32_جريدة كلنا سوريون العدد

Page 1

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح‪،‬‬ ‫ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي‬ ‫جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم بدوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين سور ّي جامع‪ ،‬يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ /4‬حزيران ‪2015 /‬‬

‫العدد ‪- 32 -‬‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫االفتتاحية‬

‫لننس ّ‬ ‫بشار األسد‬ ‫َ‬

‫حلب ‪ -‬عرفان األمحد‬ ‫استهدفت غارات متعددة لطيران جيش النظام أحياء متعددة في حلب وريفها‪،‬‬ ‫وحسب نشطاء المعارضة‪ ،‬استهدفت الغارات سوقا ً شعبية مكتظة في مدينة الباب‬ ‫باإلضافة الى حي الشعار الواقع ضمن األحياء الشرقية لمدينة حلب‪ ،‬وسوقا ً‬ ‫في حي الفردوس الحلبي‪ ،‬وكانت حصيلة هذه الغارات أكثر من مئة شهيد‪ ،‬وما‬ ‫زال هناك العديد تحت األنقاض مما لم يستطع رجال الدفاع المدني واألهالي من‬ ‫إنقاذهم بسبب تراكم طبقات من اإلسمنت فوقهم‪ ،‬وعدم وجود آليات سوى سيارة‬ ‫إطفاء ورافعة بينما عمل كهذا بحاجة لجرافات‪ .‬ففي حي الفردوس تهدمت ‪4‬‬ ‫مباني بالكامل نتيجة القصف‪ ،‬وقد حدثت المجزرة في شارع ضيق جداً ومباني‬ ‫متالصقة بالقرب من سوق شعبي ضخم قبيل طلوع الفجر‪.‬‬ ‫وكان المكتب الحقوقي التحاد تنسيقيات الثورة قد ّ‬ ‫وثق ارتكاب ‪ 55‬مجزرة في‬ ‫سوريا خالل شهر أيار‪ /‬مايو الماضي على أيدي أطراف مختلفة‪ ،‬حيث ارتكب‬ ‫نظام األسد والمليشيات التابعة له أربعا ً وأربعين مجزرة في سوريا‪ ،‬في حين‬ ‫ارتكب تنظيم داعش سبع مجازر كما وقعت مجزرتين جراء سقوط قذائف مجهولة‬ ‫المصدر على مناطق تسيطر عليها قوات النظام في حلب‪.‬‬ ‫فيما ارتكبت مليشيات النظام ‪ 44‬مجزرة في سوريا كان أكبرها مجزرة مدينة‬ ‫الباب المرتكبة في الثالثين من أيار الماضي راح ضحيتها ‪ 57‬قتيل نتيجة قصف‬ ‫المدينة بالحاويات المتفجرة‪ ،‬يليها مجزرة جسر الحج في حلب والتي راح ضحيتها‬ ‫‪ 47‬قتيل نتيجة قصف بالبراميل المتفجرة استهدف محطة انطالق للحافالت في‬ ‫‪.2015 /5 /12‬‬ ‫وشهدت مدينة دير الزور سلسلة اعدامات ميدانية بحق أبنائها على يد تنظيم داعش‬ ‫حيث وثق المكتب الحقوقي التحاد تنسيقيات الثورة ‪ 71‬شخصا ً أعدموا على يد‬

‫التنظيم خالل الشهر الماضي‪ ،‬اضافة إلعدام ‪ 4‬مدنيين في ريف حلب‪.‬‬ ‫كما وثقت شبكة حلب نيوز سقوط ‪ 234‬برميل متفجر‪ ،‬و‪ 337‬صاروخ فراغي‬ ‫وحربي‪ ،‬و‪ 140‬صاروخ أرض_أرض على مناطق متفرقة من مدينة حلب‬ ‫وريفها خالل شهر مايو‪/‬أيار من العام الجاري‪.‬‬ ‫وطال القصف أكثر من ‪ 233‬نقطة مستهدفة‪ ،‬أوقعت أضراراً مادية هائلة وتسببت‬ ‫باستشهاد نحو ‪ 530‬مدنيا ً بينهم أطفال ونساء‪ .‬وتسبب القصف بتسعة مجازر‪،‬‬ ‫كانت أولها مجزرة قرية بير محلي ريف حلب الشرقي التي ارتكبتها قوات‬ ‫التحالف الدولي بتاريخ ‪ 2015-5-1‬وراح ضحيتها ‪ 71‬شهيداً‪ ،‬تلتها مجزرة‬ ‫جسر الحج بأكثر من ‪ 50‬شهيداً بتاريخ ‪ .2015-5-12‬كما وقعت ثالث مجازر‬ ‫بتاريخ ‪ 2015-5-13‬في ريف حلب الجنوبي خلّفت أكثر من ‪ 70‬شهيداً‪ ،‬وثالث‬ ‫مجازر أخرى بتاريخ ‪ 2015-5-30‬توزعت على حي الشعار بأكثر من ‪12‬‬ ‫شهيداً وحي الفردوس بـ‪ 40‬شهيداً ومدينة الباب بـ‪ 70‬شهيداً‪.‬‬ ‫كما ارتكب تنظيم الدولة مجزرة في ريف حلب الشمالي بتاريخ ‪2015-5-13‬‬ ‫راح ضحتيها ‪ 15‬شهيداً نتيجة تفجير ألغام زرعها في قرية الحصية‪.‬‬ ‫وكان المبعوث األممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا والمشهور بهدوئه وعد‬ ‫انتقاده للنظام وجرائمه قد ندد بالغارات الدموية التي قامت بها طائرات تابعة‬ ‫للنظام السوري على حلب وأدت إلى مقتل العشرات‪ .‬وقال دي ميستورا في بيان‬ ‫األحد ‪ 31‬مايو‪/‬أيار إن «القصف الجوي من قبل المروحيات السورية على سوق‬ ‫شعبي في حي الشعار في حلب‪ ،‬يستحق أشد إدانة دولية»‪ .‬وأضاف أنه «من غير‬ ‫المقبول بتاتا ً أن تهاجم القوات الجوية السورية أراضيها بشكل عشوائي‪ ،‬وتقتل‬ ‫مواطنيها»‪ ،‬مشدداً على ضرورة «وقف البراميل المتفجرة»‪.‬‬

‫لم يترك النظام السوريّ أمام السوريّين أيّ خيار آخر‪ ،‬وزجّ هم أمام‬ ‫خيار ال بديل عنه وهو الطريق الذي سلكوه في آذار‪.2011‬‬ ‫طوال أربعين عاما ً الشعب السوريّ يتواطأ على نفسه ويحاول ويتحمّل‬ ‫ويكبس جرحه ملحا ً كيال يسلك هذا الطريق‪.‬‬ ‫لم يتم ّكن أحد من السوريّين ‪ -‬بعد أن يضمن سالمته وسالمة عائلته ‪-‬‬ ‫من التحدّث بصراحة مع أحد من أشخاص النظام إلاّ وهمس له قائالً‪:‬‬ ‫أنتم تقودون البلد إلى الهاوية وكان يتبع ذلك بالقول‪ :‬إنّ تغيير النظام‬ ‫لسلوكه من مصلحة النظام أوّ الً‪ ،‬ومن مصلحة سورية ثانياً‪.‬‬ ‫ح ّتى أولئك الذين كسروا لعبة التواطؤ وذهبوا أبعد من ذلك وصرخوا‬ ‫بوضوح في وجه النظام‪ ،‬فأعمل فيهم النظام ك ّل وحشيّته ورغم أنّ‬ ‫السوريّين كانوا يعرفون أنّ هؤالء مح ّقون إلاّ أ ّنهم تواطؤوا ح ّتى‬ ‫عليهم كيال تصل البالد إلى ما وصلت إليه‪.‬‬ ‫وفي بدايات الثورة كان السوريّون كلّهم يتوسّلون اآللهة أن يدرك هذا‬ ‫النظام فداحة المأزق الذي تعيشه سورية ويف ّكر بعقالنيّة فيبقى حاكما ً‬ ‫وتبقى سورية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لكن من لم يتعوّ د طوال أربعين عاما على االستماع حتى للمخلصين‬ ‫له لن يتم ّكن من سماع أيّ صوت آخر‪ ،‬وفي حماقة ّ‬ ‫عز نظيرها في‬ ‫التاريخ أحرق النظام السوريّ سورية ودمّرها تماما ً وأعادها عقوداً‬ ‫طويلة إلى الوراء‪ ،‬لك ّنه أيضا ً دمّر نفسه أوّ الً‪.‬‬ ‫انسوا ب ّ‬ ‫شار األسد‪ ،‬فمصيره قرّ ره بنفسه ومنذ األشهر األولى عندما‬ ‫قرّ ر وبغباء كبير أن يمضي إلى ما اختاره له اإليرانيّون وأن يص ّم‬ ‫أذنيه عن ك ّل ما حاول الشعب السوريّ طوال أربعين عاما ً أن يقوله‬ ‫له وألبيه من قبله‪.‬‬ ‫سيرحل النظام السوريّ عاجالً وليس آجالً‪ ،‬لك ّنه لألسف الشديد لم َ‬ ‫يبق‬ ‫لنا نحن السوريّين خيارات كثيرة‪ ،‬فإمّا أن ن ّتفق أو ال ن ّتفق‪ ،‬لكن دعونا‬ ‫نعترف ببعض الحقائق ربّما نتم ّكن بعدها من أن نحدّد اتفاقنا أو عدمه‪.‬‬ ‫ال حياة لدولة إسالميّة في سورية‪ ،‬ح ّتى لو كانت ك ّل سورية‬ ‫‪ .1‬‬ ‫لاّ‬ ‫من طائفة واحدة‪ ،‬فهذه الجغرافية لم ولن تصاغ إ على االنفتاح‪ ،‬هذا‬ ‫قدرها وتاريخها الطويل يؤ ّكد ذلك أيضاً‪.‬‬ ‫لن ّتفق أيضا ً أنّ سورية وعبر تاريخها الطويل لم تكن إلاّ‬ ‫‪ .2‬‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫متعدّدة ومتنوّ عة‪ ،‬وبالتالي ال يمكنها أبدا أن تكون إ بهذا التعّدد‬ ‫والتنوّ ع ومن الجنون الوهم بإمكانيّة إلغاء هذا التنوّ ع‪.‬‬ ‫لن ّتفق أيضاً‪ ،‬وطالما أنّ التعدّد والتنوّ ع هو قدرنا فإنّ الصيغة‬ ‫‪ .3‬‬ ‫الوحيدة له القابلة للحياة هي الصيغة التشاركيّة القائمة على العدل‬ ‫والمساواة والمواطنة والمصانة بدستور‪.‬‬ ‫إذاً لم َ‬ ‫يبق أمامنا الكثير من الخيارات‪ ،‬فإمّا أن نمضي إلى‬ ‫‪ .4‬‬ ‫خيار الدولة المتعدّدة التشاركيّة أو نمضي إلى حرب طويلة لن ينتصر‬ ‫فيها أحد وستفضي إلى دويالت ه ّ‬ ‫شة متقاتلة وغير قابلة للحياة‪.‬‬ ‫انسوا ب ّ‬ ‫شار األسد ‪ ....‬ال أقصد نسيانه كمجرم‪ ،‬بل أقصد نسيانه‬ ‫كرئيس نظام‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬

‫الجوالني بقيادة منصور‬ ‫ّ‬

‫مقابلة تنقصها جبال “تورا بورا”‬ ‫عندما انتهى ّ‬ ‫بث قناة الجزيرة للمقابلة التي‬ ‫أجراها أحمد منصور مع قائد جبهة النصرة‬ ‫ُّ‬ ‫وصمت‬ ‫«أبو محمّد الجوالنيّ »‪ ،‬أغلقت التلفاز‬ ‫طويالً‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كنت مصدوما إلى الح ّد الذي استغربته أنا‬ ‫نفسي‪ ،‬ال أدري لماذا؟ فأنا أعرف مسبقا ً أنّ‬ ‫أحمد منصور والجوالنيّ ال يختلفان كثيراً عن‬ ‫الظواهريّ أو الزرقاويّ أو البغداديّ ‪ ،‬وغيرهم‬ ‫‪ ...‬لك ّننا نحاول أحيانا ً التواطؤ ح ّتى مع ذواتنا‬ ‫‪ ...‬نحاول اإللتجاء إلى المسافة الفاصلة بين‬ ‫الوهم والحقيقة‪ ،‬ربّما لكيال نضع أنفسنا وجها ً‬ ‫لوجه مع حقائق مرعبة‪.‬‬ ‫كنت ط��وال فترة المقابلة أرى وجه أحمد‬ ‫منصور كوجه قاتل‪ ،‬أكثر ممّا كنت أراه في‬ ‫ّ‬ ‫المغطى‪ ،‬وفي صوته الخافت‬ ‫وجه الجوالنيّ‬ ‫وحركة أصابع يديه‪ ،‬وعندما كان منصور‬ ‫يتحدّث عن جوالته داخل األراضي السوريّة‬ ‫منتشيا ً كفاتح حرّ ر القدس‪ ،‬كنت أشعر أ ّنه د ّنس‬ ‫األرض السوريّة كما يد ّنسها حسن نصر هللا‬ ‫ومسلمانيّ ‪ ،‬والبغداديّ وشارون‪ ،‬وكما د ّنسها‬ ‫قبلهم غاصبون كثر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يستفزني الجوالنيّ بقدر ما استفزني تذاكي‬ ‫لم‬ ‫أحمد منصور ‪ ...‬هذا التذاكي الغبيّ والصفيق‬

‫إلى درجة الغثيان‪ ،‬كان يظهر في ك ّل سؤال‬ ‫من أسئلته‪.‬‬ ‫بدا الجوالني تلميذاً متدرّ با ً وغير نبيه في‬ ‫دورته اإلعالميّة األولى‪ ،‬ولم يتقن التساوق‬ ‫مع إيقاع أحمد منصور الحاقد والمتخم برسائل‬ ‫القتل والتطرّ ف‪ ،‬األم��ر ال��ذي أرغ��م أحمد‬ ‫منصور على خلع قناع مهنيّته الزائفة مرّ ات‬ ‫عدّة وكشف وجهه الحقيقيّ ‪.‬‬ ‫يسأل أحمد منصور بوجه يقطر إيمانا ً وتسكن‬ ‫تفاصيله غبطة األولياء واألتقياء‪:‬‬ ‫اآلن أصبحت ك ّل القرى العلويّة في مرمى‬ ‫نيرانكم‪ ،‬ما هي معركتكم القادمة؟ أو ما هي‬ ‫رؤيتكم لهذه المناطق في ظ ّل ما يُقال عن‬ ‫مجزرة تاريخيّة تدبّرها جبهة النصرة للعلويّين‬ ‫في مناطق الالذقيّة والساحل؟؟‪.‬‬ ‫وألنّ الجوالنيّ ال يزال تلميذاً في تسويق نفسه‬ ‫إعالم ّياً‪ ،‬ولم يتقن ح ّتى اآلن خطط صناعة‬ ‫رجال الدين أو السياسة إعالم ّياً‪ ،‬ظهر اإلخراج‬ ‫مرتبكاً‪ ،‬وظهرت محاوالت منصور أقرب إلى‬ ‫التلقين مبتعدة تماما ً عن الدور الذي يتوجّ ب‬ ‫على اإلعالميّ لعبه في مقابالت كهذه‪.‬‬ ‫لم يقل الجوالنيّ كثيراً‪ ،‬لكنّ ما قاله كان كافيا ً‬ ‫لكي يجفّ حلقك وتدرك أنّ ما ينتظر سورية‬

‫ه��و ث���ورات ق��د تطول‬ ‫كثيراً‪.‬‬ ‫النصرة جزء‬ ‫ ‬‫من القاعدة وقد بايعت‬ ‫ال��ظ��واه��ريّ ‪ ،‬أي أنّ‬ ‫مرجعيّتها هي تنظيم‬ ‫ال��ق��اع��دة‪ ،‬وأنّ الدولة‬ ‫القادمة في سورية هي‬ ‫دول���ة إس�لام��يّ��ة على‬ ‫الطراز القاعديّ ‪.‬‬ ‫ في محاولته‬‫ ‬‫اس���ت���ع���م���ال خ��ط��اب‬ ‫براغماتي سياسيّ موجّ ه‬ ‫للعلويّين لعقد صفقة‬ ‫معهم وطمأنتهم‪ ،‬أثار الجوالنيّ الرعب في‬ ‫نفوسهم أكثر بكثير ممّا لو أ ّنه هدّدهم بالعبارة‬ ‫الصريحة التي قالها أحمد منصور ولفظ‬ ‫بتأن «مجزرة تاريخيّة بهم»‪.‬‬ ‫حروفها ٍ‬ ‫«سنؤجّ ل معركتنا معكم اآلن» كانت‬ ‫ ‬‫رسالة الجوالني للمسيحيّين‪ ،‬وأيضا ً سنقدّم‬ ‫لكم فوق العرض هديّة أخرى‪ ،‬فالجزية التي‬ ‫ستدفعونها ستكون فقط على القادرين منكم‪،‬‬ ‫أمّا الشيعة فليس أمامهم سوى الموت‪ ،‬وال‬

‫تنتظروا دعاتنا إليكم إلعادتكم إلى اإلسالم‬ ‫الحقيقيّ ‪ ،‬وال��دروز عليهم أن يختاروا بين‬ ‫إعالن إسالمهم ومبايعة الجوالنيّ ومن خلفه‬ ‫القاعدة‪ ،‬أو أ ّنهم سيعاملون كخارجين عن الدين‬ ‫وسيُقتلون‪.‬‬ ‫أمّا الس ّنة الذين ال ي ّتفقون مع إسالم‬ ‫ ‬‫ً‬ ‫الجوالنيّ فلهم حسابهم أيضا‪ ،‬لكنّ المعركة‬ ‫معهم مؤجّ لة اآلن‪ ،‬وح ّتى الفصائل التي تقاتل‬ ‫معه في تحالفه الجديد سيكون لها معركة قادمة‬ ‫بعد االنتهاء من المعركة الكبرى‪.‬‬

‫باختصار ساعة متواصلة لم يقطعها أيّ فاصل‪،‬‬ ‫أط ّل الجوالنيّ بقيادة أحمد منصور على شاشة‬ ‫الجزيرة مذ ّكراً السوريّين بجبال «تورا بورا»‬ ‫في أفغانستان‪ ،‬ومعيداً مجد ابن الدن‪.‬‬ ‫فقط‪ ،‬لم نتم ّكن من رؤية أحمد منصور مرتديا ً‬ ‫الثياب المتق ّ‬ ‫شفة ومتح ّمالً وع��ورة الطرق‬ ‫ً‬ ‫الجبليّة ومفعما بالتقى وهو يمضي إلى مهمّته‬ ‫المقدّسة‪.‬‬

‫احمل ّرر السياس ّي‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪32‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫الوطن الذي جمعهم ممزّقاً‬

‫مل ّفات نواة الخلّية الشيطانّية‬

‫«دير شبيغل» تكشف وثائق لتنظيم «داعش»‬ ‫اعتقل الثوّار زوجته‪ ،‬وبقيت الوثائق الثمينة خمبّأة يف غرفة ع ّدة أشهر‪.‬‬ ‫بارتداء مالبسه‪ ،‬فرفض طلبه‬ ‫نشرت مجلّة‬ ‫حدبة قائالً‪« :‬تعال معنا حاالً»‪،‬‬ ‫دي��ر شبيغل‬ ‫وبرشاقة مفاجئة بالنسبة لس ّنه‬ ‫األل��م��ان��يّ��ة‬ ‫ً‬ ‫قفز بكر للخلف ورك��ل الباب‬ ‫ت����ق����ري����را‬ ‫فأغلقه وذلك حسب رواية اثنين‬ ‫ب���ع���ن���وان‬ ‫من شهود العيان‪ ،‬ث ّم اختبأ تحت‬ ‫«م���ل��� ّف���ات‬ ‫سريّة تكشف هيكليّة تنظيم «داعش» الدرج وصرخ قائالً‪« :‬أرتدي حزاما ً‬ ‫استند إلى وثائق حصلت عليها المجلّة ناسفا ً وس��وف أنسف الجميع»‪ ،‬ث ّم ت��ج� ّس��س أمير‬ ‫ً‬ ‫وتعود لضابط مخابرات سابق في خرج حامال رشاش كالشينكوف وأخذ على أمير‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخطة‬ ‫جيش صدّام حسين‪ ،‬وذكرت المجلة يطلق النار‪ ،‬حينها أطلق حدبة النار وت��ب��دأ‬ ‫ً‬ ‫في التقرير الذي نشرته في منتصف عليه وأرداه قتيال‪.‬‬ ‫دائ���م���ا ً بنفس‬ ‫ً‬ ‫الشهر الماضي أنّ الوثائق تحتوي على وحينما عرف الرجال الحقا هويّة من ال��ت��ف��اص��ي��ل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫خطط وقوائم وج��داول مكتوبة بخط قتلوه قاموا بتفتيش المنزل وجمعوا ت�����ج�����ت�����ذب‬ ‫اليد لمخطط إقامة‬ ‫ك�� ّل الحواسيب ال��م��ج��م��وع��ة‬ ‫وج��وازات‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫اآلل‬ ‫«دولة خالفة» في‬ ‫يف كانون الثاني ‪2014‬‬ ‫ت��اب��ع��ي��ه��ا عبر‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫السفر والهواتف اف��ت��ت��اح مكتب‬ ‫«الدولة»‬ ‫مقاتلو‬ ‫حاول‬ ‫فمن هو هذا الرجل‬ ‫الخليويّة وشرائح دع���وة (مركز‬ ‫وجهاز‬ ‫االتصال‬ ‫اخلاص‬ ‫الذي أفردت مج ّلة حرق األرشيف‬ ‫إس���ل���ام�������يّ‬ ‫ّ‬ ‫ال��م��واق��ع‬ ‫ّ��ع‬ ‫ب‬ ‫ت��ت��‬ ‫تبشيريّ )‪ ،‬ويت ّم وثائق «ديرشبيغل»‬ ‫دير شبيغل األلمان ّية بهم يف حلب‪ ،‬ولك ّن‬ ‫واأله��� ّم م��ن ك ّل اختيار شخص‬ ‫له ولوثائقه‬ ‫أكثر بعض امللفّات بقيت‬ ‫شخصين‬ ‫م����ا س���ب���ق ه��و أو‬ ‫م��ن خمسة آالف‬ ‫ك��� ّل م��ا وج���دوه ممن يحضرون ال��دروس والندوات‬ ‫سليمة وسقطت بأيدي‬ ‫كلمة؟‬ ‫من وث��ائ��ق‪ ،‬ولم الدينيّة ويو ّكلون بمهمّة التجسس على‬ ‫عندما ّأطلق الثوّ ار لواء التوحيد‪.‬‬ ‫يعثروا على أيّة قُراهم للحصول على معلومات عديدة‪،‬‬ ‫القرآن‬ ‫من‬ ‫نسخ‬ ‫ال��م��ح��ل��ي��ون ال��ن��ار‬ ‫وبهذا الخصوص كتب حجّ ي بكر‬ ‫من‬ ‫مكان‬ ‫في‬ ‫أيّ‬ ‫وقتلوه‬ ‫طويل‬ ‫على رج��ل‬ ‫خمسينيّ‬ ‫قوائم كما يلي‪:‬‬ ‫عقب مواجهة قصيرة ف��ي مدينة المنزل‪.‬‬ ‫ حد ّْد العائالت ذات النفوذ‪.‬‬‫زوجته‪،‬‬ ‫ار‬ ‫واعتقل‬ ‫بكر‬ ‫ي‬ ‫ت ّل رفعت في يناير عام ‪ ،2014‬لم مات‬ ‫الثوّ‬ ‫حجّ‬ ‫ تعرّ فْ على مصادر دخلهم‪.‬‬‫يعوا هويّته‪ ،‬ولم يدركوا أ ّنهم قتلوا وفيما بعد قام الثوّ ار بمبادلتها برهائن ‪ -‬تعرّ فْ على أسماء وأحجام كتائب‬ ‫ّ‬ ‫المخطط اإلستراتيجيّ للمجموعة التي «الدولة» األتراك بطلب من أنقرة‪( ،‬الثوّ ار) في القرية‪.‬‬ ‫تسمّي نفسها «الدولة اإلسالميّة»‪ ،‬كانت وثائق بكر الثمينة مخبّأة في ‪ -‬اع��رفْ أسماء قادتهم ومن يتح ّكم‬ ‫وقد حظوا بتلك الفرصة نتيجة خطأ غرفة بقيت فيها عدّة أشهر‪.‬‬ ‫بالكتائب وتوجّ هاتهم السياسيّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الجداول‬ ‫من‬ ‫المخطط إ ّن��ه ملفّ يض ّم العديد‬ ‫ن��ادر‪ ،‬لك ّنه قاتل من قِبل‬ ‫ تعرّ فْ على أنشطتهم غير المشروعة‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفذ‪ ،‬وضع الثوّ ار الجثة في ثالجة‪ ،‬التنظيميّة المكتوبة بخط اليد والقوائم (حسب قانون الشريعة) لالستفادة منها‬ ‫وكانوا قد عزموا على دفنه فيها‪ ،‬إلاّ التي تبيّن كيفية إخضاع دول��ة ما‬ ‫أ ّنهم تراجعوا عن ذلك بعدما أدركوا‬ ‫أه ّميّة الرجل‪.‬‬ ‫اسمه الحقيقيّ «سمير عبد محمّد‬ ‫الخليفاويّ » وهو عراقيّ الجنسيّة‪،‬‬ ‫تغطي مالمح وجهه النحيل لحية‬ ‫بيضاء‪ ،‬ح ّتى اسمه الحركيّ األكثر‬ ‫شهرة ‪ -‬حجّ ي بكر ‪ -‬لم يكن معروفا ً‬ ‫على ن��ط��اق واس���ع‪ ،‬إلاّ أنّ ذلك‬ ‫ّ‬ ‫المخطط‪،‬‬ ‫بالتحديد كان من ضمن‬ ‫كان عقيداً سابقا ً في مخابرات الدفاع‬ ‫موقع «ديرشبيغل»‬ ‫الجوّ يّة لصدّام حسين‪ ،‬وكان يعمل‬ ‫على إنشاء «الدولة اإلسالميّة» في‬ ‫السرّ ‪ ،‬وقد وصفه أعضاء المجموعة‬ ‫باالبتزاز إن لزم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مخططاته تلك عيّن بكر أميراً أو‬ ‫السابقين مراراً بأ ّنه أحد قادتها‪ ،‬بالرغم ت��دري��ج��يّ��ا‪ ،‬حصلت شبيغل بشكل وفي‬ ‫من ذلك لم يكن دوره واضحا ً تماماً‪.‬‬ ‫حصريّ على صفحات الملفّ الواحدة قائداً لك ّل مجلس إقليميّ مهمّته أعمال‬ ‫ملف الواحد والثالثين صفحة‬ ‫ّ‬ ‫والثالثين التي ت ّم لصق بعض منها القتل والخطف والقنص واال ّتصاالت‬ ‫تتابع «دير شبيغل» حياة حجّ ي بكر ببعضه‪ُ ،‬تبيّن تلك الصفحات تركيبا ً والتشفير‪ ،‬باإلضافة إلى تعيينه أميراً‬ ‫ّ ً‬ ‫وص��والً إلى مدينة ت ّل رفعت شمال معقدا وتوجيهات ت ّم اختبار البعض آخر ليشرف على بقية األمراء في حال‬ ‫بشكل وافٍ؛ ممّا‬ ‫حلب‪ ،‬حيث كانت «الدولة اإلسالميّة» منها والبعض اآلخ��ر ت�� ّم استحداثه عدم قيامهم بمهامّهم‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مسيطرة لفترة طويلة‪ ،‬ولكن عندما للسيطرة على الفوضى التي حلت في يجعل نواة هذه الدولة اإللهيّة تحاكي‬ ‫هاجمها الثوّ ار في نهاية شهر كانون مناطق سيطرة الثوّ ار‪ ،‬ويمكن اعتبار خليّة شيطانيّة بد ّقتها وعملها على نشر‬ ‫ً‬ ‫الثاني ‪ 2014‬انقسمت المدينة خالل ه��ذه الوثائق مرجعا ألنجح جيش الخوف‪.‬‬ ‫بضعة ساعات فقط‪ ،‬حيث بقي نصفها إرهابيّ في التاريخ الحديث‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال��خ��ط��ة‬ ‫ك���ان���ت‬ ‫تحت سيطرة «الدولة» بينما انتزع وقد أتاحت وثائق‬ ‫تقضي منذ البداية‬ ‫النصف اآلخر أحد األلوية المحلّيّة‪ ،‬حجّ ي بكر الفرصة‬ ‫ب��ع��م��ل أج���ه���زة‬ ‫عينّ «بكر» أمرياً‬ ‫وق��د علق حجّ ي بكر ف��ي النصف ألوّ ل مرّ ة الستنباط‬ ‫المخابرات بشكل‬ ‫الخطأ‪ ،‬ولكي يبقى متخ ّفيا ً امتنع عن االس��ت��ن��ت��اج��ات‬ ‫لك ّل جملس إقليم ّي‬ ‫متواز مع بعضها‬ ‫ٍ‬ ‫االنتقال إلى أحد المقرّ ات العسكريّة ع��ن تنظيم قيادة‬ ‫البعض ح ّتى على‬ ‫القتل‬ ‫أعمال‬ ‫ته‬ ‫م‬ ‫مه‬ ‫ّ‬ ‫المحمية‪ ،‬وهكذا أصبح األب الروحيّ «ال��دول��ة « وعن‬ ‫المستوى اإلقليميّ ‪،‬‬ ‫للوشاية ضحيّة لها على يد أحد جيرانه دور المسؤولين‬ ‫واخلطف والقنص‬ ‫حيث يترأس قسم‬ ‫ال��ذي قال «شيخ داعشيّ يسكن في ف�����ي ح���ك���وم���ة‬ ‫المخابرات العامّة‬ ‫واالتّ‬ ‫صاالت‬ ‫الجوار»‪ ،‬معلومة توجّ ه على أثرها الديكتاتور السابق‬ ‫أمير لألمن يشرف‬ ‫قائد محلّي يدعى عبد الملك حدبة صدّام حسين فيها‪،‬‬ ‫والتشفري‪.‬‬ ‫بدوره على نوّ ابه‬ ‫ورجاله إلى منزل بكر‪ ،‬فتحت امرأة واأله ّم من ذلك كلّه‬ ‫ف��ي المقاطعات‬ ‫الباب وقالت بفظاظة‪« :‬زوجي ليس أ ّنها بيّنت كيف ت ّم‬ ‫المختلفة‪ ،‬ويتل ّقى‬ ‫هنا»‪ ،‬ف��ر ّد ال��ث��وّ ار‪ :‬ولكن سيّارته التخطيط لالستيالء على شمال سورية‪ ،‬ه��ؤالء ال��ن��وّ اب تقارير من رؤس��اء‬ ‫مركونة هنا‪.‬‬ ‫ممّا مهّد الطريق أم��ام المجموعة الخاليا الجاسوسيّة ومدراء المعلومات‬ ‫إلى‬ ‫إضافة‬ ‫ال��ع��راق‪،‬‬ ‫إل��ى‬ ‫للوصول‬ ‫ف��ي تلك اللحظة ظهر حجّ ي بكر‬ ‫االستخباراتيّة لك ّل مقاطعة‪ ،‬كما يتل ّقى‬ ‫ّ‬ ‫الذي‬ ‫البحث‬ ‫من‬ ‫أشهر‬ ‫بعد‬ ‫ضح‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ذلك‬ ‫أمام الباب بمالبس النوم فأمره حدبة‬ ‫نائب األمير تقارير أيضا ً من أفراد‬ ‫قامت به المجلّ‬ ‫تعليمات‬ ‫سورية‬ ‫في‬ ‫ة‬ ‫أنّ‬ ‫بمرافقتهم بينما طلب بكر بأن يسمح له‬ ‫الخاليا التجسّسيّة على المستوى‬

‫المحلّيّ ‪ ،‬فالهدف كان أن يراقب الجميع‬ ‫بعضهم‪ ،‬ويترأس أمير المقاطعة كذلك‬ ‫مدرّ بي القضاة الشرعيّين لتقصّي‬ ‫المعلومات بينما يتولّى األمير المحلّيّ‬ ‫مهمّة اإلش��راف على قسم منفصل‬ ‫«لضبّاط األمن»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عندما سقطت الرقة في أيدي الثوّ ار‬ ‫في آذار ‪ ،2013‬كان أيّ شيء يبدو‬ ‫ممكنا ً في الر ّقة‪ ،‬ولكن بنظر بعض من‬ ‫فرّ وا من المدينة كان ذلك نذيراً ببداية‬ ‫سقوطها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وبحسب خطة حجّ ي بكر فإنّ مرحلة‬ ‫التسلّل تبعها التخلّص من أيّ شخص‬ ‫يحتمل أن يكون قائداً أو خصماً‪ ،‬وكان‬ ‫أوّ ل من ت�� ّم استهدافه هو رئيس‬ ‫مجلس المدينة ال��ذي اختطف في‬ ‫منتصف شهر أيّ��ار ‪ 2013‬من‬ ‫قِبل أشخاص مق ّنعين‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫بيومين اختفى أيضا ً الرجل الذي قاد‬ ‫المجموعة التي رسمت علم الثورة‬ ‫على جدران المدينة‪.‬‬

‫أرشيف مخابرات الجهاد واألسد‬

‫استمرّ ت «دول��ة» حجّ ي بكر في‬ ‫العمل دون مؤسّسها‪ ،‬وأتى اكتشاف‬ ‫ملفّ آخر ليؤ ّكد على د ّق��ة تنفيذ‬ ‫ّ‬ ‫خططه نقطة بنقطة‪ ،‬عندما أُجبرت‬ ‫«الدولة» على التخلّي سريعا ً عن‬ ‫مقرّ اتها في حلب في كانون الثاني‬ ‫‪ 2014‬حاول مقاتلوها حرق األرشيف‬ ‫الخاصّ بها ولكنّ بعض المل ّفات بقيت‬ ‫سليمة وسقطت بأيدي لواء التوحيد‬ ‫ال��ذي ك��ان أضخم مجموعة ثوريّة‬ ‫ف��ي ذل��ك ال��وق��ت‪ ،‬وبعد مفاوضات‬ ‫مطوّ لة وافقت المجموعة على تسليم‬ ‫الوثائق للمجلّة من أجل حقوق النشر‬ ‫الحصريّة‪ ،‬ك ّل الوثائق ما عدا قائمة‬ ‫بأسماء جواسيس «الدولة» داخل لواء‬ ‫التوحيد‪.‬‬ ‫وأظهر فحص مئات الصفحات من‬ ‫الوثائق نظاما ً بالغ التعقيد يتضمّن‬ ‫التسلّل ومراقبة ك ّل المجموعات بما‬ ‫فيها أفراد «الدولة» نفسها‪ ،‬واحتفظ‬ ‫المسؤولون عن أرشيف الجهاد بقوائم‬ ‫طويلة تبيّن أسماء المخبرين الذين ت ّم‬ ‫زرعهم في ألوية الثوّ ار والميليشيات‬ ‫الحكوميّة‪ ،‬كما دوّ نوا أسماء جواسيس‬ ‫مخابرات األسد بين الثوّ ار!‬ ‫وتنهي المجلّة تقريرها بتصوير‬ ‫مستقبل مرعب قائلة‪:‬‬ ‫ه��ن��اك اح��ت��م��ال أن ت��ت��ح��وّ ل دعاية‬ ‫«الدولة» عن قرب القيامة إلى حقيقة‬ ‫قد تجرّ معها دكتاتوريّة مطلقة باسم‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫احمل ّرر السياس ّي‬

‫عشر سنوات‪ ...‬ال يزال غيابك فاجعاً‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تغيير جذريّ في أدائه يحول دون وقوع مواجهة‬ ‫مع شعبه تكمل ما عاناه في المواجهة مع الشعب‬ ‫اللبنانيّ ‪.‬‬ ‫وكان تحديد موعد انعقاد مؤتمر حزب البعث في‬ ‫بداية الشهر المقبل والذي أشار إليه الرئيس السوريّ‬ ‫في خطاب إعالن االنسحاب من لبنان‪ ،‬قد أوحى أنّ‬ ‫اإلصالح الذي ما برح النظام يتكلّم عنه سوف تكون‬ ‫له أخيراً بداية‪ .‬ولكن عبثاً‪».‬‬ ‫لو يمكنك أن تط ّل اليوم وبعد عشر سنوات من رحيلك‬ ‫على سورية‪ ...‬لرأيت أنّ البداية بدأت‪ ...‬وأنّ سور ّيا ً‬ ‫يافعا ً حلم وكتب على حائط مدرسته «الشعب يريد‬

‫األهداف المختلفة للحرب‬ ‫في سورية‬ ‫مل يعد للمبادرات املطروحة من أجل الوصول إىل توافق سور ّي أ ّي‬ ‫معنى‪ ،‬ما مل يت ّم التو ّصل إىل توافق دول ّي‬

‫حجّ ي بكر قد ت ّم‬ ‫تنفيذها ب��د ّق��ة‬ ‫متناهية حسبما‬ ‫بيّنت الوثائق‬ ‫ال��ج��دي��دة التي‬ ‫حصلت عليها‬ ‫شبيغل حصر ّياً‪.‬‬

‫في الثاني من حزيران انفجرت قنبلة مزروعة‬ ‫في سيارة الدكتور والصحفيّ «سمير قصير» ‪...‬‬ ‫فأودت بحياته‪.‬‬ ‫القاتل المعلوم‪ ،‬ال يزال مجهوال‪ً.‬‬ ‫في الـ ‪ 27‬من حزيران ‪ ،2005‬قبل اغتياله بأيّام‬ ‫كتب سمير قصير مقاالً في جريدة «النهار» اللبنانيّة‬ ‫قال فيه‪:‬‬ ‫وك ّنا اعتقدنا أنّ الحكم السوريّ استخلص العبر ممّا‬ ‫جرى له في لبنان‪ ،‬جرّ اء أخطائه المتراكمة‪ ،‬وأ ّنه‬ ‫سوف يخرج من الهزيمة التي تل ّقاها بعزم على‬ ‫انتهاج سياسة تو ّفر عليه هزيمة أكبر‪ ،‬فيبادر إلى‬

‫قراءة سياسية‬

‫إس���ق���اط‬ ‫ا لنظا م »‬ ‫فأسقطه‪.‬‬ ‫س��م��ي��ر‬ ‫ق��ص��ي��ر‬ ‫‪. . . .‬‬ ‫ع���ش���ر‬ ‫س��ن��وات‬ ‫مسري قصري‬ ‫م������رّ ت‬ ‫على تلك‬ ‫اللحظة الفاجعة‪ ....‬لن يطول زمن قاتليك‪.‬‬

‫تدخالً أمريك ّيا ً‬ ‫قسم من الشعب السوريّ ال يرى فيما يجري سوى ّ‬ ‫وسعود ّيا ً وترك ّياً‪ ،‬سواء ض ّد مشروع المقاومة والممانعة وقواها‬ ‫اإليرانيّة واللبنانيّة والسوريّة‪ ،‬أم سواء إلجهاض الثورة ض ّد نظام‬ ‫األسد الدكتاتوريّ ‪ ،‬كما أنّ قسما ً آخر وبغضّ النظر عن نسبته التي‬ ‫ال يمكن معرفتها في هذه الظروف‪ ،‬يعتبر األمر برمّته جزءاً من‬ ‫احتالل إيرانيّ في المنطقة‪ ،‬وعبر الوكالء الفعليّين‪ ،‬من العصابات‬ ‫المنادية باألسد وحرق البلد‪ ،‬المنضوية تحت تشكيالت عسكريّة‬ ‫مختلفة‪ ،‬كقوّ ات نظاميّة مسلّحة بش ّتى صنوف السالح‪ ،‬وكقوّ ات غير‬ ‫نظاميّة تحت المسمّيات الشعبيّة‪ ،‬وكقوّ ات حزب هللا والميليشيات‬ ‫الشيعيّة األخرى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فيما قسم مه ّم‪ ،‬وربّما يكون األكثر عددا‪ ،‬غير قادر على التوّ صل‬ ‫إلى تحديدات معيّنة لطبيعة األحداث المتالحقة‪ ،‬مع ك ّل حدث يوميّ ‪،‬‬ ‫عسكريّ كان أم إعالميّ ‪ ،‬فتبرز العديد من اآلراء المختلفة‪ ،‬بدءاً‬ ‫من االستهداف العالميّ للوطن السوريّ أو األمّة اإلسالميّة‪ ،‬وصوالً‬ ‫إلى تحوّ ل األرض السوريّة إلى ساحة صراع بين القوى اإلقليميّة‬ ‫والدوليّة‪ ،‬بأساليب متعدّدة من استقدام المقاتلين إلى التزويد المستمرّ‬ ‫بالسالح والمال‪.‬‬ ‫صحيح أنّ للحقيقة مفهومها المطلق‪ ،‬أبعد من االدّعاءات بامتالكها‬ ‫كحقائق متعدّدة من قبل المحلّلين والسياسيّين‪ ،‬لكنّ للوقائع التي‬ ‫يستندون إليها‪ ،‬حضوراً مه ّما ً في إدراك الغايات التي يت ّم السير‬ ‫نحوها‪ ،‬فالسوريّون بماليينهم الثالثة والعشرين‪ ،‬قد باتوا عرضة‬ ‫للريح القادمة من ك ّل صوب‪ ،‬وأصبحوا مش ّتتين في ك ّل االتجاهات‪،‬‬ ‫خوفا ً من براميل الموت وقذائف جهنم‪ ،‬وهربا ً من مشاهد الموت‬ ‫اليوميّ ‪ ،‬نازحين داخل البالد في المدن والمناطق المتعدّدة النفوذ‪،‬‬ ‫ومشرّ دين خارج البالد في مخيّمات الجوار ومدنها‪ ،‬وفي البلدان‬ ‫القابعة وراء البحار التي تبتلع البعض منهم‪ ،‬فيما يبدو الوطن الذي‬ ‫ّ‬ ‫ممزقا ً إلى جبهات حرب‪ ،‬ال تعرف خطوط التماس فيها‬ ‫جمعهم‬ ‫ّ‬ ‫وجهة واحدة‪ ،‬وال تمثل بمجموعها أيّ مسار واضح لبداية أو نهاية‪،‬‬ ‫فتخبو جبهة درعا لتشتعل جبهة إدلب‪ ،‬وتمرّ جبهة تدمر على عجل‬ ‫لت ّتخذ جبهة حلب صيغة الكرّ والفرّ ‪ ،‬فيما تتحوّ ل جبهات الحسكة‬ ‫والقلمون إلى حاالت عصيّة على تحقيق أيّ تغيير يذكر‪ ،‬فتزداد حدّة‬ ‫السؤال وتتكاثر عالمات االستفهام‪ ،‬وتأتي التصريحات والتعليقات‬ ‫عقب ك ّل حدث جديد‪ ،‬لتطرح المزيد من األسئلة بعيداً عن اإلجابة‬ ‫على أيّ سؤال‪.‬‬ ‫ك بأنّ هناك العديد من القوى التي تظهر أهداف معلنة على هذه‬ ‫الش ّ‬ ‫األرض‪ ،‬من نظام مصرٍّ على التمسّك بالسلطة ولو على جزء من‬ ‫البالد ومهما بلغت أعداد الضحايا‪ ،‬مستنداً للميليشيات الشيعيّة الوافدة‬ ‫وللدعم اإليرانيّ الصريح والموقف الروسيّ الثابت‪ ،‬ومن تنظيم‬ ‫القادمين من متاهات العصور الوسطى‪ ،‬لبناء «دولة إسالم طالبانيّ »‬ ‫مرّ ة ثانية‪ ،‬بالجلد والحرق وقطع الرؤوس‪ ،‬مستندين لدعم ماليّ غير‬ ‫منظور‪ ،‬رغم ك ّل التخمينات واال ّتهامات المتبادلة‪ ،‬ومستخدمين أسلحة‬ ‫نوعيّة وك ّميّة‪ ،‬خفيفة وثقيلة‪ ،‬يحصلون عليه من الجيشين العراقيّ‬ ‫بعد معارك‬ ‫وال��س��وريّ‬ ‫وم������������ن‬ ‫ب��س��ي��ط��ة‪،‬‬ ‫ال��ث��ائ��ري��ن‬ ‫ت��ش��ك��ي�لات‬ ‫النتائج ال حتمل‬ ‫األسد‪ ،‬الذين‬ ‫إلس����ق����اط‬ ‫سوى املزيد من الغموض‬ ‫سوى الدعم‬ ‫ل���م ي��ج��دوا‬ ‫ّ‬ ‫م��ن ال��ق��وى‬ ‫ال��م��ت��ق��ط��ع‬ ‫والبعد عن األهداف‬ ‫و ا إل قليميّة ‪،‬‬ ‫اإلس�لام��يّ��ة‬ ‫املعلنة‪ ،‬فتظهر املسألة‬ ‫ي�����ش�����ارك‬ ‫وال�����ذي�����ن‬ ‫ب���ج���ي���وش‬ ‫البعض منهم‬ ‫السوريّة كمسألة بال‬ ‫ال���ج���دي���دة‬ ‫ال����ف����ت����ح‬ ‫ّ‬ ‫دات‬ ‫د‬ ‫حم‬ ‫ال���ن���ص���رة‬ ‫م���ع جبهة‬ ‫األه�����داف‪،‬‬ ‫ال��ق��اع��ديّ��ة‬ ‫طبيعة ذلك‬ ‫مهما كانت‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫التحالف تكتيك ّيا أم إستراتيج ّيا‪ ،‬ومن نشاط دوليّ مكثف للوصول إلى‬ ‫الح ّل السياسيّ وفقا ً لصيغة جنيف التي غاب التوافق في تفسيرها‪ ،‬مع‬ ‫تقديمه ألولويّة حرب على اإلرهاب اإلسالميّ المتطرّ ف‪ ،‬كضربات‬ ‫جوّ يّة ال تبدو أكثر من سعي لتوازنات بين القوى أكثر من كونها‬ ‫حرب إلزالة «داعش»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مع هذه األهداف المعلنة‪ ،‬ثمّة الكثير من الوقائع التي قد تدلل على‬ ‫أهداف أخرى وغير معلنة‪ ،‬بدءاً من انسحابات النظام التكتيكيّة‬ ‫بعد معارك محتدمة أمام جيش الفتح‪ ،‬الذي امتلك ك ّل تلك القوّ ة‬ ‫بصورة مفاجئة‪ ،‬حيث يحاصر ويحرّ ر معاقل مهمّة في إدلب والجسر‬ ‫والمسطومة والقرميد وأريحا‪ ،‬ويقف عاجزاً في القلمون أمام قوّ ات‬ ‫وميليشيّات مبعثرة في التالل‪ ،‬وصوالً إلى تقدّم تنظيم «داعش»‬ ‫ّ‬ ‫وتعثرهم أمام أق ّل من جيش‬ ‫السهل في مواقع يسيطر عليها النظام‪،‬‬ ‫فتح في ريف حلب‪ ،‬بل وتراجعاتهم المتتالية أمام قوّ ات الحماية‬ ‫الكرديّة في عين العرب (كوباني) وريف الحسكة‪ ،‬إذ يتحوّ ل هذا‬ ‫التنظيم إلى قوّ ة خارقة أمام النظام وإلى قوّ ة ه ّ‬ ‫شة أمام اآلخرين‪.‬‬ ‫قد يكون لك ّل معركة من تلك المعارك معطياتها التي تحمل تلك‬ ‫النتائج المتباينة‪ ،‬لكن هذه النتائج ال تحمل سوى المزيد من الغموض‬ ‫والبعد عن األهداف المعلنة‪ ،‬فتظهر المسألة السوريّة كمسألة بال‬ ‫محدّدات‪ ،‬تغيب أهدافها في إسقاط النظام أو بقائه‪ ،‬كما تغيب عنها‬ ‫شكل الدولة المنشود‪ ،‬من مدنيّة أو إسالميّة أم دويالت متعدّدة‪،‬‬ ‫لتبقى الحرب المستمرّ ة سيّدة الموقف‪ ،‬حربا ً ربّما يتكهّن الكثيرون‬ ‫باشتدادها وتوسّعها‪ ،‬مع تصريحات القوى المشاركة فيها‪ ،‬من قوى‬ ‫محلّيّة وإقليميّة ودوليّة‪ ،‬كما في التصريحات األخيرة للمسؤولين‬ ‫ّ‬ ‫التدخل من أجل استعادة نظام األسد لسيادة شاملة‪.‬‬ ‫اإليرانيّين حول‬ ‫إنّ السعي إليقاف تلك الحرب المجنونة‪ ،‬لم يعد منوطا ً بأبناء الشعب‬ ‫السوريّ على اختالف مواقفهم‪ ،‬وربّما لم يعد بمقدورهم سوى التوجّ ه‬ ‫إلى مُوقدي نار تلك الحرب بغية إخمادها‪ ،‬بغضّ النظر عن المشاركة‬ ‫الواسعة من أبنائهم فيها‪ ،‬وبغضّ النظر عن ك ّل المواقف المتعادية‬ ‫في صفوفهم‪ ،‬وربّما لم يعد للمبادرات المطروحة من أجل الوصول‬ ‫إلى توافق سوريّ أيّ معنى‪ ،‬ما لم يت ّم التوصّل إلى توافق دوليّ حول‬ ‫الح ّل بين مختلف القوى اإلقليميّة والدوليّة المعنيّة بتلك الحرب‪ ،‬الح ّل‬ ‫الذي ال يظهر في مواقفهم المعلنة والقائمة على أق ّل تقدير‪ ،‬بل إنّ‬ ‫ما يجري من قفز على ذلك التوافق باآلليّات القائمة عبر الصراع‬ ‫العسكريّ ‪ ،‬يبدو بعيداً عن ك ّل األهداف المعلنة ومن ك ّل اال ّتجاهات‪.‬‬

‫لؤي حاج بكري‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪32‬‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪3‬‬

‫سورية القادمة‬

‫بين التع ّددية ودعوات الطهارة والنقاء!‬ ‫يشعر معظم السوريّين اليوم ممّن يستخدم‬ ‫قنوات التواصل االجتماعيّ أ ّنهم يجب أن‬ ‫يكونوا أوّ ل المعنيّين برسم معالم سورية‬ ‫المستقبل‪ ،‬سورية القادمة من رحم المجزرة‬ ‫األقسى واألفظع‪ ،‬وترى ذلك في منشوراتهم‬ ‫وتعليقاتهم ومشاركاتهم التي كشفت ميولهم‬ ‫بوضوح‪ ،‬وأبرزت رغائبهم بجالء‪ ،‬فما عاد‬ ‫للتخمين والتخرّ ص دور‪ ،‬وال للتكهّن مزية أو‬ ‫اعتبار‪.‬‬ ‫يدرك السوريّون أ ّنهم يقفون أمام أه ّم مفترق‬ ‫طرق في تاريخهم المعاصر‪ ،‬مفترق سيحدّد‬ ‫مصيرهم‪ ،‬ومصير أبنائهم وأحفادهم من‬ ‫بعدهم‪ ،‬بل ومصير الدول المحاذية لهم‪ ،‬سلبا ً‬ ‫أو إيجاباً‪ ،‬تطوّ راً أو تدهوراً‪ ،‬فناء أو بقاء‪ ،‬بناء‬ ‫على حسن اختيارهم وتوفيقه‪ ،‬أو على سوئه‬ ‫وفساده‪.‬‬ ‫وما يلفت النظر اليوم تكاثر الدعوات لسورية‬ ‫نقيّة طاهرة‪ ،‬نقيّة من الطوائف المخالفة‪،‬‬ ‫وطاهرة من األقلّيّات المغايرة‪ ،‬وهي تتبدّل من‬ ‫شخص آلخر‪ ،‬فلك ّل واحد من أنصار الطهارة‬ ‫والنقاء طائفة أو أقليّة يجب التخلّص منها‬ ‫وإبادتها‪ ،‬أو طردها وإخراجها من أجل غد‬ ‫أفضل أكثر إسالميّة أو وطنيّة‪ ،‬أو تقدّميّة‪.‬‬ ‫إنّ نفي التعدّديّة بحثا ً عن الطهارة والنقاء يعني‬ ‫بداللة فحوى الخطاب أ ّنها ّ‬ ‫تلطخ‪ ،‬أو تلوّ ث‪ ،‬أو‬ ‫ح ّتى نجاسة‪ ،‬فهل هي كذلك فعال؟ً‬ ‫وهل هذه الدعوات للنقاء والطهارة هي دعوات‬ ‫واقعيّة؟ عقالنيّة؟ صائبة؟ رغم مسوّ غاتها‬ ‫وذرائعها القائمة على وقائع وتجارب ال مجال‬ ‫إلنكارها أو لغضّ الطرف عنها؟‬ ‫سأختصر اإلج��اب��ات إل��ى واح��دة من خالل‬

‫االعتبار باختيارات من سبقنا من ال��دول غير أنّ نشوة المسلمين لم ت��دم‪ ،‬فقد ذهبت‬ ‫والشعوب‪ ،‬عندما وقفت على مفترق طرق كما السكرة‪ ،‬وجاءت الفكرة‪ ،‬الفكرة التي عبّر عنها‬ ‫مالك بن نبيّ خير تعبير في كتابه «وجهة العالم‬ ‫نقف اليوم‪.‬‬ ‫ولع ّل أقرب مثال للسوريّين اآلن هم المسلمون اإلسالميّ »‪ ،‬حين رأى أنّ قيام الباكستان كان‬ ‫الهنود الذين وقفوا أمام مفترق طرقهم قبيل خديعة بريطانيّة كبرى أمالها دهاء «تشرشل»‬ ‫االستقالل من االستعمار البريطانيّ ‪ ،‬فاختاروا وبعد نظره‪ ،‬الذي عرف كيف يعزل اإلسالم‬ ‫الباكستان‪ ،‬ه��ذه الكلمة التي تعني حرف ّيا ً عن الشعوب الهنديّة‪ ،‬وكيف يعوق قيام ا ّتحاد‬ ‫«األرض النقيّة» أو «األرض الطاهرة»‪ ،‬هنديّ قويّ ‪ ،‬وكيف يقيم منطقة أمان‪ ،‬وحجراً‬ ‫واستقلّوا عن الهند‪ ،‬وش ّكلوا دولتهم التي صحّ ّيا ً ض ّد الشيوعيّة‪( .‬انظر‪ :‬مالك بن نبي‪،‬‬ ‫«وجهة العالم اإلسالمي»‪،‬‬ ‫أرادوه�����ا ن��ق��يّ��ة م��ن ظلم‬ ‫ط‪ ،1:‬سنة ‪ ،1986‬دار‬ ‫الهندوس طاهرة من كفرهم‪.‬‬ ‫لنفي‬ ‫ي‬ ‫السع‬ ‫يقود‬ ‫ّ‬ ‫الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ص ‪.)105‬‬ ‫وكم كانت فرحة المسلمين‬ ‫التع ّددية حتقيقاً‬ ‫أمّا ما لم يذكره مالك بن نبيّ‬ ‫في ك ّل أنحاء العالم اإلسالميّ‬ ‫رحمه هللا فهو أنّ بريطانية‬ ‫غامرة‪ ،‬وكم كانت نشوتهم‬ ‫لالنسجام إىل‬ ‫الخبيثة الماكرة كرّ رت هذه‬ ‫طافحة ي��وم أُعلنت دول��ة‬ ‫مزيد من التع ّدد‪،‬‬ ‫السياسة مرّ تين‪ ،‬وليس مرّ ة‬ ‫الباكستان النقيّة الطاهرة‪،‬‬ ‫واحدة‪.‬‬ ‫وبلغ من تعاطف المسلمين‬ ‫والتش ّظي‪ ،‬واالنقسام‪،‬‬ ‫األول���ى‪ :‬ف��ي الهند حين‬ ‫في ش ّتى أنحاء العالم بأن‬ ‫والتلوّث بدماء الناس‬ ‫م��هّ��دت السبل واألج���واء‬ ‫بات قسم منهم يلبس القبّعة‬ ‫إلع�لان دول��ة الباكستان‪،‬‬ ‫الباكستانيّة تضامنا ً مع‬ ‫ه��ذا اإلع�ل�ان ال��ذي سبق‬ ‫الباكستان وتعاطفا ً معها‬ ‫إعالن دولة الهند نفسها بيوم واحد‪.‬‬ ‫وفرحا ً بتح ّققها‪.‬‬ ‫ولكنّ المسلمين وهم في تلك الغمرة الغامرة الثانية‪ :‬في فلسطين حين مهّدت باآلليّة نفسها‬ ‫لم ينتبهوا إلى أنّ الطهارة ال تت ّم بدون تطهير‪ ،‬إلع�لان دول��ة إسرائيل‪ ،‬مقدّمة المسوّ غات‬ ‫وإلى أنّ النقاء ال يص ّح بدون تنقية‪ ،‬من أجل والذرائع أنفسهما التي قدّمتها الباكستان‪.‬‬ ‫ذلك رُحّ ل ماليين الهندوس وماليين المسلمين‪ ،‬حسنا ً لنضرب صفحا ً عن ذل��ك‪ ،‬ولنغضَّ‬ ‫وبدّلت مواقعهم وأراضيهم تبديالً ّ‬ ‫نزت منه الطرف عن الحروب التي خاضتها الباكستان‬ ‫ك ّل أنواع صديد الظلم والقهر والمعاناة‪ ،‬ولكن مع جارتها الهند‪ ،‬التي هي في حقيقة الحال‬ ‫ال بأس‪ ،‬أليس حلم الطهارة والنقاء سيتح ّقق؟ والمآل حروب مع ذاتها‪ ،‬ولنسائ ْل الواقع‪ :‬هل‬ ‫أليس التلوّ ث سيزهق؟ والنجاسة س ُتمحق؟ إذن ح ّققت الباكستان الطهارة والنقاء؟‬ ‫والجواب هو الكارثة الالمتو ّقعة‪ ،‬والتي يمكننا‬ ‫ستهون في سبيل ذلك ك ّل الصعاب‪.‬‬

‫نحن الغارقين في‬ ‫القاع أدناه ‪..‬‬

‫أن ن��ص��وغ��ه��ا في‬ ‫القانون التالي‪( :‬يقود‬ ‫السعيّ لنفي التعدّدية‬ ‫ت��ح��ق��ي��ق��ا ً ل�لان��س��ج��ام‬ ‫إل��ى مزيد م��ن التعدّد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والتشظي‪ ،‬واالنقسام‪،‬‬ ‫والتلوّ ث بدماء الناس)‪،‬‬ ‫ألنّ هذا السعيّ هو معاند‬ ‫ومجانف لمنطق جميع األشياء‪،‬‬ ‫ففلسف ّيا ً وكالم ّيا ً ن��درك أنّ الوحدة الكاملة‬ ‫واالنسجام التا ّم هما لواجب الوجود وواهبه‬ ‫فقط‪ ،‬أمّا نحن الكائنات فـ «التعدّدية» هي من‬ ‫لوازم وجودنا بل من مقوّ ماته‪ ،‬وأمّا كيميائ ّيا ً‬ ‫فبدون التعدّدية ال تفاعل وال تواصل‪ ،‬وأمّا‬ ‫بيولوج ّيا ً فـ «الوحدة» هي الموت‪ ،‬والتعدّدية‬ ‫هي الحياة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لذلك لم تمض سوى عدّة سنوات حتى وقعت‬ ‫الحرب في الباكستان نفسها كرمى التعالي على‬ ‫ّ‬ ‫لتتشظى من‬ ‫(التعدّدية اللغويّة) في هذه المرّ ة‪،‬‬ ‫جديد األرض «النقيّة‪ ،‬الطاهرة) إلى «باكستان‬ ‫الغربيّة = باكستان الحاليّة»‪ ،‬وإلى «باكستان‬ ‫الشرقيّة = بنغالدش»‪ ،‬أمّا الضريبة (ضريبة‬ ‫النقاء والطهارة ونفي التعدّدية اللغويّة) فكانت‬ ‫مليون ضحيّة‪ ،‬وخسارة سبع مساحة البالد‪،‬‬ ‫وأكثر من نصف الس ّكان‪.‬‬ ‫وإذا ما تركنا بنغالدش بحالها وعدنا للباكستان‬ ‫الحاليّة‪ ،‬فسنجد أنّ الشيعة فيها ما زالوا يحلمون‬ ‫بالنقاء والتخلّص من الس ّنة‪ ،‬وأنّ الس ّنة ما‬ ‫زالوا يحلمون ويأملون بالطهارة والتخلص من‬ ‫الشيعة‪ ،‬ناهيك عن القاديانيّة‪ ،‬واإلسماعيليّة‪،‬‬ ‫والهندوس ممن لم تستأصل شأفتهم نهائ ّياً‪ ،‬من‬

‫أجل ذلك ال‬ ‫بأس للشيعيّ‬ ‫مرّ ًة‪ ،‬وللس ّني‬ ‫أخ������رى أن‬ ‫يلبسا بدل حزام‬ ‫ال��ع��ف��ة ال���ذي‬ ‫ك��ان��ت تلبسه‬ ‫ال���ن���س���اء ف��ي‬ ‫ً‬ ‫أحزمة‬ ‫القرون السالفة‪،‬‬ ‫ناسفة تنشر بقع الدم القاني تمهيداً وتأهيالً‬ ‫للنقاء والطهارة والبياض‪.‬‬ ‫والخالصة‪ ..‬مرّ ت األيّام‪ ،‬وأثبتت قصر نظر‬ ‫أنصار النقاء والطهارة‪ ،‬وأ ّكدت خبل عدائهم‬ ‫للتعدّديّة‪ ،‬فالباكستان لم تح ّقق ال الطهارة‬ ‫وال النقاء‪ ،‬وإ ّنما حروبا ً متوالية‪ ،‬وانقالبات‬ ‫ّ‬ ‫التلطخ القاتم‪،‬‬ ‫عسكريّة متتالية‪ ،‬ومزيداً من‬ ‫والتف ّتت المفجع‪ ،‬واالنقسام الرهيب الذي‬ ‫شرخ البلد شرخين هائلين باكستان وبنغالدش‪،‬‬ ‫وبدالً من أن يكون المسلمون في دولة واحدة‬ ‫هي الهند‪ ،‬وعوضا ً عن أن يكون عددهم فيها‬ ‫أكثر من نصف مليار نسمة‪ ،‬تمّت تجزئتهم‬ ‫إلى ‪ 200‬مليون في الهند‪ ،‬و‪ 160‬مليون في‬ ‫الباكستان‪ ،‬ومثلهم في بنغالدش‪ .‬فكم كانت‬ ‫ً‬ ‫مجحفة نتيجة هذه الدعوات لنفي التعدّديّة‪ ،‬وكم‬ ‫كانت غبيّة بل مجرمة؟!‬ ‫لاّ‬ ‫وخالصة الخالصة‪ :‬يجب أ تخدعنا الكلمات‬ ‫الجميلة‪ ،‬ذات الجرس اللطيف‪ ،‬والملمس الناعم‬ ‫الف ّتان‪ ،‬نقاء‪ ....‬طهارة‪ ....‬انسجام‪ ،...‬فقد‬ ‫أفاع في أنيابها الرهق والمعاطب‬ ‫تكون مجرّ د ٍ‬ ‫والمهالك‪.‬‬

‫حممّد أمري ناشر النعم‬

‫الجهل المق ّدس‬

‫عوائق الدولة الحديثة‬ ‫الدولة الوحيدة القابلة للحياة اليوم تستم ّد شرعيّتها من الشعب‬

‫لم يبق في جعبة ملك الموت وسيلة لخطف أرواح‬ ‫السوريّين لم يجرّ بها‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الحق يقال‪ :‬إ ّن��ه كان كريما ً وأكثر إبداعيّة في‬ ‫اجتراح السبل والوسائل التي يسلب فيها حيوات‬ ‫السوريّين ‪ ..‬بل كان أكثر كرما ً ممّا ينبغي‪ ،‬فصار‬ ‫يلحقهم بالرفيق األعلى بالجملة وليس فرادى‪ ،‬ال‬ ‫كرها وال حسداً وإ ّنما رأفة بهم من هذي العذابات‬ ‫وذاك التشرّ د‪ ،‬وقلّة القيمة! ‪.‬‬ ‫تتنوّ ع سبل الموت السوريّ ويصرّ مالكه على أن‬ ‫يكون أكثر حميميّة ويجعل بينه وبينهم ماء وملحاً‪.‬‬ ‫نحن الغارقين في القاع أدناه‪ ..‬متنا لمّا هربنا من‬ ‫الموت وسمحنا لك ّل قوّ اد أن يتاجر بنا ويُثري على‬ ‫حساب أرواحنا‪ ..‬ولمّا ظن ّنا أنّ أمم األرض ستنصر‬ ‫حرّ يّتنا وتنتصر لكرامتنا‪.‬‬ ‫متنا لمّا ّ‬ ‫تنطح ك ّل أ ّفاق وقوّ اد ومرائي لكي يتصدّر‬ ‫مشهد ذبحنا‪..‬‬ ‫نحن الغارقين في قاع الوهم صحونا على وطن‬ ‫دمّ��ره طاغية وضيع‪ ،‬وال يزال يعمل في جسده‬ ‫تدميراً بائعو الوهم والشعارات والصلوات والحجب‬ ‫والكرامات‪.‬‬ ‫نحن الغارقين في القاع أدن��اه‪ ..‬أغرقنا صمت‬ ‫الصامتين والشامتين والنائين بأنفسهم‪.‬‬ ‫نحن األحياء الغارقين في قاع ك ّل شيء‪ُ ..‬نقحم‬ ‫ّ‬ ‫ونشخص ونقدّم ألف ح ّل وح ّل‬ ‫أنفسنا في ك ّل شأن‬ ‫لقضايا البشريّة ونعجز عن اجتراح ح ّل لقضيّة‬ ‫صغيرة تخصّنا بين جارين في زقاق صغير‪.‬‬ ‫النكفّ عن الثرثرة‪ ..‬وال النميمة‪ ..‬بضاعتنا‬ ‫التخوين والتسفيه‪ .‬يبعث فينا تحطيم اآلخر نشوة‬ ‫ّ‬ ‫تضخم ذواتنا‪..‬‬ ‫انتصار زائف يزيد من‬ ‫نريد ث��ورة‪ ..‬ونرجمها‪ ،‬نريد حكومة ونخوّ نها‪،‬‬ ‫نلتمس ونقبّل األيادي لحظر جوّ يّ أو ّ‬ ‫تدخل دوليّ‬ ‫ونخوّ ن من يجاهر به‪ ،‬نريد دولة إسالميّة وتتهدّل‬ ‫شفاهنا ألتفه لقطة جنسيّة عابرة‪ ،‬نريد خالفة على‬ ‫منهاج النبوّ ة ونرجم النبيّ والصحابة بسوء وقذارة‬ ‫سلوكنا‪ ،‬وعلى أبواب المساجد نغتاب اإلمام الذي‬ ‫للتوّ صلى فينا‪.‬‬ ‫نحن األحياء األموات يا سادتي‪ ،‬غارقون مثلكم‬ ‫والفارق بيننا أنكم غرقتم في ماء وملح كفّ رائحة‬ ‫تفسّخكم‪ ..‬فيما نتفسّخ نحن في أس��ن مستنقعنا‬ ‫الداخليّ ‪.‬‬ ‫الحقيقة يا سادتي أنّ ملك الموت لم يحصد أرواحنا‪..‬‬ ‫فقد ك ّنا قبالً أمواتا ً فقام هو بتكفيننا ودفننا فحسب‪،‬‬ ‫بعضنا تحت الماء وأكثرنا تحت التراب‪ ..‬وبعضنا‬ ‫ال يزال هائما ً بحثا ً عن فسحة حياة أخرى ال موت‬ ‫فيها‪.‬‬

‫غزوان قرنفل‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫في ضوء المتغيّرات الحاصلة في المنطقة النهضة‪ ،‬ولك ّنهم استثمروا‬ ‫العربيّة بشكل ع��ام وف��ي سورية بشكل االسم فقط‪ .‬فلم يستطيعوا‬ ‫خ��اصّ م��ن ت��م��دّد لمفاهيم أيديولوجيّة التقرّ ب من مجتمعاتهم‪،‬‬ ‫وثقافيّة ترتبط بما قبل الحضارة اإلنسانيّة بل انفصلوا عنها وتوجّ هوا‬ ‫وتحارب الحداثة على أ ّنها (رج��س من إليها من أبراجهم العاجيّة‬ ‫عمل الشيطان)‪ .‬فتوجّ ه إليك أصابع اال ّتهام وجعلوا تلك األف��ك��ار في‬ ‫إن نطقت بكلمة العلمانيّة أو ّ‬ ‫وظفت أحد حالة طوباويّة توجّ ه أصابع‬ ‫تفسيراتها أو مفاهيمها في أيّ عمل أو في اال ّت��ه��ام للحالة الدينيّة‬ ‫االجتماعيّة بأقسى العبارات‬ ‫أيّ طرح سياسيّ أو ثقافيّ ‪.‬‬ ‫عوضا ً عن ارتباط العلمانيّة اسما ً ال تطبيقا ً من جهل وتخلّف وهذا ما‬ ‫وال تشريعا ً باألنظمة العربيّة التي عملت جعلهم بعدين ك ّل البعد عن‬ ‫على نقيض ذاك االدّع��اء رسخت الحقد محيطهم االجتماعيّ وجعل‬ ‫الطائفيّ والقمع األمنيّ الذي ارتكزت عليه من العلمانيّة عنصر ص ّد‬ ‫إلطالة بقائها‪ .‬عملت هذه األنظمة على ور ّد في المجتمع العربيّ‬ ‫ترويج وإلصاق تلك العبارة على أنظمتها بشكل ع��ام‪ ،‬وع��دم تقبّلها‬ ‫لتظهر للعالم الغربيّ أ ّنها أفضل من الم ّد دون وجود أيّ وعي تفاعليّ مشترك بين‬ ‫اإلسالمويّ الذي تالعبت به هي وهيّأت كال الطرفين‪.‬‬ ‫ون ّ‬ ‫بالمقابل ت ّم التعامل مع‬ ‫شطت رج��االت��ه ث ّم‬ ‫أصحاب النهج العلمانيّ‬ ‫شيطنت تلك األفكار التي‬ ‫بكيل االت��ه��ام��ات لهم‬ ‫بذرتها‪ ،‬لتبقى هي مدّعية‬ ‫من‬ ‫انتقال‬ ‫هي‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫العلمان‬ ‫ّ‬ ‫بتقليد الغرب وغيرها‬ ‫النهج «العلمانيّ » أو‬ ‫م��ن التهم ال��ج��اه��زة‪،‬‬ ‫الديمقراطيّ ‪ ،‬فعملت مرحلة اهلذيان بإعادة‬ ‫وه��ذا ما سمح لغيرهم‬ ‫هذه األنظمة على كسب‬ ‫إىل‬ ‫بتفاصيله‬ ‫التاريخ‬ ‫من القوى الراديكاليّة‬ ‫ثقة ال��غ��رب والبطش‬ ‫ألن ت��ك��ون صاحبة‬ ‫بمجتمعاتها ومحاربة الواقع للتعامل معه‬ ‫الموقف ف��ي ا ّتهامهم‬ ‫أيّ فكر ال ي ّتفق مع مبا يتحكّ‬ ‫فكر‬ ‫من‬ ‫به‬ ‫م‬ ‫وازدي��اد عزلتهم‪ ،‬رغم‬ ‫أيديولوجيتها‪ ،‬ولو كان‬ ‫ي��ش��اب��ه ال��ط��رح ال��ذي وحداثة‬ ‫م��ح��اوالت��ه��م البسيطة‬ ‫للتقرّ ب من الشارع‪،‬‬ ‫ادّعته سابقاً‪ ،‬إن كان‬ ‫خ��اصّ��ة بعد ال��ث��ورات‬ ‫إسالم ّيا ً أو حداث ّياً‪.‬‬ ‫النظام ال��س��وريّ تلوّ ن من نظام ينتهج العربيّة‪ .‬ولك ّنهم ككتلة صماء‪ .‬لم تستطع‬ ‫العلمانيّة‪ ،‬إلى نظام حامي األقلّيّات‪ ،‬خاصّة التعامل مع الواقع فكانوا تارة ينتقون منه‬ ‫بعد أن اندلعت ال��ث��ورة السوريّة‪ ،‬فقط ما يالئمهم وأخرى يتقرّ بون من الحركات‬ ‫لتسويق نفسه أمام العالم الغربيّ ولكسب الراديكاليّة ويدعمون بشكل غير موضوعيّ‬ ‫تصرّ فاتهم‪ ،‬والحالة السوريّة أكبر مثال‬ ‫رضا أصحاب القرار الدوليّ ‪.‬‬ ‫بالعودة إلى العلمانيّة التي حاول الكثير من واضح للدفاع عن القوى الراديكاليّة من‬ ‫المث ّقفين العرب منذ عصر األنوار والتنوير قبل أفراد احتسبوا عبر تاريخهم على الحالة‬ ‫إدراجها ضمن المجتمع العربيّ فقد أفردوا العلمانيّة‪ .‬رغم اقتناع مدّعي العلمانيّة بأ ّنه‬ ‫لها عشرات الكتب وال��دراس��ات أمثال يملك الحقيقة في مجتمعه‪ ،‬فيحرم النقاش‬ ‫الكواكبيّ وطه حسين وفرح أنطون ومحمّد فيما يُخرج المصطلحات عمّا ق ّننه في‬ ‫دفاتره‪ .‬أو في قالبه األيديولوجيّ فهو ليس‬ ‫عبدو وغيرهم كثر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫رغم تلك الدراسات والشخوص المؤثرة في نقيض اإلسالميّ إ بالتسمية أو باللباس‪.‬‬ ‫تلك حقبة النهضة العربيّة‪ ،‬لكنها لم ترسّخ فاإلسالميّ أيضا ً يرى نفسه حامالً لحقائق‬ ‫عابرة للتاريخ ومستمرّ ة لعموم الحقب وال‬ ‫مفهوم العلمانيّة ألسباب عديدة منها‪:‬‬ ‫لاّ‬ ‫انحصارها في طبقات دون أخرى وعدم يجب إ االلتزام بها وال سقط في الممنوع‬ ‫مالمستها لمجتمع األرياف ومحاربتها من والحرمانيّة‪.‬‬ ‫الموروث االجتماعيّ ومن السلطة الحاكمة العلمانيّة لم تكن يوما ً حالة إقصائيّة تلغي هللا‬ ‫وغيرها من األسباب؛ لذلك كان يجب على أو أيّ فكر أو إيديولوجيّة‪ ،‬بل تعمل على‬ ‫المث ّقفين العرب في الفترة الالحقة وضع صيانة جميع هذه األفكار في المجتمع دون‬ ‫آليّات تتوافق مع الفهم العربيّ وتحاكي تلك تب ّنيها‪ ،‬ألنّ القرارات الخاصّة بالدولة يجب‬ ‫الحقبة بالرغم من تب ّني أغلب المث ّقفين ألفكار أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسّسات‬

‫الدينيّة بل تعمل على مصلحة المجتمع على العرب بشكل ع��ا ّم أو السوريّين بشكل‬ ‫مبدأ المواطنة وفي حدود القانون الناظم خ��اصّ من انتكاستهم السياسيّة‪ ،‬وتفتح‬ ‫لعالقاتها مع األف��راد والمؤسّسات بشكل لهم باب الحداثة والديمقراطيّة؛ تخرجهم‬ ‫ّ‬ ‫الحق في من االنحطاط الفكريّ والدينيّ المُرسّخ‬ ‫عام‪ .‬فالدولة تصون لك ّل مواطن‬ ‫الحياة وفي السالمة الجسديّة وفي الحرّ يّة حقبة الظالم الديكتاتوريّ والمافيويّ الذي‬ ‫والكرامة‪ ،‬والعلمانيّة هي انتقال من مرحلة تمارسه الجماعات الراديكاليّة التي ساهمت‬ ‫الهذيان بإعادة التاريخ بتفاصيله إلى الواقع األنظمة العربيّة بإيجادها‪ ،‬بالفصل بين‬ ‫للتعامل معه بما يتح ّكم به من فكر وحداثة‪ ،‬الدين والدولة والمؤمن والمواطن‪ ،‬وتعمل‬ ‫هي والدة جديدة تبدأ بفصل حبل السرّ على تحرّ ر العقل من وصاية عصور‬ ‫بين الماضي والحاضر وتبدأ بالتحرّ ر من الظالم ورجالته‪ ،‬الذين يروجون إلى اآلن‬ ‫العوائق االجتماعيّة والدينيّة التي مازالت للسواد الذي صبغوا وجوههم به طالبين من‬ ‫التيّارات السلفيّة تعمل على فرضها بالقوّ ة الشعوب الموت جوعا ً لدخول الج ّنة‪.‬‬ ‫كالعنف المشرعن من قبلها وفرض آليّات العلمانيّة ال تلغي الدين وال ترجمه بل ترجم‬ ‫اجتماعيّة معادية للمرأة ولك ّل من ال يشابهها األفكار الهدّامة التي يريد أصحاب العقود‬ ‫فكراً‪ ،‬وإن كان مسلماً‪ ،‬وتك ّفر العقل والعلم السحيقة إبقائها متح ّكمة في عقول البشر‪،‬‬ ‫فهي تسمح بتكييف الواقع‬ ‫وترسّخ نار التعصّب‬ ‫م��ع الحداثة التي عجز‬ ‫وال��ف��وض��ى باسم هللا‬ ‫ّ‬ ‫مثقفونا عن مواكبتها‪،‬‬ ‫عبر فتاويها بتكفير أدّعي أ ّن العلمانيّة‬ ‫وتمنع شيطنة أو ا ّتهام‬ ‫وقتل مخالفيها‪.‬‬ ‫السابق‬ ‫مبفهومها‬ ‫الفكر المخالف (الدين او‬ ‫العلمانيّة ال تلغي‬ ‫ّ‬ ‫المذهب) ووصفهم بأنهم‬ ‫ال��م��اض��ي ب��ل تعمل خترج العرب بشكل‬ ‫فِ���رق متآمرة وش��ري��رة‬ ‫على‬ ‫اح��ت��رام��ه‪،‬عائقاإن ً عامّ أو السوريّني‬ ‫وتحميل اآلخ��ري��ن ك ّل‬ ‫ك��ان ال يش ّكل‬ ‫خاص من‬ ‫االفتراءات من االنحطاط‬ ‫لبناء المستقبل وتعمل بشكل ّ‬ ‫الفكريّ إلى إنهاء الخالفة‬ ‫على توظيفه في‬ ‫خدمة انتكاستهم السياسيّة‬ ‫إلى المؤامرة على هللا‪.‬‬ ‫اإلنسان وال تحوّ له لقيد‬ ‫فاليوم ال��دول��ة الوحيدة‬ ‫يتح ّكم بالعقول‪ .‬الواقع‬ ‫اليوم يحتاج إلى استدراكات إستراتيجيّة‪ ،‬القابلة للحياة هي الدولة الحديثة التي تستم ّد‬ ‫يحتاج إلى ثورة ثقافيّة برسم االفتتاح ُتخرج شرعيّتها من الشعب وليس من هللا أو الكتب‬ ‫السوريّين من الحالة الدمويّة التي فرضتها المقدّسة وال من المحاكم الشرعيّة وال من‬ ‫العديد من الجماعات الراديكاليّة‪ ،‬المتجسّدة يمجد الجمل وسرعته على الكمبيوتر‬ ‫في تطبيق الحدود الشرعيّة الدموية الماقبل والجوّ ال‪ .‬بل بفصّل المؤسّسات القضائيّة‬ ‫مدنيّة‪ ،‬أو المطالبة بتطبيقها‪ ،‬لترسّخ والتشريعيّة والتنفيذيّة‪ ،‬وليس بشخوص‬ ‫المفاهيم األساسيّة للحياة والقيم األساسيّة القائمين عليها التي يجب أن تتبدّل في ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫المشتق فترة في دولة القانون‪ ،‬الذي يعتبر جميع‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬والقانون الوضعيّ‬ ‫المواطنين متساوين أمامه‪.‬‬ ‫منها‪.‬‬ ‫أدّعي أنّ العلمانيّة بمفهومها السابق تخرج‬

‫باسل العبداهلل‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪32‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫انتهاكات‬

‫تنظيم الدولة اإلسالمّية‬

‫تقارير األمم المّتحدة‬

‫«داعش» يفتك بشباب دير الزور‬

‫انتهاكات القانون‬ ‫اإلنساني‬ ‫ّ‬

‫قطع الرأس‪ ،‬الرمي بالرصاص‪ ،‬اإلسقاط من مناطق مرتفعة‪ ،‬وطرق جديدة مثل اإلعدام بقذيفة أربي جي لشخص من عشرية الشعيطات‬ ‫شنّ تنظيم الدولة اإلسالميّة «داع��ش» منذ تهم واهية‬ ‫أيّ��ام حمالت إع��دام طالت ع��دداً كبيراً من وجّ ��ه تنظيم الدولة «داع��ش»‬ ‫أبناء محافظة دير الزور‪ ،‬حملة يصفها أبناء العديد م��ن التهم لألشخاص‬ ‫المحافظة ونشطاؤها باألعنف‪ ،‬بعد المجازر الذين ت ّم إعدامهم‪ ،‬تهم يصفها‬ ‫التي ارتكبها التنظيم بأبناء عشيرة الشعيطات‪ .‬أبناء دير الزور بالواهية وغير‬ ‫أم عمر والدة أحد الذين ت ّم إعدامهم على يد الحقيقيّة‪.‬‬ ‫التنظيم في ريف دير الزور الغربيّ تقول‪ :‬لقد «أحمد» من ريف دير الزور‬ ‫قتلوا ولدي هؤالء المجرمون بتهمة كاذبة وهي ال��ش��رق��يّ ت��ح��دّث إل��ى «كلّنا‬ ‫التعامل م��ع التحالف‬ ‫س���وريّ���ون»‬ ‫ً‬ ‫ال��دول��يّ ‪ ،‬وابني صغير‬ ‫ق����ائ��ل�ا‪ :‬إنّ‬ ‫الزور‬ ‫دير‬ ‫ريف‬ ‫لم يتجاوز السابعة عشر‬ ‫التنظيم أعدم‬ ‫من عمره‪ ،‬ولم يدخل في الغرب ّي ‪ 15‬حالة إعدام‪،‬‬ ‫صديقي حسن‬ ‫قتال مع أيّ فصيل‬ ‫بتهمة باطلة‬ ‫ولم واألحياء احمل ّررة داخل‬ ‫ينتسب أليّ تنظيم‪ ،‬ولم‬ ‫وه��ي تشكيل‬ ‫يعمل مع أيّة جهة‪ ،‬ولكنّ املدينة ‪ 7‬حاالت‪ ،‬وكان‬ ‫خ�لاي��ا لقتال‬ ‫التنظيم‪ ،‬وهو‬ ‫هللا ينتقم منهم‪ ...‬يا رب‪ .‬النصيب األكرب لريف‬ ‫مدنيّ ‪ ،‬ورجل‬ ‫‪ 69‬حالة إعدام في عدّة‬ ‫ي بـ ‪ 47‬م��س��ك��ي��ن لم‬ ‫احملافظة الشرق ّ‬ ‫أ ّيام‬ ‫ي��ش��ارك ب��أيّ‬ ‫حملة اإلعدامات طالت حالة‬ ‫عمل عسكريّ‬ ‫عدداَ كبيراً من أبناء دير‬ ‫ع���ل���ى م���دى‬ ‫الزور‪ ،‬بدأت الحملة في العشرين من الشهر‬ ‫الماضي بمعدّل وسطي عشر حاالت إعدام الثورة منذ انطالقتها ح ّتى بعد‬ ‫سيطرة التنظيم على المدينة‪.‬‬ ‫يوم ّياً‪.‬‬ ‫منظمة «صوت الناشط «محمّد خضير» من دير الزور يقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الناشط «تيم رمضان» من‬ ‫إنّ التنظيم ساق الكثير من التهم ّ‬ ‫بحق الضحايا‬ ‫وصورة» المعنيّة بالتوثيق والمناصرة‪ ،‬تحدّث‬ ‫إلى «كلّنا سوريّون» عن هذه اإلعدامات بقوله‪ :‬كان أبرزها ال��ردّة‪ ،‬والكفر‪ ،‬وقتال التنظيم‪،‬‬ ‫بلغ عدد الذين أعدمهم التنظيم منذ بدء حملته والعمالة للنظام‪ ،‬وتجارة المخدّرات‪ ،‬إضافة‬ ‫في دير الزور هذا الشهر ‪ 69‬شهيداً من جميع لتهمة جديدة وهي العمالة لقوّ ات التحالف‬ ‫الدوليّ وللمعارضة في تركيا‪.‬‬ ‫أن��ح��اء المحافظة‬ ‫ريفا ً ومدينة‪.‬‬ ‫أضاف «رمضان»‬ ‫أنّ اإلع���دام���ات‬ ‫ّ‬ ‫توزعت على ك ّل‬ ‫جغرافية المحافظة‬ ‫فكان نصيب ريف‬ ‫دير الزور الغربيّ‬ ‫‪ 15‬حالة إع��دام‪،‬‬ ‫واألحياء المحرّ رة‬ ‫داخ���ل المدينة ‪7‬‬ ‫ح������االت‪ ،‬وك���ان‬ ‫النصيب األك��ب��ر‬ ‫ل��ري��ف المحافظة‬ ‫ال��ش��رق��يّ ب��ـ ‪47‬‬ ‫حالة‪.‬‬ ‫ال���ن���اش���ط «زي���د‬ ‫الفراتيّ » تحدّث بأنّ عمليّات االعدام جرت «خضير» يؤ ّكد أنّ أغلب التهم كانت باطلة‪،‬‬ ‫في ك ّل من قرية المسرب‪ ،‬والمحيميدة غرب وغير صحيحة‪ ،‬ولم تكن هناك أيّة معلومات‬ ‫دير ال��زور‪ ،‬وحي الحميديّة داخل المدينة‪ ،‬ملموسة تؤ ّكد هذه التهم على مرتكبيها‪.‬‬ ‫وفي مدينة الميادين‪ ،‬وصبيخان‪ ،‬والزباري‪ ،‬أهداف غير معلنة‬ ‫والشحيل‪ ،‬والعشارة وغيرها من مدن وقرى أه��داف كثيرة ورس��ائ��ل ك��ان التنظيم يريد‬ ‫إيصالها للمدنيّين في دير الزور‪.‬‬ ‫الريف الشرقيّ ‪.‬‬

‫فالريي أموس‬

‫دير الزور ‪ -‬حممّد ح ّسان‬ ‫«تيم رمضان» ناشط إعالميّ من دير الزور‬ ‫قال‪ :‬إنّ سلسلة اإلعدامات التي ن ّفذها التنظيم‬ ‫تهدف إلى خلق حدث جديد لدى المدنيّين‪،‬‬ ‫وإشغالهم عن حادثة اإلنزال التي ن ّفذتها قوّ ات‬ ‫التحالف على حقل العمر‪ ،‬فاإلنزال أصبح‬ ‫حديث األهالي في ك�� ّل جلسة مع اإلش��ارة‬ ‫إل��ى ب��دء مرحلة‬ ‫التنظيم‪،‬‬ ‫انتهاء‬ ‫وفقدانه السيطرة‬ ‫واخ��ت��راق��ه‪ ،‬ممّا‬ ‫س��ي��ع��ك��س األم���ر‬ ‫ع���ل���ى ق��ب��ض��ت��ه‬ ‫األم��ن��يّ��ة‪ ،‬وحالة‬ ‫ال����خ����وف ل���دى‬ ‫المدنيّين‪ ،‬والتي‬ ‫يعتمد عليها التنظيم‬ ‫في تعزيز وجوده‬ ‫في المناطق التي‬ ‫تخضع لسيطرته‪.‬‬ ‫«رم�����ض�����ان»‬ ‫أضاف أنّ التنظيم‬ ‫دير الزور ‪ -‬حممّد ح ّسان‬ ‫اس��ت��ط��اع بالفعل‬ ‫إيقاف الكالم حول‬ ‫عمليّة اإلنزال على حقل العمر‪ ،‬وتوجيه أعين‬ ‫الجميع إلى عمليّات اإلعدام‪ ،‬وإثبات أ ّنه مازال‬ ‫يتح ّكم بزمام األمور‪ ،‬وقادر على الضرب بيد‬ ‫من حديد في أيّ وقت‪.‬‬ ‫فيما ي��رى «عمر» من ح��يّ الحميديّة أنّ‬ ‫اإلع��دام��ات كانت انتقاما ً من المدنيّين بعد‬

‫االغتياالت األخيرة التي تعرّ ض لها التنظيم‪،‬‬ ‫فهو يعمل على زرع الخوف في المحافظة‬ ‫إليقاف هذه الهجمات وإيصال رسالة‪ :‬أنّ ك ّل‬ ‫هجمة يتعرّ ض لها سيقابلها سلسلة إعدامات‪.‬‬ ‫ويضيف «عمر» ساخراً‪ :‬كأنّ التنظيم يريد‬ ‫إثبات أنّ المقولة الديريّة «واحد م ّنا يقابل‬ ‫ميّة» هي حصر للتنظيم وسيلقى ‪ 100‬شخص‬ ‫من دير الزور حتفهم مقابل ك ّل عمليّة اغتيال‬ ‫يتعرّ ض لها عناصره‪.‬‬

‫القاسم المشترك إخفاء الجثث‬

‫اختلفت طرق إعدام الضحايا هذه المرّ ة من‬ ‫قبل التنظيم‪ ،‬فمارس أكثر من نوع في حملته‬ ‫المستمرّ ة بدير الزور‪.‬‬ ‫«أحمد» من شباب الحراك الثوريّ بدير‬ ‫الزور قال‪ :‬طرق كثيرة استخدمت في قتل أبناء‬ ‫مدينتي منها قطع الرأس‪ ،‬الرمي بالرصاص‪،‬‬ ‫اإلسقاط من مناطق مرتفعة‪ ،‬بل وجدت طرق‬ ‫جديدة وهي اإلعدام بقذيفة أربي جي لشخص‬ ‫من عشيرة الشعيطات‪.‬‬ ‫وأشار «أحمد» إلى أنّ جميع من ت ّم قتلهم قام‬ ‫التنظيم بصلبهم في األماكن العامّة واختلفت‬ ‫مدّة الصلب من أيّ��ام لساعات فقط‪ ،‬وجميع‬ ‫من ت ّم إعدامهم دفنوا بأماكن مجهولة من قبل‬ ‫التنظيم‪ ،‬ولم تسلّم الجثث لذويهم‪.‬‬ ‫حملة اإلعدامات التي ين ّفذها التنظيم ليست‬ ‫األول���ى م��ن نوعها‪ ،‬ول��ن ت��ك��ون األخ��ي��رة‬ ‫ولكن امتازت عن سابقاتها بضخامة العدد‬ ‫واستمرارها لعدّة أيّام‪.‬‬ ‫حممّد ح ّسان‬

‫عُقدت جلسة لمجلس األم��ن في ‪28‬‬ ‫أيّ���ار ‪ ،2015‬قالت فيها «فاليري‬ ‫آموس»‪ ،‬منسّقة الشؤون اإلنسانيّة في‬ ‫حاالت الطوارئ‪ ،‬إنّ األزمة السوريّة‬ ‫دفعتها إلى االعتقاد بأنّ «هذا المجلس‬ ‫والمجتمع الدوليّ على نطاق أوسع‪،‬‬ ‫يحتاجان إلى بذل مزيد من الجهد لحماية‬ ‫المدنيّين وضمان قدر أكبر من المساءلة‬ ‫عن انتهاكات القانون اإلنسانيّ الدوليّ ‪».‬‬ ‫وكانت «آموس» قد ذكرت في معرض‬ ‫إفادتها المتعلّقة بتطبيق القرار ‪/2139/‬‬ ‫الصادر عن مجلس األم��ن منذ أشهر‬ ‫والمتعلّق بالوصول في سورية‪ ،‬أنّ‬ ‫متوسّط األعمار في سورية اآلن يق ّل‬ ‫بنحو عشرين عاما ً عمّا كانت عليه منذ‬ ‫بدء األزم��ة‪ ،‬كما وصل معدّل البطالة‬ ‫إلى ثمانية وخمسين في المائة بعد أن‬ ‫كان عشرة في المائة عام ‪ 2010‬وتفيد‬ ‫التقديرات بأنّ ثلثي السوريّين يعيشون‬ ‫في فقر مدقع‪ .‬وتضرّ ر األطفال بشكل‬ ‫خاصّ ‪ ،‬إذ يحتاج خمسة ماليين وستمائة‬ ‫أل��ف طفل إل��ى المساعدة في الوقت‬ ‫الحاليّ ‪ ،‬وانقطع مليونان عن الدراسة‪.‬‬ ‫ويقدّر أنّ إص�لاح المدارس المدمّرة‬ ‫واستعادة النظام التعليميّ في سورية‬ ‫سيحتاج إلى مليارات ال��دوالرات‪ .‬كما‬ ‫ُدمّ��ر النظام الصحّ يّ في سورية‪ ،‬فال‬ ‫تعمل سوى نصف عدد مراكز الرعاية‬ ‫الصحّ يّة األوليّة التي كانت موجودة قبل‬ ‫الصراع‪.‬‬ ‫من جهته دعا برنامج األغذية العالميّ‬ ‫في تقرير أصدره في ‪ 26‬أيّار الماضي‪،‬‬ ‫إل��ى وق��ف القتال ف��ي س��وري��ة ح ّتى‬ ‫يتس ّنى للمزارعين حصاد محصول‬ ‫هذا العام ونقله داخل البالد بأمان لتلبية‬ ‫االحتياجات الغذائيّة للس ّكان‪.‬‬ ‫احمل ّرر السياس ّي‬

‫سياسة ممنهجة‬

‫الوحدات الكردّية ته ّجر العرب‬ ‫توثّق جمموعة «النهرين» االنتهاكات اليت ترتكب داخل سورية من قبل مجيع األطراف‪ ،‬وستقوم صحيفة «كلّنا سوريّون» بنشر هذه الوثائق تباعاً‪.‬‬ ‫في ال��ـ ‪ 21‬من أيّ��ار ع��ام ‪2015‬سيطرت‬ ‫وحدات الحماية الشعبيّة ‪ YPG‬على قرى‬ ‫الخابور وجبل عبد العزيز بعد انسحاب تنظيم‬ ‫«داعش» منها نتيجة قصف طيران التحالف‬ ‫لها‪ .‬وارتكبت هذه الوحدات انتهاكات كثيرة‬ ‫ّ‬ ‫بحق القرى العربيّة في تلك المناطق فهجّ رت‬ ‫س ّكانها وحرقت بيوتها وجرّ فتها‪.‬‬

‫التالي جاءت أربع سيّارات محمّلة بعناصر‬ ‫الوحدات الكرديّة ومدجّ جة بالسالح وحاولوا‬ ‫إخراجنا‪ ،‬أثناء محاولتي اقناعهم بالسماح لي‬ ‫في البقاء دخل أحدهم إلى داخل المنزل‪ ،‬كان‬ ‫يحمل دوالبا ً كبيراً‪ ،‬ووضعه في الغرفة التي‬ ‫يجلس فيها أوالدي‪ ،‬رفضت زوجتي الخروج‬ ‫هددونا بالسالح‪ ،‬فلم يعد أمامنا إلاّ الخروج‬

‫شهدت العديد من القرى تهجيراً‬ ‫قسر ّيا ً لس ّكانها قرى «جرن أبيض‪،‬‬ ‫ت��ل زعيتر‪ ،‬الشهيدي الفوقاني‪،‬‬ ‫المتوسّطة‪ ،‬الهامانيّة الفوقانيّة‪،‬‬ ‫العدّاد‪ ،‬مغلوجة‪ ،‬العكلة‪ ،‬أبو صيرة‪،‬‬ ‫ال��داووديّ��ة الشرقيّة‪ ،‬وال��داوودي��ة‬ ‫الغربيّة‪ ،‬الكفرة‪ ،‬الواسطة الجنوبيّة‪،‬‬ ‫تل السوسة‪ ،‬القصير‪ ،‬مدينة السوسة‪،‬‬ ‫السيّاد‪ ،‬السرحانيّة‪ ،‬الغرّ ة‪ ،‬الخزنة‪،‬‬ ‫الحزوميّة‪ ،‬الجفر» وكلّها تابعة‬ ‫لمنطقة جبل عبد العزير‪ ،‬وتعرّ ضت‬ ‫ق����رى أخ����رى ل��ح��رق ال��م��ن��ازل‬ ‫وتجريفها‪ ،‬وتهجير أهلها كما حدث‬ ‫في «األغيبش‪ ،‬وت�� ّل خليف‪ ،‬وت ّل‬ ‫مجدل‪ ،‬والرزازة‪ ،‬والعشرة بريف ت ّل‬ ‫تمر الجنوبيّ »‪.‬‬ ‫محمّد ال��ع��وّ اد من أهالي قرية ال��رزازة‪،‬‬ ‫متزوّ ج ولديه س ّتة أوالد‪ ،‬يقول‪ :‬بعد انسحاب‬ ‫«داعش» من القرى القريبة سيطرة الوحدات‬ ‫الكرديّة عليها‪ ،‬وطلبت م ّنا النزوح من القرية‬ ‫مع تهديدنا بقصفها إلاّ أ ّننا رفضنا‪ ،‬في اليوم‬

‫مكرهين‪ ،‬وما أن وصلنا أوّ ل الطريق الموصل‬ ‫لقرية «الحويش» ح ّتى كان بيتنا وعدّة بيوت‬ ‫أخرى تشتعل»‪.‬‬ ‫يضيف‪« :‬ك ّنا نعرف من قبل أنّ الوحدات‬ ‫الكرديّة قادمة وسبق لها أن قامت بإحراق‬ ‫بعض القرى‪ ،‬وعندما وصلوا كان شعار‬

‫تهديد بالسالح‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪YPG‬ع��ل��ى «ال��ب��ي��ك��اب��ات» ال��ت��ي تحمل‬ ‫«الدوشكا» وعلى األع�لام وعلى أكتاف‬ ‫العناصر‪.‬‬ ‫ثالثة من العناصر كانوا يتحدّثون العربيّة‬ ‫بشكل جيّد أمّا البقيّة فكانوا يصرخون باللغة‬ ‫الكرديّة‪.‬‬ ‫قالوا لنا‪« :‬اخرجوا من هنا وكانوا يشتموننا‬ ‫وي����ص����رخ����ون ب���أ ّن���ن���ا‬ ‫«دواع���ش» استجبنا إلى‬ ‫مطالبهم إلحساسنا أ ّنهم‬ ‫ج ّديّون في تنفيذ تهديدهم‪،‬‬ ‫أثناء ذلك وصلت جرّ افة‪،‬‬ ‫تو ّقفت بجانب منزل جاري‬ ‫«علي ال��راش��د» ورأي��ت‬ ‫العناصر يضعون الدواليب‬ ‫ف��ي منزله أي��ض��ا ً وك��ان‬ ‫صوته يصل إلى مسمعي‬ ‫وهو يتوسّل إليهم محاوالً‬ ‫البقاء‪.‬‬ ‫ا ّتجهنا إلى قرية «الحويش»‬ ‫م��ش��ي��اً‪ ،‬ف��ه��ن��اك أق���ارب‬ ‫ّ‬ ‫كلنا سوريّون زوج��ت��ي‪ ،‬كانت زوجتي‬ ‫متعبة وأوالدي يبكون ولم‬ ‫أكن قد ابتعدت كثيراً عندما رأيت منزلي‬ ‫ومنزل جاري «علي الراشد» يحترقان‪.‬‬

‫حرق وتهجير‬

‫في شهادة أخرى‪ ،‬من قرية العشرة القريبة‬ ‫من نهر الخابور وهي من القرى التي تعرّ ض‬ ‫عدد من بيوتها للحرق والتجريف يقول «أحمد‬

‫ال��م��س��ع��ود»‪:‬‬ ‫خ�������رج�������ت‬ ‫م����ن م��ن��زل��ي‬ ‫ق��ب��ل س��ي��ط��رة‬ ‫ال������وح������دات‬ ‫الكرديّة عليها‬ ‫ون���زح���ت إل��ى‬ ‫مدينة الحسكة‪،‬‬ ‫لك ّنني عرفت ممن نزحوا أن منزلي قد‬ ‫أُحرق»‪.‬‬ ‫وتؤ ّكد الشهادة التي أدلى بها «أحمد المسعود»‬ ‫شهادات ك ٍّل من عبد الرحمن الخليف ونايف‬ ‫الظاهر وخضر العلي وعلي الراشد من قرية‬ ‫الرزازة وشهادة عائلة عالوي العيد من قرية‬ ‫ت ّل مجدل‪.‬‬ ‫تمارس الوحدات الكرديّة سياسية تهجير‬ ‫ممنهجة ض ّد القرى العربيّة في المناطق‬ ‫التي تسيطر عليها‪ ،‬إذ فعلت نفس الشيء بعد‬ ‫سيطرتها على «ت ّل حميس» وريفها وعلى‬ ‫«ت ّل براك» وعلى «اليعربيّة» وريفها وعلى‬ ‫ريف «رأس العين» حيث أحرقت البيوت‬ ‫العربيّة وجرّ فتها في تلك المناطق‪ ،‬وكانت‬ ‫الوحدات الكرديّة قد هجّ رت عشرات العائالت‬ ‫العربيّة في ريف «رأس العين» ومنها عائلة‬ ‫«أحمد الكاطع» في قرية «ت ّل ذياب شرقيّ »‪.‬‬ ‫يقول أحمد‪ ،‬وهو مهجّ ر حال ّيا ً في مدينة أورفا‬ ‫التركيّة‪« ،‬ط��وال ثالثة أشهر كانوا يأتون‬ ‫ويهدّدوننا بقصف القرية‪ ،‬بعدها هاجموها‬ ‫وأحرقوا بيوتها كلّها»‪.‬‬

‫كلّنا سوريّون‬ ‫يضيف أحمد‪« :‬رفضت زوجتي المقعدة‬ ‫ال��خ��روج‪ ،‬فأخرجتها ام��رأة من الوحدات‬ ‫الكرديّة بالقوّ ة‪ ،‬دفعوني بقسوة إلى الخارج‬ ‫وضربوا حفيدي البالغ من العمر ‪ 12‬عاما ً‬ ‫عندما حاول التصدّي لهم‪ ،‬في هذه األثناء‬ ‫كان عنصراً منهم «أشرف شيخو» يسكب‬ ‫المازوت على أساس منزلي‪ .‬أعرف عدداً‬ ‫منهم شخص ّيا ً «حسين كوجر» يقود المجموعة‬ ‫ويساعده شخص اسمه «دلشاد»‪ ،‬أمّا أشرف‬ ‫شيخو فكان يقوم بتنفيذ أوامرهم»‪.‬‬

‫بانتظار المعابر‬

‫ما حدث مع عائلة «الكاطع» حدث مع مئات‬ ‫العائالت العربيّة واضطرّ ت بعدها للنزوح‬ ‫داخل الحسكة أو إلى دير الزور أو الهجرة‬ ‫إلى تركيّة‪.‬‬ ‫غالبا ً ما ي ّتجه النازحون إلى مناطق لهم أقارب‬ ‫فيها على غرار «علي الراشد» الذي حُرق‬ ‫منزله في قرية ال��رزازة ون��زح إلى مدينة‬ ‫الحسكة‪.‬‬ ‫أمّا البعض اآلخر فال يزال ينتظر فتح معبر‬ ‫«ت ّل أبيض» على الحدود التركيّة‪.‬‬ ‫جمموعة النهرين‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫حوار العدد‬

‫العدد ‪32‬‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫‪5‬‬

‫السنة الثانية‬

‫كلّنا ّ‬ ‫السوري‬ ‫ملطخون بالدم‬ ‫ّ‬ ‫متلصص)‬ ‫(حوار مع مصطفى خليفة كاتب يومّيات ّ‬

‫القوقعة ‪ .....‬رواية من الجحيم‬ ‫قدر الطرفني هو العيش املشرتك‪ ،‬وهذا االعتقاد ليس فقط نابع من حقائق اجلغرافية والتاريخ مّ‬ ‫إنا تفرضه ضرورات املستقبل وحقائقه‬ ‫على ّبوابة جحيمه كتب دانتي‪ :‬عن كل ّ أمل تخ ّلوا أ ّيها الداخلون هنا‪.‬‬ ‫هل قرأ حافظ األسد رواية دانتي فصاغ سجونه من وحيها؟؟‪ ،‬أم أ ّنه ليس بحاجة أل ّية قراءة لينتج‬ ‫الخاص؟؟‪.‬‬ ‫جحيمه‬ ‫ّ‬ ‫اثنان م ّمن عاشوا هذا الجحيم يستحضرانه في هذا الحوار ‪ ....‬س ّيما أنّ فصوله التزال تتواصل‬ ‫جحيما ً بعد آخر‪ ،‬فسجن تدمر تمدّد لتصبح سورية ك ّلها قوقعة‪.‬‬ ‫الحديث عن روايتك القوقعة اآلن له إمّا أن تركع وتقبّل الحذاء العسكريّ – اإلذالل‬ ‫• ‬ ‫وجه آخر‪ ،‬هاهي القوقعة بمعنى «المكان» ‪ -‬أو أنّ سجن تدمر سيكون مآلك النهائيّ ‪،‬‬ ‫تنفتح‪ ،‬ولكن ما هو أبعد من المكان قد يستغرق الرعب‪.‬‬ ‫ودون هذه الثنائيّة «اإلذالل ‪ -‬الرعب» ال‬ ‫عقوداً ليفتح‪ ،‬وقد يستحيل فتحه‪ ،‬فعشرات‬ ‫تستطيع الساللة األسديّة أن تحكم سورية‪.‬‬ ‫اآلالف من السور ّيين وغير السور ّيين قضوا أمّا قولك إنّ «المكان» قد انفتح فأعتقد أ ّنه قول‬ ‫في هذا المكان «الجحيم»‪ ،‬وقد ال يتس ّنى لنا مح ّل نظر‪ ،‬فح ّتى بالمعنى الحرفيّ والضيّق‪،‬‬ ‫فال ضحايا هذا المكان‬ ‫أن ن��ع��رف ع��ن قصص‬ ‫قد تحرّ روا‪ ،‬وال بدائله‬ ‫موتهم شيئاً‪ .‬كيف ترى‬ ‫جزء كبري من السنّة يف‬ ‫معدومة‪ ،‬سيّما أنّ األسد‬ ‫القوقعة «الرواية» اآلن‪،‬‬ ‫والبغداديّ هما وجهان‬ ‫قناعة‬ ‫إىل‬ ‫وصل‬ ‫سورية‬ ‫وكيف ترى القوقعـــــة‬ ‫لجريمة واحدة‪.‬‬ ‫«المكان» اآلن؟‬ ‫باستحالة العيش املشرتك‬ ‫بسّام يوسف‪« :‬لعلّه أسوأ‬ ‫خليفة‪ :‬ال��رواي��ة‪،‬‬ ‫سجن في التاريخ» هكذا‬ ‫اآلن مع العلويّني مستقبالً‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫أو‬ ‫الموضوع‬ ‫في ه��ذا‬ ‫وصفته إح��دى الصحف‬ ‫فقط الحديث عن نقطتين‬ ‫وجزء كبري من العلويّني‬ ‫الفرنسيّة‪ ،‬وتقصد سجن‬ ‫م ّتصلتين‪ ،‬األول��ى حول‬ ‫تدمر‪.‬‬ ‫ذاتها‬ ‫القناعة‬ ‫إىل‬ ‫وصل‬ ‫ال��م��ص��داق��يّ��ة‪ ،‬ف��ط��وال‬ ‫أن��ا وأن���ت والكثيرون‬ ‫ال��س��ن��وات ال��ت��ي تفصل‬ ‫يعرفون أمكنة كثيرة‬ ‫نشر الرواية عن الثورة‬ ‫في سورية تقارب في‬ ‫السوريّة‪ ،‬أثيرت شكوك كثيرة حول أحداثها فظاعتها سجن تدمر‪ ،‬والسؤال‪ :‬كيف ترى‬ ‫ووقائعها‪ ،‬بحسن نيّة أو بسوئها‪« ،‬هل من سورية «القوقعة» في مداها المنظور؟؟ ‪..‬‬ ‫المعقول أنّ ك ّل هذا حدث دون أن نعلم عنه وهل نكون واقعيّين عندما نحلم بسورية خالية‬ ‫شيئاً؟»‪.‬‬ ‫من القواقع في هذا المدى؟؟‬ ‫هكذا تكلّم كثيرون بحسن نيّة‪ ،‬ومن تكلّم بسوء مصطفى خليفة‪ :‬الواقع والحلم‪ ،‬تستحضرني‬ ‫نيّة من المدافعين عن األسد‪ :‬قال إ ّنها مليئة هنا صورة ذلك الرجل التونسيّ وهو يمسّد‬ ‫باألكاذيب وكلّها من نسج خيال مريض‪ ،‬أمّا َمن شعره قائالً بفرح ممزوج ببعض الحسرات‪:‬‬ ‫كان يريد أن يغلّف كالمه بقليل من التهذيب‪ ،‬لقد هرمنا في انتظار هذا اليوم‪.‬‬ ‫يقول‪ :‬إ ّنها رواية صادمة‪ ،‬ولكنّ الكاتب يميل آالف الشباب السوريّين وعلى مدى أكثر من‬ ‫إلى المبالغة‪.‬‬ ‫خمسين عاما ً ضحّ وا بأعمارهم وحياتهم في‬ ‫ح ّتى ف��ي األح��ادي��ث ال��و ّديّ��ة م��ع أيّ ك��ان‪ ،‬سبيل تجسيد هذا الحلم على أرض الواقع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وخصوصا ً األجانب‪ ،‬كنت دائما ً أسأل‪ :‬هل ك ّل وقد أشرت في سؤالك األوّ ل إلى أكثر من‬ ‫ما ورد في القوقعة حقيقيّ ؟ ‪ ...‬أي أ ّنه حدث عشرين ألفا ً ابتلعهم ثقب األس��د األس��ود‬ ‫فعالً؟ ‪ ...‬وما هي نسبة الخيال فيه؟‬ ‫«سجن تدمر»‪.‬‬ ‫«اآلن» وبعد ما حدث في سورية‪ ،‬تالشت هذه اآلن ومنذ أكثر من أربع سنوات‪ ،‬انتفض‬ ‫الشكوك تقريباً‪ ،‬إلاّ ما كان منها سيّئ النيّة‪.‬‬ ‫مئات آالف السوريّين نسا ًء ورجاالً ساعين‬ ‫خال من القواقع‪.‬‬ ‫النقطة الثانية‪ ،‬وهي كما قلت ذات صلة باألولى‪ ،‬إلى تحويل سورية إلى بلد ٍ‬ ‫هي الصدمة التي كانت تولّدها الرواية عند ولكن لنبتعد عن العموميّات ولنقترب أكثر‬ ‫القارئ‪ ،‬والتي هي نتاج عدم التصديق لما كان من الواقع‪ ،‬بداية ال ب ّد من القول‪ :‬إ ّننا اليوم‬ ‫يجري في سجن تدمر أو غيره من السجون أقرب من أيّ وقت آخر إلى تحقيق الحلم‬ ‫السوريّة‪ ،‬لكن وبعد سلسلة من األسئلة‪ ،‬يصل السوريّ في العيش ببلد يو ّفر الكرامة‬ ‫القارئ إلى السؤال األساسيّ ‪ :‬هل من المعقول والحريّة ألبنائه‪ ،‬رغ��م أنّ الكثير من‬ ‫أنّ نظاما ً سياس ّيا ً يعامل شعبه بهذه الدرجة من اآلالم والمصاعب مازالت تنتظر الثورة‬ ‫الوحشيّة؟! ‪ ...‬وبعبارة أخرى‪ :‬من أين ينبع السوريّة‪.‬‬ ‫هذا الك ّم الهائل من اإلجرام عند آل األسد؟ ‪ ...‬وبغوص أعمق في الواقع الملموس‪ ،‬هناك‬ ‫إلخ‪.‬‬ ‫الكثير من القوى الشرسة والعنيدة‪ ،‬في‬ ‫وتزداد حدّة المفارقة عند إجرائها بين الصورة الداخل والخارج‪ ،‬تسعى لديمومة القوقعة‬ ‫التي يحاول النظام تسويق نفسه من خاللها‪ ،‬السوريّة‪ ،‬وأغلبها اليهمّه شكل أو لون هذه‬ ‫وبين حقيقته المخفيّة‪.‬‬ ‫القوقعة‪ ،‬وهذا يفسّر اإلستماتة التي تبديها‬ ‫يعد‬ ‫ولم‬ ‫الواقع‬ ‫هذا‬ ‫ظهر‬ ‫«اآلن» وبعد أن‬ ‫هذه القوى لإلبقاء على األسد بذرائع‬ ‫«خف ّياً»‪ ،‬وظهر الوجه الحقيقيّ لعصابة األسد وحجج مختلفة‪ ،‬المحافظة على مؤسّسات‬ ‫التي عمّمت إجرامها على كامل المساحة الدولة السوريّة‪ ،‬وكأنّ ما كان لدينا يمكن‬ ‫السوريّة‪ ،‬لم تعد «الرواية» تولّد الصدمة التي تسميته بالدولة‪ ،‬أو الخشية من الفوضى‪ ،‬إذا‬ ‫كانت تحدثها سابقاً‪ ،‬ال بل يمكن القول‪ :‬إنّ ما لم يكن هذا الذي نحن فيه هو الفوضى‪ ،‬فما‬ ‫كان يفعله األسدان في تدمر وغيره من سجون هي الفوضى إذاً؟ أو كأنّ الفوضى ستقتل من‬ ‫الموت السوريّة‪ ،‬لم يكن في الحقيقة إلاّ تدريبا ً السوريّين أكثر ممّا يقتل األسد والتطرّ ف‪ ،‬وال‬ ‫أو «بروفا « لِما فعاله في ك ّل سورية عندما تكفّ هذه القوى عن التهجّ م على أيّ إنجاز‬ ‫ُهدّدت سلطتهما‪.‬‬ ‫تح ّققه قوى الثورة‪ ،‬وتحاول هدم وتخريب أيّة‬ ‫أمّا القوقعة «المكان» أي سجن تدمر‪ ،‬فإنّ محاولة سورية لالنتظام السياسيّ ‪ ،‬واسمح لي‬ ‫خسارة األسد له قد يحمل بعض ال��دالالت‪ ،‬أن أضرب مثالً بالمعارضة السياسيّة ذات‬ ‫فساللة األسد‪ ،‬وكك ّل السالالت التي حكمت الصلة بالثورة‪ ،‬وأقصد تحديداً المجلس الوطنيّ‬ ‫في بلد ما‪ ،‬لها رموزها الخاصّة التي كان من واإلئتالف وك ّل ما تفرّ ع عنهما من مؤسّسات‪.‬‬ ‫الممكن أن توضع على راياتها وبيارقها لو ك ّنا وفي هذا الصدد يمكن القول‪ :‬إ ّنه لم يتعرّ ض‬ ‫في زمن آخر‪ ،‬والرمز األبرز لهذه الساللة‪ ،‬أيّ طرف له عالقة بالوضع السوريّ ‪ ،‬سواء‬ ‫الرمز الظاهر‪ ،‬هو الحذاء العسكريّ بك ّل كان طرفا ً داخل ّيا ً أم خارج ّياً‪ ،‬إلى ما تعرّ ضت‬ ‫معانيه وإيحاءاته العربيّة أو الشرقيّة‪ ،‬ومن له هذه المعارضة السياسيّة من حمالت تشويه‬ ‫ّ‬ ‫هنا يمكن تفسير الحملة المسعورة و‬ ‫«المنظمة وهجمات شرسة وصلت ح ّد التسفيه والتخوين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لتأليه‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫مؤخ‬ ‫والمدروسة» أيضا ً التي جرت‬ ‫ّ‬ ‫وحتى حمالت تشهير أخالقيّة على المستوى‬ ‫هذا الرمز‪ .‬أمّا الرمز الباطن ‪ -‬ولهذه الساللة الشخصيّ ‪ ،‬ولقد ق��ام بهذه الحمالت ثالثة‬ ‫دائما ً ظاهر وباطن ‪ -‬فإ ّنه سجن تدمر‪ ،‬وهو أطراف أساسيّة هي‪:‬‬ ‫الذي كان بالنسبة لألسد يماثل وعيد وتهديد النظام السوريّ واإلعالم التابع له مدعومين‬ ‫الجحيم لدى األديان‪.‬‬ ‫ببعض األقالم التي ادّعت وقوفها في صفّ‬ ‫بعده‬ ‫ومن‬ ‫‪،‬‬ ‫األسد‬ ‫كان‬ ‫بشكل أو بآخر‬ ‫األبّ‬ ‫ال��ث��ورة ول��م ت��دّخ��ر وسيلة لتشويه الثورة‬ ‫االبن‪ ،‬يوحي للشعب السوريّ أنّ سجن تدمر ومنجزاتها‪ .‬والطرف الثاني‪ :‬هو اإلع�لام‬ ‫بك ّل رعبه وأه��وال��ه «ك��رم��ز» ق��ادر على الغربيّ ‪ ،‬أمّا الطرف الثالث فقد كان من الثوّ ار‬ ‫أن يســتوعب ك�� ّل الشــعب ال��س��وريّ ‪ ،‬أي أنفسهم‪.‬‬ ‫وباختصار‪:‬‬ ‫والجميع يعلم أنّ النظام يهدف من ذلك إلى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ك���ات���ب وم���ع���ارض‬ ‫مرتين‬ ‫سوري سجن ّ‬ ‫بسبب انتمائه لحزب‬ ‫�ي‬ ‫ال��ع��م��ل ال��ش��ي��وع� ّ‬ ‫ م��ق��ي��م في‬‫فرنسا‬

‫مصطفى خليفة‬

‫إثبات أ ّنه الوحيد القادر على إدارة البلد‪ ،‬وأنّ‬ ‫اآلخرين أعجز من أن يش ّكلوا بديالً له‪ ،‬ال بل‬ ‫أن ال بديل له سوى الفوضى التامّة وانعكاساتها‬ ‫على اإلقليم والعالم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أمّا المجتمع الغربيّ ممثال بإعالمه فقد كان‬ ‫ك ّل همّه التركيز على ك ّل ما هو سلبيّ في‬ ‫أداء المعارضة ليبرّ ر بذلك «تقاعسه‪ ،‬تواطؤه‪،‬‬ ‫تآمره»‪.‬‬ ‫واألطراف التي تؤمن بالثورة انزلقت إلى هذا‬ ‫الموقع مدفوعة بأسباب ش ّتى‪ ،‬لع ّل أهمّها كان‬ ‫ّ‬ ‫وممثليها‪ ،‬أو‬ ‫من منطلق الحرص على الثورة‬ ‫من منطلق مثاليّ ‪ ،‬أو أسباب أخرى‪.‬‬ ‫لنقل أنّ المجلس الوطنيّ ‪ -‬على سبيل المثال‬ ‫ ليس هو ما كان يطمح إليه السوريّون‪،‬‬‫وال يرضون عن المظاهر االنتهازيّة‪ ،‬سواء‬ ‫الحزبيّة أو الشخصيّة الموجودة داخل هذا‬ ‫المجلس‪ ،‬ومن واجبهم‪ ،‬وطبعا ً ح ّقهم أن ينتقدوا‬ ‫ك ّل مظاهر العجز والتجاوزات التي حدثت‬ ‫داخل هذا المجلس‪ ،‬سعيا ً إلى تطويره واالرتقاء‬ ‫به نحو األفضل‪ ،‬ولك ّنني أعتقد كمواطن‬ ‫سوريّ ‪ :‬إنّ تشكيل المجلس لوحده‪،‬‬ ‫في وقت كانت التأثيرات‬ ‫ال��خ��ارج��يّ��ة‬

‫ع��ل��ى ال��م��ع��ارض��ة في‬ ‫حدودها الدنيا‪ ،‬يع ّد نجاحا ً للشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫بعد ك ّل هذا الخراب في البنية االجتماعيّة‬ ‫والسياسيّة الذي كرّ سته الساللة األسديّة‪ ،‬وال‬ ‫يجب نكران النجاحات التي ح ّققتها المعارضة‬ ‫ّ‬ ‫المحطات‪.‬‬ ‫السوريّة السياسيّة في العديد من‬ ‫أن نحلم بسورية خالية من القواقع‪ ،‬هو أمر‬ ‫طبيعي راود أذهان ووجدان معظم السوريّين‪،‬‬ ‫ولكن كيف نح ّقق ذلك وفي أيّ مدى زمنيّ ‪ ،‬هو‬ ‫أمر مرهون بما تخبّئه األيّام‪.‬‬

‫في سورية القادمة ث ّمة إشكال ّية‬ ‫• ‬ ‫آتية سيعيشها السور ّيون‪ ،‬أغلب السور ّيين‬ ‫سجانيهم أو قاتليهم‪ ،‬كيف‬ ‫سيضطرون لرؤية ّ‬ ‫ّ‬ ‫سنعيش كسور ّيين هذا الفصام‪ ،‬ما بين الرغبة‬ ‫باالنتقام‪ ،‬وما بين ضرورات الحياة؟؟‬

‫خليفة‪ :‬أعتقد أنّ المشكلة في سورية اآلن هي‬ ‫أكبر من رؤية السجّ ان‪ ،‬أي بمعنى أ ّنها تتجاوز‬ ‫الذات الفرديّة لهذا السجين أو ذاك‪ ،‬أو هذا‬ ‫الجلاّ د أو ذاك‪ ،‬المسألة أكبر من ذلك بكثير‪.‬‬ ‫دعني أق��ول بما أستطيع م��ن الصراحة‬ ‫والوضوح أنّ ما جرى في سورية من عنف‬ ‫منفلت ومتجاوز لك ّل المعايير والمقاييس إلى‬ ‫درجة تثير استغراب أيّ سوريّ ‪ ،‬دفع شرائح‬ ‫كبيرة من الشعب السوريّ إلى التفكير باستحالة‬ ‫العيش المشترك مستقبالً بين أكبر مكوّ نين‬

‫طائفيّين في سورية «الس ّنة والعلويّون» وال‬ ‫أريد هنا أن أخوض في جدل بيزنطي عن‬ ‫األسباب أو الجهات التي دفعت هذه الشرائح‬ ‫للوصول إلى هذه القناعة‪ ،‬فليس هذا حديثنا‪.‬‬ ‫إذن نحن أمام واقع يقول‪ :‬إنّ جزءاً كبيراً من‬ ‫خليفة‪ :‬لطيف منك أن تطرح هذا السؤال‪،‬‬ ‫الس ّنة في سورية وصل إلى قناعة باستحالة‬ ‫«سطل ماء بارد في يوم قائظ ‪ »...‬بعد ثالثة‬ ‫العيش المشترك مع العلويّين مستقبالً‪.‬‬ ‫أسئلة تعرّ ض من يف ّكر فيها بجدّية الرتفاع‬ ‫وجز ٌء كبير من العلويّين وصل إلى القناعة‬ ‫ضغط ال��دّم‪ ،‬وفي الداخل صراع مع الذات‬ ‫ذاتها‪ :‬استحالة العيش مع الس ّنة مستقبالً‪.‬‬ ‫يتطلّب منك صبّ الكثير من الملح على هذا‬ ‫وبين الطرفين أصبح هناك بحر من الدماء‪،‬‬ ‫الجرح‪ ،‬يأتي هذا السؤال الهادئ‪.‬‬ ‫وهذا البحر يشحن الطرفين بالكراهيّة والحقد‬ ‫إذا اعتمدنا ‪ ...‬حجم الدولة‪ ،‬عدد الس ّكان‪،‬‬ ‫والرغبة باالنتقام‪.‬‬ ‫عدد المعتقلين خالل فترة زمنيّة محدّدة‪ ،‬حجم‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا نحن أم��ام م��أزق قد يحتاج حله إلى‬ ‫اإلعدامات‪ ،‬عدد المفقودين‪ ،‬عدد الذين أصيبوا‬ ‫معجزة‪ ،‬ولك ّنني أعتقد «وق��د يكون هذا‬ ‫بعاهات داخل السجن ‪ ...‬إلخ‬ ‫االعتقاد رغبو ّيا ً « أنّ قدر الطرفين هو العيش‬ ‫أعتقد أنّ ماشهدته سورية في ظ ّل الساللة‬ ‫المشترك‪ ،‬وهذا االعتقاد ليس فقط نابع من‬ ‫األسديّة سيكون واحداً من بين أسوأ التجارب‬ ‫حقائق الجغرافية والتاريخ وكما يقال‪ :‬األصل‬ ‫اإلنسانيّة على هذا الصعيد‪ ،‬إن لم يكن األسوأ‬ ‫المشترك‪ ،‬إ ّنما تفرضه أيضا ً ض��رورات‬ ‫على اإلطالق‪.‬‬ ‫المستقبل وحقائقه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫موظفا ً واحداً في مدينة واحدة من‬ ‫تصوّ ر أنّ‬ ‫ولكنّ اعتقادي‪ ،‬رغبتي كي يتح ّقق يلزمه‬ ‫ّ‬ ‫يوثق وعبر ‪55000‬‬ ‫سورية استطاع أن‬ ‫ش��روط ع��دّة‪ ،‬أهمّها أن يتولّى العقالء أو‬ ‫ص��ورة‪ ،‬موت ‪ 11000‬س��وريّ ‪ ،‬جوعا ً أو‬ ‫الحكماء من الطرفين زمام األمور‪ ،‬وال يبدو‬ ‫تحت التعذيب!‬ ‫في األفق المنظور أنّ هذا سهالً أو في متناول‬ ‫ال الفنون السبعة اإلنسانيّة وال ك ّل الفنون‬ ‫اليد‪ ،‬فالطائفة العلويّة ح ّتى اآلن تبدو وكأ ّنها‬ ‫السماويّة قادرة على قول ك ّل هذا األلم والقهر‬ ‫قد فوّ ضت أمر قيادتها إلى مجانينها‬ ‫في سورية‪.‬‬ ‫ومجرميها و «زعرانها»‪ ،‬والطائفة‬ ‫نعم‪ ،‬ص��درت بعض األعمال الهامّة والتي‬ ‫الس ّنيّة يبدو أنّ مجانينها ومجرميها‬ ‫تالمس ما جرى‪ ،‬وكلّها جيّدة‪« ،‬فرج بيرقدار‪،‬‬ ‫و»زعرانها» هم األعلى صوتا ً ح ّتى‬ ‫ياسين الحاج صالح‪ ،‬هبة الدبّاغ‪ ،‬آرام كربيت‪،‬‬ ‫اآلن‪ ،‬رغم ك ّل المحاوالت الجادّة و‬ ‫راتب شعبو «‪ ....‬لك ّنني ال أعتقد أنّ األدب أو‬ ‫«النبيلة» لدفع هذه الطائفة لالبتعاد‬ ‫الفنّ قادران أن يقوال لآلخرين تجربة السجون‬ ‫عن اعتبار نفسهـــــــــــا «طائفة»‪،‬‬ ‫السوريّة‪ ،‬وسأذكر لك صورتين أوردتهما‬ ‫واالرتقاء بها لتكون «أمّ��ة»‪ ،‬ولكنّ‬ ‫سابقاً‪:‬‬ ‫صوت هذه المحاوالت ال يزال خافتاً‪.‬‬ ‫ش��ابّ س��وريّ مشلول‪ ،‬وفي ك ّل مهجع من‬ ‫أمّا الشرط الثاني فهو الزمن‪ ،‬يجب‬ ‫مهاجع سجن تدمر يوجد عدد من المشلولين‪،‬‬ ‫أن تنتهي ه��ذه المقتلة أوّ الً‪ ،‬ويمرّ‬ ‫وفي بعض األحيان يحلو للسجانين التسلّي بهم‪،‬‬ ‫زمن كا ٍ‬ ‫ف ح ّتى «يبرد» الدّم‪ ،‬فالدّم‬ ‫فيخرجونهم من المهاجع‪ ،‬وفي أجواء مليئة‬ ‫المراق مازال طازجا ً وحارّ اً‪ ،‬ولهذا‬ ‫بالرعب واإلره��اب يصرخون طالبين منهم‬ ‫يصعب الحديث‬ ‫الركض والدخول إلى‬ ‫ع�������ن ض���ب���ط‬ ‫المهاجع‪ ،‬يصطنع‬ ‫النفس والهدوء‬ ‫انتفض مئات‬ ‫المشلول أ ّن��ه يحاول‬ ‫وال��ع��ق�لان��يّ��ة‪،‬‬ ‫تنفيذ األم���ر‪ ،‬يلوّ ح‬ ‫آالف السوريّني‬ ‫ك��م‬ ‫ح��� ّت���ى ف���ي ِ‬ ‫بيديه‪ ،‬تتقلّص زاويتا‬ ‫ال����دّم المسفوح‬ ‫نسا ًء ورجاالً‬ ‫فمه‪ ،‬يتصبّب جبينه‬ ‫اآلن‪ ،‬وال نريد‬ ‫ع���رق���اً‪ ،‬وي��رت��ج��ف‬ ‫ساعني إىل حتويل‬ ‫أن نتحدّث عن‬ ‫حاجباه‪ ،‬بينما السياط‬ ‫خوفنا م��ن ال��دّم‬ ‫سورية إىل بلد‬ ‫تنهال على ظهره‪.‬‬ ‫ال����ذي سيسفح‬ ‫ه��ل يستطيع أدب‬ ‫خال من القواقع‬ ‫ٍ‬ ‫الحقاً‪.‬‬ ‫أو ف����نّ أن ينقل‬ ‫إنّ الحديث عن‬ ‫المشاعر الحقيقيّة لهذا‬ ‫ّ‬ ‫الملطخة‬ ‫األي��دي‬ ‫المشلول؟؟!‬ ‫بالدّم السوريّ بقدر ما يثير السخرية‪ ،‬أيضا ً‬ ‫ش��ابّ س��وريّ في السادسة والعشرين من‬ ‫ّ‬ ‫ملطخون بالدم‬ ‫يثير األس��ى والحزن‪ ،‬كلّنا‬ ‫عمره‪ ،‬أعتقل منذ ثالث سنوات‪ ،‬وهو في تدمر‬ ‫السوريّ ‪ ،‬ح ّتى من ساهم بالكلمة فقط من كال‬ ‫منذ أكثر من سنتين‪ ،‬يذكر لحظة اعتقاله‪ ،‬كان‬ ‫الض ّفتين‪.‬‬ ‫قد اشترى جمجمة بشريّة ـ كك ّل طلاّ ب كلّية‬ ‫ماقلته سابقا ً أردت الوصول منه إلى رأيي‬ ‫الطبّ ‪ ،‬ووضعها في كيس بالستيكيّ أسود‪ ،‬ك ّل‬ ‫الخاصّ كمواطن سوريّ بخصوص المحاسبة‬ ‫األكياس البالستيكيّة في سورية سوداء‪ ،‬ظلّت‬ ‫«العدالة» في سورية المستقبل‪ ،‬هذا إذا أردنا‬ ‫ّ‬ ‫يخطط إلرعاب أخيه‬ ‫ابتسامة على شفتيه وهو‬ ‫بناء سورية الموحّ دة‪ ،‬والمدنيّة والديموقراطيّة‪.‬‬ ‫الصغير بالجمجمة البشريّة‪.‬‬ ‫يجب أن تتو ّقف هذه المحاسبة عند مستوى‬ ‫في مدخل المنزل كانوا ينتظرونه‪ ،‬اعتقلوه ولم‬ ‫محدّد‪ ،‬هم كبار القادة من عصابة األسد‪ ،‬وقد‬ ‫يتم ّكن أخوه الصغير من رؤية الجمجمة‪.‬‬ ‫اليتجاوز عددهم المائتين أو أزيد بخمسين‬ ‫هذا الشابّ وهو في السادسة والعشرين من‬ ‫شخصا ً «مجرماً»‪.‬‬ ‫عمره‪ ،‬سحبه السجّ ان في تدمر من الصفّ ‪،‬‬ ‫ومن الضروريّ هنا استحضار تجارب شعوب‬ ‫ً وابتعد به قليالً‪ ،‬ث ّم أحاطت به مجموعة من‬ ‫أخرى شهدت في فترة من تاريخها اقتتاالً أهل ّيا‬ ‫السجّ انين‪ ،‬لسبب اليعرفه أحد اختاروه لين ّفذوا‬ ‫يشابه ما جرى في سورية‪ ،‬رواندا‪ ،‬البوسنة‬ ‫به عقوبة المظلّة‪.‬‬ ‫‪ ...‬إلخ‪ ،‬وفي جميع هذه األمثلة ت ّم تجاوز ك ّل‬ ‫طلبوا منه أن يستلقي على ظهره‪ ،‬تقدّم سبعة‬ ‫ما خلّفه االقتتال بين أبناء الشعب الواحد‪.‬‬ ‫من السجّ انين األشدّاء‪ ،‬واحد من ك ّل طرف من‬ ‫ّ‬ ‫موظفا ً بوسن ّيا ً أخبره أنّ‬ ‫ذكر لي أحدهم أنّ‬ ‫أطرافه‪ ،‬واحد من رأسه‪ ،‬واثنان من خاصرتيه‪،‬‬ ‫أعد‬ ‫لم‬ ‫أبيه‬ ‫أو‬ ‫أخيه‬ ‫قاتل‬ ‫نفسه‬ ‫مدير عمله هو‬ ‫هو يعرف أ ّنهم سيقذفونه عاليا ً ويتركوه ليسقط‬ ‫أذكر‪.‬‬ ‫على اإلسفلت القاسي‪ ،‬ويعرف أيضا ً أنّ هذا‬ ‫ً‬ ‫• ‬ ‫أخيرا‪ ،‬في القوقعة ث ّمة رعب ال سيودّي به‪ ،‬إمّا إلى الشلل أو إلى الموت ‪...‬‬ ‫يح ّد ‪ ...‬كل ّ الذين قرؤوا هذه الرواية أجمعوا وقذفوه عالياً‪.‬‬ ‫على أنّ الرعب الذي تحتويه ال ُيحدّ‪ ،‬ورغم هل يستطيع األدب أو الفنّ أن ينقل المشاعر‬ ‫األدبي قد يبالغ في شحن الحدث‪ ،‬الحقيقيّة لهذا الشابّ العشرينيّ خالل الثانيتين‬ ‫أنّ العمل‬ ‫ّ‬ ‫إلاّ أّن القوقعة وغيرها ال يمكنها مقاربة أو الثالث التي استغرقتها عمليّة قذفه إلى‬ ‫األعلى وسقوطه الحرّ ؟!‬

‫أي ح ّد‬ ‫من السجون السور ّية‪ ،‬سؤالي‪ :‬إلى ّ‬ ‫يمكن لألدب‪ ،‬وح ّتى لوسائل اإلبداع األخرى‬ ‫«سينما‪ ،‬مسرح‪..‬إلخ» أن تقول لآلخرين‬ ‫تجربة السجون السور ّية؟؟‬

‫الحقيقي لما شهده سجن تدمر وغيره‬ ‫الرعب‬ ‫ّ‬

‫حاوره ب ّسام يوسف‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪32‬‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫تحقيقات‬

‫السوري الجديد‬ ‫عادل أبو الحسام عن موقع‬ ‫ّ‬

‫التغريبة السورّية نحو أوربّا‬ ‫حتت رمحة البحر‬ ‫ّ‬ ‫عطل المحرّ ك وهو ما زال‬ ‫(تت ّمة ما نشر في طاقم السفينة‬ ‫العدد السابق)‬ ‫موجود بيننا وبدأت اإلشاعة بين الركاب بأنّ‬ ‫أصبحت‪...‬أصبحنا طاقم السفينة هرب وتركنا في عرض البحر‪،‬‬ ‫ف��ي ال��ي��وم الثالث وقال أحدهم بأ ّنه ت ّم اال ّتصال بالصليب األحمر‬ ‫على متن الباخرة إلنقاذنا‪ ،‬الناس تركت العنبر الذي تفوح منه‬ ‫على يميننا الجزر اليونانيّة وعلى يسارنا الروائح الكريهة‪ ،‬وبعد ساعتين أتت سفينتان‬ ‫السواحل المصريّة‪ ،‬نمضي في عرض البحر‪ ،‬تجاريّتان‪ ،‬واحدة صفراء من يسارنا وأخرى‬ ‫الناس بدأت حالتها تسوء لعدم وجود النظافة‪ ،‬زرق��اء من يميننا‪ ،‬وج��اءت طائرة إيطاليّة‬ ‫ح ّتى أنّ بعض الناس كان ال يأكلون لسوء مكان لتصوّ رنا‪ ،‬الناس شعروا براحة نفسيّة بعد‬ ‫بيت الخالء فكانوا يس ّكتون جوعهم من خالل معاناة أسبوع‪ ،‬وبالفعل بعد قليل أتت بارجة‬ ‫حبّات من التمر وشربة من الماء رغم وجود حربية إيطاليّة وعلى متنها جنود طليان‬ ‫الطعام المعلّب بكثرة والخبز الذي أصابه العفن وزورق إسعاف يحمل مياه وأطعمة لألطفال‪،‬‬ ‫من سوء التخزين فالخبز مكتوب على غالفه طلبوا من الناس الجلوس على السطح ح ّتى‬ ‫مخبز أبو قير اإلسكندرية‪ ،‬فالسفينة خرجت يقوم الجنود بتف ّقد الباخرة صعد الجنود‬ ‫منها وقام المهرّ بون بتزويدها بالوقود والطعام والطاقم الف ّني إلى الباخرة‪ ،‬بعد حوالي الساعة‬ ‫من مصر وبالتحديد من مدينة االسكندريّة مشت الباخرة‪ ،‬هم أرادوا سحب الباخرة لذلك‬ ‫ّ‬ ‫لحسن‬ ‫الحظ أ ّني كنت أملك آيباد قمت بتوثيق لم ينقلونا إلى متن البارجة‪ ،‬ومشت الباخرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أغلب اللحظات على متن الباخرة‪.‬‬ ‫حوالي الساعة‪ ،‬وتوقفت فالمحرّ ك عطله طاقم‬ ‫ممنوع التصوير‬ ‫السفينة والوقود نفد من السفينة‪ ،‬ح ّل الظالم‬ ‫خرج الناس إلى سطح الباخرة للتن ّفس بدأت ونحن نقف في عرض البحر بدأنا نشعر بالبرد‬ ‫بالتصوير وهنا بدأ أحدهم بشدّي بعنف وهو الجنود قاموا بتوزيع غطاء من ورق كي نضعه‬ ‫يقول «عم تصوّ ر هأل بفرجيك م ّ‬ ‫شي معي علينا ّ‬ ‫ووزعوا المياه علينا والبسكويت‪ ،‬الباخرة‬ ‫م ّ‬ ‫ّ‬ ‫تهتز بنا فالناس جميعهم يفترشون سطح‬ ‫شي» يأتي أحدهم‪ ،‬طويل وشعره مربوط بدأت‬ ‫قائالً‪« :‬خال ليش عم تصوّ ر هات األيباد خلّينا الباخرة والبعض نزل إلى العنبر رغم الرائحة‬ ‫نمسح الصور والفيديوهات» قلت له متحدّيا ً الكريهة العم أبو زاهر يصف لنا هذه الليلة‬ ‫«ما شفتوا غيري ك ّل الناس عم تصوّ ر» قال على سطح الباخرة «قضينا ليلة صعبة رغم‬ ‫ّ‬ ‫اهتزت الباخرة التي‬ ‫لي بغضب «راح نكبّك انت واآليباد‪ .‬بالبحر‪ .‬وجود البحريّة اإليطاليّة‬ ‫وما حدا بيعرف خلّي السمك يأكلك شو قلت ُتركت بعرض البحر لكي يصلحوا المحرّ ك‪.‬‬ ‫نحنا ما مشانا مشان الناس عندهم أهل جوّ ا في اليوم التالي‪ ،‬بسبب الموج والريح في تلك‬ ‫البلد» قلت له «أنا ما راح‬ ‫الليلة ومع انعدام التوازن‬ ‫أعطيكم اآليباد وقد تجهمر‬ ‫في الباخرة والناس كانت‬ ‫السفينة‬ ‫طاقم‬ ‫حوله عدد من طاقم السفينة‬ ‫نائمة على سطحها العنابر‬ ‫ّ‬ ‫وتدخل إلى جانبي بعض‬ ‫أصبحت م ّتسخة مالت‬ ‫هرب وتركنا يف‬ ‫الناس وفضّوا الموضوع‬ ‫السفينة وأص��ب��ح الناس‬ ‫وقال‬ ‫البحر‪،‬‬ ‫عرض‬ ‫ّ‬ ‫ت���دخ���ل شخص‬ ‫ب��ع��د أن‬ ‫يصرخون وهم في حالة‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫الفوقان‬ ‫الغرف‬ ‫في‬ ‫يجلس‬ ‫رع���ب وف���زع وأص��ي��ب‬ ‫أحدهم بأنّه ّ‬ ‫مت‬ ‫وأوص���اه���م ب��ت��رك��ي ج��اء‬ ‫طفل كان وقع من السطح‬ ‫ّ‬ ‫بالصليب‬ ‫صال‬ ‫االت‬ ‫أحدهم قائالً «ه��ال شـاب‬ ‫إلى األرض اصطدم رأسه‬ ‫بيعرفوا الدوري وقال عندو‬ ‫بالحديد وت ّم إسعافه‪......‬‬ ‫األمحر إلنقاذنا‬ ‫خلص» أصبحت أتساءل‬ ‫بدأ الطاقم الف ّني للسفن منذ‬ ‫بيني وبين نفسي من هذا‬ ‫الصباح بمحاولة إصالح‬ ‫ّ‬ ‫الشخص؟ شاء القدر أ ّني تعرّ فت عليه‬ ‫بمحطة المحرّ ك‪ ،‬لكن المحاوالت باءت بالفشل‪ ،‬وبعد‬ ‫القطار بميالنو كنت أرغب بتوثيق شهادات نحو الساعة بدأت البارجة اإليطاليّة بسحبنا‬ ‫مرئيّة عن الرحلة لكنّ ك ّل الركاب اعترضوا لكنّ قدرتها كانت بسيطة على سحبنا الناس‬ ‫رغم ك ّل محاوالتي لتوثيق الرحلة من خالل بدأت تحت ّج لدى الجنود الطليان طلبوا منهم‬ ‫ر ّكابها ع��دا شخص واح��د يدعى روميو الهدوء‪.‬‬ ‫وهو مهندس نفط من محافظة الالذقيّة أحد‬ ‫اليوم سنصل للميناء‪ ،‬وبالفعل عند الظهر‬ ‫المعارضين للنظام من الطائفة العلويّة‪ ،‬قال لي ج��اءت باخرة كبيرة وأخ��رى أصغر قامتا‬ ‫«على شو خايفين لسه خسروا كل شي حتى بسحبنا إلى الميناء اإليطاليّ ‪ ،‬وك ّنا نبعد نحو‬ ‫روحن بيجوز يخسروها»‬ ‫‪ ١٠٠‬ميل عن ميناء جزيرة صقلية‪ ،‬الناس‬ ‫ونحن على سطح الباخرة بعد انقضاء ليلة ب��دأت ح��زم أمتعتها وتجهز نفسها العيون‬ ‫مقيتة حيث الروائح الكريهة وصراخ األطفال كلّها تتر ّقب وتنتظر ظهور المرفأ اإليطاليّ ‪،‬‬ ‫والدخان الذي يمأل العنبر‪ ،‬أثار فضولي أحد بدأ الناس يغ ّنون «عندك بحريّة‪ ..‬يا ريّس»‬ ‫األشخاص ويدعى أبو صالح‪ ،‬وهو يقوم والجوّ االت المحمولة تصوّ ر اللحظات األخيرة‬ ‫بجمع بعض اليوروهات ويشكو للناس قصّته على السفينة‪ .‬الحت أنوار الجزيرة اإليطاليّة‬ ‫بأ ّنه استدان لكي يصل للباخرة وال يوجد الناس بدأت بالتصفيق والتصفير وعلى زورق‬ ‫معه ما يكفي لكي يصل للدولة األوربيّة التي صغير يجاورنا‪ ،‬بدأت كاميرات الصحفيّين‬ ‫يريدها وعلى الطرف المقابل يجلس‬ ‫أبو زاهر الرجل الخمسينيّ من حي‬ ‫الميدان الدمشقيّ وهو شوفير سرفيس‬ ‫على ّ‬ ‫خط كفر سوسة‪ ،‬قلت له يا حرام‬ ‫هالزلمة مسكين قال لي «أبو صالح‬ ‫بحبّ يشحد وهو كان صديقي و نعمل‬ ‫على نفس الخط وهو من القنيطرة أنا‬ ‫ويّ��اه عشرة عمر استدان مني مبلغ‬ ‫‪٩٠٠‬دوالر وعندما أردن��ا أن ندفع‬ ‫المبلغ للمهرّ ب قام بمراعتنا طلب منا‬ ‫مبلغ ‪١١٠٠٠‬دوالر لكن أبو صالح‬ ‫لم يدفع سوا ‪ ٥٠٠٠‬دوالر ودفعت أنا‬ ‫مبلغ ‪٦٠٠٠‬دوالر وأنا تضايقت م ّنو‬ ‫أنا ديّنتو ونحنا عشرة عمر متل هو‬ ‫متضايق أنا كمان بعت ك ّل ما أملك بعد‬ ‫أن مللت الوقوف يوميا على الكازيّة‬ ‫بدك تفيق من الصبح ح ّتى يجيك دور‪،‬‬ ‫الشام اللي عرفتها ما ع��ادت نفسها‬ ‫بلشت اختنق فقرّ رت بيع الميكرو‬ ‫وأطلع‪ ،‬تركت الشام بس روحي فيها»‬ ‫ونزلت الدمعة على خد أبو زاهر كان‬ ‫من ألطف وأنبل من تعرّ فت عليهم على‬ ‫سطح الباخرة ومازالت عالقتي به‬ ‫عادل أبو احلسام‬ ‫مستمرّ ة ح ّتى اللحظة‪ ،‬أمّا وسيم الشابّ‬ ‫القادم من السعوديّة الذي كان معي‬ ‫أيضا ً على سطح الباخرة وهو يعمل‬ ‫بإحدى الشركات‪ ،‬ومع أنّ وضعه ممتاز هناك‪ ،‬تلتقط لنا الصور اقتربنا أكثر فأكثر‪ ،‬يزداد‬ ‫قال لي «مللت العيشة هناك مللت استغالل تصفيق الناس في عيونهم فرح وفي قلوبهم‬ ‫الكفيل لي‪ ،‬رغم وجود المال إلاّ أنّ الحياة في غصّة فرحلتهم طويلة والوطن سيكون مزاراً‬ ‫السعوديّة بشعة و ما فيها شي مضمون لهيك لهم‪.‬‬ ‫قرّ رت أطلع بالبحر‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ،‬رست السفينة التجاريّة التي حملتنا‬ ‫سفن وطائرات وبارجة‬ ‫من مدينة مرسين التركيّة مساء الخميس ‪١٣‬‬ ‫مضت الليلة الرابعة وأصبحنا في اليوم تشرين الثاني في مرفأ جزيرة صقلية اإليطالية‬ ‫الخامس‪ ،‬هذا الصباح تو ّقف محرّ ك الباخرة‪ ،‬في السادسة من مساء األربعا‪ ١٩‬تشرين الثاني‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫عادل أبو احلسام‬ ‫‪ ٢٠١٤‬في حوض المرفأ‪ ،‬حين رست الباخرة‬ ‫كان في انتظارنا طاقم طبّي وطاقم إعالميّ‬ ‫وسيّارات شرطة تواجدت في المكان‪ ،‬ووُ ضع‬ ‫سلّم للصعود إلى الباخرة فصعد عدد من‬ ‫األطبّاء لفحصنا بواسطة جهاز خاصّ لكشف‬ ‫األمراض المزمنة‪ ،‬وبدأ سؤالنا‪ :‬هل نعاني من‬ ‫أيّة وعكة؟ وبعد دقائق بدأ إنزالنا إلى مخيّمات‬ ‫في أرض المرفأ جهّزت الستقبالنا يوجد فيها‬ ‫أسرّ ة متن ّقلة وأغطية‪ ،‬وقاموا بتوزيع وجبة‬ ‫عشاء لك ّل واحد م ّنا‪ ،‬الناس عيونها تتر ّقب‪،‬‬ ‫ولكن شعور الخوف يرافقهم رغم وصولهم‬ ‫بالسالمة فالرحلة لم تنتهِ‪ ،‬البصمة في إيطاليا‬ ‫ظلّت هاجسا ً لهم‪ .‬أبو مؤيّد الرجل الدمشقيّ‬ ‫الذي كان ينام بجانبي بالباخرة عبّر لي عن‬ ‫خوفه من البصمة «هللا يستر ما بيصّمونا‪ ،‬في‬ ‫ناس بصّموها إجباري عنها وأنا ما بدّي روح‬ ‫على ألمانيا ما حدا ما بيعرف ببصمة إيطاليا‬ ‫غيرها بدي روح على النمسا»‪.‬‬ ‫ح�� ّل الصباح وب��دأ تصوير ك�� ّل واح��د م ّنا‪،‬‬ ‫صا ً به‪ ،‬وبعد دقائق بدأ نقل‬ ‫وإعطاؤه رقما ً خا ّ‬ ‫الناس بباصات إلى أحد الكامبات القريبة من‬ ‫الجزيرة‪ ،‬ومنهم من بات ليلة في المرفأ وت ّم‬ ‫نقله في اليوم الثاني‪ ،‬وأنا كنت منهم وصلنا‬ ‫الكامب الواقع في جزيرة صقلية‪ ،‬ويوجد فيه‬ ‫عدد من الالجئين وأغلبهم من المغرب العربيّ ‪،‬‬ ‫خرجنا من الكامب أنا وعدّة شباب تعرّ فت‬ ‫عليهم في الباخرة لحق بنا شابّان من المغرب‬ ‫طلبوا م ّنا مبلغ ‪١٠٠‬يورو عن ك ّل شخص لكي‬ ‫ّ‬ ‫محطة القطار الواقعة في جزيرة‬ ‫يوصلونا إلى‬ ‫كاتنايا‪ ،‬لم نستجب لهم وقمنا بالمشي وابتعدوا‬ ‫قليالً عن الكامب‪ ،‬وجدنا مح ّل بيتزا‪ ،‬دخلنا‬ ‫ّ‬ ‫محطة‬ ‫أشار لنا صاحب المكان إلى وجود‬ ‫للقطار‪ ،‬وقال لنا ال تسمعوا كالم أحد انتظروا‬ ‫ّ‬ ‫محطة القطار دون‬ ‫الباص وبالفعل وصلنا إلى‬ ‫أن ندفع هذا المبلغ‪ ،‬حجزنا تذاكر نحو مدينة‬

‫ميالنو بمبلغ ‪١٠٠‬يورو‪ ،‬جميعنا يملك جواز‬ ‫ّ‬ ‫المحطة‬ ‫سفر‪ ،‬وهو شرط مكتب الحجز‪ ،‬في‬ ‫رأيت عدداً من السوريّين الذين كانوا معنا على‬ ‫متن الباخرة وقد نصب عليهم من قبل هؤالء‬ ‫المغاربة‪ ،‬قال لي أبو وحيد من حماة «دفعت‬ ‫لهم مبلغ ‪١٠٠‬يورو هذا أوّ ل كم مسافة قصيرة‬ ‫وصلت لهون الواحد الزم يسأل وما يرد على‬ ‫حدا لألسف ناس نصّابين يصطادون الناس‬

‫ّ‬ ‫ويستغلّون عدم معرفتهم بالمكان»‪.‬‬ ‫محطة القطار وقال لنا «الحجز‬ ‫بإيصالنا إلى‬ ‫العودة أو البصمة‬ ‫ضمن القطار ال تخافوا بإذن هللا بتوصلوا بس‬ ‫ّ‬ ‫صعدنا القطار في العاشرة مسا ًء وصلنا إلى راح تبدّلوا بعدّة محطات ما في قطار مباشر‬ ‫ّ‬ ‫ميالنو في الواحدة ظهراً‪ ،‬في‬ ‫محطة القطار لكوبن هاغن وح��وّ ل لنا سعر التذكرة إلى‬ ‫في ميالنو ازدحام شديد‪ ،‬ففي وسطه عند أحد كرون دانماركي وذهب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الممرّ ات تتواجد جمعيّة خاصّة بإغاثة الالجيئن‬ ‫جاء القطار ركبنا به‪ ،‬عندما جاءت المفتشة‬ ‫نقلونا‬ ‫القادمين من الجزر اإليطاليّة في المساء‬ ‫ترض أن تأخذ نقوداً‪ ،‬طلبت‬ ‫لم‬ ‫البطاقة‬ ‫تطلب‬ ‫َ‬ ‫إلى كامب أنطونيو إل ديني‪ ،‬هناك‪ ،‬التقيت جوازت السفر وعندها جاء مفتش آخر ورضي‬ ‫بعدد من األشخاص الذين كانوا معي على بأن ندفع المبلغ لحظات تحبس األنفاس من‬ ‫سطح الباخرة ومنهم توفيق من حمص الذي كذب المهرّ ب‪ ،‬ك ّنا قد بصمنا بالدانمارك فهو‬ ‫وصل قبلي وكانت لديه محاولة مع سائق لم يشتر لنا البطاقات الخاصّة بالقطار أوصلنا‬ ‫ّ‬ ‫محطات وصلنا إلى‬ ‫تكسي تعرّ ض هو والمجموعة التي كانت معه وذهب وبعد تبديل عدّة‬ ‫للنصب واالحتيال قال لي واصفا ً ما جرى العاصمة الدانماركيّة كوبن هاغن ومنها إلى‬ ‫معه «ك ّنا أربعة ر ّكاب في السيّارة وصلنا إلى مدينة مالمو السويديّة التي تبعد نحو ‪٢٠‬دقيقة‬ ‫غابة فقام السائق بإنزالنا‬ ‫فقط بالقطار‪.‬‬ ‫بالقوّ ة واستولى على نقودنا‬ ‫وصلنا السويد وآخ��رون‬ ‫وال��ج��وّ االت التي نملكها‬ ‫وصلوا إلى هولندا وألمانيا‬ ‫حجزنا تذاكر‬ ‫وتركنا هناك والذ بالفرار‬ ‫والنرويج وآخ���رون إلى‬ ‫حنو مدينة ميالنو‬ ‫وفي الصباح رآنا شخص‬ ‫النمسا ومنهم أب��و مؤيّد‬ ‫بعد أن وصلنا للطريق‬ ‫ال��دم��ش��ق��يّ ال����ذي ك��ان‬ ‫مببلغ ‪١٠٠‬يورو‪،‬‬ ‫ال��ع��ا ّم وق���ام بمساعدتنا‬ ‫ي��ج��اورن��ي ف��ي الباخرة‪،‬‬ ‫جواز‬ ‫ميلك‬ ‫مجيعنا‬ ‫وإيصالنا إلى الكامب مرّ ة‬ ‫يصف ل��ي ش��ع��وره عند‬ ‫ّ‬ ‫معتز فقد باءت‬ ‫أخرى‪ .‬أمّا‬ ‫وصوله إل��ى هناك «لقد‬ ‫سفر‪ ،‬وهو شرط‬ ‫بالطائرة‬ ‫ركوبه‬ ‫محاولة‬ ‫ألقت الشرطة النمساويّة‬ ‫احلجز‬ ‫مكتب‬ ‫إلى السويد بالفشل وخسر‬ ‫القبض عليّ في القطار‬ ‫ً‬ ‫مبلغا ً من المال‪ ،‬قال لي‪:‬‬ ‫كنت متجها إل��ى ألمانيا‬ ‫فشلت المحاولة خسرت‬ ‫شعرت ب��األم��ان لكن في‬ ‫مبلغ ‪ ٤٠٠‬يورو‪ ،‬المهرّ ب لم يعدها لي‪ ،‬أعاد قلبي غصّة ف��أوالدي وزوجتي بمصر أريد‬ ‫فقط ‪ ٦٠٠‬وأنا هنا أنتظر حوالة ماليّة لكي إحضارهم إلى هنا بيجوز يطوّ ل بس الحمد‬ ‫أحاول هذه المرّ ة بسيّارة أجرة‪ .‬أمّا آدم الشابّ هلل بدها صبر فح ّتى اآلن لم يحدّدوا لي موعد‬ ‫الالذقانيّ فركب القطار وت ّم إلقاء القبض عليه اإلقامة»‪.‬‬ ‫في القطار بنيس الفرنسيّة وأعيد إلى إيطاليا‪ .‬أما وسيم الشاب الذي ترك السعودية وكان‬ ‫ك ّل الطرق إلى البلدان األور ّبيّة محفوفة بخطر معنا على الباخرة فقد وصل إلى ألمانيا وحصل‬ ‫العودة إليطاليا وخسارة مبلغ المال الذي تملك على اإلقامة في أق ّل من ثالثة أشهر‪ ،‬يصف‬ ‫لو ركبت بالقطار النظاميّ ‪ ،‬أو ركبت الطائرة لي شعوره بعد وصوله إلى هناك «الحمد هلل‬ ‫ّ‬ ‫بخطة الترسيخ ورحلة البحث عن منزل‬ ‫من مطار ميالنو فإمكانيّة بدأت‬ ‫رجعوك إلى إيطاليا خمسين وعمل‪ ،‬فأنا اآلن أبدأ حياتي من الصفر مجدّدا‪ً،‬‬ ‫بالمائة وإكمال طريقك ‪ ٥٠‬البداية تكون صعبة لكن تستطيع أن تتأقلم‬ ‫بالمائة‪ ،‬أمّا الطريقة المثلى مع المجتمع الجديد‪ ،‬أمّا أنا وأصدقائي الذين‬ ‫فهي ركوبك بالسيّارة‪ ،‬ألنّ تعرّ فت عليهم بالباخرة نقيم في قرية صغيرة‬ ‫إمكانيّة رجعوك إلى إيطاليا ال يوجد فيها إلاّ عدّة منازل وفيها مواصالت‬ ‫تصبح ‪ ٢٠‬بالمائة‪ ،‬وبأسوأ مرّ تين باليوم فقط‪ ،‬بانتظار مقابلتنا األخيرة‬ ‫األحوال أن تبصم بألمانيا‪ ،‬التي ُحدّدت لنا في الشهر الثامن من هذ العام‬ ‫وه���ذا م��ا ج��رى م��ع العم فحالها حال العديد من السوريّين الذين قدموا‬ ‫أبو محمّد فقد ألقي القبض إلى السويد‪ ،‬بسبب الضغط الكبير من حيث‬ ‫على السيّارة التي كان فيها عدد القادمين إلى السويد‪.‬‬ ‫وبصموا جميعهم في ألمانيا بانتظار سفن المتاجرة‬ ‫وسجن صاحب السيّارة‪.‬‬ ‫و هكذا تنتهي مغامرة الشقاء من أجل البقاء‬ ‫بعد أن تسمع تلك القصص التي يدفع السوريّون ثمنها الباهظ ما ّد ّيا ً‬ ‫ع���ن ع��م��ل��يّ��ات ال��ن��ص��ب ونفس ّيا ً للوصول إلى برّ األم��ان وبدء حياة‬ ‫واالحتيال تبدأ رحلة بحثك جديدة بعيدة عن أجواء الحرب المستمرّ ة في‬ ‫ع��ن طريقة أف��ض��ل وعن بالدهم وهي تدخل عامها الخامس‪ ،‬وما زال‬ ‫سائق موثوق قام بإيصال سوريّون حالمون بغد أفضل ينتظرون سفنا ً‬ ‫ربّما أحد معارفك إلى الدولة جديدة لتستمرّ المتاجرة بأرواحهم من قبل تجّ ار‬ ‫التي يريدها‪ ،‬وبالفعل وجدت الموت المنتشرين في تركيا ومصر وليبيا تحت‬ ‫الشخص الموثوق نوعا ً ما أعين العالم العاجز عن إطفاء حرب مستعرة‪،‬‬ ‫وكانت المغامرة بعد المكوث فالسوريّ الذي يغامر بروحه في سفن الموت‬ ‫أسبوع في كامب أنطونيو وينجو من خطر البراميل والقذائف واالعتقال‪،‬‬ ‫الديني في ميالنو اإليطالية قد يكون مصيره الغرق في مياه المتوسّط‬ ‫انطلقنا نحو الدنماراك ومنها فالحياة ضاقت بوجه السوريّين في ك ّل مكان‬ ‫إل��ى السويد عند ك�� ّل غابة وما زالت عمليّة البحث عن األمان هي من‬ ‫تشعر بالخوف وتأتي الى ذهنك قصّة الشابّ يدفعهم للمخاطرة بحياتهم للوصول إلى الدول‬ ‫توفيق الذي ُترك في الغابة هو وأصدقاؤه األورو ّبيّة‪ ،‬فمن ح ّقهم أن يعيشوا بحرّ يّة وأمان‬ ‫واستولى السائق على ما يملك‪ ،‬أما السائق بعيداً عن الظلم واالستبداد بعد أن ُسدّت جميع‬ ‫الذي ركبنا معه فكان خفيف الظلّ‪ ،‬يدعى أبو األبواب في وجوههم ولم َ‬ ‫يبق لهم سوى مياه‬ ‫عمر من دمشق وله ‪٢٠‬عاما ً بأوروبّا عندما المتوسّط للبحث عن غد أجمل ولسان حالهم‬ ‫ّ‬ ‫تخطينا ألمانيا شعرنا براحة كبيرة دخلنا حدود يقول‪ :‬يا هللا مالنا غيرك يا هللا‪.‬‬ ‫الدانمارك‪ ،‬تركنا السائق وجاء المهرّ ب الذي‬ ‫ّ‬ ‫كنت ا ّتصلت به ويدعى أبو محمّد‪ ،‬الذي قام‬ ‫مت النشر باالتفاق مع املوقع والكاتب‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪32‬‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫‪7‬‬

‫السنة الثانية‬

‫ّ‬ ‫الحق في العيش كما أطفال العالم‬

‫ضحايا جريمة جماعّية‬ ‫ْ‬ ‫اقتربت م ّنا وباللغة التركيّة تحدّثت إلينا الطفلة‬ ‫ّ‬ ‫الفا ابنة ‪ 9‬أعوام‪ ،‬وعندما عرفت أننا سوريّون‬ ‫بدأت تحدّثنا بالعربيّة وتطلب المساعدة‪ ،‬طلبنا‬ ‫منها الذهاب إلى البيت لنرى والدتها التي‬ ‫قالت إ ّنها مريضة‪ ،‬في الطريق انضمّت إليها‬ ‫الطفلتين سيدرا ونورا من نفس الحيّ ‪ ،‬دخلنا‬ ‫إلى القبو المؤلّف من‬ ‫غرفة صغيرة وحمّام‬ ‫فقط ال��ذي تسكن فيه‬ ‫األ ّم واألخ���ت واألخ‬ ‫األكبر وزوجته‪.‬‬

‫وقدماها قد أدميتا من استخدام مادّة الكلور التي‬ ‫تستخدمها في عمليّة التنظيف التي تعمل بها‬ ‫مقابل القليل من المال‪ ،‬نقول لأل ّم‪ :‬مكان الفا‬ ‫يجب أن يكون في المدرسة وليس في الشارع‪،‬‬ ‫تجيبنا‪ :‬وما هو المقابل الذي ستدفعونه لي؟‬ ‫وبدأت تقدّر المبلغ الذي سندفعه لها‪ ،‬هل هو‬

‫المدرسة ال تدفع لنا‬

‫وال��د الفا مات قنصا ً‬ ‫ه��ك��ذا أخبرتنا األ ّم‬ ‫وه���ي ت��س��رد ق��صّ��ة‬ ‫ن��زوح��ه��ا م��ن حلب‪،‬‬ ‫تقول األ ّم‪ :‬بعد الذي‬ ‫ح��ص��ل ل��ن��ا ق��رّ رن��ا‬ ‫ال��ن��زوح إل��ى تركيّة‬ ‫وكانت عنتاب المدينة‬ ‫التي قُدّر لنا االستقرار‬ ‫فيها‪ ،‬نف ّتش عن عمل‬ ‫يم ّكننا م��ن تأمين‬ ‫مستلزماتنا‪ ،‬ولكن ال‬ ‫نستطيع فالبنت األكبر‬ ‫ّ‬ ‫طفلتان سوريّتان ‪ -‬كلّنا سوريّون‬ ‫يغطي‬ ‫تعمل بأجر ال‬ ‫حاجتنا‪ ،‬أمّا االبن الذي‬ ‫يبلغ م��ن العمر ‪17‬‬ ‫عاما ً ومتزوّ ج من فتاة تصغره س ّنا ً فهو عاطل يعادل ما تجلبه الفا من التسوّ ل في الشارع؟‬ ‫عن العمل أيضاً‪ ،‬وعند سؤالنا لماذا الزواج وعندما وجدت أنّ المبلغ أق ّل بكثير‪ ،‬رفضت‬ ‫في هذه السنّ المب ّكرة لالبن؟ كان جوابها‪ :‬إ ّنها الفكرة‪.‬‬ ‫مشيئة هللا‪ ،‬أمّا الفتاة التي تعمل في تنظيف تخبرنا الفا ‪ -‬على انفراد وب��دون أن تسمع‬ ‫البيوت لألتراك‪ ،‬كما أخبرتنا‪ ،‬فهي تتعرّ ض والدتها‪ :‬أنا أحبّ المدرسة وأري��د أن أتعلّم‬ ‫لش ّتى أنواع اإلذالل واإلهانات‪ ،‬كانت يداها القراءة والكتابة‪ ،‬لكنّ أمّي تقول‪ :‬بأنّ المدرسة‬

‫ال تعطي المال‪.‬‬ ‫هذا حال عائلة الطفلة الفا التي ترسلها أمّها‬ ‫للشوارع تجوب فيها طوال النهار لتعود مساء‬ ‫ومعها بعض النقود التي جمعتها من استعطاف‬ ‫المارّ ة بعباراتها المدعومة باألسى تارة وبشيء‬ ‫من الكذب تارة أخرى‪.‬‬

‫أت��ذ ّك��ر ال��ق��راءة‬ ‫والكتابة‬

‫خرجنا م��ن بيت‬ ‫الف��ا ب��دون نتيجة‬ ‫وذه���ب���ن���ا لبيت‬ ‫ن��ورا التي تسكن‬ ‫بقبو مماثل لسكن‬ ‫عائلة الفا‪ ،‬مقابل‬ ‫إيجار قدره ‪400‬‬ ‫ليرة تركيّة‪ ،‬القبو‬ ‫ك��ان ع��ب��ارة عن‬ ‫مستودع لتخزين‬ ‫ال��ب��ض��ائ��ع ل��ك��نّ‬ ‫المرأة التي تملكه‬ ‫قرّ رت أن تؤجره‬ ‫لهم‪ ،‬وجدنا العائلة‬ ‫ال��ت��ي تتألّف من‬ ‫األ ّم واألبّ وسبعة‬ ‫أط��ف��ال‪ ،‬أخبرتنا‬ ‫األ ّم أنّ بناتها‬ ‫يرتدن‬ ‫الخمس كنّ‬ ‫َ‬ ‫المدرسة‪ ،‬إلاّ أ ّنهم بعد أن نزحوا من حلب إلى‬ ‫تركيّة لم يستطع األبّ تأمين أقساط المدارس‬ ‫لس ّتة أطفال‪ ،‬تقول أ ّم نورا‪ :‬يعمل أبو أحمد‬ ‫لساعات طويلة ليأمّن إيجار البيت وحاجاتنا‪،‬‬ ‫أتم ّنى عودتهنّ إلى المدرسة‪ ،‬وهنا يخبرنا‬ ‫األب‪ :‬أ ّنه لو يستطيع العمل لساعات أطول‬

‫األتارب وأعزاز وسراقب وبنّش وحلب (المدينة)‬

‫اإللكتروني‬ ‫إطالق مبادرة للشفافية وموقعها‬ ‫ّ‬ ‫يق ّدم املوقع ‪ 100‬مادّة إخباريّة‪ ،‬ومعلومات عن ‪ 25‬مشروعاً‬ ‫مجموعة سوريّة مستقلّة بدأت عملها ال���رق���اب���يّ‬ ‫مع مجالس مناطق األت��ارب وأعزاز و محا سبة‬ ‫وسراقب وب ّنش وحلب (المدينة) منذ ا إل د ا ر ا ت‬ ‫تشرين األوّ ل ‪ ،2014‬باسم «المبادرة المحلّيّة‪.‬‬ ‫السوريّة للشفافيّة» بدعم من مؤسّسة • ‬ ‫مينابولس ومؤسّسة إيتانا‪.‬‬ ‫م������ا ه��ي‬ ‫تسعى «المبادرة» إلى تسليط الضوء اآلليّة التي‬ ‫على عمل المجالس المحلّيّة في المناطق تتبعو نها‬ ‫السوريّة الخاضعة لسلطة المعارضة‪ ،‬ف���ي تنفيذ‬ ‫بهدف تفعيل مبدأ الشفافية والمحاسبة مشروعكم؟‬ ‫بين اإلدارات المحلّيّة والمواطنين‪ ،‬خ�����ل����ال‬ ‫وذل���ك ب��ال��ت��زام��ن م��ع إط�ل�اق موقع األش����ه����ر‬ ‫الكترونيّ لهذه الغاية‪ .‬حسب ما جاء في التي سبقت‬ ‫بيان أطلقته المجموعة‪.‬‬ ‫إط����ل���اق‬ ‫أمّا الموقع االلكترونيّ – كما أوضح ال���م���وق���ع‬ ‫ال��ب��ي��ان ‪ -‬فيهدف ألن ي��ك��ون حلقة اإللكترونيّ‬ ‫وصل متينة بين المجالس والمواطنين للمبا د ر ة ‪،‬‬ ‫بالدرجة األولى‪ ،‬يقدّم لهم المعلومات ت ّم تحضير‬ ‫الواضحة والموثوقة‪ ،‬كما يطمح ألن ال���ف���ري���ق‬ ‫يصبح مصدراً أساس ّيا ً لجميع المتابعين والذي يتكوّ ن من فريق من المراسلين في‬ ‫والباحثين المعنيّين بترسيخ تجربة الداخل السوريّ في المناطق المعنيّة في‬ ‫اإلدارات المحلّيّة والبلديّات‪.‬‬ ‫المرحلة الحاليّة وفريق من المحرّ رين‪/‬‬ ‫صحيفة «كلّنا سوريّون» التقت مديرة المحلّلين خارج سورية‪ .‬وشمل تحضير‬ ‫ال��م��ب��ادرة األس��ت��اذة «دي��م��ا موسى» الفريق اختيار أعضائه وتدريبهم على‬ ‫لإلحاطة بجوانب وتفاصيل أوفى تخصّ العمل االستقصائيّ والصحفيّ ‪ .‬ويقوم‬ ‫المبادرة‪.‬‬ ‫فريق المراسلين بجمع المعلومات‬ ‫أس�����ت�����اذة‬ ‫• ‬ ‫ع��ن عمل وأنشطة‬ ‫ّ‬ ‫«موسى» كيف بدأت‬ ‫المحليّة‬ ‫المجالس‬ ‫فكرة المبادرة؟ وما‬ ‫في المناطق المعنيّة‬ ‫كانت‬ ‫هو الدافع إليها؟‬ ‫وإرسالها إلى فريق‬ ‫ردود الفعل‬ ‫بدأت فكرة المبادرة‬ ‫المحرّ رين‪/‬المحلّلين‬ ‫ال��س��وريّ��ة للشفافيّة‬ ‫الذين يقومون بالتأ ّكد‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫إجياب‬ ‫ّ‬ ‫بالتبلور بعد دراسة‬ ‫من بعض المعلومات‬ ‫قبل اجملالس‬ ‫ع��ن واق��ع المجالس‬ ‫وتحريرها بالشكل‬ ‫المحلّيّة في المناطق‬ ‫المالئم لتقديمها إلى‬ ‫احمللّ‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الخاضعة لسيطرة‬ ‫المواطن والجهات‬ ‫ال��م��ع��ارض��ة‪ ،‬حيث‬ ‫األخ����رى المعنيّة‬ ‫وج�����دت ال���دراس���ة‬ ‫عبر موقع المبادرة‬ ‫أنّ تنظيم المجالس‬ ‫اإللكترونيّ ‪.‬‬ ‫م��ن ال��ط��رف اآلخ���ر‪ ،‬كيف‬ ‫وفعّاليتها تفاوتت من منطقة إلى أخرى • ‬ ‫وفق ظروف ك ّل منطقة‪ ،‬ولكن عموما ً تقيّمون تعاون المجالس المحلّيّة مع‬ ‫كان هناك عامل مشترك وهو مشكلة الثقة تجربتكم؟‬ ‫بين المجالس والمواطنين‪ .‬انطالقا ً من عموما ً المجالس التي تشملها المبادرة‬ ‫ذلك‪ ،‬أتت المبادرة لتكون صلة الوصل السوريّة للشفافية متعاونة مع فريق‬ ‫بين المواطنين والمجالس المحلّيّة مراسلي المبادرة وتقوم بتزويدهم‬ ‫لتزوّ د المواطنين بمعلومات عن عمل بالمعلومات المطلوبة ال سيّما عن‬ ‫المجالس وأنشطتها‪ ،‬وبشكل موضوعيّ المشاريع التي تن ّفذها والقرارات التي‬ ‫يعطي للمواطن الفرصة ليمارس دوره ت ّتخذها باإلضافة إلى اإلجابة على أسئلة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫مقابل تأمين رجوع األطفال لمدارسهم‬ ‫فهو لن يتردّد أبداً‪ ،‬تقول غفران‪ :‬كنت‬ ‫في الصفّ الرابع عندما تركنا بلدنا‬ ‫ُ‬ ‫زل��ت أتذ ّكر القراءة والكتابة‪،‬‬ ‫وما‬ ‫ً‬ ‫أنا أحبّ الرسم كثيرا وعندما أكبر‬ ‫سأصبح رسّامة‪.‬‬ ‫أ ّم نورا وأبوها رحّ بوا بفكرة بعودة‬ ‫أطفالهم لمقاعد الدراسة‪ ،‬وكان أملهم‬ ‫كبيراً في عودة أطفالهم للتعلّم‪ ،‬فكما‬ ‫أخبرتنا أخوات نورا األكبر س ّنا ً أنّ‬ ‫الفا تأخذ أختهم نورا معها في معظم‬ ‫األحيان بدون إخبار أمّها التي دائما ً‬ ‫سيدرا ونورا ‪ -‬كلّنا سوريّون‬ ‫م��ا تكون مشغولة ب��أم��ور المنزل‬ ‫ال نعرف جوابا‪ً.‬‬ ‫واألطفال‪ ،‬واألبّ الذي ال يرجع للبيت‬ ‫ّ‬ ‫إلاّ بوقت‬ ‫متأخر ويكون منهكا ً من التعب طوال من المجرم؟‬ ‫يقضين‬ ‫النهار‪ ،‬وعندما يخبرون بأ ّنها ذهبت مع الفا الفا ونورا وسيدرا طفالت سوريّات‬ ‫َ‬ ‫ُتعاقب نورا لك ّنها في اليوم التالي تعود وتذهب معظم أوقاتهنّ في شوارع وحدائق عنتاب بغية‬ ‫معها مجدّداً‪.‬‬ ‫التسوّ ل واستعطاف المارّ ة‬ ‫ت��وجّ ��ه��ن��ا ل��ب��ي��ت س��ي��درا‬ ‫للحصول على بعض من‬ ‫من‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫حت‬ ‫قبو‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وعائلتها التي تسكن أيضا‬ ‫المال‪ ،‬لم يف ّكر أهل الفتيات‬ ‫في نفس الحيّ وف��ي قبو‬ ‫الثالث أيّ مستقبل ينتظر‬ ‫مستودع إىل سكن‬ ‫مشابه لسكن الطفلتين‬ ‫ت��ع��ودن اإلذالل‬ ‫ف��ت��ي��ات‬ ‫َ‬ ‫وسبعة‬ ‫وأب‬ ‫م‬ ‫أل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الفا ون��ورا‪ ،‬كانت سيدرا‬ ‫وأحيانا الكذب‪ ،‬أيّ ذنب‬ ‫ق��د أخبرتنا أنّ وال��ده��ا‬ ‫ارتكبن‬ ‫اقترفن وأيّة جريمة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أطفال مقابل‬ ‫عاطل ع��ن العمل وهي‬ ‫ح ّتى‬ ‫يحرمن من طفولتهنّ‬ ‫َ‬ ‫لرية‬ ‫‪400‬‬ ‫إجيار‬ ‫وأخوتها يخرجون للتسوّ ل‬ ‫ّ‬ ‫ومن الحق في العيش كما‬ ‫ف��ي ش���وارع عنتاب من‬ ‫أطفال العالم‪.‬‬ ‫تركيّة‬ ‫السادسة صباحا ً وح ّتى‬ ‫م��ك��ان أط��ف��ال��ن��ا مقاعد‬ ‫ّ‬ ‫وقت‬ ‫متأخر في النهار وأنّ‬ ‫ال��دراس��ة ووج��وده��م في‬ ‫ّ‬ ‫أمّها باألمس قد وضعت لهم أخ صغير‪ ،‬وهم الشوارع مسؤوليّة الجميع وجريمة يُحاسب‬ ‫أيضا ً يسكنون في قبو مقابل للقبو الذي تقطنه عليها الجميع‪.‬‬ ‫عائلة نورا والفا‪ ،‬دخلت سيدرا البيت وأخبرت‬ ‫أهلها بأ ّننا نو ّد زيارتهم فما كان من األبّ إلاّ‬ ‫فلك اخلالد‬ ‫الرفض وإغالق باب القبو في وجهنا‪ ،‬لماذا؟‬

‫الوطني الحرّ بكرة القدم‬ ‫منتخب سورية‬ ‫ّ‬

‫والدة وانطالقة نحو الشمس والحرّ​ّية‬ ‫إعالميّون ونشطاء ثوريّون وضيوف من مديريّة الرياضة والشباب الرتكيّة‬

‫المواطنين التي تصل إلى المبادرة عبر‬ ‫مراسليها وعبر الموقع االلكترونيّ ‪.‬‬ ‫وبعد إطالق الموقع كانت ردود الفعل‬ ‫إيجابيّة من قبل المجالس المحلّيّة حيث‬ ‫ب��ادرت بخطوات تعاونيّة أكثر من‬ ‫المراحل األوّ ليّة للمشروع‪.‬‬ ‫هل هناك خطط أو طموحات‬ ‫• ‬ ‫للتوسّع؟‬ ‫حاليا ً المبادرة تعمل في خمس مناطق‬ ‫وهي حلب المدينة‪ ،‬األتارب‪ ،‬اعزاز‪،‬‬ ‫ب ّنش‪ ،‬وسراقب وتهدف المبادرة إلى‬ ‫التوسّع إلى مجالس محلّيّة في مناطق‬ ‫أخ��رى وإل��ى العمل على المستويات‬ ‫األعلى مثل مجالس المحافظة وسيكون‬ ‫توقيت وطبيعة التوسّع حسب االمكانيّات‬ ‫المتاحة‪.‬‬ ‫م��دي��رة ف��ري��ق «ال��م��ب��ادرة‬ ‫• ‬ ‫السوريّة للشفافية» األستاذة «ديما‬ ‫م��وس��ى» أطيب تم ّنياتنا بالتوفيق‪،‬‬ ‫وشكراً جزيالً‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر‪ ،‬أنّ الموقع يقدّم في‬ ‫انطالقته أكثر من ‪ 100‬مادّة إخباريّة‪،‬‬ ‫ومعلومات عن أكثر من ‪ 25‬مشروعاً‪،‬‬ ‫وأكثر من ‪ 100‬قرار ا ّتخذتهم المجالس‬ ‫المحلّيّة التي تتابعها المبادرة حال ّياً‪،‬‬ ‫معتمدة على فريق عمل ميدانيّ وإداريّ‬ ‫مؤهّل لجمع المعلومات‪ ،‬وتوثيقها‪،‬‬ ‫ورصد نقاط الضعف أو التقصير في‬ ‫عمل تلك المجالس‪.‬‬

‫احملرر السياس ّي‬

‫شهد ي��وم الجمعة ‪ 23‬أيّ��ار‬ ‫افتتاح المعسكر التدريبيّ‬ ‫لرجال المنتخب الوطنيّ في‬ ‫مدينة كلّس التركيّة على أرض‬ ‫ملعب (‪)Aralik stadi‬‬ ‫وكانت الهيئة العامّة للرياضة‬ ‫وال��ش��ب��اب أعلنت األس��ب��وع‬ ‫الماضي انطالقة المنتخب‪،‬‬ ‫بتوجيه دعوة مفتوحة لجميع‬ ‫الالعبين األحرار ممّن هم في‬ ‫الداخل والخارج‪ ،‬ليصل عدد‬ ‫الالعبين المنضمّين إلى ‪22‬‬ ‫انرتنت ‪ -‬منتخب سورية احلر‬ ‫العباً‪.‬‬ ‫توافد الالعبون الذين وجّ هت‬ ‫للنزوح والعيش في مخيّمات الالجئين‪« .‬أحمد‬ ‫إليهم الدعوة‪ ،‬منذ الصباح الباكر‪ ،‬وصل منهم ‪22‬‬ ‫التيت» العب فريق الحرّ يّة السابق بارك هذه الخطوة‬ ‫العبا ً مع المدرّ ب الوطنيّ «مروان منى» ومساعده‬ ‫وافتخاره بالمنتخب‪« :‬أفتخر بوجودي في منتخب‬ ‫«ب ّ‬ ‫شار كنعان» والفريق اإلداريّ واإلعالميّ ‪ ،‬صرّ ح‬ ‫سورية الحرّ ‪ .‬كنت ألعب بمنتخب سورية الوطنيّ‬ ‫المدرّ ب «منى» بأنّ « ستت ّم دعوة عدد آخر من‬ ‫سابقاً‪ .‬صار لنا فترة طويلة لم نر بعضنا كالعبين‪،‬‬ ‫الالعبين في الداخل السوريّ خالل األيّام القادمة‬ ‫حينما التقينا بكينا وإن شاء هللا نحن إخوة»‪.‬‬ ‫للمعسكر الذي سيمت ّد ‪ 15‬يوماً‪ ،‬وينتهي بخوض مباراة‬ ‫وفي ثاني أيّام المعسكر التدريبيّ حضرت وسائل‬ ‫ودّية» وأضاف‪« :‬سيبقى باب المنتخب مفتوحا ً أمام‬ ‫ّ‬ ‫محطات ووكاالت أنباء وإذاعات‬ ‫إعالم ومراسلو‬ ‫باقي الالعبين الستدعائهم في المعسكرات القادمة»‪.‬‬ ‫سوريّة‪ .‬أجرى العبو المنتخب حصّتهم التدريبيّة‬ ‫وعبّر عن إيمانه بقدرة الالعبين على تحقيق إنجازات‬ ‫الثانية التي بدأها الكابتن «منى» مدرّ ب المنتخب‬ ‫متميّزة ‪»:‬كبداية أنا متفائل وأتم ّنى في األيّام القادمة‬ ‫بتحيّة ال��س��ادة الحضور من إعالميّين ونشطاء‬ ‫أن نثبت للناس أ ّننا قادرون على أن نكون عند حسن‬ ‫ثوريّين وضيوف من مديريّة الرياضة والشباب‬ ‫ظنّ للثوار»‪.‬‬ ‫التركيّة في مدينة كلّس‪ ،‬ث ّم أعطيت‬ ‫استه ّل المدرّ ب «منى» الحصّة‬ ‫فرصة نصف ساعة لمقابالت‬ ‫التدريبيّة األول��ى بالحديث مع‬ ‫وسائل اإلعالم ليبدأ بعدها تمرين‬ ‫الالعبين‪ ،‬مع بعض التوجيهات‬ ‫م‬ ‫ستت‬ ‫منى‪:‬‬ ‫مروان‬ ‫ّ‬ ‫المنتخب‪.‬‬ ‫الخاصّة ف��ي معسكر‬ ‫المنتخب دعوة العبني من‬ ‫حضر التمرين األستاذ وليد مهيدي‬ ‫األوّ ل‪ ،‬وم��ن ث�� ّم ب��دأت تمارين‬ ‫رئيس الهيئة العامّة للرياضة‬ ‫اإلحماء وتمارين السرعة‪.‬‬ ‫الداخل السور ّي‬ ‫والشباب في سورية حيث أثنى‬ ‫ال��س��يّ��د «ول��ي��د م��ه��ي��دي»‬ ‫رئيس خالل األيّام القادمة‬ ‫على جهود الكادر اإلداريّ والف ّني‬ ‫الهيئة العامّة للرياضة والشباب‬ ‫والتدريبيّ ‪ ،‬ودعا الالعبين إلى بذل‬ ‫والمدير العا ّم للمنتخب تحدّث عن للمعسكر املمت ّد ‪15‬‬ ‫جهدهم في أرض الملعب لينال ك ّل‬ ‫الجهود الكبيرة التي بذلت‬ ‫إلنشاء يوماً‬ ‫منهم ح ّقه في المشاركة‪.‬‬ ‫هذه الفريق وعن المباريات التي‬ ‫كما قدّمت الهيئة العامّة للرياضة‬ ‫ستجري مع فرق تركيّة وأجنبيّة‬ ‫والشباب درع تكريميّ باإلضافة‬ ‫‪»:‬في البداية سنقيم مباريات مع‬ ‫إلى (تي شيرت) المنتخب السوريّ إلى السيّد «ناجي‬ ‫األندية التركيّة ووعدنا بإقامة مباريات في بعض‬ ‫الجرف» مندوب مؤسّسة (مبادر) التي قدّمت دعمها‬ ‫الدول األور ّبيّة ‪ ،‬وحصلنا على وعد بإقامة مباريتين‬ ‫وإعالنها على قميص المنتخب‪.‬‬ ‫مع أندية الدرجة األولى في بلجيكا ‪ ،‬ونسعى لتمثيل‬ ‫الحلم بمنتخب وطني حرّ لكرة القدم شاهد النور‪،‬‬ ‫سورية بمنتخب سورية الحرّ ‪ ،‬وتواصلنا مع اال ّتحاد‬ ‫بالرغم من ك ّل الصعوبات يحدوه األمل بإنجازات‬ ‫الدوليّ ويوجد لدينا بعض اإلخ��وة في سويسرا‬ ‫قادمة تثلج صدور من عشقوا هذه اللعبة وغادروها‬ ‫ويقدّمون جميع الثبوتيّات التي تدعم أح ّقيتنا»‪.‬‬ ‫مكرهين عن منتخب تابع لنظام قتل وشرّ د شعبا ً‬ ‫في همّة عالية يتدرّ ب الالعبون بعد انقطاع لسنوات‬ ‫بأكمله‪.‬‬ ‫عن اللعب بعد انشقاقهم عن النظام‪ ،‬واضطرارهم‬ ‫وليد العبد‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪32‬‬

‫السنة الثانية‬

‫المجتمع‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫هديل السالم‬

‫من أجل الطفولة‬

‫صغار‪ ...‬لكنّهم كبار‬

‫اّتفاقية حقوق الطفل‬

‫صوت هديل احلمام لن يكون إلاّ للسالم وللحريّة‬

‫ْ‬ ‫هتفت للحريّة‬ ‫بصوتها الدافئ المالئكيّ‬ ‫والسالم تضامنا ً مع أقرانها في باقي‬ ‫المدن السوريّة‪ ،‬وكما انسلخوا عن‬ ‫ْ‬ ‫انسلخت‪ ،‬وكما رفضوا ك ّل‬ ‫القطيع‬ ‫ّ‬ ‫األغاني التي لقنوها لهم في طالئع‬ ‫ْ‬ ‫وهتفت‬ ‫البعث رفضت وبالفطرة‬ ‫تناشد أطفال العالم أن يتضامنوا مع‬ ‫أطفال درعا‪.‬‬ ‫إ ّنها الطفلة «هديل محمود المرّ »‬ ‫من مواليد ‪ ،2007/7/7‬ابنة األربعة‬ ‫أعوام من مدينة أبي العالء المعريّ ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أبت إلاّ أن تكون مختلفة كاختالفه‪،‬‬ ‫ال تريد أن تغ ّني للبغاة وال أن تهتف‬ ‫باسمهم‪.‬‬ ‫ص��وت هديل الحمام لن يكون إلاّ‬ ‫للسالم وللحريّة هكذا أرادت الطفلة‬ ‫التي بدأت تشارك في المظاهرات‬ ‫السلميّة وتغ ّني لحريّة بلدها التي سلبها‬ ‫الطغاة‪.‬‬ ‫راف��ق��ت وال��ده��ا ف��ي المظاهرات‬ ‫السلميّة وباتت تنتظر يوم الجمعة‬ ‫بفارغ الصبر‪ ،‬تتدرّ ب على الهتافات‬ ‫التي ستردّدها‪ ،‬عال ص��وت هديل‬ ‫المظاهرات السلميّة ووصل إلى َمن‬ ‫يحبّ السالم فتفاعل وغ ّنى معها‬ ‫وص ّفق لها وحملها على األكفّ ‪ ،‬وكما‬ ‫وصل صوتها لمن يحبّ السالم وصل‬ ‫للقنوات التلفزيونيّة ووصل لمن ال‬ ‫يريد ص��وت��ا ً غير ص��وت��ه‪ ،‬صوت‬ ‫الطغاة‪ ،‬وأصبحت الطفولة مهدّدة‬ ‫ومطلوبة لالعتقال‪ ،‬فكانت أصغر‬ ‫طفلة مطلوبة لألمن وب��دأت معاناة‬ ‫الطفلة بالهروب من اقتحامات األمن‬ ‫المتكرّ رة لبلدة المعرّ يّ والمداهمات‬ ‫الليليّة للمطالبة باعتقال الطفلة التي‬ ‫ْ‬ ‫هتفت للحريّة واسقاط الطاغية‪ ،‬وبدأت‬ ‫قصّة النزوح مع األبّ ومعاناة التشرّ د‬

‫هديل‬

‫كلّنا سوريّون‬

‫وال��ه��رب وال��خ��وف م��ن االعتقال‪ ،‬التي كانت تع ّم بأهلها إلى خراب‬ ‫لكنّ الطفلة أص��رّ ت على الهتاف وتتحوّ ل الشوارع التي كانت تض ّج‬ ‫ف��ي المظاهرات‬ ‫ب����ض����ح����ك����ات‬ ‫ف��ك��ان��ت ت��ش��ارك‬ ‫األطفال إلى ساحة‬ ‫بصوتها وي��ردّد‬ ‫ق��ف��راء ال صوت‬ ‫صوتها‬ ‫وصل‬ ‫خلفها الجموع‪،‬‬ ‫يعلو فيها غير‬ ‫ملن حي ّب السالم‬ ‫وف�����ي ان��ت��ه��اء‬ ‫صوت البارود‪ ،‬لم‬ ‫المظاهرة تعود‬ ‫تعد السماء صافية‬ ‫وصل للقنوات‬ ‫للهروب من البلدة‬ ‫كما كانت‪ ،‬تنظر‬ ‫التلفزيونيّة ووصل‬ ‫خوفا ً من اقتحام‬ ‫هديل إليها فترى‬ ‫ال��ع��س��ك��ر للبيت‬ ‫ط���ائ���رات تهدر‬ ‫ملن ال يريد صوتاً‬ ‫واعتقالها‪ ،‬هذه‬ ‫وق��ذائ��ف تصفر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫غري صوته‬ ‫ال��ح��ال استمرّ ت‬ ‫ف��ح��ت��ى ال��س��م��اء‬ ‫إل��ى أن تحرّ رت‬ ‫هجرتها العصافير‬ ‫والحمائم‪ ،‬وعادت‬ ‫ب��ل��دة ال��م��ع��ريّ‬ ‫ً‬ ‫وع��ادت الطفلة لبلدتها وبيتها لتبدأ هديل لتواجه نزوحا من نوع آخر‪،‬‬ ‫معاناة هديل األقسى واألمرّ فها هي إ ّنه الهروب من الموت من البارود‬ ‫البراميل تتساقط على بلد المعريّ فصوت هديل الحمام ل��م يستطع‬ ‫لتحوّ ل الطفولة إلى أشالء والبيوت مقاومة هدير الطائرات‪ ،‬والقذائف‬

‫والرصاص الذي مأل السماء جعل من‬ ‫هديل ورفاقها يهجرون المكان إلى‬ ‫القرى المجاورة األق ّل خطراً‪ ،‬هديل‬ ‫اليوم تبلغ من العمر ثمانية أعوام‬ ‫تقريباً‪ ،‬هديل و َم��ن في عمرها من‬ ‫أطفال سورية يعيشون نفس المأساة‪،‬‬ ‫وإن لم تكن نفسها فهي متشابهة في‬ ‫مجمل تفاصيلها من الخوف والهروب‬ ‫والتشرّ د والحرمان من أبسط الحقوق‪،‬‬ ‫هديل وكثير من األطفال السوريّين لم‬ ‫يتسنَّ لهم ارتياد المدرسة‪ ،‬لم يعيشوا‬ ‫طفولتهم كما يجب أن تكون‪ ،‬ح ْ‬ ‫ُرمت‬ ‫هديل من حنان األ ّم وبالرغم من س ّنها‬ ‫الصغير أصبحت هديل مربّية ألخيها‬ ‫األصغر س ّنا ً منها لتعوّ ضه بعضا ً ممّا‬ ‫افتقدت من الحنان‪ ،‬هكذا الحروب‬ ‫تجعل الصغار كباراً‪ ،‬وأحيانا ً كثيرة‬ ‫تجعل الكبار صغاراً‪.‬‬

‫ف‪ .‬اخلالد‬

‫المادّة ‪7‬‬ ‫‪ .1‬يسجّ ل الطفل بعد والدته فوراً‬ ‫ّ‬ ‫الحق منذ والدته في‬ ‫ويكون له‬ ‫ّ‬ ‫اسم والحق في اكتساب جنسيّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحق في‬ ‫ويكون له قدر اإلمكان‪،‬‬ ‫معرفة والديه وتل ّقي رعايتهما‪.‬‬ ‫‪ .2‬تكفل الدول األطراف إعمال‬ ‫هذه الحقوق وفقا ً لقانونها الوطنيّ‬ ‫والتزاماتها بموجب الصكوك‬ ‫الدوليّة الم ّتصلة بهذا الميدان‪،‬‬ ‫والسيّما حيثما يعتبر الطفل عديم‬ ‫الجنسيّة في حال عدم القيام بذلك‪.‬‬ ‫المادّة ‪8‬‬ ‫‪ .1‬تتعهّد الدول األطراف باحترام‬ ‫ّ‬ ‫حق الطفل في الحفاظ على هويّته‬ ‫بما في ذلك جنسيّته‪ ،‬واسمه‪،‬‬ ‫وصالته العائليّة‪ ،‬على النحو‬ ‫الذي يقرّ ه القانون‪ ،‬وذلك دون‬ ‫ّ‬ ‫تدخل غير شرعيّ ‪.‬‬ ‫‪ .2‬إذا حُرم أيّ طفل بطريقة غير‬ ‫شرعيّة من بعض أو ك ّل عناصر‬ ‫هويّته‪ ،‬تقدّم الدول األطراف‬ ‫المساعدة والحماية المناسبتين‬ ‫من أجل اإلسراع بإعادة إثبات‬ ‫هويّته‪.‬‬ ‫المادّة ‪9‬‬ ‫‪ .1‬تضمن الدول األطراف عدم‬ ‫فصل الطفل عن والديه على كره‬ ‫منهما‪ ،‬إلاّ عندما تقرّ ر السلطات‬ ‫المختصّة‪ ،‬رهنا ً بإجراء إعادة‬ ‫نظر قضائيّة‪ ،‬وفقا ً للقوانين‬ ‫واإلجراءات المعمول بها‪ ،‬إنّ هذا‬ ‫الفصل ضروريّ لصون مصالح‬ ‫الطفل الفضلى‪ .‬وقد يلزم مثل‬ ‫هذا القرار في حالة معيّنة مثل‬ ‫حالة إساءة الوالدين معاملة الطفل‬

‫أو إهمالهما له‪ ،‬أو عندما يعيش‬ ‫الوالدان منفصلين ويتعيّن ا ّتخاذ‬ ‫قرار بشأن مح ّل إقامة الطفل‪.‬‬ ‫‪ .2‬في أيّة دعاوى تقام عمالً‬ ‫بالفقرة ‪ 1‬من هذه المادّة‪ ،‬تتاح‬ ‫لجميع األطراف المعنيّة الفرصة‬ ‫لالشتراك في الدعوى واإلفصاح‬ ‫عن وجهات نظرها‪.‬‬ ‫‪ .3‬تحترم الدول األطراف حقّ‬ ‫الطفل المنفصل عن والديه أو‬ ‫عن أحدهما في االحتفاظ بصورة‬ ‫منتظمة بعالقات شخصيّة‬ ‫وا ّتصاالت مباشرة بكال والديه‪،‬‬ ‫إلاّ إذا تعارض ذلك مع مصالح‬ ‫الطفل الفضلى‪.‬‬ ‫‪ .4‬في الحاالت التي ينشأ فيها‬ ‫هذا الفصل عن أيّ إجراء ا ّتخذته‬ ‫دولة من الدول األطراف‪ ،‬مثل‬ ‫تعريض أحد الوالدين أو كليهما‬ ‫أو الطفل لالحتجاز أو الحبس‬ ‫أو النفي أو الترحيل أو الوفاة‬ ‫(بما في ذلك الوفاة التي تحدث‬ ‫أليّ سبب أثناء احتجاز الدولة‬ ‫الشخص)‪ ،‬تقدّم تلك الدولة‬ ‫الطرف عند الطلب‪ ،‬للوالدين أو‬ ‫الطفل‪ ،‬أو عند االقتضاء‪ ،‬لعضو‬ ‫آخر من األسرة‪ ،‬المعلومات‬ ‫األساسيّة الخاصّة بمح ّل وجود‬ ‫عضو األسرة الغائب (أو أعضاء‬ ‫األسرة الغائبين) إلاّ إذا كان‬ ‫تقديم هذه المعلومات ليس لصالح‬ ‫الطفل‪ .‬وتضمن الدول األطراف‬ ‫كذلك أنّ ال تتر ّتب على تقديم‬ ‫مثل هذا الطلب‪ ،‬في ح ّد ذاته‪ ،‬أيّة‬ ‫نتائج ضارّ ة للشخص المعنى (أو‬ ‫األشخاص المعنيّين)‪.‬‬

‫الموروث والحاجة‬

‫بقلم طفل سوري‬

‫مراهقات في بالد اللجوء‬

‫كلمات حكت‬

‫وبعد عناء طويل وتعب ومش ّقة‬ ‫أبحرت الباخرة وهم يقولون‪:‬‬ ‫باخرة النجاة (طريق األم��ل)‪،‬‬ ‫وال يعلمون أ ّنها رحلة المجهول‬ ‫(رح��ل��ة ال���م���وت)‪ ......‬اجتمع‬ ‫الشباب على باخرة كبيرة م ّتجهة‬ ‫إلى أوروبّ��ا (ألمانيا تحديداً)‪،‬‬ ‫فهبّت الريح بعنف ومالت الباخرة‬ ‫في موقع ر ّكابها وانزلقوا أسفل‬ ‫البهو الكبير‪ ،‬وفجأة صُدم رأس‬ ‫أحمد بمقدّمة السفينة وبدأ ينزف‬ ‫رأسه‪ ،‬فا ّتجه نحوه الشباب بلهفة‬ ‫وخ���وف‪ ،‬ث�� ّم مسح عمر رأس‬ ‫أحمد بعد ان ّ‬ ‫مزق قميصه ليوقف‬ ‫ت السيّدة‬ ‫نزيف ال��د ّم‪ ،‬وأسرع ِ‬ ‫العجوز لمساعدته وتضميد‬ ‫جراحه بلهفة وخوف وكأ ّنها أمّه‪،‬‬ ‫وعندما ه��دأ أحمد ب��دأ الشباب‬ ‫بحديثهم النهائيّ ‪.‬‬ ‫أحمد‪ :‬لقد هدموا بيتي فوق رأس‬ ‫أهله وقتلوا ابني أم��ام عيني‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وبقيت أمّ��ه تحضنه وهو يلفظ‬ ‫أنفاسه األخيرة وكانت أمّه تش ّد‬ ‫بذراعها عليه وتشهق باكية‪:‬‬ ‫ويلكم أيّها القتلة!!‬ ‫وكان جوابهم‪ :‬هذا الطفل إرهابيّ‬ ‫وعليكم محاربة اإلرهاب‪ ،‬نحن‬ ‫نقتل األطفال اإلرهابيّين الذين‬ ‫دون العاشرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫م��ح��مّ��د‪ :‬ه��ه‪ ،‬أمّ���ا أن��ا فألنني‬ ‫ُ‬ ‫خرجت طالبا ً حريّتي من أناس‬ ‫ّ‬ ‫الحق من الباطل‪،‬‬ ‫ال يعرفون‬ ‫دخلوا إلى منزلي وضربوني‪ ،‬ث ّم‬ ‫اهانوني أمام أمّي وأبي وأخي‪،‬‬ ‫مع أنّ أخي كان قد ّ‬ ‫حذرني منهم‪،‬‬ ‫وأن��ا ل��م أستطع ال��ح��راك لمدّة‬ ‫ُ‬ ‫خرجت‬ ‫أسبوع كامل‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫آخ��ر مظاهرة لي في حياتي‪،‬‬ ‫وعندما وصلت إلى المنزل‪ ،‬وأنا‬ ‫منهك‪ ،‬كانت القذائف قد دمّرت‬

‫اهلويّة واجلنسيّة والفصل عن الوالدين‬

‫منزلي وقتلت عائلتي‪ ،‬فعندها‬ ‫لم يكن لي سوى الهروب إلى‬ ‫األردن‪ ،‬وعند وصولي رفضوا‬ ‫استقبالي وحبسوني لمدّة يومين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عدت إلى سورية ألرى تركيّة‬ ‫ث ّم‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫جهت إليها‬ ‫ملجئي الوحيد‪ ،‬فات‬ ‫مع أصدقائي‪ ،‬وعند وصولي‬ ‫استقبلني رج��ل تركيّ وب��دأت‬ ‫ُ‬ ‫اكتشفت بأ ّنه‬ ‫العمل عنده إلى ان‬ ‫يخدعني وال يريد إعطائي ماال‪ً،‬‬ ‫فبدأت بالتخطيط للهروب إلى‬ ‫ألمانيا‪ ،‬ولكنّ أصدقائي رفضوا‬ ‫القدوم معي‪ ،‬فاضطرّ رت للقدوم‬ ‫وحدي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫عشت حياتي هاربا من‬ ‫مه ّند‪:‬‬ ‫نظام جعلني أقتل أناسا ً أبرياء‬ ‫– يحبّون الخير ح ّتى ألعدائهم –‬ ‫في البداية جاؤوا إليّ وأخبروني‬ ‫بأ ّنه عليّ االنضمام لهم بالقوّ ة‪،‬‬ ‫فاضطرّ رت إلى أن أودّع أهلي‬ ‫على أمل رؤيتهم مجدّداً‪ ،‬وعند‬ ‫وصولي ب��دؤوا بإخبارنا بأ ّنه‬ ‫علينا ألاّ نرحم أح��داً وأن نقتل‬ ‫ك ّل شخص نراه ح ّتى لو كان من‬ ‫أهلنا‪ ،‬ولكن مجموعة م ّنا رفضت‬ ‫هذا األمر فسحبوا أسلحتنا لنصبح‬ ‫ضعفاء ال نستطيع الدفاع عن‬ ‫أنفسنا‪ ،‬ولكن قبل بدء المعركة‬ ‫ُ‬ ‫ذهبت إل��ى قائد الجيش‬ ‫ب��أيّ��ام‬ ‫ّ‬ ‫وأخبرته بأني مريض وعليّ‬ ‫أن آخذ العالج‪ ،‬ولكني كنت قد‬ ‫ُ‬ ‫اتفقت مع أبي لكي يهرّ بني من‬ ‫ُ‬ ‫واستطعت الهروب‪ ،‬ولكن‬ ‫هناك‬ ‫واجهتني مشكلة وأنا في طريقي‬ ‫إلى المنزل‪ ،‬بعد شهر من هروبي‬ ‫رأتني دوريّة وكان اسمي مسجّ الً‬ ‫فيها فاضطرّ رت للهرب ولم يكن‬ ‫أمامي إلاّ المجيء لتركيّة وبعدها‬ ‫أهرب إلى ألمانيا‪( ،‬تمسح الحجّ ة‬ ‫رهف دموعها)‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫عمر‪ :‬أن��ا يتم ُ‬ ‫ّت وأن��ا صغير‪،‬‬ ‫كان أبي يعمل نجّ اراً ولكن قذيفة‬ ‫هبطت على محلّه وقتلته ونحن‬ ‫لم نعرف شيئا ً عن األمر‪ ،‬ح ّتى‬ ‫وصلتنا ص���ورة م��ن شخص‬ ‫مجهول الهويّة وضع الصورة‬ ‫ت��ح��ت ب���اب ال��م��ن��زل‪ ،‬وعند‬ ‫ُ‬ ‫لمحت الصورة فتو ّقفت‬ ‫خروجي‬ ‫للحظة واعتقدت بأ ّني مجنون‬ ‫أل ّني رأيت صورة أبي بأشالء‬ ‫متطايرة في األرجاء وأنا لم أعد‬ ‫أعرف ما الذي أفعله‪ ،‬فتركت‬ ‫منزلي وتوجّ ُ‬ ‫هت إلى مجموعة‬ ‫عصابيّة وطلبت االنضمام إليهم‬ ‫فوافقوا من ب��اب الغرور بأنّ‬ ‫أطفاالً مثلي انضمّوا لهم‪ ،‬فحملت‬ ‫السالح وقتلت الكثير من الناس‬ ‫إل��ى أن شعرت أ ّنني أصبحت‬ ‫قاتالً مأجوراً‪ ،‬فهربت وا ّتجهت‬ ‫ألمّي التي باعت جميع أمالكها‬ ‫لكي تتم ّكن من دفع رحلة الباخرة‬ ‫هذه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خرجت قبل األحداث‬ ‫حازم‪ :‬أنا‬ ‫بشهر وا ّت��ج��ه��ت إل��ى مصر‪،‬‬ ‫في البداية يجب ألاّ أنكر أ ّنهم‬ ‫عاملوني معاملة جيّدة‪ ،‬ولكن‬ ‫لم أجد أيّ شيء ألعمله هناك‬ ‫ُ‬ ‫وجدت‬ ‫فذهبت إلى تركيّة‪ ،‬ولكن‬ ‫معاملتهم سيّئة ج�� ّداً‪ ،‬وحاولت‬ ‫الذهاب إلى جميع المدن التركيّة‬ ‫– ربّما يكون شعبها أفضل –‬ ‫ُ‬ ‫فوضعت باقي‬ ‫ولكن لم أجد شيئاً‪،‬‬

‫أموالي في رحلة هذه السفينة‬ ‫على أمل أن أستفيد شيئاً‪.‬‬ ‫الحجّ ة رهف‪ :‬أنا يا أبنائي كان‬ ‫ل��ديّ بنت واب��ن بس ّنكم تقريباً‪،‬‬ ‫وهذه الطفلة التي أحملها معي‬ ‫ليست ابنتي كما تظ ّنون بل هي‬ ‫حفيدتي‪ ،‬لقد تو ّفي والدها مخطوفا ً‬ ‫أل ّن��ه كان يعارض النظام‪ ،‬لقد‬ ‫ّ‬ ‫وعذبوه وجوّ عوه لدرجة‬ ‫ضربوه‬ ‫أ ّنهم كانوا يضعون لهم الجرذان‬ ‫بدالً من الطعام ليأكلوا‪ ،‬وتو ّفي‬ ‫ابني جائعا ً على الرغم من أ ّني‬ ‫كنت أرسل له الطعام يوم ّياً‪ ،‬لكن‬ ‫لم يصل منه شيء‪ ،‬أمّا ابنتي فهي‬ ‫متزوّ جة وقد سافرت مع زوجها‬ ‫إلى األردن طلبا ً لحياة أفضل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فبقيت أن��ا ال أع��رف إل��ى أين‬ ‫أر سوى ألمانيا‬ ‫سوف أذهب‪ ،‬فلم َ‬ ‫مكانا ً لوقايتي من ظلم النظام‪.‬‬ ‫وتقريبا ً قبيل وصولهم الحدود‬ ‫األلمانيّة صرخ القبطان‪ :‬فلينزل‬ ‫الجميع‪ ،‬سوف تكملون سباحة‬ ‫إلى ألمانيا‪ ،‬هيّا انزلوا‪ ،‬فاضطرّ‬ ‫الر ّكاب للنزول وودّعوا الشباب‬ ‫الخمسة بعضهم البعض‪ ،‬ولكن‬ ‫بين ‪ 300‬راك��ب الذين كانوا‬ ‫موجودين لم ينجو س��وى ‪35‬‬ ‫راكبا ً فقط‪ ،‬ليس لبعد المسافة‪،‬‬ ‫ولكن من شدّة المياه‪.‬‬ ‫ف��إذا سألتم أنفسكم أيّها العرب‬ ‫يوما ً ما‪ ،‬أين قد ذهبنا؟ ابحثوا ع ّنا‬ ‫تحت البحار‪.‬‬ ‫محزة مجعة ‪ 12‬عاماً‬

‫إنّ مرحلة المراهقة من أه ّم مراحل النموّ‬ ‫وأخطرها عند اإلنسان‪ ،‬فهي تغيّر في النموّ‬ ‫الجسديّ واالجتماعيّ واالنفعاليّ والجنسيّ‬ ‫فمن المه ّم بمكان أن يكون المراهق‪/‬‬ ‫المراهقة بحالة استقرار نفسيّ وأس��ريّ‬ ‫ومجتمعيّ وفي حال اإلخ�لال بأحد هذه‬ ‫اﻻستقرارات يتعرّ ض المراهق‪/‬المراهقة‬ ‫لضغوط نفسيّة ّ‬ ‫تؤثر على شخصيّته الحاليّة‬ ‫والمستقبليّة وعلى تصرّ فاته ومجرى حياته‬ ‫كاملة‪ ،‬وه��ذا ما تعاني منه المراهقات‬ ‫السوريّات في بالد اللجوء‪.‬‬ ‫إنّ التهجير القسريّ الذي تعرّ ض له الشعب‬ ‫السوريّ سلخ المراهقة من جذورها وحرمها‬ ‫من أبسط حقوقها باالستقرار األس��ريّ‬ ‫والمجتمعيّ والبيئيّ والوطنيّ ‪ ،‬وهناك‬ ‫حالتان للمراهقات السوريّات المهجّ رات‪ :‬أن‬ ‫تكون المراهقة قد هجّ رت مع أسرتها وفي‬ ‫هذه الحالة تكون محظوظة أكثر من غيرها‬ ‫ولك ّنها قد أبعدت عن محيطها االجتماعيّ‬ ‫الذي عاشت به طفولتها األولى من أقارب‬ ‫وأصدقاء وأتراب ومدرسة‪ ،‬وخلّفت وراءها‬ ‫أحالمها وآمالها ووطنها الكبير الذي كانت‬ ‫تنتمي إليه وبهذا تفقد اإلحساس باالنتماء‪،‬‬ ‫وشعورها المتب ّقي هو الغربة وعدم إحساس‬ ‫باألمان بوقت ﻻ تكون فيه المراهقة مستعدّة‬ ‫نفس ّيا ً للظروف الجديدة‪ ،‬وفي الوقت عينه‬ ‫غير ق��ادرة على إلغاء تربيتها الموروثة‬ ‫واالندماج في مجتمع جديد‪.‬‬ ‫ومن العوامل التي تزيد من الظروف‬ ‫السيّئة للمراهقات السوريّات في بالد‬ ‫اللجوء الفقر‪ ،‬إنّ الوضع االقتصاديّ الذي‬ ‫تعيشه األس��رة السوريّة هو في معظم‬ ‫األحيان سيّئ‪ ،‬حيث ﻻ يستطيع البعض‬ ‫دفع األقساط المدرسيّة لبناتهم‪ ،‬ف ُتحرم الفتاة‬ ‫من تعليمها ومن األجواء الصحّ يّة ضمن‬ ‫مدرسة تعيد لها شيئا ً ممّا فقدته‪ ،‬وهنا تصبح‬ ‫ج ّل اهتماماتها بأ ّنها أنثى وفقط‪ ،‬و ُتحرم‬ ‫من فرص التحصيل العلميّ الذي يمكن‬ ‫أن يصنع منها إنسانا ً فاعالً في المجتمع‪،‬‬ ‫حيث يمكن أن يكون منها طبيبة أو أديبة أو‬ ‫عالمة وتضيق دائرة اهتماماتها وطموحاتها‬ ‫لتصبح أقصى أمنياتها الزواج‪ ،‬وهنا تدخل‬ ‫في متاهة الزواج المب ّكر‪.‬‬ ‫وفي بعض األحيان تضطرّ األسرة لعمل‬ ‫المراهقة فتنخرط المراهقة في سوق العمل‬

‫فتضطرّ للعمل في مطعم أو معمل أو‬ ‫مترجمة بأحد المحا ّل التجاريّة فمن أوّ ل‬ ‫خطوة في مجال العمل تكون انتهكت أوّ ل‬ ‫حقوقها‪ ،‬هي عمالة األطفال‪ ،‬وحرمانها من‬ ‫التعليم وهو الخرق الثاني لح ّقها بالتعليم‬ ‫وهذان ح ّقان من حقوقها كفلهما لها قانون‬ ‫الطفل‪ ،‬وفي الوقت عينه أ ّنها تبتعد عن‬ ‫أسرتها لساعات طويلة من اليوم حيث هي‬ ‫أحوج ما تكون لرعاية أسرويّة وعالقات‬ ‫مجتمعيّة تهت ّم بها وترعاها بهذه السنّ‬ ‫الخطرة‪ .‬باإلضافة إلى االنتهاكات التي‬ ‫تتعرّ ض لها أثناء ساعات العمل الطويلة أو‬ ‫المضايقات ممّن حولها سواء االستهتار بها‬ ‫من ربّ العمل أو المضايقات ممّن حولها‬ ‫بالعمل‪ ،‬ويمكن أن تتعرّ ض في بعض‬ ‫األحيان للتحرّ ش الجنسيّ ممّا قد يش ّكل‬ ‫لها صدمة من الصعوبة تخطيها‪ ،‬أو يمكن‬ ‫أن تنحرف وربّما تصل للجنوح‪ ،‬الحالة‬ ‫الثانية للمراهقات السوريّات هنّ اللواتي‬ ‫طحنت الحرب أحد األبوين أو كالهما وهنا‬ ‫ليس لهنّ إلاّ الشارع ليتل ّقفهنّ ‪ ،‬وتتعرّ ض‬ ‫المراهقة بهذه الحالة لك ّل أنواع االنتهاكات‬ ‫الجسديّة واألخالقيّة والجنسيّة‪ ،‬وتصبح‬ ‫سلعة دون ثمن ولقمة سائغة لك ّل الوحوش‬ ‫البشريّة‪.‬‬ ‫َمن المسؤول عن إنقاذ المراهقات السوريّات‬ ‫في بالد اللجوء؟ أوّ ل المنوط لهذه المهمّة‪:‬‬ ‫األسرة إن وجدت واستطاعت‪ ،‬فعلى عاتقها‬ ‫تقع مسؤوليّة انتشال هذه الفتيات وإرشادها‬ ‫وتوجيهها الصحيح ورعايتها‪ ،‬ومنحها الحبّ‬ ‫والعاطفة التي تحتاجها وتأمّن لها حقوق‬ ‫الطفولة ما استطاعت‪ ،‬وفي حال غياب‬ ‫األسرة أو عدم قدرتها فتقع المسؤوليّة كاملة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمات‬ ‫ومنظماته‪،‬‬ ‫على المجتمع المدنيّ‬ ‫حقوق اإلنسان وحقوق الطفل‪ ،‬ويجب أن‬ ‫تتضافر الجهود من الجميع والعمل بالحدود‬ ‫القصوى إلنقاذ جيل كامل من الفتيات‬ ‫المراهقات السوريّات وتمكينهنّ من متابعة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫دراستهنّ في مدارس تساهم هذه‬ ‫بإنشائها وتشرف على العمل بها وإيجاد‬ ‫مرشدين متخصّصين بعلم النفس يساعدون‬ ‫المراهقات للعبور لبرّ األمان‪ ،‬وعلينا جميعا ً‬ ‫اإلسراع إليجاد الحلول المناسبة لهنّ ألهميّة‬ ‫الموضوع‪ ،‬أل ّنهن أمّهات الجيل القادم في‬ ‫سورية المستقبل‪ .‬سهيلة حممود اجلاسم‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫اقتصاد و قانون‬

‫العدد ‪32‬‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫‪9‬‬

‫السنة الثانية‬

‫اقتصادّيات ريف الالذقّية*‬

‫االقتصادي‬ ‫قراءة في تقرير المنتدى‬ ‫السوري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يعتمد اقتصاد محافظة الالذقيّة بالدرجة األولى‬ ‫على قطاعي السياحة واالستيراد والتصدير‪،‬‬ ‫حيث أ ّنه الميناء األكبر لسورية على البجر‬ ‫المتوسّط‪ ،‬كما تشتهر محافظة الالذقيّة بالزراعة‬ ‫حيث تنتشر السهول الخصبة المحيطة بها‬ ‫وخاصّة زراعة الزيتون والحمضيّات‪ ،‬إضافة‬ ‫لزراعة التبغ المشهورة به‪ ،‬يبلغ عدد س ّكان‬ ‫محافظة الالذقيّة حسب آخ��ر اإلحصاءات‬ ‫الحكوميّة عام ‪ ،2007‬حوالي ‪ 943‬ألف‬ ‫نسمة‪ ،‬وتبلغ مساحة المحافظة (‪2297‬كم‪،)2‬‬ ‫ويتبع للمحافظة إداريّ��ا ً المدن التالية‪ :‬مدينة‬ ‫الالذقيّة – جبلة – الح ّفة – القرداحة‪.‬‬ ‫األحوال المعيشيّة لألسر في محافظة الالذقيّة**‬ ‫تو ّفر الكهرباء في المساكن‪ :‬بلغ‬ ‫‪ -1‬‬ ‫متوسّط استخدام الكهرباء في محافظة الالذقيّة‬ ‫(‪ )4,25‬ساعة يوم ّيا ً من مصادرها الثالثة‪،‬‬ ‫من الشبكة العامّة أو من المولّدات الخاصّة‬ ‫أو من شراء األمبيرات (عبارة عن مولّدات‬ ‫كبيرة قطاع خاصّ تبيع الكهرباء للس ّكان)‪ ،‬أمّا‬ ‫بالنسبة لمصادر الكهرباء بغضّ النظر عن‬ ‫ساعات االستهالك يعرضها الشكل البيانيّ رقم‬ ‫(‪.)1‬‬

‫نالحظ من الشكل البيانيّ رقم (‪ )1‬أنّ األسر في‬ ‫محافظة الالذقيّة أجابت بأنّ الكهرباء ال تصلهم‬ ‫عن طريق الشبكة العامّة للكهرباء الحكوميّة‬ ‫نهائ ّياً‪ ،‬ونسبة ‪ %60‬يشترون الكهرباء عن‬ ‫طريق األمبيرات ومتوسّط ساعات حسب‬ ‫الطلب‪ ،‬وقسم من األسر بنسبة ‪ %40‬لديهم‬ ‫مولّدات خاصّة‪ ،‬إنّ متوسّط التكلفة الشهريّة‬ ‫للحصول على أربع ساعات كهرباء يوم ّيا ً‬ ‫تتجاوز ‪ 3900‬ليرة سوريّة‪.‬‬ ‫تو ّفر المازوت في المساكن‪ :‬بلغ‬ ‫‪ -2‬‬ ‫متوسّط كميّة االستهالك الشهريّة لألسرة ‪36‬‬ ‫ليتراً‪ ،‬بمتوسّط تكلفة شهريّة بلغت ‪ 4071‬ليرة‬ ‫سورية شهر ّياً‪ ،‬كما تشير البيانات أنّ مادّة‬

‫المازوت متو ّفرة بنسبة ‪ %100‬في‬ ‫السوق المحليّة‪.‬‬ ‫ت��و ّف��ر م���ادّة البنزين في‬ ‫‪ -3‬‬ ‫المساكن‪ :‬بلغ متوسّط كميّة االستهالك‬ ‫الشهريّة لألسرة ‪ 8‬ليترات‪ ،‬بمتوسّط‬ ‫تكلفة شهريّة بلغت ‪ 3000‬ليرة‬ ‫سورية شهر ّياً‪ ،‬كما تشير البيانات‬ ‫أنّ مادّة البنزين متو ّفرة بنسبة ‪%90‬‬ ‫في السوق المحليّة‪ ،‬علما ً أنّ استخدام‬ ‫م��ادّة البنزين يستخدم في معظم‬ ‫األوقات كوقود للمولّدات‪.‬‬ ‫تو ّفر الغاز في المساكن‪:‬‬ ‫‪ -4‬‬ ‫بلغ متوسّط كميّة االستهالك الشهريّة‬ ‫ل�لأس��رة ‪ 10‬ليترات‪ ،‬أي تقريبا ً‬ ‫أسطوانة غاز واحدة‪ ،‬بمتوسّط تكلفة‬ ‫شهريّة ‪ 4647‬ليرة سورية شهر ّياً‪،‬‬ ‫كما تشير البيانات أنّ مادّة الغاز متو ّفرة بنسبة‬ ‫‪ %67‬في السوق وبتكلفة مرتفعة‪.‬‬ ‫تو ّفر الحطب في المساكن‪ :‬بلغ متوسّط‬ ‫‪ -5‬‬ ‫كميّة االستهالك الشهريّة لألسرة‪1190‬كغ‪،‬‬ ‫بمتوسّط تكلفة شهريّة ‪ 8650‬ليرة سورية‬ ‫شهر ّياً‪ ،‬كما تشير البيانات أنّ مادّة الحطب‬ ‫متو ّفرة بشكل عا ّم في السوق‪ ،‬علما ً أنّ استخدام‬ ‫مادّة الحطب مخصّص للتدفئة‪.‬‬ ‫تو ّفر المياه في المساكن‪ :‬إنّ مصادر‬ ‫‪ -6‬‬ ‫الحصول على المياه‪ :‬الشبكة العامّة أو اآلبار‬

‫الخاصّة أو م��ن ش��راء المياه ع��ن طريق‬ ‫الصهاريج‪ ،‬كما يعرضها الشكل البيانيّ رقم‬ ‫(‪.)2‬‬ ‫نالحظ من الشكل البيانيّ رقم (‪ )2‬أنّ األسر‬ ‫في محافظة الالذقيّة ال تحصل على المياه من‬ ‫الشبكة العامّة نهائ ّياً‪ ،‬وتعتمد على الصهاريج‬ ‫بنسبة ‪ ،%25‬وعلى اآلبار الخاصّة بنسبة ‪%33‬‬ ‫في الحصول على المياه‪ ،‬وبمتوسّط تكلفة‬ ‫شهر ّيا ً ‪ 700‬ليرة سورية‪.‬‬

‫تو ّفر خصائص المساكن‪ :‬تتو ّفر‬ ‫‪ -7‬‬ ‫الخدمات األساسيّة بنسبة ‪ ،%100‬ونسبة‬ ‫المساكن اآلمنة بلغت ‪ ،%80‬وبلغت نسبة‬ ‫المساكن نمط شقق ‪ ،%60‬ونسبة المساكن نمط‬ ‫البيت العربي بلغت ‪ ،%40‬ونسبة ‪ %40‬من‬ ‫المساكن هي ملك لساكنيها‪ ،‬ونسبة ‪ %60‬إيجار‬ ‫قُد ْ‬ ‫ّمت لساكنيها هبة‪.‬‬ ‫تو ّفر المساعدات اإلنسانيّة لألسر‪:‬‬ ‫‪ -8‬‬ ‫المساعدات كانت كافية لبعض األسر بنسبة‬ ‫‪ ،%40‬بينما نسبة األس��ر التي ت��ؤ ّك��د أنّ‬ ‫المساعدات غير كافية بلغت ‪ ،%60‬أمّا بالنسبة‬ ‫للصعوبات التي تعترض وصول المساعدات‬ ‫إلى األسر من وجهة نظر األسر بشكل عا ّم ال‬ ‫يوجد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات التي تقدّم مساعداتها اإلنسانيّة‬ ‫أمّا‬ ‫ّ‬ ‫في محافظة الالذقيّة فهي‪ :‬منظمة شام بنسبة‬ ‫‪ّ ،%80‬‬ ‫منظمات أخرى بنسبة ‪.%20‬‬ ‫حالة أم��ان منطقة السكن‪ :‬أ ّك��دت‬ ‫‪ -9‬‬ ‫ّ‬ ‫االسر أنّ األم��ان غير متوفر بنسبة ‪،%20‬‬ ‫بالمقابل هنالك أسر أ ّك��دوا أنّ المنطقة التي‬ ‫يعيشون فيها آمنة بنسبة ‪ ،%80‬وهذا األمان‬ ‫نسبيّ ‪ ،‬رغم وجود أعمال عدائيّة بالمنطقة‪ ،‬ألنّ‬ ‫نسبة ‪ %100‬من الس ّكان أ ّكدوا أنّ هناك قصف‬ ‫من الطيران على المنطقة‪ ،‬وأ ّكد معظم الس ّكان‬ ‫أ ّنه يوجد قصف صاروخيّ على المنطقة‪.‬‬ ‫أمّ���ا م��ن الناحية الصناعيّة في‬ ‫‪ -10‬‬ ‫ّ‬ ‫المحافظة‬ ‫فتتوزع بين القطاعين العا ّم والخاصّ‬ ‫وه��ي تشمل صناعات اإلسفلت وال��غ��زل‬ ‫والنسيج والرخام والصناعات الغذائيّة إلى‬

‫حتمّية العدالة للعيش المشترك‬ ‫جرائم كراهية‪ ،‬حقد طائفيّ ‪ ،‬تمثيل بالجثث‪،‬‬ ‫تف ّنن بالقتل‪ ،‬قتل جماعيّ ‪ ،‬اختطاف متبادل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بحق مكوّ نات‬ ‫إخفاء قسريّ ‪ ،‬أعمال وحشيّة‬ ‫مجتمعيّة كاملة‪ ،‬حصار لمناطق كاملة‪،‬‬ ‫تجويع لجماعات بشريّة بمدنيّيها ومسلّحيها‬ ‫ودون تمييز بين صغير وكبير‪ .‬كلّها أحداث‬ ‫من يوميّات السوريّين تش ّكل عقبة كبيرة‬ ‫أمام بناء سورية ديمقراطيّة متعايشة بك ّل‬ ‫مكوّ ناتها‪.‬‬ ‫بعد ك ّل هذا العنف والقمع واالنتهاكات‪،‬‬ ‫سيواجه أيّ تحوّ ل سياسيّ مشكلة جرائم‬ ‫الماضي‪ ،‬وعليه أن يختار بين تجاهل ك ّل‬ ‫هذه الجرائم بما ينطوي عليه هذا الخيار‬ ‫من إفالت للمجرمين من العقاب‪ ،‬وشعور‬ ‫الضحيّة بحالة مظلوميّة قد تنفجر في أيّة‬ ‫لحظة‪ ،‬وبقاء المجتمع تحت خطر انفجارات‬ ‫عنفيّة مجتمعيّة تهدّد وحدة الوطن وأمنه‪ .‬أمّا‬ ‫ّ‬ ‫فيتمثل بانتهاج العدالة االنتقاليّة‬ ‫الخيار الثاني‬ ‫التي تطبّق لتعزيز العدالة والمصالحة‬ ‫والسالم‪ ،‬وقد انتهجته الكثير من المجتمعات‬ ‫التي مرّ ت بمرحلة عنفيّة مشابهة لسورية‪،‬‬ ‫مثل جنوب أفريقيا وبولّندا وسيراليون‬ ‫وتشيلّي‪.‬‬

‫ماهي العدالة االنتقال ّية؟‬

‫هي مجموعة من اإلج���راءات القضائيّة‬ ‫وغير القضائيّة التي تسلكها الدولة في فترة‬ ‫االنتقال من مرحلة العنف التي سادت في‬ ‫المجتمع إلى مرحلة الديمقراطيّة؛ وذلك‬ ‫لتحقيق عدالة أكثر شموليّة وأعمق أثراً‪.‬‬ ‫صا ً للعدالة‪،‬‬ ‫والعدالة االنتقاليّة ليست شكالً خا ّ‬ ‫وإ ّنما هي تكييف للعدالة لتناسب الظروف‬ ‫الخاصّة للمجتمعات المكلومة بجروح عميقة‬ ‫من األحقاد والكراهية والرغبة بالثأر‪ .‬وال‬ ‫يوجد وصفات جاهزة للعدالة االنتقاليّة‬ ‫تطبّق على جميع المجتمعات‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫يطبّق على ك ّل مجتمع إج��راءات تناسب‬ ‫أوضاعه وخصائصه المجتمعيّة‪ ،‬ومن هذه‬ ‫اإلج��راءات تشكيل لجان لتقصّي الحقائق‬ ‫لتحديد المجرمين ومحاكماتهم بشكل عادل‬ ‫وإجراء مصالحات وتعويض الضحايا ما ّد ّيا ً‬ ‫ومعنو ّيا ً وإصالح مؤسّسات الدولة‪.‬‬ ‫وتنقسم إج���راءات العدالة االنتقاليّة الى‬ ‫قضائيّة وسياسيّة ومجتمعيّة‪:‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫اإلجراءات القضائ ّية‪:‬‬

‫لجان الحقيقة‪ :‬وتتكوّ ن من هيئات‬ ‫‪ -1‬‬ ‫رسميّة تمتاز بالموضوعيّة وبدرجة عالية‬ ‫من الحياديّة وتح ّقق في االنتهاكات والجرائم‬ ‫التي وقعت في الماضي وتتقدّم بتقارير عن‬ ‫االنتهاكات وباقتراحات لمعالجتها وتوصيات‬ ‫لعدم تكرارها في المستقبل‪ ،‬كما أ ّنه يت ّم‬ ‫االعتماد على نتائج التحقيقات بهدف تحديد‬ ‫المسؤولين وتقديمهم للمحاكمة فيما بعد‪.‬‬ ‫المحاكمة‪ :‬وتشمل هذه المرحلة‬ ‫‪ -2‬‬ ‫التحقيق م��ع المجرمين‪ ،‬وي��ت�� ّم التركيز‬ ‫على المسؤولين األساسيّين عن الجرائم‪،‬‬ ‫أي األشخاص الذين يتحمّلون المسؤوليّة‬ ‫األكبر عن االنتهاكات الجسيمة والممنهجة‪،‬‬ ‫ومحاكمتهم بشكل عادل‪ ،‬بعيداً عن العقليّة‬ ‫الثأريّة‪ ،‬وكلّما كانت هذه المحاكمات عادلة‬ ‫وقانونيّة وتؤمّن للم ّتهم ضمانات التقاضي‬ ‫ّ‬ ‫ح��ق ال��دف��اع وغيرها‪ ،‬ح ّققت الغاية‬ ‫من‬ ‫المرجوّ ة منها‪.‬‬

‫اإلجراءات السياس ّية‪:‬‬

‫إص�ل�اح أج��ه��زة األم���ن‪ :‬تهدف‬ ‫‪ -1‬‬ ‫اإلص�لاح��ات إل��ى إع��ادة الثقة باألجهزة‬ ‫األمنيّة‪ ،‬اذ غالبا ً ما يفقد المواطنون الثقة‬ ‫باألجهزة األمنيّة في األزم���ات‪ ،‬ويكون‬ ‫إص�لاح أجهزة األم��ن بمحاسبة القيادات‬ ‫الفاسدة وإبعادها عن المؤسّسات األمنيّة‪،‬‬ ‫وإيجاد قيادات جديدة تقوم بتحويلها من‬ ‫أجهزة للقمع والفساد والترهيب إلى أجهزة‬ ‫تسهر على راحة المواطن وأمنه‪.‬‬ ‫إص�لاح مؤسّسة القضاء‪ :‬يعتبر‬ ‫‪ -2‬‬ ‫القضاء أحد جناحي العدالة ويكون تقصير‬ ‫مؤسّسة القضاء في فترات الحروب األهليّة‬ ‫واألزم���ات إمّ��ا من خ�لال إص��دار أحكام‬ ‫قضائيّة ظالمة أو من خالل االمتناع عن‬ ‫تطبيق العدالة وت��رك المجرمين طليقين‬ ‫يمارسون إجرامهم بحرّ يّة؛ وذل��ك نتيجة‬ ‫ارتهانها لجهة سياسيّة معيّنة‪ .‬ولتحقيق‬ ‫العدالة االنتقاليّة يجب العمل على استقالل‬ ‫ّ‬ ‫الحق‬ ‫مؤسّسة القضاء لتقوم بمهامها بإحقاق‬ ‫ومحاسبة المجرمين أيّ��ا ً كانت انتماءاتهم‬ ‫ومشاربهم‪.‬‬ ‫ويدخل ضمن اإلج��راءات السياسيّة أيضا ً‬ ‫مكافحة الفساد في جميع مؤسّسات الدولة‬

‫جانب الصناعات والحرف اليدويّة والتقليديّة‪.‬‬ ‫ويعمل معظم س ّكان المحافظة بالزراعة‬ ‫وخاصّة في المناطق الريفيّة‪ ،‬أمّا في المدينة‬ ‫فيعمل الس ّكان في الصناعة والتجارة‪ ،‬وبحكم‬ ‫وجود المرفأ تنتشر مكاتب التخليص الجمركيّ‬ ‫وشركات االستيراد والتصدير التي تعطي‬ ‫المدينة أهميّة كبيرة‪.‬‬ ‫التوصيات‪:‬‬ ‫بناء على نتائج التقرير أعاله يوصي المنتدى‬ ‫االقتصاديّ السوريّ المجالس المحليّة في كلاّ ً‬ ‫من منطقتي جبل التركمان وجبل األكراد بما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫يجب أن تعمل المجالس المحليّة على‬ ‫‪ -1‬‬ ‫تأمين اإلنارة للشوارع والمنازل عن طريق‬ ‫مشاريع تستخدم خاللها ّ‬ ‫بطاريّات السيّارات‬ ‫و(ال��ل��دّات)‪ ،‬وبذلك يمكننا تخفيض استخدام‬ ‫الكهرباء على المواطنين‪.‬‬ ‫يجب أن تعمل المجالس المحليّة‬ ‫‪ -2‬‬ ‫ّ‬ ‫بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدنيّ دورات‬ ‫تدريبيّة للمواطنين ح��ول بعض مشاريع‬ ‫االقتصاد الزراعيّ المنزليّ وخاصّة الزراعات‬ ‫المنزليّة وتربية المواشي والدواجن لتأمين مادّة‬ ‫اللحوم والبيض والبرغل وغيرها‪.‬‬ ‫بسبب التدهور الشديد في قيمة الليرة‬ ‫‪ -3‬‬ ‫السوريّة‪ ،‬تعمل المجالس المحليّة بالتنسيق‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الداعمة على توعية المواطنين‬ ‫مع‬ ‫بضرورة استبدال التعامل بالليرة السوريّة‬ ‫بعملة أكثر استقراراً (مثل‪ :‬الدوالر أو الليرة‬ ‫التركيّة) في المناطق المحرّ رة‪.‬‬

‫بناء على غنى المنطقة المدروسة‬ ‫‪ -4‬‬ ‫بالثروة الزراعيّة والحيوانيّة واالعتماد الكليّ‬ ‫لس ّكان ه��ذه المناطق على تلك النشاطات‬ ‫يوصي المنتدى االقتصاديّ السوريّ بالتواصل‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات الدوليّة والمحليّة المعنيّة بدعم‬ ‫مع‬ ‫وتطوير قطاعيّ الزراعة والتربية الحيوانيّة‪،‬‬ ‫وذل��ك من خالل تشكيل لجان من الخبراء‬ ‫والمهندسين الزراعيّين في المنطقة وإرسال‬ ‫تقارير دوريّة حول األوضاع الميدانيّة للعمل‬ ‫على استمراريّة وج��ودة اإلنتاج الزراعيّ‬ ‫والحيوانيّ من خالل محاربة اآلفات الزراعيّة‬ ‫وتأمين المستلزمات من م��وا ّد ودع��م ماليّ‬ ‫لضمان تحقيق االكتفاء الذاتيّ ‪.‬‬ ‫‪ -5‬‬ ‫كما يوصي المنتدى االقتصاديّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع‬ ‫السوريّ بوجوب توجيه‬ ‫المدنيّ للعمل بدعم تلك المناطق من ناحية‬ ‫تنفيذ مشاريع البنية التحتيّة وتعبيد الطرقات‬ ‫ودعم المشاريع الصغيرة وتفعيل دورها بشكل‬ ‫أفضل‪.‬‬ ‫‪........................................‬‬ ‫*اإلصدار‪ /.4/‬من سلسلة التقارير الدور ّية‪ ،‬نيسان ‪– 2015‬‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫االقتصادي‬ ‫المنتدى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السوري بتدريب عدّة أشخاص‬ ‫االقتصادي‬ ‫** قام المنتدى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سور ّيين‪ ،‬بوصفهم نقاط ارتكاز داخل سورية في المناطق‬ ‫واالجتماعي‬ ‫االقتصادي‬ ‫المحررة‪ ،‬لجمع البيانات عن الواقع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في سورية‪.‬‬

‫احملرر االقتصاد ّي‬

‫عصفور طل من الشباك‬

‫وإع��ادة هيكلتها وإص�لاح التعليم ووضع‬ ‫مناهج ّ‬ ‫تعزز ثقافة التسامح والتعايش وتر ّكز‬ ‫على أه ّميّة السلم األهليّ ‪.‬‬

‫اإلجراءات المجتمع ّية‪:‬‬

‫التعويض الما ّديّ والمعنويّ ‪ :‬وهنا‬ ‫‪ -1‬‬ ‫تعمل الدولة على جبر الضرر الما ّديّ الذي‬ ‫لحق بالضحايا نتيجة انتهاكات الماضي‪،‬‬ ‫والتعويض يكون إمّا بجبر األضرار التي‬ ‫أصابت ممتلكات الضحايا ضمن الممكن‪،‬‬ ‫وتعويض الضحايا عن الضرر الجسديّ ‪،‬‬ ‫ك��إع��ادة دم��ج المعاقين في المجتمع عن‬ ‫طريق تأمين فرص عمل تناسبهم‪ ،‬على‬ ‫سبيل المثال‪ .‬والتعويض المعنويّ يهدف‬ ‫إلى تشكيل وعي جمعيّ يحول دون تكرار‬ ‫االنتهاكات والجرائم في المستقبل وتتعدّد‬ ‫أشكاله‪ ،‬كالنصب التذكاريّة لحفظ ذكرى‬ ‫الضحايا مثالً أو االعتذار من الضحايا بشكل‬ ‫علنيّ ‪.‬‬ ‫المصالحات‪ :‬الب ّد من تو ّفر بيئة‬ ‫‪ -2‬‬ ‫حاضنة لعمليّة المصالحة ويشكل تطبيق ك ّل‬ ‫اإلج��راءات السابقة المقدّمة الما ّديّة لنجاح‬ ‫أيّة مصالحة حقيقيّة تؤسّس لمرحلة جديدة‬ ‫من العيش المشترك؛ ألنّ أيّة مصالحة ال‬ ‫ُتبنى على تحديد االنتهاكات ومحاسبة‬ ‫المجرمين وتعويض المتضرّ رين ستزيد‬ ‫شعور الضحيّة بمظلوميّة تاريخيّة قد تنفجر‬ ‫في أيّة لحظة بتحرّ كات خارج إطار القانون‪،‬‬ ‫ممّا يعيد المجتمع إلى مربّع العنف والحرب‬ ‫األهليّة واالنتهاكات‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫إنّ فعّاليّة إجراءات العدالة االنتقاليّة تتو ّقف‬ ‫على شموليّتها؛ ذلك أنّ التقصير بتطبيق‬ ‫بعض اإلجراءات سينعكس بشكل سلبيّ على‬ ‫باقي اإلجراءات‪ ،‬النّ أيّ استقصاء للحقيقة‬ ‫تقوم به لجان الحقيقة ال يُتبع بمحاكمة‬ ‫للمجرمين وتعويض للضحايا سيكون بمثابة‬ ‫نصّ نظري ال قيمة عمليّة له‪.‬‬ ‫وبما أ ّننا اخترنا على اختالف خلفيّاتنا‬ ‫الطائفيّة واإلثنيّة أن نعيش بشكل مشترك‬ ‫في وطن واحد‪ ،‬فنحن محكومون بالخضوع‬ ‫للقانون والعدالة؛ للمحافظة على السالم‬ ‫ولبناء سورية أكثر أمنا ً وعدالً وح ّباً‪.‬‬

‫احملامي حممّد محو‬

‫رامي هنّاوي‬ ‫حبّة كرز‬

‫إدلب‬

‫رامي هنّاوي‬ ‫كتب أحد أصدقائه‪:‬‬ ‫«تعرفونه جيّداً‪..‬‬ ‫روحه فسيفساء سوريّة مرصّعة بعبق آدون‬ ‫وتسامح المسيح‬ ‫تأبّط طيف غاندي‪ ،‬واعتمر قبّعة غيفارا‬ ‫وحمل دهشة الغفاري وتعجّ به ومضى إلى‬ ‫الحرّ يّة‬ ‫ّ‬ ‫لم يقرأ لوركا‪ ..‬لكنه يشبهه ح ّد الذهول‬ ‫مضى في دروب الوطن الدامية فاتحا ً ك ّفي‬ ‫حاتم الطائيّ‬ ‫يمضي لصرخة طفل وإغ��اث��ة ملهوف‬ ‫وإطعام جائع‪ ،‬وبين ذراعيه ل ّفة شاش وحنان‬ ‫لألجساد التي يغ ّني دمها الوطن‪.‬‬ ‫منذ زمن غادر النوم‪ ،‬وغادر ساحات السمر‬ ‫عشقت خطواته ال��ح��ارات والضواحي‬ ‫واألرياف‬ ‫خطوات واثقة حانية وعاشقة على دروب‬ ‫الوطن الحرّ »‪.‬‬ ‫إ ّنه رامي ه ّناوي ‪ ....‬الصامت دائما ً ‪...‬‬ ‫المبتسم حالماً‪ ...‬ال تبحث عنه ‪ ...‬هو في ك ّل‬ ‫األمكنة‪ ...‬رامي ال ينام ‪ ..‬يحرس حرّ يّتنا‪،‬‬ ‫ويزيّن الوطن بضحكات األطفال‪.‬‬ ‫اع ُتقل رام��ي ه�� ّن��اوي (مواليد صحنايا‬

‫‪ )1977‬في ‪ 5‬آب ‪ 2012‬على أوتستراد‬ ‫كفرسوسة من قبل كمين قام به عناصر‬ ‫من الفرع ‪248‬مع رفيقته كفاح علي ديب‬ ‫التي أطلق سراحها بعد ‪ 18‬يوماً‪ .‬وهما‬ ‫زميالن في حركة معا ً من أجل سورية حرّ ة‬ ‫وديمقراطيّة‪.‬‬ ‫أطلق ناشطون حقوقيّون في سورية حملة‬ ‫على مواقع التواصل االجتماعيّ يطالبون‬ ‫فيها باإلفراج عن رامي‪ ،‬ونشر الناشطون‬ ‫بيانا ً و ّق��ع عليه المئات م��ن المهتمين‬ ‫والمدافعين عن حقوق لإلنسان‪ ،‬يحمّلون‬ ‫فيه السلطات السوريّة كامل المسؤوليّة فيما‬ ‫يتعلّق بسالمته‪ ،‬كما أعلن الناشطون أ ّنه سيت ّم‬ ‫رفع البيان بأسماء المو ّقعين عليه وتقديمه‬ ‫إلى ّ‬ ‫منظمات حماية حقوق اإلنسان العالميّة‪.‬‬ ‫أطلق األهالي لقب «ك��رز» على الناشط‬ ‫رامي ورفاقه زيدون الزعبي وكفاح علي‬ ‫ديب‪ ،‬الذين اجتمعوا على إغاثة المحتاجين‬ ‫والمتضرّ رين م��ن األه��ال��ي بسبب قمع‬ ‫السلطات السوريّة للثورة التي امتدّت‬ ‫شرارتها لتطال الكثير من أحياء دمشق‪.‬‬ ‫الحرّ يّة لرامي وجميع المعتقلين‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪32‬‬

‫السنة الثانية‬

‫“كاماسوترا” باذخة وتشريح مفزع‬

‫«الطلياني»‬ ‫في رواية‬ ‫ّ‬

‫*‬

‫«زينة» فتاة ذات اسم ممنوع من قبل السلطة‪ ،‬فامسها الرببري «أنروز»‬ ‫الفوز بالجائزة العالميّة للرواية العربيّة «عبد الناصر الطليانيّ » يصيح وهو يركل‬ ‫«ب��وك��ر» ي��وجّ ��ه األض���واء نحو الكاتب إمام المسجد لحظة دفن والده‪« :‬يلعن دين‬ ‫وعمله‪ ،‬كما حصل لرواية «الطلياني» والديك‪ ..‬يامنافق‪ ..‬يانذل‪ ..‬ياساقط‪ ..‬اخرج‬ ‫وكاتبها التونسيّ «شكري المبخوت»‬ ‫من غادي يا نيـ‪( »....‬ص‪.)7‬‬ ‫في الدورة الثامنة أيّار ‪ ،2015‬التي فازت ت����ب����دأ‬ ‫من بين مائة وثمانين رواية مر ّ‬ ‫شحة من الرواية‬ ‫بمشهد‬ ‫خمسة عشر بلداً عرب ّياً‪.‬‬ ‫مسوّ غات المنح كما قال رئيس لجنة التحكيم ال��ج��ن��ازة‬ ‫«مريد البرغوثي» في حفل أقيم في أبو ال��ع��ن��ي��ف‬ ‫ظبي‪« :‬بداية شكري المبخوت كصاحب ه�����������ذا‪،‬‬ ‫رواية أولى‪ ،‬مدهشة كبداية روايته ذاتها‪ ،‬لتتناوب في‬ ‫مشهد افتتاحيّ يثير الحيرة والفضول‪ ،‬تقدّم وتقهقر‬ ‫يسلّمك عبر إضاءة تدريجيّة ماكرة وممتعة زم���ن���يّ عبر‬ ‫إل��ى كشف التاريخ المضطرب ألبطاله حياة الطليانيّ ‪،‬‬ ‫ولحقبة من تاريخ تونس»‪.‬‬ ‫وصوالً إلى نقطة‬ ‫شكري المبخوت‪ ،‬مواليد تونس ‪ ،1962‬ناقد البدء مرّ ة أخرى‪.‬‬ ‫وأستاذ جامعيّ ‪ ،‬وهذه روايته األولى‪ .‬مكانها مروراً بشخصيّات‬ ‫الرئيسيّ تونس‪ ،‬وزمانها المركزيّ أواخر مثل «زينة» الفتاة‬ ‫الثمانينيّات إبّان فترة انقالب «بن علي» ذات االس��م الممنوع‬ ‫على «بورقيبة»‪ .‬الشخصيّة المحوريّة م���ن ق��ب��ل ال��س��ل��ط��ة‪،‬‬ ‫طالب جامعيّ ‪ ،‬وهذا يؤ ّكد مقولة‪ :‬إنّ أوّ ل فاسمها «أنروز» وهي‬ ‫ق���صّ���ة يكتبها‬ ‫ب���رب���ريّ���ة‬ ‫ريفيّة فقيرة‪،‬‬ ‫شخص تكون –‬ ‫ُ‬ ‫الناصر‬ ‫عبد‬ ‫عمل‬ ‫عادة ‪ -‬عن ذاته‪.‬‬ ‫ي������ح������اول‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫خط‬ ‫ال تختلف‬ ‫ال��ط��ل��ي��ان��يّ‬ ‫الطليان ّي كصحايفّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ال��م��ب��خ��وت عن‬ ‫تنسيبها إل��ى اليسار لتصل‬ ‫ل��ع��ب��ة ك��ث��ي��ر من‬ ‫أضاف للخلفيّة السياسيّة العالقة بينهما ‪ -‬والتي تش ّكل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال��روائ��يّ��ي��ن حين‬ ‫محورا رئيس ّيا ‪ -‬إلى الحياة‬ ‫التفاصيل‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫والتارخي‬ ‫ّ‬ ‫ي���م���زج م��س��ار‬ ‫السرّ يّة‪ ،‬ليحافظا عالقتهما من‬ ‫ب��ط��ل��ه ب��أح��داث الالزمة‪ ،‬وإن بدا األمر‬ ‫التجاذبات الحزبيّة المفروضة‬ ‫واقعيّة سياسيّة‬ ‫عليهما‪ .‬بينما تتوالى شخصيّات‬ ‫مع وصفة متداولة‬ ‫مغامرات جنسيّة‪،‬‬ ‫ال��رواي��ة وي��ت�� ّم تعريفها في‬ ‫ليسرد تحوّ الت‬ ‫وقت تدخلها‪ ،‬كالشقيق األكبر‬ ‫هامّة من تاريخ‬ ‫«ص�لاح ال��دي��ن»‪ ،‬المثاليّ‬ ‫تونس‪ .‬يختار لهذه المهمّة شا ّبا ً يسار ّيا ً األخ�لاق��يّ الناجح‪ ،‬المقيم في سويسرا‪،‬‬ ‫ويضع كنيته «الطليانيّ » كعنوان للرواية‪.‬‬ ‫كنقيض لبطل الرواية «الشين» فهو متمرّ د‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫في اإلعادة إفادة‬

‫ولد شكري املبخوت يف تونس عام ‪،1962‬‬ ‫دكتوراه دولة يف اآلداب‪ ،‬رئيس جامعة‬ ‫منوبة التونسيّة‪ ،‬عضو هيئات حترير‬ ‫جملّة إبال وجملّة رومانو آرابيكا‪ .‬من‬ ‫أبرز مؤلّفاته يف النقد «سرية الغائب‪،‬‬ ‫وسرية اآلتي» وكتاب «مجاليّة األلفة‪:‬‬ ‫النص ومتقبّله يف الرتاث النقدي» وأيضاً‬ ‫ّ‬ ‫«نظريّة األعمال اللغويّة»‪.‬‬ ‫نال عام ‪ 2015‬اجلائزة العامليّة للرواية‬ ‫العربيّة «البوكر» وجائزة «الكومار»‬ ‫عن روايته األوىل «الطليان ّي»‪.‬‬ ‫منقاد بغريزته إلى النساء والكحول من‬ ‫ناحية‪ ،‬ومنهمك بنضال يساريّ اشتراكيّ‬ ‫من ناحية‪ ،‬ينقذ حبيبته «زينة» ث ّم ي ّتخذ من‬ ‫صديقتها «نجالء» عشيقة!‬ ‫ي�����س�����ت�����خ�����دم‬ ‫«المبخوت» اثني‬ ‫ع��ش��ر ع��ن��وان��ا ً‬ ‫ف��رع��يّ��ا ً تحمل‬ ‫جميعها دالالت‬ ‫ال���م���س���ارات‬ ‫ال��م��خ��ت��ل��ف��ة‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬شعاب‬ ‫الذكريات‪،‬‬ ‫م��س��ال��ك‬ ‫موحشة‪،‬‬ ‫ال���م���ض���ي���ق‪،..‬‬ ‫وتبدو االنتقاالت‬ ‫ال��م��ك��ان��يّ��ة في‬ ‫ال�����ح�����دث‪،‬‬ ‫كالسفر إلى‬ ‫س��وي��س��را‬ ‫ت��ن��وي��ع��ات‬ ‫ش��ك��ل��يّ��ة‪،‬‬ ‫أو لتعيد‬ ‫رس�������م‬ ‫الشخصيّات نفسها‪ ،‬فعبد الناصر يظ ّل‬ ‫ذلك الغرائزيّ ‪ ،‬فيما يشبه شخصيّة منقولة‬ ‫عن «زوربا – كازنتزاكس»‪ .‬كذلك ذكر‬ ‫الحرب اللبنانيّة‪ ،‬يبدو استطالة يمكن تج ّنبها‪.‬‬ ‫عم ُل عبد الناصر الطليانيّ كصحافيّ ‪،‬‬ ‫أض��اف للخلفيّة السياسيّة والتاريخيّة‬ ‫التفاصيل الالزمة‪ ،‬وإن بدا األمر وصفة‬ ‫متداولة لدرجة النمطيّة في خلق ذريعة‬ ‫سرد المتغيّرات الكبرى بشكل مباشريّ ‪.‬‬ ‫«إذاً أنت تصادر ح ّقي في التعبير شأنك‬ ‫شأن نظام بورقيبة» (ص‪.)61‬‬

‫التزاحم في الحياة*‬

‫كما تقول «نجالء» في تقريريّة مباشرة‪:‬‬ ‫«لقد أعطانا بورقيبة قيداً جديداً ظن ّناه انعتاقا ً‬ ‫فتورّ طنا‪ .‬لم يعد بإمكاننا أن نعود إلى الوراء‪.‬‬ ‫وإذا أردنا أن‬ ‫ّ‬ ‫تعذر‬ ‫ن��ت��ق��دّم‬ ‫عبد الناصر‬ ‫علينا ذلك‪ .‬أمّا‬ ‫البيت فسجن‬ ‫يظ ّل ذلك‬ ‫صغير وأمّ��ا‬ ‫الغرائز ّي‪ ،‬فيما‬ ‫الشارع فسجن‬ ‫كبير»‪( .‬ص‬ ‫يشبه شخصيّة‬ ‫‪.)191‬‬ ‫منقولة عن «زوربا‬ ‫وي����م����ع����ن‬ ‫ال��م��ب��خ��وت‬ ‫– كازنتزاكس»‬ ‫ف��ي تصوير‬ ‫ج��ان��ب واح��د‬ ‫من المجتمع السياسيّ فال يتطرّ ق إلى‬ ‫اليمين كا ّتجاه آخر بإهمال واضح‪ ،‬باستثناء‬ ‫الكره الغريزيّ الغامض المغلّف للحدث‬ ‫وللشخصيّة الرئيسيّة الموجّ ه ض ّد رجل‬ ‫الدين وطقوسه‪ ،‬ما جعل لغة الرواية أحاديّة‬ ‫اللون وال تحتوي اختراقات الفتة‪ ،‬وتبدو في‬ ‫كثير من جوانبها مستعملة‪.‬‬ ‫بينما يصف النا ّقد «لطفي عيسى» الرواية‬ ‫مادحا ً بأ ّنها‪ :‬كاماسوترا باذخة‪ ...‬تشريح‬ ‫مفزع بنكهة شبقيّة لسياقات انحدار يسار‬ ‫ّ‬ ‫تونسيّ ّ‬ ‫محطات‬ ‫رث‪ ،‬لم يبرح الوقوف عند‬ ‫لم تعد تصلها بقطار اللحاق بالتحضّر أيّة‬ ‫س ّكة‪».‬‬ ‫ما يُثير السؤال حول منح الجوائز ومقاييسها‬ ‫من جديد‪ .‬كيف تمنح «البوكر»؟ ولمن؟‬ ‫ولماذا؟‪.‬‬ ‫*رواي��ة الطلياني‪ ،‬تأليف‪ :‬شكري المبخوت‪ ،‬عن دار‬ ‫التنوير ‪ -‬تونس‬

‫ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫الدراســـة فــي تركـــيا‬

‫المنظومــة التعليمّيــة‬ ‫يتكــوّ ن النظــام األساســيّ للتعليــم فــي تركيــا مــن وت��م��ن��ـ��ـ��ح‬ ‫مرحلتيــن أساســيّتين همــا التعليــم اإللزامــيّ والتعليــم ش��ـ��ـ��ه��ادة‬ ‫العالــي غيــر اإللزامــيّ وإنّ المنظومــة التعليميّــة تتكــوّ ن ب���ع���ـ���ـ���د‬ ‫ممــّا يلــي‪:‬‬ ‫ال��دراس��ـ��ـ��ة‬ ‫ّ‬ ‫‪ - 1‬التعليــم اإللزامــيّ ويمتــد مــن ريــاض األطفــال ا لجا معيــّة‬ ‫وينتهــي بالتعليــم الثانــويّ ‪ ،‬وتشــمل إلزاميــّة التعليــم لمــدّة أربــع‬ ‫ووجــوب التســجيل بالمــدارس للمــرّ ة األولــى‪ :‬للفئــة ســنوات‪.‬‬ ‫العمريــّة مــن ‪ 6‬ســنوات وح ّتــى ‪ 14‬ســنة‪ ،‬إنّ مــدّة ‪ - 4‬تأهيــل‬ ‫الدراســة بالمرحلــة االبتدائيّــة هــي خمــس ســنوات المعلّميــن و‬ ‫تليهــا المرحلــة اإلعداديــّة ثــالث ســنوات ثــ ّم الثانويـّـة المدرّ ســين‪:‬‬ ‫وهــي أربــع ســنوات‪.‬‬ ‫يتــ ّم إعداد‬ ‫جامعة غازي عنتاب‬ ‫ّ‬ ‫تجــدر اإلشــارة إلــى أنّ هنــاك بعــض المــدارس م��ع��ل��م��ـ��ـ��ي‬ ‫الثانويــّة التــي تعتمــد نظــام الســنة التحضيريــّة التــي ال��م��رح��ل��ة‬ ‫تمهّــد لدخــول بعــض الكليــّات التــي تشــترط ذلــك‪.‬‬ ‫االبتدائيّة فــي كليّــات جامعيـّـة يحصلــون علــى شــهادة‬ ‫المناهج في التعليم اإللزاميّ ‪:‬‬ ‫البكالوريــوس أو مــا يعــادل الليســانس‪ ،‬وهنــاك كليــّات‬ ‫ويشــمل المنهــج األساســيّ للمراحــل اإللزاميــّة مماثلــة لمدرّ ســي المرحلتيــن اإلعداديـّـة و الثانويــّة‪.‬‬ ‫المــوا ّد التاليــة‪ :‬اللغــة التركيّــة واألدب‪ ،‬والرياضيّــات‪ - 5 ،‬التعليــم الجامعــيّ ‪ :‬فــي تركيــّة هنــاك حوالــي‬ ‫والدراســات االجتماعيّــة‪ ،‬والعلــوم‪،‬‬ ‫ســبعين جامعــة باســتثناء الجامعــات‬ ‫لاّ‬ ‫الحقــوق المدنيـّـة واإلنســانيّة‪ ،‬وتاريــخ‬ ‫الخاصّــة‪ ،‬يطمــح الطـ ب للدراســة‬ ‫الجمهوريــّة التركيـّـة وإصالحــات‬ ‫فــي الجامعــات ذات الســمعة الطيّبــة‬ ‫فــي تركيــّة‬ ‫أت��ات��ـ��ـ��ورك‪ ،‬واللغــات األجنبيّــة‬ ‫باختصاصــات ذات ســمعة جيــّدة‬ ‫(اإلنجليزيــّة‪ ،‬الفرنســيّة أو األلمانيّــة)‪،‬‬ ‫للنجــاح فــي المســتقبل‪ ،‬هــذا هو الســبب‬ ‫هنــاك حوالــي‬ ‫وتعطــى مهــام فرديــّة وجماعيــّة‪،‬‬ ‫الــذي يجعلهم ي��ب��دؤون بالتحضيــر‬ ‫جامعــة‬ ‫ســبعني‬ ‫باإلضافــة للديــن والثقافــة واألخــالق‬ ‫المتحانات القبــول عاميــن مقدمــاً‪ ،‬مــع‬ ‫ً‬ ‫الفنيـّـة والعمليــّة‪ ،‬والموســيقى‪،‬‬ ‫أخــذ دروس خصوصيـّـة أيضــا‪ ،‬ومــع‬ ‫باســتثناء‬ ‫والتربيــة البدنيـّـة واللوائــح المروريـّـة‬ ‫ذلــك‪ ،‬فقــط ثلــث الطــلاّ ب يمكنهــم‬ ‫اجلامعــات‬ ‫واإلســعافات األوليــّة‪ ،‬والتوجيــه‪،‬‬ ‫االســتمرار بالجامعــة الحكوميّــة التــي‬ ‫ومــوا ّد اختياريــّة أخــرى‪.‬‬ ‫يختارونهــا‪ ،‬والبعــض اآلخــر يذهــب‬ ‫اخلا ّصــة‬ ‫وفــي نهايــة المرحلــة الثانويــّة‬ ‫إلــى الجامعــات الخاصـّـة‪ ،‬شــريطة‬ ‫(ال��ص��فّ الثاني عشــر) يخضــع‬ ‫أن يكونــوا يســتطيعون تحمّــل‬ ‫الخرّ يجون المتحــان القبــول الوطنــيّ (‪ ،)oss‬إذا كانــوا تكاليفهــا‪ ،‬يمكــن أيضــا ً أن يحصلــوا علــى منــح دراســيّة‬ ‫يرغبــون فــي الحصــول علــى تعليــم عالــي ودراســات مــن جامعــة خاصّــة‪ ،‬وتمنــح الجامعــات شــهادة‬ ‫عليــا‪ ،‬فيمكــن للطــلاّ ب االلتحــاق بالتعليــم المفتــوح أو اإلجــازة الجامعيـّـة األولــى (الليســانس) والشــهادات‬ ‫برنامــج التعليــم عــن بعــد أو الوصــول إلــى الجامعــة‪ ،‬العليــا األخــرى‪.‬‬ ‫جميــع الطـلاّ ب لديهــم الفرصــة إلجــراء هــذا االختبــار‪ .‬مــدّة الدراســة الجامعيّــة‪ :‬المســتوى األوّ ل مــن المرحلــة‬ ‫‪ - 2‬مراكــز التربيــة الوطنيــّة وتمنــح شــهادات تشــبه الجامعيّــة التــي تــؤدّي إلــى الحصــول علــى درجــة‬ ‫(شــهادات المعاهــد المتوسّــطة)‪.‬‬ ‫البكالوريــوس تتطلّــب حــ ّداً أدنــى مــن الدراســة‬ ‫الجامعيـّـة أربــع ســنوات‪ ،‬وتمتــ ّد الــدورات لمــدّة خمــس‬ ‫ّ‬ ‫وســت‬ ‫‪ - 3‬المــدارس المهنيّــة والصناعيّــة‪ :‬وتســتمرّ الدراســات ســنوات فــي طــبّ األســنان والطــبّ البيطــريّ‬ ‫العليــا التقنيــّة والمهنيــّة مــا بعــد الثانويــّة فــي المــدارس ســنوات فــي الطــبّ البشــريّ ‪ ،‬تمنــح الشــهادة بطــبّ‬ ‫العليــا لمــدّة أربــع ســنوات وســنتين فــي المــدارس األســنان عنــد االنتهــاء مــن الدراســة خمــس ســنوات‬ ‫المهنيــّة العليــا التابعــة للجامعــات‪ .‬توفــّر درجــة فــي فــي الطــبّ ‪ ،‬يتــ ّم تأهيــل الطبيــب بمؤهــالت طبيّــة‬ ‫مجــال التدريــب المهنــيّ فــي مختلــف المهــن‪ ،‬وتمنــح رفيعــة المســتوى‪ ،‬يمكــن لخريجــي الطــبّ ‪ -‬الطــبّ‬ ‫بعــد االنتهــاء مــن ســنتين دبلــوم الدراســات العليــا‪ ،‬البيطــريّ وطــبّ األســنان ‪ -‬التقديــم مباشــرة علــى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ثقافة‬

‫برامــج دكتــوراه فــي تركيــّة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬التعليــم االفتراضــيّ ونظــام التعليــم المفتــوح‪ :‬يتــ ّم‬ ‫فــي كليّــات مخصّصــة حصــراً للتعليــم المفتــوح‪ ،‬ويتــ ّم‬ ‫القبــول فيهــا علــى أســاس تنافســيّ مــن خــالل امتحــان‬ ‫قبــول مركــزيّ ‪ ،‬وتمنــح نوعيــن مــن الشــهادات‪ :‬األوّ ل‬ ‫مــا يشــبه شــهادات المعاهــد المتوسّــطة وتتطلّــب دراســة‬ ‫ســنتين‪ .‬والثانــي يمنــح شــــــهادة اإلجــازة (الليســانس)‬ ‫وتطلــب دراســة أربــع ســنوات‪.‬‬ ‫‪ - 7‬الدراســات العليــا‪ :‬وتشــمل دبلــوم الدراســات العليــا‬ ‫ثــ ّم الماجســتير‪ ،‬ثــ ّم الدكتــوراه‪ ،‬وهــي ثــالث درجــات‬ ‫(الدكتــوراه – الدكتــوراه فــي العلــوم – الدكتــوراه فــي‬ ‫الطــبّ ) ويشــترط للتســجيل علــى الدكتــوراه الحصــول‬ ‫علــى الماجســتير واجتيــاز فحــص قبــول‪ ،‬إنّ شــهادة‬ ‫الدكتــوراه تتطلّــب فــي معظــم الجامعــات التركيــّة أربــع‬ ‫ســنوات‪ :‬منهــا ســنتان تخصّــص إلعــداد األطروحــة‪.‬‬ ‫وهنــاك شــهادة خاصّــة بكليّــات الطــبّ تســمّى‬ ‫(التخصّــص الطبــيّ ) تعــادل شــهادة الدكتــوراه‪.‬‬ ‫أمــّا لجهــة تدريــب أســاتذة التعليــم العالــي‪ :‬وفقــا ً‬ ‫لقانــون التعليــم العالــي (المــادّة (‪ 35‬فــإنّ مؤسّســات‬ ‫ّ‬ ‫الموظفيــن‬ ‫التعليــم العالــي هــي المســؤولة عــن تدريــب‬ ‫األكاديميّيــن الخاصيــن بهــا‪ ،‬ســواء فــي الداخــل أو فــي‬ ‫الخــارج‪ ،‬وهنــاك معاييــر متفاوتــة لتعزيــز أعضــاء‬ ‫هيئــة التدريــس‪ .‬تجــدر اإلشــارة إلــى أ ّنــه ورغــم‬ ‫محــاوالت وزارة التعليــم التركيــّة لتوحيــد التعليمــات‬ ‫الناظمــة لقواعــد القبــول والدراســة فــي مختلــف‬ ‫الجامعــات التركيّــة إلاّ أنّ هنــاك تباينــا ً صارخــا ً بهــذه‬ ‫التعليمــات وتختلــف القواعــد مــن جامعــة إلــى أخــرى‬ ‫نظــراً لالســتقالليّة التــي تمنحهــا الــوزارة لرئيــس‬ ‫الجامعــة وذلــك لتحقيــق التنافــس علــى ضــوء مســاحة‬ ‫الحريّــة الممنوحــة لــك ّل جامعــة‪.‬‬

‫احملامي أمحد صوّان‬

‫شعراوي (‪ 1947 – 1879‬م) من أبرز‬ ‫هدى‬ ‫ّ‬ ‫الوطني‬ ‫الناشطات المصر ّيات في مجالي االستقالل‬ ‫ّ‬ ‫النسوي في نهايات القرن التاسع‬ ‫المصري والنشاط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عشر وحتى منتصف القرن العشرين‪.‬‬

‫‪...‬وباريس هي الصفحة المنشورة من سجّ ل تاريخ‬ ‫الفرنسيّين؛ حيث يشبّ الفرنسيّ في أيّة بيئة مل ّما ً منذ‬ ‫نعومة أظفاره بتاريخ بالده‪ ،‬قبل أن يدخل المدارس‬ ‫ويتعلّم هذا التاريخ في الكتب … ولذلك تراه فخوراً‬ ‫بتاريخها المجيد‪ ،‬حريصا ً على خلود هذا المجد‪،‬‬ ‫وليس هذا فحسب‪ ،‬بل ترى الشعب الفرنسيّ يطوف‬ ‫بك ّل القصور األثريّة والميادين التاريخيّة ودوراآلثار‬ ‫والعلم والمتاحف الف ّنيّة والكنائس والمعابد التي تفتح‬ ‫له أبوابها في أيّام العطالت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد أعجبني في باريس ك ّل شيء حتى شراسة أخالق‬ ‫الرعاع فيها؛ أل ّنها ال تخلو من خ ّفة الروح وتعبّر‬ ‫عن شخصيّة ال تكلّف فيها وال تغيير‪ ،‬فالفرنسيّون‬ ‫أشخاص متفرّ دون بعبقريّتهم‪ ،‬مستقلّون في أفكارهم‬ ‫وطباعهم وأعمالهم وصفاتهم وح ّتى في عيوبهم‪،‬‬ ‫ولذلك تجدهم محافظين على شخصيّتهم‪ ،‬فخورين‬ ‫بها‪ ،‬متباهين بحرّ يّتهم‪ ،‬متفانين في تقديسها‪.‬‬ ‫ومع ذلك فقد تألمّت من نتائج التطرّ ف في تلك‬ ‫الحرّ يّة في بدء عهدي بزيارتها‪ ،‬إذ كنت أظنّ أنّ‬ ‫الصغير والكبير من ك ّل طبقة في تلك األمّة على‬ ‫جانب عظيم من الر ّقة وحسن المعاملة … وأذكر‬ ‫بهذه المناسبة أ ّنني عندما أردت ألوّ ل مرّ ة زيارة‬ ‫أحد حوانيت باريس الكبرى في يوم حدّد لتخفيض‬ ‫أثمان البضائع‪ ،‬وجدت على أبواب الحانوت زحاما ً‬ ‫شديداً‪ ،‬فوقفت عند الباب ألم ّكن بعض الداخلين من‬ ‫المرور مجاملة كما هي عادتنا في بالد الشرق‪،‬‬ ‫ظا ّنة أ ّنه سيأتي دوري وأجد من بين الداخلين من‬ ‫ير ّد لي تلك المجاملة‪ ،‬ولك ّني الحظت لألسف أ ّنه لم‬ ‫يشعر بوجودي أحد‪ ،‬ورأيتني مدفوعة بشدّة بين تلك‬ ‫األمواج المتالطمة من األجسام البشريّة‪ ،‬تتقاذفني‬ ‫موجة وتتل ّقاني أخرى باللكم والسير على قدمي‪،‬‬ ‫فكادت تنهمر دموعي على خدّي من هذا التسابق‬ ‫الرهيب‪ ،‬وث ّم وجدت نفسي أمام منضدة محوطة‬ ‫بالمتفرّ جين والمتفرّ جات وقد م��دّدت يدي بلطف‬ ‫إلى قطعة من القماش أعجبتني‪ ،‬ولكن سرعان ما‬ ‫اختطفتها من يدي إحدى المتفرّ جات بغلظة ح ّتى‬ ‫كادت الدموع تفرّ من عينيّ مرّ ة أخرى‪ ،‬ولكني‬ ‫كتمت ّ‬ ‫تأثري ح ّتى ال يضحكوا أو يسخروا مني …‬ ‫مثل هذه األشياء لم ترقني أوّ ل األمر‪ ،‬ولك ّنني انتهيت‬ ‫منها إلى أن أفهم أنّ التزاحم في الحياة هو سبب‬ ‫نهضة تلك األمم وتفوّ قها‪ ،‬وإن كان ذلك مظهراً من‬ ‫مظاهر األنانيّة… وأنّ تسامح الشرق ور ّقة شعوره‬ ‫هما سبب ّ‬ ‫تأخره واضمحالله‪ ،‬رغم ما في ذلك من‬ ‫نبل ودعة‪.....‬‬ ‫بعد عودتي من أوروبّ��ا‪ ،‬وقعت أحداث اجتماعيّة‬ ‫هامّة في مصر‪ ،‬فقد ظهرت في ذلك الوقت بوادر‬ ‫نهضة أدبيّة بين السيّدات الراقيات‪ ،‬إثر ما ذكرته‬ ‫عن تلك الوثبة التي صاحبت إلقاء المحاضرات في‬ ‫الجامعة‪ ،‬وقد شعرت إزاء ذلك بوجوب تأسيس نا ٍد‬ ‫أدبيّ لهنّ يجتمعن فيه للبحث في الشؤون األدبيّة‬ ‫واالجتماعيّة‪ ،‬وعرضت هذه الفكرة على األميرات‪،‬‬ ‫وطلبت رعايتهنّ لهذا المشروع‪ ،‬فقبلن بارتياح‬ ‫وحدّدن موعداً لالجتماع في منزلي لال ّتفاق على‬ ‫تفاصيل هذا المشروع‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فقد كنت على اتصال بالكاتبة‬ ‫الفرنسيّة اآلنسة «مرجريت كليمان» التي كانت‬ ‫تكاتبني دائماً‪ ،‬وكنت أطلعها في خطاباتي على‬ ‫أماني‪ ،‬وقد وعدتني إذا تح ّققت مشروعاتي أن‬ ‫تحضر خصيصا ً إلى مصر لالشتراك معنا وإلقاء‬ ‫محاضرات اجتماعيّة‪ ،‬وقد كتبت إليها أب ّ‬ ‫شرها بقرب‬ ‫تحقيق أمنية من أمانيّ الغالية وهي تأسيس نا ٍد‬ ‫للسيّدات‪ ،‬وطلبت إليها أن تحضر في الموعد المحدّد‬ ‫لعقد أوّ ل اجتماع عندي‪ ،‬وكان أن جاءت‪ ،‬وعقد‬ ‫االجتماع في منزليّ برئاسة شرف األميرة أمينة حليم‬ ‫وعضويّة األميرات المصريّات واألجنبيّات‪ .‬وش ّكلت‬ ‫لجنة تحت اسم «جمعيّة الرقيّ األدبيّ للسيّدات»‪.‬‬ ‫وقد بدأت اآلنسة «مرجريت كليمان» بإلقاء سلسلة‬ ‫محاضرات بمنزلي وبالجامعة‪ ،‬وكان عليَّ بعد ذلك‬ ‫أن أقوم بالبحث عن منزل ليكون مقرّ اً لهذا النادي‬ ‫الذي لم نكن نجرؤ على تسميته نادياً‪ ،‬نظراً ألنّ‬ ‫التقاليد كانت تستهجن مثل هذا العمل‪ ،‬وال تسمح‬ ‫للمرأة بأن تتن ّفس أو تجد لنفسها منتدى تلقى فيه‬ ‫صديقاتها والعامالت معها في الحياة االجتماعيّة‪ ،‬ث ّم‬ ‫جاء الصيف وسافر كثير من األميرات والسيّدات‬ ‫إلى أوروبّا كعادتهن‪ ،‬على أن يُستأنف العمل على‬ ‫تحقيق هذا المشروع الجديد عقب عودتهنّ إلى‬ ‫الوطن‪،‬‬ ‫وكان ذلك في نيسان ‪.١٩١٤‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫*الصفحات (‪ )78 – 86‬من كتاب‪ :‬مذ ّكرات هدى شعراوي –‬ ‫مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة‬ ‫الصادرة عن‬ ‫ّ‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ثقافة‬

‫العدد ‪32‬‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫‪11‬‬

‫السنة الثانية‬

‫المسرحي وديع عمسيح‬ ‫ّ‬

‫السوري‬ ‫ديوان الشعر‬ ‫ّ‬ ‫الـ ّدهـرُ دهـري والزّ ُ‬ ‫مـان‬ ‫ُغالمـــــــــــي‬

‫سوري يغتال االغتراب نبضه‬ ‫مبدع‬ ‫ّ‬ ‫توفي الف َّنان المسرحيّ الجميل وديع عمسيح ومذيع في إذاعة سويديّة فترة من ّ‬ ‫الزمن‪ ،‬بعد‬ ‫في أحد مشافي ستوكهولم مساء اليوم األربعاء أن خضع لدورة في الصّحافة اإلذاعيّة‪ ،‬كما‬ ‫عمل فترة من َّ‬ ‫‪ 20‬أيّار بعد صراع طويل مع المرض!‬ ‫الزمن كمدرس لمادّة ال َّتمثيل في‬ ‫وديع عمسيح من مواليد مدينة ديريك‪ ،‬العتيقة‪ ،‬أحد المعاهد السويديّة‪ ،‬إضافة إلى أن ّه درّ س‬ ‫ترعرع في بيئة ريفيّة مسربلة بأكوام الحنطة الترجمة في جامعة ستوكهولم ويعمل مترجما ً‬ ‫وعناقيد العنب‪ ،‬فتشرّ ب باألصالة والصَّفاء للغتين السُّويديّة والعربيّة منذ سنوات‪ ،‬وترج َم‬ ‫وروح العطاء الخلاّ ق‪ ،‬دخل عوالم المسرح قصائد شعريّة لعدّة شعراء ع��رب‪ ،‬وأقام‬ ‫وفضاءاته منذ باكورة عمره‪،‬‬ ‫واشترك في عدداً كبيراً من األماسي الشعريّة‪ ،‬لتعريف‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫تقديم العديد من المسرحيّات منذ أن كان طالبا الجمهور السويديّ بالشعر العربيّ ‪ ،‬حيث كان‬ ‫في المرحلة اإلعداديّة‪.‬‬ ‫يقدّم ال ِّشعر بالعربيّة والسويديّة معا ً باالشتراك‬ ‫ّ‬ ‫انض َّم إلى فرقة المسرح الجامعيّ خالل فترة مع مجموعة من الممثالت المسرحيّات منهنَّ‬ ‫ّ‬ ‫دراسته الجامعيّة في حلب‪ ،‬وح َّق َق نجاحا ً‬ ‫الممثلة المسرحية السُّويديّة المعروفة أكسيل‬ ‫وحضوراً طيّبين‪ ،‬شارك بعدّة دورات في أكسيل‪.‬‬ ‫ال ّتمثيل واإلخ��راج في دمشق وحلب على ش��ارك ف��ي ع��دّة مسرحيات م��ع المخرج‬ ‫أيدي مخرجين أمثال المخرج فوَّ از السَّاجر السويديّ الكبير كينت إيكبيري‪ ،‬منها حلم‬ ‫والمخرج العراقيّ جواد األسدي‪ ،‬والمخرج منتصف ليلة صيف‪ ،‬الماعز على ال ّ‬ ‫شجرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مانويل جيجي والمخرج إيليا قجميني‪ ،‬أطفال النول‪ ،‬مدينة أحالمي‪ ،‬واللَّيلة الثانية‬ ‫ّ‬ ‫واشترك مع مجموعة من‬ ‫الممثلين في تقديم عشرة‪ ،‬وأعمال أخرى كان آخرها مسرحيّة‬ ‫ّ‬ ‫«ملحمة جلجامش» في ع��رض مسرحي اإلنسان الطيب من سيشوان‪ ،‬وقد قال عنه‬ ‫متميّز في حلب‪ ،‬كما اشترك في تقديم العديد المخرج السويديّ الكبير كينت إكبيري إنَّ‬ ‫من المسرحيّات مثالً‪ :‬نحن والواليات الم ّتحدة‪ ،‬الف ّنان المسرحيّ وديع عمسيح يستطيع أن‬ ‫عن نصّ لبيتر بروك‪ ،‬والمف ّتش العا ّم لغوغول‪ ،‬يؤدّي األدوار الجَّ ادّة والكوميديّة بنفس القوّ ة‬ ‫وال����غ����زاة آلغ���ون‬ ‫وال��م��ه��ارة وه���و من‬ ‫وول��ف‪ .‬كما قدّم في‬ ‫المفضَّلين‬ ‫الممثلين‬ ‫ال��م��س��رح ال��ق��وم��ي‬ ‫لديّ ‪.‬‬ ‫ستوكهومل‬ ‫يف‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ع����دّة م��س��رح��يّ��ات‬ ‫ي��ق��ول ع��ن��ه ال��ف�� ّن��ان‬ ‫َ‬ ‫منها مصنع األق��دام‬ ‫ال��ت��ش��ك��ي��ل��يّ ص��ب��ري‬ ‫واشرتك يف‬ ‫فرقة «آدا ْد»‪،‬‬ ‫يوسف‪« :‬يمتل ُ‬ ‫السّيقان‪ ،‬من إخراج‬ ‫ك الف ّنان‬ ‫باللغتني‬ ‫عروض‬ ‫تقديم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إيليا قجميني‪.‬‬ ‫ص��وت��ا م��س��رح��يَّ��ا ذو‬ ‫ب��االش��ت��راك‬ ‫أسّ���س‬ ‫م��س��اح��ات عريضة‪،‬‬ ‫العربيّة والسويديّة‪،‬‬ ‫مع بعض المهتمّين‬ ‫وشخصيّته المطواعة‬ ‫ل‬ ‫حق‬ ‫يف‬ ‫سفر‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ب���ال���م���س���رح ف��ي‬ ‫تناسب ك�� َّل األدوار‪،‬‬ ‫س��ت��وك��ه��ول��م ف��رق��ة‬ ‫وع��ن��دم��ا ت����راه على‬ ‫الصبّار‪ ،‬امله ّرج واملرآة‬ ‫ْ‬ ‫واش��ت��رك‬ ‫«آداد»‪،‬‬ ‫خشبة المسرح‪ ،‬تشعر‬ ‫َ‬ ‫أ ّن��ه ال ّ‬ ‫ف��ي ت��ق��دي��م ال��ع��دي��د‬ ‫يمثل بقدر ما‬ ‫من المسرحيّات في السويد باللغتين العربيّة يجسِّد وقائع الحياة عبر ترجمة مواقف معيَّنة‬ ‫والسويديّة‪ ،‬منها‪ :‬سفر في‬ ‫حقل الصبّار‪ ،‬مرسومة على الورق فينقلها إلى فضاءات‬ ‫ِ‬ ‫المسرح بطريقة إنسيابيّة مدهشة‪ ،‬عاكسا ً‬ ‫المهرّ ج والمرآة وغيرها من المسرحيّات‪.‬‬ ‫شارك في عدّة مسرحيات مع المخرج ستا ّفان الحاالت االنفعاليّة للشخصيّة التي ُّ‬ ‫يمثلها كأ ّنه‬ ‫فالديمير هولم‪ّ ،‬‬ ‫ومثل في فيلم سينمائي قصير هو الشخصيّة ذاتها‪ ،‬أل ّنه يتماهى مع الدور‬ ‫باللغة السويديّة‪ ،‬واشتغل أيضا ً كصحافيّ ال��ذي يؤ ِّديه ببراعة فائقة‪ ،‬وه��ذه البراعة‬

‫نجمت من خالل شغفه العميق‬ ‫بالمسرح بأرقى تجلِّياته»‪.‬‬ ‫الكاتب والمسرحي «نجم الدين‬ ‫سمّان» قال عن وديع مودعاً‪:‬‬ ‫ب��وط��ن ال‬ ‫«ك�� ّن��ا م��ع��اً‪ ..‬نحلم‬ ‫ٍ‬ ‫يستبيح أبنا َءه فساد أو استبداد؛‬ ‫و ك ّنا نؤمن بأنّ الكلمة‪ ..‬قد ال‬ ‫ثمار َها في أوّ ل ربيع؛‬ ‫ُتعطِ ي‬ ‫َ‬ ‫الصخر؛‬ ‫لك ّنها كقطرة الماء تف ُّل‬ ‫َ‬ ‫إذا توارثتها األرواحُ‪ ..‬جيالً بعد‬ ‫جيل‪.‬‬ ‫وي��ا أيّ��ه��ا ال��ودي��ع‪ ..‬ي��ا أنكيدو‬ ‫حين تقم َ‬ ‫مسرح‬ ‫دورهُ في‬ ‫ّصت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫حلب الجامعيّ ؛ وأع��رفُ كيف‬ ‫ن��ج��ح��ت ف��ي ذل���ك؛ م��ا ُد َ‬ ‫َ‬ ‫م���ت‬ ‫َ‬ ‫ّين‪ ..‬السوريان‪..‬‬ ‫وريث السوري ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اآلشوريّين؛ وما كنت جلجامش قبالت َك على‬ ‫مثلك‪..‬‬ ‫عشتار أغوتني‬ ‫الخشبة‪ ..‬سوى أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فوقعت في الحبّ ‪.‬‬ ‫ك ّنا‪ ..‬أنت وزهير إيليا؛ معا ً في البلد‪ ..‬وها أنت‬ ‫كيف ألنكيدو‬ ‫تسبقني في غربتنا إلى الموت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يموت مرتين قبل صديقه‬ ‫فيك‪ ..‬أن‬ ‫ال��ذي‬ ‫َ‬ ‫اللدود جلجامش؛ وكيف لهذه التراجيديا أن‬ ‫زمن اختلطت‬ ‫ُتستعادَ باستبدال أدوارها‪ ..‬في‬ ‫ٍ‬ ‫فيه األدوار‪ ..‬وتلّونت ستائر مسارحنا بدم‬ ‫السوريّين‪ ..‬ومازال الت ّنين خومبابا حاضراً‬ ‫خلف الكواليس‪ .‬كيف ترحل قبل أن نقت َل‬ ‫وحش االستبداد‪ ..‬معاً؛ كيف سأرى النادبات‬ ‫َ‬ ‫على المسرح‪..‬‬ ‫ليال عليّ ؛ فإذا هنَّ‬ ‫يندبن َ‬ ‫َ‬ ‫سبع ٍ‬ ‫تراب َنا َ‬ ‫فوق‬ ‫ل‬ ‫بد‬ ‫اسكندنافيا‬ ‫ثلج‬ ‫ين ُدب َن َك‪..‬‬ ‫ينثرن َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬ ‫يرثينك كما ُ‬ ‫يليق بالغريب‬ ‫ضفائرهنَّ ‪ ..‬وهُنَّ‬ ‫َ‬ ‫عن دياره»‪.‬‬ ‫جبران سعد الشاعر والكاتب السوريّ ‪ ،‬قال‬ ‫في وديع‪:‬‬ ‫«لقد َ‬ ‫مات األبيض‬ ‫َ‬ ‫رب أسوار‬ ‫كان حصانه َمغروزاً في الثلج قُ َ‬ ‫َ‬ ‫بابل؛‬ ‫أيّتها السماء‪ /‬أيّتها اآللهة ال ُم َتفرّ َجة على‬ ‫الشالالت الحزينة اليابسة َ‬ ‫فوق َخ ّد سوريا‬ ‫ ال َوعدَ لنا نحن عُراة العا َلم –‬‫أيّتها اآللهة‪ /‬يقينا ً لو أ ّني ال َمكان َلدَ َع ُ‬ ‫وت‬

‫مراش (‪ 1919 - 1848‬م)‬ ‫ماريانا ّ‬ ‫مراش في مدينة حلب‪،‬‬ ‫ولدت مريانا فتح هللا ّ‬ ‫وفيها تو ّفيت‪.‬‬ ‫عاشت في سورية ولبنان وبعض بلدان‬ ‫أوروبا‪.‬‬

‫وديع عمسيح‬ ‫الحناجر وذاكرة اآلهات كي تغ ّني مع قيثارة‬ ‫َ‬ ‫أنكيدو ‪ :‬قُرب أسوار بابل‬ ‫َ‬ ‫مات األبيض» ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قالت الفنانة السورية «ع��زة البحرة» في‬ ‫وداع��ه‪« :‬ودي��ع عمسيح‪ ..‬أنكيدو‪ ،‬ها أنت‬ ‫تلحق بركب الغوالي الذين غادرونا باكراً‬ ‫غسّان سلمان‪ ..‬عمّار الكسان‪ ..‬يعقوب قريو‪..‬‬ ‫كانت السويد تعني لنا الكثير بوجودك فيها ‪..‬‬ ‫ولكن عبث الحياة وقدرتها على تحويلنا لدمى‬ ‫متفرّ جة تنتظر مصيرها‪ ،‬وهي تلهو بنا‪،‬‬ ‫وتعبث بأرواحنا‪ ،‬وبحياتنا ‪..‬بوجودك كانت‬ ‫السويد ستتحوّ ل لمكان أكثر محبّة ومودّة‬ ‫ويحمل البهجة والفرح»‪.‬‬ ‫المخرج السوريّ ثائر موسى‪ ،‬قال‪« :‬وديع‬ ‫عمسيح‪ ..‬ابن سوريا األصيل‪ ،‬وأنبل من‬ ‫عرفت في حياتي‪ ...‬سيبقى الحبّ الذي امتأل‬ ‫به قلبك يغمرنا ح ّتى يوم تلتقي فيه أرواحنا‪...‬‬ ‫الوداع يا أطيب البشر وأحلى األصدقاء‪...‬‬ ‫لروحك السالم»‬ ‫وقال لقمان ديركي‪« :‬وداعا ً يا صديقي الطيّب‬ ‫‪ ..‬كم كانت لنا أيّام سوية‪ ..‬ستبقى في القلب‬ ‫إلى أن يتو ّقف»‬ ‫تحيّة لروح الف ّنان المسرحي المبدع وديع‬ ‫عمسيح لك ِّل ما قدّمه من عطاءات خلاّ قة‬ ‫في مجال الفنّ المسرحيّ وفي مجال ّ‬ ‫الثقافة‬ ‫واألدب في دنيا االغتراب‪.‬‬

‫احملرر الثقايف‬

‫صولفيج‬

‫«ب ّدي» ‪ ....‬غنّي للناس‬ ‫«جناح أ ّي عمل فنيّ​ّ مرتبط بنجاح عناصره الفنيّة»‬ ‫كانت البداية في عام ‪ ،1972‬حيث ت ّم اإلعالن والمظاهرات‪.‬‬ ‫لم ي��درس الموسيقى‪ ،‬لك ّنها كانت له في‬ ‫عن مسابقة في إطار مهرجان األغنية الفرنسيّة‬ ‫ُ‬ ‫في لبنان‪ ،‬تقد ُ‬ ‫وقلت ألعضاء اللجنة‪ :‬المرصاد ففي أحد ليالي الحرب اللبنانيّة‬ ‫ّمت إليها‬ ‫أنا أحمد قعبور من منطقة طريق الجديدة‪ ،‬بدا وعلى ضوء الشموع بسبب انقطاع التيّار‬ ‫األمر غريبا ً ولم يصدّق أعضاء اللجنة أنّ الكهربائيّ وقعت عينه على قصيدة الشاعر‬ ‫هنالك شا ّبا ً من طريق الجديدة الحيّ الشعبيّ الفلسطينيّ توفيق زيّ��اد (أناديكم أش ّد على‬ ‫الذي تقطنه أغلبيّة مسلمة يعرف «شارل أياديكم وأبوس األرض تحت نعالكم وأقول‬ ‫أزنافور وجاك بريل»‪ ،‬كان قعبور يتسلّق أفديكم)‪ ،‬لحّ ن الالزمة وحملها إلى والده‪ ،‬فقال‬ ‫الشجرة في حديقة البيت في بيروت ليتفرّ ج له بعد أن سمعها‪ :‬هذه األغنية سيكون لها‬ ‫شأن كبير وسيردّدها الماليين‪،‬‬ ‫ع��ل��ى وال����ده‬ ‫وبعد اكتمال اللحن أدّاها قعبور‬ ‫وه���و يعزف‬ ‫بعد عام ‪1982‬‬ ‫في مشفى ميدانيّ لجرحى‬ ‫ألنّ وال����ده‬ ‫أخذت أعمال قعبور‬ ‫الحرب اللبنانيّة وفعالً حفظها‬ ‫ال������ذي ك���ان‬ ‫الصغار قبل الكبار‪ ،‬وتردّدت‬ ‫أصغر عازف‬ ‫طابع التفاصيل‬ ‫على ك�� ّل األلسن لبساطتها‬ ‫ك����م����ان ف��ي‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫بعيد‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫احليات‬ ‫ّ‬ ‫وق��وّ ة لحنها‪ ،‬وهو األسلوب‬ ‫بيروت وكذلك‬ ‫العا ّم الذي طبع أغلب أعمال‬ ‫ف��ي اإلذاع����ة‬ ‫عن مسارات‬ ‫ّ‬ ‫الفنان أحمد قعبور‪ ،‬والذي هو‬ ‫ال��ل��ب��ن��ان��يّ��ة لم‬ ‫السياسة‬ ‫من مواليد بيروت ‪،1955‬‬ ‫يكن يريد له‬ ‫أنهـى دراسـته االبتدائيّـة في‬ ‫أن يرافقه في‬ ‫الكليّة البطريركيّة في بيروت‪،‬‬ ‫ح��ف�لات��ه‪ ،‬لم‬ ‫لاّ‬ ‫يكن أحمد تلميذاً متفوّ قا ً بمدرسته إ بدروس التحق بقسم المسرح في معهد الفنون الجميلة‬ ‫الموسيقى مع نغمات بيانو وكمان األستاذ «الجامعة اللبنانيّة» وتخرّ ج منها ‪ ،1982‬لمع‬ ‫الكبير «سليم فليفل» وأناشيده الوطنيّة من نجم الف ّنان قعبور في مطلع الحرب اللبنانيّة‬ ‫مثل (نحن الشباب لن الغد) ّ‬ ‫تأثر قعبور بشقيقه كمطرب لألغنية السياسيّة‪ ،‬ويتح ّفظ قعبور‬ ‫األكبر ال��ذي سبقه إلى العمل في السياسة على تسمية األغنية بهذا االسم ويقول‪« :‬نجاح‬ ‫أيّ عمل ف ّنيّ‬ ‫مرتبط بنجاح‬ ‫ع����ن����اص����ره‬ ‫الفنيّة»‪.‬‬ ‫ب���ع���د ع���ام‬ ‫‪ 1982‬أخذت‬ ‫أعمال قعبور‬ ‫طابع التفاصيل‬ ‫الحياتيّة بعيداً‬ ‫ع��ن م��س��ارات‬ ‫السياسة‪ ،‬ولم‬ ‫ت��ع��د ع��م��وم��ا ً‬ ‫أثناء التسجيل‬ ‫أغنية تعبويّة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫أمحد قعبور‬ ‫أشهر أعمال الف ّنان أحمد قعبور»جنوبيّون»‬ ‫تنطق بصوت كتلة بشريّة محدّدة‪ ،‬بل صارت‬ ‫لسان ك ّل إنسان بذاته‪ ،‬نزلت من الشعار إلى كلمات حسن طاهر‪« ،‬نحنا الناس» كلمات‬ ‫مكوّ ناته االجتماعيّة والسياسيّة كأغنيته (بدّي الشاعر اللبنانيّ محمّد العبد هللا «أمّي» كلمات‬ ‫غ ّني للناس إلّي ما عندن ناس) وأراد لألغنية محمود درويش «ويارايح صوب بالدي»‬ ‫كلمات أحمد قعبور‪،‬‬ ‫أن تواجه أكبر نسبة‬ ‫يحمل ف��ي رص��ي��ده‬ ‫من الدمار بأكبر نسبة‬ ‫‪ 300‬أغنية لألطفال‬ ‫م��ن ال��ف��رح‪ ،‬وكانت‬ ‫ال تعارض‬ ‫وألّ����ف ال��ع��دي��د من‬ ‫فرقة السنابل لألطفال‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫بني‬ ‫الموسيقى التصويريّة‬ ‫التي أسّسها بإشراف‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫فنانا ويف ذات‬ ‫م��ن��ذ األيّ����ام األول���ى‬ ‫غازي مكداشي‪ ،‬أحد‬ ‫ل��ل��ث��ورة ال��س��وريّ��ة‪،‬‬ ‫انعكاسات هذه المرحلة‬ ‫الوقت ملتزماً‬ ‫ك��ان قعبور واضحا ً‬ ‫وف���رص���ة ل��ل��ه��روب‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫التح‬ ‫بقضايا‬ ‫ّ‬ ‫ف��ي موقفه المنحاز‬ ‫م���ن ع���ال���م ال��ح��زن‬ ‫للثورة والشعب ض ّد‬ ‫واالن���ك���س���ارات‪ ،‬لم‬ ‫واإلنسان‬ ‫ال��دك��ت��ات��ور وغ�� ّن��ى‬ ‫يعتبر حلمه الموسيقيّ‬ ‫للثورة السوريّة في‬ ‫ث��ان��ويّ��ا ً ف��ي ي��وم من‬ ‫األيّام أمام القضايا الفكريّة والسياسيّة‪ ،‬وكان أكثر من مهرجان (ما حد ينطر سورية عم‬ ‫يرى أ ّنه ال تعارض بين أن يكون ف ّنانا ً وفي تنبض)‪ ،‬وكذلك أغنية (ارحل قالوا لي جند‬ ‫ذات الوقت ملتزما ً بقضايا التحرّ ر واإلنسان‪ ،‬اتوا من بعيد ارحل) من كلمات حسن طاهر‬ ‫ويحكي حكايته من أوّ ل أغنية إلى آخر أغنية‪ ،‬وألحانه‪ ،‬تمتاز ألحان قعبور بأسلوب رشيق‬ ‫فهذه الموسيقى مرتبطة بأحالم الناس وليس نتيجة لجملها الموسيقيّة البسيطة وإيقاعاتها‬ ‫بالثورة والحرب‪ ،‬من هذا المنطق لم تصنع المتحرّ كة‪.‬‬ ‫أحمد قعبور ولكن تأثيرها على أغانيه كان‬ ‫واضحاً‪.‬‬ ‫أسعد شالش‬

‫التحقت بالمدرسة المارونيّة في الخامسة من‬ ‫عمرها‪ ،‬ث ّم أتمّت تعليمها االبتدائي في مدرسة‬ ‫مار يوسف بحلب‪ ،‬بعدها انتقلت إلى المدرسة‬ ‫اإلنجليزية في بيروت‪.‬‬ ‫تل ّقت علوم الصرف والنحو والعروض على‬ ‫والدها‪ ،‬وتتلمذت أدب ّيا ً على شقيقيها اللذين‬ ‫أشربا قلبها حبّ األدب والشعر‪ ،‬فحفظت‬ ‫الكثير من شعر عمر بن الفارض‪.‬‬ ‫كما تل ّقت دروسا ً في الموسيقى وأتقنت العزف‬ ‫على القانون والبيانو‪.‬‬ ‫كان بيتها ملتقى أدباء وشعراء عصرها‪،‬‬ ‫ومنهم‪ :‬قسطاكي الحمصيّ ‪ ،‬وجبرائيل الدلاّ ل‪،‬‬ ‫وكامل ّ‬ ‫الغزي‪ ،‬ورزق هللا حسّون‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫كانت أوّ ل سيّدة عربيّة تكتب في الصحف‬ ‫مقاالت متنوّ عة‪ ،‬كما كانت صاحبة أوّ ل‬ ‫صالون أدبيّ تقيمه سيّدة عربيّة‪.‬‬ ‫كانت سفرتها إلى أوروبا عميقة األثر في‬ ‫نفسها إذ عاينت أسرار التقدّم وأساليب التمدّن‬ ‫في مجتمعاتهم‪.‬‬ ‫من إنتاجها الشعريّ ‪:‬‬ ‫ ديوان‪ :‬بنت فكر ‪ -‬المطبعة األدبيّة ‪ -‬بيروت‬‫‪.1893‬‬ ‫تنوّ عت أغراضها الشعريّة فوسّعت من نطاق‬ ‫اهتماماتها‪ .‬كان لسفرها إلى أوروبا ومعايشتها‬ ‫طبيعة المجتمع هناك أثره في تشكيل رؤيتها‬ ‫للمرأة العربيّة‪ ،‬فلم تقف بشاعريّتها عند حدود‬ ‫ما يشغل المرأة من عواطف وأحاسيس ذاتيّة‪،‬‬ ‫وإ ّنما جمعت بين المدح والحكمة والرثاء‪،‬‬ ‫والغزل وشعر المناسبات واإللهيّات‪ ،‬اقتصر‬ ‫مدحها على بعض روّ اد صالونها من رجال‬ ‫السلك الدبلوماسيّ ‪ ،‬وعلى عدد من رجال‬ ‫الحكم من عرب وأتراك‪ ،‬ويكاد رثاؤها‬ ‫ينحصر في أهلها وأقاربها‪ ،‬حافظت على‬ ‫العروض الخليليّ والقافية الموحّ دة‪.‬‬ ‫نختار من قصائدها‪ :‬‬ ‫تهـنئة بـزفــــــــــــــــــــــــــاف‬ ‫ت الـحـيـاةُ ببـــــــــــــهجة األي ِّام‬ ‫ز َه ِ‬ ‫بحســــــــام‬ ‫وسطـا الضّيـاء عـلى الـد َّجى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫رً‬ ‫ورسـول سـامـي الـحظ عــــــــــاد مبش ا‬ ‫بـالـ ُي ْمن واإلسعـاد واإلنعــــــــــــام‬ ‫والسَّعـد َح َّل بأهل ِه متـمــــــــــــــازجً ا‬ ‫كتـمـازج األرواح بـاألجســـــــــــــام‬ ‫فـالجـاهل الـمقتـال مـــــــن را َم األذى‬ ‫لـذويـه عـاد عـلـيـه بـاإلعـــــــــدام‬ ‫سهـم عـاد بعـد نفــــــــــــــوذ ِه‬ ‫و َلرُبَّ‬ ‫ٍ‬ ‫فـي صدر مـرسل ِه وطـاش الرّ امــــــــــــي‬ ‫قـل للـذي رام ال ّ‬ ‫شرور بسعـيــــــــــــ ِه‬ ‫جـاهل متعـــــــــــــــــام‬ ‫ت ًّبا ل ُه مـن‬ ‫ٍ‬ ‫مـن ظ َّل بـيـــــــــــــــن هداي ٍة وغواي ٍة‬ ‫فتـراه يـخبط فـي ُد َجى األوهـــــــــــام ‬ ‫ ‬ ‫ذو اللـبِّ واألدب الـمـث َّقف والـحجـــــــا‬ ‫قـريب ِه ويحـامــــــــــــي‬ ‫يحـمـي ذمـار‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫شأن الرّ فـيع الشان مـا بـيـن الـمـــــال‬ ‫بـالفضل يكتسب الـمقـا َم السّامــــــــــي‬ ‫نـاديـت مـن حـاز الــــــــــــتفرُّ دَ ِهم ًَّة‬ ‫للهّ درّ ك مـن ف َتى وهـمـــــــــــــــــام‬ ‫مـن مـاثلـت ألفـاظ ُه دررً ا فقـــــــــــد‬ ‫أغنـت فصـاحته عـن األقــــــــــــــالم‬ ‫َ‬ ‫زلـت يـا «بـاصـيلُ» ُت ْزهـ ُر بـالهـنـــا‬ ‫ال‬ ‫مـا افتـرَّ ثغ ُر الزهـر بـاألكـمــــــــام‬ ‫هـذي ّ‬ ‫ٌ‬ ‫عـــــــــروسة‬ ‫«الثريّا» فـي حـمـاك‬ ‫فـانعـم وسُرَّ بـهـا مدى األعــــــــــوام‬ ‫َخ ْو ٌد محـاسنهـــــــــــــا محت شمس الض َّحى‬ ‫وكـمـالهـا أزرى ببـدر تـمــــــــــــام‬ ‫فـابشـر وقـل إذ قـد ظفرْ َ‬ ‫ت بحسنهــــــــا‬ ‫ّ‬ ‫والزمـانُ ُغالمـــــــــــي‬ ‫الـدّهـ ُر دهـري‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫زاهـــــــــــــــر‬ ‫س‬ ‫ُه ِّن ْئ ُتمـا بـزفـاف أن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يـا مـن بـدا بـهـمـا سعـيـد ختـامـــــي‪.‬‬ ‫ومن قصائدها أيضاً‪:‬‬ ‫زهور‬ ‫ثغور‬ ‫عـــــــــــــــن‬ ‫تبسم‬ ‫وض‬ ‫زهـور‬ ‫الرّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُمـــــــــــــــان‬ ‫زهت فحكت عقـو ًدا مـن ج‬ ‫ِ‬ ‫نداهــــــــــــــــا ُيبْهج األرواح رشفاً‬ ‫بـه مـاء الـحـيــــــــــــــاة لك ّل دان‬ ‫إذا هـبَّ ال ّنسـيـم عـلى ربـاهـــــــــــا‬ ‫ّ‬ ‫ت الـمعـاه ُد والـمغانــــــــــــــي‬ ‫تعطر ِ‬ ‫للاهّ‬ ‫روض أرانـــــــــــــــا‬ ‫رعـاه مـن‬ ‫ٍ‬ ‫مـن األغصـان قـامـات الـحســـــــــــان‬ ‫وحــــــــــــــــورً ا إن سفرْ َن وم ِْل َن‬ ‫سلـب َْن عقـول أربـاب الـمعـانـــــــــــي‬ ‫وقـد قـامت طـيــــــــــــور األنس تشدو‬ ‫بألـحـان َّ‬ ‫أرق مـن الـمـثـانــــــــــــي‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫هـنـا ج ّنات بش ٍر قـد تـــــــــــــــراءت‬ ‫لـذى األبصـار فـي شبـه الجنــــــــــان‬ ‫ْ‬ ‫ظفرت فأضحى‬ ‫بآل الفخر قــــــــــــــــد‬ ‫لهـم ذك ٌر يـدوم مع ّ‬ ‫الزمـــــــــــــــان‬ ‫وبـالـتـوفـيـق حـازت ك ّل مـجـــــــــــ ٍد‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وعزت فـادخلـوهـا بـاألمــــــــــــــان‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪32‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 4‬حزيران ‪2015/‬‬

‫مقامات‬

‫ّ‬ ‫لكل مقام مقال‬

‫تحت جدارّية لعماد م ّحوك‬ ‫أريدها أن تخ َلص هذه الحرب‪ ،‬كفاها‬ ‫كمحاول الفرار من هذه األكياس إ ّنما هو حبّات الشعير المشاغب ال‬ ‫ألرى أنّ ما يظهر‬ ‫ٍ‬ ‫رموش ّ‬ ‫ّ‬ ‫جثة‪ ،‬وأنّ قلمها األحمر دليل على السّعة الزائدة وليس رشح نزيف طويل‬ ‫شاش المبلّل بالجصّ ‪ ،‬ال يُع ّد لساق أو ذراع‪ ،‬بل جبير ًة ألغصان ال ّ‬ ‫وأرى هذا ال ّ‬ ‫شجر‬ ‫وأنّ هذه المروحيّات في السّماء ليست لزرع الموت‪ ،‬بل لرشّ الحقول بمبيدات الجراد‪،‬‬ ‫أو لتخ ّفف ضربة الشمس عن صخور تحرس التخوم‪..‬‬ ‫ألرى كيف تخرج البيوت من رمادها وتعلو كأ ّنما لتناطح الغيم في لعبة عناد وكيف‬ ‫تعود أصناف الفراشات النادرة ليعرف البحّ اثون أنّ األرض ال تلقي بألوانها على وجوه‬ ‫البشر فحسب‪ ،‬وتعود كذلك قطعان الماشية مليئة الضّرع من عشب الجبال‪ ،‬وكيف يعود‬ ‫المهاجرون بالقمصان نفسها وقد تركوها تنكوي تحت حصائر المنفى ويحملون الوالدات‬ ‫الجديدة كشتول‪..‬‬

‫بدنا حنكي‬

‫ال إكراه في الدين أّيها السادة!‬

‫يبدأ الجوالنيّ زعيم النصرة «قاعدة الجهاد»‬ ‫توجيه ا ّتهاماته جزافا ً إلى غيره من الطوائف‬ ‫واألقليّات ويصحّ ح بعضها ويحسن دخول‬ ‫البعض اآلخر‪ ،‬وينصّب نفسه حاكما ً متح ّكما ً‬ ‫في مصائر الدين بين طائفة خرجت عن دين‬ ‫هللا وعن اإلسالم وطائفة ص ّح رجوعها‪.‬‬ ‫ولم يخبرنا الجوالنيّ حكمه في المذاهب‬ ‫المتشعّبة من الطائفة األ ّم المتعدّدة المدارس‬ ‫والمذاهب‪ ،‬رغم انطالقها من نفس المصادر‬ ‫«ال��ق��رآن والحديث والقياس واإلج��م��اع»‬ ‫فالكثيرون يقولون‪ :‬إنّ هناك اختالف عقائديّ‬ ‫وفكريّ بين تلك التيّارات‪ ،‬أين االختالف يا‬ ‫سادة‪ ،‬إن كانت األرضيّة واحدة؟‬ ‫ما أريد أن أصل إليه‪ :‬كيف يعيّن شخص ما‬ ‫نفسه ناطقا ً وحاكما ً باسم هللا؟‬ ‫أيّ��ة حالة مرضيّة ه��ذه‪ ،‬أن يمتلك شخص‬ ‫ما ك ّل الحقيقة‪ ،‬وما يثبت تلك الحالة هي‬ ‫الردح المصطنع من المذيع الذي اعتمد فقط‬ ‫تصديق ما يقوله السيّد من أ ّنه تجوّ ل ورأى‬

‫قرى مسيحيّة‪ ،‬ولكن لم يخبرنا أ ّنها خلت من‬ ‫أصحابها إلاّ ممّا ندر‪.‬‬ ‫ولكنّ اإلعالن الرسميّ الذي وجّ ه للعلويّين‬ ‫حسب تعبير المذيع وأ ّكده الضيف العارف‪ ،‬إن‬ ‫تركوا النظام‪ ،‬فهم آمنون‪ ،‬ولكن التساؤل هل‬ ‫كانت قرى جبل الزاوية وريف إدلب وأبناؤها‬ ‫الذين وقفوا بوجه إجرام النظام‪ ،‬في ح ّل من‬ ‫هذا العهد؟ فلذلك جيّش أساطيله لتحريرها من‬ ‫أهلها الذين خرجوا بالعديد من التظاهرات‬ ‫رفضا ً لهم ورغم ذلك لم تكن مثار حديث أو‬ ‫جدل لدى الواثق المتبصّر‪.‬‬ ‫تكاثرت التحاليل وانجبت تفاصيل عن إعالنه‬ ‫االنفصال عن القاعدة ولكن أجهضها الحكيم‬ ‫بإعالنه تجديد البيعة والتجديد هنا ‪ %100‬ال‬ ‫كالحكومات العربيّة التي ُتبقي نسبة ضئيلة في‬ ‫الرفض مختبئة‪.‬‬ ‫َمن قال لك إ ّنك أصلح من الطائفة الدرزيّة‬ ‫التي تحاول أن تفرض فكرك عليها وترسل لها‬ ‫الدعاة؟ َمن قال لك أنّ هذه الطوائف تحترم من‬

‫يأتيها بالسيف أو بالمدفع‪ ،‬فإمّا أن يكونوا مثلك‬ ‫(أن يص ّح إسالمهم) أو هم أعداء ألنّ (دينهم‬ ‫غير صحيح)‪ ،‬حسب زعمك كيف يكون الدين‬ ‫الصحيح؟ إن لم يكن صاحبه متعمّقا ً مجاهداً‬ ‫متبحّ راً متن ّقالً بين أصقاع األرض‪ ،‬حامالً‬ ‫رمحه دون عقله كشخصك‪.‬‬ ‫كيف ُتعمِل عقليّة خرم الجمل في اإلبرة؟‬ ‫ألم تسمع الرسول الكريم عندما قال ال إكراه‬ ‫في الدين‪ ،‬أم تغاضيت عنها؟‬ ‫هل نسيت‪ ،‬أم تناسيت أنّ هللا هو الرحيم‬ ‫وهو {إِ َّن َما أَمْ ُرهُ إِ َذا أَ َرادَ َش ْي ًئا أَنْ َيقُو َل َل ُه ُكنْ‬ ‫َف َي ُكونُ }؟‬ ‫«ولو شاء هللا أن نكون متشابهين‪ ،‬لكوّ ننا‬ ‫متشابهين‪ ،‬لذلك ف��إنّ ازدراء االختالفات‬ ‫وفرض مفاهيمك على اآلخرين يعني عدم‬ ‫إجالل القانون اإللهيّ الذي أرساه هللا»‪.‬‬

‫زين كفا‬

‫أريدها أن تنتهي هذه الحرب‬ ‫ألشهد السنونو وقد عاد إليه بصره المقلوع من رعد القصف وهو يعجن القشّ بالوحل‬ ‫ليبني أعشاشه في سقوف كراجات االنطالق‬ ‫وأعرف أ ّنه لن يعاود الترحال إلى أرض الهند أو فارس أو خراسان من جديد‬ ‫ألرى السّاحة مثلما تعوّ دنا؛ صدر رحب وذراعان بك ّل عزمهما‬ ‫تدفعان ُكتل اإلسمنت عن أصابع أقدام الرّ قص‬ ‫وعن ورد تساقط من فرط اللّهفة من أكاليل الوداع‬ ‫وهكذا بال مخلّفات الموت وفوارغ الرّ صاص وريش العصافير‬ ‫ّ‬ ‫مرطبة برائحة الصّبح‬ ‫وخطوط الدّم المسحول على ظهرها‪،‬‬ ‫وقد أخذ ن َفسا ً عميقا ً ال يقطعه زنخ البارود‬ ‫وأرى سروات سور الحديقة وقد رفعت رأسها لتتناوق من جديد على المارّ ة‬ ‫وتربّت على أكتافهم كمرحى لهم‪ ،‬بال كلل‪ ،‬يتداولون فرج الرّ زق‪ ،‬ويلتقطون اللّقمة‬ ‫المغمّسة بالدم من أفواه السّباع‪.‬‬ ‫أريدها أن تنتهي‬ ‫لنعرف أنّ غداً هو أوّ ل أيّام العيد من األراجيح وقد نهضت على حيلها في صدور‬ ‫الحارات‬ ‫لنمسح عمّا تب ّقى من المرايا رمد االنتظار‬ ‫لاّ‬ ‫وندلك بورق الريحان‪ ،‬المحمود في حاالت التيبّس‪ ،‬رقابنا ال وية إلى الوراء‬ ‫أريدها أن تنتهي‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫والوجد‬ ‫ّوفيّ‬ ‫ألكتب في الحبّ‬ ‫وأشطب من قاموسي ك ّل الكلمات الّتي رادفتها الحرب‬ ‫وأكمل يوميّات كنت أحياها‪ ،‬وأنسى‬ ‫فقد صار عليّ الكثير من ال ّ‬ ‫شغل‬ ‫كأنْ أعيد ترتيب المكتبة‬ ‫ال بالحجم هذه المرّ ة‬ ‫بل حسب صنف الكتابة‬ ‫فأضع دواوين قصيدة النثر‪ ،‬نكاية بالخليل بن أحمد‪ ،‬على رفّ الشعر وأطعم الكتب التي‬ ‫أُهديتها قسراً‪ ،‬على روح الجاحظ‪ ،‬فئران القبو المحاصرة كأن‪ ،‬وقد صارت وهُدم‪ ،‬أجعل‬ ‫الجدار الشرقيّ من البيت بلّوراً خالصا ً‬ ‫أريد أن أمسك بال ّ‬ ‫شمس من أوّ لها‪.‬‬

‫سالم حلّوم‬

‫قرصان هواتف ن ّقالة‬

‫مخالفات «غوغل»‬

‫إذا ناولت «سيث وال» هاتفك الن ّقال‪ ،‬فإ ّنه يستطيع سرقة صورك وكلمات المرور الخاصّة‬ ‫بك بمجرد إمساك الهاتف بيده فقط‪.‬‬ ‫يع ّد «وال» واحداً من بين عدد متزايد من الناس ممن يقومون بزرع رقائق إلكترونيّة في‬ ‫أجسادهم‪.‬‬ ‫«وال» ضابط صفّ سابق في القوّ ة البحريّة األمريكيّة‪.‬‬

‫ا ّتهمت المفوضيّــة األوروبيّــة مجموعــة «غوغــل» األمريكيّة باســتغالل موقعهـا‬ ‫المهيمن في قطاع البحث على اإلنترنت‪ ،‬ففتحت تحقيقا ً ضدّها لتحديد ما إذا كانت تخالف‬ ‫قواعد المنافسة األورو ّبيّة بنظامها لتشغيل الهواتف المحمولة «أندرويد» لتشغيل الهواتف‬ ‫المحمولة‪ .‬وأعربت عن خشيتها «أن تكون المجموعة قامت بتغليب نظامها لمقارنة‬ ‫األسعار بدون عدل»‪.‬‬

‫«النظـام الســـوريّ يعتقــل الناس‬ ‫بأدب!‬ ‫ال يشتم وال يضرب وال يهين!»‪..‬‬ ‫مشــكلة «المعارض الســوري»‬ ‫أ ّنه ال يرى من الثورة سوى ذاته‪،‬‬ ‫تجربته الشخصيّة!‬ ‫ماذا عن تجــارب مالييـن الســوريّين الذين قتــلوا‬ ‫ّ‬ ‫وعذبــوا واقتـلعت أعينهـم وأظـافــرهم وح ّتى‬ ‫أحشــاؤهم؟‬ ‫ماذا عن الشعب السوريّ ؟‬ ‫كيف يمكن تعميم تجربة شخصيّة ونادرة واستثنائيّة‬ ‫على شعب بأكمله!؟‬

‫‪Dima Wannous‬‬

‫قياسي‬ ‫تحطيم رقم‬ ‫ّ‬

‫تستع ّد أوّ ل مركبة فضائيّة من اثنتين تابعتين لـ‪The‬‬ ‫‪) Planetary Society‬جمعيّة الدراسات الكوكبيّة)‬ ‫لالنطالق في أيّار ‪ .2015‬المهمّة هي رحلة تجريبيّة‬ ‫مصمّمة الختبار النظم الحيويّة للقمر الصناعيّ الصغير‬ ‫أو الـ ‪ .CubeSat‬وتعمل هذه المركبة على ألواح‬ ‫الطاقة الشمسيّة والتي تو ّفر طاقة ال يمكن أن تنضب‬ ‫في الفضاء‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫كائنات حّية جديدة‬ ‫أع���ل���ن���ت‬ ‫كليّة العلوم‬ ‫ال��ب��ي��ئ��يّ��ة‬ ‫وال��غ��اب��ات‬ ‫ال��ت��اب��ع��ة‬ ‫ل��ج��ام��ع��ة‬ ‫والي���������ة‬ ‫نيويورك‪،‬‬ ‫أ ّن������ه ت��� ّم‬ ‫اك��ت��ش��اف‬ ‫ن��ح��و ‪18‬‬ ‫ألف نوع جديد من الكائنات الحيّة خالل عام ‪2014‬‬ ‫لتضاف إلى مليونيّ نوع معروف بالفعل‪ ،‬فيما أصدرت‬ ‫قائمة تض ّم أه ّم عشرة أنواع رئيسيّة جديدة تبرز مدى‬ ‫تنوّ ع الحياة على وجه األرض‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬ ‫ّ‬ ‫بشار فستق ‪ -‬غزوان قرنفل‬ ‫ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫أعلى درجات حرارة التاريخ‬

‫يشهد مهرجان كان السينمائيّ الدوليّ عرض فيلم وثائقيّ‬ ‫جديد يتناول حياة آيمي واينهاوس‪ ،‬المغ ّنية الموهوبة التي‬ ‫عاشت حياة مضطربة‪ .‬ويكشف أشياء جديدة عن حياة‬ ‫المغ ّنية الراحلة؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يقدّم الفيلم عرضا متعاطفا لحياة المغ ّنية وكاتبة األغاني‬ ‫البريطانيّة المعروفة‪ ،‬التي تو ّفيت عام ‪ ،2011‬ولم تكن‬ ‫قد تجاوزت بعد ‪ 27‬عاماً‪.‬‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫ســجن تدمـر لصاحبـه الوحيــد‬ ‫آل أســد‪ ،‬لم يشــهد التاريــخ له‬ ‫مثيــالً ليته ّنى كـ ّل من وقــف ودعم‬ ‫وصمـت على هذه العصابة لعقود‬ ‫من حكمها‬ ‫د ـ أحمد موفق زيدان‬ ‫ب ّ‬ ‫شــار األســد هدم المســجد األمــويّ بحــلب ومئــات‬ ‫ّ‬ ‫المســـاجد غيـره ولم نســـمع األزهـر تكـلم بكلمـة‪.‬‬ ‫فقـط ثار األزهر غيرة على «آثار» تدمر‬ ‫أرفلون‬ ‫لبنانيّ قضى ‪ 13‬عاما ً بسجون‬ ‫األسد‪ ،‬وصاحب كتاب «العائد من‬ ‫جهّنم» ي��روي شهادته عن سجن‬ ‫تدمر‪.‬‬ ‫ويعلّق أحدهم على الفيديو (‪ 8‬دقائق)‬ ‫بالقول‪ :‬أصالً «داعش» الصهيونيّ والصفويّ يده بيد‬ ‫ب ّ‬ ‫شار‪ ،‬يا أوسخ من خلق ربّي تفوووووه عليكم وعلى‬ ‫ّ‬ ‫شرفكم وعلى «داعش» وعلى بشار وكل من يواليهم‪،‬‬ ‫لعنة هللا عليكم أجمعيـن‪..‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=6RRGxBJKpf4‬‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.