ‪.‬‬ ‫فالمتابع لهذه الطريقة التي تقوم بها الجماعات‬ ‫األصوليّة في تعليم األطفال نجد أنّها تعمل على‬ ‫سلب عقولهم من أجل الرضوخ للشيخ المكلّف‬ ‫بمه ّمة تعليمهم دون اعتراض على أيّة مه ّمة قد‬

‫يكلّف بها الطفل أو المراهق‪ ،‬وبذلك يستطيع‬ ‫التنظيم أو الشيخ إمالء ما يريده بح ّجة أنّه‬ ‫جهاد في سبيل هللا وبذلك يمسي األطفال أدوات‬ ‫متحركة للقيام بعمليّات تخريب لصالح تلك‬ ‫ّ‬ ‫الجماعة التي أوصلت رسالتها عبر مناهجها‬ ‫بأنّها تقوم على تحرير اإلســام من سطوة‬ ‫ي‬ ‫األنظمة الفاسدة والمتحالفة مع الغرب العلمان ّ‬ ‫أو الغرب «الصهيوأمريكي» أو تخليص‬ ‫الدين من العمالء ألعــداء الدين واأل ّمــة من‬ ‫اليهود والنصارى‪ ،‬وبذلك يصبح المتلقّي وعا ًء‬ ‫ي‪ .‬ويكون مساهما ً‬ ‫جاهزا ً لتلقّي الفكر اإلرهاب ّ‬ ‫في نشر هذا الفكر بين أقرانه‪ ،‬واستدراجهم‬ ‫للسيطرة عليهم بنفس المفاهيم التي استقوها من‬ ‫الدعاة‪ .‬في ظ ّل تعتيم هائل من قبل اإلسالم‬ ‫ي عبر سطوة السالح وعبر إصدار‬ ‫السياس ّ‬ ‫الفتاوي الدينيّة‪ ،‬مستفيدة من بعض اآليّات‬ ‫تحض على‬ ‫القرآنيّة واألحاديث النبويّة التي‬ ‫ّ‬ ‫الجهاد والقتل‪ .‬فعملت على منع قراءة الصحف‬ ‫ّ‬ ‫والمجلت على اختالف أنواعها ّإل ما يصدر‬ ‫عنها أو ما يؤ ّكد أحقّيتها‪ ،‬وعملت على‬ ‫حظر االستماع إلى الموسيقى ومنع مشاهدة‬ ‫التلفزيون واالستماع إلى اإلذاعــة ورفض‬ ‫العلوم الغربيّة والتجريبيّة والتاريخيّة على‬ ‫اختالف أنواعها وأصدرت فتاوي بمنع تقصير‬ ‫تكتف بذلك‪ ،‬بل فرضت‬ ‫الشعر واللحى‪ ،‬ولم‬ ‫ِ‬ ‫على النساء الكثير من الموانع من اللباس إلى‬ ‫التعليم ّإل ما فرضه الشرع عليهم حسب زعم‬ ‫هذه التنظيمات‪ .‬فوضعت التنظيمات عقوبات‬ ‫لمن يخالف هذه الفتاوي فالمرأة التي تظهر‬ ‫العض أو الجلد والجلد هو‬ ‫عينها تخيّر بين‬ ‫ّ‬ ‫فالعض حديث وال يوجد ّإل لدى‬ ‫السمة العا ّمة‬ ‫ّ‬ ‫تنظيم «داعش»‪ .‬ومنعت تعليم النساء نهائيّا ً‬ ‫أوليائهن ّ‬ ‫ّ‬ ‫لهن في البيوت لبعض‬ ‫ويكفي تعليم‬ ‫أمور الدين‪.‬‬ ‫والمد ّخن أيضا ً يسجن ‪ 15‬عشر يوما ً ويعذّر‬ ‫ويجلد أيضاً‪ ،‬وقد يؤخذ للقيام بأعمال شاقّة‬ ‫وهي حفر الخنادق في مناطق التماس‪ ،‬وهذا‬ ‫ما تقوم به «داعــش» بوضع السجناء لديها‬ ‫بالقرب من «مطار كويرس» لحفر الخنادق‬

‫لمجاهديها ويكون هــؤالء السجناء عرضة‬ ‫لقصف طائرات النظام والكثير منهم لم يعد‬ ‫بسبب تلك العقوبة وتهمته التدخين فقط‪.‬‬ ‫ورغــم ذلك الحصار من قبل التنظيم على‬ ‫خاص فهناك‬ ‫األطفال وعلى الفتيات بشكل‬ ‫ّ‬ ‫الكثير من الشباب والعائالت تعمل على تعليم‬ ‫أطفالها بما يتوفّر لها من موا ّد وكتب‪ ،‬والكثير‬ ‫منهم يرفض أن يضع أطفاله في المراكز‬ ‫التابعة لتلك التنظيمات بل عملوا على تعليم‬ ‫ي بعيدا ً عن أعين التنظيم‬ ‫األطفال بشكل ّ‬ ‫سر ّ‬ ‫رغم المخاطر الكبيرة التي قد تعترضهم إن‬ ‫علم التنظيم بهذه المه ّمة أو بما يقوم به األهل‬ ‫أو أصدقاء األهل‪ .‬بعد أن حاول التنظيم منع‬ ‫ي معلومة حضاريّة‬ ‫ّ‬ ‫المدرسين من توصيل أ ّ‬ ‫عن طريق الدورات الشرعيّة التي يقوم بها‬ ‫للمدرسين ووضــع جواسيس على األساتذة‬ ‫ّ‬ ‫دربهم التنظيم معتمدا ً‬ ‫الذين‬ ‫األطفال‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫على تجارب قامت بها بعض التنظيمات‬ ‫أو الحركات السياسيّة اإلسالميّة كحركة‬ ‫اإلخــوان المسلمون وحزب الدعوة وغيرهم‬ ‫من األحــزاب اإلسالميّة التي تتبنّى اإلسالم‬ ‫وجها سياسيّا ً لها‪ ،‬فاستفادت من تجاربها في‬ ‫العمل على زرع الفكر عبر التعليم وعبر‬ ‫ي‪.‬‬ ‫قمع النساء واللعب على الوتر االقتصاد ّ‬ ‫ويقول لي الطفل (م‪ .‬ش‪ّ ).‬‬ ‫إن األطفال الذين‬ ‫تدربهم «داعش» أو المستفيدين منها أو حتّى‬ ‫ّ‬ ‫األطفال الذين يبحثون في النفايات فهم عيون‬ ‫ّ‬ ‫المحلت‪ ،‬فإن حاول أحد‬ ‫لها على أصحاب‬ ‫التهرب من الصالة وأغلق الدكان‬ ‫الس ّكان‬ ‫ّ‬ ‫عليه من الخارج فيتفاجأ عند فتحه بعناصر‬ ‫من «داعش» تقف أمام بابه‪ ،‬م ّما يؤدّي إلى‬ ‫مصادرة الدكان وحبس الشخص وإحالته إلى‬ ‫دورة شرعيّة ك ّل يوم حتّى يرتئي الشيخ أنّه‬ ‫عاد إلى رشده فالواشي هو أحد هؤالء األطفال‬ ‫فلذلك تجد الكثير من الس ّكان يتركون أبواب‬ ‫رزقهم مفتوحة ويذهبون إلى الصالة بسرعة‬ ‫حتّى بدون وضوء‪.‬‬

‫باسل العبدهللا‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫العدد ‪36‬‬

‫اقتصاد وحقوق‬

‫السنة الثانية‬

‫‪9‬‬

‫دراسة تحليلّية‬

‫السوري‬ ‫االقتصادي في الشمال‬ ‫أزمة الوقود وتح ّدي األمن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحررها‬ ‫ي مع‬ ‫ّ‬ ‫شهدت مدن الشمال السور ّ‬ ‫ّ‬ ‫من قبضة نظام األسد ارتفاع الكثافة السكانيّة‬ ‫فيها نظرا ً لقربها من الحدود التركيّة وتوفّر‬ ‫ي للس ّكان فيها‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫األمــن النسب ّ‬ ‫سهولة الحصول على مساعدات إغاثيّة‪ .‬ولقد‬ ‫ي إلى هذه‬ ‫أدّى ارتفاع معدّالت النزوح الداخل ّ‬ ‫المناطق بدوره إلى زيادة حجم الضغوطات‬ ‫المعيشيّة وتفاقمها مخلفة األزمات اإلنسانيّة‬ ‫واالقتصاديّة‪ ،‬وتأتي في طليعتها أزمة الوقود‬ ‫مقوما ً رئيسيّا ً في توليد الطاقة‬ ‫بعد أن أصبح ّ‬ ‫ي في‬ ‫واالقتصاد‬ ‫ي‬ ‫االجتماع‬ ‫وتأمين االستقرار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ظ ّل انقطاع التيّار الكهربائ ّ‬ ‫األسعار‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫إن االرتفاع الذي شهدته أسعار الوقود بشكل‬ ‫ي في اآلونة األخير‪ ،‬أعلى مستوى له في‬ ‫قياس ّ‬ ‫تاريخ سورية‪ ،‬في مختلف المناطق‪.‬‬ ‫أ‪ .‬مناطق النظام‬ ‫نفّذ نظام األسد حزما ً من السياسات االحترازية‬ ‫في محاولة تغطية عجز الموازنة العا ّمة‬ ‫للدولة‪ ،‬إثر تراجع موارده االقتصاديّة وعلى‬ ‫وجه الخصوص في مجال الطاقة‪ ،‬فقام بتقليص‬ ‫وحرر سعر‬ ‫دعم مشتقات الوقود تدريجيّاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حوامل الطاقة‪ ،‬ورفع أسعار الوقود تدريجيّاً‪،‬‬ ‫م ّما انعكس سلبا ً على جميع مستويّات العمليّة‬ ‫االقتصاديّة وأشكالها المختلفة‪ ،‬باالرتفاع غير‬ ‫المسبوق في سعر السلع الضروريّة وكلفة‬ ‫الخدمات األساسيّة بنسبة ‪ % 300‬عما كانت‬ ‫عليه قبل عام ‪.2011‬‬ ‫ّ‬ ‫يــرى العديد مــن الخبراء أن اإلجـــراءات‬ ‫األخيرة التي قام بها النظام ارتبطت بشكل‬ ‫ي في‬ ‫مباشر بانخفاض أسعار النفط العالم ّ‬ ‫ضوء المشاكل االقتصاديّة التي تعاني منها‬ ‫ك ّل من إيران وروسيا والتي ألقت بظاللها‬ ‫على االقــتــصــاد الــســوري وأظــهــرت مدى‬ ‫تبعيّته لهما ومستوى الدعم المقدّم له من‬ ‫قبلهما‪ .‬ومن جانب آخر يرى بعض الخبراء‬ ‫أن قرار رفع األسعار من قبل النظام جاء‬ ‫لمقرات تنظيم‬ ‫قوات التحالف‬ ‫ّ‬ ‫نتيجة ضرب ّ‬ ‫ّ‬ ‫«داعش» ومحطات المعالجة البدائيّة وآبار‬ ‫النفط التي يسيطر عليها التنظيم؛ مما يثبت‬ ‫العالقة التجاريّة التبادليّة بينهما ويؤ ّكد اعتماد‬ ‫النظام على التنظيم في تلبية حاجته من النفط‬ ‫في السوق المحلّيّة‪ .‬وفي السياق نفسه أ ّكد عدد‬ ‫من الناشطين داخل دمشق ّ‬ ‫أن أسعار الوقود‬ ‫ي‬ ‫القادم من مناطق سيطرة التنظيم لم تس ّجل أ ّ‬ ‫ارتفاع يذكر مقابل الوقود الذي يسَّوقه النظام‬ ‫والذي رفع أسعار تداوله في الفترات السابقة‪،‬‬ ‫م ّما يرجح نظريّة تبنّي األخير سياسة تسويقية‬ ‫لتشجيع تداول وقود التنظيم داخل المناطق التي‬ ‫قواته‪.‬‬ ‫تسيطر عليها ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمكن الخلوص في هذا الصدد إلى أنه على‬ ‫تضرر النظام من فقدان سيطرته‬ ‫الرغم من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على حقول الغاز والنفط‪ ،‬إل أنّــه استطاع‬ ‫توظيف هذه الحالة في جني األرباح من خالل‬ ‫تحفيز السوق السوداء التي يسيطر عليها بعض‬ ‫الت ّجار والسماسرة الموالين له‪ .‬ناهيك عن إنزاله‬ ‫ّ‬ ‫بحق المناطق الخارجة عن‬ ‫العقوبة الجماعيّة‬ ‫سيطرته من خالل تح ّكمه بسوق النفط وقطع‬ ‫اإلمداد عنها ما أمكن‪ ،‬إذ عمد‪ ،‬بهدف إخالل‬ ‫ميزان العرض والطلب‪ ،‬إلى إغالق طرق‬ ‫المحررة‪ ،‬وفرض‬ ‫إمداد الوقود إلى المناطق‬ ‫ّ‬ ‫رسوم كبيرة على صهاريج نقله‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫تشجيع ّ‬ ‫قطاعي الطرق للسطو على الشاحنات‪.‬‬ ‫ب‪ .‬مناطق تنظيم «داعش»‬ ‫أ ّمــا على صعيد تنظيم الدولة فقد ترافقت‬ ‫ي‬ ‫سيطرته على حقول النفط والغاز في شرق ّ‬ ‫البالد مع جهود حثيثة قدمها في بيع ناتجه‬ ‫ي داخل وخارج األراضي السوريّة وذلك‬ ‫المحلّ ّ‬

‫اعتمادا ً على مجموعة من الوسطاء والت ّجار‪،‬‬ ‫حيث يقوم هؤالء بتسويق الوقود في مناطق‬ ‫سيطرة النظام وقوى المقاومة الوطنيّة‪ ،‬وفي‬ ‫تهريبه وبيعه خارج سورية‪ ،‬إ ّما من تركيا أو‬ ‫كردستان العراق عبر معابر غير نظاميّة‪ .‬ولقد‬ ‫عمد التنظيم إلى خفض سعر المبيع كسياسة‬ ‫جذب‪ ،‬حيث قام ببيع برميل النفط بمعدّل أق ّل‬ ‫ي‪ّ .‬إل‬ ‫من نصف سعره في سوق النفط العالم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي مقارنة‬ ‫أن انخفاض مستويات اإلنتاج المحلّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالكميات المتوقعة‪ ،‬بسبب استخدام طرق‬ ‫استخراج بدائيّة‪ ،‬باإلضافة إلى تفاوت إنتاج‬ ‫ّ‬ ‫محطة تكرير إلى أخرى‪،‬‬ ‫المشتقّات النفطيّة من‬ ‫أدّى إلى تقلّص قدرة التنظيم على التح ّكم بسعر‬ ‫ي‪ ،‬م ّما استدعاه في آخر‬ ‫تداول منتجه النفط ّ‬ ‫الحرة في‬ ‫المطاف إلى تبنّي سياسة السوق‬ ‫ّ‬ ‫قطاع الطاقة‪ ،‬إذ يكتفي بفرض رسوم بنسبة‬ ‫‪ 2.5‬بالمائة تحت اســم الزكاة على ت ّجار‬ ‫النفط‪ ،‬والسماح لمالكي مراكز التكرير وبائعي‬ ‫بحريّة كاملة‬ ‫المفرق بتداول مشتقّات النفط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتشجيع إنشاء منشآت تكرير‪ ،‬م ّما من شأنه‬ ‫ّ‬ ‫محطات تكرير خارجيّة‪.‬‬ ‫تقليص اعتماده على‬ ‫ومع بدء غارات التحالف على مناطق سيطرة‬ ‫تنظيم الدولة في شهر أيلول ‪ 2014‬وتدمير‬ ‫عدد من مصافي التكرير البدائيّة والصغيرة‬ ‫للتزود بالمحروقات‪،‬‬ ‫التي يستخدمها التنظيم‬ ‫ّ‬ ‫ظهرت أزمة نقص المحروقات في مناطق‬ ‫سيطرته في شمال وشرق سورية‪ ،‬وشهدت‬ ‫األسواق ارتفاعا ً في أسعاره تراوحت ما بين‬ ‫(‪.%)60 – 20‬‬ ‫المحررة‬ ‫ج‪ .‬المناطق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن المتتبّع ألسعار الوقود في مناطق الشمال‬ ‫ي يدرك بشكل واضح ّ‬ ‫أن أزمة الوقود‬ ‫السور ّ‬ ‫المحررة مر ّ‬ ‫شحة للتفاقم أكثر في‬ ‫المناطق‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫المستقبل بعد أن قام تنظيم «داعش» باستخدام‬ ‫الوقود كسالح في حربه مع قوى المقاومة‬ ‫الوطنية وقيامه بمنع وصول النفط الخام أو‬ ‫المشتقات النفطيّة من اآلبار التي يسيطر عليها‬ ‫إلى تلك المناطق في منتصف شهر حزيران‬ ‫من عام ‪ ،2015‬األمر الذي أدّى إلى ارتقاع‬ ‫أسعارها بشكل كبير‪ .‬فارتفع سعر برميل‬ ‫المازوت من ‪ 16000‬ل‪.‬س ما يعادل ‪54‬‬ ‫دوالر إلى ‪ 100‬ألف ل‪.‬س أي ما يعادل تقريبا‬ ‫‪ 33 8‬دوالر‪ ،‬وقد سجلت أسعار الوقود في‬ ‫مدينة حلب وإدلب أرقاما ً‬ ‫قياسيّة‪ ،‬فقد بلغ سعر الليتر الواحد ‪ 500‬ل‪.‬س‬ ‫في مدينة حلب‪ .‬في حين لم تشهد مناطق‬ ‫سيطرة النظام وتنظيم «داعش» أيّة تقلبات‬ ‫عنيفة في أسعار الوقود خالل األشهر الثالث‬ ‫الماضية من عام ‪.2015‬‬ ‫تداعيات أزمة الوقود على القطاعات األخرى‬ ‫نظرا لما للوقود من تأثير على ك ّل القطاعات‬ ‫االقتصاديّة تعتبر أيّة أزمة تعتريه سببا ً للعديد‬ ‫من األزمات األخرى‪ ،‬وفي غياب حلول ناجعة‬ ‫لمعالجتها فإنّها تتفاقم بشكل متسارع مفضية‬ ‫إلى جملة من التداعيات السلبيّة التي يمكن أن‬ ‫تش ّكل أزمة عا ّمة‪ ،‬إذ يؤدّي فقدانه إلى شلل في‬ ‫جميع المرافق الحيويّة‪.‬‬ ‫وقد كشفت أزمة الوقود األخيرة جانبا ً ها ّما ً من‬ ‫التداعيات التي عانى منها الس ّكان في مناطق‬ ‫ي‪ ،‬فقد ساهم ارتفاع أسعار‬ ‫الشمال السور ّ‬ ‫الوقود بزيادة تكلفة نقل المواد الغذائيّة م ّما‬ ‫أدّى إلى ارتفاع ثمنها بنسب متفاوتة وصل‬ ‫بعضها إلــى‪ .% 90‬أضــف إلــى ذلــك توقّف‬ ‫ي نتيجة ارتفاع‬ ‫ي والغذائ ّ‬ ‫عجلة اإلنتاج الزراع ّ‬ ‫تكاليف اإلنتاج ولقد أعلنت عدد من األفران في‬ ‫عدّة مناطق من إدلب توقّفها بشكل كامل بسبب‬ ‫نفاد الوقود‪ .‬واتّسعت دائرة تأثير أزمة الوقود‬ ‫ي بدوره‪ ،‬فقد ارتفعت كلفة‬ ‫لتشمل القطاع المائ ّ‬

‫الجنسـّيـة الـتـركّيــة‬

‫المنح على أساس اإلقامة‬ ‫تنتهــج الحكومــة التركيــّة سياســة منــح‬ ‫ّ‬ ‫حــق‬ ‫جنســيّتها لألجانــب علــى أســاس‬ ‫الــدم‪ ،‬مــع قليــل مــن الحــاالت التــي‬ ‫تمنحهــا علــى أســاس اإلقليــم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وقد أتاحــت القوانيــن التركيــّة لألجنبــ ّ‬ ‫ّ‬ ‫حــق التقــدّم بطلــب الحصــول علــى‬ ‫الجنســيّة التركيـّـة فــي حال اإلقامة على‬ ‫األراضي التركيّة‪ ،‬على الشكل التالي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬حــدّد القانــون مــدّة اإلقامــة ‪/5/‬‬ ‫خمــس ســــــــنــوات متواصلــة علــى‬ ‫األراضــي التركيّــة‪ ،‬وأجــاز المغــادرة‬ ‫لمــدّة ال تتجــاوز الشــهور الســتّة‪ .‬خــالل‬ ‫ذلــك‪ ،‬وترتفــع المــدّة المطلوبــة إلــى‬ ‫ثمانــي ســنوات فــي حــال احتســاب‬ ‫اســتمر‬ ‫نصــف مــدّة دراســة الطالــب إذا‬ ‫ّ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الطالــب بالعيــش فــي تركيــّة وحصــل‬ ‫علــى عمــل‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تأكيــد الرغبــة فــي اإلقامــة الفعليّــة‬ ‫و المســتديمة فــي تركيــّة‪ ،‬وتســتد ّل‬ ‫الســلطات التركيّــة علــى هــذه الرغبــة‬ ‫مــن القرائــن التاليــة‪:‬‬ ‫ شراء عقار في تركيّة‪.‬‬‫ي عمل أو استثمار في‬ ‫ إنشاء أو ترخيص أ ّ‬‫تركيّة‪.‬‬ ‫ نقل مركز نشاطاته إلى تركيّة‪.‬‬‫ الحصول على إذن عمل في تركيّة‪.‬‬‫ الزواج من جنسيّة تركيّة‪.‬‬‫ تقديم طلب التجنّس لكامل العائلة دفعة‬‫واحدة‬ ‫‪ -‬وجــود (أبّ أو أ ّخ أو أ ّم أو ابــن) للمتقــدّم‬

‫ي الذي‬ ‫نقله وتوزيعه‪ ،‬وكذلك القطاع الص ّح ّ‬ ‫تراجعت سعته الخدميّة بشكل حا ّد وقد أعلنت‬ ‫عدد من المشافي الميدانيّة في عدّة مناطق من‬ ‫إدلب توقّفها عن العمل بشكل كامل‪.‬‬ ‫ومما ال ّ‬ ‫شك فيه أنّه في حال أهملت معالجة‬ ‫التداعيات الناتجة عن أزمة الوقود ّ‬ ‫فإن هذه‬ ‫التداعيات في حال تفاقمها ستترك آثارها بشكل‬ ‫واضح وملموس على مستوى معيشة شرائح‬ ‫اجتماعيّة واسعة‪ ،‬وستعاني أعداد كبيرة من‬ ‫الس ّكان من تداعيات الفقر الذي بات أحد سمات‬ ‫ي غير‬ ‫ي وسط وضع اقتصاد ّ‬ ‫المجتمع السور ّ‬ ‫مستقرة في حال لم‬ ‫غير‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫أمن‬ ‫ي وحالة‬ ‫ّ‬ ‫طبيع ّ‬ ‫يت ّم معالجة األزمة ودرء تداعياتها‪.‬‬ ‫حلول تمكينيّة لمواجهة األزمة والتعامل معها‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫إن النجاح في تحرير مناطق الشمال السور ّ‬ ‫سيبقى مرهونا ً بمدى قدرة القوى الوطنيّة بشقّيها‬ ‫ي على تحقيق متطلّبات األمن‬ ‫العسكر ّ‬ ‫ي والمدن ّ‬ ‫ي وضمان استمراريّته ومواجهة‬ ‫االقتصاد ّ‬ ‫األزمات المرتبطة به‪ ،‬وهذا ما يفرض على‬ ‫هذه القوى توحيد الجهود للوصول إلى المستوى‬ ‫المناسب من هذا األمن‪ .‬وبكون الوقود إحدى‬ ‫الضروريّات األساسيّة الستمرار الحياة‬ ‫تمر به هذه المناطق‬ ‫في ظ ّل الظروف الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي لهذه القوى يكمن في‬ ‫فإن التحدي الرئيس ّ‬ ‫مدى قدرتها على إدارة هذه األزمة بفعّاليّة‬ ‫من خالل ضبط أسعار الوقود ومشتقّاته في‬ ‫المستمر ألسعاره‪ .‬وتتطلّب هذه‬ ‫ظ ّل االرتفاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياسة مشاركة منظمات المجتمع وتنسيق‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات اإلغاثية في‬ ‫المساعدات المقدّمة من‬ ‫هذا الخصوص ووضع حلول تمكينيّة لمواجهة‬ ‫هذا النوع من األزمات والتخفيف من تداعياتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المحطات‬ ‫وسيكون نجاح هذه الحلول من‬ ‫الها ّمة التي سيتوقّف عندها المراقبون لتقييم‬ ‫أداء قوى المقاومة الوطنيّة في إدارة المناطق‬ ‫المحررة‪ ،‬فضالً عن أنّها ستكون معيارا ً أساسيّا ً‬ ‫ّ‬ ‫لحكم المدنيّين السوريّين في البالد‪ّ .‬إل ّ‬ ‫أن أزمة‬ ‫الوقود األخيرة كشفت قصور آليّات اإلدارة‬ ‫المحرر‪ ،‬ويمكن‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫االقتصاديّة للشمال السور ّ‬ ‫في هذا الصدد طرح مجموعة من الحلول التي‬ ‫من شأنها تحسين عمل آليّات معالجة أزمة‬ ‫نقص الوقود ومشتقّاته‪ ،‬وتشمل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أوالً‪ :‬بالنسبة للحكومة السوريّة المؤقتة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫• وضع خطة متكاملة عبر وزارة الطاقة‬

‫الحاصــل ســابقا ً علــى الجنســيّة التركيــّة‪.‬‬ ‫ي في تركيّة‪.‬‬ ‫ إتمام التعليم الجامع ّ‬‫خلــو الشــخص مــن األمــراض‬ ‫‪- 3‬‬ ‫ّ‬ ‫الســارية‪( ،‬بموجــب تقاريــر صادرة عــن‬ ‫مشــافٍ معتمــدة مــن الحكومة)‪.‬‬ ‫‪ - 4‬التمتّع باألخــالق الحســنة والســيرة‬ ‫الحميــدة‪( ،‬وتجــري دراســة أمنيـّـة‬ ‫للتحــري عــن ســلوك الشــخص مــن‬ ‫ّ‬ ‫محيــط الجــوار وأماكــن إقامتــه خــالل‬ ‫مــدّة الســنوات الخمــس)‬ ‫‪ - 5‬اإللمــام باللغــة التر ّكيــة بالحــدود‬ ‫الوســطى بمــا يكفيــه لســ ّد حاجاتــه‪ّ ،‬‬ ‫وإن‬ ‫هــذا الشــرط مــرن وغيــر منضبــط ّ‬ ‫ألن‬ ‫القانــون يتطلّــب الحــ ّد األدنــى مــن إجــادة‬ ‫اللغــة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬صاحب مهنة أو عمل يمكنه من اإلنفاق‬ ‫على نفسه وعائلته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ي أو‬ ‫‪ّ - 7‬أل يش ّكل خطرا على األمن القوم ّ‬ ‫األمن العا ّم‪.‬‬ ‫‪ - 8‬أن يســتجيب لطلــب الحكومــة‪:‬‬ ‫فــي حــال فرضــت عليــه التخلّــي عــن‬ ‫الجنســيّة الســابقة‪.‬‬

‫والثروة المعدنيّة إلدارة الوقود والمشتقّات‬ ‫المحررة بالتعاون مع‬ ‫النفطيّة في المناطق‬ ‫ّ‬ ‫قوى المقاومة الوطنيّة‪ ،‬كخطوة أوليّة يمكن أن‬ ‫تتبعها خطوات الحقة ّ‬ ‫تعزز من وجود الوزارة‬ ‫ملف إدارة الوقود والمشتقّات النفطيّة‬ ‫الستالم‬ ‫ّ‬ ‫ي مناسب للجهة‬ ‫في حال ت ّم توفير اعتماد مال ّ‬ ‫الملف‪.‬‬ ‫المسؤولة عن إدارة هذا‬ ‫ّ‬ ‫• تقديم الدعم الالزم لمشاريع الطاقة الصغيرة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫والمتناهية الصغر بالتنسيق مع‬ ‫والوكاالت الدوليّة التنموية‪.‬‬ ‫المحررة‪،‬‬ ‫• تأمين ديمومة تدفّق الوقود للمناطق‬ ‫ّ‬ ‫بالتعاون مع الجهات الدوليّة وقوى المقاومة‬ ‫الوطنيّة‪.‬‬ ‫• إبــرام عقود لتوريد الوقود إلى المناطق‬ ‫صة عبر‬ ‫المحررة عن طريق شركات خا ّ‬ ‫ّ‬ ‫األراضي التركيّة‪.‬‬ ‫• تأمين التمويل الــازم لبناء مستودعات‬ ‫صصة لألغراض المدنيّة‬ ‫ضخمة للوقود مخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫بهدف تغطية احتياجات السكان والمؤسّسات‬ ‫المحررة‬ ‫تعرض المناطق‬ ‫ّ‬ ‫الخدميّة في حال ّ‬ ‫أليّة أزمة وقود‪.‬‬ ‫• تقديم الدعم الالزم الستغالل النفايات والقمامة‬ ‫والمخلّفات العضويّة والزراعيّة إلنتاج الوقود‬ ‫الحيوي كأحد مصادر الطاقة البديلة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬بالنسبة للمجالس المحلّيّة‬ ‫• اعتماد آليّة لتوزيع المشتقّات النفطيّة داخل‬ ‫المحررة‪.‬‬ ‫المناطق‬ ‫ّ‬ ‫• إدارة وضبط توريد الوقود من خالل تفعيل‬ ‫دور المكاتب االقتصاديّة بالتعاون مع الفصائل‬ ‫العسكريّة‪.‬‬ ‫صة حول حاجة ك ّل‬ ‫• إعداد قاعدة بيانات خا ّ‬ ‫منطقة من مشتقّات الوقود بحيث ترسل المواد‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫مباشرة إلى مستحقّيها بالتعاون مع‬ ‫اإلغاثيّة الدوليّة‪.‬‬ ‫• تهيئة البنية التحتيّة إلطالق مشاريع طاقويّة‬ ‫جديدة واتّباع الوسائل الحديثة في إدارتها‬ ‫وترشيد استهالكها‪.‬‬ ‫• نشر ثقافة االعتماد على الطاقات المتجدّدة‬ ‫بين المواطنين‪ ،‬وهي طاقة وفيرة وقابلة للتجدد‬ ‫ويمكن استخدامها على نطاق واســع داخل‬ ‫المحررة‪.‬‬ ‫المناطق‬ ‫ّ‬ ‫خالصة‬ ‫ّ‬ ‫إن أزمــة الوقود التي ظهرت في منتصف‬

‫ي لطالــب‬ ‫‪ - 9‬إذا كان القانــون الوطنــ ّ‬ ‫الجنســيّة يشــترط تجريــده مــن جنســيّته‬ ‫ويتيــح لــه ذلــك دون عوائــق‪ :‬فيغــدو هــذا‬ ‫الشــرط واجبــاً‪ ،‬ولكــن تصبــح الحكومــة‬

‫حــزيــران لعام ‪ 2015‬في مناطق الشمال‬ ‫المحرر عكست بشكل واضح جزءا ً‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫السور ّ‬ ‫ّ‬ ‫من التداعيات السلبيّة التي أثرت على جميع‬ ‫جوانب الحياة اليوميّة للس ّكان‪ .‬وأظهرت بجالء‬ ‫ّ‬ ‫أن األسباب الحقيقيّة لألزمة ذات جوانب‬ ‫متعدّدة شــارك ك ّل من نظام األســد وتنظيم‬ ‫«داعش» في تفاقمها داخل هذه المناطق خالل‬ ‫السنوات األربع الماضية‪ ،‬وهي بالتالي ليست‬ ‫وليدة األحداث العسكريّة األخيرة بين التنظيم‬ ‫وقوى المقاومة الوطنيّة‪ّ .‬إل ّ‬ ‫أن هذه األحداث‬ ‫أضاءت على هذه األزمة المستترة خالل هذه‬ ‫السنوات وكانت إحدى األسباب المباشرة في‬ ‫التفاقم الكبير لها‪ .‬حين قام النظام مع بدء‬ ‫ي لمناطق الشمال السوري‬ ‫ّ‬ ‫التحرر التدريج ّ‬ ‫بتقليص دعم مشتقّات الوقود ورفع أسعارها‬ ‫تدريجيّاً‪ ،‬م ّما أدّى إلى ارتفاع غير مسبوق‬ ‫في أسعار السلع الضروريّة وكلفة الخدمات‬ ‫األساسيّة‪ ،‬وانعكس سلبا ً على جميع مستويات‬ ‫العمليّة االقتصاديّة وأشكالها المختلفة ومستوى‬ ‫معيشة الس ّكان ضمن هذه المناطق‪.‬‬ ‫بعد سيطرته على غالبيّة حقول النفط في‬ ‫سورية‪ ،‬كان للسياسات التي اتّبعها تنظيم‬ ‫«داعش» في إنتاج وتسويق نفطه أثر مباشر‬ ‫في التمهيد ألزمات وقود مستقبليّة عبر مختلف‬ ‫ّ‬ ‫وأن هذه السياسات كانت‬ ‫المناطق‪ ،‬سيّما‬ ‫ي على جني األرباح وشراء‬ ‫تر ّكز بشكل أساس ّ‬ ‫الوالءات داخل مناطق سيطرته‪ .‬إلى أن تهيّأت‬ ‫الظروف التي م ّكنته من استخدام الوقود‬ ‫كسالح في الحرب ض ّد األطراف المناوئة له‪،‬‬ ‫ي في أزمة الوقود‬ ‫وهذا ما تجسّد بشكل فعل ّ‬ ‫األخيرة في مناطق الشمال‪.‬‬ ‫(عن مركز عمران للدراسات االستراتيجيّة*)‬

‫االقتصادي‬ ‫المحرر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫* مؤسّسة بحثيّة مستقلّة تأسّست في تشرين الثاني‬ ‫‪ ،2013‬تسعى ألن تكون مرجعا ً لصنّاع القرار‬ ‫في سورية والمنطقة في المجاالت السياسيّة‬ ‫واالقتصاديّة واالجتماعيّة‪ ،‬يُنتج المركز الدراسات‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة التي تساند المسيرة العمليّة‬ ‫المنهجيّة‬ ‫لمؤسّسات الدولة والمجتمع‪ ،‬وتدعم آليّات اتّخاذ‬ ‫ي وترسم خارطة‬ ‫القرار‪ ،‬وتحقّق التكامل المعلومات ّ‬ ‫األولويّات‬

‫التركيّــة فــي هــذه الحالــة ملزمــة بمنحه‬ ‫الجنســيّة خشــية الوقــوع فــي حالــة‬ ‫انعــدام الجنســيّة‪.‬‬ ‫مــع التنويــه أنــّه ال يجــوز للحكومــة‬ ‫التركيـّـة اشــتراط ذلــك علــى الطرف‬ ‫المتــزوج بــزوج أو بزوجــة تركيــّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي حكــم صــادر عــن‬ ‫أ‬ ‫وجــود‬ ‫عــدم‬ ‫‪- 10‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحــق طالــب التجنــّس‬ ‫ي‬ ‫القضــاء التركــ ّ‬ ‫وخصوصــا ً‬ ‫التهــرب‬ ‫مجــاالت‬ ‫فــي‬ ‫ّ‬ ‫ي والتزويــر والتهريــب ومختلــف‬ ‫الضريبــ ّ‬ ‫يجرمهــا قانــون‬ ‫التــي‬ ‫ّــة‬ ‫ي‬ ‫الجزائ‬ ‫القضايــا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬وال يكــون قــد‬ ‫العقوبــات التركــ ّ‬ ‫تعــرض للســجن فــي تركيــّة علــى خلفيّــة‬ ‫ّ‬ ‫جنائيـّـة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ولنتذ ّكــر دومــاً‪:‬‬ ‫(أن الســج ّل العدلــ ّ‬ ‫ي لــدى‬ ‫النظيــف هــو مطلــب أساســ ّ‬ ‫الســلطة التركيّــة عنــد دراســتها طلــب‬ ‫التجنّــس)‪.‬‬

‫صوان‬ ‫المحامي‪ :‬أحمد ّ‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫ثقافة‬

‫السنة الثانية‬ ‫تتمة من الصفحة(‪)3‬‬

‫النسوي*‬ ‫العربي‬ ‫في اإلعادة إفادة‪ ............‬ضرورة تجديد الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫حقوق المرأة ومساواتها الكاملة في‬ ‫المجاالت كا ّفة‬ ‫نصر حامد أبو زيد (‪ 10‬ت ّموز ‪ 5 - 1943‬ت ّموز ‪)2010‬‬

‫ولد نصر أبو زيد في إحدى قرى طنطا ونشأ‬ ‫في أسرة ريفيّة بسيطة‪ ،‬حصل نصر علي‬ ‫الليسانس من قسم اللغة العربيّة وآدابها‬ ‫بكلّيّة اآلداب جامعة القاهرة ‪1972‬بتقدير‬ ‫ممتاز‪ ،‬ث ّم ماجستير من نفس القسم والكلّيّة‬ ‫في الدراسات اإلسالميّة عام ‪1976‬وأيضا ً‬ ‫بتقدير ممتاز‪ ،‬ث ّم دكتوراه من نفس القسم‬ ‫والكلّيّة فــي الــدراســات اإلســامـيّــة عام‬ ‫‪1979‬بتقدير مرتبة الشرف األولى‪.‬‬ ‫«الخطاب المنتج حول المرأة في العالم‬ ‫ي‬ ‫ي المعاصر خطاب في مجمله طائف ّ‬ ‫العرب ّ‬ ‫ي‪ ،‬بمعنى أنّه خطاب يتحدّث عن‬ ‫عنصر ّ‬ ‫مطلق المرأة ‪ /‬األنثى ويضعها في عالقة‬ ‫مقارنة مع مطلق الرجل‪ /‬الذكر‪ ،‬وحين‬ ‫تحدّد عالقة ما بأنّها بين طرفين متقابلين أو‬ ‫متعارضين‪ ،‬ويلزم منها ضرورة خضوع‬ ‫أحدهما لآلخر واستسالمه لــه ودخوله‬ ‫طائعا ً منطقة نفوذه‪ّ ،‬‬ ‫فإن من شأن الطرف‬ ‫يتصور نفسه مهيمنا ً أن ينتج خطابا ً‬ ‫الذي‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طائفيّا عنصريّا بك ّل معاني األلفاظ الثالثة‬ ‫ودالالتها‪ ،‬وليس من الصعب كذلك أن نجد‬ ‫في نبرة خطاب (المساواة) و (المشاركة)‬ ‫إحساسا ً‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫بالتفوق نابعا ً من افتراض ضمن ّ‬

‫يحمله‪ ،‬الخطاب بمركزية الرجل‪ /‬المذ ّكر‪،‬‬ ‫فالمرأة حين تتساوى فإنّها تتساوى بالرجل‪،‬‬ ‫وحين يسمح لها بالمشاركة فإنّما تشارك‬ ‫الرجل‪ ،‬وفي ك ّل األحــوال يصبح الرجل‬ ‫مركز الحركة وبؤرة الفاعليّة‪ ،‬ويبدو األمر‬ ‫ي ال فكاك منه وال‬ ‫كأنّما هو قدر ميتافيزيق ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكأن مرحلة سيادة األنثى في بعض‬ ‫مناص‪،‬‬ ‫المجتمعات اإلنسانيّة‪ ،‬وكأن ك ّل فاعليّة للمرأة‬ ‫في الحياة االجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة‬ ‫فاعليّة هامشيّة‪ ،‬ال تكتسب داللتها ّإل من‬ ‫خالل فاعليّة الرجل‪.‬‬ ‫ي المعاصر جذوره في بنية‬ ‫وللخطاب العرب ّ‬ ‫تصر على‬ ‫اللغة العربيّة ذاتها‪ ،‬فهي لغة‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي واالسم األعجم ّ‬ ‫التفرقة بين االسم العرب ّ‬ ‫بعالمة يطلق عليها في علم اللغة (التنوين)‬ ‫أو (التصريف) وهو (نون) صونيّة تلحق‬ ‫آخر األسماء العربيّة على مستوى النطق‬ ‫ال على مستوى الكتابة‪ ،‬فيقال مثالً‪ :‬مح ّمدٌ‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬رجــل في حالة الرفع‪ ،‬وكذلك في‬ ‫عل ٌّ‬ ‫والجر‪ ،‬لكن هذه (النون) ال‬ ‫حالتي النصب‬ ‫ّ‬ ‫تلحق األسماء غير العربيّة فيقال (بوش)‪،‬‬ ‫(إبراهيم)‪ ،‬إل ّخ‪.‬‬ ‫وعلينا أن نالحظ باإلضافة إلى ذلك ّ‬ ‫أن إطالق‬ ‫اسم (العجم) أو (األعاجم) على غير العرب‬ ‫ي الذي يعطي‬ ‫هو من قبيل التصنيف القيم ّ‬ ‫التفوق‪ ،‬كما يعطي للغتهم مكانة‬ ‫العرب مكانة ّ‬ ‫(اللغة) بألف والم العهد‪ّ ،‬‬ ‫كأن ما سواها من‬ ‫ّ‬ ‫وكأن من يتحدّثون بلغة‬ ‫اللغات ليس كذلك‪،‬‬ ‫غيرها هم بمثابة العجماوات التي ال تبيّن وال‬ ‫تنطق‪.‬‬ ‫ي على‬ ‫ي وغير العرب ّ‬ ‫هذا التمييز بين العرب ّ‬ ‫مستوى بنية اللغة وعلى مستوى داللتها ينبع‬ ‫منه تميّز آخر بين (المذ ّكر) و (المؤنّث)‬ ‫في األســمــاء العربيّة‪ ،‬وهــو تمييز يجعل‬ ‫ي المؤنّث مساويا ً لالسم‬ ‫من االســم العرب ّ‬ ‫ي بالقيمة التصنيفيّة‪ ،‬فباإلضافة إلى‬ ‫األعجم ّ‬ ‫(تاء التأنيث) التي تميّز بين المذ ّكر والمؤنّث‬

‫يتصرف النظام حيال‬ ‫كيف يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫جريمته هذه؟ هل يتّخذ إجــراءات صارمة‬ ‫ّ‬ ‫بحق الجاني أم يستخدم وسيلته المعهودة‬ ‫في المناورة وامتصاص النقمة وتمرير‬ ‫الجريمة؟‬ ‫يتّضح من مبادرة بشرى األســد (شقيقة‬ ‫ب ّ‬ ‫شار األسد) في إرسال ابنها إلى تعزية أهل‬ ‫ي»‬ ‫الضحيّة‪ ،‬ومن إغداق التضامن «السلطو ّ‬ ‫معهم بما في ذلك تكليف محافظ الالذقيّة‬ ‫بنقل تعازي الرئيس‪ّ ،‬‬ ‫أن اتجاه السلوك‬ ‫القادم سيكون إلى لملمة الموضوع وإنزال‬ ‫عقوبة مخفّفة بالجاني‪ .‬السيناريو المتوقّع هو‬ ‫محاكمة وسجن يعقبه هروب من السجن بعد‬ ‫حين والسفر خارج سورية‪ ،‬ليلحق بقريبه‬ ‫رفعت األسد الذي سبق أن ّ‬ ‫هز أركان سلطة‬ ‫األسد األب في ثمانينيّات القرن الماضي‪.‬‬ ‫تعود النظام أن يح ّل مشاكله السياسيّة‪/‬‬ ‫هكذا ّ‬ ‫العائليّة‪.‬‬ ‫تفاعل المعارضة اإلسالميّة الجهاديّة مع‬ ‫الجريمة‬ ‫منذ البداية ر ّحبت أوساط المعارضة اإلسالميّة‬ ‫الجهاديّة بالجريمة على مبدأ (ف ّخار يكسّر‬ ‫بعضه)‪ ،‬وأُنشئت صفحة على الفيسبوك‬ ‫بعنوان (تسلم األيادي‪ ،‬شكرا ً سليمان هالل‬ ‫األسد)‪ .‬وإذا كانت هذه المعارضة تر ّحب‬ ‫بقتل الضابط كيفما كان‪ ،‬فإنّها ال تر ّحب‬ ‫بنشوء حراك بين الموالين يطالب بالعدالة‬ ‫ويوحي بنشوء إرادة شعبيّة مستقلّة‪ ،‬ذلك ّ‬ ‫أن‬ ‫مثل هذه اإلرادة ستكون مستقلّة ليس فقط عن‬ ‫النظام بل عن المعارضة اإلسالميّة الجهاديّة‬ ‫أيــضـاً‪ ،‬بما يهدّد بخلق بــؤرة استقطاب‬ ‫جماهيريّة ض ّد الطرفين األعداء (بسبب نهم‬ ‫الطرفين للتسلّط) ‪/‬اإلخــوة (في اإلجــرام)‪.‬‬ ‫التطور ال يروق لإلسالميّين‬ ‫هذا النمط من‬ ‫ّ‬ ‫الجهاديين الذين يستمدّون الفائدة من طبيعة‬ ‫النظام اإلجراميّة‪ ،‬تماما ً كما يستم ّد النظام‬ ‫الفائدة من طبيعة هذه المعارضة اإلسالميّة‬ ‫اإلجراميّة‪ .‬وعلى هذا الضوء يمكن أن‬ ‫«المعارضة» على‬ ‫نقرأ انهمار الصواريخ‬ ‫ِ‬ ‫الالذقيّة يومها (‪ ،)2015/8/13‬كنوع من‬ ‫مساهمة هؤالء اإلسالميّين في إعادة من بدأ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫*الحوار المتمدّن ‪ -‬العدد‪7 / 2010 - 3057 :‬‬ ‫‪ 8 /‬المحور‪ :‬حقوق المرأة ومساواتها الكاملة في‬ ‫كافّة المجاالت‬

‫بوح‬

‫تتمة من الصفحة(‪)4‬‬

‫بعد جريمة سليمان‬ ‫األسد األخيرة‬

‫على مستوى البنية الصرفيّة‪ ،‬يمنع (التنوين)‬ ‫عن اسم العلم المؤنّث كما يمنع عن اسم العلم‬ ‫ي سواء بسواء‪ ،‬في هذه التسوية بين‬ ‫األعجم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي نالحظ أنّ‬ ‫ي والمذكر األعجم ّ‬ ‫المؤنّث العرب ّ‬ ‫اللغة تمارس نوعا ً من الطائفيّة العنصريّة ال‬ ‫ض ّد األغيار فقط بل ض ّد األنثى من نفس‬ ‫الجنس كذلك‪ ،‬وهــذا أمر سنالحظ امتدادا ً‬ ‫له على مستوى الخطاب السائد المعاصر‪،‬‬ ‫فتعامل المرأة معاملة (األقلّيّات) كاإلصرار‬ ‫على حاجتها للدخول تحت (حماية) أو (نفوذ)‬ ‫الرجل‪.‬‬ ‫وال تقف إيديولوجيّة اللغة عند حدود التمييز‬ ‫المشار إليه‪ ،‬بل تمت ّد لتش ّكل العالم بك ّل مقدّراته‬ ‫من خالل ثنائيّة المذ ّكر‪ /‬المؤنّث‪ ،‬فك ّل أسماء‬ ‫اللغة إ ّما مذ ّكر أو مؤنّث وال مجال في اللغة‬ ‫العربيّة لما يس ّمى األسماء المحايدة‪ ،‬أي‬ ‫التي ليست مذ ّكرا ً وال مؤنّثاً‪ ،‬كما هو الشأن‬ ‫في بعض اللغات األخرى كاأللمانيّة مثالً‪،‬‬ ‫صحيح ّ‬ ‫أن علماء اللغة يميّزون بين المؤنّث‬ ‫ي‪ ،‬لكن هذا التمييز‬ ‫ي والمؤنّث المجاز ّ‬ ‫الحقيق ّ‬ ‫ال يعفي المؤنّث المجازي من الخضوع لك ّل‬ ‫آليّات التصنيف التي يخضع لها المؤنّث‬ ‫ي‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ال‬ ‫الحقيق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي بين مذكر حقيقي ومذكر‬ ‫نجد التمييز الحقيق ّ‬ ‫تصور ّ‬ ‫أن‬ ‫عن‬ ‫يكشف‬ ‫مجازي وهو أمر‬ ‫ّ‬ ‫(التذكير) هو األصل الفاعل والمؤنّث فرع‬ ‫ال فاعليّة له‪ ،‬وبحكم هذه الفاعليّة للمذ ّكر‬ ‫تصر اللغة العربيّة على أن‬ ‫ألنّه األصل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي معاملة (جمع المذكر)‬ ‫يعامل الجمع اللغو ّ‬ ‫حتّى ولو كان المشار إليه بالصيغة جمعا ً‬ ‫من النساء بشرط أن يكون بين الجمع رجل‬ ‫واحد‪ ،‬هكذا يلغي وجود رجل واحد مجتمعا ً‬ ‫من النساء‪ ،‬فيشار إليه بصيغة جمع المذ ّكر ال‬ ‫بصيغة جمع المؤنّث‪.»....‬‬

‫بين اإلبداع والسياسة‬ ‫واألخالق‬

‫(انترنت)‬

‫أنهيت قراءة المجموعة القصصيّة التي كانت‬ ‫ي وهرعت إلى والدي مبدية له إعجابي‬ ‫بين يد ّ‬ ‫الشديد بالكاتب المبدع والجذل‪ ،‬وقلت له‪ :‬كم‬ ‫تمنّيت لو أنّني أراه! أجابني والدي وبسرعة‬ ‫شديدة‪( :‬خلّيك عم تقريه أحسن ما تشوفيه)‪.‬‬ ‫استغربت كثيرا ً وسألته‪ :‬لماذا؟ أجابني وقد‬ ‫أصبحت رغبته بإنهاء الحديث عنه واضحة‬ ‫صة عويصة عندما تكبرين‬ ‫ج ّدا ً بالنسبة لي‪ :‬ق ّ‬ ‫ستعرفين‪.‬‬ ‫مرت األيّام والسنين والتقيت به صدفة‪ .‬رؤيته‬ ‫ّ‬

‫وأسلوبه بالحديث وتفكيره جعلني أتذ ّكر كالم‬ ‫والدي‪ .‬وفعالً كما قال لي‪ :‬إن تسمع بالمعيدي‬ ‫خير من أن تراه‪.‬‬ ‫استعدت هذا الموقف اليوم وأنا أقرأ عن أحد‬ ‫كتّابنا السوريّين‪ ،‬وكنت أعرفه بشكل جيّد ج ّداً‪،‬‬ ‫المقربين‪ ،‬أمضيت‬ ‫فقد كان من أصدقاء والدي‬ ‫ّ‬ ‫وقتا ً طويالً من طفولتي وهو شبه مقيم في‬ ‫منزلنا‪ ،‬يمضي معظم سهرات الصيف مع أهلي‬ ‫في بيت جدّي لوالدتي في ركن الدين‪ .‬ذلك‬ ‫ي الجميل بأرض دياره الواسعة‬ ‫البيت العرب ّ‬

‫ديون كريهة‬ ‫يقول «نعوم ألكساندر ســاك»‪ :‬إذا قامت‬ ‫دولة غنيّة بمنح قرض مع أنّها تعرف النوايا‬ ‫الحقيقيّة للمقترضين فإنّها تقترف بذلك «عمالً‬ ‫وتعرض نفسها لخسارة‬ ‫عدائيّا ً ض ّد الشعب»‬ ‫ّ‬ ‫القرض‪..،‬‬ ‫ي‪ ،‬فالدين الكريه‬ ‫إذا ت ّم خلع هذا النظام الدكتاتور ّ‬ ‫هو دين باطل وال يمكن المطالبة باسترجاعه‬ ‫بعد سقوط النظام المستفيد منه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن األمر ليس بهذه البساطة‪ ،‬ألنّه إذا كان‬ ‫من السهل تحديد داللة «نظام مستبدّ» فإنّه من‬ ‫الصعب تحديد مضمون دقيق لفكرة الديون‬ ‫الكريهة؛ لهذا يشدّد أصحاب هذا الطرح على‬ ‫تحميل الدائنين مسؤوليّاتهم في هذه الديون بدل‬ ‫تحميل المدينين وحدهم مسؤوليّة المديونيّة‬ ‫المفرطة وااللتزام بسدادها‪.‬‬ ‫التوعية بمخاطر الديون الكريهة والالشرعيّة‬ ‫على مستقبل سورية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الحقوقيّة يتمثل بتسليط‬ ‫إن واجب‬ ‫األضــواء على مخاطر المديونيّة التي تهدّد‬ ‫بدمار اقتصاد سورية‪ .‬وهو ال يق ّل عن خطر‬ ‫الدبّابة والطائرة التي تد ّمر البشر والحجر‪.‬‬ ‫ولإلحاطة بهذا الموضوع‪ ،‬ال ب ّد من البحث‬ ‫بمفهوم التوارث بين الدول على قواعد القانون‬ ‫ي‪ ،‬وكذلك عرض بعض التجارب الدوليّة‬ ‫الدول ّ‬ ‫التي ت ّم فيها إسقاط الديون الكريهة والالشرعيّة‬ ‫عن الدول المدينة‪.‬‬ ‫المراجع‪:‬‬

‫ي «جوزيف‬ ‫‪ – 1‬مقال (الديون الكريهة) للبريطان ّ‬ ‫هانلون» ترجمة «رشيدة الشريف» ‪2010‬‬ ‫ي بالديون) د‪ .‬محمود‬ ‫‪ -2‬بحث (التوارث الدول ّ‬ ‫الحجازي و أ‪ .‬إبراهيم العريني‪.‬‬ ‫‪ – 3‬مقال (الديون الخارجيّة بين اإلطفاء والتسديد)‬ ‫د‪ .‬وجيه العلي‪.‬‬ ‫‪ - 4‬كتاب (آثار التوارث بين الدول على قواعد‬ ‫ي) د‪ .‬أشرف وفا‬ ‫القانون الدول ّ‬

‫تتمة من الصفحة(‪)5‬‬

‫حوار العدد‬ ‫لذلك على من يتصدّى لقيادة الثورة أن يعمل‬ ‫جاهدا ً على تأمين مستلزمات الحياة لهؤالء‬ ‫الشباب‪ ،‬من أجل تشبّثهم بالجغرافية‪ .‬ويجب‬ ‫ي ّأوالً‪ ،‬وفي القرار‬ ‫إشراكهم في القرار السياس ّ‬

‫والمليئة بأشجار النارنج والكبّاد والياسمين‬ ‫ي وببحرته الكبيرة والتي تقوم نافورتها‬ ‫الدمشق ّ‬ ‫وهي تتدفّق من ماء بــردى بإضفاء صوت‬ ‫خاص على الجلسة‪ ،‬وكانوا يمضون السهرة‬ ‫ّ‬ ‫في لعب ورق الشدّة‪ ،‬وهم يستمعون أل ّم كلثوم‬ ‫ويضحكون ويتسامرون ويــروون القصص‬ ‫ويحكون الحواديث ويقرأ عليهم صديقهم‬ ‫المقرب بعضا ً من قصصه ويستشيرهم بها‬ ‫ّ‬ ‫ويتناولون طعام العشاء مجتمعين‪ ،‬جميع أفراد‬ ‫عائلتي وخالي وخاالتي وع ّمتي وأزواجهم‪،‬‬ ‫أ ّما هو فقد انفصل عن زوجته حديثاً‪ ،‬لديهم‬ ‫ابن وابنة‪ ،‬تقاسموا أطفالهم فيما بينهم‪ ،‬هو أخذ‬ ‫االبن وهي أخذت االبنة‪ .‬كان يأتي إلى السهرة‬ ‫وابنه الصغير والذي بعمر ‪ 7‬أعوام‪ ،‬فقد كان‬ ‫أصغر مني بـ ‪ 6‬سنوات تقريباً‪.‬‬ ‫باستطاعتي الــقــول‪ :‬إنّني أعــرف عنه ك ّل‬ ‫تفاصيل حياته‪ ،‬حتّى بلغ أعتى العمر ومات‬ ‫منذ سنوات مغتربا ً عن بلده‪.‬‬ ‫كانت تفاصيل حياته من أقذر ما سمعت في‬ ‫حياتي عن كاتب وأديــب ومثقّف‪ .‬انقطعت‬ ‫عالقته بوالدي نهائيّا ً قبل وفاته بأربعين عاما ً‬ ‫تقريباً‪ ،‬ووقفت حائرة وأنا وأقرأ عنه قصائد‬ ‫المديح والتبجيل له ولتاريخه الناصع والمشرق‬ ‫وأدبه الجذل وأسلوبه الساخر المحبّب الجميل‪،‬‬ ‫وتــواردت إلى ذهني وأفكاري أسماء الكثير‬ ‫من الشخصيّات األدبيّة والسينمائيّة والفكريّة‪،‬‬ ‫عرفوا بقصصهم وتفاصيل‬ ‫كتّاب ومبدعون ُ‬ ‫حياتهم المثيرة لالستغراب والتع ّجب‪ ،‬وللقرف‬ ‫أحياناً؛ تساءلت السؤال الذي طالما طرحته‬ ‫على نفسي ومنذ زمن بعيد‪ :‬أليس على الكاتب‬ ‫والمثقّف واألديــب أن يترجم ثقافته وروحه‬ ‫ي؟ أال يجب أن يكون‬ ‫بسلوك راق وحضار ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وعن‬ ‫والمشين‬ ‫والمبتذل‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫مترفّعا ً عن اليوم ّ‬ ‫ي في تعامالته مع أصدقائه‬ ‫ّ‬ ‫تصرف ال أخالق ّ‬ ‫والمقربين منه؟!‬ ‫ّ‬ ‫هو سلوك يجب ّأل يتع ّمده‪ ،‬بل تفرضه عليه‬ ‫ثقافته ووعيه بالالشعور؟!‬ ‫أم أنّنا يجب أن نأخذ منه ما يه ّمنا ويلهمنا‬ ‫ويمتعنا بآن معاً‪ ،‬وهو ما يكتبه أو ما يقدّمه لنا‬ ‫وتصرفاته جانباً؟!‬ ‫من إبداع وندع تقييم سلوكه‬ ‫ّ‬ ‫يا هل ترى ونحن نقرأ شعر «لوركا» كم كان‬ ‫صة‪ ،‬والتي‬ ‫سيفيدنا أن نعلم مثالً عالقته الخا ّ‬ ‫يقيّمها البعض بأنّها شائنة‪ ،‬مع المبدع الرسّام‬ ‫سلفادور دالي؟!‬ ‫شاهدنا في الكثير من األفالم التي قدّمت لنا‬ ‫العديد من الشخصيّات العالميّة الفنّيّة والمبدعة‪،‬‬ ‫بيكاسّو ‪ -‬مثالً ‪ -‬على أنّه شخص كريه وبخيل‬ ‫ويعتمد على النساء اللواتي مررن في حياته‬ ‫ّ‬ ‫ويستخدمهن أبشع استخدام‪ ،‬كم غيّر ذلك من‬

‫العدد ‪36‬‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫ي ثانياً‪ ،‬وتأمين فرص عمل لهم‬ ‫االقتصاد ّ‬ ‫بالرغم من ك ّل الصعوبات التي تعاني منها‬ ‫المناطق المسيطر عليها‪.‬‬ ‫مه ّمة االئتالف ّأوالً‪ :‬أن يسعى لوضع برنامج‬ ‫ي‪ ،‬يفسح في المجال لك ّل‬ ‫ي اقتصاد ّ‬ ‫سياس ّ‬ ‫الطاقات الشابّة أن تلعب دورها في التنمية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي ثانياً‪ :‬هذه‬ ‫ومه ّمة‬ ‫منظمات المجتمع المدن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات التي تشكلت وتقوقعت على نفسها‪،‬‬ ‫عليها أن تبادر إلــى االنفتاح على بعضها‬ ‫ي‬ ‫البعض‪ ،‬وتــو ّ‬ ‫ســع نطاق عملها السياس ّ‬ ‫ي ب ّما يكفل للشباب‬ ‫واالقتصاد ّ‬ ‫ي واالجتماع ّ‬ ‫ي الجامع‪.‬‬ ‫الوطن‬ ‫بالمشروع‬ ‫ّث‬ ‫ب‬ ‫فرصة التش‬ ‫ّ‬ ‫هناك إرهــاصــات واضــحــة على األرض‪،‬‬ ‫تتحول هذه‬ ‫في الداخل والخارج‪ ،‬يجب أن‬ ‫ّ‬ ‫اإلرهاصات إلى أعمال مشتركة بين الجميع‪،‬‬ ‫ي على بعضهم‪،‬‬ ‫وأن‬ ‫ّ‬ ‫يتعرف الشباب السور ّ‬ ‫ويتل ّمس رؤاه ليتم ّكن من وضع المشتركات‬ ‫بينه‪ ،‬والسير نحو تنفيذ برنامجه بخطى‬ ‫ملموسة‪ ،‬وعزيمة قويّة‪ .‬فالمستقبل دائما ً‬ ‫للشباب‪ ،‬وباألحرى المستقبل هو الشباب‪.‬‬ ‫األستاذ فؤاد إيليّا‪ ،‬شكرا ً جزيالً لكم‪.‬‬

‫أجرى الحوار بشّار فستق‬ ‫تتمة من الصفحة(‪)3‬‬

‫أولي األمر في‬ ‫الغوطة‬ ‫في ك ّل ما حدث ال شيء ينبئ عن وجود أيّة‬ ‫مفاعيل ثوريّة‪ ،‬أو لنقل تصحيحيّة في آليّات‬ ‫ي في الغوطة‪ .‬لكن ما ينبئ‬ ‫الوضع العسكر ّ‬ ‫عنه الوضع وبخطورة تا ّمة‪ ،‬هو ّ‬ ‫أن التفكير‬ ‫ي ممثّالً بالنصرة سيكون له‬ ‫ي التكفير ّ‬ ‫الجهاد ّ‬ ‫اليد األعلى في أيّة قضايا خالفيّة نزاعيّة‪،‬‬ ‫وحتّى قضائيّة‪ .‬وستبقى مسائل الحصار‬ ‫وإطعام المساكين وعالج مصابي الغوطة‪،‬‬ ‫مسائل ال يكترث لها ّإل عندما يستعر النزاع‬ ‫لتتحول هذه المآسي إلى‬ ‫بين أمراء الحرب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ش ّماعة يستعملها هذا األمير أو ذاك الشيخ‪ ،‬كي‬ ‫يضرب بها سمعة األمير الثاني وكتائبه‪.‬‬ ‫ما تبقّى ألهالي الغوطة غير الجوع والمرض‬ ‫والظالم الذي ال يكتفي نظام األسد بفرضه من‬ ‫خالل قطعه للكهرباء والماء وك ّل ضرورات‬ ‫الحياة‪ ،‬تفرضه كتائب وألوية أمراء الحرب‬ ‫عليهم‪ ،‬وعلى أيّة محاوالت إلحياء ما خمد من‬ ‫ثورة سورية‪.‬‬

‫نظرتنا وتقييمنا لفنّه وإبداعه؟!! ال شيء‪ ،‬قطعاً‪.‬‬ ‫هذا التقييم يقودنا إلى الفصل بين اإلبــداع‬ ‫ي‪ ،‬بين الشخص الذي قدّم‬ ‫والسلوك األخالق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫للبشريّة أه ّم إنجازاتها وفكرها ونتاجها الفن ّ‬ ‫ي وشخصيّته االجتماعيّة ويوميّاته التي‬ ‫واألدب ّ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫قد يشوبها الكثير من السلوك غير األخالق ّ‬ ‫التصرفات الهستيريّة كفان غوخ‬ ‫وأحيانا ً بعض‬ ‫ّ‬ ‫مثالً‪ ،‬أو أرنست همنغواي الذي مات منتحرا ً‬ ‫بطلقات بندقيّته‪.‬‬ ‫كم كان يعنينا ونحن نقرأ غارثيا ماركيز في‬ ‫رائعته «مائة عام من العزلة» أو «الحبّ‬ ‫في زمن الكوليرا» لو افترضنا – مثالً ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫أن يوميّاته وسلوكه لم يكونا على المستوى‬ ‫ي المطلوب؟!‬ ‫األخالق ّ‬ ‫ّإل أنّني مع ذلك ما زلت مقتنعة في أعماقي ّ‬ ‫بأن‬ ‫ي يجب أن يتمثّل ثقافته وروح‬ ‫المثقّف الحقيق ّ‬ ‫ي مع اآلخرين‬ ‫فكره ويترجمه لسلوك يوم ّ‬ ‫والمقربين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫صة وأننا أمام‬ ‫هذا أيضا يقودنا إلى السياسة‪ ،‬خا ّ‬ ‫ي لسورية يقوده ساستنا العتاولة!‬ ‫مفصل حقيق ّ‬ ‫ي‬ ‫السياسة ووجــهــا اآلخـــر غير األخــاق ـ ّ‬ ‫بمناوراتها وتــاعــب السياسيّين باأللفاظ‬ ‫والكلمات والمداورة على الواقع‪.‬‬ ‫ي مفاهيم‬ ‫هل من المطلوب أن يحمل السياس ّ‬ ‫أخالقيّة ويتعامل من منطلقها مع عدوه أو‬ ‫منافسه كما في حالتنا السورية‪ ،‬ســواء مع‬ ‫النظام أم مع الــدول اإلقليميّة المجاورة أم‬ ‫ي؟!‬ ‫المجتمع الدول ّ‬ ‫ّ‬ ‫سأورد مثاالً للتقريب هنا‪ ،‬فأقول‪ :‬لو كلفنا أحد‬ ‫قادتنا ليقود حوارا ً مع أحد أطراف الصراع‬ ‫وكان هذا المحاور والذي وثق به الشعب بشكل‬ ‫مباشر قد قاد الحوار بشكل اليخدم مصالح شعبه‬ ‫صة‬ ‫وال وطنه‪ ،‬وقام بناء على مصالحه الخا ّ‬ ‫ي قادم أو‬ ‫وحساباته الشخصيّة ومطامعه بكرس ّ‬ ‫منصب آ ٍ‬ ‫ت على الطريق بحرف المفاوضات‬ ‫وتحويرها ض ّد مصلحة وطنه وشعبه‪ ،‬أال يكون‬ ‫ي له‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬والتقييم الحقيق ّ‬ ‫تصرفه هذا غير أخالق ّ‬ ‫أنّه عميل وخائن لمصلحة شعبه وبلده؟؟!!‬ ‫هل علينا القول‪ :‬إن تسمع يالمعيدي خير من‬ ‫أن تــراه؟ أم نقول ّ‬ ‫ي ال‬ ‫إن السلوك الشخص ّ‬ ‫يُعيب المرء أمام اإلبداع واالنجاز الكبير؟ أم‬ ‫لنقل بأنّه من الضروري فصل اإلبداع والفكر‬ ‫عن السياسة؟! أو ّ‬ ‫أن المقارنة بينهما ال تص ّح‬ ‫أصالً؟!‪.‬‬ ‫يبدو ّ‬ ‫أن السؤال كبير ج ـ ّداً‪ ،‬ومفتوح أمامنا‬ ‫للنقاش والجدال حتّى آخر يوم في حياتنا‪.‬‬

‫ّ‬ ‫عزة البحرة‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫العدد ‪36‬‬

‫ثقافة‬

‫السنة الثانية‬

‫المسرحي‬ ‫صعود اإلخراج‬ ‫ّ‬

‫السوري‬ ‫ديوان الشعر‬ ‫ّ‬

‫الوصول بصرّياً بالعودة‬ ‫إلى األسطورة‬ ‫اعتبر بعض المن ّ‬ ‫ظرين ّ‬ ‫ي الجديد وظيفة هي تخليص المسرح‬ ‫أن للمسرح العرب ّ‬ ‫المتفرج بهدف تناول مسائل المجتمع السياسيّة جدليّا ً‬ ‫من األوهام وتقريبه من‬ ‫ّ‬ ‫المسرح ّ‬ ‫وجماع‬ ‫ي ِ‬ ‫فن للعين‪ ،‬رغم أنّه تركيب ّ‬ ‫ّ‬ ‫لفنون أخرى ليست بصريّة‪ ،‬وهو مولد لفنون‬ ‫ليس آخرها اإلخراج‪ ،‬الذي مورس دون تسمية‬ ‫مذ د ُّربــت الجوقات (الكورس) على األداء‬ ‫ي للراقصين من قِبل‬ ‫ي للشعر أو الحرك ّ‬ ‫الصوت ّ‬ ‫المؤلّفين مع انبثاق المسرح والسعي إلى إيجاد‬ ‫تكامل فنّي في العرض‪.‬‬ ‫ي بالمعنى‬ ‫ظهرت مهنة المخرج المسرح ّ‬ ‫ي المستق ّل‪ ،‬في نهايات القرن التاسع عشر‬ ‫العلم ّ‬ ‫ً‬ ‫ي‪ .‬وال يمكن‬ ‫المسرح‬ ‫للعرض‬ ‫ا‬ ‫مبدع‬ ‫باعتباره‬ ‫ّ‬ ‫التطرق إلى‬ ‫الحديث عن هذه الجانب دون‬ ‫ّ‬ ‫الممثّل والمخرج “كونستانتين ستانسالفسكي”‬ ‫صاحب ما س ّمي عالميّا ً بالمنهج‪ ،‬الذي أسّس‬ ‫وبوضوح ّ‬ ‫فن الممثّل في المعاناة والتجسيد‬ ‫ّ‬ ‫الفن” في‬ ‫اإلبداعيّين عمليّا ً عبر “مسرح‬ ‫ودون ذلك في كتاب “عمل الممثّل مع‬ ‫موسكو‪ّ ،‬‬ ‫نفسه”* ّ‬ ‫وفن اإلخراج في الوقت نفسه‪ ،‬وكان‬ ‫لتلميذه “فيسفولد مييرخولد” الــذي عارض‬ ‫“المنهج” واتّــهــم “ستانسالفسكي” بتشويه‬ ‫مسرحيّات “أنطون تشيخوف” أكبر األثر في‬ ‫ي عموماً‪ ،‬ما انعكس ّأوالً‬ ‫تطوير ّ‬ ‫الفن المسرح ّ‬ ‫فن الممثّل فاتحا ً األبواب العلميّة مدخالً‬ ‫على ّ‬

‫دراسة تاريخّية تحليلّية‬

‫“البيوميكانيك” مستفيدا ً من التجارب العبقريّة لـ‬ ‫“بافلوف”** كما سعى “مييرخولد” إلى إبراز‬ ‫مفاهيم وقيم حداثيّة في العرض بواسطة العالقة‬ ‫بين الممثّل والمكان ضمن السينوغرافيا‪.‬‬ ‫أخذ المخرج ‪ -‬كمبدع للعرض ‪ -‬مكانه بين‬ ‫المف ّكرين ‪ ،‬ث ّم ظهرت في بقيّة أوروبّا منتصف‬ ‫القرن العشرين مدرستان في اإلخــراج‪ :‬ما‬ ‫ي) نسبة‬ ‫ي أو (البريشت ّ‬ ‫س ّمي بالمسرح الملحم ّ‬ ‫إلى رجل المسرح األلماني “برتولد بريشت”‬ ‫ي”‬ ‫والذي تو ّ‬ ‫صل إلى ما أسماه المسرح “الجدل ّ‬ ‫أواخر حياته‪ ،‬ومدرسة أخرى كنقيض لألولى‪،‬‬ ‫ر ّكزت على نتائج الحرب العالميّة الثانية‪ ،‬من‬ ‫ي أصاب اإلنسان مستندة‬ ‫دمار ما ّد ّ‬ ‫ي وروح ّ‬ ‫إلى الفلسفة الوجوديّة‪ ،‬واشتهرت بأسماء عدّة‬ ‫منها مسرح “العبث”‪ّ ،‬‬ ‫لكن مريديها أرادوا أن‬ ‫تس ّمى مسرحا ً “طليعيّاً”‪.‬‬ ‫صة ‪ -‬كان‬ ‫ي خا ّ‬ ‫ي ‪ -‬والسور ّ‬ ‫في المسرح العرب ّ‬ ‫لإليديولوجيا بدءا ً من النصف الثاني للقرن‬ ‫ي‪ ،‬فقد تبنّي “ملحميّة‬ ‫العشرين‪ ،‬األثر الشمول ّ‬ ‫اإلخراج” باستخدام عناصر مثل “التغريب”‬ ‫بكثافة وقداسة‪ ،‬ولم يعد يخلو عرض من هكذا‬ ‫ّ‬ ‫المنظرين‬ ‫عناصر (ملحميّة)‪ ،‬واعتبر بعض‬

‫(انترنت)‬

‫ّ‬ ‫ي الجديد وظيفة هي تخليص‬ ‫أن للمسرح العرب ّ‬ ‫المتفرج‬ ‫المسرح من األوهــام وتقريبه من‬ ‫ّ‬ ‫بهدف تناول مسائل المجتمع السياسيّة جدليّاً؛‬ ‫ي “سعد هللا ونّوس”‬ ‫ي السور ّ‬ ‫ولع ّل المسرح ّ‬ ‫المثال األبرز على ذلك‪ ،‬لينتشر ذلك بين الهواة‬ ‫ّ‬ ‫والطلب‪.‬‬ ‫في إخراجات مسارح الع ّمال‬ ‫فيما كان ّ‬ ‫ي بين الحربين‬ ‫فن اإلخراج األوروبّ ّ‬ ‫العالميّتين يحاول خلق لغة جديدة للمسرح‪ ،‬منها‬ ‫أن ترسم ما خلف األسطر واأللفاظ‪ ،‬بمعنى‬ ‫ّ‬ ‫أن هنالك صورة ورؤيــا‪ ،‬مازجا ً بين الحلم‬ ‫والواقع من أمثال “أنطونين آرتو” صاحب‬ ‫مسرح “القسوة” الذي يرى ّ‬ ‫أن المسرح هو‬ ‫ما يجعلنا “نحلم ونحن مستيقظون” ليتابع بعده‬ ‫مخرجو النصف الثاني من القرن الماضي كـ‬ ‫ي” ذلك في‬ ‫“بيتر بروك” و “ييجي غروتوفسك ّ‬ ‫تفرداً؛ في‬ ‫تنويعات وتفريعات أعمق وأكثر ّ‬ ‫ي جديد بديل‪ ،‬خارج العلبة‬ ‫خلق فضاء مسرح ّ‬ ‫اإليطاليّة التي تعرف بصالة المسرح‪ ،‬مثل‬ ‫الساحات العا ّمة‪ ،‬والمقاهي‪ ،‬وحتّى الغابات‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬كما بدأ “بروك”‬ ‫بحثا ً عن المكان الال مسرح ّ‬ ‫عرضه “ماهابهارتا” أمام الفندق في مهرجان‬ ‫المتفرجون صعودا ً في‬ ‫ليستمر‬ ‫“آفينيون”‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫طريق حيث الجبل وصوالً إلى مغارة ت ّم فيها‬ ‫عرض أجزاء أخرى من الملحمة‪ ..‬إلخ‪ .‬ما‬ ‫ي من خالل‬ ‫منح العرض ذلك البعد الغرائب ّ‬ ‫سينوغرافيا تناسب الصورة التعبيريّة لتلك‬ ‫الملحمة السنسكريتيّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واليوم ال تتابع المسارح األوروبّية في “ما بعد‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ي وال االجتماع ّ‬ ‫الحداثة” المسرح األيديولوج ّ‬ ‫بل يصعد مسرح األساطير والطقوس والحلم‪،‬‬ ‫كما في مسرح “الصورة”‪ ،‬وهنالك تجارب‬ ‫عربيّة – نادرة ‪ -‬كتجارب الممثّل والمخرج‬ ‫ي “المنصف السويسي” التي تستند إلى‬ ‫التونس ّ‬ ‫األسطورة والطقس العربيّين وتكوين الممثلّ‬ ‫بكامل أبعاده الما ّديّة والروحيّة لخلق مسرح‬ ‫المتفرج‪.‬‬ ‫يصل عبر عين‬ ‫ّ‬ ‫*عرف بترجمة رديئة إلى العربيّة بعنوان “إعداد‬ ‫الممثّل”‪.‬‬ ‫**إيفان بافلوف (‪ )1936 – 1849‬عالم ذالطبّ‬ ‫في عام ‪ ،1904‬من أشهر أعماله نظريّة الفعل‬ ‫ي‪.‬‬ ‫المنعكس الشرط ّ‬

‫بشّار فستق‬

‫السياسي عند اإلسالمّيين* )‬ ‫(العنف‬ ‫ّ‬

‫هل محكومون قدرّياً بإعادة التجارب؟!‬ ‫ي مصطلح ّ‬ ‫ملطف للتعبير عن‬ ‫العنف السياس ّ‬ ‫الصراع على السلطة؛ إ ّما للحصول عليها‪ ،‬أو‬ ‫لالحتفاظ بها؟ وهو قديم قدم نشوء المجتمعات‬ ‫البشريّة‪ .‬وفي الوقت الذي تخلّصت به أوروبّا‬ ‫من تلك العاهة السلوكيّة بعد حروب دامية راح‬ ‫ي‬ ‫ضحيّتها ماليين البشر‪ ،‬بقي الشرق العرب ّ‬ ‫يعدّها وسيلته المفضّلة للوصول إلى السلطة أو‬ ‫ي في انحراف‬ ‫للحفاظ عليها؟ وما الربيع العرب ّ‬ ‫مساراته ّإل تعبير عن تلك الحالة!‪.‬‬ ‫وإذا كانت األنظمة العربيّة مارست العنف‬ ‫ي بك ّل أشكاله غير اإلنسانيّة؛ كذلك‬ ‫السياس ّ‬ ‫مارسته وتمارسه التنظيمات اإلسالميّة‬ ‫الراديكاليّة الستعادة حقّها الموهوم في قيادة‬ ‫المجتمع سياسيّا ً من خالل رؤية تعتمد تفسيراً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحق السليب‬ ‫النص الستعادة هذا‬ ‫يلوي عنق‬ ‫ّ‬ ‫مشوهة‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫علمان‬ ‫أو‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫استبداد‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫عسكرتار‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫راديكاليّة تجاه التيّار اإلسالم ّ‬ ‫ّ‬ ‫فمنذ سقوط الخالفة اإلسالميّة حتى يومنا هذا‪،‬‬ ‫ي حاصل بين هؤالء الفرقاء‪،‬‬ ‫والعنف السياس ّ‬ ‫ليتّخذ أشكاالً مختلفة تعتمد الدين مرجعا ً‬ ‫للوصول إلى السلطة‪ ،‬أو الحفاظ عليها‪.‬‬ ‫ي عند‬ ‫ولكن حينما أتحدّث عن العنف السياس ّ‬ ‫اإلسالميّين‪ ،‬أتساءل‪ :‬هل هذا السلوك مارسه‬ ‫المسلمون ابتدا ًء أم مورس عليهم؟‬ ‫لــو عدنا إلــى بــدايــة الــرســالــة‪ ،‬سنلحظ أنّــه‬ ‫مورس عليهم؛ فلما جهر الرسول برسالته‬ ‫في م ّكة‪ ،‬أدركــت القيادة المركزيّة في دار‬ ‫الندوة ّ‬ ‫أن م ّحمدا ً برسالته سيسحب البساط من‬ ‫ّ‬ ‫ليجردها من كل امتيازاتها السياسيّة‬ ‫تحتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قررت أن تقف‬ ‫واالقتصاديّة واالجتماعيّة؛ لذا ّ‬ ‫ضدّه بشدّة‪ ،‬وقد كان‪ .‬علما ً ّ‬ ‫بأن الرسول الكريم‪،‬‬ ‫لما وجد صدَّهم عن رسالته‪ ،‬لم يقهرهم عليها‪،‬‬ ‫بالحريّة في عرض رسالته على‬ ‫إنّما طالبهم‬ ‫ّ‬ ‫المجتمع قائالً‪ :‬خلّوا بيني وبين الناس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن قيادة دار الندوة؛ تدرك األمور ومآالتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأن المستضعفين وجــدوا في تلك الرسالة‬ ‫مالذا ً روحيّا ً وخالصا ً من القهر واالستعباد‪،‬‬ ‫وسينضمون لمح ّمد‪ ،‬فبعد أن فشلت ك ّل‬ ‫محاوالت الترغيب والترهيب‪ ،‬أجمعوا على‬ ‫ي بأقبح صوره من‬ ‫استخدام العنف السياس ّ‬ ‫خالل قرارهم باغتيال الرسول في بيته‪ ،‬فخرج‬ ‫مهاجرا ً إلى المدينة‪.‬‬ ‫ول ّما تم ّكن المسلمون من قيادة جزيرة العرب‬ ‫ي المس ّمى تاريخيّا ً‬ ‫بواسطة العقد االجتماع ّ‬ ‫ي‬ ‫السياس‬ ‫العنف‬ ‫بذور‬ ‫(صحيفة المدينة) بدأت‬ ‫ّ‬ ‫تظهر بين المسلمين أنفسهم من خالل اغتيال‬ ‫ي‬ ‫عثمان‪ ،‬الذي أسّس اغتياله لصراع سياس ّ‬ ‫مرير على السلطة‪ ،‬التزال آثاره واضحة في‬ ‫ثقافتنا وسلوكنا حتّى يومنا هذا‪.‬‬ ‫عمليّة االغتيال هذه قسمت المجتمع المسلم‬ ‫مذّاك العهد حتّى اللحظة عموديّاً! لتولّد صراعا ً‬ ‫سياسيّا ً على اإلسالم ال من أجله؛ فهو بدأ ما‬ ‫ي‪ّ ،‬إل أّن ذيوله الدمويّة نراها‬ ‫بين معاوية وعل ّ‬ ‫واضحة في الثورة السوريّة‪ ،‬لتحرف ثورتنا‬ ‫عن مسارها‪ ،‬وتدخلها في نفق مظلم‪ ،‬الخاسر‬ ‫األكبر فيه اإلسالم والمسلمون! والذي يدفع‬ ‫ي‪ ،‬الذي وجد نفسه‬ ‫الثمن فيه الشعب السور ّ‬ ‫يقدّم أبناءه قرابين لمعركة ليست من أجلها‬ ‫خرج‪ ،‬وال لها يض ّحي!‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ي‪ ،‬لم‬ ‫هذا الصراع الذي بدأ بين معاوية وعل ّ‬ ‫يكن دينيّا ً ّ‬ ‫قط‪ ،‬بل كان سياسيّا ً بامتياز‪ ،‬وجد له‬ ‫حولوه من دائرة السياسة إلى‬ ‫آبا ًء مؤّ سسين‪ّ ،‬‬ ‫دائرة األيدلوجيا الدينيّة‪ ،‬فت ّمت منهجة أفكاره‬ ‫ومنحها بعدا ً عقديّاً‪ ،‬حتّى غدا لك ّل فريق مفهومه‬ ‫الخاص لتأويل آي القرآن‪ ،‬نال قداسة عند‬ ‫ّ‬ ‫المؤسّسة الدينيّة والمجتمع‪ ،‬أكثر من القرآن‬ ‫ذاته؛ كما اختلقوا له نصوصا ً نبويّة‪ ،‬ليضيفوا‬ ‫يحرم على العامة الخروج عنه‪،‬‬ ‫له بعدا ً دينيّاً‪ّ ِ ،‬‬ ‫ويبذل الغالي والنفيس لتحقيقه في الواقع‪.‬‬ ‫وال يتحدّث أحد اليوم ّ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫بأن الصراع سياس ّ‬ ‫إنّما يهرع ك ّل طرف الستحضار التأويل‬ ‫ي والنصوص المختلقة ليمنحه بعدا ً إلهيّاً‪،‬‬ ‫الدين ّ‬ ‫ي لهذا الطرف‬ ‫السياس‬ ‫العنف‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫مشروع‬ ‫يسبغ‬ ‫ّ‬ ‫أو ذاك‪.‬‬ ‫ويبكي اإلســام أبناءه الذين يسترخصون‬ ‫دمــاءهــم‪ ،‬ويــد ّمــرون أوطــانــهــم‪ ،‬وتتخلّف‬ ‫مجتمعاتهم ألجل قضيّة ليست قضيّته‪ ،‬إنّما‬ ‫السلطة مرادها‪ ،‬وليس الدين‪.‬‬ ‫وتجلّى مظهر هــذا الــصــراع فــي ثورتنا‬ ‫السوريّة‪ ،‬الذي استطاع الخبثاء أن يحرفوها‬ ‫الحريّة‬ ‫عن مسارها وهدفها‪ ،‬من ثورة ألجل‬ ‫ّ‬ ‫والكرامة ض ّد استبداد لم يعرف التاريخ أش ّد‬ ‫ي بين مشروع‬ ‫منه قسوة‪ ،‬إلى صراع طائف ّ‬ ‫ي استخدم الشيعة والتشيّع وسيلة‪،‬‬ ‫فــارسـ ّ‬ ‫ي (داعش‬ ‫ي فوضو ّ‬ ‫ومشروع تدمير ّ‬ ‫ي تو ّحش ّ‬ ‫مثاله)؛ استخدم مصطلح الخالفة وتطبيق‬ ‫الشريعة وسيلة لوصوله إلى السلطة؛ ولعمري‬ ‫ّ‬ ‫بحق اإلسالم واإلنسانيّة‬ ‫كالهما كاذبان آفّاقان‬ ‫وحريّة الشعوب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫اعتمد الفريقان في تحقيق مشروعهما السياس ّ‬ ‫نص غير صحيح‪ ،‬يتحدّث عن الفرقة‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الناجية‪ ،‬ليقسّم األ ّمة شيعا وأحزابا‪ ،‬ك ّل حزب‬ ‫بما لديهم مجانين‪.‬‬ ‫ي فسنجد ّ‬ ‫أن‬ ‫ولو عدنا إلى تاريخنا اإلسالم ّ‬ ‫مرة أخرى من خالل‬ ‫ي‪ ،‬حضر ّ‬ ‫العنف السياس ّ‬ ‫ي‪ ،‬الذي انتهى بإبادة‬ ‫الصراع األمو ّ‬ ‫ي العباس ّ‬ ‫ي بطريقة ال إنسانيّة‪ ،‬وكانت‬ ‫الطرف األمو ّ‬ ‫السلطة هي الهدف‪ ،‬والعنف وسيلتها‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬ ‫ي المزعوم يمنحها المشروعيّة‪،‬‬ ‫الحق اإلله ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق إليهم‬ ‫فباسم االنتقام آلل البيت وعودة‬ ‫ي‪ ،‬وسرعان ما ألحقّ‬ ‫ت ّمت تصفية الجناح األمو ّ‬ ‫العباسيّون في تلك التصفية آل البيت أنفسهم‪،‬‬ ‫حتّى ال يبقى أحد ينافسهم على السلطة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫حدثان في التاريخ جعال العنف السياس ّ‬ ‫مشروعاً‪:‬‬ ‫لو بحثنا تاريخيّا ً في تلك األزمــة بعيدا ً عن‬ ‫العاطفة‪ ،‬يمكن اعتبار اللحظة التي انتصر‬ ‫فيها اإلمام أحمد بن حنبل على خصومه من‬ ‫المعتزلة‪ ،‬هي بداية عزل العقل عن ميدان‬ ‫وتفرد النصوصيّة السلفيّة في‬ ‫البحث والتحليل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫السياس‬ ‫ساحة التنظير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن لحظة انتصار اإلمام أحمد بن حنبل لحظة‬ ‫شك في هذا؛ ّ‬ ‫عظيمة ال ّ‬ ‫ألن المعتزلة سلكوا‬ ‫طريقا ً خاطئا ً في عرض أفكارهم‪ ،‬تمثّل بقهر‬ ‫الناس عليها‪ ،‬مستغلّين قربهم من السلطة‪ .‬ولكن‬ ‫يؤرخ‬ ‫لو دققنا في ذلك االنتصار‪ ،‬لوجدنا أنّه ّ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫للحظة انهزام العقالنيّة في الفكر اإلسالم ّ‬ ‫إذ ت ّم استثمار انتصار اإلمام أحمد خطأً‪ ،‬حين‬

‫‪11‬‬

‫ي‪ ،‬وهيمن أهل النقل‬ ‫طغى التيّار النصوص ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على المعرفة الدينيّة‪ ،‬حتى أن القرنين الثالث‬ ‫والرابع الهجريّين‪ ،‬كانا قرني أهل الحديث‬ ‫بامتياز‪ ،‬وغدت العمليّة العقالنيّة في التعامل‬ ‫ي وفلسفة المعرفة الدينيّة‪ ،‬ينظر‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫النص الدين ّ‬ ‫إليها وكأنّها هرطقة‪ ،‬يُراد منها هدم الدين!‬ ‫ي‬ ‫التقليد‬ ‫وال يزال حتّى يومنا هذا‪ ،‬طالب العلم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بشك وريبة‪،‬‬ ‫ينظر إلــى الفالسفة وآرائــهــم‬ ‫ليعتبرهم زنادقة‪.‬‬ ‫كما لم تستطع مدرسة األشاعرة التي اتّخذت‬ ‫ّ‬ ‫خط الوسطيّة والمصالحة ما بين المدرستين‪:‬‬ ‫مدرسة النصوصيّين والمعتزلة تحت مس ّمى‬ ‫مدرسة أهل الكالم‪ ،‬لم تستطع حتّى يومنا‬ ‫هذا أن تس ّجل انتصارا ً حقيقيّا ً للعقالنيّة‪ ،‬لغلبة‬ ‫وتخرصاته عليها من جهة‪،‬‬ ‫التصوف‬ ‫مفاهيم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المشرع والداعم‬ ‫غدت‬ ‫لكونها‬ ‫أخرى‬ ‫جهة‬ ‫ومن‬ ‫ّ‬ ‫ي لألنظمة المستبدّة تحت ذريعة الخوف‬ ‫الحقيق ّ‬ ‫من الفتنة‪.‬‬ ‫فرخ اليوم‬ ‫هذا االنتصار لمدرسة ابن حنبل‪ّ ،‬‬ ‫المدرسة السلفيّة الجهاديّة‪ ،‬التي ال ترى إلّ‬ ‫العنف ‪ -‬والعنف فقط ‪ -‬سبيالً للوصول إلى‬ ‫ي‪ ،‬بذريعة استعادة الخالفة‪ّ ،‬ما‬ ‫هدفها السياس ّ‬ ‫زاد األ ّمــة ابتعادا ً عن الرشد‪ ،‬والدخول في‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ي ذي العنوان الدين ّ‬ ‫دوامة العنف السياس ّ‬ ‫وديننا الحنيف بريء منه كبراءة الذئب من دم‬ ‫ابن يعقوب!‪.‬‬ ‫أ ّمـــا الــحــدث الــثــانــي فقد تــ ّم بعد سيطرة‬ ‫المماليك (الذين مثّلوا آنذاك مدرسة العنف‬ ‫ي عسكريّاً) على الخليفة القادر باهلل‬ ‫السياس ّ‬ ‫(‪381‬ـ‪423‬هـ) (‪ 991‬ـ ‪1031‬م) حتّى أصبح‬ ‫سمي‬ ‫لعبة بين أيديهم؛ وأصدر أمرا ً سلطانيّا ً ُ‬ ‫ـرم المقوالت‬ ‫ي حـ َّ‬ ‫تاريخيّا ً باالعتقاد القادر ّ‬ ‫العقالنيّة وعلم الكالم وفكرة العدل والتوحيد‪،‬‬ ‫مرة أخرى‪.‬‬ ‫فسيطرت السلفيّة النصوصيّة ّ‬ ‫ي‪ ،‬لوجدنا خلفه‬ ‫ولو بحثنا في المرسوم القادر ّ‬ ‫بعدا ً سياسيّاً‪ ،‬إذ قام فقهاء االستبداد باستنهاض‬ ‫نصوص خــارج سياقها لخدمة االستبداد‬ ‫ي المسيطر على مقدّرات المجتمع‪،‬‬ ‫المملوك ّ‬ ‫وعندما تتقدّم العسكرة في المجتمع‪ ،‬تتأ ّخر‬ ‫العقالنية!‬ ‫ي‪ ،‬ليشهد تأطيرا ً‬ ‫الهجر‬ ‫الخامس‬ ‫القرن‬ ‫جاء‬ ‫ّ‬ ‫ي في الحفاظ على السلطة من‬ ‫للعنف السياس ّ‬ ‫ي في كتابه (األحكام السلطانيّة)‬ ‫خالل الماورد ّ‬ ‫الــذي أعتبره فتوى شرعيّة لك ّل مستب ّد‬ ‫باستئصال مخالفيه بذريعة السياسة الشرعيّة؛‬ ‫ي في كتابه (الجهاد) بحرمة‬ ‫وعليه اعتمد البوط ّ‬ ‫ي األمر حتّى ولو جلد ظهرك‬ ‫الخروج عن ول ّ‬ ‫وأخذ مالك!؟‬ ‫إذن نستطيع القول‪:‬‬ ‫ســس فقهاء‬ ‫بعد أن فقدت األ ّمــة رشدها‪ ،‬وأ ّ‬ ‫االستبداد لمشروعيّة الملك العضوض‪ ،‬الذي‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ي والسياس ّ‬ ‫ي والدين ّ‬ ‫بات المرجع التاريخ ّ‬ ‫لتفريخ االستبداد وهيمنة الحاكم على السلطة‬ ‫مــدى الحياة‪ .‬جــاؤوا ببدعتين سياسيّتين‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬الدين في مقاصده‬ ‫ّ‬ ‫تسوغان العنف السياس ّ‬ ‫منها براء‪:‬‬ ‫األولى‪ :‬تقول بوجوب طاعة الحاكم ولو جلد‬ ‫ظهرك وسلب مالك! بدالً من أن يأسّسوا نظاما ً‬ ‫والحريّة وتــداول‬ ‫سياسيّا ً يقوم على العدل‬ ‫ّ‬

‫السلطة‪ ،‬ليس ّد الذريعة أمام تف ّ‬ ‫شي االستبداد‪،‬‬ ‫الــذي جاء اإلســام لمقاومته ومنعه ووأده‪.‬‬ ‫وأن يوضّحوا ّ‬ ‫مفوض من المجتمع‬ ‫بأن الحاكم ّ‬ ‫تفويضا ً مقيّدا ً بمصالح المجتمع‪ ،‬متى ما خرج‬ ‫الحاكم عنه‪ ،‬ت ّم عزله‪.‬‬ ‫والثانية‪ :‬اعتبار الشورى معلّمة ال ملزمة!‬ ‫وهذا يعني منح الحاكم ّ‬ ‫حق االستبداد بالرأي‬ ‫والتفرد باتّخاذ القرار‪ ،‬وإباحة استخدام العنف‬ ‫ّ‬ ‫ي ض ّد مخالفيه‪.‬‬ ‫السياس‬ ‫ّ‬ ‫وختاما ً أقول‪:‬‬ ‫ي‬ ‫نحتاج كثيرا ً لمراجعات حقيقيّة للفكر السياس ّ‬ ‫ي بك ّل مدارسه‪ ،‬وآن األوان لنعترف‬ ‫اإلسالم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن تلك الــمــدارس التراثيّة لم تعد صالحة‬ ‫اليوم في دولة المواطنة المنشودة‪ ،‬والدولة‬ ‫المعاصرة الحديثة‪ ،‬وعلينا أن نبتكر مفهوما ً‬ ‫سياسيّا ً ي ّمت للواقع المعاصر الذي نعيشه‪،‬‬ ‫ويعتمد مقاصد اإلسالم اإلنسانيّة واألخالقيّة‬ ‫مرجعاً‪ .‬فاألوطان تبنى بالتشاركيّة ال بالقطيعة‪،‬‬ ‫والعنف يعقّد المشاكل وال يحلّها‪ .‬والديمقراطية‬ ‫دواء لنا ال داء‪ .‬ال نريد عنفا تنتصر في نهايته‬ ‫الديمقراطيّة‪ ،‬ألنّنا ال نريد العنف ذاته‪ ،‬فهل‬ ‫يمكن الوصول إلى ديمقراطيّة بدون عنف؟ ّ‬ ‫إن‬ ‫كثيرا ً من الديمقراطيّات دفعت دما ً للوصول‬ ‫مستقرة‪ ،‬ولكن هل محكومون قدريّا ً‬ ‫إلى حالة‬ ‫ّ‬ ‫بإعادة التجارب؟!‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي وتقضي‬ ‫األهل‬ ‫السلم‬ ‫ق‬ ‫ق‬ ‫تح‬ ‫إن الديمقراطية‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬وتضمن ممارسة‬ ‫على ظاهرة العنف السياس ّ‬ ‫السياسة كأسلوب متحضّر في إدارة شؤون‬ ‫المجتمع وح ّل مشاكله وتناقضاته‪ ،‬وإقامة نظام‬ ‫ي يقوم على الحوار والتفاهم‪ ،‬وتداول‬ ‫سياس ّ‬ ‫السلطة‪ ،‬ونبذ العنف بك ّل صوره‪ ،‬واالحتكام‬ ‫إلى نتيجة االنتخابات النزيهة‪ ،‬وهذا يتطلّب‬ ‫ثقافة ديمقراطيّة قبل الديمقراطيّة ذاتها؟‬ ‫ي قد نجح باإلطاحة‬ ‫إذا كــان الربيع العرب ّ‬ ‫بفراعنة العصر الحديث كمبارك والقذافي‬ ‫وزيــن العابدين وصــالــح‪ ،‬وسيطيح يقينا ً‬ ‫باألسد‪ّ ،‬إل ّ‬ ‫أن سمعة اإلسالم كانت الخاسر‬ ‫األكبر‪ ،‬ففي الحالة السورية‪ ،‬خسر اإلسالم‬ ‫ي مصداقيّته التي مثّلها زورا ً وبهتانا ً‬ ‫السياس ّ‬ ‫تنظيم «داعش» ليجعل من المجتمع ينفر من‬ ‫اإلسالميّين‪ ،‬وال يثق بهم‪ ،‬ويراهم استبدادا ً‬ ‫ي مولّد‬ ‫بديالً عن االستبداد ّ‬ ‫ي‪ .‬فالعنف السياس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومعطل للتنمية وقاهر لإلبداع ويقود‬ ‫لالستبداد‬ ‫البلد للخراب والدمار واسألوا السوريّين!‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي لإلسالم الديمقراط ّ‬ ‫* بحث مقدّم للمنتدى العالم ّ‬

‫أحمد الرمح‬

‫ُحرّاً‬ ‫ُ‬ ‫أضأت‬ ‫دروب الشعر‬ ‫في زمني‬ ‫وصفـــي قرنفـــلي‬

‫(‪)1972 – 1911‬‬ ‫ُو ِل َد وصفي بن كامل قرنفلي في مدينة‬ ‫حمص عــام ‪ 1911‬وتلقّى دراسته‬ ‫االبتدائيّة في المدارس األرثوذكسيّة‬ ‫بحمص‪ ،‬بدأ ينظم الشعر بقصائد وطنيّة‬ ‫وغزليّة وهــو في السادسة عشر من‬ ‫عمره‪ .‬لم يتمكّن من متابعة دراسته‪،‬‬ ‫وأنهاها عند الصف الحادي عشر ملتحقا ً‬ ‫بالعمل في دائرة المساحة بحمص عام‬ ‫فانكب‬ ‫‪ .1929‬لم ينقطع عن المطالعة‬ ‫َّ‬ ‫ـب وشــغــف‪ ،‬وتلقّى بعض‬ ‫عليها ب ـ ُحـ ّ ٍ‬ ‫الدروس باللغة العربيّة على يد أستاذه‬ ‫يوسف شـــاهين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ســافــر فــتــرة إلــى مصر واطــلــع على‬ ‫الحركة األدبيّة فيها ونشر بعض إنتاجه‬ ‫ّ‬ ‫والمجلت التي تصدر في‬ ‫في الصحف‬ ‫ّ‬ ‫القاهرة‪ .‬عاد إلى حمص وتوطدت عالقته‬ ‫مع األديب نصوح فاخوري واألديب عبد‬ ‫السالم عيون السود‪ ،‬وفي عام ‪1954‬‬ ‫أصدر ك َُّراسا ً مع صديقه نصوح فاخوري‬ ‫بعنوان (موعد وعهد)‪.‬‬ ‫لم يدخل وصفي القفص الزوجي طيلة‬ ‫حياته‪ ،‬بدأ المرض يتغلغل في جسمه‬ ‫منذ عام ‪ 1957‬وأهمل نفسه في ال ِعالج‬ ‫الطب شفاءه‪،‬‬ ‫فاستفحل المرض واستحال‬ ‫ّ‬ ‫فأصيب بالشلل بنهاية عام ‪ 1967‬وبقي‬ ‫طريح الفراش حتّى وافته المنيّة صباح‬ ‫يــوم الثالثاء في ‪ /12‬كانون األول ‪/‬‬ ‫‪.1972‬‬ ‫لُقّب بشاعر حمص‪ .‬لكنّه كــان يكره‬ ‫األلقاب فقال‪:‬‬ ‫أنا لستُ شاعر حمص‪ ،‬فيما يدّعي قو ٌم‪،‬‬ ‫الناس‬ ‫بشاعر‬ ‫ولســتُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شاعــري‪ ،‬أنا عالم ّي أنا أ ّمتي وهناك‬ ‫أنا‬ ‫ّ‬ ‫ِشعري في ضمير الكاس‬ ‫وعلى ظـالل الهدب أيقظ في دمي خدراً‪،‬‬ ‫ولف مفاصـلي بنعاس‬ ‫ّ‬ ‫نختار من شعره‪:‬‬ ‫من قصيدة (موعد وعهد)‬ ‫بـالدنــا‪ُ ،‬متّكــأ أخضـر غنّــى‪ ،‬على‬ ‫أقدامـه‪ ،‬جدو ُل‬ ‫صحراؤنـا شعر‪ ،‬وأنجــادنا خمر‪،‬‬ ‫وخصب سهلنا‪ ،‬مخمـ ُل‬ ‫فتياننا األحرار‪ ،‬قد أقسمــوا‪ ،‬أالّ يسيروا‪،‬‬ ‫في لـواء ّ‬ ‫الظـال ْم‬ ‫عبْر الحدود الب ُْله‪ ،‬عبر الدُّجى‪ ،‬بينـــكم‬ ‫ال ّ‬ ‫شـام‪ .‬ونحن الشآ ْم‬ ‫من قصيدة (قلب ضــائع)‬ ‫يا قلب ويحـكَ ضيّعوك وما برحــت لهم‬ ‫وفِيّــا‬ ‫ً‬ ‫أمسيتَ يا مسكين ال ميتا فيسلو في التراب‬ ‫ولستَ حيّا‬ ‫قد كان أمس ومــات أمس فخــ ِّل أمس‬ ‫وعش خليّـا‬ ‫من قصيدة (فالن …‪ .‬وتاريخنا …‪.‬‬ ‫والغُزاة)‬ ‫نحن العروبة‪ ،‬في أنقى شمــائلها يا من‬ ‫صلبا‬ ‫على يدكــم إنسانها ُ‬ ‫والمجد‪ ،‬نحن العوالي من شوامخه‪،‬‬ ‫والمجد‪ ،‬إذ ينتخي‪ ،‬لم يَ ْعـدنا نسبا‬ ‫ليس األ ِذالّء في التاريخ‪ ،‬من عرب‪ ،‬وأنت‬ ‫منهم‪ ،‬وال َمن يعبد الذهبا‬ ‫هذي البالد لنا‪ ،‬ليســت لكم أبداً‪ ،‬ونحن‬ ‫تاريخ هذا الشرق إن ُكتبــا‬ ‫الحبّ والسلم ركــن في حضارتنا‪ ،‬وكنتم‬ ‫عبا‬ ‫والر ُ‬ ‫الحقد‪ ،‬في التاريخ‪ُ ،‬‬ ‫صــوت)‬ ‫من قصيدة (رائحة ال ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الظ ِّل ما ض ّج صوته بأذني إالّ‬ ‫غليظ ثقي ُل ِ‬ ‫ّ‬ ‫هز بي ك ّل جارحه‬ ‫ي وإنّما تل ّمست نفسا ً‬ ‫إل‬ ‫يخطئ‬ ‫لم‬ ‫وأقســم‬ ‫ّ‬ ‫بين شدقيه كالحه‬ ‫ُ‬ ‫كذلك لألصوات طعم نحسّــه ولون وراء‬ ‫ي ورائحه‬ ‫العين ح ّ‬ ‫ومن قصيدة (على ضريحي)‬ ‫[نظم هذه األبيات كي تُكت َب على ضريحه]‬ ‫َ‬ ‫يحــــركني بيت من‬ ‫لقد غــدوت ترابا‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫الشـعر أو زهر على ُ‬ ‫صن‬ ‫غ ِ‬ ‫حسبي‪ ،‬وال حسب خلف القبر‪ ،‬متّكئي في‬ ‫حضـن أمي وإنّي في ثرى وطني‬ ‫وإنّني كنت‪ ،‬واألحــرار تعرفني‪ُ ،‬ح ّراً‪،‬‬ ‫أضأت دروب ال ِشعر في زمني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫مقامات‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪36‬‬

‫‪2015 / 9 / 3‬‬

‫ّ‬ ‫لكل مقام مقال‬

‫في البدء كان الجسد‬

‫وهل جزاء اإلحسان ّإل اإلحسان!؟‬

‫بدنا نحكي‬

‫أصــدرت اللجنة السوريّة الستبدال عملة‬ ‫ي‬ ‫التداول في المناطق‬ ‫ّ‬ ‫المحررة بالشمال السور ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أقرت فيه‬ ‫يوم األحد ‪ 9‬آب ‪ 2015‬بيانا رسميّا ّ‬ ‫البدء بتطبيق القرار المشترك للقوى الثوريّة‬ ‫ينص على البدء‬ ‫والفصائل العسكريّة والذي‬ ‫ّ‬ ‫ي في استبدال العملة السوريّة بالعملة‬ ‫العمل ّ‬ ‫التركيّة‪.‬‬ ‫عقد في‬ ‫ي ُ‬ ‫جــاء ذلــك خــال مؤتمر صحف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي الزبديّة‪ ،‬حضره ممثلون‬ ‫ي بح ّ‬ ‫المركز الثقاف ّ‬ ‫عن الفصائل العسكريّة والمجالس القضائيّة‬ ‫والفعّاليات الثوريّة ومنهم ع ّمار أبو ياسر ممثّالً‬ ‫عن الفصائل العسكريّة واألستاذ مح ّمد غياث‬ ‫دعّاس ممثّالً عن نقابة االقتصاديّين األحرار‬ ‫واألستاذ مح ّمد رجب ممثّالً عن المحكمة‬ ‫الشرعيّة بحلب واألستاذ يوسف صدّيق ممثّالً‬ ‫عن المراكز اإلعالميّة واألستاذ مح ّمد سندة‬ ‫ممثّالً عن المجلس المحلّي في مدينة حلب‪.‬‬ ‫نــعــم‪ ،‬اجتمعت شــلّــة مــن الــمــشــايــخ‪ ،‬ومن‬ ‫العسكريّين‪ ،‬وبعض العاملين فــي الشأن‬

‫‪Malek Jandali‬‬

‫الحريّة في عتمة‬ ‫ي يرى‬ ‫ّ‬ ‫ومازال الطفل السور ّ‬ ‫الظلم والظالم في حين يتوه العالم في نور‬ ‫الديمقراطيّة ونظريّات حقوق اإلنسان!‬

‫أنمار شعبان النعيمي‬

‫ي‬ ‫نظرات العتب التي يحملها الطفل السور ّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمات حقوق الطفل‬ ‫كافية ألن تبصم جميع‬ ‫واإلنسان بالعار والخذالن إلى األبد‪.‬‬

‫‪kald‬‬

‫ّ‬ ‫يحق لك ّل أطفال العالم أن يتعلّموا‬ ‫لماذا‬ ‫ّ‬ ‫ي محروم من‬ ‫ويعيشوا بسالم إل الطفل السور ّ‬ ‫التعليم والمأوى والغذاء والدواء واألمان؟ أين‬ ‫ّ‬ ‫منظمات حقوق الطفل؟‬

‫الرموز التعبيريّة قتلت «‪»LOL‬‬ ‫أعلن فريق عمل موقع التواصل االجتماعي‬ ‫«‪ّ ،»Facebook‬‬ ‫أن مصطلح «‪،»LOL‬‬ ‫وهو اختصار للجملة اإلنجليزية «‪Laughing‬‬ ‫‪ »Out Loud‬والتي تعني «الضحك بصوت‬ ‫عال»‪ ،‬لم يعد األكثر استخداما ً للتعبير عن‬ ‫الضحك‪.‬‬ ‫ووجـــدوا ّ‬ ‫أن الضحكة األكثر شعبيّة على‬ ‫ُ‬ ‫األنترنت هي «هاها»‪ ،‬وتستخدم من قبل‬ ‫‪%51‬من الناس‪ .‬وثاني أكثر ضحكة شعبيّة هي‬ ‫رمز الوجه السعيد‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬

‫وقرروا على حين غفلة استبدال‬ ‫ي‪ّ ،‬‬ ‫االقتصاد ّ‬ ‫العملة السوريّة بالتركيّة‪ ،‬اعتبروا أنفسهم فكروا‬ ‫وتباحثوا وناقشوا‪ ،‬ومن ث ّم سمحوا ألنفسهم أن‬ ‫يقرروا‪ ،‬وأن يبدؤوا بالتطبيق‪ ،‬فالموضوع‬ ‫ّ‬ ‫سهل وال عواقب له‪ ،‬ما دام أهل الح ّل والربط‬ ‫ارتؤوا أن يستبدلوا فليستبدلوا إذن!!‬ ‫المرة األولى في تاريخ البشريّة التي‬ ‫ربّما هي ّ‬ ‫ي عال‪ ،‬من مستوى‬ ‫يصدر فيها قرار اقتصاد ّ‬ ‫تغيير العملة الوطنيّة بفتوى شرعيّة تصدر‬ ‫عن مشايخ‪ ،‬دون صدور أيّة دراسة اقتصاديّة‬ ‫توضّح الفوائد الج ّديّة من مثل هكذا إجراء‪،‬‬ ‫سوى ورقة أعدّتها نقابة االقتصاديّين األحرار‬ ‫كان فيها ك ّل شــيء‪ ،‬عدا اللغة االقتصاديّة‬ ‫والمسوغات الحقيقيّة لقرار كالذي‬ ‫المنهجيّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اتّخذ‪ ،‬فقط هم رؤوا ّ‬ ‫أن قرار استبدال العملة‬ ‫سيع ّجل بسقوط نظام األســد‪ ،‬وكأنّما األسد‬ ‫يقف على حافّة المنحدر‪ ،‬وقرار كهذا سيرميه‬ ‫بسرعة إلى القاع‪.‬‬ ‫ي الذي لم يُجب عليه القائمين‬ ‫والسؤال الج ّد ّ‬

‫‪https://www.youtube.‬‬ ‫‪4StkY5Jmt=com/watch?v‬‬ ‫‪feature=youtu.be&J0‬‬ ‫تغرد في البيت األبيض بواشنطن‬ ‫فتاة سوريّة ّ‬ ‫مصور على شريط‬ ‫ألجل أطفال سورية؛ تقرير‬ ‫ّ‬ ‫(فيديو) في دقيقتين ونصف‪ ،‬للواشنطن بوست‬ ‫عن الفتاة السوريّة «ماريال شاكر» التي أتت‬ ‫للواليات المتّحدة قبل عامين لتكمل دراستها في‬ ‫الموسيقا‪ ،‬لكنّها بقيت ملتزمة بما يحصل في‬ ‫بلدها‪ ،‬وعزفت موسيقاها داخل البيت األبيض‬ ‫ي لالجئين‪.‬‬ ‫كممثّل للتغيير في اليوم العالم ّ‬

‫هاتف «آي فون» الجديد من‬ ‫«آبل»‬

‫بشّ ار فستق ‪ -‬غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موىس ‪ -‬ع ّزة البحرة‬ ‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫بسام يوسف‬

‫ريم الحاج‬

‫حسين برو‬

‫أمين معلوف ‪amin maalouf‬‬ ‫« ّ‬ ‫إن ما هو مقدّس في الديمقراطيّة هو القيم‬ ‫وليس اآلل ـيّــات‪ .‬ومــا يجب احترامه بشكل‬ ‫مطلق ودون أدنى اجتزاء هو احترام البشر‪،‬‬ ‫ك ّل البشر‪ ،‬نسا ًء ورجاالً وأطفاالً مهما كانت‬ ‫معتقداتهم أو ألوانهم‪ ،‬ومهما كانت أه ّميّتهم‬ ‫العدديّة‪ ،‬ويجب أن يتكيّف نمط االقتراع مع‬ ‫هذه الضرورة »‪.‬‬ ‫« حين نتكلم عن اآلخرين يجب أال يغيب‬ ‫عن بالنا‪ ،‬أيا كنا‪ ،‬أننا نحن أيضا ‪ ,‬اآلخرون‪,‬‬ ‫بالنسبة إلى سائر اآلخرين‪.».‬‬

‫معلومات عن تأثيرات الشمس على األرض‬ ‫سيمنح أكبر تلسكوب في العالم عام ‪ ،2019‬العلماء الفرصة لدراسة الشمس بشكل لم يسبق له‬ ‫مثيل ويعطيهم القدرة على التك ّهن بتأثيرها على األقمار الصناعيّة والهواتف المحمولة وأنظمة‬ ‫االتّصاالت في األرض‪.‬‬ ‫ويجري بناؤه على أعلى ق ّمة في جزيرة ماوي وهي جزء من سلسلة جزر هاواي في المحيط‬ ‫الهادي‪.‬‬

‫بالتر‪ :‬بالتيني هدّدني بالسجن‬

‫شركة «آبل» تطلق هاتفها الجديد من جيل‬ ‫«آي فون» األربعاء ‪ 9‬أيلول المقبل‪ .‬ومن‬ ‫المتوقّع أن يتميّز الهاتف الجديد بتحسينات‬ ‫القوة‪،‬‬ ‫حديثة مثل شاشة تعمل باللمس حسب ّ‬ ‫وكاميرا أفضل‪ ،‬ومعالج أسرع‪.‬‬ ‫وقد تكشف «أبل» أيضا ً عن النسخة الجديدة‬ ‫من جهاز «آي باد» الذي هو نموذج «برو»‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫على الفتوى الشرعيّة‪ ،‬وهو البدء باستبدال‬ ‫ي واستبدال الليرة‬ ‫العملة في الشمال السور ّ‬ ‫ً‬ ‫مسوغا الستبداله‬ ‫السوريّة بالتركيّة‪ ،‬أال يخلق‬ ‫ّ‬ ‫في مناطق أخرى من سورية‪ ،‬وذلك عبر قيام‬ ‫ي‪،‬‬ ‫الجنوب السور ّ‬ ‫ي باستخدام الدينار األردن ّ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫وفــي الــشــرق اســتــخــدام الــديــنــار الــعــراقـ ّ‬ ‫وفي الغرب استخدام الليرة اللبنانيّة‪ ،‬م ّما‬ ‫سيخلق مشكلة كبيرة في التعامالت الداخليّة‬ ‫والخارجيّة‪ ،‬وتحويل سورية إلى مقاطعات‬ ‫أكثر م ّما هي عليه اليوم؟!‬ ‫ثلّة من غير العارفين بالشيء تهرف فيما ال‬ ‫وتقرر استبدال العملة السوريّة بالتركيّة‬ ‫تعرف‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬قرار أخرق وغير‬ ‫في مناطق الشمال السور ّ‬ ‫مدروس‪ ،‬وما سيق من تبرير له ال يعدو أكثر‬ ‫من فذلكات مراهقين سياسيّين‪ ،‬جماعة وهل‬ ‫جزاء اإلحسان ّإل اإلحسان‪ ،‬تنجح في تمرير‬ ‫صفقة على حساب السوريّين!!‬

‫الرقص هو الشيء الوحيد الذي يمكنك أن تعبّر به عن ك ّل شيء‪ ،‬ك ّل شيء على‬ ‫اإلطالق‪ .‬الجسد مرآة الروح‪ ،‬الرقص مرآة المشاعر‪ ،‬والمرايا كلّها تعكس ما يمكن أن يراه‬ ‫الواقف أمامها‪ ،‬وليس ما تراه المرآة‪ ،‬وليس ما هو مرسوم فقط داخل إطارها‪ ..‬لو حقّا ً أمعن‬ ‫يتعرى الجسد فتنتفض الحياة في عروقه‪ ،‬تنتشي الطبيعة في حضوره‪ .‬يبدأ بحركاته‬ ‫النظر‪ّ .‬‬ ‫اإليمائيّة‪ ،‬فتشتعل العيون‪ ،‬تخفق القلوب‪ ،‬يستيقظ الشعور‪ ،‬اإلحساس‪ ،‬المعنى‪ ،‬الوجود‪ ،‬تعود‬ ‫تشوه‪ ،‬دون تع ّكر‪ ،‬دون تردد‪ ،‬تعود‬ ‫ي ّ‬ ‫ي‪ ،‬تعود إلى الطبيعة دون أ ّ‬ ‫الحياة إلى مجراها الحقيق ّ‬ ‫المرة األولى‪ ،‬حقيقيّة حقّاً‪ .‬حين يمعن الجسد في الرقص‪،‬‬ ‫في‬ ‫وجدت‬ ‫نقيّة‪ ،‬صافية‪ ،‬تعود كما‬ ‫ّ‬ ‫والشر‬ ‫تدور األرض دورة كاملة‪ ،‬يتداخل الخريف والربيع في شجرة واحدة‪ ،‬يتالقى الخير‬ ‫ّ‬ ‫في نهاية واحدة ألسطورة معلّقة‪ ،‬تنعجن السماء مع األرض في حركة جسد واحدة‪ ،‬يتصالح‬ ‫الوجود مع عدمه في نقطة واحدة‪ ،‬يتعانق المعنى مع الالمعنى في طريق واحد‪ .‬وحين‬ ‫يهدأ الجسد‪ ،‬حين يخمد سعير الرقص‪ ،‬يختل التوازن ثانية‪ ،‬يعود االختالل في الطبيعة األ ّم‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬يُكسر التو ّحد ويعود لينقسم إلى الثنائيّات التي ال‬ ‫من جديد‪ ،‬تتباعد األطراف ّ‬ ‫نهاية لها‪ .‬في البدء كانت الرقصة‪ ،‬وليست الكلمة‪ .‬في البدء كان الجسد‪ ،‬وليس الصوت‪.‬‬ ‫ي الجميل‪ ،‬وليس التزيين أو‬ ‫في البدء كانت الموسيقى‪ ،‬وليس الحرف‪ .‬في البدء كان العر ّ‬ ‫ي‪ .‬الكلمات حبال مشانق متدليّة دائما ً وأبداً‪ ،‬تنتظر رقاب جديدة‪ ،‬مشانق ال‬ ‫التجميل الشعر ّ‬ ‫ّ‬ ‫تشبع‪ ،‬ال تمتلئ‪ ،‬ال تعبّر‪ ..‬نعلق عليها مشاعرنا‪ ،‬ونحتفي بالقتيل‪/‬الشعور الجديد في ك ّل‬ ‫مرة نبدع‬ ‫مرة نغنّيها‪ ،‬نرتّلها‪ ،‬نشدوها‪ ،‬نحكيها‪ ،‬نتلوها‪ ،‬وفي ك ّل ّ‬ ‫مرة نكتب فيها‪ ..‬في ك ّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫في طرق احتفائنا بالموتى‪/‬المشاعر‪ .‬الشعراء‪ ،‬هم الجالّدون الجدد‪ .‬ال تقتلوا الجسد أيّها‬ ‫تشوهوا الطبيعة‪ .‬حين تعلو الموسيقى‪ ،‬يخرج الجسد من قمقمه‪ ..‬ينتشر‬ ‫المنادون بالكلمة‪ .‬ال ّ‬ ‫يتحرك وجوده‪ ،‬تتتالى موجات دواخله‪ ..‬يعبّر عن‬ ‫الشعور في خالياه‪ ،‬تستيقظ أعصابه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجوده‪/‬وجود الوجود‪ .‬والرائي حقّا ً ال يرى ما يراه‪ ،‬بل ما ال يراه‪ ،‬ما ال يستطيع رؤيته‬ ‫خارج الجسد‪ ،‬جارج ألم الجسد‪ ،‬حدود الجسد‪ ،‬وجود الجسد‪ ،‬معنى الجسد‪ ،‬أبعاد الجسد‪،‬‬ ‫روح الجسد وقدسيّته‪ ..‬يرى الجسد‪ .‬وال شيء عدا الجسد‪/‬ك ّل شيء في الجسد‪ .‬كيف قتلتم‬ ‫نشوته وقدسيّته؟؟‬ ‫وشوهتم ّ‬ ‫الجسد أيّها المجرمون‪ ،‬كيف خنقتم صوته‪ ،‬كيف اقتلعتم روحه‪ّ ،‬‬ ‫حين كانت الكلمة مجهولة‪ ،‬كان الجسد هو الكلمة‪ .‬حين كان الصوت وحيداً‪ ،‬كان هو نغمه‪.‬‬ ‫حين كانت الموسيقى ضائعة‪ ،‬كان هو لحنها‪ .‬كيف نسيتم ما كانه؟؟ كيف كفرتم به؟؟ كيف‬ ‫اختزلتم كلّيته في جزئيّة ما اكتشفتموه الحقا!! وحين نفيتم وجوده‪ ،‬ضاع معنى الوجود من‬ ‫معاني كلماتكم المصفوفة‪ ،‬المرتّبة‪ ،‬األنيقة‪ ،‬الرتيبة‪ .‬فماذا بوسعكم أن تفعلوا اآلن؟؟ كيف‬ ‫بوسعكم أن تعتذروا عن مجازر الموت التي اقترفتموها عمدا؟؟! أيقظوا أجسادكم اآلن‪.‬‬ ‫تعروا‪ ،‬اصطفوا‬ ‫جميعكم‪ ..‬أخفضوا صوتكم واتركوا ألجسادكم أن تعيدكم للطبيعة األولى‪ّ .‬‬ ‫معا ً في وجه ما يخنق معاني وجودكم‪ .‬ارقصوا‪ ،‬عودوا إلى البدء‪ ،‬حيث كان الجسد‪ ،‬وال‬ ‫شيء غير الجسد‪ ،‬حيث ك ّل شيء في الجسد‪ .‬أطلقوا نشوات أجسادكم المخنوقة‪ ،‬أطلقوا‬ ‫حريّة التعبير عن وجودهم دون‬ ‫أنّاته المكتومة‪ ،‬أطلقوا صرخاته الحقّة‪ ..‬اتركوا ألجسادكم ّ‬ ‫حريّة التعبير عن وجودكم‪ .‬اتركوا لهم القدرة للكشف عن‬ ‫قوانينكم‬ ‫المشوهة‪ ،‬اتركوا لهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجوههم كما هي‪ ،‬عارية كما هي‪ ،‬جميلة كما هي‪ ،‬حقيقيّة كما هي‪ ..‬موجودة كما هي‪.‬‬ ‫حين يتّحد الجسد مع الجسد‪ ،‬تولد الطبيعة ثانية‪ .‬فلتنجبوها صحيحة‪ ،‬فلتنجبوها جميلة‪ .‬حين‬ ‫األول‪ .‬فلتنجبوه كما هو‪ ..‬عميقاً‪ .‬حين يتّحد‬ ‫يتّحد الجسد مع الموسيقى‪ ،‬يولد المعنى‪ ،‬المعنى ّ‬ ‫ي نقصان‪ .‬حين يتّحد الجسد مع‬ ‫الجسد مع الروح‪ ،‬يولد الكيان الكامل‪ .‬فلتنجبوه كامالً دون أ ّ‬ ‫ظلّه‪ ،‬يولد الوجود‪ .‬فلتنجبوه وجودا ً حقيقيّاً‪ .‬حين يتّحد الجسد مع التراب‪ ،‬يولد الجسد ثانية‪.‬‬ ‫فلتنجبوه جسدا ً مقدّساً‪ ،‬كما كان الجسد في البدء‪ .‬وحين تخنقون الجسد‪ ،‬لن تجدوا غير الوهم‬ ‫والضياع والعدم المخيف الذي ال ينتهي‪ .‬تعالوا نرقص‪ ،‬جميعناً‪ ،‬معاً‪ ،‬في يوم واحد‪ ،‬في‬ ‫بحريّة واحدة‪ ،‬بتوق واحد‪ ..‬تعالوا نعود‬ ‫مكان واحد‪ ،‬على موسيقى حركات الجسد ذاتها‪ّ ،‬‬ ‫معا ً إلى البدء‪ .‬تعالوا نعود إلى الجسد‪.‬‬

‫قال جوزيف بالتر رئيس الفيفا ّ‬ ‫إن ميشال‬ ‫بالتيني المر ّ‬ ‫شح لخالفته قد هدّده إذا لم ينسحب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من سباق رئاسة المنظمة الدوليّة بأنه سيدخل‬ ‫السجن‪.‬‬ ‫وأوضــح بالتر أنّــه وخــال كونغرس الفيفا‬ ‫األخير في زيوريخ‪ ،‬جلس بالتيني جانب بيتر‬ ‫شقيق بالتر إلى طاولة الغداء‪ ،‬وقال له‪« :‬أخبر‬ ‫أخاك أن ينسحب من االنتخابات ّ‬ ‫وإل فسيذهب‬ ‫إلى السجن»‪.‬‬

‫االخراج الفني‬ ‫رامي نونو‬

‫املوقع اإللكرتوين‬ ‫باسل العبدالله‬

‫دي كابريو وسكورسيزي وفيلم جديد‬

‫ي‬ ‫يلتقي نجم هوليوود ليوناردو دي كابريو مع المخرج مارتن سكورسيزي في فيلم سينمائ ّ‬ ‫يحضّران له حاليّا ً بعنوان «شيطان في المدينة البيضاء» وهو مأخوذ عن كتاب إليريك الرسون‬ ‫عام ‪.2003‬‬ ‫ومن المتوقّع أن يجسّد دي كابريو شخصيّة السفّاح إتش إتش هولمز الذي استخدم معرضا ً دوليّا ً‬ ‫ّ‬ ‫وقتلهن‪.‬‬ ‫في شيكاغو عام ‪ 1893‬الجتذاب ضحاياه من النساء‬

‫اآلراء الواردة يف كلّنا سوريّون‬ ‫تعب بالرضورة عن رأي الصحيفة‬ ‫تعب عن رأي الكاتب و ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.