سياسية ثقافية نصف شهرية العدد - 18 -السنة األوىل
/12تشرين الثاني2014 /
حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة ،حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ ين س��ور ّي جامع، يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة . 12صفحة
السوريّون ورايات املوت امللوّنة باألصفر واألسود؟.
يف ظ ّل االنهيار السور ّي الشامل هل ستسقط حلب؟؟ العـرب يف فرنســا ..اإلســــالموفوبيا من جديــد
newspaper.allsyrians.org
الشرق الجديد... استبدال الصراعات ال يجد راسمو السياسة الدوليّة وذوو المصالح االستراتيجيّة في منطقة الشرق األوسط صعوبة كبيرة في تقليب هذه المنطقة على نار الصراعات التي تحفر عميقا ً في بنيتها االجتماعيّة والدينيّة واالقتصاديّة ،إذ تحفل هذه المنطقة بالعديد من صواعق التفجير المتموضعة في صدوع بنيتها وما إن يوشك فتيل أحد هذه الصواعق على االنطفاء ح ّتى يت ّم اشعال فتيل آخر. لعلّه من المحظور االقتراب من الخطوط الحُمر في هذه المنطقة ولعلّه أيضا ً من المحظور أن يعمل أبناؤها ومث ّقفوها وسياسيّوها على نزع هذه المفجّ رات من بنية مجتمعاتهم ،ولع ّل أكثر هذه الخطوط الحُمر خطورة هو العمل على انجاز الدولة الوطنيّة العلمانيّة القادرة على إعادة صياغة الهويّة الجديدة لهذه المجتمعات إذ أنّ من شأن أيّة هويّة كبرى أن تذيب الهويّات الصُغرى وهذا من شأنه أن يُبطل عمل الكثير من هذه المفجّ رات. قبل أيّام وألوّ ل مرّ ة في تاريخ سوريّة الحديث ت ّم إحياء ذكرى عاشوراء في قلب دمشق بمباركة من «النظام «الذي اختصر الوطن بكرسيّ السلطة وترك ما تبقى منه لإليرانيين ،ال يمكن تفسير هذا االحتفال بأ ّنه طقس دينيّ عابر ال بل من السذاجة اعتقاد ذلك ،إ ّنه باختصار تأكيد على أنّ الفتيل الذي يت ّم اشعاله في المنطقة اآلن هو فتيل الصراع «الس ّنيّ الشيعيّ «وما هذا االحتفال إلاّ رفع راية هذا الصراع عالياً. ما بين «داعش» والنصرة وأخواتهما وحزب هللا والحوثيّين وغيرهما يط ّل «علي» و»معاوية» من جديد ليبعثا الروح في صراع يزيد عمره على أربعة عشر قرنا ً وتط ّل إيران والسعوديّة ومثيالتهما كعوائق أساسيّة في وجه قيام الدولة الوطنيّة الحديثة.
كلّنا سوريون -عدسة عبد إدلب
تحقيقات العدد
السوري الوطني االئتالف ّ ّ الدور والوظيفة
-عند احلروب ال تقام احلدود
ص6
-اإلسالموفوبيا ..إىل الواجهة جم ّدداً
ص6
-اهلروب من اجملازر سرياً على األقدام
ص7
-الجئون سوريّون يف بيوت ال تصلح للسكن
ص7
وجهان لجريمة واحدة
ص4
ومنذ قيام ال��ث��ورة التي ُخطفت بالمال السياسي ،وال��ذي ساندته ال��دول اإلسالم ّية ّ خوفا ً من تمدّده إليها ،أو تصفية لحسابات بين القوى المحل ّية واإلقليم ّية والدول ّية المتصارعة لذلك ساهمت اإلسالمي). بتحويله إلى (الربيع ّ باسل العبد اهلل
التوريث العقائدي ّ
ص9
ي���ورث���ون أب��ن��اءه��م إ ّن���ه���م ّ شخص ّياتهم وأذواقهم وأساليب وطرق حياتهم ،وللوهلة األولى، يبدو هذا التوريث وكأ ّنه مقتصر على العائالت المحافظة والمحكومة والمتمسكة بها ،أي ضمن نطاق بالعادات والتقاليد االجتماع ّية، ّ العائالت الرافضة لالختالف في التفاصيل الصغيرة والكبيرةريم احلاج
التفكير في زمن التكفير لنقد ذهنّية التحريم
ص 10
ري��ن��ي��ه دي���ك���ارت ،الفيلسوف الفرنسي عندما انطلق من (أنا أف ّكر ّ القروسطي الكنسي إذن أنا موجود) كان يعلن القطيعة مع الموروث ّ ّ متحرراً ومحرراً العقل األور ّب ّي وبداية مغامرة جديدة للعقل األور ّب ّي ّ ّ التطور من أه ّم عقبة كانت تمنع عنه ّ عبدو نيب
رايتان مع ّتقتان بالدم ،مغلّفتان بالمق ّدس ،مدعومتان بالتعصّب األعمى ،ترتفعان اآلن في سماء هذا الشرق المق ّدس وربّما الملعون ،رايتان تنغمسان عميقا ً في بنية هذا المجتمع وترتفعان عاليا ً وتحت ظلّهما الكثيف والمع ّتم تختفي ك ّل الرايات الصغيرة الباحثة عن صيغة أخرى للعيش وبناء الدولة الحديثة ،باختصار هناك مق ّدس يحجب عن شعوب هذه المنطقة صيغة الدولة العصريّة دولة القانون والمواطنة والحقوق.
لم يمت هذا الصراع منذ نشوبه ،ضعُف في فترات ما ،لك ّنه بقي ص2 ح ّياً ،وفي هذه المرحلة يصل الى أوجه ،ففي ك ّل المراحل السابقة إنّ االئتالف يشعر بالخذالن من مواقف لم يستنفذ هذا الصراع إمكانات االنتقال إلى الصيغ األخرى ،لك ّنه وحضت على إنشائه، الدول التي ساعدت ،بل ّ اآلن يُغلق الباب أمام هذا الحلم لفترة طويلة أل ّنه سيطال هذه والسياسي واالعتراف المادي فكل ّ وعود الدعم ّ ّ ّ معززة بفائض من المرّ ة الخريطة الجغرافيّة للمنطقة ،خريطة السوري قد ّ تبخرت القانوني به ك ّممثل للشعب ّ ّ الحقد والدم والثارات ،ستدخل المنطقة قرنا ً قادما ً في صراع جديد تغول النظام والقوى الداعمة له .إنّ المعارضة السور ّية وترك ظهره مكشوفا ً أمام ّ وسنرمي وراء ظهورنا صراعنا مع إسرائيل الذي استنفذ عبر قدّ مت أداء هزيالً وكشفت عورات الكثير من رموزها عبر التخ ّبط في المواقف قرن كامل قدرته على تحفيز مكامن العنف والحروب. ووسائل التعبير عنها باإلضافة لصراعاتها الشخص ّية الصبيان ّية. غزوان قرنفل في هذا الصراع الجديد لن ُتنزع الفتائل األخ��رى ستظ ّل حاضرة في اللوحة إلى أن يحين وقت استعمالها ،لن يُح ّل مصير مسيحّيو سورية وسؤال الشعب الكرديّ وستدخل قضيّة الشعب الفلسطينيّ حيّز اإلهمال المستقبلي 2/1 الدور ّ قرنا ً جديداً ،لكنّ هذين الفتيلين سيبقيان جاهزين لالستعمال عندما 5 ص تت ّم الحاجة لهما ،وستجد األقلّيّات – ربما أكثر من األكثرية -في إ ّنني مقتنع أنّ الشـروع بتقصي مالمح الدور هذه المنطقة نفسها أمام أسئلة ت ّم تناسيها لزمن طويل عندما حاولت المســتقبلي يجب أن يبدأ من تفكيك المخيال ّ أن تذوب في هويّة كبرى ،لك ّنها تجد نفسها اآلن أمام سؤال صادم الفكري للمســيح ّيين الســور ّيين عن حياتهم ّ عن هويّتها وصيغة وجودها. البعثي والحكم ووضعهم العا ّم في ظل ّ النظام ّ ثمّة وجه آخر لهذا الصراع الجديد ،وهو أنّ دول متع ّددة تساهم األســدي خالل األربعين ســنة الماضيـة. ّ ّ مكونات ما يجب في اشعاله وهي تظنّ أنها قد تكون في منأى عن تداعيات تفجيره، تفكيك هذا المخيال شرط ضروري ،بل والزم ،كي ندرك بعض ّ ّ السوري من الوقوع فيه حين سيبدأ بلعب دور في لك ّنها ستكون في قلبه ،وما ّ يؤخر وصوله إلى هذه الدولة أو تلك أن ُن ِّ المسيحي حذر الشارع ّ ّ جنيب جورج عوض هو معيار وحيد يمكن تلخيصه بمدى نسيان مجتمعاتها لهاتين المستقبل. ً الرايتين ،وفي هذا المعيار تبدو تركيا في وضع أفضل قليال فقد أكسبتها علمانيّتها قدرة أكثر على الصمود لك ّنها تفقدها شيئا ً فشيئا ً عــود على منذ أن استلم حزب العدالة والتنمية وراح يتطلّع إلى رفع إحدى بــدء الرايتين. ص3 ينطلق الباحثون عن بديل من واقع العجز الذي يتح ّكم في أكبر هيئة سور ّية معارضة ،ناسين – أو متناسين -أنّ تكرار التجارب نفسها ،باآلل ّيات نفسها ،سيؤدّي إلى النتائج الفاشلة ذاتها ،ولعل ّ هذه الحقيقة ،هي الوحيدة الثابتة طوال السنوات األربع الماضية من عمر سورية. طائفي، إثني- مناطقي- بالتوازي ،يت ّم على التوالي ،عقد مؤتمرات ذات طابع ّ ّ ّ السورية .وهذه المؤتمرات إضافة إلى عدم جدّ يتها المكونات والمجموعات ّ ّ لكل ّ أو فاعليتها ،فإ ّنها تعمل وفق نموذج المحاصصة ،وبحضور أسماء وشخص ّيات ال الحقيقي لهذه المناطق أو اإلثن ّيات أو الطوائف. تعكس التمثيل ّ حممّد اجلرف
إذا لم ن ّتجه إلى الدولة العلمانيّة الصريحة ،وإذا لم تخرج الدولة نر في اآلخرين إلاّ من عباءة المق ّدس واإليديولوجيا ،وإذا لم َ اصطفافا ً تحت إحدى الرايتين ،فلن يكون لنا دولة ولن يكون لنا إلاّ عقوداً أخرى من الحروب والدم ،باختصار نحن مطالبون بإنجاز الدولة القابلة للحياة ،الدولة التي يعيش أبناؤها كلّهم دون استثناء بال أيّ تمييز مهما يكن.
هل سي ّتحد السوريّون تحت راية سوريّة ،أم سينقسمون تحت رايات الموت الملوّ نة باألصفر واألسود؟؟ .يُجبر السوريّون بك ّل أساليب الترهيب والترغيب على االنضواء تحت إحدى الرايتين، لك ّنه ما من خيار أمامهم إلاّ أن يديروا ظهرهم إلى األسود واألصفر مرّ ة واحدة وإلى األبد. ب ّسام يوسف
2
العدد 18
/12تشرين الثاني 2014/
سقوط حلب في ّ ظل االنهيار السوري الشامل ّ
مع التصريحات األخ��ي��رة للعديد من الجهات الدوليّة ،عن سقوط مدينة حلب ،بدءاً من تصريحات الوزير الفرنسيّ ،وصوالً إلى تصريحات المسؤولين األتراك والمبعوث الدوليّ ،تت ّم اإلشارة إلى توجّ ه مسار الكوارث السوريّة ،نحو أكبر التجمّعات الس ّكانيّة ،حامالً معه الخوف من كارثة ،قد تكون األفظع واألبشع ،في مسلسل الدمار المتواصل؛ فما هي المؤ ّ شرات ال ّدالة على اقتراب وقوع هذه الكارثة؟ وماهي األسباب الدافعة للتركيز على حلب دون سواها؟ إنّ ما تتعرّ ض له معظم المناطق السوريّة ،ومن ضمنها الواقعة في محافظة حلب من عمليّات قتل وتدمير وتشريد ،دون أيّ تمييز بين منطقة وأخرى، يدفع لالعتقاد ،بأنّ تلك التحذيرات ليست أكثر من حملة سياسيّة وإعالميّة ،مرافقة للتطوّ رات الجارية على األرض ،في عين العرب (كوباني) ،وفي حندرات، وح ّتى في إدلب .لكنّ وبغضّ النظر عن ذلك ،فإنّ الوقائع ربّما تشير إلى المزيد من التعقيدات ،فمحافظة حلب التي تستمرّ معارك السيطرة عليها من الجميع، لما يقرب من عامين ،تظهر وكأ ّنها أرض المعركة الرئيسيّة ،التي قد تح ّدد الجهة األقوى في المعادلة
السوريّة ،فيما ُتنذر نتائج تلك المعركة ،بكوارث أوسع ،فالمحافظة التي ش ّكلت التجمّع الس ّكاني األكبر، دون وجود أيّة تمايزات تذكر بين مكوّ ناتها االجتماعيّة المتع ّددة ،والتي تعرّ ضت ألكبر عمليّات تهجير طالت العديد من األُسر ،باتجاه تركيا ،أو الالذقيّة ،هربا ً من المالحقات ،أو خوفا ً من الموت ،تعرّ ضت الصطفافات جديدة بين أبنائها القابعين تحت سطوة السالح ،وفقا ً ّ لتوزع القوى العسكريّة على أرضها ،كمناطق نظام أو معارضة مسلّحة أو تنظيم «داعش» أو لجان الحماية الكرديّة .ممّا دفع إلى إطالق تحذيرات دوليّة ،من قيام عمليات تدمير وتهجير ،يمكن أن تكون شاملة، تطال معظم القاطنين في مناطق سيطرة المعارضة والنظام واألكراد معاً ،وألكثر من مليون شخص ،في غضون أيّام قليلة ،مع احتماالت توجّ ه تنظيم «داعش» للسيطرة على كامل المحافظة بعد معارك عين العرب (كوباني) ،أو لتطال القسم األكبر منهم ،مع محاوالت النظام إحكام حصاره على المدينة ،معتمداً وبشكل رئيسيّ ،على الميليشيات الشيعيّة القادمة من خارج البالد. تلك التحذيرات ،قد ال ّ تمثل سوى صيحات في
السوري الوطني االئتالف ّ ّ الدور والوظيفة
التحذيرات ،قد ال متثّل سوى صيحات يف اهلواء، يف ظ ّل االنهيار السور ّي الشامل ،ويف ظ ّل ما تتع ّرض له البالد ألكرب عمليّة إرهابيّة.
الهواء ،في ظ ّل االنهيار السوريّ الشامل ،وفي ظ ّل ما تتعرّ ض له البالد ألكبر عمليّة إرهابيّة ،عرفتها التجمّعات البشريّة في العصر الحديث ،فالنظام الذي ال يتو ّقف عن إلقاء براميل التدمير والموت ،فوق رؤوس المدنيّين بشكل عشوائيّ ،وغرباء الجهاد اإلسالميّ المستمرّ ين بتد ّفقهم نحو الداخل ،والمعتمدين على ّ بث الرعب في نفوس السوريّين ،عبر قطع الرؤوس والرجم والسحل ،لنشر سيطرتهم على أوسع بقعة جغرافيّة ممكنة ،والميلشيات الشيعيّة التي يجري استقدامها من ك ّل بقاع األرض ،بحجّ ة الدفاع عن المق ّدسات و(الثأر لدم الحسين) ،والذين ال يتورّ عون عن االنتقام من أتباع الس ّنة السوريّين ح ّتى بتقطيع أطفالهم ،ال يجعل من سورية إلاّ ساحة مفتوحة لإلرهاب المستمرّ ،وال يجعل من شعبها سوى لقمة سائغة أمام تلك القوى اإلرهابيّة ،األمر الذي يتطلّب توجّ ها دول ّيا ً حازما ً في ّ المتمثلة في صورة التص ّدي لتلك الكوارث المتالحقة، الدم المستباح ،واألسقف المدمّرة فوق رؤوس البشر، وفي مشهد جموع السوريّين الهاربين نحو العراء والمخيّمات ،والمشرّ دين في مدن الجوار ،والمغامرين بالموت غرقا ً على متن قوارب التهريب. م��ن ه��ذه ال��م��ؤ ّ ش��رات ،ل��م يعد كما ي��ب��دو ،أم��ام السوريّين بقواهم الحيّة ،كجيش حرّ وكسياسيّين وكتجمّعات مدنيّة ،اإلمكانيّة للتق ّدم في طريق الخروج من الحالة المستعصية ،أو المقدرة على تقديم أيّة حلول مناسبة ،مهما كان حجم الدعم المق ّدم لهم، ومهما كانت الوعود المتعلّقة بإنشاء قوّ ة معارضة مسلّحة معتدلة بديلة ،ومهما قُ ّدم من مبادرات من قبل الجهات المحلّيّة واإلقليميّة والدوليّة ،نتيجة لك ّل ذلك االنتشار العسكريّ الهائل ،من قوى النظام بقوّ اته المسلّحة ومخابراته ولجانه الشعبيّة المدافعة عنه ،ومن التشكيالت المعارضة المسلّحة المتباينة وفقا ً لمصادر تمويلها ،ومن عشرات األلوف من الوافدين المتزايدين بش ّقيهم لتنفيذ مشاريع الطائفيّة الس ّنيّة والشيعيّة، ونتيجة لك ّل تلك التجاذبات اإلقليميّة والدوليّة الهادفة
لقد كان الملتقى حقيقة فرصة جيّدة للمكاشفة مع المشاركين فيه من الداخل والخارج ،سعى من خالله االئتالف للقول صراحة أ ّنه مأزوم وهو يضع المشاركين أمام استحقاقاتهم الوطنيّة الجتراح سُبل وحلول ،ربّما تساعد على تفكيك عناصر األزمة البنيويّة الداخليّة له من جهة ،ومحاولة لخلق فضاء تواصل ج ّديّ مع القوى الفاعلة على األرض توكيداً أو تعزيزاً لشرعيّته لديها من خالل إشراكه لها في ّ التأزم من جهة أخرى. صياغة رؤى وحلول لهذا
newspaper@allsyrians.org
لتحقيق مصالحها المتضاربة ،في تلك المنطقة التي فقدت سيادتها الوطنيّة ،األمر الذي يتطلّب التحذير من الكارثة المحدقة بك ّل السوريّين ،من عمليّات اإلرهاب المتنوّ عة التي تطال تجمّعاتهم السكنيّة ،بالبراميل ّ والمفخخات ،وبالقنص والذبح والتعذيب ح ّتى والقذائف الموت ،واألمر الذي يوجب البحث عن مخارج مختلفة عن الحلول المطروحة ،وربّما باالستفادة من التجارب العالميّة في القضاء على اإلرهاب ،الذي يمسّ المجتمع كحالة أساسيّة ،بغضّ النظر عن كونه خطراً دول ّيا ً كحالة ثانويّة ،فالمجتمع األفغانيّ الذي وقع يوما ً تحت سيطرة اإلسالم المتطرّ ف ،والذي يمكن اعتباره مولّداً أساس ّيا ً له ،لم يتعرّ ض لذلك الحجم من اإلرهاب الذي يتعرّ ض له المجتمع السوريّ ،ولم يبدأ بالخروج من تلك السيطرة إلاّ بدخول قوّ ة دوليّة ،ح ّققت له نتائج ملموسة على طريق بناء الدولة المدنيّة ،بنا ًء ال يمكن ّ التدخل إلى أن يكون مستقرّ اً ،بدون استمراريّة ذلك الح ّد الذي يفترض ذلك ،ال كما جرى في العراق ،من انسحاب مب ّكر ،قبل الوصول إلى تلك الدولة. ما يجري في سورية اليوم ،من ّ تدخل دوليّ مباشر، ّ ممثالً بالضربات الجوّ يّة للتحالف األمميّ ،على مواقع تنظيم «داعش» اإلرهابيّ ،لم ولن يح ّقق أيّ قضاء على سيطرة ذلك التنظيم ،مالم يترافق -كما تدلّل الوقائع -بدخول قوّ ة دوليّة ،قادرة على إخراج ك ّل الغرباء ،وعلى سحب األسلحة ،من ك ّل السوريّين، نظاما ً وتنظيمات مختلفة ،وبناء قوّ ات محلّيّة محايدة، لحماية ك ّل أبناء الوطن ،كشرط أساسيّ إلنجاح قيام إدارة محلّيّة مدنيّة ،مهما امت ّد الزمن ،ق��وّ ة دوليّة بعيدة عن ك ّل مجريات الصراع القائم على األرض السوريّة ،قادرة على إعادة السوريّين إلى بيوتهم، وعلى إيقاف االقتتال القائم لفرض مشاريع طائفيّة، بدالً من أن تبقى سورية ساحة معارك لآلخرين ،ومن أن يتحوّ ل السوريّون إلى الجئين ومشرّ دين وطعاما ً ألسماك البحار ،أو أن يتحوّ ل من بقيّ منهم في بالده لؤي حاج بكري إلى رهائن ودروع بشريّة.
ّ الشك أ ّن التعاجز الدول ّي يف هذا السياق أسهم كثرياً يف خلق التص ّدعات وأجواء الريبة والصراعات
ّ متأخراً ج ّداً الحديث الب ّد أن يكون ع��ن االئ��ت�لاف ال��وط��ن��يّ ال��س��وريّ المعارض من زاوية توصيف الدور والوظيفة بعد سنتين من تأسيسه ،ذلك أ ّننا نفترض بداهة ،أنّ ه��ذا الكيان الفضفاض للمعارضة السوريّة قد ح ّدد بالضرورة قبيل إنشائه مالمح الدور المنوط به وح��دود الوظيفة السياسيّة التي يتعيّن عليه أن يمارسها للتعبير، عن تطلّعات الشعب السوريّ الباحث عن االنعتاق من سلطة االستبداد وبناء دولته الوطنيّة الديمقراطيّة. لكن ورغ��م سنتين على ال��والدة م��ازال يشعر بالدوار والتخبّط أمام ك � ّل ح��ال يطرأ على مسار الثورة، فهذا يعني أ ّنه حقيقة ال يملك خريطة طريق لعمله ،أو أ ّنه يملكها لك ّنه يعجز عن توفير أدوات الفعل التي تم ّكنه من العمل بهديها وإنفاذها .وهذا تحديداً ما التمسته شخص ّيا ً خالل مشاركتي في ملتقى الداخل ّ مؤخراً في غازي عنتاب في السوريّ الثاني الذي عُقد محاولة لتلمّس مواطن الفشل في بناء جسور تواصل حقيقيّة وفاعلة مع الداخل الثائر من جهة ،وفي إدارة الكيان نفسه ومفرزاته وأدواته التنفيذيّة من جهة أخر ى.
قراءة سياسية
ما دفع الكثير ممّن حملوا السالح دفاعا ً عن كراماتهم المنتهكة لالنضواء تحت هذه الراية أو تلك بحثا ً عن حماية أو دور أو ح ّتى لقمة عيش.
وعلى مدى يومين من العمل تب ّدت للمشاركين بعض ّ التأزم والتي يمكن تلخيصها بالتالي: مالمح ذلك -1إنّ االئتالف يشعر بالخذالن من مواقف الدول التي ساعدت ،بل وحضّت على إنشائه ،فك ّل وعود الدعم الماديّ والسياسيّ واالعتراف القانونيّ به كمّمثل للشعب السوريّ قد ّ تبخرت وترك ظهره مكشوفا ً أمام تغوّ ل النظام والقوى الداعمة له. -2إنّ المعارضة السوريّة ق ّدمت أداء هزيالً وكشفت عورات الكثير من رموزها عبر التخبّط في المواقف ووسائل التعبير عنها باإلضافة لصراعاتها الشخصيّة الصبيانيّة ترتق ق� ّ �ط لمستوى دم��اء السوريّين وه��ي لم ِ وتضحياتهم. -3تص ّدي االئتالف للكثير من القضايا الداخليّة
التفصيليّة التي لم يكن أصلاً قادراً على التص ّدي لها وتحمّل مسؤوليّاتها وأعبائها ونسي أ ّنه محض عنوان سياسيّ للسوريّين يتعيّن عليه تقديم أداء سياسيّ محض يق ّدم من خالله للعالم رؤيته ومشروعه لبناء وطن لك ّل السوريّين دون االنجرار وراء الخطاب الشعبويّ الذي ال يستقرّ على مستقر ،ودون تحمّل أعباء تنوء عن حملها دول لها مواردها ومؤسّساتها في أوضاع مماثلة ،فاإلغاثة والخدمات ورعاية االحتياجات الماديّة المختلفة للسوريّين ليست من صميم دوره ومهامه ،ما أظهره عاريا ً وعاجزاً وفاشالً على هذا الصعيد. -4الفشل في بناء نواة جيش وطنيّ سوريّ يكون حامالً للمشروع الوطنيّ في الداخل بعيداً عن تجاذبات الساسة والداعمين. ك أنّ التعاجز الدوليّ في هذا السياق أسهم والش ّ كثيراً في خلق التص ّدعات وأجواء الريبة والصراعات،
إنّ الفشل في بناء آليات عمل حقيقيّة وواضحة مع الحكومة المؤ ّقتة والتي يُفترض أ ّنها األداة التنفيذيّة للسياسات العامّة لالئتالف وصراع القوى واألدوار ف��ي ه��ذه ال��ع�لاق��ة جعل م��ن االئ��ت�لاف والحكومة قوتين متناطحتين على األدوار وحدود المسؤوليّات ،يستأسد ك ّل طرف فيها مع األسف بقوى إقليميّة ودوليّة تدعم مواقفه وسياساته متشاغلين فيها عن ساحة الصراع الحقيقيّ وعن الخصم فيها ،فيما مواز يستق ّل تقف وحدة تنسيق الدعم ككيان ٍ بفعله وسياساته وتمويله عنهما وينأى بنفسه عن صراعاتهما توكيداً الستقالليّة اجترّ تها من قوى دوليّة فرضتها ربّما لتؤ ّدي ذات الوظيفة التي كانت تؤ ّديها الشركة العالميّة لقناة السويس في مصر قبيل تأميمها عام .1956 في ظ ّل حقل األلغام هذا خلص المؤتمرون إلى جملة من التوصيات والمقترحات حاولوا من خاللها تفكيك عناصر التشابك وصياغة آليّات عمل ربّما يكون ّ التأزم ،لك ّنها لها دور في ح ّل بعض صور وأشكال بالقطع لم تجد حلاّ لمشكلة ارتهان القرار ،فالمسألة السوريّة لم تعد أصالً بيد السوريّين وحدهم بل صارت رهينة صراع القوى والمصالح اإلقليميّة والدوليّة على األرض السوريّة ،وصارت القوى واألدوات السوريّة السياسيّة منها والعسكريّة محض أدوات إلنفاذ ّ ويمثل القتال واالقتتال فيها فقط سياسات غير سوريّة، شكالً داميا ً لهذا الصراع ،وتلك على ما يبدو هي حدود الدور والوظيفة المناطة باالئتالف.
غزوان قرنفل
www.allsyrians.org
قراءة سياسية
العدد 18
عود على بدء
بعد انتهاء احلرب العامليّة األوىل ،ق ّرر احللفاء عقد مؤمتر للصلح يف قصر فرساي يف ضواحي باريس
ُ تكثر في هذه اآلونة ال ّدعوات التي يقوم بها سياسيّون سوريّون كبار (ولكن ثبت فشلهم) إلنشاء كيان سياسيّ معارض بديل عن االئتالف الوطنيّ لقوى ّ الثورة والمعارضة السّورية ،والذي فشل أيضا ً أمام االستحقاقات الكبرى التي مرّ ت بها البالد. ينطلق الباحثون عن بديل من واقع العجز الذي يتح ّكم في أكبر هيئة سوريّة معارضة، ناسين – أو متناسين -أنّ تكرار التجارب نفسها ،باآلليّات نفسها ،سيؤ ّدي إلى النتائج الفاشلة ذاتها ،ولع ّل هذه الحقيقة ،هي الوحيدة الثابتة طوال السنوات األربع الماضية من عمر سورية. ب��ال��ت��وازي ،يت ّم على التوالي ،عقد مؤتمرات ذات طابع مناطقيّ -إثنيّ -طائفيّ ،لك ّل المكوّ نات والمجموعات السّورية .وه��ذه المؤتمرات إضافة إلى عدم ج ّديتها أو فاعليتها ،فإ ّنها تعمل وفق نموذج المحاصصة ،وبحضور أسماء وشخصيّات ال تعكس التمثيل الحقيقيّ لهذه المناطق أو اإلثنيّات أو الطوائف. ما الحل إذن؟ دعونا نعود قليالً إلى ال��وراء ،لبدايات القرن الماضي ،وبالتحديد إلى عام 1918الذي شهد انفصال سورية الطبيعيّة عن ال ُّترك ،وشهد في الوقت نفسه أزمة سياسيّة كبيرة بسبب الفراغ الذي خلّفه غياب السّلطة. بعد انتهاء الحرب العالميّة األولى ،قرّ ر الحلفاء عقد مؤتمر للصلح في قصر فرساي في ضواحي باريس ،وقد كلّف ال ّ شريف حسين ابنه فيص َل بال ّتوجه إلى باريس بال ّنيابة عنه لحضور جلسات مؤتمر الصّلح العام باعتباره (أي ال ّ شريف حسين) أحد الحلفاء ،فغادر فيصل دمشق في 22تشرين الثاني ،1918وأناب عنه في سورية أخاه األمير زيد. بعد أخذ ور ّد ،وبعد توسّطٍ من لورنس العرب، سُمح لفيصل بحضور مؤتمر الصلح في باريس، وألقى كلمة – ترجمها لورنس -أ ّكد فيها على ّ حق
/12تشرين الثاني 2014/
عن سورية.
الشعوب العربيّة باالستقالل ،مُذ ّكراً ب ُنقط ويلسن األربع عشر ،ومُقترحا ً على مؤتمر الصلح تعيين لجنة تحقيق تزور سورية وفلسطين للتأ ّكد من رغبة س ّكان البالد في تقرير مصيرهم .وفعالً ،عيّن المؤتمر لجنة كينغ - كرين األمريكيّة. عند عودته إلى سورية ،أطلع فيصل وزرائ��ه ومستشاريه على ق��رارات مؤتمر الصلح ،فاقترح «حزب االستقالل العربيّ » دعوة مؤتمر عا ّم ُتدعى إليه البالد كلّها (سورية ،ولبنان ،وفلسطين) تكون مهمّته تهيئة البالد الستقبال لجنة كينغ -غرين ،وتقديم رؤية سوريّة واضحة لها .وفعالً ،أرسلت المناطق واألقضية ّ ممثليها الذين حضر منهم 69مندوبا ً من أصل 85الجلسة االفتتاحيّة في دمشق أواخر حزيران .1919وانتهت الجلسة االفتتاحيّة (الدورة األولى) بع ّدة مطالب أبرزها االعتراف باستقالل سورية (وفلسطين ضمنها) ،وباستقالل لبنان بحكم ذاتيّ تابع لسورية ،وتنصيب فيصل ملكا ً على سورية ،ورفض االنتداب السياسيّ . عادت لجنة كينغ -كرين بتقريرها الذي أشار إلى موافقة %75من الشعب السوريّ على توصيات المؤتمر العا ّم .طبعا ً بقيّة األحداث معروفة بالنسبة ألغلب السوريّين ،إذ نقضت فرنسا وبريطانيا تقرير اللجنة األمريكيّة ،وانتهى األمر بإنذار غورو ث ّم ُ طرد فيصل وفُرض االنتداب الفرنسيّ بعد فصل فلسطين
ما يهمّنا هو أنّ المؤتمر السوريّ ،على مدى دوراته ّ الثالث ،1920 - 1919كان ّ «ممثالً سياس ّيا ً ودستور ّيا ً للسوريّين في سورية الطبيعيّة .وعبّر في إطار هذا التمثيل عن ال ّتغيرات االجتماعيّة-السّياسيّة الجارية، فتش ّكلت في إطاره كتل أو أحزاب برلمانيّة ُتص ّنف مدرس ّيا ً بأ ّنها «داخليّة المنشأ»، أي أ ّنها نشأت في إطار ديناميّات البرلمان الداخليّة ،لك ّنها كانت مرتبطة أش ّد االرتباط بالحركات االجتماعيّة-السياسيّة الفاعلة، التي هي بال ّتعريف «خارجيّة المنشأ» .وقد استوعب الدستور السوريّ األوّ ل ،كما صمّمه اآلباء الدستوريّون السوريّون الكبار للحركة العربيّة الحديثة ،هذه ال ّتغيرات ،وعبّر بشكل نموذجيّ عن المفاهيم واألفكار القانونيّة الدستوريّة للحركة العربيّة، وش ّكلت م��داوالت المؤتمر حول م��وا ّده اإلشكاليّة، مثل العالقة بين ال ّدين وال � ّدول��ة ،وقضية المرأة، والمواطنة والهُويّة ،والعالقة بين النمط القوميّ للدولة ً وثيقة مُب ّكرة واستباقيّة، والالمركزيّة اإلداريّة ..إلخ، عن بنية قضايا الخالف الالحقة التي ستظهر في الحياة الدستوريّة للدول العربيّة عموماً ،والحياة الدستوريّة السورية الالحقة للجمعيّات التأسيسيّة السوريّة ،وتفكير النخب السياسيّة واالجتماعيّة فيها .وفي ذلك قد تتجاوز أه ّميّته حدود األه ّميّة ال ّتاريخيّة الصِّرفة» . هذه باختصار حكاية المؤتمر السوريّ العا ّم األوّ ل، والسّؤال :ل َم ال تت ّم دعوة ج ّديّة إلى مؤتمر عا ّم سوريّ ثان ،يضمن تمثيالً شبه عادل للشعب السوريّ ،لمناقشة ٍ المسألة السوريّة ،ووضع رؤية سياسيّة سوريّة يت ّم على أساسها مقاربة المواقف اإلقليميّة والدوليّة؟. دون ذل��ك مصاعب جمّة بالطبع :من سيدعو للمؤتمر؟ وأين سيعقد؟ وكيف ستت ّم عملية التمثيل كي يكون المؤتمر شرع ّياً؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د .محّ مد جمال باروت :المؤتمر السوريّ العا ّم ( :) 1920 - 1919الدستور األول السياق ،الطبيعة والوظائف ،المراحل والقضايا – مج ّلة تبين -العدد السوريّ ّ األول -شتاء 2012 -2المج ّلد ّ
حممّد .ف .اجلرف
الفكرة الوطنّية الجامعة!؟
والعمل على نشرها وترسيخها وصوالً للقبول بها من ك ّل السوريّين.
تشغلني مسألة التعايش ،صيغة التعايش المناسبة ال��ت��ي نحتاجها كسوريّين أوّ الً وثانياً ،ومن ث ّم كأعراق وأديان وطوائف ومذاهب ،وال دينيّين، وح ّتى ال منتمين ،وه��ذا يعني حكما ً ّ بحق االنتماء أليّة االعتراف لآلخر جهة أو مجموعة فطر ّيا ً أو اختيار ّياً، مع التركيز على ع��دم تق ّدمها على االنتماء الوطنيّ .
من هنا ،وجب البحث عن الفكرة الوطنيّة الجامعة للسوريّين ،بعد ضرب العديد من صيغ التعايش بينهم ،حيث أ ّنها لم تكن مبنيّة على أساس «المواطنة» ،وال على أساس االنتماء الوطنيّ ،فالعمل كان قد تر ّكز وبشكل ممنهج ،من قبل «حافظ األسد» بشكل رئيس على إرساء قواعد لنظام «أق�لّ��ويّ »»،والئ��يّ » ،بالمطلق تكون نواته صلبة، بحيث يضمن من خاللها الحكم في سوريّة إلى األبد. إذ يُعتبر «حافظ األسد» األبّ المؤسّس لفكرة «األبد» في سوريّة كنظام حكم جمهوريّ وراثيّ ،المنسوخة من جمهوريّة كوريا الشماليّة الشموليّة الوراثيّة .ونعلم جميعاً ،أنّ صفات الحاكم المستب ّد عديدة منها على سبيل المثال« ،جنون العظمة» ،وكذلك التنزيه عن التناول ،بحيث تقترب من صفات «األلوهيّة» بدرجة خطيرة ،ال ُتقبل معها مسّ «الذات» الحاكمة بأيّ نقد، والتي ترتقي انسياب ّيا ً مع الزمن واإليحاء المستمرّ - األمنيّ والدينيّ -إلى مصافّ التقديس ،تحت طائلة ّ البطش بك ّل أشكاله. إذاً ،لبّ المشكلة السوريّة في :غياب مفهوم الدولة، وفشل بنائها باعتبارها كيانا ً سياس ّيا ً عا ّما ً حياد ّياً، يضبط إيقاع الصراع في المجتمع ويديره تحت سقف دستوريّ وقانونيّ ،م ّتفق عليه ضمن عقد اجتماعيّ معاصر. عندنا – ولسنا وحدنا -ت ّم قلب المعادلة رأسا ً على عقب ،لقد ت ّم العمل على بناء شكل «نظام» ي ّ ُسخر الدولة والمجتمع في خدمته ،في الحقيقة ليس خدمته فحسب ،بل تأبيد تسلّطه عليه من خالل الرضوخ الكامل والقبول بدور الرعيّة ،أو ح ّتى النزول إلى مرتبة أدنى
newspaper@allsyrians.org
لنعترف ب��أنّ الفكرة القوميّةالعربيّة ساقطة منذ زم��ن طويل، وبالتالي ليست بقادرة على أن تكون فكرة جامعة للسوريّين!
من ذلك ،مرتبة العبيد وإلاّ تحت طائلة العقاب األقصى دون وجود حماية للناس ،أو رادع للحاكم .إنّ ما يحدث في سوريّة اليوم هو التجلّي األبشع على اإلطالق لفكرة األبد هذه. ما ُتظهره األحداث الخطيرة والجسيمة المستمرّ ة منذ بدء ثورات الربيع العربيّ أنّ جميع دول الثورات العربيّة قد فشلت فشالً ذريعا ً في بناء «الدولة» لذا نجد أفعال الح ّكام ،وردود فعلهم على أيّ تحرّ ك شعبيّ ، ليست عنيفة فحسب ،بل وغير متناسبة مع الفعل ،وهي أقرب لفعل عصابات إجراميّة بالمعنى الحرفيّ للكلمة بال أدنى قيم إنسانيّة ،ناهيكم عن الوطنيّة. بوجود نظم حاكمة كهذه تتر ّكز بيدها السلطة ّ وتوزعها بشكل غير عادل على باقي أفراد والثروة المجتمع ،بل هي ّ توزعها بطريقة فاسدة ،لتفسد الجميع ّ منظم ذو على أمل فساد األرضيّة أليّ عمل جماعيّ شأن يه ّدد جد ّيا ً نظام الحكم القائم ،من هنا يتنامى لديك الشعور بالغبن والقهر ،لك ّنه مكبوت بفعل القمع الشديد ،فأمام استمرار هكذا وضع ستأتي اللحظة التي تشعر معها بأ ّنك مه ّدد بكيانك ،مه ّدد بهويّتك ،بانتمائك، وأمام هذا التهديد الوجوديّ ،ستجد نفسك أمام ر ّد فعل هجوميّ ،عنيف على األغلب ،إذن ،حيّا على التطرّ ف، حيّا على الجهاد ،السترداد «الوجود» ،هنا ،الهويّة الذات ،أوّ الً ،ومن ث ّم يأتي ،الكيان االنتماء. إذاً ،تتر ّكز المسألة في كيف يمكن لنا استرداد ما تب ّقى من جامعة وطنيّة ،تسمح للسوريّين جميعا ً بالعيش سو ّياً ،المشكل هو في إيجاد هذه «الصيغة الجامعة»
كما أنّ استبعاد فكرة الدين بالمرّ ة،في وضعنا الراهن ،حيث االختالف بين األديان ،وكذلك التع ّدد الطائفيّ سيع ّقد من إمكانيّة الح ّل الوطنيّ مستقبالً. طبعا ً فكرة العلمانيّة أيضا ً -على أه ّميّتها الشديدة ال تحظى باإلجماع المطلوب ،وال ح ّتى باألغلبيّةلغياب األرضيّة الصالحة لتعميمها وسيادتها داخل المجتمع السوريّ ،ولهذا أسباب عديدة. يجب االعتراف مبدئ ّيا ً بأنّ هنالك عقدة عصيّة في المسألة السوريّة تفرض على الجميع ،البحث واالجتهاد على إيجاد صيغة مبدعة ،فكرة وطنيّة جامعة ،تجعل الجميع يقبل بها ،ويعمل على تح ّققها .هذا يعني ،فيما يعنيه ،أن تجعل الناس ترى فيها منفعة بيّنة عامّة، يستطيعون لمسها ،بشكل مباشر ،وغير مباشر ،وهي بالتأكيد مهمّة في غاية الصعوبة ،قريبة ،أو تماثل صعوبة العمل على صياغة «عقد اجتماعيّ جديد»، للسوريّين جميعاً. مبدئ ّياً ،أعتقد بأنّ الح ّل هو في الدولة الحديثة بك ّل أركانها العصريّة المتعارف عليها ،لكن كيف يمكن الوصول إليها ،وجعل المجتمع السوريّ -المنقسم على نفسه ،عمود ّيا ً وأفق ّيا ً -يرضى بها ،ناهيكم عن الدفاع عنها؟! والسؤال :هل يمكن لنا فرض الدولة الحديثة على المجتمع السوريّ في شرطنا الراهن ،بما تتضمّنه من إبعاد للدين عن السياسة كحالة إنقاذيّة لسورية وللسوريّين؟ رغم أنّ الفرض في أيّ مستوى كان مكروهاً ،بل ومرفوضا ً من حيث المبدأ ،ناهيكم عن الصراع الذي سيفتحه هذا الفرض مع شريحة واسعة ومتن ّفذة من رجاالت الدين المتن ّفعين من السلطة على مروان حممّد أنواعها؟!
3
العالم يقتل الثورة في زمن الحرب تتو ّقف عجلة االقتصاد وتصاب دورات اإلنتاج بالشلّل التا ّم يتهاوى مفهوم «العيش الكريم» ح ّتى أدنى مستوى قد تتحمّله هذه الكلمة من أعباء ح ّتى يسقط بالكامل ويختفي عن مجتمع بكامله. في زمن الحرب تضغط األط��راف على لقمة العيش ،ألنّ الشعب ليس سوى مصدراً للتمويل عند ك ّل طرف وفق آليّات الحرب ومفاهيمه. حينها يسقط الفرد ومعه المجتمع من أحالمه القوميّة الوطنيّة ،وح ّتى خطوطه الطائفيّة وأكثر مبادئه التصاقا ً بعيشته وتربيته لتصبح في الدرجة الثانية بعد لقمة العيش ألطفال جياع يعدون خلفه في ك ّل خطوة يُقدم عليها ،ألنّ غريزة البقاء هي التي تعمل وقتها وال شيء غيرها. في بداية الثورة كان حلم الشعب السوريّ بالحريّة والكرامة ،وكان حلف النظام ومن وااله يحلمون بالتمسّك بدولة الممانعة مهما كان شكلها ،ح ّتى األقليّات تحالفت مع نظام األسد حفاظا ً على بقائها. يبق من الممانعة شيء ولم َ واآلن لم َ يبق من هيبة األسد سوى كالبه التي تعوي هنا وهناك ،أولئك هم القوّ ة الوحيدة التي ُتبقي عليه في القصر الجمهوريّ ، ً مهزلة ومع تق ّدم الوقت تنهار وعوده وممانعته لتصبح موال وك ّل من ص ّدق الدجل الذي في ذهن في ك ّل ٍ عصف بالمجتمع السوريّ مع بداية الثورة السوريّة. إذاً لم يستمرّ القتال ،وه��ؤالء المقاتلون الذين ينعتون رئيسهم صبحا ً ومسا ًء مازالوا يرابطون في قطعاتهم ويعودون من إجازاتهم ويعلمون جيّداً أنّ علبة الطعام ستطعمهم أليّام. بنظر ٍة شاملة على عموم بيئات مقاتلي النظام نجد أنّ القتال حرفتهم الوحيدة اآلن وأ ّنه مصدر الدخل الوحيد وما عروض حزب هللا (سواء السوريّ أو اللبنانيّ ) سوى محاولة منه لتغيير هويّة الحرب إلى طائفيّة بحتة ،حرب دينيّة ال تنتج حراكا ً سياس ّيا ً بل الثأر وال شيء سواه ،وما يجعل من حزب هللا مواتيا ً هو تطرّ ف الطرف اآلخ��ر ،فـهو كـ «ح��زب» ال يش ّكل الموت عائقا ً عنده ،وال الخسارة على األرض سيقاتل ح ّتى آخر مقاتل لديه ،هناك من يستفيد من تغيير هويّة الحرب وتغيير طرفي الصراع من نظام وشعب ثائر إلى حرب بين ُس ّنة وشيعة ،إ ّنه العالم أجمع وعلى رأسه الواليات الم ّتحدة وحلفائها. وعلى األرض السوريّة نرى أيضا ً «داعش» وأخواتها والتي تحارب أيضا ً تحت لواء الدين، يعتبرون ما يقومون به فتوحات القرن الحادي والعشرين ،وأيضا ً هم غير قلقين على مصيرهم بعد موتهم ويحاربون «الكفار» أينما وُ جدوا وعقيدتهم ك هذه تدفعهم للقتال ح ّتى آخر قاتل منهم ،وممّا الش ّ فيه أنّ النظام هو المسؤول عن وجودهم على األرض السوريّة ،بشكل مباشر أو غير مباشر ،وبالمقابل هذا ال يعني أنّ الغرب لم يساهم بوجودهم أيضاً، إن لم يكن تغاضيهم عمّا يفعله النظام كافياً ،فتركهم للشعب السوريّ يُقتل بالبراميل والسماح لحلفائهم الخليجيّين بض ّخ األموال للمتطرّ فين كان كافيا ً لخلق بيئة أصوليّة تقاتل بأجندتها ال ألجل مطلب الحريّة والكرامة الغاليين. هكذا يخلق ك ّل طرف أسباب وجود الطرف اآلخر، ّ يتضخمان ليبتلعا وكطرفين متناحرين ال يتقلّصان بل ما تب ّقى من ثورة الشعب السوريّ ،هذه الثورة التي لوّ حت بتغيير العالم فتكاتفت قوى األرض ض ّدها، وكأيّ حرب طائفيّة ال ينتهي الصراع وال يتبلور بل تتو ّقف الحرب «ويبقى الثأر» ال تنتهي األسباب التي ساقت الرقاب إلى الموت بل تنكفئ الذئاب لحين يه ّددها خطر من جوفها. مع ذلك يبقى الجيش الحرّ موجوداً على الساحة كأمل لك ّل سوري بوطن يعيش فيه يحفظ له حياته ٍ وماله وعرضه وكرامته ،يخلق له مكانا ً آمنا ً للعيش مازالوا يدعون قوّ ات األسد لالنشقاق وقوّ ات الشيعة للعودة لديارهم ،مازالوا يحلمون بتطبيق القانون ك وبعدالته ،ووعود الغرب بدعمهم ليست سوى ص ّ براءته من دماء السوريّين ،وما ضربات التحالف اآلن سوى محاولة لضبط الحرب على األرض السوريّة لكيال تتفرّ ع لخارج الحدود وتزعج الحلفاء أو إسرائيل.
أليمار الذقاني
www.allsyrians.org
4
العدد 18
وجهان لجريمة واحدة بين اإلنسان ور ّب��ه ،وبين اإلسالم السياسيّ ،باعتباره إيديولوجيّة سياسيّة شموليّة متطرّ فة ال تقبل التعايش مع اآلخ��ر ،فعملت هذه القوى الظالميّة على خداع البسطاء وإيهامهم بأنّ هذه الدعوة مخالفة للرسول ،وأن الديمقراطية رجس من عمل الشيطان .ونادوا بالرجوع للخلف أل ّن���ه ي��خ��دم توجهاتهم ال�لاأخ�لاق � ّي��ة وآخ��ره��ا م��ا حدث في المنطقة الشرقيّة من تحريم المدارس بحجة أ ّنها مخالفة لشرع هللا ،ليكرّ سوا القيم البالية المتخلّفة التي عفا عليها الزمن.
باتت األحداث المتسارعة في المنطقة منذ أكثر من أربعة أعوام وما تالها من سقوط لطواغيت المنطقة، وإجرام أنظمة بقيت لعقود طويلة تتف ّنن بقتل شعوبها، وظهور جماعات إسالميّة تدعو إلحياء الخالفة، وتنظيمات انتقلت من الحالة الثوريّة لتنظيمات تب ّنت العمل الجهاديّ ،ألزمت الكثير من ال ّناس في العالم اإلسالميّ وسواه إلى الدمج بين اإلسالم كدين وبين السياسة ،ث ّم ربطه باإلرهاب ،و ُر ّف��د هذا االعتقاد باألحداث الدامية التي تب ّنتها جماعات ترفع راية النبيّ وتقتل وتكبّر تحت اسمه ،وما زالت حمامات الدم في سوريّة والعراق وغيرهما تدعم هذا التصوّ ر ،وترسّخ الخلط بين اإلسالم واإلرهاب. لذلك فإنّ ما أقصده يبتعد ك ّل البعد عن الخلط بين اإلس�لام كدين وتاريخ ،باعتباره الرابطة الخاصّة
لقد سلك اإلسالميون لتحقيق مآربهم وسائل متع ّددة ،فلجؤوا للعنف كتنظيم القاعدة وداع��ش وح��زب هللا وحماس وغيرها من الكتائب اإلس�لام � ّي��ة ،أو لجؤوا لوسائل المهادنة بادعاء االعتدال (ح����زب اإلخ������وان المسلمين وال��ن��ور ،)...بعد أن استفاد قادته الفارين في بدايات القرن الماضي من الديمقراطيّة الغربيّة وحقوق ّ اإلنسان رغم أنّ الكثير من أعمالهم مبطنة وتصبّ ّ تمت للحالة التي اح ُتضنوا في خانة دعم مجموعات ال بها ،فيجاهرون بتكفير الدول التي أم ْ ّنت الحماية لهم، رغم أنّ سبب هجرتهم هو استبداد الحكام وتسلّطهم على الحياة السياسيّة واالقتصاديّة وهذه المنظومة الطغيانيّة التي تأصلت في الثقافة والتقاليد االجتماعيّة الموروثة ،التي نفروا وفرّ وا منها طلبا ً للجوء ،وهناك مقولة تحاكي هذه الحالة «الدول العلمانيّة :هي الدول التي نسعى للحصول على تأشيرتها ،و ُنضطهد فنلجأ إليها ،ونتظاهر على أبواب سفاراتها ،ث ّم نتهمها بالكفر ّ فالطاقة التي استمالتهم إلى الدول وندعو لمحاربتها». الغربيّة هي الثقافة الغربيّة وقيمها الحضاريّة اإلنسانيّة (الديمقراطيّة ،والحريّة ،وحكم القانون .)...،فوسائل
/12تشرين الثاني 2014/
أحوال
لقد سلك اإلسالميون لتحقيق مآربهم وسائل متع ّددة ،فلجؤوا للعنف كتنظيم القاعدة وداعش وحزب اهلل ومحاس وغريها من الكتائب اإلسالميّة (اإلرهاب واالعتدال) ،هما طريقتان تختلفان بالصورة وتتفقان على أسلمة العالم ،وتكفير اآلخر المختلف ،فما زالت تلك الجماعات ترفض ثقافة التعايش وتفرض شرائعها على المنطق والعقل باسم (حكم الشريعة)، وتساعدهم في ذلك مجموعة عوامل رسّختها األنظمة العربيّة الغاصبة للسلطة والمتخلّفة عن روح العصر، كتح ّكم عائالت أو فئات معيّنة بمق ّدرات المجتمع، بإشراف أجهزة قمعيّة ترسيخ التقاليد الباليّة والفساد العقليّ والماليّ ،وتدعم بالمقابل قوى أصوليّة تعمل تحت ستار الدين( ،ترفض المعاصرة والحداثة، وتتمسك بالغابر المق ّنع بالدين) ،وتغرس النعرات الالوطنيّة في المجتمعات التي تمتاز بتع ّددها قوم ّيا ً ودين ّيا ً ومذهب ّياً. ومنذ قيام الثورة التي ُخطفت بالمال ال��س��ي��اس��يّ ،وال���ذي ساندته الدول اإلسالميّة خوفا ً من تم ّدده إليها، تصفية أو ل��ح��س��اب��ات بين القوى ا لمحليّة واإلقليميّة و ا لد و ليّة ا لمتصا ر عة ل��ذل��ك ساهمت بتحويله إلى (الربيع اإلسالميّ ) ،وبذلك اختطف اإلسالميون الثورة في مصر وتونس وليبيا واليمن وأرهقوا لبنان (س ّنة وشيعة) ،وتآلفوا في ت و ُدف َِعت لتثبيت أقدامهم ماد ّيا ً أغلب الدول التي دَ َف َع ْ وتنظيم ّيا ً أكثر من القوى (العلمانيّة والديمقراطيّة) التي اكتفت بطواحين الهواء أو التي وضعت رأسها ك»نعامة» في رمل اإلسالميّين أو ّ تنطعت للدفاع عن إجرام األنظمة خوفا ً من األسلمة ،التي تفاقمت جرائمهم (الجزية – قتل – سبي ،) ...وح ّتى المذاهب األربعة لم تن ُج من هذه الجرائم كفرض الحجاب،
والزيّ اإلسالميّ حسب أهوائهم ،وإقامة الحدود ،وقطع للرؤوس ،وجلد للمخطئين ،وحرّ موا بزوغ األحزاب السياسيّة أل ّنها تخالف الس ّنة و(القرآن) ،هذا يعيد إلى األذهان ما قامت به حركة اإلخوان المسلمين الذين تالعبوا على مسمّيات عديدة منها اعترافهم بدولة مدنيّة تحكم باسم الشرع للتالعب على مفهوم الديمقراطيّة أمام الغرب الذي استقبل أغلب قياداتهم ،فالتكتالت اإلسالمويّة بوجهيها العنفيّ أو الصوريّ حالها كحال التكتالت األخرى اليساريّة والقوميّة ،تسعى للسلطة، وك ّل منها ي ّدعي امتالكه الح ّل لك ّل القضايا ،وكثيراً ما ا ّدعت الحركات اإلسالميّة أ ّنها تملك الحلّ ،وأ ّنها تسعى إلقامة مجتمع إسالميّ جديد ،يحافظ على الدين ويرعى شؤون األمة ،التي تكاثرت عليها مؤامرات الغرب عبر ك ّل الوسائل ،فالدولة اإلسالميّة لم تكن في سُبات ولم يُعلن وفاتها حسب رأي بعض رجال الدين ،فاإلسالم لم يُغيّب ليعود ،ولكن ال��ع��ودة واإلي��ق��اظ ه��ي للمسلمين ال��ذي��ن ذاب���وا ف��ي ع���ادات وت���ق���ال���ي���د ّ ت���م���ت ال ل��ه��م بصلة، وي��رى آخ��رون أنّ ه��ذا اإلي��ق��اظ حالة شكليّة ،تر ّكزت على الخمار والجالبيب والدشاديش القصيرة واللحى الطويلة. لذلك لم تكن مشكلتنا مع اإلسالم ،بل مع من ّ يوظفون الدين لمقاصدهم السياسيّة ومصالحهم لفرض نفوذهم الطغيانيّ باسم هللا ،لذلك فالضامن لهذا األمر هو النظام الديمقراطيّ الذي يحترم األديان والمذاهب ،ويأخذ بعين االعتبار تع ّددها ويكفل للمواطنين حريّة ممارسة شعائرهم الدينيّة ،بينما تسقط الحكومات الدينيّة هذه الحقوق ،وال تقبل بغير دينها ومذهبها حاكما ً عا ّماً.
باسل العبد اهلل
السياسي قراءة في المرجعّيات واستنساب المق ّدس اإلسالم ّ
ّ تمثل كتابات اإلمام الشافعيّ مرجعا ً أساس ّيا ً في المنظومة اإليديولجيّة لإلسالم السياسيّ ، وهو الذي جعل األحكام الفقهيّة تعلو أحيانا ً كثيرة النصّ المق ّدس ،بحيث بات االستشهاد بكتاباته المصدر األوّ ل للتشريع؛ فمقولة «أنّ ك ّل ما نزل بمسلم ففيه حكم الزم» قطرت آراء الفقهاء فاستخدموها في ك ّل صغيرة وكبيرة ،خصوصا ً أنّ هؤالء الفقهاء كانوا يعتبرون أنفسهم مستبطنين لحكم إلهي دينيّ وليس كمجتهدين في تعيين دالالت النصوص، واستندت السلطات إل��ى اجتهادات هؤالء الفقهاء لنيل المشروعيّة والتثبيت .فك ّل فعل من أفعال المسلمين ،في أيّ مجال ،سواء الدينيّة أو السلوك العام أو الفرديّ ،ال ب ّد أن يخضع لحكم من األحكام الفقهيّة.
إنّ أحكام الشريعة ،في الحقيقة ،هي الخضوع لحكم من األحكام الفقهيّة ،أي رفض أن يكون اإلن��س��ان م��س��ؤوالً عن التشريع، وعلى الرغم من أنّ اإلسالم السياسيّ يعتبر أنّ مرجعيّته تستند إلى القرآن والحديث ،إالّ أنّ الغالبيّة العظمى من أحكام الفقهاء تتجاهل النصّ القرآنيّ ،وتبني أحكامها على األحاديث النبويّة التي سبق للشافعيّ أن وضعها في مصافّ النصّ القرآنيّ . تطرح مسألة اعتماد الحديث مرجعيّة رئيسيّة في إصدار االجتهادات واألحكام مشكالت كثيرة ،فباإلضافة إلى أنّ األحاديث م ّتصلة بظروف إطالقها والحاجات التي كانت تجيب عنها ،وهي أمور مرتبطة بمكان وزمان مح ّددين ،فإنّ األحاديث تطرح أكثر من عالمة استفهام حول صحّ تها وموثوقيتها. لم يُكتب الحديث زمن الرسول ،بل ُكتب بعد أكثر من مائة وخمسين عاماً ،ونقالً عن قيل وقال ،وتجاوز عددها أحيانا ً مئات اآلالف لدى بعض الفقهاء والرواة، وش ّكك كثير من الفقهاء أنفسهم في صحّ ة أحاديث مرويّة ومكتوبة ،ممّا يطعن في مصداقيّتها كمرجع للتشريع؛ يضاف إلى ك ّل ذلك ما هو معلوم في التاريخ اإلسالميّ من أنّ األحاديث كانت تتواتر وتزدهر في سياق الصراع السياسيّ واالجتماعيّ بين الفِرق والقبائل على السلطة ،بحيث تستحضر ك ّل قوّ ة وطرف جملة أحاديث تدعم عبرها موقفها في وجه الخصم،
newspaper@allsyrians.org
مرحلة من التاريخ القديم حيث لم تكن الحداثة ومقوالتها قد بزغت بعد ،ممّا يجعله في صعوبة كبيرة للتأقلم مع األوضاع التي فرضها التطوّ ر البشريّ على جميع المستويات ،والتي جعلت العولمة من العالم كلّه «قرية صغيرة» فاجتاحت قيمها ومنظوماتها المجتمعات من دون استئذان ،ودخلت إلى «البيت اإلسالميّ مزعزعة أركانه التقليديّة الموروثة .دخلت المنظومة الفكريّة للحداثة التي ُتعلي من شأن الفرد بوصفه شخصا ً قائما ً بذاته في تناقض مع منظومة المجتمعات التقليديّة المستندة الى بُنى القبيلة والعشيرة ،حيث تنعدم قيمة الفرد الحرّ بحكم االلتزام بالجماعة وقوانينها.
كما أنّ المذاهب األساسيّة التي انبثقت عن الصراعات واالنشقاقات ترفض االعتراف بأحاديث المذهب اآلخر وتراها منحولة أو مزوّ رة. في ممارسة اإلسالم السياسيّ على صعيد الحياة اليوميّة والقواعد الفقهيّة التي التزمها ،يمكن مشاهدة اختالف االجتهادات بين مكان وآخر أو بين فقيه وآخر. وفي التدقيق بالكثير من األحكام التي يفرض الفقهاء قدسيّتها وينسبونها إلى جوهر اإلسالم ،يمكن مالحظة ابتعاد عدد واسع منها عمّا يقول به النصّ القرآنيّ ، بل أنّ كثيراً منها ينتسب إلى عادات وتقاليد وثقافات بعضها موروث من العصور المسمّاة جاهليّة ،وهي مستمرّ ة في وصفها قواعد إسالميّة. تطرح المنظومة الفكريّة لإلسالم السياسيّ جملة إشكاليّات ،تفترض إعادة النظر في قيمها وأهدافها، ويصرّ اإلس�لام السياسيّ على اإلقامة في الماضي واعتبار ما أتى به هذا الماضي هو الصحيح الواجب التزامه راهناً .قد تكون أحكام السابقين مناسبة لظروف المجتمع وعاداته وتقاليده ودرجة تطوّ ره ،لكنّ اإلسالم السياسيّ يقف على درجة من المعاداة الواسعة للتاريخ
وللتطوّ ر البشريّ ،ممّا يجعله رافضا ً لقيم الحداثة ولمنطق التق ّدم الذي تعرفه المجتمعات البشريّة .قد يكون تقديس هذا الماضي وموروثاته من أكبر العقبات في وجه التغيير ،فإلباس تقاليد معيّنة ثوب الدين يجعل منها استعصاء على التغيّير ،خصوصا ً إذا ما كانت النظرة إلى الدين مشوّ هة بحيث ال ُتميّز بين جوهر الدين الم ّتصل باألخالق والروح األخويّة والتسامح ومحبّة اآلخر ،وهي أمور يمكن القول إ ّنها تتجاوز الزمان والمكان ،وبين ما هو م ّتصل بالحياة اليوميّة وحاجات المجتمعات إلى قوانين وأحكام ،وهي من القضايا التي تتغيّر بتغيّر الظروف وزمانها ومكانها. إنّ عدم الوعي بالتغير الجذريّ الذي طرأ على مختلف نواحي الحياة ،وبضرورة مواجهة الصعوبات الناشئة عنها ،هو تعبير عن صعوبة حقيقيّة يجدها اإلسالم السياسيّ ،ومن ورائه الضمير الجمعيّ ،في قبول ما لم تتعوّ د عليه المجتمعات اإلسالميّة في تاريخها. لع ّل األم��ر يعود ،في حيّز كبير منه ،كما شأن الفكر الدينيّ عموماً ،هو كون هذا الفكر قد ظهر في
تقف حركات اإلسالم السياسيّ اليوم على طرفيّ نقيض مع المعطيات الجديدة للمجتمعات التي تقيم فيها .يغلب عليها معاداتها لالجتهاد وللتحرّ ر من المقوالت الموروثة من عصور االنحطاط .يرمز موقفها من اإلرهاب ،فكراً وممارسة ،إلى إحدى المعضالت المستعصيّة، فهي تقرأ نصوص العنف والجهاد الواردة في النصّ الدينيّ بمنطق الماضي الثابت غير الخاضع لرؤية اآليات في زمن نزولها ومكان استخدامها ،هذا اإلسقاط الحرفيّ للقراءة يجعلها ترى نفسها المدافع عن اإلسالم والساعي إلى تطبيق نصوصه وفق ما أتت به الرسالة. ّ يتدخل الفقهاء عندما يسود مثل هذا المنطق ،وال والمؤسّسات الدينيّة للجهر بتقادم هذه النصوص وعدم صالحيّتها للزمن الراهن ،لكونهم يعتبرون القرآن صا ً محكما ً صالحا ً بمجمله لك ّل زمان ومكان ،عندها ن ّ ً ً ّ ليس مستغربا وبعيدا عن الواقع اتهام اإلسالم بتشجيع اإلرهاب واحتضانه .وهل من مجال إلصالح اإلسالم السياسيّ ودخوله في العصر وابتعاده عن العنف إلاّ بإنتاج ثقافة جديدة ت ّتسم بصفات متع ّددة أبرزها :أن تكون ثقافة تاريخيّة؟! أي ال يت ّم فيها اإلدالء بمعلومات مفصولة عن الظروف التي أنتجتها والرهانات التي كانت موجودة والمعاني المخصوصة لها ،وأن تكون ثقافة علميّة تتقبّل المعرفة الحديثة ،وأن تكون ثقافة ديمقراطيّة.
صالح الدين داوود
www.allsyrians.org
ملف العدد
العدد 18
5
/12تشرين الثاني 2014/
حــوار مــع الدكتور راتـب شـــعبو (تتابع «كلّنا سوريّون» نشر الجزء الثالث من الحوار الذي أجراه المعارض الصحفيّ غسّان المفلح مع المعارض الكاتب والمترجم والطبيب راتب شعبو) ال��س��ؤال ال��ث��ال��ث :هنالك ق��ول ل��ك ف��ي إح��دى مقابالتك ،استوقفني في الواقع ،حيث تقول « :في ،2011/3/7أي قبل اندالع الثورة بنحو عشرة أ ّيام، ُ ظهرت على قناة «األورينت» بمقابلة هاتف ّية دامت ً مدورة حوالي عشرين دقيقة ،ورغم أنّ إجاباتي كانت ّ الزوايا و«عقالن ّية» إلى أقصى حدّ ممكن ،فوجئت أنّ ارتكاس الناس كان أشدّ عدائ ّية تجاهي وتجاه أسرتي من أجهزة األمن نفسها ،قاطع الناس عيادتي، أكثر من مريضة اتصلت وألغت موعد عمل ّية كانت وتهجم بعض النسوة على زوجتي قد حدّ دته مسبقاً)، ّ الحي الذي نسكن فيه، في صالون حالقة نسائ ّية في ّ ُ فأصبحت شاهد عيان، وصار للخبر مفعول كرة الثلج، وأتن ّقل ُ من محطة «مغرضة» إلى أخ��رى.. ،الخ، هستير ّيا ً رفض جماعية تحتاج إلى تأمل» .أال يشير المجتمعي له عالقة بالمسألة هذا القول أنّ هذا الرفض ّ الطائف ّية ر ّبما نستطيع إضاءة بعض الجوانب عنها في هذا الحوار؟ أل ّنك ال يمكن أن ترى هذا الرفض المجتمعي في أوساط سور ّية أخرى ،ر ّبما يتحاشوك ّ وخاصة الناس لخوفهم ،أ ّما هذا الرفض بهذه الطريقة ّ بعد الربيع العربي وثوراته ،يشير من زاوية ما أنّ ّ السوري!! الكتلة الطائف ّية» العلو ّية» ضدّ المجتمع ّ بما تعنيه هذه التسمية حاضرة بقوة ح ّتى قبل الثورة، ما رأيك؟ الجواب الثالث: ُ كتبت في مقالة لي بعنوان «العلويّون بين سبق أن االنغالق واالنفتاح» إنّ العلويّ يمكن أن يكون أمم ّيا ً أو قوم ّيا ً أو وطن ّياً ،لك ّنه أمام هجوم اإلسالم السياسيّ السنيّ فإ ّنه يرت ّد إلى طائفته ،ذلك ألنّ اإلسالم السياسيّ السنيّ ينسب الناس إلى مذاهبهم أساسا ً وعليه فإ ّنه يرسم للعلويّين ولغيرهم من أبناء المذاهب األخرى غير السنيّة حدوداً سياسيّة واجتماعيّة متدنية من خارجهم ودون إرادة أو رضا منهم ،لذلك أقول إنّ بروز النزعة الطائفيّة العلويّة في سوريّة هي بنسبة كبيرة صناعة
طائفيّين س ّنيين ،بديهيّ أنّ كال النزعتين مدان ومؤذ اجتماع ّيا ً ووطن ّياً. العلويّون أقليّة عدد ّياً ،فهم ،بطبيعة الحال ،ال يميلون إلى االصطدام بالمحيط الس ّني الواسع ،مثلهم في ذلك مثل أي أقليّة مذهبيّة ،والعلويّون باطنيّون في ديانتهم فهم ال يدخلون في منافسة مع الديانة الس ّنية وال مع أي ديانة أخرى ،ال يحت ّج العلويّون مثالً على أنّ أبناءهم يدرسون مقرّ ر الديانة اإلسالميّة في المدارس السوريّة من منظور إسالميّ س ّني ،ال يمكنك أن تتوقع رؤية شيخ علويّ يحاجج شيخا ً س ّن ّيا ً في أمر دينيّ ،فهم غير توسعيّين الب ّتة من الناحية المذهبيّة، وال دافع لديهم «لهداية» الغير إلى مذهبهم ،الواقع إ ّنهم يخسرون األتباع اليوم لصالح المذهب الشيعيّ التوسعي ،من الناحية الدينيّة يتعامل العلويّون مع المبدأ المؤ ّقت الذي وضعه الرسول محمّد في المرحلة المكيّة من دعوته« :لكم دينكم ولي ديني» ،على أ ّنه مبدأ دائم، ما أريد قوله إنّ األقلية المذهبيّة ال تتخذ وضعية طائفيّة هجوميّة عموما ً إلاّ أمام تهديد طائ ّفي ،وحين يكون االنعزال أو االنسحاب غير كا ٍ ف لدرء ذلك التهديد، هذا من حيث المبدأ والمنطق. في سوريّة تراكب الطائفيّ على السياسيّ بطريقة شديدة التعقيد نظراً إلى االنتماء العلويّ للديكتاتور «حافظ األسد» وصياغته أجهزة العنف في الدولة (الجيش واألمن) بطريقة طائفيّة ،يش ّكل هذا نصف الحلقة المفرغة التي تعيشها سوريّة منذ نهاية السبعينات ّ يتمثل إلى اليوم ،النصف الثاني من الحلقة المفرغة في أنّ الخروج على المستبد في سوريّة اتخذ دائما ً صبغة إسالميّة سنيّة غالبة ،ممّا دفع العلويّون وأبناء األقليات المذهبيّة والدينيّة األخرى لالنكفاء ،فضالً عن انكفاء نسبة كبيرة من الس ّنة اليساريّين والليبرالييّن والمتنوّ رين ،وك ّل ذلك انتهى إلى تشكيل سند اجتماعيّ للنظام ،هذه حلقة مفرغة تطحن سوريّة اليوم أكثر من أيّ وقت سابق ،وال يبدو أن لنا مخرجا ً منها سوى بكسرها ،وهذا ما يبدو أ ّنه مستحيل من الداخل. ال يمكن القول إنّ العلويّين ،أو أيّة طائفة أخرى، ض ّد المجتمع السوريّ ،هذا كالم ال رصيد علميّ أو
واقعيّ له ،ربّما كان الكالم ّ أدق لو قلنا أنّ أعداء المجتمع السوريّ هم أوالً السلطويّون المتطرّ فون الذين يبدون االستعداد لحرق البالد قبل التخلّي ولو عن جزء من سلطتهم ،وهؤالء في الحقيقة خليط من ك ّل الطوائف ح ّتى لو كان اللون العلويّ يغلب على الذراع الضارب للسلطة ،وثانيا ً اإلسالميّون المتطرّ فون الذين يعاملون الناس وفق مذاهبهم وأديانهم ويحكمون عليهم وفق ذلك بالقتل والتهجير والسبي ..الخ ،هؤالء هم بالفعل ض ّد المجتمع السوريّ وض ّد االجتماع الحديث عامّة. حين تتوحّ د الكتلة الكبرى من طائفة على موقف سياسيّ ما ،يغدو على الباحث أن يفسّر هذه الظاهرة، ال يجب أن يشعر الباحث بالرضا حين يقول مثالً: «العلويّون لم يلتحقوا بالثورة أل ّنهم طائفيّون» ،هذا القول هو نوع من الشتم أو «ف ّ شة الخلق» ،لك ّنه غير مفيد وال يفسّر شيئاً ،ال يوجد برأيي طائفة أكثر أو أق ّل طائفيّة من طائفة أخرى ،التفسير السياسيّ الواقعيّ هو المطلوب إنْ شئنا أن ندرك واقعنا إدراكا ً سليماً ،وقد تبيّن أنّ إدراكنا لواقعنا مشوّ ه ولم يش ّكل دليالً موثوقا ً وال معيّنا ً في أش ّد اللحظات حلكة وحاجة ،ال بل كان دليالً مضلّالً ال هادياً. تعليق من قبلي وأسئلة اعتراضيّة على هذا القسم من المحور الثاني: دكتور رات��ب ،أظ��نّ أنّ هنالك مستوييّن لنقاش المسألة الطائفيّة ،األوّ ل نظريّ ايديولوجيّ معرفيّ سمِّه ما شئت ،لكن هنالك مستوى يتعلّق بميزان القوى السياسيّ والعسكريّ على األرض في لحظة الدم ،هنا ال يفيد كثيراً المستوى األوّ ل ،نحن هنا واآلن بالذات، أمام شعب تحرّ ك من أجل نيل حريّته ،ليست مشكلته إذا كانت أكثريّته الموضوعيّة من الس ّنة ،عرب وأكراد وتركمان وشركس ،في تلك اللحظة انقسم الجميع عمود ّيا ً الدروز والمسيحيّة والس ّنة والكرد واالسماعيليّة بغضّ النظر عن نسبة هذا االنقسام ،خروج تظاهرات في ك ّل تلك المناطق والمكوّ نات ،إلاّ الطائفة العلويّة لم يحدث فيها أيّ انقسام عموديّ مهما كانت نسبته ،ولم تخرج فيها تظاهرة واحدة ،لماذا؟ بحيث تحوّ ل القاتل -ح ّتى عند من هم ض ّد الثورة من المكوّ نات األخرى
إلى هويّة قارّ ة كتلة علويّة صلدة من القادة والجند،تقود القتل اليوميّ للمدنيين ،وأنت تعرف جيّداً تأثير الملفوظات المنطوقة مثل «بدكن حريّة» في مخيال البشر ،على فرض ك ّل ما قلته أنت في تفسير الظاهرة صحيح ،لكنّ الصحيح أيضا ً أنّ مخزون العداء لدى هؤالء القادة وكتلتهم الصلدة ،كان غير مسبوق وغير معترف به ،ح ّتى اللحظة من قبل الجميع ،وكأ ّننا أمام حالة تواطؤ جمعيّ التقتيل و»التعفيش» والهدم ،ولغة وشبكة الملفوظات المستخدمة في صفحات «األسد أو نحرق البلد» ،كلّها تشير بغضّ النظر عن هذا المستوى النظريّ ،وكأنّ األمر مبيّت سلفاً ،والدليل وضعك ووضع عائلتك التمييزيّ ح ّتى قبل انطالق الثورة ،ما ُ أردت سؤاله هنا عن هذا المبيّت سلفاً ،رغم مرور 31عاما ً على نهاية الصراع مع اإلخ��وان؟ إضافة لذلك ،علينا االعتراف أنّ آل األسد تحوّ لوا بنظر هذه الكتلة االجتماعيّة إلى ربّ سياسيّ ودينيّ وربّ عمل، ّ وممثل للطائفة في ك ّل المستويات وليس نتاج خوف من األكثريّة الموضوعيّة؟ غ ّسان املفلح
المستقبلي 2/1 مسيحّيو سورية وسؤال الدور ّ لم نتعرّ ض أليّ اضطهاد دينيّ ،بل مارسنا شعائرنا الدينيّة دون ّ تدخل من أحد ودون أن نتعرّ ض أليّ قمع أو تهديد وجوديّ من المسلمين .ك ّل هذا بفضل نظام األسد العلمانيّ ،حامي األقلّيّاتَ ».من م ّنا ال يعلم أنّ هذا اال ّدعاء لطالما ترّ دد على ألسنة غالبيّة القيادات الدينيّة والمدنيّة المسيحيّة؟! ناهيك عن الكثير من األفرادَ .من مِن المغتربين السوريّين لم يسمع (إن لم ير ّدد هو أوهي بنفسيهما) الكثير من الغربيّين يكرّ رون نفس األسطورة نقالً عن سوريّ مسيحيّ ما قابلوه أو يعرفونه؟ ولكن ،برأيي أنّ هذه األسطورة المذكورة ومثمر فاعل دور ٍ ٍ لم تمنع فقط المسيحيّين من لعب أيّ ٍ وب ّنا ٍء في المجتمع والدولة السوريّة في العقود الماضية لوحدها ،بل إنَّ نفس األسطورة ستتحوّ ل ،إذا ما واظب المسيحيّون على تب ّنيها دون تحليل وتمحيص علميّين وعقالنيّين ،إلى أحد أه ّم المعوّ قات أمام لعبهم لدور، أيّ دور كان ،ب ّناء وفاعل وملموس في مستقبل سورية القادم .السبب في قولي هذا هو أنَّ ما يـُبنى على افتراض خاطئ ومخيال غير حقيقيّ ال يـُنجب سوى خالصات خاطئة وال يفرز سوى مواقف عقيمة ،ال بل ويعيق عمليّة القيام بأيّ موقف في المبدأ.
الربوفسور جنيب جورج عوض ،شاعر وباحث الهوت ّي أكادمي ّي من مواليد الالذقيّة ،يعيش ويعمل حالياً يف أمريكا ،له العديد من املؤلّفات العلميّة والشعريّة واملقاالت ،يف ع ّدة لغات. بعدما انهمك المسيحيّون السوريّون في الوقوف مع أحد أطراف النزاع السوريّ ،قبل أن يغرقوا الحقا ً في مستنقع االنهماك بالتعامل مع التداعيات والنتائج الكارثيّة لتحوّ ل الثورة إلى حرب شوارع ومدن مدمّرة ودمويّة ،مر ّكزين ك ّل تفكيرهم على النجاة من المأساة بك ّل الوسائل والسبل ،المسيحيّة منها وغير المسيحيّة واألخالقيّة منها أو غير األخالقيّة ،هاهم اليوم يجدون أنفسهم ،في توقي ٍ ت لم يختاروه أصالً وفي ظروف لم يتم ّنوا أن يختبروا وال ح ّتى عُشرها في حياتهم ،أمام واقع أنّ سورية ت ّتجه ،آجالً أم عاجالً ،نحو تب ّدالت بنيويّة وراديكاليّة دولتيّة ومجتمعيّة ومدنيّة وسياسيّة وح ّتى تشريعيّة ،وأنَّ عليهم أن يف ّكروا بالدور الذي عليهم لعبه في الساحة السوريّة ،سواء أرادت باقي أطياف المجتمع السوريّ لهم لعب أيّ دور أو لم ترد ذلك ،وسواء تصوروا هم أنفسهم أنَّ لهم دوراً أم دور للمسيحيّين السوريّين في المستقبل وما ال .أيّ ٍ
newspaper@allsyrians.org
طبيعة هذا الدور؟ بات مسألة «وجود أو ال وجود» للمسيحيّين في سورية ال محالة. إ ّنني مقتنع أنّ الشروع بتقصي مالمح الدور المستقبليّ يجب أن يبدأ من تفكيك المخيال الفكريّ للمسيحيّين السوريّين عن حياتهم ووضعهم العا ّم في ظ ّل النظام البعثيّ والحكم األسديّ خالل األربعين سنة الماضية .تفكيك هذا المخيال شرط ضروريّ ، بل والزم ،كي ندرك بعض مكوّ نات ما يجب أن ُن ِّ حذر الشارع المسيحيّ السوريّ من الوقوع فيه حين سيبدأ بلعب دور في المستقبل .من هنا فإنَّ نقطة انطالق تحليليّ لمسألة الدور ستعود بنا قليالً وباختصار شديد إلى افتراض مسيحيّ شعبيّ شائع وروتينيّ لطالما ر ّدده العديد من المسيحيّين السوريّين أمام أهل البالد العربيّة المجاورة وأهل البالد الغربيّة واألجنبيّة حول العالم .هذا االفتراض يقول« :في عهد حكم البعث -األسد ،تم ّتعنا نحن المسيحيّين بالحرّ يّة الدينيّة ،إذ
دعوني اآلن أفصِّل قليالً في أسباب اعتباري لال ّدعاء السابق بأ ّنه وهميّ وغير حقيقيّ .أوّ الً، من المخطئ أن نقول أنَّ النظام األس��ديّ -البعثيّ كان نظاما ً «علمان ّياً» لمجرد أ ّنه نظام ينطلق من إيديولوجيّة قوميّة (العروبويّة) ومن براغما جمعيّة شمولّية تتقصّى تهميش الدين (مع أ ّنها تشجّ ع على، بل وال تسمح للمواطنين بممارسة أيّ شيء آخر في الساحة العامّة سوى ،التديُّن وتعمل على توظيف الدين دون سواه في الفوز بطاعة ووالء الشعب) والتشديد على وحدة الناس كأمّة (أمّة عربيّة واحدة) .ال تسمح المساحة الصغيرة لهذه المقالة باالستطراد حول هذه َّ المطلع على البحوث العلميّة والتاريخيّة النقطة .إلاّ أنَّ والتحليليّة المعرفيّة لمفهوم «العلمنة -العلمانية» سيدرك بسهولة أنّ العلمانيّة لم ُتطبَّق أبداً في سورية ولم ُتمارس فعل ّيا ً على األرض ح ّتى هذه اللحظة (لهذا، من الغباء بمكان نبذ العلمانيّة ورفضها في العالم العربيّ الجديد دون معرفتها أوّ الً .نحن اليوم نخاف ونرفض ما ال نعرفه في الواقع) .من هنا فإنَّ القول بأنَّ نظام األسد ،الطائفيّ واإلقصائيّ واألحاديّ والتدجينيّ
(الصفات المناقضة لمبادئ العلمنة :المدنيّة ،التع ّدديّة، التشاركيّة ،والحرّ يّة) نظام «علمانيّ » كالم غير دقيق علم ّيا ً وال هو بالحقيقيّ تاريخ ّيا ً وممارسة في سورية.
ثانياً ،وهو األه ّم ،القول بأنَّ المسيحيّين لم يتعرّ ضوا لالضطهاد الدينيّ في عهد نظام األسد ال يعني مباشر ًة أو أتوماتيك ّيا ً أ ّنهم تم ّتعوا بالحرّ يّة الدينيّة ،فغياب االضطهاد ال يفيد بالضرورة وجود الحرّ يّة وتو ّفرها، ال بل قد يكون انعدام الحرّ يّة الدينيّة هو الثمن الذي على الجماعة الدينيّة أن تدفعه في مقابل حماية الطرف الحاكم لها من االضطهاد الدينيّ ،والحماية من االضطهاد أداة للتدجين والتطويع ،وفي النهاية القصوى وسيلة للتهميش والتحييد .هذا ما عاشه المسيحيّون في الحقيقة خالل الحكم األسديّ -البعثيّ . نعم لم يكن المسيحيّون مضطهدون دين ّياً ،إلاّ أ ّنهم لم ينالوا أيّ حرّ يّة دينيّة ،أو أيّ حرّ يّة أخرى، في الحقيقة .ك ّل مسيحيّ ملتزم بالكنيسة وبالممارسة الدينيّة يعلم تماما ً أنّ الغالبيّة الساحقة من رجال الدين المسيحيّين ،خاصّة القيادات الكنسيّة العليا ،لطالما وجدت نفسها مجبرة على عقد شبكة عالقات واسعة ومتشعّبة ،قوامها التبعيّة والطاعة وتنفيذ األوامر واألجندات ،مع أجهزة مخابرات النظام وقوى األمن وأصحاب القرار في عهد األسد األب واالبن على ح ّد سواء .ك ّل المسيحيّين يعلمون بهذه العالقات (والتي وصل بعضها لدرجة التحالف المصالحي في بعض األحيان) ويعلمون أنّ رجال الدين المسيحيّين كانوا مجبرين على االلتزام بها والخضوع لمشروطاتها ومتطلّباتها في نوع من التبعيّة وإثبات الطاعة المنافية أليّة حرّ يّة (ولهذا ،فقد درج المسيحيّون على عدم الثقة بكهنتهم بل وبانتقادهم ووصفهم بأقذع الصفات م��راراً) .أضف لهذا ،ك ّل عابد مسيحيّ اعتاد على الذهاب إلى الكنيسة للصالة خالل عهد الحكم األسديّ يعلم أ ّن��ه على ك ّل كاهن أو واع��ظ أو معلّم دينيّ (ينسحب األمر على المؤسّسة الدينيّة اإلسالميّة أيضاً) أن يق ّدم نسخة أو تقرير عن تعليمه أو عظته أو دروسه الدينيّة لرجاالت األمن ولعناصر المخابرات ،الذين لطالما ك ّنا نراهم يجلسون على أحد مقاعد دار العبادة يلتقطون ك ّل كلمة يقولها أيّ شخص داخل الكنيسة ويُحصون على العابدين أنفاسهم وكلماتهم.
جنيب جورج عوض www.allsyrians.org
6
العدد 18
/12تشرين الثاني 2014/
تحقيقات
عند الحروب ال تقام الحدود
وفي الحروب ال مكان للطفولة أيضاً ،عندما يصبح الطفل جزءاً من الصراع المسلّح ويعتلي جبينه شعارات بعض الجهات المسلّحة بدالً من الرسوم الكاريكاتيريّة التي من المفروض أن توضع على جبينه تكريما ً له في حال تفوّ قه في دروس��ه ،فمصير الطفولة على ك ومه ّدد باالنقراض في حال لم يت ّم استدراك تلك المح ّ الحاالت ومعالجتها وإرجاع الطفل إلى مكانه الطبيعيّ على مقاعد الدراسة ،وألنّ من أه ّم حقوق الطفل هو ّ المنظمات الدوليّة ح ّقه في التعليم ،تسعى اليوم أغلب ّ الحق بعد ما شهدته سوريّة من أحداث على تفعيل هذا ّ عنف وصراع مسلح ،كان المتضرّ ر األكبر منها هم األطفال ،حيث أنّ أغلب المدارس تعرّ ضت للقصف والتدمير ،ممّا أبعدهم عن مقاعد الدراسة وأتاح لهم االن��خ��راط في س��وق العمل أو في بعض الحاالت التحاقهم بالعمل المسلّح. ّ المنظمات الداعمة لمسألة التعليم وتقوم بعض
مشاريع إعادة ترميم وت��أه��ي��ل ع����دد من ال��م��دارس ف��ي ع�� ّدة محافظات سوريّة ،فقد ت ّم فعالً تنفيذ مشروع ف��ي محافظة حلب وري��ف حماة ،بينما تو ّقفت في الر ّقة وذلك بسبب سيطرة تنظيم «داعش» ومن ضمن المشاريع التي ن ّفذت ك��ان مشروع ترميم وتأهيل 25م��درس��ة في ريف حماة بقيمة 345ألف دوالر ،وقد ت�� ّم تنفيذ المشروع على 4مراحل: ن ّفذ المشروع مجلس محافظة حماة – مكتب التربية -وقد أوضح مدير مشروع التعليم في ريف حماة ،ورئيس مكتب التعليم في المجالس المحليّة ّ غطى غالبيّة «عبدالرحمن حمادة» أنّ المشروع ري��ف حماه ،ففي منطقة الغاب ت� ّم ترميم وتأهيل 15مدرسة ،كما ت ّم ترميم 4م��دارس في الريف الشماليّ ،وم��درس��ة واح���دة ف��ي ال��ري��ف الشرقيّ ، وفي منطقة جبل «شحشبو» ت ّم ترميم 5مدارس، وتعتبر هذه المناطق محرّ رة وخارج سيطرة النظام. كما ت ّم إضافة 5مدارس إلى المشروع إلعادة ترميمها وذلك من خالل توفير مبلغ مالي بقيمة 50ألف دوالر عن طريق فرق األسعار واختالف سعر الصرف وقدرة العاملين على المشروع بإصالح بعض األعطال بدالً من شراء مواد جديدة ليرتفع عدد المدارس المعاد تأهيلها وترميمها إلى 30مدرسة.
كما ق ّدم المشروع مكافآت للمدرّ سين المفصولين عن عملهم والمتطوّ عين في المدارس الخاضعة ّ لخطة عمل الترميم ،حيث بلغ عدد المستفيدين 139مدرّ سا ً من خالل منحهم مكافآت على شكل رواتب شهريّة لم ّدة 6 أشهر بقيمة 150دوالراً شهر ّيا ً بينما تح ّدث منسّق المشروع السيّد «خالد الطعيمة» عن بعض الصعوبات التي واجهتهم أثناء تنفيذ المشروع ،ومن أهمّها القطاع الجغرافيّ الواسع وغالبيّة المناطق تعتبر نقاط احتكاك مع النظام ،ممّا يعرّ ض هذه المناطق للقصف المستمرّ وبشكل يوميّ ،باإلضافة إلى صعوبة تأمين المواد واالحتكار، ح��ي��ث أنّ أغلب المواد ت ّم تأمينها من مصدر واحد ،كما أنّ السوق المحليّة ش��ب��ه م��ع��دوم��ة، وال��غ�لاء الفاحش بأجور النقل واليد ال��ع��ام��ل��ة ،ولكن ع��ل��ى ال��رغ��م من ك ّل هذه الصعوبات وال��ت��ح��د ّي��ات التي واجهتهم ت ّم تنفيذ ال��م��ش��روع بشكل ناجح. وت�������ح������� ّدث المسؤول الماليّ «السيّد «عبدالف ّتاح الش ّدة» عن التعاون الحاصل بين منفذي المشروع والداعمين له، حيث ت ّم تسليم المبلغ المطلوب على 4دفعات وفي األوقات المح ّددة ،ممّا ساهم في إنجاح تنفيذ المشروع في الوقت المح ّدد ،كما ذكر أ ّنه ت ّم تأمين مولّدات
كهربائيّة للمدارس ومدافئ كخطوة أخيرة من خطوات العمل في المشروع ،وقد أوضح السيّد «عبدالف ّتاح الش ّدة» بأنّ مجلس محافظة حماة استطاع الحصول على دعم لتأمين كا ّفة مستلزمات الطالب المدرسيّة، من خالل التعاون مع وحدة التنسيق والدعم ،فقد ت ّم إنجاز مشروع مدرسيّ لدعم 50ألف طالب بالحقائب والقرطاسيّة واللباس الكامل والمقاعد ودع��م هذه المدارس بكاميرات تصوير وأجهزة حاسوب. إنّ إنجاز هذه المشاريع يتطلّب جهد ووقت ودعم من الجهات المهتمّة بالطفل وحقوقه ،ووعي والتزام
من قبل األهل أوّ الً والمسؤولين ثانيا ً لضمان بقاء األطفال على مقاعد الدراسة وعدم جرّ هم إلى الصراع وجعلهم فتيالً لحرب هوجاء سيكون الخاسر األكبر بها هو الطفل.
دمية أمحد
اإلسالموفوبيا ..إىل الواجهة جم ّدداً دائماً ،واليوم بات «الجهاد» قاب قوسين من التش ّكل بوضوح. واختاروا أوربّا كملجأ سياسيّ ومورد اقتصاديّ ، لك ّنهم لم يتعاملوا معه على أ ّنه بلدهم وهويّتهم ،رفضوا في داخلهم ك ّل أشكال االندماج ،وكانت بزرة التطرّ ف حاضرة في ك ّل وقت وتحتاج إلى شرارة لتطلقها.
حدث في فرنسا أ ّنه هُدمت كنيسة قديمة بسبب أ ّنها تحتاج إلى 3مليون دوﻻر إلصالحها ،وحدث أيضا ً أ ّنه تمّت الموافقة على بناء 200مسجد جديد ،في حين أنّ هناك سبعة كنائس مسيحيّة في الجزائر مه ّددة بالتدمير ،فهل كانت فرنسا غير متسامحة مع العرب؟ قبل بضعة سنوات ،قُتل كاهن مسيحيّ فرنسيّ في الجزائر مارس طقوس العبادة في خارج إطار الكنيسة ،ومنذ فترة قصيرة قُتل مواطن فرنسيّ في جبال الجزائر بسبب أ ّنه غير مسلم ،فهل مصطلح «اإلسالموفوبيا» جاء من الفراغ؟ فتاة جزائريّة بقيت ترتدي الحجاب سنة كاملة ،منذ وصولها فرنسا ،وتمارس طقوس العبادة ك ّل يوم، تح ّدثت بشجاعة كيف أ ّنها رفضت العمل في إحدى المتاجر الفرنسيّة بسبب شرط خلع الحجاب .كانت تقول بوضوح تا ّم إنّ القوانين ال تعنيها في شيء، وتنظر إلى الفرنسيّات بريبة ،كمخلوقات غريبة ال ترغب أن تكون مثلهنّ . سيّدة أخرى أتت إلى فرنسا منذ أشهر مع ولدين اثنين وفتاة شابّة ،استوقفتها عبارة قالها السيّد الفرنسيّ ،الذي راح يشرح مجمل التفاصيل للحياة الفرنسيّة «فرنسا دولة علمانيّة ديمقراطيّة تحترم األديان والحرّ يّات الشخصيّة». طلبت السيّدة الجزائريّة حينها شرحاً« :لماذا ال
newspaper@allsyrians.org
يو ّفر القانون ح ّقا ً للوالد والوالدة بحماية ابنتهم من االنحراف؟!» لقد اعتاد ذاك الفرنسي مقابلة الكثير من العرب وقال إ ّنه حاول مساعدة الكثيرين عبر إجراء وخبر دورات االندماج ِ أسئلتهم وح��ف��ظ أنماط تفكيرهم ،ك��ان يذ ّكر العرب بضرورة احترام قانون البالد وض��رورة االن��دم��اج ف��ي تفاصيل الحياة اليوميّة ،وشرح بالتفصيل ك��ي��ف ك��ان العرب يزوّ رون األوراق ال��رس��م � ّي��ة وي��ج��ت��ازون ال��ح��دود ع��ن��وة ،وكيف يبيعون بطاقات التأمين الصحّ يّ ويتصرّ فون بها على نحو غير قانونيّ . أق��ام ال��ع��رب عموما ً (كانتونات)، ألنفسهم وكأ ّنهم نقلوا تجربتهم في العادات والتقاليد ،ويبدو أ ّنهم لم يق ّدموا ضمن وجودهم األوروبّ��يّ نموذجا ً جيّداً للشعوب األورمتوسّطيّة، كانوا مثاالً صارخا ً للفوضى واخ��ت��راق القانون وعدم احترامه ،كانوا مع اإلقصاء واإللغاء السياسيّ
كان لدى العرب بعض المشكالت -لم تعالجها فرنسا -ربّما أ ّدت إلى نوع من الحقد وفي نهاية األمر إلى نوع من التطرّ ف ،الذي خلق إيديولوجيا باتت توصف اليوم بالراديكاليّة ،لكن في النهاية هي بذرة التطرّ ف ،التي ،ربّما كانت النظرة الدونيّة للعربيّ قد ساهمت في خلقها :من اخترق القانون كان متخلّفاً ،من رفض الطالق والزواج في محاكم أور ّبيّة أل ّنه يريد قبل بأن يعيش على محكمة إسالميّة كان متخلّفاً ،من ِ راتب البطالة الذي تمنحه فرنسا للعاطلين عن العمل، من بقي هنا طيلة حياته يبحث عن طريقة لاللتفاف عن القانون ،من أتى الستخدام بطاقة شقيقه الصحّ يّة للعالج في فرنسا وهو يسكن في المغرب أو غيرها كان متخلّفاً ،ومن أتى من إيطاليا عبر وسائل النقل البرّ يّة ليعيش هنا دون أيّة أوراق رسميّة .كما يوجد من لديه القناعة أنّ دولة الك ّفار يجب أن ُتنهب ،أن ُتسرق أن ُتباد عن بكرة أبيها.
شابّ جزائري ضُبط بسرقة متجر فرنسيّ ،وأثناء التحقيقات تبيّن أ ّنه لم يكن يحتاج إلى ما سرقه ،وأنّ هدفه التعبير عن رفض ما لدولة الك ّفار. لهم مبرّ راتهم ،ويرون أنّ الفرنسيّين غير جا ّديين
في عمليّات دمجهم كثيراً .خصّصوا لهم مناطق باتت تسمّى «مناطق العرب» ولها أسواقها ولها طبيعتها وعاداتها .بينما تكثر فيها نسبة الفوضى والجرائم والسرقات ،واألرقام الرسميّة تقو ل إنّ هناك ()70 %منهم في السجون!! ويرفض القادمون الجدد السكن في تلك المناطق ،وبعض المناطق الفرنسيّة ترفض تأجيرهم ،ما السبب؟ السبب يبدو واضحا ً «هم مصدر الفوضى والتطرّ ف» .هكذا قالت تلك السيّدة التي وضعت إعالنا ً لمنزلها على األنترنت. تاريخ ّياً ،كانت معظم النشاطات للعرب والمسلمين هنا :طلب رخصة لبناء جامع ،أو اعتصام ض ّد قانون إدراج «وجبة لحم الخنزير» في المدارس ،تظاهرات ض ّد قانون «منع الحجاب» ولم يحاول أيّ تجمّع لهم، أن يضع بصمة حضاريّة .عصفت الخالفات بما يسمّى في فرنسا «المجلس الفرنسيّ اإلسالميّ » عام 2003 إلعطاء المسلمين الذين يعيشون في فرنسا ،والبالغ عددهم ثالثة ماليين ونصف المليون ،هيئة ّ تمثلهم .إلاّ أنّ نشاط هذا المجلس ّ تعثر بسبب خالفاته الداخليّة. هل سيبقى العامل الدينيّ هو محرّ ك ك ّل عقليّتهم؟ هل يبقى الحجاب والنقاب وتطبيق حدود هللا وشريعته هي الشغل الشاغل لك ّل ه��ؤﻻء؟ س��ؤال مشروع برسم الجالية التي طالما رفعت أصواتها في وجه الفرنسيّين بأ ّنهم عنصريّون ويكرهوننا. هل كانت فرنسا غير متسامحة فعالً؟ ،لقد فعلت ك ّل شيء من أجل الجميع، الجميع دون استثناء، هي غيّرت أسماء العطل الرسميّة ،من عطلة عيد الميالد وعيد المسيح إلى عطلة ال��ص��ي��ف وعطلة ال��ش��ت��اء ،و( )%70من ال��م��ح��ا ّل ال��ت��ج��ار ّي��ة تبيع اللحوم «حالل» من أجل المسلمين ،هناك أكثر من 200مسجد في طور البناء وأكثر من ( )2270جامع ق��ائ��م .ح��س��ب معلومات المجلس اإلسالميّ الكبير في فرنسا ،وبإمكان أيّ شخص الصالة وسط الشوارع العامّة وفعلها المسلمون مرّ ة.
شذا امل ّداد www.allsyrians.org
تحقيقات
العدد 18
7
/12تشرين الثاني 2014/
الجئون سورّيون في بيوت ال تصلح للسكن وح ّتى اآلن ساعدت خمسة عشر عائلة في إيجاد بيوت لآلجار ومنذ ع ّدة أيّام جاءت عائلة نازحة من عين العرب (كوباني) واضطرّ رت للسكن في بيت يرثى له وبأجرة 200ليرة تركيّة ولكي تشاهدوا الوضع عن كثب دعونا نذهب لنشاهد البيت . توجّ هنا لذلك البيت ،كان عبارة عن بيت قديم متداعي مؤلّف من ثالث غرف صغيرة مع صالون ومطبخ ،سقف الصالون كان من الخشب كونه بيت قديم قال لنا ربّ العائلة النازحة من عين العرب (كوباني): اضطرّ رنا لترك بيتنا بعد الهجمات اإلرهابيّة على المدينة أنا وزوجتي وأطفالي الخمسة والبيت قد ينهار، كما ترون ،لكن لم يكن لدينا خيار آخر. األضرار الناجمة عن هكذا بيوت بدأت المأساة من تلك الطائرة التي قصفت .ولم تميّز بين األبنية والبشر وتسبّبت بشقاء عائالت كثيرة من حيّ المرجة في حلب بتاريخ 2014/12/23فته ّدمت البيوت فوق رؤوس أصحابها ليستشهد البعض وينجو البعض اآلخر وهم بنجاتهم من الموت ال ينسون ولو للحظة موت األهل ،هكذا تخبرنا (أ ّم محمّد 50 ،عاماً) والدموع تمأل عي ّنها حيث التقينا بها في البيت الذي أستأجرته في مدينة باتمان التركيّة. ذكريات مؤلمة ،وبيوت مالصقة لحظيرة حيوانات تخبرنا (أ ّم محمّد) أ ّنه :بتاريخ 2013/12/23فجأة سمعنا صوت الطائرة ث ّم صوت انفجار صرخ ابني قائالً :بأنّ أخويه االثنين قضوا ،وهما محمّد (عمره 20عاماً) وحمزة (عمره 14عاماً) وأشارت أ ّم محمّد بيدها إلى الجدار ،صورتيهما معلّقتان على الجدر، طلبت م ّنا أن نشاهد الصور. وعند سؤالنا لها عن الرائحة الكريهة الموجودة في البيت وكيف تسيّر أمورها؟ أجابت: أبحث عن بيت أجرة ،لكن ال أجده ومضطرّ ة للبقاء هنا والعيش بجوار البقر حيث يربّون هنا البقر بجوارنا، وك ّل هذه الرائحة من الحظيرة ،أنا وطفلتاي االثنتان نعيش في هذا البيت ،ابني ذو التسعة عشر عاما ً يعمل راعيا ً للغنم في قرية من قرى باتمان ،وأتم ّنى أن يجد
عمالً هنا في المدينة ،كي يسكن معنا ،كوننا نخاف ليالً ،وهو مضطرّ ألن ينام في القرية.
ولمعرفة األضرار الناجمة عن السكن في بيوت قديمة أو المالصقة لحظيرة حيوانات توجّ هنا إلى
تواجد الحيوانات فمن الواجب على اإلنسان بناء حظائر الحيوانات بعيداً عن مسكنه ،وبحسب تقارير ّ منظمة الصحّ ة العالميّة أنّ المسافة اآلمنة لبناء حظائر الحيوانات يجب ألاّ تق ّل عن 10كم عن المدن وبحسب دراسة أمريكيّة أنّ غاز الميتان الذي يتحلّل عن روث الحيوانات يكون أخطر من غاز ( )CO2بأكثر من 20مرّ ة ،فضالً عن ذلك فإنّ المكروبات الموجودة بالمخلّفات الحيوانيّة والحشرات الناقلة للمرض تسبّب أمراض بكتيريّة وطفيليّة مثل (النزالت المعويّة، التسمّم الغذائيّ ،التيفوئيد ،السلّ ،الدفتيريا ،الرمد) وأمراض فيروسيّة مثل (شلل األطفال ،الرمد الحبيبي، إلتهاب الكبد) حيث تنقل هذه المكروبات بطريقة مباشرة. المكاتب العقاريّة الالجئ السوريّ نادراً ما يلجأ إلى المكاتب العقاريّة
بيت (أ ّم محمّد) مكوّ ن من ثالث غرف ،وعند سؤالنا عن باب مقفل وهل هو باب لغرفة؟ قالت :كلاّ هذا الباب يؤ ّدي إلى حظيرة البقر ،ال يفصلنا عنها سوى هذا الباب. مساعدة الالجئين في إيجاد بيوت بعد ذلك ،توجّ هنا إلى أحد الالجئين السوريّين وهو صاحب مح ّل يبيع اآلالت الموسيقيّة ،ويقوم بمساعدة السوريّين في إيجاد بيوت أجرة ،لنستفسر منه إنْ كانت هنالك حاالت أخرى يضطرّ فيها الالجئ السوريّ للسكن في بيوت ال تصلح للسكن فقال: اسمي «مروان شيخو» ف ّنان من عامودا أحاول مساعدة السوريّين في إيجاد بيوت لألجرة وهنالك بيوت كثيرة ال تصلح للسكن ولك ّننا مضطرّ ون أن ُنسكن فيها عائالت الجئة كيال تنام في الحدائق العامّة ومن البيوت التي ال تصلح وسكنت فيها عائلة مؤلّفة من س ّتة أشخاص بيت عبارة عن غرفة واحدة وهي شبه صالون وفيها المطبخ والح َمام أيضا ً وبأجرة 125 ليرة تركيّة ،لكنّ العائلة كانت مضطرّ ة للسكن فيها والبيت الذي كانت أجرته 150ليرة تركيّة أصبح أضعاف ذلك بعد كثرة مجيء الالجئين السوريّين،
الطبيب عدنان حسين فقال لنا :بالنسبة لهذه البيوت غالبا ً ما تكون الرطوبة عالية فيها ،وهذه الرطوبة تكوّ ن بيئة مناسبة للكثير من المكروبات والجراثيم والحشرات المنزليّة ،التي تسبّب أمراضا ً للرئتين تتمظهر بضيق التنفس وخاصّة للمصابين بالربو أو التهاب القصبات، أمّا بالنسبة للبيوت المالصقة أو القريبة من مكان
من أجل إيجاد بيت لآلجار ،كون المكاتب تأخذ أجرة بيت لشهر كامل ح ّتى تدلّه على بيت ،لذلك يتساعد الالجئون السوريّون فيما بينهم إليجاد بيوت ،قدر المستطاع ،إلاّ أنّ أزمة السكن تجبر الكثيرين على السكن في بيوت ال تصلح أصالً للسكن.
بامتان – احملامي علي كولو
الهروب من المجازر سيراً على األقدام نهاراً أسفر عن دم��ار كبير في المدينة وخاصّة الحيّ الشماليّ القريب وتدمير شبكة الكهرباء ،أجبر األهالي إلى الهرب نحو داعل القريبة من المدينة والتي استقبلت أكثر من 70ألف نازح خالل األيام الماضية ،وت ّم تأمينهم في المنازل والمساجد مع صعوبة في توفير االحتياجات الغذائيّة في ظ ّل انقطاع التيار الكهربائيّ ،وارتفاع في أسعار الوقود حيث وصل سعر لتر ما ّدة البنزين إلى 300ليرة سوريّة في حين ارتفع المازوت إلى 500ليرة ،وطنّ ما ّدة الحطب إلى 35ألف ليرة فيما بقيت ما ّدة الغاز شبه مفقودة في المدينة.
ظروف بالغة الصعوبة يعيشها األهالي في مدن وبلدات «الشيخ مسكين وإبطع وداعل» في ريف درعا ج��رّ اء العمليّة العسكريّة على مدينة الشيخ مسكين والهزائم المتوالية التي تعرّ ضت لها قوّ ات النظام في المدينة منذ أكثر من أسبوع. وتكبّدت قوّ ات النظام هزائم كبيرة أجبرتها على االنسحاب من المناطق التي تسيطر عليها في مدينة نوى القريبة من الشيخ مسكين بعد قطع طريق اإلمداد لقواتها في نوى ومحيطها ،وخسارتها لمعظم النقاط والحواجز العسكريّة في مدينة الشيخ مسكين باستثناء مساكن الضبّاط المتاخمة للواء 82شمالي مدينة الشيخ مسكين ،حيث ما تزال قوّ ات النظام متواجدة فيها واتخاذها لألهالي دروع �ا ً بشريّة لمنع قوات الجيش الحرّ من التق ّدم. تدمير كا ّفة مظاهر الحياة بالقصف العنيف تعرّ ضت مدينة الشيخ مسكين لقصف عنيف بك ّل األسلحة وخاصّة سالح الطيران ،ووصلت نسبة الدمار إلى ما يقارب %70وفقدان مستلزمات الحياة من كهرباء وماء وغذاء وتدمير النقطة الطبيّة الوحيدة وشبكة الكهرباء ،فيما ارتكبت قوات النظام ع ّدة مجازر أثناء احتاللها لبعض المنازل وا ّتخاذ أصحابها دروعا ً بشريّة أعدمتهم قبل انسحابها من األحياء ،وعُثر على أسرة كاملة تفسّخت جثثهم في أحد المنازل التي احتلتها قوّ ات النظام ،ووصل عدد الشهداء الذين ت ّم إعدامهم ميدان ّيا ً إلى أكثر من 10 شهداء ،وم��ازال العديد من األهالي مفقودين بعد اعتقالهم.
ّ والمنظمات غائبة عن المشهد النزوح ،في حين ت ّم قصف الطريق الواصل بين مدينة الشيخ مسكين وإبطع بالدبّابات والمدفعيّة حيث حاول األهالي الهرب سيراً على األقدام في ظروف جوّ يّة سيّئة و استشهد أفراد عائلة مكوّ نة من 5أفراد بينهم طفلين وامرأتين جرّ اء سقوط قذيفة من قبل قوّ ات النظام. بقي العديد من األهالي ،وح ّتى اللحظة ،محاصرين
نقلهم إلى النقاط الطبيّة في مدينة إبطع ومن ث ّم إلى المشفى الميدانيّ في داعل الذي كان يعاني من نقص في المستلزمات الطبيّة والكوادر العاملة ت ّم تالفيها في وقت الحق بعد مناشدات قام بها كادر المشفى بضرورة اإلسراع بتأمين احتياجاته لتقديم المساعدة لألعداد الكبيرة من األهالي المصابين. إبطع وداعل قصف عنيف ونازحون باآلالف
مطاردة الهاربين وقتلهم من قبل قوّ ات النظام عند بدء العمليّة العسكريّة لقوّ ات النظام في مدينة الشيخ مسكين احتلّت العديد من المنازل والمساجد التي ا ُتخذت مآذنها مقرّ ات لقناصته ،وت ّم ّ بث نداءات من قبل قوّ ات النظام بضرورة تسليم مقاتلي الجيش الحرّ أنفسهم ،وعلى األهالي ترك منازلهم والهرب من المدينة ،حاول األهالي الهروب عبر طريق إبطع التي تبعد عن مدينة الشيخ مسكين حوالي 3كم ،لكنّ ق ّناصة النظام مارسوا هوايتهم في صيد األرواح ،وت ّم قتل العديد من األهالي مع أطفالهم أثناء محاولتهم
newspaper@allsyrians.org
في مدينة الشيخ مسكين وخاصّة في الحيّ الشماليّ مع فقدان لكا ّفة االحتياجات من طعام وماء واتصاالت ووقود وكهرباء ،في حين تتعرّ ض المدينة لقصف جنونيّ ،وتعرّ ض العديد من األهالي إلصابات ت ّم
نزحت أعداد كبيرة من األهالي من مدينة الشيخ مسكين إلى مدينة إبطع والتي بدورها كانت تحتضن نازحين من مدينة نوى ،حيث تعرّ ضت هي األخرى لقصف عنيف بالطيران الحربيّ والمروحيّ ليالً
ناشد العديد من الناشطين واألهالي الهيئات ّ والمنظمات اإلغاثيّة والثوريّة وعلى رأسها الحكومة المؤ ّقتة واالئتالف بضرورة تأمين المواد اإلغاثيّة من طعام وعالج ومأوى ،لكن دون جدوى حيث ت ّم إخبارهم بخلوّ الصناديق من أيّ مبالغ ماليّة في الوقت الراهن ليُترك األهالي لمواجهة مصيرهم ،مع موجة برد قارص تتعرّ ض لها المنطقة وقصف عنيف بش ّتى ّ المكثف في أنواع األسلحة وخاصّة سالح الطيران الليل والنهار وصواريخ أرض -أرض التي تستهدف مدن الشيخ مسكين وإبطع وداعل محدثة دماراً هائالً وسقوط العديد من الشهداء والجرحى. مدينة الشيخ مسكين المنكوبة تتوسّط سهل حوران في جنوبي سوريّة وبارتفاع 800م عن سطح البحر، و تتبع إدار ّي���ا ً لمحافظة درع��ا وتبعد عن مركز المحافظة حوالي 22كم ،بينما تبعد عن دمشق حوالي 77كم و 65كم عن السويداء و 8كم عن إزرع و4كم عن نوى وهي رابعة أكبر مدن محافظة درعا وتش ّكل عقدة مواصالت هامّة تربط المحافظات الجنوبية «درعا –دمشق – السويداء -القنيطرة « ونتيجة لموقعها االستراتيجيّ الهام جعل منها مركزاً للحشود العسكريّة واألمنيّة والشبّيحة واللجان الشعبيّة التابعة لقوّ ات النظام ،حيث تعرّ ضت نتيجة ذلك لحصار شديد منذ حوالي ثالث سنوات وتهجير لألهالي هربا ً من التنكيل والمجازر التي ارتكبت بح ّقهم واعتقال الكثير من أبنائها.
درعا -سارة احلوراني www.allsyrians.org
8
العدد 18
اقتصاد و قانون
/12تشرين الثاني 2014/
جثث تصرخ شخص يمضغ قلب خصمه ّ .... جثة طفل قُطِ عت أعضاؤه التناسليّة بعد موته تحت التعذيب وآخر قُلعت حنجرته وجثة ت ّم تقطيعها ،مشاهد اقتحمت حياتنا وتحوّ لت إلى جزء من ذاكرتنا البصريّة وبالرغم من بالجثة من امتهان ّ ّ لجثة ك ّل ما تتضمنه جريمة التمثيل الميّت وإث��ارة لآلخر وإسهامها في أم��راض نفسيّة وقلق وهيجان إلاّ أ ّنها بدأت تكتسب طابعا ً أخالق ّيا ً وقبوالً عند بعض السوريّين الذي بدأ يدافع عن فاعليها تحت مبرّ رات عديدة منها االنتقام أو المعاملة بالمثل طالما أنّ الطرف اآلخر ّيمثل بالجثث فمن ح ّقنا أن ّ نمثل بالجثث -متناسين أ ّننا ننتمي إلى ثقافة اجتماعيّة وموروث يحضّنا على احترام الموتى «إكرام الميّت دفنه». الشريعة اإلسالميّة كانت حادثة مضغ «هند بنت عتبه» لقلب «حمزة بن عبد المطلب» ع ّم الرسول أوّ ل حادثة تمثيل بالجثث تواجه اإلسالم ،وتوعّد الرسول حينها باالقتصاص من سبعين رجل من المشركين انتقاما ً منهم ،فجاءت اآلية ((وإِنْ َعا َق ْب ُت ْم َف َعا ِقبُو ْا ِبم ِْث ِل َما عُو ِق ْب ُتم ِب ِه َو َلئِن القرآنيّة َ ِّ َّابرين)) ليمنع الرسول من تنفيذ َ ص َبرْ ُت ْم َله َُو َخ ْي ٌر للص ِ وعده ولتقونن الواقعة بشكل مفصّل ويمكن أن نستنتج ثالثة أحكام من هذه اآلية وهي: الحكم األوّ ل :ال يجوز للمسلمين التمثيل بالجثث ابتداءً. الحكم الثاني :في حال قيام األعداء بالتمثيل بجثث المسلمين فيكون الر ّد بشكل محدود وضيّق. الحكم الثالث :الصبر والتر ّفع عن الر ّد بالمثل وعدم
التمثيل بالجثث هو األفضل عند هللا. بالمحصلة نجد أنّ الشريعة اإلسالميّة تشجّ ع التوجّ ه بعدم التمثيل بالجثث ولو كان ر ّداً بالمثل. القانون السور ّي لم يعالج قانون العقوبات السوريّ موضوع التمثيل بالجثث السوريّ بشكل مفصّل ،ويرجع ذلك إلى أنّ مثل هذه الجرائم كانت غريبة عن المجتمع وهي نادرة الوقوع ،ومع بداية األزمة األخيرة صدر قانون اإلرهاب لعام 2012ونصّ في الما ّدة األولى «العمل اإلرهابيّ :ك ّل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر بين الناس أو اإلخالل باألمن العام أو اإلضرار بالبُنى التحتيّة أو األساسيّة للدولة ويرتكب باستخدام األسلحة أو الذخائر أو المتفجّ رات .»...........وفي المادة السابعة «يُعاقب باألشغال الشاقة المؤبّدة والغرامة ضعفي قيمة الضرر من ارتكب عمالً إرهاب ّيا ً نجم عنه عجز إنسان أو انهدام بناء جزئ ّيا ً أو كل ّيا ً أو .»....ومن قراءة نصوص القانون نجد أنّ : - 1 واضح.
-2نستطيع أن نشمل جرم التمثيل بالجثث بفقرة (يحدث ذعراً بين الناس) وذلك ألنّ التمثيل يخلق حالة من الخوف والذعر واالشمئزاز بين الناس. -3غلّظ القانون عقوبة مرتكب الجريمة وهي األشغال الشاقة المؤبّدة. - 4فرض القانون عقوبة ماليّة وهي الغرامة ضعفيّ قيمة الضرر.
مساومة على األ ّم
قمر عوض ،ربّة منزل تبلغ من العمر 55عاماً. خـالل زيارتهـا ألختهـا في مدينـة قدســيّا بريف دمــشق، اعتقلهـا أفراد من المخـابرات الجوّ يّـة ،وأخذوهـا إلى مكان مجهول. وعُرف فيمـا بعد -حــسب شــهادات بعض المـفرج عـنهم ّ المـزة أ ّنهـا ُنقـلت إلى مركز المخابرات الجوّ يّـة بمطارالعــسكريّ . وتعتقد مصادر مقرّ بة من العائلة أنّ اعتقال السيدة «عوض» جاء على خلفيّة تهرّ ب اثنين من أبنائها من الخدمة العسكريّة، وأنّ السلطات األمنيّة وضعتهما على قوائم المطلوبين منذ ذلك الحين. وذكر أفراد من العائلة أ ّنهم يتعرّ ضون للمســاومة من قبل الــسلطات األمنيّة التي ا ّتصـلت بهم هاتف ّيا ً ع ّدة مرّ ات لمطالبتهم بدعوة أبنـائهم المختفين إلى تسـليم أنفسهم مقابل اإلفراج عن أمّهم. وتؤ ّكد األسرة أنّ أحد األبناء المطلوبين لقي مصرعه في قصف لحيّ القابون الدمشقي في 13حزيران .2014 ومن الجدير بالذكر ،أنّ النظام ومنذ عشرات السنين يمارس اعتقال األب أو األ ّم ليُجبر األبناء على تسليم أنفسهم ،ويمارس العكس أيضاً.
newspaper@allsyrians.org
لم يذكر القانون جريمة التمثيل بالجثث بشكل
كان من المفترض أن تنال جريمة التمثيل بالجثث اهتماما ً أكثر من المشرّ عين وخاصّة في ظ ّل األحداث الحاليّة وما نشاهده من ازدياد لهذه الجريمة من حيث العدد أو ح ّتى استحواذها قبوالً اجتماع ّيا ً وإعطائها شرعيّة أخالقيّة.
إنّ من يقوم بجريمة التمثيل بالجثث هو شخص غير عاديّ ،ولذلك الب ّد أن تكون العقوبة بح ّقه غير عاديّة، شديدة ومغلّظة ،ولكن قبل ذلك علينا العمل إلزالة ك ّل األسباب التي دفعت المجرم الرتكاب جريمته.
حممّد محو
المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية... السوري آل األسد والثروة التي تقتل الشعب ّ
لع ّل من أسباب بقاء نظام األسد إلى اآلن هو الثروة التي جناها خالل 40عاماً ،تلك األموال المنهوبة من لقمة الشعب السوريّ باتت ُتدفع للمرتزقة والشبّيحة لقتل المواطنين وقمعهم ،كيف ال؟ وثروة تلك المافيا تجاوزت 250مليار دوالر وهي كافية لتدمير بلد كامل وتهجير أهله وكافية لشراء سالح ومع ّدات تكفي لجيش كبير قادر على تحرير الجوالن والقدس. تلك الثروة ،مقسّمة على النحو التالي: ثروة «ب ّ شار األسد» ُت��ق�� ّدر ث��روت��ه وفقا ً للتقارير اإلعالميّةبـ 70م��ل��ي��ار دوالر وك��ذل��ك ث��روة عمّه «رفعت األسد» 42 مليار دوالر ،وهذا المبلغ حسب صحيفة «اللوموند» الفرنسيّة ف��ي ع���ام ،2012 «ج��م��ي��ل األس����د» حوالي 7مليارات دوالر وهو ع ّم ب ّ شار وص��اح��ب جمعيّة ال��م��رت��ض��ى وال��ت��ي كانت مهمّتها أن تقوم بتشيّع الناس وإدخال م��ع��ن��ى ال��ط��ائ��ف � ّي��ة ف��ي س��وريّ��ة ،وه��ذا المبلغ المعترف فيه بالمحاكم الفرنسيّة عند إق���رار ميراثه بعد وفاته ،وأمّا ثروة «ماهر األسد» األخ األصغر لبشار األسد ُتق ّدر حوالي 32مليار دوالر ،وأمّا بالنسبة ل «باسل األسد» األخ األكبر والذي تو ّفي بحادث سير ،فثروته ُتق ّدر بحوالي 20مليار دوالر موضوعة في البنوك األورب � ّي��ة ،وت � ّم تحصيل 16مليار دوالر منها عن طريق «نادر قلعي» والذي قام بعمليّة نهب قويّة ج ّداً حيث زوّ ج باسل األسد إلحدى قريباته بعد وفاته وت ّم نقل جزء من تلك األموال والتنازل عن الباقي للبنك كنوع من الرشوة ،وأمّا بالنسبة «آلصف شوكت» المتو ّفى بطريقة غريبة إ ّدعى النظام أنّ قوى المعارضة َمن
قتله في تفجير لغرفة عمليّات إدارة األزمة ،ولكنّ األبحاث تبيّن أنّ المخابرات الروسيّة هي وراء عمليّة قتلة وبالحديث عن ثروته ،فهي ُتق ّدر تقريبا ً 5مليارات دوالر ،وبالنسبة لعائلة األخرس وهي عائلة زوجة بشار األسد أسماء األخرس ف ُتق ّدر ثروتهم حوالي 5مليارات دوالر مو ّدعة مابين أسهم في بنوك أوروبيّة واستثمارات في بلدان أوربيّة مستغلين الجنسيّة البريطانيّة ،وأمّا أقرباء
العقيلة للتأمين والشركة اإلسالميّة للخدمات الماليّة وغلف ساندز للبترول وشركة شام كابيتال وشركة الكورنيش السياحيّة ،وهي مملوكة له بالكامل، والكثير من الشركات والتي يتجاوز عددها 30 شركة بين مالك وشريك والتي قُ ّدر دخلها خالل 14عاما ً حوالي 40مليار دوالر وقيمتها حوالي 5مليار ات دوالر ،وله استثمارات في دول خليجيّة وأجنبيّة حوالي 5مليارات دوالر أي أنّ ثروة رامي مخلوف ُتق ّدر 50مليار دوالر ،هذا م��ا تملكه تلك المافيا، وه��ن��اك ك � ّل سنة %60 من ميزانيّة الدولة تذهب إلى المؤسّسة العسكريّة وهي التي ُتق ّدر بماليين الدوالرات ،تلك المؤسّسة التي كانت تدعم خالل 40عاما ً من لقمة عيش الشعب السوريّ ،واآلن يت ّم استخدامها في قمع وقتل الشعب وتخريب المساجد واألبنية وك ّل البُنى التحتيّة لسوريّة، فنظام األسد مع تلك الماليّة قادر على االستمرار في حرب االستنزاف لم ّدة 4 سنوات من خالل جلب المرتزقة للمحاربة في ص ّفه من دول أسيويّة عدا الدعم الماليّ التي ت��ق� ّدم��ه إي���ران وال��دع��م اللوجستيّ و االستراتيجيّ والعسكريّ التي تق ّدمه روسيا له.
ب ّ شار األسد فكان كامل األسد له ثروة ُتق ّدر حوالي 2مليار دوالر ورياض شاليش ثروته ُتق ّدر حوالي 3مليارات دوالر ،وبالعودة آلل مخلوف فهم لهم الك ّم األكبر فقُ ّدرت ثروة محمّد مخلوف االبن حوالي 20مليار دوالر وبالنسبة لشقيقة األكبر رامي مخلوف رجل األعمال األوّ ل في سوريّة وصاحب أكبر عدد من الشركات في سوريّة فهو يستولي على ك ّل شيء تقريباً ،إ ّنه صاحب شركة «سيرياتيل» لالتصاالت وشركة شام القابضة وبنك سوريّة اإلسالميّ وبنك «بيبلوس» وشركة
ك ّل هذا يقف في وجه شعب سوريّة ،شعب الياسمين الذي خرج من أجل الحريّة والكرامة من أجل أن يكون شريك في األرض وخيرات األرض ،من أجل العيش الكريم، شعب سوريّة صاحب أنقى وأطهر ثورة في العالم. أيّ ثورة تستطيع لم ّدة أربع سنوات أن تقف في وجه هذا الجحيم وتتح ّدى ك ّل العقبات والتخاذل من جميع دول العالم؟ وأيّ ثورة تقف في وجه هذا الك ّم الكبير من المال هي أقوى ثورة في العالم وهذا ما أثبتته ثورتنا ثورة الياسمين.
أمري جنم ال ّدين
www.allsyrians.org
مجتمع
العدد 18
العقائدي التوريث ّ
/12تشرين الثاني 2014/
إ ّن هذا التوريث ال يقتصر على األديان ،بل يشمل كافّة االجتاهات الفكريّة والعقائديّة
كثير من التساؤالت ُتطرح حين ينتج عن عائلة متديّنة ومحافظة أبناء ملحدون أو علمانيّون أو ال دينيّون ،أو في أق ّل الدرجات ح ّدة غير متديّنين ،والعكس صحيح ،أي حين ينتج عن عائلة ملحدة أو علمانيّة أبناء متديّنون وأحيانا ً أبناء متطرّ فون ،وكثيراً ما يبدو هذا األمر وكأ ّنه خيبة أمل بالنسبة لآلباء بأبنائهمُ ، وكثر من تناولوا موضوع توريث األديان بالمناقشة والعرض، واآلثار السلبيّة لهذا التوريث ،وعدم منح األبناء حريّة اختيار أديانهم ،حيث يدين األبناء على دين آبائهم، ولكن ،هل يدينون ح ّقاً؟ في واقع األمر ،إنّ هذا التوريث ال يقتصر على األديان ،بل يشمل كا ّفة االتجاهات الفكريّة والعقائديّة، ويبدو األمر كما لو أ ّنهم يورّ ثون أبناءهم شخصيّاتهم وأذواقهم وأساليب وطرق حياتهم ،وللوهلة األولى، يبدو ه��ذا التوريث وكأ ّنه مقتصر على العائالت المحافظة والمحكومة بالعادات والتقاليد االجتماعيّة، والمتمسّكة بها ،أي ضمن نطاق العائالت الرافضة لالختالف في التفاصيل الصغيرة والكبيرة ،ولكن بعد تمعّن ليس بالعميق الشديد في معظم العائالت وعلى اختالف تصنيفاتها نجد أنّ هذا األمر ليس حكراً على تلك العائالت وإ ّنما يشمل عدداً كبيراً من العائالت المنفتحة في تفكيرها ،بغضّ النظر عن اتجاهها الدينيّ أو العقائديّ أو الفكريّ . ومن الواضح ج ّداً أنّ األمر ال يرتبط بالدين ،أ ّيا ً كان، وإ ّنما يرتبط بنمط التفكير المتواجد عند اآلباء ،والذين هم عناصر المجتمع الكبير ،فالرغبة في استنساخ أبناء مطابقين تماما ً لهم ،والرغبة في حماية األبناء بالشكل األكثر إي��ذاء ،واالعتقاد الراسخ بصواب وصحّ ة أفكارهم الشخصيّة وصواب معتقداتهم الدينيّة والعقائديّة بل وح ّتى السياسيّة والتي هي بشكل من األشكال رفضا ً لآلخر ،بغضّ النظر عن ح ّدة هذا الرفض ،تع ّد من األسباب البارزة في هذا التوريث ،فاآلباء يتطلّعون إلى خلق نسخ عديدة منهم ،وليس في خلق شخصيّات فريدة ومتميّزة ،سواء عنهم أو عن اآلخرين وخيبة األمل األخيرة التي تبدو في نفوسهم تظهر نتيجة خلق هذا
تعتقد الواليات الم ّتحدة أ ّنها قد قتلت بعد أسابيع من المطاردة الفرنسيّ «ديفيد داود دروغون» خبير متفجّ رات في «خراسان» في سوريّة ،وهي جماعة جهاديّة ّ تخطط لشنّ هجمات في الدول
9
تكون متماسـكة غير هشــّة وغير قابلة لالنهيار عند أوّ ل نسـمة ريح ،وهنا تكمن المصيبة األكبر ،حيث قد ينتج كنتيجة للرفض الشـديد والتطرّ ف الحا ّد من قبل األهل على أفكارهم وإصرارهم على غرســها في أبنائهم إلى تطرّ ف مقابل لألبناء على أفكارهم المخالفة لهم ،ويزداد التطرّ ف ح ّدة كلّما ازدادت ح ّدة الرفض المتبادل.
التميّز ،والذي يُنظر إليه على أ ّنه حياد عن الصواب، يمثلونه هم ،فالصواب وفقا ً لهم ّ الصواب الذي ّ خط ّ واح��د ،والحياد عن هذا الخط له أفرع عديدة ،إنّ ع��دم القدرة على التفهّم والثقة والنظرة ال��واس��ع��ة غير المحدودة للحياة ت��خ��ل��ق ت��وري��ث �ا ً كهذا ،فك ّل اآلباء يتم ّنون الخير ألبنائهم ،وليست ه��ن��ا المشكلة، إ ّن��م��ا تكمن في عدم القدرة على ال��ث��ق��ة ب���أنّ هناك طرق عديدة للصواب وللخير وللنجاح وليس طريقا ً واحداً ،وعدم الثقة بأنّ هؤالء األبناء قادرون على إيجاد طريق واحد
على األق ّل من هذه الطرق والتي قد ال تكون طريقهم هم. إ ّنهم ي��ورّ ث��ون خبراتهم و حيا تهم وأف��ك��اره��م ودي���ن���ه���م و معتقد اتهم كما لو أ ّنهم يو رّ ثو نهم م��ه��ن��ه��م، ح���ارم���ي���ن ب������ذل������ك أبناءهم من خ����ل����ق تجا ر بهم الخاصّة وخ��وض حياتهم وإبداع أذواقهم وتشكيل معتقداتهم وتكوين صيرورتهم الخاصّة بهم وبناء أفكار مالئمة لشخصيّاتهم ،بحيث
أذك��ر أنّ أحدهم أخبرني قصّة طريفة ج � ّداً عن هذا الموضوع وكانت تلك القصّة تدور حول عائلة كانت شيوعيّة في مرحلة من مراحلها ،ث ّم تحوّ لت إلى متديّنة ،األمر المضحك هو أنّ لهذه العائلة ابنتين، أرادت األولى أن تضع الحجاب فرفض األبّ ذلك رفضا ً شديداً ،وكان ذلك في الفترة الشيوعيّة ،بينما فرض الحجاب على ابنته الصغرى التي لم تكن ترغب به عندما تحوّ لت العائلة إلى متديّنة ،والمالحظ هنا هو ارتباط التوجّ ه الكامل للعائلة بتوجّ ه األب ،وهناك قصّص كثيرة مشابهة لهذه القصّة ،ففي قصّة أخرى أخبرتني إحداهنّ أنّ أختها الصغرى حاربت العائلة غير المحجّ بة من أجل حجابها ،المضحك أيضا ً أنّ وضعن الحجاب لفترة في حياتهن ث ّم خلع َنه، أختيها َ ً رفضن حجابها بشكل ساخر وجارح ،وطبعا القصّص َ المعاكسة لهذا الوضع كثيرة ج ّداً ،فالفتيات اللواتي يرغبن في خلعه وهنّ من عائالت يخلعن حجابهنّ أو َ َ لسن نادرات على اإلطالق. محافظة َ وأعود للسؤال الذي طرحته في البداية ،هل يدينون ح ّقا؟ من الواضح أنّ هذه الطريقة غير ناجحة ،فكثيرات يستطعن االبتعاد عن أهاليهنّ يخلعن الحجاب أو عندما َ يضعنه ،وكثيرون يُظهرون أفكارهم الحقيقيّة ورغباتهم الح ّقة عندما يستقلّون عن آبائهم أو يبتعدون عنهم ،وإنّ حديثا ً كهذا يدفعنا ج ّديا ً إلى إعادة النظر في أفكارنا أوّ الً ،وفي رؤيتنا للكثير من األمور وإلى الحياة خاصّة وعامّة ثانياً ،وفي طريقة تربيتنا ألبنائنا ثالثاً.
ريم احلاج
فرنسي ُقتل على األرجح بطلقة جهادي ّ ّ أمريكّية في سورّية
الغربيّة.
«إنّ سائق السيّارة كان قد فقدَ إحدى ساقيّه ،ويُتو ّقع أن يموت»، ووفقا ً لمصادر لديها علم بالعمليّة، فإنّ الشخص الثاني ،الذي قُتل هو «دروغون» حسب قناة «فوكس نيوز» التلفزيونيّة ،التي كانت األولى في إصدار المعلومات.
«أعتقد أ ّننا حصلنا عليه»، إ ّن��ه مجرّ د تأكيد من مسؤول في البنتاغون لوكالة «فرانس برس» AFPمشيراً إلى أنّ تأكيد وف��اة ال ّ شاب سيستغرق بعض الوقت.
من جانبها ،أظهرت القيادة المركزيّة فقط في بيان لها أنّ الجيش األم��ري��ك��يّ ق��اد الليلة الماضية خمس ضربا ٍ ت ض ّد أه��داف لخراسان بالقرب من سرمدا في محافظة إدلب.
«كان واح��داً من أهدافنا»، أض��اف المصدر ،ال��ذي طلب عدم الكشف عن هويّته ،مؤ ّكداً بصورة مطلقة أنّ البنتاغون كان على إثر «ديفيد داود دروغون» منذ وقت طويل ،أمّا الجنرال «لويد أوستن» رئيس القيادة العسكريّة األمريكيّة في المنطقة )القيادة المركزيّة( التي تشرف على حملة الضربات الجويّة في العراق وسوريّة ،فقد كان أكثر حذراً.
وق����د ُذك����ر اس����م «دي��ف��ي��د دروغ������ون» ع��ن��دم��ا أ ّك���دت مجموعة الصحافة األميركيّة «ماكالتشي» McClatchy قبل شهر أنّ ضابط االستخبارات الفرنسيّ السابق قد انض ّم إلى صفوف الجهاد في سوريّة وكان هدفا ً لضربة أمريكيّة في نهاية
«نحن ال نزال نقوم بتقييم نتائج هذه الضربات»، قال ذلك «أوستن» في واشنطن. وأضاف أنّ ديفيد دروغن «هو عنصر خطير في هذه المجموعة « وفي ك ّل مرّ ة نقضي فيها على أحد قادتها ،فإ ّننا نقوم بعمل جيّد . إنّ وفاته ستكون بمثابة ضربة قاسيّة لخراسان ،بما أنّ «داوود» -االسم الذي أعطاه لنفسه بعد اعتناقه اإلسالم -لمع من خالل خبرته في المواد المتفجّ رة، وفقا ً لمصدر أمنيّ فرنسيّ في وكالة فرانس برس
newspaper@allsyrians.org
. AFP على ق��دم المساواة مع جبهة النصرة ،الفرع السوريّ لتنظيم القاعدة ،وحركة ال ّدولة اإلسالميّة، استطاعت خراسان اجتذاب العديد من الجهاديّين األجانب في سوريّة وكانت مستهدفة بشكل منتظم من قبل الغارات األمريكيّة.
الخوف الكبير من ال ّدول الغربيّة هو أنّ خراسان ّ تخطط لهجمات على أراضيها. وهكذا اعتبر «جيمس كالبر» مدير المخابرات الوطنيّة األمريكيّة ،في أيلول أنّ المجموعة كانت ّ تمثل بالنسبة للواليات الم ّتحدة « ال ّنوع ذاته من
ال ّتهديد» الذي ّ يمثله تنظيم ال ّدولة اإلسالميّة. قُتل بواسطة طائرة بدون طيّار كان «ديفيد دروغون» البالغ من العمر 24عاما ً مواطن من «بريتاني» ،غرب فرنسا .بعد اعتناقه اإلسالم ،غادر في عام 2010لالنضمام إلى طريق الجهاد ،في المناطق القبليّة في باكستان ،حيث تدرّ ب على ال ّتعامل مع المتفجّ رات وعلى صنع القنابل ،ث ّم انتقل إلى سوريّة ،حيث أصبحت بدورها «أرضا ً للجهاد». وفقا ً لوسائل اإلعالم األمريكيّة ،أ ّنه قُتل خالل هجوم ش ّنته طائرة بدون طيّار في منطقة إدلب في شمال غرب سوريّة.
شهر أيلول.
لكنّ وزارة ال ّدفاع الفرنسيّة ،ومع ذلك ،قد نفت أيّ تورّ ط لعميل فرنسيّ سابق .المديريّة العامّة لألمن الخارجيّ (االستخبارات الخارجيّة (DGSكانت قد رفضت من جهتها تقديم أيّ تعليق ،كذلك األمر بالنسبة لوزارة الخارجيّة الفرنسيّة. في 22أيلول ،أعلنت وزارة الدفاع األمريكيّة أ ّنها قامت بإزالة عناصر من مجموعة خراسان في سورية ،التي تتألّف من مقاتلين سابقين في تنظيم القاعدة الذي كان يه ّدد مصالحهم ،أُجريت الضربات في منطقة حلب شمال سوريّة.
ترمجة :ليلى كريم
www.allsyrians.org
10
العدد 18
/12تشرين الثاني 2014/
التفكير في زمن التكفير لنقد ذهنّية التحريم ال��ع��ن��وان مقصود وم����ع����روف ل��ك��ات��ب��ي��ن معروفين (نصر حامد أب��و زي��د وص��ادق جالل العظم) يطرح إشكاليّة بحثيّة ضاربة في عمق الجذر الثقافيّ للمجتمعات ال��ش��رق � ّي��ة المحكومة إي��دي��ول��وج� ّي�ا ً ب��م��وروث ثقافيّ اجتماعيّ عبر آالف ال��س��ن��ي��ن ،بحيث يبدو الخوض فيه مغامرة شائقة محفوفة بالمخاطر، وم��ج��ه��ول��ة بنتائجها الخطيرة على ذاك العقل الذي أعلن استقالته عن التفكير منذ ما يزيد عن ألف عام. ري��ن��ي��ه دي���ك���ارت، ّ الفيلسوف الفرنسيّ عندما انطلق من (أنا أفكر إذن أنا موجود) كان يعلن القطيعة مع الموروث الكنسيّ القروسطيّ وبداية مغامرة جديدة للعقل األوربّيّ متحرّ راً ومحرّ راً العقل األوربّيّ من أه ّم عقبة كانت تمنع عنه التطوّ ر وتعيق التق ّدم العقليّ والعلميّ والفكريّ ،معلنا ً عن بداية ثورة إلذابة الجمود الذي فرضته ثقافة القرون الوسطى الالهوتيّة طويالً في نفسيّة اإلنسان األوربّيّ وذهنيّته وسلوكه ،انطالقا ً من عمليّة التشكيك الذاتيّ التي تبدأ باألنا وك ّل معارفها السابقة المتوارثة ،مُعيداً للعقل اعتباره و قيمته كمبدأ أوّ ل في عمليّة المعرفة، صرخته تلك اع ُتبرت إيذانا ً بنهاية القرون الوسطى الظالميّة وبداية للعقالنيّة والعصور الحديثة. في الوقت ال��ذي كانت فيه المجتمعات العربيّة واإلسالميّة قد غرقت تماما ً واستسلمت للدعوات التي أطلقها اإلمام الغزاليّ وابن تيميّة وابن الصالح وابن ك في قدرته على حنبل ،في إعالن استقالة العقل ،والش ّ المعرفة واعتبار الوحي الطريق الوحيدة للمعرفة، وتكفير الفلسفة ومنهج الفالسفة وإغالق المجال أمام أيّ شكل من أشكال التفكير المنطقيّ عبر عبارة (من تمنطق فقد تزندق). بحيث باءت محاوالت ابن رشد فيلسوف العقل
العنف ما بين الغرائز والعقل والثقافيّة واألخالقيّة). ليبقى ال��س��ؤال المركزيّ وال��رئ��ي��س��يّ :ل��م��اذا استطاع الغرب أن يح ّقق تلك القفزة ال��ج � ّب��ارة ف��ي ت��اري��خ��ه ،بينما استمرّ ال��ع��رب والمسلمون بتلك الغفوة ولم يستيقظوا منها إل��ى يومنا ه��ذا؟ هل نستطيع أن نتم ّتع بالشجاعة الكافية ك ديكارتيّة على إلعالن ثورة ش ّ موروثنا ومعتقداتنا (باعتبارها واحدة من أه ّم أسباب استمرار التخلّف الذي نعانيه) ،كما فعل األورو ّبيّون سابقاً؟ متى يمكن اعتماد المنهج العلميّ كحقيقة وبرهان وحيدين في الوصول الى المعرفة والتق ّدم؟
العربيّ بالخذالن أمام طغيان العقل الدينيّ السلفيّ ّ بحق فيلسوف وانتهت بإحراق كتبه ،في مفارقة قاتمة ساهمت فلسفته وشروحه ألرسطو في إع��ادة نظر األور ّبيّين إلى التراث الفكريّ القروسطيّ الكنسيّ ، واالنطالق منها في عمليّة النهوض الحضاريّ الجديد. كما لم تنفع المحاوالت التي قام بها مف ّكرو عصر النهضة ،في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في الدفع إليجاد آليّة تم ّكن مجتمعاتهم من النهوض من جديد ،وذلك النسياقها بشكل عا ّم ضمن ما يسمّى إشكاليّة التراث والمعاصرة ،وعدم قدرتها على الطرح الخلاّ ق ،المنطلق من مق ّدمات ت ّم الكتم عليها، ووضعت ضمن إطار التابوهات الكثيرة في صميم العقل العربيّ ،باإلضافة إلى كون أغلبها قد انطلقت من زاوية المشروع الدينيّ ،ومحاوالت التوفيق الفاشلة بين الدين والعلم ،على غ��رار المحاوالت الفاشلة للتوفيق بين الفلسفة والدين عند الفالسفة المسلمين، كونهما مجاالن متضا ّدان متنافران. كما أنّ مف ّكري ال��م��ش��روع ال��ق��وم��يّ العربيّ كاألرسوزي وميشيل عفلق ،وإنْ احتوى مشروعهم على مقاربة للواقع القائم ،إلاّ أ ّنهم انصرفوا عنه إلى محاوالت الترويج للفكر القوميّ وتأسيسه سلطو ّياً، دون االهتمام بجذر المشكلة األساس (البنية المجتمعيّة
وبالتالي ،ما مصير أولئك الفالسفة والعلماء والك ّتاب الذين ك تلك؟ وما مدى تأثيرهم وتأثير قاموا وقادوا عملية الش ّ نتاجهم في عملية التغيير والنقد المنشود ،كالمعتزلة، ابن رشد ،نصر حامد أبو زيد ،محمّد مندور ،يوسف زي��دان ،سيّد القمنيّ ،سلمان رشدي ،حسين مروّ ة، ص��ادق جالل العظم وغيرهم ،ممن امتلك الجرأة للخوض في مجال الطوطم المق ّدس ،ونفض الغبار عن المسكوت عنه في التراث العربي واإلسالميّ ؟ هي تساؤالت الب ّد منها ،وضروريّة للبدء بعمليّة البحث واالنطالق من مق ّدمات منطقيّة عقليّة تؤ ّدي الحقا ً إلى نتائج صحيحة م ّتسقة مع تلك المق ّدمات، ك عبر استخدام المنهج العقليّ والعلميّ ومنهج الش ّ الديكارتيّ ،للوصول إلى الصيغة األه ّم أال وهي فصل الدين عن السياسة ،وحصره في مجاله الالهوتيّ ، باإلضافة إلى ضرورة إحداث قطيعة ابستيمولوجيّة مع الماضي ،وزرع ثقافة المستقبل. بهذا ،وبهذا فقط ،يمكن الحديث عن مستقبل لشعوب تقارب في سلوكها وتفكيرها ،سلوك وتفكير المجتمعات الراقية بك ّل أبعادها اإلنسانيّة واألخالقيّة والعقليّة والعلميّة والعمليّة.
عبدو نيب
ب الحروب اليهودّية باسم الرّ ّ
وضربهم يشوع بعد ذلك وقتلهم وعلّقهم على خمس خشبات وبقوا معلّقين على الخشب ح ّتى المساء» (سفر يشوع).
ألخذ فكرة واضحة غير مسيّسة عن نشأة الدولة اإلسرائيليّة الحاليّة ،الب ّد من االطالع على الماضي البعيد ،ما قبل الميالد ،بدايات نشأة اليهوديّة واألفكار التي يؤمنون بها، وإيمانهم العميق بأ ّنهم شعب هللا المختار، وأ ّنهم ين ّفذون مشيئة الربّ باالستيطان في أرض فلسطين.
بعد وف��اة النبيّ موسى ،استلم يشوع بن نون القيادة لعبور نهر األردن ودخول فلسطين ،تلبية لمشيئة ال��ربّ « ،وكان بعد موت موسى عبد الربّ ،أنّ الربّ كلّم يشوع بن نون خادم موسى قائالً ،موسى عبدي قد مات فاآلن ق ْم اِعبر هذا األردن أنت وك ّل هذا الشعب إلى األرض التي أنا معطيها لهم -أي لبنيّ إسرائيل -ك ّل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلّمت موسى» (سفر يشوع) ،كان األمر وابتدأ المسير باقتحام أريحا، بعد إرسال جاسوسين الستبيان األوضاع ،اختبأا عند امرأة تدعى «راحاب» ،ث ّم جاء األمر والتعليمات على لسان يهوه «فتكون المدينة وك ّل ما فيها محرّ ما ً للربّ ، «راحاب» فقط تحيا هي وك ّل من معها في البيت أل ّنها قد خبّأت المرسلين اللذين أرسلناهما ،وك ّل الفضّة و الذهب وآنية النحاس والحديد تكون قدسا ً للرّ بّ وتدخل في خزانة الربّ ،وحرّ موا ك ّل ما في المدينة من رجل و امرأة ،من طفل وشيخ ح ّتى البقر والغنم والحمير بح ّد السيف» (سفر يشوع). هذه كانت مذبحة أريحا ،حرق المدينة وقتل ك ّل من فيها ،لتبدأ مذبحة جديدة في مدينة عاي «فتفعل بعاي وملكها كما فعلت بأريحا وملكها غير أنّ غنيمتها وبهائمها تنهبونها لنفوسكم ،اجعل كمينا ً للمدينة من ورائها» (سفر يشوع). اختلف األمر قليالً ،فالغنائم ال تدخل إلى خزانة
newspaper@allsyrians.org
الربّ ،إ ّنما يحتفظون بها ألنفسهم ،وحسب السِ فر فقد بلغ عدد قتلى مدينة «عاي» اثني عشر ألفاً. بعد أن وصل خبر المذابح التي قام بها يشوع بن نون ورجالها إلى س ّكان القرى المجاورة ل «عاي وأريحا» ،ذهبوا إليه مستسلمين طالبين الصلح على أ ّنهم من قرى بعيدة ،فكافة القرى القريبة جاء أمر الرّ بّ بحرقها بمن فيها ،فت ّم الصلح وأعطاهم األمان ،تبيّن سخرهم عبيداً له أ ّنهم من قرى مجاورة ،فعقابا ً لهم ّ ّ وحطابين وس ّقائين مياه ليشوع ولقومه. ث ّم بدأت معركة يشوع مع ملوك األموريّين ،التي لم تختلف عن سابقاتها ،كذلك باسم الرّ بّ وبمشيئته «حينئذ كلّم يشوع الرّ بّ يوم أسلم الربّ األموريّين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل :يا شمس دومي على جبعون و يا قمر على وادي ايلون» (سفر يشوع) ،وبعد أن استولى على المدن قام بقتل ملوكها «وكان لما أخرجوا أولئك الملوك إلى يشوع ،أنّ يشوع دعا ك ّل رجال إسرائيل ،وقال لقوّ اد رجال الحرب الذين ساروا معه :تق ّدموا وضعوا أرجلكم على أعناق هؤالء الملوك ،فتق ّدموا ووضعوا أرجلهم على أعناقهم ،فقال لهم يشوع :ال تخافوا وال ترتعبوا تش ّددوا و تشجّ عوا أل ّنه هكذا يفعل الرّ بّ بجميع أعدائكم الذين تحاربونهم
ثقافة
امت ّدت المذابح التي قام بها يشوع ورجاله إلى مدن أخرى مثل «لبنة ،لخيش ،جازر، عجلون ،وحبرون ،ودبير» فكانت المحصّلة النهائيّة كما ذكره سفر يشوع «فضرب يشوع ك ّل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وك ّل ملوكها لم َ يبق شارداً بل حرّ م ك ّل نسمة كما أمر الرّ بّ إله إسرائيل» (سفر يشوع). ال��ح��رق وال��ق��ت��ل ك��ان نصيب القرى المجاورة ،فلما سمع ملوك القرى البعيدة أمر المذابح قرّ روا المقاومة ،لكن قوانين الربّ يهوه كانت مختلفة قليالً حيث ورد في سِ فر التثنية حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح ،فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك ،فك ّل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك ،وإن لم تسالمك ،بل عملت معك حربا ً فحاصرها ،وإذا دفعها ال��رّ بّ إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بح ّد السيف ،وأمّا النساء واألطفال والبهائم وك ّل ما في المدينة ك ّل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الربّ إلهك ،هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك ج ّداً التي ليست من مدن هؤالء األمم هنا» ،وحين رفض ملوك المدن عرض صلح التسخير ،قام بضرب المدن بح ّد السيف ،وحرق «حاصور» التي كانت رأس جميع تلك الممالك. وهذا غيض من فيض ،عن الحروب التي قام بها اليهود بحجة أ ّنها مشيئة الرّ بّ يهوه ،لتطهير األرض من الشعوب التي تمارس الخطايا ،وتعبد األصنام، ّ الحق ،والتي كلّفهم هم الشعب الطاهر ونشر دين الربّ بنشره وتطهير أرضه وامتالكها .لينا احلكيم
راكم العقل البشريّ خال ل رحلة أنسنته الطويلة كثيراً من الخبرات وال��م��ع��ارف وس���نّ نظما ً وق����وان����ي����ن ل��ت��ح��س��ي��ن شروط وجوده بهدف االرتقاء بنوعه ككائن عاقل ضابطا ً إليقاع غرائزه بنزوعها العشوائيّ لتلبية احتياجاتها بما يتوافق مع شرطه اإلنسانيّ وأه ّم هذه الغرائز غريزة المحافظة على حياة الفرد واستمرار نوعه «الطعام والتكاثر» وبالرغم من أنّ الغرائز هي المكوّ ن األساس والصخرة األكثر عمقا ً وصالدة في بيولوجيا التكوين البشريّ مقارنة مع العقل باعتباره البنية الفوقيّة والقشرة األحدث واألكثر هشاشة في التكوين ذاته فإنّ العالقة بينهما «تكامليّة ارتقائيّة» فتوافر شرط االرتقاء أليّ منهما «غرائز – عقل» ال ب ّد وأن ي��ؤ ّدي بالضرورة إلى ارتقاء اآلخر في التجمّعات البشريّة التي قطعت شوطا ً البأس به في أنسنتها وأنجزت مشروعها الحضاريّ والديمقراطيّ من خالل إشباع هذه الغرائز وتلبية احتياجاتها إلى ح ّد كبير وهذا بدوره أفسح مجاالً لبنية عقليّة متق ّدمة أفق ّيا ً بانفتاحها على تجارب وثقافات الشعوب األخرى وإفساح مجال للعقل ليعبّر عن ذاته ويرتقي بشروط أنسنته وغيريّته ويرتحل إلى عوالم وكواكب أخ��رى وعمود ّيا ً بتعزيز دوره القياديّ ليسبر أغوار وخفايا حامله البيولوجيّة والنفسانيّة واالرتقاء بذاته بحيث يتم ّكن من اإلمساك بد ّفة القيادة ليكون قادراً على ضبط غوغائيّة الغرائز وغلوّ ها ويفتتح آفاقا ً جديدة يبدع من خاللها في كا ّفة المجاالت العمليّة والنظريّة، ويرتقي بشروط وجوده ككائن عاقل ،بالمقابل وعلى الشاطئ اآلخ��ر هنالك في المجتمعات التي مازالت تابوات االستبداد وطواطمه تنخر في مفاصله فإنّ الغرائز والعقل مازالت ترزح تحت نير القمع واإلفقار واإلقصاء والحرمان بك ّل أشكاله االقتصاديّة واالجتماعيّة والسياسيّة ،هذا الحرمان أوصل رعايا هذه المجتمعات بثنائي تكوينهم «غرائز -عقل» إلى الطريق المسدود في تلبية احتياجات الغرائز وإشباعها وكان من الطبيعيّ أن تمارس ضغطا ً على العقل يتناسب مع ش ّدة احتياجاتها ،وعندما يعتريه العجز بسبب االستبداد وقمعه وتخلّفه إضافة إلى تسفيه العقل في هذه المجتمعات وامتحان تراكماته المعرفيّة والثقافيّة ،وعجزه عن تحقيق ش��روط تعايش إنسانيّ تليق بكرامة حامله ،فمن الطبيعيّ والمسلّم به أن يسعى لتغيير هذه الشروط لصالحه ،ولكون هذا التغيير ممنوعاً ،وغير متاح بالطرق السلميّة والمدنيّة فإمّا أن يرضخ اإلنسان بكليّته «غرائز عقل» فيستكين ويتعايش وفق شروط مجتمعاالستبداد وتخلّفه أو سيتمرّ د ويعارض ،وحسب مكوّ نات البنية الذهنيّة لهذا العقل وما تختزنه من تراكمات معرفيّة ،ومن ث ّم شروطه الموضوعيّة تتجلّى شكل معارضته ،وعليه فقد تأخذ أحيانا طابعا ً عنيفا ً وفي هذه الحالة تجد الغرائز باعتبارها المكوّ ن األساس فرصتها للتآمر على العقل والعمل على تسخير تراكماته المعرفيّة والثقافيّة والدينيّة لخدمتها وتبرير سلوك عنفها في سعيها لتلبية احتياجاتها ،وعليه فإنّ أغلب هذه الجماعات تلهث وراء احتياجات غريزيّة «غنائم – نساء» إنْ في األرض أو في السماء ،ويغدو العقل في مجتمع االستبداد والتخلّف بخبراته وتجاربه خادم للغرائز ومستسلما ً لنزعاتها وهذا ما يجعل العنف أكثر وحشيّة وفظاعة ،كالرغبة في قتل الضحيّة أكثر من مرّ ة وذلك بحرق ّ جثة الضحيّة بعد القتل أو ضربها بع ّدة أعيرة ناريّة مع علم الجاني أنّ حادث القتل تح ّقق ،أو تعذيب الضحيّة قبل اإلجهاز عليها إليقاع أكبر قدر ممكن من األلم ،وأحيانا ً أخرى يت ّم التمثيل ّ بجثة الضحيّة بعد اإلجهاز عليها ،وغالبا ً ما يكون الهدف من ك ّل ما تق ّدم هو تش ّفي عقل استبدت به الغرائز وأحيانا ً تكون الغاية إرهاب العدوّ لتخويفه وردعه وإجباره على االستسالم، يقول اإلم��ام عليّ بن أبي طالب« :من غلبت غرائزه على عقله كان أسوأ من الحيوانات ،ومن غلب عقله على غرائزه كان أحسن من المالئكة».
مسري العل ّي
www.allsyrians.org
العدد 18
ثقافة
11
/12تشرين الثاني 2014/
في رواية الحرب
«إذا حمل الناس شجاعة كبيرة إلى الدنيا ،على الدنيا أن تكسرهم والسبيل الوحيد لذلك هو قتلهم ،فتقتلهم بالطبع ،الدنيا تكسر ك َّل أحد ،ث ّم بعده يصير العديد أقوياء في ذات األماكن المكسورة ،ولكن أولئك الذين لن ينكسروا تقتلهم الدنيا تقتل الطيّبين ج ّداً ،واللطفاء ج ّداً ،والشجعان ج ّداً بال تمييز ،تقتلهم بإنصاف ،إذا كنت ال أحد من هؤالء ،فتي ّقن أ ّنها ستقتلك أيضاً ،ولكن داع لالستعجال ،لم أعد شجاعا ً يا لن يكون هناك ٍ عزيزتي ،أنا مكسور بالكامل ..لقد كسروني».
حين نقرأ اليوم هذا المقطع المقتبس من رواية «وداعا ً أيّها السالح» للروائي األمريكيّ «إرنست همنغواي»، ال ب ّد أنّ معظمنا سينتابه شعور بأنّ الكاتب يتح ّدث عن تجربتنا السوريّة في الحرب التي تحصد األرواح بال هوادة والدمويّة التي ما عاد المنطق يبرّ رها ،فعلى مدى ثالث سنوات ونيّف في وسط هذا الموت الطاغيَ ،من م ّنا لم يخسر حبيبا ً أو زوجا ً أو ابنا ً أو صديقا ً أو قريبا ً ع ُِرف بالدماثة والشجاعة واللطف؟ وبمعنى آخر هل يعود شعور األلفة الذي ينتابنا أمام هذا المقطع ،إلاّ أنّ القارئ ح ّتى يح ّقق تفاعله مع النصّ الب ّد له أن يربط بينه وبين خبراته االجتماعيّة والتاريخيّة ،على الرغم من أنّ الكثيرين قد اطلعوا على هذه الرواية، أو ح ّتى سمعوا عنها بوصفها رواية عالميّة حازت على الكثير من الشهرة في حيّز الروايات التي تتح ّدث عن الحروب ومآل من خاضها سواء أكان مدن ّيا ً أم عسكر ّياً ،غير أ ّننا اليوم في البلدان العربيّة عامّة ،وفي سوريّة خاصّة ،حين نعود إلى قراءة مثل هذا الرواية، فإنّ قراءتنا لها وجدان ّيا ً وفكر ّيا ً ستكون مغايرة عمّا كان عليه الوضع االجتماعيّ والسياسيّ القائم قبل الربيع العربيّ ،وقبل الثورة السوريّة التي انتهت إلى حرب
تكاد تكون عالميّة ،ولع ّل هذا ما يجعل األعمال األدبيّة التي تتمحور حول معاناة الشعوب في خض ّم الحروب، نوعا ً أدب ّيا ً موجّ ها ً لفئة معيّنة لن يدرك غيرها مغزى كينونة المالحم اإلنسانيّة ،أي أنّ التفاعل معها سيكون مختلفا ً بين شعب وآخر تبعا ً لتجربة الشعب المتل ّقي مع الحرب ،وقد يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ بأ ّننا نتح ّدث هنا عن الرواية السياسيّة ،لذا الب ّد أن نميّز بين الرواية التي تتح ّدث عن ثقافة الحرب القائمة على تع ّدد األصوات والمعتقدات في الرواية ،وبين الرواية السياسيّة التي تنهض على األدلجة السياسيّة التي يتب ّناها الكاتب في نصّه ،والب ّد أيضا ً أن نشير إلى أنّ اإليديولوجيا كمصطلح في األعمال األدبيّة ال يعني الخطاب السياسيّ في النصّ وحسب ،إذ ثمّة فرق بين اإليديولوجيا ذات البعد السياسيّ ،واإليديولوجيا بوصفها رؤية للعالم ،حيث أنّ هذه األخيرة تحت ّل موقعها بين اإليديولوجيات المتنوّ عة ال في واحدة منها ،فهي تؤسّس معاييرها على نسبيّة النظرة إلى نفسها وإلى سواها وعلى العالقة الجدليّة القائمة بينها وبين اإليديولوجيّات األخرى والسيّما في الثورات والحروب ،أمّا اإليديولوجيا ذات البعد السياسيّ فنجد أنّ أصحابها ينظرون إليها بوصفها حقائق دائمة ،تش ّكل في ذاتها مقياسا ً مرجع ّيا ً للصواب والخطأ ،فهي تعبير عن مصالح معيّنة لجماعة ما ،ولألسف قد نزعم هنا أنّ معظم الروايات السوريّة ما قبل الثورة كانت تعبّر عن طابع إيديولوجيّ ذي بُعد سياسيّ أحاديّ الرؤية يطغى على شخصيّات الرواية ،فتغدو نمطيّة تنحصر ما بين العدوّ المطلق بقبحه وبين البطل المطلق بروعته ،متغاضية عن الحاالت اإلنسانيّة العامّة في الحروب ،وعن نتائج الحروب على الشعوب من دمار نفسيّ وعاطفيّ ،وعن نسبيّة الشعور اإلنسانيّ ما بين
الطرفين المتنازعين في الحرب ،ولع ّل م��ر ّد ذلك إلى أنّ الروايات السوريّة السياسيّة عانت من االستبداد الذي كان يمنع حريّة التعبير ،والسيّما بعد أحداث الثمانينيّات ،ممّا جعل بعضها ممنوعا ً من النشر مثل رواية «مديح الكراهيّة» لخالد خليفة ،ورواي���ة «القوقعة» لمصطفى خليفة ،لذا كانت معظمها تدور في أفق الصراع مع العدوّ الصهيونيّ واالحتالل الفرنسيّ ،ولم تختبر مضامين الثورات ض ّد استبداد سلطويّ محليّ وما يجرّ ه من حروب أهليّة كما نشهده اليوم، ممّا يجعل العودة إليها وشعور األلفة مع نصّها اليوم أمراً مستعصيا ً والسيّما أنّ فهم العمل األدبيّ ال يستقيم إلاّ إذا شارك القارئ في بناء المعنى وإنجازه مشاركة فعّالة تجعله طرفا ً في تأويله وتفسيره ،مستخدما ً في ذل��ك خبرته الثقافيّة ومرجعيّاته االجتماعيّة ،فالنصّ ال يأخذ تح ّققه الجماليّ إلاّ حين يتواصل مع المتل ّقي ويلتحم به من خالل القراءة. لذا لعلّنا ال نجافي الصواب هنا إذا قلنا إنّ السوريّ اليوم قد يحتاج إلى قراءة نصّ يمتاز بتع ّددية األصوات واآلراء بعيداً عن مفهوم النصر والهزيمة في الرواية السياسيّة وأقرب إلى تجسيد مفهوم «الفجائعيّ » في ثقافة الحرب ،يحتاج أن يقرأ نفسه بين السطور، أن يدرك جوهر معاناته في خض ّم الحرب الدمويّة، أن يالمس إنسانيّته المنتهكة من االستبداد والتطرّ ف وقوى العالم الطاغية التي تكالبت عليه بعيداً عن رسم
األساطير التي تنافي واقعيّة عجز اإلنسان أمام وحشيّة السالح وتوقه إلى الحريّة والسالم ،والسؤال اآلن هل سيتم ّكن الروائيّون السوريّون من تقديم أعمال أدبيّة تعبّر عن اإلنسان في الثورة السوريّة؟ وكيف أصبح حاله في الحرب الدمويّة؟ هذا ما سيخبرنا به المستقبل مي الفارس الذي نتم ّنى أن يكون قريباً.
سقط لم يكن بدائّيا كان يعي ما يفعل الكالم أحمد دراق السباعي عندما تكون البراءة هدفاً
هل ح ّقا ً كان ف ّنانا ً فطر ّياً؟ ال أعتقد ،لوحته تشي بغير ذلك تماماً ،إ ّنه ذهب إلى العفويّة بإرادة ودراية فكانت حصنه وزاويته التي يدفن بها أسراراً ال ُتباح. أحمد دراق السباعي من مواليد مدينة حمص عام ،1935درس الفنّ دراسة خاصّة ،مرّ ت ّ بمحطات هامّة كان آخر ما تجربته الف ّنيّة وصلت إليه هي تلك اللوحات المنسوجة بخطوط طفوليّة وتلك ال��م��س��اح��ات ال��م��ف��روش��ة ب��أل��وان أز ّق��ة ال���ذاك���رة من ل����وح����ات����ه: ال�����ه�����ودج، د و ال ب الهواء ،طائرة ال��ورق .سُجّ ل اس���م ال��ف � ّن��ان ف����ي م��ع��ج��م ( ال ر و س ) الجامع ألسماء الف ّنانين في العالم ووصف بأ ّنه ف ّنان (ناييف) ب��دائ��يّ ،وستكون بعض لوحاته محور هذه القراءة. في الشكل الف ّني يبدأ الفنان لوحته بخطوط سوداء يرسم من خاللها أشكاله بمنهج تحليليّ هو أقرب إلى التكعيبيّة فالخطوط بمقدار عفويتها إلاّ أ ّنها تأخذ طابعا ً هندس ّيا ً بسيطاً ،وربّما لجأ إليها الف ّنان
newspaper@allsyrians.org
متعمّداً بغية الحصول على تكوينات متينة ق����ادرة ع��ل��ى حمل ال��ت��ب��س��ي��ط الشكليّ والتق ّ شف الذي تذهب إل��ي��ه اللوحة م��ا أن ّ الخط يُنهي وض��ع وبناء اللوحة ح ّتى يبدأ بفرش اللون وصناعة السطح عبر حركة فرشاة تمتاز بخبرة ص��ة ف��ي صناعة خ��ا ّ سطح متحرّ ك غير سكونيّ تجول ضمنه العين دون أن تشعر بالملل ،إذ تتنوّ ع حركة الفرشاة لترسم مسارات عديدة وتحكم عبر صناعتها للسطح والمساحة على الناظر فال تترك مجاالً لخروج العين خارج محيط العمل ويساعده في ذلك البناء الهندسيّ المحكم بطبيعته ،مجموعته اللونيّة تنحصر في األلوان الترابيّة مع ظهور لتدرّ جات الرماديّ في بعض األعمال ممّا يش ّكل تضا ّداً بين البنية ال��خ� ّ �ط � ّي��ة ل��ل��ع��م��ل وال��ب��ن��ي��ة ال��ل��ون � ّي��ة، ف��ال��ب��ن��ي��ة ال��خ� ّ �ط � ّي��ة التي تعتمد ع�����ل�����ى األش���ك���ال ال��ف��ط��ر ّي��ة ال��ق��ري��ب��ة ل����رس����وم األط���ف���ال لهي أكثر ان��س��ج��ام �ا ً مع مجموعة األلوان الحارّ ة والصريحة ،إلاّ ّ المؤثرات البيئيّة أفضت إلى استخدامه أنّ هذه المجموعة اللونيّة لتخرج اللوحة من خانة الفطريّة إلى العمل الهادف ولتغدو لوحته مشروعا ً بصر ّيا ً كامل المقوّ مات. بالرغم من البناء الهندسيّ الذي يُفضي غالبا ً إلى رتابة في اإليقاع ،إلاّ أنّ الف ّنان استطاع الخروج من هذا المأزق ،فتتنوّ ع إيقاعات لوحته
ال تطــلبوا مني رثــاء شـــــهي ٍد
فمتى استقام مع الشهيد رثا ُء
ودعوا الحديث عن الرثاء فإنني
جبــنٌ يُنـاغمــه لنــا الجبنــا ُء
ال الشعر يُنسينا مســاحة حزننا
وعلــى جبين الثائــرين دما ُء
سقط الكالم قصــائداً ومشـاعراً
فالحرف دا ٌء والرصاص دوا ُء
ياطــالبا ً منــــي رثـــاء أحبتــــي أرثيـــك وحــدك إ ّنهــم أحيــا ُء
وتختلف وحداتها وفتراتها فال وحدات متساوية وال فترات م��ك��رورة ،وف��ي بعض اللوحات نلحظ مأزق المنتصف حيث ير ّتب عناصر اللوحة مستخدما ً المنتصف كح ّل بصري سهل لصناعة البؤرة والتوازن ،كما أ ّنه لم يتخلّص من هاجس البعد الثالث ففي اللوحة هناك خلفيّة دائما ً وعناصر تتق ّدمها ،وال نستطيع تعميم هذه القراءة على ك ّل لوحاته ،ولك ّنها تظهر في غالبها. أمّا على صعيد الخطاب البصريّ للوحة فالمثنويّات وبراءة الشكل وعفوية المعالجة، ق ّدمت خطابا ً بصر ّيا ً يُعنى بالعالقات الهامسة وال��ح��وار العاطفيّ المركون إل��ى رومنسيّة وبراءة ،إ ّنه خطاب يجنح إلى المثاليّة ويغرق فيما يجب أن يكون ،فهذا العالم من الحلم والبراءة المشغول باإلنسانيّ والعاطفيّ ينكر الخارج ويُصرّ على العميق والفطريّ باعتباره أصيالً وجميالً. امتازت لوحة الف ّنان بجدليّة عالية بين ما أراد إيصاله وبين البنية الشكليّة لخطابه البصريّ ، ح ّتى نكاد ال نستطيع فصل الشكل عن الخطاب، ويُرى بوضوح تق ّدم الشكل ليغدو منتِجا ً لخطاب اللوحة البصريّ والجماليّ . تركت تجربته أث��راً واضحا ً في المشهد ُ وقفت أمام لوحاته التشكيليّ السوريّ ،كلّما يحضرني الشاعر رياض صالح الحسين ،نعم أحمد دراق السباعي بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس عميق كحزن الثكالى.
سهف عبد الرمحن
لمــلم جراحــك ياشــــهي ُد فإننـــي
ُ مـانمت عن ثــأر وفـــيّ حيـا ُء
إن كان يومــك قبل يومـي زائــالً
فاظـفر بمــج ٍد يعـتليــه لـــوا ُء
ً وســامة يا أيــها الحــرُّ الكــريـــم
يبكيـــك ليـــل ٌ فــارقته سـما ُء
حتـــى الثـــريّا مــذ رحلت رحابها
أضحت سرابا ً واســتقال فضاء ُ
وتنهــّد الصـــــب ُح النقــيُّ مـُــودعا ً
أين ال ّ شروق وشــمــسه والمـاءُ؟؟
طلبــوا اإلباء منـــازالً بفضـيحـــة ٍ
وتورطوا في االعتقال وجاءوا
قتلـــوا الكـــــريم فأكرمـوه برميهم
وتكاثرت عند اللـيوث جــِــرا ُء
أمـــــا بــالدي بالشـــموخ تـــكللـت
وبقطــرة الحـّر الكــريم ُتضا ُء
تـــــاجر مـــا كانــت الــعليا ُء لــعب َة ٍ
أو كـــأس خـمر تحتــسيه نسـا ُء
شــــامخ بل إنــما العــليا ُء وقفـــــة ٍ
عيــنُ الثريّــــا صُبــحـها ومسـا ُء
الشاعر مازن إمساعيل www.allsyrians.org
12
العدد 18
مقامات
/12تشرين الثاني 2014/
/1
م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب
العوام هم قوّ ة المستب ِّد وقُ ْو ُتهُ .بهم عليهم يصول ويطول؛ يأسرهم فيتهلّلون لشوكته؛ ويغصِ ب أموالهم فيحمدونه على إبقائه حياتهم؛ ويُهينهم فيُثنون على ِرفعته؛ ويغري بعضهم على بعض فيفتخرون بسياسته؛ وإذا أسرف في أموالهم يقولون كريماً؛ وإذا َقتل منهم لم ِّ يمثل يعتبرونه رحيماً؛ ويسوقهم إل��ى خطر الموت، فيطيعونه حذر التوبيخ؛ وإن َنق َم عليه منهم بعض األباة قاتلهم كأ ّنهم بُغاة. /2 لو اهتديتم إلى السبيل لعلمتم أنّ الهرب من ٌ موت ،وطلب الموت حياة ،ولعرفتم الموت أنّ الخوف من التعب تعبٌ ،واإلقدام على ٌ راحة ،ولفطنتم إلى أنّ الحرّ يّة هي التعب شجرة الخلد ،وسُقياها قطرات من الدم األحمر المسفوح. /3
ّ لكل مقام مقال
وفي الحب.. ّ
يتغيّر ك ّل شيء ،ويصبح العالم مكانا ً مزدحما ً بالموسيقا كما لو أنّ األرض خلعت ثوب حدادها للتوّ وأخفت مقابرها بيديها لكيال يراها العشاق .في الحبّ ننسى أسماءنا ،وتصبح ألقاب القلب حصنا ً يحمينا من حسد الغياب وشرّ الفراق ولعنته .في الحبّ يكبر العاشق جنبا ً إلى جنب مع الخوف؛ لك ّنه حالما يبدأ بتبديد مخاوفه يبدأ بالخسارة .في الحبّ ال يمكن أن نكون ما نبدو عليه ،وما إنْ يختفي الغرباء ح ّتى نشرع بخلع أقنعة الالمباالة؛ فنبدأ بقضم أظافرنا غضبا ً من شجار ،أو ندما ً على كالم قيل أو لم يقل. في الحبّ تخضّر أصابعنا وتزهر إذا ما لمسنا من نحبّ ، وتصبح الجدران شفافة وك��أنّ البيوت محمولة على غيوم بيضاء؛ فيصغر ك ّل ما في األرض كلّما ابتعدنا ،ويكبر اآلخر الذي نحمله في داخلنا فقط .في الحبّ وحدنا أنا وأنت نصبح متعادلين؛ ال ثأر بيننا وال حرب ،وما يحرسه هللا ال تحرقه نار بشر. وفي الحبّ ،يخلد الكبار داخلنا إلى النوم ،ويبقى الصغار يلعبون مع الليل ويف ّتشون عن نجمات خبّأتها السماء في جيوب بنطالها .وفي الحبّ ،تتباهى النساء بأثوابهنّ المطرّ زة بقصائد رجالهنّ ،وتنبت لهنّ أجنحة تحملهنّ إلى بالد ال يعرفنها .في الحبّ يعود الرجال أطفاالً؛ يبنون بيوتا ً من الرمل لفتياتهم ويعدونهنّ بزوارق ملوّ نة ليذهبوا بهنّ إلى أعمار أخرى. في الحبّ نصبح غيرنا؛ ّ نهذب أنفسنا دون عناء ،نعتاد الفرح ،ونسلّم ك ّل صباح على الجيران الذين ال نعرفهم، مبتسمين وناصعين كالشبابيك عشيّة يوم ماطر .في الحبّ نتحرّ ك وكأنّ األرض تدور في االتجاه الصحيح ،نعود ك ّل يوم إلى ذواتنا سالمين معافين من قهر العالم وأذاه ،ونادمين على ما أنفقنا من أرواحنا في حبّ عابر أو مهزوم. وفي الحبّ نتذ ّكر أكثر ممّا ننسى ،ويحمل ك ّل يوم لونا ً يتناسب مع اسمه ومكانه في مخيّلتنا؛ فالسبت أبيض ،واألحد بنفسجيّ ،واإلثنين أرجوانيّ ،والثالثاء أصفر ،واألربعاء رماديّ ،والخميس أخضر ،والجمعة أزرق .في الحبّ نصبح أنا وأنت عاديّين؛ دون تعقيدات أو شروحات ،واضحين ،ظالمين ومظلومين ،ماضينا ال يشبهنا ،وغدنا ال يعنينا ،وحده الحاضر يجلس بيننا ويبتسم. في الحبّ نصبح نحن علّة المعنى وشكوكه المتضمّنة في قلب ك ّل عاشق .نخاف الوحدة ،وتؤلمنا أق ّل الهواجس والخياالت ح ّتى نصبح مجانين بشركائنا وعا ّقين للحياة .في الحبّ نتدلّى من السماء غيوما ً مربوطة بحبال وثيقة ال تتأرجح وال تفقد بوصلتها ،بل تمطر في مكانها عشبا ً أخضر ومعجزات؛ وكلّما اقتربنا من األرض أكثر وضعنا ح ّداً النتظارات طويلة ذهبت بأعمار من ضلّوا طرقهم ،وقضوا وحيدين دون أن يطرق ُ الشوق بثوبه وهام بحثا ً عمّن يدلّه عليهم. أبوابهم من علق في الحبّ تضيع ال ُخطا بين غريبين ،فيستحيالن امرأة ورجلها دون أن يعيرا باالً لقوانين الخطأ والصواب ،أو لحكمة التاريخ ووجع العصور التي مرّ ت قبلهما؛ فيصبح للعالم فلسفة واحدة ،ونولد أنا وأنت. في الحبّ ،م ّتفقين ومنتصرين؛ ننظر إلى الخلف بابتسامة وداع ،وإلى الغد بضحكة سنمنحها لهزيمة قادمة أمام هذا الحبّ .. في الحبّ ...
ُسرى أمحد علّوش
المدير العام
رئيس التحرير
توفيــق دنيـــا
بسام يوسف َ
newspaper@allsyrians.org
يف االستبداد واملستب ّد
يب عبد الرمحن الكواك ّ
ُقاوم بالعنف ،كي االستبداد ال ينبغي أن ي َ ً ال تكون فتنة تحصد الناس حصدا .نعم؛ االستبداد قد يبلغ من الش ّدة درجة تنفجر عندها الفتنة انفجاراً طبيع ّياً ،فإذا كان في األمّة عقالء يتباعدون عنها ابتداءً ،ح ّتى إذا سكنت ثورتها نوعا ً وقضت وظيفتها في حصد المنافقين ،حينئ ٍذ يستعملون الحكمة في توجيه األفكار نحو تأسيس العدالة، وخير ما تؤسّس يكون بإقامة حكومة ال عهد لرجالها باالستبداد ،وال عالقة لهم بالفتنة. /4 الحرّ يّة التي تنفع األمّة هي التي تحصُل عليها بعد االستعداد لقبولها ،وأ ّم��ا التي تحصل على إثر ثورة حمقاء فقلّما تفيد شيئاً ،ألنّ الثورة ـ غالبا ً ـ تكتفي بقطع شجرة االستبداد وال تقتلع جذورها ،فال تلبث أن تنبت وتنمو وتعود أقوى ممّا كانت أوّ الً.
«مارك» يضع «»Like
ص������درت ح���دي���ث���اً، رواي���������ة 1919م���ن ت���أل���ي���ف ال���ك���ات���ب «أح����م����د م��������راد» ص�������ادرة ع��ن «دار ال��ش��روق» ل������ع������ام .2 0 1 4 وال��ك��ات��ب مصوّ ر ومصمّم جرافيك .من مواليد القاهرة عام ُ ،1978ترجمت أعماله إلى ع ّدة لغات ونالت العديد من الجوائز.
عدوى «إيبوال» غير معروفة
تنقلك رواي��ة 1919إل��ى عالم القاهرة ،بين سعد زغلول و تع ّنت البريطانيّين ،وقصّة الوفد ومقهى متاتيا ،و جماعة سرّ يّة تعمل تحت مقهى ريش، وعوالم البغاء المق ّنن..
سيُعرض في صاالت السينما العالميّة في األسابيع القليلة المقبلة، فيلم «نظريّة ك ّل شيء» عن السيرة الذاتيّة أله ّم عالم فيزياء نظريّة حيّ وهو «ستيفن هوكينغ» .والفيلم يستند إلى كتاب من تأليف زوجته األولى «جين» بعنوان «السفر إلى الالنهاية.. حياتي مع ستيفن». وقد بدأ العالم المقعد «هوكينغ» المولود في أكسفورد عام ،1942منذ أق ّل من شهر أوّ ل مشاركة له على موقع الفيسبوك، قائالً« :لقد تطوّ رت اال ّتصاالت بين بعضنا البعض بال حدود، واآلن لديّ فرصة أنا حريص على مشاركتها معكم ،ابقوا فضوليّين للمعرفة ،أنا أعلم أ ّنني سوف أظ ّل كذلك إلى األبد». وحصلت صفحة «هوكينغ» على أكثر من 1.9مليون «إعجاب ح ّتى اآلن ،ونالت مشاركته األولى « »Likeمن مالك الفيسبوك «مارك زوكربيرغ» نفسه.
ط��رح علماء اجتمعوا في معهد الطبّ التابع لألكاديميّة الوطنيّة األمريكيّة تساؤالتهم حول كيفيّة منع تف ّ شي فيروس مرض اإليبوال. وأ ّكد المشاركون أ ّنهم سيواجهون عواقب عمليّة بسبب المعلومات العلميّة الضعيفة المتو ّفرة لديهم حال ّياً. فقد كان علماء الفيروسات يعتقدون أنّ مرض اإليبوال ينتشر بالعدوى عبر األغشية المخاطيّة إلى الدم. لكنّ خبيراً من الشعبة الطبيّة لجامعة تكساس قال: إنّ انتقال الفيروس من خالل جلد ليس به أّيّة جروح لم يستبعد بشكل قاطع.
نكـزة
المشكلة هالكالم المضحك عن تسجيل السيّئات باألدلة الفقهية، بيوصل بعدين وكذلك ،فإنّ الفيروس يمكن أن ينقله أناس لم تظهر لفتاوى الرجم والقتل والدبح وبيع الجواري ،واللي ّ يتعذر اكتشافه عليهم أيّة أعراض ،وهذا االنتقال عم يغرق بلدنا بالدم وبياخد أحلى شبابنا ...وبكل بالفحوص السريريّة. بساطة في ح��دا بيعدم شب متل ال��وردة بفتاوي ومن األشياء غير المعروفة أيضاً ،الم ّدة بين «هالراسخين بالعلم» ... هيثم حقّي التعرّ ض للفيروس وظهور أعراض المرض.
مسعنا ،شفنا ..وبدنا حنكي حسني برو
مسعنا..
شفنا..
أنّ االئتالف الوطنيّ لقوى المعارضة السوريّة يعقد المؤتمر الثاني لناشطي الداخل والعاملين في مجال العمل المدنيّ . وســمعنا أنّ مكان المؤتمر كان في واحــد من فنــادق عينتاب التركيّة ،وكان العدد بحدود مائـة وخمـسين ناشــطاً ،وأنّ االجتمـاع امتـ ّد ليوميـن، ك أنّ مثل هذه اللقـاءات أمر ضـروريّ ، طبعـا ً ال شــ ّ وكـان يجـب القيـام بها بشــكل مبـ ّكر لردم الهـوّ ة بيـن تمثيالت المعارضة الســياســيّة وبين القوى العاملة على األرض الســوريّة ،مع تقديرنا لهذه األه ّميّة ،ولكن أن نســمع نحن وكثيرون غيرنا بهذا المؤتمر عبر وســائل التواصل االجتماعيّ فهذا يد ّل بشــكل أو بآخر أنّ في شــكل اللقاء وفي طريقة الدعوات وتحديد الناشــطين ،خطأ ما ،وتعامل فوقيّ انتقائيّ .
هيئة التحرير حسين برو ّ - بشار فستق غزوان قرنفل -ثائر موسى -عزّة البحرة
االخراج الفني منير األيوبي
لقاء تشاوريّ مع رئيس االئتالف يرافقه رئيس الوزراء المكلّف وبعض قادة االئتالف وبحضور مجموعة من ناشطي الداخل السوريّ ،أمر مه ّم، ولكن أن يتحوّ ل هذا اللقاء بقدرة ق��ادر ،ـ وهذا (القادر) هنا هو جيش اإلعالميّين في االئتالف العتيدـ إلى مؤتمر حول أمور الداخل فهذه شطحة ال يمكن تقبّلها بهدوء وال استساغتها ،كلّنا يعلم ّ أنّ المؤتمر يعني فعالً منظما ً يتضمّن تحضيرات مسبقة وبرنامج واضح ومح ّدد ودراسة جيّدة حول ّ منظمة لتوجيه الدعوات وتحديد المدعوّ ين وآليّة الجهات المدعوّ ة ،بمعنى أنّ المؤتمر ـ أيّ مؤتمر ّ منظم وال ُتقبل فيه العشوائيّة، ـ هو فعل إداريّ والهدف منه الوصول إلى قرارات واضحة ومح ّددة.
ت ّم عقده على عجالة دون أيّة تحضيرات مسبقة، ربّما أراد السيّد رئيس االئتالف استغالل وجوده في عينتاب لمتابعة قضايا تشكيل الحكومة ،وترتيب قضايا هيئة األرك��ان ،وأراد أن يصيد أكثر من عصفور بزيارة واحدة فقرّ ر عقد هذا اللقاء الذي صار اسمه مؤتمراً ،وكان المدعوون حسب معارف الدائرة الضيقة من السيّد رئيس االئتالف والذين بدورهم اختاروا من دوائرهم األضيق ،وكأ ّنهم ّ متأثرون بالمثل الذي يقول بأنّ «بيت الضيق ي ّتسع ألف صديق» وبتصوّ ري ال ينتج عن مؤتمرات الدوائر الضيّقة إلاّ بيانات صحفيّة وكثير من الصور والقليل القليل من العمل الج ّديّ .وبسؤال أخير :لو كان هذا هو المؤتمر الثاني فمتى كان األوّ ل يا ترى؟ ماذا أنجز من مهام؟...
بدنا حنكي.. ال تستغربوا لو قرأتم ما يشبه هذا الكالم ونحن ما نعرفه أنّ هذا اللقاء الذي تمّت تسميته مؤتمراً ،نحكي عن المؤتمر الثالث!!
فريق العمل هلّ العبدال سكرتاريا :نور التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org