درا�سات ونقد ن�صو�ص �إبداعية مواجهـــــات نوافـــذ ملف العدد:
األندية األدبية المسيرة والتحوالت
45
برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية ودعم البحوث والرسائل العلمية في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي -1ن�شر الدرا�سات والإبداعات الأدبية
يهتم بالدرا�سات ،والإبداعات الأدبية ،ويهدف �إلى �إخراج �أعمال متميزة ،وت�شجيع حركة الإبداع الأدبي والإنتاج الفكري و�إثرائها بكل ما هو �أ�صيل ومميز. وي�شمل الن�شر �أعمال الت�أليف والترجمة والتحقيق والتحرير. مجاالت الن�شر: �أ -الدرا�سات التي تتناول منطقة الجوف في �أي مجال من المجاالت. ب -الإبداعات الأدبية ب�أجنا�سها المختلفة (وفق ًا لما هو مب ّين في البند « »٨من �شروط الن�شر). ج -الدرا�سات الأخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف (وفق ًا لما هو مب ّين في البند « »٨من �شروط الن�شر). �شروطه: � -١أن تت�سم الدرا�سات والبحوث بالمو�ضوعية والأ�صالة والعمق ،و�أن تكون موثقة طبق ًا للمنهجية العلمية. � -٢أن ُتكتب المادة بلغة �سليمة. � -٣أن ُيرفق �أ�صل العمل �إذا كان مترجم ًا ،و�أن يتم الح�صول على موافقة �صاحب الحق. � -٤أن ُتقدّم المادة مطبوعة با�ستخدام الحا�سوب على ورق ( )A4ويرفق بها قر�ص ممغنط. � -٥أن تكون ال�صور الفوتوغرافية واللوحات والأ�شكال التو�ضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومنا�سبة للن�شر. � -٦إذا كان العمل �إبداع ًا �أدبي ًا فيجب �أن ي ّت�سم بالتم ّيز الفني و�أن يكون مكتوب ًا بلغة عربية ف�صيحة. � -٧أن يكون حجم المادة -وفق ًا لل�شكل الذي �ست�صدر فيه -على النحو الآتي: الكتب :ال تقل عن مئة �صفحة بالمقا�س المذكور. البحوث التي تن�شر �ضمن مجالت محكمة ي�صدرها المركز :تخ�ضع لقواعد الن�شر في تلكالمجالت. الكتيبات :ال تزيد على مئة �صفحة( .تحتوي ال�صفحة على « »250كلمة تقريب ًا). -٨فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت الن�شر ،في�شمل الأعمال المقدمة من �أبناء وبنات منطقة الجوف� ،إ�ضافة �إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام� ،أما ما يتعلق بالبند (ج) في�شترط �أن يكون الكاتب من �أبناء �أو بنات المنطقة فقط. -٩يمنح المركز �صاحب العمل الفكري ن�سخ ًا مجانية من العمل بعد �إ�صداره� ،إ�ضافة �إلى مكاف�أة مالية منا�سبة. -١٠تخ�ضع المواد المقدمة للتحكيم.
-2دعم البحوث والر�سائل العلمية
يهتم بدعم م�شاريع البحوث والر�سائل العلمية والدرا�سات املتعلقة مبنطقة اجلوف ،ويهدف �إلى ت�شجيع الباحثني على طرق �أبواب علمية بحثية جديدة يف معاجلاتها و�أفكارها. (�أ) ال�شروط العامة: -١ي�شمل الدعم املايل البحوث الأكادميية والر�سائل العلمية املقدمة �إلى اجلامعات واملراكز البحثية والعلمية ،كما ي�شمل البحوث الفردية ،وتلك املرتبطة مب�ؤ�س�سات غري �أكادميية. -٢يجب �أن يكون مو�ضوع البحث �أو الر�سالة متعلق ًا مبنطقة اجلوف. -٣يجب �أن يكون مو�ضوع البحث �أو الر�سالة جديد ًا يف فكرته ومعاجلته. � -٤أن ال يتقدم الباحث �أو الدار�س مب�شروع بحث قد فرغ منه. -٥يقدم الباحث طلب ًا للدعم مرفق ًا به خطة البحث. -٦تخ�ضع مقرتحات امل�شاريع �إلى تقومي علمي. -٧للمركز حق حتديد ال�سقف الأدنى والأعلى للتمويل. -٨ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل �إج��راء تعديالت جذرية ت��ؤدي �إلى تغيري وجهة املو�ضوع �إال بعد الرجوع للمركز. -٩يقدم الباحث ن�سخة من ال�سرية الذاتية. (ب) ال�شروط اخلا�صة بالبحوث: -١يلتزم الباحث بكل ما جاء يف ال�شروط العامة(البند «�أ»). -٢ي�شمل املقرتح ما يلي: تو�صيف م�شروع البحث ،وي�شمل مو�ضوع البحث و�أهدافه ،خطة العمل ومراحله ،واملدةاملطلوبة لإجناز العمل. ميزانية تف�صيلية متوافقة مع متطلبات امل�شروع ،ت�شمل الأجهزة وامل�ستلزمات املطلوبة،م�صاريف ال�سفر والتنقل وال�سكن والإعا�شة ،امل�شاركني يف البحث من طالب وم�ساعدين وفنيني ،م�صاريف �إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة. حتديد ما �إذا كان البحث مدعوم ًا كذلك من جهة �أخرى.(ج) ال�شروط اخلا�صة بالر�سائل العلمية: �إ�ضافة لكل ما ورد يف ال�شروط اخلا�صة بالبحوث (البند «بــ») يلتزم الباحث مبا يلي: � -١أن يكون مو�ضوع الر�سالة وخطتها قد �أق ّرا من اجلهة الأكادميية ،ويرفق ما يثبت ذلك. � -٢أن ُيق ّدم تو�صية من امل�شرف على الر�سالة عن مدى مالءمة خطة العمل. الجوف :هاتف - 014 626 3455فاك�س � - 014 624 7780ص .ب � 458سكاكا -الجوف الريا�ض :هاتف - 011 281 7094فاك�س � - 011 281 1357ص .ب 94781الريا�ض 11614 sudairy-nashr@alsudairy.org.sa
العدد - 45خريف 1435هـ 2014 -م جمل�س �إدارة م�ؤ�س�سة عبدالرحمن ال�سديري
ملف ثقايف ربع �سنوي ي�صدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
هيئة الن�شر ودعم ا ألبحاث
رئي�س ًا ع�ضو ًا ع�ضو ًا ع�ضو ًا
د .عبدالواحد بن خالد الحميد د .خليل بن �إبراهيم المعيقل د .ميجان بن ح�سين الرويلي محمد بن �أحمد الرا�شد
امل�شرف العام � :إبراهيم بن مو�سى احلميد �سكرترياً �أ�سرة التحرير :حممود الرحمي حمرراً حممد �صوانة حمرراً عماد املغربي �إخـــراج فني :خالد الدعا�س املرا�ســــــالت :هاتف)+966()14(6263455 : فاك�س)+966()14(6247780 : �ص .ب � 458سكاكا اجلـوف -اململكة العربية ال�سعودية www.aljoubah.org/ aljoubah@gmail.com
ردمد
ISSN 1319 - 2566
�سعر الن�سخة 8رياالت -تطلب من ال�شركة الوطنية للتوزيع
رئي�س ًا في�صل بن عبدالرحمن ال�سديري ع�ضو ًا �سلطان بن عبدالرحمن ال�سديري زياد بن عبدالرحمن ال�سديري الع�ضو المنتدب ع�ضو ًا عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال�سديري ع�ضو ًا �سلمان بن عبدالرحمن ال�سديري الإدارة العامة -الجوف المدير العام :عقل بن مناور ال�ضميري م�ساعد المدير العام� :سلطان بن في�صل ال�سديري قواعد الن�شر � -1أن تكون املادة �أ�صيلة. -2مل ي�سبق ن�شرها ورقياً �أو رقمياً. -3تراعي اجلدية واملو�ضوعية. -4تخ�ضع املواد للمراجعة والتحكيم قبل ن�شرها. -5ترتيب املواد يف العدد يخ�ضع العتبارات فنية. ّ -6ترحب اجلوبة ب�إ�سهامات املبدعني والباحثني والكتاب، على �أن تكون املادة باللغة العربية. «اجلوبة» من الأ�سماء التي كانت ُتطلق على منطقة اجلوف �سابقاً.
املقاالت املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املجلة والنا�شر.
6......................... الأندية الأدبية امل�سرية والتحوالت
71....................... �أوراق الغرفة ()8
ُيعنى املركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط ،ويقيم املنا�شط املنربية الثفافية، ويتب ّني برناجم ًا للن�شر ودع��م الأبحاث والدرا�سات ،يخدم الباحثني وامل�ؤلفني ،وت�صدر عنه جملة (�أدوماتو) املتخ�ص�صة ب�آثار الوطن العربي ،وجملة (اجلوبة) الثقافية ،وي�ضم املركز ك ًال من( :دار العلوم) مبدينة �سكاكا ،و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط ،ويف كل منهما ق�سم للرجال و�آخر للن�ساء. وي�صرف على املركز م�ؤ�س�سة عبدالرحمن ال�سديري اخلريية. www.alsudairy.org.sa 2
اجلوبة -خريف 1435هـ
115...................... حوار مع ال�شاعر م�سفر الغامدي الغالف :للفنان التركي ديكان.
الـمحتويــــات االفتتاحية 4 ............................................................ ملف العدد :الأندية الأدبية ,الم�سيرة والتحوالت -د� .صالح زياد6 , محمد علي قد�س ,د .عبدالواحد الحميد ,عبدالرحمن الدرعان ,هاني الحجي� ,صالح محمد المطيري� ,شيمة ال�شمري ,د .عبداهلل الحيدري, رباب ح�سين النمر ,هدى الدغفق ,عبداهلل ال�سفر ,تركية العمري, جبير المليحان� ،إبراهيم الحميد .................................... درا�سات ونقد :الترجمة والع�صر الذهبي للعلم العربي -د .محمد 64 محمود م�صطفى ..................................................... رواي ��ة �شيخ ال��رم��اي��ة :نحو ر�ؤي ��ة ��س��ردي��ة ج��دي��دة للعالم -رفعت 75 الكنياري........................................................... خزانة �شهرزاد -ر�شيد الخديري 79 .................................. غيثة تقطف القمر -محمد العناز82 .................................. �أوراق الغرفة ( - )8ه�شام بن�شاوي 84 ................................ بيت وفكرة -الحكمة في زمن الجنون -د .بهيجة م�صري �إدلبي87 ......... ق�ص�ص ق�صيرة :مط ٌر في غَ يرِ �أَوَا ِنهِ� - ..إيمان مرزوق90 .................. َك ْل َب َن ٌة -محمد مباركي 91 .................................................... القطرة التي �سقطت على وجه الدب -علي عطار93 ......................... رحَ لت وبقيت الذكرى -محمد المبارك 95 .............................. ق�ص�ص ق�صيرة جدا -ح�سن برطال96 ............................... �شعر� :ألقِ ع�صاكْ -مي�سون طه النوباني97 .............................. عنف ال�سنين -عبداهلل احمد الأ�سمري99 ............................ �أكتبي ما �شئت والعني خطوي -نجاة الزباير 100 ............................. �سنة �أولى -م�سفر الغامدي 101 ............................................... والتفت ال�ساق بال�ساق في عناقٍ �أخير -رامي هالل 102 ....................... ن�صان �شعريان -محمد حبيبي 105 .................................... في رثاء ناهد المانع -د .ن�سرين بنت ثاني الحميد 106 ................ ناهد الزيد -مالك الخالدي 108 ...................................... قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة -يو�سف عايد العنزي 109 ........................ كلنا �أحباب … -حامد �أبو طلعة110 ......................................... �سُ مّار الدار -عبدالنا�صر الزيد113 ........................................... مواجهات :ال�شاعر م�سفر الغامدي -حاوره عمر بوقا�سم 115 ........... نوافذ� :أدب البكاء وال�ضحك -عبد الرحيم الما�سخ122 .................. الإن�سان ..وتقلب الأيام -غازي خيران الملحم 125 ........................... «جيران �أ�سفل الدرج» ..جيران اللغة الإن�سانية - !!..محمد خ�ضر 128 ........ فيلم «الما�ضي» لأ�صغر فرهادي - ..عبداهلل ال�سفر131 ....................... قراءات 133 ............................................................... عين على الجوبة 135 ................................................... الأن�شطة الثقافية136 .................................................. اجلوبة -خريف 1435هـ
3
اف����������������ت����������������ت����������������اح����������������ي����������������ة
اف �ت �ت��اح �ي��ة ال� � � � �ع � � � ��دد ■ �إبراهيم احلميد
منذ �أكثر من ثالثة عقود ،بزغ فجر الأندية الأدبية� ،شاقة طريقها الطويل مع نخب الأدب والثقافة و�شيوخها� ،إذ كانت البدايات في المدن الرئي�سة مت�سمة بكثير من التبجيل ،كون هذه الأندية بقيت نخبوية ،يحتكرها نخبة من �شيوخ الأدب والمثقفين، وكان الإ�شراف الحكومي والتعيين الذي كان يتم من قبل الرئا�سة العامة لرعاية ال�شباب عامال حَ فِظ ا�ستقرار تلك الأندية ،و�أ�ضفى على عملها كثير ًا من الرتابة والجمود ،نظرا لبقاء بع�ض ر�ؤ�سائها �سنوات طويلة دون تغيير. وبقدر ما �أ�سهم وجود الأندية الأدبية في المدن التي وجدت بها في بروز �أ�سماء �أدبية وثقافية ،وتحفيز �أدب��اء مجتمعاتها نحو الإب��داع والتمكين ،فقد �أ�سهم عدم وجود الأندية الأدبية في المناطق الأخرى في تثبيط همم المبدعين و�شل ن�شاطهم، وردم وجودهم ،وبالتالي �أ�سهم في نكو�ص التنمية الثقافية في تلك المناطق لأكثر من ثالثين عاما ،ما ت�سبب في دفن مئات المواهب التي كان يمكن للأندية الأدبية الم�ساهمة في تكري�س اهتمامها و�إبرازها �إلى ال�ساحة الثقافية. وقد واجهت الأندية الأدبية محطات عديدة في م�سيرتها �صعود ًا وهبوطاً ،بقدر ما ا�ستطاعت �أن تقدم لمجتمعاتها المحلية ولوطنها من منتج ثقافي ،ومن مثقفين �أدوا دورهم في خدمة الإبداع الثقافي للبالد .وبقدر ما قدمت هي للمثقفين والأدباء من خدمات و�أدوار وفقا لإمكاناتها و�أنظمتها التي يرى بع�ضهم �أنها قيّدت حِ راكها ،وحدَّت من انفتاحها؛ و�إذا جاز لنا ،مع �أبعاد الجوانب ال�شخ�صية �أو الم�سوغات الخارجية، فقد ا�ستطاعت �أن ت�ؤدي دورها ن�سبيا وفقا لمرحلتها. لم يتغيّر الو�ضع �إال بعد ك�سر الجليد ،بت�أ�سي�س �أندية جديدة في مناطق لم تحظَ 4
اجلوبة -خريف 1435هـ
بها من قبل ،لتبد�أ م�سيرة جديدة ،وليكتب تاريخ جديد من االنعتاق من الجمود، بتعيين وجوه تمثل الم�شهد الثقافي الجديد ،من جيل يعتبر �أن مرحلة التجديد طالت كثيرا ،حتى و�صلت �إليه؛ ومع هذا فقد بادر بع�ضهم �إلى التقليل من �أهمية المرحلة الجديدة� ،إذا لم ت�أت وفقا للم�ستجدات والمتغيرات التي ت�شهدها ال�ساحة المحلية والعالمية ،معتبرين �أن الأندية الأدبية يجب �أن ال تقل �ش�أنا عن الغرف التجارية� ،أو المجال�س البلدية التي تنتخب �أع�ضاءها. وكان �أن ب��ادرت وزارة الثقافة باتخاذ قرار بالمجازفة بقرار االنتخابات ،من دون �أن تلتفت �إلى �أهمية الأر�ضية التي ت�أتي على �أ�سا�سها ،ومن دون �أن تلتفت �إلى اقتراحات الأندية و�شروطها لإدخال المهتمين �إلى �ساحة الثقافة .و�أذكر من تجربتي ال�شخ�صية في فترة الإعداد النتخاب مجل�س جديد ،وت�أ�سي�س جمعية عمومية� ،أننا بنينا على ا�ستمارة تم �إعدادها من قبل رئي�س النادي الأ�سبق ،لنخرج با�ستمارة جديدة كانت كفيلة بكفاءة وجَ ودة �أي ع�ضو يمكن �أن يتم تر�شّ حه لع�ضوية الجمعية العمومية �أو النادي ،وقد كنت قد ا�ستعر�ضت تلك اال�ستمارة مع وكيل الوزارة الذي �أبدى �إعجابه بها في حينه ،وعندما �أجريت االنتخابات ،تمت وفقا لمعادلة جديدة هدفها �إح�ضار �أكبر عدد من الأع�ضاء حتى ولو كانوا من خارج ال�سرب ،ما ت�سبّب في ح�شد جموع كانت �أبعد ما تكون عن هموم الأندية الأدبية واهتماماتها ،وت�سبب بالتالي في نكو�ص جديد للأندية الأدبية. وفي �سياق هذه التحوّالت ،تطرح الجوبة ملفها لمناق�شة مو�ضوعات واقع الأندية الأدب�ي��ة وم�ستقبلها ،نجاحاتها و�إخفاقاتها ،والمقارنة بين التعيين واالنتخاب، وتفا�صيل حول تمويل الأندية الأدبية ،ودوري��ات الأندية و�إ�صداراتها ،والملتقيات الأدبية وجوائز الأندية الأدبية ،والمر�أة في الأندية الأدبية ،والمراكز الثقافية كبديل للأندية الأدبية �أو �إغالقها ،والأندية الأدبية في ع�صر العولمة ،وتجربتين واقعيتين في �إدارة الأندية الأدبية. اجلوبة -خريف 1435هـ
5
■ �إعداد وتقدمي :حممود عبداهلل الرحمي
الأندية الأدبية ال�سعودية م�ؤ�س�سات ثقافية �أدبية فكرية ،ب��د�أت فكرتها عام 1395ه��ـ ،والتي ج��اءت عبر اق��ت��راح قُ��دم للأمير في�صل بن فهد -رحمه اهلل � -أث��ن��اء دعوته ولقائه في العام المذكور ب�أربعين �أديباً من مختلف �أنحاء المملكة؛ لدرا�سة وتنظيم �إحياء �سوق عكاظ ،وقد �أثمر هذا اللقاء عن �إن�شاء �ستة �أندية .ويعد نادي جدة عميد الأندية الأدبية ،تلته �أندية مكة المكرمة، والريا�ض ،والمدينة المنورة ،وجيزان والطائف؛ وذلك عام 1395هـ .وي�ؤكد الأدباء في المملكة �أنه لوال حما�سة الأمير الأديب في�صل بن فهد رحمه اهلل ،و�إرادته الحرة ،و�إيمانه القوي بر�سالة الأدب ،وقدرته الفائقة في الت�أثير في المجتمع ،لما كان ت�أ�سي�س الأندية الأدبية من الأحداث الثقافية والأدبية المهمة في تاريخ �أدبنا ال�سعودي .ثم توالت المطالبات بالتو�سع في افتتاح �أندية �أدبية مماثلة في جميع مناطق المملكة ،وتحقق بع�ضها في ظل رعاية ال�شباب ،وقد قدمت تلك الأندية جهدا ملمو�سا في الت�أ�سي�س لحراك �أدبي ثقافي ،كان ي�سير وفق منظومة التطوير التنموي للوطن.. وبعد �أربعين عاما مرت على �إن�شاء الأندية الأدب�ي��ة ،ورغ��م �أن �أداء الأن��دي��ة الأدب�ي��ة تطور ب�شكل ملحوظ في الو�سط الثقافي ،و�إن كان ل��م ي�صل �إل��ى طموح القائمين عليها؛ �سواء ب��ال��وزارة �أو الأن��دي��ة الأدب�ي��ة نف�سها ،ت�ضاربت الآراء حولها ..وكتب النقاد الكثير عن دورها.. ما بين م�ؤيد ومعار�ض لأدائها وفعالياتها؛ فمن قائل �إل��ى حاجتها �إل��ى تو�سيع دوره��ا الثقافي وفق المعا�صرة والحداثة التي نعي�شها الآن�..إلى مطالب ب�إغالقها و�إن�شاء مراكز ثقافية جديدة تحمل روح الع�صر الرقمي والقيم الإن�سانية 6اجلوبة -خريف 1435هـ
الكونية ..و�إلى �إنهاء حالة الت�شطير بين جمعيّات الثقافة والفنون وبين الأندية الأدبيّة ،وجعلهما تحت مظ ّل ِة المركز الثقافي في جميع المناطق والمحافظات في المملكة. وق��د ارت� ��أت الجوبه تخ�صي�ص ه��ذا العدد لتقويم عمل الأندية الأدبية وعطائها ،ور�صد �أث��ره��ا -ف��ي وق��ت تحتفل �ستة منها ب�م��رور �أربعين عام ًا على �إن�شائها -على �أم��ل �أن هذا العدد الخا�ص من المجلة �سيكون مرجع ًا مهم ًا للباحثين والدار�سين الذين �سيت�صدون م�ستقب ًال لكتابة بحوث �أكاديمية عالية عن الأندية الأدبية.
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
األندية األدبية المسيرة والتحوالت
واقع الأندية الأدبية وم�ستقبلها ■ د� .صالح زياد -الريا�ض
الأندية الأدبية من �أبرز مجاالت االهتمام الر�سمي بالثقافة في المملكة ،وهو اهتمام يذهب �إلى الأدب (�شعرا ،و�سرداً ،ودرا�سات نقدية وتاريخية متعلقة بهما) ،متحا�شياً غيره من �ألوان الفعل الثقافي والفني التي اخت�صت بها جمعيات الثقافة والفنون؛ فكانت قيا�ساً على ما تلقاه الأندية الأدبية من اهتمام مو�ضع تهمي�ش ر�سمي� ،سواء بعدم ال�صرف عليها من قبل الجهة الم�سئولة عن الثقافة ..وهي وزارة الثقافة والإعالم (حتى �أعلنت التق�شّ ف في الآونة الأخيرة وتوقف كثير من منا�شطها وفعالياتها المجدولة)� ،أو بما تلقاه الفنون والمنا�شط الثقافية التي ترعاها (وهي الم�سرح ،والت�شكيل ،والمو�سيقى ،والفولكلور ال�شعبي) من تراتبية القيمة على ما تخت�ص به الأندية الأدبية ،و�ضيق المجال الحيوي الذي يعك�س �ض�آلة االهتمام. ف�إذا ما ت�ساءلنا عن �أ�سباب هذه الظاهرة وم��دل��ول �ه��ا ،ف ��إن �ن��ا �سنفهم ال�ت���ص��ور ل�ل��أدب والوظيفة التي يُراد للأندية الأدبية �أن تنه�ض بها ،ومن ثم نجاعتها في ممار�سة دور ثقافي فعّال ،و�أ�سباب ال�صراع والم�شكالت التي تن�شب فيها :بين �أع�ضائها المنت�سبين �إليها من جهة، وبينهم وب�ي��ن ال� ��وزارة م��ن جهة ثانية ،وبين الأندية الأدبية والأدب��اء الذين لم يجدوا في الأندية ما يجذبهم �إليها من جهة ثالثة .وقد
نقول �إن ال�صراع والم�شكالت لي�ست عامة في كل الأندية .وهناك م�شروع الئحة جديدة �سيغلق الباب من دون �أي منفذ للم�شادّة واالختناق.. ولكن علينا هنا �أن ننظر �إلى ال�صراع الحادث والم�شكالت الم�صاحبة من زاوي��ة مفهومية للأندية الأدب �ي��ة ،بحيث لم يكن التعيين من جهة الوزارة لمجال�س �إدارات الأندية ب�أقل �إثارة للم�شكالت ،و�أدعى للعزوف عن الأندية ،و�أمعن في ت�شتيت جهدها ،من التحوّل �إلى االنتخاب اجلوبة -خريف 1435هـ 7
8اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
للمجال�س. ولي�س م��ن �ش�أننا هنا �أن نبحث ع��ن حلٍّ لل�صراع� ،أو براءة من الم�شكالت؛ بل قد نقول �إن ال�صراع والم�شكالت ظاهرة طبيعية و�ضرورية في الم�شهد الثقافي ،وال يخلو منها م�شهد �إال كان الجمود م�آله .لكن ال�صراع والم�شكالت قد تكون باعث ًا على الجمود ،وقد تكون عر�ض ًا لمر�ض �أو اختناق يح�سن معالجته وتنفي�سه؛ وما �أعنيه هنا هو هذا ال�صنف الأخير. والم�س�ألة –من قبل ذلك ومن بعده -يمكن �أن تكون مو�ضوع تقويم وتحليل خارج ح�سابات ال���ص��راع ،وب�ع�ي��د ًا ع��ن متعلقاته �أو دواع�ي��ه؛ فالبحث عن ج��دوى للأندية الأدبية وم�ضمار حيوي لن�شاطها ،ال ي�ستقل عن بحث مفهوم الأدب الذي تنت�سب �إليه ،والوظيفة التي ينه�ض بها ،وعالقته في هذا وذاك بالفن في عمومه، الذي ال يمكن ت�صور الأدب بمعزل عنه� ،إال في لحظة الإ�شارة �إلى �أزمة في ثقافة المجتمع. �إن اخت�صا�ص الأندية الأدبية ب��الأدب (�أي بالفن ال��ذي يتركز ف��ي اللغة الل�سانية) هو اخت�صا�ص متعلق بنخبة اجتماعية محددة؛ ومن ثم ،ف��إن الأدب هنا يمتلك وظيفة «توجيهية» تنزل من الأعلى �إل��ى الأ�سفل� ،أو من الأدي��ب �إلى جمهوره .وهذه العالقة العمودية �أو�ضح ما تكون في ال�شعر وفي المحا�ضرة ،وقد ن�ش�أت الأندية الأدبية في المملكة ،في وقت كان �صدور رواية حدث ًا نادراً ،ولم يكن المجال يتيح للق�صة الق�صيرة ما يتيحه لل�شعر. كان هذا الدور التوجيهي للأديب هو الدور ال��ذي قامت عليه الأن��دي��ة الأدب �ي��ة� ،أي ال��دور الذي ي�ستلزم ح�ضور الأدي��ب بذاته و�شخ�صه؛ ويمكن �أن نفهم هذا الدور ونميزه بمقابلته بدور
الكاتب الم�سرحي الذي تختفي ذاته ،مف�سحة �أمام الجمهور واقع ًا فني ًا مو�ضوعي ًا ب�شخ�صيات متعددة ،وعالقة �أفقية مع الجمهور ال ر�أ�سية؛ �أي لي�ست نازلة عليهم من الأعلى. وم��ا ي�ب��دو ف��ي الم�سرحية �أو ال�سينما من اختفاء �شخ�صية الكاتب وذات�ي�ت��ه ،يبدو في الفنون ال�شعبية التي تمثِّل �ألوان الرق�ص والغناء التي ال تنت�سب لم�ؤلف محدد .وحتى ال�شاعر ال�شعبي بالمعنى ال��ذي ي��ؤ ِّدي��ه في الرق�صات المحلية المختلفة ،ي��ذوب موقعه ف��ي �إط��ار الجماعة� ،أو يكت�سب بحكم �صوته الفولكلوري موقع ًا �ضمن المجموع ،ولي�س موقع ًا �شخ�صي ًا وذات �ي �اً؛ ولذلك فهو ينطق ب�صوت الجماعة، ويغنِّي على الألحان المتوارثة فيها. والمو�سيقى التي تتجرد من اللغة المبا�شرة هي ق�سيم الفنون الت�شكيلية في تجريد الذات و�إخفائها ،وفي الخلو�ص �إلى واقعة فنية ع�صيَّة على اال�ستخدام والتوظيف؛ فهي مخدومة في ذاتها ولذاتها التي تج�سِّ د درج��ة �صافية من درج��ات الفن والخلو�ص الجمالي .ولذلك ف�إن عالقة الجمهور بها عالقة �أفقية؛ �أي عالقة تفاعل وت�شارك ولذة فنية خال�صة� ،أو فرجة� ،أو ال عالقة .وقد �أحاط بع�ض الفقهاء المو�سيقى وال �ف �ن��ون الت�شكيلية ب��الإن �ك��ار �أو التحفظ، با�ستدالالت نقلية هي مو�ضع نظر وتمحي�ص دقيق ،ينتهي �إلى نفي �صحتها من �آخرين ،وحين ي�ضعف الدليل النقلي في مواجهتها ،ف�إن العلة العقلية لن تجد �سوى الخلو�ص الجمالي �أو الغائية الفنية فيها ،التي ال تتيح وظيفة توجيهية ونفعية مبا�شرة ،ال قيمة للجمال الفني عند الفقهاء بمعزل عنها .وينبغي �أن نتذكر ه��ذه العلة ما دمنا ب�صدد التفكير في علة الف�صل للأدب عن الفنون الجميلة والتردد في مح�ضها ..المنزلة
نف�سها التي نمح�ضها للأدب و�أنديته! وعلى ال��رغ��م م��ن �أن��ه يمكن االحتجاج بما نَحَ تْه الق�صيدة الحديثة من تحا�شي الح�ضور الذاتي لل�شاعر بالمعنى التقليدي �أو الرومان�سي، والهروب من العاطفية ،ومن اللغة المبا�شرة، وت�أكيد �صفة مو�ضوعية وجماعية للن�ص؛ ف�إن ال�شاعر وجمهوره ظال مولعين بنرج�سية ال�شاعر وطغيان �أناه ،وظلت الأم�سيات ال�شعرية والأكف ال�ت��ي يع�صف بها الت�صفيق بين حين و�آخ��ر ت�أخذك �إلى �أجواء قديمة� .أما الرواية التي نعرف مقدار الم�سافة التي تباعد بينها وبين الق�صيدة من جهة اختفاء �شخ�صية م�ؤلفها فيها ،وحفولها بالتعدد ال�صوتي والحوارية بما �أك�سبها ح�ضورا حديث ًا ب ��ارزاً ،ه��و ح�ضور ال �ت�لا�ؤم م��ع جمهور �أكثر �شعور ًا باال�ستقاللية وت�صور ًا للحرية ،ف�إن الرواية ال�سعودية في معظم �إنتاجها بما فيه مرحلة طفرتها منذ منت�صف الت�سعينيات و�إلى الآن ،لم ت�شكِّل م�سافة تباعد عن كتَّابها ،وظل ال�صوت التوجيهي �صوت المر�شد �إلى ال�صواب ال��ذي ي��راه م�ؤلفها م��ن وجهته ،ح��ا��ض��راً .وال نن�سى –رغم ذلك� -أن الق�صيدة الحديثة لم تكن مو�ضع ترحيب في معظم الأندية ،وما تزال تحا�ش من بع�ضها. الرواية مو�ضع ٍ ول ��م يقت�صر ت ��أث �ي��ر ه ��ذا ال�ت���ص��ور ال��ذي انح�صرت فيه الأندية الأدبية على �سَ جْ ن الأدب في قف�ص الر�سمية والنخبوية ،والحيلولة بينه وبين وه��ج الحياة وح��رارت�ه��ا وكدحها� ،أعني الحيلولة بينه وبين ما ي�صنع الأدب بو�صفه موقف ًا لم يكن وال يمكن �أن يكون لموظف برتبة مثقف ،وال لأجير برتبة �شاعر .بل تعدى ذلك �إلى ات�ساع دائرة المت�صفين بالأدب ،وتزاحمهم على الوجاهة االجتماعية التي ت�صنعها لهم الأندية ،من دون �أي قدرة على تحديد �ضوابط
�صلبة ،يمكن بها الح ُّد من عددهم� ،أو �ضمان ق��در معقول م��ن التجان�س والت�شارك بينهم. ول�ق��د ح��اول الم�سئولون ع��ن الأن��دي��ة الأدب�ي��ة والعاملون فيها تدبير �ضوابط لمن ي�ستحق ع�ضويتها واالنت�ساب �إليها والعمل فيها ،ولكنها كانت تتهاوى �أمام �سيولة المفهوم الأدبي ذاته؛ �سواء نظرنا �إلى هذه ال�سيولة من زاوية الكثرة في �أع��داد ال�شعراء والكتاب ب�أي معنى� ،أو من زاوية القابلية للتمدد في كل اتجاه ،زاوية الكتابة عن الأدب والثقافة ب�أي معنى ،تلك التي كانت هي الأخرى م�ؤهِّ ال �إلى رتبة الأديب �أو المثقف، ي�ستطيع الولوج منها مَ ن لم يحظ ب�صفة ال�شاعر �أو ال�سارد �أو الكاتب ،وي�صبح مو�صوف ًا للأدب في مقام باحث� ،أو م�ؤرخ� ،أو ناقد ...،الخ. وقد يبدو الأمر �أكثر جالء �إذا ما نظرنا في ال�صفة التي يتحدد بها االنت�ساب �إل��ى الفنون الجميلة ف��ي جمعيات الثقافة وال�ف�ن��ون؛ فمن ال�سهولة بمكان �أن تتحدد في �أذهاننا �صفة الفنان الت�شكيلي ،وهي �صفة قائمة على حدود �صلبة في التحديد للفن الذي ينت�سب �إليه؛ بحيث ال يغدو �سه ًال ادعا�ؤها من �أي �أحد ،وال توافرها بكثرة ت�شبه كثرة ال�شعراء والأدباء؛ والأمر نف�سه يمكن ح�سابه لدى الم�سرحيين والمو�سيقيين. ونظرة �أخرى �إلى منت�سبي جمعيات الثقافة والفنون (ف��ي م�سافة االخ�ت�لاف ع��ن الأن��دي��ة الأدبية) ،ف�إن �أحد ًا ال يمكنه �أن يرى تزاحم ًا على الوجاهة االجتماعية ،كما هو الحال في الأندية الأدب��ي��ة التي امتازت بحظوة مالية ومعنوية، وبملتقيات وم��ؤت�م��رات وج��وائ��ز وا�ست�ضافات في ال��داخ��ل وال �خ��ارج ،وت�شريفات على �أعلى الم�ستويات؛ ولهذا ن�ش�أت في الجمعيات روابط بين المنت�سبين �إل��ى الفنون التي تحفل بها، ال �سند لها �إال المحبة للفن واالل�ت�ق��اء عليه
اجلوبة -خريف 1435هـ 9
10اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
والت�شارك فيه ،و�سجَّ لت منا�شط الجمعيات �صفحات م�شرقة لأع�ضائها في بذلهم وتطوّعهم والت�ضحية بجهدهم. ال بد –�إذاً -من �أن نزهد في ت�صوراتنا ال�ق��دي�م��ة ت�ج��اه دالل ��ة الأدب والأدي � ��ب ،التي �أ��ص�ب�ح��ت م�خ�ن��وق��ة بتعاليها ورومان�سيتها وامتالئها الميتافيزيقي .وال بد �أن نعيد التفكير ف��ي حقيقة المح�صول ال��ذي يتوافر للثقافة من فهم العالقة بالأدب ب�أي معنى توجيهي �أو تعليمي .فالأدب –هكذا -يغدو ملوَّث ًا بالم�صالح والمنافع ،يغدو ملوث ًا ب�ـ «�أن ��ا» مت�ضخمة في تك�سبها ب ��الأدب �أو �شعورها ال َمرَ�ضي ب�أنها قادرة على حُ كم الواقع ،وتعليمه ،والتفكير نيابة عن الجماعة الثقافية .وه��ذا دور ظلت �صفة الأدب الر�سمية محتكِ رة �إ َّي��اه ،ومتطابقة معه، حتى ا�ستنار الوعي الأدبي حديث ًا في المرحلة التي تلت الرومان�سية؛ ف�أ�صبح الأدب بال�صفة ال�سابقة تعتيم ًا على الواقع ال �إنارة ،وتخلّف ًا عن حركته ال ريادة له ،و�سبب ًا في م�ضاعفة االنق�سام والت�صادم م��ن حيث ي��راد ل��ه وب��ه اال�ضطالع بمهمة م�ضادّة لذلك تماماً .ال بد من �أن نزهد في داللة الأدب والأديب بالمعنى القديم والذي ما يزال يكيّف نظرتنا ،حتى اخت ََ�ص ْ�صنا الأدباء من دون غيرهم من المبدعين والفاعلين في �إنتاج الثقافة بالنوادي الأدبية. وح �ي��ن ن��زه��د ف��ي دالل� ��ة الأدب والأدي� ��ب ووظيفتهما بالمعنى المو�صوف �أعاله؛ ف�إننا ال نعني الزهد فيهما� ،أو ا�ستبدال التحقير لهما بما كانا يحظيان به من تعظيم .كال ،فالمق�صود هو �أن نحلّهما المحل الم�ستحق لهما في �إنتاج الجمال الفني ،بالمعنى ال��ذي ال يميّز وظيفة الق�صيدة عن وظيفة المنحوتة� ،إال في اختالف مادتهما وجن�سهما الفني .وهذا معناه ا�ستحداث
داللة للفعل الأدبي ووظيفة له في المنظور الذي ي�صله بغيره من الفنون و�أ�شكال الفعل الثقافي، وال يف�صله عنها .ونتيجة ذل��ك ال تنح�صر – وح�سب -في �إك�ساب الأدب والمنت�سبين �إليه موقع ًا جديد ًا في �سياق �أو�سع و�أدعى �إلى الحيوية والتالقح ،و�أحفل بالمواهب المتنوّعة ،و�أكثر تركيز ًا وتقطير ًا للخا�صية الأدبية؛ بل تفي�ض عن ذلك وتتعداه �إلى �إنعا�ش الفنون التي انح�سر االهتمام بها وت�ضاءل ت�شجيعها والحفاوة بها، فت�ستحيل من الهام�ش �إلى المتن. و�إذا ك��ان م��ن ال�م�ق��رر ف��ي ت��اري��خ الآداب والفنون �أن الأجنا�س الأدب�ي��ة والفنية تتمايز في ح�ضورها التاريخي ،وتختلف تبع ًا الختالف الحقب �أو ال�سياقات التاريخية ،والتطور الثقافي واالجتماعي؛ ف ��إن من المعاك�سة للتاريخ �أال يُتاح للفنون من فر�صة التطور وتكاف�ؤ الح�ضور ما يحقّق العدالة بينها .فلي�س معقو ًال �أن تظل بنية ال��واق��ع الثقافي و�إدارت� ��ه م�صممة منذ �أربعين عام ًا على هذا النحو ،فال ي�ساير الزمن وال يتطور معه �إال زي��ادة ع��دد الأن��دي��ة وف��روع الجمعيات� ،أو نقل �إدارة الثقافة والإ��ش��راف عليها من رعاية ال�شباب �إلى وزارة الإعالم. لنقل ب�صريح العبارة �إن من غير المجدي �أن ن�صنع تطوير ًا ثقافي ًا ما لم ُنعِد هيكلة الأجهزة المعنية بالفنون والآداب .فكيف نطوِّر الثقافة بح�صر االهتمام بالأندية الأدب�ي��ة؟! كيف نطوِّر الأدب ،ونحن نُق�صي الم�سرح ونُحارب ال�سينما، ونُ�ضيِّق الخناق على المو�سيقى ،ونحتقر الفولكلور، ونقب�ض �أيدينا عن �أي دعم �أو م ��ؤازرة للفنانين الت�شكيليين..؟! لماذا ال نت�صور� ،أو ال نريد �أن تكون الفنون والآداب �أغ�صان �شجرة واحدة؟! ال بد من �أن تت�سع الأندية الأدبية لأق�سام
ومنا�شط جمعية الثقافة وال�ف�ن��ون� ،أو تت�سع الجمعية للأندية الأدب �ي��ة ،فتتوحد الجهتان �أو تندمجا ،وال بد من �إ�ضافة المكتبة العامة �إل��ى ه��ذا االن��دم��اج ،وت�ت��اح الفر�صة الن��دراج �أق�سام فنية وثقافية �أخرى ،لم تحظ باهتمام الجمعيات والأن��دي��ة م��ن ق�ب��ل .ولي�ست هذه الفكرة جديدة؛ فقد ناق�شها ملتقى المثقفين ال�سعوديين الثاني المنعقد في الريا�ض خالل الفترة من 1432/11/30-27ه �ـ ،تحت عنوان «ال �م��راك��ز ال�ث�ق��اف�ي��ة» ،وك��ان��ت م �ح��ور �إح��دى جل�ساته .بل �إن �إحدى الأوراق التي تم طرحها في هذه الجل�سة ذهبت �إلى �أن تاريخ الفكرة بد�أ –في الأقل -عام 1415هـ ،على ل�سان الأمير في�صل بن فهد (رحمه اهلل) ،الرئي�س العام لرعاية ال�شباب �آن��ذاك ،في �إحدى المنا�سبات الثقافية ،حين كانت الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون تحت �إدارت �ه��ا .وكانت بع�ض الأوراق تبارك الفكرة ،وتبرهن على جدواها بالمقارنة بفكرة المراكز الثقافية في الدول الغربية ،مثل :فرن�سا ،و�إيطاليا ،و�أمريكا .ولم تحدث معار�ضة للفكرة ب�شكلٍ ج��ديٍّ ،وظلت التحفظات عليها ،ت�أتي من زاوية التحبيذ لتعدد �إدارات العمل الثقافي ،و�أن الدمج �سي�ضيِّق وا��س�ع�اً .وك��ان الإح�سا�س ال��ذي ل��م يكد يبين في كلمات �أن دعم الأندية الأدبية وامتيازات �أع�ضائها �ستت�ضاءل ب�سبب اندراجها في متعدد �أو تفرُّق مبالغ الدعم التي كانت خا�صة بها. وعلى الرغم من ذلك ،ف�إن �أق�صى ما يمكن �أن ن�صف به م�صير الفكرة لي�س الإلغاء ،لأن �أح��د ًا من الم�سئولين لم يقل ذل��ك �صراحة؛ و�إنما ت�أجيل الفكرة� ،أي التغا�ضي عنها م�ؤقت ًا وعما ين�ش�أ عنها من عناء .لكن هذا الم�صير �أكثر �إرباك ًا وا�ستنفاد ًا للجهد والمال؛ فها هي
بع�ض الأندية الأدبية تفرغ من بناء مقراتها ،وها هي �أخرى تو�شك �أن تت�سلم مقراتها� ،أو ت�شرع في �إن�شائها ،وذل��ك بماليين ال��ري��االت ،ولكن بت�صاميم ال ت�أخذ في الح�سبان �أدوار ًا م�ستقبلية يمكن �أن تتمثل فيها فكرة المراكز .وي�ضاف �إلى ذلك جهد الالئحة المنظمة لع�ضوية الأندية الأدبية و�إدارتها التي ا�ستنفدت جهد ًا كبيراً. �إن فكرة �إن�شاء مركز ثقافي ي�شمل منا�شط فنية و�أدبية وثقافية عديدة ،في كل منطقة هي طموح �أبعد في تطوير الثقافة ،والمعار�ضون لها حين يعتقدون �أن تعدد الإدارات الثقافية �أجدى على الثقافة ،يتحا�شون جناية الت�شتيت والف�صل بين الفنون على المفهوم ال��ذي يطبعها والوظيفة التي ت�ضطلع بها ،وال يكترثون بقلة المتفاعلين من عموم النا�س مع الن�شاطات الأدب�ي��ة التي ُيغْدَ ق عليها المال ،وال بما تلقاه جمعيات الثقافة والفنون من �شُ حٍّ وتقتير. �أم��ا الأم��ر المهم في الق�ضية كلها ،فهو �أن طرحها على هذا النحو قد ال ي�صدر عن وزارة الثقافة والإع�ل�ام .وه��ذا طبيعي ،فالتخطيط ل�ق�ط��اع م��ن ق�ط��اع��ات ال�ع�م��ل ،واك�ت���ش��اف ما ي�ؤدي �إلى النهو�ض به ال يحدث في العادة من المنهمكين فيه والغارقين في لجّ ته ،بل من جهة يتوافر لها م�سافة ر�ؤية �إلى الأبعد .والجهة التي يمكن �أن تتوافر لها م�سافة الر�ؤية هذه هي مجل�س ال�شورى ،ولقد قدم مجل�س ال�شورى في ال�سابق تو�صية ب�إن�شاء مجل�س �أعلى للثقافة والفنون والآداب ،ولي�س بعيد ًا �أن تتبنى لجنة ال���ش��ؤون الثقافية (وفيها �أ��س�م��اء م��ن خيرة المثقفين و�أكثرهم وعي ًا بالثقافة وطموح ًا �إلى ما يرقى بها) مق َترَح ًا ب�ش�أن المراكز الثقافية، و�أن تبادر �إلى تقديم تو�صية به �إلى المجل�س.
اجلوبة -خريف 1435هـ 11
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الأندية الأدبية.. النجاحات والإخفاقات ■ حممد علي قد�س
تمهيد
منذ ت�أ�سي�س الأندية الأدبية عام 1975م -وكانت النواة �أندية جدة ،الطائف ،ومكة ،والمدينة، والريا�ض ،وجيزان -وهي تقوم بدورها الذي �أُن�شئت من �أجله على مدى �أربعين عاما ،في دور وطني وقومي ،غيّرت -من خالل �أن�شطتها الثقافية ور�سالتها الأدبية -الم�شهد الثقافي برمّته، و�أ�سهمت في تكوين الوعي الثقافي وبلورته ،والعمل على تفعيل الإنتاج الأدبي ودعمه ،والإحتفاء بالمبدعين ،والإ�سهام في التنمية الثقافية ،ودفع م�سيرة النه�ضة الأدبية والثقافية في المملكة. تعد هذه الأندية بحق من م�ؤ�شرات النمو الثقافي والأدبي ،من منظور ما قدّمته من عطاء ،وما حقّقته للأدب والأدباء من �أهداف في م�شروع نه�ضوي يخدم ثقافتنا الوطنية والثقافة العربية. و�إن اختلفت الآراء في م�س�ألة تقويم �أداء هذه الأندية ،وما الحظه عليها النقاد بر�ؤية �إيجابية من �سلبيات و�أخطاء لها ظروفها ،ولمنتقدي �أداء الأندية مبرراتهم ،ومالحظاتهم الجيدة ،فكانت قراءاتهم من�صفة في حق الأندية العاملة ،التي حققت ف��ي م�سيرتها منذ ت�أ�سي�سها ،نجاحها بتنويع ن�شاطاتها الثقافية والأدب �ي��ة ،و�سجلت تقدمها في تاريخها ،بما تميزت به بمبادرات و�أولويات ،وما حققته من انجازات ،وهي �أندية التجربة الفريدة للأندية الأدبية معروفة عند المن�صفين ،قامت بدورها الثقافي �أرب �ع��ون عاما م�سيرة عطاء عميد الأن��دي��ة والأدب��ي واالجتماعي ،و�أ�سهمت في فتح قنوات جديدة متعددة للقراءات النقدية والم�شاريع الأدب�ي��ة ،ن��ادي جدة الأدب��ي ،منها ي�سجل تاريخ ال�ب�ح�ث�ي��ة ،م��ن خ�ل�ال ال�م�ل�ت�ق�ي��ات وال� �ن ��دوات المتخ�ص�صة .ويبقى بالفعل �أن تقوم بدورها في فتح قنوات جديدة للن�شاطات الثقافية المفتوحة، بتفعيل ن�شاطات الم�سرح وال�سينما والمقاهي الثقافية التي تنمّي الحوار الأدب��ي العفوي ،لما ل�ه��ذه الن�شاطات ،م��ن ت�أثيراتها االجتماعية والثقافية ،وما ت�ضيفه ب�إيجابية لم�شاريع التنمية الثقافية الوطنية.
12اجلوبة -خريف 1435هـ
الأندية بعطاء ثقافي ،وقد احتفل �أدباء المملكة عام 1435ه �ـ ،بت�أ�سي�س �ستة �أندية �أدبية ،فبعد �صدور قرار �صاحب ال�سمو الملكي الأمير في�صل ابن فهد بن عبد العزيز ،الرئي�س العام لرعاية ال�شباب ،رحمه اهلل ،رقم 11/423وتاريخ 29 �صفر 1395هـ ،بت�أ�سي�س �أول نادٍ �أدبيٍّ في المملكة، ب�ن��اء ع�ل��ى ط�ل��ب ت�ق��دم ب��ه ك��ل م��ن الأ��س�ت��اذي��ن الكبيرين محمد ح�سن عواد ،وعزيز �ضياء زاهد، با�سم (نادي جدة الأدبي) ،ليكون منتدى وملتقى للأدباء والمفكّرين في مدينة جدة� ،صدر قرار مماثل في العام نف�سه وال�شهر نف�سه ،بناء على طلبات الأدباء في مناطق المملكة الذي �صادف وجودهم في مدينة الريا�ض ،لح�ضور اجتماع دعا �إليه �سموه حول م�شروع �إحياء (�سوق عكاظ)؛ ف�أ�صدر �أم��ره بالموافقة على �إن�شاء �أندية :مكة المكرمة ،والطائف ،والريا�ض ،والمدينة المنورة وجيزان. قد �أك���ون -في نظر بع�ضهم -متحيزا في
�شهادتي لنادٍ خدمته لأكثر من خم�س وع�شرين �سنة� ،إال �إنني ال �أتجاوز الحقيقة وال �أبالغ في القول ،م�ست�شهد ًا ب ��آراء الكثير ممن كتبوا عن تجربتهم مع الأندية الأدب�ي��ة ،وبخا�صة النادي الأدب��ي العريق في ج��دة .ونعود بالتاريخ لليوم ال��ذي �شهدت فيه مدينة جدة �أول لقاء في �أول انتخابات للأدباء والمثقفين في المملكة ،اجتمع فيها �أكثر من ثالثين �أديبا ومثقفا ومحبا للثقافة والأدب في مدينة ج��دة في 23جمادى الأول��ى عام 1395هـ ،وقد كانت جدة على و�شك تحقيق حلم ثقافي كبير ،اجتمعت له تلك النخبة من الأدباء والمثقفين ،وهو اجتماع دعا �إليه الأديبان ال�ك�ب�ي��ران محمد ح�سن ع ��واد وع��زي��ز �ضياء، بعد عودتهما م��ن ال��ري��ا���ض وق��د منحا ال�ق��رار الر�سمي ،بت�أ�سي�س ناديهم الأدب��ي ،وفي منتزه ا�شتهر بلقاءات ال�صفوة ونخبة الأدب��اء والأحبة والأ�صدقاء ،حيث يحلو ال�سمر وتحلو الحوارات، انتظم عقد الأدب��اء .وت�ضم قائمة الأ�سماء التي اجلوبة -خريف 1435هـ 13
14اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
�سجلت لأول انتخابات �شهدتها مدينة جدة لأول نادٍ �أدبي ر�سمي �أ�س�س في منظومة الأندية الأدبية في المملكة. وحين ج��رت انتخابات ن��ادي مكة بعد مرور ثالثين �سنة على انتخابات ن��ادي ج��دة الأول��ى جاءت هذه العبارة(�إنها المرة الأول��ى في تاريخ الأندية �أن تحدث هذه االنتخابات) .وه��ذا غير �صحيح؛ فالئحة الأندية الأ�سا�سية� ،صدرت بعد ت�أ�سي�س الأندية الأدبية ال�ستة ،ولكنها ظلت معطلة منذ انتخابات نادي جدة الأدبي الأولى التي جرت في كازينو كيلو ع�شرة عام 1395هـ ،وذلك بح�ضور كبار �أدب ��اء ج��دة ،وم��ن بينهم :ال �ع��واد ،وعزيز �ضياء ،والأمير عبداهلل الفي�صل ،والزمخ�شري، والمغربي ،ومحمود عارف ،والقر�شي ،وغيرهم. وانتخبوا �أول مجل�س �إدارة لأدبي جدة؛ لذلك فهو عميد الأندية الأدبية في المملكة ،و�أول نادٍ يجري االنتخابات العامة بح�ضور جمعية عمومية من الأدب��اء ال��رواد والمثقفين والإعالميين .و�ضمت قائمة الذين ر�شحوا �أنف�سهم للدخول في �أول مجل�س �إدارة الأ�ساتذة :ح�سن القر�شي ،ومحمود عارف ،ومحمد علي مغربي ،وعبداهلل الح�صين، وعبداهلل مناع ،والأمير عبداهلل الفي�صل ،والأمير �سعود ب��ن �سعد ،وعبدالفتاح �أب��و م��دي��ن .ومن الحقائق �أن �سمو الأمير عبداهلل الفي�صل لم يدخل �أول مجل�س �إدارة ،حيث حقق �سمو الأمير �سعود بن �سعد(فتى ال�شاطئ) �أ�صواتا �أكثر ،وكان هو من دخل مجل�س الإدارة� .أما الأدب��اء الذين ح�ضروا و�شاركوا بالإدالء ب�أ�صواتهم ،فكان منهم الأ�ساتذة: عبدالوهاب �آ�شي ،ولقمان يون�س ،ومطلق الذيابي، ومحمد �إب��راه�ي��م ج��دع ،وها�شم عبده ها�شم، ومحمد �سعيد باع�شن ،و�أحمد �شريف الرفاعي، ووهيب بن زقر ،ومحمد بادكوك.
حما�سة �أمير ال�شباب والأدب و�شجاعتة ي�ؤكد الأدب��اء �أنه لوال حما�سة �أمير ال�شباب والأدب ،في�صل بن فهد ،رحمه اهلل ،و�إرادت��ه الحرة ،و�إيمانه القوي بر�سالة الأدب ،وقدرته الفائقة في الت�أثير في المجتمع ،لما كان ت�أ�سي�س الأندية الأدبية من الأح��داث الثقافية والأدبية المهمة في تاريخ الأدب ال�سعودي .ومن وجهة نظر الأديب الرائد عزيز �ضياء� ،أن هذه الأندية كان يمكن �أن تظهر في �أي وقت قبل الآن ،ولكن ظهورها في الوقت الذي �أعلن عن ت�أ�سي�سها ،كان له عدة وجوه ،منها :الطفرة التي عا�شتها المملكة ف��ي الثمانينيات الميالدية ،وت��وف��ر الإمكانات للنه�ضة ال�شاملة وفق خطط التنمية في مختلف المجاالت االقت�صادية واالجتماعية والتعليمية والثقافية. وب�ت��أ��س�ي����س الأن ��دي ��ة الأدب� �ي ��ة ف��ي �إط��اره��ا الم�ؤ�س�ساتي ،وال�ت�ق��دي��ر ال�ك��ام��ل ل ��دور الأدب والأدب� ��اء ف��ي ه��ذه النه�ضة ،ازده ��رت الحركة الأدبية ،وتطوّر الم�شهد الثقافي ب�شكل كامل .وبال �شك ف�إن االحتفاء بمرور ( )40عاما على ت�أ�سي�س ن��ادي ج��دة الأدب� ��ي ،ك��ان حقا ر��ص��دا لم�سيرة الأندية الأدبية ،وما �شهدته الحركة الأدبية من تطور ،وما حدث من متغيرات ثقافية ،وال يمكن �إنكار �سلبياتها ما دمنا ب�صدد �إبراز �إيجابياتها. نجد �أننا الب��د �أن نكون �صرحاء و�صادقين في �إي�ضاح �أ�سباب �إخفاقاتها.
والم�شجعين ل�م�ح��اوالت�ه��م ف��ي الإب � ��داع ،فقد �شجع الأدي��ب��ة نجاة خياط ف��ي بدايتها ،وطبع لها مجموعتها الق�ص�صية الأول���ى (مخا�ض ال���ص�م��ت)؛ فطمع ك��ل ال���ش�ب��اب ال�ط�م��وح كما �أ��س�م��اه��م ف��ي دع �م��ه وت�شجيعه ،وه��م ال��ذي��ن عرفوا طبيعة الأ�ستاذ العواد ،الذي كان يبحث في �إبداع ال�شباب عن المغامرة والحداثة .كان هاج�سه رحمه اهلل التجديد كحقيقة من حقائق الحياة ،واالختالف في الكتابة .وبعد ت�أ�سي�سه للنادي الأدبي ،وجد �أن فكرته قد تحققت ليكون النادي منبرا لهم ..وحا�ضنا لإبداعهم ،ومنطلقا لم�ستقبلهم .منحني ع�ضوية الجمعية العمومية في النادي وطلب �أن �أكون �سكرتيرا له ،بح�ضور الأ��س�ت��اذ الكبير محمود ع ��ارف ..ع�شت �ست �سنوات قريبا منه ل�صيقا به� ،أ�سمع هم�سه و�أقر�أ نب�ض م�شاعره ،وعرفت ال�شئ الكثير من جوانبه الإن�سانية ،وعواطفه الجيا�شة ،وب�ساطة الحياة التي كان يعي�شها ،والتوا�ضع الذي كان من �أبرز �سماته الإن�سانية .وقر�أت �أفكار م�ؤ�س�س الأندية الأدبية.
كان العواد ي�ؤمن تماما ب�أنه ال بد �أن ترفع القيود عن �إب��داع المر�أة ،وحقوقها االجتماعية التي �صرح بها في خواطره ،ومنح ما تكتبه كل اال�ستثناءات .ولعله نجح كثيرا ،و�أثمر ت�شجيعه وتبنيه للكثير من الأ�سماء �أن �أغلبها قد برز وا��ش�ت�ه��ر ،وك���س��ب ال �ع��واد ال��ره��ان ع�ل��ى تفوق تجاربهن الإبداعية .ومن بين تلك الأ�سماء :د. �أ�شجان هندي ،ود .فوزية �أبو خالد ،ود .خيرية ال�سقاف ،ود .فاطمة حناوي ،ونورة خالد ال�سعد و�سميرة الري رحمها اهلل .لذلك ت�ؤكد د .فوزية �أب��و خالد �أن موقف العواد من ق�ضايا المر�أة، موقف وطني ،ملتزم ومتقدم على زم��ن ذوات الخدر والخمار و�سقاية الحجيج ،وق��د �أدرك��ت المر�أة �أن حلقة الخلخال -و�إن كانت من ذهب- هي بع�ض قيدها. م��ا كتبه ف��ي خ��واط��ره الم�صرحة و�أح�لام��ه بم�ستقبل المر�أة اجتماعيا وثقافيا ،ر�أيناه يتحقق في ال�سنوات الأخيرة ,من خالل دخول الأديبة والمثقفة مجال�س �إدارات الأندية ،ورئا�سة لجانها الفكرية والثقافية ،و�أ�صبحت جزء ًا من نب�ضها،
�صاحب الفكرة والر�ؤية ال�صائبة عرفت الأ�ستاذ محمد ح�سن ع��واد ،م�ؤ�س�س نادي جدة الأدبي ،حين كنت طالبا في الثانوية، ق ��ر�أت م�ق��االت��ه الفل�سفية ف��ي ج��ري��دة ال�ب�لاد، و�أعجبني حما�سته الزائدة للتغيير والتجديد، وعرفت �أن��ه من المتحم�سين للأدباء ال�شباب، اجلوبة -خريف 1435هـ 15
�إخفاقات الأندية في انتخاباتها رغ��م اجتهادات الإدارات للأندية الأدب�ي��ة، �إال �أنها �أخفقت في معالجة الكثير من الأخطاء التي وقعت فيها ،من حيث تجاهل الأ�صوات التي ن��ادت بتعديل الئحة الأن��دي��ة ،وع��دم اهتمامها بالمالحظات وال�شكاوى ،التي طعنت في نتائج االن �ت �خ��اب��ات الأخ� �ي ��رة .ووج ��د �أن الإخ �ف��اق��ات و�أ�سباب المعوقات حالت دون نجاحه في مهامه،
مع د .الغذامي ود.ال�سريحي 16اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
و�إن كانت ال تزال تعاني من التهمي�ش في كثير من الأندية. وفي ال�سنوات الأول��ى من ت�سي�س ن��ادي جدة الأدب��ي التف حوله ع��دد من الأدب ��اء وال�شعراء ال�شباب ،وكنت �سعيدا ب�أنني كنت واحدا منهم، �أل�ت�ق��ي بال�شعراء �أح�م��د ال�صالح (م�سافر)، وع �ب��داهلل ال���ص�ي�خ��ان ،و�أح �م��د ع��ائ��ل فقيهي، وعبدالوا�سع �سعيد عبده ،وكانوا في بداياتهم ال�شعرية ،كما التقى به الأ�ستاذ عبداهلل نور الذي �سماه رائد الأدباء ال�شباب .وتحققت بذلك� ،آمال الأ�ستاذ العواد ،ور�ؤيته حول هدف ن��ادي جدة الأدبي وطموحاته الم�ستقبلية.
قدم ا�ستقالته ،و�سط ده�شة المثقفين ..و�صدق توقعاتهم .وكانت الغالبية من الأدباء والمثقفين، يعلنون �صراحة �أن مجال�س �إدارات الأندية الأدبية المختارة بالتعيين في ال�سابق �أف�ضل من التي جاءت عبر الت�صويت في االنتخابات؛ فذلك لأنهم يدركون �أن الأندية الأدبية والم�ؤ�س�سات الثقافية من الأف�ضل �أن يُختار لإدارتها مَ ن هم الأجدر من �أهل الأدب ،وبخا�صة المثقفين .ولإيماننا ب�أن الديمقراطية م�سلك ح�ضاري ،من الأولى بالثقافة �أن تهتم به ،فلتكن االنتخابات مبد�أ �أ�سا�سا لعدد من الأع�ضاء ،ويتم تعيين بقية الأع�ضاء من قبل الأمانة العامة للأندية الأدبية؛ وهذا ما يجري عليه في الالئحة االنتخابية لمجال�س �إدارات الغرف التجارية .لم يكن العمل بهذه الآليات غريبا وال مفاجئا وق��د اعتقد بع�ضهم ،حين رف�ض المثقفون والأدباء نتائج انتخابات الأندية الأدبية التي جرت قبل نحو �أرب��ع �سنوات ،لي�س لأنهم �ضد مبد�أ الديمقراطية ،لكنهم �شككوا في الآليات ،واعتر�ضوا على النتائج للتكتالت غير الم�شروعة ولعدم ال�شفافية والم�صداقية ،وعزوا
�أ�سباب الف�شل في الخلل الكبير والفجوات التي ن�صت عليها بنود الالئحة التنظيمية للأندية الأدب �ي��ة .ك��ان م��ن �أه��م االعترا�ضات والطعون من المثقفين ،انت�ساب الذين ج��رى ت�سجيلهم �أع�ضاء في الجمعيات العمومية للأندية ،وكانوا �أع�ضاء لي�س لهم تجربة وال �إلماما واهتماما ب��الأدب ،وال يوجد لهم ن�شاط �أو م�شاركات في الأن��دي��ة والم�شهد الثقافي؛ وب��دا وا��ض�ح��ا �أن ت�سجيلهم كان بهدف الت�صويت في االنتخابات. وك��ان التعديل الوحيد المقنع �إل��ى حد كبير في الالئحة الجديدة ،هو النظر ب�صدق وواقعية ل�شروط المن�ضمين للجمعيات العمومية؛ والدليل على ذلك �أنه ثبت �أن الذين ان�ضموا في فترة ما قبل االنتخابات لم يجدد ع�ضويته منهم �إال القلة ممن لهم اهتمام بن�شاطات الأندية والمعنيين حق ًا بالأدب والثقافة .وهو ما ي�ؤكد وجود اتفاق مع المر�شحين الفائزين �ضمن قائمة وتكتالت متفق عليها ،وهو ما يتعار�ض مع المادة ( )20من الئحة الأندية الأدبية الجديدة ،التي ثبت عدم جدواها ،وال تتفق مع المنظومة الثقافية ،ومع مبادئها الأ�سا�سية التي تحقق للأندية النهو�ض واال�ستمرار في نجاحاتها. ك��ان ال بد �أن تن�ص الالئحة الجديدة على ا�ستقاللية الأن��دي��ة الأدب�ي��ة كم�ؤ�س�سات ثقافية لها وجودها وكيانها �ضمن م�ؤ�س�سات المجتمع المدني .وما نزال نطالب بالتم�سك بالديمقراطية في اختيار رئي�س و�أع�ضاء مجل�س الإدارة ،على �أن تبقى ن�سبة تت�ساوى مع الن�سب المعمول بها في انتخابات المجال�س البلدية والغرف التجارية، يتم بها تعيين �أع�ضا ٍء من قبل وكالة ال�ش�ؤون الثقافية في وزارة الثقافة .ل�ضمان وجود �أدباء ومثقفين معنيين بالهموم الثقافية ،ولهم �إلمام
بمتطلبات الأدباء واحتياجات الم�شهد الثقافي. حقيقة ،ال ي�شكك الأدب ��اء المعتر�ضون وال يقللون من ق��در و�أداء الذين ا�ستلموا �إدارات الأن��دي��ة الأدب��ي��ة ،ويظل اعترا�ضهم قائما على الآل��ي��ة وال�لائ��ح��ة التنظيمية؛ ولكنهم ي�أملون م��ن الأم�ي��ن ال�ع��ام ل�ل�أن��دي��ة ،وق��د اق�ت��رب موعد االنتخابات الجديدة ،ت�صحيح الأو�ضاع ،و�إعادة النظر في �شروط الأع�ضاء المنت�سبين للجمعيات العمومية ،ودرا� �س��ة المقترحات المقدمة من الأدب��اء والمثقفين .وال وجه للمقارنة بين حال الأن��دي��ة اليوم ،وم��ا كانت عليه في ال�سابق من نجاحات ،و�إقبال من الأدب��اء والمثقفين ،رغم �أنها �إدارات ج��رى تعيين �أع�ضائها بكفاءة ما قدموا من عطاء �أدبي ون�شاط ثقافي وا�سع. المادة المختلف عليها م�صدر الإ�شكال ك��ان من الطبيعي �أن تف�شل الأن��دي��ة الأدبية في عقد جمعياتها العمومية بن�صابها الكامل، و�إن كان قدر لها �أن تعقدها بن�سب �أقل .التخاذ ال��ق��رارات المهمة ل�صالح الم�شهد الثقافي والواقع الأدبي .وال�سبب �أن الئحة الأندية الأدبية بها من الثغرات والخلل ،ما ال يمكن تالفيه �إال من الأ�سا�س؛ فقد �أ��ص��رت ال ��وزارة على العمل ب��ال�ل�آئ�ح��ة ،وال �ت��ي ك��ان��ت ق��د وزع ��ت م�سودتها على الأندية للم�شورة و�إب��داء المالحظات ،وفي النهاية ج��رى تطبيقها م��ن دون �أي تعديالت جوهرية ،وبخا�صة الباب الثاني ،والمادة التي تخ�ص ع�ضوية المنت�سب للجمعية العمومية في الأندية الأدبية .ففي �أول الئحة تم �صدورها عقب ت�أ�سي�س الأندية الأدبية عام 1395هـ (حين كان عددها �ستة �أندية� ،سبق ذكرها) ما ن�صه: «ي��ز ّك��ى الع�ضو المتقدم بطلب االنت�ساب
اجلوبة -خريف 1435هـ 17
وج ��رى ت�ع��دي��ل ه ��ذه ال �ف �ق��رة ف��ي ال�لائ�ح��ة المعدلة ،التي �صدرت بعد مرور خم�س �سنوات على ت�أ�سي�س الأن��دي��ة ،بزيادة عدد الأندية �إلى اثني ع�شر ناديا ،ب�إ�ضافة العبارة الآت�ي��ة�« :أن يكون الع�ضو المنت�سب له �إنتاج �أدبي �أو اهتمامات بالأدب والثقافة». �أحدثت ه��ذه الإ�شكاالت فجوة كبيرة �أ ّث��رت ت�أثيرا وا�ضحا في نتائج االنتخابات ومح�صالتها، هي دخ��ول جمعيات الأن��دي��ة العمومية �أع�ضاء ال ع�لاق��ة لهم ب ��الأدب وال علم لهم بمعطيات الثقافة ،والحال كذلك ال يمكن لهذا النوع من االن�ت�خ��اب��ات ف��ي ك��ل الم�ستويات -و�إن كانت محكمة ونزيهة �شكليا � -أن تكون ناجحة مهما كانت نتائجها ،عندما تكون مفتوحة ولم تحدد �شروط االلتحاق بالجمعيات العمومية للأندية. الخط�أ �أن الأب��واب فتحت على م�صراعيها لكل �شاب ب�صرف النظر عن ميوله الأدب��ي��ة� ،أو �أي اعتبار لمواهبه االبداعية� ،شريطة �أن يكون من خريجي اللغة العربية ،وال ي�شترط كونه موهوبا �أو مهتما بالحراك الثقافي ،ومن الطبيعي �أن يقاطع الأدب��اء والمثقفون الأندية ،و�أن يخلو الجو لمن ال عالقة له بالثقافة والإب��داع الأدب��ي .وتلك هي المح�صلة .ما ن�شهده اليوم من تغييرات جذرية ّ في ال�ساحة الثقافية ،والتوجّ هات الفكرية ،وما يحدث من ح��راك غريب على المناخ الأدب��ي، �أوجد نوع ًا من ال�صراع والجدل ،ت�سبّب في خلق مناخ غريب ،وواق��ع م ��أزوم ،ال يخدم ب��أي حال م�ستقبل الثقافة وال يحقق طموحات المثقفين. 18اجلوبة -خريف 1435هـ
�أ�سئلة �شائكة تقلق الأدباء والمثقفين م��ن الأ�سئلة ال�شائكة المطروحة م��ؤخ��را، التي يبحث الأدب��اء والمثقفون عن �إجابات لها: لماذا ف�شلت الأندية الأدبية في عقد جمعياتها العمومية بن�صابها القانوني؟ �أ�ستاذنا محمد العلي ع َّد ما حدث تدمير ًا للثقافة ،وبع�ضهم ي�ؤكد �أنها �إخفاقات ل��وزارة الثقافة ،ت�سببت في ف�شل الأن��دي��ة ،وال�سبب وه��و جوهر مبررات الطعون التي تقدم بها الأدباء القالئل الذين �شاركوا في االنتخابات ويمثلون الثقافة والأدب .وعلى حد قول الدكتورة لمياء باع�شن ،التي كانت �إحدى �ضحايا تكتالت االنتخابات؛ ف�إن �شروط الالئحة ك��ان��ت بحق العقبة وال�م��ان�ع��ة .فحين �صدرت اللآئحة ،عقب ت�أ�سي�س الأن��دي��ة ع��ام 1975م،
م�ستقبل الأندية الأدبية وفكرة المراكز الثقافية طغت فكرة المراكز الثقافية ال�شاملة ،وو�ضع ت�صور م�ستقبلي للحركة الثقافية والأدبية ،يحلم به الأدب ��اء والمثقفون على ح��وارات المثقفين ونقا�شهم .،وجاءت الأخبار بما يب�شرهم ب�صدور ق��رار وزاري ر�سمي ب�إن�شاء مراكز ثقافية في وقت قريب ،كبديل للأندية الأدبية ،ولأن بع�ض الأندية كما ورد في الخبر ،الآن في مرحلة بناء
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
لعمومية النادي من قبل ع�ضوين من مجل�س �إدارة النادي ،ي�شهدان بكفاءته و�أحقيته في الع�ضوية، لن�شاطه واهتماماته الأدبية».
ال�ش�ؤون الثقافية ومعالجة الإخفاقات رغ��م اج�ت�ه��اد الإدارات ال�سابقة للأندية الأدبية� ،إال �أنها �أخفقت في معالجة الكثير من الأخ �ط��اء ال�ت��ي وق�ع��ت فيها؛ م��ن حيث تجاهل الأ�صوات التي نادت بتعديل الئحة الأندية ،وعدم اهتمامها بالمالحظات وال�شكاوي ،التي طعنت في نتائج االنتخابات الأخيرة .و�إذا كانت الغالبية م��ن الأدب� ��اء والمثقفين ،يعلنون ��ص��راح��ة �أن مجال�س �إدارات الأندية الأدبية المختارة بالتعيين في ال�سابق� ،أف�ضل من التي جاءت عبر الت�صويت في االنتخابات؛ فذلك لأنهم يدركون �أن الأندية الأدبية والم�ؤ�س�سات الثقافية ،من الأف�ضل �أن يُختار لإدارتها مَ ن هم الأج��در من �أهل الأدب. و��ض��رورة تعديل �شروط الفئات التي يحق لها الت�سجيل في الأندية �ضمن جمعياتها العمومية، تحديد ًا من تكون تخ�ص�صاتهم تتالءم مع طبيعة الدور الذي تقوم به هذه الأندية كـ(الآداب ،اللغة العربية ،التاريخ ،المعلومات ،والإعالم).
ا�شترطت �أن يكون الع�ضو المنت�سب للنادي ،له �إنتاج �أدبي �أو اهتمامات ب��الأدب والثقافة .لكن الالئحة ال�ج��دي��دة فتحت المجال لكل راغ��ب من دون ا�ستثناء وال �شروط؛ ما �أح��دث الفجوة الكبيرة التي �أثرت ت�أثيرا وا�ضحا في انتخابات الأندية .فقد ت�شكلت الجمعيات العمومية للأندية م��ن �أع���ض��اء ال عالقة لهم ب ��الأدب ،وال خلفية لديهم عن معطيات الفعل الثقافي ومتطلباته، وال ي�شترط ميولهم الأدبي واهتمامهم بالثقافة؛ لذلك من الطبيعي �أن يقاطع الأدباء والمثقفون الأندية ،و�أن يخلو الجو لمن ال عالقة له بالثقافة والعطاء الأدبي .خا�صة و�أن الكثير منهم �أدركوا �أن مهمتهم كانت محددة بح�ضور االنتخابات والت�صويت ،لمن ج��اءوا خ�صي�صا لإعطائهم �أ�صواتهم ،وانتهى الأمر. ونعتقد جميعا �أن��ه ال حل �إال ب���إع��ادة النظر في الالئحة ،و�إن ك��ان بع�ضهم يظن �أن الحل في العودة لما �سارت عليه الأندية في الفترات الما�ضية بتعيين مجال�س �إدارات الأندية ،وهو يتعار�ض م��ع طموحاتنا؛ لكننا ن��رى �أن��ه �أه��ون و�أخ ��ف ��ض��ررا مما ه��و ال�ح��ال عليه الآن ،فقد كان التعيين ال ي�أتي ب�أ�سماء بعيدة عن الثقافة وهمومها.
في ملتقى قراءة الن�ص مع ال�سريحي و�أبو مدين
الأ�ستاذ الزيدان يقدم محا�ضرة المفكر الدكتور المهدي بن عبود رحمهما اهلل
�أم�سية مع عبده خال
من �أر�شيف النادي
اجلوبة -خريف 1435هـ 19
خاتمة لمقرات جديدة ،كنادي مكة الثقافي ونادي �أدبي ال�شرقية ،م�شروعان تحت الإن�شاء والإعمار منذ خم�س �سنوات ،يرجّ ح بع�ض المثقفين �أن تقوم الوزارة ب�إن�شاء مراكز ثقافية والإبقاء حاليا على الأندية بو�ضعها الحالي ،فيما رجّ ح غالبية الأدباء لجوء الوزارة للقيام بدمج الأندية الأدبية مع فروع جمعيات الثقافة والفنون ،للخروج بمراكز ثقافية �شاملة لجميع �أطياف الثقافة والفكر والفن. فكرة المراكز الثقافية ال�شاملة التي تجمع الثقافة والأدب والفنون في كيان واح��د ،فكرة باتت مطلب ًا ملح ًا من قبل المثقفين والفنانين، �إال �أن الجميع يتخوّفون م��ن ا�ستعجال تنفيذ ال�ف�ك��رة ق�ب��ل ن�ضوجها ،وا��س�ت�ي�ف��اء حقها من البحث والدرا�سة ب�شكل جيد ،لتعود بالنفع على الم�شهد الثقافي برمته .لأن م�شروع المراكز الثقافية يحتاج لدرا�سة وافية من قبل ال��وزارة، ويُو�صى بتكلفة القيام بهذه الدرا�سة لذوي العقول وال�خ�ب��رة الوا�سعة ف��ي مجال العطاء الثقافي والإن �ت��اج الأدب���ي ،وال�ت��ي حملت ال�ه��مَّ الثقافي على عاتقها ،وخدمت ثقافة الوطن بوعي وجد و�إب��داع .وكان عدد من المثقفين قد اقترح على وزارة الثقافة والإع�لام درا�سة بع�ض التجارب الحيّة للمراكزالثقافية في العالم ،كنماذج يمكن تطبيقها في المملكة ،منها تجربة مركز بومبيدو الثقافي في باري�س ،والمراكز الثقافية الأمريكية 20اجلوبة -خريف 1435هـ
بعد �أربعين �سنة من عمر الأن��دي��ة الأدب�ي��ة، ظهرت على ال�سطح تكهنات في الو�سط الأدبي حول الأندية الأدبية وفق ما يحدث في عالمنا من والمح�صالت الثقافية، ّ متغيرات في المعطيات وم��ا تتطلبه ال�م�ع��ا��ص��رة ف��ي عالمنا الجديد بثقافته و�إع�لام��ه ،وبخا�صة �أن �آم��ال المثقفين تجددت بعد قناعتهم بعدم واقعية نظام الأندية الأدبية و�آلياتها التي تلقى معار�ضة ونقدا من الأدباء والمثقفين .خ�صو�صا فيما يتعلق ب�آليات انتخابات الأندية ،وقواعدها و�شروطها .و�إذا كان هذا النظام يلبّي بع�ض احتياجاتهم ويحقق جزءا من طموحاتهم ،كم�ؤ�س�سات ثقافية م�ستقلة ،لها دوره��ا الأدب��ي الذي له مقا�صده وخ�صو�صياته، �إال �أنها بحاجة �إل��ى تطوير؛ و�أي�� ًا كانت الآلية التي �ستتبعها ال���وزارة ،لإب ��راز فكرة المراكز الثقافية ،ف�إن �آمال المثقفين ال تتوقف عندها، لذلك نراهم يجددون مطالبتهم بعودة جائزة الدولة التقديرية في الأدب ،وت�أ�سي�س ال�صندوق التعاوني لدعم الأدباء .وت�شكيل المجل�س الأعلى للثقافة والآداب والفنون .والتو�سع في الن�شاطات الم�سرحية وال�سينمائية.
الأندية الأدبية ..بين االنتخابات والتعيين
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
في وا�شنطن ونيويورك ولو�س �أنجلو�س ،والإفادة من �أن�شطة الأندية الطالبية ال�سعودية في �أوروبا ودول �شرقي �آ�سيا ،والعمل على اختيار ما يتالءم مع حراكنا الثقافي وعطائنا الأدبي.
■ د .عبدالواحد احلميد
تبدو فكرة االنتخابات ،من الناحية النظرية ،جذّابة لمعظم المثقفين� ،إن لم يكن جميعهم! وقد ال تجد مثقفاً يهاجم االنتخابات ك�آلية للو�صول �إل��ى «ال�سلطة»� ،أي��اً كانت هذه ال�سلطة، من دون �أن يقرر �أنه مع االنتخابات من حيث المبد�أ ،ولكنه �ضدها في زمان معيّن �أو في مكان محدّد؛ لعدم توافر ال�شروط المو�ضوعية التي ت�ضمن نجاحها ،هذه ال�شروط المو�ضوعية التي ال ت�أتي �أبداً!!.. هذا ما حدث في �أعقاب النتائج التي �أ�سفرت عنها انتخابات الأندية الأدبية في بع�ض مناطق المملكة ،فقد رف�ض بع�ض المثقفين تلك النتائج، ودعا �صراحة �إلى العودة �إلى �آلية التعيين ،بدال من االنتخابات! ما حدث عندنا ربما يبدو �صادماً ،ولكن ،من الإن�صاف للمثقف ال�سعودي� ،أن نذكر �أنَّ رف�ض نتائج االنتخابات يكاد يكون تقليد ًا را�سخ ًا في العديد من اتحادات الأدباء والمثقفين في العالم العربي؛ فعلى �سبيل المثال ال الح�صر ،يندر في ال�سنوات الأخيرة �أن يتم ت�شكيل هيئات �إداري��ة جديدة في رابطة الكتاب الأردنيين من دون �أن يعقب ذلك موجة من اال�ستقاالت واالحتجاجات، وهو الأم��ر الذي يحدث في العديد من اتحادات الكتاب والأدباء في العالم العربي. يروي الدكتور غازي الق�صيبي تجربة �شخ�صية
م َّر بها عندما كان عميد ًا لكلية التجارة بجامعة الملك �سعود ،فيقول �إنه حاول جاهد ًا من خالل م�شاركاته في لجان الجامعة العملَ على �إلغاء نظام “تعيين” عمداء الكليات بقرارات �إدارية، وا�ستبداله بنظام يقوم على التر�شيح من مجال�س الكليات .وقد نجح في ذل��ك ،وتم اعتماد نظام االن�ت�خ��اب��ات ب ��د ًال م��ن ن��ظ��ام التعيين ،واعتبر الق�صيبي �أن هذا الإنجاز هو �أحد �أهم الإنجازات ف��ي حياته .لكن ال�ك��ارث��ة وق�ع��ت بعد �أن دخلت التجربة حيّز التنفيذ .يقول الق�صيبي« :عندما بد�أ تطبيق الن�ص اندلعت الم�شاكل في كل كلية تقريباً .كانت هناك انق�سامات ،وتعذّر على بع�ض المجال�س تر�شيح �أحد .كانت هناك �شكاوى �إلى �أعلى �سلطات الدولة”(.)1 ير�ض “الدكاترة” بنتيجة االنتخابات، لم َ ودبّت الخالفات بينهم ،ثم تطورت حتى و�صلت اجلوبة -خريف 1435هـ 21
22اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
�إلى درجة الخ�صومة المطلقة واال�ستعداء برفع خطابات �إل��ى وزي��ر الداخلية ،و�إل��ى الملك! وقد ك��ان��ت النتيجة �أن ت��م �إل��غ��اء ن��ظ��ام االنتخابات والعودة �إلى نظام التعيين� ،أو كما يقول الق�صيبي �إلغاء «ن�ص» االنتخاب والعودة �إلى «ن�ص» التعيين! وهنا يت�ساءل: هل �أنا بحاجة �إلى القول �إن الديمقراطية ال تنبع من الن�صو�ص و�إنما من النفو�س؟ وهل �أنا بحاجة �إل��ى القول �إن الديمقراطية ال تنبع من النفو�س �إال بعد فترة من الحرث وو�ضع البذور وال�سقاية والعناية والرعاية؟ (.)2 بالطبع ال يق�صد الق�صيبي �أن��ه �ضد فكرة االنتخابات ،فهو معها ولي�س �ضدها ،لكنه يقرر �أن وجود ن�صو�ص نظامية تفر�ض االنتخابات فر�ض ًا ال ي�ضمن نجاح الفكرة عند التطبيق ،حتى لو تم التطبيق في بيئات ثقافية يعمل فيها �أنا�س يحملون �أعلى ال�شهادات العلمية ،التي اكت�سبوها من بيئات ت�سودها الروح الديمقراطية المت�سامحة .هو هنا، بب�ساطة ،يرى �أن الديمقراطية ،لكي تنجح ،تحتاج �إلى «و�ضع البذور وال�سقاية والعناية والرعاية»، �أي تحتاج �إلى «الزمن» .فهل بمقدورنا �أن نراهن على الزمن حتى ي�ؤمن النا�س بفكرة االنتخابات ويقبلون بنتائجها؟ وك��م نحتاج م��ن ال��وق��ت كي ين�ضج المجتمع ،ويقبل بنتائج االنتخابات؟ الم�ؤكد �أن «الحرث وو�ضع البذور وال�سقاية والعناية والرعاية» ال يمكن �أن تحدث من تلقاء نف�سها .ال بد �أن يكون هناك مَن يحرث الأر�ض، ومَن ي�ضع البذور وي�سقي ويعتني ويرعى .والم�ؤكد �أي�ضا �أن النخب المثقفة هي المر�شّ حة �أكثر من غيرها للقيام بهذا ال��دور .لكن المزعج هو �أن هذه النخب المثقفة ،عندنا ،كانت دائم ًا تعثر على الذرائع التي تبرر بها عدم قبول نتائج االنتخابات.
نحن ال نجد مثل ه��ذا ال�ت�ب�رّم ل��دى التجار الذين كانوا وم��ا ي��زال��ون ينتخبون ممثليهم في ال �غ��رف ال�ت�ج��اري��ة منذ ع�ق��ود ط��وي�ل��ة ،رغ��م �إن التجار والمثقفين ينتمون �إل��ى البيئة والعادات والتقاليد االجتماعية نف�سها .نعم تحدث خالفات ح ��ول ن�ت��ائ��ج ان �ت �خ��اب��ات ال �غ��رف ال �ت �ج��اري��ة في بع�ض الأحيان ،لكنها قليلة ..وهي ال تكاد تذكر بالمقارنة مع الخالفات التي تثور بين المثقفين عندما تجري انتخابات الأندية الأدبية .فما الذي يجعل التجار يقبلون بنتائج االنتخابات ،وال يجعل المثقفين يقبلون بها؟! علم ًا ب�أن الغرف التجارية تحقق م�صالح حقيقية للتجار ،فهي بمثابة نقابات تحمي م�صالحهم وت��داف��ع عنها �أم��ام الحكومة والم�ستهلكين المحليين وال���ش��رك��اء الأج��ان��ب، ومن ثَمَّ ،ف�إن نتائج االنتخابات تعني الكثير جد ًا بالن�سبة لهم ،ولي�ست مجرد منا�صب وكرا�سي ومواقع فخرية!؟ الواقع �أنه ،على الرغم من التنظير الكثير، ف�إنه توجد عالقة ملتب�سة بين المثقّف وال�سلطة. فالمثقف رغم تظاهره بالعزوف عن ال�سلطة، يعتقد في ق��رارة نف�سه �أن��ه �أح��ق بها من غيره. وقد يكون المثقف “فرداً” �أو ربما “تياراً” ،لكنه في كل الأح��وال يجد �صعوبة كبيرة في التنازل لغيره؛ لأنه يعتقد �أنه على حق ،و�إن ما يراه هو ال�صواب .ومن المده�ش �أن بع�ض المثقفين في تحوّالتهم الفكرية عبر مراحل زمنية مختلفة كانوا يتع�صبون دائم ًا للأفكار المتناق�ضة التي كانت تعبّر عن انتماءاتهم الفكرية في المراحل الزمنية المختلفة! هناك مثقفون كانوا يقفون التع�صب ّ في �أق�صى الي�سار ،وك��ان��وا �شديدي لأفكارهم الي�سارية ،ويعملون على �إق�صاء كل من ال ي�شاركهم الر�أي ،ثم تحوّلوا في مراحل الحقة �إلى �أق�صى اليمين ،و�أ�صبحوا �شديدي التع�صب
للأفكار اليمينية ،فعملوا على �إق�صاء كل من ال ي�شاركهم �أفكارهم الجديدة ،والعك�س �صحيح! قيل في تف�سير رف�ض بع�ض المثقفين لنتائج انتخابات النوادي الأدبية� ،إن بع�ض المر�شحين الذين خا�ضوا تلك االنتخابات وفازوا فيها هم من خ��ارج ال�ساحة الثقافية ،و�إن النتائج التي حققوها �إنما كانت ب�سبب تكتالت وا�صطفافات ال ع�لاق��ة لها بالثقافة ،ب�ق��در م��ا ه��ي نتيجة مخططات ذات دواف���ع �أي��دي��ول��وج�ي��ة هدفها الحقيقي هو توظيف ال�ن��وادي لتحقيق غايات �أ�صحاب تلك الأيديولوجيات. ربما يكون هذا �صحيح ًا في بع�ض الحاالت، ولكن هل وج��ود مثل هذه الحاالت يبرر رف�ض ف �ك��رة االن �ت �خ��اب��ات وال�م�ط��ال�ب��ة ب��ال �ع��ودة �إل��ى التعيين� ،أم يدعونا �إل��ى ب��ذل الجهد لإ�صالح نظام االنتخابات المعمول به؟ من المعروف �أن عملية االنتخابات في �أي مجال �أو ن�شاط ال بد �أن تكون محكومة ب�شروط وقواعد ،وعندما يتعلق الأمر بانتخابات النوادي الأدب�ي��ة ..يجب �أن ال تتاح فر�صة التر�شّ ح لأي �شخ�ص ال تنطبق عليه ال�شروط والقواعد .وعلى �سبيل المثال ،يمكن ت�ضمين قواعد االنتخابات لع�ضوية مجال�س �إدارات ال�ن��وادي الأدب�ي��ة �أن يكون المتر�شح ذا �إنتاج �أدبي ،ولي�س من خارج ال�ساحة الثقافية .وم��ن الم�ؤكد �أن��ه لن يكون من الم�ستحيل و�ضع ال�شروط التي تمنع غير المعنيين بالثقافة ب�شكل حقيقي من التطفل على انتخابات النوادي الأدبية. واقع الأمر هو �أن الكثير من المثقفين ال يُطيق ال��ر�أي الآخ��ر ،وال ي�ستطيع الت�أقلم مع �أي توجّ ه
ثقافي يختلف عن التيار الذي يميل �إليه .وواقع الأم��ر هو �أن ال�شللية ج��زء من تركيبة ثقافتنا المحلية؛ ولذلك ،يف�ضل الكثير من المثقفين االن�سحاب بالكامل بد ًال من التعاي�ش مع الآخرين في بيئة ثقافية تتنوّع فيها الميول والتوجّ هات. في ح��االت كثيرة حدثت خالفات �أدت �إلى تعطيل �أن�شطة بع�ض ال �ن��وادي الأدب �ي��ة ب�سبب الميول وال�شلليات ،ولي�س ب�سبب وجود �أع�ضاء في مجل�س الإدارة من خارج ال�ساحة الثقافية. ولهذا ،ال يمكن ن�سف فكرة االنتخابات بحجة �أنها ت�أتي ب�أ�شخا�ص من خارج ال�ساحة الثقافية، والقول �إن وجود مثل ه�ؤالء الأ�شخا�ص هو �سبب الفو�ضى الإداري��ة ،والنزاعات الم�ستمرة التي تعاني منها بع�ض النوادي الأدبية. �إن فكرة االنتخابات فكرة ح�ضارية نبيلة، ويجب �أن يكون للنوادي الأدبية دو ٌر كبير في تر�سيخها ف��ي جميع الأن���ش�ط��ة وال�ق�ط��اع��ات بالمجتمع ،ه��ذا ال��دور ال��ذي و�صفه الق�صيبي ب�ـ «ال�ح��رث وو��ض��ع ال�ب��ذور وال�سقاية والعناية والرعاية». ربما لن تتحقق في المدى الق�صير ال�صورة المثالية التي يطمح �إليها معظم المثقفين ،لكن ممار�سة االنتخابات واال�ستفادة من الأخطاء يثري التجربة وين�ضجها .و�إذا كان المثقفون ي�ضيقون ذرع�� ًا باالنتخابات؛ لأن نتائجها ال تعجبهم ب�سبب حداثة التجربة ووجود الأخطاء، فلن تن�ضج ه��ذه التجربة �أب���داً ،و���س��وف تظل ال�ن��وادي الأدب�ي��ة تعاني من الق�صور ال��ذي هو �صفة م�لازم��ة للعمل البيروقراطي الوظيفي الذي تحكمه لوائح التعيين وفر�ض الو�صاية.
( )1غازي الق�صيبي ،حياة في الإدارة ،ط ( 13بيروت :الم�ؤ�س�سة العربية للدرا�سات والن�شر2006 ،م) �ص .93 ( )2الم�صدر نف�سه.
اجلوبة -خريف 1435هـ 23
الأندية الأدبية في ع�صر العولمة ■ عبدالرحمن الدرعان
يقت�ضي نجاح �أي م�ؤ�س�سة ،والثقافية منها على وجه الخ�صو�ص� ،أن تقر�أ -بال تعالٍ وال مثالية -معطيات الواقع؛ لكي تنطلق بر�ؤية �إ�ستراتيجية ت�ست�شرف تحوّالت الم�ستقبل و�آفاقه وممكناته؛ ما يمكّنها من مواكبة ح��راك المجتمع ،واالن�سجام مع تحوّالته ومُتغيّراته ،من خالل العمل على م�شروعات ثقافية . و�إذا ما تتبّعنا تاريخ الأندية الأدبية ،ف�إنه يتوجب ب��دءاً �أال نن�سى �أن ت�أ�سي�س الجيل الأول منها تزامن مع بواكير حركة (ال�صحوة) ،وهو ما يدعوني �أت�ساءل بارتياب عن غياب �أثر هذه الم�ؤ�س�سات الثقافية ،وعجزها عن الت�صدّي لرياح ال�صحوة التي ع�صفت بالمجتمع ،ب�شكل لم يكن م�سبوقا من قبل . ولكي نتو�صل �إل��ى �أ�سباب �إخفاق الم�ؤ�س�سة الثقافية ط��وال العقود الأربعة الما�ضية ،علينا ق��راءة المراحل التي مرت بها الأندية الأدبية- نظريا� -إلى عدة مراحل تاريخية ،بدايتها منذ عام٩٥هـ .تلك الفترة الطويلة ن�سبيا ،والتي ك��ان��ت الرئا�سة العامة لرعاية ال�شباب تمثل مرجعية الأندية الأدبية ،و�إذا ما ا�ستثنينا نادي 24اجلوبة -خريف 1435هـ
ج��دة الأدب ��ي ،ال��ذي ك��ان ل��ه ح�ضوره المتميز، و�أث��ره في الم�شهد الثقافي؛ ف���إن معظم الأندية الأخ � ��رى ف��ي ت�ل��ك ال �ف �ت��رة ي�غ�ل��ب عليها طابع ال�خ�م��ول ،وال�ع�م��ل التقليدي ،والمح�سوبيات، و�سيطرة الذهنية الواحدية على جُ ��لِّ مجال�س الأندية .ومن هنا ،كانوا يمار�سون � أ�شد درجات الإق�صاء لكل من يختلف مع توجهاتهم الفكرية
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
والأيدلوجية؛ ذلك � أن ر�ؤ�ساء الأندية ال ي�ؤمنون بالعمل الم�ؤ�س�سي ،بقدر ما كانوا يديرون العمل على طريقة الموظفين .بل يحدث �أن تدار هذه الأندية لدى بع�ض ه��ؤالء -مع الأ�سف -كما لو �أنها ملكية خا�صة؛ يتجلى ذلك في ت�صريحات القائمين عليها ،الذين لم ي�ستنكف بع�ضهم عن الت�صريح بكونه �شخ�صية اعتبارية يرى في هذا (المن�صب) مكاف�أة �شخ�صية ،وذلك بعد الإعالن ال ��ش��ك �أن ال��ره��ان ع�ل��ى ان�ت�خ��اب �أع���ض��اء عن نية الوزارة في تغيير �أع�ضاء مجال�س الأندية .مجال�س الأندية حالة يطمح لها ال�شارع الثقافي، وعندما تحوّلت الأن��دي��ة �إل��ى جهاز وزارة رغم ما قد يعتريها من تعثر في بداياتها ،وها ال�ث�ق��اف��ة والإع �ل��ام ،وغ� ��ادرت الإدارات التي نحن نرى �أن مراجعة الالئحة وتعديلها �أ�صبح ا�ستحوذت عليها ،ب��د�أت مالمح التجديد تظهر هاج�س الإدارة العامة للأندية الأدبية ،فهل ثمة مجددا بعد طول انتظار ،وعادت الأندية �إلى حالة وقت لتدارك الأخطاء المتراكمة عبر عقود في االنتعا�ش ،وبد�أت تدخل في حالة من التناف�س .ع�صر التحوّالت الثقافية ،واالنفجارات المعرفية، حدث ذلك بعد �أن قامت وزارة الثقافة والإعالم والثقافة العابرة للحدود؟ وهل �سيتوقف العالم بم�ضاعفة ع��دد الأن��دي��ة الأدب�ي��ة ،لت�شمل جميع في انتظار المتقاع�سين والمتخلّفين عن الركب؟! مناطق المملكة .ولعلنا ن�شير في ه��ذا المقام ويبدو �أنه يتعين �أن نطرح ال�س�ؤال الآتي ،بكل �إلى العديد من البرامج الثقافية ،والم�سابقات ما فيه من حرقة :هل هو زمن الأندية الأدبية الأدب� �ي���ة ،والأن �� �ش �ط��ة ال �ن��وع �ي��ة ف��ي ع ��دد من التي عجزت عن مواجهة تحديات الما�ضي؟! وهل الأن��دي��ة .وج��دي��ر بنا �أن نذكر بال�شكر ع �رّاب يمكنها التفاعل مع راهن الثقافة على ال�صعيد تلك المرحلة الدكتور عبدالعزيز ال�سبيّل ،الذي المحلي والعالمي؟! ك��ان لجهوده المخل�صة �أث��ر كبير في الحراك ال �أعتقد �أننا نغامر في االعتراف ب�أننا لن الإيجابي الذي طر�أ على هذه الأندية الأدبية ؛ ننتظر من هذه الأندية التي ما تزال تطوف في كما ال نن�سى احت�ضان الوزارة لمعر�ض الريا�ض الظالم ،مكبّلة ب�أغالل العوز المعرفي وغياب الدولي للكتاب ،والفعاليات الثقافية الم�صاحبة الر�ؤية� ،أن تواكب الراهن ،وال �أن تقدم الإ�ضافة له ،التي كان لها دور كبير في �إث��راء الم�شهد ،والتغيير .غير �إن ما يجعلنا نبتهج قليال �أن هذه وك�سر حاجز القطيعة بين المثقفين . الإدارة العامة للأندية تتداول -وهو ما لم يعد الئحة االنتخابات التي جلبت -ب�سبب غياب ال�ضوابط والمعايير التي كنا ن�ؤملها -الكثير من الطارئين و�أ�شباه المثقفين والأكاديميين، الذين وثبوا م�ستغلين ركاكة الالئحة ،على هذه الم�ؤ�س�سات ،و�أعتقد �أن الحالة الراهنة التي نحن ب�صددها الآن تنبئ عن الحال �أكثر مما يدوّنه المقال .
وكان يجب �أن يتحرك العمل ت�صاعديا ،ولكن خافيا -هذه الأ�سئلة ،وت�شاطرنا هذه الهواج�س، قدر هذه الم�سيرة �أن ترتد من جديد ،بعد تطبيق بحث ًا (ربما) عن بدائل لهذه الأندية . اجلوبة -خريف 1435هـ 25
■ هاين احلجي
يكت�سب مفهوم تمويل عمل الم�ؤ�س�سات الثقافية �أهمية حيوية؛ لأنه يفتح �آفاقاً كبيرة لتنمية الثقافة .وعلى كل الم�ؤ�س�سات الثقافية �أن تراعي عدداً من ال�شروط لتحقيق هذا الهدف ،وذلك بتخفي�ض الم�صاريف من ناحية ..وزي��ادة الدخل من ناحية �أخ��رى ،عن طريق الإدارة الفعالة التي تحقق التوازن بين الم�صروفات والإيرادات .من جانب �آخر ،ف�إن �أمام الم�ؤ�س�سات الثقافية معادلة �صعبة؛ فالإحجام عن الإنفاق على �أن�شطتها الالزمة ب�سبب قلة مواردها يوازيها م�شكل ف��ي عملها؛ وم��ن المهم �أن تت�ضافر جهود الم�ؤ�س�سات الثقافية للتو�صل للن�سبة المعقولة للم�صاريف الإدارية. �إن تمويل العمل الثقافي ُي َع ُّد عن�صر ًا فاع ًال لزيادة الن�شاطات وتوفير الخدمات ،كما �أن معظم الم�ؤ�س�سات العاملة في هذا الميدان هي م�ؤ�س�سات تعتمد على الإعانة ال�سنوية. ال��ش��ك �أن ال �م��وارد المالية تعد م��ن �أه��م العوائق التي تواجهها الأندية الأدبية؛ فالإعانة ال�سنوية المقررة بمليون ريال �سنويا ال تكفي، وقد يرى مَ ن هو خ��ارج نطاق عمل الأندية �أن هذا المبلغ كبير ،لكن قبل �أن ننتقل �إلى معوقات ال�صرف والتطرق لكفاية المنحة من عدمها ،ال بد من الإ�شارة �إلى �أن توزيع مبلغ المنحة نف�س لجميع الأندية ،في حد ذاته ،يحتاج �إلى �إعادة نظر؛ فهناك �أندية تقع في مدن رئي�سة ،وتتبعها محافظات عديدة ..بخالف الأندية التي تقع 26اجلوبة -خريف 1435هـ
في الأط��راف ،وال يعني ذلك تقليل الميزانية لمناطق الأط� ��راف ،ب��ل رف��ع ميزانية المدن الرئي�سة ،وبالخ�صو�ص ن��ادي العا�صمة الذي يمثل الواجهة الثقافية الأولى للوطن ،ل�ضيوف المملكة في المهرجانات والملتقيات الثقافية من خارج المملكة. نعود لميزانية المليون ري��ال ،وهي الإعانة ال�سنوية المخ�ص�صة للأنديةـ لو كانت تقت�صر على الأن�شطة والفعاليات الثقافية ،لربما كانت مقبولة نوعا ما؛ فهناك عدة بنود �أولها رواتب الموظفين ،ومكاف�آت مجال�س الإدارة واللجان، ولعل الرواتب ت�أخذ البند الأكبر من الميزانية؛ خ�صو�صا �أن ل��دى الأن��دي��ة الأدب �ي��ة موظفين ر�سميين م��ن �أي ��ام ال��رئ��ا��س��ة ال�ع��ام��ة لرعاية
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
ميزانية الأندية الأدبية
ال�شباب ،ورواتبهم مرتفعة ،وتتجاوز المائة �ألف ريال �شهريا ،ف�أحد الأندية تقاعد لديه موظف ر�سمي ،ووفقا لنظام العمل والعمال ي�ستحق مكاف�أة نهاية خدمة مقدارها ربع مليون ريال، وهو يمثل ربع ميزانية النادي ل�سنة واحدة ،وبعد مكاتبات مع ال��وزارة ،تم �إلزامهم بدفع المبلغ للموظف؛ ه��ذه ح��ال��ة ،وه �ن��اك ح ��االت كثيرة لل�صرف على هذا البند؛ �أي�ضا بند المكاف�آت الذي يت�ضمن مكاف�أة اللجان المخت�صة ح�سب ما ت�ضمنته المواد من الئحة الأندية الأدبية. وم�م��ا ال �شك فيه �أن زي ��ادة الميزانية هو المطلب الأهم للأندية� ،إذ طرح هذا المطلب من قبل ر�ؤ�ساء الأندية ،وفي مقدمتهم معالي وزي��ر الثقافة والإع�ل�ام ،وذل��ك عند ت�شرفهم بلقاء ولي العهد �صاحب ال�سمو الملكي الأمير �سلمان بن عبد العزيز ،وبح�ضور معالي وزير الثقافة والإعالم ،واقترحوا رفع الميزانية �إلى ثالثة ماليين ري��ال ،لتغطي جوانب ال�صرف على الأن�شطة والفعاليات في الأندية الأدبية، وخ�صو�صا �أن الأندية لديها توجّ ه للتو�سّ ع في ل��ج��ان ال��م��ح��اف��ظ��ات ،وه��ي تتطلب ميزانيات �إ�ضافية. ولذا� ،أقترح هنا عدة تو�صيات ومقترحات، منها� :أه�م�ي��ة دع��م وزارة الثقافة والإع�ل�ام ممثلة ف��ي وك��ال��ة ال� ��وزارة لل�ش�ؤون الثقافية، للمهرجانات والملتقيات ال�سنوية الثابتة التي تعقدها الأندية الأدبية؛ وتوحيد الدعم لجميع مهرجانات الأندية في المملكة؛ وت�شكيل لجان ا�ستثمارية داخل الأندية الأدبية ب�إ�شراف من الإدارة المالية ،تقوم بتعزيز التوا�صل مع الغرف التجارية وال�صناعية داخل المناطق التي توجد فيها الأندية؛ والتوا�صل مع رجال الأعمال من �أج��ل �إيجاد رع��اة ودع��م للأن�شطة والفعاليات الثقافية؛ وا�ستفادة الأندية من مبانيها ،ب�أن تخ�ص�ص الأندية القائمة والتي �ستن�ش�أ م�ستقبال
م��واق��ع ا�ستثمارية داخ��ل ه��ذه ال�م�ب��ان��ي ،مثل ��ص��االت للت�أجير لإق��ام��ة فعاليات تتقارب مع ن�شاط النادي ،و�إن�شاء مكاتب وت�أجيرها على دور الن�شر مثال؛ و�ضرورة الت�أكيد على اال�ستقالل المالي للأندية الأدبية ،من خالل البحث عن قنوات وم�صادر تحقق �إيرادات �إ�ضافية لها. ون��ظ��ر ًا لما تتحمله الأن��دي��ة م��ن م�صاريف �صيانة وت�شغيل ت�صل �إل��ى %50م��ن الإع��ان��ة ال�سنوية ،فهناك ح��اج��ة �إل��ى �أن ت�ق��وم وزارة ال�ث�ق��اف��ة والإع �ل��ام ب �ط��رح م���ش��روع ال�صيانة والت�شغيل والحرا�سات الأمنية لجميع الأندية في مناف�سة عامة ،وتتولى الوزارة توقيع عقد موحّ د عن جميع الأن��دي��ة ،و�أهمية ا�ستقطاب الرعاة واال�ستفادة من تجارب بع�ض الأندية ،والبحث عن �آلية لتوقيع عقد موحّ د مع �شركة لتوزيع كتب الأن��دي��ة الأدب�ي��ة ،والم�شاركة بكتب النادي في معار�ض الكتب. كما يمكن تحقيق �إيرادات من بيع الكتب من خالل عدة قنوات منها: �إق��ام��ة معر�ض م��وحّ ��د للكتاب ف��ي المدنالرئي�سة :الريا�ض ،جدة ،الدمام. �إق��ام��ة م�ع��ر���ض �أ� �س �ب��وع��ي م��ع ال�ج��ام�ع��اتالحكومية والأهلية. البحث ع��ن �إمكانية �إي�ج��اد وق��ف للأنديةالأدبية؛ �إما من خالل متبرعين� ،أو �شراء وقف موحّ د لجميع الأندية بعد درا�سة كافة الجوانب المالية والقانونية للمو�ضوع. ونظرا لأهمية �إيجاد م�صادر للتمويل وبحث ع��ن ال��رع��اة ،ت��م ت�أ�سي�س ملتقى الم�سئولين الماليين بفكرة ومبادرة من كاتب هذا المقال، وعقد اللقاء الأول بنادي الريا�ض ،بح�ضور عدد من الم�سئولين الماليين.
اجلوبة -خريف 1435هـ 27
■ �صالح حممد املطريي*
لعله ال �أحد يجادل في �أن الدوريات والمجالت التي ت�صدرها ا�ﻷ ندية ا�ﻷ دبية تعد من �أهم المنافذ التي يعبر خاللها النتاج الثقافي �إلى مجتمع القراء� .صحيح �أن ا�ﻹ�صدارات الأخرى؛ كالكتب النقدية ،والدواوين ال�شعرية ،والمجموعات الق�ص�صية ،والروايات ..ت�شغل حيزا ال ب�أ�س به من قناة الن�شر لأي نادٍ� ،إال �أن الدوريات تتميز على الكتب بانتظام �صدورها ح�سب ت�صنيفها، وتنوّع مادتها ،وتعدّد كتّابها ،وحداثة محتواها .لذا ما �إن حدثت تلك القفزة التاريخية في ت�شكيل ا�ﻷ ن��دي��ة الأدب��ي��ة ،حتى �شرعت تخلخل البنية التقليدية لأن�شطة الأن��دي��ة ،وط��ال ه��ذا التغيير الدوريات التي ت�صدرها هذه الأندية� ،صحيح �أن معظم هذه الدوريات مثل( :عالمات) ،و(جذور)، و(الآطام) ،و(ر�ؤى) ،و(دارين) ،و(قوافل) ،و(مرافيء) ،كانت موجودة قبل �إعادة ت�شكيل مجال�س ا�ﻷ ندية ا�ﻷ دبية� ،إال �أنها �شهدت تغيّرا ملحوظاً بعد عام 1427هـ� ،شمل ت�شكيل لجان خا�صة تعمل على تحرير كل مجلة ومتابعة �إ���ص��داره��ا ،كما �شمل التغيير �أي�ضا ح��ذف بع�ض الأ�سماء التي كانت تترهل بها لوحة التحرير ،من غير �أن يكون لهم دور ملمو�س في �إ�صدارها؛ كما بات من الملحوظ �أي�ضا تح�سن م�ستوى الطباعة وا�ﻹ خ��راج الفني ،وا�ستخدام عنا�صر الإنتاج بال�شكل الذي يجذب القارئ �إلى الإ�صدار؛ هذا مع �أن المجلة الأدبية لي�س من ال�ضروري �أن تكون مطعّمة بالأ�صباغ ال�شكلية ،مثل المجالت التي تو�ضع في واجهة مراكز الت�سوق والمحال التجارية� ،أعني تلك المجالت اال�ستهالكية المزدانة بالأغلفة ال�سميكة ال�ساطعة مع ال�صور والعناوين والبهارج الخاطفة؛ لأن للمجلة الأدبية خ�صو�صي ًة -في نظري -تقرب �أن تكون كخ�صو�صية الدوريات العلمية الر�صينة ،تلك التي يتابعها الباحثون والمتخ�ص�صون كل في مجاله. �إن الحقيقة التي ال مراء فيها �أن المجلة التي ي�صدرها النادي ،هي بمثابة ن�سغ الحياة له .نعم هناك �أن�شطة �أخرى تم ّد النادي بالحياة �أي�ضا؛ كا�ﻷ ن�شطة المنبرية من �أم�سيات ومحا�ضرات 28اجلوبة -خريف 1435هـ
ومنتديات� ،إال �أن هذه الأن�شطة مح�صورة طبعا بعامل ال�م�ك��ان� ،أي ال�ن�ط��اق المحلي للنادي، ومح�صورة �أي�ضا بعامل ال��زم��ان ،لأن معظمها يُلقى في حينه ..وق��د ال يُ�سجّ ل ،و�إذا �سُ جّ ل..
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الدوريات ا�ﻷ دبية.. مراجعة واقتراح
فيحفظ للأر�شيف فقط ،وقد ال ين�شر ،فت�ضيع علينا م ��ادة ق� ّي�م��ة ،وق��د ال يبقى م��ن الن�شاط المنبري �إال فائدة واحدة� ،أال وهي تحريك المياه ال��راك��دة� ،أي تحريك العقول ،و�إث��ارة التفكير، وتحفيز المتلقين ،مع بعث الحياة طبعا في مقر النادي وبين رواده� .أما المجالت والدوريات.. فتتجاوز قيود المكان والزمان ،لأن من طبيعتها �أن ت�صدر وت�صل �إلى القارئ في �أي مكان ،وقد تقع في يد القارئ في �أي زمان. وم��ن ه��ذه الناحية �إذ ًا تبرز �أمامنا �أهمية ال��دوري��ات في الو�صول �إل��ى الجمهور على ن�أي المكان واختالف الزمان ،ولك �أخي القارئ �أن تتخيل ال��رواج ال��ذي حققته دوري��ة (عالمات) ال�ن�ق��دي��ة ال �ت��ي ي���ص��دره��ا ن ��ادي ج��دة ا�ﻷ دب� ��ي، وو��ص��ول�ه��ا �إل ��ى جمهورها م��ن ال �ق��راء والنقاد والباحثين ال�ع��رب م��ن المحيط �إلى الخليج. وك��م��ا ت�خ�ت�ل��ف الأن� ��دي� ��ة في �أن���ش�ط�ت�ه��ا ،ت�خ�ت�ل��ف �أي �� �ض � ًا في دوري��ات �ه��ا ،فالغالب عليها تلك الدوريات التي ير�سل �إليها الكاتب ب�إنتاجه ،ك�أن يكون مقالة نقدية، �أو ق�صة ق���ص�ي��رة� ،أو ق�صيدة �شعرية� ،أو مراجعة لأحد الكتب.. ال��خ ،ثم تفح�ص لجنة التحرير ه ��ذه ال��م��واد ال�م��ر��س�ل��ة فح�صا ج �ي��داً ،وتن�شر منها م��ا ي��واف��ق معايير الن�شر ل��دي�ه��ا ،غير �إن هناك من ال��دوري��ات ا�ﻷ دب�ي��ة ما تكون دورية محكمة ،مثل الأوعية الأكاديمية ،حيث تر�سل الأبحاث
الم�ستلمة �إل��ى محكمين من �أه��ل االخت�صا�ص من خارج الدورية ،ومن �أمثلة هذا النوع دورية (حقول) من نادي الريا�ض الأدبي ،وكذلك دورية (العقيق) المحكّمة التي ي�صدرها نادي المدينة المنورة ا�ﻷ دب��ي منذ ع��ام 1412ه��ـ ،والتي �أتيح لكاتب هذه ال�سطور العمل في تحريرها على مدى خم�س �سنين ،ورغ��م �أن ه��ذه ال��دوري��ات ا�ﻷ دبية المحكمة قليلة حقا بالقيا�س �إل��ى ال��دوري��ات العامة� ،إال �أنها ت�سد ثغرة� ،أو بالأحرى ت�سعف في الحاجة الما�سة التي يجدها الأكاديميون عندما تعوزهم �أوعية الن�شر المحكمة ،التي تمكث في بع�ضها الأبحاث فترة طويلة من الترب�ص والترقب واالنتظار ،قد ت�صل �إلى عام كامل ليتم تحكيم البحث ،ثم �إذا حظي بالقبول ،قد يترقب عاما �آخر لي�أتيه دوره في الن�شر! وهذا واهلل ما ت�ضيع فيه الأعمار ،ولذلك يكتفي غالب الباحثين بورقة قبول البحث.. ويعتبرونها نهاية المطاف� ،أما م��ت��ى ي��ظ��ه��ر ال��ب��ح��ث ب�ي��ن دفتي المجلة فذلك في رحم الأيام. وت �ع��ان��ي دوري� � ��ات ا�ﻷ ن ��دي ��ة ا�ﻷ دب�ي��ة من م�شكلة ت ��ؤرق تفكير القائمين عليها والقراء على حد �سواء� ،أال وه��ي م�شكلة التوزيع، وهي م�شكلة عوي�صة م�ستع�صية والحق يقال ،وبع�ض ا�ﻷ ندية يعاني منها منذ علقت تمائمه ،والو�ضع القائم الآن �أن ال�ن��ادي الأدب��ي، اللهم ماعدا نادٍ واحدٍ ،هو الذي يقوم بتوزيع دوري��ات��ه عن طريق ال�ق��ائ�م��ة ال�ب��ري��دي��ة ال �ت��ي ل��دي��ه،
اجلوبة -خريف 1435هـ 29
30اجلوبة -خريف 1435هـ
وق ��د ي �ق��ول بع�ضهم �إن ه��ذا الإخ �ف��اق ي��رج��ع �إل��ى ��س��وء التن�سيق م��ن جانب الأن��دي��ة م��ع �شركات ال�ت��وزي��ع� ،إال �أن التجربة خير برهان كما يقول الم�سوِّقون ،فكل مَ ن تولى م�س�ؤولية في تحرير هذه المجالت ،ومنهم كاتب تن�صل ال�شركات من توزيع هذه ال�سطور ،ي�ؤكد ّ مجالت الأندية وقبولها؛ بل ي�ؤكد �أي�ضا تحا�شي المكتبات الكبرى وتجافيها عن احتواء مطبوعات الأندية ،فقد قمت باالت�صال الر�سمي وال�شخ�صي بمكتبتين كبريتين ال�ستيعاب مطبوعات النادي الأدبي ودورياته على �أرفف المكتبة ،وتم التن�سيق غير مرة مع �إدارة الت�سويق في كل مكتبة ..فجاء الرد باالعتذار .وفي هذا ال�صدد يقول ال�شاعر عبداهلل ال�سفر عن تجربته في مجلة (دارين)، مع مع�ضلة التوزيع� :أت��ذ ّك��ر معاناة البحث عن
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
وت�ضم هذه القائمة طبعا �أ�سماء ي�أتيها �سيل عرم ع��ام 1920م ع�ن��دم��ا د ّك ��ت �أح �ي��اءه��ا مدفعية من المجالت والكتب من كل مكان ،فال تدري ما الفرن�سيين: تقرا وما تدع� ،أما القارئ العام فال يجد المجلة ي���ف���� ّ���ص���ل���ه���ا ع����ل����ى ال����دن����ي����ا ب�����ري�����دٌ.. الأدبية مع ال�صحف والمجالت في نقاط البيع و ُي����ج����م����ل����ه����ا ع����ل����ى الآف��������������اق ب������رقُ ومنافذ الت�سوق والمكتبات ،وال تحين الفر�صة فالبريد يومها كان يحمل �صحف �سوريا �إلى له لالطالع على دوريات الأندية� ،إال �إذا قدر له زيارة مقر النادي بنف�سه �أو ر�ؤيتها في جناح وزارة م�صر ،وي ��أخ��ذ معه �صحف م�صر �إل��ى �سوريا بالمقابل .لكن الو�ضع تغير طبعا منذ عقود، الثقافة في معار�ض الكتب. و�أ�صبحت هناك �شركات وم�ؤ�س�سات تخت�ص م��ن هنا تبزغ �أم��ام�ن��ا � �ض��رورة ملحة لعالج ب�ت��وزي��ع ال�صحف وال ��دوري ��ات وال�م�ط�ب��وع��ات، م�شكلة التوزيع ،فكيف ت�صل المجلة �إلى قرائها و�إي�صالها �إلى �أماكنها المق�سومة وه ��ي مق�صو�صة ال �ج �ن��اح� ،أي لها ،و�أح�سب �أن لدينا �شركتين ب�لا ت��وزي��ع؟! �صحيح �إن بع�ض �أو ث�لاث��ا ل�ل�ت��وزي��ع ف��ي المملكة، ال� ��دوري� ��ات ح � ��اول ع �ل�اج ه��ذه لديهم �أ�سطول توزيع ي�صل �إلى الم�شكلة عن طريق التعاقد مع معظم المدن في المملكة ،وهذه مكتبات محلية في بع�ض المدن، ال�شركات الوطنية توزع ال�صحف �إال �أن هذا التوزيع و�إن كان �أف�ضل والمجالت التي ت�صدر في البالد، من ال �شيء� ،إال �أنه ال ي�صل �إلى كما توزع �صحفا ومجالتٍ ت�صدر الأم��اك��ن التي ت�صلها ال�صحف م��ن خ��ارج ال�ب�لاد على اختالف والمجالت في الأ�سواق والمراكز �أل��وان �ه��ا و�أن ��واع� �ه ��ا ،ل�ك��ن يبدو وال�م�ك�ت�ب��ات ،وا�ﻷ م ��اك ��ن العامة �أن ��ش��رك��ات ال�ت��وزي��ع ه��ذه ظلت كالمطارات مثال ،حيث ت�ستهدف «تتمنع» �أم��ام �إ��ص��دارات الأندية المجالت قرابة ن�صف جمهورها م��ن ك �ت��ب وم��ج�ل�ات ودوري � ��ات، هناك ،كما �أن معظم الدوريات رغم �أن مطبوعات الأندية تعتبر ال تجدها في المكتبات التي تبيع «منتج ًا وطنياً» ،بينما هي للأ�سف الكتب وال�صحف والمجالت. تفتح ذراع �ي �ه��ا ل�ت��وزي��ع مجالت في ال�سابق كان البريد يقوم ومطبوعات ت�صدر من الخارج ،ما ب �ك��ل � �ش��يء ف��ي ت��وزي��ع ال�صحف والمجالت والكتب ،فهو ال��ذي ك��ان يحملها في يحيلنا مرة �أخرى �إلى �أحمد �شوقي لنت�ساءل معه رح��ال��ه ،ولعلنا نتذكر �أن��ه قبل ق��راب��ة ق��رن من بكل �أ�سف: الزمان ،كانت �صحف الأخبار تنتقل بين البلدان �أح������������������را ٌم ع�����ل�����ى ب��ل��اب�����ل�����ه ال������������دو ُح بالبريد� ،ألم يقل �أحمد �شوقي عن فاجعة دم�شق �������س؟! ح���ل��الٌ ل��ل��ط��ي��ر م����ن ك����ل ج���ن ِ
وه �ك��ذا �أخ�ف�ق��ت الأن��دي��ة في ت��وزي��ع دوري��ات �ه��ا ع�ب��ر ��ش��رك��ات التوزيع ،لكنا نقول� :إن لم ي�صبها واب��ل فطل ،حيث نجحت الأندية في توزيع ن�صف الكتب على الأقل، وانت�شلتها م��ن وه ��دة التخزين بوا�سطة التعاقد مع دور ن�شر من خ��ارج ال�ب�لاد ف��ي لبنان وم�صر والمغرب� ،إال �أن غالب الدوريات م��ا ي��زال ي��وزع م��ن خ�لال جهود ال �ن��ادي ال �م �ح��دودة وال�ق��ا��ص��رة، وب�ع����ض ا�ﻷ ع � ��داد ال ي���زال يقبع ف��ي (ك ��رت ��ون) ب��ال�م�ط�ب�ع��ة منذ ��ص��دوره ،وق��د اط�م��أنّ به المقام في الم�ستودع� ،إلى �أن يكتب له �أن يخرج �إلى النور.
م���وزّع ي��ر��ض��ى ،ول��ه الأج� ��ر� ،أن تكون مجلتنا «داري ��ن» م�شمولة برحمة المثول فوق حوامل تثقلها مثيالتها من ع�شرات المجالت، ثقيلة ال��وزن غ��ارق��ة ف��ي الأل��وان وجاذبية الغالف وخفّة المحتوى �إال فيما ندر ،ولكم �أن تت�صوروا م �ق��دار ال�خ�ي�ب��ة ون �ح��ن نرتطم ب��اع �ت��ذار مكتبة محلية ك�ب��رى، لها �أفرع و�أذرع في �أغلب مدننا، وتمتد على �ضفاف الخليج« :ال مكان لدينا لمجلتكم»�( ..صحيفة اليوم 1435/5/28هـ). وفي هذا ال�سياق �أي�ضا ،يقول الناقد ح�سين بافقيه -وقد عمل فترة ف��ي تحرير (ج ��ذور)�« :إن ال�ت��وزي��ع ل��دى ه��ذه الأن��دي��ة غير مر�ض للغاية ،وقد يكون معدوماً ،فمن �أجل �أن ٍ تح�صل على مجلة ،ال بد �أن تتعب وتتكبّد الم�شقة، و�أن تكون لديك عالقة ب�أحد �أع�ضاء الأن��دي��ة» (�صحيفة الحياة 1433/12/21هـ). طبعا كل �شركات التوزيع ،وكل المكتبات �أي�ضا ي�سيّرها منطق ال�سوق ،وتتحكم بها كميات البيع والت�صريف من كل مطبوعة ،فالمطبوعة التي ال تحقق الح ّد الأدن��ى من البيع ،ت�صبح عبئا على ال�شركة �أو المكتبة ،ويبدو �أن دوريات الأندية التي قُدر لها ذات مرة �أن تحملها �سيارات التوزيع.. لم تحقق البيع المطلوب ،ولم تنجح في جذب يد الم�شتري �إليها�( ،أو بالأحرى جيبه) ،عندما يراها في المكتبة� ،أو ال�سوق� ،أو في ركن ال�صحف في المحل القريب منه ،ونجَ م عن ذلك بطبيعة
اجلوبة -خريف 1435هـ 31
32اجلوبة -خريف 1435هـ
يتلخ�ص االقتراح في ت�أ�سي�س هيئة �أو �شركة تحت مظلة وزارة الثقافة ،يكون ن�شاطها الح�صري توزيع مطبوعات ا�ﻷ ندية ا�ﻷ دبية ودوري��ات �ه��ا وت���س��وي�ق�ه��ا ،ال�سيما �أننا ن�شهد الآن طفرة طاغية في النتاج الأدب��ي ..في ال�شعر ،والق�صة ،والرواية، والم�سرحية ،والنقد ،والترجمة ،والدرا�سات، والمراجعات الأدب �ي��ة ،حتى لقد �أ�صبح ك��ل ناد �أدبي بمثابة دار ن�شر م�ستقلة ،ف�إذا علمنا توجّ َه الوزارة نحو �إعادة هيكلة وكاالتها المختلفة -مثل �إن�شاء هيئة ا�ﻹذاع��ة والتلفزيون -لر�أينا �إمكانية ت�أ�سي�س هيئة خا�صة للتوزيع على ه��ذا الن�سق، و�إذا كنا �سن�أخذ وقتا طويال حتى نح�صل على مثل هذه الهيئة ،فال �أقل �إذ ًا من �أن تتعاقد ال��وزارة، كما في �ش�ؤونها الأخ��رى -مع �شرك ٍة ّم��ا لتوزيع مطبوعات الأندية ومطبوعات الوزارة ،خا�صة و�أن م�ستودعات الوزارة في كل مدينة غدت تعجّ بركام الكتب ،التي تنتظر فر�صتها على �أحر من الجمر لت�صل �إلى القارئ العام �أينما كان ،ومتى كان. واهلل الموفق في كل الأحوال.
■ �شيمة ال�شمري � -أديبة و�أكادميية
باتت الملتقيات الأدبية مو�ضة تت�سابق الأندية �إلى �إقامتها ،ومع تجدّد المجال�س وم�ضي الزمن ..ما تزال هذه الملتقيات تقام ،بالنمط نف�سه ،وبالوجوه ذاتها� ،إال ما �شاء اهلل؛ وهي �إ�شارة جميلة تد ّل على ن�شاط فكري و�إبداعي ونقدي ،بل �إنها لت�صبح ذات بع ٍد مهم� ،إذا �أ�سهمت في الت�أ�سي�س العلمي ،والمتابعة النقدية لم�شهدنا الأدبي الحافل. ولن يخفَ على المتابع الفوائد التي تتمخ�ض عنها الملتقيات التي تقيمها الأندية الأدبية؛ فهي تبثّ دماء جديدة ،وت�شعل همّة المثقف ،وتحرّك الراكد ،وتمنح الجميع مبدعين ونقادا اللقاء ،وفتح مجاالت النقا�ش والإ�ضافة.. كما تجدر الإ�شارة �إلى الأعمال والإ�سهامات التي قدّمتها بع�ض الأندية ،من خالل طباعة �أعمال هذه الندوات ون�شرها ،وفي نادي الباحة الأدبي ونادي جدة الأدبي خير مثال ،ولهما ال�سبق ،وي�سجل لهما ذلك.. بيد �أن هناك نقاطا مهمة الب��د من �سوقها لهذه الملتقيات ،لتكون الفائدة �أ�شمل ،وربما كان من المهم الإ�شارة �إليها؛ فال بد من اال�ستماع �إلى النقد الموجّ ه �إليها ،والأخذ ب�آراء الآخرين من م�شاركين ومطلعين، لت�صل في كل مرة �إلى م�ستوى �أف�ضل من �سابقه� .أما الم�ضيّ على طريقة ووتيرة واحدة ،ومع الأ�سماء نف�سها التي ت�شغل كل حيز مع فراغها! وحتى لو كانت تملك الكثير ..فهو ين�ضب من كثرة تكراره ،وبهذا ال�شكل ال يجد المتلقي والأديب ما يغريه بالح�ضور ،لأنه يعرف م�سبقا م��ا ل��دى ه��ذا وتلك وانتهى الأم ��ر� ،إذ تفتقر �أغلب الملتقيات لدينا �إلى التجديد؛ بدءا من عناوين الملتقيات .وربما يُالحظ ،مثال� ،أن فنّا من الفنون الأدبية يتكرر في عدد من الأندية ،وال �ضير �إذا كانت العناوين جديدة ،لكنها �أحيانا تكون �أ�شكاال جديدة لم�ضامين م�ك��ررة ،و�أعتقد �أن التكرار في الأ�سماء �إ�شكال كبير� ،سواء من داخل المملكة �أم من خارجها، كما �أني �أعتقد �أن وجود لجان علمية تفح�ص ما يقدم قبل تقديمه ،بعيدا عن المجاملة� ..سي�سهم في �إيقاف الأوراق التي تقول ال �شيء� ،سوى المعاد المكرور في �أغلب نقا�شاتها! كما �أن الح�ضور من �ضيوف ال�شرف يتكرر دائما ،وهم يُدعَ ون مجاملة ،ال �أظنها تليق �أبدا،
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الحال تراكم الن�سخ المرتجعة ل��دى �شركة ال �ت��وزي��ع ،ف�ك��ان �أن تن�صلت ال���ش��رك��ات م��ن ت��وزي��ع ّ دوريات الأندية. هذه النك�سة الت�سويقية –�إن �صح التعبير -جعلت القائمين ع �ل��ى ه ��ذه ال� ��دوري� ��ات ي�ع�ي��دون النظر في �شكل المجلة و�إخراجها ال��ف��ن��ي .ف �ه��ل � �ش �ك��ل ال �م �ج �ل��ة، �أو ب ��الأح ��رى وج�ه�ه��ا ال ي�شجّ ع ال �ق��راء على ا�صطحابها؟ رغم �أن ال��دوري��ة الأدب�ي��ة كما �ألمحت �أعاله ،لي�س من �شرطها �أن تكون م�ث��ل ال�م�ج�لات الأخ � ��رى؛ لأن�ه��ا تعتمد على م��ادة من الن�صو�ص في ال��درج��ة ا�ﻷ ول ��ى ،وت�ع�وّل على متعة القراءة وده�شة االنفعال مع الن�ص� ،أكثر مما تعول على البهرجة والزخرفة؛ ولكن بع�ض الدوريات -على �أي حال� -أذعن لمنطق الت�سويق و�شروطه ،فخرجت �أعدادها الجديدة في حلّة ق�شيبة ،وغالف �صقيل ،يزدهي بال�صور والعناوين والألوان ،كما هي الحال في مجلة (ا�ﻵطام) من نادي المدينة ا�ﻷ دبي ،التي تحولت من هيئة كتاب �إلى �شكل المجلة العامة بغالفها وت�صميمها ..بل ومحتواها �أي�ضا ،وكذلك مجلة (�ضفاف) من نادي تبوك الأدبي ،و(مرافئ) من نادي جازان، ومجلة (قوافل) من نادي الريا�ض ،وغيرها ،رغم ما يعتر�ض هذه الدوريات من عدم االنتظام في ال�صدور �أحيانا. ول �ك��ن رغ ��م ه ��ذه التح�سينات ف��ي ال�شكل والمحتوى� ،إال �أن مجالت الأندية ما تزال تعاني
من ع�سر في التوزيع� ،أي ثمة وفرة في الإنتاج و�سوء في التوزيع ،فهي رف ال�صحف ما تزال غائبة عن ّ �رف المكتنز والمجالت ،ذلك ال� ّ بمجالت قادمة من �شتى الآفاق. تق�ض ول � ّم��ا ت��زل ه��ذه الم�شكلة ّ م�ضجع لجان التحرير في الأندية ا�ﻷ دبية ،و�إزاء هذه الحال �أرى من المنا�سب �أن ننظر في االقتراح الآتي ،علّنا ن�أخذ به.
الملتقيات الأدبية للأندية ودورها الثقافي
وخا�صة �أن مجموعة كبيرة منهم في بع�ض الملتقيات لي�س لها �أي م�شاركة ومداخلة في النقا�ش ،وال ت�سمع لها �شيئا من �إ�ضافة �أو اعترا�ض �أو ت�صحيح! كما �أنه يلحظ على هذه الملتقيات �سمة غالبة على ملتقياتنا الداخلية التي �شهدتها ،وهي �ضيق الوقت المتاح للباحث �أو الناقد ليتم ورقته ،التي �أكاد �أجزم �أن �إع��داده��ا �أخ��ذ من وقته وجهده الكثير ,ثم يتكبد عناء ال�سفر والح�ضور ،ويطلب منه �أن ينهي ورقته في ع�شر دقائق! ولنا �أن نتخيّل الكلمات المتقاطعة التي قد ن�سمعها من بع�ضهم في حين تبتر فكرة �آخر ،وهناك من يعطيك ر�ؤو���س �أق�لام لما كتب! والح�ضور ما بين وم�ستع�ص عليه الفهم ،وهذا فيه هدر للجهد ٍ مدرك وا�ستخفاف بالمتلقي ،وظلم للعلم والمعرفة ،فلم ال نقلّ�ص ع��دد الم�شاركين لإعطائهم وقتا �أط��ول ،ثم يعطى الح�ضور فر�صة للحوار والنقا�ش في مدة كافية، �أما (�سلق البي�ض) الذي يتم في كثير من الأحيان من خ�لال التر�ضية للح�ضور بدقائق هنا وهناك ،فهذا عبث ال يليق! فلنحفظ ملتقياتنا عن هذا الترف المالي والعلمي ،ولنقم ملتقيات ب�أ�سماء منوعة ،لها ح�ضورها، ولها عملها المحكم ،ولنتح الوقت للجميع ،و�إال ف�سنظل ن�سير على الطريق ذاته! اجلوبة -خريف 1435هـ 33
جائزة الإبداع
جوائز الأندية الأدبية
جدة
ج��ائ��زة ال��درا��س��ات الريا�ض وال�ب�ح��وث الخا�صة بالأدب ال�سعودي جائزة كتاب العام الريا�ض
تاريخ �إن�شائها 1420هـ
النادي
1425هـ
النادي
1429هـ
بنك الريا�ض
■ د .عبداهلل احليدري رئي�س جمل�س �إدارة النادي الأدبي بالريا�ض
�أُ�س�ست �أوائل الأندية الأدبية في عام 1395هـ ،و�أُ�س�ست �أواخرها عام 1428هـ ،وتبلغ حالياً �ستة ع�شر نادياً ،تتوزع في مناطق المملكة المختلفة ومحافظاتها. وال يمكن لأي من�صفٍ را�صدٍ للحركة الأدبية والثقافية في المملكة �أن ينكر �أثرها و�أهميتها وحراكها ،وبخا�صة مع بلوغها �شد الر�شد ،واحتفال بع�ضها بمرور �أربعين عاماً على ت�أ�سي�سها. ن�صت الئحة الأندية الأدبية في ن�سختها وقد ّ القديمة ال�صادرة �إ ّب��ان ن�ش�أتها عندما كانت تابعة للرئا�سة العامة لرعاية ال�شباب ،وفي الالئحة الحالية ال�صادرة عن وزارة الثقافة والإعالم عام 1431هـ ،على �أهمية �أن تنه�ض الأندية الأدبية بعقد الم�سابقات ور�صد الجوائز للأعمال الإبداعية(.)1 وم��ن هنا ،ظهرت فكرة �إن�شاء جوائز في الأندية الأدبية ،تتجاوز الم�سابقات المرتبطة بت�شجيع ال�شباب ،وتتوجّ ه �إلى تحفيز الأدب��اء والمثقفين والم�ؤلفين ،وتُر�صد لها جوائز مالية عالية تمنح لل�شخ�ص الواحد� ،أو منا�صفة. ومع تعدّد الجوائز وح�ضورها في �أكثر من نادٍ ،ف�إنها لم تحظ بالتوثيق والت�أريخ لن�ش�أتها وم�سيرتها ،ومراجعة لأنظمتها ولوائحها .وكل المراجع التي �صدرت في هذا ال�سياق اهتمت 34اجلوبة -خريف 1435هـ
بالجوائز المحلية �أو العربية القديمة؛ ولربما كان ال�سبب تق�صير الأندية الأدبية نف�سها في توثيق �أعمالها في كتب وم��راج��ع( ،)2وحداثة ن�ش�أة معظمها. ويمكن تحديد الأندية الأدبية التي تتبنى جوائز ثقافية بالأندية التالية: .1نادي جدة الأدبي الثقافي .2نادي الريا�ض الأدبي. .3نادي حائل الأدبي. .4نادي الطائف الأدبي. .5نادي الباحة الأدبي. .6نادي مكة الثقافي الأدبي .7نادي الق�صيم الأدبي. وف��ي الجدول التالي بيان بجوائز الأندية الأدبية وتواريخ ن�ش�أتها والممولين لها:
جائزة حائل للرواية حائل ال�سعودية
1430هـ
�أم� �ي ��ر منطقة حائل ،والنادي، ورجال الأعمال
جائزة نادي الباحة الباحة الأدبي الثقافية
1431هـ
النادي
جائزة محمد ح�سن جدة عوّاد للإبداع ج��ائ��زة �أدب���ي ج��دة جدة الإب� � ��داع � � �ي� � ��ة ف��ي ال��درا��س��ات الأدب�ي��ة والنقدية ج��ائ��زة ن���ادي مكة مكة الثقافي الأدبي ج� ��ائ� ��زة ال �� �ش��اع��ر الطائف م��ح��م��د ال �ث �ب �ي �ت��ي للإبداع
1432هـ
�أح� �م ��د محمد باديب �أح� �م ��د محمد باديب
جائزة امرئ القي�س الق�صيم للإبداع ال�شعري ج� ��ائ� ��زة ال �ت �م � ّي��ز الق�صيم الن�سائي
1433هـ
توقفت بعد الدورة الثانية. وقد ح�صلت عليها رجاء عالم في الدورة الأولى ،ومحمد الثبيتي في الدورة الثانية. توقفت بعد الدورة الأولى. وق��د ح�صل عليها د.ع �ب��داهلل الفيفي ود.ف��اط �م��ة الوهيـبي (منا�صفة) ،وطبعت بحوثهما في كتابين عام 1426هـ2005/م. ح�صلت الكتب التالية على الجائزة ،وهي: .1باب ال�سالم في الم�سجد الحرام ودور مكتباته في النه�ضة العلمية والأدبية الحديثة ،للدكتور عبدالوهاب �أبو �سليمان (الدورة الأولى). .2كتب ال��رح�لات في المغرب الأق�صى من م�صادر تاريخ الحجاز ،د .عواطف نوّاب ،وحكاية ال�صبي الذي ر�أى النوم، لعدي الحرب�ش (الدورة الثانية ،منا�صفة). .3معجم الأ�صول الف�صيحة للألفاظ الدارجة لل�شيخ محمد العبودي( ،الدورة الثالثة). .4ما يعوّل عليه في الم�ضاف والم�ضاف �إليه للمحبي ،تحقيق د�.سعود الح�سين ود .عبدالعزيز العقيل( ،الدورة الرابعة). .5م�ق��ارب��ات ح��وار ّي��ة للدكتور معجب ال��زه��ران��ي( ،ال��دورة الخام�سة). .6تاريخ �أُمّة في �سير �أئمّة لل�شيخ �صالح بن حميد( ،الدورة ال�ساد�سة). تحوّل ا�سمها فيما بعد �إلى «جائزة الأمير �سعود بن عبدالمح�سن للرواية ال�سعودية». وقد ح�صل على المركز الأول في الدورة الأولى محمد الرطيّان، وعلى المركز الأول في الدورة الثانية ماجد الجارد. فاز بالجائزة الأولى د.عبدالرحمن المح�سني ،وبالجائزة الثالثة د.محمد بن عبداهلل ال�شدوي ،وحجبت الجائزتان :الثانية والرابعة. ح�صل عليها ال�شاعر عبداهلل الزيد في الدورة الأولى ،وال�شاعر عبداهلل ال�صيخان في الدورة الثانية. ح�صل عليها الدكتور �أحمد العدواني عن كتابه «بداية الن�ص ال��روائ��ي :مقاربة لآليات ت�شكّل ال��دالل��ة» ال�صادر عن النادي الأدبي بالريا�ض.
1434هـ
حجبت الجائزة في الدورة الأولى
1434هـ
نتيجة الدورة الأولى: فاز بالفرع الأول ال�شاعر علي الدميني ،وبالفرع الثاني ال�شاعر الم�صري �أحمد ح�سن محمد ،وبالفرع الثالث الدكتور طارق �شلبي.
1435هـ 1435هـ
�أح� �م ��د محمد باديب بنك الريا�ض
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
ا�سم الجائزة
النادي
المموّل
ملحوظات
اجلوبة -خريف 1435هـ 35
36اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
وفي ظنّي �أن من �أهم الأ�سباب التي دعت الأندية الأدبية �إلى �إن�شاء جوائز �أدبية وثقافية.. هو �صعوبة الح�صول على جائزة الملك في�صل العالمية في مجال الأدب واللغة العربية� ،إذ لم يفز بها من ال�سعوديين طوال �أربعين عام ًا �سوى ثالثة ،وهم :ال�شيخ حمد الجا�سر ،ود.من�صور الحازمي ،ود.عبدالعزيز المانع. ومن الأ�سباب المهمة ،توقف جائزة الدولة التقديرية في الأدب بعد دورت�ي��ن فقط عام 1405ه �ـ ،وف�شل محاولة �إعادتها �إل��ى الوجود عام 1429هـ� ،إذ لم يتم �شيء منذ الإعالن عن ذلك(.)3 ومن المالحظ ،تقارب تواريخ ن�ش�أة جميع الجوائز ،وارتباط معظمها بمموّل من القطاع الخا�ص ،وعناية الأكثرية منها بالإبداع. وبعد االط�لاع على �شروط جوائز الأندية الأدب�ي��ة ،ات�ضح �أن خم�س ًا منها ا�شترطت �أن يكون المتقدم لها �سعودي الجن�سية ،في حين
�أتاحت جائزتا :محمد الثبيتي وامرئ القي�س في ناديي :الطائف والق�صيم مجا ًال للمبدعين والباحثين العرب. ولكل من ه�ؤالء و�أولئك فل�سفة ور�ؤية ،فالذين ا�شترطوا �أن يكون المبدع �أو الباحث �سعودياً.. نظروا �إلى الئحة الأندية التي تحثّ على خدمة المنطقة التي يقع في �إطارها النادي ب�شكل خا�ص ،وخدمة الأدب في المملكة ب�شكل عام(،)4 و�أن الأدي ��ب ال�سعودي ه��و الأح ��ق باالهتمام والتحفيز؛ لأن معظم الجوائز المحلية في العالم تتجه �إلى خدمة الأدباء في الدولة مقر الجائزة ،وال يحق لغيرهم الح�صول عليها، با�ستثناء الجوائز ذات ال�صبغة العالمية. �أم� ��ا مَ ��ن ر�أوا ف �ت��ح ال �م �ج��ال للمبدعين والباحثين ال�سعوديين وغيرهم من العرب، ف ��أرادوا لفت االنتباه �إلى م�ؤ�س�ساتنا الثقافية وحراكها ،و�إل��ى �إ�شراك الباحثين العرب مع ال�سعوديين في درا�سة الأدب في المملكة.
وت �ن � ّوع��ت م �ج��االت ك��ل ج��ائ��زة ،فبع�ضها ح �دّد مجالها في ال�شعر مثل :جائزة محمد ح�سن ع �وّاد ،وجائزة ال�شاعر محمد الثبيتي ب�ن��ادي الطائف ف��ي بع�ض فروعها ،وبع�ضها عُ ني بالبحوث وال��درا��س��ات الأدب �ي��ة ،ومنها: جائزة الدرا�سات والبحوث الخا�صة ب��الأدب ال�سعودي بنادي الريا�ض ،وجائزة �أدبي جدة الإب��داع�ي��ة ف��ي ال��درا��س��ات الأدب �ي��ة والنقدية، وج��ائ��زة الثبيتي ،وج��ائ��زة ن��ادي الباحة ،في حين تخ�ص�صت جائزة ن��ادي حائل بالرواية ال�سعودية. �أم��ا ج��ائ��زة ك�ت��اب ال �ع��ام ب �ن��ادي الريا�ض الأدبي فقد عُ نيت بالكتاب ال�سعودي� ،أي ًا كان مجاله ،في حين �أن جائزة نادي مكة جديدة (1434ه� �ـ) ول��م تت�ضح ال�صورة تمام ًا حول ر�ؤي�ت�ه��ا� ،إذ خُ �ص�صت ال ��دورة الأول ��ى لتكون في مجال الدرا�سات التاريخية والح�ضارية
المتعلقة بمكة المكرمة ،وال ندري عن الدورات القادمة ،هل تقت�صر على ما يتعلق بتاريخ مكة المكرمة وجغرافيتها و�أدبها� ،أم تت�سع الدائرة فيما بعد ،فت�شمل مناطق المملكة المختلفة؟ وت�ضمنت �شروط الجوائز ب�شكل عام قدر ًا من الحياد والمو�ضوعية ،بحيث ا�شترطت �أال يكون المر�شّ ح من �أع�ضاء مجل�س �إدارة النادي، �أو من هيئة الجائزة ،وهذه زاوية مهمة� ،إذ قد يتطلع �إليها بع�ض العاملين في الأندية �أو من �أع�ضاء لجان التحكيم ،فتفقد �سمعتها ويعزف عن الم�شاركة فيها الآخرون من خارج الأندية الأدبية. وثمّة �أ�سباب لتوقف جائزتي الإب ��داع في ن ��ادي ج ��دة ،وج��ائ��زة ال��درا� �س��ات وال�ب�ح��وث الخا�صة ب ��الأدب ال�سعودي بنادي الريا�ض، فالأ�ستاذ محمد علي قد�س يروي �سبب توقّف جائزة الإب��داع في نادي جدة الأدب��ي الثقافي اجلوبة -خريف 1435هـ 37
38اجلوبة -خريف 1435هـ
.1جودة التخطيط للجائزة ،وو�ضوح الأهداف، و�ضمان التمويل ،ه��ي �أ�س�س مهمة تكفل نجاحها وا�ستمرارها مع تغيّر مجال�س �إدارة النادي. .2ل�ضمان ا�ستمرار ج��وائ��ز الأن��دي��ة الأدب�ي��ة ونجاحها� ،أرى �ضرورة وجود مجل�س تن�سيقي في الأندية التي تتبنى جوائز؛ لتطوير �أداء الجوائز؛ ومراجعة ال�شروط وال�ضوابط، ويمكن انعقاده دوري ًا بين الأندية. .3م��ن ال �م �ه��م ت��وث �ي��ق ك��ل ج��ائ��زة م��ن حيث الن�ش�أة والأه��داف واللوائح ،وما طر�أ عليها م��ن تغيير ،ور� �ص��د �أ��س�م��اء جميع الأدب ��اء والمثقفين الذين ح�صلوا عليها ،وطباعة ذلك في كتاب ،ومن ثم تحديث معلوماته كل عام. .4من الأهمية بمكان تحديد رق��م لكل دورة من دورات الجائزة ،مقرونة بالتاريخين: ال�ه�ج��ري وال �م �ي�لادي؛ ك��ي ي�سهل معرفة المعلومة وت�سل�سل الفائزين دورة بعد �أخرى. � .5أرى �أهمية ا�ستحداث جوائز خا�صة بالأدباء ال�شباب؛ ح�ف��ز ًا لهم ،وت�شجيع ًا لهم على
� .6أق�ت��رح تنويع المحكّمين ف��ي ك��ل دورة من �أوالً :الكتب: دورات الجائزة؛ ل�ضخّ �أفكار جديدة ،وك�سر .1جائزة كتاب ال�ع��ام :خم�س �سنوات من النجاح، نمطية ال�ج��ائ��زة ،و�إ� �ش��راك �أك�ب��ر ع��دد من ال�ط�ب�ع��ة الأول� � ��ى ،ال��ري��ا���ض :ال� �ن ��ادي الأدب � ��ي، القادرين في الو�سط الثقافي؛ لالقتراب من 1434هـ2013/م. الم�ؤ�س�سة الثقافية والوقوف على جوانب من .2ق��ام��و���س الأدب والأدب � ��اء ف��ي المملكة العربية عملها وجهودها. ال�سعودية ،الطبعة الأول��ى ،الريا�ض :دارة الملك عبدالعزيز1435 ،هـ2014/م. وبعد ،فال�شكر لمجلة (الجوبة) ،ولرئي�س التحرير الزميل الأ��س�ت��اذ �إب��راه�ي��م الحميد .3محمد الربيّع :العالم والإداري والإن�سان ،الطبعة (رئي�س نادي الجوف الأدبي �سابقاً) ،ولزمالئه الأولى ،الريا�ض1432 ،هـ2011/م. م��ن �أ���س��رة ال�ت�ح��ري��ر ع�ل��ى تخ�صي�ص ه��ذا ثانياً :الدوريات: العدد من المجلة لتقويم عمل الأندية الأدبية .1ج��ري��دة ال �ج��زي��رة ،ع��2 ،13821ش�ع�ب��ان1431ه�ـ وعطائها ،ور�صد �أثرها ،في وقت تحتفل �ستة (�1أغ�سط�س 2010م). منها بمرور �أربعين عام ًا على �إن�شائها ،ول�ست �أ�شكّ في �أن ه��ذا العدد الخا�ص من المجلة .2جريدة الحياة1435/4/2 ،هـ (2014/2/2م). �سيكون مرجع ًا مهم ًا للباحثين والدار�سين .3جريدة مكة1435/7/17 ،هـ (17مايو2014م). ال��ذي��ن �سيت�صدون م�ستقب ً ال لكتابة بحوث .4المجلة الثقافية (ت�صدر عن جريدة الجزيرة)، �أكاديمية عالية عن الأندية الأدبية. ع1432/2/16 ،330هـ (2011/1/20م).
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
فيقول�« :أثيرت حول الجائزة �شكوك �أدت �إلى حجب الجائزة ,ومن ثم توقّفها ،وهذا يعني �أن �آليات �إدارة هذا النوع من الجوائز تحتاج �إلى تنظيم ودعم ومتابعة»(.)5 �أم��ا جائزة الدرا�سات والبحوث الخا�صة ب��الأدب ال�سعودي ،فقد �أن�ش�أها رئي�س مجل�س �إدارة ن��ادي الريا�ض الأدب��ي ال�سابق الدكتور محمد الربيّع عام 1425هـ ،وخرج من النادي ع��ام 1426ه��ـ ،ف��ر�أى مجل�س الإدارة �إيقافها و�إن���ش��اء ج��ائ��زة ج��دي��دة با�سم «ج��ائ��زة كتاب العام» ،وعن ذلك يقول الدكتور الربيّع« :من �أهم الن�شاطات التي تمت �إن�شاء جائزة خا�صة ب��الأدب ال�سعودي ،وتتكون من فرعين :الأول: للبحوث والدرا�سات ،والثاني :للإبداع الأدبي. وق��د توقفت تلك الجائزة� ،أو بتعبير �أدق تم تغيير مو�ضوعها و�أ�صبح يُطلق عليها (كتاب العام) ،وكم كنت �أتمنى �أن ت�ستمر الجائزة مخ�ص�صة ل�ل��أدب ال�سعودي؛ لكن الزمالء ّ في المجل�س الجديد لإدارة النادي لهم ر�أي واجتهاد �آخر»(.)6 وم ��ع �أن ه ��ذه ال �ج��وائ��ز ُوج� ��دت لخدمة المبدع والباحث ال�سعودي في المقام الأول، ف�إنها لم تخل من نقد وملحوظات قد تتجه �إل��ى الق�سوة والتحامل ف��ي كثير م��ن الآراء والنقود التي وجّ هت �إليها ،ومن ذلك :تجاهل جائزة كتاب العام بنادي الريا�ض لعطاءات ال�شباب ،ومنحها لكبار الم�ؤلفين والباحثين فقط ،في حين �أن جائزة ال��دورة الثانية عام 1430ه�ـ2009/م منحت ل�شابين ،وهما :عدي الحرب�ش ،ود.عواطف ن�وّاب()7؛ واتهام جائزة ال�شاعر محمد الثبيتي للإبداع ب�أنها تهمّ�ش المبدعين ال�سعوديين وتمنح الجائزة ل�شاعرين عربيين مغمورين()8؛ ومهاجمة جائزة التميّز
الن�سائي التي �أعلن عنها نادي الق�صيم الأدبي بحجة �أنها جاءت لعزل المر�أة �أدبي ًا(.)9 ول�ست �أ� �ش��كّ ف��ي �أن دواف ��ع بع�ض الآراء ال�سلبية تجاه جوائز الأندية الأدبية �شخ�صية.. �إذ ربما كان يتطلع لنيلها ،وعندما تذهب �إلى �آخرين ي�أخذ منه الغ�ضب كل م�أخذ! و�أخ� �ي ��راً� ،أ� �ض��ع بين ي��دي القائمين على ال �ج��وائ��ز ف��ي الأن��دي��ة الأدب �ي��ة بع�ض ال ��ر�ؤى وال �م �ق �ت��رح��ات؛ لعلها تحظى بمناق�شة في مجال�س الإدارة ،ومنها:
التجويد في الأعمال الإبداعية والبحثية.
مراجع البحث
خ�ص�ص قامو�س الأدب والأدباء في المملكة العربية ال�سعودية مداخل تعريفيّة بجميع الأندية الأدبية( ،ينظر: (ّ )1 القامو�س ،الطبعة الأولى ،الريا�ض :دارة الملك عبدالعزيز1435 ،هـ2014/م1653/3 ،ـ.)1691 ( )2انظر المادتين :الرابعة والخام�سة من الئحة الأندية الأدبية ،وزارة الثقافة والإعالم1431 ،هـ( .موقع النادي الأدبي بالريا�ض )http://www.adabiriyadh.com/page.php?page_id=7 (� )3أ�صدر النادي الأدب��ي بالريا�ض كتاب ًا يوثّق م�سيرة خم�سة �أع��وام من جائزته التي يدعمها بنك الريا�ض، وعنوان الكتاب «جائزة كتاب العام :خم�س �سنوات من النجاح (1429ـ1433ه�ـ)» ،الطبعة الأولى ،الريا�ض، 1434هـ2013/م. ( )4لمزيد من المعلومات عن الجائزة ،ينظر :قامو�س الأدب والأدباء في المملكة العربية ال�سعودية.204/1 ، ( )4ورد في المادة الرابعة من الالئحة �ضمن �أهداف الأندية�« :إبراز واقع وتاريخ المنطقة الأدبي والثقافي بخا�صة والمملكة بعامة»(،موقع النادي الأدبي بالريا�ض )http://www.adabiriyadh.com/page.php?page_id=7 ( )5انظر :المجلة الثقافية (ت�صدر عن جريدة الجزيرة) ،ع1432/2/16 ،330هـ. ( )6انظر :جريدة الجزيرة ،ع� 2 ،13821شعبان 1431ه�ـ (� 1أغ�سط�س 2010م) ،وانظر كذلك :محمد الربيّع العالم والإداري والإن�سان ،الطبعة الأولى ،الريا�ض1432 ،هـ2011/م� ،ص.152 ( )7انظر :جائزة كتاب العام :خم�س �سنوات من النجاح� ،ص.29 ( )8انظر :جريدة الحياة1435/4/2 ،هـ (2014/2/2م). ( )9انظر :جريدة مكة1435/7/17 ،هـ (17مايو2014م).
اجلوبة -خريف 1435هـ 39
■ رباب ح�سني النمر
خلقة ،وفكر منتج ،و�شم�س متوهّجة .فتقت ن�سيج ال�شرنقة الملتفّ المر�أة ال�سعودية طاقة اّ حولها ،وب��د�أت تمار�س حقها في الم�شاركة و�صنع القرار على ال�ساحة االجتماعية والعلمية والفكرية والثقافية ،عندما ارتقى م�ستواها ونالت حظها من الثقافة والتعليم. ولم تكن المر�أة هم ًال في اعتبار الدولة التي نظرت �إليها بعين االهتمام في كافة المجاالت الحياتية واالجتماعية ،وال �سيما الحياتين :الفكرية والثقافية. ومن هنا� ،سهلت الدولة انخراط المر�أة في العمل الثقافي والفكري ،من خالل ع�ضويتها في المجال�س العمومية بالأندية الأدب��ي��ة ،وم��ن خ�لال �إعطائها حق التر�شّ ح والت�صويت في مجال�س �إدارات الأندية؛ لكون هذه الأندية هي الواجهة الأمامية التي تمثل طبقة المثقفين في المجتمع ال�سعودي. ومن هذا المنطلق ،تكوّنت اللجان الن�سائية في الأندية الأدبية بالمملكة ،منذ عدة �أعوام، ليفتح المجال �أمام المر�أة المثقفة في ممار�سة العمل الثقافي والإع� ��داد ل��ه .ول�ك��ن م��ا ت��زال عالمات اال�ستفهام ت��راود المهتمين بال�ش�أن الثقافي عن مدى فاعلية هذه اللجان في اتخاذ ال �ق��رارات ،وف��ي التخطيط لما تقدمه الأندية الأدب� �ي ��ة م��ن ب��رام��ج ،وع ��ن دوره� ��ا ،ومكانها الحقيقي في ف�ضاءات الأندية الأدبية.. ي�شكو كثير من المثقفات تهمي�ش المر�أة في الأن��دي��ة الأدب �ي��ة ،و�أن دوره��ا في ال�ن��ادي ال يتجاوز كونها �أداة لتنفيذ القرارات التي يتخذها الرجال ،كما ت�شكو من �إق�صائها عن الم�شاركة في التخطيط واتخاذ القرار واالقتراحات ،ولو حدث �أن �شاركت ..ف�إن مجل�س الإدارة ي�شعرها تف�ض ًال منه ولي�س حقا ب�أن هذه الم�شاركة تعد ّ 40اجلوبة -خريف 1435هـ
طبيعي ًا لها. وال ت�ستطيع المر�أة المثقفة المنتمية للجنة �أن تقدم �شيئ ًا ذا بال في الحركة الثقافية الن�سائية، �إال تحت و�صاية النادي الأدبي الممثلة بالرجل. وما تقدمه المر�أة من �أن�شطة ثقافية كالأم�سيات الق�ص�صية وال�شعرية ،والدورات ،وور�ش العمل، لي�س �سوى اجتهادات فردية من ع�ضوات اللجنة الن�سائية ..ال تواكب متطلبات المثقفات اللواتي على اللجنة �أن ت�ستقطبهن في كل منطقة ،و�أن تعمل على تنمية مواهبهن وتطويرها ،وتفعيلها في المجتمع ب�شكل نافع. ولو فكّرنا في واق��ع الأم��ر ..فما ال��ذي تنوي ال �م��ر�أة فِعله م��ع العمل النمطي ال��ذي ت�سير عليه الأندية الأدب�ي��ة ،من حيث تعاقب الأدوار بين �إق��ام��ة الأم�سيات الق�ص�صية وال�شعرية
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
المر�أة في الأندية الأدبية
والمحا�ضرات؟! وتنقل بع�ض المثقفات �أن الرجال في مجال�س �إدارة الأن��دي��ة يت�شاورون ويتخذون ال�ق��رارات، ومن ثم يخبرون اللجنة الن�سائية بما تم االتفاق عليه ،ولي�س لها �إال �أن تبارك وت�سهم في تنفيذه، وال يعدو دوره��ا عن المطالبة بتح�سين بع�ض ال�شروط لي�س �إال .ومن هنا ،فلي�س للمر�أة دور في م�سرح القرارات والإدارة �سوى كر�سي المتفرج. وهناك معوقات تقف حجر عثرة في طريق عمل اللجنة الن�سائية في النادي بكفاءة وفاعلية، من �أهمها :عدم االهتمام بما تقدمه اللجنة من مقترحات �أو اختيارات� ،إذ �إن �أع�ضاء مجل�س �إدارة الأن��دي��ة من الرجال هم الذين يتخذون القرار الحا�سم؛ وبع�ض هذه المجال�س ال يمنح اللجنة الن�سائية حق الم�شاركة؛ وبع�ضها يمار�س البيروقراطية ،ويتخذ منها ذريعة لتهمي�ش دور اللجان الن�سائية. ولو تنازل الرجال عن ممار�سة دور الو�صاية على الن�ساء ،ول��و ابتعدوا عن احتكار ال�سلطة ال��ذات �ي��ة ،ول��و �أت��اح��وا لها الفر�صة ل�ل�إب��داع، ال�ستطاعت المر�أة �أن تحقق كثيرا من طموحاتها؛ �إ�ضافة �إلى ذلك ،ال بد �أن تكون المر�أة متفرّغة نوعً ا ما لأن�شطة النادي ،وال بد �أن تكون ذات �شخ�صية قوية تمتاز ب��الإب��داع والتجديد في الأفكار والر�ؤى .غير �أن دورها في الأندية الأدبية ما يزال ثانوياً. ويعد دخول المر�أة مجال�س �إدارات الأندية الأدبية من �أبرز الأح��داث الثقافية في المملكة عام 2011م .فقد و�صلت بع�ض المثقفات �إلى مجال�س �إدارات الأندية الأدبية في بع�ض مناطق المملكة� ،إذ فازت المر�أة في انتخابات مجل�س �إدارة نادي مكة الأدب��ي ،ونادي الجوف ،ونادي حائل ،والريا�ض ،و�أغلب الأندية .جاء ذلك �إثر منح الوزارة المر�أة حقها في الت�صويت والتر�شح في انتخابات مجال�س �إدارات الأندية الأدبية. لكن و� �ص��ول ال �م��ر�أة �إل ��ى مجال�س �إدارات
الأندية الأدبية وعملها فيها ال يوازي طموحاتها بحال من الأحوال .ولن ت�ستطيع المر�أة تقديم ما يوازي هذه الطموحات ،ويواكب تلك التطلعات، ال �سيما في ظل ت�سلّط الرجل و�سطوته. فالأمر منوط على مدى التوجّ ه الفكري الذي ي�سيطر على رئي�س النادي و�أع�ضاء مجل�س الإدارة الرجال تجاه المر�أة .ف�إن كان من النوع الذي ي�ؤمن بما للمر�أة من طاقة و�إبداع ومواهب ،ويتيح لها المجال لتوظيف طاقتها ومواهبها ،ف�سوف يجد المجتمع �صدى لطموحاتها ،و�ستتحقق بع�ض تطلعاتها .و�إن كان من النوع الذي يطغى على تفكيره �أن ف�ضاء المر�أة هو البيت ،و�أنها خلقت لخدمة الرجل ..فبالطبع �سوف تختنق ط�م��وح��ات ال��م��ر�أة ،وت���و�أد تطلعاتها وه��ي في المهد ،و�سوف تبقى حبي�سة �أ�ضالع �صاحبتها؛ ليكون تواجدها في مجال�س �إدارة الأندية مجرد ح�ضور �صوري لإكمال العدد القانوني الجتماع المجل�س ،والموافقة على ما يتخذه من قرارات، وك�أنما وجودها مجرد �صورة مح�سّ نة للنادي �أم��ام الم�ؤ�س�سات الأدبية والثقافية .ولو قارنّا بين ع��دد الن�ساء في المجل�س وع��دد الرجال، لوجدناه قلي ًال ج��داً� ،إذ �إن المجل�س يتكون من ع�شرة �أع�ضاء ،منهم ثالث ن�ساء والباقي رجال في �أغلب الأندية .وهذا العدد ال يتنا�سب مع ما حققته المر�أة ال�سعودية من �إنجازات ونجاحات على الم�ستويين الفكري والثقافي عالمياً. وتبقى للمر�أة طموحات ت�سعى �إلى تحقيقها، و�إن تطلّب ذلك عمل �أجيال و�أجيال متعاقبة.. فالمر�أة تطمح �إل��ى تن�شيط الأدب ودفعه �إلى الأم� ��ام ،والنهو�ض بمخرجاته .و�أن يخاطب الأدب كل �شرائح المجتمع ،و�أن تت�صدر الثقافة ك��ل ب�ي��ت ،و�أن ت�ستقطب ال���ش��اب��ات وال�شباب والطاقات الواعدة� ،إ�ضافة �إلى �إن�شاء المكتبات الورقية والرقمية؛ وقبل ه��ذا وذاك� ،أن يكون للمر�أة دور كبير في الحراك الثقافي ،لأنها تمثل تطلعات المر�أة عمومًا والمثقفة والأديبة على وجه الخ�صو�ص.
اجلوبة -خريف 1435هـ 41
■ هدى الدغفق
(الم�ؤ�س�سة و�أنا كلما تمادتْ بالعنف ..تماديتُ في الكتابة وكلما تمادتْ في ال�ستر ..تماديتُ في الكتابة وكلما تمادتْ في الحذف ..تماديتُ في الإ�ضافة وكلما تمادتْ �أح�صنتها في الكبو ..تمادت �أح�صنتي في العلو �أيتها الم�ؤ�س�سة :لتعلمي �أنني ل�ست ابنك البار ،وال خ�صمك اللدود... �أنا فقط «ل�ست من�سجماً وال مهي�أ لالن�سجام») (من كتاب «التربية وم�ؤ�س�سات البرمجة الرمزية» علي �أحمد الديري).
يمثل النادي الأدبي ال�سعودي �أنموذجا فريدا للم�ؤ�س�سة الثقافية الم�ستدامة ،التي يفتر�ض �أن تفتح �أبوابها وروافدها الثقافية والأدبية لكل فرد ،دون النظر �إلى �سِ نّه �أو نوعه �أو انتماءاته المذهبية �أو العرقية؛ وهي الر�سالة الفا�ضلة ال �ت��ي تبنتها ب�لادن��ا م��ن خ�ل�ال م�ؤ�س�ساتها الفكرية .وبرغم ذل��ك ..فالبيروقراطية التي يتعامل بها بع�ض عنا�صر تلك الم�ؤ�س�سة مع المثقف والمتلقي والمجتمع والإع�لام ،تحفل ببع�ض الفر�ضيات والو�صاية التي يمكن �أن تقل�ص من �أدواره��ا ومزاياها ،ما يحيلها �إلى 42اجلوبة -خريف 1435هـ
م�ؤ�س�سة م�ستفزّة �سلبياً ،ت�ؤدي �إلى الق�ضاء على ما يمكن �أن يجتهد المبدع والمتلقّي في الحفاظ عليه ،من روابط ثقافية يعبر بها عن حاجاته �إلى المناخ الثقافي ال�صحي ،والمتلقّي الثقافي المتنوّر الأكثر تجان�سا ،ومرونة ،وتجاوبا مع متطلبات الحوار والر�أي الحر ،والتعبير المتاح وفق ال�ضوابط الم�شروعة لوطننا� .إال �أن �إدارة تلك الم�ؤ�س�سة ت�ضيف مزيدا من ال�ضوابط ال �ط��اردة للبيئة الثقافية الفكرية ال�صحية الواعية بدورها المحايد ،وال تكتفي بال�ضوابط المتاحة فح�سب .ولي�س هناك من داع للتمثيل،
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
�إدارة الثقافة من الفرد �إلى المجتمع
فالع�صف الذهني يوحي بكثير من ال�شواهد والأدلة. من جهتي ،حاولت من خ�لال وج��ودي في اللجنة الن�سائية للنادي الأدب��ي بالريا�ض - كرئي�سة لجنة �سابقا ،وع�ضو مجل�س الحقا- الإ�سهام في بع�ض الم�شاريع الثقافية وتفعيلها واقعياَ ،ودعم الثقافة ال�سعودية ال�شابة ب�شكل خا�ص ،والعربية ب�شكل عام؛ �إال �أنه كان هناك مَ ن يعار�ض في �أحيان مختلفة� ،أن يكون للمر�أة المثقفة ح��ق �أو ق��رار ف��ي �إدارة �أي م�شروع ثقافي� ،أو �أي دور رائد في الم�ؤ�س�سة الثقافية. ويدعوني الحديث حول المر�أة في الأندية الأدب �ي��ة ال�سعودية �إل��ى ط��رح ال���س��ؤال :لماذا ا�ستمر ال �ج��دل ح��ول واق ��ع ال��م��ر�أة ف��ي تلك الأندية الأدبية حتى اليوم؟ فهل ال�سبب وراء ذلك هو كون النادي الأدب��ي م�ؤ�س�سة حكومية تلتقي فيها ال �م��ر�أة وال��رج��ل ف��ي ح��وار ثقافي فكري �إن�ساني ذي م�ستوى رفيع وعلى نحو ما من الرقيّ ؟ ربما كان ذلك �سبباً ،وربما كان ما يختلق الجدل -غالبا -محاولة بع�ض المنتمين �إلى الواقع الثقافي -من �إعالميين وغيرهم- تر�سيخ الثقافة التقليدية اجتماعيا وت�صعيدها، م�ستغال بذلك الرحابة التي عادة ما يتطلبها �أي جدل ي��دار حول الفكر الحرّ ،و�أخالقيات الحوار ،من مرونة وقابلية. وبالعودة �إلى ت�أريخ �أول لجنة ن�سائية �أن�شئت ب�أدبي الريا�ض عام 2008م ،التي ر�أ�ستُ فيها �آنذاك لجنة بيت ال�شعر� ،إ�ضافة �إلى ع�ضويتي في مجل�س الإدارة لثالث �سنوات ،ت�أكّد لي من تجربتي تلك ،وتجارب ع�ضوات �أخريات في مناطق �سعودية مختلفة ،ما تعي�شه المثقّفة ال�سعودية في الأندية الأدبية من واقع م�ؤ�سف،
ما يزال ي�ؤرخ لمحدودية دورها الثقافي الذي ال يتما�شى وطموحاتها الثقافية ،وما ت�أمل القيام ب��ه م��ن دور على ك��اف��ة الأ� �ص �ع��دة ،وف��ي �شتى المجاالت الثقافية الممكنة. في نظري� ،إن ال��داء الثقافي لم يكن في الئحة ���ص��درت� ،أو نظام �صيغ ،ب��ل ف��ي مدى امتثال بع�ض ر�ؤ�ساء وم�سئولي تلك الم�ؤ�س�سات الثقافية ،ومدى جديّتهم في تمثيلهم للأدوار التي تقت�ضيها تلك اللوائح؛ فمنهم من تحايل على �أمر تمكين المثقفة من �صنع القرار ،وان�شغل بمحاوالته تهمي�ش �أي دور تقوم به ،وتفنّن في ابتكار وا�ستحداث �أ�ساليب من (التطفي�ش) المبطنة ،التي ا�ستجابت لها بع�ض المثقفات، �إذ �سبق �أن ا�ستوعبت �صورة ذل��ك التهمي�ش اجتماعياً؛ اعتقادا منها ب�أن المناخ الثقافي ال يختلف عن المناخ االجتماعي من حيث تعامله ال�سلطوي الأب��وي مع ال�م��ر�أة ،وا�ضطرت تلك المواقف بع�ض المثقفات ،و�أكرهتهن لي�سجلن ان�سحابهن ال�سريع ،وا�ستقاالتهن؛ م�صدومات، متفاجئات بمواقف بع�ض زمالئهن المثقفين، غ�ي��ر راغ��ب��ات ف��ي م��واج�ه�ت�ه��م �أو ال�صمود �أمامهم ،حتى تتحقق لهنَّ غاياتهن المرجوة من وجودهن في الم�ؤ�س�سات الثقافية .ومنهن مَ ن رف�ضت �إدارة يمار�سها �أن�صاف مثقفين ت��ول��وا الم�ؤ�س�سة الثقافية ،وع�ب��رت ع��ن عدم ر�ضاها باالن�سحاب �أو بال�سكوت عن ا�ستالب حقوق العقول الم�ؤنثة ،ومنهن مَ ن دعاها ذلك اال�ستالب �أن تقف بالمر�صاد لمن ينتق�ص من م�شروعية �إدارتها الثقافية .وال لوم على مَ ن لم تقاوم من الع�ضوات تحايل بع�ض الم�سئولين على وعيها ،فل�سن مطالبات بقبول الت�ضييق عليهن في عملهن الثقافي �أو تحمّله ،ال�سيما و�إن ح��دوث مثل ذلك الأم��ر في ن�سق م�ؤ�س�سة
اجلوبة -خريف 1435هـ 43
44اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
تعدها الدولة �أداتها التنويرية ..الأقدر تغييرا لمكانة ال�م��ر�أة الثقافية والفكرية في الواقع االجتماعي ،والأ�شد ت�أكيدا لقيمتها الفكرية وت��أث�ي��ره��ا ،وم��دى �إ�سهامها ف��ي ن�شر الوعي والتثقيف ب��ه ،وتعزيز مكانتها الإن�سانية ،ما �سوف يتبدل به واق��ع ما تعي�شه المثقفة من تهمي�ش اجتماعي. وب ��دت م �ح��اول��ة تقلي�ص ت�ل��ك الأن �� �ص��اف الثقافية ال��ذك��وري��ة م��ن ال�ف��ر���ص الممنوحة للمثقّفة ،في �إدارة الم�ؤ�س�سة الثقافية في �أ�شكال متعددة ،مثل تهمي�ش اقتراحاتها� ،أو تجاهل قراراتها� ،أو �إيذائها لفظي ًا و�سلوكياً ،وربما �أ�ساء بع�ضهم �إليها ..متجاوز ًا ب�سلوكه غير الم�سئول لأخالقيات الثقافة ،و�إن�سانية الفكر المناه�ض للجندر .و�سعي ًا من المثقفة/الع�ضو �إلى تقريب وجهات النظر ،وتهيئة المجتمع للتخلّ�ص من الفروق المو�ضوعة ل�شروط تلقي الرجال لثقافة الن�ساء والعك�س ،حاولت المثقفة/الع�ضو في الأندية الأدبية �أن تت�شارك والأن�شطة الأخرى للرجال ،ونجحت في ذلك �إلى حدٍّ ما. ورب�م��ا عا�ش بع�ض الم�سئولين الثقافيين �صراع ًا بين موقفه التقليدي من المر�أة ،وما يتطلبه ال�سلوك الثقافي من موقف ح�ضاري �إزاءه� ��ا ثقافيا ،ول��م ي�ستطع �أن يتحرر من تقليديته ،وبقي على نمطيته التي ال تتنا�سب ومدنيّة الوعي و�إن�سانيته. ول �� �س��ت م��ع ت�خ�ل��ي ال�م�ث�ق�ف��ة ال�ع���ض��و عن الم�سئولية الثقافية الأدبية الفكرية ،وخدمة ال��وع��ي والتنوير �صناع ًة وتلقياً ،ول�ست مع تهاونها في نيل حقوق �شراكتها التي منحتها �إياها وزارة الثقافة والإعالم ال�سعودية. وقد تتقا�سم المعوقات التي تحول دون تحقيق
المر�أة ال�سعودية طموحها ثقافيا لعوامل �أخرى، منها م��ا ي�ع��زى �إل��ى المثقف ،وبع�ضها يرجع �إلى �ضيق نف�س المثقفة ،وقلة تحملها لو�صاية م�سئولي الم�ؤ�س�سة الثقافية الم�ستمرة عليها، ومن ثم تنحّ يها عن القيام ب�أي دور ثقافي. وبعد؛ �أود الإ�شارة �إلى �أن هناك م�سئوالت �أ�سهمن في تعزيز ال��دور الثقافي للمر�أة ،من حيث الحر�ص على وج��وده��ا وم�شاركتها في المنا�سبات الثقافية التي يقيمها النادي على م��دار ال �ع��ام .م��ن خ�لال �إ� �ش��راك المبدعات والمفكرات في الأم�سيات ال�شعرية ،والندوات الأدب �ي��ة ،والم�سابقات الثقافية والإب��داع�ي��ة وغيرها. كما عملت المثقفة/الع�ضو ف��ي ال�ن��ادي الأدبي على �شراكة المثقفة في تحكيم الم�ؤلفات الأدبية قبل طباعتها ،وكتابة التقارير الخا�صة ببع�ض لجان النادي التي تر�أ�ستها ،وعر�ضها على الجمعية العمومية في منا�سباتها ال�سنوية. كما كانت لهن م�شاركات فاعلة في جل�سات مجل�س الإدارة ب�����ص��ور مختلفة ،تظهر في اقتراح ر�أي� ،أو ت�أييد ر�أي �آخ��ر �أو رف�ضه� ،أو عر�ض فكرة� ،أو تولّي مهمة� ،أو م�ساعدة ع�ضو لجنة منبثقة في الأن�شطة التي يقيمها النادي، �أو الإ��ش��راف على بع�ض المنا�سبات الثقافية وغيرها. وال يكفي ما �سبق من عر�ض لبع�ض الأدوار التي قامت بها المثقفة في الم�ؤ�س�سة الثقافية، ليعد وثيقة تثبت بها المر�أة �أحقيتها وجدارتها في الإدارة الثقافية� ،إذ لم يزل المثقف يحظى ب�صناعة القرار في الم�ؤ�س�سة الثقافية دون المثقفة .وقلّما يبدي حر�صه على م�شاركة ال �م��ر�أة واجتذابها للإ�سهام ببع�ض الأدوار
الثقافية وال�ف�ك��ري��ة ال�ت��ي ت �ع �زّز م��ن مكانتها م�ؤلفات �سواها. ال�ف�ك��ري��ة والأدب� �ي ��ة ف��ي الم�ؤ�س�سة الثقافية �سجلت تجربة ال�م��ر�أة في الأن��دي��ة الأدبية بمنطقتها. تراجعا فيما يتوقع لها من دور ثقافي يمكن وال �أُل �ق��ي ب��ال�ل��وم ع�ل��ى المثقف فح�سب ،لها �أن ت�سهم به .فان�سحاب كثير من المثقفات فبع�ض اللوم يقع على المثقفة التي لم ت�ستطع وا�ستقاالتهن في الأندية الأدبية بعد فترة وجيزة بعد التخل�ص من بع�ض عواطفها ال�شخ�صية ،من تر�شّ حهن ،لم يزل يحت�سب م�ؤ�شرا �سلبيا التي لم ت��زل ت�سيّر وعيها ،وت�ؤثر فيه ت�أثيرا وم�ؤ�شرا على �ضعف �إرادة المثقفة في �إدارة �سلبيا؛ ول��رب �م��ا ا��س�ت�ع��ان��ت بح�شود غيرتها العمل الثقافي ،ال ين�صب في م�صلحة الدور ونديتها وجنو�ستها ،لتقف في الجهة الم�ضادة، الثقافي الذي ينبغي �أن ت�ضطلع به المر�أة� .إذ مناه�ضة لمثقفة �أخرى ت�شاركها الهمَّ الثقافي لم تثبت ج��دارة كافية في ما �أ�سند �إليها من ا�سم ًا ال �سلوكاً. م�سئوليات ثقافية ،ولم تتم�سك به لتثبت قيمة من الأن�شطة التي ت�ستحق الثناء عليها في ما تثمره في المجتمع الثقافي من نتائج متوخّ اة محاولتها العادلة لإ�شراك المثقفة في �أنموذج ت�شجّ ع على الثقة باقتدارها وتمكينها ثقافيا. من االحترام والتقدير :الحلقة الفل�سفية التي ويت�ضح م��ن تجربة بع�ض المنتميات �إل��ى جاء حر�صها على م�شاركة المر�أة فيها �أ�شد من حر�ص المر�أة ذاتها ،و�أ�شكر الأ�ستاذ المفكر الم�ؤ�س�سة الثقافية م��ا تركته تلك الخبرة حمد الرا�شد على ذل��ك .كما �أثبت الملتقى الثقافية من عتب ولوم ،بل ربما قطيعة �أثرت الثقافي الذي كان يعده الدكتور �سعد البازعي في �صميم عالقاتهن الثقافية. ب�شكر دوري �سابقا ،كفاءته ونبله في الرقيّ �شخ�صياً ..ك�شفتْ لي تجربتي في العمل بالم�ستوى الثقافي للمر�أة ،جنبا �إلى جنب مع ال�ث�ق��اف��ي ���ض��رورة م��ا ينبغي �أن ت�ت�ح� ّل��ى به �شقيقها الرجل .و�أن�شطة �أخرى ال يت�سع المجال ال�شخ�صية الثقافية ب�شكل ع��ام ،من مرونة، لذكرها ..وربما تناولها �سواي. و�سماحة ،وا�ستماع ،وت�ج��اوب ،وقبول للنقد، وي�ستدعي الحوار حول دور المر�أة الثقافي وامت�صا�ص لالنفعال ،وكظم للغيظ ،و�سعة بال. ف��ي الأن��دي��ة الأدب �ي��ة ،الت�أكيد على م��ا تطلّبه في الختام ،وب�صرف النظر عن ما تربى وج��وده��ا ذاك م��ن ت�ضحيات� ،إذ ح��رم ذلك المن�صب المثقفة كع�ضو مجل�س �إدارة مثال ،عليه المثقف في بيئته االجتماعية من و�صاية من الم�شاركة ب�إبداعها� ،أو االن�ضمام �إلى كثير و�أبوية .ف�أود التنويه� :إنني بما ذكرت لم �أ�شر من الم�سابقات الثقافية في منطقتها ،ونيل �إلى كثير من الأ�سماء الأدبية التي ما �أزال �أ�شعر الجوائز التي تعدها وترعاها الم�ؤ�س�سة الأدبية باحترام كبير لتجربتها الإداري��ة ثقافيا ،كما التي تنتمي �إليها .كما حرمتها خدمتها للثقافة �أدين بكامل التقدير واالعتراف بالف�ضل لكل من حقها في الطباعة ون�شر �أي من �إ�صداراتها من �أخذ على عاتقه خدمة الثقافة والمثقف، من خالل الم�ؤ�س�سة الثقافية التي تتولى طباعة وبالتالي ،المجتمع والوطن.
اجلوبة -خريف 1435هـ 45
■ عبداهلل ال�سفر
عندما يدور الحديثُ حول تن�شيط حياتنا الثقافية «الر�سميّة» وتفعيلها ،من خالل القنوات التي يُفتَر�ض ح�ضورها وفاعليّتها في تحريك هذه الحياة؛ يخطر على البال جمعيّات الثقافة والفنون ،والأندية الأدبية ،فهما الذراع التي يُعوّل عليها القيا ُم بذلك الدور .غير �أن المع�ضلة تكمن في ت�شطير الدور وت�شعيثه؛ فبد ًال من �أن تكون الجمعيات والأندية تحت مظلة واحدة ا�سمها «مراكز ثقافيّة» ،تحتوي على جميع المنا�شط الثقافية من الأدب بفروعه المتعدّدة �إل��ى الفنون بمروحتها الملوّنة الكبيرة ..ب��د ًال من الجمع يجري الإف���راد ،فكلٌّ في وا ٍد بمق ٍّر وبميزانيّة؛ و�إن كانت الم�أ�ساة واح��دة في المقر ..حيث المباني الم�ست�أجرة على الغالب عند الجهتين� ،إال �أن االختالف في الميزانية المر�صودة لكل جهة وبحيفٍ وا�ضح ..يثير اال�ستغراب ويرفع �آالف عالمات اال�ستفهام .ففي الوقت الذي يتلقّى فيه كل نا ٍد �أدبي مليون ريال �سنو ّياً، ف�إن التعديل الجديد لميزانيات جمعيات الثقافة والفنون والذي جرى تطبيقه مع العام ٢٠١٤م، قد جعل الح�صّ ة ال�سنويّة لكل جمعيّة حوالي خم�سين �ألف ريال! نعم ،خم�سون �ألف ريال ن�صيب وو�صل ما ينق�صها لتنه�ض بجدول ك ّل جمعيّة �سنو ّياً ،وعليها �أن تتدبّر �أمرَها وثقوبَها لرتق ْ فعاليّاتها على مدار عا ٍم كامل. الأم��ر ال��ذي ي�ستدعي مراجع ًة وت�صحيح ًا من قبل وزار َت��ي الثقافة والماليّة ،وع��دم التوقّف عند بيروقراطيّة الم�سميّات ،والتي يترتّب عليها حك ٌم جائر وتح ّك ٌم خاطئ في توزيع الميزانيّات ،بما يعود ب�أثرٍ �سلبي على ت�سيير العمل الثقافي وتو�سيع دائرة ت�أثيره مجتمع ّياً ،وجذب مختلف الفئات االجتماعيّة �إل��ى منا�شطه ،وبخا�صة الفئة ال�شبابية� ..أو التي ُت��راوح �أعمارها من الخام�سة ع�شرة �إلى الخام�سة 46اجلوبة -خريف 1435هـ
والع�شرين ،وهي الفئة الأكثر ا�ستهداف ًا من قِبل �أعداء الحياة ،المترب�صين ،الذين يعملون �أم��ام ال�سمع والب�صر؛ عن طريق المدار�س والتجمعات ،وعن طريق و�سائل التوا�صل االجتماعي ،لج ّر تلك الفئة الحيوية �إلى نطاق �أفكارهم الخطرة ،وجعلها وقود ًا لمخططاتها الهدّامة والعدميّة المعادية للإن�سانيّة والحياة .وه��ذا ما ي�ؤكّد ت�شميل النظرة ب�أبعد من الم�سميّات الت�صنيفيّة التي تُحرَم من الميزانيّة
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
�إنهاء ت�شطي ِر العمل الثقافي في المملكة
المنا�سبة والم�ؤهّ لة للقيام بدو ٍر مهمٍّ ينت�صر للجمال وللوعي ولالرتفاع بالذائقة؛ وفي الوقت نف�سه ،ي�صبح هذا الدور �سند ًا يحمي المجتمع من اختطاف �أبنائه �إل��ى دوائ��ر الجحيم ومطحنتها القا�سية والعا�صفة التي ال ت�شبع من التهامهم ،كما ال يني الدّاعون في دفعهم �إلى هذه المحرقة. �إذاً ،ه��ن��اك ان��ت��ظ��اران ُي��ل��حّ ��ان ع��ل��ى التنفيذ: �أوّلهما� ،إنهاء حالة الت�شطير بين جمعيّات الثقافة والفنون وبين الأندية الأدبيّة ،وجعلهما تحت مظ ّل ِة المركز الثقافي في جميع المناطق والمحافظات في المملكة؛ ثانيهما ،توفير الميزانيّة الكافية لأداء دو ٍر �إ�شعاعي ال يقت�صر على �أقليّة مغلقة ،مهّرناها بختم «النخبة» وا�سترحنا ،بل �أن يمت ّد هذا الدور لخدمة قطاع وا�سع من المجتمع ،وهو في م�سي�س الحاجة �أن يُلتفَت �إليه. ومن العوامل التي ت�ستدعي ت�سريع �إقامة المراكز الثقافيّة؛ �إنقاذ الأندية الأدبية وفعاليّاتها من الركود والرتابة والت�شابه وال�ت�ك��رار .فالواقع �أنها مجرّد محا�ضرات و�أم�سيّات �شعريّة وق�ص�صيّة ال يح�ضرها �إال قلّة ..و�أحيان ًا الأقل من القلة ،ويكفي �شاهد ًا �أن �أم�سيّة �أدبيّة في ن��ا ٍد �شهيرٍ من �أنديتنا الأدبية لم يح�ضرها �سوى اثني ع�شر ف��رداً ،رغم �أن الأم�سية يحييها �أكثر من �أدي��ب (!؟ ) .ذل��ك �أن ما ينق�ص هو اللم�سة الجماليّة التي تحوّل الأم�سيّة �إلى م�شهد ب�صري تت�شارك الحوا�س في االت�صال به ،وهذا - مث ًال -ما برعت فيه جمعيّة الثقافة والفنون بالدمام، وقامت ب�إنجاز �أم�سيات �أدبيّة ال تُن�سَ ى لمن يح�ضرها. الأم�سية الخام في النادي الأدب��يّ ؛ يجري ت�سييلها واال�شتغال عليها في الجمعيّة ب�شكل جمالي ..كما هو الحال في ب�ضع �أم�سيات في الربع الأول من العام ٢٠١٤م� ،أُتيح لي متابعتها �أو ح�ضورها ،نحو �أم�سية توقيع كتاب ترجمة ملحمة جلجام�ش لعبداهلل جمعة، و�أم�سية �شعراء يفدون لأول مرة �إلى الم�شهد الثقافي في المملكة (ع�ب��داهلل المح�سن؛ مهدي المطوّع؛ �أحمد القطّ ان) ،و�أم�سيتَين عن ال�شعر الأمريكي
«بويتك بوبري» من ترجمة و�إع��داد الدكتور مبارك الخالدي ،و�أم�سية احتفاليّة بيوم ال�شعر العالمي.. تلك الأم�سيات وغيرها جرى �إخراجها من الحالة الخام ،ومن حالة االعتياد ،ومن المنبرية ال�صرفة.. �إلى حالة جماليّة تامّة ،و�أزعم �أنها نادرة في حياتنا الثقافية المحليّة� ،إذ ت� ��آزرت الحوا�س والأدوات الإب��داع� ّي��ة من مو�سيقى و�أداء م�سرحي وم�شهديّة �سينوغرافيّة وم��ن �أغنية وم��ن فيديو وم��ن تمثيل؛ كلّها في النهاية كوّنت عا�صفة جماليّة غير معهودة محل ّياً ،تعجز عن �أدائها الأندية الأدبيّة وحدها �إذا لم يتي�سّ ر لها ظهي ٌر جماليّ يعينها على تنفيذ جدول فعاليّاتها .وهنا �أتخيّل لو �أن ناد ّي ًا �أدب ّي ًا �أراد تكريم �شخ�صيّة �أدبيّة .ما ال�صورة التي يكون عليها التكريم في النادي نف�سه ،وما ال�صورة المتوقّعة لو كان هذا التكريم في �إح��دى جمعيّات الثقافة والفنون؟ لن تتعدّى ال�صورة في النادي عن كلمات متقاطرة تنتفخ بالمجامالت المنتظرة في مثل هذه المواقف ،والتي ت�شفي على التذكير بمناخ جنائزي وك�أن ال�شخ�صيّة المكرّمة ال يُحتفى بها قدْر ما تُرثى بعينٍ دامعة ،مع درع معتاد ليكتمل الم�شهد� .أمّا لو جرى التكريم عند الح�س الجنائزي �أوّل ما جمعيّة الثقافة والفنون ف�إن َّ يختفي؛ مو�سيقى احتفاليّة؛ �شريط �سينمائي توثيقي؛ م��واق��ف ا�ستذكاريّة تنتقل بين ال�ج��اد والطريف؛ م�شهد تمثيلي؛ غناء ق�صيدة من كلمات المحتفَى به �شاعراً .وهذا هو الفرق والفارق الذي ي�ستدعي �إنهاء حالة الت�شطير بين الجمعيّات والنوادي الأدبية. �إن تحريك الم�شهد الثقافي الر�سمي ال يتمّ في معازل� ،أو باقتراح دور لكل جزء فيه .هناك ك ٌّل ينبغي �أن يقوم ،وينبغي �أن تت�ضافر الجهود و�أن تت�سارع لأن يكون ،ولأن يم ُث َل في م��دار الفعل؛ ك ٌّل ال نريده مجرّد هيكلٍ فارغ ،بل حياة قائمة ماثلة في المجتمع ولجميع فئاته ،تقدّم لهم الرغيفَ الثقافي كواد ُر على دراية بالعمل الثقافي ،ومرّوا بدورات عمليّة ،وور�ش تدريبية عن ت�سيير هذا العمل الثقافي؛ باحترافيّة وبطريقة جماليّة.
اجلوبة -خريف 1435هـ 47
■ تركية العمري
يعود تاريخ �إن�شاء الأندية الأدبية في المملكة �إلى فكرة اقترحها الأديب الراحل عزيز �ضياء، والتي تمثلت في �إن�شاء �أندية �أدبية في المدن الكبيرة .وتم تنفيذ هذا االقتراح في ال�سبعينيات الميالدية ،وتحديداً عام 1975م ،وكان تنفيذ المقترح مهماً في تلك الفترة� ،إذ مثلت هذه الأندية اعترافا ر�سميا بالثقافة ب�شكل عام ،وبدورها في رقيّ المجتمع في ذلك الوقت ،و�أ�سهمت في تعريف المجتمع ب�أهمية الآداب ،والتي تمثل ح�ضارة الأمم وتقدّمها .وقد كانت الأندية الأدبية في بداية ت�أ�سي�سها ملحقة بالرئا�سة العامة لرعاية ال�شباب ،قبل �أن تنتقل �إلى وزارة الثقافة والإعالم عام 2005م. وقد قامت الأندية الأدبية بر�سالتها الثقافية والتي تحمل م�سماها� ،إذ �صار الأدب ب��ارزا، وبالتحديد ال�شعر والق�صة الق�صيرة ،وظهر �أدب��اء متميزون �أ�سهموا في ت�أ�سي�س الحركة الثقافية في المملكة ،كما مثّلوا المملكة في مهرجانات �إقليمية وع��رب�ي��ة .وج��اء الع�صر الرقمي ال��ذي نحيا تَ�سارُع �إيقاعاته ،ع�صر الثقافة العالمية ،والإب��داع العالمي ،والتثاقف الكوني ،ذل��ك التثاقف ال��ذي د ّك��ت �أيقوناته ال �ح��دود المعرفية والثقافية بين ال�شعوب؛ فتوا�صلت ال�شعوب مع بع�ضها بع�ضا ،وبنت ج�سور محبة ولغة توا�صل ثقافي فيما بينها، و�أ�صبحت توجه خطاها تجاه التقدم المعرفي 48اجلوبة -خريف 1435هـ
الثقافي من خ�لال م�ؤ�س�سات ثقافية جديدة تواكب الع�صر .وللأ�سف بقيت الأندية الأدبية بعيدة ع��ن ذل��ك كله ،وا�ستمرت بنمطيتها، و�أن�شطتها التقليدية ،ولوائحها القديمة ،وبيوتها المتهالكة ب�أقبيتها الموح�شة .فالأندية الأدبية لم تواكب التطور الثقافي ال�سريع( )1وبقيت على �أن�شطتها منذ ب��دء ت�أ�سي�سها� :أم�سيات ق�ص�صية و�شعرية؛ ولم تتفاعل مع الأن�شطة الثقافية والأيام العالمية التي تحتفي بها الدول المجاورة ،وبد�أ يت�ضاءل ح�ضور المثقفين فيها، فما تقدمه ال يرقى �إلى م�ستوى �إبداعهم. وق��د ح��ان ال��وق��ت لإغ�ل�اق ه��ذه الأن��دي��ة, و�إن�شاء مراكز ثقافية جديدة تحمل روح الع�صر
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
�إغالق الأندية الأدبية
الرقمي ،والقيم الإن�سانية الكونية المتمثلة بالحب والخير وال�سالم وال�ع��دال��ة واح�ت��رام الآخ��ر ،وت�شمل الآداب والفنون ،وتتوا�صل مع المجتمع ليتحقق التكامل الثقافي بينه وبين م�سارات الثقافة :الكلمة ،واللوحة ،والمو�سيقى، والفنون الأخرى كالنحت والت�صوير. فالمراكز الثقافية العالمية تمد ج�سور التوا�صل الفكري والثقافي بينها وبين المجتمع وال�م��ؤ��س���س��ات التعليمية م��ن خ�ل�ال �أن�شطة وفعاليات متنوعة ،ومنظّ مة ب�شكل جيد. قد يت�ساءل القارئ الكريم ،ولماذا ال يتم تطوير الأندية الأدبية لتكون مراكز ثقافية؟ والإجابة في و�ضع مجتمعنا النامي ،ال بد من �إغ�لاق الأندية الأدب�ي��ة ،وا�ستحداث المراكز الثقافية؛ لأن وزارة الثقافة �ستعين العقول ذاتها التي كانت تدير الأندية الأدبية لتدير المراكز ،والتي �ستن�سخ الخطط ذاتها منذ ال�سبعينيات الميالدية ،وال�ت��ي كتبت بالآلة الكاتبة ،و�ستمار�س هذه الإدارات �إ�سقاطاتها وعقدها وتقادمها ،وهذا يعيق تطور المثقفين ونتاجهم ،وي�ؤثر على تطور الحراك الثقافي الوطني ،ما �سي�صيبه بالجمود. ولكي تحقق المراكز الثقافية الهدف من وجودها ،ال بد �أن تكون �أهدافها واقعية ومرنة، و�أن تتجدد كل ثالثة �أع��وام ،وتكون لها ر�ؤى ا�ست�شرافية للم�ستقبل،وتخرج في فعالياتها عن الأن�شطة التقليدية ،وال يبقى مَ ن ير�أ�سها �أكثر من عامين؛ حتى ال يطل الف�ساد الثقافي والمالي بر�أ�سه الثعباني.
ولكي تتزامن المراكز الثقافية مع الع�صر الرقمي ،ال بد من تحديث بيانات المثقفين، والتوا�صل معهم عبر التقنية الحديثة ،وو�ضع خطط لفعاليات ت�ستمر على م ��دار ال�ع��ام، ت�شمل :قراءات �إبداعية ونقدية ،وور�ش عمل في مجال الكتابة الأدبية والم�سرحية ،والدراما، و�أدب الأط�ف��ال ،والترجمة الأدب�ي��ة ،وق��راءات من الأدب العالمي ،وتوقيع كتب ،ومناق�شات ق�ضايا فكرية – ثقافية ،وا�ست�ضافات من داخل المملكة وخارجها. وق�ب��ل ذل��ك ك�ل��ه ،ال ب��د �أن ت�ك��ون المراكز الثقافية في مبان حكومية ،فالمثقف ال�سعودي ع��ان��ى م��ن �أم �ك �ن��ة م �ه �ج��ورة و��ض� ّي�ق��ة و�شبه متهالكة ..و�أ�شبه ما تكون بالمقابر ...كان ينثر فيها عبير �إبداعه ،حتى �أن �أكثر المثقفين �أ�صبحوا يعتذرون عن �إقامة �أن�شطة لهم في الأندية؛ فهو ي�ستحق �أن يكون في �أمكنة تليق به كمثقف ،وبنتاجه الإبداعي الذي ي�سهم ب�شكل كبير في تنمية وطنه ومجتمعه. �إن �إن���ش��اء م��راك��ز ثقافية يمثل انطالقة ثقافية جديدة في تاريخ الثقافة لدينا ،تلك االنطالقة التي �ست�ساهم ف��ي ح��راك ثقافي تجديدي� ،إذا �أدارتها عقول م�ستنيرة �شابّة، ه��ذا ال�ح��راك ال��ذي تت�سع ف�ضاءاته ،وتكتمل في تناغم �إبداعي ،يحتفي ب�أعمالنا الروائية وال�شعرية والم�سرحية والدرامية ،وبالأ�صوات التي نقلناها من هناك عبر الترجمة ،ويكون ه��ذا االح �ت �ف��اء بم�شاركة �أن �غ��ام المو�سيقى وق�سمات اللوحة وعيون ال�صورة.
( )1يظل النادي الأدبي الثقافي في جده له خطوات متميزة و�سط الأندية الأدبية في المملكة ،من خالل �أن�شطته، و�إ�صداراته الدورية التي �شملت ال�شعر وال�سرد الق�ص�صي والروائي والترجمة.
اجلوبة -خريف 1435هـ 49
■ جبري املليحان
حين ات�صل �سعادة الدكتور عبد العزيز ال�سبيل ،وكيل الوزارة لل�ش�ؤون الثقافية طالبا موافقتي لالن�ضمام �إلى مجل�س �إدارة نادي المنطقة ال�شرقية الجديد؛ �س�ألته عن الأ�سماء المر�شحة للمجل�س ،ف�أجابني ب�أ�سماء �أ�ساتذة و�أ�صدقاء �أعرفهم ،فوافقت على الفور. اجتمع بنا �سعادته في مبنى النادي بالدمام الختيار الهيئة الإدارية للنادي(الرئي�س ،ونائبه، وال�م��دي��ر ال�م��ال��ي ،وال�م��دي��ر الإداري) ،وحيث �أوالن��ي �أغلب الزمالء ثقتهم برئا�سة المجل�س، وبعد انتهاء عملية الت�صويت ال�سريّة ،قلت �أمام الزمالء ل�سعادة الدكتور عبدالعزيز ال�سبيل: «�أعتبر كل واحد من زمالئي في مجل�س الإدارة رئي�سا للنادي ،و�سنعمل كفريق واحد». اجتمعنا بعدها عدة م��رات ،حدّثنا الالئحة القديمة للنادي ،وحددنا �صالحيات كل فرد، وواجباته ،واتفقنا على �آلية ح�سم النقا�ش في حالة وج��ود �أكثر من ر�أي لأي مو�ضوع نناق�شه في اجتماعاتنا الأ�سبوعية .و�صلنا لقناعة تامة، التزمنا بها طيلة ال�سنوات الخم�س ،وه��ي :في حالة وجود �أكثر من ر�أي لمو�ضوع �أو حالة معينة، 50اجلوبة -خريف 1435هـ
نلج�أ للت�صويت لح�سم الأم ��ر .وع�ل��ى الجميع االلتزام بما تقرره غالبية �أع�ضاء المجل�س في ت�صويتهم ،ب�صرف النظر عن قناعة ال�شخ�ص. �سارت �أم��ور النادي في اجتماعات مجل�سه، ولجانه ،و�إ� �ص��دارات��ه ،وجميع برامجه ،ب�شكل �سل�س وجميل .اختلفنا كثيرا ،وتناق�شنا كثيرا، و�صوّتنا ..ولكن لم تخرج خالفاتنا في �إدارة ال �ع �م��ل ع��ن غ��رف��ة االج �ت �م��اع��ات ،وم�ح��ا��ض��ر الجل�سات. �إنَّ قيادة مجموعة ال تعني الت�سلّط� ،أو التفرّد ب��ال��ر�أي وال �ق��رار؛ وم��ن هنا ،ك��ان نجاح مجل�س �إدارتنا ،حين �أعطى كل فرد من الزمالء خال�صة خبرته ،ور�ؤيته الثقافية. ربما يُقال �إننا �أ�صدقاء ،و�إن�ن��ا متجان�سون في التفكير ،ومت�شابهون في الخبرة الإداري��ة..
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
تجربة �إدارة نادي ال�شرقية الأدبي
و�أقول� :إننا فعال �أ�صدقاء ،لكن تجاربنا الإدارية والعملية مختلفة ،كما �أن ر�ؤيتنا لم�سار ال�ش�أن الثقافي والأدبي متنوّعة .وهذا االختالق ،والتنوع هو �سر نجاحنا؛ �إذ �أتيح لكل منا �أن يعطي �أف�ضل ما عنده في خدمة برامج النادي و�أن�شطته. بقي القول �إن وجود العن�صر الن�سائي كان له دور بارز في تنوّع البرامج ،فالمر�أة ب�شكل عام كانت محرومة -في العهد ال��ذي �سبقنا -من دخ��ول مبنى ال�ن��ادي ،ومحرومة من الم�شاركة في فعالياته .وكان من �أول �أهدافنا بعد ت�شكيل المجل�س تكوين لجنة ن�سائية م�ستقلة ،تم انتخاب ع�ضواتها من قبل الن�ساء �أنف�سهن ،من دون تدخل من قبل المجل�س ،و�أعطيت لهن ال�صالحيات الكاملة لبناء ال�ب��رام��ج والأن�شطة التي يرين �إقامتها .كما منح لهيئة تحرير مجلة(دارين) الف�صلية �صالحيات كاملة في �إجازة مواد المجلة من دون رقابة من المجل�س .وكذلك لجنة الكتب
والمطبوعات .وقد فتحت كل الأبواب لل�شباب من الجن�سين لالن�ضمام �إلى اللجان الأدبية والثقافية العاملة في النادي .وهكذا تم تفرغ مجل�س �إدارة ال �ن��ادي للتخطيط ،وال��دع��م ،مبعدا �أي �شبح للبيروقراطية.
الدكتور عبدالعزيز ال�سبيل يتر�أ�س مجل�س �إدارة نادي المنطقة ال�شرقية الأدبي� ،أثناء انتخابات الهيئة الإدارية للنادي.
اجلوبة -خريف 1435هـ 51
■
�إبراهيم بن مو�سى احلميد*
يالحظ �أي مراقب محايد للفعل الثقافي �أن النادي الأدب��ي بمنطقة الجوف خالل فترة ت�شرفنا برئا�سته (1432-1429ه��ـ) ،قد عمل جاهدا على دفع عجلة الحِ راك الثقافي بالمنطقة في جميع االتجاهات ،توا�صال مع اال�ستراتيجيات التي تتبناها وزارة الثقافة والإع�لام ،وفقا ل��ر�ؤي��ة خ��ادم الحرمين ال�شريفين ،الملك ع��ب��داهلل ب��ن عبدالعزيز �آل �سعود ،حفظه اهلل ،في التنمية والبناء لإن�سان هذه الأر�ض المباركة؛ على الرغم مما واجهته الأندية الأدبية ،وخا�صة في منطقة الجوف من خطابات م�ضللة وم�ضادة لن�شاطاتها الأدبية والثقافية المتوازنة ،و�صلت �إلى درجة الت�شنج. ول�ع�ل�م�ن��ا �أن �أ���ص��ح��اب ت �ل��ك ال �خ �ط��اب��ات ب�ع�ي��دون ك��ل البعد ع��ن ال���ش��أن الثقافي وعن معرفة �أ�سا�سات عمل الجهات التي واجهوها بالتحري�ض واالح �ت��داد؛ كما �أن منطلقاتهم لم تكن محايدة؛ فقد عملنا على احتواء تلك الخطابات ،ومجابهتها بابتكار مختلف البرامج والآليات التي ت�ساعد على �أن يكون لكل مثقف و�شاب ومواطن موقع في هذا النادي ،من خالل مختلف البرامج والفعاليات والأن�شطة .ولهذا، فقد بادرنا �إلى الت�أ�سي�س لعدد من الأكاديميات وبرامج القراءة ،وهي (�أكاديمية ال�صحافة)، 52اجلوبة -خريف 1435هـ
و(ملتقى ال �ب��راع��م) ،و(المقهى الثقافي)، و(ل�ق��اء الأح��د ل�ل�ق��راءة) ،و(ل�ق��اء الأرب �ع��اء)، و(�أكاديمية الق�صة) ،و(�أكاديمية ال�شعر)، و(�أكاديمية الفنون). كما عملنا على �إيجاد عدد من الم�سابقات والجوائز التي من �ش�أنها �أن ت�سهم في زيادة الفعل الثقافي وتن�شيطه لدى مثقفي المنطقة وخ��ارج �ه��ا؛ وك��ان م��ن �أب ��رز �أه��داف �ه��ا ت�شجيع مثقفينا ومبدعينا على البحث والإبداع والتوا�صل مع مجتمعهم ووطنهم؛ لذا ،كان �إطالق جوائز في مجاالت ال�شعر والق�صة والن�ص الم�سرحي
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
تجربتي في نادي الجوف الأدبي
والتحقيق ال�صحفي ،كما �أطلقنا م�سابقات للت�أليف والإبداع الأدبي؛ من قبيل ديوان �شعر� ،أو مجموعة ق�ص�صية� ،أو رواية ،وم�سابقة «�صوروا منطقة الجوف» ،منطلقين من جماليات العمارة التقليدية في المنطقة هدفا لهذه الجائزة .كما �أطلقنا م�سابقات على م�ستوى الأندية الريا�ضية، وم�سابقة لأف�ضل م�ؤلف عن الزيتون ،وم�سابقة �إب��داع�ي��ة للزيتون ،وم�سابقة �سنوية ل�ل�إب��داع ال�شعري والأدب���ي ح��ول منطقة ال �ج��وف .كما �أطلقنا جائزة �سنوية للإبداع بمنا�سبة مبايعة خادم الحرمين ال�شريفين ،الملك عبداهلل بن عبدالعزيز �آل �سعود ،حفظه اهلل ،وهي م�سابقة لأجمل ق�صيدة وق�صة ومقالة بالمنا�سبة �سنويا، كما �أطلقنا جائزة منطقة الجوف للدرا�سات الثقافية ،والتي ت�شمل درا�سة الإب��داع الثقافي والأدب���ي والإن���س��ان��ي لمثقفي المنطقة ح�سب ال�شروط المعلنة ،و�أطلقنا كذلك جائزة الكتابة للطفل� ،إ�ضافة �إلى الم�سابقات المتعلقة باليوم الوطني ،وكان عدد الم�سابقات المعلنة اثنتي ع�شرة م�سابقة �سنويا. وقد حر�صنا على تفعيل الن�شاط الثقافي في مدن ومحافظات منطقة الجوف ،ف�أ�س�سنا للجان الثقافية في محافظة القريات ودوم��ة الجندل وطبرجل و�صوير؛ �إيمانا منا بحق الجميع في الح�صول على البرامج التي يقدمها النادي ،من خالل �أبناء كل مدينة ،من الذين يمثلهم �أع�ضاء اللجنة الثقافية. و�إذا كان النادي قد �أقام ع�شرات الن�شاطات المنبرية م��ن محا�ضرات ون ��دوات و�أم�سيات ول �ق��اءات وور���ش عمل ف��ي جميع م��دن منطقة ال �ج��وف حتى ع��ام 2011م1432/ه� � � �ـ ،بدعم وم ��ؤازرة �أهالي المنطقة ومثقفيها ،ف�إنه �أمل �أن يتوا�صل ه��ذا الن�شاط لتحقيق �أك�ب��ر قدر
م��ن ط�م��وح��ات مثقفينا وم�ب��دع�ي�ن��ا .ك�م��ا كنا واثقين ان انجاز النادي لموقعه التفاعلي على الإنترنت حينها وال��ذي يعد قاعدة معلومات مهمة ،ومواقعه المتفرعة عنه وبرامجه للطباعة والن�شر التي �أ�سفرت عن ع�شرات الكتب وثالث دوري� ��ات وع���ش��رات ال�م�ط�ب��وع��ات ،خير حافز للجميع للتوا�صل مع ناديهم ،وتحقيق تطلعاتهم من خالله،؛ �إذ �أ�صبح النادي الأدب��ي بمنطقة الجوف من �أن�شط الأندية الأدبية في المملكة، ومن �أعمقها ت�أثيرًا ،ب�شهادة كثير من المثقفين والمراقبين ،حتى �أن ع��دد ًا منهم اعتبر �أن النادي الأدبي بمنطقة الجوف قدم ما لم تقدمه وزارات ر�سمية في عدة بلدان عربية ،و�إ�صداراته متميزة منفتحة على الثقافة ال�سعودية والعربية. لقد نجحت تجربتنا في خالل تلك ال��دورة في خلق حراك ثقافي �أ�شادت به �أقالم عدة على الم�ستوى المحلي والعربي ،فا�ستقطبت �أن�شطتنا وفعالياتنا اهتمام ًا �إع�لام�ي� ًا ك�ب�ي��راً؛ فمثالً، جريدة الحياة ال�سعودية ر�أت �أن برامج القراءة التي �أطلقها النادي لمختلف فئات المجتمع تعد تجربة فريدة على م�ستوى الأندية الأدبية ،كما و�صفت عدة �صحف عربية النادي الأدب��ي ب�أنه �أ�صبح النادي الأكثر ن�شاط ًا والأعمق ت�أثير ًا على م�ستوى المملكة ،و�أث�ل��جَ ه��ذا �صدورنا وجعلنا نفتخ ُر ب�أدبي الجوف. لقد �شرعنا منذ بداية عملنا في �إطالق حزم من الأن�شطة النوعية لتفعيل ح��راك مجتمعنا الثقافي بمختلف فئاته ،مع التركيز على الأجيال ال�صاعدة التي تعد الركيزة الأ�سا�س لأي تقدمٍ من�شود ،و�أكدنا منذ البداية �أننا نعمل تحت مظل ٍة كبرى هي ثقافة الحوار .فكانَ “لقاء الأربعاء للقراءة” لطلبة المدار�س واليافعين لتر�سيخ عادة القراءة وتنميتها لدى الطالب ،وتعريفهم
اجلوبة -خريف 1435هـ 53
54اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
بالتراث الح�ضاري والفكري والثقافي للمنطقة، واالق �ت��داء ب��رم��وزه��ا ال�ب��ارزي��ن ف��ي المجاالت كافة؛ تعزيز ًا لروح االنتماء الوطني� ،إ�ضافة �إلى ربطهم بالجديد في مختلف المجاالت العلمية والثقافية عبر العالم. ثم جاءت «�أكاديمية ال�شعر» ،ملتقى ن�صف �شهري يتم فيه تدريب الهواة والمهتمين من ال�شباب على كتابة ال�شعر ،وتعريفهم بعلم العرو�ض (بحور ال�شعر) ،و�أ�صول كتابة ال�شعر، و�أه ��م م��دار��س��ه ،وات�ج��اه��ات��ه قديم ًا وحديثاً. و َت��راف��ق م��ع ذل��ك ف��ي اللجنة الن�سائية “لقاء الأحد للقراءة” ،م�ستهدف ًا الفتيات وال�سيدات من مثقفات المنطقة ،و«ملتقى البراعم» لأطفال الرو�ضات والمدار�س االبتدائية ،بقيادة الأديبة المبدعة م�لاك الخالدي ،التي كانت �شريكة النجاح والإبداع بحق .كما تم �إطالق «�أكاديمية الق�صة» للتدريب على كتابة الق�صة الحديثة و�أ�ساليبها ،كما خططنا لتفعيل «�أكاديمية ال�صحافة» ،لتدريب ال�شباب والمهتمين على �أه ��م م�ك��ون��ات الأخ��ب��ار و�أ���ص��ول التحقيقات ال�صحفية. كما �شرعت اللجنة الن�سائية ب�أدبي الجوف في تفعيل برنامج “رعاية الموهوبات” .ولعل من
برامجنا النوعية التي القت �صدى طيبا حينها هو “المقهى الثقافي” ،ال��ذي �أداره مجموعة من �شباب الجامعة ،و�أخذ �شكل نادٍ �أدبي م�صغرٍ يتولى ال�شباب فيه �إدارة العمل الثقافي ودعوة المحا�ضرين والم�شاركين. وكان موقع النادي على الإنترنت �ضمن �أهم �أولوياتنا بحيث �أ�صبح قاعدة معلومات مهمة عن النادي ،وم�صدر ًا تفاعلي ًا مع �أع�ضاء النادي وزواره ،وكان الفتا �أن يكون الموقع الأب��رز بين مختلف المواقع الثقافية ال�سعودية ،ح�سب ر�ؤية العديد من المثقفين والمتابعين ،ولعل �إ�شادة وكيل وزارة الثقافة دكتور نا�صر الحجيالن ت�ؤك ُد ذلك ،كما قال مدير عام الأندية الأدبية حينها الأ�ستاذ عبداهلل الكناني في ت�صريحات �صحفية �أنه لو كانت هناك جائزة لأف�ضل موقع �إلكتروني لنادي �أدبي لمنحناها لأدبي الجوف. لقد وا�صل النادي في فترة تكليفنا ر�سالته وبرامجه الثقافية والمنبرية ،رغم كافة العوائق التي ح��اول بع�ضهم افتعالها لتعطيل م�سيرة ال�ن��ادي؛ �إذ نجح النادي في �إقامة الملتقيات الثقافية ،مثل «ملتقى �سي�سرا» ،وملتقى «جهات لدورتين» ،كما �أق��ام الع�شرات من الن�شاطات المنبرية ال��م��ن��وع��ة ،وق���ام بتد�شين الن�شاط
اجلوبة -خريف 1435هـ 55
56اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الثقافي للجان التابعة للنادي في محافظة القريات ،ومحافظة دومة الجندل ،ومدينتي طبرجل ،و�صوير وال�ت��ي احت�ضنت جميعها العديد م��ن الن�شاطات التي كانت �إدارة النادي الدافع الرئي�س لها بالتعاون مع اللجان الثقافية فيها؛ بهدف �إي �ج��اد ح ��راك ث�ق��اف��ي ف��اع��ل على م�ستوى المنطقة ،ولإيماننا بحق كل مدينة في المنطقة بن�شاط النادي وبرامجه. وق��د نظم ال��ن��ادي ور��ش��ة مهمة لإع��ادة �إحياء �سوق دوم��ة الجندل ال �ت��اري �خ��ي ،ب�م��واف�ق��ة �سمو �أم�ي��ر منطقة ال �ج��وف ،وك��ان م��ن نتائج ه��ذه الور�شة ت�أكيد �أهمية تحديد موعد لملتقى �سوق دومة الجندل. وح�ق�ق��ت ب��رام��ج المطبوعات في النادي نجاحا طيبا� ،إذ تمكنا من �إ�صدار مجلة �سي�سرا ،ومجلة �آفاق الجوف ،ون�شرة �أدبي الجوف، �إ� �ض��اف��ة �إل ��ى ع��دد م��ن الن�شرات ال�م�ت�خ���ص���ص��ة ،ك �م��ا ب ��د�أن ��ا في الت�أ�سي�س لمجلة كـــاف الثقافية ال �ت��ي ك��ان��ت �ست�صدر م��ن مدينة ال�ق��ري��ات؛ �إ�ضافة �إل��ى �إ� �ص��دارات النادي المختلفة من الكتب ،والتي ت �ج��اوزت ثالثين ك�ت��اب��ا ،ك��ان من �ضمنها �أول ديوان �شعري لفتاة من ال�ج��وف ،و�أول رواي��ة من الجوف، وك ��ذل ��ك ك��ت��اب م��و� �س��وع��ي مهم للدكتور عو�ض البادي .كما نجحنا حينها في ت�أ�سي�س مكتبة للطفل،
ومكتبة للجنة الن�سائية ،و�أخرى خا�صة بمنطقة الجوف� ،إ�ضافة �إل��ى تزويد المكتبة الرئي�سة وتح�سين �أدائها. وقد �شرفنا في تلك ال��دورة بمخاطبة مقام خادم الحرمين ال�شريفين في 1432-2-1ه �ـ، لطلب مبلغ ع�شرة ماليين ريال لنادي الجوف الأدب ��ي ،لتمكينه من بناء مقره ،وق��د تجاوب م�شكورا حفظه اهلل خالل ثالثة �أ�سابيع ،بمنح جميع الأن��دي��ة الأدب �ي��ة بالمملكة مبلغ ع�شرة ماليين ريال ،ومنها نادي الجوف الأدبي ،الأمر الذي مكننا من مخاطبة �أمانة منطقة الجوف حينها لطلب ت�سليمنا �أر�ض النادي التي ت�أخرت فيها ،وتمكيننا من تنفيذ الأم��ر الملكي بمنح النادي ع�شرة ماليين ري��ال لبناء مقره؛ وقد تجاوبت الأمانة بعد �أربعة �أع��وام من الطلب، و�سلمتنا الأر���ض على طريق الأم�ي��ر عبدالإله ابن عبدالعزيز بم�ساحة �سبعة �آالف متر مربع، لإق��ام��ة مبنى ال �ن��ادي ,بعد م �ح��اوالت ،خالل دورتين للمجل�س ،وتم تعميد مكتب هند�سي بعد ا�ستدراج عرو�ض من قبل ثالث مكاتب هند�سية، لت�صميم مبنى النادي ،وبِدْ ء الت�صاميم الأولية قبيل انتهاء مهمة رئا�ستنا للنادي منت�صف عام محطات في م�سيرة دورة رئا�ستنا للنادي 1432هـ. كما كنا ق��د ت�شرفنا بتقديم طلب �إن�شاء � -1إق��ام��ة �أكثر من ( )120ن�شاط منبري من م�ح��ا��ض��رات ون� ��دوات و�أم���س�ي��ات ول �ق��اءات (مركز ثقافي بمنطقة الجوف) بمبلغ ع�شرين
مليون ريال� ،إلى مقام خادم الحرمين ال�شريفين ال �م �ل��ك ع��ب��داهلل ب��ن ع �ب��دال �ع��زي��ز �آل �سعود �أث��ن��اء ال�سالم عليه (حفظه اهلل) مع �ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الرابعة والع�شرين ،يوم الأح��د 11ربيع الأول 1430ه �ـ الموافق 8مار�س 2009م ،وموافقته حفظه اهلل على �إن�شاء المركز ،وها هو اليوم يقف �شامخا في مدينة �سكاكا بانتظار االفتتاح. لقد عملنا جاهدين في �إدارة النادي الأدبي مع فريقنا وزمالئنا و�أ�صدقائنا لأج��ل نه�ضة ثقافية وفكرية ،عمادها الأجيال ال�صاعدة في منطقة الجوف ،وكنا ن�أملُ في مجل�س الإدارة المنتخب �أن يكملَ الم�سيرة لما فيه خدمة ورقيّ منطقتنا الغالية� ،إذ لم نتقدم للتر�شح لالنتخاب في ذلك الوقت رغم محاوالت الأ�صدقاء ،حر�ص ًا على �إتاحة الفر�صة لوجوه جديدة فاعلة ،يمكنها �أن ت�ضيف ب�صمتها الخا�صة ،وعملنا على �إنجاح االنتخابات وفقا لر�ؤية ال��وزارة ،رغم تحفظنا حينها على الآل �ي��ات ال�ت��ي ق��ادت �إل��ى تر�شيح قطاعات بعيدة عن الم�شهد الثقافي وتح�شيدها الذي انتهى �إلى الم�شهد الأخير.
المركز الثقافي بالجوف الذي �أمر به خادم الحرمين ال�شريفين الملك عبداهلل بن عبدالعزيز بعد تقديم طلب لمقامه حفظه اهلل من رئي�س ادبي الجوف ال�سابق الحميد
اجلوبة -خريف 1435هـ 57
-3
-4
-5
وور���ش عمل في جميع مدن المنطقة ،رغم التهديدات والحرائق والعراقيل. تد�شين برنامج ال�ق��راءة بالق�سم الن�سائي و�إق��ام��ة ع���ش��رات ال��ق��راءات ف�ي��ه لأدي �ب��ات و�أك��ادي �م �ي��ات( ،ل �ق��اء الأح� ��د ل �ل �ق��راءة) -6 ..ت��أ��س�ي����س �أك��ادي �م �ي��ة ال���ص�ح��اف��ة والترتيب لقاء �أ�سبوعي بعد مغرب كل �أح��د باللجنة لإقامتها .وهو ن�شاط ن�صف �شهري للتدريب الن�سائية ،يتم فيه تقديم ق ��راءة لكتاب، على العمل ال�صحفي ،يقدمه خ�ب��راء في والنقا�ش حوله من مثقفات وفتيات المنطقة، الإعالم ،و�إعالميون متمر�سون في ال�صحافة تر�سيخ ًا لعادة القراءة ون�شر ثقافة الحوار. ب�شكل عام ،وال�صحافة الأدبية ب�شكل خا�ص، وت�ستهدف الأكاديمية: تد�شين ب��رن��ام��ج ال �ق��راءة بمكتبة ال�ن��ادي الرئي�سة ،و�إق��ام��ة ع�شرات البرامج فيها، االرتقاء بالعمل ال�صحفي في المنطقة.بم�شاركة �أدب��اء المنطقة( ،لقاء الأرب�ع��اء ال�ت��دري��ب على �أ�ساليب عمل ال�صحافةللقراءة) للطالب واليافعين ..لقاء �أ�سبوعي الأدبية والثقافية. بعد ��ص�لاة م�غ��رب ك��ل �أرب �ع��اء ،ي�ه��دف �إل��ى ال �ت��دري��ب ع�ل��ى التحقيقات ال�صحفيةتر�سيخ عادة القراءة وتنميتها لدى الطالب المتعلقة ب�ح�ق��وق الإن �� �س��ان والق�ضايا وتعريفهم ب��ال�ت��راث ال�ح���ض��اري وال�ف�ك��ري العامة. وال�ث�ق��اف��ي للمنطقة ،واالق��ت��داء ب��رم��وزه��ا البارزين في كافة المجاالت ،تعزيز ًا لروح التركيز على المهنية واالحترافية في العملاالنتماء الوطني �إ�ضافة �إلى ربطهم بالجديد ال�صحفي. في مختلف المجاالت العلمية والثقافية عبر التدريب على كتابة التقارير ال�صحفيةالعالم.. والأخبار والتحقيقات. تد�شين �أكاديمية ال�شعر لتدريب الموهوبين ال �ت��دري��ب ع�ل��ى ك�ت��اب��ة ع�م��ل التحقيقاتمن ال�شباب على كتابة ال�شعر ،وهي ملتقى ال�صحفية ذات ال���ص�ب�غ��ة الإن���س��ان�ي��ة ن�صف �شهري يتم فيه تدريب الهواة والمهتمين واالجتماعية وغيرها. من ال�شباب على كتابة ال�شعر وتعريفهم بعلم العرو�ض (بحور ال�شعر) و�أ�صول كتابة ال�شعر -7 ،تد�شين برنامج ال�ب��راع��م ل�ل�ق��راءة بمكتبة الطفل بالنادي .وه��و ن�شاط ن�صف �شهري و�أه��م مدار�سه واتجاهاته قديم ًا وحديثاً، بمكتبة الطفل يتم فيه ا�ست�ضافة مجموعة وذلك تحت �إ�شراف فريق من المتخ�ص�صين من �أطفال �إح��دى الرو�ضات لزيارة مكتبة وال�شعراء الكبار. الطفل بالنادي ،وت�شجيعهم على القراءة، تد�شين برنامج �أكاديمية الق�صة ،للتدريب وتوعيتهم ب�أهميتها ،و�إهدائهم مجموعة من ع�ل��ى ك�ت��اب��ة ال�ق���ص��ة و�أب� ��رز ف�ن��ون�ه��ا ،وه��ي كتب الأطفال. ملتقى ن�صف �شهري ي�شرف عليه كتاب ومتخ�ص�صون ..ي�ق��وم��ون ب�ت��دري��ب ال�ه��واة -8ت�أ�سي�س وتد�شين (المقهى الثقافي) .وهو
58اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
-2
والمهتمين من ال�شباب على كتابة الق�صة، وتعريفهم بفنونها م��ن الحبكة وال���س��رد وال�شخ�صيات� ،إ�ضافة لأهم مدار�س الكتابة الق�ص�صية واتجاهاتها عربي ًا وعالمياً.
اجلوبة -خريف 1435هـ 59
60اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
ن�شاط ن�صف �شهري ي�ضم رئي�س ًا و�أع�ضاء من طالب الجامعة �أو المهتمين ،ويتم خالله طرح كتاب �أو مجموعة من الكتب للمناق�شة، وذلك لن�شر ثقافة الحوار. -9ت�شكيل ع��دد من اللجان الثقافية في مدن القريات وطبرجل ودوم��ة الجندل و�صوير، من عدد من ال�شباب المهتمين لإقامة �أن�شطة النادي في هذه المدن والتي تم خاللها �إقامة ع�شرات الفعاليات فيها. -10تد�شين الن�شاطات الثقافية في مدن القريات وطبرجل ودومة الجندل و�صوير. � -11إ�صدار مجلة �سي�سرا الثقافية دوريا كل ثالثة �أ�شهر .ومجلة �آفاق الجوف ،وترتيب �إ�صدار مجلة كاف الثقافية من قبل مثقفي محافظة القريات.. � -12إ�صدار �أكثر من ثالثين كتابا لأدباء ومثقفين و�أكاديميين. � -13إ�صدار عدد من الكتيبات للم�سابقات التي يتبناها النادي. � -14إ�صدار كتيبات بمنا�سبة البيعة و�سوق دومة الجندل. � -15إ�صدار �سبع كتب موجهه للأطفال. -16تد�شين موقع النادي الأدبي على الإنترنت وتغذيته الم�ستمرة وتحديثه ،وجعله ق��اع��دة معلومات �أ�سا�سية للنادي وموقعا تفاعليا ي�ستقطب �آالف المثقفين من المملكة والعالم العربي. � -17إقامة عدد من المعار�ض للكتب في �سكاكا وال �ق��ري��ات ،وال�م���ش��ارك��ة ف��ي المهرجانات ال�صيفية. -18الم�شاركة في معر�ض لكتب النادي في م�ؤتمر الأدباء.
-19ال�م���ش��ارك��ة ف��ي م�ع��ار���ض ال�ك�ت��اب ال��دول�ي��ة بالريا�ض بجناح خا�ص بكتب النادي. -20ت�أ�سي�س (مكتبة الطفل) وتد�شينها بالق�سم الن�سائي. -21ت�أ�سي�س (مكتبة الق�سم الن�سائي) وتزويدها بمئات العناوين والكتب. -22ت�أ�سي�س (المكتبة الجوفية) وتد�شينها ل�ضم جميع الكتب التي كتبت عن منطقة الجوف، �أو كتبها م�ؤلفون من الجوف ،وكذلك لجمع ما يتوافر من دوريات ومطبوعات تتعلق بمنطقة الجوف. -23ت�شكيل اللجنة الن�سائية من �أديبات ومثقفات من المنطقة. -24طباعة �أول دي��وان �شعري لفتاة من منطقة الجوف. -25طباعة �أول رواية لفتاة من منطقة الجوف. -26طباعة كتاب مو�سوعي حول الرحالة الأجانب الذين زاروا منطقة الجوف. � -27إق��ام��ة ملتقى �سي�سرا ال�ث�ق��اف��ي ،وت��م فيه ا�ست�ضافة العديد من الأدباء والمثقفين. � -28إق��ام��ة ملتقى ج�ه��ات ،وت��م فيه ا�ست�ضافة مثقفي المنطقة ال�شرقية. � -29إقامة ملتقى جهات الدورة الثانية ،وتم فيه ا�ست�ضافة مثقفي منطقة حائل. � -30إع���ادة ب�ن��اء � �ص��االت ال �ن��ادي ،بعد جريمة �إحراقها عام 1430هـ. � -31إع��ادة بناء �صاالت ال�ن��ادي ،بعد �إحراقها للمرة الثانية عام 1431هـ. -32ت�أ�سي�س م�سابقة الإب���داع الأدب ��ي لل�شباب بمنطقة الجوف ،في الفنون الأدبية وال�سردية
اجلوبة -خريف 1435هـ 61
62اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الآت �ي��ة)1 :ال���ش�ع��ر )2الق�صة الق�صيرة )3المقـال- :منطقة ال�ج��وف )4الن�ص الم�سرحي )5التحقيق ال�صحفي. -33ت�أ�سي�س جائزة الإبداع الأدبي لمثقفي منطقة ال �ج��وف للكتب (دي���وان �شعر – مجموعة ق�ص�صية– رواي ��ة) .هدفت الجائزة �إل��ى ت�شجيع المواهب الإبداعية في هذه المجاالت على �أن تكون الأعمال المقدمة لنيل الجائزة جديدة ،ول��م ي�سبق ن�شرها؛ ليتم طباعتها من قبل النادي كمكاف�أة للفائز �إ�ضافة �إلى المكاف�أة المادية. -34ت�أ�سي�س م�سابقة الت�صوير ال�ضوئي �أو الرقمي، ومو�ضوع الم�سابقة لعام 1432هـ( :جماليات العمارة التقليدية القديمة بمنطقة الجوف). -35ت�أ�سي�س ج��ائ��زة الأن��دي��ة الريا�ضية :وهي م�سابقة �أدب��ي ال�ج��وف الإب��داع�ي��ة للأندية الريا�ضية .والم�سابقة مخ�ص�صه لجميع من�سوبي الأندية الريا�ضية في المنطقة وهي (العروبة – القلعة – االنطالق -الجندل - الم�سيرة)؛ انطالقا من الأه��داف الثقافية التي يرعاها ن��ادي ال�ج��وف الأدب ��ي� ،سعيا لتحفيز العملية الثقافية وتن�شئة الأجيال عليها ،ولما للأندية الريا�ضية من دور هام ب�صفتها �أح��د م�صادر الجذب للجميع من مختلف الأع��م��ار .وق��د ج��اءت فكرة تنظيم م�سابقة ثقافية لمن�سوبي الأندية الريا�ضية في المنطقة لحثّ المبدعين على المناف�سة وخلق روح التناف�س ال�شريف بينهم في مجال الق�صة الق�صيرة وال�شعر الف�صيح. -36ت�أ�سي�س ج��ائ��زة �سنوية لأف�ضل ك�ت��اب عن الزيتون. -37ت�أ�سي�س م�سابقة �سنوية �إبداعية للزيتون: وذل��ك لأف���ض��ل ق�صيدة �شعرية� ،أو ق�صة
�إب��داع�ي��ة� ،أو مقال �أدب��ي� ،أو بحث متميّز، �أو لوحة ت�شكيلية� ،أو ��ص��ورة فوتوغرافية، تتناول الزيتون وارتباطه بمنطقة الجوف والمملكة العربية ال�سعودية ،تزامن ًا مع �إقامة مهرجان الزيتون ال�سنوي ،وتكام ًال مع جهود �صاحب ال�سمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز� ،أمير منطقة الجوف ،وحر�صه ال�شديد على دع��م وت�شجيع زراع��ة �شجرة الزيتون المباركة في بالدنا الحبيبة. -38ت�أ�سي�س ج��ائ��زة �سنوية ل�ل�إب��داع بمنا�سبة مبايعة خ��ادم الحرمين ال�شريفين الملك عبداهلل بن عبدالعزيز �آل �سعود حفظه اهلل، وهي م�سابقة لأجمل ق�صيدة وق�صة ومقالة بالمنا�سبة� ،سنويا. -39ت�أ�سي�س ج��ائ��زة �سنوية ل�ل�إب��داع ال�شعري والأدبي حول منطقة الجوف. -40ت�أ�سي�س ج��ائ��زة �سنوية ل�ل�إب��داع للجميع: وج��ائ��زة «ال �ن��ادي ل�ل�إب��داع الأدب ��ي للجميع» يحق لجميع المبدعين الم�شاركة فيها: وهذه الجائزة خ�ص�صت للن�صو�ص ال�شعرية والق�ص�صية والدرا�سات النقدية والثقافية المتعلقة بالجوف. -41ت�أ�سي�س جائزة منطقة الجوف للدرا�سات الثقافية :والتي ت�شمل درا�سة الإبداع الثقافي والأدب��ي والإن�ساني لمثقفي منطقة الجوف ح�سب ال�شروط المعلنة. -42ت�أ�سي�س م�سابقة ال�ي��وم الوطني الثقافية، والتي ينظمها النادي بمنا�سبة اليوم الوطني للمملكة العربية ال�سعودية �سنويا ،لح�شد الوالء واالنتماء والتذكير بنعم اهلل على هذه البالد الغالية. -43ت�أ�سي�س ج��ائ��زة الكتابة للطفل :ال�ت��ي ت�أتي
لا م��ع اه�ت�م��ام �أدب ��ي ال�ج��وف بالطفل ت��وا��ص� ً والعناية ب��ه� ،إذ يقيم النادي م�سابقة �أدبية ثقافية خا�صة بالطفل ت�شمل :ال��درا��س��ات الأدب �ي��ة ح��ول ال�ط�ف��ل -الق�صة الق�صيرة (مجموعة ق�ص�صية) -كلمات �أنا�شيد الطفل. -44مخاطبة مقام خادم الحرمين ال�شريفين في 1432-2-1هـ ،لطلب مبلغ ع�شرة ماليين ريال لنادي الجوف الأدبي لتمكينه من بناء مقره، وتجاوبه حفظه اهلل خ�لال �أ�سبوعين بمنح جميع الأن��دي��ة الأدب�ي��ة بالمملكة مبلغ ع�شرة ماليين ريال ،ومنها نادي الجوف الأدبي. -45الح�صول على �أر�ض مميزة على طريق الأمير عبداالله بن عبدالعزيز بم�ساحة �سبعة �آالف متر مربع ،لإقامة مبنى النادي ،بعد محاوالت مع �أمانة المنطقة خالل دورتين للمجل�س. -46تعميد مكتب هند�سي بعد ا�ستدراج عرو�ض من قبل ثالثة مكاتب هند�سية ،لت�صميم مبنى النادي ،وبدء الت�صاميم الأولية قبيل انتهاء مهمة رئا�ستنا للنادي منت�صف عام 1432هـ. -47الت�شرف بتقديم طلب �إن�شاء (مركز ثقافي بمنطقة الجوف) بمبلغ ع�شرين مليون ريال، �إلى مقام خادم الحرمين ال�شريفين الملك عبداهلل بن عبدالعزيز �آل �سعود �أثناء ال�سالم عليه (حفظه اهلل) مع �ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورت��ه الرابعة والع�شرين ،يوم الأحد 11ربيع الأول 1430هـ الموافق 8مار�س 2009م ،وموافقته حفظه اهلل على �إن�شاء المركز ،وها هو اليوم يقف �شامخا في مدينة �سكاكا بانتظار االفتتاح. -48تعر�ض النادي الأدبي بالجوف العتداءين �آثمين من مجهولين حتى تاريخه ،كانا على
�صورة لمخطط مبنى النادي الأدبي بمنطقة الجوف والذي كان مخططا البدء فيه عام 1432هـ ،على �أر�ض النادي على طريق االمير عبداالله بن عبدالعزيز ،بناء على منحة خادم الحرمين ال�شريفين للنادي بمبلغ 10ماليين ريال
التوالي في عامي 2009م ،و 2010م ،وكان الأول فجر ي��وم الثالثاء 2009-1-13م، ع�شية �أم�سية �شعرية لق�صيدة النثر حيث ت�م��ت ج��ري�م��ة �إح� ��راق ال�خ�ي�م��ة الثقافية و� �ص��االت ال��ن��ادي ،وت�سببت ف��ي تعطيل م�سيرة النادي وحراكه لبع�ض الوقت� ،إال �أن النادي ما لبث �أن ا�سترد �أنفا�سه ،ووا�صل م�سيرته الثقافية بدعم وم ��ؤازرة �صاحب ال�سمو الملكي الأم�ي��ر فهد ب��ن ب��در �أمير منطقة الجوف ،الذي وجه ب�إقامة ن�شاط النادي في مركز الأمير عبدالإله الثقافي، حتى يتم �إعادة ت�أهيل مقره. وبعد �أن تم �إعادة بناء ال�صاالت من جديد، �أح��رق مجهول �صاالت النادي الأدب��ي مجددا، وذلك يوم الأحد 28فبراير 2010م ،بعد توجيه ب�إلغاء �إقامة محا�ضرة مبرمجة للدكتور �سلطان القحطاني بعنوان «الرواية الن�سوية بالمملكة»، وذل��ك بعد �أن وردن��ا تهديد �شخ�صي بالقتل بموجب ر�سالة ن�صية من ج��وال مجهول ،قبل الحريق ب�ساعتين.
* رئي�س التحرير ورئي�س مجل�س �إدارة النادي الأدبي بمنطقة الجوف �سابقا.
اجلوبة -خريف 1435هـ 63
الترجمة والع�صر الذهبي للعلم العربي* ■ ترجمة د .حممد حممود م�صطفى**
«تتمثل �أهمية حركة الترجمة الإغريقية العربية في �أنها برهنت للمرة الأولى في التاريخ على عالمية الفكر العلمي والفكر الفل�سفي ،وعلى �أن ذلك الفكر ال يقت�صر على لغة �أو ثقافة معينة». (ديمتري غطا�س ،الفكر اليوناني والثقافة العربية) ل��م��اذا ازده���ر الع�صر ال��ذه��ب��ي للعلم ال��ع��رب��ي بغتة �إب���ان ب��داي��ات ع�صر الخالفة العبا�سية؟ ولماذا �أفل نجم ذلك العلم في نهاية المطاف؟
64
لعل الإج��اب��ة عن ال�س�ؤال الثاني �أكثر �صعوبة وتعقيداً ،ولعل مر ّد ذلك �أن هناك العديد من العوامل التي ت�ضافرت ،ما نجم عنها ا�ضمحالل االمبراطورية الإ�سالمية. ولعل �أهم تلك العوامل لي�س �أكثرها و�ضوح ًا للعين المجردة .ولكن ذل��ك هو ما نركّز عليه في النهاية .لكننا ن�ستك�شف -بادئ ذي بدء -الإجابة عن ال�س�ؤال الأول التي تبدو من �أول وهلة وا�ضحة جليّة .ويكاد يكون هناك اتفاق على �أن مناحي التقدم المبهرة التي تمت في مجاالت الريا�ضيات ،وعلم اجلوبة -خريف 1435هـ
الفلك والفيزياء ،والهند�سة ،والكيمياء، والتقدم الطبي ،وازده��ار الفل�سفة ،التي ظهرت بداية الأم��ر في بغداد ،ثم انتقلت �إلى باقي االمبراطورية الإ�سالمية ،كانت جميعها بف�ضل ذلك النجاح العظيم لحركة ترجمة �ضخمة ا�ستمرت طيلة قرنين من الزمان .و�إبّان تلك الحركة تم نقل الكثير من حكمة الح�ضارات الأول��ى الإغريقية والفار�سية والهندية �إلى العربية .وما �أن ت�أ�س�ست ثقافة العلم وتوطّ دت في �أرج��اء االمبراطورية الإ�سالمية ،حتى �أ�صبحت
و�إن كان العبا�سيون قد قاموا بالفعل برعاية وت�شجيع حركة ترجمة �ضخمة �أدت �إل��ى جلب كل �أن��واع المعارف العالمية تحت �سقف واحد؛ ف�إنه يبقى الت�سا�ؤل :لماذا قامت حركة الترجمة ذاتها في المقام الأول؟ �أو بالأحرى :لماذا تم ذلك تحديد ًا مع بداية العهد العبا�سي ،ولماذا اختلف العبا�سيون عن ح�ضارات العالم الأخرى، كح�ضارات الفر�س �أو ال�سا�سانيين �أو البيزنطيين، �أو حتى ح�ضارات الم�سلمين الأمويين في دم�شق؟ فعلى الرغم من القوة الع�سكرية الجبارة التي تمتعت بها تلك االمبراطوريات� ،إال �أن �أي ًا منها لم يبد نية حقيقية في �إحياء الأم�ج��اد الأول��ى لمدينة الإ�سكندرية التي ازده��رت في القرون الأولى التي تلت ميالد الديانة الم�سيحية.
لم تكن حركة الترجمة عملية منف�صلة �أدت في نهاية المطاف �إل��ى الع�صر الذهبي للعلم، و�إنما ينبغي النظر �إليها عو�ض ًا عن ذلك على �أنها ج��زء ال يتجز�أ من الع�صر الذهبي ذات��ه. وما �أن بد�أت حركة الترجمة حتى �أ�صبحت جزء ًا �أ�صي ًال من ال�سعي للو�صول �إلى المعرفة.
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
االمبراطورية مكتفية ذاتياً ،ما �أدى �إلى حدوث نوع من الت�أليف ال�ضخم بين عنا�صر المعرفة العلمية ،على نحو زاد كثير ًا ع��ن مجموع ما ح�صلت عليه االمبراطورية من قبل.
�إلى هذه الحركة ،وعلى حد قول �أحد الم�ؤرخين: «لم تكن مجرد رغبة مزاجية �أو �إعجاب عاطفي، من جانب مجموعة من الأثرياء الذين ي�سعون لال�ستثمار في عمل خيري� ،أو في ق�ضية تمجّ د من قدرهم».
وبمنت�صف القرن التا�سع الميالدي تحولت الترجمة �إل��ى ن��وع جديد من الأ�صالة العلمية والفل�سفية ،م��ا �أدى �إل��ى تع�ضيد الطلب على المزيد من المترجمين� ،سواء من ناحية الكم �أو النوع .لكن لماذا لم تُ�شكّل حركة الترجمة هذه بين اليونانية والعربية ف�ص ًال معروف ًا في التاريخ الثقافي للعالم جنب ًا �إل��ى جنب م��ع الأح��داث لقد تبدّل الأم��ر مع و�صول العبا�سيين �إلى الم�ؤثّرة الم�شابهة؟ �سدة الحكم ،فبد�أت حركة الترجمة في منت�صف �إن ب �غ��داد بين القرنين ال�ث��ام��ن والعا�شر القرن الثامن .ولم يكد يم�ضي وقت طويل حتى الميالديين كانت ت�شبه الع�صر الذهبي الأثيني �شمل الأم��ر كل م�ستويات النخبة في المجتمع �إبّان ع�صر بيركلي�س في القرن الخام�س ق.م،. العبا�سي في بغداد ،فلم يكن الأمر مجرد م�شروع �أو الإ�سكندرية في عهد البطالمة بعد ذلك بعدة �أثير لدى الخليفة .لقد �أ�سهم عدد كبير من رعاة مئات من ال�سنين� ،أو فلورن�سا في عهد النه�ضة الترجمة ب��أم��وال طائلة في دع��م ه��ذه الحركة �إ ّب��ان فترة �أ�سرة ميديت�شي في القرن الخام�س وت�شجيعها ،و�أ�صبحت الترجمة على نحو �سريع ع�شر .ول��و ك��ان��ت ح��رك��ة الترجمة ه��ي ال�شيء م�شروع ًا مربحاً. الوحيد الذي ن�شكر عليه العبا�سيين ،ف�إن ذلك لقد �أ�سهم رع��اة الترجمة في ذلك لتحقيق م �ن��اف��ع ع�م�ل�ي��ة ف��ي م �ج��ال ال��م��ال وال ��زراع ��ة والم�شاريع الهند�سية والطبية .كما �أن الرعاة حققوا من خالل الترجمة تميز ًا ثقافي ًا �أ�سهم في تعزيز مكانتهم في المجتمع .لقد ان�ضم الجميع
ينبغي �أن يكون بمثابة عالمة فارقة في التاريخ الإن�ساني .لكن ذلك لم يكن ال�شيء الوحيد الذي ن�شكرهم عليه ،فلم تكن حركة الترجمة �سوى فاتحة للع�صر الذهبي .ولــذا ف�إنه ينبغي علينا قبل �أن ن�ستك�شف طبيعة حركة الترجمة ومن
اجلوبة -خريف 1435هـ 65
لكن لنلقي ال�ضوء في البداية على الأ�سباب النمطية الثالثة التي تُ�ساق عادة لتف�سير �أ�سباب قيام حركة الترجمة وانت�شارها� .إنَّ ال�سبب الأول يكمن في �أن الحركة ب��د�أت بناء على اهتمام واح��د �أو اثنين من الخلفاء الم�ستنيرين .وهو �أمر يمكننا �أن ن�ستنتجه من االهتمام ال�شديد للخليفة الم�أمون بالفكر الأر�سطي ،وهو ما �أدى ف��ي نهاية المطاف �إل��ى اهتمامه طيلة حياته بالعلم الإغريقي .لكن الواقع �أن حركة الترجمة ب��د�أت في وقت �أبكر من حكم الم�أمون� ،أي في عهد ج��ده الأك�ب��ر المن�صور ،ال��ذي يعود �إليه الف�ضل ف��ي ت�أ�سي�س مدينة ب �غ��داد .لكن عهد الخليفة الم�أمون �شهد �أكبر تو�سّ ع في حركة الترجمة .لقد كان اهتمام الم�أمون ج��زء ًا من المناخ الثقافي المزدهر في ذلك الوقت؛ ولــذا فب�إمكاننا القول �إن اهتمام الم�أمون كان نتيجة لحركة الترجمة والمناخ الفكري الثريّ الذي ع�ضد حركة الترجمة.
و ال�سبب الثاني وراء ازدهار حركة الترجمة، �إن �م��ا يتمثل ف��ي انت�شار الإ� �س�لام ذات ��ه .فلما ك��ان من واج��ب كل م�سلم من الناحية الدينية �أن ي�سعى لطلب العلم ،ف�إن ذلك �أدى بال ريب �إل��ى ال�سعي للتعرّف على الن�صو�ص اليونانية العلمية والفل�سفية وترجمتها �إل��ى العربية. وعلى الرغم من �أن الإ�سالم الأول قد �شجع - بال ريب -روح ال�سعي �إل��ى المعرفة والف�ضول ب�ش�أن الكون ،وهو ما لم يكن وا�ضح ًا تمام ًا في الم�سيحية �أو اليهودية؛ �إال �أن ذلك ال يجيب عن الت�سا�ؤل القائل :لماذا بد�أت حركة الترجمة مع العبا�سيين ،ول��م تبد�أ في �أوق��ات �أبكر؛ �أي مع الأمويين على �سبيل المثال؟
�أم��ا تمويل ح��رك��ة الترجمة ،فقد �أت��ى من مجتمع بغداد ذاته ،ف�إلى جانب الخليفة� ،أ�سهم �أف��راد الحا�شية ،وق��ادة الجي�ش ،والم�سئولون الحكوميون ،ورجال الإدارة ،وحتى كبار العلماء في حركة الترجمة ،بل �أ�صبح بع�ضهم ثري ًا من ممار�سة الترجمة بنف�سه ،ففي عهد الم�أمون ذاع اجلوبة -خريف 1435هـ
كما �أن حركة الترجمة قد تخطت حدود الدين، فكان عدد كبير من المترجمين م�سيحيين ،ولم يكن ليت�سنى لهم �أن يلعبوا هذا الدور المهم ،لو كان الدافع الرئي�س من وراء الحركة هو دافع ديني وفق ًا لتعاليم القر�آن و�أحاديث النبي .ولقد �شمل رعاة الترجمة في المجتمع مَ ن هم لي�سوا بم�سلمين� .إن تعاليم القر�آن والأحاديث القائلة ب�ضرورة ال�سعي للمعرفة ،كانت بال ريب عام ًال �ضروري ًا في تطوير مدار�س فكرية دينية وفل�سفية وحتى علمية ،لكن تلك المدار�س بد�أت في وقت الحق لحركة الترجمة.
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
66
قام بها؛ ف�إنه ينبغي علينا �أن ننظر عن كثب �إلى الأ�سباب التي حدت �إلى قيام تلك الحركة في المقام الأول� .أما فيما يتعلق بالأ�سباب التي �أدت في نهاية المطاف �إلى �أفول نجم الع�صر الذهبي، ف�إن ذلك مرده �إلى مجموعة عوامل ،لي�ست كلها وا�ضحة للعيان ،فالعديد من الم�ؤرخين ي�سعون اليوم ل�سبر �أغوار تلك الأ�سباب ،بالذهاب �إلى ما هو �أبعد من مجرد التف�سيرات التاريخية المفرطة في الب�ساطة.
�صيت بع�ض العلماء من �أمثال حنين بن ا�سحاق، وهو عالم لم يعمل بمعزل عن غيره ،فقد قام بتوظيف فريق من الطلبة والمترجمين وكتاب المخطوطات ليعاونوه .لكن يمكننا القول �إنه لوال م�ساعدة الخلفاء �أنف�سهم ودعمهم ،ف�إن حركة الترجمة لم يكن ليقدَّر لها �أن تنه�ض على نحو ما قامت به في بغداد .لكن الحما�سة وااللتزام المعرفي للخلفاء الأوائل لم يكن �سوى حلقة من حلقات هذه الحركة الفكرية.
ويقودنا ذل��ك �إل��ى ال�سبب ال��ذائ��ع االنت�شار المرموق �إلى بغداد ،طلب ًا لل�شهرة والثروة. لحركة الترجمة� ،إذ يرجع التقدير كله �إل��ى ول �ـ �ـ��ذا ،ف� ��إن ك��ان الأم ��ر ال يتعلق بانت�شار الم�سيحيين الذين كانوا يتحدثون اليونانية ،الإ�سالم� ،أو بالخلفاء الم�ستنيرين� ،أو بالعلماء والذين عا�شوا في مناطق كانت خا�ضعة فيما الم�سيحيين الذين حملوا م�شعل علم اليونان قبل ل�لام�ب��راط��وري��ة البيزنطية .وك��ان ه ��ؤالء وفل�سفتهم ف��ي العالم الإ��س�لام��ي ،ف�م��اذا كان متبحرين في العلوم اليونانية ،ومن ثم فقد نقلوا الأم��ر� ،إذاً؟ كيف ع��رف الم�أمون ،على �سبيل هذه المعرفة �إل��ى العبا�سيين .لكن واق��ع الأمر المثال ،بوجود �أر�سطو في المقام الأول؟ وعلى مختلف �إل��ى حد ما عن ذل��ك؛ فدرا�سة �أعمال نحو �أكثر عمومية ،كيف �أ�صبح العرب� ،أولئك فال�سفة يونان من قبل �أر�سطو و�أفالطون ،ف�ض ًال ال�ق��وم ال��رحّ ��ل ال��ذي��ن يعي�شون ف��ي ال�صحراء، عن بع�ض الن�صو�ص الطبية والفلكية� ،إنما يرجع مهتمين ،بغتةً ،بفل�سفة اليونان؟ الإجابة �أنهم لم في حقيقة الأم��ر �إل��ى مراكز العلم البيزنطية يهتموا بتلك الفل�سفة �إال في �أعقاب بداية حركة ك�إنطاكية ،و�إدي���س��ا ف��ي �شمالي �سوريا ،حيث الترجمة. قامت حركة ترجمة محدودة من اليونانية �إلى لقد بد�أنا ن��رى ترجمات للن�صو�ص الطبية ال�سريانية (لهجة من لهجات الأرام �ي��ة ،وهي لغة �سامية قديمة ترتبط بالعربية والعبرية) .لجالينو�س ،ولفل�سفة �أر�سطو ،ولهند�سة �إقليد�س، ولكن بع�ضهم ي��رى �أن ه��ذه الترجمات كانت ولفلك بطليمو�س .كانت الترجمة الأول��ى لن�ص منخف�ضة الجودة ،مقارنة بما جاء بعدها ،ولم يوناني تتم ع��ادة �إل��ى اللغة ال�سريانية ،ثم تتم تكن خا�ضعة لمتطلبات الدقة العالية �أو متطلبات الترجمة من ال�سريانية �إل��ى العربية .وقد تال ذلك القيام بترجمات �أكثر دقة على نحو مبا�شر المراجعة الفكرية ال�شاملة. من اليونانية �إلى العربية ،بعد �أن تم فهم محتوى ومع انت�شار الإ�سالم في المنطقة ب�أ�سرها، الن�صو�ص الأ�صلية ،وفهم اللغة اليونانية ذاتها �أ��ض�ح��ت ال �ح��واج��ز ال�سيا�سية وال��دي�ن�ي��ة بين فهم ًا تاماً. مختلف الفئات والطوائف �أق��ل �أهمية .وهكذا ما هي� ،إذاً� ،أ�سباب حركة الترجمة؟ لقد ر�أينا �أ�صبح العلماء الم�سيحيون واليهود �أكثر حرية في تقا�سم المعرفة ،في مناخ يت�سم ب�أنه �أكثر تعاون ًا �أن الم�ؤرخين ي�شيرون ،قبل و�صول العبا�سيين من ذي قبل ،وذلك على الرغم من وجود بع�ض �إلى الحكم� ،إلى ما يعرف بـ «�أن�شطة ترجمية» التوترات الدينية كتلك القائمة بين الم�سيحية على نحو ب�سيط ،فلم تكن الحركة ق��د بلغت والتلمودية اليهودية� ،أو الجدل الطائفي داخل �أوجها بعد .وق��د �شملت تلك الأن�شطة ترجمة الإ�سالم ذاته .ولكن انفتاح الإ�سالم الأول على ن�صو�ص فلكية وطبية م��ن الهندية والبهلوية باقي الديانات ال يف�سر على نحو كامل ندرة من الأمبراطورية ال�سا�سانية ،ومن اليونان �إلى الترجمات �إ ّب ��ان المائة ع��ام الأول ��ى م��ن حكم اللغة ال�سريانية �إبان االمبراطوريات البيزنطية، الأمويين ،مع زيادتها زيادة كبيرة بمجرد تولي وال�سا�سانية ،والأموية .ثم حدث تحوّل درامي العبا�سيين ال�ح�ك��م ،فقد ارت �ح��ل ال�ع��دي��د من م�ف��اج��ىء �إ ّب ��ان حكم الخليفة المن�صور عام المترجمين الم�سيحيين واليهود ذوي ال�صيت 754م .و�أرى �أن هناك ثالثة عوامل �ساعدت في
اجلوبة -خريف 1435هـ 67
كانت دم�شق عا�صمة الأمويين ت�شكل جزء ًا من االمبراطورية البيزنطية الناطقة باليونانية، �أم��ا العبا�سيون فقد نقلوا عا�صمتهم �إل��ى قلب ال�شرق ،فيما كان يُ�شكّل جزء ًا من امبراطورية الفر�س ال�سا�سانيين .ول��م يكن ذل��ك من قبيل ال �م �� �ص��ادف��ة؟ ف���ذوي ال���س�ط��وة م��ن الع�شائر الفار�سية كالبرامكة قد �ساعدوا العبا�سيين في الو�صول لل�سلطة ،كما وا�صلوا دعمهم ،وكان لهم ت�أثير كبير في الحكومة لعدة �أجيال متالحقة. ومن ناحية �أخرى ،فقد كان العبا�سيون بحاجة لم�ساندة ذوي النفوذ من الفر�س ،كما �أنهم عملوا على الت�أليف بين الثقافة والهوية العربية والفار�سية.
وهنا ي�أتي العامل الثاني� ..أال وهو الهو�س بعلم الفلك� .إن الأيديولوجية ال�سا�سانية التي ت�ستند �إلى الخرافات الزراد�شتية كانت مثار �إعجاب الخليفة المن�صور ،الذي كان يهتم �شخ�صي ًا بعلم الفلك .وكان ذلك الخليفة على علم باحتياجه للأر�ستقراطية الفار�سية الم�ؤثرة ،و�أغلب ه�ؤالء كانوا من الزراد�شتية ،ولم يتحولوا للإ�سالم. ولذا ،فعلى الرغم من اهتمام الخليفة الذي ال م��راء فيه بعلم التنجيم� ،إال �أن��ه قد توجد ثمة دوافع �سيا�سية ما ،وراء ذلك� .إن علم التنجيم وه��و �صورة خا�صة من �صور علم الفلك ،كان ج��زء ًا ال يتجز�أ من الثقافة الفار�سية ،كما �أنه لعب دور ًا مهم ًا ف��ي الحياة اليومية للفر�س، وفي ذلك تناق�ض حا ّد مع العرب ،الذين يرون �أن التنجيم يتعار�ض مع تعاليم الإ�سالم التي تربط علم الغيب باهلل .لكن ت�أثير ال�سا�سانيين وثقافتهم على العبا�سيين ه��و ال��ذي �أدى �إل��ى �إحياء علم التنجيم في الن�صف الثاني من القرن الثامن.
لقد �أ�صبح علم التنجيم ،وهو العلم المخت�ص بتحديد موا�ضع ال�ن�ج��وم ،علم ًا مقبو ًال كفرع معرفي م�ستقل .وقد �أطلق عليه في اللغة العربية ا�سم «علم النجوم» .ولم يكن هذا العلم منف�ص ًال ع��ن ع�ل��م ال��ري��ا��ض�ي��ات وع�ل��م ال�ف�ل��ك� ،إذ ك��ان المهتمون بدرا�سة هذا العلم ينكبّون على درا�سة الخرائط والجداول الريا�ضية لموا�ضع النجوم. ول��ذا فقد �أدى ه��ذا االه�ت�م��ام العبا�سي بعلم التنجيم �إلى البحث عن الن�صو�ص الفلكية التي كانت موجودة بالفعل في اللغة البهلوية� ،أو تلك التي كانت لم تُترجم بعد من اللغة ال�سن�سكريتية، وهي لغة علماء الهند من ريا�ضيين وعلماء فلك.
ل �ك��ن ال �ع��رب �ي��ة �أ� �ض �ح��ت ال �ل �غ��ة ال��ر��س�م�ي��ة ل�لام�ب��راط��وري��ة ،وم��ن ث��م ن�ش�أت حاجة فورية لترجمة الن�صو�ص البهلوية �إلى العربية ،وقد م َّد الخلفاء يد العون لهذا الم�شروع .وكانت بع�ض تلك الن�صو�ص بهلوية الم�صدر� ،إال �أن بع�ضها الآخ ��ر ،مثل الن�صو�ص الطبية ،والريا�ضية، والفلكية ،فقد كانت مترجمة �إلى البهلوية عن اليونانية ،والهندية ،وكان يتم ا�ستخدامها في م��دن من قبيل جنديا�سابور .ول��ذا ،فقد تمثل العامل الأول ،ولعله الأكثر �أهمية ،في �إحداث حركة الترجمة هو ما تمثل في هو�س العبا�سيين بالثقافة الفار�سية .وق��د عبَّر ع��ن ذل��ك �أح��د المترجمين ال��ذي��ن ك��ان��وا يبحثون ع��ن الكتب الفار�سية لترجمتها عن العربية؛ فعندما �سُ ئِلَ ذل��ك المترجم عن �سبب ذل��ك� ،أج��اب قائالً: اجلوبة -خريف 1435هـ
لقد تم تعيين المنجمين في بالط الخليفة، وك��ان��ت وظيفتهم ال�ت�ك� ّه��ن ،وت�ق��دي��م الن�صح والم�شورة للخليفة ،ف�ض ًال عن تمجيد �إنجازاته. لقد ر�أي��ن��ا كيف �أن المن�صور ا�ستعان ب�أعظم ثالثة من منجميه ليُعلموه ب�أف�ضل ي��وم لبناء عا�صمة خالفته الجديدة. ولي�س من الغريب �إذ ًا �أن ن��رى �أن �أول فرع «علمي» تم ترجمته من البهلوية �إلى العربية كان
وقد كان الف�ضالي ،وهو �أحد علماء التنجيم ال��ذي��ن عملوا ف��ي خ��دم��ة الخليفة المن�صور، والذي يُعزى �إليه بناء �أول ا�سطرالب في العالم الإ�سالمي ،كان كذلك مترجم ًا �إذ تولى ترجمة العديد من ن�صو�ص علم الفلك من ال�سن�سكريتية �إل��ى العربية .وي��رى بع�ض الم�ؤرخين �أن��ه يُعزى �إليه كذلك �إتمام الترجمة العربية الأولى لكتاب ال�سيدهانتا ،ال��ذي و�ضعه ال�ع��ال��م الريا�ضي الهندي ال�شهير براهما جوبتا (668- 598م). ولعل ذلك كان اللقاء الأول بين العبا�سيين وعلم الفلك الهندي ،و�إن كان تاريخ وتوثيق الترجمة غير معروف على وجه الدقة ،وذلك لوجود نوع من الجدل بين بع�ض علماء اليوم حول �شخ�صية الف�ضالي� ،إذ يوجد الكثيرون ممن يحملون هذا اال�سم في الع�صر العبا�سي.
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
68
بعث حركة الترجمة .لم تحدث ه��ذه العوامل معاً ،كما �أن كل عامل بمفرده ال يمكِّننا من فهم ما ح��دث .لكن و�ضع ه��ذه العوامل �إل��ى جانب بع�ضها بع�ضا يُمكّننا من الو�صول �إل��ى تف�سير مقنع لما حدث.
«نحن العرب لدينا كل الكلمات ،لكن الفر�س لديهم كل الأف�ك��ار»� .إن هذه الحاجة للترجمة كانت تتم في بداية الأمر لأ�سباب عملية مح�ضة، ولذا كان من ال�ضروري �أن يتم النظر �إليها على �أنها نافعة و�ضرورية.
علم التنجيم .وكان من �أول ما تُرجم هو كتاب زراد��ش��ت ال�ضخم ،وه��و ي�ضم خم�سة �أج��زاء، ويُعرف با�سم كتاب البدايات ،وقد تم ترجمة هذا ال�سفر ال�ضخم فيما بين عام 747م وعام 754م.
وتعني كلمة �سيدهانتا ،وهي كلمة �سن�سكريتية، (المذهب) �أو (الم�سلك) .وقد و�ضع العلماء الهنود ،كما جرى على ذلك العرف �إب��ان تلك الحقبة ،هذا الكتاب �شعراً .ولكن براهما جوبتا ل��م يقدم �أي ب��ره��ان على نظرياته الريا�ضية في هذا الكتاب .وتُعرف الترجمة العربية لهذا الكتاب با�سم «ال�سند هند» ،وقد كان لها ت�أثير عميق ع�ل��ى ع�ل�م��اء ب �غ��داد ،وذل ��ك �إل ��ى جانب كتاب المج�سطي لبطليمو�س ،وكتاب العنا�صر لإقليد�س .ويبدو �أن كتاب ال�سيد هانتا قد تُرجم بادئ ذي بدء �إلى اللغة البهلوية ،ولعل ذلك قد تم في مدينة جنديا�سابور على يد ال�سا�سان. ولم يحت ِو الكتاب على جداول وخرائط للنجوم فح�سب ،ولكنه �ضم ك��ذل��ك عمليات ريا�ضية وهند�سية .و�إن كان الكتاب يت�سم بقدر كبير من الغمو�ض ،ما يجعل من الع�سير متابعته. وهناك رواي��ة م�شكوك في �صحتها ال تُرجِ ع ترجمة ال�سندهند �إلى زمن الخليفة المن�صور، لكنها ت�شرح كذلك �أ�سباب عدم الو�ضوح الذي يعتور الن�ص .وت��روي الق�صة كيف �أن العرب فتحوا بالد ال�سند وا�ستقروا بها (تمثل ال�سند هند في الوقت الراهن �أحد مناطق باك�ستان) في �أول عهد الإ�سالم. وعندما و�صل العبا�سيون �إلى ال�سلطة ،انتهز الم�سلمون المقيمون ف��ي منطقة ال�سندهند الفر�صة و�أعلنوا ا�ستقاللهم .لكن المن�صور لم ير�ض عن ذلك ،و�أر�سل جي�ش ًا لقمع التمرد .وبعد �أن انت�صر ،و�صل وفد من ال�سند المهزومين �إلى بغداد. وكان في المجل�س حكيم هندي يُدعى كانكاه، وك��ان يتكلم العربية والفار�سية ،وك��ان يتعين ت��رج�م��ة ح��دي�ث��ه ال ��ذي ي�صف ع�ج��ائ��ب الفلك
اجلوبة -خريف 1435هـ 69
70
لقد تم �إن�شاء �أول مكان لطباعة ال��ورق في االم�ب��راط��وري��ة العبا�سية ف��ي مدينة �سمرقند ف��ي �آ�سيا الو�سطى ،على ط��ري��ق الحرير بين ال�صين وال�غ��رب .وق��د كانت تلك المدينة من �أعظم المدن في االمبراطورية الفار�سية حتى قبل و�صول الإ�سالم بمئات ال�سنين ،كما �أنها وا�صلت دورها بعد الإ�سالم كمركز للعلم .لقد هزم جي�ش الم�سلمين ال�صينيين عام 751م على �ضفاف نهر الطال�س ،على بعد مئات الأميال �إلى ال�شمال الغربي من �سمرقند في بالد قرغي�ستان الحالية .ولقد �سجل ذل��ك االنت�صار العبا�سي ما يعد �أق�صى تو�سّ ع و�صلت �إليه �ساللة التانج ال�صينية �إلى الغرب ،لكنه �سجل كذلك �أق�صى تو�سّ عٍ �إ�سالمي لالمبراطورية الإ�سالمية في �شرقي �آ�سيا.
لكن حتى القرن التا�سع ،بد�أنا نرى من بين علماء وفال�سفة الم�سلمين مَ ن ر�أى �أن العقالنية والنزعة العلمية تتعار�ض مع التنجيم ال��ذي ال م�صاف علوم �أخ��رى ،كالريا�ضيات ِّ يرقى �إل��ى والفلك .وم��ع ذل��ك ..فقد ا�ستمر بع�ض علماء الم�سلمين ف��ي النظر ب��اح��ت��رام ل��ذل��ك العلم، ومنهم ال�خ��وارزم��ي .وق��د م�ضى بع�ض العلماء لإب��داء اهتمامهم بعلم التنجيم ،حتى يح�صلوا على دعم مادي لم�شاريعهم ،ومن ه�ؤالء العالم الفار�سي الطو�سي ،ال��ذي ادع��ى اهتمامه بعلم التنجيم ليقنع الحاكم المغولي هوالكوخان بتمويل مر�صده الجديد في مدينة ماراجا في �شمال غربي ب�لاد فار�س في منت�صف القرن الثالث ع�شر .لكن لو رجعنا �إلى القرن الثامن لوجدنا ذل��ك الهو�س ال��وا��س��ع بعلم التنجيم، وم��ا يهمنا هنا هو �أن��ه ك��ان من بين من تم وهو الأمر الذي �أذكى �شعلة الترجمة بالأعمال �أ�سرهم من ال�صينيين ،مَ ن كانت لديهم الدراية اليونانية. والمعرفة ب�صناعة ال��ورق ،وهو اختراع تم في �أما العامل الثالث الذي لعب دور ًا في توطيد ال�صين ف��ي ال�ق��رن ال�ت��ال��ي .وق��د ت��م نقل تلك حركة الترجمة ،فقد تمثل في م�صادفة الو�صول المعرفة التكنولوجية �إلى �سمرقند .وقد كانت �إل��ى �أن ��واع ج��دي��دة م��ن التكنولوجيا .لقد �أدى معرفة ال�صينيين �ضرورية لبناء مكان لطباعة اجلوبة -خريف 1435هـ
وبالتوازي مع ذلك ،ظهرت تكنولوجيا �إنتاج الكتب؛ �إذ تم تطوير الألياف والأحبار والل�صق والجلود و�أ�ساليب تجليد الكتب ،وكل ذلك ظهر �إ ّب��ان وق� ٍ�ت وجيزٍ للغاية .و�سرعان ما �أ�ضحى ال��ورق �أرخ�ص م��ادة للكتابة ،مقارنة بالبردي والجلود .و�أ�صبح من الممكن �إنتاج نُ�سخ متعددة من الن�صو�ص من جانب فريق متكامل من ال َك َت َب ِة الذين كانوا يعملون جنب ًا �إلى جنب. وقد �سبق اختراع ال��ورق ذات��ه اختراع فكرة التجليد ذاتها .وقد ا�ستخدم الرومان والإغريق هذه الفكرة بادئ ذي بدء اعتماد ًا على البردي وجلود الحيوانات ،ويقال �إن �صفحات القر�آن على عهد النبي محمد �صلى اهلل عليه و�سلم قد تم الحفاظ عليها على �ألواح خ�شبية. ولذا ،ف�إن حركة الترجمة تدين في بداياتها لذلك ال�شغف الذي حظيت به الثقافة الفار�سية، وكذلك لعلم التنجيم الذي �شغف به العبا�سيون، و�إلى ظهور تكنولوجيا �صناعة الورق التي تعلّمها العبا�سيون من ال�صين .لكن ما �إن بد�أت حركة الترجمة تكت�سب زخماً� ،أدى ال�شغف بترجمة الن�صو�ص القديمة �إل��ى ب��زوغ الع�صر الذهبي للعلم العربي .وقد حدثت زي��ادة م�ضطردة في عدد الكتب المترجمة على عهد هارون الر�شيد (809- 786م) ،كما بد�أ المترجمون يترجمون ن�صو�ص ًا طبية وفلكية وريا�ضية ع��ن اللغات اليونانية وال�سريانية والفار�سية والهندية .لكن حتى في هذه المرحلة المبكرة ،كان المترجمون ُي�ب��دون حر�ص ًا بالغ ًا في اختيار المخطوطات
و�سُ رعان ما تم ال�سعي للح�صول على تلك الأ�صول اليونانية .وعند هذا المنعطف ،تحول العلماء الم�سلمون ،ورعاة الترجمة من االهتمام بترجمة الن�صو�ص العلمية؛ كعلم التنجيم والطب وال��زراع��ة� ،إل��ى العلوم الريا�ضية وعلم الفلك. ولعل ما كان غائب ًا عن هذه القائمة المبدئية هما عَ لَما الفل�سفة اليونانية� :أفالطون و�أر�سطو .ولذا، ف��إن الحركة المت�أخّ رة للترجمة عن اليونانية والعربية �إلى الالتينية بد�أت بالفل�سفة ،ب�سبب الرغبة ف��ي فهم تلك الأع��م��ال العظيمة .لكن االهتمام بالفل�سفة على يد العلماء الم�سلمين جاء مت�أخر ًا ن�سبياً ،لكنه انطلق ب�سرعة كبيرة نتيجة ل�شعور العلماء الم�سلمين ب�أنهم يفتقدون �إلى اال�ستدالل ومهارات فن الجدل ،ال�سيما في الم�سائل الدينية وذلك مقارنة بالمهارات التي ت��واف��رت لنظرائهم من الم�سيحيين واليهود، الذين كانوا في ذلك الحين على �إطالع ب�أعمال �أر�سطو و�أف�لاط��ون ،وكانوا من َث��مَّ �أكثر دراي��ة بمناحي الجدل المنطقي. وم��ن المثير هنا �أن نالحظ �أن ع ��دد ًا من العلماء والفال�سفة اليهود قد �أ�سهموا �إ�سهام ًا كبير ًا في الفكر والثقافة في بغداد ،و�إن كانت �أع�م��ال�ه��م ق��د كتبت ف��ي مجملها بالعربية ال بالعبرية .ومن ه ��ؤالء؛ الطبري (حوالي -786 845م) ،ال ��ذي �أت ��ى �إل ��ى ب �غ��داد ،و ُي �ق��ال �إن��ه تولّى �إح��دى �أول��ى الترجمات المعروفة ،لكتاب
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
والريا�ضيات الهندية �إلى الفار�سية عن طريق مترجم ف��وري ،ومن ثم �إلى العربية عن طريق مترجم فوري �آخر ،وتلك عملية �أدت في نهاية المطاف �إل��ى غمو�ض ما قاله .وق��د ك��ان ذلك الحكيم ي�صف كتاب ال�سيدهانتا لبراهماجوبتا. لكن علماء الم�سلمين ومنهم البيروني في القرن الحادي ع�شر رف�ضوا هذه الق�صة من منطلق �أنها لم تحدث على الأرج��ح ،وقد ذك��روا �أن الأرجح هو �أن ال�سند هند كانت ترجمة لن�سخة فار�سية كانت موجودة بالفعل في مدينة جنديا�سابور. ولكن الحقيقة المرجّ حة الوحيدة هنا هو �أن ال�سيد هانتا قد ترجمت مرتين في طريقها �إلى اللغة العربية.
ال��و��ص��ول �إل��ى علوم مثل الهند�سة التي كانت مطلوبة لإنجاز الم�شاريع الهند�سية كالج�سور ذات الأقوا�س ،والعجالت المائية والقنوات؛ �أدى كل ذلك �إلى �ضرورة الح�صول على بيانات فلكية دقيقة للتنب�ؤ بالأطوار المختلفة للقمر لتحديد الوقت بدقة ،وكان لعلم الح�ساب دور حيوي في المحا�سبة .وقد لعب كل ذلك دورا مهماً .لكن الأمر كذلك بالن�سبة لكافة الح�ضارات ال�سابقة، فبماذا �إذ ًا نف�سّ ر الزيادة الم�ضطردة المفاجئة في حجم الأعمال المترجمة؟ الواقع �أن و�صول نوع محدد جديد من التكنولوجيا ،هو الذي �أدى �إلى �إحداث هذا الفارق.
الورق ،وقد �ساعد على ذلك توفر المواد الخام التي تدخل في �صناعة ال��ورق .وقد ظهرت �أول مطابع بغداد في العقد الأخير من القرن الثامن.
التي يترجمونها .وكان يُقا�س ت�أثير العمل العلمي للترجمة بمدى ت�أثيره ،وكذلك �إ�ضافته العلمية، مقارنة بما قبله .وق��د �أدرك المترجمون �أن العديد من الأعمال مترجم عن �أ�صول يونانية.
اجلوبة -خريف 1435هـ 71
72
وي��رى بع�ض الم�ؤرخين �أن��ه على الرغم من �شغف العبا�سيين بكل ما هو فار�سي ،وبالتبعية لعلوم وث�ق��اف��ة الهند ف��ي ال���ش��رق ،ف���إن حركة والواقع �أن هناك وجهة نظر خاطئة ،تميل الترجمة ب�أ�سرها قد ارتكزت على علوم الإغريق، للتعاطف م��ع الثقافة وال �ت��اري��خ الفار�سيين، ولعل ذلك حقيقي �إلى حدٍّ ما. وهي ت�ستند �إلى �أ�سطورة �شيّقة ،ول��ذا ،ارت�أينا لقد �أدى تو�سع امبراطورية الإ�سكندر الأكبر �أن نذكرها ه�ن��ا .لقد غ��زا الإ��س�ك�ن��در الأك�ب��ر لت�صل �إلى تُخوم الهند ،قبل الإ�سالم بعدة قرون، االمبراطورية الفار�سية ع��ام 333ق.م وخلع �إلى نقل ثمار العلم اليوناني �إلى ما وراء الجزر �آخر ملوك فار�س ،داريو�س الثالث .وقد م�ضى اليونانية ،على الرغم من �أننا ال ينبغي �أن نغفل موكب الإ�سكندر في برو�سوبولي�س عا�صمة بالد طرق التجارة البحرية من م�صر ،والتي لعبت فار�س ،حيث وجد كتابات علمية في �شتى الفروع دور ًا مهم ًا في عملية النقل والترجمة .ويمكننا التي ر�أى الفر�س �أنها مقد�سة ،والتي و�صلت �أن نزعم هنا �أن هذه الحلقة التي كان مركزها �إليهم من زراد�شت نف�سه ،وهو �أحد �أنبيائهم. اليونان ،عبر الهند ،ثم �إلى ق�صور العبا�سيين في وقد �أمر الإ�سكندر بترجمة كل تلك الن�صو�ص بغداد هي التي �أدت �إلى ازدهار حركة الترجمة .من الفار�سية �إل��ى اليونانية ،ثم قام بعد ذلك وقد و�صلت المعرفة اليونانية كذلك �إلى العالم بالتخل�ص من الن�صو�ص الأ�صلية .وبعد ذلك العربي عبر المدن الم�سيحية المهمة ك�إنطاكية بمئات ال�سنين� ،أمر ملوك ال�سا�سان بجمع كل و�إدي�سا ،حيث ازده��رت الترجمة من اليونانية الأعمال اليونانية و�أع��ادوا ترجمتها من جديد �إل��ى ال�سريانية في القرون التي �سبقت و�صول �إلى اللغة الفار�سية .وبهذه الطريقة برر الفر�س الإ�سالم �إلى المنطقة. ا�ستخدامهم للمعرفة اليونانية في الطب والفلك ولعل العرب يدينون بالف�ضل كله ،وال�سيما والتنجيم ،لأنهم زعموا �أن تلك المعارف كانت في مجاالت الطب والفل�سفة ،لعلماء اليونان ،ملكهم ،لكن اليونان ا�ستولوا عليها. اجلوبة -خريف 1435هـ
وقد كان الرا�شد عالم ًا و�شاعراً ،كما كان من كبار رعاة الفن .وفي عهده بد�أ علماء الم�سلمين في درا�سة الأعمال العلمية اليونانية والهندية على نحو جديٍّ ،كما بد�أوا في دمج تلك المعارف في الثقافة العربية .وكان بالط الرا�شد في بغداد يعجّ بالفنانين ،والمو�سيقيين ،وال�شعراء ،وعلماء الدين من كافة الأ�صقاع والأم�صار .لكن وزيره جعفر البرمكي ،وكان معلم ًا للخليفة الم�أمون في �شبابه ،هو الذي �أ�شرف على م�شاريع الترجمة الأول ��ى .وك��ان للبرامكة ،الذين دعموا و�صول العبا�سيين �إل��ى ال�سلطة ،ومن ثم فقد كاف�أهم العبا�سيون بتعيينهم وزراء ،كان لهم اليد الطولى ومن المترجمين الم�سيحيين البارزين في في �إدارة الدولة .وكان البرامكة كذلك من �أ�شد بغداد في القرن التا�سع ،نذكر كو�ستا بن لوقا �أن�صار حركة الترجمة ،وذلك بغر�ض رفد ق�صور (ت��وف��ي نحو 912م) وك��ان ي��ون��ان�ي� ًا بيزنطياً. وكان ريا�ضيا بارعاً� .ش�أنه في ذلك �ش�أن �أغلب الخلفاء بالثقافة الفار�سية. مترجمي ع�صره .وق��د ب��رع ك��ذل��ك ف��ي الطب وم��ن الأ�سر الفار�سية الأخ��رى التي دعمت والفلك والفل�سفة؛ وينحدر �أ�صله �إل��ى مدينة حركة الترجمة عائلة بخت�شيوع .وقد تولى العديد بعلبك (هيليوبولي�س) في �سهل البقاع في لبنان. م��ن �أف ��راد ه��ذه العائلة ب�أنف�سهم عملية دعم وقد دعاه بع�ضهم� ،ش�أنه في ذلك �ش�أن حنين بن الترجمة ،وال�سيما ترجمة الن�صو�ص الطبية ا�سحاق ،للتحوّل �إلى الإ�سالم ،لكنه لم يفعل .ومن �إلى العربية .والواقع �أن الفر�س كانوا على دراية بين الكتب التي ترجمها من اليونانية �إلى العربية بن�صو�ص �أبو قراط وجالينو�س ،حتى قبل و�صول كتب ديوفنتو�س الريا�ضية ،وكتب �أر�ستارخو�س العبا�سيين �إلى الحكم ،وكان يتم تدري�س �أعمال وهو �أول عالم فلك يقترح وجود نموذج مركزي ه ��ؤالء الأط�ب��اء في مدينة جنديا�سابور .ولعل للنظام ال�شم�سي ،كما ترجم كذلك م�ؤلفات �أعظم المترجمين هنا ،كان الطبيب والمترجم جالينو�س .وق��د و�ضع كو�ستا كذلك ع��دد ًا من الم�سيحي حنين ب��ن �إ���س��ح��اق ،وك���ان �أع��ظ��م الأعمال الأ�صيلة في مجال الطب والهند�سة ،بل مترجمي ع�صره. و�ضع ر�سائل في الأ�سطرالب ،وهو �أهم الأدوات وم��ن العلماء ال��ذي��ن ا��س�ت�ف��ادوا م��ن الدعم الفلكية التي �سبقت التل�سكوب. الكبير الذي تم تقديمه لحركة الترجمة نذكر وعندما بد�أت الحركة العلمية في ال�صعود �إلى ثابت بن قرة (نحو 901-836م) وكان �صابئ ًا القمة ،في الن�صف الأول من القرن التا�سع ،مع م��ن م��دي�ن��ة ح� ��اران ف��ي ��ش�م��ال غ��رب��ي تركيا ظهور ترجمات لأعمال �أ�صلية في مجال الفلك،
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
المج�سطي لبطليمو�س �إلى العربية .وكان هذا العالم الفلكي اليهودي الذي يعني ا�سمه حرفي ًا «ابن الحاخام الطبر�ستاني»� ،إ�شارة �إلى مقاطعة في �شمالي �إيران ،كان قد ا�ستقر في بغداد �إبّان حكم الخليفة الرا�شد .وك��ان ابنه علي (نحو 870-838م) قد تحوّل �إلى الإ�سالم ،و�ألّف �أول مو�سوعة عربية في الطب ،كما �أنه تولّى فيما بعد تعليم محمد بن زكريا الرازي ،الذي �أ�صبح �أحد �أكبر الأطباء في تاريخ العرب.
من �أم��ث��ال� :أب��و ق��راط ،وجالينو�س ،و�أفالطون و�أر�سطو .والواقع �أنه حتى في مجال الهند�سة ك��ذل��ك ،ل��م يكن للهنود �أو الفر�س �إال معرفة محدودة .لكن من الظلم �أن نغفل �إ�سهامهم في تطور العلم العربي �إ ّب��ان حركة الترجمة .لأن العالم الإ��س�لام��ي� ،إن لم يتعر�ض لريا�ضيات الهند ،لم يكن له �أن يتعرف على مفهوم الأعداد الع�شرية� ،أو هند�سة المثلثات وهي بالغة الأهمية في علم الفلك .والواقع �أن علم الفلك العربي يعد ام�ت��داد ًا لعمل خبراء الفلك الفر�س ،وهو نف�سه لم يكن له ليتطور من دون التعرف على الريا�ضيات الهندية.
الحالية .وقد تولى ثابت ترجمة �أعمال �أقليد�س و�أرخميد�س و�أبو لونيو�س وبطليمو�س الريا�ضية، كما �أع ّد كذلك ملخ�صات وافية لأعمال �أر�سطو. لكن ثابت كان كذلك ريا�ضي ًا المعاً ،فو�ضع عدد ًا من الأعمال في الهند�سة والإ�ستاتيكا ،والمربعات ال�سحرية ونظرية الأعداد .وقد م�ضى �إلى �أبعد من ذلك ،فو�ضع م�ؤلفات في الفلك عندما بلغ به العمر �أرذل ��ه .وق��د عيّنه الخليفة العبا�سي المعت�ضد فلكي ًا في ق�صره ،وقد تُرجمت �أعماله هو �شخ�صي ًا فيما بعد �إلى اللغة الالتينية ،وكان لها ت�أثير كبير على الغرب.
اجلوبة -خريف 1435هـ 73
وق��د تُرجم العديد من الن�صو�ص اليونانية المهمة �إل��ى العربية ع��دة م��رات .وم��ن الأمثلة الجدّية على ذلك كتاب العنا�صر لإقليد�س ،والذي كان له ت�أثير بالغ الأهمية على علوم الريا�ضيات في العهد الإ�سالمي .وقد تولى الترجمة الأولى لهذا الكتاب الحجّ اج بن يو�سف �إبّان حكم الرا�شد ف��ي ب��داي��ة ال �ق��رن ال�ت��ا��س��ع .ث��م ت��ول��ى المترجم نف�سه �إعداد ترجمة ثانية لذات الكتاب للخليفة ال�م��أم��ون .وق��د ترجم الن�ص كذلك حنين ابن * هذه ترجمة للف�صل الثالث من كتاب:
74
لكن حركة الترجمة و�صلت �إل��ى نهايتها مع الن�صف الثاني من القرن العا�شر ،وال يُعزى ذلك �إل��ى ت��راج��ع االهتمام بالعلم ،ولكن لأن حركة الترجمة و�صلت �إلى �أوجها ،فلم تعد هناك حاجة ما�سّ ة �إليها .لقد تم عند ذلك التاريخ ترجمة كل الأعمال المهمة ،و�إع��ادة ترجمتها ،ودرا�ستها، والتعليق عليها ،وه��و م��ا �أدى �إل��ى ظهور العلم العربي .والواقع �أن بع�ض �أهم الأعمال اليونانية العظيمة ،ككتاب المج�سطي لبطليمو�س ،لم يعد يُنظر �إليها على �أنها تمثل «قمة التطور العلمي»، حيث تجاوزتها �أع�م��ال �أك�ث��ر ت�ط��ور ًا ف��ي مجال الفلك .وعند ذلك اندمجت الحركة العلمية في مناخ بغداد الثقافي .لكن �أعظم علماء الإ�سالم كان قد �سبق هذه الفترة بجيل كامل وما تزال حياته و�إنجازاته يحيط بها الغمو�ض ،وهو يُعرف في الغرب با�سم جابر الكيميائي.
Jim Al-Khalili (2012). Pathfinders: The Golden Age of
.)Arabic Science. Penguin Books, London, UK (pp. 35-48 ** �أ�ستاذ باحث بمعهد ل�شبونة الجامعي ،ل�شبونة ،البرتغال. اجلوبة -خريف 1435هـ
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
والجغرافيا ،والريا�ضيات ،والطب؛ ب��د�أ العرب كذلك يبحثون في تلك العلوم ،ما دعا �إلى المزيد م��ن الطلب على الترجمة الدقيقة للن�صو�ص اليونانية �إلى العربية .وقد �ألهمت المعرفة التي تم الح�صول عليها من تلك الن�صو�ص الكثير من العرب ،لدرجة �أنهم كر�سوا حياتهم لدرا�سة تلك الموا�ضيع .ففي عهد الم�أمون ،كانت درا�سة كتاب المج�سطي لبطليمو�س ت�شكل جزء ًا ال يتجز�أ من الإع��داد العلمي لأي عالم .وكانت المعرفة التي تم الح�صول عليها من ه��ذا الكتاب المهم هي التي مهدت الطريق لبناء المرا�صد الأول��ى في بغداد ودم�شق �إبّان حكم الم�أمون لالمبراطورية الإ�سالمية .وقد عين الم�أمون في بالطه علماء فلك ،وتولى ه ��ؤالء الدرا�سة المنهجية الدقيقة لر�صد وت�ح�رّي م��دى دق��ة خرائط النجوم التي �أتى بها بطليمو�س .وقد مهّد ذلك لع�صر الفلك العربي الذي امتد لما يناهز �سبعمائة �سنة ،وهو ما �أدى في نهاية المطاف �إلى بناء ج�سر علمي بين الإغريق وبين ثورة كوبر نيكو�س في �أوربا التي �أدت �إلى ميالد علم الفلك الحديث.
ا�سحاق ،ثم تولى ثابت بن قرة ت�صحيح ترجمة حنين .وفي نهاية المطاف ،تولى الطو�سي عملية الترجمة للكتاب نف�سه بعد الترجمة الأول��ى نحو �أربعة قرون .ولعل الكتاب قد �أخذ طريقه �إلى �أوربا على يد هذه الترجمة المت�أخرة �إل��ى الالتينية. ويُقال �إن الخليفة المن�صور كان على دراية بكتاب العنا�صر ،وقد �أخبره بذلك عدد من الق�ساو�سة الم�سيحيين ،ف ��أم��ر بن�سخة م��ن االم �ب��راط��ور البيزنطي .لكن هناك جدل حول دقة الترجمة العربية لكتاب العنا�صر على عهد المن�صور، كما هو الحال بالن�سبة للكتب الريا�ضية التي تم ترجمتها مبكر ًا في عهد العبا�سيين.
رواية �شيخ الرماية: نحو ر�ؤية �سردية جديدة للعالم ■ رفعت الكنياري*
بعد روا َي��� َت���يّ «ال��م�����ص��ري» و«ب��اري��و م��ال��ق��ة» ،يطالعنا ال��ك��ات��ب وال��ن��اق��د الأك��ادي��م��ي المغربي محمد �أنقار برواية جديدة مو�سومة بعنوان�« :شيخ الرماية» .وهي رواية من الحجم المتو�سطـ ،تتوزّع �أحداثها على ثالثة ف�صول ،يحمل كل ف�صل ا�سم �شخ�صية مف�صلية؛ لتلعب عتبة العناوين الرئي�سة والثانوية دور الدعائم الأ�سا�س في توجيه دفّة الأطروحة التي تتبناها الرواية ،وفي فر�ض �سلطتها الجمالية� ،ضمن ن�سق محكم الن�سج ،ودهاء روائي نتج عن مرا�س في الأدب وفنونه .كذا ،بالنقد ومعاييره� ،إذ رواية محمد �أنقار هي رواية ناقد له ت�صوّره الخا�ص عن الأدب ،وعن الح�سا�سيات الجمالية، والذي بلوره في ما يُعرّفه هو بم�شروع ال�صورة الروائية( .)1كما �أنها رواية رجل خبر ال�سرد و�أفانينه ،وذل��ك ب�أنه راك��م مجموعة من الن�صو�ص الق�ص�صية قبل �أن يكتب الرواية الأولى له ،والتي �صدرت عن من�شورات الهالل الم�صرية بعنوان «الم�صري». الأدب عند �أنقار� ،إذاً ،م�شروع �إن�ساني، يبحث فيه الإن�سان عن ذل��ك «الإن�سان ال��ذي ي�سكننا»؛ فقد بعدت ال�شقة بين الإن�سان ونف�سه ،ف�صار يراها من خالل ما ي�صوّره له هذا العالم المخيف ،ال يرى نف�سه �إال من خالل مر�آة الإعالم ومفاهيم اال�ستهالك ،لقد �ضاع الإن�سان في تيه
ال �م��ادة ،وم��ا الأدب �إال �شوق ال��روح �إلى معينها المترقرق الأول ،وع��ودة بها �إلى لحظات الإ�شراق الأولى حين كان الإن�سان يتعرف على الأ��ش�ي��اء ب�سذاجة .لذلك، ف��إن مهمة الكاتب هي م�سلة تلك الأم��ور التي �أ�صبحت تبدو لنا بدهية ،والتغلغل في عمقها ومعرفة �سرها المكنون ،وفي
اجلوبة -خريف 1435هـ 75
76
ال ��رواي ��ة ت���س��رد ق���ص��ة م�ح�م��د ،الإن �� �س��ان الب�سيط ال��ذي يبحث عن حكايات ج��ده �شيخ الرماية؛ ونظرا لأنه ال يمتلك الكفاية اللغوية والقدرة الإبداعية على �صوغ الأح��داث ،ف�إنه �سينيط ب�صديقه عبدالرزاق مهمة م�ساعدته على كتابة الأح ��داث .ينطلق ال�صديقان في مغامرة البحث عن ال�شيخ ،وهناك تعتر�ضهم �صعوبات ذلّلوها ب��الإ��ص��رار وال�ك�دّ ،متتبعين م�آثر �شيخ الرماية ،وكل منهما تحرّكه نوازع �إن�سانية تجمعها في بوتقة واح��دة الرغبة في تحقيق الذات ال�ضائعة .فمحمد ،الباحث عن �سرِّ الجدِّ ،يحمل رغبات ظاهرة تتعلق بالرغبة في الك�شف عن الإرث القديم لجده� ،إذ يعمل التداعي الذي تتيحه له المرويات التي يجمعها من فم ال�شيوخ ،ومن القرى المتاخمة للمدينة، اجلوبة -خريف 1435هـ
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
النهاية الك�شف عن �أنماط �إن�سانية �أخرى غير الأنماط «ال�شائعة» والتي يمكن �أن تكون �أكثر �إن�سانية مما نعرفه الآن حتى عن �أنف�سنا .يقول عبد ال��رزاق وهو �أحد �أبطال الرواية�« :أ�شعر الآن بارتياح �إثر �إ�سهامي في م�ساعدة محمد على �صياغة �أخباره ،وحكايات جده ،وتفا�صيل بع�ض مغامراته الن�سائية؛ بل حتى م�ساعدته ع�ل��ى االق� �ت ��راب م��ن ف�ه��م ن�ف���س��ه ،م��ن خ�لال الإن�صات �إليه وم�شاركته وجدانيا» �ص� .22إنها فل�سفة عميقة ..وفي نف�س الآن لطيفة ،تقدم لك العالم في ر�ؤية �شفيفة ،وتترك لك المجال لتعيد قراءة ذاتك في �ضوء ح�سا�سية جديدة تنطبع في كيانك على �إثر تغلغلها فيه ،وذلك ب��ده��اء ال يت�سنى �إال لكبار الروائيين الذين �أثّروا في العالم �أكثر من عظماء القادة وكبار المفكرين �أحيانا.
بل ومن المكتبات الوطنية ..فقد تج�شّ م عناء �أك�ث��ر؟ يجيب ت ��ودوروف ب ��أن الهدف النهائي ال�سفر م��رار ًا في الرواية .يعمل هذا التداعي للأدب هو تحقيق معرفة �أعمق بالإن�سان. ع�ل��ى خ�ل��ق رغ�ب��ة ف��ي ال�ح�ي��اة ل��دي��ه ،ك�م��ا �أن��ه �إن بحث مَ حمد عن �سر جده «العارف» وعثوره يعوّ�ض النق�ص الذي يح�سّ ه تجاه الن�ساء جراء على مروياته الخارقة في نهاية المطاف ،لهو �إخفاقاته المتعددة تجاه هذا الجن�س اللطيف. دعوة �إلى �إعادة النظر في الخيالي والخارق بما كما �أن هذه التقنية في البحث تخلق �إمكانات هما جزء ال يتجز�أ من كياننا الإن�ساني .فلربما �سردية ممتعة ت�ش ُّد ال �ق��ارئ �إل��ى الأح ��داث، في ذلك الخارق من العقالنية ما ال نعيه ،ولكن وتقحمه في ت�سا�ؤالت الن�ص. علينا �أن نح�سن الإن�صات �إلى نوازعنا الدفينة، �سي�ستمر ال�صديقان ف��ي البحث �إل��ى �أن فما تمار�سه الحياة ب�ضغوطها علينا الآن ال ي�صال �إلى دوار ال�شقاقرة ،حيث �سيعثران على يعدم «العقالنية» عما ن��راه ف��ي الأ��س�ط��ورة، خيط الق�صة؛ وهنا �سيتمحور الحكي حول فنحن نعي�ش الأ�سطورة من جديد. �شخ�صية ال�شيخ الخارقة� .إذ �سترد �أخباره على �أ�سا�س هذه المغامرة الطريفة ،يبني على �شكل مرويات خ�ص�ص لها الكاتب الف�صل الثالث والذي عنونه بـ«ال�شيخ» .هذه المرويات الن�ص �إمتاعه ،ويجعل المتلقّي يتورط في عملية هي زبدة ما كان يبحث عنه ال�صديقان .وهي تتبع الأحداث ب�شغف ،وفي الآن نف�سه ينخرط ت��راوح ما بين �أخ�ب��ار عادية و�أخ�ب��ار كرامات في عملية التفكير التي يدعوه الن�ص من خالل خارقة يتحد فيها العجيب بالغريب بالواقعي ،فل�سفته الداخلية �إلى ممار�ستها ،وي�صوغها لك كما �أنها ت�سرد ب�شكل محايد لتترك القارئ الكاتب في ثوب ق�شيب ،مليء بالمتعة والإثارة. في ده�شة من �أمره �أمام هذا الركام العجيب يقول ميالن كونديرا« :ال يمكن للإن�سان من الأح ��داث .حيث ي�صبح الخيالي بمنزلة �أن يدرك ماذا عليه �أن يفعل لأنه ال يملك �إال الحقيقي والعك�س. حياة واحدة ،ال ي�سعه مقارنتها بحيوات �سابقة �إنَّ «�شيخ الرماية» ن�ص يحاور ب�شكل غير وال �إ�صالحها في حيوات الحقة» .مَ حمد رمز مبا�شر مفاهيم كرّ�سها الفكر المابعد حداثي ،للإن�سان في بحثه عن معرفة نف�سه ،وال�سبيل وال��ذي ق� ّد���س العلوم الإن�سانية على ح�ساب �أحد �أمرين :الغو�ص في الما�ضي ،في الأ�صل.. الإن�سان وكينونته وعالمه الداخلي الذي يحتاج وا�ست�شراف تجليه في الم�ستقبل .وهو ما تمثل �إلى مزيد من الت�أمل والإن�صات .لذلك ،فقد في بحثه عن جده الذي يمثل �أ�صال م�شرفا يعود حملت الرواية على عاتقها لواء فهم الإن�سان �إليه� .أ�صل يمثل المعرفة ال�صحيحة� .أو لي�س بما هو �إن�سان .الإن�سان الذي يبحث عن حلول العالم العربي الآن ينظر �إلى الما�ضي بالنظرة لكومة الأ�سرار التي �أحاطه بها الوجود ،هذا نف�سها؟ مَ حمد يبحث� ،أي�ضاً ،عن امتدادٍ له البحث المتوا�صل هو الذي حقق المعرفة .ف�أي في الم�ستقبل ،من خ�لال البحث المتوا�صل معرفة هي التي تحقق معرفة الإن�سان بوجوده ع��ن �شريكه عمر .ل�م��اذا ال ينجح مَ حمد في
اجلوبة -خريف 1435هـ 77
الرواية �أي�ضا جاءت نتيجة حوار مع �أعمال �إبداعية عالمية ،وم�شاركة لهذا الركام الأدبي في تحليل الإن�سان� ،إذ كرّ�ست مبد�أ المغامرة كما هو الحال مع �سيرفانت�س الذي يرى �أن فهم العالم �شيء غام�ض ،يتطلب قوة ال تقل عظمة عن «�أنا ديكارت» ،كما يرى «كونديرا» .لذلك ،فـ «محمد» الإن�سان الب�سيط من الناحية الثقافية يخو�ض المغامرة ،ي�ساعده في ذلك عبد الرزاق الأكثر ثقافة .يجب على الكل مهما كانت ثقافته �أن ينخرط في م�شروع البحث عن الذات� ،أما مبد�أ التفوي�ض الذي يعي�شه العالم العربي فلن ي�ؤدي بنا �إال �إلى مزيد من االنطما�س.
78
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
الح�صول على امتداد في الم�ستقبل ،فيف�شل في جميع عالقاته مع الجن�س الآخر؟ �ألأنه ال يريد �أن يتنازل عن ترفعه لم�صلحة امر�أة؟ �أم لأنه ما يزال ينظر �إلى المر�أة على �أنها �شيء؟ �شيء يزعج �إذا ما ناق�ش �أو �أبدى ر�أيا!؟
خزانة �شهرزاد
نحو قراءات جديدة للأنواع ال�سردية علبة الأ�سرار وم�ستويات المحكي العجائبي الكاتب محمد �أنقار
تماماً ،كما هو الحال عند «جوي�س».
■ ر�شيد اخلديري*
لقد عكفت «�شيخ الرماية» -خا�صة الف�صل الثالث -على ت��أم��ل ت��دخ��ل الالعقالني في ال�سلوك الب�شري ،كما هو الحال في رواي��ات «تول�ستوي» ،باعتبار الالعقالني يدخل لي�س بال�ضرورة في الواقع� ،إنما في الوجود بو�صفه ت�����س��ب��ر ال���رواي���ة ال��ل��ح��ظ��ة ال��م��ا���ض��ي��ة بكل حقال للإمكانات الإن�سانية .فهل يبني الإن�سان غمو�ضها .تعيد كتابة التاريخ بر�ؤيا �أكثر حيادية. م�ع��رف�ت��ه ب��وج��وده م��ن خ�ل�ال ن��ظ��رة �أح��ادي��ة تعيد �إل��ى الحا�ضر لحظات الما�ضي ،كما هو محكومة ب�شروط «علمية» تبث كل يوم ن�سبيتها. الحال عند برو�ست ،وتترك للقارئ حق تنظيم يبدو �أن �شيخ الرماية تحاول �أن ت�ؤ�س�س لفهم التاريخ وقراءته .ثم تالعب اللحظة الحا�ضرة التي ال يمكن القب�ض عليها� .إنها لحظة مائعة جديد للعالم والوجود.
يُمثّل كتاب «خ��زان��ة �شهرزاد ،الأن���واع ال�سردية في �أل��ف ليلة وليلة» للباحثة الدكتورة �سعاد م�سكين �إ�ضافة في نوعه للمكتبة ال وتمثالت جمالية ال�سردية العربية ،منجزا ن�صياً و�أفقاً متخي ً ووظيفية لمفهوم الأن����واع ال�����س��ردي��ة؛ ولي�س ج��زاف��اً �أن تختار ال��ب��اح��ث��ة ك��ت��اب «�أل����ف ليلة ول��ي��ل��ة» ،م��و���ض��وع درا���س��ت��ه��ا وم��ح��ور ان�شغالها؛ بل ه��ذا الكتاب يمثل نموذجاً حيا من نماذج الكتب التراثية التي يُراهَن عليها من �أج��ل ت�أثيت الأعمال ال�سردية. وال�شك �أن «كتاب �أل��ف ليلة وليلة» له قيمة تاريخية وهوياتية وجمالية؛ فهو يعك�س تلك العلبة المملوءة بالأ�سرار والمحكي العجائبي وتمثالث الخيوط ال�سردية� .أ�شارت �سعاد م�سكين في مقدمة الكتاب �إلى �أن «الليالي» بمفهومها الثقافي الفكري تعك�س الوعي الكليّ بالأن�ساق والنظم الحكائية والبنائية ،وقد تُمكِّننا من �صياغة نظرية �سردية عربية ،بمقدورها محاكاة الواقع العربي ،والخروج من جدلية الحقيقة والوهم في درا�سة الم�صادر التراثية التاريخية.
* كاتب من المغرب. ( )1انكف�أ الكاتب ،منذ بداياته الأكاديمية ،على تطوير ت�صور نقدي يروم تطوير �أدوات بالغية جمالية وتداولية لقراءة الأدب الإن�ساني ،وقد كتب في هذا ال�صدد كتابات نقدية منها :بناء ال�صورة في الرواية اال�ستعمارية، �صورة عطيل ،بالغة الن�ص الم�سرحي ،ظم�أ الروح �أو بالغة ال�سمات في رواية نقطة النور ..وقد �أثبت الناقد والكاتب محمد �أنقار عن كفاية تحليلية م�ستغرقة لهذا المعيار الذي يُعرّفه في �أحد حواراته ب�أن« :ال�صورة لي�ست مجرد حلبة بالغية ،و�إنما هي و�سيلة توا�صلية �إن�سانية ،ن�سخّ رها يوميا في حياتنا المعي�شة ،ون�ستغلها في �ش�ؤون تفكيرنا وكتاباتنا� ،أحالمنا وكواب�سنا .وفي �ضوء هذا الخاطر التداولي �أحد�س �أن ال�صورة قد تنوب عن البالغة برمّتها� ،أو عن مجموع �ألوان التو�شية تعبيرية� ،أو �أن تغدو بابا من �أبواب البالغة الرئي�سة».
وق��د ح��اول��ت الباحثة ر�صد مكونات الخطاب ال�سردي في «�ألف ليلة وليلة»، من خالل طرح بع�ض الأ�سئلة االفترا�ضية كمحور لال�شتغال على الأن�ساق الداللية والبنائية ،ك�شكل من �أ�شكال الخروج من «الم�أزق» النظري نحو وعي جديد بقيمة
اجلوبة -خريف 1435هـ
ال�ت��راث العربي ال���س��ردي .وث�م� َة �س�ؤال جوهري مُ حدِّ د لطبيعة هذه الأن�ساق :هل يمكن لتجلٍّ ن�صيٍّ مثل «�ألف ليلة وليلة» �أن يولِّد لنا نظرية في الأنواع ال�سردية؟ �س�ؤال كهذا يبدو متاهة في ظل ارتباط النظريات ال�سردية بمعيارية الخطاب اجلوبة -خريف 1435هـ 79
80
�إنَّ الباحثة �سعاد م�سكين من خالل نب�شها في هذا ال�ك�ت��اب ،ت �ح��اول «ا�ستنبات» ق���راءات ج��دي��دة للمتن ال�سردي ،وتجاوز المتون ال�سردية القديمة م�ستفيدة- كما قلنا -م��ن النظريات ال��واف��دة ب��ر�ؤاه��ا الحديثة للأعمال الأدب�ي��ة ،وال غ��رو �أن ه��ذا الحفر العميق في «الليالي» لكونها م�صدر الحكي ُيعَدَّ مجازفة في لملمة ت�صورات حكائية لخزانة �شهرزاد ،وهذا ما �أ�شار �إليه الدكتور �سعيد يقطين في تقديمه للكتاب؛ كون المو�ضوع معقد و�شائك ،وما يزال يثير الكثير من الأ�سئلة فيما يتعلق بنظرية «الأجنا�س الأدبية» ،رغم �أن �سعاد م�سكين �سعت من منظور مختلف �إلى ترتيب هذه الخزانة الثرية وفق ت�صورات �أجنا�سية جديدة ،ومن ثم يبقى رهان مقاربة النظم الحكائية و�أن�ساقها داخل الن�ص محكوم بطبيعة هذه الأنظمة وطرق تفاعلها مع باقي الم�ستويات الأخرى .كذلك تنبهت الباحثة �إلى ال�سمات العامة التي تميزت بها الأن��واع ال�سردية ،وحاولت جاهدة تفكيك علبة الأ�سرار بالإتكال على درا�سة ال�صفات المتغيرة والمتحوّلة لليالي ،وت�صنيفها وف��ق «فهر�سة» جديدة تراعي الخ�صو�صيات ال�سردية ،فو�ضعت كل نوع �سردي في �إطاره المنا�سب �ضمن ن�سق نقدي يعتمد على ثالثة معايير :ال�شكل -المو�ضوع -الوظيفة ،تحققا للمق�صدية الن�صية في ان�سجام تام مع الت�شكّالت الخطابية ،كما اجلوبة -خريف 1435هـ
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
وان�شغاله بالتحوّالت العميقة للأن�ساق ال�سردية ،نتيجة االحتكاك بـ«المناهج الوافدة» من ال�ضفة الأخرى من جهة ،ثم من جهة �أخرى تجدُّد الوعي الإن�ساني والعقل العربي ب�شكل خا�ص؛ رغ��م �أن �سعاد م�سكين حاولت ال��م��زاوج��ة بين م��ا ه��و تنظيري وم��ا ه��و تجريبي في �أفق ت�أ�سي�س نظرية الأجنا�س الأدبية ،ككيان متحرك ومتج�سد داخل الممار�سة ال�سردية ب�صفة عامة.
�أنها رك��زت على عن�صر «الثقافة ال�شفهية» في تمرير الخطاب ،والذي يحتمل ال�صدق �أو الكذب ،في �إ�شارة �إلى الراوي والمروي بين الأمانة والوثوقية .و�إن يكن ،فخزانة �شهرزاد ب�ق��در م��ا تعتمد على التلقائية ف��ي ال�سرد والحكي ،ف�إنها خا�ضعة �أي�ضا ل�سرد تراكمي يروم التجاور بين المحكيات ال تجاوزها .وفي هذا الإطار ميّزت �سعاد م�سكين بين الحكاية الجادة �أو «الحكاية القدرية» التي تتحكم في م�صير ال��ذات والفرد ،ثم الحكاية الهزلية ال �ت��ي تتميز ب�ط��اب��ع ال�م�ف��ارق��ة وال�م�غ��اي��رة، والحكاية العجيبة التي ت�سعى �إل��ى تحيين الممكن والمحتمل. ه��ذا الكتاب ي�ح��اول الك�شف ع��ن الأن��واع ال�سردية وتمظهراتها داخ���ل ع��ال��م م�سيّج بعوالم �شتى؛ ال�سيما �أن «�ألف ليلة وليلة» ُي َع ُّد كتابا تراثيا ين�شغل �أكثرَ ب�سرود داخل ال�سرد، لذلك ف�إن الخ�صي�صات البنائية والجمالية
والوظيفية خا�ضعة –بال�ضرورة -لمنطق ��س��ردي ي��روم التعبير ع��ن م��واق��ف تاريخية و�إن�سانية وثقافية واجتماعية ،للتخفيف من مظاهر االخ��ت�لال النف�سي والعاطفي الذي تعي�شه الذات كنوع من التحدي� ،أو ردة فعل تجاه القيم ال�سائدة. ال �شك �أن �سعاد م�سكين ل��م تخرج عن الإطار النظري للأن�ساق ال�سردية ،لكن هذا الكتاب –في جوهره -يبقى دع��وة �صريحة للنقاد والباحثين في التراث من �أجل تتبّع هذا الم�شروع وتبنّي �أفكاره المرجعية ،واال�ستفادة م�ن��ه ف��ي �إ� �ض��اءة ال�م�ت��ن ال �� �س��ردي ال�ع��رب��ي، ومتابعة التطورات النقدية التي يعرفها الن�ص التراثي العربي ب�شكل خا�ص.
* �شاعر وناقد من المغرب.
اجلوبة -خريف 1435هـ 81
�أو البحث عن الوطن الم�ستباح ■ حممد العناز*
�صدر عن دار الأم��ان بالرباط ،رواي��ة جديدة للأديبة والناقدة المغربية زهور كرام .الرواية تحمل عنوانا دا ًال «غيثة تقطف القمر» ،والرواية من الحجم المتو�سط موزعة �إلى ع�شرين مقطعا مكثفا.
82
تتناول الرواية حكاية فتاة ا�سمها «غيثة» تجد نف�سها ف��ي ال�سجن ب�سبب ف�ضحها للف�ساد .وه��ي تعمل بجريدة «الفيترينا»، وب�سبب جر�أتها الفا�ضحة لل�سيد «�سيدا» �ستزج ف��ي ال�سجن ،ليتخلى عنها زوجها ومحيطها ..ت�خ��رج «غ�ي�ث��ة» م��ن ال�سجن؛ ت�ستعيد الما�ضي الكئيب الذي حولّها �إلى فتاة �شاحبة وكئيبة ،ت�سكّن جراحها ب�أقرا�ص تداوي كل �شيء ،يظل جرحها غائرا ع�صيا ع���ن ال��ف��ه��م ،ت��ن��خ��رط ف���ي ال��م��ج��ت��م��ع من جديد ،لتكت�شف الأم��را���ض والأوه��ام التي ل�صقت ب��ه؛ تت�أمل االنتهازية وه��ي تنخر �أعماق المجتمع ،تت�أمل الأوهام التي تتحول مع م��رور الوقت �إل��ى حقائق ثابتة ،تت�أمل �أ�سرتها وهي تنهار ،وكيف �أن زوجها تخلّى عنها بمجرد ا�ستدعائها لال�ستنطاق ،الزوج ال��ذي �آم�ن��ت ببيا�ض قلبه ،لكنه م��ع ذلك كانت ت�شك في تلك النقطة ال�سوداء التي تعمر قلبه ،وتغذّي م�شاعره تجاه القبيلة التي ت�سكنه وت�سكن عائلته .تخلّى عنها لأن اجلوبة -خريف 1435هـ
بطنها لم ينتفخ ،تخلّى عنها لأنها �أ�صبحت ت�شوّ�ش على م�ستقبله الوهمي ..تتخلّى عنه لأنها ت�ؤمن �أن الجرح ال يخون. تخرج من معتقلها �إل��ى معتقل الحياة ل�ت��واك��ب ان�ه�ي��ارات ج��دي��دة ،ل�ت��واك��ب حلم �شقيقها ع�م��ر ف��ي ال �ه �ج��رة �إل���ى ال��دي��ار الإيطالية؛ ق�صد ال�ع��ودة ب�سيارة حمراء تلهب م�شاعر بنات الحيّ ؛ تواكب والدتها وهي تنهار محلّقة في ال�سماء دون عودة؛ تعيد ترميم خ�ساراتها� .شقيقها عمر يكتفي باالنتماء �إلى مجموعات المعطلين الذين يطالبون بالعمل ،بينما «غيثة» تعود �إلى الجريدة لكي تفهم �س�ؤاال محوريا :لماذا تخلت ال �ج��ري��دة عنها وه��ي ف��ي غياهب المعتقل؟ تكت�شف �أن جريدتها �أ�ضحت في ملكية «ال�سيد ال�سيدا» ال��ذي يطرد �أنفها المتل�ص�صة على الروائح .تخرج من �سجنها �إلى خالد الذي ي�ستوعب حماقاتها وتهورها، خالد يبارك خروجها من ال�سجن ،وي�شرع
زهور كرام
لها قلبه ،كيف تنام فيه عارية؟ لكنها ت�ؤجّ ل كل �شيء؛ ت�ؤجل ق��راءة ر�سالته التي يعر�ض فيها على عمر �أن ي�شتغل معه في م�شروعه كم�ست�شار قانوني ،حتى تتجاوز الألم ويتجاوز عمر العبث، وجاء خالد حامال معه الب�شارة لعمر ،لكن عمر هو الآخ��ر حلّق في اتجاه والدته ،مخلّفا وراءه غبار الك�آبة والأل��م؛ فترحل «غيثة» �إلى قدرها، ترحل �إلى مكاتب التحقيقات للت�أكد من تورطها في موقع �إلكتروني يف�ضح ف�ساد «ال�سيد ال�سيدا»، تخرج �سالمة وفي قلبها هدف واحد ..هو ف�ضح «ال�سيد ال�سيدا» ،تعود �إلى الكتابة ع�شقها الأول والأخير ،تكتب مقالها «غيثة تقطف القمر»؛ لأن الوطن لن يعود �إال بالحب. «غيثة تقطف القمر» ،رواية بمذاق خا�ص ،فقد كتبت بروية وهدوء ،والقلق الذي تحدثه الرواية لم يكن قلقا عبثيا بقدر ما هو قلق مخطط له؛ فبقدر ما هي رواي��ة مكثّفة وم��وج��زة من حيث الم�ساحة الورقية والبنية التركيبية للجملة� ،إال �أن هذا الإيجاز والتكثيف عمّق �أحا�سي�سنا ،وجعلنا نعيد فهم الم�سافات الحا�صلة بين الأح��داث، لنعيد ترتيبها وف��ق وعينا الجمالي والمعرفي؛ رواية تتكلم با�سم الطبقة المتو�سطة� ،أو الطبقة المتنورة ،ومن خاللها نفهم تمثّل الوطن عند ال�شعب والنخبة المثقفة والنخبة الفا�سدة ،وهي
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
«غيثة تقطف القمر»
الطبقات التي تنتج ت�صوّرا خا�صا للوطن ،يتراوح بين ال�ح��ب واالن�ت�ه��ازي��ة واال��س�ت�غ�لال .و«غيثة» تمثل �صوت ال��وط��ن المندحر� ،إن�ه��ا تميل �إل��ى �صنف البطل الإ�شكالي الذي ال ينهزم ،ويتحدى الإع��اق��ات؛ بينما عمر يمثل � �ص��ورة المجتمع االنهزامي ال��ذي يبحث عن الحلِّ الأ�سهل؛ �أما ال�سيد �سيدا ،فهو يمثل الطبقة الفا�سدة التي ت�ستغل ثروات البالد والعباد ،وكي تحافظ على مكت�سباتها تقمع كل �صوت قد يف�ضح رائحتها.. �إن ��ه ك��ل ح��دث �أو �شخ�صية ينبني على دالل��ة �إيحائية احتمالية مفتوحة ،لن تتحقق �إال �إذا قمنا ب�إعادة �إنتاج المحكي ال�سردي وفهمه في تعالقه ال�سردي. كما لج�أت زهور كرام �إلى �إيقاع �سردي �سريع، بهدف مواكبة التحوالت ال�سريعة التي يعي�شها المجتمع بطبقاته ،بو�ساطة لغة ت��و ّزع��ت بين المخيال الواقعي المبا�شر وال�شاعرية الإيحائية، مع التنويع في �ضمائر ال�سرد ،وتداخل الأزمنة.. هي رواية ممتعة ال �شك �أنها �ستخلق الكثير من الأ�سئلة في وطن الحكاية� ،أق�صد وطننا..
اجلوبة -خريف 1435هـ 83
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
�أوراق الغرفة ()8 �شعرية الت�أمل الوجودي على �شفير الموت
ه�شام بن�شاوي*
مَن يقر�أ ديوان “�أوراق الغرفة ( ”)8لل�شاعر العربي �أمل دنقل (1983-1940م)، وهي الغرفة ذاتها التي �أق��ام فيها �أمل دنقل �أكثر من عام ون�صف في معهد الأورام، �سيلم�س ذل��ك الوعيّ ال�شقي والحاد ل��دى مبدعنا مرهف الإح�سا�س ،وال��ذي يدرك بحد�سه �أن �أيامه في الدنيا باتت معدودة ،و�سيالحظ هيمنة وطغيان ثيمة الموت، �إذ تتكرر مفردة الموت وم�شتقاتها كالر�صا�ص ،الدم ،ال�سكين ،التراب ..في الق�صيدة الواحدة �أكثر من مرة ،وهذا يعزى �إلى الظروف النف�سية لل�شاعر ،وهو ينتظر الموت كخال�ص من عذابات ال�سرطان الذي نخر ج�سده النحيل� .أمّا ك�شاعر ..فقد انت�صر على المر�ض الخبيث ،وترك للأجيال هذا الديوان الخالد في القلوب ،و�سيجد القارئ نف�سه منبهرا ب�صوره ال�شعرية الناب�ضة« :هل �أنا كنت طفال� /..أم �أن الذي كان طفال �سواي» ،وهو الجنوبي الذي يخ�شى قنينة الخمر والآلة الحا�سبة ،وي�شتهي �أن يالقي «الحقيقة والأوج��ه الغائبة» ،ولعل «الجنوبي» عك�س بقية ق�صائد الغرفة 8موغلة في الأ�سى ال�شفيف واالنك�سار النهائي ،ك�أنما ال�شاعر يرفع الراية البي�ضاء ،وينتظر م�صيره المحتوم في ا�ست�سالم موجع .وعلى الرغم مما قيل عن �أم��ل دنقل ،ونعته بال�شاعر ال�صعلوك ،فقد بقي وفيا لق�ضية �شعبه ،للب�سطاء الذين كان واحدا منهم، عميق االرت�ب��اط بوعي القارئ ووج��دان��ه ،كما ت�شي بذلك ق�صائده ال�لاذع��ة ،عفوية التعبير ،من دون التواري خلف بهرجة اللفظ ،وتزييف الحقائق ،كما يفعل الكتبة والمت�شاعرون. في ق�صيدة «�ضد من؟ » ..على ال�سرير الأبي�ض ،يبدو لل�شاعر اللون الأبي�ض -رغم نقائه وطهارته -معادال جماليا للفناء؛ فكل ��ش��يء ف��ي الغرفة ي��ذ ّك��ره بالكفن.. نقاب الأطباء ،ولون المعاطف ،المالءات، 84
اجلوبة -خريف 1435هـ
�أرب�ط��ة ال�شا�ش والقطن ،قر�ص المنوّم، �أنبوبة الم�صل ،كوب اللبن« ،كل هذا ي�شيع بقلبي الوهن /كل ه��ذا البيا�ض يذكرني بالكفن /فلماذا �إذا مت /..ي�أتي المعزون مت�شحين /ب�شارات لون الحداد؟ ».
في «زهور» يكتب دنقل برهافة �شاعر ،خبر تروي�ض خيول اللغة ،و�صار ال�شعر بالن�سبة �إليه «ال �ف��رح المختل�س» ،يلتقط ك��ل م��ا ه��و من�سي ومهمّ�ش في حياتنا اليومية ..كتب عن الزهور التي تجود ب�أنفا�سها الأخيرة ،ما «بين �إغفاءة و�إف��اق��ة» ،وي�ستح�ضر رحلة ال�م��وت ،التي تبد�أ بلحظة قطفها/ق�صفها ،وانتزاعها من عر�ش جمالها ،وتحويلها �إل��ى مجرد �شيء للزينة، يخ�ضع لمنطق البيع وال�شراء في زم��ن تعليب وت�سليع كل �شيء. �أم ��ا «ال �� �س��ري��ر» :ف��رغ��م �أن ه��ذا الجماد (ال�سرير) جرّده من �إن�سانيته ،من هويته و�صار �شاعرنا مجرد رقم ،وبيانات على ورق �صقيل معلّق على واجهة ال�سرير ،لكن �أمل دنقل ي�ؤن�سن ه��ذا ال�سرير� ،إن��ه كبقية الأ� �س �رّة ،ال ي�ستريح لج�سد حتى ي�ألفه� ،إذ �سرعان م��ا ي�غ��ادر من ينام فوقه ،باالنغما�س في نهر الحياة ،و�صخب اليوميّ �أو ينحدر جهة القبر ،هما طريقان ال ثالث لهما. في «دي�سمبر» ي�شبّه ال�شاعر الموت بطائر ال � ��رخّ ،ال� ��ذي ت �ه��دي��ه ال��راه��ب��ات ال �ت��واب �ي��ت، و«المبادلة الخائبة» ،يحب ظلمة العدم الآ�سنة،
يتلقى النفايات تلو النفايات من دون كلل ،وال يحب المطر ،وال �أن يتطهر بــ«الرقة الفاتنة». دي�سمبر� ،إن��ه �شهر ال��وداع والرحيل ،ويثير في النف�س �شجنا و�أ��س��ى غام�ضا ل��دى الأ�سوياء، بالأحرى �شاعر عليل يترقب لحظاته الأخيرة. هذا الموت الذي ال يحبّ الب�ساتين ،وال ف�صل الربيع ..هو �صديق للخريف والنهايات وذبول الأوراق وال �غ �ب��ار وت �ع � ّف��ن ال �ث �م��ار وال��ج��دران المت�آكلة� ..إنه مثل ف�صل الخريف ،الذي ال يحبه �أحد ،لأنه مرادف للموت. ومن ق�صائد الديوان الجارحة بمتقابالتها و�أ�ضدادها «الطيور»� ،إذ يقارن بين الطيور التي ال تغادر علياءها ،وال ت�ستكين للنا�س ،بعك�س ال��دواج��ن ال�ت��ي تق�أقئ ح��ول الطعام المتاح، وتنتظر «�سكينة الذبح» من اليد الآدمية التي تهب القمح ،و«تعرف كيف ت�سنّ ال�سالح» �أي�ضا. الطيور الأولى ال تحتوي الأر�ض جثمانها �إال عند اال�ستقرار النهائي ،مع ال�سقوط الأخير، وك ��أنَّ ال��دواج��ن علمت �سلفا �أن «عمر الجناح ق�صير .»..هي ر�ؤية للموت من خالل التحليق/ الحياة /االن��دف��اع ،وك ��أن ال�شاعر تلب�سته روح المعرّي في هذا الن�ص.
اجلوبة -خريف 1435هـ 85
«ال �خ �ي��ول» :ك��ان��ت ب��ر ّي��ة طليقة ،و��ص��ارت ل�ل��ره��ان ،ال���س�ب��اق��ات ،ال�م��رك�ب��ات ال�سياحية، والتقاط ال�صور.. و«ف��ي بكائية ل�صقر قري�ش» يت�ساءل �أم��ل: «فمتى يقبل موتي /قبل �أن �أ�صبح مثل ال�صقر/ �صقرا م�ستباحا؟!». في قالت امر�أة في المدينة« :كتب عن جيل الإحباط والخيبة ،والقد�س التي لم ُت َر �إال في ال�صور ،والمعتقلين ال�سيا�سيين الذين يحفرون �أ��س�م��اءه��م ب��أظ��اف��ره��م على ج ��دران ال��زن��ازن المعتمة ،و«ال���ص��ور المنزلية لل�شهداء» التي يعلوها الغبار ،وال �أحد يُلبّي نداء القد�س ال�سليبة غير �صورة الجد و�سيفه ال�صدئ المعلقين على ال�ج��دار ،وه��و الم�شهد نف�سه ال��ذي ا�سته ّل به الق�صيدة. في ق�صيدته «�إلى محمود ح�سن �إ�سماعيل» ي�ستح�ضر وج��وه الغائبين ،و�ألفة الوطن التي ت��رح��ل م��ن ال�ع�ي��ن ،واالغ� �ت ��راب« :ن�ت�غ��رب في 86
* كاتب من المغرب. اجلوبة -خريف 1435هـ
جدير بالذكر �أن �شاعرنا كان �ضد التطبيع مع الكيان ال�صهيوني ،وق�صيدته ال�شهيرة «ال ت�صالح» خير دليل �إدان���ة ،وك��ذل��ك ق�صيدته التي هجا فيها الهوان العربي والإح�سا�س العام باالنك�سار «البكاء بين ي��دي زرق��اء اليمامة». فقد كانت ق�ضيته الأولى والأخيرة هي الحرية، فعا�ش عا�شقا لها ،ممتلئا بحب الحياة وال�شعر. ك��ان يقا�سم �أ� �ص��دق��اءه غرفاتهم و�أ�سرتهم ورغيف خبزهم وكتبهم ،كان «ينتمي �إلى الريح واال�ضطراب» ،بتعبير زوجته الكاتبة والناقدة عبلة الرويني ،كان «تاريخ الأر�صفة هو تاريخه ال�شخ�صي». ع��ا���ش �أم��ل دن�ق��ل وت���ش�رّد م��ن �أج��ل الحب والحرية والكرامة ،ول��م يبال بحطام الدنيا، ونختم هذه القراءة المتوا�ضعة ب�شهادة رفيقة دربه ،وهي غنية عن التعليق« :يوم ال�سبت 21 �أي��ار 1983م �س�ألته :هل �أن��ت حزين؟ ف�أ�شار وه��و عاجز عن الكالم تماما ب ��أن :نعم .وفي الثالثة �صباحا ح��اول ن��زع حقنة الغلوكوز من يده .رف�ضت الممر�ضة و�شقيقه نزعها ،فنظر �إليّ وكانت عيناه تطلبان مني الراحة ،فنزعت الحقنة من يده� .أغم�ض عينيه في هدوء ودخل في غيبوبة �أخيرة ،لقد كان وجهه هادئا وهم يغلقون عينيه ،وكان هدوئي م�ستحيال و�أنا �أفتح عيني».
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
الأر�� ��ض .ن�صبح �أغ��رب��ة ف��ي ال�ت��آب�ي�ـ��ن /ننعي زه��ور الب�ساتين» ،وال ي�ق��ر�أون من ال�صفحات الأولى للجرائد غير العناوين ،ثم تغو�ص الأعين ف��ي ال�صفحات م��ا ق�ب��ل الأخ��ي��رة ،م�ستعيدة �أل�ف��ة الأ� �ص��دق��اء ،وذك��رى ال��وج��وه ،والحيوية، والده�شة ...والبيا�ض الوحيد المرتجى ،الذي يتوحدون فيه هو «بيا�ض الكفن».
بيت وفكرة الحكمة في زمن الجنون ()1
■ د .بهيجة م�صري �إدلبي*
«اتركوا لل�شعر �أن يحكم هذي الأر�ض»
(�سليمان العي�سى) كلُّ ما يحتاجه ال�شاعر هو �أن يحلم كما تحلم الطبيعة ،لتنبثق الق�صيدة من حلمه، كما القطرة من نبع عتيق ،ولت�ستوي كما الفرا�شة على ب�ساط من رحيق؛ فال�شعر -كما يرى ال�شاعر �سليمان العي�سى -هو الإن�سان ،لأنه غناء الفطرة وفطرة الكائن التي �أن�ش�أت �أحالمه �إن�شاء. �أن يحلم ال�شاعر ،يعني �أن ين�شئ وجودا في الخيال ،و�أن ين�شئ خياال في الوجود، لأنه ي�ؤول الحياة عبر حلمه ،وي�ؤول الحلم في الحياة. فهل ح�ي��اة ال�شعراء حلم ��ض��ارب في ال �خ �ي��ال؟ �أم خ �ي��ال ال �� �ش �ع��راء ب�صيرة ت�ستقرىء المجهول وت�ستنبت الحكمة من قلق العتمة؟ ال �شك �إن ال�س�ؤال الذي �سلكه الدكتور عبد ال�ع��زي��ز المقالح ف��ي مقدمة كتاب “بيت وفكرة”“ :هل ه��و زم��ن للحكمة �أم زم��ن للجنون؟ ” ي�ضعنا على حافة ال�ق�ل��ق ال��وج��ودي ل�ل�إن���س��ان ال ��ذي �أرب�ك��ه الرك�ض حير ًة بين الحكمة والجنون ،وبين ُ الحافتين؛ حافة الحكمة ،وحافة الجنون ينتبه ال�شعر لي�ستدرج الجنون �إلى الحكمة وي�ستقرئ الحكمة في الجنون ،لأن ال�شعر
الذي ي�ستقرىء الإن�سان ال بد و�أن يغت�سل ف��ي نهر الجنون ح � َّد الك�شف ،وف��ي نهر الحكمة ح � َّد ال�صمت ،لت�ستوي ر�ؤاه في كثافة اللغة الغائبة في معناها والحا�ضرة في مبناها؛ ال لتر�سخ المبنى دون المعنى، و�إنما لت�شير بالمبنى �إلى �أ�سرار المعنى. وم��ن هنا ،فالحكمة في ال�شعر لي�ست ه��رب��ا م��ن ال�لاوع��ي ال�شعري �إل��ى الوعي العقلي ،و�إنما هي ا�ستدراج لقلق الكائن �إل��ى ب�صيرة ال�شاعر؛ وهي �أ�شبه بفاكهة المجهول ال�ت��ي يبدعها القلق كما يرى ال�شاعر �سليمان العي�سى:
اجلوبة -خريف 1435هـ 87
ومن ثَمَّ ،هي لحظة احتكاك الوعي بالالوعي، العقل بالجنون ،ما يجعل عتمة الذات في لحظة �إ�شراق ت�ضيء الفكرة بالحلم والحلم بالفكرة؛ لي�صبح الجنون ب��دء الحكمة ،والحكمة ثمرة ارتجاج الروح على �أر�ض من القلق:
خذني �إلى ال�صهيل خذني �إلى الجنون يا �سيد الحكمة بدء الحكمة الجنون� .ص 202
ما العمر لذلك عندما يخت�صر ال�شاعر تجربته ب�أبيات ما التاريخ مختارة ا�ستلها من �أعماله الكاملة ،فهو يعيد ما الدنيا �إنتاجها في المعنى ،والمبنى ،والر�ؤيا؛ �أي يعيد بال قيثارة حلم� .ص 99
88
لحظة االحتكاك بين الوعي والالوعي بين العقل والجنون ،ليعيد ا�ستنباتها في زم��ن مختلف، ويعيد ا�ستب�صار ر�ؤاه ��ا وكثافتها ف��ي ال��ر�ؤي��ة ال�شعرية؛ ف� ��إذا بالتجربة ال�شعرية ت�ستنبت في مرايا ال��ذات ،وت�ستدرج �إل��ى مقام الك�شف لي�ضعنا ال�شاعر �أمام مراياه ور�ؤياه وجها لوجه، لنقر�أ الذات عبر تحوّالتها في الوجود ق�صيدة ناه�ضة من �صدى المعنى في النف�س ،ومن قلق النف�س في الحرف ،وك�أن بال�شاعر �أراد �أن يكتب �سيرته عبر ت�أويل مختلف ،وعبر التوقف عند انبثاقات ه��ذه الأب�ي��ات التي اغت�سلت في نهر الحكمة والجنون ،حكمة التجربة وجنون ال�شعر لت�صبح �صدى للروح الطافحة بالحلم ،وهي ت�ستدرج كثافة الزمن �إلى كثافة اللغة ،وكثافة اللغة �إل��ى كثافة المعنى؛ لأن��ه �أراد م��ن هذه المختارات التي امتدت على مدى ت�سع وع�شرين مجموعة �أن تكون �أ�صداء لروحه في الق�صيدة، لتقارب في كثافتيها الر�ؤيوية وال�شعرية وعمقها اجلوبة -خريف 1435هـ
وم��ن َث��مَّ ،ينه�ض ال�شعر ف��ي حلم ال�شاعر ليو�سّ ع الحياة ،ويو�سّ ع الوجود ،ويو�سّ ع الر�ؤيا ال�شعرية التي �أن�شيء عليها ،ورفع قواعد روحه عليها:
ما �أ�ضيق الدنيا �إذا جردت من خلجات ال�شعر وال�شاعر� .ص 32 ذلك لأن ال�شعراء الذين يتحدثون على عتبة الوجود ،كما يرى با�شالر ،وهم الذين ي�صنعون ه��ذا ال��وج��ود ب��أح�لام�ه��م ،كما ي��رى ال�شاعر �سليمان العي�سى:
نحن هذا الحلم المجهد رواد ال�سماء ملحي بحار ال�شوق نحن اّ نحن ال�شعراء� .ص 118 ولعل ما يميز هذه المختارات ال�شعرية التي
ت�ضع القارئ �أم��ام م�سيرة لم يغادرها الحلم لحظة �شعرية ،ول��م يخفت بريق ال�سر فيها. فال�شاعر �سليمان العي�سى ،وكما هو معروف عنه، لم يتخلَّ عن �أحالمه ،رغم كل االنك�سارات التي �صدعت روحه ،ورغم كل الهزائم التي منيت به �أمته ،ليبقى متما�سكا حالما �شاعرا ي�ستب�صر الم�ستقبل؛ لأنه ال ي�ستطيع �أن يرى عالما من دون حب ،ومن دون �شعر ،ومن دون �أطفال:
�أيها ال�شعر �س�أوا�صل معك الرحلة لأني ال �أريد هذا العالم بدون حب بدون �شعر بدون �أطفال� .ص 140
غنى للطفولة ،وللحياة ،وللإن�سانية:
كل م�صلوب على الرمل رفيقي كل محروم على الأر�ض �شقيقي� .ص 91 لتبقى �أغانية تنب�ض بالحياة بقدر ما فيها من �إخال�ص للكلمة ،و�إخال�ص للتجربة ،و�إخال�ص للذات؛ لأن ال�شعراء ي�شتعلون كي تتنف�س الدنيا بعطرها المختلف ،وت�أتلف بوجودها البكر:
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
فاكهة المجهول ال يزرعها في الأر�ض ال يبدعها �سوى القلق� .ص 213
الإن�ساني �أ�صداء ال�سيرة الذاتية لنجيب محفوظ في هذا التعالق بين الذات والن�ص ،بين ال�صدى والمعنى ،بين ال�شاعر والحياة؛ �إال �أن ال�شاعر العي�سى ا�ستدرج ه��ذه الأ� �ص��داء م��ن �أزمنتها المختلفة التي �أن�شئت خاللها ليذر�أها في كتاب واح��د ،ولم تكن �أ�صداء من�ش�أة لذاتها ،و�إنما بب�صيرة ال��ذات لذاتها؛ حيث ت�ستوي �أحالمه و�آالمه وقلقه و�أ�سراره و�أ�سئلته ور�ؤياه عبر �أبيات جمعها حلم ال�شاعر في الحرية في الحياة في البحث عن ن�شيد للإن�سانية ،حيث /قمة الحلم �أن تكون ن�شيدا� /ص 97لأن ال �شيء ي�ستوي في الوجود �إال عبر هذا الحلم:
ارتدت ثوب الحكمة ال�شعرية المعا�صرة ،ذلك يحلو ن�شيد الحب حيث االن�سجام الذي ت�ستوي فيه الذات بالعالَم؛ فهي �أكون حرا في غنائي� .ص 48
هم ال�شعراء ما زالوا حريق الغابة البكر وي�شتعلون كي تتنف�س الدنيا غريب اللون والعطر� .ص 152
الح�س العميق الذي تنبثق منه مدركا بذلك َّ ح�س الطفل ال�شاعر ال��ذي يتحرك الق�صيدةَّ ، وبالتالي ا�ستعاد تما�سك روحه بهذا االن�سجام في اللغة ،والمعنى في الذات والعالم� .إنه الطفل بين الذات والق�صيدة ،بين الق�صيدة والعالم ال��ذي ينب�ض ف��ي الق�صيدة كنب�ض النبع في خا�صة ،عندما تحول �إلى الكتابة للأطفال الذين الأر�ض: كان يرى فيهم تعوي�ضا عن االنك�سار وهزيمة �أكتب ال�شعر مثلما ي�ضحك الطفل الحلم العربي؛ لأنه كما يقول:
ول�ست ب�شاعر �إني مواجع �أمة تولد �شاعر ولد وهو يحلم ،وعا�ش وهو يحلم ،ورحل وهو يحلم ،لي�صبح م�سيرة من الحلم ال تنتهي، ولتبقى في �أحالمه مج�سّ دة في هذه المختارات التي �أرادها �أن تكون وجهه ال�شعري ،و�سره في تحقيق ان�سجامه التام بين ذاته والعالم. هذا هو ال�شاعر �سليمان العي�سى الذي غنى للحلم ،غنى للوطن ،غنى للحرية:
ويبكي وي�ستغيث وي�شهق� .ص 74
فال�شاعر �سليمان العي�سى ..بهذه المختارات، بل هذه المرايا� ،إنما يُن�شى ُء ذاك��رة للتجربة ال�شعرية ،وم��ن َث ��مَّ ُي�ن���ش��ى ُء ذاك ��رة ال�شاعر والمتلقي ال��ذي يبحث ع��ن وج��ه ال�شاعر في مراياه المختلفة عبر م�سيرته ال�شعرية ،ليبقى ال�شاعر العي�سى ذاك ��رة لأج �ي��ال ت��رب��ت على ق�صائده ،وعلى ح�سّ ه الإن�ساني الذي كان ينه�ض من الإن�سان ،ومن �أجل الإن�سان ،ليب�شر بالإن�سان القادم الذي يحمل �شعلة الخال�ص لهذا العالم.
* �شاعرة وناقدة �سورية. (� )1سليمان العي�سى ،بيت وفكرة ،وزارة الثقافة� ،سورية2002 ،م
اجلوبة -خريف 1435هـ 89
ق�����������������ص�����������������ص ق�����������������ص����ي���رة
ير �أَ َوا ِن ِه.. مطر في َغ ِ ٌ ■ �إميان مرزوق*
ال �شي َء يُقلق الكاتبَ �أكثر من حالة «العجز» الإب��داع��ي ،عندما ال تج ُد «�أف��ك��اره الجَ و ِفيَّة» ال للو�صولِ �إلى الق�شر ِة ال َورَقية! �سبي ً م َّر وقتٌ طوي ٌل من ُذ �آخر مرة ا�ستطاع فيها حياك َة حِ كاي ٍة �شَ يِّقة.. ف ُكلَّما َه َّم بكتاب ِة �شيء جديد ،وج َد نف�سه مَ�سلوباً !!..وك�أنما جِ نّي ًة قد �سرقت كلماته ،وتركت هواجِ �س ُه محبو�س ًة في قُمقُمٍ «مَر�صود» بح ّي ٍة ذاتِ �أربعة ر�ؤو�س.. ما هو جَ ديد َُك؟؟ �س�ؤا ٌل قَمي ٌء يَكرَهُ هُ ..لأنه ال يعرف له جواباً!
ان َتقَلَ خطو ًة للأمام..
ل�ي����س م �ه �م � ًا �أن �أع� � ��رِ َف ال���س�ب��ب..فكَّر مل َّي ًا عَ َّل ُه يج ُد تف�سير ًا منطقي ًا لِما َي ُم ُّر و“عُ مرينُه” ما بَطُ لَ العَجَ ب!.. بِه..هل هو تمرد ال �شعوري على كلمات بالكاد �أن��ا �أح�ت��اجُ ِل�ح��لٍّ � ..أري � ُد �أن �أع��و َد لِلكتابة.. ُت ِقمْنَ �أَ َودَه! ولي�س �أيّ كتابة! َ
�أمْ هو َت � َر ُّي��ثٌ قَ�سري و�سط ُرك��ام الكلمات المنزلقة ب�سماجة على الأ�سطح الح�سا�سة.. زرق��اء وخ�ضراء ،تغريدات وعبارات وثرثرات ت���وزع ب��ال�م�ج��ان ف��ي ك��ل م �ك��ان ت �ط ��أه عيناك الجافتان من ق��راءة �أ�شياء كثيرة ال تعرف لها نف�س �أم �سواه! ر�أ�سا من ق��دم ،هل هي حديث ٍ حكمة هرمة� ،أم ق�صيدة� ،أم ن�صيحة �أم مقال �أم عظة ،كلمات وكلمات وكلمات في كل مكان.
وجدتها.. ف��ي ك��لِّ ي��ومٍ ح�ك��اي��ة ..نعم �س�أكتب ف��ي ُك��لِّ ي ��ومٍ ح �ك��اي �ةً“ ..هِ يك خَ اوة”! ��س��أك� ُت��ب ،لن يُهمَّني �أعجبني ما كتبتُ �أمْ لَمْ يعجبني ..عَ لَيَّ ِبع�ض تمارينِ الإحما ِء قبل �أن تعو َد لي لياقتي ب ِ الإبداعية..
هكذا دونَ عميقِ تَفكير ،و« ِبتَناحَ ة» منقطعة �أ�صبحت الكتابة �أ�سهل م��ن ت�ن��اول رقائق النظير؛ فتح جهاز «ال�لاب ت��وب» الخا�ص به، «ال�شيب�س» ،و�أ�صعب من �إدخ��ال بهجة حقيقية �أن�ش�أ «فولدراً» جديد ًا �أ�سماه (كل يوم حكاية).. على قلب يتيم! ثم َت �ر ََك �أ�صا ِب َع ُه تَن ُق ُر َوج � َه «الكيبورد».. ربما ال يتجاوز الأمر ب ُرمَّته حالة ك�سلٍ كانت و�شَ َفتَي ِه ُتتَمتِم ب�أِولى ال َكلِمات :مط ٌر في غَ يرِ عابرة ..قبل �أن ت�ستطيب الإقامة في ظلِّ وِحدَ تِه! �أَوا ِن ِه على زَهرٍ يُحب ُِط ال َّثمَر..
90
* كاتبة وقا�صة من الأردن. اجلوبة -خريف 1435هـ
َك ْل َب َن ٌة ■ حممد مباركي*
يلتقي ال�����سُّ �� ّي��ا ُح م��ن جن�سيات مختلفة ف��ي م��دي��ن��ة �ساحلية جميلة م��ن وط��ن��ي، لال�ستمتاع بحمّامات ال�شّ م�س وال�سّ هر في ال�سّ احات ،حيث تقا ُم مهرجانات المو�سيقى الفولكلورية .ي�أتي ه���ؤالء �صحبة كالبهم المدلّلة .ي�شاركونها الم�أك َل والم�شربَ والأ�سرّة ،ما كان يغيظ مُديري الفنادق والإقامات ومُ�سْ تخدميها ،لكنّهم كانوا يُدارو َن َغيْظ ُه ْم باالبت�سامات وعباراتِ التّرحيبِ بال�سّ يّاح وكالبهم. كانت �أغ �ل��بُ ال�سّ ائحاتِ ُت�ـ�ن��ادي على كالبها كما تنادي الأمهاتُ على �أبنائها. ومِ نهنّ �سيد ٌة �أوربية ،ا�صطحبتْ معها كلبا من نوع «الكاني�ش» ا�سمه�« سو�سو» .تحمله بين ذراعيها حيثما حلّت ،بعد �أن تنظّ فه وتم�شط �شعره وتحوّله �إلى دمية متحركة لتباهي به ال�سّ ائحات الأخ��ري��ات .ركبتْ مَ ّرةً� صحبة كلبها عربة «كوت�شي» يجرّها ح�صا ٌن بربريٌ ق��ويٌ .و�أم��رتِ ال�سائقَ �أنّ اكت�شاف َ يتجوّل بها في الأط��راف� .أرادت
الوجه الخفيّ للمدينة الجميلة .مكّـنتها هذه الجولة البطيئة من م�شاهدة مظاهر الفقر المدقع الباعث على التّقزّز .كانت تخاطب كلبها بين الحين والآخر قائلة: اُنظ ْر هناك يا «�سو�سو» .اُنظ ْر هناك!!لكن الكلب ك��ان مُت�ضايقا من �سيّدته ومن عنايتها الكبيرة به ،والتي جعلته ي�شعر بالأ�سر الدّائم .لم تكن تتركه لحظة واحدة يُناجي فيها نف�سَ ه ويُحدّثها .كره �أن تناديه بعبارة�« سو�سو ابني العزيز» .رف�ض �أن
اجلوبة -خريف 1435هـ 91
وتنبّهت الكالب �إلى تلك القِال َد ِة المُذهّ ب ِة التي تُطَ ِوّقُ عُ نُقَ «الكاني�ش» .و�س�أله جَ � ْروٌ« :ما في تلك الجولة ،راق للكلب «�سو�سو» منظر هذه القالدة التي حول عنقك؟». ال�ضالة� .شاهدها تنبحُ وتتهار�ش ،فتمنى الكالب ّ «الكاني�ش» بعمقٍ واغْ � � َر ْو َر َق ��تْ عينا ُه ُ تَنهّدَ و�صرَخَ في لو كان معها ينبح ويتهار�ش هو الآخرَ . ب�صوت مخنوقٍ « :هذه القالدة هي ٍ بالدّمو ِع و َر ّد داخله �صرخ ًة مدويةً: «ي��ا ع��ال��م!! ه��ذه ه��ي ال �ك�لابٌ الحقيقيةٌ .القيد ال�سّ الِبَ لحُ رِ يَتي المهدورة». اُنظروا كيف تتم ّت ُع بحريتها وتعت ّز بـ « َك ْل َب َنتِها». كم هي جميلة ورائعة ٌ!!».
وعاد ي�س�أله« :ما هذه الرّائحة الطّ يبة التي تفوح منك؟». غ�ضن «الكاني�ش» مالمح وجهه وردّ« :هي ّ رائحة عطر خا�ص بالآدميين ،و�أنا �أكرهها� .أنا �أح��بُ الرّائحة التي تفوح منكم .من �أي��ن لكم بها؟. 92
* قا�ص من المغرب. اجلوبة -خريف 1435هـ
الدب القطرة التي �سقطت على وجه ّ
�س�أله الجَ ْر ُو ثانية« :هل �أنت عب ٌد مملوكٌ ؟».
ر ّد الكاني�ش َر ّد ًا حَ ��زي�ن�اً�« :أج ��لْ � ،أن��ا عب ٌد غ��اف��لَ �سيّدت ُه ف��ي �صبيحة ال�ي��وم الموالي مملوكٌ ». وهرب من الفندق ،واتّجه �إلى هوام�ش المدينة، نظر ال��جَ �� ْر ُو �إل��ى رف��اق��ه وق���ال�« :إ ّن �ن��ا ننعمُ حيث ر�أى تلك الكالب .وقف مُتوجّ �سا يُراقبها، وهي منهمكة في اللّعب� ..شاهدته ،فجرتْ �إليه بالحرّية وال نَ�شعر يا رفاق! وتَحَ ّلقَتْ حوله .ت�شمّمتـ ُه وعط�ستْ ب�شدّة� .س�أله لحظتها� ،سَ مِ عَتِ الكالبُ جـَ َل َب ًة من ورائها، كبيرها« :مَ ن �أنت؟ ». ففرّت مُردّدة« :الهروب .الهروب». ر ّد «الكاني�ش» با�سما في �أدب�« :أنا �سو�سو». ا�سْ تنفرتْ ال�سيّدة الأوربية ك ّل مُ�سْ تَخْ دِ مي ال�ضالُ �إلى رِفاق ِه وقال�« :إنّه كلب نظر الكلبُ ّ �سائح».
ق�����������������ص�����������������ص ق�����������������ص����ي���رة
يكون�« آدميا» كما �أرادت �سيّدته� .أراد �أن يكون كلبا يتمتّع بكامل «كَـ ْل َب َن ِتهِ» .حاول �إفهامها ذلك وع�ض الأطفال والعجائز .وحاول بع�ض بالنّباح ّ معارفها �إقناعها بـ «كَـ ْلبَنة» «�سو�سو» ،لكنّها كانت ترف�ض ذلك وتر ّد عليهم بعناد« :هو كلبي وابني العزيز».
ال�ضالة من �س�ؤاله ،ور ّد عليه �ضحكت الكالب ّ كبيرها« :هي رائحة البراغيث والتّراب .نحن ال نَ�ستح ُّم مثلكم .نحن ن�ستحمّ ُم ْكرَهينَ تحت المطر».
ال�ف�ن��دق -ب�م��ا فيهم ال�م��دي��ر -للبحثِ عن كلبها .وخَ ّ�ص َ�صتْ لمنْ يَعث ُر عليه مكاف�أ ًة مالية ُمغْرِ يَة .وحين عُ ِث َر عليه وجيء به �إليهاَ ،وبَّخَ ْت ُه و َربَطَ ْتهُ ب�سل�سل ٍة في �شرف ِة غُ رفتِها بالفندق. ال�ضالة الهائمة في منها كان يُراقبُ الكالبَ ّ وَ�سَ ِط المدين ِة م�سا ًء ويبادلها النُّباحَ و ُي َل ِوّحُ لها غياب بقائمتيه ،مُماِر�سا جزء ًا من «كـَ ْل َبنَتهِ» في ِ �سَ يّدته.
■ علي عطار*
�إلى كل طفل من� 7إلى �77سنة
ك��ان دبٌّ ي�سكن ف��ي بيت جميل�.صحيح �أن ت�صميمه ق��دي��م ،لكنه مت�سع بما فيه الكفاية ،ويتوافرعلى حديقة الينق�صها �سوى �شيء من العناية. اعتاد الدبّ � ،صاحب البيت� ،أن ي�سهر �إلى �ساعة مت�أخرة خارج البيت ،في مقهى الحي لكن برد هذا ال�شتاء �أجبره على الإقالع عن تلك العادة ،في البيت يمكنه اال�ستمتاع بم�شاهدة التلفاز وهو ملفوف ب�أغطية �سميكة. بد�أت قطرات المطر ترتطم بزجاج النوافذ و�سرعان ما انهمرت بقوة ،فقال الدبّ في نف�سه: ح�سنا فعلت ،لو ت�أخرت في المقهى �إلى �آخر وو�ضع �سطال فارغا في المكان الذي كان فيه ال�سرير .فكر بجديِّة�« :إن �سقف هذا الوقت لتبللت بهذا المطر. نزلت قطرة مطر مبا�شرة على وجه الحجرة بحاجة �إلى �إ�صالح». توالت القطرات على ال�سطل مثل الأنغام الدبّ ،رفع الدبّ ر�أ�سه نحو �سقف الحجرة، لقد كانت قطرة �أخرى تت�أهب لأن ت�سقط المو�سيقية .غط الدبّ في نوم عميق. على وجهه لكنه تلقاها بكفه. ف��ي ال�صباح ك��ان الجو �صحوا ،ن�سي ق��ام ال ��دبّ وح� �وّل ��س��ري��ره �إل ��ى مكان ال��دبّ �أمطار تلك الليلة وم�شكل ال�سقف اجلوبة -خريف 1435هـ 93
عندما عاد الدبّ �إلى بيته في الم�ساء،كانت بقعة كالقر�ص مبللة على ال�سقف .قال الدبّ لنف�سه�« :إن طق�س اليوم كان منا�سبا لإ�صالح �سقف البيت لكن ما العمل؟ لقد ن�سيت .غدا �س�أقوم بما يجب� ..س�أت�صل بعامل البناء واتفق معه حول �إ�صالح ال�سقف ..ربما ي�ستح�سن �أن �أعر�ض الم�شكل على �صديقي القط�،إنه يعرف الكثير من عمال البناء� ،سيدلني على �أكثرهم مهارة». ف��ي تلك الليلة ل��م ي�ستطع ال��دبّ �أن ينام، �صارت القطرات بحجم حبات العنب و�صار لها �صوت �أقوى و�صار ال�سطل يمتلئ في وقت �أقل. في اليوم التالي ذهب الدبّ �إلى المقهى حيث وج��د �صديقه ال�ق��ط� .شربا معا القهوة ولعبا الورق. لم ت�ستطع �أن تربح �أي دور� .أي م�شكل ي�شغلبالك يا �صديقي الدبّ ؟
هذا اليوم لإ�صالح �سقف بيتك.
■ حممد املبارك*
وت�أخّ ر �إ�صالح ال�سقف يوما �آخر.
�صاحَ َب ُه حتى و�صال �إل��ى الغرفة المطلّة على ال�شرفة ،وقد خيّم عليها ال�صمت، فقال له اجل�س� ..أريدك في �أمر مهم ،بعدما جل�سا طلب من (عبدو) �أن يح�ضر لهما ال�شاي ،وما �أن جل�سا حتى �أخذ يحدّق في وجه �صاحبه ،وك�أن نظراته ت�ستعجله في �أن يبوح بما �صحبه من �أجله. بد�أ حديثه -وهو ينظر �إلى الأعلى وي�ضع يده على ر�أ�سه وك�أنه يحاول �أن ي�سترجع الما�ضي لي�ستح�ضره �أمامه -قائال� :أتذكر تلك الفتاة التي ر�أيناها وقد �صدمتها ال�سيارة الخ�ضراء بجانب مدر�سة الأم���ل ،وك��م ك��ان ال�شارع مكتظا ب��ال��م��ارة ،وكيف تجمهروا عند الحادث!
لم يعد �سطل واح��د كافيا لجمع القطرات التي تنزل من ال�سقف ،لذلك و�ضع الدبّ عددا من الأوان ��ي في ع��دة �أرك��ان من البيت ،وغيّر مو�ضع ال�سرير ع��دة م��رات ،لكن في كل مرة كانت القطرات ت�صيبه ،ونام في المطبخ. و�ضع البنّاء ال�سلم على جدار البيت وبخفة �صعد �إل��ى ال�سطح ،ط�لاه بالإ�سمنت ،ثم �أخذ ي�صفف قطع الزليج ب�سرعة ذكّرته بالطريقة التي ي�صفف بها �صديقه القط �أوراق اللعب على مائدة المقهى ،وفي �أقل من ثانية كان كل �شيء قد تم �إ�صالحه .نزل البنّاء الماهر من ال�سطح، و�ضع �سلّمه على الأر�ض�.شكره الدبّ وقال: -كم يلزمني �أن �أدفع لك؟
�إنه م�شكل عوي�ص� ..إن �سقف بيتي بحاجة -ع�شرون ورقة نقدية.�إلى �إ�صالح� .صارت قطرات الماء تنفذ منه - .هذا المبلغ كثير� ،صديقي القط قال لي� :إن �ضحك القط وقال �ساخرا:
94
رحلت وبقيت الذكرى َ
هذا العمل ال يكلف �سوى ورقتين نقديتين.
�أتذكّرها جيدا ،ولكن لم ال�س�ؤال عنها؟!وماذا تريد منها؟ �أب� ��داً ..لقد �شدّتني وجذبتني نحوهاب�أخالقها العالية وتعاملها الراقي� ،أتذكر عندما حاول �صاحب ال�سيارة �أن يحركها ليرفعها من مكانها �إلى ال�سيارة ..كيف رف�ضت ذل��ك مع حالتها تلك ،وعندما تقدم لم�سكها من يدها ،كيف و�ضعت عباءتها كي ال يم�سها ب�شكل مبا�شر. �أتذكر عندما ذهبنا بها �إلى الم�ست�شفى ب�صحبة وال ��ده ��ا ،ك��م ك��ان��ت ل�ط�ي�ف��ة مع المر�ضى والممر�ضات والطبيبات ،ومع كل مَن كان حولها في غرفتها.
اب �ت �� �س��م � �ص��اح �ب��ه اب �ت �� �س��ام��ة الم�شفق ال ��ذي ان�ت��اب��ه ال �ح��زن ،وب��ان��ت ع�ل��ى وجهه ال �م��رارة وال�ح���س��رة�� .س��أل��ه بعد �أن الحظ ع�ل�ي��ه ال�ت�غ�ي��ر م��ا ب ��ك؟ م��ا ال���ذي ح ��دث؟! ق ��ال :لعلك ال تعلم مَ ��ن تلك ال�ف�ت��اة التي ت �ت �ح��دث ع �ن �ه��ا ك ��ل ه� ��ذه ال� �م ��دة ب ��أن �ه��ا �صاحبة الأخ�ل�اق الفا�ضلة والأدب الجم، وربما ال تعلم �أي�ضا مَن هذه الزوجة الطيبة والأم الحنون؟ زوجة طيبة و�أم حنون!! كيف..؟
لذلك �أنت مزكوم..غ�ضب البنّاء و�أم�سك ال��دبّ من عنقه حتى دعنا من ال�م��زاح .قل ل��ي :هل تعرف بنّا ًء كاد �أن يخنق.متخ�ص�ص ًا في �إ�صالح ال�سقوف؟ ا�ستيقظ ال��دبّ م��ذع��وررا ،وق��ال« :يا له من طبعا �أعرف.كابو�س»..
لقد �أعجبتني �أخالقها كثيرا ،وددت لو انتحب مت�أ�سفا لرحيل الطيبين من هذه كانت زوج � ًة لأح��د �إخ��وان��ي ..فلو لم �أت��زوج لوددتها زوجة لي( ..ي�ضحك). الدنيا ..وكيف لها �أن ت�ستقيم بعد رحيلهم!!..
* كاتب من المغرب.
* قا�ص من ال�سعودية.
اجلوبة -خريف 1435هـ
ق�����������������ص�����������������ص ق�����������������ص����ي���رة
رغم �أنه اغت�سل بماء ال�سطل الذي كان مو�ضوعا -دلّني عليه� .أرجوك. في غرفة نومه. -لو جئت في ال�صباح لطلبنا منه �أن يخ�ص�ص
نعم� ..إنها مَن �شيّعناها ودفنّاها بالأم�س!! �إنها زوجة �أخي الأ�صغر و�أم �أوالده.
اجلوبة -خريف 1435هـ 95
ألق ع�صاك � ِ
■ ح�سن برطال*
برج (الرقابة) في ال�صباح قر�أ الجريدة ..وفي الم�ساء كان متهما بالتكتم عن مجموعة من الجرائم.. الجريدة الر�سمية بيتنا بغرفة واحدة ،ومع ذلك ال نعرف �أين يُخفي والدي جرائده.. ولما ق�ص�صتُ عليه حلمي وتكلمتُ عن (�إع��ادة ت�صوير الجرائم) ،و(تفكيك الع�صابات) ،عاقبني على ا�ستعمال و�سادته والنوم في �سريره..
ال�صفحة الأخيرة تبللت الجريدة وطم�س ال�سائل (الأ�سود) معالم البيا�ض.. ل��م �أ�ستطع ق ��راءة (ال �ح��روف) لكنني ت��ذك��رتُ (حروف) الوجه العزيز ،حينما كان يختلط (الكحل) بالدمع في عين �أمي. رئي�سة التحرير و�صلتها ق�صة ع�شقه فمزقتها ..كل ما كُتب بخط اليد يظل حبرا على ورق..
�صفحات من غبار (الح�سا�سية) الجديدة التي بحث عنها طويال، العدد رقم ()0 انتقلت من الملحق الثقافي �إلى (�أنفه)�..إنه ي�شم وال �صنعتُ طيارة من جريدة ورقية ..ولما ف�شلتُ في يقر�أ.. ال�سفر عبر العالم� ،أدرك��تُ �أنها (محليّة) ال �أقل وال تغطية �إعالمية �أكثر.. ذلك الذي يتوارى خلف الجريدة يوما بكامله ،رجل خائف �أو خجول.. واقية ورقية �أعداد غير �صحيحة ق��ال لي ول��دي :ر�أ�سي يبرد خ�لال ف�صل ال�صيف رغ ��م زي��ارات �ه��ا (ال �ي��وم �ي��ة)(..الأ� �س �ب��وع �ي��ة).. كلما غطيتُه ب�صفحة من �صفحات الجرائد.. و(ال�شهرية) ..كان ي�شعر بالوحدة..هي لي�ست �صديقة ربما لي�س فيها �شيء من الأحداث (ال�ساخنة) ..جميلة كما كنتُ �أعتقديا ولدي.. بل �صحف ومجالت لي�س �إال.. * قا�ص من المغرب.
96
اجلوبة -خريف 1435هـ
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
ق�ص�ص ق�صيرة جدا
■ مي�سون طه النوباين*
�أدركَنا الوقتْ ق ْم كي نجمع �أمتعة الغ ْد نه ٌر في كفك لي و حدائق ور ْد و �أنا في كفي �ساقية و�سنابل �أعددتُ النار لنخبزها في يوم البر ْد
يذوب الثل ُج على ال�صحرا ْء �أرح ُل من ذاكرتي و �أغيّر ذاكرة الأ�شيا ْء �ألقِ ع�صاكَ �س�أرح ُل مني كي �أُولد من �ضلع العنقا ْء ***
اقر أ� *** تغري َد الطي ِر قم ف�أنا مثلك جائعة �أح���رق���ت �سنين ال��ع��م��ر لأ���ش��ع��ل بع�ض وتمتم َة الأغ�صانِ �صباحا و�صهيل الن�سماتْ النور و ا�سمعني حرفا حرفا يهربُ من كفي من خلفِ بحو ٍر وم�سافاتْ �سربُ �أيائل َفتَلقفْ بالك� ِأ�س مناقي َر الطير *** دعها ت�شربُ من خمرتنا اقر�أ و اتركها ترح ُل في عالمنا دندنة العو ِد ال تُبقِ ولو ع�صفورا و �صمتَ الفيرو ِز في اليد و �صرخ َة طفلٍ ***
�أدرِكني الآ َن
خانت ُه الكلماتْ أم�س و اقر�أ عينيَّ �إذا رحل ال ُ اجلوبة -خريف 1435هـ 97
***
خبِّئني بين ذراعيكَ �إذا ما لمع البرقْ و ا�س ُت ْر عور َة هذا الليل ما زال الزنبقُ في حجرتنا يترقَّبُ م�شيتنا ُدق يرك�ض كالأطفال �إذا البابُ ي ّْ ***
ف ّتـ ِْ�ش عن �أزمن ٍة �أخرى ي�سقط فيها لون ال�صفرة في دمنا ُ ال فيهدُّ ندانا ال يحم ُّر الإ�سفلتُ فيقطفُ زه َر خطانا ***
�أمطِ ْر بالخ�ضرة هذا الدربْ و تمهَّلْ كي ال ت�سقيَ برعم َة ال�صبا ِر فينبتَ بين �شفاهي من غيرك يجت ُّر الألوان من الأر�ض؟ �أحم ُر أبي�ض � ُ �أخ�ضرُ.......... فتعو ُد بال ذنبْ ***
�أدركني الآنْ 98
*
كاتبة و�شاعرة من الأردن.
اجلوبة -خريف 1435هـ
***
أر�ض م�شّ ْط �شعر ال ِّ و ر َّد �أنوثتها �شم�س من رحم الأحجا ْر كي تول َد ٌ و تعو َد الري ُح تداعبُ وجنتَها ِي�ض الزهر على الأ�شجا ْر تنثر ب َ فيحلقُ ع�صفو ٌر بين الأغ�صانْ يبني من عيدان الزنبقِ عُ�ش ْه يهم�س في �أذن الأر�ض ن�شيدا ُ فيواري �سو�أتها و يكحّ ُل عينيها بالور ْد ينق�ش فوق يديها الحنا َء ُ و يغمرها بال�شه ْد أبي�ض تلب�س ثوبا � َ ال يعرف طعم البر ْد أر�ض بغاباتِ اللو ِز فيت َّو ُج ر� َأ�س ال ِ و �ألوانٍ تر�س ُم ب�سمتنا فيمي�س الق ْد ُ
عنف ال�سنين ■ عبداهلل احمد الأ�سمري*
دهري يذكرني حديد �سال�سلي عنف ال�سنين َو ِر َّق َة المتفائل ما كنت �أعرف �أ َّن تحت �سمائنا ميالد عا�صفة ودمار منازلي �سدوا على النور في زنزانتي فتوهجت في القلب �شم�س م�شاعلي كتبوا على الجدران رقم هزيمتي َف َنمَتْ في البيادر َم َر ُح �سنابلي ***
ر�سمت على الجدران �صورة ح�سرتي فمحت مالمحها ظالل �شجاعتي تذكرت �أيام الزمان الراحل و �أغمدت في لحن الظالم هزيمتي * �شاعر من ال�سعودية.
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
تخط تعاريج القهوة �إذ جل�ست عرافتنا تت�أمل ما هو �آتْ
�ألقِ ع�صاكَ لتلقف هذا البركانْ وا�صنع من فوَّه ِة الموتِ قرابينَ و�شط�آنْ و �أعِ ْد لل�شجر الأخ�ض ِر ب�سمتنا ج ِّر ْد هذا ال�صب َح من العتمة و ا�شربْ من �شفة الفج ِر �ضيا ًء ال�شم�س ْ يوقظ دوا َر و ام�سح عن خد النور أم�س دموع ال ْ
وغرزت في �ضوء ال�شموع �أناملي ا�ستبكيت �أطاللي فلم �أجد غير منجلي ***
طرحت ع�صا الترحال وعدت متعبا ناءت بي ال�سنين والعمر راحل �أ�صوات �أحفادي تغرد حول م�ضجعي �أردد �آهاتي و�أح�سب خطوتي ابني يردد تعبتَ من كثرة الترحال قف يا �أبي فقلت �إن اعتكفت على �سجادتي �أ�صبحت عابدا بزي مزارع اجلوبة -خريف 1435هـ 99
■ جناة الزباير*
يُعجبها اندفاع النهر في الإيقاع.. ()4 تبللت ب�أمطار الو�ساو�س كن نهراً لتعجبها! (محمود دروي�ش) لكن �صوت يتمي قال: هي الهديل يرق�ص فوق ع�شب الب�صيرة ()1 وانحنيت �أرجا فوق ق�صيدها كانتْ تم�شي الهوينى فتحتُ �أقوا�سا زرقاء والق�صيد بين الق�صيد ووقفت على الأطالل وكنت �أتعثر هم�سا كالظم�آن ولمجازها يغني الماء �أ�سكر من و�شو�شات العابرين. كلما التقيت الرفاق ()5 ر�سمتُ �ألوانها موناليزا قالت لي: وحولت خنجر ابت�سامتها بيني وبين هواك لأجنحة ت�صطلي بنار دمي. �أ�شجار ليل تمد �أعناقها ت�صببتُ �آيات هوى �أمامها هنا كاف المحال لعلي �أ�شرب من ك�أ�س ف�صولها وهناك نون الوهم ففي غربتي العط�شى ت�ستوطن مهجة ان�شطاري �أتلوى فكيف �أُ�شرق هوى و�أعد �أ�صابع هوى كفيف وف�ساتين الروح كي �ألم�س نورها مزقها �ضجيج الوجع؟ ()2 ()6 كنت �أتمطى بين �سطورها تركتْ خيول يدي ت�صهل ت�ضيق بي خيمة ال�صبابة عدوت في حيرتي ف�أعدو و�سط حبات رمالها وجل�ست بين خطوي �أبحث عن �شبيهي �أنف�ض عني غبار هواها المتعب �شغفا لكني في مُزقي انزويت ()3 كيف لها �أن تو�صد باب نهري كانت الحيرة ت�شد جوارحي وتنثر ق�صا�صاتي بين رموزها �أخيط �شتات ذاتي بمفرداتها ف�أغدو مجرد حرف؟ و�أ�س�ألني عن رحلة قوافيها تنهدتْ �سالل دمي فال �أجد غير منفاي في روابيها وعبت من ذكرياتي �أحزانها. * �شاعرة من المغرب
100اجلوبة -خريف 1435هـ
■ م�سفر الغامدي*
�أمي تحيط عنقي بذيلين نحيلين لعمامة بي�ضاء تعقدهما من الخلف وتترك بقاياهما تتدلى على ظهري ت�ضع في حقيبتي ك�سرة من الخبز مع قطعة مثلثة من الجبن تو�صيني :ال ت�أكلها قبل الف�سحة! تختتم م�سل�سل التمرين على الحذاء الجديدة ببروفة �أخيرة.. تخلط الفردتين، تراقبني و�أنا �أعيد نف�س الخط�أ: �أ�ضع القدم اليمنى في الفردة الي�سرى, �أ�ضع القدم الي�سرى في الفردة اليمنى.. ال بد �أنها ت�ضحك لكني ال �أرى �ضحكتها؛ لأن ر�أ�سي يتدلى باتجاه الأ�سفل �أمي ت�ضع قدميَّ في مكانهما ال�صحيح ت�ضغط عليهما بقوة وك�أنها تريد �أن تل�صقهما بالفردتين.. تو�صيني ثانية :ال تجْ ِر حتى ال تختلط قدماك. تدفعني �إلى الطريق الذي تقع في نهايته مدر�سة عارية بال �أ�سوار �أو بوابات تظل واقفة على الباب فيما �أم�شي و�أنظر �إلى الخلف كان الطريق طويالً ..طويال جداً رغم �أن المدر�سة لم تكن تبعد عن بيتنا � ..سوى ع�شرات الأمتار.
* �شاعر من ال�سعودية.
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
�أكتبي ما �شئت والعني خطوي
�سنة �أولى
اجلوبة -خريف 1435هـ 101
■ رامي هالل*
�أنا و�أنت حرفان في �أبجدية الحب.. ()1 وك�سرتان في الإعراب.. تنبت روحك على �ضفاف روحي.. و�سكونان في النغمة.. اخ�ضرت ثم �أزهرت و�أينعت.. �أطلقت فرا�شات ربيع لتلوّن �سماء الروح ..مائة �ألف ر�سالة بعثتها �إلى طيفك كي وتوقظ نباتات الأر�ض الناع�سة ..وتزيح ال يزورني، �ستائر الغمام عن �شرفة القمر.. وق���ل���ت ل���ه ك�ل�ام���ا ك��ث��ي��را ع���ن ن���وم���ي.. و�أ�سرجت فتائل النجوم. فزارني في اليقظة. روح��ك علمت روح��ي الرك�ض في مروج طيفك ي���زرع ف��ي الليل �أ���ش��ج��ار ال���ورود ال�شم�س. على و�سادتي. ()2 ()4 ال تمنحيني ال�سكينة.. يا نقطة غيّرت معنى وجودي.. بل �أطلقي نوافير القلق في ال�شرايين ..وال���وج���ود ك��م��ا ال��ك��ل��م��ات ت��غ�� ّي��ر معانيها يا وجهاً ي�ستنزف دموعي كل ليلة.. النقط. ل��ق��د نبعت ف��ي خ��رائ��ب قلبي الأح����زان �أحبك.. عندما هبت �أعا�صير الذكريات هم�سة غ��ائ��رة ك�صوت قطرة م��اء خرت من جبل. ()3 �أن���ا ع�لام��ة ا�ستفهام و�أن����ت م��ن ورائ��ه��ا �أحبك.. عالمة تعجب.. رعدة تنداح في الأعماق.
102اجلوبة -خريف 1435هـ
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
عناق �أخير والتفّت ال�ساق بال�ساق في ٍ
�أ�صابعي لم تزل تحكي لبع�ضها عنك �أحبك �أ�صابعي لم تزل تجه�ش بالبكاء نغمة مخنوقة في حلق الوتر �أ�صابعي في م�أتم بعد فراق �أ�صابعك �أحبك الفراق تجربة للموت كما تحب الأ�شجار الع�صافير الموت تج�سيد للفراق وكما يحب المطر الأطفال ربما ك��ان قي�س ه��و العاقل الوحيد ف��ي بني �أحبك ول��ن �أ�ستطيع �أن �أواج���ه �أع�ضائي في محنة عذرة الحب مرة �أخرى ()6 �أحبك كيف افترق عنك؟! طوعا وكرها و�أنا ما زلت في ح�ضانة الحب خوفا و�أمنا الفراق �سرا وهم�سا هو وجه الذباح �أحبك في وح�شة الفراق �أكثر ال���ذي ك���ان ي��غ��م ع��ل��ى ال��ب��ي��وت بالليل ليذبح �أحبك بل�سان القلم وحبر القلب الأطفال في ع�صر فرعون �أحبك بلغة جديدة لم تت�شكل في النف�س �صوت الفراق هو �صراخ الأط��ف��ال و�أن��ي��ن الأم��ه��ات و�شخب ()5 الدماء وانطفاء الحياة.. �أنا و�أنت مذبوحان بمدية القدر الفراق ملقيّان على �شعب الطريق �سكين في الظهر تتخطفنا ن�سور الفراق الجائعة ويد �سقطت منها الراية تتقاذف �أ�شالءنا الريح العاوية وي��رق�����ص الليل رق�صة ال��ذئ��اب على �أن��خ��اب الفراق �أعمى الفراق �أحدب ال�شتات المجنون ق��رر �أن يعيد النظر ف��ي ا�سترداد الفراق حجر وقف في طريق الموج عقله ..فليلى لي�ست من الظباء ..ليلى من الأم������واج ع��رائ�����س ي���ت�ل��ألأ ف��ي وج��ن��ات��ه��ا ن��ور الب�شر المجنون ..قرر �أن يرجع طفال حتى ال�شم�س كانت تتراق�ص يقابل ليلى عند جبل التوباد.. �أنا و�أنت �سحابتان اكفهرّتا ف�ساقتهما الريح مع الن�سائم تحت ظالل الأ�شجار ارتطمت فج�أة �إلى بالد بعيدة ب�صخور ال�سد �أ�صابعي لم تزل فيها رائحة من �أ�صابعك
اجلوبة -خريف 1435هـ 103
()7 �شمعتان ذائبتان من الحب من الأن�س تراق�ص �ضو�ؤهما لب�سا الف�ساتين البي�ضاء لعبا� ..ضحكا ..ف�أ�ضاءا الغرفة وفر الظالم كف�أر هارب. تعانقا ..ت�شاكيا ..بكيا.. وفج�أة قفز الإع�صار من النافذة ولطمهما
* معلم في مدار�س الرحمانية الأهلية للبنين في �سكاكا.
104اجلوبة -خريف 1435هـ
■ حممد حبيبي*
نقت�ص ثانية تكون لغيرنا دون �أن ّ �شرط ُ العمر م ّر العمر َم َّر ونحن في قلق نراو ُح بالمتاه ِة ذاتها ب�شرطها القا�سي ال نحن طلنا ما نري ُد من الحياةِ؛ تعلمنا الحياة؛ وال الحيا ُة ب�سيطة في �صفوها ،ابت�سمتْ لنا لكي �أكونكِ ؛ �أو تكونيني العمر َم َّر نحبّ كما عرفنا ول��م ن��ع�� ْد ف��ي زهْ ���و ع�صفورين؛ م��ن غ�صنٍ �أن نحبَّ الآن بع�ضينا لآخ��� َر خائفَين؛ ب����أنْ ت��ه��بَّ ال��ري�� ُح تفزعنا؛ وال نف�شي �إلى �أحد وتف�شي ما نخاف.. ب�إك�سي ِر الخلو ِد ل�س ّر هذا الحبٌ العمر َف َّر فيما بيننا.. بن�صفه المملو ِء فناجين م�سحورَين؛ كيف �أنا و�أنتِ �شكراً لمنْ ُنرَى بعين النا�س!! �أبهى ما نكونُ ؛ نثروا على جرحي ملوح َة ُودِّهم؛ ُ�ص؛ وغافلين عن الزمااان يق ُّ عبَروا بو ْق ِع كعوبه ْم قلبي؛ ثاني ًة تمرُّ؛ ولي�س يمكنها تعود!! ول���م ي��ت��ب���ّ��ص��روا �أ َّن اله�شا�شة ف��ي ال�ضلو ِع نموتُ فقراً، الحانياتِ بحبهم فُلٌّ لبتْالتٍ �سهارى!!.. ن�ستدينُ ؛ قُلْ لهم يا ليلُ: نزي ُح �أحلى الذكريات؛ فيمَ؟! لكي يروا �ضحك الحوائط لل�ستائر؛ كل زاوي ٍة ت�ضجُّ �سعادةً؛ ال ع ْم َق في لمعانها �أنا وقلبي ال ننام؟!! �إال َم �صدري هكذا؟!: عمّا بنا �أوتا ُد خيم ِة عا�شقٍ ؛ العمر ف َّر ت�ستقب ُل الغربا َء والأحبابَ ولو يعودُ؛ ت�سقيهم دِال ًال من فناجينِ ال َغمَامْ؟!! تركت ذرّات الغبار على الجدار؛ بكل ركنٍ
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
انفرقت الفراق كان ال�سد ع�������ص���ف���ورة ت��ن��ت��ظ��ر م���ن���ذ ث��ل��اث ل���ي���ال ق���رب الموعد.. اقترب فاقتربت دقات القلب قبلتها ال�شم�س قبيل �أن تغرب وبعث �إليها البحر بن�سمة ابت�سمت ح��ي��ن زق��زق��ت ل��ه��ا ع�����ص��ف��ورة كانت تعرف �سر الموعد.. نادتها �أ�شجار الطريق لكي ت�سوى لها زينتها كان ثمة ع�صفور هنالك منتظرا خلف زرقة ال�سماء ر�أته ..انطلقت ..تركت القلب يرفرف.. انطلق دوي ال�صوت �صوت ر�صا�صة الآن ت�ساقط روحها ال�شفيفة في قطرات الدم �سقطت الفراق هو الر�صا�صة
بعنف.. �سقطا ..وجرى الظالم في الغرفة ككابو�س مرعب الإع�صار كان الفراق هل �سنلتقي عند جبل التوباد؟! �أم في مدخل ق�صائد ابن زيدون؟! �أم عند الم�شنقة؟! �أنا و�أنت محبو�سان في �أ�سلوب اال�ستثناء.. �إذا قلت �أنا و�أنت فالواو التي بيننا كاذبة.. وكل حروف العطف بيننا خادعة.. يا �سرابا يتراءى لعيني.. قر�أت في مذكرات �أبي �آدم (الفراق قرار �أزلي) «ل��ق��د ع�شت محنة ال��ف��راق �سنين ط��وي��ل��ة.. كانت تجربة قا�سية �أن �أف���ارق ح��واء الجنة من غير ح��واء خ��واء فما ب��ال الأر����ض دوام��ة الالمعنى حواء حياة �أنا ل�ست �إلها ناق�ص ناق�ص. بيني وبينك واو العطف والحنان والو�صل ل��ن ي�ستطيع ال��ف��راق �أن ين�شب �أظ��ف��اره في القلب ف�أحبيني.. ل���ن ي�����س��ت��ط��ي��ع ال���ف���راق �أن ي��ب��ع��ث��ر ���ص��ن��ادي��ق الذكريات فاذكريني..
ن�صان �شعريان
* �شاعر من ال�سعودية.
اجلوبة -خريف 1435هـ 105
■ د .ن�سرين بنت ثاين احلميد*
ع�������ـ�������ـ�������ـ�������ادتْ �������ش������ه������ي������د ُة ع�����ل�����م�����ه�����ا ل�����ل�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����دّا ِر ب�������ح�������ج�������ابِ �������س������ت������رٍ ل������فّ������ه������ا و ِدث����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا ِر �����������وف ����ض��� َّم���ـ���ـ���ه���ا وب�����ك�����ى ال�����ع�����ف�����افُ ب���ح�������ض���نِ جَ ٍ وارت���������������������دّتِ الأ�������������ش������������واقُ دم�����ع�����ـ�����ـ�����ـ�����اً ج����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����اري ع�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ادت م�������آق������ي������ن������ا ب������غ�������������ص������اتٍ وم����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا ع����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا َد ال�����ه�����ن�����ـ�����ـ�����ـ�����ا ُء ب����ع����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ود ِة ال������������������زُّوارِ ع������������������ادتْ مُ�������ح�������مَّ�������ل������� ًة ول���������ك���������نْ ك���� ّل����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����م����ا غَ����������ف����������يَ ال����������������ف�����������������ؤادُ ،ت��������ل��������فّ��������تَ الإ ْب���������������������ص����������ا ُر ل������ي������ت ال������ح������ن������ي������نُ ل������ه������ا ُي��������������������دا ُر ب����م����ق����ـ����ـ����ـ����ـ����و ٍد ل������ي������ت ال�������م��������آق�������ي ب�����ال�����ي�����دي�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����نِ ُت�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����دا ُر ل�������ك������� ّن������� ُه �أم������������������ ُر الإل�������ـ�������ـ�������ـ�������ه وق��������������� ْد قَ����� َ����ض����ـ����ـ����ى ق���������������د ٌر ي�����������ص�����ي�����ـ�����ـ�����ـ�����بُ وال ي������ف������ي������ ُد ق�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����را ُر ل��������وخ�������� َّي��������روه��������ا ل����������م ت����������������زلْ ِب������خِ ������م������ـ������ـ������ـ������ا ِره������ا ل�������مَّ�������ا ق�������������ض������تْ وال�����������م�����������وتُ ال ُي����خ����ت����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ارُ ذه���������ب���������تْ ك������ط������ي������رٍ ج���������ام���������حٍ ي���������ر ُن���������و ال�����عُ�����ل�����ى ع����������������ا َد ال�������ي�������م�������ـ�������ـ�������ـ�������امُ :اغ��������ت��������ال��������ه ال�����������غ�����������دّا ُر غُ ���������������������دِ رَتْ ب�����ظ�����ل�����مٍ وال����� َع�����ل�����ي�����ـ�����ـ�����ـ����� ُم ق�������د اك���ت���ف���ى ب�������ال�������غ�������ادري�������نَ ي����زُجُّ ����ه����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����م ب����ال���� ّن����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا ِر قُ������ت������ل������تْ وم�����ـ�����ـ�����ـ�����ا ن������������دري �أَ ُي��������ق��������ت��������ل ب���ع���ده���ـ���ـ���ـ���ا غ������ي������ـ������ـ������دا ُء �أم �أ������س�����م�����ـ�����ـ�����ـ�����ا ُء �أم �أب������ـ������ـ������ـ������ـ������رارُ!؟ 106اجلوبة -خريف 1435هـ
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
في رثاء ناهد المانع ْ عادت �شهيدة علمها للدار
اح�����ت�����ـ�����ـ�����ار ������ص�����ب����� ُر ال������� ّ������ص������اب������ري������نَ ل�����م�����ا ج�����رى وت�����ط�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����اي�����رتْ ب������ري������اح������ه������ا الأق������ـ������ـ������ـ������ـ������دا ُر وع������������زا�ؤن������������ا �أ َّن الإل������ـ������ـ������ـ������ـ������ه اخ����ت����اره����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا ل���������ج���������واره �أَن���� ِع����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ���� ْم ِب������حُ �������������س������نِ ج����������وا ِر وق�������������ض������ى ب������خ������ات������م������ ِة ال�����������������ش��������ه��������اد ِة ح���ي���ن���م���ا خ��������رج��������تْ لِ������ع������ل������مٍ ؛ ل��������م ت����� ُع�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ����� ْد ل��������ل��������دّا ِر ي��������ا ن������اع������ق������اً ب�������������������أذىً خ���������س����ـ����ـ����ئ����تَ ول�����������م ت������زل ال�����ع�����ـ�����ـ�����ـ�����ـ�����ا ُر � أن����������������تَ وم�����������ا ُت�����������غ����������� ِّر ُد ع����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا ُر ب�����ئ�����������س ال�������ع�������ق�������ولُ ع�����ق�����ول�����ه�����م ول���ب���ئ�������س���ـ���ـ���م���ـ���ـ���ا ���������ك ج����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����اروا خَ ��������طّ ��������ت ������ش�����م�����ائِ����� ُل�����ه�����م ب����������إف ٍ �آن الأوان :ف�����ق�����د ت����ط����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����اول ب���ع�������ض���ه���م ف������� ْل������� ُي�������ن�������ذَروا �أو ُي������� ْب�������عَ�������ثَ ا����س���ت���ن���ك���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ُر ف�����ل�����ن�����ا �أ�������������س������������و ٌد ح������ول������ن������ا ت�����ح�����م�����ي ال����ح����م����ى وت������������غ������������ا ُر ح�������ت�������ى ال ُ ي�����������������ش��������قُّ غ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ب����ا ُر �آه ع������ل������ى م��������ن �أَت��������ق��������ـ�������� َن��������تْ ب����ح����ج����ا ِب����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ه����ا ��������اف و ُدثّ������������������������رت ب����خ����م����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا ِر ف������������نَّ ال��������ع��������ف ِ ����������ش���������رفٌ ل������ن������اه������د ع����ل����م����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ه����ا وع�����ف�����اف�����ه�����ا ول���م���ث���ل���ه���ـ���ا ال���ت���ب���ج���ي���ـ���ـ��� ُل والإك���ب���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ُر ي��������ا �أ ّم ن��������اه�������� َد ك����ف����ك����ف����ـ����ـ����ـ����ـ����ي دم�������ع�������ا ً ج��������رى ف�����ل�����ن�����اه�����دٍ ف�������ي ال����ع����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ال����م����ي����نَ فَ����خ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا ُر ق�������د ُت��������� ِّوج���������تْ ل���ل���أت������ق������ي������ا ِء م���ن���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ار ٌة ول����ل���������ش����ه����ـ����ـ����ـ����ي����دِ ب����ع����ل����م���� ِه �أن���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���وا ُر ول������ه������ا ن�����������ص�����ي�����بٌ ف�������ي ق�������ل�������وبٍ ل�������م ت���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���زل ت����دع����ـ����ـ����ـ����ـ����و ل�����ه�����ا ف�������ي ال������غ������ي������بِ والإظ������ه������ـ������ـ������ـ������ا ِر * جامعة نورا.
اجلوبة -خريف 1435هـ 107
عرو�س من �ضوءٍ ٌ و�أمل ،رحلتْ لتملأ أرواح أرجاء وال َ ال َ بح ًا ال ينتهي ُ�ص َ
* �شاعرة وقا�صة من الجوف. 108اجلوبة -خريف 1435هـ
تناثرتِ ف��ي كُ�� ِّل ال�صباحاتِ �إ�شراقا و�أم�����س��ي��تِ ل�ل��أي���ا ِم ن��ب�����ض��اً و�أح���داق���ا تعي�شينَ كالنجمِ الم�ساف ِر في الدجى وتم�ضين ف��ي �أرواح��ن��ا تلكَ ترياقا ُت�����غ�����رّدكِ الأط�����ي�����ا ُر �أل�����ح�����ا َن خ���اف���قٍ نما ف��ي �سبيل ال�ضو ِء م��ا ًء و�أ�شواقا ف���ب��� ّل���ل �أ������ص�����دا ًء و�إن ك�����ان ُم���وجِ ���ع���اً ال�شم�س ف��ان��ث��ا َل ب��رّاق��ا ِ و ّل���و َن وج��� َه رحيلك �أدمى ال�صب َح والقلبَ والر�ؤى ِ و ل��ك�� ّن��ه ف���ي � ُ���س��� ّل���مِ ال���م���ج���دِ م��ي��ث��اق��ا ل ِ��ك ف��ي �سبيلِ العلمِ �أغ����رود ُة العُال ت����غ����رّده����ا ال����دن����ي����ا ف����ت����ن����دا ُح �آف����اق����ا �ستذكركِ الأح��ل�ا ُم وال��ع��ز ُم والثرى وي��ن�����س��ابُ ذك������راكِ ع���زي���زاً ورق���راق���ا �شهدناكِ في الدنيا ت�ضاهينَ ُ�صبحها ط���م���وح���اً و�آم��������ا ًال وف���ه���م���اً و�أخ�ل�اق���ا و ن�������ش���ه���دكِ ب���ع���د ال���رح���ي���لِ مُ���ه���اب��� ًة ُي�����ش��ي��ع ِ��ك الآالف ف���خ���راً و�إ���ش��ف��اق��ا ف������ي������اربُ م�����ا ه������ذا ال����ب����ه����اء ل���ن���اه���دٍ �إذا رحلتْ فا�ضتْ من ال�ضو ِء �إغداقا ��رو���س» و�أط��ي��ابُ ال��دم��ا ِء خ�ضابُها «ع ٌ و ُزفّ������تْ �إل����ى ال��ع��ل��ي��ا ِء ورداً و�أط���واق���ا �أح������ار �إذا م���� ّر ال���رح���ي��� ُل ب��خ��اط��ري أبكيك �أم �أذرو من الفخ ِر �أوراق��ا؟! �أ� ِ ���ك م����ن اهلل ال����ك����ري����مِ رح����ائ���� ٌم ع���ل���ي ِ �إذا ب���ا َن ل��ي��لٌ �أو �أت���ى ال�����ص��ب�� ُح خفّاقا
ُق ُ نح ُر ِك لها ِق ْبلة بلة �شتائي ْ
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
ناهد الزيد
■ مالك اخلالدي*
■ يو�سف عايد العنزي*
ها هيَ قد ي ّممَت �إليكِ الرّكاب فال تُطيلي الغياب .. و ال تُ�شْ هري على نا�صيَتي �سيفَ العتاب بعدكِ قد �أ�صبَحتُ هُ وَي�ساً �أ�شْ كو للجرا ِد عن م�ساوئِ ال ّنمْلة قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة ***
�أنتِ عذرائي �أنتِ �سمائي وحْ دكِ من ي ْهتِكُ �سِ تر كِبريائي يا �أرجوز ِة الف�صولِ الأربعة يا حنا َن الثّكلى.. تموتُ عيْناها من �أجلِ دمْ عة �أنت �أ�شعاري� ..أنت �أوتاري �أنت تحتَ �أنغام النغم «مو�سيقاري» ال وربّ عينيكِ اللّتينِ �إليْهما ي�أْوي بنو �آدم ال �أ�صب ُر عنْكِ وهلة قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة �أحبّك على محملِ الج ِّد
وهل للج ِّد عندَكِ محْ مَل �أحبّكِ �أكث ُر من عبث المت�سكّعين و �أكث ُر من رقَ�صَ اتِ الثمّل وجدْتُ فيكِ جمالُ الرّوح و حينَ لددْتُ للخِ ْل َق ِة � إذ بها �أجمل كفيل�سوف يعبثُ بحروفه ٍ �أحبّكِ م�صرَفي ال يقْبل غيركِ عمْلة قُبل ُة �شِ تائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة ***
فيكِ �أرى قافي َة ابن قبّاني فيِك �أراني .. �أراني فيكِ �أناني نك و هل يجو ُد الحاتميُّ بحُ �سْ ِ تباً لي ولقريني .. �إن كا َن لذاكَ الفعل �أغْ واني �أنت �أجم ُل من �ألفِ ليلة وليْلة و ع�شِ ْقتُها �إن كُنتِ بينَ �أح�شائِها جُ مْلة قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة
* �شاعر من الجوف.
اجلوبة -خريف 1435هـ 109
■ حامد �أبو طلعة*
و�أب������������و ال���ح�������س���ي���ن وق��������د م�������ض���ـ���ى ف������ي �إث������ره������ ْم ل���ـ���ل���ـ���ه د ُّر �أول����ـ����ئ����ـ����ـ����ـ����ك الأ�ص ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابُ
وط�����ـ�����ن�����ـ�����ي ،و�أر���������ض��������ـ��������ك ج������ن������ ٌة وع����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ذابُ وم����ـ����ـ����ث����ـ����ـ����اب����ـ���� ٌة ي����ـ����ـ����ا م����ـ����وط����ـ����ن����ـ����ي وع����ـ����ق����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ابُ
وال�����ـ�����ي�����ـ�����وم ،ف����ـ����ي �أر�������������ض ال����ـ����ـ����ج����ـ����زي����رة دول����ـ����ـ���� ٌة وال����ـ���������ش����ـ����ـ����ـ����رع ف���ي���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ������س�����ن����� ٌة وك�������ت�������ابُ
� ِ����س����ـ���� ْل����ـ���� ٌم �إذا � َ������ص������ـ������ َد َق ال���������ـ���������والءُ ،و�إن ي���ك���ـ���ـ���نْ غ���ـ���ـ���ـ���ي���ـ���ر ال�����ـ�����ـ�����ـ�����والء ب����ـ����وات����ـ����ـ���� ٌر وحِ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���رابُ
ع����ـ����ب����ـ����دال����ـ����ع����ـ����زي����ـ����ز �أق���ـ���ـ���ـ���ام���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ف�������ي ع�������ز ٍة ������ار�������س و ُم���ـ���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ م����ـ����ل����ـ����كٌ �����ش����ـ����ج����ـ����ـ����ـ����ا ٌع ف������ـ ٌ
ف����ـ���������س����ح����ـ����ـ����ـ����ـ����اب���� ٌة ل���ـ���ل���ـ���م���خ���ـ���ل�������ص���ي���ن ت���ـ���ظ���ـ��� ّل���ـ���ـ���ه��� ْم وع����ـ����ل����ـ����ى ق����ـ����ل����ـ����وب ال����ـ����خ����ـ����ـ����ـ����ائ����ن����ي����ن �����ش����ه����ـ����ـ����ابُ
ب���رج���ـ���ـ���ال���ـ���ـ���ه الأب�����ط�����ـ�����ـ�����ـ�����ال خ�����ا������ض م���ع���ـ���ـ���ارك���ـ���ـ���ـ���اً وال����ـ����ـ����وق����ـ����ت جِ ���������دُّ �����ش����ـ����ـ����ـ����دائ���� ٌد و� ِ���ص���ـ���ع���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ
ال����ـ����ل����ـ����ه �أك������ـ������ب������ـ������ر ،ج�����ن�����ـ����� ٌة ط�����ـ�����ـ�����ـ�����اب�����تْ ب���ـ���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ل���ـ���م���ـ���ن ارت�������ض���اه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ل����ق����م����ـ���� ٌة و�������ش������ـ������رابُ
ن�����������ادى :ال����ـ����ج����ـ����ه����ـ����اد ،ف�����أق����ب����ل����تْ �أف���واج���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ��� ْم و�إل�������ـ�������ى ال����ـ����ج����ـ����ن����ـ����ان ت�������س���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���اب���ق ال����ـ����ط����ـ����ـ����ـ��ل�اّبُ
ول�����ـ�����م�����ـ�����ن �أب���������������ى ،ف�����ج�����ه�����ن����� ٌم ي���������ص����ـ����ل����ـ����ى ب���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ق����ـ����ـ����ل����ـ����ـ����ـ����بٌ ظ����ـ����ل����ـ����ـ����ـ����ـ����و ٌم خ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ائ����نٌ ك����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ذّابُ
ج����ـ����م����ـ����ع ال����ـ����ج����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����زي����رة ف�����ـ�����ي ك�����ـ�����ي�����ـ�����انٍ واح������ـ������دٍ وم���ـ�������ض���ـ���ـ���ـ���ى ال����ـ����ـ����ت����ف����ـ����رّق وان�����ت�����ه�����تْ �أح�����ـ�����ـ�����ـ�����زابُ
ه�����ـ�����و م�����ـ�����وط�����ـ�����نٌ ت����ه����ف����ـ����و ال����ن����ف����ـ����ـ����و�����س لأر������ض�����ـ�����ه و�إل����ـ����ـ����ي����ـ����ـ����ـ����ه ي����ـ����ه����ـ����وي ال���ـ���خ���ـ���ـ���ـ���ـ���اف���ـ���ـ���ق الأوّابُ
وم����ح����ـ����ا ال���ج���ه���ـ���ـ���ـ���ال���ـ���ـ���ة وال��������ع��������داوة وان���ق�������ض���ـ���ـ���ى ع����ـ����ه����ـ���� ُد ال����ـ����ع����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����داء ،ف���ـ���ك���ـ���ل���ـ���ن���ـ���ا �أح����ـ����ب����ـ����ـ����ابُ
م�������ن �أر���������ض��������ه ����ش���ـ���م���ـ���ـ�������س ال������ه������داي������ة �أ������ش�����رق�����تْ وب���ـ���ـ���ـ���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ت����ـ����ج����ـ���� ّل����ـ����ـ����تْ غُ ����ـ���� َّم����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ���� ٌة و�����ض����ب����ـ����ابُ
م�������ل�������كٌ ،و�أ�������س�������������س دول�������������� ًة وب����ه����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ا م�������ض���ـ���ى ل���ـ���ل���ـ�������س���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ائ���ل���ـ���ي���ن ع������ن ال����ـ����ب����ـُ����ـ���� َن����ـ����ا ِة ج������ـ������وابُ
ب���ـ���م���ـ���ح���ـ���م���ـ���دٍ �����ش����ـ����ـ���� َّع ال���ـ�������ض���ي���ـ���ـ���ـ���اء ف�����أب����ـ���������ص����ـ����رتْ ن������ـ������و َر ال���ـ���ـ���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���دى الأروا ُح والأل����ـ����ـ����ـ����ب����ـ����ـ����ابُ
وت��������ـ��������وارث ال����ـ����م����ـ����ج���� َد ال���ـ���ك���ـ���ب���ـ���ي���ـ��� َر ب���ـ���وا����س���ـ���ـ���ـ���ـ���لٌ ه��������� ْم ������س�����ـ�����ـ�����ادة ال������دن������ي������ا ،ه�������م الأن����ج����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ابُ
ف�����ـ������أن�����ار ل���ـ���ل���ـ���ن���ـ���ا����س ال���ـ���ط���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ري��� َق ف�����وح�����ـّ�����دتْ م���ـ���ع���ـ���ب���ـ���و َده���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا وت�����ـ�����ف�����ـ�����رّق الأرب������ـ������ـ������ـ������ابُ
ع�����������دلٌ وان�����������ص�����ـ�����ـ�����ـ�����افٌ وح�������س���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���نُ ق������ي������اد ٍة وث������ـ������واب������ـ������تٌ وب����ـ���������ص����ـ����ي����ـ����ر ٌة وح���ـ�������س���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ
و�أق�������������ام ف������ي الأر��������������ض ال���������ش����ـ����ري����ع���� َة ف����ا�����س����ت����وتْ وت����ـ����ه����ـ����ـ����ـ����ـ����اوت الأزال ُم والأن�������ص���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ
ن�����ح�����ن ال���������س����ـ����ـ����ـ����ع����ودي����ي����ن ن����ف����خ����ر ف�������ي ال������ـ������ورى ف���ـ���م���ـ���ل���ـ���وك���ـ���ن���ـ���ـ���ـ���ا ه������ـ������ ْم خ�������ي�������ر ٌة �أط���ـ���ي���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ
وم���������ض����ـ����ى ع�����ل�����ى ن����ف���������س ال�����ط�����ري�����ق ����ص���ح���ـ���ـ���اب��� ٌة خ�����ي����� ُر ال������ـ������ورى ال����ـ���������ص���� ّدي����قُ والـخطّ ـ ـ ـ ــابُ
ووال�ؤن��������ـ��������ـ��������ا ل����ـ����ل����ـ����ه ث�������م م���ـ���ل���ـ���ي���ـ���ك���ـ���ن���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ول����ـ����م����ـ����وط����ـ����ـ����نٍ ف���ـ���ي���ـ���ه ال�����ـ�����ت�����ـ�����رابُ ����س���ـ���ح���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ
110اجلوبة -خريف 1435هـ
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
كلنا �أحباب …
و�أت����اه����م����ـ����ـ����ـ����ا ع���ث���م���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ان ذو ال�����ـ�����ن�����وري�����ن ف��ـ��ي دربٍ ب���ـ���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ك�����ـ�����ان ال����ـ����ـ����ق����ـ����ـ����رار �����ص����ـ����ـ����ـ����وابُ
اجلوبة -خريف 1435هـ 111
ن�����ح�����ن ال���ـ���ـ�������س���ـ���ـ���ع���ـ���ـ���ـ���ودي���ـ���ي���ـ���ن ن���ق�������س���ـ���ـ���ـ���ـ���م �أن�����ن�����ا م����ـ����ـ����ن دون �أم�����ـ�����ـ�����ن ب���ل��ادن������ا ال���خُ ���طَّ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ خُ ��������طَّ ��������ابُ �إح������������دى ال����حُ ���������س����ن����ي����ي����ن ع����ل����ى ه����دى ُم���ـ���ت���ـَ���ي���ـ��� ّق���ـ���ن���ي���ن ف���ـ���م���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ب���ـ���ن���ـ���ا ُم�����ـ�����رت�����ـ�����ابُ ف�����ب�����ي�����وتُ ك�������� ِّل ال���ـ���م���ـ���خ���ـ���ل���ـ�������ص���ـ���ي���ن ع���ـ���وام���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ��� ٌر وب�������ي�������وتُ ك�������� ِّل ال���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���خ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ائ���ن���ي���ن خَ ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����رابُ وت�����ظ�����ل ي������ا وط�����ن�����ي ال����ح����ب����ي����ب ب���غ���ي���ر م��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ا أ�������س ،ف�����ـ�����دون�����ـ�����كَ ي���ـ���ـ���ـ���ا ح����ب����ي����بُ رق���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ ب������ـ������� ٍ وت������ظ������ل ف�����ـ�����ي ه������ـ������ذا ال�����ـ�����وج�����ـ�����ود مُ����ق���� ّدم����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����اً ف����ـ����ـ����ي ك�������� ّل �أم�������ـ�������رٍ ����� س����ـ����ي����ـ���� ٌد و ُم���ـ���جَ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ ف����ـ����ي ك����ـ����ـ���� ّل َم����ـ���� ْف����ـ����خَ ����ـ����ر ٍة ر�أي�����ـ�����ت�����ـُ�����كَ ح���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ائ���ـ���زاً ل����ل���������س����ب����ق ،ف����ا�����س����ل����ـ����م �أي���ه���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ال��������وثّ��������ابُ ف���ـ���م���ـ���ح���ـ���ـ���ا����س���ن ال���ـ���دن���ـ���ي���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا �إل������ي������ك ت�������س���اب���ق���تْ ف���ـ���ع���ـ���ل���ـ���ي���ـ���ك م��ـ��ن��ـ��ـ��ه��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ا حُ ������� ّل������� ٌة وث������ي������ابُ ف������ي ال�����ع�����ز ت�����رف�����ل ف������ي ال���زم���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ان مُ����� َن�����عَّ����� ٌم ف�����ارف�����ـ�����ل فُ�������دي�������تَ ف�����ـ�����ر ُّب�����كَ ال���ـ���وهّ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ابُ واه����ـ����ـ����ن����ـ�����أ ب���م���ـ���ـ���ا �أوت�������ي�������ت ي����ـ����ا وط�����ن�����ـ�����ي ،وف���ـ���ي �أف��������ـ��������واه ك������ل ال���ـ���ـ���ح���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���اق���دي���ن ت����������رابُ ف���ل���أن������ت ف������ي ال����دن����ي����ـ����ـ����ا ال���ـ���ـ���ك���ـ���ـ���ري���ـ���م ب��ـ��ف��ـ�����ض��ل��ه ولأن���������ت ف��ي��ه��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ا ال����� َ����س���� ْل����� َ����س���� ُل ال���مُ���ن�������س���ـ���ابُ ���������ض ف����ـ����ي ال�����ـ�����ف�����ـ������ؤاد و�أن������������ت ف��ـ��ـ��ـ��ي ولأن������������ت ن����ب ٌ ال���ـ���ع���ـ���ي���ـ���ن���ـ���ي���ـ���ن ذاك ال���ـ���ـ���م���ـ���ن���ظ���ـ��� ُر ال���ـ���ـ���خ���ـ���ـ���ـ���ـ�ل�اّ بُ * �شاعر من ال�سعودية. 112اجلوبة -خريف 1435هـ
ُ�س ّمار الدار
■ عبدالنا�صر الزيد*
خلق الأمانة والأمان. 1 فا�سرج خيولك ي�س�ألونك عنه �أح��ق��اً ي��راه��ا وح��ق��اً ت���راه ،فتبّت يداها �إن بدا لك وا�ستعد وتبّت يداه وك��ل ال��ذي ي�ضمرونه تحت ال�س�ؤال.. ٣ �أذىً واعتزال تحمل في جيبك قطرة ماء و�شيئاً يُقال كما اليُقال ورغيفا من حجر �صمّاء و�شيئاً يُنال بوجه انتحال تتلو �أورادك كل م�ساء و�شيئاً يُزال قُبيل الزوال بذكاء تتلوها وغباء فقل هو طين ..قل هو �أحمر ..فاهتبلوه وتبحلق في وجه الأ�شياء وقل هو ماء ..قل هو �أزرق ..فانتهبوه �أ�صداء تتلوها �أ�صداء حي�ض �أبي�ض وقل هو �أبي�ضٌ .. يا معنى الحاء ق��ل ه��و �أخ�����ض��ر ..مثل ال��م��رم��ر �أو هو ما معنى الحاء �سكّر يا معنى الباء �أ�سمر� ،أ�صفر� ،أ�شقر� ،أزهر ما معنى الباء وق��ل هو ه��اه ..ف�صكّت يداها وطا�شت �إعياء ي�أتي بالإعياء يداه ٢
باباك مَدميّان والحيل البعيدة والقريبة وال�شقاوة والذكاء مثل الهباء مذ كان كان يحيي عروق ال�شامتين ويتقي غدر الزمان. فانذر �صيامك ال �أبا لك! �إن الذي خلق المكانة والمكان
���������������������������������ش��������������������������������ع��������������������������������ر
�أم��������ـ��������نٌ و�إي����م����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����انٌ وط������ي������ب م���ع���ي�������ش���ـ���ـ���ـ��� ٍة م���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا راع����ـ����ـ����ن����ـ����ا غ�������ـ�������د ٌر وال �إره����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ابُ
٤
فلتتئد وان�شر عبير الورد تخ�ش الح�سد ال َ هذه ال�سُّ رّة �سِ ٌر حوله حام الر�صد مركز الجذب لديها وال�شقيّ المنطرد ا�ستدارت ف�أدارت كامناً في كل فرد
اجلوبة -خريف 1435هـ 113
و�إذا �أتيت اليوم يحدوك الغرام والبوم حولك والحمائم واليمام ف�سل اليمام الجافالت �أهو طبع �أم تطبّع؟ و�سل اليمام الواقفات هل تع�شقين ت�صنّع؟ و�سل اليمام النازفات اواه ،كم تتوجّ ع؟ 6
رتّق فتوقك وانته�ض هذا �أوانك ها قد �شبعت اللهو ،واللعب المباح ال�صراح ها قد بلوت اللغو ،والك�سل ُ ها قد �أكلت ونمت ما �أعطيت �شيئا فلم تعمل ..ولم تعجل ولم تكبد ..ولم تكدح ب�أمر اهلل ولم ت�أرق ..ولم تقلق ولم ت�شحذ ..ولم تقدح دليل العقل وحكم الج�سم �إذ يعرق و�إذ ي�سبق و�إذ ي�سلك فجاج الأر�ض وخنت الحب �إذ ي�ضرب �شغاف القلب فادخل �إلى التنّور م�سحوراً بفي�ض النور منذوراً لوهج النار والراح المُباح رقّع خروقك واحترق من ذا يطالك *
كاتب و�شاعر من الجوف -ال�سعودية.
114اجلوبة -خريف 1435هـ
م��������������������������واج��������������������������ه��������������������������ات
5
7
من ذا يطال الليل حين يح ّل كال�ضيف الثقيل �إذ �أقبل الغول الطويل وبال في فم البئر ومن حول التالل ور�أينا فوقنا �سبع �سنابل فوقهم �سِ رب بِغال وغزال وتماثيل عجيبة و�أ�ساطير غريبة من تخاييل الظالل 8
كنا ثالثة والكلب رابعهم وكانوا خم�سة �ساد�سهم خبثهم بقيلهم وقالهم بع�شقهم وعزفهم وجدهم وهزلهم ..العطر فرّقهم و�أقداح ال�شفاه 9
ثماني ٌة ه ُم �سُ مّار الدار ورابع الأ�شعار ملطّ خ بالعار يُقاد مثل بقرة وخدّه مورّم و�أ�شعثٌ �شعره ما �أتع�س ال�شجرة حتى �إذا قوّ�ست ظهرها فرا�شة قذرة فن�أى الناي عنها ،وعاقبتها العيون تموت في �سكون هزيلة ثمِ لة
الجوبه تلتقي
ال�شاعر م�سفر الغامدي
ي�ستطيع �أن يقنعك بطريقة قد تزرع في بالك الده�شة؛ �شاعراً �أو كاتبَ مقال� ،أوفي مقارباته النقدية� ،أو حين تجال�سه !..حتماً �أنا �أق�صد ال�شاعر م�سفر الغامدي� ،صاحب المجموعة ال�شعرية «حيناً من ال�ضوء» ،ال�صادرة عن دار المدى – دم�شق2003 ،م ،وهو يعد ال�ساحة ال�شعرية ب�إ�صدار مجموعته الجديدة قريباً ،والتي �ستوثّق تميّز تجربته ال�شعرية؛ و�أنا �أثق �أنه يف�شل �أن يكون محابياً �أو مجامالً ،نعم ،يف�شل! لذا ،تعمدت �أن �أطرح عليه هذا ال�س�ؤال :تطفو على ال�سطح االتهامات بين الناقد والمبدع ،من مثل« :النقد ال يواكب الحركة الإبداعية»« ،غياب الن�ص الإبداعي الجاد الذي ي�ستحق �أن يُقر�أ» ،و�أنت بو�صفك �شاعراً هل تن�صف طرفا على الآخر ؟ ف�أجاب« :حتى غياب الن�ص المتجاوز ،المحر�ض على القراءة� ،إذا افتر�ضنا ذلك ،يمكن �أن يكون محر�ضا على القراءة النقدية ب�شكل �أكبر .م�شكلة النقد لدينا �أنه جبان (مثل ر�أ�س المال) ..ال يحب اللعب �إال في المناطق الآمنة .يقف عند حدود الروّاد ،عند حدود الن�صو�ص الجاهزة ،وال يتجاوزها �إال نادرا »..هذه الديباجة قد تقودنا �إلى ف�ضاء �شاعرنا.. ■ حاوره /عمر بوقا�سم -ال�سعودية
ال�شعر لم يعد كافي ًا للقارئ!.. ● ●�أن يكتب �شاعر «م���ا» رواي���ة �أو عمال ���س��ردي��ا ،ل��م ي��ع��د �شيئا غ��ري��ب��ا ،فهذه الحالة �أ�صبحت منت�شرة في ال�ساحات الثقافية العربية؛ فمن ال��ك�� ّت��اب مَن
يرف�ض و�صف هذه الحالة بالتحوّل، ب����ل ي���ع��� ّده���ا ت���وا����ص�ل�ا ط��ب��ي��ع��ي��ا ب��ي��ن ف�����ض��اءات ال��ك��ت��اب��ة ،وم��ن ح��ق ال�شاعر �أن يح�ضر في �أي ف�ضاء �إبداعي ،و�أن ه���ذه ال��ح��ال��ة لي�ست ب��ال��ج��دي��دة على
اجلوبة -خريف 1435هـ 115
116اجلوبة -خريف 1435هـ
م��������������������������واج��������������������������ه��������������������������ات
ال�����ش��اع��ر؛ وم��ن��ه��م في الأ�سا�س ،هو زاوية * ق�صيدة النثر هي محاولة للنفاذ مَ��������ن ي��������رى �أن����ه����ا ر�ؤي������ا :ي��ن��ظ��ر ال��ن��ا���س �إل��ى جوهر ال�شعر مبا�شرة .ربما ع��ق��دة الت�صنيف، فت�ش �أ�ستاذنا محمد العلي فلم يجد �إل��ى الأ�شياء بو�صفها ول����ه����ا ���س��ل��ب��ي��ات��ه��ا ذلك الجوهر فيما تناثر حوله من �أدوات ،وينظر �إليها ال��ت��ي ت��ع��ان��ي منها ال�شعر بو�صفها ذوات.. ن�صو�ص!!.. ال�ساحة الثقافية. ك��ائ �ن��ات ح� � ّي ��ة؛ ت��ول��د * م�شكلة النقد لدينا �أنه جبان (مثل ال�������ش���اع���ر م�����س��ف��ر ر�أ�س المال) ال يحب اللعب �إال في وت�م��وت ،تحب وتكره، ال�����غ�����ام�����دي ،م�����اذا ت �ف��رح وت� �ح ��زن .على المناطق الآمنة.. ي������ق������ول ف�������ي ه�����ذا ال���ش��اع��ر �أن ي�ستثمر * ال�����ش��اع��ر ال���ذي يكتب وه���و يجر االتجاه؟ ك��ل طاقاته وخياراته ق��راب��ة الأل���ف���ي ���س��ن��ة وراءه ،ال ي�ستطيع �أن يكون وفيا لزمنه ،للغته الكتابية ،ب�شرط �أن �ρ ρأعتقد �أن ال�شعر لم يظل وف��يّ�� ًا ل�شعريته؛ يعد كافيا للقارئ، وذاته في المقام الأول. ف� � �ه � ��ي ال � ��وح� � �ي � ��دة وال حتى ال�شاعر. ال �ق��ادرة على تحريك «ال��ن��ث��ر ف�ضيحة الجمادات ،وبث الحياة في عالم يحا�صره ال�شعراء» ..ه��ذه المقولة لمحمود دروي�ش الموت من كل جهة. تنظر �إلى (الف�ضيحة) نظرة �سلبية ،الآن في زمن يكثر فيه التل�ص�ص �أ�صبحت الف�ضيحة في يوم من الأيام!.. مطلبا ،الرواية من هذا الباب هي م�ساحة ك��اف�ي��ة ل�ك��ي نظهر ت��ح��ت ال�����ش��م�����س ..لكي ● ●وهل نحن على موعد مع روايتك الأولى؟ (نُفت�ضحَ ) بالمعنى الإيجابي للكلمة. ρ ρك��ل منا م�سكون ب��رواي��ة م��ا ،ق��د نفلح في كتابتها في يوم من الأيام ،وقد ال نفلح �أبدا. في الأزمنة (الغنائية) التي كان يذوب فيها �إذا ا�ستطعت �أن �أكتبها دون خيانة لل�شعر، خطاب الفرد مع خطاب الجماعة ،ويختلط ف�س�أفعل ،بكل ت�أكيد. �صوته مع �أ�صواتهم ،كان ال�شعر كافيا �إلى حد بعيد .الآن ،وق��د تفتت الجموع� ..أك��اد زالزل في عالمنا العربي �أق��ول :حتى الفرد ذات��ه لم يعد واح��دا ،لم يعد يكفي ال�شعر وحده ،ال ب�صيغه التقليدية ● ●لي�س ه��ن��اك �أث���ر وا���ض��ح ع��ل��ى م�ضمون �أو �شكل الخطاب الإبداعي ،في ظل التغيّرات الغنائية ،وال حتى تلك ال�صيغ الحديثة التي ال�����س��ي��ا���س��ي��ة واالق��ت�����ص��ادي��ة ال��ت��ي ي�شهدها تنحاز للفرد وهمومه .النثر (ومنه الرواية) العالم العربي في ال�سنوات الأخيرة ،بر�أيك لي�س تعوي�ضا ع��ن ال�شعر ،وال ب��دي�لا له، ما �سبب غياب الأثر؟ ولكنه مكمل له .مع ذلك ،ي�ستطيع ال�شاعر �أن يظل وفيا ل�شعره في كل ما يكتبه .ال�شعر ρ ρال ن�ستطيع �أن ننكر �أن هناك �أث��را ما ،لما
يحدث الآن ،قد ت�سرّب �إلى بع�ض الن�صو�ص الإبداعية (ال�سردية ب�شكل �أكبر) ،بل �إن بع�ض ال�صيغ الإبداعية كالغناء �أو الغرافيتي كان في �صلب عملية التغيير .لكن ال�س�ؤال: هل ما كتب �أو يكتب ي��وازي �أو يقترب من ال ��زالزل التي تحدث ف��ي عالمنا العربي؟ بالت�أكيد ال .ما نعي�شه هو لحظة تاريخية بكل المقايي�س ،قد ت�ؤدي �إلى �إعادة ت�شكيل هذه الدول ب�صيَغ ع�صرية قابلة للحياة ،ولو عبر مخا�ض ع�سير ،ربما يحتاج �إلى عقود؛ وقد يكون ما نعي�شه ال �سمح اهلل هو �سكرات ال��م��وت ...الأم ��م �أي���ض��ا ق��د ُي�ح�ك��م عليها بالذوبان �أو الفناء.
ρ ρبالت�أكيد هناك �سلبيات ،ربما �أ�سو�أها هو الإيهام بال�سهولة� ..سهولة �أن تكتب وت�صل. �أن يمدحك الآخرون كما تمدحهم� .أن تكتب من كل مكان ،وف��ي �أي مكان .ه��ذه الحالة �ستحيل الكتابة �إل��ى ��ش��أن ي��وم��ي ع��ادي.. حالة بديهية وتلقائية ال تحتاج �إلى معرفة �أو مراجعة وتدقيق ،مثل الم�شي� ،أو م�شاهدة التلفزيون� ،أو الدخول �إلى الحمام. بال حرية ال يمكن �أن تزدهر الفنون
● ●ف���ي ح�����وار ل���ي م���ع ال�����ش��اع��ر ع��ب��دال��ع��زي��ز المقالح� ،س�ألته عن ما قاله ال�شاعر �سعدي ي��و���س��ف� ،أي�����ض��ا �ضمن ح���وار ل��ي ك��ان معه: «�إنني متحمّ�س للعربية و�شعرائها ،و�أعتقد �أن يمدحك الآخرون وتمدحهم!.. �أن ال�����ش��ع��ر ،ف��ن ي���ؤخ��ذ ب��ال��ج��د ال��ل�ازم من ● ●تحدثنا كثيرا عن الإ�ضافات التي ت�ضيفها ل��دن ال�شعراء ال��ع��رب ،لكن المقارنة بين ال�شبكة العنكبوتية وب�إيجابية� ،ألي�س لهذه �شعرنا الحالي ،و�شعر الأم��م الأخ��رى ،لن ال�شبكة �أي �سلبية على ال�شاعر �أو المثقف تجعل كفة ال��م��ي��زان تميل �إل���ى �صالحنا. ب�صفة عامة؟ نحن ال ن��زال مكبّلين ب�أغاللنا» ،فكان رد
اجلوبة -خريف 1435هـ 117
المقالح ...« :لكنني ال �أت���ردد ع��ن القول ب���أن في �شعرنا المعا�صر نماذج ت�ساوي �إن لم تتفوق على بع�ض نماذج مما قر�أناه من �شعر عالمي ،و�أرى �أن الأح���داث التي م َّر بها ال�شعراء العرب الحقيقيون قد �صهرت �أرواح���ه���م وجعلتهم ي��ق��ت��رب��ون ك��ث��ي��راً من المعنى الحقيقي لل�شعر»� .أنت ماذا تقول؟ ρ ρكون «الأحداث التي مر بها ال�شعراء العرب ق��د �صهرت �أرواح �ه��م وجعلتهم يقتربون كثيرا من المعنى الحقيقي لل�شعر» ،كما قال �أ�ستاذنا المقالح ،ال يعني �أنهم الأف�ضل. الم�شكلة كما قال �سعدي يو�سف تكمن * � ...سلبيات»ال�شبكة العنكبوتية»، ربما �أ�سو�أها هو الإيهام بال�سهولة.. ف ��ي (الأغ � �ل ��ال). ���س��ه��ول��ة �أن ت��ك��ت��ب وت�����ص��ل� .أن دون حرية حقيقية يمدحك الآخ��رون كما تمدحهم. ال يمكن �أن يزدهر �أن تكتب م��ن ك��ل م��ك��ان ،وف��ي �أي ف ��ن م ��ن ال �ف �ن��ون. مكان. الأغ� �ل� ��ال ل�ي���س��ت �أغ�لاال �سيا�سية �أو * على ال�شاعر �أن ي�ستثمر كل طاقاته وخ��ي��ارات��ه الكتابية ،ب�شرط �أن اجتماعية �أو دينية يظل وف ّي ًا ل�شعريته ،فهي الوحيدة فقط ،بل هي –وهذا القادرة على تحريك الجمادات!.. هو الأخطر– �أغالل داخل ال�شاعر ذاته * .ق�صيدة النثر ه��ي حاجة ما�سة لل�شاعر المعا�صر عربيا ك��ان �أم ال�شاعر الذي يكتب �أج��ن��ب��ي��ا ،ال�شاعر ال���ذي ل��م يعد وه� ��و ي �ج��ر ق��راب��ة ينتمي �إلى قبيلة �أو دولة �أو لغة!.. الألفي �سنة وراءه، ال ي�ستطيع �أن يكون * ال يكون يومي كامال حين يخلو من «�شرب �شاي ال�سماور» ،هذا الطق�س وف� ّي� ًا لزمنه ،للغته اللعين ..عادة ما �أح��اول الكتابة وذات���ه ف��ي المقام في بدايته ،وحين �أف�شل �أنتقل �إلى الأول .ك��ي��ف ل��ه القراءة �أو م�شاهدة التليفزيون. �أن ي�ك�ت��ب ع�صره
118اجلوبة -خريف 1435هـ
ول��ح��ظ��ت��ه وذات�����ه وف��ي فمه (حجر جاهلي)، بح�سب تعبير �صديقنا الراحل الكبير محمد الثبيتي؟! م�شكلة النقد لدينا �أنه جبان ● ●ت������ط������ف������و ع����ل����ى ال�������س���ط���ح االت���ه���ام���ات بين الناقد والمبدع: «ال�����ن�����ق�����د ال ي����واك����ب ال��ح��رك��ة الإب���داع���ي���ة»، «غياب الن�ص الإبداعي ال���ج���ا ّد ال���ذي ي�ستحق �أن يقر�أ» ،و�أنت� ،شاعراً هل تن�صف طرفا على �آخر؟ ρ ρح� � �ت � ��ى غ � �ي� ��اب ال��ن�����ص ال��م��ت��ج��اوز،
المحرّ�ض على القراءة� ،إذا افتر�ضنا ذلك، يمكن �أن يكون محر�ضا على القراءة النقدية ب�شكل �أكبر .م�شكلة النقد لدينا �أن��ه جبان هي �أي�ضا تطور طبيعي لل�شعر الذي بد�أ غناء (مثل ر�أ���س المال) ..ال يحبّ اللعب �إال في وب�صوت عالٍ ،وانتهى �إلى حالة ت�أمُّلٍ و�إ�صغاء المناطق الآمنة .يقف عند حدود ال��رواد.. لما تنطق به الأ�شياء ،وهي حالة تحتاج �إلى عند حدود الن�صو�ص الجاهزة ،وال يتجاوزها �إال نادرا .وحتى ال نكون منحازين ،علينا �أن مزيد من التركيز والهدوء. نعترف �أن الم�شكلة عامة ،ففي غياب ال�سياق جوهر ال�شعر!.. الح�ضاري ال يمكن �أن ينه�ض الإب ��داع �أو الفكر �أو النقد .حين تكون هناك نه�ضة في ● ●«ق�صيدة النثر ل��ون �أدب��ي ،ولي�ست �شعرا». هذه مقولة «�أحياها» الأ�ستاذ الأديب محمد مجتمع من المجتمعات ،تنتقل عدوى النجاح م��ن حقل �إل��ى �آخ��ر :ال�سيا�سة واالقت�صاد العلي في �أحد حواراته ،ما ر�أيك؟ والإبداع والنقد والفكر والريا�ضة� ...إلخ .في ρ ρمن المعروف ،ومنذ زمن بعيد� ،أنَّ ال�شعر لحظات االنحدار ال يمكن لنا �إال �أن ننه�ش م �ح �م��و ٌل م��ن �أك �ث��ر م��ن راف� �ع ��ة :الإي� �ق ��اع، بع�ضنا بع�ضاً. المنا�سبة ،ال�شعار ،الأيديولوجيا�...إلخ .مع ال�شاعر �أ�صبح ينتمي لذاته!.. ذلك ظل النقاد الذين يُعت ُّد ب�آرائهم ُيلِحُّ ون على الدوام �أن ال�شعر ال يكمن في �أيٍّ من تلك ● ●«ق�صيدة النثر ترتبط بالذائقة الأجنبية الروافع ،بل في الروح التي ت�سكن الكلمات. وال����ت����راث الأج���ن���ب���ي ،ول��ي�����س��ت ن��اب��ع��ة من التراث العربي» ،هذه العبارة تحمل ت�صور ق�صيدة النثر هي محاولة للنفاذ �إلى جوهر بع�ضهم ،م�سفر الغامدي ،ماذا يقول؟ ال�شعر مبا�شرة .ربما فتّ�ش �أ�ستاذنا محمد العلي فلم يجد ذل��ك الجوهر فيما تناثر ρ ρق�صيدة النثر ال ترتبط ال بالذائقة الأجنبية حوله من ن�صو�ص ،لكن ذلك ال يعني �أنه غير وال ب��ال�ت��راث ال�ع��رب��ي .ق�صيدة النثر هي موجود وغير متحقق في الكثير من التجارب. حاجة ما�سّ ة لل�شاعر المعا�صر عربيا كان
م��������������������������واج��������������������������ه��������������������������ات
�أم �أجنبيا ،ال�شاعر ال��ذي ل��م يعد ينتمي �إلى قبيلة �أو دولة �أو لغة �أو دين �أو مذهب، ب��ل �أ�صبح ينتمي ل��ذات��ه فقط .ه��ي �إع�لان ا�ستقالل :من دونها ال يمكن �أن تكون له دولته ال�شعرية حتى لو كانت �صغيرة جدا، وغير مرئية بالن�سبة للكثيرين .نعم هي حرّ�ضت على القطيعة مع الح�شود ،ولكنها – في المقابل – �أتاحت لل�شاعر �أن يكون هو بالذات ولي�س �أحدا �سواه.
اجلوبة -خريف 1435هـ 119
جهاز الآيباد حالة �شعرية!.. ● ●�أج������دك ح��ري�����ص��ا ع��ل��ى ا���ص��ط��ح��اب ج��ه��از «الأيباد» ..،حتى في المقهى ،ما ال�سرُّ؟ ρ ρجهاز الآيباد حالة �شعرية ب�شكل �أو ب�آخر، هو في ظني كال�شعر ال يحمل الأ�شياء بل �صورها/ظاللها .قبل �سنوات كنت �أ�صطحب الجريدة �إلى المقهى .تزعجني كثيرا حين �أح� ��اول �أن �أج ��د ل�ه��ا م�ساحة ك��اف�ي��ة على الطاولة ،دون �أن يقع فنجان ال�شاي �أو علبة المناديل ..الآن �أنا �أمتلك كل الجرائد و�آالف المواقع الإلكترونية الأخ ��رى ف��ي م�ساحة �ضيقة ،يمكن �أن تكبر �أو ت�صغر بمجرد تباعد �أو تقارب الإبهام وال�سبابة .لقد ا�ستعدنا مع الآيباد بع�ضا من طفولتنا ..لقد تخلينا عن كثير من وَقارِنا ،و�أ�صبحنا نلعب مع الحياة �أكثر مما نعي�شها!! «�شاي ال�سماور» ..الطق�س اللعين!.. ● ●في جل�سة حميمة ،وبين الأ�صدقاء� ،أذك��ر �أن��ك تحدثت عن «طق�س» يومي يرافقك، وتلتزم به وهو �شُ رب �شاي ال�سماور ،هل هذا «الطق�س» يرافقك �أثناء القراءة �أم الكتابة �أم ماذا؟ وما هو «�شاي ال�سماور»؟ ρ ρال ي�ك��ون ي��وم��ي ك��ام�لا حين يخلو م��ن هذا الطق�س اللعين ..عادة ما �أحاول الكتابة في بدايته ،وحين �أف�شل �أنتقل �إل��ى القراءة �أو م�شاهدة التليفزيون .الأمر محكوم بالمزاج في �أغلب الأحيان .تعرّفت على �شاي ال�سماور في مطعم تركي في �شارع المكرونة منذ �أيام الجامعة .ت�ستطيع �أن تقول �إنه وطّ د عالقتي بال�شاي ،التي ب��د�أت منذ الطفولة ،ونقلها
120اجلوبة -خريف 1435هـ
لن �أ�سرد عليك قائمة طويلة!.. ● ●ما �أهم الكتب التي قر�أتها ،هذا العام؟
من حيّز الكم �إل��ى حيّز الكيف .ال�سماور ي�سحب اللون الأحمر من �أوراق ال�شاي برقة ونعومة ،عك�س الطريقة المت�سرعة والخ�شنة التي تعودنا عليها في ال�شاي االعتيادي .على مدى ثالث �ساعات �أو �أكثر يتخمر ال�شاي وتت�صاعد حمرته مع كل موجة بخار تهبُّ على البراد ال�صغير من الأ�سفل .ت�صب قليال من ال�شاي المتخمر وتحلّه بالماء ال�ساخن، وتظل ت�شرب ،من دون �أن ت�صاب عالقتك معه بالفتور �أو البرود .ال�سماور يجل�س في الركن منت�صبا بكل كبرياء ،هو كائن يحترم نف�سه كثيرا :ال ي�أتي �إل�ي��ك ،و�إن�م��ا يفر�ض عليك الذهاب �إليه. �أتل�ص�ص �أحيانا على تويتر ● ●«تويتر ،في�س ب��وك ،كيك ،وغ��ي��ره��ا» ،هذه
�أ�سماء لنوافذ للتوا�صل االجتماعي المهمة والمنت�شرة على ال�شبكة العنكبوتية ،ما مدى اهتمامك بهذه النوافذ؟
�«ρ ρأيها ال��روث� ،أيتها المياه القذرة� ،س�أجعل منك وردة ..هذا ما تقوله �شجرة ال��ورد». هذا ما كتبه نيكو�س كازانتزاكي على ل�سان كري�ستوفر كولومب�س ،حين �أر�سله – في م���س��رح�ي��ة م��ن م���س��رح�ي��ات��ه – ف��ي مهمة لتو�سيع العالم .وهذا ما �أقر�أه في هذا الأيام في مقدمة م�سرحية (عطيل يعود) والتي عرّبها نعيم عطية عن اليونانية ،و�صدرت ع��ن المجل�س ال��وط �ن��ي للثقافة وال�ف�ن��ون والآداب في الكويت .لن �أ�سرد عليك قائمة طويلة �أو ق�صيرة من الكتب التي قر�أتها� ،أو �س�أقر�ؤها ،لأن ذلك ال يعنيني .ما يعنيني �أن �أجد ما �أق��ر�أه الآن ..الآن فقط .ما يعنيني حقا �أن �أكون �شجرة ورد ال �أكثر وال �أقل.
ρ ρع��دا الفي�س ب��وك ،وعلى ا�ستحياء ،ل�ست م�ت�ف��اع�لا ب�شكل ج�ي��د م��ع ه ��ذه ال �م��واق��ع. �أتل�ص�ص �أحيانا على تويتر ،وبع�ض المواقع ا�ستعارة الطفولة مجددا!.. الأخ ��رى .يهولني ك � ُّم الأم��را���ض والأح�ق��اد (ال�ف�ك��ري��ة) ال�ت��ي نعي�شها .م��ع ك��ل ذل��ك ..● ● ،ه��ن��ا �أج�����د ن��ف�����س��ي م��ل��ت��زم��ا ب��ال��خ��ات��م��ة التقليدية ،و�أ�س�ألك عن جديدك؟ ف ��إنَّ ه��ذا التعرّي� ،شبه الكامل ،مهم جدا بالن�سبة لنا قبل �أي مجتمع �آخر .في الغرب ρ ρجديدي هو بع�ض الن�صو�ص التي �أعكف على كتابتها مند عامين ،محاوال ا�ستعارة الطفولة مثال هناك مجتمعات مك�شوفة في الغالب، مجددا� .أحاول �أال تكون اال�ستعارة هنا نوعا عرفت منذ وقت مبكر كيف تجعل م�شاكلها من الحنين �إل��ى الما�ضي� ،أو الهروب من دائما على ال�سطح ،دون �أن يخلخلها ذلك الحا�ضر ،بل ال�ستعادة الأ�شياء كما كانت �أو يفككها .نحن ،في العالم العربي ،ع�شنا وكما يجب �أن تكون :جديدة ومده�شة على قرون ًا طويلة من الخداع :من الخارج يبدو الدوام! �أتمنى �أن تكون مكتملة في كتاب في الج�سد ف��ي �صحة ج �ي��دة ،لكنه معطوب ومت�أزّم من الداخل .هذه البثور الإلكترونية ال�سنة المقبلة.
م��������������������������واج��������������������������ه��������������������������ات
هي محاولة من الج�سد لكي يطرد �أمرا�ضه �إلى الخارج� ..أو هذا ما �أتمناه على الأقل.
اجلوبة -خريف 1435هـ 121
■ عبدالرحيم املا�سخ*
التزم الأدب في كل زمان ومكان بدوره الرائد ،كلِ�سان حال مُعبِّر عن دقائق الأحداث ف��ي ال��ه��م��وم والأف�����راح ،وك���ان بحق م����ر�آ ًة ك��ون�� ّي��ة عُ��ظ��م��ى ,ت��رى الأج��ي��ال م��ن خاللها ت�شخي�صا �شامال للأحداث المهمة ،ومُتنَّف�سا �صافيا لتبرير المواقف �أو رف�ضها ،في كل الأحوال. ل��ك��ن اخ���ت�ل�اف ال���ظ���روف المحيطة الظروف المناخية ،عكَ�س اختالفا بيِّنا بالحياة نف�سها ،وتدرُّج الم�ساحة المتاحة في و�سائط التعبير ،و�أجبر في كثير من للفكر والإب��داع بين انفتاح كامل -مثلما الأح�ي��ان الأدب ��اء وال�شعراء على التلميح ي�شف عن ق�ضاياهم ح��دث ف��ي الع�صر العبا�سي م��ن حركة والرمز ال��ذي يكاد َّ وا�سعة للت�أليف والترجمة في ظل ت�شجيع دون ك�شفها؛ وكان وما يزال هذا النوع من وتكريم منا�سبين للنابهين -وبين احتبا�س الأدب يقوم ب��دور فعّال في التنفي�س عن كامل في ظالم الي�أ�س ومالحقة محاكم هموم و�آمال وتطلعات المجتمع. التفتي�ش في ع�صور الظالم التي �أحاطت لم يتتبع ُك� ّت��اب التاريخ رواف��د الأدب بالواقع العربي طويال ،هذا االختالف في
122اجلوبة -خريف 1435هـ
وعندما �أراد �أحد الفال�سفة الهنود الن�صح للملك �أ َّل � َ�ف «كليلة ودم �ن��ة» ،ملحم ًة �إن�سانية متفرِّدة في مملكة الحيوانات ،فح�صل بها ذلك الفيل�سوف على فائدة النُ�صح مع انتفاء �شرط
وح��رم الباقين م��ن الف�ستق تماما .فت�صايح الأطفال متهمين �إياه بالكذب على اهلل بن�سبة هذه الق�سمة �إليه مع �أنها جائرة ,فلم يغ�ضب جحا ،وقال لهم :انظروا �إلى فالن �أعطاه اهلل
ن����������������������������������������������واف����������������������������������������������ذ
�أدب البكاء وال�ضحك
ال�ساخر التي يبدو �أن�ه��ا �ضاربة ف��ي ال � ِق��دَ م؛ المحا�سبة. ففي متون الأه ��رام المُ�سماة «كتاب الموتى» كذلك دخلت امر�أة على �أحد الخلفاء قائلة والموجودة في لفائف من البردي في متحف له :رفع اهلل قدرك ،ففرح الخليفة بها ،لكن �أحد لندن ،والمن�سوخة في برديّات �أخ��رى وُجِ ��دت رفاقه هم�س في �أذنه� :إنها تق�صد في جاللتكم ق�صة الفالح الف�صيح التي حكت ق�صة �أحد قول ال�شاعر: الب�سطاء من �سكان جنوبي م�صر ،والذي ظل م�������ا ط���������ار ط������ي������ ٌر وارت������ف������ع يزرع �أر�ضه ويغذّي ما�شيته ،حتى جنى مح�صوله �إال ك��������م��������ا ط���������������ار وق��������ع الوفير الذي كانت تر�صده عيون كثيرة ،و�إذ ذاك الأدب ال�ساخر ل�سانُ ح��ال الخائفين من لم يمهله القائم على �أمور الإقطاعية ..فهجم عليه في جُ نده ،وانتزع منه ثمرة كدِّ ه وجهده ،اال�ضطهاد في كل زم��ان وم�ك��ان .وق��د اخترع و�ضربه ثالثين مقرع ًة ليُمِ يْته خوفا ،لم يي�أ�س العرب الأفذاذ �شخ�صية �أ�سطورية ,ينتظم تحت ذلك الفالح ..وذهب ما�شيا على قدميه حامال لوائها جُ ند الحكمة البالغة ,فال يغادر بابها ال�صياحُ الدائم بكلمة الحق ،لقد كان �شكواه �إل��ى قائد الجنوب في �أ�سيوط ،الذي المفتوح ِ �سمع �شكواه ولم ي�صدّقه ،ف�أمر بجَ لده ثالثين اختراع �شخ�صية «جُ حا» من �أعظم ما �أنتجت الح�س، مقرعة �أخرى ،لكن الفالح لم يي�أ�س و�سار �إلى الب�شرية من الذع النقد ،الذي يدغدغ َّ فرعون م�صر الأعظم ،فا�ست�أذن عليه وتال عليه ويروي الظم�أ الفكري ،الذي ي�صطدم في كثير مَ ظلمته؛ لقد كانت تلك ال�شكوى قطعة �أدبية م��ن الأح �ي��ان ب�صخور ن��اف��رة .وق��د ورد فيما مُحكمة فائقة البيان� ،إذ بد�أها الفالح بذكر يُروى عن «جحا» �أنه كان يم ُّر ذات يوم ب�أطفال خ�ص الفرعون الحالي يت�شاجرون على الف�ستق ،فاخت�صموا �إليه في �أمجاد الفراعنة ،ثم َّ بمحامد كثيرة فيه ،ثم ذ ّك��ره ب�آمال �شعبه في ذلك ،فقال لهم «جحا»� :س�أق�سم الف�ستق بينكم عدله ورحمته ،ثم �شكا له حاله وما جرى له من ق�سمة النا�س. ظلم ،وبعد �سماع ال�شكوى �أمر الفرعون بحب�س الأطفال :ال .نحن نريد ق�سمة اهلل.لتق�صي الحقائق حتى الفالح ،ثم �أر�سل لجنًة ِّ فاغترف جحا معظم الف�ستق مانِحا �إي��اه يثبت �صدق ال�شاكي من عدمه. لأحدهم ،ثم فرّق الف�ستق الباقي بين بع�ضهم،
اجلوبة -خريف 1435هـ 123
يح�س ي��دو���س ال�ن�م��ل ب ��أق��دام��ه ال�ه��ائ�ل��ة ،وال ُّ ب�إح�سا�سه وال يت�ألم لألمه ,وال يي�أ�س النمل من مقاومة هذا الظلم بالحيلة ,وفي محاوله للدفاع عن النف�س يحفر النمل في طريق ذلك الفيل المغرور حفرة يغطيها بالبو�ص ث��م ي�سترها بالتراب ،وي�أتي ال��دور على الفيل لي�صيح وهو داخ��ل الحفرة بعدما �سقط فيها ،على حين غِ رَّة ..فال يجد مِ ن مُنقذ له �إال ذلك النمل� ,إنها ق�صة رمزية تليق بمعظم �شعوب الأر�ض الذين يرزحون تحت وط�أة الظلم. * كاتب من م�صر.
124اجلوبة -خريف 1435هـ
ول �ق��د ت��ع��ددت ات �ج��اه��ات ال �� �س �خ��ري��ة في الأدب العربي كما ف��ي الآداب العالمية من كتاب «البخالء» و«ن ��وادر جحا»� ،إل��ى �أدبيات «زكريا الحجاوي ال�شعبية» و«�شعر عبدالحميد الديب»� ...إلخ وما يزال تجاوب الأدب ال�ساخر للأحداث يكمل ملحمة ال��درام��ا العبثية ،مِ ��ن تناحُ ر، فتناثر ،فتجميع في �إطار كوني جديد ،كما يحلو للمبدعين في طريقهم الدائم لتجميل وتزيين الحياة على كل حال.
ن����������������������������������������������واف����������������������������������������������ذ
لقد تجاوز الأدب ال�ساخر �شعرا ونثرا هذه ق�صرا و�أمالكا وا�سعة ،وانظروا �إلى فالن ..لقد �أعطاه اهلل بيتا ورزق��ا متو�سطا ،وانظروا �إلى الق�ص�ص الخيالية الهادفة �إلى منحنى ال�سخرية فالن وفالن وفالن ،لم يعطهم اهلل رزقا ،فهم من النف�س ،كجزء من العالم بالإ�سقاط على العيوب الإن�سانية ال�شائعة كالجهل والبخل, �أُجَ راء عند غيرهم. فعندما يقول ال�شاعر: الأدب ال�ساخر له دور ناقد لكل مِ ْعوَجٍّ ،وهادٍ لكل �إ�صالح؛ وهو كالن�سيم ال��ذي يلطِّ ف الجو �أ���ص��ب��ح��تُ �أف��ق�� َر مَ��ن ي���روح ويغتدي م���ا ف���ي ي����دي م���ن ف��اق��ت��ي �إال ي��دي القائظ بحُ نوِّه و�شفافيته ،وهو بعيد كل البعد عن فك�أنه يتمثل نهاية الوجود ب�أكمله ,ف�إذا نظرنا م�ساحب التملُّق ومقا�صير الرياء؛ وكلما تطاول الظلم وانك�سر الحق وتكدر �صفو الحياة ..برز �إلى خاتمة �أباطرة الظلم والطمع والف�سوق ،فال دور الأدب ال�ساخر ح��ادًّا قاطعا ال يتوانى عن نب�صر �إال التجرد الكامل من كل تلك المعاني ت�صريف النُكتة الناقدة ،ولكن لي�س على ح�ساب التي �سعوا �إلى تر�سيخها. �أحد ،فنجاح الأدباء في اختراع هذا النوع من �إنها الدنيا بكل تناق�ضاتها المتوازية ,وكما الأدب فاق كل نجاح ,فهو عك�س �أدب المناف�سات قِيل« :الكالب تنبح والقافلة ت�سير» ,فلن يفلح والأدب المك�شوف ،وغيرهما م��ن الأ�صناف حاكم ظالم مهما تطاول في الظلم في �إخرا�س الأدبية اله�شة التي ُتلغى بالتقادم. الأف��واه ال�شاكية ,كما لن يفلح حِ لم وع��دل �أي فعندما ي�ب��دع �أح��ده��م ق�صة الفيل ال��ذي حاكم عادل في �إخرا�س الأفواه الالهجة بال�شكر.
الإن�سانُ ..وتق ُّلب الأ ّيام ■ غازي خريان امللحم*
الأيام دول؛ تارة مع المرء و�أخرى �ضده� .إنها لعبة الحياة وت�صاريف الدهر ،ذلك ال�سرمدي المجهول المترع ب�صنوف المفاج�آت والتعرّجات ،التي قد تباغت الفتى فت�صرعه� ..أو ت�أخذ بيده فترفعه .وال ي�سع العاقل والحالة هذه �إال الت�سليم لق�ضاء اهلل تعالى وقدره ،من دون التوقف عن ال�سعي واالجتهاد ،وليتمثل قول ال�شاعر: عن «محمد المهلبيّ » الذي انتابه الفقر، دع الأي�����������ام ت���ف���ع���ل م�����ا ت�������ش���اء وط���ب نف�ساً ب��م��ا ف��ع��ل الق�ضاء بعد ط��ول غنى ،و�شقاء بعد ط��ول م�سرة، �أثر نكبة �ألمّت به ف��أودت بالزرع وال�ضرع وال ت���ج���زع ل���ح���ادث���ة ال��ل��ي��ال��ي ف���م���ا ل�����ح�����وادث ال���دن���ي���ا ب��ق��ـ��اء والبناء ،لدرجة لم يُعد يطيق البقاء في بلده ،فالتحق بقافلة كانت م�سافرة �إلى وال ح������زن ي��������دوم وال ����س���رور �إفريقيا ،وفي الطريق �ضاق �صدره ،وهانت وال ب������ؤ������س ع���ل���ي���ك وال رخ�����اء عليه نف�سه ،لكثرة م��ا الق��ى م��ن ن�صب ال�سفر ،وقلة الزاد وانعدام الراحلة ،فانتبذ �أو قول ال�شاعر: مكان ًا ق�صي ًا و�أخذ يردد: ج��دي��د ه��مُّ ��ك يبليه الجديدان
ف���ا����ص���ب���ر �إن ال�����ده�����ر ي���وم���ان ي����وم ي�����س��وء ف���ي���ك���ون ،ف��ي��ذه��ب��ه ي������وم ي�������س���ر ،وك������ل زائ��������ل ف���ان ومن م�أثور القول في هذا ال�صدد ،ما �أتت به كنوز الحكمة والأمثال ،فيقال�( :إن العطاء قد يكون في المنع ..و�إن وراء كل محنة منحة). ويح�ضرني ف��ي ه��ذا ال�م�ق��ام م��ا رُويَ
�أال م��������وتٌ ُي�����ب�����اع ف����أ����ش���ت���ري���ه ف��ه��ذا ال��ع��ي�����ش م���ا ال خ��ي��ر فيه �أال م����وت ل���ذي���ذ ال��ط��ع��م ي���أت��ي يخل�صني م��ن ال��و���ض��ع الكريه �إذا �أب�������ص���رت ق���ب���راً م���ن بعيد وددت ل�������و �أن �أك�������������ون ف���ي���ه �أال رح���م ال��مُ��ه��ي��م��ن ن��ف�����س حر ت�������ص��� َّد َق ب���ال���وف���اة ع���ل���ى �أخ���ي���ه
اجلوبة -خريف 1435هـ 125
االعتذار �إليـــــه ،و�أخذ يتلو قول اهلل تعـــالى:
ويحك مَ ن �أنت؟ فك�شف عن وجهه وقال:
�أنا طُ لبتك معن بن زائ��دة ..ف�سُ َّر به وقدّمه }مثل الذين يُنفقون �أموالَهم في �سبيل اهلل ك َمثَلِ ح َّب ٍة �أنبتت �سبع �سنابل ،في كل �سنبلة مائة وكرّمه ،ثم اّوله على اليمن. حبة واهلل يُ�ضاعف لمن ي�شاء واهلل وا�س ٌع عليم{ وه�ك��ذا ت�ح�وّل معن بين ليلة و�ضحاها من (البقرة.)261 : راعٍ نكرة� ،إلى �أمير تُ�شد �إليه الرحال وتتحدث وهذه الق�صة بما فيها من عبر ،تذكّرنا بقول بحديثه ال��رك�ب��ان ،وك� ��أنَّ ال�شاعر ك��ان يرقبه عندما قال: ال�شاعر:
ع���������س����ر وف����������رج ي�������أت������ي ب����ه����م����ا اهلل ل����ك����ل �����ض����ي����ق م������ن الأم�������������ور ���س��ع��ة ل������ه ك������ل ي�������وم ف������ي خ���ل���ي���ق���ت���ه �أم������ر وال����ل����ي����ل وال�������ص���ب���ح ال ب����ق����اء م��ع��ه �إذا الح ع�������س���ر ف�����ارت�����ج�����ا ل��ي�����س��ر ال ت��ب��خ�����س��نَّ قَ��������� ْد َر ال���ف���ق���ي���ر ع�� َّل��ك ب����ع����ده� ،إن ال��ع�����س��ر ي��ت��ب��ع��ه ال��ي�����س��ر ت���ل���ق���ا ُه ي����وم����اً وال�����ده�����ر ق����د رف��ع��ه
126اجلوبة -خريف 1435هـ
ح������نَّ ع���ل���ى ي���و����س���ف رب ف����أخ���رج���ه م���ن ق��ع��ر ج���ب ع��م��ي��ق ح���ول���ه غمم
فا�ست�شعر الأم���ل ف��ي �آخ��ر النفق المظلم، ول�سان حاله يردد مع ال�شاعر:
�������س ب�����الآم�����ال �أرق���ب���ه���ا �أع����� ِّل����� ُل ال���ن���ف َ ما �أ�ضيق العي�ش لوال ف�سحة الأمل وبعد م�ضي ح��ولٍ �آخ��ر ،ر�أى في الحلم من يهم�س في �أذنه:
ع�����������س�����ى ف������������رج ي����������أت���������ي اهلل ب���ه �إ َّن ل�������ه ف�������ي ك�������ل خ����ل����ي����ق����ة �أم�������ر
ن����������������������������������������������واف����������������������������������������������ذ
ف�سمعه رفيق له في القافلة كان يراقبه ،فرثى لحاله ،ومنحه بع�ض ال��زاد ،ونقده مئة درهم، وقريب ًا من ذلك ما يروى عن معن بن زائدة، كي يتجّ ر بها. الذي كان �أحد وزراء الأمويين في �آخر عهدهم، ولما زال��ت دولتهم وح��لَّ محلهم العبا�سيون، -٢وتم ُّر الأي��ام تترى ،يعتني المهلب خاللها �أخ��ذوا يالحقونه وجَ �دّوا في طلبه ،لكنه �أفلت بنف�سه ويجتهد بعلمه وعمله ،ففتح اهلل عليه منهم ب ��أع �ج��وب��ة ..ع�ن��دم��ا تنكب ال�صحراء الكثير من �أب��واب الفالح ،وترقّى في المراتب وتال�شى في مجاهلها ،ي�ضرب في عبابها ليل نهار ،يرعى الما�شية ويخالط الرعاة ،وال يح�صل حتى �أ�صبح وزير ًا لأحد والة زمانه. �إال على القليل من غثّ الطعام ،ويلب�س الخ�شن ولما كان �ش�أن الأيام التقلب� ،ضاقت الحال من الثياب ،بعد ذلك العز وال�سلطان الذي ولّى. ب�صاحبه الذي �ساعده وهم في القافلة ،فق�صد وذات يوم خرج الخليفة المن�صور في رحلة بابه ،ولما لم يوفق بالدخول �إليه� ،أر�سل �إلى �صيد �إلى ال�صحراء ،وت�شاء ال�صدف �أن يكون المهلبي مع �أحد �أعوانه �صحيفة كتب عليها: معن ف��ي تلك ال�م�ف��ازة القفر ،عندما �شاهد �أال ق������ل ل�����ل�����وزي�����ر ف�����دت�����ه ن��ف�����س��ي ��ش��رذم��ة م��ن � �ش �ذّاذ الآف� ��اق ،تتعر�ض لموكب م��������ذك��������راً �إي��������������اه م�������ا ق�������د ن�������س���ي���ه الخليفة ،وتُ�ضيِّق الخناق عليه ..حتى �أ�شرف ه��و وم��ن معه على ه�لاك محقق ،فيهبُّ معن �أت�����ذك�����ر �إذ ت����ق����ول ل�����ض��ن��ك ع��ي�����ش �أال م������������وت ي�������ب�������اع ف����ا�����ش����ت����ري����ه لنجدتهم ك�أنه الإع�صار ،ي�ضرب في وجوههم وم��ا ك��اد المهلب ي�ق��ر�أ ال��رق�ع��ة ،حتى �أم��ر حتى فرق جمعهم ونجا المن�صور ،الذي التفت ب�إدخاله ف��وراً ،ومنحـه �سبعة �آالف دره��م ،مع �إليه وقال: -٣-
ث��م ان ��زوى مهموم ًا ف��ي ق��اع ال�ج��ب ،يعاني -٤و�أب�ل��غ من ه��ذه وتلك ،ما ورد عن يعقوب بن العط�ش والجوع والعتمة ،ف�صلى الع�شاء ونام، داود ،عندما اعتقله المهدي على �أثر و�شاية حيكت و�إذ بهاتف ي�أتيه في الحلم يقول: �ضده ،ف��زجّ به في قعر بئر ن�صبت فوقها قبة ،ع�����س��ى ال���ك���رب ال�����ذي �أم�����س��ي��ت فيه ي��������ك��������ون وراءه ف������������رج ق�����ري�����ب فمكث بمحب�سه خم�س ع�شرة �سنة ،كان خاللها يدلى له كل يوم برغيف وكوز ماء ،فلما كان ر�أ�س ف������ي�������أم������نُ خ������ائ������ف وي������ف������ك ع�������انٍ ع�شرة ذي الحجة� ،أتاه �أتٍ في المنام فقال: وي�������أت������ي �أه�����ل�����ه ال����ن����ائ����ي ال���غ���ري���ب ف�أخرج في �ضحى ذلك اليوم ،وذهب �إلى داره واجتمع ب�أهله ،و�صفا دهره بعد طول عناء وتكدير. وبعد ،هذه لقطات منوّعة ،ا�ستقيت مادتها من واقع التراث العربي التليد ،بما يحمل من م�ضامين �شعرية وق�ص�صيه وط��رائ��ف وعبر، يمكن لها الحدوث في �أي زمان ومكان ،وب�صور �شتّى ،غلفت م�صادرها بم�سوح المرح �أو الترح.. وال�ضيق �أو الفرج ،وكل ذلك يجري ب�أمر اهلل �سبحانه ،وقد قال ال�شاعر معتبراً:
�إذا �أره������ق������ت������ك ه�����م�����وم ال����ح����ي����اة وم����� َّ����س����ك م���ن���ه���ا ع���ظ���ي���م ال�������ض���رر وذق���������ت الأم��������� َّريْ���������ن ح����ت����ى ب���ك���ي���تَ و��������ض������� َّج ف����������������ؤادك ح�����ت�����ى ان���ك�������س���ر و� ُ��������س��������دَّتْ ب����وج����ه����ك ك�����ل ال�����ده�����ور و�أو� � �ش � �ك� ��ت ال �� �س �ق ��وط ب��ال �م �ن �ح��در ف�����ي�����م�����م وج�������ه�������ك ������ش�����ط�����ر الإل����������ه وب���������ث ������ش�����ك�����واك ل���������رب ال���ب�������ش���ـ���ـ���ر
ومكث في معتقله عام ًا �آخر ال يرى �شيئاً ،وال يتناهى ل�سمعه �سوى زئير الريح في الخارج، وعويل جنبات البئر في الداخل. وفي يوم رموا �إليه بالرغيف المعتاد ،ففوجئ بجرذ �ضخم ينق�ض عليه ويخطفه ،وعندما حاول الإم�ساك به تعثر بال�سراج فانطف�أ ،وفي الظلمة ارتطمت رجله ب�إبريق الماء فك�سره، فحزن من هول ما مر به ،لكنه تجلد ،عندما الم�صادر: تذكر قول ال�شاعر:
ول������رب ن����ازل����ة ي�����ض��ي��ق ب���ه���ا ال��ف��ت��ى ذرع��������اً ،وع���ن���د اهلل م��ن��ه��ا ال��م��خ��رج ���ض��اق��ت ،ول��م��ا ا�ستحكمت حلقاتها ف����رج����ت وك����ن����ت �أظ����ن����ه����ا ال ت���ف���رج * باحث وكاتب من �سوريا.
-١الغالي ،الأمالي ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ١٩٩٠م. -٢الم�سعودي� ،شذرات الذهب ،دار الكتب ،بيروت ١٩٩٨م. -٣التنوخي ،الفرج بعد ال�شده ،دار الفكر ،بيروت ١٩٨٨م. -٤الإب�شيهي ،الم�ستطرف ،دار الكتب ،بيروت ١٩٨٦م. ،٥الحموي ،ثمرات الأوراق ،دار الكتب بيروت ١٩٨٦م.
اجلوبة -خريف 1435هـ 127
■ حممد خ�ضر*
هناك مقولة م�شهورة في �أوروب��ا تقول :خاطب الهولنديين بال�شعر �إذا �أردت �أن يُ�صغوا لك .بين يديَّ «جيران �أ�سفل ال��درج» مختارات �شعرية ترجمها ال�شاعر رائد الج�شي ،وال�صادرة عن دار العربية للعلوم ،بيروت2013 ،م .ما يميز ه��ذه الترجمة �أنها لمجموعة ن�صو�ص معا�صرة من الأدب الهولندي ،و�أنها من الترجمات النادرة الم�أخوذة عن �شعراء مجايلين ومعا�صرين �أغلبهم ال يزال بيننا �إلى اليوم� ،أو ولدوا في بدايات القرن الما�ضي.. وم��ن ه�ن��ا ،ج��اء ال�ف��رق ون�ح��ن ب�صدد الج�شي من الإنجليزية ،بعد �أن ترجمت ق � ��راءة م �خ �ت��ارات م��ن ت��ج��ارب ح��دي�ث��ة عن الهولندية من قبل �آخرين.. ومواكبة ،نتقاطع معها �إن�سانيا ومعرفيا فتح نافذة!.. و�شعريا كذلك؛ �إذ ال�شعر في مجمله م�أخوذ عرفت رائ��د الج�شي وه��و مهموم بهذا عن �أمكنة م�شتركة للوجدان والإح�سا�س العمل و�إن�ج��ازه منذ فترة طويلة ..يبحث الإن�ساني باختالف ا�شتغاالته �أو تقنياته؛ وي �ح��اور وي �ح��اول �أن ي�صل �إل��ى التجربة يرف�ض �أن يرتهن لجملة �أو ذاكرة م�ؤقتة ،الحديثة التي لم تترجم كثيرا نحو العربية، بل هو ديمومي و�سرمدي قادر على الو�صول رغبة منه في فتح نافذة جديدة للقارئ لأي مكان .هذا ما ن�شعر به جليا في الكثير العربي ،ي�أخذنا في «جيران �أ�سفل الدرج» من الن�صو�ص التي اختارها وترجمها رائد �إلى «روتجر كوبالند» الذي ولد عام 1934م،
128اجلوبة -خريف 1435هـ
ن����������������������������������������������واف����������������������������������������������ذ
«جيران �أ�سفل الدرج» جيران اللغة الإن�سانية!!..
وترجمت بع�ض دواوينه في العام 2001م والعام 2005مِ ،وف��ق رائ��د .ن�صو�ص «ك��وب�لان��د» فيها الح�س الإن�ساني ،والحالة الفردية العميقة، ذلك ُّ والمفارقات الموحية التي ت�شي ،من جهة �أخرى، في كيف يفكر �شاعر في مكان �آخر على حدِّ تعبير «كونديرا» ،وكيف يتقاطع معه �شعراء كثر في ال�صورة واال�ستخدام اللغوي للمفردات؛ وهذا هو الحال مع �شاعرة �أخرى يختارها لنا المترجم، وهي «�إيفا جيرلج» التي ولدت عام 1984م ،ولها مجموعة حديثة (2006م)� ،إنها �شاعرة من هذا الجيل والعالم ،في كونه الجديد وخطابه الجديد و�أ�سئلته وقلقه ..لذا نقر�أ لها ن�صو�صا تتقاطع مع ذلك القلق الم�شترك وتلك الأ�سئلة الجديدة، وعالوة على ذلك ،مو�ضوع ال�شعر �أو ناحيته التي مت�شظ ويحمل الكثير ٍّ تطرقها معبرة عن واق��عٍ من الت�سا�ؤالت.
�شعراء من �أ�صل عربي!..
لدى ال�شاعرة «�إيفا جيرلج» لحظات ت�سجلها ق �� �ص��ائ��د ،وت�ق�ت�ن����ص ال �م �ف��ارق��ات وال �ح��االت الإن�سانية التي تنعك�س على واقعها و�أفكارها.. وه��ذا �أك�ث��ر و��ض��وح��ا م��ع «م��اري��ا ف��ان دال�ي��ن»، و«ريمكو كامبرت» ،ولنقر�أ مقطعا لـ«البرتينا �سويبور» في ق�صيدة عنوانها «دي�سمبر �أب��رد ال�شهور»« :لم ي�صبح القمر ثلجيا كهذه المرة من قبل ،ا�شتريت له زوجا من القفازات الزرقاء الملكية ف��ي �أول ي��وم لنا لعب دور ال��ر��ض��ا.. ال�سعادة النقية هي تحليق ع�شرة �أ�صابع خالل الف�ضاء من �شرفة النافذة ..الأيدي متدفقة فوق الأبنو�س ،والعاج تلتمع فوق الكري�ستال الثلجي، لم تقم بتعديل نغمة وح�سب ،بل قامت بخلقها.. كنا نبدو ونحن واقفين هناك الح�ق��ا ..قرب النافذة �أبي�ضين كمو�سيقى �شتوية ودافئة»..
وم��ا يلفت في المجموعة وج��ود �شعراء من �أ� �ص��ل ع��رب��ي ،كالفل�سطيني «رم ��زي نا�صر»، الملقب ب�شاعر مدينة انتروب ،كما �أطلق عليه عام 2005م ،يذهب مع ال�شعر في حالته الراهنة وف��ي ذوب ��ان هويته م��ع ه��ذا االن��دم��اج الكوني والإن�ساني .وقد ظهر للمرة الأولى �شاعرا عام 2000م في مجموعة “ 27ق�صيدة وال �أغنية”.. تبعها بديوان “�أزهار �سمج” عام 2004م .وثمة �شاعر �آخ��ر ه��و «م�صطفى �ستيتو» ال��ذي ولد في المغرب ،ثم عا�ش وكتب في هولندا باللغة الهولندية ،يقول في �أح��د ن�صو�صه المترجمة التي يعبر فيها عن �أزمة وج��وده�« :أنا المغربي ال�شاب ..وحديثه الأجنبي العقالني رثٌّ من القدا�سة� ..شعار �أبي و�أمي يذكرني كثيرا وب�شكل هام�شي بموطني الأم».
المترجم رائد الحب�شي
اجلوبة -خريف 1435هـ 129
«وبين ��س��ؤال ال�شعر والترجمة وق�ضاياها التي طرحت عنها ،عدة محاور و�أ�سئلة في فترة �سابقة حول ماذا قد نترجم؟ وهل الترجمة هي خيار �شخ�صي وعاطفي يخ�ضع للذائقة فقط، ولقدرتنا على الترجمة� ،أم هي خطة مدرو�سة لترجمة ما نحب وما ال نحب ،حتى يكون الأمر �أكثر عملية و�إنتاجية؟ هل المترجم هو �سلطة على القارئ ويتعين علينا �أن نقر�أه فقط ح�سب ميوله وذائقته؟ �أم �أن هناك م�شروعا يترجم كعمل م�ستقل عن كل هذا ،وكمحاولة لنقل �أكبر قدر من التجربة الإن�سانية الأدبية..؟
وال ب��د �أن ن��ذك��ر �أن روت � ��ردام ت�ست�ضيف «مهرجان ال�شعر العالمي» في حزيران من كل عام ،ي�شارك فيه العديد من ال�شاعرات وال�شعراء العرب .ع�لاوة على ذل��ك في 27كانون الثاني من كل عام ،يقام «يوم ال�شعر» في مدن هولندا كافة ..من�صات ،وور�شات ،وم�سابقات �شعرية». �إل��ى جانب الج�شي و�صالح ح�سن ..هناك ع ��دة ت��ج��ارب ج�م�ي�ل��ة وم� �ح ��اوالت رائ��ع��ة في ترجمة ال�شعر الهولندي الحديث؛ منها ترجمة مح�سن ال�سراج الذي �أقام في هولندا ،وترجم لمجموعة �شعراء مهمين وج��دد ،ومختارات لمهدي النفري ،وترجمات مميزة لميادة �سامح. ف�ضاءات ال�شعر الهولندي و�أفقه ال��ذي قد ال نعثر عليه في �أدبنا العربي �أحيانا ،االقتراب من الحالة قبل الموهبة ال�شعرية الخام ،ومن العمق في الت�صورات و�أ�سئلة الحياة ،الق�صيدة التي يبتكرها الهولنديون من �أمكنة ال متوقعة تالم�س �أدق تفا�صيل الحياة.
وهذا ما �أعتقد �أن المترجم الج�شي قد تنبه له وهو ب�صدد بحثه الطويل عن هذه التجارب ،بل وهي الطريقة المثلى لترجمة عملية وجادة ،ال تخ�ضع المعنى واللغة لمجرد ذائقة �شخ�صية ن�سبية بين �شخ�ص و�آخر ،وهذا ما قد تح�سمه م�س�ألة اختيار التجربة الحديثة والجغرافيا والبحث فيهما كمحور محدد ،ثمانية �شعراء قدمهم المترجم، في م�صافحة جديدة للقارئ العربي ،وم��ن بلد يطلق عليه الأوروبيون «البلد الذي لغته ال�شعر»� ،أو ال�شعر لغة الهولنديين ،فهناك ،على �سبيل المثال، كما يذكر ال�شاعر والمترجم �صالح ح�سن في كتابه «انطولوجيا ال�شعر الهولندي المعا�صر» «في عيد القدي�س نيقوال يكون اجتماع العائلة لتبادل �أه��دى المترجم «جيران �أ�سفل ال��درج» �إلى الهدايا المرفقة بق�صائد ق�صيرة موزونة ومقفّاة، تتناول مو�ضوعات مختلفة :كالعتاب والحب وطلب اللغة الإن�سانية التي تحت�ضن جميع اللغات.. أ�سلوب فك ٍه ولغ ٍة وهي باكورة �أعماله في الترجمة ،وخطوة �أولى الم�ساعدة �أو الزواج� ..إلخ ،ولكن ب� ٍ مبا�شرة» .كما �أن هناك بع�ض المدن الهولندية في هذا الم�ضمار ال�شيق.. * �شاعر �سعودي. 130اجلوبة -خريف 1435هـ
فيلم «الما�ضي» لأ�صغر فرهادي.. منمنمات درام ّية عامرة بالجمال
ن����������������������������������������������واف����������������������������������������������ذ
ماذا نترجم..؟!
ال�ت��ي ت��ز ّي��ن الق�صائد ج��دران �ه��ا؛ فمث ًال هناك ق�صيدة لل�شاعر والروائي العربي جبرا �إبراهيم جبرا «�أيّامنا كال�شتاء القطبيّ »..بالعربية مع ترجمة هولندية ق��ام بها زميلي الأ��س�ت��اذ ويلم �ستوتزر ،تزيّن �أحد جدران مدينة ليدن.
■ عبداهلل ال�سفر*
فيلم «الما�ضي» للمخرج الإيراني �أ�صغر فرهادي لي�س فيلماً بولي�سيا ً،ولي�س من �أفالم الإثارة والت�شويق ،لكنه كذلك من باب الغمو�ض الذي يخفي الأ�سرار ،ينطوي واحدها على �آخ��ر تباعاً ،مثل لعبة الدمى الرو�سية .وهو كذلك من جهة الأنفا�س المحبو�سة ،والإيقاع المت�صاعد ،الأ�شبه بلهاث ،قبالة االحتدام والمواجهة ،في غالبية الم�شاهد. من «انف�صال» ،فيلم ف��ره��ادي الحائز على �أو��س�ك��ار ٢٠١٢م لأف�ضل فيلم �أج�ن�ب��ي ،تعرّف المتابع على مو�ضوعة العائلة وال�شقاق الذي يقوم بين الزوجين وينتهي بطلب الطالق ال�ستحالة الحياة ب�سبب رف�ض �أحدهما طريقة الآخر وخطّ ته في ا�ستئناف الحياة ،وعلى هذا العمود الرئي�س يجري ا�ستدماج حكاياتٍ ال تُع ّد تفريع ًا و�إنما حفر ًا في جوانب الم�شكلة ،وبيان الم�أزق الذي يطال حياة الجميع .في هذا الفيلم «الما�ضي» تتكرّر المو�ضوعة نف�سها بو�صفها �شاغ ًال �إبداع ّي ًا واج�ت�م��اع� ّي� ًا وث�ق��اف� ّي� ًا للمخرج ،رغ��م اختالف الحا�ضنة البيئية والثقافية لكال الفيلمين .فـ «ان�ف���ص��ال» ي��دور ف��ي �إي ��ران وباللغة الأم� .أم��ا «الما�ضي» فتربته فرن�سية ولغته كذلك ،و�إن كان الأبطال بجذور ثقافية متعددة (فرن�سية؛ �إيرانية؛ عربية). بعد �سنواتٍ من القطيعة ،يعود �أحمد «يقوم
بالدور علي الم�صطفى» �إل��ى باري�س قادما من وطنه �إي ��ران؛ ي�ع��ود ،ال ليجتمع �شملُه ثاني ًة مع زوجته ماري «بيريني�س بيجو» وابنتيها؛ المراهقة لو�سي والطفلة ليا من زيجة �سابقة ،ولكن ليتمّم �إجراءات الطالق في المحكمة لي�صبح االنف�صال ر�سميا ،ت�ستطيع معه الزوجة االرتباط ب�صديقها ال�ع��رب��ي ال�ج��دي��د �سمير «ط��اه��ر رح�ي��م» وال��ذي يقيم معها ف��ي منزلها نف�سه ومعه طفله ف ��ؤاد من زوجته الواقعة الآن في غيبوبة عقب محاولة انتحار فا�شلة ل�شكّها في خيانة الزوج ،وفي الوقت نف�سه تطلب ماري من �أحمد �أن ي�ؤثّر على ابنتها لو�سي ليقنعها ب��زواج الأم الذي ترف�ضه ل�سببٍ ، في ال�سطح� ،أن الرجل الجديد �سوف يترك الأم ك�سالفيه الثالثة الذين ارتبطت بهم ،غير �أن ال�سبب الأبعد �أنها ت�شعر بالم�س�ؤولية عن حادثة محاولة االنتحار لزوجة �سمير ،وال تريد ذنبها ماث ًال �أمامها؛ فيما �سمير له روايته في محاولة
اجلوبة -خريف 1435هـ 131
* كاتب من ال�سعودية.
132اجلوبة -خريف 1435هـ
امل�ؤلف :د .حممود عبد احلافظ و�آخرون
امل�ؤلف � :إبراهيم زويل
النا�شر :نادي اجلوف الأدبي 2014م
النا�شر :م�ؤ�س�سة �أروقة للدرا�سات والرتجمة والن�شر
ي�ق��دم ه��ذا ال�ك�ت��اب ا��س�ت�ق��راء لكل م��ا يتعلق بتعليم التعبير ب�شقيه ال�شفوي والتحريري؛ �إذ انطلق من ت�شخي�ص واقعي لتعليم التعبير في عالمنا العربي ،في جميع مراحل التعليم ،بدء ًا بالأهداف ،ومرورا بالمحتوى وطرائق التعليم، وانتهاء بالتقويم� .إال �أن��ه قد �أول��ى اهتماما بالنظريات التربوية والمداخل التدري�سية، واال�ستراتيجيات والطرائق التدري�سية المنبثقة عنها ،التي �أولها الدرا�سات والبحوث الحديثة اهتماما في تعليم التعبير. تميز هذا الكتاب بعدة �سمات ،ن�سردها لي�س على �سبيل تف�ضيله عن غيره من الكتب� ،أو تنزيهه عن النقائ�ص ،فلي�س في ذلك مزية.. فقيمة العلم ف��ي ت�أ�صيله للنق�ص لي�س في تر�سيخه للكمال؛ لأن ت�أ�صيل النق�ص يعد اكتماال في الت�سليم بالنق�صان. و�إذ ي���س��رد ال �� �س �م��ات ..ف�ه��و ب �ه��دف تي�سير التعاطي مع هذا الكتاب من مختلف القراء.. فهو �إذ يتبنى ق�ضية واح��دة� ،إال �أن��ه يخاطب جمهورا متنوعا؛ لذا �سوف ي�ستطيع كل قارئ بعد االطالع على هذه ال�سمات قراءة الكتاب من المنظور الذي ينا�سبه.
ق��������������������������������������������������������������������������������������راءات
انتحار الزوجة ،وتت�صل بعمله في مغ�سلة المالب�س، وخالف الزوجة مع زبونة ،التي �أغلظت معاملتها ولم تقبل اعتذارا؛ فعنّفها �سمير وطردها في ح�ضور العاملة نعيمة ،التي لها ن�صيبها �أي�ضا في وج ٍه �آخر من رواية االنتحار الفا�شلة. ه��ذه ال�شبكة المعقّدة من العالقات القائمة في الأزم���ات؛ ومن الأ���س��رار المحجوبة؛ ومن المنظورات ال�ت��ي تتبعها ،يت�صدّى لها ف��ره��ادي بلغة �سينمائية تعتمد الب�ساطة؛ �إن في اختيار �أماكن الت�صوير (منزل بحديقة منزلية بائ�سة� ،شارع ،محطة مترو ،مطعم) �أو في زرع الدالالت التي ي�ست�شفّها الم�شاهد في ي�سر ،مثل اللقاء الأول بين �أحمد وم��اري في المطار ،والحديث غير الم�سموع بينهما عبر الزجاج الفا�صل ،والذي يعبّر عن ال�ضفاف الثقافية المختلفة والت�شكيك في قابليتها لالندماج ،كما هي �إ�شارة �إل��ى الهوّة بينهما ،والأم��ر نف�سه في المنزل ،بو�ضع �أغرا�ض �أحمد التي تركها قبل رحيله �إلى طهران في الم�ستودع ،وفي الوقت عينه تقوم ماري بتجديد طالء المنزل كعالمة مزدوجة للتغيير المقبل مع �سمير ،وللت�أكيد �أن �أحمد ينتمي �إلى مرحلة �سابقة .علم ًا �أن الطالء لم ين�شف �إبّان مجيء �أحمد، وفي هذا �أي�ض ًا �إ�شارة �إلى الو�ضع الرجراج الذي تعي�شه ماري .كذلك يُ�ضاف �إلى هذه الب�ساطة االختيار المالئم لطق�س ال�شتاء الممطر �أو الغائم ك�إطار زمني للأحداث؛ لأن ما يجري �أبعد ما يكون عن ال�صفاء والإ�شراق. ب�ساط ُة فرهادي تنطوي على دق��ة متناهية تظهر في عمرانِ الفيلم بالتفا�صيل التي تنبج�س من حياة ك ّل �شخ�صية من �شخ�صيات الفيلم جميعها (�أحمد ،ماري،
لو�سي ،ليا� ،سمير ،ف�ؤاد ،زوجة �سمير ،نعيمة العاملة في المغ�سلة) ،وك�أنه يقوم بر�سم منمنماتٍ �صغير ٍة جداً، لكنّ داخلَها عام ٌر بحيواتٍ تزخ ُر بغنى ،يتنوع ويتعدّد مع �إنعام النظر والتقاط الجمال الثاوي ،ومعه �أي�ض ًا الدالالت الغائرة طيّة كل منمنمةٍ ،ومما يزيدُها -تلك التفا�صيل؛ المنمنمات� -إيغا ًال في الت�أثير الحواراتُ والمواجهاتُ ب�صيغ ٍة احتداميّة� ،إذ يت�ض ّر ُج الوجه، بخا�صة بطلة الفيلم ،بنو ٍر غامر ،كما لو �أنه ي�أتي من بركانٍ داخليٍّ فوّار؛ فت�صطبغ المالمح ب�شتّى التعبيرات واالنفعاالت العالقة في الحيرة والتردد والوقوف على الأع��راف بين واجبين؛ الأول نحو ال��ذات وحقّها في التمتع بالحياة ،والثاني نحو م��راع��اة ابنتيها وعدم تعري�ض حياتهما لزلزال ارتباطٍ جديد وف�شلٍ ينتظر. والغريب �أن هذه التحفة الفنية عنوانها هو «الما�ضي» لكن الم�شاهد لم ي� َر في الفيلم لقطاتٍ ا�سترجاعيّة «فال�ش ب��اك» تعود به القهقرى للإ�ضاءة واالكت�شاف والعود على ب��دء .البناء يجري من لحظة المطار في ت�صاعد وف��ي تقاطعات م��ن دون ع��ودة �إل��ى الما�ضي الذي تنعدم حاجة العودة �إليه .ذلك �أ ّن ُه عائ�شٌ ب�أثره في الحا�ضر ومم�سكٌ بتالبيبه ،وهذا �أق�سى ما يكون �أن تخطو ال�شخ�صية في الحا�ضر ب�أقدام الما�ضي ،وهذا ال يعني غير �إنتاج الحا�ضر ب�صيغة الما�ضي وبالجروح ذاتها كما هو الحال مع م��اري التي تركّبُ خط�أَ حيا ٍة �سابقة على خط�أٍ م�ستن�أنف.
الكتاب :اجتاهات حديثة يف تعليم التعبري
الكتاب :من جهة معتمة
من جهة معتمة ,عنوان الديوان الجديد لل�شاعر �إبراهيم زولي، ال�صادر م�ؤخرا عن م�ؤ�س�سة �أروقة للدرا�سات والترجمة والن�شر في القاهرة .العمل هو ال�سابع منذ بداية م�شروعه ال�شعري ,والذي ا�ستهلّه في العام 1996م بديوان «رويدا باتجاه الأر�ض» ،تبعه بعدة �إ�صدارات هي�( :أول الر�ؤيا ,الأج�ساد ت�سقط في البنف�سج ,ت�أخذه من يديه النهارات ,رجال يجوبون �أع�ضاءنا ,ق�صائد �ضالة – كائنات تمار�س �شعيرة الفو�ضى). جاء الديوان في (� )107صفحات ,و�ضمّ �إحدى وثالثين ق�صيدة, منها( :تط ّل عليه �شياطينه ,على حافة الفجر ,عزلة فاجرة ,داخل الحجرة العائلية ,ال خال�ص من الرق�ص ,فقرهم با�سط ذراعيه). نقر�أ على الغالف الخلفي للكتاب: ربما تقبل الآن, في �ساعة ال�سهو, �أو تت�ساقط في دمعة المحبطين تقا�سمنا لغة تتراك�ض في �ساحة خالية لغة من نخي ّل و�شوق م�صفّى �ست�أتي على غيمة تتخفّى بذاكرتي �س�أع ّد الم�ساءات وحدي �أزخرف �آنية الكلمات ف�إن ح�ضر الليل و�شّ حته بالنعا�س. داخل الحجرة العائلية يفتر�س ال�شعر �أظفاره وال�شبابيك نائمة يدها في الفراغ معلّقة. لي�س لي بهجة في الع�شيّ �سواك �أريد �أق ّل القليل وت�أويل ن�صف الكالم.
اجلوبة -خريف 1435هـ 133
امل�ؤلف :د� .إبراهيم م�صطفى الدهون
امل�ؤلف � :إبراهيم م�ضواح الأملعي
النا�شر :نادي اجلوف الأدبي 2014م
النا�شر :جداول للن�شر والتوزيع 2008م
ي�سعى هذا الكتاب �إلى محاولة فهم �آليات الن�ص ال�شعري قديما وحديثا ،وو�سائل تكوينه،والم�ضمرات الن�سقية التي �أ�سهمت في �إنتاجه ،وتما�سكه. كما يهدف �إلى �إعادة قراءة المنجز ال�شعري العربي وو�ضعه في �إط��اره ال�صحيح� ،إ�ضافة �إل��ى تفعيل �آليات النقد الحديثة ،من خالل تو�سيع م�ساحة التقويم والتحليل الموجّ ه للخطاب ال�شعري. يحتوي الكتاب على ت�سع درا�سات نقدية ،طبقت على �سبع منجزات �شعرية قديمة ومنجزين اثنين معا�صرين ،كان الأول ل�شاعرة، والثاني ل�شاعر من المملكة العربية ال�سعودية. جاءت عناوين الدرا�سات النقدية مرتبة على النحو الآتي: -1الت�أمل الفكري عند الهذليين؛ حفر في ر�ؤى �أبو ذ�ؤيب الهذلي ال�شعرية. -2لوحة الع�سل عند الهذليين بين الر�ؤية والإبداع الفني؛ �ساعدة ابن ج�ؤية �أنموذجا. -3جمالية الن�ص القر�آني عند ح�سان بن ثابت و�أثرها في بناء الن�ص ال�شعري. -4الإ�شعاع التنا�صي في �شعر �أبي العتاهية :همزيته الزهدية �أنموذجا. -5تمظهرات التكرار في �شعر ديك الجن الحم�صي؛ مرثيات الزوجة -درا�سة تحليلية. -6التنا�ص بين الر�ؤية والتطبيق؛ مرثية المعري الإن�سانية عالم اللفظة وال�صورة. -7الن�ص الغائب ف��ي �شعر البهاء زه��ي��ر؛ ق���راءة م��ن منظور تنا�صي. � -8أثر الن�ص ال�شعري ال�سعودي في بناء المواطنة؛ ديوان غواية بي�ضاء كلمات تتقارب. -9نماذج من التنا�ص في �شعر �أحمد ال�سالم؛ درا�سة وتحليل.
ت�ت�ع��دد ال �م��داخ��ل �إل ��ى رواي� ��ة (ج �ب��ل ح��ال�ي��ة)، الحائزة على جائزة ال�شارقة ل�ل�إب��داع العربي ع��ام 2008م؛ فهي رواي��ة مهمومة ب�إ�شكاليات كثيرة ،وربما كانت �إ�شكالية الموت من المداخل المهمة لقراءة هذا العمل ،فهو الكيان الذي يمر بالكائنات الحيّة جميعها ،وال يتجلى هذا المدخل بعيدا ع��ن المداخل الأخ ��رى؛ فهي مت�شابكة، وميزة العمل الجيد �أن تت�شابك وتتعدد مداخله، فيكون الوقوف عند مدخل واح��د كفيال بتناول جزئيات عديدة؛ فالموت يلح في الرواية بو�صفه حقيقة ملمو�سة. و�إذا كان العنوان (جبل حالية) يجعل الرواية وثيقة ال�صلة بالمكان ،ال��ذي يُحدّد هوية �أهل ال�سورَجَ ة ونزوعهم و�آمالهم و�إحباطهم؛ فكون ه��ذا الجبل يحتوي ال�م�ق�ب��رة ،يجعل ال��رواي��ة �أي �� �ض��ا -وث�ي�ق��ة ال�صلة ب��ال �م��وت ،وبالأ�سئلةالوجودية التي تالزمنا على ا لدوام..
هذه حكاية الحكاية
■ عبد الهادي رو�ضي*
�أعترف بدءاً �أن الم�صادفة قد لعبت دورها في االهتداء �إلى مجلة الجوبة� ،إذ و�أنا �أبحث في محرك غوغل ال�سحري ،وجدتني بين ظاللها ،فكان لزاما عليّ �أوال �أن �أ�سبر �أغ��وار موادها، و�أبوابها ،و�أتعرف على لفيف من كتّابها �أي�ضا ،وخطها التحريري الثقافي والإبداعي ،ثانيا ،ولو من بعيد ،تلك هي حكاية الحكاية.
134اجلوبة -خريف 1435هـ
م���ع ت���وال���ي الأي� � � ��ام ت��وط��دت العالقة بيننا ،ه��ي كمجلة ج��ادة في ر�سالتها الثقافية ،و�أن��ا كقارئ م �غ��رب��ي،م �ت��اب��ع ج �ي��د ل�ل�م���ش�ه��د الثقافي والإب��داع��ي العربي عبر ك��ل ال��و��س��ائ��ط الممكنة(�صحف، م� �ج�ل�ات ،وغ� �ي ��ره ��ا) ،وح��ري����ص �ولت��ه ،وج��دي��د ع �ل��ى اق �ت �ف��اء ت��ح� اّ مبدعيه ومبدعاته ،والتوا�صل معهم ،من دون �إنكار �أن الن�شر لحظتها ،لم يعد يغريني بما يكفي ،لأ�سباب ولأخرى� ،أهمها الح�صار الذي يمار�سه بع�ض ر�ؤ�ساء تحرير المنابر الإعالمية المتخ�ص�صة في الثقافة والإبداع والأدب ،تجاه الأ�سماء الإبداعية الجديدة غير المكرّ�سة من قبل الم�ؤ�س�سات الثقافية الر�سمية لبلدانها، وج�شع بع�ض مرا�سلي تلك المنابر ،وتلك ق�صة �أخرى. غير �أن رغبة ملحّ ة تملكتني في م ّد رئي�س تحرير ال�ج��وب��ة ،الأ��س�ت��اذ �إب��راه�ي��م الحميد، ببع�ض المواد� ،أذكر �أنه كان من بينها ن�صو�صا �شعرية لكنها لم تن�شر لحد الآن ،ومع ذلك بقيت محافظا على اقتفاء �أع��داد المجلة عبر بوابة موقعها الإلكتروني ،بحكم �أنها ال توزَّع في الدار البي�ضاء بال�شكل الكافي والمنتظم ،لأن و�شائج * �شاعر وكاتب من المغرب.
ع������ي������ن ع���������ل���������ى اجل���������وب���������ة
الكتاب :جماليات الن�ص ال�شعري(قراءات نقدية حديثة)
الكتاب :جبل حالية -رواية
متابعة الم�شهد الإب��داع��ي �شعرا ون�ق��دا وق�صة و�إ�� �ص ��دارا ،ه��و ما كان ي�شغلني ،والجوهر الذي بنيت عليه عالقتي لحد الراهن. ال �أت���ص��ور �شخ�صيا الم�شهد الإع�ل�ام ��ي ال �ث �ق��اف��ي ال���س�ع��ودي وال��ع��رب��ي م �ن �ق��و� �ص��ا م ��ن مجلة جليلة كالجوبة ،التي قدَّمت على م ِّر �أعدادها ملفات ودرا�سات �إبداعية مهمة ،م�سَّ ت الق�صة ال�ق���ص�ي��رة ف��ي ال�م�غ��رب م�ث�لا (ال �ع��دد ،)28 و� �ش �ه��ادات �شعرية (ال �ع��دد ،)40و��ش�ه��ادات �إبداعية في الق�صة الق�صيرة (� ،)39إ�ضافة �إلى احتفائها بزخم وافر من الدرا�سات النقدية في متون �شعرية و�سردية ونقدية لأ�سماء عربية م�ت��داول��ة ،ون�صو�ص ف��ي الق�صة وال�شعر ،من دون ن�سيان ا�ست�ضافتها ومحاورتها لعدد من المبدعين والمبدعات في الوطن العربي. �إنَّ ال�ج��وب��ة ي�ح��قّ لها �أن تفتخر بنف�سها، وبح�ضورها الم�ستمر في و�سط �إعالمي ثقافي وازن ،توافرت له من المقوّمات والإمكانات ما ال ُي َع ُّد وال ُي�ق��ارَن ،وحُ ��قَّ لنا �أن نفتخر بت�ألُّقها وا�ستمراريتها في خدمة المبدعين والإب��داع، على حدٍّ �سواء ،متمنين لها ولأ�سرة تحريرها دوام اال�ستمرارية والعطاء والت�ألق. اجلوبة -خريف 1435هـ 135
الأن�شـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ــة الثقـ ـ ـ ــافيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
من �إ�صدارات اجلوبة
المباني الحكومية.. وظيفتها ودورها
■ �إعداد :عماد املغربي
ال مهند�س عبداهلل الدهام، وال مه ند�س �صالح الع�شي�ش
مداخالت الجمهور
�ضمن خ��ط��ة ال��ن�����ش��اط ال��ث��ق��اف��ي لم�ؤ�س�سة ع�ب��دال��رح�م��ن ال���س��دي��ري ل�ل�ع��ام 1436/35ه � �ـ �أقيمت محا�ضرة بعنوان« :المباني الحكومية.. وظيفتها ودورها في الإ�ضافة الجمالية للمدن»، �ألقاها المهند�س �صالح بن ظاهر الع�شي�ش، وذلك م�ساء يوم الثالثاء 2014/06/24م ،في قاعة دار الجوف للعلوم ،و�أداره ��ا المهند�س عبداهلل الدهام ،ونقلت للق�سم الن�سائي عبر الدائرة التليفزيونية المغلقة. المهند�س �صالح الع�شي�ش ،ق� �دَّم ال�شكر لم�ؤ�س�سة عبدالرحمن ال�سديري والقائمين عليها لدعوته لزيارة المنطقة وااللتقاء ب�أبنائها، ث��م ق��دم ع��ر���ض (ب��اورب��وي �ن��ت) ع��ن المباني 136اجلوبة -خريف 1435هـ
الحكومية وظائفها ومزاياها ،ت�ضمّن :الوظائف الثانوية -الثراء المعماري والمادي � -إب��راز الهوية -العمارة النجدية -الطراز الحجازي الم�شربيات � -إ�شهار المكان -الحماية المدنية للمبنى -والمباني التي ترمز لل�سلطة والهيبة، مثل( :مبنى المحكمة -مبنى وزارة الداخلية - برج التليفزيون)؛ والمباني الحكومية الخدمية م�ث��ل( :الإداري�� ��ة -التعليمية -ال�صحية - االجتماعية -الثقافية -الريا�ضية)؛ والمباني الدفاعية (القوات الم�سلحة -مراكز ال�شرطة ال�سجون).تال ذلك مداخالت و�أ�سئلة من الجمهور .
�صدر حديثاً عن برنامج الن�شر يف