¦الــرؤيــة البصرية لــعــتــبــات الــكــتــب «األغلفة». ¦نــصــوص ســرديــة وشعرية. ¦االتجاهات الفنية للقصة القصيرة. ¦مواجهات :محمد عـــابـــس -نــويّ ــر العتيبي.
الدورة 15لمنتدى األمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية:
تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة. الدورة 14لمنتدى منيرة الملحم:
العودة اآلمنة تحديات ورؤى.
74
الئحة برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية والفكرية ودعم البحوث والرسائل العلمية يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف -1نشر الدراسات واإلبداعات األدبية والفكرية
يهتم بالدراسات ،واإلبداعات األدبية ،ويهدف إلى إخراج أعمال متميزة ،وتشجيع حركة اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز. ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير. مجاالت النشر: أ -الدراسات التي تتناول منطقة الجوف ومحافظة الغاط في أي مجال من المجاالت. ب -اإلبداعات األدبية والفكرية بأجناسها المختلفة (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). ج -الدراسات األخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف ومحافظة الغاط (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). شروطه: -١أن تتسم الدراسات والبحوث بالموضوعية واألصالة والعمق ،وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية. -٢أن تُكتب المادة بلغة سليمة. -٣أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً ،وأن يتم الحصول على موافقة صاحب الحق. -٤أن تُق ّدم المادة مطبوعة باستخدام الحاسوب على ورق ( )A4ويرفق بها قرص ممغنط. -٥أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومناسبة للنشر. -٦إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية فصيحة. -٧أن يكون حجم المادة -وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه -على النحو اآلتي: الكتب :ال تقل عن مئة صفحة بالمقاس المذكور. البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة يصدرها المركز :تخضع لقواعد النشر فيتلك المجالت. الكتيبات :ال تزيد على مئة صفحة( .تحتوي الصفحة على « »250كلمة تقريباً). -٨فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر ،فيشمل األعمال المقدمة من أبناء وبنات منطقة الجوف ،إضافة إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام ،أما ما يتعلق بالبند (ج) فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات المنطقة فقط. -٩يمنح المركز صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إصداره ،إضافة إلى مكافأة مالية مناسبة. -١٠تخضع المواد المقدمة للتحكيم.
-2دعم البحوث والرسائل العلمية
يهتم بدعم مشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات املتعلقة مبنطقة اجلوف ومحافظة الغاط ،ويهدف إلى تشجيع الباحثني على طرق أبواب علمية بحثية جديدة يف معاجلاتها وأفكارها. (أ) الشروط العامة: -١يشمل الدعم املالي البحوث األكادميية والرسائل العلمية املقدمة إلى اجلامعات واملراكز البحثية والعلمية ،كما يشمل البحوث الفردية ،وتلك املرتبطة مبؤسسات غير أكادميية. -٢يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة متعل ًقا مبنطقة اجلوف ومحافظة الغاط. -٣يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة جدي ًدا يف فكرته ومعاجلته. -٤أال يتقدم الباحث أو الدارس مبشروع بحث قد فرغ منه. -٥يقدم الباحث طل ًبا للدعم مرف ًقا به خطة البحث. -٦تخضع مقترحات املشاريع إلى حتكيم علمي. -٧للمركز حق حتديد السقف األدنى واألعلى للتمويل. -٨ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل إجراء تعديالت جذرية تؤدي إلى تغيير وجهة املوضوع إال بعد الرجوع للمركز. -٩يقدم الباحث نسخة من السيرة الذاتية. (ب) الشروط اخلاصة بالبحوث: -١يلتزم الباحث بكل ما جاء يف الشروط العامة (البند «أ»). -٢يشمل املقترح ما يلي: توصيف مشروع البحث ،ويشمل موضوع البحث وأهدافه ،خطة العمل ومراحله،واملدة املطلوبة إلجناز العمل. ميزانية تفصيلية متوافقة مع متطلبات املشروع ،تشمل األجهزة واملستلزماتاملطلوبة ،مصاريف السفر والتنقل والسكن واإلعاشة ،املشاركني يف البحث من طالب ومساعدين وفنيني ،مصاريف إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة. حتديد ما إذا كان البحث مدعو ًما كذلك من جهة أخرى.(ج) الشروط اخلاصة بالرسائل العلمية: إضافة لكل ما ورد يف الشروط اخلاصة بالبحوث (البند «ب») يلتزم الباحث مبا يلي: -١أن يكون موضوع الرسالة وخطتها قد أق ّرا من اجلهة األكادميية ،ويرفق ما يثبت ذلك. -٢أن يُق ّدم توصية من املشرف على الرسالة عن مدى مالءمة خطة العمل. الجـوف 42421ص .ب 458هاتف 014 6245992 :فاكس014 6247780 : هاتف 016 4422497 :فاكس016 4421307 : الغــاط 11914ص.ب 63 الرياض 11614ص .ب 94781هاتف 011 4999946 :جوال055 3308853 : 0553308853
016 4422 497
Alsudairy1385
info@alsudairy.org.sa www.alsudairy.org.sa
www.alsudairy.org.sa | info@alsudairy.org.sa
مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري
رئيسً ا فيصل بن عبدالرحمن السديري عضوًا سلطان بن عبدالرحمن السديري د .زياد بن عبدالرحمن السديري العضو المنتدب عضوًا عبدالعزيز بن عبدالرحمن السديري عضوًا د .سلمان بن عبدالرحمن السديري عضوًا د .عبدالواحد بن خالد الحميد أ .د .خليل بن إبراهيم المعيقل عضوًا أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضوًا سلمان بن عبدالمحسن بن محمد السديري عضوًا طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري عضوًا سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري عضوًا
ملف ثقايف ربع سنوي يصدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي هيئة النشر ودعم األبحاث
رئيسً ا د .عبدالواحد بن خالد الحميد عضوًا أ .د .خليل بن إبراهيم المعيقل أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضوًا عضوًا د .علي دبكل العنزي عضوًا محمد بن أحمد الراشد أسرة التحرير
قواعد النشر
إبراهيم بن موسى احلميد محررا محمود الرمحي ً محررا محمد صوانة ً اإلخراج الفني :خالد الدعاس
املشرف العام
-1أن تكون املادة أصيلة . -2لم يسبق نشرها ورق ًيا أو رقم ًيا. -3تراعي اجلدية واملوضوعية. -4تخضع املواد للمراجعة والتحكيم قبل نشرها. -5ترتيب املواد يف العدد يخضع العتبارات فنية. -6ترحب اجلوبة بإسهامات املبدعني والباحثني والكتّاب ،على أن تكون املادة باللغة العربية.
هاتف)+966()14(6263455 : املراســــــالت: فاكس)+966()14(6247780 : ص .ب 458سكاكا اجلـوف -اململكة العربية السعودية www.alsudairy.org.sa aljoubahmag@alsudairy.org.sa ردمد ISSN 1319 - 2566
سعر النسخة 8رياالت -تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع ريال واملؤسسات ً 60 االشتراك السنوي لألفراد ً 50 ريال
«اجلوبة» مناألسماءالتيكانتتُطلقعلىمنطقةاجلوفساب ًقا.
املقاالت املنشورة ال تعبر بالضرورة عن رأي املجلة والناشر.
يُعنى املركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط ،ويقيم املناشط املنبرية الثقافية، برنامجا للنشر ودعم األبحاث والدراسات ،يخدم الباحثني واملؤلفني ،وتصدر عنه مجلة ويتبنّى ً ً (أدوماتو) املتخصصة بآثار الوطن العربي ،ومجلة (اجلوبة) الثقافية ،ويضم املركز كل من( :دار العلوم) مبدينة سكاكا ،و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط ،ويف كل منهما قسم للرجال وآخر للنساء .ويتم متويل املركز من مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية.
0553308853
1385
Alsudairy
العدد - ٧٤شتاء ١٤٤٣هـ (٢٠٢٢م)
الـمحتويــــات االفتتاحية ٤ ............................................................................. الــدورة 15لمنتــدى األميــر عبدالرحمــن الســديري للدراســات الســعودية :تحديــات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة .....
٦
الدورة 14لمنتدى منيرة الملحم :العودة اآلمنة تحديات ورؤى 20 ...................... حفل تخريج حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي للمشاريع الصغيرة 28 ... الكتب (األغلفة)٣٢ ................................ ِ لعتبات ِ محور خاص :الرؤي ُة البصري ُة أغلف ُة كتبي تجرب ٌة في المنظور التشكيليّ السيميائيّ -محمد صابر عبيد33 ........ اإلدراكُ البصريُّ والتشابكُ اإلبداعيُّ في التصميم -طالل معال 37 .................. الرؤي ُة البصري ُة والتعبيري ُة في الفنِّ الحديث -خيري منذر 41 ........................ جمالي ُة الصور ِة البصريةِ -د .منصف الديكي44 ...................................... وج ُه الكتاب :فخٌّ بصريٌّ يَأْس ُر الناظ َر والقارئَ معًا! -محمد العامري 47 ............. العتب ُة األولى - ..د .محمد بن مثنى الراشد50 ........................................ اإلشارات -مُليم الكوني52 ............................................... ِ الغالف قِ نا ُع ُ الغالف ،الوج ُه اآلخر للكتاب -إبراهيم الحَ يْسن ٥٤ ................................... ُ
06......................... الدورة 15ملنتدى األمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية: تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة
غالف الكِ تاب -فراس المومني57 ................................. ِ الصور ِة عَ ن غيابُ ُّ المرجعياتُ البصر َّي ُة والحداث ُة ألَغلفةِ الكتب -منصور الحارثي 58 ................... عميقة -د .هناء بنت علي البواب 59 ....................... ٍ لرؤية ٍ الغالف فخٌّ بصريٌّ ُ للقصــةِ القصيــر ِة مجلــ ُة «الجوبــةِ » أ ُنموذَجً ــــا - َّ در اســات ونقــد :االتجاهــاتُ الفنيــ ُة ٦١ سميرة الزهراني.. األشياءُ كما هي وأوها ٌم أ ُخرى األخال ُق والخيا ُل وف ُّن السَّ ردِ -بسمة عالء الدين ٧٧ .......
برعاية صاحبة السمو
األميرة نورة بنت محمد آل سعود منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع (الدورة الرابعة عشرة) يقيم ندوة:
العودة اآلمنة تحديات ور ُؤى
20.............................. 20 الدورة 14ملنتدى منيرة امللحم: العودة اآلمنة تحديات ورؤى
صمــود المراكــز الثقافيــة ككيانــات تنويريــة أمــام التحــوالت الوطنيــة والثــورة التقنية - ..د .فوزية بنت عبداهلل أبوخالد .......
80
نصوص :ثَ َمنٌ - !..حضية خافي90 ....................................................... عَ و َدةٌ -رشا نعمان91 ................................................................... زُجا ُج ال ُعمْرِ -محمد الرياني92 ........................................................ رسا ِئ ٌل من نافِ َذ ِة القِ طار - ...مريم الشكيلية 93 ....................................... جلس ُة مقهى -أميرة حمدان 94 ........................................................ تسابي ُح النَّدى -عالي المالكي 96 ...................................................... موط ُن اإلعجاز -مالك الخالدي97 .................................................... بُحَيْرَةُ البَجَع -لينا فيصل المفلح98 ................................................... اب (الجُ ْوبَة) -هند النزاري 99 ................................................. في رِ حَ ِ عَ ثْ َرةٌ على فوضى الغرام -محمد جابر بقار مدخلي 100 ...............................
32............................. 32 ............................. الرؤية البصرية لعتبات الكتب (األغلفة)
مواجهات :الشاعر محمد عابس -حاوره :عمر بوقاسم101 .............................. الشاعرة نويّر مطلق العتيبي -حاورها :المحرر الثقافي 106 ........................... نوافذ :البُع ُد الثقافيّ للتنمية المستدامة وِ فق رؤية - 2030مرسي طاهر110 ............ إيــون لــي ..الهــروبُ مــن اللغــة األ ّم والتشــافي مــن الجنــوح إلــى االنتحــار بالكتابــة! - 114 تقديم وترجمة :عبدالوهاب أبو زيد .. عزيز ضياء -محمد بن عبدالرزاق القشعمي 117 ...................................... كتاب لم يصدر ..ولم يحتجب :المنتقى من أشعار العرب -محمد الجفري 122 ....... قراءات :عرض كتاب( :الجوفُ في عيونِ المصوّرين) -عبداللطيف حسن أفندي 127 .......
61............................... 61 االتجاهات الفنية للقصة القصيرة مجلة «الجوبة» أنموذجً ــا
«الشعر لالنتصار والسّ رد للهزيمة» -حجاج سالمة 135 ................................ تقارير :النشاط الثقافي (يونيو -ديسمبر - )2021محمد صالح أبو عمر 136 ............. الصفحة األخيرة :فقدا ُن الذاكرة األدبيَّة -صالح القرشي 144 ..............................
■ إبراهيم بن موسى احلميد
تذهب إلى المكتبة ،فتتجول ببصرك نحو األفق ،تسرح بذهنك مع عناوين الكتب المتنوعة، طائرًا معها إلى المدى ،محلقًا في سمائها ..تجتاحك األسئلة عما تراه من أغلفة أخّ اذة التصميم ،يتعلق بصرك بها ،وال يريد أن يغادر قبل أن يحصل على حصته منها.. تحاول جمعها واقتناءها ،أو تصفحها واحتضانها ،إال إنك ال تستطيع أن تضمّها إليك؛ فأنت في عجلة من أمرك ،والوقت قصير ،والزمن ال ينتظر.. تفاجئنا بعض الكتب بأغلفتها الالفتة ،وخطوطها العريضة ،وورقها الصقيل ،وتجد أن كاتبها قد مأل مئات الصفحات التي تحمل في دفتها إبداعات نصوص وقصص وروايات وحكايات ،أو علومًا ومعارف ،وأنت ال تستطيع أن تتعرف على الكتاب إال من عنوانه ،وقد يكون الكتاب عند جمال الغالف أو دون ذلك ،ولكن الغالف هو الغالف ،وهو دليل القارئ إلى مجهول لقارئه؛ فيحدث أن الغالف الساحر ً الكتاب عندما يكون الكتاب -و أحيانا الكاتب- جذب القارئ إليه ،كما فعلت تلك المرأة الساحرة الجمال في قصص التراث العربي! وهو إذ يفعل ذلك -أي الغالف -فإن مفعوله يكون مفعول السحر على القارئ ،فتجده يمأل سلته ثقة في الغالف الذي كان سفير الصفحات إلى المتلقي ،قبل أن يفاجأ أحيانًا بأن محتوى الساحرة الجميلة تحوّل إلى ساحرة شريرة !..كما هي ساحرات أفالم نتفليكس وديزني األخيرة.. لقد ألهمت صناعة الكتب مصممي األغلفة البتكار جماليات جاذبة بصريًا ،وهي األداة األقوى لجذب المتلقي ،وكأن الكتاب والغالف وجهان لعملة واحدة؛ ألن المصمم في الغالب يبذل جهده في مقاربة محتوى الكتاب في تصميمه للغالف ،ويتمثل ذلك جليًا في كتب مهمة حققت حضورًا الفتًا ،وكانت األغلفة التي عكست محتوياتها بصورة جيدة ،قد جعلت من الكتاب فخً ا بصريًا للمتلقي يجذبه نحو الجمال الفكري..
4
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
افتتاحية
يقول د .محمد مثنى الراشد إن الغالف مفتو ٌح على التأويل ،وإنه ينتصر للبصيرة ،وفي
كل كتاب تشكيل بصري ،وتلك المشهدية ذات الخلفية التشكيلية ،إذ يحضر المشهد جنبًا إلى جنب مع الكلمة في إيصال مقولة الكاتب من دون أن يتدخل بشكل مباشر في المشهد.. وقد ساعدت التقنية الحديثة والحواسيب القوية في م ّد صناعة الكتاب وتصميم األغلفة
بطاقة هائلة ،جعلت من الكتاب سوقًا رائجة في ظل التوسع في األسواق ،وإقامة معارض الكتب الدولية والمحلية ،وبات من المهم ألصحاب الصناعة والمؤلفين تصميم أغلفتهم بما
يتوافق مع روح العصر الذي يستفيد من التقنية بكتب باتت ساحرة ومضيئة..
وإذا كان الغالف سفيرًا للكتاب ،فإن الكتاب بكامله وبخاصة الغالف ،بات سفيرًا أيضا
للفن والتصميم والجمال ،وفيه البعد الرمزي للغالف الذي يعدُّه الناقد "خيري منذر" العتبات
الرئيسة للمشاهد والمتلقي للكتاب؛ فالرمز هنا هو صيغة تشير إلى الشيء بمدلوالته
وتغييراته؛ إذ يستعين المصممون باللوحات التشكيلية واألعمال الفنية واإلبداعية للفنانين التشكيليين الذين استطاعوا إقناع مصممي الكتب الستخدام لوحاتهم في تصميم أغلفتها،
وكما يقول محمد صابر عبيد :عتبة الغالف تنتهي عادة إلى رؤية قد تكون النسخة األولى
من نسخ قراءة الكتاب؛ ألن التصميم يأتي استجابة جمالية لمحتوى الكتاب...
ويرى منصف الديكي أن الجمال لألغلفة ،والبصرية المختلفة للغالف هي الحصانة التي
تختفي وراءها الكلمات؛ فيما يرى محمد العامري أن الغالف هو الفعل البصري والجمالي الذي تصطدم به العين للوهلة األولى ..فالكتاب األنيق ال بد أن يسهم في شيوعه وانتشاره،
ويصبح سلعة جمالية مستساغة بكونه جاذبًا لالنتباه لدى المشاهد.
افتتاحية
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
5
في دورته الخامسة عشرة
تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة ■ كتب :محمد صوانة
عقد منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دورته الخامسة عشرة ،في الرياض ،بعنوان:«تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة»، وذل ـك يــوم الـثــاثــاء 4ربيع اآلخــر 1423ه ـ ـ ( 9نوفمبر 2021م) ،وحضر نــدوة المنتدى جمع من المدعوين من رجــال الصناعة واالقتصاد ،أثــروا الندوة بالحوار والمداخالت، كما شهدت منصات وسائل التواصل التي جرى بث فعاليات المنتدى من خاللها مباشرة، حضورًا الف ًتا مناالقتصاديين والمهتمين من داخل المملكة العربية السعوديةوخارجها. ألــقــى مــديــر عـــام مــركــز عــبــدالــرحــمــن السديري الثقافي ،سلطان بــن فيصل بن عبدالرحمن الــســديــري ،كلمة رحّ ــب فيها بالمشاركين ،وبالجمهور المتابع عبر البث الرقمي من خالل وسائل التواصل االجتماعي المتنوعة .وقال إن اختيار موضوع المنتدى لهذا العام جاء بالنظر ألهمية مواكبة الثورة الصناعية الرابعة ،ولإلسهام في النقاشات االقتصادية فيما يتعلق بخيارات الصناعة
6
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
الوطنية السعودية .وقد درجت هيئة منتدى األمــيــر عبدالرحمن الــســديــري للدراسات السعودية على اختيار الموضوعات الحيوية في كل عام. وقال إنه يشاركَنا في هذا المنتدى نخبة من الخبراء االقتصاديين لمناقشة عدة محاور تتناول واقع الصناعة السعودية حاليًا ،ومدى جاهزيتها لتلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ،والخصائص التقنية واالقتصادية منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
للثورة الصناعية الرابعة ،وخيارات الصناعة الــســعــوديــة فــي ظــل الــتــحــوالت المفصلية للمشهد الصناعي العالمي ،وما هي حوافر التنويع االقتصادي ومعوقاته. وأضاف السديري أن المركز قد درج على إقامة دورات هذا المنتدى بالتناوب سنويًا بين دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بمحافظة الغاط ،وبسبب اإلجراءات االحترازية الحالية لمواجهة انتشار فيروس كورونا ،ارتأت إدارة المركز تنفيذ هذه الدورة والدورة التي قبلها عبر االتــصــال المرئي ،ورُب ضــارة نافعة، فإن هذه الخطوة تمكننا من إيصال رسالة المنتدى ،وإتاحة محتوى هذه الدورة لجميع الراغبين بمتابعته ،سواء من داخل المملكة العربية السعودية ،أو من خارجها في الدول العربية الشقيقة وفي مختلف دول العالم دون استثناء ،فرسالة المركز الثقافية رسالة عامة لكل مثقف ومتطلع للمعرفة.
سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري مدير عام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
الجوف ِ الثقافي لديه أربع مكتبات عا َّم ُة في والغاط اثنتان منها للرجال ومثلها للنساء، ِ ـاث، ويــرعــى بــرنــا َمــجــا للنشرِ ودعـــمِ األبــحـ ِ وتــصــدر عنه دوري ــت ــان :أدومــاتــو اآلثــاريــة، مناشط منبرية، ِ وأشار إلى أن مركز عبدالرحمن السديري والجوب ُة الثقافية ،وينفذ
من اليمين :د .منصور الصالح ،م .البدر بن عادل فوده ،وأ .طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري. منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
7
ندوة المنتدى المتحدثون: م .البدر بن عادل فوده /وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير الصناعي. د .منصور الصالح /خبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة. م .عبداهلل بن عبدالرحمن العبيكان /الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان. د .ستيفن هيرتوغ /باحث بمدرسة لندن لالقتصاد والسياسة. أدار الندوة :طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري. وملتقيات ،ومسابقات ثقافية؛ وتشهد هذه تفاعل منتجً ا وملحوظً ا من قبل ً األنشطة، الجمهور المتابع المهتم بأنشطة المركز وبرامجه.
«خـــيـــارات الــصــنــاعــات الــوطــنــيــة ف ــي ظل التحوالت المفصلية التي تجتاح المشهد الــصــنــاعــي الــعــالــمــي»؛ والــدكــتــور منصور الصالح ،الخبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة ،وعنوان ورقته «الخصائص التقنية واالقتصادية للثروة الصناعية الرابعة ومتطلباتها في مجال إعداد القوة البشرية الوطنية»؛ وشــارك عبر االتصال المرئي م. عبداهلل بن عبدالرحمن العبيكان ،الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان ،وهو واحد من رواد القطاع الصناعي في المملكة ،وعنوان ورقــتــه «خــيــارات الصناعة الــســعــوديــة في زمن الثورة الصناعية»؛ وأخيرًا البروفسور ستيفن هيرتوغ ،وهو باحث في مدرسة لندن لالقتصاد والسياحة ،شارك بورقة عنوانها: «حــوافــز التنويع الصناعي ومــعــوقــاتــه في المملكة العربية السعودية» ،وكانت مشاركته عن بعد بسبب وجوده في لندن.
بعد ذلك بدأت الندوة بكلمة لألستاذ طارق السديري ،فقدم الشكر لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي على تنظيم هذا المنتدى، ورحب بالمتحدثين ،وهم :المهندس بدر بن عــادل فــودة ،وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير الصناعي ،وعنوان ورقته:
وأشــار مدير الــنــدوة إلــى أن الهدف من هــذه الندوة هو مناقشة الــدور الــذي يمكن أن يــقــوم بــه الــقــطــاع الــصــنــاعــي ،وأهميته كأحد أهم أساسات مسيرة تحوّل االقتصاد في المملكة ،كما أنه أحد أهم برامج رؤية ،2030وكيفية النهوض بهذا القطاع والتعامل
وقــال إن منتدى عبدالرحمن بــن أحمد السديري للدراسات السعودية يعد من أهم أنشطة المركز وبرامجه ،وذلــك لــدوره في نشر الــوعــي وتعزيز الثقافة الوطنية في أبعادها المختلفة ،وهو يتناول في كل دورة موضوعً ا مهمًا على مستوى الوطن ،يشترك فــي تقديمه نخبة مــن المتخصصين ،وقد اخــتــارت هيئة المنتدى مــوضــوع خــيــارات الصناعة الوطنية في عصر الثورة الصناعية الرابعة في هذه الدورة ،إسهاما من المركز في إثراء النقاشات حول هذه القضية المهمة التي أولتها رؤية المملكة 2030اهتمامًا بالغًا. ندوةالمنتدى
8
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
مع أكبر التحديات والفرص السانحة أمامه، وذلك في خضم ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة في االقتصاد العالمي. المهندس البدر فودة بــدأ م .البدر فــودة في التعريف ببرنامج تــطــويــر الــصــنــاعــة الــوطــنــيــة وال ــخ ــدم ــات اللوجستية ،وقال إنه يركز على أربعة قطاعات هي :الصناعة ،والثروة المعدنية ،والطاقة، والخدمات اللوجستية .وركز في ورقته على الثورة الصناعية الرابعة؛ إذ يلعب البرنامج دورًا كبيرًا في تمكين قطاع الصناعة؛ ألنه ـاس لتحقيق مستهدفات البرنامج، مُمكّن أسـ ٌ وللتركيز على تطوير قطاع الصناعة وتحفيزه بشكل شامل ،من خالل ثالث ركائز رئيسة، هــي :رفــع كفاءة التصنيع وخفض التكاليف، ورفـ ــع الــتــنــافــســيــة ،ورفـ ــع جـ ــودة المنتجات المحلية .لذلك ،فإن البرنامج يقوم بتفعيل دور هذا المحور من خالل الخطة التنفيذية الرابعة التي تم اعتمادها في بداية العام 2021م.
منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
وقال م .فودة :إن الثورة الصناعية الرابعة هــي أح ــد الـ ُمــمــكــنــات األسـ ــاس فــي تحول سياسات العمل ومنهجياته ،وذلك بالتكامل بين التقنيات المتقدمة ،والتحول إلى مصانع ذكــيــة ،وغــيــرهــا مــن األمـــور لــزيــادة اإلنــتــاج والتنافسية فــي قــطــاع الصناعة ،وتمكين القطاع الصناعي من تحقيق المستهدفات الخاصة لرؤية المملكة .2030 وعـرّج المهندس فــودة بالذكر على أنواع الثورات الصناعية التي تمت؛ فذكر أن الثورة الصناعية األولــى كانت في العام 1760م، وكانت تُعنى باختراع اآللة البخارية وميكنة اإلنــتــاج؛ تلتها الثورة الصناعية الثانية في العام 1870م ،وكانت تُعنى بالكهرباء ،وجرى خاللها اختراع الكهرباء وتحوّل اإلنتاج إلى إنتاج كمّي؛ أما الثورة الصناعية الثالثة فكانت في العام 1970م ،ومنها بدأ دخول الحواسيب إلــى التطبيق؛ ثــم جــاءت الــثــورة الصناعية الــرابــعــة وه ــي مــجــمــوعــة مــن التطبيقات المتقدمة الخاصة مثل :الحوسبة السحابية،
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
9
والبيانات الضخمة ،والذكاء االصطناعي ،في المملكة من االعتماد على العمالة الوافدة وهكذا دواليك ،والتي لم تكن موجودة من ذات األجور المنخفضة إلى األتمتة والتميز قبل. التشغيلي. وأشار المهندس فودة إلى أن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية حلل التحديات الموجودة في بيئة العمل ،ليستطيع الــخــروج بــمــبــادرات تمكّن مــن التحول نحو تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة ،وجرى تعزيز دور منظومة الدورة الصناعية الرابعة في المملكة ،وكذلك توفير المعلومات الالزمة بالنسبة للمستثمر ،مــع إدخـــال الحوكمة وتكامل الجهود تحت جهة راعــيــة واحــدة، وتعزيز المخصصات المالية والقوى البشرية المتخصصة فــي ه ــذا الــمــجــال ،إضــافــة إلى العمل على رفع الوعي لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة عند القطاع الخاص وعلى وجه التحديد القطاع الصناعي. وأكــد المهندس فــودة أن هذه التحديات جرى تحويلها إلى فرص ،ضمن أربعة محاور هي :المحور األول حوكمة البيانات والتقنيات، والمحور الثاني تهيئة البنية التحتية الرقمية، والمحور الثالث تبنّي تقنيات الثورة الصناعية الرابعة من قبل المستخدم أو المستفيد، والمحور الرابع هو تحفيز التقنية واالبتكار. وأشـ ــار الــمــهــنــدس فـــودة إل ــى أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية أطلقت برنامجً ا لتحويل أربعة آالف مصنع من االستخدام الــكــثــيــف لــلــعــمــالــة الـــوافـــدة ذات األجـــور المنخفضة ،إلى استخدام تطبيقات التميز التشغيلي أو كفاءة اإلنتاج ،واألتمتة ،ما يخلق فرصا ألبناء الوطن ،كما سيسهم أيضا في ً رفع مؤشر االبتكار وتطور الصناعة ،وذلك بهدف تغيير مفهوم الصناعة ،وثقافة التصنيع
10
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
المهندس عبداهلل العبيكان ثم تحدث المهندس عبداهلل العبيكان، الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان ،عن محور واقــع الصناعة الوطنية فــي الوقت الحاضر ومــدى جاهزيتها لتلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة. فقال إن الصناعة في المملكة هي قصة نجاح في إدارة التنمية ،ونحن نتحدث اليوم عن الفرص والتحديات التي تواجهنا بشكل يومي .فالخيارات المتاحة في الصناعات السعودية شبيهة بالخيارات المتاحة في كثير من الدول ،والتحدي أو اإلبداع هو في اختيار ما يناسبنا ،بحيث نتفوق ونكون في حالة استدامة للصناعة السعودية ،وإذا كانت إدارة التحديات هي عمل يومي للقائمين على الصناعة؛ فإن التمكين في إدارة التحديات هو التميز المأمول .إن محور نقاشنا في هذه الندوة ،هو :ما المحركات والممكنات التي تحقق االستدامة للصناعة السعودية؟ إن حجم السوق في المملكة يعد األكبر في المنطقة من حيث الطلب والمبيعات ،وأغلب الصناعات في العالم التي تفوقت سواء في التصدير أو في اإلبداع أو االبتكار تتميز بأن لديها سوقا محلية كبيرة. النقطة الثانية :الموقع الجغرافي للمملكة هو موقع متفرد يساعد في طــرح خيارات كثيرة لسالسل اإلمــداد والدعم اللوجستي. أما القوة الثالثة فهي توافر المواد الخام في المملكة سواء الهايدرو كربونية أو التعدين. منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
أسباب تسريع النمو وتعزيز مكانة المملكة صناعيًا يتطلب بناء منظومة متكاملة لكل صناعة ،وتوطين الصناعة ،ورفــع مستوى المحتوى المحلي أساس القدرة على التصدير والمنافسة ،وبناء صناعة تعتمد بشكل أساس على االقتصاد الرقمي والذكاء االصطناعي، والتركيز على تعظيم سالسل قيم المواد األساس المتوافرة في المملكة. الدكتور منصور الصالح م .عبداهلل العبيكان عبر االتصال المرئي
وأشار المهندس العبيكان إلى أن المجتمع السعودي يتميز بأنه مجتمع شاب ومستعد لإلنتاج واالســتــهــاك ،وتتوافر لدية مــوارد مالية ،ونظام مصرفي قــوي ،ومترابط مع النظام العالمي ،ويحظى بثقة عالمية في النظام االقتصادي واالستقرار الذي يتمتع به .ويعد ذلك َم ْكمَن قوة كبيرة ينبغي توظيفها واالستفادة منها بشكل كبير .أما التحوالت والثورات الصناعية في العالم ،فنحن مقبلون على اندماج بين علم المواد وعلم المعلومات، وهــذا االنــدمــاج ولّــد وظــائــف مــتــعــددة ،وله خصائص متعددة ،وقوة أداء عالية ،وسيؤثر على صناعات كثيرة جدا. ونبّه المهندس عبداهلل العبيكان إلى أن عدم فهمنا لهذا التغير واالندماج قد يفوّت فرصا كبيرة ،ومنها االندماج في علم ً علينا األعمال ،وعلوم الكمبيوتر ،وهــذا االندماج الذي يحدث ،فيه قفزات كبيرة ستولد نظام تشغيل جــديــد ،ســواء فــي الصناعة أو في المؤسسات والشركات. ولخّ ص المهندس العبيكان مداخلته في أن منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
تحدث الدكتور منصور الصالح ،الخبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة، عن الخصائص التقنية واالقتصادية للثورة الصناعية الــرابــعــة ومتطلباتها فــي مجال إعداد القوى البشرية الوطنية وعناصر اإلنتاج الضرورية األخــرى ،فقال :إن الزمالء الذين سبقوني في الحديث تحدثوا عن مراحل الثورة الصناعية بأطوارها األربعة ،لكن دعونا نركز اآلن على الثورة الصناعية الرابعة ،ففي حين كانت هناك تقنية واحدة تميز الثورة الصناعية فــي مراحلها الثالثة السابقة ،فقد جــاءت الثورة الصناعية الرابعة متميزة بمجموعة من التقنيات ،وليس تقنية واحدة فقط ،أحيانًا يسمونها اإلنتاج المادي اإللكتروني. وبصرف النظر عن المصطلحات ،حتى لو أخذنا المصطلح الرئيس «الثورة الصناعية الرابعة» التي بــدأت قريبًا في عــام 2016 وال ــذي أطلقه عليها المنتدى االقتصادي العالمي ،كــان هــنــاك مصطلح آخــر يدعى الصناعة ،بــدءًا من استراتيجية المصانع أو ما يطلق عليه في ألمانيا اسم المصانع الذكية ،فكانت هــذه بداية المصطلح ،كما تم استخدام مصطلحات التقنيات الناشئة والحديثة في ذلك الوقت. 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
11
وهذا المسمى يندرج تحته مجموعة من سنويًا ،أما عوائد إنترنت األشياء فهي ما بين التقنيات ،ليستفاد منها في مجموعة من 3إلى 6ترليون في السنة. التطبيقات ،ومن المهم أن نعرف أن الثورة وتساءل الدكتور منصور :ما فوائد الثورة الصناعية الرابعة ال تقتصر على المصانع الصناعية الرابعة؟ ويجيب :إن من فوائد فــقــط ،فــهــي تشمل مــجــاالت كــثــيــرة ،على الثورة الصناعية الرابعة :زيــادة اإلنتاجية، سبيل المثال ال الحصر صناعة البرمجيات، والكفاءة ،والجودة ،والسالمة ،واتخاذ القرار، وصــنــاعــة الــســيــاحــة ،وغ ــي ــره ــا .وهــنــاك والمساعدة في اتخاذ القرار .وستكون هناك تقنيات شبكات اإلنترنت ووسائل التواصل منافسة بين الشركات والمصانع في الخدمة االجتماعي ،والهواتف النقالة ،والحوسبة السحابية ،وغيرها فهي تنتقل مــن تقنية والمنتج الذي تقدمة للمستهلك ،وسيكون لها إلى تطبيق مثل الطباعة ثالثية األبعاد 3Dأثر اقتصادي كبير ،وستتغير مفاهيم العمل، printingوالطاقة المتجددة وما يتعلق بها ،والمهارات التي نحتاجها ،وما األشياء التي وإنترنت األشياء ،وتقنية النانو ،والروبوتات ،تغطيها اآلل ــة اآلن ،ومــا األشــيــاء الــتــي من المفروض أن نركز عليها ،وهكذا. وغيرها. إن فعالية اإلنتاج في المنظمة أو الشركة ولــكــي نــأخــذ فــكــرة ســريــعــة ع ــن األث ــر االقتصادي .فعلى سبيل المثال ،لو أخذنا أو المصنع ستزداد؛ وفي المقابل ستقل تكلفة تطبيقات إنترنت الهواتف النقالة ،ستكون اإلنتاج وتكلفة إدارة تلك الشركات ،وكذلك المبالغ التي نتحدث عنها مبالغ ضخمة ،فيما يتعلق بالجودة ،فلها أثــر ضخم جدا، فإننا نتكلم عن عوائدها االقتصادية والتي سواء في التخطيط أو في إرضاء المستخدم، من المتوقع أن تكون من 3إلى 10تريليون أو في سرعة إيصال المنتج إلى السوق أيضا؛
12
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
باختصار سيكون للتقنية أثر كبير جدا. وأكــد الدكتور منصور الصالح في نهاية عرضه على أنه عندما يكون االستثمار من ناحية الــتــدريــب ،والتهيئة ،وفهم التنقية، وأثرها في الوقت الصحيح في مرحلة مبكرة، فإن نتائجها ستكون لها أثر كبير ،وستكون كذلك هناك قدرة لديها على مواكبة أو قيادة التقنيات الحديثة بحيث تــكــون هــي فعال صاحبة السبق ،سيكون تأثيرها أكبر بكثير، ألنــه عندما يرتفع مستوى نضج التقنية، ويكثر استخدامها في أماكن كثيرة ،تصعب منافستها بشكل كبير. ودعــا في ختام كلمته إلــى التركيز على ال ــدراس ــات االستكشافية واالستطالعية لتحديد تلك التقنيات ،وبخاصة في مراحل مبكرة. د .ستيفن هيرتوغ أمــا الــدكــتــور ستيفن هــيــرتــوغ ،الباحث بمدرسة لندن لالقتصاد والسياسة ،فتحدث في ورقته حول محور حوافز التنويع الصناعي ومعوقاته في المملكة العربية السعودية، فقال :هناك عامالن أساسان شكال المشهد الصناعي في السعودية منذ سبعينيات القرن العشرين؛ األول هو الخدمات والبنى التحتية التي توفرها الحكومة ،وكذلك فيما يتعلق بعدالة توزيع االستثمار؛ أما العامل الثاني فهو توفير المواد األساس مثل :الغاز ،والكهرباء، والمياه ،وهي العوامل الرئيسة التي قامت في األساس بتشكيل المشهد واإلنتاج الصناعيين القائمين حاليًا في السعودية .وما يزال هناك تحيز بشكل أكبر تجاه الصناعات الثقيلة والصناعات الخفيفة التي تركز على قطاع الطاقة ،والصناعات المرتبطة بالمستهلكين منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
د .ستيفن هيرتوغ عبر االتصال المرئي
والــتــي تعتمد عــلــى الــمــدخــات منخفضة التكاليف ،والصناعة الزراعية؛ لذلك فصافي المواد األساس ما زال يعد ميزة وهو السائد في المشهد الصناعي في السعودية بسبب تكاليف اإلنتاج المتعلقة بالصناعات ،وهو أعلى من الجهات المنافسة اإلقليمية؛ وقد نتج عن ذلك أن هناك محدودية في حصة التقنيات المتقدمة مــن اإلنــتــاج الصناعي في السعودية ،إذ إن صادراتها من التقنيات المتقدمة ما تزال أقل من .%1لذلك ،فقد أدى هذا النموذج القديم عمله بنجاح ،من ناحية تحقيق التحول الصناعي في السعودية، وبنى أكبر قاعدة صناعية ربما في الشرق األوســط؛ لكنه وصل إلى حالة من اإلنهاك واإلجهاد اآلن بسبب أن الموارد بالكامل تم توزيعها ،وكذلك بسبب القيود المالية. وعلى الصعيد اآلخــر بالنسبة للمشهد العالمي ،ما تزال هناك تحديات ،فبعد عقود نــرى أن هناك عملية تنافس بين الصين وأمريكا ،وأن هناك حالة تشتت وانقسام في السوق على الصعيد االقتصادي الدولي. 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
13
وبالطبع وجود جائحة كورنا أثّرت كثيرًا في هذا االتجاه ،كما أدى إلى زيادة ما نسميه بالثورة الصناعية الرابعة بكل مكوناتها ،مثل: التقنية ،والبيانات ،والذكاء االصطناعي ،وما إلى ذلك. وأضاف د .هيرتوغ أنه بالنسبة لتوظيف الكفاءات الوطنية ،واالستفادة منها ،تدفع الحكومة باتجاه السعودة ،وتوطين المهن، وزيــادة توظيف السعوديين ،وهذا قد يعني على المدى القريب زيادة في التكاليف ،وربما انخفاض في المرونة بالنسبة للمنتجين، لكن على المدى البعيد قد يعني تحسينًا للمشهد اإلنتاجي ،لكنها حركة تسير ببطء ملحوظ ،وبسبب محدودية وجود المهارات المتخصصة من داخــل السعودية سيبقى االنتقال إلى اإلنتاج التقني الموسّ ع والمكثّف يمر بمرحلة بطيئة في المستقبل القريب في السعودية. وقال إن هناك مجموعة كبيرة من الفرص الــجــديــدة الــتــي تــلــوح فــي األفـــق بالنسبة للمنتجين الجدد ،وبخاصة في القطاعات التي تستهدفها الحكومة من ناحية الصناعات االستراتيجية .مثل برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية ،كمثال .وتقود هــذه الجهود شركة أرامــكــو بشكل أســاس، ومعها كذلك بعض الجهات المحلية ،وكذلك أيــضــا فيما يتعلق فــي إعـــادة توجيه بعض سالسل اإلمــداد والتوريد لبعض الصناعات االستراتيجية المهمة ،ومنها أيضا صناعات الدفاع واألدوية ،والصناعات الزراعية. وخــتــم الــدكــتــور هــيــرتــوغ ب ــاإلش ــارة إلــى فرصة جديدة تلوح في السعودية وتتعلق في التوسع في استخدام الطاقة المتجددة ،هي
14
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
موجة تحول صناعية جديدة ،ربما قد تكون بطيئة بعض الشيء ،لكنها سوف توفر بعض اإليجابيات ،مثل توفير الكهرباء والطاقة بخدمات أقــل تكلفة ،وتوفر كذلك مصدرًا جديدًا للمواد األساس ،والتي يمكن أن تشكل ـول جــدي ـدًا لصناعة مكثفة للصناعات تــحـ ً الثقيلة. الحوار والمداخالت تساءل مدير الــنــدوة :هل تطوير القطاع الصناعي أمــر ض ــروري لتطوير عجلة نمو االقــتــصــاد الــســعــودي وتــســريــعــه ،وتحقيق مستهدفاته ،وتقليل االعتماد على البترول؟ أم هل من الممكن تحقيق هذه المستهدفات عوضا عن ً عن طريق تطوير قطاعات أخرى القطاع الصناعي؟ أجــاب المهندس الــبــدر ف ــودة ،فــقــال :إن مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بالنسبة لــلــدول الـــ ،20هــي فــي ح ــدود %17؛ بينما مساهمة الصناعة الوطنية في الناتج السعودي ،%12وهذه الفجوة تمثل التحدي ،والفرصة الــتــي نعمل مــن خــالــهــا ،إلح ــال الـ ــواردات لرفع الطاقة اإلنتاجية للمصانع ،وخلق فرص جديدة ،وهي فرص ألبنائنا وبناتنا ،وإال فأين سيعمل أبناؤنا وبناتنا إذا لم نوفر لهم فرص العمل .فقطاع الصناعة الــيــوم يسهم في تشغيل قطاع التجارة وقطاع الخدمات؛ ألن المصنع في النهاية يبيع للموزع ،والموزع يوزع لمنافذ البيع ،وهكذا ..فكل وظيفة في القطاع الصناعي تخلق ما بين 5إلى 10 وظائف في القطاعات األخرى ،وهذا بشكل مبسط ،أي لماذا نحتاج إلى تنمية القطاع الصناعي ،ناهيك عن تنويع مصادر الدخل أساس ٌ وعدم االكتفاء بمصدر واحــد ،لكنه منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
لتوفير الوظائف ،ولخفض السلبية في ميزان المدفوعات وغيرها من الفوائد المعروفة. مدير الندوة :السؤال موجه للبروفيسور ستيفن هــيــرتــوغ .لــو نظرنا إلــى االقتصاد الــســعــودي خــال الخمسين سنة الماضية فإنه نما بمعدل سنوي %5مقارنة بمعدل نمو االقتصاد الكلي بنسبة %4سنويًا ،أي أعــلــى مــن االقــتــصــاد الــكــلــي ،ولــذلــك نسبة القطاع الصناعي من االقتصاد الكلي زادت من %7.5تقريبًا في أوائل السبعينيات إلى نحو %11اليوم .فالسؤال هو اليوم على ضوء ذلك ،هل هناك تحدٍّ يجب معالجته أم أننا نسير في الطريق الصحيح ،وأن كل ما يجب أن نقوم به هو مواصلة السير في االتجاه نفسه؟
نقطتين؛ األولــى هي أنه كان هناك بالفعل بداية حقيقية للصناعة ،ولكن على نطاق صغير جدًا بدأت في الستينيات ،من القرن ٍ الــمــاضــي ،ف ــإذا أضــفــنــا ه ــذه الحقبة إلــى الحساب الذي ذكرته ،يمكن أن نجد أن معدل النمو كان أكبر مما ذكر في سؤالك.
النقطة الثانية ،وهــي مثيرة لالهتمام أنه بالنسبة للسعودية ،فقد تمتعت المملكة كبير جـدًا باالستفادة مما لديها من ٍ بذكاءٍ المواد األســاس وميزاتها ،وبــدأت برنامجً ا صناعيًا كانت تقوده الحكومة ،وربما يعد الــبــرنــامــج الــصــنــاعــي األنــجــح فــي الــشــرق األوسط ،ولكن كان له مردوداته؛ من ناحية أن المواد األساس هي قطاع تعرض لإلنهاك واالستنزاف ،لذلك يمكن اعتبار ما حدث في السعودية قصة نجاح تاريخية حقيقة ،ولكن د .ستيفن هيرتوغ ما أود أن أقوله إن الرحلة التالية من التحول اإلج ــاب ــة عــن ه ــذا ال ــس ــؤال تــتــكــون من الصناعي ستكون أصعب بكثير ،ألن ما يكمن
جانب من الحضور منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
15
أن نشبهه بالقطوف الدانية أو المزايا التي التوطين في المستويات الحكومية المحلية، كانت متاحة ،ويسهل استخدامها ،تم بالفعل ألن المستويات المحلية ،محرك قوي جدا لتسريع النمو االقتصادي والصناعي. استخدام الغالبية العظمى منها. مدير الندوة
مدير الندوة
د .مــنــصــور :م ــا ه ــي أكــبــر الــتــحــديــات السؤال للمهندس عبداهلل العبيكان :كان هناك عدة محاوالت خالل السنين والعقود والــعــوائــق التكنولوجية فيما يخص تطوير الــمــاضــيــة لتطوير الــقــطــاع الــصــنــاعــي في القطاع الصناعي السعودي؟ المملكة ،فهو يشكل %11من االقتصاد الكلي د .منصور الصالح تقريبا ،مقارنة بنسب تراوح ما بين الـ 20إلى طبعا بحكم أننا نتحدث عن تقنيات حديثة % 30في دول مثل ماليزيا ،وكوريا الجنوبية، والصين .برأيكم :ما هي أكبر التحديات التي وناشئة ،وبعضها أيضا معقد ،ويحتاج إلى حالت دون الــوصــول إلــى هــذه المستويات ،تدريب وإلــى فهم عميق .فقد تكون إحدى واالحتذاء بما قامت به بعض الدول الناجحة مشكالت تبني التقنيات الحديثة أو ما يسمى بتقنيات الــثــورة الصناعية الرابعة -بشكل في هذا المجال؟ عام -هي عدم وجود فهم كامل من أصحاب م .عبداهلل العبيكان المصلحة ومتخذي القرار الموجودين في اعتقد أن واحدًا من التحديات الرئيسة هو المصانع والشركات وغيرها .فما هي هذه موضوع التكامل في االستراتيجية .فالصناعة التقنيات التي نسمع بها اآلن؟ ما دورها؟ وما ال يمكن أن تنجح وتزدهر إذا لم يكن هناك هو تأثيرها؟ منظومة متكاملة ومترابطة ،وهذا مهم جدا لتسريع النمو .والنقطة الثانية :فيما يتعلق بالصناعات األساس ،صحيح أننا تفوقنا في الصناعات النفطية والبتروكيماويات ،لكن مثل صناعة السيارات هي صناعة أساس ومحرك للتنمية بشكل كبير ،مــا يعني أنــنــا فقدنا التوطين .والصناعة العسكرية مهمة لتنشئة الصناعات المدنية وتحفيزها واإلبداع فيها. أما ما يتعلق بتوطين قطاع نظام المعلومات، فكل شركات التقنية الموجودة عندنا اليوم جميعها عــبــارة عــن بياعين ،فليس لدينا مراكز أبحاث ومبرمجين ومطورين لتسريع التنمية .النقطة الرئيسة األخيرة ،وهي مهمة جدا ،هي توطين المشتريات أو رفع مستوى
16
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
تأثيرها كما ذكرنا من ناحية اإلنتاجية، واإلي ــرادات السنوية ،واألمــان في المصنع. هل فعال ستقلل التكلفة أم ال؟ هل ستخفض أعداد األيدي العاملة؟ وبالتالي هل يمكن رفع الجودة ،ومزايا أخرى كثيرة؟ أعتقد أننا ربما نحتاج إلى ورش عمل بطرق مختلفة ،للتأكد فعال من استيعاب التقنيات المختلفة ،وما هو أثرها ،ولماذا هي مهمة ،وفي الوقت نفسه، فمن المعروف أنه ليس دائما التقنيات تزيد من اإلنتاجية وتطور الشركة أو المصنع. كــمــا يــجــب أن تــكــون هــنــاك دراسـ ــة دقيقة أيضا ،لمعرفة أثر تلك التقنيات وتطبيقها، وعــدم وجــود الكفاءات -كما ذكر المتحدث في السؤال السابق -القادرة على إدارة تلك منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
د .عبدالرحمن الجعفري ،يقدم مداخلته
التقنيات وتشغيلها واالستفادة منها ،كذلك، فإن الشركات معتادة على عمليات وإجراءات واستراتيجيات معينة ،يطبقونها منذ سنوات؛ فدائمًا يصعب التغيير ،وتبني تقنيات فعال حديثة أثرها غير واضح أمام أعينهم. مدير الندوة
المبادرة الثانية :البنية التحتية للثورة الصناعية الرابعة وهي ليست تحت منظومة الصناعة والثروة المعدنية كوزارة ،وإنما تحت وزارة االتصاالت وتقنية المعلومات ،للتمكين من وجودها؛ ألنه في النهاية ..فإن التطبيقات هذه كلها تحتاج إلى شبكة إنترنت وبنية تحتية قوية .والمبادرة الثالثة هي منصة الممكّنات الرقمية .والمبادرة الرابعة هي التوعية في الثورة الصناعية الرابعة.
مهندس بــدر ،عــودة لكم ..على ضــوء ما سمعناه ،برأيكم ،هل تعطينا فكرة عن أهم المبادرات التي تقوم فيها وزارة الصناعة إن عدد المبادرات كبير ،وهــذا يعني أن لــتــحــقــيــق مــســتــهــدفــات بــرنــامــج الــتــطــويــر منظومة الصناعة لها مبادرات متخصصة الصناعي من ناحية اإلضافة للناتج المحلي، ومن ناحية توليد الوظائف ،ومواجهة بعض الهدف فيها في النهاية أن تغير من شكل الصناعة الــتــي نــراهــا الــيــوم إلــى الطموح التحديات التي تم ذكرها. والتوافق مع رؤية المملكة .2030 م .البدر مداخلة من د .عبدالرحمن الجعفري شــكــرا جــزيــا عــلــى ال ــس ــؤال ،الــمــبــادرة كل متحدث من المتحدثين األربعة لمس األولى هي تأسيس المركز الوطني للتصنيع واإلنتاج المتقدم وتشغيله ،وهذا المركز يركز جوانب مهمة بالنسبة للصناعة .ولعلي أضيف على الثورة الصناعية الرابعة ،وتطبيقاتها شيئًا واحدًا ربما لم يتطرقوا له ،ولهذا السبب التي شرحتها أثناء العرض ،وتمكين القطاع أراه من أهم األهميات أو األساسات لتقدم الصناعي من االستفادة منها. الصناعة .سأل المهندس عبداهلل العبيكان منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
17
سؤاال ،ما هي المؤشرات أو الممكنات التي تحقق االستدامة للصناعة السعودية؟ أعتقد أن هــذا الــســؤال مــحــوري ،وكــذلــك الدكتور منصور ذكر تقنيات عديدة ،كيف جاءَت تلك التقنيات؟ ومــا المحرك األســاس للصناعة في العالم؟ لو أخذنا تجربة كوريا الجنوبية، وتجربة اليابان ،والتجارب في الغرب ،ما المحرك الــذي أوصــل هذه الصناعة وجعل تــلــك الـ ــدول تنتج منتجات عــالــيــة الــجــودة وبتكلفة منخفضة ،وكل سنة تقدم لنا منتجً ا جديدا؟ ستذهبون غدا أو بعد غدا لشراء جهاز هاتف سام سونج أو آبل أو غيرهما ،ما المحرك األساس الختيار هذه األجهزة؟ في يوم من األيام حاولت أن أتعرف على مقدار ما ننفقه نحن على البحث والتطوير في شركاتنا القائمة ،فأخذت مائة وسبع وستين أو مائة وسبع وخمسين شركة خليجية رأسمالها أكثر من 20مليون دوالر ،وقلت دعني أرى كم تنفق على البحث والتطوير! وبعد زيارة كنا بها في اليابان ،زرنا مركز شركة هيتاشي ،سألتهم: كم تنفقون على البحث والتطوير؟ قالوا :ننفق نحو %6من حجم مبيعاتنا ،ثم سألت :كم حجم مبيعاتكم؟ أجابوا بالمليارات!
ثانيا :الميزة النسبية ،لقد حققنا في صناعتنا في الجبيل ،وقد عددها لنا الدكتور هــيــرتــزوغ ،مــا ال ــذي جــعــل صناعتنا تقوم وجعل لها وجودا؟ في الحقيقة ،إنها الطاقة الــرخــيــصــة ،لقد كــانــت الــطــاقــة الرخيصة هي مدخلنا للصناعة ،فكانت هي المدخل األساس ،فال داعي ألن نقتل الدجاجة التي تبيض لنا بيضة من ذهب ونرفع التكلفة. د .رجا المرزوقي ذكر المتحدثون مبادرات وقضايا مهمة عــلــى مــســتــوى االقــتــصــاد الــجــزئــي .فعلى المستوى القطاعي ،غالب المبادرات رائعة، ولكنني أتوقع أن لدينا إشكالية ،وأود أن أسمع رأيهم حولها في التنافسية .كيف أستطيع أن أخفض التكلفة ،مقابل دول العالم األخرى، ال ــذي تحدثتم عنها فــي الــمــبــادرات ،في الجانب االقتصادي الكلي خاصة في الدول النفطية تــحــدث صــدمــات لالقتصاد تؤثر على سعر الصرف الحقيقي ،وعلى العالقة بــيــن الــقــطــاع الــنــفــطــي ،والــقــطــاع الــعــقــاري وغير العقاري ،ويؤثر ذلــك على التكاليف الحقيقية والتنافسية؛ والنقطة الثانية المهمة اإلنتاجية ،وذلك حتى نحسن اإلنتاجية عندنا البحث والتطوير ،وكــذلــك جــزء مــن تأثير اإلنتاجية والــذي يرفع اإلنتاجية وهذا جزء من التنافسية ،وأداء القطاعات الحكومية مــهــم جـــدا ،ولــكــن ربــمــا تــكــون الــســيــاســات الحكومية تعرقل اإلنتاجية أكثر مما تخدمها.
نحن وجــدنــا أن صناعاتنا ليس عندها مراكز بحث ،عندنا مركز بحث وتطوير في سابك ،أسسه المهندس عبدالعزيز الزامل، رحمه اهلل ،وهنا أقولها إلخواننا في وزارة الصناعة ،شكرا لكم على جهودكم ،ولكن إن كنتم تريدون صناعة مستمرة متطورة في المملكة العربية السعودية ،يجب أن نخصص مدير الندوة :أنتقل بالسؤال للبروفيسور بحدود %2إلى %3من الناتج المحلي للبحث هيرتوغ .إن كان لكم تعليق بشأن كيف يمكننا والتطوير في كل صناعاتنا القائمة. أن نتعامل مع شيئين اثنين ،هما :التنافسية
18
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
المهندس البدر فودة
في األسواق العالمية ،واإلنتاجية في القطاع الصناعي السعودي والموظف السعودي في لقد جاءت رؤية .2030لتعمل على تنويع القطاع لالستمرارية على المستوى العالمي؟ مــصــادر الــدخــل ،وأال يــكــون االقــتــصــاد كله مرهونا بمنتج واحــد أمــام أي أزمــة عالمية د .ستيفن هيرتوغ بالنسبة لموضوع اإلنتاجية ،كان هناك تحصل أو تغير في األسعار وغير ذلك .أتوقع انخفاض في اإلنتاجية شهدناه لعقود ،وكان أن الرؤية في كل برامجها ،هي لإلجابة عن السبب هو وجــود محفزات حكومية ،أدت هذا السؤال إذا كنت فهمت السؤال بالشكل ربما إلى قلة اهتمام المواطنين السعوديين الصحيح. بصفة معينة في القطاع الــخــاص ،أو في أما بالنسبة للتنافسية واإلنتاجية ،فالسوق اكتساب المهارات التي تدفعهم إلى القطاع السعودية اليوم ليست سوقا مغلقة ،بل هي الــخــاص ،وكــذلــك النقطة األخ ــرى بسبب منفتحة جــدا ،وفيها كــل أن ــواع المنتجات، وجود وفرة كبيرة في المنطقة اإلقليمية بما ون ــح ــاول أن تــكــون ســوقــا تــتــســم بــعــدالــة يتعلق بالعمالة منخفضة التكاليف ،والتي أثرت في هذا الجانب أيضا؛ لذلك ،فالشيء المنافسة ،وإنني إذا كنت أنتج منتجا بمستوى المهم الــذي يجب أن نركز عليه إذا أردنا جــودة مرتفعة ،يجب أن أضمن أن المنتج زيادة اإلنتاجية ،وزيادة االستثمار في مجال الرديء لن يدخل المملكة وينافس المنتجات التقنيات المتقدمة ،يجب أن يكون هنالك المحلية .صحيح أن األجور المنخفضة يترتب إعــادة دراســة لتكلفة اإلنــتــاج .وكذلك بناء عليها إنتاجية منخفضة ،ولكي ترتفع الجودة، على هذا األمر ستتاح الفرصة للمواطنين ويرتفع السعر ،ويكون السعر منافسا ،نحتاج السعوديين ألن يقوموا باختيار نوع التدريب أيضا أن تكون السوق محكومة بشكل قوي المناسب لهم لينضموا إلى القطاع الخاص ،من ناحية عدالة المنافسة ،وتضطر لعمل على سبيل المثال بإمكانهم اختيار التدريب المعادلة الصعبة والتي هي جودة وسعر جيد. األكاديمي أو المهني ،ولكن يجب أن تتوافر يمكن أن تكون بعض قطاعات الصناعة خالل لهم المحفزات واإلشارات التي تدفعهم إلى الفترة الماضية قد ركزت على السعر دون اختيار العمل في القطاع الخاص ،والتركيز الجودة ،ولكن هناك شركات وطنية أخرى كذلك على المجاالت عالية التقنية .الوضع أخــذت منحى آخــر .مثال شركة المراعي اآلن تغير وبدأ الشباب السعودي يركز جيدا في اختيار نوع التعليم الذي سيكون مهما اليوم وغيرها من الشركات الوطنية ،حقيقة ومفيدا له ومساعدا له في ســوق العمل ،نثق فــي جــودة منتجاتها ،ويمكن هــذه هي وأيضا أكثر من ذلك بدأوا يركزون في انتقاء المعادلة الصعبة إذا حليناها ،وعملنا منتجا الخبرات والمهارات ،لتوفر لهم التدريب ،جيدا بسعر جيد ،سيولد وظيفة جيدة براتب ليحصلوا على المهارات التي تكون مناسبة ممتاز ،ويمكن أن يأخذنا هذا إلى منافسة للعمل في القطاع الخاص. وإنتاجية أفضل. منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
19
برعاية صاحبة السمو
األميرة نورة بنت محمد آل سعود منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع (الدورة الرابعة عشرة) يقيم ندوة:
العودة اآلمنة تحديات ورُؤى ■ كتب :جهاد أبو مهنا
برعاية صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود (حــرم أمير منطقة الرياض) عقد منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع منتداه السنوي في دورته الرابعة عشرة عبر االتصال المرئي وبعدد محدود للحضور بعنوان: العودة اآلمنة ...تحديات ورُ ؤى
وذلك يوم االثنين 17ربيع اآلخر 1443هـ ( 22نوفمبر 2021م) ،والذي يقيمه مركز عبدالرحمن السديري الثقافي سنويًا بدار الرحمانية بالغاط ،ولكنه عقد هذا العام استثنائيًا عبر االتصال المرئي تماشيًا مع ظروف مواجهة جائحة كورونا. وق ــال ــت صــاحــبــة الــســمــو األمــيــرة درجات جودة الحياة ألبناء المجتمع. نورة بنت محمد آل سعود إن موضوع وأضــافــت صاحبة السمو األمــيــرة المنتدى لهذا العام من الموضوعات نورة بنت محمد آل سعود إننا مطالبون الــحــيــويــة الــتــي تــامــس احتياجاتنا بمعرفة متطلبات تحقيق العودة اآلمنة المجتمعية فــي مختلف القطاعات لكافة القطاعات في الدولة التي تأثرت التنموية في وطننا الغالي ،وإن هذا بجائحة كورونا ،وذلك بأخذ الدروس المنتدى ينطلق من روح رؤية المملكة والعبر ،واالستفادة من جميع المبادرات 2030التي تدعو للمبادرات التنموية ،والخطط الناجحة التي أ ُنجزت لتالفي وتسعى إلى تحقيق التقدم في مختلف التأثيرات السلبية ،وتعظيم النجاحات الــمــجــاالت االقــتــصــاديــة والتعليمية اإليجابية التي حققتها المملكة بقيادة والصحية واالجتماعية ،وتوفير أقصى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان
20
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
منتدى منيرة الملحم ١٤
بــن عبدالعزيز وولــي عهده األمــيــر محمد اآلمنة تتطلب خوض غمار التحديات وتكوين بــن سلمان حفظهما اهلل ،واستثمار ذلك رؤى خـ ّـاقــة حتى ترسو سفينتنا على بر بما يخدم مختلف القطاعات التنموية في األمان بعون اهلل. المملكة. وذكرت السديري أن المنتدى لهذا العام
افتتح المنتدى بكلمة لرئيسة هيئة المنتدى ومــســاعــدة الــمــديــر الــعــام لــشــؤون القسم النسائي ،أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن الــســديــري ،رحــبــت فيها بصاحبة السمو األميرة نورة بنت محمد آل سعود ،وشكرتها على رعاية منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع بــدورتــه الرابعة عشرة، كــمــا رحــبــت بــالــحــضــور ،وأشــــارت إل ــى أن هذا المنتدى ،من األنشطة الثقافية لمركز عبدالرحمن الــســديــري الثقافي ،وتقيمه مكتبة منيرة الملحم سنويًا ويــهــدف إلى تسليط الضوء على موضوع ذي أهمية على مستوى المملكة.
يتناول موضوع الــعــودة اآلمــنــة ...تحديات ورُؤى ،بــمــشــاركــة نخبة مــن األكاديميين والمختصين مــن الجامعات والمؤسسات الوطنية المختلفة ،بما يــثــري الخبرات المكتسبة للمشاركين في الكشف عن اآلثار النفسية والسلوكية لما بعد العودة ،وآثارها المتوقعة على األجيال القادمة ،من خالل إطالعهم على تجارب جديدة وقيمة ،من شأنها تحقيق األهــداف المنشودة من هذا حرصا من المركز على مواكبة ً المنتدى، الــمــســتــجــدات لتغطي مختلف الــمــجــاالت االجتماعية واالقتصادية والتعليمية ذات األهمية على المستوى الوطني ،من خالل تركيزه على موضوع العودة اآلمنة لما بعد جائحة كورونا ،وذلك لمناقشة تجربة المملكة وصول إلى العودة اآلمنة ً منذ بداية الجائحة للحياة الطبيعية ،بعد اتخاذ كافة التدابير الالزمة المتعلقة بالصحة والسالمة العامة لحماية المجتمع.
وأش ــارت إلــى أن هــذه الــنــدوة ستناقش متطلبات العودة اآلمنة بعد جائحة كورونا التي ال تخفى آثارُها على أحد في كل نواحي الحياة؛ فقد شكّلت أبــعــادًا جديد ًة للحياة وسنّت قواني َن التباعد االجتماعي وفرضت قواعد لالحتياطات الصحية؛ وإن العودة
وأعــلــنــت الــســديــري عــن إط ــاق مــبــادرة أواص ــر فــي مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالشراكة مع جائزة األميرة صيتة بنت عبدالعزيز والــتــي تسعى إلــى تنمية العمل االجتماعي ،وترسيخ مفهوم الريادة المجتمعية؛ لتحقيق التنمية المستدامة.
وقالت :إن منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع اختار لهذا العام موضوع (العودة اآلم ــن ــة ...تــحــديــات ورُؤى) بــالــنــظــر إلــى الــتــأثــيــرات الــكــبــيــرة لــهــذه الــجــائــحــة على جميع نواحي الحياة من حيث تأثيراته على المجتمع السعودي أثناء جائحة كورونا.
منتدى منيرة الملحم ١٤
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
21
كما أعلنت السديري عن توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة األميرة العنود الخيرية ومركز عبدالرحمن السديري الثقافي لتنفيذ برامج مشتركة تخدم المجتمع المحلي في منطقة الجوف ومحافظة الغاط. وختمت السديري بشكر صاحبة السم و األمــيــرة نــورة بنت محمد آل ســعــود ،على رعايتها للمنتدى ،وشــركــة بتيل الــراعــي الرسمي للمنتدى ،وضيوف المنتدى الذين ح ــض ــروا وشـــاركـــوا ف ــي مــنــاقــشــة مــحــاور المنتدى. منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع 14
كما دأبت المملكة منذ بداية الجائحة على مواكبة المستجدات ،للوصول إلــى العودة اآلمنة للحياة الطبيعية ،بعد اتخاذ كافة التدابير الالزمة المتعلقة بالصحة والسالمة العامة ،وكذلك تنسيق الجهود المشتركة بين جميع القطاعات بهدف حماية المجتمع. وقــد حــرص منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع في دورته الرابعة عشرة لهذا العام على مواكبة المستجدات، فاعتمد في هذه الــدورة مناقشة موضوع: العودة اآلمنة ...تحديات ورُؤى محاور الندوة: -قراءة الواقع أثناء جائحة كورونا.
العودة اآلمنة ...تحديات ورُؤى ال ــرؤي ــة المستقبلية الســتــثــمــار نــواتــجالجائحة في المجتمع. لم يتعرض التاريخ المعاصر في العالم بــأســره ألزمـ ــة إنــســانــيــة عــمــيــقــة ،وتــحـ ٍـد - ،التحديات والحلول. كما حــدث خــال انــتــشــار جائحة كــورونــا أهداف الندوة: المستجد؛ فقد كانت الخسائر في األرواح البشرية على مستوى مختلف الدول ،كبيرة -تحليل الواقع االجتماعي وآثاره اإليجابية والسلبية على المجتمع السعودي أثناء جدًا ،ولم يقتصر األمر على ذلك ،بل وصلت جائحة كورونا. العديد من المجتمعات إلى حافة االنهيار، ما أثر على الرفاه االجتماعي واالقتصادي -صياغة رؤية مستقبلية الستثمار نواتج للمجتمعات قاطبة. الجائحة في المجتمع السعودي.
على المستوى الوطني ،نجحت المملكة -اقتراح بدائل مدروسة للعودة اآلمنة. العربية السعودية بمواجهة األزمة باقتدار، مــن خــال اتــخــاذ تدابير وقائية وعالجية المتحدثون: وتوعية فــوريــة حاسمة للحد مــن انتشار -أ .د .محمد بن عبداهلل الشايع (رئيس المرض وحماية المواطنين والمقيمين. جامعة الجوف).
22
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
منتدى منيرة الملحم ١٤
د .عبدالحميد بــن عــبــداهلل الحبيب(المدير العام للمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية). أ .د .غــادة عبدالعزيز عثمان بن سيف(وكــيــلــة جــامــعــة الــمــلــك ســعــود لــشــؤون الطالبات). أدار الجلسة :د .علي دبكل العنزي ،أستاذاإلعالم بجامعة الملك سعود. افــتــتــح د .عــلــي دبــكــل الــعــنــزي الــنــدوة بالترحيب بصاحبة السمو األميرة نورة بنت محمد آل سعود ،كما رحب بالحضور ،وأشار إلى أن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي ال ــذي يبث إشعاعه فــي الــجــوف والــغــاط، ويواكب جميع األحــداث التي تجري سواء في الداخل أو في الخارج على المستوى االجتماعي والثقافي واإلعالمي وعلى كافة المستويات ،ثم تطرق إلى دور المركز الذي بــدأ بــدار العلوم في الــجــوف ،وبــدأ ينتشر وينمو بالدعم الالمحدود من المغفور له بإذن اهلل معالي األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري وأبنائه من بعده ،الذين يرعون المركز لإلسهام في الحراك الثقافي على مستوى الوطن. وأضـــاف الــعــنــزي أن المملكة العربية الــســعــوديــة اســتــطــاعــت أن تــواجــه جائحة كورونا بكل اقتدار ،بفضل قــرارات القيادة الحكيمة ،ما جعل المملكة أنموذجً ا يحتذى به ،وقد استطاعت استضافة قمة العشرين التي دعت المملكة من خاللها إلى مساعدة
منتدى منيرة الملحم ١٤
من اليمني :أ .د .غادة عبدالعزيز ،د .عبداحلميد احلبيب ،أ .د .محمد الشايع ،د .علي العنزي دول العالم الثالث برئاسة خــادم الحرمين الشريفين حفظه اهلل في الــريــاض ،وقال إن الندوة ستستعرض هذه اإلجــراءات من نواحي تعليمية وطبية ونفسية. وقدم العنزي المتحدثين ثم بدأ الحوار مع المشاركين ،ووجه أسئلة إلثراء النقاش. المتحدث األول
أ .د .محمد بن عبداهلل الشايع رئيس جامعة الجوف
بدأ أ .د .محمد بن عبداهلل الشايع بقراءة الواقع أثناء جائحة كورونا ،وأشــار إلى أن فيروس كورونا لم يكن فقط أزمة صحية ،بل أزمة إنسانية نتج عنها تداعيات اجتماعية وسياسية واقتصادية ونفسية ،إذ أظهرت هذه الجائحة هشاشة النظام األخالقي لدى بعض الــدول المتقدمة التي سيطرت فيها المصالح السياسية واالقتصادية ،مثل عدم 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
23
متابعة أعمالهم من المنزل.
المرونة في النظام الصحي ،ورفض تصدير الصناعات الصحية ،وغيرها. -5أصبح النظام الصحي أكثر تعقيدًا في استقبال الحاالت والمراجعات الصحية وأشار الشايع إلى جهود المملكة العربية لألمراض المختلفة. السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بــن عبدالعزيز _حفظه -6كــان لإلعالم تأثير سلبي في كثير من اهلل_ وذلـ ــك مــن خ ــال قــمــة مجموعة األوقات في نفوس األفــراد ،فكان مبعثًا العشرين الذي ترأسته المملكة في الرياض، بدل من بث الطمأنينة في للخوف والقلق ً وقــدمــت نصف مليار دوالر إليــجــاد لقاح نفوس الناس. لفيروس كورونا. -7الحجر المنزلي الــذي أسهم في تنمية وتـــنـــاول الــشــايــع اآلثـــــار االقــتــصــاديــة الــعــاقــات األســـريـــة ،فــكــانــت فــرصــة واالجتماعية للجائحة ،ومن أبرزها: الســتــعــادة الــعــاقــات األســريــة ،وكذلك مــمــارســة أفـــــراد األســـــرة لــهــوايــاتــهــم -1تأثر االقتصاد وأصحاب رؤوس األموال المتنوعة ،كما أصبح اقتناء الحاجات تأثرًا كبيرًا ،ما كان له كبير األثــر على خاضعًا لمبدأ االعتدال واالستغناء عن مستوى المعيشة لبعض األسر والشركات، بعض االحتياجات الكمالية التي يمكن بــخــاصــة الــفــئــة الــتــي كــانــت تعتمد في االستغناء عنها ،ومن جانب آخر أسهم مصروفاتها على الدخل اليومي ،ما ترتب الحجر الصحي في بعض األحيان في عليها آثــار اجتماعية ونفسية لدى تلك ازدياد الخالفات األسرية. األسر. واســتــعــرض الــشــايــع المكتسبات التي -2وجــد المجتمع نفسه أم ــام تشريعات جــديــدة أسهمت فــي التغيير القسري تحققت من جائحة كورونا ،وكيفية استثمار نواتجها: للعادات والتقاليد. -3التحوّل في النظام التعليمي للتعليم عن بعد ،إذ وجد المجتمع نفسه أمام نظام تعليمي جــديــد يشكل تــحــد ًيــا حقيقيًا لألسرة لتوفير األدوات التعليمية للتعليم عن بعد.
-1الــتــحــلــي بـ ــروح اإلنــســانــيــة وأخــاقــهــا، فال يمكن أن تتقدم الــدول إال بالعمل المشترك والتعاون والتنسيق الجماعي، لمواجهة جميع الــجــوائــح س ــواء كانت طبيعية أم بشرية وغيرها.
-4نــظــام الــعــمــل عــن بــعــد والـ ــذي ك ــان له -2أهمية المحافظة على العادات الصحية اإليجابية المرتبطة بالحياة االجتماعية ضغوط كثيرة على أصحاب العمل في
24
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
منتدى منيرة الملحم ١٤
وتفعيلها.
وذكر أهمها:
-3تنمية الموارد البشرية في جميع الحرف )1عدم االستفادة من هذه الجائحة بوضع والمهن ،بما يضمن الحد األدنى للكفاءة خطط طوارئ حقيقية ،جاهزة للتطبيق اإلنتاجية والتشغيلية الداخلية. والتنفيذ في قطاع التعليم ،تحسبًا لعودة الجائحة ،أو حين ظهور جوائح مماثلة. -4إطالق مشاريع صناعية وزراعية وصحية تحقق الحد األدنى لالحتياجات الوطنية )2 ،ع ــدم تفعيل التعليم اإللــكــتــرونــي في بما يضمن عدم انقطاعها في الحاالت الــجــامــعــات الــســعــوديــة ،والــتــي تهدف المماثلة. لتحقيق كفاءة اإلنفاق للطالب ،بتحويل بعض المقررات التي ال تتطلب حضور الطالب إلى مقررات إلكترونية.
-5المحافظة على ما تحقق من مكتسبات فــي بيئة العمل مــثــل :العمل عــن بعد، واستثماره في تحقيق التوازن األسري )3 ،الحفاظ على وسائل التقنية المختلفة، وبخاصة لألسر ذات األطفال ،وكذلك ـول والــتــشــجــيــع عــلــى اســتــخــدامــهــا وص ـ ً االجتماعات عن بعد ،ما يسهم في خفض لتحقيق األهداف بشكل أسرع. التكاليف االقتصادية للفرد والمجتمع. -6أهمية استثمار التعليم عن بعد في إطالق برامج أكاديمية وتعليمية تسهم في إتاحة التعليم للجميع. -7استثمار التعليم اإللكتروني في الجامعات والمدارس بما يقلل من اضطرار الطالب للذهاب للمدارس والجامعات في بعض المقررات. -8أهمية المحافظة على العادات الصحية اإليجابية المرتبطة بالحياة االجتماعية وتفعيلها ،واستمرار المحافظة عليها مثل :تقليل مستوى المصافحة ،وأهمية التباعد المنضبط.
المتحدث الثاني:
أ .د .غادة عبدالعزيز عثمان بن سيف وكيلة جامعة الملك سعود لشؤون الطالبات
قدمت أ .د .غــادة عبدالعزيز بن سيف ورقــة أشــارت فيها إلــى أن جائحة كورونا تعد امتدادًا لألمراض المعدية التي ظهرت الــواحــدة تلو األخ ــرى فــي فــتــرات مختلفة من تاريخ البشرية ،وشكلت هذه األمراض الــمــعــديــة تــهــدي ـدًا مــســتــمـرًا لــإنــســان في الماضي والحاضر .ومــع التطور العالمي السريع وسهولة حركة الناس عبر الحدود، أصبح خطر تفشي هذه األمراض أكبر من أي وقت مضى.
وقالت د .غادة أن ضراوة جائحة كورونا وختم د .الشايع ورقته بالتحديات التي تواجه التعليم ،سواء كان جامعيًا أو عامًا :تتجلى فــي االنتشار السريع للعدوى بين
منتدى منيرة الملحم ١٤
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
25
األفراد ،لذلك يحتاج عدد كبير من األفراد إلى العالج الطبي في الوقت نفسه ،األمر ال ــذي يشكل ضــغــطً ــا كــبــيـرًا عــلــى النظام الصحي ،إلى جانب أهمية استمرار النظام الصحي بتقديم بقية خدماته العالجية والوقائية لألمراض األخرى. وأض ــاف ــت أن ــه عــلــى الــرغــم مــن اتــخــاذ مختلف التدابير لالستجابة للوباء والسيطرة عليه ،إال إن هذا لم يمنع النظم الصحية في بعض البلدان المتقدمة من االنهيار بسبب قلة الجاهزية للكوارث والتأهب لها ،ونقص الكادر الطبي ،وضعف البنية التحتية ،وعدم كفاية معدّات السالمة الشخصية ،وغيرها. هذا إضافة لما سببته الجائحة من تعطّ ل كبير في تقديم الخدمات الصحية األساسية في مختلف دول العالم .وانطالقًا من تجربة المملكة العربية السعودية السابقة في االستجابة لوباء متالزمة الشرق األوسط التنفسية ،إل ــى جــانــب الــدعــم الحكومي السخيّ ،واالستثمار في النظام الصحي الوطني ،فقد تم إثبات كفاءة النظام الصحي السعودي في االستجابة للوباء والسيطرة عليه ،كما أشادت منظمة الصحة العالمية باإلجراءات والقرارات العديدة التي اتخذتها الحكومة ،استجاب ًة للوباء.
بالعدوى عالية بينهم نتيجة االتصال المتكرر ـضــا إلــى أن بالمرضى ،وتــجــدر اإلش ــارة أيـ ً نحو ٪70من العاملين في القطاع الصحي بالعالم هــم مــن الــنــســاء ،ويعمل معظمهم في الخطوط األمامية للرعاية الصحية، وبخاصة قطاع التمريض. وعلى الرغم من كل هذه التحديات ،إال إن هناك مكتسبات كثيرة حققها نظامنا الــصــحــي الــوطــنــي خ ــال ه ــذه الــجــائــحــة، من أهمها :رفع القدرة االستيعابية لكافة القطاعات الصحية ،والتحوّل الرقمي للعديد مــن الــخــدمــات الصحية بفعالية ،وتفعيل التطوع الصحي ،وتفعيل الطب االتصالي، والرعاية الصحية المنزلية .هذه التجربة جعلت نظامنا الصحي على أهبة االستعداد لمواجهة أي مستجدات مستقبلية مماثلة، بعون اهلل وتوفيقه. المتحدث الثالث
د .عبدالحميد بن عبداهلل الحبيب المدير العام للمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية
هدفت الورقة التي قدمها د .عبدالحميد بن عبداهلل الحبيب إلى اإلجابة عن مجموعة من التساؤالت ،أهمها:
-1مــا هــي عــوامــل الحماية التي ساعدت المجتمعات على تجاوز الجائحة بأقل ضرر ممكن ،وما هي العوامل النفسية المصاحبة لذلك؟ وختمت د .غــادة بأهم التحديات التي تواجه النظام الصحي (التأثير الجسدي -2 ،مــا هــي التوقعات المستقبلية ،وكيف وال ــن ــف ــس ــي ،واالج ــت ــم ــاع ــي لــلــمــمــارســيــن ســيــكــون شــكــل صــحــتــنــا الــنــفــســيــة في الصحيين) ،إذ تعد معدالت خطورة اإلصابة المستقبل؟
26
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
منتدى منيرة الملحم ١٤
-3ما هي التحديات التي واجهت المختصين االنــتــبــاه لــأمــهــات نــظ ـرًا للضغط النفسي ف ــي الــصــحــة الــنــفــســيــة ،وكــيــف كــانــت الكبير الذي يتعرضن له. استجابتهم؟ وختم د .الحبيب ورقته بقوله :إنــه من وأشار د .الحبيب إلى أن الصحة النفسية المهم استثمار أوقات الراحة والهدوء لتعزيز شــديــدة الــتــأثــر بــالــظــروف المحيطة ،وأن الصحة النفسية ،وتدريب الناس على مواجهة الجائحة تسببت فــي تغيّر كبير فــي حياة األزمـ ــات والــضــغــوط والــمــشــاعــر السلبية، األفــراد والمجتمعات بل إنها قلبت حياتهم والتعامل معها بشكل جيد. رأسً ا على عقب ،وأن الجوائح السابقة كانت وقد شهد المنتدى حضورًا الفتًا بمشاركة تختار جزءًا من بقاع العالم يتأثر بها مجموعة مــن البشر ،أمــا هــذه الجائحة فقد مست نــحــو 3500مــشــارك مــن داخـ ــل المملكة العالم بأكمله على كافة المستويات ،فالعالم وخارجها. اليوم ليس هو العالم نفسه قبل الجائحة، ومن الجدير بالذكر أن مكتبة منيرة الملحم فهذه الجائحة من الناحية النفسية لم يسبق بدار الرحمانية في محافظة الغاط ،هي إحدى أن مرت على العالم. ف ــروع مــركــز عبدالرحمن الــســديــري الثقافي وتــحــدث د .الحبيب عــن عــوامــل الحماية الذي يعد واحدًا من أقدم المراكز الثقافية في النفسية ،وعــن التوقعات المستقبلية التي المملكة ،أنشأه األمير عبدالرحمن بن أحمد ستكون عليها الصحة النفسية المجتمعية بوجه السديري منذ عام 1383هـــ (1962م) .ويتولى عام ،وأضاف أن وزارة الصحة اعتمدت مؤشر المركز إدارة مكتبة دار العلوم العامة بالجوف الصحة النفسية في لوحة التحكم؛ إذ يتم قياس ودار الرحمانية بمحافظة الغاط ،وتتضمن برامج مستوى الصحة النفسية للمجتمع بشكل ربع المركز نشر الدراسات واإلبداعات األدبية ودعم انخفاضا ملحوظً ا للفترة ً سنوي والذي يشهد البحث العلمي .وينظم منتديات سنوية وأنشطة (مارس -2020أكتوبر )2021في معدالت القلق وندوات ثقافية متنوعة على مدار العام. واالكتئاب في المجتمع السعودي. وتتبع للمركز أربــع مكتبات في الجوف وتــنــاول د .الحبيب الفئات التي تأثرت بــاألزمــة أكثر مــن غيرها ،وهــم كبار السن والغاط اثنتان للرجال ومثلهما للنساء ،يصل الذين تأثروا بالمرض نفسه ،وتأثروا بتهديد عدد زوارها إلى نحو سبعة آالف زائر وزائرة اإلصابة والحرص الزائد عليهم ،كما تأثرت سنويًا ،كما تستقبل مجموعات من طالب ممارساتهم اليومية ،وأما الفئة الثانية التي وطالبات الكليات العلمية والجامعات بهدف تعرضت للعبء األكــبــر مــن الجائحة فهي اإلفادة من المصادر العلمية والمراجع المهمة األمــهــات ،مطالبًا المؤسسات المجتمعية المتوافرة في المكتبات األربع بالمركز.
منتدى منيرة الملحم ١٤
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
27
حفل تخريج
حاضنة رياديات
مركز عبدالرحمن السديري الثقافي للمشاريع الصغيرة صاحبة السمو األميرة :نورة بنت محمد آل سعود، ترعى حفل تخريج حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي للمشاريع الصغيرة. ■ كتب :وليد البشير
صاحبة السمو األميرة :نورة بنت محمد آل سعود ،ترعى حفل تخريج حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقايف للمشاريع الصغيرة.
برعاية صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود (حــرم أمير منطقة الرياض) أقام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي حفل تخريج حاضنة رياديات المركز للمشاريع الصغيرة ،بالتعاون مع شركة رياديات ،والذي أقيم على هامش منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع ،وذلك يوم االثنين 17ربيع اآلخر 1443هـ ( 22نوفمبر 2021م). القطاع التنموي الواعد ،وأشــادت بما يقوم به مركز عبدالرحمن السديري في هذا المجال ،باإلسهام في تمكين المرأة السعودية ومشاركتها في تنمية الــمــجــتــمــع .ووجــهــت صــاحــبــة السمو األميرة نورة الشكر لمركز عبدالرحمن الــســديــري الثقافي على تنفيذه هذه الــمــبــادرات التنموية والثقافية ،وما يقدمه في خدمة الوطن منذ تأسيسه على مدى ستين عامًا.
وقــد ألقت صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود كلمة في حفل التخريج أعربت فيها عن سعادتها الكبيرة بتخريج كوكبة من بنات الوطن اللواتي المشاركات في حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي، وقالت إنها خطوة كبيرة ومباركة لهن في االنضمام إلى قافلة القيادات النسائية بتمكنهن مــن تحقيق نجاحات يشار إليها بالبنان في مجال المشروعات اإلنتاجية ،متمنية لهن أن يصبحن في افتتح الحفل بكلمة لمساعدة المدير المستقبل القريب رائـــدات فــي هذا العام أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن
28
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
الثقافي منيرةالسديري عبدالرحمن حاضنة رياديات مركز الملحم ١٤ منتدى
الــســديــري ،الــتــي رحــبــت بصاحبة السمو األميرة نورة بنت محمد آل سعود ،وشكرتها على رعايتها لحفل حفل تخريج الدفعة األولــى لحاضنة رياديات المركز للمشاريع الصغيرة ،والتي تمت التوصية بتأسيسها قبل ثالثة أعوام على هامش منتدى منيرة بنت الملحم (الدورة الحادية عشرة) والذي كان عنوانه (دور المرأة في تحقيق التنمية المستدامة) وكان برعاية كريمة من صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود سنة 1440هـ.
انتهت بمرحلة االحتضان لمدة ستة أشهر، وقدم الدعم والتمكين لـ ١٤رائدة أعمال، شاركن في أكثر من ستين دورة تدريبية و١٥ لقا ًء إلهاميا ،وأكثر من ١٥جلسة استشارية وت ــم تنفيذ أكــثــر مــن ١٢دراســــة جــدوى اقتصادية ونــمــاذج أعــمــال ،وبــذلــك أسهم المركز ببناء الحلم على أرض الواقع ،وإبراز هذه المشاريع النسائية إلى أرض الواقع، ليحلّق بالمرأة السعودية في سماء الريادة قدر ًة ومهار ًة وتمكينًا. وقــالــت الــســديــري :إن الــمــشــاركــات في حاضنة رياديات المركز أكدن قدرتهن على االعتماد على أنفسهن في تحقيق العيش الــكــريــم ،واإلس ــه ــام فــي تشغيل أخــريــات غيرهنَّ ؛ وهــو من األهــداف التنموية التي يسعى هذا الوطن الغالي لتحقيقها.
وقالت السديري إن رعاية سمو األميرة ن ــورة لحفل تخريج حاضنة ريــاديــات هو تأكيد الهتمام سموها الكريم بدعم المرأة وتشجيعها لتضطلع بــدورهــا التنموي في اإلس ــه ــام فــي بــنــاء الــوطــن وتــقــدمــه ،في مختلف المجاالت االجتماعية واالقتصادية وأكــــدت أ .د .مــشــاعــل الــســديــري أن والثقافية. نجاح هؤالء الفتيات الخريجات في إقامة وأضـــافـــت؛ إنـــه عــمــا ب ــأه ــداف رؤي ــة مشاريعهن اإلنتاجية الخاصة ،يؤكد تحقق المملكة ٢٠٣٠والــتــي مــن أبــرزهــا تمكين الهدف المنشود من حاضنة رياديات المركز، المرأة ،في ريادة األعمال بهدف رفع مكانة وأنهم فــخــورون بما أنجزته هــؤالء النساء المرأة ودعم نسبة مشاركتها في المجاالت اللواتي أثبت َن ألنفسهن ولآلخرين عدم وجود االجتماعية واالقتصادية ،فقد أطلق مركز أمر مستحيل ،وأنه بالعزيمة واإلصرار يمكن عبدالرحمن السديري الثقافي في منطقة لهن تحقيق أحالمهن. الجوف ومحافظة الغاط حاضنة رياديات وأشـــــارت إلـــى أن مــركــز عــبــدالــرحــمــن لتفعيل دور المرأة في مجال ريادة األعمال ،السديري الثقافي منذ تأسيسه أولى المرأة وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة ،اهتمامه ،وأنشأ مكتبة نسائية عامة بالجوف وتقديم الدعم للنساء من سن ١٨عامًا فما كانت األولى تأسيسً ا على مستوى المملكة، فــوق ،الالتي يبحثن عن إنشاء مشروعات ووف ــر لها الــدعــم المطلوب لتقوم بتنفيذ ريــاديــة ،وبــدأ البرنامج على عــدة مراحل األنشطة الثقافية والتدريبية والمجتمعية،
١٤السديري الثقافي عبدالرحمن رياديات حاضنة مركزالملحم منيرة منتدى
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
29
والــقــيــام بــدورهــا الطبيعي فــي المجاالت وتشرف كذلك على حاضنة رياديات المركز الثقافية والتنموية .وقد أدت دورها المؤثر في الغاط، والمنسجم مع رؤية المملكة .2030 كما أطلقت جائزة للتفوق العلمي للطالبات، وأكدت السديري أن المركز سيظل يسهم استفاد منها عديد من الطالبات المتفوقات فــي بناء تنمية ثقافية مجتمعية بمشاركة إلكمال دراستهن الجامعية. بنات المجتمع المحلي ،ويعقد الشراكات وقدمت د .مزنة النفيعي مديرة شركة المجتمعية ،والريادية مع الجهات الحكومية رياديات كلمة قالت فيها :إن تأسيس شركة واألهــلــيــة الــتــي تعمل فــي المجال الثقافي رياديات كان هدفها خدمة جميع النساء في واالجتماعي ،لتحقيق أهداف المركز التنموية جميع مناطق ومحافظات المملكة ،كما تعمل ورسالته الثقافية ،واستمراره بتبنّي مبادرات تسهم فــي تمكين الــمــرأة وتحفيزها على رياديات على اإلسهام في رفع مؤشرات قطاع المشاركة في العمل االجتماعي والثقافي األعمال وتطويرها. واالقتصادي من خالل مبادراته العديدة. وأضــافــت النفيعي أن المملكة حققت وقد عُرف عن الوالدة منيرة بنت محمد إنجازات كبيرة في مجال ريادة األعمال؛ إذ الملحم حــرم معالي األمــيــر عبدالرحمن حققت المركز األول بحسب تقرير المرصد السديري يرحمهما اهلل ،اهتمامها بتحفيز العالمي لريادة األعمال ،وفي مؤشر سهولة المرأة وتشجيعها على المشاركة الثقافية البدء في األعمال بعد أن كانت في المركز ،22 والمجتمعية؛ فقد ب ــادرت بوقف جــزءٍ من وذلك بفضل ما تقدمه حكومة خادم الحرمين مالها الخاص إلنشاء مكتبة عامة للنساء في الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي محافظة الغاط سنة 1425هـــ ،أطلق عليها عــهــده األمــيــر محمد بــن سلمان حفظهما اسم «مكتبة منيرة الملحم» تقوم باألنشطة اهلل ،من خدمات وتسهيالت لرواد األعمال الثقافية والمجتمعية لــلــمــرأة فــي الــغــاط ،ورائداته ،وإتاحة الفرصة للجميع.
حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
واحد من إسهاماته في تمكين المرأة
مكتبة منيرة بنت محمد الملحم
30
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
الثقافي منيرةالسديري عبدالرحمن حاضنة رياديات مركز الملحم ١٤ منتدى
برعاية صاحبة السمو األميرة
نورة بنت محمد آل سعود
خريجات حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
ابتهاج مداهلل قابل الشراري
عائشة عبداهلل هديب الميموني
أبرار خليل إبراهيم البراهيم
عبير فهد هالل الرويلي
أميرة عشيان سليمان الرويلي
هاجر عبداهلل هديب الميموني
جواهر أحمد عبداهلل الحمدان
مريم أسعد أحمد المعيقل
دالل فهد سليم الفراس
وسمية العازمي
شيخة سعد هديب السكيك خريجات أكاديمية رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
مرام عبدالمحسن الشمري
الـــراعــي الرسمي
نورة هليل العازمي
وأشــــارت إل ــى دور مــركــز عبدالرحمن سعودية ،لتعزيز هوية المملكة في إنشاء السديري الثقافي فــي تفعيل دور المرأة مشاريع ثقافية تخدم رؤية المملكة ،2030 ودعــمــهــا فــي منطقة الــجــوف ،ومحافظة والتركيز على المزايا التنافسية الخاصة الغاط في مجال ريــادة األعمال ،وتأسيس في كل منطقة من مناطق الوطن ،متمنية أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ،وتقديم تكون هذه المشاريع نقطة االنطالق لمشاريع الــدعــم للنساء الــاتــي يبحثن عــن إنشاء رياديات لتحقيق المزيد من التألق والتميز مشروعات ريادية بما بتوافق مع مهاراتهن والــوصــول إلــى أعلى مستويات النجاح في وقــدراتــهــن للمساهمة فــي نــمــو وتــطــويــر مسيرتهم الريادية. محافظاتهن ومــنــاطــقــهــن تحقيقا لــرؤيــة وفي نهاية الحفل ،وزعت صاحبة السمو المملكة .2030 وأك ـ ــدت الــنــفــيــعــي أن الــمــشــاريــع الــتــي األميرة نورة بنت محمد آل سعود الشهادات احتضنها مــركــز عــبــدالــرحــمــن الــســديــري عــلــى خــريــجــات حــاضــنــة ري ــادي ــات مركز الثقافي مــن مختلف الــمــجــاالت الــريــاديــة عبدالرحمن السديري الثقافي وعددهن 13 تسهم في تنمية سوق العمل بأيدي نسائية خريجة.
١٤السديري الثقافي عبدالرحمن رياديات حاضنة مركزالملحم منيرة منتدى
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
31
الكتب لعتبات الرؤي ُة البصري ُة ِ ِ
(األغلفة)
اللغة البصرية هي األداة األقوى واألكثر فاعلية واحترافً ا في جذب المتلقي؛ فالكلمة مسموعة ،واللون مبصور ،والبصر مالك الحواس جميعها ،لذلك تعد الفنون الجميلة هي أحــد أنــواع الفنون التي تعكس منظور الجمال ع ــادةً ،دون شــرط االلـتــزام بــالــواقــع ،إذ تـنــدرج تحتها فـنــون :الــرســم ،والنحت ،والمطبوعات والصور؛ كما تقع الفنون الجميلة جنبًا إلى جنب مع الفنون الزخرفيّة والهندسة المعماريّة ضمن مصطلح الفنون البصريّة. فالغالف رمز من رموز الفن ،واإلبداع فيه ميزة تجعل الكتاب مميزً ا عن غيره؛ فخا بصر ّيًا للمتلقي ،يجذبه نحو الجمال الفكري. ومن هنا ،كان الغالف ّ فالكتاب والغالف وجهان لعملة واحدة ،هكذا يقول كل مصممي أغلفة الكتب، ســواء تلك التي تغازل عيون الصغار ،مثل كتاب عن «سندريلال» ،أو التي ترسم لوحة الجمال بأكمله ،جميعها تطل من وراء الواجهة الزجاجية للمكتبة ،تتسع أمامها عيون الصغار ،وتنتهي بهم إلــى شــراء مجموعة من الكتب؛ واألمــر ذاته يحدث مع الكبار ،أثناء التجوال في المكتبات أو في معارض الكتب. ففن تصميم الغالف يلوح لكل القراء بشراء الكتب ،إنه اختزال ملون يعكس طويل نتأمل الكتب. ً مضمون الكتاب ،فهو الثقافة البصرية التي تجعلنا نقف أسئلة كثيرة تــدور وتـ ِّلــح فــي عقل الـقــراء حــول أغلفة الكتب ،عــامــات استفهام عديدة تنتظر اإلجابات..
32
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
أغلف ُة كتبي
السيميائي التشكيلي تجرب ٌة في المنظور ّ ّ ■ محمد صابر عبيد*
شغلتني قضيّة تصميم الغالف منذ أوّل كتاب نشرته؛ على الرغم من أنّني في بدايات هذا التدخل بذلك لدى دور النشر ،فبعض هذه الدور ّ النشر لم يكن بوسعي على نحو تفصيليّ تتحكّ م بأعمال التصميم وإجراءاتها بما يناسب فلسفتها ،ويستجيب لرؤيتها التسويقيّة؛ أوجه مصمّ م أتدخل كثيرً ا في ذلك على أنحاء مختلفة؛ منها أنّني ّ صرت ّ ُ لكنّني فيما بعد الدار نحو مالحظات على شكل الغالف ،وتفصيالته ،وألوانه ،ونوع الخط ،وتوزيع المفردات أشترك في تصميم الغالف مع أحد المصمّ مين من أصدقائي وأرسل ُ على سطح الغالف ،أو كامل إلى دار النشر طالبًا اعتماده تمامً ا وكل ّيًا ،وحين يكون للدار مصمّ م محترف الغالف ً غالبًا ما أفوّضه بوضع التصميم الذي يراه ثقةً بإمكاناته التشكيليّة والسيميائيّة؛ بعد االطالع والموافقة عليه في آخر مرحلة من مراحل إنتاج الكتاب. يسهم الغالف األوّل بجذب القارئ وإغرائه الكتاب واســم المؤلّف والتفاصيل األخرى باقتناء الكتاب حين تبرز لمسات المصمّم الــتــي ال بـ ـ ّد مــن وضــعــهــا؛ ف ـ ّثــمــة سياسة القادرة على تقديم رؤيــة ضمنيّة لموضوع تشكيليّة لتوزيع الوحدات التشكيليّة واأللوان والكلمات والفراغات؛ الـــكـــتـــاب وأطـ ــروحـ ــتـ ــه، وتــرتــيــبــهــا عــلــى نحو واألمـ ــر بالتأكيد يحتاج م ــت ــك ــام ــل كـ ــي تــصــل إلى موهبة وخبرة وثقافة اللوحة "الغالفيّة" إلى وحساسيّة نوعيّة تجعل السيرورة المطلوبة. الــمــصــمّــم قـــــــادرًا على توظيف ذلــك كـلّــه ليصل إل ــى "الــغــاف الجميل".
وجمال الغالف ال يتوقّف على الحضور التشكيليّ
الــضــارب فــي تشكيليّته؛
لمسة ٍ بــل يحتاج حــضــو َر ـاص ـ ٍـة تــتــاءم وعــنــوان خـ ّ
محور خاص
ت ـ ــحـ ـ ـوّل ـ ــت عــتــبــة الـــغـــاف الـــيـــوم إلــى عــتــبــة "خــــارجــــيّــــة"، قابلة للدرس النقديّ حـــيـــن تـــرتـــقـــي إلـــى مرتبة جماليّة تتالءم م ــع م ــوض ــوع الــكــتــاب 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
33
وفلسفته ،ألنّ المصمّم الــنــاجــح هــو من التشكيلـ-سيميائيّة القصوى للكتاب وال بديل قــرأ الكتاب ج ّيدًا وبــرع في وضــع تصميم لها ،إذ إنّ نشر الكتاب أكثر من نشرةٍ يقتضي حـ ٍـاو لتجربة الكتاب ،على مستوى جنس تغيير الغالف بين نشرة وأخرى ،وربّما تُطبع
الكتاب وهُويّته وحجمه وخطابه وموضوعه بعض الكتب أكثر من عشر طبعات ،بالمعنى وفضاء تداوله وغيرها؛ فللكتاب الشعريّ الذي يحتاج فيه إلى عشرة أغلفة ،يختلف ك ّل خاصة ،كما للكتاب القصصيّ ،غالف منها عن اآلخر بحسب طبيعة الرؤية ّ استراتيجيّة أو الــروائــيّ ،أو الــنــقــدي ّ ،أو الفلسفيّ ،أو التشكيليّة الفنيّة التي تحضر لدى المصمّم الفكريّ ،أو الثقافيّ العام ،أو غير ذلك؛ بما لحظة التصميم ،وقد يطّ لع المصمّم على
أصــا كي ً يستلزم وعيًا استثنائ ّيًا لدى المصمّم حين األغلفة السابقة وقــد ال يطّ لع يخوض تجربة التصميم ،كي يصل إلى مرتبة يكون تصميمه مبتكرًا وغير خاضع لضغوط
عليا تجيب عن أسئلة التشكيل والداللة معًا ،مسبقة ،لكنّ حصيلة التصميمات المختلفة وبما يجعل الغالف قــادرًا على تمثيل روح لكتاب واحد يمكن أن تخضع لدراسة تكشف التجربة الكتابيّة جماليًا على طريق وضع عــن جــوهــر التشكيل فــي هــذه الممارسة الخاصة. ّ الجماليّة الكتاب في أجمل حُ لّة بين يدَي القارئ. ال يمكن معاينة الغالف بوصفه الرؤية
تحضر في عملية تصميم الكتب شبكة من
العناصر المكوّنة للرؤية التصميميّة؛ منها: المزاج ،والمعرفة ،والخبرة ،والحساسيّة،
والبحث ،واألدوات التشكيليّة الضروريّة؛
وينبغي أن تعمل كلّها بإرادة جماليّة واحدة
ومشتركة للحصول على فضاء مثاليّ يُنجَ ز
فيه التصميم ،ويكون مقنعًا ألطراف العمليّة اإلخــراج ـ ّيــة والتنسيقيّة والــتــداول ـ ّيــة؛ من المصمّم إلى الكاتب إلى القارئ ،فالتصميم
الــجـ ّيــد للكتاب يــحــوز على عناية الــق ـرّاء ويدفعهم باتجاه تناوله والتفاعل معه وتداوله
على صعيد الحيازة والقراءة معًا ،والتعامل مع الغالف بوصفه مفتاحً ا تشكيل ّيًا سيميائ ّيًا
يساعد في تداول أفكار الكتاب وأطروحته
وفلسفته ومقولته.
34
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
تنوّعت كتبي المنشورة بين الكتب النقديّة؛
في نقد الشعر ،ونقد السرد ،ونقد السيرة، والكتب الشعريّة التي ضمّت مجموعاتي
الشعريّة ،والكتب السرديّة ،وقــد تضمّنت مجموعة من سرديّاتي التي اصطل ُح عليها فضل على كتب أخــرى صدرت ً "رســائــل"،
بأجزاء مثل "حقيبة الــرؤى" بأربعة أجزاء،
أيضا وض ّم و"رائحة المعنى" في أربعة أجزاء ً مجموعة كبيرة من مقاالتي ،ورواية عنوانها "خــطــأ مــقــصــود" ،وح ــوارات ــي الــتــي نشرت
في ثالثة أجــزاء بعنوان "نوافذ العترافات الضوء" ،وغيرها ،وكنت أحرص على التدخّ ل
خاص ّ في أغلفة الكتب اإلبداعيّة على نحو
ألنّها تمثّل هويّتي اإلبداعيّة واإلنسانيّة،
وغالبًا ما كنت ال أحبّذ نشر صــوري على في التصميم ،ألنّ دار النشر قد تعتمد على أغلفة كتبي؛ بــل أفـ ّ ـضــل عليها تمثيالت مصمّم عادي يضع تصميمًا للغالف من دون
تشكيليّة إشــار ّيــة ،تثري الجانب الــرمــزيّ ،أن يقرأه بعناية ،إذ قد يكتفي بالعنوان العام وتغني فضاء االحتمال في لوحة الغالف! كي يصمّم غالفه على هذا األساس فقط، استأثرت قضية العتبات بعناية الدرس عندها ال يصلح مثل هذا الغالف للقراءة يخص تجربة المؤلّف ّ الــنــقــديّ الحديث على نحو كبير وواســع ،النقديّة المعنيّة بك ّل ما بحيث تحوّلت إلــى قضيّة نقديّة مركزيّة فــي كــتــابــه؛ ل ــذا ،يمكن أن تــأتــي تــأويــات
تقريبًا ،وكانت عتبة الغالف إحدى العتبات القراءة النقديّة على قدر كبير من التمحّ ل التي أتــى عليها هــذا ال ــدرس فــي مفاصل واالفتراض ،ال تحمل أيّ مرجعيّة سيميائيّة ـص الكتاب وتستجيب لمتطلّباته تخص نـ ّ ّ كثيرة ،اختبرت فيها آليّاتُ النقد هذه العتب َة
وفحصتها ج ّيدًا ،غير أنّ هذه العتبة من بين الدالليّة. العتبات األخرى الموازية هي األكثر التباسً ا
تحتاج فعاليّة تصميم الكتاب إلى وعي
على هــذا الصعيد ،فثمّة محاذير عديدة وخــبــرة ورغــبــة ومعرفة تحتشد فــي سياق من قراءة الغالف نقد ّيًا؛ وال سيّما حين ال واحــد ومنظور مشترك لبلوغ الحساسيّة يكون لمؤلّف الكتاب الدور المحوريّ األبرز التشكيليّة المطلوبة ،وال بـ ّد من اإلحاطة
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
35
الشاملة بقضيّة التسويق وهي تكشف عن ذوق التلقّي التصميميّ للغالف لدى مجتمع صلب القراءة ،على النحو الذي يندرج في ُ فضاء الحداثة ،أو ما بعدها ،بما يضمن القدرة على جلب انتباه القارئ وحثّه على الربط بين عتبة الغالف والعتبات األخرى، ومن ث ّم ربط ذلك كلّه بتجربة الكتاب وقضيّته ومقصديّته والــهــدف االستراتيجيّ من وراء فعاليّة التأليف. يــمــكــن أن تــكــون الخبرة الميدانيّة في عامل ً مجال التصميم نوعيًا شديد األهميّة فـــي إدارة الــعــمــل ـ ّيــة التصميميّة للكتاب، ألنّ حساسيّة التصميم تتطوّر وتتهذّب وتنمو وتــتــضــاعــف قيمتها التشكيليّة بــوســاطــة تراكم الخبرة ووعيها ومستوى تحديثها ،وال ب ّد في هذا السياق من العناية بعلم نفس التلقّي التشكيليّ لغالف الكتاب بوصفه العامل الحاسم المهم في استقبال لوحة الــغــاف ،وهــي تختبر ذوق القارئ في فهم المقولة السيميائيّة التي تنطوي عليها هذه اللوحة وقدرتها على تمثيل
أيضا من أخذ عتبة أطروحة الكتاب ،وال ب ّد ً الغالف بنظر االعتبار وعدم عبورها بسهولة ألجــل أن تغتني أدوات الــقــراءة بمنظورها التشكيليّ الخصب ،ومن ث ّم تسخيرها على نحو مــا لتقريب الــجـ ّو الــفــكــريّ والثقافيّ ٍ واإلبداعيّ العام للنص من ذهنيّة التلقّي. تنتهي عتبة الغالف عــاد ًة إلى رؤيــة قد تكون النسخة األولــى مــــــن نــــســــخ قــــــــراءة الكتاب؛ ألنّ التصميم يأتي استجابة جماليّة لمحتوى الكتاب وما تــتــشــظّ ــى داخ ــل ــه من ـان ودالالت وقيم، مــعـ ٍ ع ــل ــى ال ــن ــح ــو الـ ــذي يحقّق الصلة الوثيقة المطلوبة بين أطراف الــعــمــل ـ ّيــة اإلنــتــاج ـ ّيــة لــلــكــتــاب وعــنــاصــرهــا التشكيليّة الداخليّة والــخــارج ـ ّيــة ،وهــو ما يصبّ أخيرًا في مرجل الــقــراءة لتصل إلــى مقاصدها وأهدافها بأكثر النتائج صحّ ة ونجاحً ا وفائدةً ،بحيث ال يكتفي الكتاب بتقديم المعرفة بأنواعها المعروفة كلّها؛ بل يحقّق ذلــك بحساسيّة جماليّة تُطرّي فعاليّة القراءة وتطوّر أدائها الفنيّ العام.
* كاتب -العراق.
36
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
ُ البصري اإلدراك ُّ ُ اإلبداعي في التصميم والتشابك ُّ ■ طالل معال*
في تصميم الكتب وأغلفتها يلتقي الفن بمضمون النصوص التي يحتوي عليها الكتاب، إنه مفهوم كان سائدً ا وما يزال مستمرً ا؛ لهذا فإن أول ما يخطر على ذهن المصمم هو كسر النمط أو الصورة التي يمكن أن تعطي للمشاهد إمكانية الخروج عن المضمون المقترح. وهو ما يجعل الخطوط واأللــوان التي نراها عــادة في أي غالف تعكس ما هو مفقود في تصورنا لمحتوى أي كتاب. يتأثر هذا بالمواد والخامات التي يقترحها بوصفها وسيطً ا بصريًا الفنان المصمم ،وكل ما يستلزمه األمــر من بين المؤلف والقارئ. تقنيات مبتكرة إلعادة إنتاج المحتوى بصريًا، إن محاولة رفــع حال وبما يتوافق والبصر ،فمع الــثــورة الرقمية أي شكل لكتاب من الرؤية أضحت قضايا التصميم وتحويل األفكار إلى العابرة إلى الرؤية الفنية واقع وحقائق جمالية إنما يحتاج للكثير من التي تكرم الفن والجمال التركيز كي يبقى المنتج على ارتباط ذاكراتي أول ،والمعايير الثقافية ً بمختلف الجماليات التي تتوافق بالفعل مع المتمثلة بالعواطف التي العديد من السياقات ،وعلى رأسها السياق يــمــكــن أن يــثــيــرهــا أي االجتماعي لقبول المحتوى اإلبداعي للتصميم غالف قادر على التعبير المقصود. عــن ذاتـــه وذات الفنان ال شك أن أي تصور لجماليات األغلفة سوا ًء كانت لكتب أم لسواها من المنشورات، ال بد لها أن تقارب فيما بين الطبيعة الذهنية والنفسية واإلدراكــيــة ،وانعكاس كل ذلك في الهيكل العام البصري ،المتمثل في الدوافع التي تؤدي لتصور محدد .فالعملية الجمالية لــيــســت فــقــط ف ــي م ــا يــظــهــر مــبــاشــرة من التصميم ،وإنما في الخفيّ والكامن وراء هذا الغطاء من ثقافة وخبرات يتم تنفيذها إلعادة صياغة المعاني الثقافية لألغلفة والمنشورات
محور خاص
المصمم بالدرجة األولى، وعــن الغرض البحثي أو التأليفي للنصوص ثانيًا، وبشكل يتجانس في وعي الــمــشــاهــد المستهلك، ويحفز لديه قبول ما يتم الغمز به لجهة التخصص المقصود إدراكه ،لمعرفة إن ك ــان الــكــتــاب ينتمي لفئة أو نوع أو منطقة ،أو 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
37
إن كان لمسار تاريخي أو فلسفي أو أدبي أو علمي ،إلى ما هنالك من تنوّع ثقافيّ وفكريّ . كما أن لدور النشر الدور البارز في االهتمام بالجوانب الجمالية التي تبرز دعمها وتصورها لمجموعة هائلة مــن المنشورات تكون لها هيكليتها الخاصة بحسب النوعية التي تنتجها على سبيل المثال ،إذ يتم اقــتــراح تصورات محددة تكون أكثر جذبًا لإلصدارات المتعلقة بالفنون وفلسفتها ،أو تلك ذات الصلة بالروايات أو ما هو ذو صلة بالعلوم .فبعضهم يفضل الرسوم التوضيحية المباشرة على األغلفة، فيما يميل آخـ ــرون لــأســطــح والــمــســاحــات الــتــجــريــديــة ،أو لــلــصــور الــفــوتــوغــرافــيــة أو للكتابات التوضيحية والجماليات الخطوطية، وأحيانًا التوليف فيما بينها مجتمعة ،وسوى ذلك مما يتم تقديره بالتفاهم عادة بين دور النشر والمؤلفين والمصممين الذين يكون عليهم تجسيد الحكاية كاملة ،وبشكل مثير لالهتمام ويحقق بالفعل معايير التوسط بين النص والعالمة البصرية.
38
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
إن حـ َّل المسائل البصرية في التصاميم الغرافيكية مرتبط بالقدرة على ح َّل العديد من التشابكات اإلبداعية واالحتياجات التجارية وما يربطها بالهوية التصميمية ،وبما يجعل المصمم الناجح يلعب أدوارًا مختلفة ،فهو مصمم ورسام وخطاط وملم بعلم النفس وعلم االجتماع والفوتوغراف واأليقونات ،إضاف ًة إلى أن يكون قارئًا ومحررًا أحيانًا كي يحقق التصميم بإيقاع بالغ الدقة. ال تمضي الــحــكــايــة ،إذًا ،دون مــا يمكن دعوته االجتماعات التحريرية التي تعتمد على العصف الذهني بين األطــراف المعنية لتوضيح بعض المفاهيم التي تقود إلى الحبكة األولــيــة التي سيكون على الفنان المصمم توضيحها بغاية الكثافة ،والفرز بين التصورات المعنية بالنوع اإلبــداعــي ،كالسينما والفن والفوتوغراف واألزياء واآلداب وألعاب الفيديو والكاريكاتير ،والكثير الكثير ممن تكون له الــقــدرة على التعامل معه لمواجهة جمالية بالدرجة األولــى ،وهو ما يمكن عـدّه النظام
محور خاص
المرئي والثقافي الذي يتحقق عبره الغالف أو التصميم المنشود. هناك مجموعات كتب تعتمد في تصميمها على اللقطة الــواحــدة مــع اخــتــاف األل ــوان والــعــنــاويــن ،وهــنــاك المجموعات المتنوعة التي تعتمد لقطات مختلفة بحسب المضمون وفكر الناشر والسوق والتداول والمجاورات في حالة المجموعات المتكاملة ،والسالسل، ومراعاة الحقوق في حال استخدام الصور الفوتوغرافية واللوحات الفنية المحفوظة الحقوق ،كل ذلــك يشكل مجموعة متناغمة وخفيّة لتحقيق الــغــاف المالئم للتحوالت الجمالية في التصميم المعاصر. يمكن القول بصورة عامة إن هذا المجال مفتوح على الحرية التي يتمتع بها الفنان المصمم في قراءاته الشكل النهائي للتصميم الــذي ال تحكمه قواعد محددة للوصول إلى المشروع النهائي الذي يمكن أن يتحقق دون عناء منذ البداية ،ويمكن أن يحتاج للعديد من المحاوالت كي يحقق اإلقــنــاع الجمالي المرغوب ،والــذي يخضع غالبًا لالتفاقيات األولية بين األطــراف المعنية ،للوصول إلى الصورة الصحيحة لغالف الكتاب أو المنشور المطلوب ،الذي يروي حكاية بالغة األهمية على المستويين الفني والتصميمي ،يمكنها أن تروي طريقة االتصال بالجمهور المستهدف ،والتي ال تتأثر إال عبر الكثير من الجهد والعمل ،كونها هي الهدف النهائي الذي يسعى إليه الناشر. فقد يلجأ بعض الناشرين إلى التدخل واقتراح مــســارات أخ ــرى لتصاميم مطبوعاتهم إثر اقتراح بعضها ،وسيكون على الفنان المصمم إما إقناعهم بوجهة نظره ،وإما استيعاب وجهة نظرهم واقتراح مسار بديل يحقق تلك الرغبة
محور خاص
ال ــت ــي تــرتــبــط غالبًا باالحتياج للتفرد والتميز وان ـ ـ ــت ـ ـ ــظ ـ ـ ــار الكيفية التي ســيــبــدو عليها الـ ــغـ ــاف إث ــر طـــــبـــــاعـــــتـــــه ووضــــــــــعــــــــــه بـ ـ ــيـ ـ ــن يـ ـ ــدي الــمــســتــهــلــك، وم ــا يمكن أن ي ــح ــق ــق ــه مــن ردود أف ــع ــال ال تــتــلــخــص بعبارة أحــب أو ال أحــب ،كونها أحكام غير كافية إلقناع المصمم الغرافيكي بأن منتجه الجمالي والعملي قــد حقق الــشــروط التي وضعها للوصول إلى الحلول التي يمكنها أن تحقق االنتقادات البناءة التي تحسن النتائج اإلبداعية. لقد عملت في مراحل معينة من تجربتي الفنية في تصميم المنشورات وأغلفة الكتب بأنواعها والبوسترات وسواها ،وأنجزت ما يزيد عن الخمسين غالفًا في زمــن لم تكن البرامج التصميمية اإللكترونية المعمول بها اليوم قد أضحت في مجاالت التداول ،وكنت ألجأ كغيري إلــى الرسم أو القص واللصق اليدوي ،وباألحجام والمساحات المطابقة ،وال شكَّ أنه قد صادفتني الكثير من المعوقات، واستمعت إلى الكثير من االنتقادات السلبية واإليــجــابــيــة ،وم ــع ذل ــك يمكن أن أق ــول إن معاناة المصممين في الربع األخير من العام المنصرم على أقــل تقدير تختلف كليًا عن 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
39
معاناتهم اليوم ،فقد أصبحت أغلب إنجازاتهم مــرتــبــطــة بــالــعــوالــم الــحــوســبــيــة ،والــبــرامــج التصميمية المتنوعة بالغة الدقة؛ التي سهلت الكثير من امتالك التقنيات في الوصول إلى تحقيق األفكار االبداعية بغاية الدقة .مع ذلك ال بــد مــن الــقــول إن األفــكــار البشرية بقيت واحدة؛ فالقدرة الغرافيكية والجمالية واحدة فــي التصور الــعــام للموضوعات المقصودة والمطلوبة ،واإللهام الكامن خلف هذا التصور يحقق مــا يــدعــى النمط الــمــرئــي للصياغة العامة التي تنتج المنشورات واألغلفة التي تهتم بمختلف مجاالت الثقافة وتقدمها كل مرة بأشكال جديدة ومبتكرة. اليوم يمكن تكرار القول بــأن كل ما كان يحكم عملي التصميمي في هذا المجال وباقي المجاالت المتصلة بأغلفة الكتب واإلعــان عنها والمجالت والبوسترات والبروشورات الفنية وسواها ،هو المزاج اإلبداعي الفني، والذي أعتبره الماسح االبتكاري الذي يجعلني
أستحضر الــصــور والــرســومــات والخطوط واأللـ ــوان والــمــوضــوعــات دفعة واحـــدة ،دون االهتمام بوسائل التنفيذ المقترحة وتقنياتها؛ ما يوحي بالنبرة اإلبداعية التي أقصدها، والتي كنت أستعيدها كل مرة من الصفر مع كل مواجهة جمالية ،لتحقيق عمل جديد دون أن يكون هناك مجال للملل أو التكرار أو ولع الوقوع واالرتــهــان ألسلوب محدد؛ فالقضية برمتها كانت في هــذا المجال هي الكيفية التي تدعو لحل االحتياج الجمالي وبلوغ حالة التوازن التي تجمع المفردات دون المخاطرة بتجاوز القيم التصميمية والتصميم كمهنة كانت في مسارها التاريخي بتطور مضطرد يجعلها تتفوق على نفسها نظرًا لتداخل الكثير من األمور التكنولوجية واإلعالمية واإلعالنية، وتطور مختلف وسائل النشر المرتبطة بتطور إمكانات الطباعة ومــذاهــب التصميم التي القت دعمها األكبر في الدراسات الجامعية األكاديمية.
* باحث -سوريا.
40
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
الرؤي ُة البصري ُة والتعبيري ُة الفن الحديث في ِّ ■ خيري منذر*
عبر تاريخ الفن ،أكدت التعبيرية حضورها ،لكنه كان أكثر تنوعً ا مع نشوء الفن الحديث، هاجسا مع الرومانتيكية التي كاد االنفعال الداخلي ً بل يمكن القول إن التعبيرية شكلت فيها أن يمزق اإلطــار الواقعي للشكل .وقد ظهر هذا التوجه التعبيري لدى (أنسور) في أيضا ،فقد عبر عن الحالة االنفعالية المتّقدة عمله (األقنعة) ،ولدى الهولندي (فان كوخ) ً التي عكست موقفه وسخطه من العالم ،كما يظهر في جانبه التعبيري هذا لدى المدرسة أيضا ،في وجهها التعبيري الجريء وأسلوبها في بناء العالقات اللونية. الوحشية ً قدم (بيكاسو) ً أيضا حاالت تعبيرية مختلفة حتى اليوم. وخاصة بعد تأثره بالفن اإلفريقي ،ونرى ذلك والرمز هنا هو كل صيغة تشير إلى الشيء في عمله المرسوم (آنسات إفنيون) .وبعد بمدلوالته وتعبيراته وليس بــذاتــه ،وهــو ما بزوغ التجريد أخذت اتجاهات مختلفة منها: يستدعي التكثيف والــغــمــوض ،وهــو نشاط التجريد الهندسي -الغنائي -البنائي -الفن عال ،ألنه (إحدى إنساني يتصف بتطور ذهني ٍ الالشكلي ..إذ تضيق التعبيرية وتتسع داخل الوسائط اإلشارية التي يستخدمها اإلنسان أشكال التجريد المختلفة ،هذا االتساع نجده في عملية خلق الثقافة وفــي معرفة العالم لدى (هارتونغ -بيتبير -شنيدر) وال ننسى الموضوعي) التي يستخدمها الفنان في عمله األمريكي (بولوك). الفني ،وهي تشكل جسرًا لحالة التلقي. البُعد الرمزي في أغلفة الكتب التي تعد هناك حاجة للتعبير الرمزي لدى الفنان العتبات الرئيسة للمشاهد والمتلقي للكتاب، منذ الــعــهــود الــبــدائــيــة ،بشكل يــتــداخــل مع هي الفكرة العامة التي تندرج تحتها أساسات األبعاد الفنية المختلفة للوحة .ظهر في الفن أي دار نشر لتكون المحط األه ــم ضمن الحديث حالة إشارية مكثفة ،ألنها عكست محطات دور النشر عالميا؛ فقد بدأ حضور بشكل أو بآخر البعد الداخلي والنفسي للفنان البعد الرمزي في الوعي منذ محاولة اإلنسان وانفتحت على الالشعور واألحالم ،ولم تعتمد فهم المحيط .وقد تواشج الرمز مع الفن منذ بالضرورة على رمز معروف في الوعي. رسوم الحيوانات على جدران الكهوف وحتى إن تأكيد ذات الفنان في اللوحة هو الذي الفن الحديث ،إال إنه في الحداثة الفنية تبلور باتجاه فني؛ إذ ظل الرمز جــزءًا من اللوحة أكسبها تنوعً ا ،إذ عُرف ما نسميه بالطراز أو
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
41
األسلوب الــذي يخص كل فنان ،ومن خالله يشكل طــرقــه التشكيلية فــي الـتـعامل مع الموضوع ،األمــر الــذي أضفى تنوعً ا للبعد الرمزي ،وحضورًا نسبيًا له .ففي الوقت الذي يحاك مع الوسائل التعبيرية المختلفة نجده بحضور أكثر ٍ أحيانًا يطفو على سطح اللوحة من غيره؛ لذلك ،قد ال توجد حدود فاصلة، مثل بين البُعدين التعبيري والرمزي. ً
(روسيتي ،هويستلر ،جونز ،ريدون ،بوفي دي شــان ،جوستاف م ــورو) .وقــد أطلق األدبــاء والفنانون بيانهم األول الذي نشر عام 1886م في (لو فيجارو) معبرًا عن التوجه الجديد للفن في الرؤية البصرية من خالل االعتماد على الرمز ومدلوالته السيكولوجية .يكتب (جــان مورياس) في البيان الرمزي( :جميع المظاهر الملموسة إنما هي مجرد مظاهر محسوسة ،كــل مهمتها أن تبدي انتسابها الخفي لألفكار األولية).
إن تبعية مــا يــمــيــز الــرمــز فــي الــفــنــون البصرية عائدة لتجربة وقــــــــد أص ــب ــح ــت الفنان وذاكــرتــه الذهنية الــــلــــوحــــة م ــحــ ّم ــل ــة وال ــب ــص ــري ــة ،إذ يعمل بالرموز ،فلكل شيء، الفنان على خلق حاالت غالبًا ،حالة رمزية أو رم ــزي ــة لــيــســت مستقاة داللــيــة معينة ،س ــوا ًء بــالــضــرورة مــن م ــوروث مــن خ ــال ال ــل ــون ،أو الــوعــي الجمعي ،لكنها مــن خ ــال اســتــخــدام تكون أحيانًا متصلة به؛ رمــوز مختلفة ،لكنك وهذا ما يميز الفن اليوم ت ــش ــع ــر بــــــأن بــعــض عن الفنون القديمة ،التي أعمال الرمزيين تحمل غالبًا ما تعتمد على رموز ح ــسً ــا مــيــتــافــيــزيــقـ ًيــا متفق عليها ،وبخاصة يعكس البُعد الداخلي تــلــك الــتــي ج ــاءت ضمن والنفسي للفنان. األســاطــيــر والــديــانــات، ومـــن هــنــا ،نــعــرف كما نراه لدى السومريين أن الرمزية فــي الفن بــرمــز (الــثــور المجنّح)، الحديث تعكس تجاوزًا للفهم الظاهري للرمز والحضارات التي تلتها. ال ــذي تــجــدد ودخ ــل فــي صــيــرورة الحداثة المدرسة الرمزية بتجلياتها المختلفة منذ تشكل الفن الحديث، مع استمرار الرمزية في ما قبل الحداثة مرورًا بالتجريدية وحتى فنون ما بعد الحداثة. بتجلياتها المختلفة ،أخ ــذت شكل اتجاه واستنادًا إلى ذلك ،نرى أن أعمال (غوغان) يدعى (المدرسة الرمزية) ،والتي انتشرت تتسـم بطابع رمزي خاص دون االعتماد على بين عامي (1900-1880م) ،ومــن روادهــا مفردات محددة؛ إذ تتصف أعماله بحساسية
42
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
رمــزيــة يكتنفها الغموض والصمت ،تعكس التجريدية إلى ترميز الرمز أو تجريده من هذه الحساسية العوالم الداخلية لإلنسان ،مظاهره الخارجية ،ليأخذ الخط واللون دوره، ويصل (فان كوخ) إلى بعده التعبيري العميق وهو ما نجده في أعمال (كاندسكي). بــاتــخــاذ ال ــرم ــز أحــيــا ًنــا ث ــم ــة حـ ــديـ ــث عــن من خــال الــلــون .ونجد الروح الخفية لألشياء، ذلـــك الــتــمــازج م ــا بين ســوا ًء في الالشعور أو التعبيرية والرمزية لدى مــا نــجــده فــي الــواقــع (بيكاسو) بطرق تشكيلية الموضوعي ،إذ يمتلك مــخــتــلــفــة؛ فــفــي الــوقــت الـــــذي تـــــؤدي عــنــاصــر ك ــل شـ ــيء وجــهــيــن أو لوحته (الغرنيكا) دورها مـــظـــهـــريـــن؛ داخـــلـــي التعبيري (النساء ،الثور، وخــارجــي .حــاول الفن الــحــصــان ،الــمــصــبــاح) الـــحـــديـــث اك ــت ــش ــاف ت ــؤدي دورهـ ــا الــرمــزي؛ تلك الـــدالالت وأسهم فيشكل الحصان رم ـزًا بذلك الخيال واستلهام لـــألـــم والــــثــــور رمـ ـ ـزًا الــاشــعــور وفــضــاءاتــه للشجاعة. إلــى حــد (أن اإلنــســان ن ــج ــد ح ــال ــة أخـ ــرى ال ــذي يتعذر عليه أن لـــلـــرمـــزيـــة ف ـ ــي ال ــف ــن يتخيل حـصـانًا يعدو الحديث عند (شاغال) ،إذ عبرت أعماله عن استحضار ذاكرته الطفولية على قــرص بــنــدورة هو إنسان معتوه) .لقد عبر مفردات القرية وعناصرها المختلفة ،استطاعت السريالية اإلمساك إلى حد كبير وت ــط ــور ال ــرم ــز م ــع الــســريــالــيــة م ــن خــال بالدالالت والرموز الالشعورية والحلمية ،وفي تركيزهم على الالشعور واألحالم واستنطاق حالة التكثيف يصبح (األثر الذي تتركه زاوية هذه العوالم المحجوبة في العمل الواقعي ،حــادة من مثلث على دائــرة هو في الحقيقة ونجد تلك العوالم مستمدة من العقل الباطني طاغ وشديد) .إذًا ،يمكن القول إن االستخدام ٍ في أعمال (سلفادور دالي) و(ماكس أرنست) الــرمــزي فــي الــفــن الــحــديــث هــو بشكل من وباقي السرياليين ،إال إن الرمز أخذ حالة األش ــك ــال تعبير عــن تــلــك الــــروح الخفية تكثيفية مع التجريدية التي رأت في الرمزية لألشياء ،ومحاولة للدخول في ما وراء الواقع حواج َز إضافية تلتزم بالمدلوالت ،فانتقلت الموضوعي. * ناقد تشكيلي -مصر.
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
43
البصرية الصورة جمالي ُة ِ ِ ■ د.منصف الديكي*
في الــواقــع ،ثمّ ة غموض في الشكل ،وثمّ ة أسئلة كثيرة نصطدم بها في حــال تجاوزنا الرؤية التقليدية للواقع والشيء؛ ألن عيننا المعرفية معياريّة وليست عينًا إبداعية أحيانًا، وربما يعود ذلك إلى طبيعة المؤسس ،وعينه على تجربة تاريخية في المعرفة ،مبنية على والفكري المحض .هناك أشياء بصرية بديهية نعيشها ،لكنها في الحقيقة ّ العمل الذهنيّ أكثر من الشيء ذاته؛ بمعنى آخر ،هناك أشياء خارج حدود وعينا ،ربّما لم نفكر فيها بعد! ولو عدنا لألشياء البديهية ،مثل :الكرسيّ ،مثال بتعرجاتها والتقاء شرفاتها تعكس حاله السكين ،المسمار ،وأشياء أخــرى لها معنى انفعالية واجتماعية ما لساكنيها ،بل تعبّر عن في إطارها الوظيفي ،نتساءل ،كيف تشكّل منظومة من التفكير ،أل ّن المكان هو انعكاس
الكرسي مثال؟ ولماذا ال تكون الغرفة المربّعة لإلنسان ،والعكس صحيح .وفي عالقتنا مع دائرية؟ ثمّة قضايا عميقة وراء ما نفعله ،شيء األشياء وبنائها نضفي ذواتنا عليها ،وهذا يتخطى الوجود الفيزيائيّ والقياسيّ للشكل ،اإلضــفــاء ال ــذي نــتــركــه يحقّـق تــواصـ ًـا مع إذ (لك ّل شيء وجهان) .ولكي نتّصل مع الشكل اآلخرين بحيث يمكن أن يراك اآلخر من خالل
البصري ..ال بد من أن نعيد قــراءة الشكل ما تفعله ،وهذه الرؤية مختلفة من فرد آلخر وتحليله ،ونعيد تفكيكه .إن الفن الحديث تبعًا لمعرفته وتركيبته النفسية. برمته ليس سوى محاولة لمعرفة الشكل وبلوغ لذلك ،فــإن الجمال لألغلفة ،والبصرية الحقيقة مــن خــالــه؛ ألن هناك أثــرًا يتركه الشكل من خــال عالقاته الخطية واللونية المختلفة للغالف هي الحصانة التي تختفي والفراغية .وعلى سبيل المثال ،أٌجرِ يتْ تجارب وراءها الكلمات ،ونصل للشكل البصري الذي على الخط ،وأقصد خط الرسم ،فهناك خط يظل بنية مفتوحة االحتماالت ،يُقرأ من خالل قــاس ،وخط دافــئ ،وآخــر قلق ،الــخ .ومن ثَ َّم اللغة البصريّة ذاتها .وقد أدرك الفنّ الحديث
هناك أث ٌر يتركه المستطيل أو الطريق المتعرج ،هذه البنية؛ لذلك ،عمل على تحويل المحسوس وهــنــاك فــرق بين مــنــزل بُــنــيَ مــن اإلسمنت المادي وتغييره إلى محسوس إبداعي ،ولوال وآخــر من الطين .إ ّن أحياء دمشق القديمة ذلك ..ما معنى الرسم والتصوير .إن التحول
44
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
الــذي يجريه الفنّان هو المعنى ،وهــو عمل ما أن يجد هــذا التمثال ويصنع منه دراجــة على خلق معادل تشكيلي للغموض الكائن في نارية ،وذلك باستكمال عناصرها .ك ّل ذلك ال
الكون ،ربّما نجد ذلك من خالل سقوط ورقة يلغي األهمية الكبيرة لجهود فتره طويلة من
من شجره صفراء ،أو اختراق مثلّث لدائرة؛ النقل الحرفي للواقع .إن نحت (مايكل انجلو)
أيضا فالكنيسة التي يصورها فان كوخ يطبع عليها لتمثال موسى ،إبداع مهم يأخذ أهميته ً
أثره ،وانفعاالته ،فتأتي الكنيسة لديه محاطة في سياقه التاريخي ،لكنه في فترة الحداثة
بفراغ ثقيل ولون وكتلة توحي باالنهيار.
تــغـ ّيــرت الــرؤيــة البصرية للشكل ،ولــو كان
وبالسياق نفسه أراد بيكاسو أن يعبّر عن مايكل انجلو ح ّيًا لفعل ذلك ،وتجاوز الواقع بكاء المرأة بأكثر من الحالة الواقعية ،ونجد والمشخص ،وقــد تنبأ بذلك فــان كــوخ( :لو ذلك في لوحة (المرأة الباكية) ،وصوّر رينيه صوّر إنسان يحفر األرض فوتوغرافيا لجاء ماغريت بورتريه لتمثال على رأسه بقعة دم ،في النتيجة أنه ال يحفر).
كما صوّر (فرنسيس بيكون) تشوهات اإلنسان
إذًا ،أضحت األشــيــاء فــي فترة الحداثة
الداخلية ،من خالل صياغته لها من جديد غير واقعية ،لكنها واقعية من نوع آخــر ،من
وفق ما يراه الفنان .ثمّة إشارة لبيكاسو ذات حيث تجسيد الذات االنفعالية بغية رؤية ما ّاجة ٍ أهمية ،عندما جلب مقع َد ومقو َد در ٍ نارية ال يــرى ،فالمكان واإلنــســان قــد تغير شكله
ووضعهما فوق بعضهما ً بعضا ليأخذا شكل الواقعي ،فجسد المرأة أخذ تجليات تعبيرية
ثور ،وقد عبر حينها بيكاسو بأنّه يمكن ألحد عديدة ممتزجة بالخيال وتــصــورات بصرية
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
45
مختلفة ،ومن األهمية بمكان ،النظر إلى ذلك عن الوجود الواقعي للشكل ،وهذه هي القوة
باهتمام ٍ ٍ التحول في بنية الشكل بالغ ،أل ّن ذلك الروحية التي تنفخ في بوق اإلبداع.
لم يحقّق الحرية فقط ،إنّما أشار إلى البعد
إن العقل الرياضي قياسي ،وهو صحيح
الحقيقي لدى اإلنسان في حريته ،طفولته ،بالنسبة له ،لكنه ليس صحيحً ا بالنسبة لإلبداع وحتّى بدائيته ،وهذا األمر احتاج إلى تخطي الذي يرى ما ال يرى ،إ ّن التأسيس اليوناني المفهوم العقالني في الرؤية البصرية للشكل .للفن الذي جاء متواشجً ا مع النزعة العقلية، تـــجـــذّرت هـ ــذه الــعــقــانــيــة ف ــي الــحــيــاة استمر قرونًا عديدة .لم تحتج الحداثة سوى
االجتماعية األوروبية ،التي ليست سوى قناع زمن ضئيل ،لتحطم ك ّل هذا التاريخ ،وتستغني أراد الــفــنــان نــزعــه ليكشف تلك الطفولة .عنه؛ لذلك ،قال غوغان (ضعوا نصب أعينكم
وقليل العصريين) ،أمّا ً فالطفل يرسم المدرس والعصا بحجمه ،إذ الفرس والكمبودجيين
يرسم كما يرى ،ويعبّر عن الحقيقة الجوهرية مولر فيقول( :بكلمة واحدة أصبحت اللوحة الــتــي يعيشها ولــكــن عــبــر تحطيم النسب أقل واقعية بينما ازدادت شاعرية وغناء) .كان
الواقعية للشكل .وأهمية فنّ الطفل تكمن في هذا بمثابة العامل الحاسم في تشكل الحداثة
تحطيم هــذه النسب دون درايــة ،وبكثير من عبر مدارسها التي كانت ورشات عمل وبحث الصدق .وهكذا كان اإلنسان البدائي ،لم يفكر بصري لبلوغ الحقيقة عبر تحول بنيوي على
بصر ّيًا إال وفق رؤيته الذاتية ،بصرف النظر السطح التصويري. * كاتب -المغرب.
46
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
وج ُه الكتاب: ٌّ معا! فخ بصري يَأْسر ُ الناظر َ والقارئَ ً ٌّ ■ محمد العامري*
غالف الكتاب الفع َل البصري والجمالي الذي تصطدم به العين للوهلة األولى ،إذ ُ ُيعَدُّ يتم التفاعل معه كصورة جمالية بتكوينها وطبيعة العناصر الموجودة في الغالف ،ويسهم التصميم الذكي في جلب أكبر عدد من مقتني الكتب لتناوله وتصفحه في المرحلة األولى. فهو فعل تبادليّ بين المتلقي والنص البصري ،كتاب أكثر أناقة وجماال. وهو العتبة األولى التي تضرب العين بلذة خاطفة فالكتاب األنيق ال بد أن يسهم في شيوعه تتحرك فــي وج ــدان المتلقي لتحسس الكتاب وانــتــشــاره ،ويصبح سلعة جمالية مستساغة، والتفاعل معه ،مجسّ دا من الــورق المنتظم في بكونه جاذبًا لالنتباه لدى المشاهد ،فهو الكنز سياق إيقاعي معين ،كدعوة للدخول إلــى عالم الموصد الــذي يدعونا لفتحه وتصفحه ،كفاتح النص الداخلي ،أو المحتوى .فالغالف عتبة مهمة لشهية القاريء على تناوله والتعامل معه بغبطة تفضي بنا إلى الداخل ،فهي بمثابة المفتاح األول فريدة ،كشيفرة بصرية تحمل في ثناياها الغموض في التعاضد بين داللة الفعل البصري والعنونة، واألس ــرار وأشــكــال وعناصر تتكامل في لحظة فحال الغالف كحال باب البيت الذي يدلنا على ما لتعطي المشاهد صــورة مغرية للكشف عن طبيعة دواخــلــه ،فمن الممكن أن نغتبط بعتبة محتواه. الكتاب ونقتنيه بصرف النظر عن المحتوى؛ فهو فــغــاف الــكــتــاب ب ــرزخ تتعاضد فيه الفكرة يثير إعجابنا لنمتلكه ،تماما كأي سلعة وقد غلّفت برونق معين يغري المقتني أن يقبض عليها لتصبح المبدعة في التصميم والتسليع في آن واحد ،كعتبة جزءًا من مقتنياته. وجسر ونداء ،يرتق المسافة بين الكتاب والقاريء، فما يقدمه الكتاب من رونــق وأنــاقــة يجعلنا مسافة جمالية يلتقي فيها الخارج والداخل معًا، مسرورين بوجوده بهذا الشكل ،على خالف الكتب لهذا تبقى صورة الغالف عالقة في مخيلتنا دائما، غير االنيقة ،فاالهتمام بتصميم الكتاب وجمالياته وتشكل السلطة األكبر في جسد الكتاب عن ما الدقيقة هو جزء من حرفية النشر والتعامل معه يقدمه النص للوهلة األولــى .وألهمية المسألة، أصبح هناك مصممون مختصون فــي تصميم كقطعة فنية. الغالف لما يمتلكه التصميم من أهمية بل ضرورة على خــاف الكتاب غير األنــيــق ،ربما يكون من ضرورات النشر وتسويق الكتاب بوصفه سلعة مضمونه جيدًا لكنه ال يغرينا بتلمسه والتحيز له، ثقافية. بل نتجاوزه لبشاعته وارتباكه البصري ،فنصاب فقد تميزت دور نشر عن أخرى فيما يخص بخيبة ما ،بل ننفر منه لتتجاوزه العين ،منتقلة إلى
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
47
االحتفاء بالكتاب وتجلياته الجمالية بالدرجة الحواشي سرديات في غالبها تعبّر عن حدث ما. األول ــى ،وشـ ّكــل الجانب الجمالي قيمة جاذبة يعد غالف كتاب «تقدمة الصداقة» -المحفوظ للمؤلف .فــدور النشر تحتفي بأناقة الكتاب، بــمــكــتــبــة «بـ ــودلـ ــيـ ــان» في لدورها في تحقيق شهرة أكــســفــورد -أقـ ــدم غــاف ال ــدار بشكل متساوٍ مع ك ــت ــاب احــتــفــظ ب ــه حتى اسم المؤلف! اليوم ،وهو غالف منسوج فالغالف مادة جمالية تــقــدم ســرديــات لطبيعة العنوان بصورة مباشرة وغــيــر مــبــاشــرة ،كــإشــارة دالّــة على طبيعة النص ذاته ،بعيدة عن التطابق ال ــك ــام ــل بــيــن الــعــنــونــة والصورة ،لكنها تدل على الــعــنــوان بــصــورة مواربة آخــذة الجانب الجمالي كأساس لها.
يــمــكــن الــــقــــول ،إن العنوان ولوحة غالفه ،يقدمان في األصل عنوانا واحدا ومتعاضدًا؛ فهو وجه ذاكراتي يذكرنا عبر الصورة بعنوان الكتاب ،بل يبني عالقة حميمة بين القارىء والغالف ،كفعل بصري يرسخ في الذهن. لذلك ،نجد أن الغالف الرديء يسيء للكتاب بصرف النظر عن المحتوى المعرفي له؛ ما يعني أن مضمون الكتاب وغالفه يتعاضدان في تفوّق الكتاب وشيوعه. فمنذ قام الفنان المسلم بإنتاج مخطوطاته لم يغفل الجانب التلويني والزخرفي كحاشية للنص، كفعل إغرائي يقود المتصفح للمتعة في المعلومة وفعل الرسم والتلوين ،إذ كانت تعكس الصور في
48
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
من خيوط الحرير األبيض، وتم عنونة الكتاب بالخط األسود كفارقة بين األرضية البيضاء واللون األسود ،إذ جــرت الــعــادة قــديـ ًمــا منذ الــقــرن الــثــامــن عــشــر في الــحــفــاظ عــلــى الــكــتــاب، حينما كانت نسخة الكتاب تعد كــنـزًا ثمينًا ون ــادرًا ال يــتــيــســر الــحــصــول عليها سوى لخاصة الخاصة من علية الــقــوم؛ لــذلــك ،نجد طويل تقنيات حياكة الكتاب جاءت عبر مواد تدوم ً مثل الجلد أو الورق المقوى أو الخشب من باب تحصينة ضد التلف ،ويعد ضمن سياق «تنميق المعرفة العلمية والثقافية» ،وهو المفهوم الذي ينسحب على كافة أوجه الحضارات في العالم، ماثل في شتى معالم والــذي نراه واقعًا جماليًا ً الحضارة ورموزها.
فقد انقطع الفعل الجمالي العربي واإلسالمي عن ما كان موجودًا في السابق من اهتمام بزينة الكتاب كقيمة جمالية ،لكننا اليوم ،وقــد عدنا للمسالة ذاتها ،إذ تقيم دور النشر قسمًا للتصمم خاصا بالكتب التي تنشرها ،وتحظى األغلفة في ً الغرب بأهمية ثقافية كبيرة ورفيعة ،بوصفها
محور خاص
تشكل مكانة فاعلة في ترويج الكتب واإلسهام في اإلقبال عليها؛ لذلك ،فهم يضعون معايير صارمة لشروط الكتاب الناجح قبل تسويقه ،من ضمنها الصورة الفنية للغالف وطبيعة التصميم الجاذب. فقد عاد اإلهتمام بصنوف الفعل الجمالي بما يخص صناعة الكتاب مؤخرًا ،وأقيمت معارض ألغلفة الكتب ،وتــم التعامل معها كلوحات ال تقل أهمية عن اللوحة المرسومة ،لذا ال بد من االحتفاء واالهتمام بالفن والثقافة الجمالية في غالبية المجتمعات اإلسالمية ،وعلينا أن نتخذ م ــن الــثــقــافــة الــجــمــالــيــة مــعــيــارًا للتعاطي مــع قيم الصورة اإلبداعية الراقية الــتــي اخــتــزلــهــا فــاســفــة علم الجمال في ما مؤداه أن الحياة المتحضرة هي وحدها القادرة على إبداع فن جميل.
وشكل وجــه الكتاب مساحة مــن التنافس بين المصممين عــبــر مــجــمــوعــة مــن االقــتــراحــات الجمالية بــدءًا من الصورة ومــرورًا بنوع الخط وصول إلى بناء الغالف ً المستخدم في التصميم كتكوين فني يمتلك الشروط الجمالية كاملة ،وال ب ّد من اإلشارة إلى مثلبة تبرز هنا وهناك تتمثل فــي طرفين ،هما الناشر والــكــاتــب؛ ففي كثير من األحيان يتدخل الكاتب غير المختص برؤية المصمم ،وفي كثير من األحيان تخضع دار النشر جاهل ً لمزاجه الذي ال يخدم الكتاب ذاته بكونه فــي الــجــانــب الجمالي؛ والمسألة األخــرى تتمثل ف ــي ســلــطــة دار النشر على المصمم نفسه ،إذ تحدث أحيانًا تدخّ الت كثيرة ال تصبّ في صالح الــكــتــاب وتــســويــقــه ،وقد تــفــرض أحــيــانًــا سلطة الــنــشــر غــافًــا ال يعدو بالنسبة لصاحب العمل األدب ــي أكــثــر مــن مأساة مــلــونــة ،ســيــتــحــتــم عليه تحمل العبء األكبر حين نشرها!
ل ـ ـ ــذل ـ ـ ــك ،ان ــت ــب ــه ــت المجتمعات العربية في هذا الجانب ،فقد أسست الجامعات العربية ضمن تــخــصــصــاتــهــا أق ــس ــام ــا لــلــتــصــمــيــم بــكــل أن ــواع ــه إلداكــهــم األهمية الكبيرة فيما يخص االقتصاد الثقافي كسلعة جمالية فــي نــهــايــة األمـ ــر ،نخلص إل ــى أن جمالية مهمة وضرورية. الكتاب بغالفه هو سلطة جمالية مهمة ،ال ب ّد من فهو إلهام تقترحه األغلفة في وجودها األنيق االهتمام بها ،لما تقدمه من خدمة النتشار الكتاب لحفر مسارات الجدل والتناغم داخل النصوص ،وتسويقه. * كاتب -األردن.
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
49
العتب ُة األولى.. ■ د .محمد بن مثنى الراشد*
يُعد العنوان العتبة األولى ،والمهمة التي يواجهها القارئ ،فقد تقوده إلى المؤلف من حائل بينهما ،وهذان األمران متوقفان على إيحائه بما يضمّ ه من حيث ال يشعر ،وقد تقف ً أخبار تالزم ما هو آخذ فيه ،وعلى مطابقته ،دون غموض فكرة أو مفهوم. وقــد عُ ــدّ الــعــنــوان كــاالســم للشيء ،اللغوية الحديثة ،ولعل الغالف هو عتبة به يُــعــرف ،وبفضله يُــتــداول ،وال يمكن جديدة يتمرّس من خاللها الكاتب لمعرفة التغاضي عنه لئال تتكون حالة إبهام القدرة للقارئ الذي يدخل الى نصه. والتباس تُقلّل من كفاءته في االستجابة
والغالف دو ًمــا مفتوح على التأويل؛
لفعالية الــقــراءة .وإن حقول المعرفة إنه ينتصر للبصيرة ويريدها أن تبقى على شكلها الجميل ،ال أن تتخلى عن اللغوية زخرت بكثير من المصطلحات طبيعتها ،وفي محاولة محوها محاولة والمقوالت التي تالقحت فيها أصالة إعادتها إلى اللون المميز. ما تنبه إليه علماؤنا األوائل مع البحوث ويــذهــب بنا االستبصار إلــى الزعم بأن الغالف دو ًمــا هو الموقف الصارم للمتلقي الــذي يبحث عن راحــة قبل أن يقرأ ،ومن هنا ،فالغالف مفهوم أقرب الى الشيفرة الصوفية بلذتها في التأمل، ال بلذتها في المنطق العقالني. فعلينا أن نعرف أن البحث األسلوبي في الدرس اللغوي الحديث في الفن بدأ على يد مبدعه (بالي) -تلميذ سوسير -
50
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
وجعله فرعً ا من فروع اللغويات؛ ألن اللغة مهيمنة على تفكيره ،إذ يراها وظيفة حياتية ونظامًا اجتماعيًا ملؤه العالقات اإلنسانية ،والباحث األسلوبي في نظره دارس لغوي محض يدرس مفردات اللغة من حيث داللتها. لذا ،فإن مصطلح (جمالية الصورة) لــه قــوة حــضــور يستمدها مــن (بــالــي) وممن جاء بعده ،ويعني« :تحليل مجموع السمات المتغيرة ،والمدوّنة التي تجمع
فثمة ،في كل كتاب تشكي ُل البصريّ ،
هذه السمات ،والتي تتعارض مع السمات وتلك المشهديّـ ُة ذات الخلفيّـة التشكيليّة، اإلجبارية أي :تحليل األنــمــاط اللغوية إذ يحضر المشهد جنبًا إلــى جنب مع التي قد تتغير تراكيبها أو تتوالد ،وكذا الكلمة ،في إيصال مقولة الكاتب ،من دون (النص) أو العمل (المدونة) الذي يجمع أن يتدخل ،بشكل مباشر ،في المشهد. هذه األنماط موازنة بقواعد اللغة الثابتة. وثمة فرق بين األسلوبية اللغوية وبين األسلوبية األدبية والصورة البصرية ،ذلك أن األولى تقترب من الوصف وتقوم على االختيار ،أما الثانية فتقوم على االنزياح أو االنتهاك؛ ألن األسلوب األدبي مصمم على أساس الفرادة التي يكتسبها المنشئ من خالل عمله والتي تتعارض مع معايير اللغة ،والصورة البصرية تجمع بينهما. * كاتب -الكويت.
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
51
ُ اإلشارات ع الغالف ِقنا ُ ِ ■ ُمليم الكوني*
يقول الشاعر الفرنسي شارل بودلير وهو مخترع مصطلح الحداثة« :رسم األرابسك هو رجل مثل بودلير وهو المعجب ب(ديالكروا) قد رأى في أكثر الرسوم مثالية» .وكما أظن فإن ً الفنون العربية -اإلسالمية ما لم يره مؤرخو الفن الغربيون الذين جاءوا من بعده ،والذين ألحقوها باألشغال الحرفية ،ولم يعترفوا بهاجس الخلق اإلبداعي الذي تصدر عنه تلك الفنون .يمكننا اآلن بيسر أن نستنبط الدافع التاريخي الذي يقف وراء ذلك الحكم ،الذي وطيشا في التاريخ الفني العالمي :الجهل .وهو ً يُعد واحدً ا من أكثر األحكام النقدية تهورًا قناع الزدراء ثقافات اآلخر التي ال تصدر عن النبع اإلغريقي .هذه المصادرة القائمة على حائل دون ظهور نــوع استثنائي من وعــي النظر إلــى اآلخر ً رؤيــة معرفية ضيّقة ،لم تقف بصفته ملهمً ا .على سبيل المثال« :فنسنت فان كوخ» في تأثره بفن الحفر الياباني على الخشب و»هنري ماتيس» في جنوحه الزخرفي مقلدً ا الفنان العربي القديم و»بيكاسو» حين عثر في القناع اإلفريقي على ضالة جمال خفيّ ال تقرأه األشكال ،حين يباشر تأثيره السحري. ـصــيــت فــنــون كــالــخــزف والــخــط العربي غــيــر أن الــفــنــان الــغــربــي ،مــع كــل هــذه أ ُقـ ِ
الجهود االستثنائية المفارقة ظل ينظر بأمل والزخرفة من فضاء الفن اإلبداعي الجميل إلــى إمكانية إعــادة تنظيم تلك المؤثرات (النفيس) ،وتُركت مهملة تجتر ما انتهت إليه
إلهام ٍ في السياق الذي يجعلها ال تنحرف بوعيه من نتائج جمالية :خسر الفن مساحة الشكلي عن مساره .والدليل على ذلك أن روحــيّ جسّ دته تلك الفنون ،كونها الوعاء
التصنيف النقدي القديم الذي يضع فاصال األول لنشوء الــوعــي الجمالي التجريدي ما بين فنون إبداعية وأخرى حرفية ال يزال وفقدت تلك الفنون الدافع الذي يملي عليها يضع جماليات الفنون العربية-اإلسالمية حيوية التغير واإلفالت من القوانين التقنية
تحت طائلة الشك في قدرتها على التطور المسبقة .تلك القوانين التي صارت بمرور والــنــمــو ،كونها تصدر عــن فنون اتباعية ،الزمن أشبه بالقوالب .لقد كان بث الروح
قدرها أن تهب إلى منتجيها صبغة فلكلورية .في تلك الفنون ممكنًا على المستوى العربي
وكما أرى فإن الخسارة كانت مزدوجة حين في اللحظة التي شهدت الثقافة العربية
52
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
ظهور أولى نزعات الحداثة الفنية ،يوم كان
لقد حولت اإلشــارات السحرية الفالتة
النظر مقيمًا خارج شهوة التزيين؛ إذ كانت بغموضها البصري إلى أيقونات مثقلة بثبات عالقة الفنان بما تَشكَّل من حوله من نتائج رمزيتها الهشة ،التي هي رمزية عاطفية تلك الفنون تتسم باالكتساب القبلي البريء ،تتعثر بالزمن الذي يغالبها .ولهذا يمكنني وهذا ما لم يحدث إال في حدود ضيقة ،أما القول إن المسافة بين اإلشارة والصورة وهي العودة إليها ،اليوم ،بعد
كل ما شهدته السنوات الخمسين الماضية من ضجيج بشأن مفاهيم صارت مشوشة ومعيقة كـــاألصـــالـــة والـ ــتـ ــراث
والهوية الوطنية ،فإنها أشــبــه بــالــعــكــاز لــرجــل
ال يــقــوى عــلــى المشي
بقدميه!
مسافة هائلة ،م ُِحيت حين تحولت اإلشــارة هي األخرى إلى صورة مقنعة .ولكن هل كان الفنانون يــدركــون أن اإلش ـ ــارة تــقــيــم خــارج الــــصــــورة؟ وال ــغ ــاف هو اإلشــارة التي تقيم خارج الصورة.
* كاتب -ليبيا.
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
53
ُ الغالف ،الوج ُه اآلخر للكتاب ■ إبراهيم َ احل ْيسن*
غالف الكتاب هو ،بالتأكيد ،عتبة النص األولى التي يمرُّ منها القارئ قبل تصفح الكتاب وقــراءتــه .ويُراهن الكثير من المؤلفين والناشرين والطابعين على الغالف وجعله سندً ا أيقون ّيًا Iconiqueلجذب الـقــراء واستقطابهم للكتاب ،نـظــرً ا ألهمية جماليات الغالف مدخل حقيق ّيًا لولوج عوالم النص ومضامينه. ً بوصفه فهناك من يــرى أن الحكم على الكتاب يبدأ من الغالف بوصفه واجهة فنية أمامية تعكس قيمته ،على األقل من الناحية الجمالية والتقنية .فاألغلفة الجيِّدة تكون مؤثرة ،إذ تجعل القارئ يتأمَّل مكوِّناتها البصرية وتتشكل وتصورات قبْلية قد تكون لديه بفضلها أفكار ُّ لها صلة بالمحتوى .لــذلــك ،تظ ُّل األغلفة الناجحة هي التي يت ُّم تصميمها وتقديمها كــرؤيــة جمالية بصرية مؤسسة على خبرة غرافيكية وافــيــة ،وتستند إلــى موهبة فنية عالية ،على مستوى تدبير عناصر التعبير داخل مساحة الغالف ،بما ينسجم مع أنواع اإلصدارات وطبيعتها. وقديمًا ،ومنذ النصف الثاني من القرن الــخــامــس عــشــر ،كــانــت األغــلــفــة عــبــارة عن أعمال فنية :أغلفة محفورة يدو ّيًا ،وموشاة باألحجار الكريمة والعاج والحرير والجلد ثمين ومدهش. نحو ٍ والخيوط الذهبية على ٍ ومع اختراع المطبعة من قبل يوهان غوتنبرج J. Gutenbergعــام 1450م ،صــارت للكتب هوية جمالية وتقنية أخ ــرى ،وأضــحــت مع م ِّر العصور أكثر حداثة ،ومعروفة بأغلفتها
54
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
الصلبة وأشكال صغرى تسهل عملية نقلها. وفي وقت متقدِّم من عصر النهضة ،برزت صفحة الــعــنــوان مــع ظــهــور أســمــاء الكتب والمؤلفين والمكتبات على الغالف األمامي. وبالمثل ،ظهر العنوان على الغالف الخلفي في القرن السادس عشر. امتدادًا لذلك ،وخالل القرن التاسع عشر، كانت أغلفة الكتب تحظى بمنزلة خاصة ،إذ كانت تصنف ضمن األشياء الثمينة والنفيسة بتجليدها وتحليتها بمواد وخامات مرتفعة الثمن ،مع اختيار نوع الورق الجيِّد والتغليف والتزيين والتبطين بالورق المقوى وغير ذلك من األساليب المستعملة كواجهة أولى للكتاب تحبيبًا وترغيبًا فــي الــقــراءة ،وهــي حرفة صنّاع الكتب يدوية كانت تدخل ضمن أشغال ُ الذين كانوا يحرصون على جماليتها ومتانتها لحمايتها من التلف والتمزُّق الــذي يصيبها أثــنــاء األســفــار والتنقالت فــي ذلــك الوقت. فــي الحقبة نفسها ،ظهرت تقنيات لصنع أغلفة ملوَّنة بأسعار مناسبة استحوذت عليها اإلصدارات الشعبية على وجه الخصوص.
محور خاص
وبــإلــقــاء نــظــرة عــامــة على نــوع تصاميم ما ،وإدماجها في صلب الفكرة بشكل تعبيري تخصصي. ُّ أغلفة الكتب الموجودة ،نستنتج مجموعة من ومهني المعطيات ،من بينها وجود أغلفة: لكن ،ومع تطوُّر وسائل العمل واالشتغال،
تكتفي بنشر ص ــورة فوتوغرافية ،أورس ــم ــة ،أو عــمــل فني ل ــف ــن ــان مـ ــا (ت ــص ــوي ــر، نحت ،سيراميك ،رسم كــاريــكــاتــيــري ،)...وذلــك بوضعها داخ ــل صفحة الغالف األمامية Plat de devantبموازاةٍ مع اسم المؤلف ،وعنوان الكتاب، والعالمة التعريفية لدار النشر.
تسند فيها مهمةالــتــصــمــيــم ل ــرس ــام مــا، هـ ٍـاو أو محترف (تحت الطلب) ،والمتمثلة في إنــجــاز رس ــم إيــضــاحــي Illustrationمحدَّ د «له صلة» بالمضمون ،أو على ضــوء إيــحــاءات وأفكار تعطى له مسبقًا ،أو أحيانًا من خالل اطالعه على النص وقراءته .وكثيرًا ما يحدث هذا األمر في حاالت كتب األدب عمومًا. تترك االختيار للفنان للتفاعل بصر ّيًامع ما يوحيه له الكتاب من أفكار وتداعيات جمالية تجعله ينفذ تصاميم فنية متحرِّرة بــحــســب حــسِّ ــه اإلبـــداعـــي ،ووفــ ًق ــا لــرؤيــتــه اإلستتيقية الخاصة ،دون تدحل أو إمــاء، وإما بخلق توليفات في فضاء الغالف وإغنائها بالخطوط واأللــوان واألشكال التعبيرية ،أو بتوظيف تفصيلة Détailمن صورة لعمل فني
محور خاص
تخصصات فنية جديدة في مجال ُّ وبظهور اإلعــــــان والــتــصــمــيــم البصري Design visuel والنسخ الفني وفنون الطباعة ،صارت أغلفة الــكــتــب واإلصــــــدارات تنجز فــي ص ــورة بهية مُغايرة ومختلفة للشغل الـ ــيـ ــدوي الــتــقــلــيــدي، باالستفادة من األنظمة الــرقــمــيــة وال ــب ــرام ــج الحاسوبية التي أمست تتيح للفنان المصمِّم إم ــك ــان ــات هــائــلــة من التصاميم واالختيارات ال ــل ــون ــي ــة وال ــخ ــط ــوط والــــرمــــوز واألشـــكـــال الــهــنــدســيــة ،وأســالــيــب توضيبها واستغاللها لفائدة التصميم ،وفي أوقات وجيزة وسريعة ،لكن الناجح منها يكون مؤسسً ا على رؤى وتصورات تحضيرية تمهِّد للعمل النهائي طبقًا للرؤية البصرية المتوخّ اة.
كما أن دور النشر الحالية التي تشتغل بمنظور فــنــي مــعــاصــر ،تــركــز عــلــى أهمية ال ــج ــوان ــب الــجــمــالــيــة ف ــي طــبــاعــة الــكــتــب وصناعتها ،يشتغل فيها فنانون محترفون على واسع بشروط الشغل ،وبأهمية الدور ٍ إدراك ٍ اإلبداعي الذي يقومون به ،ولهم سالسة في االختيارات الممزوجة لديهم بنوع من «الذكاء اإلبــداعــي» في التعامل مع نــوع اإلصــدارات 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
55
والفئات القارئة المستهدفة :كتب األطفال، ال ــدواوي ــن الــشــعــريــة ،كتب السير الــذاتــيــة، األعمال الروائية ،الدراسات النقدية ،الكتب العلمية والتاريخية...إلخ .مع وجود استثناء خاص بالكتب الفنية والمونوغرافيات التي تصنف ضمن الكتب الرفيعة LivresـBeaux التي تتطلب شروطً ا ومعايير أخرى جمالية وتقنية ،إلى جانب تكلفتها المالية ،باعتبار ما تتطلبه من صور بجودة عالية وتصاميم خاصة تقوم على إدماج الصور مع النصوص على مــنــوال تصميم الصحف والــمــجــات، فضل عن نوع األغلفة المزدوجة في الغالب. ً كما أن نوع دور النشر المذكورة تصير لها هوية جمالية خاصة تميِّزها عن غيرها ،إذ بمجرَّد رؤية أحد إصداراتها ولو من بعيد ،يت ُّم التعرف على إصداراتها بسهولة ودون عناء، وهذه الهوية يحدِّدها التصميم الجمالي الذي تنفرد وتتفرَّد به أغلفة األعمال التي تنشرها وتــوزِّعــهــا ،منها حجم الــكــتــاب ،نــوع الخط المستعمل في كتابة اســم المؤلف وعنوان اإلصــدار ،وكذا مكانهما داخل حيِّز الغالف (فوق ،في الوسط ،تحت ،داخل شريط لوني شفاف..الخ) ،إضافة إلى العالمة البصرية
Logoوالــنــص المختصر الــخــاص بظهر نصا مقتضبًا الكتاب ،والذي يكون في الغالب ًّ مأخوذًا من تقديم الكتاب أو مقدمته ،كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة من دور النشر العالمية التي تحترم الثقافة البصرية والوعي الجمالي وسبل االستفادة منهما ،األمر الذي يساعدها كثيرًا على إثبات الذات والحضور ال ـ ــوازن عــلــى الــمــســتــوى الــثــقــافــي ،وكــذلــك خالل معارض الكتب التي تقام هنا وهناك. بل إن هــذا العمل االحترافي يساعد كثيرًا على نشر الكتاب وترويجه والرفع من نسبة مقبول ومستساغً ا من ً مبيعاته ،بل وجعله لدن القراء والمتلقين على اختالف ميوالتهم أيضا. واهتماماتهم ..وأذواقهم ً فإذا قيل قديمًا «الكتاب يُعرف من عنوانه»، فإنه صــار راهنًا يُعرف من غالفه ،بما هو ـواز للنص والمتن، فنٌّ قائ ٌم بذاته ،وإبــداع مـ ٍ وينبغي أن يكون كذلك بما ينطوي عليه األمر من تصاميم مدهشة ورؤى بصرية ومعرفة المتخصصة ِّ حصيفة بقواعده ولغته التشكيلية ليظهر في أبهى حلله الجذابة والمغرية التي تفتح شهية االقتناء والقراءة في آن..
* كاتب -المغرب.
56
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
الكتاب عن ورة َ ُ غياب ُّ غالف ِ ِ الص ِ ■ فراس املومني*
كــان بطريرك القسطنطينية يقول قبل أكثر من ألــف سنة ،خــال النزاع الــذي عرفته الكنيسة حــول مسألة األيـقــونــات( :إذا ألغينا ال ـصــورة لــن يختفي المسيح ،وحـســب ،بل سيختفي الكون بكامله)! رجل الدين هذا لم يكن بإمكانه أن يتخيل ما سيستخرجه أيف كالين من العدم ،ليضع الــصــورة فــي مــوضــع اســتــفــهــام يقضي على هيمنتها ،بصفتها الوسيلة الوحيدة الممكنة لتجسيد الوجود .ولم يكن الرجل مخطئًا في تصوره ،هناك كون كامل اختفى حين انمحت الصورة من أمامنا .وألن األمر لم يحدث فجأة، فإننا لم نشعر بالفجيعة لغياب عالم كنا نظنه سرمديًا هو عالم الرسم.
كانت الصورة نوعً ا من التفكير الميتافيزيقي الذي يتجاوز متطلبات العيش المباشر .كانت بديل كبير من المبشرين بالرسم ً لعدد ٍ بالنسبة ٍ لذلك العيش ،وكــان فعل الرسم الــذي يسعى إليه طقسً ا تخيليًا أكثر مما هو إجراء مادي، يتوخى من يقوم به استخراج شيء ما .وفجأة أخلى ذلك الفعل مكانه للخبرة ،فلم يبق من الرسم سوى خبرته .كان الرسم في المرحلة التي سبقت اقتراح مالفيتش يعني ملء السطوح باألشكال .بصرف النظر عن مصدرها ،كانت تلك األشكال تجسيدًا لرغبة الرسام في تأثيث العالم بما يجعل مهمة استرجاعه ممكنة ،غير أن ذلك التعريف لم يعد مالئمًا في ظل عزوف الرسامين عن التستر وراء األشكال ،واالكتفاء بعري السطح الذي هو التعبير األمثل عن عري عالم لم يعد في حاجة إلى أن يقول شيئا ،بقدر ٍ ما يقول ذاته.
لقد استدرجنا إلى أعماق الصورة خطوة بعد أخرى ،وضعنا أقدامنا على سلم المنجم لتبدأ رحلة هبوطنا درجة بعد أخرى .وها نحن اليوم في حالة استسالم واضح لغموض صار هو مصدر لذتنا البصرية .كانت لوحة الروسي كــازمــيــر مالفتش (1878ـ1935م) المسماة (مربع أبيض داخل مربع أبيض) التي أنجزت عــام 1918م (بعد لوحته األكــثــر شهرة التي عرضها عام 1913م ،والتي كانت تمثل مربعًا أســو َد داخــل مربع أبيض) بمثابة إعــان عن من كل ما سبق تكتشف أن الصورة البصرية نهاية عصر امتد طويال ،عص ٌر عاش الرسامون فيه وهــم يأملون فــي أن تــكــون الــصــورة هي هي صورة ذهنية مهمة للقارئ ،وال بد ألي دار مصدر أملهم في استرجاع ما يطويه الزمن من نشر أن تنتبه للعالمة البصرية عند المتلقي، اللحظات العصية التي تشهد انبثاق الجمال .وهي جزء من التسويق قبل أن تكون منتجً ا. * كاتب -فلسطين.
محور خاص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
57
المرجعيات البصريَّ ُة ُ والحداث ُة أل َ غلفة الكتب ِ ■ منصور احلارثي*
في الـبــدء ،ي َت َعيَّن التأكيد على أن ما بعد الحداثة التي بعثرت األنظمة والقوانين، هي مجموعة من الممارسات والتصورات النقدية التي تعتمد مفاهيم متعددة ،من قبيل التفكيك واالختالف (االختالف الفكري واألكاديمي واألدبــي والفني عن العصر السابق: عصر الحداثة) ،وهي -في األصل -حصيلة جدل فكري ذي أهمية بالغة في الفكر المعاصر، والمنظرين ،من أمثال :جوليا كريستيفا ،يورغن هابرماس، ّ أسهم فيه العديد من الفالسفة مارتن هايدغر ،ميشيل فوكو ،جيل دولوز ،جاك دريدا ،إيهاب حسن ،وغيرهم. نظرًا العتقادنا الراسخ في قدرة غالف الكتاب على قراءة المستقبل وتحديد مصير الوجود للكتاب، أي تلك ال َمرْويات ذات الصلة بالرؤية الحداثية من قبيل «جدلية الروح (هيجل) ،هيرمينوطيقا المعنى (ريكور)، تحرر الــذات العاقلة أو تحرر العامل (ماركس) ونمو الثورة (الليبرالية)» ،وذلك استنادًا إلى تحديد الحداثة بقوله« :سوف أطلق مصطلح الحداثة على أي فرع من فروع المعرفة يسعى إلى اكتساب شرعيته بنفسه من خــال افتراض خطاب شــارح ( )métadiscoursيمثل إطــاره المرجعي من خالل االستناد إلى نظرية عامة مثل نظرية جدلية الروح ،أو هرمينوطيقا المعنى ،أو تحرير الذات العاقلة أو الفاعلة ،أو قصة خلق الثورة على التقليدية في المشهد البصري. على الصعيد الفني ،يــرى ليوتار أن «فــن ما بعد الحداثة» ال يمكن النظر إليه بوصفه فئة محددة دائمة من األعمال؛ ألن ما بعد الحداثة ال تتحقق إال في صورة مُحاوَلة لتدمير كل التصنيفات والتقسيمات واإلفالت منها ،وفي صورة تشَ كُّك جذري في كل ما هو معروف ومألوف ،وثورة عليه ،فيما يؤكد أن كل عمل ينتمي إلى الحداثة ينبغي أن يمر أولً بطور ما بعد الحداثة ،ألن ما بعد الحداثية Postmodernismeال تمثل الحداثية
Modernismeفي مرحلة احتضارها ،بل في مرحلة ميالدها التي هي في حالة ميالد دائم .وفي مُساءلة ليوتار عن نوع الفن الذي يُمكن أن نُطلِق عليه وصف ما بعد الحداثة أجاب« :علينا أن نرتاب من كل اإلبداع الفني الذي وصل إلينا من القديم وحتى البارحة .لقد تحدى سيزان االنطباعيين ( ،)Les impressionnistesثم جاء بيكاسو وبراك فاستهدفا سيزان بالهجوم ،ثم كفر دوشان ) (Duchampعام 1912بفرضية الرسم نفسها حتى وإن كان تكعيبيًا ،وجاء بعده بورين ()Buren Daniel ليتشكَّكَ بدوره في فرضية أخرى ،رأى أن دوشان حافظ عليها في أعماله ولم يتعرض لها بالنقد ،وهي الفرضية التي تتعلق بموقع التصوير ومكانه في العمل الفني» ( ،)La condition postmoderneمع هذا المعنى يبدو أن مصطلح «فن ما بعد الحداثة» يُناقض نفسه ،إذ يسعى إلى وصف أعمال تحيلنا إلى لغات الفن المعروفة التي يمكننا إدراكها كفن من خالل هذه اللغات ،بينما تتعمد الهروب منها وتكسيرها في الوقت نفسه ،ما دفع بيل ريدينجز ) (Bill Readingsللقول بأنه «فن ينتمي إلى الفن وال ينتمي إليه في آن واحــد» ،ومثل هذه اآلراء النقدية تُصَ وِّر ما بعد الحداثة كحالة دائمة من التقلب وعدم االستقرار ،ضمن مقاومة التقنين والتحديد.
* كاتب -سلطنة عمان.
58
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
ُ الغالف ٌّ عميقة لرؤية بصري فخ ٌّ ٍ ٍ ■ د .هناء بنت علي البواب*
الغالف هو الصدمة األولى للمتلقي ،سواء أكان قارئًا ،أم مشاهدً ا! وتبدأ عملية قراءة الصورة البصرية ،وكأنها إسهام في تكوين تلك الثقافة البصرية ،التي يجب أن يتصف بها المثقف بصريًا ،وهو ذلك الذي يتمكن من قراءة الفعل البصري وتصويره بكل ما يحمله من موضوعات ورموز ودالئل (الشكل -اإلطار -اللون) .فما هي العدة المنهاجية والثقافية التي ينبغي حيازتها للقيام بقراءة الصورة الثابتة؟ وكيف تعد تلك الصورة هي األفضل؟ إنّ من نماذج هذه الصورة ،غالف الكتاب، بوصفه يحمل كل عناصر الصورة الثابتة، وهذا يتطلب عملية رصد ومتابعة لمختلف المقاربات والمنهجيات واألفكار التي تهم حقل الصورة ،ومن بينها الرؤية العميقة لما بعد الغالف ،وأهميته بالنسبة للمتلقي؛ فثمة بلورة إطار عام أو برنامج إجمالي يصلح كمنهجية لقراءة الصورة الثابتة، تتمثل هذه المنهجية في نقل الصور ،أي نقل صور قسم من العالم إلى قسم آخــر منه ،كما أصبحت الـــصـــورة تــحــتــل مــركــز الــصــدارة فــي الخطاب اإلق ــن ــاع ــي ،فــكــيــف لك أن تكون صاحب سلطة على المتلقي ،ومصدر إقناع لــه ،إال من خالل ذلك الفخّ البصري الذي
محور خاص
تأسره به ،ومن خالله تتمكن من استبعاد كــل مــا يمكن استبعاده مــن أفــكــار سلبية داخــل المتلقي ،ليتمكن من قــراءة الحدث كامال بمشهديته ،وهو واثق أن الغالف يعبِّر عن محتوى مهم جدًا .إن بالغة التحريض واإلقناع من بالغة الصور المنشِئة والمؤطرة لــــلــــخــــطــــاب .هــــذه الحقيقة ال مشاحنة فــيــهــا ف ــي الــمــشــهــد البصري لعالم اليوم، والصورة بهذا الفهم هي صنعة ليس بوسع أيٍّ ك ــان استعمالها بالسهولة المتصورة حــتــى وإن رغ ــب في ذلك. انطالقا مــن هذا الــمــفــهــوم ،إذا كانت الـــصـــورة ل ــغ ــة ،فــإن قـــراءة هــذه الــصــورة 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
59
فــالــقــراءة مشهد مــن مشاهد الــصــورة
الثابتة مهما كان نوعها ،بما في ذلك غالف أي كتاب بكل ما يحمل من رمــوز وأشكال البصرية اإلبداعية ،وهي تركيب مميز يغاير وألــوان ،يعني تفكيك هذه اللغة ،أي تحليل لون الواقع الذي يعتمد فيه على أساسات المرسلة البصرية. النظر في الكتاب؛ ومــن هنا ،كــان الغالف وتقوم عملية إنتاج الصورة على المرسل صاحب الموجة األقوى. (الباث) ،كما ترتبط عملية إدراك الصورة وإعادة إنتاجها على المرسل إليه (المتلقي)، إن البحث عن المعنى في الصورة يعد ويعد هذا األخير -المتلقي -قطبا أساسً ا مسألة مهمة جــدًا ،ويعد هو نتاج ثقافة، في الممارسة التواصلية. فالمفروض أن تكون القراءة مالكة إلى حد إن عملية التلقّي إلى جانب كونها تتمم ما للعناصر المشكّلة لهذه الثقافة ،على أن هذه الممارسة ،فهي إمكانية أخرى إلعادة استثمار هذا العنصر في استخراج المعنى خلق المرسلة البصرية ،وليس بالضرورة تكرارها ،وهنا يمكن الحديث عن جمالية ال يستقيم إال باالستعانة بعلوم تكون السند القراءة ،أو لذة القراءة! المرجعي وهو الكتاب. * كاتبة -األردن.
60
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
محور خاص
القصيرة للقص ِة االتجاهات الفني ُة ُ َّ ِ
«الجوبة» أُنمو َذ ًجــا مجل ُة ِ ■ سميرة الزهراني*
نظرً ا لما للمجلة من مكانة وانتشار واسعين ،وما تحتويه أعدادها من زخم فــي المنجزات والنصوص اإلبــداعـيــة ،السيما على مستوى القصة التي تزخر بالموضوعات المتنوعة ،وكذلك بالفنيات والجماليات الزاخرة؛ تلج الباحثة من خالل بحثها لدراسة االتجاهات الفنية في القصة القصيرة في المجلة التي ال يخلو عدد منها من هذا الفن وجمالياته ،وما تكشف عنه النصوص القصصية في المجلة على جميع المستويات .يعتمد البحث المنهج الوصفي التحليلي مع اإلف ــادة من المناهج النقدية الحديثة؛ ولتحقيق أهــداف البحث في خطة تنقسم إلى مقدمة عامة ،ثم تمهيد ،وفصلين يتناوالن تصنيف القصص ،والبناء الفني لها ،وقد توصل البحث إلى تنوع القصص في المجلة وثرائها ،وأن غالبية القصص في أعداد المجلة تنتمي لنمط القصص القصيرة جدً ا التي ال تتعدى غالبيتها الصفحتين أو الثالث فقط ،بينما تنوعت أشكال القصص من حيث قوالبها ،فمنها ما جاء على شكل خاطرة ،أو يوميات ،وكانت األحداث عادية من الحياة اليومية الواقعية؛ لكنها تسلط الضوء على جانب عميق فيها. مقدمة
الباحثة اهتمامًا بالغًا من مجلة «الجوبة»
تــعــد الــقــصــة الــقــصــيــرة مــن أقــرب الثقافية بالقصص ،وإعطائها فرصة األن ــواع األدبــيــة القريبة من اإلنسان ،كبيرة لكل المبدعين الشباب من الوطن وتــجــذب الــقــارئ إليها ،وقــد الحظت العربي للتعبير عن قصصهم ،ولم تجد
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
61
الباحثة اهتماما من البحوث والــدراســات بالمجلة؛ إال من بعض المقاالت المتفرقة على الشبكة العنكبوتية ،ومــن هنا ارتــأت أن تقف على القصة القصيرة في المجلة؛ أنواعها ،وبنائها الفني ،ومــا إلــى ذلــك من وقد حرصت مجلة «الجوبة» وهي واحدة األمور؛ متبعة المنهج الوصفي التحليلي في من المجالت األدبية التي تنفتح على األدباء ذلك ،مع اإلفادة من أدوات المناهج النقدية واآلداب كافة ،على إدراج القصة ضمن مواد ما أمكن ،وقد اطلعت على أعــداد المجلة ،المجلة ومحاورها األساس. وكانت اختياراتها للقصص لتغطي أكبر قدر ولــم يكن للمجلة هــذا الــصــيــت ،وهــذا ممكن منها. اإلنجاز المشرف الحافل لوال جهود األستاذ تمهيد األديب إبراهيم الحميد وهو المشرف العام إن فن القصة من الفنون الحديثة التي على المجلة ،ولــوال فريق التحرير المثابر عرفها العرب وأصبحت فنًا من فنون حياتهم فيها المكون من كل من محمود الرمحي النثرية منتصف القرن التاسع عشر ،على ومحمد صــوانــة .فقد رأت المجلة أبهى أعدادها على أيديهم التي ال تكل عن مدّها غــرار فن الــروايــة ،وهــو الحــق له مباشرة، بالجديد والمميز. ومتأثرًا بنشأته ،ولنقل إنهما خرجا من منبع وفــي هــذا البحث نقف عند اختيارات واحد؛ لكن أخذا مسارين ليعبر كل منهما عن لحظته ،فتقبل الرواية اللحظة الممتدة التي المجلة لــهــذه الــقــصــص ،مــبــرزيــن اإلب ــداع تتوالد عنها لحظات عديدة ،أو يعبر عنها والــجــمــالــيــات الــتــي تــضــمــنــتــه الــقــصــص، بمجال أكبر من حيث البناء الفني والعناصر وأنــواعــهــا وسماتها وخصائصها ،والبناء الجمالية والتوسع فيها جميعًا ،بينما تعبر الفني لها؛ لنكشف عن جانب من جوانب القصة عن اللحظة الموجزة الدقيقة بشكل اإلبــداع واالنفتاح الفكري والثقافي الذي تقدمه المجلة عبر أعدادها التي وصلت إلى محدود يضيق بها وال يتسع لغيرها. (ثالثة وسبعين) عددًا حتى عام 1443هـ/ أخذت القصة مساحة من إعجاب الناس 2021م ،وفي الوقت ذاته نسلط الضوء على واهتمامهم نظرًا لهذه الميزات المشحونة إبداع القصة القصيرة في العالم العربي. بالجماليات ،والفكر العالي المختزل في تعريف القصة صفحات قليلة ،وما زاد رواجها أكثر لديهم هو أن أكثر المجالت والصحف كانت تميل جاء في (لسان العرب) في تعريف القصة، صة مِ ْن َاص :الَّذِ ي يأْتي بالقِ ّ إلــى إدراج بعض القصص فــي أعــدادهــا ،لغةً ،قوله« :وَالْق ُّ ما يجعلها محط اهتمام وتقدير كبير لدى الــقــراء الــذيــن كــانــوا يــجــدون فيها متعتهم وتسليتهم ،وفي الوقت نفسه ال تأخذ ومنًا طويال من وقتهم.
62
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دراسات ونقد
صت الشَّ يْ َء إِذا تت ّبعْت َص ْ َصهاَ .ويُقَالُ :ق َ ف ِّ أَثره شَ يْئًا بَ ْع َد شَ يْ ءٍ ؛ وَمِ نْ ُه َق ْولُ ُه تَعَالَى :وَقالَتْ ُصيهِ ؛ أَي ا ّتبِعي أَثَرَهَ ،ويَجُ و ُز بِالسِّ ينِ : ِلُخْ تِهِ ق ِّ صة :الْخَ بَ ُر أيضا «والقِ ّ قسَ سْ ت ق ًَّسا» ،وزاد ً َصا ُصه ق ًّ َص عَ ل َيَّ خبَره يق ُّ صَ .وق َّ َص ُ َو ُه َو الق َ صا :أَ ْو َردَه»(((. َص ً وق َ أما اصطالحً ا ،فعرفها محمد تيمور بأنها مجموعة من األحداث الجزئية التي تقع في الحياة اليومية للمجتمع ،مترابطة ومنظمة على وجــه خــاص وفــي إطــار خــاص ،بحيث تمثل بعض جوانب الحياة وتجلوها في شتّى وجوهها بغرض الوصول من خالل الوعي الكامل باألحداث ،والظروف االجتماعية إلى الحقائق اإلنسانية مع عدم إغفال الحرص التام على جانب التسلية واإل ّتــبــاع وجانب التثقيف والتهذيب(((. أو هــي نــوع س ــردي يميل إلــى اإليــجــاز واالختزال ،واالعتماد على خيط أو عنصر مركزي واحد ،وتتميز بقصرها إذ تُقرأ في جلسة واح ــدة ،وبحبكتها التي تبدأ غالبًا وسط األحداث ،كما تتميز بمحافظتها على وجهة نظر واح ــدة ومــوضــوع واحــد ونبرة واحدة(((. ويــعــرفــهــا مــحــمــد يــوســف نــجــم بــأنــهــا «مجموعة من األحداث يرويها الكاتب ،وهي تتناول حادثة واحدة أو حوادث عدة ،تتعلق بشخصيات إنسانية مختلفة ،تتباين أساليب عيشها وتصرفها في الحياة ،غرار ما تتباين حياة الناس على وجه األرض»(((.
دراسات ونقد
إذًا ،فالقصة لو ٌن من ألوان األدب الذي يميل إلى السرد الموجز والمختصر؛ فهو يعبر ـان معين ،وشخصياته حدث واحـ ٍـد وزمـ ٍ ٍ عن محدودة ،ويتخذ من الواقع وأحداثه العابرة مخزونًا له؛ معمقًا الفكر اإلنساني ليستخرج من أكثر مواقف الحياة عادية وعيًا ومعنى، وامتاعً ا في الوقت نفسه. ولقد ورد لفظ القصة في القرآن الكريم كــثــيـرًا ،ومــن ذلــك قوله تعالى﴿ :إِنَّ هـذَا اللُ﴾ ص الْحَ قُّ َو َمــا مِ ْن ِإلَـ ٍـه إ َِّل َّ َص ُ لَ ُه َو الْق َ أيضا: (آل عمران ،)62 :وفي قوله تعالى ً ـص لَ َعلَّ ُه ْم يَـتَـ َفـ َّكـرُونَ﴾ ـصـ َ ـص الْـ َقـ َ ـصـ ِ ﴿ َفــا ْقـ ُ ُص أيضا﴿ :نَحْ ُن نَق ُّ (األعراف ،)١٧٦ :وقوله ً ص﴾ (يوسف ،)3 :وقوله: َص ِ عَ لَيْكَ أَحْ سَ َن الْق َ ص َقــا َل َل َص َ ـص عَ لَيْهِ الْق َ ﴿ َفلَمَّا جَ ــا َءهُ َو َقـ َّ تَخَ ْف﴾ (القصص.)25 : نشأة فن القصة القصيرة عالميًا ،كانت هناك مــحــاوالت لكتابة القصة القصيرة عند الــغــرب منذ القرن الرابع عشر؛ لكن تلك المحاوالت جميعًا لم تصل إلى الشكل الحقيقي الذي يجعل من مستقل وواضحً ا ،ولم ي ًر ً هذا النمط فنًا الغرب نور القصة القصيرة تسطع وتسجل ـون مــن أل ــوان األدب النثري إال نفسها َكــلـ ٍ على يد «موبسان» في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الذي كان له رؤية مميزة جعلت هذا الفن يسي ُر قدمًا ،فهو أراد أن يعبر عن اللحظات الواقعية الحقيقية التي تحدث بشكل شبه يومي في حياتنا ،تلك 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
63
اللحظات التي ال تلتفت إليها القصص وال تصورها ،فاألمور العادية بالنسبة له قد تحمل ما يستحق أن يعبّر عنه فهو يقدم معان كثيرة ،كما أن وظيفة القصة تتمثل ٍ في تصوير األشخاص الــعــاديــيــن واألحـــــداث الــعــاديــة الــعــابــرة التي يمكن أن نستخرج منها قيمه الحقيقية ،من دون اخــتــاق ل ــأح ــداث أو الشخصيات ،وقد طبق موبسان ذلك في رؤيته حــتــى عُـــ ّد أبًـــا ورائــــدًا للقصة العالمية(((.
هيكل كما كان ميالد القصة على يد محمد تيمور ،وكذلك هناك جهود المنفلوطي في قصصه المعرب والــمــؤلــف ،فعلى الرغم من كل ما اعترضه من مآخذ وعيوب؛ إال إنــه جــذب الــقــراء إلى هــذا الجنس األدب ــي، وحبب إليهم متابعته لــمــا فــيــه مــن أســلــوب مشوّق وعاطفة حارة وخ ــي ــال مــجــنّــح ،أمــا ثــالــث األم ـ ــور فيعود إلى فصل المترجمين والمعرفين الذين نقلوا إلـــى الــعــربــيــة نــمــاذج من القصص الغربية، ومنهم يعقوب صروف، ونجيب حداد ،وحافظ إبــــراهــــيــــم ،وأح ــم ــد حسن الزيات ،ومحمد السباعي وغيرهم(((.
عـــربـــيًـــا ،ن ــش ــأ فــن الــقــصــة عــنــد الــعــرب بداية «فــي مصر قبيل ثـــــورة 1919م بــفــتــرة وجــيــزة ،حيث قــدم لنا محمد تيمور أول محاولة في هذا المضمار في عــام 1917م بعنوان (فــي القطار) ،ثم ويتمثل رواد هذا الفن عند العرب -ممن تــوالــت بعد ذلــك كتابة القصة القصيرة دافعوا عنه ،وكتبوا فيه وأبــدعــوا -في كل على يد الكتاب الشباب الذين كانوا ينادون من :عيسى عبيد ،وشحادة عبيد ،ومحمود بالتجديد والثورة على القديم»(((. تيمور ،ومحمود طــاهــر الشــيــن؛ كما كان ويــؤكــد الــدكــتــور أحــمــد هــيــكــل أن فن إلبراهيم المازني وتوفيق الحكيم((( إسهام الــقــصــص عــنــد الــعــرب مــديــن بــاســتــقــراره فــي استقرار هــذا الفن وضبط مالمحه، ألمور عدة ،أولها جهود الــرواد متمثلة في ووالدته كفن أدبي إلى جانب الفنون النثرية محاوالتهم التي أسفرت عن نشأة هذا الفن األخرى. بصورته الفنية في األدب الحديث ،إذ كان تصنيف الــقــصــص مــن حــيــث الحجم، ميالد الرواية على يد الدكتور محمد حسين والقالب الفني (الشكل) وطرق العرض.
64
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دراسات ونقد
الـمـبـحــث األول :تـصـنـيــف الـقـصــص مــن حيث في أسلوب نقدي الذع لمناقشة قضايا كبيرة، الحجم: ومــوضــوعــات تحتاج إلــى وقــفــة مــع الــذات لقد بدأت المجلة مع اقترابها من العدد إلبراز نقاط النقص والضعف ،والسبيل إلى العاشر ترفق قصة ضمن المواد المتنوعة التغيير والتطوير في هذا الجانب. التي تقدمها ،ويكون في نهايتها ،وتحديدًا تصنيف القصص من حيث الشكل: في العدد التاسع ،وسرعان ما تطور اهتمام تــتــنــوع الــقــصــص مــن حــيــث شكلها إلــى المجلة بالقصة شيئًا فشيئًا؛ حتى بدأت أنــواع عديدة ،فتتخذ لنفسها القالب الذي المجلة تتجه إلى إدراج أكثر من قصة ،وقد يرتضيه له قاصها للبوح والتعبير عن تلك وصلت مع عددها الخامس عشر بتضمين اللحظة الدقيقة في الحياة ،والتي الرتباطها نحو ست قصص في كل عدد من أعدادها بالحياة وبالواقع والحقيقة؛ فإنها تأتي وفق وبشكل ثابت ،وفي مكان متقدم من العدد، أنماط هذا الواقع اليومي ،فقد تبدو على لتنشر إبداعات الشباب العربي من كل أنحاء شكل خــاطــرة ،أو فــي قــالــب صحافي ،أو الوطن العربي ،وهــذا ينطبق على الشعر تتخذ شكل المدونات اليومية ،أو تسرد على أيضا. ً شكل ذكريات ،أو قد تكون أشبه بالحكاية وتميل المجلة إلى تقديم القصة القصيرة أو النادرة التي يقصها الكاتب على القرّاء، جدًا ،ونمط األقصوصة؛ بل أَقَل حتى مما أو على نمط رسالة متبادلة بين شخصين، وضعه النقاد لتعريفهما ،حيث يُراوح حجم وغيرها من األشكال. القصة من ورقــة إلــى ثــاث صفحات على وفي مجلة الجوبة ،ونظرًا للعدد الكبير األكثر ،والنادر منها يأتي في أربع صفحات، م ــن الــقــصــص الــتــي قــدمــتــه الــمــجــلــة ،إذ أمــا نمط القصة الطويلة (النوفيال) فهو تراوح في غالبية األعداد كما سبق وذكرنا ليس ضمن القصص التي تتضمنها محاور ست قصص؛ نالحظ معها تعدد القوالب أعدادها ،وربما ذلك يرجع إلى أن هذا النوع واألشكال الفنية التي قدمت بها القصص يحتاج إلى مساحة كبيرة من الورق ال تتسع وظهرت فيها ،ومن ذلك نعرض: له المجلة التي شكلت لنفسها منذ أعدادها في العدد التاسع من المجلة نجد قصة شكل ومنهجية مميزة تعتمد تقديم ً األولى عــدد متنوع وكبير -نوعً ا مــا -من موادها بعنوان (ثالث بعوضات) إلبراهيم الحميد، ومحاورها الــذي يتنوع ما بين الدراسات ،تــأتــي القصة القصيرة فــي قــالــب فكاهي والــقــصــص ،والــشــعــر ،ونــوافــذ ،والملفات ســاخــر ،إذ تــدور حــول بطل القصة الــذي الخاصة ،والترجمة والسير التي تبرز إنجاز يحاول أن يجلس هادئًا في مكتبه وينجز أصحابها ،وبعض المواجهات التي تقدمها عمله َفيُفاجَ أ بثالث بعوضات تقض هدوءه
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
65
وتركيزه فينشغل بهن ،ويقدم القاص ذلك «لديها ابنتان متزوجتان تسكنان بعيدًا بأسلوب رمــزي مكثف وفــي الــوقــت نفسه عنها ،ويسكن بالقرب منها حبيب القلب ابنها قاسم ،ومعه أسرته. ساخر ومضحك. وجمل ٍ بــعــبــارات متعثرة على لسانها، «أحسب الثواني ثقيلة ..فقد أتمكن من إحداهن أخيرًا ..سألقي بكل ثقلي للخالص مفككة تتردد في توصيل قلقها إليه. منها ..ظلت تواصل مسيرها إلــى مقدمة فــي بحثها عــن الــســلــوى تحب أن تقرأ رأسي ..ألحاول اإلجهاز عليها ..ضربت كفيّ وتشاهد األفالم ،وتمضي وقتها بمتعة ،لكنها ببعضهما! فصحت بانتشاء :أخيرًا أطبقت تفشل كلما حاولت إخفاء هوسها وخوفها من يدي عليك أيتها اللعينة! رأيتها تنسل من بين الوحدة. أصابعي قبل أن أفلت يديّ ! مصدرة مزيدًا مــا إن تلتقط أخــبــار الــوفــاة مــن هنا أو من الصوت وكأنها تتحدى!.(((».. هناك ،ال تتمالك نفسها وترتمي منهارة على وتمثل قصة (ذاكـــرة لــارتــزاق) لسهام كرسيها ،وتغرق في دموعها ،وحين تنجلي الدهيم شكل الخاطرة التي تقدمها القاصة عنها عاصفة الحزن واألسـى ،تجلس وحيدة محاولة التعبير عن الحدث بأسلوب بالغ فــي غرفتها ،وال ترغب أن يتحدث إليها الرقة وبلغة عالية ،تقول فيها: أحد»(.((1 «يغريها الضجر بأن تقصد َمنْحتها ،علّها ويقدم عيسى مشعوف األلمعي في قصة تجد شيئا ينسيها وحدتها.. (نصوص قصصية) نمطً ا مشابهًا له؛ لكن الرابط الذي يجمع بين فقرات القصة هو تقف مل ّيًا تتأمل منحوتاتها المترامية.. رابط حسّ يّ ،ال ترابط على مستوى معانيها كل هذه األشياء ال تبهجها؛ فلكل واحدة وانسيابها زمــنـ ًيــا ،وكــأنــهــا تشكل مفارقة منها ظروفها التي خلقت/نحتت بها.. مفصلية تختزل مشاعر الكاتب ،يقول فيها: فذاك القلم ُق ّد ذات ألم! وتلك الشجرة ُقدّت ذات خطيئة؛ لتطفق عليها من ورقها!»(.((1 وتــقــدم مريم الحسن فــي قصة بعنوان (حفل استقبال) قصة تقدم فيها حكاية عن السيدة (أم قاسم) وأوالدهــا ،وما تصارعه من مشاعر وأمــور في هــذه الحياة ،تقول القاصة:
66
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
«(وحدة) سأل صديق صديقه :لماذا انفصلت عن زوجتك؟ أجابه« :ألني لم أعد أحتمل الوحدة». (مالذ) أحب تلك التفاحة .لونها األحمر الزاهي، ّ طعمها السكري .وداعتها .رائحتها.. قرر أن يعيش في بستانها .معها تندمل
دراسات ونقد
جروحه. (دفء) قبل أيام رحلت عصفورته.. غابت ابتسامته وثقلت خطواته. أنهك قلبه في البحث عنها. تحت مساكب الشمس ينتظرها بلهفة.. لعل الدفء يجلبها إليه»(.((1
يضبط أحــدهــم يــخــرج مــن بيت ج ــاره في ساعة متأخرة جدًا من الليل ،فما كان من ُض طرفه ويدخل بهدوء هذا الشاب إال أن يَغ ّ إلى بيته.
فرحت كثيرًا بــأن أرى قصتي منشورة في صحيفة محترمة ،لكنني فوجئت بأحد جيراني يطالبني أن أكشف له عن اسم الرجل ويقدم قاص من السعودية لم يذكر اسمه الذي خرج باألمس من عند زوجته»(.((1 في قصة (مطبات صناعية) نمط القصة تصنيف القصص من حيث طرق العرض: التي تشبه قالب اليوميات حتى يعبر عمّا يعرض الدكتور محمد محقق في قصة يجري ويراه خالل يومه ،يقول: قصصا مختزلة ً بعنوان (قصص قصيرة جدًا) «أديـر محرك سيارتي ،وأسير في طريقي ضمن قصة كاملة ،وكأن العناوين الفرعية اليومي ،فتبدأ في إصــدار أصــوات جديدة مجرد عتبات يبرز من خالل الصراع المتقد اختزال لما تعبر عنه ً كل يــوم ..فـي كـل مـرة أعبر مطبًا جـديـدًا ،في القصة ،أو لتكون يصر المطب على ترك بصماته على مؤخرة كل فقرة من األسطر ،ويبدأ هذه القصة من سيارتي وعلى محركاتها على شكل صرير النهاية التي يعنونها كأول العناوين الفرعية مزعج ..تستوقفني أرتــال النفايات ،وبقايا التي يضعها عتبات للقصة ،يقول: المباني الــمــهـدّمــة :طــوب مكسر ،وبقايا أعتاب ،وأبــواب تالفة ،وأجــزاء متناثرة من «(نهاية) حديد لم يستطع اللصوص االستفادة منها ،طاردته أشباح الهم والعذاب.. فأمسك بسيف أوهامه.. وإطـارات متهرئة.((1(»... ويقدم عمار الجنيدي في قصة (البحث عن أسماء محايدة) قصة أشبه بالتجربة الــذاتــيــة المختصرة الــتــي يسردها بنمط الــســرد االسترجاعي لحدث معين م ـ ّر به خالل كتابته ،يقول: «ما أزا ُل أذكــر أول قصة نشرتها وكيف كانت ردة الفعل عليها. القصة تحكي في مضمونها عن شاب
دراسات ونقد
وعلى كتفه أراح رأسه المحموم.. حين ارتشف آخر جمرات الحياة... (إلهام) في خفة الروح ورقة الفؤاد.. ينسكب ينبوع إلهامه.. قصائد تنبض في معنى الكلمات.. منقوشة على مرايا الحلم.. تثير زوبعة الذكرى ورياح األمل.. (جندي اإلبداع)
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
67
في دروب فن االكتشاف.. يظهر مالمحه للعابرين.. يبحث عن إبداع اآلخرين.. إلحياء شهوة الكتابة في كيانهم»(.((1
البناء الفني للقصة القصيرة
يشكل البناء الفني عنصرًا مهمًا لبناء القصة ووصولها إلــى المتلقي ،وتحقيقها ألهدافها المنشودة؛ بل ويشكل البناء الفني وفي قصة (غافة عليا) لفاطمة الناهض ،والعناية بــه وبتكوين عناصره وتشكيلها األساس أو شرط اإلبداع الفني. تــعــتــمــد ال ــق ــاص ــة عــلــى أس ــل ــوب الــتــذكــر الحبكة واالسترجاع في قصها للقصة ،تقول: وتبرز الحبكة في قصة (شمس غشت) «أســتــطــيــع أن أتــذكــر بــوضــوح شــديــد، تفاصيل ذاك المساء ،وكيف لحقتنا سيارة للقاص أحمد الفطناسي ،جاء في القصة:
الشرطة -مستفزين إلى أقصى حد -بتلك األضواء الحمراء والزرقاء التي تعمي البصر.
شــيء ما ضــرب في أفئدتنا ،ذلــك الغروب
المرير ،حين رأينا سيارة اإلسعاف في ذيل الدورية ،تنعطف صوب المزارع .مكان لم
يقربه لبالب الحياة .ال أطفال يتراكضون فــي ه ــدأة الــعــصــر بــيــن ال ـــ ــزرع ،وال بنات يتلصصن على الشارع من فتحات األبواب،
وال نساء يتزاورن في النهارات الطويلة في غياب رجالهن ،وال مجالس تنادي الكسالى
والمتعبين حين تعتلي النجوم دكة الليل»(.((1
68
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
«ه ــل هــو عــبــور لــهــذا الــفــضــاء اآلخـــــر؟ وحينها هل سأكون أنا أم اآلخـر؟ هو حين يعبر ،أم أنا العابر اآلن؟ وهل سأصل إلى نفسي حين أعبر لضفة اآلخر؟ ألهذا الحد يُعد عبوري حدثًا عظيمًا؟!تعميق لسؤال ٍ تــزيــد لحظة التفتيش مــن عــبــوري االستثنائي ،رجــل األمــن الــذي يتفحص األوراق ،وجــســدي ،ومــامــحــي، وعيني ..وكأنها لحظة استنطاق للحظتي، كــامــه أشــبــه بــالــحــجــر ،همهماته تالعب أعصابي ،ماذا لو تغيّر لون بشرتي عن بشرة
دراسات ونقد
الــذي يقوم برحلة العبور؟؟ أنـا أم شخص الصورة المثبتة بجواز السفر.. آخ ــر؟ هــل الجسد أم العقل وح ــده ،حين االسم؟؟أختار أقصى عبور زمني كي يعيش لحظة العمل؟؟»(.((1عبوره ،دون الحاجة للتفكير في الجسد؟» يعتمد القاص على أسلوب يعتمد على ويختمها بتساؤل يبرز أن ال نهاية لهذه األزمة السؤال واالستفسار والجواب والحوار بين والعذاب. الــقــاص ال ــذي يعلو صــوتــه كبطل للقصة، وفي قصة (خلوة) لبوشعيب عطران فكرة يناجي نفسه ،ويــعــتــرض ،ويسخط ويثور الوحدة والشعور باالكتئاب الــذي يتعلق به على الــوضــع الــقــائــمِ ،ليَشي برؤيته حول شخصيًا ،فهو يتماهى فــي الــســرد بلسان فكرة السفر والعبور واإلجراءات التي تتخذ الراوي البطل الذي ينقل لنا تفاصيل القصة للسماح له بالتنقل حتى من ضفة إلى أخرى كلها ،يقول: قريبة: «وك ــأن ــي أســيــر فــي طــريــق ضــيــق يشق «ما هو اتجاهك؟ الخالء ،الجو يعبق بحنان صيفي ،وبشائر -......؟ الخريف تتهادى مـع مـسـاء يعلن عـن نفسه كنت أجيب وعيوني على مرفأ السفن ،في مجلال بـهـدوء عميق .على شـاطـئ شبه مهجور ،أغراني بالجلوس في مقهى بجدار لحظة زجاجي يـطـل عـلـيـه ..أســنــدت رأســـي استثنائية ،جعلتني أتساءل» :..هل عبوري عـلـى حافة الكرسي في استرخاء تام ،أنظر يستحق هذا االستنطاق؟» وألول مرة بدت من خالل الزجاج على أمــواج البحر بين مد ابتسامة خفيفة على محياه ،قــام مقاطعًا وجـزر.((1(»... لحظة اندهاشي.. ويسترسل القاص في سرده هذا مصورًا هل أنت ابن هذه القبيلة؟مــشــاعــره ،إذ تكتسي كــل األل ــف ــاظ بهذه ال»(.((1المشاعر ،ويبرز المعجم اللغوي له معبرًا يناقش القاص بأسلوب يجمع بين السرد عن هذه الحالة ،حتى تماهى القارئ معه الرتيب والسخرية هذه الحالة التي تحكم تمامًا وأخذ يتساءل عن سبب هذه الحالة العبور ،وكيف يتم التفتيش الصارم واألسئلة التي يعاني منها:
التي ال تنتهي ،ولن تنتهي ،وقد أشار إلى ذلك «أضيئت أنــوار المقهى لتحجب الرؤية من خالل نسجه للبداية والنهاية من خالل عـن خـارجـه وتعكس مـا بـداخـلـه ،طـاوالت أسلوب االستفهام .يقول في البداية« :مَــ ْن هنا وهناك ،حولها كراسي اقتعدتها وجوه
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
69
مختلفة .كل طاولة وعالمها .عوالم شتى داخـل هذا العالم والـذي بـدوره له عالمه»(.((2 قبل أن يفاجئنا بالنهاية ،إذ يظهر صوت يقض عليه عزلته فيقول: «وصوت يقتحم عزلتي يزعق برقمي فظا غليظا :قم لديك زيارة»(.((2
يزال بها حتى تتعود عليه ،اعتمد على هذا األسلوب حتى تجمع حوله الكثير من اإلبل الحالبة ،هدد حياته بالخطر بعض فحول اإلبل المتوحشة ،فكان يحتمي منها بارتقاء األشجار ،أو االحتماء بناقته الكبيرة أو بعض النياق األليفة.((2(»...
ويتمادى طمرير حتى يصبح من األغنياء، فتبرز النهاية بشكل مفارقة حيث يظهر ويعقد مع حكومة البالد اتفاقًا ،كما ظهر في أن هــذا البطل مسجون أو شــيء من هذا الصحافة وعرف بالرجل الشجاع ،ثم اهتدى القبيل ،وفي خضم هذه الحالة من الطبيعي إلى إرسال اإلبل إلى بالده شيئًا فشيئًا ،حتى: أن يشعر بالعزلة وهــذه األمــور المصاحبة «على صوت أذان الفجر ،صحا من نومه، لها ،مهما كان سبب سجنه. ووجد نفسه وحيدا ال ناس حوله وال إبل»(.((2 ويقدم إبراهيم شيخ مغفوري في قصة لقد رسم الكاتب حبكة مميزة فيها كل (طمرير واإلبل) قصة لألطفال ،تحكي عن شــاب فــي مقتبل الــعــمــر ،يعمل وال ــده في عناصر البناء الفني المتقن ،وفيها مالمح مالحقة اإلبل وتربيتها ،وورث عنه ذلك ،ولما وخطوط الحكاية العريضة وحتى تفاصيلها كبر والده عجز عن مواصلة هذا العمل ،فباع التي سارت بصورة يسيرة حتى وصلت إلى جميع اإلبــل؛ ما سبّب حزنًا كبيرًا لطمرير الــذروة في رفــض اإلبــل لطمرير ثم صبره فمكث في البيت ال يخرج منه .وحينما سمع ومحاوالته المتواصلة لنصل إلى الحل ،حيث طمرير عن مكان في العالم تعيش فيه الكثير ارتاحت له اإلبل وأصبحت طوع أمره ،وكل من اإلبــل المتوحشة في مساحات شاسعة ذلك يضمنه الحلم الــذي حـوّل طمرير من غير مأهولة بالسكان ،وهي تؤرق الحكومة مكان إلى مكان ،ومن مكانة إلى مكانة مغايرة تمامًا ،وجعله يصل األفاق حتى أذان الفجر؛ هناك؛ أخذه الحلم إلى تلك المنطقة وسرح لكن ما قدمه الكاتب ليس بالمستحيل؛ بل في حلمه حتى أصبح غازيًا مستوطنًا لتلك ممكن باإلصرار والعمل. المنطقة ثم مالكًا لها ولكل اإلبل فيها ،بعد صبر ومــحــاوالت طويلة تمكن خاللها من الشخصية كسب ود اإلبــل مجموعة تلو األخــرى حتى في قصة (انتكاسة) لعبدالكريم محمد باتت كلها تحت سيطرته ،تسير بأمره. النملة نالحظ وجــود شخصيتين ،األولــى «كــان يقترب مــن الناقة التي تصاحب بطلة القصة التي تــدور حولها التجربة، نــاقــتــه ،إذا سمحت لــه مــرة بحلبها ،وما والــثــانــيــة تتعلق بشخص كــانــت ترتبط به
70
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دراسات ونقد
عالقة وانتهت ،ونتوصل إلى ذلك من خالل سرد القاص للحكاية على طريقة الــراوي العليم ،يقول: «رم ــت خلفها كــل مــا علق بأذنيها قبل التقاء به من إيحاءات وإيماءات أملتها أفواهٌ مرتاب ٌة متشككة .بدت مولودة جديدة تتقافز كطفل مرح ،أنحت الهاتف جانبا ..فال يتسع المكان لصوت ثالث ،نغمان امتزجا فأبدعا سيمفونية أخاذة .عطرت المكان بعطر الليلة األولى ،ليلة بكر كتلك الليلة.((2(»...
«كــان من كبار مثقفي المدينة ..ال أحد يستطيع أن ينكر ذلك ،حتى األرصفة التي احتضنت خطاه ،حتى ذلــك المقهى الذي كان يجلس فيه كل مساء ..وذلك الفنجان ال ــذي يعانق بــنــه ..وشــلــة الطيبين الذين يحتويه حبهم ..كان -ككل المثقفين الذين جاءوا في زمن غير زمنهم -يحترق كفتيل قديم أنهكه الـوقـت ،وصـار ينهكه الـمـرض والبطالة ،ليشعر أنه مجرد لعبة عبثت بها أيدي األقـدار.((2(« ...
وتستمر الحبكة لتبين عن تطور األزمة وف ــي قــصــة (أبــحــث عــن س ــاق) لطاهر التي تعاني منها الشخصية الرئيسة في الزهراني: القصة: «عندما ول ــدت ُ ،ظــهــرتَ على شاشات «هـــــا هـــــو اآلن تقتله كــهــربــاء الـواقـع التلفاز شخصية كرتونية عظيمة ،لكني لم الــرديء ..الواقع النيلوني ،بعد أن أنهكه أتعرف عليها إال في العاشرة من عمري ،ولم المرض والبطالة ،ولم يعد يطعمه الحرف أتصوّر حينها أن هذه الشخصية ستالزمني وال القلم ..لم يعد يمنحه خبزًا ،يؤمنه من طوال حياتي! جوع أو خوف»(.((2 (جـ ــون ســيــلــفــر) الــطــبــاخ الـ ــذي يقشّ ر أما النهاية ،فهي مؤلمة مفجعة في حق البطاطا ،ويطهو الطعام ،ويغني للصندوق، هــذا المثقف الــذي لم تجحفه ثقافته ولم ويــطــرق األرض بساقه الخشبية ،انقلب تترك له شفاعة ليتم ذكره وتكريمه ،ولكي فجأة إلــى قــرصــان عنيد ثائر يبحث عن يموت كما يستحق: الــكــنــز( ،ســيــلــفــر) ت ــرك فــي داخــلــي صوتا «ذات صباح ،أذيــع خبر مــوت «المثقف جهورا ،وضحكة مجلجلة ،وبقايا من حكمة الــكــبــيــر» ،وكــتــبــت الــصــحــف ذل ــك بالبنط الكبار»(.((2 العريض ،وهــرعــوا كلهم لحضور جنازته، وفـ ــي قــصــة (ال ــص ــاع ــدون عــلــى جثث ونظم القصائد عنه ..وكان آخر العراجين، األغاني) لزهرة بوسكين: أن خصصت الــدولــة جائزة ثقافية وطنية تدور القصة حول شخصية واحدة ،فيقدم معتبرة باسمه .فتشت في الدفاتر القديمة فسمعت صدى ما يردد: سيرة شخصية مثقفة:
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
71
يا أيها الصاعدون على جثث األغاني أمهلوا موتي قليال.. أللم بقايا الحياة بأجنحتي.. فالرحيل ثقافة عصفور»(.((2 وفــي قصة (ذبــول وردة) لليلى الحربي، تظهر شخصية القاصة بداية وهي الراوية العليمة لكل أحــداث القصة وتفصيالتها، أما الشخصية الثانية الرئيسة فتقدمها من خالل هذا السرد للقصة ،وهي محور القصة وسبب كتابتها ،حيث تقدم الكاتبة صرخة
تعبر القاصة ب ــأرق الكلمات عــن هذه
الصديقة ،وتمزج حزنها بثقل من الحزن
واأللم ،تقول:
«صرخت بهم في أعماقي ،إنها ســارة!! يا من تغلفونها باألسمال ..وتنادون عليها برقم السرير ..إنها ذلك الحلم الوردي الذي لم يكتمل بعد ّ ..وفــي جــوف هــذا الجسد المسجى أكثر مــن دورة دمــويــة ..وأجهزة هضمية ..وأخ ــرى تنفسية ..فــي داخلها، يتربع الكون ..منتظرًا أن تحياه ..في داخلها كل األماني.((3(»..
موجعة تفرغ فيها عذاباتها وألمها لخسارة ومن شدة الحزن تنهي هذه القصة بأبهى صديقتها (سارة) ،تقول مبرزة عالقتها بها ص ــورة بشعر بــديــع ،يــبــرز العالقة القوية وتعلقها الشديد بها: والمشاعر النبيلة الحميمة بينهما التي «صديقتي ،في جبينك ارتسم الصبا ..جعلت مشاعرها تتقد حبًا ممزوجً ا باأللم:
وفــي كفيك ما زال الخضاب ..قومي إليّ «ما عادت روحها قربي! صديقتي.. وعانقيني ..وشدي عباءتي كي ال أفكر في يــا كـوكـبـًا مــا كــان أقـصـر عمره وكـ ــذا ت ـكــون ك ــواك ــب األس ـحــار الرحيل ..جميلتي ،أين الجمال؟»(.((2
72
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دراسات ونقد
عَ جلُ الخسوف عليه قبل أوانه فـمـحـاه قـبـل مـظـنـة اإلب ـ ــدار»(.((3 األحداث
تـتـلـبـسـنـي ،سرنا فـي شــوارع تلك الـبـالد دون أن نــعـرف مـصـيـرنـا؟ تنقّلنا في أحيائها ،شوارعها ،أزقتها .عالم ال نعرف عنه شيئًا ..أثناء تلك التنقالت رأيت مَن هم من بالدي ،يقفون متسولين أمــام اإلشـارات.. نـاظـرتـهـم بحزن ..انتابتني نوبة غريبة ..لم أشعر بنفسي إال وأنـا بجانب برميل نفايات قريب»(.((3
في قصة حضيه عبده حافي (قصتان صغيرتان) تنقسم القصة في عنوانين ،األول (عزاء) ،والثاني (الوطن) ،يبرز صوت القاصة كبطلة للقصة ،وتبرز األحداث كمتنفس عن الحالة التي تعايشها القاصة ،وكل عنوان من إن كل المفردات في هذين الحدثين تتآزر العنوانين اللذين يشكالن قصتين قصيرتين لتعبر عن الحالة العامة ،الحدث الكبير الذي جدًا؛ تكتمالن معًا في بناء القصة لتعبرا عن يؤرق حياة القاصة ،حيث تراوحت حياتها األحــداث العامة إما بشكلها الحقيقي ،أو مــا بين الــحــزن والــمــوت والغربة والضياع كمعادل موضوعي لما عايشته. والتشتت. تحت عنوان (عزاء) نقول: وفي قصة (عرس الخيبة) لجعفر عمران، «لم أرغـب بالحضور ذاك المساء ،تـفـوه كان حدث (الطالق) يعتلي القصة: بـكـل مصطلحات الـشـتـائـم. «طــلــبــت الــطــا َق مــن زوجــهــا ،ول ــن يتم حانت مراسيم الـــــوداع؛ تقدمت وخلفي إحــصــاؤهــا ضــمــن عـــــدد الــمــطــلــقــات في بعض النسوة ،بـدأت أرتجف ،أتعرق ،ثقلت مدينتها .قــرار الحجر المنزلي وأ َد رغبتها خــطــاي؛ اقــتــرب رفــع الــغــطــاء عــن وجهها ،وكفّنها .تركها تحمل جثتها فــي ممرات نظرت إليها ثم أدرت ظهري .ناداني صوت البيت ،بال حــب ،وال قلب ،وال ساتان ،وال من خلفي :ودعيها.((3(».. مأوى ،وال فِ راق ،وال شارع ،وال حضن أم ،وال (العزاء) كحدث ومكان لــوداع المتوفى ،ظهر أخ ،وال قبر. والتخفيف عــن ذويــه ومــواســاتــه؛ يبرز في محجوزة في غرفتها ،تخمش روحَ ها مثل النص ليس كمعلم وفاة شخص ما فقط؛ إنها قط محشور في زاوي ــة .تجهش مثل طفل روح القاصة التي ذبلت مع األحــداث التي يقف تحت جــدار يتطاول! كانت تنتظر أن عايشتها عبر الزمن ،وتأتي القصة الثانية تتحرر خالل أيام.((3(»... بعنوانها (وطن) لتكمل هذه الحالة .فتحت يصور القاص عمران حــادث طــاق قد عنوان (وطن) تقول: يبدو عاديًا ،ويحدث كل يوم في أي مدينة «عـنـدمـا وصلـنــا ،شــعــرت بـالـغـربـة كانت ،وحــدث تأثر أي أنثى به يعد حدثًا
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
73
طبيعيًا حتى في حال طلبت الطالق ،فأثره ولكنني أعرفك جــيـدًا ..ازداد استغرابي! بالغ مهما كانت األسباب التي دفعتها إلى وكيف كان لك أن تعرفيني..؟»(.((3 ذل ــك؛ لكن ينظر الــقــاص إلــى هــذا األمــر وتنتهي الــقــصــة نــهــايــة غــريــبــة مشوقة من زاوية أخرى فريدة ،يعايش من خاللها ومفتوحة تثير القارئ: الــواقــع ،فجائحة كورونا والحجر المنزلي «سبقتني بالكالم قائلةً :كلها خير ..ما المفروض على الجميع منعها من أن تمارس هي؟ قلتُ :لها ..قالت :كل ما أعرفه عنك حقها فــي هــذا الــطــاق ،والــشــعــور بــه ،أو خير ويستحق الثناء ..حاولتُ أن أشرع معها مشاركة غيرها جرحها ،فيواسوها ويخففوا في الحديث حــول ذلــك ،لكن نــداء موظف عنها وطأة الحزن والجرح. شركة الطيران عرقل ذلك ..لكنها وعدتني وفــي قصة (تــور مدينة مــن نــور) لنادر أن نلتقي مرة أخرى ،وغادر ك ٌل منا إلى بوابة الغرام الذي يعلو صوته على مدار القصة سفره ..سخونة الموقف أنستني أن أسألها.. كشخصية أســاس ،يعبر من خــال أسلوب متى وأيــن وكيف نلتقي ،ولــم يترك كالنا البوح عن ذاته في شكل يقترب من اليوميات لآلخر وسيل ًة لذلك اللقاء..؟»(.((3 أو الخاطرة االسترجاعية ،يقول: فالقاص تــرك كل القصة مفتوحة على «فلتغفر لي كل الــمــدن ،فأنا لم أعرف ذل ــك الــلــقــاء الــغــريــب ال ــذي لــم يفهم منه إال مــديــنــة واح ـ ــدة ،زرعـــت بــي مالمحها القاص/الشخصية شيئًا كما نحن ،صدفة ألكره كل المدن بعدها ،فكل مدن العالم ما غريبة ،يلتقي بتلك السيدة ،تقول إنها تعرفه عـدت أراهـــن ،باتت مـدنـ ًا بـال رائـحـة وبال وتعرف عنه ،وينتهي اللقاء عند ذلك. مالمح»(.((3 نتائج البحث ويدور الحدث في قصة (بطاقة صعود) توصل البحث إلى أمور عديدة ،هي: لحسن علي الــبــطــران فــي صالة المطار، بشكل اعتيادي ،حيث اللقاء بين القاص .1 /تنوعت القصص في المجلة ،وكانت تشكل ثرا ًء غير عادي على جانب موضوعاتها البطل ،وسيدة تدعى (سمر): وأنماطها. بادرتني بالسالم بحركة يدها ،وبابتسامة مــن شفتيها ..فضولي (أل ــح) علي السير نحوها ،وإليها تحديدًا وعنوةً ..سألتها :أختي العزيزة ..عفوًا من أنت..؟ أجابت دون تردد وبهدوء :أنا (سمر )..ومن هي (سمر)..؟ قلتُ لها! أجــابــت :أنــت أكيد ال تعرفيني،
74
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
.2إن غالبية القصص في أعــداد المجلة تنتمي لنمط القصص القصيرة التي تُــراوح بين الصفحة والثالث صفحات فقط ،والقصيرة جدًا التي ال تزيد عن بضعة أسطر ،وال وجــود لنمط القصة
دراسات ونقد
الطويلة (الــنــوفــيــا) وه ــذا يــرجــع إلى
الواقعية؛ لكنها تسلط الضوء على جانب عميق في هذه اليوميات والمشاعر تغلب في ذلك.
.3تنوعت أشكال القصص من حيث قوالبها،
.5وكانت الشخصيات قليلة ،غالبًا ما ال تتعدى الشخصية الواحدة التي تروى من قبل قاص عليم ،يبدو هو هذه الشخصية، والحبكة بسيطة تتناسب وطبيعة هذه الشخصيات واألحــداث البسيطة؛ لكنها ومعان عميقة متعددة. ٍ بمغاز ٍ تشي
طبيعة المجلة وحجمها واهتماماتها التي ال تسمح بإدراجها ضمنها. فمنها ما جاء على شكل خاطرة ،ومنها كان ساخرًا ،ومنها الرمزي العميق. .4وعلى مستوى البناء الفني فقد كانت األحــــداث عــاديــة مــن الــحــيــاة اليومية
* باحثة دكتوراه -جامعة أم القرى مبكة املكرمة. ((( لســان العــرب ،محمــد بــن مكــرم بــن علــى ،أبــو الفضــل ،جمــال الديــن ابــن منظــور ،دار صــادر ،ط،3 بيروت-لبنــان1414 ،هـــ ،ج/7ص.74 ((( دراسات يف القصة واملسرح ،محمود تيمور ،مكتبة اآلداب( ،د.ط) ،القاهرة-مصر( ،د.ت) ،ص.79 ((( يُنظــر :معجــم مصطلحــات نقــد الروايــة ،لطيــف زيتونــي ،مكتبــة لبنــان ناشــرون( ،د.ط) ،بيــروت2002 ،م، ص.28-36 ((( يُنظر :فن القصة ،محمد يوسف جنم ،دار صادر ،ط ،1بيروت-لبنان1996 ،م ،ص.291 ((( ينظــر :فــن القصــة القصيــرة ،رشــاد رشــدي ،مكتبــة األجنلــو املصريــة( ،د.ط) ،القاهرة-مصــر( ،د.ت)، ص.10-8 ((( نشــأة القصــة القصيــرة يف مصــر مــن خــال محــاوالت عيســى عبيــد وشــحاتة عبيــد ،مجــدي محمــد شــمس الديــن إبراهيــم ،دار الشــؤون الثقافيــة العامــة «دار آفــاق» ،بغداد-العــراق( ،د.ت) ،ص.1 ((( يُنظــر :تطــور األدب احلديــث يف مصــر مــن أوائــل القــرن التاســع عشــر إلــى قيــام احلــرب الكبــرى الثانيــة، أحمــد هيــكل ،دار املعــارف ،ط ،6القاهرة-مصــر1994 ،م ،ص.414-413 ((( يُنظر :تطور األدب احلديث يف مصر ،أحمد هيكل ،ص.415 ((( قصة (ثالث بعوضات) ،إبراهيم احلميد ،مجلة اجلوبة ،ع ،9ص.45-44 ( ((1قصة (ذاكرة لالرتزاق) ،سهام الدهيم ،مجلة اجلوبة ،ع ،20ص.28-26 ( ((1قصة (حفل استقبال) ،مرمي احلسن ،مجلة اجلوبة ،ع ،59ص.77 ( ((1قصة (نصوص قصصية) ،عيسى مشعوف األملعي ،مجلة اجلوبة ،ع ،56ص.43 ( ((1قصة (مطبات صناعية) ،قاص سعودي ،مجلة اجلوبة ،ع ،20ص.29 ( ((1قصة (البحث عن أسماء محايدة) ،عمار اجلنيدي ،مجلة اجلوبة ،ع ،51ص.55 ( ((1قصة (قصص قصيرة جدًا) ،محمد محقق ،ع ،31ص.52 ( ((1املصدر السابق ،ص.52 ( ((1قصة (شمس غشت) ،القاص أحمد الفطناسي ،مجلة اجلوبة ،ع ،15ص.78 ( ((1املصدر السابق ،ص.78 ( ((1قصة (خلوة) ،بوشعيب عطران ،مجلة اجلوبة ،ع ،56ص.46
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
75
( ((2املصدر السابق ،ص.46 ( ((2السابق ،ص.46 ( ((2قصة (طمرير واإلبل) ،إبراهيم شيخ مغفوري ،مجلة اجلوبة ،ع ،48ص.42 ( ((2املصدر السابق ،ص.42 ( ((2قصة (انتكاسة) ،عبدالكرمي محمد منلة ،مجلة اجلوبة ،ع ،56ص.46 ( ((2قصة (أبحث عن ساق) ،طاهر الزهراني ،مجلة اجلوبة ،ع ،39ص.104 ( ((2قصة (الصاعدون على جثث األغاني) ،زهرة بوسكني ،مجلة اجلوبة ،ع ،20ص.33 ( ((2قصة (الصاعدون على جثث األغاني) ،املصدر السابق ،ص.33 ( ((2قصة (ذبول وردة) ،ليلى احلربي ،مجلة اجلوبة ،ع ،33ص.72 ( ((2املصدر السابق ،ص.72 ( ((3قصة (ذبول وردة) ،املصدر السابق ،ص.72 ( ((3السابق ،ص.72 ( ((3قصة (قصتان صغيرتان) ،حضيه عبده حايف ،مجلة اجلوبة ،ع ،59ص.86 ( ((3قصة (قصتان صغيرتان) ،املصدر السابق ،ص.86 ( ((3قصة (عرس اخليبة) ،جعفر عمران ،مجلة اجلوبة ،ع ،70ص.68 ( ((3قصة (تور مدينة من نور) ،نادر غرام ،مجلة اجلوبة ،ع ،15ص.74 ( ((3قصة (بطاقة صعود) ،حسن علي البطران ،مجلة اجلوبة ،ع ،31ص.50 ( ((3املصدر السابق ،ص.50
المصادر والمراجع أول-المصادر: ً
.1 .2 .3 .4 .5 .6 .7 .8 .9 .10
مجلة الجوبة (تصدر عن مركز عبدالرحمن السديري بالجوف) ،ع( ،)9رجب 1419هـ. مجلة الجوبة ع( ،)15خريف 1427هـ. مجلة الجوبة ع( ،)20صيف 1429هـ مجلة الجوبة ع( ،)31ربيع 1432هـ. مجلة الجوبة ع( ،)33خريف 1432هـ. مجلة الجوبة ،ع( ،)48صيف 1436هـ. مجلة الجوبة ع( ،)51ربيع 1437هأ. مجلة الجوبة ع( ،)56صيف 1438هـ. مجلة الجوبة ع( ،)59ربيع 1439هـ. مجلة الجوبة ع( ،)70شتاء 1442هـ.
ثانيً ا-المراجع:
.1تطور األدب الحديث في مصر من أوائل القرن التاسع عشر إلى قيام الحرب الكبرى الثانية، أحمد هيكل ،دار المعارف ،ط ،6القاهرة-مصر،
76
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
.2 .3 .4 .5
.6 .7
1994م. دراســات في القصة والمسرح ،محمود تيمور، مكتبة اآلداب( ،د.ط) ،القاهرة-مصر( ،د.ت). فن القصة القصيرة ،رشاد رشدي ،مكتبة األنجلو المصرية( ،د.ط) ،القاهرة-مصر( ،د.ت). فن القصة ،محمد يوسف نجم ،دار صادر ،ط،1 بيروت-لبنان1996 ،م. لــســان الــعــرب ،محمد بــن مــكــرم بــن عــلــى ،أبو الفضل ،جمال الدين ابــن منظور ،دار صــادر، ط ،3بيروت-لبنان1414 ،هـ. معجم مصطلحات نقد الرواية ،لطيف زيتوني، مكتبة لبنان ناشرون( ،د.ط) ،بيروت2002 ،م. نــشــأة القصة القصيرة فــي مصر مــن خالل محاوالت عيسى عبيد وشحاتة عبيد ،مجدي محمد شــمــس الــديــن إبــراهــيــم ،دار الــشــؤون الثقافية العامة «دار آف ــاق» ،بــغــداد-الــعــراق، (د.ت).
دراسات ونقد
وأوهام أُخرى ء كما هي ٌ األشيا ُ
ُ ُ السر ِد والخيال األخالق ُّ وفن َّ
■ بسمة عالء الدين*
ي ـجــادل ب ــاو ل ــوك فــي كـتــابــه الـحــائــز عـلــى جــائــزة إن ـجــرام فــي إسـبــانـيــا 2020م، «األشياء كما هي وأوهــام أخــرى» ،في العالقة المعقّ دة بين األخالق والخيال في السرد األدبي ،ويطرح أسئلة ،من أهمها :هل يمكن إدانة الفن أخالقيًا؟ أم إن الفن محصنٌ ِضدَّ الحكم األخالقيّ ؟ ّ أيضا قضايا أخرى تتعلق بالخيال :ما هو المكان الذي يجب يستكشف الكتاب ً أن يُشغله الفنانون واألدب فــي الصحف والـمـجــات؟ لـمــاذا تعد تنمية الخيال األدبي وسيلة لتحدي كليشيهات ،على سبيل المثال ،كارهة للنساء؟ كيف يمكننا أن نفهم بشكل أفضل ما تعنيه القوة ،عندما نتخيلها؟ بأي طريقة يمكن لمفهوم التعاطف المشهور والمثير لإلعجاب أن يخفي النوايا الدنيئة؟ يُركّز باو لوك بطريقة ديناميكية على
فـــي الـــوقـــت نــفــســه ،بـــنـــا ًء على
هــذه المعضلة الزائفة على الشجب مــقــارنــة بين المشاهد الرئيسة في األخالقي األكثر تعقيدًا ،ويرسم بعض -من المنطقي الحديث عن فن غير
الخيوط اإلرشــاديــة لهذا الكتاب؛ ما الئــق أخالقيًا -هــذا الفرق الــذي من
يشير إلى أن الحكم األخالقي األكثر شأنه أن يتوسط بين السرد التخيلي إثــمــارًا هو الحكم الــذي يعلو الخيال والفن غير الالئق هو نفسه الذي من األدبي ،وليس الحكم الذي يبحث عن شأنه أن يتوسط بين السرد التخيلي البراءة أو اإلدانة.
دراسات ونقد
للشخصيات البغيضة والسرد البائس 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
77
للشخصيات المتخيّلة..
ما أ ُسمّيه الفضائل الناقصة ،مثل القسوة
مــن خ ــال التفكير فــي أعــمــال كــاف ،واالنــتــقــام والسلطة التي ال يملك سلطة عليها» .في رأيــه األخــاق ليست ثابتة بل فالديمير نابوكوف ولوليتا ،إيريس مردوخ، خطية ،إنها مثل «عجلة فيريس تظهر فيها فيلليني ،شكسبير أو سيرفانتس ..هذا األفــكــار» ،وتــوضــح هــذا التأمل مــن خالل مثل أوسكار وايلد، االستنتاج ليس جديدًاً ، التذكير بأنه «عندما يتحدث ماركس عن فــي روايــتــه صـــورة دوريــــان جـــراى والــتــي المساواة ،فــإن المساواة ليست هي التي مثل جميع أعماله تقريبًا ،مليئة باألقوال نفهمها اليوم ،ألن السياقات تتغير ،ولكن في الــمــأثــورة ،جــاء ليضع فــي صــوت الــرســام الواقع ،يأتي ليقول الشيء نفسه. باسيلي شــيـ ًئــا مــن ه ــذا الــقــبــيــل ،عــاشــوه م ــن نــاحــيــة أخـــــرى ،يــطــمــح الــغــمــوض في الوقت الــذي كــان يتم فيه التعامل مع
الفن كشكل من السيرة الذاتية؛ وهذا هو األخالقي إلى أن يكون القارئ دائمًا مفتوحً ا االنعكاس الــذي يقربنا منه بــاو لــوك في على مصراعيه ليتمكن مــن فهم مــا هو كتابه ،حتى نتمكن من إلقاء نظرة أوسع على على المحك من وجهة النظر األخالقية، األعمال الفنية المعروضة علينا ،حتى نحدد حكمنا النقدي بشكل أفضل على الفن، وحتى نتعلم التمييز بين الواقع والخيال،
بين الحقيقة الواقعية والواقعية ،بين الخيال
والخيال ،والذي ليس أكثر من إطالق خيالنا وتوسيع عوالمنا العقلية ،سوف يشكك في موقف أعــمــدة ال ــرأي فــي وســائــل اإلعــام
الصحفية المرتبطة بالحقيقة والجدية، على عكس العمل األدبي.
مثل المليئة بالغموض مسرحية شكسبير ً األخالقي ،لكن شكسبير ال يستخدم الحيل
السردية أو الحيل الجمالية إلرباك القارئ، لكن ُه يسعى إلى إثارة الشك األخالقي لدى الــقــارئ أو الــمــشــاهــد مــن خ ــال جمالية
شفافة ورصينة؛ وعالوة على ذلك ،واستنادًا
إلى المقارنة بين المشاهد الرئيسة لفيلم غاسبار نــوي «ال رجعة فيه» (الــذي يفكر
فيه المشاهد في االغتصاب من البداية
إلى النهاية) ،وفيلم مايكل هانكي المظلم
مع األخذ كخيط مشترك أغاني الكهف ،والملتوي «عازف البيانو» ،وضح الكاتب إلى نابوكوف «لوليتا» وروايــة «البحر» من قبل أنه من المنطقي الحديث عن «الفن المنافي إيريس مــردوخ ،ليثبت أن العمل الفني ال للحشمة أخــاقــيــا» ،ويــرى أن الــفــرق بين يسعى للبراءة أو اإلدانة« :إنها ليست مسألة الفن الخيالي والفن غير الالئق هو الفرق السعي إلــى الخير أو الظلم أو أضــداده؛ نفسه الذي من شأنه أن يتوسط بين رواية
ولكن هؤالء المؤلفين الثالثة يُلمحون إلى القصص الخيالية من الشخصيات البغيضة
78
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دراسات ونقد
والسرد البغيض للشخصيات المتخيلة.
ولوليتا دي نابوكوف والبحر ،البحر بواسطة
يكاد يكون من الممكن دائمًا تجربة شيء إيريس مردوخ.
آخر ،ومن المالئم دائمًا تجربة شيء آخر،
من خالل هذه الركائز سوف ينعكس على
مــن بين أشــيــاء أخ ــرى ،ألن تعليق الحكم الفن واألخالق ،والمبدع وخلقه ،ومسؤولية األخالقي يمكن أن يؤدي أحــدهــمــا عــلــى اآلخ ــر، إلـ ــى ال ــام ــب ــاالة ،وهــو وتلقيه ،وأحــيــا ًنــا سوء شرط ضــروري تاريخيًا تفسيره من قبل القارئ/ للكارثة؛ بينما قد يصبح الــمــســتــمــع /المشاهد حكم الكمال ،كما أشرت والــنــاقــد نــفــســه ،وعلى ق ــب ــل بــضــعــة أس ــط ــر، ش ــرطً ــا كــاف ـ ًيــا لظهور القسوة ومعها التعصب
واالســتــبــداد ،يــقــول :إن
الكتابة على األقل كتابة خ ــي ــال ــي ــة ،ت ــت ــأل ــف مــن
ارتداء قناع ،الكتابة ،لم تكن تنظر إلى الداخل،
وإن تأملنا ما هي الكتابة
لكانت الكتابة تعني جمع المزيد والمزيد
الــخــيــال وقــوتــه ،داخــل العمل الفني وخارجه، م ــوض ــوع ــات ضــروريــة تــمــا ًمــا إلعـــادة التفكير
فيها في وقت اإلحساس ب ــاإله ــان ــة ف ــي وســائــل اإلعـــام المختلفة من خالل شيء ظهر كعمل فني ،والمناظرات مـ ــزدهـ ــرة مــثــل الــتــمــيــيــز بــيــن الــمــؤلــف
من الفرشاة ورميها فوقها حتى يتم تغطيتها بالكامل ،وبالتالي ال يمكن التعرف عليها ،أو وشــخــصــيــتــه/شــخــصــيــتــهــا .ومــــدى وج ــود تقريبا ،بالنسبة لذلك الكاتب ،كانت الكتابة الحقيقة ومقدار الخيال هو غطاء حاضرنا، وتخيل.. ً وتخيل ً تخيل، ً
قدم باو لوك في "األشياء كما هي وأوهام
مسل وثرثرة، ٍ في كتاب «األشياء كما هي» والتخيالت أخرى" درسً ا رئيسً ا مع سرد أول ،تحليل نقدي لألدب والفن ،باالعتماد ً األخــــرى ،أصــبــح مــؤلــفــه ،ب ــاو لـــوك ،مثل
ســاحــرات مكبث ،الــذيــن سيتعاملون مع على قاعدة جيدة من المراجع والنصوص
خيوط الكتاب بأكمله ،من أعمال نيك كيف المتقاطعة لتحديد حججه. * كاتبة -مصر.
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
79
صمود المراكز الثقافية ككيانات تنويرية أمام التحوالت الوطنية والثورة التقنية
()١
■ د .فوزية بنت عبداهلل أبوخالد*
الحقيقة أن سؤال مصير كيانات العمل الثقافي من المراكز الثقافية لألندية األدبية ،والملتقيات السابقة على هذه المرحلة من التحوالت الثورية على مستوى تقنية التواصل المنبري ،وعموم وسائل التواصل االجتماعي (السوشل ميديا) عالميًا ومحليًا ،وعلى مستوى تحوالت المجتمع السعودي من بداية األلفية ـؤال واحــدً ا من حزمة الثالثة لنقطة التحوالت الحالية الفارقة ،هو ليس إال سـ ً أسئلة الثقافة والسياسة واالجتماع ،التي ال بد أنها تشغل كل المهتمين بالشأنين العام والثقافي ،وتشغلني شخصيًا -وربما غالبية جيلي وأجيال الحقة -محاولة االستيعاب والفهم لما يجري للبقاء في الـصــورة ،وعــدم االنسحاب أو اإلذعــان لضغوط الخروج منها؛ وذلك ليس فقط بهدف البقاء في المشهد لمجرد البقاء، أو للشعور بمظلومية أننا من الحالمين والمؤمنين األوائل بسنة التغيير ،بينما يسير التغيير مبتعدً ا عنا؛ بل أيضا للضرورة الموضوعية التي يفرضها تراوح رياح هذه التحوالت بما يثير القلق المعرفي ،والواجب المهني والوطني معً ا لقراءتها. وقبل أن أدخل لصلب الموضوع ،أقدم من وجهة نظري عيّنة من تلك األسئلة واليوم في واقعنا المحلي؟ المقلقة ،على أمل أن يتوسّ ع حجم العينة ومكونها في الحوار .ومن تلك األسئلة :وهــل حقًا يحق الحديث عن عموم س ــؤال الــثــقــافــة ،وهــنــاك المُقصى مــا الثقافة الــســائــدة ،ومــا الثقافة المنشودة مقارنة بين األمس القريب
المهمّشة والمُقصاة ،ومــا الثقافة
80
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
والمهمّش؟
دراسات ونقد
ما أسئلة الثقافة اليوم؟ ومنها على سبيل المثال:
فــي اإلط ــار السيسيولوجي للمجتمعات الحديثة؟ ومــا دورهــا ووظيفتها وقواها وجمهورها وموقعها في سجال االستقرار والتغير بالمجتمعات المعاصرة؟
ولــمــن وكــيــف؟ و َم ــن المُمثل فيها و َمــن المهمش ومَن المُقصى؟ ومَن هي القوى التي تدير المشهد ،والقوى التي تتحكم به ،واألخرى التي تنتجه؟ وما القوى التي تشكّل جماهيره؟
(واإلج ــاب ــة عــن ه ــذا ال ــس ــؤال ،تفترض تحديد مجموعة مــن التوصيفات التي نــروم بها رســم صــورة تقريبية للمراكز الثقافية موضوعنا ،وذلك مثل تخصصها، طبيعتها (حكومية ،أهلية ،مختلطة)، توجهها؛ بمعنى ما التوجه الثقافي الذي عبرت عنه ،ما القوى التي مثلتها رسالتها، أهــدافــهــا ،وظائفها ،أدوارهـ ــا ،إدارتــهــا، عضويتها جمهورها ،مخرجاتها؟).
ماذا عن حضور المثقف العضوي وغربته الــيــوم بشكل ع ــام والــمــثــقــف العضوي المخضرم بخاصة؟ ما المراكز الثقافية المقصودة بالتساؤل في واقعنا المحلي؟ وما هي بعض أمثلتها؟ الثقافة اليوم على ساحتنا المحلية بمَن
وأخيرًا، التساؤل عن صمود كيانات العمل الثقافي القائمة مــن الــمــراكــز الثقافية كمركز األمير عبدالرحمن السديري بالجوف، إلــى األنــديــة األدبــيــة والملتقيات أمــام الثورة التقنية المتالحقة ،وأمام التحوالت الــحــالــيــة الــفــارقــة الــتــي يــم ـ ّر المجتمع السعودي بتجربتها ألول مرة (طبعًا في هذا السؤال ،سؤال إمكانية استفادة هذه الكيانات وتفاعلها مع معطيات اللحظة، وزخمها التحوّلي الزدهــارهــا ،أبعد مما تحقق؛ وهناك سؤال كامن فيه بالضرورة، وهــو الــســؤال فــي احــتــمــال اضمحاللها وعدم قدرتها على المنافسة بما يحوّلها لمتاحف الــتــاريــخ ،ويحيلها إلــى أطــال الذاكرة.
ما مجمل تجربتها وظروفها؟ ما معززات هذه المراكز؟ وما مهدداتها؟ أو مَن هم منافسوها اليوم؟ لــمــاذا نــريــد أو ال نــريــد اســتــمــرار هذه المراكز الثقافية؟ وأخ ــي ــرا ،الــكــيــانــات الــثــقــافــيــة بشكلها التقليدي إلى أين؟ وإلى متى؟ وما بدائلها الجديدة اإلضافية؟ مقتصد ِ تعريف
لــن أحــتــاج لــتــعــريــف مــطــوّل للمقصود بالكيانات ،أو أطر العمل الثقافي ،بالمعنى المحاور ال ــذي عرفته المجتمعات الــمــعــاصــرة ،من وسيتركز حديثي ،تحديدًا ،عبر المحاور مطلع القرن العشرين؛ ألن الفكرة أصبحت التالية: شائعة ومعروفة ،وتحظى بتطورات متالحقة، مــا الــكــيــانــات الــثــقــافــيــة؟ وم ــا تمثّالتها وبخبرات تراكمية ،وبتحديثات مدهشة تؤصل
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
81
بعضها ،وتمحو بعضها ،وتجدد عهد بعضها، ـال جــديــدة خــارجــة عما سبق؛ وتــخــرج أشــكـ ً ولــهــذا ،يصحّ أن نلقي نظرة -ولــو خاطفة على ما عندنا منها ،ونتأمل حال الكياناتالثقافية ،ومــا في حكمها من أندية أدبية، وجمعيات ثقافية وملتقيات. ولكن ،بمحاولة تعريفية مقتصدة ،يمكن القول :إن نشوء المراكز الثقافية وصنوها من أطر العمل الثقافي المشترك قد انبثق مــن طبيعة المجتمعات الــمــعــاصــرة ،التي اقتضت إعــطــاء منصات تفاعلية لمختلف القوى االجتماعية تعبيرًا عن الحق الفردي والجمعي ،للمشاركة في صنع التاريخ والواقع االجــتــمــاعــي والــثــقــافــي والــســيــاســي؛ وبهذا المعنى ،فإن المراكز الثقافية أنى وجدت، يفترض أنها تشكل «مساحة ديموقراطية» للعمل الثقافي بتنوعاته من األدبي واإلبداعي إلــى العلمي الــمــوضــوعــي ،بتوفير المكان واألرضية لنشاط ثقافي تفاعلي بين األعضاء والــمــريــديــن لــهــذه الــمــراكــز ،وبينهم وبين المجتمع. مع مالحظة جذرية (إن هذا بطبيعة الحال ال يعني التدخل في عملية اإلنتاج نفسها ،أ ّيًا كان مجالها اإلبداعي ،فتلك العملية التي ال تتم في أطوار تكوينها إال بحرية وسريّة بين المبدع ومادته اإلبداعية ،وإزميله ،وريشته، وقلمه ،أو مفاتيحه ،يفترض أال يكون ألي إطــار من أطــر التجمع الثقافي أي سلطان عليها). أشكال عالمية وعربية من أطر العمل الثقافي إذًا ،البحث عن مساحة ديموقراطية تمثل المشتغلين بالعمل الثقافي ،وتعبّر عنهم ،وعن
82
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
أشواقهم ،وتنشأ داخلها عالقات تفاعلية بين بعضا ،وبينهم وبين المجتمع وأطره بعضهم ً الرسمية على قدم المساواة ،هي مما أسهم، منذ بداية الربع األول للقرن العشرين ،في ظهور أشكال متعددة لكيانات العمل الثقافي أو أطره ،وإن لم تحمل التسمية نفسها التي تتعدد وتُـ ــراوح مــن جمعيات بعض المهن الثقافية( :صحافة ،مسرح ،سينما ..إلخ) إلــى مختلف مسميات الــروابــط أو األندية األدبية ،وما إليه ..مما اشتهر بعضه عالميًا وعربيًا في إنتاج تيارات أدبية بعينها على اختالفها وتنوعها .ومــن أشهرها عالميًا خــال القرن العشرين :رابطة زهــر التوت ببريطانيا (1930م) ،ومجموعة ستراتفورد، ومجموعة ماندارينز 1950م ،ورابطة الحبر لكتاب وأكاديمين ارتبطوا بجامعة أكسفورد، وبعضها قام من منتصف القرن الماضي وما يزال صامدًا إلى اليوم ،مثل مجموعة جين أوستن. ومن أمثلتها المماثلة المشهورة عربيًا كان هناك من ما قبل منتصف القرن الماضي تجمعات ثقافية وأدبية ،بعضها أسهم في إنشاء تيارات ومــدارس أدبية مجددة مثل: جماعة أبولو التي ضمت شعراء الوجدان المجددين وقتها في مصر والعالم العربي، وكان في مصر أيضا صوالين أدبية شكلت جذوة للحوار الفكري واألدبي بين المثقفين أنفسهم وبين مريديهم ،وأشهرها صالون العقاد ،وصالون مي زيادة ،ونشأت في بالد الــشــام وتــحــديـدًا ببيروت مجموعة مجلة شعر .وكان وال يزال هناك تجمعات مشابهة
دراسات ونقد
الشاعرة فوزية توقع مجموعتها الشعرية بمعرض الرياض 2015
تظهر وتختفي ،في العالم العربي ،وبخاصة في بالد الرافدين ،والمغرب العربي ،وفيهما كان هناك تجاور لكل من الصالونات األدبية، والكيانات الثقافية ذات الصبغة الحزبية ،أو الطابع والميول السياسي. يضاف إلــى ذلــك تجمعات عربية في المهجر األمريكي مثل :رابطة القلم لألدب الــمــهــجــري ،وم ــن وجــوهــهــا :جــبــران خليل جبران ،ورابطة الخريجين العرب التي تعد مدرسة عربية غربية بحد ذاتها في ثقافة العلوم اإلنسانية الحديثة ،ومن مؤسسيها ورمــوزهــا :نصير عــاروري ،وإدوارد سعيد، وهشام الشرابي ،وغيرهم. ولم تخل دول منطقة الخليج العربي في التاريخ المعاصر مــن مثل هــذه الكيانات الثقافية على شكل مراكز ثقافية أو روابط أدبــيــة وثقافية ،وأشــهــرهــا :أس ــرة األدب ــاء بالبحرين ،ورابطة الكتاب بالكويت ،ونادي
دراسات ونقد
الشارقة األدبي؛ إضافة لمنجزات اإلمارات الحديثة فــي هــذا المجال مــثــل :المجمع الثقافي بأبي ظبي ،بل إن بعض دول الخليج عبر معارض الكتب وجــوائــز اإلب ــداع تكاد تصير قبلة لمثقفين عرب وعالمين. وال بد من مالحظة أن ذلك التعدد في مسميات التجمعات الثقافية ووظائفها قد اتسع بما قد يجعل التعريف يشمل( :جمعيات بعض المهن الثقافية /صحافة ،مسرح، سينما ..الــخ) التي من وظائفها الرئيسة ال ــدور النقابي .كما يشمل مــراكــز ثقافية أ ُسست في ظل أيدولوجيات سياسية ،أو انتماءات حزبية ،مثل :الجبهة اليسارية للفن واألدب في ذروة نظام االتحاد السوفيتي. إضــافــة لــهــذا الــتــن ـوّع يــجــدر بــنــا مالحظة تــطــورات ذلــك المفهوم ،مفهوم الكيان أو الجسد الثقافي ،المتمثل بمسمى المراكز الثقافية عبر التاريخ االجتماعي والسياسي في منشئه الغربي ،وتعدد تمثالته بحسب 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
83
مراكز ثقافية رسمية
البيئة السياسية واالجتماعية لمختلف دول العالم ومجتمعاتها .ولعل هــذه المالحظة -األنــديــة األدبــيــة تأسست عــام 1395هـــ تكون مفتاحً ا للدخول في ســؤال المراكز (1975م) تحت مظلة الرئاسة العامة الثقافية ،وتعدد أشكالها ،ومسمياتها في لرعاية الشباب ،بــدأت بستة فــروع ،ما المجتمع السعودي. ناد لبثت أن توسعت بدعم رسمي لتأسيس ٍ أدبي في جميع المدن الرئيسة .ثم انتقل أطر العمل الثقافي بالمجتمع السعودي المرجع الرسمي لتلك األندية لتصبح لــم يعد سـ ـرًا أن المثقفين السعوديين تحت مظلة وزارة الثقافة واإلعــام عام قــد عــاشــوا مــراحــل تاريخية مــتــراوحــة من 1426هـ (2006م) ،وحينها تمكنت بعض بداية تأسيس المملكة العربية السعودية، األندية من توسيع مسماها من نادي أدبي ككيان سياسي موحد ،في التعامل مع سؤال إلى النادي األدبي الثقافي. الكيانات الثقافية ،أو أطر العمل الثقافي؛ أي ســؤال الهاجس والحاجة إلى وجــود كيانات -الجمعية الــعــربــيــة الــســعــوديــة للفنون والثقافة 1393ه ـــ (1979م) ،ثــم عـدّل ثقافية تجمع شملهم على أرضية شرعية المسمى ليكون جمعية الثقافة والفنون، مشتركة ،تتيح لهم وتقرهم على حق العمل انبثق عنها ( )16فرعً ا بمختلف مناطق والتفاعل الحواري اإلبداعي والتوعوي ،مثل: المملكة. رواب ــط القلم ،ومنتديات الكتب ،واألنــديــة الثقافية واألدبية ،والمراكز الثقافية؛ وبتقارب -مركز الملك عبدالعزيز الثقافي تأسس رسالتها ،وأهدافها ،ووظائفها ،وأدوارها ،في عــام 1998م ،بمناسبة مئوية تأسيس خلق شبكة اجتماعية ،تقوم عضوية كياناتها المملكة العربية السعودية ،وقــد تولت على قــواســم معرفية مــتــعــددة فــي مناحي اإلشـــراف على تأسيسه الهيئة العليا الثقافة المتنوعة؛ من األدب شعرا ونثرا، لتطوير مدينة الــريــاض ،ويشتمل على إلى العلوم اإلنسانية والطبيعية ،ومن الفنون متحف وطــنــي ومكتبة عــامــة وقــاعــات التشكيلية إلى الموسيقى. مــحــاضــرات ،وتــوســع نــشــاطــه ليشمل الطباعة والنشر. ومن الجدير بالمالحظة السيسيولوجية،
أن انطالقة البداية لمثل هذا المطلب ،قد جاءت على يد السلطة الرسمية ،وإن تشكلت قبل تلك البداية وبعدها كيانات ثقافية قليلة ج ـدًا باجتهادات ومــبــادرات فردية وأهلية، كان بعضها بمظلة رسمية .ويمكن هنا بشكل اجتهادي فضفاض تحديد ثالثة أنواع من تلك الكيانات الثقافية التي عاصر المثقفون مدَّ تجربتها وجزرها.
84
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
وال ــم ــرك ــز عــلــى أهــمــيــتــه الــتــاريــخــيــة واالجتماعية الرمزية يعد أول إطار من أطر العمل الثقافي الــذي ال يخرج من معطف النشاط الرياضي ،وإن ظل مرتبطً ا بالمظلة الرسمية ،ولكنه يأتي هــذه المرة مرتبطً ا بمشروع التطوير للعاصمة مدينة الرياض. كما أن المركز هو األول الذي جاء بمسمى «مركز ثقافي» ولم يجر فيه تجنب مسمى
دراسات ونقد
دار الرحمانية
مركز األمير عبدالرحمن السديري الثقافي -دار الرحمانية
«ثقافي» كما جرى األمــر في بداية الفسح الرسمي لتأسيس أطر مؤسسية بمسميات ال تتضمن كلمة ثقافة ،ظلت تبدو مجرد منتديات فنون وأدب .ولعل هذه المالحظة السيسولوجية «العابرة» تشير إلى التطور، وإن كـــان بــطــيــئــا ف ــي الــمــوقــف الــرســمــي والمجتمعي نحو تحرير بعض الكلمات والــمــصــطــلــحــات مــن التحفظ التقليدي، والخشية من كلمة ثقافة بحد ذاتها. مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالميبالدمام ،التابع ألرامكو ،والمنبثق عنها في مرحلة متأخرة مــن عمر هــذه المؤسسة العتيدة ،إذ افتتح رسميا عام 2016م. وه ــو مــن أبـ ــرز م ــب ــادرات الــشــركــة في مجال العمل الثقافي المجتمعي الوطني، على أرض الواقع ،منذ تأسيسها بالمملكة. ويشكل الــيــوم حــالــة ثقافية فــريــدة ،تمثل مشتهى الثقافة في كل مكان بالعالم؛ فعدا عــن تصميمه المعماري كتحفة معمارية نادرة ،فهو يضم مكتبة بها ما يزيد عن ربع مليون كتاب ،ومركزًا لالبتكار ،وواحة معرفية لألطفال ،ومتحفًا للتاريخ الطبيعي ،وقاعات الفنون ،ومراكز تدريب إبــداعــي ،وتأصيل ثقافي ،ومساحته 45000متر مربع.
دراسات ونقد
مراكز ثقافية أهلية ومراكز ثقافية شبه حكومية مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
تــأســس كــأرضــيــة لــلــعــمــل الــثــقــافــي في منطقة الجوف بشمالي المملكة ،في وقت مبكر عام 1963م ،بدأ بمكتبة عامة بمدينة سكاكا ،وفــي وقــت الحــق تفرّعت عنه أول مكتبة نسائية بالمملكة .وقد صدر أمر ملكي عام 1983م بتأسيس مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية ،لتكون المكتبة العامة تحت مظلتها ،فتطورت وصــار اسمها (دار العلوم) لتكون منبرًا ثقافيًا تعددت وتطورت نشاطاته الثقافية ،وامتد تأثيرها لجميع مناطق المملكة؛ ســواء باستضافة مثقفين من كل أنحائها ،وبمختلف اهتماماتهم األدبية والفكرية وتياراتها المعاصرة ،أو في مجال النشر الثقافي ،إذ تصدر مجالت متخصصة وكــت ـ ًبــا مــحـ ّكــمــة ،وتــعــنــى بــدعــم الــدراســات والبحوث العلمية .وقد صدرت عن المركز مجلة (الــجــوبــة) عــام 1990م كــواحــدة من أوائل المجالت الثقافية الدورية بالمملكة، ثم (أدوماتو) عام 2000م وهي مجلة علمية محكّمة تعنى بالبحوث اآلثارية .لكن مسمى مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالجوف 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
85
لم ِ يأت إال عام 2015م ،رغم أنه منذ تأسيسه إن المالحظة الحاسمة للموقف هو أن أيًا من قبل ستين عامًا لم يعن إال بالشأن الثقافي .أنشطتها المنبرية والتي تمثلت في مؤتمرات أما الجدير بالذكر فهي بعض األسباب وندوات دورية لم تقم داخل المملكة. الرئيسة فــي صــمــود هــذا اإلط ــار مــن أطر كيانات أو تمثالت ثقافية أهلية العمل الثقافي بالمملكة ،ومنها :التفاف مستقلة نسبيا: أهالي منطقة الجوف ومثقفوها حول المركز، م ـ ـن ـ ـتـ ــدى االثـ ـنـ ـيـ ـنـ ـي ــة الـ ـ ـثـ ـ ـق ـ ــاف ـ ــي :أســســه كمعين ثــقــافــي وحــيــد فــي زمــنــه ،والعتيد عبدالمقصود خوجة عام 1982م بمدينة المتجدد في كل األوقات كمنبر تنويري يمثل جــدة .وشكلت اإلثنينية باسمها األشهر منطقة الجوف على مستوى المملكة ،وفي أرضية للقاءات ثقافية ،وكرّمت رياديين منصاتها الثقافية؛ ووجود وقف مالي مستقل من المثقفين السعوديين والعرب؛ رجاال منذ التأسيس ،يجري استثماره وتطويره ونساء. باستمرار؛ أمــا المنبع الثالث لصمود هذا المركز الثقافي فهو مرونته البالغة وحيويته مركز حمد الجاسر الثقافي :أ ُسس بعد وفاة الشيخ حمد عام 1421هـ بهدف الحفاظ التفاعلية العالية مع كل مستجدات الثورة على معين مسيرته المعرفية في توثيق التقنية التي تجعل نشاطه الثقافي شعلة تراث الجزيرة العربية والمملكة العربية متوهّ جة على جميع نوافذ الحضور الرقمي السعودية وتحليله ،والعناية بمكتبته، والــحــوار الحضاري المفتوحة على العالم وتشجيع البحوث والدراسات على خطه اليوم (المعلومات الــواردة بخصوص المركز العلمي ،وإقــامــة الــنــدوات والمؤتمرات، من إمداد د .عبدالواحد الحميد). ونشر المطبوعات والدوريات في مجال العمل الثقافي التأريخي. مؤسسة الفكر العربي لستُ متأكدة من صحة ذكرها في هذا ص ــال ــون س ـل ـطــانــة ال ـس ــدي ــري األدب ـ ـ ــي :لقاء ثقافي دوري ،بمدينة الرياض ،كان يُراوح السياق ،وال إذا كــان يمكن عدّها من أطر بين اللقاءت األسبوعية والشهرية ،أسسته العمل الثقافي شبه الحكومي ،ولكن بما أنها األديــبــة الــســعــوديــة سلطانة الــســديــري، طرحت قضايا معرفية وثقافية كانت تشغل منتصف الثمانينيات الــمــيــاديــة ،وكــان المثقف السعودي في تلك اللحظة التاريخية يــهــدف إليــجــاد أرضــيــة تــوعــويــة للمرأة القلقة والمتحفزة من مطلع األلفية للقرن السعودية في القضايا التنموية والثقافية، الواحد والعشرين ،فقد رأيــت التذكير بها، في ظل غياب المرأة عن حمى أي من أطر وبخاصة أنها جــاءت بمبادرة مــن المملكة العمل الثقافي القليلة المتاحة في ذلك العربية السعودية ،ممثلة في شخصية عامة الحين .وكان يعنى بإقامة معارض تشكيلية ومثقفة ،تضطلع بمهام رسمية مهمة ،هو وأمسيات شعرية. األمــيــر خــالــد الفيصل ،وهــو شــاعــر وفنان تشكيلي بجانب موقعه الرسمي الفعال .إال الـمـلـتـقــى األح ـ ــدي ب ــال ــري ــاض :أســس عام
86
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دراسات ونقد
1994بفكرة د .عايشة أبــو الجدايل، وتأسيس ومتابعة د .هتون الفاسي ،وشارك في إدارتــه كل من :د .دينا الجودي ،ود. عواطف القنيبط ،وسيدة األعمال هالة الزير ،ومن األعضاء العاملين :د .عزيزة المانع ،ود .عــواطــف ســامــة ،ود .نــورة الشمالن ،ود .سعاد المانع ،ود .فوزية البكر ،ود .حصة آل الشيخ ،ود .هند آل الشيخ ،ود .مشاعل البكر ،ود .مشاعل بنت محمد آل سعود ،ود .إلهام الدخيل، ود .فــاطــمــة الــخــريــجــي ،ود .الــجــازي الشبيكي ،ود .فوزية أبو خالد ،والفنانة التشكيلية هدى العمر .راوحت عضويته بين عشرين إلى أربعين سيدة .واستمر ما يقترب من خمسة وعشرين عامًا في تقديم لــقــاء ثــقــافــي .تــنــاولــت مواضيعه البحوث العلمية في الطب والصيدلة، والبحوث التاريخية والتربوية واالجتماعية في مجاالت الطفولة ،والمرأة ،والمجتمع. قراءة عامة ألطر العمل الثقافي في ضوء أمثلة العينة الواردة ولــو تــجــاوزنــا التوصيف الــعــام لما شكّل كــيــانــات ثقافية وأدبــيــة لــلــمــراكــز الثقافية بالمجتمع الــســعــودي مــن تــواريــخ اإلنــشــاء، وانتقلنا لقراءة مجمل رساالتها ،وأهدافها، وطبيعتها ،وإدارتها ،وتوجهاتها ،وعضويتها، ومخرجاتها؛ فسنجد أن هناك هامشا من التفاوت بين كل منها في بعض التفاصيل، ولكن هناك متن عريض من التقارب والتشابه في مجمل المحددات المذكورة. فمعظم هذه الكيانات الثقافية كانت مطلبًا ثقافيًا لعموم المثقفين واألدبــاء في مختلف مناطق المملكة ،وبخاصة المركزية منها ،أو
دراسات ونقد
مركز الملك عبدالعزيز العالمي بالدمام
على األقل مطلبًا ألعالم من المهتمين منهم، وأقصد باألعالم مَن يتبوؤن مواقع سياسية أو إدارية أو اجتماعية تخولهم لحظوة اتخاذ الــمــبــادرة بإنشاء مركز ثقافي ،وأعتقد أن مركز عبدالرحمن السديري تجسيد لذلك، مــع حظوته الخاصة فــي تأسيسه وتــطــوره بما يجعله أق ــرب إلــى المؤسسة الثقافية «المتكاملة» منه إلى المعنى المتداول للمراكز أو الكيانات الثقافية كما عرفت في عموم الوسط الثقافي العربي. كما أن الــرســالــة المعلنة أو المضمرة لمعظم تلك الكيانات الثقافية كانت تدور حول أنسنة فكرة (حق وضرورة) وجود كيان ثقافي وتطبيع عالقة المجتمع والسلطة بالفكرة، مع محاولة تحييدها من «شبهة أو شوائب» تعالق الثقافي بالسياسي ،وقد تطورت تلك الحساسية وزاد منسوبها في ظرف احتدام الم ّد العربي القومي إلــى سبعينيات القرن الــمــيــادي الــمــاضــي ،وارت ــب ــاط بــعــض تلك المفردات بأدبياته واألدبيات حوله .يضاف لذلك مشترك الحلم للكثير منها وليس أغلبها، أن تقوم على أرض الواقع وقتها بأداء وظيفة توعية (تنويرية) من ناحية ،ووظيفة تفاعلية 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
87
من ناحية أخرى ،بين األعضاء وبينهم وبين المجتمع والــدولــة .هــذا بجانب مشترك أن يكون لها دور في الخروج بالثقافة من الموقع الهامشي بالمجتمع ،إلــى موقع المشارك مشاركة عضوية «بالمعنى الجرامشي» في مجريات المجتمع ،من ناحية وفي اإلسهام من ناحية أهم في تمكين المثقف السعودي من تقديم إنتاج ثقافي له قيمته األدبية شعرا ونثرا وفكرا ،بحوثا ودراسات ،كتابات وكتبًا، ومطبوعات من الدوريات للمجالت الثقافية المتخصصة .وم ــرة أخ ــرى وربــمــا كــان من األهداف المضمرة أيضا هو تحسين الموقع االجتماعي وزيادة رأسمالهم الثقافي «بالمعنى البوردي» للمثقفين ،وتقديم وبلورة ذلك الموقع ليشكل نخبة قائمة بفكرها المستنير وبمنتجها الثقافي ،بما ال يقل أهمية عن نخب اجتماعية أخرى ،كالنخبة الدينية ،أو التكنوقراط ..الخ. وهذا بالضرورة كان يعني أن يتم عن طريق السجال الجدلي والمكتسبات التراكمية وإن صغرت بالمعنى الميلزي (رايت ميلز) تحسين شروط التمثيل وشروط التفاوض لرفع سقف الطروحات الثقافية وعصرنتها ،ما يفترض تحقيق حريتين؛ حرية القول الثقافي ،وحرية الفعل الثقافي ،متمثال في القدرة على التعبير الحر والتجديد اإلبداعي.
فمن أهــم ملحوظات أو أمثلة النجاح، استمرارية معظمها منذ تأسيسها إلى اليوم، بــل إن مــا تــوقــف منها لــم يــتــوقــف إال بعد استمرار امتد إلى ما يزيد عن عشر سنوات (صالون سلطانة السديري) ،أو إلى عشرين عاما (الملتقى األحدي)( ،وهي مواقع ثقافية قامت بمبادرات فردية أو جماعية محدودة)؛ أيضا من أمثلة النجاح هو تمثيلها لمختلف مناطق المملكة ،وتفاعلها مع مختلف مكوّنات النسيج االجتماعي بالمملكة بل والعالم العربي أيــضــا ،فمثال اثنينية عبدالمقصود خوجة شملت في ندواتها وفي جائزتها التكريمية المثقفين من كل مناطق المملكة ومن العالم العربي؛ إضافة لنجاح جميع تلك المراكز الثقافية (أندية ،وجمعيات ،وملتقيات) في تفعيل المشاركة الثقافية للمرأة السعودية في اختراقات صغيرة كانت تعد جريئة وقتها (وإن جاء بعضها على استحياء) لتابو تحريم حضور المرأة في الفضاء العام خارج المجال الصحي وإن بصوتها ،مثل الندوات العامة، وضمن شــروط الفصل الجندري ،بما خلق أرضية فيما بعد لتوسيع دائرة هذا الحضور. وأخــي ـرًا قــد يحسب لمعظم تلك الكيانات الثقافية -وإن لم يكن كلها -نجاحها في صد محاوالت االختطاف المنبري ،أو ســواه من مناشطها الثقافية ،من قبل «الصحوة» ،وإن كان ثمن ذلك أن الكثير من تلك المواقع أو الكيانات الثقافية قد دخلت في فترات طويلة من الجمود والسبات تقية أو بياتًا ..وسأكتفي بهذه األمثلة التي تحتاج لبحوث تعرضها للفحص والتمحيص.
على أنه وإن كان من الصعب إال بدراسات بحثية دقيقة تقرير إلى أي درجة ومدى تمكنت تلك الكيانات الثقافية بمظلتها الرسمية أو بمراعاتها لها على تاريخها الطويل من حمل هذه الرسالة ،ومن تأدية تلك الوظيفة التنويرية ،ومــن تحقيق ذلــك ال ــدور المؤثر النوعي ،فإنه ال يصعب ذكر بعض المالحظات إال إن المالحظة وليست األخيرة في هذا العامة أو القليل من أمثلتها ،وأوضحها ما تجسد في بعض أشكال النجاحات ،وبعض السياق أن هذه الكيانات الثقافية قد شهدت انتعاشا بعد األلفية الثالثة ،حالها حال معظم اإلخفاقات ،والكثير من المراوحة.
88
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دراسات ونقد
المجاالت الحيوية ،التي نفضت عنها غبار نحو عقد ونصف العقد من الزمان ،كالجامعات، ولــم يــهــدد وجــودهــا وفعاليتها وقتها ظهور جسد الثقافة وسواها من الكيانات الثقافية االفتراضية المستجدة على ساحة العمل الثقافي ،في العقد األول من األلفية .بل إني أزعم أن ظهور مركز الحوار الوطني وقتها ،قد ال بتوفيره منصة تعبير وتفكير لجميع أشعل أم ً األطياف ،بتفاعل أبعد وأعمق ،داخل الكيانات بعضا ،وبتوسيع الثقافية بأنواعها ،ومع بعضها ً عضويتها وقاعدة جماهيرها قبل دخوله هو وهي بعد جــذوة العقد األول من األلفية في تحدي العالم االفتراضي ،وسواه من تحديات التحوالت ،التي أصبح التوسّ ع فيها وسرعتها يشكالن تحد ّيًا واضحً ا ،يقتضي السؤال عن صمود المراكز الثقافية في عين الثورة التقنية من ناحية ،والتحول المجتمعي من الناحية األخرى ،ما فتح أبوابًا كانت مغلقة ،سواء في مجال الثقافة أو الترفيه.
المستجدة من توقع أي مزية نقابية بما فيها جمعية الصحافة وجمعية الكتاب ،فإننا نجد أنفسنا في عيد كرنفالي ال مثيل سابق له بالمجتمع السعودي من ناحية حجم المنصات والمنابر الثقافية المتاحة والمتوالدة وزخمها. فبعد أن كانت الجامعات -ناهيك عن الكيانات الثقافية -تحتاج ألذونات بيروقراطية مطولة، رتيبة ومريبة ،لفسح جدولها الثقافي ،أصبحت المنابر الثقافية متاحة في المقاهي ،ناهيك عن الملتقيات الخاصة والعامة ،ومنها تلك العيّنة العريضة مما يجري تحت مظلة جمعية الثقافة والفنون ،وتحت مظلة هيئة األدب من وزارة الثقافة ،بسُ ق ٍُف غير معهودة في الطروحات ،وبخاصة تلك التي تعنى باألدب لألدب ،وبالفن للفن ،وبالنظرية للنظرية .بل إن مجاالً معرفيًا كالفلسفة ،الــذي كــان من التابوهات ،أصبح مجاال مطروحا من خالل جمعية الفلسفة.
ناقصا إن لــم أذكــر بعض ً ويبقى الــطــرح اإلخفاقات في تجارب هذه الكيانات ،ومن أهمها معاناتها من ضعف االعتراف بها من قبل المثقفين أنفسهم ،بجانب عجزها عن تطوير تقاليد ديموقراطية للعمل ،وانصرافها ع ــن الــقــيــام بـــأي دور نــقــابــي ،وتكريسها وبخاصة عدد غير قليل من األندية األدبية-ولكن السؤال ،هل مثل هذه المظالت بديل لنمط محافظ في الكثير من جوانبها ،من المبنى ،والــقــاعــات ،إلــى اإلدارة ،وطريقة جدير ودائم ألرضية يلتقي عليها المثقفون؟ إخراج األنشطة. وفي ضوء اإلجابات ،قد نحتاج للبحث عن أما اليوم ،فإننا إذا فرّغنا األطر الثقافية أسئلة وإجابات جديدة! وال بد أن الثقافة في زمن كورونا قد مرت بتجربة حضور فريدة في نوعها عبر منصات التفاعل اإللكتروني في العالم ،والعالم العربي عامة ،وفي مجتمعنا خاصة ..فقد خرجت الثقافة من جدران كياناتها الثقافية التقليدية، ودخلت كخبز مشتهى إلى بيوت المثقفين.
* شاعرة وأكاديمية سعودية. ( )١أصل مــادة هذا المقال محاضرة للكاتبة قدّمتها عبر منصة النشاط المنبري لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي من خالل االتصال المرئي ،وأدارها :أ .محمد هليل الرويلي ،وبناء على رغبة هيئة التحرير ،تفضلت الكاتبة مشكورة بتحويلها إلى مقال ينشر بالجوبة .المحرر.
دراسات ونقد
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
89
ث ََ ن!.. م ٌ ■ حضية خايف*
هل تعرفون أين موقعي اآلن؟ إنني أقف بشكل مستقيم في حنجرة طفل في الرابعة من عمره! كنت مــع مجموعة مــن فصيلتي نفسها في درج إحدى بقاالت الحي القديمة ،كلّما متناول عملة أخرى أو ً وضع ذلك العجوز يده ورقة نقدية ،يمسح عليّ ويتركني ،مضى على مكوثي ما يقارب السبعة أيام حين استبدلني صاحبي بعلبة سجائر مع مجموعة من العملة الورقية ،كلما أدخل يده في صندوقه دُفِ عت لنهاية الصندوق ،إلــى أن جــاء يــو ٌم ودفعني بــقــوة ألســقــط على األرض ،تــدحــرجــت في البداية ألقع تحت قدم أحد الزبائن ،وكان ملطخً ا بالطين ،فتغير لوني ،ولم تعُد نقوشي جف التراب المبلل الذي ساعات ّ ٍ تُرى ،بعد يغطيني ،وكان بجانبي مغلف شيبس سقط من أحد الرفوف ،تقدم إليه طفل ليلتقطه ،وحين جــاء ..رآني فتناولني بيده الباردة ووضعني داخل جيبه الصغير ،كنت سعيدًا جدًا ،لكن حين وصلت لنهاية الجيب واصطدمت بأكياس أخــرى في البداية ،لم أعــرف ما هي لشدة الظالم ،لكن من الرائحة والرطوبة عرفت أنها مغلف لعلك ..يبدو أن هذا الطفل مولع بالمضغ ،كــان كلما توقف عن السير يدخل يــده فــي جيبه متحسسً ا المغلف ،ويسحب منه واحدة ،ترافقنا ما يقارب الساعة ،أدخل يده في جيبه أكثر من أربع مرات ،وفي المرة األخيرة كانت سريعة جدًا ،فلم أشعر إال وأنا
ضمن مغلف العلكة في فمه ،ابتللت أنا والعلكة والمغلف بلعابه ،لكن سرعان ما طرح المغلف ونصف العلكة من فمه بعد أن تلقى صفعة قوية على خده من أمه التي كانت ترافقه ،ثم أقفل فمه. أدخلت إصبعها في فمه سريعًا ،كانت تبحث عن باقي العلكة ،لكنه كان ينقلني وبعض قطع العلك عكس اتجاه إصبعها ،حين وصلت إليّ تحسستني ..صرخت بهلع ،لكن لسانه كان أسرع حين ك ُِشف أمره ،دفعنا للخلف وابتلعنا.. في البداية التصق بي العلك ،لكنها سرعان ما صرخت مرة أخرى وحاولت ضربه على ظهره لعلي أخرج ،لكنني لألسف لم أستطع ..حاول الطفل جاهدًا التقيؤ ،وهي تصرخ ..لكن لم يستطيع ،كنت في بداية حنجرته الصغيرة، كاد يختنق لوال ستر اهلل عليه ،ضربته مرة أخرى ،شعرتُ بانزالق العلكة التي بجانبي... سقطت بعيدًا في المريء ،وبقيت أنا معلقًا لم أستطع النزول وال الخروج. اآلن نحن مــمــددان على ســريــر األشعة المقطعية في المستشفى بانتظار بدء عمل األشعة ثم العودة للطبيب ليكمل التشخيص...
* قاصة سعودية.
90
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نصوص
عو َد ٌة َ ■ رشا نعمان*
أفقت ألجدني مكوّمة في ركن مظلم ،نهضت فعمَّ الضوء المكان ،أدور حول نفسي دورة كاملة داخل غرفة تشبه غرف القصور ،فراش ذهبي ومــرآة ذهبية ،أبــواب الشرفة مفتوحة على مصراعيها ،أتعرف على هيئتك من الخلف ،فيخفق قلبي كما كان يخفق دائمً ا حين أراك ،ثم أعود ألنظر إلى المرأة من تلك المرآة في الداخل؟ تلتفت إلــيّ بعينيك الحانيتين ،أشعر باشتياق همست بها ،فضممتني ثانية :أال تتذكرين مالمحك؟ لمالمحك ..كأنما م ّر عمر على حرماني من رؤيتها، أنظر مرة أخرى إلى المرآة :كيف عدت شابة؟ رغم شعوري بقربها وكأنني لم أتركك أبــدا ،تدلف تضمني بقوة حتى كدت أذوب داخلك :ال بأس، إلى الغرفة مهلال «حمدًا هلل على سالمتك» ،أقرأها على شفاهك ،ولكن لم تسمعها أذني ،لم أعد أسمع بعد قليل ستدركين الحقيقة كاملة. صوتك ،لم أعد أسمع أي شيء من هذه المرأة التي نهضنا معا ،وجذبتني من يــدي ألقــف معك في تنظر لي بعينين واسعتين وشعر بنيّ مجعّد ،كثيف شرفة واسعة ممتلئة بالورود الملونة ،ومقاعد مخملية كغابة ،أدور حول نفسي مرة أخرى ،هل هذه أنا حقا؟ تطل على شاطئ تكسوه الخضرة والرمال في مزج أجلس في أرضية الحجرة ،تحتضنني بذراعيك ،غريب لم أر في حياتي شاطئًا بهذا الجمال ،وهذه تتمتم بكلمات كثيرة ال أسمعها ،أسألك أين أنا؟ ولكن األلوان المتدرجة للبحر ،ساحرة. ال يخرج صوتي من حلقي ،ليس لي صوت وال أذن، كيف تكون الحياة هكذا؟ هذا عذاب ،أتشبث بيديك، أحاول أن أبكي ..ولكن ال دموع ،متى استطال شعري ليصل إلى قدميّ وتلك المالمح البيضاء النقية لفتاة في العشرين ال امرأة تخطت الثمانين بسنوات ،أما أنت فكما أنت منذ تركتني و ..ال أتذكر أين ذهبت حين تركتني؟ هل تركتني حقا؟
كل هذا الجمال لم يشغلني عن التفكير في حياتي السابقة ،أمــي ،أبــي ،أنــت ،وشــعــور عميق بالحزن والمشهد الوحيد المترسّ خ في ذاكرتي لسفرك ،قلت: هل سافرت وتركتني وحيدة أربي األبناء؟ قلت بال صوت :نعم. فسألتك بعتاب :لماذا تركتني وحيدة؟
فانفعلت أنت ،صرت تتحرك في الحجرة بشكل بلى ..تذكرت ،لقد عشت وحيدة ،لسنوات ،ربيت ابنتي وابني الــشــاب ،ولكن ال أذكــر أيــن كنت أنت ،عشوائي تضرب كفيك ببعضهما ثم تعود ،لتخبرني الصور في ذهني مشوّشة ..ولكن ال وجود لك فيها بهمس بطيء ألقرأ حركة شفاهك «نحن اآلن موتى». أبدا ،صورة وحيدة لك معي أذكرها جيدًا ،كنت تقف فــي هــذه اللحظة لمحت أبــي وأمــي فــي شرفة أمام باب المنزل تمسك بحقيبتك ،قبلت رأسي وقبلت مجاورة ..ابتسما لي ،فابتسمت عندما تذكرت ذلك األبناء ،ثم أغلقت الباب خلفك ،إلى أين سافرت ،العمر الطويل دفعة واحدة. * كاتبة -مصر.
نصوص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
91
الع ْم ِر زُجا ُج ُ ■ محمد الرياني*
عمرك فأنسى المتاعب، ِ يذوبُ األل ُم في إناءِ عصير شهيٍّ ،يدو ُر ٍ على الطاولةِ كوبان من الكوبان مث َل عاشقين يهويان المزا َح والتلذ َذ بربيعِ الحياة ،لنا شفتان تطبقان على فمِ ك ِّل بعناية وكأنهما تُقبِّالنه ،ولنا نفَسَ ان طيِّبان ٍ كوب ٍ قلب المشروب ،تقول كشذى الف ِّل يسكنان في ِ لي إنَّ أرقا َم العمرِ يصن ُع منها الحبُّ أرقامًا اإلنــجــازات مع ِ ـات فلكي ًة تُــســجَّ ـ ُل فــي ســجـ ِ الخالدين ،تُجبرني عيناها البرَّاقتان كلؤلؤتينِ مكنونتينِ في محارةٍ صعبةِ المنالِ لم يُكتشَ ْف سحرهما ،وَحدي -أنا -الذي جلبتُ من أصالةِ العمرِ قيم َة الحُ بِّ الجديد ،كانتْ مُحق ًة عندما الشباب وقد خَ َّط العم ُر ِ مألتْ كوبينِ بعصيرِ تاريخَ ه .تنازعنا شُ ربَ العصيرِ بعد أن تبادلنا كأس األدوا َر على الكوبين ،قالت إنَّ مــذا َق ِ قلت الذي على عصيرِ كَ أروع ،قلتُ لها :لقد ِ زجاجك سرمديُّ ِ لساني؛ إنَّ روع َة الطعمِ في طويل ً الكوكب عمرًا ِ المذاق ،وددتُ لو أنَّ لهذا سقط من على هذه الطاولة، َ أو ال يتشظى إذا فجأ ًة وق َع الكوبُ من بين يديَّ ويديْها ونح ُن الحظ ِّ اإلمساك به ،مِ ن حسنِ ِ نتساب ُق على أنه لم ينكسر ،قلتُ لها سَ ِل َم عمرُك يا ...ولم صببتُ أكم ْل ألنَّها تعرفُ أني أ ُحبُّها بالفعلَ ،
عصير عندي في كأسها ،أمسكتْ ٍ ما بقيَ من به ترتشفُه وهي في قِ مَّةِ سعادتِها ،فجأ ًة وفي غَ مر ِة سَ كْرتِها من الفرحةِ ..وق َع من يدِ ها على هلل على األرض ولم يَنكسر ،تنهدتُ وحمدتُ ا َ ِ أن كوبين من الــزجــاجِ بقي لهما عم ٌر وهما جمادان .سألتُها هل بقيَ عصي ٌر في الخفاء؟ ضحكتْ بحياءٍ وه ـزَّتْ رأسَ ها تقول لي نعم، هممْتُ بــأن أ ُحــضـرَه وأنــا ال أعــرفُ طريقه، قالتْ :انتظر ،ففي الحيا ِة ُمتَّسع ،لنا شفتان تجيدان االبتسا َم وهما غارقتانِ في مــذاقِ العصيرِ وتأخذان لونَه ،نظرتُ في الساعةِ توقيت ِ حو َل معصمي ،وجدتُ التاري َخ يشي ُر إلى ميالدي ،قلتُ لها إن اليو َم هــو ...قالتْ لي: لقد احتفلتُ بكَ على طريقتي ،نح ُن ماضيانِ ، وقد اقتسمْنا العم َر من ُذ البداية ،ولنا عصي ٌر ـواب في بعض األكـ ِ ُ وأكــوابٌ نتبادلها ،ستبقى أماكنِها للذكرى؛ أما هذانِ اللذانِ شربْناهما ففيهما رائح ُة شفتيْنا وشذَى نفَسَ يْنا .ابتعدْنا منتصف الليل ،وخرجْ نا إلى حيثُ النجو ُم ِ عن لنتأك َد من أنَّ أحدًا مثل َنا يحتف ُل بالحُ بِّ كما بص ْمتِه على ك ِّل شيء، فعلنا .كان اللي ُل يُطب ُق َ التزمْنا السكونَ ،وكـ ُّل واحـ ٍـد يرى في عينيّ اآلخرِ زجا َج العُمر.
* قاص سعودي.
92
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نصوص
رسا ِئ ٌ القطار... ل من نا ِف َذ ِة ِ ■ مرمي الشكيلية*
الوقت ألن أفتح نوافذ عربة القطار من شدة االزدحــام حولي.. ُ ـدي لم يكن لـ َّ لم أتمكن حتى من توديعك بتلويح يدي من النافذة ..ولكن كان كل جزء مني يودعك ،حتى تلك العبارات التي علقت فوق صدر كتاباتي ،كانت اآلن وفي هذه اللحظة تتحرر من أسطري ،وتتطاير في الهواء كطائر حر... هذه اللحظة ،ماليين الكلمات تهطل فــي داخــلــي كــالــســيــل ،حــتــى إنــنــي اآلن أستطيع أن أكتب بعينيَّ تفاصيل صغيرة.. كتلك الــورقــة الــتــي سقطت مــن جيب أحدهم دون أن يشعر ،كانكماش وجهك الذي تحاول عبثًا أن تخفيه بقبعتك.. هل يصلك هذا الهدير الكتابي الذي يعلو مع صفير القطار؟ هل يمكنك أن تتخيل تلك الكلمات التي خرجت في لحظة كأبيات شعر كتبت على عجل، وه ــي تلتصق بــجــدار نــفـ ٍـس مرتجفة؟ بماذا يشعرك الــنــداء األخير وعجالت عربات القطار تخطو بمهل؟ هل يشعرك كأن روحً ا تدنو من أبواب الجسد؟ تلك اللحظة تُع ّد بمقاس حياة..
كــأحــرف صــفــت عــلــى مــشــعــل الــــورق.. أأخبرك عن مقطورتي التي أنا عليها، وعن السيدة ذات الوشاح الفضي التي تجلس بجانبي وكأنها تجلس في محراب معبد ال مقعد؟ أأخبرك عن وجبة طعام ساخن تفوح منه ٍ ُقدّمت ،كانت رغيف خبز رائحة ،أم وطن لم تق َو أصابعي الملبدة بالبرد على لمسه..
لــم نــصــل بــعــد إل ــى حـــدود (فيينا)، الطريق طويلة ،والغروب كمصابيح تضيئ سنابل حقول القمح لونها ذهبي المع، أحاول أن أحتسي أبجدية اللغة في هذا الصمت إال من صوت عجالت القطار.. منذ انطالق القطار لم أك ُّف عن الكتابة، كان عليَّ أن أجلس بعدها على ذاك وكأن األحــرف تتدافع عند بوابة قلمي، المقعد ،وســط هــذا الجفاف الحرفي ،أحـــاول فقط أن ألتقط مــفــردة حرف ووسط هذه الحشود التي أخذت مكانها سقط سهوًا.. * كاتبة -سلطنة عُمان.
نصوص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
93
جلس ُة مقهى
ρأميرة حمدان*
أيـ ـ ـ ـ ـ ــا جـ ـ ـلـ ـ ـس ـ ــة ال ـ ـ ـم ـ ـ ـق ـ ـ ـهـ ـ ــى ويـ ـ ـ ـ ـ ــا رش ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــة الـ ـ ـش ـ ــاه ـ ــي ـرت أيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام الـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـب ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ــزاه ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ــزاه ـ ـ ـ ــي ت ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادت بـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ــرى «فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ــا ًة ص ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــرةً» ه ـ ـ ـ ــواه ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا «عـ ـ ـ ـل ـ ـ ــى ل ـ ـ ـهـ ـ ــوهـ ـ ــا سـ ـ ــاهـ ـ ــي» ـس أغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ـ ــي وأجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري وال ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــات ُج ـ ـ ـ ـ ـ َّلـ ـ ـ ـ ـ ٌ أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولُ ب ـ ـ ـ ـ ـ ــر ّب ـ ـ ـ ـ ـ ــي لـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــس فـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــنّ أش ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــاهـ ـ ـ ــي ف ـ ـ ـي ـ ـ ـض ـ ـ ـح ـ ـ ـكـ ـ ــنَ ح ـ ـ ـ ــول ـ ـ ـ ــي ثـ ـ ـ ـ ــم بـ ـ ــال ـ ـ ـط ـ ـ ـيـ ـ ــن أُرتـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــى وي ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ــنَ خ ـ ـ ـل ـ ـ ـفـ ـ ــي جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرْيَ سـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ٍـل ب ـ ـ ـ ـ ــأم ـ ـ ـ ـ ــواهِ ـرت إ ْذ كـ ـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ـ ــا « ُأهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـا بِ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ِّي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا» ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ «فـ ـ ـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـ ــان فـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ــا ُر ع ـ ـ ـ ــن ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاره اله ـ ـ ـ ــي» وأذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ فـ ـ ـ ـ ـ ــي األع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد ك ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــف اب ـ ـ ـت ـ ـ ـهـ ـ ــاج ـ ـ ـنـ ـ ــا ـاس وض ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ــة أف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواهِ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ــرحـ ـ ـ ـ ـ ــةِ أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ «وكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــف اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع األه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ف ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـيـ ـ ــت جـ ـ ــدتـ ـ ــي» «يـ ـ ـ ـح ـ ـ ــاك ـ ـ ــي اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع الـ ـ ـمـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـش ـ ــاري ـ ــن ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـش ـ ـ ــاهِ » «وكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــف اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع الـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ــيّ ف ـ ـ ـ ــي دار وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي» وَمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ َكـ ـ ـ ـ ـأَب ـ ـ ـ ــي« :ذو ال ـ ـ ـ ـ ِـع ـ ـ ـ ـ ِ ّـز والـ ـ ـفـ ـ ـض ـ ــل وال ـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ــاهِ » وذُ ِّك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت إ ْذ ذُ ِّكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت فـ ـ ـ ـ ــي زَمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن ال ـ ـصـ ـ ـب ـ ــا صـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــاب ـ ـ ـ ــات ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّـب ع ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــده ل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــس بـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــواهـ ـ ـ ــي ـاس مـ ـثـ ـل ــه ا ل ـ ـ ـيـ ـ ــس ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ِ فُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذُ ِّكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت ِخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًّ
94
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نصوص
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادي غ ـ ـ ـ ـ ــدا مـ ـ ـ ــن ثـ ـ ـ ـك ـ ـ ــلِ ـ ـ ــهِ الـ ـ ـ ـس ـ ـ ــاهـ ـ ـ ـ َر الـ ـ ـس ـ ــاه ـ ــي َلـ ـ ـ ـ ـ ـ َك ـ ـ ـ ـ ــمْ ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ إِ نْ حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـدَثْ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ــهُ لِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ مـ ـ ـصـ ـ ـغ ـ ــيً ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآهٍ ع ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــى عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ــده ِآه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان إذا مـ ـ ـ ـ ـ ــا ج ـ ـ ـ ـ ـئـ ـ ـ ـ ـ ُـت ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَ « :أمـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرت ـ ـ ـ ــي» ف ـ ـ ـق ـ ـ ـلـ ـ ـ ُـت حـ ـ ـبـ ـ ـيـ ـ ـب ـ ــي« :وح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك اآلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـنـ ـ ــاهـ ـ ــي» ـرت ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذب الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـن ـ ـ ــى ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ «ف ـ ـس ـ ـق ـ ـيـ ــا عـ ـ ـل ـ ــى عـ ـ ـه ـ ــد الـ ـ ـصـ ـ ـب ـ ــا الـ ـ ـب ـ ــاه ـ ــر الـ ـ ـب ـ ــاه ـ ــي» «دع ـ ـ ـ ـ ـ ــون ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي ت ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــري األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور بـ ـ ـ ـ ــأمـ ـ ـ ـ ــره» ـوس ـ ـ ــا ت ـ ـش ـ ـت ـ ـكـ ــي دهـ ـ ـ ــرهـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ــداهـ ـ ـ ــي» «يـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ّل ـ ـ ــي نـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ً ويـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـف ـ ـ ــي صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدورا بـ ـ ــال ـ ـ ـح ـ ـ ـن ـ ـ ـيـ ـ ــن ك ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا عـ ـل ــى الـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـك ـ ـ ــل مـ ـ ـ ـ ــن ن ـ ـ ـ ـ ـ ــار ال ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــوى مـ ـ ـ ــرجـ ـ ـ ــل ال ـ ـ ـطـ ـ ــاهـ ـ ــي «دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــونـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه لـ ـ ـ ـط ـ ـ ــفً ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــاديـ ـ ـ ــر كـ ـ ـلـ ـ ـه ـ ــا» «أن الـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــد هللِ » وآخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ * شاعرة سعودية.
نصوص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
95
ح النَّدى تسابي ُ
ρعالي املالكي*
هـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـح ـ ـ ـظ ـ ـ ـتـ ـ ــان ونـ ـ ـ ـ ـظ ـ ـ ـ ــرت ـ ـ ـ ــان وغ ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــةٌ أخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى لـ ـ ـقـ ـ ـلـ ـ ـب ـ ــك كـ ـ ـ ـ ــي ت ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــون إم ـ ـ ــام ـ ـ ــا ه ـ ـ ــي رحـ ـ ـ ـل ـ ـ ــةٌ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـغ ـ ـ ــار ت ـ ـك ـ ـشـ ــف ق ـل ـب ـه ــا لـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـك ـ ـ ــون أوض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح مـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــون تـ ـ ـم ـ ــام ـ ــا أو نـ ـ ـسـ ـ ـك ـ ــةٌ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ِّـب م ـ ـ ــا م ـ ـ ــن ع ـ ــاب ـ ــرٍ أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدً ا ه ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــاك ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رأوه ل ـ ـ ـمـ ـ ــامـ ـ ــا ال تـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـج ـ ــر ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـض ـ ـ ــوء ق ـ ـ ـبـ ـ ــل ت ـ ـمـ ــامـ ــه ف ـ ـ ــالـ ـ ـ ـض ـ ـ ــوء يـ ـ ـ ـح ـ ـ ــرق إن وقـ ـ ـ ـف ـ ـ ــت ق ـ ـيـ ــامـ ــا س ـ ـ ـ ــر ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـك ـ ـ ــون كـ ـ ـ ـ ـ ــأن أول ل ـ ـي ـ ـلـ ــةٍ مـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــاد قـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ٍـب ل ـ ـ ـل ـ ـ ـح ـ ـ ـق ـ ـ ـي ـ ـ ـقـ ـ ــة ق ـ ـ ــام ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــراج روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ال يـ ـ ـ ـض ـ ـ ــل ط ـ ــريـ ـ ـق ـ ــه ونـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــار وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك م ـ ـ ـ ـ ــا أطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق مـ ـ ــامـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ــو ف ـ ـ ـ ــي ت ـ ـ ـسـ ـ ــاب ـ ـ ـيـ ـ ــح الـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــدى مـ ـ ـت ـ ــوش ـ ـ ٌـح بـ ـ ــال ـ ـ ـحـ ـ ــب هـ ـ ـ ــل يـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدري ل ـ ـ ـمـ ـ ــا وعـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ــا؟! أم راح يـ ـ ـصـ ـ ـن ـ ــع م ـ ـ ـ ــن رحـ ـ ـ ـي ـ ـ ــق ج ـ ـمـ ــالـ ــه ع ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ــرً ا وي ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ــري بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــذا أك ـ ـ ـمـ ـ ــامـ ـ ــا ـات وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ٍـم ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ٌر وآيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ ـدى يـ ـ ـ ـ ــاحـ ـ ـ ـ ــق طـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـف ـ ـ ــه أعـ ـ ـ ـ ــوامـ ـ ـ ـ ــا وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً تـ ـ ـحـ ـ ـك ـ ــي ال ـ ـط ـ ـب ـ ـي ـ ـعـ ــة ك ـ ـ ـ ـ ــان ش ـ ـ ـهـ ـ ــد ب ـ ـيـ ــانـ ــه سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ل ـ ـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــده ألن ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ــا تـ ـمـ ـش ــي الـ ـسـ ـكـ ـيـ ـن ــة فـ ـ ــي ابـ ـتـ ـس ــامـ ـت ــه ال ـت ــي تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروي ال ـ ـ ـق ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ــوب وت ـ ـ ـص ـ ـ ـنـ ـ ــع اإلل ـ ـ ـهـ ـ ــامـ ـ ــا أخ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ال ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــاب وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال م ـ ـ ـ ـ ـ ــلء يـ ـقـ ـيـ ـن ــه م ـ ـ ـ ــن ذاق أدرك وال ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــدى ي ـ ـت ـ ـعـ ــامـ ــى ن ـ ـ ـصـ ـ ــب ال ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــؤاد ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ب ـ ـ ـقـ ـ ــايـ ـ ــا ج ـ ـ ـمـ ـ ــرةٍ حـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــى ت ـ ـ ـ ـ ــدف ـ ـ ـ ـ ــق ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا وحـ ـ ـ ـم ـ ـ ــام ـ ـ ــا ومـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ــى ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردد فـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــاب ك ـ ــأن ـ ــه ش ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ٌـخ يـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـب ـ ـ ــح وال ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــوب يـ ـ ـت ـ ــام ـ ــى ألـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــى عـ ـ ـلـ ـ ـيـ ـ ـه ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد ًة وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى إل ـ ـ ــى مـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ــراج ـ ـ ـ ــه ال ـ ـ ـ ـ ـ ــروح ـ ـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـي ـ ـ ـلـ ـ ــة صـ ـ ــامـ ـ ــا م ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ــان يـ ـ ـعـ ـ ـث ـ ــر ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـي ـ ـ ــال وإن ـ ـ ـمـ ـ ــا ق ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــل الـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــون وطـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــر األوه ـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــردً ا م ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواه ..وروح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـت ومـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــاة الـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ــاة ُن ـ ـ ـ ــدام ـ ـ ـ ــى مـ ـ ـ ــا زال ي ـ ـ ـسـ ـ ــرج فـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـغ ـ ـ ـيـ ـ ــاب دم ـ ــوع ـ ــه حـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأ قـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــه وأقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َص ـ ـ ـ ـ َّلـ ـ ـ ــى ه ـ ـ ـنـ ـ ــاك عَ ـ ـ ـلـ ـ ــى ي ـ ـق ـ ـيـ ــن مُ ـ ـ ــحَ ـ ـ ــمَّ ـ ـ ـ ٍـد وأفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاض مـ ـ ـ ــن خ ـ ـ ـلـ ـ ــف الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـق ـ ـ ــام سـ ــامـ ــا وم ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ــى ي ـ ـ ـب ـ ـ ـشـ ـ ــر ب ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ــوع وخـ ـ ـلـ ـ ـف ـ ــه أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمٌ ت ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــوم وت ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــظ اإلسـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ــا ول ـ ـ ـط ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــةٍ ف ـ ـ ـ ــي م ـ ـق ـ ـل ـ ـت ـ ـيـ ــه م ـ ـ ـنـ ـ ــافـ ـ ــذ الـ ـ ـ ـ ذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى الـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــي مـ ـ ـ ـ ــن روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ت ـ ـت ـ ـنـ ــامـ ــى ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ــارع الـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ــوم الـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ــاة ك ـ ــأنـ ـ ـه ـ ــا زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـف تـ ـ ـ ـ ـ ــراكـ ـ ـ ـ ـ ــم وان ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــى أرقـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــدي يُ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــدى إل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــك سـ ــام ـ ـنـ ــا َوج ـ ـ ـ ــروحـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــا رغـ ـ ـ ـ ـ ــم األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ت ـ ـت ـ ـحـ ــامـ ــى
96
* شاعر سعودي. .
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نصوص
موطن اإلعجاز ُ
ρمالك اخلالدي*
ت ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــادى أيـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــدُ ال ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ــرامُ ـك الـ ـ ـ ـ ــزِ مـ ـ ـ ـ ــامُ وح ـ ـ ـ ـ ـ ّلـ ـ ـ ـ ــقْ ع ـ ـ ــال ـ ـ ــيً ـ ـ ــا َف ـ ـ ـ ـ ـ َلـ ـ ـ ـ ـ َ ت ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــادى أي ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــدُ الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـف ـ ـ ــدّ ى ن ـ ـ ـعـ ـ ــم أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ الـ ـ ــمُ ـ ـ ـه ـ ـ ـي ـ ـ ـمـ ـ ــنُ واألمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ أض ـ ـ ـ ـ ــئ ل ـ ـ ـل ـ ـ ـقـ ـ ــادم ـ ـ ـيـ ـ ــنَ الـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــو َم ُحـ ـ ـل ـ ــمً ـ ــا ف ـ ـ ــأن ـ ـ ــتَ ال ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـل ـ ـ ــمُ والـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـش ـ ـ ــاقُ ه ـ ــام ـ ــوا ـوك مُ ـ ـ ـل ـ ـ ـب ـ ـ ـي ـ ـ ـيـ ـ ــنَ نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا َء عـ ـ ـش ـ ـ ٍـق أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ وم ـ ـ ـ ـ ـ ــن عَ ـ ـ ـ ـ ـ ِـش ـ ـ ـ ـ ــقَ الـ ـ ـ ـ ــثُ ـ ـ ـ ـ ــر ّيـ ـ ـ ـ ــا ال يُ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ وأرض ـ ـ ـ ــا ن ـ ـس ـ ـجـ ــتَ ل ـ ـنـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ــرؤى ش ـ ـمـ ـ ًـسـ ــا ً وأغـ ـ ـ ـ ـ ــدقـ ـ ـ ـ ـ ــتَ ال ـ ـ ـ ـ ــرُ ب ـ ـ ـ ـ ــا وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـجـ ـ ـ ـ ـ ــا ي ـ ـ ـ ــرام ـان فـ ـ ـك ـ ــرً ا صـ ـ ـنـ ـ ـع ـ ــتَ لـ ـ ـن ـ ــا مـ ـ ـ ــن اإلن ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ِ وروحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــيً ـ ـ ـ ــا ال لـ ـ ـ ـ ــن يُ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ــامُ ً ـض عـ ـ ـ ٍّز ـدت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدروبَ بـ ـ ـفـ ـ ـي ـ ـ ِ وعَ ـ ـ ـ ـ ْـسـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ـ َّ س ـ ـ ـهـ ـ ــرتَ ع ـ ـل ــى ال ـ ـ ــدي ـ ـ ــارِ وق ـ ـ ـلـ ـ ــتَ :ن ــام ــوا ـاك ُحـ ـسـ ـ ًن ــا ـال ك ـ ـ ـفـ ـ ـ َ أيـ ـ ـ ــا وطـ ـ ـ ـ ــنَ ال ـ ـ ـج ـ ـ ـمـ ـ ـ ِ سـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـب ـ ـ ــتَ قـ ـ ـ ـل ـ ـ ــوبـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا ،حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َر ال ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــامُ فـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــذا مـ ـ ـ ـ ــوطـ ـ ـ ـ ــنُ اإلع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــازِ ح ـ ــقً ـ ــا وق ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ــدُ ه ـ ـ ـ ــمُ ع ـ ـ ـظ ـ ـ ـيـ ـ ــمُ وه ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ِعـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــامُ * شاعرة سعودية.
نصوص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
97
بُحَيْرَةُ البَجَع
ρلينا فيصل املفلح*
وَافْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـ ـ ـرَقْ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ــا َو َل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَ َودَاعَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
َض ـ ـ ــاعَ ـ ـ ــا غَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َد َر ال ـ ـ ـ ُـح ـ ـ ـ ُّـب عـ ـ ــن كِ ـ ـ َل ـ ـ ْي ـ ـنـ ــا و َ
ال َتـ ـ ـ ـ ُل ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ــي إذا ا ْنـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ َه ـ ـ ـ ـ ْـج ـ ـ ـ ـ ُـت طَ ـ ـ ــريـ ـ ــقً ـ ـ ــا
ـرب وا ْن ـ ـت ـ ـه ـ ـيـ ـ ُـت ا ْنـ ـ ِـدفـ ــاعـ ــا خَ ـ ـ ـ ـ ـ ــارِ َج ال ـ ـ ـ ّـس ـ ـ ـ ِ
َب ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد ح ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ٍـن سَ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ْل ـ ـ ـ َت ـ ـ ـق ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــي َو َتـ ـ ـ ـ ْنـ ـ ـ ـس ـ ـ ــى
شَ ـ ـ ــكْ ـ ـ ــلَ و َْج ـ ـ ـهـ ـ ــي وق ـ ـ ـ ــدْ َل ـ ــبِ ـ ـ ْـس ـ ـ ُـت قِ ـ ـن ــاعَ ــا
ـس عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ ًل وبـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ َنـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا عَ ـ ـ ـ ـ ـ ــهْ ـ ـ ـ ـ ـ ــدُ ُحـ ـ ـ ـ ـ ٍّـب لـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ َ
و َْحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد ُه الـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ُّـب َي ـ ـ ـس ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ِـحـ ـ ـ ُّـق دِ ف ـ ـ ــاعَ ـ ـ ــا
وال ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا َوغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابَ ع ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ــا ُح ـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ــو ٌر
ك ـ ـ ــانَ فـ ــي األم ـ ـ ـ ـ ِـس كـ ــالـ ـ ّـس ـ ـمـ ــاءِ ارْتِ ـ ـفـ ــاعـ ــا
ـف يُ ـ ـ ـمـ ـ ـس ـ ــي حَ ـ ـبـ ـيـ ـ ًب ــا ـك الـ ـ ـ ـ َبـ ـ ـ ـح ـ ـ ــرُ ،ك ـ ـ ـيـ ـ ـ َ ِم ـ ـ ـث ـ ـ ـلـ ـ ـ َ
ـوج كـ ـ ـ ــمْ أب ـ ـ ـ ـ ــا َح الـ ـ ـ ّـشـ ـ ــراعَ ـ ـ ــا؟ وإل ـ ـ ـ ــى الـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ِ
َذ ْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـب ق ـ ـل ـ ـبـ ــي وكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ِّـب َصـ ـ ـ ـ ْل ـ ـ ــدً ا
ـواك أمـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا مُ ـ ـطـ ــاعَ ـ ــا ـف أمـ ـ ـس ـ ــى هـ ـ ـ ـ ـ ـ َ كـ ـ ـي ـ ـ َ
ُر ّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا خَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرامُ ُظـ ـ ـ ـن ـ ـ ــون ـ ـ ــي
ـاض ـ ـ ـ ـ ْيـ ـ ـ ـ ُـت َكـ ـ ـ ـ ــي أزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد اق ـ ــتِ ـ ـ ـن ـ ــاعَ ـ ــا َو َت ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ َ
ـك عُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذْ رًا أس ـ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ـ َ وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اآلنَ ْ
حـ ـ ـي ـ ــنَ أبـ ـ ـن ـ ــي لِ ـ ـ ِـحـ ـ ـص ـ ـ ِـن روح ـ ـ ـ ــي قِ ـ ــاعَ ـ ــا
* شاعرة -سوريا.
98
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نصوص
ج ْوبَة) في رِ َ اب (ال ُ ح ِ
ρهند النزاري
ـاشــقَ الــحَ ـر ِْف إلـى (الـ ُـجـ ْو َبــةِ ) الــغّ ــرَّ اءِ َيــا عَ ـ ِ ـاضـ ــةِ الـ ـ َعـ ـر ِْف إلـ ـ ـ ــى رَوض ـ ـ ـ ـ ــةٍ لـ ـلـ ـ ِـفـ ـكــرِ َفـ ـ ّيـ ـ َ ـف كُ ـ ـ ـ ــلِّ إجَ ـ ــا َب ـ ــةٍ ـؤال خَ ـ ـ ـ ْل ـ ـ َ سَ ـ ـت ـ ـ ْل ـ ـ َقــى ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً لِ ــتُ ـ ْـطـلــقَ ه ـ ِـذي الـ ــرُّ و َح ِمــن مَ ـعـ ِـقـ ِـل الــرَّ ْسـ ِـف األس ـ ـ ـف ــا ُر فـ ــي كُ ـ ــلِّ مَ ــوعـ ٍـد ـك ْ َفـ ـتـمـ ِـضــي ب ـ ـ َ الطر ِْف الس ْحرِ في جَ ولَةِ َّ لتطوِ ي سَ ما َء ِّ ْ ـاعــرٍ ُوح شَ ـ ـ ِ َأس ِم ـ ـن ـ ـ ِـط ـيـ ٍـق إل ـ ــى ر ِ َف ـ ـ ِـم ـ ــنْ ر ِ ـوصـ ِـف ـك بِ ـ ــالـ ـ ْ اف سَ ـ ــيُ ـ ـثــريـ َ إلـ ـ ـ ــى رَوعِ طَ ـ ـ ـ ــوَّ ٍ لِ ـ ـ ـتـ ــكْ ـ ـ ِـسـ ـ َر تِ ـ ـ ـمـ ـ ـثـ ــالَ الـ ـ ـ ـ ّـسـ ـ ـ ــآمَ ـ ــةِ عَ ـ ـ ــابِ ـ ـ ــرً ا عـ ـ ـلـ ـ ــى أذْرعٍ لـ ـلـ ـ ّريـ ـ ِـح مُ ـ ـ ـعـ ـ ـت ـ ــادَةِ ال ـ ـ ـ َع ـ ـز ِْف ـك الـ ـ ـ َفـ ـ ــنَّ عُ ـ ــمْ ـ ــقً ـ ــا و َروْعَ ـ ـ ـ ـ ــةً ُت ـ ـ ــجَ ـ ـ ـرِّدُ فـ ـ ـيـ ـ ـ َ َفـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــأدُ ب ـ ــةُ اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ــامِ طَ ـ ـ ــائِ ـ ـ ـ ّي ـ ــةُ الـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ِّـف ـك لـ ـلـ ـحـسـ ِـن بِ ـ ـ ـ ــذر ًة و ُت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودِ عُ فـ ـ ـ ــي َك ـ ــفَّ ـ ـ ـ ْي ـ ـ َ َـط ِـف ـوعـ ــدُ الـق ْ َيـحـيـنُ إذا طَ ـالـعْ ـ َتهَا مَ ـ ـ ـ ِ ـأمـ ـ ـ ًـا سَ ـ ـ ـتـ ـ ـلـ ـ ـ َقـ ــى إذا وَا َف ـ ـ ـي ـ ـ ـت ـ ـ ـ َه ـ ــا مُ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ِ ُخـ ـ ـ ُـشـ ــو َع خَ ـ ـ ــريـ ـ ٍـف مَ ـ ـ ــلَّ َث ـ ــرثـ ـ ـ َر َة الـ ـ َّـصـ ـيـ ِـف ـوف َيـ ـنـتــهِ ــي سَ ـ ـ ـت ــر َت ــاحُ لـ ـ ـلـ َّـشـ ِّـك ال ـ ـ ــذي سَ ـ ـ ـ َ َاك عـ ـلـ ــى ُج ـ ـ ـ ـر ِْف َيـ ـقـ ـيـ ـ ًنــا وإن َك ـ ـ ــا َن ـ ـ ْـت ُرؤ َ سَ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ــروَى إذا جَ ـ ــال ـ ـ ْـس ـ َت ـ َهــا فـ ـ ـ ــي ُس ـ ــوي ـعــةٍ مَ ـ ـ ـ ـ ــدار َّيـ ـ ـ ــةِ الـ ـ ـ ــرؤيـ ـ ــا أثـ ـ ـيـ ـ ــر َّيـ ــةِ الـ ـ ـ ــرَّ ْشـ ـ ـ ِـف ـاك أنـ ـ ـ ــى تـ ـسـ ــامـقـ ْـت َتـ ـ ـه ـ ــده ـ ــدُ هــا األفْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ َكـ ـ ـ َغـ ـ ـيـ ـمـ ــةِ إ ْب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداعٍ َرب ـ ـ ـي ـ ــعِ ـ ـ َّي ـ ــةِ الـ ـ ـ ـ َو ْكـ ـ ـ ِـف ـوحـ ـهــا جَ ـ ـ ـمـ ـيـ ــلٌ َتـ ـعـ ــالـ ـيـ ـهــا َرصـ ـ ـيـ ـ ـ ٌـن ُطـ ـمـ ـ ُ ـرف َفـ ـلـ ـسـ ـ َفـ َة الـ ـ ـ َّنـ ـز ِْف ُتـ ـعـ ـ ِّلـ ــمُ رُو َح ال ـ ـ ــحَ ـ ـ ِ ـك َن ـ ــفْ ـ ـ ًـســا خَ ـ ـلـ ـيـ َقــةً ـض فـ ـ ـ ــي َك ـ ــفَّ ـ ـيـ َ لـ ـيـ ـنـ ـبـ َ ب ـ ــأن َتـ ـعـ ُبـ َر اآلف ـ ـ ــاقَ فـ ــي َلـ ـحــظَ ــةِ الـ َكـ ْـشـ ِـف ـان جَ ـ ـ ـلـ ـ ـ ّيـ ــةً أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرَا َر ال ـ ـ ـب ـ ـ ـي ـ ـ ِ َفـ ـ ـتـ ـ ـ ْـشـ ـتـ ــا ُر ْ و َتـ ـنـهــلُ مـ ــن َنـ ـبـ ِـع الـ ـ ـ ِّرضــا ف ــوق مــا َيــكْ ـفــي ـف الـ ـ ـ َه ـ ــوى فـ ـ ــي رِ حَ ـ ــابِ ـهــا َف ـ ــأل ـ ـ ِـق مَ ـ ــجَ ـ ــاديـ َ أش ـ ـ ـ ـ ــواقَ إ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ٍـف إلـ ـ ـ ــى إ ْلـ ـ ـ ـ ِـف وغَ ـ ـ ـ ـ ــنِّ لـ ـ ـهـ ــا ْ * شاعرة سعودية.
نصوص
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
99
ع ْثر َ ٌة على فوضى الغرام َ
ρمحمد جابر بقار مدخلي*
أ ٍُّف لِ ـ ــعِ ـ ـ ْـش ـ ـ ٍـق َتـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــادَى وار َت ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ــى سَ ـ ـ َبـ ـ َب ــا وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـأَ الـ ـ ـن ـ ـ ْـش ـ ــو َة ال ـ ـع ـ ـم ـ ـيـ ــا َء واقْ ـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ َر َبـ ــا األرض ِم ـ ـ ــنْ ف ـ ــوض ـ ــا ُه مُ ــتَّ ـ ِـش ـ ًـح ــا َ وَزلـ ـ ـ ـ ــزلَ ثـ ـ ــو ًبـ ـ ــا مـ ـ ـق ـ ــاس ـ ــا ُت ـ ــهُ َقـ ـ ـ ـ ــدْ حَ ـ ــا َكـ ـ ـه ـ ــا َكـ ـ ـ ِـذ َبـ ـ ــا أض ـ ـ ـنـ ـ ــى فُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادً ا َل ـ ـ ـ ـ ــهُ ل ـ ـ ـيـ ـ ـ ًـا وف ـ ـ ـ ــي َي ـ ـ ـ ــدهِ ـوت ط ـ ـيـ ـ ٍـن لِ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــنْ ف ـ ــي ق ـ ـلـ ــبِ ـ ــهِ َل ــعِ ـ ـ َب ــا تـ ـ ــابـ ـ ـ ُ أع ـ ـيـ ــا ُه َت ـ ْـش ــكِ ـ ـيـ ـ ُل ــهُ ال ـخ ــاف ــي وَمَ ـ ـ ــا سَ ـ َن ــحَ ـ ْـت ـوظ ل ـك ــي ي ـح ـظــى بِ ـ ُـجـ ـ ْن ـ ِـح هَ ـ َب ــا ل ـ ــهُ ُح ـ ـظـ ـ ٌ سَ ـ َّـج ــى فُ ـ ـص ــولَ الـ ـه ــوى ِم ـ ــنْ ع ـي ـ ِـن عُ ـ ـ ْز َل ــتِ ــهِ ف ـ ـ ـكـ ـ ــاشَ ـ ـ ـ َف ـ ـ ـ ْتـ ـ ــهُ ُظـ ـ ـ ـ ـ ُن ـ ـ ـ ــونٌ أ َّر َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت هُ ـ ـ ــدُ َب ـ ـ ــا ـاف عَ ـ ـ ـ ـ ْثـ ـ ـ ـرَتِ ـ ـ ــهِ إس ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ َ وأرى ب ـ ــأنـ ـ ـح ـ ــائ ـ ــه ْ ـأل يُ ـ ـ ـ ــكْ ـ ـ ـ ــثِ ـ ـ ـ ـ ـ َر ال ـ ـ ـ َع ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ َبـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــادر ْت ـ ـ ـ ــهُ بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت بـ ـ ـقـ ـ ـبـ ـ ـل ـ ــتِ ـ ــهِ أوراقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َفـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ـ َب ـ ـ ـ ْـت ـض ح ــتَّ ــى ظَ ـ ـ َّنـ ـه ــا ُس ـ ُـح ـ َب ــا غُ ـ ـ ُـصـ ــو ُنـ ــهُ الـ ـبـ ـي ـ ُ ك ـ ـ ــأ َّن ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـف ـ ـ ــيءُ ل ـ ـ ـ ــمَّ ـ ــا شَ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ُـسـ ـ ــهُ َبـ ـ ـ ـزَغَ ـ ـ ـ ٌـت واف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُه ض ـ ـ ـيـ ـ ــمٌ ع ـ ـلـ ــى خَ ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــاتِ ـ ـ ــهِ غَ ـ ـ ـ ـ َر َب ـ ـ ــا فـ ـق ــدْ رَمَ ـ ـ ـ ْتـ ـ ــهُ بِ ـ ــسَ ـ ــهْ ـ ـ ِـم الـ ـ ُـحـ ـ ِّـب فـ ــي عَ ـ ــجَ ـ ـ ٍـل َلـ ـ ـ ــمْ ي ـس ـت ـط ــعْ بـ ـع ــده ــا إرجـ ـ ـ ـ ــا َع م ـ ــا ُس ـل ـ َب ــا َلـ ـ ــمْ َتـ ـ ْـح ـ ـ َتـ ــرِ ْم خَ ــفْ ـ ـ َقـ ـ َة الـ ــذكـ ــرى لِ ــتُ ـ ْب ـ َه ـ َت ـ َه ــا بِ ــشَ ــكِّ ـ ـ َه ــا ال ـم ـن ـح ـن ــي لِ ـ ـل ــمُ ـ ْـخ ــلِ ـ ِـصـ ـي ــنَ ُر َبـ ـ ــا ـاب وابـ ـتـ ـلـ ـع ـ ْـت َتـ ـ ــجَ ـ ـ ــمَّ ـ ـ ـدَتْ عـ ـ ـن ـ ــد ُه األسـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ُ َنـ ــفْ ـ ــيَ الـ ـجـ ـح ــودِ الـ ـ ــذي ف ــي ق ـل ـبــهِ ــا سَ ـ ـ َر َب ــا ـاءات ِمـ ـ ـ ــنْ َيـ ـ ِـدهـ ــا وَرا َح ي ـس ـت ـن ـط ــقُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ يُ ـ ـ ـ ْب ـ ــدي ُش ـ ـ ــعُ ـ ـ ــورًا و َي ـ ـ ْل ـ ـ َقـ ــى غـ ـ ـيـ ـ ـ َر ُه شَ ــطَ ـ ـ َب ــا ـأروض م ــا ا ّدخ ـ ــرتْ ـات ِم ـ ـ ــنْ ُحـ ـ ِّب ــهِ ال ـ ـمـ ـ ِ ي ـق ـتـ ُ ِعـ ـج ــافُ ــهُ الـ ـ ُّـسـ ــودُ َك ـي ــمَ ــا َي ــقْ ــطَ ـ ـ َع ال ـ ِـح ـ َق ـ َب ــا ف ـ ـ ـمـ ـ ــا دن ـ ـ ـ ـ ــا ح ـ ـ ـ ــو َل ـ ـ ـ ــهُ سـ ـ ـ ـط ـ ـ ــرٌ يُ ـ ـ ـ ــؤانِ ـ ـ ـ ـ ُـسـ ـ ـ ــهُ َّإل وس ـ ـ ـ ـ ـ ــحَّ ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ُنـ ـ ـ ــكْ ـ ـ ـ ــرانِ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ــا كُ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ َبـ ـ ــا ـروف الـ ـ ـغ ـ ــدرِ إ ْذ ولـ ـج ـ ْـت مـ ــا رمَّ ـ ــمَ ـ ـ ـ ْت ـ ــهُ ُصـ ـ ـ ـ ـ ُ ـض ـ َبــا ـروق األس ـ ــى مُ ـ ــذْ َصـ ـ ـ ــادَقَ ال ـ َغـ َ إلـ ــى عُ ـ ـ ـ ِ كـ ـ ـ ــأ َّنـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ــمَ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـلـ ـ ــمُ األوف ـ ـ ـ ـ ـ ــى بِ ـ ـ ـ ِـسـ ـ ــدْ رتِ ـ ـ ـهـ ـ ــا ـاظ مَ ـ ـ ـ ــنْ َص ـ ـ َل ـ ـ َبـ ــا َيـ ـ ــرنـ ـ ــو بـ ـهـ ـيـ ـك ــلِ ــهِ أ ْلـ ـ ـ ــحَ ـ ـ ـ ـ َ ال تـ ـ ـحـ ـ ـق ـ ــرو ُه َفـ ـ ـ ـ َق ـ ـ ــدْ أودى ال ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ــرامُ بِ ـ ـ ــهِ ذُ ًل ل ـ ـي ـ ـب ـ ـقـ ــى لـ ـ ـك ـ ــل الـ ـ ـع ـ ــاشـ ـ ـقـ ـ ـي ـ ـ ِـن أب ـ ــا
100
* شاعر -سعودي. العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نصوص
الشاعر محمد عابس الرسمي لم يعد له حضوره ،واإلذاعة والتلفزيون والمسرح ُّ اإلعالمُ والسينما جميعها تتراجع حاليً ا بسبب المنصات الحديثة
قصيدته هي ذاكرته التي تحفظ الكثير من مغامراته مــع الـكـلـمــة ،بـتـجــربــة غـنـيــة ،مـيــزتــه ش ـعــر ًيــا وثـقــافـ ًيــا وإعالميًا ..الشاعر محمد عابس من مواليد مدينة ال ــري ــاض 1968م ،يـشـغــل اآلن مـنـصــب المستشار الثقافي بــوزارة اإلعــام .وبسؤالي عن كتابته لعدد مــن الـسـيـنــاريــوهــات ألف ــام تلفزيونية ومـشــاركــاتــه في المهرجانات الثقافية على المستوى المحلي والخليجي ،وكيف خلق التوأمة بين الشعر والفضاء اإلعــامــي ،ق ــال »:بطبعي أحــب التجريب منذ المرحلة الجامعية ،ســواء فــي عالم الشعر ( الـعـمــودي) أو التفعيلة أو قصيدة النثر ،وانعكس ذلك على الفنون والمجاالت األخرى ،فقد مارست العمل اإلعالمي فــي الـصـحــافــة واإلذاعـ ــة والـتـلـفــزيــون إل ــى جــانــب األع ـمــال اإلداريـ ــة فــي م ـجــاالت اإلع ــام والثقافة ،كما دخلت عالم السيناريو عبر البرامج واألفالم الوثائقية واألوبريتات والدراما، وكتبت كلمات العديد من األغاني واألوبريتات للكبار ولألطفال ،والمقالة». هذه ديباجة بمثابة نافذة ،ندخل منها عالم ضيف الحوار الشاعر محمد عابس.. ■ حاوره :عمر بوقاسم*
محاوالت صادقة لوضع بصمة!.. ¦م ـح ـم ــد ع ـ ــاب ـ ــس ،م ـ ــن األس ـ ـ ـمـ ـ ــاء ال ـت ــي ل ـهــا م ـس ـيــرة ثـقــافـيــة ل ـهــا خصوصيتها ومـمـيــزاتـهــا ،إعــامـ ًيــا وثـقــافـ ًيــا وشـعــر ًيــا، فقد أه ــدى الـســاحــة الشعرية المحلية
مواجهات
وال ـعــرب ـيــة ف ــي ع ــام 1993م ،مجموعته الـشـعــريــة «الـجـمــر وم ـفــارش الـ ــروح» ،ثم كتاب « فاكهة الـمــرأة وخبز الــرجــل» عام 2008م ،وفــي عــام 2009م أص ــدر الطبعة الـثــانـيــة لمجموعته «الـج ـمــر وم ـفــارش 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
101
هناك فضاءات واسعة في دواويني لم يتناولها النقاد إلى اآلن... أحب التجريب منذ المرحلة الجامعية سواء في عالم الشعر البيتي ( العمودي) أو التفعيلة او قصيدة النثر!.. لدي بين فروع اإلعالم والثقافة ،وبين الشعر التنوّ ع الوظيفي ّ وبعض أشكال الكتابة األخرى خلقت فضاءات أجمل ،وتجارب أعمق وعالقات أوسع!..
ال ـ ـ ـ ــروح» ،وعـ ــن دار ال ـك ـف ــاح ب ــال ــدم ــام أص ــدر مجموعته الشعرية «ثالثية اللذة والموت» عام 2010م؛ «أكثر من ذاكرة» هذا عنوان مجموعته الشعرية الصادرة عام 2015م ،ومؤخرً ا صدرت مجموعته «نصوص العزلة» 2021م.
شعاري الدائم ،فإن عجزت ألي سبب ،كان االنتقال إلى مجال وتجربة عملية أخرى هو الحل األسلم الذي لم أتردد في اتخاذ قراره عدة مرات ،ولم أندم على ذلك ،ألن من لديه أهدافه وطموحاته وأفكاره ورسالته السامية لن يتوقف ،بل يبحث عن طرق ونوافذ أخرى يوصل عبرها رسالته اإلبداعية أو الوظيفية.
ρهي جوانب من حياتي وشخصيتي وتجاربي، نجاحاتي وانــكــســاراتــي ،مــزيــج مــن األف ــراح واألحــزان والدموع واالبتسامات ،خلطة من الطموحات والعثرات ،دوافعها الحب والعطاء والبحث عن مكامن الضوء في العتمات ،صراع مع الزمن ،ومواجهة أعــداء الحياة واإلنسان بالكلمة والصوت والصورة والعمل والمواقف.
ه ــذا الــتــنــوع الــوظــيــفــي بــيــن فـــروع اإلع ــام والثقافة ،وبين الشعر وبعض أشكال الكتابة األخـ ــرى خلقت ف ــض ــاءات أجــمــل وتــجــارب أعمق وعالقات أوسع ،إلى جانب المسؤولية أمــام ذاتــي واآلخ ــر ،بسلبيات تلك التجارب وإيجابياتها.
¦الشاعر واإلعالمي محمد عابس ،مــاذا يقول في اتجاه هذه السيرة الغنية بتنوع فضاءاتها؟
مــحــاوالت صــادقــة لــوضــع بصمة ابــن رمــال هذا الوطن ،عبر األشكال التي كتبتها وفي مقدمتها الشعر ،أو عبر المهام الوظيفية التي توليتها ،وأزعم أنني غلفتها بالثقافة واألدب، وحب العمل الجماعي ،وعدم إقصاء أحد أو تهميشه ،والتنوّع من ناحية أخرى.
ورغــم العقبات العديدة وظيفيًا واجتماعيًا وإنسانيًا ،إال إن الحب إلى مرحلة الشغف، واالهــتــمــام والــتــركــيــز والــمــوضــوعــيــة كانت
102
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
لذلك كان الهاجس الذي أفكر فيه بعد نهاية كل عمل وظيفي أو إنتاج عمل إبداعي ،أشبه ما يكون بمحاكمة ذاتية عن مدى النجاح أو الفشل في ذلك العمل ،لالستفادة من التجربة بعد األخرى. اهتمامي ليس طارئً ا!.. ¦قمت بإعداد وتقديم برنامج عن أدب الطفل، وأي ـ ًـض ــا كـتــابــة أنــاشـيــد لــأطـفــال فــي اإلذاع ــة وال ـت ـل ـف ــزي ــون ،إض ــاف ــة إلدارة ورش ـ ــة لـبــرامــج
مواجهات
الطفل فــي إذاع ــة الــريــاض عــام 1431هـ ــ ،هذا ما يدعوني أن أسألك ،ما الذي يميز الطفل ال ـس ـعــودي وال ـعــربــي عــن الـطـفــل فــي الـبـلــدان األخرى على المستوى التعليمي والتربوي؟ ρالطفل ذكي بالفطرة ،وعجينة قابلة للتشكل، وتحتاج إلى مهارة ،ودراسة ،وخبرة في التعامل معها بالطرق واألشكال المناسبة .الموهبة موجودة ،ولكنها تحتاج إلى الصقل والتثقيف منذ الصغر ،ما يمارس في الرياضة عالميًا ومعمول به في مجاالت ً ينبغي أن يكون متوافرًا أدب الطفولة والناشئة وثقافتهما وفنونهما وإعالمهما ،ما قمت به محاوالت ،ولكن األمر عمل مؤسسيٍّ في القطاعين العام يحتاج إلى ٍ والخاص. اهــتــمــامــي لــيــس ط ــار ًئ ــا ،هــنــاك مــشــروعــات أعمال ً مؤجلة وبعضها لم تكتمل؛ ألن لــديّ ومشروعات أخرى في مقدمتها الشعر ،ولكن دافـ ًعــا قويًا في داخلي يدعوني بين الفينة واألخرى للكتابة للطفل. منصات مختلفة للشعر واإلبداع والثقافة!.. ¦ك ـت ـبــت ال ـع ــدي ــد م ــن ال ـس ـي ـن ــاري ــوه ــات ألف ــام تـلـفــزيــونـيــة وثــائ ـق ـيــة ،وش ــارك ــت ف ــي ع ــدد من ال ـم ـهــرجــانــات الـثـقــافـيــة مـحـلـ ًيــا وخـلـيـجـ ًيــا، ..خـلــق هــذا الـتــآخــي أو الـتــوأمــة بـيــن الشعر والفضاء اإلعــامــي ،برغم االخـتــاف البيئي بينهم ،حتمً ا خصوصية تجربتك وتفردها لها سرها ،محمد عابس مــاذا يقول في هذا االتجاه؟ ρأمـ ــام ه ــذه الــمــنــصــات المختلفة ك ــان من الــضــروري توظيفها لصالح الشعر واإلبــداع والثقافة والفنون والعمل اإلعالمي المرتبط بها وبعوالمها المختلفة ،والشعر تاريخيًا كان أشبه بوزارة اإلعالم أو الثقافة ،كما إن الشاعر قديمًا كان له رواة ينقلون قصائده لألسواق والمجتمعات المحيطة ،وهــذا ما لم يعد له وجــود ،فكان لزامًا على الشاعر أن يستفيد
مواجهات
من أي منصة ممكنة سواء الرسمي منها أو الخاص ،واآلن وسائل التواصل االجتماعي المختلفة.
وبطبعي ،أحب التجريب منذ المرحلة الجامعية ســواء في عالم الشعر البيتي (العمودي) أو التفعيلة أو قصيدة النثر ،وانعكس ذلك على الفنون والمجاالت األخرى ،فقد مارست العمل اإلعالمي في الصحافة واإلذاعــة والتلفزيون إلــى جــانــب األعــمــال اإلداريــــة فــي مجاالت اإلعالم والثقافة ،كما دخلت عالم السيناريو عبر البرامج واألفــام الوثائقية واألوبريتات والدراما ،كما كتبت كلمات عدد من األغاني واألوبريتات للكبار ولألطفال ،والمقالة. كل تلك المحطات المختلفة شكّلت التجربة العامة لي .واإلعالم منصة مهمة لكل أشكال اإلب ــداع في األدب والفنون والثقافة بشكل واسع. ويبقى الشعر بالنسبة لي سيد الحضور حتى لو خفتت األضواء حوله لصالح فنون أخرى. الشعر والشاعر ثنائية جذب وتكامل وعطاء وتــواصــل ومــشــاركــة فــي الــفــنــون واألشــكــال اإلبداعية األخــرى ،فتجد كثيرًا من الشعراء منتجين أو مسهمين في السينما والــدرامــا والتشكيل والمسرح والفنون السردية من قصة ورواية ومذكرات وسيرة ذاتية ،وفي الصحافة واإلعالم عمومًا ،لذلك فإن نهر الشعر العظيم مستمر في الجريان على م ّر العصور ،حتى لو
الشاعر محمد عابس 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
103
ظهرت فنون أخرى أو برز شكل أو أكثر منها لظروف معينة. الثقافة أخذت مكانها الطبيعي!.. ¦وزارة الثقافة ببرامجها التطويرية تستوعب الكثير من األنشطة والفعاليات الثقافية التي لها دور مهم فــي تشكيل هــويــة الــوطــن ،وأنــت كمبدع ومثقف ،كيف تقرأ المشهد الثقافي ال ـع ــام الـ ــذي يـمـنـحـنــا ف ـض ــاء ل ــه خـصــوصـيــة وأصالة؟ ρال شك أن الثقافة أخــذت مكانها الطبيعي مــن اهتمام الــدولــة ،بإنشاء وزارة مستقلة يتبعها إحدى عشرة هيئة تعنى بمختلف فروع الثقافة ،وعــدد من الجمعيات المتخصصة، مثل :جمعية األدب ،وجمعية الفلسفة ،وجمعية السينما وجمعية المسرح والفنون األدائية، وجمعية المكتبات ..الخ. االستفادة من منصات التواصل.. ¦في ذروة جائحة كورونا ،ما تقييمك لتجربة إقامة الفعاليات عبر المنصات االفتراضية في األندية األدبية؟ ρليست األندية األدبية فقط من استفاد من منصات الــتــواصــل عــن بــعــد ،بــل الجامعات والمؤسسات األخرى العامة والخاصة ،ومن مزاياه توفير النفقات..
104
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
ومع عــودة الحياة لطبيعتها تدريجيًا ،يمكن مــواصــلــة االســتــفــادة منها ،ولــكــن ال بــد من الفعاليات المباشرة التي يحدث فيها االلتقاء بين المشاركين والضيوف ،إلــى جانب بثها المباشر عبر تلك المنصات. أوقات مناسبة للتجلي!.. ¦بـعــض الـمـبــدعـيــن -بـصـفــة عــامــة -يلتزمون بطقس معين أثـنــاء الكتابة ،الشاعر محمد عابس ،كيف ومتى يكتب؟ ρليس هناك طقس معين ،هناك دارسون أشاروا إلى ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ،بالكلية أو جزئيًا ،اعتمادًا على التحليل النفسي تارة أو غيره من المدارس العلمية األخرى. وللحق ،حينما تجبرك الحالة على الكتابة أيًا كان نوعها فإنك ستكتب في أي زمان أو مكان. ومن جماليات التقنية الحديثة أنك تستطيع أن تكتب أو تسجل أي نص أو معلومة أو فكرة أو أي مشروع كتابي آخر دون عناء. ¦شـغـلــت مـنـصــب مــديــر ع ــام لــأنــديــة األدب ـيــة وم ــدي ــر ع ــام ل ــإع ــام ال ـث ـقــافــي ،م ــا تقييمك للدور الــذي تلعبه األنــديــة األدبـيــة بالمملكة ثقافيًا وأدبيًا ،في بدايتها وحتى اآلن؟ ρأعتقد أنها قامت بأدوار كبيرة ومتميزة منذ منتصف السبعينيات الــمــيــاديــة ،وال ينكر
مواجهات
أدواره ــا عاقل ،ومــع التغيرات الجديدة من المهم مراجعة وتعديل أوضاعها بما يتناسب مع التوجهات الثقافية الجديدة تحت مظلة نظام الجمعيات األهلية. لذلك ،نحن بحاجة إلى تعدد المؤسسات التي تعنى بالشأن الثقافي بمفهومه الواسع وتنوعها، فهي ال تقل أهمية عن تأسيس مدرسة أو معهد أو مــركــز صــحــي .قتلبية احتياجات المجتمع أدبيًا وثقافيًا وفنيًا وجماليًا مطلب وحاجة ضرورية لتنمية المجتمع. شرطا ¦التعامل مع الشبكة العنكبوتية أصبح ً أساسا سواءً للصحافة أو كمبدع ،ما المواقع ً التي تحرص على زيارتها بشكل دائم ،وتنصح بها؟ ρعملية البحث تحتاج إلى محفزات ،كما تحتاج إلــى وع ــي ،وفــهــم آللــيــات البحث وكيفياتها بالطرق السليمة والناجحة ،وهي هدف ينبغي زرعه لدى النشء منذ سنوات الدراسة األولى، ولعل اتساع دوائر الرقمنة الكبير في بالدنا يحفز ذلك ويدعمه. ومن المهم اإلشــارة إلى أن اإلعــام الرسمي بأشكاله المختلفة لم يعد له حضوره السابق، فالمنصات الحديثة جعلت من كل فرد متمكن صاحب قناة ،أو وزارة إعالم متنقلة ،بما وفرته التقنية الحديثة بمنصاتها وأجهزتها الذكية وتطبيقاتها المختلفة. االتــجــاهــات الحديثة تنازلت عــن الصحافة الورقية واإلذاعات والتلفزيونات الرسمية ،حتى المسرح والسينما ستتراجع .هذه االتجاهات بحثت عن هوياتها الجديدة وحققت نجاحات متواصلة والقادم أسرع وأكبر.
ρصحيح هناك قراءات نقدية لعدد من النقاد والباحثين والدارسين والمبدعين نشرت في الصحف والمجالت ،جمع بعضها األستاذ حمد الرشيدي في كتاب له صــدر عن دار النابغة في مصر. وللحق ،النقد له مشاريعه التي لم تعد تعتمد عــلــى الــشــكــل التطبيقي مــن الــنــقــد ،بــل له اهتماماته ومشروعاته المختلفة ،وكثير من النقاد هرولوا حول الكتابة النقدية عن السرد عمومًا والرواية في مقدمتها. كما ان كثيرًا من األعمال النقدية مصدرها الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه أو الوحدات البحثية للترقيات. وبنظرة على الواقع ليس لدينا في الغالب نقاد مستقلون ومتابعون لإلنتاج اإلبداعي الواسع في بالدنا في وسائل اإلعالم المختلفة. كما أصبحنا نفتقد للصحفي المثقف والناقد الذي يستعرض اإلصــدارات الجديدة ،ويتابع الساحة وما يستجد ويدور فيها عبر المنصات المتاحة الخ.. ولــاقــتــراب مــن ســؤالــك أكــثــر ،أق ــول :هناك فضاءات واسعة في دواويني لم يتناولها النقاد أو الدارسون إلى اآلن.
النقد ..ومشروعاته المختلفة!.. ¦ه ـنــاك قـ ــراءات نـقــديــة سـعــت ل ـق ــراءة قصائد ال ـش ــاع ــر م ـح ـمــد ع ــاب ــس ،ه ــل وصـ ــل ال ـنــاقــد لقصيدتك؟
مواجهات
الشاعر محمد عابس 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
105
الشاعرة نويّر مطلق العتيبي: ليس ثمة تعريف آخر سوى أني خليلة القراءة.. ونجاة الكاتب والشاعر مرهونة بالوعي
شاعرة سعودية ،برزت منذ سنوات من خالل نشاطها الثقافي وقصائدها التي تنشرها، وأمسياتها الشعرية التي تقيمها وتشارك فيها ..بداياتها كانت مقتصرة على مَن حولها، ثم انتقلت لفضاء النت والنشر والمنتديات ،وبعدها نشر الكتب ،وكل ذلك كان رصيدً ا عزز تجربتها ..تقول إن الكتابة هي فضاؤها ،وأنها قد تشكلت بعد التهام كتب عديدة ،إذ وجدت أنها تملك قلمً ا يرسم عالمً ا موازيًا لما تعيشه فتمادت فيه .أصدرت العديد من الدواوين الشعرية ،منها« :أغنيك وجعا» ،و«هيأتها للموت» ،و«منتصف الغواية» ،و«األصوات تأتي من األعلى» ،وغيرها. ترى أن الشاعر متورط في بوحه ،ومتورط في عالم يالحقه بظنونه ،فالكلمة العزيزة محلها البوح الحذر! ■ حاورها :احملرر الثقايف*
¦ب ــداي ــة ..نــو ّيــر الـعـتـيـبــي ،حــدثـيـنــا عن سيرتك ،وبطاقتك الشخصية؟ ρنويّر بنت مطلق العتيبي ،من مواليد مدينة الرياض ..ليس ثمة تعريف آخر سوى أني خليلة القراءة.. ¦ك ـي ــف اهـ ـت ــدي ـ ِـت الـ ــى ط ــري ــق ال ـش ـعــر، ولماذا كانت قصيدة النثر خيارك؟ ρالفضاء األدبــي يختارنا إليه ،وكتبت دون اخــتــيــار لــقــالــب م ــا ،وتشكلت النصوص وفــق قصائد النثر ،ذاك الــنــوع ال ــذي يرجمونه بالنقد دو ًمــا
106
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
فصرت أنسكب فيه معنى وكتابة» ألني حقيقة حين أكتب معناي ،ال أفكر على أي جنس أدبيٍّ سيكون هذا النص. وأمل، ¦أنت شاعرة تنضح قصائدها رقة ً كيف جمعت هذا؟ في ذات الوقت نجد أن ق ـص ــائ ــدك مـفـعـمــة ب ــاألس ــى على واقعنا العربي ،كيف لشاعرة رقيقة أن تحمل كل هذا الهمّ بين حناياها؟ ρثمة حياة تصر أن تأخذنا لدروبها ولمضامينها ،فمن الطبيعي كوني فردًا عربيًا أن يسكنني ذاك الهمُّ ،ه ُّم الهوية واألرض وال ــع ــروب ــة ..فــفــي خريطة
مواجهات
عربية منقوعة باألسى ،تناضل لحلمها كلما م ّر زمن ووهن صوتها .كان لزامًا علينا أن نعيد حضورها في مشهد ثقافي عريض، ونذكّر في كل مــرة أن ال وطــن لعربي إال وطنه ،ولو استعار من األوطان ما استعار.. ¦فـ ــي (أغـ ـنـ ـي ــك وج ـ ـعـ ــا) تـ ـق ــولـ ـي ــن :ج ـئ ـتـ ِـك مـسـتـنـصــرً ا /وم ــا مـعــي إال غـمــد منكسر/ وأغـنـيــة وفــرحــة عتيقة دسستها عــن بؤس الحياة) .مم هذا الوجع وإلى أين؟ ρالــوجــع رديــف الــحــيــاة ،والــوجــع اإلنساني هو ما يعتريني كلما يممت نحو جهة ما وفكرة ما ،وأظن اإلنسان يتقاسمه مع أخيه اإلنسان ذاك الوجع الهاجس ،الذي يجعلهم ينؤون عن األلم وسلب الحياة التي يفعلها الكثير بحجة عيش! ¦حــدثـيـنــا ع ــن دواويـ ـن ــك مـنـتـصــف ال ـغــوايــة ٢٠١٢م -األصوات تأتي من أعلى -وهيأتها للموت؟ وماذا في خواطر وردية؟ ρمنذ المؤَلف األول كنت أجس طرق الخطى تجرأت ودفعت بما ضممت في دفتري إلى النشر ،وهنا ولجت عالمًا لم يكن فيه صوتي غالب ،فأعدت النشر ٍ واضحً ا مع ضجيج مــرات ألستبين صوتي وأسمعه في عالم غير مكتبتي ..وما أزال أفعل ،لكن النشر لم يعد في شكل كتاب ،إنما مشاركات منبرية وكتابية في صحف ومجالت تتعدى حدودي لجغرافية أخرى.. ¦ما الذي شدّ ِك الى القصيدة ،وأنت طالبة علم االجتماع؟ ρالكتابة فضائي ،وقــد تشكلت بعد التهام كتب عــديــدة وجدتني أمــلــك قلمًا يرسم عالمًا موازيًا لما أعيشه فتماديت فيه.. وكنت قبل أن أكــون طالبة اجتماع طالبة أدب ولغة ،فاألدب حيّز ،من يدخله قارئًا سيمضي به نحو الكتابة على ما يبدو لي..
مواجهات
¦شــاركــت فــي أمـسـيــات عــديــدة قـبــل جائحة ك ـ ــورون ـ ــا ،ول ـك ـن ـه ــا ت ـح ــول ــت إل ـ ــى أم ـس ـي ــات ع ـبــر اإلنـ ـت ــرن ــت ،ك ـيــف وج ـ ــدت الـ ـف ــرق في التجربتين؟ ρالفضاء اإللــكــتــرونــي كــريـ ٌم منذ عرفناه، فال حدود وال جغرافية تحكمنا ،وال هوية سوى ما نرغبه نحن ..فحين تدرجنا في هذا الفضاء جاءت هذه األمسيات لتهزم قوقعة فرضت على العالم ،فتورطنا في العزلة اإلجبارية لنعيد مواثيقنا األدبية عبر أماسي ،عرفت فيها جمع من المغرب، وتــونــس ،ومصر ،ولبنان ،وخليج يشبهني وعالم أحــبــه ..فهي فرصة للقضاء على الشكل الــواحــد لألمسيات ،والمجموعة الواحدة للمثقفين.. ¦عملت في التعليم الـعــام ،وفــي الجامعة.. هل يتيح التعليم للمبدع وللشاعر مثلك 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
107
نـقــل تـجــربـتــه وعـ ــدوى اإلبـ ــداع إل ــى طالبه صغارًا وكبارًا؟ ρأن تكون معلمًا فذاك حم ٌل كبير ،وأن تكون أستاذًا فأنت تبالغ في مسؤوليتك ما لم تدرك أهميتها .عملت وقتها على أن يكون الكتاب معينًا لــي فــي تعليمهم ،فعقدت جلسات مفتوحة للقراءة ،وملتقى اسبوعيًا للكتاب ،ومكتبة في بهو المكان ،كنت كل مرة أؤكد أن ال معلم أكفأ من الكتاب ،إذا عرفت كيف تخاطب الفكرة ،وتستخدم عقلك بشجاعة ،وأن تمحص كل ما يمر عليك؛ كي ترتقي لسلم التعلّم دون وصاية آخرين.. أما تجربة الكتابة فلم أجرؤ على تمريرها كوني في تجربة حديثة أتعلم منها وأمارس تجريبها.. ¦وصفت الشاعرة الدكتورة فوزية أبو خالد بعض تغريداتك أنها (جــارحــة ،وشجاعة، أغصان وأشجار وأرفف وصمامات ،تغريدات الشاعرة نويّر العتيبي التي مررت بغاباتها هذا النهار ) ماذا تردين؟ ρتــويــتــر مــكــان مــنــاســب لــتــعــريــة األفــكــار والمناقشة ،ووجدتني أعبر فيه مع آخرين نحو معرفة جديدة غالبها يورطك في بوح ما ال يباح ،وقد تنزلق في أرضــه اللزجة ما لم تنتبه ،وأن تخطو خطوتك ..فهو مغر للبوح ومناكفة األفكار ،واختزالية كلماته في البدايات منحتنا القدرة على التخلص من حشو الكالم لصالح فكرة ما ..والسيدة فوزية تستنطق ما وراء الحرف ،لذا كان لمعان أردتها.. ٍ مرورها مزهرًا وهي تشير ¦ت ـقــول ـيــن :م ــا عـ ــدت أخ ـش ــى غ ـيــابــك/ف ـكــل الغيابات/مجازات مصغرة للموت /وغيابك موت بزي حياة! هل هو تسليم للموت ام إنه حضوره الدائم؟
108
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
ρالــمــوت تجربة سيمر بها الجميع ،وهي حاضرة في تفاصيل الحياة ،مــوت حلم، موت أمل ،موت ثقة ،وموت صغير نكرره في أيامنا ..لكن دائـ ًمــا ما يأخذني ذلك لنحو آخر ،هل الحياة متاحة للجميع طالما الموت حتميّ للجميع؟ أظن هذا اإلنسان يتورط في حياته كثيرًا ما لم يــدرك أن تجربة الحياة خيارك المحدود.. ¦الشاعرة نويّر بنت مطلق العتيبي ،إحدى طالبات الشاعرة الدكتورة فوزية أبو خالد ال ـتــي اكـتـشـفــت مــوهـبـتـهــا ه ــي ومـجـمــوعــة ط ــال ـب ــات أخـ ــريـ ــات ،وق ــدم ــت ل ـه ــن أمـسـيــة ش ـعــريــة عـ ــام 2003م ،ك ـيــف ت ــري ــن تــأثـيــر الــدك ـتــورة فــوزيــة عليك وعـلــى جيلك وقــد أصـبـحــت نــو ّيــر شــاعــرة مــرمــوقــة فــي سماء الشعر والثقافة العربية؟ «ρشاعرة مرموقة في سماء الشعر والثقافة العربية» أجدها مبالغة لطيفة منك ..لكني أيضا لن أمنعها ،فثمة غرور يحبه اإلنسان ولو كان مضلال له ،جمعني بفوزية ابو خالد شغف الحياة ودروب الشعر واالجتماع.. طالما كنت أتابعها في مشهدنا الثقافي، وأناقش ما تطرحه في مقاالتها ،وتأسرني معالجتها وتحليلها للكثير مــن القضايا ذات البعد السياسي االجتماعي ،ودفعني استغراقي في ذلك زيارتها بمكتبها الذي كــان نافذة على الحياة واألدب ،فتحدثنا عن فكرة الكتابة ومالعبة األفكار وأحاديث طويلة امــتــدت لتكن مرفأ ثقافيًا؛ وكــان الشعر ج ّل حديثنا. ¦ه ــل سـيـبـقــى ال ـشــاعــر حـ ــرً ا ف ــي زم ــن بــاتــت الكلمة عزيزة على الحضور؟ وهل ستكون القصيدة المالذ األخير؟ ρلم يكن الشاعر ح ـرًا ولــن يكون إال فيما يختلقه في عالمه ،وحتى ذاك العالم لو اطــلــع عليه اآلخـــرون لعبثوا بــه برجمهم
مواجهات
وتصنيفاتهم وتأويالتهم ،ل ــذا ..الشاعر متورط في بوحه ومتورط في عالم يالحقه بظنونه ،فالكلمة الــعــزيــزة محلها البوح الحذر..
¦جــرفــت ال ـمــوجــة االس ـت ـهــاك ـيــة المجتمع بأكمله تقريبًا في مرحلة مــا ،وحاليًا يتم تجريف ما تبقى منه ،هل سينجو الكتاب والشاعر ،ومن ورائهم القراء؟
ρلم أنــج ،لكني بعد الــوقــوع تعلمت النجاة واســتــدركــت الــخــطــوات ،فالبدايات كانت مقتصرة على مَن حولي ،ثم انتقلت لفضاء النت والنشر والمنتديات ،وبعدها نشر الكتب ،وكــل ذلــك كــان رصــيــدا للتجربة، والثقافة العامة ستجرفك ما لم تكن يقظً ا، وبخاصة في إغراء وسائل التواصل للمرء، وهي الموطن اللزج الــذي يهوي بصاحبه لمزالق أبعد من همّه الثقافي..
ρنزعة االستهالك تتملك البشرية منذ فجر الرأسمالية ،ال نجاة منها ،لكن قد تستطيع التحكم بــدرجــة خسائرك! نجاة الكاتب والشاعر مرهونة بالوعي ،وهذا الوعي في ظل االستهالك المحموم مسروق ،والبيئات المسؤولة عن تنمية هذا الوعي مسروقة ـضــا ،فال التعليم يؤكد على الخيارات أيـ ً وإتــاحــة األفــكــار ومناقشتها وبــنــاء أفــراد باستطاعتهم استخدام العقل بشجاعة ،وال اإلعالم التقليدي والجديد يستطيع النجاة من التفاهة وصنّاعها.
¦فــي بــدايــاتــك كـيــف اسـتـطـعـ ِـت الـنـجــاة من ثقافة جرفت الكثير بعيدً ا عن الشعر وعن األدب بشكل عام؟
مواجهات
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
109
الثقافي للتنمية البُع ُد ّ المستدامة ِوفق رؤية 2030 ■ مرسي طاهر*
انتشرت منذ أواخ ــر الـقــرن الماضي مصطلحات عــديــدة تــركــز على مفاهيم التنمية والتقدم والتطور ،ومجتمع المعلومات ،إلى أن ظهرت في القرن الحالي مصطلحات م ــرادف ــة ،مـنـهــا :الـعــولـمــة ،والتنمية الـبـشــريــة ،ومجتمع المعرفة، والتنمية المستدامة...الخ. والمتابع جـيــدً ا لهذه المصطلحات والمفاهيم ،يجدها تهتم بالعالقة بين الفرد والمجتمع ،وتركّز على كيفية تحقيق الرفاهية واالزدهار لمستوى معيشه الفرد ،وبالتالي المجتمع الذي يعيش فيه ،وتبحث كذلك في الوسائل والسبل المتاحة لتحقيق ذلــك ،وتبلورت الجهود في هــذا السياق بإقرار خطة التنمية المستدامة .2030 المحور البيئي ،والمحور االجتماعي، والمحور االقتصادي ،ومحور الشراكات، وباستعراض األهــداف الرئيسة للتنمية المستدامة نجدها كالتالي:
وقد أقرت األمم المتحدة عام 2015م هذه الخطة من خالل جمعيتها العامة في الــدورة السبعين بتاريخ 25سبتمبر 2015م ،ووضعت من خاللها ( )17هدفًا رئــيــسً ــا ألهـــداف التنمية المستدامة، الهدف ا -القضاء على الفقر بجميع و( )169هدفًا فرعيًا ،و( )233مؤشرًا أشكاله في كل مكان. لهذه األه ــداف ،وترتكز جميع أهــداف الهدف -2القضاء على الجوع ،وتوفير التنمية المستدامة على أربعة محاور معلنة مــن قــبــل األم ــم الــمــتــحــدة ،هــي :األم ــن الــغــذائــي ،والــتــغــذيــة المحسنة،
110
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نوافذ
الهدف -11جعل المدن والمستوطنات وتعزيز الزراعة المستدامة. الــهــدف -3ضمان تمتع الجميع بأنماط البشرية شاملة للجميع وآمنة وق ــادرة على الصمود ومستدامة. عيش صحية ،وبالرفاهية في كل األعمار. الهدف -12ضمان وجود أنماط استهالك الهدف -4ضمان التعليم الجيد المنصف وإنتاج مستدامة. والشامل للجميع ،وتعزيز فرص التعلم مدى ال ــه ــدف -13ات ــخ ــاذ إجــــــراءات عاجلة الحياة للجميع. للتصدي لتغير المناخ وآثاره. الهدف -5تحقيق المساواة بين الجنسين، الــهــدف-14حــفــظ المحيطات والــبــحــار وتمكين كل النساء والفتيات. والــمــوارد البحرية واستخدامها على نحو الهدف -6ضمان توافر المياه وخدمات مستدام لتحقيق التنمية المستدامة. الــصــرف الصحي للجميع ،وإدارت ــه ــا إدارة الــهــدف -15حماية النظم األيكولوجية مستديمة. البرية وترميمها ،وتعزيز استخدامها على نحو الهدف -7ضمان حصول الجميع بتكلفة مستدام ،وإدارة الغابات على نحو مستدام، ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة ومكافحة التصحر ،ووقــف تدهور األراضــي والمستدامة. وعكس مساره ،ووقف فقدان التنوّع البيولوجي. الهدف -8تعزيز النمو االقتصادي المطرد الهدف -16التشجيع على إقامة مجتمعات والشامل للجميع والمستدام ،والعمالة الكاملة مسالمة ،ال يهمش فيها أحد من أجل تحقيق والمنتجة ،وتوفير العمل الالئق للجميع. التنمية المستدامة ،وإتاحة إمكانية وصول الهدف -9إقامة بنى تحتية قــادرة على الجميع إلى العدالة ،وبناء مؤسسات فعالة الصمود وتحفيز التصنيع الشامل للجميع ،وخاضعة للمساءلة ،وشاملة للجميع على وتشجيع االبتكار. جميع المستويات. الهدف -10الح ُّد من انــعــدام المساواة الهدف -17تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط داخل البلدان وفيما بينها. الشراكات العالمية من أجل تحقيق التنمية
نوافذ
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
111
المستدامة. وق ــد حــظــي الــبــعــد الــثــقــافــي فــي تنفيذ خطط وأهداف التنمية المستدامة بكثير من النقاشات واالهتمام العالمي في ظل تجاذب كبير بين الفعالية الثقافية كقوة ديناميكية للتغيير على مستوى األف ــراد والمجتمعات، ومــدى تأثيرها فــي تحقيق أه ــداف التنمية المستدامة.
واألدلــة والمبادرات التي قادتها المنظمات الدولية ،وعلى رأسها األمم المتحدة ومنظمة اليونسكو ،وذلك لقياس أثر الثقافة في العملية التنموية والتنمية المستدامة ،وكذلك الوزن االقتصادي لقطاع الثقافة ،وقادت اليونسكو مبادرتين مهمتين في هــذا السياق خرجت منهما بمجموعة من المؤشرات ،الكمية التي يمكن من خاللها االعتماد عليها في قياس الفعالية التنموية للثقافة ودورها في تحقيق أهــداف التنمية المستدامة ،وأطلقت عليها المؤشرات الموضوعية لدور الثقافة في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030م ،و تتمثل عناصرها الرئيسة في ما يأتي:
وقد تغيرت خالل العقود األخيرة النظرة العالمية لدور الثقافة في العملية التنموية، فبعد أن كانت النظرة إليها على أنها حالة جمالية غير مؤثرة في عملية التطور ،ولها دور ثانوي ،إلى اليقين بدورها الحيوي والمهم في إحــداث التطور والنمو االقتصادي ،وتحقيق -1البيئة والقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ. أهداف التنمية المستدامة في كافة القطاعات، تآتى هذا اليقين بعد مجموعة من الشواهد -2االزدهار وسبل العيش.
112
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نوافذ
-3المعارف والمهارات. -4االندماج والمشاركة. أف ــردت الــمــؤشــرات تحت كــل عنصر من -4التأكيد على أهمية العوامل الثقافية ومدى العناصر السابقة المكوّن الثقافي المرتبط تأثيرها في أنماط الحياة واالستهالك معه ،وكذلك عالقته باألهداف الرئيسة وسلوكيات األفراد ،والقيم المتعلقة بالبيئة لخطة وأهداف التنمية المستدامة ،وكان والطرق التي تتفاعل بها مع بيئتنا الطبيعية، من نتائج هذه الجهود الدولية والشراكات ومن هنا ،تبرز أهمية العمل الثقافي في الفعالة بين اليونسكو ومنظمات األمــم ترشيد ع ــادات االســتــهــاك ،والتشجيع المتحدة العمل على وضع خطط مستنيرة على اإلنــتــاج األخــضــر المستديم ،الــذي تأخذ بعين االعتبار األهمية الكبيرة للثقافة يحتاج إلى فعالية ثقافية قادرة على الوفاء ودورها في نجاح العملية التنموية ،والعمل بالمتطلبات الحيوية للتنمية المستدامة. على دمجها فــي استراتيجيات التنمية المستدامة من خالل: وم ــن ثــم يتضح الـ ــدور الــثــقــافــي للتنمية -1دمــج البعد الثقافي في مفهوم التنمية المستدامة ،وما يمكن أن يلعبه القطاع الثقافي المستدامة ،وفي أنماط قياسها ،وتحديد في أن يكون موردًا اقتصاديًا مستدامًا ،وتصبح مــســتــويــات فــعــالــيــاتــهــا وجـ ــدواهـ ــا ،ومــن الصناعات الثقافية ذات أثــر بالغ في حياة ثــم االلــتــزام بتشجيع المعارف الثقافية الحكومات والــدول؛ وهذا ما عززته الحقائق والممارسات العلمية التقليدية ودمجها واألرقام؛ فعلى سبيل المثال تشكل الصناعات في سياسات التنمية المستدامة ،والسيما الثقافية أكثر من % 3.4من الناتج المحلي فيما يتعلق ب ــاإلدارة المستدامة للموارد اإلجمالي العالمي ،بــل وت ــزداد النسبة عن الطبيعية ،واألمن الغذائي والحصول على ذلك في بعض البالد ،فبلغ إسهام األنشطة المياه النظيفة. الثقافية الرسمية في الناتج المحلي اإلجمالي -2االعتراف بالدور المهم للصناعات الثقافية في االكــوادور ،%4.76كما تمثل الصناعات واإلب ــداع ــي ــة ،والــســيــاحــة الــمــســتــدامــة ،الــثــقــافــيــة واإلب ــداع ــي ــة واحـــــدة م ــن أس ــرع ومختلف القيم الثقافية القائمة على القطاعات نموًا في االقتصاد العالمي ،ولعل ال ــت ــراث ،مــن أج ــل التنمية المستدامة التجارب عديدة على مستوى العالم ،وأمثلة في مجالي االقتصاد األخضر والعمالة واضحة على استثمار الثقافة في التنمية، الخضراء ،ومن ثم تحفيز التنمية المحلية ،وفــي عالمنا الــعــربــي ث ــروة هائلة ومــخــزون وتنمية الفرص التجارية ،وتعزيز اإلبداع ثقافي وحضاري وتراثي ضخم يمثل العديد واالندماج االجتماعي. من الحضارات اإلنسانية المتراكمة منذ آالف -3أهمية المحافظة على الــتــراث الثقافي السنين الذي من الممكن أن يستثمر ويصبح الطبيعي وحمايته ،ومن ثم تعزيز التعاون قاطرة التنمية في بالدنا العربية ويمثل تنمية الدولي في هذا المجال ،وذلــك من أجل مستدامة متميزة. تعزيز التنمية المستدامة فــي أبعادها الثقافية.
* كاتب -مصر.
نوافذ
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
113
إيون لي.. األم الهروب من اللغة ّ ُ والتشافي من الجنوح إلى االنتحار بالكتابة! ■ تقدمي وترجمة :عبدالوهاب أبو زيد*
ظاهرة األدبــاء والكتّاب الذين يكتبون بلغة غير لغتهم األم ليست بالظاهرة الجديدة أو الغريبة ،بل إنها في واقــع األمــر أصبحت شيئًا مألوفً ا في كثير من الثقافات ،ولدى عدد كبير من الكتاب الذين لعل أشهرهم الروائيان جوزيف كونراد وفالديمير ناباكوف ،البولندي والروسي اللذان اختارا أن يكتبا باللغة اإلنجليزية ليصبحا من أبرز الروائيين في هذه اللغة. الكاتبة الصينية الجذور ،األمريكية الجنسية ،إيون لي Yiyun Liاختارت أن تكتب باللغة اإلنجليزية ،ونشرت عددًا من األعمال القصصية والروائية، وفــازت بجوائز بــارزة ،واقتبست بعض أعمالها في أعمال سينمائية ،منضمة بذلك إلى قائمة الكتّاب الذين هجروا لغتهم األم ،وآثـ ــروا الكتابة بلغة لم يخرجوا مــن رحمها ولــم ينشأوا في كنفها. ولدت لي في بكين عام 1972م ،وكان من المقرر أن تدرس الطب في جامعة بكين ع ــام 1996م ،إال إنــهــا انتقلت
114
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
للواليات المتحدة األمريكية لتحصل في عام 2000م على شهادة ماجستير فــي عــلــم الــمــنــاعــة مــن جــامــعــة أي ــوا. وفي عام 2005م حصلت على شهادة ماجستير اآلداب في السرد اإلبداعي غير التخييلي وفي الرواية من الجامعة نفسها .نشرت كتابها األول عام 2005م بعنوان (ألف عام من الصلوات الطيبة)، ون ــال ــت عــنــه ج ــائ ــزة ف ــران ــك أوكــونــر العالمية للقصة القصيرة .وتبعته بعدد من الكتب من بينها أربع روايات ،نشر آخرها عام 2020م. كتابها الوحيد حتى اآلن بعيدًا عن
نوافذ
السرد التخييلي هو (صديقتي العزيزة ،من حياتي ،أكتب إليك فــي حياتك) ،وهــو ما يُصنف في باب المذكرات ،التي كتبتها على مــدى عامين عانت خاللهما من االكتئاب الشديد وحاولت االنتحار مرتين! لم تعمد لي لتتبع أحداث حياتها بشكل زمني متعاقب كما يحدث عادة في هذا النوع من الكتب ،بل تركت لنفسها حرية التنقل بين فترات حياتها المختلفة على غير انتظام أو اتساق .وألنها كاتبة قصة ورواية باألساس، فــقــد خــلــطــت بــيــن ذكــريــاتــهــا الشخصية ومرجعياتها الثقافية في األدب على وجه الخصوص ،فاكتظت صفحات كتابها بأسماء من أمثال ستيفان زفايغ ،وماكسيم جوركي، وسورين كيركيغارد ،وإيفان تورغنيف ،وإيفان تريفور ،وكاثرين مانسفيلد ،وغيرهم من الكتّاب والكاتبات. أيضا في كتابها عن عالقتها تتحدث لي ً بلغتها األم التي لم تكتب بها ،ولغتها المتبناة، التي وجدت ذاتها فيها وأصبحت من كاتباتها الــبــارزات ،على الرغم من أن شخصياتها وأحداث رواياتها تجري في الصين .والغريب في األمر أنها لم تكتف بأن تهجر لغتها األم تمامًا ،لتفكر وتحلم وتكتب بلغة ليست لغتها أيضا أن األولى في األصل ،بل إنها ترفض ً تترجم أعمالها إلى اللغة الصينية.
.5لطالما سُ ئلت طوال حياتي :ما الذي تخفينه؟ ال أعــرف ما الــذي أخفيه ،وكلما حاولتُ إنكار ذلك ،كلما وجدني الناس غير جديرة بالثقة أكثر .اعتادت أمي على التعليق على انساللي بخفاء لضيوفنا .وكثيرًا ما واجهتني امــرأة مسؤولة عن الــدخــول إلى الحمام العمومي ،سائلة إيــاي عما أخبئه عنها .ال شيء ،قلتُ لها ،وكانت تقول إنها تستطيع مــن النظر فــي عينيّ أنــنــي كنتُ أكذب. التكتم حالة طبيعية .إنه ال يعني إخفاء بتساو ٍ شيء ما .الناس ال يظهرون أنفسهم وبسهولة للجميع .التكتم ال يجعل المرء ٍ يشعر بالوحدة كما يفعل االختباء ،ومع ذلك فإنه يُبعد اآلخرين ويوهن عالقته بهم.
في القسم األول من الكتاب ،والذي يحمل عنوان الكتاب نفسه ،نقرأ تأمالت متنوعة نصا) ذات مساس بحياة (يبلغ عددها ً ٢٤ الكاتبة وعالقتها باآلخرين وفهمها للزمن، كما تعرض لمحاولتها وضع حد لحياتها وما .19ثمة هذا الخواء داخلي .ك ُّل أصوات تبع ذلك من بقائها في المصحات ،ومن هذا القسم نختار لكم اآلتي: العالم غير كافية لتخرس صوت هذا الخواء
نوافذ
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
115
أنت ال شيء. الذي يقولِ : هــذا الخواء ال يدّعي امتالك الماضي ألنه هنا دائمًا .وليس عليه ادعــاء امتالك المستقبل فهو يقف في طريق المستقبل. إنه إمّا أن يكون ديكتاتورًا أو األقرب ممن حظيتُ بهم من األصدقاء .في بعض األيام أخــوض معه في عــراك إلى أن نسقط معًا مثل حيوانين جريحين .حينها أتساءل :ماذا لو أصبحتُ أقلَّ من ال شيء حين أتخلص من هذا الخواء؟ ماذا لو كان هذا الخواء هو ما يبقيني على قيد الحياة؟ .20فــي أحــد األي ــام قالت زميلتي في السكن إنها الحظتْ أنني أصبح هادئة إن تحدّثتْ عن البوذية .ال أعني إنها ديانة، قــالــت؛ عــلــى سبيل الــمــثــال ،بــإمــكــانــك أن تتأملي. لــم أقــل لها إنــنــي قــد ق ــرأتُ النصوص
الــبــوذيــة مــا بــيــن الــثــانــيــة عــشــرة والثالثة والعشرين من عمري .لمعظم الوقت كانت تلك النصوص أكثر الكلمات بثًا للطمأنينة. إن تعلم الــاشــيء يخفف مــن ح ــدة ذلــك الخواء. علّمني والـ ــدي الــتــأمــل حــيــن كــنــت في الحادية عشرة .تخيلي دلوًا ما بين ذراعيك المفتوحين ،قال لي ،وطلب مني أن أستمع لصوت قطرات الماء التي تملؤه شيئًا فشيئًا، وبعد أن يمتأل ،أن أستمع إلى صوت الماء وهو يقطر من قعر الدلو« .من الفراغ إلى االمتالء ،ومن االمتالء إلى الفراغ » ،أشار إلى الكلمات في كتاب ما ألراهــا« .الحياة قبل الميالد حلمٌ ،والحياة بعد الموت حل ٌم آخرُ .وما يعبر بينهما ليس سوى سراب من األحالم».
إيون لي
116
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نوافذ
عزيز ضياء 1418 -1332هـ (1997-1914م) ■ محمد بن عبدالرزاق القشعمي*
في ليلة 1416/11/24-23هـ الموافق 1996/4/12-11م كنت في ضيافة األستاذ عزيز ضياء -رحمه اهلل -في منزله بجدة ،وعلى مدى ليلتين كنت أسجل معه ضمن برنامج (التاريخ الشفوي) لمكتبة الملك فهد الوطنية ،الذي بدأته قبل سنة ،وكان برفقتي الصديقان عبدالسالم الوائل ،ومحمد زايد األلمعي. بمجرد أن اتصلت به وعــرف أنني بجدة، رحــب بــي وبــمــشــروعــي ،وح ــدد الــمــوعــد بعد مغرب اليوم التالي ..ذكرته بلقائنا قبل ثالث سنوات بالرياض في المهرجان الوطني للتراث والثقافة .وهي مشاركته وحضوره األخير لها، وفي العام التالي عندما دعــاه النادي األدبي بالرياض إللقاء محاضرة عن (الحرية) وعاد لجدة ليلة افتتاح المهرجان الوطني للتراث والثقافة التالي بالرياض .دون أن يدعى لها أيضا بلقاء جمع بعض األدباء كالمعتاد ،وذكرته ً بمنزل األســتــاذ صالح الصالح ،وكــان ضمن الحضور الشاعر محمد العلي ،وكان الحديث بينهم مسيطرًا على المجلس ،وكان العلي يذكره بما سبق في إحدى مناسبات الجنادرية ،وهم في ضيافة سمو ولي العهد األمير عبداهلل بن
نوافذ
عبدالعزيز ،رحمه اهلل -الملك فيما بعد -لتناول طعام الغداء ،وكما جرت العادة أن تلقى بعض الكلمات والقصائد في حفل االستقبال الذي يسبق طعام الــغــداء ،وأن أحــد المدعوين من المغرب العربي بدأ الكالم مشيدًا بما شاهده من نهضة عمرانية حضارية تدعو للعجب، مشرق شاهده ولمسه ..واستمر في ٍ ومن واقعٍ المديح واإلطــراء ..وبعد نهاية كلمته استأذن عــزيــز ضــيــاء بطلب الكلمة وأذن لــه ،فشكر المتحدث واألمير والحضور ،وشكر المهرجان وما يقوم به من دور حيوي ثقافي جمع أبناء العروبة من مشرقها إلى مغربها إضافة لبعض المهتمين من الــدول الغربية وقــال :إن هذا المهرجان لهو المنبر الثقافي الحقيقي الذي يستطيع المواطن أن يعبر فيه عما يجيش في 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
117
الملك عبداهلل يرحمه اهلل
نفسه وما يحلم أن يرتقي به للمستقبل. وقلت إنــك قلت إن هــذا ال يكفي فقط ،يريد المواطن أن يشعر بالحرية حتى يرتقي بتفكيره ويحقق ما يطمح إليه ..وبعد نهاية التعليق صفق لك الكثيرون ،وتبعك محمد العلي وأنتما في طريقكما لسفرة الطعام ،وقــال لــك :أتمنى أن تموت اآلن! قائل :هذه دعوة صديق. فرددت عليه ً
وعلى مدى يومين وهو يروي ويتذكر المحطات المهمة في حياته ومنها :سفره إلى مكة لاللتحاق بمدرسة الطب ،والتي اكتشف فيما بعد أنها تخرج ممرضين ،فالتحق باألمن العام كاتبًا ،ثم حول إلى السلك العسكري برتبة (مفوض ثالث) .حتى وصل إلى وظيفة نائب مدير األمن العام لشؤون المباحث والجوازات ،وقال إنه أتى للرياض للسالم على الملك سعود في بداية حكمه ،وكــان في قصر الناصرية يتحدث مع أمير عسير تركي األحمد السديري ،وإذا برئيس االستخبارات العامة سعيد كردي يأتي ويؤدي التحية العسكرية المعتادة -لكونه أعلى منه رتبة - قائل له" :يا بيه يريدونك في (المصمك)" ،فاعتقد ً أنهم سيستعينون به للتحقيق مع مَن استعصى عليهم، وما علم أنه سجين ،وكان مأمور المصمك ابن سيف ولــه معرفة بــه مــن قبل ،إذ أرســل لــه أخــوه للعمل كجندي بمكة .وقد علَّمه أبو ضياء مبادئ القراءة والكتابة فرقي من جندي إلــى مــازم .فحفظ له هذا المعروف ،ولهذا خيّره في أفضل األمكنة في السجن وهي األبراج -غرف واسعة مميزة عن البقية وكانت تعرف بمن سبق أن سجن بها مثل :برجالعنقري وبرج األمير مشاري بن عبدالعزيز والثالث لشيوخ إحدى القبائل.
بــدأ يــروي قصة حياته وذهــاب والــده وهــو في بطن أمــه إلــى دول شــرق آسيا لجمع تبرعات من الدول اإلسالمية ،إلنشاء جامعة إسالمية بالمدينة المنورة ،فانقطعت أخباره حتى اآلن .ولد عبدالعزيز ابن ضياء الدين بن زاهد في المدينة المنورة عام 1332ه ـــ1914/م((( وتلقى علومه األولية بالمدرسة وهــو ال يعرف تهمته .ويتعاطف معه الجندي الراقية الهاشمية ،وفي عام 1345هـ التحق بمدرسة المكلف بخدمته بعد أن علمه الــقــراءة والكتابة الصحة بمكة ،وبعد سنتين عين كاتبًا لمديرية الصحة وأشركه معه في طبخ الوجبات وتناولها .وفي إحدى العامة ،ثم إدارة األمن. األيام يفاجئه الجندي بفكرة تهريبه خارج المملكة.. وأهــدانــي الــجــزءيــن األول والــثــانــي مــن سيرته ثم يفرج عنه ويجرد من رتبته العسكرية ووظيفته، (حياتي مع الجوع والحب والحرب) والتي افتتحها فيقرضه محمد سرور الصبان 50ألف ريال يفتح بها بقوله« :الحياة كالبصلة يقشرها المرء وهو يبكي» ،منجرة بمكة ،وذلك في عام 1374هـ تقريبًا ويطلب وكتب على الجزء األول (مع االمتنان وبالغ التقدير منه تصنيع األبواب والشبابيك للمباني الحكومية. إلــى األســتــاذ محمد القشعمي حفظه اهلل ..جدة في 1416/11/23هـــ 1996/4/11م .توقيع ..عزيز ضياء) ،والذي أهــداه :إلى أمي فاطمة بنت الشيخ أحمد صفا -شيخ الطريقة النقشبندية ،وشيخ حجاج القازاق في روسيا :-وأنا أسميهم (فغَّم).
118
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
وبعد فترة يطلب منه مغادرة المملكة مع عائلته. وبعد مدة تعلن السفارة البريطانية عن حاجتها لمذيع باللغة العربية ليذيع بإذاعة عموم الهند -عندما كانت الهند مستعمرة لها -وكــان بالصدفة يقرأ مسرحية (هاملت -لشكسبير) فأتى االمتحان بهذا
نوافذ
الموضوع ،فنجح وذهب مع زوجته أسماء زعزوع - أم ضياء -فأصبح يقدم البرامج العربية ،وزوجته تقدم (ركن المرأة) ،وبعد سنتين تأتيه برقية من مدير األمن العام (مهدي الحكيم) بأن عليه االلتحاق بعمله وكيل لألمن العام فــورًا ،فيعود إلى المملكة ليعمل ً للمباحث والجوازات والجنسية حتى تقاعده. نسيت الموضوع ولــم أتــذكــره إال بعد أكثر من عشرين عــا ًمــا على هــذا الــلــقــاء ،وبــالــذات عندما وقــع بيدي الجزء الثالث من مذكراته -ولألسف لم يذكر تاريخ صدورها -ففرحت لعلِّي أجد بها ما يجدد ذاكرتي ،ولكن وجدته ينهيها بتحويله من وظيفة مدنية إلى السلك العسكري برتبة (مفوض ثالث) بحدود عام 1347هـ ،وقد تنقل في عمله بعد هروبه من مدرسة الصحة بعد أن ضرب الدكتور المتعالي الذي أطلق عليه زمــاؤه اسم (أبو رقعة) و(بارم ديله) و(العم شنطف) وهو المسؤول عن قسم مرضى السل الرئوي ،والذي يتعامل معه ومع زميله (محمد األسود) بخشونة ،ودائمًا يدعوه بـ (يا حمار.. يا مغفل)! مما نفّره من الدراسة ،واتفق مع زميله األســود على االنتقام منه .وفــي اليوم التالي عند حضور الطبيب َكتّفه األسود وقام عزيز بضربه بكل قوة بعصي المكانس وغيرها حتى بدأ يصرخ ،فتركاه وهربا ،وكانت هذه آخر عالقته بمدرسة التمريض. اختفى لدى أحد معارف زوج والدته (عبدالعزيز الــقــارئ الــمــصــري) وال ــذي كــان يسلمه مصروفه الشهري عبارة عن جنيه ذهــب يبعثها عمه (زوج والدته) عن طريقه .حتى حضرت والدته من المدينة للحج ..فعلم عمه بما حصل له .وكان على عالقة بمحمود بك حمدي مدير مستشفى جياد ،وصدر األمر بتعيين عمه رئيسً ا للصيادلة بمكة ،وعن طريقه تم تعيينه بمكتب مدير المستشفى مقيدًا وكاتب آلة. وعــلــى ذكــر اآللـــة ،فقد ربطته عــاقــة وطيدة بالدكتور خيري القباني مدير المدرسة واستاذ التشريح ،وكان يكتب على اآللة الكاتبة ،والتي يراها
نوافذ
عزيز ضياء مع الملك فيصل يرحمهما اهلل
أ .عزيز ضياء
عزيز ألول مرة ،ويبدي إعجابه بها ،فطلب منه أن يجرب الكتابة عليها ،ولنباهته وسرعة اتقانه ،فقد اقترح دعوة األمير فيصل نائب الملك في الحجاز لزيارة المدرسة وإقامة مسابقة في الكتابة على اآللــة مع من يتقن الكتابة عليها بمكة وهــم ثالثة (شفيق أفندي اإلمــام) ،القادم من الشام ،والكاتب على اآللة في مكتب المدير العام للصحة .والثاني (السيد عيدروس) الكاتب الوحيد بوزارة الخارجية، والثالث عزيز ضياء الطالب بالمدرسة ،وعند وصول األمير راكبًا على حصان -إذ كانت السيارات غير موجودة بمكة -وقد وقف األمير يراقب المتسابقين، ومحمود بــك يملي عليهم مــن ورقــة بــيــده ،فكانت 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
119
وصديقه الـدكتور مصطفى عبدالخالق -طبيب في التكية المصرية -فذلك حلم لم يسبق قط أن طاف بذهني في صحوٍ أو منام »..فبدأ يقرأ ويكتب ..ومن مقيد أوراق إلى مدير مكتب مدير األمن العام مهدي بك الحكيم ،فيقترح فتح أو تأسيس مدرسة لتخريج ما يحتاجه األمن العام من ضباط .فيوافق مهدي على اقتراحه وتكون (مدرسة الشرطة) طالبها من الموظفين المعينين ُكتّابًا برواتب جنود وتالميذ دار األيتام الذين أنهوا دراستهم االبتدائية ويتقاضون رواتب جنود .فتفتح المدرسة ،ويتولى التدريس بها عابد خزندار الضباط ،ومقرها في (القاووش) ،القاعة الواسعة النتيجة كالتالي: بمبنى األمــن العام الــذي يتسع ألكثر من خمسين التلميذ عزيز ( )52كلمة في الدقيقة بدون أي طالبًا ،واتفق مع نجار لصنع المقاعد والسبورة. خطأ. فينتقل عمله للمدينة للعمل مع الشيخ يوسف شفيق أفندي ( )43كلمة في الدقيقة مع ثالثة أخطاء. السيد عيدروس ( )35كلمة في الدقيقة بدون أي خطأ. فأعجب األمير فيصل وأشاد به وأخرج من جيبه ثالثة جنيهات ذهب وسلمها له وقال :هديتك تأتيك وفعل أرسل له في اليوم التالي (سيكل) وساعة غدًاً . يد ،وقد نفعه إتقانه الكتابة على اآللة الكاتبة ليتعين بمستشفى جياد بــراتــب (ستة جنيهات) شهريًا. وتوثقت عالقته بالدكتور حسني الطاهر الذي سأله عن من قرأ له؟ فقال إنه قرأ لجبران خليل جبران (الــعــواصــف والــعــواطــف) ،فدله على المنفلوطي، وفوجئ بعد يومين بمجموعة كتب المنفلوطي يهديها لــه .وكــان ال يوجد بمكة ســوى جريدة (أم القرى) فكتب بعض الخواطر وأرسلها للجريدة ،ولهذا نجده في ختام الكتاب (ج )3من مذكراته يقول« :وال أذكر اليوم ،كيف شعرت أن قلبي يكاد يقفز من صدري، وأن رأسي قد تضخم فال تتسع له الغرفة كلها ،أن يأتي يوم أرى فيه اسمي منشورًا في جريدة تحت هذه الكلمات التي أعجب بها الدكتور حسني الطاهـر
120
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
بصراوي مدير القسم العدلي لبضعة أشهر ،ليفاجأ ببرقية من مدير األمن العام بعودته لمكة ،ويصدر أمـرًا بنقله للسلك العسكري برتبة (مفوض ثالث) وقال« :ال بد أن ترتدي (البدلة) ،وسوف تستلم من يوسف جمال (القايش) والمسدس ،وسيقوم بتدريبك على الحركات العسكرية »..وقــال في ختام الجزء الثالث من حياته« :وهكذا بدأت مسيرة مستقبلي الطويل في الشرطة »..وقال ضمن ما قال إنه وقتها ال يوجد سيارة وال راديو ..ولعدم وجود تواريخ توضح متى طبعت هذه األجزاء الثالثة من مذكراته وحتى تــواريــخ تلك األح ــداث ،إال أنها تجري بين سنتي 1345و1348هـ 1926و1929م قبل توحيد المملكة بسنوات. قلت لــه عندما أهــدانــي الــجــزءيــن األولــيــن من (حياتي مع الجوع والحب والــحــرب) وعرفت أنها مقتصرة على طفولته المبكرة وذكرياته عند سفره مع والدته وجمعًا من أهالي المدينة للشام ،ضمن حملة (سفر برلك) التي هجّ رهم لها فخري باشا ممثل الحكومة التركية عند حصار األشراف لها إثر إعالن الحسين بن علي الثورة العربية الكبرى في
نوافذ
وسط الثالثينيات الهجرية .قلت له إنك اآلن على أب ــواب التسعين مــن عمرك المديد ولــم تستكمل مــذكــراتــك ،أو على األق ــل المحطات المهمة من حياتك ..فقال إن ابني يسجل ذلك بالفيديو ولعله يكتبها بعدي ..واآلن وقد مضى أكثر من عشرين عامًا على وفاته -رحمه اهلل -صدر أثناءها الجزء الثالث منها ،والتي انتهت بدخوله السلك العسكري حدود عام 1348هـ 1929م ،وكل حياته كانت حافلة بالعلم والعمل .ولهذا اضطر إلى االستعانة ببعض ما كتبه الدكتور علي جواد الطاهر في معجم المطبوعات. « ..دخــل معترك الحياة في وظائف الحكومة في سن مبكرة ،وتقلب في عدة مناصب كان من بينها وكيل لألمن العام مدير مكتب مراقبة األجانب ،ثم ً للمباحث والجوازات والجنسية ..يجيد اإلنجليزية والفرنسية والتركية ،كــان من أوائــل من كتبوا في جريدة (صوت الحجاز) عند صدورها ألول مرة .هو واحد من الرواد ..فكرًا وأدبًا ،ويعد من أفضل النقاد السعوديين ..وفي عام 1384هـ تولى رئاسة تحرير جريدة المدينة المنورة لمدة 40يومًا ...حاول أن يدرس في القاهرة وبيروت ،فلم يتهيأ له أن ينهي دراسته ..وعاد إلى المملكة ليعين في الشرطة رئيسً ا لقسم التنفيذ ،ثم عندما تأسست وزارة الدفاع التحق بها .ثم مديرًا عامًا للخطوط الجوية. ونتيجة لخالف بينه وبين مسئول آخر فُصل.. فسافر إلــى القاهرة ،وبعد إقامته سنتين تقريبًا التحق بوظيفة مــذيــع مترجم فــي إذاعـ ــات الهند في دلهي ،وبعد أن قضى سنتين تقريبًا استدعته الحكومة برقيًا ليشغل وظيفة مدير مكتب مراقبة
وكيل لألمن العام األجانب ،ثم صدر األمر بتعيينه ً للمباحث والجنسية ..ثم انقطع للكتابة والتأليف والترجمة ..وكتب لإلذاعة ..والتلفزيون ..وهو أول من أصدر جريدة عكاظ أسبوعية بامتياز األستاذ أحمد عبدالغفور عطار. وقــال إنه ترجم (عهد الصبا) إلسحاق الدقس و(النجم الفريد) وقصص سومرست موم ثم (جسور إلى القمة) ،وقصص من طاغور ..ويسهم جادًا مع تهامة فيما تصدر من كتب األطفال ،وينقل لها عن اإلنجليزية مجموعة حكايات ..ومعروف بأنه معل ٌق سياسيٌ. وه ــو يــودعــنــي فــي نــهــايــة لــقــائــي الــثــانــي معه 1416/11/24هـ ـــ سألني :من ستقابل غ ـدًا؟ قلت: عابد خزندار ..فقال :هناك من هو أهم منه ..هناك والده ،فال يفوتك ،فلديه معلومات مهمة ..فاستغربت لعدم سماعي به ،فقلت :أما يزال على قيد الحياة؟. قال ستجده أقوى من ابنه عابد ..وهكذا كان. علمت بعد سنه أن عزيز ضياء غــادر للواليات المتحدة لالستشفاء ولم يمكث سوى أيام ،فسمعت بوفاته رحمه اهلل ..فقال الدكتور عبداهلل مناع وهو يرثيه أنه رغم تقدم سنه ،إال إنه يسهر إلى الثانية لــيـ ًـا ،ويصحو مبكرًا ليتناول فــطــوره فــي الثامنة صباحً ا .وال يشاركه الفطور سوى قطة أليفه مؤدبه، يوضع لها ملعقة وشوكة مثل ما يوضع له ،وتجلس على الكرسي المقابل له بكل أدب لتتناول الفطور معه!
* باحث سعودي. ((( وتقول ابنته دالل في برنامج الراحل بقناة (روتانا خليجية) يوم الخميس 3رمضان 1442هـ ،الموافق 15أبريل 2021م ،أن اسمه الحقيقي عبدالعزيز بن زاهد مراد .بينما اسمه الذي عرف به هو عزيز ضياء .إذ أن والدته تزوجت من الطبيب التركي ضياء بعد مرور سنوات على اختفاء والده .وأن عزيز ولد وتربى في كنفه وكان يحنو عليه ويوجهه .وبعد أن كبر الولد وبدأ يكتب بالصحف ،وقع أول مقال باسم عبدالعزيز زاهد واطلع عليه زوج والدته فقال له :هل استكثرت علي وضع اسمي إلى جوار اسمك؟ فخجل ،وبدأ يكتب تحت اسم عزيز ضياء.
نوافذ
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
121
كتاب لم يصدر ..ولم يحتجب:
المنتقى من أشعار العرب ■ محمد علي حسن اجلفري*
قصة قصيدة ف ــي ك ــل فــات ـحــة ل ـل ـقــول مـعـتـبــر ْه
ُحقَّ الثناء على المبعــوث بالبقره
فــي آل عـمــران قدما شــاع مبعثه
رجالهم والنساءاستوضحواخبر ْه
قــد مــدَّ للناس مــن نُعماه مائد ًة
عمّ تفليستعلىاألنعاممُ قتصره
ألول مرة طرقت سمعي هذه القصيدة ..كانت في مجلس درس حديث البخاري في منزل المشايخ آل باسندوة بجده قبل أكثر من ثالثين سنة .وقد تالها من حفظه شيخنا الحبيب عبدالقادر السقاف ،رحمه اهلل .وهي قصيدة طويلة قالها ابن جابر األندلسي في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،وقد رتبها على أسماء عملت مــع األستاذ ُ ســور الـقــرآن الـكــريــم .ولــم أعثر عليها عقب ذلــك إال بعد أن عبداهلل عمر خياط كمستشار ثقافي له .واألستاذ الخياط ،رحمه اهلل ،كان من أعمدة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر ،وكان أحد رؤساء تحرير عكاظ من 1965 إلى 1970م. كــان األســتــاذ الخياط قــد جمع خالل قصيدة ابن جابر األندلسي هذه .وسلمني اشتغاله بالثقافة والصحافة مدة أربعين ملفًا بهذه القصائد ،وأوكل إليّ تصحيحها سنة ،كثيرا مــن القصائد الــنــادرة ،ومنها وترتيبها أبجديا ،لتكون كتابًا بعنوان «المنتقى
122
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نوافذ
من أشعار العرب» .وقد فرحت بالعثور على هذه القصيدة قبل انتشار جوجل ،وأدرجتها في مسودة الكتاب .والحظت أن ناظمها ،رحمه اهلل ،قد جمع أسماء كافة سور القرآن في القصيدة ما عدا اسم ســورة الجاثية .فال أعلم كيف فاته ذلــك ،أو أن البيت الذي ذكر فيه اسم سورة «الجاثية» ضاع. وما ذلك ببعيد فقد ضاعت منا األندلس بكاملها. وبما أن سورة األحقاف تأتي بعد سورة الجاثية فقد قال الشاعر:
ع ـ ــزت شــري ـع ـتــه ال ـب ـي ـض ــاء ح ـي ــن أت ــى أحـ ـق ــاف بـ ــدر وج ـن ــد اهلل ق ــد ح ـضــره فلعله اكتفى بذكر «شريعته البيضاء» إشارة إلى سورة الجاثية التي ورد فيها قوله تعالى :ثم الراحل عبداهلل عمر خياط جعلناك على شريعة من األمــر فاتبعها وال تتبع وال ـ ـكـ ــافـ ــرون إذا جـ ــاء ال ـ ـ ــورى ُطـ ـ ــردوا أهواء الذين ال يعلمون. ومثل ذلك اسم سورة النصر فقد اكتفى بقوله «إذا جاء». والقصيدة في نحو خمسين بيتا وتنتهي بقول الشاعر:
ع ــن حــوضــه فـلـقــد ت ـ ّب ــتْ يـ ـ ـ ــدُ الـكـفــره
إخـ ــاص أم ــداح ــه شـغـلــي ف ـكــم فـ َلـ ـ ـ ـ ٍـق أسمعت فيه الـنــاس مُ فتخَ ره ُ للصبح أزك ـ ــى ص ــات ــي ع ـلــى الـ ـه ــادي وع ـتــرتــه ـوصـ ــا م ـن ـه ــم ع ـش ــره وصـ ـحـ ـب ــه وخ ـ ـصـ ـ ً الوفاة
كتاب المنتقى من أشعار العرب
نوافذ
كانت القصائد تطبع وتصحح ،ثم تعود ،ثم تذهب إلى المطبعة لطباعة الدمية األولــى ،ثم تعود للتأكد من صحة طباعة كل بيت وتشكيله. لقد كنا في هذه المعمعة حين جاء هادم اللذات واختار جامع القصائد إلى دار البقاء .وكان األستاذ الخياط قد أشار إلى أن أي كتاب لم يصدر وهو على قيد الحياة فاتركوه .لكن كتاب «المنتقى من أشعار العرب» ليس فيه قضايا أو آراء جدلية، كما أنه قد اكتمل نموه .ووجدت للدهشة وحسن الطالع أن الكتاب قد خرج من المطبعة وليدًا كامل 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
123
النمو مصححً ا ،وله رقم ردمك ،لكن لم يطبع منه سوى خمس نسخ .ولو رآه األستاذ الخياط لقرت عينه به ،ولم يمانع في طبع مئات النسخ ،ال للبيع، ولكن لإلهداء وتوزيعه على مكتبات الجامعات. ألن سوق الكتاب الورقي كما يعلم الجميع يسير سير الهوينا .وال يجد اإلقبال من القراء الذين هيمن عليهم فضاء التواصل االجتماعي. وكان الشيخ اللغوي الكبير أبو تراب الظاهري من أقرب أصدقاء األستاذ الخياط ،وقد سافرا معًا من جدة إلى شرقي آسيا فإلى طوكيو ،ثم دارت بهم الرحلة حول الكرة األرضية إلى جزر هاواي ،ثم إلى لوس أنجلوس بالواليات المتحدة األمريكية .ولما توفي الشيخ الــظــاهــري ترك قصيدة تائية طويلة «بعنوان هواتف الضمير» نشرتها كاملة صحيفة الجزيرة في1423/3/28هـ الموافق 2002/6/9م أضافها األستاذ الخياط إلــى كتاب المنتقى .وهــي مما اصطلح األدبــاء على تسميته بشعر الفقهاء ،لكنها تذكير بالموت، وبأن هذه الدنيا فانية ،وفيها وصف لمشاهد يوم القيامة يهز القارئ هزًا عنيفًا .وقد عاش األستاذ الخياط بعد صاحبه أبي تراب نحو 18سنة وفي صفر عام 1440لقي وجه ربه.
أ .ابو تراب الظاهري
واحــتــوى كتاب المنتقى على قصيدة أحمد شوقي «ذكرى المولد» التي غنتها أيضا أم كلثوم. وفيها يقول :
أبـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ــزهـ ـ ـ ــراء قـ ـ ــد جـ ـ ـ ـ ـ ــاوزت قـ ـ ــدري ب ـ ـمـ ــدحـ ــك ب ـ ـيـ ــد أن لـ ـ ـ ـ ــيَ انـ ـتـ ـس ــاب ــا ف ـ ـ ـمـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ـ ــرف الـ ـ ـ ـب ـ ـ ــاغ ـ ـ ــة ذو ب ـ ـيـ ــان إذا لـ ـ ـ ــم يـ ـتـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك لـ ـ ـ ــه كـ ـت ــاب ــا م ـ ــدح ـ ــت ال ـ ـمـ ــال ـ ـك ـ ـيـ ــن ف ـ ـ ـ ـ ــزدت ق ـ ـ ــدرا ف ـح ـي ــن م ــدح ـت ــك اق ـ ـتـ ــدت ال ـس ـحــابــا
مع أم كلثوم ويــضــم الــكــتــاب قــصــيــدة «م ــن أج ــل عينيك» انتقى األستاذ الخياط عدة قصائد كان لها وقــصــيــدة «عــواطــف ح ــائ ــرة» لــأمــيــر عــبــداهلل حظها من االنتشار وغناها مطربون ومطربات الفيصل وكالهما غنتهما أم كلثوم. على رأسهم أم كلثوم التي غنت بعضا من أبيات لكن قصيدة «عواطف حائرة» اشتهرت ب «ثورة قصيدة «ولد الهدى» الهمزية ألمير الشعراء أحمد شوقي في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم .الشك» ويقال والعلم عند اهلل إن أصلها قصيدة نبطية سياسية وإن جاءت في جلباب غزلي بديع. ومطلعها: يقول مطلعها:
ول ـ ـ ـ ــد الـ ـ ـ ـه ـ ـ ــدى فـ ــال ـ ـكـ ــائ ـ ـنـ ــات ضـ ـي ــاء وف ـ ـ ـ ـ ـ ــم ال ـ ـ ـ ـ ــزم ـ ـ ـ ـ ــان ت ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ُّـسـ ـ ـ ــمُ وثـ ـ ـن ـ ــاء أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد أش ـ ـ ـ ـ ـ ــك فـ ـ ـ ـ ــي ن ـ ـف ـ ـس ـ ــي ألن ـ ـ ــي أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد أشـ ـ ـ ـ ـ ــك ف ـ ـ ـيـ ـ ــك وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـن ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ــروح والـ ـ ـ ـم ـ ـ ــأ ال ـ ـم ـ ــائ ـ ــك ح ــول ــه لـ ـ ـل ـ ــدي ـ ــن وال ـ ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــراءُ
124
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
وما أحلى األوقات التي قضيناها ونحن نستمع
نوافذ
أما القصيدة التي غناها مطربون سعوديون وغيرهم فهي أغنية «يا عروس الروض» للشاعر إلياس فرحات حيث ينادي:
ياعروس الروض يا ذات الجناح يا حمام ْه سافري مصحوبة عند الصباح بالسالم ْه واحملي شوق محب ذي جراح وهيام ْه الشاعر طاهر زمخشري
ألم كلثوم وهي تشدو بقصيدة األطالل التي أنشأها
وتكتمل باقة القصائد المغناة بقصيدة طاهر زمخشري التي غناها طارق عبدالحكيم ،رحمهما اهلل:
إبراهيم ناجي .وقصتها أنه امتأل قلبه شغفًا بحبيبة أه ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــم ب ـ ـ ـ ــروح ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـلـ ـ ــى الـ ـ ــراب ـ ـ ـيـ ـ ــة وعـ ـ ـن ـ ــد ال ـ ـم ـ ـطـ ــاف وفـ ـ ـ ــي الـ ـم ــروتـ ـي ــن
من جيرانه ثم سافر في بعثة إلــى أوربــا لدراسة الطب ،ولما عاد علم أنها قد تزوجت .وذات ليلة وأه ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــو إل ـ ـ ـ ـ ـ ــى ذِ َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر غ ــالـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ل ـ ــدى ال ـب ـي ــت وال ـخ ـي ــف واألخ ـش ـب ـيــن دعي إلى المستشفى لمعالجة والدة متعسرة .وإذا بالحبيبة التي كان مشغوفًا بها تعاني آالم المخاض. ومــن المعروف أن الشاعر طاهر زمخشري طويل من حياته في تونس ،فعبرت ً فنسج لنا قصيدة طويلة من أروع قصائد الهيام قضى ردحً ا والفلسفة في القرن العشرين .ومنها: قصيدته هذه بحرارة وصــدق عن شوقه لمرابع الشباب في مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة. أع ـ ـ ـط ـ ـ ـنـ ـ ــي حـ ـ ــري ـ ـ ـتـ ـ ــي أطـ ـ ـ ـل ـ ـ ــق يـ ــديـ ــا
إن ـ ـنـ ــي أعـ ـطـ ـي ــت مـ ــا اس ـت ـب ـق ـي ــت ش ـ َّي ــا
ولما غنى محمد عبدالوهاب قصيدة:
مـ ـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ــاك ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه م ـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ــده آه مـ ـ ـ ــن قـ ـ ـي ـ ــدك أدم ـ ـ ـ ـ ـ ــى م ـع ـص ـم ــي ورحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوّده وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه ّ لِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َم ُأب ـ ـق ـ ـي ـ ــه وم ـ ـ ـ ــا أبـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عـ ـلـ ـ َّي ــا غــنــت الــمــطــربــة اللبنانية فــيــروز القصيدة م ـ ــا احـ ـتـ ـف ــاظ ــي بـ ـعـ ـه ــود ل ـ ــم ت ـص ـن ـهــا وإال َم األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر وال ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا ل ـ ــد َّي ـ ــا األصلية وهي للحصري القيرواني
كما غنت أم كلثوم أغنية «حديث الروح» للشاعر يـ ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــلُ ،ال ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ُّـب مـ ـ ـ ـت ـ ـ ــى غ ـ ـ ــده أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ال ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ـ ــده الهندي الفيلسوف محمد إقبال .والقصيدة مثبتة في ختام الكتاب في قسم القصائد ذات القوافي وغنت فــيــروز أيــضــا قصيدة شوقي بعنوان المتنوعة .ومطلعها: زحلة:
حـ ـ ــديـ ـ ــث ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروح ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأرواح يـ ـس ــري ي ـ ــا ج ـ ـ ــارة الـ ـ ـ ـ ـ ــوادي طـ ــربـ ــت وعـ ــادنـ ــي مـ ـ ــا ي ـ ـش ـ ـبـ ــه األح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام مـ ـ ــن ذكـ ـ ـ ـ ــراك وتـ ـ ـ ـ ـ ــدركـ ـ ـ ـ ـ ــه ال ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــوب بـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـن ـ ـ ــاءِ
نوافذ
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
125
وفيها قوله البيت الشهير:
وتـ ـعـ ـطـ ـل ــت ل ـ ـغـ ــة ال ـ ـ ـكـ ـ ــام وخ ــاطـ ـب ــت ع ـ ـي ـ ـنـ ــاي فـ ـ ــي ل ـ ـغـ ــة ال ـ ـ ـهـ ـ ــوى ع ـي ـن ــاك
باكثير قبل سبعين سنة للتفرغ مدة سنتين إلنتاج مسرحية عمر بن الخطاب في عشرين جزءا.
وبدأ الكتاب بقصيدة همزية لحسان بن ثابت وكل هذه القصائد موجودة في كتاب «المنتقى رضي اهلل عنه ،وملحق بها شــرح لموضوعاتها من أشعار العرب» الواقع في منزلة بين المنزلتين ،بقلم المرحوم عبدالرحمن البرقوقي .وانتهى فهو لم يصدر عدا النسخ الخمس ،ولم يحتجب في قسم القوافي بقصيدة الدكتور سعد عطية لوجود النسخ الخمس. الغامدي بعنوان سراييفو ..حضارة أخيرة. األبجدية والموضوع بــصــرف الــنــظــر عــن مــوضــوعــات القصائد، فــإن الترتيب األبجدي هو الــذي هيمن عليها. مثل ثالث قصائد للشاعر حافظ ففي الكتاب ً إبراهيم .أولها «غادة اليابان» وهي دراما بمعنى الكلمة إذ يقول فيها:
ك ـ ـ ـنـ ـ ــت أهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ف ـ ـ ـ ــي زم ـ ـ ـ ــان ـ ـ ـ ــي غ ـ ـ ـ ــادة وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب اهلل ل ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ــا وه ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
واشتمل الكتاب على نحو 150قصيدة منها عشرات القصائد للشعراء السعوديين :حمزة شحاته ،وغازي القصيبي ،ويحيى توفيق ،وخالد الفيصل ،وناصر بن مسفر الزهراني ،ومحمد حسن فقي ،وحسن عبداهلل قرشي ،وغيرهم. ولما كان األستاذ الخياط صديقا لكل من حمزة شحاته وللدكتور غازي القصيبي ،فقد أودع في كتاب المنتقى بضع قصائد لكل منهما.
وفــي ختام الكتاب قصيدة لنزار قباني في ذات وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ــزج الـ ـ ـحـ ـ ـس ـ ــن ب ــه ص ـ ـ ـفـ ـ ــرة ت ـ ـن ـ ـسـ ــي ال ـ ـ ـي ـ ـ ـهـ ـ ــود الـ ــذه ـ ـبـ ــا رثاء زوجته بلقيس التي كانت تعمل في السفارة العراقية ببيروت ،وتم تفجير السفارة ،فكانت من وأتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت تـ ـخـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر والـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـي ـ ـ ــل ف ـت ــى بين الضحايا.
وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق فـ ـ ـ ــي األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق ح ـب ــا
ومن ميزات الكتاب أنه جمع السينيات الثالث ث ـ ـ ـ ــم قـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــت ل ـ ـ ـ ــي ب ـ ـث ـ ـغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بـ ــاسـ ــم ن ـ ـظ ـ ـ ـ َـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ّر بـ ـ ـ ــه والـ ـحـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ــا في األدب العربي :سينية البحتري في وصف إيوان كسرى ،وسينية أحمد شوقي في قصيدة الرحلة ن ـ ـ ــذب ـ ـ ــح الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدب ونـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ــري جـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده إلى األندلس ،وسينية عبداهلل بلخير بعد أن زار أيـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدب أن ال ُيـ ـغـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ــا غرناطة والمرابع األندلسية عام 1977م ،وسجل ...إلخ في القصيدة أشجانه وأحزانه بعنوان «ملحمة والــثــانــيــة التائية الــمــشــهــورة فــي رث ــاء اللغة غرناطة وقصور الحمراء ..وال غالب إال اهلل». العربية .والثالثة بعنوان «عمر بن الخطاب» وهي وفــي الختام ،يكفيك مــن الــقــادة مــا أحــاط ملحمة رائعة في نحو180بيتا .وهــذه القصيدة الفريدة ال أشك في أنها من محفزات القائمين بالعنق .رحم اهلل الصديق األستاذ عبداهلل عمر على الثقافة المصرية الذين كلفوا علي أحمد خياط. * نائب مدير مركز معلومات عكاظ سابقا ومترجم.
126
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
نوافذ
عرض كتاب
ُ عيون المص ّورين) (الجوف في ِ AL JOUF in the Eyes of photographers
■ عبداللطيف حسن أفندي*
صدر كتاب الجوف في عيون المصورين بطبعته األولى عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي((( .وهو من أحدث مؤلفات المركز وإنتاجه األدبي ،كتاب مصور ودراس ــة دقيقة وم ـحــددة يمكن مــن خاللها إلـقــاء الـضــوء على منطقة الجوف بمواقعها الطبيعية ،والتراثية ،والحياة العامة بالمنطقة ،والتنمية الحضارية، والزراعة. واشتمل الكتاب على لوحات فنية بيئية لمنطقة الــجــوف تــم تصويرها بإبداع وفن ،من قبل مصورين متميزين، وصــور مــن أرشــيــف دار العلوم التابع لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي، وقد شارك في صور الكتاب مصورون شباب عددهم تسعة ،وأكثرهم تصويرًا افتتح الــكــتــاب بــضــوء جميل تحت زايــد الالحم ،الــذي أجــاد في اقتناص عنوان الجوف ..طيف الشمال وقلعته ص ــورة الــغــاف البنفسجي مــن واقــع الــحــصــيــنــة ،فــي إشــــارة إل ــى موقعها الربيع في الجوف. االستراتيجي المتميز عبر التاريخ، جاءت فكرة الكتاب بمبادرة من إدارة فهي تمثل حلقة الوصل بين حضارات المركز ليكون ً دليل يقدم لزوار منطقة مختلفة ،ومعبرًا للقوافل التجارية ،وبيئة الجوف والوفود السياحية ،وقد استمر معتدلة وسكان كــرمــاء .وتُعد منطقة العمل عليه نحو ثالث سنوات تضمنت الــتــقــاط ال ــص ــور وتــصــنــيــفــهــا وكــتــابــة النصوص واإلخراج والطباعة ،وترجمة نصوصه إلى اللغة اإلنجليزية ،ليكون كتابا مــزدوج اللغة؛ باللغتين العربية، واإلنجليزية.
قراءات
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
127
الكتاب( :الجوف في عيون المصورين)
AL JOUF In the Eyes of photographers
الناشر :مركز عبدالرحمن السديري الثقافي اإلشراف العام :سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري. النصوص :حسين بن علي الخليفة ،ومحمد صوانة. المحرر :محمد بن عيسى صوانة. التصميم :ظافر الشهري. الترجمة :د .محمد بن أحمد الجبالي.
مراجعة األسماء العلمية لبعض الطيور والحيوانات والنباتات :أ .د .بشير جرار سنة النشر1442 :هـ2021 /م. عدد الصفحات 190 :صفحة. المقاس28×28 :سم. رقم اإليداع.1442 /9280 : ردمك.978-603-03-7897-5 : الــجــوف طيفًا لشمالي المملكة العربية السعودية وقلعته الراسخة ،كما تمتاز منطقة الجوف بالوداعة والهدوء والسكينة. تقع الــجــوف فــي شمال غربي المملكة العربية السعودية ،حاضرتها مدينة سكاكا مركز المنطقة ،لها طبيعة جغرافية ساحرة تنتشر فيها بيئات زراعية حَ وت من النخيل أصنافًا متميزة ،ومزارع من العنب والزيتون والــحــمــضــيــات ،وه ــي مــواضــع قــريــبــة من البراري التي تطيب للنزهة ،ومن خير البقاع لإلبل والخيل.
عمرو) وكانوا يسكنون شمال صحراء النفوذـ، كما عرف الجوف باسم (جوف السرحان) الرتباطه الجغرافي الوثيق بوادي السرحان. كما أ ُطلق اسم الجوف على دومــة الجندل عندما كانت حاضرة للمنطقة ويطلق عليها اآلن سكاكا.
قُسِّ م الكتاب إلــى أربعة محاور رئيسة كالتالي :التراث واألثــار (في 31صفحة)، والطبيعة (ف ــي 76صــفــحــة) ،واألنــشــطــة الــثــقــافــيــة (فـ ــي 18صــفــحــة) ،والــحــيــاة االجــتــمــاعــيــة (ف ــي 42صــفــحــة) ،واختتم ذكر ابن منظور أنها سميت بالجوف نسبة بالمراجع المستخدمة. إلى آل عمرو من قبيلة طي ،فقيل (جوف آل وقد ُوفِّق المحرر في الكتاب من ناحية
128
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
قراءات
التقسيم العلمي ،والــتــوازن ،والــتــدرج في ع ــام ،وهــو مــن أق ــدم الــمــواقــع األثــريــة في صياغة المعلومة ،وعرضها من خالل الصور الجزيرة العربية. بطريقة سهلة للقارئ تنم عن فهم وإتقان كما أن الجوف غنية بالتراث المادي مثل لموضوع الكتاب. الــقــاع الحصينة التي ردعــت الطامعين،
تناول الكتاب في المحور األول :األهمية التاريخية والحضارية للجوف ،إذ أظهرت التنقيبات األثرية عمقًا حضاريًا وتاريخيًا للجوف ،مثل :موقع الشويحطية الذي يؤرخ لفترة مبكرة جدا من تاريخ اإلنسان إذ يؤرخه علماء األثــار ألكثر من مليون وربع المليون
قراءات
وصــدت الــغــزاة ،فقد عجزت زنوبيا ملكة تــدمــر عــن اقــتــحــام قلعة م ــارد فــي مدينة دومــة الجندل ،والتي تعد من أبــرز األثــار بشمالي المملكة ،وأكــدت التنقيبات أنها كانت موجودة منذ عصر األنباط ،وهي قلعة حصينة مكتملة المرافق.
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
129
وقلعة زعبل بسكاكا التي تتميز بتحصينها الطبيعي ،ويرجع تاريخها لنحو 200سنة مضت .ومن األحياء التاريخية في الجوف حي الــدرع بدومة الجندل ،وهو حي تراثي يشبه المتحف المفتوح الــذي يمثل المدن اإلسالمية القديمة ،التي تحتفظ بكامل تخطيطها وعناصرها المعمارية .وتجدر اإلشـــــارة إلـــى ن ــم ــوذج فــريــد م ــن الــمــآذن اإلسالمية منذ بدايات انتشار اإلسالم في الجزيرة العربية ،وهي مئذنة مسجد عمر، وموقع الرجاجيل الــذي يعود تاريخه إلى العصر النحاسي بحدود األلف الرابعة قبل الــمــيــاد .مــن أب ــرز الــصــور ص ــورة السرب للصقور السعودية المتعامد مع ارتفاع قلعة مارد بدومة الجندل ،اللوحة (.)1
الصعيدي ،إضافة إلى العديد من الرسوم الصخرية المتفردة؛ كما يظهر في اللوحة ( )2رسم صخري من قــارا بالجوف لشكل الجمل بوضوح.
أمــا المحور الثاني مــن الكتاب بعنوان الطبيعة ،ويظهر جليًا أنه الجانب األكبر من الكتاب ،تناول التراث الطبيعي في الجوف من الحيوانات والطيور مثل :الظبي األوروبي فــي محمية خــاصــة فــي بسيطا بالجوف (محمية أحــمــد آل الــشــيــخ) ،اللوحة (،)3 والثعالب وطــائــر العقاب وهــو مــن الطيور المهاجرة التي تمر بمنطقة الجوف خالل موسم الهجرة السنوي ومثله طائر الصرد، وحمام لندن (المطوّق) في مــزارع سكاكا، وطائر البلشون األبيض (البيوضي) ،اللوحة كما يوجد بقرية كاف قصر كاف وقلعة (.)4
اللوحة ( )1توضح قلعة مارد ومئذنة مسجد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه بدومة الجندل
130
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
قراءات
اللوحة ( )5توضح الكثبان الرملية الذهبية على الشرق من مدينة سكاكا
ومن النباتات مثل :اليهق (خفج أقحواني) وال ــذي يظهر على غــاف الكتاب باللون البنفسجي الــجــمــيــل ،وزهـ ــرة الــديــدحــان (شقيقة النعمان) والتي تنتشر في الجوف وبــاد الــشــام ،وشجرة األرط ــاء التي تنبت في المناطق الرملية ذات الكثبان ،وأشجار الزيتون ،وأشجار العنب األخضر واألحمر، وأشــجــار النخيل التي تتميز الجوف ببلح حلوة ،ذي اللون األحمر والمذاق اللذيذ. والمحميات مثل :محمية الحرة بالجوف والــوديــان التي تشرحها الصور مثل وادي السرحان ،الخصر الغربي لمنطقة الجوف، وقرى الملح (القريات) في شمالي منطقة الــجــوف ،وأظــهــرت الــلــوحــات الفنية لهذا الكتاب أهمية بحيرة دومة الجندل كمنطقة سياحية واعــدة ألبناء المنطقة والمقيمين بها ،وعامة مواطني المملكة وخصوصيتها
قراءات
كنقطة عبور للطيور المهاجرة بين ثالث قـــارات وأح ــد عناصر الــجــذب السياحي للمنطقة .وتظهر بإحدى الصور استخراج المياه من إحدى أبار دومة الجندل والتقطت الصورة عام 1330هـ .وبحيرة دومة الجندل االصطناعية والتي أنشئت لتجميع المياه ال ــزائ ــدة عــن حــاجــة الــمــشــاريــع الــزراعــيــة المتجمعة بها ،وتعد أكبر بحيرة غير طبيعية في الجزيرة العربية .وكذلك الكثبان الرملية الذهبية إلى الشرق من مدينة سكاكا ،كما يظهر في اللوحة (.)5 ولم يغفل الكتاب المشاريع االقتصادية مثل محطة سكاكا للطاقة الشمسية ومحطة دومة الجندل لطاقة الرياح وهي األكبر على مستوى منطقة الشرق األوسط ،والمشاريع الزراعية في بسيطا بالجوف ،والتي تعد سلة غذاء المملكة العربية السعودية ،واستخراج 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
131
اللوحة ( )2توضح رسم صخري من قارا بالجوف ،ويظهر شكل الجمل بوضوح
الملح الطبيعي من الصحراء في محافظة نماذج من االحتفال بمهرجان التمور في القريات بالجوف ،وكان سابقًا يمثل مصدر الجوف ،واالحتفال باليوم الوطني في مدينة الدخل األساس لمعظم سكان المنطقة. سكاكا ،وممارسة األنشطة الرياضية التي والمحور الثالث ،يشمل األنشطة الثقافية تناسب طبيعة منطقة الجوف مثل الرياضات فــي الــجــوف واإلشـــارة إلــى متحف الجوف الــمــائــيــة ،وه ــواي ــة ال ــط ــائ ــرات الــورقــيــة، اإلقليمي بدومة الجندل ،وهو مجاور لقلعة والسباقات ،مثل سباق الهجن الــذي أقيم مــارد ،ومسجد عمر .وتجدر اإلش ــارة إلى بالجوف في عام 1405هـ ضمن االحتفاالت دار العلوم (مكتبة الثقافة العامة) والتي بأسبوع الــجــوف ،ومــيــاديــن الفروسية ،إذ كانت أول مكتبة عامة للنساء على مستوى يعد ركوب الخيل هواية متأصلة لدى أبناء المملكة ،وقد وصلت محتوياتها من المراجع الجوف. والكتب العربية واألجنبية إلى ما يزيد عن أيضا ،تناول الكتاب للحرف ومن الالفت ً 170.000مائة وسبعين ألف كتاب. والصناعات التقليدية التراثية في منطقة ولم يُغفل الكتاب الحياة االجتماعية إذ الــجــوف ،مــن خــال لــوحــات فنية متعددة، أعمال يدوية ً جاء المحور الرابع يمثل التراث غير المادي منها لوحات لنساء يمارسن (المعنوي) لمنطقة الجوف ،وعرضت الصور ومنتوجات تقليدية ،وال سيما حرفة السدو
132
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
قراءات
الــتــي يستخدم فيها وب ــر األبـ ــل ،وصــوف األغــنــام ،وشعر الماعز ،وأدوات المغزل، والمخيط ،واألوتــاد الخشبية ،إضافة إلى عمل المشغوالت المتنوعة مثل المفارش والبشوت وغيرها.كما في اللوحة (.)6 النتائج والتوصيات ج ــاء الــكــتــاب بــطــريــقــة ع ــرض جــديــدة
ومــغــايــرة للطرق المعتادة ،فقد ركــز على
صورة التوثيق والتسويق السياحي لمنطقة
لوحة ( )3توضح الظبي األوروبي في محمية خاصة في بسيطا بالجوف (محمية أحمد أل الشيخ)
استعراض لمعالمها التاريخية ٍ الجوف ،مع
والحضارية والثقافية والطبيعية والسياحية
والدينية.
الــكــتــاب يُــعــد ســجـ ًـا علميًا مــصــورًا به
عبق الماضي ممتزجً ا بحيوية الحاضر في لوحات فنية توثق تراث الجوف الحضاري
وحياتها المعاصرة.
شـــارك فــي الــتــقــاط الــصــور نخبة من
الــشــبــاب الــمــصــوريــن ال ــه ــواة فــي منطقة
لوحة ( )4توضح طائر البلشون األبيض ،ويطلق عليه أهل الجوف لقب (البيوضي)
الــجــوف ،فــقــدمــوا إبــداعــاتــهــم فــي التقاط الصور لمختلف عناصر الحياة والطبيعة في
الجوف ،حتى يتعرف الزائر لمنطقة الجوف
على كنوز المنطقة ومقوماتها السياحية؛
فجاء الكتاب ليكون كنزًا فوتوغرافيًا وتوثيقًا ألهم معالم المنطقة وما تحتويه من جمال
الطبيعة ،وإب ــرازًا لمعالمها السياحية مثل ربيع الجوف ،والعيون الكبريتية في قرية
كاف ،وغيرها الكثير من المواقع الطبيعية
واآلثارية المهمة.
قراءات
أعمال يدوية ً لوحة ( )6توضح نساء من الجوف يمارسن ومنتوجات تقليدية تراثية 74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
133
تميز الــكــتــاب بــالــعــرض الــدقــيــق للبيئة
الطبيعية في الجوف ،وعبق المطر والبراري، وأحاديث الصقار والفرسان ،ومالك اإلبل، وربــيــع الــجــوف ،ومــيــاه األوديـــة واألمــطــار، وحــيــوانــات الــصــحــراء والــطــيــور ،والوصف
ج ــاذب للقارئ عــن ت ــراث منطقة الجوف الطبيعي والثقافي بشقيه المادي والمعنوي في أبهى صــورة ،مصحوبًا بنصوص كتبت بإيجاز وعناية واضحين ،وباللغتين العربية واإلنجليزية.
فهذا العمل مثا ٌل يحتذى به ،وأنموذ ٌج لما المصور الدقيق للتراث الطبيعي في شكل لوحات بيئية تأخذ باأللباب ،مثل لوحات يجب أن يتم العمل عليه مع تراثنا وثقافتنا من الرمال ،والسهول ،والجبال ،والحرّات ،وأنواع تسجيل وتوثيق ،للمحافظة عليها وإبرازها. الزواحف والطيور ،والثدييات والنباتات. إضــافــة إلــى عــرض الــتــراث الثقافي غير المادي (المعنوي) عن الحياة االجتماعية والحياة الثقافية في بلدات الجوف. وتسجيل رائعًا وواقعيًا ً قدم الكتاب توثيقًا لما تتمتع بــه منطقة الــجــوف مــن التراث الطبيعي الحي من بساتين النخيل ،واآلبار مثل :بئر سيسرا ،والعيون المائية الجارية. وعــرض ما تتمتع به أيضا منطقة الجوف من قيم تاريخية وحضارية ،مثل :قلعة مارد، وقلعة زعبل ،وقلعة مويس ،وقصر كاف .كما رصدت عيون المصورين الشباب األنشطة
وقــد حقق الكتاب عــدة أه ــداف مهمة للباحثين المهتمين بالتراث واألثار ،والتراث الطبيعي ،والتراث الثقافي المادي والمعنوي عامة ،ومنطقة الجوف خاصة ،منها :إبراز أهمية الــجــوف تاريخيًا وحــضــار ًيــا وبيئيًا واجتماعيًا وكونها واجهة سياحة متميزة في المملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من المادة العلمية الدقيقة المتخصصة التي يتضمنها الكتاب ،إال إن العرض بأسلوب فني رفيع من خالل لوحات فنية دقيقة تُحفر في القلب والعقل معًا قد جعلت من مادته مادة ميسرة وجميلة ويمكن لغير المتخصصين االستفادة منها.
والفعاليات السياحية والترفيهية بمنطقة وإجمال يُعد الكتاب مرجعًا علميًا مهمًا ً الجوف مثل نوادي الفروسية. لمنطقة الجوف :تاريخً ا ،وآثــارًا ،وحضارةً، الكتاب بانوراما مصورة في ترتيب متسق وتراثًا. * أستاذ مشارك ،كلية السياحة واآلثار ،جامعة الملك سعود .أستاذ بكلية األثار ،جامعة القاهرة. ((( يُعنى المركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة في الجوف والغاط ،ويقيم المناشط المنبرية الثقافية، ويتبنى برنامجً ا للنشر ودعم األبحاث والدراسات ،يخدم الباحثين والمؤلفين ،وتصدر عنه مجلة (أدوماتو) كل من( :دار العلوم) بمدينة المتخصصة بأثار الوطن العربي ،ومجلة (الجوبة) الثقافية ،ويضم المركز ً سكاكا ،و(دار الرحمانية) بمحافظة الغاط ،وفي كل منهما قسم للرجال وآخر للنساء ،ويتم تمويل المركز من مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية .الموقع االلكتروني للمركز www.alsudairy.org.sa
134
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
قراءات
والسرد للهزمية» «الشعر لالنتصار ّ وأهمية استنطاق النصوص السردية التراثية ρحجاج سالمة
في كتابه الجديد «الشعر لالنتصار والسّ رد لــلــهــزيــمــة» ،الــصــادر عــن دار ســطــور عربية، يتوقف الدكتور حسن النعمي -القاص والناقد والباحث في السرديات العربية -عند جدلية العالقة بين الشعر والسّ رد في تراثنا العربي، وهــي لحظة التشكل المعرفي فــي سياقات مختلفة ،منها الديني والسياسي والثقافي.
ويقدم لنا الدكتور حسن النعمي ،في ذلك الكتاب الــذي بين أيــديــنــا ،مجموعة مباحث تطبيقية تعنى بقراءة نماذج من المتون السردية التراثية ،بغية إلقاء الضوء على المنجز السردي ال ـتُــراثــي ،باستثناء الــنــصــوص الــتــي أشبعت درسً ا مثل «ألف ليلة وليلة» و«رسالة الغفران» وغيرهما.
يرى الكاتب من خالل فصول كتابه ،أن السّ رد يُشبه غابة مشتبكة ومتداخلة -كما يقول إمبرتو إيكو -ولتكون سالكة ،فال ب ّد من استكشاف مسالك تؤدي إلى معرفة ما يحتجب في داخلها، وأنه ألسباب كثيرة ظلت تلك الغابة مدلهمة لم تشاكسها أقــام القدماء ،ربما ضنًا بأدواتهم وصرفًا لها نحو العناية بالشعر ،منطلقين من مقولة« :الشعر ديوان العرب» ،وهي مقولة لها ما لها وعليها ما عليها ،وذلك بحسب مقدمة الكتاب.
ومن المالحظات التي يسوقها لنا المؤلف في كتابه ،تلك العالقة التي الحظها بين االنتصار والشعر ،وبين السّ رد والهزيمة ،الفتًا إلى أن األمر ليس لغزًا كما يبدو ،وأنه على مدى قرون تمتع الشعر بمنزلة رفيعة ،لكن ذلك -كما يشير المؤلف -كان ارتباطً ا بحال األمة المنتصرة عــســكــر ًيــا وســيــاس ـ ًيــا ،المتماسكة حــضــار ًيــا وإنسانيًا ،فكان الشعر حاضرًا الستثمار حالة االنتصار هذه ،فحضر في المعارك والحروب والجدل السياسي ،وبــاط الخلفاء .وعندما فقدت األمــة زهوها وانتصارها انحسر دور الشعر المتباهي باالنتصار ليأتي دور السّ رد معوضا االنكسار بالحضور وتغدية الوجدان العام ،فظهرت السرديات الكبرى مثل ألف ليلة وليلة ،والسير الشعبية.
كما يتوقف بنا عند ما اسماه بـ «األسئلة الثقافية المؤجلة» ،ومنها إشكالية المصطلح، وإشكالية علو خطاب الشعر على غيره من الخطابات األخ ــرى ،ومــا الــذي غيّب خطاب السرد في ظل تناميه وغزارته.
* كاتب سعودي.
قراءات
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
135
تقرير النشاط الثقافي
(يونيو -ديسمبر )2021
في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
■ محمد صالح أبو عمر
شهد النشاط الثقافي في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي خــال فترة التقرير أنشطة جــديــدة ومتنوعة فــي الـمــوضــوعــات المنفذة ،الـتــي تختارها المجالس الثقافية المشرفة على النشاط في فرعي المركز في كل من دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بالغاط ،وفــي قسمَيّ الرجال والنساء فيهما .ويستمر المركز في أداء رسالته الثقافية ،وتحقيق رؤيته على أكمل وجه وفق ما جاء في أهداف المركز منذ تأسيسه؛ ليسهم بدور فاعل في الحراك الثقافي في المملكة العربية السعودية ،من خالل ما يقدمه في برامجه الثقافية ،ومنتدياته السنوية ،والورش التدريبية المتنوعة .ويشهد ذلك بالجهود التي يبذلها القائمون على هذا الصرح الثقافي من أبناء المؤسس رحمه اهلل ،-وتماشيًا مع رؤيــة المملكة 2023م ومــن اإلدارة التنفيذية وفــرق األنشطة الثقافيةبالمركز من موظفين ومتطوعين. ملحوظا من خــال استمراره في عقد األنشطة الثقافية المتنوعة من ً نشاطا ً شهد المركز المحاضرات ،والندوات ،والــورش ،والــدورات التدريبية ،والمسابقات ،في ظل الجائحة التي أثّرت على شتى مناحي الحياة ،ما أدى إلى وقف جميع النشاطات الثقافية الوجاهية ،وذلك تماشيًا مع القرارات الحكومية بشأن اللقاءات والتجمعات الوجاهية. وكانت أبرز المحاضرات واللقاءات والملتقيات في المركز على النحو التالي:
أوال :المحاضرات والبرامج العامة: النشاط م 1محاضرة( :أساسات لغة اإلشارة).
2محاضرة( :كيف نشجع أطفالنا على القراءة؟) ألقاها أ .أحمد طابعجي مفتاحا للتفكير اإلبداعي) 3محاضرة (20 ً ألقاها املدرب /جميل املفرج
136
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
المنفذ دار العلوم -نساء
التاريخ 2021/07/13
دار العلوم -رجال
2021/8/15م
دار العلوم -رجال
2021/8/8م
تقارير
4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17
18 19 20 21 22 23 24
25 26
محاضرة( :تبسيط البالغة العربية) ألقاها أ .محمد صالح أبو عمر دار العلوم -رجال محاضرة( :أساسات العمل احلر) ألقتها أ .مودة نواز دار الرحمانية -رجال ورشة(:العمل التطوعي) قدمها أ .عبدالعزيز صالح احلمدان. محاضرة( :تسويق التمور وحتديات جائحة كورونا) دار الرحمانية -رجال ألقاها أ .عبدالعزيز التويجري. ورشة( :ميزانية األسرة) قدمها أ .أيوب الصبحي .دار الرحمانية -رجال دار الرحمانية -رجال محاضرة( :النقوش العربية الشمالية) أ .د .سلطان املعاني -اجلامعة الهاشمية. محاضرة( :تغطية األحداث بني تقليدية اإلعالم دار الرحمانية -رجال وتقنيات وسائل التواصل االجتماعي) د/.علي بن دبكل العنزي دار الرحمانية -نساء برنامج(:كيف ومتى أستكشف موهبة أبنائي؟). دار الرحمانية -نساء برنامج( :من هنا تبدأ موهبتي). برنامج( :اجلودة الشاملة) بالتعاون مع معهد اخلليج .دار الرحمانية -نساء دار الرحمانية -رجال محاضرة( :التمور كفاكهة فائقة يف الصناعات التحويلية) ألقتها الدكتورة /بدرية عمر العبد دار الرحمانية -رجال محاضرة( :امللك عبدالعزيز يف الصحافة العربية واألجنبية مناذج مختارة) -ألقاها :د .أحمد بن عبداهلل العرف -عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. عرض كتاب( :اجلوف يف عيون املصورين) .ملتقى دار الرحمانية -رجال القراءة دار الرحمانية -نساء عرض قصص: (موعد مع احلياة ،رسائل حول الوقف ،وطنومواطن من أجل حياة سعيدة وكريمة ،المملكة في عيون أوائل المصورين) ملتقى حكايا للقراءة دار الرحمانية -نساء عرض القصص التالية :النحلة النشيطة ،إنه لي، ميمون المهمل ،الليل والنهار ،ملتقى حكايا للقراءة دار الرحمانية -نساء ورشة( :االستثمار بالشركات الناشئة) ورشة( :الطريقة الصحيحة لعرض المشروع على دار الرحمانية -نساء المستثمرين لمشروعك). دار الرحمانية -نساء ورشة( :التسويق لمشروعك الريادي). دار الرحمانية -نساء ورشة( :طريقة جذب المستثمرين لمشروعك) برنامج( :الواجب القانوني للمواطن تجاه الوطن) .دار الرحمانية -نساء مناقشة كتاب( :حب الوطن) للدكتور عبداهلل السبر .دار العلوم -رجال المحاورون :د /فيصل الشاعل ،د /.مها العتيبي، أ .ترفة القايد ،أدار اللقاء عضو المجلس الثقافي بالمركز أ .محمد هليل الرويلي. دار العلوم -رجال محاضرة( :آراء ابن القيم الجوزي في تربية األطفال) ألقتها األستاذة /نورة السهلي. محاضرة( :الرواية المغربية) ألقاها أ .د /.شعيب دار العلوم -رجال الحليفي -أستاذ جامعي بالدار البيضاء-ناقد وروائي.
تقارير
دار العلوم -رجال
2021/8/24م 2021/08/30 2021/08/01 2021/08/04 2021/08/10 2021/08/18 2021/08/25 2021/08/04 2021/08/11 2021/8/19 - 17 2021/09/13 2021/09/21 2021/09/27 2021/09/27-5
2021/09/27-6 2021/9/02م 2021/9/05م 2021/9/13م 2021/9/14م 2021/9/26م 2021/10/07
2021/10/10 2021/10/18
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
137
27 28
29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46
138
محاضرة بعنوان( :تطوير المهارات الشخصية والقيادية) ألقاها أ .المدرب /عبدالحكيم الخالدي-من معهد االدارة العامة بالرياض. محاضرة بعنوان (االفاق الرحبة للمرأة السعودية دار العلوم -رجال في رحاب رؤية )2030قدمها من لندن الدكتور/ نبيل الحيدري ،وأدارها أ .علي العطشان - الصحفي بجريدة الوطن السعودية. محاضرة الريادة المجتمعية من ضمن المعسكر دار العلوم -نساء التدريبي لمبادرة أواصر قدمها أ .زياد الغامدي دار العلوم -نساء محاضرة البقاء على قيد اإلبداع من ضمن المعسكر التدريبي لمبادرة أواصر قدمها د /.سعيد العامودي. دار العلوم -نساء أمسية أسرية( :فنون التعامل مع كبار السن) قدمتها أ .فوزية الحربي. ورشة بعنوان (التربية الذكية لألبناء) قدمها د /.دار الرحمانية -رجال عبداهلل بن حمد الحسين. دار الرحمانية -رجال محاضرة بعنوان (الممارسات الفضلى في إدارة التراث الوثائقي) قدمها :أ.د .رائد جميل سليمان اللمع -جامعة الحسين بن طالل. دار الرحمانية -رجال ورشة بعنوان ( :سلسة تبسيط اإلمالء )1(: تصحيح الهمزات) قدمها أ .محمد صالح أبو عمر دار الرحمانية -رجال محاضرة بعنوان (مهارات االدخار الشخصي) قدمها أ .محمد بن عبداهلل الفراج. دار الرحمانية -نساء برنامج (القراءة من المهد). دار الرحمانية -نساء برنامج (أسلوب الحوار في التعامل مع األبناء). محاضرة( :الملك المُؤرخ) سلمان بن عبدالعزيز سبعة دار العلوم -رجال أعوام من العطاء -ألقتها الدكتورة /مريم خلف شديد العتيبي-عضو هيئة التدريس بجامعة األمير سطام. محاضرة( :جودة الحياة األسرية) ألقتها د /.نورة دار العلوم -رجال الصويان ،وأدارها االعالمي /عبدالرحمن البراهيم. دار العلوم -رجال ندوة( :مقدمة في مخازن البيانات) شارك بها (من أمريكا) :أ .عبداهلل شارخ الدوسري ،و أ .نمر عبداهلل المطيري اللقاء التعريفي لشرح مبادرة الطريقة الصحيحة دار العلوم -نساء لتأسيس طفلك دار العلوم -نساء محاضرة »السعادة والتوازن في الحياة« قدمتها أ .فاطمة باسعد ورشة بعنوان (الحرف والصوت في اللغة اإلنجليزية) دار الرحمانية -رجال قدمها المدرب /د .محمد الجبالي. دار الرحمانية -نساء ورشة عمل بعنوان( :فنون الزراعة). دار الرحمانية -نساء برنامج (عوامل نجاح رواد األعمال). برنامج (التسويق اإللكتروني). برنامج (دور االسرة في حماية الطفل من التحرش) .دار الرحمانية -نساء برنامج (التحرش من المنظور القانوني).
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
دار العلوم -رجال
2021/10/21 2021/10/28
2021/10/17 2021/10/21 2021/10/24 2021/10/04 2021/10/13 2021/10/20 2021/10/26 2021/10/6م 2021/10/20م 2021/11/01 2021/11/16 2021/11/23 2021/11/03 2021/11/21 2021/11/03 2021/11/03 2021/11/17-16 2021/11/27
تقارير
٤٧ ٤٨ ٤٩ ٥٠ ٥١ ٥٢ ٥٣ ٥٤ ٥٥ ٥٦ ٥٧
2021/12/6
دار العلوم رجال
محاضرة( :إضاءة على كتاب ببليوجرافية اجلوف) لألستاذ محمد حلوان الشراري أدارها عضو املجلس الثقايف األستاذ محمد هليل الرويلي دار العلوم رجال محاضرة( :مقدمة يف مخازن البيانات) ألقاها األستاذ عبد اهلل شارخ الدوسري دار العلوم رجال محاضرة (:مهارات التعلم الرقمي وتقنيات التعليم عن بعد) ألقتها املدربة نوف ناصر الدوسري دار العلوم رجال محاضرة( :مرض التصلب اللويحي -أعراضه وطرق الوقاية منه) ألقاها الدكتور بركات الرشيدي وأدارها الدكتور نايف املعيقل دار العلوم -نساء ورشة( :مراجعة وتقييم املبادرات يف املرحلة األولى) قدمها املرشد العام على املبادرة أ .أحمد الكويكبي دار الرحمانية -رجال محاضرة( :كتب عند مفترق احلضارات) قدمها د .سعد البازعي – الناقد واألديب األكادميي دار الرحمانية -رجال محاضرة :حوار مع شاعر) باستضافة الشاعر السعودي عالي املالكي ،حاوره أ .محمد صالح أبو عمر دار الرحمانية -رجال ورشة( :تصحيح الهمزات – همزتا الوصل والقطع) ضمن سلسلة تبسيط الهمزات قدمها املدرب أ .محمد صالح أبو عمر دار الرحمانية -نساء برنامج( :صناعة السبح) دار الرحمانية -نساء محاضرة( :مهارة احلوار مع الطفل وتطوير مهارات التفكير) دار الرحمانية -نساء محاضرة( :األمن السيبراني)
2021/12/12 2021/12/21 2021/12/29 2021/12/14 2021/12/8 2021/12/16 2021/12/23 2021/12/16 2021/12/29 2021/12/29
ثانيا :الدورات التدريبية والتعليمية وورش العمل والمسابقات واللقاءات والمبادرات: م 1
النشاط دورة( :العالقات العامة واإلعالم). ورشةّ : (نظم أولوياتك).
المنفذ دار الرحمانية -رجال
دار العلوم -نساء 2 3مناقشة كتاب( :سنوات اجلوف) مع املؤلف معالي د /.عبدالواحد دار العلوم -نساء خالد احلميد. دار العلوم -نساء 4دورة( :شرح القاعدة البغدادية). دار الرحمانية -نساء 5عرض كتاب :سيكولوجية الشك. ملتقى كنوز مكتبة منيرة امللحم. دار الرحمانية -نساء 6عرض كتاب :القبلية والقبائلية أو الهويات ما بعد احلداثة. ملتقى كنوز /مكتبة منيرة امللحم. دار الرحمانية -نساء 7عرض قصة :عف ًوا لقد أخطأت. ملتقى حكايا /مكتبة منيرة امللحم. دار الرحمانية -نساء 8عرض قصة :الفيل الطيوب. ملتقى حكايا /مكتبة منيرة امللحم. دار الرحمانية -نساء 9عرض قصة :نورة والكرة. ملتقى حكايا /مكتبة منيرة امللحم دار الرحمانية -نساء 10دورة اللغة اإلجنليزية. بالتعاون مع معهد اخلليج للنساء.
تقارير
التاريخ 2021/7/14-12 2021/07/07 2021/07/26
2021/7/29-7 2021/07/4م 2021/07/11م 2021/07/5م 2021/07/12م 2021/07/26م من 6/20إلى 2021/7/15م
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
139
11لقاء( :التسويق من األلف إلى الياء) 12دورة( :العالقات العامة واإلعالم) بالتعاون مع معهد اخلليج
دار الرحمانية -نساء دار الرحمانية -نساء
13
دار العلوم -نساء
14 15 16 17 18 19
20 21 22 23 24 25 26 27 28
140
ورشة( :فن اإلتكيت بني الزوجني) قدمتها املدربة أ.فوزية احلربي لقاء( :احملتضنات) بالتعاون مع حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن دار العلوم -نساء السديري. دار العلوم -نساء إقامة األمسية األسرية( :أسرتك أمنك) قدمتها املدربة/فاطمة با سعد دار العلوم -نساء اللقاء التعريفي مع اللجنة اإلعالمية ملبادرة أواصر دار العلوم -نساء تنظيم فريق السديري التطوعي للقاء السينما وصناعة األفالم الذي نظمته ثقافة وفنون الجوف دورة( :اإلدارة المالية للمشاريع الريادية) بالتعاون مع حاضنة مركز دار العلوم -نساء عبدالرحمن السديري الثقافي اجتماع المدير العام مع مديري الجمعيات األهلية والخيرية في دار الرحمانية -رجال الغاط بدار الرحمانية. (جمعية األمومة والطفولة ،اللجنة الشبابية ،جمعية الغاط الخيرية) دار الرحمانية -نساء عرض كتاب( :نساء من المملكة العربية السعودية) ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض كتاب :القيم السلوكية ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض :فن الالمباالة ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض كتاب :شهر في غرب أفريقيا ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض ديوان :األمير عبدالرحمن السديري ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض قصة :هواية تستهويني وأهواها ملتقى حكايا -مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض قصة :جدتي معنا ملتقى حكايا -مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض قصة :المزارع الكسول واألرنب ملتقى حكايا -مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء مبادرة( :هيا نتعلم اللغة اإلنجليزية).
29ملتقى :الدرر الثاني الخاص بالفتيات.
دار الرحمانية -نساء
30مبادرة( :بحماس راجعين) بمناسبة العودة للمدارس للطالبات (بقهوة زهرة البن).
دار الرحمانية -نساء
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
2021/7/25م 12 2021/7/14م2021/08/03 2021/08/06 2021/08/10 2021/08/10 2021/08/24 2021/08/25 2021/08/28
2021/08/01 2021/08/08 2021/08/15 2021/08/22 2021/08/29 2021/08/02 2021/08/16 2021/08/23 2021/08/09 لمدة شهر - 15 2021/8/19 2021/08/22
تقارير
31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ٤٧ ٤٨ ٤٩ ٥٠
دار الرحمانية -نساء
ورشة( :كيف تعرض مشروعك التجاري عن بعد؟) بالتعاون مع شركة رياديات لبرنامج حاضنات رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالغاط) دار الرحمانية -رجال ورشة( :مقدمة في أمن المعلومات وحماية تطبيقات التواصل االجتماعي) قدمها المدرب /خالد العضيدان. اجتماع لجنة التنمية االجتماعية األهلية بالغاط بخصوص معرض دار الرحمانية -رجال الغاط للتمور. دار الرحمانية -رجال ورشة( :مهارات كتابة المقال) قدمها المدرب /أحمد العساف. دار العلوم -نساء انطالق مهرجان الجوبة التراثي بالتعاون مع جمعية الملك عبدالعزيز للتنمية االجتماعية احتواء المهرجان على أركان للحرف واألسر المنتجة وعرض أزياء على مسرح دار العلوم منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دار الرحمانية -رجال في دورته ( )15وجاهيًا وعبر االتصال المرئي (منصة زووم)، بعنوان« :خيارات الصناعة في زمن الثورة الصناعية الرابعة) ملتقى القراءة رقم ( )44متابعة ما تم االتفاق عليه في كتابة كتاب دار الرحمانية -رجال دار الرحمانية -نساء ورشة عمل بعنوان( :فن االعتذار). لقاء المتطوعات الثاني (الجلسة الشتوية). مشاركة فريق السديري التطوعي بركن يف املعرض املصاحب مللتقى التطوع السعودي والعاملي حتت شعار (عطاء وطن) مشاركة املركز بجلسة حوارية حتت عنوان( :التطوع جتارب وخبرات ) يف ملتقى التطوع السعودي العاملي حتت شعار (عطاء وطن) تكرمي األستاذ عبد اهلل املريح كشخصية العطاء والتطوع لعام 2021 مشاركة مركز عبدالرحمن السديري بركن( :رسم وألعاب تعليمية) لتفعيل اليوم العاملي لذوي اإلعاقة بالتعاون مع جمعية سفراء السالم كرمي املتطوعني املتميزين لعام 2021
مشاركة قائدة الفريق التطوعي يف ورشة( :بناء الفرق التطوعية بعمل مؤسسي منظم يساهم يف استدامتهم) ضمن الفعاليات املصاحبة مللتقى التطوع دعوة مشرفة القسم النسائي حلضور حفل جائزة اجلوف للتميز واإلبداع الذي تنظمه إمارة منطقة اجلوف دعوة مشرفة القسم النسائي حلضور ليالي اجلوف حتت عنوان: (املثقفون والتنمية املستدامة) مشاركة فريق السديري التطوعي بتنظيم محاضرة (املثقف الرقمي (قدمها الدكتور /عبداهلل السفياني. قوة) قدم فريق السديري التطوعي محاضرة بعنوان التطوع (بالتعاون مع مدرسة املتوسطة الثالثة إقامة مسابقة ( :تلخيص قصة) من قصص إصدارات املركز إقامة مسابقة ( :حلبة اإللقاء) مبناسبة اليوم العاملي للغة العربية
تقارير
دار العلوم – نساء
2021/08/02 2021/09/01 2021/09/01 2021/09/06 2021/11/27 2021/11/09 2021/11/24 2021/11/30م 2021/12/6
دار العلوم – نساء
2021/12/6
دار العلوم – نساء
2021/12/6
دار العلوم – نساء
2021/12/6 2021/12/6
دار العلوم – نساء
دار العلوم – نساء
2021/12/6
دار العلوم – نساء
2021/12/7
دار العلوم – نساء
2021/12/8
دار العلوم – نساء
2021/12/13
دار العلوم – نساء
2021/12/14
دار الرحمانية -رجال دار الرحمانية -رجال
2021/12/20 2021/12/22
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
141
٥١ ٥٢ ٥٣ ٥٤ ٥٥
دار الرحمانية -رجال عقد االجتماع السنوي لشركة بتيل ملوظفيها بفروع اململكة إقامة مسابقة اللغة العربية ملدة خمسة أيام احتفاء باليوم العاملي دار الرحمانية -رجال للغة العربية دار الرحمانية -رجال استضافة اجلمعيات اخليرية واالجتماعية لعقد ورشة عمل يف دار الرحمانية دار الرحمانية -نساء مبادرة ( :لينعموا بدفء) لعمال النظافة بالغاط دار الرحمانية -نساء إقامة معرض( :فنان) ملدة 3أيام يف حديقة مكتبة منيرة امللحم
2021/12/23 2021/12/26 2021/12/26 2021/12/1 2021/12/14
ثالثا :البرامج والفعاليات واألنشطة الموجهة لألطفال: م 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24
142
النشاط حلقات حتفيظ القرآن الكرمي
دورة القاعدة البغدادية البرنامج التدريبي ملسابقة حتدي البراعم برنامج (هيا نتعلم اللغة االجنليزية لألطفال) قدمته أ .منى ابو راسني مهرجان الطفل التاسع. نادي الدار الصيفي ورشة (االشكال اليدوية) برنامج رحالت املعرفة (املهندس الصغير) برنامج رحالت املعرفة (نزهة سعيدة) قصة االسبوع رسمة ولون مخيم (فضاء سيبراني آمن) لألطفال إعادة تدوير برنامج رحالت املعرفة (شخصية وقصة)
المنفذ دار العلوم -نساء
دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار الرحمانية -نساء
مستمر 2021/7/25 - 3م 2021/7/28 - 5م
مكتبة منيرة امللحم دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء
2021/7/30 - 4م 2021/08/10 2021/10/06 2021/10/13 2021/10/10 2021/10/11 2021-10-19 ،11 2021/10/12 2021/10/13
برنامج رواد الغد لألطفال (حديقتنا خضراء) برنامج رواد الغد لألطفال (أنا اقرأ). برنامج رواد الغد لألطفال (ألعاب ذهنية) برنامج رواد الغد لألطفال (اسرار املكتبة) عرض القصص التالية: الثعلب املكار والنحلة الغاضبة ،ميدو ال يحب السوسة ،املزارع الكسول واألرنب ،سارق اجلزر ،ملتقى حكايا -مكتبة منيرة امللحم دار الرحمانية -نساء مبادرة منيرة امللحم التطوعية خلدمة املجتمع الثالثة بعنوان: (مساندة لرياض األطفال).
برنامج رواد الغد -1 :علوم الكمبيوتر -2 ،سينما الطفل، -3حفلة شواء -4 ،تجارب علمية -5 ،أنا أرسم -6 ،نزهة سعيدة، -7أسرار المكتبة -8 ،ألعاب حركية -٩ ،شخصية وقصة ملتقى القراءة للطفل( :أنا أقرأ) ،مناقشة «قصة الغزالة الحزينة». بروفات أنشودة المكتبة الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك ملتقى القراءة للطفل( :أنا أقرأ) ،مناقشة قصة :البقرة الطماعة
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
التاريخ مستمر
دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار الرحمانية -نساء
دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار العلوم -نساء دار الرحمانية -نساء
2021/10/24 2021/10/25 2021/10/26 2021/10/31 2021-10-25-4
2021/10/10م من األحد -األربعاء مستمرة لمدة شهر 2021 /11/29-1 2021/11/04 2021/11/04 2021 /11/25-1 2021/11/11
تقارير
25 26
عرض الكتب التالية :التداوي بالصوم ،تطور سلوك االتصال عند دار الرحمانية -نساء األطفال ،اإلحساس الديني عند الطفل ،موسوعة كنوز للثقافة، ملتقى كنوز -مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء عرض القصص التالية :السمكة المغرورة ،المزارع الكسول واالرنب ،العصفور الصغير ،حكمة اهلل في خلقه .ليلى وقطرة المطر ،ملتقى حكايا -مكتبة منيرة الملحم دار الرحمانية -نساء برنامج ترفيهي ثقافي للطفل في اليوم العالمي للطفل دار الرحمانية -نساء مسابقة بعنوان( :الراوي الصغير).
27 28 29 الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك 30ملتقى القراءة للطفل (أنا أقرأ)
دار العلوم – نساء
دار العلوم – نساء
31برنامج شخصية وقصة 32لقاء (القطاف األول) مبادرة الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك دار العلوم – نساء 33برنامج( :قصة األسبوع) دار العلوم – نساء برنامج رحالت املعرفة: مبدعا اللقاء األول :هيا نشكل أسماءنا ،اللقاء الثاني :كن ً اللقاء الثالث :سر جناحي ،اللقاء الرابع :أنا أرسم 35برنامج :هيا نلعب 36دورة( :الطريقة السهلة لإلعراب من أول وهلة) 37برنامج أسرار املكتبة 38برنامج ألعاب ذهنية 39 40 41
42
٤٣ ٤٤
2021/11/27 2021 /11/29-1
2021/12/30-1
2021/12/7
2021/12/9
2021/12/12 2021/12/14
دار العلوم – نساء
دار العلوم – نساء
2021/12/30-1
دار العلوم – نساء
2021/12/21 2021/12/22
دار العلوم – نساء
2021/12/26
دار العلوم – نساء دار العلوم – نساء
دورة منت اجلزرية دار العلوم – نساء أمسية قصصية( :يحكى أن) قدمها أ .محمد صوانة و أ .محمد دار الرحمانية -رجال صالح دار الرحمانية -نساء عرض الكتب التالية: (املفاتيح العشرة للنجاح) (غذاؤك طبيبك) (مبادئ اخلياطة) (والدان وألول مرة).ملتقى كنوز -مكتبة منيرة امللحم دار الرحمانية -نساء عرض القصص التالية: (الليل والنهار) (ميدو وصديقه اجلبل) (الوردة املغرورة) (الرفق باحليوان).ملتقى حكايا -مكتبة منيرة امللحم دار الرحمانية -نساء ورشة (:الرسم باخلط) احتفاء باليوم العاملي للغة العربية دار الرحمانية -نساء إقامة مسابقة ( :الراوي الصغير)
تقارير
2021 /11/29-1
2021/12/30-2
دار العلوم – نساء
34برنامج( :رسمة ولون)
2021 /11/24-7
2021/12/28
مستمر
2021/12/1 2021/12/26-5
2021/12/27-6
2021/12/16 2021/12/30
74العدد ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
143
الـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـح ـ ـ ــة األخ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــرة
فقدان ُ الذاكرة األدب َّية صالح القرشي
ـؤال معتادًا ،ما هي مع نهاية كل عــام ،كثيرًا ما نصادف سـ ً أجمل ،أو ما هي أفضل الكتب التي طالعناها هذا العام؟ لكننا ،ويــا لألسف والـحـســرة ،نكون قــد نسينا الكثير مما ق ــرأن ــاه ،وشـخـصـ ًيــا كلما تـعــرضــت لـهــذا ال ـســؤال كلما تــذكــرت مالحظة كتبها صاحب (العطر) و( الحمامة) باتريك زوسكيند فــي كـتــاب صغير ولطيف بـعـنــوان ( ثــاث حـكــايــات ومالحظة تأملية) ،ترجمها عــن األلمانية كــامـيــران ح ــوج ،ونشرتها دار الجمل في العام 2007م. المالحظة أسماها زوسكيند (فقدان الذاكرة األدبية) ،فهو يقف أمــام مكتبته ،ويلتقط كتابًا يعود به إلــى الطاولة ،يبدأ في مطالعته ،يكتشف مالحظات مكتوبة بالقلم الرصاص على أطراف بعض الصفحات ،إنها المالحظات نفسها التي تخطر بباله اآلن ،بل هو خطه نفسه ،يقول في نفسه :أنا إذًا القارئ السابق لهذا الكتاب ..لقد نسيت كل شيء!
يعود إلى المكتبة (هذا المجلد األبيض ،قرأته والكتاب). علم عنه ثالث مرات على األقل ،ليس لديّ أيّ ٍ ثم يعود لمواساة نفسه (ربما كانت القراءة اآلن ،كأنما ذهــب مع الــريــح ،هــذان المجلدان بالدرجة األولى هي عملية تشرّب رغم أن الوعي الحمراوان ،لقد قرأتهما ،عشت معهما أسابيع يغرق فيها كليًا ،هكذا فالقارئ المصاب بفقدان بعيد جدًا ،أهـ (الشياطين) زمن ٍ طويلة ،ليس من ٍ الذاكرة األدبية يتغير بفعل القراءة لكنه ال يلحظ لديستوفيسكي ،نعم ،نعم ،لــديّ بعض الذاكرة ذلك). الغامضة عنهما). أيضا (بالنسبة لشخص يكتب ،فقد يكون يعلق ً من المجلدين الكبيرين لرواية ديستوفيسكي، فقدان الذاكرة األدبية نعمة ،بل شرطً ا ال ب ّد منه). يتذكر زوسكيند الفترة التي تدور فيها األحداث شــخــص ـ ًيــا ،أت ــذك ــر ذلـــك الــمــقــال اللطيف في القرن التاسع عشر ،يتذكر أن أحدهم في تلك الرواية أطلق النار على نفسه ،لكن ليس أكثر لزوسكيند كلما تعرضت لــســؤال نهاية العام من ذلك. المعتاد ،ما هي أجمل الكتب التي قرأتها هذا يجلس زوسكيند مجددًا إلى الطاولة ،يحدث العام؟ نفسه (أستطيع القراءة منذ ثالثين عامًا ،لكن كل أود لو قلت للسائل :نسيتها واهلل! لكنني أعود ما تبقى هو مجرد ذكريات غامضة وضعيفة). واتحدث عن بعض الكتب التي تخطر في بالي
(إذا أردت البحث عن جملة خطرت في بالي ،ولعل بعضها قد قرأته منذ سنوات بعيدة كابتعاد فأحتاج أياما للبحث عنها؛ ألني نسيت الكاتب الذاكرة رويدًا رويدًا. * كاتب سعودي.
144
العدد 74 ش ـتــاء ١٤٤٣هـ ـ ـ ـ (٢٠٢٢م)
الصفحة األخيرة
من إصدارات اجلوبة
¦ محور خاص :جدلية الوقت والكتابة ¦ نصوص جديدة ونوافذ ¦ رحلة الشتاء بني الدخول وحومل ¦ مواجهات :أحمد فضل شبلول، محمود خيراهلل ،خالد عبدالكرمي احلَمْ د.
ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺳﻤﻮ وﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ
ﺳﻤﻮ وزﻳﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻳﻔﺘﺘﺢ ﻣﺸﺮوع ﻣﺤﻄﺔ ﺳﻜﺎﻛﺎ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ
71
من إصدارات برنامج النشر في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
مركز عبدالرحمن السديري الثقايف اجلوف :ص .ب854 : الرياض :ص.ب 94781الرياض 11614 الغاط :ص .ب - 63دار الرحمانية info@alsudairy.org.sa 0553308853
هاتف 014 6245992 هاتف 011 4999946 هاتف 016 4422497 |
فاكس 014 6247780 جــوال 055 3308853 فاكس 016 4421307
www.alsudairy.org.sa
Alsudairy1385